تراثنا المجلد 99

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1430 ه.ق

الصفحات: 526

ص: 1

اشارة

تراثنا

صاحب

الامتیاز

مؤسّسة

آل البيت لإحياء التراث

المدير

المسؤول :

السيّد

جواد الشهرستاني

العددان الثالث

والرابع [99 - 100]

السنة

الخامسة والعشرون

محتويات العدد

* سياحة عَجلى على ضفاف (المراجعات).

................................................... السيّد عبد الستّار الحسني 7

* علماء الشيعة ومصنّفاتهم في مصادر أهل السنّة (1).

.................................................. السيّد مصطفى المطهّري 49

* صحيفة الإمام عليّ عليه السلام.

..................................................... الشيخ خالد الغفوري 72

* المنهج التاريخي في كتابي ابن المطهّر وابن داود في علم الرجال (1).

................................................ سامي حمود الحاج جاسم 103

رجب -

ذوالحجّة

1430

ه-

* مدرسة الحلّة وتراجم علمائها من النشوء إلى القمّة (5).

............................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني 174

* من تراث مكتبات النجف الأشرف (2).

................................................... أحمد علي مجيد الحلّي 226

* من ذخائر التراث :

* النكت البديعة في تحقيق الشيعة للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي.

............................................. تحقيق : مشتاق صالح المظفّر 273

* بغية الطالب في حال أبي طالب لمحمّد بن حيدر الموسوي الحسيني العاملي.

................................. تحقيق : محمّد جواد نور الدين فخر الدين 411

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير 507

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (النكت البديعة في تحقيق الشيعة) للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي المتوفّى 1121 ه- والمنشورة في هذا العدد.

ص: 2

* سياحة عَجلى على ضفاف (المراجعات).

................................................... السيّد عبد الستّار الحسني 7

* علماء الشيعة ومصنّفاتهم في مصادر أهل السنّة (1).

.................................................. السيّد مصطفى المطهّري 49

* صحيفة الإمام عليّ عليه السلام.

..................................................... الشيخ خالد الغفوري 72

* المنهج التاريخي في كتابي ابن المطهّر وابن داود في علم الرجال (1).

................................................ سامي حمود الحاج جاسم 103

رجب -

ذوالحجّة

1430

ه-

* مدرسة الحلّة وتراجم علمائها من النشوء إلى القمّة (5).

............................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني 174

* من تراث مكتبات النجف الأشرف (2).

................................................... أحمد علي مجيد الحلّي 226

* من ذخائر التراث :

* النكت البديعة في تحقيق الشيعة للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي.

............................................. تحقيق : مشتاق صالح المظفّر 273

* بغية الطالب في حال أبي طالب لمحمّد بن حيدر الموسوي الحسيني العاملي.

................................. تحقيق : محمّد جواد نور الدين فخر الدين 411

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير 507

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (النكت البديعة في تحقيق الشيعة) للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي المتوفّى 1121 ه- والمنشورة في هذا العدد.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

سياحةٌ عَجْلى على ضِفافِ (المُراجَعات)

السيّد عبد الستّار الحسني

بسم الله الرحمن الرحيم

فَذلَكةُ البحث :

الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين (ت 1377 ه) ، من أعلام القرن الرابع عشر الهجري ، الذي امتلأت صفحاتٌ كثيرةٌ من اسمه وآثاره العلميّة والجهاديّة ، وخلّف تراثاً ضخماً من التصانيف في مختلف العلوم (1) ، ويبرزُ بين أعماله كتابُ المُراجَعات عَمَلاً لامِعاً خالداً بما فيه من المزايا :

* فهو كتابٌ بأسلوب أدبيّ هادىء ، وبِلُغة واضحة ، وبيان سَلِس مفهوم حتّى لغير المتخصّصين في موضوعه من القرّاء عامّة.

* وهو كتابٌ علميٌ رصينٌ ، مع عمق البحث في (الإمامة) وتعدّد جهات البحث فيه ممّا يوسّع رقعة البحث.

* وهو كتابٌ اشتركَ في إنتاجه عَلَمانِ من أعلام المُسلمين ، وهما :

ص: 7


1- نشرت مجموعة أعماله في (موسوعة الإمام شرف الدين) في المؤتمر الذي أقيم باسمه في قُمّ المقدّسة سنة (1427 ه).

الإمام السيّد شرفُ الدين ، والإمامُ الشيخُ سليمُ البشريّ ، والأوّل : هو من فُقهاءالشيعة ، والثاني : من فُقهاء العامّة وثقتهم ، وهو شيخُ الجامع الأزهر في مصر.

إنّ اشتراك هذينِ العَلَمينِ اللّذين هُما القِمّةُ في أكبر طائفتينِ يستوعبان الأمّة الإسلاميّة وهما : الشيعةُ وأهلُ السنّة ، ومحاولتُهما حسمَ الخلاف في أهمّ مسألة وقع فيها بين المسلمين منذُ فَجْرِ عصرِ الخِلافة وعلى طُول تاريخ المُسلمين ، وهي مسألةُ الخلافة نفسها ، لهو من أهمّ الإنجازات العلميّة في ذلك العصر ، وقد تَوَصّلَ العَلَمانِ إلى نتائجَ متّفق عليها ، منها :

* جمعُ الكلمة والرأي فيها على انحسار الخلاف إلى أصغر حجم ، فلايؤثّر سلباً في حياة المسلمين بسوء ولايستدعي النزاعَ والشرَّ.

* ثُمَّ التركيز على الموافِقاتِ التي تشمل المساحة الأكبرَ ، وتستوعبُ الحجمَ الأكبرَ ، وتستدعي الهمَّ الأعظمَ؛ لأنّها الأوغلَ في حياة المُسلمين العمليّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.

* وفرز نُقطة الخلاف الضئيلة الحجم ، وتأطيرها وعَزْلها وجعلها في ذِمّةِ البحث السِلْميّ والنَظَريّ ، بحيث لا تؤثّر سوى في الفكر والمعتقد القلبيّ ، لا على سطح الحياة العمليّة ، ولا تمسّ الُمخاطبين الذين يعتقدُون بغيرها.

إنّ أهمّ ما يتعرّض له المسلمون اليوم على الأرض والواقع الحياتيّ هوالهُجُوم العنيفُ الذي يشُنُّه الكُفّار الأجانب ؛ سواء من اليهود والنصارى ، أم من المُلحدين والعِلْمانيّين ، أو العُلماء المُصطنَعِين الذين يقومون بإثارة الخُصُومة والنزاع وتكبير حجم الخلاف والشقاق وتشويه سمعة

ص: 8

المسلمين بما يحدث بينهم من القتل والفساد والإرهاب والتفجير خارجَ الوَطَن الإسلاميّ وداخله ، وبينَ أهله ، ممّا يزيد في افتراق الأمّة ، وتضعيف قواهم ، وإهدار إمكاناتهم الماديّة ، وزعزعة ملتزماتهم الروحيّة وأعرافهم الوطنيّة ، مضافاًإلى المخالفات الدينيّة التي في مقدّمتها مخالفة الأمر الإلهيّ ، ومعارضة النهي القرآني الذي قال : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَزَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصبِرِينَ)(1).

وهذه التوالي المذكورة في هذه الآية التي هي من الوحي الإلهي هي المتحقّقة عياناً ، حيث نجد فعلاً أنّ المسلمين أذلاّء أمامَ جميع شُعُوب العالَمِوأمامَ أهلِ الدِيانات أجمع ، لِما يقومُ به جماعاتٌ منهم باسم (القاعدةوالطالبان والسلفيّة والوهابيّة) من اعتداءات وتفجيرات وإعدامات وقتل وتهجير واختطاف ورهائن وإرهاب في الأرض ، بدءاً بأنفسهم وبُلدانهم وشُعوبهم ، حتّى بلدان العالَم من شَرْقِه إلى غَرْبِه ، كلّ ذلك باسم الإسلام! والجهاد! والدفاع عن العروبة!.

مما جعل الكُفّار يؤكّدون ويعلنون لشعوب العالم على أنَّ الإسلامَ هوَ الإرهاب والمسلمين همُ الإرهابيّون!.

هذا ، مضافاً إلى ما أدّاهُ عملُهم من زرع الخوف والفزع والتشرّد والتهجيربين المسلمين ، لعدم الأمن والاستقرار في أوطانهم ، فتراهُم نُفُوا من عُقر دارهم.

والغريب أنّ الغَرْبَ أصبحَ مَلْجأً للمسلمين ومهجراً وموطناً يأمنون فيه ، ويقتاتون على صدقات الكنائس هُناك ، وأرضُهم تقبعُ على بحار من النفط! 6.

ص: 9


1- سورة الأنفال 8 : 46.

وهكذا يظهرُ الغربُ وكأنّه المَلْجأ والمأمَنَ للمهجّرين من كلّ أنحاء العالم ، ومن الوطن الإسلاميّ بالخُصُوص.!!!

بينما يعلمُ أهلُ الحلّ والعقد أنّ جميعَ المَآسِي التي تحلُّ بالعالَم وبالوطن الإسلاميّ بالخُصُوص هوَ نتيجةٌ لمؤامرات الغَرْب ودسائسه وأحابيله :

فهو الذي خَطَّطَ للسيطرة على مقدّرات العالم الثالث وشعوبها!

والغربُ هو الذي يزوّد العالم بأدوات القمع والتعذيب.

وهو الذي ساهم بقمع حركات التحرّر في العالم.

وهو الذي كبّل البلادَ الإسلاميّة بالقوانين الظالمة المفروضة باسم (حقوق الإنسان ، والديمقراطيّة) ممّا أدّى إلى استمرار سيطرة هؤلاء العُملاء ، وبثّ روح العُنصريّة ، ونشر الأخلاق الفاسدة والإلحاد بينَ الشُعُوب الأسيرة.

وهو الذي حمّل كاهلَ الشُعُوب والبُلدان بِالديون الثقيلة ببيع الأسلحة وتكديسها ، وشنّ الحروب المفتعلة بين بُلدان المنطقة ، وبين البلدان التي يَسكنها ولو أقلّية مسلمة وجاراتها : كالبوسنة والهرسك ، وكشمير ، والصومال وبلدان أفريقيا.

فالغربُ وراءَ كلّ هذه المشاكل مُستفيداً من عمالة الجهلة ، ومن تخلّف الشعوب ، ومن غياب العقول وهجرتها ، ومن ضياع الوطنيّين والمخلصين بين سِندان همجيّة الغربيّين ومطرقة ظلم العملاء.

وتكفي نظرةٌ سطحيّةٌ على ما يجري على العراق من التفجيرات والهدم للمراكز العلميّة والدينيّة والمقامات والمراقد المقدّسة ، وإلى ما تشهد عليه المقابر الجماعيّة التي ملأت البلادَ من شماله إلى جنوبه.

ص: 10

ويأتي الغربيّون إلى البلد - بعدَ كلّ هذه المآسي والإجرام - وكأنّهم المُنقِذُون ، حاملين شعارَ الديمقراطيّة ، وتخليص الشُعُوب ، وإنّما هدفهم أن يستثمروا ما زرعه لهم عملاؤُهم ، ويستحصلوا ما مهّده لهم أولئك الجُناة ، بتطويع الشعب وتجويعه وإخناعه ؛ ليكون جاهزاً لتحمّل ما يُفرضُ عليه من اتّفاقيّات مذلّة بعيدة المدى ، فيكون البلدُ مستعمَراً من جديد إلى مائة سنةً على الأقل كما كان مستعمَراً للإنكليز من قبل لمدّة مائة عام.

وكأنّ ما حصلَ قبلَ هذا وعلى أيدي عُملائهم لم يكن لهم علمٌ به ، ولم يكن صادراً من مؤسّساتهم ، وبأوامرهم ، وبتخطيطهم!

إنّ السَدّ الوحيد أمام كلّ هذه التدابير الجهنّمية الشيطانيّة كان من أهداف العَلَمَينِ : شرف الدين ، والبشري ، لمّا قاما بالخطوة العلميّة الإصلاحيّة الفذّة قبلَ ما يقارب القرن ، ولنحنُ أحوجُ إليها اليومَ في هذا الزمن.

إنّ عمل هذين العملاقينِ بتأليف (المُراجَعات) كان منذُ صُدُوره بَلْسَماًللجرح الذي هدّد المسلمين طوال قُرُون.

والمُصلحون الُمخلصون في العالم الإسلاميّ بَاركوا هذا الكتابَ ، وتقبّلوهُوقرّظوهُ ونشروهُ في البلاد السُّنيّة في القاهرة والسودان ولبنان وسوريا ، مثلَما نشر فى البلاد الشيعيّة كبغداد والنجف وكربلاء ومشهد وطهرانوقمّ.

فتنعّمَ الجميعُ بما فيه من حقائق ومُوافقات ، ومايدعو إليه من صفاء وإخاء.

فمحتواه مجموعةٌ من الرسائل المتبادَلة بين العَلَمين ، يُتابِعانِ البحث الرصينَ حولَ الإمامة ، بأسلوبِ الرسائل ، ولكن لمّا أراد السيّد شرفُ الدين

ص: 11

إصداره مجموعاً في (كتاب) منظّم بأسلوب التأليف أوجبَ ذلك عليه إجراء مايُناسب هذا الأسلوب ، كما صرّح به في مقدّمة الكتاب.

وصرّح السيّدُ كذلك بأنّ بعض المحاورات المتبادلة قد فقدتْ منه فكتبهاعلى ما علقَ بباله من المطالب.

وقد اتّخذت هذه التصريحات عندَ بعض أهل الأهواء والأغراض طريقاً للتهجّم على الكتاب بالنقد والتزييف ، وإنكار تبادل الرسائل بين العَلَمينِ!

غافِلين عن أنّ تصريحات السيّد تدلّ على سلامة قصد ، وصدق نيّة ، وأداء للأمانة العلميّة ، لايشوبه رَيْبٌ.

ثمّ إنّ المطلوبَ من الكتاب ، لايتخلّفُ مادام هو قائمٌ على الحقّ الوارد في الكتاب ، بالنظر إلى ما وردَ فيه ، وبقطع النظر عن مَن أوردهُ أو كتبهُ ، فإنّ الواجبَ هو النظرُ إلى ما قيل ، لا إلى مَن قال.

معِ أنّ الحشويّة والسلفيّة قد تعوّدوا أسلوب التشويه والتهويل والإنكاروالتكذيب والدفع بالصدر ، عندَما تضيق بهم الأمور :

فهم أنكروا وجود مؤلّف كتاب (لماذا اخترتُ مذهب أهل البيت عليهم السلام) وهو العلاّمة الشيخ مرعي الأمين الأنطاكيّ الحلبيّ السوري ّمن أهل مدينة (عنصو) وهو الذي اعتنق التشيّعَ مذهباً بعد أن كان شافعيّاً ، وألّف ذلك الكتاب مُبيّناً فيه أسباب تشيّعه وانتقاله.

معَ أنّ الرجلَ من عُلماء تلك المنطقة ، وقد كانَ من تلامذة العلاّمة الشهير الشيخ محمّد سعيد العَرْفي الحلبيّ الدَيرزوري ، وقد اتّصل به هو وأخوه الشيخ أحمد أمين الأنطاكي صاحب كتاب (في طريقي إلى التشيع) كما اتّصلا بالإمام السيّد شرف الدين.

ص: 12

فكَيْفَ يُنكرُ السلفيّ وجودَهما ، وينفيهما من الأرض؟!

والأخوانِ قد عرفتْهما الأوساط العلميّة في لبنان ومصر - الذي درسا في أزهره الشريف - وفي سوريا والعراق وإيران!

لكن الحشويّة السلفيّة يُنكرون وجودَ مَا ومَنْ لمْ يَرَوْهُ بأعينهم العُمْشِ؟أو لم يلمسوه بأيديهم؟ وهذا مبلغ علمهم!

وبعدَ هذا اللجاج ، فهم إذا أُفْحِمُوا ، ولم يتمكّنُوامن إنكار الوجود لشخص مّا؟ استعملوا أساليب أخرى أكثر فضيحةً لهم.

فهذا الإمام الأكبر شيخ الإسلام وشيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت ، العلاّمةُ الفقيهُ الُمجدّدُ ، الذي أفتى بجواز التعبّد بمذهب الشيعة الإماميّة ، وجوّز للمسلمين الالتزام والعمل بفقه هذا المذهب الذي هو مذهب أهل البيت النبوي الطاهر ، فاعتبرهُ من المذاهب الإسلاميّة ، في فتواه الشهيرة الصادرة من الأزهر الشريف.

فلمّا لم يجد الحشويّة طريقاً إلى انكار وجود الشيخ ، ولا إلى إنكار الفتوى بتكذيب صدوره منه ، ولاطريقاً إلى تحريف الفتوى مدلولاً وأداءً ونصّاً ، ولا التشكيك في اعتباره ومصداقيّته ، لكونه موقّعاً من قبل مكتب الإمام ومشيخة الأزهر. ولمّا انسدّتْ عليهم الطرقُ جميعُها ، عَمَدوا إلى اتّهام الشيخ الإمام شلتوت نفسِه ، وهو رئيس الأزهر وشيخُ الإسلام في مصر ، فاتّهموه ب- : (الجنون)!

من غير خجل أو حياء أو خشية من الله ، أو ردع من وجدان أو ضمير!

يبهتونَ شيخاً لأكبر مركز إسلاميّ في العالَم ، وهو الأزهرُ الشريفُ ، فيصفونَه بالجنون!

ص: 13

وكفى أنّه عالمٌ ، محقّقٌ ، ومجتهدٌ ، فقيهٌ ، ومصلحٌ كبيرٌ ، تدلّ أعماله على كونه واحداً من عُيون رجال العلمِ والإصلاح في عصره ، فكَيْفَ يواجَه بهذا البُهتان العظيم! لكنّها شنشنةٌ معروفةٌ من الأعراب في اتّهام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسائر الأنبياء ، بالجنون.

وكما ذهبتْ مساعي أولئك الأحلافِ هَباءً مَنْثوراً ، فجُهُودُ هؤلاء الأجلافِ تذهبُ هَباءً ، وأمّا ما ينفعُ النّاسَ فيمكثُ في الأرض.

إنّ جميع تلك الأعمال والأساليب قد ولّى عهدُها ؛ فلا تأثيرَ لها بعدَ ما وصلَ إليه المُسلمون - اليومَ - من الوَعي والرُشد على أَثَر سَعة أدوات المعلُومات ، وتنوّع وسائل الإعلام ، وعلى أَثَر كثرةِ التجارب التى زاولوها ، والضغوطات التي مارسَها الأعداءُ ضدّهم في القرن الماضي ، والمكر والحيلة والخداع الذي مارسه الظالمونَ وأتباعهم من رِجال دِين وعُلماء بِلاط ووُعّاظ سلاطين.

فقدْ تبيّن للأمّة زَيْفُ كلّ هذه الأساليب ، وبُطلان تلك الدعاوي ، وكذب الاتّهامات ، ولم يَكَدْ أحدٌ يصدّق ما يُطلقُهُ هؤلاء ضدّ الحقّ وأهله ، وضدّحزب الله وبُطولاته ، كما حَدَثَ بالأمسِ القريب ، من إصدار الفتاوى الزائفة التي مَنَعَ أصحابُها المُفتون من تأييد حزب الله ، حتّى من الدعاء إلى الله لانتصار حزب الله.

ولكنّ الله خيّبَ آمالَ المُعتدين ، ولمّا خَرَجَ حزبُ الله من المعركة مُنتصِراًبإذن الله ؛ تراجعَ الأذلاّء من المُفتين الوهابيّين ، وأعلنوا تأييدهم ومباركة الانتصار و... الرائعه الخالدة.

والحمدُ لله الذي جعلَ أعداءَ الحقّ أغبياء ، لايعرفون كَيْفَ يتصرّفُون ، وهم يفضحُون أنفسَهم بألسنتِهم ، ويُخرّبُون بُيُوتَهم بِأيديهِم ، من حيث

ص: 14

يَعلمُون أو لايعلمُون!

ونعود إلى (المراجعات) :

إنّ اعتزازَ الأمّة الإسلاميّة بهذا الكتاب ، ورُجُوعهم إليه واهتداءَهم بهديه ، مدى الأعوام السوالف ، لهوَ دليلٌ على أنّه كتابُ حقٍّ يدحض الباطلَ ، كما يدلّ على وَعي الأمّة وحبّها للحقّ والعلم.

وليسَ يعني ما نقوله عن كتاب (المُراجَعات) سلامَتَه من بعض النَقْدِ ، لعدمِ عصمةِ أيّ كتاب ، سوى كتاب الله تعالى ، ولكن ملاحظة بعض السهو من القلم ، أو الخطأ في الطبع الواقع فيه ، وهو قليلٌ ، إذا كانَ دليلاً على شيء ، فهو - أيضاً - دليلٌ على (الفضل) فإنّ الفاضلَ مَن تُعَدُّ أخطاؤُهُ ، كما يقول العلماء.

وبما أنّ في حصر ما ورد فيه من السهو ، معونةً للمُراجعين الكرام على تصحيح الكتاب ، فقد قام كاتب هذا المقال بجمع ذلك حسب الإمكان ، فجزاهُ الله خيراً ، وهو المستعان.

وكتب

السيد محمّد رضا الحسيني الجلالي

قم

المقدّسة صفر المظفّر / 1429.

ص: 15

بسم الله الرحمن الرحيم

سياحةٌ عَجلى على ضفاف (المراجعات)

الإمامُ السيّدُ عبد الحسين آل شرف الدين عنوانٌ بارزٌ ، ومعلمٌ جامعٌ ل- (جمهرة) متميّزة من المواهب اللَّدُنِيّة والمَلَكات القُدسيّة ، تفاعلتْ (وشائج القربى) بينَها بمقتضى العِناية الربّانيّة والإضافات المَلَكُوتيّة ، تحتَ نَظارةِ مَن يختصّ برحمته مَن يَشاءُ المرشّح لها بِإشارة (... ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(1) لتُنتِج ذلك الفكرَ الأصيلَ الذي تميّزَ به ذلك (العَلَمُ الفَرْدُ) والعَيْلَمُ الذي ليسَ لِمَدِّ عُلُومِهِ ومَعارِفِهِ رَسْمٌ ولا حَدٌّ.

وإذا سَجَّلْنا على أنفسِنا - مَبدئيّاً - هذا الاعترافَ ، فمِن الخُلْفِ والتخلّفِ أنْ نَدَّعيَ إمكانَ الإحاطة بجميع ما لتلك (الشخصيّة) من هاتيك المواهب والعبقريّات على نحو السَبْرِ والاستيعاب أو مَخْر عُباب ذلك (القامُوس الُمحيط) لنُحيطَ بِما احْتَجَنَتْهُ فُصولُه الضافيةُ مِن (مُفردات) الفَذاذَةِوالعبقريّة التي اتَّسَمَتْ بها شخصيّةُ ذلك الربّانيُّ المُتألِّهُ والإمامُ الذي انعقدَ له لواءُ الإمامة في عُلوم الإسلام ومعارفه ، وأتاهُ المجدُ من هَنّا فجمعَ بينَ تَوالِدِهِ وطَوارِفِهِ :

(أتاكَ المجدُ مِن هَنّا وهَنّاو

كُنْتَ لَهُ كَمُجْتَمَعِ السُيُوْلِ)

وإذا كانَ الأمرُ على هذا النحوِ من (التَعَسُّرِ) بلْ (التَعَذُّرِ) - وإنّهُ لِكذلكَ 8.

ص: 16


1- سورة يس 36 : 38.

- فلامَندُوحةَ مِن الاكتفاءِ بالإشارة ؛ وإنْ كانَ بينَها وبينَ فَصْلِ القولِ وإيْفاءِ الحقّ على جِهة الإِجْزاء مَهامِهُ فِيْحٌ ، وفياف تقصُرُ عن قَطعِها مَسافي الريح.

وإذا أفضى بِنا مجالُ القولِ إلى تقرير هذهِ الحقيقةِ ، الحقيقةِ بِالتسليمِ ، القمينةِ بالإذعان لحُكمها :

فمِن أينَ نَبْدأُ؟!

أستغفرُ الله ، بل إلى أيّ منحىً من مَناحي (أوحديّتهِ) نُشيرُ؟!

لا أُذيعُ سِرّاً إذا ما قلتُ : إنّي غبرتُ لأيْاً من الزَمَنِ وأنا مُتردّدٌ بينَ الإقدامِ والإحجامِ - أُقدِّمُ رِجلاً وأُؤخِّرُ أُخرى -.

فأنّى لمثلي - وأنا ذُو البِضاعة المُزجاة - أنْ يستبضِعَ بِالنَزْرِ القليلِ في دُنيا الأفذاذ و (عباقرة البشر) فيكون (كمُستبْضِعِ الَتمْرِ إلى هَجَر)؟!!

ومَن لي بِضمانِ التوفيقِ ولو على جهةِ الإشارة في أداء واجبِ الوفاءِ لصاحبِ الذِكرى ، وهو مِن عملتْ في تقرير (قواعدِ العقائدِ) بقواطعِ الدلائلِ وسواطعِ الشواهدِ ، حتّى لكأنّه يُلْهَمُها مِن لسانِ الوَحي إِلهاماً ، ويتلقّاها من فَمِ (المعصوم) بَدْأً وخِتاماً.

هكذا ساوَرَتْني هذه السوانِحُ ، وأنا بِسبيلِ كِتابةِ سُطُور عن سيّدنا الإمام شَرِفِ الدين - رضوان الله عليه.

ثمّ ثُبْتُ إلى نفسي مُردِّداً قولَ الطَّغْرائيّ في لاميّته السائرة :

ما لاقْتِحامِكَ لُجَّ البَحْرِ تَرْكَبُهُ

وأَنْتَ يَكْفِيْكَ مِنْهُ مَصَّةُ الوَشَلِ

وماذا بعدُ؟

لقدْ قرّ الرأيُ مِنَى - غِبَّ ما قدّمتُ لك من ذرائعِ تهيّبي ودواعي تخلُّفي عن خوضِ غِمارِ ذلك البحرِ الزخّارِ - أنْ أَكُونَ قارِئاً مستلهِماً ومستفهِماً لأحد روائع آثار هذا السيّد الإمام ، وهو كتابُهُ الخالدُ المراجعات الذي هو بحكم (النصّ) لا (الاجتهاد) سِفْرٌ عظيمٌ تتضاءَلُ أمام مشارق إسْفارِهِ بوارقُ (الأسفار) ويشهدُ لناظم فرائده ومجلي فرائده ب- : (الإمامة) بين

ص: 17

نياقدة عُلماء الكلام وجهابذة النُّظّار

- سَبُوحٌ لَها مِنها عَليها شَواهِدُ -

ذلك الكتابُ الفريدُ في بِنائه وتنسيقه ، الفارعُ البارعُ في توثيقه وتحقيقه ، الذي صبّه مؤلّفه الحكيمُ الأمينُ في قالب من الإبداع والإتقان ، حتّى صار موضعَ قولِ القائل : (ليس بالإمكان أبدع ممّا كان) وحقّ لمُنشيه ومُوشّي حواشيه أن يخاطبه بقول القائل :

كتابِيَ سِرْ في الأرْضِواسْلُكْ فِجاجَها

وخَلِّ عِبادَ اللهِ تَتْلُوكَ مَا تَتْلُو

فَمَا بِكَ مِنْ أُكْذُوبَة فِأخافها

ومَا بِكَ مِنْ جَهْل فِيُزْرِي بِكَ الجَهْلُ

إنّ كتاب المُراجَعات - بحقٍّ - فتحٌ جديدٌ وإنجازٌ رائدٌ في باب الدراسات العقائديّة الجادّة ، وأثرٌ رائعٌ في عالَمِ الحِجاجِ والمُناظراتِ ، لم يُطبعْ كتابٌ آخر على غِرارِهِ ، ولم يُنسجْ على مِنوالِهِ في موضوعِه وموضوعيّتهِ ، وفي صِياغة أسلوبه وبلاغة تحريرهِ وتوشيةِ تحبيرِهِ وإشراقِ بيانهِ واطِّرادِ فُصُولهِ وتَساوُقِ ألفاظهِ ومعانيهِ واتّساقِ حُججهِ ومَبانيهِ وقُوّةِ إفحامِه وإلزامَه ، وفي التزامِ مؤلّفهِ (طيّبَ اللهُ ثَراهُ) بِأَدَبِ البحثِ والمُناظرةِ ، والبُعدِعن العِنادِ والمُكابرةِ ، والنأيِ عن طرائقِ السُبابِ والشَتْمِ والمُهاتَرةِ ، وفي احتوائه أُمّاتِ المسائلِ الخلافيّةِ بينَ الطائفتينِ المُسلمَتَينِ - الشيعةِ وأهل السنّةِ - ومُناقشتها على ضوءِ الكِتابِ العزيزِ ، الذي (... لاَّيَأْتِيهِ الْبَطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيم حَمِيد)(1) والسُنّة المُطهرة ، ووزنها بميزان الاعتدال والإنصاف ، بعيداً عن الجَنَف والاعتساف ، وفي ضمن ذلك الدعوة إلى توحيد كلمة أهل التوحيد ، ونبذ الفرقة والخصومة وأن يعمل الفريقان بما اتّفقا - من ضرورات الإسلام - 2.

ص: 18


1- سورة فصّلت 41 : 42.

عليه ، ويعذر بعضُهم بعضاً بما اختلفوا فيه ، على ما هو المفهومُ والمستفادُ من جملة تلك المُناظرات الجياد ، فالمُسلمون كلّهم شَرَعٌ سواء في تفيُّؤ ظِلال دوحة الإسلام الوارفة ، لا تتميّزُ في هذا الحقّ المشروع من قِبَلِ الشارع المُقَدّس طائفةٌ عن طائفة ، ما دامَ الجميعُ مُجتمِعينَ ومُجمِعينَ على الاعتقاد بضروريّات الدين الحنيف ، ومُستهدينَ - في الجملة - بصُوى مَنهجِهِ الرشيدِ المنيف. ولا بأسَ على المُتفائلينَ من أبناء هذه الأمّة الكريمة - شيعة وسُنّة - أنْ يشيموا (شمس) الإسلام الساطعة يتألّق سنا إشراقها ب- : (ميم) (مُحَمَّد) (صلى الله عليه وآله) وأنْ يكون (شين) الشيعة (وسين) السُنّة مُرتبطينِ ب- : (ميم) (مُحَمَّد) (صلى الله عليه وآله).

كما لا غرابةَ أنْ يُعلنَ بعضُ أعلام الشيعة ومثقّفيهم بأنّهم تشيّعوا تشيُّعاً عِلميّاً بكُتُبِ السيّد شرف الدين ، وفي رأس القائمة منها كتاب المُراجَعات.

وما من شكٍّ في أنّ كلّ منصف - من أهل القِبلةِ - وإنْ كانَ من غير ينبوع التشيّع مشربُهُ ، وسوى مذهب أئمّة العترة مذهبُهُ ، يرى في هذا الكتاب مُحَيّا الهُدى متألّقَ القَسماتِ واضحَ الدِلالاتَ ، فلايمضي في قراءة فُصُوله إلاّ وقد ازدادَ يَقيناً بِأحقيّةِ مذهب أهل البيت عليهم الصلاةُ والسلامُ ، وأنّ الشيعةَ (في الفروع والأصول على ما كان عليه الأئمّة من آل الرسول).

ومن شواهد ذلك ما رأيناهُ وقرأناهُ من تشيّع العالِمَينِ العَلَمينِ الأَخَوينِ : الشيخ محمّد أمين الأنطاكيّ ، والشيخ أحمد الأنطاكيّ ، وكانا في أوّل الأمر على مذهب الشافعيّ ، ومن أفاضل أعلامه ، ثُمَّ قدّر لهما أن يَطَّلِعا على المُراجَعات بعدَ تردّد وممانعات ، لِما وَقَرَ في نُفُوسهما(1) من كراهة ).

ص: 19


1- العرب لاتكاد تضيف المثنّى إلى المثنّى إلاّ مجموعاً كما في قوله تعالى : (إنْ تَتُوبَا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُما).

الشيعة والتشيّع ، فكانَ ذلك سببَ انتحالِهما مذهبَ الإماميّة.

وكانَ مِن ثَمَراتِ هذا الانتقال أنْ ألّفَ أوّلُهما كتاباً قيّماً سمّاه لِماذا اختَرْتُ مذهبَ أهلِ البيتِ عليهم السلام حكى في مقدّمتِهِ قصّة تشيّعهِ بسببِ قِراءةِ المُراجَعات وقد طُبع غيرَ مرّة.

كما ألّفَ أخوه الشيخ أحمد الأنطاكيّ كتاباً نفيساً سمّاه في طريقي إلى التشيّع.

وقد تشيّع بتشيّعهما كثيرٌ من ذَوي قرابتهم ومعارفهم وأبناء بلدهم.

كما تشيّع غير هذين العالِمينِ بِبركةِ كتاب المُراجَعات جماعةٌ من أعلام المذاهب الأخرى ومثقّفيهم.

ومن أجمع وأبلغ ما وُصِفَ بهِ هذا الكتابُ المباركُ هو كلمةُ الإمام آية الله العظمى علم الهدى الشيخ مُرتضى آل ياسَيْنَ قدس سره وهو ابنُ خالة السيّد شرف الدين ، في مقدّمة الكتاب ، الجامعة ، وإنّها لحريّة أن تكونَ لوحةً خالدةً من نماذج النَثْرِ الفنّي الرائع ، من حيث دقّة الوصفِ وبراعة البيانِ وجمالِ التصويرِ.

قال الإمام المرتضى من آل ياسِيْنَ : «لستُ ببالغ من تعريفك - أيّها القارىء الكريم - بالسيّد المؤلّف مبلغَ تعريف هذا الكتاب به ، وحسبُكَ منه - وأنتَ تقرؤُهُ في هذا الكتاب - أن تعرفَ بهِ بَطَلاً من أبطالِ العلمِ ، وفارِساً من فُرسان البيانِ ، تأتيه حين تأتيه مالكاً لأمرك ، مسيطراً على نفسك ، فإذا استقرّبك المقامُ عندَه ، لم تتمالَكْ دونَ أن تَضَعَ قيادَكَ بينَ يديه ، فإذا هو يَتَمَلّكُ زِمامَ أمركَ ، ويدخل إلى قرارة نفسك ، فيُسيْطِرُ عليك بطبيعةِ قوّتهِ وأدبِهِ وعلمهِ ، وأنتَ لاتخشى مغبّةَ العاقبة من هذه السيطرة ، فإنّها سيطرةٌ مضمونةُ الخير مأمونةُ الشرّ بعيدةٌ عن الكيدِ والمكروهِ ، بُعْدَ الصِحّة عن الفساد ، وكُنْ واثقاً أكبرَ الثقة - حينَ يأخُذُكَ بيانُهُ وبُرهانُهُ - أنّه إنّما يردُ بِكَ

ص: 20

مَناهِلَ مُتْرَعةَ الضِفاف ، بِنَمِير ذِي سَلْسَبِيل ، كلّما كَرَعْتَ من فُراتِهِ جُرْعَةً ؛ تحلبت شفتاك لجُرعات ، تحسبُ أنْ ليسَ لِظَمَئِكَ راوياً غيرها ..».

وجملةُ القول : إنّ كتاب المُراجَعات يُغني عن مكتبة كاملة في موضوع العقائد ، بما انطوى عليه من أدلّة عقليّة ونقليّة ، وما امتازَ بهِ من مَنهَجيّة قويمة وموضوعيّة سليمة من المؤاخَذات والاعتراضات ، وما حَفَلَ به من التحقيق الدقيق والتتبّع الوافي وسلامة المقدّمات المفضيةِ - بالضرورةِ - إلى صحّة النتائج ، وبالتالي إلزام الطَرَف الآخَر بِما ألزمَ بهِ نفسَهُ من الاعتراف بصحّة انتسابِ المذهب الشيّعي الاثني عشريّ إلى أئمّة العترة الطاهرين ، الذين قولُهم وحديثُهم : (رَوَى جَدُّنا عَنْ جَبْرَئِيلَ عَن البارِيْ).

وآية ذلك ما حصل للعلاّمة الكبير ، شيخ الأزهر في عصره ، ومرجع أهل السنّة في (مصره) الشيخ سليم البشريّ المالِكي (1248 - 1335 ه) وهو الذي كان السببَ الباعثَ على وُقوع هذه المُراجَعات بعدَ أنْ قُدِّرَ له أن يرى السيّد شرف الدين ويبلوَ أخلاقَهُ ويَسْبِرَ غَوْرَه ؛ فوجده : «شخصاً رقيقَ المُنافثة ، دقيقَ المُباحثة ، شهيّ الُمجاملة ، قويّ الُمجادلة ، لطيفَ المُفاكهة ، شريفَ المُعاركة مَشكورَ المُلابسة ، مَبرُورَ المُنافسة ...»(1).

وكان ممّا ترتّبَ على ذلك أن التمسَ من سيّدنا الإمام شرف الدين أن يخوضَ معهُ في مسائل الخِلاف بينَ الفِرقَتين الإسلاميّتين الكبيرتين الشيعة وأهل السنّة ، والسيّد - يومئذ - في التاسعة والثلاثين من عُمره ، والشيخ في الحادية والثمانين.

وممّا خاطبَ بهِ البشريّ شرفَ الدين قولُه : «وإنّي لَواقفٌ على ساحلِ بحركَ اللُّجِّيّ ، أَستأْذِنُك في خوضِ عُبابِهِ ، والغوصَ على دُرَرِهِ ، فإنْ أَذِنْتَ 5.

ص: 21


1- المراجعات : 55.

غُصْناعلى دقائقَ وغوامِضَ تَحُوكُ في صدري منذُ أَمَد بعيد ، وإلاّ فالأمرُ إليك ، وما أنا في ما أرفعهُ بباحث عن عثرة ، أو متتبّع عورة ، ولا بِمُفَنِّد أو مُنَدِّد ، وإنّما أنا نَشّادُ ضالّة ، وبَحّاثٌ عن حقيقة ، فإنْ تبيّنَ الحقُّ ، فإنّ الحقَّ أَحَقُّ أنْ يُتّبَعَ ، وإلاّ فإنّا كَما قال القائلُ :

نحنُ بِما عندَنا وأنْتَ بِما

عِنْدَكَ راض والرأْيُ مُخْتَلِفُ

وسأقتصرُ - إنْ أَذِنْتَ - في مُراجعتي إيّاكَ على مَبْحَثَيْنِ :

أحدهما : في إمامة المذهب أصولاً وفُروعاً ، وثانيهما : في الإمامة العامّة ، وهي الخلافة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1).

واستجابَ لهُ الإمامُ شرفُ الدين مثلوجَ الصدرِ مُغتَبِطاً واثِقاً بِما سيعودُ على الأمّة من بَرَكاتِ هذهِ المُراجَعاتِ المُنتَظَرَة من فوائد جمّة ومنافعَ كثيرة.

وما أجملَ أَدَبه النَبوِيّ وخلقه العلويّ ؛ إذْ يُجيبُ (شيخَ الإسلام البشريّ) بقوله : «استأذَنْتَ في الكلام - ولك الأمرُ والنهيُ - فَسَلْ عمّا أردتَ ، وقُلْ ما شِئْتَ ، ولك الفضلُ ، بقولك الفصلِ ، وحكمك العدلِ»(2).

ثمّ جَريا في مِضْمار ما اتّفقا على الجري فيه ؛ من المباحث الخلافيّة ؛ على ما الْتَزَما به من الشُرُوط ، فالشيخُ يسألُ والسيّدُ يُجيبُ ، وقد يكونُ السُؤالُ مشفوعاً بالاعتراض وإيراد الشُبُهات - كما هو الغالب على مواضيع هذه المُراجَعات - فيتصدّى السيّدُ إلى الإجابة المُقنعة عن كلّ سُؤال ، ويفنّد الشُبُهات بأُسلُوبه الحكيم ، وما أُوتِيَ من قوّةِ الْعارضةِ ، وشدّة الشَكِيمة ، والأخذبناصية قواعد المُناظرة وسعة التوفّر على التتبّع والتَّنْقير في كتب التَفْسيروالحديث درايةً وروايةً والتواريخ وعلم الكلام وطبقات الرجال ، على النحو الذي لايَدَعُ لقوس الشُبُهات مَنْزَعاً.7.

ص: 22


1- المراجعات : 56.
2- المراجعات : 57.

وهكذا إلى تمام (112) مراجعة ؛ حيثُ ينبلجُ وجهُ الحقّ ، وتُشرقُ انوارُالحقيقة ، ويتّضحُ نهجُ الهُدى ببركات المُراجَعات العلميّة بينَ العَلَمين اتّضاح الصبح لِذي عينين ، ويُخبتُ شيخُ عُلماء أهل السُنّة لِحُجَجَ سيّدِ عُلماء الشيعة فلا يسعهُ إلاّ أن يقول : «أشهدُ أنّكم في الفُروع والأصول على ماكان عليه الأئمّة عليهم السلام من آل الرسول ، وقد أوضحتَ هذا الأمرَ فجعلتَه جَليّاً ، وأظهرتَ من مَكنُونِه ما كان خافِياً ، فالشكّ فيه خَبالٌ ، والتشكيك تضليلٌ»(1). إلى آخر المراجعة (11).

ومن هُنا يمكنُ القول إنَّ المُراجَعات هو الأنموذج الأمثلُ للمُناقشات الموضوعيّة والدراسات العقائديّة.

وبهذا الاعتبار يصحُّ القولُ أيضاً : إنّه الكتابُ (الرائدُ) في هذا المجال.

ويبقى الكلامُ على توثيق النُصوص التي تكاملت منها مادّةُ هذه المُراجَعات ، فقد يُثارُ بين الفَيْنَةِ والفَيْنَةِ غبارُ الشكِّ حولَ صحّة وُقوع اللقاء بين شرف الدين والبشري ، وبالتالي حولَ مادّة المُراجَعات نَفْسِها.

وكان من آخر ما سمعناهُ تشكيك الدكتور يوسف القرضاوي من عُلماءأهل السنّة العصريّين : اذْ ظَهَرَ على شاشة إحدى القَنَواتِ العالَميّة في (حلقة خاصّة) سُئلَ فيها عن حقيقة هذا الكتاب؟!

فزعمَ أنّه سأل حفيداً للبشريّ - من أهل العلم - عن حقيقةِ وجود ما كان يصل إلى جَدِّهِ من أجوبة محرّرة ، من لَدنْ مُناظِرِهِ العالِمِ الشيعيّ؟

فأجابه بالنفي.

وأوّلُ ما فيه أنّه زَعَمَ أنّ صاحبَ المُراجَعات هو الإمام الأكبر الشيخ محمّدالحسين آل كاشف الغطاء!.

وقد وهمَ في ذلك ، بسبب كون الإمام كاشف الغطاء ممّن أدلى بِدلوهِ 3.

ص: 23


1- المراجعات : 423.

في ردّ شُبُهاتِ صاحب كتاب (فجرِ الإسلام) الدكتور أحمد أمين المصريّ ، وألّف في ردّهِ كتابَه المشهورَ (أصل الشيعة وأصولها).

كما أنّ له كتاباً باسْم (المراجعات الريحانيّة) ومواضيعهُ عامةٌ ، ولا علاقةَ لها بموضوع (الشيعة والتشيّع).

ومن المُناسب - هُنا - أن أذكرَ أنّي وقفتُ على مجموعة خطّية من مذكّرات الإمام المجتهد الأكبر الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ، محفوظة في مكتبته العامرة بالأعلاق النفيسة والآثار النادرة ، ذكر في جملة ما ذكره فيها رحلتَهُ إلى مصر ، وحضوره درس الشيخ سليم البشريّ المذكور ، في الجامع الأزهر سنة 1331 ه- وكان يُدرّس يومئذ (صحيح مسلم) لكنّه ذكر أنّه لم يواصل حضور درسه.

ثمّ يُقال : إنّ عدم عُثور أحفاد البشريّ على آثار تلك المُراجَعات ، في مخلّفات جدّهم لاينهضُ دليلاً على عدم وُقُوعها ، لاحتمال عدم الاعتناء بها بسبب كونها (وثيقةً دامغةً) لاعتراف البشريّ بصحّة مذهب الإماميّة و (تسجيلاًعلى نفسه) بالإقرار بانتساب الشيعة إلى أئمّة العترة النبويّة ، فكَيْفَ تطيبُ نُفُوس القوم بوُجُودِها؟ والإبقاء عليها؟! معَ ما هُم عليهِ من التعصّبِ على هذه الطائفة؟! ونسبة الطامّات والمفترَيَاتِ إليها؟!

فأقربُ شيء في شأنها - والحالُ هذِهِ - أنْ يكونَ نصيبُها الإتلاف بِالحرقِ أو التمزيق.

هذا ، على فرض صدق الناقل في ادّعاء عدم العُثُور عليها في مجاميع الشيخ البشريّ وآثاره الخطيّة.

وللاحتمالات في ردّ هذه المزعمة وُجُوهٌ أُخر لعلّ هذا أوجَهُها.

على أنّ السيّد عبد الحسين شرف الدين قدس سره - وهو الثقةُ الثبْتُ والحجّةُ الُمجْمَع على غزارة علمهِ وجلالةِ موضعِهِ من الوَرَعِ والتُقى - في

ص: 24

غِنَىً عن أنْ يَتَقَوَّلَ على رَصيفه البشريّ ، وينقلَ عنه ما لم يَفُهْ بهِ ، أو ينسبَ إليهِ ما لم يَجْرِ قلمُهُ بِتَسْطيرِهِ.

ونقولُ لهؤلاء المُشكّكينَ - مَمَّنْ أعمى الحقدُ والشنآنُ أبصارَهم ، وطَمَسَ الزيغُ والضلالُ بَصائِرَهم - : إنّ الإمام السيّد شرف الدين أعلى قدْراً وأجلُّ شأناً وأرفع نفساً ، من أنْ تحومَ حولَ وَرَعِهِ وقُدْسيّتهِ وثِقَتِهِ شُبُهاتُ المُبطلين ، ودَعاوَى المُفْتَرِينَ.

ولو سلّمنا - جَدَلاً - أنّ شيئاً من تلك المُراجَعات لم يقعْ ، وأنّ السيّد عبدالحسين - وحاشاهُ - هو الذي وَضَعَها وصاغَها على هذا الأسْلُوب الرائقِ البديعِ في مَبانيه ومَعانيه ، المُعجِزِ الرائعِ في حُجَجِهِ البالِغةِ وأدلّتِهِ الدامِغةِ ؛ أليسَ بإمكانه - وهُوَ مَنْ هُوَ - أنْ يجنحَ إلى طريقة - التجريد - ويجعلَ من نَفْسِهِ نَفْسَيْنِ : إحداهُما : ذاتُ نفسهِ القُدْسيّةِ المُمَثّلِةِ لِلطَرَفِ الشيعيّ ، والأخْرَى : نَفْس عالِم آخَرَ مُمَثِّل لِلطَرَفِ السُّنّيّ ، ثُمَّ يصوغ مادّة الحِوارِبينَهما سُؤالاً وجَواباً ، شُبْهَةً ورَدّاً للشُبْهَةِ ، وهكذا إلى آخِرِ الشوطِ ، وحيئنذ يستغني عن أنْ يركبَ (الصعبَ والذَلُولَ). أو يتجشّم معاطب العواقب المُفْضِيَةِ إلى سُوء المُنقَلَبِ - والعياذُ بِاللهِ - من جهةِ عدمِ الأمانة والإخلال بأمور الشرع الشريف الرادعة عن الافتراء والبُهتان.

وما حاجَتُهُ إلى تكلّف هذا الأمر؟ وفي مُخَيَّلَتِه صورةٌ كاملةٌ وارتساماتٌ تامّةٌ عن فَحْوى هذه المواضع جملةً وتفصيلاً ، مع وُجُودِ المُقْتَضِي إلى إظهارها والإصحار بها انتصاراً للحقّ ودَحْضاً للباطلِ ، وعدمُ المانِعِ مِن عَرْضها على طريقة (الْفَنْقَلة).

وله - حينئذ - في اجتباءِ هذا المنهجِ وسلوك هذا الصراط الأبلجِ ، سَلَفٌ لاتغمزُ قُناهم من أعلام الفريقين!!

ومن عجيب أمر هؤلاء الُمجْلِبِين بِالطّاماتِ والأفائِك على سيّد عُلماء

ص: 25

العِترةِ الطاهرةِ الإمام شرف الدين : أنّهم (يُطبّلون ويُزمّرون) للدعاية إلى ما باءَبإثْمِه وسوّدَ به صحيفةَ أعمالهِ شيخُهمْ ومُقتداهُمْ في النَصْبِ والانحرافِ عن آلِ محمّد (صلى الله عليه وآله) الشيخُ عبدُالله السُوَيْدِيّ من كتابة ما سمّاه ب- : (الحُجَج القطعيّة) الذي طُبِعَ قسْمٌ منه في السنين الأخيرة بعنوان (مؤتَمَر النَجَف) وقدّم لهُ وعلّق عليه الناصبيّ الأفّاكُ عدوُّ الدين الألْكَنُ المسمّى ضلةً ب- : (مُحِبّ الدين الخطيب) وتكرّر طبعُه وتوزيعُه في كثير من بِلاد الإسلام مَجّاناً ، وادّعى فيه السُوَيْديّ ظُهُورَهُ على خَصْمِهِ في المُناظرة المُلاّ عليّ باشي ، وانقطاع الأخير عن مُجاراته ، مع كون ما أورده السُوَيْديّ ممّا لاتقومُ بهِ حُجّةٌ ولا ينهضُ بهِ دليلٌ ، وقد صوّر المُلاّ عليّاً باشي بِصُورة (الجاهِلِ المركّب) فما أنْ يُدلي بِدليل حتّى ينبَرِي لهُ السُوَيْدىُّ والتسليم لادلّته من (أوّل الطريق) وكأنّه جاءَ ليمثّل دورَ العاجزِ المغلوبِ على أمرهِ في (مسرحيّة) أتْقَنَ حَبْكَهاواختارَ شخوصها ذلك (السُوَيْدِيّ) ليَعلِنَ بعدَ إسدال السِتار والإيذان بانتهائها أنّه أرغمَ عُلماء الشيعة بقوّة أدلّته؟! على الإذعانِ والاعترافِ بِصحّة مذهبهِ وبُطلانِ مذهبهم؟!!!

هكذا بِجَرّةِ قَلَم - كما يقولُ المثلُ - معَ أنَّ في ما رواهُ السُوَيْدِيّ من وقائع تلك الُمحاجّات الكثيرَ من التزيُّدِ والافتئاتِ والخروجِ عن الموضوعيّة ، ولكن كلّ ما سَطّرهُ السُوَيْدِيّ في تلك الرِسالة - هو صحيحٌ عند القوم(1) - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لا لشيء إلاّ لأنّهي.

ص: 26


1- راجع ما أجاب به الإمام شرف الدين الشيخ سليماً البشري من انّ تخصيص العام لايُخرجه عن الحجّية في الباقي إذا لم يكن المخصّص مُجملاً ولا سيما إذا كان مُتصلاً وقدجاء الجواب مشفوعاً بالشواهد التي لا يمكن ردُّها (المراجعة 30). وفيه ردٌّ كاف شاف على السويدي الذي اطلق القول بعدم حُجيّة العام المخصوص في مناظرته المزعومة مع المُلا علي اكبر باشي. كما نجد نحواً من هذا الجواب في ترجمة الملا باشي المذكورمن (اعيان الشيعة) للسيد الأمين العاملي.

من رواية عالم سُنّي تفنّنَ بِلُغةِ السُباب والشَتْم ، وتمرّسَ باختراعِ الوقائعِ ، ونسبة الفواقِرِ إلى مُخالفه في المذهب.

أمّا ما نَقَلَهُ الإمامُ شرفُ الدين : فهو - بزعمهم - بُهتانٌ وافتراءٌ!! لا لِسَبَب إلاّلأنّه من رواية عالِم شيعيّ ، التزمَ لُغةَ الموضوعيّة ، والجدال بِالتي هيَ أحسنُ ، معَ الالتزام التامّ بِآدابِ البحثِ والمُناظرةِ.

وكأَنَّ السيّد - رضوانُ الله عليه - تفرّسَ بِثاقِبِ رأيِهِ وقادِحِ فِطنتِهِ ورُؤْيَتِهِ أنّ هناك مَن سيُشَكِّكُ في حقيقة (المُراجَعات) ويحكمُ عليها بالوضعِ - دَفْعاًبالصدر - من غيرِ دليل ، وإثارةً للشُبُهاتِ من غير تعليل أصيل ؛ فانبرى لبيانِ عملهِ في هذا الأثَرِ الخالِدِ ، والكشف عن منهجهِ في تنسيقِ فُصُولهِ وتصنيفِ أبوابِهِ ؛ فقالَ في مقدّمته : «وأنا لا أدّعي أنّ هذه الصُحُفَ صحفٌ تقتصرُ على النُصُوص التي تألّفتْ يومئذ بينَنا ، ولا أنّ شيئاً من ألفاظ هذه المُراجَعات خَطّهُ غيرُ قَلَمِي ، فإنّ الحوادث التي أخّرَتْ طبعَها فَرَّقَتْ وضعَها أيضاً - كما قُلنا - غيرَ أنّ الُمحاكمات في المسائل التي جَرَتْ بينَنا موجودةٌ بينَ هاتينِ الدَفَّتينِ بِحذافِيرِها ، معَ زِيادات اقتَضَتْها الحالُ ، ودعا إليها النُصحُ والإرشادُ ، وربّما جَرَّ إليها السياقُ على نحو لا يُخِلُّ بِما كانَ بينَنا من الاتّفاق»(1).

والكلامُ على أهميّة كتاب (المُراجَعات) وبيان مزاياه وتحليل منهجيّته قديحتاجُ إلى تصنيف كتاب مستقلّ ، لعلّ الله تعالى يمنحُنا العونَ والتوفيقَ والوقتَ الكافي إلى إخراجه في قابل الأيّام.

ومن نافلة القول أن أشيرَ هُنا إلى أنّه قد طُبِعَ عدّة طبعات ، وتُرجِمَ إلى أكثر من لغة ، ومن طبعاته ما جاء بتخريج حسين عليّ الراضي لكنّها مشحونةٌ بالتصحيف والتحريف حتّى أنّي أحصيتُ (65) تحريفاً وتصحيفاً ؛ 2.

ص: 27


1- المراجعات : 52.

ولمّا أبلغ قراءة نصف الكتاب!!!

وكانت النيّةُ معقودةً على ذكرها والإشارة إلى وجه الصواب فيها إلاّ أنّني عدلتُ عن ذلك تحاشياً من الإطالة في بحث موجز من طرز هذه المقالة ، وادّخرتُ هذا العمل للكتاب المزمَع تأليفُه - إنْ نَسَأَ اللهُ تعالى في الأَجَلِ وأَمَدَّ بالعون -.

مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ أو مَعْرُوف الكَرْخِيّ؟! :

وهُنا لابُدّ من الإشارة إلى أمر وقعَ لِسيّدنا الإمام المؤلّف في باب (أَسْنادالشيعة في إسْناد السُّنّة) : فقد ذَكَرَ طيّب اللهُ ثَراهُ (مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ)(1) وهو من أعلام محدّثي الشيعة ، وممّن أجمعت العِصابةُ على تصديقهم وتصحيح ما يصحّ عنهم ، وله في كُتُب رجال الحديث ذِكْرٌ عاطِرٌ.

وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ شيخُ الطائفةِ الطُوسيُّ في (رجاله) وعدّهُ من أصحاب عليّ بن الحسين وابنه محمّد بن عليّ الباقر وابنه جعفر بن محمّد الصادق عليهم السلام ، وقال فيه : «القرشيّ مولاهم مَكِيٌّ»(2).

لكنّ السيّد شرف الدين - رضوانُ الله عليه - اختلَطَ عليه مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ المَكّيّ هذا ، ب- : مَعْرُوف الكَرْخِيّ من رِجال التصوّف والزهد ، فَظَنَّهُما واحِداً!؟.

وجاءت ترجمة ابن خَرَّبُوْذ رحمه الله مُلفّقَةً بترجمة معروف الكرخي ، فقد جاء في ترجمته من (المراجعات) مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ4.

ص: 28


1- المراجعات : 169.
2- رجال الشيخ : 311 / 644.

الكرخي(1) (كذا في المراجعات).

وعلّق السيّد على (ابن خَرَّبُوذ) في الهامش بقوله : «وقيل : ابن فيروز ، وقيل : ابن الفيرزان ، وقيل : ابن عليّ»(2).

ولا موضع لهذا الكلام هُنا ؛ لأنّ (مَعْرُوفاً) المحدّث الشيعيّ المعروف هو (.. ابن خَرَّبُوْذ) بلا خلاف ، وما ورد من صيغة التمريض (وقيل ابن فيروز ..)إلى آخر ، إنّما هو في اسم والد (معروف الكرخيّ) الصوفيّ الزاهد.

ثمّ قال السيّد : أورده الذهبيّ في (ميزانه) فوصفَهُ بأنّه صدوقٌ شيعيٌّ ، ووضع على اسمه رمز البُخاري ومسلم وأبي داود ، إشارةً إلى إخراجهم عنه ، وذكر أنّه يروي عن أبي الطفيل ، قال : «وهو مُقِلٌّ ، حدّثَ عنهُ أبو عاصم ، وأبو داود ، وعبيد الله بن موسى ، وآخرون ، ونقل عن أبي حاتِم : أنّه يُكْتَبُ حديثُه»(3).

وكلّ هذا الكلام صحيحٌ في حقّ (مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ المَكّيّ) إلاّ عبارة (الكرخي) فقد ألحقها السيّد رحمه الله لِظَنِّهِ اتّحاد (المعروفَيْنِ) معَ كون كلّ مِنهما (معروفاً) في بابه.

ثمّ قال السيّد عَطَّرَ الله مَثواه - وليتَهُ لم يَقُلْ! - : «قلتُ : وذكرهُ ابنُ خَلِّكان في الوفيات ؛ فقال : هوَ من مَوالي عليّ بن مُوسى الرِضا ، ثُمَّ استرسل في الثناء عليه فنقلَ عنه حكايةً قال فيها : وأقبلتُ على الله تعالى ، وتركتُ جميعَ ما كنتُ عليه إلاّ خدمةَ مولايَ عليّ بن موسى الرِضا عليه السلام ...»(4) إلى آخر. 0.

ص: 29


1- المراجعات : 169.
2- المراجعات : هامش الصفحة 169.
3- ميزان الاعتدال 4 / 144 / 8655 ، المراجعات : 169.
4- وفيات الأعيان 5 / 231 - 232 / 729 ، المراجعات : 170.

والذي ترجمه ابنُ خَلِّكَان ونقل عنه السيّد ترجمته المنقول بعضها هنا : هو معروف الكرخي(1) ، وليس مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ.

ثمّ قال السيّد : «وابنُ قُتَيْبَةَ حينَ أوردَ رِجال الشيعة في كتابه (المعارف) ، عَدَّ معروفاً منهم(2) ، احتجّ مسلمٌ بمعروف(3) ، ودونك حديثه في الحجّ من الصحيح عن أبي الطُفَيْل»(4).

ومَنْ ذكره ابنُ قُتَيْبَةَ في (معارفه) وروى عنه مسلمٌ في الحجّ من (صحيحه) هو مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ (صاحب الترجمة) فالنقلُ فيه عن ابن قُتَيْبَةَ ومسلم صاحب (الصحيح) صحيحٌ.

لكن السيّد رجع بعد ذلك إلى ترجمة معروف الكرخيّ ، فقال - وكأنّ الحديث عن مَعْرُوف بن خَرَّبُوْذ! - : «تُوُفّي بِبَغدادَ سنة مِئَتين ، وقبرُهُ معروف يُزارُ ، وكانَ سَرِيٌّ السقطيّ من تلامذته».

وشتّانَ بين المعروفَيْنِ! :

فابنُ خَرَّبُوْذ محدّثٌ شيعيٌّ مَكّيٌّ ، والآخر صوفيّ بغداديٌّ كَرْخِيٌّ.

والأوّلُ أدرك أباالطفيل - آخِرَ الصحابةِ مَوْتأ - وروى عنه ، وكانَ من أصحاب السجّاد ، والباقر ، والصادق عليهم السلام.

والكرخيّ أسلمَ على يَدِ الإمام عليّ بن موسى الرِضا ، وكان من مَواليهِ ، ولم يُذكَرْ في رجال الشيعة ، بل عدّهُ أهلُ السنّة من رجالهم الصالحينَ ، ومشايخ الصوفيّة العارفين ، وهو من رجال الطريقة عندهم ، إذ أخَذَها - في مايقول متصوّفة السنّة - عن طريقين :

الأوّل : عن الإمام الرِضا عن آبائه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). 0.

ص: 30


1- وفيات الأعيان 5 / 231 - 232 ، المراجعات 170.
2- المعارف : 624.
3- صحيح مسلم 4 / 68.
4- المراجعات : 170.

والآخر : عن داود بن نصير الطائي ، ثُمَّ يتّصل بِوسائط إلى عليّ عليه السلامومنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

لكنّ الشيعةَ لايعُدُّونَه من رجالهم - كما سمعت آنفاً - وأخباره كثيرةٌ ، وللحافظ ابي الفَرَج ابن الجَوْزيّ (ت 597 ه) كتابٌ في أحوال معروف الكرخيّ ، طُبع في السنوات الأخيرة.

وقد ذكره سيّدنا الإمام شرف الدين عَرَضاً في تعليقه على كلام ابن حَجَرالهيتمي صاحب (الصواعق) الدالّ على وجوب تقديم عُلماء العِترة على غيرهم بِمُقتضى الأحاديث النبويّة الثابتة ، حيث قال : «ثمّ سَلْهُ : لِماذا قدّمَ الأشعريَّ عليهم في أصول الدين؟ والفقهاء الأربعة في الفروع؟

وكَيْفَ قدّمَ في الحديث عليهم عِمرانَ بن حِطّان وأمثالَه من الخوارج؟

وقدّم في التفسير عليهم مُقاتِل بن سُليمان المُرجِىء الُمجَسِّم.

وقدّم في علم الأخلاق والسلوك وأدواء النفس وعلاجه ، معروفاً وأضرابه»(1).

وكلام السيّد نَضَّرَ اللهُ وجهَهُ هُنا لا يُجامع ما ذكره في ترجمة مَعْرُوف ابن خَرَّبُوْذ.

نِسْبَةُ يَحْيَى بن سَعِيْد القَطّان إلى التَشَيُّع؟!! :

وممّن ذكره سيّدُنا - رضوانُ الله عليه - في باب (أسناد الشيعة في إسنادالسُّنة)(2) : (يَحْيَى بن سَعِيْد القَطّان) ، المحدّث المشهور (ت 198 ه) 0.

ص: 31


1- المراجعات : هامش الصفحة 75 / المراجعة 8.
2- المراجعات : 110.

استناداً إلى ما ذكره ابن قُتَيْبَةَ الدينَوَريّ(1) في (المعارف) مِن عدّهِ في رجال الشيعة(2).

مع أنّ ابن قُتَيْبَةَ في نسبة الرجال إلى الملل والنحل كحاطبِ ليل ، لا يُعاجُ على قوله ، إذا انفردَ بِهِ ، وكَمْ لهُ من مُجازفات وهَنات غيرِ هَيّنات يَضِيقُ ذَرْعُ مثل هذا التحرير الُمختصر عن استيفاء عَدِّها.

وحَسْبُهُ أنْ يكونَ من جُملة مُجازَفاته ورَمْيِهِ القولَ على عَلاّتِهِ نِسبتُهُ يَحْيَى بن سَعِيْد القَطّان إلى التشيّع ، معَ كونهِ مِن المُنْحَرِفِينَ عن أئمّة العِترةِ الطاهِرَةِ ، والمُنْتَظِمِينَ في سِلْك أهل النَصْبِ ، كما يشهدُ لِذلك مَوقِفُهُ الخاذِلُ ومذهبُهُ الباطلُ في النُكُوصِ والإعراضِ عن الروايةِ عن سادس أئمّة الهُدى الإمام أبي عبد الله جعفر بن مُحَمَّد عليهما السلام.

فقد ذَكَرَ الحافظُ ابنُ حَجَر العَسقلانيّ في (تهذيب التهذيب) : أنّ عليّ بن المديني - شيخ البخاري والراوي عن يَحْيَى بن سَعِيْد القَطّان- قال : «سُئِلَ يَحْيَى بن سَعِيْد القَطّان عن الصادق؟ فقال : في نَفْسي منهُ شيءٌ! ومُجالِدٌ(يعني ابن سعيد) أحبُّ إليّ مِنْهُ!!»(3).

ونقل هذا القولَ قبلَهُ الحافِظُ الذهبيّ ، في ترجمة الإمام الصادق عليه السلام من (ميزان الاعتدال)(4) الذي بَناهُ على ذكر من تُكُلِّمَ في وثاقتهم من الأعلام والمحدّثين ممّن اصْطُلِحَ على تسميتهم ب- : (المجروحين). 9.

ص: 32


1- عبد الله بن مسلم بن قُتَيْبَةَ (ت 276 ه) هذا فارسيّ الأصل ، وقد وقع الاشتباه لجماعة من الأعلام المتأخِّرين في نَسَبِهِ ، فظنُّوا أنّ جدّه قُتَيْبَةَ هو : قُتَيبة بن مُسْلِم الباهِلِيّ القائدُالمعروفُ ، اغتراراً بِتَشابُه الأسماء ، وممّن وقعَ لهم هذا الاشتباه : صاحبُ (الرَوْضات) وصاحب (الكُنى والألقاب) وصاحب (مِنَاة الراغِبِين).
2- المعارف : 514.
3- تهذيب التهذيب 2 / 88 / 15.
4- ميزان الاعتدال 1 / 414 / 1519.

وكانَ كلامُ القَطان في الإمام الصادق عليه السلام وتَجَرُّؤُهُ على ساحة أمانَتِهِ القُدسيّة سَبَباً لِذِكْرِهِ عليه السلام في كتاب (الميزان) ودخوله في شرطه (وكذلك يفعلون!).

فاقْرَأْ واعْجَبْ!!!.

قالوا : وبسبب تكلّم القطّان في الإمام الصادق عليه السلام أعْرَضَ البُخاريّ عن الرواية عن الصادق عليه السلام ولم يَحتَجَّ بِهِ في (صحيحه) معَ احتجاجِهِ بِالخوارج كعِمْران ابن حِطّان ، وعِكْرِمة البَرْبَرِيّ ، وبِالناصِبَةِ كحَرِيْز بن عُثْمان ، وبالُمجسِّمة والمُرْجِئَة كمُقاتِل بن سُليمان وأضْرابهم.

وفي ذلك يقولُ العلاّمة الشريف أبو بكر ابن شهاب ، العلويّ الحَضْرَمِيّ - رحمه الله تعالى - :

قضيّةٌ أشبهُ بِالمُرْزِئَة

هذا البُخارِيُّ إمامُ الفِئَة

بِالصادِقِ الصِدِّيقِ ما احْتَجَّ فِي

صَحِيْحِهِ واحْتَجَّ بِالمُرْجِئَة

مِن مِثْلِ عِمْرانَ بنِ حَطّانَ أوْ

مَرْوانَ وابنِ المَرْأَةِ الُمخْطِئَة

مُشْكِلَةٌ ذَاتُ عوار إِلى

حَيْرةِ أرْبابِ النُّهى مُلْجِئَة

وحَقِّ بَيْت يَمَّمَتْهُ الوَرَى

مُغِذَّةً بِالسَيْرِ أو مُبْطِئَة

إنّ الإمامَ الصادِقَ الُمجْتَبَى

بِفَضْلِهِ الآيُ أَتَتْ مُنْبِئَة

أفْضَلُ مَن فِي عَصْرِهِ رُتْبَةً

لَمْ يَقْتَرِفْ فِي عُمْرِهِ سَيِّئَة

قُلامَةٌ مِنْ ظُفْرِ إبْهامِهِ

تَعْدِلُ مِنْ مِثْلِ البُخارِيْ مِئَة(1)

وممّا يَدُلّكَ أيضاً على بُعد القَطّان عن ساحة التشيّع هو : غَمْزُهُ بعضَ رجال الشيعة وأعلامَهم المَشهُودَ لَهُم بالثِقَةِ والعَدالَة ، بِسَبَبِ المَذْهَبِ ، كما صَنَعَ مَعَ المِنْهال ابن عَمْرو الكوفيّ ، الذي كانَ من أجلاّء شيعةَ الكوفة ومشاهيرِهم.6.

ص: 33


1- النصائح الكافية : 119 ، أعيان الشيعة 1 / 667 و 2 / 298 / 1202 ، الكنى والألقاب 1/26.

قال الإمامُ شرفُ الدين في ترجمة المُنهال المذكور في المُراجَعات : «ولذا - يعني بسبب التشيّع - ضعّفهُ الجوزَجانيّ ، فقال : سَيِّىءُ المَذْهَب ، وكذا تكلّم فيه ابنُ حَزْم وغَمَزَهُ يحيى بنُ سعيد»(1).

وعن ابن قُتَيْبَةَ أَخَذَ ابنُ رسْتَة - من غيرِ تحقيق - القولَ بِكَوْنِ القَطّانِ مِن الشيعةِ ، في كتابه (الأعْلاق النفيسة) وعليه اعتمدَ السيّدُ الأمينُ في (أعيان الشيعة) وقال في ترجمته : «يَحْيى بن سَعِيد القَطّان : عدّهُ ابنُ رسْتة في (الأعلاق النفيسة) من الشيعة»(2).

ولم يَزِدِ السيّدُ الأمينُ على ذلك ، ممّا يدُلُ على عدم وُقُوفهِ على سَنَد آخرللقول بتشيّعه.

وليتَهُ - وهو خِريّتُ صَناعة التراجِم وعِلْمِ الرِجال - تَتَبَّعَ أحوالَ القَطّان في مَظّانِ ترجمتهِ لِيَرى أنّ هذا الزَعْمَ لا مَقِيلَ لَهُ من الصَحّة.

وفذلكةُ القول : أنّ نسبةَ يَحْيى بن سَعِيد القَطّان إلى الشيعة ، غيرُ صحيحة ، كما دلّتْ على ذلك النُصُوصُ الصريحةُ.

وقد يُلاحظُ :

أنّ سيّدنا الإمام شرف الدين - نوّرَ اللهُ بُرهانَه - ربّما جعلَ (التشيّع العامّ) مِعياراً للاختيار ، في مُراجعته التي خَصَّصها لِذكر (أسماء الُمحدّثينَ الشيعة في أسانيد أهل السُنّة) وعلى هذا المبنى ذكر «أبا عبد الله محمّد بن عبدالله المعروف بابن البَيِّع(3) (الحاكِم النيسابوريّ) إمام الحُفّاظ والمحدّثين في عصره ، صاحب (المُستدرَك على الصحيحين) (ت 405 ه) إذْ أنّ الرجلَ 6.

ص: 34


1- المراجعات : 172.
2- أعيان الشيعة 10 / 295.
3- المراجعات : 166.

في جُملة أحواله معدودٌ من أعلام أهل السُنّة المُنتحِلِينَ في الأصول مذهبَ أبي الحسن الأشعريّ ، كما أنّه في الفُرُوع كانَ ينتحِلُ مذهبَ الشافِعيّ.

وإنّما نُسِبَ إلى التشيّع عندَ قومِهِ بِسببِ تصحيحِهِ أحاديثَ كثيرةً في فضائل عليّ أميرِ المُؤمِنَين وسائر أهل البيت الطاهرين عليهم السلام.

ومن هُنا عُصِبَتْ به (تهمةُ التشيّع؟!) ونَبَزُوهُ ب- : (الرافِضِيّ) حتّى نَقَلَ ابنُ طاهِر المَقْدِسيُّ - الُمحدّثُ الناصِبِيُّ المُتَسَوِّرُ على قُدْسِيّة مَقامِ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام - عن عبد الله الأنصاريّ ، قولَه في (الحاكم) : «إمامٌ في الحديث ، رافِضيٌّ خَبِيْثٌ»(1)؟!!.

وهذا دَأبُهُم - أبَدَاً - معَ كُلّ مُنْصِف مِنهم في رواية مناقب العِتْرَةِ الطاهرة.

وغيرُ خاف على المُتَتَبّع أنّ هُناك الكثيرَ الطيّبَ من رِجال الشيعة الذينَ لا كلام في تشيّعهم ، ولا في رُجُوعِهم إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام أُصُولاً وفُرُوعاً ممّن يدخُلُون في عُنوان : (أسناد الشيعة في إسناد السنّة) دُخُولاً أوّليّاً ، كما أشارَ إلى ذلك السيّد شرف الدين في خاتمة المراجعة التي عَقَدَها على ذكر أولئك (الحُجَج الأثْبات) لكنّه اقتصرَ على ذكر (مِئَة) منهم على ما اقتضتهُ الحالُ ، وسمحَ بِهِ الَمجال(2).

وقد سمعتَ شيئاً من المُراجعة في حقيقةِ تشيّع بعضهم ؛ كالقَطّان ، ومُداخَلَةً مُتَسَمَّحاً فِيها ، على سبيل الاستطراد ، في تشخيص صُورةِ تشيّعِ بعضِهم ؛ كالحاكم النيسابوريّ وبيان موضعه منه. 3.

ص: 35


1- تذكرة الحفّاظ 3 / 1045 / 962 ، سير أعلام النبلاء 17 / 174 / 100 ، المراجعات : 166.
2- المراجعات : 113.

تشيُّع جرير بن عبدالحميد الضَّبِيُّ الْكُوفيُّ :

وَمِمَّنْ عَدَّهُ السّيدُ قدس سره مِنْ (رجال الشّيعة) اعتماداً على قَوْل ابن قُتَيْبَةَ في (المعارف) : (جرير بن عبد الحميد ، الضَّبِيُّ الْكُوفيُّ)(1).

وَليسَ هوَ من الشيعة ، كَما يَظْهَرُ مِنْ أحْوالِهِ ، وَما مَدَحَهُ بِهِ أعلامُ الجُمهورمن التقيّة وَالأمانةِ وَالْعِلْمِ ، مَعَ عَدَمِ إِشارَتِهِمْ إلى كَوْنِهِ شَيْعِيّاً أَوْ : فيهِ تَشَيِّعٌ ؛ فَقَدْ قالَ الذهبىُّ فيه : «عالِمُ أَهل الرَيّ ، صَدُوْقٌ»(2).

وَلَوْ كانَ شيعيّاً لَغَمَزَهُ بذلك.

وابْنُ قُتَيْبَةَ لا يُعْتَمَدُ على قَوْلِهِ في نِسْبَةِ الرجالِ اِلى المِلَلِ وَالنَّحلِ إذا انْفَرَدَ بِذلِكَ ؛ فَقَدْ عَدَّ يحيى بن سعيد القطّان ، وسُفْيان الثوريّ ، من الشيعة مَعَ أَنَّهُما منَ الْمُنْحَرِفِيْنَ عَنْ مَذْهَبِ الْعِتْرَةِ الطاهِرَةِ ، كَما هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سيرَتِهِما ، على ما مَرَّ الإلماع إليه.

وَقد نَقَلَ سيّدنا شرفُ الدين قدس سره في تَرْجمةِ (سالِمِ بن أبي حَفْصَةَ الْعِجليّ الْكُوْفيِّ) الُْمحَدِّثِ الشّيعيّ الثّقَةِ ، عَنْ عَليّ ابْنِ الْمَدِيْنيّ - الذي هُوَ أَحَدُشُيُوْخِ الْبُخاريّ - أَنَّهُ قالَ : «سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ : تَرَكْتُ سالِمَ بْنَ أَبي حَفْصَةَ ؛ لأَنَّهُ كانَ خَصْمَاً للشّيعَةِ - أَيْ يُخاصِمُ لَهُمْ(3) خُصَماءَهُمْ -»(4).

فَمَنْ كانَ على هذا النَّحْو مِنَ التّجافي عن المُنْقَطِعِينَ لأهل البَيْتِ ، وَناقِلي اَحاديثهم - بآعْترافِهِ هُوَ ، كَما سَمِعْتَ - فَكَيْفَ يُعَدُّ شِيعِيّاً؟!.

وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبِ جِدّاً أَنْ يَنْظِمَ السَّيّدُ - طابَ ثَراهُ - جَريرَ بْنَ عبد الحميدالمذكور في سِلْكِ أَعْلام الشيعَةِ (5) ، مَعَ ما نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الْمَدائِنيّ مِنْ 7.

ص: 36


1- المراجعات : 113.
2- ميزان الاعتدال 1 / 394 / 1466.
3- يُخاصِمُ لَهُمْ : أَيْ يُجادِلُ عَنْهُمْ.
4- المراجعات : 127.
5- المراجعات : 127.

تَصريحِ جَريرِ نَفْسِهِ - في تَرجَمَةِ سالِمِ بْنِ أبى حَفْصَةَ - بِأَنَّهُ إِنَّما تَرَكَ سالِماً أي التحديث عَنْهُ وَالاِحْتِجاجِ بِهِ ؛ لأنَّهُ كانَ يُجادِلُ عَنِ الشّيعَةِ خُصُوْمَهُمْ وَيَذُبُّ عَنْ عَقائِدِهِمْ!! ثُمَّ لَمْ يُعِلِّقِ السَّيّدُ بِشَيء على ذلِكَ ؛ يُوَضِّحُ فِيهِ سَبَبَ اعتمادِهِ على ابْنِ قُتَيْبَةَ وَترجيحِ قَوْلِهِ بِتَشيّعِ (جَرِيْر) على اعْتِرافِ جرير نَفسِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَعْداءِ الشِّيعَةِ!!

وَإذا كانَ الْمُسَوِّغَ لابْنِ قُتَيْبَةَ في عَدِّ جَرير من الشّيعة(1) كَونُهُ (كُوْفِيّاً) - والغالِبُ عَلى أَهْلِ الكوفة (التشيّعُ) - فَهذا مُنْخَرِمٌ بانْتسابِ كثير من مُحَدّثي أهل السُّنَّةِ إلى الكوفَةَ ؛ كأبي بَكْرِ ابْنِ عَيّاش وَنُظَرائِهِ مِنَ الُْمحدِّثينَ وَالْفُقَهاءِ.

وَحَسْبُكَ بِأبى حَنيفةَ النعمان بن ثابِت الْكُوفيّ الفقيهِ - إمام الْحَنَفيّةِ - شاهِداً على ذلِك.

فَكَيْفَ؟ إذا انْضَمَّ إليهِ التَّنْصيصُ على عَدَمِ التشيّعِ ، كما هُوَ الحالُ في شَأْنِ جَرير؟

وَإذا كانَتِ النسبةُ إلى الْكُوفة هِيَ الداعِيَةَ لابْنِ قُتَيْبَةَ في عَدِّه جَريراً من الشّيعَةِ ؛ فَيُمْكِنُنا أَنْ نُعارِضَهُ - على طريقتهِ في الاسْتِدلالِ - بِكَوْنِ جرير بن عبد الحميد المذكور حيث كانَ مِنْ قبيلة (ضَبَّة) الذينَ كانُوْا - في الْجُملَةِ - مِنَ المُنْحَرفين عَن علي عليه السلام ومواقِفُهُمْ - في يومِ الجَمَلِ - منه عليه السلام معلومةٌ ، حتّى قالَ قائِلُهُمْ :

نحنُ بَنِي(2) ضَبَّةَ أصحابُ الْجَمَلِ(3)

وَخُلاصَةُ الْكَلامِ : أنَّ الْقَوْلَ بِنِسْبَةِ جَرِيْر الضَّبِّيّ إلى (التَشيُّعِ) لا دَليلَ يَعْضُدُهُ ، وَلانَقْلَ يَنْصُرُهُ ، بَلْ هُوَ مِنْ مُجازَفاتِ ابنِ قُتَيْبَةَ و (تَبرُّعاتِهِ) الَّتيْ 2.

ص: 37


1- المراجعات : 113.
2- بالنَّصْبِ على الاخْتِصاص وَخَبَرُ الْمُبتداء ، قَوْلُهُ (أَصْحابُ ...).
3- تفسير السمرقندي 1 / 143 ، مناقب آل أبي طالب 2 / 342.

كانَ يَجُوْدُ بِها مِنْ (جِرابِ النُّوْرَةِ)(1)المراجعات : 106 ، المعارف : 464.(2).

تشيّع إبراهيمَ بْنَ يَزيدَ النَّخَعيَّ الْكُوْفِيَّ :

وَذَكَرَ السيِّدُ قدس سره : (إبراهيمَ بْنَ يَزيدَ ، النَّخَعيَّ ، الْكُوْفِيَّ) : عَلى أَنَّهُ مِنْ رِجالِ الشّيعَةِ ؛ اعْتِمادَاً على ما انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ في (مَعارِفِهِ)(2).

وَقَدْ مَرَّ عَلَيْكَ أَنَّ ابْنَ قُتَيْبَةَ لا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ في تَحقيْقِ نِسْبَةِ اَلرِّجالِ إلى المَلَلِ وَالنِّحَلِ.

مُضافاً إلى أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ أعْلامِ الْجُمْهُورِ لَمْ يَذْكُرْ نِسْبَةَ إبراهيم النَّخعيّ إلى(التشيُّع).

وَلا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَعْلامِ الإماميّةِ في طَبَقاتِ رِجالِهِمْ.

وَلَمْ يَرْوِ عَنْ أحَد من الأئمّةِ الطاهرين من عِتْرَةِ سيّد المُرْسَلِينَ (صلى الله عليه وآله) مِمّن كانُوا في عَصْرِهِ ، مَعَ كَوْنِهِ مَعْدوداً من كِبار الفُقَهاءِ الَّذيْنَ أَخَذَ عَنْهُمْ أبو حَنيفة - إمامُ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيُّ -.

فَكَيْفَ يَكونُ (شِيْعيّاً) مَنْ هذِهِ حالُهُ؟!

وَلَوْ كان مَعروفاً بالتشيّع لَنَبَزَهُ (!) به مُتَرْجِمُوهُ مِنَ الْقَوْمِ.

فإطْباقُهُمْ على مَدْحِهِ ، وَالثَّناءِ عَلَيْهِ ، مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِمْ جَرحَهُ ب- : (التشيّعِ) كَما هُوَ مَبْناهُمْ ، دَليْلٌ عَلى بُعْدِهِ عَنْ ساحَةِ التشيُّعِ.

تشيُّع حميم بن عُمَيْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْكُوْفِيَّ :

وَذَكَرَ السيّدُ في رجال الشيعة : (حميم بن عُمَيْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْكُوْفِيَّ 4.

ص: 38


1- مصطلح مشهور ، راجع بحثاً مستوعباً حوله في مجلّة علوم الحديث ، بعنوان (جراب النورة بين اللغة والاصطلاح) علوم الحديث العدد
2- الصفحات (9 - 57).

التِّيمِيَّ).

وَلَمْ يَنْقُل عَنْ أَحَد الْقَوْلَ بِتَشَيُّعِهِ ، سوى ما رَواهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُوْلُ لِعَليٍّ عليه السلام «أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنيا وَآلاخِرَةِ»(1).

وَإذا كانَ هذا مَدْرَكَ السيّدِ في نِسْبَتهِ إلى التشيُّعِ؟!

ففيهِ : أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الرُّواةِ الثابِتِ عَدَمُ تشيُّعُهِم رَوَوْا أَكْثَرَ مِنْ هذا في فَضْلِ عَلِيٍّ عليه السلام وَسائِرِ العِتْرة النبويّة.

كَما أنّ كَوْنَهُ كُوْفِيّاً لا يَلْزَمُ مِنْهُ القَطْعُ بِكَوْنِهِ شُيْعيّاً ، لِما مَرَّتْ الإشارَةُ إليْهِ.

وَالدَّليلُ إذا تَطَرَّقَ إلَيْهِ الاحْتمالُ ؛ سَقَطَ الاستدلالُ بِهِ.

تشيُّع الحَكَم بن عُتَيْبَةَ :

وذكرَ السيّدُ : (الحَكَمَ بن عُتَيْبَةَ) ، الُمحَدّثَ الكَبِيْرَ المَشْهُورَ ، على أنّهُ مِن الشِيْعَةِ ، اعْتِماداً على ما انْفَرَدَ ابنُ قُتَيْبةَ بالقولِ بِهِ فِي (مَعارِفِهِ)(2).

مَعَ أنّ الرَجُلَ مِن أَعْلامِ الجُمْهُورِ وكِبارِ مُحَدِّثِيْهِمْ ، ورُبّما غَمَزَ بَعْضَ أَوْلِياءِآلِ مُحِمَّد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ بالغلو كما نقله الذهبيّ في (ميزانه) عنه أنه قال : «كان يحيى ابن الجزار يغلو في التشيّع»(3).

ويحيى ابن الجزار من أصحاب مولانا الإمام أمير المؤمِنين عليه السلام.

ومع كون الحَكَمَ بن عُتَيْبَةَ من كبار المحدّثين وجهابذة الأعلام المرجوع إليهم في الجرح والتعديل لم يذكره أعلام الشيعة على أنّه منهم.

فالحَكَمَ المذكورُ معَ ما أَلْمَعْنا إليهِ مِن أَحوالِهِ لا يُمْكِنُ القولُ بِتَشَيُّعِهِ ،7.

ص: 39


1- المراجعات : 116.
2- المراجعات : 121 ، المعارف : 464.
3- ميزان الاعتدال 4 / 367 / 9477.

وماهُوَ والنسبةُ إلى التشيّعِ إلاّ كَما قِيْلَ :

عَمْرَكَ اللهَ كَيْفَ يَجْتَمِعانِ(1)

تشيّع زَيْدَ بْنَ الْحباب الْكُوفِيَّ :

وَذَكَرَ السيّدُ قدس سره : (زَيْدَ بْنَ الْحباب الْكُوفِيَّ) ، في رجال الشيعة ، اعْتِماداً على قَوْلِ ابن قُتَيْبةَ في (المعارف). وَقَدْ سَبَقَ الكَلامُ عليه(2).

وَنقل السيّد عن الذهبيّ في (ميزان الاعتدال) وَصْفَهُ إيّاهُ ب- : «العابِدِ الثقة الصَدُوق»(3) مَعَ نَقْلِهِ (أي الذَّهَبيّ) بأنَّهُ صدوقٌ ، عن أبي حاتم ، وأحمد بن حَنْبَل ، وَأَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ قالَ فيه : «مِنْ أَثْبات الْكوفيّين لايُشَكُّ في صِدْقِهِ»(4).

وَمَعَ هذا الْمَدْحِ وَالثَّناءِ عليه من القَوْمِ ، مِنْ دُونِ إشارَة إلى نِسْبَةِ التَّشيُّعِ إليهِ وَغَمْزِهِ بِهِ - كَما هُوَ دَأْبُهُمْ معَ المُنْقَطِعينَ إلى الْعِتْرَة الطاهِرَة - يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِتَشَيُّعِهِ.

تشيُّع سُلَيمانَ بن طَرْحُان التَّيْمِيّ البَصْرِيّ :

وَذَكَرَ السَّيِّدُ قدس سره : (سُلَيمانَ بْنَ طَرْحُان التَّيْمِيَّ البَصْرِيَّ) في رجالِ الشيعةِ ، اعْتِمادَاً على ما اَنْفَرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ بِذِكْرِهِ في (مَعارِفِهِ)(5).6.

ص: 40


1- قولهم : (عَمْرك اللهَ ما فعلتَ كذا) بنصب اسم الجلالة ، قال المجدُ : أصلُه : عمَّرْتُكَ اللهَ تَعْمِيراً ، وأُعَمِّرُكَ اللهَ أنْ تَفْعَلَ ، تُحَلِّفُهُ بِاللهِ وتَسْأَلُهُ بِطُولِ عُمُرِهِ ، أو : لَعَمْرُ اللهِ أي : وبَقاءِاللهِ ، فإذا سقطت اللاّمُ نُصِبَ انتصابَ المَصادِرِ ، أو عَمَّرَكَ اللهُ ، أي : أُذَكِّرُكَ اللهَ كَثيراً.
2- المراجعات : 125 / 28.
3- المراجعات
4- المراجعات : 126 ، ميزان الاعتدال 2 / 100 / 2997.
5- المراجعات : 131 ، المعارف : 475 - 476.

وَلَمْ يَنْقُلْ ذلِكَ غَيْرُهُ ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ أعْلامِ الُْمحَدِّثينَ عِنْدَ الْجُمْهُورَ.

وَلَوْ كُنّا مِمَّنْ يَعْتَمِدُ في نِسْبَةِ الرّاوي إلى نِحْلَة مّا على بَلَدِهِ ؛ لاسْتَأْنَسْنا لِعَدَمِ تَشَيُّعِهِ بِكَوْنِهِ (بَصْرِيّاً) فِإنَّ البَصْرَةَ كانَتْ في زَمانَهِ (عُثْمانِيَّةً) وَعلى هذا الرَّأْي جُمْهُورُ أَهْلِها.

لكِنْ يَكْفي في إثْباتِ عَدَمِ تَشَيُّعِهِ ما رَواهُ النِّسائِيُّ عَنْهُ في سُنَنِهِ في (المَسحِ على الْعِمامَةِ)(1) عِنْدَ الْوُضُوءِ ، مِمّا هُوَ خِلافُ ما عَلَيْهِ أئِمَّةُ العِتْرَةِ وَمَنِ انْقَطَعَ اِلَيْهِمْ في الفِقْهِ والْعَقائِدِ.

بعض التصويبات :

* وَجاءَ اسْمُ شيخِهِ أبي مِجلَز ، مُحَرَّفاً إلى : (أبي مجاز) ، وَهُوَ : لاحِقُ بنُ حُمَيْد التَّابِعيُّ.

* وَجاءَ في ترجمة (أبي الطُّفَيْل) - رضي اللهُ تعالى عنهُ - أَنَّهُ عامِرُ بْنُ وائِلَة ، والصَّوابُ : عامِرُ بْنُ واثِلَةَ (بالثّاء الْمُثَلَّثَةِ).

* وَفي ترجمته أيْضاً : «قالَ أَخُو جُعف» وَالصَّوابُ : أخُوْ جُعْفيّ وَهُوَ جُعْفِيُّ بْنُ سَعْدِ الْعَشيرَةِ والنِّسْبَةُ إلَيْهِ (جُعْفِيٌّ) أَيْضَاً.

* وَعَدَّ السَّيِّدُ : (عَبْدَ اللهِ بْنَ داوُدَ الخُرَيْبِيَّ) ، مِنَ الشّيعَةِ ؛ اعْتِماداً على ماانْفَرَدَ بِهِ ابْنُ قُتَيبَةَ في (المعارف)(2). وَقَدْ مَرَّ ما فيه.

* وَجاءَ في ترجمته ذِكْرُ (ابن جُرَيج) (بالجيم في أوّلِهِ وَآخِرِه) مُصَحَّفَاً اِلى ابن جُرَيْح (بالحاء المهملة في آخِرِه).

* كما جاءَ في ترجمتِهِ : «سَكَنَ الحربيّة من البصرة». والحَربيّةُ - هُنا - 0.

ص: 41


1- سنن النسائي : 76 (باب المسح على العمامة) ، والسنن الكرى له 1 / 87 / 107.
2- المراجعات : 143 ، المعارف : 520.

تصحيفٌ صَوابُها : الخُرَيْبَة ، بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمضمومَةِ وَالرّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوْحَةِ ثُمَّ الياء السّاكِنةَ بَعْدَها الْباء الْمُوَحَّدَة ، وَهِيَ مَوْضِعٌ في الْبَصْرَةَ ، وَكانَتْ تُسَمّى (البُصَيْرَةَ الصُّغرى) كما في مادَّةِ (خرب) من القاموس المحيط(1) وَذَكَرَها الْبُلدانِيُّونَ كياقوت في (معجم البلدان)(2) وَنَسَبَ إلَيْها

عبدالله بْنَ داوُدَ الْمَذْكُوْرَ كَما ذَكَرَهُ السَّمْعانِيَّ في (الخُرَيْبِيّ) مِنَ (الأنساب)(3).

* وَجاءَ في ترجمةَ (عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبان ، الْقُرَشيّ الْكُوفيّ) الْمُلقَّب مَشْكْدانَة ، من (المُراجعات) : «وَذَكَرَهُ صالِحُ بْنُ مُحَمّد بن جَزَرة ، فَقالَ : كانَ غالياً في التَّشيُّع ...»(4) إلى آخر.

وَالصَّوابُ : أَنَّ (جَزَرَةَ) لَقَبُ صالِح ، وَلَيْسَ اسْمَ جَدِّه ، بَلْ ليس في أَجْدادِهِ مَنْ يُسَمّى بهذا الاسْم. فَهُوَ : أَبو عَليٍّ ، صالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بْنِ حَبيبِ بْنِ حَسانِ(5) بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمّار ، الأَسَدِيُّ مَوْلاهُمْ ، الحافِظُ ، الْبَغْداديُّ ، الْمَشْهُورُ ، وَإنَّما لُقِّبَ (جَزَرَةَ) لإنَّهُ صَحَّفَ في حَديْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْر : أَنَّهُ كانَتْ لَهُ خِرْزَةٌ يُداوِيْ بها الْمَرْضى ، فَقالَ : جَزَرَةَ ، كَما جاءَ في تَرْجمتِهِ مِنْ (تاريخ مدينة السلام) للخطيب البغداديّ ، المطبوع أَوَّلاً باِسْمِ (تاريخ بغداد)(6). و (الإكمال)(7) لاِبْن ماكوْلا ، وَغَيْرهِما. 1.

ص: 42


1- القاموس المحيط 1 / 60 (خرب).
2- معجم البلدان 2 / 363.
3- الأنساب 2 / 354.
4- المراجعات : 144.
5- حَسّانُ إنْ كانَ مِنْ (حَسُنَ) فَهُوَ (فَعّال) وَيُصْرَفُ حينَئِذ ، وَإنْ كانَ مِنْ (حَسَّ) فَهُوَ (فَعْلانُ) وَيُمنَعُ آنذاكَ مِنَ الصَّرْفِ.
6- تاريخ بغداد 9 / 322 / 4862.
7- إكمال الكمال 2 / 461.

* وَفي تَرجمة : (عبد الرحمن بن صالح الأزْديّ الْكُوْفيّ) : من (المراجعات) : «وَذَكَرَهُ صالح بن جزرة» وَقَدْ مَرَّ عليك وَجْهُ الصَّوابِ فيه.

* وَفي تَرجمة : (عبد الرزّاق الصَّنْعانيّ) : «وَهُوَ مِنْ مَشائخ أحمد» وَصَوابُ مشائخ : مشايخ (بالياء) لأصالَتِها في هذِهِ الْكَلِمَةِ.

وَمِنْ طَرِيْفِ التَّوْرِيَةِ قَوْلُ أَحَدِ الْعُلَماءِ الظُّرَفاء : «لاتَهْمِز الْمَشايِخَ».

* وَذَكَرَ السيّدُ طابَ ثَراهُ : (عليَّ بْنَ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيَّ الْبَغْداديَّ) ، أَحَدَ شُيُوخ البُخارِيّ ، على أَنَّهُ من الشّيْعَةِ ، اعتماداً على ما انْفَرَدَ بِذِكْرِهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ في(المعارف).

وَقَدْ مَرَّ ما فيه(1).

* وَجاءَ في نَسَبِ (عليّ بن زَيْد الَّتميميّ الضَّرير ... بن أبي مليكة بن جذعان)(2).

والصَّوابُ : ... بن أبي مليكة بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعان (بالدّال المهملة).

* وَفي ترجمة (أبي مُعاوِيَةَ الضَّريْرِ مُحَمَّد بن خازم).

عَلَّقَ السيّد على اسْمِ أبيه بِقَوْلِهِ : «بالخاء المعجمة مِنْ فَوْق وَغَلَطَ مَنْ قالَ : ابن حازم بالْمُهمَلَةِ».

قُلْتُ : سَمَّتِ الْعَرَبُ خازِماً وَحازِماً ، واسمُ والِدِ أبي مُعاوِيَة : خازِم (بالخاءالمعجمة) عِنْدَ الأكْثَرِ ، وَلكِنْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحاءِ المهملة ، ولِذلِكَ أوْرَدَاَسْمَهُ ابْنُ ماكولا في (الُمخْتَلَفِ فيهم) من الأسماء (أي خازِم - وهُوَ الأكثركما مَرَّ عليك - وَحازِم)(3).3)

ص: 43


1- المراجعات : 156 ، المعارف : 525.
2- المراجعات : 157.
3-

وَمَعَ الاختلافِ وِإنْ لَمْ يَتَكافَأْ طَرَفاهُ لا يُبَتُّ بِتَغْلِيْطِ مَنْ قالَ : هذا الاسْمَ بِالْحاء الْمُهْمَلَة ، بَلْ يُقالُ : هُوَ خازِمٌ عند الأكثر ، أَوْ على الرّاجح ، وقد رواه بَعضُهُمْ بالْحاء المهملة. أوْ نحو ذلِكَ.

وَوَرَدَ تلقيبُ أبي مُعاوِيَةَ اَلضَّريرِ المذكور ب- : (التميميّ) وَالْمَعُروفُ أَنَّهُ (تَيْمِيٌّ) بِميم واحِدَة وَنِسْبتُهُ إلَيْهِمْ نِسْبَةُ وَلاء ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَنْفُسِهِم.

* وَفي تَرْجمةِ (نُوْحِ بْنِ قَيْسِ بْنِ رَباح) (الحُداني وَيقال الطاحي).

وأظُنُّ (الطاحي) تحريفاً.

* وَوَرَدَ مِنْ أَسْماءِ الشّيعةِ الُمحْتَجِّ بِهِمْ في مَسانِدِ أهْلِ السُّنَّةِ : (هُبَيْرَةُ بْنُ بريم) ، بالباء المُوَحَّدَةِ. وَالصّواب : يَريم (بالياء آخر الحروف).

* وَوَرَدَ ذِكْرُ (هِشامِ بْنِ عَمَّار الدَمِشقيِّ) الُْمحَدِّثِ المشهورِ : على اَنَّهُ مِنَ الشّيعة ، اعْتِماداً على ما انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ قُتَيبَةَ في (مَعارِفه)(1).

مَعَ أَنَّهُ في التسنّنِ كالسكّة الُْمحماةِ ، وَيَكْفي في كَوْنِهِ غَيْرَ شِيعيٍّ إطراءُ الذَّهبيّ إيّاهُ إذْ وَصَفَهُ في (الميزان) بقوله : «الإمامُ ، خطيبُ دَمشق وَمُقْرِءُها ومُحَدِّثُها وَعالمها»(2).

وَكَوْنُهُ (خطيب دمشق وَمُقرءها وَمُحَدِّثَها وَعَالِمَها) مِنْ شَواهِدِ بُعْدِهِ عن ساحة التَّشيُّع ، وَهُوَ صاحِبُ كتاب (فضائل أصحاب النّبيّ) ولم يذكر عن أهل البيت عليهم السلام شيئاً ، فكَيْفَ يَعُدُّهُ شِيْعيَّاً؟!

* وَأَوْرَدَ السيّدُ قدس سره : (هشيم بن بشير الواسطيّ) ، في رجال الشيعة ، اعتماداًعلى ما انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ في مَعارِفِهِ(3).

مَعَ أَنَّ شيوخه والآخذين عنه كلّهم من أعلام أهل السنّة ، ولم يُصَرِّح 6.

ص: 44


1- المراجعات : 175.
2- ميزان الاعتدال 4 / 302 / 9234.
3- المراجعات : 176 ، المعارف : 506.

أَحَدٌبتشيُّعِهِ ، بل العامّة أثْنَوا عليهِ ثَناءً بَلِيغاً ، ووصفه الذهبيُّ - عَدُوُّ الشيعةِ الأَلَدُّ - ب- : «الحافظ» وَأَنَّهُ «أَحَدُ الأعلام».

* وَوَرَدَ في تَرْجمَةِ (وَكيعِ بْنِ الجرّاحِ : قَيْس غيلان (بالمعجمة)(1).

والصَّوابُ : قيس عَيلان (بالْمُهْمَلَةِ).

* وَفي آخر المراجعة المشتملة على (أَسْناد الشّيعَةِ في إسْنادِ السُّنَّةِ) : «... وَمِنها تَعْريف أَياديهم الْبَيْضاءَ في خِدْمَةِ الشريعة الحنيفة السمحاء»(2).

وصوابُ : (اَلْبَيضاء) - هُنا - : البِيْضُ ؛ لأنَّ الْبَيضاءَ صِفَةٌ لِلْمُفرَدَةِ الْمُؤَنَّثَةِ كَوَصْفِ (الَيدِ) - الْمُفْرَدَةِ - ب(الْبَيضاء).

كما أنَّ صوابُ : (السَّمحاء) : السَّمْحَة ؛ اِذْ لَيْسَ في لُغة الْعَرَبِ (فَعْلاء) مِنْ(سمح) وَهذا من الخَطَأِ الشائِعِ على ألْسِنَةِ الكثير ، ولايُنْتَبَهُ إلى وَجْهِ الْخَطَأفِيهِ إلاّ بَعْدَ مُراجَعةِ (مُعجَمات اللّغَةَ) وَأَبْوابِ الصَّرفِ.

هذه سياحةٌ عَجلى على ضفاف (المُراجَعَات) قَعَدَ بِصاحِبِها عن مَخْرِ عُبابِها ، والغوصِ على جَواهِرِها عَوارضُ بِالمُقيمِ المُقْعِدِ هامِعٌ وَدْقُ عارِضها ، وقُصُور عن بُلُوغِ الغايَةِ في اسْتِكْناهِ هاتيك (الدُرَر الغَوالِي) واسْتِجْلاءِ مَعارِضِها ، فلئنْ فاتَهُ الفَوزُ بِالنِصابِ الوافي من ذلك الرصدِ ؛ لَحَسْبُهُ من القِلادَةِ ما أحاطَ بِالْجِيْدِ ، واللهُ وَلِيُّ التوفيقِ والتسديدِ.

الأقلّ عبدُ الستّار الحَسَنيُّ

مدرسة الإمام المجتهد

الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء النجف الأشرف

محرّم الحرام 1426 ه- 2.

ص: 45


1- المراجعات : 177.
2- المراجعات : 182.

المصادر

1 - القران الكريم.

2 - إكمال الكمال : للحافظ ابن ماكولا (ت 475 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت

/لبنان.

3 - أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين العاملي (ت1371 ه) ، حقّقه وأخرجه واستدرك عليه : حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات - بيروت / لبنان 1406 ه- - 1986 م.

4 - الأنساب : لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد السمعاني (ت562 ه) ، تحقيق : عبد الله عمر البارودي ، دار الجنان - بيروت / لبنان 1408 ه.

5 - تاريخ بغداد : للخطيب البغدادي (ت463 ه) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان 1417 ه.

6 - تذكرة الحفاظ : لأبي عبد الله شمس الدين الذهبي (ت748 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت / لبنان.

7 - تفسير السمرقندي : لأبي الليث السمرقندي (ت383 ه) ، تحقيق : د. محمود مطرجي ، دار الفكر - بيروت / لبنان.

8 - تهذيب التهذيب : لابن حجر العسقلاني (ت528 ه) ، دار الفكر - بيروت / لبنان 1404 ه.

9 - رجال الشيخ الطوسي : لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت460 ه) ، تحقيق : جواد القيومي الإصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي (جماعة المدرسين) - قم / إيران 1415 ه.

ص: 46

10 - سير أعلام النبلاء : لأبي عبد الله شمس الدين الذهبي (ت748 ه) ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، محّمد نعيم العرقسوسي ، مؤسّسة الرسالة - بيروت / لبنان 1406 ه.

11 - السنن الكبرى : لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303 ه) ، دارالكتب العلمية - بيروت / لبنان 1411 ه.

12 - صحيح مسلم : لمسلم بن الحجاج النيسابوري (ت261 ه) ، دار الفكر - بيروت /لبنان.

13 - صحيح النسائي : لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303 ه) ، دارالفكر - بيروت / لبنان 1348 ه.

14 - القاموس المحيط : للفيروزآبادي(ت817 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان1415 ه- - 1995م.

15 - الكنى والألقاب : للشيخ عبّاس القمّي(ت1359 ه) ، تقديم : محمد هادي

الأميني ، مكتبة الصدر - طهران / إيران.

16 - مجلة علوم الحديث : مجلة نصف سنوية تصدر عن كلّية علوم الحديث - طهران

/إيران.

17 - المراجعات : للسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي (ت1377 ه) ، تحقيق : حسين الراضي ، بيروت / لبنان 1402 ه- - 1982م.

18 - المعارف : لعبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت276 ه) ، تحقيق : ثروت عكاشة ، دارالمعارف - القاهرة / مصر.

19 - معجم البلدان : لياقوت الحموي (ت626 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت /لبنان 1399 ه.

20 - مناقب آل أبي طالب : لابن شهر آشوب (ت588 ه) ، المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف / العراق 1376 ه.

ص: 47

21 - ميزان الاعتدال : لأبي عبد الله شمس الدين الذهبي (ت748 ه) ، دار المعرفة - بيروت / لبنان 1382 ه- ، الطبعة الأولى ، تحقيق علي محّمد البجاوي.

22 - النصائح الكافية : للسيّد محمّد بن عقيل العلوي (ت1350 ه) ، دار الثقافة - قم /إيران 1412 ه.

23 - وفيات الأعيان : لابن خلّكان (ت681 ه) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، دار الثقافة - بيروت / لبنان.

ص: 48

علماء الشيعة ومصنّفاتهم في مصادر أهل السنّة (1)

(1)

السيّد مصطفى المطهّري

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

لقد حملني شوق التحقيق في مجال معرفة كتب الشيعة ورجالها من خلال كتب أهل السنّة ، إلى أن أبذل قصارى جهدي في موسوعة بهذا المضمارتحت عنوان علماء الشيعة ومصنّفاتهم في مصادر أهل السنّة ، آملا أن تبلغ مقاصدها.

إنّ هذه الرسالة حاليّاً ما هي إلاّ ورقة من تلك المجموعة ، حيث ارتبطت بما نقله ابن حجر عن أحد كتب الرجال.

إنّ ابن حجر العسقلاني(2) المؤلّف المشهور من أهل السنّة (ت852 ه) ، نقل مواضيع قيّمة من كتب الشيعة في كتابه المعروف ب- :

ص: 49


1- استلمنا المقالة باللغة الفارسية وقامت هيئة التحرير بترجمتها إلى العربية.
2- ابن حجر العسقلاني (773 - 852 ه).

لسان الميزان وهوالكتاب الذي ألّفه في ضعفاء الرجال(1) ، وإنّ ما نقله ابن حجر وإن كان نقلا إجماليّاً في بعض المواضع ولكنّه كان نقلا دقيقاً في كثير من المواضع الأخر ، بحيث يمكن أن يكون مؤثّراً في معرفة هوية الكتب الرجالية الشيعية إلى حدٍّ كبير ، سواء في معرفة هويّة الكتب المفقودة أوالكتب المتبقّية التي اعترتها يد النقصان بنحو ما.

وإنّ أحد المصادر التي استفاد منها في لسان الميزان هو الكتاب الرجالي الذي ذكره ابن حجر بعناوين مختلفة ، مثل : كتاب رجال الشيعة (حيث يبدو أنّه هو العنوان الأصلي للكتاب) ، مصنّفي الشيعة ، شيوخ الشيعة ، مشايخ الشيعة(2) ، وذكر مؤلّفه باسم عليّ بن الحكم ، وقد عرض ».

ص: 50


1- فقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذّابين الوضّاعين المتعمّدين قاتلهم الله وعلى الكاذبين في أنّهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا ثمّ على المتّهمين بالوضع بالتزوير ثمّ على الكذّابين في لهجتهم لا في الحديث النبويّ ثمّ على المتروكين الهلكى الذين كثرخطاؤهم وتُرك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم ثمّ على الحفّاظ الذين في دينهم رقّةوفي حديثهم وهن ثمّ على المحدّثين الضعفاء من قبل حفظهم فلهم غلط وأوهام ولم يُترك حديثهم بل يُقبل ما رووه في الشّواهد والاعتبار بهم لا في الأصول والحلال والحرام ثمّ على المحدّثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين لم يبلغوا رتبة الإثبات المتقنين وما أوردت منهم إلاّ من وجدته في كتاب أسماء الضعفاء ثمّ على خلق كثير من المجهولين ممّن نصّ أبو حاتم الرازي على أنّه مجهول أو قال غيره لايعرف أو فيه جهالة أو غير ذلك من العبارات التي تدلّ على عدم شهرة الشيخ بالصدق إذ المجهول غير محتجّ به ثمّ على الثقات الأثبات الذين فيهم بدعة والثقات الذين تكلّم فيهم من لا يُلتفت إلى كلامه ولا إلى تضعيفه لكونه تعنّت فيه وخالف الجمهور من أولي النقدوالتحرير.
2- يحتمل أنّ المراد من قول ابن حجر : «ذكره من شيوخ الشيعة» أو «ذكره في مشايخ الشيعة» هو نفس (المشيخة). هذا وقد قال ابن حجر تارة : «ذكره من شيوخ الشيعة».

ابن حجر آراءه بألفاظ مثل : ذكره ، قال ووصفه.

وسوف نحاول بعد هذه المقدّمة التعرّف على هذه الشخصية وآثارها العلمية :

المطلب الأوّل :

من هو عليّ بن الحكم في الكتب الرجالية؟

قال في شأنه النجاشي رحمه الله : «عليّ بن الحكم بن الزبير النخعي أبو الحسن الضرير مولى له ابن عمّ يعرف بعليّ بن جعفر بن الزبير روى عنه له كتاب أخبرنا أبو عبدالله بن شاذان قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا سعد عن محمّد بن إسماعيل وأحمد بن أبي عبدالله عن عليّ بن الحكم بكتابه»(1).

وكذلك أيضاً قال الشيخ رحمه الله : «عليّ بن الحكم الكوفي ثقة جليل القدر له كتاب أخبرنا جماعة عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن هشام ، عن محمّد بن السندي ، عن عليّ بن الحكم.

ورواه محمّد بن عليّ ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم. وأخبرنا ابن أبي جِيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار وأحمد بن إدريس والحميري ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم»(2).

وقال الكشّي رحمه الله أيضاً : «حمدويه ، عن محمّد بن عيسى : أنّ عليّ بن الحكم هو ابن أخت داود بن النعمان بيّاع الأنماط وهو نسيب بني الزبير 6.

ص: 51


1- رجال النجاشي : 274 رقم 718.
2- فهرست الطوسي : 263 رقم 376.

الصيارفة ، وعليّ بن الحكم تلميذ ابن أبي عمير لقي من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام الكثير وهو مثل ابن فضّال وابن بكير»(1).

بناءً على ما نقله هؤلاء الأجلّة ، نستطيع أن نستنتج من خلال ملاحظة طبقته رجاليّاً أنّ عليّ بن الحكم من تلامذة ابن أبي عمير ، وابن أبي عمير طبقاًلما نقله النجاشي فإنّه يروي عن الإمام الرضا والإمام الكاظم عليهما السلام(2) ، ومن جهة أُخرى فقد عدّ الشيخ علي ّبن الحكم من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد عليهما السلام(3).

ومن ناحية أخرى لم ينسب إليه كتاب في الرجال ، ولكن ما نقله ابن حجر عن عليّ ابن الحكم فإنّها تنطبق عليه.

وقد قال الشيخ آقا بزرك صاحب كتاب الذريعة في كتابه في شأن هذه الشخصية : «رجال عليّ بن الحكم وهو عليّ بن الحكم بن الزبير النخعي الأنباري ، تلميذ ابن أبي عمير ، وقد لقي من أصحاب أبي عبدالله الصادق عليه السلام جمعاً كثيراً ، وهو مثل الحسن بن عليّ بن فضّال وعبدالله بن بكيركما ذكره الكشّي(4) ، ويروي عنه أحمد بن أبي عبدالله البرقي الذي توفّي (274) أو (280) كما في النجاشي والفهرست ، ينقل عنه كثيراً في لسان الميزان بعنوان ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة»(5).5.

ص: 52


1- رجال الكشّي : 570 رقم 1079.
2- رجال النجاشي : 326 رقم 887 ؛ لقي أبا الحسن موسى عليه السلام وسمع منه أحاديث كنّاه في بعضها فقال : يا [أ] با أحمد وروى عن الرضا عليه السلام.
3- ذكره السيّد الخوئي رحمه الله في بحث مفصّل في معجم الرجال 12/411 رقم 8100.
4- رجال الكشّي : 570 رقم 1079.
5- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 10/135.

كذلك أيضاً العلاّمة السيّد محسن الأمين فهو يعتقد بذلك أيضاً كما يبدومن كلامه في عدّة مواضع ونحن نذكر نماذج منها :

«عليّ بن الحكم من قدماء الأصحاب يظهر أنّ له كتاباً في الرجال ينقل عنه ابن حجر في لسان الميزان في أحوال رجال الشيعة»(1).

«عليّ بن الحكم من أصحابنا كان له كتاب في الرجال موجود عند ابن حجر وينقل عنه في كتابه كثيراً ومفقود عند أصحابنا الذين ألّفوا في الرجال»(2).

«عليّ بن الحكم من أصحابنا له كتاب في الرجال كان عند ابن حجر وينقل عنه في لسان الميزان كثيراً»(3).

ومن بين المعاصرين فإنّ آية الله السبحاني أيضاً ذكر في كتابه كلّيّات في علم الرجال ما نصّه : «والأسف كلّ الأسف أنّ هذا الكتاب وغيره مثل تاريخ ابن أبي طي ورجال عليّ بن الحكم ورجال الصدوق التي وقف على الجميع ، ابن حجر في عصره ، ونقل عنها في كتابه لسان الميزان ، لم تصل إلينا ، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً»(4).

ظاهر هذا الكلام أيضاً كسائر الآراء والأقوال التي مرّت من قبل فإنّه يثبت أنّ هذا الكتاب لعليّ بن الحكم بن الزبير ، ولكن إذا تأمّلنا قليلا واستفدناممّا نقله ابن حجر نستطيع أن نتوصّل إلى أنّ هذا الراوي خلافاً للأقوال السابقة ليس هو عليّ بن الحكم المعروف ، وإنّ عليّ بن الحكم 2.

ص: 53


1- الذريعة 1/150.
2- الذريعة 6/36.
3- الذريعة 6/34.
4- كليّات في علم الرجال : 112.

الراوي عن ابن عمير لم يكن له كتاب رجاليّ قطّ ، وإنّ التعبير ب- (له كتاب) من النجاشي والشيخ ليس المراد منه كتاب الرجال بل المراد منه كتاب الحديث ، ولنكتف بذكر بعض النماذج إثباتاً لما ادّعيناه ، فإنّ ابن حجر في كلٍّ من ترجمة الحسين بن أحمد بن عامر والحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدّب والحسين بن إبراهيم القزويني يقول : «الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري ؛ ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافي وصنّف الحسين كتاب طبّ أهل البيت وهو من خير الكتب المصنّفة في هذا الفنّ ، روى عن عمّه عبدالله بن عامر وغيره»(1).

«الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدّب ؛ قال عليّ بن الحكم في مشايخ الشيعة كان مقيماً بقم وله كتاب في الفرائض أجاد فيه وأخذ عنه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه وكان يعظّمه»(2).

«الحسين بن إبراهيم القزويني ؛ ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة»(3).

فهؤلاء الثلاثة بالترتيب هم مشايخ ثقة الإسلام الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي.

وأمّا الشاهد الآخر فهو ما رواه ابن حجر عن عليّ بن الحكم عن الحسن بن محبوب ما نصّه : «الحارث بن محمّد بن النعمان أبو محمّد بن 2.

ص: 54


1- لسان الميزان 2 / 265.
2- لسان الميزان 2 / 271.
3- لسان الميزان 2 / 272.

أبي جعفر البجلي الكوفي ، قال عليّ بن الحكم كان أحد أئمّة الحديث في معرفة حديث أهل البيت قال وقال الحسن بن محبوب لقد رأيته حضر حلقة محمّد بن الحسن صاحب الرأي فما تكلّم حتّى استأذنه فلمّا قام الحارث قال أيّ رجل لولا يعني الرفض قال : وكان أفرض الناس عالماً بالشعر كثير الرواية»(1).

والحال أنّ عليّ بن الحكم جاء في سند في الاستبصار في طبقة أساتذة ابن محبوب كالتالي : «أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام في مملوك قذف محصنة حرّة قال : ...»(2).

وهكذا ذكره في ترجمة جعفر بن مالك : «جعفر بن مالك روى عن حمدان بن منصور ، روى عنه محمّد بن يحيى العطّار ، ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة وأثنى عليه خيراً»(3).

والحال أنّ محمّد بن يحيى العطّار متأخّر عن طبقة عليّ بن الحكم بن الزبير.

فالذي يظهر من هذه النماذج الثلاثة ومن موارد أُخرى أنّ عليّ بن الحكم صاحب رجال الشيعة كان متأخّراً عن الشيخين الطوسي والنجاشي ، وإضافة على ذلك كلّه فإنّه لم يرد في المصادر الرجالية الشيعية مثل رجال النجاشي والفهرست ورجال الشيخ أي نقل منه ، فمن البعيد جدّاً أن يكون لعليّ بن الحكم كتاب رجالي لم يصل إلى أيدي كبار علمائنا الرجاليّين ولكنّه وصل إلى ابن حجر بعد ما يقارب القرنين من الزمن. 1.

ص: 55


1- لسان الميزان 2/159 - 160.
2- الاستبصار 4/228.
3- لسان الميزان 2 / 121.

من هو عليّ بن الحكم صاحب رجال الشيعة؟

لقد اعتمد ابن حجر العسقلاني على التراث الشيعي لمدينة حلب(1) ، الذي كان بحوزته ؛ فيبدو أنّ هذا الأثر أيضاً من التراث الحلبي.

هذا وثمّة قرائن أخرى على ذلك منها ما جاء في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب - تأليف ابن العديم (المتوفّى 660 ه) - تدلّ على أنّ علي بن الحكم هو أحد الشخصيّات الشيعيّة الحلبيّة في القرن السادس الهجري(2).

ومن القرائن كذلك ما جاء في ترجمة الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمّد الخشّاب ما نصّه : «أبو محمّد الحلبي القاضي الرئيس الفاضل ، أحد الصدور الذين تعقد عليهم الخناصر ، وتفخر بذكر محاسنهم الدفاتر ، كان لي صديقاً صادقاً ... روى لنا عن القاضي محيي الدين بن أبي المعالي محمّد بن عليّ القرشي ، قاضي دمشق ، وعن أبيه القاضي أبي طاهر ، وأبي زكريّا يحيى بن سعد بن ثابت بن المراوي ، وعليّ بن الحكم الحلبي ، وجماعة من شعراء عصره ، ... فسألته عن مولده فقال : في ثامن عشر شهر رمضان من سنة ثمان وستّين وخمسمائة بحلب ... أخبرنا القاضي أبو محمّد الحسن بن أبي طاهر بن سعيد قال : أخبرنا القاضي أبو المعالي محمّد بن عليّ توفّي أبو محمّد الحسن بن إبراهيم بن الخشّاب رحمه الله ليلة السبت الثامن عشر من جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين وستمائة بحلب»(3).

ومن القرائن كذلك ما جاء في ترجمة أحمد بن منير بن مفلح أبو 7.

ص: 56


1- ومثال ذلك ما نقله ابن حجر من رجال ابن أبي طيّ في مواضع عديدة.
2- لم يثبت له أيّ كتاب رجاليٍّ وإنّ ما ذكر ما هو إلاّ مجرّد احتمال.
3- بغية الطلب في تاريخ حلب 5/2247.

الحسين الأطرابلسي(1) الشاعر (المتوفّى سنة 548 ه)(2) ما نصّه : «كان كثير التردّد إلى حلب والإقامة بها ، وبها مات ومدح ملوكها وأمراءها ورؤساءها وكان شاعراً مجيداً حسن النظم .... روى عنه الأمير أبو الفضل إسماعيل بن سلطان بن منقذ ، وأبو عبدالله الحسن بن عليّ بن عبدالله بن أبي جرادة ، والخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن هاشم ، وأبوالقاسم عيسى بن أحمد المعروف بالحنيك وكان راوية شعره ، وابنه الوجيه بن الحنيك ، وعليّ بن الحكم الحلبي ... أخبرنا أبو منصور عبدالرحمن بن محمّد قال : أخبرنا عليّ بن الحسن قال : حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن أحمد الحميري الكاتب ه.

ص: 57


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 3/1155. وقد وصفه بكلمات مقذعة فيما يتعلّق بتشيّعه حيث قال : أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن الحسين بن إبراهيم بن سليمان بن البانياسي قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال : أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح أبو الحسين الأطرابلسي الشاعر الرفاء ، كان أبو منير منشداً ينشد أشعارالعوني في أسواق أطرابلس ويغنِّي ، ونشأ أبو الحسين وحفظ القرآن وتعلّم اللغةوالأدب ، وقال الشعر وقدم دمشق فسكنها ، وكان رافضيّاً خبيثاً ، يعتقد مذهب الإمامية وكان هجّاء خبيث اللسان يكثر الفحش في شعره ، ويستعمل فيه الألفاظ العامّية ، فلمّا كثرالهجو منه سجنه بوري بن طغتكين أمير دمشق في السجن مدّة وعزم على قطع لسانه ، فاستوهبه يوسف بن فيروز (75 - ظ) الحاجب جرمه ، فوهبه له ، وأمر بنفيه من دمشق ، فلمّا ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق ، ثمّ تغيّر عليه اسماعيل لشيءبلغه عنه فطلبه ، وأراد صلبه ، فهرب واختفى في مسجد الوزير أيّاماً ، ثمّ خرج عن دمشق ولحق بالبلاد الشمالية ينتقل من حماة إلى شيزر ، وإلى حلب ، ثمّ قدم دمشق آخر قدمة في صحبة الملك العادل لمّا حاصر دمشق الحصر الثاني ، فلمّا استقرّ الصلح دخل البلد ، ورجع مع العسكر إلى حلب فمات ، رأيته غير مرّة ولم أسمع منه.
2- والطرابلسي مولود سنة 473 ه- ومتوفّى سنة 548 ه.

أنّ مولد أبي الحسين بن منير سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة بأطرابلس»(1).

ومن القرائن ما جاء في موضع آخر من ترجمة خالد بن محمّد بن نصربن صغير القيسراني ما نصّه : «سمعت القاضي بهاء الدين أبا محمّد الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن الخشّاب الحلبي يقول : سمعت الرئيس أبا الحسن عليّ بن الحكم الحلبي يقول : سمعت أبا عبدالله محمّد بن نصير القيسراني (478 - 548 ه)(2) يقول : قد أبطأ عليّ أمر خالد ، يعني ولده»(3).

كما أنّ الحسن بن إبراهيم بن سعيد (568 - 648 ه) ينقل عن عليّ بن الحكم الحلبي وعليّ بن الحكم ينقل عن أحمد بن منير (493 - 548 ه) ومحمّد القيسراني (478 - 548 ه) وهذا يعني أنّ عليّ بن الحكم وبشكل تقريبي كان حيّاً قبل سنة 548 ه- بل وحتّى بعد سنة 580 ه- ، ومن خلال كلّ هذانقطع أنّ مراد ابن حجر هو عليّ بن الحكم الحلبي.

كذلك أنّ فرضيّة اعتماد ابن حجر على كتاب ابن أبي طيّ(3) (ت 630 ه)في نقله الرجالي لعلماء الشيعة تكون أكثر قوّة لأنّ ابن حجر كثيراً ما كان ينقل من كتاب ابن أبي طيّ ، ثمّ إنّ هذا الفرض يمكن أن يكون مؤيّداًلكلامناأيضاً ، وعلى أيّ حال فإنّ هذا الأمر بحاجة إلى تدقيق أكثر وقرائن أوضح. ».

ص: 58


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 3/1154.
2- مستدركات أعيان الشيعة 1/16.
3- بغية الطلب في تاريخ حلب 7/3099.

المطلب الثاني :

شواهد على تشيّعه :

تعتبر الطائفة أنّ هذه الشخصية من رجال الشيعة ، إذ يمكن إقامة بعض الشواهد على هذا الادّعاء فعلى سبيل المثال : إنّ كتابه يدور حول رواة الشيعة ، وإنّ ما نقله ابن حجر من هذا الكتاب يدور حول رجال الشيعة كذلك وكذلك إنّ علي بن الحكم قد استفاد في كتابه من ألفاظ تدلّ على شيعيّته مثل : عند العامّة ، مشايخ الشيعة و... حيث إنّ استعمال مثل هذه الألفاظ لها نظير في الكتب الرجالية الشيعيّة.

المطلب الثالث :

مدى مطابقة ما نقله عليّ بن الحكم مع الكتب الرجالية :

إذا طابقنا آراءه مع الكتب الرجالية فحينئذ نستطيع أن نستنتج أنّ بعض الرواة المذكورين في لسان الميزان بواسطة عليّ بن الحكم لا أثر لهم في كتب رجال الشيعة ، وفي بعض الموارد نعثر على أسمائهم عارية عن أي صفة أو جاءت بوصف مغاير لما ذكره عليّ بن الحكم.

نموذجاً ، انظر إلى الموارد التالية :

1 - الحسين بن أحمد بن الحسن الرقّي ، الحسين بن أحمد بن عيسى الكوفي و... هم من الذين لم تُذكر أسماؤهم في كتبنا الرجالية ولكن جاءذكرهم من قبل عليّ بن الحكم.

2 - حسّان بن أبي عيسى الصيقلي ؛ لم يُذكر له اسم في كتب الرجال ولكن قال فيه عليّ بن الحكم : «روى عنه الحسن بن عليّ بن يقطين حديثاً كثيراً» ، كذلك وردت رواية في وسائل الشيعة يظهر أنّها منه وذلك في

ص: 59

كتاب طبّ الأئمّة عن أبي عبدالله الخواتيمي عن ابن يقطين عن حسّان الصيقل ، عن أبي بصير ، قال : «شكا رجل إلى أبي عبدالله الصادق وجع السّرّة فقال له ...».

3 - إبراهيم بن سنان ، لقد جاء اسمه في رجال البرقي ، فقط(1).

4 - ثمامة بن عمرو أبو سعيد الأزدي العطّار الكوفي الذي جاء ذكره في رجال الشيخ فقط(2) ، في حين وصفه عليّ بن الحكم قائلا : «كان ورعاً عالماً مهيباً».

5 - الحسن بن عبّاس بن جرير العامري الحريشي الرازي ، ذكر ابن حجرقول عليّ ابن الحكم فيه بعد أن ذكر كلام النجاشي قائلا : «لا يوثق بحديثه وقيل إنّه كان يضع الحديث»(3) وكذلك وصفه النجاشي قائلا : «ضعيف جدّاً له كتاب إنّا أنزلناه في ليلة القدر وهو كتاب رديء الحديث مضطرب الألفاظ»(4) ، وقد قال ابن الغضائري أيضاً فيه : «ضعيف روى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام فضل إنّا أنزلناه في ليلة القدر كتاباً مصنّفاً فاسد 1.

ص: 60


1- رجال البرقي : 28.
2- رجال الشيخ : 174 رقم 2060 - 15
3- لسان الميزان 2/216 - 217) «الحسن بن عبّاس بن جرير العامري الحريشي الرازي روى عن أبي جعفر الباقر وعنه أبو عبدالله الرقّي وأحمد بن سعد وسهل بن زياد ومحمّد بن أحمد بن عيسى الأشعري ذكره ابن النجاشي في مصنّفي الإمامية وقال هو ضعيف جدّاًله كتاب في فضل إنّا أنزلنا في ليلة القدر وهو رديء الحديث مضطرب الألفاظ لايوثق به وقال عليّ بن الحكم ضعيف لا يوثق بحديثه وقيل إنّه كان يضع الحديث».
4- رجال النجاشي : 61.

الألفاظ تشهد مخايله على أنّه موضوع وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه»(1).

ما احتواه كتاب رجال الشيعة :

1 - إبراهيم بن سنان :

«ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة من أصحاب جعفر الصادق عليه السلام»(2).

2 - إبراهيم بن عبدالعزيز :

«روى عن أبيه وجعفر الصادق عليه السلام ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة»(3).

3 - إبراهيم بن عيسى بن أيّوب الخزّاز الكوفي :

«ذكره عليّ بن الحكم وغيره في رجال الشيعة وقال : روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام ، روى عنه الحسن بن محبوب وغيره»(4).

4 - إسحاق بن يحيى بن القاسم :

«ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة ممّن روى عن أبي جعفر عليه السلام»(5).

5 - إسماعيل بن جابر بن يزيد الجعفي : 1.

ص: 61


1- رجال ابن الغضائري : 52.
2- لسان الميزان 1/66.
3- لسان الميزان 1 / 78.
4- لسان الميزان 1 / 88.
5- لسان الميزان 1 / 381.

«قال عليّ بن الحكم : كان من نجباء أصحاب الباقر وروى عن الصادق والكاظم عليهم السلام ، روى عنه عثمان بن عيسى ومنصور بن يونس وغيرهما»(1).

6 - توبة القدّاحي من آل ميمون القدّاح :

«قال عليّ بن الحكم : روى عنه سفيان بن عيينة وهو مكّي كان يخرج في التجارة إلى اليمن»(2).

7 - ثابت بن زائدة العجلي الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان حافظاً زاهداً قليل الحديث»(3).

8 - ثابت الأسدي :

«قال عليّ بن الحكم : كان جعفر عليه السلام يثني عليه خيراً»(4).

9 - ثابت مولى جرير :

«قال عليّ بن الحكم : كان كوفيّاً دخل على جعفر عليه السلام فصحبه وأسند عنه»(5).

10 - ثمامة بن عمرو الأزدي العطّار الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان ورعاً عالماً مهيباً وله قصّة مع سفيان الثوري»(6).4.

ص: 62


1- لسان الميزان 1 / 397.
2- لسان الميزان 2 / 74.
3- لسان الميزان 2 / 76.
4- لسان الميزان 2 / 81.
5- لسان الميزان 2 / 81.
6- لسان الميزان 2 / 84.

11 - ثور بن عمر بن عبدالله المرهبي الكوفي :

«أثنى عليه عليّ بن الحكم»(1).

12 - جابر بن أبخر النخعي ويقال الصهباني كوفيّ :

«قال عليّ بن الحكم : كان عابداً ثقة روى عن جعفر الصادق عليه السلام»(2).

13 - جابر بن أعصم المكفوف :

«قال عليّ بن الحكم : كان شديداً على الناصبية»(3).

14 - جابر بن سميرة بالتصغير الأسدي الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان صدوقاً متشدّداً في الرواية جمع حديثه في كتاب فكان لا يحدث إلاّ منه»(4).

15 - الجارود بن السرّي التميمي السعدي الحماني الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم كان ثقة روى عن الصادق عليهم السلام»(5).

16 - الجارود بن عمرو الطائي الكوفي :

«قال علي بن الحكم : كان ورعاً ثقة له أحاديث جيّدة روى عنه صفوان بن يحيى مات سنة خمس وخمسين ومائة»(6).

17 - جبلة بن حبّان بن أبجر الكوفي : 0.

ص: 63


1- لسان الميزان 2 / 85.
2- لسان الميزان 2 / 86.
3- لسان الميزان 2 / 86.
4- لسان الميزان 2 / 87.
5- لسان الميزان 2 / 89.
6- لسان الميزان 2 / 90.

«قال عليّ بن الحكم : روى عن جعفر الصادق عليه السلام وجميل بن درّاج روى عنه ابنه عبدالله»(1).

18 - جبير بن حفص العثماني أبو الأسود الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان من أورع الناس روى عن جعفر الصادق عليه السلام»(2).

19 - جعفر بن عثمان الرواسي الكوفي الأحول :

«قال عليّ بن الحكم : كان جليل القدر عند العامّة»(3).

20 - جعفر بن مالك :

«ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة وأثنى عليه خيراً»(4).

21 - جعفر بن المثنّى آخر مولى ثقيف :

«قال عليّ بن الحكم : لم يكن مرضيّاً»(5).

22 - جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه أبو القاسم القمّي الشيعي :

«ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة»(6).

23 - جعفر بن معروف الكشّي : 5.

ص: 64


1- لسان الميزان 2 / 95.
2- لسان الميزان 2 / 98.
3- لسان الميزان 2 / 119.
4- لسان الميزان 2 / 121.
5- لسان الميزان 2 / 121 - 122.
6- لسان الميزان 5 / 125.

«قال عليّ ابن الحكم : كان كثير العبادة»(1).

24 - جناب بن عائذ الأسدي : «وثّقه عليّ بن الحكم»(2).

25 - جناب بن نسطاس الجنبي : «ذكره عليّ بن الحكم»(3).

26 - جناح بن زربي أبو سعيد الأشعري :

«قال عليّ ابن الحكم : كان عارفاً بالتفسير صحب جعفر الصادق عليه السلام وروى عنه وكان صالحاً واسع الفضل ثقة»(4).

27 - جهم بن جميل الرواسي :

«قال عليّ بن الحكم : الصحيح في اسم أبيه حميد»(5).

28 - جهم بن صالح التميمي الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان جهم بن صالح أعرف الناس بحديث الكوفة وبرجال جعفر الصادق عليه السلام ، وصنّف كتاباً فيما وضع على أهل البيت أجاد فيه»(6).

29 - الحارث بن محمّد بن النعمان أبو محمّد بن أبي جعفر البجلي الكوفي : 2.

ص: 65


1- لسان الميزان 2 / 128.
2- لسان الميزان 2 / 138.
3- لسان الميزان 2 / 138.
4- لسان الميزان 2 / 139.
5- لسان الميزان 2 / 142.
6- لسان الميزان 2 / 142.

«قال عليّ بن الحكم : كان أحد أئمّة الحديث في معرفة حديث أهل البيت عليهم السلام : قال : وقال الحسن بن محبوب : لقد رأيته حضر حلقة محمّد بن الحسن صاحب الرأي فما تكلّم حتّى استأذنه ، فلمّا قام الحارث قال : أيّ رجل لولا يعني الرفض ، قال : وكان أرفض الناس ، عالماً بالشعر كثير الرواية»(1).

30 - الحارث بن المغيرة النضري - بالنون - البصري - بالموحّدة - :

«وقال عليّ بن الحكم : كان من أورع الناس ، روى عنه ثعلبة بن ميمون وهشام بن سالم وجعفر بن بشر وآخرون»(2).

31 - حازم بن إبراهيم البجلي مصريّ :

«ذكره عليّ بن الحكم كان ثقة كثير العبادة»(3).

32 - حبيب بن المعلّى الخثعمي :

«قال عليّ بن الحكم : كان صحيح الرواية معروفاً بالدين والخير يروي عنه ابن أبي عمير»(4).

33 - حديد بن حكيم الأزدي :

«قال عليّ بن الحكم : كان عظيم القدر ، وافر العقل ، مشهوراً بالفضل ، روى عنه ابنه عليّ وغيره»(5).

34 - حسّان بن عبدالله الجعفي : 1.

ص: 66


1- لسان الميزان 2 / 159 - 160.
2- لسان الميزان 2 / 160.
3- لسان الميزان 2 / 161 - 162.
4- لسان الميزان 2 / 173.
5- لسان الميزان 2 / 181.

«وقال عليّ بن الحكم : كان ثقة قليل الحديث»(1).

35 - حسّان بن أبي عيسى الصيقلي :

«ذكره عليّ بن الحكم في مصنّفي الشيعة وقال : روى عنه الحسن بن عليّ بن يقطين حديثاً كثيراً»(2).

36 - حسّان بن مهران الجمّال أخو صفوان كوفيّ كاهليّ ويُقال غنويّ :

«ذكره عليّ بن الحكم في رجال الشيعة»(3).

37 - الحسن بن أبجر :

«قال عليّ بن الحكم : أسند عن جعفر الصادق عليه السلام وهو قليل الحديث»(4).

38 - الحسن بن عبّاس بن جرير العامري الحريشي الرازي :

«قال عليّ بن الحكم : ضعيف لا يوثق بحديثه وقيل : إنّه كان يضع الحديث»(5).

39 - الحسن بن عديس الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان من مشايخ الشيعة وكان مخلّطاً»(6).

40 - الحسن بن عليّ بن صالح بن سعيد الجوهري : 0.

ص: 67


1- لسان الميزان 2 / 188.
2- لسان الميزان 2 / 188.
3- لسان الميزان 2 / 190.
4- لسان الميزان 2 / 190.
5- لسان الميزان 2 / 216.
6- لسان الميزان 2 / 220.

«قال عليّ بن الحكم : كان يذاكر بعشرة آلاف حديث»(1).

41 - الحسين بن أحمد بن أبان القمّي :

«ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال : له تصنيف في مناقب عليّ ، وكان شيخاً فاضلا من مشايخ الإمامية ، جليل القدر ، ضخم المنزلة ، نزل عنده الحسين بن سعيد بن حمّاد بن سعيد بن مهران فأقام في جواره في قم حتّى مات رحمه تعالى»(2).

42 - الحسين بن أحمد بن الحسن الرقّي :

«ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال شيخ صالح كثير الحديث روى عن عمّه عليّ»(3).

43 - الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري :

«ذكره علي بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال : كان من شيوخ أبي جعفرالكليني صاحب كتاب الكافي ، وصنّف الحسين كتاب طبّ أهل البيت وهو من خير الكتب المصنّفة في هذا الفنّ ، روى عن عمّه عبدالله بن عامر وغيره»(4).

44 - الحسين بن أحمد بن عيسى الكوفي :

«ذكره علي بن الحكم وقال : كان من مصنّفي الشيعة ، له كتاب الحقائق ، روى عنه محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان»(5). 9.

ص: 68


1- لسان الميزان 2 / 255.
2- لسان الميزان 2 / 261.
3- لسان الميزان 2 / 262.
4- لسان الميزان 2 / 265.
5- لسان الميزان 2 / 189.

45 - الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدّب :

«قال عليّ بن الحكم في مشايخ الشيعة : كان مقيماً بقم ، وله كتاب في الفرائض أجاد فيه ، وأخذ عنه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه وكان يعظّمه»(1).

46 - الحسين بن إبراهيم القزويني :

«ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة»(2).

47 - الحسين بن سهل بن نوح :

«قد وصفه عليّ بن الحكم بالحفظ والدين»(3).

48 - الحسين بن شدّدا بن رشيد الجعفي الكوفي :

«قال عليّ بن الحكم : كان أفقه أهل الكوفة وأصحّهم حديثاً»(4).7.

ص: 69


1- لسان الميزان 2 / 272.
2- لسان الميزان 2 / 272.
3- لسان الميزان 2 / 286.
4- لسان الميزان 2 / 287.

المصادر

1 - الاستبصار : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قدس سره (ت460 ه) ، تحقيق السيد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الإسلامية - طهران / إيران 1390 ه.

2 - بغية الطلب في تاريخ حلب : صنّفه ابن العديم الصاحب كمال الدين عمر بن أحمدبن أبي جرادة (588 - 660 ه) ، تحقيق : الدكتور سهيل زكار ، مؤسّسة البلاغ - بيروت / لبنان.

3 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للعلاّمة الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت : 1388 ه) ، دارالأضواء - بيروت / لبنان - 1430 ه- - 1983 م.

4 - رجال ابن الغضائري : أحمد بن الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم أبي الحسين الواسطي البغدادي قدس سره (ت قرن 5 ه. ق) ، تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، دار الحديث - قم / إيران 1422 ق / 1380 ش.

5 - رجال البرقي : لأبي جعفر أحمد بن أبي عبدالله البرقي (ت : 274 أو 280 ه) ، تحقيق : السيّد كاظم الموسوي المياموي ، انتشارات دانشگاه طهران - طهران / إيران 1383 ه.

6 - رجال الطوسي : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قدس سره (460- 385 ه) ، تحقيق جواد القيّومي الإصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم المشرّفة / إيران 1415 ه. ق.

ص: 70

7 - رجال الكشّي (اختيار معرفة الرجال) : لشيخ الطائفة الإمامية أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي قدس سره (385 - 460) ، تحقيق : حسن المصطفوي ، دانشگاه مشهد / إيران 1348.

8 - رجال النجاشي : للشيخ الجليل أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (372 - 450) ، تحقيق : السيّد موسى الشبيريّ الزنجانيّ ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم المشرّفة / إيران 1407 ه- ق.

9 - (فهرست كتب الشيعة وأصولهم) وأسماء المصنّفين وأصحاب الأصول : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قدس سره (ت 460 ه) ، تحقيق : السيّدعبدالعزيز الطباطبائي قدس سره ، مكتبة المحقّق الطباطبائي قدس سره - قم / إيران 1420 ه.

10 - كلّيّات في علم الرجال : للشيخ جعفر السبحاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم المقدّسة / إيران 1416 ه. ق.

11 - لسان الميزان : للإمام الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجرالعسقلاني (ت 852 ه) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت / لبنان1406 ه- - 1986 م.

12 - مستدركات أعيان الشيعة : للسيّد حسن الأمين بن السيّد محسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات - بيروت / لبنان 1418 ه- - 1997 م.

13 - (معجم رجال الحديث) وتفضيل طبقات الرواة : للسيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره (ت 1413 ه) ، 1413 ه- - 1992م.

ص: 71

صحيفة الإمام عليّ عليه السلام

الشيخ خالد الغفوري

بسم الله الرحمن الرحیم

أهمّية البحث :

ربّما يتساءل البعض عن مدى جدوى البحث حول موضوع صحيفة الإمام عليّ عليه السلام ؛ لعدم توفّرها بين أيدينا اليوم ، ومهما بلغ اعتزازنا بها فإنّها لاتعدو أن تكون جزءً من تراثنا المنقرض ، الذي لا وجود له ولا حضور في الساحة العلمية ، بل هو مجرّد وجود شبحي مرتسم في ذاكرة التاريخ. لكن سوف نجلّي أهمّية هذه الدراسة من خلال الإلفات إلى النقاط التالية :

1 - يحفل تراثنا الإسلامي - الفقهي خاصّة - طوال قرون بإنجازات كثيرة ومتنوّعة إلاّ أنّه تبقى للمصادر الاُولى قيمتها الفذّة لما لها من دور مؤثّر على حركة الفقه ومساره.

ولقد ترك لنا السابقون من سلفنا الصالح كنوزاً من المعارف ، ويأتي في مقدّمة ذلك ما خلّفه لنا الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام عموماً والإمام عليّ عليه السلام خصوصاً من تراث فقهي ثرّ سواء على صعيد الكمّ والسعة أو

ص: 72

على صعيد الكيف ، ولكن ظلّ هذا التراث قابعاً في قالبه التراثي والتقليدي الذي لم يطّلع عليه إلا المتخصّص الخاصّ ، ممّا أدّى إلى انحسار تأثيره ومحدوديّته. ولاريب في أنّ أحد أهم المنابع التراثية التراث المأثور عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؛ لما كان يتمتّع به من موقع علمي ممتاز فاق فيه سائر الصحابة ولما له من مكانة رسالية مرموقة تفرّد بها. والدراسة التي بين يديك تعالج هذا التراث الممتاز.

2 - سيتضح من ثنايا البحث أنّ هذه الصحيفة بالرغم من عدم وصولهابعينها لنا إلاّ أنّ مضامينها وصلت إلينا سواء صرّح بكونها منها أو لم يصرّح بذلك.

3 - إنّ هذه الصحيفة هي صحيفة نبويّة صِرفة ، اشتملت على أحاديث دوّنت مباشرة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وقد ركّز في الوثائق التاريخية على هذه السمة ، وأنّها من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فلق فيه وبخطّ الإمام عليّ عليه السلام.

4 - كونها صحيفة تتّسم بالتنوّع في أحاديثها بل وبشموليّتها لأبواب فقهية مختلفة ، وتحتوي على مجالات معرفية كثيرة ، بيد أنّه لم يحظ تراث عليّ عليه السلام في الدراسات الفقهية التحليلية باهتمام يتناسب معه ، ولم يركّز عليه في البحوث الاجتهادية بالمستوى اللائق به من قِبل علماء المذاهب الإسلامية المختلفة.

ثمّ إنّ التراث العلمي الحقيقي لكلّ شخصية علمية يتناسب تناسباً طرديّاًمن حيث السعة والعمق والأهمية مع واقع تلك الشخصية وما تتمتّع به من قدرات وقابليّات ؛ لأنّ التراث معلول لمن يُنسب إليه ، فهو مجموع منجزاته ، وتنطبع فيه خصائصه.

ص: 73

وقد عقدنا هذه الدراسة المختصرة ضمن عدّة محاور :

المحور الأوّل : المنزلة العلمية للإمام عليّ عليه السلام.

ونحن عندما نكون بصدد دراسة ومعالجة تراث الإمام عليّ عليه السلام الفقهي لابدّ وأن نمتلك صورة عن منزلته العلمية وما كان يتحلّى به من كفاءة عالية فذّة. وإليك بعض الوثائق والمستندات بهذا الشأن والتي تعكس لنا صورة عن مكانة الإمام عليّ عليه السلام العلمية بصورة إجمالية :

أوّلاً : مرجعية أهل البيت عليهم السلام العلمية.

لقد وردت الأحاديث الكثيرة بل المتواترة في بيان مرجعية أهل البيت عليهم السلام بشكل عام في الأحكام الشرعية وأعلميتهم بكتاب الله وسنّة نبيه (صلى الله عليه وآله) ، منها :

1 - حديث الثقلين المعروف الذي رواه ما يربو على بضع وعشرين صحابيّاً(1) ، وقد ذُكر بألفاظ مختلفة ، فقد أخرج الترمذي بإسناده عن جابر ابن عبد الله قال : «رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : يا أيّها الناس قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي»(2) ، وروي قوله (صلى الله عليه وآله) : «لا تَقدّموهما فتهلكوا ، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم»(3).

2 - حديث السفينة الذي رواه عدد غفير يربو على المئة ، فقد أخرج الحاكم النيسابوري بسنده عن حنش قال : «سمعت أبا ذرّ يقول وهو آخذ 3.

ص: 74


1- انظر : الغدير 3/118.
2- صحيح الترمذي 5/621.
3- جواهر العقدين في فضل الشرفين 1/93.

باب الكعبة : أيّها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ، ومن أنكرني فأنا أبو ذرّ ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم»(1).

وهذه الأحاديث تدلّ على أعلمية أهل البيت عليهم السلام ، وتدلّ أيضاً على نصبهم مرجعاً للمسلمين ، وكذلك تدلّ على انحصارها بهم ، وذلك شامل للإمام عليّ عليه السلام فإنّه أوّل أهل البيت عليهم السلام.

ثانياً : مرجعية الإمام عليّ عليه السلام العلمية.

لقد جاءت الأحاديث الكثيرة والتي فاقت حدّ التواتر في النصِّ على المرجعية العلمية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام بصورة خاصّة ، منها :

1 - قوله (صلى الله عليه وآله) : «أنا دار الحكمة وعليّ بابها»(2) ، وفي لفظ : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأتِ الباب»(3).

2 - قوله (صلى الله عليه وآله) : «قسّمت الحكمة عشرة أجزاء ، فاُعطي عليّ تسعة أجزاءوالناس جزءً واحداً»(4). 5.

ص: 75


1- المستدرك على الصحيحين 2/373 ، ح 3312 ، و 3/163 ، ح 4720. ينابيع المودة لذوي القربى 1/93. فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والائمّة من ذرّيتهم : 2/246 ، ح 519.
2- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/64. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4 : 140.
3- المستدرك على الصحيحين 3/137 ، ح 4637 و 4638 و 4639. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/114. الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1102. اُسد الغابة في معرفة الصحابة 2/100.
4- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/65.

3 - قوله (صلى الله عليه وآله) : «أقضى اُمتي عليّ بن أبي طالب»(1).

4 - قوله (صلى الله عليه وآله) : «ليهنئك العلم أبا الحسن ، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً»(2).

5 - قوله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة عليهم السلام : «زوجك سيّد في الدنيا والآخرة ، وأنّه أوّل أصحابي إسلاماً ، وأكثرهم علماً ، وأعظمهم حلماً»(3).

6 - ما رواه الإمام عليّ عليه السلام : «بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن ، فقلت : يا رسول الله تبعثني إلى اليمن ويسألونني عن القضاء ولا علم لي به؟! قال : ادنُ ، فدنوت ، فضرب بيده على صدري ، ثمّ قال : اللهمّ ثبّت لسانه ، واهدِ قلبه. فلا والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد»(4).

ثالثاً : وصف الإمام عليّ عليه السلام نفسه.

1 - قوله عليه السلام : «سلوني ، والله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار»(5).

2 - قوله عليه السلام : «والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ نزلت؟ وأين نزلت؟وعلى مَن نزلت؟ إنّ ربي وهب لي قلباً عَقولاً ولساناً صادقاً ناطقاً»(6). 6.

ص: 76


1- الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4/147.
2- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/65.
3- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1099.
4- اُسد الغابة في معرفة الصحابة 4/99.
5- الإصابة في تمييز الصحابة 2/509. الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1107. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4/147.
6- تاريخ الخلفاء : 146.

3 - روى ابن سعد بإسناده عن جبلّة بنت المصفّح عن أبيها قال : «قال لي عليّ عليه السلام : يا أخا بني عامر ، سلني عمّا قال الله ورسوله ، فإنّا نحن أهل البيت أعلم بما قال الله ورسوله ... قال : والحديث طويل(1).

4 - وقيل للإمام عليّ عليه السلام : «ما لك أكثر الصحابة علماً - وفي بعض الطرق : حديثاً(2) -؟ فقال : كنت إذا سألته أنبأني ، وإذا سكتّ ابتدأني»(3) ، ولم يكن أحد من الصحابة يقول : «سلوني» إلاّ الإمام عليّ عليه السلام(4).

رابعاً : شهادة الصحابة بأعلمية الإمام عليّ عليه السلام ومرجعيته العلمية.

1 - فقد أتى اُذينة بن سلمة العبد عمر بن الخطّاب فسأله : «من أين أعتمر؟ فقال : ائتِ عليّاً فاسأله ...»(5).

2 - وقد سأل شريح بن هانئ عائشة اُمّ المؤمنين عن المسح على الخفّين؟ فقالت : ائتِ عليّاً فسله»(6).

3 - عن عمر أنّه قال : «أقضانا عليّ بن أبي طالب» ، وفي لفظ آخر : «وعليّ أقضانا»(7).

4 - عن عائشة : «أنّه أعلم من بقي بالسنّة»(8). 1.

ص: 77


1- الطبقات الكبرى 6/240.
2- تاريخ الخلفاء/135. المستدرك على الصحيحين 3/135 ، ح 4630.
3- فيض القدير شرح الجامع الصغير 4/470.
4- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1103. فضائل الصحابة/646 ، ح 1098.
5- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1106.
6- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1106.
7- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/65. الصواعق المحرقة : 126. مسند الإمام أحمد5 /113. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4/147. الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1102.
8- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1104. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4 : 141.

5 - عن عبدالله بن عبّاس : «إذا حدّثنا ثقة عن عليّ بفتيا لا نعدوها»(1). وورد في لفظ آخر : «كنّا إذا أتانا الثبت عن عليّ لم نعدل به»(2).

وفي آخر : «كنّا إذا ثبت لنا الشيء عن عليّ لم نعدل عنه إلى غيره»(3).

6 - عن عبدالله بن مسعود : «أعلم أهل المدينة بالفرائض عليّ بن أبي طالب»(4). وفي لفظ آخر : «أفرض أهل المدينة وأقضاها عليّ بن أبي طالب»(5). وفي ثالث : «إنّ عليّ بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن»(6).

7 - عن عبدالله بن عمر : «عليّ أعلم الناس بما اُنزل على محمّد (صلى الله عليه وآله)»(7).

8 - «سأل رجل معاوية عن مسألة ، فقال : اسأل عنها عليّاً فهو أعلم ، فقال : يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب عليّ ، فقال : بئس ماقلت ، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغرّه بالعلم غرّاً ، ولقد قال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبيّ بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه»(8).3.

ص: 78


1- الصواعق المحرقة : 127.
2- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1104.
3- اُسد الغابة في معرفة الصحابة 4/100.
4- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/1105. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 1414.
5- تاريخ الخلفاء : 135. وانظر : الصواعق المحرقة : 127.
6- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/65.
7- شواهد التنزيل لمن خصّ بالتفضيل 1/39.
8- الصواعق المحرقة : 179. الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 - 4/142 - 143. فضائل الصحابة : 675 ، ح 1153.

المحور الثاني : صحيفة الإمام عليّ عليه السلام ومدوّناته.

لقد ورد في أخبار كثيرة ربّما تبلغ حدّ التواتر أنّه كان لدى عليّ عليه السلام مجموعة - بل مجاميع - معتدّ بها من الأحاديث النبوية الشريفة المثبّتة والمدوّنة من قِبله وبخطّ يده بالسماع المباشر من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وليس من خلال نقل ناقل ، ولا بعد سماعها من النبيّ (صلى الله عليه وآله) بفاصل ، ومن الطريف أنّ كتابتها جاءت على أثر طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه وبأمر منه ، وقد تمّت بإشرافه شخصيّاً ورعايته. وقد أمره بالكتابة ، فقد قال له : «اكتب ما اُملي عليك. قال : يا نبي الله أتخاف عليّ النسيان؟ قال : لست أخاف عليك النسيانوقد دعوت الله أن يحفظك ولا ينسيك ، ولكن أكتب لشركائك. قال : قلت : ومَن شركائي يا نبي الله؟ قال : الأئمّة من ولدك ، بهم تسقى اُمتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عنهم البلاء ، وبهم تنزل الرحمة من السماء ، وأومأ إلى الحسن وقال : هذا أوّلهم ، وأومأ إلى الحسين عليه السلام وقال : الأئمّة من ولده»(1).

المحور الثالث : خصائص مدوّنات الإمام عليّ عليه السلام العلمية.

إنّنا إذا أمعنّا النظر في عملية تدوين تلك الأحاديث نجد أنّها قد توفّرت على الخصائص الفريدة التالية :

1 - خصوصية الكاتب ومقامه العلمي الشامخ وحدّة ذكائه واستيعابه لمايسمع ويكتب ؛ إذ من الواضح أنّ هذه الحيثيّات تؤثّر تأثيراً كبيراً على القيمة الوثائقية للسند ، فلو كان مدوّن السند قليل الخبرة وغير مهيمن على محتوى السند ارتفع منسوب احتمال الخطأ في عملية التدوين ، والعكس صحيح ، أي كلّما كان الكاتب واعياً لمضمون ما يكتب كلّما انخفض 9.

ص: 79


1- أمالي الطوسي : 441 ، المجلس الخامس عشر ، ح 989.

منسوب احتمال الخطأ في عملية التدوين ، بل قد تجعل من القيمة الاحتمالية للاشتباه في السماع أو الفهم أو الخطأ من قِبل الكاتب تهبط إلى الصفر.

ومن الواضح أنّ الإمام عليّ عليه السلام كان ذا ثقافة واسعة ، وكان متميّزاً على أقرانه بحدّة ذكائه ومكانته العلمية المرموقة ، وكان يتمتّع بخبرة شرعية فذّة ، وهذا ما يدعو إلى الثقة العالية بمدوّناته عليه السلام ويوجب الثقة بخلوّها من الأخطاء والاشتباهات.

2 - طبيعة الظروف القياسية والمناسبة التي كتبت فيها تلك المدوّنات ؛ حيث جوّ الهدوء والاستقرار وصفاء البال والقرب من القائل (صلى الله عليه وآله)مكاناً ؛ إذ أنّ للظروف والأجواء تأثيراً على مستوى الدقّة في عملية التدوين سلباً وإيجاباً ، فإن تمّ التدوين في فضاء قلق ومشوّش ارتفع احتمال الخطأ فيما يدوّن وقلّت الثقة بدقّته ، فربّ لفظة يشتبه الكاتب في سماعها أو يشتبه في كتابتها بسبب الارتباك ، بخلاف ما لو تمّ التدوين في فضاءهادئ ضعف احتمال الخطأ وازدادت الثقة بعملية الضبط ، وأيضاً لا ريب في أنّ انفراد الكاتب والمملي وعدم تداخل الكلام المملَى مع كلام آخر واستجماع الحواسّ وتمركز الذهن كلّ ذلك يضاعف من درجة الاطمئنان بما يُكتب إلى حدّ لايدع أيّ مجال لاحتمال الغفلة أو عدم الدقّة والخلط في عملية التدوين هذه.

3 - الكيفية النموذجية لعملية التدوين ؛ لكونها حصلت بالسماع المباشرمن المتكلّم - النبيّ (صلى الله عليه وآله) - دون توسّط راو ولا ناقل ، ودون وقوع أيّ فاصل زماني بين صدور الحديث وعملية تدوينه ممّا يجنّب الكاتب من حالات الاشتباه في كتابة المعنى الذي سمعه ويوفّر أمامه فرصة الدقّة في

ص: 80

نقل المعاني بل وبألفاظها وبحروفها ، فلا يوجد أدنى ريب في التصديق القطعي بالصدور ؛ فإنّ حالات النقل بالمعنى من جملة الآفات التي تزعزع الثقة بجملة من الأحاديث المنقولة ، كما لا يخفى ذلك على الخبير.

4 - إنّ حالة صدور النصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله) كانت حالة نادرة ولا نظير لها من ناحية التأنّي في الإلقاء ممّا يؤثّر على مستوى الضبط ودرجة الدقّة في عملية التدوين ؛ وذلك لأنّ صدور النصّ لم يكن بصورة الخطاب الاعتيادي المتعارف ، بل كان بصورة الإملاء الخاص والإلقاء البطيء المتناسب سرعة ووضوحاً مع حالة الكتابة والتدوين ، والتي تقتضي عادة إعطاءالكاتب الوقت الكافي لتدوين ما يُقال له وما يُملى عليه.

وهذه ميزة مهمّة تعتبر من موجِبات الثقة العالية بهذا النمط من الأحاديث سواء من ناحية صدور المضمون ومن ناحية كون انحفاظ الألفاظ بأعيانها إلى الحدّ الذي يسدّ الباب أمام احتمالات التغيير أو طرو التصحيف على النصّ المنقول.

5 - إنّ هذه الأحاديث إمّا أن تكون قضايا ومسائل مطروحة من قِبل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ابتداءً - كما هو الظاهر - وإمّا أن تكون أجوبة لأسئلة مقدّمة مِن قِبل الإمام عليّ عليه السلام نفسه ، وهذا ما يوفّر أمامنا فرصة تحصيل الوثوق المستحكم بالمضامين المذكورة في تلك الأحاديث ؛ وذلك لعدم احتمال وجود قرينة في ذهن السائل قد تغيّر من مسار فهم الجواب ، وهو في غاية الوضوح بناءً على كونها أحاديث مبتَدأة بادر النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى طرحها ، وأمّا بناءً على كونها أسئلة فإنّ صاحب السؤال هو نفسه كاتب الحديث ومدوّنه ، فلا يحتمل بشأنه غفلته وعدم التفاته لما يدور في ذهنه وما هو مقصود في السؤال وما هوالملحوظ في الجواب المترتّب عليه.

ص: 81

6 - كون تدوين هذه الأحاديث إنّما كان امتثالاً لأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بذلك ، وهذا ما يعبّر عن شدّة اهتمام النبيّ (صلى الله عليه وآله) بها ، وذلك يدلّ على أهمّية تلك الأحاديث في نفسها ، فهي أحاديث مختارة ومنتخبة من قِبل النبيّ (صلى الله عليه وآله)ذاته ، ومن هنا نرى إصراره (صلى الله عليه وآله) على تدوينها ، فإنّه كان يهدف إلى تسجيل وثيقة هامّة ترتبط ببرنامجه الرسالي وخطّته النبوية وقراءته لمستقبل دينه واُمّته وما كان يستلزم ذلك من تدابير وتحضيرات. وبطبيعة الحال فإنّ هذا كان يدعو النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى الإشراف الدقيق على عملية التدوين والعناية بها ومراقبتها عن كثب.

ولاشكّ بأنّ هذه الامتيازات التي تمتّعت بها هذه الأحاديث النبوية العلوية لتُعطي هذه الأحاديث امتيازاً فريداً وقيمة علمية ووثائقية خاصّة لا نكادنجدها في غيرها من الأحاديث.

المحور الرابع : أسماء وصفات مدوّنات الإمام عليّ عليه السلام العلمية.

طبقاً لما بين أيدينا من وثائق أنّه كانت للإمام عليّ عليه السلام عدّة مدوّنات تحمل أسماء عديدة ، وتوخّياً للدقة وحفظاً للأمانة سنُفرد كلّ اسم وعنوان وصفة على حدة ، وإليك هذه الأسماء والعناوين والصفات كما يلي :

1 - الجامعة :

وكان يضمّ مجموعة كبيرة من الأحاديث ، وكما يستشفّ من اسمه وكذلك من الروايات الواصفة له أنّه كان كتاباً جامعاً وشاملاً لجميع الأبواب والأحكام الفقهية ، وهي كثيرة :

منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «سمعته يقول وذكر ابن شبرمة فقال أبو عبدالله عليه السلام : أين هو من الجامعة ، إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّه عليّ عليه السلام بيده ، فيها الحلال والحرام حتّى أرش

ص: 82

الخدش»(1) ، وغير ذلك من الروايات(2).

2 - كتاب الإمام عليّ عليه السلام :

أ - روى ميمون القدّاح عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه قال : «في كتاب عليّ كلّ شيء يحتاج إليه حتى أرش الخدش والأرش»(3).

ب - وعن الفضيل بن يسار قال : «قال أبو جعفر عليه السلام : يا فضيل عندنا كتاب عليّ سبعون ذراعاً ما على الأرض شيء يحتاج اليه إلاّ وهو فيه حتّى أرش الخدش ، ثمّ خطّ بيده على إبهامه(4).

وغير ذلك من الروايات(5).

3 - صحيفة الإمام عليّ عليه السلام :

فقد روى جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام : «إنّ عندي لصحيفة فيها تسعة عشر صحيفة قد حباها رسول الله (صلى الله عليه وآله)»(6) ، وغير ذلك من الروايات(7).

4 - صحيفة الفرائض :

أ - عن زرارة قال : «أمر أبو جعفر عليه السلام أبا عبدالله عليه السلام فأقرأني صحيفة الفرائض ، فرأيت جلّ ما فيها على أربعة أسهم»(8).4.

ص: 83


1- بصائر الدرجات 3/145 ، ب 12 ، ح 15.
2- بصائر الدرجات 3/145 ، ب12 ، ح17. و 146 ، ح22 و 23. و 148 ، ب13 ، ح8.
3- بصائر الدرجات 3/148 ، ب 13 ، ح 6.
4- بصائر الدرجات 3/147 ، ب 13 ، ح 1.
5- بصائر الدرجات 3/148 ، ب 13 ، ح 9. و 148 - 149 ، ح 12.
6- بصائر الدرجات 3/144 ، ب 12 ، ح 12.
7- بصائر الدرجات 3/144 ، ب12 ، ح10 و 13. و 145 ، ح14 و 16 و 18 و 19و 21.
8- وسائل الشيعة 26/73 ، ب 5 من موجبات الإرث ، ح 4.

ب - عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «قرأ عليَّ فرائض عليّ عليه السلام ، فكان أكثرهنّ من خمسة [أسهم ، ومن] أربعة ، وأكثره من ستّة أسهم(1).

5 - المصحف :

فقد روى محمّد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السلام : «... إنّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيّه حتّى أكمل له جميع دينه في حلاله وحرامه ، فجاءكم ممّاتحتاجون إليه في حياته وتستغيثون به وبأهل بيته بعد موته ، وإنّها مصحف عند أهل بيته حتّى أنّ فيه لأرش خدش الكفّ»(2).

6 - الجِلد [الإهاب] :

فقد روى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «سمعته يقول : إنّ عندنا جلداً سبعون ذراعاً ، أملى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّه عليّ بيده ، وإنّ فيه جميع ما يحتاجون إليه حتّى أرش الخدش»(3).

أقول : من الواضح أنّ (الجلد أو الإهاب) ليسا من الأسماء ، بل هما وأمثالهما من أوصاف الظرف والمكتوب عليه.

المحور الخامس : في اتحاد مدوّنات الإمام عليّ عليه السلام أو تعدّدها في البدء ثمّة احتمالان : اتحاد هذه الكتب وتعدّدها ، لكن بالتأمّل يتّضح تعيّن الاحتمال الأوّل ؛ وذلك لعدّة وجوه ، منها :

الوجه الأوّل :

إنّنا لو راجعنا الروايات ذاتها لرأيناها تطلق أكثر من اسم واحد ، نظير 5.

ص: 84


1- وسائل الشيعة 26/73 ، ب 5 من موجبات الإرث ، ح 6.
2- بصائر الدرجات 3/147 ، ب 13 ، ح 3.
3- بصائر الدرجات 3/147 ، ب 13 ، ح 5.

إطلاق الجامعة والصحيفة والمصحف والكتاب :

1 - روى أبو بصير عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام - في حديث مفصّل - أنّه قال : «إنّ عندنا الجامعة ، وما يدريهم ما الجامعة؟! قال : جعلت فداك ، وما الجامعة؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإملائه من فِلق فيه وخطّ عليّ عليه السلام بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام ، وكلّ شيء يحتاج الناس إليه حتّى الأرش في الخدش ، وضرب بيده إليّ ، فقال : تأذن لي يا أبا محمّد؟ قال : قلت : جعلت فداك ، إنّما أنا لك ، فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده ، وقال : حتّى أرش هذا ...»(1).

2 - وروى سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : «إنّ عندنالصحيفة يقال لها : الجامعة ، ما من حلال ولا حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش»(2).

3 - عن قاسم بن يزيد عن محمّد عن أحدهما [الإمامين الباقر أو الصادق] عليهما السلام قال : «إنّ عندنا صحيفة من كتاب عليّ عليه السلام أو مصحف عليّ عليه السلام طولها سبعون ذراعاً ، فنحن نتّبع ما فيها ، فلا نعدوها»(3).

فكلّ من طالع في هذه الروايات يظهر له أنّه كان للإمام عليّ عليه السلام كتاب واحد يسمّى بأسماء متعدّدة بحسب المناسبات واللحاظات.

الوجه الثاني :

إنّه من المستبعد أن تتكرّر عملية التدوين أكثر من مرّة واحدة في موضوع واحد ، سيّما إذا كان التدوين بإملاء من النبيّ (صلى الله عليه وآله). 0.

ص: 85


1- الكافي 1/229 ، ح 1.
2- بصائر الدرجات 3/144 ، ب 12 ، ح 8.
3- بصائر الدرجات 3/146 ، ب 12 ، ح 20.

وقد يقال : إنّه يحتمل كون بعض هذه المدوّنات حاوية لآراء عليّ عليه السلامالخاصّة في مختلف الأحكام الفقهية ، فلا مانع من تعدّدها من ناحية ، ومن ناحية اُخرى من افتراض مغايرتها للكتاب الذي أملاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليه عليه السلام ، وحينئذ لا يتمّ هذا الوجه.

والجواب : عدم صحّة هذا البيان ؛ وذلك :

1 - إنّ هذا الافتراض يتنافى مع ما ورد في النصوص من كون اشتمال الصحيفة على ما أملاه النبيّ (صلى الله عليه وآله) على الإمام عليّ عليه السلام فقط ، بل ورد وصفهما بوصف واحد وبعبارات واحدة.

2 - إنّ الإمام عليّ عليه السلام معروف بأنّه كان نصوصيَّ المسلك ، وكان متمسّكاً ومتعبّداً بالكتاب والسنّة النبويّة إلى أقصى حدّ ، بل كان يعيب على من انتهج مسلك القول بالرأي ؛ لعدم حاجة عليّ عليه السلام إلى القول بالرأي ما دام يمتلك تلك الثروة النصوصية النبويّة الهائلة المتلقّاة مباشرة من النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، والتي هي معين لاينضب ، وقد أمدّت الإمام عليّ عليه السلام بالعلم الجمّ الذي يفتقده الآخرون من الصحابة الأجلاء.

وكان ضمن هذا الكتاب صحيفة الفرائض التي كثيراً ما كان الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام ومن ولد الإمام عليّ عليه السلام يرجعون إليها ، وسيأتي نقل كثير من رواياتها.

وهذه من أهمّ الوثائق التي حفظت لنا تراث الإمام عليّ عليه السلام في الفقه بصورة عامّة ، وفي باب الإرث خاصّة ، وإن لم يقتصر عليها.

نتيجة البحث :

إنّ الذي يظهر من التأمّل فيما أوردناه من نقول وغيرها ممّا لم ننقله هنا : أنّ صحيفة عليّ عليه السلام في الفرائض ليست كتاباً مستقلاًّ عن الجامعة ، بل

ص: 86

جزء منها ، سيما إذا لاحظنا أنّ كتاب الجامعة كان شاملاً لجميع الأبواب والأحكام الفقهية ؛ فإنّه من المعلوم كون أحكام الإرث من ضمنها ، ولا داعي لاستثنائها وإفرادها وعدم إدراجها في ذلك الكتاب الكبير الذي كان معدّاًلبيان الأحكام الشرعية ، سيما وأنّ ما ورد في وصف كيفية كتابتها وأنّها من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّ الإمام عليّ عليه السلام بيده ، وهذا ما يولّد الاطمئنان بل اليقين باتحاد الكتابين وعدم تعدّدهما ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان قد أعدّ وثيقة ومستنداً واحداً للأحكام لا غير.

وأمّا تسميتها بالصحيفة وكذلك وصف كتاب الجامعة بأنّ طوله يبلغ سبعين ذراعاً ونحو ذلك من التعابير فلا يدلّ على مغايرتها لكتاب الجامعة ؛ لكون الكتاب مكوّن من مجموعة من الصحائف يبلغ مجموعها ذلك المقدار ، وليس المراد أنّه كان قطعة واحدة متصلاً بعضها ببعض ، حيث لا يوجدآنذاك جلد بهذا المقدار من الطول والامتداد ، كما هو واضح.

ومن الجدير بالذكر أنّ لفظ (الفرائض) لا ينحصر تفسيره بالمواريث ، بل هذا هو أحد معانيه ، بل هو أضيقها ، وهو معنى اصطلاحي لدى المتشرّعة ، ومن هنا فقد تكون هذه الصحيفة متضمّنة للأحكام الإلزامية بشكل عامّ والتي منها الإرث ، وربّما تقوّي هذه الإثارة فكرة اتحاد الصحيفة مع كتاب عليّ عليه السلام.

ومن القرائن المؤيّدة لتفسير الفرائض بالمعنى الواسع هو تسمية الصحيفة التي كتبها عليّ عليه السلام إلى اُمراء جيشه ورؤساء أجناده - والتي كانت تتضمّن أكثرها أحكام الديّات - بصحيفة الفرائض.

وممّا يشهد لذلك أيضاً حديث المناهي الذي رواه الشيخ الصدوق ، وهوحديث مفصّل ورد فيه الكثير من الأحكام التي رواها أمير المؤمنين

ص: 87

عليّ عليه السلام عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وجاء في آخره : «قال محمّد بن زكريّا الغلابي : سألت عن طول هذا الحديث شعيباً المزني ، فقال لي : يا أبا عبدالله سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث ، فقال : حدّثني جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام : إنّه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام»(1).

ولعلّ تسمية الصحيفة بصحيفة الفرائض كانت في مقابل أحاديث المواعظ والنصائح النبويّة التي كتبت في صحائف اُخرى.

ومن ذلك يتضح أنّ كتاب الإمام عليّ عليه السلام كان مبوّباً موضوعياً ومنظّماً بحسب المجالات التي تناولها بشكل منهجي ، فكلّ مجال خصّص له صحيفة واحدة أو عدّة صحائف مستقلّة.

والنتيجة التي ننتهي إليها : إنّ لعلي عليه السلام كتاباً واحداً جامعاً في الأحكام ، فإمّا أن يكون له اسمان أو أكثر ، فيطلق عليه أحياناً : الجامعة ، وأحياناً : كتاب عليّ ، وأحياناً اُخرى : صحيفة الفرائض أو الصحيفة أو المصحف. وكلّ إطلاق بلحاظ حيثية معيّنة.

وإمّا أن تكون هذه الصحيفة هي جزء من ذلك الكتاب ، كما هو الأرجح في نظري القاصر ، والله أعلم بحقيقة الحال.

وتجدر الإشارة إنّنا بهذا البيان لا نريد أن ننفي وجود صحف اُخرى لعليٍّ عليه السلام بمسكن ، فحدّثنا إنّ عليّاً عليه السلام ورث من رسول الله (صلى الله عليه وآله) السيف ، وبعض يقول البغلة ، وبعض يقول ورث صحيفة في حمائل السيف إذ خرج عليّ عليه السلام ونحن في حديثه ، فقال : أيم الله لو أنبسط [أنشط] ويؤذن ن.

ص: 88


1- أمالي الصدوق : 518 ، المجلس السادس والستون.

لي لحدّثتكم حتّى يحول الحول لا اُعيد حرفاً ، وأيم الله إنّ عندي لصحفاً كثيرة قطائع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته ، وإنّ فيها لصحيفة يقال لها العبيطة ، وماورد على العرب أشدّ عليهم منها ، وإنّ فيها لستين قبيلة من العرب مبهرجة ما لها في دين الله من نصيب»(1).

وقد انتقلت هذه الكتب إلى أبنائه عليهم السلام يداً بيد ، كما ورد في بعض الروايات(2) ، فراجع.

المحور السادس : تاريخ مدوّنات الإمام عليّ عليه السلام العلمية.

لقد توارث الأئمّة من ولد الإمام عليّ عليهم السلام هذه المدوّنات وكتب العلم كابراً عن كابر ، وكانوا يحافظون عليها مثلما يحافظ الناس على دنانيرهم ودراهمهم ، كما أشارت لذلك الروايات.

1 - عن معتّب قال : «أخرج إلينا أبو عبدالله عليه السلام صحيفة عتيقة من صحف عليّ عليه السلام فإذا فيها ما تقول [ما نقول] إذا جلسنا لنتشهّد»(3).

2 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : «أخرج إليّ أبو جعفر عليه السلامصحيفة فيها الحلال والحرام والفرائض. قلت : ماهذه؟ قال : هذه إملاءرسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّه عليّ عليه السلام بيده قال : فقلت : فما تبلى؟ قال : فمايبليها؟ قلت : وماتدرس؟ قال : وما يدرسها؟ قال : هي الجامعة 4.

ص: 89


1- بصائر الدرجات 3/149 ، باب آخر فيه أمر الكتب ، ح 15.
2- بصائر الدرجات 3/135 - 139 ، باب ما عند الأئمّة من كتب الأوّلين : كتب الأنبياءالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم. و 139 - 142 ، باب ما يبيّن فيه كيفية وصول الألواح إلى آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين. و 147 - 150 ، باب آخر فيه أمرالكتب. و 150 - 161 ، باب في الأئمّة عليهم السلام الجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام. وغيرهامن المصادر.
3- بصائر الدرجات 3/145 ، ب 12 ، ح 14.

أو من الجامعة»(1).

ولم يحتفظ الأئمّة عليهم السلام بكتب العلم تلك لأنفسهم فحسب ، بل كانوا يحدّثون ويروون منها في مجالات عديدة وينشرون من علومها وأحاديثها على علماء الإسلام ، وكانوا يقرأون بعض مقاطعها على أصحابهم وتلامذتهم ، بل أطلع الأئمّة عليهم السلام بعض أصحابهم على شيء من هذه الكتب وأروهم إيّاها ، من قبيل : أبي بصير(2) ومحمّد بن مسلم(3) وعبدالملك بن أعين(4) وزرارة بن أعين(5) ومعتّب(6) وعبدالله بن بكير(7).

ولدينا بعض الوثائق التي تثبت أنّ جملة معتدّاً بها من الأحاديث التي وصلت بأيدينا مأخوذة من تلك المدوّنات النصوصية عن الإمام عليّ عليه السلام ، والتي نُعتت بأسماء متعدّدة ، كما سنرى خلال البحث.

1 - عن معلّى بن خنيس عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «إنّ الكتب كانت عندعليّ عليه السلام ، فلمّا سار إلى العراق استودع الكتب اُمّ سلمة ، فلمّا مضى عليّ عليه السلام كانت عند الحسن عليه السلام ، فلمّا مضى الحسن عليه السلام كانت عند الحسين عليه السلام ، فلمّا مضى الحسين عليه السلام كانت عند عليّ بن الحسين عليهما السلام ، ثمّ كانت عند أبي [الإمام الباقر عليه السلام]»(8).1.

ص: 90


1- بصائر الدرجات 3/144 ، ب 12 ، ح 9.
2- بصائر الدرجات 3/144 ، ب 12 ، ح 9.
3- وسائل الشيعة 26/130 ، ب 9 من الأطعمة المحرّمة ، ح 1.
4- بصائر الدرجات 4/162 ، ب 1 ، ح 2.
5- وسائل الشيعة 26/73 ، ب 6 من موجبات الإرث ، ح 4.
6- بصائر الدرجات 3/145 ، ب 12 ، ح 14.
7- وسائل الشيعة 4/435 ، ب 2 من لباس المصلّي ، ح 1.
8- بصائر الدرجات 4/162 ، ب 1 ، ح 1.

وثمّة روايات تذكر مفصّلاً كيفية انتقال هذه الكتب كابراً عن كابر ، فراجع إن شئت.

2 - عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «ما مضى أبو جعفر عليه السلام حتّى صارت الكتب إليّ»(1).

3 - عن حمّاد الصائغ قال : «سمعت المفضّل بن عمر يسأل أبا عبدالله عليه السلام ... ثمّ طلع أبو الحسن عليه السلام موسى ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام : أيسرّك أن تنظر إلى صاحب كتاب عليّ؟ فقال له المفضّل : وأيّ شيئ يسرّني إذن أعظم من ذلك؟ فقال : هو هذا صاحب كتاب عليّ ، الكتاب المكنون الذي قال الله عزّوجلّ :؟ لا يمسّه إلا المطهّرونَ؟(2)»(3).

4 - عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «ابني عليّ أكبرولدي ، وأبرّهم عندي ، وأحبّهم إليّ ، وهو ينظر معي في الجفر ...»(4).

المحور السابع : تراث عليّ عليه السلام لدى أبنائه.

لقد صرّح الأئمّة من أبناء عليّ عليه السلام كمحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق وعليّ بن موسى الرضا عليهم السلام بأنّهم يمتلكون ثروة علمية ضخمة ورثوها عن أبيهم الإمام عليّ عليه السلام ، سيّما فيما يرتبط بأحكام الإرث ، ومن الطبيعي أن ينقلوا منها ، فأحياناً يُصرّح بذلك وهو الغالب(5) ، وأحياناً لا يُصرّح ، وما لم يُصرّح به فقد تعهّد الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام ك.

ص: 91


1- بصائر الدرجات 4/167 ، ب 1 ، ح 20.
2- سورة الواقعة 56 : 79.
3- الغيبة : 345 - 346 ، ب 24 ، ح 4.
4- الكافي 1 : 311 - 312 ، ح 2.
5- والدراسة التي بين يديك حافلة بنماذج كثيرة على ذلك.

بأنّ كلّ ما يحدّثون به فإنّما ينقلونه عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بسند متصل :

1 - عن جابر - بثلاثة أسانيد - قال : قال أبو جعفر عليه السلام : «يا جابر لو كنّانحدّث الناس أو حدّثناهم برأينا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوارثها كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم»(1).

2 - عن داود أبي زيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : «إنّا لو كنّانفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّها آثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله)أصل [اُصول] علم نتوارثها كابر عن كابر عن كابر ، نكنزها كمايكنز الناس ذهبهم وفضّتهم»(2).

3 - عن عنبسة قال : «سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : إن كان كذا وكذا ما كان القول فيها ، فقال له : مهما أجبتك فيه لشيئ فهو عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لسنا نقول برأينا من شيء»(3).

4 - ولقد صرّح الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام بسلسلة السند لكلّ ما ينقلونه من أحاديث ، وأنّ هذا النقل ليس حدسياً بل حسّياً ، فعن عمر بن عبدالعزيز(4) عن هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا : «سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، ].

ص: 92


1- بصائر الدرجات 6/299 - 300 ، ب 14 ، ح 1 ، 4 ، 6. وانظر : 299 - 301 ، ح 2 ، 9.
2- بصائر الدرجات 6/299 - 300 ، ب 14 ، ح 3. وانظر : 301 ، ح 10.
3- بصائر الدرجات 6/300 - 301 ، ب 14 ، ح 8.
4- المراد به : أبو جعفر عمر بن عبدالعزيز بن أبي بشّار [يسار] ، المعروف ب- (زحل) : عربي ، بصري ، كان له كتاب. [انظر : معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة 14 /46 - 47].

وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ»(1).

وعليه فنحن نطمئنّ بأنّ كمية كبيرة ممّا نقلوه من أحاديث كان مأخوذاً من كتاب الإمام عليّ عليه السلام ، كما يعثر المتتبّع على بعض الآراء المنقولة عن محمّدبن الحنفية التي كانت عن الإمام عليّ عليه السلام ولم يصرّح بذلك(2).

المحور الثامن : النقول الفقهية عن كتاب الإمام عليّ عليه السلام.

لقد روي من كتاب الإمام عليّ عليه السلام كثير من الأحكام الفقهية ، والذي شاع منها ما روي عن حفيده الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، من ذلك(3) :

ماورد في بيان حكم سؤر الهرّ(4) ، وبيان وقت الفضيلة للظهر(5) ، وفي بيان حكم أداء صلاة الجمعة(6) ، وبيان ثبوت الشهر برؤية الهلال(7) ، 1.

ص: 93


1- الكافي 1/53 ، ح 14.
2- نظير : ما رواه الكوفي العبسي ، عبدالله بن محمّد بن أبي شيبة ، المصنّف 7/327 ، ب 3 ، ح 13. وإليك نص الحديث : أبو خالد عن حجّاج عن شيخ عن ابن الحنفية في امرأة وأبوين : للمرأة الربع ، وللاُم ثلث مابقي. وأمّا ما روي عن الإمام عليّ عليه السلام فهو : عليّ بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عليّ في امرأة وأبوين قال : الربع ، وثلث ما بقي ، المصنّف 7/326 ، ح3. إنّ كلّ من يطالع هذين الحديثين يقطع بكونهما حديثاً واحداً.
3- معالم المدرستين 2/347 - 349.
4- وسائل الشيعة 1/227 ، ب 2 من الأسآر ، ح 2.
5- وسائل الشيعة 4/144 ، ب 8 من المواقيت ، ح 14.
6- وسائل الشيعة 7/349 - 350 ، ب 29 من صلاة الجمعة ، ح 1.
7- وسائل الشيعة 10/255 ، ب 3 من شهر رمضان ، ح 11.

وحكم المحرم إذا مات في ثلاث أحاديث(1) ، وفي لبس الطيلسان المزرّر حديثين(2) ، وفي كفّارة إصابة القطاة حديثين(3) ، وفي كفّارة بيض القطاة حديثين(4) ، وفي زيادة شوط الطواف حديثاً(5) ، والعمرة المفردة(6) ، وفي عددالكبائر حديثاً(7) ، وفي أكل مال اليتيم حديثاً(8) ، وفي حكم الطلاق في العدّة بغير رجوع(9) ، وفي كراهية لحوم الحُمر الأهلية(10) ، وفي ما حرم أكله من أنواع السمك ستّة أحاديث(11) (83) ، وفي حدّ إدراك الذكاة في الذبيحة حديثين(12) ، وفي حكم إرث الإخوة من الاُم مع الجدّ حديثين(13) ، وفي نصيب ميراث غير ذوي الفروض(14) ، وفي حكم ميراث الأعمام والعمّات والأخوال والخالات إذا اجتمعوا(15) ، وفي ميراث الغرقى والمهدوم عليهم(16) ، وفي الحكم بالبيّنة واليمين حديثين(17) ، وفي حكم من قتل 2.

ص: 94


1- وسائل الشيعة 2/503 - 505 ، ب 13 من غسل الميت ، ح 1 ، 3 ، 8.
2- وسائل الشيعة 12/475 ، ب 36 من تروك الإحرام ، ح 2.
3- وسائل الشيعة 13/18 ، ب 5 من كفّارات الصيد ، ح 1 ، 2.
4- وسائل الشيعة 13/55 ، ب 24 من كفّارات الصيد ، ح 2 ، 4.
5- وسائل الشيعة 13/368 ، ب 34 من الطواف ، ح 16.
6- وسائل الشيعة 14/307 ، ب 6 من العمرة ، ح 1.
7- وسائل الشيعة 15/321 ، ب 46 من جهاد النفس ، ح 4.
8- وسائل الشيعة 17/247 ، ب 70 ممّا يكتسب به ، ح 6.
9- وسائل الشيعة 22/140 ، ب 16 من أقسام الطلاق ، ح 4.
10- وسائل الشيعة 24/118 ، ب 4 من الأطعمة والأشربة ، ح 3.
11- وسائل الشيعة24/130 -134 ، ب9 من الأطعمة والأشربة ، ح1 ، 4 ، 12 ، 13 ، 15 ، 16.
12- وسائل الشيعة 24/23 - 24 ، ب 11 من الذبائح ، ح 6 ، 7.
13- وسائل الشيعة 26/174 - 175 ، ب 8 من ميراث الاخوة والأجداد ، ح 8 ، 10.
14- وسائل الشيعة 26/68 ، ب 2 من موجبات الإرث ، ح 1.
15- وسائل الشيعة 26/186 - 188 ، ب 2 من ميراث الأعمام والأخوال ، ح 1 ، 6.
16- وسائل الشيعة 26/307 ، ب 1 من ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ، ح1.
17- وسائل الشيعة 27/229 ، ب 1 من كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ح 1 ، 2.

شخصاً مقطوع اليد(1) ، وفي كيفية الجلد في الحدود حسب السنّ(2) ، وفي حدّاللواط مع الإيقاب(3) ، وفي ثبوت الحدّ على شارب الخمر والنبيذ(4) ، وفي حدّ شارب الخمر والمسكر(5) ، وفي حدّ قطع فرج المرأة(6) ، وفي ديّة كلب الصيد(7).

هذا ، وقد قمنا بدراسة مستقلّة تتبّعنا فيها قسماً من تراث الإمام عليّ عليه السلام ، وهو التراث الفقهي في باب الإرث خاصّة ففوجئت بالعثور على روايات كثيرة جدّاً لم تكن بالحسبان من حيث الكمّ والجودة ، وكان أكثرها مأخوذاً من كتاب الإمام عليّ عليه السلام بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

المحور التاسع : تراث الإمام عليّ عليه السلام لدى تلامذته والراوين عنه.

وكذا الحال بالنسبة لما نقله بعض تلاميذ الإمام عليّ عليه السلام ورواته ، نظير : عبد الله ابن عباس ، والحارث الهمداني ، وعامر الشعبي ، وشريح ، وغيرهم ، سيّما إذا أجرينا مقارنة بين بعض ما ينقله هؤلاء من دون التصريح بنسبته إلى الإمام عليّ عليه السلام وبين ما صرّح بنسبته إلى الإمام عليّ عليه السلام من قِبلهم أنفسهم أو من قِبل غيرهم ؛ حيث يتجلّى التشابه في المضمون وربّما في اللفظ بين هذه المنقولات.

بل هناك آراء فقهية للإمام عليّ عليه السلام قد نُسبت إلى غيره ، كما نرى 5.

ص: 95


1- وسائل الشيعة 29/111 ، ب 50 من القصاص ، ح 1.
2- وسائل الشيعة 28/11 ، ب 1 من مقدّمات الحدود ، ح 1.
3- وسائل الشيعة 28/159 ، ب 3 من حدّ اللواط ، ح 7.
4- وسائل الشيعة 28/224 ، ب 4 من حدّ المسكر ، ح 1.
5- وسائل الشيعة 28/230 ، ب 7 من حدّ المسكر ، ح 2.
6- وسائل الشيعة 29/340 ، ب 36 من ديات الأعضاء ، ح 1.
7- وسائل الشيعة 29/227 ، ب 19 من ديات النفس ، ح 5.

ذلك في بعض الآراء الثابت نقلها عن الإمام عليّ عليه السلام والتي تفرّد بها قد نُسبت إلى معاوية الذي لم يكن معروفاً بالفتيا. وإليك بعض المؤشّرات :

1 - عبدالله بن عبّاس : «عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : كان ابن عبّاس يقول : إنّ الذي يحصي رمل عالج ليعلم أنّ السهام لا تعول من ستة ، فمن شاء لاعنته عند الحجر أنّ السهام لا تعول من ستة»(1). وروي نحوه عن أبي عبدالله عليه السلام(2).

ونحن نرى أنّ هذه الرواية عينها منقولة عن ابن عبّاس الذي كان تلميذاًللإمام عليّ عليه السلام ، فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : «كان اّمير المؤمنين عليه السلاميقول : إنّ الذي أحصى رمل عالج ليعلم أنّ السهام لا تعول على ستة ، لو يبصرون وجهها لم تجز ستة»(3).

2 - الحارث الهمداني : «عن عمر بن سعيد أنّه سأل الحارث الأعور عن امرأة وأبوين ، فقال مثل قول عثمان»(4).

وقول عثمان : «للمرأة الربع سهم من أربعة ، وللاُم ثلث ما بقي سهم ، وللأب سهمان»(5).

والمنقول في مصادر أهل السنّة «عن عليّ عليه السلام في امرأة وأبوين ، قال : من أربعة ؛ للمرأة الربع ، وللاُم ثلث ما بقي ، وما بقي فللأب»(6).

ومن الواضح أنّ الحارث كان قد أخذ ذلك من الإمام عليّ عليه السلام ؛ لأنّه 5.

ص: 96


1- وسائل الشيعة 26/74 - 75 ، ب 6 من موجبات الإرث ، ح 12.
2- وسائل الشيعة 26/76 ، ب 6 من موجبات الإرث ، ح 15.
3- وسائل الشيعة 26/74 ، ب 6 من موجبات الإرث ، ح 9. وانظر : 75 ، ح 14.
4- سنن الدارمي 2/345.
5- سنن الدارمي 2/345.
6- سنن الدارمي 2/345.

كان من تلامذته وكان معروفاً بالرواية عنه.

3 - عامر الشعبي : «عن حسن عن أبيه قال : سألت الشعبي عن رجل مات وترك ابنته لا يُعلم له وارث غيرها ، قال : لها المال كلّه»(1).

والمنقول في مصادر أهل السنّة «عن الشعبي عن عليّ عليه السلام : أنّه كان يردّ على كلّ ذي سهم إلا المرأة والزوج»(2).

4 - شريح القاضي : «عن قطن بن عبدالله الضبي : أنّ امرأة ركبت في الفرات ومعها ابن لها فغرقا جميعاً ، فلم يدرَ أيّهم مات قبل صاحبه ، فأتينا شريحاً فأخبرناه بذلك ، فقال : ورثوا كلّ واحد منهما من صاحبه ، ولا تردّوا على واحد منهما ممّا ورث من صاحبه شيئاً»(3).

وأمّا المروي عن الإمام عليّ عليه السلام في قوم غرقوا جميعاً أهل بيت ، قال : «يورث هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يرث [ولا يورث] هؤلاء ممّا ورثوا من هؤلاء شيئاً ، ولا يورث هؤلاء ممّا ورثوا من هؤلاء شيئاً»(4).

5 - معاوية بن أبي سفيان : «عن الشعبي عن عبدالله بن معقل قال : مارأيت قضاء بعد قضاء أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن من قضاء قضى به معاوية في أهل الكتاب ، قال : نرثهم ، ولا يرثوننا ، كما يحلّ لنا النكاح فيهم ، ولايحلّ لهم النكاح فينا»(5). وأيضاً روي عن الزهري قال : «لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا عهد 2.

ص: 97


1- سنن الدارمي 2/361.
2- سنن الدارمي 2/361.
3- المصنّف 7/371 ، ب 73 ، ح 1.
4- وسائل الشيعة 26/311 ، ب 3 من ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ، ح 2.
5- المصنّف 7/384 ، ب 87 ، ح 2.

أبي بكر ولاعهد عمر ، فلمّا ولي معاوية ورث المسلم من الكافر ، قال : فأخذ بذلك الخلفاء ...»(1).

في حين إنّ هذا هو مذهب الإمام عليّ عليه السلام ، فعن ابن رباط رفعه قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : لو أنّ رجلاً ذمّياً أسلم وأبوه حيّ ولأبيه ولد غيره ثم مات الأب ، ورثه المسلم جميع ماله ، ولم يرثه ولده ولا امرأته مع المسلم شيئاً»(2).

وروى أبوالقاسم الكوفي «أنّ عمر منع اليهود والنصارى والمجوس إذاأسلموا ميراث ذويهم ، وجعل ميراثهم لمن هو على أديانهم من ذوي أرحامهم دون من أسلم منهم ، واحتجّ في ذلك بقول الرسول (صلى الله عليه وآله) : أهل الملّتين لا يتوارثون ، فلمّا ولي أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ورَّث من أسلم من أهل المدينة من آبائهم وأولادهم وذوي أرحامهم المقيمين على أديانهم ، فقيل له : أو ليس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أهل ملّتين لا يتوارثون؟ قال : نعم ، قد قال ذلك ، ولكن المسلم يرث الذمّي ، والذمّي لا يرث المسلم ، فهما لم يتوارثا ، إنّما يتوارثان إذا ورث كلّ واحد منهما الآخر ، لا إذا ورث آخر من غيرعكس ، وهل زاد المسلم إسلامه إلا قوّة وعزّاً؟! أيمنع ميراثه بإسلامه؟ وإنّماأراد الرسول (صلى الله عليه وآله) : لا يتوارثان ، يعني : أنّا نرثهم ولا يرثونا ، كما أنّا ننكح فيهم ولا ينكحون فينا»(3) ومن يقارن بين هذين النقلين يتجلّى له بوضوح كيف نُسب رأي عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى معاوية الذي لم يكن صاحب رأي ولا قضاء ، وإنّما تبع في ذلك الإمام عليّ عليه السلام ، كما ذكر ذلك 7.

ص: 98


1- المصنّف 7/384 ، ب 86 ، ح 12.
2- وسائل الشيعة 26/24 ، ب 5 من موانع الارث ، ح 1.
3- مستدرك الوسائل 17/143 ، ب 1 من موانع الارث ، ح 7.

المحدّث النوري ذيل الحديث ، فراجع.

والنتيجة التي نريد أن نخلص إليها هي :

إنّ تراث الإمام عليّ عليه السلام الفقهي وفي باب الإرث بالذات واسع جدّاً في واقعه وأكثر بكثير ممّا صُرّح بنسبته إليه.

* * *

ص: 99

المصادر

1 - القرآن الكريم

2 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب : لابن عبدالبرّ ، يوسف بن عبدالله ، دار نهضة مصر - القاهرة/بدون تاريخ.

3 - الإصابة في تمييز الصحابة : لابن حجر العسقلاني ، أحمد بن عليّ ، دار إحياءالتراث العربي - بيروت/بدون تاريخ.

4 - أسد الغابة في معرفة الصحابة : لابن الأثير ، عليّ بن أبي الكرم ، دار إحياء التراث العربي - بيروت/بدون تاريخ.

5 - الأمالي : للشيخ الصدوق ، محمّد بن عليّ بن بابويه ، مؤسّسة البعثة - قم ، ط 1/1417 ه.

6 - الأمالي : للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، دار الثقافة - قم ، ط 1/1414 ه.

7 - بصائر الدرجات : للصفّار ، محمّد بن الحسن ، مكتبة المرعشي - قم/1404 ه.

8 - تاريخ الخلفاء : للسيوطي ، جلال الدين ، دار الكتب العلمية - بيروت ، ط 14081 ه= 1988 م.

9 - تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : للحرّ العاملي محمّد بن الحسن ، مؤسّسة آل البيت : لإحياء التراث ، ط 1/1412 ه.

10 - جواهر العقدين في فضل الشرفين : للسمهودي ، عليّ بن عبدالله ، مطبعة العاني - بغداد /1405 ه- = 1984 م.

ص: 100

11 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : للاصبهاني ، أبو نعيم أحمد بن عبدالله ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، دار الكتاب العربي - بيروت ، ط 5/1407 ه- = 1987م.

12 - الرياض النضرة في مناقب العشرة : للطبري ، أحمد بن عبدالله ، دار الغرب الإسلامي - بيروت ، ط 1/1996 م.

13 - سنن الترمذي : للترمذي ، محمّد بن عيسى ، دار إحياء التراث العربي - بيروت1275 ه- = 1938 م.

14 - سنن الدارقطني : للدارقطني ، عليّ بن عمر ، دار الكتب العلمية - بيروت ، ط 14171 ه- = 1996 ه.

15 - سنن الدارمي : للدارمي ، أبو محمّد عبدالله بن عبدالرحمن بن الفضل بن بهرام ، دار الفكر - بيروت/بدون تاريخ.

16 - شواهد التنزيل لمن خصّ بالتفضيل : لابن رويش السقّاف ، عيدروس بن أحمد ، المجمع العالمي لأهل البيت : ط 1/1415 ه- = 1994 م.

17 - الصواعق المحرقة : لابن حجر الهيتمي ، أحمد بن محمّد ، دار الكتب العلمية - بيروت ، ط3/1414 ه- - 1993 م.

18 - الطبقات الكبرى : لابن سعد ، محمّد بن سعد ، دار صادر - بيروت/بدون تاريخ.

19 - الغدير في الكتاب والسنة والأدب : للأميني ، عبدالحسين أحمد ، مركز الغدير - قم ، ط 1/1416 ه- = 1995 م.

20 - فضائل الصحابة : للشيباني ، أحمد بن حنبل ، مؤسّسة الرسالة - بيروت ، ط 14031 ه- = 1983 م.

21 - فيض القدير شرح الجامع الصغير : للمنّاوي ، عبدالرؤوف ، دار المعرفة - بيروت/1391 ه- = 1972 م.

ص: 101

22 - الكافي ، الكليني : لمحمّد بن يعقوب ، دار الكتب الإسلامية طهران ، ط 13883 ه.

23 - كتاب الغيبة : للنعماني ، محمّد بن إبراهيم المعروف بابن أبي زينب ، أنوار الهدى - قم ط 1/1422 ه.

24 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال : للمتّقي الهندي ، علاءالدين عليّ ابن حسام الدين ، مؤسّسة الرسالة ، - بيروت/1409 ه- = 1989 م.

25 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : للهيثمي ، عليّ بن أبي بكر ، دار الفكر - بيروت1408 ه- = 1988م.

26 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : للنوري الطبري ، ميرزا حسين ، مؤسّسة آل البيت : لإحياء التراث ، ط 1/1407 ه.

27 - المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوري ، أبو عبدالله ، دار إحياء التراث العربي - بيروت ، ط 1/1422 ه- = 2002 م.

28 - مسند الإمام أحمد : للشيباني ، أحمد بن حنبل. مؤسّسة التاريخ العربي - بيروت ، ط 1 /1412 ه- = 1991 م.

29 - المصنّف في الأحاديث والآثار : للكوفي العبسي ، عبدالله بن محمّد بن أبي شيبة ، بيروت - دار الفكر ، ط 1/1409 ه- = 1989 م.

30 - معالم المدرستين : للعسكري ، مرتضى ، مؤسّسة البعثة - طهران ، ط 4/1412 ه- =1992 م.

31 - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة : للسيّد الخوئي ، أبو القاسم ، ط 14135 ه- = 1992 م.

32 - ينابيع المودّة لذوي القربى : للقندوزي ، سليمان بن إبراهيم ، دار الأسوة - قم ، ط1 /1416 ه.

ص: 102

المنهج التاريخي في كتابي ابن المطهّر وابن داود في علم الرجال (1)

سامي حمود الحاج جاسم

بسم الله الرحمن الرحیم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا ، من يهد الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً.

تعدّ الدراسات المتعلّقة بمناهج العلماء المسلمين من الدراسات المهمّة ، وتقع أهمّية هذه الدراسة في كونها دراسة لمنهج علمين بارزين في علم الرجال عند الإمامية ، وهذا يعطيها الريادة في هذا المضمار ، لأنّ كتب هذين العلمين : خلاصة الأقوال وإيضاح الاشتباه ورجال ابن داود تحوي معلومات وفيرة عن الكثير من الرواة الذين كان لبعضهم أثر في الحياة السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإسلامي - فضلا عن كونهم محدّثين - ممّا يتيح لنا فرصة الإطلال على تاريخ الأمّة من خلالهم كما أنّ معرفة هؤلاء الرجال ودراسة أحوالهم المذكورة في كتب الرجال الإمامية

ص: 103

يمكن أن تنفعنا في تصحيح بعض المعلومات أو الحوادث التاريخية تفنيداً أوتعضيداً.

واعتمدت هذه الدراسة على مجموعة من المصادر والمراجع اللاتي كان لها العون الأكبر في إتمام هذا البحث وإخراجه ، فبعد القرآن الكريم كان لكتب الرجال الأثر الكبير في رصد الكثير من المعلومات ، ولاسيّما عند الموازنة في المعلومات الواردة في الكتب المدروسة : الخلاصة والإيضاح ورجال ابن داود ، أو مراجعة موارد هذه الكتب المذكورة آنفاً ، ومن أهمّ هذه الكتب الرجالية : رجال النجاشي (ت450 ه) والفهرست للطوسي (ت 460 ه) واختيار رجال الكشّي للطوسي أيضاً والتحرير الطاووسي للشيخ حسن بن زين الدين الشهيد (ت588 ه) ، فضلا عن كتب الرجال الخاصّة بأهل السنّة أمثال : الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ت327 ه) ولسان الميزان وتهذيب التهذيب لابن حجر (ت852 ه) وأمثالها من الكتب الشبيهة.

وكان لكتب الفهارس أثر كبير في تتبّع المصنّفات الرجالية مثل كتاب مصفى المقال في مصنّفي الرجال للطهراني الذي ساعدني في رصد المؤلّفات والمؤلّفين في علم الرجال بشكل خاصّ ، واقتصر مصفى المقال على مصنّفي الرجال من الإمامية فقط.

كما أنّ هناك مصادر تاريخية اقتضت الضرورة أن أستقي منها معلوماتي ، مثل كتاب صورة الأرض لابن حوقل (ت367 ه) ، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير أبي السعادات الجزري (ت606 ه) ، والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت630 ه) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (ت774 ه) ، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (ت874 ه) وغيرها.

ص: 104

وأخذت من المعاجم اللغوية ، مثل كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175 ه) ، وكتاب مختار الصحاح للرازي (ت665 ه) ، وكتاب لسان العرب لابن منظور(ت711 ه) وغيرها ، كما كان لقسم من البحوث المنشورة في المجلات العربية والعراقية المحكمة والدراسات الأكاديمية الأثرفي توجيهي إلى المصادر الأوّلية.

وكان من الصعوبات التي واجهتني خلال مدّة البحث ندرة المصادر الخاصّة ببعض المباحث والفصول ، ولاسيّما في الفصل الخاصّ بعلم الرجال وأهمّيته ، فضلا عن صعوبة الحصول على الكتاب بسبب تغيير أماكن الكتب في المكتبات وعدم تصنيفها ، فضلا عن فقدان بعضها بعد 9/4/2003 ، فاضطررت إلى السفر خارج العراق للحصول على قسم من المصادر ، وكذلك الاستعانة ببعض الأخوة في الخارج من خلال المراسلة للحصول على المصادر ، فضلا عن اللجوء إلى أصحاب المكتبات الخاصّة والعامّة في النجف الأشرف.

في سبيل وضع اليد ببصمات واضحة على المنهج التاريخي في كتابي علم الرجال لابن المطهّر وابن داود الحلّيّين ، لابدّ من إيراد لمحة تاريخية عن مناهج التأليف والتصنيف عند مؤرّخي الإسلام ، وليقودنا هذا التمهيد إلى موضوع البحث الأساسي على وفق ما هو مبيّن في عنوانه ، وكان متن البحث كالآتي :

أمّا المادّة الرئيسة للبحث فقد تكوّنت من أربعة أبواب - عقد لكلّ باب ثلاثة فصول - مع المقدّمة والتمهيد والخاتمة وقائمة المصادر والمراجع والدراسات والبحوث ، وهي كالآتي :

الباب الأوّل وعنون ب- : علم الرجال عند الإمامية.

ص: 105

وجاء الفصل الأوّل منه لبيان ماهية علم الرجال عند الإمامية وأهمّيته فضلا عن موضوعه وبداياته التاريخية وأهمّ التعريفات التي حصرت هذا العلم.

أمّا الفصل الثاني فأكّد علاقة علم الرجال بالعلوم الأخرى كالتاريخ والدراية وعلم الجرح والتعديل وغيرها ، ثمّ تطرّق إلى معالم هذا العلم (علم رجال الإمامية) ومناهجه وذلك من خلال معرفة شروط الراوي وأهمّ مناهج التصنيف الرجالية عن الإمامية.

وجاء الفصل الثالث ليدرس ويحلّل قسماً من الألفاظ الجارحة والمعدّلة التي استعملها الرجاليّون فضلا عن بعض التوثيقات الخاصّة والعامّة التي هي من مفردات علم الرجال عند الإمامية ، كما أشار هذا الفصل إلى أهمّية التوثيقات الرجالية الخاصّة بالمتقدّمين والمتأخّرين.

ثمّ الباب الثاني الموسوم ب- : (منهج ابن المطهّر الحلّي في الرجال) متكوّناً من ثلاثة فصول أيضاً.

الأوّل يشير إلى منهج ابن المطهّر الحلّي في كتابه الرجالي خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، واستهلّ الفصل بمقدمة عن سيرة حياة العلاّمة الحلّي العلمية والشخصية ، ثمّ بعد ذلك تحليل منهجه في خلاصة الأقوال بعدأن ذكرنا موارده لهذا الكتاب.

وجاء الفصل الثاني ليدرس منهج العلاّمة الحلّي في كتابه الرجالي إيضاح الاشتباه عن أسماء الرواة ، وحاولت أن اختصر في هذا الفصل ، ولم آت بالأمثلة حتّى لا يتكرّر الكثير من المعلومات ، فضلا عن محاولتي اتّباع نمط الموازنة بين كتابي العلاّمة : خلاصة الأقوال وإيضاح الاشتباه عند محاولة تحليل منهجية الأخير ، مع بيان الاختلافات الحاصلة بين الكتابين : الخلاصة والإيضاح.

ص: 106

أمّا الفصل الثالث فقد جاء ليسلّط الضوء على بعض الأفكار والرؤى الإنتقادية لتجاوزات العلاّمة الحلّي عن منهجه في خلاصة الأقوال.

أمّا الباب الثالث فعنون ب- : (منهج ابن داود الحلّي في الرجال).

وجاء الفصل الأوّل منه لدراسة منهج ابن داود في رجاله ، وبعد الترجمة لابن داود وحياته العلمية وذكر مؤلّفاته تمّ تحليل منهجه في رجاله من حيث خطّة الكتاب والمعلومات الواردة في المتن وكيفيّة الإشارة إليها فضلاعن ذكر موارده في الكتاب.

أمّا الفصل الثاني فسلّط الضوء على بعض الأفكار والرؤى الانتقادية لتجاوزات ابن داود الحلّي عن منهجه الذي اختطّه وبيّنه في مقدّمة كتابه الرجالي.

أمّا الفصل الثالث فقد جاء ليعقد موازنة بين كتاب خلاصة الأقوال ورجال ابن داود من حيث خطّة التأليف في الكتابين وموارد متن الكتاب ، وقدبيّنت من خلالها مواطن الالتقاء والافتراق في المنهجين.

أمّا الباب الرابع فجاء لرصد التعليقات والحواشي على كتب الحلّيَّين الرجالية.

فعقد الفصل الأوّل حول حاشية الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال في معرفة الرجال.

والفصل الثاني حول كتاب نضد الإيضاح لابن الفيض الكاشاني ، وهو تعليقة على كتاب إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة.

أمّا الفصل الثالث فكان حول حاشية الشهيد الثاني على رجال ابن داود ، وختم هذا الباب ببعض الآراء الرجالية عن الخلاصة ورجال ابن داود.

ص: 107

ثمّ بعد ذلك جاءت الخاتمة لتشتمل على قسم من الأفكار المستنتجة من خلال البحث ، ثمّ الملاحق وضمّت ملحقاً واحداً ذكر فيه ولادات الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام ووفياتهم مضافاً إلى ذكر كناهم ومواطن ولادتهم ووفياتهم وذلك حتّى يسهل على قارىء النصوص المقتبسة من الكتب المدروسة في البحث - وحتّى قراءة الكتب نفسها - معرفة متى عاش هذا الراوي وفي أيّ عصركان من خلال معرفة معاصرته لأحد الأئمّة عليهم السلام ، ولاسيّما أنّ ابن المطهّروابن داود دأبا على ذكر معاصرة الأئمّة عليهم السلام للكثير من الرواة.

ثمّ بعد ذلك تأتي قائمة المصادر والمراجع والبحوث والدراسات.

وهنا لا يسعني إلاّ أن أتقدّم بخالص الشكر والعرفان إلى أستاذي الفاضل الدكتور محمّد مفيد راضي آل ياسين لما بذله من جدّ ومثابرة في متابعة هذا البحث منذ أن كان بذرة إلى أن استوى على سوقه بالشكل الذي هوعليه ، لم يبخل عنه بملاحظاته ولا بآرائه القيّمة التي لولاها لما خرج هذا البحث على هذه الشاكلة ، فجزاه الله عنّي جزاء العلماء العاملين ، وأسأل الله أن يطيل في عمره خدمة للعلم والمتعلّمين.

وفي الختام أقول : إنّ هذا الجهد هو محاولة للتعريف بالجهد العلمي الذي يقوم به الرجالي بغية ضبط رجاله المترجم لهم من جميع النواحي الشخصية والعلمية والفكرية فضلا عن الأساليب التي يتّبعونها في مناهجهم ، فأرجو أن يغنى بالملاحظات السديدة التي تقوّمه من خلال رصد مواطن الوهن في البحث وتقويمها حتّى يخرج بصورة متكاملة.

وهنا لابدّ من الإشارة إلى ملاحظة مهمّة ، وهي أنّي سوف لا أعتمد على منهجية الاختصار بألفاظ (المصدر السابق) و (المصدر نفسه) عند

ص: 108

الإشارة إلى المظانّ في هوامش البحث.

وما توفيقي إلاّ بالله ... ولله الحمد في الأولى والآخرة ، ونسأله تعالى حسن العاقبة.

ص: 109

التمهيد

لمحة تاريخية عن مناهج التأليف وأشكال التصنيف

عند مؤرّخي الإسلام

على الرغم من الغموض الذي ما زال يكتنف بدايات التدوين التاريخي عند العرب فإنّه قد نال في أواخر القرن الثالث للهجرة وبدايات القرن الرابع للهجرة تطوّراً في المنهج والطريقة واستمرّ على ذلك خلال القرون التالية ، غير أنّ الآراء في منهجية الكتابات التاريخية ظلّت متضاربة متباينة ، فلا يستطيع الباحث تقديم صورة واضحة لهذا الموضوع بالارتكاز عليها إلاّ إذا استقرأ المادّة بنفسه وأعاد النظر في نتائجها التي توصّل إليها الباحثون(1).

فعرب ما قبل الإسلام كانوا بسبب معيشتهم يفضّلون حفظ أيّامهم وأحداثهم عن طريق الرواية الشفهية على هيأة أشعار مقصّدة أو أخبار متفرّدة(2) ، فهو في الواقع شيء من الأساطير الشعبية والقصص المنقولة بالتواتروشيء أخذ من هنا وهناك ومزج مزجاً ، فكان نواة مادّة التاريخ كعلم الذي بدأ يظهر في القرن الثاني الهجري ، وعندما بدأ الشروع بالتدوين واجهته عقبة التمييز بين المادّة التي يبنى عليها المؤرّخ أحكامه التاريخية 5.

ص: 110


1- علم التاريخ ، دائرة المعارف الإسلامية 3/26.
2- تاريخ التراث العربي1/395.

والموادّ التي صنعها الخيال واقتضتها الأحوال التي مرّت بها تلك الأمّة(1).

ومن هذا القبيل التاريخ المأثور عن العرب قبل الإسلام ، ولاسيّما التاريخ المنقول بالسّماع والرواية شعراً أو نثراً لشبه الجزيرة العربية في عهد ماقبل الإسلام ، ويستثنى من ذلك من ترك منهم البداوة ونزل حواضر الجزيرةولاسيّما أهل اليمن والحيرة ، فقد نقش الأوّلون بالخطّ المسند على مبانيهم من أخبار ملوكهم وشؤونهم العامّة ، ودوّن الآخرون بخطّهم أخبار مملكتهم وأودعوها أديرة الحيرة وكنائسها(2).

فلمّا ظهر الإسلام وقامت الدولة الإسلامية ومسّت الحاجة إلى معرفة سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) واستقصاء السنة توافر رجال على جمع أخبار السيرة وتدوينها ، فكان ذلك بدء انشغال العرب بالتاريخ ، ولما كان الرسول (صلى الله عليه وآله) هو خاتم الأنبياء والمرسلين كان من الطبيعي لمعرفة تاريخ الرسالة وسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) ودراسة أحوال الرسل والأنبياء الذين جاؤوا قبله ونوع رسالتهم والأقوام الذين اتّبعوا الرسالة أو رفضوها أن يتوسّع مجال التاريخ ، وبذلك أصبحت هذه الدراسة مقدّمة لدراسة تاريخ الرسول (صلى الله عليه وآله) والرسالة أو (السيرة) والذي قيل عنها : (المبتدأ) أو (المبدأ) ، التي تبدأ بتاريخ آدم عليه السلام ثمّ تستمرّ إلى أن تصل إلى السيرة التي تبتدئ بالنسب ونسب النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ صار يلحق بالسيرة قسم آخر يمكن أن يقال له : (المغازي) ، وقد استعمل هذاالأسلوب من قبل المؤرّخين الأوائل(3).

وقد دلّ الربط بين السيرة والتاريخ على تطوّر مهمّ في الفكرة ة.

ص: 111


1- موارد تاريخ الطبري1/114.
2- مقدّمة ابن خلدون : 375.
3- المغازي الأولى ومؤلّفوها ، المقدّمة.

التاريخية وفي المفهوم التاريخي ، ودلّ على شعور المؤرّخين بأنّ التاريخ الإسلامي صفحة من صفحات كثيرة مطوّية تكوّن منها التاريخ العالمي ، وأنّ هذالا يمكن أن يبقى معزولا عن تاريخ الشعوب الأخرى(1).

ولقد ساعدت الدعوة الإسلامية ونشوء الدولة الإسلامية الموحّدة - فضلا عن حركات الفتح الإسلامي - على توسيع أفق الفرد العربي فكريّاً وحضاريّاً ، ورافق هذه التطوّرات تطوير منهج الكتابة وتوسيع هدفها وفلسفتها ، فلم تبق الكتابة التاريخية الإسلامية محصورة بحدود قصص أيّام العرب وأنسابهم وصولاتهم الحربية وإنّما تجاوزت ذلك ، وقد شهد القرن الأوّل الهجري ظهور عدد من المؤرّخين الروّاد الذين أخذوا على عاتقهم وضع حجر الأساس لكتابة تاريخية عربية على وفق مفهوم متطوّر للتاريخ ومستندة إلى منهج البحث التاريخي(2).

فكان الخبر التاريخي يستند إلى الحفّاظ الموثوق بهم وهو ما يعرف بالأسانيد أو الإسناد(3) الذي يعني الاعتماد ، وسند : أي معتمد ، والإسناد في الحديث : رفعه إلى قائله(4) ، والهدف منه - أي الإسناد - التوصّل إلى حقيقة الخبرأو صحّته(5).

فنرى أنّ الطريقة التي اتّبعها الإخباريّون كانت فرعاً من علم الحديث ، إذتأثّروا بطريقة المحدّثين في جمع الرواية التاريخية ونقدها ، 7.

ص: 112


1- المنهجية التاريخية في العراق : 11.
2- إسهامات مؤرّخي البصرة في الكتابة التاريخية حتّى القرن الرابع الهجري : 173.
3- العرب والفكر التاريخي : 80.
4- مختار الصحاح : 316.
5- ضوابط الرواية عند المحدّثين : 57.

وهذا يدلّ على أنّ التاريخ العربي عند نشأته سلك الطريق نفسه الذي سلكه الحديث ، فكان الخبر التاريخي على هذا النحو من عنصرين : رواة الخبر على التتابع وهوما يعرف بالسند أو الإسناد ، ثمّ نصّ الخبر ويسمّى المتن(1).

وتجلّى الانتفاع المشترك بين المحدّثين والمؤرّخين المسلمين الرواد في ابتكار علم الجرح والتعديل أو علم نقد الرجال ، إذ تكلّموا على كلّ راو وعرضوا تاريخه وسيرته ووضعوا له قواعد محكمة ، وقد اشتهر علماء مختصّون في هذا الباب مثل يحيى بن سعيد القطّان (ت189 ه) ومحمّد بن سعد (ت230 ه) ويحيى بن معين (ت333 ه)(2).

وقد أفاد المؤرّخون من نتائج هذا العلم الذي ساعدهم على تمتين روايتهم وتوثيقها ، وهكذا ظهرت كتب الطبقات وتاريخ الرجال التي تناولت السيرة النبوية ونبذاً من سيرة الصحابة والتابعين (رضي الله عنهم) ، ثمّ تابعت انتقال رواية الحديث إلى العلماء والرواة ، وممّا يزيد في وضوح هذا التأثير مانلمسه من جمع نسبة كبيرة من مؤرّخي الطبقات والتراجم بين الاهتمام بالتاريخ والاهتمام بالحديث ، فمعظم هؤلاء المؤرّخين كانوا أيضاً محدّثين(3).

غير أنّ التأثّر بأسلوب المحدّثين لم يستمرّ بسبب التفاعل الحضاري مع الأمم الأخرى من ناحية ، وظهور كثير من الفرق الإسلامية واختلافها حول موضوع الخلافة والإمامة من ناحية أخرى ، فقد دفعها إلى اللجوء 8.

ص: 113


1- علم الحديث ومصطلحه : 32.
2- ضحى الإسلام 2/129.
3- الباعث الحثيث بشرح مختصر علوم الحديث : 87 - 88.

للنقد والتحليل ومحاولة كلّ طرف إثبات رأيه بالحجّة والبيّنة(1).

ولم يلبث المؤرّخ المسلم أن تحرّر تدريجيّاً من طريقة الإسناد التي كانت تلزم المؤرّخ بأن يكون مجرّد إخباري أي ناقل للخبر إلى الكتابة المرسلة التي تعنى بالخبر في ذاته ومناقشته ، وبينما كان الطبري (ت310 ه) في كتابه تاريخ الرسل والملوك ومن سبقه من الإخباريّين يعنون عناية خاصّة بالإسناد وتسلسل الرواة فقد ظهر فريق آخر من المؤرّخين المسلمين ابتعدوا في كتاباتهم عن طريق الإسناد واكتفوا بإيراد الأخبار غير المسندة إلى أصحابها(2).

وبذلك تميّز المؤرّخون المسلمون بالضبط في تسجيل الحوادث وصحّة الأخبار التي أوردوها ولاسيّما الأحداث الإسلامية ، وقد جاءتهم هذه الصحّة من الطريقة التي عالجوا بها هذه الأخبار واعتمادهم على مبدأ النقد وعدم أخذهم إلاّ عن العدول الثقات وفي نقدهم لسلسلة الرواة وتطبيق مبدأ الجرح والتعديل عليهم ، كما كان هناك عناية بالموضوعات التاريخية(3).

وسلك المؤرّخ العربي منهجين امتازا بالدقّة والحذر في تدوين الأحداث هما : المنهج الأفقي (المنهج الموضوعي) ، والمنهج العمودي (المنهج الحولي).

1 - المنهج الموضوعي :

إنّ كلمة منهج تعني الطريق أو السلك المستقيم الواضح كما ورد في 8.

ص: 114


1- بحث في نشأة علم التاريخ عند المسلمين : 18 ، موارد تاريخ الطبري : 157.
2- علم التاريخ عند العرب : 162.
3- علم التاريخ عند المسلمين : 95 - 96 ، أصول الحديث التاريخي : 69 ، فجر الإسلام : 78.

المعاجم اللغوية(1) ، فالمنهج : الطريق الواضح ، وكذلك المنهج والمناهج كما في قوله تعالى : (لِكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)(2). والمعروف عند المعنيّين بالتاريخ أنّ الكتابة التاريخية حسب الموضوعات هي طريقة كتابة التاريخ إمّا للدول أو عهود الخلفاء والحكّام وإمّا للتراجم أو للأنساب أو للتاريخ المحلّي وغير ذلك ، وأنّ العوامل التي أدّت إليه متّصلة بالتطوّرات الثقافية من جهة ، والتيّارات والاتجاهات العامّة في المجتمع الإسلامي من جهة ثانية(3).

وكانت أولى صور المنهج الموضوعي في كتابات المؤرّخين العراقيّين هو تاريخ الدول ، ومن الذين ألّفوا فيه الحسن بن ميمون بن نصر البصري (من رجال القرن الثاني الهجري) وله من الكتب كتاب الدولة(4) ، وكذلك عوانة بن الحكم (ت147 ه) في كتابه تاريخ الدولة الأموية(5) ، ومن الذين كتبوافي تاريخ الدول والعهود ابن قتيبة الدينوري (ت276 ه) في كتابه تاريخ الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية المعروف بكتاب الإمامة والسياسة(6) ، وهو منسوب إليه. أمّا الأنساب والتراجم فيعدّ ضرباً آخر من ضروب التاريخ عني به مؤرّخو الإسلام ، ولمّا قام الخليفة عمر بن الخطاب بتأسيس الديوان أعطى هذا العمل للأنساب أهمّية جديدة ، وجاءت 2.

ص: 115


1- الصحاح 2/614 مادّة (منهج) ، لسان العرب 2/383 ، القاموس المحيط والقابوس البسيط 1/309.
2- سورة المائدة 5 : 48.
3- بحث في نشأة علم التاريخ : 59.
4- الفهرست لابن النديم : 108.
5- الفهرست لابن النديم : 113.
6- وفيات الأعيان 3 / 42.

المعلومات عن الأنساب في الشعر وفي تراجم رواة الحديث وفي الروايات القبلية في سجلاّت دواوين الجند(1).

أمّا بدايات التاريخ للمدن والأقاليم فقد ارتبطت بالجغرافية والفتوح ولذافهي ترجع إلى صدر الإسلام ، وهذا الضرب من الكتابة هو تعبير صادق عن ارتباط المؤرّخ بوطنه واعتزازه به(2) ، ومن المؤلّفات الرائدة في هذا النوع كتاب وصف البصرة الذي ألّفه زياد بن أبيه (ت53 ه)(3).

وقد عبّر ابن خلدون عن هذا الاتجاه بقوله : «وهناك من عدل عن الإطلاق إلى التقييد ووقف العموم والإحاطة عن المنشأ والبعيد ، فقيّد شوارد عصره واستوعب أخبار أُفُقه وقطره على تاريخ دولته ومصره»(4).

أمّا التاريخ المحلّي الديني فقد اتّبع فيه منهجاً خاصّاً يتضمّن عرض مقدّمة طوبوغرافية يتلوها تعداد للشخصيّات التي ولدت أو عاشت أو كان لهااتّصال ما بذلك المكان المؤرّخ له ، وكانت هذه الشخصيّات في البداية مقصورة على علماء الدين ثمّ صارت تشمل جميع العلماء والأدباء ورجال الدولة(5) ، وأقدم ما وصل إلينا من هذا النوع هو تاريخ واسط لبحشل الواسطي(ت280 أو 292 ه)(6).

أمّا عن التاريخ المحلّي الدنيوي فأقدم ما ألّف فيه تاريخ الموصل8.

ص: 116


1- تاريخ التراث العربي 1 / 406 ، المنهجية التاريخية في العراق : 194.
2- المنهجية التاريخية في العراق : 41 - 92.
3- معجم البلدان 1 / 905.
4- مقدّمة ابن خلدون : 5.
5- التاريخ والجغرافية في الحضارة الإسلامية : 84.
6- لسان الميزان 12/388.

للمعافى بن عمران بن نفيل الموصلي (ت184 ه)(1) ، وتاريخ بغداد لأحمد بن يحيى طاهر بن طيفور (ت288 ه) الذي يعدّ من أقدم ما كتب عن تاريخ هذه المدينة ، وهو يتناول تاريخ الخلفاء العباسيّين وأيّامهم(2).

ومن مزايا هذا المنهج الرجوع بالأحداث إلى مسيرتها الواسعة التي تكون داخل الإطار الأفقي للتاريخ ، وكذلك جعلها متّصلة من دون تقطّع زمني ، وجمع الحادثة في موضوع واحد ، وهي بهذا تكون متناسقة يأخذ بعضها برقاب بعض ، وذكر تاريخ الدول من أوائلها إلى أواخرها ، والمأخذ عليه هو اختصار مؤلّفي التاريخ على طريقة الموضوعات للإسناد مقتصرين على إشارة موجزة للمصدر ممّا يجعل بعض الحوادث والأخبار التي لم يعاصرها المؤرّخ محطّ شكّ لعدم إسنادها(3).

2 - المنهج الحولي :

لغويّاً الحول يعني السنة كما ورد في المعاجم العربية(4) ، وقال تعالى : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)(5).

ويكون منهج التاريخ الحولي شكلا تخصّصياً من علم التاريخ لسنين وهو كما يدلّ اسمه يخضع لتعاقب السنين المفردة ، فكانت الحوادث المختلفة تعدّد كلّ سنة بعناوين مثل (في سنة كذا ...) أو (ثمّ جاء في سنة كذا ...) ، أمّا الصلة بين الحوادث المتعدّدة التي تحدث في السنة نفسها 3.

ص: 117


1- الإصابة في تمييز الصحابة 4/93 ، التاريخ والمؤرّخون العرب 1/89.
2- تاريخ بغداد أو مدينة السلام 5 / 345.
3- المنهجية التاريخية في العراق : 46 - 47.
4- الصحاح 15/308 ، لسان العرب 11/184 ، القاموس المحيط 3/363.
5- سورة البقرة 2 : 233.

فكانت في الغالب تبيّن بطريقة سهلة ، وهي إضافة جملة (وفي السنة نفسها) ، وغالباً ما تختم السنة بذكر بعض التراجم والوفيات ، فإذا انتهت حوادث السنة الواحدة انتقل المؤرّخ إلى حوادث السنة التالية فيستعمل جملة (ثمّ دخلت سنة كذا ...)(1).

ومن المحتمل أن يكون العلماء المسلمون الذين ربّما تعرّفوا استعمال المعلومات التاريخية منذ إدخال التقويم الهجري قد توصّلوا بصورة مستقلّة إلى الاستنتاج بأنّ صورة التاريخ على السنين هي الوسيلة الملائمة للعرض التاريخي(2).

أمّا موسى بن عقبة (ت141 ه) فقد دوّن أسماء المهاجرين إلى الحبشةوأسماء المشتركين في بيعتي العقبة ، وكان يعرض مادّته التاريخية على وفق السنين ، وهو منهج كان قد استخدم عند عدد من أسلافه منهم عبد الله بن أبي بكر بن حزم (ت135 ه)(3).

وتأسيساً على ما تقدّم فإنّ الكتابة التاريخية على المنهج الحولي كانت معروفة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة ، وفيه ظهرت أوّل الكتب المنشورة والمعروفة من هذا النوع(4).

ومن المآخذ على هذه الطريقة أنّها تشتّت الخبر أو الحادث الذي يستغرق وقائعه أكثر من سنة ، وبذلك تتجزّأ الرواية ، وهو ما يفقد الخبر 2.

ص: 118


1- علم التاريخ عند المسلمين : 102.
2- علم التاريخ عند المسلمين : 105.
3- تذكرة الحفّاظ 1/72.
4- الفهرست لابن النديم : 112.

أهميّته ووحدته لتعرف أسبابه ونتائجه(1) ، إلاّ أنّ مزايا هذا المنهج تجعل من مؤرّخيه أوّل الأعلام التي جاءت وأبدعت في توقيت هذه الحوادث باليوم والشهر والسنة ، مع تنوّع تآليفهم ، إذ تشجّع المؤرّخين على السرد والرواية ، ويتركّز الفكر في إطار محدّد يجعله أكثر التصاقاً بسير الأحداث ، ويساعد القارئ على استيعاب أسرع بالنسبة للزمان والمكان اللذين هما موضع اهتمامه ، كما يفيد بوجه خاصّ في ميدان التراجم الذي يربط الواقع بالتاريخ الأدبي والفكري ولا يمكن والحالة هذه أن نجرّده من القيمة والأهمّية(2).

وقد تميّزت كتاباتهم - أعني مؤرّخي الإسلام - بالوضوح وسلامة العبارةوصحّتها ، إذ كانت الروايات الأولى للإخباريّين فيها علوّ العبارة وارتفاع مستواها ممّا يؤكّد أصالة اللغة العربية في نفوس هؤلاء(3) ، وهناك من مؤرّخي الإسلام من تجنّب في كتاباته الزخرفة اللفظية والألفاظ الدارجة(4) ، إلاّ أنّه في العصور المتأخّرة غزت الكتابة التاريخية ألفاظ أعجميةوعامّية شاعت في كتابات المؤرّخين(5).

أشكال التصنيف التاريخي عند مؤرّخي الإسلام :

إنّ تعدّد العوامل والحاجات التي أوجدت علم التاريخ هو الذي يفسّر 9.

ص: 119


1- معالم الحضارة العربية في القرن الثالث الهجري : 375.
2- التاريخ والمؤرّخون في العراق : 184.
3- علم التاريخ عند العرب : 139 - 140.
4- محاضرات في تاريخ العرب 1/243 - 244.
5- التاريخ والمؤرّخون العرب : 89.

تنوّع الكتابات التاريخية وسعتها وقد تناولت كافّة أنواع التدوين التاريخي وفروعها كافّة ، فهناك كتب عامّة وكتب في السيرة والأخبار وكتب الخلفاء والفتوح والفرق والبلدان ..إلخ.

ولم يعرف العرب التاريخ بمعناه الذي تبلور في نهاية القرن الثالث الهجري ، بل عرفوا فنوناً تاريخية سبقته وأصبحت مادّته الرئيسة ، ومن أهمّ هذه الفنون أيّام العرب والقصص التاريخية التي كان لها أثر واضح قبل الإسلام ، وكانت مصدراً خصباً من مصادر التاريخ بما حوته من الوقائع والأحداث ، فتكون بذلك مرآة لأحوال العرب وعاداتهم وأسلوب الحياة الدائرة بينهم ونشأتهم في الحرب والسلم(1) ، كما هي مرآة صادقة تظهر من فضائلهم وشيمهم(2) ؛ وبذلك تنوّعت صنوف الكتابة التاريخية وتوسّعت ، فقددوّنت أخبار ما قبل الإسلام وذلك لما حوته هذه الموضوعات من أخبارتتعلّق بخلق الكون (السموات والأرض) وبدء الخليقة وما حدث من أخبار الأنبياء عليهم السلام وصولا إلى نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله)(3).

وللاطّلاع على أشهر من ألّف في هذا النوع من الكتابة التاريخية يمكن الرجوع إلى المظانّ المعنية بها(4). ،

ص: 120


1- الأغاني 5/39.
2- الأغاني 5/69 ، أيّام العرب في الجاهلية. المقدّمة ، وينظر : مصادر التاريخ الإسلامي : 12.
3- التاريخ العربي والمؤرّخون 1/53.
4- ينظر : المعارف : 302 ، الفهرست لابن النديم : 58 ، 95 ، 107 ، 112 ، رجال النجاشي : 34- 37 ، 134 - 135 ، 434 - 435 ، فهرست الشيخ الطوسي : 93 ، معالم العلماء : 28 - 29 ، تاريخ بغداد 14/50 ، وفيات الأعيان 5/143 و 6/82 ،

ومن أصناف الكتابة التاريخية عند المسلمين الأنساب ، وتأتي أهمّية هذاالنوع من أهمّية النسب عند العرب بسبب الطبيعة القبلية للمجتمع في شبه الجزيرة العربية إذ كان يمثل ميراثهم التاريخي ، وبعد الإسلام استمرّ الاهتمام بالأنساب وذلك لصيانة الحقوق المشروعة والمواريث(1) ... وللاطّلاع على بدايات التأليف به يمكن مراجعة الكتب التي تعنى بهذه المواضيع(2).

أمّا الصنف الآخر فهو الذي يتناول الأحداث التي محورها حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو ما اصطلح عليه بالسيرة والمغازي(3) ، التي ظهر بعضها على لسان القصّاص في مسجد المدينة(4) ، ولقد سمّيت هذه الدراسات الأولى عن حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) باسم السير والمغازي(5) التي يمكن الاطّلاع عليها في المصادر المعنية بها(6). ،

ص: 121


1- بلوغ الأرب في فنون الأدب 2/476.
2- ينظر : المعارف : 298 - 299 ، الفهرست لابن النديم : 102 ، 106 ، 108 ، 121 ؛ رجال النجاشي : 435 - 436 ، وفيات الأعيان : 9/83 ، معجم الأدباء 12/78 و 19/287 ، هدية العارفين 1/344 ، تاريخ التراث العربي 2/53.
3- تاريخ الرسل والملوك 2/473.
4- المغازي 1/9 و 1/125 ، الإصابة 1/3.
5- شذرات الذهب في أخبار من ذهب 1/150.
6- ينظر : الطبقات الكبرى 5/252 ، المعارف : 99 ، 275 ، 506 ، الفهرست لابن النديم : 99 ، 103 ، 109 ، 112 ، 144 ، رجال النجاشي : 30 ، 435 - 436 ، الفهرست للطوسي : 18 ، تاريخ بغداد 12/30 ، و 12/227 ، وفيات الأعيان 6/83 ، تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام 4/130 ، تهذيب التهذيب 5/67 ،

كما صنّف المؤرّخون في الفتوح الإسلامية والحروب الداخلية لأهمّية الأولى ورصد أسباب الثانية ، ولمن يرغب في الاطلاع عليها الرجوع إلى مواردها الأصلية(1).

ونتيجة لتوسّع رقعة الإسلام واستقرار الفتوح الإسلامية وعمليّات التفاعل العلمي والثقافي وغيرها من التحوّلات ظهر اتجاه الكتابة بالتاريخ العامّ(2) ، وتميّز هذا الفنّ بأنّ مادّته أكثر ترابطاً وانسجاماً وتماسكاً من غيرها ، فضلا عن وجود ظاهرة الاستمرار التي تعدّ جوهر التاريخ ، وظهرت المؤلّفات في التاريخ العامّ منذ القرن الثاني للهجرة(3) ، وهناك جمهرة من المؤرّخين الذين عنوا بالتاريخ العامّ ليس هنا مجال الحديث عنهم(4). بن

ص: 122


1- ينظر : الطبقات الكبرى 6/246 ، المعارف : 59 ، 99 ، 275 ؛ وينظر : فتوح البلدان ، الفهرست لابن النديم : 109 ، رجال النجاشي : 435 - 436 ، تاريخ بغداد 12/227 و 13/252 ، وفيات الأعيان 3/203 و 5/235 - 243 ، ميزان الاعتدال في نقد الرجال 4/155 ، تذكرة الحفّاظ ، 10/37 ، تهذيب التهذيب 4/395 ، معجم الأدباء 19/154 ، هدية العارفين 1/412 ، الأعلام للزركلي 3/220 ؛ فهد محمّد بدري ، المدائني شيخ الإخباريّين : 41 - 44 ؛ إسهامات مؤرّخي البصرة : 146.
2- إسهامات مؤرّخي البصرة : 198.
3- تاريخ التراث العربي 2/121.
4- ينظر : الأخبار الطوال : 74 ، مروج الذهب ومعادن الجوهر 5/34 ، الفهرست لابن

أسهمت الفتوح الإسلامية في نشوء الأمصار - مثل : البصرة والكوفة والفسطاط والموصل - واستقرار العرب في هذه الأمصار وانتمائهم إلى هذه المدن ممّا أدّى إلى تطوّر الكتابة التاريخية الإسلامية من خلال التأليف في التاريخ المحلّي المرتبط بهذه المدن ، حتّى قيل بأنّ التاريخ الإسلامي خلال القرن الأوّل الهجري كان تاريخ مدن أو الأمصار الإسلامية الأولى كالبصرة والكوفة لما تميّزت به من أثر مركزي في الجوانب السياسية والعسكرية والإدارية(1) ، ويمكن للراغب الرجوع إلى المصادر التي تبيّن أهمّ ما ألّف في التاريخ المحلّي(2).

ونتيجة لما يتمتّع به الخلفاء والأمراء من مكانة في نفوس المسلمين لمالهم من أهمّية في إدارة الدولة والأمور العامّة فقد صنّفت العديد من المؤلّفات المعنية بالميادين السياسية والإدارية والاقتصادية المرتبطة بالخلفاء والأمراء ، وللاطّلاع على مصنّفات المؤرّخين هذه يمكن الرجوع إلى المظانّ المعنيّة بها والموضّحة لها(3).ات

ص: 123


1- إسهامات مؤرّخي البصرة : 233.
2- ينظر : البيان والتبيين 1/61 ، تاريخ خليفة 1/32 ، صورة الأرض : 614 ، الفهرست لابن النديم : 59 ، 112 ، 115 ، 125 ، الكامل في التاريخ 7/262 ، وفيات الأعيان 3/440 و 6/106 ، معجم الأدباء 6/48 و 1/440.
3- ينظر : الطبقات الكبرى 5/271 ، المعارف : 280 ، 299 ، الفهرست لابن النديم : 21 ، 153 ، 163 ، 117 ، 86 ، 256 ، 257 ، 112 ، تاريخ بغداد 12/55 ، وفيات

وأيضاً صنّف المسلمون في الطبقات والتراجم ، إذ أوجدت الحضارة الإسلامية فنّاً فريداً من فنون التاريخ وهو كتب الطبقات والتراجم لا نجد له شبيهاً في آداب الأمم ، فقد نتجت هذه الكتب من أصول إسلامية خالصة تمثّلت بالسير والمغازي ونموّ علم الحديث وطول الأسانيد وظهور حركة الوضع في الحديث ، فضلا عن علم الأنساب الذي ساعد مؤرّخي الطبقات والتراجم في الوقوف على العلاقات النسبية التي تربط أبناء الطبقة بعضها ببعض من جهة ، ثمّ التي تربطها بالطبقات التي قبلها أو بعدها لغرض تمييز كلّ منها من جهة ثانية(1).

وقد استخدم المؤرّخون المسلمون منذ مطلع القرن الثالث للهجرة تسمية (الطبقات) في كتبهم ، وقد جاء في أحد معاجم اللغة : «كان فلان من الدنياعلى طبقات شتّى ، أي : حالات»(2) ، ويأتي مفهوم الطبقة بألفاظ ، منها : الجيل ، الأمّة ، الجماعة. قال النحاة : «الجيل كلّ صنف من الناس»(3). وقال ابن منظور : «كلّ جيل من الناس هم أمّة على حدة»(4).

وفي قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق)(5) ، التي تعني حالا بعد 9.

ص: 124


1- التراجم والسير : 28 ، إسهامات مؤرّخي البصرة : 44 - 45.
2- لسان العرب 10/211.
3- كتاب العين 6/179 ، لسان العرب 11/134.
4- لسان العرب 12/26.
5- سورة الإنشقاق 84 : 19.

حال(1) ، ومن هذه المعاني تسمية كتبهم التي يظهر منها أنّهم يعنون بالطبقة فيها : الجيل بعد الجيل ، أمّا من ناحية التحديد الزمني لطول الطبقة فيطلق اللغويّون على الطبقة مجازاً القرن من الزمان ، وقد قدّر بعشرين سنة(2).

أمّا لفظ التراجم فإنّها دخيلة معربة وإنّها قديمة الأصل ، إذ وردت في المدوّنات المسمارية في اللغة الأكدية (تركمانوا) ، والآرامية (تركمين) ، والعبرانية (تركوم)(3) ، أمّا تاريخ دخول هذه اللفظة واستعمالها في كتب التراجم فيرجع إلى القرن السابع الهجري(4) ، ونجد أنّ مؤرّخي التراجم في القرن الثالث الهجري قد استخدموا تسمية التاريخ في كتبهم ، وأوّل من استخدمها البخاري(5) ، إذ سمّى أحد مؤلّفاته بالتاريخ الكبير ، وآخر بالتاريخ الصغير.

أمّا أقدم من صنّف في الطبقات فهو الهيثم بن عدي ، ذكر له كتابا الطبقات وتسمية الفقهاء والمحدّثين(6).

وقد تطوّر أسلوب الطبقات والتراجم فيما بعد ، وأسهم في إنضاجه مجموعة من المؤرّخين ، منهم على سبيل المثال : عبد الله بن جبلة بن أبجر الكناني الكوفي (ت219 ه) في كتابه الرجال ، والحسن بن عليّ بن فضّال التميمي الكوفي (ت224 ه) في كتابه الرجال(7) ، وكذلك عليّ بن عبد الله 9.

ص: 125


1- تفسير القرآن العظيم 9/153.
2- تاج العروس من جواهر القاموس 6/414.
3- من تراثنا اللغوي ما يسمّى في العربية الدخيل : 192.
4- دراسات في كتب التراجم والسير : 70.
5- علوم الحديث ومصطلحه : 110.
6- الفهرست لابن النديم : 112 ، معجم الأدباء 19/309.
7- ينظر : رجال النجاشي : 34 - 36 ، فهرست الشيخ الطوسي : 93 ، الإعلان بالتوبيخ : 519.

المديني البصري (ت234 ه) في كتابه الطبقات(1) ، وأبو أيّوب سليمان بن داودالبصري في كتابه تاريخ طبقات أهل العلم(2) ، ومحمّد بن سلام الجمحي(ت233 ه) في كتابيه طبقات الشعراء الجاهليّين وطبقات الشعراء الإسلاميّين(3).

أمّا أهمّ من ألّف في هذا الصنف من الكتابة التاريخية فمجموعة من المؤرّخين وفي طليعتهم محمّد بن سعد بن منيع البصري (ت230 ه)(4) الذي اشتهر بكتابه الطبقات الكبرى وتناول فيه طبقات الصحابة والتابعين إلى وقته ، وله كتاب آخر هو كتاب التاريخ(5).

وأهمّ ما تميّزت به طبقات ابن سعد سِمة الريادة ، وأنّها تتمتّع بمكانة علمية بالغة في دراسة التاريخ الإسلامي وتراجم الصحابة والتابعين ، وإنّ تقسيمهم جاء على وفق مبدأ الأسبقية في الإسلام ومبدأ القرابة من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وتتجلّى أهمّية كتاب الطبقات ومكانته العلمية من خلال اعتمادكتّاب الطبقات وتراجم الرجال والمؤرّخين القدامى عليها ، إذ اعتمد عليها ابن قتيبة في كتابه المعارف ، والبلاذري في أنسابه ، والطبري في تاريخه ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ، وغيرهم كثير(6).

أمّا خليفة بن خيّاط الذي كان معاصراً لابن سعد وله من الكتب 0.

ص: 126


1- الفهرست لابن النديم : 286.
2- الفهرست لابن النديم : 126.
3- الفهرست لابن النديم : 165 ، الوافي بالوفيات 3/114.
4- الوافي بالوفيات 3/88.
5- تذكرة الحفّاظ 1/425.
6- إسهامات مؤرّخي البصرة : 60.

الطبقات والتاريخ وطبقات القرّاء(1) وتوفّي سنة (240 ه) - أي بعد عشر سنوات فقط من وفاة ابن سعد - فإنّ طبقاته تعدّ من الكتب التاريخية الرائدة ، وقداعتمد على مصادر من محدّثين ونسّابة ومؤرّخين كبار منهم محمّدبن عمر الواقدي وهشام الكلبي ومحمّد بن إسحق(2) ، وقد اتّبع تصنيف الأشخاص المترجم لهم من الرجال والنساء على أساس النسب أو القبيلة ، وكانت معلوماته قصيرة ومختصرة ، وبصورة عامّة كانت طبقاته تحتوي على قوائم بأسماء من أسهم من المسلمين في المعارك التي خاضوهاومن استشهد منهم وأسماء الإداريّين من ولاة وقضاة وغير ذلك (3) ، وقد اعتمد عليه البخاري في كتابه التاريخ الكبير والأصفهاني في حلية الأولياء وابن عساكر في التاريخ الكبير وغيرهم ، وبذلك تكون طبقاته مرجعاً في حقل ترجمة الرجال والنساء (4). 5.

ص: 127


1- الفهرست لابن النديم : 324.
2- إسهامات مؤرّخي البصرة : 63.
3- طبقات خليفة بن خيّاط : 177.
4- التاريخ العربي والمؤرّخون 1/235.

الباب الأوّل

علم الرجال عند الإمامية

الفصل الأوّل

تعريف علم الرجال

وردت عدّة تعريفات لعلم الرجال إلاّ أنّها كانت مجملة من حيث الفكرة ، ولا يوجد اختلاف واضح بين من عرف هذا العلم ، وعليه سوف نأتي بقسم من هذه التعريفات.

عرّفه الشيخ الطهراني بأنّه : «علم يبحث عن أحوال رواة الحديث وأوصافهم التي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه»(1). وقال آخر : «علم يبحث فيه عن أحوال الراوي من حيث اتّصافه بشرائط قبول الخبر وعدمه»(2). وعرّفه المشكيني بقوله : «ما يبحث فيه من أحوال الراوي من حيث اتّصافه بشرائط قبول الخبر وعدمه»(3). وهناك من عرّفه بقوله : «علم يبحث فيه أحوال الرواة من حيث اتّصافهم بشرائط قبول أخبارهم ، وهو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث التي لها دخل في جواز قولهم 8.

ص: 128


1- الذريعة إلى تصانيف الشيعة10/80.
2- منتهى المقال في أحوال الرجال 1/33.
3- وجيزة علم الرجال : 18.

وعدمه»(1). وربّما يعرف بأنّه «علم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتاً ووصفاًومدحاً وقدحاً ، والمراد من تشخيص الراوي ذاتاً هو معرفة ذات الشخص وكونه فلان بن فلان ، كما أنّ المراد من التشخيص الوصفي هو معرفة أوصافه من الوثاقة ونحوها»(2). وهناك من يقول بأنّه : «علم يبحث فيه عن معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم وتبيّن أوصافهم التي هي شرط قبول روايتهم أو رفضها»(3). وعرّف أيضاً بقولهم : «إنّه علم يبحث عن أحوال الرواة ممّا له دخل في اعتبار رواياتهم من الوثاقة والضعف»(4). وهناك من عرّفه بأنّه : «فرع من فروع علم الحديث نشأ دونما شكّ لمعرفة أحوال رواة الحديث»(5).

ومن الملاحظ أنّ هذه التعريفات تلتقي في موضوع واحد هو دراسة أحوال الرواة ، ومن جانبين هما :

1 - تشخيص هوية الراوي وتعيينها باسمه ونسبه وما إلى ذلك.

2 - معرفة نعته وصفته التي لها علاقة ومدخلية بقبول روايته أو رفضهامن حيث كونه عدلا أو غير عدل ، ثقة أو غير ثقة ، ممدوحاً أو مقدوحاً ، موثّقاً أو مفسّقاً ، مضعّفاً أو مهملاً أو مجهولا(6).

يوضّح علم الرجال المُثُل العُليا الأخلاقية للعلماء المسلمين ، وهي 3.

ص: 129


1- كلّيات علم الرجال : 11.
2- أصول علم الرجال : 11.
3- منتهى المقال في الدراية والرجال : 133.
4- بحوث في مباني علم الرجال ، محاضرات الأستاذ الشيخ محمّد سند : 10.
5- مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين : 3 ، وينظر : معجم مصطلحات الرجال والدراية : 105.
6- أصول علم الرجال : 11 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 133.

مثل دقيقة وشاملة ، وأسهمت دقّته في تمكين هذه المثل العليا عند المسلمين بوصفها الوسيلة الرئيسة لتقدير الناس لهم ولاحتلالهم مكانتهم في العالم ... ، وأسهمت كتب الرجال في نموّ بعض جوانب النقد التاريخي وفي وصوله مستوى عال من الرقيّ والدقّة(1).

موضوع علم الرجال :

هناك أقوال كثيرة في بيان موضوع علم الرجال إلاّ أنّها جميعاً تصبّ في مجرى واحد ، فهناك من يرى أنّ موضوع علم الرجال عبارة عن رواة الحديث الواقعين في طريقه ، وبما أنّ كلّ علم يبحث فيه عن عوارض موضوع معيّن وحالاته الطارئة عليه ففي المقام يبحث عن أحوال الرواة من حيث علاقتها في اعتبار قولهم أو عدمه ، أمّا حالاتهم الأخرى التي ليست لها دخل في قبول قولهم فهي خارجة عن هذا العلم ، فالبحث عن اتّصاف الراوي ككونه تاجراً أو شاعراً أو غير ذلك من الأحوال التي لا دخل لها في قبول حديثهم خارج عن هذا العلم(2).

وهناك من قال : إنّ موضوع علم الرجال هو الراوي للحديث(3). وقال آخر : إنّ المراد من الموضوع هنا هو رواة الحديث ، لأنّ محور البحث حول أحوالهم والعوارض الطارئة عليهم ممّا له مدخلية في قبول خبرهم وعدمه(4). وهناك من تكلّم عن موضوع علم الرجال بقوله : «هذا العلم 3.

ص: 130


1- الرواية والأسانيد وأثرها في تطوّر الحركة الفكرية في صدر الإسلام 1/27.
2- كلّيات في علم الرجال : 12.
3- الوجيز في علم الرجال : 17.
4- منتهى المقال في الدراية والرجال : 133.

يعطينا القواعد العامّة التي في ضوئها نستطيع أن نشخّص ونعيّن هوية الراوي باسمه ونسبه ونسبته وأن يعرف حاله من حيث الوثاقة واللاّوثاقة لنقرّ - بعد هذأ - أنّه ممّن تقبل روايته أو هو ممّن ترفض روايته»(1).

وقواعد استخدام هذا العلم تكون في مجالين : الأوّل عصر الراوي ، لمعرفة الراوي ومعرفة أحواله من حيث الرواية أو عدمها عن طريقين هما مشاهدته واختبار حاله ، ويمكن أن تسمّى (المعرفة الواقعية) ، وشهادة من يعرفه مباشرة ممّن هم بمستوى الشهادة من العدالة أو الثقة ويمكن أن تسمّى (المعرفة الظاهرية) ، والآخر : بعد عصر الراوي ، وذلك عن طريق الرجوع إلى كتب الرجال وملاحظة تقويم أصحابها للراوي ، ولا مجال هنا لمعرفة الراوي معرفة واقعية أو معرفة ظاهرية(2).

كما أنّ الاهتمام بالإسناد أدّى إلى نموّ علم الرجال الذي يدرس أسماءالرواة من الرجال والنساء وسنيّ ولادتهم ووفياتهم(3).

أهمّية علم الرجال :

تكمن أهمّية علم الرجال بأنّه يستهدف التوصّل إلى الحكم الشرعي الذي هو من أجلّ الغايات وأعظمها ، فهو يشكل مع علمي الفقه والأصول الركيزة الأساسية التي يمكن من خلالها التوصّل إلى الحكم الشرعي(4).

وأهمّية بحوث علم الرجال لا تقلّ عن أهمّية البحوث الأصولية 3.

ص: 131


1- أصول علم الرجال : 12.
2- أصول علم الرجال : 12.
3- الرواية والأسانيد وأثرها في تطوير الحركة الفكرية في صدر الإسلام : 26.
4- منتهى المقال في الدراية والرجال : 133.

لتوقّف الاستنباط عليها كما يتوقّف على غيرها ، وذلك لأنّ جلّ الأحكام التي بين أيدينا وصلت عبر الروايات المسندة بأسانيد غير مقطوعة الصحّة والاعتبارويحتاج تنقيح الصحيح منها إلى نظر دقيق وعناية فائقة لمعرفة صحّة الطريق إلى الرواية ليصبح إسنادها إلى المعصوم جائزاً والعمل بمقتضاهامقبولا(1).

وبما أنّ الرواة هم الوسائط البشرية التي تبلغ التشريعات الإلهية إلينا فمنهم نأخذها ونتقيّد بها فلابدّ إذن من إحراز أمانتهم في إبلاغها حتّى نكون على ثقة ممّا أوصلوه إلينا حقّاً ، ويحصل لنا الاطمئنان بأنّ ما أبلغوه هوحكم الله ، وقد تأسّس علم الرجال على هذا الأساس المهمّ والضروري ، وهو منشأ اهتمام علماء الشريعة بهذا العلم لأهمّية ما يترتّب عليه من أهداف وخطورة ما يبنى عليه من النتيجة(2). قال العلاّمة الحلّي : «فإنّ العلم بحال الرواة من أساس الأحكام الشرعية وعليه تبنى القواعد السمعية ، ويجب على كلّ مجتهد معرفته وعلمه ولا يسوغ له تركه وجهله ، إذ أكثر الأخبارعن الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم السلام فلابدّ من معرفة الطريق إليهم»(3).

بدايات علم الرجال :

لقد اختلفت الآراء بل شطّت أحياناً في بيان بدايات علم الرجال 5.

ص: 132


1- بحوث في فقه الرجال : 41.
2- المنهج الرجالي والعمل الرائد في الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة الإمام البروجردي : 58.
3- خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : 44 ، ينظر : رجال ابن داود : 25.

والتصنيف فيه ، فمنهم من رأى أنّ مبتدأ هذا العلم - أي علم الرجال - هو من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُواقَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(1).

فهو دعوة لتمييز النبأ والخبر بين كون الناقل له فاسقاً أو عادلا(2). وقد أكّدهذه الدعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله : «أيّها الناس قد كثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»(3).

ثمّ جاء قول الإمام عليّ عليه السلام مشيراً إلى بدايات هذا العلم ومنبّهاً على أهمّيته «... عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من المقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ الله غير مافي أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفَترى الناس يكذبون على الرسول متعمّدين ويفسّرون القرآن بآرائهم ... قال : فأقبل عليه السلام عليّ فقال : قدسألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً وصدقاً وكذباًوناسخاً ومنسوخاً وعامّاً وخاصّاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً ، وقدكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتّى قام خطيباً فقال : (أيّها الناس قدكثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار) ثمّ كذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان متصنّع الإسلام لا يتأثّم ولا 2.

ص: 133


1- سورة الحجرات 49 : 6.
2- بحوث في مباني علم الرجال : 7 ، علم الرجال وأهمّيته : 2.
3- أصول الكافي 1/62.

يتحرّج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمّداً. ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمّد كذباً ، فهو في يده ويقول به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم أنّهوهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً أمر به ثمّ نهى عنهوهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذسمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسوله (صلى الله عليه وآله) ، لم ينسه بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص ، وعلم الناسخوالمنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاصّ وعامّ ومحكم ومتشابه ...»(1).

إنّ هذا هو الأساس في التقويم للرواة ودراسة أحوالهم وضع العلماء أمام مسؤوليّاتهم الشرعية في رواية الحديث ونقله ... فكان المنطلق في تحرّي أحوال الرواة(2).

وهناك من ذهب إلى أنّ أوّل من صنّف في علم الرجال هو أبو محمّد عبدالله بن جبلة بن حيّان بن ابجر الكناني(3) المتوفّى سنة (219 ه) وله كتاب الرجال(4) - ونفى هذا السبق عن شعبة بن الحجّاج (ت160 ه) - أو 6.

ص: 134


1- أصول الكافي 1/62 - 63.
2- منتهى المقال 12/10 - 11.
3- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : 233.
4- رجال النجاشي : 216.

محمّدبن سعد كاتب الواقدي (230 ه) الذي ألّف طبقاته في نهاية عمره كمايظهر من ترجمته(1).

وهناك من يقول : إنّ أوّل من صنّف في الإسلام في الرجال هو عبد الله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليه السلام وقد شهد حروبه ، وكتب كتاباً في تراجم أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله) الذين شهدوا حروب أمير المؤمنين عليه السلام : الجمل وصفّين والنهروان(2) ، وألّف كتابه سنة 40 ه(3) ، ثمّ جاء بعده ابن جبلة الكناني(219 ه)(4) وابن محبوب (224 ه)(5) وابن فضّال (ت224 ه)(6).

وكان شعبة بن الحجّاج يروي عن أجلح بن عبد الله الكندي (ت145 ه) وعن لوط بن يحيى الأزدي أبي مخنف (ت158 ه) وهما من الشيعةوقد سبقاه في التأليف فضلا عن سبق عبيد بن أبي رافع لشعبة بن الحجّاج زمنيّا ، إذ كان قبله بمائة عام(7) ، مع العلم أنّ وفاة شعبة بن الحجّاج سنة160 ه(8) وليس 260 ه- كما ذكر السيّد حسن(9) الصدر ، ولعلّ ذلك من الأخطاء المطبعية. وقد ذكر بعض المتأخّرين أنّ الشيخ الطوسي 3.

ص: 135


1- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : 233.
2- نقد الرجال 1/6 - 7 ، مصفى المقال : 49 - 50 ، القواعد الرجالية 2/317 - 318 ، تاريخ علم الرجال : 15 ، رجال الشيعة في أسانيد السنة : 13.
3- الذريعة 10/84.
4- تاريخ علم الرجال : 22.
5- بحوث في فقه الرجال : 24.
6- نقد الرجال 1/6 - 7.
7- تاريخ علم الرجال : 7.
8- تهذيب الكمال في اسماء الرجال 12/294 - 295.
9- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : 233.

أوّل كاتب في الرجال عند الإمامية(1) ، وهذا وهم كبير بناء على ما تقدّم أعلاه.

وأرى من المفيد إيراد أهمّ وأشهر التصنيفات الرجالية ومصنّفيها للمدرسة الإمامية من القرن الثالث حتّى منتصف القرن التاسع الهجري.

مصنّفو الرجال ومصنّفاتهم في المدرسة الإمامية :

1 - مصنّفو القرن الثالث الهجري :

- ابن جبلة الكناني (219 ه)(2).

- الحسن بن محبوب (ت224 ه) ، له كتاب المشيخة وكتاب معرفة رواة الأخبار(3).

- أبو محمّد الحسن بن عليّ بن فضّال الكوفي (ت224 ه) ، عدّ النجاشي من جملة مصنّفاته كتاب الرجال(4).

- الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري (ت254 ه)(5).

- أبو جعفر محمّد بن خالد البرقي الكوفي (ت274 أو 280 ه) ، له ه.

ص: 136


1- الإمام الصادق حياته وعصره : 362.
2- تاريخ علم رجال الحديث : 22.
3- مصفى المقال : 128 - 129 ، تاريخ علم الرجال : 26 - 27 ، فقه الرجال : 25.
4- رجال النجاشي : 257 - 258 ، مصفى المقال : 127 - 128 ، فقه الرجال : 25 ، تاريخ علم الرجال : 22 - 23 ، وهو أحد مصادر العلاّمة الحلّي في خلاصته ، ورجال ابن داود.
5- خلاصة الأقوال : 229 ، رجال ابن داود ، مصفى المقال : 360 ، كان أحد مصادر العلاّمة في الخلاصة ، وابن داود في رجاله.

كتاب الرجال وكتاب الطبقات(1).

- أبو محمّد جعفر بن بشير البجلي الوشّاء (ت280 ه) ، له كتاب المشيخة ، وهو مثل كتاب الحسن بن محبوب لكنّه أصغر منه(2).

- الشريف أحمد بن عليّ العلوي العقيقي (ت280 ه) ، له كتاب تاريخ الرجال(3).

- عليّ بن الحكم النخعي الأنباري (من رجال القرن الثالث الهجري) ، له كتاب رجال الشيعة(4).

ولم يصل إلينا شيء من هذه الكتب إلاّ ما ذكره الشيخ الطهراني من وجودكتاب الطبقات للبرقي حتّى عصرنا هذا ، وقد طبع بعنوان رجال البرقي(5).

2 - وأشهر من ألّف في الرجال في القرن الرابع الهجري :

- الكشّي أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز (368 ه) وعنوان 5.

ص: 137


1- خلاصة الأقوال : 63 ، رجال ابن داود : 34 ، منتهى المقال 1/24 ، مصفى المقال : 59 ، كلّيّات علم الرجال : 71 ، القواعد الرجالية 2/322 ، أحد مصادر العلاّمة في خلاصته وابن داود في رجاله.
2- رجال النجاشي : 117 ، أصول علم الرجال : 31.
3- رجال النجاشي : 81 ، خلاصة الأقوال : 365 ، رجال ابن داود : 280 ، تاريخ علم الرجال : 42 ، أصول علم الرجال : 31.
4- رجال النجاشي : 247 ، مصفى المقال : 278 ، أصول علم الرجال : 31 ، تاريخ علم الرجال : 31. ومن المصنّفات الرجالية لمدرسة الجمهور في القرن الثالث الهجري نذكرعلى سبيل المثال لا الحصر : محمّد بن سعد (ت230 ه) له كتاب الضعفاء ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 30/920 ، والبخاري له التاريخ الكبير ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/253 ، ومسلم له كتاب الأسماء والكنى ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 2/590 ، ينظر : مظاهر تأثير الحديث : 34.
5- الذريعة 15/145.

كتابه معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين ، ويشتمل على رواة من الإمامية وأهل السنّة(5).

- ابن عقدة أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الزيدي (ت333 ه) ، له أكثر من كتاب في الرجال ، منها : كتاب التاريخ ذكر فيه رواة الحديث من الشيعة وأهل السنة ، وكتاب من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وكتاب من روى عن الحسن عليه السلام ، وكتاب من روى عن الحسين عليه السلام ، وكتاب من روى عن فاطمة عليه السلام من ولدها ، وكتاب من روى عن زيد الشهيد ، وكتاب من روى عن الباقر ، وكتاب الرجال وهو كتاب من روى عن الإمام جعفر بن محمّد عليه السلام ، وكتاب تسمية من شهد حروب عليّ من الصحابة ، وكتاب الشيعة من أصحاب الحديث(1).

- الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، له في الرجال كتاب المصابيح ، وبوّبه كالآتي :

- المصباح الأوّل فيمن روى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) من الرجال.

- المصباح الثاني فيمن روى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) من النساء.

- المصباح الثالث فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام من الرجال.

- المصباح الرابع فيمن روى عن فاطمة الزهراء عليها السلام من الرجال.

- المصباح الخامس فيمن روى عن الحسن بن عليّ عليه السلام من ل.

ص: 138


1- خلاصة الأقوال : 247 ، رجال ابن داود : 180 ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : 162 ، منتهى المقال 1/20 ، الفوائد الرجالية 1/83 ، من مصادر العلاّمة الحلّي وابن داودفي الرجال.

الرجال.

- المصباح السادس فيمن روى عن الحسين بن عليّ عليه السلام من الرجال.

- المصباح السابع فيمن روى عن عليّ بن الحسين عليه السلام من الرجال.

- المصباح الثامن فيمن روى عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام من الرجال.

- المصباح التاسع فيمن روى عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام من الرجال.

- المصباح العاشر فيمن روى عن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام من الرجال.

- المصباح الحادي عشر فيمن روى عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من الرجال.

- المصباح الثاني عشر فيمن روى عن الإمام محمّد بن عليّ الجواد عليه السلاممن الرجال.

- المصباح الثالث عشر فيمن روى عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي عليه السلاممن الرجال.

- المصباح الرابع عشر فيمن روى عن الإمام الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام من الرجال.

- المصباح الخامس عشر في أسماء الرجال الذين خرجت إليهم توقيعات.

ص: 139

وله كتاب الرجال(1) ، ولعلّه هو كتاب المصابيح(2).

3 - أمّا أشهر من ألَّف في الرّجال في القرن الخامس الهجري فهم :

- ابن الغضائري أبو الحسن أحمد بن الحسين بن عبيد الله (من رجال القرن الخامس) ، له في الرجال : فهرست المصنفات وهو في ذكر أسماء الكتب التي ألّفها الرواة في عصور الأئمّة عليهم السلام ، وفهرست الأصول وهو في ذكرأسماء الكتب المعروفة بالأصول الأربعمائة(3).

- ابن عبدون أبو عبد الله بن عبد الواحد بن أحمد البزاز المعروف بابن الحاشر وابن عبدون (ت423 ه) ، له كتاب الفهرست(4) ، وقد اعتمد عليه النجاشي والطوسي في كتبهم الرجالية.

- النجاشي أبو العباس أحمد بن عليّ النجاشي الكوفي البغدادي (ت450 ه) ، له كتاب فهرس أسماء مصنّفي الشيعة المعروف بعنوان رجال ل.

ص: 140


1- خلاصة الأقوال : 248 ، رجال ابن داود : 179 ، تاريخ علم الرجال : 82 - 85. من مصادرالعلاّمة الحلّي ، وابن داود في الرجال.
2- أحوال علم الرجال : 36 ، وعد كتاباً مستقلاًّ عن المصابيح ، ينظر : تاريخ علم الرجال : 83. ومن أشهر مؤلّفات مدرسة الجمهور الرجالية في القرن الرابع الهجري على سبيل المثال لا الحصر : ابن البغوي له معجم الصحابة ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 2/738 ؛ وأبوجعفر العقيلي له كتاب الضعفاء الكبير ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 3/833 ، وابن حبّان له كتاب الضعفاء ، ينظر : تذكرة الحفّاظ ، 3/921 ، وأبو أحمد الحاكم له كتاب الكنى ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 3/976 ، مظاهر تأثير علم الحديث : 31 - 32.
3- وصول الخيار : 162 ، أصول علم الرجال : 37 ، كلّيات علم الرجال : 77 - 80 ، القواعدالرجالية 2/332 ، من مصادر العلاّمة الحلّي وابن داود في الرجال.
4- خلاصة الأقوال : 71 - 72 ، رجال ابن داود : 39 ، من مصادر العلاّمة الحلّي وابن داود في الرجال.

النجاشي(1).

- الطوسي أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت460 ه) ، له في الرجال : الفهرست ، والرجال ، الأبواب ، ويعرف ب- : رجال الطوسي ، واختيار معرفة الرجال(2) ، وهو تهذيب واختصار رجال الكشّي.

4 - وأشهر من ألّف في الرجال في القرن السادس الهجري :

- منتجب الدين عليّ بن موفّق الدين عبيد الله بن بابويه القمّي (ت بعدسنة 585 ه) ، له كتاب الفهرست(3) ، وهو تتمّة لفهرست الشيخ الطوسي.

- ابن شهرآشوب رشيد الدين محمّد بن عليّ السروي الشهير بابن شهرآشوب (ت588 ه) ، له في الرجال كتاب معالم العلماء ، ألَّفه ليكمل فهرست الشيخ الطوسي(4).

- ابن البطريق شمس الدين أبو الحسن يحيى بن الحسين الأسدي ل.

ص: 141


1- خلاصة الأقوال : 72 ، رجال ابن داود : 40 ، وصول الأخيار : 163 ، منتهى الأقوال 10/20- 21.
2- خلاصة الأقوال : 249 ، رجال ابن داود : 169 ، وصول الأخيار : 162 ، منتهى المقال 1/21 ، المنهج الرجالي : 58. ومن أشهر مؤلّفات مدرسة الجمهور الرجالية في القرن الخامس الهجري على سبيل المثال لا الحصر هي : ابن حزم الأندلسي (ت456 ه) له كتاب المحلّي ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 3/1147 ، وأبو يوسف بن عبد البرّ (ت463 ه) له كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 3/1129 ، وابن ماكولا (ت475 ه) له كتاب الإكمال ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 3/1201.
3- منتهى المقال 1/26 ، أصول علم الرجال : 41 ، كلّيّات علم الرجال : 110.
4- مصفى المقال : 414 - 415 ، كلّيّات علم الرجال : 113 ، ومن مصادر العلاّمة الحلّي وابن داود في الرجال.

الحلّي المعروف بابن البطريق (ت600 ه) ، له في الرجال كتاب رجال الشيعة ، وهو من مصادر ابن حجر في لسان الميزان والسيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة(1).

5 - وأشهر من ألّف في الرجال في القرن السابع الهجري :

- ابن طاووس جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس الحسني الحلّي (ت673 ه) ، له كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال ، جمع فيه أسماء الرجال المذكورين في كتب الشيخ الطوسي الرجالية ورجال النجاشي وضعفاء ابن الغضائري ورجال البرقي ومعالم العلماء لابن شهرآشوب(2).

6 - واشتهر في القرن الثامن الهجري كلّ من متزاملي الدرس والتأليف متعاصري الزمان والمكان متوافقي الإسم واللقب : الشيخ حسن بن داود الحلّي والشيخ حسن بن يوسف الحلّي ، وسوف نتكلّم على كتبهما في 9.

ص: 142


1- مصفى المقال : 501 - 502. ومن أشهر مصنّفات مدرسة الجمهور الرجالية في القرن السادس الهجري على سبيل المثال لا الحصر هي : الشنتريني (ت522 ه) له كتاب المناهج في رجال مسلم ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 4/1271 ، والسمعاني (ت562 ه) له كتاب الأنساب ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/473 ، وابن عساكر (ت571 ه) له تاريخ دمشق ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/475 ، وابن بشكوال الأندلسي (ت578 ه) له كتاب الصلة 4/1343 ، وعبد الغني المقدسي (ت600 ه) له كتاب الكمال ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 4/1372.
2- مصفى المقال : 71 - 72 ، وهو من شيوخ الحلّيّين العلاّمة وابن داود. ومن أشهر مصنّفات مدرسة الجمهور الرجالية في القرن السابع على سبيل المثال لا الحصر هي : ابن نقطة (ت629 ه) له كتاب التقييد ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 4/1413 ، وابن الأثير (ت643 ه) له أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 4/1399.

الرجال بشيء من التفصيل في فصول مستقلّة لاحقة(1). 3.

ص: 143


1- ما وصل من تصنيفات العلاّمة هو (خلاصة الأقوال في معرفة الرجال) وكتاب (إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة) وفقد كتابه الكبير في الرجال (كشف المقال في معرفة الرجال) ، أمّا ابن داود فله كتاب الرجال المعروف برجال ابن داود. ومن أشهر مصنّفات مدرسة الجمهور الرجالية في القرن الثامن الهجري على سبيل المثال لا الحصر : المزّي (742 ه) له كتاب تهذيب الكمال ، ينظر : تذكرة الحفّاظ 4/1498 ، والذهبي(ت748 ه) له تاريخ الإسلام ، سير أعلام النبلاء ، الميزان ...إلخ ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/522 ، ومغلطاي (ت761 ه) جمع أوهام التهذيب وأوهام الأطراف وذيّل على التهذيب ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/538. أمّا القرن التاسع الهجري فقد كانت مؤلّفات ابن حجر العسقلاني الرجالية القمّة السامقة لما وصلت إليه من إثراء في المفردة الرجالية وعناية وتتبّع ووفرة في التأليف ، ومن هذه المؤلّفات الرجالية لابن حجر : الإصابة في تمييز الصحابة ، تقريب التهذيب ، تهذيب التهذيب ، لسان الميزان ، .. إلخ ، ينظر : طبقات الحفّاظ 1/553.

الفصل الثاني

علاقة علم الرجال بالعلوم الأخرى

بما أنّ بدايات الكتابة التاريخيّة كانت قد تأثّرت بالخطوات المقنّنة السابقة لها والمتمثّلة بمنهج المحدّثين في تتبّع الرواة والرواية فقد حصل هناك تلاقح بين هذه المنهجية ومنهجية العلوم اللاحقة لها ، ومن هذه العلوم علم التاريخ ، ولاسيّما أنّ أغلب أوائل المؤرّخين هم من المحدّثين وكانوا قد أخذوا الطريقة نفسها - في التعامل مع الحديث - في نقد الروايات وتمحيصها ، وكذلك علم الرجال وعلم الدراية وغيرهما من العلوم الأخرى ، وعليه سوف نستعرض قسماً من هذه العلاقات بين علم الرجال والعلوم الأخرى.

الفرق بين علم الرجال وعلم التراجم :

علم التراجم يعدّ أخاً لعلم الرجال لقربهما بعضهما من بعض لقوّة الارتباط بينهما ، فإنّ علم الرجال يبحث فيه عن أحوال رجال وقعوا في سند الحديث من حيث الوثاقة وغيرها ، أمّا التراجم فهو يبحث عن أحوال الشخصيّات من العلماء وغيرها سواء أكانوا رواة أم غيرهم ، وبذلك يظهر الفرق الواضح بين العلمين.

إلاّ أنّه ربّما يجتمع العلمان إذا كان الراوي عالماً في الوقت نفسه

ص: 144

كالكليني والصدوق ، ولكن حيثية البحث فيهما مختلفة ، فالعلْمان يتّحدان موضوعاً ولكن الموضوع في كلّ واحد يختلف بالحيثية ، فالشخص بما هو راووواقع في سند الحديث موضع لعلم الرجال ، وبما أنّ له أثراً في حقل العلم والاجتماع والأدب والسياسية والفنّ والصناعة وتأثيره في الأحداث والوقائع فهو موضوع لعلم التراجم(1).

وبهذا فإنّ التراجم العامّة تؤكّد سيرة المترجم له ، أمّا كتب التراجم الرجالية فإنّها تؤكّد بيان حال المترجم له من حيث الوثاقة واللاوثاقة. هذا من حيث منهج التأليف ، أمّا مادّة الكتاب فالفرق بينهما هو أنّ كتب الرجال تترجم للرواة فقط ، أمّا كتب التراجم العامّة فتكون للرواة وغيرهم(2).

يقول ابن تغري بردي : «... وضعته على الحروف وتواليها لتقرب ثمرات جناه من يد جانيها ، كما سبقني إلى ذلك جماعة من المتقدّمين وإلى الآن من أرباب الحديث وطبقات الفقهاء والأعيان»(3).

وقال ابن بشكوال أيضاً : «... وكنت قد قيّدت كثيراً من أخبارهم وآثارهموسيرهم وبلدانهم وأنسابهم ومواليدهم ووفياتهم وعمّن أخذوا من العلماء ومن روى عنهم من أعلام الرواة وكبار الفقهاء»(4).

الفرق بين علم الرجال وعلم الدراية :

إنّ علم الرجال يبحث عن رواة الأخبار ذاتاً وصفة وتوفّرهم على 7.

ص: 145


1- كلّيات علم الرجال : 13 و 15.
2- أصول علم الرجال : 68.
3- المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي 1/3.
4- الصلة في تاريخ أئمّة الأندلس وعلمائهم ومحدّثيهم وأدبائهم 1/7.

شرائط القبول ، وهذا خلاف علم الدراية الذي يبحث في أحوال الحديث متناًوسنداً وكيفية تحمّله وآدابه ، أي البحث في مجموع السند(1).

إنّ علمي الرجال والحديث (الدراية) مكمّلان لبعضهما وهما مقدّمة لإثبات صحّة الرواية وعدمها ، لكنّهما ليسا علماً واحداً ، إذ يفترقان من حيث إنّ علم الرجال يبحث عن الراوي في توثيقه أو تجريحه وإثبات طرقه الخاصّةوالعامّة لذلك ، بخلاف علم الحديث (الدراية) فإنّه يبحث عن الحديثوأقسامه - سواء أكانت أقسامه من ناحية رواته أم من ناحية متنه - لكن من ناحية مجموع رواته لا من ناحية كلّ راو على حدة(2).

ولعلّه من المهمّ الإشارة إلى أنّ عنوان (علم رجال الحديث) كثيراً ما يطلق على ألسنة العلماء وكتاباتهم على مادّة (رجال الحديث) ، وهذا يعود إلى الجمع في البحث والتأليف في السابق بين العلم والرجال وعدم استقلال العلم عن الرجال ، وقد ألّفت في عصرنا هذا مؤلّفات مستقلّة في علم الرجال ، ولابدّ من أن نفرّق بينهما فنطلق عنوان (علم الرجال) على القواعد العامّة والضوابط الكلّية ، ونطلق عنوان (أسماء الرواة) على تقييم الرواة من توثيق وتحسين وسواها تلكم القيم المذكورة في كتب الرجال إزاء كلّ راو والمراد بالأسماء أسماء الرواة ، ولعلّ استخدام الأسماء في العنوان لأنّ البحث في الرواة يبدأ بتشخيص الراوي والتشخيص يبدأ بالإسم.

وعليه فعندما نقول : هذا العلم يبحث فيه عن معرفة أحوال الرواة فإنّ 3.

ص: 146


1- بحوث في مباني علم الرجال : 10 ، وينظر معجم مصطلحات الرجال والدراية : 104.
2- الرعاية لحال البداية في علم الدراية : 15 ، منتهى المقال 1/33 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 13 ، كلّيات علم الرجال : 16 ، دروس في علم الدراية : 13.

هذا القول يشمل الإثنين مع التسامح بإطلاق عنوان العلم على مادّة أسماء الرجال ، فنحتاج إلى ما يميّز بينهما ، ويمكن ذلك من خلال إضافة كلمة (أصول) أو (قواعد) في تعريف علم الرجال (أسماء الرجال) ، إذ إنّ القواعد تعني العلم(1).

فنقول في تعريفه : إنّه العلم الذي يبحث فيه عن قواعد معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم وتبيين أوصافهم التي هي شروط في قبول روايتهم أو رفضها(2).

ونسوق مثالا لبيان الفرق بين علم الرجال وعلم أسماء الرجال.

المثال : قال العلاّمة الحلّي : «إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمّي ، أصله من الكوفة وانتقل إلى قم ، وأصحابنا يقولون : إنّه أوّل من نشر حديث القمّيّين بقم ، وذكروا أنّه لقي الرضا عليه السلام ، وهو تلميذ يونس بن عبد الرحمن من أصحاب الرضا عليه السلام ، ولم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح في هولا على تعديله بالتنصيص ، والروايات عنه كثيرة ، والأرجح قبول قوله»(3).

والنصّ يحتوي على تعريف للراوي المذكور ، وبهذا فإنّ مادّة الكتب الرجالية تحتوي على اسم الراوي ونسبه ونسبته وتقييمه من الرجاليّين.

في حين مادّة علم الرجال تحتوي على الأصول العامّة والقواعد الكلّية التي تطبّق من قبل الباحث أو الفقيه على الجزئيّات الموجودة في كتب الرجال التي هي تعريف الراوي وتقييم حاله من أجل أن نعرف أنّه ثقة أو 9.

ص: 147


1- أصول علم الرجال : 9 - 11.
2- أصول علم الرجال : 11.
3- خلاصة الأقوال : 49.

غير ثقة.

فمن القضايا التي تبحث في هذا العلم وتساق مثالاً هنا قضية بيان نوعية تقييم الرجالي لحال الراوي هل هو من نوع الشهادة فيؤخذ بها أو أنّها نتيجة اجتهاد من الرجالي فيتحمّل هو مسؤوليته وعلينا نحن أن نجتهد كما اجتهد(1)؟

فالفرق بينهما إذن هو أنّ علم الرجال يزوّدنا بالقواعد الكلّية لنقوم بتطبيقها على جزئيّاتها ومواردها ممّا هو مدوّن في كتب الرجال تعريفاً للراوي وتقييماً لحاله ، فمثلاً إذا تحقّق وثبت لنا نتيجة البحث والدراية أنّ قول الرجالي في تعريف الراوي وتقييم حاله هو من نوع الشهادة فنستطيع أن نؤلّف منه قاعدة كلّية كالتالي : قول الرجالي إذا كان ثقة ثبتاً ضابطاً في حقّ الراوي هو شهادة يركن إليها ويعتمد عليها ، ثمّ نطبّقها على مواردها في الكتب الرجالية.

وقد تمثّلت مادّة علم الرجال فيما يعرف ب- : (الفوائد الرجالية) و (الكلّيّات الرجالية) ، وتمثّلت مادّة أسماء الرجال فيما يعرف ب- (كتب الرجال) التي هي بمثابة معاجم تشتمل على تعريف الراوي وتقييم حاله(2).

علم الرجال وعلم التاريخ :

يجب على المؤرّخ الإسلامي والمعني بالحديث الشريف الرجوع إلى علم الرجال في القضايا التاريخيّة والحوادث المؤلمة والمسرّة ، فإنّ يد 9.

ص: 148


1- أصول علم الرجال : 18.
2- أصول علم الرجال 18 - 19.

الوضع قد لعبت تحت الستار في مجال التاريخ والمناقب أكثر منها في مجال الروايات الفقهية ، ومن حسن الحظ إنّ قسماً من التواريخ المؤلّفة في العصر الأوّل مسندة لا مرسلة كطبقات ابن سعد(ت230 ه) وتاريخ الطبري (ت310 ه)(1).

إنّ مرجع علم الرجال لعلم التاريخ ، وتقوية علم التاريخ لعلم الرجال ، فالتّعارض الذي يحصل في كلام مصنّفي الرجال هو تعارض بين من كان خالياًمن علم التاريخ ومن كان حاوياً له.

وإنّ علم الرجال يستمدّ من علم الأنساب والآثار والقبائل والأمصار ، وهذا ما عرف به النجاشي ودلّ على تصنيفه فيه واطّلاعه عليه كما يظهر من استطراده في ذكر الرجل بذكر أولاده وإخوته وأجداده وبيان أحوالهم وتنازعهم حتّى كأنّه واحد منهم(2). وأسهمت كتب الرجال في نموّ بعض جوانب النقد التاريخي وفي وصوله مستوىً عالياً من الرقيّ والدقّة(3).

كما أنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين علم الرجال والتاريخ حتّى يمكن القول : إنّ علم الرجال مقتطع من علم التاريخ وله وثيق الصلة في كيفية البحث التاريخي(4).

على أنّ حاجة التاريخ إلى معرفة أحوال ناقلي الوقائع التاريخية أشد من حاجة الحديث إلى ذلك ، فإنّ الكذب والتساهل في التاريخ أكثر ، بل إنّ معرفة أحوال ناقلي الوثائق التاريخية هي من أهمّ أنواع التاريخ ، والعلوم 1.

ص: 149


1- كلّيات علم الرجال : 490.
2- الرسائل الرجالية 2/318.
3- الرواية والأسانيد : 27 ، وينظر : التاريخ فكرة ومنهجاً : 39 - 40.
4- بحوث في مباني علم الرجال : 171.

الدينية التاريخية أولى العلوم بالحفظ ، لأنّه إذا ضاع شيء فلا يمكن تداركه بعدختم النبوّة(1).

وظهرت آراء وقواعد تدلّ على ترابط العِلْمين - أي التاريخ والرجال - من أهمّها اهتمام ابن خلدون بمتن الرواية ، إذ يقول : «ولا يرجع إلى تعديل الرواة حتّى يعلم أنّ ذلك الخبر في نفسه ممكن أو ممتنع ، وأمّا إذا كان مستحيلاًفلا فائدة للنظر في التعديل والتجريح»(2).

علم الرجال وعلم الجرح والتعديل :

من خلال القراءة في موضوع علم الرجال لم أجد من ميّز بينه وبين علم الجرح والتعديل ، وكأنّ هذا الأخير - علم الجرح والتعديل - قد ذاب في علم الرجال. وقد أفرد الحاكم(3) والشيخ صبحي الصالح(4) لعلم الجرح والتعديل عنواناً مستقلاًّ حوى عدّة أسطر ، وكأنّ كلامهما أيضاً لا يميّز بين علم الجرح والتعديل وعلم الرواة. ولعلّ هذا يعود إلى أنّ جرح الرواة 0.

ص: 150


1- أهمية علم الرجال : 177.
2- المقدمة لإبن خلدون : 37.
3- معرفة علوم الحديث : 52 - 55.
4- قال : «هو علم يعرّف رواة الحديث من حيث إنّهم رواة للحديث. وأوّل من عرف عنه الاشتغال بهذا العلم البخاري (ت256 ه) ، ويوجد أيضاً في طبقات ابن سعد (230 ه) ، وفي القرن السابع جمع عزّ الدين ابن الأثير (630 ه) في أسد الغابة في معرفة الصحابة ، وفيه أخطاء إذ ضمّنه من ليسوا من الصحابة ، وجاء بعده ابن حجر العسقلاني (ت852 ه) فألّف الإصابة في تمييز الصحابة ، وقد اختصره السيوطي (ت911 ه) بعين الإصابة». وهذا ما ذكره الشيخ صبحي الصالح فقط ، ينظر : علوم الحديث ومصطلحه : 109 ، وينظر : تدريب الراوي في شرح تقريب النووي 1/342 - 350.

وتعديلهم أحد مفردات علم الرجال المتمثّلة بدراسة أحوال الرواة من جميع الأحوال ، لا بل يعدّ من أهمّ المفردات ، لأنّه يدلّ على الحكم على الرواة بدرجة قطعية بعد جمع الأدلّة بوثاقة أو ضعف الراوي. وعلى ما يبدو فإنّ علم الجرح والتعديل هو فرع مكمّل لمهمّة أو وظيفة علم الرجال أو أداة من أدوات الرجاليّين ، والدليل على ذلك احتواء أغلب كتب الرجال على ألفاظ الجرح والتعديل ، ويشار أحياناً إلى بعض التأليفات الرجالية ضمن تأليفات الجرح والتعديل ، ولاسيّما عند مدرسة الجمهور. كما إنّه عند البحث في نشأة علم الرجال أو أهمّ من عمل فيه من الصحابة أو غيرها من محطّات العلم لا نرى أي فرز بين العِلْمين ، بل إنّهم يتكلّمون بالمعلومات نفسها التي تخصّ علم الرجال.

وعلم الجرح والتعديل هو : «علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة لا عن طريق تلك الألفاظ»(1) ، وهذه الألفاظ نفسهاالتي يستخدمها مصنّفو الرجال لكن قد يزيدون عليها بعض الأحكام الاجتهادية التي تصاغ بألفاظ خاصّة بهم - أي بالمصنّفين - وقد ينفرد كلّ رجالي بألفاظ معيّنة(2).

ولعلّ قول ابن أبي حاتم الرازي الفيصل فيما ورد ، إذ قال : «ولمّا كان الدين هو الذي جاءنا من عند الله عزّ وجلّ وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنقل الرواة د.

ص: 151


1- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 11/582. وعرّفه آخر بقوله : «علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ ، وهو فرع من فروع علم رجال الحديث» ، ينظر : أبجد العلوم والوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم2/211.
2- ينظر : خلاصة العلاّمة ، ورجال ابن داود.

حقّ علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم وإثبات الذين عرفانهم بشرائط العدالة والتثبّت في الرواية ممّا يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته ، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم أهل ورعوتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبيت فيه ، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات ولا غلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوهووعوه»(1).

وعلى ما يبدو فإنّ كلام ابن أبي حاتم يدلّ دلالة واضحة على تداخل خنادق المعرفة والمهامّ بين علمي الرجال والجرح والتعديل ، وعليه سوف أفردفصلاً خاصّاً بألفاظ الجرح والتعديل لأهمّيتها ولكونها تشكّل جزءاً مهمّاًمن أحكام الرجاليّين بحقّ الرواة ، فضلا عن التصاقها بكتب الرجال وعلم الرجال.

علم الرجال بين الحاجة إليه وعدمها :

لقد طال الحوار حول الحاجة إلى علم الرجال وعدمها ، فمن قائل بتوقّف الاستنباط عليه - وإنّ رحاه تدور على أمور منها العلم بأحوال الرواة - ولولاه لما تمكّن المستنبط من استخراج كثير من الأحكام من أدلّتها ، إلى قائل ينفي الحاجة إليه محتجّاً بوجوه منها قطعية أخبار الكتب الأربعة(2)صدوراً ، إلى ثالث قال بلزوم الحاجة إليه في غير ما عمل به من مشهور الروايات. ).

ص: 152


1- الجرح والتعديل 1/5 - 6.
2- وهي كتب الصحاح عند الشيعة الإمامية وعددها أربعة : الكافي لمحمّد بن يعقوب الكليني (ت329 ه) ، ومن لا يحضره الفقيه لمحمّد بن عليّ الصدوق (ت381 ه) ، وكتابي التهذيب والاستبصار لمحمّد بن الحسن الطوسي (ت460 ه).

واستدلّ العلماء على الحاجة إلى علم الرجال بوجوه ، أهمّها : حجّية قول الثقة ، الرجوع إلى صفات الراوي في الأخبار المتعارضة ، وجود الوضّاعين والمدلّسين ، وجود العامي في أسانيد الروايات ، إجماع العلماء على العناية بتأليف هذا العلم وتدوينه من عصر الأئمّة عليهم السلام إلى يومنا هذا(1).

ومن الغريب إنكار بعض المتأخّرين الحاجة إلى علم الرجال بتوهّم أنّ كلّ رواية عمل بها المشهور فهي حجّة وكلّ رواية لم يعمل بها المشهور ليست بحجّة سواء أكان رواتها ثقات أم ضعفاء ...

فالحاجة إلى علم الرجال باقية بحالها ، فإنّ جملة من المسائل لا طريق لناإلى معرفة فتاوى المشهور منها لعدم التعرّض لها في كلماتهم ، وجملة منها لاشهرة فيها لأحد الطرفين فهما متساويان وإن كان أحدهما أشهر من الآخر ، وليست كلّ مسألة فقهيّة كان أحد القولين أو الأقوال فيها مشهوراً وكان مايقابله شاذّاً. بل الحال كذلك حتّى لو قلنا بأنّ صدور الكتب الأربعة قطعيّ ، فإنّ أدلّة الأحكام الشرعية لا تختصّ بالكتب الأربعة ، فنحتاج في تشخيص الحجّة من الروايات الموجودة في غيرها عن غير الحجّة إلى علم الرجال(2).

كما اختلف العلماء في شأن الرجوع إلى كتب الرجال وأحكامها في 6.

ص: 153


1- بحوث في مباني علم الرجال : 15 - 35 ؛ الترابي والرهاني ، عليّ يحيى أكبر والشيخ يحيى ، الموسوعة الرجالية الميسّرة أو معجم رجال الوسائل ، تحت إشراف آية الله جعفرسبحاني ، ومراجعة السيّد محمود البغدادي ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام 1/5 - 12.
2- معجم رجال الحديث وطبقات الرواة 1/16.

أمر تمييز أنّ هذا ثقة وذاك ضعيف هل هو قضية ضرورية يحتاج الفقيه إليها حاجة ماسّة أو أنّ ذلك قضية يمكن الاستغناء عنها.

اختار بعض العلماء عدم الحاجة إلى علم الرجال ، بل لربّما مال بعضهم الآخر إلى تحريمه بدعوى أنّ فيه كشفاً عن عورات المؤمنين من قبيل أنّ هذا ضعيف لا يؤخذ بحديثه وذاك كذّاب ... إلخ.

ويمكن ربط هذا الاختلاف في الحاجة إلى علم الرجال وعدمها بالأقوال المتقدّمة ، فإذا بني منها على أنّ الخبر إذا عمل به المشهور فهو ثقة حتّى ولو لم يكن رواته ثقات فلا حاجة بنا إلى علم الرجال ، إذ المدار على عمل المشهور وليس على وثاقة الراوي ليحتاج إلى تشخيص الوثاقة. كما أنّ الحاجة إلى علم الرجال تضعف وإن لم تنعدم بشكل كلّي فيما إذا بني على انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، فإذا بني على هذا الرأي لا تبقى حاجة إلى البحث عن وثاقة الرواة ما دمنا قد فرضنا المشهور بالرواية. وحيث إنّ الصحيح عندنا ممّا تقدّم هو حجّيّة خبر الثقة وعدم كفاية الانجبار إذا لم يبلغ إلى مستوى المورث للاطمئنان بالصدق فتكون الحاجة إلى علم الرجال ثابتةوبشكل ماسّ(1).

وهناك من ذهب إلى عدم الحاجة إلى هذا العلم ، فمنهم من التزم حجّيّة الخبر الموثوق والمراد به أن يحصل الوثوق بصدوره حتّى لو كان المخبرغير ثقة فالمدار ليس وثاقة الراوي وعدمه ، ومنهم من قال بحجّيّة الأخبارالواردة في الكتب الأربعة لأنّها قطعية الصدور كما صرّح الأخباريّون وبعض العلماء وعليه لا حاجة إلى علم الرجال طالما أنّ جميع هذه الأخبار 9.

ص: 154


1- القواعد الرجالية 2/11 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 139.

حجّة ، ومنهم من ذهب إلى حجّية ما عمل به المشهور وإن كان المخبر عنه ثقةوضعف ما أعرض عنه المشهور وإن كان المخبر عنه ثقة ، ومنهم من قال الحجّية مطلق الظنّ لاعتماده على دليل الإسناد فيكون مؤدّى هذا الدليل هو حجّية الخبر الواحد مطلقاً سواء كان المخبر ثقة أم لا لأنّه من مصاديق الظنّ ومعه لا حاجة إلى علم الرجال(1).

معالم ومناهج علم الرجال :

إنّ علم الرجال من العلوم التي اختصّت بدراسة صفات الرواة من حيث قبولهم أو عدمه التي لها دخل في قبول رواياتهم أو ردّها ، وبهذا فإنّ أساس هذا العلم هو رواة الحديث والوقوف على أحوالهم ، ولتوسّع هذا العلم فضلا عن أهمّيته ظهرت الكثير من المناهج في التصنيف به ، علماً أنّ هذه المناهج على الرغم من الفرق الكبير بين آليّتها إلاّ أنّها تصبّ في هدف واحد هو دراسة أحوال الرواة وهو غاية علم الرجال ، إلاّ أنّ القائمين على هذاالعلم يجب أن يتّصفوا بصفات تؤهّلهم للخوض في غماره ، وذلك لأهمّية هذا العلم وعلاقته بعلوم من أجلّها ما يتعلّق بالأحاديث النبوية.

شروط الراوي :

يتناول هذا العنوان الشرائط المعتبرة في الراوي حتّى تقبل روايته ، وهومن الأمور المهمّة لتوقّف الاستنباط ومعرفة الحلال والحرام عليه ، ولهذاالسبب جاز الكشف عن حال الرجال وأنّهم مذمومون أو ممدوحون 5.

ص: 155


1- منتهى المقال في الدراية والرجال : 134 - 135.

ولايلزم فيه هتك ستر ولا جرح محرم ، فقد قيل لبعض العلماء : أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماؤك عند الله يوم القيامة؟ فقال : لئن يكونوا خصمائي أحبّ إليّ من أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) خصمي ويقول لي : لمَ لم تذبّ الكذب عن حديثي(1).

وهذه الشروط هي :

1 - الإسلام : واشتراطه هو المشهور بين المحدّثين والفقهاء ، بل عليه دعوى الإجماع(2) ، إذ عبّر الشهيد الثاني عن ذلك بقوله : «اتّفق أئمّة الحديث والأصول الفقهية على اشتراط إسلام الراوي»(3) ، وقال الشيخ ابن عبد الصمد العاملي : «أجمع جماهير الفقهاء والمحدّثين على اشتراط كونه مسلماً بالغاً»(4).

2 - الإيمان : أي كون الراوي إماميّا ، إذ استدلّ العلماء بأنّ غير المؤمن فاسق ، وإنّه لا مساواة بين المؤمن والفاسق ، وجوّز بعض العلماء العمل بخبر المخالف إذا روى عن أئمّتنا عليهم السلام بشرط عدم التعارض مع رواية شيعية ، كمادلّت الأخبار على حجّيّة خبر الثقة ولم تقيّده بالإيمان(5) ، كقول الحسن بن عليّ بن يقطين لأبي الحسن عليه السلام : «أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ماأحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال : نعم»(6).4.

ص: 156


1- الرعاية : 175.
2- فائق المقال في الحديث والرجال : 30.
3- الرعاية : 175.
4- وصول الأخيار : 187 ؛ ينظر : معجم مصطلحات الرجال والدراية : 19.
5- فائق المقال في الحديث والرجال : 30.
6- اختيار رجال الكشّي : 404.

3 - العقل : وهذا الشرط محلّ اتّفاق ، لأنّ المجنون لا عبرة بقوله لأنّه غيرمميّز فلا يقصد ما يقول(1).

4 - البلوغ : إنّ الأخذ من غير المميّز فيه إشكال ، أمّا المميّز فذهب قسم من العلماء بعدم جواز نقل خبره ، وذهب آخرون إلى صحّته وجواز نقله(2).

5 - العدالة : هي عبارة عن ملازمة ترك المحرّمات وفعل الواجبات.

أمّااشتراط العدالة فهو اختيار جمع من الأصحاب منهم المحقّق الحلّي والعلاّمة الحلّي وصاحب المعالم(3) ، وذهب جمع من العلماء إلى عدم اشتراطها بل اكتفوا بالوثاقة(4).

6 - الضبط : والمراد أن يكون متيقّظاً إنْ حدّث من حفظه وضابطاً لكتابه إنْ حدّث منه كما عبّر الشيخ ابن عبد الصمد العاملي(5) ، وكذلك الشهيدالثاني حيث قال : «بمعنى كونه حافظاً له متيقّظاً غير مغفّل عمّا حفظه 7.

ص: 157


1- منتهى المقال في الدراية والرجال : 86 ، معجم مصطلحات الرجال والدراية : 104.
2- ينظر : وصول الأخيار : 178 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 86 ، ولم تقبل تزكية الصبي المراهق والغلام الضابط ، ينظر : الكفاية في علم الرواية : 121 وما بعدها.
3- منتهى المقال في الدراية والرجال : 31. وقد اشترط علماء الجمهور مؤكّدين ضرورة اتصاف المزكي بجملة شروط منها العدالة ، إذ قال أحدهم : «ولابدّ للمزكي أن يكون عدلا» ، ينظر : فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ، مطبوع بذيل المستصفى للغزالي 2/154 ، وينظر : مباحث في علم الجرح والتعديل : 137 ، ضوابط الجرح والتعديل : 37.
4- فائق المقال في الحديث والرجال : 31.
5- وصول الأخيار : 187.

حافظاً له من الغلط والتصحيف والتحريف إنْ حدّث منه عارفاً بما يختلّ به المعنى إنْ روى به»(1). والضبط كون الراوي حافظاً فطناً واعياً متحرّزاً عن التحريف والغلط ، فإنّ من لا ضبط له قد يغلب عليه السهو في كيفية النقل ونحوها(2).

وهناك أمور لا تشترط في الراوي وهي كالآتي :

- الذكورة : فتصحّ رواية المرأة ، وهذا ممّا لا خلاف فيه(3).ا.

ص: 158


1- الرعاية : 185.
2- فائق المقال في الحديث والرجال : 31. وقد اشترط علماء الجمهور شروطاً يجب أن يتحلّى بها الرجالي ، منها على نحو الإجمال أن يكون يقظاً متثبّتاً لا يخلط بين أحكامهولا تشتبه عليه الأمور عارفاً بأحكام الجرح والتعديل بعيداً عن الهوى والعصبية ، فلا يجرح لحقد أو عداوة أو لمذهب أو لحسد أو لمنافسة أو نحو ذلك ، فضلاعن الورع والتقوى. وتحدّث علماء الجمهور بذلك ، وسوف نسوق قسماً من أقوال هؤلاء العلماء التي تحمل مضامين هذه الشروط ، وهي كالآتي : قال أحدهم : «يشترط في المعدّل العلم والتقوى والورع والصدق والتجنّب عن التعصّب» ، ينظر : الرفعوالتكميل في الجرح والتعديل : 52. وقال آخر : «والكلام في الرجال يحتاج إلى ورع تامّ وبراءة من الهوى» ينظر : المتكلّمون في الرجال : 130 ، وينظر : ابن الصلاح ، أبوعمر الشهرزوري (ت643 ه) ، المقدّمة : 128 ، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث 1/230. وقيل : «وينبغي أن لا يقبل الجرح إلاّ من عدل متيقّظ» ، ينظر : نزهة النظر بشرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر : 137. وقال آخر : «والجرح لا يقبل إلاّ من عرف بأسبابه» ، ينظر : شرح صحيح مسلم 1/125 ، وينظر : جمع الجوامع 2/12. وقيل أيضاً : «وبكلِّ حال كلام الأقران بعضهم في بعض يحتمل وطيه أولى من نبشه إلاّ أن يتّفق المعاصرون على جرح شيخ فيعتمد قولهم» ، ينظر : سير أعلام النبلاء 11/432 ، وينظر : النعمة ، دراسة في مصطلح الحديث : 51.
3- فائق المقال في الحديث والرجال : 32 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 92. ولا يشترط بالناقد أن يكون ذكراً ، فقد أجازوا تعديل المرأة وتجريحها إذا استوفت الشروط ، ينظر : الكفاية في علم الدراية : 121 وما بعدها.

- الحرّية : فتصحّ رواية العبد لعدم خصوصية الحرّية في قبول الخبر(1).

- العلم بالفقه واللغة العربية ، لأنّ المقصود الرواية لا الدراية كما عبّر الشيخ ابن عبد الصمد العاملي(2) والشهيد الثاني(3). وهناك من قال بوجوب معرفة اللغة العربية للرواة حذراً من اللحن والتصحيف(4).

- البصر(5).

مناهج التأليف في الرجال :

اعتمد الرجاليّون في تصنيفاتهم على مناهج وأساليب وطرائق علمية

في البحث الرجالي ، وأهمّ هذه المناهج :

المنهج الأوّل : المنهج التحليلي :

ويقوم على جمع كلمات الرجاليّين حول المفردة وهي بمنزلة الفتاوى الرجالية ، وتعيين طبقة الراوي من حيث الراوين عنه والراوي هو عنهم بغية معرفة البيئة العلمية والوسط الذي كان يعيش فيه ، وملاحظة مضامين ما يرويه والأبواب التي يكثر الرواية فيها فإنّها تعكس المستوى 2.

ص: 159


1- فائق المقال في الحديث والرجال : 34 ، منتهى المقال في الدراية والرجال : 92. وقدأجاز العلماء تعديل العبد وتجريحه بعد أن تثبت له شروط المعدّل والمجرح ، ينظر : الكفاية في علم الرواية : 121 وما بعدها.
2- وصول الأخيار : 138.
3- الرعاية : 186.
4- فائق المقال في الحديث والرجال : 32.
5- منتهى المقال في الدراية والرجال : 92.

العلمي للراوي ، ومعرفة نتاجه العلمي من الكتب المؤلّفة وتلقّي الأصحاب لها ، ثمّ مراجعة كتب التراجم كتاريخ بغداد للخطيب وتاريخ دمشق لابن عساكروغيرها ، ثمّ استقصاء سائر المصادر الرجالية الأخرى لدى الأصحاب ، ثمّ عمل سلسلة من التحليلات حول المفردة من خلال ضبط ومقارنة التاريخ الذي عاش فيه والانتماء المدرسي سواء في المدارس الفقهية داخل الطائفة أو الكلامية أو التفسيرية وغيرها ، وهو منهج يعتمد عليه الباحث التاريخي أيضاً.

المنهج الثاني : نظرية الطبقات :

وهو تحرّي معرفة طبقة الراوي عن طريق الراوي عنه والمروي عنه ، ثمّ تشخيص المدّة الزمنية التي بدأ فيها بتحمّل الرواية ، كما يشخص بذلك مدّة بروزه كنجم في تاريخ الرواية والتحديث وانتهاء إلى آخر مدّة عاش فيها ، وتشخيص ذلك يؤدّي إلى معرفة عدّة جهات في شخصية الراوي ، منهاحقيقة عمر الراوي ، والمكان الذي عاش فيه ، وأساتذته وشيوخه ، وتلامذته والرواة عنه ، وانتماءاته إلى المدارس العلمية ، وتمييز المفردات المشتركة مع الراوي في الإسم ، وهو من المسائل المهمّة جدّاً في علم رجال الحديث ، ويغلب هذا المنهج على معجم الرجال للسيّد الخوئي قدس سره(1).

المنهج الثالث : تجريد الأسانيد :

وهو المقابلة بين الطرق الموجودة في الكتب الروائية مع غضّ النظر 5.

ص: 160


1- بحوث في مباني علم الرجال : 172 - 175.

عن المتن ، وتتمّ المقابلة بالترتيب حسب إعجام الإسم أو بحسب الكتاب المستخرج منه أو الأصل ، وبهذه المقابلة يتمّ كشف بعض الوسائط الساقطة أواختلاف النسخ واشتباهها ، كما يتمّ به كشف المشتركات ، وهو يعطي فوائدأيضاً ، كمعرفة أسماء الراوي المتعدّدة وألقابه وكناه وتلاميذه الراوين عنه ومن يكثر منهم ومن يقلّ ، ومعرفة عمر الراوي وأسفاره وتنقّلاته في المواطن العلمية ، كما يظهر مرتبته العلمية. واعتمد السيّد البروجردي على هذاالمنهج في كتابه تجريد الأسانيد في الكتب الأربعة(1).

المنهج الرابع : النصوص الرجالية :

ويعتمد فيه على الاقتصار على أقوال الرجاليّين المتقدّمين كالأصول الخمسة ، وقد يلحق بهم أقوال المتأخّرين كخلاصة العلاّمة ورجال ابن داود ، وقد يضيف إليهم أقوال متأخّري المتأخّرين ممّن له الريادة في التحقيقات الرجالية ، ومن الكتب الرجالية المؤلّفة على هذا النمط كتاب خلاصة الأقوال للعلاّمة الحلّي ، ورجال ابن داود ، ومجمع الرجال للقهبائي ، ونقد الرجال للتفرشي(2).

المنهج الخامس : تراجم البيوتات والأسر الروائية :

وقد اعتمد على هذا المنهج في مصنّفات العديد من الرجاليّين ، كما صنّف أبو غالب الزراري في آل زرارة بن أعين ، وبعض آخر عن آل النجاشي ، وآخر في النوبختية ، وقد وضع العلاّمة بحر العلوم كتابه في 0.

ص: 161


1- بحوث في مباني علم الرجال : 179.
2- بحوث في مباني علم الرجال : 179 - 180.

الرجال على هذا المنهج ، حيث ترجم لكثير من البيوتات الشيعية. ويمتاز هذاالمنهج بتسليط الضوء على الراوي من جهة التربية الأسرية وقراءة ترجمة المفردة من جهة التنشئة التي نشأ فيها والمهد الذي ترعرع فيه المؤثّرفي انطباع سلوكه به. ويكفي أن يعدّ ما ألّف في نسب الطالبيّين من مؤلّفات عديدة في هذا القبيل ، مثل مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج الأصفهاني وغيره ، بل إنّ هناك تأليفات تأريخية في القبائل وبطونها وأفخاذها(1).

المنهج السادس : تاريخ المدن :

يقوم على ترجمة كلّ من دخل المدينة أو سكن فيها وأقام ممّن وقع في سلسلة الرواة أو كان له شأن في الوقائع التاريخية ، ويتحرّى في هذا المنهج التطرّق لذكر الوقائع التي جرت لصاحب الترجمة في تلك المدينة وسلسلة رواة تلك المدينة الراوين عنه ، كما يذكر هذا المنهج الروايات التي تبدأ طرقها من الرواة والمنتسبين إلى تلك المدينة. وبعبارة أخرى : إنّ هذا المنهج يركّز على الحواضر العلمية والروائية وغيرها التي نشأت في تلك المدينة والرواة الذين فيها ممّن قد لا توجد تراجمهم لدى أرباب التراجم والكتب الرجالية بسبب كون مؤلّفيها يقطنون في حواضر علمية ومدن أخرى لم يكن بينهم صلات علمية حديثية ، ومن أمثلة هذا المنهج تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وابن عساكر في تاريخه ، وابن شبة في تاريخ المدينة ، والأزرقي في تاريخ مكّة(2).3.

ص: 162


1- بحوث في مباني علم الرجال : 181.
2- بحوث في مباني علم الرجال : 181 - 183.

المنهج السابع : المنهج الروائي :

ويعتمد فيه على خصوص الروايات الواردة لمضمون مدح أو قدح أو مايلازمها حول الترجمة ، وقد اعتمد على هذا المنهج كثيراً الشيخ الكشّي في رجاله ، حيث ذكر في كلّ ترجمة الروايات الواردة حولها ، وقد استدرك عليه بعضهم في كتبهم الرجالية إلى عصرنا هذا كثيراً من الروايات ، وهذا المنهج يوضّح المنزلة العلمية للراوي ودرجة أمانته لدى الإمام عليه السلامومرتبةوثاقته.

المنهج الثامن : أصحاب كلّ إمام :

ويعتمد فيه على ذكر أصحاب كلّ إمام الشيوخ منهم والمتوسّطين والأحداث ، وقد يشترك بعض الرواة في صحبة أكثر من إمام ، وبهذا يمتاز هذاالمنهج عن منهج الطبقات الذي سبق ، وقد اعتمده الشيخ الطوسي في رجاله ، كما ألّف فيه الرجالي الكبير ابن عقدة كتاباً في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وقد ألّف على هذا المنوال العديد من الكتب ولاسيّما في الأعصر المتأخّرة ، كما ألّف في صحابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) كثيراً كالإصابة في معرفة الصحابة لابن الأثير وأسد الغابة في معرفة الصحابة وطبقات ابن سعد وغيرها(1).

المنهج التاسع : الفهرست وتراجم الكتب :

وهو من أقدم مناهج التصنيف في علم الرجال ، ويعتمد على ذكر 4.

ص: 163


1- بحوث في مباني علم الرجال : 184.

الكتب التي ألّفها الفرد المترجَم ومن روى تلك الكتب عنه والطرق إلى تلك الكتب مع ترجمة مختصرة لكلّ كتاب ومدى شهرتها واعتماد الطائفة عليها ، وقد تطوّر هذا المنهج إلى ذروته عند المحقّق الكبير والرجالي الشهير آقابزرك الطهراني ، ويمكن ملاحظة ذلك في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ويعدّ ابن النديم في فهرسته من الروّاد الذين خاضوا في هذا المضمار(1).

المنهج العاشر : المشيخة :

وهو يشبه المنهج السابق إلاّ أنّه يتميّز عنه في كون المشيخة أسلوباً في التدوين يرفق بكتاب الحديث لتوضيح طرق أصحاب الكتاب إلى الكتب التي استخرج روايات كتابه عنها مقتصراً عليها ، بخلاف كتب الفهرست فإنّها أعمّ من ذلك وأعمّ من أن يكون مؤلّف الفهرست محدّثاً وصاحب مدوّنات حديثيّة - كما هو الحال في الشيخ النجاشي - فضلا عن أنّه في المشيخة يقتصر فقط على ذكر الطرق إلى الكتب التي استخرجت منهاالروايات من دون تعريف زائد بأحوال الكتب والنسخ والتعريف بخصوصيّات أخرى ، وهذا بخلاف كتب الفهرست. ويعدّ أوّل من ألّف في المشيخة الراوي الجليل الحسن بن محبوب الزرّاد في كتابه المعروف بالمشيخة ، والشيخ منتجب الدين في فهرسته ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وغيرهم(2).7.

ص: 164


1- بحوث في مباني علم الرجال : 184 - 185.
2- بحوث في مباني علم الرجال : 186 - 187.

المنهج الحادي عشر : منهج الفوائد :

وهو يعتمد على ذكر الفوائد العامة في التوثيق أو الجرح أو المبيّنة لحال الطرق وبيان الاصطلاحات الرجالية ، كما قد يتعرّض إلى الترجمات المنهجية عن بعض المفردات بتقصٍّ واف ، كما وقد يتعرّض إلى فوائد عامّة في التوثيق مبتكرة جديدة ، وأيضاً قد يبحث فيها عن أصول علم الرجال. ويعدّهذا المنهج بمثابة البنية التحتية لمباحث علم الرجال ، ويرى أنّ كلّ كتاب يوضع عند المتأخّرين لابدّ أن يشتمل على الفوائد في مقدّمته أو خاتمته ، وهي تعكس مبنى المؤلّف في المنهج الرجالي ، وبعض هذه الفوائد توضع مستقلّة أو تلحق بكتاب حديث(1) ، وللاستزادة ينظر(2).

المنهج الثاني عشر : منهج تراجم الأعيان :

وهو يعتمد على ترجمة طبقات علماء الطائفة من ابتداء عصر الغيبتين ، ويكون لهذا المنهج أثر مهم في توثيق سلاسل الطرق في كتب الأصحاب سواء في المجاميع الأربعة الأولى أو الكتب الروائية التي ألّفت بعدهم ، كالطرق التي اعتمد عليها الطبرسي في الاحتجاج والطبري في دلائل الإمامة والمسعودي في إثبات الوصية ، وكذلك طرق المحمّدين الثلاثة(3) ، ولايخفى أهمّيتها لتصحيحها النسخ التي اعتمدوا عليها في استخراج روايات كتبهم. وممّن كتب في هذا المنهج : السيّد محمّد باقر الخونساري ة.

ص: 165


1- مباني علم الرجال : 184 - 187.
2- الفوائد الرضوية في أحوال علماء مذهب الإمامية ، (طهران ، د. ت).
3- هم : الشيخ الكليني (ت329 ه) والشيخ الصدوق (ت381 ه) والشيخ الطوسي (ت460 ه) أصحاب الكتب الحديثية الأربعة ، وهي تعدّ بمثابة الصحاح عند الشيعة الإمامية.

في روضات الجنّات ، والسيّد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة ، وآقا بزرك الطهراني في كتابه المعروف طبقات أعلام الشيعة ، والعلاّمة الشيخ عبد الحسين الأمين في شهداء الفضيلة ، والمحدّث القمّي في الكنى والألقاب ، وغيرهم(1).

المنهج الثالث عشر : منهج الإجازات :

وهو يتعرّض لسلاسل الإجازة في الرواية لطبقات المشايخ ، وكذلك إجازة رواية الكتب ، وهي أعمّ من كونها كتب حديث أو من علوم وفنون أخرى ، وهذا المنهج وإن كان أحد أبواب علم الدراية إلاّ أنّه يتبع علم الرجال لمافيه من الفوائد والثّمرات الرجالية ، وقد كتب فيه العديد من العلماء ، فترى في كلّ قرن وطبقة من وضع رسائل وكتباً في ذلك ، مثل إجازتي العلاّمة الحلّي لبني زهرة الطويلة والقصيرة ، وإجازات الشهيد الثاني لتلاميذه ، وإجازات العلاّمة المجلسي. وهذا المنهج يقرب من المنهج السابق مورداً وفائدة إلاّ أنّه يختلف عنه في الحيثية والجهة ، إذ هو يقتصر على من وقع في سلسلة الإجازة وإن لم يكن من الأعيان بخلاف المنهج السابق فإنّه يعمّ من لم يكن من مشايخ الإجازة ولكنّه يختصّ بأعيان العلماء(2).

المنهج الرابع عشر : علم الأنساب :

وهو العلم الباحث عن أنساب القبائل وبطونها وأفخاذها ومواطن 0.

ص: 166


1- بحوث في مباني علم الرجال : 189 - 188.
2- بحوث في مباني علم الرجال : 190.

سكناها وأحوالها وصفاتها ومدنها التي عاشت فيها وانتهاء شجراتها إلى الأفراد ، وحيث إنّ النسب النبوي والعلوي قد اختصّ ببالغ الشرف فقد وضعت كتب خاصّة به ، فكان دخول علم الأنساب في الكشف عن هوية المفردة هو من الأوّليّات الضرورية لمعرفة ترجمة المفردة ، فكلّما كان الرجالي محيطاً بهذه الكتب كان أقدر على تمييز المشتركات في اللقب أو الكنية أو موطن السكنى وتاريخها وغير ذلك ممّا له دخل في هوية المفردة الرجالية ، وقد كان الشيخ النجاشي يتميّز بالاهتمام بهذا العلم.

وهذا العلم في بداية نشوئه مدرج في كتب التاريخ تارة وفي كتب اللغة القديمة باعتبار أسماء القبائل تارة أُخرى ، إلاّ أنّه أُلْحِق بأحد الأبواب الرجالية ، بل انتهى الأمر إلى جعله علماً برأسه. وعلى كلّ حال فإنّ فائدته تصبّ في علم الرجال بنحو بالغ الأهمية وان استفيد منه في علوم أخرى(1).

الأخطاء والأوهام التي يقع فيها مصنّفو الرجال :

نظراً إلى صعوبة علم الرجال لتناوله الرواة وتحرّكهم ورصدهم والحكم عليهم بالجرح والتعديل كان لابدّ من تعرّض مصنّفيه إلى جملة من الأخطاء والأوهام ، وهي كالآتي :

1 - الخلط بين الرواة الذين اتّفقت أسماؤهم أو أنسابهم أو ألقابهم أو كناهم ، مثل عليّ بن أبي حمزة الثمالي وعليّ بن أبي حمزة البطائني ، فقد أشارالعلاّمة إلى أنّهما ليسا واحداً(2). 1.

ص: 167


1- بحوث في مباني علم الرجال : 191.
2- خلاصة الأقوال : 181.

2 - الوهم في جعل الراوي الواحد رجلين أو أكثر ، أو العكس بجعل الرواة المتعدّدين رجلاً واحداً ، مثل قول العلاّمة : «أحمد بن محمّد أبو غالب الزراري»(1) و «أحمد بن محمّد أبو غالب الزراري»(2) ، وفي مثال آخر «سيف بن عميرة»(3) و «سيف بن عميرة»(4) ، أمّا ما يخصّ جعل الرواة واحداً فمثل : بكربن محمّد الأزدي وبكر بن محمّد بن أخي سدير الصيرفي(5).

3 - الوهم في تاريخ ولادة الراوي أو تاريخ وفاته عند المصنّفين ، وهومشهور ، مثل : «... كان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة 336 ه- ، وقيل : سنة 338 ه»(6) ، ومثال آخر : «... فمات في جمادي الأولى سنة 305 ه- ، وقيل : سنة 304 ه- ...»(7).

4 - ذكر الراوي في غير بلده. وقد جرت العادة عند المصنّفين على نسبة الراوي إلى البلدان التي رحل إليها حسب القدم ، يقال : فلان المكّي المدني الكوفي الشامي ، أي مسار حياته ، فإنّه مكّيّ المولد شاميّ الوفاة. ومثال ذلك ما جاء في الخلاصة في بعض الرواة : «...أصله كوفيّ وانتقل إلى أصفهان ...»(8) ، فيعبّر عنه بالكوفي الأصفهاني. أو : «...أبو محمّد 9.

ص: 168


1- إيضاح الاشتباه : 96.
2- إيضاح الاشتباه : 101.
3- إيضاح الاشتباه : 194.
4- إيضاح الاشتباه : 198.
5- انظر اختيار معرفة رجال الكشّي : 592 ، ورجال ابن داود : 58.
6- خلاصة الأقوال : 248.
7- خلاصة الأقوال : 251.
8- خلاصة الأقوال : 49.

البوفكي ، وبوفك قرية من قرى نيسابور ...»(1).

5 - إغفال المصنّفين ذكر بعض الأعلام والمشاهير من الرواة والعلماء ، ومثال ذلك عدم ترجمة العلاّمة الحلّي(2) لابن داود الحلّي على الرغم من معاصرته له - وابن داود من العلماء البارزين الذين لهم تصانيف كثيرةومتشعّبة - وعلى الرغم من أنّ ابن داود ترجم للعلاّمة الحلّي في رجاله(3). ومن الأمثلة الأخرى عدم ترجمة العلاّمة الحلّي(4) وابن داود الحلّي(5) للشيخ محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني (ت588 ه) ، وفضله أكبر من أن ينكر ، فهو صاحب كتاب الرجال : معالم العلماء ، فضلا عن اعتمادهما - أعني الحلّيّين - عليه في استقاء معلوماتهما حول الرواة في كتبهما الرجالية.

أهمّ الصعوبات التي تواجه مصنّفي الرجال :

1 - عدم توافر المعلومات التاريخية الكافية عن الراوي المترجم له ، إذإنّ قلّة المعلومات المتوافرة للمصنّف عن الراوي تجعله في إشكالات كثيرة تحرمه من المقدرة على وضع حدود واضحة المعالم للترجمة وتبقى الترجمة قاصرة ، وتعود أسباب صعوبة وجود المعلومات التاريخية إلى كثرة الترحال في طلب العلم ، مثال ذلك ما جاء في الخلاصة في حقّ بعض ).

ص: 169


1- خلاصة الأقوال : 227.
2- ينظر : خلاصة الأقوال وإيضاح الاشتباه ، (باب الحاء).
3- ينظر رجال ابن داود : 78.
4- ينظر : خلاصة الأقوال وإيضاح الاشتباه (باب الميم).
5- ينظر : رجال ابن داود (فصل الميم).

الرواة : «... كان ينزل ببني شيبان بالكوفة ، وانتقل إلى بغداد سنة تسع وتسعين ومائة ، ويقال : إنّ في هذه السنة مات ، ومولده كان بالكوفة ومنشأه واسط وتجارته بغداد ثمّ انتقل إليها في آخر عمره ونزل قصر وضاح ...»(1).

2 - رحلة الراوي إلى بلد غير مشهور بالعلم فيموت فيه أو يندر من يروي عنه في ذلك البلد ، بما أنّ الترحال ديدن الرواة فأحياناً يصلون إلى بلدان غير مشهورة بالعلم ، وأحياناً يكون ذهابهم هناك لأسباب سياسية ، مثل ماحصل مع الكثيرين منهم : كسعيد بن جبير (ت95 ه) الذي كان يحزن لعدم سؤاله من أهل فارس عندما هرب إليهم على إثر طلب الحجّاج له(2).

3 - التضارب في الأقوال المنقولة والأخبار المدوّنة عن الراوي المترجم له وصعوبة الترجيح بينهما أو صعوبة الجمع بينهما على الرغم من وجود معايير مفاضلة عند النقاد وذلك بالاعتماد على المصنّف والمصدر لكونه أقرب إلى الحدث التاريخي ، وهذا التفاوت في الروايات المنقولة إمّا أن يكون تناقضاً في الأقوال كأن يقول : فلان قتل ، ورواية تقول : فلان مات ، أويكون الاختلاف ناتجاً عن تعدّد الروايات كأن يقول : مات سنة كذا أو قتل سنة كذا ... إلخ(3). 8.

ص: 170


1- خلاصة الأقوال : 288.
2- ينظر : الحاج جاسم ، سامي حمود ، سعيد بن جبير - دراسة تاريخية - رسالة ماجستيرمقدّمة إلى كلّية التربية ، ابن رشد ، جامعة بغداد ، غير منشورة : 79 - 92.
3- ينظر : خلاصة الأقوال : 156 ، 248.

أهمّية التصنيف في الرجال :

يمكن إجمال بيان أهمّية تصنيف الكتب الرجالية بالنقاط الآتية :

1 - إنّ كتب الرجال تعكس تراث الأمّة وعمق حضارتها ونتاجها الفكري والعلمي عبر التسلسل الزمني والتاريخي حتّى عصر المؤلّف.

2 - إنّ كتب الرجال تبيّن تطوّر العلوم بفروعها المتنوّعة من خلال الترجمة للرواة والإشارة إلى ريادة بعضهم في وضع قسم من العلوم أو إضافة أحد الرواة (العلماء) إضافات نوعية على علم معيّن.

3 - رصد الحركة العلمية في كلّ عصر ومصر أو جيل من خلال الترجمة للرواة والعلماء من الرواة في عصر معيّن أو مصر معيّن.

4 - تقويم العلماء المتخصّصين من خلال جهودهم العلمية في مؤلّفاتهم ونتاجهم العلمي ، كما يسهم ذلك في حفظ حقوق هؤلاء العلماء في مؤلّفاتهم وعدم سرقة المنتحلين لها.

5 - يحفظ للأمّة أنسابها ويؤرّخ أصالتها وذلك من خلال الإشارات النسبية عند الترجمة للرواة ، وبذلك تعدّ مصدراً لعلم الأنساب.

6 - تساعد القارئ على الحصول على معلوماته بسهولة ولاسيّما ما يخصّ التراجم والسير والأحداث التاريخية المتعلّقة ببعض المترجم لهم فضلاعن وثاقة الراوي المترجم له أو عدمها.

7 - إنّ كثيراً من مصنّفي الرجال حرصوا في كتبهم على تثبيت تراجم النابغين من العلماء وقادة الفكر ومن كان لهم أثر مميّز في نشر الحركة العلمية والتأليف أو من كان لهم أثر في عصرهم في اتجاه ما ، بل أفرد المصنّفون كتباً مخصّصة للضعفاء والمتروكين والمدلّسين والوضّاعين ممّا يسهل الرجوع والحكم على المترجم لهم.

ص: 171

8 - إنّ قسماً من كتب الرجال تتعرّض ضمناً إلى الأخوة والأخوات والآباء والذراري عندما يترجم لأحد الرواة ، وهذا يفيد في معرفة الأخوة والأخوات والعلاقات العائلية للرواة(1).

9 - قد يشير قسم من مصنّفي الرجال لأحد الرواة بصورة مختصرة جدّاً(2) ، أو بصورة موسّعة يذكر أخبارهم الشخصية والعائلية ومذاهبهم(3).

10 - تضمّنت كتب الرجال الكثير من الحكم والأقوال والأشعار والزهدوالعلوم والفتاوى الخاصّة بالرواة ولاسيّما الصحابة والتابعين ، وقد تذكرضمناً عند الترجمة للرواة.

11 - تعرف حركة الرواة - ولاسيّما الصحابة والتابعين - بين الأمصار وهجرتهم.

12 - الكشف عن وثاقة رجال الإسناد وتمييز الأسانيد ومعرفة الرجال المذكورين في السند والمرويّات.

13 - الكشف عن الخطأ في الإسناد من التصحيف والتحريف في أسماءرجال السند.

14 - الكشف والتمييز في الرواة المتشابهة أسماؤهم ، وقد صنّف في هذاالمضمار تصنيفات كثيرة تميّز الرواة المتشابهة أسماؤهم وألقابهم وكناهم.

15 - معرفة أنّ الراوي شخص واحد أو أكثر وإن ذكر بأسماء أو كنى 1.

ص: 172


1- ينظر : خلاصة الأقوال : 86 ، 96 ، 125 ، 141 ، 116 ، 216 ، وإيضاح الاشتباه : 147 ، ورجال ابن داود : 57.
2- ينظر : خلاصة الأقوال : 133 ، إيضاح الاشتباه : 100 ، ورجال ابن داود : 89.
3- ينظر : خلاصة الأقوال : 109 - 113 ، إيضاح الاشتباه : 291.

وألقاب متعدّدة في الكتب.

16 - تقدير مواليد الرواة ووفياتهم التي لم تدوّن وتصحيح المدوّن خطأًوالترجيح فيما اختلف فيه.

وللبحث صلة ...

ص: 173

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها من النشوء إلى القمّة (5)

السيّد حيدر وتوت الحسيني

لقد تعرضنا في الأعداد السابقة إلى تأريخ تأسيس مدينة الحلّة ، والنهضة العلمية والأسر والبيوت العلمية فيها ، وتأثير مدرسة الحلّة بالمدارس في المدن الإسلامية الأخرى ، وتطرقنا إلى العلوم الإسلامية التي كانت محل اهتمام مدرسة الحلّة ، واستعرضنا الحركة العلمية ، وعلماء الحلّة منذتأسيس المدينة في القرن السادس الهجري ، ونستأنف البحث هنا في مدرسة الحلّة في القرن السابع الهجري ...

85 - الحسن بن شهاب الواعظ :

جاء في شعراء الحلّة : «هو أبو محمد الحسن بن عبد بن شهاب الحلّي الواعظ الملقّب ب- : محبّ الدين ، كان حيّاً عام (650 ه). ذكره ابن الفوطي في المجمع فقال : ذكره شيخنا جمال الدين أبو الفضل أحمد بن المهنّاالحسيني وقال : سافر إلى الشام وكان فصيح الكلام ، ولمّا رجع إلى العراق كتب إليهم رسالة تشتمل على الاشتياق ، له شعر».

ص: 174

أقول :

من المؤسف أنّه لم يؤثر عنه ما يدلّ على أدبه وشاعريّته ، وكلّ ما ذكره المؤرّخون أنّ له شعراً دون أن يذكروا له ذلك.

86 - الشيخ الحسن بن داود الحلّي :

هو الفقيه الجليل الفاضل والعالم النحوي الكامل الأديب البارع والشاعرالمبدع اللامع الشيخ أبو محمد تقي الدين الحسن بن علي بن داودالحلّي الذي كان من أعاظم علماء عصره وأكابر أدباء مصره صاحب كتاب الرجال المشهور ب- : رجال ابن داود والذي ذكر ذات نفسه فيه(1) قائلاً :

«الحسن بن علي بن داود مصنّف هذا الكتاب ، مولده خامس جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وستمائة ، له كتب ، منها في الفقه : كتاب تحصيل المنافع ، وكتاب التحفة السعدية ، وكتاب المقتصر من المختصر ، وكتاب الكافي ...».

وقال السيّد التفريشي في نقد الرجال(2) :

«الحسن بن علي بن داود من أصحابنا المجتهدين ، شيخ جليل ، من تلاميذ الإمام العلاّمة المحقّق الشيخ نجم الدين أبو القاسم الحلّي قدس سره والإمام المعظّم فقيه أهل البيت جمال الدين ابن طاووس رحمه الله ، له أزيد من ثلاثين كتاباً نظماً ونثراً ، وله في علم الرجال كتاب معروف حسن الترتيب إلاّ أنّ فيه أغلاطاً كثيرة ، غفر الله له». 3.

ص: 175


1- رجال ابن داود : 75.
2- نقد الرجال 2/43.

وقال الحرّ العاملي في أمل الآمل(1) :

«الشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي ، كان عالماً فاضلاً جليلاً صالحاً محقّقاً متبحّراً ، من تلامذة المحقّق نجم الدين الحلّي ، يروي عنه الشهيد بواسطة ابن مُعَيَّة. قال الشهيد الثاني في إجازته للحسين بن عبدالصمد العاملي عند ذكر ابن داود : صاحب التصانيف الغزيرة والتحقيقات الكثيرة التي من جملتها كتاب الرجال ، سلك فيه مسلكاً لم يسلكه فيه أحد من الأصحاب ، وله من التصانيف في الفقه - نظماً ونثراً مختصراًومطوّلاً وفي العربية والمنطق والعروض وأُصول الدين نحو من ثلاثين مصنّفاً.

قال الحرّ العاملي : وسلوكه في كتاب الرجال أنّه رتّبه على الحروف الأوّل فالأوّل في الأسماء وأسماء الآباء والأجداد كما فعلنا نحن هنا ، وجمع جميع ما وصل إليه من كتب الرجال مع حسن الترتيب وزيادة التهذيب ، فنقل مافي فهرستي الشيخ والنجاشي والكشّي وكتاب الرجال للشيخ وكتاب ابن الغضائري والبرقي والعقيقي وابن عقدة والفضل بن شاذان وابن عبدون وغيرهما ، وجعل لكلّ كتاب علامة ، بل لكلّ باب حرفاً أو حرفين ، وضبط الأسماء ، ولم يذكر من المتأخّرين عن الشيخ إلاّ أسماء يسيرة جدّاً ، وذكر نفسه أيضاً ... إلى قوله معقّباً على كلام صاحب نقد الرجال الذي وصف كتاب ابن داود بأنّه كتاب حسن إلاّ أنّه فيه أغلاط كثيرة قائلاً : وكأنّه أشار إلى اعتراضاته على العلاّمة وتعريضاته به ونحو ذلك ممّا ذكره ميرزا محمد في كتاب الرجال ونبّه عليه». 1.

ص: 176


1- أمل الآمل 2/71.

وفي لؤلؤة البحرين(1) قال الشيخ يوسف البحراني معقّباً على قول صاحب أمل الآمل :

«وما تأوّل به في كتاب أمل الآمل في كلام السيّد مصطفى في ذمّهِ لكتاب ابن داود بعيد ، فالطعن عليه إنّما هو بالنسبة إلى الرجال المذكورين في كتابه من عدم موافقة ما في كتابه لما هم عليه لامن حيث اعتراضاته على العلاّمة رحمه الله».

وحكى السيّد محمد صادق بحر العلوم(2) قول صاحب رياض العلماء في المترجم له قائلاً :

«الشيخ تقي الدين أبو محمد الحسن بن علي بن داود الحلّي الفقيه الجليل رئيس أهل الأدب ورأس أرباب الرتب العالم الفاضل الرجالي النبيل المعروف ب- : ابن داود صاحب كتاب الرجال ، وقد يُعبَّر عنه بالحسن بن داود اختصاراً من باب النسبة إلى الجدّ ، وهذا الشيخ حاله في الجلالة أشهر من أن يذكر وأكثر من أن يُسطر ، وكان شريكاً في الدرس مع السيّد عبدالكريم بن جمال الدين أحمد بن طاووس الحلّي عند المحقّق الحلّي وغيره ، وله سبط فاضل ، وهو الشيخ أبو طالب بن رجب ...».

وفي روضات الجنات(3) :

«الشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي الرجالي المعروف بابن داود ، كان من العلماء الجامعين والفضلاء البارعين ، يصفونه في الإجازات بسلطان الاُدباء والبلغاء وتاج المحدّثين والفقهاء ، وهو من قرناء 7.

ص: 177


1- لؤلؤة البحرين : 271.
2- رجال بحر العلوم 2/224 الهامش.
3- روضات الجنّات 2/287.

العلاّمة المرحوم وشركائه في التدرّس بالعلوم ، راوياً عن جملة من مشايخه أيضاً كالمحقّق والسيّد أحمد بن طاووس والمفيد بن الجهم ، ويروي عنه الشهيد رحمه الله بواسطة الشيخ علي بن أحمد المزيدي وابن مُعَيَّة وأضرابهما ، ذاكراًمن جملة أوصافه الجميلة : سلطان الاُدباء ، ملك النثر والنظم ، المُبرَّز في النحو والعروض. وفي إجازة الشهيد الثاني رحمه الله : إنّه صاحب التصنيفات الغزيرةوالتحقيقات الكثيرة ...».

وجاء في الكنى والألقاب(1) :

«تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي الشيخ العالم الفاضل الجليل الفقيه المتبحّر صاحب كتاب الرجال المعروف ونظم التبصرة وغيرهما ممّا ينوف على الثلاثين ، تلمّذ على السيّد الأجل جمال الدين أحمدبن طاووس والمحقق قدّس سرّهما ، وكانت ولادته 5 جمادي الثاني سنة 647 (خمز) ، يروي عنه الشيخ الشهيد بواسطة ابن مُعَيَّة. وحكي أنّ الشيخ أبا طالب بن رجب العالم الذي يُنقل عنه دعاء الجوشن الكبير وشرحه هو سبط ابن داود المذكور ...».

شيوخه :

1 - السيّد الفقيه جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس.

2 - الشيخ الإمام المحقّق جعفر بن الحسن بن سعيد الحلّي.

3 - السيّد غياث الدين عبدالكريم بن أحمد بن موسى بن طاووس. 2.

ص: 178


1- الكنى والألقاب 1/282.

4 - الشيخ الفقيه الأصولي محمد بن الجهم الأسدي الحلّي.

5 - الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى الهذلي ابن عمّ المحقّق.

تلاميذه :

1 - السيّد العلاّمة تاج الدين محمد بن مُعَيَّة الحسني.

2 - الشيخ الفقيه رضي الدين علي بن أحمد المزيدي الحلّي.

3 - الشيخ الفقيه زين الدين علي بن طراد المطارآبادي.

4 - ويروي عنه الشهيد الأوّل الشيخ محمد بن مكّي العاملي بواسطة ابن مُعَيَّة الحسني.

مؤلّفاته :

1 - كتاب الرجال الشهير ب- : رجال ابن داود ، وهو من أشهر مؤلّفاته القيمة. قال السيّد محمد مهدي بحر العلوم في كتابه الفوائد الرجالية(1) عند ذكره لهذا الكتاب :

«وهو أوّل من رتّب الأسماء والكنى والألقاب ووضع الرموز والعلامات وقرّر الاصطلاحات فيه على ما هو المعهود في كتب المتأخّرين ، وقال في أوّل كتابه : وهذه لجّة لم يسبقني أحد من أصحابنا - رضي الله عنهم إلى خوض غمرها ، وقاعدة أنا أبو عذرها ...».

2 - كتاب تحصيل المنافع.

3 - كتاب التحفة السعدية. 2.

ص: 179


1- الفوائد الرجالية 2/232.

4 - كتاب المقتصر من المختصر.

5 - كتاب الكافي.

6 - كتاب النكت.

7 - كتاب الرائع.

8 - كتاب خلاف المذاهب الخمسة.

9 - كتاب تكملة المعتبر.

10 - كتاب الجوهرة في نظم التبصرة.

11 - كتاب اللمعة ، في فقه الصلاة ، نظماً.

12 - كتاب عقد الجواهر في الأشباه والنظائر ، نظماً.

13 - كتاب اللؤلؤة ، في خلاف أصحابنا ، لم يتمّ.

14 - كتاب الرائض في الفرائض ، نظماً.

15 - كتاب عدّة الناسك في قضاء المناسك ، نظماً.

16 - كتاب الدرّ الثمين في أصول الدين ، نظماً.

17 - كتاب الخريدة العذراء في العقيدة الغرّاء ، نظماً.

18 - كتاب الدرج.

19 - كتاب إحكام القضية في أحكام القضية ، في المنطق.

20 - كتاب حلّ الإشكال في عقد الأشكال ، في المنطق.

21 - كتاب البغية في القضايا.

22 - كتاب الإكليل التاجي ، في العروض.

23 - كتاب قرّة عين الخليل في شرح النظم الجليل لابن الحاجب ، في العروض.

24 - كتاب شرح قصيدة صدر الدين الساوي ، في العروض.

ص: 180

25 - كتاب مختصر الإيضاح ، في النحو.

26 - كتاب حروف المعجم ، في النحو.

27 - كتاب مختصر أسرار العربية ، في النحو.

وغيرها من الكتب إلى أزيد من ثلاثين كتاباً نظماً ونثراً.

وله شعر جيّد ، منه مرثيّته في الشيخ محفوظ بن وشاح الحلّي(1) ، وإليك بعض أبياتها :

لك الله أي بناء تداعى

وقد كان فوق النجوم ارتفاعاً

وأي علاء دعاه الخطوب

فلبّى ولولاالردى ما أطاعا

وأي ضياء ثوى في الثرى

وقد كان يخفي النجوم التماعا

لقد كان شمس الهدى كاسمه

فأرخى الكسوف عليه قناعا

فوا أسفاً إنّ ذاك اللسان

إذا رام معنىً أجاب اتّباعا

وتلك البحوث التي ما تملّ

إذا مَلَّ صاحب بحث سماعا

فمن ذا يجيب سؤال الوفود

إذا أعرضوا أو تعاطوا نزاعا

ومن لليتامى ولابن السبيل

إذا قصدوه عراة جياعا

ومن للوفاء وحفظ الإخاء

ورعي العهود إذا الغدر شاعا

سقى الله مضجعه رحمة

تروّي ثراه وتأبى انقطاعا

ومن شعره أيضاً يوم الغدير :

أفما نظرت إلى كلام محمّد

يوم الغدير وقد أُقيم المحمل

من كنت مولاه فهذا حيدر

مولاه لايرتاب فيه محصّل

نصّ النبي عليه نصّاً ظاهراً

بخلافة غرّاء لاتتأوّل3.

ص: 181


1- أُنظر أمل الآمل 2/73.

ولادته ووفاته :

ولد رضوان الله عليه وكما أخبر عن ذلك بنفسه في كتابه الرجال في خامس جمادى الآخرة سنة (647 ه) ، أمّا وفاته فلم يذكرها أحد إلاّ أنّه كان حيّاًسنة (707 ه)(1) ، وهي وقت فراغه من تأليف كتابه اسم كتاب ، والله سبحانه العالم.

87 - الشيخ الحسن بن معالي الباقلاّني :

هو العلاّمة النحوي الأديب الشيخ أبو علي الحسن بن معالي بن مسعودبن الحسين أبو علي الحلّي المعروف بابن الباقلاني الشافعي الحلّي. ذكره ياقوت في معجم الاُدباء(2) قائلاً :

«الحسن بن أبي المعالي بن مسعود بن الحسين أبو علي الحلّي المعروف بابن الباقلاني النحوي ، ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة ، وهو أحدأئمّة العربية في العصر ، سمع من أبي الفرج بن كليب وغيره ، وقرأ العربية على أبي البقاء العكبري واللغة على أبي محمد بن المأمون ، وقرأ الكلام والحكمة على الإمام نصير الدين الطوسي ، وانتهت إليه الرياسة في هذه الفنون وفي علم النحو ، وأخذ فقه الحنفية عن أبي المحاسن يوسف ابن إسماعيل الدامغاني الحنفي ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي ، وكان ذا فهم ثاقب وذكاء وحرص على العلم ، وكان كثير المحفوظ - وكتب الكثير بخطّه - ذا وقار مع التواضع ولين الجانب ، لقيته ببغداد سنة سبع وثلاثين 8.

ص: 182


1- أُنظر مصفى المقال : 126.
2- معجم الأدباء 9/198.

وستمائة ، وكان آخر العهد به».

أقول :

ذكر الخاقاني في شعراء الحلّة(1) أنّ لقاء ياقوت بالمترجم له كان عام (603) ه. وليس (637)ه- ، وأنّ هذا التاريخ هو من الأغلاط الطباعية.

قال ابن الفوطي في الحوادث الجامعة(2) قائلاً :

«وذكره ابن الفوطي في الحوادث الجامعة فقال : كان شيخ وقته في علم الأدب والنحو ، قدم بغداد واستوطنها ، وقرأ علم الكلام وسمع الحديث ، وكتب بخطه كثيراً ، وكان شديد الحرص على المطالعة مع علوّ سنّه وضعف بصره ، وكان حنفيّاً فترك مذهبه وانتقل إلى المذهب الشافعي ...».

وذكر له الصفدي في الوافي بالوفيات(3) شعراً وهو في وفائه لزوجته قائلاً :

«وقائل لي قد شابت ذوائبها

وأصبحت وهي مثل العود في النحف

لم لاتجذ حبال الوصل من نصف

شمطاء من غير ما حسن ولاترف

فقلت : هيهات أن أسلو مودّتها

يوماً ولو أشرفت نفسي على التلف

وأن أخون عجوزاً غير خائنة

مقيمة لي على الإقلال والسرف

يكون منّي قبيحاً أن أواصلها

جنىً وأهجرها في حالة الحشف ...»1.

ص: 183


1- شعراء الحلّة 2/121.
2- الحوادث الجامعة : 72 ، حوادث سنة 637 ه. والكلام في ترجمة الحسن بن أبي المعالي الحلي المعروف بأبن الباقلاني.
3- الوافي بالوفيات 12 : 171.

ولادته ووفاته :

ولد وكما ذكره ياقوت عام (568 ه)(1) ، أمّا وفاته فقالوا : كان آخر العهدبه سنة 637 ه(2).

88 - السيّد عزّ الدين الحسن بن طاووس :

هو السيّد الجليل أبو محمد عزّ الدين الحسن بن موسى بن جعفر بن طاووس أخو السيدين العلمين رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاووس الأجلاّء الأفاضل ، وهو أيضاً والد السيّد الجليل مجد الدين محمد صاحب كتاب البشارة.

ذكره ابن عِنَبة(3) عند حديثه عن آل طاووس الكرام قائلاً :

«منهم السيّد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمدبن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس ، كان له أربعة بنين :

شرف الدين محمد ، وعزّ الدين الحسن ، وجمال الدين أبو الفضائل أحمدالعالم الزاهد المصنّف ، ورضي الدين أبو القاسم علي السيّد الزاهد صاحب الكرامات نقيب نقباء العراق».

وجاء في طرائف المقال(4) :

«السيّد عزّ الدين الحسن بن موسى بن جعفر أخو السيّد رضي الدين أبي القاسم بن طاووس ، وآل طاووس من السادات النقباء المعظّمين 8.

ص: 184


1- معجم الأدباء 9 : 198 / الترجمة رقم (18).
2- الحوادث الجامعة : 72. الوافي بالوفيات 12 : 171.
3- عمدة الطالب : 190.
4- طرائف المقال 1/108.

معروفين بالجلالة وصحّة النسب والزهد ، رحمهم الله تعالى».

جاء في عمدة الطالب عن هامش الأصل : «كانت وفاة السيّد عزّ الدين الحسن سنة أربع وخمسين وستمائة (654 ه) رحمه الله تعالى».

89 - الشيخ الحسن بن يحيى الهذلي :

هو العالم الجليل الفاضل الشيخ أبو يحيى الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلّي الهذلي والد الإمام المحقّق الشيخ جعفر بن الحسن الحلّي صاحب كتاب شرائع الإسلام. ذكره صاحب أمل الآمل(1) قائلاً : «الحسن بن سعيد الحلّي والد المحقّق جعفر ، عالم ، فقيه ، فاضل ، يروي عنه ولده ...».

وفي موضع آخر من أمل الآمل(2) قائلاً :

«الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلّي والد المحقّق نجم الدين أبي القاسم جعفر ، كان فاضلاً عظيم الشأن ، يروي عنه ولده».

وقال الشيخ البحراني في لؤلؤة البحرين(3) عند ذكره للمحقّق الحلّي قدس سره :

«وكان أبوه الحسن من الفضلاء المذكورين وجدّه يحيى من العلماء الأجلاّء المشهورين».

وفي أعيان الشيعة(4) قال السيّد الأمين العاملي معقّباً على كلام صاحب الترجمة وزجره لولده المحقّق ومنعه من قول الشعر وحثَّه على 8.

ص: 185


1- أمل الآمل 2/66.
2- أمل الآمل 2/80.
3- لؤلؤة البحرين : 228.
4- أعيان الشيعة 15/388.

تحصيل العلوم فقط ما نصّه :

«وفي كتابة أبيه إليه بما مرّ دلالة على ما لأبيه من الرصانة وقوّة الإيمان ، فإنّ العادة جارية في مثل هذا المقام أن يفرح الإنسان بما يراه من ولده من شعر أو فخر وغيره ويرى قليله كثيراً ، ولكن أباه حمله نظره الصائب وإيمانه القوي على زجر ولده عن الفخر ونظم الشعر».

وذكره الشيخ عبدالله المامقاني في تنقيح المقال(1) بقول صاحب أمل الآمل فيه.

وفي طرائف المقال(2) قال البروجردي :

«الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلّي ، من الفضلاء ، يروي عنه ابنه المحقّق ، والظاهر أنّه ليس له مرتبة الاجتهاد ولكنّه من أهل الرجال والحديث».

وفي فقهاء الفيحاء :

«هو أبو يحيى الحسن ابن نجيب الدين أبي زكريّا يحيى بن سعيد الهذلي ، كان مفخرة من مفاخر جيله في العلم والدين والصلاح وفي طليعة الفقهاء البارزين والفضلاء السابقين في ميادين الثقافة ، وكفاه سؤدداً أن ينجبولداً نابهاً كالمحقّق صاحب المواهب والكفاءات المتعدّدة والقابليّات الممتازة ...». (رضوان الله عليه).

90 - الشيخ الحسن بن يوسف المطهّر (العلاّمة الحلّي) :

هو ملاذ الفقهاء المجتهدين وافتخار العلماء المتبحّرين مجمع 7.

ص: 186


1- تنقيح المقال 1/281.
2- طرائف المقال 1/107.

الفضائل ومرجع الأفاضل الأفخر الأفضل وحيد دهره وفريد عصره حجّة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين الشيخ الأكمل أبو منصور جمال الملّةوالدين الحسن ابن الفاضل الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّرالحلّي صاحب التصانيف الغزيرة والمؤلّفات القيَّمة الكثيرة التي لاتزال محطّ أنظار العلماء وموضع البحث والتدريس ، وقد تناول أرباب المعاجم وأصحاب التراجم سيرته العطرة المباركة محاطاً بكلّ آيات الثناء والمديح الذي هو له مستحقّ بكلّ جدارة لما بذله طوال حياته الشريفة من الجهود الجبّارة لخدمة الدين والعقيدة ، وقد ذكر ذات نفسه في كتابه المسمّى ب- : خلاصة الأقوال في معرفة الرجال(1) قائلاً :

«الحسن بن يوسف بن علي بن مُطهّر - بالميم المضمومة والطاء غير المعجمة والهاء المشدّدة والراء - أبو منصور الحلّي مولداً ومسكناً مصنّف هذاالكتاب ، له كتب : كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب ، لم يعمل مثله ، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه ورجّحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه ، يتمّ إن شاء الله تعالى عملنا فيه إلى هذا التاريخ وهوشهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، سبع مجلّدات ؛ كتاب تلخيص المرام في معرفة الأحكام ... إلى أن ذكر (64) كتاباً من مؤلّفاته ، ثمَّ قال : وهذه الكتب فيها الكثير لم يتمّ ، نرجو من الله تعالى إتمامه. والمولد : تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وستمائة ، ونسأل الله تعالى خاتمة الخير بمنّه وكرمه». 5.

ص: 187


1- خلاصة الأقوال : 45.

وذكره معاصره الشيخ ابن داود الحلّي في كتابه الرجالي(1) قائلاً : «الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ، شيخ الطائفة وعلاّمة وقته وصاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رياسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول ، مولده سنة ثمان وأربعين وستمائة ، وكان والده قدّس الله روحه فقيهاًمحقّقاً مدرّساً عظيم الشأن».

وفي نقد الرجال(2) قال السيّد التفريشي :

«الحسن بن يوسف بن علي بن مطهّر أبو منصور الحلّي شيخ الطائفة وعلاّمة وقته ، صاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ... إلى آخر ما ذكره ابن داود في رجاله. ثمّ عقّب قائلاً :

ويخطر ببالي أن لاأصفه ، إذ لايسع كتابي هذا ذكر علومه وتصانيفه وفضائله ومحامده ، وإنّ كلّ ما يوصف به الناس من جميل وفضل فهو فوقه ، له أزيد من سبعين كتاباً في الاُصول والفروع والطبيعي والإلهي وغيرها ، ومن جملة كتبه : كتاب منتهى المطلب ، وهو سبع مجلدات ، وهو كتاب لم يصنّف مثله ؛ وكتاب تذكرة الفقهاء ، وهو أربعة عشر مجلّداً ؛ وكتاب مختلف الشيعة ، وهو ست مجلّدات ؛ نوّر الله ضريحه وضريح أبيه وابنه وجزاه الله تعالى أفضل جزاء المحسنين. مات قدّس الله سرّه ليلة السبت حادي عشر محرّم سنة ست وعشرين وسبعمائة ودفن بالمشهد المقدّس الغروي على ساكنه من الصلوات أفضلها ومن التحيّات أكملها».

وحكى العلاّمة السيّد محمد صادق بحر العلوم في مقدّمة كتاب 9.

ص: 188


1- رجال ابن داود : 78.
2- نقد الرجال 2/69.

رجال العلاّمة الحلّي(1) قول صاحب رياض العلماء فيه قائلاً :

«الشيخ الأجل جمال الدين أبو منصور الحسن ابن الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن محمد بن المطهّر الحلّي قدس سره ، الإمام الهمام العالم الفاضل الكامل الشاعر الماهر ، علاّمة العلماء وفهّامة الفضلاء ، أُستاذ الدنيا ، المعروف فيما بين الأصحاب بالعلاّمة عند الاطلاق والموصوف بغاية العلم ونهاية الفهم والكمال في الآفاق ، وكان ابن أُخت المحقّق الحلّي صاحب شرائع الإسلام آية الله لأهل الأرض ، وله حقوق عظيمة على زمرة الإمامية والطائفة المحقّة الاثني عشرية لساناً وبياناً وتدريساً وتأليفاً ، وقد كان قدس سرهجامعاًلأنواع العلوم مصنّفاً في أقسامها ، حكيماً فقيهاً محدّثاً أُصوليّاً أديباً شاعراًماهراً ، وقد رأيت بعض أشعاره ببلدة أردبيل وهي تدلّ على جودة طبعه في أنواع النظم ، وكان وافر التصنيف متكاثر التأليف ، أخذ واستفاد من جمٍّ غفير من علماء عصره من العامّة والخاصّة ، وتتلمذ عليه واستفاد منه جمع كثير من فضلاء وقته من الخاصّة بل ومن العامّة كما يظهر من إجازات علماء الطرفين. وعن بعض تلاميذ الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة لذكر أسامي المشايخ أنّه قال :

ومنهم الشيخ البحر القمقام والأسد الضرغام العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي صاحب التصانيف الكثيرة والمؤلّفات الحسنة التي تنيف على المائتين ...».

وقال الشيخ فخر الدين الطريحي في كتاب مجمع البحرين(2) في مادّة 9.

ص: 189


1- خلاصة الأقوال : 9.
2- مجمع البحرين : 509.

العلاّمة كتاب الميم :

«والعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن مطهّر ، له كثير من التصانيف ، وعن بعض الأفاضل وجد بخطّه خمسمائة مجلّد من مصنّفاته غير خطّ غيره من تصانيفه. قال الشيخ البهائي رحمه الله : من جملة كتبه كتاب شرح الإرشادات ولم يذكره في عداد الكتب المذكورة - يعني في الخلاصة - ، قال : وهو موجودعندي بخطّه ...».

وذكره الحرّ العاملي في أمل الآمل(1) قائلاً :

«الشيخ العلاّمة جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي ابن المطهّر الحلّي ، فاضل ، عالم ، علاّمة العلماء ، محقّق مدقّق ، ثقة ثقة ، فقيه ، محدّث ، متكلّم ، ماهر ، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة ، لانظير له في الفنون والعلوم العقليات والنقليات ، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تحصى ، قرأعلى المحقّق الحلّي والمحقّق الطوسي في الكلام وغيره من العقليّات ، وقرأعليه في الفقه المحقّق الطوسي ، وقرأ العلاّمة أيضاً على جماعة كثيرين جدّاً من العامّة والخاصّة. وقد ذكره الحسن بن داود في كتابه فقال عند ذكره ...».

وفي لؤلؤة البحرين(2) قال الشيخ يوسف البحراني :

«وكان هذا الشيخ وحيد عصره وفريد دهره الذي لم تكتحل حدقة الزمان له بمثيل ولانظير كما لايخفى على من أحاط خبراً بما بلغ إليه من عظيم الشأن في هذه الطائفة ولاينبئك مثل خبير ... إلى قوله(3) : وبالجملة : 6.

ص: 190


1- أمل الآمل 2/81.
2- لؤلؤة البحرين : 210.
3- لؤلؤة البحرين : 266.

فإنّه بحر العلوم الذي لايوجد له ساحل وكعبة الفضائل التي تطوى إليها المراحل ، ولقد قيل : إنّه وزّع تصنيفه على أيّام عمره من يوم ولادته إلى موته فكان قسط كلّ يوم كرّاساً مع ما كان عليه من الاشتغال بالإفادة والاستفادةوالتدريس والأسفار والحضور عند الملوك والمباحثات مع الجمهورونحو ذلك من الأشغال ، وهذا هو العجب العجاب الذي لاشكّ في هولا ارتياب ...».

وفي روضات الجنّات(1) قال الخونساري :

«مفخر الجهابذة الأعلام ومركز دائرة الإسلام آية الله في العالمين ونور الله في ظلمات الأرضين واستاد الخلايق في جميع الفضائل باليقين جمال الملّةوالحق والدين أبو منصور الحسن ابن الشيخ الفقيه النبيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي المشهور بالعلاّمة أعلى الله في حظيرة قدسه مقامه وأسبغ عليه فواضله وأنعامه ... إلى قوله : فهذه نسبته ونسبه ، وأمّا فضله وحسبه وعلمه وأدبه فالأحسن والأحقّ والأولى أن نقرّرها لك بهذا التقرير :

لم يكتحل حدقة الزمان له بمثل ولانظير ولمّا تصل أجنحة الإمكان إلى ساحة بيان فضله الغزير ، كيف! ولم يدانه في الفضائل سابق عليه ولالاحقولم يثن إلى زماننا هذا ثناؤه الفاخر الفائق وإن كان قد ثُني ما أُثني على غيره من كلّ قلب جميل رائق وعلم جليل لائق ، وإذن فالأولى لنا التجاوزعن مراحل نعت كماله والاعتراف بالعجز عن التعرّض لتوصيف أمثاله ، ولنعم ما أسفر عن حقيقة هذا المقال صاحب كتاب نقد الرجال 9.

ص: 191


1- روضات الجنات 2/269.

حيث مالهج بالصدق وقال : ويخطر ببالي أن لاأصفه إذ لايسع كتابي هذا علومه ...».

وفي الكنى والألقاب(1) :

«العلاّمة آية الله الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن ابن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي ، علاّمة العالم وفخر نوع بني آدم ، أعظم العلماء شأناً وأعلاهم برهاناً ، سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي لايساجل ، جمع من العلوم ما تفرّق في الناس وأحاط من الفنون بما لايحيط به القياس ، رئيس علماء الشيعة ومروِّج المذهب والشريعة ، صنّف في كلّ علم كتاباً وآتاه الله من كلِّ شيء سبباً ، قد ملأ الآفاق بمصنّفاته وعطّر الأكوان بتأليفاته ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في المعقول والمنقول والفروع والاُصول ، مولده سنة 648 ه- ، قرأ على خاله المحقّق الحلّي وجماعة كثيرين جدّاً من العامّة والخاصّة ، وقرأ على المحقّق الطوسي في الكلام وغيره من العقليّات ، وقرأ عليه في الفقه المحقّق الطوسي ، وكان آية الله لأهل الأرض ، وله حقوق عظيمة على زمرة الإمامية ...».

وفي كتاب فلاسفة الشيعة(2) قال الشيخ عبدالله نعمة :

«نشأ الحسن بن المطهّر في الحلّة من بيت عريق بالعلم والدين ومن أُسرة عربية صميمة وفي جوّ حركة علمية عارمة ، يوم كان خاله نجم الدين المحقّق الحلّي يتولّى زعامة العلم والشريعة في العراق ، يشرف على إدارة الجامعة الشيعية التي كانت الحلّة يوم ذاك مركزها الرئيسي ويغذّيها بعقله 2.

ص: 192


1- الكنى والألقاب 2/442.
2- فلاسفة الشيعة : 242.

وروحه ويبذل في سبيلها ما في وسعه من جهد وطاقة ... إلى قوله : والعلاّمة الحلّي هو أحد النوابغ الأفذاذ وأبرز شخصية علمية نبغ في الاُصولين والحكمةوالكلام والمنطق والطبيعيات وعلوم الشريعة والعربية ، ولانجازف إذاقلنا : إنّه أكبر عالم شيعي أخذ بأسباب المعرفة الإسلامية في نصح واستيعاب ظهر حتّى الآن ، فقد انتهت إليه زعامة الشيعة الإمامية في عصره في المعقول والمنقول والفروع والأُصول ، وهو صاحب مدرسة علمية وفكرية عاشت طويلاً ولاتزال ضلالها بارزة على تفكير الكثير من العلماء إلى اليوم وبخاصّة في التشريع والكلام ، وإنّ شطراً من آثاره ولاسيّما في الفقه والفلسفة الإسلامية لايزال مرجعاً كبيراً في الجامعات الشيعية».

العلاّمة الحلّي وسلطان المغول :

من المناسب هنا ذكر بعض مناقب شيخنا الأفضل العلاّمة الحلّي طاب ثراه والتي لايسهل إحصاؤها لكثرة مآثره ومفاخره أعلى الله في جنان الخلد مقامه ، ومن بين هذه المناقب بل ومن أشهرها وأعظمها أثراً قصّته مع سلطان عصره المغولي الشاه خدا بنده أحد أحفاد هولاكو خان والتي من آثارهاانتشار المذهب - مذهب آل البيت عليهم السلام - في بلاد فارس وأرض إيران ، وهي كما ذكرها جمع من المؤرّخين ومنهم صاحب روضات الجنّات(1)قائلاً :

«وفي كتاب شرح مولانا التقي المجلسي على الفقيه نقلاً عن جماعة 9.

ص: 193


1- روضات الجنّات 2/279.

من الأصحاب أنّ الشاه خدا بنده المذكور غضب يوماً على امرأته فقال لها : (أنت طالق ثلاثاً) ، ثمّ ندم وجمع العلماء ، فقالوا : لابدّ من المحلّل ، فقال : عندكم في كلّ مسألة أقاويل مختلفة أَوَليس لكم هنا اختلاف؟! فقالوا : لا. فقال أحد وزرائه : إنّ عالماً بالحلّة وهو يقول ببطلان هذا الطلاق. فبعث كتابه إلى العلاّمة وأحضره ، فلمّا بعث إليه قال علماء العامّة : إنّ له مذهباً باطلاً ولاعقل للروافض ولايليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل ، قال الملك : حتّى يحضر ، فلمّا حضر العلاّمة بعث الملك إلى جميع علماءالمذاهب الأربعة وجمعهم ، فلمّا دخل العلاّمة أخذ نعليه بيده ودخل المجلس وقال : السلام عليكم ، وجلس عند الملك. فقالوا للملك : ألم نقل لك : إنّهم ضعفاء العقول؟! قال الملك : اسألوا عنه في كلّ ما فعل. فقالوا له : لِمَ ماسجدت للملك وتركت الآداب؟ فقال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ملكاً وكان يُسَلَّم عليه ، وقال الله تعالى : (فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللهِ مُبَارَكَةً)(1) ، ولاخلاف بيننا وبينكم أنّه لايجوز السجود لغيرالله. ثمّ قال له : لِمَ جلست عند الملك؟ قال : لم يكن مكان غيره - وكلّما يقوله العلاّمة بالعربي كان المترجم يترجم للملك - قالوا له : لأيّ شيء أخذت نعلك معك وهذا ممّا لايليق بعاقل بل إنسان؟ قال : خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله ، فصاحت الحنفية حاشا وكلاّ متى كان أبو حنيفة في زمان رسول الله بل كان تولّده بعد المائة من وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)!فقال : فنسيت ، فلعلّه كان السارق الشافعي ، فصاحت الشافعية كذلك وقالوا : كان تولّد الشافعي في يوم وفاة أبي حنيفة 1.

ص: 194


1- سورة النور 24 : 61.

وكان نشؤه في المائتين من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! وقال : لعلّه كان مالك ، فصاحت المالكية كالأوّلين ، فقال : لعلّه كان أحمد بن حنبل ، ففعلت الحنبلية كذلك. فأقبل العلاّمة إلى الملك وقال : أيّها الملك علمت أنّ رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاالصحابة ، فهذا أحد بدعهم أنّهم اختاروا من مجتهديهم هذه الأربعة ولو كان فيهم من كان أفضل منهم بمراتب لايجوّزون أن يجتهد بخلاف ما أفتى واحد منهم ، فقال الملك : ما كان واحد منهم في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة؟ فقال الجميع : لا ، فقال العلاّمة : ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين عليه السلام نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخيه وابن عمّه ووصيّه. وعلى أيّ حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل لأنّه لم يتحقّق شروطه ، ومنها العدلان فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال : لا ، ثمّ شرع في البحث مع العلماء حتّى ألزمهم جميعاً.

فتشيّع الملك ، وبعث إلى البلاد والأقاليم حتّى يخطبوا بالأئمّة الاثني عشر عليهم السلام ويضربوا السكك على أسمائهم وينقشوها على أطراف المساجد والمشاهد منهم».

وحكى الشيخ يوسف البحراني في الؤلؤة(1) ما ذكره الشيخ الاشكوري في كتابه حياة القلوب بعد ذكر العلاّمة وترجمة أحواله ومناظرته لأهل الخلاف في مجلس السلطان محمد خُدابنده قائلاً :

«وبعد إتمام المناضرة وبيان الحقّية لمذهب الإمامية الاثني عشرية خطب الشيخ (قدس الله لطيفه) خطبة بليغة مشتملة على حمد الله والصلاة 3.

ص: 195


1- لؤلؤة البحرين : 223.

على رسوله والأئمّة عليهم السلام ، فلمّا استمع ذلك السيّد الموصلي الذي هو من جملة المسكوتين بالمناظرة قال : ما الدليل على جواز توجيه الصلاة على غيرالأنبياء؟ فقرأ الشيخ في جوابه بلا انقطاع الكلام : (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وإِنّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)(1) ، فقال الموصلي على طريق المكابرة : ما المصيبة التي أصابت آله حتّى أنّهم يستوجبوا بها الصلاة؟ فقال الشيخ رحمه الله : من أشنع المصائب وأشدّهاأن حصل من ذراريهم مثلك الذي يرجّح المنافقين الجهّال المستوجبين اللعنة والنكال على رسول الملك المتعال ، فاستضحك الحاضرونوتعجّبوا من بداهة آية الله في العالمين.

وقد أنشد بعض الشعراء يقول في ذلك :

إذا العلوي تابع ناصبيّاً

بمذهبه فما هو من أبيه

وكان الكلب خيراً منه حقّاً

لأنّ الكلب طبع أبيه فيه

قال الشيخ البحراني معقّباً : لو لم يكن له قدس سره إلاّ هذه المنقبة لفاق بها على جميع العلماء فخراً وعلا بها ذكراً ، فكيف! ومناقبه لاتعدّ ولاتحصى ومآثره لا يدخلها الحصر والاستقصا».

من كراماته الباهرة قدس سره :

قال الخونساري في الروضات(2) :

«ومن طرائف أخباره الرشيقة أيضاً بنقل صاحب مجالس المؤمنين أنّ 2.

ص: 196


1- سورة البقرة 2 : 56 - 57.
2- روضات الجنّات 2/282.

بعضهم كتب في الردّ على الإمامية كتاباً يقرأه في مجامع الناس ويظلّلهم بإغوائه ولايعطيه أحداً يستنسخه حذراً من وقوعه بأيدي الشيعة فيردّوا عليه ، وكان العلاّمة المرحوم يحتال إلى تحصيله دائماً منذ سمع به إلى أن رأى التدبير في التلمّذ على ذلك الشخص تبرئة لنفسه عن الاتهام وتوسّل به إلى طلب الكتاب الموصوف ، فلمّا لم يسعه ردّه قال : أعطيك ولكنّي نذرت أن لاأدعه عند أحد أكثر من ليلة واحدة. فاغتنم العلاّمة وأخذه مع نفسه إلى البيت لأن يستنسخ منه على حسب الإمكان في تلك الليلة ، فلمّا أن صار نصف الليل وهو مشغول بالكتابة فإذا بمولانا الحجّة عليه السلام في زي رجل داخل عليه يقول له : اجعل الأمر في هذه الكتابة إلي ونم أنت ، ففعل ذلك ، ولمّا استيقظ رأى نسخته الموصوفة ممروراً عليها بالتمام بكرامة الحجّة عليه السلام ، بل في آخرها الرقم باسمه الأقدس كما قد يسمع ، والله العالم».

ومن زهده وتقواه رضوان الله عليه ما حكاه صاحب سفينة البحار(1) قائلاً :

«ومن زهده ما حكاه السيّد حسين المجتهد في رسالة النفحات القدسية عنه أنّه قدس سره أوصى بجميع صلواته وصيامه مُدّة عمره وبالحجّ عنه مع أنّه كان قد حجّ كما نقله في شأن الشيخ علي الكركي أيضاً ...».

شيوخه ومن يروي عنهم :

1 - السيّد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس. 1.

ص: 197


1- سفينة البحار 6/371.

2 - السيّد رضي الدين علي بن موسى بن طاووس.

3 - السيّد أحمد العريضي.

4 - والده الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي.

5 - خاله المحقّق الحلّي الشيخ جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي.

6 - المحقّق الخواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي.

7 - الفيلسوف الشيخ كمال الدين ميثم بن علي البحراني.

8 - الشيخ مفيد الدين محمد بن علي بن الجهم الأسدي الحلّي.

9 - الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن سعيد ابن عمّ المحقّق الحلّي.

10 - الشيخ حسن بن علي بن سليمان البحراني الستري. وقد ذكره صاحب لؤلؤة البحرين(1) باسم الشيخ حسين وليس حسن ، فلاحظ.

11 - الشيخ محمد بن نما الحلّي :

أقول :

ذكره بعض أرباب المعاجم ضمن شيوخ العلاّمة الحلّي الراوي عنه ، وهذا الكلام فيه نظر ، فان كان المقصود ب- : محمد بن نما هو شيخ الطائفة محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما فلا يمكن أن يروي عنه العلاّمة إلاّ بواسطة لبعد المسافة الزمنية بينهما ، فالشيخ محمد بن نما وفاته حدود عام 645 ه- وولادة العلاّمة عام 648 ه- ، والله سبحانه العالم.4.

ص: 198


1- لؤلؤة البحرين : 264.

12 - الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن نما الحلّي صاحب كتاب مثير الأحزان ، كما في روضات الجنّات(1).

13 - الشيخ العالم سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيرة بن وشاح الحلّي ، ويروي العلاّمة عنه بواسطة والده الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهّر.

ومن مشايخه من علماء العامّة :

14 - الشيخ نجم الدين عمر بن علي الكاتبي القزويني الشافعي المعروف ب- : دبيران المنطقي.

15 - الشيخ محمد بن محمد بن أحمد الكيشي المتكلّم الفقيه ابن أُخت قطب الدين محمد العلاّمة الشيرازي.

16 - الشيخ برهان الدين النسفي المصنّف في الجدل وغيره كثيراً.

17 - الشيخ جمال الدين حسين بن أبان النحوي المصنّف في الأدب.

18 - الشيخ عزّ الدين الفاروقي الواسطي من فقهاء العامّة.

19 - الشيخ التقي الدين عبدالله بن جعفر بن علي الصبّاغ الحنفي الكوفي.

وغيرهم كثير.

تلامذته ومن يروي عنه :

وهم كثيرون ، من أشهرهم : 9.

ص: 199


1- روضات الجنّات 2/179.

1 - ابن أُخته السيّد العلاّمة عميد الدين عبدالمطلب ابن مجد الدين محمد الأعرجي الحسيني.

2 - ابن أُخته السيّد الفاضل العالم ضياء الدين عبدالله ابن مجد الدين محمد الأعرجي الحسيني أخو السيّد عميد الدين.

3 - السيّد العلاّمة النسّابة تاج الدين محمد بن مُعَيَّة.

4 - السيّد الجليل علاء الدين أبو الحسن علي بن أبي إبراهيم محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي الحسيني.

5 - السيّد شرف الدين أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي إبراهيم محمد الحسيني الحلبي.

6 - السيّد بدر الدين أبو عبدالله محمد بن أبي إبراهيم محمد بن الحسن بن زهرة.

7 - السيّد أمين الدين أبو طالب أحمد بن بدر الدين محمد بن أبي إبراهيم محمد بن زهرة.

8 - السيّد عز الدين أبو محمد الحسن ابن بدر الدين محمد بن أبي إبراهيم محمد بن زهرة.

9 - السيّد مهنّا بن سنان المدني ، وقد أجازه العلاّمة ، وتاريخ الإجازة في المحرّم سنة 702 ه- بالحلّة كما في رياض العلماء(1).

10 - السيّد تاج الدين حسن السرابشنوي.

11 - ولد العلاّمة الحلّي الشيخ فخر المحقّقين محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي.

12 - الشيخ قطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي صاحب شرح المطالع. 9.

ص: 200


1- رياض العلماء 1 : 369.

13 - الشيخ رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي.

14 - الشيخ محمد بن علي الجرجاني شارح المبادئ لشيخه العلاّمة.

أقول :

قد ذكر هذا الشيخ في هامش رجال بحر العلوم(1) وضمن تلامذة العلاّمة أيضاً ولكن بعنوان : السيّد محمد بن علي الجرجاني ، فلاحظ.

15 - الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي.

16 - الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي ، وتاريخ الإجازة سنة 709 ه- كما في رياض العلماء(2).

17 - الشيخ محمد بن إسماعيل بن الحسن الهرقلي الحلّي.

مؤلّفاته :

وهي كثيرة جدّاً ، بل لم يؤثر عن أحد من علمائنا مثل ما أُثر عن العلاّمة قدس سره من كثرة المؤلّفات والمصنّفات القيّمة المفيدة وفي مختلف مجالات العلوم الإسلامية ، وقد ذكر قسماً من هذه المؤلّفات العلاّمة نفسه في كتابه الرجالي المسمّى ب- : خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، وقسمها الآخرأثبتها له العلماء والفقهاء المتأخّرين عنه والتي يعتقد أنّه ألّفها بعد كتابة خلاصة الأقوال الآنف الذكر ، وهي : 4.

ص: 201


1- الفوائد الرجالية 2/265 الهامش.
2- رياض العلماء 1 : 14.

في علوم الفقه :

قال السيّد محمد مهدي بحر العلوم في كتابه الفوائد الرجالية(1) : «أمّا الفقه فهو أبو عذره وخوّاض بحره ، وله فيه اثنا عشر كتاباً هي مرجع العلماء وملجأ الفقهاء ...».

1 - كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب ، في ستّة أجزاء.

2 - كتاب تلخيص المرام في معرفة الأحكام.

3 - كتاب غاية الأحكام في تصحيح تلخيص المرام.

4 - حاشية التلخيص.

في رياض العلماء عن حاشية المعالم الفقهية : إنّ للعلاّمة حواش على كتابه التلخيص وإنّه وافق في تلك الحواشي السيّد المرتضى رحمه الله في جواز التطهير بالماء المضاف ، ويمكن أن تكون تلك الحواشي هي الشرح المذكورآنفاً.

5 - تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية ، أربع مجلّدات في الفقه ، كلّه مطبوع في مجلّد واحد.

6 - كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، سبع مجلّدات ، مطبوع.

7 - كتاب تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين ، مطبوع طبعات عديدة وعليه شروح كثيرة لأهل هذه الأعصار.

8 - كتاب تذكرة الفقهاء ، ذكره هو في الخلاصة وقال : خرج منه إلى النكاح أربعة عشر جزء ، مطبوع. 7.

ص: 202


1- الفوائد الرجالية 2/257.

9 - كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان. قال آغا بزرك في الذريعة : إنّه مجلّد حسن الترتيب تبلغ مسائله خمسة عشر ألف مسألة ، وهو كثير الحواشي والشروح ...

10 - تسليك الأفهام في معرفة الأحكام ، مجلّد واحد.

11 - كتاب تسهيل الأذهان إلى أحكام الإيمان ، مجلّد واحد.

12 - كتاب مدارك الأحكام.

13 - كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحلام ، مجلّدان ، كثير الشروح والحواشي ، مسائله (6600) مسألة.

14 - كتاب نهاية الأحكام في معرفة الأحكام.

15 - كتاب تهذيب النفس في معرفة مذاهب الخمس.

16 - كتاب تنقيح قواعد الدين المأخوذة عن آل ياسين.

17 - كتاب المنهاج في مناسك الحاج.

18 - كتاب المعتمد ، في الفقه.

19 - رسالة في واجبات الحجّ وأركانه ، من دون ذكر الأدعية والمستحبّات ونحوها.

20 - رسالة في واجبات الوضوء والصلاة.

في علم أُصول الفقه :

21 - كتاب النكت البديعة في تحرير الذريعة ، للسيّد المرتضى رحمه الله.

22 - كتاب غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر السؤل والأمل في علمي الاُصول والجدل ، لابن الحاجب.

23 - كتاب مبادئ الوصول ، في علم الأُصول ، مطبوع.

ص: 203

24 - كتاب نهج الوصول إلى علم الاُصول.

25 - كتاب نهاية الوصول إلى علم الاُصول ، أربع مجلّدات.

26 - كتاب تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول ، مطبوع ، وعليه شروح وحواش كثيرة.

في علم الكلام وأُصول الدين والاحتجاج والجدل :

27 - كتاب نظم البراهين في أُصول الدين.

28 - كتاب معارج الفهم في شرح النظم ، في الكلام.

29 - كتاب الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة ، في الكلام.

30 - كتاب نهاية المرام في علم الكلام.

31 - كتاب كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد ، في الكلام.

32 - كتاب مناهج اليقين - أو منهاج اليقين - في أُصول الدين.

33 - كتاب تسليك النفس إلى حضرة القدس ، في نكات علم الكلام ودقائقه.

34 - كتاب نهج المسترشدين في أُصول الدين ، مطبوع مع شرحه للمقداد السيوري.

35 - كتاب كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، للنصير الطوسي ، في الكلام ، مطبوع.

36 - كتاب الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد ، هو شرح منطق تجريد الاعتقاد للنصير الطوسي.

37 - كتاب أنوار الملكوت في شرح الياقوت ، لإبراهيم النوبختي في الكلام.

ص: 204

38 - كتاب مقصد الواصلين - أو مقاصد الواصلين - في معرفة أُصول الدين.

39 - كتاب منهاج الهداية ومعراج الدراية ، في الكلام.

40 - كتاب كشف الحقّ ونهج الصدق ، صنّفه باسم السلطان الجايتو خدابنده محمد غياث الدين المغولي.

41 - كتاب النهج الحقّ.

42 - كتاب الهادي.

43 - كتاب واجب الاعتقاد ، في الاُصول والفروع ، وعليه شرح للمقداد السيوري.

44 - كتاب تحصيل السداد ، شرح واجب الاعتقاد المذكور ، مطبوع معه.

45 - كتاب منهاج الكرامة - أو تاج الكرامة - في إثبات الإمامة ، وقد سمّاه صاحب كشف الظنون ب- : منهاج الاستقامة مطبوع.

46 - كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين ، ذكر فيه ألف دليل على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وألف دليل على إبطال شُبَه المخالفين ، مطبوع.

47 - الرسالة السعدية ، في الكلام ، مطبوعة ، صنّفها باسم (سعد الدين)(1)صاحب الديوان.

48 - كتاب التناسب بين الأشعرية وفرق السوفسطائية.ه.

ص: 205


1- ذكره الطهراني في الذريعة : 12/183 قائلا : كتبها لسعد الدين محمد الساوجي الشهيد سنة 711 وزير خدابنده.

49 - كتاب الباب الحادي عشر في أُصول الدين ، ألحقه بمختصر مصباح المتهجّد المسمّى ب- : منهاج الصلاح الآتي ذكره في كتب الأدعية ، لأنّ المختصر عشرة أبواب فألحق به الباب الحادي عشر في أُصول الدين ، مطبوع مع شرح المقداد السيروي عليه ، وقد طُبع طبعات عديدة.

50 - كتاب استقصاء النظر في القضاء والقدر ، وقد سمّاه في الخلاصة : استقصاء البحث والنظر.

51 - رسالة في خلق الأعمال.

52 - كتاب منهاج السلامة إلى معراج الكرامة ، ذكر في كشف الظنون للجلبي.

53 - رسالة في تحقيق معنى الإيمان ونقل الأقوال فيه.

54 - كتاب أربعون مسألة ، في أُصول الدين.

55 - كتاب إيضاح مخالفة السنّة ، وهي من كتب الاحتجاج والجدل لاشتماله على بيان مخالفات لنصّ الكتاب والسنّة. يقول السيّد محمد صادق بحر العلوم في تقديمه لكتب العلاّمة عند ذكره لهذا الكتاب : ويمكن عدّه من كتب التفسير لما فيه من تفسير الآيات وبيان مداليلها.

56 - رسالة في آداب البحث ، مختصرة.

في علم التفسير :

57 - نهج الإيمان(1) ، في تفسير القرآن.

58 - القول الوجيز - أو السر الوجيز - في تفسير الكتاب العزيز. ظ.

ص: 206


1- ذكره السيّد محمد مهدي بحر العلوم في الفوائد الرجالية : 2/286 باسم : نهج الايمان تلخيص كتاب التبيان ، فلاحظ.

في علوم المعقول :

59 - كتاب القواعد والمقاصد ، في المنطق والطبيعي والإلهي.

60 - كتاب الأسرار الخفية في العلوم العقلية : من الحكمة والكلام والمنطق ، مجلّد ، يَرُدّ به على الفلاسفة ، ألّفه باسم هارون بن شمس الدين الجويني.

61 - كتاب كاشف الأستار في شرح كشف الأسرار.

62 - كتاب الدرّ المكنون في علم القانون ، في المنطق.

63 - كتاب المباحث السنية والمعارضات النصيرية.

64 - كتاب المقاومات.

قال رحمه الله في الخلاصة : باحثنا فيه الحكماء السابقين ، وهو يتمّ مع تمام عمرنا.

65 - كتاب حلّ المشكلات من كتاب التلويحات.

66 - كتاب إيضاح التلبيس من كلام الرئيس.

قال عنه العلاّمة في الخلاصة : باحثنا فيه الشيخ ابن سينا.

وفي إجازة مهنّا بن سنان سمّاه : كشف التلبيس وبيان سهو الرئيس.

67 - كتاب مراصد التدقيق ومقاصد التحقيق ، في المنطق والطبيعي والإلهي.

68 - كتاب المحاكمات بين شرّاح الإشارات.

69 - كتاب كشف الخفاء من كتاب الشفاء.

70 - كتاب القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية ، في المنطق.

71 - كتاب الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد.

72 - كتاب نهج العرفان في علم الميزان ، في المنطق.

ص: 207

73 - كتاب إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد ، وهو شرح لكتاب حكمة العين للكاتبي القزويني.

74 - كتاب تحرير الأبحاث في معرفة العلوم الثلاث : المنطق والطبيعي والإلهي ، مجلّد واحد.

75 - كتاب بسط الإشارات ، مجلّد واحد ، وهو شرح إشارات ابن سينا.

76 - كتاب تحصين الملخّص ، وكأنّه شرح على ملخّص فخر الدين الرازي ، في الحكمة والمنطق.

77 - كتاب الإشارات إلى معاني الإشارات ، مجلّد واحد ، وهو من شروحه على إشارات ابن سينا.

78 - كتاب لبّ الحكمة.

79 - كتاب النور المشرق ، في علم المنطق.

80 - كتاب إيضاح المعضلات من شرح الإشارات ، وهو شرح لشرح نصير الدين الطوسي على إشارات ابن سينا المسمّى ب- : حلّ مشكلات الإشارات.

81 - كتاب التعليم الثاني العام ، عدّة مجلّدات.

82 - كتاب كشف المشكلات من كتاب التلويحات ، مجلّدات.

83 - كتاب شرح حكمة الإشراق ، وهو غير شرح حكمة العين.

كتب الأحاديث :

84 - كتاب استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار.

85 - كتاب مصابيح الأنوار.

ص: 208

86 - كتاب الدرر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان.

87 - كتاب النهج الوضاح في الأحاديث الصحاح.

قال السيّد محمد صادق بحر العلوم(1) مُعقّباً : وهذه الكتب الأربعة ليس لها عين ولاأثر.

88 - كتاب جامع الأخبار أو مجاميع الأخبار.

كتب الرجال :

89 - كتاب خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، مجلّد واحد ، مطبوع.

90 - كتاب كشف المقال في معرفة الرجال ، أكبر من الخلاصة ، ويحيل عليه فيها وفي كتابه إيضاح الاشتباه ، ولكن لاوجود له.

91 - كتاب إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة ، مطبوع.

92 - كتاب تلخيص الفهرست للشيخ الطوسي ، بحذف الكتب والأسانيد.

كتب الأدعية :

93 - كتاب الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمّة الطاهرة.

94 - كتاب منهاج الصلاح في اختصار المصباح ، وهو مختصر مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي رحمه الله.

95 - كتاب كشف المكنون من كتاب القانون ، وهو اختصار شرح الجزولية في النحو. 6.

ص: 209


1- رجال العلاّمة الحلّي - المقدمة : 36.

96 - كتاب بسط الكافية ، وهو اختصار شرح الكافية في النحو.

97 - كتاب المقاصد الوافية بفوائد القانون والكافية.

قال العلاّمة رحمه الله في الخلاصة : جمعنا فيه بين الجزولية والكافية في النحومع تمثيل ما يحتاج إلى المثال.

98 - كتاب المطالب العلية في علم العربية.

جوابات المسائل :

99 - جوابات مسائل مهنّا بن سنان المدني الأولى.

100 - جوابات مسائل مهنّا بن سنان المدني الثانية.

101 - رسالة مختصرة في جواب سؤال السلطان محمد خدابنده عن حكمة النسخ في الأحكام الشرعية ، مذكورة في رياض العلماء.

102 - رسالة في جواب سؤالين سأل عنهما الخواجة رشيد الدين فضل الله الطبيب الهمذاني وزير غازان خان بن أرغون المغولي.

كتب الفضائل :

103 - كتاب كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ، مطبوع.

104 - كتاب جواهر المطالب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

ومن كتبه المتنوّعة الأخرى :

105 - كتاب مختصر شرح نهج البلاغة ، والظاهر أنّ هذا الشرح شرح ابن ميثم البحراني.

ص: 210

106 - كتاب شرح الكلمات الخمس لأمير المؤمنين عليه السلام ، في جواب كميل بن زياد.

الإجازات :

107 - إجازة طويلة مبسوطة لبني زهرة ، وإجازة للسيّد مهنّا بن سنان بن عبدالوهاب الحسيني المدني وغيرها ، وله إجازات كثيرة أخرى.

أقول :

قد أوردت هذا الفهرست لكتب ومؤلّفات العلاّمة الحلّي من مقدّمة رجال العلاّمة الحلّي(1) التي هي بقلم السيّد محمد صادق بحر العلوم مع بعض الملاحضات.

وله كتاب مختصر الإرشاد من مطبوعات المرعشي ، وكتاب مختصر فرحة الغري مع كتاب الغارات تحقيق الأرموي أبي جعفر.

شعره :

منه ما ذكره له صاحب روضات الجنّات(2) مخاطباً به الخواجة نصير الدين الطوسي طالباً الاستئذان في الرجوع إلى بلده :

محبّتي تقتضي مقامي

وحالتي تقتضي الرحيلا

هذان خصمان لست أقضي

بينهما خوف أن أميلا

ولايزالان في اختصام

حتّى نرى رأيك الجميلا).

ص: 211


1- خلاصة الأقوال : 20 - 37.
2- روضات الجنّات 2 : 286 / ذيل الترجمة (198).

وكتب إلى ابن تيمية لمّا وصله كتابه منهاج السنّة في الردّ عليه :

لو كنت تعلم كلّما علم الورى

طرّاً لصرت صديق كلّ العالم

لكن جهلت فقلت إنّ جميع من

يهوى خلاف هواك ليس بعالم

يقول العلاّمة السيّد محمد مهدي بحر العلوم في كتابه الفوائد الرجالية(1) بعد ذكره لبعض مناقب العلاّمة الحلّي :

«... ومع ذلك كلّه فقد كان رحمه الله شديد الورع كثير التواضع خصوصاً مع الذرية النبوية والعصابة العلوية كما يظهر من المسائل المدنية وغيرها ، وقد سمعت من مشايخنا رضي الله عنهم مذاكرة أنّه كان يقضي صلاته إذا تغيّر رأيه في بعض ما يتعلّق بها من المسائل حذراً من احتمال التقصير في الاجتهاد ، هذا غاية الاحتياط ومنتهى الورع والسداد ، وليت شعري كيف كان يجمع بين هذه الأشياء التي لايتيسّر القيام ببعضها لأقوى العُبّاد والعلماء؟! ولكن (ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ) ، وفي مثله يصحّ قول القائل :

ليس من الله بمستبعد

أن يجمع العالم في واحد»

ولادته ووفاته :

ولد رضوان الله عليه وكما ذكره هو بنفسه في كتابه خلاصة الأقوال(2) في19 رمضان سنة 648 ه- ، وتوفّي كما نصّ عليه أكثر أصحاب المعاجم في ليلة السبت 21 محرّم الحرام سنة 726 ه. في مدينة الحلّة المزيدية ، ).

ص: 212


1- الفوائد الرجالية : 1.
2- خلاصة الأقوال : 113 / ذيل الترجمة (274).

ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف ودفن بجوار سيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام عن عمر ناهز ال- 78 عاماً ، قدّس الله روحه الطاهرة.

أقول :

إنّ كلّ ما ذكرته هنا في ترجمة شيخنا العلاّمة أعلى الله في جنان الخلدمقامه ما هو إلاّ نزر يسير وقليل من كثير من مناقب ومفاخر هذه الشخصية العظيمة الفاقدة للمثيل والتي لايمكن أن تحتوي ترجمته هذه السطور القليلة ، بل تحتاج فيها إلى مجلّد ضخم يُحصي آثاره الخالدة ومناقبه الجمّة وخدماته الكثيرة لنصرة الدين والعقيدة ، ومهما قيل في حقّه فهو لحقِّه غير مستوف بما قدَّم وبذل وجاهد في سبيل نشر راية العلم والتقى ، فسلام عليه يوم ولد ويوم توفّي ويوم يبعث حيّاً.

91 - الشيخ الحسين بن ردة النيلي :

هو العلاّمة الفقيه الشيخ أبو عبدالله مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردة النيلي. ذكره صاحب أمل الآمل(1) قائلاً :

«الشيخ مهذّب الدين الحسين بن ردة ، محقّق ، جليل ، له مصنّفات يرويهاالعلاّمة عن أبيه عنه ، ويروي هو عن الحسن بن الفضل بن الحسن الطبرسي».

وفي روضات الجنّات(2) قال الخونساري بعد ذكره قول صاحب الآمل :

«ويظهر من كتاب فرائد السمطين للحمويني من علماء العامّة 7.

ص: 213


1- أمل الآمل 2/92.
2- روضات الجنّات 2/317.

المعاصرين للعلاّمة أنّ الحمويني المذكور يروي عن الشيخ سديد الدين يوسف والد العلامة عن الشيخ الأعلم الفقيه الفاضل مهذّب الدين أبي عبدالله الحسين بن أبي الفرج بن ردة النيلي عن الشيخ محمد بن الحسين بن علي بن عبدالصمد التيمي عن جدّيه عن أبيهما عن علي. وفي موضع آخرمن فرائد السمطين قوله : أخبرني سديد الدين يوسف أنّ الشيخ الفقيه الفاضل شهاب الدين أبا عبدالله الحسين بن أبي الفرج بن ردة النيلي أنبأه عن الشيخ حسن بن أبي علي الطبرسي إجازةً بروايته عن والده جميع رواياته وتصنيفاته ، والاختلاف في النسب لو صحّ فالأمر فيه هيّن كما علمت مراراً ، فتأمّل.

قال الخونساري معقّباً : واعلم أنّ هذا الشيخ مع جلالته ووفور مؤلّفاته ورواته لم يشتهر منه كتاب ، إلاّ أنّه قد رأيت على ظهر نسخة عتيقة من كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر وكانت مقروءة على بعض الأفاضل : إنّه من مؤلّفات الشيخ الفقيه العالم العامل مهذّب الدين الحسين بن محمد بن عبدالله قدس سره. وكان تاريخ كتابة النسخة سنة أربع وسبعين وستمائة ، ويحتمل أن يكون المراد به هذا الشيخ ، فتأمّل. ويحتمل كونه غيره ، فإنّه لم يذكر اسم جدّه (ردة) ، مع أنّ المشهور أنّ كتاب نزهة الناظر من مؤلّفات الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ابن عمِّ المحقِّق ...».

وذكره السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(1) قائلاً :

«الشيخ مهذّب الدين أبو شهاب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردة الحلّي النيلي ، كان متردّداً بين الحلّة والنيل حتّى استهوته أنديتها العلمية ، 6.

ص: 214


1- فقهاء الفيحاء 1/106.

وما أكثرها يوم ذاك ...». ونقل عن صاحب أعيان الشيعة من أنّ وفاة المترجم له كانت عام 644 ه- ، رحمه الله تعالى.

92 - الشيخ الحسين بن أحمد السوراوي :

جاء في أمل الآمل(1) :

«الحسين بن أحمد السوراوي ، كان عالماً فاضلاً جليلاً ، روى عنه السيّدرضي الدين علي بن موسى بن طاووس».

93 - الشيخ الحسين بن العود الأسدي :

هو العالم الفاضل والأديب الشاعر الشيخ أبو القاسم نجيب الدين الحسين بن العود الأسدي الحلّي. ذكره الخاقاني في شعراء الحلّة(2) قائلاً :

«هو أبو القاسم الحسين بن العود الأسدي الحلّي المتولّد عام 581 ه. والمتوفّى عام 677 ه. الملقّب نجيب الدين. ذكره ابن كثير في البداية والنهاية فقال : شيخ الشيعة وإمامهم وعالمهم في أنفسهم ، كانت له فضيلة ومشاركة في علوم كثيرة ، وكان حسن المحاضرة والمعاشرة ، لطيف النادرة ، وكان كثير التعبّد في الليل ، وله شعر جيّد ، ولد سنة 581 ه. وتوفّي في رمضان سنة 677 ه. قال الخاقاني : مع الأسف الشديد أنّه لم يذكر له بيتاً واحداً».

وفي فقهاء الفيحاء(3) :

«نجيب الدين أبو القاسم بن حسين بن العود الحلّي الأسدي من علماء أواخر المائة السابعة ، وافاه أجله المحتوم في جزّين ، وكان من 3.

ص: 215


1- أمل الآمل 2/90.
2- شعراء الحلّة 2/268.
3- فقهاء الفيحاء 1/173.

المعمّرين ناهز التسعين خريفاً ، وكان من فقهاء الإسلام ، مولده في الحلّة وبهاتأدّب ونشأ نشأةً عربية إسلامية صالحة ، وولّى وجهه شطر الثقافة فأتقن كثيراً من العلوم اللسانية والعقلية حتّى أُتيح له أن يكون المحور الذي تدور عليه البحوث العلمية ، وساهم في حركات الإصلاح الإجتماعي فعظم مقامه وعلا قدره وكوّن له شخصية متميّزة جذّابة قد ساعدته على تكوينها عوامل البيئة والاستعداد الفطري الذي تفاعل حتّى كوّن تلك الشخصية ...».

أقول :

قد ذكره صاحب فقهاء الفيحاء باسم : (أبو القاسم بن حسين بن العود الأسدي) ، والصحيح أنّ لفظ : (أبو القاسم) هي كنيته لااسمه ، وقد يكون هذا من الأخطاء الطباعية ، والله سبحانه العالم.

94 - السيّد الحسين بن المهنّا العلوي :

جاء في شعراء الحلّة(1) :

«هو عزّ الدين أبو عبدالله الحسين بن محمد بن المهنّا العلوي العبيدلي الحلّي الفقيه الأديب. ذكره السيّد الأمين في أعيان الشيعة فقال : توفّي سنة 675 ه. وقال صاحب مجمع الآداب : من السادة الأكابر ، قد تقدّم نسبه في ترجمة أخيه شيخنا جمال الدين ، وذكره في مشجّره الذي قرأته عليه سنة 681 ه- ، قال : كتب إليّ أخي عزّ الدين حسين بن دمشق :

شغلت نفسي عن الدنيا ولذّتها

فأنت والقلب شيء غير مفترق

وحقّ من أوجد الدنيا وزينتها

وصوّر العالم الإنسي من علق0.

ص: 216


1- شعراء الحلّة 2/170.

لقد هجرت لذيذ النوم بعدكم

أساهر النجم حيراناً إلى القلق

فإن تطابقت الأجفان عن سنة

سهواً رأيتك بين الجفن والحدق»

95 - الشيخ راجح بن إسماعيل الحلّي :

هو الأديب الفاضل والشاعر البارع الماهر الشيخ أبو الوفاء شرف الدين راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي الحلّي ، من كبار شعراء عصرهوأفاضل أدباء مصره ، ترجم له العديد من أصحاب المعاجم والتراجم من الطرفين ، وممّن ترجم له الخاقاني في شعراء الحلّة قائلاً :

«هو أبو الوفاء راجح بن أبي القاسم إسماعيل الأسدي الحلّي ، كنيته أبوالهيثم - وقيل أبو القاسم - ولقبه شرف الدين ، شاعر مشهور وأديب مطبوع ، ولد في الحلّة 15 ربيع الآخر من عام 570 ه. ونشأ بها وقال الشعر فيها ، وتردّد على بغداد فاتصل بولاتها ، وهاجر إلى حلب فاتصل باُمرائها وبقى مدّة طويلة فيها ، وبعدها سافر إلى دمشق حيث اتصل بملوكها آل أيّوب فمدحهم بقصائد كفلت ذكرها كتب التراجم ، وقد نال حظوة عندهم فقرّبوه وأغدقوا عليه وأنزلوه المقام السامي من نفوسهم ، وقد أثبت له عدّة قصائد في مدائحهم جمال الدين محمد بن سالم بن واصل المتوفّى 697 ه. في كتابه مفرّج الكروب في أخبار بني أيوب ج3 ... إلى قوله : وله في الملوك الأيّوبيّين قصائد ومقاطيع كثيرة أثبتنا بعضاً منها ... ثمّ قال : وإذا ما درسنا حياة المترجم له وجدناه شخصاً له مقامه الرفيع لا بين الاُمراء والملوك فحسب بل عند أخدانه من أهل الفضل - الذي لايعترفون بسهولة - فقد اندفع الكثير منهم بمدحه وخطب ودَّه ، ولقد ذكرني بذلك ما قاله فيه عبدالرحمن العسقلاني المتوفّى 635 ه- :

ص: 217

يقولون لي ما بال حظِّك ناقصاً

لدى راجح ربّ الشهامة والفضل

فقلت لهم إنّي سَمِيّ ابن ملجم

وذلك اسم لايقول به حلّيّ

ومن شعره أيضاً :

نشرت عقود سمائها الأنداء

بيد النسيم فللثرى إثراء

وبدت تباشير الربيع كأنّما

نشرت حبائر وشيها صنعاء

وافترّ ثغر الأقحوانة باسماً

إذ للشقيقة مقلة رمداء

والأرض قد زهيت بحلي نباتها

والجوّ حُلّة سحبة دكناء

والروض في نشوان سحرته وقد

طافت عليه الديمة الوطفاء»

وجاء في تاريخ الحلّة(1) :

«هو الشرف راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي الحلّي أبو الوفاء ، ولد بالحلّة في منتصف ربيع الآخر سنة 570 ه. ونشأ بها ونهل الأدب والشعر في بلده حتّى صار شاعراً فحلاً ، فقد كان شعره حسن الاُسلوب رصين العبارة جيّد السبك رائع التشبيه يطرّزه أحياناً التجنيس فيكسبه رونقاً فتلذّه الأسماع ويمتزج بنفوس سامعيه فيثير فيهم المشاعر ، فلمّااشتدّ ساعده وتمكّن من ناصية الشعر والأدب عزم على الرحلّة والأسفار ، فهاجر من الحلّة وطاف في البلاد حتّى استقرّ به المقام في حلب ، واتصل بالملوك الأيّوبيّين وخصّهم بقصائده مدحاً ورثاءً ، فأكرموا مثواه وأجزلوا عطاياه وصار له مركز مرموق عندهم ...».

وفاته :

ذكر ابن خلّكان في وفيات الأعيان(2) أنّ الشرف راجح الحلّي توفّي 8.

ص: 218


1- تاريخ الحلّة 2/66.
2- وفيات الأعيان 4 : 10 / 148.

ليلة27 شعبان سنة 627 ه. بدمشق ودفن بظاهرها بجوار مسجد النارنج شرقي مصلّى العيد ، ومولده في منتصف ربيع الآخر سنة 570 ه. بالحلّة ، وهومن مشاهير شعراء عصره ... رحمه الله تعالى.

96 - الشيخ زكريّا بن محمد القزويني :

هو العالم الفاضل القاضي الشيخ زكريّا بن محمد القزويني الحلّي. ذكره صاحب الكنى والألقاب(1) قائلاً : «زكريّا بن محمد بن محمود القزويني ، ينتهي نسبه إلى مالك بن أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كان عالماً فاضلاً ، ولد بقزوين ورحل إلى دمشق وتولّى قضاء واسط والحلّة في زمن المستعصم فسقطت بغداد وهو في ذلك المنصب ، له مؤلّفات ، أعجبها : عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ، وآثار البلاد وأخبار العباد ، جمع فيه ما عرف وسمع وشاهد من خصائص البلاد والعباد ، ولكن فيه الغثّ والسمين كما يوجد في أمثاله ، توفّي سنة 683 ه. و (القزويني) نسبة إلى قَزوين كتَقويم - وبكسر القاف أيضأ - : مدينة كبيرة في عراق العجم عند قلاع الإسماعيلية ، وهي من بلاد الجبل ثغر الديلم ...».

وفي طرائف المقال(2) :

«القاضي عماد الدين زكريّا بن محمود القزويني صاحب كتاب عجائب المخلوقات ، يروي عنه السيّد غياث الدين عبدالكريم بن طاووس ...». 7.

ص: 219


1- الكنى والألقاب 3/53.
2- طرائف المقال 1/107.

وذكره أيضاً السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(1) قائلاً بعد

ذكرنسبه :

«وُلِد القزويني في قزوين ثم هاجر ذووه إلى العراق وهو صغير لم يبلغ الحلم ، واستقرّ مع أُسرته في الحلّة الفيحاء فنشأ بحكم البيئة نشأة عربيةوتعلّم العلم والأدب وما أكثر هذه الموارد في الحلّة حينذاك حتّى تميّزت كمركز ديني وعلمي وأدبي ممتاز ... إلى قوله : إنّه تولّى القضاء في الحلّة عام 650 ه- ...». رحمه الله تعالى.

97 - الشيخ سديد الدين سالم بن وشاح الحلّي :

هو العلاّمة الكبير والفقيه المتكلّم النحرير شيخ فقهاء عصره الفاضل الكامل سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلّي أحد مشايخ المحقّق جعفر بن سعيد الحلّي. ذكره صاحب أمل الآمل(2) قائلاً :

«الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي ، عالم ، فقيه ، فاضل ، له مصنّفات يرويها العلاّمة عن أبيه عنه ، منها : كتاب المنهاج في الكلام ، وغير ذلك ، وقد ذكر الكتاب المذكور المقداد في شرح نهج المسترشدين».

وفي روضات الجنّات(3) :

«الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلّي ، عالم فقيه فاضل ، له مصنّفات يرويها العلاّمة عن أبيه عنه ، منها .. 4.

ص: 220


1- فقهاء الفيحاء 1/123.
2- أمل الآمل 6/164.
3- روضات الجنات 4/4.

إلى قوله : سيجيء : (الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح) الذي كان في عصر المحقِّق الحلِّي وأنّه لمّا مات رثاه ابن داود وجماعة أُخرى ، والظاهر كونه بعينه والد صاحب هذا العنوان. وقال الشهيد في بعض أسانيد أحاديث أربعينه : إنّ السيّد علي بن طاووس يروي عن الشيخ الإمام العلاّمة سالم بن محفوظ المذكور عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الأكبر عن الشيخ عربي بن مسافر المعروف في طرق الإجازات ، وقد سبق في ترجمة المحقِّق أنّه قرأ على الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي وأن هى عليه كتاب المنهاج وشيئاً من المحصّل وشيئاً من علم الأوائل ، والمراد به هو هذا الشيخ ، وقد يعبّر عنه بالشيخ سديد الدين سالم بن عزيزة أيضاً ...»

وفي كتاب الشيعة وفنون الإسلام(1) للسيّد حسن الصدر وتحت عنوان مشاهير أئمّة علم الكلام من الشيعة :

«... ومنهم سديد الدين بن عزيزة سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي ، إليه انتهى علم الكلام والفلسفة وعلوم الأوائل ، تخرّج عليه المحقّق الحلّي صاحب الشرايع وسديد الدين ابن المطهّر وجماعة من الأعاظم ، صنّف المنهاج في علم الكلام وكان هو الكتاب المعوّل عليه في علم الكلام ...».

وفي تاريخ الحلّة قال يوسف كركوش بعد ذكره لمقالة صاحب أمل الآمل في المترجم له :

«قال الشهيد في بعض أسانيد أربعينه : إنّ السيّد علي بن طاووس 7.

ص: 221


1- الشيعة وفنون الإسلام : 57.

يروي عن الشيخ الإمام العلاّمة سالم بن محفوظ المذكور عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الأكبر عن الشيخ عربي بن مسافر ، قرأ المحقِّق الحلّي على المترجم له كتاب المنهاج ...».

شيوخه :

وأشهرهم الشيخ العالم نجيب الدين يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي جدّ المحقِّق الحلِّي جعفر بن الحسن ، وكان يعرف ب- : يحيى بن سعيد الأكبر تميّزاً له عن حفيده يحيى بن أحمد ابن عمّ المحقّق الحلّي.

تلامذته :

من أشهرهم :

1 - الشيخ الإمام العلاّمة جعفر بن الحسن بن يحيى الهذلي المعروف ب- : المحقِّق الحلِّي.

2 - السيّد العالم الزاهد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس.

3 - الشيخ الفقيه الاُصولي الفاضل سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي والد العلاّمة الحلّي قدس سره.

مؤلّفاته :

ذكر أصحاب التراجم أنّ للشيخ سديد الدين سالم بن عزيزة الحلّي المترجم له تصانيف ومؤلّفات إلاّ أنّهم لم يذكروا له منها سوى كتاب المنهاج وهو في الكلام ، والله سبحانه العالم.

ص: 222

ولادته ووفاته :

أقول :

لم أتوصّل إلى معرفة تاريخ ولادته أو وفاته رضوان الله عليه ، أمّا بالنسبة لقول صاحب روضات الجنّات من أنّ المترجم له الشيخ سديد الدين سالم بن عزيزة هو ابن الشيخ محفوظ بن وشاح الحلّي فهو كلام فيه نظروذلك لاختلاف الاسم بينهما ، ف- (وشاح) عند الأوّل هو جدّ الأب وعند الثاني هو الأب ، ولو فرضنا أنّ هذا الأمر جائز الحدوث وأنّ الانتماء إلى الجدّالأشهر يمكن حصوله يبقى سبب آخر يُبعد وجود العلاقة النسبية بينهما ، وهو أنّ المترجم له الشيخ سديد الدين سالم هو من تلامذة الشيخ نجيب الدين يحيى الأكبر بن سعيد جدّ المحقّق الحلّي وكذلك هو من مشايخ المحقّق جعفر بن الحسن الحلّي أمّا الشيخ محفوظ بن وشاح الحلّي والذي يفترض أن يكون والد سديد الدين سالم فهو من تلامذة المحقّق الحلّي ، وعلى هذا يكون الشيخ سديد الدين سالم الذي يروي عن جدّ المحقّق الحلّي أكبر سنّاً من أبيه الشيخ محفوظ بن وشاح تلميذ المحقّق الحلّي وهذا من المحال ، وقد أيّد اختلاف الاسمين السيّد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل وسنذكر قوله في ترجمة الشيخ محفوظ بن وشاح الحلّي ، والله سبحانه العالم.

98 - الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلّي :

جاء ذكره في هامش كتاب الفوائد الرجالية(1) للسيّد محمد مهدي بحرالعلوم وبقلم السيّد محمد صادق بحر العلوم حاكياً عن الرسالة 7.

ص: 223


1- الفوائد الرجالية 3/137.

الموجودة في بحار الأنوار والمشتهرة بقصّة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض ، وهذه الرسالة هي من تأليف الفضل بن يحيى بن علي الطيّبي الإمام الكوفي ، حيث قال :

«... قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلّي والشيخ جلال الدين عبدالله بن الحرام الحلّي قدّس الله روحيهما ونوّر ضريحيهما في مشهد سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبدالله الحسين عليه السلام في النصف من شهر شعبان سنة669 ه- ...».

أقول :

لم أتوصّل إلى معرفة أحوالهما أو الحصول على ترجمة ضافية لهما سوى ما ذكره صاحب البحار في هذه الرسالة ، رضوان الله عليهما.

99 - الشيخ صالح بن جعفر القرشي :

جاء في شعراء الحلّة(1) : «هو أبو التقى صالح بن جعفر بن صالح بن عمربن علي بن أبان القرشي الكوفي قاضي الحلّة الملقّب محي الدين ، ذكره ابن الفوطي في المجمع فقال : له نسب متّصل بأبان بن عثمان بن عفّان ، ولي قضاء الحلّة السيفية بعد القاضي شمس الدين علي بن محمّد ابن علي الرامهرمزي ، وكان عارفاً بالفقه وأصوله ، له أخلاق حسنة ، وكان يتأدّب. أنشدني شيخنا جلال الدين عبدالحميد بن فخار ، قال : سمعته ينشد : 4.

ص: 224


1- شعراء الحلّة 3/84.

هيهات هيهات كلّ الناس قد قلبوا

في قالب الغدر والإعجاب والملق

فإن تخلّف منهم بالنهى رجل

عادت به نفسه يوماً إلى الخلق ..»

100 - الشيخ عبّاس بن محمد الحلّي :

جاء في شعراء الحلّة(1) :

«هو أبو الفضل عبّاس بن محمد الحلّي أحد أُدباء الحلّة المنسيّين ، ذكره صاحب الحصون في المجموع المرقّم (21) نقلاً عن مجمع الآداب لابن الفوطي ، وذكر له أبياتاً مدح فيها أبا المظفّر عبدالكريم بن جمال الدين أحمد بن طاووس وكان وقد خرج للاستسقاء فأرخت السماء عزاليها فقال قصيدة منها هذه الأبيات :

بعزمك سحّب السحبُ

وأولت فوق ما يجبُ

وقد كان الثرى يبساً

فلا ماء ولاعشب

فأعطاك الذي ترجوه

منه العجم والعرب

وما عجب رآه الناس

لكن ضدّه العجب»

وللموضوع صلة ... 2.

ص: 225


1- شعراء الحلّة 3/292.

من تراث مكتبات النجف الأشرف (2)

مكتبة

الحجّة الشيخ شير محمّد

ابن

صفر علي الهمداني رحمه الله

(1)

أحمد علي مجيد الحلّي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

النجف الأشرف مدينة أمير المؤمنين عليه السلام التي حوت على التراث العلمي الثرّ وزخرت رفوف بيوتاتها بالكمّ الهائل من مؤلّفاتها ومصنّفاتها حتّى صاريخيّل للمتتبّع لتأريخها أنّ الكتاب غدا طعاماً وشراباً لأهلها ، بل وجد أكثرمن ذلك عجباً حيث نشأت بيوتاتها وهي تحمل لقب مؤلّفاتها ككاشف الغطاء وآل الجواهري ، كما ظهرت فيها عوائل مهمّتها الخطّ والنسخ كأسرة آل قفطان ، هذا من جانب ومن جانب آخر ظهرت عدّة مكتبات عامّة أنشأها أصحابها مثل مكتبة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ومكتبة السيّد محسن الحكيم ومكتبة الشيخ عبدالحسين الأميني - مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام - وغيرها من المكتبات ، وأمّا لو تصفّحت تراث المكتبات الشخصية فحدّث ولا حرج كمكتبة المحدّث النوري والسماوي وبحر العلوم - السيّد محمّد صادق - ناهيك عن الخزانات التي فرّقتها أيدي

ص: 226

الحرمان ودمّرتها نواميس الدهر الخوّان كمكتبة الخزانة الغروية ومكتبة الحسينية الشوشترية ومكتبة السيّد الخوئي والسيّد البروجردي والبادكوبي والطريحي وغيرها التي لو تخطّرت ملامحها لملئت أسفا وحزناً ولعلمت أيّة كارثة حلّت بالصرح العلمي النجفي ، ولكن شاءت يد العناية أن ترعى بعض تلك الجنينة العلمية بتراثها فقيّظت بعض رجالاتها ممّن أفنى عمره في التنقيب والتحقيق والتدقيق وأنّ الشيخ شير محمّد الهمداني رحمه الله واحد من الأفذاذ والحماة والأسودالكماة ذو شخصية عجيبة وهمّة أعجب وقد تعرّضت لترجمته بالتفصيل في مقدّمة كتابه (سند الخصام) أثناء قيامي بواجب تحقيقي فليراجع ، ولعلوّ مرتبة الرجل وتقديراً لجهوده الكبيرة رأيت من الوفاءأن أعدّ فهرساً بمخطوطات مكتبته البالغة (154) نسخة والموجودة في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف بعد أن سبقتها بفهرس مخطوطات مكتبة الشيخ الحجّة الأوردبادي للغرض نفسه ، وقد تفضّل الأخ المهذّب الشيخ نصير الدين نجل الشيخ عبدالحليم آل كاشف الغطاء بنشره في مجلّة تراثنا الغرّاء وقد تمّ ذلك فجزاه الله عن مدينته أفضل الجزاء وها أنا ذا ردفته بكنز نجفي آخر ولعلّي أوفّق لإعداد أمثاله فيكون سلسلة مترابطة عملاً بعنوان : (من تراث مكتبات النجف الأشرف).

وقبل الدخول في ذلك أحببت الإشارة إلى أنّني قد استعنت في ترجمة صاحب المكتبة بما كتبه أخي الشيخ محمّد باقر الأنصاري في مجلّة تراثنا في العدد المزدوج (73 - 74) واستدركت عليه فوائد سمعتها من العلماءالأعلام في النجف الأشرف دام بقاؤهم المعاصرين له ، إضافة إلى ما ذكرته ممّا لم يتيسّر للأخ الأنصاري كونه بعيداً عن مدينة النجف الأشرف ، ثمّ إنّ الفهرس هذا يعدّ مستدركاً على فهرس مكتبة الإمام أمير

ص: 227

المؤمنين عليه السلام - الذي تنشره مجلّة تراثنا تباعاً - والذي أعدّه المحقّق الحجّة السيّد عبدالعزيزالطباطبائي رحمه الله قبل انتقال مكتبة الشيخ الهمداني بالشراء إلى مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي الختام أرجو من الله جلّت قدرته - وأنا بجواروصيّ حبيبه عليه السلام - أن يوفّقني لإكمال هذه السلسلة خدمة للمذهب ولمدينتي العلمية الكبرى (النجف الأشرف).

وبحثي الذي بين يديك تناول تباعاً مايلي : ترجمة صاحب المكتبة ، مؤلّفاته ، مستنسخاته ، معلومات عن مكتبته ، عرفان وشكر ، فدونكه :

ترجمة صاحب المكتبة(1) :

هو الشيخ شير محمّد بن صفر علي بن شير محمّد الجورقاني ، الهمداني مولداً ، والنجفي مسكناً ومدفنا.

ولادته ووفاته :

وُلد رحمه الله في المحرّم من سنة 1302 ه- في قرية (جورقان) الواقعة على بعدفرسخ واحد من مدينة همدان في الطريق إلى طهران.

هاجر الشيخ إلى النجف الأشرف في ربيع الأوّل من سنة 1338 ه- ، وسكنها في ما بقي من حياته ؛ إذ توفّي بها في 28 جمادى الآخرة من سنة 1390 ه- عن عمر 88 سنة. ا.

ص: 228


1- اعتمدنا في ترجمة المؤلِّف رحمه الله على ما سطّره الشيخ محمّد باقر الأنصاري في مجلّة تراثنا 73 - 74 : 130 - 136 ؛ لإستيفائها بذلك ، واستدركت في آخرها ببعض الفوائد ، مع الإشارة إلى موضع النقل عنها في آخرها.

أُسرته وأولاده :

كان رحمه الله من أُسرة معروفة بالنجابة والتصلّب في المحبّة والولاء لآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وتزوّج من أُسرة علمية في بلده ، وُلد له ابنان ، درجا طفلين ، ولذلك بقي الشيخ بلا عقب ، ورجعت زوجته إلى إيران بعد وفاته ، وتوفّيت بعد وفاته بثمان سنوات.

خلقه وصفاته :

كان رحمه الله متوسّط القامة ، كثيف اللحية ، ضعف بصره في آخر عمره ، قليل الكلام ، منزوياً عن الناس ، مشتغلاً بما يرجع إلى إحياء التراث ، ولذلك كان لا يحفل بمجلس لا صلة له بأمر الكتب ، كما كان يوصي أصدقاءه أن لا يأتوا بأحد إلى بيته لكثرة أشغاله ، مع أنّه كان رجلاً متواضعاً في لقائه بالناس ، يلتقي بهم بانطلاقة وجه وبشاشة ، وكان من دأبه السلام على غيره متقدّماً ، وكان لا يترك المصافحة.

وكان دقيقاً في جميع أُموره ، ولا يقدم على عمل إلاّ بمبان دينية واعتقادية وأخلاقية ، كما كان في كلامه وكتابته دقيقاً وظريفاً ، وكان جيّد الخطّ أيضاً.

نشأته العلمية :

تعلّم الشيخ رحمه الله وقرأ مبادئ العلوم والمقدّمات على عدد من العلماء في همدان ، فقرأ المعالم والمطوّل على السيّد حسين الشوريني ، وأتمّ قراءة السطوح على الشيخ محمّد هادي الطهراني والسيّد عبدالحسين بن فاضل الدزفولي الهمداني.

ص: 229

ثمّ هاجر إلى النجف في السادسة والثلاثين من عمره برفقة عدد من معاصريه ، منهم : الشيخ محمّد الأنواري ، وأخيه الشيخ حسين الأنواري ، والشيخ حيدر الأنصاري.

وقد حضر على بعض علمائها يومئذ ، مثل : آية الله الشيخ ضياء الدين العراقي ، آية الله الميرزا حسين النائيني ، الشيخ علي أصغر الخطائي ، السيّد محمّد الفيروزآبادي ، والشيخ مهدي المازندراني ، وحضر في الرجال على السيّد أبي تراب الخوانساري ، وحضر بحثه في الفقه أيضاً ، وقد حاز من كلّ ذلك القسط الوافر ، وبلغ درجة الاجتهاد.

فكان في مستوىً عال من العلم والتحقيق ، حاملاً للقرآن ، حافظاً للأخبار ، متبحّراً في العقائد والأخلاق ، ورغم دراسته الفقه وأُصوله وتعمّقه فيهما إلاّ أنّه تركهما وولع بإحياء التراث الذي يخصّ الحديث والعقائد.

وكان من فتاواه : جواز التقليد الابتدائي للميّت ، كفاية الأغسال المستحبّة عن الوضوء ، عدم وجوب الخمس في عصر الغيبة ، وجوب صلاة الجمعة ، عدم جواز التصوير حتّى بالكاميرا ، وكان يرى الدولة في زمانه غاصبةً فلا يجوز المشاركة معها في مثل الاتّصال بالكهرباء وأخذ السجلّ(أي ما يعرف بالجنسية أو بطاقة الأحوال المدنية) ، ونحوه.

وكان من تلامذته : الشيخ سيف الله النور محمّدي ، الشيخ محمّد جواد المظفّر ، والشيخ معراج الشريفي. وكان رحمه الله يدرّس اللمعة في أوّل الأمر ، واشتغل ببحث الخمس وصلاة الجمعة والحجّ ، وكان يعظ في درسه أيضاً.

له إجازة في الرواية عن أُستاذه السيّد أبي تراب الخوانساري ، وعن العلاّمة الشيخ آغا بزرگ الطهراني(1). 0.

ص: 230


1- نقباء البشر 2/850.

كلمات العلماء فيه :

ذكره رحمه الله عدد من معاصريه بكلّ تقدير واحترام ، وذكروا علمه الجمّ ، وتتبّعه الواسع ، وتقواه وورعه ، ووثاقته ، وجِدِّه في إحياء التراث : قال العلاّمة الطهراني : «عالم تقيٌّ وفاضل جليل ، وقد حاز من كلّ دروسه القسط الأوفر ، كما أنّه من الثقات الأخيار المعروفين بالنسك والدين»(1).

قال العلاّمة محمّد هادي الأميني : «عالم فاضل ، مجتهد جليل ، مؤلّف متتبّع ، محقّق ورع ، تقيّ صالح ، وكان من الثقات الأخيار المعروفين بالنسك والدين والورع»(2).

قال العلاّمة السيّد محمّد حسين الجلالي : «كان الشيخ آية في الزهد والورع والجَلد والمثابرة في سبيل إحياء تراث الشيعة»(3).

زهده وتقواه :

كان رحمه الله شديد المراعاة للتقوى ، وممّن لم يتّجه إلى الدنيا أو يبهره بريقها ، ويعظ - دوماً - غيره بتركها ، وكانت له صلة وصداقة خاصّة بالشيخ محمّد علي الخراساني المعروف بالتقوى والورع.

في أوّل اشتغاله بالعلوم الدينية كان يصل إليه أمر معاشه من قبل بعض من يعرفه ، ولم يقدم بنفسه لأخذ الراتب الشهري ، بل كان بعض أصدقائه يأخذه ويوصله إليه. 1.

ص: 231


1- نقباء البشر 2/849.
2- معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام (3/1343).
3- فهرس مستنسخات الشيخ الهمداني - مخطوط : 1.

وكان له بيت حقير جدّاً ، يعين فيه زوجته في أُمور البيت يوم أصاب رجلها وجعٌ أعجزها عن المشي.

وكان رحمه الله مولعاً بمساعدة الفقراء والضعفاء مع ما كان عليه من العسر في حياته ؛ لأنّه كان يرى الدولة في زمانه غاصبةً ، فكان يحترز عن كلّ ما تتدخّل فيه ، كالاتّصال بالكهرباء والخبز الحكومي الذي كان أرخص من غيره ، وكان يوصي غيره أيضاً باجتنابه ، ويقول : لو أمكنني ، ما استفدت من الماءالذي يأتي إلى البيوت من عند الدولة. ولم يأخذ السجلّ ؛ وهو ممّا سبّب له مشاكل عدّة رحمه الله عند مجيئه إلى إيران ، إذ وردها بدون جواز سفر ، وعنددفنه رحمه الله كذلك ، وكان محترزاً عن الدهن النباتي لما سمع في شأنه وأصله.

وكان يقول أيضاً : (لقد جئنا إلى النجف لنشتغل فيها بالعلم 5 سنوات إلى 6 سنوات ثمّ نرجع ، إلاّ أنّ قضية الحجاب واتّحاد اللباس في إيران صرفنا عن الرجوع).

كلّ هذه الأُمور فرضت أن يكون الشيخ موضع ثقة عند الكلّ ، حتّى كان من يريد أن يوصل إلى أولاده أو أقربائه أو أصدقائه بالنجف مالاً كان يكتب بالحوالة إلى الشيخ ، فكان هو الذي يأخذ النقود من أصحاب الحوالة ويوصلها إلى أهلها.

وكان موضع ثقة عند آية الله السيّد الحكيم رحمه الله ، وآية الله السيّدعبد الهادي الشيرازي رحمه الله ، وآية الله السيّد الخوئي رحمه الله ، كما كان أصحاب الكتب المخطوطة يثقون به عندما يأخذها للاستنساخ والمقابلة ونحوهما.

حالاته الروحية :

كان الشيخ الهمداني رحمه الله من أصحاب الروحيّات المعنوية ، شاكراً

ص: 232

مديماً للذكر ، مواظباً على المستحبّات وكذلك الزيارات ، ومن البكّائين في الدعاء والزيارة.

ينظر إلى الكتب الحديثية بتقدير خاصّ ، ويحترمها ، حتّى أنّه يقرؤها بالتجويد.

وفوق كلّ ذلك كان شديد المحبّة لآل البيت النبوي عليهم السلام ومتصلّباً في ولائهم ، كلّما ذكر اسم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يبكي رحمه الله على مظلوميّته كثيراً.

وكان يزور أمير المؤمنين عليه السلام كلّ صباح بخضوع ، وكلّما دخل الصحن الشريف اشتغل بالمناجاة مع مولاه أمير المؤمنين عليه السلام إلى حدّ يغفل فيه عن من حوله ، وكان يجلس في الإيوان قبال الضريح المقدّس ويشتغل بزيارةِ (أمين الله) بخضوع وبكاء يغبطه به الذين يمرّون عليه وهو في تلك الحالة.

كان ممّن يواظب على الذهاب إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في كلّ ليلة جمعة ، ومن عادته في كلّ سنة أن يسافر إلى كربلاء والكاظمية وسامرّاء ، يبقى في كلّ منها عشرة أيّام.

وجاء مرّة واحدة إلى مشهد الرضا عليه السلام عن طريق البصرة وعبّادان ، وزارفي سفره هذا السيّدة المعصومة عليها السلام بقم ، ثمّ ذهب إلى مدينة همدان وأقام هناك عدّة أشهر ، وكان قليل السفر ، ولم يوفّق للحجّ.

ثمّ إنّ من دأبه اليومي المشي الكثير ؛ لِما أوصاه الطبيب بذلك لتطهير الأمعاء ، فكان يخرج كلّ يوم عند العصر باتّجاه بحر النجف وبيده سبحته ويمشي حدود ساعتين ونصف الساعة ، ويصلّي ويرجع بعد الصلاة ماشياً ، فيبلغ مسيره عشرة كيلو مترات.

ص: 233

وفاته ومدفنه :

انتقل الشيخ شير محمّد الهمداني إلى جوار رحمة ربّه في 28 جُمادى الآخرة من سنة 1390 ه- بالنجف الأشرف.

وقد يذكر في تاريخ وفاته سنة 1381 ه- ، وهو ليس صحيحاً :

أوّلاً : لِما عرفناه من بعض أقربائه ممّن حضره عند وفاته ، وصرّح السيّدالجلالي أيضاً بذلك في فهرسته.

وثانياً : لِما جاء في فهرس مستنسخاته من أنّ تاريخ عدد منها كان في السنين 1382 ، 1383 ، 1387 ، 1389 ه- ، وهذا يدلّ على أنّه كان حيّاً في تلك السنين.

وفي كيفية وفاته فقد نُقل عن زوجته أنّها قالت : صلّى الشيخ العشائين على سطح داره ، ثمّ نزل وغسل يده وجلس على المائدة ووضع إصبعه في الملح وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم) فوقع على الأرض ولم يتحرّك بعد.

وأوّل من أُخبر بوفاته الشيخ محمود بن الشيخ معراج الشريفي ، وأخبره والشيخ علي أكبر الهمداني والسيّد علي الشاهرودي والسيّد المستنبط ، وبات بعضهم عند جنازته تلك الليلة ، وصباحاً قام عدد من العلماء بغسله وتكفينه ، وحضر في تشييعه حدود 300 شخصاً من الخواصّ ، وصلّى على جنازته الشيخ حسين الأنواري ، ودفن في مقبرة خاصّة للشيخ الأنواري المذكور في وادي السلام بالنجف.

وأقيمت له مجالس الفاتحة من قبل العلماء ، وخاصّة آية الله السيّد الخوئي رحمه الله ، وأرسل آية الله السيّد الشاهرودي رحمه الله الخبر برقيّاً إلى بلدة

ص: 234

همدان ، كما أرسلت رسالة خاصّة في ذلك إلى أخي زوجته الشيخ أبي طالب الديني(1).

استدراك :

1 - في كتاب الذريعة للشيخ آقا بزرگ الطهرانيج26 ص145رقم735 ، ما نصّه : «تأويل الآيات : لشرف الدين النجفي ، وهو جدّ الشيخ شير محمّدالهمداني».

أقول : من المعلوم أنّ كتاب تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة هو للسيّد شرف الدين الحسيني النجفي ، وأنّ الشيخ الهمداني لا يتصل من جهة الأب ولا من جهة الأم بالسيادة ، فضلاً عن ذلك أنّه لم يشر إلى ذلك ولا غيره ، فأرى أنّ كلمة (جد) هي تصحيف لكلمة (عند) وبالخصوص بعد ما علمنا أنّ من مستنسخاته كتاب تأويل الآيات ونسخة الكتاب كانت عنده ، فلاحظ!

2 - أثناء تردّدي لمجلس سماحة المحقّق الحجّة السيّد محمّد مهدي الخرسان دام ظلّه كنت أسمع الكثير منه في حقِّ المؤلِّف رحمه الله ، فرأيت أن أحرّرمضمونه فمنه :

أ - إنّ هذا الرجل جنديّ مجهول بمعنى الكلمة.

ب - كان يقوم باستنساخ الكتب التراثية ، ومع ضعف بصره فإنّه استنسخ نحو خمسين كتاباً أو أكثر.

ج - كان يأخذ النسخ الخطّية من الشيخ السماوي والأوردبادي 6.

ص: 235


1- إلى هنا تمّ ما نقلته بحرفه من مجلّة تراثنا 73 - 74 : 130 - 136.

والأميني والسيّد عبدالرزاق المقرّم والسيّد أحمد المستنبط رحمهم الله وغيرهم لينسخهاكما كان يعطيهم نسخاً لينسخوها ، والغرض من ذلك هو تكثير النسخ.

د - كان يبذل النسخة للشيخ محمّد كاظم الكتبي رحمه الله - صاحب المطبعة الحيدرية بالنجف الأشرف - لطباعتها دون أيّ مقابل من مال أو حتّى نسخة واحدة مطبوعة.

ه- - كان يهتمّ بضبط النصوص والأسماء في النسخ حتّى أنّي سمعته مرّة يقول في ضبط اسم كتاب الجاحظ : البيان والتبيُّن وليس البيان والتبيِين ، وسمعته مرّة في حرم الإمام الحسين عليه السلام ليلة الجمعة عندما سمع أحدالزائرين يقرأ الزيارة الجامعة الكبيرة فعندما وصل إلى العبارة : (وَيُكَرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ) ، قرأها بلفظها الشائع ، قال له الشيخ رحمه الله قل : (وَيُكِرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ) ثمَّ ذكر له علّة ذلك.

و - وسمعته مرّة يقول : إنّ أكثر الأحاديث التي رواها ابن عبّاس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) كانت عن مولانا عليّ عن النبيّ صلوات الله عليهما ، فلم يذكر ابن عبّاس مولانا علياً عليه السلام لأجل ما رأى من الحسد له والحنق عليه ، فخاف أن لاتنقل الأخبار عنه إذا أسندها إليه وهذه الالتفاتة منه لصغر سنّ ابن عبّاس حين وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولأنّ عليّاً عليه السلام نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) بنصّ آية المباهلة فلا مانع من الجمع بينهما.

فاستفدت من قوله هذا ، ثمّ رأيت السيّد ابن طاووس رحمه الله قد حكاه في كتابه سعد السعود(1).4.

ص: 236


1- سعد السعود : 594.

وطالما ذكره السيّد الخرسان دام ظلّه على لسانه بكثرة ، وكان يُسمِع عن حقِّه وفضله ومساهمته بحفظ التراث القاصي والداني ، كنت وبصراحة لاأعرف شيئاً عن مكانته لولا ذكر سماحة السيّد الخرسان دام ظلّه له.

3 - قال سماحة المحقّق الحجّة السيّد محمّد رضا نجل السيّد حسن الخرسان دام ظلّه ، بعدما سألته عن أحوال المؤلِّف رحمه الله قال : كان المرحوم الهمداني أحد ثلاثة كنت أهابهم ، وهم من مصاديق الآية الشريفة : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)(1) ، وهو رجل جليل القدر ، مثال الورع ، صالح ذو شيبة ، وكان له ولع باستنساخ الكتب الخطّية النادرة ، وقيل لي إنّ أهل بلدته يرجعون إليه في الفتيا ، وكانت تربطه بالسيّد الوالد رحمه الله علاقة طيِّبة ، وكان إذا مشى يخفض طرفه نظراً إلى الأرض ولا يلتفت يمنة ويسرة.

4 - قال الشيخ محمّد علي دخيّل في كتابه نجفيّات ص268 ، ما نصّه : «الشيخ شير محمّد جنديٌّ مجهول من جنود الله جلَّ جلاله ، فهو بالإضافة إلى تحصيله العلمي يستنسخ الكتب الخطّية النفيسة لأجل تكثير نسخها ، وحفاظاً عليها من التلف».

5 - في آخر ليلة من شهر ربيع الثاني من سنة 1429 ه- ، وفي مكتبة الروضة العباسيّة المقدَّسة أجهدت نفسي في تحقيق أحد مؤلّفاته - وهو كتاب سند الخصام - إلى صلاة الفجر ، بعدها نمتُ فرأيت رؤيا تدلّ على منزلة المؤلِّف رحمه الله ، فأحببت أن أسرد مضمونها ، بعدما أخبرت سماحة السيّد الخرسان دام ظلّه فاستعبر لذكراه ، وأشار علىَّ بذكرها ، وهي كما يأتي :

رأيت فيما يرى النائم : أنّ ورقة بيضاء ساطعة النور ، سقطت علىّ من 3.

ص: 237


1- سورة الفرقان : 63.

السماء ، مكتوب فيها بخطّ الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله ، ما يأتي : الشيخ شيرمحمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني المتوفّى سنة 1390 ه- ، الوارد على زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته بثلاث ، ثمّ على موسى كليم الله عليه السلام ، والوارد على عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

مؤلَّفاته :

اختلفت جهود الشيخ رحمه الله بين تأليف وتقريرات للفقه والأصول واستدراك وانتخاب وحواش ، وإليك فهرساً بها مع الإشارة إلى مصدر ذكرها ومحلّها وتسلسلها الجديد ورمزت له بحرف (ج) وللقديم بحرف (ق) ، ورتّبته بحسب الترتيب الألفبائي :

1 - الأحاديث المنتخبة من كتاب (الاستيعاب) لابن عبدالبرّ الأندلسي : بخطّه ، انتخبها في شهر ربيع الأوّل سنة 1361 ه- ، من الطبعة الأولى ، طبعة دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن سنة 1318 ه- ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، تسلسلها 3/3221 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 140 ، 179 ، فهرس التراث 2 : 499 ، فهرس المكتبة : لم يذكر فيه.

2 - الأحاديث المنتخبة من (المستدرك) للحاكم : بخطّه ، انتخبها في شعبان سنة 1353 ه. والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، تسلسلها 104/3/2/1/4ج ، 4/3230 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 140 ، 180 ، فهرس التراث 2 : 499 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 1/20.

ص: 238

3 - الأخبار المنتخبة من كتاب البيان والتبيّن للجاحظ : انتخبها من نسخة تاريخها سنة 1018 ه- ، فرغ منها في شهر ربيع الآخر سنة 1361 ه- ، بخطّه ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، تسلسلها 44/3/13/1/1ج ، 2/3221 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 140 ، 180 ، فهرس المكتبة : العقائد والكلام1 /11.

4 - التقريرات : وهي في الفقه والأُصول من درس مشايخه وهي متفرّقة غير مهذّبة ولا مبوّبة ، وقد كتب في أوائل وروده النجف - حينما كان مقبلاً على الدرس - كتاباً في حجّية الظنّ والاستصحاب والخبر الواحد ، ورتّبه بصورة : (قال الأُستاذ : ... أقول : ...) ، وقد بقي ناقصاً غير مبوَّب ولا مهذَّب بعدما أقبل على العقائد والحديث وعُني بأمر المخطوطات.

* تراثنا 73 - 74 : 138 ، نقباء البشر 1 : 850.

5 - الحاشية على كتاب (حجّة الذاهب إلى إيمان أبي طالب عليه السلام).

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، نقباء البشر 1 : 850.

6 - الحاشية على كتاب رجال النجاشي.

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، نقباء البشر 1 : 850.

7 - الحاشية على كتاب فهرست الشيخ الطوسي.

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، نقباء البشر 1 : 850.

8 - الحاشية على كتاب نهج البلاغة.

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، نقباء البشر 1 : 850.

9 - الحاشية على كتاب الهداية.

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، نقباء البشر 1 : 850.

ص: 239

10 - درس في الصوم : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/19ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 8/193.

11 - رسالة في بيع الفضولي : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/2ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 12/299.

12 - رسالة في تحقيق حال موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/25ج.

* فهرس المكتبة : التراجم والأنساب 3/68.

13 - رسالة في الخيارات : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/4ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 10/248.

14 - رسالة في الحجّ مع فوائد فقهية أخرى : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/7ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 10/246.

15 - رسالة في ذكر من يروي عن أبي الحسن علي بن إبراهيم القمّي : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

ص: 240

في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/6ج.

* فهرس المكتبة : التراجم والأنساب 4/92.

16 - رسالة في ذكر من يروي عن أبي الجارود : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/1ج.

* فهرس المكتبة : التراجم والأنساب 4/93.

17 - رسالة في الصوم : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/6ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 10/260.

18 - رسالة في القاطع : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/6ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 6/156.

19 - رسالة وجيزة في العصير العنبي : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/15ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 14/357.

20 - رسالة وجيزة في المباحث الأصولية : بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/18ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 8/192.

ص: 241

21 - سند الخصام : مجلّدان ، بخطّه ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، تسلسلها 107/3/2/1ج ، 3241 ق للأوّل ، و 112 /3/2/1ج ، 3242 ق للثاني.

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، 194 ، فهرس التراث 2 : 499.

فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 15/388 - 389.

ولمّا كنت أنا محقّق هذا الكتاب وهو الآن تحت الطبع أحببت أن أُوردبعض المعلومات المتعلّقة به وهي :

اسم الكتاب :

(سند الخصام) ، كما في ديباجته ، إذ قال رحمه الله : «هذه أحاديث شريفة انتخبتها ... ووسمته بسند الخصام» ، وكتبَ في آخر كتاب مستدرك حديث السقيفة وعلى غلاف النسخة بمجلّديها ما نصّه : «سند الخصام في ما انتخب من مسند الإمام».

عدد أحاديثه :

مجموع الأحاديث الواردة فيه (3649) حديثاً ، أمّا تعاليق المؤلِّف رحمه الله فقدبلغت (126) تعليقة ، وتفصيلها كالتالي :

أ - الجزء الأوّل : عدد الأحاديث (547) ، وتعليقاته (30).

ب - الجزء الثاني : عدد الأحاديث (746) ، وتعليقاته (11).

ت - الجزء الثالث : عدد الأحاديث (896) ، وتعليقاته (61).

ث - الجزء الرابع : عدد الأحاديث (573) ، وتعليقاته (17).

ج - الجزء الخامس : عدد الأحاديث (468) ، وتعليقاته (3).

ح - الجزء السادس : عدد الأحاديث (419) ، وتعليقاته (4).

ص: 242

تأريخ تأليفه :

لم يصرّح المؤلِّف رحمه الله بتاريخ فراغه من الجزء الأوّل ، لكنّه صرّح في بقية الأجزاء وتواريخها وهي كالتالي بناءً على التسلسل الزمني للفراغ منها :

أ - الجزء الخامس : فرغ منه في آخر شهر ربيع الأوَّل سنة 1376 ه.

ب - الجزء السادس : فرغ منه في 3 شهر شوّال سنة 1376 ه.

ت - الجزء الرابع : فرغ منه في 14 من جمادى الأولى سنة 1377 ه.

ث - الجزء الثاني : فرغ منه في 21 شهر ذي القعدة سنة 1378 ه.

ج - الجزء الثالث : فرغ منه في 14 شهر جمادى الآخرة سنة 1382 ه.

ح - مستدرك حديث السقيفة : فرغ منه في 19 شهر صفر من سنة 1383 ه.

ويعلم من المجموع أنّ مُدّة تأليف الكتاب بلغت (7 - 8) سنوات.

22 - شرح رسالة الإمام إلى أبي الأسود الدؤلي : بخطّه ، شرحها في سنة1339 ه- ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 93/3/8/1/17ج.

* فهرس المكتبة : الأدب 5/130.

23 - كلمة الحقّ : مجلّدان : الأوّل في 550 صفحة ، والثاني في 530 صفحة ، وأصل النسخة في مكتبة السيّد محمّد النبوي بمدينة دزفول ، وتوجد نسخة مصوّرة عنها في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم المقدّسة في مجلّدين رقمهما 56 ، 57 ، ذُكر الكتاب في فهرس المركز بهذا النصّ : «كتاب في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وأكثرها منقولة عن طرق العامّة ، وهو

ص: 243

مجلّدان كبيران ، في الأوّل منهما روايات غير مبوّبة في المناقب ، وأمّا الثاني فهو في عشرة فصول كما يلي :

الأوّل : في طرق قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (مثل أهل بيتي ...).

الثاني : في طرق قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أعطاهم الله فهمي وعلمي).

الثالث : في طرق قوله (صلى الله عليه وآله) : (إنّهم لا يدخلونكم في باب ضلال).

الرابع : في أنّ أهل الذكر هم الأئمّة عليهم السلام.

الخامس : في ما فرض الله ورسوله من الكون مع الأئمّة عليهم السلام.

السادس : في شيء من الأخبار الواردة في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

السابع : في جملة من الأخبار الواردة في وجوب طاعة الأئمّة عليهم السلام.

الثامن : في جملة من أخبار الشفاعة.

التاسع : في جملة من الأخبار الواردة في اتّباع الأئمّة عليهم السلام والمعتقدين بإمامتهم.

العاشر : في جملة من الأخبار الواردة في محبّي أهل البيت عليهم السلام.

والنسخة بخطّ النسخ ، بخطّه ، فرغ من المجلّد الأوّل في 25 شعبان 1382في النجف ، والمجلّد الثاني مشوّش الخطّ في أواخره ، ولعلّ ذلك لتأليفه في أواخر عمره».

* تراثنا 73 - 74 : 137 ، الذريعة 18 : 123 برقم 1011 ، فهرس مركز إحياء التراث الإسلامي 1 : 69.

24 - مستدرك الإيقاظ من الهجعة : استدرك فيه لِما فات الشيخ الحرّ العاملي في كتاب الإيقاظ ، بخطّه ، بدون تاريخ ، والنسخة في مكتبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها44 /3/13/1/3ج ، 5/3231 ق.

ص: 244

* تراثنا 73 - 74 : 139 ، 207 ، فهرس التراث 2 : 499 ، فهرس المكتبة : العقائد والكلام 10/251 ، نقباء البشر 1 : 850.

25 - المنتخب من (ربيع الأبرار) للزمخشري : بخطّه ، فرغ من انتخابه في شهر ربيع الآخر سنة 1389 ه- ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلامفي النجف الأشرف ، تسلسلها 277/2/3/1ج ، 3240 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 140 ، 211 ، فهرس التراث 2 : 499 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 32/821.

26 - المنتخب من (المجموع الرائق من أزهار الحدائق) للسيّد هبة الله بن أبي محمّد الحسن الموسوي : بخطّه ، استخرجها من نسخة عتيقة ، لعلّها نسخت قبل 300 سنة ، إلاّ أنّها لا تخلو من تصحيف وسقط ، وفرغ منها في شعبان سنة 1373 ه- ، والنسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلامفي النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تسلسلها 110/3/2/1/1ج ، 3207 ق.

* تراثنا 72 - 73 : 140 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/641.

مستنسخاته :

قد أدرك المؤلِّف رحمه الله ما يؤول إليه التراث الإسلامي من ضياع ونهب وحرق و... ، فشدَّ رحمه الله حيازيمه إلى موقف بطوليٍّ خالد قلَّ من وقف دونه ، فرأى حفظ التراث الإسلامي واجباً شرعيّاً ، فأثمر رأيه هذا عن استنساخ عددكبير منه طيلة خمسين عاماً يختلف فيها بين أساطين التراث

ص: 245

كالسماوي والطهراني والأوردبادي والأميني رحمهم الله وو ... ، لا يملّ ولا يسأم في حضر وسفر ، فَنُشِر بسبب عمله هذا عدّة من كتب علماء الإمامية أنار الله برهانهم ، ولبيان مكانته في هذا المضمار إليك أقوال معاصريه :

1 - قال العلاّمة الشيخ آغا بزرك الطهراني رحمه الله : «ولع المترجم له منذ سنين عديدة بنسخ كتب الحديث غير المطبوعة ، وإحياء مؤلّفات الإمامية الأكابرفي القرون الأُولى ، وقد لقي في ذلك عناءً كثيراً وتحمّل مشاقًّ متنوّعة ، وقد وفّق لكتابة ما يقرب من أربعين مؤلَّفاً كباراً وصغاراً من جيّد الآثارومهامّ الأسفار ، ويمتاز ما نسخه بالدقّة والصحّة ، فقد قابل كلّ نسخة بنسخ عديدة ، وضبط هذه المؤلَّفات الجليلة وصانها من الضياع والتلف ، وأصبح له بذلك الحقّ والفضل على من يأتي بعده من هواة هذا الفنّ ورجال هذا العلم»(1).

2 - وقال الشيخ محمّد علي الأوردبادي رحمه الله : «وهذا الشيخ الجليل مع مايلاقيه من الجهد في نسخ الكتب لضعف في بصره ونهك في قواه لا يجد منّة في بذله الكتاب للطبع أو الاستنساخ وإنّما يعدّ ذلك من الفيض الإلهي الذي غمره دون غيره ، وهكذا المخلصون كثّر الله في الطائفة من أمثاله»(2).

3 - وقال العلاّمة السيّد محمّد حسين الجلالي : «كان الشيخ آية في الزهدوالورع والجَلد والمثابرة في سبيل إحياء تراث الشيعة ، ولم أشاهده طيلة معرفتي به في محفل لا يعود بالخير للتراث ، وكان دائباً في الاستنساخ والمقابلة ، حتّى أنّه يكرّر الاستنساخ فيما إذا وجد الاختلاف فاحشاً ، كما 6.

ص: 246


1- نقباء البشر 2/849 رقم 1365.
2- عيون المعجزات : 6.

فعل بكتاب سليم بن قيس الهلالي ، فإنّه استنسخه خمس مرّات بالإضافة إلى المقابلات المتعدّدة»(1).

وقال أيضا : «النسّاخة الشيخ شير محمّد الهمداني الذي قضى حياته في استنساخ كتب علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام»(2).

وقال أيضا : «الشيخ شير محمّد الهمداني الجورقاني ، وكان - رحمه الله - أشهرمن رأيت على استنساخ تراث الشيعة ومقابلته مع النسخ المختلفة المتيسّرة عنده»(3).

4 - قال العلاّمة الشيخ محمّد هادي الأميني : «إنّه كان مولعاً بنسخ الكتب المخطوطة وإحياء تراث علماء الإمامية ، فبذل مساعيه وجهوده في هذاالسبيل ، كما أنّه تصدّى للتأليف والبحث»(4).

وإليك فهرساً يضمّ (126) نسخة من مستنسخاته الموجودة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، معتمداً عدّة من المصادر أشرت إليها تحت ذكر كلِّ نسخة منه مع تسلسلها الجديد ورمزت له بحرف (ج) وللقديم بحرف (ق) ، ورتّبته بحسب الترتيب الألفبائي ، وهي :

حرف (أ)

(1)

الإتقان في أصول الفقه

للشيخ محمّد هادي بن محمّد أمين الطهراني ، انتهى فيه إلى مبحث ).

ص: 247


1- فهرس التراث 2 : 498.
2- فهرس التراث 1 : 42.
3- شرح الأخبار 1 : 59.
4- معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام (3/1343).

المشتقّ ، أوّله : الحمد لله الذي شرّفنا بأصول الهداية ...إلخ ، استنسخها في 1341 ه- ، تسلسلها 124/4/8/1ج ، 1/3237 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 175 ، الذريعة 1 : 83/394 ، فهرس التراث 2 : 239 ، فهرس المكتبة : أصول الفقه 1/2.

(2)

إثبات الرجعة

للفضل بن شاذان بن الخليل النيسابوري ، نبذة يسيرة منه ، جاء في آخرها : «هذا ما وجدناه منقولاً من رسالة إثبات الرجعة للفضل بن شاذان بخطّ بعض فضلاء المحدِّثين ، وقد قوبل بأصله محمّد الحرّ» ، استنسخها في جُمادى الآخرة سنة 1350 ه- عن النسخة التي كانت لصاحب الوسائل ، تسلسلها 275/2/3/1/1ج ، 2/3239 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 175 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 30/779.

(3)

الأحاديث الخمسة عشر

التي رواها الحسن بن ذكوان الفارسي ، استنسخها في شوّال سنة 1367 همن نسخة السيّد حسين الهمداني في عشر صفحات ، تسلسلها 270/2/3/1/3ج ، 4/3220 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 179 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 1/6.

ص: 248

(4)

الاختصاص

المنسوب إلى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي ، استنسخها في شهر رجب سنة 1350 ه- ، عن نسخة كتبها ميرزا محمّد بن حاجي شاه محمّد - ساكن بلدة أصفهان - سنة 1087 ه- عن نسخة عتيقة ، وقدتملّكها الحرّ العاملي في التاريخ نفسه سنة 1087 ه- ، وقال الناسخ الهمداني : «هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه النسخة منها ، وهي نسخة العالم الجليل صاحب الوسائل ، وقوله : تمّ كتاب الاختصاص ...إلى آخره» ، تسلسلها 275/2/3/1ج ، 1/3239 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 175 ، فهرس التراث 1 : 470 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 1/22.

(5)

الأربعين

للسيّد محيي الدين أبي حامد محمّد بن عبدالله بن زهرة الحسيني أخي السعيد أبي المكارم ابن حمزة صاحب الغنية - استنسخها في محرّم سنة1349 ه- ، عن نسخة الشيخ ميرزا محمّد الطهراني ، وهي بخطّ محمّد مهدي الحسيني الموسوي الطباطبائي في سنة 1303 ه- عن نسخة عليها ما نصّه : «كتبها من نسخة بخطّ محمّد بن مكّي عن نسخة من خطّ جامعها السيّدأبي حامد ابن زهرة الحسيني ، محمّد بن علي بن حسن الياني (ظ) سنة860 ه- بكَرَك» ، تسلسلها 97/2/2/1/6ج ، 7/3212 ق.

ص: 249

* تراثنا 73 - 74 : 180 ، فهرس التراث 1 : 629 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/604 وفيه تاريخ النسخ : 1345 ه.

(6)

الأربعين آية المنزلة في شأن أهل البيت عليهم السلام

مجهول المؤلّف ، أوّله : «الحمد لله عالم السرّ والخفيّات ... وبعد ... فلمّا وفّقني الله تعالى في ريعان صبائي ...» ، استنسخها في ذي الحجّة سنة 1357 ه- ، وكتب في آخرها : «... هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه منها ، وكانت نسخة عتيقة ، وعلى ظهرها أنّها من الكتب الموقوفة التي وقفها المولى فتح الله الواعظ التبريزي ، تاريخ الوقف سنة 1039 ...» ، تسلسلها 43/1/1/1ج ، 1/3227 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 181 ، فهرس المكتبة : تفسير وعلوم القرآن 1/6.

(7)

الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام

لجمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي ، استنسخها في ذي الحجّة سنة 1346 ه- عن نسخة الشيخ ميرزا محمّد الطهراني ، ثمّ قابلها سنة 1347 ه- بنسخة عتيقة كانت بخطّ محمّد بن علي بن حاجي قاسم الأسترآبادي في مكتبة الشيخ علي محمّد النجف آبادي الأصفهاني ، تسلسلها 103/3/2/1/2ج ، 2/3219 ق.

ص: 250

* تراثنا 73 - 74 : 182 ، فهرس التراث 1 : 670 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/605.

(8)

الأربعين عن الأربعين من الأربعين

للشيخ منتجب الدين بن بابويه ، استنسخها في جمادى الآخرة سنة 1351 ه- عن نسخة بخطّ فضل بن محمّد بن فضل العبّاسي في سنة 1020 ه- ، عن نسخة بخطّ الشيخ عبدالنبىّ بن أسعد ، عن نسخة بخطّ محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني في سنة 613 ه- ، استنسخها عنه العلاّمة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ، تسلسلها 104/3/2/1/1ج ، 2 /3230 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 182 ، فهرس التراث 1 : 600 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 3/57.

(9)

الأربعين في الفضائل

لبعض علماء العامّة ، أوّله : «قال الراجي رحمة ربّه ، المستغفر من ذنبه ، أسعد بن إبراهيم ابن الحسن بن علي الإِربلي : كنت سمعت على كثير من مشايخ الحديث ...» استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1368 ه- ، وكتب في آخرها : «قد قابلت هذه النسخة بما في كتاب المجموع الرائق من أزهار الحدائق ، من نسخة نقلها عن نسخة جلال الدين محمّد بن المعمّر الطاهر ، وهواستخرجها ونسخها من خزانة مشهد أمير المؤمنين عليه السلام ،

ص: 251

وكان بين النسختين اختلاف كثير لم أكتب أنا إلاّ بعضه وبقي الباقي» ، تسلسلها 270/2/3/1/4ج ، 5/3220 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 181 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/606.

(10)

الأربعين في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام

لمحمّد بن أبي الفوارس ، استنسخها في شوّال سنة 1373 ه- ، وقال في آخر النسخة : «هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه النسخة منها ، وكانت نسخة عتيقة ، إلاّ أنّها لا تخلو من سقط وتصحيف» ، تسلسلها 3/3207 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 182 ، فهرس التراث 1 : 594 ، فهرس المكتبة : لم يذكر فيه.

(11)

كتاب الإرث

للشيخ محمّد هادي بن محمّد أمين الطهراني. استنسخها في شهر ربيع الآخر من سنة 1339 ه- ، تسلسلها 66/2/5/1ج ، 1/3258 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 201 ، فهرس التراث 2 : 240 ، الذريعة 1 : 449/2259 باختلاف في تاريخ النسخ ، فهرس المكتبة : الفقه 21/546.

ص: 252

(12)

إرشاد القلوب

للحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي ، استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1370 ه- عن نسخة قيّمة ، وقابلها في صفر سنة 1371 ه- ، ولم يظهر اسم الكتاب إلاّ أنّ المؤلّف صرّح باسمه في موضعين : في الفصل الثالث عشر والخامس عشر ، تسلسلها 32/5/9/1/1ج ، 2/3233 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 176 ، فهرس المكتبة : التاريخ والجغرافية 6/147.

(13)

إزاحة الريب في شرح رواية علي بن مهزيار في الخمس

للسيّد محسن بن محمّد تقي الكوهكمري ، استنسخها في 1341 ه- ، تسلسلها 124/4/8/1/1ج ، 2/3237 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 176 ، فهرس التراث 2 : 254 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 14/362.

(14)

أصل سليم بن قيس الهلالي

استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1346 ه- عن نسخة بخطّ السيّد محمّد الموسوي الخوانساري في سنة 1272 ه- ، وصحّحها على نسخة مملوكة للحرّ العاملي في سنة 1087 ه- ، وألحق بالنسخة أحاديث منقولة عن

ص: 253

أصل سليم عن : الغيبة للنعماني ، والدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم ، وباب الإِشارة والنصّ على الحسن بن علي عليه السلام من كتاب الحجّة من الكافي ، تسلسلها 103/3/2/1ج ، 1/3219 ق.

طبعت هذه النسخة في المكتبة الحيدرية بالنجف الأشرف بدون تاريخ ، جاء في أوّل الطبعة النجفية لهذا الكتاب النصّ التالي : «هذه تحقيقات ثمينة ، وفوائد نافعة حول كتاب سليم بن قيس الهلالي الكوفي ، أفادها بعض الأساتذة من أهل التحقيق ، أكثر الله في رجال العلم أمثاله ونفع به ، وكان قد ألحقها بنسخته من الكتاب ، ونظراً لما في هذه الفوائد والتحقيقات من الأهمّية حول كتابنا هذا مثّلناها للنشر ، شاكرين لهذا الأُستاذ المحقّق ما تفضّل به علينا من نسخته التي نسخها بخطّه ، وعلّق عليها تعليقاته الثمينة ، وهي التي نشرناها في هوامش الكتاب ، فنسخته هذه هي غاية في الضبط والإتقان ، وتعدّ الأصل لنشر هذا الكتاب لأوّل مرة».

* تراثنا 73 - 74 : 183 ، فهرس التراث 1 : 105 ، الذريعة 2 : 158 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/623.

(15)

أصل سليم بن قيس الهلالي

نسخة تضمّ قطعة منه ، ناقصة الآخر ، استنسخها في شعبان سنة 1361 هقبل أن يعلم بطبعها ، ولمّا علم بذلك تركها ، تسلسلها 6/3215ق.

* تراثنا 73 - 74 : 185 ، فهرس التراث 1 : 105.

(16)

أصل سليم بن قيس الهلالي

استنسخها في شعبان سنة 1353 ه- عن نسخة تاريخ استنسخها سنة

ص: 254

1087 ه- ، وقد تملّكها الشيخ محمّد الحرّ صاحب الوسائل ، وهي مملوكة الشيخ محمّد السماوي ، تسلسلها 104/3/2/1/6ج ، 6/3230 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 184 ، فهرس التراث 1 : 105 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/624.

(17)

أصل سليم بن قيس الهلالي

استنسخها في شهر رجب سنة 1362 ه- عن نسخة عتيقة ، أوّلها : «وبعد ، فهذه جملة من الأخبار النبوية جمعها سليم بن قيس الهلالي عن أميرالمؤمنين علىّ بن أبي طالب عليه السلام عن النبىّ (صلى الله عليه وآله) قال : قال لنا أمير المؤمنين عليه السلام : من الناس مَن يدخله الله الجنّة بغير حساب ...» وآخرها : «فلمّا سمع ذلك معاوية أمر للحسن والحسين عليهما السلام بألف ألف درهم لكلِّ واحد بخمسمائة ألف. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين» ، وكتب في الهامش ما نصّه : «يقول شير محمّد : وفي النسخة العتيقة هكذا : (تمّ كتاب سليم بن قيس الهلالي) ، وبهامشها هكذا : صورة تاريخ المنتسخ غرّة ربيع الآخرمن سنة تسع وستّمائة».

(18)

أصل سليم بن قيس الهلالي

ثمّ كتب نسخة أُخرى تعزى إلى سليم أوّلها : «وكنّا جلوساً حول أمير المؤمنين عليه السلام».

والحديث الأخير : «... قلت : جعلت فداك ليس شيء ممّا قلت إلاّ وقد صحّ غير الولاية ، أعامّة لجميع بني هاشم؟».

ص: 255

قال الجلالي : النسختان من أصل سليم - أعني الأُولى التي تاريخ المستنسخ عنها سنة 609 ه- ، والثانية التي تعزى إلى سليم - كلاهما في مجلّد واحد ، في مكتبة السيّد المستنبط ، وقد استنسخ الشيخ الهمداني من تلك النسخة ، كما واستنسخت أنا النسخة الأُولى فقط ، تسلسلها271/2/3/1/1ج ، 2/3222 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 183 ، فهرس التراث 1 : 105 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/625.

(19)

الأُصول الستّة عشر

وهي ستّة عشر أصلاً من الأُصول الأربعمائة ، التي هي المصادر الأوّلية لأحاديث الشيعة ، وهي حسب تسلسلها كالآتي :

أ - أصل علاء بن رزين : تسلسلها 98/2/2/1ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 25/674.

ب - أصل زيد الزرّاد : تسلسلها 98/2/2/1/1ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 4/96.

ج - كتاب أبي سعيد عبّاد العصفري : تسلسلها 98/2/2/1/2ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/640.

د - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط : تسلسلها 98/2/2/1/3ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/626.

ه- - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي : تسلسلها98 /2/2/1/4ج.

ص: 256

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/616.

و - كتاب نوادر علي بن أسباط : تسلسلها 98/2/2/1/5ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/639.

ز - كتاب سلام بن أبي عمرة (عميرة) : تسلسلها 98/2/2/1/6ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/621.

ح - كتاب حسين بن عثمان : تسلسلها 98/2/2/1/7ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/617.

ط - كتاب محمّد بن مثنّى الحضرمي : تسلسلها 98/2/2/1/8ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/638.

ي - كتاب عبدالملك بن حكيم : تسلسلها 98/2/2/1/9ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/629.

ك - كتاب عبدالله بن يحيى الكاهلي : تسلسلها 98/2/2/1/10ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/627.

ل - كتاب خلاد السندي : تسلسلها 98/2/2/1/11ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/618.

م - كتاب مثنّى بن الوليد الحنّاط : تسلسلها 98/2/2/1/12ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 24/637.

ن - كتاب زيد النرسي : تسلسلها 98/2/2/1/13ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/620.

س - مسائل علي بن جعفر : تسلسلها 98/2/2/1/14ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 26/689.

ع - كتاب ديّات ظريف بن ناصح : تسلسلها 98/2/2/1/15ج.

ص: 257

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/612.

وقد استنسخ الشيخ الهمداني هذه الأُصول في شهر ربيع الأوّل سنة 1348 ه- بالنجف الأشرف ، من نسخ جلبت من مدينة تستر ، وقابلها بنسخة أبي القاسم الأصفهاني سنة 1350 ه- ، وقابلها في محرّم سنة 1360 ه- مع نسخة الشيخ النوري ، تسلسلها 1/3238 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 185 ، فهرس التراث 1 : 145 ، 146 ، 148 ، 151 ، 152 ، 154 ، 155 ، 178 ، 180 ، 183 ، 186 ، 237 ، الذريعة 20 : 71/1973.

(20)

الاعتقادات

للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ، قطعة منه تحتوي على حديث سليم بن قيس الهلالي ، استخرجها عن نسخة من الاعتقادات للشيخ الصدوق مؤرّخة سنة 1078 ه- ، بخطّ محمّد جعفر بن عبدالله الخرّم آبادي في أصفهان ، تسلسلها 2/3243 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 177 ، فهرس التراث 1 : 105 وفيه أنّ هذه النسخة هي أصل سليم الهلالي.

(21)

الإفصاح في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام

للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، استنسخها في جمادى الأُولى سنة 1350 ه- ، تسلسلها 108/3/2/1/1ج ، 3/3217 ق.

ص: 258

طبعت هذه النسخة سنة 1369 ه- في المكتبة الحيدرية بالنجف الأشرف ، ط2 ، بحجم الربع ، 163 صفحة ، جاء في آخر المطبوع منها ما يلي : «صحّح مقابلةً من أوّله إلى تمامه على نسخة العلاّمة الشيخ شير محمّد ابن صفرعلي الهمداني الجورقاني دام بقاه».

* تراثنا 73 - 74 : 177 ، فهرس التراث 1 : 472 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 5/118.

(22)

إلزام الناصب

لمفلح بن حسن الصيمري ، استنسخها في جُمادى الأُولى سنة 1347 ه- عن نسخة بخطّ السيّد أبي القاسم الموسوي الأصفهاني النجفي في ربيع الأوّل سنة 1339 ه- ، وهو تاريخ المحاصرة في النجف ، ثمّ قابلها الشيخ في رجب سنة 1350 ه- على نسخة تاريخها سنة 1036 ه- في دار الملك بشيراز ، لم يذكر اسم الكتاب على أصل الكتاب لكنّه أورده في ظهر المجموعة ، تسلسلها 2/3211 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 178 ، فهرس التراث 1 : 768.

(23)

الأمالي

للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، استنسخها في شوّال سنة 1349 ه- عن نسخة بخطّ السيّد أبي القاسم الأصفهاني في سنة 1339 ه- ، عن نسخة مؤرّخة سنة 1101 ه- ، أوّلها : «يوم السبت مستهلّ رمضان سنة

ص: 259

404 ه» ، تسلسلها 108/3/2/1ج ، 1/3217 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 186 ، فهرس التراث 1 : 472 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 5/124.

(24)

الإمامة

للسيّد محسن بن محمّد تقي الكوهكمري ، استنسخها في شوّال سنة 1337 ه- ، تسلسلها 3/3258 ق.

* تراثنا 19 : 166 ، تراثنا 73 - 74 : 201 ، فهرس التراث 2 : 254 ، الذريعة 2 : 333/1324 باختلاف في تاريخ النسخ.

(25)

إيضاح دفائن النواصب

للشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان ، استنسخها في شوّال سنة1346 ه- عن نسخة الشيخ عبدالحسين الأميني عن نسخة الميرزا محمّدعلي الأُوردبادي ، وقابلها على نسخة مؤرّخة سنة 1036 ه- ، ونسخة مؤرّخة سنة 1350 ه- ، تسلسلها 264/2/3/1/2ج ، 3/3235 ق.

طبعت هذه النسخة في النجف الأشرف بعنوان مائة منقبة ، جاء في آخرالمطبوع منه : «يقول العبد الفقير إلى رحمة ربّه الغني عبدالرزّاق بن السيّدمحمّد الموسوي نسباً المقرّم لقباً ، وقد كتب نسخته على نسخة الشيخ الجليل شير محمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني ...» إلخ.

ص: 260

* تراثنا 73 - 74 : 178 ، فهرس التراث 1 : 468 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 6/152.

(26)

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

للحرّ العاملي ، استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1359 ه- عن نسخة بخطّ محمّد كاظم بن محمّد هاشم القائني في سنة 1202 ه- ، تسلسلها 44/3/13/1/2ج ، 4/3221 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 179 ، فهرس التراث 2 : 18 ، الذريعة 2 : 507/1985 ، فهرس المكتبة : العقائد والكلام 2/34.

حرف (ب)

(27)

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى عليه السلام

لعماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري ، استنسخها في جُمادى الأُولى سنة 1362 ه- ، استنسخها عنه السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ، تسلسلها 104/3/2/1ج ، 1/3230 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 186 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 7/172.

حرف (ت)

(28)

تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة

للسيّد شرف الدين النجفي ، استنسخها في شعبان سنة 1364 ه- عن

ص: 261

نسخة عتيقة ، لها زيادة على نسخ شاهدها من هذا الكتاب ، وهذه الزيادة في سِوَر ، أوّلها سورة الأحقاف وآخرها سورة القدر ، تسلسلها 49/2/1/1ج ، 3213ق.

طبعت هذه النسخة سنة 1407 ه- في قم المقدّسة بتحقيق مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، وجاء في أوّلها : «استنسخها سماحة العلاّمة الثقة حجّة الإسلام السيّد محمّد بن المصطفى الموحّد المحمّدي الأصفهاني في شهر رمضان من سنة 1381 في النجف الأشرف عن نسخة العالم الجليل الثقة الشيخ شير محمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني الذي استنسخها في شهرشعبان من سنة 1364 في النجف الأشرف من نسخة عتيقة إلاّ الورقة الأخيرة نسخها من نسخة أخرى. وهذه النسخة ب- : 620 صفحة».

* تراثنا 73 - 74 : 187 ، الذريعة 26 : 145/735 ، فهرس التراث1 : 789 ، فهرس المكتبة : تفسير وعلوم القرآن 2/44.

(29)

تفسير فرات

لفرات بن إبراهيم الكوفي ، استنسخها في شهر رجب سنة 1354 ه- عن نسخة الشيخ ميرزا محمّد علي الأُوردبادي في سنة 1334 ه- ، (1) وقابلها بنسخة مؤرّخة سنة 1083 ه- في سنة 1364 ه- ، كما وقابلها ابتداءً من سورة يوسف بنسخة السيّد حسن الصدر ، تسلسلها 46/2/1/1ج ، 1/3214 ق.

طبعت هذه النسخة سنة 1354 ه- في المكتبة الحيدرية في النجف 1.

ص: 262


1- ونسخة الشيخ محمّد علي الأوردبادي رحمه الله موجودة في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام برقم 44/1/1.

الأشرف ، بتقديم الشيخ محمّد علي الأوردبادي ، بحجم الربع ، 224 صفحة ، جاءفي آخر المطبوع ما يأتي : «يقول الفقير إلى الله الغني شير محمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني : هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه منهاإلاّ قليلاً من أوّلها نسخته من نسخة أُخرى ، واتّفق الفراغ بعون الله تعالى في الثامن من شهر رجب من السنة الرابعة والخمسين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة المقدّسة ، بمشهد سيّدي ومولاي أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب عليه السلام».

* تراثنا 73 - 74 : 187 ، فهرس التراث 1 : 301 ، فهرس المكتبة : تفسير وعلوم القرآن 5/118.

(30)

تفسير العياشي

لأبي النضر محمّد بن مسعود السمرقندي بن عياش السلمي ، النصف الأوّل استنسخه في شهر ربيع الآخر سنة 1353 ه- عن نسخة السيّد حسن الصدر وهي نسخة عتيقة سقيمة ، صحَّحها بمراجعة تفسير البرهان والصافي عن العيّاشي وبقي الباقي ، ثمّ قابلها بالنسخة المطبوعة مع السيّد أحمد المستنبط في سنة 1387 ه- ، تسلسلها 42/1/1/1ج ، 3234 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 187 ، الذريعة 4 : 295/1299 ، فهرس التراث1 : 370 ، فهرس المكتبة : تفسير وعلوم القرآن 4/93.

(31)

التمحيص

لأبي علي محمّد بن أبي بكر الإسكافي ، استنسخها في شعبان سنة

ص: 263

1356 ه- في كربلاء أيّام إقامته للزيارة ، تسلسلها 271/2/3/1/3 ج ، 4/3222ق.

طبعت هذه النسخة في قم المقدسة بتحقيق مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، بحجم وزيري ، 80 صفحة.

* تراثنا 73 - 74 : 188 ، فهرس التراث 1 : 381 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 8/204.

(32)

التنزيل والتحريف = كتاب القراءة = القراءات

لأبي عبدالله أحمد بن محمّد السياري ، استنسخها في شوّال سنة 1365 هعن نسخة الشيخ محمّد بن طاهر السماوي ، عن نسخة سقيمة جدّاًعندالسيّد حسن الصدر في شهر رمضان سنة 1346 ه- في بغداد بجانب الكرخ ، استنسخها عنه السيّد محمّد رضا الجلالي أخبرني بذلك في منزله بتاريخ 21 شهر رجب سنة 1430 ه- ، تسلسلها 147/6/1/1/1ج ، 2 /3216ق.

* تراثنا 73 - 74 : 188 ، فهرس التراث 1 : 276 ، فهرس المكتبة : تفسير وعلوم القرآن 10/246.

(33)

التهاب نيران الأحزان ومثير الاكتئاب والأشجان

لبعض الأصحاب من ق7 - ق10 ، استنسخها في جُمادى الأُولى سنة 1369 ه- ، تسلسلها 100/3/2/1/3ج ، 4/3226 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 178 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 8/206 وفيه سنة النسخ : 1367 ه.

ص: 264

حرف (ث)

(34)

الثاقب في المناقب

لأبي جعفر عماد الدين محمّد بن علي بن حمزة المشهدي الطوسي ، استنسخها في صفر سنة 1377 ه- عن نسخة عتيقة ، عليها النصّ بأنّ الحسن ابن علي الطبري صرّح بالنسبة إلى المؤلّف في كتاب أسرار الإمامة ، ونصّ بأنّ الكتاب عارية من آقا ضياء النوري بخطّ السيّد حسن الصدر ، ونصّ تملّك السيّد محمّد بن السيّد أحمد بن السيّد مصطفى في بغداد في سنة 1378 ه- ، تسلسلها 111/3/2/1ج ، 3236 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 188 ، فهرس التراث 1 : 577 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 9/230.

(35)

ثلاثة وسبعون حديثاً

مجهول المؤلّف ، استنسخها في 1353 ه- ، تسلسلها 104/3/2/1/3ج.

* فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 9/234.

حرف (ج)

(36)

جامع الأحاديث

للشيخ أبي محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمّي ، من مشايخ

ص: 265

الصدوق ، استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1352 ه- عن نسخة بخطّ السيّدأبي القاسم الأصفهاني النجفي سنة 1339 ه- ، تسلسلها 271/2/3/1ج ، 1/3222ق.

* تراثنا 73 - 74 : 189 ، فهرس التراث 1 : 364 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 9/241.

(37)

الجعفريّات = الأشعثيّات

لمحمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي ، استنسخها في ذي الحجّة سنة 1348 ه- بالنجف الأشرف ، وقابلها في محرّم سنة 1360 ه- مع نسخة الشيخ النوري ، تسلسلها 98/2/2/1/16ج ، 2/3238 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 189 ، فهرس التراث 1 : 347 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 23/609.

حرف (ح)

(38)

حاشية على المقدّمة الثالثة من مقدمات دليل الانسدادللسيّد علي الطباطبائي ، تسلسلها 66/2/5/1/7ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 3/71.

حرف (خ)

(39)

خصائص الأئمّة عليهم السلام

للسيّد محمّد بن الحسين الموسوي (الشريف الرضي) ، استنسخها

ص: 266

في شهر رمضان سنة 1346 ه- عن نسخة الشيخ هادي كاشف الغطاء ، تسلسلها 264 /2/3/1/1ج ، 2/3235 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 189 ، فهرس التراث 1 : 459 ، الذريعة 7 : 165/885 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 12/316.

حرف (د)

(40)

دعائم الإسلام والحلال والحرام

للقاضي أبي حنيفة النعمان المغربي ، استنسخها في صفر سنة 1354 ه- عن نسخة الميرزا عبدالحسين التبريزي ، ونسخة السيّد علي أكبر بن الحسين القزويني في سنة 1285 ه- ، ثمّ قابلها الشيخ بالنسخة المطبوعة في مصر1389 ه- ، تسلسلها 390/2/7/1ج ، 3223 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 190 ، فهرس التراث 1 : 407 ، فهرس المكتبة : الفقه 8/196.

(41)

الدعوات

لقطب الدين الراوندي ، استنسخها في شعبان سنة 1373 ه- عن نسخة مملوكة للشيخ محمّد رضا بن فرج الله ، وهي نسخة المحدّث النوري ، تملّكهاالنوري في سنة 1278 ه- ، وهي مع ملتقطات من أخبار خصال الصدوق في مجلّد ، تسلسلها 110/3/2/1/2ج ، 4/3207 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 190 ، فهرس التراث 1 : 587 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 30/780.

ص: 267

(42)

دلائل الإمامة

لمحمّد بن جرير الطبري ، استنسخها في شوّال سنة 1367 ه- عن نسخة السيّد حسين بن علي الهمداني ، ونسخة الشيخ محمّد السماوي ، وهماانتسخا نسختيهما من نسخة بخطّ الشيخ عبّاس القمّي ، تسلسلها 270/2/3/1/2ج ، 3/3220 ق.

طبعت هذه النسخة سنة 1369 ه- في المكتبة الحيدرية بالنجف الأشرف ، وفي سنة 1383 ه- ، ط2 ، بحجم الربع ، 320 صفحة ، جاء في آخرها مايلي : «هذا آخر ما كان في نسخة العلاّمة الثقة الشيخ شير محمّد الهمداني الجورقاني حفظه الله تعالى».

* تراثنا 73 - 74 : 190 ، فهرس التراث 1 : 360 ، الذريعة 8 : 246 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 13/336.

حرف (ر)

(43)

رجال البرقي

لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، استنسخها في شهر ربيع الأوّل سنة 1360 ه- عن نسخة بخطّ السيّد أبي القاسم الأصفهاني سنة 1342 ه- ، تسلسلها43 /3/13/1/4ج ، 5/3215 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 191 ، فهرس المكتبة : التراجم والأنساب 3/60.

ص: 268

(44)

رسالة

للشيخ محمّد هادي الطهراني ، استنسخها في شهر رجب سنة 1339 ه- ، تسلسلها 4/3258 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 191.

(45)

رسالة

مجهولة المؤلّف ، يستظهر أنّها للشيخ محمّد هادي الطهراني ، تسلسلها 5/3258 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 191.

(46)

رسالة

مجهولة المؤلّف ، يستظهر أنّها للشيخ محمّد هادي الطهراني ، تسلسلها 6/3258 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 192.

(47)

رسالة في الأمر بين ترك الغضب وترك الصلاة

للسيّد علي الطباطبائي ، تسلسلها 66/2/5/1/6ج.

* فهرس المكتبة : الفقه 12/318.

ص: 269

(48)

رسالة أبي غالب الزراري

استنسخها في شعبان سنة 1357 ه- عن نسخة الشيخ ميرزا محمّد الطهراني العسكري ، نزيل سامراء ، ثمّ قابلها على نسخة الشيخ عبدالحسين الطهراني بكربلاء في يوم عرفة بدون التاريخ ، تسلسلها 43/1/1/1/3ج ، 3/3227ق.

* تراثنا 73 - 74 : 192 ، فهرس التراث 1 : 409 ، فهرس المكتبة : التاريخ والجغرافية 5/124.

(49)

رسالة في بيان حقيقة تنزيل الرضاع منزلة النسب

لمحمّد هادي بن محمّد أمين الطهراني ، استنسخها في ذي الحجّة سنة1339 ه- ، تسلسلها 66/2/5/1/1ج ، 2/3258 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 193 ، فهرس التراث 2 : 240 ، فهرس المكتبة : الفقه 4/83.

(50)

رسالة في تزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر بن الخطّاب

للسيّد علي بن الحسين الموسوي (علم الهدى المرتضى) ، استنسخها في محرّم الحرام سنة 1347 ه- ، تسلسلها 103/3/2/1/4ج ، 4/3219 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 192 ، فهرس التراث 1 : 503 ، فهرس المكتبة : الحديث والدعاء 14/353.

ص: 270

(51)

رسالة في التعارض

للسيّد علي الطباطبائي ، تسلسلها 66/2/5/1/5ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 6/146.

(52)

رسالة في تعارض الأدلّة وبيان الفرق بين الورود والحكومة

للشيخ هادي بن محمّد أمين الطهراني ، ضمن مجموعة ، استنسخها في1339 ه.

* الذريعة 11 : 149.

(53)

رسالة في الحقّ

لمحمّد هادي بن محمّد أمين الطهراني ، استنسخها في 1338 ه- ، تسلسلها 66/2/5/1/3ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 5/111.

(54)

رسالة في الخمس

للسيّد محسن بن السيّد محمّد تقي الكوهكمري ، استنسخها في 1338 ه - في النجف الأشرف.

* الذريعة 7 : 255/1248.

ص: 271

(55)

رسالة في علم الباري تعالى

فارسية ، جاء في أوّلها : (در اين أيّام در صفحات زنجبار شخصي منكرعلم خداوند ...).

وجاء في آخرها : «اين مجملي است از احوال اين دشمنان دين وتفصيل را در رساله بيان كرده ايم ولله الحمد ، قد فرغ من تحريره العبد الجاني شير محمّد بن صفر علي الهمداني ، يوم الجمعة في 28 ذي القعدة من سنة 1341 ه» ، والرسالة مجهولة المؤلّف ، ويبعد أن تكون من تأليف الناسخ ؛ لِما هو المعهود منه من كثرة النسخ وعدم التصريح بأنّها تأليفه ، تسلسلها3 /3237 ق.

* تراثنا 73 - 74 : 193.

(56)

رسالة في الفرق بين الحق والحكم

لمحمّد هادي بن محمّد أمين الطهراني ، 1339 ه- ، تسلسلها66 /2/5/1/4ج.

* فهرس المكتبة : أصول الفقه 6/155.

(57)

رسالة في القدر

للسيّد علي بن الحسين الموسوي (علم الهدى المرتضى) ، بدون تاريخ ، تسلسلها43 /3/13/1/5ج.

* فهرس المكتبة : العقائد والكلام 5/124.

وللموضوع صلة ...

ص: 272

من ذخائر التراث

ص: 273

ص: 274

صورة

ص: 275

ص: 276

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي القدرة والجلال ، والرفعة والكمال ، الذي عمّ عباده بالفضل والإحسان ، وميّزهم بالعقول والأذهان ، وشرّفهم بالعلوم ، ومكّن لهم الدليل والبرهان ، وهداهم إلى معرفة الحقّ والصواب ، بما نزّل من الوحي والكتاب ، الذي جاء به أفضل أُولي العزم الكرام ، مولانا وسيّدنا محمّدبن عبد الله خاتم النبيّين وأشرف العالمين صلّى الله عليه وعلى الأطائب من عترته ، ذوي الفضائل والمناقب ، حجج الله على كافّة المسلمين ، الهادين المهديّين ، الذين يهدون بالحقّ وبه يعدلون.

أخبرنا النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بافتراق أمّته من بعده ثلاث وسبعون فرقة إثنتانوسبعون في النار وواحدة ناجية ، وهذا من إعجازه (صلى الله عليه وآله) وإخباره بالمغيّبات ، كما أخبرنا عن أمور كثيرة جدّاً ، منها سرعان ما تحقّق حدوثه بعدوفاته (صلى الله عليه وآله) كانقلاب الأمّة على أهل البيت عليهم السلام ، هكذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)مخاطباً أمير المؤمنين عليه السلام ، «إذا متُّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم يتمالؤون عليك ويمنعونك حقّك»(1). وأمثال هذا الحديث 3.

ص: 277


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2/72/303.

كثير ، ومنها لم يحدث ولم يتحقّق إلى الآن ، كالعلامات التي تظهر قبل ظهور الإمام الحجّة المنتظر عليه السلام وغيرها.

تعرّض شيخنا الماحوزي رحمه الله في رسالته هذه النكت البديعة إلى الطوائف وأصحابها ومعتقداتها بشكل تفصيلي وأثبت بطلان الباطل وأحقّية المحقّ بالأدلّة القاطعة القانعة من القرآن والسنّة النبوية ، وما بقي علينا إلاّأن نذكر في مقدّمتنا لتحقيق هذه الرسالة الشريفة الأحاديث المتواترة عن النبيّ والعترة الطاهرة عليهم أفضل الصلاة والسلام في افتراق الأمّة بعدرحيل النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وهو الذي أخبرهم وحذّرهم من وقوعه ، إذ قال لهم في أواخر أيّامه عندما عاده بعض الصحابة في مرضه الذي توفّي فيه : «ائتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً» ومقولة الرجل : إنّه ليهجر أو غلب عليه الوجع هو السبب الذي جعل الأمّة تصل إلى ماوصلت إليه اليوم ، فلولا هذه الكلمة لرأينا ماذا كان يريد أن يكتب إلينا حبيبناالمصطفى (صلى الله عليه وآله) وهو الرؤوف على أمّته وهو أرأف من أمّهاتنا علينا ، وأناعلى يقين عند ما كان يقول (صلى الله عليه وآله) : «ستفترق أمّتي» يقولها وهو على مضضوعدم ارتياح لما يرى - من خلال علمه بالمغيّبات - ما يحدث من بعده في أمّته.

وها نحن قد جمعنا ثلّة من الأحاديث الصادرة عنهم : في هذا المضمارلكي نُطلع القارئ العزيز على حقيقة قد لا تسمح الظروف للبعض مطالعتها في الكتب ؛ لأنّها متوزّعة في كتب الطائفتين ، أو لم تتوفّر لديه هذه الكتب التي استقصيناها من هنا وهناك ورتّبناها حسب وفيات المؤلّفين ، وقدأبدى بعض العلماء آراءهم وتعليقاتهم على بعض الأحاديث التي أوردوهافي مصنّفاتهم.

ص: 278

روى الفضل بن شاذان الأزدي النيشابوري المتوفّى سنة 260 ه- في كتابه الإيضاح :

«عن حذيفة بن اليمان ، عن سلمان أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : (ستفترق أمّتي على ثلاث فرق : فرقة منها على الحقّ ، لا ينتقص الباطل منها شيئاً ، يحبّونيويحبّون أهل بيتي ، مثلهم مثل الذهبة الحمراء ، كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد إلاّ خيراً.

وفرقة منها على الباطل ، لا ينتقص الحقّ منها شيئاً ، يبغضوني ويبغضون أهل بيتي ، مثلهم مثل الحديدة كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد إلاّشرّاً.

وفرقة مذبذبة فيما بين هؤلاء وهؤلاء على ملّة السامري تقول : لا مساس ، إمامهم عبدالله بن قيس)»(1).

وروى أبو النضر محمّد بن مسعود العيّاشي من علماء القرن الثالث الهجري في كتابه التفسير :

«عن أبي الصهباء (الصهبان) البكري قال : سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السلام دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى ، فقال : (إنّي سائلكما عن أمروأنا أعلم به منكما فلا تكتماني) ثمّ دعا أسقف النصارى فقال : (أنشدك بالذي أنزل الإنجيل على عيسى وجعل على رجله البركة ، وكان يبرئ الأكمه والأبرص ، وأزال ألم العين ، وأحيى الميّت ، وصنع لكم من الطين طيوراً ، وأنبأكم بما تأكلون وما تدّخرون) فقال : دون هذا صدق.

فقال عليّ عليه السلام : (بِكَم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟) فقال : لا ر.

ص: 279


1- الإيضاح : 61 - 62. وأورده سليمان الكوفي في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام2/98/585باختلاف يسير.

والله إلاّ فرقة واحدة ، فقال عليّ عليه السلام : (كذبت والله الذي لا إله إلاّ هو ، لقد افترقت أمّة عيسى على إثنين وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ فرقة واحدة ، إنّ الله يقول : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُوْنَ)(1) فهذه التي تنجو)»(2).

«وروى أيضاً عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (تفرّقت أمّة موسى على إحدى وسبعين ملّة (فرقة) ، سبعون منها في النار وواحدة في الجنّة ، وتفرّقت أمّة عيسى على إثنين وسبعين فرقة ، إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنّة ، وتعلو أمّتي على الفرقتين جميعاً بملّة واحدة في الجنّة واثنتان وسبعون في النار.

قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : الجماعات الجماعات)»(3).

وروى أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني المتوفّى سنة 328 ه- في كتابه الكافي :

«عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلا رَجُلافِيْهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُوْنَ وَرَجُلا سَلَماً لِرَجُل هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا)(4) ، قال : (أمّا الذي فيه شركاء متشاكسون : فلان الأوّل ، يجمع المتفرّقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضاً ، ويبرأ بعضهم من بعض ، فأمّا رجل سلم رجل فإنّه الأوّل حقّاً وشيعته).

ثمّ قال : (إنّ اليهود تفرّقوا من بعد موسى عليه السلام على إحدى وسبعين 9.

ص: 280


1- سورة المائدة 5 : 66.
2- تفسير العيّاشي1/330/150.
3- تفسير العيّاشي 1/331/151.
4- سورة الزُمَر 39 : 29.

فرقة ، منها فرقة في الجنّة وسبعون في النار.

وتفرّقت النصارى بعد عيسى عليه السلام على إثنين وسبعين فرقة ، فرقة منها في الجنّة وإحدى وسبعون في النار.

وتفرّقت هذه الأمّة بعد نبيّها (صلى الله عليه وآله) على ثلاث وسبعين فرقة ، إثنتان وسبعون فرقة في النار ، وفرقة في الجنّة ، ومن الثلاث وسبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودّتنا ، إثنتا عشرة فرقة منها في النار وفرقة في الجنّة ، وستّون فرقة من سائر الناس في النار)»(1).

وروى أبو جعفر محمّد بن عليّ الصدوق المتوفّى سنة 381 ه- في كتابه الخصال :

«عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إنّ بني إسرائيل تفرّقت على عيسى إحدى وسبعين فرقة ، فهلك سبعون فرقة ، وإنّ أمّتي ستفترق عَلَيَّ إثنين وسبعين فرقة يهلك إحدى وسبعون ويتخلّص فرقة) قالوا : يا رسول الله ، مَن تلك الفرقة؟ قال : (الجماعة الجماعة الجماعة)»(2).

قال الشيخ الصدوق رضي الله عنه بعد هذا الحديث : «الجماعة : أهل الحقّ وإن قلّوا ، وقد روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : (المؤمن وحده حجّة والمؤمن وحده جماعة)».

وروى في موضع آخر :

«عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : (إنّ أمّة موسى افترقت بعده على إحدى وسبعين 1.

ص: 281


1- الكافي8/224/283.
2- الخصال : 584/10 ، وعنه في بحار الأنوار 28/3/1.

فرقة ، فرقة منها ناجية وسبعون في النار ، وافترقت أمّة عيسى عليه السلام بعده على إثنين وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية وإحدى وسبعون في النار ، وإنّ أمّتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية وإثنتان وسبعون في النار)»(1).

وروى الصدوق أيضاً في كتابه معاني الأخبار :

«عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (سيأتي على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل ، وإنّهم تفرّقوا على إثنين وسبعين ملّة ، وستفرّق أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة ، تزيد عليهم واحدة ، كلّها في النار غيرواحدة) قال : قيل : يا رسول الله ، وما تلك الواحدة؟ قال : (هو ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي)»(2).

وروى أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز من علماء القرن الرابع الهجري في كتابه كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر :

«عن عليّ عليه السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة منها فرقة ناجية والباقون هالكة ، والناجية الذين يتمسّكون بولايتكم ويقتبسون من علمكم ولا يعملون برأيهم ، فأولئك ما عليهم من سبيل) فسألت عن الأئمّة فقال : (عدد نقباء بني إسرائيل)»(3).

ففي هذا الحديث عرّف لنا النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) مواصفات الفرقة الناجية ، فالمتمسّك بولاية أهل البيت عليهم السلام العامل برأيهم هو الناجي من تلك الفرق. 8.

ص: 282


1- الخصال/585/11.
2- معاني الأخبار/323/1.
3- كفاية الأثر : 155 ، وعنه في بحار الأنوار 36/336/198.

وروى أبو الفتح محمّد بن عليّ الكراجكي المتوفّى سنة 449 ه- في كتابه كنز الفوائد في حديثه عن القياس قال :

«وأمّا المروي في ذلك من الأخبار فمنه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمّتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحرّمون الحلال ، ويحلّلون الحرام)»(1).

فأتباع أهل البيت عليهم السلام السائرين على نهجهم غير مشمولين بهذاالحديث قطعاً ويقيناً ، لأنّه (صلى الله عليه وآله) قال في حقّ عليّ عليه السلام : (من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي - فإنّ ربّي غرس قضبانهابيده - فليتولّ عليّاً ، فإنّه لن يُخرجكم من هدىً ، ولن يدخلكم في ضلالة)(2) فالحمد لله الذي جعلنا من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام والمهتدين بهداه.

ومثل هذا الحديث ورد في حقّ أهل البيت عليهم السلام عن الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام قال : (سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب وذرّيّته الطاهرين أئمّة الهدى ومصابيح الدجى من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة)»(3).

فهذا عليّ وهؤلاء أهل بيته وذريّته الطاهرين عليهم أفضل الصلاة والسلام ، قد جعلهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) أماناً لأتباعهم من الانحراف والعمل 9.

ص: 283


1- كنز الفوائد2/209.
2- مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي1/426/332 ، عن زيد بن أرقم ، ومثله في أمالي الطوسي : 49/48.
3- مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب1/354 ، العقد النضيد للقمّي : 78/59.

بالرأي ، فمن اتّبعهم نجا ومن تخلّف عنهم غرق وهوى.

وروى أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهر آشوب المازندراني المتوفّى سنة 588 ه- في كتابه مناقب آل أبي طالب :

«عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، إحداهما ناجيةوسائرها هالكة)»(1).

«وعن زاذان ، عن أمير المؤمنين عليه السلام : (والذي نفسي بيده لتفترقنّ هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة ، إثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنّة ، وهم الذين قال الله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُوْنَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُوْنَ)(2) وهم أنا وشيعتي)».

«وروي عن الباقرين عليهما السلام أنّهما قالا : (نحن هم)»(3).

فهذا حديث مسند بآية من القرآن الكريم وفسّرها أهل البيت عليهم السلام ، فأتباعهم أتباع الحقّ ومخالفيهم أتباع الهوى والضلال.

وقال السيّد شرف الدين الأسترآبادي من أعلام القرن العاشر الهجري في كتابه تأويل الآيات الظاهرة بعد ذكر هذا الحديث والآية :

«صدق عليه السلام أنّه هو وشيعته هم الفرقة الناجية ، وإن لم يكونوا وإلاّ فمن؟وأحسن ما قيل في هذا المعنى قول خواجة نصير الدين محمّد الطوسي قدّس الله روحه وقد سئل عن الفرقة الناجية؟ فقال : بحثنا عن المذاهبوعن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، منها فرقة ناجية والباقي في النار) فوجدنا الفرقة الناجية هي الإمامية ؛ 9.

ص: 284


1- مناقب آل أبي طالب3/89.
2- سورة الأعراف7/181.
3- مناقب آل أبي طالب 3/89.

لأنّهم باينوا جميع المذاهب في أصول العقائد وتفرّدوا بها ، وجميع المذاهب قداشتركوا فيها ، والخلف الظاهر بينهم في الإمامة.

فتكون الإمامية الفرقة الناجية وكيف لا؟ وقد ركبوا فلك النجاة الجارية ، وتعلّقوا بأسباب النجوم الثابتة والسارية ، فهم والله أهل المناصب العالية ، وأولو الأمر والمراتب السامية ، وهم غداً في عيشة راضية ، في جنّة عالية ، قطوفها دانية ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيْئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيّامِ الخَالِيَة)(1) والصلاة والسلام على الشموس المشرقة والبدور الطالعة في الظلمات الداهية ، محمّد المصطفى وعترته الهادية صلاة دائمة باقية»(2).

وروى أبو محمّد عليّ بن يونس النباطي البياضي المتوفّى سنة 877 ه- في كتابه الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم :

«روى أهل الإسلام قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة ناجية والباقون في النار).

قال النباطي : فهذه شهادة صريحة من النبيّ المختار على وصف أكثرهم بالضلال والبوار ، ولابدّ أن يكون الله ورسوله أوضحا لهم وجوه الضلال ، لئلاّ يكون لهم الحجّة عليهما يوم الحساب والسؤال ، وبهذا يتّضح وجه إمساك عليّ وعترته عن الجهاد ، إذ كيف تقوى فرقة على إضعافها من أهل العناد ، ومن فرّ عن أكثر من إثنين قد عذره القرآن ، فكيف لا يعذر من أمسك عن إضعافه من أهل الطغيان»(3).

وفيه أيضاً : «وأسند عليّ بن محمّد إلى عليّ عليه السلام قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : 6.

ص: 285


1- سورة الحاقّة 69 : 24.
2- تأويل الآيات الظاهرة 1/190/38 - 39.
3- الصراط المستقيم2/96.

(ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة ناجية ، وهم المتمسّكون بولايتكم ، لا يعملون برأيهم ، أولئك ما عليهم من سبيل)»(1).

وروى محمّد محسن الفيض الكاشاني المتوفّى سنة 1091 ه- ، في كتابه الأصفى في تفسير القرآن في تفسيره قوله تعالى : (إنَّ الَّذِيْنَ فَرَّقُوا دِيْنَهُم) : «بدّدوه ، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض وافترقوا فيه (وَكَانُواشِيَعاً) فِرَقاً يُشيّع كلّ فرقة إماماً (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيء إنّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُوْنَ)(2) قال : هم أهل الضلال وأصحاب الشبهات والبِدع من هذه الأمّة.

والقمّي : فارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وصاروا أحزاباً.

وفي الحديث المشهور : «ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلّهافي النار إلاّ واحدة ، وهي التي تتّبع وصيّي عليّاً»(3).

هذا ما ذكره علماؤنا من الأحاديث الشريفة وتعليقاتهم عليها.

ولننظر الآن ماذا يذكروا لنا علماء الطائفة الثانية.

روى أبو عبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني المتوفّى سنة 241 ه - في كتابه المسند :

«عن أبي عامر عبدالله بن لحي قال : حججنا مع معاوية بن أبي سفيان ، فلمّا قدمنا مكّة قام حين صلّى صلاة الظهر فقال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : (إنّ أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ير

ص: 286


1- الصراط المستقيم2/126.
2- سورة الأنعام 6 : 159.
3- تفسير

ملّة ، وإنّ هذه الأمّة ستفترق على ثلاث وسبعين ملّة - يعني الأهواء كلّها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ...)»(1).

وروى أبو محمّد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي المتوفّى سنة 255 ه- في كتابه السنن :

«عن معاوية بن أبي سفيان : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام فينا فقال : (ألا إنّ من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملّة ، وإنّ هذه الأمّة ستفترق على ثلاث وسبعين : إثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة)»(2).

وروى أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي المتوفّى سنة 275 ه- في كتابه السنن :

نفس الراوي بزيادة : وهي الجماعة(3).

وروى أبو عبدالله محمّد بن يزيد القزويني (ابن ماجة) المتوفّى سنة 275 ه- في كتابه السنن :

«عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنّة وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنّة ، والذي نفس محمّد بيده لتفترقنّ أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، 5.

ص: 287


1- مسند أحمد5/70/16490 ، وعنه ابن كثير في تفسيره 1/398 ، والسيوطي في الدرّالمنثور3 /713 ، وأورده الطبراني في المعجم الكبير 19/377/ذيل حديث 884.
2- سنن الدارمي 2/194/2518.
3- سنن أبي داود 5/4597 ، وعنه المتّقي الهندي في كنز العمّال 11/114 /30835.

واحدة في الجنّة وثنتان وسبعون في النار) قيل : يا رسول الله ، من هم؟ قال : (الجماعة)»(1).

وفي موضع آخر :

«عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنّ بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإنّ أمّتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلّها في النارإلاّ واحدة ، وهي الجماعة)»(2).

وروى أبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي (ابن ماجة) المتوفّى سنة 279 ه- في كتابه الجامع الكبير المعروف ب- السنن :

«عن أبي هريرة أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : (تفرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة)»(3).

وفي موضع آخر :

«عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ليأتينّ على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتّى إن كان منهم من أتى أمّه علانية لكان في أمّتي من يصنع ذلك ، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة ، وتفرّقت أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة ، كلّهم في النار إلاّ ملّة 0.

ص: 288


1- سنن ابن ماجة 4/393/3992 ، وعنه المتّقي الهندي في كنز العمّال11/114/ 30834.
2- سنن ابن ماجة4/393/3993 ، وعنه السيوطي في الدرّ المنثور 3/712 ، وزاد في آخره ، ثمّ قال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيْعَاً وَلاَ تَفَرَّقُوا).
3- سنن ابن ماجة4/381/2640.

واحدة) قالوا : ومن هي يا رسول الله؟ قال : (ما أنا عليه وأصحابي)»(1).

وروى أبو يعلى الموصلي أحمد بن علي التميمي المتوفّى سنة 307 ه- في كتابه المسند :

«عن أنس بن مالك في حديث طويل : ثمّ حدّثهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الأمم فقال : (تفرّقت أمّة موسى على إحدى وسبعين ملّة ، سبعون منها في الناروواحدة في الجنّة ، وتفرّقت أمّة عيسى على ثنتين وسبعين ملّة إحدى وسبعين منها في النار وواحدة في الجنّة ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : وتعلوأمّتي على الفرقتين جميعاً بملّة ، اثنتين وسبعين في النار وواحدة في الجنّة) قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : (الجماعات)»(2).

وروى أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفّى سنة 360 ه. في كتابيه المعجم الكبير ومسند الشاميين.

«عن معاوية قال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : (إنّ أهل الكتاب افترقوا في كتابهم على ثنتين وسبعين ملّة ، وتفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين ملّة - يعني الأهواء - كلّها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ، وإنّه يخرج في أمّتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه ، ولا يبقى عرقولامفصل إلاّ دخله)»(3).

«وعن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك قالوا : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين 5.

ص: 289


1- سنن ابن ماجة4/381/2641 ، وأورده أيضاً السيوطي في الجامع الصغير 2/444 /7532 ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال 1/182/928.
2- مسند أبي يعلى 6/342/ذيل حديث 913.
3- المعجم الكبير19/377/885 ، مسند الشاميّين 2/108/1005.

فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله - إلى أن قال - : (فإنّ بني إسرائيل افترقواعلى إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، كلّهم على الضلالة إلاّ السواد الأعظم) قالوا : يا رسول الله ، ومن السواد الأعظم؟ قال : (من كان على ما أنا عليه وأصحابي ، من لم يمار في دين الله ، ومن لم يكفّر أحداً من أهل التوحيد بذنب غفر له .......)»(1).

وروى الحاكم أبو عبدالله محمّد بن عبدالله النيسابوري المتوفّى سنة 405 ه- في كتابه المستدرك على الصحيحين :

«عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أُمّتي على بضعوسبعين فرقة ، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحرّمون الحلال ويحلّلون الحرام)»(2).

وروى أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي المتوفّى سنة 463 ه- في كتابه تاريخ بغداد :

«عن عوف بن مالك الأشجعي ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : (ستفترق أمّتي على بضع وسبعين فرقة ، شرّ فرقة منها قوم يقيسون الدين بالرأي ، فيُحلّون به الحرام ، ويحرّمون به الحلال)»(3).

وعنه أيضاً قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (افترقت هذه الأمّة على بضع وسبعين فرقة ، وأعظمها فتنة على أمّتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيُخطئون ، فيحلّون الحرام ويحرّمون الحلال)»(4). 5.

ص: 290


1- المعجم الكبير 8/178/7659 ، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد7/259.
2- المستدرك 5/614/8374.
3- تاريخ بغداد 13/309.
4- تاريخ بغداد 13/310 ، وعنه ابن طاووس في الطرائف2/257 ، والعلاّمة الحلّي في نهج الحقّ وكشف الصدق : 404. وأورده ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 62/155.

وروى ابن عساكر عليّ بن الحسين الشافعي المتوفّى سنة 571 ه- في كتابه تاريخ مدينة دمشق :

«عن عوف بن مالك قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : (افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة ، وتزيد أمّتي عليها فرقة ، ليس فيها فرقة أضرّعلى أمّتي من قوم يقيسون الدين برأيهم ، فيحلّون ما حرّم الله ، ويحرّمون ماأحلّ الله)»(1).

وعنه : «عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : (تفترق أمّتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمّتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلّون الحرام ، ويحرّمون الحلال)»(2).

وعنه : «عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : (تفترق هذه الأمّة بضعاً وسبعين فرقة ، شرّها فرقة قوم يقيسون الرأي ، يستحلّون به الحرام ، ويحرّمون به الحلال)»(3).

وروى الفخر الرازي محمّد بن عمر الشافعي المتوفّى سنة 606 ه- في كتابه التفسير الكبير :

قال : «إنّ قولنا : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لا شكّ أنّ المراد منه الاستعاذة بالله من جميع المنهيّات والمحظورات ، ولا شكّ أنّ المنهيّات إمّا أن تكون من باب الاعتقادات ، أو من باب أعمال الجوارح.

أمّا الاعتقادات فقد جاء في الخبر المشهور قوله (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلّهم في النار إلاّ فرقة واحدة) وهذا يدلّ على أنّ الإثنين والسبعين موصوفون بالعقائد الفاسدة ، والمذاهب الباطلة. 4.

ص: 291


1- تاريخ مدينة دمشق 62/151.
2- تاريخ مدينة دمشق 62/151.
3- تاريخ مدينة دمشق 62/154.

ثمّ إنّ ضلال كلّ واحدة من أولئك الفِرَق غير مختصّ بمسألة واحدة ، بل هو حاصل في مسائل كثيرة من المباحث المتعلّقة بذات الله تعالى ، وبصفاته وبأحكامه وبأفعاله وبأسمائه ، وبمسائل الجبر والقدر ، والتعديل والتجويز ، والثواب والمعاد ، والوعد والوعيد ، والأسماء والأحكام والإمامة ، فإذاوزَّعنا عدد الفِرق الضالّة - وهو الإثنان والسبعون - على هذه المسائل الكثيرة بلغ العدد الحاصل مبلغاً عظيماً ، وكلّ ذلك أنواع الضلالات الحاصلة في فرَق الأمّة»(1).

وروى القاضي عبدالرحمن بن أحمد الأيجي المتوفّى سنة 756 ه- في كتابه المواقف :

«في ذكر الفرق التي أشار إليها الرسول (صلى الله عليه وآله) بقوله : (ستفترق أمّتي ثلاثاً وسبعين فرقة ، كلّها في النار إلاّ واحدة ، وهي ما أنا عليه وأصحابي) وكان ذلك من معجزاته حيث وقع ما أخبر به.

إعلم أنّ كبار الفرق الإسلامية ثمانية : المعتزلة ، والشيعة ، والخوارج والمرجئة ، والنجارية ، والجبرية ، والمشبّهة ، والناجية»(2).

هذا ما أردنا ذكره من الأحاديث الواردة في افتراق الأمّة كما افترقت الأمم السابقة هكذا أخبرنا به النبيّ الأكرم والأئمّة الطاهرين : ، وهي أحاديث كثيرة كثيرة اخترنا منها اليسير لكي لا تطول المقدّمة وخير الكلام ما قلّ ودلّ.

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على نبيّه المصطفى ووصيّه المرتضى وآلهما الطيّبين الطاهرين.9.

ص: 292


1- التفسير الكبير1/3/4.
2- المواقف 3/649.

ترجمة المؤلّف

اسمه : علاّمة العلماء الأعلام ، وحجّة الإسلام ، وشيخ المشايخ الكرام ، اُولي النقض والإبرام ، المحقّق المدقّق العلاّمة الثاني أبو الحسن شمس الدين الشيخ سليمان ابن الشيخ عبدالله بن عليّ بن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمّار البحراني الستري الماحوزي.

أصله من سترة من قرية الخارجية ، ومولده الماحوز ، ثمّ إنّه سكن البلادالقديم(1).

أوصافه : وصفه تلميذه الشيخ عبدالله بن صالح البحراني فقال : «كان هذاالشيخ أعجوبة في الحفظ والدقّة ، وسرعة الانتقال في الجواب والمناظرات ، وطلاقة اللسان لم أر مثله قطّ ، وكان ثقة في النقل ، ضابطاً ، إماماً في عصره ، وحيداً في دهره ، أذعنت له جميع العلماء ، وأقرّ بفضله جميع الحكماء ، وكان جامعاً لجميع العلوم ، علاّمة في جميع الفنون ، حسن التقرير ، عجيب التحرير ، خطيباً ، شاعراً ، مفوّهاً ، وكان أيضاً غاية في الإنصاف ، وكان أعظم علومه الحديث والرجال والتواريخ ، منه أخذت الحديث ، وتلمّذت عليه ، وربّاني وقرّبني وآواني ، واختصّني من بين أقراني ، جزاه الله عنّي خير الجزاء ، بحقّ محمّد وآله الأزكياء»(2).

مولده : وجدت في آخر رسالة علماء البحرين وفي النسخة الخطّية للرسالة في حاشيتها ما نصّه :

«يقول العبد الفقير إلى الله سليمان بن عبدالله الماحوزي : (إنّ مولدي في شهر رمضان من السنة الخامسة والسبعين والألف على ما سمعته من 8.

ص: 293


1- أنوار البدرين : 150.
2- لؤلؤة البحرين : 8.

والدي دام ظلّه في ليلة النصف من شهر رمضان بطالع عطارد ، وحفظت الكتاب الكريم ولي سبع سنين تقريباً وأشهر ، وشرعت في كتب العلوم ولي عشر سنين ، ولم أزل مشتغلا بالتحصيل إلى هذا الآن ، وهو العام التاسع والتسعون والألف من الهجرة النبوية)»(1).

ثناء العلماء عليه :

قال صاحب أنوار البدرين في وصفه له : «هذا الشيخ من نوادر الزمان وأُغلوطة الدهر الخوّان ، وفوائده وآثاره وكثرة تلامذته واشتهاره مع قصرعمره يدلّ على فضل عظيم وفخر جسيم ، وقد اجتمع مع المولى المجلسي وأُعجب به وأجازه»(2).

وقال صاحب منتهى المقال : «مولانا العالم الربّاني والمقدّس الصمداني ، المعروف بالمحقّق البحراني قدّس الله فسيح تربته وأسكنه بحبوحة جنّته»(3).

وقال صاحب الفوائد الرضوية : «المحقّق المدقّق جامع جميع العلوم ، الخطيب الشاعر الحافظ المؤرّخ الجليل ، صاحب التصانيف الكثيرة»(4).

وقال الشيخ النوري : «علاّمة الزمان ونادرة الأوان المحقّق المدقّق صاحب المؤلّفات الأنيقة التي منها كتاب الأربعين»(5).

مشايخه : له ستّ من المشايخ رتّبنا أسماءهم حسب سنين وفيّاتهم.

1 - العالم العامل الفقيه الكامل الصالح الشيخ صالح بن عبدالكريم الكرزكاني البحراني ، وكان فاضلا ورعاً فقيهاً شديداً في ذات الله ، انتهت 7.

ص: 294


1- رسالة علماء البحرين : 79 (ضمن فهرست آل بابويه) للمصنّف ، لؤلؤة البحرين : 8.
2- أنوار البدرين : 155.
3- منتهى المقال 3/399/1376.
4- الفوائد الرضوية1/347.
5- خاتمة المستدرك 2/67.

إليه رئاسة البلاد المذكورة ، وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها أحسن قيام ، وانقادت إليه حكّامها فضلا عن رعيّتها لورعه وتقواه(1).

قال الماحوزي : «ولي عنه رواية بالواسطة ودونها ، توفّي في سنة ثمان وتسعين وألف»(2).

2 - العلاّمة الفقيه الكامل رفيع الشأن الشيخ سليمان بن عليّ بن سليمان بن راشد المعروف بابن أبي ظبية ، الأصبعي أصلا الشاخوري منزلا البحراني(3).

قال الماحوزي : «وكان هذا الشيخ أعجوبة وقته في الحفظ وسعة العلم ، وعليه قرأ الفقير الفقه والحديث وغيرها من العلوم ، توفّي رحمه الله سنة ألف ومائة من الهجرة»(4).

3 - العالم الفاضل المحقّق الكامل المدقّق العلاّمة الشيخ أحمد ابن العالم الأمجد الشيخ محمّد بن يوسف الخطّي البحراني المقابي منشأً وتحصيلات وفّي قدس سره بالطاعون مع أخويه الشيخ يوسف والشيخ حسن في العراق ودفنوا في جوار الكاظمين عليهما السلام في سنة 1102 ه- في حياة أبيهم(5).

وقال الماحوزي : «كان فقيهاً محدّثاً عظيم الشأن كثير العبادة والعمل»(6).

وقال في جواهر البحرين : «كان اُعجوبة زمانه ذكاءً وفضلا ، ونادرة عصره كمالا ونبلا ، بلغ من الكمالات قاصيتها ، وملك من التحقيقات).

ص: 295


1- لولؤة البحرين : 68 / 22 ، أنوار البدرين : 157 / 58.
2- رسالة علماء البحرين للماحوزي : 75 / 26 (ضمن فهرست آل بابويه).
3- لؤلؤة البحرين : 13 / 3 ، أنوار البدرين : 148 / 68.
4- رسالة علماء البحرين للماحوزي : 76 / 28.
5- لؤلؤة البحرين : 36 / 8 ، أنوار البدرين : 140 / 64.
6- رسالة علماء البحرين : 77 / 31 (ضمن فهرست آل بابويه).

ناصيتها ، حضرت درسه الفاخر فصادفته كالبحر الزاخر ، تتلاطم أمواجه ، ويتدفّق عذبه لا اُجاجه ، ولي معه مناظرات شريفة ومحاضرات لطيفة ذكرت شطراً منها في كتاب الأزهار ، وكان أعبد من رأيناه في عصرنا وأشرفهم في الأخلاق ، بل والله حسنة من حسنات الدهر وفريدة من قلادة العصر»(1).

4 - العلاّمة المحقّق ذو المفاخر والمحامد الشيخ محمّد بن ماجد البحراني الماحوزي ثمّ البلادي ، توفّي حدود سنة 1105 ه- ، وقال الشيخ عبدالله ابن صالح البحراني : «وما أرويه عن أخي بالمؤاخاة الشيخ محمّد بن يوسف عن شيخه الشيخ محمّد بن ماجد بن مسعود الماحوزي»(2).

وقال الماحوزي : «كان في غاية الذكاء والتحقيق ، محكماً للفروع الفقهية غاية الأحكام ، كثير الاحتياطات في العلم والعمل ، حضرت درسه مدّة طويلة»(3).

5 - السيّد الجليل ذي الشرف الأصيل ، العديم المثيل ، المحدّث المتتبّع العلاّمة السيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبدالجواد البحراني التوبلي الكتكاني ، إليه انتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمّد بن ماجد البحراني ، توفّي سنة 1107 ه- ، وانتهت رئاسة البلد بعده إلى الشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي(4).

6 - العلاّمة الفهّامة الفاضل الماهر المتكلّم المحدّث الشيخ محمّد باقربن محمّد تقي المجلسي ، المولود في أصفهان سنة 1027 ه- والمتوفّى 2.

ص: 296


1- جواهر البحرين في علماء البحرين : (ضمن فهرست آل بابويه) : 96 / 12.
2- لؤلؤة البحرين : 61 / 18 ، أنوار البدرين : 132 / 62.
3- رسالة علماء البحرين : 76 / 29.
4- لؤلؤة البحرين : 63 / 19 ، أنوار البدرين : 136 / 63 ، رسالة علماء البحرين : 77 / 32.

فيها سنة1110 ه.

وقال تلميذه الشيخ عبدالله الأفندي : «نروي عنه جميع مؤلّفاته وغيرها إجازة»(1).

تلامذته :

له جملة من التلاميذ أشهرهم ما يلي رتّبنا أسماءهم حسب سنين وفياتهم.

1 - الفقيه العابد الصالح الشيخ محمّد بن يوسف بن كنبار الضبيري النعيمي البلادي ، توفّي سنة 1130 ه.

2 - المحقّق الأمجد العالم الأوحد الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمدبن صالح آل عصفور الدرازي البحراني ، توفّي سنة 1131 ه.

3 - العالم العامل المحدّث الصالح الشيخ عبدالله ابن الحاج صالح السماهيجي البحراني ، توفّي سنة 1135 ه.

4 - العالم الجليل والكامل النبيل الأمجد الأوّاه الشيخ عبدالله ابن الشيخ عليّ بن أحمد البلادي البحراني ، توفّي 1148 ه.

5 - العالم العابد الزاهد الفاضل الورع التقي السيّد عبدالله ابن السيّد علوي الملقّب بعتيق الحسين عليه السلام ابن السيّد حسين البلادي البحراني ، توفّي سنة 1165 ه.

6 - العالم العامل المحقّق الأمين الأفخر الشيخ حسين ابن الشيخ محمّدبن جعفر الماحوزي البحراني ، توفّي سنة 1170 ه(2). 9.

ص: 297


1- رياض العلماء 5/39 ، أعيان الشيعة 9/182.
2- هؤلاء الأعلام وردت تراجمهم في لؤلؤة البحرين على التوالي : 109 ، 93 ، 96 ، 72 ، 92 ، 6 ، أنوار البدرين : 180 / 81 ، 161 / 73 ، 170 / 77 ، 168 / 75 ، 175 / 78 ، 176 / 89.

درسه :

درس على علماء البحرين ، وكان من أهمّهم في تكوينه العلمي الشيخ سليمان بن عليّ بن سليمان البحراني ، والشيخ سليمان بن عليّ بن راشدالشاخوري ، والشيخ صالح بن عبدالكريم البحراني.

إجازاته في الرواية :

له إجازة الحديث من العلاّمة المجلسي ، والسيّد هاشم بن سليمان الكتكاني البحراني ، والشيخ صالح البحراني ، والشيخ جعفر بن عليّ البحراني. وأجاز كثيراً من العلماء والأعلام ، منهم : الشيخ أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني ، والشيخ حسين بن محمّد الماحوزي ، والسيّد عبدالله بن علوي البلادي البحراني ، والسيّد مير محمّد حسين الخاتون آبادي ، والشيخ محمّد رفيع البيرمي ، والشيخ محمّد بن عليّ المقابي(1).

وله الرواية عن شيخه وأستاذه الفقيه النبيه الشيخ سليمان بن عليّ بن سليمان البحراني الشاخوري.

وقد ذكر إجازاته الشيخ الطهراني في الذريعة على التوالي :

1 - إجازة الشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي المتوفّى سنة 1121 ه- ، للشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني والد صاحب الحدائق المتوفّى سنة 1131 ه- ، متوسّطة كتبها له بخطّه على ظهر أربعين البهائي الموجود في كتب المولى محمّد بن عليّ الخوانساري تاريخها خامس شعبان 1119 ه- ، ذكر فيها تصانيفه(2).

2 - إجازته للشيخ عبدالله ابن الحاج صالح السماهيجي البحراني 1.

ص: 298


1- روضات الجنّات 4/ 20 - 21 ، تلامذة العلاّمة المجلسي : 28.
2- الذريعة 1/ 196/1021.

المتوفّى سنة 1135 ه- ، متوسّطة فيها ذكر بعض تصانيفه ، أوّلها : أمّا بعد الحمد لله على إفضاله. كتبها له ببندر گنك في شعبان سنة 1109 ه(1).

3 - إجازته لتلميذه الشيخ علي ابن الحاج محمّد البحراني رأيتها بخطّه على ظهر رسالة الصلاة التي ألّفها المجيز سنة 1103 ه- مختصرة أوّلها : نحمدك يا هادي الأنام(2).

4 - إجازته للشيخ محمّد رفيع البيرمي ، مختصرة تاريخها سنة 1111 ه- ، ذكر فيها جملة من تصانيفه ، رأيتها بخطّه على ظهر رسالته في الطهارة والصلاة(3).

مؤلّفاته :

للشيخ الماحوزي رحمه الله كتب ورسائل كثيرة ، اخترنا منها ما قيل إنّها كتاب ، والرسائل التي ذكر فيها إجازاته لتلاميذه ، ورتّبنا الكتب حسب الحروف الهجائية ، والرسائل حسب ما جاءت في الذريعة بترتيب الأجزاء ، مع ذكر رسالتنا هذه.

الكتب :

1 - الأربعون حديثاً في الإمامة : من طرق العامّة وبيان دلالتها مشروحة ، ذكره في إجازته للشيخ محمّد رفيع البيرمي سنة 1111 ه- ، وفي إجازته للشيخ عبدالله السماهيجي(4).

2 - أزهار الرياض : يجري مجرى الكشكول ، كبير في ثلاثة 7.

ص: 299


1- الذريعة1/197/1022.
2- الذريعة1/197/1023.
3- بحار الأنوار 102/182/75 ، الذريعة 1/197/1024.
4- الذريعة 1/418/2157.

مجلّدات ، كان أحد مجلّداته بخطّ بعض تلاميذه في خزانة شيخنا النوري(1).

3 - شرح الإثني عشرية للشيخ البهائي ، ذكره تلميذه الشيخ عبدالله السماهيحي في إجازته للشيخ ناصر الجارودي المؤرّخة سنة 1128 ه(2).

وورد أيضاً باسم : الفوائد السرية في شرح الإثني عشرية الصلاتية البهائية ، يوجد ضمن مجموعة دوّنها تلميذه الشيخ محمّد بن سعيد المقابي(3).

4 - شرح الباب الحادي عشر : غير تامّ ، ذكره في إجازته للشيخ محمّد بن رفيع البيرمي(4).

وورد أيضاً بإسم : نظم الباب الحادي عشر(5).

5 - شرح مفتاح الفلاح : ذكره تلميذه الشيخ عبدالله السماهيجي في إجازته الكبيرة للشيخ ناصر الجارودي بتاريخ 1128 ه.

وقال المصنّف نفسه في إجازة صدرت منه بخطّه سنة 1111 ه- لتلميذه الشيخ محمّد رفيع البيرمي اللاري أنّ اسمه : فلق الإصباح في شرح مفتاح الفلاح(6).

وورد أيضاً باسم : فلق الصباح في شرح مفتاح الفلاح ، ذكره المصنّف بهذا العنوان بنفسه فيما كتبه من الإجازة بخطّه في سنة 1111 ه- 1.

ص: 300


1- الذريعة 1/534/2603.
2- الذريعة 13/62/196.
3- الذريعة 16/342/1587.
4- الذريعة 3/6 ، و 13/120/383.
5- الذريعة 24/200/1037.
6- الذريعة 14/82/1821.

لتلميذه البيرمي(1).

6 - الشفاء في الحكمة النظرية : ذكره تلميذه الشيخ عبدالله السماهيجي في إجازته للشيخ ناصر الجارودي(2).

7 - العشرة الكاملة : وهي مسائل في عشرة فصول كلّها في الاجتهاد والتقليد من مباحث أصول الفقه ، وذيّلها بخاتمة وذكر فيها عشرين حديثاً كلّهافي التحذير عن القضاء والفتيا ، وينبغي للقاضي والمفتي أن يجعلها نصب عينيه ، ثمّ نصائح ثلاثة نقلها من أوائل كتاب المعتبر للمحقّق الحلّي(3).

8 - الفوائد النجفية : أكثر تلك الفوائد رسائل مختصرة وحواش له سابقة متقدّمة ، وينقل عنه في الحدائق وفي الكشكول ، وقال تلميذه الشيخ عبدالله السماهيجي في إجازته الكبيرة للشيخ ناصر بن محمّد الجارودي : إنّه نظير الفوائد الطوسية(4).

9 - معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال : شرح لفهرست شيخ الطائفة ، لم يتمّ بل خرج منه حرف الألف والباء والتاء فقط(5).

الرسائل :

1 - أُرجوزة في الكلام : ذكر في إجازته للمولى محمّد رفيع البيرمي سنة1111 ه- أنّها نظم الباب الحادي عشر(6).0.

ص: 301


1- الذريعة 16/311/1421.
2- الذريعة 14/201/2184.
3- الذريعة 15/365/1725.
4- الذريعة 16/361/1677.
5- الذريعة 21/228/4748.
6- الذريعة 1/493/2430.

2 - الاستخارات : ذكر في إجازته بخطّه للشيخ محمّد رفيع البيرمي سنة1111 ه- معبّراً عنه برسالة الاستخارة(1).

3 - الإشارات : في الكلام ، ذكره في إجازته التي كتبها بخطّه للمولى محمّدرفيع البيرمي سنة 1111 ه- وكذا في إجازته للشيخ عبدالله السماهيجي(2).

4 - إعراب تبارك الله أحسن الخالقين : ذكره تلميذه السماهيجي في إجازته للشيخ ناصر الجارودي وصاحب الحدائق(3).

5 - إعلام الهدى في مسألة البداء : وله أيضاً ، صوب الندى. صرّح في إجازته للمولى محمّد رفيع البيرمي سنة 1111 ه- أنّ كليهما في مسألة البداء(4).

6 - إيقاظ الغافلين : في الموعظة ذكره تلميذه الشيخ عبدالله السماهيجي في إجازته الكبيرة(5).

7 - البلغة : في الرجال ، على حذو الوجيزة التي ألّفها العلاّمة المجلسيونسخة منها بخطّ تلميذ المصنّف الشيخ عبدالله السماهيجي ، ولعلّ كتابتها في عصر المؤلّف عليها حواش منه كثيرة صرّح بأنّ اسمه : بلغة المحدّثين(6).

8 - التسامح في أدلّة السنن : نسخة منه بخطّ تلميذه المجاز منه 2.

ص: 302


1- الذريعة 2/19/58.
2- الذريعة 2/95/380.
3- الذريعة 2/234/929.
4- الذريعة 2/242/959.
5- الذريعة 2/504/1976.
6- الذريعة 3/146/502.

الشيخ أحمد بن إبراهيم الدرازي والد صاحب الحدائق(1).

9 - جواز التقليد : ذكره تلميذه السماهيجي في إجازته(2).

10 - الحاشية على حكمة العين : في الحكمة والفلسفة ، ذكرها في إجازته للشيخ أحمد والد صاحب الحدائق(3).

11 - النكت البديعة في فرق الشيعة. ذكره تلميذه عبدالله السماهيجي في إجازته لناصر الجارودي(4).

هكذا جاء اسمها في الذريعة ، ولكن ما أثبتناه من النسخة المعتمدة بخطّ المؤلّف.

وقد تعرّض شيخنا الأجلّ في هذه الرسالة إلى الفرق التي تُنسب إلى التشيّع ، ثمّ أطلق عنان قلمه مبتدئاً بمقدّمة أوضح فيها معنى التشيّع مستفيداً من كتب اللغة والتفسير والكلام ، وفصول ثمانية بدءاً من الإمامية وختاماً بالغُلاة ، مع بسط الكلام في معتقداتهم واُصولهم وإلى من ينتسبون ، مستفيداً من كتب الطائفتين تاريخاً وحديثاً وكلاماً وغيرها ، وأثبت من خلال ذلك أحقيّة الإمامية الاثني عشرية وأنّها الفرقة الناجية لولائها لعليّ وآل عليّ : ، المنتظرون للغائب المهدي المنتظر الإمام الثاني عشر بنصّ المصطفى خير البشر صلّى الله وآله الغُرر.

مؤلّفاته التي ذكرها هو رحمه الله في هذه الرسالة :

1 - الفرائد الغالية في تحقيق الفرقة الناجية. هذه الرسالة ذكرها 7.

ص: 303


1- الذريعة 4/174/860.
2- الذريعة 5/243/1164.
3- الذريعة 6/83/422.
4- الذريعة 24/303/1587.

رحمه الله في مقدّمة هذه الرسالة النكت البديعة قائلا : «قد تظافرت الأخبار عن العترة الطاهرة سلام الله عليهم بتضليل كلّ من خالف الإمامية في الاعتقادوتأثيمهم وتكفيرهم وتخليدهم في النار وشركهم ونصبهم ، كما أوردنافي رسالتنا : فصل الخطاب والمعراج وشرح الأربعين والفرائد الغالية في تحقيق الفرقة الناجية».

ولم نعثر عليها في كتب التراجم والفهارس.

2 - الفوائد الفائقة.

3 - معارج الكرامة.

4 - المنهاج المستقيم. ذكر هذه الكتب الثلاثة في مفتتح الفصل الأوّل.

أشعاره :

كان شاعراً مجيداً ، وله شعر كثير متفرّق في ظهور كتبه وفي المجاميع ، وكتابه أزهار الرياض ومراثي على الحسين عليه السلام جيّدة ، ولقد هممت في صغر سنّي بجمع أشعاره وترتيبها على حروف المعجم في ديوان مستقلّ وكتبت كثيراً منها إلاّ أنّه حالت الأقضية والأقدار بخراب بلادنا البحرين. وبمجيء الخوارج إليها وتردّدهم مراراً عليها حتّى افتتحوها قهراً ، وجرى ما جرى من الفساد ، وتفرّق أهلها في أقطار كلّ بلاد(1).

وقال صاحب أنوار البدرين : «قد جمع أشعاره كلّها في ديوان مستقلّ تلميذه السيّد علي آل أبي شبانة بإشارته إليه كما ذكره ابن السيّد أحمد في 9.

ص: 304


1- لؤلؤة البحرين : 9.

تتمّة الأمل»(1).

فمن أشعاره المذكورة في أزهار الرياض معرباً عن حبّه وولائه لأهل بيت المصطفى : قائلا :

نفسي بآل رسول الله هائمة

وليس إذ همت فيهم ذاك من سرف

كم هام قوم بهم قبلي جهابذة

قضية الدين لا ميلا إلى الصلف

لا غروَ هم أنجم العليا بلا جدل

وهم عرانين بيت المجد والشرف

شمُّ المعاطس من أولاد حيدرة

من البتول تجافوا وصمة الكلف

سبّاق غايات أرباب السباق وهم

جواهر القدس ترزي لؤلؤ الصدف

بهم غرامي وفيهم فكرتي ولهم

عزيمتي وعليهم في الهوى لهفي

فلست عن مدحهم دهري بمشتغل

ولست عن حبّهم عمري بمنصرف

وفيهم لي آمال أؤمّلها في

الحشر إذ تنشر الأعمال في الصحف

وله في الشباب :

قد كنت في شرخ الشباب بصحّة

وبنعمة طابت بها الأكوان

الروض أنف بالمكارم والعُلى

والحوض من نعمائها مَلآن

ذهبت ولم أعرف لها أقدارها

والماء يعرف قدره الظمآن

وله أيضاً :

لقد هجر الشباب وبان عنّا

على رغم ولازمنا المشيب

فلي أن تسألي ليل طويل

ويوم بعد فرقته عصيب

وقد ناديته أن عُد سريعاً

رعاك الله لكن لا يُجيب

ألا ليت الشباب يعود يوماً

فأخبره بما فعل المشيبُ2.

ص: 305


1- أنوار البدرين : 152.

وله في ولائه لأمير المؤمنين عليه السلام :

إنّي وإن لم يطب بين الورى عملي

فلست أنفكّ مهما عشت عن أملي

وكيف أقنط من عفو الإله ولي

وسيلة عنده حبّ الإمام علي(1)

نكتفي بهذا القدر من أشعاره لأنّها كثيرة.

وفاته ومدفنه :

توفّي قدّس سرّه في بيت سكنّاه من البلاد القديم ، ونقل جثمانه الطاهرإلى قرية الماحوز ليدفن في مقبرة الشيخ ميثم بن المعلّى جدّ الشيخ ميثم الفيلسوف البحراني المعروف. بقرية الدونج.

وأرّخ وفاته بعض فضلاء عصره بقوله : «كوّرت شمس الدين» سنة 1121 ه. وتوفّي وعمره يقرب من خمسين سنة ، في السابع عشر من شهر رجب(2).

النسخ المعتمدة :

هي نسخة واحدة بخطّ المؤلّف ، كما صرّح في آخر الرسالة قائلا : «فرغ من تسويد هذه الرسالة وتحرير هذه المقالة جامعها الفقير إلى الله تعالى أبو الحسن سليمان بن عبدالله البحراني مصلّياً مسلّماً ضمرة اليوم الرابع والعشرين من شهر الله المعظّم شهر رمضان السنة الرابعة والمائة والألف من الهجرة النبوية.

وهذه النسخة هي النسخة الفريدة ولم نعثر على غيرها ، وفيها كلمات غير مقروءة أصلحنا بعضها على نسخة الأصل الموجودة في مركز إحياء 0.

ص: 306


1- أخذت هذه الأشعار من أعيان الشيعة 7/305 ، وأنوار البدرين : 156.
2- لؤلؤة البحرين : 7 ، أنوار البدرين : 151 ، علماء البحرين للمهتدي البحراني : 230.

التراث الإسلامي التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيّد السيستاني حفظه الله ورعاه ، ومنها من بقيت على حالها ورسمناها كما هي.

منهجية العمل :

أوّل عمل قمنا به هو كتابة النسخة وتقطيعها ثمّ بدأنا بالتحقيق المتمثّل بالمراحل التالية :

1 - تخريج الآيات والأحاديث والأقوال.

2 - تعريف لبعض الأعلام والأماكن.

3 - توجد بعض الاختلافات بين الأصل والمصدر أثبتنا الصحيح.

4 - وجدنا بعض الروايات ناقصة المتن أتممناها من المصدر ووضعناهابين معقوفتين مع الإشارة في الهامش.

5 - الاختلافات الرجالية أثبتنا الصحيح مع الإشارة للمصادر المؤيّدة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين وآله الطيّبين الطاهرين.

الفقير

إلى رحمة ربّه الغني

مشتاق

صالح المظفّر

24

ذي الحجّة الحرام 1429 ه-

ص: 307

صورة

ص: 308

صورة

ص: 309

بسم الله الرحمن الرحيم

وممّا أفاده مُدّ في بقائه ، ووفّق للخيرات.

الحمد لله الذي وفّقنا للاقتفاء بآثار العترة الطاهرة عند اختلاف الأهواء ، وجعلنا الفرقة الناجية من بين الثلاث وسبعين ، لاقتباسنا من مشكاة هدايتهم عند تشتّت الآراء ، والصلاة على محمّد خاتم الأنبياء وسيّد الأصفياء ، المخصّص بالمعراج والإسراء ، وآله البررة الأتقياء ، والأقطاب الأولياء ، مصابيح الضياء ومفاتيح الاهتداء.

وبعد : فيقول الفقير بذاته إلى الغنيّ بذاته سليمان بن عبدالله البحراني أفاض الله عليهما نفحاته : قد التمس منّي بعض أُخواني الديّانين وشركائي في طلب اليقين أن أكتب له رسالة بديعة في تحرير أمّهات في فرق الشيعة وذكرما قيل في معنى التشيّع على وجه الاستقصاء والتتبّع مع الإشارة إلى تعيين الفرقة الناجية ، وتوضيح أنّها الإمامية المقتفية لآثار العترة الهادية ، فاستخرت الله جلّ مجده وحرّرت هذه الأوراق ، وأطلقت عنان القلم في هذه الشهاب بعض الاطلاق ، وكشفت عن مكنون تلك الغوامض ، واستخرجت كلّ حلو منها وحامض وسمّيتها ب- : النكت البديعة في تحقيق الشيعة والله المرجوّ لتحقيق المرام ، والعصمة عن الخطأ والخطل في النقض والإبرام ، وفيها مقدّمة وفصول.

المقدّمة :

اعلم أنّ الشيعة أتباع الرجل وأنصاره ، قال في القاموس : شيعة الرجل

ص: 310

بالكسر : أتباعه وأنصاره ، والفرقة على حدة ، وتقع على الواحد والإثنين والجمع ، وقد غلب هذا الإسم على من يتولّى عليّاً وأهل بيته حتّى صار اسماً لهم خاصّاً(1).

وقال ابن الأثير في النهاية : «أصل الشيعة الفرقة من الناس ، وتقع على الواحد والإثنين والأكثر ، والمذكّر والمؤنّث بلفظ واحد ، وقد غلب هذا الإسم على من يزعم أنّه يتولّى عليّاً وأهل بيته حتّى صار لهم اسماً خاصّاً ، فإذاقيل : فلان من الشيعة عُرف أنّه منهم ، وفي مذهب الشيعة كذا : أي عندهم ، وتجمع الشيعة على شِيَع وأصلها من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة(2). انتهى.

ولا يخفى على الناظرين بعين البصيرة أنّ ما ذكره في القاموس - من أنّ الشيعة غلب على كلّ من يتولّى عليّاً وأهل بيته - يدلّ على أنّ المخالفين خذلهم الله لا يتولّون عليّاً وأهل بيته ، وهو إنصاف منه على رغمه ورغم أصحابه كالفخر الرازي في تفسيره الكبير وهو يدلّ على اعترافهم بالنصب والعداوة.

ويؤيّده ما ذكره ابن خلّكان القاضي الشامي في تاريخه وفيات الأعيان في ترجمة عليّ بن الجهم القرشي حيث ذكر أنّه يبغض عليّاً عليه السلام(3).2.

ص: 311


1- القاموس المحيط 3/61 - 62 «شيع».
2- النهاية في غريب الحديث 2/464 «شيع».
3- وفيات الأعيان 3/355 ، وفيه : وكان مع انحرافه عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وإظهاره التسنّن مطبوعاً مقتدراً على الشعر عذب الألفاظ. وقال ابن حجر : وقيل : إنّه كان يلعن أباه لِمَ سمّاه عليّاً. انظر لسان الميزان4 /749/5812.

ثمّ اعتذر عنه بأنّ التسنّن ومحبّة عليّ لا يجتمعان.

وروى الصدوق في كتاب علل الشرائع : «بإسناده إلى عليّ بن حشرم ، قال : سمعت ابن حنبل - وهو صاحب المذهب وإمام الحنابلة - يقول : لا يكون الرجل سنيّاً - من أهل السنّة والجماعة - حتّى يبغض عليّاً بغضاً قليلا»(1).

ونقل السيّد الجليل نورالدين التستري في كتاب مجالس المؤمنين وإحقاق الحقّ : «إنّ فقهاء ما وراء النهر وفضلاءهم لم يزالوا يفتون بأنّه يشترط في الإيمان بغض عليّ قدر حبّة شعير»(2).

وممّا يشهد بذلك ما ذكره الفاضل الجليل نورالدين عليّ بن محمّد ه.

ص: 312


1- علل الشرائع : 467/25 ، وفيه : لا يكون الرجل مجرماً ، وعنه في بحار الأنوار 49/261/2 ، وفيه لا يكون الرجل سنيّاً ونقله البياضي العاملي في الصراط المستقيم3/224/5 ، عن مسند جعفر ، عن أحمد ، وكذلك الشيرازي في الأربعين : 653. وممّا يؤيّد هذا القول الصادر عن أحمد بن حنبل ما رواه صدوق الطائفة في علل الشرائع : 467 / 23 ، قال : حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق المذكّر النيسابوري بنيسابور ، قال : سمعت عبدالرحمن بن محمّد بن محمود يقول : سمعت إبراهيم بن سفيان يقول : إنّما كانت عداوة أحمد بن محمّد مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ جدّه ذا الثدية الذي قتله عليّ بن أبي طالب يوم النهروان ، كان رئيس الخوارج. فمن كان هذا جدّه وأصله فلا يستبعد أن يتلفّظ بمثل هذا.
2- لم أعثر عليه في مظانّه.

المكّي المالكي ، ولم أرَ في المخالفين مثله في الإنصاف وقلّة النصب في كتابه الفصول المهمّة قال : «حكى الشيخ الإمام العلاّمة المحدّث بالحرم الشريف النبوي جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي(1) في كتابه المسمّى ب- درر السمطين في فضائل(2) المصطفى والمرتضى والسبطين : إنّ الإمام المعظّم والحَبر المكرّم أحد الأئمّة المتّبعين(3) ، المقتدى بهم في أمور الدين محمّد بن إدريس الشافعي لمّا صرّح بمحبّته لأهل البيت(4) وأنّه من شيعتهم(5) قيل فيه ما قيل ، يعني اتّهم بالرفض والتشيّع ، هذا وهو السيّد الجليل.

وقد ذكر هذا المعنى الشافعي في أبيات نيّرة منها :

قالوا : ترفّضت ، قلت : كلاّ

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيتُ غير شكّ(6)

خيرَ إمام وخير هادي

إن كان حبّ الوصيّ رفضاً

فإنّني أرفَضُ العبّاد»(7)

وقال أيضاً في الكتاب المذكور : «حكى قاضي القضاة تاج الدين عبدالوهّاب السبكي في طبقاته الكبرى عن السيّد الجليل أبي عبدالرحمن2.

ص: 313


1- في النسخة : الزيدي ، وما أثبتناه من المصادر هو الصحيح. انظر الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة4/295 ، كشف الظنون1/747 ، هدية العارفين : 157. واسمه : محمّد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني الحنفي.
2- في النسخة : فضل ، وما أثبتناه من المصادر.
3- في المصدر : المتتبعين.
4- في المصدر : محبّة أهل البيت.
5- قوله : (وإنّه من شيعتهم) لم يرد في المصدر.
6- في المصدر : دون شكٍّ. وما في المتن مطابق لما في الديوان.
7- الفصول المهمّة : 20 - 21 ، ديوان الشافعي : 72.

النسائي أحد أئمّة الحديث المشهور كتابه واسمه : إنّه لمّا دخل إلى دمشق وصنّف فيها كتاب الخصائص في فضل عليّ عليه السلام أنكروا عليه ذلك وقيل له : لِمَ لاصنّفت في فضائل الشيخين؟ فقال : دخلت إلى دمشق والمنحرِف عن عليّ عليه السلام بها كثير ، فصنّفت كتاب «الخصائص» رجاء أن يهديهم الله تعالى به فدفعوا في خصيتيه(1) وأخرجوه من المسجد ثمّ ما زالوا به حتّى أخرجوه من دمشق إلى الرملة فمات بها»(2).

وقال أيضاً في الكتاب المذكور : «حكى الإمام أبو بكر البيهقي في الكتاب الذي صنّفه في مناقب الإمام الشافعي إنّ الإمام الشافعي قيل له : إنّ أُناساًلايصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لأهل البيت قطّ ، وإذا رأوا أحداً يذكرشيئاً من ذلك قالوا : تجاوزوا عن هذا فإنّه رافضي ، فأنشأ الشافعي يقول :

إذا في مجلس ذكروا عليّاً

وسبطيه وفاطمة الزكيّة

يُقال تجاوزوا يا قوم هذا(3)

فهذا من حديث الرافضيّة

برئتُ إلى المهيمن من أُناس

يرونَ الرفضَ حُبَّ الفاطميّة»(4)

وأيّ دليل على نصبهم من هذه الدلائل والأحوال حتّى أنّهم اتّهموا كثيراً من أئمّتهم بالتشيّع ، وأظهروا عداوتهم بمجرّد محبّتهم لأهل البيت عليهم السلام :

1 - محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ. 2.

ص: 314


1- في النسخة : خصييه ، وفي المصدر : خاصرته. وما في المتن أثبتناه من الطبقات الكبرى.
2- الفصول المهمّة : 21 ، الطبقات الكبرى3/ 15 - 16.
3- في المصدر : عنه.
4- الفصول المهمّة : 21 - 22 ، ديوان الشافعي : 152.

2 - وأبو بكر البيهقي.

3 - والفقيه الشافعي أبو الحسن علي بن محمّد الطبيب الخطيب الجلالي المعروف بابن المعالي.

4 - والشيخ كمال الدين محمّد بن علي الشامي الشافعي.

5 - والشيخ عزّالدين عبدالحميد بن أبي الحديد الحنفي المعتزلي.

6 - والشيخ شهاب الدين السهروردي.

وغيرهم ممّا يطول تعدّدهم ، وقد أفردنا لتواريخهم رسالة سمّيناها : السهام الصوائب النافذة في النواصب بل آل أمرهم إلى قتل جماعة بمجرّد حلّهم عبارات السهروردي في رسالته أعلام الهدى منهم الشيخ محمّد الجنوشاني حيث حكم بقتل شيخ الإسلام - بل شيخ الكفرة ورئيس الفجرة من أولاد سعدالدين التفتازاني في بلدة «هراة» والقصّة مذكورة في كتاب مجالس المؤمنين(1).

وبالجملة فشواهد بغضهم كثيرة وقد خرجنا بهذا عن موضوع هذه السطور لكنّها نفثة من فيض مصدور.

وأمّا قول ابن الأثير في النهاية : «وقد غلب هذا الإسم على من يزعم أنّه يتولّى عليّاً وأهل بيته» فإنّه أراد بالزعم القول الكذب كما قيل زعموا مطية الكذب ، فهو أوضح فساداً من أن ينبَّه عليه ؛ لأنّ محبّة الشيعة لا سيّما الإمامية له عليه السلام ولأهل بيته مكشوف لا يُقنّع وبيّن لا يُدفع ، وإن أراد بالزعم خلاف ذلك رجع إلى كلام القاموس.

وللعلماء في تفسير الشيعة أقوال منها : 7.

ص: 315


1- اُنظر مجالس المؤمنين 2/157.

قول الفخر الرازي : «الشيعة جنس تحته أنواع : الإمامية ، والزيدية ، والغلاة ، والإسماعيلية»(1) ، وردّ الفاضل الجليل المقداد في التنقيح بأن قال : «هوبمعزل عن التحقيق ؛ لأنّ الغلاة والإسماعيلية خارجون عن الإسلام فضلا عن التشيّع ، وكذا الصالحية والسليمانية من الزيدية ، لاعتقادهم خلافة الشيخين ليس لهم في التشيّع نصيب»(2).

ويمكن الذبّ عنه بأنّ الإسماعيلية قد لا يكونون ملاحدة فلا يخرجون عن الإسلام ، وقد نبّه على ذلك شيخنا الشيخ الشهيد الثاني عطّر الله مرقده في شرح الشرائع(3) وسيأتي تحقيق ذلك.

والمراد بالزيدية عند الإطلاق هم الجارودية ؛ لانقراض الصالحية والسليمانية ، وأيضاً فالمفهوم من كلام أفضل المحقّقين الخواجة نصيرالدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي في كتابه قواعد العقائد : «إنّ الصالحية إنّماقالوا بخلافة الشيخين لزعمهم أنّ عليّاً عليه السلام رضي بخلافتهما»(4) ، وأنّه عليه السلامهو الإمام أصالة.

ومنها قول المحقّق نصيرالدين المذكور في قواعد العقائد ووافقه تلميذه العلاّمة جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي في شرحها الموسوم كشف الفوائد وهو أنّ الشيعة هم القائلون : «إنّ نصب الإمام واجب على الله عقلا ، وإنّ الطريق إلى معرفة الإمام هو النصّ من الله أوممّن هو منصوص من قبل الله لا غير»(5).).

ص: 316


1- محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : 352.
2- التنقيح الرائع 2/317.
3- مسالك الأفهام1/24.
4- قواعد العقائد : 462 (ضمن تلخيص المحصّل).
5- كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد : 77 (ضمن مجموعة الرسائل).

وأخرج الغلاة والإسماعيلية منهم وقال : إنّهم يقولون بوجوب نصب الإمام من الله وهو نصّ في إلحاد الإسماعيلية ، كما ذكره الفاضل المقداد ، وصرّح المحقّق المذكور في قواعد العقائد(1) بإلحادهم ، كما سننقله فيما بعد.

ثمّ إنّه قسّم الشيعة إلى الإمامية والزيدية والكيسانية ، وذكر أنّ الإمامية والكيسانية قالوا : يشترط أن يكون النصّ جليّاً ، واكتفت الزيدية بالنصّ الخفي(2).

وهنا أبحاث :

الأوّل : ما ذكراه من أنّ الزيدية توجب نصب الإمام على الله تعالى عقلاغير مطابق لما هو المشهور عنهم ، فإنّ المشهور عنهم الوجوب على الخلق سمعاً كالأشاعرة ، وهو الذي نقله عنهم الفاضل الجليل والعالم النبيل زين الملّة والدين ابن فوطة الحلّي في كتابه مراصد العرفان ومقاصد الإيمان ونقل عنهم الشارح الجديد للتجريد وهو ملاّ عليّ القوشجي أنّهم يذهبون إلى مذهب المعتزلة ، وهو الوجوب عقلا على الخلق(3).

وفي كتاب كشف البراهين في شرح زاد المسافرين تصنيف الشيخ الفاضل محمّد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي ، إنّهم يوجبون على الله عقلا كالإمامية(4) ، كما نقلناه عن الإمامين العالمين في قواعد العقائد وشرحها والتوفيق بين هذه النقول الثلاثة غير مشكل فتدبّر. 2.

ص: 317


1- قواعد العقائد : 458 (ضمن تلخيص المحصّل).
2- كشف الفوائد : 78 (ضمن مجموعة الرسائل).
3- شرح تجريد العقائد : 365 / المقصد الخامس في الإمامة.
4- كشف البراهين : 322.

الثاني : ما ذكراه من الزيدية(1) أيضاً تشترط النصّ وتكتفي فيه بالخفي ، لم أقف عليه في غير كلامهما بعد التشيّع ، بل صرّح جماعة منهم : الفاضل ابن أبي جمهور في الكتاب المذكور ، بأنّ النصّ لم يشترط أحد من سائر الفرق إلاّ الإمامية ، وإن كان قد حصل الإجماع من الكلّ على أنّه مع حصوله سبب مستقلّ في تعيين الإمام وعمل على هذا(2).

فالكيسانية أيضاً لا تشترط النصّ مع أنّ صريح كلام الإمامين الأعظمين اشتراطهما بالنصّ بلا ريب ، إنّ نقل هذين الإمامين أضبط وأوضح :

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام(3).ما

ص: 318


1- وهو أن يحلّ كلّ من النقول على أنّه مذهب طائفة من الزيدية فإنّهم فرق متعدّدة «منه دام ظلّه».
2- انظر كشف البراهين : 324 - 325.
3- مجمع الأمثال للميداني 1/ 156 تحت مثل : أثقل من نضاد ، و 181 تحت مثل : أجبن من المنزوفِ ضَرِطاً. ولهذا البيت مصاديق كثيرة ظاهراً ، نذكر منها هذه الواقعة التي نقلها أبوعبيد البكري في كتابه فصل المقال : 42. قال ابن كرشم الكلبي : حَذَام هي بنت الريّان بن جسر بن تميم بن يقدم بن عنزة وهي أمّ عجل بن لجيم ، وكان عاطس بن جلاح الحميري قد سار إلى الريّان في جموع من العرب : خثعم وجعفي وهمدان ، فلقيهم الريّان في عشرين حيّاً من أحياء ربيعة ومُضر ، فاقتتلواوصبروا لا يُولّي أحد منهم دُبُره ، ثمّ إنّ القيل الحميري رجع إلى معسكره ، وهرب الريّان تحت ليلته ، فسار ليلته وفي الغد ، ونزل الليلة الثانية ، فلمّا أصبح عاطس الحميري ورأى خلاء معسكرهم أتبعهم جملة من حماة رجاله وأهل الغناء منهم ، فجدّوا في اتّباعهم ، فانتبه القطا في أسرائهم من وقع دوابّهم ، فمرّت على الريّان وأصحابه عرفاً عرفاً ، فخرجت حَذَام بنت الريان إلى قومها فقالت : ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا فلو تُرك القطا ليلا لناما

الثالث : الظاهر أنّ مرادهما بالزيدية : الجارودية ، لا مطلقاً ، فخرج الفرق الباقية ، وينبّه عليه أنّ معنى اشتراطهما النصّ الخفي على ما ذكره أفضل المحقّقين عطّر الله مرقده في الكتاب المذكور أنّه قد نصّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة بعده على أنّ من جمع الشرائط التي اشترطوها في الإمام فهو إمام ، ومن تلك الشرائط كونه من ولد فاطمة عليها السلام فلا تدخل الفرق القائلة بإمامة الشيخين لعدم استجماعهما الشرائط ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ إمامتهما ليست حقيقة ، بل إنّما صارا إمامين لرضاهما بإمامتهما ، وهو الذي نقله المحقّق المذكور عن الصالحية ، وإنّ هذه الشرائط معتبرة في غيرهما ، ولعلّه أوفق لكلام الخواجة كما ستطّلع عليه إن شاء الله.

ومنها : إنّه اسم لمن شايع عليّاً عليه السلام في الإمامة بغير فصل ، وقد جعلهم ابن نوبخت هم المسلمين ، وكلّ منهم الفرق الثلاثة والسبعين ، نقل ذلك عنه الشيخ الجليل المقداد بن عبدالله الأسدي في تنقيحه والشيخ الفاضل بدرالدين الحسن بن نورالدين عليّ العاملي في رسالته في الشفاعة(1) واختاره السيّد السعيد سيّد نورالدين الشوشتري في مجالس المؤمنين فيدخل فيهم الغلاة - القائلون بالحلول - والإسماعيلية ، ومن ثمّ أدخلهم فيهم صاحب مجالس المؤمنين وأدخل جماعة من العباسيّين كالرشيد والمأمون مع ظهور كفرهما وخروجهما عن الإسلام ، بناءً على اعتقادهما إمامته عليه السلام بعدالرسول ، وتخرج عن الشيعة حينئذ الصالحية ة.

ص: 319


1- الرسالة غير مطبوعة.

والسليمانية والبترية من الزيدية ؛ لقولهم بإمامة الشيخين.

ومنها : إنّه اسم للإمامية والجارودية لا غير ، وهو قول الشيخين(1) وسلاّر(2) والقاضي ابن البرّاج(3) وابن حمزة(4) والفاضلين(5) ، والظاهر أنّ اقتصارهم على ذلك لانقراض الفرق الباقية من القائلين بإمامته عليه السلام بعد النبي بلا فصل ، كالواقفية والفطحية والكيسانية والناووسية والجارودية والإسماعيلية ، كما سيأتي.

قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الشرائع : «الشيعة تطلق على من قدّم عليّاً عليه السلام في الإمامة على غيره بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولا شبهة في كون الإمامية منهم ، وكذا الجارودية من فرق الزيدية ، وكذا الإسماعيلية حيث لا يكونون ملاحدة ، وأمّا باقي فرق الشيعة كالكيسانية والواقفية والفطحية فداخلة ، لكن(6) لانقراضهم أستغني(7) عن ذكرهم»(8). انتهى.

وإنّما خصّ الجارودية من بين فرق الزيدية لما أسلفناه من أنّ الفرق الباقية من الصالحية والسليمانية والبترية يقولون بإمامة الشيخين ولا يدخلون في الشيعة ، كما صرّح به الشيخ المقداد والشيخ الشهيد الثاني وغيرهما. 0.

ص: 320


1- المفيد في المقنعة : 654 - باب الوقوف والصدقات ، والطوسي في النهاية : 598 - كتاب الوقوف والصدقات.
2- المراسم : 198 أحكام الوقوف والصدقات.
3- المهذّب لابن البرّاج2/89.
4- الوسيلة لابن حمزة : 371.
5- العلاّمة الحلّي في إرشاد الأذهان1/453 ، المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 2/ 215.
6- في النسخة : من بعد انقراضهم ، وما في المتن من المصدر.
7- في النسخة : أعني ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
8- مسالك الأفهام5/340.

ومنها : قول الشيخ الجليل محمّد بن ساعد(1) الأنصاري في إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد : «الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً وقالوا بإمامته نصّاً ووصيّة ، ويروون أنّ الإمامة لا تخرج عن أولاده إلاّ بظلم من خارج ، ويقولون بعصمة الأئمّة والتولّي والتبرّي إلاّ في حال التقية»(2). انتهى.

وعلى هذا تخرج الزيدية ؛ لعدم اشتراطهم عصمة الإمامة ، والصالحية والسليمانية والبترية لأنّها لا ترى البتري ، بل بعض الجارودية كما رأيته في منظومتهم وشرحها ، قال صاحب المنظومة :

وارض عنهم كما رضى أبو حسن

وقف عن النصب إن كانت ذا جذر

وذكر الشارح في شرحه : «إنّ بعضهم يذهب إلى الترضّي لأنّه عليه السلام رضي عنهم فلا يجوز بغضهم وسبّهم ، وبعضهم يقف عن الترضّي والتبرّي ، ومنعا قول الشيخ شرف الدين المقداد في التنقيح قال رحمه الله : والذي يظهر لي أنّ التشيّع لايطلق في الحقيقة إلاّ على الإمامية كما بيّنّاه في اللوامع»(3) انتهى.

وبيّنه في اللوامع بأنّ الشيعة في العرف يختصّ بمن يرى تقديم عليّ عليه السلام على الصحابة»(4) ، وهو مقتضى اللغة أيضاً ، «فإنّ شيعة الرجل 9.

ص: 321


1- في النسخة : مساعد ، وما في المتن أثبتناه من المصادر أدناه. واسمه الكامل : محمّد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري أبو الجود السنجاري ثمّ المصري الطبيب المعروف بابن الأكفاني. اُنظر الدرر الكامنة لابن حجر3/279/744 ، البدر الطالع للشوكاني 2/79 /388 ، هدية العارفين لباشا البغدادي6/155.
2- إرشاد القاصد : المصدر غير مطبوع.
3- التنقيح الرائع 2/317 - كتاب الوقوف والصدقات والهبات.
4- اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية : 389.

أتباعه وأنصاره كما ذكره الجوهري ، ويقال : شايعاه كما يقال : والاه»(1) ، فيخرج ما عدا الجارودية من الزيدية.

قال : «وأمّا الجارودية فليسوا شيعة في الحقيقة وإن وافقوا الإمامية على معتقدهم في التخطئة والطعن والتبرّي لما جاء متواتراً أنّ عليّاً وشيعته على الحقّ ، وأنّ الحقّ يدور مع عليّ كيفما دار ، ولا شكّ أنّ الجارودية غير متابعين بل معادون لهم ، لأنّهم لا يشترطون العصمة ولا النصّ الجلي في إمام أصلا ، لكن اتّفق ذلك للحسنين عليهما السلام ، ويكتفون في تعيين الإمام بالقيام والدعوة في غير الحسنين عليهما السلام ، لقول النبي (صلى الله عليه وآله) : (قاما أو قعدا)»(2).

ثمّ أخذ في الاستدلال على بطلان مذهب الجارودية والإسماعيلية وغيرهم من الفرق.

والذي يظهر لي أنّ النزاع إن كان فيما يُطلق عليه لفظ الشيعة شرعاً ، فالحقّ ما ذكره الفاضل المقداد رحمه الله ، إذ لا ريب أنّ الشيعة الممدوحين في الأخبارليس إلاّ الفرقة الناجية وهم الإمامية ، وقد تظافرت الأخبار بتكفير الفرق الباقية وإخراجهم من الشيعة لاسيّما الزيدية والواقفية.

وجاء في الخبر عن الصادق عليه السلام ما رواه أبو عمرو الكشّي في كتاب الرجال : «الزيدية هم النصّاب»(3). وإن اُريد ما يطلق عليه لفظ الشيعة ، فما ذكره غير تام بل هو أعمّ من ذلك بهذا الاعتبار.

وقال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الشرائع : «وربّما قيل باختصاص 9.

ص: 322


1- الصحاح3/517 - شيع.
2- اللوامع الإلهية : 378.
3- اختيار معرفة الرجال : 228/409.

الإسم بالإمامية وهو غريب»(1).

ومنها : قول العلاّمة في التحرير : «الشيعة كلّ من قدّم عليّاً عليه السلام من الإماميةوالجارودية من الزيدية والواقفية وغيرهم من فرق الشيعة دون البترية»(2)(3).

وكان عليه أن يستثني الصالحية والسليمانية ، وإنّما ترك استثناءهما إمّا لإدخالهما في البترية أو لأنّهما لا يعتقدان إمامة الشيخين حقيقة ، بل لرضا أميرالمؤمنين بخلافتهما وتركه منازعتهما كما يفهم من كلام أفضل المحقّقين الطوسي ، وتدخل الإسماعيلية في هذا التعريف كما لا يخفى.

تنبيه : قد تظافرت الأخبار عن العترة الطاهرة سلام الله عليهم بتضليل كلّ من خالف الإمامية في الاعتقاد وتأثيمهم وتكفيرهم وتخليدهم في النار وشركهم ونصبهم ، كما أوردنا في رسالتنا فصل الخطاب والمعراج وشرح الأربعين والفرائد الغالية في تحقيق الفرقة الناجية ولنقتصر هنا على إثني عشرحديثاً :

الأوّل : ما رواه شيخنا الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه في كتاب علل الشرائع والأحكام : «بإسناده عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمّداً وآل محمّد ، ولكنّ الناصب من نصب لكم ، وهو يعلم أنّكم تتولّونا وإنّكم من شيعتنا(4). ،

ص: 323


1- مسالك الأفهام 5/340.
2- في النسخة : من الزيدية ، وما أثبتناه من المصدر.
3- تحرير الأحكام 3/301.
4- علل الشرائع : 601 / 60 ، وعنه في بحار الأنوار 27/232/42 ، و 69/131/3 ،

ومن المعلوم نصب جميع هذه الفرق للإمامية لاسيّما الواقفية والزيديةوالعامّة.

الثاني : ما نقله الشيخ الجليل المحقّق أبو عبدالله محمّد بن إدريس الحلّي(1) في آخر السرائر في المستطرفات التي انتزعها من كتب قدمائنا من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم : «مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ ابن موسى : في جملة مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى ، قال : كتبت إليه أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت(2)؟

فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب»(3).

وهذا كما ترى ناطق بنصب كلّ من قدّم الجبتين ، قال بعض علمائنا العظام(4) بعد نقل هذا الخبر عن هذا الإمام في شرح الإرشاد «واختاره بعض الأصحاب إذ لا عداوة أعظم ممّن قدّم المنحطّ عن مراتب الكمال ، [وفضّل](5) المنخرط في سلك الأغبياء الجهّال ، على من تسنّم أوج ر.

ص: 324


1- اسمه الكامل : أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي.
2- في المصدر زيادة : واعتقاد إمامتهما.
3- مستطرفات السرائر : 583 (ضمن السرائر ج3).
4- هو شيخنا الشهيد الثاني في روض الجنان (منه).
5- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

الجلال ، حتى شكّ في أنّه هو الله المتعال [والله أعلم بحقيقة الحال]»(1)(2). انتهى كلامه وهو في غاية الجودة والمتانة.

الثالث : ما رواه الفاضل الجليل والوزير السعيد عليّ بن عيسى الإربلي في كتابه كشف الغمّة : «إنّ شيخنا(3) سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن علامة بغض أميرالمؤمنين ، فقال (صلى الله عليه وآله) : (علامة بغضه تفضيل غيره عليه)»(4).

وأورده أيضاً بعض الأعلام في شرح نهج البلاغة(5) وهو ينادي بنصب من فضّل اللصوص الثلاثة عليه عليه السلام. وهو مضمون ما روي عن مولانا الهادي عليه السلام.

الرابع : ما رواه ثقة الإسلام في الكافي : «عن طلحة بن زيد(6) ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من أشرك مع إمام إمامته من عند الله مَن ليست إمامته من عند الله كان مشركاً بالله»(7).نه

ص: 325


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
2- روض الجنان1/421 ، وعنه الشيخ يوسف البحراني في الحدائق الناضرة 5/177 - 178 / أحكام المخالفين ، و 10/363/الأخبار الواردة في شأن المخالف للحقّ.
3- الظاهر أنّ المراد ب- «شيخنا» هو حبر الأمّة عبدالله بن عبّاس حيث هو السائل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث.
4- كشف الغمّة 2/13 ، ضمن حديث طويل.
5- اُنظر مقدّمة ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة1/7.
6- طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي ويقال : الخزري ، عامّي ، عدّه الشيخ تارة من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام قائلا : بتري ، وأخرى من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام قائلا : الخزرجي القرشي. وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلامفقط قائلا : النهدي الشامي. اُنظر رجال النجاشي : 207 / 550 ، رجال الشيخ : 126 / 3 ، و 221 / 2 ، رجال البرقي : 45.
7- الكافي1/373 / 6 ، وأورده ابن بابويه في الإمامة والتبصرة : 91 / 80 ، وعنه

وهذا يدلّ على شرك جميع الفرق عدا الإمامية.

الخامس : ما رواه عطّر الله مرقده في الكتاب المذكور : «بإسناده عن ابن أبي يعفور(1) ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : من ادّعى إمامة [من الله](2) ليست له ، ومن جحد إماماً من الله ، ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيباً»(3).

وهو كالسابق في الدلالة على كفر المخالفين لمذهب الإمامية لجحودهم أئمّة من الله.

السادس : ما رواه أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبدالعزيز الكشّي في كتاب الرجال : «بإسناده عن يونس(4) بن يعقوب ، قال : قلت لأبي خة

ص: 326


1- واسمه عبدالله بن أبي يعفور العبدي ويكنّى بأبي جعفر ، ثقة ثقة ، جليل في أصحابنا ، كريم على أبي عبدالله عليه السلام ، مات في أيّامه عليه السلام ، وكان قارئاً يقرىء في مسجدالكوفة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام قائلا : العبدي مولاهم كوفيّ. انظر رجال النجاشي : 213 / 556 ، رجال البرقي : 22 ، رجال الشيخ : 223 / 15.
2- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
3- الكافي1/ 373 / 4 وبسند آخر عن ابن أبي يعفور في ص : 374 / 12 ، وعنه الحرّالعاملي في وسائل الشيعة 28/ 349 / 34 ، والفصول المهمّة 1/ 398 / 2 ، المجلسي في بحارالأنوار 7/ 212 / 113 ، و 8/ 363 / 40 ، والأسترآبادي في تأويل الآيات 1/ 115 /27 ، وأورده العيّاشي في التفسير 1/ 178 / 64 ، وفيه : ومن قال : إنّ لفلان وفلان في الإسلام نصيباً ، وعنه النوري في مستدرك الوسائل 18/ 175 / 8.
4- في النسخة : يوسف ، وكذلك البحار ، وما أثبتناه في المتن من حاشية النسخة

الحسن عليه السلام : اُعطي هؤلاء الذين يزعمون أنّ أباك حيٌّ(1) ، من الزكاة شيئاً؟ قال : لا تعطهم ، فإنّهم كفّار مشركون زنادقة»(2).

السابع : ما رواه عطّر الله مرقده : «بإسناده عن أبي علي قال : حكى منصور(3) عن الصادق محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام أنّ الزيدية والواقفة والنصّاب عنده بمنزلة واحدة»(4).

الثامن : ما رواه أيضاً في الكتاب المذكور : «بإسناده عن ابن أبي 7.

ص: 327


1- يعني الواقفية الذين يزعمون أنّ الإمام الكاظم عليه السلام حيّ لم يمت.
2- اختيار معرفة الرجال : 456 / 862 ، وعنه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 9/ 228 / 4 ، والمجلسي في بحار الأنوار 48/ 263 / 19 ، و 93/ 69 / 43.
3- هو منصور بن العبّاس أبو الحسين الرازي الكوفي أو البغدادي ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الجواد والهادي عليهما السلام ، وفيمن لم يرو عنهم عليهم السلام. اُنظر رجال الشيخ : 407 / 27 ، 423 / 24 ، 515 / 131 ، معجم رجال الحديث19/378 / 12710.
4- اختيار معرفة الرجال : 460/873 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار48/ 267 / ضمن حديث 27.

عمير عمّن حدّثه قال : سألت محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام عن هذه الآية (وُجُوْهٌ يَومَئِذخَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ)(1) ، قال : نزلت في النصّاب والزيدية ، والواقفة من النصّاب»(2).

التاسع : ما رواه عطّر الله مرقده : «بإسناده عن يحيى بن المبارك(3) قال : كتبت إلى الرضا عليه السلام بمسائل فأجابني ، وذكرت في آخر الكتاب قول الله عزّ وجلّ : (مُذَبْذَبِيْنَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ)(4) فقال : نزلت في الواقفة».

ووجدت الجواب كلّه بخطّه : «ليس هم من المؤمنين ولا من المسلمين ، هم(5) ممّن كذّب بآيات الله ، ونحن أشهر معلومات فلا جدال فيناولا رفث ولا فسوق فينا ، أُنصب لهم من العداوة يا يحيى ما استطعت»(6).

العاشر : ما رواه عطّر الله مرقده : «بإسناده عن محمّد بن عاصم ، قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : يا محمّد بن عاصم ، بلغني أنّك تجالس الواقفة؟قلت : نعم جعلت فداك أجالسهم وأنا مخالف لهم ، قال : لا تجالسهم ، فإنّ الله تعالى يقول : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ 8.

ص: 328


1- سورة الغاشية 88 : 2 - 3.
2- اختيار معرفة الرجال : 229 / 411 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار 37/ 34 ، و 48/267.
3- يحيى بن المبارك : عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، رجال البرقي : 54 ، رجال الشيخ : 395 / 3.
4- سورة النساء 4 : 143.
5- في النسخة : مقدّمهم. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
6- اختيار معرفة الرجال : 461 / 880 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار48/ 268.

يُكْفَرُ بِهَاوَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوْضُوا فِي حَدِيْث غَيْرَهُ إِنَّكُمْ إِذاًمِثْلُهُم)(1) يعني بالآيات : الأوصياء الذين كفروا بها الواقفة»(2).

الحادي عشر : ما رواه في الكتاب المذكور بإسناده : «عن سعد الجلاّب(3) ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لو أنّ البترية صفٌّ واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما أعزّ الله بهم ديناً»(4).

الثاني عشر : ما رواه بإسناده : «عن الفضل بن شاذان(5) رفعه عن الرضا عليه السلام قال : سُئل عن الواقفة؟ فقال : يعيشون حيارى ويموتون زنادقة»(6).

فقد ظهر من هذه الأخبار المعتضدة بأضعافها أنّ الواقفة والزيدية وأشباههم خارجون عن الإسلام فضلا عن التشيّع بمعونة(7) قول الفاضل الجليل شرف الدين المقداد وإن أطلق عليهم اسم الشيعة نظراً إلى ظاهر ل.

ص: 329


1- سورة النساء 4 : 140.
2- اختيار معرفة الرجال : 457/864 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار 48/264/22.
3- هو سعد بن أبي عمرو الجلاّب ، واسم أبي عمرو (عمر) عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام. اُنظر رجال الشيخ : 125 / 19 ، معجم رجال الحديث 9/ 54 و 99.
4- اختيار معرفة الرجال : 232 / 422 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار 37/ 31 ، و 69/180 / 8 ، وأورده الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/ 545.
5- الفضل بن شاذان النيشابوري أبو محمّد الأزدي ، فقيه متكلّم جليل القدر ، له جلالة في هذه الطائفة ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي والعسكري عليهما السلام. اُنظر رجال النجاشي : 306 / 840 ، فهرست الطوسي : 197 / 563 ، رجال الشيخ : 420/ 1 ، و 434 / 2.
6- اختيار معرفة الرجال : 456 / 861 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار 48/ 263 / ذيل حديث 18.
7- كذا في الأصل.

حالهم ، كما يطلق اسم المسلمين على الخوارج والنصّاب باعتبار اعتقادهم الإسلام ، وإن خرجوا منه حقيقة بإنكارهم بعض ضروريّاته ، وبهذا الاعتبار قسّم الأصحاب الشيعة إلى الفرق المذكورة ، وقد وقع هذا الإطلاق أيضاً في بعض الأخبار.

وهو ما رواه أبو عمرو الكشّي أيضاً في الكتاب المذكور : «بإسناده عن عمر بن يزيد ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فحدّثني مليّاً في فضائل الشيعة ثمّ قال : إنّ من الشيعة بعدنا من هم شرّ من النصّاب ، قلت : جعلت فداك أليس ينتحلون حبّكم ويتولّونكم ويتبرّؤون من عدوّكم؟ قال : نعم ، قلت : جعلت فداك بيّن لنا نعرفهم ، فلسنا(1) منهم؟ قال : كلاّ يا عمر ما أنت منهم ، إنّما هم قوم يُفتنون بزيد ويُفتنون بموسى»(2).

وهذا كما ترى يدلّ على دخول الزيدية والواقفة في الشيعة ظاهراً ، وخروجهم عن الإسلام فضلا عن التشيّع حقيقة ، وهو الذي نعتقده ونختاره والله الهادي. 7.

ص: 330


1- في المصدر : فلعلّنا. وما في البحار مطابق للمتن.
2- اختيار معرفة الرجال : 459 / 869 ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار 48/ 266 / 27.

الفصل الأوّل

في ذكر معتقد الفرقة الإمامية

وهي الفرقة الناجية من فرق الإسلام ، كما بيّناه في الفوائد الفائقة والمنهاج المستقيم ومعارج الكرامة وغيرها.

اعتقادهم أنّ الباري عزّ اسمه واجب الوجود بذاته ، متفرّد في صفاته ، قادر على كلّ مقدور ، مختار في سائر الأمور ، عالم بكلّ معلوم ، سميع بصيرمدرك ، منزّه عن الجسمية والنسبية ، وعن ظلم العباد ، وعن الرضا بما يقع منهم من الفساد ، غنيّ واحد أبديّ سرمديّ ، حكيم لا يفعل قبيحاً ، ولا يُخلّ بواجب ، مريد لما تقتضيه الحكمة ، كاره لما تأباه الحكمة ، من الظلم والكفر والعدوان ، متكلّم بكلام أحدثه بقدرته ، وأنزله على ملائكته وأنبيائه وخاصّته ، وإنّه مقدّس عن شوائب الكثرة والقسمة والمادّة والمسامتة ، منزّه عن الرؤية والجهة ، والحلول والاتّحاد ، وما يدّعيه أهل الضلال والإلحاد.

وإنّ أفعالنا صادرة عنّا بحسب دواعينا وإرادتنا ، وإنّ كلّ قبيح أو فساد أونقص فإنّه منّا ، وربّنا جلّ جلاله منزّه عن أفعالنا الذميمة ، وعمّا نختاره نحن من الاختيارات السقيمة ، لسنا مكرَهين ولا مقهورين ولا مضطرّين ، وإنّه سبحانه خلقنا رحمة لنا وعناية بنا ، وجوداً وتكرّماً علينا ، وإحساناً إلينا ، فمن أحسن فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد(1) ، وإنّ التكليف واجب في الحكمة الإلهية لما فيه من التعريض من الثواب ، وإنّ نصب الحجج من الأنبياء والأوصياء واجب عليه سبحانه عقلا ، وإنّهم 6.

ص: 331


1- اقتباس من سورة فصّلت 41 آية 46.

معصومون من أوّل أعمارهم إلى أواخرها ، من الكبائر والصغائر والسهو والنسيان.

قال أفضل المحقّقين نصيرالملّة والحقّ والدين أبو جعفر محمّد بن محمّد الطوسي في قواعد العقائد في بحث الإمامة : «وأمّا الإمامية فقالوا : إنّ نصب الإمام لطف ، وهو واجب على الله تعالى ، ويجب أن يكون الإمام معصوماًلئلاّ يُضلّ الخلق ، ويؤكّد ذلك قوله تعالى : (لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)(1) واتّفقوا على إمامة عليّ عليه السلام بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذ لم يكن غيره معصوماً.

ثمّ ساقوا الإمامة بعده إلى ابنيه الحسن المجتبى ، ثمّ إلى أخيه الحسين الشهيد بكربلا ، ثمّ إلى ابنه عليّ زين العابدين ، ثمّ إلى ابنه محمّد الباقر ، ثمّ إلى ابنه جعفر الصادق ، ثمّ إلى ابنه موسى الكاظم ، ثمّ إلى ابنه عليّ الرضا ، ثمّ إلى ابنه محمّد التقيّ ، ثمّ إلى ابنه عليّ النقيّ ، ثمّ إلى ابنه الحسن الزكيّ العسكريّ ، ثمّ إلى ابنه المنتظر خروجه عليهم الصلاة والسلام ، وقالوا : إنّه باقوسيظهر ، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جوراً ، وهو الثاني عشر من أئمّتهم ، ولأجل ذلك لُقّبوا بالإثني عشرية ، وهم في أكثر أصول مذهبهم موافقون للمعتزلة ، ولهم في الفروع فقه منسوب إلى أهل البيت عليهم السلام(2)».

قلت : وقدماؤهم كانوا إخباريّين ومتأخّروهم أصوليّون وإخباريّون ، وهم الفرقة الناجية كما حقّقناه في كتبنا ومجموعاتنا وبسطنا الكلام فيه في الفوائد الغالية. ).

ص: 332


1- سورة البقرة2 : 124.
2- قواعد العقائد : 460 (ضمن تلخيص المحصّل).

الفصل الثاني

في ذكر الزيدية

قال أفضل المحقّقين الطوسي في قواعد العقائد : «أمّا الزيدية فقالوا بإمامة عليّ والحسن والحسين وأثبتوها بالنصّ الجليّ ، وأثبتوا باقي أئمّتهم بالنصّ الخفيّ ، وذلك لأنّ شرائط الإمامة عندهم كون الإمام عالماً بشريعة الإسلام ؛ ليهدي الناس ولا يضلّهم ، وزاهداً لكي لا يطمع في أموال المسلمين ، وشجاعاً لئلاّ يهرب في الجهاد مع المخالفين ، فيظهروا(1) على أهل الحقّ ، وكونه من ولد فاطمة(2) عليها السلام ، وكونه داعياً إلى الله تعالى وإلى دين الحقّ ظاهراً ، ويشهر سيفه في نصرة دينه.

قالوا : وقد نصّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة بعده : إنّ كلّ من استحقّ(3) هذه الشرائط الخمسة فهو إمام مفترض الطاعة ، وذلك هو النصّ الخفيّ ، ولم يوجبوا في الحسن والحسين الدعوة والقيام(4) بالسيف ، لقوله (صلى الله عليه وآله) : (هما إمامان قاما أو قعدا) ويجوّزون خلوّ الزمان عن الإمام ، وقيام إمامين في بقعتين متباعدتين إذا استجمعا هذه الشرائط ، ولذلك لم يقولوا بإمامة زين العابدين عليه السلام ؛ لأنّه لم يشهر سيفه في الدعوة إلى الله تعالى ، وقالوا بإمامة زيدلاجتماع الشرائط(5) وإليه نُسبوا ، إذ فارقوا سائر الشيعة ولقّبوا باقي ه.

ص: 333


1- في المصدر : فيظفروا.
2- في المصدر زيادة : أعني من أولاد الحسن والحسين ، لقوله (صلى الله عليه وآله) : «المهدي من ولدفاطمة».
3- في المصدر : استجمع.
4- (والقيام) لم يرد في المصدر.
5- في المصدر : زيد ابنه لاستجماع الشرائط فيه.

الشيعة بالرافضة ، لأنّهم رفضوا زيداً.

والزيدية فرق كثيرة ، منهم الصالحية : وهم لا ينكرون خلافة الخلفاء الذين كانوا قبل عليّ عليه السلام لرضا عليّ عليه السلام بخلافتهم ، ومنهم الجارودية ، ومنهم السليمانية ، وقيل : لهم فرق غيرها»(1).

وأكثر الزيدية قائلون باشتراط النصّ لكن يكتفون بالخفيّ ، ويَدَعون النصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله) على إمامة من استجمع الشرائط المذكورة.

والمراد بالنصّ الخفيّ هو النصّ المطلق ، والنصّ الجليّ هو النصّ على إمام بعينه واسمه ، وباقي الكتب الكلامية التي تحضرني في حال تحريرهذه الرسالة خالية عن هذا ، لكن كلام هذا الإمام إمام الكلام ، خصوصاًوقد وافقه تلميذه العلاّمة جمال الملّة والدين الحلّي في الشرح(2).

الثانية : مقتضى كلامه أنّ الزيدية مطلقاً تشترط في الإمام أن يكون فاطميّاً ، وهو المذكور في الكتب الكلامية أيضاً كشروح التجريد والنافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر(3) وكشف البراهين في شرح زاد المسافرين(4) وغيرها.

ولا يخفى أنّه مشكل بأنّ البترية والصالحية والسليمانية يقولون بإمامة الشيخين ، وقد صرّح المحقّق الطوسي بأنّ الصالحية تعتقد إمامة الثلاثة لرضاأمير المؤمنين عليه السلام بخلافتهم(5) ، فكيف يوافقون على اشتراط ).

ص: 334


1- قواعد العقائد : 461 - 462 (ضمن تلخيص المحصّل).
2- كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد للعلاّمة الحلّي : 77 (ضمن مجموعة الرسائل).
3- النافع يوم الحشر للمقداد السيوري : 44.
4- كشف البراهين لابن أبي جمهور : 331.
5- قواعد العقائد : 462 (ضمن تلخيص المحصّل).

الفاطمية. ويمكن الجواب عن هذا الإشكال بوجهين :

أحدهما : إنّ المراد بالزيدية في كلام الجماعة هم الجارودية فقط ، لانقراض الباقين أو ندورهم ، وفي هذا بعدٌ كما لا يخفى.

الثاني : إنّ الفِرق المذكورة إنّما تشترط الفاطمية في غير الخلفاء الثلاثة لرضا عليّ عليه السلام بهم ، فكانت خلافتهم بالنيابة لا بالأصالة ، وقد صرّح بهذاالفاضل المحقّق محمّد هادي العوفي الزيدي في كتاب الفتح المبين في شرح دوحة المعارف تأليف الحكيم الترمذي ، وهو المفهوم من كلام أفضل المحقّقين(1) فتدبّر.

الثالثة : ما ذكره عطّر الله مرقده من أنّ الزيدية مطلقاً تشترط النصّ على الإمام مخالف لما ذكره العلاّمة عطّر الله مرقده في كتاب المناهج من أنّ السليمانية قالوا : «إنّ البيعة طريق الإمامة ، واعترفوا لأبي بكر وعمر بالبيعة اجتهاداً ، ثمّ إنّهم تارة يصوّبون هذا الاجتهاد(2) وتارة يخطِّئونه»(3).

وذكر الفخر الرازي في المحصّل نحوه(4) ، وهذا ينافي اشتراط الفاطمية أيضاً.

الرابعة : ما ذكره عطّر الله مرقده من أنّ الصالحية لا ينكرون خلافة الخلفاء الذين كانوا قبل عليّ عليه السلام(5). مخالف لما نقل عنهم العلاّمة عطّر الله مرقده في المناهج أيضاً من أنّ الصالحية تتوقّف في عثمان لما سمعت ).

ص: 335


1- المصدر غير متوفّر ، اُنظر قواعد العقائد : 461 - 462 (ضمن تلخيص المحصّل).
2- في المصدر : يصدّقون ذلك الاجتهاد.
3- مناهج اليقين في أصول الدين للعلاّمة الحلّي : 306 ، وفيه : السلمانية أصحاب سلمان بن جرير.
4- محصّل أفكار المتقدّمين : 360 - 361.
5- قواعد العقائد : 462 (ضمن تلخيص المحصلّ).

عنه من الرذائل تارة ومن الفضائل أخرى(1) ، وفي المواقف نحوه(2).

الخامسة : ما ذكره من أنّ الزيدية مطلقاً تثبت ، إمامة عليّ بالنصّ الجليّ(3)مخالف لما نقله في المناهج أيضاً عن الجارودية من أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)نصّ على عليّ عليه السلام بالوصف دون التسمية(4) ، اللهمّ إلاّ أنّ تفسيرالنصّ الجليّ بما يكون المنصوص لا يقبل الاشتراك ، ولو كان مذكوراً وصفه الخاصّ والخفيّ بما يكون المنصوص عليه فيه قابلا للاشتراك فيستقيم.

السادسة : قال العلاّمة جمال الملّة والدين قدس سره في شرح قواعد العقائد : «كلام الزيدية باطل من وجوه :

الأوّل : قولهم بعدم العصمة وهم يشاركون كلّ من خالف الإمامية في هذه المقالة.

الثاني : يلزم نقض الغرض من نصب الإمام ؛ لأنّه جعل لإطفاء الفتنة ولايحصل ذلك من(5) مذهبهم ، إذ يجوّز تعدّد من اتّصف بهذه الصفات في مكان واحد وزمان واحد فيه ، فيرغب(6) بعض الناس إلى اتّباع أحدهما ، وبعضهم إلى اتّباع الآخر ، وكلّ منهما يجوّز(7) عقد الولاية لنفسه فيقتل مخالفه ويلزم وقوع الفساد. ر.

ص: 336


1- مناهج اليقين في أصول الدين : 306.
2- المواقف للأيجي : لم نعثر عليه في مظانّه.
3- قواعد العقائد : 461 (ضمن تلخيص المحصّل).
4- مناهج اليقين للعلاّمة الحلّي : 306.
5- في الأصل : مع ، وما في المتن من المصدر.
6- في الأصل : واحد ، فرغب. وما في المتن من المصدر.
7- في الأصل : منهم يجوز له. وما في المتن من المصدر.

الثالث : يلزم(1) الترجيح من غير مرجّح ، لأنّ هذين متساويين فلا أولوية لاتّباع أحدهما دون الآخر ، فأمّا أن يتّبعا معاً وهو محال أو أحدهما وهوترجيح من غير مرجّح أو لا يتّبعا وهو المطلوب.

الرابع : يلزم منه الدور المحال ؛ لأنّ الإمامة هي الرئاسة العامّة ، أعني القيام بالسيف ، فلو جعلناه شرطاً فيها لزم الدور.

الخامس : ليس القيام بالسيف شرطاً ؛ لقوله (صلى الله عليه وآله) عن الحسن والحسين عليهما السلام : (هذان ولداي إمامان قاما أو قعداً) ولو كان القيام بالسيف شرطاًلما صحّ نفيه عنهما ، كالعلم والعدالة(2)»(3) انتهى.

أقول : قيل على الوجه الخامس أنّه غير وارد لأنّهم إنّما يشترطون القيام بالسيف في غير السبطين عليهما السلام والإلزام غير وارد.

أقول : فيه نظر لأنّ مراد العلاّمة أنّ القيام بالسيف إن كان من لوازم الإمامة لم يصحّ نفيه عن السبطين مع ثبوت إمامتهما بإجماعهم ، وإلاّ فلا وجه لاشتراطه ولا معنى.

وقد تقرّر أيضاً أنّهم علّلوا اشتراط القيام بالسيف بعدم جواز التقية على الإمام ، ووجوب إعزازه لدين الله وذبّه عن حرمات الله كما هو مصرّح ).

ص: 337


1- (يلزم) أثبتناه من المصدر.
2- في الأصل : الرابع : يلزم منه الدور المحال ؛ لأنّ الإمامة هي الرئاسة العامّة أعني القيام بالسيف شرطاً لقوله (صلى الله عليه وآله) عن الحسن والحسين عليهما السلام : «هذان ولداي إمامان قاما أوقعدا» ولو كان القيام بالسيف شرطاً لما صحّ نفيه عنهما ، كالعلم والعدالة. انتهى. أقول : قيل على الوجه. الخامس : إنّه غير وارد ؛ لأنّهم إنّما يشترطون القيام بالسيف في غير السبطين عليهما السلام والإلزام غير وارد. الظاهر حصل خلط بين الفقرتين الرابعة والخامسة ، وما أثبتناه من المصدر.
3- كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد : 83 - 84 (ضمن مجموعة الرسائل).

به في كتبهم ، وهذه العلّة تقتضي عدم إمامة الحسنين عليهما السلام في وقت قعودهماعن جهاد معاوية ، وهم لا يقولون بذلك ، هذا خلف.

السابعة : من أوضح ما يبطل مذهب الزيدية الأخبار المستفيضة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بل المتواترة لفظاً أو معنىً ، الناطقة بأنّ الأئمّة إثنا عشر ، فإنّ أئمّتهم لاتنحصر بعدّ ولا تنتهي إلى حدّ ، ولنذكر جملة من تلك الأخبار :

فمنها : ما رواه البخاري في صحيحه في الجزء الثالث من أجزاء ثمانية : «بإسناده إلى جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : (يكون من بعدي إثنا عشر أميراً) فقال كلمة لم أسمعها ، قال أبي : إنّه قال : (كلّهم من قريش)(1).

ومنها : ما رواه البخاري أيضاً في صحيحه «بإسناده إلى ابن عيينة ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم إثنا عشر رجلا) ثمّ تكلّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت عليَّ فسألت ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال : (كلّهم من قريش)(2). ير

ص: 338


1- صحيح البخاري9/ 101 ، كتاب الأحكام باب الاستخلاف ، وفيه : يكون إثنا ... ، وأورده ابن الجعد في المسند : 390 / 2660 ، وأحمد في المسند6/ 99 / 20359 ، الترمذي في الجامع الكبير (السنن) 4/ 80 / 2223 ، باختلاف يسير ، الطبراني في المعجم الكبير2 /214 / 1875 ، بأسانيدهم عن جابر بن سمرة. وأورده من علمائنا الصدوق في الأمالي : 387 / 8 ، وكمال الدين : 272 / 19 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 1/ 54 / 12 ، والخصال : 469 / 15 ، الخزّاز في كفاية الأثر : 49 /باب ما جاء عن جابر بن سمرة ، النعماني في كتاب الغيبة : 122 / 11 ، ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب1/ 353 / فصل ما روته العامّة ، ابن البطريق في العمدة : 416 /856 ، و 419 / 871 ، ابن طاووس في الطرائف 1/ 250 / 260 ، الإربلي في كشف الغمّة1 / 116 ، عن الجمع بين الصحيحين ، والكلّ بأسانيدهم عن جابر بن سمرة.
2- لم نعثر عليه في صحيح البخاري في الطبعات المتوفّرة لدينا ، ونقله عنه ابن كثير

ومنها : ما رواه مسلم في صحيحه في الجزء الرابع من أجزاء ستّة قال : «عن النبي (صلى الله عليه وآله) : (إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة)فقال : ثمّ تكلّم بكلام خفيّ عليَّ فقلت : ماذا قال؟ فقال : (كلّهم من قريش)»(1).

ورواه مسلم في صحيحه من طرق أُخَر مثل رواية البخاري عن ابن عيينة بألفاظه ومعانيه(2).

ومنها : ما رواه مسلم أيضاً في صحيحه في مثل رواية «سماك بن حرب يرفعه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : (لا يزال أمر الإسلام عزيزاً في إثني عشر خليفة(3) كلّهم من قريش)»(4). ،

ص: 339


1- صحيح مسلم3/365/1821 ، وأورده الطبراني في المعجم الكبير 2/ 255 / 2068 ، باختلاف يسير ، المقريزي في إمتاع الأسماع12/ 302 ، عن مسلم ، الخزّاز في كفاية الأثر : 51 ، ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب1/ 351 ، ابن البطريق في العمدة : 417/ 860 ، ابن طاووس في الطرائف1/ 262 ، الطبرسي في أعلام الورى2/ 159 ، الإربلي في كشف الغمّة1/ 118 ، عن مسلم ، وذكره المصنّف في كتابه الأربعين : 381 ، عن مسلم.
2- اُنظر صحيح مسلم 3/ 366 / 7 و 8.
3- في المصدر زيادة : ثمّ قال كلمة لم أفهمها ، فقلت لأبي : ما قال؟ فقال :.
4- صحيح مسلم3/ 366 / 7 ، وأورده ابن حنبل في المسند 6/ 95 / 20327 ،

ومنها : ما رواه أبو داود في صحيحه بإسناده «عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : (لا يزال الدين ظاهراً حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليكم إثنا عشر خليفة كلّهم من قريش)»(1).

وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين هذه الأحاديث من طريق عبدالملك بن عمير وطريق شعبة وطريق ابن عيينة وطريق سماك بن حرب وطريق ابن حاتم وطريق عامر(2) ابن الشعبي وطريق حصين(3) بن ر.

ص: 340


1- لم نعثر على هكذا نصّ في سنن أبي داود ، بل ورد في ج4/ 305 / 4279 بهذا اللفظ : عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : «لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم إثنا عشر خليفة ، كلّهم تجتمع عليه الأمّة» فسمعت كلاماً من النبيّ (صلى الله عليه وآله)لم أفهمه ، قلت لأبي : ما يقول؟ قال : «كلّهم من قريش». وأورد ما في المتن ابن حنبل في المسند 6/ 93 / صدر حديث 20319 ، مسلم في الصحيح 3/ 367 / صدر حديث 1822 ، أبو عوانة في المسند 4/ 373 / صدر حديث6996 ، الطبراني في المعجم الكبير 2/ 199 / 1809. والصدوق في الخصال : 473 / 30 ، النعماني في الغيبة : 120 / 9 ، ابن شهرآشوب في المناقب 1/ 352 ، ابن البطريق في العمدة : 418 / صدر حديث 866 ، و 422 / صدرحديث 882 ، ابن طاووس في الطرائف 1/ 253 / 268 نصّاً ، وذكره المصنّف في الأربعين : 381.
2- في الأصل : عبّاس ، وما في المتن أثبتناه من المصادر. وهو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار ، أبو عمرو الهَمْداني. انظر سير أعلام النبلاء 4/ 294/113 ، والمصادر التي وردت في هامش ترجمته.
3- في الأصل : خضر ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.

عبدالرحمن(1) وجميع هذه الطرق تتضمّن أنّ عدّتهم إثنا عشر خليفة وإثنا عشرأميراً كلّهم من قريش.

وروى السدّي في تفسيره وهو من قدماء المفسّرين عندهم وثقاتهم قال : «لمّا كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل عليه السلام فقال : (انطلق بإسماعيل وأمّه حتّى تنزله بيت التهامي - يعني مكّة - فإنّي ناشرذريّته وجاعلهم ثقلا على من كفر بي(2) وجاعل منهم نبيّاً عظيماً(3) ، وجاعل ذريّته عدد(4) نجوم السماء)»(5).

ورووا عن مسروق قال : (كنت عند عبدالله بن مسعود فسأله سائل : هل عهد إليكم نبيّكم كم يكون بعده خليفة؟

فقال : إنّك لحدث السنّ وهذا شيء ما سألني عنه غيرك ، نعم عهد إلينا نبيّنا إنّه يكون بعده إثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل)(6). :

ص: 341


1- اُنظر الجمع بين الصحيحين للحميدي 1/ 337 - 338.
2- في الأصل : من العربي ، وما أثبتناه من المصادر.
3- في المصادر زيادة : ومظهره على الأديان ، وجاعل من ذريّته إثني عشر عظيماً.
4- في الأصل : ذرّيته عليه السلام ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.
5- نقله عن تفسير القرآن للسدّي ابن طاووس في الطرائف 1/ 253 / 269 ، العلاّمة الحلّي في نهج الحقّ : 230 ، التستري في إحقاق الحقّ7/ 478 ، الشيرازي في الأربعين : 353 ، الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة : 311 المجلسي في بحار الأنوار 36/214 / 16 ، وذكره المصنّف في كتابه الأربعين : 390.
6- أورده الصدوق في الأمالي : 385 / 4 ، والخصال : 466 / 6 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام1/53 / 10 ، وكمال الدين 67 و 270 / 16 ، الخزّاز في كفاية الأثر :

وهذه الأخبار ناطقة بأنّ الإمامية هم الفرقة الناجية دون سائر الفرق ، إذ لم يقل أحد من فرق المسلمين إثنا عشر خليفة سواهم.

وأمّا الزيدية فقد علمت أئمّتهم لا تتناهى وكذلك العامّة والإسماعيلية ، وسيأتي عدد أئمّتهم وإنّهم يزيدون على الإثني عشر أو ينقصون.

والواقفية إنّما يقولون بإمامة سبعة.

والكيسانية يقولون بإمامة ثلاثة ومنهم من زاد واحداً أو إثنين.

والناووسية إنّما يقولون بإمامة ستة.

والفطحية يقولون بإمامة ثلاثة عشر بإضافة عبدالله إلى الأئمّة العاقّين.

وبالجملة فلم يقل أحد من الفرق بهذا العدد سوى الإثنى عشرية ، فهي الفرقة الناجية والطائفة الزاكية.

تعميم : تحيّر المخالفون خذلهم الله في الجواب عن هذه الأخبار القاطعة بفساد مذهبهم السخيف ورأيهم الطفيف ، فقال جلال الدين السيوطي الشافعي في كتاب فصل الخطاب وتاريخ الخلفاء : (المراد بالإثني عشر : الخلفاء الأربعة والحسن والحسين وسبعة من بني أمية على الترتيب. قال : وبعد ذلك يكون ملكاً لا خلافة)(1).

وهو ما يُضحك الثكلى ، فإنّه لا يحسن من يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينضم يزيد بن معاوية الحمار السفّاك الهتّاك قاتل الحسين وأنصاره وبني 5.

ص: 342


1- فصل الخطاب : غير متوفّر لدينا ، تاريخ الخلفاء اُنظر صفحة 9 و 10 ونقله عنهما الشيرازي في الأربعين : 362 ، والمصنّف في الأربعين : 385.

عمّه وسابي نساء أهل البيت عليهم السلام في سلك الخلفاء بالحقّ ، وكذا مروان بن الحكم مع أنّه لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما رواه الزمخشري في الكشاف ، وكيف يحسن أيضاً من ذي حسكة أن يدّعي أنّ معاوية لعنه الله خليفة بالحقّ منصوص عليه من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، مع ما أبدع في الدين من البدع الشنيعة الفضيعة ، وإعلانه بلعن أمير المؤمنين عليه السلام وشتمه على المنابر وجعله ذلك سنّة جارية ، ولم تزل مستمرّة إلى زمان عمر بن عبدالعزيز.

وقد صرّح صاحب الكشّاف بلعنه وأصحابه في تفسير قوله تعالى : (إنّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ)(1) ، وهذه عبارته : «وحين اُسقطت من الخطب لعنة الملاعين على أمير المؤمنين عليه السلام(2) اُقيمت هذه الآية مقامها.

ولعمري إنّها كانت فاحشة ومنكراً وبغياً ، ضاعف الله لمن سنّها غضباً ونكالا وخزياً ، إجابة لدعوة نبيّه : (وعاد من عاداه)»(3).

قال الزمخشري : «يريد بلعنة اللاعنين ، من لعن عليّاً عليه السلام من بني اُمية وبني مروان ، والذي أسقط لعنه عمر بن عبدالعزيز ، والذي سنّ ذلك معاوية»(4). انتهى. 5.

ص: 343


1- سورة النحل 16 : 90.
2- في الأصل : لعنة اللاعنين علي عليه السلام أمير المؤمنين. وما أثبتناه من المصدر.
3- الكشّاف 3/ 466 - 467.
4- لن نعثر على هذا القول للزمخشري ، ونقله عنه الشيرازي في الأربعين : 362 ، الشرواني في مناقب أهل البيت عليهم السلام : 127 ، المحقّق الأردبيلي في زبدة البيان : 414 ، ونسب القول إلى المحشّي على الكشّاف ، وكذلك المصنّف في الأربعين : 385.

ويظهر منه في مواضع من الكشّاف بغضه لهم ، وإنّه كان على الحقّ ، وماكان جهاده مع عليّ باجتهاده ، ولا معذوراً فيه بل متعمّداً عالماً ، منها ما ذكره في آخر سورة يونس : (وَاصْبِرْ حَتّى يَحْكُمُ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِيْنَ)(1).

«روي أنّ أبا قتادة تخلّف عن تلقّي معاوية حين قدم المدينة وقد تلقّته الأنصار ، ثمّ دخل عليه(2) ، فقال له :

ما لَكَ لا تتلقّانا(3)؟ قال : لم تكن عندنا دواب ، قال : فأين النواضح ، قال : قطعناها(4) في طلبك وطلب أبيك يوم بدر ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «يا معشر الأنصار ستلقون بعدي أثَرَة» قال معاوية : ماذا قال؟ قال : «فاصبروا»(5).

قال : إذاً نصبر.

فقال عبدالرحمن بن حسّان :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

أمير الظالمين نثا(6)

كلامي

بأنّا صابرون فمنظروكم

إلى يوم التغابن والخصام»(7)شق

ص: 344


1- سورة يونس 10 : 109.
2- في المصدر زيادة : من بعد.
3- في المصدر : لم تتلقنا.
4- في الأصل : وأضعناها. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
5- في المصدر : فاصبروا حتّى تلقوني ، قال : فاصبر.
6- النثا : ما أخبرت به عن الرجل من حَسَن أو سيّىء. القاموس المحيط4/ 452 - نثا.
7- تفسير الكشّاف للزمخشري 3/ 180 ، وأورده عبدالرزّاق في المصنّف11/ 60 / 19909 ، ابن عبدالبرّ في الاستيعاب3/ 1421 ، ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق

ومن كان هذا حاله كيف يُدعى به خليفة ، مع أنّ العامّة رووا عنه عظائم :

منها : إنّه كان يبذل الجوائز العظيمة لمن يضع حديثاً في فضائل الخلفاءالثلاثة ، أو في مذمّة عليّ عليه السلام ، أو يحوّل مناقبه عليه السلام إليهم أو إلى أحدهم.

وقد نقل عبدالحميد بن أبي الحديد الحنفي المعتزلي في شرح نهج البلاغة أغرب من ذلك وأشنع ، وهو «أنّه لعنه الله بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم على أن يروي هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)(1) ، نزلت في عليّ عليه السلام.

وأنّ هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ)(2) الآية في حقّ عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله ، فأبى سمرة فبذل له مائتي ألف فأبى فبذل له ثلاثمائة ألف فقبل(3)»(4).6.

ص: 345


1- سورة البقرة 2 : 204.
2- سورة البقرة 2 : 207.
3- في المصدر : فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف فقبل. وكذلك بعض المصادر.
4- شرح نهج البلاغة 4/ 73 ، وأورده عبدالكريم بن طاووس في فرحة الغري : 47 ، الشيرازي في الأربعين : 386 ، وباختصار ابن طاووس في بناء المقالة الفاطمية : 270 ، وذكره المصنّف في كتاب الأربعين : 386.

قال علاّمتهم التفتازاني في التلويح في مباحث خبر الواحد ما نصّه : «إنّ حديث الجهر بالبسملة(1) مشهور حتّى أنّ أهل المدينة احتجّوا به على معاوية(2) وردّوه على ترك الجهر بالبسملة ، وهو مرويّ عن أبي هريرة وعن أنس إلاّ أنّه اضطربت رواياته فيه بسبب أنّ عليّاً كان يبالغ في الجهر ، وحاول معاوية وبنو أميّة محو آثاره فبالغوا(3) على الترك فخاف أنس»(4). انتهى.

وقد صرّح جمع من عظمائهم بأنّ معاوية ليس بخليفة بل ملك ، منهم العلاّمة عمر النسفي في عقائده وهذه عبارته : «والخلافة ثلاثون سنة ثمّ بعدهاملك وإمارة»(5). انتهى.

فقال التفتازاني في شرحها : «لقوله عليه السلام : (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمّ تصير ملكاً عضوضاً)(6) وقد انتقل عليّ عليه السلام على رأس ثلاثين سنة من وفاة رسول الله فبموته من بعده لا يكونون خلفاء بل ملوكاً وأمراء»(7). انتهى. ء.

ص: 346


1- في المصدر : التسمية. وكذا المورد التالي.
2- في المصدر : على مثل معاوية.
3- في الأصل : فبايعوا ، وما في المتن من المصدر.
4- شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 2/ 19. وذكره المصنّف في الأربعين : 387.
5- العقائد النسفية : 230 (ضمن شرحها للتفتازاني).
6- مُلكٌ عضوض : أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم ، كأنّهم يُعضّون فيه عضّاً. والعضوض من أبنية المبالغة. النهاية لابن الأثير 3/ 229 - عضض.
7- شرح عقائد النسفية : 231. والنصّ فيه هكذا : وقد استشهد عليّ رضي الله عنه على رأس ثلاثين سنة من بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمعاوية ومن بعده لا يكونون خلفاء ، بل ملوكاًوأمراء.

وصرّح الخنجي الأصفهاني(1) في خرافاته الباردة التي جمعها في كشف الحقّ ونهج الصدق بأنّ معاوية ليس بخليفة عندهم بل ملك(2).

وذكر الفاضل الجليل نورالدين عليّ بن محمّد المكّي المالكي في فصوله المهمّة أنّه «روى شيبة قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمّ تصير ملكاً عضوضاً). قال آخر : ولاية الحسن عليه السلام تمام ثلاثين سنة وثلاثة عشر يوماً ، من خلافة أبي بكر.

ثمّ قال : وروي أنّه لمّا تمّ الصلح لمعاوية واجتمع عليه الناس دخل عليه سعد بن أبي وقّاص ، فقال : السلام عليك أيّها الملك ، فتبسّم معاوية وقال : يا با إسحاق ، ما عليك لو قلت : يا أمير المؤمنين؟ والله إنّي ولّيته بما وليتهابه. روى ذلك صاحب تاريخ البديع»(3) انتهى.

وهو يدلّ على أنّ معاوية لم يكن خليفة ولا إماماً ، وإنّه لم ينعقد على بيعته إجماع كما يتوهّم.

وممّا يبطل تأويل الجلال أنّه على ما ذكره يكون ثاني عشر الخلفاء : الوليد بن يزيد ، وقد أطبق أهل التاريخ على أنّه زنديق ، وذكروا «أنّه تفأّل يوماًمن المصحف فخرج فاله : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبّار عَنِيْد)(4) فرمى المصحف من يده وأمر أن يُجعل هدفاً ورماه بالنشّاب وأنشأ :

تهدّدني بجبّار عنيد(5)

فها أنا ذاك جبارٌ عنيدُد.

ص: 347


1- هو الفضل بن روزبهان.
2- لم نعثر عليه في مظانّه.
3- الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : 241 - 242 ، باختلاف يسير.
4- سورة إبراهيم 14 : 15.
5- في الفتوح وتفسير القرطبي : أتوعّد كلّ جبّار عنيد.

إذا ما جئتَ ربّك يوم حشر

فقل يا ربّ مزّقني الوليد»(1)

فانظر أيّدك الله إلى هذا الجلال كيف التزم كونه خليفة بالحقّ ، ولمّا استشنع بعضهم ذلك ممّن تأخرّ عن الجلال قال : «السبعة الباقون ينبغي أن يكونوا من خيار بني أميّة وبني العبّاس ، فوسّع دائرة الاعتراض وزاد في الطنبور نغمة أخرى ، والتزم التحكّم البحت والتخمين الصرف ، وخرق الإجماع من حيث لا يدري»(2) لأنّنا تتبّعنا أقاويلهم خذلهم الله تعالى فوجدناهاأربعة :

الأوّل : ما قدّمنا نقله عن النسفي وهو المالكي من أنّ الخلافة ثلاثون سنةوبعدها يكون ملكاً.

الثاني : إنّ القول بإمامة بعض بني أمية كعمر بن عبدالعزيز وجميع بني العبّاس وهو الذي مال إليه التفتازاني في شرح العقائد قال : «لأنّ أهل الحلّوالعقد قد كانوا متّفقين على خلافة الخلفاء العبّاسيّين وبعض المروانية كعمر بن عبدالعزيز مثلا»(3). انتهى.

الثالث : إخراج يزيد بن معاوية من جملة بني أمية ، والقول بصحّة إمامة الباقين وخلافة بني العبّاس ، وهو ظاهر ابن الجوزي ووجه إخراجه يزيد لعنه الله أنّه بقتله الحسين عليه السلام ، وقد صنّف في جواز لعنه كتاباً سمّاه : الردّعلى المتعصّب العنيد المانع من لعن يزيد.

الرابع : المذهب المشهور الذي عليه عظماؤهم وفخراؤهم ونسبه 2.

ص: 348


1- أورده ابن الأعثم في الفتوح 8/ 333 ، ابن الأثير في الكامل في التاريخ 5/ 290 ، القرطبي في تفسيره 9/ 350 ، ابن طاووس في الطرائف 1/ 248 ، الشيرازي في الأربعين : 347 ، الشرواني في مناقب أهل البيت عليهم السلام : 479 ، المجلسي في بحار الأنوار38 / 193 ، وذكره المصنّف في الأربعين : 388.
2- لم نعثر عليه ، ذكره المصنّف في الأربعين : 388.
3- شرح العقائد النسفية : 232.

أفضل المحقّقين نصيرالدين الطوسي في قواعد العقائد إلى جميع السنّة القول بصحّة إمامة معاوية ومن بعده بني أميّة وبني مروان وجميع العبّاسيّين.

قال المحقّق الطوسي في الكتاب المذكور : «وأمّا أهل السنّة فيقولون بوجوب نصب الإمام على من يقدر على ذلك لإجماع السلف عليه ، وذهبوا إلى أنّ الإمام [يُعرف](1) إمّا بنصّ من يجب أن يقبل قوله كنبيّ أو إمام (2) أو بإجماع المسلمين عليه ، وكان الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإجماع أبابكر ، ثمّ عمر بنصّ أبي بكر ، ثمّ عثمان بنصّ عمر على جماعة أجمعوا على إمامته ، ثمّ عليّ المرتضى عليه السلام بإجماع المعتبرين من الصحابة ، وهؤلاء هم الخلفاء الراشدون.

ثمّ وقعت المخالفة من الحسن عليه السلام ومعاوية وصالحه الحسن واستقرّت الخلافة عليه ثمّ على من بعده من بني أميّة وبني مروان ، ثمّ انتقلت الخلافة إلى بني العبّاس وأجمع(3) أكثر أهل الحلّ والعقد عليهم ، وانساقت الخلافة فيهم إلى عهدنا الذي جرى فيه ما جرى(4) انتهى.

ونقل الزمخشري في الكشّاف : عن أبي حنيفة صاحب المذهب أنّه كان يرى بوجوب نصرة زيد بن عليّ والخروج معه على المنصور(5).

وهذا يدلّ على اشتراط العدالة وإلاّ فليس بإمام ، وهو المنقول عن 0.

ص: 349


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
2- (أو إمام) لم يرد في المصدر.
3- في المصدر : واجتمع.
4- قواعد العقائد : 462 (ضمن تلخيص المحصّل).
5- الكشّاف1 / 318 ، وأورده نجم الدين العلوي في المجدي في أنساب الطالبيّين : 350 ، وابن حيّان الأندلسي في تفسير البحر المحيط 1/ 605 ، البهائي في مشرق الشمسين : 369 ، وذكره المصنّف في الأربعين : 53 و 390.

سفيان ابن عيينة وهو مختار صاحب الكتاب والبيضاوي(1) ، وعلى كلّ حال فتأويل هذا الجاهل والمتجاهل خارق لإجماع المخالفين وإحداث لقول آخرجديد خال عن المأخذ والدليل ، وقد اعترف بضعف هذين التأويلين وأمثالهما ملاّ فصيح الدشتبياضي(2) من فضلاء النواصب وبعض مسائله ، فقال بعد نقلها : «هذا ما قالوه ، ولكن لا مقنع فيه»(3) ، وممّا يُبطل جميع تأويلاتهم العليلة حديث السدّي المتقدّم نقله ، فإنّه يتعلّق بكون الأئمّة الإثني عشر من ذريّة النبيّ (صلى الله عليه وآله).

وأيضاً روى أحمد بن حنبل في مسنده : «عن العبّاس بن عبدالمطّلب ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يملك من ولدي إثنا عشر خليفة ، ثمّ يخرج المهدي من ولدي يصلح الله أمره في ليلة واحدة)»(4).».

ص: 350


1- الكشّاف 1/ 318 ، أنوار التنزيل للبيضاوي 1/ 135.
2- في الأصل : الدشيناضي ، وما أثبتناه من أربعين المصنّف والصوارم المهرقة.
3- أورده التستري في الصوارم المهرقة : 98 ، وذكره المصنّف في كتابه الأربعين : 390.
4- لم نعثر على هكذا نصّ في المسند ولا في غيره من المصادر التي بين أيدينا ، بل عثرناعلى نصّين يكمّل أحدهما الآخر بسندين ، فأمّا الذي عن العبّاس بن عبدالمطّلب فنصّه هكذا : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال له : «يا عمّ ، يملك من ولدي إثنا عشر خليفة ، ثمّ تكون أمور كريهةوشدائد عظيمة ، ثمّ يخرج المهدي من ولدي ، يصلح الله أمره في ليلة ، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً ، ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجّال». أورده ابن شهر آشوب في المناقب 1/ 355 ، الطبرسي في إعلام الورى 2/ 165 ، الإربلي في كشف الغمّة 4/ 249 ، الشامي في الدرّ النظيم : 796 ، رضي الدين الحلي في العدد القوية : 89 ، الجويني في فرائد السمطين 2/ 329 / 579 ، النباطي في الصراط المستقيم 2/ 121 - 122. وأمّا الثاني فبهذا النصّ بسنده عن عليّ عليه السلام ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : «المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة».

والتراخي في قوله : «ثمّ يخرج المهدي» إمّا ديني أو حقيقي ؛ للتراخي الظاهر بين ملكه في زمان الغيبة وبين ملكه وسلطانه بعد الخروج ، ولا دلالة فيه على خلاف معتقد الفرقة الناجية ، كما قد يتوهّم.

وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة «عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : (في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالّين ، وانتحال المبطلين و [تأويل](1) الجاهلين ، ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله عزّ وجلّ فانظروا من توفدون؟)»(2).

وبالجملة فالاعتراف بالعجز عن الجواب(3) أليق بالنصاب ومن حذا حذوهم من ذوي الأذناب المنحرفين عن منهاج الصواب.

تبصرة : روى المخالفون أيضاً خذلهم الله تعالى ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه نصّ على أئمتنا الإثني عشر بأسمائهم وأعيانهم في ذلك كالباحث عن حتفه ق.

ص: 351


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصادر.
2- الصواعق المحرقة 2/ 441 ، واختصره في ص 676 ، وأورده محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى : 17 ، التستري في إحقاق الحقّ 18/ 447 ، الشيرازي في الأربعين : 378 ، الشرواني في مناقب أهل البيت عليهم السلام : 173 ، وأورده باختلاف يسير الحميري في قرب الإسناد : 77 / 250 ، بزيادة : فانظروا من توفدوا (في دينكم وصلاتكم) والصدوق في كمال الدين : 221 / 7 ، بزيادة : فانظروا بمن تقتدون (في دينكم وصلاتكم).
3- في الأصل : والجواب ، وما أثبتناه أنسب للسياق.

بظلفه(1).

روى صدر الأئمّة أخطب خوارزم موفّق بن أحمد المكّي في كتابه ، قال : «حدّثنا فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي فيما كتب إليّ من همدان ، قال : بلغنا الإمام الشريف نورالهدى أبو طالب الحسن بن محمّد الزيني ، قال : أخبرنا إمام الأئمّة محمّد بن أحمد بن شاذان ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالله الحافظ ، قال : حدّثنا عليّ بن سنان الموصلي(2) ، عن أحمد بن محمّد بن صالح ، عن سليمان بن محمّد ، عن زياد بن مسلم ، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر(3) ، عن سلامة ، عن أبي سلمى(4) - راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله) - ئة

ص: 352


1- الكلمتان الأخيرتان غير مقروءتين في النسخة ، أثبتناها من المصادر التي أوردت المثل. انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير 8/ 244 ، و 12/ 487 ، وفيات الأعيان لابن خلّكان 5/186 ، وفيه تكملة : والجادع مارن أنفه بكفّه ، سير أعلام النبلاء 21/ 189 ، تفسير أبي السعود 3/ 113 ، الغدير للأميني 5/ 251.
2- في المصدر : عليّ بن عليّ بن سنان الموصلي. وفي المقتضب : أبو الحسن عليّ ابن سنان الموصلي المعدّل. وفي الطرائف : عليّ بن شاذان الموصلي.
3- في الأصل : عبدالرحمن ، عن زيد بن جابر ، وما أثبتناه من المصدر والإحقاق ومائة منقبة ، وهو الموافق للمصادر الرجالية. اُنظر تهذيب الكمال 18/ 5 / 3992 ، تهذيب التهذيب 6/ 266 / 581 ، سير أعلام النبلاء 7/ 176 / 57 ، طبقات ابن سعد 7/ 466. والذي يروي عنه هو الوليد بن مسلم وليس زياد. اُنظر تهذيب الكمال 31/ 86 / 6737 ، سير أعلام النبلاء9/ 211 / 60. والذي يروى عن الوليد هو سليمان عبدالرحمن التميمي الدمشقي ابن بنت شرحبيل. اُنظر : تهذيب الكمال12/ 26/2544 ، سير أعلام النبلاء 11/ 136 / 50 ، تهذيب التهذيب 2/ 52.
4- في الأصل : عن أبي سليمان ، وما في المتن أثبتناه من المصدر والإحقاق ومائة

قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (ليلة أُسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ جلاله : (آمَنَ الرَّسُوْلُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ)(1). فقلت : (وَالْمُؤْمِنُوْنَ) قال : صدقت يا محمّد ، من خلّفت في أمّتك؟ قلت : خيرها ، قال : علي بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إنّي اطّلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك إسماً من أسمائي فلا أُذكر في موضع إلاّ ذُكرت معي ، فأنا المحمودوأنت محمّد.

ثمّ اطّلعت ثانية فاخترت منها عليّاً وشققت له إسماً من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمّد ، إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من نوري(2) ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قَبِلَها كان عندي من المؤمنين ، ومن أباها(3) كان عندي من الكافرين.

يا محمّد ، لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد ، أتحبّ أن تراهم؟ قلت : نعم يا ربّ ، فقال : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا بعليّ(4) وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن ّ.

ص: 353


1- سورة البقرة 2 : 285.
2- في المصدر : من سنخ نوري.
3- في المصدر : ومن جحدها.
4- في المصدر : فإذا أنا بعليّ.

الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ ومحمّد بن الحسن المهدي(1) : في ضحضاح(2) من نور قياماً يصلّون وهو في وسطهم - يعني المهدي عليه السلام - كأنّه كوكب درّيّ.

قال : يا محمّد ، هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي)»(3).

وبالإسناد : «عن الإمام محمّد بن شاذان(4) ، قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل ، عن محمّد بن قاسم ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن موسى بن عثمان ، عن الأعمش ، قال : حدّثني أبو إسحاق ، عن الحارث وسعيد بن بشير ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أنا واردكم وأنت يا عليّ الساقي ، والحسن الذائد(5) ، والحسين الآمر(6) ، وعليّ بن الحسين الفارط(7) ، ومحمّد بن علي الناشر ، وجعفر بن محمّد السائق ، س.

ص: 354


1- في المصدر : والمهدي.
2- الضحضاح : جري السراب ، وضحضح السراب وتضحضح إذا ترقرق. لسان العرب 2/525 - ضحح.
3- مقتل الإمام الحسين عليه السلام للخوارزمي : 95 - 96 ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : 64 /منقبة 17 ، ابن عيّاش في مقتضب الأثر : 10 - 11 ، ابن طاووس في الطرائف1/ 255 /270 ، الجويني في فرائد السمطين2/ 319 / 571 ، التستري في إحقاق الحقّ 5/ 45 ، و 13 : 58 ، الشيرازي في الأربعين : 353 ، الحرّ العاملي في الجواهر السنية : 312 ، البحراني في مدينة المعاجز 2/ 311 / 575 ، عن ابن شاذان ، وذكره المصنّف في الأربعين : 211.
4- في مقتل الإمام الحسين عليه السلام : محمّد بن أحمد بن عليّ بن شاذان.
5- في المناقب والطرائف : الرائد ، وفي الدرّ النظيم : الوالي الرائد.
6- في الأصل : الفارض ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.
7- في الأصل : بياض ، وما أثبتناه من المصادر. وفي الصراط المستقيم : الفارس.

وموسى بن جعفر محصي المحبّين والمبغضين وقامع(1) المنافقين ، وعليّ ابن موسى مزيّن المؤمنين(2) ، ومحمّد بن عليّ منزل أهل الجنّة في درجاتهم ، وعليّ بن محمّد خطيب شيعته ومزوّجهم الحور العين ، والحسن ابن عليّ سراج أهل الجنّة يستضيئون به والمهدي(3) يشفّعهم(4) يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلاّ لمن يشاء ويرضى)»(5).

وبالإسناد السابق : «عن ابن شاذان قال : حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العلوي الطبري ، عن أحمد بن عبدالله ، قال : حدّثني جدّي أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن أُذينة ، قا : حدّثنا أبان ابن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن سلمان المحمّدي ، قال : دخلت على محمّد (صلى الله عليه وآله) وإذا بالحسين على فخذه وهو يقبّل عينيه ويُلثم فاه ويقول : (أنت(6)سيّد ابن سيّد أبو سادة(7). ر.

ص: 355


1- في الأصل : وجامع. وما في المتن أثبتناه من المصادر.
2- في المائة منقبة والعُدد والدرّ النظيم : زين المؤمنين.
3- في العُدد والمناقب والدرّ النظيم : والهادي المهدي.
4- في الأصل : يشيّعهم. وما في المتن أثبتناه من المصادر.
5- مقتل الإمام الحسين عليه السلام : 94 - 95 ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : 47 / 5 ، ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 1/ 355 ، ابن طاووس في الطرائف 1/ 256 /271 ، الشامي في الدرّ النظيم : 795 ، رضي الدين الحلّي في العُدد القوية : 88 / 153 ، النباطي في الصراط المستقيم 2/ 150 ، والمصنّف في الأربعين : 213 ، ونقله التستري في إحقاق الحقّ 13/ 61 ، عن المقتل.
6- في المصدر : إنّك. وكذا الموارد التالية.
7- في الأصل : السيّد أبو السادات. وما في المتن أثبتناه من المصدر وقوله : «أبو السادات»لم يرد في كثير من المصادر.

أنت إمام ابن إمام أبو أئمّة(1) ، أنت حجّة ابن حجّة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم)»(2).

وهذه الأخبار كما ترى ناطقة بمعتقد الفرقة الناجية الإثني عشرية ، فالعجب من المخالفين خذلهم الله كيف يروون مثل هذه الأخبار في كتبهم ويطرحونها وراء ظهورهم عتوّاً واستكباراً وبغضاً جاهليّاً ونصباً غريزيّاً.

ومنهم من استبعد إطراح هذه الأخبار فاعتقد إمامة الإثني عشر صلوات الله عليهم ومع هذا يقول بخلافة الثلاثة المتّصلة ، وهؤلاء جماعة كثيرون منهم :

1 - كمال الدين محمّد بن طلحة الشامي الشافعي في كتابه مطالب السؤول.

2 - ونورالدين المكّي المالكي في كتاب الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة.

3 - ونصر بن عليّ الجهضمي في كتابه تواريخ أهل البيت وغيرهم.

وما أدري ما مراد هؤلاء بالإمامة؟ فإن كان هو المصطلح كما هو الظاهرمن كلامهم فهو معتقد الشيعة ، ولا معنى لاعتقاد خلافة الثلاثة ة.

ص: 356


1- (أبو الأئمّة) لم ترد في عيون أخبار الرضا عليه السلام.
2- مقتل الإمام الحسين عليه السلام : 146 ، وأورده ابن بابويه في الإمامة والتبصرة : 110 / 96 ، والصدوق في الخصال : 475 / 38 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام1/ 56 / 17 ، وكمال الدين : 262 / 9 ، الخزّاز في كفاية الأثر : 45 - 46 ، ابن عيّاش في مقتضب الأثر : 8 -9 ، المفيد في الاختصاص : 207 ، الطبرسي في إعلام الورى 2/ 180 ، ابن طاووس في الطرائف 1/ 256 / 272 ، الإربلي في كشف الغمّة 4/ 255 ، النباطي في الصراط المستقيم 2/ 119 ، الشيرازي في الأربعين : 355 ، التستري في إحقاق الحقّ13/71 ، عن المقتل ، والمصنّف في الأربعين : 213 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار36 / 241 / 47 ، و 359 / 229 ، عن بعض المصادر المذكورة.

حينئذ ، وإن كان خلاف المصطلح فلا معنى لاعتقاد إمامة الأئمّة الإثني عشر صلوات الله عليهم حينئذ ؛ إذ هم لم يعتدّ بهم في الفروع ويعتقدوا حقيقة ، والتسمية المجرّدة لا تجدي نفعاً كما لا يخفى ، والأخبار المذكورة ناطقة بمذهب الإمامية ، فمن عمل بها لم يكن له بدّ من نفي إمامة الخلفاء الثلاثة ومن يحذو حذوهم والله الهادي.

تكملة في فرق الزيديّة :

المشهور من فرق الزيديّة ثلاث :

الجارودية : وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر ، وهو الذي لقّبه الباقر عليه السلام : بسرحوب ، وهو شيطان أعمى يسكن البحر(1) ، وكان من أصحاب الباقر عليه السلام. وروى عن الصادق عليه السلام وتغيّر لمّا خرج زيد رضي الله عنه(2).

وقال العلاّمة رحمه الله في المناهج : «الجارودية أصحاب أبي الجارود زياد بن سعد العبدي(3) كذا في النسخة التي تحضرني وهي نسخة عتيقة صحيحة جدّاً - وهو غريب مخالف لما ذكره رحمه الله في الخلاصة والشيخ أبو جعفر الطوسي في الفهرست وغيرهما ، من أنّ الجارودية نسبة إلى أبي الجارود زياد بن المنذرأبو الجارود الهمداني بالدال المهملة الخارقي بالخاء المعجمة والألفوراء مهملة وقاف ، وقيل : الحُرقي بالحاء المضمومةي.

ص: 357


1- اُنظر مشيخة الصدوق ضمن من لا يحضره الفقيه 4/ 544 ، اختيار معرفة الرجال للطوسي : 229 / 413 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 159 ، شرح اُصول الكافي للمازندراني 6/ 106.
2- اُنظر رجال النجاشي : 170 / 448 ، رجال الطوسي : 122 / 4 ، رجال العلاّمة : 348 /1378.
3- مناهج اليقين في أصول الدين : 306 ، وفيه : أبي الجارود بن زياد بن منقذ العبدي.

المهملة والراءوالقاف ، الكوفي الأعمى ، زيديّ المذهب ، وإليه تنسب الجارودية من الزيدية»(1) انتهى.

وفي الفهرست نحوه أيضاً(2).

وذكر العلاّمة في المنهاج : «إنّ الجارودية يقولون : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) نصّ على عليّ عليه السلام بالوصف دون التسمية»(3).

والمنقول عنهم في الكتب الكلامية ك- اللوامع وغيرها إنّهم يُنكرون إمامة الثلاثة ويوافقون على التولّي والتبرّي والطعن على اللصوص المتمرّدين(4).

وفي كتاب الفتح المبين : «إنّ الزيدية كلّهم قائلون بإمامة الشيخين لكن بالأصالة بل لرضاه عليه السلام بهما»(5). وهو سهو ظاهر.

الثانية : السليمانية ، أصحاب سليمان بن جرير ، قال العلاّمة في المناهج : «إنّهم يقولون : إنّ البيعة طريق الإمامة ، ويعترفون بإمامة أبي بكر وعمربالبيعة اجتهاداً ، ثمّ إنّهم تارة يصوّبون(6) ذلك الاجتهاد وتارة يخطّئونه ، وقالوا بكفر عثمان وعائشة وطلحة والزبير ومعاوية لقتالهم عليّاً عليه السلام»(7).

الثالثة : الصالحية ، أصحاب الحسن بن صالح بن حيّ ، قال العلاّمة 6.

ص: 358


1- رجال العلاّمة : 348 / 1378.
2- الفهرست للطوسي : 131 / 303.
3- مناهج اليقين : 306.
4- انظر اللوامع الإلهية للمقداد السيوري : 378.
5- الكتاب غير متوفّر لدينا.
6- في المصدر : يصدّقون.
7- مناهج اليقين : 306.

في الكتاب المذكور : «إنّه كان فقيهاً وكان يثبت إمامة أبي بكر وعمر ، وكان يفضّل عليّاً عليه السلام على سائر الصحابة ، وتوقّف في عثمان لمّا سمع عنه من الفضائل تارة. ومن الرذائل أُخرى»(1).

وقد علمت أنّ المحقّق الطوسي قدّس الله روحه ذكر في قواعد العقائد : إنّهم يقولون بخلافة الخلفاء الثلاثة لرضا عليّ عليه السلام بخلافتهم(2).

هذه هي الفرق المشهورة للزيدية وعليها اقتصر العلاّمة في المناهج(3) والقاضي العضدي في المواقف(4) ومنهم من زاد البترية وهم أصحاب كثير النوّا فكان أبتر اليدين.

قال العلاّمة رحمه الله في حاشية له على التجريد : «وجدت ذلك بخطّ الشيخ العلاّمة أحمد بن خاتون العاملي في نسخته وهي معاملة لنسخة العلاّمة رحمه الله ، وذكر أنّه وجد ذلك بخطّه رحمه الله»(5).

وقال عطّر الله مرقده في الخلاصة : «كثير النوّا بتريّ ، قاله الشيخ الطوسي والكشّي ، وقال البرقي : إنّه عامّي»(6) انتهى.

وقيل : إنّه منسوب إلى المغيرة بن سعيد الأبتر(7) ، وعليه اقتصر صاحب القاموس فإنّه قال : «والأبتر لقب المغيرة بن سعيد ، والبترية من 7.

ص: 359


1- مناهج اليقين : 306.
2- قواعد العقائد لنصيرالدين الطوسي : 462 (ضمن تلخيص المحصّل).
3- مناهج اليقين : 306.
4- شرح المواقف 8/ 391.
5- لم نعثر عليه في شروحاته المتوفّرة لدينا.
6- خلاصة الأقوال : 390 / 1570 ، رجال الطوسي : 134 / 4 ، اختيار معرفة الرجال : 390 /733 ، رجال البرقي : 42.
7- اُنظر مقالات الإسلاميّين لأبي الحسن الأشعري : 68 ، والفَرق بين الفِرق للاسفرائيني : 22 ، وفرق الشيعة للنوبختي : 57 ، والملل والنحل للشهرستاني1/157.

الزيدية بالضمّ تنسب إليه»(1) انتهى.

وقد تظافرت الروايات بكون المغيرة المذكور : «كذّاباً ، كان يكذب على أبي جعفر عليه السلام ، وفي بعضها : إنّه كان يدسّ أحاديثاً في كتب أصحابه»(2).

وقال العلاّمة في الخلاصة : «إنّ أبا جعفر عليه السلام قال : (إنّه كان يكذب علينا ، وكان يدعو إلى محمّد بن عبدالله بن الحسن في أوّل أمره)»(3).

ورأيت في بعض الحواشي المنسوبة إلى المحقّق الشيخ عليّ عطّر الله مرقده : إنّه منسوب إلى رجل يقال له : بتر بن العوفي(4).

وقال الكشّي عطّر الله مرقده في كتاب الرجال : «البترية هم أصحاب كثيروالحسن بن صالح بن حيّ ، وسالم بن أبي حفصة ، والحكم بن عبيدة ، وسلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحدّاد ، وهم الذين دعوا إلى ولاية عليّ عليه السلام. ثمّ خلطوها بولاية أبي بكر وعمر ويثبتون [لهما](5) إمامتهما ، ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة(6) ويرون الخروج من بطون [ولد](7) عليّ بن أبي طالب عليه السلام ويذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون على كلّ من خرج من ولد ر.

ص: 360


1- القاموس المحيط2/ 10 - البتر.
2- جامع الرواة للأردبيلي 2/ 255.
3- خلاصة الأقوال : 411 / 1667.
4- لم نعثر عليه.
5- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
6- (وعائشة) لم ترد في المصدر ، بل وردت في باقي نسخ المصدر كما ذُكر في هامشه.
7- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

عليّ عليه السلامخروجه بالإمامة»(1). انتهى.

وهذا نصّ كما ترى باتّحاد الصالحية والبترية وأنّهم طائفة واحدة ، وهذاهو الوجه في ترك التعرّض للبترية في المنهاج وللواقفة.

وروى الكشّي(2) رحمه الله في الكتاب المذكور : «بإسناده عن سدير قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحدّاد وسالم بن أبي حفصة وكثير النوّا وجماعة معهم ، وعند أبي جعفر عليه السلام [أخوه](3) زيد بن علي ، فقالوا لأبي جعفر عليه السلام : نتولّى عليّاً وحسناً وحسيناً : ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال : (نعم) قالوا : نتولّى أبا بكر وعمر ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال : فالتفت إليهم زيد بن عليّ وقال لهم : أتتبرّؤون من فاطمة!بترتم أمرنا بتركم الله ، فيومئذ سمّوا البترية»(4).

أقول : هذا هو الوجه الصحيح في تسميتهم بالإسم المذكور ، والوجه الآخر مدخول ، وحينئذ فضمّ الباء من تغييرات النسب كالدهري في النسبة إلى الدهر ، وهاهنا مذهب نادر لبعض الزيدية وهو هبة الله بن أحمد بن محمّدالكاتب المعروف بابن برنية(5) ، وهو : «إنّ الأئمّة ثلاثة عشر مع زيد ابن عليّ بن الحسين عليهم السلام» واحتجّ بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي : «إنّ الأئمّة إثنا عشر من ولد عليّ أمير المؤمنين عليه السلام»(6). ه.

ص: 361


1- اختيار معرفة الرجال : 232 / 422. وعنه في بحار الأنوار 37/ 31.
2- في الأصل : الكليني ، وما أثبتناه بقرينة الكتاب السابق هو الأصحّ.
3- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
4- اختيار معرفة الرجال : 236 / 429 ، وعنه في بحار الأنوار 37/ 31.
5- في الأصل : بابن توبة ، وما أثبتناه من المصادر أدناه.
6- في كتاب سليم : 116 : ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله.

وذكر أئمّة الرجال كالعلاّمة والنجاشي «أنّه كان يتعاطى الكلام ويحضر مجلس أبي الحسين ابن الشبيه العلوي ، الزيدي المذهب»(1) ، وأنّه عمل له كتاباً ذكر فيه ذلك المذهب الفاسد ، واحتجاجه بحديث سليم أوهن من بيت العنكبوت.

أمّا أوّلا : فلأنّ ابن الغضائري من أئمّة علم الرجال قال : «إنّ أصحابنا كانوايقولون : إنّ سليماً لا يُعرف ولا ذُكر في خبر ، وقال : إنّ الكتاب موضوع لامِرية فيه وعلى ذلك علامات :

منها : إنّ محمّد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت.

ومنها : إنّ الأئمّة ثلاثة عشر وغير ذلك»(2).

وأمّا ثانياً : فلأنّ في الذي وصل إلينا من نسخة هذا الكتاب هو أنّ الأئمّة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله مع الأئمّة الإثني عشر وهو ماعليه أصحابنا الإمامية.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الأخبار المتواترة المستفيضة الدالّة على أنّ الأئمّة إثنا عشر بطريق الإجمال والتفصيل يروي بفساد هذا المذهب المخترع ، وقد ذكرناجملة من تلك الأخبار.7.

ص: 362


1- خلاصة الأقوال : 415 / 1683 ، رجال النجاشي : 440 / 1185 ، وبقيّة الكلام بالمضمون لا بالنصّ ، انظر نقد الرجال5/ 45 / 5688 ، خاتمة المستدرك 3/ 161 ، إيضاح الاشتباه : 315 / 754 ، طرائف المقال 1/ 126 / 544 ، معجم رجال الحديث 20/276 /13316.
2- رجال ابن الغضائري : 63 / 55 ، وعنه العلاّمة في خلاصة الأقول : 162 / 473 ، التفرشي في نقد الرجال 2 / 355 / 2387.

الفصل الثالث

في الكيسانية

ذكر جمع أنّهم أصحاب المختار بن أبي عبيدة الثقفي ولهذا يقال لهم : المختارية أيضاً ، وكان لقبه كيسان ، وقيل : إنّه لقب أبي عمرة صاحب شرطته ، وقيل : كيسان مولى عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين عليه السلام ودلّه على قتلته ، وكان صاحب سرّه(1) والغالب على أمره(2).

وقال في القاموس : «كيسان لقب المختار بن أبي عبيدة المنسوب إليه الكيسانية من الرافضة»(3) انتهى.

وذهب جماعة من أصحابنا إلى أنّ المختار لم يكن كيسانياً حقيقة ، ولتحقيق ذلك مظنّة أخرى.

وقال المحقّق الطوسي في قواعد العقائد : «وأمّا الكيسانية فقالوا بإمامة عليّ وبعده الحسن ثمّ الحسين ثمّ محمّد ابن الحنفية ، وقالوا : إنّه الإمام المنتظر - أعني المهدي الذي يملأ الدنيا عدلا - وهو الآن مستتر في جبل رضوى بقرب المدينة.

وبعضهم قدّموه على الحسن والحسين ، وبعضهم ساق الإمامة إلى س.

ص: 363


1- في الأصل : ترسه ، وما أثبتناه من المصادر.
2- اُنظر اختيار معرفة الرجال : 128 / 204 ، جامع الرواة2/ 221.
3- القاموس المحيط 2/ 386 - الكيس.

ابنه أبي هاشم(1) ثمّ إلى غيره ، ولهم فرق متعدّدة»(2). انتهى كلامه.

تتمّة : نقل الوزير السعيد عليّ بن عيسى الإربلي في كتابه كشف الغمّة عن كتاب الدلائل لأبي العبّاس عبيدالله بن جعفر الحميري : «عن الباقر عليه السلام قال : (لمّا قُتل الحسين عليه السلام جاء محمّد ابن الحنفية إلى عليّ بن الحسين عليه السلام فقال له : يابن أخي ، أنا عمّك وصنو أبيك وأسنّ منك ، وأنا أحقّ بالإمامة والوصية ، فأرجع(3) إليَّ سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقال عليّ بن الحسين عليه السلام : يا عمّ ، اتّق الله ولا تدّع ما ليس لك ، فإنّي أخاف عليك نقص العمر وشتات الأمر.

فقال له محمّد ابن الحنفية : أنا أحقّ بهذا منك ، فقال له عليّ بن الحسين : يا عمّ ، فهل لك إلى حاكم نحتكم إليه؟ فقال : ومن هو؟ قال : الحجرالأسود.

قال : فتحاكما إليه ، فلمّا وقفا عنده ، قال : يا عمّ تكلّم فأنت المُطالب ، قال : فتكلّم محمّد ابن الحنفية فلم يجبه ، قال : فتقدّم عليّ بن الحسين فوضع يده عليه وقال : اللهمّ إنّي(4) أسألك باسمك المكتوب في د.

ص: 364


1- في المصدر : ابنه هاشم.
2- قواعد العقائد : 460 (ضمن تلخيص المحصّل).
3- في المصدر : فادفع.
4- في المصدر : اللهمّ إنّي أسألك باسمك المكتوب في سرادق البهاء ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العظمة. وأسألك باسمك المكتوب في سرادق القوّة ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السلطان ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد.

سرادق السلطان ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق القوّة ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر ، وأسألك باسمك الفائق ، الخبير البصير ، ربّ الملائكة الثمانية ، وربّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وربّ محمّدخاتم النبيّين ، لما أنطقت هذا الحجر بلسان عربيّ فصيح ، يُخبر لمن الإمامة والوصية بعد الحسين بن عليّ.

قال : ثمّ أقبل عليّ بن الحسين عليه السلام على الحجر فقال : أسألك بالذي جعل فيك مواثيق العباد والشهادة لمن وافاك إلاّ أخبرت لمن الإمامة والوصية بعد الحسين بن عليّ؟ قال : فتزعزع الحجر حتّى كاد أن يزول عن موضعه وتكلّم بلسان عربيّ مبين فصيح يقول : يا محمّد ، سلّم سلّم إنّ الخلافة(1) والوصية بعد الحسين بن عليّ لعليّ بن الحسين.

قال أبو جعفر عليه السلام : فرجع محمّد بن عليّ - ابن الحنفية - وهو يقول بإمامة عليّ)»(2).

وهذا مكتوب في كتب أخرى معتبرة ك- الخرائج والجرائح(3) وثاقب المناقب(4) وشواهد النبوّة(5) ومهج الدعوات(6) وغيرها.

وذُكر في الخرائج والجرائح : أنّ محمّد ابن الحنفية إنّما نازع زين م.

ص: 365


1- في المصدر : الإمامة.
2- كشف الغمّة 3/ 69.
3- الخرائج والجرائح 1/ 257 / 3 ، وعنه في بحار الأنوار 46/ 29 / 20.
4- الثاقب في المناقب : 349 / 291.
5- شواهد النبوّة : لعبدالرحمن الجامي النقشبندي ، فارسي ، طبع في بمبي وهو غير متوفّرالآن. اُنظر كشف الظنون 2/ 1066 ، الذريعة 14/ 245 / 2392.
6- مهج الدعوات : 200 ، أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام.

العابدين وتحاكما إلى الحجر ؛ لإزالة شكوك ضعفاء الشيعة(1) ، وإلاّ فهو عالم بصحّة إمامته عليه السلام غير شاكّ في ذلك.

ذكر شارح الديوان المرتضوي وهو الفاضل الميبدي الشافعي : «إنّ الكيسانية تعتقد أنّه عليه السلام هو المهدي ، وأنّه لم يمت ، وأنّه حيّ مقيم في جبل رضوى ، وسيخرج ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً وهمّاً ، كما ذكره شاعرهم كثيّر عزّة :

وسبط لا يذوق الموت حتّى

يقود الخيل يقدمها اللواء

يغيب فلا يُرى فيهم زماناً

برضوى عنده عسل وماء»(2)عد

ص: 366


1- الخرائج والجرائح 1/ 258 ، وفيه : إنّ ابن الحنفية إنّما فعل ذلك إزاحة لشكوك الناس في ذلك.
2- شرح الديوان المرتضوي : غير متوفّر ، ويسمّى : شرح ديوان الإمام عليّ عليه السلام ، للقاضي ميرحسين الميبدي الشافعي ، وقيل : الميبذي ، اُنظر هديّة العارفين 1/ 316 ، قاموس الرجال 11/ 295. وأورد الأبيات القاضي المغربي في شرح الأخبار3/ 297 و 316 ، ونسب الأبيات في المورد الأوّل لكثيّر وفي الثاني بغير نسبة. المفيد في الفصول المختارة : 299 (ضمن مصنّفات المفيد ج2) قائلا : وكان كثيّر عزّة كيسانيّاً ومات على ذلك وله مذهب الكيسانية. ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 54/ 321 ، نسبه لكثيّر في ترجمة محمّد بن الحنفية ، وذكر الأبيات أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني 7/ 246 ، ضمن ترجمة السيّدالحميري ، عند مناظرته مع مؤمن الطاق محمّد بن عليّ بن النعمان في الإمامة فغلبه محمّد في دفع ابن الحنفية عن الإمامة ، وقال : وهذه الأبيات بعينها تروى لكثيّر. ونسبه الشهرستاني في الملل والنحل 1/ 150 ، لكثيّر في تعريفه للكيسانية قائلا : وكان السيّد الحميري وكثيّر عزّة الشاعر من شيعته - أي ابن الحنفية - قال كثيّر فيه. وأورد الأبيات مع المتن باختلاف ابن خلّكان في وفيات الأعيان 4/ 172 ، بعد

وذكر أيضاً أنّه مات سنة إحدى وثمانين ، وله تسع وستّون سنة(1).6.

ص: 367


1- أورده الذهبي في العبر في خبر من غبر 1/ 68 / سنة إحدى وثمانين ، نصّاً ، ومنهم من قال عمره خمس وستّون ، المزّي في تهذيب الكمال 26/ 152 ، الذهبي في سير أعلام النبلاء4 / 128 ، ابن سعد في الطبقات الكبرى 5/ 116.

الفصل الرابع

في الناووسية

وهم الواقفون على جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام.

قال محمّد ابن الشهرستاني في الملل والنحل : «إنّهم أتباع رجل يقال له : ناووس ، وقيل : نُسبوا إلى قرية : ناووسا ، قال : إنّ الصادق عليه السلام حيّ ولن يموت حتّى يظهر ويظهر أمره ، وهو القائم المهدي.

وحكى أبو حامد الزوزني(1) : إنّهم زعموا أنّ عليّاً عليه السلام ستنشقّ الأرض عنه قبل يوم القيامة فيملأ العالم عدلا»(2) انتهى.

أقول : رجوع عليّ عليه السلام إلى الدنيا وكذا باقي الأئمّة : ممّا لا شكّ فيه ، وقدأوردنا جملة من الأخبار الواردة بذلك في الرجعة. 7.

ص: 368


1- في الأصل : الرفدي ، وما أثبتناه في المتن من المصدر. وتؤيّده كتب التراجم.
2- الملل والنحل 1/ 166 - 167.

الفصل الخامس

في الإسماعيلية

قال القاضي العضدي في المواقف : «إنّهم يلقّبون بألقاب منها : الباطنية والمتبعة والقرامطة ؛ لأنّ أوّلهم الذي دعا الناس إلى مذهبهم رجل يقال له : حمدان بن قرمط ، وهي إحدى قرى واسط»(1).

وقال أفضل المحقّقين الطوسي في كتابه قواعد العقائد : «وأمّا الإسماعيلية ويسمّون الباطنية ، وربّما يُلقّبون بالملاحدة ، وإنّما سمّوا بالإسماعيلية ؛ لانتسابهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق ، والباطنية لقولهم : كلّ ظاهر فله باطن ، يكون ذلك الباطن مصدراً ، وذلك الظاهر مظهراً له ، ولايكون ظاهر لا باطن له ، إلاّ ما هو مثل السراب ، ولا باطن لا ظاهر له إلاّ خيال لا أصل له.

ولقّبوا بالملاحدة ؛ لعدولهم عن ظاهر الشريعة إلى بواطنها في بعض الأحوال.

ومذهبهم أنّ الله تعالى أبدع بتوسّط معنى يعبّر عنه بكلمة «كن» أو غيرهاعالَمَين :

عالم الباطن : وهو عالم الأمر وعالم الغيب ، ويشتمل على العقول والنفوس والأرواح والحقائق كلّها ، وأقرب ما فيها إلى الله تعالى هو العقل 5.

ص: 369


1- المواقف 3/ 684 - 685.

الأوّل ، ثمّ ما بعده على الترتيب.

وعالم الظاهر : وهو عالم الخلق وعالم الشهادة ، ويشتمل على الأجرام العلوية والسفلية والأجسام الفلكية والعنصرية ، وأعظمها العرش ثمّ الكرسي ، ثمّ سائر الأجسام على الترتيب.

والعالمان ينزلان(1) من الكمال إلى النقصان ويعودان(2) من النقصان إلى الكمال حتّى ينتهي(3) إلى الأمر ، وهو المعنى المعبّر عنه بكلمة «كن»(4) وينتظم بذلك سلسلة الوجود الذي مبدؤه من الله تعالى ومعاده إليه.

ثمّ يقولون : إنّ الإمام هو مظهر الأمر ، وحجّته مظهر العقل الذي يقال له : العقل الأوّل والعقل الكلّ(5) ، والنبيّ مظهر النفس التي يقال لها : نفس الكلّ ، والإمام هو الحاكم في عالم الباطن ، ولا يصير [غيره](6) عالماً بالله تعالى إلاّبتعليمه إيّاه ، ولذلك يسمّونهم(7) بالتعليميّين ، والنبيّ هو الحاكم في عالم الظاهر ، ولا تتمّ الشريعة التي يحتاج الناس إليها [إلاّ به](8) ، ولشريعته تنزيل وتأويل ، ظاهره التنزيل وباطنه التأويل ، والزمان لا يخلو إمّا عن نبيّ وإمّا عن شريعة ، وأيضاً لا يخلو عن إمام ودعوته ، وهي ربّما تكون خفيّة مع ظهوره إلاّ أنّها تكون ظاهرة مع خفائه البتة(9) لقوله تعالى : ر.

ص: 370


1- في الأصل : يهولان ، وما في المتن من المصدر.
2- في الأصل : وهودان ، وما في المتن من المصدر.
3- في الأصل : يتهيّأ ، وما في المتن من المصدر.
4- في المصدر : (بكن) بدل من : بكلمة كن.
5- في المصدر : العقل الكلّي.
6- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
7- الأصل : يسمّونه ، وما أثبتناه من المصدر.
8- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
9- في الأصل : من خفا التيه. وما أثبتناه من المصدر.

(لِئَلايَكُوْنَ لِلنَّاسِ عَلى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(1).

وكما يُعرف النبيّ بالمعجز القولي أو الفعلي كذلك يُعرف الإمام بدعوته إلى الله وبدعواه ، إنّ المعرفة بالله لا تحصل إلاّ به ، والأئمّة من ذريّته بعضها من بعض.

ولا يكون إمام إلاّ وهو ابن إمام ، ويجوز أن يكون للإمام أبناء ليسوا بأئمّة ، ولا يخلو زمان من إمام إمّا ظاهر وإمّا مستور ، كما لا يخلو من نور نهار أوظلمة ليل ، لم يزل العالم هكذا ولا يزال ، وطريقتهم التأليف بين أقوال الحكماء وأقوال أهل الشرائع فيما يمكن أن يؤلّف منها ، وأمّا في تعيين أئمّة الإسلام فقالوا : الإمام في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عليّاً عليه السلام ، وبعده الحسن كان إماماً مستودعاً(2) ، وبعده الحسين كان إماماً مستقرّاً ولذلك لم تذهب الإمامة من ذريّة الحسين عليه السلام.

ثمّ نزلت الإمامة في ذريّة الحسين وانتهت بعده إلى عليّ ابنه [ثمّ إلى محمّد ابنه](3) ثمّ إلى جعفر ابنه ثمّ إلى إسماعيل ابنه وهو السابع.

وقالوا : إنّ الأئمّة في عهد بني إسماعيل(4) صاروا مستورين(5) ولذلك سمّوهم أيضاً بالسبيعية(6) لوقوفهم على السبعة الظاهرة ، ودخل في(7) زمان استتار الأئمّة وظهور دعاتهم ، ثمّ ظهر المهدي ببلاد المغرب وادّعى أنّه من أولاد محمّد بن إسماعيل(8) واتّصل أولاده ابنٌ بعد ابن إلى المنتصر. ل.

ص: 371


1- سورة النساء 4 : 165.
2- في المصدر : وبعده كان ابنه الحسن إماماً مستودعاً.
3- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
4- في المصدر : في عهد ابن إسماعيل محمّد.
5- في الأصل : مستقرّين ، وما أثبتناه من المصدر.
6- في المصدر : بالسبعية.
7- في المصدر زيادة : عهد محمّد.
8- في المصدر : من أولاد إسماعيل.

واختلفوا بعده فقال بعضهم بإمامة نزار ابنه ، وبعضهم بإمامة المستعلي ابنه الآخر ، وبعد نزار استقرّت(1) أئمّة النزاريّين واتّصلت أئمّة(2) المستعلين إلى أن انقطعت في العاضد(3).

وكان الحسن بن عليّ بن محمّد بن الصباح المستولي على قلعة الموت من دعاة النزاريّين ، ثمّ ادّعوا بعده أنّ الحسن بن عليّ الملقّب بذكره «السلام»(4) كان إماماً ظاهراً من أولاد نزار ، واتّصل أولاده إلى أن انقرضوا في زماننا هذا»(5). انتهى كلامه.

قال العلاّمة في شرح الكتاب المذكور : «فهمُ كلام الإسماعيلية ظاهر ، ولاحجّة لهم فيما يدّعونه في كلّ مقام ذكروه»(6).

وقال الشيخ شرف الدين المقداد في اللوامع الإلهية : «وهؤلاء كما ترى لادليل(7) لهم فيما يدّعون في هذه المقامات ، مع إنّهم يرتكبون ما يعلم خلافه من الدين ضرورة.

وإجماع الأمّة دالّ على بطلانه(8) ، ثمّ [إنّ](9) كلامهم يدور(10) ّ.

ص: 372


1- في المصدر : استتر.
2- في المصدر : إمامة.
3- في المصدر : المعاضد.
4- في الأصل : بعليّ ذكره السالم ، وما في المتن من المصدر.
5- قواعد العقائد : 460 (ضمن تلخيص المحصلّ).
6- كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد : 81. ولم ترد فيه كلمة : فهم.
7- في المصدر : لا حجّة.
8- في الأصل : ما إنّهم يرتكبون ما يعلم من الدين بطلانه ، وإجماع الأئمّة دالّ على مطلوبهم. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
9- أثبتناه من المصدر.
10- في المصدر : يدلّ.

على(1)أمور :

توسّط الوسائط بين الله وخلقه وهو باطل.

وأنّ العالم أزلي أبديّ وهو باطل.

وإثبات العقول المجرّدة ومبنى ذلك باطل ، وهو أنّ الواحد لا يصدر عنه إلاّ واحد.

وأنّ العلم بالله لا يحصل [إلاّ](2) بتعليم الإمام ، وقد قرّروا أنّ النظر غيرمفيد للعلم بنفسه.

وأنّ الإمامة أفضل من النبوّة ، لكونها مظهر الأشرف(3) وهو العقل ، وأنّهاليست بواسطة النبوّة ، بل هي رئاسة مستقلّة في عالم الباطن وهو باطل بإجماع الأمّة ، مع كونه عارياً من البرهان ، فهؤلاء كما ترى خارجون عن الملّة»(4). انتهى كلامه ملخّصاً.

وذكر الغزالي في الإحياء : «إنّهم هدموا جميع الشرائع وتنزيلها على آرائهم كما قال»(5) ، كما حكيناه [عن](6) مذهبهم في الكتاب «المستطرف المنصف في الردّ على الناصبية» ولم أقف إلى الآن على هذا الكتاب ، ولا يخفى أنّ تأويل ظاهر الشريعة بالتشهّي هدم الدين وخروج عن الملّة الإسلامية ، نعوذ بالله من ذلك.

ويفهم من كلام شيخنا الشهيد الثاني أنّ في الإسماعيلية من لبق على ق.

ص: 373


1- في الأصل زيادة : أربعة ، وحذفناها لعدم ورودها في المصدر ، ولأنّ الأمور المذكورة هي خمسة لا أربعة.
2- أثبتناه من المصدر.
3- في المصدر : الأمر.
4- اللوامع الإلهية : 387 - 388.
5- لم نعثر عليه في الإحياء.
6- أثبتناها ليستقيم السياق.

خدّه(1) ، وهو الذي ذكره الشهيد الثالث السيّد نورالدين الشوشتري في مجالس المؤمنين(2) وهو الحقّ.

وصرّح جمع من أهل التاريخ بأنّ القرامطة فرقة أخرى غير الإسماعيلية ، وهم الملاحدة الذين خرجوا وقتلوا الحاج وأهله وركّزوا الحجرالأسود واقتلعوه في زمان المُعزّ لدين الله من خلفاء(3) الإسماعيلة(4).

وذكر في مجالس المؤمنين : «إنّ ابن المعتزّ العبّاسي هو الذي قذف الإسماعيلية لمذهب القرامطة ونسب إليهم أفعال القرامطة الشنيعة ، ونظم ذلك في بعض مقاطعه ، وإنّ بعض أكابر فضلاء الإسماعيلية أجابه بقطعة منها هذا البيت :

وتنسب أفعال القرامط كاذباً

إلى عترة الهادي الكرام الأطائب»(5).

وذكر صاحب روضة الصفا : «إنّ جوهر عبدالمعزّ لدين الله عاقب القرامطة في مصر بعظائم العقوبات إلاّ من انهزم منهم»(6). والمفهوم من تتبّع التواريخ أنّ قدماء الخلفاء الإسماعيلية كانوا معظّمين للشرع وظواهره ، مبالغين في تعظيم الشيعة سيّما الإثني عشرية والإسماعيلية.ه.

ص: 374


1- مسالك الأفهام 5/ 340 ، اللمعة الدمشقية 3/ 182 و 5/ 279.
2- مجالس المؤمنين 2/ 294.
3- في الأصل : «حلعه» هكذا ، والظاهر ما أثبتناه هو الصحيح.
4- اُنظر حوادث سنة 317 للهجرة في تاريخ الطبري 11/ 263 - 264 ، المنتظم لابن الجوزي 13/ 281 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير 8/ 207 ، البداية والنهاية لابن كثير 11/160.
5- مجالس المؤمنين 2/ 301.
6- روضة الصفا : 222. النسخة العربية. أخذناه من مكتبة السيّد المرعشي النجفي قدس سره.

تتمّة : في تاريخ خلفاء الإسماعيلة على وجه الاختصار : كان ابتداء ملكهم سنة ستّ وتسعين ومائتين ، وانتهى في سنة ستّ وخمسين وستّمائة.

أوّل من ملك منهم عبدالله بن محمّد المهدي بالله ، ولد سنة ستّ وستّين ومائتين ، ومات سنة إثنين وعشرين وثلاثمائة ، وخرج يوم السبت سابع ذي الحجّة سنة تسعين ومائتين ، واستقرّ ملكه وسلّم عليه بالخلافة يوم الخميس سنة سبع وتسعين ، وكان مظفّراً في خروجه ، واستولى على الأندلس ونيروان وطرابلس وما في حدودهما.

ثمّ أرسل ولده وجهّز معه عسكراً عظيماً إلى مصر ، فنفذ المعتمد العبّاسي مولاه مونس الخادم مع جموع كثيرة ووقع بينهما قتال ، ثمّ انهزم مونس الخادم واحتوى القائم ولد المهدي على ديار مصر والصعيد.

وذكر ابن كثير الشامي في تاريخه إنّ المقتدر العبّاسي أمر أن يُكتب محضر في الطعن على نسب الإسماعيليّين ، وأن يجمع السادات والعلماء والوزراء والقوّاد وشهدوا به وكتبوا فيه.

ثمّ ولده محمّد القائم بالله ، وكان المهدي قد أُخذل في حياته ، وأوّل خلافته سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ، ومدّة خلافته إثنتا عشرة سنة وسبعة أشهر.

ثمّ ابنه إسماعيل الملقّب بالمقتدر بالله مدّة خلافته سبع سنين.

ثمّ سعد الملقّب بالمعزّ لدين الله ، وكان شجاعاً حازماً عاقلا حاذقاً في السياسة ، قال اليافعي(1) الشافعي في تاريخه : إنّه كان مُظهراً للتشيّع معظّماًلحرمة الإسلام ، حليماً كريماً ، وقوراً حازماً سريّاً ، يرجع إلى ح.

ص: 375


1- في الأصل : النافعي. وما أثبتناه هو الصحيح.

إنصاف ، ويجري(1) الأمور على أحسن أحوالها(2).

بويع سلخ شهر شوّال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، وفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة أرسل جوهر عبده مع جيش عظيم إلى أقصى بلاد المغرب فمضى إلى ساحل البحر والجزائر الخالدات(3) ، واصطاد من سمكه وأرسله إلى المعزّ لدين الله(4).

وفي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة أرسله مع جيوش عظيمة وجموع كثيرة إلى مصر فافتتحها وبها مرابع النصب ، وأظهر شعائر التشيّع.

قال جلال الدين السيوطي في تاريخه : «وفي هذه السنة جاء العبيديّون وأخذوا مصر وقامت دولة الرفض في الأقاليم : المغرب والمشرق ومصر والعراق ، وذلك أنّ كافور الإخشيدي صاحب مصر لمّا مات اختلّ النظام وقلّت الأموال على الجند [فكتب](5) جماعة إلى المعزّ يطلبون منه عسكراً ليسلّموا اليه مصر ، فأرسل مولاه جوهر القائد في مائة ألف فارس ، فملكها ونزل موضع القاهرة اليوم واختطّها ، وبنى دار الإمارة المعزّية(6) وهي المعروفة الآن بالقصرين(7) ، وقطع خطبة بني العبّاس ، ولبس السواد وألبس الخطباء البياض ، وأمر أن يقال في الخطبة : اللهمّ صلّ على محمّد ر.

ص: 376


1- في المصدر : مجري.
2- مرآة الجنان 2/ 288 ، وفيه : أحكامها. بدل : أحوالها.
3- في الأصل : والجزائر والخالدات ، وما أثبتناه هو الصحيح. والجزائر الخالدات : هي جزائر السعادة التي يذكرها المنجّمون في كتبهم ، كانت عامرة في أقصى المغرب في البحر المحيط ، وكان بها مقام طائفة من الحكماء ، ولذلك بنوا عليها قواعد علم النجوم. معجم البلدان2/ 154 - الجزائر.
4- اُنظر البداية والنهاية لابن كثير 11/ 232.
5- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
6- في المصدر : دار الإمارة للمعزّ.
7- في الأصل : «وهي الأمعصرين» هكذا. وما في المتن أثبتناه من المصدر.

المصطفى وعلى عليّ المرتضى ، وعلى فاطمة البتول ، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول ، وعلى الأئمة آباء(1) أمير المؤمنين المعزّ بالله ، وذلك كلّه في شعبان سنة ثمان وخمسين.

ثمّ في ربيع الآخر سنة تسع وخمسين أذّنوا في مصر : بحيّ(2) على خيرالعمل ، وشرعوا في بناء الجامع(3) ، ففرغ في رمضان سنة إحدى وستين»(4). انتهى. ونحوه ذكر الباهي في تاريخه(5).

وقال الأسنوي في مفتتح كتاب المهمّات : «وقد كان هذا الإقليم عقيب الشافعي مجمع العلماء الشافعية ، ومحطّ رحالهم ، فلمّا استولى العبيديّون - المعروفون بالفاطميّين - عليه انتدبوا إلى العلماء فقتلوا البعض ونفوا البعض وعرّضوهم بعلماء الرفض ، واستمرّ الحال على ذلك قريباً من ثلاثمائة سنة»(6). انتهى.

وقال السيوطي أيضاً في تاريخه : «قتلهم عبيدالله(7) وبنوه من العلماء الكبار(8) أربعة آلاف ليردّهم عن الترضّي(9) عن الصحابة فاختاروا الموت»(10).

ثمّ إنّ جوهر القائد افتتح الاسكندرية ودمياط ومكّة والمدينة ف.

ص: 377


1- في الأصل : أبناء ، وما أثبتناه في المتن من المصدر.
2- في الأصل : بمصر : حيّ. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
3- في المصدر : الجامع الأزهر.
4- تاريخ الخلفاء للسيوطى : 321 - 322.
5- الكتاب غير متوفّر.
6- كتاب المهمّات للإسنوي : غير موجود.
7- في الأصل : عبدالله ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
8- في المصدر : من العلماء والعبّاد.
9- في الأصل : الرفض. وصحّحت : الرضى. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
10- تاريخ الخلفاء : 5. مقدّمة المصنّف.

وفلسطين ودمشق وجميع بلاد الشام ، وانتقل المعبّر من المغرب إلى مصر مع حريمه ، وانتقاله سنة إحدى وستين وثلاثمائة ومدّة خلافته خمس وعشرون سنة وثلاثة أشهر.

ثمّ ملك بعده ولده نزار الملقّب بالعزيز بالله ، بويع يوم موت أبيه وذكرصاحب تاريخ مصر والقاهرة : إنّه كان كريماً شجاعاً ، صاحب سياسة ، محسناً إلى الرعية ، أديباً فاضلا حسن الخَلق والخُلُق(1).

وذكر أبو منصور الثعالبي العلوي في يتيمة الدهر إنّه كان مناشئاً صحيح العبارة ، وحكي أنّه مات ولد له يوم العيد ، فقال ذلك حيطة هذه الأبيات :

«نحن بنو المصطفى ذوو محن

يجرعها في الحياة كاظمنا(2)

عجيبة في الأنام محنتنا

أوّلنا مبتلى وآخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

طرّاً وأعيادنا مآتمنا»(3)

فملك بعده ولده منصور الملقّب بالحاكم بأمر الله ، مولده بالقاهرة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، وبويع يوم موت أبيه ، فخطب له بالخلافة في المدائن والأنبار زيادة على ممالك أبيه ، مدّة ملكه إحدى وعشرون سنة وأشهر.

وملك بعده ابنه الملقّب بالقاهر لأعداء دين الله(4) ، مولده بمصر يوم ف.

ص: 378


1- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة للأتابكي 3/ 113 ، ذكر ولاية العزيز نزار على مصر. باختلاف.
2- في الأصل : الحبو ضمناً ، وما أثبتناه من المصادر.
3- يتيمة الدهر 1/ 359 - 360. باختلاف في متن الوصف. وأورده ابن خلّكان في وفيات الأعيان 5/ 372 ، الذهبي في سير أعلام النبلاء 15/ 167 / 69 ، وفيهما : وخاتمنا. بدل من وآخرنا.
4- لم نعثر على هذا اللقب في المصادر ، بل الموجود هو : الظاهر لإعزاز دين الله ، والظاهر مافي المتن هو تصحيف.

الإثنين عاشر شهر رمضان سنة خمس(1) وتسعين وثلاثمائة ، وبويع بعد موت أبيه بأربعين يوماً في عيد الأضحى(2).

ومات منتصف شهر شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة(3).

ثمّ ملك بعده المستعلي بالله أحمد ، بويع يوم الغدير سنة سبع وثمانين وأربعمائة(4).

ومات يوم الثلاثاء سابع عشر شهر صفرسنة خمس وتسعين وأربعمائة(5).

ثمّ ملك بعده المستنصر بالله ، ثمّ المنصور الآمر بأمر الله ، ثمّ الحافظ لأمرالله عبدالمجيد ، ثمّ الفائز بنصر الله عيسى ، ثمّ العاضد لدين الله ، وبه انتهت هذه الطبقة.

وأمّا اللوتية من الإسماعيلية فملاحدة ، ولا فائدة في التعرّض لهم. ر.

ص: 379


1- (خمس) أثبتناه من النجوم الزاهرة. وكانت في النسخة الفريدة بياض.
2- اُنظر النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة للأتابكي 4/ 247 ، سنة 411 ، سير أعلام النبلاء للذهبي 15/ 184 / 71 ، سمط النجوم العوالي للعاصمي 3/ 561.
3- النجوم الزاهرة 4/ 282.
4- النجوم الزاهرة 5/ 142.
5- النجوم الزاهرة 5/ 153. وفيه : التاسع من صفر.

الفصل السادس

في الفطحيّة

وهم القائلون بإمامة عبدالله بن جعفر الصادق عليه السلام وإنّما لقّبوا بذلك ؛ لأنّ عبد الله كان أفطح الرجلين أو لأنّ داعيهم إلى إمامته رجل يقال له : عبدالله بن أفطح.

قال الشيخ المفيد أبو عبدالله في إرشاده قال فيه : «إنّ عبدالله كان أكبر اُخوته بعد إسماعيل ، ولم تكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الإكرام ، وكان متّهماً بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال : إنّه كان يخالط الحشوية ، ويميل إلى مذهب(1) المرجئة ، وادّعى بعد أبيه الإمامة ، واحتجّ أنّه أكبر إخوته الباقين ، وتبعه جماعة(2) ، ثمّ رجع أكثرهم(3) إلى القول بإمامة أخيه موسى عليه السلام ، لمّا تبيّنوا ضعف دعواه وقوّة أمر أبي الحسن عليه السلامودلالة حقّه وبراهين إمامته ، وأقام نفر يسير منهم على(4) إمامة عبدالله»(5). انتهى.

وذكر شيخنا الشهيد الثاني في شرح الشرائع في كتاب النكاح : «إنّ الفطحية يزيدون عبدالله على الأئمّة الإثني عشر ويقولون بإمامة موسى بعده 1.

ص: 380


1- في المصدر : مذاهب.
2- في المصدر زيادة : من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام.
3- في المصدر زيادة : بعد ذلك.
4- في المصدر زيادة : أمرهم ودانوا.
5- الإرشاد 2/ 210 - 211.

ثمّ الرضا عليه السلام وهكذا»(1).

وحينئذ فالأخبار الواردة بحصر الأئمّة في إثني عشر تكذّب هذا الاعتقادمع ما اشتهر من جهالة عبدالله بالشريعة واستفاضة النصوص على أبي الحسن عليه السلام.

تتمّة : روى الشيخ أبو عبدالله المفيد قدّس الله روحه في إرشاده في باب دلائل أبي الحسن موسى عليه السلام وآياته ومعجزاته : «عن هشام بن سالم ، قال : كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبدالله عليه السلام أنا ومحمّد بن النعمان صاحب الطاق ، والناس مجتمعون(2) على عبدالله بن جعفر أنّه صاحب الأمر بعد أبيه ، فدخلنا - والناس عنده - وسألناه عن الزكاة في كم تجب؟

فقال : في مائتي درهم : خمسة دراهم ، فقلنا : ففي مائة؟ قال : درهمانونصف ، قلنا : ما تقول المرجئة هذا؟ فقال : والله ما أدري ما تقول المرجئة.

قال : فخرجنا ضلاّلا لا ندري أين نتوجّه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنافي بعض أزقّة مكّة باكين لا ندري أين نتوجّه وإلى أين(3) نقصد ، نقول إلى المرجئة ، إلى القدرية ، إلى المعتزلة ، إلى الزيدية ، فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخاً لا أعرفه يُوميء بيده ، فخفت أن يكون من عيون أبي جعفرالمنصور ، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع بعد جعفرمن الناس ، فيؤخذ فيُضرب عنقه ، فخفت أن يكون منهم ، فقلت ن.

ص: 381


1- مسالك الأفهام 7/ 60 ، وفيه : لأنّ الفطحية يزيدون في الأئمّة عبدالله بن جعفر الصادق ، ويجعلون الإمامة بعده لأخيه موسى ثمّ للرضا عليهما السلام.
2- في المصدر : مجمعون.
3- في المصدر : مَن.

للأحول : تنحّ [فإنّي خائف على نفسي وعليك ، وإنّما يُريدُني ليس يريدك ، فتنحّ](1) عنّي لا تهلك ، فتعين على نفسك ، فتنحّى عنّي بعيداً.

وتبعت الشيخ ، وذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر على التخلّص منه فما زلت أتبعه(2) - وقد عُرضتُ على الموت - حتّى ورد بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ، [ثمّ خلاّني ومضى ، فإذا خادم بالباب ، فقال لي : اُدخل رحمك الله.

فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام](3) فقال لي ابتداءً منه : ([إليَّ إليَّ](4)لا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى الخوارج ، ولاإلى الزيدية) قلت : جعلت فداك مضى أبوك؟ قال : (نعم) قلت : مضى موتاً؟قال : (نعم) قلت : فمن لنا بعده؟ قال : (إن شاء الله أن يهديك هداك) قلت : جعلت فداك إنّ أخاك عبدالله يزعم أنّه الإمام من بعد أبيه ، فقال : (عبدالله يريد ألاّ يُعبد الله) قال : قلت : جعلت فداك ، فمن لنا من بعده؟ فقال : (إن شاء الله أن يهديك هداك) قلت : جعلت فداك فأنت هو؟ قال : (لا أقول ذلك).

قال : فقلت في نفسي : لم أصب طريق المسألة ، ثمّ قلت له : جعلت فداك ، أعليك إمام؟ قال : (لا) فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله إعظاماً له وهيبة ، ثمّ قلت له : جعلت فداك ، أسألك عمّا كنت أسأل عنه أباك ، قال : (سل تُخبَر ولاتذع ، فإن أذعت فهو الذبح - وأشار إلى حلقه -). ر.

ص: 382


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
2- في الأصل : فيما اتبعه ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
3- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
4- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

قال : فسألته وإذا هو بحر لا يَنزف ، قلت : جعلت فداك ، شيعة أبيك ضُلاّل ، فألقي إليهم الأمر وأدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليَّ الكتمان ، قال : (من أنست منهم رشداً فألق إليه وخذ عليه الكتمان ، فإن أذاع فهو الذبح - وأشاربيده إلى حلقه -).

قال : فخرجت من عنده ، فلقيت أبا جعفر الأحول ، فقال لي : ما وراءك؟قلت : الهدى ، وحدّثته بالقصّة ، قال : ثمّ لقينا زرارة وأبا بصير فدخلاعليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه ، ثمّ لقينا الناس أفواجاً ، فكلّ من دخل عليه قطع عليه ، إلاّ طائفة عمّار الساباطي.

وبقي عبدالله لا يدخل عليه من الناس إلاّ قليل»(1). د.

ص: 383


1- الإرشاد للمفيد 2/ 221 - 223. وأورده الكليني في الكافي1/ 351 / 7 ، الطوسي في اختيار معرفة الرجال : 282 / 502 ، الطبرسي في إعلام الورى 2/ 17 ، والمستجاد : 307 (ضمن مجموعة نفيسة) ، الإربلي في كشف الغمّة 3/ 274 ، ونقله المجلسي في بحارالأنوار 47/ 343 / 35 ، عن الإرشاد.

الفصل السابع

في الواقفيّة

وهم الواقفون على أبي الحسن موسى عليه السلام وهم أصحاب زياد القندي وعثمان بن عيسى وعليّ بن أبي حمزة البطائني ، وأنكروا إمامة أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وزعموا أنّ أبا الحسن الكاظم حيّ لم يمت بعد ، وأنّه القائم المنتظر.

وروى الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي في كتابه علل الشرائع والأحكام في باب العلّة التي من أجلها قيل بالوقف على موسى بن جعفر عليه السلام :

«حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن جمهور ، عن أحمد بن الفضل ، عن يونس بن عبدالرحمن ، قال : مات أبو الحسن عليه السلاموليس من قوّامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير ، وكان [ذلك](1) سببوقفهم وجحودهم لموته ، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند عليّ بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار.

قال : فلمّا رأيت ذلك وتبيّن لي الحقّ وعرفت [من](2) أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام ما علمت ، تكلّمت ودعوت الناس إليه ، قال : فبعثا إليّ ر.

ص: 384


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
2- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

وقالالي(1) : مايدعوك إلى هذا؟ إن كنت تريد المال نحن نغنيك وضمنا لي(2)عشرة آلاف دينار وقالا لي : كفّ ، فأبيت وقلت لهم : إنّا روينا عن الصادقين : إنّهم قالوا : (إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يُظهر علمه ، فإن لم يفعل سُلب [منه](3) نور الإيمان) وما كنت أدع الجهاد في أمر [الله](4) على كلّ حال ، فخاصماني(5) وأضمرا لي العداوة»(6).

وروى أبو عمرو الكشّي نحوه(7).

وروي أيضاً أنّ زياد بن مروان القندي إنّه سمع النصّ من أبي الحسن الكاظم عليه السلام على أبي الحسن الرضا عليه السلام وأظهره ثمّ خالفه ، فلمّا قيل له : أيّ شيء تقول بهذا الأمر وتحتجّ عليه بالكلام مراراً؟ قال : ويحك فتبطل هذه الأحاديث التي رويناها؟!(8).

وروى الصدوق في العلل : بالإسناد المتقدّم «عن محمّد بن أحمد بن حمّاد ، قال : كان أحد القوّام عثمان بن عيسى وكان يكون بمصر ، وكان عنده مال كثير وستّ جواري ، قال : فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام فيهنّ وفي المال. 2.

ص: 385


1- في الأصل : فبعث إليّ وقال لي. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
2- في الأصل : له ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
3- ما بين المعقوفيتن أثبتنا من المصدر.
4- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
5- في المصدر : فناصباني.
6- علل الشرائع : 235 / 1 ، باب 171 ، وذكره أيضاً في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1/ 103 / 2 ، وأورده الطوسي في الغيبة : 64 / 66.
7- اختيار معرفة الرجال للطوسي : 493 / 946.
8- اُنظر اختيار معرفة الرجال للطوسي : 466 / 887 ، وعنه في بحار الأنوار للمجلسي 48/272 / 32.

قال : فكتب إليه : إنّ أباك موسى لم يمت ، قال : فكتب إليه : (إنّ أبي قد مات وقد قسّمنا ميراثه ، وقد صحّت الأخبار بموته) واحتجّ عليه فيه.

قال : فكتب إليه : إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء ، وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وقد أعتقت الجواري وتزوّجتهن»(1).

وكذا رواه أبو عمرو الكشّي رحمه الله في كتاب الرجال : بإسناده عن أحمد ابن محمّد(2).

وروى الكشّي(3) أيضاً «عن نصر بن صالح : إنّ عثمان بن عيسى كان واقفيّاً ، وكان وكيل أبي الحسن موسى عليه السلام ، وفي يده مال فسخط عليه الرضا عليه السلام ، ثمّ تاب عثمان وبعث بالمال إليه»(4). انتهى. وذكر نحوه النجاشي(5).

ولم يثبت رجوعه وتوبته ، بل المفهوم من الخبر الأوّل خلافه ، وطمعه في المال مشهور ، وعناده للحجّة من آل محمّد : ممّا لايُجحد.

وأمّا عليّ بن أبي حمزة فقال عليّ بن الحسن بن فضّال : «إنّه كذّاب ملعون متّهم ، قد رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن كلّه من 7.

ص: 386


1- علل الشرائع : 236 / 2 ، باب 171 ، وذكره أيضاً في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1/ 104 / 3 ، وأورده ابن بابويه في الإمامة والتبصرة : 75 / المقطع الثاني من حديث 66 ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار 48/ 253 / 5.
2- اختيار معرفة الرجال للطوسي (رجال الكشّي) : 598 / 1120.
3- في الأصل : الكليني ، وهو تصحيف ، وما أثبتناه هو الأنسب والأصحّ ، حيث لم نعثر عليه في الكافي.
4- رجال الكشّي : 597 / 1117. وأورده العلاّمة الحلّي في الخلاصة : 382 / 1535.
5- رجال النجاشي : 300 / 817.

أوّله إلى آخره ، إلاّ أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً»(1).

وقال ابن الغضائري : «عليّ بن أبي حمزة لعنه الله أصل الوقف ، وأشدّ الخلق عداوة للمولى بعد أبي إبراهيم عليه السلام»(2).

وروى أبو عمرو الكشّي في كتاب الرجال : «عن أحمد بن محمّد قال : وقف عليّ أبو الحسن عليه السلام(3) فقال [لي وهو](4) رافع صوته : (يا أحمد) قلت : لبّيك ، قال : (إنّه لما قُبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) جهد الناس في إطفاء نورالله ، فأبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره بأمير المؤمنين عليه السلام ، فلمّا توفّي أبو الحسن عليه السلامجهد عليّ بن أبي حمزة وأصحابه في إطفاء نور الله ، فأبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره)»(5).

فائدة :

قال شيخنا الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي في كتاب علل الشرائع والأحكام ، بعد نقل الخبر المتضمّن لعلّة وقف الواقفية وهوالطمع في مال أبي الحسن عليه السلام ما نصّه :

«قال محمّد بن عليّ بن الحسين مصنّف هذا الكتاب : لم يكن موسى ابن جعفر عليه السلام ممّن يجمع المال ، ولكنّه [قد](6) حصل في وقت الرشيد وكثرت أعداؤه ولم يقدر على تفريق ما كان يجتمع إلاّ على القليل ممّن يثق ر.

ص: 387


1- رجال الكشّي : 552 / 1042.
2- الرجال لابن الغضائري : 83 / 107 ، وعنه العلاّمة الحلّي في الخلاصة : 363 / ذيل رقم1426. وفيه : للولي بدل : للمولى.
3- في المصدر زيادة : في بني زُريق. وفي العيّاشي : أبو الحسن الثاني عليه السلام.
4- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
5- رجال الكشّي : 445 / 837. وأورده العيّاشي في تفسيره 1/ 372 / 75 ، وعنه في بحارالأنوار 48/ 159 / 3 و 66/ 223 / 14.
6- ما بين المعقوفتين أثبتناه من بحار الأنوار.

بهم في كتمان السرّ ، فاجتمعت هذه الأموال لأجل ذلك ، وأراد أن لا يتحقّق على نفسه شيء من قول مَن يسعى به إلى الرشيد ويقول : إنّه يحمل إليه الأموال ، ويعتقد له الإمامة ، ويحمل على الخروج عليه ، ولولا ذلك لفرّق ما اجتمع [من هذه](1) الأموال على أنّها لم تكن أموال الفقراء وإنّما كانت أموال اتصله بها مواليه لتكون له إكراماً منهم ، وبرّاً منهم به»(2). انتهى. وهو جيّد. 6.

ص: 388


1- ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
2- علل الشرائع : 236 وأورده أيضاً في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1/ 104 / ذيل حديث 3 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 48/ 253 / ذيل حديث 6.

الفصل الثامن

في الغُلاة

قال أفضل المحقّقين الطوسي عطّر الله مرقده في قواعد العقائد : «وأمّا الغلاة فبعضهم قالوا : إنّه(1) يظهر في بعض الأوقات في صورة إنسان ، يسمّونه : نبيّاً أو إماماً ، ويدعو الناس إلى الدين القويم والصراط المستقيم ، ولولاذلك لضلّ الخلق ، وبعضهم قالوا بالحلول والاتّحاد(2) ، كما يقول به بعض المتصوّفة ، ومنهم(3) الإسحاقية ، وهم القائلون بإلهية عليّ عليه السلام ، والسبأيةوهم أصحاب عبدالله بن سبأ ، ومنهم النصيرية ومنهم الإسحاقية ، ومنهم فرق أخرى ، وليس في تفصيل مذاهبهم زيادة فائدة»(4). انتهى كلامه.

ونحوه ذكر العلاّمة جمال المحقّقين في شرحه(5).

وإنّما ذكرنا الغلاة والإسماعيلية من فرق الشيعة تبعاً لأصحاب المقالات والمذاهب ، وإلاّ فقد بيّنّا أنّ أكثر الإسماعيلية وجميع الغلاة كفّار خارجون عن الإسلام والملّة ، فضلا عن التشيّع. ).

ص: 389


1- الضمير راجع إلى الباري عزّ وجلّ. كما هو في المصدر.
2- في المصدر : بالحلول أو الاتّحاد.
3- في الأصل : وهم ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
4- قواعد العقائد : 458 (ضمن تلخيص المحصّل).
5- كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد للعلاّمة الحلّي : 79 (ضمن مجموعة الرسائل).

فرغ من تسويد هذه الرسالة وتحرير هذه المقالة جامعها الفقير إلى الله تعالى أبو الحسن سليمان بن عبدالله البحراني حامداً مصلّياً مسلّماً ضمرة اليوم الرابع والعشرين من شهر الله المعظّم شهر رمضان للسنة الرابعة والمائة والألف من الهجرة النبوية.

ص: 390

المصادر

1 - القرآن الكريم.

2 - إحقاق الحقّ : للقاضي السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري (ت1019 ه) ، مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم المقدّسة.

3 - الإختصاص : لأبي عبدالله الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1402 ه.

4 - اختيار معرفة الرجال : لشيخ الطائفة - أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي - (ت460 ه) ، جامعة مشهد كلّية الإلهيّات 1348 ش.

5 - الأربعون حديثاً في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام : للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي (ت 1121 ه) ، تحقيق ونشر سيّد مهدي الرجائي ، قم المقدّسة1417 ه.

6 - الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين : لمحمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي(ت 1098 ه) ، تحقيق ونشر سيّد مهدي الرجائي ، قم المقدّسة 1418 ه.

7 - إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّرالأسدي (ت 726 ه) ، تحقيق فارس الحسّون ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1410 ه.

8 - الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : لأبي عبدالله الشيخ المفيد محمّد ابن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1413 ه.

ص: 391

9 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب : ليوسف بن عبدالله بن محمّد بن عبدالبرّ ، (ت463 ه) ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، دار الجيل ، بيروت 1412 ه.

10 - أسد الغابة في معرفة الصحابة : لابن الأثير علي بن محمّد الجزري (ت630 ه) ، دارالفكر ، بيروت ، 1409 ه.

11 - الأصفى في تفسير القرآن : للمولى محمّد محسن الفيض الكاشاني (ت1091 ه) ، تحقيق محمّد درايتي ومحمّد نعمتي ، دفتر التبليغات الإسلامي ، قم المقدّسة 1418 ه.

12 - إعلام الورى بأعلام الهُدى : لأمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي (ق6 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1417 ه.

13 - أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) ، دار التعارف ، بيروت 1406 ه.

14 - الأغاني : لأبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني (ت 356 ه) ، مؤسّسة جَمال للطباعة والنشر ، بيروت.

15 - الأمالي : لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، تحقيق ونشرمؤسّسة

البعثة ، قم المقدّسة 1414 ه.

16 - أمالي الصدوق : لأبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة البعثة ، قم المقدّسة 1417 ه.

17 - الإمامة والتبصرة من الحيرة : لأبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت329 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم المقدّسة 1404 ه.

18 - إمتاع الأسماع : لأحمد بن علي المقريزي (ت 845 ه) ، تحقيق محمّد عبدالحميدالتميمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1420 ه.

19 - أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين : للعلاّمة الشيخ علي البلادي البحريني (ت 1340 ه) ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1407 ه.

ص: 392

20 - أنوار التنزيل (تفسير البيضاوي) : لأبي الخير عبدالله بن عمر البيضاوي (ت 685 ه) ، مكتبة سلمان الفارسي ، قم المقدّسة 1405 ه.

21 - الإيضاح : لأبي محمّد الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري (ت 260 ه) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1402 ه.

22 - إيضاح الاشتباه : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت726 ه) ، تحقيق محمّد الحسّون ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1411 ه.

23 - بحار الأنوار : للعلاّمة الشيخ محمّد باقر المجلسي (ت 1110 ه) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت 1403 ه.

24 - البداية والنهاية : لأبي الفداء الحافظ ابن كثير (ت 774 ه) ، دار الفكر ، بيروت1402 ه.

25 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع : لمحمّد بن علي الشوكاني (ت1250 ه) ، دار المعرفة ، بيروت.

26 - بناء المقالة الفاطمية : لأبي الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس (ت 673 ه) ، تحقيق سيّد علي العدناني ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1411 ه.

27 - تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة : للسيّد شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي (ق 10 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم المقدّسة 1407 ه.

28 - تاريخ بغداد : للحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 ه) ، دار الكتاب العربي ، بيروت.

29 - تاريخ الخلفاء : لجمال الدين عبدالرحمن السيوطي (ت 911 ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1408 ه.

30 - تاريخ الطبري : لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ه) ، تحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم دار سويدان ، بيروت.

ص: 393

31 - تاريخ مدينة دمشق : للحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي ، ابن عساكر (ت571 ه) ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر ، بيروت 1415 ه.

32 - تحرير الأحكام : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت726 ه) ، تحقيق إبراهيم البهادري ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم المقدّسة 1420 ه.

33 - التشريف بالمنن في التعريف بالفتن = الملاحم والفتن.

34 - تفسير أبي السعود : لأبي السعود محمّد بن محمّد العمادي (ت 951 ه) ، دارإحياء التراث العربي ، بيروت.

35 - تفسير البحر المحيط : لأبي حيّان محمّد بن يوسف الأندلسي الغرناطي (ت754 ه) ، تحقيق صدقي محمّد جميل ، دار الفكر ، بيروت 1420 ه.

36 - تفسير العيّاشي : لأبي النفر محمّد بن مسعود السلمي السمرقندي (ق3 ه) ، المكتبة العلمية ، طهران 1380 ه.

37 - تفسير القرآن العظيم : للحافظ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي (ت774 ه) ، دار المعرفة ، بيروت 1406 ه.

38 - تفسير القرطبي : لأبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت671 ه) ، دارإحياء التراث العربي 1965 م.

39 - تفسير القمّي : لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمّي (ق 3 ه) ، مكتبة الهدى ، قم المقدّسة.

40 - التفسير الكبير : للفخر الرازي محمّد بن عمر التيمي البكري الشافعي (ت606 ه).

41 - تكملة أمل الآمل : للسيّد حسن الصدر (ت 1354 ه) ، تحقيق حسين علي محفوظ ، دار المؤرّخ ، بيروت 1429 ه.

ص: 394

42 - تلامذة العلاّمة المجلسي : للسيّد أحمد الحسيني ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1410 ه.

43 - التنقيح الرائع لمختصر الشرائع : لجمال الدين مقداد بن عبدالله السيوري الحلّي(ت 826 ه) ، تحقيق عبداللطيف الكوه كمري ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1404 ه.

44 - تهذيب التهذب : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 ه) ، دارالفكر ، بيروت 1404 ه.

45 - تهذيب الكمال : للحافظ أبي الحجّاج يوسف المزّي (ت 742 ه) ، تحقيق بشّارعوّاد ، مؤسّسة الرسالة ، 1403 ه- بيروت.

46 - الثاقب في المناقب : لابن حجزة محمّد بن علي الطوسي ، (ق 6 ه) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، مؤسّسة الفهاريان ، قم المقدّسة 1412 ه.

47 - الثقات : للحافظ محمّد بن حبّان التميمي البستي (ت 354 ه) ، دائرة المعارف العثمانية ، الهند 1293 ه.

48 - الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي.

49 - جامع الرواة : لمحمّد بن علي الأردبيلي (ت ق ه) ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1403 ه.

50 - الجامع الصغير : لجلال الدين عبدالرحمن السيوطي (ت 911 ه) ، دار الفكر ، بيروت 1401 ه.

51 - الجامع الكبير للترمذي = سنن الترمذي : للحافظ أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي (ت 279 ه) ، تحقيق بشّار عوّاد ، دار غرب ، بيروت 1998 م.

52 - الجمع بين الصحيحين : لمحمّد بن فتوح الحُميدي (ت 488 ه) ، تحقيق علي حسين البوّاب ، دار ابن حزم ، بيروت 1419 ه.

ص: 395

53 - جواهر البحرين في علماء البحرين (ضمن فهرست ابن بابويه) : للشيخ سليمان الماحوزي البحراني (ت 1121 ه) ، إعداد سيّد أحمد الحسيني - مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1404 ه.

54 - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية : لمحمّد بن الحسن الحرّ العاملي(ت 1104 ه) ، انتشارات طوس ، مشهد المقدّسة 1384 ه.

55 - الحدائق الناضرة : للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186 ه) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1363 ش.

56 - خاتمة المستدرك : للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، تحقيق ونشرمؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1415 ه.

57 - الخرائج والجرائح : لقطب الدين سعيد بن عبدالله الراوندي (ت 573 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم المقدّسة 1409 ه.

58 - الخصال : للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1403 ه.

59 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّرالأسدي (ت 726 ه) ، تحقيق جواد قيّومي ، مؤسّسة نشر الفقاهة ، قم المقدّسة1417 ه.

60 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة : لابن حجر أحمد بن علي العسقلاني(ت 852 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

61 - الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور : لجلال الدين عبدالرحمن السيوطي (ت911 ه) ، تحقيق عبدالله التركي ، مركز هجر للبحوث ، القاهرة 1424 ه.

62 - الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم : للشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي (ق 7 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1420 ه.

ص: 396

63 - ديوان السيد الحميري : إسماعيل بن محمّد الحميري (ت 173 ه) ، تقديم نواف الجرّاح ، دار صادر ، بيروت 1999م.

64 - ديوان الشافعي : أبو عبدالله محمّد بن إدريس الشافعي ، (ت 204 ه) ، تحقيق أميل بديع يعقوب ، دار الكتاب العربي ، بيروت 1414 ه.

65 - ذخائر العقبى : في مناقب ذوي القربى : لأبي العباس أحمد بن محمّد الطبري المكي (ت 694 ه) ، تحقيق أكرم البوشي ، مكتبة الصحابة ، جدّة ، 1415 ه.

66 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للعلاّمة الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، دارالأضواء ، بيروت 1403 ه.

67 - الرجال : لابن الغضائري أحمد بن الحسين الواسطي البغدادي (ق 5 ه) تحقيق سيّد محمّد رضا الجلالي - نشر دار الحديث - 1422 ه- قم المقدّسة.

68 - رجال البرقي : لأبي جعفر أحمد بن أبي عبدالله البرقي (ت 280 ه) ، تصحيح سيّدجلال الدين الأرموي ، جامعة طهران 1342 ش.

69 - رجال الطوسي : لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف 1381 ه.

70 - رجال العلاّمة = خلاصة الأقوال.

71 - رجال النجاشي : لأبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي الأسدي الكوفي (ت450 ه) ، تحقيق سيّد موسى الشبيري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة1407 ه.

72 - رسالة علماء البحرين (ضمن فهرست ابن بابويه) : للشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي البحراني (ت 1121 ه) ، إعداد سيّد أحمد الحسيني ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1404 ه.

73 - روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان : للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي(ت 965 ه) ، تحقيق ونشر مكتب الإعلام الإسلامي ، قم المقدّسة 1422 ه.

ص: 397

74 - روضات الجنّات : للعلاّمة ميرزا محمّد باقر الموسوي الخوانساري (ت1313 ه) ، مكتبة إسماعيليان ، قم المقدّسة 1391 ه.

75 - روضة الصفاء في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء : لمحمّد بن خاوند شاه المعروف بمير خواند (ت 903 ه) ، ترجمة أحمد بن عبدالقادر الشادلي ، الدار المصرية للكتاب 14087 ه- ، الجزء الرابع من النسخة الفارسية.

76 - روضة الواعظين : للشيخ محمّد بن الفتّال النيشابوري (ت 508 ه) ، تحقيق غلام حسين المجيدي ومجتبى الفَرَجي منشورات دليل ، قم المقدّسة 1423 ه.

77 - رياض العلماء وحياض الفضلاء : للميرزا عبدالله الأفندي الأصفهاني (ق12 ه) ، تحقيق سيّد أحمد الحسني ، مكتبة المرعشي النجفي ، قم المقدّسة.

78 - زبدة البيان في براهين أحكام القرآن : للمولى أحمد بن محمّد الأردبيلي (ت993 ه) ، تحقيق رضا الأستاذي وعلي أكبر زماني ، انتشارات مؤمنين ، قم المقدّسة1421 ه.

79 - سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي : لعبدالملك بن حسين الشافعي العاصمي المكّي (ت 1111 ه) ، تحقيق عادل أحمد وعلي محمّد عوض ، دارالكتب العلمية ، بيروت 1419 ه.

80 - سنن أبي داوود : لسليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (ت 275 ه) ، تحقيق عزّت الدعّاس وعادل السيّد ، دار ابن حزم بيروت 1418 ه.

81 - سنن الترمذي = الجامع الكبير.

82 - سنن الدارمي : لأبي محمّد عبدالله بن عبدالرحمن التميمي السمرقندي الدارمي(ت 255 ه) ، تحقيق محمّد الخالدي ، دار الكتب العلمية بيروت 1417 ه.

83 - سير أعلام النبلاء : لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) ، تحقيق حسين الأسد ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1405 ه.

ص: 398

84 - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام : للمحقّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي (ت 676 ه) ، تحقيق عبدالحسين محمّد علي دار الأضواء ، بيروت1403 ه.

85 - شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار : للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّدالتميمي المغربي (ت 363 ه) ، تحقيق سيّد محمّد الحسيني ، مؤسّسة النشرالإسلامي ، قم المقدّسة 1409 ه.

86 - شرح أصول الكافي : للمولي محمّد صالح المازندراني (ت 1081 ه) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، المكتبة الإسلامية ، طهران 1382 ه.

87 - شرح تجريد العقائد : لعلاء الدين علي بن محمّد القوشجي (ت 879 ه) ، منشورات الرضي وبيدار وعزيزي.

88 - شرح التلويح على التوضيح : لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت792 ه) ، تحقيق زكريّا عميرات ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1416 ه.

89 - شرح العقائد النسفية : لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 792 ه) ، تحقيق محمّد عدنان درويش ، 1411 ه.

90 - شرح المواقف : للسيّد علي بن محمّد الجرجاني (ت 812 ه) ، تحقيق محمّد بدرالدين النعماني ، انتشارات الشريف الرضي ، قم المقدّسة 1412 ه.

91 - شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد عبدالحميد بن هبة الله المعتزلي (ت655 ه) ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة1404 ه.

92 - الصحاح : لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393 ه) ، تحقيق أميل بديع يعقوب ومحمّد نبيل طريفي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1420 ه.

93 - صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان : لعلاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت739 ه) ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1418 ه.

ص: 399

94 - صحيح البخاري : لأبي عبدالله محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (ت256 ه) ، دارإحياء التراث العربي ، بيروت.

95 - صحيح مسلم : لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري (ت 261 ه) ، تحقيق مسلم بن محمود عثمان ، دار الخير ، بيروت 1423 ه.

96 - الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : لأبي محمّد علي بن يونس العاملي النباطي (ت 877 ه) ، تحقيق محمّد باقر البهبودي ، المكتبة المرتضوية ، قم المقدّسة 1384 ه.

97 - صفات الشيعة : للصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام 1410 ه.

98 - الصوارم المحرقة في جواب الصواعق المحرقة : للقاضي الشهيد نور الله التستري(ت 1019 ه) ، تحقيق جلال الدين الحسيني ، شركة سهامي ، طهران 1367 ه.

99 - الصواعق المحرقة : لابن حجر أحمد بن محمّد الهيتمي (ت 973 ه) ، تحقيق عبدالرحمن التركي وكامل الخرّاط ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1417 ه.

100 - طبقات الشافعية الكبرى : لعبدالوهّاب بن علي السبكي (ت 771 ه) ، تحقيق عبدالفتّاح الحلو ومحمود الطنّاحي ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة.

101 - طبقات الشعراء : لابن المعتزّ ، عبدالله بن المعزّ بن المتوكّل بن المعتصم العبّاسي ، (ت 296 ه) ، تحقيق عبدالستّار أحمد فرّاج ، دار المعارف ، القاهرة.

102 - الطبقات الكبرى : لمحمّد بن سعد بن منيع الزهري (ت 230 ه) ، دار صادر ، بيروت 1405 ه.

103 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : لأبي القاسم علي بن موسى بن طاووس(ت 664 ه) ، تحقيق سيّد علي عاشور ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1420 ه.

ص: 400

104 - طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال : للسيّد علي أصغر بن محمّد شفيع البروجردي (ت 1313 ه) ، تحقيق سيّد مهدي الرجائي ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1410 ه.

105 - العِبر في خبر من غَبر : للحافظ محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ه) ، تحقيق محمّد سعيد بسيوني ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1405 ه.

106 - العُدد القوية لدفع المخارف اليومية : لرضيّ الدين علي بن يوسف بن المطهّرالحلّي (ق 8 ه) ، تحقيق سيّد مهدي الرجائي ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي قم المقدّسة 1408 ه.

107 - العقائد النسفية = تقدّم في شرح العقائد النسفية.

108 - عقاب الأعمال (ضمن ثواب الأعمال) : للصدوق محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تصحيح علي أكبر الغفّاري ، مكتبة الصدوق ، طهران.

109 - العِقد النضيد والدرّ الفريد : لمحمّد بن الحسن القمّي (ق 7 ه) ، تحقيق علي الناطقي ، دار الحديث ، قم المقدّسة 1423 ه.

110 - علل الشرائع : للصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف 1385 ه.

111 - علماء البحرين دروس وعِبر : لعبدالعظيم المهتدي البحراني ، مؤسّسة البلاغ ، بيروت 1414 ه.

112 - العمدة : لابن البطريق يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي (ت 600 ه) ، تحقيق ونشرمؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1407 ه.

113 - عوالي اللآلي : لابن أبي جمهور محمّد بن علي الأحسائي (ق 10 ه) ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي ، مطبعة سيّد الشهداء ، قم المقدّسة 1403 ه.

ص: 401

114 - عيون أخبار الرضا عليه السلام : للصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، تصحيح شيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1404 ه.

115 - الغدير في الكتاب والسنّة والأدب : للشيخ عبدالحسين أحمد الأميني النجفي (ت1390 ه) ، تحقيق ونشر مركز الغدير ، قم المقدّسة 1424 ه.

116 - الغَيبة : لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، تحقيق عبادالله الطهراني ، وعلي أحمد ناصح ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم المقدّسة 1411 ه.

117 - الغيبة : للشيخ محمّد بن إبراهيم النعماني (ق 4 ه) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، مكتبة الصدوق ، طهران.

118 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري : لابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت852 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1402 ه.

119 - الفتوح : لأبي محمّد أحمد بن أعثم الكوفي (ت 314 ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1406 ه.

120 - فرائد السمطين : لإبراهيم بن محمّد الجويني الخراساني (ق 8 ه) ، تحقيق محمّدباقر المحمودي ، مؤسّسة المحمودي ، بيروت 1398 ه.

121 - فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام : للسيّد عبدالكريم بن طاووس (ت 693 ه) ، تحقيق تحسين آل شبيب ، مركز الغدير ، قم المقدّسة 1419 ه.

122 - فردوس الأخبار : لأبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي (ت 509 ه) ، تحقيق سعيد بن بيسوني زغلول ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1406 ه.

123 - الفَرق بين الفِرق : لعبدالقاهر بن طاهر الإسفرائيني البغدادي ، (ت 429 ه) ، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد ، دار المعرفة ، بيروت.

ص: 402

124 - فرق الشيعة : لأبي محمّد الحسن بن موسى النوبختي (ق 3 ه) ، تصحيح محمّدصادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف 1355 ه.

125 - فصل المقال في شرح كتاب الأمثال : لأبي عبيدالبكري عبدالله بن عبدالعزيز (ت487 ه) ، إحسان عبّاس وعبدالمجيد عابدين ، دار الأمانة ، بيروت 1391 ه.

126 - الفصول المختارة : لأبي عبدالله المفيد محمّد بن محمّد العكبري البغدادي (ت413 ه) ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، قم المقدّسة 1413 ه.

127 - الفصول المهمّة في أصول الأئمّة : للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104 ه) ، تحقيق محمّد بن محمّد حسين القائيني ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، مشهد المقدّسة 1418 ه.

128 - الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام : لابن الصبّاغ علي بن محمّدالمالكي المكّي (ت 855 ه) ، دار الأضواء ، بيروت 1409 ه.

129 - الفهرست : لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، تحقيق جوادالقيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1417 ه.

130 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء مذهب الجعفرية : للشيخ عبّاس القمّي (ت1359 ه) ، تحقيق ناصر باقري ، بوستان كتاب ، قم المقدّسة 1385 ش.

131 - قاموس الرجال : للشيخ محمّد تقي التستري (ت 1415 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1410 ه.

132 - القاموس المحيط : لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي الشافعي (ت 817 ه) ، دارالكتب العلمية ، بيروت 1415 ه.

133 - قرب الإسناد : لأبي العبّاس عبدالله بن جعفر الحِميري (ق3 ه) ، تحقيق ونشرمؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1413 ه.

134 - قواعد العقائد (ضمن تلخيص المحصّل) : لخواجة نصير الدين الطوسي (ت672 ه) ، دار الأضواء ، بيروت 1405 ه.

ص: 403

135 - الكافي : لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (ت 329 ه) ، تصحيح نجم الدين الآملي ، المكتبة الإسلامية ، طهران 1388 ه.

136 - الكامل في التاريخ : لابن الأثير علي بن محمّد الشيباني (ت 630 ه) ، دار صادر ، بيروت 1402 ه.

137 - كتاب سليم بن قيس : لسليم بن قيس الهلالي (ت 90 ه) ، تحقيق علاء الدين الموسوي ، مؤسّسة البعثة ، قم المقدّسة 1407 ه.

138 - الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل : لجار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538 ه) ، تحقيق عادل أحمد وعلي محمّد عوض ، مكتبة العبيكان ، الرياض1418 ه.

139 - كشف البراهين في شرح رسالة زاد المسافرين : للشيخ محمد بن أبي جمهورالإحسائي (ق10 ه) ، تحقيق وجيه بن محمّد المسيح ، مؤسّسة أمّ القرى ، قم المقدّسة 2001 م.

140 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون : لحاجي خليفة مصطفى بن عبدالله الرومي الحنفي (ت 1067 ه) ، دار الفكر 1402 ه.

141 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة عليهم السلام : لأبي الحسن علي بن عيسى الإربلي (ت 692 ه) ، تحقيق علي آل كوثر ، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1426 ه.

142 - كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد (ضمن مجموعة الرسائل) : للعلاّمة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت 726 ه) ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1404 ه.

143 - كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الإثني عشر : لأبي القاسم علي بن محمّدالخزّاز (ق 4 ه) ، تحقيق السيّد عبداللطيف الحسيني الكوه كمري ، انشارات بيدار ، قم المقدّسة 1401 ه.

ص: 404

144 - كمال الدين وتمام النعمة : للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن حسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1405 ه.

145 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال : لعلي المتّقي بن حسام الدين الهندي (ت975 ه) ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1405 ه.

146 - كنز الفوائد : لأبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت 449 ه) ، تحقيق شيخ عبدالله نعمة ، دار الأضواء ، بيروت 1405 ه.

147 - الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة : للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت1388 ه) ، تحقيق نجله علي نقي المنزوي ، جامعة طهران ، 1372 ش.

148 - لسان الميزان : لابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت 852 ه) ، تحقيق محمّدعبدالرحمن المرعشي ، دار إحياء التراث ، بيروت ، 1416 ه.

149 - اللمعة الدمشقية (ضمن الروضة البهيّة) : للشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي(ت 786 ه) ، دار العالم الإسلامي ، بيروت.

150 - لؤلؤة البحرين : للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186 ه) ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة.

151 - اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلامية : للفاضل المقداد بن عبدالله السيوري الحلّي (ت 826 ه) ، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي ، قم المقدّسة 1424 ه.

152 - مائة منقبة : لابن شاذان محمّد بن أحمد القمّي (ق4 ه) ، تحقيق شيخ نبيل رضاعلوان ، الدار الإسلامية بيروت 1409 ه.

153 - مجالس المؤمنين : للقاضي نور الله الشوشتري (ت 1019 ه) ، المكتبة الإسلامية ، طهران 1354 ش.

154 - المجدي في أنساب الطالبيّين : لأبي الحسن علي بن محمّد العلوي (ق5 ه) ، تحقيق أحمد المهدوي ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1409 ه.

ص: 405

155 - مجمع الأمثال : لأبي الفضل أحمد بن محمّد الميداني النيسابوري (ت518 ه) ، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد ، دار الفكر ، بيروت 1393 ه.

156 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : للحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه) ، دارالكتاب العربي ، بيروت 1402 ه.

157 - محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : لفخر الدين محمّد بن عمر الخطيب الرازي (ت 606 ه) ، تحقيق طه عبدالرؤوف صمد ، دار الكتاب العربي 1404 هبيروت.

158 - مدينة المعاجز الأئمّة الإثني عشر ودلائل الحجج على البشر : للسيّد هاشم البحراني (ت 1107 ه) ، تحقيق عزّة الله المولائي ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم المقدّسة 1413 ه.

159 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان : لأبي محمّد عبدالله بن أسعد اليافعي المكّي (ت768 ه) ، تحقيق خليل المنصور ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1417 ه.

160 - المراسم في الفقه الإمامي : لسلاّر حمزة بن عبدالعزيز الديلمي (ت463 ه) ، تحقيق محمود البستاني ، منشورات الحرمين ، قم المقدّسة 1404 ه.

161 - مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام : للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (ت 965 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم المقدّسة 1413 ه.

162 - المستجاد من كتاب الإرشاد (ضمن مجموعة نفيسة) : للشيخ الحسن بن المطهّرالحلّي (ت 736 ه) ، دار القارىء ، بيروت 1422 ه.

163 - المستدرك على الصحيحين : لأبي عبدالله محمّد بن عبدالله الحاكم النيسابوري(ت 405 ه) ، تحقيق راجي الرحمات أبي عبدالله ، وعبدالسلام بن محمّد علوش ، دارالمعرفة ، بيروت 1418 ه.

164 - مستدرك الوسائل : للحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1407 ه.

165 - مستطرفات السرائر : لابن إدريس محمّد بن منصور الحلّي (ت 598 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1411 ه.

ص: 406

166 - مسند ابن الجعد : للحافظ علي بن الجعد الجوهري (ت 230 ه) ، تحقيق عامرأحمد حيدر ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1417 ه.

167 - مسند أبي عوانه : ليعقوب بن إسحاق الإسفرائيني (ت 316 ه) ، تحقيق أيمن بن عارف الدمشقي ، دار المعرفة ، بيروت 1419 ه.

168 - مسند أبي يعلى : للحافظ أحمد بن علي بن المثنّى التميمي (ت 307 ه) ، تحقيق حسين سليم أسد ، دار المأمون للتراث ، بيروت 1404 ه.

169 - مسند أحمد بن حنبل : لأبي عبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت241 ه) ، دار إحياء التراث العربي بيروت 1414 ه.

170 - مسند البزّار (البحر الزخّار) : للحافظ أحمد بن عمرو العتكي البزّار (ت292 ه) ، محفوظ الرحمن زين الله ، مؤسّسة علوم القرآن ، بيروت 1409 ه.

171 - مسند الشاميّين : للحافظ سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت 360 ه) ، تحقيق حمدي عبدالمجيد ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1417 ه.

172 - مشرق الشمسين : للشيخ البهائي محمّد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي (ت 1030 ه) ، مكتبة بصيرتي ، قم المقدّسة.

173 - مشيخة الفقيه (ضمن من لا يحضره الفقيه ج4) : للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، جماعة المدرّسين ، قم المقدّسة 1392 ه.

174 - المصنّف : لعبدالرزّاق بن همّام الصنعاني (ت 211 ه) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، المجلس العلمي ، بيروت 1390 ه.

175 - معاني الأخبار : للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381 ه) ، تصحيح علي أكبر الغفّاري ، دار المعرفة ، بيروت 1399 ه.

176 - معجم البلدان : لياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي (ت 626 ه) ، تحقيق فريد عبدالعزيز الجُندي ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

177 - معجم رجال الحديث : للسيّد أبو القاسم الخوئي قدس سره (ت 1413 ه) ، الطبعة الخامسة 1413 ه.

ص: 407

178 - معجم الشعراء : لأبي عبدالله محمّد بن عمران المرزباني (ت 384 ه) ، تحقيق عبدالستّار أحمد فرّاج.

179 - المعجم الكبير : للحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه) ، تحقيق حمدي عبدالمجيد ، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة 1397 ه.

180 - معجم المؤلّفين : لعمر رضا كحالة (ت 1408 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

181 - مقالات الإسلاميين : لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت 324 ه) ، تحقيق هلموت ريتر ، دار فرانز شتاينر فيسبادن 1400 ه.

182 - مقتضب الأثر في النصّ على الأئمّة الإثني عشر : للشيخ أحمد بن عبيدالله ابن عيّاش الجوهري (ت 401 ه) ، مكتبة الطباطبائي ، قم المقدّسة.

183 - مقتل الإمام الحسين عليه السلام : لأبي المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم(ت 568 ه) ، تحقيق محمّد السماوي ، مكتبة المفيد ، قم المقدّسة.

184 - المقنعة : للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت413 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1410 ه.

185 - الملاحم والفتن (التشريف بالمنن) : لرضي الدين علي بن موسى بن طاووس(ت 664 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة صاحب الأمر عليه السلام ، إصفهان 1416 ه.

186 - الملل والنحل : لأبي الفتح محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني (ت 548 ه) ، تحقيق محمّد سيّد كيلاني ، دار المعرفة ، بيروت.

187 - مناقب آل أبي طالب : لأبي جعفر محمّد بن علي بن شهر آشوب السردي المازندراني ، تحقيق يوسف البقاعي ، دار الأضواء ، بيروت 1412 ه.

188 - مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : للحافظ محمّد بن سليمان الكوفي (ق3 ه) ، تحقيق شيخ محمّد باقر المحمودي ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم المقدّسة1412 ه.

ص: 408

189 - مناقب أهل البيت عليهم السلام : للمولى حيدر علي بن محمّد الشرواني (ق12 ه) ، تحقيق محمّد الحسّون ، مطبعة المنشورات الإسلامية ، قم المقدّسة 1414 ه.

190 - مناهج اليقين في أصول الدين : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّرالأسدي (ت 726 ه) ، نشر وتحقيق محمّد رضا الأنصاري ، قم المقدّسة 1416 ه.

191 - المنتظم في تاريخ الأمم والملوك : لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمّد ابن الجوزي (ت 597 ه) ، تحقيق محمّد عبدالقادر عطا ، ومصطفى عبدالقادر عطا ، دارالكتب العلمية ، بيروت 1412 ه.

192 - منتهى المقال في أحوال الرجال : لأبي علي الحائري محمّد بن إسماعيل المازندراني(ت 1216 ه) ، نشر وتحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1416 ه.

193 - من لا يحضره الفقيه : للشيخ الصدوق ، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي(ت 381 ه) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، جماعة المدرّسين ، قم المقدّسة.

194 - مهج الدعوات ومنهج الدعوات : لرضي الدين علي بن موسى بن طاووس ، (ت664 ه) ، مؤسّسة الأعلمي بيروت 1414 ه.

195 - المهذّب : لابن البرّاج عبدالعزيز الطرابلسي (ت 481 ه) ، نشر وتحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة 1406 ه.

196 - المواقف : للقاضي عبدالرحمن بن أحمد الإيجي (ت 756 ه) ، تحقيق عبدالرحمن عميرة ، دار الجيل ، بيروت 1417 ه.

197 - النافع يوم الحشر : للفاضل المقداد بن عبدالله السيوري (ت 826 ه) ، تحقيق مهدي محقّق ، جامعة طهران 1365 ش.

198 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة : لأبي المحاسن يوسف بن تغري الأتابكي (ت 874 ه) ، تحقيق إبراهيم علي طرخان ، الهيئة المصرية العامّة القاهرة 1391 ه.

199 - نقد الرجال : للسيّد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي (ق 11 ه) ، نشروتحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1418 ه.

ص: 409

200 - النهاية في غريب الحديث : لابن الأثير أبو السعادات المبارك بن محمّد الجزري(ت 606 ه) ، تحقيق صلاح بن محمّد دار الكتب العلمية ، بيروت 1423 ه.

201 - النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى : لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، دار الكتاب العربي ، بيروت 1390 ه.

202 - نهج الحقّ وكشف الصدق : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت 726 ه) ، تحقيق عين الله الأرموي ، دار الهجرة ، قم المقدّسة 1414 ه.

203 - هديّة العارفين أسماء المؤلّفين والمصنّفين : لإسماعيل باشا البغدادي ، دارالفكر ، بيروت 1402 ه.

204 - وسائل الشيعة : للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، تحقيق ونشرمؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم المقدّسة 1409 ه.

205 - الوسيلة إلى نيل الفضيلة : لابن حمزة محمّد بن علي الطوسي (ق 6 ه) تحقيق شيخ محمّد الحسّون ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم المقدّسة 1408 ه.

206 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان : لأحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خلّكان (ت681 ه) ، تحقيق إحسان عبّاس ، دار صادر ، بيروت 1398 ه.

207 - يتيمة الدهر في محاسن أهل الدهر : لأبي منصور عبدالملك الثعالبي النسابوري(ت 429 ه) ، تحقيق مفيد محمّد قميحة ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1403 ه.

ص: 410

من ذخائر التراث

ص: 411

ص: 412

صورة

ص: 413

ص: 414

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبدالله وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.

من يقلّب صفحات التاريخ ويقرأ الروايات الواردة فيها بصورة دقيقة يجد كثيراً من التناقضات التي لا تمُتّ إلى الحقيقة التاريخية بصلة بأيّ وجه من الوجوه.

وهذا الأمر غير خاف على كثير من الباحثين الذين يحاولون أن يهذّبواكثيراً من نصوصه ، ويفنّدوا ادّعاءات أخرى لا أصل لها من الصحّة.

في الوقت نفسه تقف في جانب آخر فئة أخرى تحاول أن تزيّف الأحداث وتقبل بالنصوص التاريخية كما جيء بها ، دون التمحيص وإعادة النظر فيها شأنها شأن المجترّات بل هي أضلّ سبيلا ، والأكثر من هذا وذاك يدافع عنها بروح ملؤها الحقد والضغينة ، دون الأخذ بنظر الاعتبار ما يسهم به هذا الأمر من فرقة وتباغض بين المسلمين.

ومن القضايا المهمّة التي لم تزل حتّى وقتنا الحاضر بين أخذ وردّ ما تناولته بعض الأقلام المأجورة حول إسلام شيخ البطحاء وعمّ الرسول الأعظم أبي طالب عليه السلام ، فتجدها تارة تقول : لا تناله شفاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؛

ص: 415

لأنّه مات كافراً ، وتارة أخرى تقول : إنّه في ضحضاح من نار ، وحاشا لله أن تمسّ النار مثل شخص أبي طالب ، ولم تسلم هذه الشخصية حتّى من الأقلام المعاصرة التي سارت على المنوال نفسه ولم تخرج عن هذا النطاق ، بل دافعت عن تلك الآراء بعنف ، وكأنّ أبا طالب أحد المناوئين للرسول (صلى الله عليه وآله) كعمّه أبي لهب ، أو كأبي سفيان الذي أصبح من بعد من أجلاّء المسلمين ...!

وإذا حاولنا الاقتراب أكثر إلى محور هذه المشكلة قد لا نبتعد كثيراً عن رأي الدكتور أحمد الوائلي الذي وضع صورة واقعية لهذا التذبذب والمماطلة في الرأي والشبهات المطروحة حول هذا الموضوع ، حيث قال في إحدى محاضراته عندما تطرّق لهذا الموضوع ما نصّه : «لو كان أبو طالب أبامعاوية لكان شيخ المسلمين».

إذاً ومن خلال الرأي المتقدّم نلحظ أنّ محور المشكلة قد أخذت مداها ، ووضحت صورتها ، فالأمر كلّه متعلّق بشخص أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام ؛ لذا حاول البعض إيجاد ثغرة ينفذ منها لتحقيق مآربه فحاول الطعن بشخص الإمام عليه السلام من خلال أبيه.

لذا انبرى علماء الإسلام على مختلف مذاهبهم ومشاربهم الفكرية للردّعلى تلك الطعونات والأقاويل التي لا أصل لها من الصحّة على طوال أكثرمن ألف عام في مؤلّفات ورسائل ، وأحصينا عدداً منها وهي(1) : ،

ص: 416


1- لمزيد من المعلومات انظر: رجال النجاشي : 95، 87، 18، 265، 399، فهرست ابن النديم 1/148 ، الذريعة 2/511 - 514 ، 3/134 - 135 ، 14 ، 195 ، 265 ، 17/215 ، 22/112 ، 212 ، 244 ، 23 ، 204 ، إيضاح المكنون 2/49 ،598 ، هدية العارفين 1/195 ، 2/90 ، 303 ، أعلام الزركلي 4/166 ، معجم المطبوعات 22/330 ، كشف الحجب : 568.

1 - أبو طالب عمّ الرسول : لمحمّد كامل حسن المحلمي ، طبع ضمن سلسلة عظماء الإسلام التي يصدرها المكتب العالمي ببيروت.

2 - أبو طالب مؤمن قريش : للأُستاذ الأديب الشيخ عبدالله بن علي الخنيزي القطيفي.

3 - إثبات إسلام أبي طالب : لمولانا محمّد معين بن محمّد أمين ابن طالب الله الهندي السندي الحنفي ، المتوفّى عام 1161 ه.

4 - أخبار أبي طالب وولده : للعلاّمة الحافظ أبي الحسن علي بن محمّدبن عبدالله بن أبي سيف المدائني الأخباري.

5 - أسنى المطالب في نجاة أبي طالب : للعلاّمة أحمد زيني دحلان ، الفقيه الخطيب مفتي الشافعية ، المتوفّى عام 1304 ه- ، اختصر فيه كتاب بغية الطالب لإيمان أبي طالب للعلاّمة محمّد بن رسول البرزنجي الآتي ذكره ، وأضاف عليه مطالب مهمّة ، طبع بمصر عام 1305 ه.

6 - إيمان أبي طالب : لأحمد بن القاسم.

7 - إيمان أبي طالب : للشيخ أبي الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن طرخان الجرجاني الكاتب.

8 - إيمان أبي طالب : للشيخ الرجالي أبي علي أحمد بن محمّد بن عمّارالكوفي ، المتوفّى عام 346 ه.

9 - إيمان أبي طالب : للشيخ المفيد أبي عبدالله محمّد بن النعمان الحارثي البغدادي ، المتوفّى عام 413 ه.

ص: 417

10 - إيمان أبي طالب : للفقيه المتكلّم السيّد الجليل أبي الفضائل جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر ابن طاوس العلوي الحسني الحلّي ، المتوفّى عام 673 ه.

11 - إيمان أبي طالب : للشيخ المحدّث الجليل أبي محمّد سهل بن عبدالله بن أحمد بن سهل الديباجي.

12 - إيمان أبي طالب : لأبي نعيم علي بن حمزة البصري اللغوي ، المتوفّى عام 375 ه.

13 - إيمان أبي طالب وأحواله وأشعاره : للميرزا محسن بن الميرزا محمّد المعروف ب- : (بالا مجتهد) القرّه داغي التبريزي ، من أعلام القرن الثالث عشر.

14 - بغية الطالب لإيمان أبي طالب : للحافظ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي الشافعي ، المتوفّى عام 911 ه- ، توجد نسخته في مكتبة قوله بمصر ، ضمن مجموعة برقم (16) ، تاريخها (1105 ه).

15 - بغية الطالب في إسلام أبي طالب : للعالم الجليل المفتي السيّد محمّد عبّاس بن السيّد علي أكبر الموسوي التستري اللكهنوي ، المتوفّى عام 1306 ه.

16 - بغية الطالب في بيان أحوال أبي طالب ، وإثبات إيمانه وحسن عقيدته : للسيّد محمّد بن حيدر بن نورالدين علي الموسوي الحسيني العاملي ، المتوفّى عام 1139 ه- ، وهو الآن بين يديك.

17 - بغية الطالب لإيمان أبي طالب : للعالم محمّد بن عبدالرسول البرزنجي الشافعي الشهرزوري المدني ، المتوفّى عام 1103 ه.

ص: 418

18 - البيان عن خيرة الرحمن في إيمان أبي طالب وآباء النبي صلّى الله عليه وآله وعليهم : لأبي الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلّبي الأزدي.

19 - الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : للعالم الفقيه السيّد شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي ، المتوفّى سنة 630 ه.

20 - الرغائب في إيمان أبي طالب : للعلاّمة السيّد مهدي بن علي الغريفي البحراني النجفي.

21 - شعر أبي طالب بن عبدالمطّلب وأخباره : للأديب الشاعر أبي هفّان عبدالله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي.

22 - الشهاب الثاقب لرجم مكفّر أبي طالب : للعلاّمة الحجّة الشيخ الميرزا نجم الدين جعفر الشريف ابن الميرزا محمّد بن رجب علي الطهراني العسكري ، المتوفّى عام 1395 ه.

23 - شيخ الأبطح : للعلاّمة الفاضل السيّد محمّد علي بن العلاّمة الحجّة عبد الحسين الموسوي آل شرف الدين الموسوي.

24 - شيخ بني هاشم : للفاضل عبدالعزيز سيّد الأهل ، طبع عام 1371 ه.

25 - فصاحة أبي طالب : للسيّد الشريف المحدّث أبي محمّد الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأطروش.

26 - فضل أبي طالب وعبدالمطّلب وأبي النبي (صلى الله عليه وآله) : لشيخ الطائفة وفقيهها أبي القاسم سعد بن عبدالله بن أبي خلف الأشعري القمّي ، المتوفّى عام299 أو 301 ه.

ص: 419

27 - فيض الواهب في نجاة أبي طالب : للشيخ أحمد فيضي ابن الحاج علي عارف بن عثمان بن مصطفى الجورومي الحنفي الخالدي ، المتوفّى عام 1327 ه.

28 - القول الواجب في إيمان أبي طالب : للعلاّمة الشيخ محمّد علي ابن الميرزا جعفر علي الفصيح الهندي ، نزيل مكّة ، فرغ منه في جمادى الأولى عام 1299 ه.

29 - مقصد الطالب في إيمان آباء النبي (صلى الله عليه وآله) وعمّه أبي طالب : للميرزا شمس العلماء محمّد حسين بن علي رضا الربّاني الجرجاني.

30 - منى الطالب في إيمان أبي طالب : للشيخ المفيد أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين بن أحمد الخزاعي النيسابوري ، من أعلام القرن الخامس الهجري.

31 - منية الراغب في إيمان أبي طالب : للعلاّمة الشيخ محمّد رضا الطبسي النجفي.

32 - منية الطالب في إيمان أبي طالب : للسيّد الجليل حسين الطباطبائي اليزدي الحائري الشهير بالواعظ ، المتوفّى عام 1307 ه.

33 - منية الطالب في حياة أبي طالب : للسيّد حسن بن علي بن الحسين القبانجي الحسيني النجفي ، ألّفه عام 1358 ه.

34 - مواهب الواهب في فضائل أبي طالب : للعلاّمة البارع الشيخ جعفر بن محمّد النقدي التستري النجفي المتوفّى عام 1370 ه) ألّفه عام 1322 ه.

وهناك جملة شواهد تاريخية لو استندنا على واحد منها لا يدخل نفس أيّ قارى ولو للحظة واحدة شكّ في إسلام أبي طالب ، وهي :

ص: 420

أوّلاً : أقوال أبي طالب وأشعاره المثبتة في كتب السير والتواريخ والحديث ، فقد جاءت صريحة بتمسّكه برسالة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وتصديق نبوّته ، وأنّه يوحى إليه من ربّه ، وأنّه خاتم الأنبياء ، وقد دلّل على كلّ ذلك بنصرته لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثانياً : لم يفرّق الرسول (صلى الله عليه وآله) بين أبي طالب وزوجته فاطمة بنت أسد ، ولوكان كافراً لما أبقاهما ، كما فعل مع ابنته زينب حين فرّق بينها وبين أبي العاص بن الربيع.

ثالثاً : اشتداد حزن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعد وفاة عمّه أبي طالب ، وسمّي ذلك العام بعام الحزن ، ولم يبق بعدها في مكّة ، فقد اضطرّ إلى أن يهاجر إلى المدينة المنوّرة.

رابعاً : الأخبار المتواترة عن أئمّة أهل البيت التي جاءت صريحة في إثبات إيمانه ، ولم يؤثر عنهم ما يخالفه ، بل أكّدوا بالدليل القاطع على إيمانه ، فقدنقل عن الإمام الرضا عليه السلام ما نصّه : «أما إنّك إن لم تقرّ بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار» (1).

وهذه الأدلّة الأربعة المذكورة آنفاً ممّا تناقلتها كتب العامّة والخاصّة ؛ وهي برهان واضح لا يحتاج بعد ذلك إلى التدليل.

المخطوطة :

تعدّ مخطوطة بغية الطالب في حال أبي طالب - لمؤلّفها السيّد محمّد بن حيدر المكّي العاملي الحسيني ، المتوفّى عام 1139 ه- - من 1.

ص: 421


1- إيمان أبي طالب لفخار : 76 - 77 ، كنز الفوائد 1/183 ، بحار الأنوار 35/111.

المخطوطات المهمّة والنادرة والتي ضمّتها خزانة مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف.

وذكر السيّد محمّد بن حيدر العاملي في مقدّمة كتابه الدواعي إلى تأليف هذا الكتاب بقوله : «فقد أشار إليّ من تجب طاعته ولا تسعني مخالفته ، وهو المولى الأعظم ، والمخدوم المحترم ، ومن خصّه الله بالنفس القدسية ، والسجايا الملكية اللائح من غرّته الغرّاء لوائح السعادة الأبدية ، الفاتح من همّته العلياء روائح العناية السرمدية ، ذو الفضائل التي تنتظم في أجياد الأماجدعقود أمر الشمائل ، التي تتشح الأماثل من وشيها مطارفاً وبروداً ، أبوالمجد الجامع لقسمي الطارف والتالد ، والجدّ الذي آل إليه من الجدّ والوالد ، والنسب الذي يؤول إلى النبيّين ، والحسب الذي يذلّ له الأبيّ والشرف ، الذي يباري النجوم والكرم ، الذي يفضح الغيث السجوم ، ذو المجدين ، وحاوي المنقبتين ، المولى المكرّم المنعم ، المولى السيّد عبدالله خان أبو المولى الواصل إلى جوار ربّه الأكرم السيّد علي خان بن السيّد المؤيّد شرف العترة وفخر الأسرة السيّد خلف لا يزال نجم سعده لامعاً ، وبدر مجده وجلاله ساطعاً ، ولا زال أعلام العدل في أيّام دولته عالية ، وقيمة العلم من آثار تربيته غالية ، وأياديه على العالمين فايضة ، وأعاديه من بين الخلق غايضة ، أن أملي عليه نبذة من الآثار ، وجملة من الأخبار الواردة في إسلام أبي طالب وحسن عقيدته ؛ إذ كان ذلك ممّا كثر فيه الخوض من علماء الأمصار ، وأشتهر النزاع فيه بين الخاصّة والعامّة في سالف الأعصار».

في الوقت نفسه نسخ هذه المخطوطة الشيخ محمّد السماوي (1) عن في

ص: 422


1- اعتمدنا عنوان الرسالة كما جاء في نسخة الشيخ محمّد السماوي ، وقد ذكر آقا بزرك في الذريعة 3 / 135 عنواناً آخر لهذه الرسالة ، وهو : بغية الطالب في بيان أحوال أبي طالب وإثبات إيمانه وحسن عقيدته؛ لذلك اقتضى التنويه.

نسخة كتبها محمّد كاظم النجفي ، وأشار إلى ذلك في نهاية المخطوطة بقوله : «وفرغ من نسخها أقلّ العباد محمّد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف ليلة الاثنين غرّة شهر الله المبارك شهر رمضان ألف وثلاثمائة وخمس وخمسين على نسخة كتبها محمّد كاظم النجفي سنة ألف ومائة وأربع وستّين في النجف أيضاً».

وذكرها أيضاً العلاّمة المتبحّر في تصانيف الشيعة الشيخ آقا بزرك الطهراني بقوله : «بغية الطالب في بيان أحوال أبي طالب وإثبات إيمانه وحسن عقيدته للسيّد محمّد بن حيدر بن نور الدين علي بن السيّد علي نورالدين بن السيّد حسين بن أبي الحسن الموسوي الحسيني العاملي والده السيّد حيدر ، كان حيّاً سنة 1097 ه- ، كما يظهر من الأمل ، وجدّه السيّد نور الدين علي أخ صاحبي المعالم والمدارك المولود سنة 970 ه- ، والمتوفّى سنة 1068 ه.

أوّله : الحمد لله الذي نوّر قلوب أوليائه بحقايق الإيمان ، وأوضح لطالبي معرفته الدليل والبرهان. ألّفه بأمر المولى الوالي السيّد عبدالله خان ابن المولى الوالي السيّد علي خان بن الوالي السيّد خلف المشعشعي الحويزي ، ورتّبه على مقدّمة وعدّة فصول ، وفرغ منه في يوم الأربعاء الرابع من شهر صفر سنة 1096 ه- ، رأيت النسخة بخطّ المولى الشيخ محمّد كاظم الشريف النجفي ، كتبها في داره في النجف بجنب الصحن الشريف ، وفرغ من الكتابة عشية الجمعة السادس عشر من شهر رجب سنة 1164 ه- ، وجعلها

ص: 423

منضمّة لنسخة عمدة الطالب التي اشتراها في تلك السنة ، وكتب عليها فوائد نافعة في الأنساب ، وهي نسخة نفيسة بخطّ السيّد حسين بن مساعد الحائري كتبها سنة 893 ه- ، توجد في مكتبة الشيخ محمّد السماوي في النجف الأشرف» (1).

وجاءت النسخة بخطّ واضح ومقروء ، وبلغة بسيطة يسهل على الجميع فهم فحواها وما جاء فيها من مضامين.

وكان السيّد محمّد بن حيدر العاملي دقيقاً في نقل النصوص دون زيادة أو نقصان ، أو محاولاً أعادة كتابتها وفق أسلوبه الخاصّ دون المسّ في المعنى العام ، محايداً في أطاريحه.

ومن جهة أخرى ناقش جميع الآراء المطروحة في هذا الموضوع ، وداعماً كلامه بالحجج الدامغة التي ذكرتها المصادر ، بأسلوب علمي قائم على التقصّي والتتبّع وغربلة الروايات ؛ للوصول إلى الحقيقة المتوخّاة من هذا البحث.

في الوقت ذاته لا ترى في كتاباته أيّ أثر للتعصّب الأعمى ، أو المماطلة في الكلام ، أو التزويق في الألفاظ ، فقد بذل أقصى جهده لعرض الحقائق كما هي ، ولا تخلو أيّة فقرة من فقرات الكتاب دون الإدلاء برأيه وتدعيم ما ذكر بالدليل العقلي والنقلي.

والشيء الذي لابدّ أن يذكر هنا - بأمانة علمية - أنّ السيّد محمّد بن حيدر استطاع في هذا الكتاب أن يؤدّي ما عليه اتجاه شخصية كان لها دور كبير في تثبيت جذور الإسلام بإجماع المصادر هذا من جهة ، ومن جهة 5.

ص: 424


1- الذريعة 3/135.

أخرى سجّل اسمه في قائمة المؤلّفين الذين كتبوا عن سيرة هذا الرجل ، ولم تَفُتهم الفرصة.

حياة السيّد محمّد بن حيدر العاملي :

أوّلاً : اسمه ، نسبه ، ولادته :

هو السيّد محمّد بن علي بن حيدر بن محمّد بن نجم الدين الموسوي العاملي(1) ، الكركي(2) ، الجبعي(3) ، السكيكي(4) ، المكّي(5).

وقد وردت ترجمته في بعض المصادر : السيّد محمّد بن حيدر بن محمّدبن نجم الدين الموسوي العاملي(6) ، ويبدو أنّه كان معروفاً عند معاصريه بهذا الاسم ، وهذا ما ذكره البحراني : «ويدور على الألسن محمّد حيدرالموسوي العاملي»(7).

وقال السيّد الصدر أثناء ترجمته للسيّد ما نصّه : «وقد ذكر نسبه في 3.

ص: 425


1- تكملة أمل الآمل : 358 ، لؤلؤة البحرين : 103 ، الذريعة 1/80.
2- تكملة أمل الآمل : 358
3- أمل الآمل 1/160.
4- الذريعة 1/323. وسكيك : نسبة إلى إحدى قرى بلاد الشام ، نزل فيها جدّه الحسن. الذريعة 1/322.
5- الذريعة 3/135 ، أعيان الشيعة 44/318 ، أمل الآمل 1/160 ، تكملة أمل الآمل : 358 ، الأعلام للزركلي 6/111.
6- الذريعة 3/135 ، أعيان الشيعة 44/318 ، أمل الآمل 1/160 ، تكملة أمل الآمل : 358 ، الأعلام للزركلي 6/111 ، معجم رجال الحديث 17/57 - 58 ، معجم المؤلّفين9/276.
7- لؤلؤة البحرين : 103.

آخركتابه تنبيه وسن العين في المفاخرة بين بني السبطين هكذا : محمّد ابن علي بن حيدر بن محمّد بن نجم ، وبه يعرف هذا البيت ، فيقال : بيت السيّد نجم(بن محمّد بن محمّد بن محمّد) ثلاث محمّدين والأخير (بن حسن) ، وهو أوّل من توطّن منهم قرية سكيك»(1).

ولد المترجم له في جبل بني عامل عام 1071 ه(2) ، بينما يذكر كحّالة أنّه ولد في مكّة(3) ، في حين تذكر بعض المصادر أنّه سكن مكّة ، ولم يولدفيها(4).

ومن خلال تتبّعنا لسيرة حياة مترجمنا - من خلال ما ذكرته المصادرنجد أنّه نشأ في ظلّ بيئة وأسرة علمية ، حيث تعدّ منطقة جبل عامل من أهمّ مراكزالتشيّع في لبنان ، ومن يتتبّع تاريخها الفكري والعلمي يجد أنّها قد أنجبت مئات العلماء والفقهاء والأدباء ، ومترجمنا أحد هؤلاء الأعلام الذين أنجبتهم ، وكان له وقع كبير على مسيرة الحركة الفكرية وخاصّة في مكّة المكرّمة.

ولم تذكر لنا المصادر شيئاً عن بداياته العلمية ومراحل دراسته ، وعند تتبّعنا لحياة السيّد محمّد بن حيدر في المصادر الرجالية نجدها قد أغفلت هذاالأمر على الرغم ممّا تصفه بعض المصادر التي ترجمته من سعة ينبوعه وغزارة علمه ، وتفوّقه بالعلوم العقلية والنقلية.

هذا الاطناب جعلنا نحجم عن ذكر الشيء الكثير عنه ، بل دوّنّا ما هو 4.

ص: 426


1- تكملة أمل الآمل : 358.
2- طبقات أعلام الشيعة 6/661 ، الذريعة 2/517.
3- معجم المؤلّفين 5/11.
4- الذريعة 9 ق3/984.

موجود بين أيدينا ؛ لأنّ هناك الكثير من الحلقات المفقودة عن حياته.

ويبدو أنّه تلقّى تعليمه في جبل عامل ، ومن ثمّ انتقل بعد ذلك إلى مكّة ليصبح علماً من أعلامها الكبار تشدّ له الرحال للنهل ؛ من علومه ومعارفه(1).

ثانياً : علميته ، أساتذته ، تلامذته ، مؤلّفاته ، وفاته :

علميّته :

يعدّ السيّد محمّد بن حيدر العاملي المكّي من أعلام المذهب الإمامي الذين أسهموا في رفد هذا الفكر بمختلف صنوف المعرفة.

ويمكن الوقوف بصورة دقيقة على مسيرة حياة هذا الرجل العلمية ، وذلك عند قراءة أقوال العلماء في حقّه ، أضف إلى ذلك ما خلّف من مصنّفات في مختلف العلوم.

فيقول في حقّه الحرّ العاملي : «فاضل ، عالم ، مدقّق ، من المعاصرين ، ماهرفي أكثر العلوم العقليّات والنقليّات»(2).

أمّا الشيخ يوسف البحراني فيقول عنه : «وكان هذا السيّد فاضلاً ، محقّقاً ، مدقّقاً ، حسن التعبير والتقرير ، وقفت له على كتاب في آيات القرآن(3) من تصانيفه ، فإذا هو يشهد بسعة باعه ، ووفور اطّلاعه على مذاهب العامّة والخاصّة وتحقيق أقوالهم ، سلك في الكتاب مسلكاً غريباً ن.

ص: 427


1- نزهة الجليس 1/141 ، تكملة أمل الآمل : 359.
2- أمل الآمل 1/160.
3- وهو إشارة إلى كتابه في تفسير القرآن إيناس سلطان المؤمنين باقتباس علوم الدين من النبراس المعجز المبين.

يتكلّم فيه على جميع العلوم ... وله رسالة في المحاكمة بين الغنى والفقر بعد افتخار كلّ منهما على الآخر بذكر مناقبه ، وبذكر معائب عدوّه ومثالبه ، تشهد ببلوغ كعبه في البلاغة والفصاحة ، وحسن العبارة والملاحة ، على ما يضيق على غيره فيه المساحة»(1).

وقال في موضع آخر : «وحكى والدي أنّه اجتمع به لمّا سافر إلى مكّة المشرّفة في السنة الخامسة عشرة بعد المائة والألف - أو السادسة - فكان يصف فضله وعلمه»(2).

ووصفه السيّد حسن الصدر بكونه : «أحد العلماء الأجلاء»(3).

أمّا تلميذه الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي فيصفه قائلاً : «محقّق مدقّق خصوصاً في علوم العربية ، والكلام ، والنجوم ، والفلك وغيرها»(4).

وقال عنه السيّد عبدالله بن السيّد نورالدين الجزائري : «وسمعت والدي طاب ثراه يصف أباه السيّد محمّد بغاية الفضل والتحقيق ، وجودة الذهن ، واستقامة السليقة ، وكثرة التتبّع لكتب الخاصّة والعامّة ، والتبحّر في أحاديث الفريقين ، ويطري في الثناء عليه»(5).

وذكره السيّد عبّاس بن علي بن نور الدين في نزهة الجليس فقال في الثناء عليه : «قاموس العلم الزاخر يلفظ إلى ساحله الجوهر الثمين الفاخر ، وشمامة أهل الحجاز حقيقة لا مجاز ، فاضل بأحاديث فضله تضرب 2.

ص: 428


1- لؤلؤة البحرين : 104 - 105.
2- لؤلؤة البحرين : 106.
3- تكملة أمل الآمل : 358.
4- لؤلؤة البحرين : 105.
5- الكنى والألقاب : 332.

الأمثال ، ومجتهد رحلة إلى بابه تشدّ الرحال ، وبليغ تفرّد بالبلاغة ، وأديب ألمعيٌّ صاغ النظم والنثر أحسن صياغه ، حاز العلوم والشرف الباهر ، وورث الفخار كابراً عن كابر ، له التصانيف العديدة المشهورة المفيدة ... كان رحمه الله بمكّة المشرّفة كالبيت العتيق يقصده الطلاّب من كلّ فجٍّ عميق ، ومازال مقيماً في أسمى ذروة الشرف والفضل والجاه ، إلى أن دعاه إلى قربه ملك الملوك فأجابه ولبّاه»(1).

وفي الوقت ذاته يعدّ مترجمنا شاعراً من الطراز الأوّل ، له ديوان شعر يطلق عليه اسم تنبيه وسن العين في المفاخرة بين بني السبطين ، وذكر بعض من ترجم له نماذج من شعره.

فمن شعره قوله(2) :

لولا محيّاك الجميل المصون

مابتّ تجري من عيوني عيون

ولا عرفت السقم لولا الهوى

ولا تباريح الأسى والشجون

كم وقفة لي في طلول الحمى

روى ثراها صوب دمعي الهتون

ياربع خير لاجفاك الحيا

ولهان لايعرف غمض الجفون

هل كنت مغنى للغزال الذي

إليه أصبو والتصابي فنون

وقوله مؤرّخاً ولادة الشريف بركات بن شبير(3) :

منح الله شبيراً ذا العلا

وافداً بالبشر والأفراح عمّا

خير نجل سُرّ في مولده

بركات قارنته اسما ورسما

دام في ظلّ أبيه سيّداً

سنداً لا يختشي راجيه هضما0.

ص: 429


1- نزهة الجليس 1/139 - 140.
2- نزهة الجليس 1/141 ، أعيان الشيعة 44/319.
3- نزهة الجليس 1/141 ، أعيان الشيعة 44/320.

فهو المسعود جدّاً إذ غدا

ينتمي للفضل جدّاً حين ينمى

أوّل الإقبال في تاريخه

بركات اسمه نفس المسمّى

شيوخه ، تلامذته :

ذكرت بعض المصادر من يروي عنهم السيّد محمّد بن حيدر وهم :

1 - أبو الحسن بن محمّد طاهر الشريف العاملي الفتوني الغروي ، الفقيه ، المفسّر ، النسّابة ، ولد في أسرة علمائية في أصفهان ، ويعرف بالشريف ، والإمامي ، له كتاب في النسب ، وله أيضاً شرح الصحيفة ومرآة الأنوار في التفسير ، توفّي عام 1138 أو 1140 ه(1).

2 - محمّد شفيع بن محمّد علي بن أحمد بن كمال الدين الأسترآبادي أصلاً ، والأصبهاني مولداً ومنشأً ، من كبار علماء الشيعة الإمامية ، ولد عام 1045 ه- ، له إثبات الواجب ، والأربعين في فضائل أمير المؤمنين ، توفّي عام 1106 ه(2).

أمّا من يروي عنه فهم :

1 - ولده رضي الدين محمّد بن حيدر العاملي الموسوي المكّي ، ولد عام1103 ه- ، عالم ، أديب ، من مؤلّفاته الدلائل الهادية على المسائل الفخارية ، تمهيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسنية(3).7.

ص: 430


1- لؤلؤة البحرين : 107 ، الذريعة 3/31 ، 13 ، 346 ، المجدي في أنساب الطالبيّين : 38 ، موسوعة مؤلّفي الإمامية 2/117.
2- معجم المؤلّفين 10/70 ، هدية العارفين 2/305.
3- تكملة أمل الآمل : 209 - 210 ، الكنى والألقاب 2/332 ، الذريعة 1/82 ، معجم المؤلّفين 4/167.

2 - عبدالله بن صالح بن جمعة السماهيجي البحراني ، وسماهيج نسبة إلى قرية من قرى البحرين ، من الفقهاء والأدباء ، له جواهر العقدين في أحكام الثقلين ، الصحيفة العلوية ، مصائب الشهداء ، توفّي ببهبهان عام1135 ه(1).

مؤلّفاته :

لقد رفد السيّد محمّد بن حيدر المكتبة العربية الإسلامية بمختلف المعارف ، في الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام والأدب ، وهذا ما سنلحظه عند قراءة قائمة مؤلّفاته ، وهي(2) :

1 - الأبيات للتمثيل والمحاضرات : قال السيّد عبّاس في نزهة الجليس : إنّه مجلّد ضخم جليل ، خدم به الشريف ناصر الحارث.

2 - الإمامة.

3 - الأنواء المنكرة في شرح خطبة التذكرة : تصنيف الحكيم داود المصري.

4 - إيناس سلطان المؤمنين باقتباس علوم الدين من النبراس المعجز المبين : في تفسير الآيات القرآنية التي هي في الأحكام الأصلية والفرعية. 6.

ص: 431


1- لؤلؤة البحرين : 103 ، الذريعة 18/97 ، معجم المؤلّفين 6/63 ، الأعلام للزركلي 4/92.
2- نزهة الجليس 1/140 ، الذريعة 1/80 ، 2/336 ، و 409 ، و 517 - 518 ، 3/95 ، 3/135 ، 4/313 ، 9/284 ، 18/161 ، 21/152 ، 22/272 ، 24/67 ، 30/255 ، أعيان الشيعة 44/319 ، معجم المؤلفين 9/276 ، الأعلام للزركلي 6/111 ، لؤلؤة البحرين : 105- 106.

5 - برهان الحقّ المتين على لسان الخصم المبين : في الإمامة.

6 - بغية الطالب في بيان أحوال أبي طالب وإثبات إيمانه وحسن عقيدته.

7 - تفسير آية : (اجْعَلْنِي عَلى خَزَائِنِ الأَْرْضِ) في سورة يوسف.

8 - تنبيه وسن العين في المفاخرة بين بني السبطين : ديوان شعره.

9 - الثقوب السنية في الفهوم الحسنية : وهو مجلّد ضخم جليل القدر ، خدم به الشريف ناصر الحارث.

10 - الحسام المطبوع في المعقول والمسموع : في علم الكلام ، وهو مجلّدضخم.

11 - رجل الطاوس إذا تبخّر القاموس : حاشية عليه مفيدة.

12 - شرح مناسك الحجّ : للفاضل الهندي بهاء الدين محمّد بن تاج الدين حسن الأصفهاني.

13 - العبائر المزجية في تركيب الخزرجية.

14 - كنز فرائد الأبيات للتمثيل والمحاضرات : وهو مجلّد ضخم ، خدم به الشريف أحمد بن سعيد بن شبر.

15 - مذاكرة ذوي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى.

16 - مطلع بدر التمام من قصيدة أبي تمّام.

17 - نجح إثبات الأدب المبارك في فتح قرب المولى شبير بن المبارك.

وفاته :

توفّي السيّد محمّد بن حيدر العاملي المكّي قدس سره يوم الاثنين في الثاني

ص: 432

من ذي الحجّة الحرام عام 1139 ه- ، في مكّة المكرّمة(1).

منهجنا في التحقيق :

قد لا نختلف كثيراً عمّن سبقونا من الأعلام في تحقيق الكتب ؛ لأنّ مناهج المحقّقين تكاد تتوخّى هدف واحد ، وهو إخراج النصّ التاريخي بأفضل صورة ممكنة.

واتّبعنا في تحقيقنا لهذه المخطوطة والتعليق عليها الخطوات الآتية :

1 - لقد عنيت بإخراج النصّ في صورته التي نطق بها مؤلّفه ، إذ حافظناعلى عبارة المؤلّف ولم نمسّها بأيّ تغيير.

2 - حاولت إثبات النصّ الصحيح ، وقد عمدت في سبيل هذا إلى جمع الأصول الأخرى التي تناولت تاريخ هذه الحقبة ، وقد صوّبت ما وقع فيه من خطأ غير مقصود.

3 - قمت بتخريج الآيات القرآنية والأحاديث والروايات الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وأئمّة أهل البيت عليهم السلام ، والأخبار التاريخية الورادة في ثنايا النصّ.

4 - وضعت عناوين داخلية للمواضيع ؛ ممّا يسهل على القارئ رصد مفردات الكتاب بيسر وسهولة.

وفي الختام لا يسعني إلاّ أن أقدّم شكري وتقديري إلى كلّ من أسهم معي في إتمام هذا العمل ، ولا سيّما مدير مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف السيّد جواد الحكيم ، والعاملين في قسم المخطوطات ، وجميع كادرها الآخر. 0.

ص: 433


1- نزهة الجليس 1/140.

وكذلك الأستاذ علي جهاد مدير مكتبة أمير المؤمنين العامّة في النجف الأشرف الذي كان يشجّعني ويحثّني على أيّ عمل أقوم به ، والأخ العزيز حيدر الجدّ الذي لم يبخل عليّ من وقته وجهده في إتمام هذه المخطوطة وفّقه الله لما يحبّ ويرضى ، كما أتقدّم بالشكر الجزيل إلى مسؤولي مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، وهيئة التحرير في مجلّة تراثنا الغرّاء ، وجميع العاملين فيها.

ص: 434

صورة

ص: 435

صورة

ص: 436

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المؤلّف :

الحمد لله الذي نوّر قلوب أوليائه بحقائق الإيمان ، وأوضح لطالبي معرفته الدليل بالبرهان ، والصلاة والسلام على نبيّه الداعي إلى أمتن الأديان ، وعترته التابعين له بإحسان ، ما رفعت السماء ووضع الميزان.

وبعد : فقد أشار إليّ من تجب طاعته ولا تسعني مخالفته ، وهو المولى الأعظم ، والمخدوم المحترم ، ومن خصّه الله بالنفس القدسية ، والسجايا الملكية اللائح من غرّته الغرّاء لوائح السعادة الأبدية ، الفاتح من همّته العلياء روائح العناية السرمدية ، ذو الفضائل التي تنتظم في أجياد الأماجد عقود أمر الشمائل التي تتشح الأماثل من وشيها مطارفا وبرودا ، أبو المجد ، الجامع لقسمي الطارف والتالد ، والجدّ الذي آل إليه من الجدّ والوالد ، والنسب الذي يؤول إلى النبيّين ، والحسب الذي يذلّ له الأبي ، والشرف الذي يباري النجوم ، والكرم الذي يفضح الغيث السجوم ، ذو المجدين ، وحاوي المنقبتين ، المولى المكرم المنعم المولى السيّد عبدالله خان أبو المولى الواصل إلى جوار ربّه الأكرم السيّد علي خان بن السيّد المؤيّد شرف العترةوفخر الأسرة السيّد خلف(1). يس

ص: 437


1- السيّد علي خان بن خلف بن المطّلب بن حيدر الموسوي المشعشعي ، أحد حكّام الأسرة المشعشعية في الحويزة ، وكان على جانب من الثقافة كوالده السيّد خلف ، له مؤلّفات ، منها النور المبين في الحديث ، خير المقال ، ديوان شعره المسمّى الأنيس

شرف تتابع(1) كابراً عن

كابر

كالرمح أنبوب على أنبوب(2)

لا يزال نجم سعده لامعاً ، وبدر مجده وجلاله ساطعاً ، ولا زال أعلام العدل في أيّام دولته عالية ، وقيمة العلم من آثار تربيته غالية ، وأياديه على العالمين فايضة ، وأعاديه من بين الخلق غايضة ، أن أملي عليه نبذة من الآثار ، وجملة من الأخبار الواردة في إسلام أبي طالب وحسن عقيدته ؛ إذ كان ذلك ممّا كثر فيه الخوض من علماء الأمصار ، واشتهر النزاع فيه بين الخاصّة والعامّة في سالف الأعصار.

فأحبَّ أيّد الله مجده وأيّد دولته أن يكون اعتقاده في ذلك ناشئاً من واضح البراهين والدلائل ، لا بمحض التقليد للسلف والأوائل ؛ فامتثلت مرسومه ، معترفاً بقلّة البضاعة ونزرة الاستطاعة ، وسمّيتها : بغية الطالب في حال أبي طالب ، والله المستعان ، وعليه التكلان. 7.

ص: 438


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (نسب توارث) ، والأصوب ما ذكر في المتن ، وذكر في الديوان.
2- ديوان البحتري 1/57.

المقدّمة :

في اسم أبي طالب ونسبه وعدد أولاده ومدّة حياتهم وعام وفاته ومحلّ دفنه.

اسمه ، نسبه :

اختلف في اسمه على ثلاثة أقوال ، ذكر صاحب العمدة عن أبي بكر محمّد بن عقدة العبسي(1) الطرطوسي(2) النسّابة أنّ اسمّه عمران(3) ، وضعّفت هذا القول.

وروي عن أبي علي بن محمّد بن إبراهيم بن عبدالله بن جعفر الأعرج بن عبدالله بن جعفر قتيل الحرّة(4) بن أبي القاسم محمّد بن علي بن ها

ص: 439


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (العتيقي) والأصوب ما ذكر في المتن ، عمدة الطالب : 20.
2- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (الطرسوسي) والأصوب ماذكر في المتن ابن عنبة ، عمدة الطالب : 20.
3- عمدة الطالب : 20. وقال ابن عنبة : (وهي رواية ضعيفة). وذكر الشيخ المجلسي ما نصّه : «أقول : رأيت في نسخة قديمة من مؤلّفات أصحابنابعد قول آمنة بنت وهب : السلام على عمّك عمران أبي طالب السلام» ، بحار الأنوار97/187.
4- وهو إشارة إلى وقعة الحرّة التي اجتاح فيها جيش يزيد بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة المدينة عندما ثار عبدالله بن حنظلة عام63 ه. وعلّق السيوطي على هذه الحادثة بقوله : «وكانت وقعة الحرّة على باب طيبة وما أدراك ما وقعة الحرّة ذكرها الحسن مرّة فقال : والله ما كاد ينجو منهم أحد قتل فيها

أبي طالب عليه السلام النسّابة أنّه ذكر في كتاب مبسوط له في علم النسب أنّ اسم أبي طالب كنيته(1) ، وزعم أنّه رآى مصحفاً بخطّ أمير المؤمنين عليه السلام مكتوباً في آخره عليّ بن أبو طالب عليه السلام ، ثمّ قال : والصحيح أنّ اسمه عبدمناف(2) ، وبذلك نطقت وصية أبيه عبدالمطلب حين أوصى إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قوله(3) :

أوصيك يا عبدمناف بعدي

بواحد بعد أبيه فرد1.

ص: 440


1- أشار البعض إلى القول المتقدّم ، الاستيعاب 3/1089 ، الإصابة 7/235 ، المناقب لابن شهرآشوب 2/47 ، بحار الأنوار 35/138.
2- أجمعت كثير من المصادر على أنّ اسم أبو طالب هو : عبدمناف. لمزيد من المعلومات انظر : مقاتل الطالبيّين : 3 ، الهداية الكبرى : 95 ، الثقات لابن حبّان 1/41 ، الاستيعاب 1/242 ، تاريخ دمشق 27/253 ، صفوة الصفوة 1/135 ، الطبقات الكبرى 3/19 ، فضائل الصحابة 1/550 ، تاريخ الطبري 3/161.
3- عمدة الطالب : 20 - 21.

وقوله :

وصّيت من كنيته بطالب

عبدمناف وهو ذو تجارب

وأُمّه : فاطمة بنت عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن كعب بن لؤي بن غالب(1).

وفاطمة هذه أُمّ عبدالله والد رسول الله لم يشركهما ولادتهما غير الزبيربن عبد المطّلب(2) ، وقد انقرض الزبير هذه فضيلة اختصّ بها أبو طالب وولده دون بني عبدالمطّلب ، وقد أشار إليها أبو طالب في قوله(3) : 1.

ص: 441


1- بحار الأنوار 15/280 ، مسائل ابن حنبل 1/16 ، المعجم الكبير 1/74.
2- الزبير بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمناف ، أبو طاهر ، وكان من أجلّة قريش وفرسانهاوكان من المبارزين ، وأوّل من دعا إلى حلف الفضول. انظر : الثقات لابن حبّان1/32 ، الطبقات الكبرى 1/128 ، الإصابة 2/553.
3- ذكرت المصادر الحادثة التي ارتجز فيها أبو طالب عليه السلام بهذه الأبيات ، فعن عن محمّد بن صنو بن صلصال قال : «كنت أنصر النبيّ(صلى الله عليه وآله) مع أبي طالب قبل إسلامي ، فإنّي يوماًلجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدّة القيظ إذ خرج أبو طالب إليّ شبيهاًبالملهوف ، فقال لي : يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين؟ يعني النبيّ وعليّاً صلوات الله عليهما فقلت : ما رأيتهما مذ جلست ، فقال : قم بنا في الطلب لهما؛ فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما ، قال : فمضينا حتّى خرجنا من أبيات مكّة ، ثمّ صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقينا إلى قلّته فإذا النبيّ وعليٌّ عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يركعان ويسجدان ، قال : فقال : أبو طالب لجعفر ابنه : صل جناح ابن عمّك ، فقام إلى جنب عليٍّ فأحسّ بهما النبيُّ(صلى الله عليه وآله) فتقدّمهما وأقبلوا على أمرهم حتّى فرغوا ممّا كانوافيه ، ثمّ أقبلوا نحونا فرأيت السرور يتردّد في وجه أبي طالب ، ثمّ انبعث يقول». إيمان أبي طالب لفخار : 248 - 249 ، كنز الفوائد 1/270 - 271 ، شرح الأخبار3/549 ، بحار الأنوار 35/120 - 121.

إن عليّاً وجعفراً ثقتي

عند ملمّ الخطوب والكرب

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما

أخي لأُمّي من دونهم وأبي

والله لا أخذل النبيّ ولا

يخذله من بنيّ ذو حسب

أولاده :

وأولاده ستّة ، أربعة ذكور ، وأنثيان.

فالذكور : طالب ، وهو أكبرهم.

وذكر سبط ابن الجوزي : إنّه كان عالماً بأنساب العرب وأيّام قريش ، أخرجه المشركون إلى بدر مكرهاً ، فقال في ذلك عليه السلام(1) :

اللّهم أما يغزوا طالب(2)

في مقنب من هذه المقانب(3)

فليكن المغلوب غير الغالب

وليكن المسلوب غير السالب

فلمّا انهزم المشركون لم يوجد لا في القتلى ولا في الأسرى ، ولا رجع إلى مكّة ، ولا يُدرى ما حاله ، وليس له عقب(4). با

ص: 442


1- تذكرة الخواصّ : 10 - 11.
2- وردت في نصّ نسخة المخطوطة «لاهم أما يخرجوا بطالب» والأصوب ماذكر في المتن ، وذكره ابن الجوزي ، تذكرة الخواصّ : 11.
3- المقانب : جماعة من الناس ، لسان العرب 1/691.
4- لا نؤيّد ما ذكر في المتن؛ لأنّ ابن هشام يذكر له قصيدة يمدح فيها الرسول(صلى الله عليه وآله) ويبكي أهل القليب - على حدّ تعبير ابن هشام - ويطلب من بني عبدشمس ونوفل أن لايثيروا حروباً مع بني هاشم تجرّ المصائب والبلايا ، وفيها يقول : ألا إنّ عيني أنفدت ماءها سكبا تبكي على كعب وما إن ترى كعبا

وعقيل وكان بينه وبين طالب عشر سنين وكذلك بين عقيل وجعفر عشرسنين وبين جعفر وعليّ عليه السلام عشر سنوات أيضاً(1).

وكان عقيل قد حضر بدراً مع المشركين مكرهاً وأسر ولم يكن له مال ففداه عمّه العبّاس(2).

وجعفر أسلم قديماً فهاجر إلى الحبشة وقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بخيبر سنة سبع من الهجرة فقال : لا أدري بأيّهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر(3).ين

ص: 443


1- الخصال 1/181 ، تذكرة الخواصّ : 11 ، بحار الأنوار 42/121.
2- الطبقات الكبرى 4/13 ، تاريخ الطبري 2/41 ، البدء والتاريخ 5/99 ، التحفة اللطيفة2/267 ، سير أعلام النبلاء 1/218 ، الإصابة 3/631.
3- مسند البزّاز 4/159 ، صفوة الصفوة 1/515 ، المستدرك على الصحيحين

وقتل رضي الله عنه سنة ثمان من الهجرة(1).

وعليٌّ ، أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومناقبه أشهر من الغمر ، وأكثر من الدراري الزهر ، وأكبر من أن يحصرها هذا المختصر ، قد ملأت الخافقين واشتهرت في العالمين.

وأنثيان(2) أُمّ هاني - قيل اسمها : فاختة(3) - وجمانة(4) أسلمتا وحسن ،

ص: 444


1- استشهد (رضوان الله عليه) في معركة مؤته في بلاد الشام (الأردن حاليّاً) وما أن وصل خبر شهادته للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «قد مرّ جعفر البارحة في نفر من الملائكة له جناحان مختضب القوادم بالدم». تاريخ الطبري 2/151 ، أعلام النبوّة 1/157 ، سير أعلام النبلاء 1/206 ، الطبقات الكبرى 4/34 ، مولد العلماء ووفياتهم 1/81.
2- ذكرت بعض المصادر أنّ لأبي طالب بنت ثالثة ، وذكروا اسمها أمّ طالب. وانفرد ابن سعد بذكرها حيث قال : «أمّ طالب بنت أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي لم يذكرها هشام بن الكلبي في كتاب النسب في أولاد أبي طالب ، وذكر أنّه كان لأبي طالب من البنات أمّ هانئ وجمانة وريطة ، ولعلّ ريطة هي أم طالب كما سماها محمّد بن عمر في كتاب طعم النبيّ أنّه أطعم أمّ طالب بنت أبي طالب في خيبر أربعين وسقا وأمّ ولد أبي طالب كلّهم الرجال والنساء فاطمة بنت أسد ماخلا طريق بن أبي طالب» ، الطبقات الكبرى 8/48. وهذا ما ذكره ابن هشام بقوله : «ولأمّ طالب أربعين وسقاً» ، السيرة النبوية 4/325. بينما يترجم لها ابن حجر باسم : ريطة ، وفي الكنى : بأمّ طالب ، بقوله : «أمّ طالب بنت أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم الهاشمية أخت علي وإخوته ، ويقال اسمها : ريطة» ويذكر ما قاله ابن سعد ، الإصابة 7/661 ، 8/245.
3- أم هاني بنت أبي طالب بن عبدالمطّلب الهاشمية ، اختلف المؤرّخين في اسمها ،

إسلامهما ، وكانت وفاتهما في السنة العاشرة من النبوّة(1). .

ص: 445


1- لم يثبت ذلك ، فقد ذكر الذهبي أنّ أمّ هاني توفّيت بعد عام 50 ه. سير أعلام النبلاء2/213. أمّا بالنسبة إلى جمانة ، فلم يذكر المؤرّخون سنة وفاتها.

وقد كان أبو طالب قام بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من السنة الثامنة من مولده إلى حين توفّي أبو طالب ، فكانت مدّة قيامه بأمره اثنتين وأربعين سنة وعمر أبوطالب بضعاً وثمانين سنة ، وقيل : بل عمره مائة وعشرين سنة ، ودفن بالحجون(1) عند أبيه عبدالمطّلب(2). ّي

ص: 446


1- الحجون : جبل بأعلى مكّة عنده مدافن أهلها ، معجم البلدان 2/225.
2- قال ابن سعد : «توفّي أبو طالب للنصف من شوّال في السنة العاشرة من حين نبىء رسول الله وهو يومئذ ابن بضع وثمانين سنة ، وتوفّيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيّام وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة ، فاجتمعت على رسول الله مصيبتان : موت خديجة بنت خويلد ، وموت أبي طالب عمّه». الطبقات الكبرى 1/125 ، الإصابة 2/242 ، تاريخ الطبري 1/519 ، 554 ، البدء في التاريخ 4/134 ، صفوة الصفوة 1/66 ، 105 ، تاريخ ابن الأثير 1/567 ، تذكرة الخواصّ : 8 - 9. وقال السخاوي : «فكفله بعد موت جدّه بوصية منه ابنه أبو طالب ، وهو شقيق عبدالله ، فكان أيضاً يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّ مثله أحداً من ولده بحيث لا ينام إلاّ إلى جانبه وكان يجلس على وسادته المختصّة به ويتّكي ، بل ويستلقي عليها ويقال له : ميسر ، ويقول : إنّ ابن أخي هذا ليحسّ من نفسه بنعيم ويخصّه دون بنيه بالطعام سيّماوكان إذا أكل معهم شبعوا وإن لم يأكل معهم لم يشبعوا؛ ولذا كان إذا أرادوا الأكل أخّرهم حتّى يجيء ، وإذا جاء فأكل معهم فضل من طعامهم فيقول له عمّه : إنّك لمبرك ، وكانوايصبحون عمشاً رمصاً ويصبح هو دهيناً كحيلاً» ، التحفة اللطيفة 1/8. وقال اليعقوبي : «ولمّا قيل : لرسول الله إنّ أبا طالب قد مات؛ عظم ذلك في قلبه واشتدّله جزعه ، ثمّ دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرات وجبينه الأيسر ثلاث مرات ثمّ قال : «يا عمّ ربّيت صغيراً ، وكفلت يتيماً ، ونصرت كبيراً ، فجزاك الله عنّي

فصل

في ذكر ما يدلّ على إسلامه

قال يحيى بن الحسن بن بطريق في عمدته : كان أبوطالب - مع شرفه وتقدّمه - جمّ المناقب ، غزير الفضائل ، ومن أعظم مناقبه : كفالته لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقيامه دونه ، ومنعه إيّاه من قريش حين حصروه في الشعب ثلاث سنين مع بني هاشم عدا أبي لهب ، وكتبوا صحيفة أن لا يبايعوا بني هاشم ولايشاروهم ولا يناكحوهم ولا يوادّوهم ، وعلّقوها على الكعبة والقصّة مشهورة(1).أن

ص: 447


1- لم نعثر على هذا النصّ عند ابن البطريق. وقد أفرد في كتابه العمدة باباً في فضائل أبي طالب : 410 - 416. وذكر ابن كثير هذه الحادثة وما تعرّض فيها بني هاشم من الأذى والاضطهاد ، وموقفهم من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وخاصّة عمّه أبوطالب بقوله : «ثمّ إنّ المشركين اشتدّوا على المسلمين كأشدّ ما كانوا حتّى بلغ المسلمين الجهد ، واشتدّ عليهم البلاء ، وجمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله علانية؛ فلمّا رأى أبو طالب عمل القوم جمع بني عبدالمطّلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله شعبهم ، وأمرهم أن يمنعوه ممّن أرادواقتله فاجتمع على ذلك مسلمهم وكافرهم ، فمنهم من فعله حمية ، ومنهم من فعله إيمانا ويقينا ، فلمّا عرفت قريش أنّ القوم قد منعوا رسول الله وأجمعوا على ذلك اجتمع المشركون من قريش فأجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتّى يسلموا رسول الله للقتل ، وكتبوا في مكرهم صحيفة وعهوداً ومواثيق لا يقبلوا من بني هاشم صلحاً أبداً ولا يأخذهم بهم رأفة حتّى يسلموه للقتل. فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين ، واشتدّ عليهم البلاء والجهد ، وقطعوا عنهم الأسواق ، فلا يتركوا لهم طعاماً يقدم مكّة ولا بيعاً إلاّ بادروهم إليه فاشتروه؛ يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله فكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم أمررسول الله فاضطجع على فراشه؛ حتّى يرى ذلك من أراد به مكراً واغتيالاً له فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو أخوته أو بني عمّه فاضطجعوا على فراش رسول الله وأمررسول الله أن يأتي بعض فرشهم فينام عليه. فلمّا كان رأس ثلاث سنين تلاوم رجال من بني عبدمناف ، ومن قصي ، ورجال من سواهم من قريش قد ولدتهم نساء من بني هاشم ، ورأوا أنّهم قد قطعوا الرحمواستخفّوا بالحقّ ، واجتمع أمرهم من ليلتهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة منه ، وبعث الله على صحيفتهم الأُرضة؛ فلحست كلّما كان فيها من عهد وميثاق. ويقال : كانت معلّقة في سقف البيت ، فلم تترك اسما لله فيها إلاّ لحسته وبقي ما كان فيها من شرك وظلم وقطيعة رحم ، وأطلع الله عزّ وجلّ رسوله على الذي صنع بصحيفتهم فذكرذلك رسول الله لأبي طالب ، فقال أبو طالب : لا والثواقب ، ما كذبني فانطلق يمشي بعصابته من بني عبدالمطّلب حتّى أتى المسجد وهو حافل من قريش ، فلمّا رأوهم عامدين لجماعتهم أنكروا ذلك وظنّوا أنّهم خرجوا من شدّة البلاء فأتوهم ليعطوهم رسول الله. فتكلّم أبو طالب فقال : قد حدثت أمور بينكم لم نذكرها لكم ، فأتوا بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها فعلّه أن يكون بيننا وبينكم صلح - وإنّما قال ذلك خشية أن ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها - فاتوا بصحيفتهم معجبين بها لا يشكّون أنّ رسول الله مدفوعاً إليهم فوضعوها بينهم ، وقالوا : قد آن لكم أن تقبلوا وترجعوا إلى أمر يجمع قومكم فإنّماقطع بيننا وبينكم رجل واحد جعلتموه خطراً لهلكة قومكم وعشيرتكم وفسادهم. فقال أبو طالب : إنّما أتيتكم لأعطيكم أمراً لكم فيه نصف ، إنّ ابن أخي أخبرني ولم يكذبني : إنّ الله بريء من هذه الصحيفة التي في أيديكم ، ومحا كلّ اسم هو له فيها ، وترك فيها غدركم ، وقطيعتكم إيّانا ، وتظاهركم علينا بالظلم ، فإن كان الحديث الذي قال ابن أخي كما قال فافيقوا ، فوالله لا نسلمه أبداً حتّى يموت من عندنا آخرنا ، وإن كان الذي قال باطلاً دفعناه إليكم فقتلتموه أو استحييتم. قالوا : قد رضينا بالذي تقول؛ ففتحوا الصحيفة فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبرخبرها ، فلمّا رأتها قريش كالذي قال أبو طالب ، قالوا : والله إن كان هذا قطّ إلاّ سحر من صاحبكم ، فارتكسوا وعادوا بشرّ ما كانوا عليه من كفرهم والشدّة على رسول اللهوالقيام على رهطه بما تعاهدوا عليه. فقال أولئك النفر من بني عبدالمطّلب : إنّ أولى بالكذب والسحر غيرنا ، فكيف ترون فإنّا نعلم إنّ الذي اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا ، ولولاإنّكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم وهي في أيديكم طمس ما كان فيها من اسمهوما كان فيها من بغي تركه أفنحن السحرة أم أنتم؟! فقال عند ذلك النفر من بني عبدمناف وبني قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء من بني هاشم منهم أبو البختري والمطعم بن عدي وزهير بن أبي أمية بن المغيرة وزمعة بن الأسود وهشام بن عمرو وكانت الصحيفة عنده وهو من بني عامر ابن لؤي في رجال من أشرافهم ووجوههم : نحن برءاء ممّا في هذه الصحيفة فقال أبو جهل لعنه الله : هذا أمر قضى بليل ، وأنشأ أبو طالب يقول الشعر في شأن صحيفتهم ويمدح النفر الذين تبرّؤا منهاونقضوا ما كان فيها من عهد». انظر : البداية والنهاية 3/84 - 85 ، الخصائص الكبرى1/251 ، المقتفى من سيرة المصطفى 1/66 ، السيرة لابن إسحاق 2/140 - 141 ، زاد المعاد 1/30 ، الدرر 1/52 - 53 ، الطبقات الكبرى 1/209.

ص: 448

ص: 449

ومن قول أبي طالب في ذلك(1) :

ألا أبلغا عنّي على ذات رأيها(2)

قريشاً(3) وخصّا من

قريش(4)

بني كعب

ألم تعلما إنّا وجدنا محمّداً

نبيّاً كموسى ُخطّ في أوّل الكتب

وله من الأخرى(5) :

تريدون أن نسخو بقتل محمّد

ولم تختضب سمر العوالي من الدم

ترجون منّا خطّة دون نيلها

ضراب وطعن بالوشيج المقوّم

كذبتم وبيت الله لا تقتلونه

وأسيافنا في هامكم لم تحطّم

ولمّا اجتمعت قريش على عداوة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسألت أبا طالب أن يدفعه إليهم وتحالفوا على ذلك وخشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ؛ قال قصيدته التي يعوذ فيها بحرم مكّة ويذكر مكانه منها ، ويذكر فيهاأشراف قريش ومع ذلك يخبرهم وغيرهم أنّه غير مُسلّم رسول الله (صلى الله عليه وآله)إليهم ولا تاركه بشيء أبداً وهي طويلة منها(6) : ،

ص: 450


1- السيرة النبوية 2/197 ، الاكتفاء بما تضمّنته من مغازي رسول الله 1/256 ، السيرة لابن إسحاق 2/138 ، البداية والنهاية 3/87 ، إيمان أبي طالب للمفيد : 33 ، الدرجات الرفيعة : 53 ، كنز الفوائد : 79 ، شرح الأخبار 3222. وهذان البيتان إقرار صحيح من أبي طالب عليه السلام بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) نبيٌّ كموسى عليه السلام ، وهذا يدلّل على إيمانه بنبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إيمانه بكتاب الله الذي لا يعرفه إلاّ المؤمنون.
2- وردت في كثير من المصادر (على ذات بينها).
3- وردت في كثير من المصادر (لؤيا وخصا من لؤي).
4- وردت في كثير من المصادر (لؤي).
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/71 ، الفصول المختارة : 284 ، عمدة الطالب : 22 ، كنز الفوائد : 78 ، إيمان أبي طالب لفخار 1/188.
6- دلائل النبوّة 1/185 ، تاريخ ابن عساكر 66 ، 315 ، البداية والنهاية 6/186 ،

كذبتم وبيت الله نبزي(1)

محمّداً

ولمّا نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتّى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فأيّده ربّ العباد بنصره

وأظهر ديناً حقّه غير باطل

قال الشيخ المفيد محمّد بن علي بن النعمان في مجالسه(2) : «وممّا يدلّ على إيمان أبي طالب : إخلاصه في الودّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والنصرة له بقلبه ولسانه ، وآمر ولديه عليّ وجعفر باتّباعه. وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه : (وصلتك رحم وجزيت خير يا عمّ)(3) ، فدعا له ، وليس يجوز أن يدعو بعدلل

ص: 451


1- وهي مراده ، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع ، لسان العرب 14/73.
2- لم أعثر عليه في المجالس (الأمالي) وإنّما في الفصول المختارة : 282.
3- إيمان أبي طالب للمفيد : 26 ، تاريخ بغداد 13/196 ، الإصابة 7/237 ، العلل

الموت لكافر ولا يسأل الله له خيراً ، ثمّ أمر عليّ عليه السلام خاصّة من بين أولاده الحاضرين بتغسيله وتكفينه ومواراته في قبره دون عقيل وطالب ، ولم يكن من أولاده من قد آمن في تلك الحال إلاّ أمير المؤمنين عليه السلام ، فأمره بتولّي أمره دون من لم يكن على الإيمان ، ولو كان كافراً لمّا أمر ابنه المؤمن بتولّيه ، لكان الكافر أحقّ به ، مع أنّ الخبر ورد على الاستفاضة بأنّ جبرائيل نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند موت أبي طالب فقال : (يا محمّد إن ربّك يقرؤك السلام ويقول اخرج من مكّة فقد مات ناصرك)(1).

وهذا يبرهن عن إيمان لتحقّقه بنصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتقوية أمره ، ويدلّ على ذلك قوله لابنه علي حين رآه يصلّي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا يابني؟! قال : دين دعاني إليه ابن عمّي» ، فقال له : اتبعه ، فإنّه لا يدعو إلاّ إلى خير(2).

فاعترف بصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقوله ، وقد مرّ على أمير المؤمنين ثانيةوهو يصلّي عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه جعفر ابنه فقال له : يا بنيّ صل جناح ابن عمّك ، فصلّى جعفر معه ، وتأخّر أمير المؤمنين حتّى صلّى وجعفر خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجاءت الرواية بأنّهما أوّل جماعة في 6.

ص: 452


1- ينابيع المودّة : 455 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/70 ، إيمان أبي طالب لفخار : 341 ، إيمان أبي طالب للمفيد : 24 ، الأربعين للقمي : 424 ، أبو طالب : 206.
2- عيون الأثر 1/126 ، نهج الإيمان : 168 ، ذخائر العقبى : 60 ، تاريخ الطبري 1/539 ، الاكتفاء بما تضمّنته من سيرة رسول الله 1/211 ، السيرة الحلبية 1/436.

الإسلام(1).

ثمّ أنشأ أبو طالب قائلاً(2) (3) : -

ص: 453


1- شواهد التنزيل 2/333 ، أسد الغابة 1/287 ، نهج الإيمان : 376 ، السيرة الحلبية 1/433 ، الأمالي : 508 ، وسائل الشيعة 8/288. ونقل ابن أبي الحديد مذاكرة في هذا الموضوع ما نصّه : «فتذكّر الرواة أنّ جعفرا أسلم منذ ذلك اليوم؛ لأنّ أباه أمره بذلك وأطاع أمره ، وأبو بكر لم يقدر على إدخال ابنه عبد الرحمن في الإسلام حتّى أقام بمكّة على كفره ثلاث عشرة سنة ، وخرج يوم أحدفي عسكر المشركين ينادي : أنا عبدالرحمن بن عتيق هل من مبارز؟! ثمّ مكث بعد ذلك على كفره حتّى أسلم عام الفتح ، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الإسلام طوعاًوكرهاً ، ولم يجد أحد منها إلى ترك ذلك سبيلاً ، وأين كان رفق أبي بكر وحسن احتجاجه عند أبيه أبي قحافة وهما في دار واحدة هلاّ رفق به ودعاه إلى الإسلام فأسلم؟! وقد علمتم أنّه بقي على الكفر إلى يوم الفتح فأحضره ابنه عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة ، فنفر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منه وقال : «غيّروا هذا» فخضّبوه ، ثمّ جاءوابه مرّة أخرى فأسلم ، وكان أبو قحافة فقيراً مدقعاً سيّئ الحال ، وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال فلم يمكنه استمالته إلى الإسلام بالنفقة والإحسان ، وقد كانت امرأة أبي بكرأم عبد الله ابنه ، واسمها : نملة بنت عبدالعزّى بن أسعد بن عبد بن ودّ العامرية لم تسلم ، وأقامت على شركها بمكّة وهاجر أبو بكر وهي كافرة ، فلمّا نزل قوله تعالى : (وَلاتُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)؛ فطلّقها أبو بكر فمن عجز عن ابنه وأبيه وامرأته فهو عن غيرهم من الغرماء أعجز ، ومن لم يقبل منه أبوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج ولا خوفامن قطع النفقة عنهم وإدخال المكروه عليهم ، فغيرهم أقلّ قبولاً منه وأكثر خلافاً عليه». شرح نهج البلاغة 13/271. وعليه لو كان أبوطالب غير مؤمن بالله وبما جاء به الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لما حثّولديه علي وجعفر عليهما السلام على ملازمته ، المحقّق.
2- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (بقوله) ، والأصوب ماذكر في المتن.
3- نهج الإيمان : 376 ، الفصول المختارة : 282 - 283 ، بحار الأنوار 35/173 -174 ، الأربعين للماحوزي : 204 - 205.

إنّ عليّاً وجعفراً ثقتي

عند ملمّ الخطوب والكرب

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما

أخي لأُمّي من بينهم وأبي

والله لا أخذل النبيّ ولا

يخذله من بنيّ ذو حسب

فاعترف بنبوّة النبيّ اعترافاً صريحاً في قوله : لا أخذل النبيّ ، ولا فصل بين أن يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالنبوّة في شعره ونظمه وبين أن يعترف بذلك في نثره وكلامه ، ويشهد عليه من حضر.

وقد روى أصحاب السير إنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة اجتمع عليه أهله فقال(1) : 7.

ص: 454


1- إيمان أبي طالب للمفيد : 37 ، إيمان أبي طالب لفخار : 326 - 327 ، روضة الواعظين1/141 ، مجمع البيان 4/32 ، الدرجات الرفيعة : 61 ، بحار الأنوار 35/175. وفي هذا المضمون أيضاً فقد ذكر المؤرّخون إنّ أبا طالب عليه السلام لمّا حضرته الوفاة جمع إليه وجوه قريش فأوصاهم فقال : «يا معشر قريش ، أنتم صفوة الله من خلقه ، وقلب العرب ، فيكم السيّد المطاع ، وفيكم المقدام الشجاع الواسع الباع ، واعلموا أنّكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلاّ أحرزتموه ، ولا شرفاً إلاّ أدركتموه ، فلكم بذلك على الناس الفضيلة ، ولهم به إليكم الوسيلة والناس لكم حرب وعلى حربكم ألب ، وإنّي أوصيكم بتعظيم هذه البنية - يعني الكعبة - فإنّ فيها مرضاة للربّ ، وقواماً للمعاش ، وثباتاً للوطأة ، صلوا أرحامكم فإنّ في صلة الرحم منسأة في الأجل ، وزيادة في العدد ، اتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم ، أجيبوا الداعي ، واعطواالسائل فإنّ فيهما شرف الحياة والممات ، وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فإنّ فيهما محبّة في الخاصّ ومكرمة في العامّ ، وإني أوصيكم بمحمّد خيراً فإنّه الأمين في قريش ، والصديق في العرب ، وهو الجامع لكلّ ما أوصيتكم به وقد جاءنابأمر قبله الجنان ، وأنكره اللسان مخافة الشنآن ، وايم الله كأنّي أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته ، وصدقواكلمته ، وعظموا أمره ، فخاض بهم غمرات ، الموت وصارت رؤساء قريشوصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وضعفاؤها أربابا ، وإذا عظمهم عليه أحوجهم إليهوأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب ودادها ، وأصفت له بلادها ، وأعطته قيادها. يا معشر قريش ، كونوا له ولاة ولحزبه حماة ، والله لا يسلك أحد سبيله إلاّ رشد ، ولايأخذ بهديه أحد إلاّ سعد ، ولو كان لنفسي مدة وفي أجلي تأخير ، لكففت عنه الهزاهزولدافعت عنه الدواهي». الاكتفاء بما تضمنته من سيرة رسول الله 1/295 - 296 ، جمهرة خطب العرب 1/161- 162. ومن يقرأ مفردات هذه الوصية بدقّة لايتبادر إلى ذهنه ولو للحظة واحدة أنّ أبا طالب لم يكن مؤمناً بالله ، فهي كما يقال كالشمس في رابعة النهار ، المحقّق. وللعلاّمة المتبحّر الشيخ عبدالحسين الأميني قدس سره تعليق على هذا الموضوع بقوله : «في هذه الوصية الطافحة بالإيمان والرشاد دلالة واضحة على أنّه عليه السلام إنّما أرجأ تصديقه باللسان إلى هذه الآونة التي يأس فيها عن الحياة حذار شنآن قومه المستتبع لانثيالهم عنه ، المؤدّي إلى ضعف المنّة وتفكّك القوى ، فلا يتسنّى له حينئذ الذبّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن كان الإيمان به مستقرّاً في الجنان من أوّل يومه ، لكنّه لما شعربأزوف الأجل وفوات الغاية المذكورة أبدى ما أجنته أضالعه فأوصى بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)بوصيّته الخالدة» ، الغدير 7/267.

أوصي بنفر نبيّ الخير مشهده

عليّاً ابني وشيخ القوم عبّاسا

وحمزة الأسد الحامي حقيقته

وجعفر أن يذودا دونه الناسا

كونوا فداءً لكم أمّي وما ولدت

في نصر أحمد دون الناس أتراسا

فأقرّ له بالنبوّة واعترف له بالرسالة قبل مماته ، وهذا يزيل الريب في إيمانه بالله عزّ وجلّ وبرسوله (صلى الله عليه وآله) وتصديقه له وإسلامه» انتهى ملخّصا.

ونحن ننقل من طرق العامّة ما يؤيّد ما ذكره الشيخ ، ونذكر أخبار

ص: 455

اخرى لم يتعرّض هو لها ممّا تزيد في الحجّة وتبين في المحجّة.

فمن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)(1) قال : «إنّها مختصّة بأمير المؤمنين ، وقال : إنّه أوّل من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وساق الحديث إلى أن قال : ويروى أنّ أباطالب قال لعليّ : أي بني ما هذا الذي أنت عليه؟! قال : يا أبت آمنت بالله ورسوله ، وصدّقته فيما جاء به ، وصلّيت معه لله تعالى ، فقال : ما أنّ محمّداً لا يدعوا إلاّ إلى خير فالزمه»(2).

وذكر الثعلبي أيضاً في تفسير قوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)(3) : «عن ابن عبّاس قال : اجتمعت قريش إلى أبي طالب ، وقالوا : يا أباطالب ، سلّم إلينا محمّداً فإنّه قد أفسد ديننا ، وسبّ آلهتنا ، وهذه ابناؤنا بين يديك تبيّن أيّهم شئت ، ثمّ دعوا عمارة بن الوليد(4) وكان مستحسناً ، فقال لهم : هل رأيتم ناقة حنّت إلى غير فصيلها إلاّ كان ذلك أباً ، ثمّ نهض عنهم ودخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فرآه كئيباً وقد علم بمقالة قريش ، فقال يا محمّد ، لا تجدن :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتّى أوسّد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة

وابشر بذاك وقرّ منك عيونا5.

ص: 456


1- سورة الواقعة56 : 10.
2- نقلاً عن : الطرائف 1/19 ، الصراط المستقيم 1/333 ، بحار الأنوار 38/251.
3- سورة الأنعام 6 : 26.
4- عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ومات كافراً؛ لأنّ قريشاً بعثوه إلى النجاشي فجرت له معه قصّة ، فأُصيب بعقله ، وهام مع الوحش. وذكر أنّه ممّن دعا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)عليهم من قريش لمّا وضع عقبة بن أبي معيط سلى الجزور على ظهره. الإصابة 5/283 ، دلائل النبوّة 1/64 ، تاريخ اليعقوبي 2/25.

ودعوتني وزعمت أنّك ناصحي

ولقد صدقت وكنت قبل أمينا

وعرضت ديناً لا محالة إنّه

من خير أديان البرية دينا»

قال الثعلبي : «قد اتفق على نقل هذه الأبيات مقاتل(1) والقاسم بن محصرة(2) وعطاء بن دينار(3) وإحدى الروايات عن ابن عبّاس»(4).

أقول(5) : وقد رواها محمّد بن إسحق وغيره وزاد فيها(6) : فل

ص: 457


1- مقاتل بن سليمان بن بشير البجلي الأزدي الخراساني ، أبو الحسن ، ويقال له : ابن دوال دوز البصري ، من أعلام التفسير ، أصله من بلخ انتقل إلى البصرة ، ودخل بغداد فحدّث بها ، متروك الحديث ، توفّي عام 150 ه. انظر : الطبقات الكبرى 7/373 ، لسان الميزان 7/397 ، تهذيب الكمال 34/284 ، سير أعلام النبلاء 7/201 ، الأعلام للزركلي 7/281.
2- لم نعثر له على ترجمة ، ولعلّه (مخيمرة أو محيضرة).
3- عطاء بن دينار الهذلي ، أبو الريّان ، وقيل أبو طلحة المصري ، من ثقات المصريّين ، له تفسير وينسب إلى سعيد بن جبير. انظر : لسان الميزان 7/305 ، جامع التحصيل 1/237 ، تهذيب الكمال 20/67 - 68 ، الثقات لابن حبّان 2/134.
4- نقلاً عن : الطرائف 1/301 ، بحار الأنوار 38/146 - 147.
5- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (وأقول) ، والأصوب ما ذكر في المتن.
6- السيرة لابن إسحاق 2/136 ، السيرة الحلبية 1/462 ، البداية والنهاية 3/42 ، تاريخ اليعقوبي 2/31 ، أسباب النزول : 144 ، زاد المسير 3/17 ، سعد السعود : 133. ونقل القرطبي في تفسيره ما دعا أبا طالب عليه السلام إلى قول هذه الأبيات ، ونقلت بعض المصادر روايات مختلفة ، ذكر ما نصّه : «عن ابن عبّاس أيضاً وروى أهل السير قال : كان النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قد خرج إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلّي فلمّا دخل في الصلاة قال أبو جهل لعنه الله : من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعرى فأخذ فرثاً ودماً فلطّخ به وجه النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فانتفل

لولا الملامة أو تكون معرّة(1)

لوجدتني سمحاً بذاك مبينا

قال الشيخ المفيد : «فأن تعلّق أحد بما يؤثر عنه من قوله ...

لولا الملامة .. البيت

وقالوا : هذا الشعر يتضمّن أنّه لم يؤمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسمح له بالإسلام خوف المعرّة والتّسفيه ، وكيف يكون مؤمناً مع ذلك ، فيقال إنّ أبا طالب لم يمتنع من الإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله) في الباطن والإقرار بحقّه من طريق الديانة ، وإنّما امتنع من ذلك لئلاّ تسفه قريش ، وتذهب رئاسته ، ويخرج منها من كان تابعاً له في طاعته ، وتنحرف هيبته عندهم ، فلا يُسمع له قول ، ولا يمثل له أمر ؛ فيحول بينه وبين مراده من نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولا يتمكّن من غرضه في الذبّ عنه ، فاستتر منهم الإيمان ، وأظهر ما كان ».

ص: 458


1- وردت عند ابن إسحاق : «لولا الملامة أو حذاري سبّة».

يمكنه إظهاره على وجه الاستصلاح ؛ ليصل بذلك إلى بناء الإسلام ، وقوام الدعوة ، واستقامة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ذلك كمؤمني الكهف الذين أبطنوا الإيمان وأظهروا ضدّه للتقية والإصلاح ، فأتاهم أجرهم مرّتين ، والدليل على ماذكرناه في أمر أبي طالب قوله في هذا الشعر بعينه :

ودعوتني وزعمت إنّك ناصحي

ولقد صدقت وكنت قبل أميناً

فشهد بصدقه ، واعترف بنبوّته ، وأقرّ بنصحه ، وهذا محض الإيمان على ما قدّمناه»(1) انتهى كلامه رفع مقامه ، وهو كاف في دفع الشبهة ، شاف في إزالة التهمة.

فصل

بعض أشعار أبي طالب

ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث الحادي والعشرون من أفراد البخاري في الصحيح من مسند عبدالله بن عمر ، وبالإسناد المقدّم قال : وأخرجه تعليقاً ، فقال : وقال عمر بن حمزة(2) : حدّثنا(3) سالم(4) ، عن دّ

ص: 459


1- الفصول المختارة : 285 - 286.
2- عمر بن حمزة بن عبدالله بن عمر العدوي العمري ، من أهل المدينة ، سكن الكوفة ، ثمّ رجع إلى المدينة وتوفّي بها. انظر : التاريخ الكبير للبخاري 6/148 ، من تكلّم فيه 1/142 ، الثقات لابن حبّان 7/168 ، رجال مسلم 2/35 ، ذكر أسماء التابعين 2/167.
3- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (بن) والأصوب ماذكر في المتن وكما ذكره البخاري في سند الرواية.
4- سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطّاب العدوي العمري ، أبو عمر ، تابعي ، ويعدّ

أبيه ربّماذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبيّ (صلى الله عليه وآله) يستسقي فما ينزل حتّى يجيش كلّ ميزاب (1).

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للآرامل

وهو قول أبي طالب ، وقد أخرجه بالإسناد من حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار(2) عن أبيه قال : «سمعت ابن عمر يتمثّل بقول أبي طالب(3) : ما

ص: 460


1- صحيح البخاري 1/342 ، مسند ابن حنبل 2/93 ، السنن الكبرى للبيهقي 3/352 ، سبل الهدى والرشاد 9/440.
2- عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار مولى عبدالله بن عمربن الخطاب القرشي العدوي المدني. انظر : رجال صحيح البخاري 1/448 ، من تكلّم فيه 1/120.
3- العمدة : 412 ، بحار الأنوار 35/146. واختلفت كلمات القصيدة من مصدر لآخر إلا أنّها تشير إلى نفس المعنى المتقدّم في المتن. وعلّق السيّد فخار بن معد الموسوي على أبيات هذه القصيدة ما نصّه : «من أنصف وتأمّل هذا المدح قطع على صدق ولاء قائله للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) واعترافه بنبوّته وإقراره برسالته ؛ لأنّه لا فرق بين أن يقول : محمّد نبيّ صادق وما جاء به حقٌّ ، وبين أن يقول : فأيّده ربّ العباد بنصره وأظهر دينه الحقّ المخالف للباطل. فما بعد هذا القول المقطوع وروده من أبي طالب وما أشبهه طريق إلى المتأوّل في كفره إلاّ وهو طريق إلى كفر حمزة وجعفر عليه السلام وغيرهما من وجوه المسلمين وإن أظهروا الإسلام والإقرار بالشهادتين ونصروا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان أبو طالب قد شهد للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوّة واعترف له بالرسالة في نظمه ونثره وخطبه وسجعه حسب ما

لعمري لقد كلّفت وجداً بأحمد

وأحببته حبّ الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه وحميته

ودارئاعنه بالذرى(1)

والكلاكل(2)

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها

وشيناً لمن عادى وزين المحافل

حليماً رشيداً حازماً غير طايش

يوالي آل الحقّ ليس بماحل(3)

وأيّده ربّ السماء بنصره

وأظهر ديناً حقّه غير باطل

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذّب

لدينا ولا يعبأ بقول الأباطل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

تطوف به الهلاّك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله نبزي محمّداً

ولمّا نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتّى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل»

فصل

بعض أخبار أبي طالب

ومن كتاب نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب الرسول (صلى الله عليه وآله) تأليف 7.

ص: 461


1- ورد في نصّ المخطوطة (بالكلا) والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر. والذرى : جمع ذروة وهي أعلى ظهر البعير. لسان العرب 14/248.
2- جمع كلكل وهو معظم الصدر. لسان العرب 10/397.
3- الماحل : أي المكر بالحقّ. لسان العرب 11/617.

إبراهيم علي الدينوري الحنبلي(1) يرفعه عن عائشة(2) تذكر صورة سقيا النبيِّ للأعرابي ونزول الغيث فقال فيه : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدينة كالإكليل فضحك النبيّ (صلى الله عليه وآله) حتّى بدت نواجذه ، ثمّ قال : لله درّ أبي طالب لو كان حيّاً قرّت عينه من ينشدنا قوله؟! فقال

عليٌّ عليه السلام : أنا يا رسول الله لعلّك أردت :

وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمةٌ للأرامل»

فائدة :

الأبيات إلى آخرها أقول : وفي هذه القصيدة شواهد كثيرة على إيمانه 5.

ص: 462


1- قال أقا بزرك : «نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول لإبراهيم بن علي بن محمّدبن بكروس الدينوري حكى عنه عبدالكريم بن طاوس في فرحة الغري كرامة لقبرأمير المؤمنين عام 597 ، وهو عامّي منصف غير ناصبي. وينقل عنه أيضاً في أنساب النواصب المؤلّف 1076 بعنوان نهاية الطلب للخليلي العامّي الذي نقل عنه ابن طاوس في الطرائف». الذريعة 24/402. وهذان الكتابان مفقودان. وذكر كذلك أقا بزرك : «نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول لإبراهيم ابن علي الدينوري الحنبلي ، روى عنه جملة من الأحاديث في بغية الطلب في حال أبي طالب ...». ذيل كشف الظنون : 112.
2- تروى هذه الرواية بطريقين ، فتذكرها بعض المصادر عن عائشة ما نصّه : «وعن عائشة أنّها تمثّلت بهذا البيت وأبو بكر رضي الله عنه ينصت فقال أبو بكر رضي الله عنه : ذاك رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم)». انظر : مجمع الزوائد 8/219 ، مصنّف ابن أبي شيبة 5/279 ، مسند البزّاز 1/125 ، مسند ابن حنبل 1/7 ، ميزان الاعتدال 5/185. ومصادر أخرى روته عن أنس بن مالك ، وهي نصّ الرواية الموجودة في المتن. انظر : مسند ابن ماجة 1/405 ، التمهيد 22/64 - 65 ، دلائل النبوّة 1/184 ، فتح الباري 2/495.

فيها قوله : لا مكذّب ، فنفى عنه الكذب فأثبتت صدقه ، وهذا هو الإيمان في اللغة ؛ لأنّه التصديق. ومنها قوله : «ليس بماحل» بمنقول للكذب ؛ وهو مثل الأوّل في دلالته على الإيمان. ومنها قوله : «وأيّده ربّ العباد» الخ. فأثبت إنّ الله ربّ العباد وأثبتنا تأييده لنبيّه وإنّ دينه هو الحقّ ، وهو غير باطل ، وهذا من قوله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)(1) ، وقوله : «يستسقى» الخ. أخبارعن معجزة لم يحضر وقتها وحضرت على يده وهذا غاية تصديقه ، وقوله : «حتّى نصرّع دونه» غاية في بذل الجهد في الجهاد والذبّ عنه.

وفي كتاب نهاية الطلب يرفعه إلى الحسن بن علي بن عبدالله الأزدي(2) الفقيه ، وساق السند إلى ابن عبّاس والحديث طويل أخذنا موضع الحاجة منه يقول فيه : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال للعبّاس : «إنّ الله قد أمرني بإظهارأمري وقد أنبأني واستنبأني فما عندك؟ فقال العبّاس : يابن أخي ، تعلم أنّ قريشاً أشدّ الناس حسداً لولد أبيك فإن كانت هذه الخصلة كانت الطامّة الطمّاء ، والداهية الدهياء ، ورمينا عن قوس واحدة فأنسفتمونا نسفاً صلتا ، ولكن قرّب إلى عمّك أبي طالب فإنّه أكبر أعمامك أن لا ينصرك لا يخذلك ولايسلمك فأتيناه ، فلمّا رآهما أبو طالب قال : إنّ لكما لظنّة وخبر ما جاء بكمافي هذا الوقت؟! فأخبره العبّاس بما قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله) وما أجابه العبّاس ، فنظر إليه أبو طالب وقال : اخرج فإنّك الرفيع كعباً ، المنيع حزباً ، الأعلى أباً والله لا يسلقك لسان إلاّ سلقته ألسن شداد ، واجتذبته سيوفة.

ص: 463


1- سورة الأنفال 8 : 62.
2- ذكره المزّي في كتابه تهذيب الكمال فيمن يروي عنه عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليدالأسدي أبو وهب الرقّي مولى بني أسد 19/137. ولم نعثر له على ترجمة.

حداد ، والله لتذلّنّ العرب ذلّ البهم لحاضنها ، ولقد كان أبي يقرأ الكتب جميعاًولقد قال : إنّ من صلبي نبيّاً ولوددت أنّي أدركت ذلك الزمان فآمنت به فمن أدركه من ولدي فيؤمن به ، ثمّ ذكر صفة إظهار النبيّ (صلى الله عليه وآله) للرسالة عقيب كلام أبي طالب قول»(1).

وهذا صريح في تصديقه النبيّ (صلى الله عليه وآله) وحقٌّ عظيم له على الإسلام من حيث تقوية النبيّ على إظهار الدعوة ووعده بالنصرة ، ولو لم يكن إلاّ الحديث هذا لكفى.

ومن الكتاب المذكور بإسناده إلى محمّد بن إسحاق(2) ، عن(3) عبدالله بن المغيرة بن معقب(4) قال : «فقد أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فظنّ أنّ بعض قريش اغتاله فقتله ، فبعث إلى بني هاشم فقال : يا بني هاشم إنّ بعض قريش اغتال محمّداً فقتله ، فليأخذ كلّ واحد منكم حديدة وليجلس عظيم من عظماء قريش ، فإذا قلت : أبغي محمّداً ؛ قتل كلّ رجل منكم الذي إلى ة.

ص: 464


1- نقلاً عن : الطرائف 1/302 - 303 ، بحار الأنوار 35/147 - 148 ، الغدير 7/248 ، الأربعين للقمّي : 489 - 490.
2- محمّد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني ، أبو بكر ، الإمام الحافظ مصنّف المغازي مولى قيس بن مخرمة بن المطّلب بن عبدمناف رأى أنس بن مالك ، وحدّث عن أبيه ، وعمّه موسى ، وآخرون ، وكان أحد أوعية العلم حبراً في معرفة المغازي والسير. انظر : تذكرة الحفاظ 1/172 - 173 ، طبقات الحفّاظ 1/82 ، مشاهير علماء الأمصار 1/139 ، جامع التحصيل 1/109.
3- وردت في نصّ نسخة المخطوطة (بن) والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.
4- وردت في نصّ نسخة المخطوطة (مصعب) والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر. ولم نعثر له على ترجمة.

جانبه ، فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أجمع عليه أبو طالب وهو في بيت عند الصفافأتى إلى أبي طالب وهو في المسجد فلمّا رآه أبو طالب أخذ بيده ، ثمّ قال : يامعشرقريش ، فقدت محمّداً فظننت أنّ بعضكم اغتاله ، فأمرت كلّ فتى من بني هاشم ، أن يأخذ حديدة ويجلس كلّ واحد منهم إلى عظيم منكم فإذا قتل محمّداً قتل كلّ واحد منهم الرجل الذي إلى جنبه ، فاكشفوا عمّا في أيديكم يا بني هاشم ، فكشف بنو هاشم عمّا في أيديهم ، فنظرت قريش إلى ذلك ؛ فعندها هابت قريش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ أنشأ أبو طالب يقول(1) :

ألا أبلغ قريشاً حيث حلّت

وكلّ سرائر منها غرور

فإنّي والضوابح عاديات

وماتتلو السفاسرة(2)

الشهور

لآل محمّد راع حفيظ

وودّ الصدر منّي والضمير

فلست بقاطع رحمي وولدي

ولو جرت مظالمها الجزور

أيأمر جمعهم أبناء فهر

بقتل محمّد والأمر زور

فلا وأبيك لا ظفرت قريش

ولا ألفت رشاداً إذ تشير

بنيّ أخي ونوط القلب منّي

وأبيض ماؤه غدق كثير

أتشرب هذه الولدان ماءً(3)

وأحمد قد تضمّنه القبور4.

ص: 465


1- نقلاً عن الطرائف 1/303 - 304 ، بحار الأنوار 35/148 - 149 ، الأربعين للقمّي : 491 ، إيمان أبي طالب للمفيد : 29.
2- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «وما تبلو الشفاقرة» والأصوب ماذكر في المتن وذكرته المصادر. والسفاسرة : أصحاب الأسفر وهو الكتب.
3- ورد هذا الشطر عند السيّد ابن طاووس «ويشرب بعده الولدان ريّا» ، الطرائف 1/304.

أيا ابن الأنف أنف بني قصي

كأنّ جبينك القمر المنير»

وعن الكتاب المذكور بإسناده للتعيين قال : «سمعت أبا طالب يقول : حدّثني محمّد ابن أخي وكان والله صدوقاً قلت له : بم بعثت يا محمّد؟ قال : بصلة الأرحام ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة»(1).

وعن الكتاب المذكور بإسناده إلى عروة بن عمر الثقفي(2) قال : «سمعت أبا طالب يقول : سمعت ابن أخي الأمين يقول : اشكر ترزق ، ولا تكفر فتعذّب»(3).

وعن الكتاب المذكور بإسناده لابن عبّاس قال : «عارض النبيّ جنازة أبي طالب فقال : وصلتك رحم ، وجزاك الله يا عمّ خيراً»(4).

وعن الكتاب المذكور بإسناده إلى العبّاس بن عبدالمطّلب قال : «قلت : يارسول الله ، ما ترجو لأبي طالب؟ قال : كلّ خير أرجوه من ربّي»(5). 1.

ص: 466


1- نقلاً عن الطرائف 1/304 ، بحار الأنوار 35/151. ونقل هذه الرواية : ابن حجر الإصابة 7/243.
2- لم نعثر له على ترجمته.
3- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «اشكر توب ولا تكفر تعذّب» والأصوب ماذكر في المتنوذكرته المصادر. نقلاً عن الطرائف 1/305 ، بحار الأنوار 35/151 ، الأربعين للقمّي : 492 ، الغدير7/368.
4- نقلاً عن الطرائف 1/305 ، بحار الأنوار 35/151. ونقلت هذه الرواية مصادر أخرى. انظر : تاريخ بغداد 13/196 ، السيرة الحلبية 2/47 ، تاريخ دمشق 59/250 ، أنساب الأشراف : 24.
5- نقلاً عن الطرائف 1/305 ، بحار الأنوار 35/151.

فصل

وصية عبدالمطّلب لأبي طالب ، صحبته للرسول ، وفاته

ومن مناقب سبط ابن الجوزي قال : «وقال الواقدي : لمّا احتضر عبدالمطّلب أوصى برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي طالب وقال : يا بنيّ احتفظ بولدي ، فقد أخبرني القافة من بني مذحج وقالوا : لم نر قدماً أشبه بالقدم الذي في المقام من قدم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وسيكون له ملك ، فكفل أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقام بنصرته ، وكان معه لا يفارقه ، ويحبّه حباً شديداً ، ويقدّمه على أولاده ، ولا ينام إلاّ وهو إلى جانبه ، وكان يقول له : إنّك لمبارك النقيبة ، وميمون الطلعة»(1).

ومن الكتاب المذكور قال ابن سعد في الطبقات : «خرج أبو طالب إلى ذي المجاز ومعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعطش فقال : يا بن أخي عطشت ولا ماء! فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضرب بعقبه الأرض ؛ فنبع الماء فشرب منه»(2).

ومن الكتاب المذكور قال محمّد بن إسحاق : وذكر حديثاً طويلاً ، وقدذكرنا مضمونه من طرق أخرى فيما سبق ، واقتصرنا منه هنا على موضع الحاجة قال : «لمّا دخلت السنة العاشرة من النبوة مرض أبو طالب ، 7.

ص: 467


1- تذكرة الخواصّ : 7.
2- تذكرة الخواصّ : 7 ، الطبقات الكبرى 1/152 - 153 ، بحار الأنوار 15/407.

وقدكان قام بأمر رسول الله من السنة الثامنة من مولده إلى هذه السنة وهي العاشرة من النبوّة مدّة اثنتين وأربعين سنة»(1).

وقال ابن سعد : «حدّثني الواقدي بإسناده عن عليٍّ عليه السلام قال : لمّا توفّي أبوطالب أخبرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبكى بكاءً شديداً ، ثمّ قال : اذهب فغسّله وكفّنه وواره غفر الله له ورحمه ، فقال له العبّاس : أترجو له؟! فقال : أي والله إنّي لأرجو له ، وأقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيّاماً في بيته لا يخرج ، واستغفر له أيّاماً»(2).

أقول : في هذا الحديث دلالة صريحة على إيمانه ، فإنّ الله تعالى يقول : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى)(3) فلو لم يكن مؤمناً لما جاز من الرسول أن يستغفر له ويدعو له بالرحمة ، لقول بعض العامّة : إنّها نزلت في أبي طالب(4) فذلك افتراء ر.

ص: 468


1- تذكرة الخواصّ : 8.
2- تذكرة الخواصّ : 8 ، الطبقات الكبرى 1/123 ، السيرة الحلبية 2/47.
3- سورة التوبة 9 : 113.
4- الإتقان 1/97 - 98 ، تفسير البيضاوي 3/175 - 176 ، تفسير الصنعاني 2/288 - 289 ، تفسير الثعالبي 2/159 - 160 ، تفسير أبي السعود 4/107 ، تفسير البغوي 2/330 ، زاد المسير 3/507. وجاء نصّ الرواية التي استند عليها عن سعيد المسيّب قال : «لمّا حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله وعنده أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية فقال : أي عم قل لا إله إلاالله أحاجّ لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبدالله : يا أبا طالب ، أترغب عن ملّة عبدالمطّلب فلم يزالا يكلّمانه حتّى قال : هو على ملّة عبدالمطلب فقال النبيّ : لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنه فنزلت : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ)» ، انظر المصادر المتقدّمة الذكرولاشكّ أنّ هذه الرواية من الموضوعات ، شأنها شأن كثير من الروايات الموضوعة على شخص أبي طالب. وذكر الشريف النسّابة العلوي العمري المعروف بالموضح بإسناده «أنّ أبا طالب لمّامات لم تكن نزلت الصلاة على الموتى فما صلّى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عليه ولا على خديجة ، وإنّما اجتازت جنازة أبي طالب والنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ وجعفر وحمزة جلوس فقاموا وشيّعوا جنازته واستغفروا له فقال قوم : نحن نستغفر لموتانا وأقاربناالمشركين أيضاً ظنّاً منهم أنّ أبا طالب مات مشركاً؛ لأنّه كان يكتم إيمانه ، فنفى الله عن أبي طالب الشرك ونزّه نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) والثلاثة المذكورين عليهم السلام عن الخطأ في قوله : (ماكانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) فمن قال بكفر أبي طالب؛ فقد حكم على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بالخطأ ، والله تعالى قد نزّهه عنه في أقوالهوأفعاله ، ولو كان أبو طالب مات كافراً لما أبّنه النبيّ بعد الموت ولا أثنى عليه». إيمان أبي طالب لفخار : 268 - 269. ونقل كذلك عن أبي الفرج الأصفهاني ما نصّه : «سئل أبو الجهم بن حذيفة أصلّى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي طالب؟ فقال : وأين الصلاة يومئذ إنّما فرضت الصلاة بعد موته. ولقدحزن عليه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر عليّاً بالقيام بأمره وحضر جنازته ، وشهد له العبّاسوأبو بكر بالإيمان وأشهد على صدقهما ، لأنّه كان يكتم إيمانه ولو عاش إلى ظهورالإسلام لأظهر إيمانه» ، إيمان أبي طالب لفخار : 268. وناقش الشيخ الأميني قدس سره هذا الموضوع بإسهاب ، ووضع الأدلّة والحجج على تفنيدتلك الادّعاءات التي لاأصل لها من الصحّة ، ومن جملة ما قال : «إنّ آية الاستغفارنزلت بالمدينة بعد موت أبي طالب بعدّة سنين تربو على ثمانية أعوام ، فهل كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) خلال هذه المدّة يستغفر لأبي طالب عليه السلام أخذاً بقوله(صلى الله عليه وآله) : والله لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك؟ وكيف كان يستغفر له؟ وكان هو (صلى الله عليه وآله) والمؤمنون ممنوعين عن موادّة المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم - الذي هو من أظهر مصاديق الموادّة والتحابب - منذ دهر طويل بقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْعَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ)» ، الغدير 8/10. .

ص: 469

محض ؛ لنقل أكثر المفسّرين ، ومنهم صاحب الكشّاف : إنّها نزلت في المدينة بعد الهجرة وبعد وفاة أبي طالب بكثير(1).

ومن الكتاب المذكور وذكر ابن سعد ، عن هشام بن عروة قال : «مازلوا كافّين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى مات أبو طالب ، يعني قريشاً»(2).

وقال السّدّي(3) : «مات أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة ، ودفن بالحجون عند عبدالمطّلب ، وقال أمير المؤمنين يرثيه(4) :

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ

فصلّى عليك ولىّ النعم

ولقّاك ربّك رضوانه

فقد كنت للمصطفى خير عم»(5)

وقال عليه السلام أيضاً(6) :

__________________

(1) الكشّاف 2/246.

(2) تذكرة الخواصّ : 9.

(3) إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي الأعور ، أصله حجازي ، ثمّ سكن الكوفة ، وكان يقعد في سدّة باب الجامع بالكوفة؛ فسمّي السدّي وقيل : إنّما سمّي السدي ؛ لأنه كان ينزل السدّة ، وهو السدّي الكبير ، الإمام المفسّر ، توفّي عام 127 ه. انظر : التاريخ الكبير للبخاري 1/361 ، سير أعلام النبلاء 5/264 ، مشاهير علماء الأمصار1/111 ، تهذيب الكمال 3/132 - 138.

(4) تذكرة الخواصّ : 9 ، إيمان أبي طالب لفخار : 122 - 123 ، بحار الأنوار 35/115.

(5) ورد هذا الشطر عند سبط ابن الجوزي : «فقد كنت للمصطفى خير عم».

(6) تذكرة الخواصّ : 9 ، بحار الأنوار 35/122 ، حلية الأبرار 1/209 ، شرح إحقاق الحقّ 33/229.

ص: 470

أرقت لطير آخر الليل غرّدا

يذكّرني شجواً عظيماً مجدّداً

أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى

جواداً إذا ما أصدر الأمر أوردا

فأمست قريش يفرحون بموته

ولست أرى حيّاً يكون مخلّدا

أرادوا أموراً زيّنتها حلومهم

سنوردهم يوماً من الغيّ موردا

أيرجون تكذيب النبيّ محمّد

وأن يفتري قوم عليه ويجحدا(1)

كذبتم وبيت الله حتّى نذيقكم

صدور العوالي والحسام المهنّدا

فإمّا تبيدونا وإمّا نبيدكم

وإ مّا تروا سلم العشيرة أرشدا

فصل

إسلام أبي طالب

وفي طريق الخاصّة ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني نوّر الله رمسه في الكافي في باب التأريخ عن علي بن محمّد(2) ، عن أبي عبدالله قال : 3.

ص: 471


1- ورد هذا البيت عند سبط ابن الجوزي هكذا : يرجون تكذيب النبي وقتله وان يفتري قدما عليه ويجحدا
2- علي بن محمّد بن عبدالله القزويني القاضي ، أبو الحسن ، ثقة في الحديث ، قدم بغداد عام356 ه- ، له كتاب ملح الأخبار. انظر : رجال النجاشي : 267 ، خلاصة الأقوال : 187 -188 ، نقد الرجال 3/297 ، 13/163.

«أسلم أبو طالب بحساب الجمل قال : بكلّ لسان»(1).

وعن محمّد بن يحيى(2) وعبدالله بن محمّد بن عيسى(3) ، عن ابنيه(4) ، عن عبدالله بن المغيرة(5) ، عن إسماعيل بن أبي زياد(6) ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «أسلم أبوطالب بحساب الجمل وعقد بيديه ثلاثاً وستّين»(7). 8.

ص: 472


1- الكافي 1/349 ، بحار الأنوار 35/78.
2- محمّد بن يحيى العطّار القمّي ، أبو جعفر ، شيخ الأصحاب في زمانه ، ثقة ، كثير الحديث ، له كتب ، منها مقتل الحسين ، النوادر. انظر : الرجال النجاشي : 353 ، رجال الطوسي : 410 - 411 ، خلاصة الأقوال : 260 ، معجم رجال الحديث 19/33.
3- عبدالله بن محمّد بن عيسى الأشعري الملقّب ب- : (بنان). لم تذكر كتب الرجال أكثر من ذلك. انظر : رجال النجاشي : 328 ، التحرير الطاووسي : 347 ، جامع الرواة : 124 ، معجم رجال الحديث 17/164.
4- ورد سند الرواية عند الشيخ الكليني : «عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن أبيهما» ، الكافي 1/449.
5- عبدالله بن المغيرة البجلي ، أبو محمّد ، كوفيٌّ ، ثقة ، لايعدل به أحد من جلالته ودينهوورعه ، روى عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، صنّف ثلاثين كتاباً ، منها كتاب الوضوء ، الزكاة ، الفرائض ، أصناف الكلام. انظر : رجال النجاشي : 214 - 215 ، رجال الطوسي : 241 ، إيضاح الاشتباه : 208 - 209 ، معجم رجال الحديث 11/360 -366.
6- إسماعيل بن أبي زياد ، ويعرف بالسكوني الشعيري ، واسم أبي زياد مسلم ، وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، له كتاب كبير ، وكتاب النوادر. انظر : رجال النجاشي : 26 ، معالم العلماء : 45 ، رجال الطوسي : 160 ، معجم رجال الحديث4/21 - 22.
7- الكافي 1/449 ، معاني الأخبار : 285 ، بحار الأنوار 35/77 - 78.

ومن كتاب الخرائج والجرائح : حدّثنا أبو الفرج محمّد(1) بن المظفّر ابن نفيس المصري(2) الفقيه قال : «حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أحمد الداودي(3) ، عن أبيه قال : كنت عند أبي القاسم بن روح(4) فسأله رجل ما معنى قول العبّاس للنبي (صلى الله عليه وآله) : إن عمّك أبا طالب أسلم بحساب الجمل وعقدبيده ثلاثا وستين؟! قال : عنى إله أحد جواد.

وتفسير ذلك : إنّ الألف واحد ، واللام ثلاثون والهاء خمسة ، والألف واحد ، والحاء ثمانية ، والدال أربعة ، والجيم ثلاثة ، والواو ستّة ، والألف واحد ، والدال أربعة فذلك ثلاثة وستّون». ومثله في كتاب كمال الدين ومعاني الأخبار للصدوق قدس سره(5).

وفي مناقب الشيخ محمّد بن شهرآشوب في رواية شعبة(6) ، عن .

ص: 473


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (أحمد) ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.
2- محمّد بن المظفّر بن نفيس المصري ، أبي الفرج ، من مشايخ الشيخ الصدوق. معجم رجال الحديث 18/279.
3- لم ترد له ترجمة في كتب الرجال.
4- الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي ، أبو القاسم ، أحد السفراء والنوّاب الخاصّة الأربعة ، للإمام المهدي (عج) ، كان جليل القدر عظيم المنزلة وجيهاً بين أصحابنا وعندالعامّة ، توفّي عام 326 ه- ، وشهرته أغنتنا عن الإطالة في شأنه. انظر : تكملة رسالة الزراري : 110 ، رجال ابن داود : 178 ، معجم رجال الحديث 6/257 ، تهذيب المقال2/400 - 402 ، لسان الميزان 2/382.
5- الخرائج والجرائح 3/1077 - 178 ، كمال الدين 2/519 - 520 ، معاني الأخبار : 286.
6- شعبة بن الحجّاج بن الورد الواسطي العتكي ، أبو بسطام ، ولد عام 83 ه- ، وكان يسكن البصرة زماناً وواسط حيناً ، ويعدّ من أئمّة الحديث ، فقد قال عنه أحمد بن حنبل : شعبة أعلم بحديث الحكم ولولا شعبة لذهب حديث الحكم ، توفّي عام 160 ه. انظر : الكنى والأسماء 1/154 ، التاريخ الكبير للبخاري 4/244 ، الجرح والتعديل للرازي1/126 - 128 ، تذكرة الحفّاظ 1/193 - 194 ، مشاهير علماء الأمصار 1/177.

قتادة(1) من حديث طويل قال : «لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبكى ، وقال : يا محمّد ، إنّي أخرج من الدنيا وما لي غمّ إلاّ غمّك ، فقال (صلى الله عليه وآله) : تخاف علىّ أذى أعادي ولا تخاف على نفسك غداً عذاب ربّي ، فضحك أبو طالب وقال له :

ودعوتني وزعمت إنّك ناصحي

فلقد صدقت وكنت قبل أمينا

وعقد على ثلاث وستين عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على اصبعه الوسطى وأشار بالمسبّحة يقول : لا إله إلا الله محمّد رسول الله»(2).

ومن الكتاب المذكور عن تفسير وكيع(3) قال : «حدّثني سفيان(4) ، عن .

ص: 474


1- قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو السدوسي البصري الأعمى ، أبو الخطّاب ، ولد عام 60 ه- ، ولد وهو أعمى ، وعني بالعلم فصار من حفّاظ أهل زمانه وعلمائهم بالقرآن والفقه ، إلا أنّه كان مدلّساً ، توفي عام 117 ه- بواسط. انظر : التاريخ الكبير للبخاري 7/185 ، سير أعلام النبلاء 5/269 ، مشاهير علماء الأمصار 1/96 ، التبيين لأسماءالمدلّسين 1/164.
2- لم نعثر على نصّ الرواية عند ابن شهرآشوب في كتابه المناقب ، لكن ذكرها الشيخ المجلسي نقلاً عن ابن شهرآشوب ، بحار الأنوار 35/79.
3- وكيع بن الجرّاح بن مليح الرؤاسي الكوفي ، أبو سفيان ، ولد بالكوفة عام 129 ه- ، محدّث العراق ومن أحد الأئمّة الأعلام ، وكان يفتي بقول أبي حنيفة ، له عدّة مصنّفات منها : التفسير ، التاريخ ، السنن. توفّي عام 197 ه. انظر : الإرشاد لأبي يعلى2/570 - 571 ، الفهرست لابن النديم 1/317 ، تذكرة الحفّاظ 1/306 ، تقريب التهذيب 11/109- 110 ، التحبير 2/353.
4- سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ، أبو عبدالله ، ولد في الكوفة عام 67 ه- ، وخرج منها عام 144 ه- فسكن مكّة والمدينة ، فطلبه المهدي العبّاسي فتوارى وانتقل إلى البصرة ، فمات فيها مستخفياً عام 161 ه- ، ويعدّ من الحفّاظ المتقنين ، والفقهاء في الدين ممّن لزم الحديث والفقه ، له مصنّفات في الحديث منها : الجامع الكبير ، الجامع الصغير. انظر : التاريخ الكبير للبخاري 4/94 - 95 ، مشاهير علماء الأمصار1/169 ، جامع التحصيل 1/186 ، رجال مسلم 1/282 - 284 ، تهذيب الكمال 11/154 - 156.

منصور(1) ، عن إبراهيم(2) ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ الغفاري قال : والله الذي لا إله إلاّهو ما مات أبو طالب حتّى آمن بلسان الحبشة قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا محمّد ، أتفقه لسان الحبشة؟ قال : يا عمّ ، إنّ الله علّمني كلّ لسان ، قال : يا محمّد ، اسدن لمصافا (3) قاطالاها يعني أشهد مخلصاً لا إله إلا الله ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال : إنّ الله قد أقرّ عيني بأبي طالب»(4).

أقول : وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أنّ أبا طالب كان يكتم 8.

ص: 475


1- منصور بن المعتمر بن عبدالله بن ربيعة السلمي الكوفي ، أبو عتّاب ، وكان من حفاظوفقهاء أهل الكوفة ، وكان ثقة مأمونا كثير الحديث ، تولّى قضاء الكوفة مكرهاً ، وتوفّي بالمدينة عام 132 ه. انظر : مشاهير علماء الأمصار 1/166 ، شذرات الذهب 1/189 ، الطبقات الكبرى 6/337 ، صفوة الصفوة 3/112 - 113.
2- إبراهيم بن يزيد بن عمروالنخعي الكوفي ، أبو عمران ، ولد عام50 ه- ، وكان مفتي الكوفة هو والشعبي في زمانهما ، توارى من الحجّاج وكان لا يصلّي في جماعة مخافة منه ، ومات سنة خمس أو ست وتسعين ، وهو متوار من الحجّاج ، ودفن ليلاً. انظر : التاريخ الكبير للبخاري 1/333 ، مولد العلماء ووفياتهم 1/226 ، معرفة الثقات للعجلي1/209 ، المتوارين 1/49 ، مشاهير علماء الأمصار 1/101 ، الطبقات الكبرى6/270 - 284.
3- وردت في نصّ نسخة المخطوطة (ملصاقا) والأصوب ماذكر في المتن.
4- لم نعثر على هذه الرواية عند ابن شهرآشوب في كتابه المناقب ، لكن ذكرها الشيخ المجلسي نقلاً عن ابن شهرآشوب ، بحار الأنوار 35/78.

إيمانه ويتّقي قريشاً ؛ ليتوصّل بذلك إلى نصرة النبيّ ، حيث إنّه تارة يكنّي عن كلمة التوحيد بحساب الجمل وتارة ينطق بلسان الحبشة.

فأمّا قول النبيّ لأبي طالب عند موته : تخاف علىَّ الأذى من أعادي ولا تخاف على نفسك عذاب ربّي ، فيمكن أن يكون الوجه فيه إرادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يظهر للناس إيمان أبي طالب عند موته ؛ ليرتفع الشكّ في ذلك وزوال الشبهة ، حيث إنّه ربّما لم يكن ظاهر لبعض الناس بسبب كتمان أبي طالب ، وذلك في أيّام حياته تقيه من قريش ، لا أنّه لم يكن مؤمناً إلى ذلك الوقت فإنّه مناف لما قلناه سابقاً من كلامه فما يدلّ صريحاً على إيمانه.

ص: 476

فصل

مواقف أبي طالب مع الرسول

وفي كتاب قصص الأنبياء للراوندي قال : «وفي صحيح البخاري : عن عبدالله (بن مسعود)(1) قال : بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجد وحوله أناس من قريش ومعهم سلى(2) بعير ، فقالوا : من يأخذ هذا فيقذفه على ظهره؟ فجاء عقبة بن أبي معيط(3) فقذفه على ظهر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فجاءت فاطمة فأخذته من ظهره ، ودعت على من صنع ذلك. قال عبدالله : فما رأيت رسول الله دعا عليهم إلاّ يومئذ ، قال : اللهمَّ عليك بالملأ من قريش ، قال عبدالله : فرأيتهم قتل وايوم بدر وألقوا في القليب(4)(5)..

ص: 477


1- غير موجودة في أصل نسخة المخطوطة.
2- السلى : الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه ، وقيل : هو في الماشية السلى ، وفي الناس المشيمة. لسان العرب 14/396.
3- عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية ، وكان شديد الأذى على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه ، فأسروه يوم بدر فقتلوه. انظر : تاريخ الطبري 2/32 ، الأم 4/238 ، الإكمال7/208 ، المقتنى 2/140.
4- القليب : من أسماء البئر. مختار الصحاح ص228. وهو إشارة إلى قتلى مشركي قريش في معركة بدر. وذكر ابن عبدالبرّ هذه الحادثة بقوله : «وكانت وقعة بدر يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان ، ثمّ أمر رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بقتلى المشركين فسحبوا إلى القليب ورموا فيه وضمّ عليهم التراب ، ثمّ وقف عليهم فناداهم هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً؟! فإنّي قد وجدت ما وعدني ربّي حقّاً ، فقيل له : يا رسول الله ، تنادي أقواماً أمواتاً قد جيفوا فقال : ماأنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون» ، الدرر 1/106.
5- قصص الأنبياء للراوندي : 321 ، صحيح البخاري 3/1163 ، صحيح مسلم 3/1419 ، مسند أبي عوانة 4/286 ، مسند الطياليسي 1/43 ، صحيح ابن خزيمة 1/383 ، مسند البزّاز5/239.

وكان أبو جهل تعرّض لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وآذاه بالكلام ، فقالت امرأة من بعض السطوح لحمزة : يا أبا يعلى ، إنّ عمرو بن هشام تعرّض لمحمّد وآذاه فغضب حمزة ومرّ بأبي جهل فأخذ قوسه وضرب بها رأسه ، ثمّ احتمله فجلدبه الأرض فاجتمع الناس وكاد يقع بينهم الشرّ ، فقالوا : يا أبا يعلى ، صبوت إلى دين محمّد؟! فقال : نعم ، أشهد إن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، ثمّ غدا إلى رسول الله ، فقال له : يابن أخي ، أحقٌّ ما تقول فقرأ عليه رسول الله من القرآن فاستبصر حمزة ، فثبت على دين الإسلام ، وفرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وسرّأبو طالب بإسلامه ، وقال(1) :

فصبر أبا يعلى على دين أحمد

وكن مظهر الدين وفّقت صابراً

وحط من أتى بالدين من عند ربّه

بصدق وحقّ(2) لا تكن حمز

كافراً

فقد سرّني أن قلت إنّك مؤمن

فكن لرسول الله في الله ناصراً

وناد قريشاً بالذي قد أتيته

جهاراً وقل ما كان أحمد ساحراً»

أقول : وهذه الأبيات من أوضح الدلائل وأجلّ الشواهد على إيمانه من وجوه :

الأولى : قوله وحط من أتى بالدين من عند ربّه فأقرّ بأنّ النبيّ مرسل من عند الله ؛ وهذا هو الإيمان الصريح. ر.

ص: 478


1- قصص الأنبياء للراوندي : 321 - 322 ، بحار الأنوار 18/210 - 211 ، إعلام الورى : 48.
2- وردت في نصّ نسخة المخطوطة (بحق وصدق) والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.

الثانية : قوله فقد سرّني إن قلت إنّك مؤمن فإنّ سروره بإيمان حمزة يدلّ على تصديقه للنبيّ (صلى الله عليه وآله) إذ لو لم يعتقد صدقه لما سرّه إيمان حمزة ، بل كان ينهاه عن الأيمان.

الثالثة : إقراره بأنّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهو صريح في إيمانه.

الرابعة : نفي السحر عنه وهو يدلّ على التصديق بالالتزام.

والعجب من بعض علماء العامّة أنهم ينكرون إيمان أبي طالب مع أنّهم يروون هذا الكلام ونحوه في كتبهم المعتبرة التي يعتمدون عليها ، مثل صحيح البخاري الذي اتفقوا على صحّة ما فيه ، نعوذ بالله من الخذلان واستزلال الشيطان.

فصل

بين أبي طالب وبني هاشم

ومن ذلك ما رواه علماء العامّة ففي كتاب أبي عمرو محمّد بن عبدالواحد الزاهد الطبري اللغوي(1) ، عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى 5.

ص: 479


1- محمّد بن عبدالواحد بن أبي هشام البغدادي اللغوي ، أبو عمر ، المعروف بغلام ثعلب ، لصحبته ثعلب اللغوي زماناً ، ولد عام261 ه- ، ويعدّ أحد أئمّة اللغة ، قال عنه ابن النديم : وكان نهاية في النصب والميل على علي عليه السلام ، وكان متغالياً في حبِّ معاوية ، وله جزء في فضائله ، وكان إذا جاءه أحد يقرأ عليه يخرج إليه ذلك الجزء ويلزمه قراءته. توفّي ببغداد عام 345 ه. انظر : الفهرست لابن النديم 1/113 ، لسان الميزان 5/268 ، طبقات الحفّاظ 1/358 - 359 ، طبقات الحنابلة 2/67 - 69 ، الكامل في التاريخ 7/257 ، البلغة 1/204 - 205.

ثعلب(1) ، عن ابن الأعرابي(2) ما هذا لفظه : «وأخبرنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : العور الردي من كلّ شيء ، والوعر : الموضع المخيف الوحش ، قال ابن الأعرابي : ومن العور خبر ابن عبّاس قال في قوله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأْقْرَبِينَ)(3) ، كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يربّي عليّاً ووعى عليّ عليه السلام من سمته وخلقه وكرمه ما أطاق فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : يا علي ، قد أمرت أن أنذر عشيرتي الأقربين فاصنع لي طعاماً واطبخ لي لحماً ، قال علي : فعددت بني هاشم بحتاً فكانوا أربعين ، وصنعت طعاماً ما يكفي لاثنين أوثلاثة فقال 4.

ص: 480


1- ورد عند السيّد ابن طاووس والشيخ المجلسي : أحمد بن يحيى بن تغلب والأصوب ماذكر في المتن ، وذكرته كتب الرجال. الطرائف 1/299 ، البحار 35/144. أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني ، أبو العبّاس ، ثعلب ، ولد عام 200 ه- ، اصله من أصبهان ومولده بالكوفة ومنشأه ببغداد ، إمام الكوفيّين في النحو واللغة ، وكان ثقة حجّة صالحاً مشهوراً بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة بالعربية ورواية الشعر القديم مقدّماعند الشيوخ منذ هو حدث متفنّنا يستغني بشهرته عن نعته. توفّي عام 291 ه- ببغدادودفن بمقبرة باب الشام. انظر : أبجد العلوم 3/50 ، طبقات الفقهاء 1/102 ، طبقات الحفّاظ 1/294 ، وفيات الأعيان 1/102 - 104 ، البلغة 1/65 - 66.
2- محمّد بن زياد الكوفي ، المعروف بابن الأعرابي ، أبو عبدالله ، ولد في الكوفة عام 150 ه- ، كان إليه المنتهى في معرفة لسان العرب واستدرك على من قبله وكان رأساً في كلام العرب ، وله بضعة عشر مصنّفاً منها كتاب النوادر وكتاب الخيل وكتاب تفسير الأمثال وكتاب معاني الشعر وكان يحضر مجلسه مائة مستفيد. توفّي بسامراء عام 231 هوله ثمانون سنة. انظر : الفهرست لابن النديم 1/102 ، شذرات الذهب 1/70 - 71 ، مآثرالإناقة 1/227 ، وفيات الأعيان 4/306 - 308 ، الأعلام للزركلي 6/131 - 132.
3- سورة الشعراء 26 : 214.

لي المصطفى (صلى الله عليه وآله) : هاتة فأخذ شظية من اللحم فشظاها بأسنانه وجعلها في الجفنة (1) قال : وأعددت لهم عسّاً(2) من لبن ومضيت إلى القوم فأعلمتهم أنّه قددعاهم إلى طعام وشراب ، فدخلوا فأكلوا ولم يستتمّوا نصف الطعام حتّى تضلّعوا ، وقال : ولعهدي بالواحد منهم يأكل الجزور وحده ويشرب مثل ذلك اللبن وما بلغوا نصف العشر.

قال : ثمّ قام النبيّ (صلى الله عليه وآله)فكلّما أراد أن يتكلّم اعترض عليه أبو لهب ، وقال : ألهذا دعوتنا ، ثمّ أتبع كلمة بكلمة ، ثمّ قال : قوموا فأنصرف الناس كلّهم.

فلمّا كان من الغد قال (صلى الله عليه وآله) : يا عليّ ، أصلح لي مثل ذلك الطعاموالشراب ، فأصلحته ومضيت إليهم برسالة فأقبلوا فلمّا أكلوا وشربوا ، قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)ليتكلّم فاعترض أبو لهب ، فقال له أبو طالب : اسكت يا أعور ، ماأنت وهذا؟! قال : ثمّ قال أبو طالب : لايقومنّ أحد ، فجلسوا ، ثمّ قال : قم ياسيّدي فتكلّم بما تحبّ وبلّغ رسالة ربّك فإنّك الصادق المصدّق ، فقام (صلى الله عليه وآله) وقال : أرأيتم لو قلت لكم أنّ وراء هذا الجبل جيشاً يريد أن يغير عليكم أكنتم تصدّقوني؟ فقالوا : نعم ، إنّك لأنت الأمين الصادق المصدّق ، فقال لهم : فوحّدوا الجبّار واعبدوه وحده بالإخلاص ، واخلعوا هذه الأنداد والأنجاس ، وأقرّوا واشهدوا بأنّي رسول الله إليكم وإلى الخلق ، فإنّي قد جئتكم بعزّ الدنيا والآخرة.

فقاموا وانصرفوا كلّهم قال : وكان الموعظة قد عملت فيهم» هذا آخر 9.

ص: 481


1- الجفنة : الآنية التي يوضع فيها الطعام وتصنع من الخشب. لسان العرب 2/261.
2- القدح الضخم يروي الثلاثة والأربعة ، والعدة والرفد أكبر منه ، والجمع : عساس ، وعسسةوالعسس : الآنية الكبار. لسان العرب 6/139.

لفظ الحديث(1).

أقول : وهذه فضيلة بيّنة لأبي طالب فإنّه كان سبباً لتمكين النبيّ (صلى الله عليه وآله)من أداء رسالة ربّه تعالى وإظهار دينه ، وقد أقرّ بأنّه الصادق المصدّق ، وهو دليل على المدّعي ؛ لأنّ الإيمان هو التصديق ، ومن غريب ما بلغت إليه العصبية من العامّة على أبي طالب حسداً لولده أنّهم زعموا أنّ المراد بقوله تعالى لنبيّه : (إنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)(2) أبو طالب(3)؟!.8.

ص: 482


1- الطرائف 1/299 - 300 ، بحار الأنوار 35/145 - 146 ، الأربعين للقمّي : 488 - 490.
2- سورة القصص 28 : 56.
3- تفسير البيضاوي 4/298 ، الدرّ المنثور 4/300 ، لباب النقول 1/126 ، تفسير الواحدي2/822 ، تفسير النسفي 3/241 ، معاني القرآن 3/260 ، تفسير الطبري 11/41 ، تفسير القرطبي 6/406. وعلق الشيخ الطبرسي قدس سره على تلك الدعاوى بقوله : «قيل : نزل قول (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) في أبي طالب ، فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحبّ إسلامه ، فنزلت هذه الآية ، وكان يكره إسلام وحشي قاتل حمزة ، فنزل فيه : (ياعِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) الآية. فلم يسلم أبو طالب ، وأسلم وحشي. ورووا ذلك ، عن ابن عبّاس ، وغيره. وفي هذا نظر كما ترى ، فإنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في إرادته ، كمالا يجوز أن يخالفه في أوامره ونواهيه ، وإذا كان الله تعالى - على ما زعم القوم - لم يردإيمان أبي طالب ، وأراد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إيمانه ، فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمرسل ، فكأنه سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم : إنّك يامحمّد تريد إيمانه ، ولا أريد إيمانه ، ولا أخلق فيه الإيمان مع تكفّله بنصرتك ، وبذل مجهوده في إعانتك ، والذبّ عنك ، ومحبّته لك ، ونعمته عليك. وتكره أنت إيمان وحشي لقتله عمّك حمزة ، وأنا أريد إيمانه ، وأخلق في قلبه الإيمان». وفي هذا ما فيه ، مجمع البيان 7/448.

وقد ذكر أبو المجد بن رشادة(1) (2) الواعظ الواسطي في مصنّفة كتاب أسباب نزول القرآن ما هذا لفظه : «قال الحسين بن الفضل(3) (4) في قوله : (إنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) : كيف يقال إنّها نزلت في أبي طالب؟!وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن في المدينة ، وأبو طالب مات في عنفوان الإسلام والنبيّ (صلى الله عليه وآله) بمكّة ، وإنّما نزلت هذه الآية في الحارث بنعامر(5) بن عبدمناف(6) ، وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يحبّه ويحبّ إسلامه»(7). 3.

ص: 483


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة (ابن شاذان) ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.
2- لم نعثر له على ترجمة ، سوى ماذكره أبي جرادة في ترجمة ابن اسفنديار ما نصّه : «اسفنديار بن الموفّق بن أبي علي بن محمّد بن يحيى بن علي ، أبو الفضل البوشنجي الأصل الواسطي مولداً ، قدم حلب وسمع بها أبا سعد عبدالله بن محمّد ابن أبي عصرونوقرأ القرآن بوجوه القراءات ودرس الوعظ على أبي المجد علي بن المبارك الواسطي سبط ابن رشادة». بغية الطلب في تاريخ حلب 4/1588.
3- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «الحسن ابن أبي الفضل». وذكره السيّد ابن طاووس والشيخ المجلسي «الحسن بن مفضل» ، والأصوب ماذكر في المتن وذكرته المصادر.
4- الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي ، أبو علي ، المفسّر الأديب ، نزيل نيسابور ، إمام عصره في معاني القرآن. توفّي عام 281 ه- عن مائة وأربع سنين. انظر : طبقات المفسرين 1/48 - 49 ، شذرات الذهب 178 ، لسان الميزان 2/307 ، الأعلام للزركلي 2/251 - 252.
5- وردت في نصّ نسخة المخطوطة وعند السيّد ابن طاووس والشيخ المجلسي (نعمان) ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.
6- الحارث بن عامر بن نوفل بن عبدمناف القرشي ، من كفّار مكّة ، قتل يوم أحد على يدخبيب بن عدي الأنصاري. انظر : الطبقات الكبرى 8/50 ، المنتظم 3/202 ، حتّى عام257 ه- ، البداية والنهاية 4/62 ، الإصابة 2/362 ، الاستيعاب 2/440.
7- نقلاً عن : بحار الأنوار 35/151 - 152 ، الأربعين للقمّي : 496. وتفسير القرطبي 8/273.

«قال ذات يوم للنبي (صلى الله عليه وآله) إنّا نعلم أنّك على الحقّ وأنّ الذي جئت به حقّ ، ولكن يمنعنا من اتّباعك إنّ العرب تتخطّفنا من أرضنا لكثرتهم وقلّتنا ، ولاطاقة لنا بهم ، فنزلت الآية وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يؤثر إسلامه ليلة إليه. انتهى.

فظهر إنّ ما اشتهر عندهم من نزولها في أبي طالب ناشر عن التعصّب وفرط العناد والغباوة»(1).

فصل

الأخبار الواردة عن أهل البيت في إسلام أبي طالب

ومن كتاب كمال الدين بإسناده إلى الأصبع بن نباته(2) ، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «لا والله ما عبد أبي ولا جدّي عبدالمطّلب ولا هاشم ولا عبدمناف صنماًقط ، قيل : فما كانوا يعبدون؟ قال : يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم متمسّكين به»(3).4.

ص: 484


1- بحار الأنوار 35/151 - 152 ، الأربعين للقمّي : 496. وعلّق السيّد ابن طاووس على هذه الرواية ما نصّه : «وما رأينا ولا سمعنا أنّ مسلماأحوجوا فيه إلى مثل ما أحوجوا في إيمان أبي طالب ، والذي نعرفه منهم أنّهم يثبتون إيمان الكافر بأدنى سبب وبأدنى خبر واحد وبالتلويح ، فقد بلغت عداوتهم لبني هاشم إلى إنكار إيمان أبي طالب مع ثبوت ذلك عليه بالحجج الثواقب إنّ هذا من جملة العجائب. ومن طريف ما رووه في عناية أبي طالب نبيّهم محمّداً وإحسانه وثنائه عليه». الطرائف 1/306 - 307.
2- الأصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك التميمي الحنظلي ، من خواصّ أصحاب الإمام علي عليه السلام ، وعمر بعده ، روى عنه عهد الأشتر ووصيّته إلى محمّد بن الحنفية. انظر : رجال النجاشي : 8 - 9 ، الفهرست : 85 ، معجم رجال الحديث 4/122 ، الكامل لابن عدي 1/407 ، الطبقات الكبرى 6/225.
3- كمال الدين 1/174 - 175 ، الخرائج والجرائح 3/1074 - 1075 ، بحار الأنوار 15/144.

وروى «إنّ أمير المؤمنين ، عليّاً عليه السلام كان جالساً في الرحبة فقال له رجل : يا أمير المؤمنين أنت بالمكان الذي أنت به وأبوك يعذّب بالنار! فقال عليه السلام له : مه ، فضّ الله فاك والذي بعث محمّداً بالحقِّ بشيراً لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله فيهم ، كيف يعذّب بالنار وابنه قسيم الجنّةوالنار؟!»(1).

وعن الباقر(2) ، عن آبائه عليهم السلام أنّه «قال جبرائيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن الله عزّوجلّ حرّم على النار صلب (أنزلك)(3) ، وبطناً حملك ، وثدياً أرضعك ، وحجراً كفلك»(4)..

ص: 485


1- الأمالي : 207 ، إيمان أبي طالب لفخار : 73 - 74 ، الإحتجاج 1/229 - 230 ، تأويل الآيات الظاهرة 1/415 - 416 ، بحار الأنوار 35/69.
2- ذكرت المصادر نصّ هذه الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام.
3- سقطت هذه الكلمة من أصل نسخة المخطوطة.
4- الكافي 1/446 ، الأمالي : 606 ، روضة الواعظين 1/67 ، إيمان أبي طالب لفخار : 55 ، بحار الأنوار 35/109. إلاّ أنّ ابن حجر يرفض نصّ هذه الرواية؛ لأنّ محدّثها من الشيعة مانصّه : «يحيى ابن الحسين العلوي رافضي متأخّر ، كتب عن أبي الغنائم النرسي أتى بخبر كذب متنه : أنّ أبوي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجدّه في الجنّة اتّهم بوضعه هذا الجاهل انتهى. وقد أجحف المصنّف في هذه الترجمة الحديث المذكور ذكره الجوزقاني في كتاب الأباطيل فقال : إنّ محمّد بن الحسن بن محمّد الواعظ قال : أخبرنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسني ، ثنا محمّد بن علي بن الحسين بن علي الحسني ، ثنا زيدبن حاجب ، ثنا محمّد بن عمّار العطّار ، حدّثني علي بن محمّد الغطفاني ، ثنا محمّدبن هارون العلوي ، حدثني محمّد بن علي بن حمزة العبّاسي ، حدّثني أبي ، حدّثني علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ، حدّثني أبي موسى ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم رفعه هبط علي جبرائيل فقال : يا محمّد ، إنّ الله يقرؤك السلام ، ويقول لك ، إنّي حرمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجركفلك ، فقلت : يا جبرائيل ، بيّن لي؟ فقال : أمّا الصلب : فعبد الله ، وأمّا البطن : فآمنة ، وأما الحجر : فعبد المطلب وفاطمة بنت أسد. قال الجوزجاني : هذا حديث موضوع وفيه واحد من المجهولين ، وسألت الإمام محمّد بن الحسن بن محمّد عن حال يحيى بن الحسن ، فقال : كان رافضيّاً غالياً ، وكان ادّعى الإمامية بجيلان ، واجتمع عليه جماعة : وهذا الكلام يقتضي أنّ هذا هو الأوّل الذي استدركه ، ويحتمل أنّه غيره؛ لأنّه تقدّمت وفاته عن النرسي إلاّ أن يكون وقع في الأصل تحريف ، وكان فيه كتب عنه أبو الغنائم ، وقد ذكر الأوّل ابن السمعاني وساق نسبه». لسان الميزان 6/272.

ومن كتاب إكمال الدين عن محمّد بن مروان(1) عن الصادق عليه السلام : «إنّ أباطالب أظهر الشرك(2) وأسرّ الإيمان فلمّا حضر الوفاة أوحى الله عزّ وجلّ إلى رسول الله : اخرج منها ، فليس لك بها ناصر ؛ فهاجر إلى المدينة»(3).

وفي جامع الكليني بإسناده إلى الرضا عليه السلام : «إنّ من اعتقد أنّ أبا طالب مات كافراً فهو كافر»(4)..

ص: 486


1- لم نعرفه لكونه مشترك بين جماعة. انظر : معجم رجال الحديث 18/228 - 234.
2- ورد عند الشيخ الصدوق : «أظهر الكفر».
3- إكمال - كمال - الدين 1/175 ، بحار الأنوار 35/81 ، مستدرك الوسائل 12/271. ونقل ابن أبي الحديد عن الإمام الصادق عليه السلام ما نصّه : «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر فآتاهم الله أجرهم مرّتين ، وإنّ أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرّتين». نهج البلاغة 14/71.
4- لم نعثر على هذه الرواية ، لكن نقل عن الإمام الرضا عليه السلام في هذا الباب روايتان :الأولى : «عن أبان بن محمّد قال : كتبت إلى الإمام علي بن موسى عليه السلام : جعلت فداك ، إنّي شككت في إيمان أبي طالب ، قال : فكتب : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَمَن يَتَّبِعْ غَيْرَسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) أما إنّك إن لم تقرّ بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النّار». إيمان أبي طالب لفخار : 76 - 77 ، كنز الفوائد 1/183 ، بحار الأنوار 35/111. الثانية : «عن محمّد بن علي بن بابويه بإسناد له : إنّ عبدالعظيم بن عبدالله العلوي كان مريضاً فكتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام : عرّفني يا ابن رسول الله عن الخبر المروي : إنّ أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فكتب إليه الرضا عليه السلام : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أمّا بعد ، فإنّك إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النّار». إيمان أبي طالب لفخار : 81 - 82 ، بحار الأنوار 35/111.

وعن الرضا عليه السلام : «إنّ نقش خاتم أبي طالب كان : رضيتُ بالله ربّاً وبابن أخي محمّد نبيّاً وبابني علي له وصيّاً»(1).

ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة إجماع الشيعة وأكثر الزيّديةوكثير من المعتزلة على إيمان أبي طالب(2).

وممّا يمكن أن يستدلّ به ويلزم به من أنكر إيمانه : إنّ من المعلوم من مذهب العامّة إنّ المسلم لا يرث الكافر(3) ، وقد ذكروا في كتبهم إنّ ميراث أبي طالب قسّم بين أولاده وإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) زاد عليّاً عليه السلام على أخوته 7.

ص: 487


1- الغدير 7/395. ونقل الشيخ الأميني هذه الرواية عن تفسير أبو الفتوح 4/212.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/66.
3- وهذا ماروته كتب أهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم. «فعن أسامة بن زيد بن حارثة قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : ثمّ لا يرث الكافر المسلم ، ولا المسلم الكافر». السنن للبيهقي 6/218 ، صحيح ابن خزيمة 4/322 ، سنن الدارقطني 3/62 ، مسند ابن حنبل 5/201 ، مسند أبي عوانة 3/422 ، السنن الكبرى للنسائي 4/81 ، مصنف عبدالرزّاق 10/284 ، مسند الطياليسي 1/87.

سيف أبي طالب ودرعه ، فلو كان كافراً لما جاز لعليٍّ أن يأخذ من ميراثه شيئاً ، ولما أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيفه ودرعه على مذهبهم.

وممّا يستدلّ به أيضاً : إنّ فاطمة بنت أسد زوجته أسلمت بعد خديجة في حياة أبي طالب ، وكانت في حباله إلى حين وفاته ، ولو كان كافراً لوجب عليهااعتزاله ، ولأمرها النبيّ (صلى الله عليه وآله) بذلك ، فإنّه (صلى الله عليه وآله) لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولم يغفل أحد عن ذلك(1).

ومن شعر أبي طالب الدالّ على إيمانه ما روي أنّه كتب به إلى النجاشي ملك الحبشة(2) :

تعلم عليك الحبش أنّ محمّداً

نبيٌّ كموسى والمسيح بن مريم(3)ر.

ص: 488


1- وهناك أكثر من شاهد تاريخي يدلّ على ما نقل في المتن ، فقد ذكر القرطبي في تفسيره ما نصّه : «وكان الكفّار يتزوّجون المسلمات والمسلمون يتزوّجون المشركات ، ثمّ نسخ ذلك في هذه الآية فطلّق عمر بن الخطّاب حينئذ امرأتين له بمكّة مشركتين : المساجدبنت أبي أمية فتزوّجها معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكّة ، وأمّ كلثوم بنت عمروالخزاعية أمّ عبدالله بن المغيرة فتزوّجها أبو جهن بن حذافة وهما على شركهما ، فلمّاولي عمر قال أبو سفيان لمعاوية : طلّق المساجد لئلاّ يرى عمر سلبه في بيتك ، فأبى معاوية من ذلك ، وكانت أمّ طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ففرّق الإسلام بينهما ، ثمّ تزوّجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص وكانت ممّن فرّ إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من نساء الكفّار فحبسها وزوّجهاخالداً ، وزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلّم زينب ابنته وكانت كافرة من أبي العاص بن الربيع ، ثمّ أسلمت وأسلم زوجها بعدها». تفسير القرطبي 18/65 - 66.
2- إيمان أبي طالب للمفيد : 38 - 39 ، إعلام الورى : 45 ، الصراط المستقيم 1/332.
3- ورد في نصّ نسخة المخطوطة : «كعيسى بن مريم» ، والأصوب ماذكر في المتن وذكرته المصادر.

أتى بهدىً مثل الذي أتيا به

فكلٌّ بأمر الله يهدي ويعصم(1)

وأنّكم تتلونه في كتابكم

بصدق حديث لا حديث مرجّم

فلا تجعلو لله ندّاً وأسلموا

فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم

فصل

حصار بني هاشم في الشعب

ومن كتاب قصص الأنبياء وفي جملة قصّة حصار بني هاشم في الشُعب : «ولمّا أتت أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابّة الأرض فلحست جميع ما فيها من قطيعة الرحم ومن الظلم ، وتركت : باسمك اللهم ، ونزل جبرائيل عليه السلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك ، فأخبررسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا طالب ، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ، ثمّ مشى حتّى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه ، فلمّا أبصروه قالوا : قد ضجر أبوطالب وجاء الآن ليسلم ابن أخيه ، فدنا منهم وسلّم عليهم ، فقاموا إليه وعظّموه وقالوا : قد علمنا يا أبا طالب إنّك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا ، وأن تسلّم ابن أخيك إلينا ، فقال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أنّ الله تعالى أخبره أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابّة الأرض فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم وجور وظلم وتركت اسم الله تعالى ، فابعثوا إلى صحيفتكم ، فإن كان حقّاً فاتّقوا الله وارجعوا عمّا أنتم عليه من الجور والظلم ، وإن كان باطلاً دفعته إليكم. فبعثوا إلى الصحيفة وأنزلوها فإذا ليس فيها إلاّ : باسمك اللهم ، فقال لهم : يا ر.

ص: 489


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة : «وينتمي» : والأصوب ماذكر في المتن وذكرته المصادر.

قوم ، اتقوا الله ، وكفّوا عمّا أنتم عليه ، فتفرّق القوم ولم يتكلّم أحد.

ورجع أبو طالب إلى الشعب ، وقال عند ذلك نفر من بني عبدمناف وبني قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء من بني هاشم ، منهم : مطعم ابن عدي بن عامر بن لؤي(1) ، وكان شيخاً كبيراً كثير المال وله أولاد ، وأبوالبختري بن هاشم(2) ، وزهير بن أمية المخزومي(3) في رجال من أشرافهم : نحن براء ممّا في هذه الصحيفة ، فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل. 3.

ص: 490


1- هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك بن حسل من بني عامربن لؤي ، ابن أخي نضلة بن هاشم بن عبدمناف لأمّه ، من المؤلّفة قلوبهم ، وكان ذاشرف في قومه ، وهو القائل : يا أهل مكّة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يبتاع منهم ، والله لا أقعد حتّى تشقّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة. انظر : السيرة لابن هشام 2/219 ، الاكتفاء بما تضمّنته من مغازي رسول الله 1/269 - 270 ، الدرر1/56 - 57 ، تاريخ الطبري 1/552 - 553 ، المنتظم 3/4 ، حتّى عام 257 ه- ، الاستيعاب 2/219.
2- العاص بن هشام بن الحارث الأسدي ، أبو البختري ، قتله عبدالله بن زياد البلوي حليف الأنصار في معركة بدر. انظر : السيرة لابن هشام 2/99 ، الاستيعاب لابن عبدالبر4/1459 ، الإكمال 7/163 ، تاريخ الطبري 2/34 ، سير أعلام النبلاء للذهبي1/171 ، تاريخ اليعقوبي 2/45.
3- زهير بن أمية ، وقيل : ابن أبي أمية بن عبدالله بن عمر المخزومي ، أخو أمّ سلمة أمّ المؤمنين ، وأمّه عاتكة بنت عبدالمطّلب ، ويعدّ من المؤلّفة قلوبهم.إلاّ أنّ ابن الأثير له رأي آخر قيقول : «واختلف في موته فقيل سار إلى بدر فمرض فمات ، وقيل : أُسر ببدر فأطلقه رسول الله ، فلمّا عاد مات بمكّة ، وقيل : حضر وقعة أحدفأصابه سهم فمات منه. وقيل : سار إلى اليمن بعد الفتح فمات». وقال ابن عبدالبرّ في الاستيعاب : «مذكور في المؤلّفة قلوبهم فيه نظر لا أعرفه». انظر : الكامل في التاريخ 1/594 ، مسائل ابن حنبل 1/140 ، السيرة لابن إسحاق 2/146 ، الإصابة 2/572 ، الاستيعاب 2/520 ، الدرر 1/233.

فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله) ورهطه من الشعب ، وخالطوا الناس ، ومات أبو طالب بعد ذلك بشهرين ، وماتت خديجة بعد ذلك بشهرين(1) ، وورد على رسول الله أمران عظيمان وجزع جزعاً شديداً انتهى»(2).

أقول : ونقل عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه كان يسمّي ذلك العام عام الحزن(3).

ولنختم الكلام هنا بنكتة ، وهي ممّا سنح لخاطر المولى المكرّم حرس الله مجده وكبت ضدّه وهي :

إنّ من المعلوم لكلّ عاقل أنّ الإنسان حريص على مذهبه ضنين على دينه ، حتّى إنّه يؤثره على ماله وولده ، بل على نفسه كما هو المشاهد من أهل الأديان في جميع الأعصار من تكذيبهم الأنبياء وعدم التفاتهم إلى معاجزهم الواضحة ، مع تخويفهم إيّاهم بنزول العذاب وحلول العقاب ، وعلمهم بما نزل بالأمم السابقة والقرون السالفة ، كلّ ذلك حرصاً على دينهم.

وقد كانت قريش شديدة التعصّب في دينها ، عظيمة التصلّب فيه كثيرة الذبّ عنه ، حتّى إنّهم احتالوا على إبطال أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكلّ حيلةوتوسّلوا إليه بكلّ وسيلة ، حتّى آل أمرهم إلى القتال ، وسفك الدماء ، 4.

ص: 491


1- اختلف المؤرّخون في ذلك ، فبعض من قال : توفّيت خديجة عليه السلام بعد أبي طالب عليه السلامبثلاثة أيّام ، أو خمسة أيّام ، أو شهر ، أو شهر وخمسة أيّام. انظر : الكامل في التاريخ 1/606 ، الطبقات الكبرى 1/125 ، المنتظم 1/105 ، إعلام الورى : 10 ، بحارالأنوار 19/25 ، مسائل ابن حنبل 1/19.
2- قصص الأنبياء للراوندي : 329 - 330 ، إعلام الورى : 51 - 52 ، تاريخ الطبري 1/552 - 553 ، البداية والنهاية 3/96 - 97 ، حلية الأبرار 185 - 86.
3- السيرة الحلبية 2/41 ، التحفة اللطيفة 1/12 ، لسان العرب 13/112 ، كشف الغمّة 1/16 ، المناقب لابن شهرآشوب 1/174.

وقطيعة الأرحام ؛ كلّ ذلك ذبّهم عن دينهم وحرصاً عليه.

ولا شكّ أنّ أبا طالب كان من أعاظمهم ورؤسائهم والأمور الكلّية ممّايمتعض لها أكابر الناس فوق أصاغرهم ، فلو لم يكن مصدّقاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)فيما جاء به معتقداً حقيقته لكان من أشدّ المتألّبين عليه ، المعارضين له فيما أتى به ، وبعد التنزّل فلا أقلّ من أن ينهاه عن ذلك ، ويبيّن له فساد الرأي فيما ارتكبه ، ويشير عليه بتركه ، والكفّ عنه ، كما هوشأن من يرى من يحبّه على أمر لا يرتضيه ، فإنّه يكره له ذلك ويأمره بتركه والإقلاع عنه ويمنع من ارتكابه.

ألا ترى أنّ الوالد إذا رأى ولده على حالة لا يرتضيها فإنّه يزجره عنها ، ويبيّن له فسادها ، ويبذل جهده في نصحه ، ومنعه وتقبيح ما أتى به ، وخصوصاً إذا كان ذلك في أمر الدين ، فإنّه ربّما يرضى بقتل ولده إذا أتاه على خلاف دينه ، وذلك ممّا لا ينازع فيه أحد ولم ينقل عن أحد من المخالف والمؤالف عن أبي طالب مثل ذلك ولا ما يقرب ، بل المسلمون مجمعون على أنّه كان مقوّياً لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، باذلاً جهده ومهجته في نصرته وإعلاء كلمته ، يذبّ عنه بيده ولسانه ، ويأمره بإظهار نبوّته ، وإفشاء رسالته ، ويأمر أولاده باتباعه كما نقلنا في شعره ونثره.

ومن المعلوم أنّ الإنسان لا يحبّ لولده إلاّ ما حبّ لنفسه ، وهذا واضح الدلائل على إيمانه وتصديقه ، وهو شاف لمن نظر فيه بعين الإنصاف ، كاف لمن تجنّب عن طريق الجور والاعتساف ، ولقد أحسن ابن أبي الحديد في قوله(1) : 4.

ص: 492


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/84.

ولولا أبو طالب وابنه

لما مثل الدين شخصاً فقاما(1)

فذاك بمكّة أوى وحامى

وهذا بيثرب جسّ(2) الحماما

تكفّل عبدمناف بأمر

وأودى فكان علىّ تماما

فللّه(3) ذا فاتحاً

للهدى

ولله ذا للمعالي ختاما

وما ضرّ مجد أبي طالب

جهول لغا أو بصير تعامى

أنهاها مؤلّفها أقلّ العباد وأحوجهم إلى رحمة ربّه الجواد محمّد بن حيدربن نور الدين بن علي الموسوي الحسيني العاملي.

تجاوز الله عن سيئاته في مجالس آخرها يوم الأربعاء رابع شهر صفر من شهور سنة ألف وست وتسعين من الهجرة.

وفرغ من نسخها أقلّ العباد محمّد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف ليلة الاثنين غرّة شهر الله المبارك شهر رمضان ألف وثلاثمائة وخمس وخمسين على نسخة كتبها محمّد كاظم النجفي سنة ألف ومائة وأربع وستّين في النجف أيضاً.

حامداً لله ، مصلّياً على رسول الله ، مسلّماً على آله آل الله ، مستغفراً منيباً. د.

ص: 493


1- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «وقاما» ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكره ابن أبي الحديد.
2- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «خاض» ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكره ابن أبي الحديد.
3- ورد في نصّ نسخة المخطوطة «فالله» ، والأصوب ما ذكر في المتن وذكره ابن أبي الحديد.

المصادر والمراجع

1 - القرآن الكريم.

2 - الاحتجاح : للطبرسي ، أحمد بن علي. نشر المرتضى : مشهد 1403 ه.

3 - الإرشاد : لأبي يعلى ، الخليل بن عبدالله ، محمّد سعيد عمر ، مكتبة الرشد الرياض1409 ه.

4 - إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم : لأبي السعود ، محمّد بن محمّدالعمادي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

5 - الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى : للناصري ، أبو العبّاس أحمد بن خالد. تحقيق جعفر الناصري ، محمّد الناصري ، دار الكتاب ، الدار البيضاء 1997م.

6 - الاستيعاب : لابن عبدالبرّ ، يوسف بن عبدالله ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، دارالجيل ، بيروت1412 ه.

7 - الإصابة في تميز الصحابة : لابن حجر ، أحمد بن علي. تحقيق علي محمّدالبجاوي ، دار الجيل ، بيروت 1992م.

8 - إعلام الورى : للطبرسي ، أمين الإسلام. دار الكتب الإسلامية ، طهران.

9 - الاكتفاء بما تضمّنته من مغازي رسول الله والثلاثة خلفاء : للكلاعي ، أبي الربيع سليمان بن موسى. تحقيق محمّد كمال الدين. عالم الكتب ، بيروت 1997م.

10 - الإكمال : لابن ماكولا ، علي بن هبة الله. دار الكتب العلمية ، بيروت 1411 ه.

11 - إيضاح الاشتباه : للعلاّمة الحلّي ، أبي منصور الحسن بن يوسف. تحقيق : محمّدالحسّون ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم.

12 - إيمان أبي طالب : لفخار ، بن معد الموسوي. دار سيّد الشهداء للنشر ، قم 1410 ه.

ص: 494

13 - إيمان أبي طالب : للمفيد ، أبو عبدالله بن محمّد النعمان. المؤتمر المنعقد للشيخ المفيد 1413 ه.

14 - أبوطالب حامي الرسول : للعسكري ، نجم الدين. مطبعة الآداب ، النجف1394 ه.

15 - أبوطالب حامي الرسول وناصره : لأبي عوانة ، يعقوب بن إسحاق. مطبعة الآداب ، النجف الأشرف 1380 ه.

16 - الأربعون حديثاً : للماحوزي ، سليمان بن عبدالله البحراني. تحقيق : مهدي الرجائي ، مطبع أمير ، 1417 ه.

17 - الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين : للقمّي ، محمّد طاهر بن محمّد حسين. تحقيق : مهدي الرجائي ، مطبعة الأمير ، 1418 ه.

18 - أسباب النزول : للواحدي ، أبو الحسن علي بن أحمد. مؤسّسة الحلبي ، القاهرة1388 ه.

19 - أُسد الغابة : لابن الأثير ، أبو الحسن علي أبي الكرم. انتشارات إسماعيليان -طهران.

20 - الأعلام : للزركلي ، خير الدين. دار العلم للملايين ، بيروت 1410 ه.

21 - أعلام النبوّة : للماوردي ، أبو الحسن علي بن محمّد. تحقيق : محمّد المعتصم بالله. دار الكتاب العربي ، بيروت 1987م.

22 - الأم : للشافعي ، محمّد بن إدريس. دار المعرفة ، بيروت 1393 ه.

23 - الأمالي : للصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي. المكتبة الإسلامية ، قم 1404 ه.

24 - أمل الآمل : للحرّ العاملي ، محمّد بن الحسن. تحقيق : أحمد الحسيني. مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.

25 - أنساب الأشراف : للبلاذري ، أحمد بن يحيى. تحقيق : محمّد باقر المحمودي. مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1394 ه.

26 - بحار الأنوار : للمجلسي ، محمّد باقر. مؤسّسة الوفاء ، بيروت 1404 ه.

27 - البداية والنهاية : لابن كثير ، إسماعيل بن عمر ، مكتبة المعارف ، بيروت.

ص: 495

28 - البدء في التاريخ : للمقدسي ، مطهّر بن طاهر. المكتبة الثقافية ، القاهرة.

29 - بغية الطلب في تاريخ حلب : لأبي جرادة ، عمر بن أحمد. تحقيق : سهيل زكار. دارالفكر ، بيروت ، 1988م.

30 - البلغة في تراجم أئمّة النحو واللغة : للفيروزآبادي ، محمّد بن يعقوب. تحقيق : محمّد المصري. جمعية إحياء التراث الإسلامي ، الكويت 1407 ه.

31 - تاريخ ابن خيّاط : لابن خيّاط ، خليفة. تحقيق : أكرم ضياء العمري. مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1397 ه.

32 - تاريخ ابن كثير = البداية والنهاية.

33 - تاريخ الخلفاء : للسيوطي ، عبدالرحمن بن أبي بكر. تحقيق : محمّد محي الدين عبد الحميد. مطبعة السادة ، مصر 1952م.

34 - تاريخ الطبري : للطبري ، محمّد بن جرير. دار الكتب العلمية ، بيروت 1407 ه.

35 - تاريخ اليعقوبي : لليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب. دار صادر ، بيروت.

36 - تاريخ بغداد : للخطيب البغدادي ، أحمد بن علي. دار الكتب العلمية ، بيروت.

37 - تاريخ مدينة دمشق : لابن عساكر ، علي بن الحسين. تحقيق : علي شيري. دارالفكر ، 1415 ه.

38 - تأويل الآيات الظاهرة : للحسيني ، شرف الدين. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم1409 ه.

39 - التبيين لأسماء المدلّسين : للحلبي ، إبراهيم بن محمّد. تحقيق : محمّد لإبراهيم الموصلي. مؤسّسة الريّان للطباعة ، بيروت 1414 ه.

40 - التحبير في المعجم الكبير : للسمعاني ، أبو سعد عبدالكريم بن محمّد. تحقيق : منيرة ناجي ، د. ت.

41 - التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة : للسخاوي ، أبو الحسن علي بن نورالدين. دار الكتب العلمية ، بيروت 1993م.

ص: 496

42 - تذكرة الحفّاظ : للقيسراني ، محمّد بن طاهر. تحقيق : حمدي عبدالمجيد. دارالصميعي ، الرياض 1415 ه.

43 - تذكرة الخواص : لسبط ابن الجوزي ، يوسف بن قزاوغلي. المطبعة العلمية ، النجف 1369 ه.

44 - التعديل والتجريح : للباجي ، سليمان بن خلف. تحقيق : أبو لبابة حسين. دار اللواءللنشر والتوزيع ، الرياض 1406 ه.

45 - تفسير ابن كثير : لابن كثير ، إسماعيل بن عمر. دار الفكر ، بيروت 1401 ه.

46 - تفسير البيضاوي : للبيضاوي ، عبدالله بن عمر. تحقيق : عبدالقادر عرفات. دارالفكر بيروت 1416 ه.

47 - تفسير القرآن : للصنعاني ، عبدالرزّاق بن همّام. تحقيق : مصطفى مسلم ، مكتبة الرشد ، الرياض 1410 ه.

48 - تفسير القرطبي : للقرطبي ، أحمد بن أحمد. تحقيق : أحمد عبدالعليم. دارالشعب ، القاهرة 1372 ه.

49 - تفسير النسفي : للنسفي ، أبو البركات عبدالله بن أحمد ، د. ت.

50 - تفسير مجاهد : للمخزومي ، مجاهد بن جبر. تحقيق : عبدالرحمن الطاهر. المنشورات العلمية ، بيروت.

51 - تقريب التهذيب : لابن حجر ، أحمد بن علي. محمّد عوامة. دار الرشيد ، سوريا1406 ه.

52 - تكملة أمل الآمل : للصدر ، حسن. تحقيق : أحمد الحسيني. مطبعة الخيّام ، قم1406 ه.

53 - تكملة رسالة الزراري : للغضائري : الحسين بن عبيدالله. مطبعة ربّاني.

54 - التمهيد : لابن عبدالبرّ ، يوسف بن عبدالله. تحقيق : مصطفى بن أحمد العلوي ومحمّد عبدالكثير. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المغرب1387 ه.

55 - تهذيب الكمال : للمزّي ، يوسف بن الزكي. تحقيق : بشار عواد. مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1400 ه.

ص: 497

56 - تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال : للأبطحي ، محمّد علي الموحّد. مطبعة سيّد الشهداء ، قم 1412 ه.

57 - الثقات : لابن حبّان ، محمّد. تحقيق : شرف الدين أحمد. دار الفكر ، 1975م.

58 - جامع البيان : للطبري ، محمّد بن جرير. دار الفكر ، بيروت 1405 ه.

59 - جامع التحصيل : للعلائي ، أبو سعيد بن خليل. تحقيق : حمدي عبدالمجيد. عالم الكتب ، بيروت 1407 ه.

60 - جامع الرواة : للأردبيلي ، محمّد بن علي. مكتبة محمّدي ، قم.

61 - الجرح والتعديل : للتميمي ، عبدالرحمن بن محمّد. دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1995م.

62 - الجرح والتعديل : للرازي ، عبدالرحمن بن أبي حاتم. دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1271 ه.

63 - جمهرة خطب العرب : لصفوت ، أحمد زكي. المكتبة العلمية ، بيروت.

64 - الجواهر الحسان في تفسير القرآن : للثعالبي ، عبدالرحمن بن محمّد. مؤسّسة الأعلمي ، بيروت.

65 - حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهار : للبحراني ، السيّد هاشم. مطبعة بهمن ، 1411 ه.

66 - الخرائج والجرائح : للراوندي ، قطب الدين. مؤسّسة الإمام المهدي ، قم 1409 ه.

67 - الخصائص الكبرى : للسيوطي ، عبدالرحمن بن أبي بكر. دار الكتب العلمية ، بيروت 1985م.

68 - الخصال : للصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم1403 ه.

69 - خلاصة الأقوال : للعلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف. المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف 1381 ه.

ص: 498

70 - الدر المنثور : للسيوطي ، عبدالرحمن بن أبي بكر. دار الفكر ، بيروت 1401 ه.

71 - الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة : لابن معصوم ، السيّد علي خان. مكتبة بصيرتي ، قم 1374 ه.

72 - الدرر في اختصار المغازي والسير : لابن عبدالبرّ ، يوسف بن عبدالله. تحقيق : شوقي ضيف ، دار المعارف ، القاهرة 1403 ه.

73 - دلائل النبوّة : للأصبهاني ، إسماعيل بن محمّد. تحقيق : محمّد محمّد الحدّاد. دارطيبة ، الرياض 1409 ه.

74 - ديوان البحتري : للبحتري ، وليد بن يحيى : مطبعة الهندية ، مصر 1329 ه.

75 - الذريعة في تصانيف الشيعة : لآقا بزرك ، محمّد محسن الطهراني. المكتبة الإسلامية ، قم 1408 ه.

76 - ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم : للدارقطني ، علي بن عمر. تحقيق : بوران الضناوي ، وكمال يوسف.

77 - ذيل كشف الظنون : لآقا بزرك ، محمّد محسن الطهراني. رتّبها حسن الخرسان ، د. ت.

78 - رجال ابن داود : لابن داود ، تقي الدين الحلّي. المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف1392 ه.

79 - رجال الطوسي : للطوسي ، أبو جعفر بن الحسن. تحقيق : جواد القيّومي. نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1415 ه.

80 - رجال النجاشي : للنجاشي ، أبو العبّاس أحمد بن علي. تحقيق : السيّد موسى الشبيري. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1416 ه.

81 - رجال صحيح البخاري : للكلاباذي ، أحمد بن محمّد. تحقيق : عبدالله الليثي : دارالمعرفة ، بيروت 1407 ه.

82 - رجال مسلم : لابن منجويه. تحقيق : عبدالله الليثي. دار المعرفة ، بيروت 1407 ه.

ص: 499

83 - روضة الواعظين : لابن الفتّال ، محمّد بن الحسن. دار الرضي ، قم.

84 - زاد المسير في علم التفسير : لابن الجوزي ، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي. تحقيق : محمّد بن عبدالرحمن ، دار الفكر ، بيروت 1406 ه.

85 - زاد المعاد في هدى خير العباد : للزرعي ، محمّد بن أبي بكر. تحقيق : شعيب الأرناؤوط ، عبدالقادر الأرناؤوط. مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1407 ه.

86 - سبل الهدى والرشاد : للصالح الشامي ، محمّد بن يوسف. تحقيق : عادل أحمد ، علي محمّد. دار الكتب العلمية ، بيروت 1413 ه.

87 - سعد السعود : لابن طاووس ، علي. دار الذخائر ، قم.

88 - سنن ابن ماجة : لابن ماجة ، محمّد باقر. تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي. دار الفكر ، بيروت.

89 - سنن الدارقطني : للدارقطني ، علي بن عمر. تحقيق : عبدالله هاشم. دار المعرفة ، بيروت 1386 ه.

90 - السنن الكبرى : للبيهقي ، أبو بكر أحمد بن الحسين. تحقيق : محمّد عبدالقادرعطاء. مكتبة دار البار ، مكّة المكرّمة 1414 ه.

91 - السنن الكبرى : للنسائي ، أحمد بن شعيب. تحقيق : عبدالغفّار سليمان ، وسيّدكسروي. دار الكتب العلمية ، بيروت 1991م.

92 - سير أعلام النبلاء : للذهبي ، محمّد بن أحمد. مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1406 ه.

93 - السيرة : لابن إسحاق ، محمّد. تحقيق : محمّد حميد الله. معهد الدراسات والأبحاث للتعريب.

94 - السيرة الحلبية : للحلبي ، علي بن برهان الدين. دار المعرفة ، بيروت 1400 ه.

95 - شجرة طوبى : للحائري ، محمّد مهدي. المكتبة الحيدرية ، 1385 ه.

96 - شذرات الذهب : لابن العماد الحنبلي ، عبدالحيّ بن أحمد. دار الكتب العلمية ، بيروت.

ص: 500

97 - شرح الأخبار في الأئمّة الأطهار : للمغربي ، النعمان بن محمّد. تحقيق : محمّدالحسيني. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم.

98 - شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد ، عبدالحميد المعتزلي. مكتبة آية الله المرعشي قم 1404 ه.

99 - شواهد التنزيل : للحسكاني ، الحاكم. مؤسّسة الطبع والنشر ، 1411 ه.

100 - صحيح ابن خزيمة : لابن خزيمة ، محمّد بن إسحاق. تحقيق : محمّد مصطفى ، المكتب الإسلامي ، بيروت 1390 ه.

101 - صحيح البخاري : للبخاري ، محمّد بن إسماعيل. تحقيق : مصطفى أديب البغا. دارابن كثير ، بيروت 1407 ه.

102 - صحيح مسلم : لمسلم بن الحجّاج النيسابوري. تحقيق : محمّد فؤاد عبدالباقي. دارإحياء التراث العربي ، بيروت.

103 - الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم : للعاملي ، جعفر مرتضى. دار الهادي ، بيروت1415 ه.

104 - الصراط المستقيم : للبياضي ، علي بن يونس. المكتبة الحيدرية ، النجف 1384 ه.

105 - صفوة الصفوة : لابن الجوزي ، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي. تحقيق : محمّدفاخوري ومحمّد رواس. بيروت 1979م.

106 - طبقات الحنابلة : لأبي يعلى ، محمّد. تحقيق : محمّد حامد الفقي. دار المعرفة ، بيروت.

107 - الطبقات الكبرى : لابن سعد ، محمّد. دار صادر ، بيروت.

108 - طبقات أعلام الشيعة (الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة) : لآقابزرك ، محمّد محسن الطهراني. تحقيق : علي منزوي ، طهران 1413 ه.

109 - الطرائف : لابن طاووس ، علي. مطبعة الخيّام ، قم 1400 ه.

110 - العلل المتناهية : لابن الجوزي ، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي. تحقيق : خليل الميس. دار الكتب العلمية ، بيروت 1403 ه.

ص: 501

111 - العمدة : لابن البطريق ، الحلّي. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1407 ه.

112 - عمدة الطالب : لابن عنبة ، جمال الدين بن علي. تحقيق : محمّد حسن الطالقاني. المطبعة الحيدرية ، النجف 1961م.

113 - عيون الأثر : لابن سيّد الناس. مؤسّسة عزّ الدين ، 1406 ه.

114 - الغدير في الكتاب والسنّة : للأميني ، عبدالحسين. دار الكتاب العربي ، بيروت1379 ه.

115 - الفصول المختارة : للمفيد ، أبو عبدالله بن محمّد النعمان. المؤتمر المنعقد للشيخ المفيد 1413 ه.

116 - فضائل الصحابة : لابن حنبل ، أحمد بن محمّد. تحقيق : وصي الله محمّد. مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1403 ه.

117 - فهرست ابن النديم : لابن النديم ، محمّد بن إسحاق. دار المعرفة ، بيروت 1978م.

118 - فهرست الطوسي : للطوسي ، أبو جعفر بن الحسن. تحقيق : مؤسّسة نشر الفقاهة ، جواد القيّومي. مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1417 ه.

119 - قصص الأنبياء : للراوندي ، قطب الدين. مؤسّسة البحوث الإسلامية ، قم 1409 ه.

120 - الكافي : للكليني ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب. دار الكتب الإسلامية ، طهران1365 ه.

121 - الكامل في التاريخ : لابن الأثير ، أبو الحسن علي أبي الكرم. تحقيق : أبو الفداعبد الله القاضي. دار الكتب العلمية ، بيروت 1995م.

122 - الكامل في ضعفاء الرجال : لابن عدي ، أبي أحمد عبدالله. تحقيق : سهيل زكار. دارالفكر ، بيروت ، بيروت 1409 ه.

123 - الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل : للزمخشري ، أبو القاسم محمود بن عمر. مطبعة الاستقامة ، القاهرة 1373 ه.

124 - كشف الغمّة : للإربلي ، علي بن عيسى. مكتبة بني هاشم ، تبريز 1381 ه.

ص: 502

125 - كمال الدين : للصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي. دار الكتب الإسلامية ، قم1395 ه.

126 - كنز الفوائد : للكراجكي ، أبو الفتح. دار الذخائر ، قم 1410 ه.

127 - الكنى والأسماء : للقشيري ، أبو الحسين مسلم بن الحجّاج. تحقيق : عبدالرحيم محمّد القشيري. الجامعة الإسلامية ، المدينة المنورة 1404 ه.

128 - الكنى والألقاب : للقمّي ، عبّاس ، د. ت.

129 - لسان العرب : لابن منظور ، محمّد بن مكرم. دار صادر ، بيروت.

130 - لسان الميزان : لابن حجر ، أحمد بن علي. مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1406 ه.

131 - مآثر الإنافة في معالم الخلافة : للقلقشندي ، أحمد بن عبدالله. تحقيق : عبدالستّارأحمد. مطبعة حكومة الكويت ، الكويت 1985م.

132 - المتوارين : للأزدي ، عبدالغني بن سعيد. تحقيق : مشهور حسن. دار القلم بيروت1410 ه.

133 - المجدي في أنساب الطالبيّين : للعلوي ، نجم الدين علي بن محمّد. تحقيق : أحمدالمهدوي. مطبعة سيّد الشهداء ، 1409 ه.

134 - مجمع البيان في تفسير القرآن : للطبرسي ، الفضل بن الحسن. تحقيق : لجنة من العلماء. مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1415 ه.

135 - مجمع الزوائد : للهيثمي ، علي بن أبي بكر. دار الكتاب العربي ، بيروت 1407 ه.

136 - مختار الصحاح : للجوهري ، محمّد بن أبي بكر. تحقيق : محمود خاطر. مكتبة لبنان ، 1415 ه.

137 - مسائل الإمام أحمد : لابن حنبل ، أحمد بن محمّد. تحقيق : فضل الرحمن دين. الدار العلمية ، دلهي 1988م.

138 - مستدرك الوسائل : للنوري ، حسين. مؤسّسة آل البيت ، قم 1408 ه.

ص: 503

139 - المستدرك على الصحيحين : للنيسابوري ، محمّد بن عبدالله. تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية ، بيروت 1990م.

140 - مسند ابن حنبل : لابن حنبل ، أحمد بن محمّد. مؤسّسة قرطبة ، مصر.

141 - مسند البزّاز : للبزّاز ، أبو بكر أحمد بن عمر. تحقيق : محفوظ الرحمن زين الله. مؤسّسة علوم القرآن ، بيروت 1409 ه.

142 - مسند الطيالسي : للطيالسي ، سليمان بن داود. دار المعرفة ، بيروت.

143 - مسند أبي عوانة : أبي عوانة ، يعقوب بن إسحاق. تحقيق : أيمن بن عارف الدمشقي. دار المعرفة ، بيروت 1993م.

144 - مشاهير علماء الأمصار : لابن حبّان ، محمّد. تحقيق : م. فلايشهمر. دار الكتب العلمية ، بيروت 1959م.

145 - المصنّف : لابن أبي شيبة ، أبو بكر عبدالله محمّد. تحقيق : كمال يوسف. مكتبة الرشد ، الرياض.

146 - مصنّف عبدالرزّاق : للصنعاني ، عبدالرزّاق بن همّام. تحقيق : حسين الرحمن الأعظمي. المكتب الإسلامي ، بيروت.

147 - معالم التنزيل - تفسير البغوي - : للبغوي ، الحسين بن مسعود. تحقيق : خالدالعك ، مروان سوار. دار المعرفة ، بيروت 1407 ه.

148 - معاني الأخبار : للصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي. مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم1403 ه.

149 - معاني القرآن : للنحاس ، أبو جعفر. تحقيق : محمّد علي الصابوني. جامعة أمّ القرى ، مكّة المكرّمة 1409 ه.

150 - معجم البلدان : لياقوت الحموي ، ابن عبدالله. دار صادر ، بيروت.

151 - المعجم الكبير : للطبراني ، سليمان بن أحمد. تحقيق : حمدي عبدالمجيد. مكتبة العلوم والحكم ، الموصل 1404 ه.

152 - معجم رجال الحديث : للسيّد الخوئي ، أبو القاسم الموسوي. تحقيق : لجنة التحقيق 1413 ه.

ص: 504

153 - معرفة الثقات : للعجلي ، أحمد بن عبدالله. تحقيق : عبدالعليم البستوي. مكتبة الدار ، المدينة المنوّرة 1405 ه.

154 - مقاتل الطالبيّين : للأصفهاني ، أبو الفرج علي بن الحسين. قدم له وأشرف على طبعه : كاظم المظفّر. المطبعة الحيدرية ، النجف 1965م.

155 - المقتفى من سيرة المصطفى : لابن حبيب ، الحسن بن عمر. تحقيق : مصطفى محمّد حسين. دار الحديث ، القاهرة 1966م.

156 - المقتنى في سرد الكنى : للذهبي ، محمّد بن أحمد. تحقيق : محمّد صالح عبد العزيز. مطابع الجامعة الإسلامية ، المدينة المنوّرة 1408 ه.

157 - المناقب : لابن شهرآشوب ، محمّد. مؤسّسة العلاّمة للنشر ، قم 1379 ه.

158 - المنتظم حتّى عام 257 ه- : لابن الجوزي ، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي ، د. ت.

159 - من تكلّم فيه : للذهبي ، محمّد بن أحمد. تحقيق : محمّد شكور. مكتبة المنار ، الزرقاء 1406 ه.

160 - موسوعة كلمات الإمام الحسين : للشريفي ، محمود وآخرون. دار المعروف للطباعة والنشر ، قم.

161 - مولد العلماء ووفياتهم : للربعي ، محمّد بن عبدالله. تحقيق : عبدالله أحمد. دارالعاصمة ، الرياض 1410 ه.

162 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال : للذهبي ، محمّد بن أحمد. تحقيق : الشيخ محمّدوالشيخ عادل أحمد. دار الكتب العلمية ، بيروت 1995م.

163 - نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس : للمكّي ، العبّاس بن علي نورالدين. المطبعة الحيدرية ، النجف 1387 ه.

164 - نقد الرجال : للتفريشي ، مصطفى. تحقيق : مؤسّسة آل البيت ، قم 1413 ه.

165 - نهج الإيمان : لابن جبر ، زين الدين علي بن يوسف. تحقيق : أحمد الحسيني ، مطبعة ستارة ، قم 1418 ه.

ص: 505

166 - وسائل الشيعة : للحرّ العاملي ، محمّد بن الحسن. مؤسّسة آل البيت ، قم 1409 ه.

167 - وفيات الأعيان : لابن خلّكان ، شمس الدين أحمد بن محمّد ، تحقيق : إحسان عبّاس. دار الثقافة ، بيروت 1968م.

168 - الهداية الكبرى : للخصيبي ، أبو عبدالله الحسين بن حمدان. دار البلاغ ، بيروت1991 م.

169 - ينابيع المودّة لذوي القربى : للقندوزي ، سليمان بن إبراهيم. تحقيق : علي جمال أشرف الحسيني. دار الأسوه ، 1413 ه.

ص: 506

من أنباء التراث

هيئة التحرير

كتب

صدرت محقّقة

*

الأربعون حديثاً في حقوق الإخوان.

تأليف : السيّد ابن زُهرة محيي الدين ابن عبد الله

الحسيني (ت 639 ه).

كتاب تربوي في حقوق الإخوان ومالهموما عليهم اتجاه

بعضهم البعض الآخر استخلص فيه المصنّف رحمه الله أربعين

حديثاً مما روي عن الأئمة المعصومين الأطهار عليهم السلام

تؤكّد على بناء شخصية الإنسان المؤمن أخلاقياً ومدى تأثيرها دنيوياً وأُخروياً

على تكامل الإنسان وحسن عاقبته.

وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة في حياة المحقّق

والمؤلّف وتاريخ بنو زُهرة

والنصّ المحقّق للأربعين حديثاً.

تحقيق : الشيخ نبيل رضا علوان.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 135.

نشر : منشورات الاجتهاد - قم - إيران /1428 ه.

*

مختصر في تعريف أحوال سادة الأنام.

تأليف : الشيخ ناصر الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق

البحراني (ت 605 ه).

ذكر المصنّف رحمه الله في هذا

الكتاب نبذاً يسيرة من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الإثني عشر عليهم السلام

وأحوالهم رتّبه حسب التسلسل بدءاً برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير

المؤمنين عليه السلام

حتّى الإمام الحجّة المنتظر

ص: 507

عجّل الله تعالى فرجه الشريف ثم ختمه بمائة كلمة من

كلمات أمير المؤمنين عليه السلام وذكر عشرة

أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك في خمسةَ عشر باباً.

وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة للتحقيق فيها ترجمة

المؤلف رحمه الله

ومقدّمته والنصّ المحقّق.

تحقيق : الشيخ نبيل رضا علوان.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 215.

نشر : باقيات ، مكتبة فدك - قم - إيران /1429 ه.

*

نصوص ورسائل ج (1 - 4).

إعداد : الحوزة العلمية في مدينة أصفهان.

يضمّ هذا الكتاب مجموعات من الرسائل الأدبية

والفقهية والحكمية والتفسيرية والتي تعدّ أُسُساً للعلوم الإسلامية ، وذلك عبر

قرون متمادية لعلماءمدينة إصفهان تكريماً لسنة (1427- 1428 ه) حيث أُعلِنَت

فيها إصفهان عاصمة ثقافية للعالم الإسلامي ، وهي رسائل محقّقة لعدّة من

المحقّقين

الأفاضل بإشراف حجّة الإسلام والمسلمين مجيد هادي

زاده.

وقد اشتمل المجلّد الأوّل على رسائل في الأدب

العربي وهي : الأمثال السائرة من شعر المتنبّي للصاحب إسماعيل بن عبّاد ، الواضح

في مشكلات شعر المتنبّي لأبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الإصفهاني ، رسالة

في ذكر الواحد والأحد للإمام العلاّمة الرّاغب الاصفهاني ، أطباق الذهب للشيخ

الأديب شرف الدين بن عبدالمؤمن الإصفهاني ، رسالة القوس لكمال الدين أبي الفضل

إسماعيل الإصفهاني ، القوسيّة النظاميّة للقاضي نظام الدين أبي سعد محمّد بن

إسحاق الإصفهاني ، قصيدة الفوز والأمان في مديح مولانا صاحب الزمان عليه السلامللشيخ

بهاءالدين العاملي ، قصيدة في مديح الإمام العلاّمة أقا حسين الخونساري لشيخ

الإسلام جعفر القاضي الإصفهاني رحمه الله ، جزء من

ديوان المنشآت للأديب العلاّمة محمّد مسيح بن إسماعيل الكاشاني ، جواب مكتوب

الشريف سعد الدين بن زيد وجواب كتاب السيّد عبد المحسن المكّي وجواب

ص: 508

لمكتوب آخر من السيِّد عبد المحسن المكّي ، قراح

الاقتراح للإمام العلاّمة بهاء الدين محمّد بن الحسن الإصفهاني ، الحاشية على

شرح الواحدي لديوان المتنبّي للفقيه الأديب أبي المجد محمّد رضا الإصفهاني ،

قصيدة تنصُّر للفقيه الأديب الشيخ أبي المجد محمّد رضا الإصفهاني ، الآيات

المنظومة للميرزا حبيب الله بن محمّد باقر الإصفهاني.

واشتمل المجلّد الثاني على رسائل في التفسير

والحديث وهي : الأربعون حديثاً في المهدي للحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله

الأصبهاني ، جزءٌ من كتاب الإيضاح في التفسير للشيخ أبي القاسم إسماعيل بن محمّد

الإصفهاني ، شرح حديث تمثيل عليٍّ سورة التوحيد للمعلم الثالث الأمير محمّد باقر

الداماد ، إجازة روائية للعلاّمة الشيخ محمّد تقي المجلسي الأوّل ، جزءٌ من الفرائد

الطريفة في شرح الصحيفة الشريفة للعلاّمة الشيخ محمّد باقر المجلسي ، جزءٌ من

نور الأنوار في شرح كلام خير الأخيار للسيّد نعمة الله الجزائري ، مناقب الفضلاء

لمير محمّد حسين الحسيني الخاتون آبادي ،

جزءٌ من مجد البيان في تفسير القرآن للشيخ

محمّدحسين الإصفهاني النجفي ، التعريف بمدينة إصفهان للسيّد محمّد باقرالموسوي ،

رسالة في حكم الأغلاط الواقعة في المصاحف من الكتّاب للعلاّمة الحاج آقا منير

الدين البروجردي الإصفهاني.

واشتمل المجلّد الثالث على رسائل في الفقه والأصول

وهي : الخيار في البيع للشّيخ عليّ بن الحسين المحقّق الكركي ، فصول الأذان

والإقامة للعلاّمة محمّد بن عبد الفتّاح التنكابني ، رسالة في جواز قراءة مَلِك

في الصلاة للفقيه ملاّ اسماعيل الخواجوئي ، رسالة في الاستصحاب للشيخ وحيد

البهبهاني ، جزءٌ من كتاب تبصرة الفقهاء للشيخ محمّد تقي الإصفهاني النجفي ، جزءٌ

من كتاب الفصول الغرويّة في الأصول الفقهية للشيخ محمّد حسين الإصفهاني الحائري

، جزءٌ من كتاب منهاج الهداية للشيخ محمّدإبراهيم الكرباسي الإصفهاني ، جزءٌ من

جنّة المأوى للسيّد محمّد الشهشهاني الإصفهاني ، وجيزة عزيزة في تحقيق المطالب

الأصوليّة

ص: 509

للسيّد محمّد هاشم الچهارسوقي الاصفهاني ، رسالة في

الغناء للسيّد محمّد باقر الموسوي الدرچه اي ، إماطة الغين عن استعمال العين

للشّيخ أبي المجد محمّد رضا الإصفهاني. واشتمل المجلّد الرابع على رسائل في

الحكمة والكلام وهي خطبة التوحيد للشيخ الرئيس أبو عليّ حسين بن عبدالله بن سينا

، ترجمة خطبة التوحيد بالفارسيّة للحكيم خيّام النيشابوري ، قواعد التوحيد

للعارف الحكيم أبي حامد صدر الدين محمّد التركة الإصفهاني ، شرح التائيّة الكبرى

للعارف الحكيم صائن الدين عليّ بن محمّد التركة الإصفهاني ، اعتقادات الإماميّة

للشيخ بهاء الدين محمّد العاملي ، حدوث العالم أو الجمع بين الرأيين للحكيمين

للمعلّم الثالث محمّد باقر الدامادالحسيني ، أصالة جعل الوجود لصدرالمتألّهين

صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، تعليقة على عبارة من كتاب الشفاء للحكيم

الإلهي السيِّد أحمد العلوي ، فائدة في توقّف عدم الكلِّ على عدم الجزء للعلاّمة

الفقيه

محمّد بن الحسن الشيرواني ، خلاصة المنطق ، لبهاء

الدين محمّد بن الحسن الإصفهاني ، الرسالة الهمّتيّة للعارف الكبير الآقا محمّد

البيدآبادي الإصفهاني ، رسالة في المعارف الإلهية للعارف الكبير الملاّ عليّ

أكبر الإژه اي الإصفهاني ، شرح حديث الزنديق للعارف الكبير الشيخ محمّد القمشه

اي ، الرقيمة النوريّة للفيلسوف الملاّ عليّ النوري الإصفهاني ، رسالة الوجود

للحكيم المتألّه الشيخ عليّ النوري ، رسالة في كيفية إطلاق أسماء الله على غيره

للحكيم الخبير الحاج ملاّ هادي السبزواري ، تحقيق في بيان استجابة الدعاء للحكيم

الميرزا أبي الحسن الجلوة الإصفهاني ، تحفة الحكيم للعلاّمة الحكيم الشيخ

محمّدحسين الإصفهاني.

تحقيق : مجموعة من المحقّقين بإشراف مجيد هادي

زاده.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : يحتوي كلّ مجلّد على370 صفحة

تقريباً.

نشر : إنتشارات هستي نما - إصفهان -

ص: 510

إيران / 1428 ه.

*

عليٌّ سلطة الحقِّ.

تأليف : عزيز السيّد جاسم.

قدّم الكتاب دراسة جديدة من نوعها لشخصية أمير

المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وحياته

الحافلة بالمعطيات والقيم الإنسانية العالية التي طالما تناولتها الأقلام

ورمقتها الأفكار بإكبار وشموخ وإجلال ، فكانت هذه الدراسة بعد عقود درس فيها

المؤلّف الاتجاهات الفلسفية الغربية والشرقية التي اجتاحت البلاد الإسلامية في

تلك العقود ، وقد قاسافيها المؤلّف أنواع المعانات من قبل حكّام الجور في العراق

، فقام بتأليف هذا الكتاب ليُعبِّر عن رأيه في الإمام عليّ عليه السلام وأنّه

الشخصيّة التاريخية العملاقة التي لابُدّ أن تُتّبع ، ومدرسة العدالة المشرقة

التي لابدّ أن ينتمي إليها أبناء البشر.

حقّقه وعلّق عليه الأستاذ صادق جعفر الروازق مشيراً

إلى بعض العثرات التاريخية.

اشتمل الكتاب على مقدّمتين للمحقّق والمؤلّف

ومنهجية التحقيق وأحد عشر فصلاً في : مشيئة الربّ ، اصطفاء المصطفى لعليّ بن أبي

طالب وريث العلم النبويّ ، شجاعة عليّ ، دلائل الشجاعة في حرب صفّين ، السياسة

العسكرية لعليّ بن أبي طالب ، تأريخ لأوّليّات سياسية أوّليّات قديمة لجذر

الصراع بين معاوية وعليّ بن أبي طالب ، سلطة الحقّ في رفض السلطة ، سلطة العقل ،

عدل عليّ بن أبي طالب ، عليّ بن أبي طالب مدرسة التاريخ التربوية ، سلطة النصّ

في بلاغة عليّ بن أبي طالب.

تحقيق : صادق جعفر الروازق.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 616.

نشر : منشورات الاجتهاد - قم - إيران/1428 ه.

*

شرح المنظومة في المنطق والحكمةج (1 - 2).

تأليف : المولى هادي السبزواري.

ص: 511

هو الكتاب المعروف في الأوساط العلمية بمنظومة

السبزواري وهو من نفائس الكتب العلمية في علمي المنطق والحكمة المتعالية عمد فيه

المصنّف رحمه الله إلى

نظم العلوم الحكمية بهذا الإسلوب العلمي والأدبي الرائق مراعياً فيه

الاختصاروأداء المعنى باللألفاظ والمصطلحات التي يختزنها ذلك العلم ولمّا عسر

على الطالبين فهم ما يرمي إليه في نظمه جنح إلى شرحه فكان أوّل شرح كتب لهذا

النظم ثمّ توالت من بعده عدّة شروح لثلّة من العلماء الأعلام.

اشتمل الكتاب على تقديم لمحقّق الكتاب ومقدّمة

المؤلّف ومن ثم شرح المنطق والحكمة في جزئين وفهرسة للكتاب ذكرت فيه مواضيع علم

المنطق وسبع مقاصد احتوت على علم الحكمة هي : في الأمور العامة ، والجوهر والعرض

، والإلهيّات بالمعنى الأخصّ ، والطبيعيّات ، والنبوّات والمنامات ، والمعاد ،

وشطر من علم الأخلاق.

تحقيق : محسن بيدارفر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : لمجموع الجزئين 1107.

نشر : منشورات بيدارفر - قم - إيران / 1428 ه.

*

ذبائح أهل الكتاب ورسالة ما لا تتمّ الصلاة فيه.

تأليف : الشيخ البهائي (ت1030 ه).

يعدّ هذا الكتاب من سلسلة مصادر بحارالأنوار

المحقّقة أشرف عليه مركز نورالأنوار في إحياء بحار الأنوار ، يبحث فقهياً في

ذبائح أهل الكتاب مبتدئاً بحجة الإمامية في التحريم ومن ثمّ يذكر أقوال المذاهب

الأربعة كما ذكر فصلاً في بيان مذهب ابن بابويه وقد ألحقت به رسالة أخرى للمصنّف

رحمه الله

في (ما لا تتمّ الصلاة فيه) لصغر حجمها وإن لم تكن من سلسلة مصادر بحار الأنوار.

اعتمد في تحقيق الكتاب على أربع نسخ خطية ، حقّق

بأسلوب علمي من خلال ذكر الاختلافات وتثبيت الأصح منهامع التعليقات والإضافات

المتواجدة في بعض النسخ.

ص: 512

تحقيق : عقيل الربيعي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 127.

نشر : دار الحقائق - قم - إيران / 1428 ه.

*

التاريخ وأسماء المحدّثين وكناهم.

تأليف : الشيخ محمّد بن أحمد المقدّمي البصري.

كتاب اعتنى بذكر أسماء المحدّثين وكناهم مع دراسة

تاريخية لحياة المؤلّف ولبيئته التربوية ولمدينته البصرة.

اعتمد على عدّة نسخ خطّية ، كما استندإلى كتب

التراجم الرجالية والأدب والتاريخ ؛ فسرد نبذة عن حياة المترجم لهم وذكر مصادر

تراجمهم دون التعرّض للجرح والتعديل.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وبابين : الأوّل : دراسة

المؤلّف وكتابه في ثلاثة فصول هي : عصر المؤلّف ، حياة الشيخ المقدّمي ، كتاب

التاريخ وأسماء المحدّثين وكناهم. والباب الثاني : النص

المحقّق ، وهو : عبارة عن أسماء المحدّثين وكناهم.

تحقيق : الدكتور ثامر كاظم الخفاجي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 688.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي (قدس سره)

- قم - إيران / 1428 ه.

كتب

صدرت حديثاً

*

المفصّل في تاريخ النجف الأشرفج (1 - 10).

تأليف : الدكتور حسن عيسى الحكيم.

قدّم الكتاب دراسة موسّعة لتاريخ مدينة النجف

الأشرف المقدّسة بمرقد خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) باب مدينة علمه

سيّدالأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ،

وقد تعرّض المؤلّف إلى ذكر تاريخها ومعالمها وأهمّيّتها علميّاً وتاريخيّاً ،

وقد استند بدراسته المفصّلة هذه على المصادر العلمية في هذا المجال ، وقد صدر

منه إلى الآن عشرة

ص: 513

أجزاء.

وقد اشتمل الجزء الأوّل على : المقدّمة وفصلين ،

الأوّل : منطقة النجف في عصر ما قبل الإسلام. الفصل الثاني : النجف الأشرف في

العصر الإسلامي. وقد صدر هذا الجزء سنة 1427 ه.

وقد اشتمل الجزء الثاني على : مقدّمة وقسمين ،

الأوّل : تاريخ المرقد العلوي الشريف. والثاني : الخزانة الحيدرية. وقد صدر هذا

الجزء سنة 1427 ه.

وقد اشتمل الجزء الثالث على : مقدّمة وأربعة فصول ،

الفصل الأوّل : مراقد الانبياءوالصالحين. الفصل الثاني : مقامات الأئمّة ومراقد

آل البيت والصحابة. الفصل الثالث : الجوامع والمساجد والحسينيّات والتكايا.

الفصل الرابع : وادي السلام أو مقبرة النجف الكبرى. وقد صدر هذا الجزء سنة 1428

ه.

وقد اشتمل الجزء الرابع على : مقدّمة وسبعة فصول ،

الأوّل : مدرسة النجف في دور التأسيس. الفصل الثاني : مدرسة النجف في دور

التنظيم. الفصل الثالث :

مدرسة النجف في دور الضعف. الفصل الرابع : مدرسة

النجف في دور البناء الجديد. الفصل الخامس : مدرسة النجف في دور الازدهار. الفصل

السادس : مدرسة النجف في الدور الصراع السياسي والفكري. الفصل السابع : مدرسة

النجف في دور الانتصار الأصولي. وقد صدر هذا الجزء سنة 1428 ه.

وقد اشتمل الجزء الخامس على : المقدّمة ، والملامح

الأساسية لعصر التجديد الفكري ، وأعلام في القرن الثالث عشر الهجري. وقد صدر هذا

الجزء سنة 1428 ه.

وقد اشتمل الجزء السادس على : المقدّمة ، الأعلام

المنتسبون لآل البيت عليهم السلام ، والأعلام

المنتسبون من غير العلويّين إلى المدن. وقد صدر هذا الجزء سنة 1428 ه.

وقد اشتمل الجزء السابع على : المقدّمة ، والصعيد

العلمي ، والصعيد الأدبي ، ومدرسة النجف من القمّة إلى الانتكاسة ، وأعلام

المرجعية العليا وكبار

ص: 514

علماء مدرسة النجف الأشرف.

وقد اشتمل الجزء الثامن على : المقدّمة ، المدرسة

النجفية والتحدّي السلطوي ، أعلام المرجعية في التاريخ المعاصر ، المرجعية

الدينية العليا في النجف الأشرف بين 1990 - 2000 م ، يوميّات عام 2000 وما بعده

، الخاتمة.

وقد اشتمل الجزء التاسع على : المقدّمة ، أعلام

مدرسة النجف الأشرف في التاريخ الحديث والمعاصر ، المرحلة الأولى : أعلام مدرسة

النجف الأشرف بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديّين ،

المرحلة الثانية : أعلام مدرسة النجف الأشرف بين 1900 -1914 م ، المرحلة الثالثة

: أعلام مدرسة النجف الأشرف بين 1914 - 1920 م ، المرحلة الرابعة : أعلام مدرسة

النجف الأشرف بين 1921 - 1958م ، الخاتمة.

وقد اشتمل الجزء العاشر على : المقدّمة ، أعلام

المدرسة النجفية بين 1959- 2000م ، استدراك.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : كلّ جزء ما يقارب 400صفحة.

نشر : المكتبة الحيدرية - قم - إيران /

1429 ه.

*

مراقد الحلّة الفيحاء ج (1).

تأليف : سعد الحدّاد.

تناول الكتاب مراقد علماء مدينة الحلّة وتاريخها

حيث كانت آنذاك تزدهر وتزخر بمحافل العلم وروّاده ، وقد استعان المؤلّف بمصادر

تاريخية جمّة لتحقيق ما يرمي إليه من توثيق هذه المراقد.

اشتمل الكتاب على تقريظ وتأريخ شعري ومقدّمة وأسباب

تأليف الكتاب وبنو مزيد الأسديّون وتراجم للعلماء الأعلام الذين ذكر المؤلّف

مراقدهم وملحق مصوّر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 269.

نشر : دار الصادق - الحلّة - العراق / 1428 ه.

*

أدوار الاجتهاد عند الشيعة الإمامية.

تأليف : الدكتور الشيخ عدنان فرحان.

دراسة اقتصر بها المؤلّف على أدوار الاجتهاد عند

الشيعة الإمامية وذلك استكمالاً للأبحاث الواردة في أدوار

ص: 515

الاجتهاد في سائر المذاهب الإسلامية الأخرى

(المذاهب الأربعة) ولإهمالها الجانب الشيعي لأغراض سياسية وأمراض تعسّفية.

خاض الكتاب منهجاً موضوعياً ودراسيّاً لأدوار

الاجتهاد من عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحتّى عصر الأئمّة عليهم السلام

إلى عصرنا الحاضر ، كما ألحق بكلّ درس أسئلة مقتبسة من أصل الموضوع.

اشتمل الكتاب على مقدّمة واثنين وعشرين درساً منها

: كلّيّات أدوار الاجتهاد ، تعريف الاجتهاد ، مصطلح الاجتهاد في عصر تكوين

المذاهب وما بعدها ، بحوث أساسية في الاجتهاد ، بداية حركة الاجتهاد ، مراحل

تطوّر الاجتهاد ، ظهور الحركة الإخبارية ، حركة الاجتهاد المعاصر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 848.

نشر : المركز العالمي للدراسات الإسلامية - قم -

إيران / 1428 ه.

*

حقوق الإنسان عند أهل بيت النبوّة والفكر المعاصر.

تأليف : المحامي أحمد حسين يعقوب.

قدّم الكتاب دراسةً في حقوق الإنسان في ضلّ مدرسة

أهل بيت الرسالة عليهم السلام ومبادىء

الشريعة الإسلامية السمحاء في قراءة علمية حقوقية لتاريخي الإسلام والإنسان وما

يعانيه من إضاعة حقوقه أو المشقة في نيلها.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وعشرة فصول في : مفهوم

حقوق الإنسان ، واجب المجتمع حماية الإنسان وتمكينه من ممارسة حقوقه ، حماية

حقوق الإنسان ، حق الإنسان بالحرّية ، حرّية العقيدة ، الحرّية السياسية ، موقف

أهل بيت النبوّة من مصادرة الحرّيات ، الحرّية المدنية ، الحرّية الاقتصادية ،

حقّ الإنسان بالمساواة ، أكبر انحراف بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) في أموال

الدولة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 269.

نشر : دار الهدى - قم - إيران/1429 ه.

*

المعجم في فقه القرآن وسرّ بلاغته.

تأليف : قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلامية.

الموسوعة القرآنية الكبرى التي أعدّها مجمع البحوث

الإسلامية في مدينة

ص: 516

مشهد المقدّسة في مجال ألفاظ ولغة القرآن وما

يحتويه من أسرار البلاغة ضمّ نصوصاً لغوية وبحوثاً تفسيريّة وشواهد تاريخية

وأدبيّة لألفاظ القرآن ومفرداته وأعلامه وأدواته. كما ضمّ نصوصاً لوجوه القرآن

واختلاف القراءات واللهجات ومعضلات الإعراب والتركيبات ، ومزيداً من الآراء

والبحوث في فقه لغة القرآن ممّايغني المحقّق من الرجوع إلى المصادر ، صدر منه

إلى الآن إثنا عشر مجلّداًحسب حروف الهجاء ابتداءً من (آدم- أذن) حتّى (ح س ر -

ح ق ف) ولازال المجمع مستمرّاً في عمله لإصدار بقيّة الأجزاء.

إشراف : الاستاذ الشيخ محمّد واعظ زاده الخراساني.

نشر : مجمع البحوث الإسلامية - مشهد - إيران / 1428

ه.

*

النبوة في نهج البلاغة.

تأليف : الدكتور أحمد سالم النفيس.

صدر الكتاب دفاعاً عن شخصية الرسول الأعظم (صلى

الله عليه وآله) وعن رسالته الخالدة إثر الضجيج المثار ضدّه (صلى الله عليه

وآله) في عالمنا اليوم تناول المؤلّف الخطبة الثانية من نهج البلاغة التي عرّفت

شخصيّة

الرسول (صلى الله عليه وآله) الناصعة مؤكّداً على

معرفته (صلى الله عليه وآله) من خلال باب مدينة علمه الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

وأهل بيت النبوّة عليهم السلام مستدلاً

بالنصوص التاريخية كمااتّخذ منهجاً فكريّاً واضحاً لمعالجة الأمر في أمّة الرسول

(صلى الله عليه وآله) وقراءة التاريخ الإسلامي.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وعدّة مواضيع منها :

النبوّة في نهج البلاغة ، رواة نزول الوحي عند البخاري ، نماذج من التصوّرات

المتداولة عن النبوّة ، النبوّة شجرة ، النبوّة كلمة الله ، مناقب الشجرة

المحمّدية ، وصف الشجرة المحمّدية ، محمّد سليل المجد والشرف ، المواقف الرسالية

لأبي طالب ، أهل البيت ومواصلة إقامة الحجّة ، نزول الوحي ، وعدّة مواضيع أخر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 184.

نشر : المؤلف / 1428 ه.

*

منتهى الدراية في توضيح الكفاية ج(1 - 10).

تأليف : السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج.

هو كتاب اُصولي عمد فيه المصنّف

ص: 517

إلى شرح كتاب الكفاية للآخوند الخراساني رحمه الله

وقد نال إقبالاً من طلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف آنذاك وقدتكرّرت طباعته

بالأفست وقد امتازت هذه الطبعة بالتوضيحات والتحقيقات العلمية كما اضيفت إليها

رسالتان ، الأولى : في نفي الأصل الجاري في العدم الأزلي ، أدرجت في الجزء

الرابع. والثانية : في قاعدتي التجاوز والفراغ ، أدرجت في الجزء العاشر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : لكل جزء 600 صفحة تقريباً.

نشر : انتشارات ذوي القربى - قم - إيران/1428 ه.

*

الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء من خلال الشعر.

إعداد : إسماعيل عبد الرحيم الخفّاف.

كتاب سُردَت فيه مجموعة من الأشعار في شأن سيّدة

نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام لتتجلّى

للقارىء فضيلتها ومنزلتها حيث كان الشعر أوقع في النفس ، فافتُتِحَ الكتاب بذكر

مولدها

الكريم نثراً ونظماً وشمل شطراً من صفاتها وألقابها

وكناها ، وحديث الكساء وزواجها والأشعار المنسوبة إليها كما عرّج إلى ذكر

الأشعار التي قالتها في حقّها فحول الشعراء كالعبدي والكميت والسيّد الحميري

وحتّى الشعراء المعاصرين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 704.

نشر : دار الغدير - قم - إيران / 1428 ه.

*

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطّاب.

تأليف : عبد الباقي قرنة الجزائري.

قدّم المؤلّف دراسة تاريخية في سيرة ثاني الخلفاء

عمر بن الخطّاب ، سلّط فيها الضوء على الروايات التي احتفلت بها كتب العامة

وناقشها بأسلوب علمي معتمداًعلى نظرية (إعادة كتابة التاريخ) لينقّحه وينزّهه من

افتراءات الوضّاعين.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وخاتمة وعشرة فصول بعناوين

شتّى : نسب عمر ، روايات في فضائل عمر ، إسلام عمر ، علم عمر ، عمر والنساء ،

كيف استخلف عمر ، كيف تعامل عمر مع الصحابة والتابعين ، عمر والخمر ، من

ص: 518

أخبار عمر ، وفاة عمر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 567.

نشر : انتشارات دار التفسير - قم - إيران /1428 ه.

*

من مشاهير أعلام الحلّة الفيحاء.

تأليف : الدكتور كاظم ثامر الخفاجي.

وهو من الكتب التي ألّفت في تاريخ الحلّة وأعلامها

حيث اهتمَّ المؤلّف أن يُحيي جانباً من مجد مدينة الحلّة فترجم لمائة وأحد وستين

علماً من مشاهير علماءالحلّة.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وخمسة مواضيع في : البيئة

الفكرية ، مراكز العلم في الحلّة ، مقام صاحب الزمان ، أسرة آل زهرة الحلبية

تتفقّه في مدينة الحلّة ، من مشاهير أعلام الحلّة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 255.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي (قدس سره)

- قم - إيران / 1428 ه.

*

منهج نقد المتن في تصحيح الروايات وتضعيفها.

تأليف : السيد عليّ حسن مطر

الهاشمي.

عرض الكتاب دراسة في علم الدراية يبحث فيها منهج

نقد المتن على القاعدتين العقلائية والشرعية حيث يقوم عليهما نقد المتن في تصحيح

وتضعيف الروايات المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين عليهم السلام

ويعدّ هذا المنهج في قبال منهج نقد السند ويتميز بكونه منهجاً علميّاً يؤدي إلى

العلم بصدور مضمون الرواية أو عدم صدورها عنهم ، ويمكن لهذاالمنهج أن يعدّ قاعدة

موضوعية لجميع علماء الإسلام بشتّى مذاهبهم توحّد طريقة قراءتهم للروايات أخذاً

وردّاً على أساس العلم.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 160.

نشر : منشورات ناظرين - قم - إيران / 1429 ه.

*

حلاوة الندامة.

تأليف : الشيخ محمّد حسين اليوسفي.

كتاب تدور أبحاثه حول أبعاد تربية النفس وتزكيتها

وارتباطها الوثيق مع بارئهاالغفور الرحيم حيث كان الاستغفار وحلاوة الإنابة إلى

الله عزّ وجلّ مداراً

ص: 519

لهذه البحوث وقد اعتمد المؤلّف فيها على ما ورد من

الأحاديث النبوية وروايات الأئمة المعصومين الأطهار عليهم السلام في

هذا المضمار.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وعشرة فصول في : العودة ،

آثار الذنب ، دور الاستغفار في الحياة ، معنى الاستغفار وشرائطه ، موانع قبول

الاستغفار ، آثار وبركات الاستغفار ، نقاط ورموزالاستغفار ، أفضل أوقات

الاستغفار ، أنواع الاستغفار وبركاتها ، استغفار أمير المؤمنين عليه السلام ،

استغفار إمام العصرللشيعة.

وقد قام بترجمته من الفارسية إلى العربية : حامد

الطائي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 238.

نشر : دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان/ 1426 ه.

*الأجوبة

الوافية في ردّ شبهات الوهّابية ج(1 - 2).

تأليف : الشيخ قيصر التميمي ، الشيخ عليّ حمّود

العبادي ، الشيخ شاكر عطية.

تبنّت مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلامية الردّ على

شبهات الوهّابية

المثارة على المذهب الشيعي عبر سلسلة من الحوارات

والمناظرات التي بثّتها بعض القنوات الفضائية ، حيث اعتمدت المؤسّسة في عرض

أجوبتها على نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية بالاستناد إلى المصادر الحديثية

والروائية المعتبرة عند أهل السنّة ، كما اعتمدت الكتب الرجالية لتبيين صحّة

وسقم طرق الأحاديث الواردة عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، والأخذ

بأقوال علماء السنّة في الرجوع إلى أهمّ المصادر والكتب المعتبرة.

اشتمل الجزء الأوّل على ستّة فصول في : هل الإمامة

مجعولة بالجعل الإلهي ، حديث الخلفاء الإثني عشر في كتب أهل السنّة ، غيبة

الإمام المهدي عليه السلام ، بطلان دعوى النصّ على خلافة أبي بكر

، عصيان الصحابة ، العصمة والغلوّ.

واشتمل الجزء الثاني على ستّة فصول في الشعائر

والمآتم الحسينية ، جواز التوسّل في الشريعة الإسلامية ، اللعن في القرآن

والسنّة ، التحريف ، التقية ، جواز المتعة في الشريعة الإسلامية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ج (1)400 وج (2) 403.

نشر : مؤسّسة الكوثر للمعارف

ص: 520

الإسلامية - قم - إيران / 1428 ه.

*

لماذا نهض الإمام الحسين عليه السلام.

تأليف : عبد الصاحب ذو الرياستين الحسيني.

هذا الكتاب هو الجزء الأوّل من موسوعة (لماذا) ،

عرض فيه المؤلّف دراسة تاريخية لنهضة سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام ،

حيث يدور البحث فيه عن وجوب القيام والعلل والأسباب الرئيسية وفروعها الداعية

والموجبة لوقوع النهضة الشريفة لسيّد الشهداء عليه السلام.

اشتمل الكتاب على مقدّمة ومحورين ، المحور الأوّل :

الإمام الحسين عليه السلام في خطى النهضة ؛ وقد ضمّ هذا المحور

ثلاثة فصول ، الأوّل : مبدأ الإمام الحسين عليه السلام

مقارعة جميع الظالمين ، الثاني : يزيد فاسق ، الثالث : بعد وفاة معاوية.

المحور الثاني : وقد ضمّ ستّة فصول ، الأوّل :

تناسب حجم المواجهة مع حجم الخطر ، الثاني : نماذج من البطولات الإسلامية ،

الثالث : واقعية العداء لأهل البيت عليهم السلام ،

الرابع : شرط قبول الإسلام قبول أوليائه ، الخامس :

تحرّي تعامل الرسول (صلى الله عليه وآله)مع المجتمع

وأهل بيته عليه السلام ،

الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين في الإسلام ؛ فصل الختام

: وقوع الفساد استوجب القيام الحسيني.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 383.

نشر : مؤسّسة السيّدة المعصومة عليها السلام -

قم - إيران / 1429 ه.

*محمّد

بن مسلم الطائفي رحمه الله محيي السنّة

النبوية.

تأليف : الشيخ محمّد محسن الطبسي.

كتاب عرض المؤلّف فيه دراسة حول شخصية محمّد بن

مسلم الطائفي الفقيه الشهير والمحدّث الكبير الذي عرف في الروايات ب- (محيي

السنّة) ، حيث تميّز بالفقه على ضوء مذهب أهل البيت عليهم السلام ،

ولعب دوراً بارزاً في تحقيق مقاصد وأهداف الإمامين الصادقين عليهما السلام

وهي (إحياء السنّة النبوية) ، وقد شهد له العامّة والخاصّة بالفقه والتبحّر في

الحديث ، كما نقد الروايات الواردة في قدحه وذمّه بدراستها سنداً ودلالة لمعرفة

قيمتها واعتبارها مع وجود الروايات

ص: 521

المادحة له وعلوّ منزلته عند الإمام المعصوم عليه السلام.

اشتمل الكتاب على فصلين ، الفصل الأوّل في : شخصية

محمّد بن مسلم ، وفيه مواضيع منها : لمحة عن شخصيّته ، الروايات المادحة له ،

كلمات العلماء حول الروايات ، محمّد بن مسلم عند الأئمّة ، محمّد بن مسلم يحدّث

عن نفسه ، مرجعيّته للموافق والمخالف ، والفصل الثاني في : نقد الروايات وفيه

مواضيع منها : دراسة موضوعية في الروايات الذامّة له ، موقف العلماء من هذه

الروايات ، دراسة في السند (لستّة من الرواة وقعوا في السند) ، خلاصة الدراسة ،

دراسة في الدلالة ، أقوال العلماء.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 167.

نشر : برگ فردوس - قم - إيران / 1428 ه.

*البالغون

الفتح في كربلاء.

تأليف : الحاج عبد الأمير القريشي.

أعدّ الكتاب دراسة وعرضاً تاريخيّاً لثورة سيّد

الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام ، تناول فيه

أسماء

الشخصيّات التي ارتبط اسمها بنهضته عليه السلام ،

والتي كان لها أثراً كبيراًودوراً فعّالا في نصرة سبط الرسول الأعظم (صلى الله

عليه وآله) ، حيث كتب لكلّ شخصية ترجمة لها وتناول تاريخها وما دار حولها من

وقائع وأحداث ، وكيفيّة استشهادها في سبيل نصرة الحسين عليه السلام ،

وقد رتّب الكتاب على فصول تناول كلّ فصل منها مرحلة من مراحل الحركة الحسينيّة

الخالدة.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وثمانية فصول في : شهداء

قبل الواقعة ، الشهداء من بني هاشم ، الأنصار من صحابة النبيّ (صلى الله عليه

وآله) ، الأصحاب ممّن أدرك النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، الأنصار من صحابة أمير

المؤمنين عليه السلام ،

الشهداء من الأصحاب ، الشهداء ممّن اختلفت الآراء فيهم ، شهداء بعد الواقعة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 447.

نشر : بيت العلم للنابهين - بيروت - لبنان/ 1429

ه.

*موسوعة

المنبر الحسيني ج(1 -3).

تأليف : ماجدة آل مرتضى المؤمن.

الكتاب عبارة عن مجالس حسينية ،

ص: 522

رتّبت على الطريقة المتعارف عليها عند الخطباء ،

وهي موسوعة ضمّت ستين عبيراًفي رحاب سيّد الشهداء ، ارتأت المؤلّفة أن تقدِّم

هذا المجهود المتوفّر لديهامن خلال تجربتها في تدريس العلوم الدينية المتنوّعة

في الحوزة العلمية والمحاضرات الخطابية التي ألقتها في فترات التبليغ.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : كلّ جزء ما يقارب من550 صفحة.

نشر : الطيّار - قم - إيران / 1428 ه.

*

سلسلة قصص أهل الكساء عليهم السلام ج (1 - 5).

تأليف : السيّد أحمد الحسيني.

اتّخذ المؤلّف الأسلوب القصصي في سرده للتاريخ ،

وذلك لأنّ القصّة أوقع في النفس وأكثر انسجاماً مع خيال القارىء وعاطفته ، ولها

الأثر الكبير في إدراك المعاني والسلوك التربوي السليم ، فعمد إلى قصص أشرف

الخلائق الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وآل بيته الطيّبين الطاهرين عليهم السلام ،

يذكر فيها معاجزهم ، أخلاقهم ، سيرتهم ، وما دار حولهم من وقائع وأحداث وحقائق.

يتكوّن الكتاب من خمسة مجلّدات مستقلّة ، اشتمل

المجلّد الأوّل على القصص التي دارت حول شخصية النبيّ محمّد (صلى الله عليه

وآله) ، والمجلّد الثاني على القصص التي دارت حول شخصية أمير المؤمنين عليّ بن

أبي طالب عليه السلام ،

والمجلّد الثالث على القصص التي دارت حول شخصية سيّدة نساء العالمين فاطمة

الزهراء عليها السلام ،

والمجلّد الرابع على القصص التي دارت حول شخصية الإمام الحسن عليه السلام ،

والمجلّدالثالث على القصص التي دارت حول شخصية الإمام الحسين عليه السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : كلّ جزء ما يقارب من220 صفحة.

نشر : الأميرة - بيروت - لبنان / 1428 ه.

*الكوثر

في أحوال فاطمة بنت النبيّ الأطهر ج (1 - 7).

تأليف : السيّد محمّد باقر الموسوي.

احتوى هذا الكتاب على مجموعة كبيرة من الآيات

القرآنية النازلة في سيّدتناومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ،

والروايات الواردة في شأنها ومنزلتها

ص: 523

وبيان مقامها وولايتها عليها السلام

من بدء خلقة نورها وولادتها إلى شهادتها ويوم حشرها ، وقد سهّلت هذه المجموعة

على القارىء والمتتبّع لأخبارها وأحوالها عليها السلام ووفّرت

له ما يحتاج إليه دون الرجوع إلى مصادر عديدة.

اشتمل الكتاب بأجزائه السبعة على عشرين فصلا في :

بدء خلقها وولايتها ، أنّها عليها السلام علّة الخلق

كلّه ، ولادتها ، خليّتها وشمائلها عليها السلام ،

أسمائها وألقابها وكناها عليها السلام ، فضائلها

ومناقبها ، سائر فضائلهاوثواب حبّها ، إعانتها لأبيها (صلى الله عليه وآله) وهجرتها

وتزويجها عليها السلام ؛

حبّها لعليّ عليه السلام وزهدها وسيرتها ومعاشرتها عليها السلام ،

جوامع فضائلها ومناقبها عليها السلام ، علمها

ولوحها ومصحفها ورواياتها وأدعيتها وأحرازها وصلواتها عليها السلام ،

نصرتها عليها السلام

لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليّ عليه السلام ،

في مظلوميّتها عليه السلام وما وقع عليها من الظلم ، في علّة

شهادتها ، فدك محكمة تاريخية ، ومصائبها عليها السلام

في الأشعار ، ومقايستها مع مريم عليها السلام ، أولادها

وذريّتها عليها السلام ،

موقفها عليها السلامعندالله

تعالى إلى يوم

القيامة ، شأن خادمتها عليها السلام ،

شأن أمّها خديجة عليها السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : كلّ جزء ما يقارب من550 صفحة.

نشر : دليل ما - قم - إيران/ 1429 ه.

*الاستصحاب

ويليه تعارض الأدلّة ج(1 - 2).

تأليف : السيّد مرتضى الحسيني النجومي.

كتاب في علم الأصول ، وهو عبارة عن تقريرات كتبها

المؤلّف أثناء حضوره بحوث الخارج لدروس أستاذه آية الله الشيخ الميرزا باقر

الزنجاني قدس سره في

النجف الأشرف ، وهي حصيلة أبحاثه قدس سره التي ألقاها

خلال فترة عامين ، وقد كتبت هذه التقريرات لدروسه في أيّام حياته ولاحظها

واستحسنها واعتبرها مطابقة لآراءه.

وقد تمّ طباعة الكتاب بإشراف الشيخ ناصر الدين

الأنصاري القمّي.

الحجم : وزيري.

ص: 524

عدد الصفحات : كلّ جزء ما يقارب 380صفحة.

نشر : دار التفسير - قم - إيران / 1429 ه.

طبعات

جديدة لمطبوعات سابقة

*

الإيقاظ من الهجعة.

تأليف : الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي.

تناول الكتاب بحثاً عقائدياً في إثبات الرجعة للنبي

(صلى الله عليه وآله) والائمّة الأطهار عليهم السلام التي

تفرّدت به الفرقة الإمامية الإثنا عشرية بدراسة للآيات القرآنية والروايات

المتواترة في هذا الشأن ، وقد رُتّب على إثني عشر باباً : في المقدّمات ، وفي

الاستدلال على الرجعة وإمكانها ووقوعها ، وفي الآيات القرآنية الدالّة على ذلك

مع الأحاديث في تفسيرها ، وفي إثبات ما وقع في الأُمم السابقة يقع مثله في هذه

الامّة ، وإنّها وقعت في الأنبياء والأوصياء السابقين ، وإنّها وقعت في هذه

الأُمّة في الجملة ليزول الاستبعاد

عن الرجعة الموعود بها في آخر الزمان.

وقد اعتمد في تحقيق هذا الكتاب على أربعة نسخ خطّية

، تمّ نسخ احداهنّ من نسخة خطية كتبت في زمن المؤلّف ، وسبق أن طبع الكتاب وقد

أعيد طبعه بعدأن أُجريت عليه المزيد من الإضافات والتعديلات.

تحقيق : مشتاق المظفّر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 512.

نشر : منشورات دليل ما - قم - إيران / 1428 ه.

(كتب

قيد التحقيق)

*سلافة

العصر.

تأليف : السيّد عليّ خان المدني (ت 1120 ه).

يقوم بتحقيقه الشيخ محمّد تقي الفقيه العاملي

بالاعتماد على ثلاثة نسخ :

الأولى : من مكتبة راغب پاشا وعليها اسم المؤلّف.

الثانية : من مكتبة آية الله المرعشي

ص: 525

بخطّ الزنوزي وعليها تعليقاته.

الثالثة : من مكتبة قلي ملك قليلة الأخطاء.

*كتاب

الوقف.

تأليف : الشهيد السيّد محمّد رضا الموسوي الخلخالي.

يقوم بتحقيقه حامد الطائي بالاعتماد على نسخة خطّ

المؤلّف.

*مكارم

أخلاق النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم السلام :

تأليف : قطب الدين أبي الحسين سعيدبن هبة الله بن

الحسن الراوندي (573 ه). اعتمد في تحقيقه على نسختين ، الأولى وهي الأكمل موجودة

في مكتبة مجلس الشورى في طهران وجاءعلى ظهرها اسم الكتاب والمؤلّف ، والثانية

موجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي في قم المقدّسة وهي ناقصة من أوّلها

وآخرها والكتاب لم يطبع حتّى الآن.

ويتضمّن الكتاب أربعة عشر باباً بعدد المعصومين عليهم السلام ،

ويحتوي كلّ باب على أحاديث في مكارم أخلاقهم وشيمهم

والمواعظ الواردة عنهم وبعض الأدعية الصادرة عن

ناحيتهم.

يقوم بتحقيقه السيّد حسين الموسوي البروجردي.

سوف تقوم بنشره مكتبة العتبة العبّاسية في كربلاء

المقدّسة / العراق.

*معارج

الأفهام إلى علم الكلام.

تأليف : جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسن

الكفعميّ.

وهو أخ الشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعميّ صاحب

المصباح.

اعتمد في تحقيقه على نسختين أوّلها في مكتبة

الميزرا الشيرازيّ في الجامعة المركزية في مدينة دار العلم شيراز ، وثانيها في

جامعة طهران والكتاب لم يطبع حتّى الآن.

تضمّن الكتاب خمسة أبواب بعدد الأصول الخمسة ، سلك

المؤلّف طريق الإيجاز والاختصار بحيث لا يخلّ بالمعنى.

يقوم بتحقيقه عبدالحليم عوض الحلّي.

سوف تقوم بنشره مكتبة العتبة العبّاسية في كربلاء

المقدّسة / العراق.

ص: 526

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.