تراثنا المجلد 91

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1428 ه.ق

الصفحات: 494

ص: 1

اشارة

تراثنا

صاحب

الامتیاز :

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث

المدير

المسؤول :

السيّد

جواد الشهرستاني

العددان

الثلاث والرابع [91 - 92]

السنة

الثلاثة والعشرون

محتويات العدد

* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (6).

................................................. السيّد علي الحسيني الميلاني 7

* دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة.

............................................... الشيخ عبد الرسول الغفاري 21

* تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الامامية (2).

.................................................... السّيد زهير الأعرجي 100

* مدرسة الحلّة وتاجم علمائها من النشوء إلى القمّة (1).

............................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني 163

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة / النجف الأشرف (23).

......................................... السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره 225

رجب - ذو

الحجّة

1428

ه-

* من ذخائر التراث :

منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام - لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري.

............................................. تحقيق : مشتاق صالح مظفر 259

* من ذخائر التراث :

نبذة من كتاب جواهر الكلام الحِكَم والأحكام - للقاضي أ[ي الفتح عبد الواحد بن محمّد التميميّ الآمديّ المتوفّى حدود 550 ه.

................................. تحقيق : السيّد حسن الموسويّ البروجردي 415

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير 475

* صورة الغلاف : نموذج من نسخة المخطوط ل- : «منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين» لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري والمشورة فلي هذا العدد.

ص: 2

العددان

الثلاث والرابع [91 - 92]

السنة

الثلاثة والعشرون

محتويات العدد

* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (6).

................................................. السيّد علي الحسيني الميلاني 7

* دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة.

............................................... الشيخ عبد الرسول الغفاري 21

* تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الامامية (2).

.................................................... السّيد زهير الأعرجي 100

* مدرسة الحلّة وتاجم علمائها من النشوء إلى القمّة (1).

............................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني 163

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة / النجف الأشرف (23).

......................................... السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره 225

رجب - ذو

الحجّة

1428

ه-

* من ذخائر التراث :

منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام - لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري.

............................................. تحقيق : مشتاق صالح مظفر 259

* من ذخائر التراث :

نبذة من كتاب جواهر الكلام الحِكَم والأحكام - للقاضي أ[ي الفتح عبد الواحد بن محمّد التميميّ الآمديّ المتوفّى حدود 550 ه.

................................. تحقيق : السيّد حسن الموسويّ البروجردي 415

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير 475

* صورة الغلاف : نموذج من نسخة المخطوط ل- : «منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين» لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري والمشورة فلي هذا العدد.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (6)

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

(29)

لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما

لقد عقد صاحب الوسائل رحمه الله أبواباً لأحكام الأولاد ، فروى في أحدها خبراً في وصيّة النبيّ لأمير المؤمنين عليهما الصّلاة والسّلام جاء فيه : «يا علي ، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما. يا علي ، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما. يا علي ، رحم الله والدين حملا ولدهما على برّهما»(1).

أقول :

«العقُّ» في اللغة هو : الشقُّ والقطع.

إنّ الولد مأمور بأنْ يصل والديه ويبرّهما ، ولا شكَّ أنَّهما كما يمكنهما أنْ يعينانه بحسن المعاملة معه والقيام بحقوقه على الصلة والبرّ بهما ، كذلك يكون سوء المعاملة معه وقلّة العناية به سبباً للشقاق والمقاطعة.

ص: 7


1- وسائل الشيعة 21 / 389 ح 27377.

وقد عقدنا هذا الفصل لبيان اهتمام الأئمّة عليهم السلام بأمر الأولاد وما على الوالدين من المسؤليّات تجاههم ، وما ورد عنهم عليهم السلام في الوصيّة بهم ، وسيكون المطلب تحت عناوين :

من سعادة المرء أنْ يكون له خَلَف :

فأوّل شيء نذكره هو : ترغيب الأئمّة عليهم السلام في طلب الولد ، وأنّهم يعتبرون وجود الخَلَف للرّجل سعادةً له :

عن أبي الحسن عليه السلام : «سعد امرء لم يمت حتّى يرى خلفاً من نفسه»(1).

وقال عليه السلام : «إنّ الله إذا أراد بعبد خيراً لم يمته حتّى يريه الخلف»(2).

الاهتمام بالولد جنيناً

وتفيد الروايات : أنّ الأئمّة عليهم السّلام كانوا يهتمّون بأمر الولد وهو في بطن أمّه ، من حيث الصفات الظّاهرية والمعنوية.

فمن ذلك : حرصهم على جمال الولد ، ولذلك أمروا المرأة الحامل بأكل السفرجل ، ففي الخبر : «فإنّ الولد يكون أطيب ريحاً وأصفى لوناً»(3).

ومن ذلك : حرصهم على أنْ يكون حليماً ، فأمروا بأنْ تأكل النفساء البرني - وهو نوع من التمر - فعن أبي عبد الله عليه السلام : 0.

ص: 8


1- وسائل الشيعة 21 / 357 ح 27288.
2- وسائل الشيعة 21 / 357 ح 27289.
3- وسائل الشيعة 21 / 402 ح 27410.

«أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنّ تحلم أولادكم»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : خير تموركم البرني ، فأطعموا نساءكم في نفاسهنّ تخرج أولادكم حلماء - حكماء -»(2).

ومن ذلك : حرصهم على أنْ يكون زكيَّ القلب عالماً شجاعاً ، ففي الخبر :

«أطعموا حبالاكم ذكر اللبان ، فإنْ يكن في بطنها غلام خرج زكيّ القلب عالماً شجاعاً ...»(3).

الاهتمام بالولد رضيعاً :

ثمَّ إذا ولد ، فقد أوصى الأئمّة عليهم السلام بأمور تتعلّق بكيفيّة رضاعه وأحوال مرضعته ، ممّا له تأثير في طبيعة الولد ولذا ورد عن أبي عبد الله عن أبيه : إنّ عليّاً كان يقول : «تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنّكاح ، فإنَّ الرضاع يغيّر الطباع»(4).

وعنه عليه السلام : «انظروا من يرضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه»(5).

وممّا أوصوا به عليهم السلام :

عن أبي جعفر عليه السلام : «استرضع لولدك بلبن الحسان وإيّاك 0.

ص: 9


1- وسائل الشيعة 21 / 403 ح 27413.
2- وسائل الشيعة 21 / 403 ح 27414.
3- وسائل الشيعة 21 / 405 ح 27419.
4- وسائل الشيعة 21 / 468 ح 27605.
5- وسائل الشيعة 21 / 466 ح 27600.

والقباح ، فإنّ اللبن يعدي»(1).

وعن الرضا عليه السلام عن آبائه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء ، فإنّ الّلبن يعدي»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام في استرضاع أهل الكتاب : «إذا أرضعوا لكم فامنعوهم من شرب الخمر»(3).

وفي آخر : من لحم الخنزير أيضاً(4).

وفي غير واحد من الأخبار النهي من استرضاع امرأة ولدت من الزنا(5).

وهذا طرف ممّا ورد عنهم عليهم السلام بالنسبة إلى الأولاد في هذه المرحلة ، ممّا يكشف عن اهتمامهم بأمر أولاد المؤمنين ، من الجهات الروحيّة والجسميّة ، في جميع المراحل.

تسميته :

وممّا اهتمّ به الأئمّة عليهم السلام مسألة تسمية الأولاد ، فهناك روايات كثيرة في أنّ من حقوق الولد على والده أن يسمّيه باسم حسن :

فعن أبي الحسن عليه السلام : «أوّل ما يبرّ الرجل ولده أنْ يسمّيه باسم حسن. فليحسن أحدكم اسم ولده»(6). 4.

ص: 10


1- وسائل الشيعة 21 / 468 ح 27606.
2- وسائل الشيعة 21 / 467 ح 27603.
3- وسائل الشيعة 21 / 464 ح 27595.
4- وسائل الشيعة 21 / 465 ح 27597.
5- وسائل الشيعة 21 / 465 ح 27598.
6- وسائل الشيعة 21 / 388 ح 27374.

ثمّ إنّه قد ورد عنهم عليهم السلام أن : «أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة وأفضلها أسماء الأنبياء» كما عن أبي جعفر عليه السلام(1).

وجاء في غير واحد من الأخبار تعيين عدّة من الأسماء ، ولا شك أنّ أفضلها اسم نبيّنا ، حتّى رووا عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال : «من ولد له ثلاث بنين ولم يسمّ أحدهم محمّداً فقد جفاني»(2).

وعن أبي الحسن عليه السلام : «لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء»(3).

والذي أظنّ أنّ من جملة أسباب التأكيد على التسمية بهذه الأسماء المباركة هو الأثر التربوي المترتّب عليها ، وذلك :

أوّلاً : لأنّ الولد المسمّى بهذا الإسم ، يستلهم منه الجهات المعنويّة والحالات القدسيّة التي كان عليها صاحبه من الأنبياء أو الأئمّة عليهم الصّلاة والسّلام ، فيكون محفِّزاً له على تحصيلها ورادعاً له عن أضدادها.

وثانياً : لأنّ هذه الأسماء تقتضي إكرامه من قبل الناس ، ومن قبل الوالدين اللذين سمّياه بذلك ، ومن هنا نجد التأكيد من الأئمّة عليهم السلام من هذه الحيثيّة.

إكرامه :

ففي الراويات الأمر بإكرام الولد ، قالوا عليهم السلام : «أكرموا 5.

ص: 11


1- وسائل الشيعة 21 / 391 ح 27381.
2- وسائل الشيعة 21 / 394 ح 27388.
3- وسائل الشيعة 21 / 396 ح 27395.

أولادكم»(1).

ولكنّي وجدتُ في بعضها الأمر بإكرامه والنهي عن سبّه وضربه ... متفرّعاً على تسميته بالأسماء الحسنة ، ممّا يستظهر منه أنّ بين التسمية والإكرام ارتباطاً قويّاً ، فإنْ لم نقل أنّ «الإكرام» علّة للتسمية فلا ريب في أنّه من آثارها ...

ففي الخبر عن أبي هارون قال : «كنت جليساً لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ، ففقدني أيّاماً ، ثمّ إنّي جئت إليه فقال : لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون. فقلت : ولد لي غلام. فقال : بارك الله لك ، فما سمّيته؟ قلت : سمّيته محمّداً. فأقبل بخدّه نحو الأرض وهو يقول : محمّد محمّد محمّد ، حتّى كاد يلصق خدّه الأرض ، ثمّ قال : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبويَّ وبأهل الأرض ، كلّهم جميعاً الفداء لرسول الله. لا تسبّه ولا تضربه ولا تسىء إليه ...»(2).

وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : «إذا سمّيتم الولد محمّداً فأكرموه ، وأوسعوا له في المجلس ، ولا تقبّحوا له وجهاً»(3).

شدّة الحبّ له :

ومن الأخبار ما يفيد الأمر بشدّة الحبّ للولد ، فعن أبي عبد الله عليه 0.

ص: 12


1- وسائل الشيعة 21 / 476 ح 27629.
2- وسائل الشيعة 21 / 393 ح 27387.
3- وسائل الشيعة 21 / 394 ح 27390.

السلام : «إن الله ليرحم الرّجل لشدّة حبِّه لولده»(1) فهم لا يأمرون بالحبّ فقط بل بشدّة الحبّ له ...

بل ، لقد جعلوا البرّ بالولد بمنزلة البرّ بالوالدين!

عن أبي عبد الله عليه السلام : «برّ الرجل بولده برّه بوالديه»(2).

وعنه في خبر آخر : «قال رجل من الأنصار : من أبرّ؟ قال : والديك. قال : قد مضيا. قال : برّ ولدك»(3).

وعنه عليه السلام : «جاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال : ما قبّلت صبيّاً لي قطّ ، فلمّا ولّى قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هذا رجل عندي أنه من أهل النار»(4).

وعنه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «من قبّل ولده كتب الله له حسنة»(5).

مسؤلية الوالد :

وبحسب الروايات الواردة ، فإنّ الله عزّ وجلّ سيسأل الوالد يوم القيامة عن ولده!

ففي رسالة الحقوق ، يقول الإمام السجّاد عليه السلام : «وأمّا حقّ ولدك ، فتعلم أنّه منك ومضافٌ إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته ، من حسن الأدب والدلالة على ربّه المعونة على ربّه 3.

ص: 13


1- وسائل الشيعة 21 / 359 ح 27300.
2- وسائل الشيعة 21 / 484 ح 27653.
3- وسائل الشيعة 21 / 483 ح 27649.
4- وسائل الشيعة 21 / 484 ح 27654.
5- وسائل الشيعة 21 / 475 ح 27623.

طاعته فيك وفي نفسه ، فمثابٌ على ذلك ومعاقَب ، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا ، المعذّر إلى ربّه فيما بينك وبينه ، بحسن القيام والأخذ له منه»(1).

وعن سليمان بن خالد قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّ لي أهل بيت وهم يسمعون منّي ، فأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال عليه السلام : نعم ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(2).

فقال الشيخ المجلسي بشرحه بعد القول بصحّة الحديث :

«وتدلُّ الآية على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أنّ الأقارب من الزوجة والمماليك والوالدين والأولاد وساير القرابات ، مقدّمون في ذلك على الأجانب»(3).

وعن أبي بصير في الآية المذكورة قال : «كيف أقيهم؟ قال عليه السلام : تأمرهم بما أمر الله وتناههم عمّا نهاهم ، فإنْ أطاعوك كنت قد وقيتهم ، وإنْ عصوك كنت قد قضيت ما عليك»(4).

وفي عدّة من الأخبار : أنَّ الولد «نعمة» وأنّ الله «يسأل عن النعيم» :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «البنات حسنات والبنون نعمة ، وإنّما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة»(5). 6.

ص: 14


1- وسائل الشيعة 15 / 172 ح 20226.
2- سورة التحريم 66 : 6.
3- بحار الأنوار 71 / 86.
4- الكافي 5 / 62 ح 2.
5- وسائل الشيعة 21 / 365 ح 27316.

فأشاروا بذلك إلى قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ)(1).

أثر اللّقمة من حرام :

وقبل أنْ نوضّح وظيفة الوالد تجاه الولد من حيث التربية والتعليم ، نرى من الضروري أن نشير إلى ما للّقمة من الحرام من تأثيرات ...

أمّا في النطفة ، فالكلّ يعلم بأنّ النطفة تتكوّن من جميع البدن وبذلك روايات(2).

وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : «إذا وقعت اللّقمة من حرام في جوف العبد لعنه كلّ ملك في السماوات وفي الأرض ، وما دامت اللّقمة في جوفه لا ينظر الله إليه. ومن أكل اللّقمة فقد باء بغضب من الله ، فإن تاب تاب الله عليه وإنْ مات فالنار أولى به»(3).

ولا يخفى أنّ اللّقمة الحرام أعمّ ممّا كان من الأطعمة حراماً كلحم الخنزير ، والميتة مثلاً ، وما كان أكلاً لِمال الغير بدون إذن منه.

فإذا أكل الوالد لقمة حرام وتكوّنت النطفة منها وتكوّن منها الولد ، فلا شكَّ في أنّها تترك الأثر السيِّء الكبير في طبيعة الولد وأخلاقه.

وهذا البيان وإنْ كان كافياً للمطلب ، لكنْ بإمكانك أنْ ترجع إلى كلمات المعصومين في تفسير قوله تعالى : (وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ)(4) حتّى ترى أنّهم ما تركوا شيئاً يحتاجه الإنسان في نفسه وأهله 4.

ص: 15


1- سورة التكاثر 102 : 8.
2- بحار الأنوار 47 / 47 عن الكافي في خبر.
3- مستدرك سفينة البحار 2 / 265.
4- سورة الإسراء 17: 64.

وولده ، لدنياه وآخرته ، ولتعلم عظمة هذه المدرسة ، وتفهم مدى اهتمامهم بأمر الأولاد ...

فعن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية : «قال : ما كان من مال حرام فهو شريك الشيطان. قال ويكون مع الرجل حتّى يجامع ، فيكون من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً»(1).

بل يستفاد ممّا ورد في بعض الأخبار من تأثير المال الحرام الذي اشتريت به الجارية ، أنّه لو أمهر الرجل المرأة بمال حرام فأولدها ، ترتّب الأثر الشيطاني على الولد :

ففي تفسير الشيخ القمّي في الآية المباركة : قال : ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان ، فإذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له فهو شرك الشيطان كما تلد يلزمه منه ويكون مع الرجل إذا جاء جامع ، فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً»(2).

وظيفة الوالد تجاه الولد :

ثمّ إنّ وظيفة الوالد تجاه الولد - بعد ما ذكر - تتلخّص في أمرين :

1 - التربية :

فعن أمير المؤمنين عليه السلام : «أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم يغفر لكم»(3).

وعن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «جاء رجل إلى النبي صلّى 9.

ص: 16


1- تفسير كنز الدقائق 6 / 197.
2- تفسير كنز الدقائق 6 / 199.
3- وسائل الشيعة 21 / 476 ح 27629.

الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، ما حقّ ابني هذا؟ قال : تحسن اسمه وأدبه ، وضعه موضعاً حسناً»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : رحم الله من أعان ولده على برّه. قال : قلت : كيف يعينه على برّه؟ قال : يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به ، وليس بينه وبين أنْ يدخل في حدّ من حدود الكفر إلاّ أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم ...»(2).

ومن الواضح أنّه إذا لاقى الولد من والده هذه المعاملة الجميلة ، فإنّه سينشأ عليها ويتأدّب بها. ويعامله وسائر النّاس بها ...

بل ، لقد ورد في الخبر أنّه «كان داوود بن زربي شكا ابنه إلى أبي الحسن عليه السلام فيما أفسد له. فقال : استصلحه ، فما مائة ألف فيما أنعم الله به عليك؟!». وهذا مطلبٌ تربويّ مهمّ جدّاً.

2 - التعليم :

وأكّدت الروايات أيضاً على وظيفة تعليم الأولاد ، بأنّه حقٌّ من حقوقهم على الآباء :

فعن عليٍّ عليه السلام : «علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به ...»(3).

أ - تعليم القرآن :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : 4.

ص: 17


1- وسائل الشيعة 21 / 391 ح 27380.
2- وسائل الشيعة 21 / 481 ح 27645.
3- وسائل الشيعة 21 / 478 ح 27634.

من قبّل ولده كتب الله له حسنةً ، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة ، ومن علّمه القرآن دعي بالأبوين فكسيا حلَّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنّة»(1).

وفي خبر عنه صلّى الله عليه وآله : «حقّ الولد على والده إذا كان ذكراً : أن يستفره أُمّه ، ويستحسن اسمه ، ويعلّمه كتاب الله ، ويطهّره ، ويعلّمه السبّاحة ...»(2).

ب وج - تعليم الحلال والحرام والكتابة :

فعن أبي عبد الله عليه السلام : «الغلام يلعب سبع سنين ، ويتعلّم الكتاب سبع سنين ، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين»(3).

وعنه عليه السلام : «من حقّ الولد على والده ثلاثة : يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوّجه إذا بلغ»(4).

د - الحديث :

فعن أبي عبد الله عليه السلام : «بادروا أحداثكم بالحديث قبل أنْ تسبقكم إليهم المرجئة»(5).

وهذا مطلب مهمُّ جدّاً ، فالإمام عليه السلام يؤكّد على تعليم الأولاد علومهم الحقّة قبل أنْ يتأثّروا بأهل الباطل ...!

هذا ، وفي عدّة من الأخبار ، الأمر بتعليم الأولاد السباحة والرّماية(6)9.

ص: 18


1- وسائل الشيعة 21 / 475 ح 27623.
2- وسائل الشيعة 21 / 481 ح 27644.
3- وسائل الشيعة 17 / 331 ح 22688.
4- وسائل الشيعة 21 / 482 ح 27646.
5- وسائل الشيعة 17 / 331 ح 22690.
6- وسائل الشيعة 17/331 ح 22689.

كما في بعضها الأمر بتزويجه إذا بلغ ، وأنّ ذلك من حقوقه ، وقد تقدّم.

من سعادة الرجل الولد الصالح :

ولا شكّ أنّ الوالد إذا قام بوظائفه تجاه الولد ، فسيكون له ولداً صالحاً ، ويكون هو سعيداً بهذا الولد :

فعن أبي عبد الله عليه السلام : «من سعادة الرجل الولد الصالح»(1) ، وإنّه سيكون سعيداً به في حياته وبعد وفاته :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له»(2).

بل في رواية :

«الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة»(3).

من سعادة الرجل أنْ يكون له ولد يشبهه :

لأنّه سيعرف به بين الناس من بعده ، فيذكرونه بالخير ويستغفرون له :

عن أبي جعفر عليه السلام : «من سعادة الرجل أنْ يكون له الولد ، يعرف فيه شبهه وخلقه وخلقه وشمائله»(4).

بل ذلك من نعم الله عليه :

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «من نعمة الله على الرجل أن 5.

ص: 19


1- وسائل الشيعة 21 / 359 ح 27296.
2- وسائل الشيعة 21 / 359 ح 27299.
3- وسائل الشيعة 21 / 358 ح 27295.
4- وسائل الشيعة 21 / 356 ح 27285.

يشبهه ولده»(1).

من سعادة الرجل أنْ يكون له ولد يستعين بهم :

وهذا أيضاً من سعادة الوالد ، فقد جاء في خبر عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام(2) ، وظاهره الاستعانة بهم في الأمور الدنيويّة.

وبعد :

فإذا قام الوالدان بما يجب عليهما تجاه ولدهما ، فقد أعاناه على برّهما ، وقد ورد عنهم عليهم السلام : «رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما».

وإنْ قصّرا في ذلك ، فإنّ الله سيؤاخذهما بل هما ملعونان :

«لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما»!

للموضوع صلة ... 4.

ص: 20


1- وسائل الشيعة 21 / 356 ح 27284.
2- وسائل الشيعة 17 / 243 ح 22434.

دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة

الشيخ عبد الرسول الغفاري

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله المؤيّد ، ونبيّه المسدّد ، أبي القاسم محمد ، وعلى أهل بيته الهُداة الأكرمين ، وأصحابه الأمناء المنتجبين.

وبعد ، لقد خلّف لنا أمير البيان وسيّد البلغاء بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام تراثاً جمّاً خالداً يزخر بالأفكار والنظرات والدروس والعبر ، وإنّ الوارث لهذا التراث هم الناس جميعاً ، لأنّ كلامه عليه السلام - بما فيه من خطب ورسائل وكتب وحكم - لم يكن موجّها لفريق دون آخر ، أو لأمّة دون أمّة ، بل كان موجّها لكلّ الأفراد والطوائف ، وإنْ كان المعني الأوّل هو الإنسان المؤمن بخالقه ، الموحّد له في ذاته وصفاته وأفعاله ، إنّه الإنسان الرسالي أنّى وجد وأنّى حلّ.

فخطابه عليه السلام بلسم ، وبيانه ضماد - لكلّ جرح - ولسانه نبع للعدل والصدق ، وإنّ كلامه عليه السلام بكل فصوله وشعبه يمسّ القلوب فيبعث فيها

ص: 21

الأمل والحياة والطمأنينة.

فليس عجيباً أن تتطاول الأعناق إلى صاحب هذا النبع الزلال ، وتشرئبُّ إليه النفوس طالما خطابه يعمّ الجميع ، إذ هو خالد عند الجميع.

إنّ المتأمّل في كلام أمير المؤمنين عليه السلام يجد فيه التأكيد على صفات الخير والمعروف والنظام ، بل التأكيد على كلّ صفات الكمال وما أكثرها ، لذا جاءت خطبه ورسائله لصنع الرجال الأحرار ، إنّها جاءت ليسمو الإنسان في عالم الفضيلة والمُثل ويتحرّر من أسر المادّة والشهوة المبتذلة. إنّ مضامين كلامه عليه السلام تمثّل جوهر الحياة لذا ينبغي على النفوس ومن يهوى الكمال والسير إلى الله سبحانه أن يقتبس من ذلك الجوهر ، فالنّاس بفطرتهم وعلى اختلاف مشاربهم وتنوّع طبقاتهم وتعدّد أجناسهم تعلّقت بكلماته عليه السلام أيّما تعلّق.

فما جمعه الشريف الرضي من مختارات كلام أمير المؤمنين عليه السلامعلى كون ذلك المختار قليلاً إلا أنّه لم يزل يُثير في النفوس الدوافع النبيلة والصفات الخيّرة والأُمنيات الطيّبة.

إنّ نهج البلاغة هو نهج الإنسانية ؛ بشكله ومضمونه وفصوله. فيه تظافرت الأفكار والرؤى ، وفيه تجلّت روح العدالة والمحبّة والإخلاص ، فلا مناص من الأخذ به ، وتطبيق فقراته ، بل لابدّ من الإذعان الكامل بأنّه المنهاج الصالح للحياة والإنسانية. إنّه نهج الفكر والعقل ، نهج العدالة والسعادة ، نهج الرحمة والكمال ؛ نهج لم نر مثله في تراثنا الإنساني. ولا عجب لو قيل عنه وعن صاحبه إنّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وهذا هو سرّ إعجازه ، وسرّ خلوده.

إنّ المتدبّر في كلام الإمام عليه السلام سيرى فيه جانبين :

ص: 22

الأوّل منه : الجانب العبادي وما فيه من الروابط بين العبد وخالقه ، وفي مقدّمة تلك الروابط عبودية الإنسان الخالصة لله سبحانه ، وهذه العبودية لن تتحقَّق ما لم يفهم المرء معنى التوحيد ، وقد أبان أمير المؤمنين عليه السلام هذا الجانب بشكل دقيق ، وخطبه في ذلك تُعدّ من الأسس أو القواعد الثابتة لعلم الكلام ، ومن الأصول المهمّة في درك المباني العقائدية الصحيحة.

أمّا الجانب الثاني في كلامه عليه السلام هو الكشف عن الأبعاد العلمية للحياة الصالحة التي ينشدها كلّ فرد(1) ، والأُسس التي تقود المجتمع إلى السعادة والخير. ممّا دعى الإمام عليه السلام أن يتطّرق إلى البعد التربوي والأخلاقي بشكل مكثّف ومتواصل وهكذا تطرّق للبعد التعليمي والسياسي والاقتصادي ، وغيرها من الأبعاد التي تخلق مجتمعاً متماسكاً يعي قدراته ويحترم مسؤولياته ، فالفرد أساس المجتمع ، والشريعة الغرّاء جاءت لتهذيب هذا الفرد ، وإرشاده إلى الطريق السوي كي ينتج من ورائه مجتمعاً سويّاً. وكلام أمير المؤمنين عليه السلام لا ينأى عن هذا التهذيب والإرشاد.

ولمّا كان هدف الإمام عليه السلام هو سلوك الإنسان فقد انصبّ كلامه على هذا المخلوق في سيره التكاملي ابتداءً من مرحلة طفولته وحتى أواخر مراحله الدنيويّة ، بل الاستمرار في توجيهه بشكل يحرز فيه الإنسان حياته الأخروية وفق مرضاة الله سبحانه ، لأنّ الحياة الأبدية هي الآخرة وهي الغاية المنشودة.

إذن هدف أمير المؤمنين عليه السلام وطموحاته النبيلة أغنته عن ذكر الملوك ع.

ص: 23


1- لم نقل الحياة المثالية لأنّها هي أنشودة النخبة من الناس أو علّية المجتمع.

والسّلاطين ما خلا بعض كلامه في صدد حقّه المغتصب ، فهو لم يمدح ولم يستعطف أحداً منهم ، ولم يكن قريناً ولا عضداً لذوي النفوذ وأهل الكبرياء والمردة ، بل حذّر الناس منهم ؛ لكونهم طغاة مفسدين ، ولكونهم دعاة الكفر والتمرّد على نواميس الحياة ثمّ دعا الناس إلى الله ، فكانت دعوته هي دعوة الشريعة الغرّاء إلى التوحيد وتقوية روح العبودية لله سبحانه.

وعليه لم يكن ما نطق به أمير المؤمنين عليه السلام تعبيراً عن عاطفة ذاتية مجرّدة عن المثل والقيم الإنسانية ، ولم يمجّد أحداً من الملوك والأكاسرة والفراعنة ، بل كرّس قوله عليه السلام في صنع الإنسان وتقوية عزيمته وصبره ليفز بحياة رغيدة ، لذا مدح الفقراء وأثنى على صبرهم وعفّتهم في السرّاء والضرّاء ، وأكّد على حقوقهم التي هي في رقاب الأغنياء ، ثمّ أشاد عليه السلامبجهاد الضعفاء والمساكين والوقوف إلى جانبهم لنصرتهم ، ومواساته لهم قولاً وعملاً.

ومن الضروري أن أشير في هذه المقدّمة إلى عدّة أمور :

منها ما يخصّ فصاحة الإمام عليه السلام.

ومنها ما يرتبط بعمل الشريف الرضي.

وثالثها ما يخصّ الموضوعات التي تطرّق إليها أمير المؤمنين عليه السلام ، والأمر الرابع دواعي الكتابة في هذا الموضوع.

أمّا الأمر الأوّل : فصَاحته عليه السلام :

لا يخفى أنّ شهرة الإمام في الفصاحة والبلاغة هي من المسلّمات بحيث لا يختلف فيه اثنان ، بل حتّى أعداؤه يقرّون له هذه الفضيلة ؛ فهذا «محقن الضبّي قدم على معاوية فقال : جئتك من عند أعيى النّاس. فقال له

ص: 24

معاوية : يا ابن اللّخناء لعليٍّ تقول هذا؟! وهل سنّ الفصاحة لقريش غيره؟»(1).

وفي بلاغة أمير المؤمنين عليه السلام وفصاحته نقل ابن أبي الحديد كلام أبي عثمان عن جعفر بن يحيى وكان من أبلغ الناس وأفصحهم للقول والكتابة ، أنّه كان يتعجّب بقول عليّ عليه السلام : «أين من جدّ واجتهد ، وجمع واحتشد ، وبنى فشيّد ، فمهّد وزخرف فنجّد.

قال : أَلاَ ترى أنّ كلّ لفظة منها آخذة بعنق قرينتها ، جاذبة إلى نفسها ، دالّة عليها بذاتها ، قال أبو عثمان : فكان جعفر يسمّيه فصيح قريش»(2).

وقال ابن أبي الحديد : «واعلم أنّنا لا يخالجنا الشكّ في أنّه عليه السلامأفصح من كلّ ناطق بلغة العرب من الأوّلين والآخرين إلاّ ما كان من كلام الله سبحانه وكلام رسول الله عليه السلام وذلك لأنّ فصيلة الخطيب أو الكاتب في خطابته وكتابته يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ ، ومركّباتها ، أمّا المفردات فأنّ تكون سهلة سلسلة غير وحشيّة ولا معقّدة ، وألفاظه عليه السلامكلّها كذلك ، وأمّا المركّبات فحسن المعنى وسرعة وصوله إلى الأفهام واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضّل بعض الكلام على بعض ، وتلك الصفات هي الصناعة التي سمّاها المتأخرون البديع ؛ من المقابلة والمطابقة وحسن التقديم وردّ آخر الكلام على صدره والترصيع والتكافؤ والتسميط والمشاكلة ، ولا شُبهة أنّ هذه الصفات كلّها موجودة في خطبه وكتبه ، مبثوثة متفرّقة في فرش كلامه عليه السلام ، وليس يوجد هذان الأمران في كلام لأحد غيره ، فإن كان قد تعمّلها وأفكر فيها وأعمل رويّته في وضعها وسرّها فلقد 8.

ص: 25


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 24 ، شجرة طوبى 1 / 61.
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 6 / 278.

أتى بالعجب العجاب ووجب أن يكون إمام النّاس كلّهم في ذلك لأنّه ابتكره ولم يعرف من قبله ، وإن كان اقتضبها ابتداءً وفاضت عليها لسانه مُرتجلة وجاش بها طبعه بديهة من غير روية ولا اعتمال فأعجب وأعجب على كلا الأمرين فلقد جاء مجليا والفصحاء ينقطع أنفاسهم على أثره»(1).

وأمّا الأمر الثاني :

ما يخصّ عمل السيّد الشريف الرضي رحمه الله فقد صرّح في مقدّمة كتاب نهج البلاغة إنّ ما أودعه في هذا الكتاب هو المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وهذا يعني أنّه لم يورد كلّ ما صدر عنه عليه السلام من خطب وكتب ورسائل وحكم ... وإنّ تأليفه هذا كان لاحقاً لما ألّفه من كتاب في خصائص الأئمّة عليهم السلام الذي يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ، إلاّ أنّه لم يتمّ ، ولمّا استحسن جماعة من الأصدقاء عمله ذاك طلبوا منه أن يختار لهم من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما يشمل جميع الفنون من خطب وكتب ومواعظ وأدب .. ، قال رضوان الله تعالى عليه :

«وسألوني - عند ذلك - أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في جميع الفنون ، ومتشعّبات غصونه من خطب وكتب ومواعظ وأدب. علماً أنّ ذلك يتضمّن من عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية مالا يوجد مجتمعاً في كلام ، ولا مجموع الأطراف في كتاب ... إلى أن يقول : ... فأجبتهم إلى الابتداء بذلك عالماً بما فيه من عظيم النفع ومأثور الذكر ، ومذخور الأجر ... ورأيت كلامَهُ عليه السلام يدور على أقطاب ثلاثة :9.

ص: 26


1- بحار الأنوار 41 / 359.

أوّلها : الخطب والأوامر ، وثانيها : الكتب والرسائل ، ثالثها : الحكم والمواعظ. فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب ، ثمّ محاسن الكتب ، ثمّ محاسن الحكم والأدب»(1).

ثمّ قال : «ولا أدّعي - مع ذلك - أنّي أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السلامحتّى لا يشذّ عنّي منه شاذّ ، ولا يندّ نادّ ، بل لا أبعد أن يكون القاصر عنّي فوق الواقع إليّ ، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي ، وما عليّ إلاّ بذلّ الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى الله سبحانه وتعالى نهج السبيل ، وإرشاد الدليل إن شاء الله»(2).

وأمّا الأمر الثالث :

موضوعات نهج البلاغة :

أبرز الموضوعات فيه ، تلك التي تصدّرت كلامه عليه السلام ، إذْ خصّ جملة من خطبه في التوحيد وهو يشمل توحيد الله سبحانه في صفات ذاته من السمع والقدرة والحياة والعظمة والجبروت وغيرها من الصفات ، ثمّ توحيده في صفات الأفعال ؛ كالإحياء والإماتة والرازقيّة ، وفي هذا الباب نجد في كلامه الكثير من المفاهيم العقائدية تندرج هنا.

ثمّ من الموضوعات المهمة في كلامه عليه السلام ما يخصّ النبوة والأنبياء والشرائع السابقة ثمّ نبوّة خاتم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع بيان ما في القرآن الكريم من الأوامر والإرشادات والنظم التي رسمها الله سبحانه للبشر فهو الثقل الأكبر وإلى جنب هذا جاءت خطب تؤكّد على موضوع الإمامة 3.

ص: 27


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 48.
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 13.

والخلافة ، حيث إنّ أهل البيت هم الثقل الأصغر وهم عدل القرآن الكريم وإنّ الخلافة والإمامة فيهم.

ثمّ لا يخلو كلامه عليه السلام من التعرّض لمواقف بعض الصحابة وما في ذلك من الإشارة أو التصريح بالأحداث السياسية التي عصفت بالأمّة الإسلامية حيث تكلّم فيها الإمام عليه السلام بشكل صريح يفهمه الجميع.

ثمّ موضوعات أخرى شملت مساحة كبيرة من المفاهيم الأخلاقية والتربوية والاجتماعية كلّها تؤكّد على السير والسلوك.

وأمّا الأمر الرابع :

هو الكلام عن الدواعي التي دفعتنا إلى الكتابة في هذا الموضوع.

فمنذ سنين وأنا أدرّس مادّة (تاريخ الأدب العربي) لعصور مختلفة منها العصر الإسلامي والعبّاسي في جامعات عديدة ولسنوات مكرّرة وكانت مادّة (نهج البلاغة) هي إحدى المواد المقرّرة في الدراسات الأكاديمية لمرحلتي البكالوريوس والماجستير ، والكلّ يعلم أنّ نصوص هذا الكتاب هي من إنشاء أمير المؤمنين عليه السلام ، وما كان عمل الشريف الرضي إلا الجمع والتبويب (فجزاه الله جزاء المحسنين) وبالتالي فإنّ كلام أمير المؤمنين عليه السلاميمثّل أوج البلاغة والفصاحة ، بل هو يمثّل العصر الذهبي للنثر في جميع عصوره ومراحله.

غير أنّ البعض لم يتحمّل هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام شأنه كشأن بعض السلف الذي استصغر سنّ الإمام أو غمط حقّه في الخلافة لأنّ المسلمين - على زعم أحد الصحابة - أبوا أن تجتمع النبوّة والخلافة في بني هاشم ، لذا أثار هذا البعض شبهات حول جمع الشريف الرضي وما

ص: 28

أودعه من خطب ورسائل للإمام عليه السلام ممّا كان هذا الداعي الأوّل للكتابة ، فوضعت بين يدي القارئ الأدلّة الكافية في توثيق هذه النصوص الشريفة من خلال المصادر التي سبقت عمل الشريف الرضي ، ثمّ الوقوف عند مصادر الخطبة (الشقشقيّة) ابتداءً من عصر التدوين وحتّى عصر الرضي. وما عملي هذا إلا كخطوة لنصرة الحقّ والدفاع عن التراث الإسلامي الأصيل وردع أهل الباطل والمغرضين ومن أراد السوء والتوهين بشخصية أمير المؤمنين عليه السلام.

أمّا الدّاعي الثاني : هو ردّ تلك الشبهات التي جاءت مكرّرة على ألسنة عدّة من الكتّاب ، وللأسف الشديد أخذ بعض المتأخّرين يجترّون كلام من سبقهم ، وقد خيّل لهم إنّما جاءوا بفتح عظيم ليس له مثيل .. ، إنّها تخرّصات سطّرتها أقلام حاقدة من رجال عرفوا ببغضهم وعدائهم لوصي الرسول وأخيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

أمّا الدّاعي الثالث : هو كشف اللثام عن الحقائق التي انطوت عليها الخطبة (الشقشقيّة) والأدوار السياسية التي مرّ بها المسلمون بعد رحيل النبيّ الأكرم عليه السلام ، وسيرة بعض رجال السلطة في تلك الحقبة السابقة على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام.

ص: 29

تاريخ نهج البلاغة

من الآثار التي يفتخر بها كلّ أديب غيور هو كلام أمير المؤمنين عليه السلامالذي يشمل كلّ من : خطبه ورسائله وكتبه والأمثال والحكم الصادرة منه.

وقد أجهد الأوائل أنفسهم في أن يجمعوا بعض كلامه عليه السلام في صحائفهم ، بينما حفظ البعض الآخر من كلامه عليه السلام الشيء الكثير عن ظهر قلب ثم تناقلته الأجيال عبر مئات السنين حتّى انتهى الأمر إلى الشريف الرضي الموسوي الذي حرص كلّ الحرص على أن يجمع هذا التراث النفيس من مصادر الكتب وأفواه الرجال التي اهتمّت غاية الاهتمام بكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فطلع علينا الشريف الرضي في عام 400 ، للهجرة بكتاب نهج البلاغة وهو يضمّ 121 خطبة للإمام عليه السلام وجملة من رسائله وكتبه للأمراء والولاة والقضاة الذين أوكل إليهم الإمام عليه السلام تلك المناصب السياسية ..

هذا الجهد الذي قدّمه لنا الشريف الرضي لايمكن أن يتغافله أيّ مسلم عربي أو غير عربي ، بل يستوجب على الجميع الشكر والثناء لما صنعه جامعه ، غير أنّ الذي لا يطيق رؤية ضوء الشمس ينكر هذا النور الشاخص بنفسه.

ففي سنة 681 ه- ، نرى شمس الدين أحمد بن خلّكان الأربلي البرمكي أوّل من شكّ في نهج البلاغة ، ثمّ تبعه الصفدي في الوافي

ص: 30

بالوفيات(1) واليافعي في مرآة الجنان(2) ثمّ تبعهم ابن تيمية في منهاج السنة(3) المتوفّى سنة 728 ه- ، والذهبي صاحب ميزان الاعتدال المتوفّى سنة 748 ه(4) ثمّ جاء المعاصرون ليقتفوا آثار مَن سبقهم حيث شكّكوا في نسبة نهج البلاغة إلى الإمام عليه السلام وكان في طليعتهم جرجي زيدان الذي أثار الشكّ في كتابه آداب اللّغة العربية(5) ، ومحمد كرد علي في كتابه الإسلام والحضارة العربية(6) وطه حسين الذي عرف بمنهجه المتميّز وهو الشكّ في كلّ شيء ابتداءً من التراث الأدبي العربي إلى القرآن ، ولولا مواقف الأزهر لأدّى بنا طه حسين إلى كارثة كبيرة لا يحمد عقباها. غير أنّ طه حسين أسّس مدرسةً اتّبعها تلامذته ومريدوه فذابت شخصيّتهم الأدبية والعلمية بشخصية أستاذهم وفي مقدّمتهم أحمد أمين في فجر الإسلام(7) ، فهو أوّل من رفع صرخاته بالشكّ في نهج البلاغة. ثمّ تبعه الدكتور شوقي ضيف فراح يدوّي بكتاباته الأدبية متّبعاً خطى أستاذه هو الشكّ في نهج البلاغة ، خاصّة في كتابه : الفنّ ومذاهبه في النثر العربي(8).

وممّن شكّ في النهج : الأستاذ أحمد حسن الزيّات في كتابه تأريخ الأدب العربي(9) ، ومحمد سيّد كيلاني في كتابه أثر التشيّع في الأدب 7.

ص: 31


1- الوافي بالوفيات 2 / 375.
2- مرآة الجنان 3 / 55.
3- منهاج السنة
4- مرآة الجنان 1 / 101.
5- تاريخ آداب اللّغة العربية 1 / 218.
6- الاسلام والحضارة العربية 2 / 61.
7- فجر الإسلام : 148.
8- انظر : الفن ومذاهبه في النثر العربي.
9- تاريخ الأدب العربي : 187.

العربي(1) ، ولا ندري إلى أين سينتهي إليه منهج الشكّاكين في تراثنا العربي والإسلامي ، فقد تمادى هذا الفريق حتّى تطاول إلى القرآن والسنّة النبويّة بل أراد البعض هدم صرح الإسلام وتراث المسلمين الذي شيّده رجال الدعوة إلى الله وعلى رأسهم النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا عجب أنْ يثور فريق من المسلمين لينتصر إلى تراثه ومبادئه ، ويصدّ الفريق الأوّل ومنهجه السقيم القائم على الشكّ ، وهذا الفريق المنتصر قد أشار إلى بلاغة الإمام عليه السلامإشارة سريعة تتناول كلّ ما عرف عنه عليه السلام من نثر بليغ ، نذكر من هذا الفريق المدافع : سبط ابن الجوزي ، ومحمد بن طلحة الشافعي ، وعبد الحميد الكاتب وهذا الأخير هو القائل : «ما تعلّمت البلاغة إلاّ بحفظ كلام الأصلع»(2).

والبعض الآخر : اختار قطعاً ونصوصاً كثيرة وبليغة من كلام الإمام عليه السلام فحفظها أو دوّنها كالجاحظ ، والخطيب الخوارزمي ، وأبو الفتح الآمدي ، وابن نبات المصري وهذا الأخير هو القائل : «حفظت مئة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب عليه السلام»(3).

وفريق ثالث : اعتنى بكلام أمير المؤمنين؟ عناية فائقة واهتمّ بشرح خطبه ورسائله ، منهم ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ، إذ فاق جميع مَن سبقه حين شرح النهج ، واعتبر كلام الإمام علي عليه السلام في المرتبة الثانية لكلام الله وكلام رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم). 7.

ص: 32


1- أثر التشيّع في الأدب العربي : 57.
2- نظرات في الكتب الخالدة : 177.
3- انظر : شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 24 ، والفوائد الرجالية 2 / 119 ، والكنى والألقاب 1 / 217.

وهناك فريق رابع : وهم طائفة من جهابذة الأدب والشعر من المعاصرين قد أُعجبوا أيّما إعجاب بنهج البلاغة ، منهم : العلاّمة الأديب الشيخ محمود شكري الآلوسي ، والشيخ ناصيف اليازجي ، ومحمد حسن نائل المرصفي ، والدكتور زكي مبارك ، وأمين نخلة ، وعبّاس محمود العقّاد ، ومحي الدين عبد الحميد وآخرون يطول الكلام على ذكرهم.

المؤلّفون في تأريخ نهج البلاغة

ممّن ألّف في تاريخ نهج البلاغة جملة من الأعلام والأُدباء ، في طليعتهم كلّ من :

1 - الشيخ هادي آل كاشف الغطاء له كتاب : مدارك نهج البلاغة.

2 - الإمام السيّد هبة الدين الشهرستاني له كتاب ما هو نهج البلاغة؟ إذْ بحث فيه تاريخ نهج البلاغة وقيمته العلمية والأدبية.

3 - الأستاذ حسين بستانة له بحث رائع تعرّض فيه إلى الشبهات الحائمة حول النهج نشرته مجلّة الاعتدال النجفية في عددها الرابع من سنّتها الخامسة.

4 - الأستاذ امتياز علي عرشي له كتاب في سند خطب أمير المؤمنين؟ سمّاه استناد نهج البلاغة باللغة الأردوية ونقله إلى العربية الأستاذ عامر الأنصاري ونشرته مجلّة (ثقافة الهند) التي يصدّرها مجلس الهند للروابط الثقافية بعددها الرابع من المجلّد الثامن في ديسمبر سنة 1907

5 - العلاّمة السيّد عبد الزهراء الحسيني الخطيب له كتاب مفصّل في أربع مجلّدات سمّاه مصادر نهج البلاغة وأسانيده.

6 - عبد الله نعمة له كتاب مصادر نهج البلاغة وقد سبق الجميع

ص: 33

من ذكرناهم آنفاً - كلّ من ابن النديم ، والنجاشي ، والطوسي ، وياقوت الحموي وحاجي خليفة وابن الأثير وسبط ابن الجوزي وأبي القاسم النجفي ، وأغا بزرك الطهراني والعلاّمة السيّد محسن الأمين العاملي.

المشتغلون في جمع كلام أمير المؤمنين عليه السلام

لم يكن الشريف الرضي أوّل من جمع كلام الإمام علي عليه السلام وخطبه ، فقد سبقه إلى ذلك من كان هو أقرب زمانا وأكثر التصاقاً بالإمام نذكر منهم :

1 - نوف بن فضالة البكالي ، نسبة إلى بني بكال ، حاجب أمير المؤمنين عليه السلام.

2 - ضرار بن ضمرة الضبائي ، مولى أمّ هاني بنت أبي طالب.

3 - الحارث الأعور الهمداني ، المتوفّى سنة 65 ه.

4 - كميل بن زياد النخعي ، الشهيد ، قتله الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة 83 ه- ..

5 - شريح القاضي المتوفّى سنة 87 ه.

6 - زيد بن وهب الجهني المتوفّى سنة 96 ه. جمع خطب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمُعات والأعياد.

7 - الأصبغ بن نباتة المجاشعي المتوفّى بعد المئة الأولى.

قال ابن واضح اليعقوبي المؤرّخ المتوفّى سنة 292 ه- : «كان علي بن أبي طالب عليه السلام مشتغلاً أيّامه كلّها في الحرب ... وحفظ النّاس عنه الخطب ، فإنّه خطب بأربعمائة خطبة حفظت عنه ، وهي التي تدور بين النّاس»(1). 5.

ص: 34


1- مشاكلة الناس لزمانهم : 15.

وأحصى العلاّمة المسعودي المتوفّى سنة 346 ه- ما كان محفوظاً من خطبه عليه السلام فقال : «والذي حفظ الناس من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة ونيف وثمانون خطبة»(1).

وقال سبط ابن الجوزي الحنفي : «أخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن محمد الحسيني بإسناده إلى الشريف المرتضى قال : وقع إليّ من خطب أمير المؤمنين عليه السلام أربعمائة خطبة»(2).

وقال القطب الراوندي : «سمعت بعض العلماء بالحجاز ، يقول : إنّي وجدت في مصر مجموعاً من كلام عليٍّ عليه السلام في نيف وعشرين مجلّداً»(3).

هذه النصوص تقودك إلى كون نهج البلاغة - بجمع الشريف الرضي - لا يشكّل اِلاّ عشر أو دون العُشر من كلام الإمام علي عليه السلام حيث المذكور من كلامه عليه السلام في نهج البلاغة هو 121 خطبة ، وهي أقلّ بكثير ممّا ذكره القطب الراوندي ، وسبط ابن الجوزي.

وممّا يستدلّ على أنّ كلام أمير المؤمنين عليه السلام كان بعضه مدوّناً عند أناس سبقوا الشريف الرضي ما أشارت إليه كتب الفهارس من مصنّفات منها :

1 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام المروية عن الصادق عليه السلام برواية فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة انتقلت هذه النسخة المدوّنة إلى السيِّد علي بن طاووس. 1.

ص: 35


1- مروج الذهب 2 / 431 ، شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 5 ، ونهج السعادة 1 / 12.
2- تذكرة الخواص : 128.
3- شرح نهج البلاغة - ابن ميثم البحراني - 1 / 101.

2 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام لمسعدة بن صدقة العبدي من علماء الجمهور كان هذا الكتاب موجوداً عند السيّد هاشم البحراني المتوفّى سنة 1107 ه.

3 - الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام وهذا النصّ المدوّن من جملة الكتب التي رواها أبو مخنف ، لوط بن يحيى المتوفّى سنة 157 ه- ، وقد اعتمد الطبري على مرويّات أبي مخنف.

4 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام وهذه الخطبة أوردها ابن عبد ربّة في العقد الفريد - م 2 ص 136 لإسماعيل بن مهران السكوني الكوفي.

5 - كتاب خطب عليٍّ عليه السلام لهشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفّى سنة 206 ه.

6 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام برواية محمد بن عمر الواقدي الأسلمي المتوفّى سنة 207 ه- رواه الشيخ أبو غالب الزراري عنه.

7 - كتاب الملاحم للإمام عليه السلام تصنيف أبي يعقوب إسماعيل بن مهران السكوني من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام.

8 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام لأبي الخير صالح بن أبي حمّاد سلمة الرازي. ممّن لقي ألأئمة الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام.

9 - مئة كلمة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام مع شرحها لقاضي القضاة لدى الفاطميّين أبي حنيفة النعمان المصري المتوفّى سنة 363 ه.

10 - كتاب الخطب لمحمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي عاصر الإمام الرضا عليه السلام وروى عن الإمام الجواد عليه السلام.

11 - كتاب خطب عليٍّ عليه السلام وكتبه إلى عمّاله لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الله المدائني ، المتوفّى سنة 225 ه- أو سنة 215 ه- ذكره

ص: 36

ابن النديم.

12 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام للسيّد عبد العظيم الحسني ، من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام.

13 - كتاب خطب علي لنصر بن مزاحم المنقري صاحب كتاب وقعة الجمل ، المتوفّى سنة 212 ه.

14 - كتاب خطب الإمام علي عليه السلام لأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن عيسى الجلودي الأزدي البصري المتوفّى سنة 332 ه- وللجلودي هذا عدّة مصنّفات تناهز على الثلاثمائة منها تخصّ ما نحن فيه.

15 - كتب المغازي والحروب والأخبار والسير حيث اشتملت على كلمات أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه ، وهي أكثر من خمسمائة مصنّف وتوفّي أصحابها قبل أن يولد الشريف الرضي بعشرات السنين.

16 - كتاب رسائل أمير المؤمنين عليه السلام لإبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي المتوفّى سنة 283 ه.

17 - كتاب رسائل عليٍّ عليه السلام.

18 - كتاب ذكر كلام عليٍّ عليه السلام في الملاحم.

19 - كتاب مواعظ الإمام عليٍّ عليه السلام.

20 - كتاب قوله عليه السلام في الشورى.

21 - كتاب الدعاء عن الإمام عليه السلام.

22 - كتاب بقية رسائله وخطبه وأوّل مناظراته عليه السلام.

23 - كتاب بقية مناظراته.

24 - كتاب ما كان بين عليٍّ عليه السلام وعثمان من الكلام.

25 - كتاب الخطب لأمير المؤمنين عليه السلام لأبي إسحاق النهمي

ص: 37

إبراهيم بن سليمان الكوفي الخرّاز يرويه عنه النجاشي بثلاث وسائط ، آخرها حميد بن زياد الكوفي المتوفّى سنة 310 ه-

26 - كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام لإبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري.

27 - كتاب أبي العبّاس يعقوب بن أبي أحمد الصيمري الذي جمعه من كلام عليٍّ عليه السلام إلى معاوية.

28 - خطب أمير المؤمنين عليه السلام مع شرحها لقاضي القضاة لدى الفاطميّين أبي حنيفة النعمان المصري المتوفّى سنة 363 ه(1).7.

ص: 38


1- هذه جملة من أسماء العلماء والأُدباء الذين افردوا مصنّفات خاصّة في خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وكتبه ورسائله وللمزيد راجع الذريعة 7/187 ومنتهى المقال : 59 وفهرست الشيخ الطوسي : 34 وفهرست ابن النديم : 147.

دعوات وشبهات

أثارها البعض حول نهج البلاغة

يُعدّ نهج البلاغة من عيون الأدب العربي الخالدة ، إذ امتاز بإعجاز وبلاغة لا نظير لها فهو عظيم في مادّته ، ورفيع في إسلوبه ، وشامل في مواضيعه وصادق في رؤيته ، إنّه نصّ متماسك يهدف إلى بناء حضارة إنسانية مُثلى ، وهو بهذا السبك لا يبلغ أحد شأوه ولا يرقى إليه أديب مهما أوتي من بلاغة وفطنة ..

مع كلّ هذا وكما ذكرنا سابقاً فإنّ زمرة من المؤرّخين ؛ من قدامى ومحدّثين قد شكّكوا في نسبة ما في نهج البلاغة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، بل تجاوز بعضهم إلى القول بأنّ جميع أو بعض نهج البلاغة منحول موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام وأنكروا الصلة بين النهج وبين الإمام عليٍّ عليه السلام متشدّقين بأسباب عديدة - واهية - يزعمون أنّها مدعاة للشكِّ أو القول بأنّه منحول.

فمن القدامى ابن خلّكان ثمّ تبعه اليافعي في مرآة الجنان(1) ، والصفدي في الوافي بالوفيات(2) والذهبي في ميزان الاعتدال(3) ، وابن حجر في لسان الميزان(4).3.

ص: 39


1- مرآة الجنان 3 / 55.
2- الوافي بالوفيات ، ترجمة الرضي 2 / 375.
3- ميزان الاعتدال 1 / 101.
4- لسان الميزان 4 / 223.

ومن المتأخّرين جرجي زيدان في آداب اللغة العربية(1) ، وأحمد أمين في فجر الإسلام(2) ومحمد كرد علي في الإسلام والحضارة العربية(3) ، وأحمد حسن الزيّات في تاريخ الأدب العربي(4) ، ومحمد سيّد گيلاني في كتابه أثر التشيّع في الأدب العربي(5) ، وآخرون كطه حسين وشوقي ضيف .. وأخيراً الدكتور نايف معروف في كتابه الأدب الإسلامي في عهد النبوّة وخلافة الراشدين(6).

أما دواعي الشكّ عند هؤلاء فيمكن حصرها بما يلي :

1 - تشبّث البعض بالكمِّ الذي هو عليه نهج البلاغة فهو يشمل قدراً كبيراً من الخطب والرسائل وهذا ممّا يتعذّر حفظه.

2 - وآخرون تذرّعوا بالخطب الطويلة ، فقالوا إنّ التطويل غير مألوف عند البلغاء ، كخطبة القاصعة ، والأشباح ، والعهد الذي كتبه لمالك الأشتر عندما أرسله الإمام والياً إلى مصر.

3 - اشتمال بعض كلامه على التعريض بالصحابة والطعن عليهم كما في خطبة الشقشقية ، لذا قال بعضهم إنّ نهج البلاغة منحول على أمير المؤمنين عليه السلام.

4 - في بعض خطبه إنباء بالغيب ، إذ أخبر عن إمور وقعت بعد عصره عليه السلام. 5.

ص: 40


1- تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 218.
2- فجر الإسلام : 149.
3- الإسلام والحضارة العربية 2 / 61.
4- تاريخ الأدب العربي : 187.
5- أثر التشيع في الأدب العربي : 57.
6- الأدب الإسلامي في عهد النبوّة وخلافة الراشدين : 55.

5 - في بعض الخطب جاء فيها ذكر الوصي والوصاية ، وهذا المصطلح - على حدّ زعمهم - لم يظهر إلاّ بعد استشهاده.

6 - في خطب عديدة من النهج تعرّض فيها الإمام عليه السلام إلى الزهد والموت وهذا ناتج من تأثير المسلمين بالنصارى وأهل التصوّف.

7 - في بعض خطب النهج تقسيم المعاني والمسائل إلى أصناف كتقسيم الاستغفار إلى ستّ معان ، والصبر إلى أربعة أقسام.

8 - بعض ما في النهج جاء الكلام في وصف الحيوانات إذ اشتمل هذا الوصف على معان دقيقة بإسلوب لم يعرف إلاّ في العصر العبّاسي ، كوصف الطاووس ، فمتى رأى الإمام عليه السلام الطاووس حتّى يصفه؟ ثمّ هناك وصف للجراد والقمّل والخفّاش والنمل.

9 - إنّ النهج قد اشتمل على سجع منمق وصناعة لفظية لم تبرز إلاّ في العصر العبّاسي.

10 - في جملة من خطب نهج البلاغة صيغ فلسفية ومفاهيم كلامية لم تعرف إلاّ في العصر العبّاسي ، أي في أوائل القرن الثالث الهجري وذلك حينما ترجمت الكتب اليونانية والفارسية والهندية إلى اللغة العربية.

11 - الكثير من أهل اللغة والأدب لم يستشهدوا ب- : نهج البلاغة.

12 - اتسمت بعض رسائل الإمام عليه السلام وكتبه بالإسهاب والتفصيل ، ولمّا كان الورق غير متوفّر في عصر الإمام عليه السلام بل كانوا يكتبون على الجلود والعظام واللخاف والبردي وعسب النخيل ، إذاً من البعيد أن يكتب الإمام عليه السلام عهده للأشتر بهذا الإسهاب.

13 - ادّعى البعض أنّ ما في نهج البلاغة قد يعزى بعضه إلى أدباء سبقوا الإمام علي عليه السلام.

ص: 41

14 - في بعض خطب النهج وصف دقيق للحياة الاجتماعية من جهة ، وطعن على الولاة والقضاة من جهة أخرى ، وكلا الأمرين لم يعرف بعد وإنّما هو من سمات العصر العبّاسي.

15 - في النهج خطب طال في صدرها الحمد والثناء ، وهذا لم يُعرف بعدُ إلاّ في العصر العبّاسي ، وبالخصوص في خطب الجُمع والأعياد.

16 - ادّعى البعض أنّ خطب نهج البلاغة لو كانت صادرة من الإمام عليه السلام لكانت موجودة قبل تصنيف السيّد الرضي رحمه الله.

هذه هي شبهات القوم التي أثاروها حول نهج البلاغة ، ونحن آلينا على أنفسنا أن نختصر البحث ونجعله موجزاً آملين أن نبحثه بشكل مفصّل في مناسبة أخرى ، ولكن هذا لا يعني أنْ نترك المقام بدون أجوبة تصلح ردّاً على تلك الشبهات والشكوك.

جواب الشك الأوّل : إنّ العرب منذ عصرهم الجاهلي وإلى عدّة قرون من عصرهم الإسلامي كانوا يعتمدون الحفظ بدلاً من الكتابة ، بل وكانوا يأنسون بحافظتهم القوية التي استودعت قلوبهم دواوين العرب وأيّامهم ومآثرهم ، وهو شأن كلّ أُمّة تسيطر عليها البداوة والأمّية.

فقد امتاز العرب قبل الإسلام وبعده بقوّة حافظتهم وسرعة خاطرهم ، وقد اعتمد المؤرّخون في عصر التدوين على أولئك ورووا عنهم أيّام العرب ووقائعها ، فهي رواية الخلف عن السلف ، ولولا الحفظ والحفّاظ لضاع الكثير من تاريخ العرب ؛ إنّه تاريخ لحقبة طويلة من الزمان.

ثم إنّ النهج قد ضمّ (242) خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام و (78) كتابا

ص: 42

ورسالة و (498) حكمة ومثلا وهذا المقدار لا يساوي إلا العُشر من كلام الإمام عليٍّ عليه السلام وأنّ حفظه ما أيسره لأبناء ذلك العصر. في الوقت الذي نجد اليوم صغار السنِّ يحفظون القرآن وهم دون السنِّ العاشرة والسابعة .. فما بالك بأبناء القرن الأوّل الذين حفظوا القصائد الطوال والتاريخ المفصّل عن العرب ووقائعها وأيّامها؟!

أضف إلى ذلك أنّ الذي حفظ النهج لم يكن واحداً ولا اثنين ولا ثلاث بل هم بالعشرات ، وأنّ لكلّ واحد كان له نصيب من الحفظ فالبعض حفظ خطبة أو خطبتين أو رسالة أو عهداً أو كتاباً والآخر حفظ هذه الخطبة أو تلك وهلمّ جرّاً ، وبمعنى آخر لم يدّع أحد أنّه حفظ جميع ما ضمّه النهج بين دفّتيه فأيّ إشكال في تظافر مجموعة من النّاس في كلّ زمان أن يحفظوا ما تيسّر لهم أو الذي طمحت إليه أنفسهم فحفظوها ، فيتمّ بمجموع ما حُفظ مجموع النهج.

ومثال واحد يميط اللثام عن تلك الشكوك ، ذلك أنّ عبد الحميد الكاتب كان يحفظ سبعين خطبة من خطب الإمام عليٍّ عليه السلام وأنّ ابن نباتة كان يحفظ مئة فصل من مواعظ أمير المؤمنين عليه السلام.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ رسائل الإمام عليه السلام وكتبه وبعض خطبه كانت مكتوبة مدوّنه وهذا ممّا يسهِّل بقاءها والاحتفاظ بها ، وما كان كذلك لا يصعب حفظه.

هذا وقد ذكر أكثر من مؤرّخ أنّ خطبة الإمام عليه السلام في الجهاد ، - أنّه باب من أبواب الجنّة - كانت مكتوبة بخطّه عليه السلام ، وأمر غيره بإلقائها على النّاس(1). 6.

ص: 43


1- الأخبار الطوال : 195 ، شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 145 نقلاً عن كتاب الغارات للثقفي ، وسفينة البحار 1/396 برواية الاصبغ بن نباتة 2/466.

ونقل ابن قتيبه الدينوري في صفحات عديدة من كتابه : الإمامة والسياسة المكاتبات بين الإمام عليٍّ عليه السلام ومعاوية ، وبين عليّ عليه السلام وعمّاله ، وبين معاوية وأصحابه(1) فماذا تعني تلك الكتب؟ ألم يكن هناك وفرة من الورق والقرطاس ، وإلاّ ماذا تفسّر هذه الكتب الصادرة من الإمام عليٍّ عليه السلامأومن عمّاله أو من خصُومه من هنا وهناك سواء كان مبدأُها العراق أو الشّام أو مصر أو بلاد فارس ..؟!

وعليه فإنّ جميع تلك الخطب والرسائل والكتب قد حفظها الناس تباعاً ، يقول المسعودي :

«والذي حفظ الناس عنه من خطبه عليه السلام في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة وتداول الناس ذلك عنه قولا وعملاً»(2).

وفي الإطناب يقول الدكتور زكي مبارك : «وسحبان وائل الذي عرف بالتطويل وأنّه كان يخطب أحياناً نصف يوم ، أثرت عنه الخطب القصيرة الموجزة ، وذلك يدلّ على أنّ الفطرة كانت غالبة على ذلك العصر ، وأنّ القاعدة المطّردة لم تكن شيئاً آخر غير مراعاة الظروف ، ورسائل عليّ بن أبي طالب ، وخطبه ، ووصاياه ، وعهوده إلى ولاته تجري على هذا النّمط ، فهو يطيل حين يكتب عهداً ليبيّن فيه ما يجب على الحاكم في سياسة القطر الذي يرعاه ، ويوجز حين يكتب إلى بعض خواصّه في شيء معيّن لا يقتضي التطويل»(3).5.

ص: 44


1- الإمامة والسياسة 1 / 154 ما كتبه عليه السلام لأهل العراق.
2- مروج الذهب 2 / 431.
3- النثر الفنّي - زكي مبارك 1 / 95.

أمّا الشكّ الثاني : وهو ما يتعلّق بالخطب الطويلة فإنّ حفظها ووعيها متعذّر وهكذا قل عن العهد الذي بعثه عليه السلام إلى الأشتر هذا الشكّ أورده الگيلاني في كتابه : أثر التشيّع في الأدب العربي(1).

وردّنا عليه من وجوه :

أوّلاً : إنّ العهد الذي بعثه الإمام عليه السلام للأشتر كان مكتوباً فمن السهل حفظه ووعيه.

ثانياً : إنّ الكثير من الناس يحفظون اليوم القرآن الكريم عن ظهر قلب والذي يناهز على 600 صفحة.

ثالثاً : إنّ هناك خطباً طويلة لملوك وأمراء قد حفظها الناس كخطبة (هرمز) ملك الفرس قبل بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد رواها الدينوري في الأخبار الطوال(2) ، وكتاب طاهر بن الحسين إلى ولده محمد قد بلغ مئة وتسعة وثلاثين سطراً قد ذكره ابن خلدون في مقدّمته.

رابعاً : إنّ العهد الذي كتبه الإمام عليه السلام إلى الأشتر واليه على مصر تضمّن مجموعة قوانين قد سنّها أمير المؤمنين عليه السلام ، وأمر واليه أن يجعلها نصب عينيه لأنّها عبارة عن بنود تشريعية تنظّم علاقة الحاكم بالمحكوم ، أو قل علاقة الحاكم بالمسؤولين من القضاة والقوّاد وجباة الأموال والجند وغيرهم ممّن له عمل إداري أو رسمي.

وهكذا تنظيم علاقة الحاكم بالرعية والذي منهم العامل والتاجر والفلاح. 7.

ص: 45


1- أثر التشيّع في الأدب العربي : 56.
2- الأخبار الطوال : 77.

وعليه فلابدّ من أن تنظّم جميع هذه العلاقات على ضوء الشريعة الغرّاء ، ولأنّ الظرف السياسي في ذلك العصر يتطلّب ذلك.

وأمّا الشكّ الثالث : إنّ في بعض خطبه عليه السلام تعريض بالصحابة والنيل منهم كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ومعاوية وعمر بن العاص وأضرابهم. كأنّما القائل به نسي الأحداث التي كانت على عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والحروب والغزوات التي وقعت ، وكأنّما حجب عينيه وأصمّ أذنيه عن عشرات الآيات التي نزلت في حقّ البعض من الصدر الأوّل ، فمن المخاطب بتلك الآيات؟! أليس هم ممّن يدّعون الصُحبة؟! وهل غابت عن ذلك المشكّك تلك الآيات فلينظر ويراجع فيمن نزلت : النساء / آية 93 ، والبقرة / آية 159 ، والتوبة / آية 67 ، والأحزاب / آية 57 و 68 ، وسورة محمد / آية 23 ، والفتح / آية 6 ، والنور / آية 23 و 7 ، والأعراف / آية 44 ، والرعد / آية 25 ، والإسراء / آية 60 ، فإنّ جُلّ هذه الآيات تتعرّض لبعض من يدّعي الصحبة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

إذن هل جميع الصحابة في منزلة واحدة من التقديس والتقدير؟

وقد ورد قوله سبحانه : (إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)(1) ، إنّما التفاضل هو بالتقوى ، وبالأعمال الصالحة.

فهل غاب عن أولئك جريمة خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة وتَزوّج بامرأته في ليلتها؟!

وإلاّ فلماذا عزله عمر بن الخطّاب؟!

وهل غاب عنهم الدماء التي جرت في حرب البصرة وكان سببها 3.

ص: 46


1- سورة الحجرات 49 : 13.

طلحة والزبير و ...

أو أنّه غاب عنهم الدماء التي جرت في صفّين وكان سببها معاوية وعمرو بن العاص و ...

عجباً لهؤلاء الذين يقرأون - في بطون الكتب وصفحات التاريخ - الأخبار المفصّلة عمّا جرى في صدر الإسلام من أحداث السقيفة والحروب والغزوات التي حدثت في الصدر الأوّل من تاريخ الحكومة الإسلامية وبالخصوص الأحداث التي جرت في زمن حكومة عثمان بن عفّان ، أنّهم يقرأُون كلّ هذا ومع ذلك يستثقلون كلام أمير المؤمنين عليه السلام ..!

كأن لم يكن هناك انحراف ، واعتداء ، وغصب ، وسلب الأموال وقتل الأبرياء؟!

فهناك ظلم الحكّام والأمراء ، وارتشاء القضاة وسوء سريرتهم ، وهناك الفسق والفجور ، وشيوع الخمرة في وسط الأمراء الذين نصّبهم عثمان ، وحادثة والي الكوفة لا تغيب عن الأنظار إذ شرب الخمر وصلّى بالمسلمين صلاة الصبح أربع ركعات ، وألقى ما في رأسه في المحراب ، ثمّ هناك الغصب ، وسرقة أموال المسلمين ، والتمادي في الظلم ، واللعب بمقدّرات المسلمين ، كلّ ذلك تجده في كتب التاريخ والسيرة ، مضافاً إلى ذلك الفقر المتفشّي بين النّاس ، والتذمّر من الوضع السياسي الخانق ، حتّى أدّى ذلك إلى إراقة الدماء ، وهتك الأعراض ، وسلب الأموال ...

ألا تكون هذه الحالة مدعاة للإمام عليه السلام أن يقف أمام كلّ هذا الإضطراب فينصح الوالي والحاكم وقائد الجند والعاملين على الخراج وجباية الزكواة ..؟!

أليس من شأن الإمام عليه السلام أنْ يصلح ما فسد من أمور الناس؟

ص: 47

فكيف والحال هذه لا يتكلّم الإمام عليه السلام بما يرضي الله؟ أليس من وظائفه الشرعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أليس من وظائفه الجهاد في سبيل الله؟ والجهاد على أقسام منه بالسيف ومنه بالكلمة وهذا قطعاً يستوجب على الإمام أن يُعرّض بالصحابة الذين تصدّوا للحكومة.

لهذا تجده عليه السلام ناصر الفقير والمظلوم ، وناهض الجائر الغشوم ورفع صوته بوجه الطغاة والخونة من الولاة ، فلا عجب أن يتطرّق عليه السلام لسير الأحداث وما قامَ به مَن سبقوه من إعمال وتصرّفات لا تمتّ إلى روح الإسلام بصلة ، والجميع يعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لا تأخذه في الله لومة لائم ، فليدّعِ البعض أنّ كلامه ذاك فيه طعن على الصحابة ..

إنّ الشكّ الذي تقدّم به الذهبي وابن تيميّة إنّما هو نهج من سبقه القائم على تنزيه الصحابة كافّة دون أيّ استثناء ، في الوقت الذي ينقل لنا التاريخ أنّ الخصومات فيما بينهم كانت قائمة بمرأىً ومسمع من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّ بعضهم كان يسبّ البعض الآخر ويشتمه ، بل وصل بهم أن يتراشقوا النعال بدلاً من الحجارة(1) وعليه فإنّ النهج الذي اتّبعه الذهبي وابن تيميّة يمتّ صلة بفكرة الإرجاء والمرجئة ، ومن هذا المذهب ظهرت فكرة تنزيه الصحابة وعدم الخوض في أفعالهم وتصرّفاتهم ، بل أدّى بهم أن يفتوا بصواب أعمالهم وأنّ لهم الأجر الجزيل ، لأنّه اجتهاد ، فإذا أصاب الصحابي باجتهاده فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ، فهذا خالد يقتل نفساً بريئة يشهد الشهادتين وأنّ المسلم دمه وعرضه وماله حرام إلاّ أنّ ابن الوليد على حسب رأي ابن تيمية والذهبي أنّه اجتهد فأخطأ فله 6.

ص: 48


1- الفصول المهمة : 146.

أجر! فأين اذاً قوله تعالى : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)(1)؟ ثمّ ماذا يقول هؤلاء في نهب الأموال في زمن عثمان على يد مروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة وزعماء بني أميّة؟

ألم تقل أُمّ المؤمنين في حقّ عثمان لمّا ضرب ابن مسعود حتّى كسر أضلاعه : اقتلوا نعثلاً فإنّه كفر؟!

وفي ذلك يقول عبد بن أمّ كلاب ، عبد بن أبي سلمة قال مخاطباً عائشة بعد مقتل عثمان(2) :

فمنك البداء ومنك الغير

ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرتِ بقتل الإمام

وقلت لنا إنّه قد كفر

فهبنا أطعناك في قتله

وقاتله عندنا مَن أمَر

ولم يسقط السقف من فوقنا

ولم تنكسف شمسنا والقمر

وماذا يقول هؤلاء لمّا أقدم عثمان بن عفّان على نفي الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه إلى الربذة حتّى مات هناك وحيداً فريداً في غربة عن الوطن والأهل(3) ..؟

لا يسعني المقام أن أسرد تلك الويلات والمحن التي جلبها بعض الصحابة للإسلام والمسلمين ، فلا زال طعمها المرّ يتذوّقه كلّ مسلم ، وعليه أنّ خطبة أمير المؤمنين عليه السلام الشقشقية التي تعرّض بها للخلفاء الثلاثة ج.

ص: 49


1- سورة المائدة 5 : 32.
2- الفتنة وواقعة الجمل : 115.
3- يكفي القاريء النبه أن يستعرض فصول السقيفة وما دار فيها من شجار وطعن ولعن وتفسيق حتّى شهر بعضهم السلاح ، وكان التهديد بالحرب والاجلاء عن المدينة ، أنّه النزاع بين القرشيين والخزرج.

وطلحة والزبير وعائشة إنّما هو الواقع المرير الذي كان يعيشه المسلمون ، وقد حاول أصحاب الأطماع ومحبّو الرئاسة أن يخدعوا عوامّ الناس فلا يتعرّضوا لسياسة أولئك النفر حتّى لا يستفيد هذا الخلف من سقطات ذلك السلف بشكل أو آخر ، وعلى هذا الأساس اختلقوا الأحاديث ونسبوها إلى النبيّ؟ وهو بريء ، منها قولهم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» وقولهم : «إيّاكم وما شجر بين أصحابي».

أيّ منطق هذا أن يساوى بين الفاسق الفاجر والمؤمن التقي؟ هذا طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مروان بن الحكم هل من المنطق السّليم أن يجعله المسلمون قدوة لهم؟!

أم ذاك أبو سفيان الذي ما خرجت كتيبة ولا رفعت راية لحرب الرسول عليه السلام إلاّ وهو قائدها ..؟!

علينا أن نحكّم العقل والمنطق ، اليوم أصبحت الشعوب واعية تبحث عن كلّ ما جرى في التاريخ وما مبتغاها في ذلك إلاّ أنْ تتبّع الهدى والصراط الواضح والنهج السوي.

إذن ما تناوله أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته الشقشقية أو خطبته التي تعرّض فيها (للمنافقين) وما فيهما من نقد وطعن إنّما كان نتيجة للمواقف العدائية الصارخة التي وقفها هؤلاء وقد انقدحت من تلك المواقف الحاقدة حروب ذهب ضحيّتها مئات الآلاف من المسلمين ، ترى يسكت أمير المؤمنين عليه السلام حيال هذه الجرائم التاريخية؟!

وعليه :

فإنّ هذه الخطبة وغيرها من الخطب بل كلّ ما في النهج هو للإمام أمير المؤمنين عليه السلام بلا منازع وفي ذلك يقول ابن أبي الحديد المعتزلي : «لا

ص: 50

يخلو إمّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً ، أو بعضه ، والأوّل باطل لأنّنا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد نقل المحدّثون كلّهم أو جلّهم ، والمؤرّخون كثيراً منه - أي من النهج - وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك.

والثاني يدلّ على ما قلناه لأنّ من قد أنس بالكلام والخطابة وشدا طرفاً من علم البيان ، وصار له ذوق في هذا الباب لابدّ أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح والأفصح ، وبين الأصل والمولّد ، إذا وقف على كرّاس واحد يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء ، أو لإثنين منهم فقط ، فلا بدّ أن يفرق بين الكلامين ويميّز بين الطريقتين.

«وأنت إذا تأمّلت نهج البلاغة وجدته كلّه ماءً واحداً ، ونفساً واحداً ، وأسلوباً واحداً ، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية ، وكالقرآن العزيز ، أوّله كوسطه وأوسطه كآخره ، وكلّ سورة منه وكلّ آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسور ، ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك ، فقد ظهر لك بالبرهان الواضح خلال من زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه السلام»(1).

إذن يمكن تقسيم الصحابة إلى ثلاثة أصناف :

الصنف الأوّل : من أبلى بلاءً حسناً وجاهد في سبيل الله ورحل إلى ربِّه بأحسن وفادة وهو راض مرضي وهذا الصنف قد مدحه القرآن الكريم وهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ 8.

ص: 51


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 10 / 128.

النَّعِيمِ)(1) ، وكما مدحهم القرآن فقال سبحانه : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَاناً)(2) ولم يحدثوا بعد رسول الله حدثاً.

والصنف الثاني : تخاذل عن الحقّ ولم ينصر الباطل ، وقد ذمّهم القرآن الكريم إلاّ أنّهم لم يحدثوا شيئاً من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم). فهؤلاء أقلّ شأناً ممّن سبقهم وعلى الله حسابهم.

الصنف الثالث : الذين غيّروا وبدّلوا وحرّفوا كلام الله وأحدثوا من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، روى البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال : «قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا فرطكم على الحوض ليرفعنّ إليّ رجال منكم حتّى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني. فأقول : ربّي أصحابي.

فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك»(3) وروى مثله البخاري عن سهل بن سعد وزاد عليه : «فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي»(4).

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده(5).

ورواه المتّقي الهندي في كنز العمّال(6) عن ابن مسعود وعن سمرة.

ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة في الوضوء عن 4.

ص: 52


1- سورة الواقعة 56 : 10 - 12.
2- سورة الفتح 48 : 29.
3- صحيح البخاري 6 / 108 و 8 / 120 ، صحيح مسلم 4 / 1793 ، الاصابة 3 / 84 القسم 1 ، تهذيب التهذيب 8 / 51 ، كنز العمال 7 / 224 ، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد : 212 ، مجمع الفائدة 2 / 429 ، كتاب الفضائل : حديث 26.
4- صحيح مسلم 4 / 1793.
5- مسند أحمد بن حنبل 1 / 384 و 402 و 406 و 407 و 453 و 455 و 2 / 281 و 5 / 48 و 50 و 393.
6- كنز العمّال 7 / 224 و 225 ، 6 / 424.

أبي هريرة(1).

ورواه في كتاب الفضائل في باب إثبات حوض نبيّنا عليه السلام(2).

ورواه ابن ماجه في صحيحه في أبواب المناسك في باب الخطبة يوم النحر عن ابن مسعود(3).

ورواه ابن جرير في تفسيره(4) بسنده عن قتادة.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد(5) عن سمرة وعن ابن مسعود.

فبماذا تفسّر هذا الحديث الشريف؟! ومَن الذين أحدثوا بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ حيث روى ابن حجر في الإصابة بسنده عن سعيد بن منصور قال : «حدّثنا خلف ابن خليفة عن العلاء بن المسيّب عن أبيه عن أبي سعيد قلنا له هنيئاً لك برؤية النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبته.

قال : إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده(6).

ومثله في صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق في باب غزوة الحديبية.

وفي طبقات ابن سعد ، بسنده عن إسماعيل بن قيس قال : «قالت عائشة عند وفاتها إنّي قد أحدثت بعد رسول الله فادفنوني مع أزواج 4.

ص: 53


1- صحيح مسلم : كتاب الطهارة ، باب الوضوء ، وكذلك 7 / 65 - 67.
2- كتاب الفضائل : باب إثبات الحوض حديث 26.
3- سنن ابن ماجة : أبواب المناسك ، وهكذا في الجامع الصحيح للترمذي 4 / 615 ، و 2423 ، سنن النسائي 4 / 117.
4- تفسير الطبري : 4 / 55.
5- مجمع الزوائد 10 / 364 و 365.
6- الإصابة 3 / القسم 1 ص 84.

النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)»(1).

وفي تهذيب التهذيب روى ابن حجر بسنده عن الآجري قال : «قال عمرو بن ثابت لمّا مات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كفر النّاس إلاّ خمسة ..»(2).

أقول :

وممّا يؤيّد ما سبق الآيات الواردة في بعضهم ؛ إذ فيهم الذين (ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ)(3) ، ومنهم (مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي)(4) ، ومنهم مَن لمز النبيّ (فِي الصَّدَقَاتِ)(5) ، ومنهم مَن آذاه وقالوا (هُوَ أُذُنٌ)(6) ، ومنهم من كان في قلبه مرض ، ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلا وحلفوا للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبل منهم لكن نزلت فيهم آيات تكذّبهم : قوله تعالى : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إذَا انقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءَ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإنَّ اللهَ لاَيَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)(7) وفي هذه الغزوة أقدم أربعة عشر منافقاً على الفتك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ظلمات الليل عند عقبة هناك ، ولمّا انصرف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل بوادي المشقّق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من سبق إلى ذلك الماء 6.

ص: 54


1- الطبقات الكبرى 8 / 74 ، ثمّ أنظر كتاب وضوء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) 1 / 244.
2- تهذيب التهذيب 8 / 15.
3- سورة التوبة 9 : 48.
4- سورة التوبة 9 : 49.
5- سورة التوبة 9 : 58.
6- سورة التوبة 9 : 61.
7- سورة التوبة 9 : 95 - 96.

فلا يسقينّ منه شيئاً حتّى نأتيه ، فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه فلمّا أتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف عليه فلم ير فيه شيئاً ، ولمّا علم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر المنافقين ، قال : أولم ننههم أن يستقوا منه شيئاً حتّى نأتيه ، ثمّ لعنهم ودعا عليهم(1).

روى البخاري عن زيد بن ثابت : «لمّا خرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اُحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم ، فنزلت الآية الكريمة : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ...)(2). قال الراغب في مفرداته : أركسهم أي ردّهم إلى الكفر»(3).

ومن الصحابة من نزلت فيهم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ)(4) والتفصيل في هذا الموضوع يطول لأنّ الشواهد القرآنية في الكشف عن هذا الصنف الثالث كثيرة جدّاً وعليه ، فالصحابة قوم من النّاس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم واعتبارهم جميعاً عدولاً أنّها مكابرة شديدة ، ومن رفض محاسبتهم أو نقدهمُ أو تجريحهم ، إنّما يرفض قول الله العزيز ، وما جاء في حقّهم بصريح القرآن وقد أشرنا إلى جملة منها. وفي هذا أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام عليّ عليه السلام أن يقاتل (الناكثين والقاسطين والمارقين) لأنّ جميعهم قد خرجوا عن الحقِّ فهم أضلّوا سبيلاً وكانت خاتمتهم الخسران المبين ، وكما قيل إنّ الأمور بخواتيمها. 7.

ص: 55


1- أضواء على السنة المحمّدية : 353.
2- سورة النساء 4 : 88.
3- اضواء على السنة المحمّدية : 322.
4- سورة التوبة 9 : 107.

أمّا الشكّ الرابع : وهو اعتراض البعض على أنّ في النهج إنباء بالغيب ، كإخباره بملك الأمويّين وقيام دولتهم ، وبعدها دولة بني العبّاس ، وكإخباره في ظهور الفتن والثورات ، كثورة الزنج وظهور التتار .. (1)

أقول :

ردّ هذا الاعتراض من وجوه :

أوّلاً :

إنّ الإمام عليه السلام لم يدّعِ هذا الغيب ، بل نفاه عنه في تصريح منه للرجل الكلبي في كلام وقع منه في وصف الأتراك فقال للرجل وكان كلبيّاً : «يا أخا كليب ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم وإنّما علم الغيب علم الساعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله (إنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ)(2).

ثانياً : إنّ الغيب من الأمور المختصّة بالله سبحانه ولكنّه تعالى يجوز له أن يُطْلِعَ من يشاء من عباده عليه وذلك قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُول)(3).

ثالثاً : الجميع يعلم أنّ الإمام عليّ عليه السلام تربّى في حجر النبيّ منذ نعومة أظافره ، وعنه أخذ علومه ، وكان هو مؤدّبه ومعلّمه وموضع سرّه ، وكثرت المناجاة بينهما حتّى قال عليه السلام : «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من العلم 7.

ص: 56


1- انظر : أثر التشيّع في الأدب العربي : 57.
2- سورة لقمان 31 : 34.
3- سورة الجن 72 : 26 - 27.

ألف باب يفتح لي من كلّ باب ألف باب»(1).

وكما قال في حقّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»(2) ، وأحاديث من هذا كثير ، إذن علمه عليه السلام بتعليم من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسديد من الله سبحانه.

رابعاً : إنّ كتب الصحاح قد أفردت باباً خاصّاً في تلك المغيّبات وذلك تحت عنوان : كتاب الفتن وأشراط الساعة وجلّها تتضمّن أنباء الغيب من ذلك في صحيح مسلم والبخاري : باب الخسف بالجيش الذي يتوجّه إلى بيت الله الحرام(3) ، باب فتح القسطنطينية وخروج الدجّال ونزول عيسى بن مريم(4) ، باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس(5) ، باب إقبال الروم وحربهم للمسلمين عدّة مرّات(6) ، باب الآيات التي تكون قبل قيام الساعة(7) ، باب لا تقوم الساعة حتّى تخرج نار من أرض الحجاز(8) ، باب لا تقوم الساعة حتّى تقاتلوا قوماً كأنّ وجوههم المجان المطرقة ، ونعالهم الشعر وهم قوم صغار الأعين ذلف الأنوف حمر الوجوه ، وهم من الترك(9)6.

ص: 57


1- نظم درر السمطين : 113 ، ينابيع المودّة 1 / 231 ، فرائد السمطين 1 / 101 حديث 70 ، الأربعون حديثاً : 7 ، المناظرات في الإمامة : 545 ، شرح مائة كلمة : 56.
2- المستدرك للحاكم 3 / 126 ، كنز العمّال 6 / 152 حديث 2508 ، ينابيع المودّة : 72.
3- صحيح مسلم 8 / 166.
4- صحيح مسلم 8 / 175.
5- صحيح مسلم 8 / 176.
6- صحيح مسلم 8 / 176.
7- صحيح مسلم 8 / 176.
8- صحيح مسلم 8 / 176.
9- صحيح مسلم 8 / 176.

وهكذا تجد أغلب هذه الأنباء في صحيح البخاري(1).

أمّا الشكّ الخامس : فإنّ المعترض يعجب من كلمة وصيّ والوصاية التي وردت في بعض كلامهِ عليه السلام(2).

أقول :

والردّ على الگيلاني صاحب هذا الاعتراض من وجوه :

أوّلاً : إنّ حديث الدار يكفي ويغني عن كلّ جواب ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا جمع عمومته وزعماء قريش وهم يومئذ أربعون رجلاً : «فأيّكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم ، ولم يجبه أحد إلاّ الإمام عليّ عليه السلام فقال مخاطباً للجمع : «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا»(3).

أقول :

وهناك أحاديث كثيرة صدرت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وردت فيها كلمة الوصيّ وقد أراد بها (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عقده للإمام عليّ في كونه وصيّاً على الأمة من بعده.

ثانياً : ما ردّده الشعراء وما جرى على ألسِنة الناس :

قال جرير بن عبد الله البجلي(4) : 7.

ص: 58


1- صحيح البخاري 9 / 39 - 47.
2- المعترض هو الجيلاني في كتابه أثر التشيع في الأدب العربي : 66.
3- رواه أهل الصحاح والسنن ، فراجع على سبيل المثال مسند أحمد بن حنبل 1/111 و 159 وللتفصيل انظر المراجعات لشرف الدين : 118 ، المراجعة 20.
4- وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : 137.

وصيّ رسول الله من دون أهله

ووارثه بعد العموم الأكابر

وقال حجر بن عدي الكندي الشهيد(1).

فإنّه كان لنا وليّاً

ثمّ ارتضاه بعده وصيّاً

***

وقال المغيرة بن الحرث بن عبد المطّلب(2) :

فيكم وصيّ رسول الله قائدكم

وأهله وكتاب الله قد نشرا

وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي(3) :

يقودهم الوصيّ اليك حتّى

يردّك عن غواتك وارتياب

وقال بريدة الأسلمي(4) :

أمر النبيّ معاشراً

هم أُسرة ولها ذم

أن يدخلوا ويسلّموا

تسليم مَن هو عالم

أنّ الوصيّ له الإما

مة بعده والقائم

وقال الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين) يعاتب عائشة لمّا خرجت إلى حرب أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة(5) :

أعائشُ خلّي عن عليّ وعيبه

وصيّ رسول الله من دون أهله

بماليس فيه إنّما انتِ والده

وأنتِ على ماكان من ذاك شاهده

وقال الصحابي الجليل أبو الهيثم بن التيهان يعرّض بطلحة والزبير 8.

ص: 59


1- وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : 381.
2- وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : 385.
3- وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : 382.
4- الصراط المستقيم 3 / 110 ، تقرب المعارف : 194.
5- نسمة السحر 2 / 240 ، الأوائل : 99 ، أخبار شعراء الشيعة : 58.

وعائشة الذين نكثوا بيعة أمير المؤمنين عليه السلام :

قل للزبير وقل لطلحة إنّنا

نحن الذين شعارنا الأنصارُ

نحن الذين رأت قريش فعلنا

يوم القليب أُولئك الكفّارُ

كنّا شعار نبيِّنا ودثاره

يفديه منّا الروح والأبصار

إنّ الوصيّ إمامنا ووليّنا

برح الخفاءُ وباحتِ الأسرار(1)

وفي المناقب : «مرّ ابن عبّاس بنفر يسبّون عليّاً عليه السلام فقال : أيّكم السابّ الله؟ فأنكروا ، قال : أيّكم السابّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ..؟ فأنكروا ، قال : فيكم السابّ لعليٍّ عليه السلام؟ قالوا : فهذا نعم ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله فقد كفر ثمّ التفت إلى ابنه فقال : قل فيهم ، فقال :

نظروا إليك بأعين محمرّة

نظر التيوس إلى شفار الجازر

غزر الحواجب خاضعي أعناقهم

نظر الذليل إلى العزيز القاهر

سبّوا الإله وكذّبوا بمحمد

المرتضى ذاك الوصيّ الطاهر

أحياؤهم عار على أمواتهم

والميّتون فضيحة للغابرِ(2)

وقال حسّان بن ثابت يمدح عليّاً عليه السلام بلسان الأنصار :

حفظت رسول الله فينا وعهده

إليك ومن أولى به منك من ومن

ألست أخاه في الهدى ووصيّه

وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن(3)

وقال أبو الأسود الدؤلي : ر.

ص: 60


1- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 1 / 143 ، الفتوح 2 / 307 ، الدرجات الرفيعة : 322.
2- مناقب آل أبي طالب 3 / 221 نقلا عن الولاية للطبري والإبانة للعكبري.
3- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 2/15 نقلاً عن الموفّقيات للزبير بن بكّار.

أُحبّ محمداً حبّاً شديداً

وعبّاساً وحمزة والوصيّا

أُحبّهم لحبّ الله حتّى

أجيءُ اِذا بعثت على هويّا

هوئ أعطيته منذ استدارت

رحى الإسلام لم يعدل سويّا

يقول الأرذلون بنو قشير

طوال الدهر ماتنسى عليّا(1)؟

وفي هذا المقام يجدر بي أن أذكر حديث أُم سلمة :

«عن أم سلمة في معرض حديثها مع مولى لها كان يبغض عليّاً عليه السلامقالت له : أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يومي وإنّما كان نصيبي في تسعة أيّام يوماً واحداً ، فدخل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتخلّل أصابعه في أصابع عليٍّ عليه السلامواضعاً يده عليه ، فقال : يا أُم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان ، حتّى إذا قلت : قد انتصف النهار وأقبلت وقلت : السلام عليكم ، ألج؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تلجي وارجعي مكانك ثمّ تناحيا طويلا ، حتّى قام عمود الظهر فقلت ذهب يومي وشغله عليّ فأقبلت أمشي حتّى وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم ألج؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تلجي ، فرجعت وجلست مكاني حتّى إذا أنا قلت قد زالت الشمس ألآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي ، ولم أر قط أطول منه : أقبلت أمشي حتّى وقفت على باب الدار فقلت : السلام عليكم ألج؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم فلُجي ، فدخلت وعليّ عليه السلام واضع يده على رُكْبتَي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أدنى فاه في أذن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على أذن عليٍّ يتسارّان ، وعليُّ يقول : أفأمضي وأفعل؟ 0.

ص: 61


1- الكامل للمبرد 2 / 130.

والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : نعم.

فدخلت وعليّ معرض وجهه حتّى دخلت وخرج ، فأخذني النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقعدني ، ثمّ قال : يا أم سلمة لا تلوميني فإنّ جبرئيل أتاني بأمر من الله تعالى يأمرني أن أوصي به عليّاً من بعدي ، وكنت بين جبرئيل وعليٍّ ؛ جبرئيل عن يميني وعليّ عن شمالي ، فأمرني جبرئيل أن آمر عليّاً بما هو كائن بعدي فاعذريني ولا تلوميني ، إنّ الله اختار من كلّ أمّة نبيّاً ، واختار لكلّ نبيّ وصيّاً فأنا نبيّ هذه الأمّة ، وعليٌّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وأمّتي من بعدي»(1).

وختاماً لهذه الفقرة نذكر ما ورد عن المستنصر العبّاسي :

«خرج المستنصر يوماً إلى زيارة قبر سلمان الفارسي رضي الله عنه ومعه السيّد محمد بن علي الأقاسي فقال له المستنصر وهما في الطريق : إنّ من الأكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من مجيء عليّ بن أبي طالب من المدينة إلى المدائن لمّا توفّي سلمان الفارسي ، وتغسيله إيّاه ورجوعه من ليلته ، فأجابه السيِّد المذكور بقول أبي الفضل التيمي في ردّ من أنكر ذلك :

أنكرت ليلة اِذ سار الوصيّ بها

إلى المدائن لمّا أن لها طلبا

وغسّل الطهر سلماناً وعاد إلى

عراص يثرب والإصباح ما وجبا

وقلت ذلك من قول الغلاة وما

ذنب الغلاة اِذا لم يذكروا كذبا

فآصف قبل ردّ الطرف من سبأ

بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا

فأنت في آصف لم تغلُ فيه ، بلى

في حيدر أنا غال إنّ ذا عجبا

اِن كان أحمد خير المرسلين فذا

خير الوصيّين أوكلّ الحديث هبا». 7.

ص: 62


1- مناقب الخوارزمي : 87.

أمّا الشكّ السادس : إنّ في النهج إشارة إلى الزهد والموت وهذا ناتج من تأثير المسلمين بالنصارى ...

هذا القول في غاية الوهن والضعف والتردّي ، وصاحبه في غاية البلادة والسذاجة إن لم نقل عنه في غاية البغض والعداوة لأمير المؤمنين عليه السلام.

إنّ زهد الإمام عليه السلام هو الذي ندب إليه القرآن الكريم وحثّت عليه الآيات البيّنات ، فكم من آية جاءت الدنيا فيها مذمومة ..؟

قال تعالى : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا)(1) وقوله تعالى : (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالأَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(2) وقوله تعالى : (.. تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ)(3) وقوله تعالى : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...)(4) وقوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(5) وقوله تعالى : (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الاْخِرَةِ إلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(6) وقوله تعالى : (ذَلِكُم بأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللهِ هُزُواً 6.

ص: 63


1- سورة البقرة 2 : 212.
2- سورة النساء 4 : 77.
3- سورة النساء 4 : 94.
4- سورة الانعام 6: 32.
5- سورة الانعام 6 : 70.
6- سورة هود 11 : 15 - 16.

وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(1) وقوله تعالى : (فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)(2) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ)(3) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(4) وقال تعالى : (إنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)(5).

وقال تعالى : (إنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ)(6) وقال تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ)(7).0.

ص: 64


1- سورة الجاثية 45 : 35.
2- سورة النازعات 79 : 37 - 39.
3- سورة لقمان 31 : 33.
4- سورة الحشر 59 : 18.
5- سورة يونس 10 : 7.
6- سورة يونس 10 : 24.
7- سورة الحديد 57 : 20.

هذه وآيات عديدة أُخر تصف (الدنيا وما فيها) بمثابة متعة ليس إلاّ ، فهي زائلة ، وليس من ركن إليها بممدوح ، إنّها الدنيا التي ذمّتها الآيات وزهّدنا فيها أمير المؤمنين عليه السلام ، لكن ليس الزهد - كما فهمه البعض - أن لا تملك فيها شيئاً ، وليس من الزهد أن تلبس المسوح وتنأى عن المجتمع وتترك العيال كلاًّ على غيرك ، بل يكفيك من الدنيا ما تصون به ماء وجهك وعرضك.

قال تعالى : (وَابْتَغِ فِيَما آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الأَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)(1).

وبمثل ذلك جاءت نصائح أمير المؤمنين عليه السلام ، إذ هو الذي وبّخ عاصم بن زياد الحارثي حين سمع عنه أنّه لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا فدعاه عليه السلام فلمّا رأى ما هو عليه قال :

«يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث - أي الشيطان - أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطيّبات وهو يكره أن تنالها؟ أنت أهون على الله من ذلك.

قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك ، وجشوبة مأكلك؟

قال : ويحك إنّ الله فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره»(2).

رُوي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «إنّ الناس في الدنيا ضيف وما في أيديهم عارية وأنّ الضيف راحل ، وأنّ العارية مردودة ، ألا وإنّ الدنيا عرض 3.

ص: 65


1- سورة القصص 28 : 77.
2- انظر : نهج البلاغة 2 / 213.

حاضر يأكل منه البرّ والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك عادل قاهر فرحم الله من نظر لنفسه ومهّد لرمسه وحبله على عاتقه ملقىً قبل أن ينفذ أجله وينقطع أمله ولا ينفع الندم»(1).

قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى : (وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)(2).

قال : لا تنس صحّتك وقوّتك وشبابك وغناك ونشاطك أن تطلب الآخرة»(3).

وعليه أنّ أمير المؤمنين عليه السلام نهى عن الركون إلى الدنيا والتهالك عليها ، ولم ينه عمّا يصلح الإنسان شأنه ويقيم أوده.

وربّ سائل أن يقول : وهل نعيم الدنيا محرّم على المؤمن؟

أقول :

لا تذهب بك الأوهام ، إنّما المؤمن أحقّ من غيره بنعيم الدنيا.

قال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً)(4) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوّاتِ الشَّيْطانِ)(5) وقال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا 8.

ص: 66


1- ارشاد القلوب : 24.
2- سورة القصص 28 : 77.
3- إرشاد القلوب : 27.
4- سورة الأعراف 7 : 32.
5- سورة البقرة 2 : 168.

مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ)(1) وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(2)وقال تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ)(3).

إذا كانت هذه الشهوات من الوجهة الحلال فلا بأس بها إلاّ أنّ الاعتدال وعدم التهالك عليها هو المحبّذ وهو الأقرب إلى التقوى.

أمّا قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ)(4) فهي الدنيا المذمومة التي ذمّها أمير المؤمنين عليه السلام وحذّر منها ، فكم له عليه السلام من كلام في ذمّ تلك الزينة التي تقود إلى الغفلة والضياع ونسيان الآخرة ..؟!

هذا قوله لمّا دخل بيت المال في البصرة بعد انتصاره على أهل الجمل : نظر إلى الذهب والفضّة ثمّ قال مخاطباً هذه الدنيا الفانية : طلّقتك ثلاث ... وهو الذي خاطب تلك الأموال بقوله غرّي غيري ...

وأمّا ما ذكروه في شأن الموت والفناء ، فإنّ ما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام له في القرآن أسوة من ذلك : قوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَر مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإيْن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)(5) وقال تعالى : (كُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(6) وقال تعالى : (أَيْنَما 5.

ص: 67


1- سورة المائدة 5 : 87 - 88.
2- سورة الأنفال 8 : 69.
3- سورة آل عمران 3 : 14.
4- سورة الحديد 57 : 20.
5- سورة الأنبياء 21 : 34.
6- سورة آل عمران 3 : 185.

تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة)(1) وقال تعالى : (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)(2) وقال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)(3).

وقال تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ...)(4).

وقال تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ)(5).

وآيات أخر عديدة ، إنّ السرّ في الحثّ على الموت سواء في القرآن الكريم أم في نهج البلاغة ، هو الاعتصام بحبل الله والنظر إلى ما عند الله من النعيم الأبدي الذي لا يفنى ، ثمّ إنّ الذاكر للموت سوف يعيش ساعات اللقاء في أيّ لحظة كانت فلا يسأم ولا يندم ، فهو الحقّ ، وهكذا من كان ذاكراً للموت مستعدّاً له يعيش حياة الإيمان والتقوى والعبادة والعمل الصالح ، فهو أبداً شجاع لا يرهب سلطاناً.

ولا يكون جباناً ، ولا يكون حريصاً على مال أو لذّة ، فهو دوماً شكور صابر ، عزيز غير ذليل ، نقيّ السريرة ، طاهر الأردان ، و ...

وعليه يذكّرنا الحديث الشريف : «أكثروا من هادم اللذات»(6) ذلك البعد المعنوي في ارتقاء الروح وسموّها إلى عالم الفضيلة. 5.

ص: 68


1- سورة النساء 4 : 78.
2- سورة الواقعة 56 : 60.
3- سورة الملك 67 : 2.
4- سورة الزُّمر 39 : 42.
5- سورة الرحمن 55 : 26 - 27.
6- كتاب الدعوات : 238 ، وسائل الشيعة 2 / 649 حديث 5 ، كشف اللثام 1 / 107 ، عيون أخبار الرضا 1 / 75 حديث 325.

إذن كلام أمير المؤمنين عليه السلام وذكره للموت هو جرياً لما جاء في القرآن الكريم.

أمّا الشكّ السابع : قال البعض إنّ في بعض الخطب تقسيم المعاني والمسائل إلى أصناف كتقسيم الاستغفار إلى ست معان و ...

أقول :

وهل غاب عن هذا المعترض ما جاء في القرآن الكريم عندما قسّم سبحانه وتعالى الناس فقال : (وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ...)(1).

ثمّ يردف سبحانه هذه الآيات المجملة بتفصيل وهذا ما يعرف في البلاغة بالّلفّ والنشر.

وموارد أُخرى في القرآن الكريم فيها ذلك التقسيم والتصنيف ، ثمَّ التقسيم الذي جاء في كلام صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديث جمّة لا تحصى خذ مثالاً منها ، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ستّة أشياء حسنة ولكنّها من ستّة أحسن ، العدل حسن وهو من الأمراء أحسن ، والصبر حسن وهو من الفقراء أحسن ، والتوبة حسنة وهي من الشباب أحسن ، والحياء حسن وهو من النساء أحسن ، وأمير لا عدل له كغمام لا غيث له ، وفقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له ، وعالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها ، وغنيّ لا سخاء له كمكان لا نبت له ، وشابٌّ لا توبة له كنهر لا ماء فيه ، وامرأة لا حياء لها 0.

ص: 69


1- سورة الواقعة 56 : 7 - 10.

كطعام لا ملح له»(1).

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «معشر المسلمين إيّاكم والزنا فإنّ فيه ستّ خصال ، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأمّا التي في الدنيا فإنّه يذهب البهاء ، ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وأمّا التي في الآخرة فإنّه يوجب سخط الربّ ، وسوء الحساب ، والخلود في النّار»(2).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث من كنّ فيه استوجب الثواب واستكمل الإيمان : خلق يعيش به في النّاس ، وورع يحجزه عن محارم الله ، وحلم يردّ به جهل الجاهل»(3).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهنّ ، كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها ، إذا اؤتمن خان ، وإذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر»(4).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث من كنّ فيه آواه الله في كنفه ، وستر عليه برحمته ، وأدخله في محبّته : من إذا أعطى شكر ، وإذا قدر غفر ، وإذا غضب فتر»(5).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث منجيات ، وثلاث مهلكات : فأمّا المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، وخشية الله في السرّ والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وأمّا المهلكات : فشحٌّ مُطاع ، وهوىً متّبع ، وإعجاب المرء 4.

ص: 70


1- ارشاد القلوب للديلمي : 233.
2- الخصال 1 / 141.
3- مدارك الأحكام 7 / 14 ، الوسائل 9 / 364 أبواب مقدمات الطواف.
4- المحلى 8 / 28 و 11 / 202 ، كنز العمّال 849 ، صحيح البخاري 1 / 14.
5- محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل الكامل : 94.

بنفسه»(1).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أعطيت خمساً لم يعطهنّ أحدٌ قبلي ، كان كلّ نبيٍّ يبعث إلى قومه خاصّة وبُعثت إلى كلّ أحمر وأسود ، وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي ، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأيّما رجل من أمّتي أدركته الصلاة فليصلِّ حيث كان ، ونُصرت بالرعب مسيرة شهر ، وأعطيت الشفاعة»(2).

وعن أبي هريرة قال : قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه : إمام عادل ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلّق بالمساجد ، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إنّي أخاف الله ، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه»(3).

والشواهد من أقوال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرة جدّاً فما بال المعترض يعجب من التقسيم الوارد في كلام أمير المؤمنين عليه السلام وهو ربيب رسول الله نشأ في حجره ونهل من معينه الزلال الصافي؟!

وغير ذلك من الشواهد فعن عبد الرحمن بن عوف قال : «دخلت على أبي بكر الصديق في مرضه الذي توفّي فيه فأصابه مهتمّاً ، فقال له عبد الرحمن في جملة كلام له : إنّك لا تأسى على شيء من الدنيا قال 2.

ص: 71


1- محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل الكامل : 322.
2- رواه جابر وأخرجه البخاري. وفي تلخيص الحبير 2 / 316 ، تنوير الحوالك : 727 ، المبسوط 15 / 3 ، حاشية ردّ المختار 1 / 246.
3- رواه البخاري ومسلم ، المجموع 4 / 195 و 6 / 238 ، إعانة الطالبين 2 / 237 ، فقه السنّة 1 / 412 ، والمجازات النبوية : 412.

أبو بكر : أجل لا آسى على شيء من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهن وددت أنّي تركتهنّ ، وثلاث تركتهنّ ووددت أنّي فعلتهنّ ، وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهنّ.

فأمّا الثلاث التي وددت أنّي تركتهنّ ، فوددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإنْ كانوا قد غلقوه على الحرب ، ووددت أنّي لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأنّي قتلته سريحاً أو خلّيته نجيحاً ، ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد بهما عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً.

وأمّا اللاتي تركتهنّ : فوددت أنّي يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه ، فإنّه تخيل إليّ أنّه لا يرى شرّاً إلاّ أعان عليه ، ووددت أنّي حين سيّرت خالد بن الوليد إلى أهل الردّة كنت أقمت بذي القصّة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد ، ووددت أنّي إذ وجّهت خالد إلى الشام كنت وجّهت عمر بن الخطّاب إلى العراق ، فكنت قد بسطت يديّ كليهما في سبيل الله ومدّ يديه ، ووددت أنّي سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد ، ووددت أنّي كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ ووددت أنّي كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمّة فإنّ في نفسي منهما شيئاً»(1).

وللمزيد من الشواهد والنصوص عليك بكتاب المواعظ العددية وهكذا تجد بغيتك في كتاب الخصال فراجع. 4.

ص: 72


1- أخرج الحديث بطوله أبو عبيدة في كتاب الأموال صفحة 131 والطبري في تاريخه 4 / 52 ، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 18 والمسعودي في مروج الذهب 1 / 414 وابن عبد ربّه الاندلسي في العقد الفريد 2 / 254.

وخلاصة القول : ما جاء في نهج البلاغة من تقسيم المعاني وتصنيف المطالب هو إقتداء بكلام الله سبحانه وتعالى واقتفاء بكلام نبيّه الأكرم.

أمّا الشكّ الثامن : إنّ في النهج وصفاً دقيقاً للحيوانات كالطاووس ، فمتى رأى الإمام هذا الحيوان حتّى يصفه بتلك الدقّة المتناهية؟!

أقول :

إنّ اعتراض البعض ليس بوجيه ، ولا يخضع للمنطق والعقل ، إذ هل أنّ المعترض قد صاحب الإمام عليه السلام في سفراته وغزواتها وهجرته حتّى ينكر عليه مشاهدته للطاووس وغيره من الحيوانات؟!

إنّ الإمام عليه السلام هاجر إلى اليمن ، واشترك في كلّ المعارك والغزوات ، وتنقّل بين ربوع الحجاز والعراق والشام ، وكانت تصل إليه هدايا الملوك والأمراء ، فهل من الصعب أن يرى الإمام عليه السلام الطاووس وغيره من الحيوانات التي قد لم تكن موفورة في مكّة أو المدينة؟

وقد يكون أنّ الإمام رأى الطاووس في البصرة والتي تعدّ ذلك اليوم مركز التجارة وحلقة وصل بين الهند وبلاد فارس وبلاد العرب ، وربّما شاهده عليه السلام في المدائن عاصمة الأكاسرة فيما مضى ، فقد بقيت عامرة حتّى عصر الإمام وما بعده.

أمّا الشكّ التاسع : أنّهم قالوا : في بعض النهج يوجد سجع منمّق وصناعة لفظية ، لا تعرف لذلك العصر ، بل إنّما برز هذا اللون من الصناعة

ص: 73

في العصر العبّاسي ، والقائل بذلك أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام(1) ، والردّ عليه من وجوه :

أوّلاً : إنّ أدنى التفات من الباحث المختصّ في الأدب العربي سيجد هناك فرقاً كبيراً بين ما هو سجع منمّق صدر عفو الخاطر وبين سجع متكلّف عليه آثار الصنعة.

ثانياً : إنّ في القرآن الكريم آيات عديدة بل سور كثيرة جاء فيها السجع وهو بمثابة تنميق لفظي له وقعه الجميل في النفوس ولم يكن فيه أيّ تكلّف أو صنعة ، اقرأ قوله تعالى من سورة النازعات : (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً * يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ)(2) إلى آخر السورة المباركة.

واقرأ في سورة عبس : (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى)(3) إلى آخر السورة المباركة.

وهكذا في سورة التكوير وسورة الانفطار والمطفّفين والانشقاق وحتّى آخر الجزء الثلاثين ناهيك عن السور الأخر من الأجزاء المتقدّمة.

فهل الأستاذ كرد علي وابن تيميّة - وغيرهما - قد غفلا عن هذه السور والآيات المباركة حتّى يدّعيا أنّ هذا السجع هو من أسلوب العصر العبّاسي أو هناك شيٌ آخر قد انطوت عليه السرائر فكشفه نفث الصدور؟! 6.

ص: 74


1- فجر الإسلام 148 - 149.
2- سورة النازعات 79 : 1 - 9.
3- سورة عبس 80 : 1 - 6.

ثالثاً : تطالعنا نصوص عديدة من العصر الجاهلي فيها من ذلك السجع فما بال المعترض؟!

انظر واقرأ النصّ الوارد من قس بن ساعدة الأيادي الذي يُعدّ من كبار حكماء العرب في العصر الجاهلي قال : «أيّها النّاس : اجتمعوا فاسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكلّ ماهو آت آت ، في هذه آيات محكمات مطر ونبات ، وآباء وأمّهات ، وذاهب وآت ، ونجوم تمور ، وبحور لاتغور ، وسقف مرفوع ، ومهاد موضوع ، وليل داج ، وسماء ذات أبراج»(1).

وهو القائل :

«يا معشر إياد ، أين ثمود وعاد ، وأين الآباء والأجداد ، أين المعروف الذي لم يُشكر ، والظلم الذي لم ينكر ، أقْسَمَ قُسٌ قسماً بالله ، إنّ الله لدينا هو أرضى له من دينكم هذا»(2) ومن السجع «قول هند بنت الخُسّ (الزرقاء) قيل لها أي الرجال أحبّ اليك؟

قالت : القريب الأمَد ، الواسع البلَد(3) ، الذي يُوفَد اليه ولا يَفِد»(4).

ومن السجع «قول جُمعة بنت حابس ، قيل لها أيّ الرجال أحبّ اليك؟

قالت : الشنِق الكتَد(5) ، الظاهر الجلد ، الشديد الجذب بالمسَدِ»(6).6.

ص: 75


1- البيان والتبيين 2 / 253.
2- البيان والتبيين 2 / 254.
3- البلد : الدار.
4- البيان والتبيين 2 / 256.
5- الشنق : الطويل ، الكتد : أعلى الكتف.
6- البيان والتبيين 2 / 256.

ومن السجع قوله : «إنّ الأعمار تفنى ، والأجسام تبلى ، والأيّام تطوى ، والليل والنهار يتطاردان تطارد البريد ، يقرّبان كلّ بعيد ، ويخلقان كلّ جديد .. الخ»(1).

وقوله عليه السلام : «افشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلّوا بالليل والنّاس نيام»(2).

وهكذا لو تصفّحت خطب الصحابة وخطب أبي بكر وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وغيرهم لوجدت الكثير من ذلك السجع والتنميق ويجدر بالمعترض أن يقرأ قبل أن يدلي بشكوكه ولبنات أفكاره الواهية ، عليه أن يقرأ : البيان والتبيين للجاحظ ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ، والعقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي ، وجمهرة خطب العرب ، ففي تلك المصادر ما يشفي الغليل وبها يصحو العليل فما أكثر النصوص ، وما أكثر السجع والمقابلة فيها ، فهي جميعاً من مختارات بلغاء العرب وخطبائهم في الجاهلية وصدر الإسلام.

أمّا الشكّ العاشر : وهو أنّ النهج اشتمل على صيغ فلسفية وكلامية وعلوم لم تعرف إلاّ بعد زمن الإمام عليه السلام ... والردّ عليه بإمور :

أوّلا : إنّ في القرآن مئات الآيات تؤكّد على فكرة التوحيد ، وتحثّ النّاس على التدبّر في تلك الآيات والإمعان فيها :

قال تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ 7.

ص: 76


1- البيان والتبيين 2 / 256.
2- المجموع للنووي 4 / 593 ، بدائع الصنائع 5 / 101 ، المحاسن 2 / 387.

تُبْصِرُونَ)(1) ، وقال تعالى : (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)(2) ، وقال تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا)(3) ، وآيات التدبّر كثيرة.

هذه الدعوة إلى التدبّر تسوقنا إلى أنّ المسلمين الأوائل هم الذين فتحوا باب الجدل وعلم الكلام والمناظرة وبهذا العلم اهتدى الكثير من النّاس وذلك بسبب الحوار الذي كان يتمّ بين المسلم الداعية وبين المشركين وذوي النحل وأصحاب الأديان ، وهذا أمر قد ألِفه المسلمون في زمن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثانياً : إنّ تعذّر الرؤية ، وكلام الخالق ، ونفي الجسمية ، والاستدلال على وجوده ومطالب عقائدية أخرى كثيرة تطرّق إليها القرآن الكريم في آيات عديدة من ذلك قوله تعالى : (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ..)(4).

وفي نفي الجسمية عنه وأنّه ليس في جهة معينة قوله تعالى : (هُوَ الأَوَّلُ وَالاَْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)(5).

وفي الاستدلال على وجود الخالق قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأَفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ)(6) ، وقوله تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * 3.

ص: 77


1- سورة الذاريات 51 : 20 - 21.
2- سورة الغَاشِيَة 88 : 17.
3- سورة مُحمد 47 : 24.
4- سورة الأنعام 6 : 103.
5- سورة الحديد 57 : 3.
6- سورة فصلت 41 : 53.

وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)(1).

وفي نفي الشريك يستدلّ القرآن الكريم بقوله تعالى : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا)(2).

هذه الإستدلات القرآنية ليست هي بعيدة عن المسلمين الأوائل ، لذا فهي تشكّل جذور علم الكلام والفلسفة وقد استنطق أمير المؤمنين عليه السلامالقرآن الكريم وكانت خطبه عبارة عن شرح لتلك الدلالات فهو نبع الفصاحة ، وسرّ البلاغة ، وقد عكف على مدارسة القرآن منذ أن هجره القوم وتركوا بيعته.

وفي فضل أمير المؤمنين عليه السلام وسابقته إلى الإسلام وغزارة علمه يقول الحسن البصري حين سئل عن عليٍّ «قال : لم يكن بالنؤمة عن أمر الله ، ولا بالملومة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله ، فاحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، حتّى أورده ذلك رياضاً مونقة وحدائق مغدقة ..»(3).

ثالثاً : تُعدّ الكوفة حاضرة العالم الإسلامي وقتئذ عندما نزلها أمير المؤمنين عليه السلام ونقل عاصمة خلافته إليها.

والكوفة ليست كالحجاز والشام ومصر ، بل هي قبلة العلماء ، ومرجع الأدباء والفلاسفة والمتكلّمين ، ومهبط الأفكار والعلوم ، إذ نزلها الفرس ، والسريانيّون والكلدانيّون ، وفيها راجت الديصانية والزندقة والأفكار الهندية واليونانية .. ة.

ص: 78


1- سورة الذاريات 51 : 20 - 21.
2- سورة الانبياء 21 : 22.
3- انظر : البيان والتبيين للجاحظ 2 / 88 وهامش الصفحة.

ولمّا كانت المذاهب والأفكار لها رواج بين الناس وتأثيرها في العوام أكثر من غيرهم ممّا دفع بالإمام عليه السلام أن يوضّح العقائد ويبيّن ما التبس على أصحاب الأهواء والنحل ، فكانت خطبه في التوحيد على رأس تلك الخطب وذلك تلبية لحاجة المجتمع ، وترسيخاً للعقائد والمفاهيم الإسلامية في النفوس.

إذن يحتّم علينا أن نقول إنّ أمير المؤمنين عليه السلام هو الذي فتق علم التوحيد ، وهو الذي عالج قضاياه على ضوء القرآن الكريم ، وهو الذي علّم تلامذته أن يسلكوا هذا النهج مع الخصوم من الملاحدة ، والزنادقة ، وأهل البدع ، وأرباب الفلسفة ، وبالتالي أنّ له السبق ممّن نطق بهذه الفنون ، وأنّ علم التوحيد برز على يد الإمام قبل أن يخلق عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء.

أمّا الشكّ الحادي عشر : ادّعى البعض أنّ أهل اللغة والأدب لم يستشهدوا ب- : نهج البلاغة.

أقول :

ليت شعري لو تصفّح هذا المدّعي كتب الأوائل من مؤرّخين وأدباء وعلماء لوجد النصوص مبثوثة هنا وهناك وقد أسلفنا في الصفحات المتقدّمة أنّ بعض علماء اللغة والأدب نقل لنا العديد من نصوص أمير المؤمنين عليه السلام وكلامه في شتّى المواضيع والمناسبات ، فهذا أبو عمرو الجاحظ ذكر جملة من خطب أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه البيان والتبيين ، وهذا ابن عبد ربّه الأندلسي ذكر في كتابه العقد الفريد جملة من خطب الإمام عليه السلام ، و ... ويطول المقام لو أردنا أن نسرد أسماء الكتب التي نقلت

ص: 79

لنا كلام سيّد البلغاء وإمام الفصّحاء أمير اللغة والبيان ؛ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وستعرف من بحثنا الآتي أنّ الخوارج ؛ ومنهم الأباضية ، كانوا يحفظون خطب أمير المؤمنين ؛ وأنّ خطباء دولتهم الرستمية كانوا يعيدون ما حفظوه من خطب الإمام عليٍّ في الجُمع والأعياد.

أمّا الشكّ الثاني عشر : قول القائل : إنّ بعض رسائل نهج البلاغة اتسمت بالإسهاب والتطويل أو التفصيل ولمّا كان الورق متعذّراً في عهد الإمام فمن البعيد أن يصدر منه عهده للأشتر.

أقول :

إنّ هذا الاعتراض والشكّ هو أوهن من خيط العنكبوت وذلك أنّ صناعة الورق (القرطاس) كانت قديمة جدّاً إذْ عرفها الصينيّون قبل الإسلام.

فمنذ مطلع القرون الميلادية استعمل الصينيّون الورق المصنوع من الأقمشة البالية ، وحلّ الحبر محلّ الدهان كوسيلة للكتابة بين سنتي 220 - 265(1) ثمّ إنّ مصر كانت مركزاً رئيسيّاً لصناعة الورق في ذلك الحين ومنذ زمن الفراعنة ، فهل يعجز الإمام عليه السلام أن يستورد منها هذه المادّة وأنّ الحاكم عليها وواليها من قبل أمير المؤمنين عليه السلام هو محمد بن أبي بكر؟!

ثمّ لا تنسى أنّ التجارة بين المدن والأمصار قد اتسعت كثيراً في الدولة الإسلامية ، وإذا كان المسلمون في عوز وفقر ، فذلك في بدء الدعوة وعلى عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فحسب. 5.

ص: 80


1- موجز تاريخ الحضارة 1 / 355.

وأخيرا نقول :

إذا لم يكن هناك قرطاس يكتب عليه ففي الجلود ما فيه الكفاية حيث كان المسلمون يكتبون عليه بعد صقله ودلكه ، وهذه الجلود المعدّة لهذه الغاية كانت موفورة بلا أدنى شكّ.

أمّا الشكّ الثالث عشر : ادّعى البعض أنّ هناك عدّة خطب في النهج تُعزى لأشخاص غير الإمام عليه السلام من ذلك الخطبة التي أوّلها :

«أيّها الناس إنّنا قد أصبحنا في زمن عنود ودهر كنود» فقيل إنّها تنسب إلى معاوية(1) ، وكالخطبة التي أوّلها : «إنّ الدنيا حلوة خضرة ..» فقد نسبها الجاحظ إلى قطري بن الفجاءة الخارجي(2).

أقول :

هذه الدعوى مخدوشة من عدّة جوانب :

أوّلاً : إنّ بلاغة أمير المؤمنين عليه السلام متميّزة بالصورة الجمالية من استعارات وكنايات وتمثيل وتشبيه ، وإنّك تجد جميع كلام أمير المؤمنين عليه السلام في النهج على وتيرة واحدة.

ثانياً : لو وضعت تلك النصوص التي زعم البعض أنّها منسوبة أما إلى معاوية أو إلى قطري بن الفجاءة وقارنوا بينها وبين كلام أولئك وأشعارهم لوجدوا البون الشاسع بحيث يأبى الذوق - ناهيك عمّن هو متخصّص في بلاغة الأدب والأدباء - أن يضع هذه النصوص في حقل كلام أولئك النفر.

ثالثاً : إنّ سيرة حكّام بني أميّة حرصت كلّ الحرص أن لا يتكلّم 9.

ص: 81


1- صرّح به الجاحظ في البيان والتبيين 2 / 39.
2- البيان والتبيين 2 / 39.

الناس بفضائل عليٍّ عليه السلام وأهل بيته الكرام إذ كمّوا الأفواه ، وعاقبوا كلّ من يذكر من سيرة عليٍّ وأبنائه الأطهار ، وفي مقابل ذلك نسبوا الكثير من الفضائل إلى معاوية وابنه يزيد وعمرو بن العاص وسائر حكّام بني أميّة ، فهم الذين افتعلوا الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة ونسبوا لهم الكرامات والمعاجز والمناقب ...

فليس بِدعاً من بني أميّة وهم السرّاق للمال والغاصبين للخلافة أن يسرقوا تراث وكلام أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ يلوكوه بألسنتهم ويلفظوه ثانية على العوامّ من أهل الشام ، فكم لهم من سطوة على خطب الإمام عليه السلاموكلماته؟!

انظر إلى نقد الجاحظ عندما تناول خطبة لمعاوية لمّا حضرته الوفاة.

قال : «إنّ هذا الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية ، ومنها أنّ هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعمّا هو عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام عليٍّ عليه السلام وبمعانيه بحاله منه بحال معاوية ... إلى أن يقول : والله أعلم بأصحاب الأخبار وبكثير منه»(1).

وممّا نسوقه دليلاً في الردّ على المعترض ، ما جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد وهو يقارن خطبة الإمام عليه السلام في الجهاد بخطبة ابن نباتة المتوفّى سنة 374 ه.

فيقول : «واعلم أنّ التحريض على الجهاد والحضّ عليه قد قال فيه النّاس فأكثروا وكلّهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين عليه السلام فانظر إليها - إلى 9.

ص: 82


1- البيان والتبيين 2 / 39.

خطبة ابن نباتة - وإلى خطبته عليه السلام بعين الإنصاف تجدها بالنسبة إليه كمخنّث بالنسبة إلى الفحل أو كسيف من رصاص بالإضافة إلى سيف من حديد .. إذا تأمّله الخبير عرفه ، ومع هذا فهي مسروقة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، ثمّ يقول ابن أبي الحديد : وأمّا باقي خطبة ابن نباتة فمسروق من خطب لأمير المؤمنين عليه السلام واعلم أنّي أضرب لك مثلاً تتخذه دستوراً في كلام أمير المؤمنين عليه السلام وكلام الكتّاب والخطباء بعده كابن نباتة والصابي وغيرهما.

وبعد هذا بصفحتين يقول ابن أبي الحديد : فلينظر الناظر في هذا الكلام ؛ كلام ابن نباتة وكلام الإمام عليٍّ عليه السلام فإنّه وإن كان قد أخذ من صناعة البديع بنصيب إلاّ أنّه في حضيض الأرض ، وكلام أمير المؤمنين عليه السلام في أوج السماء ، ومثله بالقياس إلى كلام أمير المؤمنين عليه السلامكدار مبنية من اللبن والطين ، ومموّهة الجدران بالنقوش والتصاوير مزخرفة بالذهب من فوق الجصّ والإسفيداج(1) بالقياس إلى دار مبنية بالصخر الأصمّ الصلد المسبوك بينه عمد الرصاص والنحاس المذاب ، وهي مكشوفة غير مموّهة ولا مزخرفة ، فإنّ بين هاتين الدارين بوناً شاسعاً»(2).

ومن المفارقات العجيبة أنّ أحمد أمين ينكر نسبة النهج لأمير المؤمنين عليه السلام لكنّه يقع في مزلق كبير فيه افتضاحه وتعرّيه قال في معرض كلامه على البصائر والذخائر ما يؤكّد شيوع نهج البلاغة بين النّاس وأنّ الاقتباس من الإمام عليٍّ عليه السلام أمر يشهد له الجميع ثمّ صرّح بأنّ السرقة الأدبية من كلام الإمام عليه السلام كانت تجري على قدم وساق دونما رادع ، وفي 4.

ص: 83


1- الاسفيداج - رماد الرصاص.
2- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - 2 / 82 و 84.

معرض حديثه وتعليقه على كلام أبي حيّان التوحيدي الذي كان في صدد المروي من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام القصار من نهج البلاغة والقول المنسوب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «لا مال أعود من العقل» ، قال أحمد أمين : «ليس هذا من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّما هو من كتاب نهج البلاغة»(1).

لم يقل من كلام أمير المؤمنين عليه السلام لكونه يتورّع من أن ينسب هذا الكلام إليه من جهة ، ومن جهة أخرى كان يتصوّر أنّ التوحيدي متأخّر على الشريف الرضي وفي عمله هذا مراده الطعن بعمل الشريف الرضي وتزييفه ، لكن غابت عن ذاكرته أنّ التوحيدي توفّي سنة 380 ه- ، أي قبل صدور نهج البلاغة بعشرين عاماً.

فكم من مفتر أثيم قد فضحه الله على فلتات لسانه؟!

أضف إلى كلّ هذا وذاك فإنّ الكلمات التي رواها التوحيدي ذكرها ابن عبد ربّه الأندلسي المرواني المتوفّى سنة 328 ه- ، في كتابه العقد الفريد ، المجلّد الثاني ص 252.

علماً أنّ أحمد أمين هو أحد المشرفين على طبع هذا الكتاب - العقد الفريد - والمكلّفين بتصحيحه وتحقيقه.

ولا يبعد بك المقام في كلّ ما تقدّم عن الخوارج فقد كانوا يحفظون خطب الإمام عليٍّ عليه السلام ويعيدونها على منابرهم في الجُمع والأعياد.

يقول الأستاذ الشيخ محمد علي دبوز أستاذ الأدب العربي في معهد الحياة في الجزائر ؛ وهو من معتدلي الأباضية ؛ في كتابه تاريخ المغرب8.

ص: 84


1- فجر الإسلام : 148.

الكبير : «قال ابن الصغير : كان الأباضية في الدولة الرستمية(1) لا يمنعون أحداً من الصلاة في مساجدهم ولا يكشفون على حاله ولو رأوه رافعاً يديه.

وكانت خطبهم على منابرهم هي خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لحبّ الأباضية للإمام عليٍّ رضي الله عنه وإجلالهم لمقامه وإعجابهم ببلاغته وفصاحته.

إنّ إيثار الأباضية في الدولة الرستمية لخطب الإمام عليٍّ رضي الله عنه يدلّ على حبّهم له وعلى الرقيّ الذي كانت عليه الدولة في الفهم والذوق الأدبي وعلى تمكّن الجماهير في العربية.

إنّ خطب الإمام عليٍّ عليه السلام التي كانت تجلجل في منابر تيهرت(2) دليل على المستوى الثقافي الرفيع الذي كانت عليه الجماهير وعلى تمكّن الدولة الرستمية في العربية الفصحى وانتشارها في كلّ طبقاتها»(3).

أمّا الشكّ الرابع عشر : ادّعى البعض أنّ في النهج وصف دقيق للحياة الاجتماعية من جهة ، وطعن على الولاة والقضاة من جهة أخرى ...

أمّا الطعن على الولاة فهذا ما تقدّم ذكره في جواب الشكّ الثالث ، ه.

ص: 85


1- الدولة الرستمية من دول الأباضية في المغرب العربي تأسّست عام 144 ه- وتلاشت سنة 296 ه.
2- تيهرت عاصمة الدولة الرستمية آنذاك.
3- تاريخ المغرب الكبير 3 / 588. أقول : لا يخفى أنّ كلمة الجماهير التي كرّرها المصنّف إنّما تعني أصحابه الأباضية. ثمّ إنّ الخوارج كما هو معروف يبغضون الامام عليه السلامأشدّ البغض ، وربّما كان المصنّف من معتدلي الاباضية فذكر الإمام عليه السلاموترضّى عليه.

فليراجع.

وأمّا الوصف الدقيق للحياة الاجتماعية فهذا ممّا لا يختلف عليه اثنان ، وحقّاً ينبغي أن تكون خطب الإمام عليه السلام كذلك لأنّه يمثّل رأس الهرم المشرف على كلّ طبقات المجتمع وأحواله وتصرّفاته ، وأنّ عصر الإمام عليه السلام يختلف كثيراً عن العقد الثلاثة التي سبقت ، فالأموال التي تقاطرت على المسلمين من شرق البلاد وغربها ، وحياة الترف وما أصابه المسلمون من النعيم لم يكن له سابق مثيل.

ولمّا كان أمير المؤمنين عليه السلام المسؤول عن رعيّته فهو تارة يصفهم ويصف حياتهم وما فيها من ترف وبذخ ، وتارة يقودهم إلى الورع والتقوى والاستقامة بتوجيههم الوجهة الصحيحة وعليه فما هو الضير إذا جاءت خطبه عليه السلام تصف حياة الناس بشكل محسوس دقيق؟!

أمّا الشكّ الخامس عشر : ادّعى الكيلاني أنّ في نهج البلاغة خطباً طال في صدرها الحمد وأنّ هذه عادة لم تعرف إلاّ في العصر العبّاسي ؛ في خطب الجمع والأعياد.

لو كان المعترض يجنح إلى البحث العلمي لأراح نفسه واستراح من كلّ هذا الوهن الذي سطّره في كتابه أثر التشيّع في الأدب العربي ولكن أبت نفسه إلاّ أن يطعن حتّى بالبديهيّات الواضحات.

أقول :

إنّ الحمد وتكراره في خطب الإمام لم يكن بدعاً منه عليه السلام بل سبقه إلى هذا الأسلوب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روى البخاري في صحيحه : «أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول : اللّهم لك الحمد ، أنت قيّم السماوات

ص: 86

والأرض ومن فيهنّ ، ولك الحمد ، لك ملك السماوات والأرض ومن فيهنّ ، ولك الحمد نور السماوات والأرض ، ولك الحمد ، أنت الحقّ ، ووعدك الصدق ، ولقاؤك حقّ ..» الخ كلامه الشريف(1) وأمثال هذا الحمد وما فيه من تكرار هو كثير في كلامه عليه السلام.

وهكذا تجد الخلفاء والصحابة يفتتحون كلامهم وخطبهم بالحمد والثناء وربّما تكرّرت كلمات الحمد في الخطبة الواحدة.

قال الجاحظ : «إنّ خطباء السلف الطيّب ، وأهل البيان من التابعين بإحسان ، مازالوا يسمّون الخطبة التي لم يبتديء صاحبها بالتحميد ، ولم يستفتح كلامه بالتمجيد البتراء ويسمّون التي لم توشّح بالقرآن ، وتزيّن بالصلاة على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الشوهاء»(2) «يقول ابن قتيبة : تتبّعت خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجدت أوائل أكثرها الحمد لله نحمده ونستعينه ، ووجدت كلّ خطبة ، مفتاحها الحمد ، إلا خطبة العيد ، فإنّ مفتاحها التكبير»(3).

والعجيب من الگيلاني عندما يذكر مثالاً من خطب أمير المؤمنين عليه السلامثمّ يُشكل على صحّة نسبتها للإمام ، أنّه لم يتحرّ مصادر المثال الذي أورده. ومثاله قول الإمام عليه السلام «الحمد لله كلّما وقب ليل وغسق ..»(4) قد روى هذه الخطبة نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفّين(5) ، والجميع يعلم أنّ نصر بن مزاحم من أقدم مؤرّخي العرب الذين وصلتنا آثارهم. 0.

ص: 87


1- صحيح البخاري 2 / 43.
2- البيان والتبيين 2 / 5.
3- البيان والتبيين 2 / 5.
4- نهج البلاغة 1 / 97.
5- وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : 70.

ثم ما وجه الغرابة والقرآن الكريم بأيدينا إذ تصدّرت عدّة سور بالحمد منها سورة فاتحة الكتاب ، وسورة الكهف .. فما ورد في خطب أمير المؤمنين عليه السلام إنّما هو انسجام مع إسلوب القرآن الكريم وكلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

أمّا الشكّ السادس عشر : من الشكوك الموجّه إلى جمع الشريف الرضي : إنّ هذه الخطب المنقولة في النهج لو كانت صادرة عن الإمام ومن كلماته ، لكانت موجودة قبل تصنيف الشريف الرضي.

وهذا الإشكال ذكره محمد كرد علي في كتابه الإسلام والحضارة العربية(1) نقلا عن كتاب منهاج السنّة لابن تيميّة.

لقد تقدّم بحثنا في الردّ على مَن أورد هذا ، الشكّ وأثبتنا في الصفحات السابقة بطلانه ، كما أوردنا أسماء عدّة مجاميع لخطب أمير المؤمنين عليه السلام عاش مصنّفوها قبل الشريف الرضي بعشرات السنين فراجع.

وخلاصة ما يمكن أن يقال في الإمام عليّ ونهجه ما ذكره لنا الأستاذ محمد أمين النواوي قال : «لقد كان عليّ في خطبه المتدفّقة يمثّل بحراً خضمّاً من العلماء الربّانيّين وأسلوباً جديداً لم يكن إلاّ لسيّد المرسلين ، وطرق بحوثاً من التوحيد لم تكن تخضع في الخطابة إلاّ لمثله ، فهي فلسفة سامية لم يعرفها الناس قبله ، فدانت لبيانه وسلست في منطقه وأدبه ، وخاض في أسرار الكون ، وطبائع الناس ، وتشريح النفوس ، وبيان خصائصها وأصنافها ، وعرض لمداخل الشيطان ومخارجه ، وفتن الدنيا وآفاتها ، في الموت وأحواله ، وفي بدء الخلق ، ووصف الأرض ، وفي شأن 1.

ص: 88


1- الإسلام والحضارة العربية 2 / 61.

السماء وما يعرج فيها من أملاك ، وما يحفّ بها من أفلاك ، كما عرض لملك الموت وأطال في وصفه.

وخطب عليٍّ في السياسة ، وفي شؤون البيعة والعهد والوفاء ، واختيار الأحقّ وما أحاط بذلك من ظروف ، كتحكيم صفّين وما تبعه من آثار سيّئة وتفرّق الكلمة.

ولم يفته أن ينوّه في خطبه بأنصار الحقّ ، وأعوان الخير ، والدعاة إلى الجهاد ، وفيها محاجّة للخوارج ونصحه لهم ولأمثالهم بإتّباع الحقّ وغير ذلك ممّا يكفي فيه ضرب المثل ، ولفت النظر.

غير أنّ ناحية عجيبة امتاز بها الإمام ، هي ما اختصّ بها الصفوة من الأنبياء ومَن على شاكلتهم كانت تظهر في بعض تجلّياته ، وأشار إليها في بعض مقاماته ، ولم يسلك فيها سواه إلاّ أن يكون رسول الله صلوات الله عليه.

فقد ذكر كثيراً من مستقبل الأمّة ، وأورد ما يكون لبعض أحزابها كالخوارج وغيرهم ، ومن ذلك وصفه لصاحب الزنج ، وذكر الكثير من أحواله وذلك من غير شكّ لون من الكرامات.

هذا إلا أنّه طرق نواحي من القول كانت من خواصّ الشعر إذ ذاك ولكنّه ضمّنها خطبه فوصف الطب ، وعرض للخفّاش وما فيه من عجائب ، والطاووس وما يحويه من أسرار ، وما في الإنسان من عجائب الخلق ، وآيات المبدع الحقّ وأحيلك في ذلك كلّه على نهج البلاغة.

وهكذا تجد في كلام عليٍّ الدين والسياسة والأدب ، والحكمة ، والوصف العجيب ، والبيان الزاخر.

هذا كتاب عليٍّ إلى شريح القاضي يعظه ، وقد اشترى داراً ويحذّره

ص: 89

من مال المسلمين ، في معان عجيبة ، وأسلوب خلاّب.

وهذا كتابه إلى معاوية يجادله في الأحقّ بالخلافة ، وقتل عثمان في معان لا يحسنها سواه.

وتلك كتبه إلى العاملين على الصدقات يعلّمهم فيها وإجباتهم في جميع ملابساتهم.

وذلك عهده إلى محمد بن أبي بكر حين قلّده مصر. وتلك وصيّته إلى الحسن عند منصرفه من (صفّين) لم يدع فيها معنى تتطلّبه الحياة لمثله إلا وجّهه فيها أسمى توجيه ، في فلسفة خصيبة ، وحكم رائعة مفيدة ، وكلّ تلك النواحي والأغراض في معان سامية مبسّطة ، يعلو بها العلم الربّاني الغزير ، والروح السامية الرفيعة ، وتدنو بها تلك القوّة الجبّارة على امتلاك أزمّة القول ، كأنّما نثل كنانته بين يديه فوضع لكلّ معنىً لفظة في أدقِّ استعمال.

ولقد يضيق بي القول فأقف حائراً عاجزاً عن شرح ما يجول بنفسي من تقدير تلك المعاني السامية فيسعدني تصوير الإمام - محمد عبده - له وهو يقدّم نهج البلاغة : «فكان يخيّل إليّ في كلّ مقام أنّ حروباً شبّت ، وغارات شنّت ، وأنّ للبلاغة دولة وللفصاحة صولة ...»(1).

أما الأسلوب فيتجلى لك بما يأتي :

1 - الثروة من الألفاظ العربية في مفردها وجمعها ، ومذكرها ومؤنّثها ، وحقيقتها ومجازها.

2 - المجازات والكنايات في معرض أنيق ، وقالب بديع. ة.

ص: 90


1- مقدمة نهج البلاغة.

3 - الإيجاز الدقيق مع الإطناب في مقامه ، وظهر ذلك في فقره ، وسجعاته الفريدة ، التي يجمل بكلّ أديب أن يحفظ الكثير منها ليكون بيانه التكوين العربي السليم.

4 - المحسّنات البديعيّة في نمط ممتاز ، من جناس إلى طباق وترصيع وإلى قلب وعكس ، تزدان بجمالها البلاغة ويكمل بها حسن الموقع.

5 - الجرس والموسيقى ، وجمال الإيقاع ممّا يدركه أهل الذوق الفنّي.

ويحسن قبل الختام أن أشير إلى ما نوّه به صاحب الطراز الإمام يحيى اليمني ، فقد تكرّر ذلك في عدّة مناسبات وأوّلها تمثيله للبلاغة في أوّل كتابه ، قال : «فمن معين كلامه ارتوى كلّ مصقع خطيب ، وعلى منواله نسج كلّ واعظ بليغ ، إذ كان عليه السلام مشرع البلاغة ، وموردها ، ومحط البلاغة ومولدها وهيدب مزنها الساكب ومتفجر ودقها الهاطل»(1).

وعن هذا قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض كلامه : «نحن أمراء الكلام ، وفينا تشبّثت عروقه ، وعلينا تهدّلت أغصانه»(2) ، ثمّ أورد مثالاً من أوّل خطبة في نهج البلاغة وقال : «العجب من علماء البيان والجماهير من حذّاق المعاني كيف أعرضوا عن كلامه وهو الغاية التي لا مرتبة فوقها ، ومنتهى كلّ مقصد في جميع ما يطلبونه ، من المجازات والتمثيل 1.

ص: 91


1- الهيدب من السحاب : المتدلّي الذي يدنو من الأرض ، وتراه كأنّه خيوط عند انصباب المطر. والودق : المطر. قال تعالى : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ) سورة الروم 30 : 48.
2- نهج البلاغة : خطبة 231.

والكنايات؟»(1).

وقد أُثر عن فارس البلاغة وأمير البيان الجاحظ أنّه قال : «ما قرع سمعي كلام بعد كلام الله ، وكلام رسوله إلاّ عارضتة إلاّ كلمات لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) فما قدرت على معارضتها وهي مثل قوله : (ما هلك امرؤ عرف قدره) و (استغن عمّن شئت تكن نظيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره»(2).م.

ص: 92


1- كتاب الطراز ، وجولات إسلامية : 99 - 104.
2- الكلمات القصار من الحكم والمواعظ لأمير الؤمنين عليه السلام.

مصادر البحث

1 - القرآن الكريم.

2 - أثر التشيّع في الأدب العربي ، لمحمد سيّد الجيلاني ، طبعة القاهرة ، 1945 م.

3 - الإحتجاج ، للشيخ الطبرسي (المتوفى بعد سنة 588 ه) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان ، 1983 م.

4 - الأخبار الطوال ، لأبي حنيفة الدينوري (ت 290 ه) ، تحقيق : عبد المنعم عامر والدكتور جمال الدين الشيّال ، القاهرة ، مصر 1960 م.

5 - أخبار شعراء الشيعة ، للمرزباني أبو عبيد الله محمد بن عمران (ت 385 ه) ، 1965 م.

6 - الأربعون حديثاً ، لمنتجب الدين ابن بابويه ، علي بن عبيد الله من أعلام القرن السادس الهجري ، مطبعة امير ، قم ، ايران 1408 ه.

7 - إرشاد القلوب ، للديلمي ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران 1398 ه.

8 - الإرشاد ، للشيخ المفيد (ت 413 ه) ، المكتبة العلمية ، طهران ، إيران.

9 - الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر أحمد بن علي (ت 852 ه) ، المطبعة الشرقية ، مصر.

10 - أضواء على السنّة المحمدية ، لمحمود ابوريّة ، دار الكتاب الإسلامي ، بيروت ، لبنان 1985 م ، وطبعة مصر.

11 - الإقتصاد الهادي إلى طريقة الرشاد ، للشيخ الطوسي ، مطبعة خيّام ، قم ، إيران 1400 ه.

12 - إعانة الطالبين ، للبكري : عثمان بن محمد الدمياطي (ت 1302 ه) ، مصر ، 1307 ه- ، والحاشية طبعة بيروت ، دار الفكر.

13 - الامامة والسياسة ، لابن قتيبة : محمد بن عبد الله بن مسلم الدينوري (ت 276) ، ط مصطفى البابي الحلبي 1969 م وطبعة الشريف الرضي ، قم ، ايران.

14 - أمالي الطوسي ، لمحمد بن الحسن (ت 460 ه) ، مؤسّسة البعثة ، ط1 ،

ص: 93

قم.

15 - الأوائل ، لأبي هلال العسكري (ت 395 ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1987 م.

16 - البحار ، للعلاّمة المجلسي (ت 1111 ه) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، لبنان 1983 م.

17 - البيان والتبيين ، للجاحظ ، تحقيق عبد السلام هارون ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

18 - تاريخ آداب اللغة العربي ، لجرجي زيدان ، دار الهلال ، بيروت ، لبنان 1957 م.

19 - تاريخ الأدب العربي ، لشوقي ضيف ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر ، 1996 م.

20 - تاريخ الطبري ، لمحمد بن جرير (ت 310 ه) ، طبعة قم وطبعة إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

21 - تاريخ المغرب الكبير ، للشيخ محمد علي دبوز ، دار إحياء الكتب العربية ، بيروت ، لبنان ، 1963 م.

22 - تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي الحنفي (ت 654 ه) ، طبعة قم ، إيران وطبعة مؤسسة أهل البيت عليهم السلام ، بيروت ، لبنان 1981 م.

23 - تلخيص التحبير ، لابن حجر العسقلاني (ت 852 ه) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان 1986 م.

24 - تقريب المعارف ، لأبي صلاح الحلبي (ت 447 ه) ، قم ، إيران 1404 ه.

25 - تهذيب التهذيب ، لابن حجر العسقلاني (ت 582 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

26 - تنوير الحوالك على شرح موطأ مالك ، للسيوطي جلال الدين عبد الرحمن ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

27 - جامع البيان ، لابن جرير الطبري (ت 310 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان 1415 ه.

ص: 94

28 - الجامع الصحيح ، للترمذي محمد بن عيسى (ت 279 ه) ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

29 - الجمع بين الصحيحين ، مصوّرة مكتبة الإمام الحكيم العامّة رقم 123 ، النجف ، عراق.

30 - جولات اسلامية ، لمحمد أمين النواوي.

31 - الخصال ، للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، جامعة المدرسين ، قم ، إيران 1403 ه- ، ومؤسسة الاعلمي بيروت ، لبنان 1410 ه.

32 - الدرجات الرفيعة ، للسيّد علي خان ، المتوفّى 1121 ه- ، مكتبة بصيرتي ، قم ، إيران.

33 - الدعوات ، لقطب الدين الراوندي : سعيد بن هبة الله (ت 573 ه) ، دار المرتضى ، بيروت ، لبنان 1987 م.

34 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، لآغا بزرك الطهراني (ت 1970 ه) ، طبعة الغري ، النجف ، العراق 1936 م.

35 - سفينة البحار ، لعباس القمّي ، دار الأُسوة ، قم ، إيران 1422 ه.

36 - سنن ابن ماجة ، لأبي عبد الله محمد بن يزيد (ت 275 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

37 - سنن النسائي ، لأحمد بن شعيب (ت 303 ه) ، ط 1 ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

38 - الشافي ، للمرتضى علم الهدى (ت 436 ه) ، مؤسّسة الصادق ، طهران ، إيران.

39 - شجرة طوبى ، لمحمد مهدي الحائري ، المكتبة الحيدرية ، النجف ، عراق.

40 - شرح مائة كلمة ، لابن ميثم البحراني (ت 679 ه) ، جامعة المدرّسين ، قم ، إيران.

41 - شرح النهج ، لابن أبي الحديد ، تحقيق : محمد أبو الفضل ، طبعة بيروت في أربع مجلّدات وطبعة جديدة ، دار إحياء الكتب العربية ، بيروت ، لبنان 1965 م.

ص: 95

42 - شرح نهج البلاغة ، لابن ميثم البحراني ، (ت 679 ه) ، جامعة المدرسين ، قم ، إيران. دفتر تبليغات اسلامي ، ط1.

43 - صحيح البخاري ، لمحمد بن إسماعيل (ت 256 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

44 - صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت 261 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

45 - الصراط المستقيم ، للبياضي : علي بن يونس العاملي (ت 877 ه) ، المكتبة المرتضوية لاحياء التراث.

46 - الطبقات الكبرى ، لابن سعد (ت 30 ه) ، طبعة بيروت ، وليدن.

47 - الطراز ، يحيى بن حمزة العلوي اليمني ، مؤسسة نصر ، طهران ، إيران.

48 - العقد الفريد ، لابن عبد ربّه الاندلسي المالكي (ت 328 ه) ، المطبعة الأزهرية ، القاهرة ، مصر 1321 ه.

49 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق : محمد بن علي (ت 381 ه) ، ط 2 ، قم ، إيران.

50 - الغارات ، لإبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي (ت 283 ه) ، مطبعة بهمن ، قم ، إيران.

51 - الفتنة وواقعة الجمل ، أحمد راتب بمرموش ، دار النفائس ، بيروت ، لبنان 1972 م.

52 - الفتوح ، لأبي الحسن علي بن الحسين الهاشمي المدائني.

53 - الفتوح ، لأبي محمد أحمد بن أعثم الكوفي (ت 314 ه) ، حيدرآباد ، الهند 1388 ه.

54 - فجر الإسلام ، لأحمد أمين ، ط 8 ، القاهرة ، مصر.

55 - فرائد السمطين ، للحافظ شيخ الإسلام إبراهيم الجويني الشافعي (ت 730 ه) ، مؤسسة المحمودي ، بيروت ، لبنان 1978 م.

56 - الفصول المهمّة ، للسيّد شرف الدين (ت 1377 ه) ، ط 7 ، دار الزهراء ، بيروت ، لبنان.

ص: 96

57 - فقه السنّة ، للسيّد سابق ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان 1987 م.

58 - الفنّ ومذاهبه في النثر العربي ، لشوقي ضيف ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، مصر 1946 م وطبعة اُخرى 1955 م.

59 - فهرست ابن النديم ، لمحمد بن إسحاق (ت 377 ه) ، تحقيق : رضا نجدوي ، ط 3 ، طهران ، إيران.

60 - فهرست الطوسي ، للشيخ الطوسي : محمد بن الحسن (ت 460 ه) ، منشورات الرضي ، قم ، إيران.

61 - الفوائد الرجالية ، للسيّد بحر العلوم ، مطبعة آفتاب طهران ، إيران ، 1363 ش.

62 - الكامل للمبرّد ، لأبي العبّاس عمر بن يزيد البصري (ت 285 ه) ، دار العهد الجديد ، القاهرة ، مصر.

63 - كتاب الأموال ، لأبي عبيدة القاسم بن سلام (ت 224 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان 1988 م.

64 - كشف اللثام ، للفاضل الهندي بهاء الدين محمد بن الحسن الاصفهاني ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران 1416 ه.

65 - كنز العمال ، للفاضل المتّقي الهندي (ت 975 ه) ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان 1989 م.

66 - الكنى والألقاب ، لعبّاس القمّي ، ط صيدا ، لبنان ، قم ، إيران والنجف ، العراق.

67 - لسان الميزان ، لابن حجر (ت 852 ه) ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان 1390 ه.

68 - مجمع الزوائد ، للهيثمي (ت 807 ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان 1408 ه.

69 - مجمع الفائدة ، للمحقّق الأردبيلي (ت 993 ه) ، جامعة المدرّسين ، قم ، إيران.

70 - المجموع ، لمحيي الدين النووي (ت 676 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

71 - المحلّى ، لابن حزم (ت 456 ه) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

ص: 97

72 - محمد المثل الكامل ، للاستاد محمد جاد المولى بك ، دار الكتب المصرية ، القاهرة 1931 م.

73 - مدارك الأحكام ، للعاملي : محمد بن علي (ت 1009 ه) ، طبعة حجرية 1268 ه.

74 - مرآة الجنان ، لليافعي عبد الله بن سعد اليمني المكّي (ت 768 ه) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان 1970 م.

75 - المراجعات ، لشرف الدين عبد الحسين (ت 1377 ه) ، ط بيروت وطبعات اُخرى.

76 - مروج الذهب ، للمسعودي : عليّ بن الحسين (ت 333 ه) ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط 1 ، القاهرة ، مصر.

77 - المستدرك ، للحاكم النيسابوري (ت 405 ه) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.

78 - المسند ، لأحمد بن حنبل (ت 241 ه) ، دار صادر ، بيروت ، لبنان.

79 - مشاكلة الناس لزمانهم ، لابن واضح أحمد بن إسحاق اليعقوبي المؤرخ ، تحقيق وليم مِلوَرد ، دار الكتاب الجديد ، بيروت ، لبنان 1980 م.

80 - المناظرات في الإمامة ، لعبد الله بن الحسن ، ط 1 ، أنوار الهدى ، قم ، إيران 1415 ه.

81 - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه) ، المطبعة العلمية ، قم ، إيران.

82 - مناقب الخوارزمي ، لأبي المؤيّد ، ط تبريز ، وطبعة مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران 1414 ه.

83 - منتهى المقال ، لمحمد بن إسماعيل المازندراني (ت 1216 ه) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت ، مطبعة ستارة ، قم ، إيران.

84 - منهاج السنّة ، ابن تيميّة أحمد بن عبد الحليم ، ط مصر وطبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.

85 - ميزان الاعتدال ، للحافظ : شمس الدين الذهبي (ت 748 ه) ، دار

ص: 98

المعرفة ، بيروت.

86 - النثر الفنّي ، للدكتور زكي مبارك ، القاهرة ، مصر 1934 م و 1957 م.

87 - نسمة السحر ، ليوسف بن يحيى الصنعاني (ت 1121 ه) ، دار المؤرّخ العربي بيروت ، لبنان 1999 م.

88 - نظرات في الكتب الخالدة ، لحامد حنفي داود ، ط 1 ، مطبعة النجاح القاهرة ، مصر 1399 ه.

89 - نظم درر السمطين ، محمد بن يوسف الزرندي (ت 747 ه) ، مخزن الاميني ، النجف ، العراق 1958 م.

90 - نهج البلاغة ، تحقيق محمد عبده ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.

91 - نهج السعادة ، لمحمد باقر المحمودي ، دار التعارف ، بيروت ، لبنان 1976 م. وطبعات أخرى 1966 و 1977 م.

92 - الوافي بالوفيات ، للصفدي : صلاح الدين (ت 764 ه) ، تحقيق هلموث ، 1962 م وط 1974 م.

93 - وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان 1982 م.

94 - وضوء النبي عليه السلام ، للسيِّد علي الشهرستاني ، قم ، إيران 1415 ه.

95 - وفيات الأعيان ، لابن خلّكان أحمد بن محمد (ت 681 ه) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران 1364 ه. ش.

96 - وقعة صفّين ، لنصر بن مزاحم المنقري (ت 212 ه) ، تحقيق عبد السلام هارون ، المؤسّسة العربية الحديثة ، القاهرة ، مصر 1382 ه.

97 - ينابيع المودّة ، للقندوزي (ت 1294 ه) ، دار الأسوة ، قم ، إيران 1416 ه.

ص: 99

تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الامامية (2)

السيّد زهير الأعرجي

تعرضنا سابقاً إلى تاريخ النظرية الرجالية ، وتطورها في المدرسة الإمامية ، حتّى زمن الشيخ الطوسي قدس سره ونستأنف البحث ..

الأُصول الرجالية الرئيسية الأربعة :

وهي الكتب الرئيسية التي يعوّل عليها في علم الرجال اليوم ، وهي : اختيار الرجال رجال الكشّي ، ورجال الطوسي (الأبواب) ، وفهرس الطوسي ، ورجال النجاشي.

1 - رجال الكشّي «اختيار معرفة الرجال» :

وهذا الكتاب عبارة عن نسخة منقّحة لكتاب رجال الكشي المعروف ب- : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهم السلام لأبي عمرو محمد بن عمر ابن عبد العزيز الكشّي (ت 328 ه). أملاه الشيخ الطوسي على تلاميذه في المشهد الغروي بالنجف سنة 456 ه(1) ، كما ألمحنا إلى ذلك سابقاً.

ص: 100


1- فرج المهموم: 130.

والكشّي كان من عيون الثقات ، إلاّ أنّه كان يروي عن الضعفاء كثيراً. ولذا قال النجاشي في ترجمته : «محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي أبو عمرو كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العيّاشي وأخذ عنه وتخرج عليه في داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة»(1). وقد كان هذا سبباً رئيسياً في تحمّس الشيخ الطوسي لتصحيحه وتنقيحه من تلك الأخطاء ، لئلاّ يصل إلى الأجيال القادمة بعد الطوسي فتأخذه أخذ المسلمات دون أن يكون لها طريق لتنقيحه. فكان عمله قدس سره يعكس حجم المسؤولية التي كان يحسّ بثقلها من أجل الحفّاظ على الرسالة طاهرة ونقية ، غير ملوّثة بالزيادات والإضافات. وقد استظهر القهبائي (ت بعد سنة 1026 ه) بأنّ أصل كتاب الكشّي (غير المنقّح) كان شاملاً لرجال العامّة والخاصّة ، فاختار منه الشيخ الطوسي قدس سره الخاصّة فقط(2). ولكن ذلك الإستظهار لم يكن دقيقاً. فقد ردّه المحقّق التستري بالقول بأنّ الشيخ الطوسي ذكر فيه جمعاً من العامّة رووا عن أئمّتنا كمحمد بن إسحاق ، ومحمد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، وغيرهم(3).

2 - رجال الطوسي «الأبواب» :

وقد ذكرنا هذا الكتاب في معرض حديثنا عن شخصية الشيخ الطوسي قدس سره وكونه حلقة اتصال بين الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين.7.

ص: 101


1- رجال النجاشي رقم 1018.
2- نقلا عن كلّيات في علم الرجال: 59.
3- قاموس الرجال 1 / 17.

ونضيف هنا إلى أنّ هذا المؤلَّف كان مجرّد سرد عددي لأسماء الرواة عن الأئمّة عليهم السلام ، فلم يذكر في حقّهم شيئاً من الوثاقة أو الضعف ولا الكتاب ولا الرواية. بل كان أقصى ما تمنّاه في الكتاب هو عدّهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى عليهم السلام. وهنا يتبادر سؤال مهمّ وهو : هل ان شيخ الطائفة قدس سره كان عاجزاً عن توثيقهم ، ام إنّه أراد من ذلك التصنيف أمراً آخر؟ والجواب على ذلك أنّ الشيخ الطوسي كان قادراً على بيان حال الرواة الذين ذكرهم من الوثاقة أو الضعف لو سنحت الظروف العلمية والإجتماعية بذلك. كيف لا ، وهو الخبير بأحوال الرجال واستقصاء صدقهم ومنزلتهم العلمية والنقلية. إلاّ أنّ مسلكه في الكتاب كان مجرّد الجمع خوفاً من ضياع ذلك الحدّ الأدنى من أحوال الرواة ، وهو عدّ أسمائهم على الأقلّ.

يقول المحقّق التستري : «أنّ مسلك الشيخ في رجاله يغاير مسلكه في الفهرس ومسلك النجاشي في فهرسه ، حيث إنّه أراد في رجاله استقصاء أصحابهم ومن روى عنهم مؤمناً كان أو منافقاً ، إمامياً كان أو عاميّاً. فعدّ الخلفاء ومعاوية وعمرو بن العاص ونظراءهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وعدّ زياد بن أبيه وابنه عبيد الله بن زياد من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. وعدّ منصور الدوانيقي من أصحاب الصادق عليه السلام بدون ذكر شيء فيهم. فالإستناد إليه ما لم يحرز إمامية رجل غير جائز حتّى في أصحاب غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليه السلام فكيف في أصحابهما؟»(1). وهذا التقريب صحيح ، إلاّ أنّ مسلك الشيخ قدس سره في كتاب الرجال كان مجرّد ترتيب الأفراد حسب عصورهم من أجل إدراك شخصية الراوي وموقعه الزمني في عصر 9.

ص: 102


1- قاموس الرجال 1 / 19.

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو في عصر أحد المعصومين عليهم السلام. وهذا اللون من التصنيف تأسيسي الطابع وذو نكهة علمية لا يمكن إنكارها. وكان كتابه الرجالي الثاني الفهرس خطوة أُخرى على نفس الطريق. قال الشيخ الطوسي في مقدّمة كتابه الرجالي الأبواب : «أمّا بعد : فإنّي قد أُجبتُ إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمّة عليهم السلام من بعده إلى زمن القائم عليه السلام ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة عليهم السلام من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم»(1). وهذه العبارة صريحة في سرد أسماء الرجال دون التدقيق في وثاقتهم أو ضعّفهم على نحو الشمولية والإستيفاء.

ولكن ، ومع التصريح باتباعه ذلك المنهج العلمي ، إلاّ أنّه ذكر جملة ألفاظ في وصف بعض الرجال بعضها يفيد المدح مثل : ثقة ، ثقة ثقة ، ثقة صحيح ، ثقة مأمون ونحوها ؛ وبعضها يفيد الذمّ مثل : ضعيف ، عامّي ، رديّ الأصل ، مخلّط ونحوها. إلاّ أنّ هدفه العامّ لم يكن التوثيق أو التضعيف ، كما ألمحنا إلى ذلك.

3 - «الفهرس» للطوسي :

وهو كتاب يمثّل المرحلة الثانية من مراحل آمال الشيخ الطوسي قدس سرهفي تثبيت أُسس علم الرجال. فقد ذكر فيه اصحاب الكتب والأُصول ، وأنهى إليهم وإليها أسانيده عن مشايخه. وكان هذا الكتاب في غاية الأهمّية لفقهاء الطائفة بعد عصر الطوسي قدس سره لأنّه :

1 - بيّن الطرق إلى نفس تلك الأُصول والكتب. ة.

ص: 103


1- رجال الطوسي: 2 المقدمة.

2 - إنّ الشيخ قدس سره كان ينقل في كتاب التهذيب بعض الروايات من تلك الأُصول والمصنّفات ، إلا أنّه لم يذكر طريقه إليها. فكان الفهرس الدليل الذي يستهدي به الفقيه لمعرفة ذلك الطريق.

ولكن مشكلة التوثيق أو التضعيف لم تكن لتنتهِ عند معرفة حال الرواة بكونهم أصحاب كتب أو اصول. بل إنّ كثيراً من مصنّفي الكتب والأُصول من الأصحاب انتحلوا المذاهب الفاسدة كالفطحية والواقفة والناووسية ونحوها. فهل يضرّ ذلك بالوثاقة أم لا؟ أجاب الشيخ الطوسي قدس سره أنّ فساد المذهب لا يمنع من قبول خبره إذا كان صادقاً محتاطاً في طريقه متحرّجاً في نقل الخبر ، كما يظهر من ترجمة الطاطري ، وبني فضّال ، وعلي بن محمد بن رباح. ولا بدّ أن يكون قد صنّف الكتاب أو الأصل قبل انحرافه كالحسين بن عبيد الله السعدي ، والشلمغاني ، وأبي الخطّاب ، فإنّه يؤخذ بروايته. ومن الواضح أن يكون الكتاب غير مخالف لما عند العصابة من روايات معوّل عليها. بل قد ورد الإذن من الأئمّة عليهم السلام بالأخذ ببعض تلك الكتب والعمل بها ، مع فساد مذاهب أصحابها ككتب بني فضّال ، والشلمغاني لأنّ صدقهم في الحفّاظ على الرواية كان هو الأصل.

بقي أن نقول بأنّ لفظ الفهرست من الأخطاء الشائعة ، والصحيح هو لفظ الفهرس وهو الكتاب الذي تجمع فيه الكتب ، كما ذكر ذلك أغلب علماء اللغة.

4 - «رجال النجاشي» :

وهو من الكتب الرجالية المعتمدة عند الطائفة. ألّفه الشيخ أبو العبّاس

ص: 104

أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي (ت 450 ه). وقد اضطربت الأقوال في زمن كتابته ، فهل كانت قبل كتابة فهرس الشيخ الطوسي أم بعده؟ والظاهر أنّ تأليف هذا الكتاب كان متأخّراً عن تأليف فهرس الشيخ ، كما تؤكّد بعض العوامل التأريخية. وفي ضوء هذا الاستظهار فإنّ النجاشي كان مطّلعاً على فهرس الشيخ. فقد أضاف النجاشي الى اسماء الرجال طرفاً من كناهم ، وألقابهم ، ومنازلهم ، وأنسابهم. وهذا هو الذي ميّز هذا الكتاب عن فهرس الشيخ الطوسي. وبالإضافة إلى تلك الميزة ، فإنّ هناك مؤشّرات تدلّ على دقّة النجاشي ومقدار عمقه في تحليل أحوال الرواة ، منها :

1 - إنّ الشيخ الطوسي لم يذكر في الرجل إلاّ (ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا؟ ... وهل هو موافق للحقّ أم مخالف له؟)(1). بينما أدرج النجاشي (كلّ ما قيل في كلّ رجل منهم من مدح أو ذمّ)(2). وهذه الشمولية التي نلمسها عند النجاشي لم تكن وليدة صدفة ، فقد كان المصنِّف مختصّاً بالأنساب ، فله كتاب أنساب بني نضر بن قعين وأيّامهم وأشعارهم. وعلمي الاّنساب والرجال شقّان لفنٍّ واحد ؛ لكن الأوّل أخذ بعداً اجتماعياً تأريخياً بينما أخذ الثاني بعداً إلزامياً دينياً. وقد كان النجاشي عربياً كوفياً سكن بغداد.

2 - وباعتبار أنّ النجاشي كان من أساتذة هذا الفنّ فقد اعتبر قوله مقدّماً على قول سائر أئمة الرجال في مقام المعارضة في الجرح والتعديل. وإلى ذلك أشار الشهيد الثاني قدس سره في كتاب مسالك الأفهام : «وظاهر حال النجاشي أنّه أضبط الجماعة وأعرفهم بحال ي.

ص: 105


1- الفهرس - الشيخ الطوسي -: 2 المقدمة.
2- لاحظ تفاصيل تراجم الرواة في رجال النجاشي.

الرجال»(1). وفي رجال المحقّق الأسترابادي : «ولا يخفى تخالف ما بين طريقي الشيخ والنجاشي ، ولعلّ النجاشي يكون أثبت»(2). والسيد محمد مهدي بحر العلوم قال في الفوائد الرجالية : «أحد المشايخ الثقات والعدول الاثبات. من أعظم أركان الجرح والتعديل ، وأعلم علماء هذا السبيل. أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه ، واطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه. وبتقديمه صرّح جماعة من الأصحاب نظراً إلى كتابه الذي لا نظير له في هذا الباب»(3).

3 - إنّ رجال النجاشي اختص برجال الشيعة أو من روى عنهم. فهو لا يذكر غير الشيعي إلاّ إذا كان عامّياً روى عنّا ، أو صنّف لنا فيذكره مع التنبيه عليه ، كالمدائني والطبري.

4 - إنّه قدس سره تعرّض لجرح الرواة وتعديلهم غالباً بالإستقلال أو بالإستطراد. ولكنه وثّق بعض الرجال ضمن ترجمة غيرهم ، أو أعرض عن التعرّض بشيء من الوثاقة أو الضعف في حقّ بعض آخر عند ترجمتهم. ولذلك فإنّ الكتاب يحتاج إلى دقّة وتحقق عند الرجوع إليه كمصدر.

وعلى ضوء ما قدّمناه ، فإنّ كتاب رجال النجاشي يعدّ من أهمّ الكتب الرجالية القديمة في المدرسة الإمامية ، وأكثرها شمولية ودقّة في معرفة أحوال الرواة ذاتاً ووصفاً ، قدحاً ومدحاً. ).

ص: 106


1- مسالك الافهام 7 / 467.
2- رجال الاسترابادي: ترجمة (سليمان بن صالح).
3- رجال السيد بحر العلوم: ترجمة (النجاشي).

الأُصول الرجالية الثانوية :

وهي الكتب الرجالية التي تأتي بالمرتبة الثانية بعد المصادر الرئيسية الأربعة التي ذكرت آنفاً. وهي : كتاب الضعفاء لابن الغضائري ، ورجال البرقي ، ورسالة في ترجمة (آل أعين) لأبي غالب الزراري ، ومشيخة الصدوق ، ومشيخة الطوسي في التهذيب والاستبصار.

1 - كتاب «الضعفاء» لابن الغضائري :

وهو كتاب منسوب إلى الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري (ت 411 ه) ، وهو من مشايخ النجاشي (ت 450 ه) والشيخ الطوسي (ت 460 ه). وقد ترجمه شيخ الطائفة بالقول : «إنّي لمّا رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرس كتب الأُصول ، ولم أجد أحداً استوفى ذلك ... إلاّ ما قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمه الله فإنّه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنّفات والأُخر ذكر فيه الأُصول ، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدّر عليه. غير أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا واخترم هو وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه»(1).

وقد اُسدل الستار على الكتاب حوالي قرنين ونصف من الزمان ، وبالتحديد من سنة 411 ولحدّ سنة 644 للهجرة. حيث وجده السيّد ابن طاووس (ت 673 ه) ، وأدرجه موزّعاً ضمن كتابه حلّ الإشكال في معرفة 2.

ص: 107


1- الفهرس - الشيخ الطوسي -: 1 - 2.

الرجال الذي جمع فيه عبارات الكتب الرجالية الرئيسية الأربعة : رجال الطوسي ، وفهرسه ، واختيار الكشّي ، والنجاشي. فكان كتاب الضعفاء خامس الكتب الرجالية المدرجة في كتاب حلّ الإشكال. وقد كان الشكّ يحوم حول صدق نسبة كتاب الضعفاء إلى ابن الغضائري منذ البداية. فقد كان السيّد ابن طاووس صريحاً في عدم نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري. قال في المقدّمة بعد أن ذكر الكتب الرجالية الخمسة التي جمعها : «ولي بالجميع روايات متّصلة عدا كتاب ابن الغضائري»(1). فالسيّد ابن طاووس لم يروه عن راو معيّن ، بل وجده منسوباً إلى ابن الغضائري وصرّح بذلك ، لكنّه لم يكتفِ بذلك التصريح بل وضع ضابطة كلّية في الجرح والتعديل تفيد بأنّ السكون إلى قول المادح مع عدم المعارض راجح. والسكون إلى قول الجارح ولو كان بدون معارض مرجوح(2).

وقد انتقل كتاب حلّ الإشكال من يد إلى يد حتّى وصل إلى حيازة صاحب المعالم (ت 1011 ه) وهو ابن الشهيد الثاني. فاستخرج منه كتابه التحرير الطاووسي. بعدها قام المولى عبد الله التستري (ت 1021 ه) باستخراج عبارات كتاب الضعفاء من تلك النسخة المخرّقة المشرفة على التلف لكتاب التحرير الطاووسي. يقول الشيخ التستري في الإشارة إلى ذلك : «اعلم - أيّدك الله وإيّانا - إنّي لمّا وقفت على كتاب السيِّد المعظّم جمال الدين أحمد بن طاووس في الرجال فرأيته مشتملاً على نقل ما في كتب السلف. وقد كنتُ رزقت بحمد الله النافع من تلك الكتب ، إلاّ كتاب ابن الغضائري ، فإنّي كنت ما سمعتُ له وجوداً في زماننا. وكان كتاب السيّد ة.

ص: 108


1- حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.
2- حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.

هذا بخطّه الشريف مشتملاً عليه فحداني به مع ظنّ الإنتفاع بكتاب ابن الغضائري أن أجعله منفرداً عنه راجياً من الله الجواد ، الوصول إلى سبيل الرشاد»(1). ولم يتردّد المولى عناية الله القهبائي (ت بعد سنة 1026 ه) من إدخال الكتاب في موسوعته الكبيرة مجمع الرجال التي جمعت فيها الكتب الرجالية الخمسة.

وأقلّ ما يقال في الكتاب إنّ طريق السيّد ابن طاووس إليه غير معلوم. وتصريح الشيخ الطوسي باتلافه من قبل ورثته يورث الاطمئنان بأنّ الكتاب لم يعدّ له وجود. وظهوره مرّة أُخرى بعد حوالي قرنين ونصف من الزمان يقوّي ما استظهره الشيخ آغا بزرك (ت 1389 ه) من أنّ الكتاب المزعوم من مفتعلات المناوئين للمذهب ، خصوصاً أنّ فيه ما فيه من هتك حرمة إجلاء الطائفة المشهورين بالعفاف والتقوى والصلاح كأحمد بن مهران وغيرهم واتهامهم بالكذب والضعف إلى حدّ أنّ المحقّق الداماد قال في رواشحه : «قلّ أن يسلم أحد من جرحه أو ينجو ثقة من قدحه»(2).

وثبوت نسبة الكتاب الى ابن الغضائري عند العلاّمة الحلّي (ت 726 ه) اجتهاد منه لا يلزم متأخّري المتأخّرين. خصوصاً وأنّ مبنى العلاّمة قدس سره في الأخذ بالكتاب غير واضح المعالم عدا كونه من تحقيقات ابن طاووس ومتبنّيات ابن داود في رجاله. وحتّى لو تنزّلنا وآمنّا بأنّ كتاب الضعفاء كان لابن الغضائري ، فإنّ تضعيفه وجرحه للرواة والمشايخ كان اجتهاداً منه عند النظر الى روايات الأفراد ولم يكن مستنداً إلى الشهادة والسماع. بل كان رحمه الله يتسرّع ظاهراً باتّهام بعض الرواة بالغلوّ. وقد التفت ن.

ص: 109


1- مجمع الرجال 1 / 10.
2- الرواشح: الراشحة التاسعة والعشرون.

إلى ذلك المحقّق الكلباسي (ت 1356 ه) مستنبطاً أنّ دعوى التسارع في الحكم على بعض الرواة بالغلوّ غير بعيدة ، لأُمور منها : «أنّ الظاهر من كمال الاستقراء في أرجاء عبائره [أي في أرجاء عبارات كتاب ابن الغضائري] ، أنّه كان يرى نقل بعض غرائب الأُمور من الأئمّة عليهم السلام من الغلوّ على حسب مذاق القمّيين. فكان إذا رأى من أحدهم ذكر شيء غير موافق لاعتقاده ، يجزم بأنّه من الغلوّ. فيعتقد بكذبه وافترائه ، فيحكم بضعفه وغلوّه. ولذا يكثر حكمه بهما [أي بالضعف والكذب] في غير محلّهما. ويظهر ذلك ممّا ذكره من أنّه كان غالياً كذّاباً كما في سليمان الديلمي. وفي آخر أنّه ضعيف جدّاً لا يلتفت إليه ، في مذهبه غلوّ ، كما في عبد الرحمن بن أبي حمّاد ؛ فإنّ الظاهر أنّ منشأ تضعيفه ما ذكره من غلوّه. ومثله ما في خلف بن محمد من أنّه كان غالياً ، في مذهبه ضعف ، لا يلتفت إليه ...»(1).

وهذا اللون من التجريح البعيد عن الروح الموضوعية وضع الكتاب أمام المحاكمة العلمية العلنية ، واوجد تيّاراً علمياً مضادّاً ينفي نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري. وكان في قيادة هذا التيّار العلمي الشيخ المحقّق آغا بزرك الطهراني (ت 1389 ه) ، والسيّد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 ه) وغيرهم من الأجلاّء.

2 - رجال البرقي :

وفيه أسماء أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهم السلام إلى الحجّة صاحب الزمان عليه السلام دون التعرّض إلى تعديلهم أو تجريحهم ؛ طبع مع رجال أبي داود. وقد اضطربت الأقوال حول المؤلّف هل هو أحمد بن محمد بن 9.

ص: 110


1- سماء المقال 1 / 19.

خالد البرقي صاحب المحاسن (ت 274 ه) أو من تأليف أبيه؟ الظاهر أنّه من تأليف شخص آخر من نسب البرقي. فهناك قرائن تشهد بأنّه ليس من تأليف صاحب المحاسن ولا من تأليف والده.

منها : إنّه كثيراً ما يعتمد في السند إلى كتاب سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي (ت 301 ه) الذي يروي عن أحمد بن محمد بن خالد (صاحب المحاسن). وهو خلاف المتعارف في الأوساط العلمية ، لأن الأُستاذ لا يروي عن التلميذ. فيكون الكتاب من تأليف مصنّف آخر غير صاحب المحاسن.

ومنها : عند ترجمته لأحمد (بن أبي عبد الله) بن محمد بن خالد البرقي لم يذكر أنّه مصنّف الكتاب كما هو المعمول به ذلك العصر. وقد ترجم النجاشي والشيخ لنفسيهما في فهرسيهما وذكرا بأنّهما مصنّفا كتابيهما ، وكذلك فعل العلاّمة وابن داود.

ومنها : إنّه لو كان من تأليف أحمد بن محمد بن خالد ، لشهد عند ترجمة محمد بن خالد أنّه والده ، ولكنّه لم يفعل ذلك.

فيتبيّن أنّ كتاب رجال البرقي ليس من تأليف صاحب المحاسن ولا من تأليف أبيه. وقد استقرب المحقّق التستري أن يكون من تصنيف (أحمد بن عبد الله بن أحمد البرقي) وهو الذي يروي عنه الصدوق(1). وهو أقرب إلى الواقع.

3 - ترجمة (آل أعين) لأبي غالب الزراري :

وهي رسالة ذات قيمة علمية ، كتبت خصّيصاً في ترجمة نسب (آل 5.

ص: 111


1- قاموس الرجال 1 / 45.

أعين) المعروفين برواية الحديث وطلب العلم. كتبها الشيخ أبو غالب (ت 368 ه) إلى ابنه محمد بن عبد الله بن أبي غالب ، وذكر فيها بضعة وعشرين إسماً من أسماء مشايخه منهم جدّه أبو طاهر (ت 300 ه) ، وعبد الله بن جعفر الحميري. وأدرج في آخر الرسالة فهرس الكتب الموجودة عنده ، والتي يرويها عن مؤلّفيها. وبلغت مائة وبضعة عشر كتاباً وجزءً ، أجاز حفيده المذكور روايتها عنه.

4 - مشيخة الصدوق :

من تأليف الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه). وعزا قدس سره سبب تأليف المشيخة إلى أنّه صمّم كتابه من لا يحضره الفقيه على قاعدة اختصار الأسانيد ، وذلك بحذف أوائل الإسناد. فكانت المشيخة أُسلوباً علمياً يعرف بها طريقه إلى من روي عنه. ولذلك كانت المرجع في اتصال سنده في أخبار كتاب من لا يحضره الفقيه. وقد طبعت مشيخة الصدوق في خاتمة كتاب من لا يحضره الفقيه. وتعدّ من الرسائل الرجالية المهمّة.

5 - مشيخة الطوسي في «التهذيب» و «الاستبصار» :

وهي مشابهة بالأُسلوب والعرض لمشيخة الصدوق. حيث طبعت في خاتمة الكتابين.

ص: 112

الفصل الخامس

ميزان الوثاقة وأُسلوب الأخذ بالرواية

مقدّمة :

لا شكّ أنّ ضوابط الوثاقة كانت ولا تزال محور علم الرجال. فقد اتفق الفقهاء على اساليب للأخذ بالرواية الصحيحة منها : نص المعصوم عليه السلام ، نصّ أحد الأعلام المتقدّمين ، نصّ أحد الأعلام المتأخّرين ، دعوى الإجماع من قبل الأقدمين. وهناك توثيقات عامّة للرواة ، وتوثيقات خاصّة سوف نبحثها في هذا الفصل بإذنه تعالى.

أساليب الأخذ بالرواية :

اتفق الفقهاء على أساليب متعدّدة للأخذ بالرواية ، منها :

1 - نصّ المعصوم عليه السلام :

فإذا نصّ المعصوم عليه السلام على وثاقة فرد فلا إشكال أنّ ذلك حجّة في إثبات وثاقته. ولا شكّ أنّنا لا نستطيع إحراز ذلك بالحسّ أو الوجدان ، بل لا بدّ من رواية معتبرة في ذلك. ومثال ذلك : روى الكشّي بسند صحيح عن علي بن المسيّب قال : «قلتُ للرضا عليه السلام : شقّتي بعيدة ولستُ أصل إليك في كلّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال : من زكريّا بن آدم القمّي ، المأمون على الدين والدنيا»(1). وتلك الرواية الصحيحة تدلّ على وثاقة 2.

ص: 113


1- رجال الكشي رقم 1112.

زكريّا بن آدم ، ولم يخدش بالرواية أحد من الفقهاء.

وقد زُعِمَ بصحّة الاستدلال بالخبر الضعيف على وثاقة الرواة بدعوى انسداد باب العلم في علم الرجال ، أو بتعبير أدقّ زُعِمَ بصحّة حجّية الظنّ الرجالي. وقد رُدَّ على ذلك بطريقين :

الأوّل : عدم انسداد باب العلم بالتوثيقات لورود سيل منهمر من التوثيقات العامّة والخاصّة بطرق المتقدّمين والمتأخّرين. فلا معنى للزعم بانسداد العلم والعلمي بالتوثيقات الرجالية. ولا شكّ أنّ كثرة القرائن توجب اطمئناناً بوثاقة الراوي محلّ البحث.

الثاني : أنّ تطبيق فكرة (حجّية الظنّ من باب الكشف أو الحكومة بانسداد باب العلم بمعظم الأحكام الشرعية) غير وارد في علم الرجال. لأنّنا لا نستطيع أن نرجع إلى فكرة انسداد باب العلم في كلّ موضوع يوجب الظنّ فيه. والمنهج الرجالي يختلف تماماً عن المنهج الأصولي ، فلا نستطيع مثلاً استصحاب حال الراوي السابقة إذا شككنا بانحرافه.

2 - نصّ أحد الأعلام المتقدّمين :

وهو اثبات الوثاقة عن طريق نصّ أحد فقهائنا الأعلام قدس سرهم كالبرقي ، وابن قولويه ، والكشّي ، والصدوق ، والمفيد ، والنجاشي ، والطوسي من باب الشهادة وحجّية خبر الثقة.

وقد كان فقهاء الطائفة منهمكين في القرنين الرابع والخامس الهجريّين في تأليف كتب الفهارس والتراجم لتمييز الروايات الصحيحة عن السقيمة. وقد بلغ عدد الكتب الرجالية المؤلّفة من زمان الحسن بن محبوب

ص: 114

إلى زمان الشيخ الطوسي زهاء نيفاً ومائة كتاب(1). وقد أشار إلى ذلك الشيخ الطوسي قائلاً : «إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقت بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم وذمّوا المذموم. وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً طعن في إسناده وضعفه بروايته. هذه هي عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم»(2).

فهذا يدلّ على أنّ توثيقات الأعلام المتقدّمين أو تضعيفاتهم ، حتّى وإن كانت حدسية ، إلاّ أنّها كانت أقرب إلى الحسّ حيث يطمئنّ إليها ويركن إلى صوابها.

3 - نصّ أحد الأعلام المتأخّرين :

وهذا الطريق قد ينحصر في توثيقات من كان معاصراً للمخبر أو قريب العصر منه ، مثلاً توثيقات أعلام القرن السادس الهجري كالشيخ منتجب الدين (ت 585 ه) ، وابن شهرآشوب (ت 588 ه). فقد كان هذان العلمان يعتمدان في التوثيقات والتنصيصات على السماع ، أو الاستفاضة ، أو الاشتهار. وقد كان الشيخ الطوسي (ت 460 ه) المحطّة ة.

ص: 115


1- معجم رجال الحديث 1 / 41.
2- عدة الاصول: آخر فصل الرابع (في ذكر خبر الواحد) الصفحة الاخيرة.

النهائية لرجوع متأخّري المتأخّرين إليه في التوثيقات كابن طاووس (ت 673 ه) ، والعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) ، وابن داود (ت 707 ه) ومن تأخّر منهم كالمجلسي (ت 1111 ه). فهؤلاء المتأخّرين كانت توثيقاتهم مبنية على الحدس والاجتهاد. أمّا من كان قريباً من عهد الشيخ الطوسي بقرن من الزمان مثلاً كالشيخ منتجب الدين وابن شهرآشوب فإنّ توثيقاتهم قد قبلت باعتبارها قريبة من عصر الرواة. فالشهيد الثاني في إجازته الكبيرة للشيخ عبد الصمد والد الشيخ البهائي بعدما ذكر عدّة طرق له إلى الشيخ الطوسي ، قال : «وبهذه الطرق نروي جميع مصنّفات من تقدّم على الشيخ أبي جعفر [الطوسي] من المشايخ المذكورين وغيرهم ، وجميع ما اشتمل عليه كتابة فهرست أسماء المصنّفين وجميع كتبهم ورواياتهم بالطرق التي تضمّنتها الأحاديث. وإنّما أكثرنا الطرق الى الشيخ أبي جعفر ، لأنّ أُصول المذهب كلّها ترجع الى كتبه ورواياته»(1).

أمّا توثيقات فقهائنا الأعلام كالميرزا الأسترآبادي والسيّد التفريشي والأردبيلي والقهبائي والمجلسي والمحقّق البهبهاني ، فإنّها مبنية على الحدس والاجتهاد ، ولا يمكن الأخذ بها إذا كنّا نؤمن بأنّ حجية قول الرجالي من باب الشهادة. أمّا إذا كان الرجوع إليهم من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، فهذا يوافق المبنى العقلائي ويكون مؤيّداً للدليل.

4 - دعوى الإجماع من قبل الأقدمين :

وقد اعتبرت تلك الدعوى من جملة ما تثبت به الوثاقة ، وهو إجماع منقول على وثاقة الراوي. كما اتفق ذلك في إبراهيم بن هاشم ، فقد ادّعى 3.

ص: 116


1- نقلاً عن بحار الأنوار 105 / 163.

ابن طاووس(1) الاتّفاق على وثاقته. فلا شكّ أنّ ابن طاووس لا يمكن أن يدّعي ذلك دون توثيق بعض الفقهاء المتقدّمين لإبراهيم بن هاشم. وقد اعتمد الفقهاء على دعوى الإجماع على الوثاقة حتّى من المتأخّرين.

التوثيقات العامّة :

وهي توثيقات اُطلقت على أكثر من راو لتعبّر بالشهادة على وثاقتهم جميعاً ، كما هو رأي بعض الفقهاء المتأخرين قدس سرهم حول وثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم ، ووثاقة جميع من وقع في اسناد كامل الزيارات. فقد قال علي بن إبراهيم في مقدّمة تفسيره : «ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا من مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم ...»(2). وقال جعفر بن قولويه في كتاب كامل الزيارات : «وقد علمنا بأنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذائذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم ...»(3). والعبارتان في الكتابين واضحتان بأنّهما لا يرويان في كتابهما رواية عن المعصوم إلاّ وقد وصلت إليهما من جهة الثقات من أصحابنا.

وجاء عن النجاشي في ترجمة عبيد الله بن أبي شعبة الحلبي : «وآل 4.

ص: 117


1- نقلاً عن كلّيات في علم الرجال: 157.
2- تفسير علي بن ابراهيم 1 / 4 المقدمة.
3- كامل الزيارات: 4.

أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا وكانوا جميعهم ثقات»(1). وفي ترجمة محمد بن الحسن بن أبي سارة : «إنّ بيت الرواسي كلّهم ثقات»(2).

والتوثيق العام لا بدّ أن يستند على أُسس شرعية. ذلك أنّ دراسة طبيعة البحث الرجالي في المدرسة الإمامية يستدعي ملاحظة القرائن الشخصية والاجتماعية المحيطة بالراوي. والحدّ الشرعي الأدنى للأخذ بالرواية هو سكون النفس إلى الرواة الذين حملوا لنا الرواية لفظاً أو كتابة من ثقة إلى آخر. فالضابط في التوثيق لا ينحصر في مجرّد النصّ على وثاقته أو تضعيفه فحسب ، بل لا بدّ من ملاحظة ضوابط أُخرى في مورد البحث ، منها :

1 - إنّ وثاقة الراوي تستدعي ملاحظة الظروف الإجتماعية والسياسية القاهرة التي كان يمرّ بها أئمّة أهل البيت عليهم السلام. فقد استخدمت وسائل التقية للحفاظ على المذهب وحملة رسالته. وكان الذمّ أحد الوسائل التي استخدمت من أجل حقن دماء بعض أجلاّء الطائفة. فزرارة بن أعين مثلاً ورد فيه اللعن والذم والتشهير مع أنّه كان من الثقات الذين ساهموا في حفظ الشريعة من الإندراس. فقد وردت في كتاب واحد وهو كتاب اختيار معرفة الرجال روايتان متعارضتان حوله :

الأولى : ما رواه عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام : «يا عمّار أتعرف هذا الرجل؟ قلتُ : لا والله إلاّ أنّي نزلت ذات ليلة في بعض المنازل فرأيته يصلّي صلاة ما رأيت أحداً صلّى مثلها ودعا بدعاء ما رأيتُ أحداً دعا بمثله. فقال لي : هذا زرارة بن أعين. هذا من الذين وصفهم عزّ وجلّ في 3.

ص: 118


1- رجال النجاشي رقم 612.
2- رجال النجاشي رقم 883.

كتابه فقال : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً)(1)»(2). وفي غيرها أنّ الإمام لعنه ثلاثاً وفي آخر أنّ إيمانه عارية وأنّه أشرّ من اليهود والنصارى ...»(3).

الثانية : ورواية عبد الله بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في حقّ زرارة : «... فإنّك والله أحبّ الناس إليّ وأحبّ أصحاب أبي حيّاً وميّتاً ...»(4).

وكان الذمّ الذي استعمل وسيلة من وسائل التقية بمثابة قرينة على صدق الرجل وعلوّ مقامه وصدق مكانته بين الأصحاب. فزرارة بن أعين من أجلاّء الأصحاب الذين حملوا في صدورهم روايات أهل البيت عليهم السلام ، فصدق بحقّهم القول بأنّ الشريعة كادت تندرس لولاهم. ومع ذلك نرى بعض الروايات المتعارضة مع حقيقة التوثيق. وهذا يستدعي النظر بعين ثاقبة إلى الظروف الاجتماعية والسياسية التي كان يعيشها الرواة الثقات المخلصون لأهل البيت عليهم السلام.

2 - ضرورة النظر إلى حياة الراوي من بدايتها وحتّى نهايتها. فقد يطرأ على الراوي تغيّر في العقيدة ، أو الكنية ، أو الإقامة ، أو نحوها خلال مراحل حياته. فقد يكون واقفيّاً او فطحيّاً في مرحلة من مراحل حياته ولكنّه يرجع إلى الحقّ لاحقاً. وقد يسكن البصرة فترة من حياته فيوصف بالبصري ، ثمّ يسكن الكوفة في فترة أُخرى فيوصف بالكوفي. وقد يكنّى 9.

ص: 119


1- سورة الفرقان 25: 23.
2- اختيار معرفة الرجال: 151.
3- اختيار معرفة الرجال: 151.
4- اختيار معرفة الرجال: 139.

بأبي عبد الله فترة فيموت ابنه ويلقّب بكنية جديدة. وهذا الأمر يستدعي النظر إلى الراوي من الزاوية الإجتماعية أيضاً.

3 - إنّ فلسفة نقل الرواية عن المعصوم عليه السلام ، بعد ابتعادنا عن عصر النصّ ، تعتمد على القواعد العقلائية في الإطمئنان على صدق الراوي ، لا على القواعد التعبّدية. فمن المعلوم أنّ القواعد التعبّدية تنحصر في أبواب : الشهادة على الوثاقة أو الضعف ، والحجّية المستفادة من آية النبأ ، وحجية الظنون الرجالية للإنسداد ، وانطباق قول الرجاليين على قول أهل الخبرة. وهذه الوجوه لا يعتنى بها في علم الرجال. لأنّ الشهادة على الوثاقة أو الضعف تستدعي تعدّد الشهود ، وهو ما لم يقل به أحد من الرجاليّين. والحجية المستفادة من آية النبأ تدلّ على حجية خبر العدل ، إلاّ أنّنا نأخذ بالروايات المعتبرة التي لا يكون فيها الراوي عدلاً بل يكفي الصدق والتوثيق. ولو صحّت حجّية الظنون الرجالية بدعوى الإنسداد فإنّها ستحصر الحجّية بالمظنون. ولا شكّ أنّ العمل بالمظنون أو المشكوك أو المحتمل يستلزم عسراً وحرجاً نفاهما الشرع الحنيف. ودعوى انطباق قول الرجاليّين على قول أهل الخبرة مردود من زاوية أنّ الضابط لو صحّ سيكون إحراز كون الناقل من أهل الخبرة دائماً ، وهو مخالف لواقع علم الرجال.

4 - من ضوابط الجرح والتعديل هو : أنّ السكون إلى قول المادح مع عدم وجود معارض أمر راجح. والسكون إلى قول الجارح ولو كان بدون معارض أمر مرجوح. وقد ذكر هذه القاعدة السيّد ابن طاووس (ت 673 ه) في معرض توهينه لكتاب الضعفاء المنسوب لابن الغضائري. واستدلّ على ذلك بقوله : «إنّ التهمة في الجرح شائعة ولا يحصل بإزائها في

ص: 120

جانب المادحين. فالسكون إليهم ما لم يحصل معارض راجح ، والسكون إلى القادحين ما لم يحصل معارض مرجوح»(1). وفي النصّ تصريح واضح يدفعنا للإيمان بأنّ كتاب الضعفاء المثقل بالقدح والذمّ لا نطمئنّ به ولا بنسبته إلى ابن الغضائري. فهو من جهة إذا كان القدح موجوداً مع وجود المعارض فإنّه يسقط بالمعارضة. ومن جهة أُخرى إذا كان القدح موجوداً مع عدم وجود معارض ، فهو ساقط أيضاً لشيوع التهمة في القدح ولا شيوع لها في المدح.

5 - لو واجهنا السؤال التالي : هل أنّ الحجّة هي في الوثوق بصدوره عن المعصوم عليه السلام ، أم أنّ الحجّة منحصرة بالخبر الصادر عن الثقة؟ بطبيعة الحال أنّ الجواب يتحدّد بحدود الإيمان بوثاقة الخبر الصادر عن المعصوم عليه السلام ، وهذا هو مراد المجتهد المستنبط. فقد يكون الراوي ثقة ، ولكن القرائن والإمارات تدلّ على عدم صدور الخبر عن المعصوم عليه السلام ، وأن الثقة قد أخطأ أو التبس عليه الأمر في النقل. فيكون محور الأخذ بالخبر هو الوثوق من صدوره من المعصوم عليه السلام بملاحظة الأمارات والقرائن على ذلك ، التي يكون أحدها خبر الثقة.

الرواة الثقات في عصر النصّ :

ويدخل تحت هذا العنوان : أصحاب الإجماع ، ومشايخ الثقات ، ورجال أسانيد بعض الكتب المعتبرة ، وأصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، ومشايخ الإجازة والوكالة عن الإمام عليه السلام. ة.

ص: 121


1- حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.

أوّلاً : أصحاب الإجماع :

لا شكّ أنّ أصحاب الإجماع ثقات جميعاً ، ولكن النقاش دار حول وثاقة الراوي فيما إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد هؤلاء الثقات. فقد قيل بوثاقة الراوي إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد أصحاب الإجماع. وأصحاب الإجماع ثمانية عشر رجلاً موزّعون على ثلاث طبقات. وأوّل من قال بهذا الرأي الكشّي في رجاله. فرتّب أصحاب الإجماع على شكل ثلاث مجاميع. ولكن تسمية (أصحاب الإجماع) من اصطلاحات المتأخّرين ، فقد سمّاهم الكشّي بالفقهاء من أصحاب الأئمّة عليهم السلام. وهذه المجاميع هي :

1 - في تسمية الفقهاء من أصحاب الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام ، فقال : «اجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر ، وأصحاب أبي عبد الله عليهما السلام وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا أفقه الأوّلين ستّة : زرارة ، ومعروف بن خرّبوذ ، وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم الطائفي. قالوا : وأفقه الستّة زرارة. وقال بعضهم : مكان أبو بصير الأسدي أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري»(1).

2 - وفي تسمية الفقهاء من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام قال : «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقرّوا لهم بالفقه من دون أولئك الستّة الذين عدّدناهم وسمّيناهم ستّة نفر : 1.

ص: 122


1- رجال الكشي رقم 431.

جميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان. قالوا : وزعم أبو إسحاق الفقيه - وهو ثعلبة بن ميمون - أنّ أفقه هؤلاء جميل بن درّاج ، وهم أحداث(1)أصحاب أبي عبد الله عليه السلام»(2).

3 - وفي تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (الكاظم) ، وأبي الحسن الرضا عليهما السلام ، قال : «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم وأقرّوا لهم بالفقه والعلم ، وهم ستّة نفر أُخر ، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ، منهم : يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى بيّاع السابري ، ومحمد بن أبي عمير ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر. وقال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيّوب. وقال بعضهم : مكان فضالة بن أيّوب عثمان بن عيسى ، وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى»(3).

اعتبار العدالة في طريق من وقع في السند :

وقد ردّ على الرأي القائل بأنّ الراوي إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد أصحاب الإجماع بأنّه ثقة ، بالقول : «من الظاهر أنّ كلام الكشّي لا ينظر إلى الحكم بصحّة ما رواه أحد المذكورين عن المعصومين عليهم 0.

ص: 123


1- احداث : شبان.
2- رجال الكشي رقم 705.
3- رجال الكشي رقم 1050.

السلام ، حتّى إذا كانت الرواية مرسلة أو مروية عن ضعيف أو مجهول الحال ، وإنّما ينظر إلى بيان جلالة هؤلاء. وأنّ الإجماع قد انعقد على وثاقتهم وفقههم وتصديقهم فيما يروونه. ومعنى ذلك أنّهم لا يتّهمون بالكذب في أخبارهم وروايتهم ، وأين هذا من دعوى الإجماع على الحكم بصحّة جميع ما رووه عن المعصومين عليهم السلام ، وإن كانت الواسطة مجهولاً أو ضعيفاً؟»(1). وقد استوحيت هذه الفكرة من رأي صاحب الوسائل. قال في (المقدّمة الثانية) من كتابه بعدما حكى الإجماع على التصحيح من الكشي : «وقد فهم جماعة من المتأخّرين من قوله اجمعت العصابة أو الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء الحكم بصحّة الحديث المنقول عنهم ونسبته إلى أهل البيت عليهم السلام بمجرّد صحّته عنهم ، من دون اعتبار العدالة في من يروون عنه ، حتّى لو رووا عن معروف بالفسق ، أو بالوضع فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم.

وأنت خبير بأنّ هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه ، فإنّ ما يصحّ عنهم إنّما هو الرواية لا المروي. بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم ، بخلاف غيرهم ممّن لم ينقل الإجماع على عدالته»(2).

ولا شكّ أنّ أوّل من قال بالإجماع على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء هو أبو عمرو الكشّي (من علماء القرن الرابع الهجري (لم يعلم تاريخ ي.

ص: 124


1- معجم رجال الحديث 1 / 73.
2- الوافي للكاشاني ، المقدّمة الثانية بعدما حكى الإجماع على التصحيح من الكشّي.

وفاته) ، وأخذه الشيخ الطوسي (ت 460 ه) بالقبول(1) ، وكذلك بن شهرآشوب (ت 588 ه)(2) ، والعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) في الخلاصة ، والشهيد الأوّل (ت 786 ه) في غاية المراد ، وابن داود (ت 707 ه) في رجاله ، والشهيد الثاني (ت 966 ه) في شرح الدراية في تعريف الصحيح ، والشيخ البهائي (ت 1031 ه) ، والمحقّق الداماد (ت 1041 ه) ، وفخر الدين الطريحي (ت 1085 ه) ، والمحقّق السبزواري (ت 1090 ه).

ولم يتطرّق إلى ذلك الحسن بن زهرة (ت 620 ه) ، وأحمد بن طاووس (ت 673 ه) ، والمحقّق الحلّي (ت 676 ه) ، والفاضل المقداد (ت 826 ه) ، وابن فهد الحلّي (ت 841 ه). وعلى أيّ تقدير ، فإنّ كلّ من قال بالإجماع كان قد نقله عن الكشّي ، ولم يذكره النجاشي في فهرسه ولا البرقي في رجاله ولا الطوسي في فهرسه ورجاله.

مجموعة الآراء في أصحاب الإجماع :

وفي حجّية الإجماع آراء ندرجها كما يلي :

1 - في وجه حجّية هذا الإجماع : ماذا نفهم من عبارة الكشي : ة.

ص: 125


1- قال في عدّة الأُصول: (سوّت الطائفة بين ما رواه محمدبن أبي عمير وصفوان بن يحيىوأحمد بن محمدبن أبي نصير وغيرهم من الثقات ، الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولايرسلون إلاّ ممّن يوثق به ، وبين ما يسنده غيرهم. ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردت عن رواية غيرهم) 1 / 386.
2- مناقب آل أبي طالب 4 / 277 ، 280 ، جاء بما قاله الكشّي في أحوال الطبقتين الأُولىوالثانية وترك الثالثة.

«أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة ...»(1)؟ هل يؤخذ بحجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد أم لا؟ لو فتّشنا بين سطور عبارات الكشي حول (أصحاب الإجماع) الثمانية عشر لوجدنا أنّه أراد تصديقهم في نقل الرواية الملازم لوثاقتهم. وهذا بحدّ ذاته لا يحتاج إلى إتّفاق الكلّ حتّى يقال هل أنّ الأمر كان حدسياً أو حسيّاً. بل يكفي توثيق أحد الثقات لهؤلاء الرواة ، حسياً. أمّا إذا كان المراد من عبارة الكشّي هو الإجماع على صحّة رواية هؤلاء الثمانية عشر ، كما كان يفهمه القدماء من الصحّة اعتماداً على القرائن الخارجية ، فلا يؤخذ بحجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد. لأنّ العلم بالصحّة ليس أمراً محسوساً حتّى تعمّه أدلّة حجّية خبر الواحد إذا أخبر عنها مُخبر.

2 - وإذا تنزّلنا وآمنّا بحجّية الإجماع المنقول ، فكيف نبرّر تلك الحجّية إذا كانت متعلّقة بالموضوع؟ والصحيح أنّ حجّية الإجماع منحصرة فيما تعلّق به الحكم الشرعي! والجواب على هذا الإشكال هو أنّه يكفي في شمول الأدلّة كون المخبر به ممّا يترتّب على ثبوته أثر شرعي ، لا نفس الحكم الشرعي دائماً.

3 - ما هو المراد من (تصحيح ما يصحّ عنهم)؟ هل هو وثاقة الراوي أو صحّة المروي (الحديث)؟ وهل هو يشمل كلّ ما يرويه الراوي بلا واسطة عن شيخه؟ أو يشمل ما يرويه مع الواسطة؟ فإذا قال صفوان بن يحيى مثلاً بأنّه حدّثه فلان بن فلان فهل هذا يعني أنّ كلّ من حدّثه كانوا من الثقات أو أنّ الحديث ذاته يعدّ صحيحاً حتّى لو وقع في السند ممّن هو 1.

ص: 126


1- رجال الكشي رقم 431.

ضعيف أو مجهول الحال؟ هنا رأيان :

الرأي الأوّل :

وهو القائل بصحّة الرواية ذاتها وإن كانت مرسلة أو مروية عن ضعيف أو مجهول لكونها محفوفة بالقرائن. وأشار المحقّق الداماد إلى ذلك فقال : «اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه والفضل والضبط والثقة ، وأنّه كانت روايتهم بإرسال أو رفع أو عمن يسمّونه وهو ليس بمعروف الحال أو لمّة منهم في أنفسهم فاسدوا العقيدة ، غير مستقيمي المذهب ... ومراسيل هؤلاء ومرافيعهم ومقاطيعهم ومسانيدهم أو من يسمّونه من غير المعروفين ، معدودة عند الأصحاب - رضوان الله عليهم - من الصحاح من غير إكتراث منهم لعدم صدق حدّ الصحيح على ما قد علمته (من المتأخّرين) عليها»(1). وسلك المحقّذق البهبهاني نفس المسلك ، فقال : «المشهور أنّ المراد صحّذة ما رواه حيث تصحّ الرواية إليه ، فلا يلاحظ من بعده إلى المعصوم وإن كان فيه ضعيف»(2).

ويمكن مناقشة هذا الرأي عبر النقاط التالية :

1 - إنّ طبيعة الحديث عند الفقهاء القدماء كان ينقسم ، حسب وثاقته ، إلى قسمين : صحيح وغير صحيح. ولكنّ الفقهاء المتأخّرين وبسبب البعد الزمني عن عصر النصّ جعلوه على أربعة أقسام هي : الصحيح والموثّق والحسن والضعيف.

2 - يوصف الخبر بالصحّة إذا احتفى بقرائن داخلية وخارجية. 2.

ص: 127


1- الرواشح السماوية: 41.
2- مستدرك الوسائل 3 / 762.

فالقرينة الداخلية تعني وثاقة الرواة في سلسلة الإسناد. والقرائن الخارجية التي تدلّ على صحّة مضمون أخبار الآحاد هي أربعة : «منها : أن يكون موافقاً لأدلّة العقل وما اقتضاه. ومنها : أن يكون الخبر مطابقاً لنصّ الكتاب. ومنها : أن يكون الخبر موافقاً للسنّة المقطوع بها من جهة التواتر. ومنها : أن يكون موافقاً لما أجمعت الفرقة المحقّة عليه. فهذه القرائن كلّها تدلّ على صحّة متضمّن أخبار الآحاد ، ولا تدلّ على صحّتها بنفسها لإمكان كونها مصنوعة وإن وافقت الأدلّة ، فمتى تجرّد الخبر من واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضاً»(1). وهذه العبارة تدلّ على أنّ الصحيح ، في عرف الفقهاء المتقدّمين ، هو ما دلّت القرائن على صدق مضمونه أو ثبوت صدوره ، لا خصوص ما رواه الثقات من الرواة. ولكن تلك القرائن الخارجية خارجة عن محلّ البحث. فعلم الرجال يبحث في أحوال الرجال ، لا حال الأحاديث.

3 - إنّ الخبر يوصف بالصحّة إذا تمّ توثيق تلك الجماعة ومن بعدهم إلى أن ينتهي إلى المعصوم عليه السلام. ومعنى ذلك دخول مجموعة من المجاهيل والضعفاء في عداد الثقات. فالستّة الأُولى ، ومع أنّهم يروون عن الصادقين عليهم السلام بلا واسطة في الأغلب ، إلاّ أنّهم يروون عن غيرهما كثيراً ، والطبقتين الأخيريتين ترويان عنهما مع الواسطة بكثير.

فقد قيل بأنّ إحراز صحّة الأحاديث لا يمكن أن يتمّ عن طريق القرينة الخارجية ، فلا بدّ من إحراز قرينة داخلية تدلّ على وثاقة هؤلاء ووثاقة من يروون عنه. ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله ، فلا سبيل إلى 7.

ص: 128


1- عدة الاصول 1 / 267.

إحراز وثاقة كلّ من وقع في سلسلة الإسناد مع أنّ هناك عدد من الضعفاء والمجاهيل ممّن وقعوا في سلسلة أسناد أصحاب الإجماع (كالحكم بن عتيبة او عيينة) الذي وردت عدّة روايات في ذمّه(1) ، مع أنّ الذي روى عنه هو (جميل بن درّاج)(2) وهو من الطبقة الثانية. وكذلك (عمرو بن جميع الأزدي البصري) الذي ضعّفه الشيخ الطوسي والنجاشي(3) مع أنّ الذي روى عنه هو (يونس بن عبد الرحمن)(4) وهو من الطبقة الثالثة.

الرأي الثاني :

توثيق هؤلاء الثمانية عشر بما هم رواة ثقات. وقد أيّد هذا الرأي الفيض الكاشاني ، فقال : «إنّ ما يصحّ عنهم هو الرواية لا المروي»(5) وهي عبارة تفصح عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم فيما يروون ، لا أنّ الأحاديث التي رووها كلّها صحيحة. بمعنى أنّ «متعلّق التصحيح هو الرواية بالمعنى المصدري أي قولهم أخبرني ، أو حدّثني ، أو سمعتُ من فلان. وعلى هذا فنتيجة العبارة أنّ أحداً من هؤلاء إذا ثبت أنّه قال : حدّثني ، فالعصابة أجمعوا على أنّه صادق في اعتقاده»(6).

وخلاصة هذا الرأي ، الذي قال به الفيض الكاشاني وأبو علي في رجاله عن استاذه صاحب الرياض والمحدّث النوري ، إنّ المراد من دعوى 0.

ص: 129


1- رجال الكشي: 262 ، 368 ، 439.
2- جامع الرواة 1 / 266.
3- رجال الطوسي: 249. ورجال النجاشي رقم 769.
4- الفهرس - الشيخ الطوسي -: 111.
5- الوافي: 12 المقدمة الثالثة.
6- نقلاً عن كلّيات في علم الرجال: 180.

الإجماع هو صدق الجماعة وصحّة ما ترويه إذا لم يكن في السند من يتوقّف فيه. فإذا قال أحد أصحاب الإجماع : حدّثني فلان ، فإنّ الإجماع سينعقد على صدق دعواه. ولكن إذا كان فلان ضعيفاً أو غير معروف ، فالإسناد إليه من قبل الجماعة لا يغيّر من ضعفه شيئاً.

ولعلّ في عبارة الكشّي ما يؤيّد هذا الفهم. فقد قال في تسمية الطبقة الأولى : «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام وانقادوا لهم بالفقه ...»(1). وطبيعة التصديق تقتضي الحكم بصدقهم ضمن الحدود العقلائية التي تنفي عنهم العصمة على الأقل. وإلى ذلك صرّح الفيض الكاشاني إلى أن : «ما يصحّ عنهم هو الرواية لا المروي ، وإما ما اشتهر في تفسير العبارة من العلم بصحّة الحديث المنقول منهم ونسبته إلى أهل البيت عليهم السلام بمجرّد صحّته عنهم ، من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه ، حتّى لو رووا عن معروف بالفسق أو بوضع ، فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث ، كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل العصمة ، فليست العبارة صريحة في ذلك»(2). وهو كذلك ، فالصحّة وصف مرتبط بالمتن والسند. فإذا اختلّ السند بضعف الراوي مثلاً ، فلا يمكن الإطمئنان الى متن الرواية المنقولة. فالمدار في توصيف الرواية بالصحّة هو الوثوق بالصدور عن المعصوم عليه السلام.

والخلاصة :

إنّ عبارة الكشّي حول أصحاب الإجماع كانت ناظرة إلى وثاقتهم فقط ، لا صحّة أخبارهم ولا وثاقة مشايخهم. ة.

ص: 130


1- رجال الكشي رقم 431.
2- الوافي 1 / 760 المقدمة الثالثة.

ثانياً : مشايخ الثقات :

اشتهر بين الفقهاء أنّ محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وأوّل من قال بذلك هو الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول في آواخر بحثه عن خبر الواحد فذكر : «واذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ، نظر في حال المرسل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثّق به ، وبين ما أسنده غيرهم. ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون ممّن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة فإنّه يقدّم خبر غيره عليه ، وإذا انفرد وجب التوقّف في خبره إلى أن يدلّ دليل على وجوب العمل به»(1).

وقد نوقش في هذه الدعوى باعتبار أنّها اجتهاد من الشيخ الطوسي نشأ من اعتقاده بتسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم. واجتهاد الشيخ قدس سره غير ملزم لغيره ، وخصوصاً المتأخّرين.

مجموع الآراء حول مشايخ الثقات :

1 - إنّ الشيخ الطوسي نفسه كان متوقّفاً في تسوية مراسيل الثلاثة بمسانيد غيرهم. فقد ذكر رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا 6.

ص: 131


1- عدة الأصول 1 / 386.

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام. ثم قال في كلا كتابيه : «فأوّل ما فيه أنّه مرسل ، وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة»(1). وذكر رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام ، فقال في التهذيب : «وهذا خبر مرسل» ، وقال في الإستبصار : «فأوّل ما في هذا الخبر أنّه مرسل»(2). فكيف يناقش الشيخ قدس سره سند تلك الأخبار المرسلة مع أنّ مرسليها لا يروون ولا يرسلون - حسب نظره - إلاّ عن ثقة؟

2 - إنّ أحد أسباب ارسال ابن أبي عمير هو أنّ كتبه قد ضاعت ، فاضطرّ إلى أن يروي مرسلاً. قال النجاشي : «... حبس في أيّام الرشيد ... وروي أنّه حبسه المأمون حتّى ولاّه قضاء بعض البلاد. وقيل : إنّ اخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب. وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث من حفظه ، وممّا كان سلف له في أيدي الناس ، ولهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله ...»(3). ولكن نلمس في بعض روايات ابن أبي عمير وغيره من مشايخ الثقات أنّهم يروون أحياناً عن الضعفاء. وفيما يلي بعضاً من تلك الروايات :

أ - روى عن محمد بن يعقوب بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة البطائني الذي قال فيه علي بن الحسن بن فضّال : 7.

ص: 132


1- التهذيب ج 8 باب العتق واحكامه. حديث 932. والاستبصار ج 2 باب ولاء السائبة ، حديث 87.
2- التهذيب ج 1 باب المياه واحكامها ، حديث 1309. والاستبصار ج 1 باب مقدار الماءالذي لا يبخسه شي. حديث 6.
3- رجال النجاشي رقم 887.

«كذّاب ملعون»(1).

وفيه :

إنّ علي بن أبي حمزة البطائني من الواقفة ، ولكن فساد عقيدته لا يقدح بوثاقته في نقل الحديث. والمراد من (عمن يوثّق به) في عبارات الكشّي هو الموثوق في نقل الحديث. وقد استظهر صاحب المعالم في هامش التحرير الطاووسي أنّ ما نقله العيّاشي في حقّ ابن أبي حمزة من أنّه كذّاب ملعون كان راجعاً إلى ابنه الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، لا إلى نفسه»(2).

ب - روى محمد بن يعقوب بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن الحسين بن أحمد المنقري(3) الذي ضعّفه الشيخ والنجاشي.

وفيه :

إنّ ضعف الحسين بن أحمد المنقري واضح ، قال النجاشي : «الحسين بن أحمد المنقري التميمي أبو عبد الله ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام رواية شاذّة لم تثبت ، وكان ضعيفاً. ذكر ذلك أصحابنا رحمهم الله. روى عن داود الرقّي وأكثرَ ، له كتب»(4). وعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام (رقم 25) ، ومن أصحاب الكاظم عليه السلام (رقم 8) قائلاً : «إنّه ضعيف». ولكن هل أنّ ضعفه راجع إلى العقيدة أم إلى الرواية فهو غير واضح. وما قيل من أنّ تضعيفه راجع إلى تضعيف شيخه 8.

ص: 133


1- الكافي ج 3 كتاب 3 ، باب النوادر من كتاب الجنائز 95 ، حديث 20. ورجال الكشي رقم1042.
2- تنقيح المقال 2 / 262. وسماء المقال 1 / 134 - 154.
3- الكافي ج 2 كتاب 3 باب فضل القرآن 12 ، حديث 18.
4- رجال النجاشي رقم 118.

داود الرقّي فهو مجرّد تخمين ليس له أساس علمي.

ج - روى الشيخ الطوسي بسند صحيح عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير عن يونس بن ظبيان(1) ، ويونس بن ظبيان ضعّفه النجاشي والشيخ.

وفيه :

إنّ يونس بن ظبيان توفّي في حياة الإمام الصادق عليه السلام أي قبل عام 148 ه- وهو عام وفاة الإمام عليه السلام. بينما توفّي ابن أبي عمير عام 217 ه. اي بين وفاة الرجلين حوالي 70 عاماً أو أكثر. وهذه الفترة الزمنية الطويلة تضعّف وجود ذلك الإرتباط المباشر في السند.

أضف إلى ذلك أنّ ضعفه واضح ، قال النجاشي : «ضعيف جدّاً لا يلتفت إلى ما رواه ، كلّ كتبه تخليط»(2). وقد فصّل الكاظمي في ذلك فقال إنّ : «علماء الرجال بالغوا في ذمّه ونسبوه إلى الكذب والضعف والتهمة والغلوّ ووضع الحديث ، ونقلوا عن الرضا عليه السلام لعنه»(3).

وقد التفت إلى ذلك المحقّق الحلّي في كتابه المعتبر فقال في آداب الوضوء : «ولو احتجّ بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ... كان الجواب الطعن في السند لمكان الإرسال ، ولو قال مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب ، منعنا ذلك ، لأنّ في رجاله من طعن الأصحاب فيه ، وإذا أرسل احتمل أن يكون الراوي أحدهم»(4). ولكنّ المحقّق الحلّي وفي0.

ص: 134


1- التهذيب ج 5 باب ضروب الحج ، حديث 95. والاستبصار ج 2 باب ان التمتّع فرض من نأى عن الحرم ، حديث 513.
2- رجال النجاشي رقم 1210.
3- هداية المحدثين 2 / 630.
4- المعتبر 1 / 47 ، ذكرها النوري في المستدرك 3 / 650.

نفس كتابه المعتبر يأخذ بمراسيل ابن أبي عمير.

وعلى أيّ تقدير فإنّ ابن أبي عمير مع جلالة قدره إلاّ أنّه كان يروي عن الضعفاء ، فكيف يمكن الأخذ بمراسيله دون تدقيق في قرائن أُخرى تفيد صحّة السند.

3 - انقسم الفقهاء إلى مدرستين : الأُولى : آمنت بمراسيل ابن أبي عمير. والثانية : لم تؤمن بالإرسال حتّى لو كان من ابن أبي عمير.

فقد كان من روّاد المدرسة الأُولى : علي بن طاووس (ت 664 ه) في فلاح السائل(1) ، والمحقق الحلّي (ت 676 ه) في المعتبر(2) ، والعلاّمة الحلي (ت 726 ه) في المنتهى(3) ، والشهيد الأوّل (ت 786 ه) في الذكرى(4) ، وابن فهد الحلي (ت 841 ه) في المهذّب البارع(5) ، والشهيد الثاني (ت 965 ه) في الدراية(6) ، والميرزا الأسترآبادي في منهج المقال(7) ، والشيخ البهائي (ت 1030 ه) ة.

ص: 135


1- فلاح السائل: في مهمات الصلاة والمصلي.
2- المعتبر 1 / 47. في آداب الوضوء أنكر الأخذ بمراسيل ابن أبي عمير ، وفي بحث الكرّقال : (الثالثة: رواية محمدبن أبي عمير عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللهعليه السلامقال: الكرّألف ومائتا رطل ، وعلى هذا عمل الأصحاب ولا طعن في هذه بطريق الإرسال لعمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير). وربّما يفسّر هذا وغيره من التبدّل في رأي المجتهد ، فقد يرى الفقيه في البداية وثاقة مراسيل ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي ثم يظهر له خلاف ذلك ، فلا يلتفت إلى تصحيح ما كتبه في البداية.
3- منتهى المطلب: التاسع (العجين إذا كان ماؤه نجساً).
4- ذكرى الشيعة 1 / 48.
5- المهذّب البارع: مقدّمة المؤلّف.
6- شرح البداية في علم الدراية: الحقل الثالث (في المرسل).
7- منهج المقال: 25 طبعة حجرية.

في شرح الفقيه(1).

أمّا من روّاد المدرسة الثانية : الشيخ الطوسي (ت 460 ه) في التهذيب(2) ، وجمال الدين بن طاووس (ت 673 ه) في البشرى(3) ، والشهيد الثاني (ت 965 ه) في الدراية(4) ، والشيخ حسن صاحب المعالم (ت 1011 ه)(5) ، والسيّد الخوئي (ت 1413 ه) في معجم رجال الحديث(6).

والظاهر أنّ من آمن بوثاقة مراسيل ابن أبي عمير كان مبناه الإيمان بدعوى الشيخ الطوسي والنجاشي ، لا من باب التتّبع في أحوال مشايخه والوقوف على أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة. أمّا المدرسة الثانية فقد حاولت الوقوف بوجه ذلك التيّار ، عبر الدعوة إلى فحص أحوال مشايخ الثلاثة الذين لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة.

خلاصة القول في مشايخ الثقات :

1 - إنّ أصحاب الإجماع ومشايخ الثقات ثقة بإجماع الطائفة. ولكن المشكلة في من وقع في أسانيدهم ، وفي مراسيل ابن أبي عمير التي تلفت كتبه ، فجمع الأحاديث التي حفظها عن ظهر خاطر دون كتابة أسانيدها. 5.

ص: 136


1- مشرق الشمسين: فصل (في تثليث أنواع الخبر المعتبر) حيث يفهم منه ذلك.
2- التهذيب 1 / 43.
3- كتاب البشرى. نقل رأيه الشهيد الثاني في شرح البداية في علم الدراية في الحقل الثالث:في المرسل.
4- شرح البداية في علم الدراية: 142.
5- المعالم: 214.
6- معجم رجال الحديث 1 / 75.

2 - جمع كتاب معجم الثقات أسماء مشايخ الثقات الثلاث (ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي) وحذف ما ورد فيه توثيق بالخصوص ، فبلغ ثلاثمائة وواحداً وستّين شيخاً. بينما وضع كتاب مشايخ الثقات فهرساً خاصّاً لمشيخة كلّ واحد من هؤلاء الثلاثة مع تعيين مصادرها في المجامع الحديثية فبلغ ثلاثمائة وسبعة وتسعين شيخاً(1).

3 - أحصى معجم رجال الحديث مشايخ ابن أبي عمير في الكتب الأربعة فبلغ (270) شيخاً بعد حذف المكرّرات(2). وأحصى المصنّف قدس سره مشايخ (صفوان) في الكتب الأربعة فبلغ (140) شيخاً ، بينما في مشايخ الثقات بلغ عدد المشايخ في الكتب الأربعة وغيرها (213) شيخاً ، الثقات منهم (109) مشايخ والباقون أمّا مهمل أو مجهول ، وقليل منهم مضعّف.

وأحصى معجم رجال الحديث مشايخ البزنطي في الكتب الأربعة وغيرها فبلغ (115) شيخاً ، الثقات منهم (53) شيخاً. والباقي إما مهمل أو مجهول ، وقليل منهم مضعّف.

4 - إنّ ما ذكره الشيخ الطوسي بأنّ الطائفة سوّت «بين ما يرويه هؤلاء وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثّق به» يكشف عن أنّ المشهور بين الطائفة وعلمائها بالخصوص كان يفصح عن أنّ هؤلاء الثقات لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وهذا مورد للإطمئنان بأنّ كلام الشيخ الطوسي لم يكن اجتهاداً من نفسه كما ذكره بعض الأجلاّء. بل كان تعبيراً عن الجوّ العلمي السائد عند الطائفة حول هؤلاء الرجال. 7.

ص: 137


1- مشايخ الثقات: 134 - 223 ، في خصوص ابن أبي عمير.
2- معجم رجال الحديث 22 / 101 - 139 ترجمة ابن أبي عمير رقم 14997.

5 - إنّ التأكّد من وثاقة من ورد في إسناد أصحاب الإجماع يحتاج إلى بحوث إضافية ، خصوصاً إذا ما أخذنا الضوابط التالية بنظر الإعتبار :

أ - إنّ اتّهام الراوي بضعف العقيدة لا يعني عدم وثاقته ، فقد يكون صادقاً في النقل حتّى عندما يطرأ على عقيدته لون من ألوان الفساد.

ب - التدقيق في كلمتي (عن) و (و). فإذا قيل (عبد الله بن سنان) عن (محمد بن أحمد) نفهم أنّ طبقة الأوّل تختلف عن طبقة الثاني. أما إذا قيل (عبد الله بن سنان) و (محمد بن أحمد) نفهم أنّ الرجلين متعاصرين أو على الأقلّ ليست بينهما علاقة الإستاذ بالتلميذ. ولا يضرّ سند الحديث هنا إذا طعن بأحدهما وكان الآخر ثقة. وبالنتيجة يكون الفرق في الإسناد بين مشايخ الثقات وأقرانهم. وهذا الفرق مهم لأنّ في القرينة خيار للأخذ بالرواية من الراوي الآخر. أمّا في المشيخة فليس هناك خيار عدا الأخذ بالرواية أو طرحها.

ج - ملاحظة الإشتراك في أسماء الرواة.

ثالثاً : العصابة التي اشتهرت بأنّها لا تروي إلاّ عن الثقات :

وهؤلاء ستّة هم : أحمد بن محمد بن عيسى ، بنو فضّال جميعاً ، جعفر بن بشير البجلي ، محمد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني ، علي بن الحسن الطاطري ، أحمد بن علي النجاشي صاحب الفهرس.

1 - أحمد بن محمد بن عيسى :

وهو من الرواة الثقات. واُستدلّ على أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة عن

ص: 138

طريق نقل العلاّمة في الخلاصة بأنّه إخرج أحمد بن محمد بن خالد البرقي القمّي من قم لأنّه كان يروي عن الضعاف ، لكنّه أعاده إليها ، معتذراً إليه. ولمّا توفّي البرقي مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافياً حاسراً ليبرّء نفسه ممّا قذفه به(1). قال ابن الغضائري بخصوص البرقي : طعن عليه القمّيون وليس الطعن فيه ، إنّما الطعن فيمن يروي عنه فإنّه كان لا يبالي عمّن أخذ على طريقة أهل الأخبار.

ولكن أحمد بن محمد بن عيسى نفسه روى عن الضعفاء ، منهم :

روى محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان(2). قال النجاشي عن محمد بن سنان : «رجل ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به»(3).

روى أيضاً عن محمّد بن يحيى ، عنه ، عن علي بن حديد(4). وعلي بن حديد قال العلاّمة الحلّي بضعفه : «علي بن حديد بن الحكيم ، ضعّفه شيخنا في كتاب الاستبصار والتهذيب ، لا يعوّل على ما ينفرد بنقله»(5).

روى أيضاً عن محمد بن يحيى ، عنه ، عن إسماعيل بن سهل(6). وإسماعيل بن سهل ضعّفه النجاشي ، فقال : «اسماعيل بن 7.

ص: 139


1- الخلاصة: 14.
2- الكافي ج 1 كتاب 2 باب صفة العلم وفضله 2 ، حديث 5.
3- رجال النجاشي رقم 888.
4- الكافي ج 1 كتاب 2 باب الردّ إلى الكتاب والسنة 20 حديث 1.
5- الخلاصة: 224 ، ونحوه في القسم الثاني المختصّ بالضعفاء.
6- الكافي ج 2 كتاب 1 باب الاعتراف بالذنوب 188 ، حديث 7.

سهل الدهقان ضعّفه أصحابنا»(1) ، وكذلك ضعّفه العلاّمة وابن داود(2).

2 - بنو فضّال :

وقد استُدلّ على وثاقة من رووا عنهم ، برواية عن الإمام العسكري عليه السلام عندما سُئل عن كتب بني فضّال «فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملأى؟ فقال عليه السلام : خذوا بما رووا وذروا ما رأوا»(3). والرواية ضعيفة من ناحية السند. فإنّ فيها (عبد الله الكوفي) وهو مجهول.

وقد أخذ بهذه الرواية الشيخ الأنصاري قائلاً : «روى الشيخ عن داود بن فرقد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتّى يمضي بمقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ، فإذا مضى مقدار ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر ... وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلاّ أنّ سندها إلى الحسن بن فضّال صحيح. وبنو فضّال ممّن أمر بالأخذ بكتبهم ورواياتهم»(4).

والرواية قاصرة الدلالة على ما ذكر ، لأنّها في مقام بيان أنّ فساد العقيدة بعد الإستقامة لا يضرّ بحجّية الرواية المتقدّمة على الفساد.

3 - جعفر بن بشير :

اُستُدلّ على وثاقة من روى عنهم بقول النجاشي في رجاله : «جعفر 1.

ص: 140


1- رجال النجاشي رقم 56.
2- الخلاصة: 200 القسم الثاني. ورجال ابن داود: 231.
3- الغيبة: 239.
4- الصلاة: 1.

بن بشير البجلي الوشّاء من زهّاد أصحابنا وعبّادهم ونساكهم وكان ثقة وله مسجد بالكوفة ... مات جعفر رحمه الله بالأبواء سنة 208. كان أبو العبّاس بن نوح يقول : كان يلقّب فقحة العلم(1) روى عن الثقات ورووا عنه ، له كتاب المشيخة»(2).

وقد روى جعفر بن بشير عن الضعفاء :

روى الشيخ بإسناده الصحيح ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير عن صالح بن الحكم(3). وصالح بن الحكم ضعّفه النجاشي فقال : «صالح بن الحكم النيلي الأحول ، ضعيف»(4).

روى الصدوق بسنده الصحيح عنه ، عن عبد الله بن محمد الجعفي(5). وعبد الله بن محمد الجعفي ضعّفه النجاشي(6).

4 - محمد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني :

استُدلّ على وثاقة من روى عنهم بما ذكره النجاشي : «محمد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني أبو عبد الله ثقة عين روى عن الثقات ورووا عنه ولقى أصحاب أبي عبد الله عليه السلام»(7).3.

ص: 141


1- الفقحة من النبت: الزهرة.
2- رجال النجاشي رقم 304. واُستدلّ المحدّث النوري في المستدرك على ذلك أيضاً (مستدرك الوسائل 3 / 777 الفائدة العاشرة).
3- التهذيب 3 / 296 باب الصلاة في السفينة ، حديث 897.
4- رجال النجاشي رقم 533.
5- مشيخة من لا يحضره الفقيه 4 / 519.
6- رجال النجاشي رقم 332.
7- رجال النجاشي رقم 933.

5 - علي بن الحسن الطاطري :

واُستُدلّ على وثاقة من روى عنهم بما قاله الشيخ الطوسي في ترجمته : «... وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم»(1). ولكن هذا الإستدلال غير تامّ. فالشيخ الطوسي صرّح بأنّ روايات الطاطري في كتبه الفقهية مروية عن الثقات ، لا أنّ كلّ ما يروي عنه علي بن الحسن الطاطري ثقة.

وبالإجمال ، فإنّ العصابة التي اشتهرت بأنّها لا تروي إلاّ عن الثقات ، يمكن أن تروي أحياناً قليلة عن الضعفاء ، وهذا لا يقدح بوثاقتهم لكنّه يتعيّن البحث عمّن يروون ويذكرون في أسانيدهم من رواة.

رابعاً : الوقوع في سند (محمد بن أحمد بن يحيى) بلا واسطة :

وهو وقوع شخص في سند روايات (محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمّي) بلا واسطة في كتاب نوادر الحكمة. وصفه النجاشي بالقول : «محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمّي كان ثقة في الحديث ، إلاّ أنّ أصحابنا قالوا : كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ، ولا يبالي عمّن أخذ ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء. وكان (محمد بن الحسن بن الوليد)(2) يستثني من رواية (محمد بن أحمد بن يحيى) ما ،

ص: 142


1- فهرس الشيخ: 118 رقم 392.
2- وهو شيخ القمّيين وفقيههم ، ثقة عين ، نزيل قم. توفّي سنة 343 ه- ،

رواه عن : 1 - محمد بن موسى الهمداني. 2 - أو ما رواه عن رجل. 3 - أو يقول بعض أصحابنا. 4 - أو عن محمد بن يحيى المعاذي. 5 - أو عن أبي عبد الله الرازي الجاموراني. 6 - أو عن أبي عبد الله السياري. 7 - أو عن يوسف بن السخت. 8 - أو عن وهب بن منبّه. 9 - أو عن أبي علي النيشابوري. 10 - أو عن أبي يحيى الواسطي. 11 - أو عن محمد بن علي بن سمينة. 12 - أو يقول في حديث أو كتاب ولم أروه. 13 - أو عن سهل بن زياد الآدمي. 14 - أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع. 15 - أو عن أحمد بن هلال. 16 - أو محمد بن علي الهمداني. 17 - أو عبد الله بن محمد الشامي. 18 - أو عبد الله بن أحمد الرازي. 19 - أو أحمد بن الحسين بن سعيد. 20 - أو أحمد بن بشير الرقّي. 21 - أو عن محمد بن هارون. 22 - أو عن مموية بن معروف. 23 - أو عن محمد بن عبد الله بن مهران. 24 - أو ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي. 25 - وما يرويه عن جعفر بن محمد بن مالك. 26 - أو يوسف بن الحارث. 27 - أو عبد الله بن محمد الدمشقي»(1).

وإذا استثنى ابن الوليد هذا العدد من مشايخ مؤلّف نوادر الحكمة ، فإنّ المفهوم أنّ الأسماء الواردة في كتابه ممّن روى عنهم بلا واسطة من غير هؤلاء السبعة والعشرين محكوم عليهم بالصحّة أو الوثاقة.

وقد استدلّ بهذا النصّ ، في استثناء المذكورين ، على عدالة كلّ من روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى. 9.

ص: 143


1- رجال النجاشي رقم 939.

خامساً : الصفات الأُخرى في التوثيق :

وقد وردت جملة من الصفات أو الموارد التي اُريد إثباتها في توثيق الرواة(1) :

منها : وكالة الإمام عليه السلام. ولكنّ الوكالة لا تستلزم العدالة ، بل إنّه يجوز توكيل الفاسق إجماعاً. فإذا ثبت أنّ راوياً كان وكيلاً للإمام المعصوم عليه السلام ، فهذا لا يعني ثبوت العدالة والوثاقة له على مبنى السيّد الخوئي قدس سره.

ومنها : شيخوخة الإجازة. وهي أنّ الراوي قد يروي الرواية لوجودها في كتاب قد أجازه شيخه لرواية ذلك الكتاب عنه من دون سماع أو قراءة. فالراوي عندما يروي الرواية عن شيخه ، فإنّه يعبّر عن صحّة الحكاية عن الشيخ. وهذا هو معنى الإجازة. وكان (الحسن بن محمد بن يحيى) و (الحسين بن حمدان الحضيني) من مشايخ الإجازة وقد ضعّفهما النجاشي(2).

ومنها : مصاحبة المعصوم عليه السلام. والمصاحبة لا تدلّ على الوثاقة.

ومنها : تأليف كتاب أو أصل. وهذا لا يدلّ على الوثاقة أيضاً. لأنّ صاحب الكتاب قد يكون وضّاعاً أو كاذباً.

ومنها : ترحّم أحد الأعلام كالشيخ الصدوق قدس سره وغيره على أحد الرواة. وهذا لا يدلّ على الوثاقة ، لأنّ غاية الترحّم هو طلب الرحمة منه تعالى. وقد ترحّم النجاشي على (محمد بن عبد الله بن محمد بن 3.

ص: 144


1- معجم رجال الحديث 1 / 87.
2- رجال النجاشي رقم 149 ورقم 159. ومعجم رجال الحديث 1 / 73.

عبيد الله بن البهلول)(1) بعد أن رأى شيوخه يضعّفونه ، ومن أجل ذلك لم يرد عنه شيئاً.

ومنها : كثرة الرواية عن المعصوم عليه السلام. ولكن لا يمكن إحراز الوثاقة بكثرة الرواية ، بل إنّ الضابطة هو ثبوت حجّية قول الراوي بدليل خارجي.

الكتب التي ورد توثيقها :

وردت توثيقات بعض كتب فقهائنا المتقدّمين ، إلاّ أنّها تعرّضت جميعها إلى نقاش علمي حول مدى مصداقية تلك التوثيقات. ومن تلك الكتب :

1 - كتاب كامل الزيارات :

ومؤلّفه جعفر بن محمد بن قولويه (ت 367 ه) من أجلاّء الأصحاب في الحديث والفقه. قال النجاشي (ت 450 ه) في وصفه بأنّه «من ثقات أصحابنا»(2). ذكر المصنّف سبب تأليفه الكتاب فقال : «ولم أخرج فيه حديثاً روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من حديثهم - صلوات الله عليهم كفاية عن حديث غيرهم ، وقد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله ولا أخرجتُ فيه حديثاً روي عن الشذّاذ من الرجال يؤثّر ذلك عنهم من المذكورين غير المعروفين بالرواية ، المشهورين 8.

ص: 145


1- رجال النجاشي رقم 1059.
2- رجال النجاشي رقم 318.

بالحديث والعلم ، وسمّيته كتاب كامل الزيارات وفضلها وثواب ذلك»(1).

وكتاب كامل الزيارات من الكتب المعتمدة عند الطائفة ، أخذ منه الشيخ الطوسي في التهذيب ، واعتبره الشيخ الحرّ العاملي من مصادر وسائل الشيعة ، وقال في الفائدة السادسة من خاتمة الوسائل : «وقد شهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره ، وأنّها مروية عن الثقات عن الأئمّة ، وكذلك جعفر بن محمد بن قولويه فإنّه صرّح بما هو أبلغ من ذلك في أوّل مزاره»(2). وعقّب السيّد الخوئي (ت 1413 ه) على ذلك فقال : «ما ذكره صاحب الوسائل متين ، فيحكم بوثاقة من شهد علي بن إبراهيم أو جعفر بن محمد بن قولويه بوثاقته ، اللّهمّ إلاّ أن يُبتلى بمعارض»(3). وبالإجمال ، فإنّ ابن قولويه لا يروي في كتاب كامل الزيارات رواية عن المعصوم عليه السلام إلاّ وقد وصلت إليه من جهة الثقات من أصحابنا.

إلاّ أنّ المحدّث النوري اعتقد أنّ ابن قولويه نصّ على توثيق كلّ من صدّر بهم سند أحاديث كتابه ، لا كلّ من ورد في أسناد الروايات وهم 388 اسم ورد في أسناد جميع أنحاء الكتاب. والمحصّل أنّ ابن قولويه وثّق جميع مشايخه ولم يوثّق كلّ من ورد إسمه في سند كامل الزيارات. ويمكن استخلاص ذلك من الفائدتين الثالثة والعاشرة في المستدرك.

ففي الفائدة الثالثة قال : «إنّ المهمّ في ترجمة هذا الشيخ العظيم استقصاء مشايخه في هذا الكتاب الشريف ، فإنّ فيه فائدة عظيمة لم تكن في من قدّمنا من مشايخ الأجلّة ، فإنّه رحمه الله ... نصّ على توثيق كلّ من 0.

ص: 146


1- مقدمة كامل الزيارات: 4.
2- وسائل الشيعة 20 / 68.
3- معجم رجال الحديث 1 / 50.

روى عنه فيه ، بل كونه من المشهورين في الحديث والعلم ، ولا فرق في التوثيق بين النصّ على أحد بخصوصه أو توثيق جمع محصورين بعنوان خاصّ ، وكفى بمثل هذا الشيخ مزكّياً ومعدّلاً»(1).

وفي الفائدة العاشرة قال : «من جملة الأمارات الكلّية على الوثاقة كونها من مشايخ جعفر بن قولويه في كتابه كامل الزيارات»(2).

2 - كتاب تفسير القمّي :

وهو تفسير روائي لمصنّفه علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي من مشايخ الإمامية في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري. والمصنّف من مشايخ الكليني (ت 329 ه) ، وقد أكثر الكليني في الكافي الرواية عنه حتّى بلغت روايته عنه سبعة آلاف وثمانية وستّين مورداً(3) ، وقد وقع اسمه في أسناد العديد من الروايات التي بلغت سبعة آلاف ومائة وأربعين مورداً(4).

وكان علي بن إبراهيم على قيد الحياة في زمن الإمام العسكري عليه السلاموبقي إلى سنة(5) 307 ، ولكن لا نعرف تاريخ وفاته.

وتفسير القمّي يجمع الروايات المسندة المروية عن الإمام الصادق عليه السلام وأمير المؤمنين عليه السلام في علوم القرآن. وقد أشار القمّي في تفسيره قائلاً : «نحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا 1.

ص: 147


1- مستدرك الوسائل 3 / 522 - 523.
2- مستدرك الوسائل 3 / 777.
3- معجم رجال الحديث 18 / 54 ، في ترجمة الكليني رقم 12038.
4- معجم رجال الحديث 11 / 194 ، في ترجمة علي بن إبراهيم رقم 7816.
5- عيون اخبار الرضاعليه السلام: 161.

وثقاتنا عن الذين فرض طاعتهم ، وأوجب رعايتهم ، ولا يقبل العمل إلاّ بهم»(1).

واستفاد الحرّ العاملي (ت 1104 ه) من مقولة علي بن إبراهيم ، فقال عنه : «قد شهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره وأنّها مروية عن الثقات عن الأئمّة»(2) ، وعلّق السيّد الخوئي (ت 1413 ه) على ذلك بالقول : «إنّ علي بن إبراهيم يؤيّد بما ذكره ، إثبات صحّة تفسيره وأنّ رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين عليهم السلام ، وأنّها انتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة ، وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة ، كما زعمه بعضهم»(3).

ولا شكّ أنّ فقهاءنا المتقدّمين وثّقوه بما فيه الكفاية ، فقال النجاشي (ت 450 ه) : «علي بن إبراهيم ، أبو الحسن القمّي ، ثقة في الحديث ، ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنّف كتباً»(4). بينما قال الشيخ الطوسي (ت 460 ه) : «علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، له كتب منها كتاب التفسير ، وكتاب الناسخ والمنسوخ»(5).

ولكن لم يسلّم هذا الكتاب من الإضافات التي أضافها تلميذه أبو الفضل العبّاس ، ومارواه التلميذ بسنده الخاصّ عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام. وكفى بذلك عملاً زعزع ثقة الفقهاء بالكتاب سنداً ومتناً. 2.

ص: 148


1- تفسير علي بن إبراهيم القمّي 1 / 4.
2- الوسائل 20 / 68 الفائدة السادسة.
3- معجم رجال الحديث 1 / 49 المقدّمة الثالثة.
4- رجال النجاشي رقم 680.
5- الفهرس - الشيخ الطوسي -: 115 ، رقم 382.

فأبي الجارود زياد بن المنذر زعم بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصّ على علي عليه السلامبالوصف دون التسمية ، كما ذكرها الشهرستاني ، وقد وردت روايات بذمّ أبي الجارود في رجال الكشي(1).

3 - كتاب المزار :

للشيخ محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي. قال المصنّف في مقدّمة الكتاب : «فإنّي قد جمعتُ في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد ، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات ، والأدعية المختارات ، وما يدعى به عقيب الصلوات ، وما يناجى به القديم تعالى من لذيذ الدعوات في الخلوات ، وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات ممّا اتصلت به ثقاة الرواة إلى السادات»(2).

والمشكلة الأساسية في الكتاب هي في المصنّف نفسه ، فقد أُطلق اسم (ابن المشهدي) على ثلاثة أشخاص :

الأوّل : «السيّد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي ، فقيه محدّث ثقة ، قرأ على الشيخ الإمام محيي الدين الحسين بن مظفّر الحمداني»(3) ، ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسه.

الثاني : «الشيخ محمد بن جعفر المشهدي ، كان فاضلاً محدّثاً ، صدوقاً له كتب ، يروي عن شاذان بن جبرئيل القمّي»(4). ذكره الحرّ العاملي ي.

ص: 149


1- رجال الكشي رقم 413 - 420.
2- نقلها المحدث النوري في مستدرك الوسائل 3 / 368.
3- بحار الانوار 102 / 270.
4- أمل الآمل: 253 القسم الثاني.

في أمل الآمل.

الثالث : «الشيخ محمد بن جعفر الحائري فاضل ، جليل ، له كتاب ما اتفق من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار»(1). ذكره الحرّ العاملي في أمل الآمل أيضاً.

وتلك الأسماء الثلاثة كلّها من الثقات. إلاّ أنّ السيّد الخوئي (ت 1413 ه) لم يعر الكتاب إهتماماً ، فقال قدس سره : «لم يظهر اعتبار هذا الكتاب في نفسه ، فإنّ محمد بن المشهدي لم يظهر حاله ، بل لم يعلم شخصه ، وإن أصرّ المحدّث النوري على أنّه محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري ، فإنّ ما ذكره في وجه ذلك لا يورث إلاّ الظنّ»(2).

وفي ضوء ما ذكرناه فإنّ التيّار العلمي السائد في حقل الرجال اليوم يُظهر بأنّ الإعتماد على الكتاب هو موردُ إشكال ، لمجهولية المصنّف أوّلاً ، ولعدم معرفة هل أنّ الكتاب الذي بين أيدينا هو فعلاً كتاب المزار أو كتاب آخر انتحل نفس العنوان. 1.

ص: 150


1- أمل الآمل: 252 القسم الثاني.
2- معجم رجال الحديث 1 / 51.

الفصل السادس

التوجه الجديد في علم الرجال

إنّ ابتعادنا عن عصر النصّ جعلنا نقف أمام مشاكل جديدة في غاية الصعوبة والتعقيد ، خصوصاً في علم الرجال. ففي الوقت الذي كان أئمّة علم الرجال المتقدّمين يتعاملون مع الراوي على أساس وثاقته أو ضعفه ويكتفون ببعض القرائن الشخصية في التثبّت من حاله ، أصبح هذا الأُسلوب في العصور المتأخّرة لا يفي بالحاجة إلى الإطمئنان لشخصية الراوي من حيث الوثاقة أو الضعف. فبدأ التطلّع إلى معرفة الوضع الإجتماعي والعلمي الذي كان يحيط بالراوي ، من قبيل معرفة طبقته وعصره ، ومدى ضبطه وإتقانه في نقل الروايات ، ودرجة علميّته ومقدار فضله أي مدى تضلّعه بالفقه والأُصول ، وقربه من المعصوم عليه السلام ، وحجم روايته من حيث القلّة والكثرة ، وقوّة ارتباطه بالسلطة السياسية ، ومقدار احتكاكه بالمذاهب الأُخرى.

ومن مشاكل ابتعادنا عن عصر النصّ ، ظهور بعض التحريفات والتصحيفات في بعض أسانيد الأحاديث المروية عن الكتب الأربعة. وقد كان الاستنساخ اليدوي للمجاميع الحديثية عبر مئات السنين هو السبب في جزء كبير من ذلك التصحيف. فقد يسقط اسم الراوي من قائمة السند من دون أن يكون هناك ما يدلّنا عليه. لأنّ أغلب الكتب الرجالية مصمّمة على أساس درج أسماء الرواة حسبما يقتضيه تسلسل الحروف الهجائية المستخدمة في المعاجم. فأخذ التوجّه العلمي في المدرسة الإمامية ينحو

ص: 151

نحو البحث عن طبقة الراوي وعصره ، ومشايخه وتلامذته. ولا شكّ أنّ معرفة تلك القرائن قد تدلّنا على العثور على حلقة الأسناد المفقودة في التصحيفات.

ومشكلة ثالثة تواجهنا اليوم في علم الرجال وهي : ما اصطلح عليه ب- (تمييز المشتركات). فمن الواضح أنّ أسماء العديد من الرواة مشتركة بين عدّة أفراد. ولو كان هذا الإشتراك بين مجموعة من الأسماء كلّها ثقات لمّا كان للمشكلة حلولاً صعبة المنال. إلاّ أنّ الإشتراك يكون ، في أغلب الأحيان ، بين ثقات مركون إليهم وضعفاء مردودة روايتهم. وهنا يختلط الأمر وتضعف القدرة على التثبّت من الأمر. وقد تحسّس علماؤنا لهذه المشكلة ، خصوصاً الشيخ الكاظمي في كتابه الخاص ب- (تمييز المشتركات) ، ففتح لنا باباً لعلاج تلك المشكلة. إلاّ أنّ التوجّه الجديد في علم الرجال كان أشمل من قضية تمييز المشتركات أو التصحيف.

وكان من روّاد هذا التوجّه الجديد فقيهين جليلين من فقهاء الطائفة في القرن الرابع عشر الهجري ، وهما : السيّد البروجردي (ت 1380 ه) ، والسيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 ه). فقد قام السيّد البروجردي قدس سرهبترتيب أسانيد الكتب الحديثية الأربعة كلاًّ على حدة وأسماها مرتّب أسانيد الكافي ومرتّب أسانيد التهذيب إلى آخر الكتب. ثمّ قام بترتيب الكتب الرجالية الأربعة بنفس الطريقة. وكان هدفه من ذلك الإلمام بالرواة ومشايخهم وتلامذتهم وطبقاتهم.

ثم ، وفي مشروع آخر ، قام بترتيب طبقات الرجال من عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى عصر الشيخ الطوسي ، فجعلها اثنتي عشرة طبقة. يقول الشيخ محمد واعظ زادة في تعريفه بمشروع السيّد البروجردي : «إنّ

ص: 152

الرجاليّين كانوا وما يزالون يتعبّدون في الأكثر بقول أئمّة هذا الفنّ ويقلّدونهم في جرح الرواة وتعديلهم ، إلاّ أنّ الأمر لا ينحصر فيه. فهناك بإزاء ذاك باب مفتوح إلى معرفة الرواة ولمس حالهم بالمباشرة. وهذا يحصل بالرجوع إلى أمرين :

1 - الرجوع إلى سند الروايات المتكرّرة في الكتب الحديثية المشتملة على إسم الراوي. وبذلك يظهر الخلل في كثير من الأسانيد ، وينكشف الإرسال فيها بسقوط بعض الوسائط وعدم اتّصال السلسلة. ويمكننا معرفة الحلقة المفقودة في سلسلة حديث باستقراء الأشباه والنظائر إذا توفّرت وكثرت القرائن ، وقامت الشواهد في الأسانيد المتكثّرة.

2 - الرجوع إلى متون أحاديث الراوي المبعثرة على الأبواب ، واعتبارها لفظاً ومعنى وكمّاً وكيفاً ، فيفهم منها أنّ الراوي هل كان متضلّعاً في علم الفقه أو التفسير أو غيرهما من المعارف؟ أو لم يكن له مهارة وحذاقة في شيء منها؟ يفهم ذلك كلّه إذا قيست رواياته بعضها ببعض وبما رواه الآخرون في معناها ، ويلاحظ أنّه قليل الرواية أو كثيرها وأنّه ثبت ضابط فيما يرويه أو مخلّط مدلّس.

وإذا انضمّ إليه أمر ثالث ينكشف حال الراوي أتمّ الإنكشاف ، وهو مراجعة الأحاديث التي وردت في حال الرواة. وقد جمع معظمها أبو عمرو الكشّي في رجاله. فهي تعطينا بصيرة بحال رواة الحديث. ومن ناحية أُخرى موقف الرواة من الأئمة الهداة ، ودرجات قرب الرجال وبعدهم عنهم.

وعلى الجملة فمعرفة الرواة وطبقاتهم عن طريق أحاديثهم وملاحظتها متناً وسنداً ، تكاد تكون معرفة بالمباشرة والنظر ،

ص: 153

لا بالتقليد والأثر»(1).

أما السيّد الخوئي قدس سره ، فقد قام في كتابه الموسوعي معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة بتحليل الرواة من حيث طبقاتهم وعصورهم ومشايخهم وتلامذتهم. فيكون هذا المنهج معيّناً للمجتهد على الوقوف على كمال السند أو نقصانه ، والوصول إلى الحلقة المفقودة إذا كان المحقّق المجتهد ملمّاً بأسماء مشايخ الراوي وتلامذته. يضاف إلى ذلك أنّ الكتاب أعطى زخماً قويّاً للمحقّقين في تمييز المشتركات من خلال معرفة طبقات الرواة وظروف الراوي الإجتماعية.

ومنهجية معجم رجال الحديث موضوعة على أساس خطّة تتركّز على ناحيتين هامّتين :

الأولى : المبادئ الإجتهادية التي قلبت المفاهيم الرجالية ، والقواعد التاريخية الموروثة في علم الرجال ، وهي مقاييس عامّة للتوثيق والتعديل ، أو التجريح والإسقاط.

فقد ينسف المؤلّف قاعدة من قواعد هذا العلم لضعف في حجيتها ، أو وجود حجّة على خلافها ، وقد يضرب تلك القاعدة عرض الحائط لضعف في تفسيرها ، أو دلالتها ، أو لكونها لازماً أعمّ ، كما هو الأمر في قاعدة الوكالة ، التي كان القدامى يوثّقون من يجدونه موصوفاً بها ، فيختلف معهم في تفسيرها وتقديرها ، وينتهي - على العكس منهم - إلى أنّ الوكالة من الإمام عليه السلام أمر لا يوجب التوثيق - وإن أوجب الإعتماد فيما يوكل إليه - وأنّ ما لها من مداليل قد لا يشعر جميعها بأمانة الحديث بأيّ حال من 5.

ص: 154


1- رسالة بمناسبة الذكرى الألفية للشيخ الطوسيقدس سره في مشهد - الشيخ محمد واعظ زادة الخراساني : 683 - 685.

الأحوال.

الثانية : المزايا العلمية التي طعّم بها الكتاب ، ممّا فات المؤلّفين السابقين ، من قبيل التركيز على المصدر الأمّ ، ومن قبيل استقصاء جميع روايات الراوي ومن حدّث عنه ، ومن قبيل التعرّض للرواة من كتب الرجال والحديث معاً ، ومن قبيل عدم الإكتفاء بتوثيقات المتأخّرين للرواة إن كان للقدماء فيهم رأي ، ومن قبيل التدقيق على وجه علمي عن سبل وثاقتهم وحسنهم.

فقد يضعّف من الرجال من مضى على توثيقه عدّة قرون ، أو يوثّق من مشى تضعيفه في أكثر الكتب الرجالية وأخطرها ، ثمّ قد يجد اتحاداً بين كثير من الرجال الذين تعدّدت أسماؤهم وعناوينهم ، أو قد يجد في كثير ممّن رأوا اتحادهم تعدّداً واضحاً أغفله القدامى والمحدّثون ...

وهكذا غربل قواعد هذا العلم واحدة واحدة ، ووضع رجال الحديث في الميزان واحداً بعد واحد. فأمّا من خفّت موازينه منهم فلم يملأ فراغاً ، ولم يترك ظلاًّ ، وأمّا من ثقلت موازينه ، وتوفّرت فيه شروط العدالة والتوثيق : تماسكت به عرى الحديث ، وسلمت حلقاته من المؤاخذات الرجالية ، وتمّ الأخذ به في طريق الاستنباط والتوصل إلى حكم من أحكام الله تعالى)(1).

ونحن نأمل من الجيل الجديد من فقهاء أهل البيت عليهم السلام أن يستمرّ في رفد هذا العطاء العلمي بنفس الزخم والقوّة الذي أقدح شرارته المتقدّمون من الفقهاء والله وليّ التوفيق. ي.

ص: 155


1- معجم رجال الحديث 1 / 13 - 14 المدخل ، مقدمة مرتضى الحكمي.

مصادر التوثيقات

1 - القرآن الكريم.

2 - الإجازة الكبيرة (الى الشيخ عبد الصمد والد الشيخ البهائي). زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه).

3 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي). محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث ، قم / 1404 ه.

4 - الاستبصار. محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). تحقيق : السيد حسن الخرسان ، سنة 1406 ه.

5 - الإصابة إلى معرفة الصحابة. أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني (ت 852 ه). طبعة مصر في 4 مجلدات وبهامشه الاستيعاب للقرطبي. مطبعة السعادة القاهرة / 1328 ه.

6 - اضواء على السنة المحمدية (أو دفاع عن الحديث). الشيخ محمود أبو رية (ت 1390 ه). اسماعيليان ، قم.

7 - إعلام الورى بأعلام الهدى. الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه). تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / 1417 ه.

8 - أمل الآمل. الحرّ العاملي (1104 ه). دار الكتاب الاسلامي ، قم.

9 - انساب الاشراف. أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (من اعلام القرن الثالث الهجري). نسخة مخطوطة مصورة.

10 - بحار الانوار. العلاّمة المجلسي (ت 1111 ه) ، مؤسسة الوفاء ، بيروت / 1403 ه.

11 - البشرى. جمال الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت 673 ه).

12 - تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام. السيد حسن بن هادي الصدر (ت 1354 ه). ط سنة 1411 ه.

13 - التحرير الطاووسي. الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين العاملي (ت

ص: 156

1011 ه). تحقيق : محمد حسن ترحيني ، ط 1408 ه.

14 - تذكرة الحفاظ. الذهبي (ت 748 ه). دار احياء التراث ، بيروت.

15 - تعليقة السندي بهامش سنن النسائي. دار احياء التراث العربي ، بيروت.

16 - تفسير القمي. أبو الحسن علي بن ابراهيم القمي (القرن الرابع الهجري). الطبعة الاولى المحققة بيروت 1411 ه.

17 - تفسير النيشابوري بهامش تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن). أبو جعفر الطبري محمد بن جرير (ت 310 ه) ، طبع مصر.

18 - التقييد والإيضاح (شرح مقدمة ابن الصلاح). الحافظ العراقي. تحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان.

19 - تنقيح المقال في أحوال الرجال. الشيخ عبد الله بن محمد حسن المامقاني (ت 1351 ه). المكتبة المرتضوية النجف الأشرف 1350 ه.

20 - تنوير الحوالك شرح موطأ مالك. السيوطي (ت 911 ه). دار الكتب العلمية ، بيروت / 1418 ه.

21 - تهذيب الأحكام في شرح المقنعة. محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). تحقيق : السيد حسن الخرسان ، ط سنة 1401 ه.

22 - جامع الرواة. محمد بن علي الاردبيلي (من فقهاء القرن الثاني عشر الهجري). ط سنة 1403 ه.

23 - جامع بيان العلم وفضله. ابن عبد البر (ت 463 ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1398 ه.

24 - حصر الاجتهاد. آقا بزرك الطهراني (ت 1389 ه) ، تحقيق : محمد علي الأنصاري ، مطبعة خيّام ، قم / 1401 ه.

25 - حل الإشكال في معرفة الرجال. علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس (ت 664 ه).

26 - خاتمة مستدرك وسائل الشيعة. الميرزا النوري (ت 1320 ه) ، مؤسسة آل البيتعليهم السلام لاحياء التراث ، قم / 1416 ه.

27 - الخلاصة. العلاّمة الحلّي (ت 726 ه). النجف الاشرف / 1381 ه.

ص: 157

28 - الدراية. الشيخ حسين بن عبد الصمد (ت 984 ه).

29 - الدراية (شرح البداية في علم الدراية) أو (الرعاية في علم الدراية). زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه). الطبعة الأولى قم / 1408 ه.

30 - الذريعة الى تصانيف الشيعة. الشيخ محمد محسن المعروف اقا بزرك الطهراني (ت 1389 ه). الطبعة الأولى.

31 - ذكرى الشيعة. محمد بن جمال الدين مكي بن شمس الدين المعروف بالشهيد الأول (ت 786 ه). مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، قم / 1419 ه.

32 - رجال ابن داود. تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي (ت 707 ه). تحقيق : محمد صادق بحر العلوم ، سنة 1406 ه.

33 - رجال الاسترابادي (منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال). الميرزا محمد بن علي الاسترابادي (ت 1028 ه).

34 - رجال السيد بحر العلوم (الفوائد الرجالية). محمد مهدي بحر العلوم. تحقيق : محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم. 1363 ه. ش.

35 - رجال الشيخ الطوسي (الفهرس). أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم. الطبعة الاولى 1381 ه.

36 - رجال العلامة الحلي (خلاصة الأقوال). الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر المشهور بالعلامة الحلي (ت 726 ه). المطبعة الحيدرية النجف الأشرف / 1381 ه.

37 - رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال). محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / 1404 ه.

38 - رجال النجاشي. أحمد بن علي النجاشي (ت 450 ه). مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم / 1416 ه.

39 - رسالة بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي مشهد المشرفة. الشيخ محمد واعظ زادة الخراساني.

40 - الرواشح السماوية. محمد باقر الحسيني المرعشي الداماد (ت 1040 ه).

ص: 158

مكتبة آية الله المرعشي قم المشرفة.

41 - سماء المقال. المحقق الكلباسي (ت 1356 ه).

42 - السنن الكبرى (سنن البيهقي). أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 ه). بيروت دار الفكر.

43 - شرح الفقيه. الشيخ البهائي (ت 1031 ه).

44 - شرح نهج البلاغة. عز الدين بن هبة الله بن أبي الحديد المعتزلي (ت 655 ه). تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم. القاهرة : البابي الحلبي 1959 م.

45 - الصحيفة السجادية. مجموع ما أملاه الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه السلام من الأدعية. طبعت مرات عديدة. انتخبنا طبعة مكتب قرآن ، تقديم السيد مير أحمد الروضاتي طهران.

46 - الصلاة. الشيخ مرتضى الانصاري (ت 1281 ه). (ضمن كتاب المكاسب). طبعة حجرية.

47 - عدة الاصول. محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). طبع بومبي الهند.

48 - الغيبة. أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه). مكتبة بصيرتي قم / 1408 ه.

49 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري. أحمد بن علي العسقلاني (ابن حجر) (ت 852 ه). مصر بولاق ، بدون تاريخ.

50 - فرج المهموم. رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس (ت 673 ه). منشورات الرضي قم / 1363 ه. ش.

51 - فلاح السائل ونجاح المسائل. علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس (ت 673 ه). مكتب التبليغ الاسلامي للحوزة العلمية قم المشرفة.

52 - الفوائد الرجالية. محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني (ت 1205 ه). مطبوع مع رجال الخاقاني ، للشيخ علي الخاقاني (ت 1334 ه). تحقيق : محمد صادق بحر العلوم. سنة 1404 ه.

53 - فهرس أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم. الشيخ منتجب الدين بن بابويه (ت بعد 585 ه). تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي. سنة 1406 ه.

ص: 159

54 - قاموس الرجال. عبد الله التستري (ت 1021 ه).

55 - الكافي (الاصول ، الفروع ، الروضة). أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ت 329 ه). طهران : دار الكتب الاسلامية ، 1379 ه.

56 - كامل الزيارات. أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (ت 367 ه). المطبعة المرتضوية النجف الاشرف 1356 ه.

57 - الكفاية في علم الرواية. الخطيب البغدادي (ت 463 ه). مطبعة السعادة القاهرة 1972 م.

58 - كلّيات في علم الرجال. جعفر السبحاني ، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة إلى جماعة المدرسين ، قم / 1414 ه.

59 - كنز العمال من سنن الاقوال والافعال. علاء الدين المتقي الهندي (ت 975 ه). الطبعة الثانية. حيدرآباد : جمعية دائرة المعارف العثمانية / 1369 ه.

60 - لؤلؤة البحرين. الشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186 ه). تحقيق محمد صادق بحر العلوم. مطبعة النعمان النجف الاشرف.

61 - مجمع الرجال. عبد الله التستري (ت 1021 ه).

62 - مجمع الرجال. عناية الله القهبائي (ت بعد سنة 1026 ه). اسماعيليان قم المشرفة. الطبعة الثانية.

63 - مرآة العقول في شرح أخبار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). محمد باقر المجلسي (ت 1111 ه). دار الكتب الاسلامية طهران / 1398 ه.

64 - مسالك الافهام الى شرح شرائع الاسلام. زين الدين الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه). مؤسسة المعارف الاسلامية ، قم / 1416 ه.

65 - مستدرك الوسائل. الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه). المكتبة الاسلامية قم المشرفة.

66 - مسند أحمد. أحمد بن حنبل (ت 241 ه). بيروت : المكتب الاسلامي / 1398 ه.

67 - مشايخ الثقات. الميرزا غلام رضا عرفانيان. المطبعة العلمية قم المشرفة

ص: 160

1409 ه.

68 - مشرق الشمسين. الشيخ البهائي (ت 1031 ه). ضمن رسائل الشيخ البهائي ، مكتبة بصيرتي ، قم.

69 - مصفى المقال في مصنفي علم الرجال. الشيخ اقا بزرك الطهراني (ت 1389 ه). سنة 1408 ه.

70 - معارج الأصول. المحقّق الحلّي (ت 676 ه). مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث.

71 - المعالم. الشيخ حسن (ت 1011 ه). طبع عبد الرحيم.

72 - المعتبر في شرح المختصر. نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي (ت 676 ه). مجمع الذخائر الاسلامية ، قم.

73 - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة. السيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 ه). سنة 1409 ه.

74 - المُغني. عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي (ت 620 ه). تحقيق جماعة من العلماء. بيروت : دار الكتاب العربي.

75 - مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث. تحقيق : الدكتورة عائشة عبد الرحمن. دار الكتب القاهرة.

76 - الملل والنحل. الشهرستاني (548 ه). دار المعرفة ، بيروت.

77 - مناقب. أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب (ت 588 ه). المطبعة العلمية قم المشرفة.

78 - منتهى المطلب. الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة (ت 726 ه). طبعة الحاج أحمد تبريز.

79 - منتهى المقال في أحوال الرجال. أبو علي الحائري المازندراني (ت 1216 ه). تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام قم / 1416 ه.

80 - من لا يحضره الفقيه. أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه الصدوق (ت 381 ه). بيروت : الأعلمي / 1408 ه.

81 - منهج المقال. محمد جعفر الاستر آبادي (ت 1263 ه). طبعة حجرية.

ص: 161

82 - الموضوعات. ابن الجوزي (ت 597 ه) ، المكتبة السلفية ، المدينة المنورة / 1386 ه.

83 - مهج الدعوات. رضي الدين أبو القاسم على بن موسى ابن طاووس (ت 673 ه). 1399 ه.

84 - المهذب البارع في شرح النافع. أحمد بن شمس محمد بن فهد الحلي (ت 841 ه).

85 - مؤلفوا الشيعة في صدر الإسلام. السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (ت 1377 ه). مطبعة النعمان النجف الأشرف.

86 - النص والاجتهاد. السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي. بيروت : مؤسسة الاعلمي ، 1386 ه.

87 - نقد الرجال. مصطفى بن الحسين التفريشي (من أعلام القرن الحادي عشر). طبعة حجرية.

88 - الوافي. محمد محسن بن شاه مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني (ت 1091 ه). مكتبة آية الله المرعشي قم / 1404 ه.

89 - الوجيزة في علم الرجال. محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت 1111 ه). ترتيب عبد الله السبزالي. الاعلمي بيروت 1995 م.

90 - وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة. محمد حسن العاملي (ت 1104 ه). المطبعة الاسلامية طهران.

91 - هداية المحدثين (مشتركات الكاظمي). محمد أمين بن محمد علي الكاظمي (ق 11 ه). تحقيق السيد مهدي الرجائي. طهران : مطبعة حيدري.

ص: 162

مدرسة الحلّة وتاجم علمائها من النشوء إلى القمّة (1)

السيّد حيدر وتوت الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، الواسع العليم والوارث الحكيم ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيّد الأوّلين والآخرين نبيّنا الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)مدينة العلم وخير أنبياء أولي العزم ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين أفضل وأكمل سادات ذوي الألباب والفهم.

وبعد :

فالحديث عن سير وتراجم العلماء الأفاضل والفقهاء الفطاحل وما يتخلّله من ذكر لمناقبهم وكراماتهم وما كانوا عليه من صفات الزهد والعرفان وما هي أهمّ آثارهم من مصنّفات ومؤلّفات لهو من خير الكلام وأحسنه ، وشعبة مباركة من شعب الإيمان بالله عزّ وجلّ ، يسعى إليها كلّ مؤمن عاشق للفضيلة ويتطلّع إليها كلّ طالب علم ومعرفة ، فهو تخليدٌ لذكرهم ووفاءٌ لحقِّهم بما قدّموا من خدمات جليلة وتضحيات سخية خدمةً للدين والعقيدة ، فهم بحقٍّ أنوار الله في الأرض وسبل هداية لكلّ

ص: 163

حيران ضالّ.

ومنزلة العلماء ومراتبهم الكبيرة السامية قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز قائلاً في سورة آل عمران : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ)(1) وقوله عزّ وجلّ : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)(2) وفي سورة الزُّمَر : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاَْلْبَابِ)(3) وغيرها من الآيات الكريمة المباركة المبيّنة لفضل العلماء ومراتبهم العالية.

ومن بين علماء المسلمين الذين تعجُّ بهم كتب التراجم والتاريخ علماء مدينة الحلّة الفيحاء الذين هم وبحقٍّ جزء لا يتجزّأ من تاريخ علماء الإسلام ، أولئك العلماء الفطاحل الذين قدّموا ما قدّموا في سبيل نصرة الدين ونشر العلم والمعرفة.

وكنت قد تناولت في كتابي المزارات ومراقد العلماء في الحلّة الفيحاء جانباً من تراجم بعض أولئك العلماء الأعلام عند ذكري لمراقدهم الموجودة في المدينة الفيحاء ، وفي بحثي المتواضع هذا حاولت دراسة النهضة العلمية الثقافية في الحلّة وما هي أسباب نشوئها واستمرارها مع توضيح بعض ملامح وصفات المدرسة العلمية فيها والتي استمرّت ما يقارب ثلاثة قرون ونصف تقريباً ، أنجبت خلالها المئات من العلماء الأعلام والأدباء الكرام الذين حازت بفضلهم مدرسة الحلّة الزعامة الدينية وأصبحت لعقود طويلة من الزمن قبلةً لعشّاق العلم والأدب. 9.

ص: 164


1- سورة آل عمران 3: 18.
2- سورة المجادلة 58: 11.
3- سورة الزمر 39: 9.

وقبل ذكري لتراجم العلماء وتقسيمهم حسب عصور النهضة العلمية ذكرت نُبذاً مختصرةً عن أهمّ الأسر والبيوت العلمية في الحلّة وأماكن الدرس فيها ومشاركة علماء الحلّة في العلوم الإسلامية المختلفة وأهمّية التلاقح العلمي بين مدينة الحلّة والمدن الإسلامية الأخرى وغيرها من المباحث ذات الصلة بالموضوع ، وأتممت البحث بخاتمة هي لأبواب البحث خاتمة وليس لمسيرة العلم خاتمة.

ولا يسعني هنا إلاّ أنْ أتقدّم بعظيم الشكر والامتنان لسماحة العلاّمة الكبير المحقّق حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمد مهدي السيّد حسن الخرسان الموسوي (دام ظلّه) الذي تفضّل علينا - وهو للفضل أهل - بملاحظاته السديدة وتوجيهاته المباركة للوصول ببحثنا المتواضع هذا إلى أفضل ما يمكن.

وأتوجّه بوافر الشكر والتقدير لفضيلة أُستاذي الجليل الاُستاذ الدكتور المؤرّخ السيّد حسن الحكيم الذي يُحيطني دوماً برعايته العلمية الكريمة من إرشادات وملاحظات قيِّمة مفيدة ترتقي بالبحث إلى أفضل صورة ممكنة.

ولا يفوتني أيضاً تقديم الشكر الجزيل لكلِّ من مدّ يد العون والمساعدة من أجل إخراج هذا البحث ، وخصوصاً مركز الكوثر الثقافي وهيئته الإدارية المباركة ومجلّة تراثنا وهيئة تحريرها ، وسيجزي الله المحسنين.

(والله سبحانه وليّ التوفيق)

حيدر سيّد موسى وتوت الحسيني

12 ربيع الأوّل 1424 ه.

ص: 165

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها

من النشوء إلى القمّة

الحلّة والمعنى اللغوي :

قال الفراهيدي في كتابه العين(1) : «المَحَّلة : منزل القوم ، وأرضٌ مِحلال : إذا أكثر القوم الحلول بها ، والحلّة : قوم نزول ، قال الأعشى :

لقد كان في شيبان لو كنت عالماً

قبابٌ وحتّى حلّة وقبائلُ»

وقال ياقوت في معجم البلدان(2) : «الحِلّة : بالكسر ثمّ التشديد ، وهو في اللغة القوم النزول وفيهم كثرة ... والحلّة أيضاً شجرة شاكّة أصغر من العوسج».

وجاء في مختار الصحاح(3) للرازي : «الحِلّ أيضاً ما جاوز الحرم ، وقومٌ حِلَّةٌ ، أي : نزول وفيهم كثرة ، والحلّة أيضاً مصدر قولك : حلّ الهدْيُ».

وقال صاحب القاموس المحيط(4) : «وأرض حِلاوة : تنبت ذكور البقل ، والحُلاوي بالضمّ : شجرة صغيرة ونبت شائك ... إلى قوله : والحِلاةُ بالكسر : جبل قرب المدينة».

وفي مجمع البحرين(5) (كتاب اللام) : «وحلَّ بالمكان حلاًّ وحلولاً : 1.

ص: 166


1- العين 1/418.
2- معجم البلدان 2/294.
3- مختار الصحاح: 151.
4- القاموس المحيط 2/1675.
5- مجمع البحرين: 451.

نزل ، والمحِلّ : المكان الذي تحلّه ...».

الحلّة في كتب المؤرّخين :

تناول العديد من المؤرّخين وأصحاب الرحلات التاريخية مدينة الحلّة ، وذكروا تأسيسها على يد الأمير صدقة المزيدي عام (495 ه) ، وأشاروا إلى أهمّيتها التاريخية المتميّزة ومكانتها العلمية والأدبية ، وتطرّقوا أيضاً لذكر موقعها الجغرافي المتميّز حيث خصوبة التربة واعتدال المناخ وطيب الهواء ونقائه ، وكانت هذه الصفات سبباً لتسميتها بالحلّة الفيحاء ، وإليك بعض ما كتب عنها :

الحلّة في رحلة ابن جبير(1) :

قال الرحّالة محمد بن أحمد بن جُبير الكناني المتوفّى عام (641 ه) عند ذكره مدينة الحلّة :

«هي مدينة كبيرة عتيقة الوضع مستطيلة لم يبق من سورها إلاّ حلق من جدار ترابي مستدير بها ، وهي على شطّ الفرات يتّصل بها من جانبها الشرقي ويمتدّ بطولها ، ولهذه المدينة أسواق حفيلة جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية ، وهي قوية العمارة كثيرة الخلق متصلة حدائق النخيل ، وألفينا بها جسراً عظيماً معقوداً على مراكب متّصلة من الشطّ إلى الشطّ تحفّ بها من جانبها سلاسل من حديد كالأذرع المفتولة عُظماً وضخامة ترتبط إلى خشبة مثبتة في كلا الشطّين تدلّ على عظم الاستطاعة والقدرة ، أمر الخليفة بعقده على الفرات اهتماماً بالحاج واعتناء بسبيله ، 1.

ص: 167


1- رحلة ابن جبير: 1.

وكانوا قبل ذلك يعبرون في المراكب فوجدوا هذا الجسر قد عقده الخليفة في مغيبهم ولم يكن عند شخوصهم إلى مكّة شرّفها الله ، وعبرنا الجسر ظهر يوم الأحد المذكور ونزلنا بشطّ الفرات على مقدار فرسخ من البلد ، وهذا النهر كاسمه فرات هو من أعذب المياه وأخفّها ، وهو نهر كبير زاخر تصعد فيه السفن وتنحدر ، والطريق من الحلّة إلى بغداد من أحسن الطرق وأجملها في بسائط من الأرض وعمائر تتصل بها القرى يميناً وشمالاً ، ويشقّ هذه البسائط أغصان من ماء الفرات تتسرّب بها وتسقيها ، فمحرثها لاحَدَّ لاتساعه وانفساحه ، فللعين في هذه الطريق مسرح انشراح وللنفس مزيد انبساط وانفساح ، والأمن فيها متصل بحمد الله سبحانه وتعالى».

الحلّة في رحلة بنيامين(1) :

في هذه الرحلة تطرّق الرحّالة بنيامين بن يونة التطلي الأندلسي اليهودي(2) إلى ذكر اليهود وخرائب بابل القديمة فقال :

«خرائب بابل : هي بابل الكبرى القديمة ، لم يبق منها اليوم سوى الأطلال الدارسة ، وتمتدّ هذه الخرائب إلى مسافة ثلاثين ميلاً ، ويشاهد فيها بقايا قصر بخت نصّر ، والناس تخاف الولوج فيه لكثرة ما به من عقارب وأفاعي ، وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد عن هذه الأطلال يقيم عشرون ألفاً من اليهود ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لأقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المتين المهذّب والآجر ، وفي بابل بقايا أتون من النار الذي طرح فيه حنينه وميشائيل وعزرية على مقربة من قصر بخت ه.

ص: 168


1- رحلة بنيامين: 140 - 141.
2- كان حياً عام 561 ه. وهو تاريخ رحلته كما جاء ذلك في ص29 من رحلته.

نصّر ، وتسمّى الأراضي المنبسطة التي حول بابل (بقعة دوره) وهي معروفة عند الجميع ، وعلى بعد خمسة أميال منها الحلّة فيها نحو عشرة آلاف يهودي ، عندهم أربع كنائس ، أوّلها الربي مئير وفيها قبره ، والثانية الربي زعيري بأرحامه وفيها قبره أيضاً ، ويقيم اليهود فريضة الصلاة في هذه الكنائس كلّ يوم ، ومنها على مسيرة أربعة أميال برس نمرود».

الحلّة في معجم البلدان :

قال ياقوت الحموي (المتوفّى عام 626 ه) في معجم البلدان(1) :

«علم لعدّة مواضع ، وأشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، طولها سبع وستّون درجة وسدس وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ، تعديل نهارها خمس عشرة درجة ، وأطوال نهارها أربع عشرة ساعة وربع ...».

وفي مراصد الإطّلاع(2) للشيخ صفيّ الدين عبد المؤمن البغدادي (المتوفّى 793 ه) قوله :

«الحِلّة بالكسر والتشديد : عدّة مواضع ، أشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، أوّل من عمّرها سيف الدولة صدقة بن منصور بن علي المزيدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ...» إلى آخر ما قاله ياقوت في معجم البلدان. 9.

ص: 169


1- معجم البلدان 2/294.
2- مراصد الإطّلاع 1/419.

الحلّة في رحلة ابن بطّوطة(1) :

قال الشيخ الرحّالة محمد بن عبد الله بن بطّوطة (كان حيّاً عام 757 ه) عند ذكر مدينة الحلّة :

«... ونزلنا بئر ملاحة وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ، ونزلت بخارجها وكرهت دخولها لأنّ أهلها روافض. ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة الحلّة ، وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ، ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات ، وهي كثيرة العمارة ، وحدائق النخل منتظمة بها داخلاً وخارجاً ودورها بين الحدائق ، ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة فيما بين الشطّين تحفّ بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطّين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، وأهل هذه المدينة كلّهم إمامية اثنا عشرية ، وهم طائفتان : إحداهما تعرف بالأكراد ، والأخرى تعرف بأهل الجامعين ، والفتنة بينهم متصلة والقتال قائم أبداً ، وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمّونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عاداتهم أن يخرج في كلّ ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة ، فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً مُلجماً أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابّة ، ويتقدّمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها ، ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون في الباب ويقولون : 8.

ص: 170


1- رحلة ابن بطوطة 1/138.

باسم الله يا صاحب الزمان باسم الله اخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم وهذا أوان خروجك فيفرق الله بك بين الحقّ والباطل ، ولا يزالون كذلك وهم يضربون الأبواق والأطبال والأنفار إلى صلاة المغرب ، وهم يقولون : إنّ محمد بن الحسن العسكري دخل ذلك المسجد وغاب فيه وإنّه سيخرج وهو الإمام المنتظر ...».

وجاء في روضات الجنّات(1) في ذيل ترجمة الشيخ محمد بن إدريس الحلّي :

«وأمّا الحلّي فهي نسبة إلى حِلّة بكسر الحاء المهملة على وزن مِلّة ، فهي بُليدة طيّبة جديدة البناء جميلة الهواء جيّدة الفضاء بأرض عراق العرب واقعة على شاطئ الفرات ، يقول في وصفها المولى عبد الرحمن الجامي :

حلّة جنّة عدن

وعليها غرفات»

وفي موارد الإتحاف(2) : «إنّ حلّة بني مزيد مدينة شهيرة مزدهرة بالعلماء والفضلاء والأدباء والشعراء من القرن الرابع إلى القرن التاسع الهجري ، وقصدها الناس من سائر أطراف العالم الإسلامي لتحصيل المعارف الإسلامية ، وتخرّج منها العلماء والأدباء ما لا يحصى ذكرهم ، وفي المعاجم ذكر بعض أوصافهم ، وسكنها جماعة من الطالبيّين وتقدّموا فيها».

وجاء في كتاب أصول أسماء المدن والمواقع العراقية(3) لمؤلّفه المحامي بابان قوله :

«تقع حلّة بني مزيد غربي الفرات أوائل تمصيرها ، وهي على بعد 7.

ص: 171


1- روضات الجنّات 6/289.
2- موارد الاتحاف 1/174.
3- أصول اسماء المدن والمواقع العراقية 1/97.

بضعة أميال جنوبي أطلال بابل ، وقد نشأت في هذه البقعة (أرض بابل) حضارات قديمة بابلية وكلدانية وسومرية أطلق عليها العرب اسم (النبط) ، ذلك لمعرفته بأنباط الماء - أي استخراجه - لكثرة فلاحتهم ، وسمّوا أرضه بالسواد لخضرته بالنخيل والزرع ، وتعرف قديماً باسم (سورستان) ، وإليها ينسب السريانيّون وهم النبط وإنّ لغتهم السريانية ، ومن نبط بابل (الإمام أبو حنيفة) واسم جدّه زوطي نبطي ، ثمَّ أخذ هذا الشعب يمتزج بالفاتحين العرب ويتعلَّم منهم ويدخل في دينهم ... إلى قوله بعد تعداده لبعض قرى الحلّة : وباختصار فإنّ مدينة الحلّة سمّيت كذلك لأنّ بني مزيد حلّوا فيها فصارت حلّتهم - أي : محلّتهم ومجلسهم ومجتمعهم - ورئيسهم سيف الدولة الذي أنشأها سنة 495 ه. (1102 م)».

قرى مدينة الحلّة وأعمالها :

لابدّ لنا هنا من الإشارة إلى قرى مدينة الحلّة وأعمالها بشكل عامّ وموجز مع التعريف بأهمّ قُراها العلمية وذلك لانتماء وانتساب العديد من العلماء والأدباء إليها - وإنَّ من أولئك العلماء الأفذاذ من يذكر ويُعرَف بأسماء تلك القرى ، أمثال الفقيه الفاضل الشيخ المقداد السيوري ، والشيخ الجليل كمال الدين عبد الرحمن العتايقي ، والحافظ الشاعر الشيخ رجب البرسي ، وغيرهم كثير - وكذلك أيضاً لما كانت تمثّله تلك القرى من روافد حيّة متدفّقة وفيرة العطاء تمدّ وتغذّي أرض الفيحاء بشرايين الحياة الاقتصادية المتمثّلة في الزراعة والتجارة من جهة ، وبالنهضة الفكرية العلمية العملاقة المتمثّلة بتدفّق رجال العلم والأدب إليها من جهة أخرى ، وللتعرّف على أسماء تلك القرى بشكل عامّ والعلمية منها بشكل خاصّ نذكرها هنا

ص: 172

بإيجاز نقلاً عن كتاب تاريخ الحلّة(1) للشيخ يوسف كركوش ، وهي كما يلي :

1 - الإسكندرية : منسوبة إلى اسكندر المقدوني ، بلدة في أرض بابل.

2 - الأميرية : منسوبة إلى الأمير ، من قرى النيل من أرض بابل ، ينسب إليها أبو النجم بدر بن جعفر الضرير الشاعر ، توفّي سنة 611 ه.

3 - بابِل : بكسر الباء ، اسم ناحية منها الكوفة والحلّة ، واسم مدينة خراب بقرب الحلّة.

4 - بَتّا : بالفتح وتشديد الثاني ، مقصور ، وقد يكتب بالياء أيضاً ، وهي قرية ببلدة الحلّة ...

5 - بَرْبِيسْيا : بفتح الباء الأولى وسكون الراء وكسر الباء الثانية وسكون السين المهملة ، طسوح في كورة الأستان الأوسط تحت حلّة بني مزيد.

6 - بُرْس : بضمّ الموحّدة وسكون الراء والسين المهملة ، ناحية من أرض بابل وهي بحضرة الصرح صرح نمرود بن كنعان ، وهي الآن قرية معروفة قبل الكوفة ، من هذه القرية الشيخ رجب البرس ، وإليها ينسب عبد الله بن الحسن البرسي كان من أجلّة الكتّاب وعظمائهم ولي ديوان (باذرويا) في أيّام المعتضد وغيره.

7 - بَرملاحة : بالفتح والحاء المهملة ، موضع من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد شرقي قرية يقال لها : القيسونات ، ذكرها الرحّالة ابن بطّوطة 4.

ص: 173


1- تاريخ الحلّة 1/4.

في رحلته(1) فقال : «هي بلدة حسنة بين حدائق النخيل ...».

8 - بَرْمنايا : بفتح أوّله وسكون ثانيه بعده ميم ونون وألف وياء معجمة باثنتين من تحتها وألف ، موضع بالسواد ...

9 - بَزِيْقِيا : بالفتح ثمّ الكسر وياء ساكنة وكسر القاف وياء وألف ، قرية قريبة من حلّة بني مزيد.

10 - بَغَلّة : بفتح أوّله وثانيه وتشديد ثالثه ، بلد قريب من الحلّة ...

11 - بَنُوْرا : بالفتح ثمّ الضمّ وواو ساكنة وراء بعدها ألف مقصورة ، تحت الحلّة المزيدية قرب سوراء.

12 - الحَصّاصة : بالفتح وتشديد ثانيه ، من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة.

13 - الخالصة : وهي قرية في الصدرين أحد أعمال الحلّة ، نسب إليها أحمد الخالصي ابن أبي الغنائم محمد بن زيد من أحفاد محمد بن الحسن الزاهد ، ويقال لولده : بنو الخالصي ، وكانوا أهل بيت رياسة وزهد بسورا.

14 - دارخ : من أعمال الحلّة ، ومن توابعة الشرفية التي هي اليوم قرية من قرى الحلّة التابعة لقضاء الهاشمية ....

15 - زاقف : قرية من نواحي النيل من ناحية بابل ، نسب إليها أبو عبد الله محمد بن محمود الأعجمي الزاقفي ، قرأ الأدب على الشيخ أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري وسافر في طلب العلم ، وفي قاموس الفيروز آبادي(2) أنّها - الزاقفية - قرية بالسواد.د.

ص: 174


1- رحلة ابن بطوطة: 239.
2- القاموس المحيط 3: 148 وفيه: والزاقفية بالسواد.

16 - الزاوية : موضع فيه عدّة قرى نفيسة بالصدرين من أعمال الحلّة ...

17 - سورى : اَلِفه مقصورة بوزن بشرى ، من أرض بابل ، وهي مدينة تحت الحلّة لها نهر ينسب إليها وكورة قريبة من الفرات. وجاء في مجمع البحرين(1) : «سورى كطوبى - وقد تمدّ - بلدة بالعراق من أرض بابل من بلاد السريانيّين».

أقول :

وهذه القرية هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة وقد أخرجت الكثير من العلماء والأدباء الذين ينسبون إليها.

18 - السِيْب : بكسر أوّله وسكون ثانيه ، وهو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلّة ، وعليه بلد تسمّى باسمه ، منه صباح بن هارون ، ويحيى بن أحمد المقرئ ، وهبة الله بن عبد الله مؤدّب المقتدر ، وأحمد بن عبد الوهاب مؤدّب المقتفي.

أقول :

وهي أيضاً من القرى العلمية ، وإليها ينسب الشيخ الفاضل شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح السيبي القُسِّيني تلميذ المحقّق الحلّي صاحب شرائع الإسلام قدس سره.

19 - سُيور : بضمّ السين مع الياء المخفّفة التحتانية ، هي قرية من قرى الحلّة كما في فهرست والد الشيخ البهائي ، وإليها ينسب أبو عبد الله 2.

ص: 175


1- مجمع البحرين 2: 452.

مقداد السيوري الأسدي الذي يروي عن الشهيد محمد بن مكّي.

20 - شوشه : قرية بأرض بابل أسفل من حلّة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر عليه السلام ...

21 - الصدرين : من أعمال الحلّة ، تقدّم ذكره في الخالصة والزاوية.

22 - الصروات : كأنّه جمع صروة ، وهي قرية من سواد الحلّة المزيدية ، ردّ إلى واحده ، وقد نسب إليها أبو الحسن علي بن منصور بن أبي القاسم الربعي المعروف بابن الرطلين الصروي ، ولد بها ونشأ بواسط وسكن بغداد.

23 - صريفين : قرية من أعمال الحلّة المزيدية ، وفي معجم البلدان لياقوت : «عدّة قرى من بابل ، منها أصل آل الفرات الوزراء عند العباسيّين ، وهم بابليوصريفين ...».

24 - العتائق : جمع عتيقة ، وهي قرية شرقي الحلّة المزيدية ، وإليها ينسب كمال الدين عبد الرحمن بن محمد العتايقي صاحب المؤلّفات الممتعة ، واليوم تعرف هذه القرية باسم (العتايج) بإبدال القاف جيماً كما هي القاعدة المتبعة في اللسان الدارج.

25 - الغامرية : قرية من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد ، منها أصل أبي الفتح بن جيا الكاتب الشاعر.

26 - قُبَّين : بالضمّ ثمّ الكسر والتشديد وياء مثنّاة من تحت وآخره نون ، اسم أعجمي لنهر وقرية في سواد الحلّة ...

27 - قصر بني هبيرة : مدينة بناها يزيد بن عمر بن هبيرة لمّا ولي العراق من قبل مروان بن محمد الأموي ، وقد أخذت هذه المدينة بالاتساع ، ولمّا آلت الخلافة إلى السفّاح اتخذها عاصمة وسمّاها

ص: 176

الهاشمية ...

28 - قنا قيا : هي من قرى الحلّة الجنوبية ، قال الشيخ يوسف كركوش : «لم أعثر على ذكر لها في كتب معاجم البلدان غير أنّ اسمها ورد ببعض الصكوك القديمة ...».

29 - القنطرة : ذكرها ابن جبير في رحلته فقال : «نزلنا بقرية تعرف بالقنطرة كثيرة الخصب كبيرة المساحة ...».

30 - القِيْلوية : بكسر أوله وسكون ثانيه ولام مضمومة وواو ساكنة ، قرية من نواحي مطير باد قرب النيل ، إليها ينسب أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القبلوي.

31 - قوسان : بالضمّ ثمّ السكون وسين مهملة وآخره نون ، كورة كبيرة ، ونهر عليه مدن وقرى ...

32 - المباركة : قرية من قرى النيل ، ورد ذكرها عرضاً في كتب التاريخ.

33 - المزيدية : هي قرية من قرى الحلّة الجنوبية ، وقد جاء ذكر اسمها عرضاً في تاريخ الغياثي عند هجوم أسبان على الحلّة ، ولا تزال موجودة الآن ، وفي المراصد(1) جاءت بلفظ : مزيد.

أقول :

هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة ، وينسب إليها العديد من العلماء والاُدباء ، أمثال الفقيه العلاّمة الشيخ رضي الدين أبي الحسن علي بن أحمد المزيدي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس سره. 6.

ص: 177


1- مراصد الاطلاع 3: 1266.

34 - مطير باد : بلد يقع على النيل ، وهو من أعمال الحلّة ، وتتبعه قرى كثيرة ، وإليها ينسب الشيخ أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي تلميذ الشيخ المفيد ، وهو مصنّف كتاب الرجال ، توفّي في مطير باد في جمادى الأوّل سنة (450 ه) وكان مولده في صفر سنة (372 ه).

أقول :

هي أيضاً من القرى العلمية في الحلّة ، ومن أشهر من ينسب إليها العلاّمة الفقيه الفاضل الشيخ زيد الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطار آبادي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس سره.

35 - المشترك : عمل من أعمال الحلّة المزيدية وعدّة قرى ، ينسب إليها علي بن غنيمة بن علي المقرئ ، قدم بغداد وقرأ القرآن بالسبع على الشيخ أبي محمد بن علي سبط أبي منصور أحمد الخيّاط وغيره ...

36 - المنقوشية : من قرى النيل من أرض بابل.

37 - النجيمة : قرية من نواحي النيل بالعراق.

38 - نهر الدير : نهر بين فراشا وشطّ النيل من بلد الحلّة.

39 - نَرْس : بالفتح ثمّ السكون ، قرية من سواد الحلّة ، وإليها ينسب بعض رجال الأدب والعلم.

40 - النورية : قرية من قرى الحلّة ، نزل بها أبو عبد الله الضرير ، وينسب إليها الحسين بن هدآب بن محمد بن ثابت الديري النحوي اللغوي المقرئ الفقيه الشاعر المتفنّن المتوفّى 562 ه.

41 - النيل : بكسر أوّله بلفظ النيل الذي يصبغ به الثياب ، بلدة تقع

ص: 178

على نهر النيل ، وهو يتفرّع من نهر الفرات العظمى ، احتفره الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة 82 ه- ، هو عمود عمل قوسان ، يصبّ فاضله إلى دجلة تحت النعمانية ، كانت بلدة النيل مركز الإمارة المزيدية قبل تأسيس الحلّة ، وكان على نهر النيل أربعمائة قرية آهلة بالسكّان ، والآن لا وجود لهذه القرى ، وكان في وسط بلد النيل من قوسان قنطرة (هاسي) على شطّه محكمة البناء ، ولا تزال بقايا هذه القنطرة ...

أقول :

هي من أشهر القرى العلمية في الحلّة التي أنجبت الكثير من العلماء والاُدباء ممّن ينسبون إليها ، وسيأتي تراجم بعض منهم ضمن فصول بحثنا هذا.

42 - واسط : قرية قرب مطير باد قرب حلّة بني مزيد يقال لها : واسط مرزاباد ، منها أبو عبد الله الواسطي الشاعر ...

أقول :

وممّن ينسب إلى هذه القرية أيضاً الفقيه الفاضل الكامل الشيخ كمال الدين علي بن الحسين بن حمّاد الليثي الواسطي تلميذ السيّد عبد الكريم بن طاووس قدس سره.

43 - هِرَقلة : بالكسر ثمّ الفتح ، قرية مشهورة من بلد الحلّة من عمل الصدرين ، وإليها ينسب إسماعيل بن الحسن بن الحسين بن علي الهرقلي الذي خرجت على فخذه توثة ، وكان زميل السيّد علي بن طاووس.

44 - اليهودية : قال الرحّالة بنيامين : «وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد

ص: 179

من هذه الأطلال (أطلال بابل) يقيم عشرون ألفاً من اليهود ، ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لإقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المهذّب والآجر». قال الشيخ يوسف كركوش معقّباً على كلام صاحب الرحلة : «لم يُسمِّ هذا الرحالة هذه البقعة ، وقد أطلقت عليها اسم اليهودية بالنسبة إلى ساكنيها ، وهم اليهود».

تأسيس مدينة الحلّة :

اتفق المؤرّخون على أنّ تأسيس مدينة الحلّة الفيحاء (الحلّة الحاضرة) وتمصيرها بشكل رسمي وتأسيس وإنشاء مرافق الحياة فيها كان على يد الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي وذلك عام (495 ه) ، حيث نزل بها وجعلها سكناً لأهله وأصحابه.

قال ابن الأثير في تاريخه(1) عند ذكره لحوادث عام (495 ه) :

«وفيها بنى سيف الدولة صدقة بن مزيد الحلّة بالجامعين وسكنها ، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه قبله في البيوت العربية».

وفي معجم البلدان(2) قال ياقوت الحموي :

«وكان أوّل من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره واشتدّ أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية بركياروق ومحمد سنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين موضع في غربي الفرات ليبعد عن الطالب ، وذلك في 4.

ص: 180


1- الكامل في التاريخ 8/214.
2- معجم البلدان 2/294.

محرّم سنة (495 ه) ، وكانت أجمة تأوي إليها السباع ، فنزل بها بأهله وعساكره ، وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنّق أصحابه في مثل ذلك ، فصارت ملجأً ، وقد قصدها التجّار ، فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدّة حياة سيف الدولة ، فلمّا قُتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ..»

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب(1) :

«وكان صدقة شيعيّاً ، له محاسن ومكارم وحلم وجود ، ملك العرب بعد أبيه اثنين وعشرين سنة ، وهو الذي اختطّ الحلّة السيفية سنة خمس وتسعين وأربعمائة».

فضل الحلّة في كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام :

ذكر الشيخ المحدّث عبّاس القمّي في كتابه الكنى والألقاب(2) فضل مدينة الحلّة قائلاً :

«... وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام الإخبار بها ومدحها ومدح أهلها ، والرواية كما في إجازات البحار(3) عن الحاج زين الدين علي ابن الشيخ زين الدين حسن بن مظاهر تلميذ فخر المحقّقين ابن العلاّمة عن مشايخه عن أمير المؤمنين عليه السلام وفي السماء والعالم(4) عن مجموعة الشهيد بخطّ الشيخ محمد الجباعي مُسنداً عن الأصبغ بن نباتة قال : صحبت مولاي أمير 5.

ص: 181


1- شذرات الذهب 4/2.
2- الكنى والألقاب 2/172.
3- بحار الأنوار 104/179.
4- بحار الأنوار 57/222 ح55.

المؤمنين عليه السلامعند وروده إلى صفّين وقد وقف على تلّ يقال له : (تلّ عرير) ثمّ أومى إلى أجمة ما بين بابل والتلّ وقال : مدينة وأي مدينة! فقلت له : يا مولاي أراك تذكر مدينة أكان هاهنا مدينة وانمحت آثارها؟ فقال : لا ، ولكن ستكون مدينة يقال لها : الحلّة السيفية ، يمدّنها رجل من بني أسد ، يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرَّ قسمهُ».

الإمارة المزيدية في الحلّة :

إنّ الحديث عن الإمارة المزيدية وأمرائها من آل مزيد الأسدي مؤسّسي الحلّة السيفية (الحلّة الحاضرة) هو الحديث عن رجال شجعان بواسل تمتّعوا بخصال حميدة وصفات مجيدة من كرم وجود وسخاء ونبل وشهامة وإغاثة للملهوف وإجارة للخائف وعلم وأدب ورعاية وعناية بالعلم والعلماء ونشر للعدل والأمان بين الرعية ، حتّى أصبحت الحلّة في عهدهم من أفضل البلدان وأفخرها في العالم الإسلامي ، ويحدّثنا المؤرّخون أنّ أوّل أمرائهم هو :

1 - الأمير أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي :

جاء في تاريخ الحلّة(1) : «كان الأمير أبو الحسن علي بن مزيد رجلاً باسلاً جواداً قويّ الشكيمة عالي الهمّة كبير النفس ، له منزلة في نفوس كبراء الدولة العباسية والبويهية ، وهو أوّل من حاز لقب الإمارة من الأسرة المزيدية ، وقد خاض حروباً كثيرة مع بني عفيف المزيدي أبناء عمومتهم ، منها سنة (401 ه) وسنة (405 ه) في الجزيرة الدبيسية والحويزة ، إلى أن قرّر الرحيل عنها إلى ناحية النيل من أرض بابل ... إلى قوله : لمّا ارتحل 4.

ص: 182


1- تاريخ الحلّة 1/14.

الأمير أبو الحسن المزيدي من أرض ميسان نزل في بلدة النيل واتخذها مركزاً لإمارته وأخذ يسعى لنشر الأمن في إمارته ، فعاش الناس في طمأنينة ... إلى قوله : بقي الأمير أبو الحسن في إمارته حتّى توفّي سنة (408 ه) وخلّفه على الإمارة ولده دبيس».

2 - الأمير دبيس بن علي المزيدي :

جاء في تاريخ الحلّة(1) ليوسف كركوش : «لمّا توفّي أبو الحسن علي خلع سلطان الدولة البويهي على ولده دبيس وأقرّه في أعمال أبيه ولقّبه ب- : نور الدولة ، قام الأمير دبيس بشؤون الإمارة وعمره أربع عشرة سنة ، وكانت مدّة إمارته سبعاً وستين سنة. قال فيه ابن الأثير : (ما زال ممدوحاً في كلّ زمان ، مذكوراً بالتفضّل والإحسان). وكان أبو الحسن علي بن أفلح الشاعر الشهير كاتباً بين يديه في شبيبته ، اهتمّ الأمير دبيس بالأمن في ولايته ، فقوّى جيشه - وكان جيشه مؤلّفاً من عرب وأكراد جاوانيّين - وجعله على أهبة الاستعداد لمجابهة الطوارئ ، وقد قصده الشعراء ومدحوه ، فأجزل عطاءهم ، ومن هؤلاء الشاعر الشهير مهيار الديلمي ... توفّي الأمير دبيس بن علي في أعماله في النيل عام (474 ه)».

أقول :

ذكرنا ترجمة مفصّلة للأمير دبيس بن علي المزيدي الملقّب نور الدولة في كتابنا المزارات ومراقد العلماء عند ذكر مرقده في الحلّة ، فلا حاجة لأعادتها هنا. 5.

ص: 183


1- تاريخ الحلّة 1/15.

3 - الأمير بهاء الدولة منصور بن دبيس المزيدي :

قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(1) : «لمّا توفّي الأمير نور الدولة دبيس قام بالإمارة بعده ولده منصور أبو كامل ، كانت ولايته خمس سنين بعد وفاة والده ، ذهب إلى السلطان ملك شاه السلجوقي ، فأقرّه السلطان في عمل أبيه. كان الأمير بهاء الدولة منصور أبو كامل يتحلّى بصفات سامية من شجاعة وكرم وعطف إنساني وذكاء فريد ، درس الأدب فاستفاد من دراسته ، وعانى نظم الشعر حتّى برع فيه».

قال ابن الأثير في الكامل(2) : «وكان حسن السيرة مكرّماً فاضلاً ، وبرع في ذكائه في الذي استفاده ، وكان قد قرأ على ابن برهان ، وله شعر جيّد في منتهى الحسن ، كقوله :

فإن أنا لم أحمل عظيماً ولم أقُد

لُهاماً ولم أصبر على فعلِ مَعظِمِ

ولم أُجِرِ الجاني وأمنع حوزَهُ

فلست أنادي للفخار وانتمي

توفّي الأمير بهاء الدولة أبو كامل في سنة (479 ه) ، ولمّا علم بوفاته الوزير نظام الملك قال مؤبّناً له : مات أجلّ صاحب عمامة ، وقد أكثر الشعراء في رثائه».

4 - الأمير سيف الدولة صدقة المزيدي مؤسّس الحلّة (ملك العرب) :

إنّ التأريخ من وقائع وأحداث هو أفعال الرجال وأعمالهم التي قاموا بها في حياتهم ، فكانوا مرتبطين بعواقبها ما بلغ بهم الدهر وتقادمت عليهم العصور والأزمنة ، فإن كانت خيراً فهو الفخر الدائم ، وإن كانت (نستجير ).

ص: 184


1- تاريخ الحلّة 1/18.
2- الكامل في التاريخ 10/151 (ذكر وفاة بهاء الدولة).

بالله) شرّاً فهو الخزي والعار الدائم ، وإنَّ من صنف الرجال الأوَل رجال المآثر والمفاخر صاحب الترجمة الأمير سيف الدولة صدقة ابن الأمير بهاء الدولة منصور بن نور الدولة دبيس ابن الأمير أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي الناشري الذي كان بحقٍّ أحد فلتات الدهر نُبلا وشهامة ، شجاعاً غيوراً مهاباً وقوراً ، مع أخلاق كريمة وسجايا فاضلة ، لم يزل طوال حياته ملجأ كلّ خائف ومطرود وغوثاً لكلّ ملهوف ، تناول المؤرّخون سيرته وبعض أحواله واثنوا عليه ثناءاً جميلاً يدلّ على علوّ منزلته ورفعة شأنه وحبّ رعيّته والناس له. ولابدَّ لنا هنا أن نتطرّق لذكر بعض أحواله وتأسيسه لمدينة الحلّة الفيحاء.

قال عنه ابن الجوزي في المنتظم(1) :

«صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو الحسن الأسدي الملقّب بسيف الدولة ، كان كريماً ذا ذمام ، عفيفاً من الزنا والفواحش ، كأنّ عليه رقيباً من الصيانة ، ولم يتزوّج على زوجته قطّ ولا تسرّى ، وقيل : إنّه لم يشرب مسكراً ولا سمع غناءً ولا قصد التسوّق في طعام ولا صادر أحداً من أصحابه ، وكان تاريخ العرب والأماجد كرماً ووفاءً ، وكانت داره ببغداد حرم الخائفين».

وذكره ابن الأثير في تاريخه(2) قائلاً :

«... وكان له من الكتب المنسوبة الخطّ شيء كثير ألوف مجلّدات ، وكان يحسن أن يقرأ ولا يكتب ، وكان جواداً حليماً صدوقاً كثير البرّ والإحسان ، ما برح ملجأ لكلّ ملهوف ، يلقى من يقصده بالبرّ والتفضّل ، ه.

ص: 185


1- المنتظم 9/159.
2- الكامل في التاريخ 8/245 ، احداث عام 501 ه.

ويبسط قاصديه ويزورهم ، وكان عادلاً والرعايا معه في أمن ودعة ، وكان عفيفاً لم يتزوّج على امرأته ولا تسرّى عليها ، فما ظنّك بغير هذا! ولم يصادر أحداً من نوّابه ولا أخذهم بإساءة قديمة ، وكان أصحابه يودعون أموالهم في خزانته ويدلّون عليه إدلال الولد على الوالد ، ولم يُسمع برعية أحبّت أميرها كحبّ رعيّته له ، وكان متواضعاً محتملاً يحفظ الأشعار ويبادر إلى النادرة رحمه الله ، لقد كان من محاسن الدنيا».

وذكره السمعاني في الأنساب(1) قائلاً :

«قرأت في كتاب سرّ السرور : لمّا خلع (سر خاب) ربقة طاعة السلطان والتجأ إلى صدقة وأجاره كتب إلى السلطان ... إلى قوله : كان (صدقة) الصادق ولا تنفق عنده بضاعة المنافق حسن الخلائق للخلائق ، يهتزّ للشعراء اهتزاز الاعتزاز ويخصّ الشاعر المجيد من جوده بالاختصاص والامتياز ويؤمّنه مدّة عمره من طارق الإعواز ، يُقبِل على الشعراء ويمدّهم بحسن الإصغاء وجزيل العطاء ، لا يخيّب قصد قاصده من ذوي القصائد ويبلغ آمليه أغراضهم والمقاصد ، ولكل ذي فضيلة على طبقته في دستوره اسم بأن يطلق له من خزانته رسم ...».

وقال العماد الأصبهاني في الخريدة(2) عند ذكر الأمير صدقة :

«ملك العرب من الطبقة الثانية ، كان جليل القدر جميل الذكر ، جزيل الوفر للوفد مُجدّاً في حراسة قانون المجد ، له دار الضيافة التي ينفق عليها الأموال الألوف ويردها ويصدر عنها الضيوف المعروف بإسداء المعروف وإغاثة الملهوف ، من دخل بلده أمن ممّا يخافه ودرَّت لرجائه بجوده 3.

ص: 186


1- الأنساب 1/23.
2- الخريدة 4/ق 1/163.

أخلافهُ ، ولقد كان بلد الحلّة في أيّامه حصناً حصيناً وحمىً من الحوادث مصوناً ، وحوزته لأنواع الخير حائزة وأصحابه بطوالع السعد فائزة ، محطّ رحل الأمل ومخطّ الخطّيّ والأسل ، وغاب الليوث وسحائب الغيوث ، وسماء النجوم ومنزل الجحاجح القروم ، وفلك الملك وملك النسك ، وسلك اللؤلؤ المنضود ومسلك الآلاء والسعود ، ومبرك البركات ومناخ الخيرات ، وصدقة أكرم به بحراً نازلاً على الفرات مبرئاً الساحة من الآفات ، وكان يلتجئ إليه الجاني العظيم الشأن على الخليفة والسلطان فلا تطرقه طوارق الحدثان ، ويقيم عمره في ظلِّه تحت رقدة أمن السرب مشتغلاً بلذّاته عن الأكل والشرب واللهو واللعب ، وكان شديد المحافظة على من يستجيره كثير الحراسة لمن يجيره ، ولم يزل معروفاً بالوفاء يُشيِّد أساسه حتّى بذل في الحفاظ والوفاء رأسه ...».

تولّيه الإمارة :

تولّى الأمير صدقة الإمارة بعد وفاة والده الأمير أبي كامل منصور بن دبيس المزيدي وذلك عام (479 ه). قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(1) : «أرسل إليه السلطان ملك شاه السلجوقي نقيب العلويّين أبا الغنائم يعزّيه بوفاة والده ، ثمّ سار الأمير صدقة إلى السلطان ، ولمّا حضر عنده خلع عليه وأقرّه مكان أبيه».

تأسيسه مدينة الحلّة :

قد أسلفنا القول في تأسيس مدينة الحلّة على يد الأمير سيف الدولة 9.

ص: 187


1- تاريخ الحلّة 1/19.

صدقة المزيدي في عام (495 ه) ، وهو أوّل من عمَّرها وبنى المساكن وأنشأ مرافق الحياة فيها.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة : «كان ثالث أُمراء آل مزيد وأوّل ملك أسّس الحلّة (الحاضرة) ونقل عاصمته من النيل إليها ، فاهتمّ بتمصيرها ووسّع الجيش والمدارس واهتمّ بشؤون العلماء والأُدباء ، فهاجر إليها الكثير من رجال العلم ، فأغدق عليهم العطاء وعيَّن لهم الرواتب ، فنشطت حركة التأليف وراج سوق الأدب ، وبذلك قدّم له الشريف أبو يعلى ابن الهبارية كتاب الصادح والباغم فأجازه عليه ...».

أقول :

توهّم الخاقاني فاعتبر صدقة بن منصور ثالث أمراء آل مزيد ، والصحيح هو رابعهم.

توسيع إمارته :

جاء في المنتظم(1) لابن الجوزي : «... وعمَّر الحلّة وجعل عليها سوراً وخندقاً وأنشأ بساتين وصار الناس يستجيرون به ، فأعطاه المستظهر دار عفيف بدرب فيروز فغرم عليها بضعة عشر ألف دينار ، وتقدّم الخليفة بمخاطبته ب- : ملك العرب ، وكان قد عصى السلطان بركيارق وخطب لمحمّد ، فلمّا ولي محمد صار له بذلك جاه عند محمد ، وقرّر مع أخيه بركيارق أن لا يعرض لصدقة ، وأقطعه الخليفة الأنبار ودمما والفلّوجة وخلع عليه خلعاً لم تخلع على أمير قبله ، فأعطاه السلطان واسطاً وأذن له في أخذ 5.

ص: 188


1- المنتظم 9/235.

البصرة ...».

وجاء في تاريخ الحلّة(1) : «حينما انتقل سيف الدولة إلى عاصمته الجديدة (الحلّة) وخضعت له القبائل الفراتية أخذ يسعى لتوسيع إمارته ، واتّخذ جيشاً منظّماً على أحدث الأساليب التي كانت متبعة في عصره ، وكان قائد جيشه سعيد بن حميد العمري وهو من رجالات خفاجة وكان بارعاً في الأمور الحربية ، كانت إيالته تشمل البصرة وواسط والبطيحة والكوفة وهيت وعنّة وحديثة ، وخضعت له أقوى القبائل العراقية لذلك العهد مثل خفاجة وعقيل وعبادة وقبيلة الجاوان الكردية ، واهتمّ الأمير سيف الدولة بالشؤون الإدارية والعمرانية والثقافية ، رأى أحسن شيء لانتعاش هذه الأمور هو نشر العدل بين رعيته ، كان يحترم العلماء والادباء ويجزل لهم العطاء ، لذا تقاطر إلى الحلّة العلماء والأدباء والشعراء من كلّ حدب وصوب فنمت فيها الروح العلمية والأدبية ، رأى الأمير سيف الدولة صدقة أنّ السلاجقة قد قسموا العراق إلى إقطاعات بين قوّادهم ومحسوبيهم من الأتراك ، وقد أخذ هؤلاء يعيثون فساداً ، فالأمن مفقود والعدل معدوم والناس في بلاء أزل ، الحرية الشخصية ممتهنة والكرامة الإنسانية مهدورة ، لذا أخذ سيف الدولة ينتهز الفرص لتطهير البلاد العراقية من هؤلاء الظلمة الجائرين وإحقاق الحقّ ونشر راية العدل ، عزم على توسيع إمارته».

قال ابن الأثير في تاريخه(2) (حوادث عام 494 ه) : «... وأرسل إلى الكوفة وطرد عنها النائب بها عن السلطان واستضافها إليه». 8.

ص: 189


1- تاريخ الحلّة 1/23.
2- الكامل في التاريخ 8/198.

وفي حوادث عام (496 ه) قال ابن الأثير(1) :

«... فلمّا أخذ صدقة واسطاً هذه النوبة أصعد في عسكره إلى هيت فخرج إليه منصور بن كثير بن أخي ثروان ومعه جماعة من أصحابه فلقوا سيف الدولة وحاربوه ساعة من النهار ، ثمّ إنّ جماعة من الربعيّين فتحوا لسيف الدولة البلد فدخله أصحابه ، فلمّا رأى ذلك منصور ومن معه سلّموا البلد إليه ، فملكه يوم نزوله وخلع على منصور وجماعة من وجوه أصحابه وعاد إلى حِلَّته واستخلف عليه ابن عمّه ثابت بن كامل».

واستمرَّ ابن الأثير يذكر لنا أنجازاته في توسيع إماراته واستيلائه على مدن أخرى مثل مدينة واسط(2) واستيلائه على مدينة البصرة(3). وفي حوادث عام 500 ه- قال ابن الأثير في تاريخه(4) أيضاً : «في هذه السنة في صفر تسلّم الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد قلعة تكريت ...».

وتطرّق ابن الأثير(5) لذكر حادثة وقعت عام 489 ه- قائلاً :

«وفيها أغارت خفاجة على بلد سيف الدولة صدقة بن مزيد فأرسل في أثرهم عسكراً مقدّمه ابن عمّه قريش بن بدران بن دبيس بن مزيد ، فأسرته خفاجة وأطلقوه ، وقصدوا مشهد الحسين بن علي عليه السلام فتظاهروا فيه بالفساد والمنكر ، فوجّه إليهم صدقة جيشاً فكبسوهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً في المشهد حتّى عند الضريح ...». 1.

ص: 190


1- الكامل في التاريخ 8/216.
2- الكامل في التاريخ 8/222.
3- الكامل في التاريخ 8/231.
4- الكامل في التاريخ 8/227.
5- الكامل في التاريخ 8/181.

مقتل الأمير صدقة بن مزيد :

لا تكاد تغيب عن القارئ والباحث الفطن الأسباب الحقيقية لمقتل الأمير صدقة المزيدي والتي من أهمّها :

1 - صفاته النبيلة وشخصيّته الكريمة والتي تمتّعت بخصال نادرة من نبل وشهامة وجود وسخاء وأمان لكلّ خائف ومستجير وإغاثة لكلّ ملهوف وعلى اختلاف ألوانهم وأحوالهم ، ونشر راية العدل بين الرعية وحبّ الناس له ورعايته للعلماء والأدباء وإجزال العطاء لهم ، حتّى تقاطر على بلده الحلّة الفيحاء الكثير من روّاد العلم والفضيلة والذين وجدوا في ظلّه الطمأنينة والاستقرار ، كلّ هذه الصفات والخصال كانت سبباً في تزايد الحاقدين عليه والحاسدين له حتّى من أقرب الناس إليه كابن عمّه ثابت بن سلطان. قال ابن الأثير في تاريخه(1) : «واستأمن ثابت بن سلطان بن دبيس بن علي بن مزيد وهو ابن عمّ صدقة وكان يحسد صدقة».

وممّن يحقد عليه ويبغي له الغوائل أيضاً بعض رجالات الدولة كالوزير العميد أبو جعفر البلخي.

قال ابن الأثير(2) : «ثمّ أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي ، وقال في جملة ما قاله عنه : إنّ صدقة قد عظم أمره وزاد حاله وكثر إدلاله ويبسط في الدولة وحمايته كلّ من يفرّ إليه من عند السلطان وهذا لا تحتمله الملوك لأولادهم ، ولو أرسلت بعض أصحابك لملك بلاده وأمواله ، ثمّ إنّه تعدّى ذلك حتّى طعن في اعتقاده ونسبه وأهل 5.

ص: 191


1- الكامل في التاريخ 8/248.
2- الكامل في التاريخ 8/545.

بلده إلى مذهب الباطنية ، وكذب وإنّما كان مذهبه التشيَّع لا غير».

وقال ابن الجوزي في المنتظم(1) : «... فأخذ العميد ثقة الملوك أبو جعفر فتاوى فيما يجب على من سبّ الصحابة وكتب المحاضر فيما يجري في بلد ابن مزيد من ترك الصلوات وأنّهم لا يعرفون الجمعة والجماعات ويتظاهرون بالمحرّمات ، فأجاب الفقهاء بأنّه لا يجوز الإغضاء عنهم وأنّ من قاتلهم فله أجر عظيم ...».

2 - والسبب الثاني كما يتناوله بعض المؤرّخين في مقتل الأمير صدقة هو تغيّر حال السلطان محمد السلجوقي عليه بعد امتناعه تسليم أحد الأمراء الذين لجؤوا إليه وهو سرخاب بن كيخسرو الديلمي صاحب (ساوه وأبه) والذي كان مُتّهماً باعتناقه مذهب الباطنية ، والباطنية كما قال عنهم ابن الأثير(2) : «هي فرقة من الإسماعيلية وكانوا قديماً يسمّون القرامطة».

وفي موضع آخر قال ابن الأثير(3) : «هي فرقة من الإسماعيلية وكانوا قديماً يسمّون القرامطة».

وفي موضع آخر قال ابن الأثير(4) : «وأمّا سبب قتله فإنّ صدقة كان كما ذكرنا يستجير به كلّ خائف من خليفة وسلطان وغيرهما ، وكان السلطان محمد قد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو صاحب ساوه وآبه فهرب منه وقصد صدقة فاستجار به فأجاره فأرسل السلطان يطلب من صدقة أن يسلّمه إلى نوّابه فلم يفعل وأجاب أنّني لا أُمكّن منه بل 5.

ص: 192


1- المنتظم 9/235.
2- الكامل في التاريخ 8/200.
3- الكامل في التاريخ 8/245.
4- الكامل في التاريخ 8/245.

أحامي عنه وأقول ما قاله أبو طالب لقريش لمّا طلبوا منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

ونسلمه حتّى نُصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل».

أقول :

إنّ تسارع الأحداث الآنفة الذكر بين الأمير صدقة والسلطان أدّى إلى نشوب معركة كبيرة بينهما - لا داعي هنا لخوض تفاصيلها - أدّت مع الأسف الشديد إلى مقتل الأمير صدقة وأسر ولده دبيس وقائده سعيد بن حميد العمري ، وأُسر فيها أيضاً سرخاب الدليمي الذي كان سبباً في نشوب المعركة.

قتل الأمير صدقة بعد أن تعرّض إلى خيانة وخذلان بعض قبائل العرب في جيشه كقبيلة عبادة وقبيلة خفاجة وذلك عام (501 ه) والتي كانت من أهمّ أسباب مقتله ، ولا يُستبعد أن يكون لجوء الأمير سرخاب الدليمي الذي أُسر ولم يقتل إلى صدقة المزيدي إنّما كان خدعة ومكيدة للإيقاع بالأمير صدقة المزيدي الذي لو قُدِّر له الانتصار في هذه المعركة لكان له شأن آخر في خارطة الدولة الإسلامية. وقتل وهو ابن خمسة وخمسين سنة ، وكانت إمارته اثنتين وعشرين سنة غير أيّام ، وحمل فدفن في مشهد الحسين عليه السلام(1).

5 - الأمير دبيس بن صدقة :

تسلّم الإمارة بعد مقتل أبيه الأمير صدقة بن منصور المزيدي. قال الشيخ يوسف كركوش في تأريخ الحلّة(2) : 3.

ص: 193


1- المنتظم في تاريخ الملوك والامم 9/159.
2- تاريخ الحلّة 1/33.

«لمّا أطلق دبيس من الأسر سنة (501 ه) بقي عند السلطان محمد السلجوقي إلى أن توفّي السلطان وقام بالملك ولده محمود ، فأعاد دبيساً إلى الحلّة في سنة (512 ه) لمّا رجع دبيس إلى الحلّة التفّ حوله خلق كثير من الأعراب والأكراد ، كانت مدّة ولايته سبع عشرة سنة. كان الأمير دبيس رجلاً حربيّاً وقائداً محنّكاً بصيراً بفنون الحرب خبيراً بشؤون السياسة في عصره ، وكان على جانب عظيم من الشجاعة والفروسية وقوّة الاعتماد على النفس ، يخوض غمرات الحروب غير هيّاب ولا وجل ، كان قويَّ العارضة ما خاطب إلاّ تأثّر بكلامه ، وكانت تتمثّل فيه شيم العروبة ... إلى قوله : إنّ الأمير دبيس قتل في (14 ذي الحجّة سنة 529 ه) من قبل أحد غلمان السلطان مسعود الذي أمر بقتله بصورة غير مباشرة ، ولمّا قتل حمل إلى زوجته كهار خاتون في ماردين ، فدفن بالمشهد عند نجم الدين الغازي والد كهار خاتون».

أقول :

سنذكر شيئاً من سيرة الأمير دبيس بن صدقة ضمن أعلام القرن السادس الهجري ، فلاحظ.

6 - الأمير صدقة بن دبيس الثاني :

هو الأمير صدقة بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي سادس أمراء آل مزيد الأسدي ، تسلّم الإمارة بعد مقتل أبيه الأمير دبيس وكان إذ ذاك صغير السنّ. قال الشيخ يوسف كركوش في تأريخ الحلّة(1) :

«لمّا وصل إلى الحلّة نبأ قتل السلطان مسعود دبيساً كان ابنه صدقة 1.

ص: 194


1- تاريخ الحلّة 1/41.

بالحلّة ، فاجتمع إليه عسكر أبيه ومماليكه وكثر جمعه وكان عمر صدقة إذ ذاك أربع عشرة سنة ، وانضم إليه عنترة بن أبي العسكر الكردي الجواني الذي كان قائد جيش أبيه دبيس يدبّر أمر صدقة ويتمّ نقص صباه ، وكان في الحلّة الأمير (قفلغ تكين) من قبل السلطان مسعود ، فاستأمن إلى الأمير صدقة ... إلى قوله : تردّدت الرسل بين السلطان مسعود والأمير صدقة لإيجاد الصفاء بينهما ، ولمّا تمّ وثوق الأمير صدقة من السلطان ذهب إلى بغداد وأصلح حاله معه ، ثمّ إنّ السلطان مسعود زوّج الأمير صدقة بابنته تمسّكاً. قتل الأمير صدقة سنة (532 ه) عندما كان مع عسكر السلطان مسعود ضدّ عسكر الملك داود ، حيث قتل هو وعنتر بن أبي العسكر أسيرين ، قُتلا قصاصاً بالأمير منكر برس الذي قتل في الحرب».

7 - الأمير محمد بن دبيس :

هو الأمير محمد بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي سابع أمراء آل مزيد ، تسلّم الإمارة بعد مقتل أخيه الأمير صدقة الثاني ابن دبيس. قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(1) :

«لمّا قتل الأمير صدقة جعل السلطان مسعود إمارة الحلّة لأخيه محمد بن دبيس ، وجعل معه مهلهل بن أبي العسكر أخا عنتر يدبّره ، حكم الأمير محمد الحلّة من سنة (532 ه) إلى سنة (540 ه) ، وكانت أكثر أيّامه سلمية لم يحدث فيها ما يعكّر صفو الأمن في إمارته ... إلى قوله : كان الأمير علي أخو الأمير محمد بن دبيس يطمح في الاستيلاء على ولاية الحلّة وكانت سياسته مقاومة السلاجقة ، فكان يتحيّن الفرص للوصول 3.

ص: 195


1- تاريخ الحلّة 1/43.

إلى هدفه هذا. في سنة (540 ه) كان في بغداد ، ولمّا أراد السلطان مسعود الرحيل عن بغداد في هذه السنة أشار عليه مهلهل بن أبي العسكر أن يحبس عليّاً هذا بقلعة تكريت حذراً من حدوث أمور لا تحمد عقباها لأنّ مهلهلاً كان يتوسم فيه الطموح إلى ولاية الحلّة ، فلمّا علم علي بهذه المؤامرة هرب إلى (الأزيز) وجمع جمعاً من بني أسد وغيرهم وسار إلى الحلة واستولى عليها ، وكان بها أخوه محمد ، فقاتله ثمّ تخلّى محمد عن الحلة وملكها علي».

8 - الأمير علي بن دبيس :

وهو الأمير علي بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي آخر أُمراء آل مزيد ، استلم الإمارة بعد أن تخلّى عنها أخوه محمد بن دبيس. قال عنه الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(1) :

«كان الأمير علي رجلاً باسلاً عالي الهمّة بصيراً بالأُمور طموحاً إلى المجد ، ولخصال الخير المتوفّرة فيه كان أهل الحلّة يحبّونه ويتعصّبون له ويخوضون غمرات الحروب معه. قال فيه سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان حوادث عام 545 ه- : كان شيخاً جواداً ، كان وزيره كمال الدين أبو العبّاس أحمد بن رضيّ الدين محمد بن علي بن أبي الفضل يحيى الأسدي العلقمي ... إلى قوله : في سنة (545 ه) توفّي الأمير علي بن دبيس ، كانت وفاته بالحلّة. قيل توفّي بالسكتة ، وقيل مات مسموماً ، وقيل مات بعلّة القولنج ، واتّهم طبيبه محمد بن صالح فإنّه قصّر في أمره ، ومات طبيبه بعد قليل. وقال ابن الأثير : توفّي ب- : أسدباد. 4.

ص: 196


1- تاريخ الحلّة 1/44.

قال الشيخ يوسف كركوش معقّباً : وبوفاته انقرضت الإمارة المزيدية في الحلّة وصارت الحلّة تابعة للعباسيّين مباشرة يرسلون إليها العمّال من قبلهم».

النهضة العلمية في الحلّة وأسبابها :

نشأت في مدينة الحلّة الفيحاء نهضة علمية وأدبية كبيرة ومتميّزة استمرّت لعدّة قرون أخرجت خلالها الجمّ الغفير من العلماء والأُدباء الذين كانوا بحقٍّ روافد فكرية متدفّقة بالعلم والمعرفة ، تاركين وراءهم إرثاً علمياً وأدبياً كبيراً تجاوز المئات من المؤلّفات والمصنّفات في العديد من المعارف والآداب الإسلامية ، ولا يزال بعض هذه المؤلّفات والمصنّفات موضع نظر العلماء ومدار البحث والمناقشة.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة(1) وتحت عنوان (رجال الحلّة في التاريخ) :

«وإذا ما حاولنا أن نكتب عن هذا الفصل كما يجب فإنّما نحتاج إلى مجلّدات ضخمة ، فقد نَبَغ فيها رعيل كبير من أئمّة الفقه والدين ، وحازت على زعامة المذهب والدين حقباً طويلة ، كما حصلت على زعامة الأدب أيضاً».

إنّ لهذه النهضة العلمية الكبيرة أسباباً كانت وراء نشوئها واستمرارها لعدّة قرون حصلت خلالها مدينة الحلّة على موقع الصدارة في زعامة المذهب والدين ، ويكاد يتّفق المؤرّخون على أنّ لهذه النهضة أسباب ، هي : 6.

ص: 197


1- شعراء الحلّة 1/26.

1 - الموقع الجغرافي :

فقد تميّزت أرض الحلّة الفيحاء ومنذ أقدم العصور بميزة الأرض الخصبة والمناخ المعتدل والطبيعة الساحرة الجميلة التي جعلت من هذه الأرض مهداً لاُولى الحضارات في العالم - حضارة بابل الشهيرة - بقول المسعودي في مروج الذهب(1) واصفاً لإقليم بابل :

«... وذلك لما خُصَّ به هذا الإقليم من كثرة مرافقه واعتدال أرضه وغضارة عيشه ومادّة الوافِدَين إليه - وهما دجلة والفرات - وعموم الأمن فيه وبُعد الخوف عنه وتوسّطه الأقاليم السبعة ، وقد كانت الأوائل تشبّهه من العالم بالقلب من الجسد ، لأنّ أرضه من إقليم بابل الذي تشعّبت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما يقع ذلك عن القلب ، وبذلك اعتدلت ألوان أهله واقتدرت أجسامهم ، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة وسواد الحبشة وغلظ البربر وَمَنْ جفا من الأُمم ، واجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار».

ويقول الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(2) :

«ولا أريد أن أصف لك تلك البيئة الفيحاء والجنّة الغنّاء من دماثة التربة واعتدال الجوّ وجمال المناخ وبهجة الطبيعة ، إذ هي أرض بابل ذات الحضارة والمدنيّة العريقتين».

وقال السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(3) :

«... وقد امتازت هذه البلدة الطيّبة الكريمة بعذوبة هوائها ومائها واعتدال مناخها وصفاء سمائها وجمال مناظرها وتوقّد ذكاء ابنائها ما جعلها 9.

ص: 198


1- مروج الذهب 2/70.
2- تاريخ الحلّة 2/3.
3- فقهاء الفيحاء 1/19.

خليقة بفخرها ...».

2 - اهتمام أمراء آل مزيد بالعلم والعلماء :

الرعاية العلمية والاهتمام البالغ بالعلم والعلماء من قبل أمراء آل مزيد الأسدي مؤسّسي المدينة والذين كانوا على درجة عالية من كرم الأخلاق وحسن السجايا مع جود وسخاء ونبل وشهامة وعدل بين الرعية وحبٍّ غامر للعلم والأدب ، والذي كان لاهتمامهم هذا أن أجروا الجرايات وعيَّنوا الرواتب للعلماء والأُدباء وأجزلوا لهم العطايا والهبات ومنحوهم الطمأنينة والأمان ، حتّى أزدهر العلم وراج سوق الأدب وتميّزت تلك الفترة بكثرة التأليف والانتاج.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة(1) : «ثمّ ساعد ذلك كثرة هجرة العلماء والشعراء إليها ، كما سانده توجيه ذلك الحكم وتأييده للعلم والأدب ، فاشتهر عنهم قول الشعر وكثرة التأليف والإنتاج ، وانفراد أهلها ردحاً من الزمن بحراستهما والتبشير لهما ، ولذلك نبغ فيها المئات من الأعلام».

وفي تاريخ الحلّة(2) قال الشيخ يوسف كركوش : «ولغرام أولئك الأمراء الكرام بالعلوم والآداب كانوا يدنون منهم مجالس أرباب العلم والأدب وينتشلونهم من مهاوي البؤس والفاقة ويحمونهم من نوائب الزمن وطوارق الحدثان ، لذلك تقاطر إليها العلماء والاُدباء والشعراء ليتمتّعوا بحرّية تامّة وعيشة راضية ، فرسخت فيها الروح العلمية والأدبية حتّى أينعت وأثمرت وجادت بما يستطاب». 3.

ص: 199


1- شعراء الحلّة 1/26.
2- تاريخ الحلّة 2/3.

أقول :

إضافة إلى السببين الآنفي الذكر كان هناك أسباباً أخرى ساعدت على نشوء وازدهار هذه النهضة ، من أهمّها :

3 - الاهتمام بالكتب والمكتبات :

انتقال الكثير من الكتب والمكتبات الكبيرة من بغداد إلى الحلّة عُقيب الحملة المغولية على العراق ، حيث كانت تنقل إلى الحلّة عن طريق التجّار وبأسلوب المقايضة بالمواد الغذائية. قال السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(1) : «... وهناك سبب آخر له وثيق الصلة بنتائج تلك الحملة ، وهو أنّ بغداد تعرّضت بسبب تلك الحملة التي تموج بالأهوال إلى مجاعة شديدة اضطرّت سكّان عاصمة العراق إلى مقايضة تجّار الحلّة الكتب النفيسة بالمواد الغذائية ، فانتقلت بسبب ذلك أكثر مكتبات بغداد إلى الحلّة».

أقول :

إنَّ انتقال الكتب من بغداد إلى الحلّة لم يكن فقط عن طريق المقايضة بالمواد الغذائية ، بل نُقل بعضها من خلال هروب بعض العلماء والأُدباء إلى الحلّة إبّان الغزو المغولي والذين كانت بحوزتهم مكتبات تُقدّر بمئات وآلاف المجلّدات ، كالوزير مؤيّد الدين(2) أبو طالب محمد بن سي

ص: 200


1- فقهاء الفيحاء 1/22.
2- أقول : نعم هو العلقمي وليس مؤيدالدين القمي وزير الناصر لدين الله العباسي

أحمد العلقمي وزير المستعصم بالله آخر خلفاء بني العبّاس المقتول عام (656 ه).

4 - الفتور الذي ألمّ ببعض المدارس :

من الأسباب المهمّة الأخرى خمول الحركة العلمية في مدينة العلم الكبرى النجف الأشرف بسبب الجمود على فتاوى الشيخ الطوسي قدس سره المتوفّى (460 ه) إجلالاً وتقديساً لمكانته العلمية ومنزلته الرفيعة ، ومثل هذا الحدث قد أثّر تأثيراً كبيراً على النشاط العلمي في مدينة النجف وفتور الحركة العلمية فيها ، حتّى أصبح هذا الجمود على فتاوى الشيخ خطراً يهدّد بغلق باب الاجتهاد ، ورغم وجود بعض العلماء الرافضين لهذا الأمر إلاّ أنّهم تهيَّبوا من مناقشة فتاوى الشيخ أو الاعتراض عليها.

يقول الدكتور السيّد حسن الحكيم في كتابه الشيخ الطوسي(1) : «... وقد بقيت آراء الشيخ الطوسي في القضايا الرئيسة الفقهية والاُصولية تتمتّع بنوع من الإكبار لدى الاُصوليّين والفقهاء دهراً طويلاً ، وقد تحاشى العديدون الخروج عليها أو نقضها إلاّ بعد أجيال عدّة ، وقد اتسمت محاولاتهم هذه بالجرأة».

وقد استمرّ هذا الحال حتّى ظهور الإمام المجاهد الشيخ محمد بن إدريس الحلّي (543 - 598 ه) صاحب كتاب السرائر في مدينة الحلّة والذي كان له الأثر الأكبر في تفتيت ذلك الخمول والقضاء على الجمود الفكري الذي أصاب الحوزة العلمية بعد وفاة الشيخ الطوسي قدس سره وتقوية 5.

ص: 201


1- الشيخ الطوسي: 105.

مبدأ الاجتهاد والسعي إليه من خلال مناقشة فتاوى الشيخ الطوسي وتعريضها للجرح والتعديل وتمزيق الهالة القدسية المحيطة بها ، وقد ذكر السيّد علي بن طاووس قدس سره في كتابه البهجة لثمرة المهجة كما حكاها صاحب روضات الجنّات(1) عند ذكره للشيخ سديد الدين محمود الحمصي قائلاً : «أخبرني جدَّي الصالح ورّام بن أبي فراس قدّس الله روحه أنّ الحمصي حدّثه أنّه لم يبق للإماميّة مُفت على التحقيق ، بل كلّهم حاك».

لذا فقد وجد العلماء وطلاّب المعرفة إضافة إلى الظروف البيئية الجيّدة والرعاية الكبيرة من قبل الأُمراء أنّ لهذه المدينة الطيّبة مرتبة علمية متميّزة تمثّلت بعلمائها وفقهائها الكبار والذين يمكن الاستفادة من علومهم ومعارفهم لنصرة الدين والمذهب. وإن كنّا ذكرنا آنفاً خمول الحركة العلمية في النجف الأقدس إلاّ أنّ هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ضمورها أو اندثارها في تلك الفترة بل كانت مستمرّة ومتواصلة مع المدارس العلمية وحوزاتها في البلدان الأخرى ، ولكن ظهور علماء الطائفة الكبار ومراجعها البارزين في الحلّة آنذاك كان سبباً في تقدّم مدرسة الحلّة على مدرسة النجف الأشرف ، ورغم هذا التقدّم فقد بقيت الحركة العلمية في النجف الأشرف مستمرّة ومتواصلة تشير بوضوح إلى أنّها الأساس المتين لهذا البنيان العلمي الشامخ الذي مثّل الفكر الإسلامي بشكل عام والإمامي الجعفري بشكل خاص ، وما باقي المدارس والحوزات العلمية التي نشأت بعدها في مختلف البلدان والمدن إلاّ امتداداً لإشراقات المدارس العلمية في النجف الأشرف ، تلك المدارس التي كانت وما زالت إلى يومنا الحاضر 1.

ص: 202


1- روضات الجنات 7/161.

ينابيع تتدفّق بالعلم والمعرفة لكلّ طالب يسعى إليها ، والله سبحانه العالم.

المؤسّسات العلمية في الحلّة :

عند الاطّلاع على سير العلماء وأحوالهم وما بذلوه من الجهود المضنية والعظيمة في سبيل نشر راية العلم والثقافة ونصرة الدين والعقيدة ، وما كان عليه أُولئك العلماء الكبار من الاهتمام البالغ بطلاّب العلم والمعرفة وسعيهم المتواصل لتوفير الظروف المناسبة لهم والتي من أهمّها تخصيص الأماكن الملائمة لإقامة حلقات الدرس ومجالس البحث والمناظرة لغرض مساعدتهم في اكتساب العلوم والآداب الإسلامية الأخرى ، نجد أنّ هناك بعض المؤرّخين وأصحاب المعاجم الرجالية ممّن أشار إلى تلك الأماكن إشارة عابرة عند ذكرهم لتراجم بعض العلماء والفقهاء ، وفي حقيقة الحال فقد كانت تلك الأماكن تمثّل المؤسّسات لمدرسة الحلّة ، والتي يمكن تقسيمها إلى ما يلي :

1 - دُور العلماء :

والتي كانت تمثّل أحد أماكن تدريس الطلبة وإلقاء الدروس عليهم من قبل مشايخهم أصحاب تلك الدور وإقامة مجالس البحث والمناظرة فيها. قال الخوانساري في روضات الجنّات(1) :

«وفي مقدّمات بحار سمِّينا المجلسي(2) رحمه الله ذكر الإسناد إلى كتاب سليم بن قيس الهلالي بهذه الصورة على ما وجد في نسخته رحمه الله : أخبرني ي.

ص: 203


1- روضات الجنّات 2/180.
2- هو محمّد باقر المجلسي ، وصاحب روضات الجنّات محمّد باقر الاصبهاني الخوانساري.

الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون رضي الله عنه قراءة عليه بداره بحلّة الجامعين في جمادى الأُولى سنة خمسة وستين وخمسمائة (565 ه) قال : حدّثنا الشيخ العالم ...».

وفي مستدرك الوسائل(1) قال العلاّمة النوري عند ذكره للشيخ الجليل عربي بن مسافر العبادي الحلّي :

«وفي مزار محمد ابن المشهدي حدّثنا الشيخ الأجلّ الفقيه العالم أبو محمد عربي بن مسافر قراءة عليه بداره بالحلّة السيفية في شهر ربيع الأوّل سنة (573 ه) ...».

2 - الجوامع والمساجد :

والتي يمكن اعتبارها من أماكن البحث والدراسة حيث تلقى فيها الدروس والمحاضرات الدينية ، هذا بالإضافة إلى ما تتمتّع به هذه الأماكن من قدسية وإجلال وما تحمله بين جنباتها من أجواء روحانية وفيوضات إلهيّة تُضفي على الطلبة ومشايخهم الملكات العرفانية وترتقي بهم إلى أعلى مراتب الاستعداد النفسي والفكري لدراسة العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة وتدريسها والمساهمة في نشرها ، ويذكر لنا التاريخ أنّ بعض تلك الجوامع والمساجد قد كتب على واجهات جدرانها اسماء بعض العلماء الأعلام ممّن ساهم في نشر العلم والمعرفة وكان له فيه شأن متميّز.

يقول العلاّمة المحقّق محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على كتاب لؤلؤة البحرين(2) في ذكر السيّد مجد الدين أبي الفوارس محمد الأعرجي : ش.

ص: 204


1- مستدرك الوسائل 3/475.
2- لؤلؤة البحرين: 187 الهامش.

«مجد الدين أبو الفوارس محمد هو العالم الجليل ، وقد بالغ في الثناء عليه السيّد ضامن بن شدقم في تحفة الأزهار ، قال : واسمه مرقوم في حائر الحسين عليه السلام ومساجد الحلّة ، ويقال لولده : بنو الفوارس ...».

3 - المدارس الدينية :

وهي أبنية مهيّأة ومُعدَّة كمدارس دينية ومنشأة لهذه الغاية تُدرَّس فيها مختلف العلوم الدينية وتضمّ العديد من العلماء الكبار والفقهاء الفطاحل الذين يتولّون مهمّة التدريس فيها وإدارة شؤونها ، ومن أمثلة تلك المدارس كما يخبرنا بها بعض المؤرّخين :

أ - المدرسة الزينية :

وقد ذُكرت بشكل عابر في ترجمة الشيخ أحمد بن فهد الحلّي. ذكر الخوانساري في روضات الجنّات(1) حاكياً عن بعض الإفادات الملحقة بكتاب السيّد جمال الدين ابن الأعرج العميدي قوله : «أحمد بن محمد بن فهد - بالفاء المعجمة والدال المهملة بعد الهاء - من الرجال المتأخّرين في زماننا هذا ، أحد المدرّسين في المدرسة الزينية في الحلّة السيفية ، من أهل العلم والصلاح ...».

ب - المدرسة الشرعية :

وهي أيضاً أحد المدارس التي أشير إليها وورد ذكرها ضمن ترجمة الشيخ أحمد بن فهد الحلّي. جاء في تاريخ الحلّة(2) ما نصّه : «كانت المدرسة الشرعية في الحلّة تضمّ فئة من رجال العلم والأدب والفلسفة ولم تكن بغداد في ذلك الوقت تضاهيها من هذه الناحية ، فقد هاجر عنها 5.

ص: 205


1- روضات الجنات 1/76.
2- تاريخ الحلّة 1/105.

العلماء ورجال الفكر إلى أنحاء أخرى ، وكان أكبر مدرّسي المدرسة الشرعية الشيخ أحمد بن فهد الحلّي ، وقد تخرّج عليه جماعة من العلماء الأفاضل ، منهم عزّ الدين الهابي ، والشيخ عبد الشفيع بن فيّاض الأسدي الحلّي ...»

وذكر السيّد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل(1) بيوت الدرس قائلاً :

«رأيت بخطّ الشيخ الفقيه الفاضل علي بن فضل الله بن هيكل الحلّي تلميذ أبي العباس بن فهد الحلّي ما صورته : حوادث سنة 636 ه- : وفيها عمَّر الشيخ الفقيه العالم نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي بيوت الدرس إلى جانب المشهد المنسوب إلى صاحب الزمان عليه السلامبالحلّة السيفية وأسكنها جماعة من الفقهاء».

أقول :

من المؤسف حقّاً أنّنا لم نجد أكثر من إشارات عابرة لواحدة أو اثنتين من مدارس الحلّة العلمية وبشكل يقتصر على ذكر أسمائها فقط دون التعرّض إلى تفاصيل إنشائها وصفة بنائها كذكر موقعها ومساحتها أو ما هو عدد غرفها وكيف هو رسمها ومن قام بتأسيسها ومن هم أشهر علمائها وما عدد طلاّبها ومن تخرّج منها من المشايخ والأعلام ... إلى غير ذلك من صفاتها وأحوالها ، ومهما يكن فلا يمكننا الاعتقاد أنّه لم تكن في مدينة الحلّة آنذاك غير هاتين المدرستين المذكورتين آنفاً ، لأنّ تلك النهضة العلمية العملاقة والتي امتدّت لقرابة أربعة قرون في هذه المدينة بالذات ة.

ص: 206


1- لم نعثر عليه فيه لكن وجدناه في أعيان الشيعة 9/203 نقلاً عن التكملة.

لَهي أعظم وأكبر من أن تحويها فقط هاتان المدرستان ، والله سبحانه العالم.

الاُسَر والبيوت العلمية في الحلّة :

إنّ توفّر الظروف الملائمة لنشوء النهضة العلمية والأدبية في مدينة الحلّة والتي ذكرت آنفاً من طبيعة ساحرة وسلطة عادلة محبّة للعلم والأدب وغيرها من الأسباب قد ساعدت وبصورة مباشرة على ازدهار العلم والمعرفة في هذه المدينة المباركة والتي كان من نتائجها وثمار ازدهارها ظهور بيوت وأسر علمية شريفة نبغ فيها العديد من العلماء الفطاحل والأدباء الأماثل الذين ساهموا مساهمة فاعلة ومتميّزة في بناء وترسيخ مجد مدينة الحلّة العلمي والأدبي والذي استمرّ عالياً وشامخاً لعدّة قرون جعل من مدينة الفيحاء المركز العلمي والأدبي الأهمّ في العالم الإسلامي وقبلة يحجّ إليها روّاد العلم والفضيلة من كلّ حدب وصوب لينهلوا من علومها ويقطفوا من ثمار معارفها وآدابها ، ومن تلك البيوت التي تميّزت بالعلم والمعرفة :

1 - آل الأعرج الحسيني :

وهم سادة حسينيّون ينتهي نسبهم إلى جدّهم الأعلى السيّد عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وهم سادة أجلاّء ونقباء أشراف ، برزت منهم عدّة بيوت ، منها في الحلّة ، ويسمّون ب- : آل أبي الفوارس ، وهو العالم الفقيه مجد الدين أبو الفوارس محمد بن فخر الدين علي وهو والد العلاّمة الكبير الفقيه عميد الدين عبد المطلب الأعرج الحسيني ، وإخوته السيّد ضياء الدين

ص: 207

والسيّد نضام الدين وغيرهم. قال ابن عِنَبة في عمدة الطالب(1) :

«ومنهم الشيخ العالم الشاعر النسّابة الأديب فخر الدين علي بن محمد بن أحمد بن علي الأعرج المذكور ، وابناه السيّد الجليل العالم الزاهد مجد الدين أبو الفوارس محمد ...».

وقال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(2) بعد ذكرهم معقّباً :

«في هذا البيت نشأ كثير من العلماء والأدباء ورد ذكرهم في مطاوي كتب الإجازات ، مثل جمال الدين أبي طالب محمد بن عبد المطلب ، وابنه المرتضى سعد الدين محمد ، والفاضل العلاّمة نظام الدين عبد الحميد ابن مجد الدين والد غياث الدين عبد الكريم ، وغيرهم».

2 - آل طاووس :

وهم سادة حسنيّون ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد أبي عبد الله محمد الطاووس ابن إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثّنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وقد سمّي بالطاووس لحسن وجهه وجماله مع قصر في رجليه ، وآل طاووس سادة أجلاّء قد عجَّت كتب التأريخ والتراجم بسيرتهم لما كانوا عليه من علوّ المنزلة في الدين والدنيا ، فهم نقباء وعلماء فطاحل ، اشتغلوا بالعلوم والآداب وألّفوا وصنّفوا في العديد من العلوم والمعارف الإسلامية والتي لا تزال كتبهم إلى الآن موضع تقديس واحترام لدى العلماء. قال عنهم ابن عِنَبة في عمدة الطالب(3) : 0.

ص: 208


1- عمدة الطالب: 332.
2- تاريخ الحلّة 2/44.
3- عمدة الطالب 190.

«ومنهم أبو عبد الله محمد الطاووس ابن إسحاق المذكور ، لقب بذلك لحسن وجهه وجماله ، وولده كانوا بسوراء المدينة ثمّ انتقلوا إلى بغداد والحلّة ، وهم سادات وعلماء ونقباء معظّمون ...».

وقال العلاّمة السيّد محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على لؤلؤة البحرين(1) عند ذكر آل طاووس :

«آل طاووس من أشرف الاُسر العلمية في الحلّة وشهرتهم واسعة وكانوا بسوراء المدينة ثمّ انتقلوا إلى بغداد والحلّة ، ولقّب جدّهم محمد بالطاووس لحسن وجهه وجماله ، وقد نبغ منهم علماء فطاحل هم مفخرة السادات العلويّين ، وألّفوا وصنّفوا ، ولم تزل آثارهم العلمية حتّى الآن محطّ أنظار العلماء والأساتذة».

وقال الخاقاني في شعراء الحلّة(2) :

«وهناك من الاُسر التي رفعت اسم الحلّة بين المدن وأفاضت عليها سمعة خالدة وصيتاً طائراً آل طاووس الكرام ، تلك الأسرة التي تتابع أفرادها في بثّ العلم وتقوية المذهب ونُصرة الأدب زمناً طويلاً».

3 - آل مُعَيَّة :

وهم سادة حسنيّون ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد أبي القاسم علي المعروف ب- : ابن مُعَيَّة - وهي أمّهُ - ابن الحسن بن الحسن التج بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغُمر بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. ومُعَيَّة كما ذكر نسبها ابن عِنَبة في عمدة 3.

ص: 209


1- لؤلؤة البحرين: 226 الهامش.
2- شعراء الحلّة: 3.

الطالب(1) : «هي مُعَيَّة بنت محمد بن حارثة بن معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة ... ، كوفية ، ينسب إليها ولدها».

قال ابن عِنَبة في العمدة(2) :

«وإلى بني النقيب أبي منصور الحسن الزكي الثالث ابن النقيب أبي طالب الزكي الثاني ابن أبي منصور الحسن الزكي الأوّل يعرفون ببني مُعَيَّة ذوي جلالة ورئاسة ونقابة وتقدّم».

وفي غاية الاختصار(3) : «بنو مُعَيَّة بالحلّة فيهم تشيّع زائد إلاّ أنّهم سادة أجلاّء عظماء نقباء متقدّمون ، ذوو بيت جليل عظيم ، أصحاب وجاهة ونباهة ورئاسة ونيابة ونعمة ضخمة ، ما زالوا متقدّمين عند الخلفاء والكبراء ...».

وآل مُعَيَّة الحسنيّون سادة نقباء مُقدّمون أجلاّء وعلماء أعلاج جهابذة كرام ، من أشهرهم السيّد تاج الدين محمد بن مُعَيَّة الآتي ترجمته ضمن أعلام القرن الثامن ، وهو تلميذ العلاّمة الحلّي قدس سره وشيخ الشهيد الأوّل ، وذكر آل مُعَيَّة في كتب التراجم والأنساب موضعاً للتقديس والاحترام وعنواناً للفضائل والمآثر ، فهم بحقّ أحد مفاخر الدهر والزمان.

4 - آل معد :

ويعرفون أيضاً ب- : آل رافع ، وهم من السادات الموسوية التي سكنت بغداد والحلّة ، ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد رافع بن فضائل بن علي بن حمزة القصير ابن أحمد بن حمزة بن علي الأحول ابن أحمد الأكبر ابن 0.

ص: 210


1- عمدة الطالب: 163.
2- عمدة الطالب: 165.
3- غاية الاختصار: 50.

موسى أبي سبحة ابن إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، ذكر نسبهم هذا ابن عِنَبة في عمدة الطالب(1).

قال مؤلّف كتاب غاية الاختصار(2) عند ذكره لآل معد الموسوي :

«وأمّا آل معد فهم أجدادي لأمّي ، ولمّا مات الشريف معد صُلّي عليه بالنظامية ودفن بالحائر. قال : ورثاه السيّد شمس الدين فخار بن معد بن فخار العلوي النسابة بقوله :

أبا جعفر إمّا ثويت فقد ثوى

بمثواك علم الدين والحزم والفهم

سيبكيك حلّ المشكل الصعب حلّه

بشجو ويبكيك البلاغة والعلم»

أقول :

ومن أشهر علماء آل معد الموسوي هو الفقيه صفي الدين أبو جعفر محمد بن معد بن علي بن رافع الموسوي الذي كان منبعاً للعلم والفضيلة وعلماً من أعلام الزهد والتقى رضوان الله عليه.

5 - آل فخار :

وهو بيت من أشرف البيوت العلوية ، ضمّ بين أركانه أبهى وأسمى صور العلم والفضيلة ، وتميَّز بإنجابه العديد من العلماء والأُدباء الكبار الذين تناولت كتب التاريخ والتراجم سيرتهم المعطَّرة وأشادت بهم وبآثارهم الجليلة الخالدة ، وقد ذُكر نسبهم الشريف في كتب الأنساب والتراجم محاطاً بهالات التقديس والاحترام لذلك الفرع النامي من الشجرة العلوية المباركة ، وينتهي نسب جدّهم فخار إلى الامام موسى الكاظم عليه السلام ، وهو 2.

ص: 211


1- عمدة الطالب: 213.
2- غاية الاختصار: 82.

كما ذكره ابن عِنَبة في عمدة الطالب(1) : «فخار بن أحمد بن محمد بن أبي الغنائم محمد بن الحسين شيتي ابن محمد الحائري ابن إبراهيم المجاب ابن محمد العابد ابن موسى الكاظم عليه السلام ، وهم من سكنة مدينة الحلّة ، وتلقّبهم بالحائري جاء من لقب جدّهم محمد الحائري ابن إبراهيم المجاب».

جاء في غاية الاختصار(2) : «وبيت فخار في الحلّة ، ومنهم شمس الدين النسّابة السيّد الفاضل الدَيِّن الفقيه الأديب الشاعر المؤرّخ ...».

من أشهر علماء هذا البيت الجليل السيّد السعيد شمس الدين فخار بن معد بن فخار الموسوي. قال صاحب لؤلؤة البحرين(3) عند ذكره إجازة الشيخ نجم الدين طمان بن أحمد قول الشيخ شمس الدين محمد بن صالح عند ذكره لشيخه السيّد فخار بن معد : «إنّه قرأ عليه سنة (630 ه) بداره بالحلّة ...».

6 - آل عبد الحميد النيلي :

وهم من البيوت العلوية العريقة التي سكنت الحلّة والنجف الأشرف ، ينتهي نسبهم إلى نقيب العراق السيّد نجم الدين أُسامة ابن النقيب شمس الدين أحمد ابن النقيب أبي الحسن علي الحسيني من ولد زيد الشهيد. والسيّد عبد الحميد جدّ هذه الأسرة هو العلم الفقيه النسّابة نقيب المشهد الغروي والكوفة أبو علي جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن 6.

ص: 212


1- عمدة الطالب: 216.
2- غاية الاختصار: 88.
3- لؤلؤة البحرين: 206.

عبد الحميد بن عبد الله التقي بن نجم الدين أُسامة.

قال ابن عِنَبة في عمدة الطالب(1) : «أمّا أبو طالب محمد بن عبد الحميد بن التقي فأعقب من ابنه أبي علي جلال الدين عبد الحميد نقيب المشهد والكوفة ، وكان عالماً فاضلاً نسّابة ، توفّي سنة ستة وستين وستمائة (666 ه)».

ومن رجال هذه الأسرة المباركة أيضاً السيّد العالم غياث الدين عبد الكريم النيلي بن محمد بن عبد الحميد المقتول بيد قطّاع الطرق والذي كانت له صداقة حميمة مع الشاعر الشهير صفي الدين الحلّي رحمهم الله تعالى.

7 - آل الأخرس :

وهي من الأسر العلوية العريقة التي سكنت الحلّة والنجف ، ينتهي نسبها الشريف إلى السيّد الحسن بركة ابن السيّد أبي الطيّب أحمد بن أبي علي الحسن بن محمد الحائري ابن إبراهيم المجاب ابن محمد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام ، وهذه الأسرة المباركة تعرف اليوم بأسرة السادة آل الخرسان الموسوي ، وهي من البيوت العلمية المشهورة والتي أنجبت العديد من العلماء الأعلام والمفكرِّين الكرام والتي لا تزال إلى الآن شجرة مخضرَّة الأكناف وارفة الظلال كثيرة الأثمار ثمار العلم والفضيلة. قال عنهم ابن عِنَبة في عمدة الطالب(2) :

«... والحسن بركة بن أبي الطيّب هو جدّ (آل الأخرس) بالحلّة ، والأخرس هو أبو الفتح بن أبي محمد بن إبراهيم بن أبي الفتيان بن 8.

ص: 213


1- عمدة الطالب: 277.
2- عمدة الطالب: 218.

عبد الله بن الحسن بركة ، منهم الفقيه شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن أبي الفتح الأخرس وقومه ...».

8 - آل معصوم :

وهي من الأسر العلوية الشريفة التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وهم بنو عم آل الأخرس. قال ابن عِنَبة(1) : «ومعصوم بن أبي الطيب هو جدّ (آل معصوم) بالحلّة والحائر».

9 - آل بطريق :

وهم من أعلام الأسر العلمية في الحلّة ، أنجبت عدداً من العلماء الأفذاذ الذين ورد ذكرهم في كتب المعاجم الرجالية تاركين وراءهم آثاراً علمية وأدبية خلَّدت سيرتهم وأعمالهم على مدى التاريخ ، وهذه الأسرة تنتمي في نسبها إلى قبيلة بني أسد بن خزيمة وهي من القبائل العربية الكبيرة. جاء في سبائك الذهب(2) :

«فبنو أسد حيّ من بني خزيمة ، قال في العبر : وهم بطن متّسع ذو بطون ، قال : وبلادهم ممّا يلي الكرج من أرض نجد في مجاورة طي ، قال : ويقال : إنّ بلاد طي كانت لبني أسد ...».

وبنو أسد من القبائل الشهيرة والتي سكن بعض منها أرض العراق كمدينة الحلّة وغيرها وإنّ آل مزيد الناشري أمراء الحلّة هم من بطون بني أسد ، وينتمي إلى هذه القبيلة العديد من البيوت والأسر العلمية التي أنجبت الكثير من رجال العلم والأدب وحازوا فضائل العلم والمعرفة مع كرم الأخلاق وحسن السجايا ، ومن بين هذه البيوت آل بطريق الأسدي الحلّي. 0.

ص: 214


1- عمدة الطالب: 218.
2- سبائك الذهب: 60.

قال السيّد حسن الصدر في كتابه تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام(1) عند ذكره للشيخ علي يحيى بن بطريق :

«آل بطريق بيت جليل بالحلّة من الشيعة الإمامية ، بيت علم وفضل وأدب ، تقدّم ذكر بعضهم ، منهم محمد بن يحيى بن البطريق ...».

ومن أشهر علمائهم الشيخ الفقيه أبو الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين بن البطريق الحلّي صاحب كتاب العمدة والخصائص وغيره.

قال الشيخ عباس القمّي في الكنى والألقاب(2) : «البِطريق - ككِبريت - القائد من قوّاد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل».

10 - آل سعيد الهذلي :

وهم من بيوت العلم الشهيرة في مدينة الحلّة ، أنجبت الكثير من العلماء والفقهاء الكبار والذين من أشهرهم وأكبرهم شأناً الشيخ الجليل السعيد أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلّي المعروف ب- : المحقّق الحلّي صاحب كتاب شرائع الإسلام وغيره من كتب الفقه والاُصول.

وبنو هذيل هم من القبائل العربية التي استوطنت قديماً شبه الجزيرة العربية ثمَّ نزحت عنها وتفرّقت في البلدان والأقطار والتي منها أرض العراق وبلاد الرافدين. جاء في سبائك الذهب(3) عند ذكر هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد ، قال السويدي البغدادي معقّباً : «وبنو هذيل هذا بطن من خندف من مصر ...». 3.

ص: 215


1- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 129.
2- الكنى والألقاب 1/227.
3- سبائك الذهب: 23.

قال الشيخ يوسف في تاريخ الحلّة(1) : «أسرة آل سعيد أسرة ذات علم وفضل ونبل وأدب وأخلاق فاضلة وسجايا كريمة ، حازت من الشرف والسؤدد والنفوذ الروحي أكثر ممّا حازته أسرة آل نما ، وقد جعلت نفسها وقفاً على التأليف والتدريس لإذكاء نور المعرفة بين أبناء قومهم ، فزخرت بحار معارفهم وأشرقت شموس علومهم وفاضت ينابيع أدبهم».

11 - آل مزيد الأسدي :

وهم من فروع بني أسد بن خزيمة التي سكنت الحلّة بعد نزوحها من مناطق الفرات الأدنى.

حيث كانت خلال القرن الرابع الهجري تقع بين البصرة وواسط والأهواز.

ويعرفون بآل مزيد الناشري نسبة إلى جدّهم مزيد الناشري الأسدي ، وهم من البيوت الجليلة التي أنجبت أمراء آل مزيد مؤسّسي الحلّة وما كانوا عليه من الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة ، وقد ذكرنا نسبهم وبعض أحوالهم آنفاً. وقد برز أيضاً من هذه الأسرة علماء وأدباء كرام ساهموا في بناء النهضة العلمية في الحلّة ، منهم الشيخ الفقيه رضي الدين علي ابن الشيخ جمال الدين أحمد المزيدي ، والأمير الشاعر مزيد بن صفوان المزيدي ، وغيرهم.

قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(2) عند ذكره لبني مزيد الأسدي :

«هم أمراء الحلّة ومؤسّسوها ، نبغ فيهم جماعة في قيادة الجيوش 9.

ص: 216


1- تاريخ الحلّة 2/19.
2- تاريخ الحلّة 2/9.

وسياسة الملك وفي الأدب والعلوم ، وبقي اسم هذه الأسرة لامعاً حتّى أواخر القرن التاسع الهجري ثمّ اختفى ذكرهم ودخلوا في غمار الناس».

وقال الخاقاني في شعراء الحلّة(1) عند ذكر أمراء الحلّة من آل مزيد :

«تُحدّثنا كتب الأنساب أنّ أسداً بطن من مضر ، وهم الذين عرفوا بالمكارم والشجاعة ، وقد كان لهم مقام مرموق بين القبائل قبل الإسلام وبعده ، ونبغ من هذه القبيلة كثير من الأعلام في الشجاعة والعلم والوفاء ممّا ركّز اسمها بين العرب ..».

12 - آل المُطهَّر :

وهم من أشهر البيوت العلمية في الحلّة والتي ينتهي نسبها إلى قبيلة بني أسد أيضاً ، وتُعدّ هذه الأسرة من الأسر العلمية المتخمة بالعلماء الأعلام وشجرة مورقة كثيرة الأغصان وافرة الثمار ثمار العلم والفضيلة ، امتدّت جذورها المباركة عميقاً في مجد الاُمّة الإسلامية عموماً ومدينة الحلّة خصوصاً بما أنجبت من كبار العلماء والفقهاء والذين يقف في مقدّمتهم الشيخ الأوحد الأفضل جمال الملّة والحقّ والدين آية الله في العالمين الحسن بن يوسف بن علي بن مُطهَّر الحلّي الشهير ب- : العلاّمة الحلّي قدس سره ، وكذلك والده الشيخ الفقيه سديد الدين يوسف بن المطهَّر ، وغيرهم كثير ، رضوان الله عليهم.

13 - آل نما :

وهم من بيوت العلم العريقة التي ارتبط باسمها مجد الحلّة العلمي وأصبح رجالها من علماء وأدباء عناوين بارزة للنهضة العلمية واستمرار 5.

ص: 217


1- شعراء الحلّة 1/15.

تطوّرها في الحلّة ، وقد تميّزت هذه الأسرة بإنجابها للعديد من العلماء الفقهاء ورجال الفكر والأدب ، وقد تقلَّد عدداً منهم الزعامة الدينية والروحية للمذهب الإمامي في عصرهم ، ويرجع نسب هذا البيت الجليل إلى جدِّهم الفقيه الفاضل الرئيس أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الربعي ، ومن مشاهير علمائهم رئيس الطائفة في وقته الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما ، وكذلك ولده الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد بن نما صاحب كتاب مثير الأحزان ، وغيرهم.

قال السيّد محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على لؤلؤة البحرين(1) : «اشتهر آل نما الربعي بالفضل والأدب والزعامة العلمية في الحلّة وخدموا العلم أيّاماً طوالاً ، نبغ منهم أفراد لا يستهان بهم ، وتخرّج عليهم الكثير من العلماء الأفاضل خدموا العلم والأدب ، وكان عصر جدّهم (نما) عصر الشيخ أبي علي ابن الشيخ الطوسي رحمه الله كما ذكره صاحب روضات الجنّات. ونما مثلّث النون ومخفّف الميم بعدها الألف ، وهو ابن علي بن حمدون الربعي الأسدي».

14 - آل وشاح :

وهي أسرة أسدية النسب سكنت الحلّة السيفية وضمَّت عدداً من العلماء الأخيار والأدباء المرموقين الكبار ، من أشهر رموزها العلمية والأدبية الفقيه العالم والأديب الشاعر الشيخ شمس الملّة والدين محفوظ بن وشاح بن محمد الحلّي الذي كان من كبار تلامذة المحقّق الحلّي صاحب الشرائع والذي كانت تربطه به علاقة أخوية حميمة ، ونشأت من نسل هذا ش.

ص: 218


1- لؤلؤة البحرين: 272 الهامش.

الشيخ الجليل أسرة جليلة أنجبت العديد من الأعلام وذوي الفضيلة يعرفون بآل محفوظ.

قال السيّد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل(1) :

«... واعلم أنّ هذا الشيخ أبو طائفة كبيرة بالهرمل يعرفون ب- : آل محفوظ وبني وشاح ، خرج منها علماء أجلاّء رؤساء نبلاء ، وهو غير محفوظ بن عزيزة بن وشاح السورائي والد الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي استاذ المحقّق نجم الدين في علم الكلام الذي قرأ عليه كتابه المنهاج في علم الكلام ، فلا تتوهّم الاتحاد ...».

التلاقح العلمي بين مدينة الحلّة ومدن العالم الإسلامي :

إنّ من عوامل انتشار العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة هو حدوث التلاقح العلمي بين المدن والبلدان والذي قد يحصل بين مدينتين أو أكثر ، ويمكننا تعريف هذا التلاقح بأنّه عبارة عن نشر العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة وحصول التبادل الفكري العلمي منه والأدبي بين علماء مدينتين أو أكثر ، علماً أنّ هذا التلاقح يتمّ إمّا من خلال منح الإجازات العلمية للطلبة من قبل مشايخهم وعلى اختلاف أصولهم وأماكن سكناهم ، أو من خلال ارتباطهم بحلقات البحث والتدريس والمناظرة إمّا بصفة طلاّب علم أو بصفة مشايخ لهؤلاء الطلبة ، وقد يفضي الأمر في بعض الاحيان إلى بقاء العديد منهم في تلك المدن واستقرارهم فيها خدمة للعلم والدين ، وفي غالب الأحيان نجد أنّ الاستقرار الفعلي لهؤلاء العلماء يكون في المدن التي تتميّز بالصدارة العلمية والفكرية كمدينة النجف الأشرف ومدينة قم 1.

ص: 219


1- تكملة أمل الآمل: 331.

المقدّسة والتي لا تزال كلّ منها من حواضر العلم الكبرى. ويمكن القول : إنّ مدينة الحلّة الفيحاء مدينة العلم والعلماء كانت من نتائج التلاقح العلمي والتقارب الجغرافي مع مدينة النجف الأشرف ومثالاً نموذجياً لهذا التلاقح.

يقول الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(1) :

«قد يسأل سائل : إنّ العلم دخل الحلّة من أي مدينة؟ وما علاقة تلك المدينة بالحلّة؟

أقول [أي قول الشيخ يوسف كركوش] : لمّا كان أُمراء هذه المدينة على ما أسلفت في الأمر الأوّل أمَّها الناس من كلّ حدب وصوب ، ولكن كانت النجف أكثر علاقة بها من غيرها ، وكان فيها يومئذ تلامذة الشيخ الطوسي الذي غادر بغداد سنة (448 ه) - بعد أن أحرق (طغرل بك) السلجوقي مكتبته وكرسي تدريسه - واستوطن النجف وبقي فيها يدرّس إلى أن توفّي سنة (460 ه) فقام تلامذته مقامه ، فلمّا مصَّر الأمير سيف الدولة الحلّة واتخذها مركزاً لأعماله قويت الرابطة بين البلدتين وامتدّت أعناق النجفيّين إليه وعلّقوا عليه الآمال ليحيوا ما اندثر من نفوذهم وما كان لهم في عهد آل بويه من الحرّية التامّة في التعبير عن آرائهم».

وتأييداً لما ذكره الشيخ يوسف كركوش وبعض المؤرّخين من قوّة الروابط العلمية بين مدينتي الحلّة والنجف يمكننا أن نستنتج أنّ تلك الروابط كانت بلا شكّ تمثّل الصورة الأبهى للتلاقح العلمي بين المدينتين والذي ظهر في بادئ أمره بعد انتقال الشيخ الطوسي قدس سره من بغداد إلى النجف الأشرف وانشغاله بالبحث والتدريس وانحدار طلبة العلم إليه من كلّ 4.

ص: 220


1- تاريخ الحلّة 2/4.

حدب وصوب ومن ثمّ وفاته عام (460 ه) وقيام بعض تلامذته الأعلام ومنهم ولده الأفضل الأكمل أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي الملقّب بالمفيد مقام والده شيخ الطائفة قدس سره. وتلمّذ العديد من أساطين العلماء على يديه ممّن أصبحوا فيما بعد مشايخ الإجازة والرواية لعلماء الإسلام وبما فيهم علماء الحلّة الفيحاء ، كأمثال الشيخ الفقيه الياس بن هشام الحائري تلميذ أبي علي الطوسي ومن مشايخ الفقيه الفاضل الشيخ عربي بن مسافر العبادي الحلّي ، وكذلك الشيخ يحيى بن بطريق الأسدي الحلّي الذي يروي عن الشيخ الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم علي الطبري الآملي الكجي صاحب كتاب بشارة المصطفى الذي يروي هو بدوره عن الشيخ العالم أبي علي الحسن بن محمد الطوسي ، وكذلك الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال تلميذ الشيخ أبي علي الطوسي وفي نفس الوقت هو من مشايخ الشيخ الفقيه أبي البقاء هبة الله بن نما الحلّي ، وغيرهم كثير ، وهي دلائل واضحة على حصول التلاقح العلمي والتبادل الفكري بينهم ، إضافة إلى الإجازات العلمية الممنوحة من قبل أولئك العلماء لبعض طلبتهم والمدوّنة في كتبهم ورسائلهم.

وبالإضافة لما سبق من أنّ مدينة النجف الأشرف كانت تشكّل الرصيد الأكبر للتلاقح العلمي بينها وبين الحلّة إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من وجود روابط علمية أخرى مع بعض المدن كمدينة بغداد عاصمة الخلافة العبّاسية وغيرها ممّن ساهمت في تطوّر وازدهار الحركة العلمية والأدبية في مدينة الحلّة وبلوغها مركز الصدارة والزعامة الدينية لفترة طويلة ، وقد تمّ ذلك من خلال حصول التلاقح العلمي بينها كمركز إشعاع فكري متميّز وبين مدن العالم الإسلامي الاُخرى ، ولتوضيح هذا التلاقح ونتائجه نذكر بعض هذه المدن

ص: 221

وبعض أعلامها الذين ساعدوا في حصول هذا التلاقح المتميز وكما يلي :

1 - آبه أو آوه :

وهي بلدة من توابع بلاد إيران ، من أعلامها الشيخ الجليل عز الدين الحسن الآبي تلميذ المحقّق الحلّي. قال الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب(1) :

«الآبي عزّ الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي المعروف بالفاضل الآبي وابن زينب ، عالم فاضل محقّق فقيه قويّ الفقاهة شارح فائق وتلميذ المحقّق ، شهرته دون فضله ... إلى قوله : والآبي نسبة إلى آبَه كساوَه - ويقال لها أيضاً : آوه - بُليدة من توابع قم رديفها المذكور ، وأهلها شيعة من زمان الأئمّة عليهم السلام ...».

وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان(2) :

«آبه قرية من قرى ساوة ، منها جرير بن عبد الحميد الآبي ، وآبه بليدة تقابل ساوه تعرف بين العامّة بآوه ، وأهلها شيعة ... وهي اليوم قرية من قرى قم واقعة بين قزوين وساوه».

2 - إربل :

جاء في وفيات الأعيان(3) : «هذه النسبة إلى إربل ، وهي مدينة كبيرة بالقرب من الموصل من جهتها الشرقية». وذكر الخوانساري في روضات الجنات(4) قائلاً : 1.

ص: 222


1- الكنى والالقاب 2/2.
2- معجم البلدان 1/53.
3- وفيات الأعيان 1/187.
4- روضات الجنّات 4/341.

«... وأمّا الإربلي فهي نسبة إلى إربل على وزن دعبل ... وقيل : إنّها مدينة محدثة من بلادها ، واسطة بين مدائن كسرى والموصل ، ومنها إلى الموصل يومان خفيفان ...».

نبغ في هذه المدينة العديد من العلماء والأدباء ، من أشهرهم الشيخ الجليل علي بن عيسى الإربلي صاحب كتاب كشف الغمّة ، وهو ممّن تلمَّذ على السيّد العابد علي بن موسى بن طاووس قدس سره.

3 - آمُل :

قال ياقوت الحموي في معجم البلدان(1) : «مدينة في طبرستان وهي قصبتها».

وقد انتسب لهذه المدينة العديد من الأعلام ، منهم السيّد حيدر الآملي تلميذ فخر المحقّقين الحلّي ، وكذلك من أعلامها الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي تلميذ العلاّمة الحلّي قدس سره ، هكذا ذكره السيّد محمد صادق بحر العلوم عند تقديمه لكتاب رجال العلاّمة الحلّي(2).

4 - أصفهان :

وهي من المدن الكبيرة في بلاد إيران ، ينتسب إليها الكثير من أهل العلم والأدب ، منهم الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر ، قال عنه الحرّ العاملي في أمل الآمل(3) : «الشيخ أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني أبو السعادات ، كان عالماً فاضلاً محقّقاً ، له كتب ، منها : رشح 3.

ص: 223


1- معجم البلدان: 17.
2- رجال العلاّمة الحلّي: 17.
3- أمل الآمل 2/33.

الولاء في شرح الدعاء ، وكتاب توجيه السؤالات في حلّ الإشكالات ... إلى قوله : يروي عنه السيّد علي بن موسى بن طاووس ، وقرأ عنده المحقّق نصير الدين الطوسي وميثم بن علي البحراني».

5 - البحرين :

وهي لا تحتاج إلى تعريف لشهرتها ، ينتمي لها الجمّ الغفير من الاُسر والعلماء الأعلام ، من مشاهيرهم الشيخ الفيلسوف ميثم بن علي البحراني ، وكذلك الشيخ ابن المتوّج البحراني. قال الحرّ العاملي في أمل الآمل(1) : «الشيخ أحمد بن عبد الله بن متوّج البحراني ، عالم فاضل أديب شاعر عابد ، له رسالة سمّاها كفاية الطالبين ، وله شعر كثير ، قرأ على الشيخ فخر الدين ابن العلاّمة وروى عنه».

6 - بغداد :

وهي لا تحتاج إلى تعريف لشهرتها المطبقة ، من أعلامها السيّد العالم الشاعر صفيّ الدين محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي ، وهو من مشايخ السيّد تاج الدين محمد بن مُعَيَّة الحسني الذي يروي عنه.

للبحث صلة ... 6.

ص: 224


1- أمل الآمل 2/16.

فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة / النجف الأشرف (23)

السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(1344)

قاطعة اللجاج

للمحقّق الكركي الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي العاملي المتوفّى سنة 940 فرغ منها وسط نهار الاثنين تقريباً الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 916.

نسخة بخطّ عبد الواحد بن عبد الرحيم بن داود الاسترابادي فرغ منها 25 رجب سنة 964 وبآخرها بخطّه ما نصّه : بلغت المقابلة بحسب الجهد والطاقة بنسخة مصحّحة قد قوبلت بنسخة مؤلّفها قدس الله روحه بآخر مجموعة من مؤلّفات المحقّق الكركي كلّها بخطّ هذا الكاتب.

أوّلها : حاشيته على المختصر النافع رقم المجموعة 1968 والكتاب يبدأ من الورقة 196 ب للنهاية وهي 214 ورقة.

(1345)

قاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة

للعلاّمة الفقيه المحقّق الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني

ص: 225

المتوفّى سنة 1361.

أوّله : (بعد الحمد لله والصلاة على نبيه محمد وآله المعصومين فائدة في بيان قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ وأصالة الصحّة والكلام يقع في مقامين أحدهما في قاعدة التجاوز والفراغ وثانيهما في أصالة الصحّة).

آخره : (وهذا البناء العملي هو الممضى شرعاً).

نسخة الأصل بخطّ يد المؤلّف النسخ الجميل في 15 ورقة وبعده قاعدة اليد له وبخطّه رحمه الله رقم 2099.

(1346)

قاعدة لا ضرر ولا ضرار في الإسلام

من القواعد الكليّة الأُصوليّة التي تطبق على موارد كثيرة من الفروع الفقهية أفرد جماعة من المحقّقين لها رسائل خاصّة منهم هذه الرسالة للشيخ الفقيه الشيخ عبد الله المازندراني.

كتب بالهامش بخطّه أني كتبته تقريراً لبحث سيّدنا الأُستاد.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ضمن مجموعة رسائله كلّها بخطّه رقم 394.

(1347)

قاعدة من ملك

أوّله - بعد الحمد - : (قد اشتهر في السنة الفقهاء من زمان الشيخ قدس سرهإلى زماننا هذا قضية كلّية يذكرونها في مقام الاستدلال بها على ما يتفرع عليها كأنّها بنفسها دليل معتبر أو مضمون دليل معتبر وهي أنّ - من ملك شيئاً ملك الإقرار به -).

ص: 226

وأظنّها للعلاّمة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني فإنّها بخطّه رحمه الله.

نسخة في آخر المجموعة رقم 1940 تبدأ من الورقة 226 ب إلى نهاية المجموعة وهي 233 ب وهي بخطّ العلاّمة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ولعلّها له أيضاً.

(1348)

قاعدة اليد

توجد ضمن مجموعة فيها بعض رسائل الشيخ الحرّ العاملي محمد ابن الحسن المتوفّى سنة 1114 وبعض رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي المتوفّى سنة 1031.

أوّلها : (الذي يظهر من كلام علماء الإماميّة رضي الله عنه وفتاواهم وأدلتهم أنّ التصرف واليد دليل الملك ولا يطالبون ذا اليد بوجه الانتقال - إذا ادعى الملكية - وأحاديث الأئمة عليهم السلام دالّة على ذلك ...).

وفي خاتمتها : محمد الحرّ وتاريخ رسائل النسخة سنة 1096 فلم اعرف أنّها هل هي للشيخ الحرّ مؤلّف الوسائل ولم يذكر له هذا في عداد مؤلّفاته أو إنّه لأحد أقربائه من أعلام آل الحرّ ممّن يسمّى محمد وهم غير واحد توجد تراجمهم في امل الآمل وعلى كلّ فمؤلّف هذه القاعدة مقدّم على هذا التاريخ ورقم المجموعة 768.

(1349)

قاعدة اليد

للفقيه المحقّق الشيخ محمّد حسين الغروي الأصفهاني المتوفّى سنة1361.

ص: 227

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد رسله محمد وآله المعصومين وبعد فهذه نبذة من الكلام في اليد وما يترتب عليها من الآثار والأحكام ...).

آخره : (والتفاوت في الإطلاق والتقييد بدوال آخر فافهم وتدبر).

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل 14 ورقة وقبله قاعدة التجاوز والفراغ والصحّة له بخطّه رحمه الله رقم 2099.

(1350)

قاعدة اليد

أوّلها : (الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد يد از قواعد شرعية كلّية ومقتضى ملكيت است نگر آنكه برخلاف آن بيند (ونحو آن) باشد وخلافي در آن نيست ونصوص بر آن مستفيضه است).

نسخة بخطّ فارسي بآخر كتاب حديقة الأفراح لليمني الشرواني ، رقم 1785.

(1351)

قاموس الرجال

هو حاشية على تنقيح المقال في علم الرجال تأليف العلاّمة المامقاني.

وهذه التعليقة للعلاّمة المتتبع الرجالي الشيخ محمد تقي التستري دامت بركاته وهذه المسودة الأصليّة للكتاب بخطّ المؤلّف وخطّه فارسي دقيق وتقع في جزأين أهداهما المؤلّف إلى المكتبة ويطبع الكتاب في طهران في عشرة أجزاء صدر منها ستة أجزاء.

ص: 228

الجزء الأوّل بخطّ المؤلّف وعليه تعليقاته في 195 ورقة رقم 771.

الجزء الثاني من أواسط حرف الظاء إلى نهاية الكتاب فرغ منه المؤلّف سلخ ذي الحجّة سنة 1361 والكتاب بخطّ المؤلّف دام بقاءه أهداه هو إلى المكتبة ويقع هذا الجزء في 152 ورقة رقم 772.

(1352)

القاموس المحيط

المجلّد الثاني تبدأ من حرف العين (الدقاع) بخطّ نسخ جيّد فيه بعض الشكل والعناوين مكتوبة بالشنجرف واللغات بخطّ أخشن كتبها علي ابن حسن بن علي بن رمضان الشيعي الإمامي الأوالي المقشاعي مذهباً وبلداً وقرية فرغ منها 9 ج 2 ص 1070 لخزانة الشيخ الأجل الأفضل المؤتمن ... في 383 ورقة رقم 211 وعليه ختم مبشر السلطنة.

(1353)

القاموس المحيط

والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط صنفه الملتجى إلى حرم الله مجد الدين أبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزابادي بيض الله نواصي آماله بمحمّد وآله يشتمل على ستين ألف مادة والصحاح يشتمل على أربعين ألفاً.

كذا على ظهر نسخة جاء في آخرها : فراغ تنميقه على يد المكنى بأبي علي المسمّى بأبي الحسن الملقّب بعبد المحسن ابن حاجي حسين الطبسي في جمادى الأُولى سنة 1092 وهي بخطّ نسخ جيّد مؤطّر بالأحمر

ص: 229

والأزرق وكتابة اللغات بقلم خشن والرموز والأبواب والفصول وبعض اللغات مكتوبة بالأحمر وجاء في ظهر الكتاب في تعيين الرموز.

وما فيه من رمز بحرف فخمسة

فميم لمعروف وعين لموضع

وجيم لجمع ثمّ هاء لقرية

وللبلد الدال التي أُهملت فعي

وعلى الكتاب خطّ مالكه محمد شفيع بن عبد الرشيد كتب بخطّه الجيّد البديع أن والده بذل الجهد في تحصيل الكتاب له فيظهر أنّ الوالد وما ولد كلاهما من أعلام القرن الثاني عشر وتاريخ التملّك سنة 1162 تسلسل 1158 / 3 / 24 × 37.

نسخة بخطّ سلطان محمد الجنابدي فرغ منها في المشهد الرضوي في محرم سنة 1080 ، واللغات والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن أو بالشنجرف ، في 492 ورقة برقم 1155.

نسخة الجزء الأوّل إلى آخر حرف الظاء بالنسخ الجيّد مشكولة مضبوطة اللغات والعناوين مكتوبة بخطّ أكبر أو بالشنجرف أو باللازورد مجدولة قيّمة وتاريخه في نهاية الجزء الثاني يأتي تلواً ، في 227 ورقة رقم 679.

نسخة الجزء الثاني من باب العين إلى نهاية الكتاب بخطّ سليمان بن أحمد بن سعيد بلقيس كذا فرغ منها 13 شهر رمضان سنة 1023 رقم 301.

نسخة مشكولة والعناوين (اللغات مكتوبة بالشنجرف كتبها ولي بن أحمد بن حسين فرغ منها 8 جمادى الأُولى سنة 948 ، وبآخرها خواص الأسماء الحسنى للحافظ جلال الدين وعليها أختام كثيرة منها ختم مبشر السلطنة ، في 542 ورقة ، رقم 210.

ص: 230

نسخة قيّمة كتبها يحيى بن .... إبراهيم بن جمال الدين عن نسخة مقروّة على المصنّف وعليها ختمه في مواضع متعددة وفرغ من هذه النسخة في 10 ذي الحجّة سنة 970 بالمدينة مجدولة بالذهب واللازورد وبأوّلها لوحة والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن أو بالشنجرف أو بالذهب أوراقه 511 رقم 1156.

نسخة القرن التاسع والعاشر تامّة في 513 ورقة ، بأوّلها لوحة والعناوين مكتوبة بالشنجرف والأوراق مجدولة بالشنجرف واللغات مكتوبة بخطّ أكبر وبآخرها بيتين في تعيين الرموز الموجودة في القاموس وبظهر الورقة الأخيرة فائدة في المؤلّفات السماعية نقلاً عن المزهر للسيوطي رقم 1160.

(1354)

القانون

للشيخ الرئيس أبي علي بن سينا.

نسخة من أوّل الكتاب وينتهي إلى آخر الكلّيات فرغ منها الكاتب سنة 1283 عليها تصحيحات وتعاليق وتقع في 193 ورقة ، مقاسها 6 / 13 × 4 / 21 تسلسل 638.

(1355)

قانونچه

في الطب في عشر مقالات لمحمود بن عمر الچغميني المتوفّى سنة ...

ص: 231

نسخة بخطّ فارسي جيّد جميل كتبت سنة 1252 وقبله خلاصة الحساب للشيخ بهاء الدين العاملي 59 ورقة تبدأ من الورقة 23 ب للنهاية رقم 1841.

(1356)

قبسات الأشجان

في مصائب سادات الزمان

تأليف درويش علي بن حسين بن علي البغدادي

مرتب على 24 باب في كلّ باب ثلاثة مجالس ، وفيه قصائد في المرائي كثيرة.

الجزء الأوّل بخطّ محمد علي بن جليل الكاظمي فرغ منه في كربلاء سنة 1271 في 205 ورقة رقم 815.

الجزء الثاني يبدأ بالباب الثالث عشر بخطّ محمد علي بن جليل الكاظمي فرغ منه الكاتب 18 جمادى الثانية سنة 1271 في حياة المؤلّف ودعا له بالسلامة والبقاء في 223 ورقة رقم 816.

(1357)

قبسات النار

في ردّ الفجّار

وهو في أُصول الدين وإثبات الصانع وتوحيده جلّ شانه وإثبات النبوّة والإمامة والردّ على الدهريّن والطبيعيين وغيرهم تأليف العلاّمة الجليل الشيخ ميرزا أبو القاسم بن محمد تقي الغروي الأردوبادي المتوفّى 5 شعبان سنة 1333.

ص: 232

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد فإنّ الله بعث نبيه نوراً استنقذ به عباده ...).

فرغ منه 19 ذي القعدة سنة 1322.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف وبآخره منظومة فارسية للمؤلّف وبخطّه في تعداد المعاصي الكبير نظم بها رسالة ألّفها بعضهم في الكبائر ، في 262 ورقة رقم 1886.

(1358)

قبلة اثنى عشرية

رسالة فارسية في القبلة هكذا سمّاها المؤلّف في خطبتها وقد ذكرها صاحب الروضات في ترجمة المؤلّف بعنوان الاثنى عشرية في القلبة فتبعه شيخنا دام ظلّه في الذريعة فأثبته في حرف الألف ، والمؤلّف هو الشيخ محمد ابن محمد زمان بن حسين بن رضا بن حسام الدين الكاشاني إليه انتهت الزعامة الروحية في أصفهان بعد فتنة الأفغان ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف وتوفّي بها وهو من مشايخ العلاّمة المولى أحمد النراقي.

والرسالة كبيرة أوّلها : (الحمد لله الذي جعل الكعبة البيت الحرام قياماً للناس فيه آيات بينات مقام إبراهيم ...).

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ نسخ جيّد وعليها بعض التعليقات والتصحيحات بخطّ المصنّف وبآخرها إجازة من المصنّف وبخطّه للمير علي نقي البهبهاني ، تاريخها منتصف شهر ربيع الأوّل سنة 1172 فكتابة النسخة قبل التاريخ وهي بأوّل مجموعة من رسائله إلى الصفحة 127 ، ولعلّ المجاز هو كاتب المجموعة ، رقم المجموعة 1314.

ص: 233

(1359)

قرابادين ودوا سازي شليم

هو الدكتور شليمي. ژهس. ل. فلنمكى معلم الطب في معهد دار الفنون بطهران ، ترجم له مرات البلدان ج 3 ص 10 والعلاّمة وخان بابا مشار في فهرس المؤلّفين ج 3 ص 438 وعدّ له من كتبه المطبوعة بطهران ست كتب كلّها في الطب ولم يذكر كتابه هذا ، فيظهر أنّه لم يطبع وهو كتاب ضخم كبير لو طبع لكان مجلّدات.

نسخة بخطّ المولى مصطفى التبريزي ، فرغ منها سنة 1293 ، وعليها ورقة مكتبة محمد حسن خان صنيع الدولة سنة 1298 ، والظاهر أنّ الكتاب مستنسخ لأحد الأمراء قبله ، وهي ضخمة ، تقع في 651 ورقة ، مقاسها 17 × 22 تسلسل 1624.

(1360)

القرآن الكريم

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ مقروّ تامّ مجدول بالذهب ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ومطلية بالذهب ومزوقة باللازواد وكذلك رؤوس الأجزاء وبالصفحتين الأوّليين لوحه وتزويق وتزيين بالذهب واللازورد والشنجرف رقم 2166.

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ جميل بالصفحتين الأوليين لوحة وتزويق وتزيين والأوراق مجدولة بماء الذهب ورؤوس السور مزوقة

ص: 234

باللازورد والشنجرف وماء الذهب ومطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف ناقصة من آخرها ورقة والموجود إلى سورة النصر رقم 969.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جيّد رؤوس السور والأجزاء مكتوبة بالشنجرف وبالصفحتين الأوليين لوحة وتزويق وتزيين إلاّ أنّ الورقة الأُولى ساقطة والأوراق مجدولة بالذهب وجلده من الميناء المطلع المزوق بالأوراد والزهور من الجانبين 229 ورقة ، برقم 2121.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جميل رؤوس السور مكتوبة بالذهب والأجزاء والأحزاب مكتوبة بالشنجرف بالصفحتين الأوّليين لوحة وتزويق والأوراق مجدولة بالذهب واللازورد وأوراق الهوامش مخالفة لأوراق المتن موصولة بدقة وعناية 383 ورقة رقم 790.

نسخة بخطّ محمد جعفر بن سلطان علي السمناني كتبها بخطّ نسخ جيّد وفرغ منها في ذي القعدة سنة 1106 ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ورؤوس الآي معلّمة بالذهب والأوراق مجدولة بالذهب والأجزاء والأحزاب مكتوبة بالشنجرف والصفحتين الأوّليين مزوقتين مزينتين في 185 ورقة رقم 2132.

نسخة بخطّ السيّد محمد هاشم بن محمد الموسوي كتبها بخطّ نسخ جميل وفرغ منها في ثاني الربيعين من سنة 1262 ترك خلال الأسطر فراغاً ليكتب الترجمة الفارسية وقد كتبها بالخطّ الفارسي بالشنجرف إلى قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً ...) ، فالأسطر كلّها مجدولة ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ومذكورة فيها عدد الآيات واختلاف القراء وموارد خلافهم وعلامات الوقف مكتوبة بالشنجرف والأجزاء والأحزاب أيضاً مكتوبة بالهامش بالشنجرف

ص: 235

وكتب بالهوامش بعض الأحاديث الواردة عن الأئمة عليهم السلام في فضل السور أو في تفسير بعض الآيات بخطّ فارسي جميل يظهر أنّ الكاتب هذا كان من أهل الفضل والعلم بالقرآن وعلومه ، وجلده من الميناء المزورق بالأوراد والزهور من الجانبين ، رقم 2201.

نسخة بقطع صغير بخطّ الخطّاط محمد كاظم بن علي أكبر الكروني الأصفهاني كتبها صفر سنة 1270 الصفحة الأولى والثانية مزوقة ملونة مزيّنة بنقوش وأوراد وخلال أسطره من أوّله إلى نهايته تذهيب ورؤوس سوره منقش مزيّن ملوّن وجلده أيضاً ثمين في 268 ورقة رقم 964.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جيّد خلال أسطره ترجمة بالفارسية بخطّ فارسي مكتوب بالشنجرف ورؤوس سوره مكتوبة بماء الذهب والصفحتين الأولى والثانية منقّشة مزيّنه ملوّنه وسطوره كلّه مجدول بالذهب ويقع في 284 ورقة رقم 966.

نسخة بقطع صغير بنسخ جيّد جميل خلال أسطره كلّه تذهيب ورؤوس سوره مذهبه والصفحتين الأُولى والثانية منقوشة ملوّنة مزيّنة في 184 ورقة رقم 967.

نسخة بخطّ نسخ جيّد الصفحة الأُولى والثانية منقوشة ملوّنة 215 ورقة رقم 963.

نسخة بخطّ نسخ كتبه عبد الله تابش ابن فتح الله الأصفهاني فرغ سنة 14 جمادى الأُولى سنة 1372 في 434 ورقة رقم 600.

نسخة بخطّ محمد بن ملاّ بنياد علي المراغي أتمها في شوّال سنة 1222 وبعده في المجموعة الصحيفة الكاملة بكاملها وشيء من مفتاح

ص: 236

الفلاح بشأن قيام الليل وصلاته وآدابها ثمّ زاد الميعاد للمجلسي بكامله كلّه بخطّ واحد وقبل المصحف أحاديث في فضل القرآن 259 ورقة رقم 328.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبه حسن بن علي بن نعمة الله بن حسين الجيلاني الأصفهاني بأمر الحاج محمد جعفر الأصفهاني المثقالي فروش وفرغ منه 17 محرم سنة 1247 ، وأسماء السور مكتوبة بالشنجرف ، في 394 ورقة رقم 965.

نسخة نفيس بخطّ نسخ جميل مؤطّر بالذهب واللازورد والشنجرف والسطر الأوّل والأخير والأوسط من كلّ صفحة بخطّ أخشن فالخطّ الأوسط مكتوب باللازورد وتشكيله بالشنجرف والأوّل والأخير بالذهب وتشكيلهما باللازورد وخلال الأسطر ترجمة إلى الفارسية بخطّ فارسي مكتوب بالشنجرف كتبه الخطّاط زين العابدين بن شمس الدين إسماعيل القصري وفرغ منه 22 صفر سنة 1073 أوراقه 447 رقمه 669.

نسخة بخطّ نسخ جميل كتبه الخطّاط حسن الخونساري فرغ منه في شهر رمضان سنة 1216 حسب أمر الحاج محمد حسين خان بيگلر بيكي أوراقه مجدولة بالذهب واللازورد والشنجرف وأسطره مجدول بالذهب خلالها ترجمة فارسية مكتوبة بخطّ فارسي جميل بالشنجرف وبالصفحة الأُولى والثانية تزيين ونقوش دقيقة ملوّنة جميلة ورؤوس السور كلّها منقشة مزيّنة باللازورد والشنجرف والذهب وأسماء السور مكتوبة بالشنجرف على الذهب وجلده أيضاً قيّم فاخر قد تأثّر بالإستعمال رقم 1820.

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ ممتاز بخطّ أحد خطّاطي العهد القاجاري في القرن الثالث عشر مؤطر بالذهب بأوّله لوحة جميلة رائعة ورؤوس السور مطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف والورقتين الأوليين

ص: 237

مزوقة بالأوراد والأزهار وجلدها كذلك منمّق مزيّن بالأزهار من النوع الممتاز 225 ورقة رقم 962.

نسخة بالحجم الصغير والخطّ النسخ الجميل الدقيق رؤوس السور مطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف والصفحة الأُولى والثانية فيهما لوحة وتزويق وتزيين والأجزاء مكتوبة بالذهب كتابة القرن الثاني عشر رقم 2167.

نسخة بالقطع الصغير والخطّ النسخ الجميل بأوّله لوحتان جميلتان وأوراقها مجدولة مؤطّرة بالذهب والشنجرف واللازورد ورؤوس السور مطلية بالذهب مكتوبة بالشنجرف والأوراق كلّها مزيّنة بأزهار ذهبية كتابة القرن الثاني عشر رقم 1992.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جميل كتبه محمد باقر في دار الأحزان أصفهان وفرغ منه سنة 1203 الصفحات الست الأولى بها لوحات جميلة فنية ومزوّقة بالأزهار والأوراد وكذا رؤوس السور مطلية بالذهب ومنقوشة باللازورد والشنجرف ومكتوبة بالشنجرف وكذا رؤوس الأجزاء والأوراق مجدولة بالذهب ورؤوس الآى معلّمة بالذهب ، ويظهر أنّه كان خطّاطاً ماهراً في فنه ، في 243 ورقة رقم 732.

(1361)

قرب الإسناد

لأبي العبّاس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمّي أدرك القرن الرابع قال النجاشي : شيخ القمّيين ووجههم قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين صنّف كتباً كثيرة منها قرب الإسناد ووثّقه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في الفهرست والرجال.

ص: 238

نسخة بخطّ العلاّمة الشيخ محمد علي بن أبو القاسم الغروي الأردوبادي المتوفّى سنة 1380 ه- فرغ منها آخر نهار السبت 8 شوّال سنة 1335 في الكوفة نقلاً لها عن نسخة منقولة عن خطّ العلاّمة المحدّث النوري رحمه الله ثمّ قابلها على نسخة خطّ العلاّمة الشيخ شير محمد بن صفر علي الهمداني وفرغ من المقابلة والتصحيح غرّة شوّال سنة 1369 وعلى هذه النسخة طبع الكتاب في النجف الأشرف ، وبآخرها فائدة في ترجمة الحميري صاحب الكتاب للعلاّمة الاوردبادي كتبها بخطّه وبظهر الورقة الأُولى مذكرات (بما) في الكتاب من فوائد ونوادر ، في 101 ورقة رقم 1889.

(1362)

قرب الإسناد

للحميري الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر بخطّ أحد خطّاطي العهد الصفوي الذي نفق فيه سوق الحديث ودأب الخطّاطون يجهدون في انتساخ كتب الحديث وتكثيرها ونشرها ومعه كتاب مسائل علي بن جعفر المشتهر بالجعفريات والأشعثيّات والمجموع في 174 ورقة ، مقاسها 12 × 19 تسلسل 651.

(1363)

قرة العين في شرح ثار الحسين عليه السلام

للشيخ علي بن حسين بن الشيخ موسى المروي.

ص: 239

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين الحمد لله الذي وعد عباده المظلومين بالنصر على اعدائهم الظالمين ...) ، إنّي لمّا رأيت هذا الثار المشهور بين سائر الناس أكثره كذب وتصحيف حدثتني نفسي بأنّ اجمع ثاراً صحيحاً ... وسميت هذا الكتاب بكتاب قرة العين في شرح ثار الحسين ...).

نسخة بقلم محمد أمين بن حسن كتبها سنة 1297 بآخر كتاب تذكار الحسين للشيخ عيسي بن حسين علي ابن كبة النجفي وهذا الكتاب للشيخ علي بن عيسى بن موسى المروي تسلسل 801.

(1364)

قرة العيون

فيها مطالب فلسفية وكلامية وغيرها للمحقّق المحدّث الفيض الكاشاني محمد محسن بن مرتضى المتوفّى سنة 1090.

نسخة فرغ منها الكاتب في أصفهان سنة 1274 ، ومعها الرواشح السماوية للمحقّق الداماد ، برقم 348.

نسخة بخطّ عبد الله فرغ منها في شوّال سنة 1246 في 81 ورقة رقم 202.

وبأوّلها قطعة من كتاب دلائل المرام في تفسير آيات الأحكام للمولى محمد جعفر الإسترابادي وبآخرها فائدة في الفروق فيما بين الملة والدين والمذهب وضروري الدين وضروري المذهب وأُصول الدين وأُصول المذهب فارسية ويتلوها شرح الحديث القدسي كنت كنزاً مخفياً أيضاً فارسي.

نسخة بأوّل مجموعة كتبت بخطّ نسخ في القرن الثالث عشر رقم المجموعة 1132.

ص: 240

(1365)

قرة العيون

في الفلسفة للمحقّق النراقي مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني المتوفّى سنة 1209 فرغ منه في ربيع الثاني سنة 1182.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف وعلى نسخة الأصل بخطّه كتبها مهر علي في مدينة يزد وفرغ منها في ذي القعدة سنة 1206 ضمن مجموعة بخطّه هذا أوّلها رقم 835 ثمّ جاء في آخرها : تمّ المرور وما أردت إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله ... محمد بيدابادي فصحّحه بعناية على نسخة الأصل كما ينص عليه في بعض الموارد كذا في نسخة الأصل وللبيدابادي هذا تعاليق وحواش أيضاً عليها في الهوامش.

(1366)

قرة العيون

في أعز الفنون

للفيض الكاشاني.

ملمّع بالعربية والفارسية والغالب عليها العربية.

نسخة بخطّ السيّد محمد مهدي بن محمد جواد العلوي ، فرغ منها 13 شعبان سنة 1226 بأوّل المجموعة رقم 1942 ، بخطّ فارسي جيّد.

(1367)

القسطاس المستقيم

هو تعليقة على حاشية المولى عبد الله اليزدي الشهابادي على تهذيب

ص: 241

المنطق للتفتازاني وهذه التعليقة للشيخ محمد حسين بن محمد إسماعيل اليزدي سبط المولى محمد صادق الأردستاني فرغ منها أواخر ذي الحجّة سنة 1353.

نسخة قديمة ترجع إلى عصر المؤلّف ولعلّه بخطّه أو كتب في حياته تقع في 155 ورقة ، مقاسها 14 × 20 تسلسل 937 عليها خطّ العلاّمة الشيخ محمد صالح بن أحمد بن صالح آل طعّان المتوفّى سنة 1333 ترجم له في أنوار البدرين ص 269.

(1368)

القسطاس المستقيم

في الأوزان والمقادير

للشيخ حسين بن محمد النجم آبادي الطهراني ، ولد في النجف الأشرف ، وتوفّي في طهران سنة 1347 حضر الأبحاث العالية في الفقه وأُصوله في النجف الأشرف على أعلام العصر كالحجّة ميرزا حسين الخليلي الطهراني ، وميرزا حبيب الله الرشتي وغيرهم وكان جامعاً للفنون مشاركاً في العلوم مضطلعاً فيها.

أوّله : (الحمد لله الذي علم البيان ووضع الميزان).

وهو كتاب قيّم من أجود ما كتب في موضوعه أن لم يكن أجودها كلّها حيث أن مؤلّفه كان خبيراً بكلّ ما يتوقف عليه تحقيق هذه المسائل من المعقول والمنقول والعلوم الرياضية التاريخية وما إلى ذلك.

نسخة بخطّ ابن المؤلّف الحاج الشيخ حسن النجم آبادي ، كتبها عن نسخة الأصل بخطّ والده المؤلّف ، بخطّ فارسي جميل ، وفرغ منها في رجب سنة 1371 ، في 119 ورقة.

ص: 242

وبأوّلها فهرس الكتاب مع تعيين أرقام الصفحات وكذلك بأوّلها ترجمة المؤلّف ، وقصيدة عربية ممّا قيل في رثائه ، رقم 2228 ، وبأوّلها صورة المؤلّف رحمه الله.

(1369)

قصبة الياقوت

الناجمة في أجمة اللاهوت

تأليف : محمد حسين بن محمد إسماعيل الحسيني التفرشي.

مرتب على عقود أربعة عشرة في النبوة والولاية.

صدّره بأسم السلطان محمد شاه ورئيس وزرائه الحاج ميرزا آقاسي.

نسخة نفيسة خزائنية بخطّ نسخ جيّد تاريخها 17 ربيع الثاني سنة 263 مؤطّرة بالذهب اللاجور بأوّلها لوحة فنية والعناوين مكتوبة بالشنجرف وهي المهداة لخزانة أحد الرجلين أمّا السلطان محمد شاه أو رئيس وزرائه وتقع في 144 ورقة رقم 1571.

(1370)

قصة داش تمور

منظومة روائية هزلية خلاعية في 264 بيتاً من نظم الشاعر الهزلي ملاّ أحمد فوق الدين اليزدي الملقّب فوقي من شعراء القرن الحادي عشر. أوّلها :

ايكه بودتن زگلت نرم تر

كاش رخت بوده زخوى نرم تر

ص: 243

نسخة بخطّ محمد تقي ضمن مجموعة هزلية كلّها بخطّه ، فرغ منها شوّال سنة 1249 ، رقم المجموعة 1634 وبآخرها قصة خلاعية أُخرى لعلّها لفوقي أيضاً ، في أحد عشر بيتاً.

(1371)

قصة السفاح

وهو عبد الله بن محمد أوّل الخلفاء العباسيين وسديف مولى بني هاشم طبع مع أخبار المختار لأبي مخنف لوط بن يحيي الأزدي المتوفّى سنة 157 بآخر المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار وقصة السفاح أيضاً لأبي مخنف.

نسخة مع أخبار المختار لأبي مخنف ملحقة بكتاب المنتخب للطريحي تسلسل 867.

وبآخرها قصيدة لامية في رثاء الحسين عليه السلام أوّلها :

تريدنّ مني يا عواذل سلوة

عن الحزن هذا مطلب ليس يحصل

وقصيدة أُخرى للشيخ مغامص رحمه الله أوّلها ولعلّها هي التي ذكرها شيخنا في حرف الميم بعنوان المراثي .. لمغامس بن داغر وقال توجد في مجموعة مكتوبة سنة 1000 في مكتبة ميرزا محمد الطهراني.

لبني الهادي مناحي

في غدوي ورواحي

صاح ما قلبي بصاحي

ما لحزني من براح

واحسيناه

وهي قصيدة طويلة.

ص: 244

(1372)

قصيدة بانت سعاد

نسخة بخطّ نسخ جيّد ممتاز فثلاث صفحات من أوّلها والصفحة الأخيرة منها بخطّ الخطّاط السيّد يوسف بن نور الدين الحسيني الشيرازي التبريزي كتبها في طهران كتبها سنة 1338 وأمّا ما عدا هذه الصفحات فهي بخطّ الخطّاط مولانا علاء الدين بن محمد التبريزي قد كان كتبها في القرن الثالث عشر في 10 أوراق برقم 1455.

(1373)

القصيدة الرائيه

في مدح أهل البيت عليهم السلام وذم أعدائهم وهي كبيرة في أكثر من ألف ومائتي بيت.

نسخة بخطّ نسخ جيّد في 146 ورقة ناقصة الآخر ولعلّها ناقصة الأوّل أيضاً رقمها 1192.

(1374)

القصيدة الرمانيه

في وصف الرمان وخصائصه والترغيب في أكله من نظم السيّد ضياء الدين عبد الله بن أبي تراب بن عبد الفتاح الحسيني الطباطبائي.

نسخة ضمن مجموعة من مؤلّفاته ومنظوماته مكتوبة في حياته إنّ لم تكن بخطّه فإنّ عليها تعليقات بخطّه رقم المجموعة 953.

ص: 245

(1375)

قصيدة فوقي

قصيدة نونية فارسية هزلية روائية خلاعية من نظم ملاّ أحمد فوق الدين اليزدي الملقّب فوقي من الشعراء الهزليين في القرن الحادي عشر مستهلها :

منم كه داده زلب داد هرزه افشانى

بطرز خويش ندارم درين جهان ثانى

إلى تمام المائة بيت.

نسخة بخطّ محمد تقي ضمن مجموعة هزلية ، فرغ منها شوّال سنة 1249 ، رقم المجموعة 1634 ، وبآخرها قطعات ومنظومات وأدبيات فارسية هزلية أظنّها لفوقي.

(1376)

قصيدة في الصنعة والعلوم الغريبة

فارسية رائية أوّلها :

آيا خلاصه تقدير در ظهور قدر

دمى بعالم تحقيق ذات خود بنگر

مكتوب عليها أنّها من كلام بديهي.

ص: 246

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع كلّها بخطّ حاج ملاّ محمد نعمت اللهي ، رقمها 1750.

(1377)

قصيدة في الصنعة والكيميا والأحجار

نونية فارسية ، أوّلها :

سوگند من بطه يس والضحى دان

در عمر خود نديدم يك طالب حجر دان

مكتوب عليها : من كلام جابر عليه الرحمة.

ضمن مجموعة في هذا الموضوع بخطّ حاج ملاّ محمد نعمت اللهي رقم 1750.

(1378)

قصيدة في علم الأحجار والصنعة والكيميا

فارسية نونية أوّلها :

رمزى از سر حجر گويم بدان

ترسم از شادى بميرى ناگهان

مكتوب عليها إنّها من كلام شاه نعمت الله ولي.

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع رقم ، 1750 كلّها بخطّ حاج محمد نعمت اللهي.

(1379)

قصيدة في علم الصنعة

فارسية مكتوب عليها : قصيدة ابن ولد در علم صنعت أوّلها :

ص: 247

زآب بسته تو بگشاى آب بيضارا

بآب آش ما نور عالم آرارا

نسخة بخطّ حاج ملاّ محمد نعمت اللهي ، ضمن مجموعة كلّها في هذا الموضوع وكلّها بخطّه رقم 1750.

(1380)

قصيدة في علم الصنعة

فارسية نونية أوّلها :

اگر از طور پرسيدت شخص

چه بود طور گومرا بسكون

مكتوب عليها إنّه قال ابن يمين عليه الرحمة.

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع بخطّ حاج ملاّ محمد نعمت اللهي ، رقم المجموعة 1750.

(1381)

القصيدة المنفرجة

أوّلها :

اشتدي ازمة تنفرجي

قد آذن ليلك بالبلج

اختلف في ناظمها فقيل إنّها من نظم أبي الفضل يوسف بن محمد ابن يوسف التوزري المعروف بابن النحوي المتوفّى سنة 513 كما نسبه إليه في كشف الظنون وهو المكتوب على نسختنا هذه وقيل لأبي الحسن يحيى ابن العطار القرشي الحافظ ذكره في كشف الظنون وقال والأوّل أرجح وقيل

ص: 248

لأبي عبد الله أحمد بن محمد الأندلسي القرشي كما ذكره ابن قضيب البان في كتاب حل العقال ص 113 وقيل لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي القرشي كما ذكره السبكي في طبقات الشافعية على ما نقله عنه في كشف الظنون وقيل لأبي عبد الله محمّد بن علي التوزري على ما نقله السبكي عن كتاب الغرة اللائحة حسب نقل كشف الظنون.

وقد ذكر في كشف الظنون عدة شروح عليها فراجعه قال وهذه القصيدة سمّاها الشيخ تاج الدين السبكي بالفرج بعد الشدّة قال وهي مجرّبة لكشف الكروب.

نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ حسَن جيّد كتبت في القرن الحادي عشر رقم التسلسل 597.

(1382)

القضاء والقدر

لبعض المتكلمين المحققّين من أصحابنا أوّله : (ربّ أفض علم التحقيق وسدد رائي بالتحقيق الحمد لله الذي أحاط علمه بالأشياء جملة وتفصيلاً عينها في قضاء السابق تعيينا ثمّ نزلها بقدرة المعلوم تنزيلاً رتبها بمقتضى مشيته أحسن ترتيب وخصص على وفق عنايته بالتبعيد والتقريب .... أمّا بعد فقد سألني من عزت على مسألته ولزمتني من طريق الأخوة اجابته إنّ املي ما حضرني في القضاء والقدر فاسعفته بتأليف هذا المختصر مرتباً لمباحثه في فصول ومنقحاً لأُصوله عن فضول).

نسخة ناقصة الآخر ضمن مجموعة رقم 1312.

ص: 249

(1383)

القضاء والقدر

للحكيم المحقّق صدر الدين الشيرازي محمد بن إبراهيم المشتهر بالمولى صدرا المتوفّى سنة 1050 وهو رسالة في بيان العناية الإلهيّة ومعنى القضاء والقدر واللوح والقلم وإثبات جودة نظام العالم على أتمّ ما يتصور وأتمّ ...) كذا ذكر المصنّف في مقدّمته أوّله :

(الحمد لله الذي أخرج من مكنونات عنايتها أدرج في القلم ، وأبرز في فضاء الوجود ما خفى في العدم ...) كتبه بالتماس جماعة منه ذلك.

وهي غير رسالته في القدر أيّ في الجبر والإختيار وهذه أيضاً موجودة في المكتبة.

نسخة بخطّ مهر علي كتبها في مدينة الكاظمية عن خطّ المصنّف وفرغ منه في ذي الحجّة سنة 1214 ونقل صورة خطّ المصنّف وفائدة له في المراد بالأمانة في قوله تعالى (إنّا عرضنا الأمانة ...) نقلها عن خطّ المصنّف ضمن مجموعة كلّها بخطّ مهر علي رقم 835.

(1384)

قضايا أمير المؤمنين عليه السلام

لعلّه ترجمة لبعض الكتب المؤلّفة في عجائب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام ، باللغة العربية وأوّل أحاديثه حول رجل شرب الخمر على عهد أبي بكر فاتو به إليه فأظهر أنّه كان جاهلاً بالحرمة ولم يسمع بها

ص: 250

فيرجع فيه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقضى عليه السلام أن يطاف به على الصحابة فإنّ شهد عليه اثنان أنهما بلغوه حكم الخمر وقرأه عليه الآية فيقام عليه الحد وإلاّ فيستتاب.

أوّله : (روايت كرده اند از طريق عامّ وخاصّ).

نسخة بخطّ فارسي بآخر المجموعة رقم 1998 كتبت سنة 1332.

(1385)

قطرات العلوم

شرح على نصاب الصبيان لأبي نصر الفراهي ، والشارح ملك النحّاة الشيخ عبد الله بن محمد حسن بن إسماعيل الخوراسكاني الأصفهاني المولود سنة 1277 ، وهاجر في طلب العلم إلى أصفهان ومنها إلى شيراز ، ثمّ كاشان ثمّ ألقى رحله في طهران.

ترجم لنفسه في كتابه هذا عند شرح قول الناظم :

عرف بوى است وعرف نيكوئى

مسك مشك وبراءه بيزارى

فرغ منه سنة 1323 وطبع سنة 1324.

نسخة بخطّ نسخ بهوامشها حواش كثيرة يظن قوياً أنّها خطّ المؤلّف ، فقد ذكر بأوّل الكتاب أنّ التعاليق كلّها من المتن فلابدّ من إدخالها في المتن عند الإستنساخ فيلتزم الإهتمام والإحتفاظ بها عند تجليد الكتاب أنّ لا يمحى من الحواش شيء ولا يلصق عليها شيء والمتن والحواش وهذا

ص: 251

التنبيه كلّه خطّ واحد ممّا يوجب الإطمئنان بكون النسخة بخطّ المؤلّف كما أنّه بخطّه أيضاً فوائد متفرقة بأوّل الكتاب وبآخره خاتمة ، وهي منظومة فارسية لبديعي الشاعر نظم اللغات المثلثة ، تقع في 265 ورقة ، مقاسها 8 / 16 × 3 / 21 ، تسلسل 312.

(1386)

قطعة في زيارات الأئمّة

تسلسل 502.

(1387)

القلائد السنية

على القواعد الشهيدية

القواعد الكلّية تصنيف الشهيد الأوّل شمس الدين محمد بن مكي العاملي المستشهد سنة 786 نقح فيها القواعد الكلّية الأُصولية والفقهية وعليه شروح وحواش كثيرة منها هذا الشرح المسمّى بالقلائد السنية للشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي تلميذ السيّد نور الدين أخي صاحب المدارك توفّى سنة 1059 وطبع منتخبات من هذا الشرح على هوامش المتن في طبعة سنة 1038.

نسخة بخطّ محمد حسين بن محمد كاظم القزويني فرغ منها في يوم الثلاثاء رابع شعبان 1108 المتن مكتوب كلّه بالحمرة في 218 صفحة ، مقاسها 14 × 5 / 21 تسلسل 682.

ص: 252

(1388)

قلندر نامه

أوّلها : (سپاس وستايش مر خدا وندى راست كه آفريدگار زمين وزمانست ...).

نسخة بخطّ السيّد شمس الدين الأوقاتي ضمن مجموعة أخلاقية عرفانية قيّمة كلّها بخطّه الفارسي المنتهي في الروعة ، فرغ منها في جمادي الثانية سنة 1271 ، وهي من الورقة 13 أ - 21 أ ، رقم 1335.

(1389)

قلندر نامه

لخواجه عبد الله الأنصاري.

أوّله : (سپاس وستايش مر خداوندى را كه آفريد كار خلق زمين وزمانست ...) ...

دلا بعشق ومحبت نخست آلهى شد

پس انگهان پى اسرار حجيگاهى شد

قال شيخنا دامّ ظلّه في الذريعة نسخة منها كتبت في القرن العاشر في دار الكتب الوطنية بطهران رقم 18 / 727 ف وأُخرى في كتب التقوى.

نسخة ناقصة الآخر كتابة القرن العاشر ، ضمن المجموعة رقم 6 / 1754.

ص: 253

(1390)

قناديل العسجدات

في معرفة أحكام القضاء والشهادات

تأليف الشيخ محمد بن محمد علي الهرندي الأصفهاني.

رتّبه على مقدّمة وصفة وقبتين في كلّ منها قناديل كلّ قبة جزء فالكتاب يقع في جزئين الجزء الأوّل في القضاء والجزء الثاني في الشهادات فرغ من القبة الأولى أي الجزء الأوّل سلخ شهر رمضان سنة 1212.

نسخة يشتمل على الجزئين والجزء الآخر غير تام والجزء الثاني بغير خطّ الجزء الأوّل وفرغ كاتب الجزء الأوّل ضحوة يوم الأربعاء 3 ربيع الأوّل سنة 1224 على نسخة الأصل بخطّ المصنّف غفر الله له ويظهر من ترحمه عليه أنّه توفّي قبل هذا التاريخ يقع في 304 ورقة ، مقاسها 8 / 14 × 21 رقم 604 وبآخره بلغ قبالاً.

(1391)

قواعد الاحكام

نسخة قيّمة بخطّ سعد الدين بن فخر الدين بن عبد الله الحافظ الآملي فرغ منها أواخر ربيع الأوّل سنة 827 وبخطّ جيّد مقرو والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن وعليه تملّك الشيخ فضل الله النوري وختمه وختم مكتبته وخطّ علي أكبر وختمه تاريخ ختمه 1155 وغيرهما من الأعلام 311 ورقة رقم 1770.

ص: 254

الجزء الأوّل بخطّ إبراهيم بن حسن الگوهرزي فرغ منه 22 جمادى الثانية سنة 1051 في 263 ورقة رقم 809 وبأوّله فوائد قيّمة كثيرة منها أنّه سئل فخر المحققّين عن سبب قول والده رحمهما الله في القواعد في بعض مسائله على أشكال وفي بعضها فيه أشكال وفي بعضها فيه أشكال منشؤه كذا وفي بعضها على رأي وفي بعضها الأقرب وعلى قول وفيه قول والأقوى ثمّ جوابه عن ذلك كلّه تفصيلاً.

وغير ذلك من الفوائد وعليه خطّ العلاّمة السيّد أبو طالب الحسيني التبريزي.

الجزء الثاني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب كتابة القرن الثاني عشر رقم 810.

الجزء الأوّل بخطّ يوسف بن خلف فرغ منه 18 شهر رمضان سنة 915 وكتب أوّله في النجف الأشرف أوراقه 196 رقمه 543.

(1392)

قواعد الأحكام

في معرفة الحلال والحرام

تصنيف العلاّمة الحلّي آية الله جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف ابن المطهر الحلّي المتوفّى سنة 726 كتاب قيّم يشتمل على مائة ألف واحد وأربعين مسألة عليه شروح وحواشي كثيرة.

نسخة قيّمة فاخرة بخطّ محمد بن الحسن بن الحسين الصلواتي ترجم له شيخنا في أعلام القرن الحادي عشر معروفاً فرغ منها 14 صفر سنة 994 بخطّه الفاخر الجيّد وبأوّله شرح خطبة القواعد بقلم نجل المؤلّف فخر

ص: 255

المحققّين محمد المتوفّى سنة 770 وفائدة في الأوزان والمقادير الشرعيّة من إفادات العلاّمة ميرزا هادي الشيرازي مجموعها في 272 ورقة تسلسل 55 بهوامشه تعاليق كثيرة منها وهي أكثرها حواشي السيّد عميد الدين وحواشي نجل المؤلّف فخر الدين وعلى النسخة خطوط جملة من العلماء منهم ملاّ سهيل وتاريخ ختمه سنة 1082 ومحمد مزيد بن محمد شفيع والشيخ أبو القاسم بن محمد رضا الجزائري والسيّد باقر بن محمد الحسيني والسيّد لطف علي الموسوي استعاره من الفاضل البهي ميرزا محمد علي اللاهيجي ومظفر محمود رضوي أو محمود مظفر.

(1393)

القواعد الشريفية

في أُصول الفقه للسيد محمد شفيع بن علي أكبر الموسوي صاحب الروضة البهية المتوفّى سنة 1280 يبدأ بمباحث الحقيقة والمجاز وينتهي بمباحث التعادل والترجيح.

ذكر شيخنا دامّ ظلّه أنّه من تقريرات أُستاذه شريف العلماء وقد طبع في إيران ومرّ بعنوان الأُصول الكربلائية وتمّمه بإلحاق بعض المبادئ اللغوية ولده السيّد علي أكبر المتوفّى بعده بسنتين سنة 1282.

نسخة فرغ من تحريرها سنة 1258 في 283 ورقة بالقطع الكبير رقم 66.

(1394)

قواعد العقائد

للمحقّق الطوسي منه نسخة في الرضويّة كتبت سنة 687.

ص: 256

وقد طبعت مع الزام النواصب سنة 1302 وعليها شرح اسمه الغرية منه نسخة في سپهسالار برقم 2919.

نسخة بخطّ ضياء الدين بن سديد الدين الإسترابادي العربي فرغ منها سنة 831 وبعده كتاب قواعد المرام لابن ميثم البحراني بخطّ هذا الكاتب أيضاً وبينهما فوائد أدبية وأشعار عربية كثيرة لطيفة وعليه تملّك السيّد حيدر ابن إبراهيم الحسيني وختمه من أعلام القرن الثالث عشر رقم 2308.

(1395)

قواعد القرآن

في التجويد مرتب على اثني عشر باباً ، فارسي أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين باب أوّل در بيان استعاذه وبسمله)

نسخة قديمة بخطّ السيّد محمود بن يوسف بن سيّد مقصود الخوافي ، كتبها في بلخ سنة 966 بأوّله كتاب ثاقب المناقب ، تسلسل 694 ، وعليها حواشي منه ومن غيره فارسية وتصحيحات ومعها رسائل وفوائد في التجويد.

وبآخرها مستزاد فارسي منسوب إلى الشيخ فريد الدين العطار على نهج مستزاد المولى جلال الدين الرومي في معناه وعلى وزنه ورويه أوّله :

نقل قدم از مخزن اسرار بر آمد

خود گنج نهان شد

ومعها أيضاً مستزاد المولى الرومي أوّله :

هر لحظه بشكلى بت عيار برآمد

دل برد ونهان شد

ص: 257

(1396)

قواعد الكتريسته

فارسي لم أعرف مصنفه ، وهو أحد رجال القرن الثالث عشر.

نسخة منه بخطّ فارسي لعلّه خطّ مؤلّفه ، فرغ منها 16 شوّال 1277 في 84 ورقة ، رقم التسلسل 1603.

(1397)

القواعد الكلّية

الأُصولية والفرعية

ويعرف بالقواعد والفوائد تصنيف الشهيد الأوّل وهو الفقيه المحقّق الشيخ السعيد محمد بن مكي الشهيد سنة 786 الجزيني العاملي وعليه عدّة شروح منها القلائد السنيّة للحرفوشي وطبع القواعد في إيران.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر مقابلة مصحّحة جاء في آخرها : بلغ قبالاً بقدر الوسع والطاقة .. وتقع في 272 ورقة رقم 614.

للموضوع صلة ...

ص: 258

من ذخائر الترّاث

ص: 259

ص: 260

منهاج الحقّ واليقين

في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام

على سائر الأنبياء والمرسلين عليهم السلام

ما خلا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيّين

تأليف

ولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري

من أعلام القرن العاشر الهجري

تحقيق

مشتاق صالح المظفر

صورة

ص: 261

ص: 262

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والحمد حقّه كما يستحقّه حمداً كثيراً ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على خاتم الرسل وأشرف الخلائق أجمعين محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

يدرك كلّ مشاهد إلى ما حولنا من العالم حقيقة واضحة وجليّة ، وهي أنّ هذا العالم تحكمه قوانين وسنن ، ويمكن لكلّ إنسان الوصول إلى هذه الحقيقة بأدنى نظرة إلى محيطه الذي يعيش فيه.

وهذه القوانين والسنن الكونية خاضعة للمشيئة الإلهية النابعة من الحكمة الربانيّة ، والعلم الذي لا يحيط به إلاّ هو سبحانه ، ولقد اقتضت الحكمة الإلهية - والتي لا يمكن أن يحيط بها أحد إلاّ بما شاء سبحانه : (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيء مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ)(1) - أن يكون لكلّ مخلوق من مخلوقاته ، وكلّ آية من آياته مرتَبة ودرجة : (وَكُلُّ شَىء عِندَهُ بِمِقْدَار * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)(2)فليس لدى الإنسان عندما يضع بين يديه الحقيقة الناصعة وهي : (إِنَّ اللهَ9.

ص: 263


1- سورة البقرة 2 : 255.
2- سورة الرعد 13 : 8 - 9.

بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ)(1) و : (عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ)(2) ليس لدى الإنسان سوى التسليم والرضا بما أراد الله وشاء ، وذلك لحكمته سبحانه : (خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ)(3).

ومن هذه السنن الحاكمة للنظام الوجودي تفضيل بعض المخلوقات على بعض.

ومن الواضح لدينا أنّ الناس كذلك يختلفون في درجاتهم وقابليّاتهم واستعداداتهم وكمالاتهم ، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان.

والانبياء عليهم السلام ليسوا بمستثنين من هذه القاعدة - وهي التفضيل - كما يُنبئنا به القرآن الكريم : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض)(4).

فكان النبيّ الخاتم صلوات الله عليه وآله أفضل الأنبياء ، بل أفضل المخلوقات ، كما نطقت بذلك الأخبار المتواترة الصحيحة لكلّ المسلمين ، ولم يخرج أهل بيته صلوات الله عليهم من هذه الدائرة ، وهي دائرة التفضيل ، وذلك بصريح قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي وأنا من عليّ» ، و : «فاطمة بضعة منّي» و : «حسين منّي وأنا من حسين».

ولذا نرى علماءنا الماضين قد اهتمّوا بموضوع التفضيل اهتماماً كبيراً ، وأفردوا له كتباً ورسائل قلّ نظيرها في عصور المتأخرين ، ومنها هذه الرسالة التي بين أيدينا. 3.

ص: 264


1- سورة التوبة 9 : 115.
2- سورة البقرة 2 : 106.
3- سورة الأنعام 6 : 73.
4- سورة البقرة 2 : 253.

ترجمة المؤلِّف

السيّد ولي بن نعمة ا لله الحسيني الرضوي الموسوي الحائري فاضل عالم صالح محدِّث ، له عدّة كتب في المناقب ، قال الأفندي : ولم أعرف خصوص عصره.

عاصر سيّدنا المترجَم له والد الشيخ البهائي وسائر تلاميذ الشهيد الثاني ، والظاهر كان آخر كتاب ألّفه سنة 981 ه- ، وبين هذا وذاك حُصرت سنة وفاته فقيل بعد تأليفه كتاب كنز المطالب.

وعلى هذا فقد عدّه الشيخ الطهراني في كتابه إحياء الداثر من القرن العاشر من أعلام هذا القرن.

وكلّ من ترجم له لم يتسنّى له معرفة مشايخه في الرواية وأساتذته في الدرس ، وتلامذته والراوين عنه ، وكم له من الإجازات وممّن أخذها ولمن أعطى إجازة رواياته ، كلّ هذا بقي مجهولاً في صفحات التاريخ.

وحتّى لم تصل إليهم أيّة معلومة تُخبرهم من أيّ مدينة كان السيّد وفي أي بلد وُلد ، إلاّ أنّ الزركلي قال : إنّه من أهل كربلاء استظهاراً منه ؛ لمجاورته لحائر الإمام الحسين عليه السلام(1).2.

ص: 265


1- انظر : إحياء الداثر من القرن العاشر : 272 ، أعيان الشيعة 10 : 280 ، أعلام الزركلي 8 : 118 ، أمل الآمل 2 : 339/1042 ، تعليقة أمل الآمل : 330 ، رياض العلماء 5 : 286 ، روضات الجنّات 8 : 179/833 ، الفوائد الرضوية : 702 ، معجم رجال الحديث 20 : 221/1320 ، مستدركات علم الرجال 8 : 112/15741 ، كشف الحجب والأستار : 381 ، 476 ، 488 ، 565 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 13 : 169 ، معجم مؤلّفي الشيعة : 192.

مؤلّفاته :

1 - أنوار السرائر ومصباح الزائر(1) :

كتبه باللغة الفارسية وهو مختصر في فضائل الأئمّة وزياراتهم عليهم السلام.

2 - تحفة الملوك الذي هو خير من الذهب المسكوك(2) :

في المواعظ والأخلاق ورتّبه على مقدّمة في كيفية التفكّر في صنع الصانع جلّ جلاله ، وثمانية أبواب :

الأول : في صفة الدنيا وحقيقة أحوالها وسرعة فنائها وعدم بقائها.

الثاني : في محاسبة النفس وكيفيّتها.

الثالث : في ذكر الموت.

الرابع : في المحشر وأهل يوم القيامة.

الخامس : في أحوال الماضين من الملوك والسلاطين.

السادس : في حسن العدل.

السابع : في قبح الظلم.

الثامن : في صفة الحلم وحسن عاقبة الحليم.

الخاتمة : في التواضع واحتقار النفس وذمّ التكبّر.

3 - درر المطالب وغرر المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام(3).

وقد سمّاه البعض بكنز المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام.7.

ص: 266


1- الذريعة 2 : 429/1688.
2- الذريعة 3 : 472/1734.
3- الذريعة 8 : 135/507.

4 - العسل المصفّى في فضل الصلاة على النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).

رتّبه على ثمانية أبواب.

5 - مجمع البحرين في فضائل السبطين(2).

6 - مصباح الزائرين في فضائل زيارة خامس آل العبا(3) :

رتّبه على خمسة وعشرين باباً وخاتمة ، والباب الرابع والعشرين في فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام ليلة الجمعة ، وذكر فيه قصّة الأعمش مع جاره المنكر للزيارة ، وذكر في خاتمة الكتاب فضائل تربة كربلاء.

7 - منهاج الحقّ واليقين في تفضيل أمير المؤمنين على سائر الأنبياء والمرسلين عليهم السلام(4).

وقد جمع فيه الأدلّة والبراهين على تفضيله من كتب الفريقين ، ورتّبه على خمسة عشر مطلباً وفي بعض نسخ الكتاب أربعة عشر مطلباً. وقد نقل عنه السيّد البحراني في مدينة المعاجز.

وكتابنا هذا لم يطبع من قبل ، ولله الحمد الذي وفقنا لتحقيقه وطبعه بهذه الصورة القشيبة ، سائلين المولى القدير أن يوفّقنا دوماً لنشر فضائل أهل البيت عليهم السلام وبتسديد ودعاء مولانا ومولى الكونين إمامنا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام رزقنا الله في الدنيا زيارته ومجاورته ، وفي الآخرة شفاعته وصحبته إنّه مجيب الدعاء.

ونذكر الآن المصادر التي استفاد منها السيّد ولي مباشرة ، مع ذكر 0.

ص: 267


1- الذريعة 15 : 263/1707.
2- الذريعة 20 : 23/1770.
3- الذريعة 21 : 108/4157.
4- الذريعة 23 : 159/7490.

مؤلّفيها ومصادر الترجمة لكلّ مؤلّف :

1 - الأربعون :

رواية أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن عليّ الإربلي(1).

ونحن بصدد تحقيقه ، وقد جمعنا نسخه وقابلناها مع بعض ، وسيتمّ قريباً إن شاء الله تعالى.

2 - تفسير الإمام العسكري عليه السلام :

المنسوب للإمام العسكري عليه السلام(2).

3 - حلية الأولياء :

لأبي نُعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني(3).

4 - رسالة العلم اللدنّي (الرسالة اللدنّية) :

لأبي حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي(4).ية

ص: 268


1- انظر : رياض العلماء 2 : 413 ، أعيان الشيعة 3 : 294 ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة : 17 ، الذريعة 1 : 410/2131 و 416/2155 ، بحار الأنوار 13 : 312/52 ، و 313.
2- انظر ما قاله الشيخ الطهراني في الذريعة 4 : 283/1294 ، و 285/1295 ، حول الكتاب وفيه الكفاية.
3- انظر : سير أعلام النبلاء 17 : 453/305 ، العبر 2 : 262 حوادث سنة 430 ه- ، تذكرة الحفاظ 3 : 1092 ، وفيات الأعيان 1 : 91 ، الوافي بالوفيات 7 : 81 ، مرآة الجنان 3 : 41 ، طبقات الشافعية الكبرى 4 : 18/253 ، طبقات الشافعية للأسنوي 2 : 474 ، تاريخ الإسلام حوادث سنة 430 ه- ص274/328 ، هدية العارفين : 74 (ضمن كشف الظنون ج5).
4- انظر : سير أعلام النبلاء 19 : 322/204 ، وفيات الأعيان 4 : 216/588 ، الوافي بالوفيات 1 : 274/176 ، مرآة الجنان 3 : 136 حوادث سنة 505 ، طبقات الشافعية

5 - غاية المطلوب :

مخطوط ، ولم ينسبه المؤلّف.

6 - الفردوس :

لشيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو ... الديلمي ، أبو شجاع الهمذاني ، مؤرّخ همذان وكتاب الفردوس(1).

7 - كتاب محمد بن مؤمن (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه السلام) :

لمحمّد مؤمن الشيرازي(2).

8 - كشف الغمّة في مناقب الأئمّة عليهم السلام :

للشيخ بهاء الدين أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح 6.

ص: 269


1- انظر : الوافي بالوفيات 16 : 217/244 ، شذرات الذهب 4 : 23 ، طبقات الشافعية الكبرى 7 : 111/803 ، طبقات الشافعية للأسنوي 2 : 21/699 ، تذكرة الحفّاظ 4 : 1259/1063 ، سير أعلام النبلاء 19 : 294/186 ، العِبر 2 : 393 ، تاريخ الإسلام حوادث سنة 509 ه- ص 219/256 ، أعلام الزركلي 3 : 179 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 4 : 309 ، هدية العارفين : 419 (ضمن كشف الظنون ج5).
2- انظر : المناقب لابن شهرآشوب 1 : 32 ، معالم العلماء : 118/784 ، فهرست منتجب الدين : 115/393 ، الطرائف 1 : 137/131 وص : 207 ، رياض العلماء 5 : 155 ، أمل الآمل 2 : 296/893 ، الفوائد الرضوية : 599 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 12 : 69 ، الذريعة 24 : 106/558 ، الثقات العيون في سادس القرون : 291 ، معجم رجال الحديث 18 : 192/11688 ، جامع الرواة 2 : 186.

الإربلي(1).

9 - الكشكول :

لم ينسبه المؤلّف إلى أحد.

10 - كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

للحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الشافعي الكنجي(2).

11 - كنز جامع الفوائد : (جامع الفوائد) (كنز الفوائد) :

وعُرف الكتاب بأسماء أُخرى ، هو للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي(3).

12 - المجتبى في توضيح أسرار المصطفى والمرتضى :

لم ينسبه المؤلّف لأحد. 1.

ص: 270


1- انظر : رياض العلماء 4 : 166 ، روضات الجنّات 4 : 341/407 ، أمل الآمل 2 : 195/588 ، الفوائد الرضوية : 314 ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة : 107 ، الذريعة 18 : 47/619 ، فوات الوفيات 3 : 57/347 ، هدية العارفين : 714 (ضمن كشف الظنون ج5) ، الغدير 6 : 687/64 ، أعلام الزركلي 4 : 318 ، البحار صفر : 145 ، وج1 : 10 ، معجم المؤلفين (كحالة) 7 : 163.
2- انظر : تاريخ الإسلام حوادث سنة 658 ص 368 ترجمة 469 ، الوافي بالوفيات 5 : 254/2334 ، كشف الظنون 2 : 1497 ، هدية العارفين 2 : 127 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 12 : 134 ، الأعلام للزركلي 7 : 150 ، الكنى والألقاب 2 : 597/630 ، معجم البلدان 4 : 547/10407.
3- انظر : رياض العلماء 3 : 321 ، أعيان الشيعة 8 : 149 ، إحياء الداثر من القرن العاشر : 143 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 6 : 294 ، كشف الحجب والأستار : 475 ، الذريعة 2 : 66 (جامع الفوائد) 18 : 149 (كنز جامع الفوائد) ، بحار الأنوار 1 : 13 و 31.

13 - مصباح الأنوار في فضائل إمام الأبرار :

للشيخ هاشم بن محمد(1).

14 - مطالب السؤول في مناقب آل الرسول :

لأبي سالم محمد بن طلحة بن الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي(2).

15 - المعراج :

للشيخ أبي جعفر الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي(3).

16 - مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) :

لفخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري 0.

ص: 271


1- انظر : رياض العلماء 5 : 304 ، الذريعة 21 : 103/4136 ، الثقات العيون في سادس القرون : 331. وروضات الجنّات 8 : 180/735 ، أمل الآمل 2 : 341/1050 ، بحار الأنوار 1 : 21 و 40 ، خاتمة المستدرك 1 : 12 ، إيضاح المكنون 2 : 491 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 13 : 133 ، كشف الحجب والأستار : 526/2961 ، الفوائد الرضوية : 706 ، معجم رجال الحديث 20 : 271/13299.
2- انظر : سير أعلام النبلاء 23 : 293/99 ، الوافي بالوفيات 3 : 176/1146 ، طبقات الشافعية الكبرى 8 : 63/1076 ، طبقات الشافعية للأسنوي 2 : 282/1200 ، مرآة الجنان 4 : 99/ حوادث سنة 652 ه- ، العبر 3 : 269 ، تاريخ الإسلام حوادث سنة 652 ه- ص 134/85 ، الأعلام للزركلي 6 : 175 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 10 : 104 ، هدية العارفين : 125 (ضمن كشف الظنون ج6) وذكره بلقب الحفار.
3- انظر : رجال النجاشي : 389/1049 ، فهرست الطوسي : 237/710 ، رياض العلماء 5 : 119 ، روضات الجنّات 6 : 132/574 ، أمل الآمل 2 : 283/845 ، أعيان الشيعة 10 : 24 ، الذريعة 21 : 226/4737 ، البحار صفر : 69 ، معالم العلماء : 111/764 ، الفوائد الرضوية : 560.

الطبرستاني(1).

17 - مقتضب الأثر في إمامة الاثني عشر :

لأحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري(2).

18 - المناقب (مائة منقبة) لابن شاذان :

هو الشيخ أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان ، الفقيه النبيه القمّي الإمامي(3).

19 - المناقب :

للموفق بن أحمد بن محمد أبو المؤيّد المكّي ، العلاّمة خطيب خوارزم(4).اه

ص: 272


1- انظر : سير أعلام النبلاء 21 : 500/261 ، تاريخ الإسلام : حوادث سنة 606 ه- ص 204/311 ، وفيات الأعيان 4 : 248/600 ، الوافي بالوفيات 4 : 248/1787 ، طبقات الشافعية الكبرى 8 : 81/1089 ، أعلام الزركلي 6 : 313 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 11 : 79.
2- انظر : رجال النجاشي : 85/207 ، رجال الطوسي : 449/64 ، النابس في القرن الخامس : 23 ، أعيان الشيعة 3 : 125 ، معجم رجال الحديث 3 : 77/884.
3- انظر : أمل الآمل 2 : 241/712 ، رياض العلماء 5 : 26 ، روضات الجنّات 6 : 179/577 ، معالم العلماء : 117/778 ، الفوائد الرضوية : 390 ، النابس في القرن الخامس : 150 ، خاتمة المستدرك 3 : 138 ، أعيان الشيعة 9 : 101 ، كشف الحجب والأستار : 555/3129 ، بحار الأنوار 1 : 40 ، تكملة الرجال 2 : 335 ، معجم المؤلّفين (كحالة) 8 : 295 ، معجم رجال الحديث 15 : 17/10127 ، الذريعة 2 : 494/1942 ، و 16 : 251/1002 ، و 19 : 2/10 ، هدية العارفين : 63 (ضمن كشف الظنون ج6).
4- انظر : تاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة 568 ه- ص 326 ترجمة 305 ، إنباه

20 - المناقب (مناقب آل أبي طالب) :

لفخر الشيعة ، وتاج الشريعة ، أفضل الأوائل ، والبحر المتلاطم الزخار الذي ليس له ساحل ، محيي آثار المناقب والفضائل ، رشيد الملّة والدين ، شمس الإسلام والمسلمين ، أبو عبد الله محمد بن عليّ بن شهرآشوب بن أبي نصر السروي المازندراني(1).

21 - منهج التحقيق إلى سواء الطريق :

كلّ من نقل عنه نسبه إلى أحد علماء الإمامية(2).

22 - كتاب النصرة :

لم ينسبه المؤلّف ، لأحد من العلماء.

النسخ المعتمدة :

1 - النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران ، كتبها السيد 0.

ص: 273


1- أنظر : أمل الآمل 2 : 285/851 ، الثقات العيون في سادس القرون : 273 ، رياض العلماء 5 : 124 ، روضات الجنّات 6 : 290/585 ، الفوائد الرضوية : 568 ، نقد الرجال 4 : 276/575 ، خاتمة المستدرك 3 : 56/د ، أعيان الشيعة 10 : 17 ، معجم رجال الحديث 17 : 354/11332 ، بحار الأنوار صفر : 141 ، وج 1 : 9 ، معالم العلماء : 119/791 ، تاريخ الإسلام : حوادث سنة 588 ص 309/315 ، لسان الميزان 6 : 395/7889 ، طبقات المفسّرين للداوودي 2 : 201/538 ، الوافي بالوفيات 4 : 164 ، بغية الوعاة 1 : 181/304 ، كشف الظنون 1 : 77 ، إيضاح المكنون 1 : 69 ، 103 ، و 2 : 288 ، 421 ، 427 ، 452 ، 560 ، هدية العارفين 2 : 102 ، ووصفة بالطبرسي ، معجم المؤلّفين (كحالة) 11 : 16.
2- انظر : الذريعة 23 : 184/8570.

حسن بن مهدي الحسني الطباطبائي في مدينة تبريز سنة 1324 ه- ، وقال : وقد كتبته لنفسي ، ولذا وجدنا فيها عبارات زائدة لم ترد في بقية النسخ وقد وضعناها في الهامش ، وهي نسخة كاملة وفيها مطلب بأكمله لم يرد في النسختين الاُخرتين. رمزنا لها بحرف «ط».

2 - النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام (آستان قدس رضوي) في مشهد المقدّسة ، كتبها نظرخان گيلاني في سنة 1069 ه- ، وهي نسخة كاملة تحتوي على أربعة عشر مطلباً. رمزنا لها بحرف «ق».

3 - النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره في النجف الأشرف ، ولم يُذكر في الصفحة الأخيرة اسم ناسخها ولا تاريخ كتابتها. وهي نسخة كاملة تحتوي على أربعة عشر مطلباً. رمزنا لها بحرف «م».

منهجية التحقيق :

عندما حصلت على نسخة الكتاب من مكتبة جامعة طهران ، عمدت فوراً إلى كتابتها من ألفها إلى يائها ، تيمّناً وتبرّكاً بفضائل مولاي وسيّدي ونور عيني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا يُحصى عددها - إلى أن قال - : ومن كتب فضيلة من فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلاملم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم» الحديث موجود في أمالي الصدوق : 201/10.

ومن ثّم قمت بالمهام التالية :

ص: 274

1 - بعدما أتممت كتابة النسخة «ط» قابلتها مع نسختي «ق ، م» ، وحين المقابلة وجدت هناك عبارات لا توجد في النسختين بل كتبها الناسخ لنفسه كما صرّح في آخر صفحة «ط» فأنزلتها في الهامش.

2 - استفاد المصنّف من عدّة مصادر متقدّمة فبعضها صرّح باسمها في المتن وفي البعض الآخر لم يصرّح ، ففي القسم الأوّل ذكرنا اسم المصدر أوّلاً ومن ثمّ المصادر التي أوردت الحديث نصّاً ، وفي القسم الثاني أطلقنا عنان التخريج فذكرنا ما بوسعنا عدداً أكثر من المصادر المتقدّمة والمتأخرة. وقمنا أيضاً بتخريج الآيات الكريمة من القرآن المجيد وإعرابها.

3 - بعد أن قمنا بهاتين العمليّتين المتقدّمتين ما بقي علينا إلاّ أن نضبط المتن ، لكي نقدّم للقارئ العزيز متناً عربيّاً سليماً من التلكؤات ، ونصّاً متماسكاً مترابط العبارات ، فلجأنا - واللجوء عادة يكون اضطرارياً بالطبع - إلى عملية التلفيق بين النسخ مع الإشارة في الهامش أنّ هذا مثبت من «ق» أو من «م» أو هذا لم يرد في «ط» يعني أنّه مثبت من كلا النسختين ، أو هذا لم يرد في «ق» أو لم يرد في «م».

4 - نرى دائماً أنّ الفهرسة تعتمد اعتماداً كليّاً على موضوعيّة الكتاب ، فبعض الكتب نجدها تتحمل إلى عشرين نوعاً من الفهرسة ، لكثرة مواضيعه وتفرّعاته وصفحاته ، وبعض لا يحتمل إلاّ لثلاثة أنواع أو أكثر بقليل لالتزام المؤلّف بموضوع خاص.

ونحن حدّدنا أنفسنا في فهرسة الكتاب ؛ لأنّ موضوعه واحد وصفحاته قليلة فذكرنا فهرس للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ومصادر التحقيق وختامه الفهرس الموضوعي.

ص: 275

اعتراف واعتذار :

لا بدّ للإنسان من زلل وعثار ، لماذا؟ لإنّه أضعف الموجودات ،

فيا أيّها القارئ النبيه كلّما وجدت من خلل أو خطأ في المتن أو الهامش فتذكّر أني إنسان والإنسان معرّض للسهو والنسيان ، فعليك بحفظ اللسان. فأنا أعترف دوماً بالتقصير ، وأعتذر لأنّي أتطفّل دوماً على مقام التحقيق ، سائلاً المولى التسديد والتوفيق والمسير على خير طريق.

والحمد لله وصلّى الله على نبيّنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الفقير إلى رحمة ربّه الغني

مشتاق صالح المظفر

17 ربيع الأوّل 1428 ه-

مولد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه

وآله وسلم)

ص: 276

صورة

ص: 277

صورة

ص: 278

صورة

ص: 279

صورة

ص: 280

صورة

ص: 281

صورة

ص: 282

صورة

ص: 283

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بفضله أوضح لنا(1) سبيل(2) الهدى واليقين ، ومنَّ علينا بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيّين إذ بعثه رحمة للعالمين ، وجعلنا من أُمّته خير أُمم المرسلين ، وهدانا إلى ولاية مولانا(3) أمير المؤمنين ، ولم يجعلنا من المكذِّبين الضالّين ، وصلّى الله على أشرف المخلوقين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد الذي خصّه الله نبيّاً وآدم بين الماء والطين ، وعلى آله الطيّبين وذرّيته الأكرمين ، صلاةً تتعاقب عليهم تعاقب الشهور والسنين(4).

أمّا بعد(5) :

فيقول أقلّ خلق الله علماً وعملاً(6) ، وأكثرهم جرماً(7) وزللاً ، الفقير إلى الله(8) الغني ، والمعتصم بحول الله وقوّته القويّ ، ».

ص: 284


1- في «ط» : أوضح لنا بفضله.
2- في «م» : سبل.
3- في «ق» : بولاية عليّ. بدل من : إلى ولاية مولانا. وفي «م» : بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلامأمير المؤمنين.
4- في «ط» : (وذريعة الأكرمين من آل طه ويس ، ولعنة الله على أعدائهم ومبغضيهم وشانئيهم ومنكريهم والشاكّين فيهم ، والمنحرفين عنهم أجمعين. صلاة تتعاقب عليهم بتعاقب الشهور والسنين ، ولعنة وبيلة تتجدّد في كلّ آن وحين ، وعدد ما في علم ربّ العالمين ، آمين آمين ثمّ آمين) بدل من : (وعلى آله الطيبين وذرّيته الأكرمين صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الشهور والسنين).
5- في «م» : وبعد.
6- في «ق ، م» : الخلائق عملاً. بدل من : خلق الله علماً وعملاً.
7- (جرماً) لم ترد في «ق ، م».
8- لفظ الجلالة (الله) لم يرد في «ق».

وليّ(1) بن نعمة الله الحسيني الرضويّ الحائريّ : إنّه قد جرى البحث بين أصحابنا من الفرقة(2) الإمامية فبعضهم قالوا : إنّ أمير المؤمنين(3) عليّ بن أبي طالب عليه السلام أفضل من الأنبياء عليهم السلام ، وبعض منهم قالوا : إنّ عليّاً عليه السلاملا يُفضّل على الأنبياء(4) وثبتوا على قولهم.

فالتمس منّي(5) بعض الأخلاّء حسن الأخوان(6) وزين الأصدقاء من أهل الزمان ، وهو ذو الخصائل الرضية ، والصفات المرضية ، والأفعال الزكية ، والأخلاق البهية ، والسعادة الأبدية ، الفائق بين الأنام من الأمثال والأقران ، على كافّة الأصحاب والأخوان ، الموفّق بتوفيقات الله(7) الصمد القوي مولانا(8) الخواجة عليّ الآملي(9) أن أجمع شيئاً من الدلائل الواضحة والبراهين اللائحة ، ما يطابق الحقّ(10) ، فجمعت هذه الرسالة إجابة لملتمسه من كتب الفريقين وسمّيته : «منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام على سائر(11) الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ما خلا محمد خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله ة.

ص: 285


1- في «ط» : وليّ الله.
2- في «ط»: الفرق.
3- (أمير المؤمنين) : لم يرد في «ق ، م».
4- قوله : (وبعض منهم قالوا : إنّ عليّاًعليه السلام لا يُفضّل على الأنبياء) لم يرد في «ق».
5- في «ق» : التمس. بدل من : فالتمس منّي.
6- (حسن الأخوان) لم يرد في «ق». وفي «م» : من الاخوان.
7- لفظ الجلالة (الله) أثبتناه من «ق».
8- (مولانا) لم يرد في «ق».
9- في «ط» زيادة : بلّغه الله إلى آماله الديني والدنيوي.
10- في «ط» زيادة : الواقع.
11- في «ط» : كافة.

المعصومين(1)» ، ورتّبته على عدّة مطالب.

أقول - ومن الله(2) التوفيق ومنه الهداية إلى حقّ الحقيق(3) - :

أمّا حجّة القائلين بتفضيل عليّ أمير المؤمنين(4) على الأنبياء والمرسلين(5) فهو ما رواه أحمد بن حنبل في «مسنده» : عن عائشة أنّها قالت : سمعت(6) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في معنى الخوارج : «إنّهم شرّ الخلق والخليقة ، فيقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم عند الله وسيلة»(7).

وأيضاً يكفي في ذلك كونه عليه السلام نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي أشرف النفوس من جميع مخلوقات الله(8) بقول الله عزّوجلّ : (وَأَنْفُسَنَا ه.

ص: 286


1- قوله : (ما خلا محمد خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله المعصومين) لم يرد في «ق ، م».
2- في «ق ، م» : وبالله.
3- قوله : (ومنه الهداية إلى حقّ الحقيق) لم يرد في «ق ، م».
4- (أمير المؤمنين) أثبتناه من «ق ، م».
5- (والمرسلين) أثبتناه من «ق». وفي «م» : على كلّ الأنبياء. من دون ذكر (المرسلين).
6- في «ط» : سمعت عن.
7- أورده القاضي المغربي في شرح الأخبار 1 :142/ ذيل حديث 74 و 2 : 60/86 ، الكوفي في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2 : 361/ ذيل حديث 839 ، و 534/ ذيل حديث 1035 ، الطبري في المسترشد : 281/92 ، ابن المغازلي في المناقب : 56/ ذيل حديث 79 ، ابن شهرآشوب في المناقب 3 : 86 ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : 371/5 ، ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 : 267 ، الإربلي في كشف الغمة 1 : 159 ، ابن جبر في نهج الإيمان : 559 ، الإحسائي في عوالي اللئالي 4 : 87/110 ، الحلّي في المحتضر : 95 ، النباطي العاملي في الصراط المستقيم 2 : 70 ، الشيرازي في الأربعين : 458.
8- في «ق ، م» : مخلوقاته. بدل من : مخلوقات الله.

وَأَنْفُسَكُمْ) (1) ، فإذا كانت نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) أشرف نفوس العالمين ، وعليّ عليه السلام نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وشقيق نوره ؛ فحينئذ عليّ بن أبي طالب عليه السلام(2)أفضل من الأنبياء عليهم السلام.

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أطيب الناس كلاماً ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(3)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(4)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشجع الناس كافّة ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الناس حسباً وأجلّهم نسباً ، عليّ عليه السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(5)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبرأ الناس عن عبادة الأوثان ، عليّ عليه السلام أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(6)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل ممّا ذُبح على النصب(5) ، عليّ عليه السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم(6) الناس علماً ، وهو (7) مدينة العلم ، ن.

ص: 287


1- سورة آل عمران 3 : 61.
2- (بن أبي طالب عليه السلام) أثبتناه من «م».
3- هذه الفقرة لم ترد في «م».
4- (لأنّه نفسه) أثبتناه من «ق». (5 و 6) (لأنّه نفسه) أثبتناه من «م».
5- في «م» : يأكل ما ذبح على النصب.
6- في «ق» : أولى. وفي «م» : أوفى.
7- في «ط» : وكان.

عليّ عليه السلام أولى الناس به ؛ لأنّه لمدينة العلم باب؟!

أليس إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جيش كان هو الأمير ، عليّ عليه السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه وبمنزلة سمعه وبصره ورأسه من جسده؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يفرّ من الزحف ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان المطهَّر من كلّ دَنَس ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألقى في قلوب أوليائه المحبّة ، عليّ عليه السلامأولى الناس به ؛ لأنّه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي وأنا من عليّ» ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلامأولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدخل(1) في قلوب الكافرين(2) الرعب ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المخصوص بسكنى(3) المسجد ، وعليّ عليه السلامخُصَّ كذلك ، عند سدّ أبواب سائر الأصحاب(4) ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلامأولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حبّه إيمان وبغضه كفر ، كذلك عليّ عليه السلام حبّه إيمان وبغضه كفر(5) ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى في حقّه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ ».

ص: 288


1- في «ق» : ألقى.
2- في «ق» : أعدائه. وفي «م» : الذين كفروا.
3- في «ط» : مخصوص بسكن. وفي «م» : المخصوص بسكن.
4- في «م» : الصحابة.
5- قوله : (كذلك عليّ حبّه إيمان وبغضه كفر) أثبتناه من «ق ، م».

تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهَ)(1) ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى في حقّه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ)(2) ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوضح الناس بياناً ، وأقوى الناس جناناً ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أهدى الناس هدىً ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسمح الناس كفّاً ، عليّ عليه السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في غدير خُم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه»(3) فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(4) مولى جميع خلق الله ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلام كذلك وهو أولى الناس به(5)؟!ه.

ص: 289


1- سورة آل عمران 3 : 31.
2- سورة النساء 4 : 80.
3- هذا هو حديث الغدير ، وهو متواتر ذُكر في كتب الفريقين تكراراً ومراراً.
4- في «ط» : وعليّ. بدل من : فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
5- في «ط» زيادة : ونفسه.

المطلب الأوّل

من كتاب «مقتضب الأثر في إمامة الإثني عشر» : وهو ما رواه أحمد بن محمد بن صالح ، عن سليمان(1) بن محمد ، عن زياد بن مسلم(2) ، عن عبدالرحمن ، عن زيد بن جابر ، عن سلام بن أبي عمرة(3) ، عن أبي سلمى(4) - راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - قال : سمعت رسول الله يقول : «ليلة أُسري بي إلى السماء ، قال الجليل(5) جلّ جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ - فقلت - : وَالْمُؤْمِنُونَ)(6) فقال تعالى : صدقت يا محمد ، مَنْ خلّفت(7) في أُمّتك(8)؟ قلت : خيرها ، قال الله تعالى : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم.

قال : يا محمد ، إنّي اطّلعت على الأرض(9) اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسماً من أسمائي ، فلا أُذكر في موضع إلاّ وذُكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمد.ض.

ص: 290


1- في «ق ، م» : سلمان.
2- في المقتضب والبحار : الريّان بن مسلم.
3- في «ق ، م» : عن سلامة ، وما في المتن أثبتناه من المصدر والبحار. ولم يرد الاسم في «ط».
4- في «ط ، ق» : عن أبي سلمان ، وفي «م» : عن أبي سليمان ، وما في المتن أثبتناه من المصدر والبحار.
5- في «م» : قال لي الجليل.
6- سورة البقرة 2 : 285.
7- في «ق ، ط» زيادة : في الأرض.
8- في المصدر والبحار : لاُمّتك.
9- في «ق» : إلى الأرض. وفي «م» : على أهل الأرض.

ثمّ اطّلعت ثانية(1) فاخترت منها عليّاً ، وشققت له اسماً من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمد ، إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قَبِلَها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد ، لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمد ، أتحبّ أن تراهم؟ قلت : نعم يا ربّ ، فقال لي : التفت عن(2) يمين العرش ، فالتفتُّ فإذا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والمهدي ، في ضحضاح من نور قياماً يصلّون وهو في وسطهم - يعني المهدي عليه السلام -»(3).

ومن ذلك ما رواه محمد بن مؤمن في كتابه(4) : في تفسير قوله ط.

ص: 291


1- في «ط» : ثانياً. وكلاهما لم يردا في المصدر والبحار.
2- في «ط» : إلى ، وفي «م» : من ، وما في المتن من «ق».
3- مقتضب الأثر : 10 - 11 ، وعنه في بحار الأنوار 36 : 216/18 ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : 64/17 ، الطوسي في الغيبة : 147/109 ، الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام : 95 ، ابن طاووس في الطرائف 1 : 255/270 ، الشيرازي في الأربعين : 353 ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 98/90 ، الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة : 241.
4- اسم كتابه : (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه السلام) مخطوط.

تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)(1).

بإسناده إلى أنس بن مالك ، قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) ، قال : «إنّ الله تعالى خلق آدم عليه السلام من طين حيث شاء ، ثم قال : (وَيَخْتَارُ) إنّ الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتخبنا(2) ، وجعلني الرسول ، وجعل عليّ بن أبي طالب الوصيّ ، ثمّ قال : (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) يعني : ما جعلت للعباد أن يختاروا ، ولكن أختار من أشاء ، فأنا وأهل بيتي صفوة الله وخيرته من خلقه».

ثمّ قال : (سُبْحَانَ اللهِ وَتَعالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الله منزّه عمّا يشركون] (3) به كفّار مكّة(4) ، ثمّ قال : (وَرَبُّكَ - يعني يا محمد - يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُم - من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك - وَمَا يُعْلِنُونَ)(5)[من الحبّ لك ولأهل بيتك] (6)»(7).

وأيضاً من ذلك ما ذكره أبو نعيم في كتابه الذي استخرجه من كتاب «الاستيعاب»(8) في تفسير قوله تعالى : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا ».

ص: 292


1- سورة القصص 28 : 68.
2- في «م» : فانتجبنا.
3- ما بين المعقوفتين أثبتناه من الطرائف والبحار.
4- في «ق» : كفّار أهل مكّة.
5- سورة القصص 28 : 69.
6- ما بين المعقوفتين أثبتناه من الطرائف والبحار.
7- نقله ابن طاووس عن محمد بن مؤمن في الطرائف 1 : 140/136 ، وعنه في البحار 36 : 167 الشيرازي في الأربعين : 40 ، ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 316 ، وأورد صدره القاضي المغربي في شرح الأخبار 2 : 573/703.
8- (الاستيعاب) لم يرد في «م».

مِنْ قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا)(1) على ما بعثوا؟ فقال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة أُسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ، ثمّ قال له : «سلهم يا محمد على ماذا بُعثتم؟ فسألهم(2) ، فقالوا : بُعثنا على شهادة أن لا إله إلاّ الله ، والإقرار بنبوّتك ، وعلى الولاية لعليّ بن أبي طالب»(3).

هذا الخبر ما ذكره(4) ابن عبد البرّ في كتاب الاستيعاب.

قال أبو جعفر الطوسي : انظر الآن أيُّها المستبصر لنفسك في فوزها وسعادتها ، وقربها إلى ربّها عزّ وجلّ ، كيف افترض الله على الأنبياء آدم ومن دونه(5) ، من الإقرار بولاية أمير المؤمنين عليه السلاموجليل قدره ، وما خصه الله تعالى من الكرامة والتعظيم ، إذ قرن ولايته والإقرار بها بنبوّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ووحدانيته جلّ وعلا ، ومن افترض الله تعالى الإقرار بولايته على الأنبياء آدم ومن دونه ، ه.

ص: 293


1- سورة الزخرف 43 : 45.
2- في «ق» : على ما بُعثتم إذ بُعثتم. وفي «م» : على ما بُعثتم.
3- أورده الحسكاني في شواهد التنزيل : 2 : 157/857 ، عن ابن مسعود ، باختلاف يسير ، ابن البطريق في العمدة 352/680 ، وخصائص الوحي المبين : 170/121 ، عن أبي نعيم في كتابه الذي استخرجه من كتاب الاستيعاب ، ابن طاووس في الطرائف 1 : 145/147 ، عن أبي نعيم ، وكذلك ابن جبر في نهج الإيمان : 505 - 506 ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 562/28 ، عن أبي نعيم ، الشيرازي في الأربعين : 42 ، عن تفسير الثعلبي ، وباختصار في الفردوس للديلمي 5 : 414/8592. وأورده دون الشهادة الأُولى ابن شاذان في مائة منقبة : 143/83 ، عن ابن عبّاس ، الخوارزمي في المناقب : 312/312 ، عن ابن مسعود ، الإربلي في كشف الغمّة 1 : 546.
4- في «م» : ممّا ذكره.
5- في «م» : ومن ذرّيّته.

واجب(1) على جميع خلق الله تعالى الإقرار بولايته ، خصوصاً هذه الأُمة ، إذ صار الإقرار أمانة في أعناقهم ، وبها إكمال دينهم ، وإتمام النعمة عليهم ، ورضا الربّ عليهم(2). خ.

ص: 294


1- في «م» : وجب.
2- في «م» : عنهم. ولم أعثر على هذا القول في كتب الشيخ.

المطلب الثاني

ومن ذلك ما روي عن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنّه قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما خلق الله عزّوجلّ خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه(1)منّي ، قال عليّ عليه السلام : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ قال : يا عليّ ، إنّ الله تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين(2) والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا عليّ(3) وللأئمّة من بعدك»(4).

وروى الخوارزمي في «مناقبه»(5) : مرفوعاً إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : «لما نفخ الله الروح في آدم عليه السلام ، قال الله تعالى : وعزّتي وجلالي لولا عبدان أُريد أن أخلقهما في دار الدنيا لما خلقتك ، قال آدم : إلهي فيكونان مني؟ قال : نعم ، يا آدم ارفع رأسك وانظر ، فرفع رأسه فإذا مكتوب : لا إله إلاّ الله محمد نبيّ الرحمة وعليّ مقيم الحجة(6) ، من عرف حقّ عليّ زكى وطاب ، ومن أنكر حقه ة.

ص: 295


1- (عليه) لم ترد في «م».
2- في «ط» : الأنبياء.
3- (يا عليّ) أثبتناه من «ق ، م».
4- أورده الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 262/صدر حديث 22 ، وعلل الشرائع : 5/ صدر حديث 1 ، وكمال الدين : 254/ صدر حديث4 ، وعن الصدوق شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 876/9 ، ونقله أيضاً المجلسي في البحار 18 : 345/56 ، عن العيون والعلل ، و 26 : 335/1 ، عن الكمال والعلل والعيون ، و 60 : 303/16.
5- (في مناقبه) لم يرد في «ق».
6- في «ط» : الجنّة. وفي «م» : مقسّم الجنّة.

لُعن(1) وخاب»(2).

وقد تكلّم السيّد المرتضى علم الهدى في هذا المعنى ، فقال : إذا كان الله تعالى عالماً(3) بأنّ اللطف في تكليف الأُمم بنبوّة نبيّنا وإمامة أئمتنا عليهم السلام ، فقد صحّ القول على ذلك ، بأنّه لولاهم ما خلق الله تعالى الخلق ، ولا كلّف ولا أثاب ولا عاقب ؛ لأنّ كونهم ألطافاً في التكليف لا ينوب غيرهم منابهم(4).

ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في «مصباح الأنوار» : عن أنس بن مالك ، قال : صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الأيام صلاة الفجر ، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تفسّر لنا قول الله تعالى : (أُولئِكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)(5).

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أمّا النبيّون : فأنا ، وأمّا الصدِّيقون : فأخي عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وأمّا الشهداء : فعمّي حمزة ، وأمّا الصالحون : فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين».

قال : وكان العبّاس حاضراً ، فوثب وجلس بين يدي 9.

ص: 296


1- في «م» : كفر.
2- المناقب للخوارزمي : 318/320 ، عن عبد الله بن مسعود ، وعنه العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : 7 - 8 ، الشيرازي في الأربعين : 74 ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : 109/5 ، الطبري في بشارة المصطفى : 116/57 ، الراوندي في قصص الأنبياء : 52/ 27 ، عن ابن عبّاس باختلاف يسير.
3- في «م» : عليماً.
4- انظر الشافي في الإمامة 1 : 54 وما بعدها.
5- سورة النساء 4 : 69.

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : ألسنا أنا وأنت وعليّ وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال : «وكيف ذلك يا عم؟» ، قال العبّاس : لأنّك تُعرِّف بعليّ وفاطمة والحسن والحسين دوننا. فتبسّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : «أمّا قولك يا عم : ألسنا من نبعة واحدة ، فصدقت ولكن يا عم ، إنّ الله تعالى خلقني وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله تعالى آدم ، حيث(1) لا سماء مبنيّة ، ولا أرض مدحيّة(2) ، ولا ظلمة ولا نور ، ولا جنّة ولا نار ، ولا شمس ولا قمر».

قال العبّاس : وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله؟

قال : «يا عم ، لمّا أراد الله تعالى أن يخلقنا تكلَّم بكلمة خلق منها نوراً ، ثمّ تكلَّم بكلمة فخلق منها روحاً ، فمزج(3) النور بالروح ، فخلقني وأخي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبّحه(4) حين لا تسبيح ، ونقدّسه حين لا تقديس.

فلمّا أراد الله أن يُنشئ الصنعة(5) فتق نوري فخلق منه العرش ، فنور العرش من نوري ، ونوري خير من نور العرش.

ثمّ فتق نور أخي(6) عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فخلق منه نور الملائكة ، فنور الملائكة من نور عليّ ، ونور عليّ أفضل من نور الملائكة. ».

ص: 297


1- في «ط» : حين.
2- قوله : (ولا أرض مدحيّة) لم يرد في «ق».
3- في «ط» : فزوّج.
4- في «ط» : نسبّح الله.
5- في «ق» : الصنيعة. وفي «م» : لصنعتي.
6- (أخي) أثبتناه من «ق ، م».

ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة ، فخلق منه نور السماوات والأرض ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله(1) ونور ابنتي فاطمة أفضل من نور السماوات والأرض(2).

ثمّ فتق نور ولدي الحسن ، فخلق منه نور الشمس والقمر ، ونور الشمس والقمر من نور ولدي الحسن(3) ، ونور ولدي الحسن أفضل من نور الشمس والقمر(4).

ثمّ فتق نور ولدي الحسين ، فخلق منه الجنّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين(5) ، ونور ولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين.

ثمّ أمر الله الظلمات أن تمرّ على السحائب(6) فاظلمّت السماوات على الملائكة فضجّت الملائكة بالتسبيح والتقديس ، وقالت الملائكة(7) : إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا وعرّفتنا هذه الأشباح لم نر بؤساً ، فبحقّ هذه الأشباح إلاّ كشفت عنا هذه الظلمة ، فأخرج الله تعالى من نور ابنتي فاطمة قناديل معلّقة في بطنان العرش فأزهرت السماوات والأرض ، ثمّ أشرقت بنورها ، فلأجل ذلك سُمّيت الزهراء ، ».

ص: 298


1- قوله : (ونور ابنتي فاطمة من نور الله) لم يرد في «ق».
2- من قوله : (ونور ابنتي) إلى هنا لم يرد في «م».
3- قوله : (ونور الشمس والقمر من نور ولدي الحسن) لم يرد في «ق» وبعد هذه الجملة في المصدر زيادة : ونور ولدي الحسن من نور الله.
4- من قوله : (ونور الشمس والقمر) إلى هنا لم يرد في «م».
5- قوله : (فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين) لم يرد في «ق ، م».
6- في المصادر : سحائب النظر. وفي «م» : السحاب.
7- (الملائكة) لم ترد في «م».

فقالت الملائكة(1) : إلهنا وسيّدنا لمن هذا النور الأزهر الذي قد أزهرت منه السماوات والأرض؟

فأوحى الله تعالى إليهم : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمَتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليّي وأخي نبيّي وأبو حُججي على عبادي ، أُشهدكم ملائكتي(2) أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبّيها(3) إلى يوم القيامة».

فلمّا سمع العبّاس من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك(4) وثب قائماً وقبّل بين عيني عليّ عليه السلام وقال : والله(5) يا عليّ ، أنت الحجّة البالغة لمن آمن بالله(6).

وهذا الحديث يدلّ على أنّ عليّاً عليه السلام أفضل من الأنبياء عليهم السلام ؛ لأنّه هو والنبيّ علّة الموجودات.

ومن ذلك ما رواه الشيخ أبو جعفر في كتاب «المعراج» : عن رجاله مرفوعاً عن عبد الله بن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخاطب عليّاً عليه السلام ويقول : «يا عليّ ، إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه ، فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله ، وكنّا أمام(7) عرش ربّ ش.

ص: 299


1- في «ط» : فقالت السماوات.
2- في «ط» زيادة : وسكّان سماواتي.
3- في «ق» : ثمّ محبّيها. وفي «م» : ثمّ لمحبّيها.
4- (ذلك) أثبتناه من «ق ، م».
5- (والله) أثبتناه من «ق ، م».
6- مصباح الأنوار (مخطوط) نقله عنه شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 137/16 ، وعنه في البحار 24 : 31/2 ، و 37 : 82/51 ، البحراني في مدينة المعاجز 3 : 221/ 840 و 419/949.
7- في «ط» زيادة : العرش.

العالمين نسبّح الله ونقدّسه ونحمده ونهلّله(1) ، وذلك قبل خلق السماوات والأرضين.

فلمّا أراد أن يخلق آدم عليه السلام خلقني وإيّاك من طينة علّيّين. وعجننا بذلك النور(2) وغمسنا في جميع الأنوار وأنهار الجنّة ، ثمّ خلق آدم واستودع صلبه(3) تلك الطينة والنور ، فلمّا خلقه استخرج ذرّيته(4) من ظهره ، فاستنطقهم(5) وقرّرهم بربوبيّته ، فأوّل من أقرّ له بالربوبيّة من الخلق(6) أنا وأنت يا عليّ ، والنبيّون على قدر منازلهم وقربهم من الله عزّوجلّ ، فقال الله تبارك وتعالى : صدّقتما وأقررتما(7).

يا محمد ويا عليّ ، سبقتما خلقي إلى طاعتي ، وكذلك كنتما في سابق علمي ، فأنتما صفوتي من خلقي ، والأئمّة من ذرّيتكما وشيعتكما(8)وكذلك خلقتكم(9).

ثمّ قال : يا عليّ ، وكانت الطينة في صلب آدم ونوري ونورك بين عينيه ، فما زال ذلك النور ينتقل(10) بين أعين النبيّين والمنتجبين حتّى وصلل.

ص: 300


1- في «ط» زيادة : ونمجّده.
2- في «ط» : بالنور. بدل من : بذلك النور.
3- في «ط» : في صلبه.
4- في «م» : ذريّةً ذريّةً.
5- في «ط» : فلمّا استنطقهم. وفي «م» : فأنطقهم.
6- في «ق ، م» : فأوّل خلق أقرّ له بالربوبية. وكذلك تأويل الآيات ، وعنه في البحار : فأوّل خلق إقراراً بالربوبية.
7- في «م» : وبررتما.
8- من قوله : (وكذلك كنتما في سابق) إلى هنا لم يرد في «م».
9- قوله : (وكذلك خلقتكم) لم يرد في «ق».
10- في «ط» : يُنقل.

النور(1) والطينة إلى صلب عبد المطّلب فافترق نصفين ، فخلقني الله من نصفه واتخذني نبيّاً ورسولاً ، وخلقك من النصف الآخر فاتخذك خليفة ووصيّاً ووليّاً.

فلمّا كنت من عظمة ربّي(2) كقاب قوسين أو أدنى(3) ، قال لي : يا محمد ، من أطوع خلقي لك؟ قلت : عليّ بن أبي طالب ، قال : فاتخذه خليفة(4) ووصيّاً ، فقد اتخذته صفيّاً ووليّاً.

يا محمد ، كتبت اسمك واسمه(5) على عرشي قبل أن أخلق خلقي(6) محبّة منّي إليكما ولمن أحبّكما وتولاّكما وأطاعكما ، ومن تولاّكما كان عندي من المقرَّبين ، ومن جحد ولايتكما كان عندي من الكافرين الضالّين.

ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : فمن ذا يلج بيني وبينك؟ وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة ، فأنت أحقّ الناس بي في الدنيا والآخرة ، ولدك ولدي وشيعتك شيعتي ، وأولياؤكم أوليائي ، وأنتم معي غداً في الجنّة»(7).

وهذا الحديث يدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أفضل من الأنبياء 5.

ص: 301


1- من قوله : (ينتقل بين أعين) إلى هنا لم يرد في «م».
2- في «ط» : عظمته وقربه إليّ. بدل من : عظمة ربّي.
3- (أو أدنى) لم يرد في «ق ، م».
4- في «ق» : وليّاً.
5- في «ط» : واسم عليّ. بدل من : واسمه.
6- في «ق» : خلقاً. وفي التأويل : أحداً ، وعنه في البحار : الخلق.
7- المعراج : (مخطوط) نقله عنه شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 773/4 ، وعنه في البحار 25 : 3/5.

والمرسلين ؛ لأنّه سبقهم إلى الإقرار هو والنبيّ المختار.

ومن ذلك ما رواه محمد بن يعقوب النهشلي(1) ، عن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عن جبرئيل ، عن ميكائيل(2) ، عن اسرافيل ، عن الله جلّ جلاله أنّه قال : «أنا الله الذي لا إله إلاّ أنا خلقت الخلق بقدرتي ، واخترت منهم الأنبياء ، واصطفيت من الكلّ(3) محمداً فبعثته إلى خلقي ، وأيّدته بعليّ ، وجعلته أميني(4)وخليفتي ، ووليّي على عبادي ، يبيّن لهم كتابي ، ويشرّفهم(5) بحكمي وجعلته العلم الهادي(6) ، وبأبي الذي أُؤتى(7) منه ، وبيتي الذي من دخله كان آمناً من ناري(8) ، وحصني الذي من لجأ إليه حصّنته(9) من مكروه الدنيا والآخرة ، ووجهي الذي من توجّه إليه لم أصرف عنه وجهي ، وحجّتي على أهل سماواتي وأرضي ، فلا أقبل عمل عامل إلاّ بالإقرار بولايته مع نبوّة أحمد رسولي ، ويدي المبسوطة في عبادي ، ونعمتي التي أنعمت بها على ه.

ص: 302


1- في «ق ، ط ، م» : الهاشمي ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.
2- (عن ميكائيل) لم يرد في «ق».
3- في «ق» : الكمّل.
4- في «ق ، م» : أميري.
5- في «م» : ويشربهم.
6- في المصادر زيادة : من الضلالة.
7- في «ط» : يؤتى.
8- (من ناري) لم يرد في «ق ، م».
9- في «ط ، م» : حصّنه.

خلقي ، فمن أحببته(1) من عبادي عرّفته ولايته.

فبعزّتي حلفت وبجلالي أقسمت أنّه لا يتولّى عليّاً عبد من عبادي إلاّ زحزحته(2) من ناري وأدخلته جنّتي ، ولا يعدل عن ولايته إلاّ من أبغضته وأدخلته ناري ولا أُبالي(3)»(4).ي.

ص: 303


1- في «ق ، م» : أُحبّه.
2- ظاهراً في «م» : إلاّ خرّجته. وهي غير واضحة.
3- (ولا أُبالي) لم يرد في «ق ، م».
4- أورده باختلاف يسير الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 49/191 ، والأمالي : 291/326 ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : 61/45 ، والحلّي في المحتضر : 91 ، ونقله الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 27 : 186/30 ، عن الأمالي ، والمجلسي في البحار 38 : 98/17 ، عن العيون والأمالي.

المطلب الثالث

ومن ذلك ما ذكر في كتاب «كنز(1) جامع الفوائد» : إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا خلق إبراهيم كشف عن بصره فرأى نوراً إلى جنب العرش(2) ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور محمد صفوتي من خلقي(3)ورأى نوراً(4) إلى جنبه ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له(5) : هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني(6) ، ورأى إلى جنبيهما(7) ثلاثة أنوار ، فقال : إلهي ما هذه الأنوار؟ فقيل له : هذا نور فاطمة ، فطمت محبّيها عن النار ، ونور ولديها الحسن والحسين.

قال إبراهيم : إلهي وسيّدي وأرى تسعة أنوار قد أحدقوا(8) بهم ، قيل : يا إبراهيم ، هؤلاء أنوار الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب وفاطمة(9) ، فقال إبراهيم : إلهي(10) بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني مَن التسعة من ولد عليّ وفاطمة؟ قيل : يا إبراهيم أوّلهم عليّ بن الحسين وابنه محمد وابنه ».

ص: 304


1- (كنز) لم يرد في «ق ، م» والظاهر كلاهما صحيح ؛ لورودهما في الذريعة ، وهو اختصار لتأويل الآيات. انظر الذريعة 5 : 66 و 18 : 149.
2- (العرش) أثبتناه من «ق ، م».
3- (من خلقي) لم يرد في «ق».
4- في «ق» : ورأى نوراً آخر.
5- في «ق» : فقال. بدل من : فقيل له. وفي «م» : فقال له.
6- في «ط» : ناصري ووليّي. بدل من : ناصر ديني.
7- في «م» : جنبهم. وكذلك «ق» ولكن سهى الناسخ فكتب : جهنم.
8- في بعض المصادر : قد حفّوا.
9- من قوله : (قال إبراهيم : إلهي وسيّدي) إلى هنا لم يرد في «ق».
10- (إلهي) أثبتناه من «ق ، م».

جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمد وابنه عليّ وابنه الحسن والحجّة القائم ابنه.

فقال إبراهيم : إلهي وسيّدي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يُحصي عددهم إلاّ أنت ، فقيل : يا إبراهيم ، هؤلاء شيعتهم وشيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال إبراهيم : وبما تُعرف شيعته؟ فقيل : بصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع(1) ، والتختّم باليمين(2) ، فعند ذلك قال إبراهيم : اللّهمّ اجعلني من شعية عليّ بن أبي طالب(3).

فأخبر الله تعالى نبيّه في كتابه(4) : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَبْرَاهِيمَ)(5)»(6).

فإذا كان إبراهيم سأل الله تعالى أن يجعله من شيعته فكيف لا يكون 1.

ص: 305


1- في «ط» زيادة : وبسجدتي الشكر.
2- في «ق ، م» زيادة : والتعفير بالجبين.
3- (بن أبي طالب) لم يرد في «ق». وفي المصادر : شيعة أمير المؤمنين.
4- (في كتابه) أثبتناه من «ق ، م».
5- سورة الصافات 37 : 83.
6- كنز جامع الفوائد (مخطوط) ، أورده شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 496/9 ، نقلاً من تفسير محمد بن العبّاس بن ماهيار : عن محمد بن وهبان ، عن أبي جعفر محمد بن عليّ بن رُجيم (رحيم ، وخيم) ، عن العبّاس بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : سأل جابر الجعفي أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَبْرَاهِيمَ) ، وعنه في البحار 36 : 151/131 و 85 : 80/ 20 ، ومدينة المعاجز 4 : 39/126 ، وباختلاف يسير شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 458/196 ، عن ابن أبي أوفى ، وعنه في مدينة المعاجز 3 : 363/91.

عليّ أفضل منه(1).

ومن ذلك ما ذكره الشيخ الثقة(2) أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسن(3) بن شاذان في «مناقبه» : عن الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ عليهم السلام ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لمّا أُسري بي إلى السماء لقيني أبي(4) نوح ، فقال لي : يا محمد ، من خلّفت على أُمّتك؟ قلت : عليّ بن أبي طالب ، قال : نِعمَ الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني أخي موسى عليه السلام ، فقال لي : يا محمد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت : عليّ بن أبي طالب ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني عيسى عليه السلام ، فقال : يا محمد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت : عليّاً ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت ، فقلت : يا جبرئيل(5) ، ما لي لا أرى إبراهيم؟ قال : فعدل بي إلى حضيرة ، فإذا هو فيها ، وحوله أطفال رضّع و (6) فيها شجرة لها ضروع كضروع الغنم(7) ، كلّما خرج ضرع من فم واحد(8) ردّه إليه(9) ، فقال : يا محمد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت : ر.

ص: 306


1- في «م» : فكيف لا يكون أفضل.
2- في «ق ، م» : وذكر الشيخ الفقيه. بدل من العبارة المذكورة.
3- في «ط ، ق» : الحسين ، وفي «م» : محمد بن عليّ بن الحسين ، وما أثبتناه من المصدر.
4- (أبي) لم يرد في «ق ، م».
5- في «ط» : قال : فقلت لجبرئيل عليه السلام.
6- قوله : (هو فيها وحوله أطفال رضّع و) لم يرد في «ق ، م» والمصدر.
7- في «ط» زيادة : وكلّ واحد من الضروع في فم صبي.
8- في «ط» زيادة : منهم.
9- في «ق ، م» : ردّه الله إلى آخر.

عليّاً ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت على أُمّتك(1) ، وإنّي يا محمد سألت الله ربّي أن يولّيني غذاء أطفال شيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأنا أُغذيهم إلى يوم القيامة(2)»(3).

وهذا ممّا يدلّ على تفضيل عليّ عليه السلام على إبراهيم ، حيث ولاّه الله تعالى أن يغذّي أطفال شيعة عليّ عليه السلام(4).

وفي الكتاب المذكور : وهو ما روي عن أبي ذرّ ، قال : نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : «هذا خير الأوّلين(5) من أهل السماوات والأرضين(6) ، هذا سيّد الصدّيقين ، وسيّد الوصيّين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين.

إذا كان يوم القيامة جاء عليّ على ناقة من نوق الجنّة ، وقد أضاءت القيامة من ضوئها ، على رأسه تاج مرصّع بالزبرجد والياقوت ، فتقول الملائكة : هذا ملك مقرَّب ، ويقول النبيّون : هذا نبيٌّ مرسل ، فينادي مناد من بطنان العرش : هذا الصدِّيق الأكبر ، هذا وصيّ حبيب الله ، هذا(7)عليّ بن أبي طالب ، فيقف على متن(8) جهنّم فيُخرج منها من يُحبّ ، ن.

ص: 307


1- (على أُمّتك) أثبتناه من «ق».
2- (إلى يوم القيامة) لم يرد في «ق ، م» وغاية المرام.
3- مائة منقبة : 159/97 ، عن أحمد بن محمد الحسيني رحمه الله ، عن وريزة بن عليّ ، عن جدّه وريزة بن محمد بن العسّال ، وعنه في البحار 27 : 121/102 ، وغاية المرام 1 : 236/21.
4- في «م» : عليّ بن أبي طالب.
5- في المصادر زيادة : وخير الآخرين. إلاّ ج2 من غاية المرام.
6- في «ق ، م» : والأرض.
7- (هذا) أثبتناه من «ق ، م».
8- في «ط» : شفير متن.

ويُدخل فيها من يُبغض ، ويأتي أبواب الجنّة فيُدخل أولياءه الجنّة بغير حساب»(1).

فإذا قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا خير الأوّلين من أهل السماوات والأرضين»(2) ، فكيف لا يكون أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين عليهم سلام الله(3)؟!

ومن ذلك ما رواه صاحب كتاب «جامع الفوائد»(4) : عن الصدوق أبي جعفر محمد بن بابويه بإسناده يرفعه إلى أبي ذرّ رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «افتخر اسرافيل على جبرئيل ، فقال : أنا خير منك ، فقال جبرئيل : ولِمَ أنت خير منّي؟ قال : لأنّي صاحب الثمانية حملة عرش الله(5) ، وأنا صاحب النفخة في الصور ، وأنا أقرب الملائكة إلى الله عزّ وجلّ ، فقال جبرئيل : بل أنا خير منك ، فقال اسرافيل : بماذا أنت خير منّي؟ فقال جبرئيل : لأنّي أمين الله على وحيه ، ورسوله إلى أنبيائه ش.

ص: 308


1- مائة منقبة : 114/55 ، بسنده عن محمد بن عبيد الله الحافظ ، عن جعفر بن محمد الدقّاق ، عن عبد الله بن محمد الكاتب ، عن سليمان بن الربيع ، عن نصر بن مزاحم ، عن عليّ بن عبد الله ، عن الأشعث ، عن مرة ، وعنه في غاية المرام 1 : 161/58 ، و 2 : 181/58 ، وبحار الأنوار 27 : 315/13 ، وأورده ابن طاووس في التحصين : 605/ باب 7 ، بسنده عن أبي محمد هارون بن موسى التعلكبري ، عن عبد العزيز بن عبد الله ، عن جعفر بن محمد ، عن عبد الكريم ، عن فتحان العطّار أبو نصر ، عن أحمد بن محمد ، عن عروة ، ونقله المجلسي في البحار 26 : 309/75 ، و 316/81 ، عن تفضيل الأئمّة للحسن بن سليمان إلى قوله : سيّد الوصيّين. وأورده الحلّي في المحتضر : 151.
2- في «ق ، م» : والأرض.
3- في «ق ، م» : من سائر الأنبياء عليهم السلام.
4- في «م» : كتاب الفوائد. وكلاهما صحيح ، وهو مختصر لتأويل الآيات.
5- في «ط» : حملة العرش.

المرسلين(1) ، وأنا صاحب الخسوف ، وما أهلك الله تعالى أُمّة من الأُمم إلاّ على يدي.

قال : فاختصما إلى الله تبارك وتعالى ، فأوحى الله تعالى إليهما : اسكتا ، فوعزّتي(2) وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما(3) ، قالا : يا ربّ وتخلق من هو خير منّا! ونحن خُلقنا من نور؟! فقال : نعم ، فأوحى الله تعالى إلى حُجب القدرة انكشفي فانكشفت(4) ، فإذا على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله ، فقال جبرئيل : يا ربّ أسألك بحقّهم عليك أن تجعلني خادمهم ، قال الله تعالى : قد فعلت ، فجبرئيل عليه السلامخادم أهل البيت وإنّه لخادمنا»(5).

وروى(6) أبو صالح ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)(7) قال : هم أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأولادهم إلى يوم القيامة ، هم صفوة الله وخيرته من خلقه(8). 9.

ص: 309


1- (المرسلين) أثبتناه من «ق ، م».
2- في «ط» : أن اسكتا وعزّتي.
3- في «م» : لقد خلقت خير منكما.
4- (فانكشفت) لم ترد في «م».
5- جامع الفوائد : (مخطوط) ، أورده الديلمي في إرشاد القلوب 2 : 295 ، وعنه في البحار 16 : 264/68 ، و 26 : 344/17 ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 834/7 ، عن الصدوق ، والبحراني في مدينة المعاجز 4 : 55/136 ، عن ابن بابويه ، و 2 : 394/623 ، عن كتابنا هذا عن جامع الفوائد.
6- هذا الحديث لم يرد في «ق ، م».
7- سورة النمل 27 : 59.
8- أورده ابن شهرآشوب في المناقب 3 : 431 ، وعنه في البحار 43 : 379.

المطلب الرابع

وهو ما ذكره محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه «كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب» - في سؤال أبي عقال(1) - قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن شهاب ، عن مالك(2) ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ، قال : سأل أبو عقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال : يا رسول الله مَنْ سيّد المسلمين؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَنْ تراك تظنّ يا أبا عقال؟» ، فقال : آدم عليه السلام ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ها هنا من هو أفضل من آدم» ، فقال أبو عقال : يا رسول الله أليس خلقه الله(3) بيده ونفخ فيه من روحه ، وزوّجه حوّاء أمَته(4) ، وأسكنه جنّته ، فمن يكون أفضل منه؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «من فضّله الله عزّوجلّ» ، فقال : شيث؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من شيث ، فقال : إدريس(5)؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل من إدريس ونوح» ، قال : فهود؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من هود ً.

ص: 310


1- أبو عقال : هو هلال بن زيد بن حسن بن اُسامة بن زيد بن حارثة الكلبي ، الدمشقي ، مولى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). تهذيب التهذيب 11 : 70/125 ، تهذيب الكمال 30 : 336/6619.
2- في «ط ، ق» : الحسن بن عليّ بن شهاب بن مالك. وما أثبتناه من المصدر. وفي «م» : الحسن بن عليّ بن شهاب بن مالك بن أبي سلمة بن أبي سعيد.
3- في «ط» : أليس الله تعالى قد خلقه. بدل من : أليس خلقه الله. وفي «م» : (أليس قد خلقه الله) ومن دون ذكر : (يا رسول الله).
4- في «ط» : أمَة الله. بدل من : أمَته.
5- في «ق ، م» : ا دريس إذاً.

وصالح(1)» ، قال : فموسى؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من موسى وهارون» ، قال : فإبراهيم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» ، قال : فيعقوب؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل من يعقوب ويوسف(2)» ، قال : فداود؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من داود وسليمان» قال : فأيّوب؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من أيّوب ويونس(3)» ، قال : فزكريا؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من زكريا ويحيى» ، قال : فاليسع؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من اليسع وذي الكفل(4)» ، قال : فعيسى؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من عيسى».

قال أبو عقال : ما علمت(5) من هو يا رسول الله أملك مقرَّب؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هو مكلِّمك يا أبا عقال(6)» ، يعني به نفسه ، فقال أبو عقال : سررتني يا رسول الله.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفلا أُزيدك على ذلك؟» ، قال أبو عقال : نعم ، فقال(7) : «اعلم يا أبا عقال ، إنّ الأنبياء والمرسلين(8) ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيّاً ، لو جُعلوا في كفّة وصاحبك في كفّة لرجح(9) عليهم».

قال أبو عقال(10) : ملأتني سروراً يا رسول الله ، فمن بعدك أفضل ل.

ص: 311


1- في المصدر زيادة : ولوط.
2- في «ط» زيادة : والأسباط.
3- في «ط» زيادة : وذي الكفل.
4- في «ط» : والعزير. بدل من : وذي الكفل.
5- قوله : (ما علمت) أثبتناه من «ق» والمصدر. وفي «م» ما علمته.
6- في «ق ، م» : مكلّمك. بدل من الجملة المذكورة.
7- في «ط» زيادة : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
8- في «ط» إنّ الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبيّ والمرسلون منهم.
9- في «ط» زيادة : صاحبك.
10- في المصدر : فقلت. بدل من : فقال أبو عقال.

الناس(1)؟ قال : «عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ولكن ياأبا عقال ، فضل عليّ على سائر الخلق(2) كفضل جبرئيل على سائر الملائكة»(3).

وهذا الحديث يدلّ على فضل أمير المؤمنين عليه السلام على جميع الأنبياء والمرسلين(4) عليهم السلام حيث قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(5) : «فضل عليّ على سائر الخلق كفضل جبرئيل على سائر الملائكة». ».

ص: 312


1- في المصدر : فمن أفضل الناس بعدك؟ وبعد هذه الفقرة زيادة في المصدر : فذكر له نفراً من قريش ، ثمّ قال : عليّ بن أبي طالب ، فقلت : يا رسول الله فأيُّهم أحبّ إليك؟ قال : عليّ بن أبي طالب ، فقلت : ولِمَ ذلك؟ فقال : «لأنّي خُلقت أنا وعليّ بن أبي طالب من نور واحد» ، قال : فقلت : فلِمَ جعلته آخر القوم؟ قال : «ويحك يا أبا عقال أليس قد أخبرتك أنّي خير النبيّين ، وقد سبقوني بالرسالة وبشّروا بي من قبلي فهل ضرّني شيء إذ كنت آخر القوم ، أنا محمد رسول الله ، وكذلك لا يضرّ عليّاً إذا كان آخر القوم».
2- في «ق ، م» : الخلق.
3- كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام : 315 - 317 ، وقال الكنجي : هذا حديث حسن عال ، وفيه طول أنا اختصرته.
4- (والمرسلين) لم يرد في «ق ، م».
5- (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) لم يرد في «ق».

المطلب الخامس

وممّا يدلّ على قولنا هو (1) ما ذكره ابن شهرآشوب في «مناقبه» : عن أبي حمزة الثمالي أنّه قال : دخل عبد الله بن عمر(2) على عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام ، فقال له : يابن الحسين أنت الذي تقول : «إنّ يونس بن متّي إنّما لقي من الحوت ما لقي(3) ؛ لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي فتوقّف عندها؟» قال : «بلى ، ثكلتك أُمّك» ، قال عبد الله بن عمر(4) : فأرني برهان ذلك إن كنت من الصادقين(5).

قال أبو حمزة(6) : فأمر عليّ بن الحسين عليهما السلام بشدّ عينيه بعصابة وعيني بعصابة ، ثمّ أمر بعد ساعة بفتح(7) أعيننا ، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه ، فقال ابن عمر : يا سيّدي ، دمي في رقبتك(8) الله الله في نفسي(9).

فقال له عليّ بن الحسين : «أوَمَا(10) أردت البرهان؟» ، فقال ».

ص: 313


1- في «ق» : ممّا يؤيّد قولنا وهو. وكذلك «م» ولكن بدون (وهو).
2- في «ط» زيادة : بن الخطّاب.
3- في «ط» : إنّما بقي في بطن الحوت ما بقي.
4- (قال عبد الله بن عمر) أثبتناه من «ق ، م«،
5- في «م» : العارفين.
6- فى «ق» : قال عبد الله بن عمر. وبعدها في «ط» زيادة : فلمّا قال عبد الله بن عمر ذلك.
7- في «ق» : تفتح. وفي «م» : فأمر بفكّها. بدل من : (بفتح أعيننا).
8- في «م» دمي في رقبتك يا سيّدي.
9- في «ط» زيادة : ودمي.
10- (أوما) لم ترد في «ق ، م».

عبد الله بن عمر : أرني إن كنت من الصادقين.

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليه السلام : «يا أيّتها الحوت» ، فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبّيك لبّيك يا وليّ الله ، فقال عليّ بن الحسين عليه السلام : «من أنت؟» ، قال : أنا حوت يونس يا سيّدي ، قال عليّ بن الحسين عليه السلام : «حدِّثنا بخبر يونس(1)».

قال : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّاً من لدن آدم إلى أن صار(2) جدّك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قَبِلها من الأنبياء(3) : سلم وتخلّص ، ومن توقّف عنها(4) وتتعتع(5) في حملها لقى ما لقى آدم من المعصية ، ولقى ما لقى نوح من الغرق ، وما لقى(6) إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجُب ، وما لقى أيّوب من البلاء ، وما لقى داوُد من الخطيئة ، إلى أن بعث الله تعالى يونس ، فأوحى الله تعالى إليه : أن يا يونس تولّ(7) أمير المؤمنين عليّاً والأئمّة الراشدين في(8) صلبه - في كلام له -.

قال يونس عليه السلام : كيف أتولّى من لم أره ولم أعرفه ، وذهب مغاضباً(9) ، فأوحى الله تعالى إليّ أن التقم يونس ولا توهن له عظماً ً.

ص: 314


1- في المصدر : أنبئنا بالخبر.
2- (أن صار) أثبتناه من «ق ، م».
3- في «ط» زيادة : والمرسلين.
4- في «ط» : ومن وقف منها. وفي «م» : ومن وقف عنها.
5- التعتعة : التردّد. انظر الصحاح 3 : 1191 - تعع.
6- في «ط» : ولقى ما لقى. وكذلك بقية الموارد في هذا الحديث.
7- في «ط» : أن يقبل يونس تولّي.
8- في «م» والمصدر : من.
9- في المصدر : مغتاظاً.

فالتقمته(1) ، فمكث في بطني أربعين صباحاً يطوف معي في البحار في ظلمات ثلاث(2) ينادي : لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة الراشدين من ولده ، فلمّا أن آمن بولايتكم أمرني ربّي فقذفته على ساحل البحر(3)(4).

وذكر في كتاب «الكشكول» : عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «ما تكاملت النبوّة لنبيّ قط في البداية حتّى عُرضت عليه(5) ولايتي وولاية أهل بيتي ، ومَثَلوا له فأقرّ بطاعتهم»(6).

وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أتاني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد ، إنّ ربّك يأمرك بحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وولايته»(7).عن

ص: 315


1- (فالتقمته) لم يرد في «ق ، م» والمصدر.
2- في «ط» زيادة : وهو.
3- في المصدر زيادة : فقال زين العابدين : «ارجع أيّها الحوت إلى وكرك» ، واستوى الماء. وفي حاشية «م» زيادة من نسخة : (فقال زين العابدين عليه السلام : «ارجعي أيّتها الحوت إلى وكرك» فرجع الحوت واستوى الماء ، الظلمات الثلاث : ظلمة الليل ، وظلمة قعر البحر ، وظلمة بطن الحوت).
4- مناقب آل أبي طالب 4 : 151 ، باختلاف يسير ، وعنه في البحار 14 : 401/15 و 46 : 39 ، و 64 : 52/31 ، وأورده الطبري في دلائل الإمامة : 210/24 ، باختلاف ، وعنه في مدينة المعاجز 2 : 32/373.
5- في «ط» : له.
6- الكشكول : مجهول النسبة ، أورده الصفّار في بصائر الدرجات : 93/7 ، بسنده عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن حذيفة بن أُسيد الغفار ، وعنه في البحار 26 : 281/27 ، باختلاف يسير.
7- أورده الصفّار في بصائر الدرجات : 94/9 ، بسنده : عن أبي الجوزاء ، عن

ومن ذلك ما ذكره محمد بن طلحة في كتاب «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول»(1) : عن(2) محمد بن عليّ بن ماجيلويه ، قال : حدّثني عمّي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن هلال(3) ، عن فضل بن دكين(4) ، عن معمّر(5) بن راشد ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق(6) عليهما السلام يقول(7) : «أتى يهوديّ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام بين يديه يُحدّ النظر إليه(8) ، فقال : يا يهودي(9) ما حاجتك؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبيّ الذي كلّمه الله وحمّل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظلّه(10) بالغمام.

فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّه يُكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكن : إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة(11) كانت توبته أن(12) قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ ».

ص: 316


1- في «ق ، م» : (مطالب السؤول) فقط.
2- في «ط» : وهو ما رواه. بدل : عن.
3- في «ط ، ق» : أحمد بن جلال ، وفي «م» : أحمد بن خلال ، وما أثبتناه من الأمالي وهو الموجود في كتب التراجم.
4- في «ق» : فضل بن ذليف ، وفي «م» : الفضل بن دلين.
5- في «ط» محمد بن راشد.
6- في «ق» : سمعت أبا عبد الله ، وفي «م» : سمعت أبا عبد الله الصادق.
7- في «ط«: أنّه قال ، وكلاهما لم يردا في «ق».
8- (إليه) أثبتناه من «ق ، م».
9- في «ط» فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا أخا اليهود.
10- في «ط» : وظلّله.
11- في «ق ، م» : خطيئته.
12- قوله : (كانت توبته أن) لم يرد في «م».

محمد وآل محمد أن تغفر لي خطيئتي ، فغفرها الله له.

وإنّ نوحاً عليه السلام لمّا ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد أن تنجّيني من الغرق ، فنجّاه الله منه.

وإنّ إبراهيم عليه السلام لمّا أُلقي في النار قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد أن تنجّيني منها ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً.

وإنّ موسى عليه السلام لمّا ألقى عصاه فأوجس في نفسه خيفة ، قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد أن آمنتني منها(1) ، فقال الله تعالى : (لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى)(2).

يا يهودي ، إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ، ما نفعه إيمانه شيئاً ولا نفعته النبوّة ، يا يهودي ومن ذريّتي المهدي عليه السلام ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه السلام لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه(3)(4).

ومن ذلك ما ذكره أبو نعيم - وهو من أعيان علماء أهل السنّة - في كتابه «حلية الأولياء» : ذكر إكرام الله تبارك وتعالى لذريّة النبوّة(5) أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلف المهدي وهو من الأنبياء وأُولي العزم(6).

ولا شك أنّ اقتداء الفاضل بالمفضول قبيح عقليّ ، وإذا كان عيسى ة.

ص: 317


1- في «ط» : أن آنستني. وفي الأمالي : لما آمنتني منها.
2- سورة طه 20 : 68.
3- في «ط» : فيقدّمه ويصلّي خلفه ويؤمّه.
4- لم أعثر عليه في مطالب السؤول. بل وجدته كاملاً بسنده ومتنه في أمالي الصدوق : 287/320 ، وجامع الأخبار : 44/48 ، وروضة الواعظين 2 : 36/616 ، ونقله المجلسي عن الأمالي والجامع في بحار الأنوار 16 : 366/72 ، و 26 : 319/1.
5- في «م» : للذريّة النبويّة.
6- لم أعثر عليه في الحلية.

يقتدي بالمهدي ، وكيف لا يفضّل عليّ عليه السلام بعيسى ، وهو أفضل من المهدي؟ بالنصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لقوله للحسن والحسين : «وأبوهما خير منهما».

ولقول الصادق عليه السلام لرجل من أصحابه حين سأله : «هل تزور جدّي أمير المؤمنين عليه السلام؟» ، فقال الرجل : ما زرته ، فقال له الصادق عليه السلام : «لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك أبداً ، ألا تزور من يزوره الله تعالى مع الملائكة(1) ، وتزوره الأنبياء» ، فقال الرجل : ما علمت ذلك.

فقال له : «اعلم أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أفضل عند الله تبارك وتعالى من الأئمّة كلّهم ، وله بقدر ثواب أعمالهم ، وعلى قدر أعمالهم فُضّلوا»(2).

وكيف لا يكون كذلك وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو مشهور بين الجمهور في قتله لعمرو بن عبد ود العامري في يوم الخندق - : «ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عمل الثقلين إلى يوم القيامة»(3). :

ص: 318


1- في «ق ، م» : مع ملائكته.
2- أورده ابن قولويه في كامل الزيارات : 35/1 ؛ باختلاف في أوّل الحديث ، بسنده عن أبيه ومحمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن عبد الله بن محمد اليماني ، عن منيع بن الحجّاج ، عن يونس ، عن أبي وهب البصري أو (القصري) ، وعنه في البحار 100 : 257/3 ، الكليني في الكافي 4 : 579/3 ، المفيد في المزار : 31/2 ، عن ابن قولويه ، الطوسي في التهذيب 6 : 20/45 ، وعنه في وسائل الشيعة 14 : 375/19420 ، ابن طاووس في فرحة الغري : 102/53 ، المشهدي في المزار الكبير : 36/11 ، الحلّي في المحتضر : 89 ، وعنه في البحار 25 : 361/19 ، نقلاً من كتاب المزار لمحمّد بن عليل الحائري.
3- ورد الحديث بألفاظ مختلفة إليك مصادرها ونصوصها من دون أسانيدها :

فإذا كانت ضربة واحدة من(1) عليّ عليه السلام تفضّل على عبادة الثقلين ، فبما(2) يُقاس بقايا أعماله عليه السلام ، أوَليس الأنبياء هم من جملة الثقلين؟ وقد ورد في ذلك أخبار كثيرة وفيرة(3).

ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك من حديث الطائر - وهو مشهور بين الجمهور - الذي أُهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : «اللّهمّ إئتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر» فأتى عليّ(4) عليه السلام فأكل معه(5).ين

ص: 319


1- في «ط» زيادة : عبادة.
2- في «ط» : فيها.
3- (وفيرة) لم ترد في «ق ، م».
4- في «م» : عليّ بن أبي طالب.
5- الحديث متواتر وله أسانيد ومصادر كثيرة جدّاً ، وقد أفرده بعض المحقّقين

قوله : «أحبّ خلقك» عامّ في النبيّين وغيرهم ، و : «أحبّ» أفعل التفضيل ، وزيادة المحبّة من الله تعالى إنّما تكون بزيادة العمل الموجب للأفضلية ، وذلك حاصل لعليّ عليه السلام.

وفي كتاب «غاية المطلوب» : روي عن سعد بن عُبادة أنّه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لمّا عُرج بي إلى السماء فكنت من ربّي كقاب قوسين أو أدنى ، سمعت النداء من قِبَل الله عزّوجلّ أن : يا محمد من تُحبّ ممّن معك(1) في الأرض؟ فقلت : أُحبّ من يُحبّه الله تبارك وتعالى ويأمرني بحبّه ، فسمعت النداء من الله تعالى أن : يا محمد أحبَّ(2) عليّاً عليه السلام فإنّي أُحبّه وأُحبّ من يُحبّه.

فرجعت إلى السماء الرابعة فلقيني جبرئيل عليه السلام فقال لي : يا رسول الله(3) ، ما قال لك العزيز وما قلت له؟ قال : قلت : حبيبي جبرئيل(4) سمعت النداء : يا محمد ، من تُحب ممّن معك(5) في الأرض؟ فقلت : أُحبّ من يُحبّه الله العزيز ويأمرني بحبّه ، فسمعت النداء من قِبَل الله ك.

ص: 320


1- في «ق ، م» : ممّن تبعك.
2- في «ق» : أحبب.
3- في «ط» زيادة : من قبل الله.
4- من قوله: (فقال لي: يا رسول الله) إلى هنا لم يرد في «ق».
5- في «م» : ممّن تبعك.

تبارك وتعالى : يا محمد أحبَّ(1) عليّاً عليه السلام فإنّي أُحبّه وأُحبُّ من يُحبّه ، فبكى جبرئيل عليه السلامحتّى علا منه النحيب ، وقال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ، لو أنّ أهل الأرض كلّهم يحبّونه كما يُحبّه أهل السماوات لما خلق الله تعالى النار ، (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(2)(3). 1.

ص: 321


1- في «م» : أحبب.
2- سورة آل عمران 3 : 73 - 74.
3- غاية المطلوب : مخطوط. أورده باختلاف شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 543/232 ، الروضة في الفضائل : 156 (مصورة من مكتبة السيد المرعشي) وعنهما في البحار 39 : 248/11.

المطلب السادس

وهو ما ذكره في كتاب «المجتبى في توضيح أسرار المصطفى والمرتضى» : خبر حرّة بنت حليمة(1) ومخاطبتها مع الحجّاج بن يوسف الثقفي ، لمّا طلبها الحجّاج ، قال لها : لا أشكّ(2) أنّك تكونين رافضية ، فقالت الحرّة : فراسة من غير مؤمن ، قال الحجّاج(3) : هذا مضافاً إلى ما بلغني عنكِ ، فقالت : وما هو؟ قال الحجّاج : بلغني أنّكِ تفضّلين عليّاً على أبي بكر وعمر وعثمان ، قالت : والله إنّ الذي وشى إليكَ عنّي(4) فهو كاذب ومفتري(5) علَيَّ ، والله ما أنا أُفضّله على أبي بكر وعمر وعثمان(6) ، ولكنّي أُفضّله على آدم وعلى نوح وعلى إبراهيم وعلى داوُد وعلى سليمان وعلى موسى وعلى عيسى.

فقال لها الحجاج : ويلك(7) أنا أنكر عليكِ تفضيلك إيّاه على رجال صحبوا رسول الله وأنتِ تُفضّلينه على سبعة من الأنبياء؟! قال لها الحجاج : فإن لم تأتيني بصحّة ما قلتِ لأخذت ما فيه عيناك في هذا الساعة ، فقالت الحرّة : إذا أتيتك بشيء تعرف صحّته لا تناكرني فيه ، ».

ص: 322


1- في «ط» : تعنّت حليمة. بدل من : حرة بنت حليمة.
2- في «ط» : أشكّ.
3- من قوله : (لا أشكّ أنّك) إلى هنا لم يرد في «م».
4- في «م» : جعل لي إليك.
5- (ومفتري) لم ترد في «ق ، م».
6- قوله : (والله ما أنا أُفضّله على أبي بكر وعمر وعثمان) لم يرد في «م».
7- (ويلك) أثبتناه من «ق ، م».

قال الحجّاج : فعاهدت الله على ذلك(1) ، فقال لها الحجّاج : أخبريني بما فضّلته(2) على آدم؟.

فقالت : قال الله تبارك وتعالى في قصّة آدم عليه السلام : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)(3) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال الله تبارك وتعالى في حقّه وشكره ومدحه في سورة هل أتى فقال : (وَكَانَ سَعْيُكُم مَشْكُوراً)(4) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه لم(5) يعص الله تعالى طرفة عين أبداً ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، فهل عندك يا حجّاج(6) ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال لها : فما فضيلته على نوح(7)؟.

قالت(8) : قال الله تبارك وتعالى في قصة نوح عليه السلام : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)(9) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قد(10) زوّجه الله تبارك وتعالى فاطمة الزهراء والبتول العذراء».

ص: 323


1- (قال الحجّاج : فعاهدت الله على ذلك) أثبتناه من «ق ، م».
2- في «م» : ما فضيلته.
3- سورة طه 20 : 121 - 122.
4- سورة الإنسان 76 : 22.
5- في «ق» : ومولاي لم ، وفي «م» : وهؤلاء لم.
6- (يا حجّاج) لم يرد في «ق ، م».
7- في «ق» : فبما فضّلته على نوح؟ ، وفي «م» : فيما فضيلة على نوح.
8- في «ط» : فقالت الحرّة.
9- سورة التحريم 66 : 10.
10- من قوله: (ومولاي أمير المؤمنين) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

صلوات الله وسلامه عليها وعلى بعلها وأبيها وأُمّها وبنيها(1) في السماء(2)تحت سدرة المنتهى ، وكان وليّها الملك الأعلى ، وولد له منها الحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء(3).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : «يا عليّ(4) ، إنّ ولديك هذين سيّدي شباب أهل الجنّة».

ولقد دخل عليّ بن أبي طالب عليه السلام(5) يوماً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وهما على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال عليّ عليه السلام لهما(6) : «نِعمَ المطيّة مطيّتكما ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : نِعمَ الراكبان هما ، وأبوهما خير منهما».

فإذا كانا سيّدي شباب أهل الجنّة - من الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء(7) من عباده - وأبوهما خير منهما ، فعليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه حينئذ أفضل(8) الخلق قدراً ، وأجلّهم منزلة ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ فقال : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على إبراهيم الخليل عليه السلام(9)؟.

فقالت : قال الله تبارك وتعالى في قصّة إبراهيم الخليل صلوات الله ».

ص: 324


1- من قوله : (الزهراء والبتول) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».
2- في «ط» زيادة : الأعلى.
3- في «ق ، م» : وولد له منها الحسن والحسين عليهما السلام.
4- (بن أبي طالب عليه السلام : يا عليّ) لم يرد في «ق ، م».
5- في «ق ، م» : ولقد دخل عليّ عليه السلام.
6- (عليّ عليه السلام لهما) لم يرد في «ق ، م».
7- (والشهداء) لم يرد في «ق».
8- في «ق ، م» : فعليّ حينئذ أفضل. ومن قوله : (فإذا كان سيدي) إلى هنا لم يرد في «م».
9- (الخليل عليه السلام) لم يرد في «ق ، م».

عليه(1) : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِنْ لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(2) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قال(3) قولاً ما قاله أحد قبله قط ولا يقوله أحد بعده إلاّ كذّاب ، وهو قوله(4) : «لو كشف الغطاء ماازددت يقيناً» ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على داوُد عليه السلام؟

فقالت : إنّ الله تبارك وتعالى قال في قصّته وفي حقّه(5) : (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً)(6) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّه : «أقضاكم عليّ بن أبي طالب عليه السلام»(7) ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ فقال الحجّاج : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على سليمان؟ ّ.

ص: 325


1- (الخليل صلوات الله عليه) لم يرد في «ق ، م».
2- سورة البقرة 2 : 260.
3- في «ق ، م» : ومولاي قال.
4- قوله : (الاّ كذّاب ، وهو قوله) لم يرد في «ق ، م».
5- في «ق ، م» : قالت : قال الله تعالى في حقّه.
6- سورة الأنبياء 21 : 78 - 79.
7- في «ق ، م» : أقضاكم عليّ.

فقالت له : قال الله تبارك وتعالى في قصّة سليمان بن داوُد(1) عليهما السلام : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنْبَغِي لاَِحَد مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(2) ومولاي أمير المؤمنين عليه السلام(3) لمّا عرضت له الدنيا ، قال لها : «إليكِ عنّي غرّي غيري(4) ، يا غدّارة قد طلّقتكِ ثلاثاً لا رجعة لي إليك ولا لي رغبة فيكِ» ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال الحجّاج : لا ، ثمّ قال الحجّاج لها : فبما فضّلته على موسى بن عمران؟

فقالت له : قال الله تبارك وتعالى في قصّة موسى بن عمران عليه السلام لمّا خاف وخرج منها خائفاً يترقّب وقال : (فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(5) حتّى قال الله تعالى : (يَامُوسَى لاَتَخَفْ إِنِّي لاَيَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)(6) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلاملمّا(7) أراد المشركون قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ووقاه بنفسه ، ولم يخش ولم يخف(8) من كثرة الأعداء وشدّة المشركين ، حتّى باهى الله تعالى به ملائكته المقرَّبين(9) ، فأنزل الله تبارك ».

ص: 326


1- في «ق ، م» : قصّة سليمان.
2- سورة ص 38 : 35.
3- (أمير المؤمنين عليه السلام) لم يرد في «ق ، م».
4- (غرّي غيري) لم يرد في «ق ، م».
5- سورة الشعراء 26 : 13 - 14.
6- سورة النمل 27 : 10.
7- في «ق ، م» : ومولاي لمّا.
8- في «ق» : ولم يخف ولم يخش. وقوله : (ولم يخف) لم يرد في «م».
9- من قوله : (من كثرة الأعداء) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

وتعالى وتقدَّس في حقّه ومدحه(1) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)(2) ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال الحجّاج لها : فبما فضّلته على عيسى بن مريم عليه السلام(3)؟

قالت(4) : قال الله تبارك وتعالى في قصّة مريم ابنة عمران(5) : (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنْسِيّاً)(6) ، فوضعته في أصل جذع النخلة ، فأمّا مولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين(7) لمّا وقعت أُمّه في المخاض فُتحت لها باب الكعبة ودخلت فيها ، ووضعته(8) في وسط البيت الحرام ، ولذلك والله صارت الكعبة مطافاً للعاكف والباد(9) ، وما فُضّل بهذه الفضيلة ولا شُرِّف بهذا الشرف غيره(10) ، فهل عندك يا لعين ابن اللعين(11) ما ينافي ذلك؟ قال : لا(12).ة.

ص: 327


1- في «ق ، م» : فأنزل الله في حقّه.
2- سورة البقرة 2 : 207.
3- في «ق ، م» : على عيسى.
4- في «ط» : فقالت الحرّة.
5- في «ق ، م» : في قصّة مريم.
6- سورة مريم 19 : 23.
7- في «ق ، م» : ومولاي. بدل من قوله : (فأمّا مولاي ... وآله أجمعين).
8- في «م» : ووضعت.
9- قوله : (ولذلك والله صارت الكعبة مطافاً للعاكف والباد) لم يرد في «ق ، م».
10- في «ط» زيادة : أحد قط.
11- قوله : (يا لعين بن اللعين) لم يرد في «ق ، م».
12- في «ط» زيادة : يا بنة الواسعة الرطبة.

ثمّ قال : والله(1) لو لم تذكرين هذه الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة(2) لكنت عذّبتكِ(3) عذاباً شديداً ، ثمّ أمر لها بجوائز سنيّة ، وعطايا حسنة هميّة(4)(5).ر.

ص: 328


1- في «ق ، م» : والله والله.
2- قوله : (والبراهين القاطعة) لم يرد في «ق ، م».
3- في «ق ، م» : لكنت أُعذبنَّكِ.
4- في «ق ، م» : وعطايا هنيّة.
5- أورد الخبر شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 382/162 ، وأحد العلماء في الروضة في الفضائل : 161 (مصورة من مكتبة السيد المرعشي قدس سره) ، ونقله المجلسي عنهما في بحار الأنوار 46 : 134/25 ، وذكره النباطي العاملي في الصراط المستقيم 1 : 230 ، باختصار.

المطلب السابع

ومن ذلك ما ذكره أخطب خطباء خوارزم(1) في «مناقبه» : بإسناده عن أبي البختري(2) ، قال : رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام(3)صعد المنبر بالكوفة وعليه مدرعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، متقلّداً بسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(4) ، متعمّماً بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقعد صلوات الله عليه على المنبر وكشف عن بطنه(5) ، فقال :

«سلوني من قبل أن تفقدوني ، فإنّما بين الجوانح(6) منّي علم جمّ ، هذا سقط العلم ، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، هذا ما زقّني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)زقّاً من غير وحي أُوحي إليَّ ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو (7) لو ثُنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت(8) لأهل التوراة بتوراتهم ، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ، ولأهل الزبور بزبورهم ، ولأهل القرآن بقرآنهم(9) ، حتّى يُنطق الله تعالى التوراة والإنجيل والزبور والقرآن(10) ، فيقولوا : صدق عليّ ،ا.

ص: 329


1- في «ق ، م» : ومن ذلك ما رواه الخوارزمي.
2- في «ط» النجري ، وفي «ق» : البختري ، وما في المتن أثبتناه من المصدر. ظاهراً هو الصحيح. انظر سير أعلام النبلاء 5 : 196/74. وقوله : (بإسناده عن أبي البختري) لم يرد في «م».
3- في «ق ، م» : رأيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وفي المصدر : رأيت عليّاً عليه السلام.
4- قوله : (متقلّداً بسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) لم يرد في «م».
5- في «ط» : بطنه الشريف.
6- في «م» : الجواهر.
7- قوله : (الذي لا إله إلاّ هو) لم يرد في «ق ، م».
8- في حاشية «ط» في نسخة : لحكمت.
9- في «ق ، م» : ولأهل الفرقان بفرقانهم. وكلا العبارتين لم تردا في المصدر.
10- في «ق ، م» : والفرقان ، وفي المصدر : التوراة والانجيل فيقولا.

قد أفتاكم بما أنزل الله تبارك وتعالى فينا(1) (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)(2)(3).

صدق الله العليّ العظيم وصدق رسوله النبيّ الكريم وصدق سيّدنا ومولانا وإمامنا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين(4).

ومن ذلك ما روي(5) في كتاب «الأربعين» : عن عمّار بن خالد ، عن إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك بن سليمان ، قال : وُجد(6) في ذخيرة حواري عيسى عليه السلام في رقّ(7) مكتوب بالقلم السرياني منقول من التوراة ، وذلك لمّا تشاجر موسى والخضر عليهما السلام في قصة السفينة والغلام والجدار : ورجع موسى عليه السلام إلى قومه ، فسأله أخوه هارون عمّا استعلمه من الخضر وشاهده من عجائب البحر ، فقال موسى عليه السلام : بينما أنا والخضر على شاطئق.

ص: 330


1- (فينا) أثبتناه من «ق ، م». وفي المصدر : فيَّ.
2- سورة البقرة 2 : 44.
3- المناقب : 91/85 ، بسنده عن أحمد بن الحسين ، عن الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، عن أبي محمد أحمد بن عبد الله المزكّي ، عن أحمد بن محمد بن حرب ، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى بن محمد بن عمر بن أبي طالب ، عن يحيى بن عبد الله العلوي ، عن نوح بن قيس ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة 1 : 233 ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : 55 ، المجلسي في بحار الأنوار 40 : 178 ، وأورده باختلاف يسير ضمن حديث طويل عن الأصبغ بن نباتة. الصدوق في الأمالي : 422/ 560 ، والتوحيد : 304/1 ، المفيد في الاختصاص : 235 ، الطبرسي في الاحتجاج 1 : 609/138.
4- هذا التصديق لم يرد في «ق ، م».
5- في «ط» : ما ذكره.
6- في «ط» : وجدت.
7- في «ق ، م» : ورق.

البحر إذ سقط بين أيدينا طائر ، فأخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق ، وأخذ منها قطرة ثانية ورمى بها نحو المغرب ، ثمّ أخذ ثالثة(1) ورمى بها نحو السماء ، ثمّ أخذ رابعة(2) ورمى بها نحو الأرض ، ثمّ أخذ(3) خامسة وألقاها في البحر ، فبُهتّ أنا والخضر من ذلك(4).

وسألت الخضر عن ذلك(5) فقال : لا أعلم ، فبينما نحن كذلك(6) ، وإذا بصيّاد يصيد في البحر ، فنظر إلينا(7) وقال : ما لي أراكما في فكرة(8)؟ من أمر هذا الطائر(9) ، فقلنا : هو كذلك ، فقال(10) : أنا رجل صيّاد وقد علمت إشارته وأنتما نبيّان لا تعلمان! فقلنا : إنّا لا نعلم إلاّ ما علّمنا الله عزّوجلّ ، فقال(11) : هذا طائر(12) في البحر يسمّى : مسلماً ؛ لأنّه إذا صاح يقول في صياحه : مسلم مسلم(13).

وإشارته(14) برمي الماء من منقاره نحو المشرق والمغرب والسماء ه.

ص: 331


1- في «ط» : القطرة الثالثة.
2- في «ط» : القطرة الرابعة.
3- في «ط» زيادة : قطرة.
4- في «ط» زيادة : العمل.
5- في «ق ، م» : وسأله عنه. وكذلك المصادر إلاّ البحار.
6- في «ط» زيادة : في البهت والحيرة. وفي الأربعين : وسألت الخضر عن ذلك فلم يُجب وإذا نحن بصيّاد.
7- في «ط» زيادة : الصيّاد.
8- في «ط» : ما لي أراكما في الحيرة والفكرة وأظنّكما مبهوتين.
9- في «ط» زيادة : الذي فعل كيت وكيت.
10- في «ط» زيادة : لنا الصيّاد.
11- في «ط» زيادة : لنا الصيّاد : نعم.
12- في «ط» : هذا الطائر الذي رأيتما.
13- في «ق ، م» : (مسلم) مرة واحدة.
14- في «ط» : فأمّا إشارته.

والأرض وفي البحر يقول : يأتي(1) في آخر الزمان نبيٌّ يكون أعلم أهل المشرق والمغرب وأهل السماوات والأرض(2) عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة(3) في هذا البحر ، ويرث علمه ابن عمّه ووصيّه عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.

فعند ذلك سكن ما كنّا فيه من التشاجر(4) ، واستقلّ كلّ واحد منّا علمه(5) ، ثمّ غاب الصيّاد عنّا ، فعلمنا أنّه ملك بعثه الله تعالى إلينا ليعرّفنا نقصنا حيث ادّعينا الكمال(6).

فإذا كان علم أهل السماوات وعلم أهل الأرض عند علمه صلوات الله عليه كالقطرة الملقاة في هذا البحر ، وموسى والخضر عليهما السلام هما(7)نبيّان ، ولا يكون رجحان الفضائل(8) إلاّ بالعلم وزيادة العمل(9) وهو حاصل ة.

ص: 332


1- في «ط» : إنّما يأتي.
2- في «ط» : أهل السماوات والأرض وأهل المشرق والمغرب. وقوله في المتن : (وأهل السماوات والأرض) لم يرد في «م».
3- في «ط»: التي ألقيت.
4- في المصادر إلاّ المدينة : المشاجرة.
5- في «ط» زيادة : (وغاب عنّا الصيّاد وما درينا أفي السماء أم في الأرض رسف ، فعلمنا عند ذلك أنّه ملك أرسله الله تعالى ليعلّمنا رشدنا) ، وبدل هذه الزيادة ، ما أثبتناه في المتن من مخطوطة الأربعين.
6- الأربعون لسعد الإربلي : الحديث الثاني (مخطوط) نقله عن الأربعين الحلّي في المحتضر : 100 - 101 ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 104/9 ، المشهدي في تفسير كنز الدقائق 2 : 23 - 24 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 13 : 312/52 ، عن رياض الجنان ، عن أربعين سيد حسين بن دحية الكلبي ، ونقله السيد البحراني في مدينة المعاجز 2 : 134/454 ، عن كتابنا هذا.
7- في «ط» : كانا.
8- في «ط» : الفضل.
9- في «ق ، م» زيادة : والعصمة.

لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(1) مع كمال المنزلة من الله تبارك وتعالى(2).

وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام(3) : «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم يفتح لي من كلّ باب ألف باب»(4).

وأيضاً من ذلك : ما رواه الغزالي بعبارة أُخرى في رسالة العلم اللدنّي(5) ما هذا لفظه : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(6) عليه السلام : «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدخل لسانه في فمي ، فانفتح(7) في قلبي ألف باب من العلم ، ففتح لي من كلّ باب ألف باب»(8).ي.

ص: 333


1- في «ق ، م» : وهو حاصل لعليّ.
2- قوله : (مع كمال المنزلة من الله تبارك وتعالى) لم يرد في «م».
3- في «ق» : وقال عليّ. وفي «م» : قال.
4- أورده سليم بن قيس في كتابه 2 : 912/64 ، القاضي المغربي في شرح الأخبار 2 : 308/629 ، الطبري في دلائل الإمامة : 235 ، ونوادر المعجزات : 131 ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 275/ صدر حديث 121 ، عن ابن عبّاس ، الطبرسي في إعلام الورى 1 : 267 ، ابن طاووس في الطرائف 2 : 247 ، والأمان : 68 ، ابن ميثم البحراني في شرح مائة كلمة : 56 ، الإربلي في كشف الغمّة 1 : 262 ، ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي 4 : 123/207 ، الشيرازي في الأربعين : 429.
5- (اللدنّي) أثبتناه من «ق ، م».
6- (عليّ بن أبي طالب) لم يرد في «ق ، م» والعكس ما في المصدر.
7- في «ط» : فاُلقح.
8- الرسالة اللدنّية : 106 (ضمن مجموعة رسائل الغزالي ج3) ، وعنه ابن طاووس في الطرائف 1 : 205/215 ، الشيرازي في الأربعين : 438 ، المجلسي في بحار الأنوار 40 : 126 ، عن الطرائف عن الغزالي.

المطلب الثامن

ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتابه(1) «مصباح الأنوار في مناقب الأئمّة الأطهار» : بإسناده فقال(2) : إنّ سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي(3) وأبو ذرّ الغفاري وجماعة من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دخلوا عليه والحزن(4) ظاهر في وجوههم ، فجثوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : نفديك بالآباء والأُمّهات إنّا نسمع في عليّ(5)كلاماً قد أحزننا ، وإنّا نستأذنك في الردّ عليهم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وما عساهم أن يقولوا في أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟» ، فقالوا : يا رسول الله ، إنّهم يقولون : وأيُّ فضيلة لعليّ بن أبي طالب في سبقه للإسلام(6) ، وإنّما أدركه وهو طفل صغير. ونحن نحزن(7) من هذا الكلام والنكث(8).

فقال لهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا الذي يحزنكم؟» ، فقالوا : نعم يا رسول الله نفديك بآبائنا وأُمّهاتنا ، فقال لهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(9) : «هل علمتم ».

ص: 334


1- في «ق ، م» : في كتاب.
2- (بإسناده فقال) لم يرد في «ق ، م».
3- (الكندي) لم يرد في «ق ، م».
4- في «ط» زيادة : والكآبة.
5- في «ط» : في مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. بدل من : في عليّ.
6- في «ط» : سبق الإسلام. وفي «ق» : سبق إلى الإسلام.
7- (نحزن) أثبتناه من «م».
8- النكث : نكث العهد وهو نقضه بعد إحكامه. تهذيب اللُّغة 10 : 181 - نكث.
9- من قوله : (هذا الذي يحزنكم) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

من الكتب الأُولى أنّ إبراهيم الخليل هرب(1) من نمرود وهو حمل ، فوضعته أُمّه بين أثلاث(2) بشاطئ نهر يتدفّق بين غروب الشمس ، وإقبال النهار ، فلمّا وضعته واستقرّ على وجه الأرض ، قام من تحتها يمسح التراب عن وجهه ورأسه(3) ، ويكثر(4) من الشهادة بالوحدانية.

ثمّ أخذ ثوباً وتوشّح به وأُمّه تراه ، فلمّا رأته فزعت منه فزعاً شديداً ، ثمّ هرول بين يديها ناظراً إلى السماء ، فكان منه ما قال الله عزّوجلّ في كتابه لمّا رأى كوكباً ثمّ رأى الشمس والقمر ، فقال الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(5).

وعلمتم أنّ موسى بن عمران كان فرعون في طلبه ، وقد شقّ بطون النساء الحوامل ، وذبح الأطفال والأولاد لقتل موسى عليه السلام ، فلمّا ولدته أُمّه أُمرت أن تأخذه من تحتها وتجعله في التابوت ثمّ تُلقيه في اليم ، فبقيت متحيّرة(6) حتّى كلّمها وقال : يا أُمّي ألقيني في التابوت واقذفيني في اليم ، فقالت - : وهي فزعة من كلامه - : إنّي أخاف عليك الغرق ، فقال لها : لا تخافي ولا تحزني إنّ الله تعالى رادّني إليك.

ثمّ إنّها فعلت ذلك ، فبقي في التابوت واليَمّ إلى أن قذفه اليم إلى الساحل ، لا يطعم طعاماً ولا يشرب شراباً. ة.

ص: 335


1- في الهداية الكبرى : هربت به أُمّه ، وفي المدينة والبحار : هرب به أبوه ، وفي الفضائل : ذهب به أبوه.
2- أثلاث : الثَلَّة التراب الذي يُخرج من حفر البئر. تهذيب اللُّغة 15 : 63 - ثل.
3- في «م» : التراب من رأسه.
4- في «ط» : ويكرّر.
5- سورة الأنعام 6 : 75.
6- في «ط» زيادة : متفكّرة.

وروي : إنّ المدّة كانت سبعين يوماً ، وروي : سنة(1) ، وقال الله تبارك وتعالى في حال طفوليّته : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ)(2).

وهكذا عيسى بن مريم عليه السلام قال الله تعالى : (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي)(3) إلى آخر الآية ، فكلّم أُمّه وقت ولادتها إيّاه وقال لها(4) : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً)(5) الآية ، وقال حين أشارت إليه في قومها : (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَادُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً)(6) فتكلّم عيسى بن مريم عليه السلام وقت ولادته ، وأُوتي الكتاب(7) والنبوّة ، وأُوصي بالصلاة والزكاة لثلاثة أيّام من مولده ، وكلّمهم في اليوم الثاني.

وقد علمتم أنّ الله تبارك وتقدّس خلقني وعليّاً من نور واحد ، وكنّا في صلب(8) آدم نسبّح الله تبارك وتعالى ، ثمّ نقلنا من صلب إلى صلب(9) ، فلم يزل نورنا ينتقل من أصلاب الرجال الطاهرة إلى الأرحام الزكية ».

ص: 336


1- في «ط» : سنة كاملة.
2- سورة طه 20 : 39 - 40.
3- سورة مريم 19 : 24. بدل من : وقال لها.
4- في «م» : وقال الله تعالى.
5- سورة مريم 19 : 26.
6- سورة مريم 19 : 29 - 32.
7- في «ط» زيادة : والحكمة.
8- في «ط» زيادة : أبينا.
9- قوله : (من صلب إلى صلب) لم يرد في «ق ، م».

المطهرة ، يسمع تسبيحنا(1) في الظهور والبطون في كلّ عهد وعصر إلى عبد المطلب(2) ، فإنّ نورنا كان يظهر في ملاحة وجوه آبائنا وأُمّهاتنا(3).

فلمّا افترق نورنا نصفين : نصف في عبد الله(4) ، ونصف في أبي طالب ، وكان يسمع تسبيحنا في ظهورهم ، وكان عمّي وأبي إذا هما جلسا(5) في ملأ من الناس ، أنار نوري في(6) صلب أبي ونور عليّ في(7)صلب أبيه ، إلى أن خرجنا من أصلاب(6) آبائنا وبطون أُمّهاتنا.

ولقد هبط عليَّ أخي جبرئيل عليه السلام وقت ولادة عليّ بن أبي طالب عليه السلام(7) وقال لي : يا محمد ، الحقّ يُقرِئك السلام ويهنّيك بولادة أخيك وابن عمّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ويقول لك : هذا أوان ظهور نبوّتك وإعلان أخيك وابن عمّك(8) ووزيرك وصفوتك وخليفتك ، ومن شددت به أزرك وأعليت(9) به ذكرك.

فقلت له : الحمد لله ، فقمت مبادراً فوجدت فاطمة بنت أسد قد جاءها المخاض وحولها النسوة والقوابل ، فقال لي أخي جبرئيل عليه السلام : ت.

ص: 337


1- في «ق» : الزاكية تسبيحاً. بدل من : الزكية المطهرة يسمع تسبيحنا. وفي «م» لم ترد (المطهرة).
2- في «م» : إلى ظهر عبد المطّلب.
3- في «م» : في ملاحة آبائنا.
4- في «ط» : عبد المطّلب.
5- في «ق ، م» : إذا هم جلسوا. (6 و 7) في «ط»: من.
6- في «ق» : صلب.
7- في «ق» : ولادة عليّ عليه السلام. وقد سقطت من «م».
8- من قوله : (عليّ بن أبي طالب عليه السلام) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».
9- في «ط ، م» : وأعلنت.

سجّف بيننا وبين النساء سجفاً(1) ، فإذا وضعت عليّاً عليه السلام فالتقيه أنت ، ففعلت ما أمرني به جبرئيل عليه السلام وقال : أمدد يدك اليمنى فالتق بها عليّاً فإنّه صاحب اليمين ، فمددت يدي اليمنى نحو أُمّه ، فإذا بعليّ(2) مائل على يدي ، واضعاً يده اليمنى في أُذنه اليمنى يؤذّن ويقيم الحنفية ، ويشهد لله تعالى بالوحدانية ، ويقرّ برسالتي.

ثمّ أثنى فقرأ(3) : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لقد ابتدأ في الصحف الذي أنزل الله تبارك وتعالى على آدم عليه السلام ، وقام بها شيث ابنه ، فتلاها من أوّلها إلى آخرها من أوّل حرف إلى آخر حرف(4) ، حتّى لو حضر شيث عليه السلاملأقرّ له أنّه أحفظ منه ، ثمّ تلا صحف نوح(5) ثمّ صحف إبراهيم ، ثمّ تلا توراة موسى وإنجيل عيسى عليه السلام ، ثمّ قرأ القرآن من أوّله إلى آخره ، فوجدته يحفظه كحفظي له ، من قبل أن يسمع منّي منه حرفاً ولا آية ، ثمّ خاطبني وخاطبته(6) بما خاطب الأنبياء الأوصياء ، ثمّ عاد إلى طفوليّته ، فبماذا تحزنون ، وماذا عليكم من قول أهل الشرك والشكّ.

وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : بالله عليكم تعلمون(7) أنّي أفضل الأنبياء ، ن.

ص: 338


1- في «ق» : ستجيف بيننا وبين النساء سجافاً. وفي «م» : اسجف بيننا وبين النساء سجافاً. والسجف : الستر. المحكم والمحيط الأعظم 7 : 278 - سجف.
2- في «ط» : فإذا بعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
3- قوله : (ثمّ أثنى فقرأ) لم يرد في «ط».
4- قوله : (إلى آخر حرف) لم يرد في «م».
5- قوله : (صحف نوح) لم يرد في «ق ، م».
6- (وخاطبته) لم يرد في «م».
7- في «ط» : ألم تعلمون.

وعليّ عليه السلامأفضل الأوصياء ، وهو وصيّي على المسلمين جميعاً ، وإنّ آدم عليه السلاملمّا رأى اسمي واسم أخي(1) واسم فاطمة ابنتي(2) ، وسبطيّ(3)الحسن والحسين مكتوبة على ساق العرش بالنور ، قال : إلهي هل خلقت خلقاً من قبلي أكرم(4) عليك منّي؟ قال : لا يا آدم ، قال : فما هذه الأسماء(5) التي أراها على ساق العرش مكتوبة؟ قال الله تبارك وتقدّس : يا آدم ، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماءً مبنيّة ، ولا أرضاً مدحيّة ، ولا ملك مقرَّب ، ولا خلقتك أنت(6) يا آدم.

فقال آدم عليه السلام : إلهي وسيّدي(7) فبحقّهم عليك إلاّ ما غفرت لي خطيئتي ، فغفر له(8) ، وكنّا نحن الكلمات(9) التي تلقّاها آدم من ربّه فغفر له ، فقال الله عزّوجلّ : أبشر يا آدم هذه الأسماء(10) من ذرّيتك وولدك ، فحمد الله تعالى آدم وافتخر على الملائكة(11).

فإذا كان هذا من فضل الله ، و (12) فضلنا على الله تبارك وتعالى ، وما ر.

ص: 339


1- في «ط» زيادة : علي بن أبي طالب عليه السلام.
2- في «م» : ابنتي فاطمة.
3- في «ط» : واسما سبطاي.
4- في «ط» : يا إلهي وسيّدي وربّي أخلقت من قبلي خلقاً هو أكرم.
5- في «ط» زيادة : المكرّمة.
6- (أنت) لم ترد في «ق ، م».
7- في «ط» : إلهي وسيّدي وربّي.
8- في «ط» : فغفر الله له.
9- في «ط» : فكنّا نحن والله الكلمات.
10- في «ط» زيادة : المكرّمة.
11- في «ط» زيادة : أجمعين بتلك الفضيلة والسعادة.
12- (فضل الله و) أثبتناه من «ق ، م». والمصدر.

أعطى إبراهيم وموسى وعيسى من الفضل(1) إلاّ أعطانا الله تبارك وتعالى أوفى(2) منه.

فقال سلمان والمقداد وأبو ذرّ ومن معهم(3) : يا رسول الله(4) ، فنحن بحمد الله تعالى(5) الفائزون ، فلك ولأُمّتك خُلقت الجنّة ، ولأعدائك(6) خلقت النار ، فهنيئاً لعليّ(7) بما أعطاه الله تعالى من الفضل والإنعام ، والمزيّة والإكرام ، من الفضائل الجسام ، والمناقب العظام(8)(9).

إنّ هذا لهو الفضل الكبير والرجحان العظيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.ة.

ص: 340


1- في «ط» : وما أعطى إبراهيم الخليل وموسى بن عمران وعيسى بن مريم صلوات الله عليهم أجمعين من الفضل والكرامة.
2- في «ط» : أفضل وأعلى وأكبر. بدل من : أوفى.
3- في «ط» : فقال سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي وأبو ذرّ الغفاري ومن كان معهم من الصحابة.
4- في «ط» زيادة : نفديك بالآباء والأُمّهات.
5- في «ط» زيادة : هم.
6- في «م» : ولأعدائكم.
7- في «ط» : فلك ولأُمّتك المرحومة خُلقت الجنّة والنعيم ، ولأعدائكم أُعدّت النار والعذاب والأليم ، فهنيئاً لمولنا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.
8- في «ق ، م» : بما أعطاه الله من فضله من الفضائل. وفي المصدر إلى قوله : بما أعطاه الله تعالى.
9- مصباح الأنوار : 97 (مخطوط ، مصورة من مكتبة السيّد المرعشي رحمه الله) ، وعنه في مدينة المعاجز 1 : 51/2 ، وأورده باختلاف الخصيبي في الهداية الكبرى : 98 ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 354/153 ، ابن فتّال النيشابوري في روضة الواعظين 1 : 201 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 35 : 19/15 ، عن الفضائل والروضة.

المطلب التاسع

ومن ذلك ما ذكره الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن شاذان ، عن ابن عبّاس ، قال : كنّا جلوساً مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل علينا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : «السلام عليك يا رسول الله» قال : «وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» ، قال عليّ(1) : «وأنت حيّ يا رسول الله!» ، فقال : «نعم ، وأنا حيّ ، وإنّك يا عليّ(2)مررت بنا أمس يومنا(3) وأنا وجبرئيل عليه السلام(4) في حديث ، فقال جبرئيل عليه السلام : ما بال أمير المؤمنين عليه السلاممرّ بنا ولم يسلّم(5) أما والله لو سلّم(6) يسرّنا(7) ورددنا عليه السلام(8) ، فقال عليّ : رأيتك(9) ودحية(10) قد استخليتما في حديث فكرهت أن أقطعه عليكما ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّه لم 6.

ص: 341


1- في «ط» : قال عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وبعد هذه الجملة في بعض المصادر زيادة : تدعوني بأمير المؤمنين.
2- (يا عليّ) أثبتناه من «ق ، م» والمصدر.
3- في «ط» : مررت بنا أمس غد يومنا. وفي «م» : مررت بنا يوماً.
4- في «ط» : زيادة : كنّا.
5- في «ط» زيادة : علينا.
6- قوله : (أما والله لو سلّم) لم ترد في «ق ، م».
7- في «ط ، ق» : يسرّنا ، وما في المتن من «م» ، وفي المصادر : لسررنا.
8- (السلام) أثبتناه من «م».
9- في «ط» : فقال عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه : رأيتك يا رسول الله.
10- هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي القضاعي ، صحأبي مشهور ، أوّل مشاهده الخندق ، وقيل : أُحد ، وكان يُضرب به المثل في حسن الصورة ، وكان جبرئيل عليه السلامينزل على صورته ، بعثه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتابه إلى قيصر. انظر : الإصابة 2 : 161/2386 ، سير أعلام النبلاء 2 : 550/116.

يكن دحية ، وإنّما كان جبرئيل عليه السلام ، فقلت : يا جبرئيل كيف سمّيته أمير المؤمنين؟

فقال : كان الله تعالى أوحى إليَّ(1) في غزوة بدر أن اهبط على محمد(2) ومُره أن يأمر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أن يجول بين الصَفّين ، فإنّ الملائكة يحبّون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصَفّين(3).

فسمّاه الله تبارك وتقدّس من السماء أمير المؤمنين(4) ، فأنت يا عليّ أمير من في السماء ، وأمير من في الأرض ، وأمير من مضى ، وأمير(5) من بقي ، فلا أمير قبلك ولا أمير بعدك ؛ لأنّه لا يجوز أن يسمّى بهذا الاسم(6)من لم يسمّه الله تعالى»(7).

فانظروا يا أُولي العقول والأبصار إلى هذا الحديث ، إذا كان أمير المؤمنين(8) عليّ بن أبي طالب عليه السلام أمير من في السماء وأمير من في ».

ص: 342


1- في «ق» : كان أوحى الله تعالى إليَّ ، وفي «م» : كما أوحى الله إليَّ.
2- في «ط» : أن اهبط على حبيبي محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله).
3- في «ط» : الصفوف.
4- في «م» : بأمير المؤمنين.
5- (أمير) لم يرد في «ق».
6- في «ط» زيادة : إلاّ من سمّاه الله به ، ولا يجوز أن يسمّى بهذا الاسم.
7- مائة منقبة : 77/26 ، بسنده عن سهل بن أحمد بن عبد الله ، عن عليّ بن عبد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر ، عن عبد الله بن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس ، وعنه ابن طاووس في اليقين : 241/ باب 79 ، والبحراني في مدينة المعاجز 1 : 65/14 ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 185/31 ، ابن طاووس في التحصين : 569/ باب 23 عن كتاب نور الهدى ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 37 : 307/36 ، عن اليقين.
8- (أمير المؤمنين) لم يرد في «ق ، م».

الأرض ، وأمير من مضى وأمير من بقي ، فكيف لا يفضّل عليّ(1) على الأنبياء وهو أميرهم ، على مضمون هذه الرواية(2).

وأيضاً من ذلك ما رواه الفقيه أبو الحسن ابن شاذان أيضاً في مناقبه(3) : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه(4) الحسين بن عليّ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فاطمة عليها السلام مهجة(5) قلبي وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري(6) ، والأئمّة من ولده أُمناء ربّي ، وحبله الممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلّف عنه هوى»(7).

فإذا كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام نور بصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والبصر أفضل وأشرف أعضاء الإنسان ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلام أفضل - من غير ة.

ص: 343


1- (عليّ) أثبتناه من «ق ، م».
2- في «ط» زيادة : والله أعلم.
3- في «ق ، م» : وأيضاً من ذلك ما رواه ابن شاذان.
4- في «ق ، م» : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين. وفي المصدر : عن جعفر بن محمد ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن الحسين ....
5- في «ط»: بهجة.
6- في «م» : ولعليّ نور بصري.
7- مائة منقبة : 103/44 ، بسنده : عن الحسن بن حمزة ، عن عليّ بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد بن زياد ، عن جميل بن صالح ... ، وعنه في مقتل الحسين عليه السلامللخوارزمي : 59 ، وأورده شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 417/179 ، ابن طاووس في الطرائف 1 : 169/180 ، عن الزمخشري في المناقب ، ابن جبر في نهج الإيمان : 205 ، العلاّمة الحلّي في نهج الحق وكشف الصدق : 227 ، عن الزمخشري ، النباطي في الصراط المستقيم 2 : 32 ، الشيرازي في الأربعين : 376 ، عن الزمخشري ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 23 : 110/16 ، عن الطرائف ، و 142/95 ، عن الفضائل ، و 29 : 649/68 ، عن نهج الحق للعلاّمة.

النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) - من الأنبياء(1)؟!

وأيضاً من ذلك(2) ما رواه الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن شاذان في مناقبه : بالإسناد عن أبي معاوية(3) قال : قال لي الأعمش : يا أبا معاوية ، ألا أُحدّثك حديثاً(4) لا تختار عليه؟ قلت : بلى فديتك ، قال : حدّثني أبو وائل - ولم يسمعه أحد غيري(5) - عن عبد الله(6) ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - ولم يسمعه أحد منه غيري(7) - : قال لي جبرئيل عليه السلام : يا محمد(8) ، عليّ خير البشر ومن أبي فقد كفر»(9).ن.

ص: 344


1- في «ط» : فإذا كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه نور البصر ، ومعلوم أنّ البصر أفضل وأشرف أعضاء الإنسان ، فكيف لا يكون أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أفضل من جميع الأنبياء ما خلا نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّه عبد من عبيده بقوله عليه السلام.
2- في «ط» : ومن ذلك أيضاً.
3- في «ق ، م» : ما رواه ابن شاذان في مناقبه عن أبي معاوية.
4- في «م» زيادة : عن عبد الله ولم يسمعه أحد غيري.
5- (ولم يسمعه أحد غيري) أثبتناه من «ق» والمصدر. وفي «م» : ولم يسمعه غيري منه.
6- في «ط» : عن أبي عبد الله صلّى الله عليه. وفي «ق» زيادة بعد عبد الله : ولم يسمعه أحد غيري.
7- في «ط» : ولم يسمعه منه أحد غيري. وفي «م» : ولم يسمعه أحد غيري.
8- (يا محمد) أثبتناه من «ق ، م».
9- مائة منقبة : 123/63 ، بسنده عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن الحسن بن أيوب الحافظ ، عن أبي عليّ أحمد بن جعفر الصولي ، عن محمد بن الحسين ، عن حفص بن عمر الكوفي ... ، وعنه في بحار الأنوار 26 : 306/66 ، وأورده الطبري في المسترشد : 279/91 ، الحلّي في المحتضر : 151 ، علماً أنّ للحديث طرقاً متعددة وكثيرة في كتب الطائفتين اخترنا فقط الأحاديث التي أسانيدها توافق سند المتن.

وأيضاً من ذلك ما رواه ابن شهرآشوب في مناقبه : عن رجاله أنّ عليّاً عليه السلام قال : «إنّي كنت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كالعضد من المنكب ، وكالذراع من العضد ، وكالكفّ من الذراع ، ربّاني صغيراً ، وآخاني كبيراً ، ولقد كان لي منه مجلس سرّ ، لا يطّلع عليه أحد إلاّ الله.

أوصى إليَّ دون أصحابه وأهل بيته ، وإنّي سألته مرّة أن يدعو لي بالمغفرة ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفعل ذلك لأجلك(1) يا عليّ ، فقام (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلّى صلاة ، فلمّا فرغ من صلاته رفع يديه بالدعاء فسمعته يقول : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ عليّ عبدك(2) أن تغفر لعليّ(3).

فقلت : يا رسول الله ، ما هذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ أوأجد أكرم(4)منك على الله فأستشفع به إليه؟»(5).

فإذا علم من دعاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه أفضل وأكرم على الله من الأنبياء ، حيث ما دعا له بهم ودعا له به(6).

وأيضاً من ذلك ما روي عن ابن مسعود ، أنّه قال : قلت للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أرني الحق(7) ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ألج المخدع» ، فلمّا دخلت رأيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ساجداً وهو يقول في سجوده : «اللّهمّ إنّي ه.

ص: 345


1- (لأجلك) لم يرد في «م».
2- في المصدر : عندك.
3- في «ط» : أن تغفر لي ولعليّ.
4- في «ط» : يا عليّ هل يوجد أحد أكرم.
5- لم أعثر عليه في المناقب ، بل وجدته في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20 : 315/625 ، وعنه الشيرازي في الأربعين : 59 ، والتستري في إحقاق الحق 7 : 87.
6- في «ق» : ما دعا له به. بدل من : حيث ما دعا له بهم ودعا له به.
7- في التأويل زيادة : انظر إليه عياناً ، وفي الفضائل : لأتّصل إليه ، وفي المدينة عن المناقب الفاخرة : حتّى اتّبعه.

أسألك بحقّ محمد نبيّك أن تغفر لعليّ وليّك» ، فلمّا خرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرأيته ساجداً وهو يقول في سجوده : «اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ(1) عليّ وليّك أن تغفر لمحمّد نبيّك»(2).

وأيضاً من ذلك ما رواه(3) في كتاب «مشارق أنوار اليقين في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام» : عن محمد بن سنان ، عن ابن عبّاس ، قال : كنّا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مرحباً بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف سنة» ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، أكان الابن قبل الأب؟ قال : «نعم ، إنّ الله خلقني وعليّاً من نور واحد قبل خلقه(4) بهذه المدّة ثمّ قسمه نصفين ، ثمّ خلق الأشياء(5)من نوري ونور عليّ ، ثمّ جعلنا عن يمين العرش ، فسبّحنا فسبّحت الملائكة ، وهلّلنا فهلّلت الملائكة ، وكبّرنا فكبّرت الملائكة ، فكلّ من سبّح الله(6) وكبّره فإنّ ذلك من تعليمي وتعليم عليّ عليه السلام»(7).له

ص: 346


1- في «م» : بمحمّد وبحقّ عليّ.
2- لم أعثر على هكذا نصّ ، بل وجدت شبيهه في الفضائل لشاذان بن جبريل : 360/ صدر حديث 154 ، وعنه في البحار 40 : 43/81 ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 610/7 ، وعنه في البحار 36 : 73/24 ، البحراني في مدينة المعاجز 3 : 219/839 ، و 417/948 ، عن المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة للشريف الرضي.
3- في «ق ، م» : ما ذكره.
4- في المصدر : قبل خلق آدم.
5- في «م ، ق» : جميع الأشياء.
6- في «ط» زيادة : وهلّله.
7- مشارق أنوار اليقين : 78 ، وعنه في بحار الأنوار 25 : 24/42 ، وأورده ضمن حديث طويل الديلمي في ارشاد القلوب 2 : 297 ، عن ابن عبّاس في تفسير قوله

فإذا كان كلّ من سبّح الله وكبّر الله(1) وعبد الله - من الأنبياء والملائكة(2) - من تعليم النبيّ(3) وتعليم عليّ عليه السلام ، فكيف لا يكون عليّ أفضل - من غير نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - من الأنبياء ؛ لأنّهما(4) المعلّم.

وروي(5) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «لمّا خلق الله سبحانه وتعالى آدم وحوّاء تبخترا في الجنّة ، فقال آدم لحوّاء : ما خلق الله تعالى خلقاً(6) أحسن منّا ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن ائت بعبديَّ إلى الفردوس الأعلى ، فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك(7) من درانيك الجنّة ، على رأسها تاج من نور ، وفي أُذنيها قرطان من النور ، قد أشرقت الجنان من نور وجهها.

فقال آدم : حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنّة من نور وجهها(8)؟ فقال : هذه فاطمة(9) بنت نبيّ(10) من ولدك يكون في آخر الزمان ، قال : فما هذا التاج الذي على رأسها؟ قال : بعلها عليّ بن ّ.

ص: 347


1- في «ط» : وهلّله وكبّره.
2- قوله : (من الأنبياء والملائكة) لم يرد في «ق ، م».
3- في «ق» : يكون من تعليمي ، وفي «م» : من تعليم رسول الله.
4- في «ط» : لأنّهم.
5- في «ط» : وأيضاً من ذلك ما روي.
6- (خلقاً) لم يرد في «ق ، م».
7- الدرنوك : البساط. وجمعه : درانك. تهذيب اللُّغة 10 : 431 - درنك.
8- من قوله : (فقال آدم) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».
9- الاسم المبارك (فاطمة) أثبتناه من «ق ، م».
10- في «م» : بنت محمد نبييّ.

أبي طالب(1) ، قال : وما القرطان(2)؟ قال : ولديها الحسن والحسين.

قال آدم : حبيبي جبرئيل أَخُلقوا قبلي؟ قال : هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تُخلق أنت بأربعة آلاف سنة(3)»(4).

وأيضاً من ذلك ما ذُكر في بعض كتب المناقب : إنّ صعصعة بن صوحان دخل على(5) أمير المؤمنين عليه السلام - لمّا ضُرِب - وقال : يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر؟ قال عليّ عليه السلام : «تزكية المرء نفسه قبيح ، ولكن قال الله تعالى لآدم : (يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)(6) ، وإنّ كثيراً من الأشياء أباحها الله تعالى عليَّ أنا تركتها وما قاربتها»(7).

ثمّ قال : أنت أفضل يا أمير المؤمنين أم نوح؟ خ.

ص: 348


1- في «م» : لعليّ بن أبي طالب.
2- في «م» : وما هذا القرطان.
3- في «م» : قبل أن تخلق بأربعين ألف سنة.
4- أورده الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام : 65 - 66 ، وفيه : قبل أن أخلقكما بألفي عام. الإربلي في كشف الغمّة 2 : 158 ، عن ابن خالويه في كتاب الآل ، وعنه بحار الأنوار 43 : 52 ، الحلّي في المحتضر : 13 ، وعنه في بحار الأنوار 25 : 5/8 ، البياضي في الصراط المستقيم 1 : 209.
5- في «ط» : العبدي جاء إلى. بدل من : دخل على.
6- سورة البقرة 2 : 35.
7- في «ط» : وأنا كثيراً ما من الأشياء أباحه الله تعالى عليَّ ولكن أنا تركتها وما قاربتها. وفي «ق» : وأنا كثير من الأشياء أباحه الله تعالى عليَّ أنا تركتها وما قاربتها. وفي «م» : وإنّ كثيراً من الأشياء أباحها الله تعالى وأنا تركتها. وما في المتن تلفيق من النسخ.

قال عليه السلام : «إنّ نوحاً دعا على قومه ، وأنا ما دعوت على(1) ظالمي حقّي ، وابن نوح كان كافراً ، وابناي سيّدا شباب أهل الجنّة».

ثمّ قال : أنت أفضل أم موسى؟

قال عليه السلام : «إنّ الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون ، فقال : (أَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(2) ، حتّى قال الله تعالى : (لاَتَخَفْ إِنِّي لاَيَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)(3) ، وقال : (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(4)(5) ، وأنا(6) ما خفت حين أرسلني رسول الله بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم(7) ، مع أنّي كنت قتلت كثيراً من صناديد قريش ، فذهبت بها إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم».

ثمّ قال : أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟

قال عليه السلام : «عيسى كانت أُمّه(8) في بيت المقدس ، فلمّا حان وقت ولادتها سمعت قائلاً يقول لها(9) : اخرجي فإنّ هذا(10) بيت عبادة لا بيت ولادة ، وأنا أُمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب وضع حملها كانت في الحرم ، ت.

ص: 349


1- (على) أثبتناها من «م».
2- سورة الشعراء 26 : 14.
3- سورة النمل 27 : 10.
4- سورة القصص 28 : 33.
5- من قوله : (حتّى قال الله تعالى) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».
6- في «ط» زيادة : (ما خفت حين بتّ في فراش رسول الله ليلة الغار و).
7- في «م» : في موسم الحجّ.
8- في «م» : أُمّه كانت. بدون اسم (عيسى).
9- (لها) أثبتناها من «ق ، م».
10- في «ط» زيادة : البيت.

فانشق حائط الكعبة وسمعت قائلاً يقول لها(1) : ادخلي فدخلت في وسط البيت ، وأنا ولدت فيه ، وليس لأحد هذه الفضيلة غيري ، لا قبلي ولا بعدي»(2).

فإذا كان هذا حال عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الولادة وذاك حال عيسى عليه السلام في الولادة ، فانظروا واعتبروا يا أُولي الأبصار(3).».

ص: 350


1- (لها) أثبتناها من «ق ، م».
2- لم أعثر عليه في مصادر المتقدّمين ، بل وجدته في الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري 1 : 27 - 29 ، واللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها السلام للتبريزي : 220 ، وكلاهما عن كتاب المناقب.
3- (يا أُولي الأبصار) لم يرد في «ق».

المطلب العاشر(1)

أيضاً من ذلك ما روى بعض علمائنا الإمامية في كتاب له سمّاه : «منهج التحقيق إلى سواء الطريق» بالإسناد المتّصل عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، قال : كنّا جلوساً مع أمير المؤمنين عليه السلام بمنزله - لمّا بويع عمر بن الخطّاب - قال : كنت أنا والحسن والحسين عليهما السلام ومحمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر والمقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنهم ، فقال له ابنه الحسن عليه السلام : «يا أمير المؤمنين ، إنّ سليمان بن داوُد سأل ربّه مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، فهل ملكت أنت ممّا ملك سليمان بن داوُد؟».

فقال عليه السلام : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّ سليمان بن داوُد سأل الله عزّوجلّ الملك فأعطاه ، وإنّ أباك ملك ما لم يملكه - بعد جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - أحد قبله ولا يملكه أحد بعده».

فقال الحسن عليه السلام : «نريد أن ترينا ممّا فضّلك الله تعالى به من الكرامة».

فقال عليه السلام : «أفعل إن شاء الله تعالى ، فقام أمير المؤمنين عليه السلام ، فتوضّأ وصلّى ركعتين ودعا الله عزّوجلّ بدعوات لم يفهمها أحد ، ثمّ أومأ بيده إلى جانب(2) المغرب ، فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة بيضاء(3) فوقفت على الدار ، وإذا بجانبها سحابة أُخرى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيّتها ر.

ص: 351


1- هذا المطلب إلى آخره لم يرد في «ق ، م».
2- في حاشية «ط» في نسخة : جهة. وكذلك المصادر.
3- (بيضاء) لم ترد في المصادر.

السحابة اهبطي بإذن الله تعالى ، فهبطت وهي تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله وأنّك خليفته ووصيّه ، من شكّ فيك فقد هلك ، ومن تمسّك بك سلك(1) سبيل النجاة.

قال : ثمّ انبسطت السحابة إلى الأرض كأنّها بساط موضوع.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اجلسوا على الغمامة ، فجلسنا وأخذنا مواضعنا ، فأشار إلى السحابة الاُخرى فهبطت وهي تقول كمقالة(2) الأولى ، فجلس أمير المؤمنين عليها(3) ، ثمّ تكلّم بكلام وأشار إليها بالمسير نحو المغرب ، وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتهما رفعاً رقيقاً ، فتأمّلت(4) نحو أمير المؤمنين عليه السلام وإذا به على كرسيّ والنور يسطع من وجهه يكاد يخطف الأبصار».

فقال الحسن عليه السلام : «يا أمير المؤمنين ، إنّ سليمان بن داوُد كان مطاعاً بخاتمه ، وأمير المؤمنين عليه السلام بماذا يطاع(5)؟».

فقال : «أنا عين الله في أرضه ، أنا لسانه(6) الناطق في خلقه ، أنا نور الله الذي لا يُطفى ، أنا باب الله الذي يؤتى منه وحجّته على عباده ، ثمّ قال : أتحبّون أن أُريكم خاتم سليمان بن داوُد؟ قلنا : نعم ، فأدخل يده في جيبه فأخرج خاتماً من ذهب فصّه من ياقوتة حمراء ، مكتوب عليه : «محمد وعليّ». ه.

ص: 352


1- قوله : (ومن تمسّك بك سلك) أثبتناه من المصادر.
2- في «ط» : كما قاله. وما في المتن من نسخة في حاشية «ط» والمصادر.
3- في المصدر زيادة : منفرداً ، وفي البحار عن المحتضر : مفرده.
4- في «ط» ومدينة المعاجز : فتمايلت. وما في المتن من المحتضر والبحار.
5- في المحتضر : مطاع.
6- في المحتضر : لسان الله.

قال سلمان : فتعجبّنا من ذلك ، فقال عليه السلام : «من أيّ شيء(1)تعجبون؟ وما العجب من مثلي ، أنا أُريكم اليوم ما لم تروه أبداً».

فقال الحسن عليه السلام : «أُريد أن تريني يأجوج ومأجوج والسدّ الذي بيننا وبينهم» ، فسارت الريح تحت السحاب(2) فسمعنا لها دويّاً كدويّ الرعد ، وعلت في الهواء وأمير المؤمنين يقدمنا حتّى انتهينا إلى جبل شامخ في العلوّ ، وإذا شجرة جافّة قد تساقطت أوراقها وجفّت أغصانها.

فقال الحسن عليه السلام : «ما بال هذه الشجرة قد يبست؟ فقال عليه السلام : سلها فإنّها تجيبك ، فقال الحسن عليه السلام : أيّتها الشجرة ما لك قد حدث بك ما نراه من الجفاف؟» فلم تجبه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «بحقي عليك(3) إلاّ ما أجبته».

قال الراوي : والله لقد سمعتها تقول : لبّيك لبّيك يا وصيّ رسول الله وخليفته ، ثمّ قالت : يا أبا محمد(4) : إنّ أمير المؤمنين كان يجيئني في كلّ ليلة وقت السحر ويصلّي عندي ركعتين ويُكثر من التسبيح ، فإذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء ينفح منها رائحة(5) المسك ، وعليها كرسيّ فيجلس عليه فتسير به ، وكنت أعيش بمجلسه وبركته(6) ، فانقطع عنّي منذ أربعين يوماً فهذا سبب ما تراه منّي.

فقام أمير المؤمنين عليه السلام وصلّى ركعتين ومسح بكفّه عليها فاخضرّت ه.

ص: 353


1- (شيء) أثبتناه من المصادر.
2- في المحتضر : فسارت السحابة فوق الريح.
3- (بحقي عليك) أثبتناه من المحتضر والبحار.
4- (يا أبا محمد) أثبتناه من المحتضر والبحار.
5- في المحتضر والبحار : ريح.
6- في المحتضر والبحار : وكنت أعيش ببركته.

وعادت إلى(1) حالها ، وأمر الريح فسارت بنا وإذا نحن بملك يده بالمغرب وأُخرى بالمشرق ، فلمّا نظر الملك إلى أمير المؤمنين قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد أنّك وصيّه وخليفته حقّاً وصدقاً.

فقلت : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي يده في المغرب ويده الأُخرى في المشرق؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «هذا الملك الذي وكّله الله بظلمة الليل وضوء النهار ولا يزوله(2) إلى يوم القيامة ، وإنّ الله تعالى جعل أمر الدنيا إليَّ ، وإنّ أعمال العباد تعرض عليَّ في كلّ يوم ، ثمّ ترفع إلى الله تعالى.

ثمّ سرنا حتّى وقفنا على سدّ يأجوج ومأجوج ، فقال أمير المؤمنين عليه السلامللريح : «اهبطي بنا ممّا يلي هذا الجبل» وأشار إلى جبل شامخ في العلوّ - وهو جبل الخضر - فنظرنا إلى السدّ وإذا ارتفاعه مدّ(3)البصر ، وهو أسود كقطعة الليل الدامس(4) ، يخرج من أرجائه الدخان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «يا أبا محمد ، أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد» ، قال سلمان : فرأيت أصنافاً ثلاثة طول أحدهم مائة وعشرون ذراعاً ، والثاني طول كلّ واحد ستّون ذراعاً ، والثالث يفرش إحدى أُذنيه س.

ص: 354


1- في «ط» : على ، وما في المتن من المحتضر والبحار.
2- في المحتضر : بالليل والنهار فلا يزول ، وفي البحار : بظلمة الليل والنهار لا يزول.
3- في «ط» ما يحدّ ، وما في المتن من المحتضر والبحار ، وهو أقرب للسياق.
4- الدامس : أدمس الظلام وأدمس ، إذا اشتدّ ظلامه. تهذيب اللُّغة 12 : 379 - دمس.

تحته والأُخرى يلتحف بها.

ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف ، فانتهينا إليه وإذا هو من زمرّدة خضراء وعليها ملك على صورة النسر ، ثمّ نظر إلى أمير المؤمنين ، قال الملك : السلام عليك يا وصيّ رسول ربّ العالمين وخليفته(1) ، أتأذن لي في الردّ(2) ، فردّ عليه السلام وقال : «إن شئت تكلّم وإن شئت أخبرتك عمّا تسألني عنه» ، فقال الملك : بل تقول أنت(3) يا أمير المؤمنين.

فقال : «تريد أن آذن لك أن تزور الخضر عليه السلام» فقال : نعم ، فقال عليه السلام : «قد أذنت لك ، فأسرع الملك بعد أن قال : بسم الله الرحمن الرحيم.

ثمّ قال : فمشينا إلى(4) الجبل هنيئة فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر ، فقال سلمان : يا أمير المؤمنين رأيت الملك ما زار الخضر إلاّ حين أخذ إذنك(5) ، فقال عليه السلام : «يا سلمان(6) والذي رفع السماء بغير عمد ، لو أنّ أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نَفَس واحد لما زال حتّى آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم». ر.

ص: 355


1- في المحتضر والبحار : يا وصيّ رسول الله وخليفته.
2- في المحتضر والبحار : الكلام. بدل من : الردّ.
3- (أنت) أثبتناها من المحتضر والبحار.
4- في المحتضر : ثمّ مشينا على ، وفي البحار : ثمّ تمشينا على. بدل من : ثمّ قال فمشينا إلى.
5- في المحتضر : ما زار حتّى أخذ الإذن.
6- (يا سلمان) أثبتناه من المحتضر.

فقلنا : ما اسم الملك الموكّل بقاف؟

فقال عليه السلام : «ترحائيل»(1) فقلنا(2) : يا أمير المؤمنين ، كيف تأتي كلّ ليلة إلى هذا الموضع وتعود؟ فقال عليه السلام : «كما أتيت بكم ، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّي لأملك من(3) ملكوت السماوات والأرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جَنانكم(4) ، إنّ اسم الله الأعظم اثنان وسبعون حرفاً ، وكان لآصف(5) بن برخيا حرف واحد فتكلّم به ، فخسف الله تعالى الأرض ما بينه وبين عرش بلقيس حتّى تناول السرير ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرف النظر ، وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، عرفنا من عرفنا ، وأنكرنا من أنكرنا».

ثمّ قام عليه السلام وقمنا وإذا نحن بشاب في الجبل يصلّي بين قبرين ، فقلنا : يا أمير المؤمنين من هذا الشاب؟

فقال عليه السلام : «صالح النبيّ عليه السلام ، وهذان القبران لاُمّه وأبيه ، وإنّه يعبد الله بينهما ، فلمّا نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتّى بكى وأومأ بيده إلى أمير المؤمنين ، ثمّ عاد إلى صلاته(6) وهو يبكي ، فوقف أمير المؤمنين عليه السلامعنده حتّى فرغ من صلاته ، فقلنا له : ممّ بكاؤك(7)؟ فقال ك.

ص: 356


1- في المحتضر : برجائيل ، وفي البحار : ترجائيل.
2- في «ط» : فقال ، وما في المتن من المحتضر والبحار.
3- (من) أثبتناها من المحتضر والبحار.
4- الجنان : القلب. المحكم والمحيط الأعظم 7 : 212 - جنن.
5- في المحتضر والبحار : إنّ اسم الله الأعظم على اثنين وسبعين حرفاً وكان عند آصف ....
6- في المحتضر والبحار : ثمّ أعادها إلى صدره.
7- في المحتضر والبحار : ما بكاؤك.

صالح : إنّ أمير المؤمنين عليه السلامكان يمرّ بي عند كلّ غداة ، فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه ، فقطع ذلك منذ عشرة أيّام فأقلقني ذلك» فتعجّبنا من ذلك.

فقال عليه السلام : «أتريدون أن أُريكم سليمان بن داوُد؟» فقلنا : نعم ، فقام ونحن معه ، فدخل بنا بستاناً ما رأينا أحسن منه ، وفيه جميع الفواكه والأعناب ، وأنهار تجري والأطيار يتجاوبن على الأشجار ، فحين رأته الأطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان ، وإذا سرير عليه شاب ، ملقى على ظهره ، واضع يده على صدره ، فأخرج أمير المؤمنين الخاتم من جيبه وجعله في اصبع سليمان عليه السلام ، فنهض قائماً وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ووصيّ رسول ربّ العالمين ، أنت والله الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، قد أفلح من تمسّك بك ، وقد خاب وخسر من تخلّف عنك ، وإنّي سألت الله عزّوجلّ بكم أهل البيت فاُعطيت ذلك الملك».

قال سلمان : فلمّا سمعنا كلام سليمان بن داوُد لم أتمالك نفسي حتّى وقعت على أقدام أمير المؤمنين أُقبّلها ، وحمدت الله تعالى على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفعل أصحأبي كما فعلت.

ثمّ سألت أمير المؤمنين : ما وراء قاف؟ قال : «وراءه ما لا يصل إليكم علمه» ، فقلت(1) : أتعلم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام : «علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها ، وإنّي الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك الأوصياء من ولدي من بعدي». ا.

ص: 357


1- في المحتضر والبحار : فقلنا.

ثمّ قال عليه السلام : «إنّي لأعَرف بطرق السماوات من طرق الأرض ، نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سُئل الله تعالى بها أجاب ، نحن الأسماء المكتوبة على(1) العرش ، ولأجلنا خلق الله عزّوجلّ السماء والأرض والعرش(2) والكرسي والجنّة والنار ، ومنّا تعلّمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقّى آدم من ربّه فتاب عليه».

ثمّ قال عليه السلام : «أتريدون أن أُريكم عجباً؟» ، قلنا : نعم ، قال : «غضّوا أعينكم» ، ففعلنا ، ثمّ قال عليه السلام : «افتحوها» ، ففتحناها فإذا نحن بمدينة ما رأينا أكبر منها ، الأسواق فيها قائمة ، وفيها أُناس ما رأينا أعظم من خلقهم ، على طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين من هؤلاء؟ قال : «بقيّة قوم عاد ، كفّار لا يؤمنون بالله تعالى أحببت أن أُريكم إيّاهم ، وهذه المدينة وأهلها أُريد أن أُهلكهم وهم لا يشعرون» ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حجّة! قال : «لا ، بل بحجّة عليهم» ، فدنا منهم وتراءى لهم ، فهمّوا أن يقتلوه ونحن نراهم وهم يرونه(3) ، ثمّ تباعد عنهم ودنا منّا ثمّ مسح بيده على صدورنا(4) ، وصعق بهم صعقة.

قال سلمان : لقد ظنّنا أنّ الأرض قد انقلبت والسماء قد سقطت ، وأنّ الصواعق من فِيه قد خرجت ، فلم يبق منهم في تلك الساعة أحد ، قلنا : م.

ص: 358


1- في «ط» : تحت ، وما في المتن من المحتضر والبحار.
2- قوله : (ولأجلنا خلق الله عزّوجلّ السماء والأرض والعرش) أثبتناه من المحتضر والبحار.
3- في المحتضر : وهم لا يروننا ، وفي البحار : وهم يرون.
4- في المحتضر والبحار زيادة : وأبداننا وتكلّم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتى صار بإزائهم.

يا أمير المؤمنين ، ما صنع الله بهم؟ قال عليه السلام : «هلكوا وصاروا كلّهم في(1)النار» ، قلنا : هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا بمثله.

فقال عليه السلام : «أتريدون أن أُريكم أعجب من ذلك؟» ، قلنا : لا نُطيق - بأسرنا - على احتمال شيء آخر ، فعلى من لا يتولاّك ولا يؤمن بفضلك وعظيم قدرك عند الله تعالى لعنة الله ولعنة اللاعنين والناس والملائكة أجمعين إلى يوم الدين.

ثمّ سألناه الرجوع إلى أوطاننا ، فقال : «أفعل ذلك إن شاء الله تعالى» ، وأشار إلى السحابتين فدنتا منّا ، فقال عليه السلام : «خذوا مواضعكم» ، فجلسنا على سحابة وجلس عليه السلام على الأُخرى ، وأمر الريح فحملتنا حتّى صرنا في الجو ، حتّى رأينا الأرض كالدرهم ، ثمّ حطّتنا في دار أمير المؤمنين عليه السلام في أقل من طرف النظر ، وكان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر والمؤذّن يؤذّن ، وكان خروجنا منها وقت علت الشمس ، فقلنا : يا لله العجب كنّا في جبل قاف مسيرة خمس سنين وعُدنا في خمس ساعات من النهار!

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «لو أنّني أردت أن أخرق(2) الدنيا بأسرها والسماوات السبع وأرجع في أقل من الطرف لفعلت ، بما عندي من اسم الله الأعظم».

فقلنا : يا أمير المؤمنين أنت والله الآية العظمى ، والمعجز الباهر(3)بعد أخيك وابن عمّك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(4). ،

ص: 359


1- في المحتضر والبحار : إلى.
2- في البحار : أجوب.
3- في «ط» : المعجزات الباهرة. وما في المتن من المحتضر والبحار.
4- أورده الحلّي في المحتضر : 71 - 76 ، وعنه في بحار الأنوار 27 : 33/5 ،

أقول : ومن تأمّل وتعمّق وأخذ بجوامع مجامع هذا الحديث الشريف ، تيقّن وتقرّ عيناه بأفضلية مولانا أمير المؤمنين على جميع الأنبياء والمرسلين ما خلا نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).».

ص: 360


1- إلى هنا انتهى ما سقط من «ق ، م».

المطلب الحادي عشر(1)

أيضاً من ذلك ما رواه ابن شيرويه الديلمي(2) في كتاب «الفردوس» قال : حدّثنا عبد الرزاق ، حدّثنا معمّر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : لمّا قتل(3) عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبد ود(4) ، ودخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيفه يقطر دماً ، فلمّا رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كبّر وكبّر المسلمون.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «اللّهمّ اعط عليّاً فضيلة لم تعطها أحداً قبله ، ولا تعطها أحداً بعده».

فهبط جبرئيل ومعه أُترجة من الجنّة(5) ، فقال له : إنّ الله عزّوجلّ يقرأ عليك السلام(6) ، ويقول لك : حيِّ بهذه عليّ بن أبي طالب ، فدفعها إليه(7)فانفلقت في يده فلقتين ، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة(8) :

«تحية من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب»(9). 04

ص: 361


1- في «ق ، م» : المطلب العاشر.
2- (الديلمي) لم يرد في «ط».
3- في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.
4- في «م» زيادة : العامري.
5- في «م» : من أُترج الجنّة.
6- في «م» : يقرئك السلام.
7- في «م» : فدفعتها إليه.
8- في كفاية الطالب : بصفرة.
9- لم نعثر عليه في فردوس الأخبار ، بل أورده الخوارزمي في المناقب : 170/204

وأيضاً من ذلك ما رواه صاحب «مصباح الأنوار» : عن العلاء بن الحسن الهمداني ، قال : حدّثنا أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد(1) سئل : بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ فقال : «خاطبني ربّي(2) بلغة عليّ بن أبي طالب ، فألهمني ربّي أن قلت : أنت خاطبتني(3) أم عليّ؟ فقال : يا أحمد(4) ، أنا شيء لا كالأشياء(5) ، لا أُقاس بالناس ، ولا أُوصف بالشبهات ، خلقتك من نوري ، وخلقت عليّاً من نورك ، فاطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك(6) أحبّ إليك من عليّ بن أبي طالب ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك(7)»(8). ط.

ص: 362


1- (وقد) أثبتناها من «م».
2- من قوله : (بأيّ لغة خاطبك) إلى هنا لم يرد في «م» ، وكلمة (ربّي) لم ترد في «ق».
3- في «ق ، م» : تخاطبني.
4- في «ط» : يا محمد.
5- في «ق» : ليس كالأشياء.
6- في «ق» : إلى قلبك ، وفي «م» : على قلبك.
7- في «ط» : كيما تطمئن. وفي «ق» : كما يطمئن قلبك.
8- مصباح الأنوار : مخطوط.

فانظروا(1) يا أُولي الأبصار والعقول كلّم الله موسى عليه السلام على ذروة جبل ، وكلّم الله محمداً فوق العرش بلغة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، أين الثرى من(2) الثريا.

وأيضاً من ذلك ما رواه الفقيه أبو الحسن(3) بن شاذان في «مناقبه» : عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لمّا عُرج بي إلى السماء ، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء(4) الرابعة فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر ، فقال لي جبرئيل : يا محمد ، هذا هو البيت المعمور ، خلقه الله تعالى قبل خلق السماوات والأرضين بخمسين ألف عام ، قم يا محمد فصلّ إليه.

قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : وجمع الله النبيّين لي(5) فصفَّهم جبرئيل ورائي صفّاً ، فصلّيت بهم ، فلمّا سلّمت أتاني آت من عند ربّي ، فقال لي : يا ي.

ص: 363


1- في «ق ، م» : انظروا.
2- في «ق» : إلى ، وفي «م» : وأين.
3- (أبو الحسن) لم يرد في «ق ، م».
4- قوله : (انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء) لم يرد في «ط».
5- في «ق ، م» : لي النبيّين. وفي المائة منقبة : ثمّ أمر الله تعالى حتّى اجتمع جميع الرسل والأنبياء. بدل من : وجمع الله النبيّين لي.

محمد ، ربّك يقرئك السلام ويقول لك : سل الرسل على ماذا أُرسلتم من قبلي ، فقلت : معاشر الأنبياء على ما بعثكم ربّي من قبلي؟

فقالت الرسل : على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو قوله تعالى : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ)(1)»(2).

وكيف لا يكون عليّ بن أبي طالب أفضل منهم ؛ لأنّهم مبعوثون بنبوّة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام(3).

وأيضاً من ذلك : ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلامأنّه(4) قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة عليها السلام : يا بُنية(5) إنّ الله تعالى أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع ثانية(6) فاختار زوجك(7) على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع ثالثة(8) فاختاركِ على نساء العالمين ، ثمّ اطّلع رابعة فاختار ابنيك على شباب العالمين»(9). ط.

ص: 364


1- سورة الزخرف 43 : 45.
2- مائة منقبة : 143/82 ، عنه في البحار 26 : 307/69 ، وأورده ابن جبر في نهج الإيمان : 505 ، من دون ذكر الآية ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 563/ 30 ، عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، وكذلك المجلسي في بحار الأنوار 36 : 155.
3- من قوله : (منهم ؛ لأنّهم) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».
4- (عليّ بن أبي طالب أنّه) لم يرد في «ق ، م».
5- في «ط» : يا ابنتي ، وفي «ق ، م» : يا بنيّ ، وما في المتن من كشف الغمّة.
6- في «ق ، م» : ثانياً.
7- في «ق» زيادة : عليّ بن أبي طالب.
8- في «ق ، م» : ثالثاً.
9- أورده الإربلي في كشف الغمّة 2 : 174. وقد ورد الحديث في عدّة مصادر لكن بألفاظ قريبة من هذا اللفظ اخترنا المطابق للمتن فقط.

وروي في معنى قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ)(1) ، قال : سأله بحقّ محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلامإلاّ تبت عليَّ ، فتاب الله عليه(2).

وأيضاً من ذلك ما ذكره عليّ بن عيسى الإربلي في كتاب «كشف الغمّة في مناقب الأئمّة» : عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد(3) عليه السلام : «إنّ امرأة من الجنّ(4) يقال لها : عفراء ، كانت تتردد(5) إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فتسمع من كلامه ، فتأتي صالحي(6) الجنّ فيُسلمون على يديها ، وقد فقدها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيّاماً فسأل جبرئيل عليه السلام عنها ، فقال : إنّها زارت أُختاً لها في الله ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : طوبى للمتحابّين في الله(7) ، إنّ الله تبارك وتعالى خلق في الجنّة عموداً من ياقوتة حمراء(8) ، عليه سبعون ألف قصر ، في ر.

ص: 365


1- سورة البقرة 2 : 37.
2- أورده الكليني في الكافي 8 : 305/ ذيل حديث 472 ، عن أحدهما عليهما السلام ، الصدوق في الأمالي : 134/2 ، والخصال : 270/8 ، ومعاني الأخبار : 125/1 ، المفيد الخزاعي في الأربعين : 16/17 ، ابن الفتال النيشابوري في روضة الواعظين 1 : 359/4 ، ابن المغازلي في المناقب : 63/89 ، ابن البطريق في العمدة : 379/745 ، وخصائص الوحي المبين : 130/72 ، ابن طاووس في الطرائف 1 : 158/166 ، الإربلي في كشف الغمّة 2 : 175 ، الشيرازي في الأربعين : 451 - 452 ، وفي الكلّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعن ابن عبّاس ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
3- في «ط» زيادة : الصادق.
4- في «ط» زيادة : كانت ، وفي «ق» : كان.
5- في المصدر : تنتاب.
6- في «ط» : يوماً لحيّ من. بدل من : صالحي.
7- في «م» : زيادة : فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
8- في «م» : ياقوت أحمر.

كلّ قصر سبعون(1) ألف غرفة ، خلقها الله تعالى للمتحابّين في الله والمتزاورين في الله(2).

فلمّا رجعت وأتت إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال لها : يا عفراء ، أي شيء رأيت(3)؟ قالت : رأيت عجائب كثيرة ، قال : فأعجب ما رأيت؟

قالت : رأيت إبليس في البحر الأخضر على صخرة بيضاء ، مادّاً يديه إلى السماء وهو يقول : إلهي(4) ، إذا بررت قَسَمَك وأدخلتني نار جهنّم فأسألك بحقّ محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ خلّصتني منها وحشرتني معهم.

فقلت : يا أبا الحارث(5) ما هذه الأسماء(6) التي تدعو بها؟ فقال لي : رأيتها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بسبعة آلاف سنة ، فعلمت(7) أنّهم أكرم خلق الله(8) ، فأنا أسأله بحقّهم.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو أقسم(9) أهل الأرض على الله بهذه الأسماءم.

ص: 366


1- (سبعون) لم ترد في «م».
2- في «ق» : خلقها للمتحابين والمتزاورين في الله ، وقوله : (والمتزاورين في الله) لم يرد في «م» والمصدر.
3- في «ط» زيادة : عجيباً ، وفي «ق» : عجباً ، وفي «م» : عجائب.
4- في «ط» زيادة : وسيّدي ومولاي وربّي.
5- في «ق» : يا رب ، وفي «م» : يا حارث.
6- في «م» : ما هذا الدعاء.
7- في «م» : فقلت.
8- في المصدر زيادة : على الله.
9- في المصدر : والله لو أقسم.

لأجابهم الله تعالى»(1)(2).

أقول : انظروا يا أهل(3) الألباب والبصائر لو علم المنحوس إبليس أنّ أحداً أفضل وأكرم على الله تعالى من هؤلاء ؛ لكان سأل الله بهم ، وما سأل الله تعالى بمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين. ي.

ص: 367


1- كشف الغمّة 2 : 175 ، وعنه في بحار الأنوار : 94 : 20/15 ، ومستدرك الوسائل 5 : 232/9 ، وأورده الصدوق في الخصال : 638/13 ، الفتال النيشابوري في روضة الواعظين 2 : 349/3 ، إلى قوله : والمتزاورين ، ونقله البحراني في مدينة المعاجز 1 : 126/72 ، عن ابن شهرآشوب ، ولم نعثر عليه فيه ، والحويزي في تفسير الثقلين 5 : 20/34 ، عن روضة الواعظين.
2- في «ط» زيادة : فأسألك اللّهمّ بحقّ محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليك ، وبحقّك عليهم أن ترزقني المجاورة عند قبر الحسين وتخلّصني من التبريز وأهلها. وهذه التعليقة خاصّة للناسخ حيث قال في أحد المواضع : إنّي كتبت هذه النسخة لي خاصة. ولم ترد التعليقة في «ق ، م».
3- في «م» : يا أُولي.

المطلب الثاني عشر(1)

ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن شيرويه الديلمي(2) في كتاب «الفردوس» من باب العين : عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي(3) مثل رأسي من بدني»(4) ، وزاد في رواية أُخرى : «بل مثل عيني من رأسي»(5).

ولا شكّ أنّ الرأس أفضل وأشرف من أعضاء البدن ، وكذلك العين أفضل من أجزاء الرأس ، وإذا كان عليّ عليه السلام أفضل وأشرف(6) من أعضاء النبيّ ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من جميع الأنبياء ، فكيف لا يكون عليّ عليه السلامأفضل من الأنبياء عليهم السلام(7)! ».

ص: 368


1- في «ق ، م» : المطلب الحادي عشر.
2- في «ق ، م» : ذُكر. بدل من هذه الجملة في المتن.
3- (منّي) أثبتناها من المصدر. وتؤيّده جميع المصادر أدناه.
4- الفردوس بمأثور الخطاب 3 : 62/4174 ، وأورده الطوسي في الأمالي : 353/72 ، ابن شهرآشوب في المناقب 2 : 246 ، ابن البطريق في العمدة : 296/491 ، ابن طاووس في الطرائف 1 : 104/76 ، ابن جبر في نهج الإيمان : 351 و 480 ، الإربلي في كشف الغمّة 1 : 517 ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : 281 ، الحلّي في المحتضر : 98 ، البياضي العاملي في الصراط المستقيم 1 : 252 و 2 : 58 ، الشيرازي في الأربعين : 57 و 75 ، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7 : 12 ، ابن المغازلي في المناقب : 92/135 ، الخوارزمي في المناقب : 144/167 ، السيوطي في الجامع الصغير 2 : 177/5596 ، المتّقي الهندي في كنز العمّال 11 : 603/32914. وفي بعض المصادر : عليّ منّي بمنزلة رأسي من بدني.
5- لم نعثر على هذا النصّ في المصادر.
6- (وأشرف) لم يرد في «ط».
7- قوله : (فكيف لا يكون عليّ عليه السلام أفضل من الأنبياء عليهم السلام) لم يرد في «ق».

وأيضاً من ذلك ما رواه في «مصباح الأنوار»(1) : عن سعيد بن منصور ، قال : حدّثنا الدراوردي(2) ، عن العلاء بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن عبد خير ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال : «أُهدي إلى النبيّ قنو (3) موز ، فجعل يقشّر الموز(4) ويجعلها في فمي ، فقال له قائل : يا رسول الله ، إنّك تحبّ عليّاً؟ قال : أوما علمت أنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ ، حيث أكون يكون ، وحيث يكون أكون»(5).

وفي الكتاب المذكور : روى سويد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن سليم الطائفي(6) ، عن الأزور بن غالب ، عن سليمان التيمي(7) ، عن 4.

ص: 369


1- في «ق ، م» : وفي مصباح الأنوار.
2- في نسخة «م ، ق ، ط» : الورداري ، وما في المتن أثبتناه من المصادر ، وهو الموافق للكتب الرجالية ، وهو : عبد العزيز بن محمد بن عبيد ، أبو محمد المدني ، ودراورد قرية في خراسان. انظر : تهذيب التهذيب 6 : 315/680 ، ميزان الاعتدال 4 : 371/5130 ، سير أعلام النبلاء 8 : 366/107.
3- القنو : العذق. والجمع : القنوان والأقناء. الصحاح 6 : 2468 - قنا.
4- في «م» : الموزة.
5- مصباح الأنوار : مخطوط ، أورده الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام : 36 ، والمناقب : 64/33 ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة 1 : 194 ، ابن جبر في نهج الإيمان : 480 ، ابن شهرآشوب في المناقب 2 : 250 ، المجلسي في بحار الأنوار 38 : 298 ، و 39 : 275. وقوله : (حيث أكون يكون وحيث يكون أكون) لم يرد في المصادر.
6- في «ط» : يحيى بن شكيم الطائفي. وما في المتن من «ق ، م» ، وهو الموافق للكتب الرجالية. انظر تهذيب التهذيب 11 : 198/367 ، سير أعلام النبلاء 9 : 307/92.
7- في «ط» : الأوذر ، وفي «ق» : الأوز ، وفي «م» : الأزور ، وما في المتن أثبتناه من المسترشد ، وهو الموافق للمصادر الرجالية. وهو الراوي عن سليمان التيمي. انظر ميزان الاعتدال 1 : 322/701 ، الجَرح والتعديل 2 : 336/1274.

أبي مجلز ، عن عبد الله(1) ، قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكفّه في كفّ عليّ ، وهو يقبّله ، فقلت له : يا رسول الله ما منزلة عليّ منك؟ قال : «منزلتي من الله تعالى»(2).

وروى أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «نحن بني(3)عبد المطّلب سادات أهل الجنّة ، أنا رسول الله سيد الأنبياء وعمّي سيّد الشهداء ، وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والمهدي(4)»(5). ،

ص: 370


1- في «ط ، ق» : عن مخلّد ، عن عبد الله ، وفي «م» : مخلّد بن عبد الله ، وما في المتن أثبتناه من المسترشد وهو الموافق لكتب التراجم. واسم أبي مجلز : لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري. انظر تهذيب التهذيب 11 : 151/293 ، لسان الميزان 9 : 280/14816.
2- مصباح الأنوار : مخطوط ، أورده الطبري في المسترشد : 292 ، الشيخ الطوسي في الأمالي : 226/44 ، بسنده عن أبي مجلز ، عن عبد الله بن سعود ، ابن شهرآشوب في المناقب 2 : 249 ، عن الأمالي ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : 421/29 ، عن أبي مخلد ، عن ابن مسعود ، الحلّي في المحتضر : 93 - 94 ، عن الأمالي. وفي بعض المصادر : كمنزلتي من الله تعالى.
3- في «ط» : أولاد.
4- في «ق ، م» : إلى المهدي عليه السلام.
5- أورده كلّ بطريقه عن أنس الصدوق في الأمالي : 562/15 ، القاضي المغربي في شرح الأخبار 3 : 4/918 ، الطوسي في الغيبة : 183/142 ، المفيد الخزاعي في الأربعين : 8/3 ، ابن الفتال النيشابوري في روضة الواعظين 2 : 28/5 ، ابن البطريق في العمدة : 52/48 ، و 280/455 ، الإربلي في كشف الغمّة 4 : 126 ، 194 ، 204 ، رضي الدين الحلّي في العدد القوية : 90/155 ، ابن ماجة في السنن 4 : 455/4087 ، ابن حيان الأنصاري في طبقات المحدّثين 2 : 290/249 ، الحاكم النيشابوري في المستدرك 4 : 220/4993 ، أبو نعيم الاصفهاني في ذكر أخبار أصبهان 2 : 130 ، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 9 : 434/505 ، ابن المغازلي في المناقب : 48/71 ، الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب 4 : 284/6840 ،

وروى شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور صاحب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(1) عليه السلام قال : بلغنا أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في جمع من أصحابه فقال : «أُريكم(2) آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته؟» فلم يكن بأسرع من أن طلع عليّ ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أقست رجلاً بثلاثة من الرسل ، بخ بخ لهذا الرجل من هو يا رسول الله؟

قال : «ألا تعرفه يا أبا بكر؟» قال : الله ورسوله أعلم ، قال(3) : «أبو الحسن عليّ بن أبي طالب عليه السلام» قال أبو بكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن وأين مثلك يا أبا الحسن(4).

وروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «من أراد أن ينظر إلى اسرافيل في رفعته ، وإلى ميكائيل في درجته ، وإلى جبرئيل في عظمته ، وإلى آدم في هيبته ، وإلى نوح في صبره ودعوته ، وإلى إبراهيم في سخاوته ، وإلى سليمان في ملكه(5) وعظمته(6) ، وإلى موسى في شجاعته ، وإلى عيسى في ر.

ص: 371


1- في المصادر : صاحب راية عليّ عليه السلام.
2- في نسخة «ق ، م ، ط» : أيّكم ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.
3- في «ط» : فقال النبيّ : أفلا تعرفه يا أبا بكر؟ قال : يا رسول الله ، الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك.
4- أورده الخوارزمي في المناقب : 88/79 ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة 1 : 232 ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : 54 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 39 : 39 ، عن كشف الغمّة.
5- في «ط» زيادة : وحشمته.
6- قوله : (وإلى سليمان في ملكه وعظمته) لم يرد في المصدر.

سياحته ، وإلى محمد في شرفه ومنزلته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام»(1).

انظروا إلى(2) هذا الحديث أنّ الصفات التي تفرّقت في جميع الأنبياء عليهم السلام والملائكة ، جمعها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ وحصرها فيه ، فكيف لا يكون عليّ حينئذ أفضل منهم؟!

وفي الكتاب المذكور : روي عن أبي موسى الأشعري أنّه قال لعمرو بن العاص - لّما تفاوضا في الحكومة - : ويحك يا عمرو ، ما يدعوك إلى أن تريد أن تجعل(3) الخلافة في غير عليّ عليه السلام ، أما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول : «إنّما مثل أهل بيتي مثل(4) سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق».

أما تذكر يوماً كنّا بباب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إلينا ، فقال : «إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، وعيسى روح الله ، وأنا محمد رسول الله(5)وحبيب الله(6) ، وعليّ وليّ الله ، ثمّ هو وديعتي عند الله.

أما تذكر إذ(7) كنّا في سفر مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل علينا(8) عليّ وهو يسيّر الناقة ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لئن شئتم لأريتكم أشبه الناس خلقاً ».

ص: 372


1- أورده رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين : 96.
2- في «ط» : انظروا في.
3- في المصدر : إلى أن تجعل.
4- في «ق» : كمثل. وفي المصدر : فيكم كمثل.
5- في المصدر: وأنا حبيب الله. بدل من: وأنا محمّد رسول الله.
6- (وحبيب الله) لم يرد في «ق ، م».
7- في «ط» أن ، وفي «م» : أنّا.
8- (علينا) لم يرد في «ق ، م».

وخُلقاً(1) وأشبههم منطقاً بإبراهيم الخليل» ، قالوا : من هو يا رسول الله؟ فقال : «هذا المُقبل عليّ بن أبي طالب نور الله بين عينيه» ، فرفعوا أبصارهم فإذا وجه(2) أمير المؤمنين عليه السلام يغني عن نور(3) الشمس(4)(5).

وأيضاً من ذلك ما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره «مفاتيح الغيب»(6) في تفسير فاتحة الكتاب : عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «لا تسبّوا عليّاً ؛ فإنّه ممسوس في ذات الله»(7).

انظروا يا أُولي العقول والأبصار أنّ عليّاً الذي هو نور الله بين عينيه ، وأنّه ممسوس في ذات الله ، فكيف لا يفضّل على الأنبياء عليهم السلام ، ولم يسمع لأحد من الأنبياء(8) أنّه نور الله بين عينيه ، ولا قيل لأحد(9) منهم(10) أنّه ممسوس في ذات الله تعالى.

وروي عن ابن عبّاس أنّه قال : قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أوصني ».

ص: 373


1- قوله : (خلقاً وخُلقاً) لم يرد في «ق ، م».
2- في «م» : زيادة : عليّ بن أبي طالب.
3- (نور) لم يرد في «ق ، م».
4- في المصدر : يضيء في الشمس.
5- أورده القاضي المغربي في شرح الأخبار 2 : 405/750 ، باختلاف يسير.
6- في «ق» : مفاتح الغيب ، وفي «م» : مفاتيح القلوب.
7- التفسير الكبير 1 : 119 ، وفيه : فإنّه كان مخشوشاً ، وأورده الطبراني في المعجم الكبير 19 : 148/324 ، أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء 1 : 68 ، الهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 130 ، المتقي الهندي في كنز العمّال 11 : 621/33017 ، ابن شهرآشوب في المناقب 3 : 255 و 327 ، ومنتجب الدين في الأربعين : 54/26 ، باختلاف يسير.
8- قوله : (ولم يسمع لأحد من الأنبياء) لم يرد في «م».
9- قوله : (ولا قيل لأحد) لم يرد في «ق».
10- (منهم) أثبتناها من «م».

يا رسول الله ، فقال : «يابن عبّاس ، عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، لا يقبل الله عزّوجلّ من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب ، وهو أعلم بذلك ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه ، وإن لم يأت الله بولايته لم يسأله عن شيء ، ثمّ يأمر به إلى النار.

يا بن عبّاس ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً(1) إنّ النار أشدّ غضباً على مبغض عليّ كغضبها(2) على من زعم أنّ لله ولداً.

يا بن عبّاس ، لو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه - ولن(3) يفعلوا - لعذّبهم الله تعالى بالنار».

فقلت : يا رسول الله فهل يبغضه أحد؟ فقال : «يابن عبّاس ، نعم يبغضه قوم يذكرون أنّهم من أُمّتي ، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيباً(4).

يا بن عبّاس(5) ، من علامة بغضهم له أنّه يفضّل من هو دونه عليه»(6). 6.

ص: 374


1- من قوله : (لا يقبل الله عزّوجلّ من عبد حسنة) إلى هنا لم يرد في «م».
2- في «م» : كبغضها.
3- في «ق ، م» : وإن لم.
4- من قوله : (نعم يبغضه) إلى هنا لم يرد في «ق».
5- في «ط» زيادة : علامة.
6- أورده باختلاف يسير الطوسي في الأمالي : 105/ ضمن حديث 15 ، عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : 78/ ضمن حديث 9 ، ابن حمزة الطوسي في الثاقب في المناقب : 143/ ضمن حديث 7 ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : 12/ ضمن حديث 2 ، الإربلي في كشف الغمّة 2 : 12 - 13 ، الحلّي في المحتضر : 108 ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : 464 ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 277/ قطعة من الحديث ضمن حديث 6.

وروى جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال : كنت عند الخندق وقد حفر الناس ، فحفر عليّ عليه السلام ، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «بأبي من يحفر وجبرئيل يكنس بين يديه ، ويعينه ميكائيل ، ولم يكن يعين قبله أحداً من الخلق لكرامته(1) على الله تعالى»(2).2.

ص: 375


1- في «م» : لكرامة ، ولم ترد هذه الجملة في المصادر.
2- أورده شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 607/9 ، عن مصباح الأنوار ، وعنه السيد البحراني في مدينة المعاجز 1 : 467/307 ، المجلسي في بحار الأنوار 30 : 273/144 ، و 39 : 113/22.

المطلب الثالث عشر(1)

أيضاً من ذلك ما ذكره الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكري(2) عليهما السلام في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوْا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أبي وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(3).

قال عليه السلام : «ولمّا امتحن الله الحسين عليه السلام ومن معه بالعسكر الذين قتلوه وحملوا رأسه ، قال لعسكره : أنتم من بيعتي(4) في حلّ فالحقوا في عشائركم ومواليكم ، وقال لأهل بيته : قد جعلتكم(5) في حلّ من مفارقتي(6) ، فإنّكم لا تطيقونهم ؛ لتضاعف أعدادهم وقوامهم(7) ، وما المقصود(8) غيري ، فدعوني والقوم فإنّ الله عزّوجلّ يعينني ولا يخلّيني من حسن نظره ، كعادته في أسلافنا الطيّبين.

فأمّا عسكره ففارقوه وأمّا أهله والأدنون من أقربائه فأجابوه ، وقالوا : لا نفارقك فإنّه يحزننا ما يحزنك(9) ، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنّا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنّا معك ، فقال لهم : فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما ك.

ص: 376


1- في «ق ، م» : المطلب الثاني عشر.
2- في «م» : أيضاً ما ذكر الإمام الحسن بن عليّ العسكري ، وفي «ق» : من ذلك ما ذكر الإمام حسن بن علي العسكري.
3- سورة البقرة 2 : 34.
4- في «ط» : ومن تبعني.
5- في «ط» : قد جُعلتم.
6- في «م» : من مصادقتي.
7- في «م» : وأقوامهم. وفي المصدر : وقواهم.
8- في «ق» : وما المقصد.
9- في «ط» : فإنّه يجري بنا ما يجري بك.

قد وطّنت نفسي عليه(1).

فاعلموا أنّ الله إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وإنّ الله وإن كان قد خصّني - مع من خصّني(2) من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءً في الدنيا - من المكرمات بما يسهّل معها على احتمال الكريهات(3) فإنّ لكم شطر ذلك من المكرمات(4).

واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حلم(5) ، والانتباه(6) في الآخرة ، والفائز من فاز فيها(7) والشقي من شقي فيها ، أولا أُحدّثكم بأوّل أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبّينا والمتعصّبين(8) لنا ، ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون؟ قالوا : بلى يابن رسول الله.

قال : إنّ الله تعالى لمّا خلق آدم وسوّاه وعلّمه أسماء كلّ شيء وعرضهم على الملائكة ، جعل محمداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين أشباحاً خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش ، فأمر الله الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له ؛ لأنّه قد فضّله ، بأن جعله وعاءً لتلك الأشباح التي قد عمّ أنوارها الآفاق ، فسجدوا إلاّ إبليس أبي أن يتواضع لجلال عظمة الله ا.

ص: 377


1- (عليه) أثبتناه من «م».
2- قوله : (مع من خصّني) أثبتناه من «ق ، م».
3- في «م» : من احتمال المكروهات.
4- في «م» : الكرامات.
5- في «م» : واعلموا أنّ الدنيا حلوها مرّ ومرّها حلو.
6- من قوله : (احتمال الكريهات) إلى هنا لم يرد في «ق».
7- في «م» : فارقها. بدل من : فاز فيها.
8- في «ط» : والمبغضين لنا ، وفي المصدر : والمعتصمين بنا.

تعالى ، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلّها(1)واستكبر وترفّع ، وكان بإبائه ذلك(2) وتكبّره من الكافرين»(3).

قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : «حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : يا عباد ، الله إنّ آدم لمّا رأى النور ساطعاً من صلبه - إذ كان الله نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهر آدم - رأى النور ولم تبين الأشباح ، فقال : يا ربّ ما هذه الأنوار؟ قال الله تعالى : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح.

فقال آدم : يا ربّ لو بيّنتها لي ، فقال الله تعالى : انظر يا آدم إلى ذروة العرش ، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره(4) كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا ، فقال آدم : ما هذه الأشباح يا ربّ؟ قال الله تبارك وتعالى : يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي ، هذا محمد وأنا الحميد المحمود(5) في أفعاله ، شققت له اسماً من اسمي(6) ، وهذا عليّ وأنا العليّ العظيم شققت له اسماً من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات ن.

ص: 378


1- في «ط» : كلّهم ، وكلاهما لم يردا في «ق».
2- (ذلك) لم يرد في «ط».
3- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 218/101 ، وعنه في بحار الأنوار 11 : 149/25 ، و 45 : 90/29.
4- قوله : (التي في ظهره) أثبتناه من «ق ، م».
5- (المحمود) لم يرد في «م».
6- في «ط» : اسمائي. وكذا الموردين التاليين.

والأرض ، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي(1) ، وفاطم أوليائي عمّا يشينهم ، فشققت لها اسماً من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين ، فأنا المحسن المجمل(2) وأنا قديم الإحسان(3) ، فشققت لهما اسماً من اسمائي(4) ، هؤلاء خيار خليقتي(5) وكرام بريّتي ، بهم آخذ ، وبهم أُعطي ، وبهم أُثيب ، وبهم أُعاقب(6).

فتوسّل بهم يا آدم ، وإذا دهتك(7) داهية فاجعلهم إليَّ شفعاءَك ، فإنّي آليت على نفسي قسماً حقّاً لهم ، ألاّ أُخيّب بهم آملاً(8) ، ولا أردّ بهم سائلاً ، فلذلك حين زلّت منه الخطيئة دعا الله عزّوجلّ فتاب عليه وغفر له»(9).

وأيضاً من ذلك ما ذكر في «تفسير الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام (10)» : في تفسير قوله تعالى(11) : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ)(12) قال : «واذكروا يا بني اسرائيل : (وَإِذِ اسْتَسْقَى0.

ص: 379


1- قوله : (يوم فصل قضائي) لم يرد في «م».
2- (المجمل) أثبتناه من «م» والمصادر.
3- قوله : (وأنا قديم الإحسان) لم يرد في «م».
4- في «م» : اسمي. ومن قوله : (وهذا الحسن وهذا الحسين) إلى هنا لم يرد في «ق».
5- في «ط ، م» : خلقي.
6- قوله : (وبهم أُعاقب) لم يرد في «ق ، م».
7- في «ط» :أمَّكَ.
8- في «ط» : أُجيب بهم آملاً. بدل من : ألاّ أُخيّب بهم آملاً.
9- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 219/102 ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 44/19 ، المجلسي في بحار الأنوار 11 : 150 ، و 26 : 327/ ضمن حديث 10.
10- في «ق ، م» : تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
11- في «ق ، م» : في قوله عزّوجلّ.
12- سورة البقرة 2 : 60.

مُوسَى لِقَوْمِهِ)(1) طلب لهم السقيا ؛ لما لحقهم من العطش في التيه ، وضجّوا بالبكاء(2) إلى موسى عليه السلام ، وقالوا : أهلكنا العطش ، فقال موسى عليه السلام : اللّهمّ بحقّ محمد سيّد الأنبياء ، وبحقّ عليّ سيّد الأوصياء ، وبحقّ فاطمة سيّدة النساء(3) وبحقّ الحسن سيّد الأولياء وبحقّ الحسين سيّد الشهداء وبحقّ عترتهم(4) وخلفائهم سادة(5) الأزكياء إلاّ سقيت عبادك(6).

فأوحى الله إليه : يا موسى (اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ - فضربه بها - فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَشْرَبَهُمْ)(7) فلا يزاحم الآخرين في مشربهم»(8).

ومن ذلك ما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «ليلة أُسري بي إلى السماء لم أجد باباً ولا حجاباً ولا شجرة ولا ورقة ولا نمرقة(9) ولا مدرة من ياقوت(10) إلاّ وعليه مكتوب : عليّ عليّ عليّ ، وإنّ اسم ت.

ص: 380


1- من قوله : (قال : واذكروا) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».
2- في «ط» زيادة : والعويل.
3- في «ق» : سيدة نساء العالمين.
4- في «ط» زيادة : وذريتهم.
5- في «ط» : سادات.
6- في المصدر : لما سقيت عبادك هؤلاء.
7- سورة البقرة 2 : 60.
8- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 261/129 ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 64/ 42 ، المجلسي في بحار الأنوار 13 : 184 ، و94 : 8/10 ، الطبرسي في مستدرك الوسائل 5 : 236/13.
9- (ولا نمرقة) لم ترد في «ط». والنمرقة : الوسادة. المحكم والمحيط الأعظم 6 : 633 - النمرق.
10- في «ط» : ولا ياقوتة. بدل من : من ياقوت.

عليّ(1) عليه السلام مكتوب على كلّ شيء ، حتّى على وجه الشمس والقمر والماء والحجر والورق والشجر»(2).

وإنّ الله تعالى قال لموسى ليلة الخطاب : يابن عمران ، إنّي لا أقبل الصلاة إلاّ ممّن(3) تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ومحبّتي ، وقطع نهاره بذكري ، وعرف حقّ أوليائي - الذين لأجلهم خلقت(4) سماواتي وأرضي وجنّتي وناري - محمداً وعترته ، فمن عرف حقّهم جعلت له عند الجهل حلماً ، وعند الظلمة نوراً ، وأعطيته قبل السؤال ، وأجبته قبل الدعاء»(5).

وروى وهب بن منبّه أنّ موسى عليه السلام ليلة الخطاب وجد كلّ حجرة وشجرة(6) في الطور ناطقة بذكر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقبائه عليهم السلام ، فقال : يا ربّ إنّي لم أرَ شيئاً ممّا خلقت إلاّ وهو ناطق بذكر محمد(7) (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقبائه ، فقال الله تبارك وتعالى : يابن عمران ، إنّي خلقتهم قبل الأنوار ، وجعلتهم خزنة(8) الأسرار ، يشاهدون أنوار ملكوتي ، وجعلتهم تراجمة علمي ، ولسان حكمتي ، ي.

ص: 381


1- في «ط» : عليّ بن أبي طالب.
2- أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : 283 ، باختلاف يسير إلى قوله : على كلّ شيء ، ونصّاً أورده أبو الحسن المرندي في مجمع النورين : 23.
3- في «ط» : إلاّ لمن.
4- في «ط» : خلقت لأجلهم.
5- أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : 284 ، وعنه في الجواهر السنيّة : 267 - 268.
6- في المشارق : شجرة ومدرة.
7- في «م» : بذكر الله وذكر محمد.
8- في «ط» زيادة: علمي.

ومعدن سرّي ، خلقت الدنيا والآخرة لأجلهم.

فقال موسى عليه السلام : يا ربّ فاجعلني من أُمّة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال الله تبارك وتعالى : ياموسى إذا(1) عرفت محمداً وأوصيائه وعترته ، وعرفت فضلهم وآمنت بهم فأنت من أُمّته»(2). 8.

ص: 382


1- في «ط» : ياموسى بن عمران فإذا.
2- أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : 285 ، وعنه الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة : 268.

المطلب الرابع عشر(1)

قد مدح الله تبارك وتعالى السابقين في كتابه العزيز فقال : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)(2) فتميّزنا أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أسبق السابقين في الجهاد بإجماع الأُمّة ، قال الله تبارك وتعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً)(3) ، وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنجِيكُم مِنْ عَذَاب أَلِيم * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بَأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ)(4).

فجعل الإيمان والجهاد في سبيل الله هي التجارة المنجية ، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)(5) ، ولا ريب أنّ عليّاً عليه السلام كان في الجهاد وقتال المشركين كالبنيان المرصوص ، وقد وصف الله تعالى المجاهدين فقال : (وَلاَيَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَيَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ)(6) ، وقال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)(7) ، 0.

ص: 383


1- في «ق ، م» : المطلب الثالث عشر.
2- سورة الواقعة 57 : 10 - 11.
3- سورة النساء 4 : 95.
4- سورة الصف 61 : 10 - 11.
5- سورة الصف 61 : 4.
6- سورة التوبة 9 : 120.
7- سورة التوبة 9 : 20.

وقال الله تعالى : (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِم)(1).

ولا شك أنّ عليّاً(2) عليه السلام كان في الجهاد أشدّ بلاءً ، وأعظم عناءً ، وأثبت جَناناً ، وأشدّ أركاناً من(3) جميع خلق الله في حومة القتال(4) ، وأبرزها للأقران ، وأشجعها في الميدان(5) ، وأبذلها نفساً لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو الذي كشف الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدر ، وحنين ، والخندق ، وخيبر ، وأُحد ، وذات السلاسل ، وتبوك ، وغزوة بني النضير ، ومحاربة الجنّ في بئر العلم(6) ، وقتال الناكثين والقاسطين والمارقين والعَمَّان(7) وغيرهم(8).

أمّا غزوة بدر : فهي كانت(9) الداهية العظمى ، والمحنة الكبرى التي هدّت قوائم الشرك(10) ، وفرّقت(11) طواغيته في قليب الهلاك والدمار(12) ، ودوّخت(13) مردة الكفّار ، وسقتهم كاسات البوار ، وهي أوّل حرب خ.

ص: 384


1- سورة المائدة 5 : 54.
2- في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.
3- قوله : (جَناناً وأشدّ أركاناً من) لم يرد في «ق ، م».
4- في «ق» : الجهاد ، وفي «م» : القتال. بدل من : حومة القتال.
5- قوله : (وأشجعها في الميدان) لم يرد في «ق ، م».
6- قوله : (في بئر العلم) لم يرد في «ق ، م».
7- إنّ المراد من العمّان ظاهراً هو العبّاس بن عبد المطّلب ، وأبي لهب.
8- (وغيرهم) لم يرد في «ق ، م».
9- (كانت) لم ترد في «ط».
10- في «ط» زيادة : وشرك الباطل.
11- في «م» : وأفريت. بمعنى : قطّعت. الصحاح 6 : 2454 - فرا.
12- (والدمار) لم يرد في «ق ، م».
13- في «ط» : ودوّجت. ومعنى دوّخت : أي قهرت وأذلّت. انظر الصحاح 1 : 421 - دوخ.

كانت(1) - ولا نطوّل بذكره -.

ولم يزل عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(2) يقتل واحداً بعد واحد ، من أبطال المشركين وشجعان الكافرين(3) ، حتّى قتل وحده نصف المشركين(4) ، وقتل المسلمون - بأجمعهم كافّة(5) - مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسوّمين النصف الآخر ، وشاركهم أيضاً في ذلك النصف.

وأمّا غزوة أُحد :

قال الراوي لهذا الحديث - وهو زيد بن وهب(6) - قلت لابن مسعود(7) : انهزم(8) الناس يوم أُحد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى لم يبق معه أحد(9) إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأبو دجانة وسهل بن حنيف ، وقتل منهم سبعين رجلاً(10) وانهزم الباقون ، وبقي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده ، وما زال ».

ص: 385


1- في «ط»: وسقاهم زعاق البوار ، وأذاقهم كأس الفرار والعار ، وهو حرب كان.
2- في «ق ، م» : ولم يزل عليّ عليه السلام.
3- قوله : (وشجعان الكافرين) لم يرد في «ق ، م».
4- في «ق» : المقتولين.
5- قوله : (بأجمعهم كافّة) لم يرد في «م» وفي «ق» : (بأجمعهم) فقط.
6- هو أبو سليمان الجهني الكوفي ، مخضرم قديم ، كان ثقة كثير الحديث ، أسلم في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهاجر إليه فلم يدركه ، وهو معدود من كبار التابعين ، سكن الكوفة وصحب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. انظر : رجال البرقي : 6 ، رجال الطوسي : 42/6 ، تهذيب التهذيب 3 : 368/781 ، الإصابة 3 : 46/2995 ، أسد الغابة 2 : 149/1877 ، الاستيعاب 2 : 559/861 ، سير أعلام النبلاء 4 : 196/78.
7- (لابن مسعود) لم يرد في «ط».
8- في «ط» : رأيت انهزام.
9- (أحد) لم يرد في «ق ، م».
10- (رجلاً) لم يرد في «ق ، م».

عن موضعه شبراً واحداً ، وكان يباشر القتال بنفسه الشريفة حتّى فنيت نباله ، وكان تارة يرمي عن قوسه وتارة بالحجارة.

وأصاب عتبة بن أبي وقاص شفتيه ورباعيّته ، وضربه ابن قمية على كريمته الشريفة ، فلم يضع(1) سيفه شيئاً إلاّ وهن ؛ لضربه(2) بثقل السيف.

ثمّ وقع (صلى الله عليه وآله وسلم) مغشيّاً عليه ، وحجب الله تبارك وتعالى أبصار المشركين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وصاح إبليس لعنه الله في المدينة(3) : قُتل رسول الله(4).

قال أمير المؤمنين عليه السلام : «لمّا انهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي ، وكنت أمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) أضرب المشركين بسيفي ، فرجعت أطلبه فلم أره ، فقلت : ما كان رسول الله ليفرّ وما رأيته في القتلى - أظنّه رُفع(5) من بيننا إلى السماء - فكسرت جفن سيفي ، وقلت في نفسي : لأُقاتلنّ(6) به حتّى أُقتل ، وحملت على القوم فانفرجوا(7) فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقع مغشيّاً(8) عليه ، فنظر إليَّ وقال : يا عليّ ما فعل الناس؟ فقلت : كفروا يا رسول الله ، ولّوا الدبر وأسلموك إلى عدوّك. ّ.

ص: 386


1- في «ق» : تصنع ، وفي «م» : يصنع.
2- في «م» : الضربة.
3- في «ط» : وصاح عدوّ الله إبليس اللعين في المدينة.
4- في «ط» : ألا قد قتل رسول الله.
5- في «ق» : رفعه.
6- في «ق ، م» : لأقتلنّ.
7- في «ق» : فافرجوا ، وفي «م» : فرجعوا إليَّ.
8- في «م» : واقع مغشيّ.

فنظر (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كتيبة قد أقبلت إليه ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ ردّهم عنّي ، فحملت عليهم أضربهم يميناً وشمالاً حتّى قتلت منهم هشام بن أُميّة المخزومي وانهزم الباقون ، وأقبلت إليه كتيبة أُخرى ، فقال لي (صلى الله عليه وآله وسلم) : احمل يا عليّ على هذه ، فحملت وقتلت منهم عمرو (1) بن عبد الله الجُمحي وانهزم الباقون ، وجاءت كتيبة أُخرى فقتلت منها(2) بشر بن مالك العامري وانهزم الباقون»(3).

ولم يزل عليّ عليه السلام يقاتل في ذلك اليوم ويفرّق جموع(4) القوم ، حتّى أصابه في رأسه ووجهه وبدنه سبعون جراحة ، وهو قائم وحده بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يغفل عنه طرفة عين(5) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ياعليّ ، أما تسمع مديحك في السماء؟! إنّ ملكاً اسمه رضوان ينادي بأعلى صوته وهو يقول(6) :

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

ورجع الناس إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان جبرئيل عليه السلام يعرج إلى السماء في ذلك اليوم وهو يقول :

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

وسمعه(7) الناس كلّهم ، وقال جبرئيل عليه السلام : يا رسول الله قد ه.

ص: 387


1- في «ق ، م» : عمر.
2- في «م» : منهم.
3- في «ق» : وانهزمت البقية ، وفي «م» : وانهزمت.
4- في «م» : جميع.
5- قوله : (لا يغفل عنه طرفة عين) لم يرد في «ط».
6- في «ق ، م» : ينادي بهذا النداء.
7- في حاشية «ط» في نسخة : وتبعه.

عجبت(1) الملائكة من حسن مواساة أمير المؤمنين عليه السلام لك بنفسه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وما يمنعه من ذلك وهو منّي وأنا منه» فقال جبرئيل عليه السلام : وأنا منكما(2).

وذكر أهل السير أنّ قتلى أُحد جمهورهم مقتولين(3) بسيف عليّ عليه السلام ، وكان الفتح له ، وسلامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المشركين بسببه ، ورجوع الناس إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وثباته عليه السلام ، يذبّ عنه دونهم ، ببذل نفسه العزيزة في نصره ، وتوجّه العتاب من الله تعالى إلى كافّتهم ؛ لموضع الهزيمة ، والملائكة في السماء مشغولون بمدحه(4) ، متعجّبون من مقامه وثباته وسطوته وحملاته(5).

ويكفينا «لا فتى إلاّ عليّ لا سيف إلاّ ذو الفقار(6)» لتفضيل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام(7) على جميع الأنبياء.

وبما روي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه(8) عليهم السلام ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : يا أبا الحسن ، لو وُضع إيمان الخلائق وأعمالهم(9) في كفّة ، ووُضع عملك ».

ص: 388


1- في «ط» : عجب.
2- أورده المفيد في الإرشاد 1 : 83 - 85 ، الإربلي في كشف الغمّة 1 : 366 - 367 ، باختلاف يسير ، وأورد ذيل الحديث العلاّمة الحلّي في كشف اليقين 1 : 128 - 129.
3- في «م» : قُتل.
4- في «ط» زيادة : وثنائه.
5- (وحملاته) لم يرد في «ق ، م».
6- قوله : (لا سيف إلاّ ذو الفقار) لم يرد في «ق ، ط».
7- قوله : (عليّ عليه السلام) لم يرد في «ط ، ق».
8- (عن أبيه) لم يرد في «ط ، ق».
9- (وأعمالهم) لم ترد في «ط».

في(1) يوم أُحد في كفّة أُخرى(2) ، لرجح عملك على جميع الخلائق ، وإنّ الله تعالى باهى بك يوم أُحد ملائكته المقرّبين ، ورفع الحجب من السماوات(3) ، وأشرقت بك الجنّة وما فيها(4) ، وابتهج بفعلك ربّ العالمين ، وإنّ الله تعالى يعوّضك(5) بذلك اليوم ما يغبطك(6) به كلّ نبيّ ورسول وصدّيق وشهيد»(7).

وهذا الحديث أوضح دليل وأبْيَن حجّة على تفضيل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(8) على سائر الأنبياء والمرسلين(9) ، انظروا يا أُولي الأبصار هذا عمله في يوم أُحد ، وذاك فعله في يوم الخندق الذي فضّله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع أعمال الثقلين إلى يوم القيامة(10) ، إنّ هذا لهو الرجحان العظيم(11). وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(12).».

ص: 389


1- (في) لم ترد في «ط ، م».
2- في «ط» : على أُخرى ، وفي «ق» : على كفّة أُخرى.
3- في «ط» : عن السماوات.
4- في المصدر : وأشرفت إليك الجنّة وما فيها.
5- في «ط» : يعطيك.
6- في «ط» : ما يعطي.
7- أورده ابن شاذان في مائة منقبة : 106/47 ، وعنه القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة 1 : 202/4.
8- في «ق ، م» : تفضيل عليّ عليه السلام.
9- في «م» : على سائر الأنبياء. وفي «ق» : على سائر النبيّين والمرسلين.
10- قوله : (إلى يوم القيامة) لم يرد في «م».
11- في «ق» : الذي فضله على جميع الثقلين إلى يوم القيامة ، إن هذا لهو الراجح العظيم.
12- من قوله : (وذلك فضل الله) إلى هنا أثبتناه من «ق».

ومن(1) ذلك ما ذكر في كتاب «النصرة» قال : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إَلَى اللهِ)(2) ، فإنّ عيسى عليه السلام لمّا أحسّ منهم الكفر طلب النصرة(3) ، وعليّ عليه السلام تيقّن الكفر من قريش ومن أعداء الله وأعداء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاهروه به(4) ، فبات على فراشه - كما تقدّم وصفه - وفداه بمهجته ، بعد ذلك رمى نفسه في كتائبهم عند الحروب وبذلها(5) لعلاّم الغيوب ، وفرّج كلمّا دخل فيه وباشره من الكروب ، ولم يطلب منه نصرة ولا استعانة بغير الله من سائر بريّته مدّة حياته.

ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلّ وقت يريد منه الانفراد والاجتهاد فيفديه بمهجته ، مع أنّهم رووا أنّ عيسى عليه السلام يصلّي آخر الزمان - بعد نزوله - خلف المهدي عليه السلام مؤتمّاً به ، ومن المعلوم أنّ عليّاً عليه السلام أفضل من المهدي عليه السلامالذي هو إمام لعيسى على نبيّنا وعليه السلام.

وقد تقدّمت الأخبار من صحاح الحفّاظ من أئمّة المذاهب الأربعة بأوصاف ونعوت عليّ عليه السلام وأقرّوا بالعجز عن حصر ما اجتمع له من المناقب(6).

ومن ذلك ما ذكر في كتاب(7) : «مصباح الأنوار» : عن يونس ، عن ه.

ص: 390


1- هذا الحديث أثبتناه من نسخة «م» وبه تنتهي النسخة ، ولم نعثر على هذا الحديث إلاّ في الطرائف ، وعليه صححنا المتن.
2- سورة الصف 61 : 14.
3- من قوله : (فإنّ عيسى عليه السلام) إلى هنا أثبتناه من الطرائف.
4- في «م» : وجاهدهم ، وما في المتن من الطرائف.
5- في «م» : ويعدّ لها. وما في المتن من الطرائف.
6- أورده ابن طاووس في الطرائف 2 : 232 - 233.
7- في «ط» : ومن ذلك ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه.

إسحاق ، قال : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غزوة تبوك ، وخلّف(1) عليّ بن أبي طالب عليه السلام على أهله(2) وأمره بالإقامة فيهم ، فأرجف المنافقون وقالوا : ما خلّفه رسول الله إلاّ استثقالاً به ، فلمّا سمع عليه السلام ذلك أخذ سلاحه وخرج إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو نازل بالجرف(3) - فقال : «يا رسول الله ، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً بي».

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «كذبوا ، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» فرجع إلى المدينة ، ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسفره.

قال : فكان من أمر الجيش أنّه انكسر وانهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : يا نبيّ الله ، إنّ ربّك يقرئك السلام ويبشّرك بالنصر ، ويخيّرك إن شئت أنزلت لك الملائكة فيقاتلوا ، وإن شئت عليّاً عليه السلام فادعه يأتيك(4) ، فاختار النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً عليه السلام.

فقال جبرئيل عليه السلام :

ناد عليّاً مظهر العجائب

تجده عوناً لك في النوائبً.

ص: 391


1- في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.
2- (على أهله) لم يرد في «ط».
3- الجُرْف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، وفيه بئر جُشم وبئر جَمَل ، قالوا : سُمّي الجُرف لأنّ تُبَّعاً مرّ به فقال : هذا جرف الأرض ، وكان يسمّى العِرض. معجم البلدان 2 : 149/3053.
4- في «ط» زيادة : سعياً.

كلّ(1) همّ وغمّ

سينجلي

بولايتك يا عليّ يا عليّ يا عليّ(2)

فقال جبرئيل عليه السلام : أدِر وجهك نحو المدينة وناد : يا أبا الغوث أغثني(3) ، يا عليّ أدركني(4).

قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : وكنت فيمن تخلّف مع عليّ عليه السلام ، فخرج يوماً يريد الحديقة ، فمضيت معه فصعد النخلة يُنزل كرباً ، فهو ينثر(5) وأنا أجمع إذ سمعته يقول : لبيّك لبيّك يا رسول الله ها أنا ذا جئتك ، ونزل والحزن ظاهر عليه ودمعه ينحدر ، فقلت له : ما شأنك يا أبا الحسن؟

قال : «يا سلمان ، انكسر جيش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يدعوني ويستغيث بي» ، ثمّ مضى عليه السلام فدخل منزل فاطمة عليها السلام وأخبرها وخرج ، وقال لي : يا سلمان ضع قدمك موضع قدمي لا تخرم(6) منه شيئاً.

قال سلمان : فاتّبعته حذو النعل بالنعل(7) ، سبع عشرة خطوة ، فعاينت الجيوش والعساكر ، فصرخ الإمام صرخة لهب الجيشان وتفرّقوا ، ونزل جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله فسلّم عليه فردّ عليه السلام واستبشر به ، ت.

ص: 392


1- في «ط» : كلّ همّ وغمّ سينجلي بعظمتك يا الله بنبوّتك يا محمد بولايتك يا عليّ يا عليّ يا عليّ
2- من قوله : (فقال جبرئيل) إلى هنا لم يرد في مدينة المعاجز.
3- في «ق» : أدركني. وكذلك المدينة.
4- في المدينة زيادة : أدركني يا عليّ.
5- في «ط» : ينشر الكرب.
6- في «ط» : لا تحرف. والخرم : النقصان أو العدول. الصحاح 5 : 1910 - خرم. أي لا تنقص منه شيئاً ولا تعدل عنه.
7- في «ط» زيادة : فعددت.

ثمّ عطف الإمام عليه السلام على الشجعان ، فانهزم الجمع وولّوا الدُبُر ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً(1) وكفى الله القتال بعليّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وسطوته وهمّته وعلاه ، وأبان(2) الله من فضله ومعجزه في هذه المواطن(3) بما عجز عنه جميع خلق الله ، وكشف الله من فضله الباهر ، إتيانه من المدينة - شرّفها الله - إلى تبوك في سبع عشرة خطوة ، وسماعه نداء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على بعد المسافة(4) وتلبيته ، وأمر الله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بنداء عليّ عليه السلام ، ونزول : ناد عليّاً ، وطلب الإعانة منه من أعظم الفضائل وأظهر الآيات(5).

وهذا أدلّ دليل على فضل عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه على جميع الأنبياء(6) والمرسلين ، وعدم نظيره في الخلق ، حيث أمر الله تعالى سيّد أنبيائه وأشرف خلقه طلب الإعانة منه.

وفضل أمير المؤمنين عليه السلام قد عجز الأنام(7) عن حصره وتعداده ، م.

ص: 393


1- قوله : (لم ينالوا خيراً) لم يرد في «ق».
2- في «ط» : وآتاه.
3- في المدينة : في هذا الموطن.
4- في «ق» : على بعد تلك المسافة.
5- نقله السيد البحراني في مدينة المعاجز 2 : 9/354 ، عن كتاب «درر المطالب» للمصنّف ، ونقله المجلسي في البحار 37 : 267/ أقول ، عن كتاب المستدرك لابن البطريق ، إلى قوله : ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسفره. وأورد الشعر فقط الكفعمي في المصباح 1 : 362 ، وذكر له فوائد فقال : وممّا ذكر لردّ الضائع والآبق تكرار هذين البيتين ، وعنه في مستدرك الوسائل 15 : 483/4.
6- في «ق» : فضل عليّ على الأنبياء.
7- في «ط» : عجز الأقلام.

وتحيّر أُولو الألباب لباهر(1) علمه ، وتضيق(2) الصحائف عن فضله وفهمه ، إذ آياته في الأقطار(3) ظاهرة ، ومعجزاته في الآفاق على ألسن الخلق جارية ، وبيّنات أقواله وأفعاله بين الناس على سائر طبقاتهم دائرة ، وكلّ قلب نحوه منصرف ، إلاّ أن تكون الطينة غير حرّة ، والنطفة(4) غير زكية ، والقلب غير سليم ، والعادة(5) غير سابقة ، فتولّى عليه الشيطان وكان من الغاوين(6). ن.

ص: 394


1- في «ط» : الباهر عن.
2- في «ط» : وتضايق.
3- في «ق ، ط» : الأخطار. وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.
4- في «ط» زيادة : المنعقدة.
5- في «ط» : والسعادة.
6- في «ط» : وسقيم يستولي عليه الشيطان ، ويستحوذ عليه عدوّ الرحمن فكان من الغاوين.

المطلب الخامس عشر(1)

ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أوّل ما خلق الله نوري ، ابتدعه من نوره واشتقّه من جلال عظمته ، فأقبل يطوف بالقدرة حتّى وصل إلى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة ، ثمّ سجد لله تعظيماً(2) ، ففتق منه نور عليّ(3) ، فكان نوري محيطاً بالعظمة ، ونور عليّ عليه السلام محيطاً بالقدرة.

ثمّ خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الأبصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد(4) وأسماعهم وقلوبهم من نوري ، ونوري مشتقّ من نوره ، فنحن الأولون ونحن الآخرون ، ونحن السابقون ، ونحن المسبّحون ، ونحن الشافعون ، ونحن كلمة الله ، ونحن خاصّة الله ، ونحن أحبّاء الله ، ونحن وجه الله ، ونحن جنب(5) الله ، ونحن عين الله ، ونحن أُمناء الله ، ونحن خزنة وحي الله ، ونحن سدنة الله ، ونحن غيب الله ، ونحن معدن التنزيل ومعنى التأويل ، وفي أبياتنا هبط جبرئيل(6) ، ونحن محالّ قدس الله ، ونحن مصابيح الحكمة ، ونحن مفاتيح الرحمة ، ونحن ينابيع النعمة ، ونحن شرف الأُمّة ، ونحن سادة الأئمّة ، ونحن نواميس العصر ، وأخيار ط.

ص: 395


1- في «ق» : المطلب الرابع عشر.
2- في «ق» : تعظيماً لله.
3- في «ق» : نوري. بدل من : نور عليّ.
4- من قوله : (والعقل والمعرفة وأبصار العباد) لم يرد في «ط».
5- في «ط» : حبيب.
6- في «ط» : وآيات الله بنا هبط.

الدهر(1) ، ونحن سادة العباد ، ونحن ساسة البلاد ، ونحن الكفاة والولاة(2) ، والحماة والدعاة وطريق النجاة(3) ، ونحن السبيل ، ونحن الدليل(4) ، ونحن النهج القويم ، والصراط المستقيم(5).

من آمن بنا(6) آمن بالله ، ومن ردّ علينا ردّ على الله ، ومن شكّ فينا شكّ في الله ، ومن عرفنا عرف الله ، ومن تولّى عنّا تولّى عن الله ، ومن أطاعنا أطاع الله ، ونحن الوسيلة إلى الله ، والوصلة(7) إلى رضوان الله ، ولنا العصمة والخلافة والهداية ، وفينا النبوّة والولاية ، ونحن معدن الحكمة وباب الرحمة ، وشجرة العصمة ، ونحن كلمة التقوى(8) ، والمثل الأعلى ، والحجّة العظمى ، والعروة الوثقى التي من تمسّك بها نجا»(9).

وذكر في تفسير قوله تعالى : (وَللهِ الأسْماءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)(10) ، قال الصادق عليه السلام : «نحن أسماء الله التي لا يقبل الله تعالى من 0.

ص: 396


1- في «ط» : ونحن أخيار الدهر. وفي البحار : وأحبار الدهر.
2- في «ط» : ونحن الولاة.
3- قوله : (والحماة والدعاة وطريق النجاة) لم يرد في «ط». وفي البحار : والولاة والحماة والسقاة والرعاة وطريق النجاة.
4- قوله : (ونحن الدليل) لم يرد في «ق» ، وفي البحار : والسلسبيل.
5- في «ط» : ونحن الصراط المستقيم.
6- في «ط» : زيادة فقد. وكذا الموارد التالية.
7- في «ط» : والوسيلة.
8- في «ط» زيادة : نحن. وكذا المواردين التاليين.
9- نقله كاملاً المجلسي في بحار الأنوار 25 : 22/38 ، عن رياض الجنان ، وصدر الحديث في ج15 : 24/44 ، وج57 : 170/117.
10- سورة الأعراف 7 : 180.

العباد عملاً إلاّ بها وبمعرفتها(1).

والله تبارك وتعالى خلقنا فأحسن صورنا(2) ، وجعلنا حجّة على عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه(3) ، وبابه الذي ندلّ عليه ، ونحن خزّانه(4) في سماواته وأرضه.

وبنا أثمرت الأشجار وأورقت ، وجرت الأنهار وأغدقت(5) ، وبنا ينزل الغيث من السماء ، وبنا يمسك الله تعالى الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينبت عشب الأرض ، وبنا يُرزق العباد ، وبنا تنفجر الأنهار(6) ، وبعبادتنا عبد الله تبارك وتعالى ، ولولانا ما عبد الله تعالى ، ونحن الأدلاّء على الله تعالى»(7).

وروى ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً ما استقرّ الكرسي ولا دار الفلك ولا قامت السماوات إلاّ بأن كتب الله عليها(8) : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين وليّ الله(9) ، وأنّ الله تبارك وتعالى لمّا عرج بي إلى السماء واختصّني ن.

ص: 397


1- أورده العياشي في تفسيره 2 : 42/119 ، باختلاف يسير ، الكليني في الكافي 1 : 143/4 ، باختلاف يسير ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 189/36.
2- في «ط» : صورتنا.
3- في «ط ، ق» : يؤتى به ، وما في المتن أثبتناه من الكافي والتوحيد.
4- في «ط» : خزانة علمه.
5- في «ط» : وأغرقت ، وفي «ق» : وأغدقت. وما أثبتناه هو الصحيح ، والماء الغدق : الكثير ، وغدقت عين الماء : أي غَزُرت. الصحاح 4 : 1536 - غدق.
6- في «ق» : وبنا تعجز العيون.
7- أورده الكليني في الكافي 1 : 144/5 ، الصدوق في التوحيد : 151/8 ، الحلّي في المحتضر : 154 ، والكلّ باختلاف.
8- في «ط» فيها. وفي المصدر : إلاّ بعد أن كُتب عليها.
9- في «ط» : عليّ وليّ الله أمير المؤمنين.

بلطيف(1) ندائه.

قال : يا محمد ، قلت : لبّيك وسعديك ، فقال : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، وفضّلتك على جميع بريّتي ، فانصب أخاك عليّاً(2) علماً لعبادي يهديهم إلى ديني.

يا محمد ، إنّي قد جعلت عليّاً أمير المؤمنين ، فمن تأمّر عليه لعنتُه ، ومن خالفه عذّبته ، ومن أطاعه قرّبته ، ومن تقدّم عليه أخّرته(3) ، ومن عصاه أمحقته ، فهو سيّد الوصيّين ، وحجّتي على الخلق أجمعين»(4).

وفي الكتاب المذكور : روي عن ابن عبّاس ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «عليّ منّي بمنزلة رأسي من بدني ، عليّ منّي كعيني من جسدي ، عليّ منّي كجلدي ، عليّ منّي كلحمي ، عليّ منّي كعظمي ، عليّ منّي كدمي في عروقي ، عليّ أخي ووصيّي في أهلي ، وخليفتي على أُمّتي في الدنيا ، إذا متُّ عوض منّي في أُمّتي»(5).

وروى حذيفة بن اليمان قال : قام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبّل بين عيني عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وقال له : «يا أبا الحسن ، أنت عضوٌ من أعضائي تزول حيث زلت ، وإنّ لك في الجنّة درجة وهي 9.

ص: 398


1- في «ق» : بلطف.
2- في «ط» : عليّاً أخاك.
3- في المصدر : أخزيته.
4- أورده ابن شاذان في مائة منقبة : 74/24 ، وعنه ابن طاووس في اليقين : 239 ، البحراني في مدينة المعاجز 2 : 401/625 ، ونقله ابن طاووس في التحصين : 567/22 ، عن كتاب نور الهدى ، والاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 186/34 ، عن كنز الفوائد ، وكذلك المجلسي في البحار 37 : 338.
5- أورده ابن شاذان في مائة منقبة : 132/72 ، باختلاف يسير ، وعنه البحراني في غاية المرام 1 : 236/20 ، و 2 : 181/59.

الوسيلة ، فطوبى لك ولشيعتك من بعدك»(1).

وانظروا يا أُولي العقول إذا كان نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل وأشرف من جميع الأنبياء ، وعليّ عليه السلام كرأسه من بدنه وكعينه من رأسه ، وكلحمه منه ، وكعظمه منه ، ودمه في عروق بدنه ، فكيف لا يكون عليّ أفضل من الأنبياء ، ولا شكّ أنّ هذا لهو الفضل العظيم والرجحان المبين لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين.

وروى الشيخ الجليل أبو جعفر في «مناقبه» : بإسناده عن رجاله مرفوعاً إلى المفضّل بن عمر ، قال : دخلت على الصادق عليه السلام ذات يوم فقال لي : «يا مفضّل ، هل تعرف محمداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين كنه معرفتهم؟» ، قلت : يا سيّدي وما كنه معرفتهم؟ قال : «يامفضّل ، من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمناً في السنام الأعلى» قال : قلت : عرّفني ذلك يا سيّدي؟

قال : «يا مفضّل ، اعلم أنّهم علموا ما خلق الله عزّوجلّ وذرأه وبرأه ، وإنّهم كلمة التقوى وخزناء(2) السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار ، وعرفوا كم في السماء نجم وفلك ، ووزن الجبال ، وكَيل ماء البحار وأنهارها وعيونها ، وما تسقط من ورقة إلاّ علموها (وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُبِين)(3) ، وهو علّمهم وقد علموا ذلك» ، قلت : يا سيّدي ، قد علمت وأقررت به وآمنت 9.

ص: 399


1- أورده ابن شاذان في مائة منقبة : 112/53 ، وعنه البحراني في غاية المرام 6 : 67/84.
2- في «ط» : وحرز.
3- سورة الأنعام 6 : 59.

به.

قال : «نعم يا مفضّل ، نعم يا مكرّم ، نعم يا محبور(1) ، نعم يا طيّب ، طبت وطابت لك الجنّة ولكلّ مؤمن بها(2)»(3).

هذا آخر ما أردنا إيراده(4) من فضائل مولانا ومقتدانا(5) أمير المؤمنين وإمام المتقّين(6) عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.

تمّت وكملت

والحمد(7) لله الدالّ على ولايته ، ولا هدىً إلاّ بهديه وهدايته ، والصلاة على أشرف بريّته ، وأفضل خليفته محمد المختار ، المرشد والدليل لملّة الأبرار وآله المنتجبين ، جرثومة المجد ، ودوحة الفخار ، السامين بطيب النجار ، الأصفياء السادة ، الأوصياء القادة ، سلام الله وصلاته عليهم ما دامت الحجّة قائمة بهم ولديهم ، وسلّم تسليماً كثيراً آمين ربّ العالمين. ».

ص: 400


1- في «ق» : يا محبوب.
2- في «ط» زيادة : ومؤمنة. وأثبتنا مكانها من المصادر : بها.
3- مصباح الأنوار : مخطوط. عنه الاسترآبادي في تأويل الآيات 2 : 488/4 ، البحراني في مدينة المعاجز 2 : 129/448 ، المجلسي في بحار الأنوار 26 : 116/22.
4- في «ق» : ما أوردته. بدل من : ما أردنا إيراده.
5- (ومقتدانا) أثبتناه من «ق».
6- (وإمام المتقّين) أثبتناه من «ق».
7- من هنا إلى الأخير : من نسخة «م».

فهرس مصادر ومراجع التحقيق

1 - الاحتجاج ، لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، دار الأُسوة - قم المقدَّسة 1413 ه.

2 - إحقاق الحق ، للسيّد نورالله الحسيني المرعشي التستري (ت 1019 ه) ، مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس سره - قم المقدّسة.

3 - إحياء الداثر من القرن العاشر ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، جامعة طهران - 1366 ش.

4 - الاختصاص ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري (ت 413 ه) ، مؤسسة الأعلمي - بيروت 1402 ه.

5 - الأربعون حديثاً ، للشيخ المفيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1411 ه.

6 - الأربعون حديثاً ، لمنتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1408 ه.

7 - الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين عليهم السلام ، لمحمّد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمّي (ت 1098 ه) ، نشر المحقّق سيد مهدي الرجائي - قم المقدّسة 1418 ه.

8 - الإرشاد ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ت 413 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1413 ه.

9 - إرشاد القلوب ، للحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي (من أعلام القرن الثامن الهجري) ، دار الأُسوة - قم المقدّسة 1424 ه.

10 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، لابن عبدالبرّ يوسف بن عبد الله القرطبي (ت 463 ه) ، دار الجيل - بيروت 1412 ه.

ص: 401

11 - أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، لابن الأثير عليّ بن محمد الجزري (ت 630 ه) ، دار الفكر - بيروت 1409 ه.

12 - الإصابة ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت 825 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت.

13 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي (ت 1396 ه) ، دار العلم للملايين - بيروت 1984 م.

14 - إعلام الورى بأعلام الهدى ، لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1417 ه.

15 - أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين العاملي (ت 1371 ه) ، دار التعارف - بيروت 1406 ه.

16 - إقبال الأعمال ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت 664 ه) ، دار الكتب الإسلامية - طهران.

17 - الأمالي ، للصدوق محمد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، مؤسسة البعثة - قم المقدّسة 1417 ه.

18 - الأمالي ، لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، مؤسسة البعثة - قم المقدّسة 1414 ه.

19 - الأمان من أخطار الأسفار ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت 664 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1409 ه.

20 - أمل الآمل ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، مطبعة الآداب - النجف الأشرف.

21 - إنباه الرواة على أنباه النحاة ، لأبي الحسن عليّ بن يوسف القفطي (ت 624 ه) ، دار الفكر العربي - القاهرة 1406 ه.

22 - الأنوار الساطعة في المائة السابعة ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت 1972 م.

23 - الأنوار النعمانية ، للسيد نعمة الله الموسوي الجزائري (ت 1112 ه) ، مطبعة شركت - تبريز.

ص: 402

24 - إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون ، لإسماعيل باشا بن محمد أمين الباباني البغدادي ، دار الفكر - بيروت 1402 ه.

25 - بحار الأنوار ، للعلاّمة محمد باقر المجلسي (ت 1110 ه) ، مؤسسة الوفاء - بيروت 1403 ه.

26 - البرهان في تفسير القرآن ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي (ت 1107 ه) ، مؤسسة البعثة - قم المقدّسة 1415 ه.

27 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، لعماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1420 ه.

28 - بصائر الدرجات ، للشيخ محمد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار (ت 290 ه) ، مؤسسة الأعلمي - طهران 1404 ه.

29 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911 ه) ، دار الفكر - بيروت 1399 ه.

30 - بناء المقالة الفاطمية ، لأبي الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس (ت 673 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1411 ه.

31 - تأويل الآيات الظاهرة ، للسيد شرف الدين عليّ الحسيني الاسترآبادي النجفي (من أعلام القرن العاشر الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1407 ه.

32 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير الأعلام ، للمؤرّخ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت 1407 ه.

33 - تاريخ بغداد ، للخطيب أحمد بن عليّ البغدادي (ت 463 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت.

34 - تاريخ مدينة دمشق ، لابن عساكر عليّ بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت 571 ه) ، دار الفكر - بيروت 1415 ه.

35 - التحصين ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت 664 ه) ، دار العلوم - بيروت 1410 ه.

ص: 403

36 - تذكرة الحفّاظ ، للمؤرّخ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

37 - تعليقة أمل الآمل ، للميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني (من أعلام القرن الثاني عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس سره - قم المقدّسة 1410 ه.

38 - تفسير الإمام العسكري عليه السلام ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1409 ه.

39 - تفسير الصافي ، للفيض الكاشاني محمد محسن بن مرتضى (ت 1091 ه) ، مؤسسة الأعلمي - بيروت 1399 ه.

40 - تفسير العياشي ، لأبي النضر محمد بن مسعود السمرقندي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.

41 - التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) ، للفخر الرازي محمد بن عمر البكري الشافعي (ت 606 ه) ، الطبعة الثالثة.

42 - تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمد بن محمد رضا المشهدي القمّي (ت 1125 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1410 ه.

43 - تفسير نور الثقلين ، للشيخ عبد عليّ بن جمعة العروسي الحويزي (ت 1112 ه) ، المطبعة العلمية - قم المقدّسة 1383 ه.

44 - تكملة الرجال ، للشيخ عبد النبيّ الكاظمي (ت 1256 ه) ، مكتبة السيد الحكيم قدس سره - النجف الأشرف.

45 - تهذيب الأحكام ، للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، دار الكتب الإسلامية - طهران 1390 ه.

46 - تهذيب التهذيب ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت 825 ه) ، دار الفكر - بيروت 1404 ه.

47 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، لجمال الدين أبي الحجّاج يوسف المزّي (ت 742 ه) ، مؤسسة الرسالة - بيروت 1413 ه.

48 - تهذيب اللغة ، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370 ه) ، المؤسسة المصرية - القاهرة 1384 ه.

ص: 404

49 - التوحيد ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1398 ه.

50 - الثاقب في المناقب ، لابن حمزة محمد بن عليّ الطوسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة أنصاريان - قم المقدّسة 1412 ه.

51 - الثقات العيون في سادس القرون ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت 1392 ه.

52 - جامع الأخبار ، للشيخ محمد بن محمد السبزواري (من أعلام القرن السابع الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1414 ه.

53 - جامع الرواة ، للشيخ محمد بن عليّ الأردبيلي الغروي الحائري (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس سره - قم المقدّسة 1403 ه.

54 - الجامع الصغير ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911 ه) ، دار الفكر - بيروت 1401 ه.

55 - الجرح والتعديل ، للحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت 1371 ه.

56 - الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة ، للمحدّث محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، انتشارات طوس - مشهد المقدّس.

57 - الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ، لعبد القادر بن محمد بن محمد بن أبي الوفاء القرشي الحنفي (ت 775 ه) ، مؤسسة الرسالة - بيروت 1413 ه.

58 - جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لأبي البركات محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني (ت 871 ه) ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم المقدّسة 1415 ه.

59 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت 1405 ه.

60 - خاتمة المستدرك ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1415 ه.

61 - خصائص الوحي المبين ، لابن البطريق يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي

ص: 405

(ت 600 ه) ، دار القرآن الكريم - قم المقدّسة 1417 ه.

62 - الخصال ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1362 ه.

63 - دلائل الإمامة ، لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مؤسسة البعثة - قم المقدّسة 1413 ه.

64 - ديوان السيد الحميري ، لإسماعيل بن محمد بن يزيد الحميري (ت 173 ه) ، دار صادر - بيروت 1999 م.

65 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لمحبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري (ت 694 ه) ، مؤسسة الوفاء - بيروت 1401 ه.

66 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، دار الأضواء - بيروت 1403 ه.

67 - ذكر أخبار أصبهان ، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 ه) ، مطبعة بريل - ليدن 1931 م.

68 - رجال الطوسي ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف 1381 ه.

69 - رجال النجاشي ، لأبي العبّاس أحمد بن عليّ الأسدي الكوفي (ت 450 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1407 ه.

70 - الرسالة اللدنية (ضمن مجموعة رسائل الغزالي) ، لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت 505 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1406 ه.

71 - روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات ، للميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري الأصبهاني (ت 1313 ه) ، مكتبة إسماعيليان - طهران 1390 ه.

72 - الروضة في فضائل مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لبعض العلماء - نسخة مصوّرة من مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس سره - قم المقدّسة. تاريخ نسخها 1031 ه.

73 - روضة الواعظين ، للشيخ محمد بن الفتّال النيشابوري (ت 508 ه) ،

ص: 406

انتشارات دليل ما - قم المقدّسة 1423 ه.

74 - رياض العلماء وحياض الفضلاء ، للميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني (من أعلام القرن الثاني عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس سره - قم المقدّسة.

75 - السنن ، لابن ماجة محمد بن يزيد القزويني (ت 275 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1419 ه.

76 - سير أعلام النبلاء ، لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) ، مؤسسة الرسالة - بيروت 1405 ه.

77 - الشافي في الإمامة ، للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (ت 436 ه) ، مؤسسة الصادق عليه السلام - طهران 1410 ه.

78 - شذرات الذهب في أخبار من ذَهب ، لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1089 ه) ، دار الآفاق الجديدة - بيروت.

79 - شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي (ت 363 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1409 ه.

80 - شرح مائة كلمة ، للشيخ ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني (ت 679 ه) مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1390 ه.

81 - شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد عبد الحميد بن هبة الله المعتزلي (ت 655 ه) مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس سره - قم المقدّسة 1404 ه.

82 - شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني عبيد الله بن عبد الله الحنفي النيشابوري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مؤسسة الأعلمي - بيروت 1393 ه.

83 - الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393 ه) ، دار العلم للملايين - بيروت 1376 ه.

84 - صحيح الترمذي ، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

85 - الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم ، لأبي محمد عليّ بن يونس

ص: 407

العاملي النباطي البياضي (ت 877 ه) ، المكتبة المرتضوية.

86 - طبقات الشافعية ، لعبد الرحيم بن حسن بن عليّ الأسنوي (ت 772 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1407 ه.

87 - طبقات الشافعية الكبرى ، لعبد الوهاب بن عليّ بن عبد الكافي السبكي (ت 771 ه) ، دار إحياء الكتب العربية - القاهرة.

88 - طبقات المحدّثين ، لأبي الشيخ الأنصاري عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيّان (ت 369 ه) ، مؤسسة الرسالة - بيروت 1407 ه.

89 - طبقات المفسّرين ، لمحمّد بن عليّ بن أحمد الداوودي (ت 945 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1403 ه.

90 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لابن طاووس علي بن موسى الحسيني الحسني (ت 664 ه) ، مؤسسة الأعلمي - بيروت 1420 ه.

91 - العِبَر في خبر من غبر ، للمؤرّخ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1405 ه.

92 - العُدد القويّة ، لرضي الدين عليّ بن يوسف بن المطهّر الحلّي (من أعلام القرن الثامن الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس سره - قم المقدّسة 1408 ه.

93 - العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ، لمحمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي (ت 832 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1419 ه.

94 - علل الشرائع ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف 1385 ه.

95 - العمدة ، لابن البطريق يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي (ت 600 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1407 ه.

96 - عوالي اللئالي ، لابن أبي جمهور محمد بن عليّ بن إبراهيم الإحسائي (ت 940 ه) ، مطبعة سيد الشهداء - قم المقدّسة 1403 ه.

97 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، انتشارات جهان - طهران.

98 - غاية المرام وحجّة الخصام ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي

ص: 408

(ت 1107 ه) ، مؤسسة التاريخ العربي - بيروت 1422 ه.

99 - الغدير ، للشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت 1390 ه) مركز الغدير - قم المقدّسة 1424 ه.

100 - الغيبة ، للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) ، مؤسسة المعارف الإسلامية - قم المقدّسة 1411 ه.

101 - فرحة الغري ، للسيد عبد الكريم بن طاووس الحسني (ت 693 ه) مركز الغدير للدراسات الإسلامية - قم المقدّسة 1419 ه.

102 - الفردوس بمأثور الخطاب ، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي (ت 509 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1406 ه.

103 - الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة ولي العصر عليه السلام - قم المقدّسة 1422 ه.

104 - فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم ، لمنتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مجمع الذخائر الإسلامية - قم المقدّسة 1404 ه.

105 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية ، للشيخ عبّاس القمّي - طبعة ايران - باللغة الفارسية.

106 - قصص الأنبياء ، لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573 ه) ، مجمع البحوث الإسلامية - مشهد المقدّس 1409 ه.

107 - الكافي ، للشيخ محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 328 ه) ، دار الكتب الإسلامية - طهران 1388 ه.

108 - كامل الزيارات ، لابن قولويه جعفر بن محمد بن جعفر القمّي (ت 368 ه) ، نشر صدوق - طهران 1375 ه.

109 - كتاب الرجال ، لأبي جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي (ت 280 ه) ، نشر جامعة طهران 1342 ش.

110 - كتاب سليم بن قيس ، للتابعي سليم بن قيس الهلالي (ت 76 ه) ، نشر الهادي - قم المقدّسة - 1415 ه.

ص: 409

111 - كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار ، للسيد اعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (ت 1240 ه) ، مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس سره - قم المقدّسة 1409 ه.

112 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، لحاجي خليفة مصطفى بن عبد الله الرومي الحنفي (ت 1067 ه) ، دار الفكر - بيروت 1402 ه.

113 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة عليهم السلام ، لأبي الحسن عليّ بن عيسى الإربلي (ت 292 ه) ، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1426 ه.

114 - كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، للعلاّمة الشيخ حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت 726 ه) ، وزارة الإرشاد - طهران 1411 ه.

115 - كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لأبي عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي (ت 658 ه) ، دار إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام - طهران 1404 ه.

116 - كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1405 ه.

117 - الكنى والألقاب ، للشيخ عبّاس القمّي (ت 1359 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1425 ه.

118 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال ، للعلاّمة عليّ بن حسام المتقي الهندي (ت 975 ه) ، مؤسسة الرسالة - بيروت 1405 ه.

119 - لسان الميزان ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت 825 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت 1415 ه.

120 - اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها السلام ، للشيخ محمد عليّ بن أحمد التبريزي الأنصاري (ت 1310 ه) ، نشر الهادي - قم المقدّسة 1418 ه.

121 - مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، لابن شاذان أحمد بن عليّ بن الحسن القمّي (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، الدار الإسلامية 1409 ه.

122 - مجمع الزوائد ، للحافظ عليّ بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه) ، دار

ص: 410

الكتاب العربي - بيروت 1402 ه.

123 - مجمع النورين وملتقى البحرين ، لأبي الحسن بن محمد المرندي الدولت آبادي (ت 1349 ه) ، انتشارات آل عبا عليهم السلام - قم المقدّسة 1381 ه.

124 - المحتضر ، للشيخ حسن بن سليمان الحلّي (من أعلام القرن التاسع الهجري) ، المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف 1370 ه.

125 - المحكم والمحيط الأعظم ، لابن سيده عليّ بن إسماعيل المرسي (ت 458 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1421 ه.

126 - مدينة المعاجز ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي (ت 1107 ه) ، مؤسسة المعارف الإسلامية - قم المقدّسة 1413 ه.

127 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان ، لعبد الله بن أسعد بن عليّ اليافعي اليمني المكّي (ت 768 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1417 ه.

128 - المزار ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري (ت 413 ه) ، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1409 ه.

129 - المزار الكبير ، لأبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1419 ه.

130 - المستدرك على الصحيحين ، للحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري (ت 405 ه) ، دار المعرفة - بيروت 1418 ه.

131 - مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1407 ه.

132 - مستدركات علم الرجال ، للشيخ عليّ بن محمد النمازي الشاهرودي - حسينة عماد زاده - أصفهان 1412 ه.

133 - المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، للحافظ محمد بن جرير بن رستم الطبري (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، مؤسسة كوشانبور الثقافية - قم المقدّسة 1415 ه.

134 - مشارق أنوار اليقين ، للحافظ رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلّي (ت 813 ه) ، انتشارات الشريف الرضي - قم المقدّسة 1422 ه.

ص: 411

135 - المصباح ، للشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي العاملي (ت 905 ه) ، مكتبة الولاء - بيروت 1413 ه.

136 - مصباح الأنوار ، لهاشم بن محمد - مخطوط - مصورة من مكتبة السيد المرعشي قدس سره - قم المقدّسة.

137 - معالم العلماء ، لمحمّد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه) ، المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف 1380 ه.

138 - معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1361 ه.

139 - معجم البلدان ، لياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت 626 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1410 ه.

140 - معجم رجال الحديث ، للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره(ت 1413 ه) ، الطبعة الخامسة 1413 ه.

141 - المعجم الكبير ، للحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

142 - معجم مؤلّفي الشيعة ، لعليّ الفاضل القائيني النجفي - وزارة الإرشاد - طهران 1405 ه.

143 - معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحالة (ت 1408 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

144 - المعيار والموازنة في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، لأبي جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي المعتزلي (ت 220 ه) ، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر - بيروت 1402 ه.

145 - مقتضب الأثر ، لابن عيّاش أحمد بن عبيد الله الجوهري (ت 401 ه) ، مكتبة الطباطبائي - قم المقدّسة.

146 - مقتل الحسين عليه السلام ، لأبي المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم (ت 568 ه) ، مكتبة المفيد - قم المقدّسة.

147 - المناقب ، للموفّق بن أحمد بن محمد المكّي الخوارزمي (ت 568 ه) ،

ص: 412

مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدّسة 1411 ه.

148 - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب محمد بن عليّ المازندراني (ت 588 ه) ، دار الأضواء - بيروت 1412 ه.

149 - مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، للحافظ محمد بن سليمان القاضي الكوفي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم المقدّسة 1412 ه.

150 - مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لابن المغازلي عليّ بن محمد الشافعي (ت 483 ه) ، دار الأضواء - بيروت 1403 ه.

151 - ميزان الاعتدال ، للحافظ محمد بن أحمد الذهبي (ت 748 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت 1416 ه.

152 - النابس في القرن الخامس ، للعلاّمة الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1388 ه) ، دار الكتاب العربي - بيروت 1391 ه.

153 - نقد الرجال ، للسيد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1418 ه.

154 - نهج الإيمان ، لزين الدين عليّ بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع الهجري) مجمّع الإمام الهادي عليه السلام - مشهد المقدّس 1418 ه.

155 - نهج الحقّ وكشف الصدق ، للعلاّمة الشيخ حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت 726 ه) ، دار الهجرة - قم المقدّسة 1414 ه.

156 - نوادر المعجزات ، لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدّسة 1410 ه.

157 - الهداية الكبرى ، لأبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي (ت 334 ه) ، مؤسسة البلاغ - بيروت 1406 ه.

158 - هدية العارفين أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين ، لإسماعيل باشا البغدادي - دار الفكر - بيروت 1402 ه.

159 - الوافي بالوفيات ، لصلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (ت 764 ه) ،

ص: 413

دار النشر فرانزشتايز - فيسبادن 1381 ه.

160 - وسائل الشيعة ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم المقدّسة 1409 ه.

161 - وفيات الأعيان ، لأبي العبّاس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلّكان (ت 608 ه) ، دار صادر - بيروت 1398 ه.

162 - اليقين ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت 664 ه) ، دار العلوم - بيروت 1410 ه.

163 - ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت 1294 ه) ، دار الأُسوة - قم المقدّسة 1416 ه.

ص: 414

من ذخائر الترّاث

ص: 415

ص: 416

نبذة من كتاب

جواهر الكلام

في الحِكَم والأحكام ، من قصر أخبار سيّد الأنام

محمّد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

تأليف

القاضي ناصح الدين أبي الفتح عبد الواحد بن محمّ بن عبد الواحد التميميّ الآمديّ

المتوفّى حدود سنة 550 ه-

وصاحب كتاب «غرر الحِكَم ودرر الكلم»

تحقيق

السيّد حسن الموسويّ البروجردي

ص: 417

ص: 418

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلام مأخوذ من مادّة : (كَلْم) بمعنى الجَرح(1) ؛ وهو لا يؤثّر أثره المطلوب ولا يؤدّي بلاغته المقصودة ، إلاّ إذا كان في غاية الإيجاز والسلامة ، ولذلك جاء في أقوال العرب قولهم : «خير الكلام ما قلّ ودلّ»(2).

ومن هنا ، نرى أنّهم كانوا يعدّون بعضَ الكلمات والجُمَل المتناهية في البلاغة مُعجزاً من الكلام ، وفي هذا المضمار نجد أنّ أعراب البادية أصفى قريحةً وأشدّ تمكّناً من أداء اللغة ووجوه بلاغاتها ؛ لأنّهم رضعوا من الطبيعة صفاءها ، واستلهموا من المعاني أسناها ، وكانوا يعيرون أشدّ الاهتمام للُّغة وبلاغتها شعراً وخطاباً وسجعاً ، وكانوا يقدّسون أو يكافؤون الشعراء والخطباء ؛ لما يحملون من تراث فكريٍّ ولغويٍّ وأدبيٍّ لا يتيسّر إلاّ للأوحديّ منهم. 7)

ص: 419


1- الكَلْم : الجراحة ، والجمع كُلُوم وكلام. (لاحظ : الصحاح للجوهري 5 / 2023 ، النهاية 4 / 199 ، لسان العرب 12 / 524)
2- لاحظ : أدب الإملاء والاستملاء : 83 ، وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : «من أكثر أهجر». (دستور معالم الحِكَم : 27)

ولشدّة تعلّقهم بالبلاغة واحترامهم لأربابها ، كانوا يطلقون على الشاعر المفلَّق الفحل صفة : (العبقريّ)(1) ، وينسبونه إلى وادي (عبقر) ، زاعمين أنّ جنّ هذا الوادي أو بعضهم يأتون إلى هذا الشاعر ويلقون على لسانه مايعجز عنه الآخرون.

بل لشدّة هذا الاهتمام كانوا يكتبون أروع القصائد بماء الذهب ويعلّقونها على الكعبة ، فلذلك نشأت عندهم المعلّقات ، التي يعتزّون بها ربّما أكثر من اعتزازهم بأبطالهم ومحاربيهم.

ولهذا الأدب الثَّرّ كانوا أرقى أُمّةً في الفصاحة لايجاريهم فيها أحد ولا تكسر لهم في ذلك شوكة ، حتّى إذا جاء الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرآن الكريم بُهتوا وتحيّروا وعجزوا عن مجاراته ، مع أنّه تحدّاهم بأن يأتوا بسورة من مثله ، فلذلك راحوا ينعتونه تارةً بأنّه (شعر) ، أو (سحر) ، وأُخرى بأنّه (من أساطير الأوّلين) ووو ..

حتّى عجب قيس بن عاصم المنقريّ - رغم كفره - فقال لمّا سمع آيات من الذكر الحكيم : «والله إنّ له لطَلاوة ، وإنّ عليه لَحَلاوة ، وأسفله لَمُغْدِق ، وأعلاه مثمر ، ومايقول هذا بشر ...»(2).

وكانت بلاغة النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تالية لكتاب الله من حيث 1.

ص: 420


1- عن البيضاوي : «العبقري منسوب إلى عبقر ، تزعم العرب أنّه اسم بلد الجنّ ؛ فينسبون إليه كلّ شيء عجيب ..». (بحار الأنوار 68 / 74) وقال أبو عبيدة : «العبقري : من الرجال الذي ليس فوقه شيء ، ويطلق على السيّد والبيت والكبير. وقيل : هو منسوب إلى عبقر ، موضع بالباديّة يسكنه الجنّ ، فأطلقه العرب على كلّ ما كان عظيماً في نفسه فائقاً في جنسه». (مقدّمة فتح الباري : 149)
2- تفسير القرطبي 17 / 151.

الفصاحة ، والإعجاز ، وإيفاء المعنى ، والاختصار ، وجميع وجوه وفنون البلاغة ، والطبقة العليا من الكلام العربيّ الفصيح ، حتّى لقد طوتْ بلاغته صفحات بلغاء قريش وأدبائها وشعرائها وخطبائها وكهّانها ، ولهذا اعتنى الأُدباء والبلغاء كلّ العناية بكلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمعاً وشرحاً وتدويناً ، وحذوا حذوها ، وساروا على نهجها ، وأخذوا منها فنون الفصاحة والمعاني السامية ؛ وذلك على مرّ العصور وفي جميع الأزمان ، حتّى كان معاصروه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتشوّقون إلى سماع كلماته والاهتداء بهديها ، وكان السبّاق إلى هذا السبيل من هذا المعين إمام البلاغة ، وربيب النبوّة ، وغَذِيّ الوحي : ابن عمّه ووصيّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، الذي كان كلامه مَضْرَب المثل في البلاغة بعد كلام الله وكلام رسوله ، حتّى قال حبر الأُمّة عبد الله بن العبّاس : «وجدنا كلام عليّ دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوق»(1).

ولقد تنبّه إلى مشربي الفصاحة - أعني : رسول الله محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام - عبد الواحد التميمي الآمدي ، فكان منه أن جمع كلماتهما كلاًّ على انفراد في كتاب مستقلّ :

الأوّل منهما : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصر أخبار سيّد الأنام (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو هذا الكتاب الذي بين يديك.

وثانيهما : غرر الحِكَم ودرر الكلم من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام.

فجمع من ذلك ما تعثّر أو تعذّر جمعه على أهل زمانه ، وكان كتاباه 9.

ص: 421


1- جواهر المطالب لابن الدمشقي 1 / 299.

آيتين من آيات الإعجاز النبويّ والعلويّ ..

ونحمد الله سبحانه وتعالى أن تفضّل علينا بنسخة من المتبقّي من الكتاب الأوّل ؛ لتحقيقه ، وإظهاره إلى عالم النور في هذه الوريقات ، وقبل ذلك نذكر مقدّمة في تحقيق حال المؤلّف وكتابيه القيّمين.

* * *

ص: 422

حياة المؤلّف

اسمه ونسبه وكنيته :

عبد الواحد بن أبو نصر محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد ، القاضي ، ناصح الدين ، أبو الفتح ، التميميّ الآمديّ.

هكذا عنونه وكنّاه ونسبه كلّ مَن ترجم له وذكره ؛ منهم :

المصنّف نفسه في مقدّمة كتاب الغرر والمتبقّى من كتاب الجواهر.

تلميذه ابن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه)(1).

أبوالحسن علي بن محمد الواسطي (من أعلام القرن السادس الهجري)(2).

أبو البركات مبارك بن المستوفي الإربلي (ت 637 ه)(3).

المولى عبد الله بن عيسى الأفندي الإصفهاني (ق 12)(4).

مصطفى بن عبد الله القسطنطني ، المعروف بحاجي خليفة چلبي (ت 1067 ه)(5).

السيّد محمد باقر الخوانساري (ت 1313 ه)(6). 3.

ص: 423


1- معالم العلماء : 81 / 549.
2- لاحظ : مجلّة علوم الحديث ، العدد السابع ، الصفحة 275 ، عيون الحِكَم والمواعظ للواسطي في حلّته الجديدة ، لعلي موسى الكعبي.
3- تاريخ إربل 1 / 112.
4- رياض العلماء 3 / 281.
5- كشف الظنون 1 / 616.
6- روضات الجنّات 5 / 170 رقم 473.

المحدّث الميرزا حسين النوري (ت 1320 ه)(1).

الشيخ محمد محسن ، المدعوّ بآغا بزرك الطهراني (ت 1358 ه)(2).

الشيخ عبّاس القمّي (ت 1359 ه)(3) .. وغيرهم(4).

وقد ذكر كنية أبيه : (أبو نصر) حاجي خليفة في كشف الظنون ، نقلاً عن نسخة من كتاب جواهر الكلام.

وأيضاً فيه توصيف الأب ب- : (القاضي) ، ويظهر منه أنّ الأب والابن كلاهما كانا قاضيان بآمِد.

وأطلق عليه المولى العلاّمة الأفندي : (السيّد) ، وقال : هكذا وجدنا نسبه في بعض المواضع ، ثمّ قال : والمشهور أنّه لم يكن من السادات.

وأيضاً انفرد بإضافة اسم من أجداده ، وهو : (ابن المحفوظ) بعد جدّه (محمد) ، ولم يذكر هذا أحد من مترجميه ، وأوّل من أورده هو الأفندي ، فقال - بعد سرد نسبه عن كتاب تاريخ إربل الذي لم يذكر المحفوظ - : ولا يبعد أن يكون لفظة (المحفوظ) من ألقاب جدّه ، وكان لفظة (بن) من غلط النسّاخ ؛ فتأمّل. 3.

ص: 424


1- خاتمة مستدرك الوسائل 3 / 91.
2- طبقات أعلام الشيعة 2 / 169 ، الثقات العيون في سادس القرون.
3- الكنى والألقاب 2 / 7.
4- مختصر البصائر : 139 ، بحار الأنوار 1 / 16 و 1 / 34 ، معجم رجال الحديث12 / 41 ، إيضاح المكنون 1 / 414 ، هدية العارفين 1 / 635 ، الأعلام 4 / 177 ، معجم المؤلّفين 6 / 213.

نسبته بالتَمِيمِيّ :

بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها ، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، بين الميمين المكسورين ، هذه نسبة إلى بني تميم ، والمنتسب إليها جماعة كثيرة ، وهو يطلق على قبيلة مشهورة عربيّة منتشرة في البلاد(1).

نسبته بالآمِديّ :

بمدّ الألف ، وكسر الميم ، وفي آخرها الدال المهملة ، هذه نسبة إلى (آمِد) ، بليدة قديمة حصينة ، حسنة البناء من الجزيرة من ديار بكر(2).

وهي أعظم مدن دياربكر ، وأجلّها قدراً ، وأشهرها ذكراً ، وكانت طوائف من العرب في الجاهلية قد نزلت الجزيرة(3).

وقال المحقّق الأفندي : والذي سمعنا من بعض الجماعة أنّ «آمِد» بكسر الميم اسم لخصوص بلد دياربكر ، ودياربكر اسم جميع تلك الناحية ، وقد رأيت بخطّ صاحب القاموس تصحيح الآمدي بكسر الميم أيضاً ... وعامّة الناس يقولون بضمّ الميم.

وقال في تقويم البلدان : (آمِد) بمدّ الألف وكسر الميم ، وفي آخرها دال مهملة ؛ من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات من دياربكر من الإقليم الرابع ، ومدينة آمِد أولية من دياربكر ، وهي على غربي دجلة ، كثيرة الشجر والزرع(4).ن.

ص: 425


1- الأنساب للسمعاني 1 / 478 ، وانظر : معجم قبائل العرب 1 / 126.
2- الأنساب 1 / 66.
3- معجم البلدان 1 / 57.
4- تقويم البلدان : الورقة 146 من مصوّرة نسخة مكتبة الفاتيكان.

قال ابن حوقل : وهي مدينة عليها سور على غاية الحصانة كثيرة الخصب.

قال في العزيزي : وآمد مدينة جليلة عليها حصن عظيم وسور من الحجارة السود التي لا يعمل فيها ولا تضرّها النار ، والسور مشتمل عليها ، وعلى عيون ماء ، ولها بساتين ومزارع كثيرة - انتهى(1).

المعروفون بالآمدي :

قد اشتهر لفيف من العلماء والمحدّثين .. وغيرهم بهذا اللقب ، منهم :

1 - أبو الحسن ، سيف الدين ، علي بن أبي علي محمد بن سالم التغلبي الآمدي (ت 631 ه) صاحب كتاب الإحكام في أُصول الأحكام(2).

2 - أبو الحسين الآمدي ، ذكره النجاشي في طريقه إلى إبراهيم بن بشر(3).

3 - أبو القاسم ، الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي (ت 371 ه) ، صاحب كتاب الموازنة بين الطائين والمؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء.

4 - أبو بكر ، محمد بن عثمان الآمدي(4).

5 - أبو علي ، الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب بن 2.

ص: 426


1- رياض العلماء 3 / 283 ، ولاحظ سفرنامه ناصرخسرو ، في وصف بلدة (آمد) ، حين وروده إليها في سنة 483 ه- ، وهذه السنة زمان حياة مؤلّفنا.
2- الإحكام في أُصول الأحكام 1 / 8 ، مقدّمة التحقيق.
3- رجال النجاشي : 23 رقم 35.
4- تاريخ بغداد 3 / 260 رقم 1302.

عبد العزيز الآمدي ، ذكره الشيخ الطوسي في الأمالي ، ونقل عنه أبو المفضّل الشيباني(1).

6 - ابراهيم بن علي الآمدي (ت 575 ه)(2).

7 - أبو عبد الله ، محمد بن أحمد بن تغلب الآمدي ، يروي عنه أبو سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني في أدب الإملاء(3).

عصره ومعاصروه :

لم يتسنّ لنا الوقوف على سنة ولادته ووفاته بالدقّة والضبط ، نعم ذكر إليان سركيس (ت 1351 ه) : إنّ تاريخ وفاته في سنة 510 ه- ، كما على ظهر نسخة مخطوطة من كتاب غرر الحِكَم التي رآها في بيروت ، وتاريخها 1007 ه(4) ، وذكر العلاّمة السيّد محمد صادق بحر العلوم - سبقاً من القلم - هذا التاريخ هو تاريخ ولادته(5).

ذكر المستشرق كارل بروكلمن (Brockelmann) تاريخ وفاته سنة 436 الهجريّة ، المطابق مع سنة 1144 الميلادي ، والحال أنّ في هذا النقل اشتباهاً فاحشاً ؛ وهو أنّ سنة 1144 الميلادي تطابق سنة 536 الهجريّة ، والظاهر أنّه اشتبه في ذكره بدلاً من 536 ه(6). ات

ص: 427


1- الأمالي : 497 رقم 58.
2- لسان الميزان 1 / 81 رقم 244 ، ميزان الاعتدال 1 / 50 رقم 159.
3- أدب الإملاء والاستملاء : 7 و 33.
4- معجم المطبوعات العربيّة 1 / 9 ، الذريعة 16 / 38 رقم 164 ، طبقات أعلام الشيعة 2 / 169 ، الثقات العيون في سادس القرون.
5- معالم العلماء : 10 ، المقدّمة.
6- الذيل لبروكلمن 1 / 75 ، وبمثل ذلك ارتأى إيوانف المستشرق في المخطوطات

وقال المستشرق الألماني وليم أهلورد (Vilheim Ahlwardt) في ذلك أنّه كان حيّاً إلى سنة 520 ه- ، ولكن لم يذكر مصدر كلامه ، ولعلّه مأخوذ من كلام حاجي خليفة ذيل كتاب جواهر الكلام عند ذكر بعض مشايخه الذين أخذ الآمدين منهم في جمع كتابه الجواهر ؛ ويعدّ منهم أحمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الواعظ المتوفّى 520 ه.

وأيضاً صرّح الچلبي أنّ الآمدي نقل عن الغزالي في سنة 510 ه- بآمِد ، والظاهر أنّ هذا مستند كلامه.

وأيضاً أرّخ حاجي خليفة (ت 1067 ه) وفاته في سنة 550 ه- ، واستظهر إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 ه) ، والزركلي (ت 1410 ه) وغيرهما : إنّ تاريخ وفاته في حدود سنة 550 ه(1) ، وهذا أوفق بعصره وطبقته ؛ وذلك لرواية ابن شهرآشوب المولود سنة 488 ه- والمتوفّى 588 ه- ، وأبو عبد الله البُستي المولود 500 ه- والمتوفّى 584 ه- ، عنه.

وأمّا كلام صاحب الروضات من أنّ الآمدي : كان من جملة معاصري شيخنا الطوسي (ت 460 ه) ، وسيّدنا المرتضى (ت 436 ه) والرضي (ت 406 ه) رحمهم الله تعالى(2) ، ففيه ما فيه.

والحقّ أنّه من معاصري تلامذة الشيخ الطوسي ونظرائه ، ومتأخّر طبقة عنهم ، كما صرّح بذلك الأفندي ، وقال : هذا الشيخ معاصر لابن شهرآشوب 3.

ص: 428


1- إيضاح المكنون 1 / 414 و 635 ، الأعلام 4 / 177 ، معجم المؤلّفين 6 / 213.
2- روضات الجنّات 5 / 172 - 173.

ومتأخّر عن الشيخ الطوسي(1).

عقيدته ومذهبه :

صرّح جمع غفير من أعلام الإماميّة وفطاحل المذهب بتشيّع الرجل ، منهم :

تلميذه ابن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه) ، والعلاّمة محمد باقر المجلسي (ت 1110 ه) ، والمولى المحقّق الأفندي الأصفهاني (ق 12) ، والمحدّث الخبير النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، والعلاّمة السيّد حسن الصدر العاملي الكاظمي (ت 1354 ه) ، والمحدّث القمّيّ (ت 1359 ه) ، وشيخ مشايخ الحديث آغا بزرك الطهراني (ت 1389 ه).

فقد صرّح ابن شهرآشوب بتشيّعه في كتاب المناقب حيث قال - في أثناء تعداد كتب الخاصّة ، وبيان أسانيد تلك الكتب - : «وقد أذن لي الآمدي في رواية غرر الحِكَم»(2) ، وأيضاً لذكره إيّاه في المعالم مطلقاً(3) ، مع دأبه لذكر مذهب الرجل إن لم يكن من الإماميّة(4).

وأيضاً ذكره العلاّمة المجلسي في مقدّمة بحار الأنوار في ضمن الإشارة إلى أسماء المصنّفين في الأخبار من جملة علمائنا الأخيار ؛ وعدّ 0.

ص: 429


1- رياض العلماء 3 / 282.
2- المناقب 1 / 14.
3- معالم العلماء : 81 رقم 549.
4- معالم العلماء : 16 رقم 77 ، 25 رقم 123 ، 61 رقم 419 ، 71 رقم 482 ، 72 رقم 485 و 486 ، 76 رقم 506 ، 81 رقم 550 ، 84 رقم 572 ، 118 رقم 787 ، 119 رقم 790.

كتابه غرر الحِكَم ودرر الكلم من جملة الكتب المعتبرة التي ينقل عنها في البحار(1).

وجزم في تشيّعه المحقّق الأفندي ، وقال في حقّه : فاضل عامل محدّث إماميّ ، ثمّ قال : وبالجملة : فقد عدّه جماعة من الفضلاء من جملة أجلّة العلماء الإماميّة(2).

وارتأى المحدّث النوري تشيّعه ، وقال : لا مجال للشكّ في كونه من علمائنا الإماميّة(3).

وقال السيّد الصدر في بغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات ، في أواخر الطبقة الثامنة ضمن مشايخ القطب الراوندي(ت 573 ه) : وعن ابن شهرآشوب أيضاً ، عن الآمدي صاحب غرر الحِكَم ودرر الكلم ناصح الدين ، أبي الفتح عبد الواحد بن محمد التميميّ الإمامي الشيعي ، وقد شرح كتابه الآقا جمال الدين الخوانساري للشاه سلطان حسين الصفوي بالفارسية(4).

وذكر المحدّث القمّي (ما هذا معرّبه) : الفاضل المذكور إماميّ المذهب ، كما صرّح بذلك جمع من العلماء ، منهم قطب المحدّثين ابن شهرآشوب ، الذي هو من المجازين من قبله ، ومن تفحّص في روايات ق.

ص: 430


1- بحار الأنوار 1 / 16 و 34.
2- رياض العلماء 3 / 281 ، قال النوري في خاتمة المستدرك 3 / 96 : «ثمّ إنّ صاحب الرياض مع سعة اطّلاعه لم ينقل في ترجمته احتمال عامّيته عن أحد ، بل صرّح بأنّ جملة من الفضلاء ... فلا ينبغي التأمّل بعد ذلك فيه».
3- خاتمة مستدرك الوسائل 3 / 91 ، في عدّ مشايخ ابن شهرآشوب ، الشيخ الواحد والعشرون.
4- شرح غرر الحِكَم للمحقّق الخوانساري 1 : قط ، مقدمة التحقيق.

كتابه الغرر ، وتدبّر فيها يظهر له إماميّته(1).

وقد عدّه شيخنا الطهراني في ضمن طبقات أعلام الشيعة من الثقات العيون في سادس القرون(2).

شاهد صادق :

أورد شيخنا المحدّث النوري ؛ جملة من أحاديث كتاب غرر الحِكَم ودرر الكلم عن أمير المؤمنين عليه السلام ، التي لا يقدم العامي على روايتها.

وقال - في الدليل الثالث والرابع في إثبات تشيّع الآمدي - :

وأمّا ثالثاً : فلأنّه المتأمّل في هذا الكتاب الشريف [أي الغرر] الخبير بأحاديث كتب أصحابنا يعلم أنّه جمع ما فيه منها واستخرجه عنها ، وهذا متوقّف على الأُنس بمؤلّفات أصحابنا ، وطول التصفّح في الأخبار المناسبة له.

وهذا من غير الإماميّ المخلص بعيد غايته ، بل لم نجد فيهم من دخل في هذا الباب ، وتمسّك بطريقة الأصحاب.

وأمّا رابعاً : فلأنّه أخرج فيه بعض الأخبار الخاصّة التي يستوحش منها المريضة قلوبهم ... ثمّ أورد قائمة من تلك الأخبار ، مثل :

قوله عليه السلام : «... وليس منّا أهل البيت إمام ، إلاّ وهو عارفٌ بأهلِ ولايته»(3).

وقوله عليه السلام : «أنا خليفة رسول الله فيكم ، ومقيمكم على حدود 1.

ص: 431


1- الفوائد الرضويّة : 259 - 260.
2- طبقات أعلام الشيعة 2 / 169.
3- غرر الحِكَم ودرر الكلم 1 / 255 رقم 1.

دينكم وداعيكم إلى جنّة المأوى»(1).

وقوله عليه السلام : «بنا اهديتم الظلماء ، وتَسَنَّمْتُمُ العلياء ، وبنا انفجرتم عن السِّرار»(2).

وقوله عليه السلام : «بنا فتح الله ، وبنا يختِمُ ، وبنا يمحو مايشاء ويُثْبِتُ ، وبنا يدفع الله الزمان الكَلِب ، وبنا ينزل الله الغيث ، فلايغرنّكم بالله الغرور»(3).

وقوله عليه السلام : «واعجباً ، أَتكُون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة»(4).

وقوله عليه السلام : «... ولقد قُبِضَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّ رأسه لعلى صدرِي ، ولقد سَالَت نَفْسُهُ في كَفِّي ، فأَمْررتُها على وجهِي ، ولقد ولَّيت غُسْلَهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) والملائكُة أعواني ، فضجّتِ الدارُ والأفنية ، ملأٌ يَهْبِطُ وملأٌ يعرج ، وما فارقَتْ سمعي هينمةً منهم يصلُّون عليه حتّى واريناه في ضريحهِ ، فمن ذا أحقّ به منِّي حيّاً وميّتاً»(5).

وقوله عليه السلام : «لا تخلو الأرضُ من قائم لله بحججهِ إمّا ظاهراً مشهوراً ، وإمّا باطناً مغموراً ؛ لئلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وبيِّناته»(6).

وقوله عليه السلام : «إنّما الأئمّة قوّام الله على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل النّار إلاّ من أنكرهم وأنكروه».

.. ونظير هذه الكلمات الكثيرة التي لم يوردها إلاّ رجل إماميّ 4.

ص: 432


1- غرر الحِكَم ودرر الكلم 1 / 256 رقم 13.
2- غرر الحِكَم ودرر الكلم 1 / 308 رقم 38.
3- غرر الحِكَم ودرر الكلم 1 / 308 رقم 38.
4- غرر الحِكَم ودرر الكلم 2 / 306 رقم 64.
5- غرر الحِكَم ودرر الكلم 2 / 308 رقم 86.
6- غرر الحِكَم ودرر الكلم 2 / 362 رقم 384.

مخلص(1).

مؤلّفاته وآثاره العلميّة :

1 - جواهِرُ الكلامِ في الحِكَم والأحكامِ من قِصَر أخبار سيّد الأنام.

وهو هذا الكتاب ، وسنبحث عنه.

2 - غُرَر الحِكَم ودُرَر الكَلِم.

ذكره ابن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه) ، ورواه عن مؤلِّفه بدون الواسطة ، ونقل عنه في كتابه المناقب(2) .. وغيرهم من الأعلام ك- : علي بن محمد الليثي الواسطي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، وزين الدين علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع) ، وعلي بن يونس العاملي (ت 877 ه) ، والعلاّمة المجلسيّ (ت 1110 ه) .. وغيرهم كثيرون من المتقدّمين والمتأخّرين.

وبالجملة ، هذا الكتاب معروف مشهور للغاية ، وقد شرحه المحقّق الآغا جمال الدين بن الآغا حسين الخوانساري (1125 ه) بالفارسيّة ، وهذا الشرح مبسوط في مجلّدين ضخمين ؛ ألّفه باستدعاء الشاه سلطان حسين الصفوي(3).

وأيضاً له شروح وتراجم وتلخيصات كثيرة ، منها كتاب منتخب الجواهر العليّة في الكلمات العلويّة للمولى عليّ البغدادي ، قال في مقدّمته : ن.

ص: 433


1- خاتمة مستدرك الوسائل 3 / 93 - 94.
2- لاحظ : المناقب 1 / 327 و 318.
3- الذريعة 13 / 376 رقم 1409 ، حقّقه الفاضل المرحوم السيّد جلال الدين المحدّث الأُرموي ، وطبعه في مكتبة جامعة طهران.

«غصتُ في بحر غرر الحِكَم ودرر الكلم التي جمعها من حكمه - صلوات الله عليه - أوحديّ الزمان ، وعلاّمة العصر والأوان ، عبد الواحد الآمدي التميمي ...»(1).

جمع المؤلّف فيه الكلم القصار ، والحِكَم والأمثال ، من أحاديث وأخبار مولانا أمير المؤمنين عليه صلوات المصلّين ، وذكر في مقدّمته في سبب جمعه وتأليفه :

«فإنّ الذي حداني على تخصيص فوائد هذا الكتاب وتعليقتها وجمع كَلِمه وتنميقها ؛ ماتنجح به أبو عثمان الجاحظ عن نفسه ، وعدّده وزبره في طرسه ، وحدّده من المائة الحكميّة الشاردة عن الأسماع ، الجامعة لأنواع الانتفاع ، التي جمعها عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فقلت : يا لله العجب! من هذا الرجل ، وهو علامة زمانه ، ووحيد أقرانه ، مع تقدّمه في العلم ، وتسنّمه ذروة الفهم ، وقربه من الصدر الأوّل ، وضربه في الفضل بالقدح الأفضل والقسط الأجزل ، كيف غشى عن البدر المنير؟ ورضي من الكثير باليسير؟ وهل ذلك إلاّ بعض من كلّ؟ وقلّ من جلّ؟ وطلّ من وبل؟ ..».

والمؤلّف حذف أسانيد الكلمات ؛ رعايةً للاختصار ، مع تصريحه بوجود ما عنده من الأسانيد ، حتّى أدّى إلى تقليل حجم الكتاب والإفادة من أخباره.

أقول : بلاغة ورفعة هذه المرويّات تضمّنت درجة عالية علميّة تدلّ بنفسها على صحّتها ، وعلى قول المناطقة (قضية قياساتها معها). ع.

ص: 434


1- منتخب الجواهر العليّة : 43 ، المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه ، العدد السابع.

وكتاب الغرر مرتّب - بيد مؤلّفه الآمدي - على أساس الكلمة الأُولى ، وفقاً لحروف الهجاء على طريقة السلف من العلماء ، وجعله ماتوافق من أواخر حكمه وتطابق من خواتم كلمه مسجّعاً مقرّناً ؛ لكونه أوقع بسماع الآذان ، ويسهل حفظه على قاريه ..

ولهذا الكتاب عدّة طبعات في إيران ، العراق ، مصر ، الهند وبيروت ، وأيضاً له عدّة نسخ كثيرة جدّاً يقرب إلى مائة وخمسين مخطوطة ؛ ولنذكر هنا أقدم هذه المخطوطات :

1 - مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه السلام برقم 1168 ، تاريخها 517 ه.

2 - مخطوطة مكتبة المرعشي برقم 6459 ، كتبت في القرن السابع الهجري.

3 - مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه السلام برقم 17721 ، كتبت في القرن السابع الهجري.

4 - مخطوطة مكتبة مدرسة غرب همدان برقم 12425 ، تاريخها 704 ه.

5 - مخطوطة مكتبة ملك في طهران برقم 2337 ، تاريخها 719 ه.

6 - مخطوطة مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف الأشرف تاريخها سنة 740 ه- ، عن نسخة تاريخها سنة 582 ه.

7 - مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه السلام برقم 9625 ، كتبت في القرن الثامن الهجري.

8 - مخطوطة مكتبة جامعة طهران برقم 95 ، كتبت في القرن الثامن الهجري عليها ، إجازة لكن ألصق عليها الأوراق.

9 - مخطوطة مكتبة الجامعة الأمريكيّة في بيروت تاريخها 793 ه.

ص: 435

10 - مخطوطة مكتبة طوپقپو في إسطنبول تاريخها 878 ه.

11 - مخطوطة المكتبة الوطنيّة في طهران برقم 1845 / ع ، تاريخها 891 ه.

12 - مخطوطة مكتبة السيّد المرعشي تاريخها 899 ه.

13 - مخطوطة مكتبة مجلس الشورى تاريخها 900 ه.

2 - كَشَّافُ العُقُولِ والأَدْيانِ.

ذكره شيخنا الطهراني في الذريعة ، وقال : إنّه للمولى عبد الواحد الآمدي ، نقل عنه محمد الدهدار(1) في كتاب معرفة الإمام كلام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام : «بشرطها وشروطها وأنا من شروطها ...» ، قال : يعني الاعتقاد بإمامتي وفرض طاعتي(2).

أقول : إن صحّ نسبة الكتاب إليه ؛ يظهر جليّاً من هذا الكلام إماميّة الرجل.

هذا الكتاب :

ذكره أبو البركات مبارك بن المستوفي الإربلي (ت 637 ه) ، وزين الدين علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع) ، وحاجي خليفة چلبي (ت 1067 ه) ، وإسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 ه) ، وشيخنا الطهراني (ت 1389 ه). 5.

ص: 436


1- هو المولى العارف ، الشيخ محمد بن الشيخ محمود بن محمد دهدار الحقري الشيرازي الدهلوي ، المتخلّص بعياني ، من أعلام القرن الحادي عشر.
2- الذريعة 18 / 1 رقم 382 و 21 / 247 رقم 4865.

جمع فيه المؤلّف قصار كلمات الرسول المكرّم والنبيّ المعظّم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وألّفه بعد سنة 510 ه- ، وطريقته فيه كطريقته في كتاب الغرر والدرر ، مجرّدةً عن الأسانيد ، مرتّبةً على حروف المعجم ، ليسهل حفظه على قاريه .. وهو مجلّد واحد كبير ، اشتمل على ثمانية عشر ألف حديث في أجزاء ؛ واختصّ كلّ جزء بحرف ، ورتّب بعض الحروف على كلمات خاصّة مثلاً بحرف ياء النداء .. وهكذا.

وذكر الآمدي في خطبته أنّه لم يذكر فيه شيء ممّا ذكره القاضي محمد بن سلامة القضاعي المغربي (ت 454) في كتابه الشهاب في الحِكَم والآداب.

سمع كتاب الجواهر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد البُستي(1) ، عن مؤلّفه الآمدي ، وقال أبو البركات الإربلي : رأيت طبقة لّ

ص: 437


1- ترجمه الإربلي في تاريخه 1 / 112 - 113 ، وقال فيه : من بُست ، صوفيّ مشهور ، وديّن مذكور ، ممّن ينسب إلى الكرامات ، ويشار إليه عند ذكر أصحاب المقامات ، كثير المجاهدة والرياضة ، حسن المعاملة والعبادة ، لم يطعم الخبز عمره ، إنّما كان يأكل يسيراً من اللبن ، ورد إربل ، ونزل بالقلعة في الجانب الغربي من مسجدها الجامع في آخر موضع فيه ، فهو إلى الآن يعرف بزاوية البُستي رحمه الله ، كان يزوره الأكابر وينعكفون على خدمته ، رأيته وأنا صغير مع والدي رحمه الله ، سكن من المسجد الجامع بالربض في القبّة التي بناها والدي شماليه ، وهي معروفة إلى الآن ... ذكر أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي ، قال : ذكر لي ما يدلّ على أنّ مولده سنة 500 خمسمائة ، وتوفّي برُوذَراوَر من نواحي همذان ، في شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، ودفن هناك. له مصنّفات فيها كلام عادل ، يعجز الفهم عن إدراكه ، ومن كلامه : «الأرواح مراسيس القلوب فمن حيث يتوجّه الصفاء ، ويوجد الوفاء ، ومن حيث تغلّ

سماعه في جزء منه.

وكان نسخة منه عند زين الدين حسين بن جبير ، ونقل عنها في كتابه نهج الايمان في موضعين عن الجزء الثالث منها.

ورأى نسخة منه حاجي خليفة ، وقال عنه : «.. مجلّد أوّله : الحمد لله استمطاراً لسحائب كرمه .. إلى آخره ، ذكر أنّه جمعه وانتخبه متوناً مجرّدةً ، ورتّبه على حروف المعجم ؛ ليسهل حفظه من مسموعاته على والده القاضي أبي نصر محمد وغيره ، كالشيخ أحمد الغزالي بآمد سنة عشر وخمسمائة ، وممّا نقله من الصحيحين ، وقوت القلوب ، وممّا رواه أبو بكر الآجري ، والقاضي أبو نصر بن ودعان الموصلي ، وحجّة الإسلام الغزالي ، والشيخ أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين ، والشيخ أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي في الترغيب والترهيب»(1).

وذكر له إسماعيل باشا كتابين بهذا العنوان :

1 - جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصّة سيّد الأنام عليه الصلاة والسلام.

2 - الحِكَم والأحكام من كلام سيّد الأنام(2).

أقول : لم أجد هذا الكلام في غير هذا الموضع ، ولم أقف على مستنده ؛ والظاهر أنّه سهو منه ، ومن المستبعد جدّاً أن يترك الآمدي كتابين 4.

ص: 438


1- كشف الظنون 1 / 616.
2- هديّة العارفين 1 / 635 ، إيضاح المكنون 1 / 414.

بهذا التقريب في الاسم.

واتّبعه في ذلك الطهراني في الذريعة وذكره في موضعين ، ولكنّه قال : ذيل الحِكَم والأحكام : ذكر في ذيل كشف الظنون أنّه للقاضي أبي الفتح الآمدي ، ولعلّ مراده غرر الحِكَم ودرر الكلم الآتي في حرف الغين ، كما أنّه ذكر حِكَم الأسرار للسبزواري وهو أسرار الحِكَم .. (1).

وأمّا اسم الكتاب :

فقد ذكره كلّ المفهرسين بعنوان : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصّة سيّد الأنام.

قال الجوهريّ (ت 393 ه) : القصّة : الأمر والحديث. وَقدْ اقتصصتُ الحديثَ : رَوَيتُه عَلَى وَجْهِه. وقد قَصَّ عَلَيه الخَبَرُ قصصاً(2).

وجاء في نسختنا الملخّصة عن خطّ المؤلّف : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام ، من قصر أخبار سيّد الأنام ، محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

وهذا أقرب لموضوع الكتاب ، كما أنّه مأخوذ عن خطّ المؤلّف ، ولعلّ كلمة (قصّة) تصحيف من (قصر).

حول نبذة الجواهر :

لم أقف على ذكر لملخِّص هذا الكتاب في المخطوطة التي بين أيدينا ، ولا على ذكر له في الفهارس والمعاجم.

وعلى أيٍّ ، فقد ظفر الملخّص بنسخة خطّ المؤلّف عندما صرّح في 1.

ص: 439


1- الذريعة 7 / 53.
2- الصحاح 3 / 1051.

المقدّمة ، وأنّها عند شيخه الحافظ عزّالدين أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عمر.

وهو : أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج الواسطي الشافعي المغربي الصوفي الفاروثي ، عزّ الدين ، أبو العبّاس ، ولد بفاروث(1) في 26 ذي القعدة سنة 614.

قال ابن كثير (ت 774 ه) : «سمع الحديث ورحل فيه ، وكانت له فيه يد جيّدة ، وفي التفسير والفقه والوعظ والبلاغة ، وكان ديّناً ، ورعاً ، زاهداً ، قدم إلى دمشق في دولة الظاهر ..»(2).

وقال تقي الدين ابن فهد المكّي (ت 871 ه) : «كان إماماً ، عالماً ، متقناً ، متضلّعاً من العلوم والآداب ، حسن التربية للمريدين ..»(3).

وتوفّي سنة 694 بواسط القصب.

وله ترجمة في تاريخ الإسلام 52 / 207 ، والوافي بالوفيات 6 / 139 ، وفوات الوفيات 1 / 109.

وبالجملة ، تشتمل هذه النبذة على 272 حديثاً من قصار كلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

نسخة الكتاب :

حصلنا على نسخة الكتاب من زميلنا الأخ المهذّب سماحة الشيخ 6.

ص: 440


1- قال في معجم البلدان 4 / 229 : الفاروث : قرية كبيرة ذات سوق على شاطئ دجلة بين واسط والمذار ، أهلها كلّهم روافض ، وربّما نسبوا إلى الغلوّ.
2- البداية والنهاية 13 / 403.
3- لحظ الألحاظ : 85 - 86.

محمّد بركت - أطال الله بقاءه - وهي ضمن مجموعة كتب في المكتبة الرضوية في مشهد المقدّسة كثيرة الأخطاء ، وتتكوّن من 5 صفحات ، وفي كلّ صفحة 27 سطراً.

وتوجد نسخة مصحّحة من الجزء الثاني من الكتاب تحت اسم (جواهر الكلام في الحِكَم من كلام سيد الأنام محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)) في مكتبة الأسد في سوريا برقم 17945 والخطّ نسخي متأثرة بالرطوبة في 78 ورقة.

وفي الختام :

إنّ أملي كبير بأن نعطي لهذه النبذة النفيسة ما تستحقّه من جهد وصبر ، والله تعالى هو الموفّق للصواب وهو من وراء القصد ، فله الحمد والمنّة.

والصلاة والسلام على الرسول المكرّم محمد بن عبد الله ، وعلى وصيّه خير الأوصياء ، وآله الطيّبين الطاهرين ..

السيّد

حسن الموسويّ البروجرديّ

قم

المقدّسة

عيد

الغدير الأغرّ

عام

1427 ه-

ص: 441

صورة

ص: 442

صورة

ص: 443

نبذة

جواهر الكلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على حبيبه ورسوله محمد سيّد الكونين ورسول الثقلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وتابعيهم إلى يوم الدين.

هذه أحاديث شريفة انتجبتها من كتاب :

جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام

من قصر أخبار سيّد الأنام

محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

ممّا جمعه ورتّبه ولخّصه ورصفه على حروف المعجم ، [و] صنّفه الإمام العالم الفاضل عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الآمديّ التميميّ تغمّده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنّته.

وهو مجلّد واحد كبير بخطّ مصنّفه ، وذكر في خطبته أنّه لم يذكر فيه شيئاً ممّا ذكره الإمام القضاعيّ في كتابه الموسوم ب- : الشهاب ، ولا خبراً واحداً ؛ وكنت يوماً بين يدي سيّدنا وشيخنا الإمام الحافظ عزّ الدين أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عمر الفاروث(1) قدّس الله ب.

ص: 444


1- في الأصل : (الفاروق) ، والصحيح ما أثبتناه ، انظر عنه مقدّمة الكتاب.

روحه ونوّر ضريحه.

وهذا كتاب جواهر الكلام نبذة ؛ فذكر أنّه يشتمل على ثمانية عشر ألف حديث ، والله الموفّق وهو نعم المعين.

* * *

ص: 445

بابُ الألفِ

[1 / 1] الشَّيْبُ وَقارٌ(1).

[2 / 2] المُؤمِنُ أَلُوفٌ.

[3 / 3] الرَّأيُ مُشْتَركٌ.

[4 / 4] المُؤمِنُ غَيُورٌ.

[5 / 5] الغَادِرُ مَخْذُولٌ.

[6 / 6] المُؤمِنُ جَوادٌ بِمَا يَجِدُ.

[7 / 7] العَمَلُ مَعَ الكُفْرِ هَباءٌ.

[8 / 8] الصَّدَقةُ تَدْفَعُ(2) البَلاءَ.

[9 / 9] المُؤمِنُ(3) هَدِيّةُ اللهِ إلَى العَبْدِ.

[10 / 10] اليَمِينُ الكَاذِبةُ تُنَقِّصُ العُمْرَ.

[11 / 11] التَّوبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَها.

[12 / 12] القَهْقَهَةُ مِن الشَّيْطانِ.

[13 / 13] الأَجَلُ نِعْمَ الرَّوَاءُ(4).

[14 / 14] الدُّعَاءُ يَدْفَعُ القَدَرِ.

[15 / 15] الصَّلاةُ صِلةٌ بِاللهِ. ً.

ص: 446


1- قال في العين 5 / 207 : الوَقارُ : السَّكينةُ والوَداعةُ. ورجلٌ وَقورٌ ووَقّارٌ ومُتَوقِّر : ذو حِلم ورَزانَة.
2- في الأصل : (يدفع).
3- كذا في المخطوطة.
4- قال في النهاية 2 / 279 : الرَّواءُ بالفتح والمدّ : الماءُ الكَثيرُ. وقيل : العَذْب الذي فيه للوَارِدِين رِيّ ، فإذا كسرت الراء خَصَرْتَهُ ، يقال : ماءٌ رِوىً.

[16 / 16] الدُّنْيا دَارُ البَلاَيا.

[17 / 17] العُلَمَاءُ مَصَابِيحُ النَّاسِ.

[18 / 18] الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ صَدَقةٌ.

[19 / 19] الدُّنْيَا هُمومٌ وَغُمومٌ.

[20 / 20] الصِّيامُ جُنَّةٌ مِن النَّارِ.

[21 / 21] الأيَّامُ دُولٌ(1).

[22 / 22] المَعْزَلةُ عِبَادَةٌ.

[23 / 23] العِلْمُ بَالتَّعَلُّمِ.

[24 / 24] البَادِئُ أظْلَمُ.

[25 / 25] القُلُوبُ تشاهَدُ(2).

[26 / 26] الدَّيْنُ يُفْسِدُ الدِّينَ.

[27 / 27] الأَمَلُ بِالدُّنْيا عَمَى القُلوبِ.

[28 / 28] الرِّضا بِالمَقدُورِ يُهَوِّنُ صِعابَ الأُمورِ.

[29 / 29] أَعْمَالُكُمْ عُمَّالُكُمْ كَما تَكُونُوا(3) يُوَلَّى عَلَيْكُمْ.

[30 / 30] الدُّنيا دارُ مَنْ لاَ دَارَ لَهُ. 0.

ص: 447


1- الدُّوَل جمع الدَّولَة والدُّولةُ - ضمّاً وفتحاً -. قال في مجمع البحرين 5 / 374 : يقال الدُّولَة بالضمّ [انتقال] المال ، وبالفتح [الغلبة في] الحرب. قال العلاّمة المجلسي قدس سره في ذيل الحديث : إنّ ملك الدنيا وملكها وعزّها تكون يوماً لقوم ويوماً لآخرين. (بحار الأنوار 1 / 83)
2- في الأصل : يتشاهد.
3- إسقاط النون على اللغة القليلة التي تحذف نون الرفع لمجرّد التخفيف. لاحظ : حاشية الدسوقي 3 / 510.

[31 / 31] الضَّرْبُ عَلَى الخَدِّ عِنْدَ المُصَيبَةِ يُحْبِطُ الأَجْرَ(1).

[32 / 32] الصَّدقَةُ لِصَاحِبِها يَومَ القِيامَةِ حِجَابٌ مِن النَّارِ.

[33 / 33] أَحْسَنُ العَفْوِ عَفْوُ مُقْتَدِر.

[34 / 34] أكْثَرُ أَهْلِ الجَنَّةِ البُلْهُ(2).

[35 / 35] أَكْثَرُ صِياحِ أَهْلِ النَّارِ مِن سُواف(3).

[36 / 36] أَبْغَضُكُمْ إِلَى اللهِ كُلُّ أكُول شَروب نَؤُوم(4).

[37 / 37] أَخْوَفُ مَا أَخافُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعُ الهَوى.

[38 / 38] أَصْدَقُ الرُّؤيا رُؤيا السَّحَرِ.

[39 / 39] أَفْضْلُ الصَّدَقةِ الصَّدَقَةُ فِي رَمَضانِ.

[40 / 40] ارحَمْ تُرحَمْ.

[41 / 41] اسْتَغْفِرْ تُرزَقْ.

[42 / 42] أَخْلِصِ العَمَلَ فإنَّ الناقِدَ بَصِيرٌ.

[43 / 43] الْقَ اللهَ فقيراً وَلا تَلْقَهْ غَنِيّاً.

[44 / 44] اتّقِ الغَضَبَ فإنَّهُ عَطَبٌ(5).

[45 / 45] ادْفَعُوا البَلايا بِالصَّدَقاتِ. ك.

ص: 448


1- نقل السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4 / 300 القول بتحريم ضرب الخدّ ، إلاّ في موت الأب والأخ.
2- قال في النهاية 1 / 155 : هو جمع الأبْلَه ، وهو الغافل عن الشرِّ المطبوع على الخير ... فأمّا الأبله - وهو الذي لا عقْلَ له - فغير مراد في الحديث.
3- قال في لسان العرب 6 / 434 : يقال : أَسافَ حتّى ما يَتَشكّى السُّواف إذاتَعَوَّد الحوادث.
4- زاد في تنبيه الخواطر 1 / 100 في أوّل الحديث : «أفضلكم منزلة عند الله تعالى أطوعكم جوعاً وتفكّراً ..».
5- قال في العين 2 / 20 : عطب الشيء يعطب عطبا ، أي هلك.

[46 / 46] أكْرِمُوا الفُقَراءَ وَاتَّخِذُوا عِنْدَهُم هُدىً ؛ فإِنَّهُمْ شَفاعَةُ يَومِ القِيامَةِ.

[47 / 47] اعْمَلُوا لِماَ بَعْدَ المَوتِ ؛ فكَأنَّكُمْ بِالدُّنيا لَمْ تَكُنْ وَالآخِرةِ لَمْ تَزَلْ(1).

[48 / 48] أَلا لاَ دِينَ لِمَنْ لاَ صَلاةَ لَهُ.

[49 / 49] أَلا لا عَمَلَ لِمَنْ لاَ إخْلاصَ لَهُ.

[50 / 50] أَلا لاَ تَعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِل(2) حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَاذَا يُخْتَمُ له.

[51 / 51] إِذَا أَرادَ اللهُ صَلاحَ عَبْد شَغَلَهُ.

[52 / 52] إِذَا أرادَ [اللهُ] بِعَبْد خَيْراً أَلْهَمَهُ الإِحْسانَ.

[53 / 53] إِذَا زَنَى العَبْدُ نُزِعَ مِنْهُ الإيمانُ فإِذَا تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ(3).

[54 / 54] إِذَا جاوَزَ العَبْدُ الأَربَعينَ وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَنُحْ عَلَى نَفْسِهِ(4).

[55 / 55] إِذَا رأيتُم الْحَريقَ فَكَبِّرُوا فإِنَّ التَّكْبِيرَ لَيُطْفِيهِ(5).

[56 / 56] إِذَا عَمِلْتَ خَطِيئَةً فَأَتْبِعْها صَدَقَةً وَاسْتِغْفارَاً.

[57 / 57] إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ يَبْغَضُ مِنْ عِبادِهِ المُتلوِّنَ(6).

[58 / 58] إِنَّ اللهَ تَعالَى غَيورٌ يحبُّ كلَّ غَيور. د.

ص: 449


1- في الأصل : (لم يزل).
2- أي عجباً ينجرّ إلى القطع بنجاته.
3- حريّ بمراجعة شرح أُصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني 9 / 261 - 263 ، في معنى نزع الإيمان.
4- في مشكاة الأنوار 1 / 381 رقم 17 : (فليتجهّز إلى النار).
5- في الأصل : (لطفه).
6- قال في الصحاح 6 / 2197 : فلان مُتلوِّنٌ ؛ إذا كان لا يثبت على خلق واحد.

[59 / 59] إِنَّ حُسْنَ الصُّحْبَةِ مِنْ الإِيمانِ.

[60 / 60] إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا ضُرِبَ اهْتَزَّ العَرشُ لِبُكائِهِ.

[61 / 61] إِنَّ اللهَ لَيَدْفعُ بالصَّدَقَةِ عَظائِمَ البَلايا.

[62 / 62] إِنَّ الصَّدَقةَ لَتَدْفَعُ البَلاءَ القضاءَ(1).

[63 / 63] إِنَّ المظلُومِينَ هُمُ الرَّابِحُونَ يَوْمَ القِيامَةِ.

[64 / 64] إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ لَيَنْظُرُ إلَى هذِهِ الأُمّةِ بالعُلَماءِ وَالضُعَفاءِ.

[65 / 65] إِنَّ فِي المَعَاريضِ لَمَنْدُوحةً(2) عَنِ الكَذِبِ.

[66 / 66] إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ(3) حِرْصُ حَرِيص وَلاَ يَرُدُّهُ كَراهِيةُ كاره.

[67 / 67] إِنَّ المُؤمِنَ لَيَتمنَّى أَنْ يَرجِعَ إِلَى الدُّنيا لِيُهَلِّلَ تَهْلِيلَةً أَو يُسَبِّحَ تَسْبِيحَةً ؛ لِعِظَمِ مَا يَرَى مِنْ ثَوابِ ذَلِكَ.

[68 / 68] إِنَّ الطَّمَعَ يُفْسِدُ الأَعْمَالَ ، وَيُذِلُّ رِقابَ الرِّجالِ.

[69 / 69] إِنَّما أَحْكُمُ بالظَّواهِرِ ، وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرائِرَ(4).

[70 / 70] أَيُّما امْرِىء حَمَى أَحَداً عَنْ حَدّ مِنْ حُدُودِ اللهِ فأَنا بريءٌ مِنْهُ.9.

ص: 450


1- في بعض المصادر : والقضاء.
2- قال في غريب الحديث لابن سلام 4 / 287 : مندوحة يعني سعة وفسحة ... والمعاريض أن يريد الرجل أن يتكلّم بالكلام الذي إن صرّح به كان كذباً فيعارضه بكلام آخر يوافق ذلك الكلام في اللفظ ويخالفه في المعنى ، فيتوهّم السامع أنّه أراد ذلك.
3- في الأصل : تجرّه.
4- السّرائرُ : جمع السَّرِيرَةُ والسِّرُّ ، والسِّرُّ ؛ الذي يكتم منه قوله تعالى : (يَوْمَ تُبلَى السَّرائرُ) الطارق : 9.

[71 / 71] اللهَ اللهَ عِبادَ اللهِ افْتَدُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ بِالصَّدَقَةِ.

[72 / 72] إِياكُمْ وَالشُّبُهاتِ فإِنَّها تَقُودُ إِلَى الحَرامِ(1).

بابُ الْباءِ

[73 / 1] بِئسَ الزَّادُ الحَرَامُ.

[74 / 2] بَائِعُ الأَكْفانِ يَتَمَنَّى لأُمَّتِي المَوْتَ ؛ لِيُنْفِقَ سِلْعَتَهُ.

[75 / 3] بَيْتٌ لاَ تمْرَ فِيهِ جِياعٌ أَهْلُهُ(2).

[76 / 4] بِالهِمَمِ يَتَفاضلُ الرِّجالُ.

[77 / 5] بِالصَّبْرِ تَهونُ الرَّزايا.

بابُ التَّاءِ

[78 / 1] تَفَضَّلوا تُخْدَمُوا.

[79 / 2] تَوكَّلوا تَرَحُّوا(3).

[80 / 3] تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا. ع.

ص: 451


1- قال في شرح أصول الكافي 2 / 196 ذيل شرح حديث الباقر عليه السلام : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» ... من طريق العامّة : الفتنة تُشبِّه مُقْبِلةً وتُبيِّن مُدْبرةً ؛ قال شمر : معناه أنّ الفتنة إذا أقبلت شَبَّهتْ على القوم وأَرَتْهُم أنَّهم على الحقّ حتّى يدخلوا فيها ويَرْكَبوا منها ما لا يحلّ ، فإذا أدبرت وانقضت بان أَمْرُها ، فعَلِمَ مَنْ دخل فيها أنّه كان على الخطأ. والشُّبهة : الالتباس.
2- لعلّه لما في التمر من قوام البدن والشفاء ، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : «كلوا التمر ؛ فإنّ فيه شفاء من الأدواء». (مكارم الأخلاق للطبرسي : 168)
3- قال في لسان العرب 5 / 167 : رحح ؛ عَيش رَحْرَاح أي واسع.

[81 / 4] تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنيا مَا اسْتَطَعْتُمْ(1).

بابُ الثَّاءِ

[82 / 1] ثَلاثٌ تُوهِنُ القُوَى(2) : فَقْدُ الأَحِبَّةِ ، وَالفَقْرُ فِي الغُربَةِ ، وَدَوامُ الشِّدَّةِ.

[83 / 2] ثَوْبُ العَافِيَةِ أَلَذُّ مَلْبُوس وَأَهْنَأُ.

بابُ الْحَاءِ

[84 / 1] حُسْنُ العَهدِ مِنَ الإيمانِ.

[85 / 2] حَصِّنُوا العُرى مِنْكُمْ بِأَمْوالِكُمْ.

[86 / 3] حُبُّ الدُّنيا أَعْظَمُ بَليَّة.

[87 / 4] حُبُّ الدُّنيا رَأسُ كلِّ خَطَيئَة.

[88 / 5] حُبُّ الدُّنيا وحُبُّ اللهِ سُبْحانَهُ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي القَلْبِ أَبَداً.

[89 / 6] حَدِّثْ عَنِ البَحرِ وَلاَ حَرَجَ(3).

بابُ الْخَاءِ

[90 / 1] خَيْرُكُمْ أَرْفَقُكُمْ بِعِيالِهِ. 0)

ص: 452


1- زاد في الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة : في آخره : «... فإنّه من أقبل على الله تعالى بقلبه جعل الله قلوب العباد منقادة إليه بالودّ والرحمة ، وكان الله إليه بكلّ خير أسرع». وفي تاج العروس 6 / 26 : تفرّغ أي تَخلَّى من الشغل ؛ يقال : تفرّغ لكذا ومن كذا ومنه الحديث تفرَّغوا من هموم ...
2- قال في تاج العروس 20 / 107 : ضدُّ الضعْف ، يكون في البدن والعقل.
3- وذلك للغرائب الكثيرة التي كانت في البحار. (لاحظ : بحار الأنوار 60 / 49 - 50)

[91 / 2] خَيْرُ النَّاسِ أنْفَعُهُمْ.

[92 / 3] خِيارُكُمْ مَنْ لاَ تأخُذُهُ لَومَةَ لاَئِم.

[93 / 4] خُذْ مِمَّا يَفْنَى لِمَا يَبْقَى.

بابُ الدَّالِ

[94 / 1] دَارِ النَّاسَ تَسْلَمْ ، وَاعْمَلْ لِلآخِرَةِ تَغْنَمْ ، رَحِمَ اللهُ امْرءً حَفِظَ مَاءَ وَجْهِهِ وَلَمْ يُرقْهُ.

بابُ الرَّاءِ

[95 / 1] رُبَّ نَظْرَة أَوْجَبَتْ حَسْرَةً.

[96 / 2] رُبَّ طامِع أَوبَقتْهُ المَطامِعُ.

[97 / 3] رُبَّ نِعْمَة سَلَبَها الأَشَرُ(1).

[98 / 4] رُبَّ خَلَف في ضِمْنِ تَلَفِ.

[99 / 5] رُبَّ تَلْمِيح أَمَضُّ مِنْ تَصْرِيح.

[100 / 6] رُدُّوا نَوائِبَ الزَّمَانِ بالاستِغْفارِ.

[101 / 7] رَاحَةُ الأكيَاسِ فِي اعْتِزَالِ النَّاسِ.

[102 / 8] رَغِيفٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ العَبْدُ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيهَا.

بابُ الزَّاي

[103 / 1] زِيارَةُ الأَوْلِيَاءِ عِبَادَةٌ.

[104 / 2] زِيارَةُ المَقَابِرِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ. ر.

ص: 453


1- قال في الصحاح 2 / 579 : الأشَرُ ؛ البَطَر ، والبطر بمعنى التكبّر.

[105 / 3] زُورُوا المَقابِرَ تُذَكِّرُكُمْ الآخِرَةَ.

بابُ السِّينِ

[106 / 1] سَيَأتِي(1) آخِرِ الزَّمانِ : عُلَماءٌ فَسَقةٌ ، وَقُرّاءٌ خَوَنةٌ ، وَأُمَراءٌ ظَلَمةٌ ؛ فَاحذَرُوهُمْ.

[107 / 2] سَلامَةُ الدِّينِ وَالدُّنيا فِي : الْمُدارَاةِ وَالرِّفْقِ ، وَحُسْنِ الْخُلقِ.

بابُ الشِّينِ

[108 / 1] شَرُّ النَّاسِ مَنْ يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ.

[109 / 2] شَرُّ العُلَمَاءِ مَنْ يأتِي الأُمَراءَ ، وخيرُ الأُمَراءِ مَنْ يأتِي العُلَماءَ.

بابُ الصَّادِ

[110 / 1] صَدَقةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ(2).

[111 / 2] صَدَقَةُ السِّرِّ تُنِيرُ القَلْبَ.

[112 / 3] صُحْبَةُ الأحْمَقِ تُمِيتُ القَلْبَ.

[113 / 4] صَلِّ صَلاةَ مُوَدِّع(3). ،

ص: 454


1- في الأَصل : (سيئات) ، والصحيح ما أثبتناه.
2- وزاد في بعض المصادر بعده : «.. فإذا تصدّق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله». (دعائم الاسلام 2 / 330 ، مسند زيد بن علي : 199)
3- في لبّ اللباب للقطب الراوندي ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «صلّ صلاة مودّع ، فإذا دخلت في الصلاة فقل : هذا آخر صلاتي من الدنيا ، وكن كأنّ الجنّة بين يديك ، والنار تحتك ، وملك الموت وراءك ، والأنبياء عن يمينك ، والملائكة عن يسارك ،

[114 / 5] صُحْبَةُ أَبْنَاءِ الدُّنيا تُفْسِدُ الدِّينَ.

[115 / 6] صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمْرِ ، وَتُوسِّعُ الرِّزْقَ.

[116 / 7] صُدُورُ الأَبْرَارِ حُصُونُ الأَسْرَارِ.

بابُ الضَّادِ

[117 / 1] ضَارِبُ أَبَوَيْهِ أَو أَحَدِهِما لَمْ يَرحْ رَائِحَةَ الجنَّةِ.

بابُ الطَّاءِ

[118 / 1] طَوبَى لِلْبَكَّائِينَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.

[119 / 2] طُوبَى لِمَنْ أَجْرَى اللهُ الخَيْرَ عَلَى يَدِهِ(1).

[120 / 3] طُوبَى لِمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحاسَبَ.

[121 / 4] طُولُ العُمْرِ فِي طاعَةِ اللهِ مِنْ أَفْضَلِ السَّعادةِ.

[122 / 5] طَعامُ الكَرِيمِ شِفاءٌ ، وَطَعامُ البخِيلِ دَاءٌ. ».

ص: 455


1- في الكافي 1 / 154 رقم 2 والمحاسن 1 / 283 رقم 415 : عن محمد بن مسلم ، قال : «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إنّ في بعض ما أنزل الله من كتبه : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، خلقت الخير وخلقت الشرّ ، فطوبى لمن أجريت على يديه الخير ، وويل لمن أجريت على يديه الشرّ ، وويل لمن يقول : كيف ذا وكذا ذا». وجاء في السيرة النبويّة لابن كثير 1 / 280 ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «وجد في المقام ثلاثة أصفح : في الصفح الأوّل ... وفي الصفح الثالث : إنّي أنا الله ذو بكة ، خلقت الخير والشرّ وقدّرته ، فطوبى لمن أجريت الخير على يديه ...».

بابُ الظَّاءِ

[123 / 1] ظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُلْمِ.

[124 / 2] ظُلْمُ العِبادِ بِئسَ الزَّادُ.

بابُ الْعَينِ

[125 / 1] عَلَيْكَ بِالسَّخَاءِ فَإِنَّهُ أَفْضْلُ زِينَة(1).

[126 / 2] عَجِبْتُ لِمَنْ يَضْحَكُ وَمِنْ وَرائِهِ النَّارُ(2)!

[127 / 3] عَجِبْتُ مَنْ يَسْتَحِي مِنَ النَّاسِ كَيْفَ لا يَسْتَحِي مِنْ ربِّهِ؟!

[128 / 4] عَجَباً لِلمُتوَكِّلِ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ مَا أَكْفَاهُ ، وَمَا أَغْنَاهُ ، وَمَا أَرْوَحَهُ.

[129 / 5] عِلْمٌ لاَ يُعْمَلُ بِه كَكَنْز لاَ يُنْفَقُ مِنْهُ(3).3)

ص: 456


1- ومن قصار كلمات أمير المؤمنين عليه السلام : «عليك بالسخاء فإنّه ثمرة العقل». (عيون الحِكَم والمواعظ : 335) وجاء في الأمالي : 301 / 43 : عن أبي عبد الله عليه السلام لمعلّى بن خنيس : «يامعلّى ، عليك بالسخاء وحسن الخلق ؛ فإنّهما يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة».
2- هذه ثالثة كلمة من الكلمات الأربعة التي جاءت في اللوح الذي ورد في قوله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنَزٌ لَهُمَا) [الكهف : 81] ذيل حديث عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام .. (لاحظ : معاني الأخبار : 200 رقم 1 ، وعنه في بحار الأنوار 13 / 295 رقم 12)
3- وعن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : «شرّ العلم علم لايعمل به». (عيون الحِكَم والمواعظ : 293)

[130 / 6] عَظُمَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ الضِّحْكُ مِنْ غَيْرِ عَجَب(1).

[131 / 7] عُلمَاءُ السُّوءِتُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ يَومَ القِيامةِ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَار.

بابُ الْغَينِ

[132 / 1] غِشُّ المُسْتَشِيرِ يُوجِبُ عَذابَ النَّارِ.

بابُ الْفاءِ

[133 / 1] فِي الاستِشَارةِ البَرَكَةُ.

[134 / 2] فِي الصَّبرِ النَّصْرُ.

[135 / 3] فِي الخَلْطِ البَلاءُ.

[136 / 4] فِي تصَارِيفِ الدُّنيا عِبَرٌ.

[137 / 5] فَسَادُ الدِّينِ(2) حُبُّ الدُّنيا.

[138 / 6] مَوْتُ العَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الإِسْلامِ.

[139 / 7] فاتِحَةُ الكِتَابِ رُقْيةٌ مِنْ كُلِّ شَيء إِلاَّ السَّامَ.

بابُ الْقافِ

[140 / 1] قَيِّدوا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ.

[141 / 2] قَساوَةُ القَلْبِ شَقَاوةٌ. 3)

ص: 457


1- انظر : باب كراهة الضحك من غير عجب في وسائل الشيعة 12 / 115 ومستدرك الوسائل 8 / 415.
2- وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «فساد العقل حبّ الدنيا». (عيون الحِكَم والمواعظ : 281 ، غرر الحِكَم ودرر الكلم 1 / 431 رقم 33)

[142 / 3] قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ.

[143 / 4] قصِّرُوا آمالَكُمْ تَسْتَقِمْ أَعْمَالُكُمْ.

[144 / 5] قَلِيلُ عَمَل مَعَ وَرَع خَيرٌ مِنْ كَثِيرِ عَمَل بِغَيْرِ ورع.

[145 / 6] قَدِّمْ مَالَكَ أَمَامَكَ يَسُرُّك اللِحَاقُ بِهِ.

[146 / 7] قُلْ خَيْراً تَغْنَمْ ، وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ.

[147 / 8] قَلِيلٌ يَكفِيكَ خَيرٌ من كَثير يُطْغِيكَ.

[148 / 9] قَضاءُ حَاجَةِ رَجُل مُسْلِم أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعالى مِنْ صَلاةِ مَائَةِ رَكعة تطوُّعاً.

بابُ الكَافِ

[149 / 1] كُلُّ ذِي نِعْمَة مَحْسُودٌ(1).

[150 / 2] كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ.

[151 / 3] كُونُوا مِنْ قُرَناءِ السُّوءِ عَلَى حَذَر.

[152 / 4] كَفَى بالإِقرارِ شَفِيعاً لِلمُذْنِب.

[153 / 5] كُثْرُ مالِ الميِّتِ سَلْوةٌ لِوَرَثَتِهِ.

[154 / 6] كَثْرَةُ النَّومِ تُحِيلُ النَّفْسَ ، وتُسِيئُ(2) القلبَ.

[155 / 7] كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ الأَكلُ مِنْ غَيْرِ جُوع. ).

ص: 458


1- في المخطوطة : (محمود) ، ولم نجده بهذا اللفظ ، والظاهر أنّه تصحيف : (محسود) ب- : (محمود) ، كما ورد في المصادر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «استعينوا على أُموركم بالكتمان ؛ فإنّ كلّ ذي نعمة محسود». (تحف العقول : 48). وفي لفظ آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ؛ فإنّ كلّ ذي نعمة محسود». (نزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحلواني : 11).
2- لعلّه : (تشين).

[156 / 8] كَظْمُ الغَيظِ يُسْكِنُ غَضَبَ الْجَبَّارِ.

[157 / 9] كمَا تُدِينُ تُدانُ.

بابُ اللاَّمِ

[158 / 1] لِلعَالِمِ العَامِلِ يَومَ القِيامةِ شَفَاعَةٌ كَشَفَاعَةِ الأنبِياءِ.

[159 / 2] للصَّبرِ عَاقِبةٌ هِي أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ.

[160 / 3] لَوْ بَغَى جَبَلٌ عَلَى جَبَل لَجَعَلَهُ اللهُ دَكّاً(1).

[161 / 4] لَو وُزِنَ خَوفُ المُؤمنِ وَرَجاؤُهُ لاَعْتَدَلا.

[162 / 5] لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ.

[163 / 6] لَعَنَ اللهُ الظَّلَمَةَ وَأَعْوانَ الظَّلَمةِ.

[164 / 7] لَعَنَ اللهُ النَّاظِرَ وَالمَنْظُورَ إِليهِ.

[165 / 8] لَيْسَ الانْتِقامُ مِنْ أَخْلاقِ الكِرامِ.

[166 / 9] لَيْسَ لِفاسِق غِيْبَةٌ.

[167 / 10] لَيْسَ مِنَّا مَنْ وُسِّعَ عَلَيهِ فَقَتَّرَ عَلَى عِيالِهِ.

[168 / 11] لَيْسَ مَعَ الْحَلاَّفِ ائتِلافٌ.

[169 / 12] لَنْ يَتَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ بِمِثْلِ الرِّضا بِالقَضَاءِ(2).

[170 / 13] لَنْ تَدْخُلَ المَلائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ خَمْرٌ وَلا تَحِلَّهُ بَرَكَةٌ(3).».

ص: 459


1- في ثواب الأعمال : 275 : لجعل الله الباغي منهما دكّاً.
2- لاحظ باب الرضا بالقضاء من كتاب الكافي 2 / 60.
3- وفي إرشاد القلوب : 174 ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه خمر أو دفّ أوطنبور أو نرد ، ولا يستجاب دعاؤهم ، ويرفع الله عنهم البركة».

[171 / 14] لَنْ يُزَانَ العِلمُ بِمِثلِ العَمَلِ(1).

بابُ الْمِيمِ

[172 / 1] مَنِ اسْتَدَلَّ بِرأْيِهِ ذَلَّ.

[173 / 2] مَن أَطاعَ هَواهُ هَلَكَ.

[174 / 3] مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ.

[175 / 4] مَنْ ظَلَمَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتَدَى.

[176 / 5] مَنْ رَضِيَ بِالْقَضَاءِ اسْتَراحَ.

[177 / 6] مَنْ أَحْسَنَ فَإِلى نَفْسِهِ أَحْسَنَ.

[178 / 7] مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الحَيَاءِ فَلاَ غِيْبَةَ لَهُ.

[179 / 8] مَنْ كَدَّ عَلَى عِيَالِهِ فَهُوَ فِي جِهاد.

[180 / 9] مَنْ كَثُرَ شُكْرُهُ دَامَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ.

[181 / 10] مَنْ رَضِي بِمَا رَزَقَهُ اللهُ فَقَدْ قَرَّتْ عَيْنَاهُ.

[182 / 11] مَنْ فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللهِ كَفَاهُ.

[183 / 12] مَنْ سُئِلَ فأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْم فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ.

[184 / 13] مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَقاهُ اللهُ عَذَابَهُ.

[185 / 14] مَنْ رَضِيَ بِقَضاءِ اللهِ نَالَ مِنَ اللهِ الرِّضَا. 7)

ص: 460


1- عن أمير المؤمنين عليه السلام : «ما زكى العلم بمثل العمل به». (عيون الحِكَم والمواعظ : 477)

[186 / 15] مَنْ مَشَى مَعَ ظَالِم فَقَدْ أَجْرَمَ(1).

[187 / 16] مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِالقَلِيلِ لَمْ يُغْنِهِ الكَثِيرُ.

[188 / 17] مَنْ مَدَحَ فَاسِقاً فَقَدْ أَغْضَبَ اللهَ سُبْحانَهُ.

[189 / 18] مَنْ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَو لِيَصْمُتُ.

[190 / 19] مَنْ أَعْطَى عَهْدَاً ثُمَّ غَدَرَ كَانَ اللهُ لَهُ خَصْماً.

[191 / 20] مَنْ كَثَّرَ سَوادَ قَوم فَهُوَ مِنْهُمْ.

[192 / 21] مَنْ دَعا لِظَالِم بِالبَقاءِ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللهُ فِي أَرْضِهِ.

[193 / 22] مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤمِن كَانتْ لَهُ حِجَاباً مَنَ النَّارِ.

[194 / 23] مَنْ سَعَى بِمُؤْمِن أَقامَهُ اللهُ تَعَالَى مَقَامَ خِزْي يَوْمِ القِيامَةِ.

[195 / 24] مَنْ كان هَيِّناً لَيِّناً حَرَّمَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَلَى النَّارِ.

[196 / 25] مَنْ أَحَبَّ الْبَقَاءَ فَلْيَعُدَّ لِلمَصَائِب قَلْباً صَبُوراً.

[197 / 26] مَنِ اصْطَنَعَ مَعْرُوفاً فَمَنَّ بِهِ أَحْبَطَ اللهُ أَجْرَهُ(2).

[198 / 27] مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ رَزَقَهُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ.

[199 / 28] مَنْ عَلَّى صَوْتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ. 7)

ص: 461


1- في بعض المصادر : «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم ؛ فقد خرج من الإيمان» ، وفي بعض : (خرج من الاسلام). (لاحظ : كنز الفوائد للكراجكي : 164 ، مشكاة الأنوار للطبرسي 2 / 293 رقم 2)
2- جاء في مناهي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) برواية الحسين بن زيد المعروف بذي الدمعة : «من اصطنع إلى أخيه معروفاً فأمتنّ به ، أحبط الله عمله ، وثبت وزره ، ولم يشكر له سعيه». (الأمالي للصدوق : 517 / 707 ، ثواب الأعمال : 289 ، من لايحضره الفقيه 4 / 17)

[200 / 29] مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ اللهِ فَلْيَتَّخِذْ إلهاً غَيْرَ اللهِ.

[201 / 30] مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُصَدِّقُنِي وَيَبْغَضُ صَحَابَتِي فَقَدْ كَذَبَ(1).

[202 / 31] مَنْ رَكَبَ مَحجَّةَ الظُّلْمِ قَلَعَ اللهُ دَولَتَهُ.

[203 / 32] مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيرِ حَاجة فَكأنَّما يأكُلُ الجَمْرَ.

[204 / 33] مَنْ نَقَضَ مِيثَاقَهُ وَغَدَرَ بِعَهْدِهِ لَعَنَهُ اللهُ.

[205 / 34] مَنْ قَرأَ آيةَ الكُرْسِيِّ دَبْرَ كُلِّ صَلاة لَمْ يَكُنْ بينَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلاَّ الممَاتَ.

[206 / 35] مَنْ أَحَبَّ الآخِرَةَ فَلْيُخْرِجْ مِن قَلْبِهِ حُبَّ الدُّنيا فإِنِّهُما ضِدَّانِ لاَ يَجْتَمِعانِ.

[207 / 36] مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرُ مَرَّات بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتاً فِي الجَنَّةِ.

[208 / 37] مَنْ تَرَكَ للهِ سُبْحانَهُ شَيْئاً عَوَّضَهُ اللهُ خَيْراً مِمَّا تَرَكَ.

[209 / 38] مَنْ أَصْبَحَ حَزِيناً عَلَى الدُّنيا مَقَتَهُ رَبُّهُ.

[210 / 39] مَنْ حَلَّتْ شَفاعَتُهُ دونَ حَدٍّ مِنْ حِدُودِاللهِ تَعَالى فَقَدْ ضَادَّ اللهَ..

ص: 462


1- لم نجده ، وعلى فرض صحّته فإنّ الصحابة في مثل هذه الأحاديث تتأوّل بأهل البيت عليهم السلام كما ورد ذلك في عدّة أحاديث فلاحظ : بصائر الدرجات 11 رقم 2 ، ومعاني الأخبار : 156 ، والأُصول الستة عشر : 16 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام2 / 87. هذا ، إن لم يقل بذلك لكان المراد بالصحابة في مثل هذه الأخبار من اتّبع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)واقتفى أثره ، كسلمان الفارسي ، وأبي ذر الغفاري ، وعمّار ، والمقداد وحذيفة .. ونظرائهم كثيرون - رضي الله عنهم أجمعين - ، لا الصحابة بأجمعهم حتّى من نافق أو ارتدّ ..

تَعالى فِي حُكْمِهِ.

[211 / 40] مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحبَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَأكُلْ مَعَ ضَيْفِهِ.

[212 / 41] مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللهَ سُبْحانَهُ أَجْذَمَ(1).

[213 / 42] مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ وابْتُلِيَ فَصَبر وَظُلِمَ فَغَفَرَ أُولئكَ لَهُمْ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.

[214 / 43] مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَربَعُونَ سَنَة وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّارِ.

[215 / 44] مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلِينَ قَلْبُهُ وَقسوتُهُ فَلْيَمْسَحْ بِرَأسِ اليَتِيمِ ً.

ص: 463


1- ذكره الشريف الرضي رحمه الله في المجازات النبويّة : 245 / ذيل حديث استشهاداً ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه «غريب الحديث» 3 / 48 ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : «من تعلّم القرآن ثمّ نسيه ...» ، قال : «والأجذم المقطوع اليد» ، واستشهد على ذلك بقول الشاعر : وما كنت إلاّ مثل قاطع كفّه بكفّ له أُخرى فأصبح أجذما واعترض على هذا القول عبد الله بن مسلم بن قتيبة قادحاً فيه وطاعناً عليه ، فقال : إنّما أتى أبو عبيد في فساد هذا التفسير من قبل البيت الذي استشهده ، وليس كلّ أجذم أقطع اليد ، وإذا نحن حملنا الحديث على ما ذهب إليه أبو عبيد رأينا عقوبة الذنب لا نشأ كلّ الذنب ؛ لأنّ اليد لا سبب لها في نسيان القرآن ، والعقوبات من الله سبحانه وتعالى تكون بحسب الذنوب ... ثمّ استشهد ابن قتيبة بعدّة آيات وأخبار في أنواع العقوبات. ثمّ قال السيّد الرضي رحمه الله : قلت أنا : وقد خلط هذا الرجل في اعتراضه هذا تخليطاً كثيراً ؛ لأنّه أنكر غير منكر ، وطعن في غير مطعن ؛ وذلك أنّ أبا عبيد إنّما فسّر الأجذم في الحديث بأنّه المقطوع اليد على أصل صحيح ، وهو ما ذكرناه في الخبر الأوّل من أنّ الأقطع هناك كالأجذم هاهنا ، والمراد ب- : إنّه يلقى الله تعالى بعد نسيان القرآن ناقصاً بعد تمامه ، كالّذي قطعت يده فظهرت نقيصة أعضائه ، وإن كان أبو عبيد لم يبيّن هذا البيان ، فإنّه لم يرد غير هذا المراد ... ثمّ أورد الرضي ؛ على كلام ابن قتيبة عدّة أغلاط ، فحريّ بالمراجعة إليه جدّاً.

وَليُحْسِنْ إِليهِ.

[216 / 45] مَنْ سَاءَتْ سِيرَتُهُ سَاءَتْ مَنِيَّتُهُ.

[217 / 46] مَنْ رَأى جَنَازةً فَلْيَقُلْ : «سُبْحانَ الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ» ثلاثاً.

[218 / 47] مَنْ نَامَ قَبْلَ العِشَاءِ فَلاَ أَنَامَ اللهُ يَقِينَهُ(1).

[219 / 48] مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْب لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ.

[220 / 49] مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مايَتَصدَّقُ بِهِ فَلْيَسْتَغْفِرْ لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ؛ فإِنَّها لَهُ صَدَقةٌ.

[221 / 50] مَنْ جَارَ عَلَى مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ رَدَّ جَوْرِهِ كُنْتُ خَصْمَهُ بَيْنَ يَدَي اللهِ سُبْحانَهُ غَداً.

[222 / 51] مِنْ البَلاءِ كَثْرَةُ المَعارِفِ.

[223 / 52] مِنْ تَمامِ التَّحيَّةِ الأخْذُ باليَدِ.

[224 / 53] مِنْ شَقَاوةِ العَبدِ تَضْييعُ عُمْرهِ فِي اللهوِ وَاللَعِبِ.

[225 / 54] مَا أَنْكَرتُمْ مِنْ زَمانِكُمْ فَبِمَا غَيَّرتُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ.

[226 / 55] مَا مِنْ صَباح إلاّ وَمَلَكانِ يُنَادِيانِ : وَيلٌ للرِّجَالِ مِنْ النِّساءِ وَوَيلٌ للنِّساءِ مِنْ الرِّجالِ.

[227 / 56] مَا مِنْ عَبد يَبِيتُ عَلَى وُضُوء إلاَّ بَاتَت المَلائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ.

[228 / 57] مَا صوتٌ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ صُوتِ مُذْنِب يقولُ : يَارَبِّ اغْفِرْ لي يَارَبِّ ارْحَمْنِي. ).

ص: 464


1- كذا في المخطوطة ، ولعلّه الصحيح : (عينيه).

[229 / 58] مَا مِنْ مُسْلِم يَكْسُو مُسْلِماً ثَوباً إِلاَّ كانَ فِي حِفْظِ اللهُ تَعالَى مَادَامتْ عَلَيْهِ رُقْعَتُهُ.

[230 / 59] مَا مِنْ قَوم لا يَأمُرونَ بِمَعْرُوف وَلاَ يَنْهَونَ عَنْ مُنْكَر إِلاَّ بَعَثَ اللهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ لاَ يَرْحَمُ صَغيرَهُمْ وَلاَ يُوَقِّرُ كَبِيرَهُم.

[231 / 60] مُجالَسةُ الأَغْنِياءِ تُعْمِي القَلْبَ(1).

[232 / 61] مَداوَمةُ المَعاصِي تُمِيتُ القَلْبَ.

[233 / 62] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أُكْرِمَ مَخَافَةَ شَرِّهِ.

[234 / 63] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ آكِلُ الدُّنيا بالدِّينِ.

[235 / 64] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوط.

[236 / 65] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَعَى بَيْنَ أُمَّتِي بالنَّمِيمَةِ.

[237 / 66] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً.

بابُ حَرْفِ النُّونِ

[238 / 1] نِعْمَ الْقَرِينُ التَّقْوَى.

[239 / 2] نِعْمَ الْكَنْزُ الصَّدَقةُ.

[240 / 3] نِيَّةُ السُّلْطَانِ يَصْلَحُ بِصَلاحِهَا الزَّمَانُ.

[241 / 4] نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنبياءِ أُمِرْنَا أَنْ نُخاطِبَ النَّاسَ عَلَى قدْرِ ».

ص: 465


1- ورد ذلك في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ عليه السلام في من لايحضره الفقيه 4 / 359 ومكارم الأخلاق : 437 ، وهذا نصّها : «ياعليّ ... وثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ، ومجالسة الأغنياء ، والحديث مع النساء».

عُقُولِهِمْ.

[242 / 5] نَالَ الفَوزَ الأكبرَ مَنْ تَاجَرَ اللهَ بِالصَّدَقةِ.

[243 / 6] نُزُولُ الضَّيفِ فِي البَيْتِ بَرَكةٌ.

بابُ الْهاءِ

[244 / 1] هَدِيَّةُ اللهِ إِلَى عَبْدِهِ السَّائِلِ عَلَى بَابِهِ.

[245 / 2] هَمُّ الدَّينِ وَغَمُّهُ أَمضَى الهُمُومِ وَالغُمُومِ.

[246 / 3] هَيْهَات أَنْ تَصْفُوَ الدُّنْيا لِشَارب أَو تَفِيَ لِصاحِب.

[247 / 4] هَوِّنوا عَلَيْكُمْ أُمُورَ الدُّنْيا ؛ فَمَتاعُها قَلِيلٌ وَمَا إِلَى بَقائِها مِنْ سَبِيل.

بابُ الواوِ

[248 / 1] وَيْلٌ لِمَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيا غَيرِهِ ؛ وَيْلٌ لَهُ.

[249 / 2] وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ أهْلَهُ بِخَيْر وَقَدِمَ عَلَى اللهِ بِشَرٍّ ؛ وَيْلٌ لَهُ.

[250 / 3] وَرَعُكَ يُنْجِيكَ وَطَمَعُكَ يُشْقِيكَ.

بابُ اللاّم وَالأَلفِ

[251 / 1] لاَ تُحزِنُوا مُوْتَاكُمْ بِعَمَلِ السُّوءِ ؛ فَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ.

[252 / 2] لاَ تْعجَبُوا عَمَلَ عَامِل حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ.

[253 / 3] لاَ تَكْرَهُوا الفَقْرَ فَإِنَّهُ شِعَارُ النَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ.

ص: 466

[254 / 4] لاَ تَكْرَعُوا المَاءَ كَمَا تَكْرَعُ البَهَائِمُ.

[255 / 5] لاَ تَتَمنَّوا المَوْتَ فَإِنَّ هَولَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ.

[256 / 6] لاَ يَخدَعَنَّكُمْ الأَمَلُ عَنْ صَالِحِ العَمَلِ.

[257 / 7] لاَ تَتَمنَّوا الدُّوَلِ فَتُحْرَمُوهَا.

[258 / 8] لاَ تَغْضَبْ فَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ.

[259 / 9] لاَ تُمَزِّقْ أَعْرَاضَ النَّاسِ فَتُمَزِّقُكَ كِلابُ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ.

[260 / 10] لاَ تَثِقَنَّ بِمَودَّةِ مَنْ تُخْطِرُهُ إِليكَ الحَاجَةُ.

[261 / 11] لاَ تَشْكُ إِلاَّ إِلَى رَبِّكَ.

[262 / 12] لاَ يَرُدُّ القَدَرَ إلاَّ الدُّعاءُ.

[263 / 13] لاَ خَيْرَ فِي مُؤمِن لايَسْتَحِي.

[264 / 14] لاَ يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَر.

[265 / 15] لاَ طَاَعَةَ لِمَخْلُوق فِي مَعْصِيَةِ الخَالقِ.

[266 / 16] لاَ يُؤمِنُ أَحَدٌ بِاللهِ حَتَّى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ.

[267 / 17] لا يَجْتَمِعُ حُبُّ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فِي قَلْب أَبَداً ؛ كَمَا لاَ يَجتْمِعُ النَّارُ وَالمَاءُ فِي إِنَاء أَبداً.

[268 / 18] لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلاَّ رَبُّ النَّارِ.

بابُ الياءِ

[269 / 1] يَسِيرُ الرِّياءِ يُفسِدُ الدِّينَ.

ص: 467

[270 / 2] يَسْتَغْفِرُ لِلمَرأةِ المُطِيعَةِ لِبَعْلِها طَيْرُ الهَواءِ وَحِيتَانُ المَاءِ.

[271 / 3] يُبعَثُ صَاحِبُ النُّخامَةِ فِي المَسْجِدِ يَومَ القِيامَةِ وَهِيَ فِي وَجْهِهِ.

[272 / 4] يَقُولُ اللهُ تَعالَى إِنِّي لأَسْتَحِي مِنْ الشَّيْخِ المُسْلِمِ أَنْ أَحْرِقَ شَيْبَتَهُ بِالنَّارِ ؛ فَلْيَسْتَحِي الشَّيْخُ أَنْ يَعْصيني؟!

هذا آخر ما جُمِع في هذه الأوراق من الأحاديث والله أعلم.

والحمد لله ربّ العالمين

وصلّى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين(1).

* * *

ص: 468


1- هذا آخر ما منّ الله علينا لتعليق هذه الرسالة المنيفة ، وقد فرغت من تصحيحها وتقويم نصّها وبعض التعاليق مستعجلاً ، بأمر أُستاذي الأجلّ ، العلم العلاّم السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي - دام ظلّه - في ليلة الغدير الأغرّ من شهر ذي الحجّة الحرام سنة 1427 الهجريّة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .. السيّد حسن الموسوي البروجردي

مصادر البحث

1 - القرآن الكريم.

2 - الإحكام في أُصول الأحكام ، علي بن محمّد الآسدي ، الشيخ عبد الرزّاق عفيقي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان 1402 ه.

3 - أدب الاملاء والاستملاء ، أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني ، سعيد محمد اللحام ، منشورات دار ومكتبة الهلال ، بيروت 1409 ه.

4 - إرشاد القلوب ، الحسن بن أبي الحسن علي الديلمي (ق 8) ، السيد هاشم الميلاني ، دار الأُسوة للطباعة والنشر ، قم ، إيران 1417 ه.

5 - الأصول الستة عشر ، نخبة من الرواة المتقدّمين ، انتشارات شبستري ، قم ، إيران 1405 ه.

6 - الأعلام ، لخير الدين محمود بن محمد الزركلي (ت 1410 ه) ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان 1984 ه.

7 - الأمالي ، الشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة ، قم ، إيران 1417 ه.

8 - الأمالي ، الشيخ الطوسي (ت 460 ه) ، دار الثقافة ، قم ، إيران 1414 ه.

9 - الأنساب ، أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني (562 ه) ، عبد الله عمر البارودي ، دار الجنان ، بيروت ، لبنان 1408 ه.

10 - ايضاح المكنون ، إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

11 - بحار الأنوار ، للعلاّمة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت 1110 ه) ، تحقيق : لجنة التحقيق ، طبع إيران.

12 - البداية والنهاية ، لابن كثير (ت 774 ه) ، تحقيق : علي شيري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان 1408 ه- - 1988 م.

ص: 469

13 - تاج العروس ، للإمام محب الدين الزبيدي الحنفي (ت 1205 ه) ، تحقيق : علي شيري ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان 1414 ه.

14 - تاريخ إربل ، شرف الدين أبي البركات المبارك بن أحمد اللخمي الإربلي المعروف بابن المستوفي ، تصحيح سامي بن سيد حماس صغار ، وزارة الثقافة والاعلام ، بغداد ، العراق 1980 م.

15 - تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي (ت 463 ه) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان 1417 ه.

16 - تفسير القرطبي (الجامع لاحكام القرآن) ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصري القرطبي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت لبنان 1405.

17 - تقويم البلدان ، أبو الفداء إسماعيل بن نور الدين علي الأيوبي ، النسخة الخطّية من مكتبة الفاتيكان.

18 - ثواب الأعمال ، للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران 1368 ش.

19 - جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام شمس الدين أبي البركات محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي (871 ه) ، الشيخ محمد باقر المحمودي ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم ، إيران 1415 ه.

20 - حاشية الدسوقي ، لشمس الدين محمد عرفة الدسوقي (ت 1230 ه) ، دار إحياء الكتب العربية.

21 - خاتمة المستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري (ت 1320 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم ، إيران 1415 ه.

22 - دستور معالم الحكم ومأثور مكارم الشيم ، القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي ، محمد سعيد الرافع ، المكتبة الأزهرية ، القاهرة ، مصر.

23 - دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي (ت 363 ه) ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر 1383 ه- - 1963 م.

24 - الرجال ، لأبي العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (ت 450 ه) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم - إيران 1407 ه.

ص: 470

25 - روضات الجنات في أحوال السادات ، للميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري (ت 1313 ه) ، عنيت بنشره مكتبة إسماعليان ، قم ، إيران 1390 ه.

26 - رياض العلماء وحياض الفضلاء ، للميرزا عبد الله الأفندي الإصفهاني (ق 12) تحقيق : السيد أحمد الحسيني ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ، قم 1403 - 1415 ه.

27 - السيرة النبوية ، لابن كثير (ت 774 ه) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان 1396 ه- - 1976 م.

28 - شرح أُصول الكافي ، للمولى محمد صالح المازندراني (ت 1081 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان 1421 ه- - 2000 م.

29 - شرح غرر الحِكَم ، لجمال الدين بن الآغا حسين الخوانساري (1125 ه) ، مير السيّد جلال الدين المحدّث الأرموي ، جامعة طهران ، الطبعة الثالثة 1360 ه.

30 - الصحاح يا تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري ، أحمد عبد الغفور عطار ، دار العلم الملايين ، بيروت 1987.

31 - طبقات أعلام الشيعة ، للشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1389 ه) ، تحقيق : علي نقي منزوي ، منشورات إسماعيليان ، قم - إيران.

32 - العين ، للخليل الفراهيدي (ت 170 ه) ، مؤسسة دار الهجرة ، قم ، إيران 1409 ه.

33 - عيون أخبار الرضا ، للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان 1404 ه- - 1984 م.

34 - عيون الحِكَم والمواعظ ، لعلي بن محمد الليثي الواسطي (القرن السادس) ، دار الحديث ، قم ، إيران ، الطبعة الأُولى.

35 - غرر الحِكَم ودرر الكِلَم ، عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد التميمي الآمدي (ح 550 ه) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان 1407 ه.

36 - غريب الحديث ، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224 ه) ، دار

ص: 471

الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان 1384 ه.

37 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني (852 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

38 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفريّة ، الشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمّي (1395 ه) ، مكتبة مركزي ، طهران ، إيران.

39 - الكافي ، للشيخ الكليني (ت 329 ه) ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، إيران 1363 ش ، الطبعة الخامسة.

40 - كشف الظنون ، مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي (ت 1067 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

41 - الكنى والألقاب ، الشيخ عباس القمي (ت 1359 ه) ، تقديم : محمد هادي الأميني ، مكتبة الصدر ، طهران ، إيران.

42 - كنز الفوائد ، لأبي الفتح الكراجكي (ت 449 ه) ، مكتبة المصطفوي ، قم ، إيران 1369 ش ، الطبعة الثانية.

43 - لحظ الألحاظ ، لتقيّ الدين محمد بن فهد المكّي (ت 871 ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

44 - لسان العرب ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن محرم بن منظور الإفريقي المصري ، نشر أدب الحوزة ، قم - بيروت 1405.

45 - لسان الميزان ، لابن حجر (ت 852 ه) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان 1390 ه- - 1971 م.

46 - المجازات النبوية ، للشريف الرضي (ت 406 ه) ، مكتبة بصيرتي ، قم ، إيران.

47 - مجلّة علوم الحديث ، كلّيّة علوم الحديث ، طهران - إيران.

48 - مجمع البحرين ، للشيخ الطريحي (ت 1085 ه) ، مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، قم ، إيران 1408 ه.

49 - المحاسن ، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 ه) ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، إيران 1370 ه.

ص: 472

50 - مختصر البصائر ، حسن بن سليمان الحلّي ، منشورات المطبعة الحيدرية ، العراق ، النجف الأشرف 1370 ه.

51 - مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري (ت 1320 ه) ، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، بيروت ، لبنان 1408 ه.

52 - مسند زيد بن علي ، لزيد بن علي (ت 122 ه) ، دار الحياة ، بيروت ، لبنان.

53 - مشكاة الأنوار ، لأبي الفضل علي الطبرسي (القرن السابع) ، دار الحديث ، قم ، إيران 1418 ه.

54 - مفتاح الكرامة ، للسيد محمد جواد العاملية (ت 1226 ه) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران 1419 ه.

55 - مكارم الأخلاق ، لأبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (ت 548 ه) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران 1392 ه.

56 - معالم العلماء ، لرشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه) ، تحقيق : السيّد محمد صادق آل بحرالعلوم ، دار الأضواء - بيروت.

57 - معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران 1379 ه.

58 - معجم البلدان ، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان 1399 ه.

59 - معجم رجال الحديث ، السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت 1411 ه) ، قم ، إيران 1413 ه.

60 - معجم قبائل العرب القديمة والحديثية ، عمر رضا كحالة ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان 1388 ه.

61 - معجم المطبوعات العربية ، ليوسف اليان سركيس (ت 1351 ه) ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم ، إيران 1410 ه.

62 - معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحّالة (من أعلام القرن 14) ، دار إحياء التراث

ص: 473

العربي ، بيروت.

63 - المناقب ، لابن شهرآشوب (ت 588 ه) ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف ، العراق 1376 ه.

64 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران الطبعة الثانية.

65 - ميزان الإعتدال ، للذهبي (ت 748 ه) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان 1382 ه.

66 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر ، للحسين بن محمد الحلواني (القرن الخامس) ، نشر مدرسة الإمام المهدي (عج) ، قم ، إيران 1408 ه.

67 - النهاية ، في غريب الحديث ، لابن الاثير (ت 606 ه) ، مؤسسة اسماعيليان للطباعة ، قم ، إيران ، الطبعة الرابعة.

68 - هدية العارفين ، إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 ه) ، طبع بعناية وكالة المعارف إسطنبول سنة 1951 ، إعادت طبعة باالأوفست دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

69 - وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ، قم ، إيران 1414 ه.

* * *

ص: 474

من أنباء التراث

هيئة التحرير

كتب

صدرت محقّقة

*

نوادر المعجزات.

تأليف

: محمّد بن جرير الطبري الإمامي.

كتاب

من سلسلة مصادر بحار الأنوار ، تناول فيه دور معجزات الأئمّة الاثني عشر الأطهار

في إثبات حججهم في كونهم خلفاء الرحمن على عباده ، وذلك في ثلاثة عشر باب ،

بدءاً بمعجزات سيّد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومعجزات سيّدة

نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام في بابين مستقلّين ، وانتهاءاً بالدلائل والبراهين عن

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله عليهم السلام بوجود صاحب الزمان ، قدّم المؤلّف

مقدّمة في كون الإعجاز مختصٌّ بالأنبياء وأوصياء

الأنبياء.

هذا

كما قدّمت للكتاب مقدّمة في منهجية التحقيق ، والنسخ المعتمد عليها ، وقد ألحق

المحقّق بها بحثاً علميّا في معنى الإعجاز ، وآثاره ، وفوارقه مع ما شابهه

وشاكله.

تحقيق

: الشيخ باسم محمد الأسدي.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 464.

نشر

: منشورات (دليل ما) - قم - إيران / 1427 ه.

*

غرر الأخبار ودرر الآثار.

تأليف

: الحسن بن علي بن محمد الديلمي.

كتاب

من سلسلة مصادر بحار الأنوار

ص: 475

يحمل في طيّه نزراً من فضائل ومناقب

سيّد الأوصياء والموحّدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

وذلك في ثلاثين فصلاً وقد قدّم له مقدّمة تحكي عظيم الأجر لمن ذكر فضائل الامام

أمير المؤمنين عليه السلام في غفران الذنوب وقرب المنزلة من الله

ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكرت مقدّمة لمنهجية التحقيق اشتملت على

أهمّية ذكر الفضائل ، وترجمة المؤلّف ، ومواصفات نسخ الكتاب وكتب المؤلّف وميزة

هذا الكتاب.

تحقيق

: اسماعيل الضيغم.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 460.

نشر

: منشورات (دليل ما) - قم - إيران / 1427 ه.

*

تبصرة الفقهاء ج (1 - 3).

تأليف

: الشيخ محمد تقي الرّازي النجفي الأصفهاني (ت 1248 ه).

كتاب

فقهي استدلالي في ثلاث مجلّدات محقّقة ، اعتمد في تحقيقه على أربع مخطوطات ، وقد

أُدرجت اختلافاتها في الهامش ، ذكرت له مقدمة في منهج التحقيق وأقوال العلماء في

الكتاب ، كما ذكرت مقدّمة اُخرى عن حياة المؤلّف

العلمية ومؤلّفاته.

اشتمل

على أبحاث كتاب الطهارة ، حيث حوى نصفه تقريباً ، كما ضمّ بحث أوقات الصلاة ،

وقسماً من الزكاة ، وبعض أبحاث كتاب البيع.

تحقيق

: السيّد صادق الحسيني الأشكوري.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : ج 1 : 528 ، ج 2 : 599 ، ج 3 : 438.

نشر

: مجمع الذخائر الإسلامية - قم - إيران / 1427 ه.

*

الملخّص في أُصول الدين.

تأليف

: الشريف المرتضى (ت 436 ه).

كتاب

كلامي ، عقائدي ، يهتم بسرد مباحث أُصول الدين ، ببيان استدلالي عقلي ونقلي ،

بالإضافة إلى ردّ لبعض ما يعتقده المخالفون في هذا المضمار من المتكلّمين من

أصحاب المذاهب الأُخرى.

يعدّ

هذا الكتاب هو الأوّل للمصنّف في أصول الدين ويليه كتابه الذخيرة الذي يعتبر المتمّم

لهذا الكتاب ، فأوجز فيه مطالبه التي استفرد بها في الثاني ، لكنّه

ص: 476

لم يتمّه بسبب بعض العوائق ، كما صرّح

بذلك في آخر كتاب الذخيرة ؛

بينما في مكان آخر يذكر أنّ هذا الكتاب هو المتمّم لكتاب الذخيرة

وقد بني فيه على الإيجاز ؛ والملاحظ من هذا القول هو أن الملخّص والذخيرة

كلّ منهما يتممّ الآخر في مباحثه ، وموضوعاته.

يضمّ

هذا الكتاب أربعة أجزاء - كما في المخطوط - حذف الرابع منه لوجوده في كتاب الذخيرة فبقي منه ثلاثة

أجزاء ، وتشتمل هذه الأجزاء على خمسة أبواب تحوي بين صفحاتها ثمانية وستّون

فصلاً ، وعناوينه الرئيسية هي :الكلام في الصفات ؛ وفي نفي الرؤية عنه وجميع

ضروب الإدراك ؛ وفي العدل ؛ وفي الإرادة وما يتعلّق بها ؛ والكلام وأحواله

وأحكامه.

اعتمد

في تحقيق هذا الكتاب على نسخة خطية وحيدة ، واستخراج مطالبه وأحاديثه وأشعاره

وغيرها ، بالإضافة إلى تقويم النصّ وتقطيعه ، وقد تصدّر الكتاب مقدّمتين حول

حياة المؤلف ، والعلاقة بين متكلّمي الشيعة والمعتزلة.

تحقيق

: الشيخ محمد رضا الأنصاري القمي.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 479.

نشر

: مركز نشر دانشگاهي - طهران - إيران.

*

كشف البراهين في شرح رسالة زاد المسافرين.

تأليف

: الشيخ محمد بن أبي جمهور الأحسائي (ت 940 ه).

كتاب

كلامي ، عقائدي ، يعنى بشرح رسالة زاد المسافرين لنفس المؤلّف رحمه الله ، والتي كتبها

لبيان أُصول الدين ، وكانت موجزة فقام بفكّ عباراتها ، وتوضيح المبهم منها ،

وتوسيع مطالبها ليسهل الاقتباس منها ، والانتفاع بها ، مبتدئاً بشرح مقدّمتها.

احتوى

هذا الكتاب على مقدّمة للتعريف بالمؤلّف ومنهجية العمل ، وشرح مقدّمة المؤلّف ؛

وسبعة فصول هي : التوحيد ؛ الصفات الثبوتية ؛ الصفات السلبية ؛ العدل ؛ النبّوة

؛ الإمامة ؛ المعاد.

اعتمد

في تحقيق هذا الكتاب على خمس نسخ خطّية قد تمّ مقابلتها مع الأصل ، وتصحيح

الأخطاء ، مع عنونة للمطالب الرئيسية والفرعية ، وتثبيت الحواشي والتعليقات في

محلّها

ص: 477

المناسب ، واستخراج النصوص والروايات

من مصادرها ، بالإضافة إلى ترجمة للأعلام ، وبعض المفردات اللغوية.

تحقيق

: الشيخ وجيه بن محمد المسبّح.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 498.

نشر

: مؤسّسة أمّ القرى للتحقيق والنشر - قم - إيران.

*

التعريف بوجوب حقّ الوالدين.

تأليف

: أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي (ت 449 ه).

وهو

الكتاب السابع من سلسلة مصادر بحار الأنوار.

كتاب

يتناول حقّ الوالدين على الأبناء في القرآن الكريم ، والسنّة النبويّة ، وروايات

أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وهذا الكتاب هو

ما كتبه الكراجكي لولده وصيّة له.

تناول

الكتاب المواضيع التالية : وجوب حقّ إطاعة الوالدين ؛ آثار أداء حقوق الوالدين ؛

عظم حقوق الوالدين ؛ طهارة أصلاب وأرحام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)

؛ حثّ المؤلف ولده

بالمداومة على قراءة دعاء زين العابدين

عليه السلام

في أبويه عليهما السلام.

اعتمد

في تحقيق هذا الكتاب على أربعة نسخ خطّية ، وتمّ استخراج الآيات والروايات

والنصوص ، بالإضافة الى وضع عدّة فهارس لهذا الكتاب لغرض التسهيل على الطالب.

تحقيق

: السيّد حسين الموسوي البروجردي.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 63.

نشر

: منشورات (دليل ما) - قم - إيران / 1427 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

*

مودّة أهل البيت وفضائلهم في الكتاب والسنّة.

تأليف

: السيّد تقي يوسف الحكيم.

كتاب

تدور مباحثه حول سيرة وفضائل أهل البيت عليهم السلام ، مسلّطاً الضوء على كلّ فضيلة على حدة

، متطرّقاً لرواتها من الفريقين مع ذكر مصادرها.

ينطوي

هذا البحث على خمسة فصول : من هم أهل البيت ؛ حبّهم في

ص: 478

الكتاب والسنّة والأدب ؛ بعض فضائلهم

في الكتاب والسنّة ؛ معطيات حبّهم ؛ أهل البيت بين الغلوّ والبغض.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 140.

نشر

: مركز الرسالة - قم - إيران / 1426 ه.

*

الصحابة في القرآن والسُنّة والتاريخ.

تأليف

: السيّد سعيد كاظم العذاري.

بحث

يتناول مسألة عدالة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهل أنّهم عدول

كلّهم وفوق معايير الجرح والتعديل؟ مستنطقاً القرآن العظيم والسُنّة النبويّة

الشريفة وأحداث التاريخ للوصول إلى الرأي النهائي في هذه المسألة - بحيادية

وموضوعية - تبعاً للدليل ، ودون التأثّر بالمرتكزات الذهنية والأحكام المسبقة.

مبتدئاً

بالمعنى اللغوي للصحبة ، متتبّعاً موارد ذكر الصحابة في آيات الذكر الحكيم بالمدح

والثناء ، وبالذمّ والتقريع ، وما ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)فيهم

من روايات مادحة وذامّة.

مستعرضاً

السيرة الذاتية لبعضهم ضمن الحركة التاريخية لمراحل الدعوة الإسلامية : التخلّف

عن جيش أُسامة

والاعتراض على إمرته ، اتّهام الرسول

(صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجر ، وحوادث ما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله

وسلم) ، حرب الجمل وصفّين وما بعدها ، عهد معاوية ، وما جرى بين الصحابة في بيعة

يزيد.

ثمّ

الآراء في تقييم الصحابة : عدالة جميعهم ، ثبوتها في الواقع الخارجي ، عدالتهم

قبل دخولهم في الفتنة ، ضرورة تأويل مواقفهم بما ينسجم مع القول بعدالتهم ،

وأخيراً الرأي المعتدل ؛ إذ فيهم العادل وغير العادل والفاسق ، وأنّ الصحبة ليس

لها دور في عدالة الصحابي ما لم يجسّد سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في

سلوكه ومواقفه.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 133.

نشر

: مركز الرسالة - قم - إيران / 1426 ه.

*

الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ج (1 - 35).

تأليف

: السيِّد جعفر مرتضى العاملي.

موسوعة

تدور أحداثها وتنطوي صفحاتها على دراسة دقيقة لسيرة النبي المصطفى (صلى الله

عليه وآله وسلم) ، قام المؤلّف بتحقيقها

ص: 479

وجمع أحداثها ووقائعها من كتب التاريخ

بعد أن أحاط بقسم كبير من مجرياتها ، قلّما أحاط بها كتاب ، وحاول تنقيحها

وتجريدها ممّا أتت به أيد مشبوهة ومغرضة ونفوس مريضة ، تدخّلت في سرد هذه السيرة

لمصالح شتّى ، وحاولت طمر الحقيقة لأغراض معروفة ، ولم تقتصر الموسوعة هذه

بأجزائها الخمسة والثلاثين على أقسامها العشرة بل تناول كلّ قسم منها أبواباً

مفصّلة في التاريخ النبوي الشريف وأحداثه وهذه هي الطبعة الرابعة للكتاب

المنقّحة والمزيدة.

اشتمل

الكتاب بأقسامه العشرة على : مدخل إلى دراسة السيرة ، ما قبل البعثة ، إلى الهجرة

، بدر ، أحد ، الخندق ، الحديبية ، فتح مكّة ، من الفتح إلى الشهادة.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : كل جزء ما يقارب 350 صفحة.

نشر

: دار الحديث - قم - إيران / 1426 ه.

كتب

صدرت حديثاً

*

نفحات الهداية.

هذا

الكتاب إعداد مؤسّسة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الثقافية ، وهو

مجموعة من المحاضرات التي أدلى بها سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الشيرازي

على الوافدين إليه من طلاّب العلوم الدينية وغيرهم ، تناول فيها مختلف المواضيع

من أخلاق وتاريخ ومعارف إسلامية.

اشتمل

على أربع وعشرين موضوعاً منها : نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) خير هاد

للبشرية ، الإمام أمير المؤمنين والسلامة في الدين ، أهمّية أحكام الله ، الإمام

الحسين عليه السلام أقام الدين ، سيرة

الإمام زين العابدين عليه السلام ، الحجّة المنتظر

(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، كيف تكون في نور الله ، شهر رمضان شهر بناء

النفس والمجتمع ، قصّة أصحاب الحجر ، معركة الأحزاب دروس وعبر ، الحرّية في

الإسلام ، حقوق المرأة في الإسلام ...

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 384.

نشر

: انتشارات ياس الزهراء عليها السلام - قم - إيران /

1426 ه.

ص: 480

* الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ.

تأليف

: علي موسى الكعبي.

كتاب

تدور أحداثه ومباحثه حول سيرة الإمام العاشر من أئمّة الهدى عليهم السلام الإمام علي بن

محمد الهادي عليه السلام ، من الولادة وحتّى الشهادة ، وما جرى عليه وعلى

شيعته من أئمّة الجور والضلال ، ومَن عاصره من حكّام بني العبّاس.

ينطوي

هذا الكتاب على سبعة فصول هي : الحياة السياسية في عصر الإمام الهادي عليه السلام ، موقف السلطة من

الإمام ، الهوية الشخصية للإمام ، إمامته ، مكارم أخلاقه ومنزلته ، عطاؤه العلمي

، شهادة الإمام الهادي عليه السلام.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 276.

نشر

: مركز الرسالة - قم - إيران / 1427 ه.

*

تربية الطفل في الإسلام.

تأليف

: السيّد شهاب الدين الحسيني.

اعتنى

هذا الكتاب ببيان منهجية الإسلام ورعايته بمسألة تربية الطفل وبناء شخصيّته منذ

الطفولة كفرد من

أفراد المجتمع معتمداً في ذلك على هدى

كتاب الله والسنّة النبوية الشريفة وسيرة أهل البيت الأطهار عليهم السلام

ومستنداً في بحثه إلى علم النفس والتربية.

مشتملاً

على مقدّمة وخمسة فصول في : المنهج التربوي في العلاقات الأُسريّة ، مرحلة ما

قبل الاقتران ، مرحلة ما بعد الولادة ، مرحلة الطفولة المبكّرة ، ومرحلة الصبا

والفتوّة.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 115.

نشر

: مركز الرسالة - قم - إيران / 1426 ه.

*

قوانين السعادة الزوجية.

تأليف

: الشيخ حسن موسى الصفّار.

مجموعة

كتيّبات تشكّل سلسلة محاضرات إسلامية ألقاها المؤلّف على ثلّة من المثقّفين ،

تهتمّ بقضايا الأُسرة في موضوع الزواج ، وإجراء عقود النكاح ، وإيقاع الطلاق

والسعي لإصلاح ذات البين ، ومعالجة المشاكل العائلية ، ومتابعة الشأن التربوي ،

والانفتاح على الشباب ، يعرض من خلالها تقارب آراء المذاهب الإسلامية في أُمّهات

المسائل ، ويبيّنها بلغة عصرية واضحة ، ويقدّمها

ص: 481

برؤية ثقافية اجتماعية.

كتيّب

«الحقوق الزوجية» اشتمل على المواضيع التالية : العلاقات الزوجية ، المعاشرة

الجنسية ، نفقة الزوجة ، حركة الزوجة خارج البيت ، المعاشرة بالمعروف ، حقّ

الخدمة بين الزوجين.

وكتيّب

«العلاقات الزوجية» يشتمل على : الخلافات الزوجية ، التحكيم والإصلاح في

الخلافات الزوجية ، تعدّد الزوجات.

وكتيّب

«عقد الزواج» يشتمل على : عقد الزواج ، إجراء عقد الزواج ، شرائط صحّة العقد ،

الشروط في عقد الزواج ، مستحبّات ومكروهات العقد ، الصداق ، استحقاق المهر.

وكتيّب

«قرار الزواج» يشتمل على : قرار الزواج ، الفتاة وقرار الزواج ، ولاية الأب

ومصلحة البنت ، زواج الثيّب ، أولياء العقد ، الزنا وتحريم التزاوج ، الشذوذ

الجنسي ، التزاوج مع اختلاف الدين ...

وكتيب

«اختيار الزوج» يشتمل على : الحق في الكفاءة ، اختيار الزوج ، الخطوبة ، اختلاف

المذهب هل يمنع التزاوج ، الفحص الطبّي قبل الزواج.

وكتيّب

«الزواج أحكامه وأغراضه»

يشتمل على : الزواج حكمه واغراضه ،

التزاحم بين الزوج وسائر المهام ، استحباب الزواج ، التزويج والمساعدة ، سنّ

الزواج.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : كل كتيب ما يقارب 100 صفحة.

نشر

: مركز الراية للتنمية الفكرية - دمشق - سورية / 1426 ه.

*

الزهراء في سماء المجد.

تأليف

: الشيخ عبد الشهيد مهدي الستراوي.

تناول

الكتاب باختصار تاريخ وسيرة سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين

عليها السلام ، لتكون قدوةً

وأسوةً للمرأة المسلمة في بناء شخصيّتها وتكاملها وتأثيرها في تربية المجتمع

وهدايته.

اشتمل

على ستة فصول : من هي فاطمة ، سيّدة نساء العالمين ، الولادة ، الاقتران بعلي ،

الحياة الزوجية ، محنة الزهراء.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 152.

نشر

: دار العلوم - بيروت - لبنان / 1426 ه.

ص: 482

* عبير الأبرار وحنين الأحرار.

تأليف

: الشيخ عبد الأمير النصراوي.

ديوان

شعر ، يحتوي على قصائد مدح ورثاء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته

الطاهرين عليهم السلام ، احتوى على أشعار

في الحنين للوطن ، والعاطفيّات ، والحكميّات ، والمراثي ، كما ضمّ مجموعة من

الشعر الشعبي (الدارج) في النعي ، والأبوذية ، والفايزي ، والنصّاري ، وغيره.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 184.

نشر

: دار المرشد للطباعة والنشر - بيروت - لبنان.

*

أبعاد النهضة الحسينية.

تأليف

: عباس الذهبي.

دراسة في النهضة الحسينية التي أخذت

تجدّد في كلِّ عصر لترسم آثارها حيّةً مدى الأيّام في تعليم الأجيال وبناء شخصية

من آمن بها حيث إنّها لازالت مكنونة في الوجدان البشري ، عرضها الكتاب في ستّة

أبعاد في : البعد الغيبي ، والعبادي ، والأخلاقي ، والسياسي ،

والإعلامي ، والعسكري.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 181.

نشر

: مركز الرسالة - قم - إيران / 1425 ه.

*

مدخل إلى مناهج المعرفة عند الاسلاميين.

تأليف

: السيّد كمال الحيدري.

كتاب فلسفي ، تناول العديد من البحوث

في الفلسفة الاسلامية ، متّخذاً من فلسفة مدرسة الحكمة المتعالية ونظرية المعرفة

أساساً ومحوراً ، لأنّها استطاعت أن تعطي الإجابات العلمية المتقنة حول المبدأ

والمعاد والنبوّة والإمامة وغيرها من المسائل التي يتألّف منها البناء العقائدي

في النظرية الإسلامية ، حيث تناول بحث الوجود الذهني مدخلاً له في هذا الإطار

ضمن التفسير الماهوي للمعرفة ، ومبحث نفس الأمر ، كما تعرّض في بحوثه إلى المدارس

الخمسة في العصر الاسلامي ، ومن ثمّ تطرّق إلى منهج العلاّمة الطباطبائي في

تفسير القرآن ، وقد استدرك في آخره فكر الشهيد محمّد باقر الصدر قدس سره

في مجال نظرية المعرفة وعلم

ص: 483

الكلام والفلسفة.

اشتمل

الكتاب على خمسة فصول : التفسير الماهوي للمعرفة ، ونفس الأمر ، والمدارس الخمس

في العصر الاسلامي ، ومنهج الطباطبائي قدس سره في تفسير القرآن الكريم ، وخصائص عامّة

في فكر الشهيد محمّد باقر الصدر قدس سره.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 444.

نشر

: دار الفراقد - قم - إيران / 1426 ه.

*

الوحدة الشيعية والغزو الوهابي ج (1 - 2 - 3).

تأليف

: الشيخ نجاح الطائي.

جمع

الكتاب العديد من المباحث التاريخية والعقائدية ، التي ارتآها المؤلّف في بحثه

العلمي ، لكشف النقاب عن وقائع تاريخية مزعومة صدّقها العالم الإسلامي ، وقد

فنّد الكثير من المزاعم ردّاً للشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم السلام ، مؤكّداً على قوّة

الثقافة الشيعية وسعتها على احتواء الأُمّة وتوحيد كلمتها ، كما أشار من خلال

بحوثه إلى التاريخ الشيعي ومدى تأثيره على رصّ الصفوف.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : ج 1 : 248 ، ج 2 : 350 ، ج 3 : 294.

نشر

: دار الهدى لإحياء التراث - بيروت - لبنان / 1426 ه.

*

الحجّة الدامغة على الألسن الجارحة.

تأليف

: الشيخ فيصل البصري.

كتاب

عقائدي ، كلامي ، يهتمُّ ببيان العقيدة الحقّة لمذهب أهل البيت عليهم السلامبالدليل الواضح

والقاطع في ضمن دراسة تحليلية على ضوء الكتاب ، والسنّة النبوية ، والتاريخ.

يحتوي

الكتاب على عدّة فصول أساسية هي : الصحبة والصحابي ، التقية منهج إسلامي واع ،

الرجعة ، الفرقة الناجية.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 232.

نشر

: دار باقيات - قم - إيران / 1427 ه.

*

فيه آيات بيّنات.

تأليف

: الشيخ مرتضى علي الباشا.

كتاب

احتوى على جمع معلومات لمعالم مكّة المكرّمة ، لاسيّما ما يختصّ

ص: 484

ببيت الله الحرام من آيات بيّنات ،

تفيد الحاج والمعتمر ، وتزيده معرفةً وارتباطاً بالله ، اعتمد فيه على كتب

الفريقين.

اشتمل

على خمسة عشر فصل في : الكعبة المشرفة ، مقام إبراهيم ، الحجر الأسود ، حجر

إسماعيل ، الحطيم ، ظهر الكعبة أو دبرها ، المستجار ، المتعوّذ ، الملتزم ،

الركن اليماني ، المتعلّق باستار الكعبة ، فضل الصلاة في الحرمين ، أفضل مواضع

المسجد ، بئر زمزم ، الصفا والمروة.

وزاد

في آخره ثلاثة ملحقات في : فوائد متفرّقة ، صور مختارة ، تراجم مختصرة.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 234.

نشر

: مؤسّسة اُمّ القرى - بيروت - لبنان / 1426 ه.

*

من هو الصدّيق؟ ومن هي الصدّيقة؟

تأليف

: السيّد علي الشهرستاني.

الكتاب

رسالة تبحث في مصداق مفردتي الصدّيق والصدّيقة ، إرتأى المؤلّف أن يدرسهما دراسة

موضوعية ، وذلك حيث ارتبطت مفردات التاريخ بمعان سامية لها أثر كبير في غرس

العقيدة في نفوس الاُمّة ، لكنّها

اتخذت أُسلوباً لتضليل المجتمع وانحرافهم ، اعتمد فيها على النصوص التاريخية لدى

الفريقين ، كما بيّن جانباً مشرقاً من سيرة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلاموأمير

المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلامفي كونهما

مصداقاً لهاتين المفردتين.

اشتمل

الكتاب على عدّة مواضيع منها : الصدّيق في اللغة والاستعمال ، عائشة والصدّيقية

، أبو بكر والصدّيقية ، دوافع الكذب عند الطرفين ، الغيب والمادّة ، بعض معايير

الصدّيقية ، بعض منازل الصدّيقة الطاهرة ، بين فاطمة الصدّيقة وأعدائها ،

تحريفات محمومة.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 170.

نشر

: (دليل ما) - قم - إيران / 1426 ه.

*

من الخلق إلى الحق.

اعداد

: طلال الحسن.

مجموعة

من محاضرات السيّد كمال الحيدري ، ألقاها على طلاّب العلوم الدينية في الحوزة

العلمية بقم المقدّسة ، دارت أبحاثها حول مواضيع تحثُّ الطالب على الفحص

والارتقاء إلى الله ،

ص: 485

وتحصيل أكبر قدر ممكن من مراتب الكمال

، وبالرغم من أنّ الرسالة تضمّنت مفاهيم عرفانية وفلسفية لكنّها امتازت

بعباراتها الواضحة المعتمدة على بيان آيات الكتاب الحكيم سيّما استغراقها في

الجانب الروائي ، وبيان الأدعية الواردة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله

وسلم) وأئمّة أهل البيت عليهم السلام.

اشتملت

الرسالة على مقدّمتين في : عالم الغيب ، وقوسي الوجود «النزول والصعود» ، وعلى

فصلين في : الأسفار العلمية الأربعة ، والأسفار العقلية الأربعة.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 262.

نشر

: دار فراقد - قم - إيران / 1426 ه.

*

وضوء

عبد الله بن عبّاس ودور السياسة في اختلاف النقل عنه.

تأليف:السيّد

علي الشهرستاني.

هو

ملخّص كتاب وضوء النبي للمؤلّف ، قام بتلخيصه الشيخ قيس العطّار ، يبحث فيه الروايات

الواردة عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه في الوضوء ، دلالةً وسنداً ، كما درس حقيقة إمكان انتساب

هذه الأخبار إلى ذلك الصحابي ،

ومدى تطابقه مع الثوابت الحديثية

الاُخرى ، ليقف القارئ على حقيقة الأمر في مذهب ابن عبّاس رضي الله عنه

الوضوئي ، وفي معرفة ملابسات الأحكام الشرعية وتاريخ التشريع الاسلامي.

اشتمل

على عدّة مواضيع منها : ظاهرة اختلاف النقل عن الصحابي الواحد ، نماذج من اختلاف

ابن عبّاس رضي الله عنه وعثمان في المسائل

الفقهية ، مخالفة النهج الحاكم مع علي عليه السلام وابن عبّاس رضي الله عنه ، حرق الشيخين

للمدوّنات ومنعهم للتحديث ، محاولة حصر الرواية بما سمع في عهد الشيخين ، وجعل

سيرتهما بجانب القرآن والسنّة ...

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 152.

نشر

: دار مشعر - طهران - إيران / 1426 ه.

*

مبادئ الفلسفة الاسلامية ج (1 - 2).

تأليف

: عبد الجبّار القحطاني الرفاعي.

قدّم

الكاتب دراسة جديدة في الفلسفة بشكل عام ، وفي الفلسفة الاسلامية بشكل خاص ، حيث

دوّن لتعريف هذا العلم مدخلاً موجزاً ، تناول المؤلّف من

ص: 486

خلاله : معنى الفلسفة ، أقسامها ،

وظيفتها ، نشأتها ، وأزمنتها ، وأبرز تيّاراتها ومدارسها عبر التاريخ ، ومصيرها

في العصر الحديث ، والمناهل الاسلاميّة للتفكير الفلسفي ، ومدارس الفلسفة

الاسلامية ؛ كلّ هذا ليتعرّف الطالب على مبادئ الفلسفة ، ومسارها ، ومدارسها ،

واتجاهاتها ؛ إضافة إلى المنهج الفلسفي عند العلاّمة الطباطبائي.

اشتمل

الجزء الأوّل من هذا الكتاب بعد المقدّمة على : مدخل إلى الفلسفة ، منهج الدرس

الفلسفي عند العلاّمة الطباطبائي قدس سره ، شرح بداية

الحكمة

حتّى نهاية المرحلة الخامسة من هذا الكتاب.

كما

اشتمل الجزء الثاني : على المرحلة السادسة حتّى نهاية المرحلة الثانية عشر على

بحوث في : المقولات العشر ، العلّة والمعلول ، انقسام الموجود إلى الواحد

والكثير ، السبق واللحوق والقدم والحدوث ، في القوّة والفعل ، العلم والعالم ،

إثبات ذاته وصفاته وأفعاله عزّ وجلّ.

الحج

: وزيري.

عدد

الصفحات : ج 1 : 430 ، ج 2 : 428.

نشر

: مركز دراسات فلسفة الدين -

بغداد - العراق / 1426 ه.

*

الغيبة وآثارها في الحياة الانسانية.

تأليف

: الشيخ عبد الله الدقّاق.

تناول

الكتاب بحثاً تربويّاً في تعريف الغيبة ، والنهي عنها وآثارها السلبية في

الاُمّة ، واستند إلى كتاب الله عزّوجلّ وروايات الأئمّة الأطهار عليهم السلام لترسيخ روح التربية

الإسلامية السليمة في الأُسرة المؤمنة.

اشتمل

على ستّة فصول في : تعريف الغيبة وشروط تحقّقها وأقسامها ، دواعي الغيبة

وبواعثها ، موارد جواز الغيبة ، علاج الغيبة وكفّارتها وأحكامها ، آثار الغيبة

على الفرد والمجتمع ، فيما ورد في الغيبة من الروايات.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 128.

صدر

في قم سنة 1427 ه.

*

قوافل النور.

تأليف

: حسين بركة الشامي.

كتاب

تناول حياة الإمام الصادق عليه السلام ، فنظمها على بحر الرجز ، بدءً بولادته وانتهاءً بشهادته عليه السلام ، حيث جعل لكلِّ

مقطع شعري عنوانه المختصّ

ص: 487

به مع ذكر الرواية المنتقاة من مصدرها

في الهامش.

اشتمل

على العناوين التالية : المولد المبارك ، أسماؤه وألقابه ، خصاله وصفاته ، أقوال

العلماء فيه ، رواته وتلامذته ، جامعة الإمام الصادق عليه السلام ، كرمه وسخاؤه ،

قصص وطرائف رواية مالك ، الحوار مع الزنادقة ، المعتزلة والأشاعرة ، عصر الإمام

الصادق عليه السلام ، شعر السيّد

الحميري ، تدوين العلوم ، ثورة زيد الشهيد وثورة يحيى ، صبر الإمام الصادق عليه السلام ، وصية الإمام

الصادق عليه السلام ، شهادته عليه السلام.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 180.

نشر

: ديوان الوقف الشيعي - بغداد - العراق / 1426 ه.

*

أهل البيت معالم مدرستهم وقيادتهم.

تأليف

: الشيخ فؤاد كاظم المقدادي.

هذا

الكتاب هو الجزء السادس من سلسلة كتب دورية تصدر عن مجمع الثقلين ، أعدّ فيه

المؤلّف بحثاً ودراسة عن تاريخ وسيرة أهل البيت عليهم السلام ، وتعريف خطّهم الرسالي في حمل راية

التوحيد وتثبيت أحكام الإسلام

المحمّدي الأصيل ، داعياً الاُمّة

الإسلامية إلى وجوب معرفتهم ومودّتهم والالتزام بحبل ولائهم لتوحيد الكلمة ولمّ

شعث المسلمين.

اشتمل

على مدخل : حبُّ أهل البيت عليهم السلام منطلق وحدة المسلمين ، وعلى ثلاثة فصول في : معرفة أهل

البيت عليهم السلام ، الأُصول الفارقة

لمدرسة أهل البيت عليهم السلام ، قيادة أهل البيت عليهم السلام ، والخاتمة : مدرسة

أهل البيت عليهم السلام رائدة الوحدة

الإسلامية.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 303.

نشر

: مجمع الثقلين العلمي - بغداد - العراق / 1426 ه.

*

دراسات في الحكمة والمنهج.

تأليف

: السيّد عمّار أبو رغيف.

قدّم

الكتاب بحوثاً فلسفيّة بدراسة جديدة ، وبروح تبحث عن لمّ شتات الأفكار ، في

مجموعة من المقالات المتناثرة ، والتي أعدّها المؤلّف في يرعان شبابه وطوال

مسيرته الفكرية والجغرافية التي استغرقت عقوداً من الزمن ، ليعرض من خلالها

ترابط أُصول الحكمة والروح التربوية في الإسلام ،

ص: 488

وكيفية مدّ جسور التفاهم بين العقول

البشرية ، إذ يعدّ أمراً حيويّاً وأساسيّاً في إثراء المعرفة وإغناء تجارب

الشعوب في مختلف حقولها الفكرية.

اشتمل

الكتاب على المواضيع التالية : نظرية الإدراك ، مدخل منهجي لدراسة النظرية

التربوية في الإسلام ، ماذا جاء حول فلسفتنا ، مدخل نقدي لدراسة الفكر الوجودي

وفلسفة كارل ياسپرز ، إطلالة على حياة صدر الدين الشيرازي ومنهجه الفلسفي ،

دراسة حول نظرية الجمال ، قراءة في تجديد التفكير الديني في الإسلام ، ملاحظات ،

حول الثقافة والمنهج ، نظرية المعرفة بين الشهيدين المطهّري والصدر ، أصالة

الوجود عند صدر الدين الشيرازي.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 420.

نشر

: دار الفقه للطباعة والنشر - قم - إيران / 1426 ه.

*

فقه الشيعة.

تأليف

: السيّد محمّد مهدي الموسوي الخلخالي.

تناول

الكتاب موضوع الإجارة ، وكانت مباحثه تدور حول إجارة الأعيان

والإجارة على الأعمال ، وهي مجموعة من

المحاضرات الفقهية ، التي أدلى بها المؤلّف في بحثه الخارج على جمع من الفضلاء

في العاصمة طهران حيث قام بشرح كتاب العروة

الوثقى منهجاً في بحثه.

اشتمل

على سبعة فصول في : تعريف الإجارة وأركانها ، أركان الإجارة ، الإجارة من العقود

اللاّزمة ، في أحكام العوضين ، الضمان في الإجارة ، ملكية الإجارة ، مسائل

متفرّقة ، التنازع. وخاتمة فيها مسائل ، والتكملة في السرقفلية وتعريفها ،

والملحق : تطوّرات قانون السرقفلية.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 1144.

نشر

: انتشارات منير - طهران - إيران / 1426 ه.

*

حياة أمير المؤمنين عليه السلام عن لسانه ، ج 5.

تأليف

: الشيخ محمّد محمّديان.

جمع

وترتيب لبيانات وخطب ورسائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وما أُثر عنه من كلمات ؛ التي تحكي

لمحات من سيرة حياته الشريفة ، والتي تعكس

ص: 489

الظروف والمشاكل والاحتياجات والكثير

من المسائل التي عاصرها وواجهها الإمام عليه السلام ،

وتبيّن مواقفه منها ، إذ تعدّ هذه البيانات من أوثق المصادر وأقواها اعتماداً ،

لمعرفة تفاصيل حياة الإمام عليه السلامالمباركة.

كما

أُضيفت (تكملة) لبعض فصول الكتاب ، تمّ اختيارها من البيانات الواردة ضمن فصوله

الأُخرى ، ترتبط بما ورد في الفصل الذي أُضيفت له التكملة ، بالإشارة إلى الرقم

المسلسل للحديث ومحلّ الاستشهاد منه فقط.

اشتمل

هذا الجزء على ثلاثة أبواب بفصولها في : حرب الجمل ، أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة ، أمير

المؤمنين عليه السلام في الكوفة.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 528.

نشر

: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم -

إيران / 1426 ه.

*

لماذا الاختلاف في الوضوء.

تأليف

: السيّد علي الشهرستاني.

كتاب

لخّصه ورتّبه الشيخ قيس العطّار ، أزاح الستار عن سبب انقسام

المسلمين في اجتهداتهم الفقيه ، إلى من

التزم بالكتاب والسنّة النبوية الشريفة ، وإلى من ارتأى الاجتهاد قبال النصّ ،

ممّا أدّى إلى اختلاف فقهي في شتّى المجالات ، وانشقاق في صفوف المسلمين ، حيث

كان العهد العثماني ومن ثمّ الخلفاء الأمويّون سبباً في ذلك لتمييز العلويّين من

غيرهم.

اشتمل

على عدّة مواضيع منها : المجتهدون في زمان النبي ، عثمان والوضوء ، من هو البادئ

بالخلاف ، لماذا الإحداث في الوضوء ، علي والوضوء ، الأمويّون والوضوء ،

العباسيّون والوضوء ...

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 102.

نشر

: دار مشعر - طهران - إيران / 1426 ه.

*

أحكام الاُسرة في الإسلام.

تأليف

: الشيخ محمّد جعفر شمس الدين.

قدّم

الكتاب بحوثاً في أحكام الأُسرة وفقاً لنصوص قوانين الأحوال الشخصية للطوائف

الدينية اللبنانية ، وقد اتّبع المؤلّف أُسلوب المقارنة في كلّ مراحل

ص: 490

البحث بشكل منهجي ، لتتّضح مواضع

الالتقاء والافتراق في نظام الزواج بين ما قرّرته الشريعة الإسلامية بمختلف

مذاهبها ، ومارسمته المرجعيّات الدينية المسيحية وغيرها ، حيث اعتقد أنّ هذا

النوع من البحث يضع الحدّ للسلبيّات الطائفية المقيتة.

اشتمل

على مقدّمة ، مدخل وتمهيد : أساس قانون الأحوال الشخصية في لبنان ، مبحث موطِّئ

: الخطبة كمقدّمة للزواج. وعلى ثمانية مباحث في : ماهية الزواج ومشروعيته وحكمه

والحكمة منه ، عقد الزواج وشروط صحّته والموانع ، الآثار والمفاعيل لعقد الزواج

، آثار الأبوّة والاُمومة والبنوّة ، التبنّي ، النفقات ، الوصاية ، حلّ عقدة

النكاح أو انحلالها.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 343.

نشر

: دار الهادي - بيروت - لبنان / 1426 ه.

*

الوقف وأحكامه.

تأليف

: الشيخ محمّد جعفر شمس الدين.

عرض

الكتاب دراسة مقارنة بين

أحكام الوقف الإسلامي والقانون ، كما

قارن بين آراء الفقهاء في المذاهب الستّة : الاثني عشري ، والحنفي ، والشافعي ،

والمالكي ، والحنبلي ، والزيدي ، معتمداً فيها على اُمّهات المصادر لديهم ، وقد

ناقش من خلالها المعضلات والمآسي التي يواجهها القانون اللبناني ويعانيها

المجتمع ، ويطرح المؤلّف آراءه الخاصّة وما توصّل إليه من سبل حلٍّ ويناقش

عليها.

اشتمل

على مقدّمة ومبحث افتتاحي موطّئ يحوي أربع نبذ في : حكمة الشريعة الإسلامية ،

الوقف الإسلامي نسيج وحده ، آثاره الإيجابية ، سوء استغلال التشريع. وبابين ،

الأوّل منهما في : ماهية الوقف ، وفيه ستّ فصول في : تعريف الوقف ومشروعيته

وحكمه ، أنواع الوقف ، الوقف مثبتاته ومبرّزاته ، شروط صحّة الوقف ، أركان الوقف

وشروطها ، متولّي الوقف. والباب الثاني في : التصرّف بالوقف وأحكامه ، وفيه أربع

فصول : بيع الوقف واستبداله ، إجارة الوقف ، قسمة الوقف ، انتهاء الوقف.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 480.

ص: 491

نشر

: دار الهادي - بيروت - لبنان / 1426 ه.

*

درر البحار.

تأليف

: عبّاس حسن الموسوي.

كتاب

جمع فيه المؤلّف سيرة المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ، بدءً من الرسول الأعظم (صلى الله

عليه وآله وسلم) وانتهاءً بالامام الحجّة ابن الحسن المنتظر عجّل الله تعالى

فرجه الشريف ، بدراسة تحليلية عن ولاية أهل البيت عليهم السلام على ضوء الكتاب والسنّة ، حيث ذكر فيه

أهمّ الأحداث التي جرت في زمانهم عليهم السلام ، من مواليدهم الشريفة حتّى الرحيل إلى الرفيق الأعلى ،

وقد جعل لكلٍّ من المعصومين فصلاً خاصّاً حسب الترتيب ، وصدّر المواضيع بعناوين

تختصّ بها.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 647.

نشر

: مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم - إيران / 1426 ه.

*

تفسير آية المودّة.

تأليف

: السيّد علي الحسيني الميلاني.

رسالة

تناولت آية المودّة في

القربى عليهم السلام ،

تبحث في بيان دلالتها على إمامة العترة الطاهرة وولايتهم العامّة بعد الرسول

(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد اعتمد فيها بالنقل من كتب السنّة فقط ، وهي من

سلسلة أبحاث صدرت بعنوان (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (1).

اشتملت

على خمسة فصول في : تعيين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمراد من «القربى» ،

تصحيح أسانيد هذه الأخبار ، دفع شبهات المخالفين ، الأخبار والأقوال ، ودلالة

الآية على الإمامة والولاية.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 146.

نشر

: مركز الحقائق الإسلامية - قم - إيران / 1427 ه.

*

نظريّة المعرفة بين الشهيدين مطهّري والصدر.

تأليف

: السيّد عمّار أبو رغيف.

كتاب

بيَّن وجوه الافتراق والاشتراك بين أفكار الشهيدين ، وأشار إلى أصالة وقدرة

العقل الإسلامي ليتّجه من خلاله إلى البحث في نظرية المعرفة ، ومدى استطاعة

العقل إدراك حقيقة الكون والطبيعة والإنسان.

اشتمل

على العناوين التالية : نظرية

ص: 492

المعرفة بين الشهيدين ، طريقتنا ،

قيّمة المعرفة ، عرض وجهات النظر المختلفة ، تقويم النظريات ونقدها ، عرض

الموقف الفلسفي الإسلامي ، مصدر المعرفة ، المعرفة التصويرية ، المعرفة

التصديقية ، حدود المعرفة ، الادراك البشري ، تقويم شامل للمرحلة الأُولى من

المقارنة ، بديهيّات حساب الاحتمال ، الإيمان القلبي بمبدأ استحالة اجتماع

النقيضين ، المعرفة البشرية في ضوء المذهب الذاتي ، قيمة المعرفة ، مصدر

المعرفة ، حدود المعرفة ، الوجدان والعرفان.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 66.

نشر

: دار الفقه للطباعة والنشر - قم - إيران / 1427 ه.

*

الأئمّة الأثنى عشر عليهم السلام.

تأليف

: السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب

من سلسلة أبحاث (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (2) ، استلّه المؤلّف من شرحه لكتاب

منهاج الكرامة للعلاّمة الحلّي قدس سره ، حيث أفرد منه

القسم المرتبط بتراجم الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام مع الردّ

على ابن تيمية ونقد كلامه حولهم عليهم السلاممعتمداً

في ذلك على مصادر التأريخ والسيرة لأهل السنّة ، لتعمّ الفائدة القارئين

باستقلالية البحث.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 228.

نشر

: مركز الحقائق الإسلامية - قم - إيران / 1427 ه.

*

لطائف الرحمن الرحيم في آيات الكتاب المبين.

تأليف

: محمّد حسين مرتضى.

جمع

الكتاب آيات من كتاب الله الحكيم ، وأذكاراً وردت فيها عن المعصومين عليهم السلام ، وتعرّض لما ورد

فيها من بركات عظيمة وفوائد عميمة لمن أخذ بها واستمسك بعروتها.

اشتمل

على عشرة فصول بالعناوين التالية : النعيم في بسم الله الرحمن الرحيم ، المعين

في آثار الحمد لله ربِّ العالمين ، التجليل لآية التهليل ، درّة الدرر في آيات

السفر ، في آيات النوم ، في الآيات المرتبطة بالعدوّ ونحوه ، في الآيات

المتعلّقة بالاستشفاء ودفع المضار الروحية والبدنية ، في الآيات المرتبطة

بالزراعة ونحوها ، في الآيات المتعلّقة

ص: 493

بالدواب ، في الآيات

المتعلّقة بالموت ، في النوادر.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : 223.

نشر

: دار جواد الأئمّة عليهم السلام - بيروت - لبنان /

1426 ه.

*

مسألة فدك.

تأليف

: السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب

من سلسلة أبحاث (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (3) ، ألمّ ببحث علمي مشوِّق في

مسألة فدك وحديث : «إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث» ، وذلك بعد أسئلة طرحت على

المؤلف من أحد أبناء السنّة عِبرَ إلانترنت ، يطلب منه الحيادية في البحث وعدم

الانصياح إلى ميزان العاطفة التي لا تصلح للقضاء في باب المنازعات فكانت الإجابة

على اختصارها حياديّة البيان جليّة البرهان ، معتمدةً على العديد من مصادر أهل

السنّة في تفنيد المزاعم وإثبات كلمة الحقّ.

الحجم

: رقعي.

عدد

الصفحات : 88.

نشر

: مركز الحقائق الإسلامية - قم - إيران / 1427 ه.

*

شرح المهذّب ج (1 - 2).

تأليف

: السيّد عبد الرسول الشريعتمداري الجهرمي.

كتاب

فقهي في جزءين ، احتويا شرح المجلّد الثاني من كتاب المهذّب في الفقه ، تصنيف

قاضي القضاة سعد الدين أبي القاسم بن نحرير بن عبد العزيز المعروف بابن البرّاج

، شرحه وحقّقه المؤلّف بدءً من كتاب الإجارات وانتهاءً بباب آداب القضاء من كتاب

الدعوى والبيّنات ، كما ذكر مقدّمةً له بيَّن فيها منهجه العلمي والعملي للكتاب

، وأهمّية علم الفقه ، والنسخ التي عثر عليها والمعتمدة من كتاب المهذّب ،

ومختصراً عن حياة المؤلّف ابن البرّاج.

الحجم

: وزيري.

عدد

الصفحات : ج 1 : 696 ، ج 2 : 615.

نشر

: منشورات (دانش حوزه) - قم - إيران / 1427 ه.

ص: 494

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.