المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم
الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم
المطبعة: نمونه
الطبعة: 0
الموضوع : مجلّة تراثنا
تاریخ النشر : 1427 ه.ق
الصفحات: 414
ص: 1
ص: 2
* كلمة العدد :
* التراث وازدواجية المعايير.
............................................................... هيئة التحرير 7
* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (3).
................................................ السيد علي الحسيني الميلاني 10
* عدالة الصحابة (14).
....................................................... الشيخ محمد السند 48
* تاريخ النظرية الفقهية في المدرسة الإمامية (1).
...................................................... السيد زهير الاعرجي 78
* ديك الجن وفن الرثاء
.............................................. الشيخ عبد الرسول الغفاري 156
محّرم - جمادي
الآخرة
1427
ه-
* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المومنين عليه السلام العامّة / النجف الأشرف (20).
......................................... السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره 200
* من المخطوطات العربية في مكتبة المتحف البريطاني / لندن (2).
................................................ الشيخ محمد مهدي نجف 224
* من ذخائر التراث :
* الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقي النبوّة والإمامة - للكراجكي.
.................................................. تحقيق علي جلال باقر 275
* من أنباء التراث.................................................................
........................................................... هيئة التحرير 395
ص: 3
* كلمة العدد :
* التراث وازدواجية المعايير.
............................................................... هيئة التحرير 7
* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (3).
................................................ السيد علي الحسيني الميلاني 10
* عدالة الصحابة (14).
....................................................... الشيخ محمد السند 48
* تاريخ النظرية الفقهية في المدرسة الإمامية (1).
...................................................... السيد زهير الاعرجي 78
* ديك الجن وفن الرثاء
.............................................. الشيخ عبد الرسول الغفاري 156
محّرم - جمادي
الآخرة
1427
ه-
* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المومنين عليه السلام العامّة / النجف الأشرف (20).
......................................... السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره 200
* من المخطوطات العربية في مكتبة المتحف البريطاني / لندن (2).
................................................ الشيخ محمد مهدي نجف 224
* من ذخائر التراث :
* الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقي النبوّة والإمامة - للكراجكي.
.................................................. تحقيق علي جلال باقر 275
* من أنباء التراث.................................................................
........................................................... هيئة التحرير 395
ص: 4
ص: 5
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحيم
لمصلحة من يدمّر تأريخنا ، تراثنا ، معالم حضارتنا ..؟! لِمَ تجدّ المساعي الشرّيرة كي تقضي على المكانة الخالدة التي رسمها الزمن لقادة فكرنا وديننا؟! رسماً رشح عن عطاء أغدق على الإنسانية حكمةً وعدلاً ونبلاً إلى يومنا هذا. أليس لكونه عهداً عملياً وخطاباً واعياً يحاكي العقول النيّرة والضمائر الحيّة ، فتجافيه حينئذ تلك التي امتلأت غيضاً وحقداً حتّى أنّها لم تألُ جهداً لحذفه ونفي كلّ ما يمتّ له بنوع صلة أو ارتباط؟!
نعم ، لقد فجّر الحقد مرقد الإمامين العسكريّين عليهما السلام بمدينة سامرّاء في العراق ، ولن تكون فعلتهم الشنيعة هذه نهاية المطاف ، بل إنّه نهج وفكر يدوم بدوام دواعي الكراهية والعداء لمدرسة آل البيت عليهم السلام ورؤاها السامية.
لا نبثّ شكوىً ولا نستعطف أحداً ولا نحمّل غيرنا الفكرة والرؤية عنوةً ، ولسنا بصددها هنا ، فآل بيت المصطفى عليهم السلام - تأريخاً وسيرةً وعطاءً وتجسيداً لقيم السماء - كالشمس في رابعة النهار ، بل أبزغ وأسنى ، حيث
ص: 7
لا اُفول لمكانتهم الشامخة وتعالميهم الرائدة. ولسنا أيضاً في مقام تناول التيّار السلفي التكفيري بالنقد والتحليل ، فأمره كان ولا زال واضحاً ويزيده الله تبارك وتعالى يوماً بعد آخر فضيحةً وهزيمة.
إنّما ننطلق في إشارتنا لهذه الجريمة من زاوية التراث ، فهو القاسم المشترك ونقطة الالتقاء مع سائر الحضارات والثقافات والأديان ، وقد حظى بعناية واحترام الكلّ بالإجماع.
نعم ، إنّه ضمير الأُمّة ، المرآة التي ترى فيه الاُمّة تحقّق الممكن. والمتمسّكون بالتراث لا يتمسّكون به لمجرّد أنّه تراث الآباء والأجداد ، بل لأنّهم يقرءُون فيه ما ينبغي أن يكون ؛ إنّه قراءة للمستقبل في صورة الماضي.
وليس التراث في الوعي المعاصر قطعة عزيزة من التأريخ فحسب ، ولكنّه دعامة من دعامات وجودنا وأثر فاعل في مكوّنات وعينا الراهن ، وأثر قد لا يبدو للوهلة الاُولى بيّناً لكنّه يعمل فينا في خفاء ويؤثّر في تصوّراتنا.
وتراثنا الإسلامي قد قُيّض له أن سلّم به قسم كبير من العالم منذ أكثر من ألف عام واستطاع أن يزوّد الإنسانية بحضارة حقيقية وعلم صحيح ورجال عظام ما زالوا إلى يومنا هذا هم النموذج الأرفع. فهو عالمي ، بمعنى أنّه تراث حضارة عالمية ، حضارة الإنسانية ، فالثقافة الإسلامية تمثّل ثقافة على المستوى العالمي؛ كونها غير محدودة ولا منغلقة ، بل متفتّحة قابلة لاستيعاب كلّ الثقافات التي احتكّت بها.
وخلاصته : إنّه تفاعل الناس مع القرآن والنبي وآله الأطهار وصحبه الأخيار.
أقلّ ما يقال في حقّ مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام : إنّه تراث محترم لدى كافّة الاُمم والشعوب والحضارات والثقافات. وعليه ، فهل نالت
ص: 8
جريمة تفجير هذا المرقد الطاهر الحدّ الأدنى من اهتمام المحافل الدولية والمنظّمات المختصّة؟! مثلما نال الانحراف المستمرّ في برج بيزا الإيطالي متابعة هذه الدوائر التي طالما عبّرت عن قلقها حياله ، بل إنّ المقطوعة الموسيقية المسروقة من إحدى سمفونيّات بيتهوفن بقيت ليومنا هذا مورد عناية ومتابعة تلك الجهات ، وهكذا لوحة الموناليزا .. ومنظّمة الثقافة والعلوم «اليونسكو» التابعة للاُمم المتحدة راقبت عن كثب وعملت ما بوسعها من أجل الحصول على نتائج لائقة بهذا الشأن ، بل وذرفت دموع التماسيح من أجل تمثال «بوذا» الذي دمّرته حكومة الطالبان في أفغانستان ، التمثال الذي يجسّد الشرك والكفر بأجلى مصاديقه ، لكنّها لم تنبس ببنت شفة - حتّى يومنا هذا - تضامناً أو اهتماماً بقضية تفجير المرقد المقدّس للإمامين العسكريّين عليهما السلام ، هذا الصرح الذي يمثّل بكلّ شموخ مفهوم العدل والحرية والإنسانية بأروع مضامينه.
إنّ هذه الازدواجية في التعامل مع القيم والأحداث ما هي إلاّ إفرازة من التراكمات التأريخية والمصالح السياسية والاقتصادية والثقافية لقوى الهيمنة والتسلّط العالمي.
ولن تزيدنا هذه الظلامة إلاّ عزماً وتصميماً في الذود عن مبادئنا السامية وديننا الحنيف وفكرنا الحقّ.
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
هيئة التحرير
ص: 9
السيّد عليّ الحسيني الميلاني
(12)
القرآن القرآن
عن يعقوب الأحمر ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّ علَيَّ ديناً كثيراً ، وقد دخلني ما كاد القرآن يتفلّت منّي.
فقال أبو عبد الله عليه السلام : القرآن القرآن ..
إنّ الآية من القرآن والسورة لتجيء يوم القيامة حتّى تصعد ألف درجة - يعني في الجنّة - فتقول : لو حفظتني لبلغتُ بك ها هنا» (1).
أقول :
الظاهر : إنّ الرجل - وهو يعدُّ من فقهاء أصحاب الأئمّة عليهم السلام (2) - كان حافظاً للقرآن الكريم ، فلمّا أصابته الهموم بسبب كثرة
ص: 10
الديون عليه ، فلم يوفّق لتلاوة القرآن والمواظبة على ذلك ، وخاف أن يعرضه النسيان ، شكا حاله إلى الإمام عليه السلام ، ففزع عند ذلك حين ذكر القرآن - كما في رواية أُخرى عنه في الباب - فجعل عليه السلام يؤكّد على الاهتمام به قائلاً : القرآن القرآن ، ثم ذكر له ما لحفظ الآية الواحدة منه من الفضل فضلاً عن كلّه ..
فكأنّه يريد أن يقول له : إنّ تلك الهموم التي أنت فيها على أثر الدَين لا تقاس بما ستخسره من المراتب ، وما سيصيبك من الهمّ على خسرانها ؛ بسبب تفلّت آية أو سورة واحدة من القرآن منك.
وعلى الجملة ، فإنّه لا ينبغي للمؤمن أن تؤدّي همومه الدنيوية - مهما كثرت واشتدّت - إلى الغفلة عن التكاليف الدينية والوظائف المعنوية ، وإنّ الأئمّة عليهم السلام ليفزعون إذا علموا بوقوع أحد من شيعتهم في مثل ذلك.
وعليك بتلاوة القرآن على كلّ حال :
هذا في وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمير المؤمنين عليه السلام (1) ، فانظر إلى عظمة القرآن وما لتلاوته من الأثر ، حتّى جاء ذلك في وصايا النبيّ ، وأمر بتلاوته على كلّ حال!
و «التلاوة» وإنْ استعملت بمعنى «القراءة» إلاّ أنّها أخصّ منها ؛ فقد قال الراغب الأصبهاني : «التلاوة تختصّ باتّباع كتب الله المنزلة ، تارةً بالقراءة وتارةً بالارتسام ؛ لِما فيها من أمر وترغيب وترهيب ، أو ما يتوهّم 7.
ص: 11
فيه ذلك ، وهي أخصّ من القراءة ؛ فكلّ تلاوة قراءة وليس كلّ قراءة تلاوة» (1).
لكن قد ورد في الأخبار تلاوة آيات أو سور خاصّة لأحوال أو أغراض معيّنة.
القرآن عهد الله إلى خلقه :
والمهمُّ هو أنّ «القرآن عهد الله إلى خلقه - كما روي عن أبي عبد الله عليه السلام - فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية» (2).
قال الراغب : «العهد : حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال ، وسمّي الموثق الذي يلزم مراعاته : عهداً» (3) ..
قال الله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (4)
فلمّا أمر عليه وآله الصلاة والسلام بتلاوة القرآن على كلّ حال ، أراد الإيعاز إلى وجوب حفظ القرآن ومراعاته ، في أوامره ونواهيه ، وترغيبه وترهيبه ، في كلّ الأحوال ، ولو أنّ المرء المسلم قرأ في كلّ يوم - ولو خمسين آية - بهذا القصد لكان من أهل الوفاء بعهد الله ، وقد أفادت الآية المباركة أنّ : مَن وفى بعهد الله فإنّ الله يوفي بعهده ، (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله) (5)؟! 1.
ص: 12
ومن جهة أُخرى ، فإنّ القرآن ذكرٌ ؛ قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (1) ، ومَن تعاهد القرآن ، بأن تلاه على كلّ الأحوال ، كان ذاكراً لله ، وقد قال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (2).
لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن :
وإذا تلا المسلم القرآن ، وتعاهد عهد الله ، وعمل بوصيّة نبيّه ، «اختلط القرآن بلحمه ودمه» ، كما في الخبر (3) ، وكان قلبه وعاءً للقرآن ؛ وهل يعذّب الله ظرفاً هو وعاءٌ للقرآن؟!
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن» (4).
من قرأ القرآن فكأنّما أُدرجت النبوّة في جنبيه :
وكيف يعذّب الله عبداً قرأ القرآن ، أي تلاه حقّ تلاوته ، حتّى كأنّ النبوّة أُدرجت في جنبيه؟!
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن قرأ القرآن فكأنّما أُدرجت النبوّة بين جنبيه ، إلاّ أنّه لا يوحى إليه» (5). 4.
ص: 13
القرآن شاهد وشافع :
ومَن كان قلبه وعاء كلام الله ، وكأنّ بين جنبيه النبوّة ، فإنّه سيكون له ما للقرآن من قدر وشأن في القيامة ..
فقد جاء في خبر عن سعد الخفّاف ، عن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «يا سعد! تعلّموا القرآن ؛ فإنّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق ... حتّى ينتهي إلى ربّ العزة فيناديه تبارك وتعالى : يا حجّتي في الأرض وكلامي الصادق الناطق! ارفع رأسك وسلْ تعطَ ، واشفع تُشفّع ، كيف رأيت عبادي؟
فيقول : يا ربّ! منهم مَن صانني وحافظ علَيّ ولم يضّيع شيئاً ، ومنهم مَن ضيّعني واستخفّ بحقّي وكذّب بي ، وأنا حُجّتك على جميع خلقك.
فيقول الله عزّ وجلّ : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني! لأُثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ، ولأُعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب ...» (1).
ففي هذا الخبر نقاط ، منها :
1 - إنّ القرآن شاهد على العباد ؛ لأنّ الله يسأله عنهم ، وقد وصفه بالكلام الصادق الناطق.
2 - إنّ القرآن شافع لمَن حافظ عليه ولم يضيّع منه شيئاً ، وهو مشفّع ؛ فللقرآن منزلة الشهادة والشفاعة معاً ، وقد ثبت ذلك لأهل البيت عليهم السلام أيضاً ، فإنّهم «شهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء» (2) ؛ ولذا 4.
ص: 14
أوصى بهما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأمر بالتمسّك بهما في حديث الثقلين المتواتر ، وغيره من الأحاديث الثابتة عنه ..
وكما أنّ الله جلّ وعلا سيسأل القرآن عن الّذين حافظوا عليه ، وعن الّذين ضيّعوه ، فإنّه سيسأل الثقلين عن ذلك في يوم القيامة ؛ إذ جاء في الحديث : «إنّ الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وفي أهل بيتي» (1).
3 - بل إنّ المؤمن أيضاً سيكون له هذه المنزلة ؛ على ما تقدّم ، والله العالم.
حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنّة :
فالمهمّ هو التلاوة بالمعنى المذكور ، ومَن كان كذلك يُعبَّر عنه ب- : «حامل القرآن» ، ويكون له ذلك المقام الرفيع في الآخرة ، وقد جاء في أكثر من خبر : «حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنّة يوم القيامة» (2).
قال الطريحي : «وفيه : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة. قيل فيه : العرفاء جمع عريف ، وهو : القيّم بأُمور القبيلة والجماعة من الناس ، يلي أُمورهم ويتعرّف الغير منه أحوالهم ، وهو دون الرئيس. وسئل ابن عباس عن معنى : أهل القرآن عرفاء أهل الجنّة ، فقال : رؤساء أهل الجنّة» (3).
الحافظ للقرآن العامل به :
إذاً ، لا بدّ من العمل ، ومَن قرأ القرآن وحفظه وعمل به كان «مع 7.
ص: 15
السفرة الكرام البررة» (1).
وكأنّه إشارة إلى قوله تعالى : (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُف مُكَرَّمَة * مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة * بِأَيْدِي سَفَرَة * كِرَام بَرَرَة) (2).
وهنالك آثار لم يتّضح لي أن ترتّبها على مطلق القراءة أو القراءة بالمعنى الأخصّ :
«من قرأ القرآن ... خفّف على والديه وإنْ كانا كافرين» (3) :
وهذه فائدة عظيمة لقراءة القرآن ، فإذا كانت للوالدين الكافرين فكيف بالوالدين المسلمَين العاصيَين؟! بل يمكن أن يقال بترتّبها للمسلمَين المطيعَين ، بأن ترتفع درجاتهما ويعلو شأنهما في الآخرة ببركة قراءة ولدهما للقرآن ..
لكنّ الرواية مقيّدة ب- «في المصحف».
«من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصَرِه ...» (4) :
وهذا أثر آخر من آثار قراءة القرآن في المصحف.
البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن :
وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «نوّروا بيوتكم بتلاوة 4.
ص: 16
القرآن ، ولا تتّخذوها قبوراً ، كما فعلت اليهود والنصارى ، صلّوْا في الكنائس والبيَع وعطّلوا بيوتهم ؛ فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره ، واتّسع أهله ، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا» (1).
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ البيت إذا كان فيه المسلم يتلو القرآن ، يتراياه أهل السماء كما يترايا أهل الدنيا الكوكب الدرّي في السماء» (2).
ومن الأخبار في الباب ما يفيد أنّ لترك قراءة القرآن في البيت آثاراً سيّئةً على أهله :
عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وإنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّ وجلّ فيه تقلّ بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين» (3).
وعن أبي عبد الله عليه السلام ، عن أبيه - في حديث - قال : «كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة مَن كان يقرأ منّا ، ومَن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر ، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه تكثر بركته» (4).5.
ص: 17
وعن الرضا عليه السلام يرفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : «اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن ؛ فإنّ البيت إذا قرئ فيه القرآن يسّر على أهله ، وكثر خيره ، وكان سكّانه في زيادة ، وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله ، وقلّ خيره ، وكان سكّانه في نقصان» (1).
وعن أبي هارون ، قال : «كنت ساكناً دار الحسن بن الحسين ، فلمّا علم انقطاعي إلى أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أخرجني من داره ، قال : فمرّ بي أبو عبد الله عليه السلام فقال : يا أبا هارون! بلغني أنّ هذا أخرجك من داره؟ قلت : نعم ، قال : بلغني أنّك كنت تكثر فيها تلاوة كتاب الله ، والدار إذا تُلي فيها كتاب الله كان لها نور ساطع في السماء ، وتعرف من بين الدور» (2).
وفي بعض هذه الأخبار فوائد أُخرى :
منها : قوله عليه السلام : «كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة مَن كان يقرأ منّا ، ومَن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر» ؛ ففيه :
إنّ الإمام عليه السلام كان يجمع أهله وولده ويُجلسهم في مجلس واحد ، وكان ذلك دأبه ومنهجه ..
وأنّه كان يأمرهم ، لا أنّه كان يقترح عليهم ..
وأنّه كان يأمر بالذكر حتّى تطلع الشمس ... وبقراءة القرآن ..
فهكذا كانوا يؤدّبون أهاليهم وأولادهم ؛ وهل نحن كذلك؟!
ومنها قضية أبي هارون ، وأنّه أُخرج من الدار لانقطاعه إلى الأئمّة 9.
ص: 18
عليهم السلام. ومَن هو (الحسن بن الحسين) الذي أخرجه للسبب المذكور؟ ولماذا؟
فهي قضية تحتاج إلى تحقيق ؛ ليُعرف أنّ في أقرباء الأئمّة عليهم السلام مَن كان مخالفاً لهم حتّى يُخرج مَن انقطع إليهم من الدار التي كان يسكنها؟!
مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به :
وإذا كانت تلك آثار ترك قراءة القرآن في البيوت ، فما ظنّك بحال مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به؟!
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال في حديث : «مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به ، وآثر عليه حبّ الدنيا وزينتها ، استوجب سخط الله ، وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى ، الّذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم» (1).
القرّاء ثلاثة :
ومن الناس مَن تعلّم قراءة القرآن أو حفظه من أجل الدنيا ، فما هي عاقبته؟
عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قرّاء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن فاتّخذه بضاعةً ، واستدرّ به الملوك ، واستطال به على الناس. ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده وأقامه إقامة القدح ، فلا كثّر الله هؤلاء 3.
ص: 19
من حملة القرآن. ورجل قرأ القرآن ، فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فأسهر به ليله ، وأظمأ به نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فبأُولئك يدفع الله البلاء ، وبأُولئك يديل الله من الأعداء ، وبأُولئك ينزل الله الغيث من السماء ، فوالله لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر» (1).
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «القرّاء ثلاثة : قارئ قرأ القرآن ليستدرّ به الملوك ويستطيل به على الناس ، فذاك من أهل النار. وقارئ قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده فذاك من أهل النار. وقارئ قرأ القرآن فاستتر به تحت برنسه ؛ فهو يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه ، ويقيم فرائضه ، ويحلّ حلاله ويحرّم حرامه ، فهذا ممّن ينقذه الله من مضلاّت الفتن ، وهو من أهل الجنّة ، ويشفع في مَن يشاء» (2).
وعنه عليه السلام في حديث : «عليكم بالقرآن فتعلّموه ، فإنّ من الناس مَن يتعلّم القرآن ليقال : فلان قارئ. ومنهم مَن يتعلّمه فيطلب به الصوت فيقال : فلان حسن الصوت ، وليس في ذلك خير. ومنهم مَن يتعلّمه فيقوم به في ليله ونهاره ، لا يبالي مَن علم ذلك ومَن لم يعلمه» (3).
سبحان الله! ذاك من الشيطان :
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قلت : إنّ قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم ، حتّى يرى أنّ أحدهم لو 1.
ص: 20
قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك.
فقال : سبحان الله! ذاك من الشيطان ، ما بهذا أُمروا ، إنّما هو اللِين والرّقة والدمعة والوجل» (1). 1.
ص: 21
(13)
أوْلى الناس بالله وبرسوله : مَن بدأ بالسلام
عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «أوْلى الناس بالله وبرسوله : مَن بدأ بالسلام» (1).
وعنه عليه السلام : «... والبادي بالسلام أوْلى بالله ورسوله» (2).
أقول :
أي : إنّ الأحقّ والأقدم برحمة الله وفضله ومغفرته ، والأقرب إلى طاعة رسوله واتّباعه ، هو مَن بدأ بالسلام ، فيكون هو الأكرم والأحبّ والأقرب عند الله ورسوله ؛ لأنّ في بدئه بالسلام على غيره إطاعةً وامتثالا لقوله تعالى : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ والأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (3) ..
ولقوله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (4).3.
ص: 22
1 - السلام من أسماء الله :
فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «السلام اسم من أسماء الله تعالى ، فافشوه بينكم ، فإنّ الرجل المسلم إذا مرّ بالقوم فسلّم عليهم ، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه مَن هو خير منهم وأطيب» (1).
2 - السلام دعاءٌ :
فإنّ السلام طلب للخير والسلامة والعافية للغير ؛ قال الطريحي : «واختلفت الأقاويل في معنى : السلام عليك ؛ فمن قائل : معناه الدعاء ، أي : سلِمْتَ من المكاره. ومن قائل : معناه اسم السلام عليك. ومن قائل : معناه اسم الله عليك ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : الله معك. وإذا قلت : السلام علينا ، والسلام على الأموات ، فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة. بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيّة والبشرى بالسلامة ، ثمّ إنّه اختار لفظ السلام وجعله تحيةً لِما فيه من المعاني ، أو لأنّه مطابق للسلام الذي هو اسم من أسماء الله تعالى تيمّناً وتبرّكاً» (2).
3 - السلام تواضع :
فعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : «من التواضع أنْ تسلّم على مَن لقيت» (3) .. 3.
ص: 23
بل قال عليه السلام : «رأس التواضع أن تبدأ بالسلام على مَن لقيت ، وتردّ على مَن سلّم عليك ، وأن ترضى بالدون من المجلس ، ولا تحبّ المدحة والتزكية والبرّ» (1).
4 - السلام تودّد :
ومن الواضح أن السلام تودّد وتحبّب إلى الناس ومجاملة معهم ، وكلّ ذلك ممّا ندب إليه الله تعالى والرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ..
فعن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إنّ أعرابياً من بني تميم أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : أوصني. فكان ممّا أوصاه : تحبّب إلى الناس يُحبّوك» (2).
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «مجاملة الناس ثلث العقل» (3).
وعن أبي الحسن عليه السلام : «التوّدد إلى الناس نصف العقل» (4).
5 - السلام صِلة :
فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «صِلوا أرحامكم في الدنيا ولو بسلام» (5).4.
ص: 24
6 - السلام عطاءٌ :
فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ قال : إنّ البخيل مَن يبخل بالسلام» (1).
7 - السلام حقٌ :
فعن أبي عبد الله عليه السلام : «للمسلم على أخيه المسلم من الحق : أن يسلّم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، وينصح له إذا غاب ، ويسمّته إذا عطس ... ويجيبه إذا دعاه ، ويتبعه إذا مات» (2).
8 - السلام إدخالٌ للسرور :
ولا ريب أنّ السلام على المؤمن إدخالٌ للسرور في قلبه ، وقد ورد أنّ ذلك أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ ؛ وكيف لا يكون كذلك وفي الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال : «مَن سَرّ مؤمناً فقد سَرّني ومَن سرّني فقد سَرّ الله» (3)؟!2.
ص: 25
(14)
لو أُمر بالسجود لأحد فلمن؟
الزوج :
عن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ قوماً أتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا : يا رسول الله! إنّا رأينا أُناساً يسجد بعضهم لبعض. فقال رسول الله : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (1).
مَن توسّط في علوم أهل البيت :
عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، عن آبائه ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : «لم يكن سجودهم - يعني الملائكة - لآدم ، إنّما كان آدم قبلةً لهم ، يسجدون نحوه لله عزّ وجلّ ، وكان بذلك معظّماً مبجّلاً ، ولا ينبغي لأحد أنْ يسجد لأحد من دون الله ، يخضع له كخضوعه لله ويعظّمه بالسجود له كتعظيمه لله ، ولو أمرت أحداً أن يسجد هكذا لغير الله لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلّفين من متّبعينا أنْ يسجدوا لمَن توسّط في علوم عليّ وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومحض وداد خير خلق الله عليّ بعد محمد رسول الله ...» (2). 6.
ص: 26
أقول :
إنّ السجود لله عزّ وجلّ عبارة عن غاية الخضوع والتذلّل له ، أمّا تكويناً ، فالإنسان والحيوانات والجمادات كلّها خاضعة له ؛ قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) (1) والإنسان مكلّف بذلك أيضاً ، إذ خوطب بقوله عزّ وجلّ : (فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوا) (2).
وهذا السجود لا يكون إلاّ لله عزّ وجلّ ، ولا يشركه فيه أحدٌ من خلقه ، بالضرورة من الدين ، فتفيد الأحاديث أنّه «لو» أُمر بالسجود بهذا المعنى لغير الله لكان «الزوج» و «مَن توسّط في علوم عليّ» وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
ثمّ إنّ من لوازم السجود بالمعنى المذكور هو الطاعة المطلقة والانقياد التام لجميع التكاليف الإلهيّة ، ومقتضى المنع عن أن يسجد أحد لأحد هو المنع عن الإطاعة المطلقة لأحد من الناس ، إلاّ من قام الدليل على وجوب إطاعته كذلك ، وهو النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما في قوله تعالى : (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) (3) ، وسائر أهل العصمة كما في قوله تعالى : (أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (4). 9.
ص: 27
فالروايات تدلُّ على وجوب الخضوع والتذلّل على الزوجة «لزوجها» ، وعلى الشيعة لمَن «توسّط» في نقل علوم أهل البيت عليهم السلام إليهم ، لكنْ لا بقدر ما يجب بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ ؛ فإنّه خاصٌّ به ، وتدلّ على وجوب الإطاعة ، لكنْ لا الإطاعة المطلقة ؛ فإنّها خاصة بالله وأهل العصمة.
أقول :
وهذا المعنى ثابت للوالدين أيضاً ؛ فالأولاد مأمورون بالتذلّل والإطاعة كذلك بالنسبة إليهما ؛ فإنّه وإن لم أجد رواية بالمضمون المذكور فيهما إلاّ أنه يكفي للدلالة على ذلك قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (1) ، فإنّ هذا مقام عظيمٌ ..
لكن الآية الأُخرى تخرج الإطاعة عن الإطلاق وتقيّده ، وهي : قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الأنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا ...) (2).
قاعدة عامّة :
وتعطينا هذه الآيات والروايات ونحوها قاعدةً عامّة ، وهي : الموازنة 5.
ص: 28
بين «النعمة» و «الشكر» ، أو فقل : بين «العمل» و «الأجْر». ولنوضّح ذلك بإيجاز :
تقول الروايات الواردة في كتب الفريقين ، بتفسير قوله تعالى : (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (1) : إنّ أهل المدينة اتّفقوا على أنْ يجمعوا مالاً يضعوه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليصرفه في أُموره ، كأجر وعوض لما جاء به ، والجهد الذي بذله من أجل هدايتهم وتزكيتهم وتعليمهم ، فلّما أتوا بالمال إليه - وكان كثيراً - وردّه صلّى الله عليه وآله إليهم ، نزلت الآية المباركة لتدلّ على أنّ الذي أتى به إليهم فأخرجهم من ظلمات الشرك والجهل والفقر إلى نور الهداية والعلم والرشاد ، لا يقابل ولا يساوم بشيء من أموال الدنيا ، بل إنّ أجر الرسالة إنّما هو المودّة في قرباه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهم أهل بيته الأطهار عليهم السلام ..
وهذا الأجر أيضاً لهم وعائد إليهم ؛ لأنّ بمودّتهم ثمّ بإطاعتهم ومتابعتهم يستمرّون على الهدى ، ويكونون من أهل الفلاح في الآخرة والأُولى (2).
وهنا يأتي دور «مَن توسّط» بين الأُمّة والأئمّة عليهم السلام في نقل علومهم ، فإنّهم في الحقيقة وسائط لهداية الضعفاء من المكلّفين وأسبابٌ لحياتهم المعنويّة التي لا يساويها شيء من المنافع الدنيويّة ، فلو أمر أحدٌ بأنْ يسجد لأحد ، فإنّ هؤلاء الوسائط أهلٌ لأنْ يُسجد لهم ؛ لحقوقهم ت.
ص: 29
العظيمة على كلّ واحد من أفراد الأُمّة ..
وكذلك الوالدان ؛ فإنّهما الواسطة في وجود الولد ، والوجود نعمةٌ ليس فوقها نعمة ، بل كلّ النعم - مادّية ومعنوية - متفرّعة عنها ..
وأيضاً : هما الواسطة في التعليم والتزكية والتربية ، وفي الرزق وسائر الأُمور الدنيوية ، وهذه الحقوق الكثيرة والعظيمة كمّاً وكيفاً لا تعوّض بشيء ، ومن هنا قضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، وقضى بالإحسان إلى الوالدين ، وجعله في سياق العبادة له ، وجاء في الأخبار أنّ رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما (1) ، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في محلّه ..
ولذا جاء في «رسالة الحقوق» للإمام السجّاد عليه السلام - مقدّماً حقّ الأُم ؛ لأنّه أعظم - : «وحقّ أُمّك : أنْ تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً ، ووَقَتْكَ بجميع جوارحها ، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلّك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووَقَتْكَ الحرّ والبرد لتكون لها ، فإنّك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله تعالى وتوفيقه.
وأمّا حقّ أبيك : فأنْ تعلم أنّه أصلك ، وأنّه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلاّ بالله».
وكذلك الزوج بالنسبة إلى الزوجة ؛ فإنّ حقوقه عليها في مصالحها الدينية والدنيويّة لا تخفى ، ويكفي درساً لنا في هذا الباب ما فعله الإمام السجّاد عليه السلام وما قاله لدى ورود صهره عليه .. 9.
ص: 30
(15)
مرحباً بمَن كفى المؤنة وستر العورة
قال أبو عبد الله عليه السلام : «كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أتاه ختنه على ابنته أو على أُخته ، بسط له رداءه ثمّ أجلسه ثمّ يقول : مرحباً بمَن كفى المؤنة وستر العورة» (1).
بيانٌ :
الخَتَن في اللّغة : الصهر ؛ قال الزبيدي : والخَتَن بالتحريك : الصهر. نقله الليث ..
وهو : زوج ابنته ، ونسبه الجوهري إلى العامّة ... وفي الحديث : عليّ ختن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أي : زوج ابنته (2).
فالإمام الصادق عليه السلام يحدّثنا عن دأب الإمام السجّاد وديدنه إذا ورد عليه ختنه ؛ لأنّ كلمة «كان إذا أتاه بسط ... ثمّ يقول ...» ظاهرة في الدوام والاستمرار.
كما أنّ ظاهر الرواية أنّ مجرّد كون الرجل صهره على أُخته أو ابنته هو العلّة لما كان الإمام زين العابدين يفعله ويقوله ... فلا تلحظ حينئذ الجهات والصفات الأُخرى.
وقد كان بسط الرداء للشخص وإجلاسه عليه كنايةً عن الإكرام ».
ص: 31
والإعزاز له ، وهذا وارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أيضاً ؛ ففي البحار ، عن المناقب لابن شهرآشوب ، في مكارم أخلاقه وسيرته : «وكان يكرِم مَن يدخل عليه حتّى ربّما بسط ردائه ، ويؤثِر الداخل بالوسادة التي تحته» (1).
ويفهم من كلمة «ربّما» أنّ هذا الفعل كان غايةً في الإكرام ، ومن الواضح أنّه لا يُبذل إلاّ لأهله ، وقضيّة إكرامه صلّى الله عليه وآله وسلّم أُخته من الرضاعة لمّا جيء بها معروفة ، والأجمل من ذلك ما روي من ورود أبيه وأُمّه وأخيه من الرضاعة عليه :
فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان جالساً يوماً ، فأقبل أبوه من الرضاعة ، وهو الحارث بن عبد العزّى ، واختلف في إسلامه ، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه. ثمّ أقبلت أُمّه ، أي حليمة ، فوضع لها شقّ ثوبه من جانبه الآخر ، فجلست عليه. ثمّ أقبل أخوه من الرضاعة ، وهو عبد الله بن الحارث المذكور ، فقام صلّى الله عليه وآله فأجلسه بين يديه تكريماً له (2).
ثمّ إنّه عليه السلام كان يرحّب بالختن ويصفه ب- : «مَن كفى المؤنة وستر العورة» مشيراً إلى علّة هذا التكريم والترحيب.
إنّ مؤنة عيالك عليك ، فإن جاء مَن كفاك فيها كُلاًّ أو بعضاً فقد أحسن إليك وتفضّل عليك ، وإنّ ستر العورة من أهمّ واجباتك الشرعية والعقلائية ، ومَن ستر عورتك فقد حفظ كرامتك وشرفك وخفّف عنك وظيفةً مهمّة من وظائفك الشرعية والعرفية.
ثمّ لا يخفى أنّ الإمام عليه السلام يشير في كلامه إلى الجهتين المادّية 1.
ص: 32
والمعنوية ، فكان الصهر يستحقُّ التكريم لكلتا الناحيتين.
لكن لا يتوهّم الزوج أو الصهر أنّ لا حقوق للزوجة ووالدها عليه ؛ فقد قررّت الشريعة ، وجاء في السُنة المباركة - قولاً وفعلاً - أنّ للزوجة على الزوج أيضاً حقوقاً ، وكذلك لوالدها ، حتّى ورد أنّ «الآباء ثلاثة : أبٌ ولّدك وأبٌ زوّجك وأبٌ علّمك» ، ولبيان هذه الناحية مجالٌ آخر إن شاء الله تعالى.
ص: 33
(16)
من أدخل على أخيه المؤمن سروراً
فقد أدخل على أهل البيت سروراً
عن أبي عبد الله عليه السلام في كتاب له إلى بعض الولاة :
«ومَن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً ، ومَن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سروراً ، ومَن أدخل على رسول الله سروراً فقد سرّ الله. ومَن سرّ الله فحقيق على الله عزّ وجلّ أنْ يدخله جنّته» (1).
أقول :
أمّا إنّ إدخال السرور على أهل البيت عليهم السلام إدخال السرور على رسول الله ، وإدخال السرور على رسول الله إدخال السرور على الله ... فواضح.
لكنّ المقصود هنا بيان أنّه كيف يكون إدخال السّرور على المؤمن إدخال السرور على أهل البيت عليهم السلام؟
إنّه لا بدّ من الرجوع إليهم لفهم كلامهم ؛ فإنّ كلامهم يفسّر بعضه بعضاً ، وهذه قاعدة عامّة ، وقد وجدنا ذلك في موارد كثيرة وجرّبناه في سائر الأبواب .. 1.
ص: 34
إنّ المقصود من «المؤمن» في مثل هذه الروايات هو «الشيعي» ، ولمّا تتبّعنا ما ورد عنهم في هذا المورد رأينا أنّهم يجعلون «الشيعي» منهم ، فمَن عامله بالحسنى فقد عاملهم ، ومَن أساء إليه فقد أساء إليهم :
يقول الراوي : «كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فقال رجل : اللهم صلّ على محمد وأهل بيت محمد. فقال له أبو عبد الله عليه السلام : يا هذا! قد ضيّقت علينا ، أما علمت أنّ أهل البيت خمس أصحاب الكساء؟
فقال الرجل : كيف أقول؟
قال : قل : اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد ، فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه» (1).
دلّت هذه الرواية على الفرق بين «أهل البيت» و «آل محمد» ، وأنّ الثاني يعمّ سائر الأئمّة ، و «الشيعة» داخلون تحت «آل محمد» كدخولهم عليهم السلام.
وأوضح من ذلك : ما روي عن الإمام العسكري عليه السلام في حديث :
«فإنّ موالينا وشيعتنا منّا وكلّنا كالجسد الواحد» (2).
إذا عرفت ذلك ، فإليك بعض الروايات المشتملة على ترتّب آثار الأعمال مع الشيعة الموالين لأهل البيت عليهم السلام :
قال عليه السلام لإسحاق بن عمّار في حديث :
«ما أراك - يا إسحاق - إلاّ قد أذللت المؤمنين ، فإياك إياك ، إنّ 4.
ص: 35
الله تعالى يقول : مَن أذلّ لي وليّاً فقد أرصدني بالمحاربة» (1).
وعن أبي هارون ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «قال لنفر عنده وأنا حاضر : ما لكم تستخفّون بنا؟
فقام إليه رجل من خراسان فقال : معاذ لوجه الله أنْ نستخفّ بك أو بشيء من أمرك.
قال : بلى ، إنّك أحد من استخفّ بي.
فقال : معاذ لوجه الله أن أستخفّ بك.
فقال له : ويحك! ألم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك : احملني قدر ميل فقد - والله - عييت. والله ما رفعت به رأساً. لقد استخففت به ، ومَن استخفّ بمؤمن فينا فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ» (2).
وفي هذه الرواية درسٌ وعبرةٌ.
وعنه عليه السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمنين من نور عظمته وجلال كبريائه ، فمَن طعن عليهم وردّ عليهم فقد ردّ على الله في عرشه ، وليس من الله في شيء وإنّما هو شرك الشيطان» (3).
وعنه عليه السلام : «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته ، فمَن طعن عليه أو ردّ عليه قوله فقد ردّ على الله» (4).6.
ص: 36
وإليكم الرواية التالية :
عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام ، قال : «مَن لم يستطع أنْ يصلنا فليصل فقراء شيعتنا ، ومَن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزر قبور صلحاء إخواننا» (1).
وبعد :
فما معنى إدخال السرور؟
صحيحٌ أنّ المؤمن يسرُّ إذا ما سلّمت عليه ، أو زرته في داره ، أو أعطيته شيئاً من المال ... لكنّ المقصود بقرينة كلمة «الإدخال» هو : رفع همّ كبير منه ، وقضاء حاجة مهمّة له ، وحلّ مشكلة مستعصية عليه ، ويشهد بذلك قوله عليه السلام في الرواية نفسها :
«مَن أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، وآمنه يوم الفزع الأكبر ، وآمنه من سوء المنقلب». 9.
ص: 37
(17)
المختار من الأوراد والأذكار
وفي الروايات الواردة في كتاب وسائل الشيعة ذكرٌ لبعض الأوراد والأذكار وآثارها ، تفضّل بها الأئمّة عليهم السلام ابتداءً ، أو إجابةً لطلب بعض المؤمنين.
ومن المعلوم أنّ للأذكار والأوراد والأدعية أثراً معنوياً عامّاً وهو الارتباط بالله سبحانه وتعالى ، وهو ما يحصل بتلاوة القرآن أيضاً ، بل مطلق العبادات ، أمّا معنى هذا الارتباط وكيفيّته وحدّ أثره في نفوس الأشخاص ، فلبيانه مجال آخر. وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الأثر مشترك.
ولكلٍّ منها أثر خاصٌ أو آثار معيّنة ، مادّية أو معنويّة ..
أمّا الأثر العام الذي أشرنا إليه ، فيكفي للقيام بالعمل لغرض تحصيله الأوامر المطلقة الواردة في ذكر الله ، كقوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الله أو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الْحُسْنَى) (1).
بل في بعضها الوعد بترتّب الأثر ، كقوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (2) ؛ وهل يوجد شيء فوق أن يذكر الله عبده؟
وأمّا الأثر الخاص الذي يراد الوصول إليه عن طريق ذكر أو ورد أو دعاء معيّن ، فلا يحصل إلاّ بوجود المقتضي وشرطه وعدم المانع عن 2.
ص: 38
التأثير ، تماماً كما يراد العلاج من مرض باستعمال دواء ، فإنّ تشخيص الدواء للمرض لا يكون إلاّ بواسطة الطبيب الحاذق ، ولا يكون مؤِثّراً إلاّ إذا استعمل حسب ما يقرّره من حيث الزمان والكم والكيف وغير ذلك ، وفي حال عدم وجود ما يمنع من تأثيره في البدن ، وللتفصيل مجال آخر كذلك.
سورة (قل هو الله أحَد) حين دخول المنزل :
عن علي عليه السلام - في حديث - : «إذا دخل أحدكم منزله ، فليسلّم على أهله ، يقول : السلام عليكم. فإنْ لم يكن له أهل فليقل : السلام علينا من ربّنا ، وليقرأ : (قل هو الله أحَد) حين يدخل منزله ؛ فإنّه ينفي الفقر» (1).
«سبحان الله العظيم» بعد صلاة الفجر :
قيل : «يا رسول الله! علّمني كلاماً ينفعني الله به وخفّف علَيّ.
فقال : إذا صلّيت الصبح فقل عشر مرّات : (سبحان الله العظيم وبحمده ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم) فإنّ الله يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم» (2).
«كان بالمدينة عندنا رجل يكنّى : أبا القمقام ، وكان محارفاً ، فأتى أبا الحسن عليه السلام ، فشكا إليه حرفته ، وأخبره أنّه لا يتوجّه في حاجة فتقضى له. فقال له أبو الحسن عليه السلام : قل في آخر دعائك من صلاة الفجر : (سبحان الله العظيم ، استغفر الله وأسأله من فضله) عشر مرّات. 9.
ص: 39
قال أبو القمقام : فلزمت ذلك ، فوالله ما لبثت إلاّ قليلاً حتّى ورد علَيّ قوم من البادية فأخبروني أنّ رجلاً من قومي مات ولم يعرف له وارث غيري. فانطلقت فقبضت ميراثه وأنا مستغن» (1).
«ما علمت شيئاً موظّفاً غير ...» :
عن محمد بن مسلم ، قال : «سألت أبا جعفر عليه السلام عن التسبيح ، فقال : ما علمت شيئاً موظّفاً غير تسبيح فاطمة عليها السلام ، وعشر مرّات بعد الغداة تقول : (لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير). ولكنّ الإنسان يسبّح ما شاء تطوّعاً» (2).
«إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة» :
وفي خصوص تسبيح فاطمة عليها السلام ... عن أبي هارون :
«عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : يا أبا هارون! إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي» (3).
«من قال إذا صلّى المغرب ... اُعطي خيراً كثيراً» :
عن أبي عبد الله عليه السلام : «مَن قال إذا صلّى المغرب ، ثلاث 1.
ص: 40
مرات : (الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره) أُعطي خيراً كثيراً» (1).
لا إله إلاّ الله ، لدفع الوسوسة :
عن محمد بن حمران ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوسوسة ، وإنْ كثرت.
فقال : لا شيء فيها. تقول : لا إله إلاّ الله» (2).
وعن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «قلت له : إنّه يقع في قلبي أمر عظيم.
فقال : قل : لا إله إلاّ الله.
قال جميل : فكلّما وقع في قلبي شيء قلت : لا إله إلاّ الله ، فيذهب عنّي» (3).
«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» ... للهمّ والفقر :
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن تظاهرت عليه النعم فليقل : الحمد لله ربّ العالمين. ومَن ألحَّ عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ؛ فإنّه كنز من كنوز الجنة ، وفيه شفاء من اثنين وسبعين داء ، أدناها الهمّ» (4).5.
ص: 41
«من كثرت همومه فعليه بالاستغفار» :
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن كثرت همومه فعليه بالاستغفار» (1).
الاستغفار ، لطلب الولد :
«سأل رجل أبا جعفر عليه السلام - وأنا عنده - فقال : إنّي كثير المال وليس يولد لي ولد ، فهل من حيلة؟
قال : استغفر ربّك سنةً في آخر الليل مائة مرة ، فإنْ ضيّعت ذلك بالليل فاقضه بالنهار ، فإنّ الله يقول : (استغفروا ربّكم ...)» الآية (2).
«لا إله إلاّ الله الحقّ المبين» 100 مرّة :
عن أبي عبد الله عليه السلام : «مَن قال مائة مرة : لا إله إلاّ الله الحقّ المبين ، أعاذه الله العزيز الجبّار من الفقر ، وآنس وحشة قبره ، واستجلب الغنى ، واستقرع باب الجنّة» (3).
«ما شاء الله» 1000 مرّة :
عن أبي عبد الله عليه السلام : «مَن قال : ما شاء الله ألف مرّة في دفعة واحدة ، رزق الحج من عامه ، فإن لم يرزق أخّره الله حتّى يرزقه» (4).2.
ص: 42
الحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال :
عن أمير المؤمنين عليه السلام : «مَن قال إذا عطس : (الحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال) لم يجد وجع الأُذنين والأضراس» (1).
علّمْني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم :
عن إسماعيل بن سهل ، قال : «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : علّمْني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة. قال : فكتب بخطّه أعرفه : أكثِر من تلاوة (إنّا أنزلناه) ، ورطِّب شفتيك بالاستغفار» (2).3.
ص: 43
(18)
تعلُّم الإنسان من الحيوان
وجاء في بعض الروايات الأمر بتعلّم بعض الصفات من الحيوانات ، وهذا من أساليب الإرشاد والهداية ، كما لا يخفى ، ويدلّ ذلك على علم الأئمّة عليهم السلام بحالات الحيوانات ولغاتها :
علم الأئمّة بلغات الحيوانات وحالاتها :
ومن الأخبار في علم الإمام عليه السلام بلغات الحيوانات وحالاتها ما روي عن سليمان الجعفري ، عن الرضا عليه السلام : «إنّ عصفوراً وقع بين يديه وجعل يصيح ويضطرب ، فقال : أتدري ما يقول؟ قلت : لا. قال : يقول لي : إن حيّةً تريد أن تأكل فراخي في البيت. فقم وخذ تلك النسعة (1) وادخل البيت واقتل الحيّة. فقمت وأخذت النسعة ودخلت البيت وإذا حيّة تجول في البيت فقتلتها» (2).
وعن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «قال رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : استوصوا بالصنانيات خيراً - يعني الخطاف - فإنّه آنس طير بالناس هم. ثمّ قال رسول الله : أتدرون ما تقول الصنانية إذا هي ترغّمت؟ تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين. حتّى تقرأ أُمّ الكتاب ، فإذا كان في آخر ترغّمها قالت : ولا الضالّين» (3).4.
ص: 44
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «مَن اتّخذ في بيته طيراً فليتّخذ ورشاناً (1) ؛ فإنّه أكثر شيء لذكر الله عزّ وجلّ وأكثر تسبيحاً ، وهو طير يحبّنا أهل البيت» (2).
وفي رواية عنه : «إنّه نهى ابنه إسماعيل عن اتّخاذ الفاختة ، وقال : إنْ كنت لا بُدّ متّخذاً فاتّخذ ورشاناً ؛ فإنّه كثير الذكر لله عزّ وجلّ» (3).
أمرهم باتّخاذ بعض الحيوانات في المنازل :
وإذا كان يقول في الرواية السابقة : «إنْ كنت لا بُدّ ...» ففي رواية يأمر عليه السلام باتّخاذ الحيوان ، لكنْ الحمام الراعبي :
عن داود بن فرقد ، قال : «كنت جالساً في بيت أبي عبد الله عليه السلام ، فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر طويلاً ، فنظر إليّ أبو عبد الله عليه السلام فقال : يا داود! تدري ما يقول هذا الطير؟ قلت : لا والله جعلت فداك.
قال : يدعو على قتلة الحسين عليه السلام ؛ فاتّخذوه في منازلكم» (4).
والأدلّة على علم الأئمّة - كالأنبياء عليهم السلام - بحالات الحيوانات ولغاتها كثيرة ، وقد أُقيم عليه البرهان في علم الكلام ، والتفصيل في محلّه. 5.
ص: 45
موعظة الإنسان بحال الحيوان :
وكم وعظوا الناس بالنظر إلى حال الحيوانات؟ وكم هي مؤثّرةٌ في النفوس؟
ففي رواية - مثلاً - عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «أما يستحيي أحدكم أنْ يغنّي على دابّته وهي تسبّح؟!» (1).
ولا يخفى أنّه عليه السلام يقصد الآية المباركة : (وَإِن مِن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (2) ..
ففي الوقت الذي يسبّح الحيوان بحمده ، يغنّي الراكب عليه! أما يستحيي من ربّه؟! أما يستحيي من نفسه؟! أما يستحيي من دابّته؟!
تعلّموا من الديك :
وصفات من الديك :
قال الرضا عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تعلّموا من الديك خمس خصال : محافظته على أوقات الصلاة ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة» (3).
وفي موضع آخر وصف الديك ب- : «الأبيض» ، وأنّ هذه الخصال هي من خصال الأنبياء عليهم السلام :
عن الرضا عليه السلام ، قال : «في الديك الأبيض خمس خصال من 9.
ص: 46
خصال الأنبياء عليهم السلام : معرفته بأوقات الصلوات ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة» (1).
تعلّموا من الغراب :
ومن هذا الباب : أمرهم عليهم السلام بتعلّم صفات من الغراب :
قال الصّادق عليه السلام : «تعلّموا من الغراب ثلاث خصال : استتاره بالسفاد ، وبكوره في طلب الرزق ، وحذره» (2).
للبحث صلة ... 2.
ص: 47
الشيخ محمّد السند
تعرّضنا في الحلقة السابقة (1) للبحث في أزمة كتب السيرة وأسباب النزول ، الناشئة من أثر سياسة الحزب القرشي في مواجهة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوته الجديدة ، من خلال تشييد قاعدة الإزراء بشخصيّته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والحطّ من قدره ، والتنزيل من عظمته ، وإثارة الشكوك حول عصمته ، والنيل من حكمته ، والطعن في هديه وسيرته ، في مقابل بناء رموز للتطاول على مقامه الشريف (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإحاطتها بهالات من التقديس تحرّم التعرّض إليها ..
وذكرنا موردين للمزايدة بين عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدالة الصحابة ، أوّلها كان : الصلاة على موتى المنافقين ، ثمّ أُسارى بدر.
وبحثنا ، في عدّة نقاط ، ما ورد في تفسير الآية الخاصّة بالأسرى وما ذُكر من أسباب في نزولها ، وها نحن نستمر في ما بدأناه ..
ص: 48
ذكر الآلوسي في ذيل قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيّ أن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى ...) (1).
قال : «أخرج أحمد ، والترمذي وحسّنه ، والطبري ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : لمّا كان يوم بدر جيء بالأُسارى ، وفيهم العباس ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما ترون في هؤلاء الأُسارى؟
فقال أبو بكر ...» ثمّ ذكر الرواية المتقدّمة (2) وكلام أبي بكر وعمر وعبد الله بن رواحة ، وفي الذيل : «فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : إنّ الله تعالى ليلين قلوب رجال حتّى تكون ألين من اللبن ، وإنّ الله سبحانه ليشدّد قلوب رجال حتّى تكون أشدّ من الحجارة» (3).
أقول :
هذه الرواية شاهدة لما مرّ استنتاجه : إنّ موقف عمر في قضية الأُسارى من المحطّات التي يجب التوقّف عندها ؛ لمعرفة رأيه تجاه قرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعشيرته ؛ لأنّ تعريضه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالموقف المتشدّد : «إنّ الله سبحانه ليشدّد قلوب رجال حتّى تكون أشدّ من الحجارة» هو تمثّل منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلكَ فَهِيَ كالْحِجارَةِ 3.
ص: 49
أوْ أشَدُّ قَسْوَةً) (1) ..
وبقوله تعالى : (أفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلى نُور مِن رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ في ضَلال مُبِين) (2) ..
وبقوله تعالى : (وَلكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ مَا كَانُوا يَعْمَلونَ) (3) ... وغيرها من الآيات الذامّة لقساوة القلب.
تداعيات موقف عمر وأحكام الأسير :
وممّا أوجب اضطراب مؤدّى آيتي الأسير عند أهل سُنّة الخلافة : ما التزموه في ما يخصّ قصّة الأُسارى في بدر بحسب روايات عمر وموقفه فيها ..
وكلماتهم تشتّتَت في نسبة مفاد قوله تعالى في سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمَّا مَنّاً بَعْدُ وإمّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوْزارَها) (4) ؛ فقد ذكر القرطبي أنّهم اختلفوا في تأويل هذه الآية على خمسة أقوال :
الأوّل : إنّها منسوخة ، وهي في أهل الأوثان لا يجوز أن يفادَوا ولا يُمنّ عليهم ، والناسخ لها عندهم : قوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) (5) ، وقوله تعالى : (فإمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ 5.
ص: 50
بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ) (1) ، وقوله تعالى : (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) (2) ؛ قاله قتادة والضحّاك والسدي وابن جريج والعوفي ، عن ابن عباس.
واستدلّ على هذا القول بفعل أبي بكر.
الثاني : إنّها في الكفّار جميعاً ، وهي منسوخة على قول جماعة من العلماء وأهل النظر ، منهم : قتادة ومجاهد ؛ قالوا : إذا أُسر المُشرك لم يجز أن يمنّ عليه ، ولا أن يفادى به فيردّ إلى المشركين ، ولا يجوز أن يفادى عندهم إلاّ بالمرأة ؛ لأنّها لا تقتل ، والناسخ لها قوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ إذ كانت براءة آخر ما نزلت بالتوقيف ، فوجب أن يُقتل كلّ مشرك إلاّ مَن قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومَن يؤخذ منه الجزية. وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة ؛ خيفة أن يعودوا حرباً للمسلمين.
الثالث : إنّها ناسخة لقوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ قاله الضحّاك والحسن وعطاء ..
فعن عطاء : لا يقتل المشرك ولكن يُمنّ عليه ويفادى. وبزعم الحسن : أن ليس للإمام قتل الأسير المشرك بعد وضع الحرب أوزارها والإثخان ، لكنّه يختار : إمّا أن يمنّ ، أو يفادي ، أو يسترق.
الرابع : قول سعيد بن جبير أنّها غير ناسخة ولا منسوخة ، والفداء والأسر لا يكون إلاّ بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَكونَ لَهُ أسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ في الأرْضِ) (3) ، فإذا أُسر بعد ذلك 7.
ص: 51
فيتخيّر الإمام بين القتل وغيره.
الخامس : إنّ الآية محكمة والإمام مخيّر في كلّ حال ؛ روي ذلك عن ابن عباس ، وقاله ابن عمر والحسن وعطاء ، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم ، ويروى ذلك عن أهل المدينة أيضاً ..
واستدلّ بفعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لكلّ ذلك ؛ إذ قتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبراً ، وفادى سائر أُسارى بدر ، ومنّ على ثمامة وهو أسير في يده (1).
ويدفع دعاواهم :
أوّلاً :
إنّه لا دليل على النسخ ؛ إذ هو متوقّف على دليل قاطع وإلاّ لزم تعطيل آيات الكتاب بمجرّد التخرّص والتظنّي ، كما إنّ النسخ يتوقّف على تعارض ما بين المفادين ، والحال أن لا تنافي بين الآيات ؛ إذ آية الأُسارى كالمفصّل لما أجمل من الإطلاق في آيات قتال المشركين ، مع إنّه متوقّف على تأخّر آيات القتال المطلقة على آية الأُسارى.
ثانياً :
إنّه لا قرينة على اختصاص آية الأُسارى بالمشركين كي يفرض رفع حكمها مطلقاً ؛ فهي - على ظاهرها - شاملة لغير المشركين ، وتكون نسبة مدلولها لمدلول آيات قتال المشركين هي العموم والخصوص من وجه. 2.
ص: 52
ثالثاً :
إنّ آية الأُسارى صريحة في كون المنّ أو الفداء هو بعد الإثخان فيهم وهزيمتهم و (تضع الحرب أوزارها) فكيف يثبت قبله؟!
ونظير ذلك قولهم بالقتل بعد الإثخان مع إنّ الآية صريحة في الانتهاء بالغاية ، وهي : الإثخان.
رابعاً :
ما استدلّوا به من قتل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض أفراد المشركين بعد الإثخان لا ينافي ظهور وصريح الآية ؛ لإنّها موارد خاصّة ، كعقوبة متخصّصة ، نظير استباحته (صلى الله عليه وآله وسلم) دماء نفر في فتح مكّة ولو كانوا متعلّقين بأستار الكعبة ..
وأمّا فعل أبي بكر وعمر فلا حجّية فيه حسب ما يقرّ أهل سُنّة الخلافة من عدم عصمتهما وعدم حجّية فعلهما ، بل إنّ الذي ورّطهم في هذا الفهم المقلوب للآيات هو فعل عمر وموقفه اعتراضاً على الساحة النبوية ، من أن إبقاء الأسير بعد انتهاء الحرب كان منهيّاً عنه.
خامساً :
إنّ الذي التزموا به من النسخ المتبادل المتعاكس بين آية الأُسارى وآيات قتال المشركين لا يبرّر ولا يفسّر موقف عمر بالاعتراض والمطالبة بقتل الأسرى بعد الحرب يوم بدر ؛ وذلك لأنّ بين قوله تعالى في شأن الأُسارى في سورة الأنفال : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَكونَ لَهُ أسْرى حَتَّى يُثْخِنَ في الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا واللهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ) ،
ص: 53
وبين قوله تعالى في سورة القتال (سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)) : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمَّا مَنّاً بَعْدُ وإمّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوْزارَها) تمام التطابق ..
فإنّ آية الأنفال في الأُسارى تنفي وتنهى أن يكون لنبيّ أسرى - أي شدّ وثاق - قبل الإثخان وقبل إنهاك العدو وهزيمته وانتهاء الحرب والقتال في المعركة ، وشدّ الوثاق عبارة وكناية عن الأسر والاسترقاق ؛ فالآيتان في السورتين متطابقتان على تحديد القتل للأُسارى إلى غاية الإثخان ، وهو انتهاء الحرب ، وأنّ بعد الحرب لا يقتل الأسير ، وهو ما لا يتطابق مع إصرار عمر على قتل أُسارى بدر بعد الحرب.
ومن وضوح دلالة الآيتين على ذلك اضطر غير واحد منهم إلى الإقرار بأنّ معنى الآية في الأنفال هو : عتاب الله عزّ وجلّ لأصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والمعنى : ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبيّ أسرى قبل الإثخان ، ولهم هذا الإخبار بقوله تعالى : (تُريدونَ عَرَضَ الدُّنْيا) ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أراد قط عرض الدنيا وإنّما فعله جمهور مباشري الحرب (1).
فموضع العتاب الإلهي ومورد قوله تعالى : (لَوْلا كِتابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ) (2) هو : أخذ الأُسارى واستبقاؤهم وقت الحرب قبل الإثخان ؛ فالمؤاخذ على هذه الغنيمة هو بلحاظ أنّها أُخذت من غير حلّها ، مع الالتفات إلى أنّ الأُسارى لم يؤخذوا كلّهم وقت الحرب بل فيهم القليل ممّن أُخذ بعد الحرب ، ك- : العبّاس وعقيل ونوفل. 8.
ص: 54
والعجيب أن تراهم مع كلّ ذلك يتمحّلون لاعتراض عمر ، والذي كان بعد الحرب ، ورأيه بقتل الأُسارى ، بأنّ النهي والعتاب في الآية طال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً ؛ لأنّه لم ينهَ عن استبقاء الأسرى حين رآهم من العريش ، وفي المقابل فإنّ سعد بن معاذ وعمر بن الخطّاب وعبد الله بن رواحة كرهوا ذلك ، مع إنّ الروايات التي رووها عن عمر - في ما زعم من فعله - تشير إلى أنّه كان بعد الحرب ، فكيف يتّفق ذلك مع القول بأنّ موضع النهي في الفعل الذي حدث كان أثناء الحرب؟!
وتمحّلوا أنّ قتل الأسرى الّذين فودوا ببدر كان أوْلى من فدائهم ، ويومئذ كان المسلمون قليلون فلمّا كثروا واشتدّ سلطانهم أنزل الله عزّ وجلّ بعد هذا في الأسارى : (فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) في سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (سورة القتال) ، فزعموا أنّ الآية الثانية في الأسرى ناسخة للأُولى وقد تقدّم تمام المطابقة بين الآيتين ، كما هو حكم الأُسارى من التفصيل بين أخذهم أثناء الحرب أو بعدها في مذهب الإمامية ، كما رووه عن الصادق عليه السلام : «كان أبي يقول : إن للحرب حُكمين : إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فإنّ الإمام بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحّط في دمه حتّى يموت ؛ وهو قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِنْ خِلاَف أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) في سورة المائدة الآية 33 ...
والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها فكلّ أسير أُخذ في تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليهم
ص: 55
وإن شاء فاداهم أنفسهم وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيداً» (1).
وقد روي عن الكلبي في قوله تعالى : (فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) : «نزلت في العباس لمّا أُسر في يوم بدر فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : افد نفسك وابنيْ أخيك - يعني عقيلا ونوفلا - وحليفك - يعني عتبة بن أبي جحدر - فإنّك ذو مال.
فقال : إنّ القوم استكرهوني ولا مال عندي.
قال : فأين المال الذي وضعته بمكّة عند أُمّ الفضل حين خرجت ، ولم يكن معكما أحد ، وقلت : إن أُصبت في سفري فللفضل كذا ، ولعبد الله كذا ، ولقثم كذا؟!
قال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما علم بهذا أحد غيرها ، وإنّي لأعلم أنّك لرسول الله.
ففدّى نفسه بمائة أُوقية ، وكلّ واحد بمائة أوقية ، فنزلت : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن فِي أَيْدِيكُم مِنَ الأسْرَى) (2) ، فكان العباس يقول : صدق الله وصدق رسوله ؛ فإنّه كان معي عشرون أوقية فأُخذت ، فأعطاني الله مكانها عشرين عبداً ، كلّ منهم يضرب بمال كثير ، أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم» (3) ..
وهذه الرواية تدلّ على كون الأسرى من بني هاشم لم يكن موقفهم معادياً لمعسكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّما أُكرهوا على المجيء إلى بدر ، فهم كالأُسارى انتقلوا من أسر إلى آخر ، بل إنّ موقفهم متعاطف مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فقد رووا تجاوب العباس مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّه ذكر أنّه كان 0.
ص: 56
مُكرهاً ، وأنّه تشهّد الشهادتين ..
روى القمّي في تفسيره بعد ذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعقيل : «قد قتل الله - يا أبا يزيد! - أبا جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومنية وبنية ابني الحجّاج ، ونوفل بن خويلد ، وسهيل بن عمرو ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، وفلاناً وفلاناً.
فقال عقيل : إذاً لا تُنازَع في تهامة ، فإن كنت قد أثخنت القوم ألا فاركب أكتافهم. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله.
وكان القتلى ببدر سبعين ، والأسرى سبعين ، وقد قتل أمير المؤمنين عليه السلام سبعة وعشرين ولم يؤسر أحداً» (1).
وهذا دالّ بوضوح على أنّ أُسارى بني هاشم الثلاثة كانوا في اصطفاف لنصرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإن أكرهتهم قريش للقتال في بدر ..
قال السيّد المرتضى قدس سره : «إنّهم لمّا تباعدوا عن العريش وعن مرآه (صلى الله عليه وآله وسلم) أسروا من أسروا من المشركين بغير علمه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا يبعد أن يكون هو عليه السلام لم يأسر حتّى فرّ الكفار وانهزموا وتباعدوا وانتهى الأمر إلى آخره ووضعت الحرب أوزارها ، فحينئذ أُسر من أُسر ...
وأمّا الأمر بالقتل في قوله تعالى : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان) (2) ، فالمراد به : الكثرة لا محالة ، لا عموم ضرب أعناق الكفّار بلا خلاف ، فالقتل المدلول عليه بالآية لا ينافي الأسر ، وممّا يدلّ على أنّ المراد به : الكثرة ، هذه الآية ؛ فإنّها كالمفسرة لتلك ..
وكذلك قوله تعالى : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ2.
ص: 57
حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) ...
والأمر بالقتل كان مقيّداً بحال المحاربة ، كما هو المتبادر من قوله تعالى : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ) ؛ فإنّ الظاهر من الأمر بضرب الرقاب وقت اللقاء ، وهو حال الحرب ، ولا يسمّى ما بعد الحرب وحصول الأسرى مكتوفين بأيدي الخصوم وتبدّد شملهم وزوال فئتهم عن مراكزهم : لقاءً.
وأيضاً المتبادر من مثل هذه العبارة حدثان ذلك الفعل وفواتحه ، لا أواخره ، وإن دام.
على أنّ ضرب الأطراف الذي فُسّر به ضرب البنان غير معهود من صاحب الشرع في الأسير ؛ فإنّه يجري مجرى المثلة ، وإنّما يجوز وقت التحام الحرب وحين المسايفة» (1).
ومن الموارد الأُخرى التي خاضوا في مزايداتها بين عصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدالة الصحابة :
آية الحجاب في حقّ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)
وهو قوله تعالى : (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنوا لا تَدْخُلوا بُيوتَ النَّبِيِّ إلاّ أن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلَى طَعام غَيْرَ ناظِرينَ إنَاهُ ولكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فادْخُلوا فإذَا طَعِمْتُمْ فانتَشِروا ولاَ مُسْتَأنِسينَ لِحَدِيث إنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ وَإذَا سَأَلْتُمُوهنَّ مَتاعاً 8.
ص: 58
فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً إنَّ ذلِكُمْ كانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً) (1).
وهي قصّة تشريع الحجاب ؛ فإنّها من الموارد التي جعلها أهل سُنّة الخلافة والجماعة من مناقب عمر ، المنقولة عن لسانه ، وأنّ استقامته فاقت عصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد نزل الوحي بموافقته على خلاف موقف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
وفي الحقيقة هذه الحادثة هي أيضاً من الموارد الشنيعة التي تعدّ من المواقف المحسوبة على عمر ، والتي أُريد لها تغطية حقيقة الحدث وملابساته ، ولو كنّا نحن وما رواه أهل سُنّة الجماعة ولحن الآيات الكريمة لاستكشفنا حقيقة الأمر - كما سيتبيّن - وهي : إنّ آية الحجاب واردة انتهاراً لسلوك عدّة من الصحابة البارزين!
فقد روى أبي داود الطيالسي في مسنده بسنده عن أنس بن مالك ، قال : قال عمر : وافقت ربّي عزّ وجلّ في أربع :
قلت : يا رسول الله! لو صلّيت خلف المقام ، فنزلت هذه الآية : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) (2) ، وقلت : يا رسول الله! لو ضربت على نسائك الحجاب ؛ فإنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ... الحديث (3).
والرواية كما ترى يرويها عمر نفسه! 9.
ص: 59
ورواه الطبراني (1) في الصغير بسنده عن عمر بن الخطاب إلاّ أنّ فيه : وافقت ربّي في ثلاث ... وذكر الثالثة في قصّة أُسارى بدر ، التي مرّ أنّها ورطة وقع فيها وقد حاول التخلّص من وصمتها بجعلها منقبة.
ورواه في الكبير (2) عن عبد الله بن عمر ، أنّه قال في أبيه : فضل عمر الناس بأربع : بذكره الأسارى يوم بدر ، فأمر بقتلهم ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (لَوْلا كِتابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ) ، وبذكره الحجاب ، فقالت زينب : وإنّك لتغار منّا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ... الحديث.
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره في ذيل قوله تعالى : (وإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) :
«قال بعضهم : نزلت بسبب قوم طعموا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وليمة زينب بنت جحش ثمّ جلسوا يتحدّثون في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبرسول الله إلى أهله حاجة ، فمنعه الحياء من أمرهم بالخروج من منزله» (3).
وروى بإسناده عن أنس بن مالك أنّه : «كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة ، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أُنزل في مبتنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بزينب بنت جحش أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بها عروساً ، فدعا القوم فأصابوا من الطعام حتّى خرجوا ، وبقي منهم رهط عند 5.
ص: 60
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأطالوا المكث ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخرج ، وخرجت معه لكي يخرجوا ، فمشى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومشيت معه ، حتّى جاء عتبة حجرة عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ ظن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّهم قد خرجوا ، فرجع ورجعت معه ، حتّى دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا ، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجعت معه ، فإذا هم قد خرجوا ، فضرب بيني وبينه ستراً ، وأُنزل الحجاب» (1).
وروى بإسناده عن أنس بن مالك ، قال : «قال عمر بن الخطّاب : قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو حجبت عن أُمّهات المؤمنين ؛ فإنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فنزلت آية الحجاب» (2).
وروى بإسناده عن عبد الله ، قال : «أمر عمر نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحجاب ، فقالت زينب : يا بن الخطّاب ، إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله : (وإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب)» (3).
وروى بإسناده أنّ الإطعام كان في بيت أُمّ سلمة (4).
وذكر الطبري في تفسير الآية : «وقوله : (إنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ). يقول : إنّ دخولكم بيوت النبيّ من غير أن يؤذن لكم ، وجلوسكم فيها مستأنسين للحديث بعد فراغكم من أكل الطعام الذي دعيتم له ، كان يؤذي النبيّ ، فيستحي منكم أن يخرجكم منها إذا قعدتم فيها للحديث بعد 7.
ص: 61
الفراغ من الطعام ، أو يمنعكم من الدخول إذا دخلتم بغير إذن مع كراهيّته لذلك منكم ، والله لا يستحي من الحقّ أن يتبيّن لكم ، وإن استحيى نبيّكم فلم يبين لكم كراهية ذلك ؛ حياءً منكم.
(وَإذَا سَأَلْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب). يقول : وإذا سألتم أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب ؛ يقول : من وراء ستر بينكم وبينهنّ ، ولا تدخلوا عليهنّ بيوتهنّ.
(ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ). يقول تعالى ذكره : سؤالكم إيّاهنّ المتاع ، إذا سألتموهنّ ذلك من وراء حجاب ، أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ من عوارض العين فيها ، التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء وفي صدور النساء من أمر الرجال ، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهنّ سبيل.
وقد قيل : إنّ سبب أمر الله النساء بالحجاب إنّما كان من أجل أنّ رجلا كان يأكل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكَرِه ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» (1) ..
وروى ذلك عن مجاهد.
وقال : «وقيل : نزلت من أجل مسألة عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
وروى بسنده عن عائشة ، قالت : إنّ أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كنّ يخرجن بالليل إذا تبرّزن إلى المناصع ، وهو صعيد أفيح ، وكان عمر يقول : يا رسول الله! احجب نساءك. فلم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يفعل ، فخرجت 8.
ص: 62
سودة بنت زمعة زوج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر بصوته الأعلى : قد عرفناك يا سودة ؛ حرصاً أن ينزل الحجاب. قال : فأنزل الله الحجاب» (1).
وروى بسنده عن عائشة : «قالت : خرجت سودة لحاجتها بعدما ضرب علينا الحجاب ، وكانت امرأة تفرع النساء طولا ، فأبصرها عمر ، فناداها : يا سودة! إنّك والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين - أو كيف تصنعين -؟
فانكفأت فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّه ليتعشّى ، فأخبرته بما كان وما قال لها وإنّ في يده لعِرقاً ، فأُوحي إليه ثمّ رفع عنه وإنّ العِرق لفي يده ، فقال : لقد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكنّ» (2) ..
وقد ذكر عدّة طرق لهذه الروايات ، وقد وردت في مصادرهم الحديثية الأُخرى.
وقبل أن نورد بقية أقوالهم ورواياتهم نستخلص جملة أُمور - ممّا سبق - تؤكّد أنّ هذه الواقعة لنزول الآية هي إحدى الدواهي التي أقدم عليها بعض كبار الصحابة ، ثمّ جعلت منقبة له ؛ تغطيةً للحدث ، كما سيتبيّن أنّ جملة آيات الحجاب واردة ردعاً لسلوكيات عدّة من الأسماء اللامعة في الصحابة :
الأمر الأوّل :
إنّ ما رووه في مصادرهم الحديثية بطرق متعدّدة أنّ : «زينب بنت 9.
ص: 63
جحش قالت لعمر : إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله تعالى آية الحجاب» شاهد على أنّ نزول آية الحجاب كان قبل اعتراض عمر على نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ وذلك لأنّ نزول آية الحجاب - كما في أكثر مروياتهم - هو عند بناء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بزينب وعرسه بها وإطعامه ، وقبل ذلك لم تكن زينب في بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كي تخاطب عمر بأنّ : «الوحي ينزل في بيوتنا» ، كما أنّ لحن قولها هو مواجهته على تطاوله على أمر حجاب نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
الأمر الثاني :
إنّ ما رووه من رواية عائشة أنّ : خروج سودة ليلاً لحاجتها بعدما ضرب عليهنّ الحجاب واعتراض عمر لها ، هو الآخر يشهد بأنّ نزول آية الحجاب لم يكن على وفق مراد عمر ؛ بل ظاهر ذلك هو : كون الآية نزلت رادعة لسلوك عمر مع نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما ستأتي شواهد أُخرى على ذلك.
الأمر الثالث :
إنّ انكفاء سودة بعد قول عمر لها ، وتشهيره بها ، ونزول الوحي بالإذن لنساء النبيّ أن يخرجن لحاجتهنّ ، شاهد على ردع الوحي لسلوك عمر مع نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لأنّه تشهير باسم زوج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام الناس ، وبأعلى صوته ، وجهاره بمعرفته لها ، وأنّها لا تخفى عليه ، فكيف يمكن توجيه ذلك؟!
وهذا بحدّ ذاته شاهد على أنّ سلوكه لم يكن مناسباً ، وخصوصاً
ص: 64
بعدما نزل الوحي بالإذن لهنّ في الخروج للحاجة ليلاً على خلاف ما قام به من اعتراض سودة في الطريق.
الأمر الرابع :
من ذلك يظهر اشتباه ما ادّعوه ؛ تبريراً لفعل وسلوك عمر مع سودة أنّه : «حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فنزل الحجاب» (1) ..
وكيف يتصوّر الحرص على العفاف والستر والغيرة على الحجاب مع ندائه بأعلى صوته باسم سودة في الطريق ، وجهاره أنّها لا تخفى عليه؟!
هل هذا إلاّ من التشهير بأُمّهات المؤمنين وهتك لخفارتهنّ؟!
بل لعلّ قوله تعالى : (يَا أيُّها الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ ذلِكَ أدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (2) ، والأمر بإدناء الجلباب لكي لا يؤذين في خروجهنّ هو الوحي الذي نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد.
الأمر الخامس :
إنّ ما رووه في سبب نزول الآية : إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تأذّى «من أجل أنّ رجلاً كان يأكل معه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكره ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ، يتطابق مع الآيات السابقة الواردة في نفس المضمار من قوله تعالى : (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَد مِنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ 9.
ص: 65
تَخْضَعْنَ بالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (1) ؛ فالآية تُظهر أنّ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كنّ في معرض التخاطب مع بعض الصحابة من فئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) ..
وهذه الفئة هي من أوائل الّذين اندسّوا في صفوف المسلمين في مكّة ، كما تشير إلى ذلك سورة المدّثّر (2) ، وسورة المدّثّر رابع سورة نزلت على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في أوائل البعثة.
وهذه الفئة من الصحابة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) قد كشف القرآن عن أنّهم سيتقلّدون السلطة وزمام الأُمور بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّهم من أصحاب الصفوف الخلفية في الحروب والقتال ، كما في سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (3) ، وأنّهم ممّن صفتهم - كما في سورة الأحزاب (4) - : نعامة ).
ص: 66
في الحروب ، وجبن في القتال ، وذوي ألْسِنة حداد في السلم و...
وهذه الفئة هي التي ينهى الله تعالى نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الخضوع معهم في القول والتخاطب ؛ ممّا يبيّن أنّ لهم عِشرة قريبة مع أُمّهات المؤمنين.
قال الطبري في تفسيره : «(ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، يقول تعالى ذكره : وما ينبغي لكم أن تؤذوا رسول الله وما يصلح ذلك لكم.
(ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) يقول : وما ينبغي لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ؛ لأنّهن أُمّهاتكم ، ولا يحلّ للرجل أن يتزوّج أُمه.
وذكر أنّ ذلك نزل في رجل كان يدخل قبل الحجاب ، قال : لئن مات محمد لأتزوّجن امرأة من نسائه. سمّاها ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ..
ثمّ ذكر رواية مسندة في ذلك ، عن ابن زيد : قال : ربّما بلغ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الرجل يقول : لو أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) توفّي تزوّجت فلانة من بعده. قال : فكان ذلك يؤذي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فنزل القرآن : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ...). الآية» (1) ..
الأمر السادس :
قد كنّى الطبري عن هذا الصحابي ب- : «الرجل» دون أن يصرّح 0.
ص: 67
باسمه ، ولكنّه وصفه ب- : «كان يدخل قبل الحجاب» ، أي : ممّن يتردّد بالدخول في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا الإخفاء لاسمه هو كالتكنية والإخفاء لاسم الصحابي الذي نزل فيه صدر الآية في قوله المتقدّم : «وقد قيل : إنّ سبب أمر الله النساء بالحجاب إنّما كان من أجل أنّ رجلا كان يأكل مع رسول الله وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكره ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ؛ فهنا أيضاً أخفوا اسم هذا الصحابي الذي هو أيضاً ممّن يدخل في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!
ثمّ قال الطبري في تفسير الآية اللاحقة (1) : «(إِن تُبْدُوا شَيْئاً أوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) ، يقول تعالى ذكره : إن تظهروا بألسنتكم شيئاً - أيّها الناس! - من مراقبة النساء ، أو غير ذلك ممّا نهاكم عنه ، أو أذىً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقول : لأتزوّجن زوجته بعد وفاته ، (أوْ تُخْفُوهُ) ، يقول : أو تخفوا ذلك في أنفسكم ، (فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) ، يقول : فإنّ الله بكلّ ذلك ، وبغيره من أُموركم وأُمور غيركم عليم لا يخفى عليه شيء ، وهو يجازيكم على جميع ذلك» (2).
الأمر السابع :
وفي ذيل آيات الحجاب قوله تعالى : (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلَّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً * إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالأخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلوا بُهْتَاناً 0.
ص: 68
وَإِثْماً مُّبِيناً * يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً * لَئِن لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (1).
وهذا الذيل يُنزل لعنة الله في الدنيا والآخرة على مَن نزلت آيات الحجاب فيهم من الصحابة الّذين آذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نسائه ، وأنّهم من فئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) ..
قال النحّاس في معاني القرآن : «وقوله عزّ وجلّ : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ، قال قتادة : قال رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : إن مات رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم تزوّجت فلانة ؛ قال معمر : قال هذا طلحة لعائشة» (2).
وقال النحّاس : «وقوله جلّ وعزّ : (يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ) ، قال أبو مالك والحسن : كان النساء يخرجن بالليل في حاجاتهنّ فيؤذيهنّ المنافقون ويتوهّمون أنّهنّ إماء ، فأنزل الله جلّ وعزّ : (يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ) إلى آخر الآية» (3). 8.
ص: 69
الأمر الثامن :
قولهم : إنّ الأمر بإدناء الجلباب نزل لكون نساء النبيّ والمؤمنين يؤذَيْن في خروجهن ليلاً لقضاء حاجتهنّ ، وقد روت عائشة (1) أنّ عمر قد تعرّض لسودة بنت زمعة في خروجها ليلاً لقضاء حاجتها وأنّها انكفأت راجعة شاكية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما آذاها به عمر ، فأوحى الله تعالى لنبيّه الإذن بأن يخرجن أي بجلباب فلا يؤذين.
وقال الجصّاص في أحكام القرآن : «قوله تعالى : (وَإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) قد تضمّن حظر رؤية أزواج النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وبيّن به أنّ ذلك (أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ) ؛ لأنّ نظر بعضهم إلى بعض ربّما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب ..
قوله تعالى : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، يعني بما بيّن في هذه الآية من إيجاب الاستئذان وترك الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه» (2).
وقال ابن الجوزي في زاد المسير ، في أسباب نزول آيات الحجاب : «والثالث : إنّ عمر بن الخطّاب قال : قلت : يا رسول الله! إنّ نساءك يدخل عليهنّ البرّ والفاجر ، فلو أمرتهنّ أن يحتجبْن. فنزلت آية الحجاب ..
أخرجه البخاري من حديث أنس ، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر ، كلاهما عن عمر. 3.
ص: 70
والرابع : إنّ عمر أمر نساء رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] بالحجاب ، فقالت زينب : يا بن الخطّاب! إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا. فنزلت الآية ..
قاله ابن مسعود.
والخامس : إنّ عمر كان يقول لرسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] : احجب نساءك. فلا يفعل ، فخرجت سودة ليلة فقال عمر : قد عرفناك يا سودة. حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فنزل الحجاب ..
رواه عكرمة ، عن عائشة.
والسادس : إنّ رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] كان يطعم معه بعض أصحابه ، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم ، فكره النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذلك ، فنزلت آية الحجاب ..
قاله مجاهد ...
قوله تعالى : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، أي : ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء. قال أبو عبيدة : (كان) من حروف الزوائد. والمعنى : ما لكم أن تؤذوا رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] ..
(ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ، روى عطاء عن ابن عباس ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] قال : لو توفّي رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] تزوّجت عائشة. فأنزل الله [تعالى] ما أنزل ..
وزعم مقاتل : إنّ ذلك الرجل : طلحة بن عبيد الله (1). 3.
ص: 71
وقال الطبرسي في مجمع البيان في ذيل الآية : «فإذا سألتم أزواج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم شيئاً تحتاجون إليه ، فاسألوهنّ من وراء الستر ..
قال مقاتل : أمر الله المؤمنين ألاّ يكلّموا نساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاّ من وراء حجاب.
وروى مجاهد ، عن عائشة ، قالت : كنت آكل مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حيساً في قعب ، فمرّ بنا عمر ، فدعاه فأكل فأصابت إصبعه إصبعي ، فقال : (حس! لو أطاع فيكنّ ما رأتكنّ عين) فنزل الحجاب» (1).
الأمر التاسع :
تُبيّن رواية مجاهد أنّ الصحابي الذي أصابت يده يد زوج 6.
ص: 72
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فكره (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك هو : عمر ، وقد تقدّم أنّ كراهته (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك كانت سبب نزول آية الحجاب ، فآية الحجاب نزلت للنهي عن ما ابتدر من عمر ، لا ما ادّعاه هو لنفسه من كونه أغير من سيّد الأنبياء وأشرف المرسلين حبيب إله العالمين ، الذي وصفه ربّ العزّة : (وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم) (1) و : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) (2) ، وقد قال تعالى في وسط آيات الحجاب : (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلَّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ..
فانظر هذه المحبّة الإلهية إلى خُلُق نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ وعيد الإله تعالى بلعن وتعذيب الّذين يؤذون نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبعد كلّ ذلك يأتي عمر مدّعياً أنّه أكثر غيرة وعفّة من سيّد الرسل؟! ، والحال أنّه الذي نزلت فيه هذه الآيات.
وقال الشيخ الطوسي في التبيان في ذيل الآية : «(فإذَا طَعِمْتُمْ فانتَشِروا ولاَ مُسْتَأنِسينَ لِحَدِيث) ، أي : تفرّقوا ولا تقيموا ولا تستأنسوا بطول الحديث ؛ وإنّما مُنعوا من الاستئناس من أجل طول الحديث ؛ لأنّ الجلوس يقتضي ذلك ، والاستئناس هو ضدّ الاستيحاش ، والأُنس ضدّ الوحشة. وبيّن تعالى فقال : لأنّ ذلك الاستئناس بطول الجلوس (كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ) ، أي : من الحاضرين ، فيسكت على مضض ومشقّة ، (وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ) ..
ثمّ قال : (وَإذَا سَألْتُمُوهنَّ مَتاعاً) يعني : إذا سألتم أزواج النبيّ 3.
ص: 73
شيئاً تحتاجوه إليه (فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) وستر (ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ) من الميل إلى الفجور.
ثمّ قال : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، قال أبو عبيدة : (كان) زائدة ، والمعنى : ليس لكم أن تؤذوا رسول الله بطول الجلوس عنده ومكالمة نسائه ، و (لاَ) يحلّ لكم أيضاً (أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ؛ لأنّهنّ صرن بمنزلة أُمّهاتكم في التحريم.
وقال السدي : لمّا نزل الحجاب قال رجل من بني تيم : أنُحجب من بنات عمّنا؟! إن مات عرّسنا بهنّ. فنزل قوله : (ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً إنَّ ذلِكُمْ) إن فعلتموه (كانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً).
ثمّ قال لهم : (إن تُبْدُوا شَيْئاً) أي : إن أظهرتموه من مواقعة النساء (أوْ تُخْفُوهُ فَإنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) لا يخفى عليه شيء من أعمالكم لا ظاهرة ولا باطنة» (1).
وقال الطبرسي : «ونزل قوله : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) إلى آخر الآية في رجل من الصحابة قال : لئن قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنكحنّ عائشة بنت أبي بكر ، عن ابن عباس ؛ قال مقاتل : وهو طلحة بن عبيد الله ..
وقيل : إنّ رجلين قالا : أينكح محمد نساءنا ولا ننكح نساءه؟! والله لئن مات لنكحنا نساءه. وكان أحدهما يريد عائشة والآخر يريد أُمّ سلمة ، عن أبي حمزة الثمالي» (2).4.
ص: 74
الأمر العاشر :
يظهر من مجموع الروايات الواردة عندهم أنّ سبب نزول آيات الحجاب كان بشأن ما صدر من فعل مجموعة من الصحابة البارزين ، الّذين يكثر دخولهم بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانوا يدخلون دون استئذان ، ويطيلون الحديث مع أُمّهات المؤمنين ؛ كما ذكر ذلك عدّة من مفسري أهل سُنّة الجماعة ، ممّن تقدّم نقل كلماتهم ..
وأنّ الرجل الآخر ينتمي إلى بني أُمية والعاص ؛ لأنّ مقتضى كلامه في أُمّ سلمة ؛ إذ كانت ذا نسب بهم.
روى الطبري بسنده عن أنس بن مالك ، قال : «أنا أعلم الناس بهذه الآية ، آية الحجاب : لمّا أُهديت زينب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صنع طعاماً ودعا القوم ، فجاؤوا فدخلوا وزينب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في البيت ، وجعلوا يتحدّثون ، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج ثمّ يدخل وهم قعود. قال : فنزلت هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ... إلى : فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب). قال : فقام القوم وضُرب الحجاب» (1).
فالتعبير في هذه الرواية ب- «القوم» دالّ على «عدّة» هي مورد الخطاب لنزول الآيات : (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ).
ومن الظاهر كونهم ممّن يكثِر الاختلاط بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والدخول في بيوته ؛ فهم من مبرّزي الصحابة. 7.
ص: 75
وكانوا ممّن يعتاد جلوسه على الطعام في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد مرّ في رواية مجاهد مرور عمر بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي البيت عائشة ، وقد قال تعالى في الآية : (وَلكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَالله لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ) ، كما أنّ قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ؛ ممّا يدلّ على كثرة خلطتهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيوته ، وقد مرّ في الروايات مخاطبة عمر لزينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وعائشة.
وأنّ هذه السلوكيات من هذه الفئة من الصحابة الملتصقين كان يؤذي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ الله) ..
بل الآيات صعّدت لهجة النكير مع هؤلاء الصحابة ؛ إذ تجاسروا على ذلك وعلى القول بنكاح أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى في ذيل تلك الآيات : (إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) ..
بل شدّدت النذير : (لَئِن لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
وهذه الفئة والجماعة من الصحابة هم الّذين قد ورد الخطاب عنهم : (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَد مِنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) ، وقد تقدّمت رواياتهم أنّ رجلين من هؤلاء قد تجاسروا مسقطين رداء الحياء والعِفّة والأدب معلنين إرادة نكاح أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته.
ص: 76
الأمر الحادي عشر :
رغم كلّ هذه التوصيات القرآنية وقوله تعالى باتّحاد الحجاب في الحديث مع نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) (1) ...
رغم كلّ ذلك فكيف يفسّر خروج عائشة للحرب على إمام زمانها في صخب الجيش ومعترك الرجال وإخراج طلحة والزبير لها في هذا المسير؟!
للبحث صلة ... 3.
ص: 77
السيّد زهير الأعرجي
بسم الله الرحمن الرحيم
الفقه وعصر النصوص الشرعية :
لا نستطيع فصل الفقه فصلاً زمنيّاً عن عصر التشريع. فإذا كان الفقه يعبّر عن جملة من الإلزامات الشرعية في الأوامر والنواهي ، فإنّه يعكس أيضاً المبنى العقلي لرسالة السماء. بمعنى أنّ الدين السماوي جاء بقوانين اجتماعية مطابقة لمباني العقلاء تخصّ الفرد والجماعة ، وبنظام اخلاقي لتنظيم العلاقات بين الأفراد ، وبنظام روحي يربط الإنسان بربّه عزّ وجلّ. وتلك القوانين الدينية لتنظيم حياة الإنسان غلب عليها تسمية «الفقه» او «الأحكام الشرعية». وبكلمة ، فإنّ «التشريع» يضمّ كلَّ القوانين المنظِّمة لشؤون الإنسان عبر مفاهيم الحلال والحرام. وإذا آمنّا بأنّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة هما مصدرا التشريع الإسلامي ، فلا بدّ لنا من الإيمان بتضافرهما في توضيح مراد الشارع من أجل تحقيق أهداف الدين في بناء علاقة المكلّف مع ربّه ، وفي بناء العلاقات الاجتماعية بين المكلّفين
ص: 78
أنفسهم.
إذن ، فالأحكام الشرعية تستنبط من دليلين أساسيّين هما : القرآن المجيد ، والسنّة الشريفة.
الدليل القرآني :
وهو الدليل الأوّل المحفوظ بين الدفّتين ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد نزل القرآن الكريم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكُتب في حياته. وقد حفل هذا الكتاب المجيد بما يؤيّد ذلك : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (1) ، (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْح مَحْفُوظ) (2) ، (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَاب مَكْنُون * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (3) ، (رَسُولٌ مِنَ الله يَتْلُوا صُحُفاً مُّطَهَّرَةً) (4) ، (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُف مُكَرَّمَة * مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة * بِأَيْدِي سَفَرَة * كِرَام بَرَرَة) (5). فالصحف المطهّرة ، واللّوح المحفوظ ، والكتاب المكنون كلّها صفات تدلّ على كون الموصوف كتاباً محفوظاً بين الدفّتين.
وكان أئمّة أهل البيت عليهم السلام على أوثق اتصال بكتاب الله. فقد كانوا القرآن الناطق الذي يعبّر عن روح الكتاب المجيد الصامت ومفاهيمه السماوية. فلا عجب أنْ نقرأ في الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال عن 6.
ص: 79
تدوين القرآن : «... فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن الاّ أقرأنيها وأملاها علىّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيتُ من كتاب الله ، ولا علماً أملاه علىَّ وكتبته منذ دعا لي بما دعا» (1).
وقد وصلنا القرآن الكريم كاملاً يداً بيد من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتّى أئمّة الهدى عليهم السلام إلى يومنا هذا ، ولم تمسّه يدُ الباطل والتحريف مطلقاً. وإلى ذلك أشار المولى عزّ وجلّ : (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد) (2).
والحقيقة الجديرة بالالتفات : إنّ القرآن المجيد لمّا كان كتاب هداية سماوية ، فإنّه تعامل مع قضايا التشريع تعامل الكلّيّات. وتُركت تفصيلات الشريعة إلى السنّة النبوّية الشريفة ، فكان بيت النبوّة متصدّياً لتوضيح أحكام الإسلام التي جاء بها القرآن الكريم.
والمشهور بين الفقهاء : إنّ الآيات القرآنية التي لها علاقة مباشرة بأحكام الفقه لا تتجاوز خمسمائة آية من مجموع (6326) آية. فتكون نسبة آيات الأحكام إلى كلّ آيات القرآن الكريم في حدود ثمانية بالمائة (8 %).
فقد «اشتهر بين القوم أنّ الآيات المبحوث عنها نحو من خمسمائة آية ، وذلك إنّما هو بالمتكرّر والمتداخل ، وإلاّ فهي لا تبلغ ذلك» (3). 5.
ص: 80
وقد تضمّنت موضوعات : الطهارة ، والصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والخمس ، والحجّ ، والجهاد ، والمكاسب ، والبيع ، والدَيْن ، والرهن ، والضمان ، والصلح ، والوكالة ، والوفاء بالعقد ، والإجارة ، والشركة ، والإبضاع ، والإيداع ، والعارية ، والسبق والرماية ، والشفعة ، واللقطة ، والغصب ، والإقرار ، والوصية ، والحجر ، والوقف ، والسكنى ، والصدقة ، والهبة ، والنذر ، والعهد ، واليمين ، والعتق ، والنكاح ، والطلاق ، والظهار ، والإيلاء ، واللعان ، والارتداد ، والمطاعم والمشارب ، والمواريث ، والحدود ، والجنايات ، والقضاء ، والشهادات.
ولا شكّ أنّ فهم الأحكام في النصوص القرآنية غير منفكّ عن فهم المواضيع والألفاظ المعبّرة عنهما.
فدلالة اللفظ القرآني تعني أنّ «اللفظ المفيد وضعاً إن لم يحتمل غير ما فهم منه بالنظر اليه فهو النصّ. وإن احتمل ، فإن ترجّح أحد الاحتمالين بالنظر إليه أيضاً فهو الظاهر والمرجوح المؤوّل. وإن تساويا الاحتمالان فهو المجمل. والقدر المشترك بين النصّ والظاهر هو المحكم. والمشترك بين المجمل والمؤوّل هو المتشابه. وقد يتركّب بعض هذه مع بعض.
مثال النص : قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) (1) ، إذ لا يحتمل غير الوحدانية. ومثال الظاهر : قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (2). ومثال المؤوّل : (... يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (3) في إرادة القدرة. 0.
ص: 81
ومثال المجمل : (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) (1) في احتمال أقبل وأدبر» (2).
الدليل الروائي :
وهو الدليل الثاني الذي اُبتلي بمشاكل السند والتوثيق والجرح والتعديل. فالشيعة دوّنت السنّة الشريفة المتعلّقة بأحاديث الأحكام وغيرها في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقد دوّن أمير المؤمنين عليه السلام السنّة النبوّية في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). كما يشير عليه السلام إلى ذلك ويقول : «وما ترك (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي ، كان أو يكون منزلاً على أحد قبله من طاعة أو معصية ، إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنسَ حرفاً واحداً. ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً.
فقلتُ : يا نبيّ الله. بأبي أنت وأمّي. منذ دعوت الله لي بما دعوت ، لم أنسَ شيئاً ، ولم يفتني شيء لم أكتبه» (3).
وكتابة أمير المؤمنين عليه السلام تلك أثمرت في تدوين كتابين في أحكام الشريعة هما :
1 - كتاب الامام علي عليه السلام في الآداب والسنن وأحكام الحلال والحرام من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخطّ أمير المؤمنين عليه السلام. وقد ذكره النجاشي (ت 450 ه) في كتابه الرجالي (4) ، والشيخ الطوسي (ت 1.
ص: 82
460 ه) في التهذيب (1) ، وأشارا إلى أنّ الإمام الصادق عليه السلام كان يرجع إليه عند الضرورة.
2 - الجامعة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وهي «صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واملائه من فَلْقِ فيه (2) ، وخطّ علي عليه السلام بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام ، وكلّ شيء يحتاج إليه الناس حتّى الأرش في الخدش» (3).
وهذان الكتابان كانا من أوائل الكتب التي جمع فيهما العلم الفقهي على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تكرّر ذكرهما في أخبار الائمّة عليهم السلام. وربّما كانا كتاباً واحداً سمّي ب- : كتاب علي مرّة وب- : الجامعة أخرى ، وب- : الصحيفة ثالثة. والله العالم.
وفي المقابل نأت مدرسة الصحابة نفسها عن كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدعوى احتمالية اختلاطها بالقرآن الكريم. وهو اجتهاد لم يصبه التوفيق ؛ لأنّ كتاب الله المجيد محفوظ بين الدفّتين بإرادة الله تعالى القائلة : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (4).
يقول السيوطي :
«أراد عمر بن الخطّاب أن يكتب السنن واستشار فيها أصحاب 9.
ص: 83
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأشار إليه عامّتهم بذلك. فلبث عمر بن الخطّاب شهراً يستخير الله تعالى في ذلك شاكّاً فيه. ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله تعالى له. فقال : إنّي كنت فكّرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم. ثمّ تذكّرت فإذا أناس من أهل الكتاب كتبوا مع كتاب الله كتباً فاكبّوا عليها وتركوا كتاب الله. وإنّي والله لا ألبس كتاب الله بشيء. فترك كتابة السنن» (1).
وروى ابن سعد بسنده عن الزهري قال :
«لمّا أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ثمّ أصبح وقد عزم الله له فقال : ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله» (2).
وروي أيضاً عن قرظة بن كعب الانصاري أنّه قال :
أردنا الكوفة فشيَّعنا عمر إلى صرار ، وقال : تدرون لم شيّعتكم؟ قلنا : نعم ، نحن أصحاب رسول الله. فقال : إنّكم تأتون أهل قرية لهم دوىٌ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم. جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن رسول الله ، وامضوا وأنا شريككم (3).
وقد جرت سيرة التأريخ على رفض كتابة سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل مدرسة الصحابة لحين تولّي معاوية بن أبي سفيان ، وإصرار أئمّة أهل البيت عليهم السلام على تدوين السنّة تدويناً تامّاً. 2.
ص: 84
لم يتعبّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالاجتهاد :
وبسبب الوضع السياسي الذي أعقب عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومحاولات السلطة خلق الأحاديث المزوّرة المؤيّدة لشرعيّتها ، والمحاولات المستميتة لمنع كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقد وقع خلاف حول مسألة مهمّة وهي : اجتهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فطرح السؤال بالشكل التالي : هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجتهد فيما لا نصّ فيه؟ والسؤال يحمل في ذاته تناقضاً صريحاً ، فكيف يجتهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الذي لا ينطق عن الهوى؟ وكيف يجتهد من عند نفسه وهو المأمور ببيان الأحكام الشرعية إلى الأمّة دون تبديل أو تغيير ، وقد قال تعالى في شأنه : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لاَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (1)؟
وقد وقف فقهاء أئمّة أهل البيت عليهم السلام موقفاً واضحاً في إدانة تلك الفكرة التي كان هدفها تثبيت «منهج الرأي» الشخصي في الشريعة الإسلامية. فقد «ذهبت الامامية وجماعة تابعوهم إلى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن متعبّداً بالاجتهاد في شيء من الأحكام ، خلافاً للجمهور (2) لقوله تعالى : (فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ الله) (3) ، (وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (4) ، (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (5) ، 4.
ص: 85
(... قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ...) (1)» (2).
ولو تحقّق فرض اجتهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّ ذلك يعني :
1 - جواز مخالفته من قبل المكلّفين ، لأنّ الاجتهاد لا يفيد علماً قطعياً. فقد يخطى المجتهد وقد يصيب. بينما لا تجوز مخالفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
2 - المعروف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه كان يؤخّر الجواب على الأسئلة الواردة عليه حتّى يأتيه الوحي بذلك. ومثاله تأخير جواب الزوجة التي جاءته تشتكي زوجها ، فأنزل سبحانه آيات في ذلك. وتأخير البيان عن وقت الحاجة ، بدون مبرّر شرعي أو عقلي ، ينفي دور الدين في الحياة الاجتماعية.
3 - إنّ الاجتهاد يفيد الظنّ ، بينما يفيد الوحي القطع. وإذا كانت لديه (صلى الله عليه وآله وسلم) القدرة على الاتصال بالوحي ، فلا يمكن أن يرجع إلى الظنّ.
أهل البيت عليهم السلام والتنظيم العلمي للأفكار الفقهية :
وبعد انتهاء عصر نزول القرآن ووفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا بدّ لأئمّة الهدى عليهم السلام من التصدّي لشرح الأحكام الشرعية ، وتنظيم أفكارها ، وتصنيف مصطلحاتها. فكان الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أوّل من قام بذلك. 6.
ص: 86
وقد أشار في خطبته : «ثمّ اختار سبحانه لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لقاءَه ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقارنة البلوى ، فقبضه إليه كريماً (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وخلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذ لم يتركوهم هَمَلاً بغير طريق واضح ، ولا عَلَم قائم ، كتابَ ربّكم مبيّناً حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وخاصّه وعامّه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسّراً مجمله ، ومبيّناً غوامضه ، بيّن مأخوذ ميثاقُ علمه ، وموسع على العبادِ في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضُهُ ، ومعلوم في السنّة نسخه ، وواجب في السنّة أخذه ، ومرخّص في الكتاب تركه ، وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله ، ومباينٌ في محارمه ، من كبير أوعد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه ، وبين مقبول في أدناه ، موسّع في أقصاه» (1).
ففي هذه الخطبة تعرّض أمير المؤمنين عليه السلام إلى قضايا كلّية تخصّ المسائل الفقهية في الحلال والحرام ، والنافلة والفريضة ، والناسخ والمنسوخ ، والرخصة والعزيمة ، والخاصّ والعامّ ، ونحوها. وتلك الكلّيات وضعتها الشريعة من أجل تيسير أمور الاستنباط والاستدلال للأجيال اللاحقة لعصر النصّ.
فمن الحلال مثلاً : النكاح. ومن الحرام المقابل له : الزنا.
ومن الفضائل «او النوافل» ركعتي الصبح ، ونحوهما. ومن الفرائض : فريضة الصبح.
ومن الناسخ قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) (2) ، 5.
ص: 87
ومن المنسوخ : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (1).
والرخص كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِف لاِِثْم فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ) (2) ، والعزائم كقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) (3).
والخاصّ كقوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ...) (4) ، والعام كالألفاظ الدالّة على الأحكام العامّة لسائر المكلّفين مثل : (... وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ...) (5).
والعبر : كقصّة أصحاب الفيل ، والآيات التي تتضمّن عذاباً نازلاً بأمم الانبياء من قبلُ. والأمثال : كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ...) (6).
والمرسل (أو المطلق) كقوله : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا) (7) ، والمحدود (اي المقيد) كقوله : (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) (8).
والمحكم كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) (9) ، والمتشابه كقوله : 1.
ص: 88
(... إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (1)» (2).
وهذا التنظيم العلمي للأفكار الدينية وضع الفقهاء على مسرح التقنين الشرعي للأحكام.
وفي حديث آخر يصفُ عليه السلام عمّا في أيدي الناس من اختلاف الأخبار : «إنّ في أيدي النّاس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً. ولقد كُذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده حتّى قام خطيباً ، فقال : من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ...» (3).
وهذا الحديث يصنّف الأخبار المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى : أحاديث صحيحة ، وأحاديث كاذبة ، وناسخ ومنسوخ ، وعامّ وخاصّ ، ومحكم ومتشابه. وقد ذكرنا فيما سبق أمثلة على ذلك.
وفاطمة الزهراء عليها السلام قامت أيضاً بدور مهمّ لبيان حكمة التشريع ، فقالت في خطبتها : «فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعدل تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، وذلاًّ لأهل الكفر والنفاق ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامّة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، 8.
ص: 89
وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة ، وترك السرقة إيجاباً للعفّة ، وحرّم اللهُ الشركَ إخلاصاً له بالربوبية» (1).
وفي تلك الخطبة الرائعة تبيان لعلل أُصول الدين وفروعه ، وتنظيم للاعتقادات والأوامر والنواهي.
بذور الدليل العقلي :
ولا شكّ أنّ أهل البيت عليهم السلام كانوا يدرّبون أصحابهم على التحليل العقلي للروايات ، وكانوا يضعون لهم القواعد والأُصول الكفيلة بتحقيق ذلك. ونستطيع أن نستقرئ من حالات عامّة وردتنا عن ذلك العصر بما يؤيّد ذلك :
1 - جواز نقل الرواية بالمعنى. وهذه القاعدة مهمّة ؛ لأنّ مفهومها يدلّ على أنّ المحور في الحديث هو المعنى لا مجرّد التقيّد بالنصّ.
عن محمد بن مسلم ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أسمعُ الحديث منك ، فأزيد وأنقص. قال عليه السلام : إن كنتَ تريد معانيه فلا بأس» (2).
2 - الترجيح بين الخبرين المتعارضين :
عن زرارة ، قال : «يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟ فقال عليه السلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذّ النادر. فقلتُ : إنّهما معاً مشهوران مرويان مأثوران عنكم. قال عليه السلام : خذ 4.
ص: 90
بقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما في نفسك ...» (1).
3 - قاعدة (لا تعاد). وهي قاعدة تفيد بطلان الصلاة إذا انتهكت أمور : الطهارة والوقت والقبلة والركوع والسجود.
عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : «لا تعادُ الصلاة إلاّ من خمس : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود. ثمّ قال : القراءة سنّة ، والتشهّد سنّة. ولا تنقض السنّةُ الفريضةَ» (2).
4 - قاعدة «البناء على الاكثر» عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة ، عندما يكون شكّه في الرباعية الواجبة بعد إكمال السجدتين من الركعة الثانية.
عن عمّار ، قال : «قال أبو عبد الله عليه السلام : يا عمّار أجمعُ لك السهو كلّه في كلمتين : متى شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتِمَّ ما ظننت أنّك نقصت» (3).
5 - قاعدة التجاوز :
عن اسماعيل بن جابر ، قال : «قال أبو عبد الله عليه السلام : إن شكَّ في الركوع بعدما سجد فليمضِ. وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمضِ. كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمضِ عليه» (4).
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضيه كما هو» (5).7.
ص: 91
6 - قاعد «الحلّ» في المشتبه مع عدم العلم :
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «كلّ شيء فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه ، فتدعه» (1).
7 - قاعدة الاستصحاب عند الشكّ :
عن زرارة قال : «قلتُ له : الرجل ينام ، وهو على وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأُذن. فإذا نامت العين والأُذن والقلب وجب الوضوء. قلت : فإن حرّك على جنبه شيء ، ولم يعلم به؟ قال : لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن. وإلاّ ، فإنّه على يقين من وضوئه ... ولا تنقض اليقين أبداً بالشكّ ، وإنّما تنقضه بيقين آخر» (2).
نموذج مقارَن :
ولو جاز لنا أن نعرض نموذجاً مقارَناً بين ينبوع التشريع الإلهي المتمثّل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت عليهم السلام من جهة ، ومدرسة الرأي من جهة أُخرى لعرضنا النموذج التالي :
أ - نموذج أهل البيت عليهم السلام :
رواية عذافر الصيرفي ، قال : «كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر عليه السلام ، فكان يسأله وكان أبو جعفر عليه السلام مكرّماً. فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر عليه السلام : هذا خطّ علي عليه السلام وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، 5.
ص: 92
[ثمّ] أقبل على الحكم ، وقال : يا أبا محمد اذهب أنت وسلمة وأبو المقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً ، فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل» (1).
ب - نموذج مدرسة الرأي :
طرحت مسألة «العول» (2) في الإرث بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت من المسائل المستجدّة أيّام خلافة عمر بن الخطّاب. فتحيّر عمر ، فأدخل النقص على الجميع استحساناً ، وقال : والله ما أدري أيّكم قدّم وأيّكم أخّر. ما أجد شيئاً أوسع لي من أن اُقسم المال عليكم بالحصص وأدخل على ذي حقٍّ ما أدخل عليه من عول الفريضة (3).
وفي مناسبة ثانية سُئل عمر بن الخطّاب عن رجل طلّق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الإسلام تطليقة واحدة فهل تُضمّ التطليقتان إلى الثالثة أم لا؟ فقال للسائل : لا آمرك ولا أنهاك (4).
وهذا الجهل بأحكام الشريعة هو الذي أدّى إلى القول بالرأي والاستحسان والقياس. بينما بقيت مدرسة أهل البيت عليهم السلام ثابتة على العلم 6.
ص: 93
الذي لا يوجد أوثق منه ، عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل عليه السلام ، كما في الرواية.
وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام : «خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع ، فقال : يا أيّها الناس ، ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم عن النار إلاّ وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم من النار ويباعدكم عن الجنّة إلاّ وقد نهيتكم عنه» (1).
وورد عنه عليه السلام أيضاً : «يا جابر ، لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين. ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم» (2).
تطوّر معنى كلمة «الفقه» :
المرحلة الأولى : كان العرب يطلقون على العلم بالشيء والفهم له بالفقه. فقد أورد الجوهري في الصحاح بأنّ اعرابياً قال لعيسى بن عمر : شهدتُ عليك بالفقه (3). وفي لسان العرب : الفِقه : العلم بالشيء والفهم له ، والفقه الفطنة (4) ، وإلى هذا المعنى أشار قوله تعالى : (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) (5). أي لا نعلم حقيقة كثير ممّا تقول.
والمرحلة الثانية : تمثّلت بأمر الله سبحانه وتعالى فرقة من المؤمنين للتفقّه في الدين ، فدخلت الكلمة مرحلة جديدة من الفهم انحصر بالفهم 1.
ص: 94
الديني. يقول تعالى : (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (1). فأصبحت كلمة الفقه تعني معارف الشريعة. وهكذا كان المعنى في السنّة الشريفة. حيث يشير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك بالقول : «من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين» (2).
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل العبادة الفقه ...» (3).
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : «من اتّجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا» (4).
وفي المرحلة الثالثة : دخلت الكلمة مرحلة أخرى عندما انحصرت بالاجتهاد ، فأصبح المجتهد فقيهاً. أي عالماً بالأحكام الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية. وبمعنى ثالث أنّ الفقه في هذه المرحلة بات أخصّ من المعارف الدينية وانحصر مدلوله على الأحكام العملية ، أو ما يسمّى بالعبادات والمعاملات. وأصبح للفقهاء مدارسهم الخاصّة المبنية على الاجتهاد في الأحكام العملية دون الاعتقادية ، وفي الأحكام الفرعية الظنّية المستنبطة دون الضروريّات أو الموضوعات الخارجية.
وعندما نتحدّث في هذا البحث عن المدارس الفقهية والنظرية 3.
ص: 95
الفقهية ، فإنّنا نعني المرحلة الثالثة والأخيرة من معاني كلمة «الفقه».
الحياة التشريعية في ظلّ المدارس الفقهية
اتسمت الحياة التشريعية للطائفة الإمامية بصبغة بذل الجهد العلمي من أجل البحث عن الدليل الشرعي للأحكام الفقهية. وقد تطوّر الجهد العلمي من مجرّد نقل الروايات إلى مراحل معقّدة في البحث عن الدليل. ولذلك فقد قسّمنا ذلك التطوّر إلى مراحل زمنية تمثّل كلّ مرحلة منها قرناً كاملاً من الزمان ، حصرنا فيه نشاط الفقهاء على صعيد البحوث الفقهية.
ص: 96
المدارس الفقهية في التاريخ الإمامي
1 - مدرسة القرن الأوّل الهجري
وهي مدرسة الاتصال بالنصوص الشرعية مباشرة ، حيث عاصرت رسول الله (ت 11 ه) ، والإمام أمير المؤمنين (ت 40 ه) ، والإمام الحسن (ت 50 ه) ، والإمام الحسين (ت 61 ه) ، والإمام زين العابدين (ت 95 ه) ، وفترة من حياة الإمام الباقر (ت 114 ه) عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين. وهو القرن الذي نعم بظلال الرسالة الإلهية وبحضور رسول الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام وأئمّة الهدى عليهم السلام.
فلا ريب أن يكون من أقرب العصور إلى منبع التشريع. ولا شكّ أنّ النشاط العلمي عند اتّباع أهل البيت عليهم السلام كان منصبّاً على تدوين الروايات ، خصوصاً فيما يتعلّق بروايات الأحكام. وقد نقلت لنا الكتب الرجالية مصنّفات عديدة للرواة الفقهاء. ومن هؤلاء الرواة أصحاب التصانيف :
1 - أبو رافع إبراهيم بن مالك الأنصاري (ت 40 ه) ، وكتابه السنن والاحكام والقضايا.
قال النجاشي : «أسلم أبو رافع قديماً بمكّة ، وهاجر إلى المدينة. وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاهده ، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده. وكان من خيار الشيعة ، وشهد معه حروبه ، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة» (1).1.
ص: 97
2 - برير بن خضير الهمداني (استشهد مع الإمام الحسين عليه السلام يوم الطفّ سنة 61 ه) ، وكتابه القضايا والاحكام يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام والحسن بن علي عليه السلام (1).
3 - مجموعة من أعلام وصحابة القرن الأوّل الذين لا نعرف بوجه الدقّة سنين وفاتهم ولكنّنا نعلم أنّهم عاشوا خلال ذلك القرن. مثل : عبيد الله ابن أبي رافع وكتابه قضايا أمير المؤمنين عليه السلام (2) ، وعلي بن أبي رافع وله كتاب في فنون الفقه (3) ، وربيعة بن سميع وله كتاب في زكوات النعم (4) ، وعبيد بن محمد بن قيس البجلي وله كتاب في الفقه (5). وغيرهم من الأعلام الذين صنّفوا الروايات حسب المواضيع الفقهية.
وكانت المدينة المنوّرة المنطلق الأوّل لفقهاء الشيعة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى عليهم السلام. ثمّ تلتها الكوفة في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ولا شكّ أنّ من بين الصحابة من كان فقيهاً موالياً لآل البيت عليهم السلام كسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع إبراهيم مولى رسول الله ، وابن عبّاس حبر الأمّة. وكان من التابعين جمع من شيعة آل البيت عليهم السلام حفظوا سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الحقّ عليهم السلام وتداولوها بأمانة بحيث اعترف «الذهبي» بذلك بمرارة قائلاً : «فهذا - أي التشيّع - كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء - أي الشيعة - 0.
ص: 98
لذهبت جملة الآثار النبوية» (1).
ومع ذلك ، فإنّ مدرسة القرن الأوّل الهجري كانت لا تزال تعيش عصر النصّ الشرعي عند الطائفة. فلم تتبلور بعد مسائل الخلاف بين الإمامية والمذاهب الأخرى ، ولم تظهر بعد وسائل الاجتهاد الجديدة التي ابتدعها أرباب المذاهب كالقياس والاستحسان والرأي والمصالح المرسلة.
وبكلمة ، فإنّ مدرسة القرن الأوّل في الوسط الإمامي كانت تمثّل حالة الإصغاء للنصوص ، وحالة الرجوع إلى المعصوم عليه السلام. فلم تكن هناك فتاوى خارج نطاق المدوّنات الحديثية.
2 - مدرسة القرن الثاني الهجري
والقرن الثاني يعكس عصر انتشار علوم آل محمد عليهم السلام. فازدهرت علوم الفقه في هذا القرن بفضل نعمة وجود أئمّة أهل البيت عليهم السلام : الإمام الباقر عليه السلام (ت 114 ه) ، والإمام الصادق عليه السلام (ت 148 ه) ، والإمام الكاظم عليه السلام (ت 184 ه) ، وشطر من حياة الإمام الرضا عليه السلام (ت 203 ه).
وتعتبر هذه الفترة من فترات الخصب الفكري والمذهبي ؛ لأنّها عاصرت انحلال الدولة الأموية وانقراضها بموت مروان سنة 132 ه- ، وظهور الدولة العباسية إلى اوائل ايام هارون الرشيد الذي ولي سنة 170 ه.
تألّق أئمة أهل البيت عليهم السلام :
وقد كان النشاط العلمي لأئمّة أهل البيت عليهم السلام في قمّة عطائه عندما كانوا يبثّون أحكام الإسلام على مرأى ومسمع من السلطة الظالمة التي كانت 2.
ص: 99
تعيش أصعب أيّامها. وكانت وجوه الشيعة ورواتهم متجاهرين بالولاء لأهل البيت عليهم السلام. وتعبّر بعض النصوص التأريخية عن حجم المساهمة العلمية التي قدّمها أئمّة الهدى عليهم السلام للأُمّة الإسلامية من خلال بثّ الأحكام الشرعية الصحيحة. ومن تلك النصوص :
1 - «قال عبد الله بن عطاء المكّي : ما رأينا العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر ، يعني الامام الباقر عليه السلام. ولقد رأيتُ الحكم بن عتيبة مع جلالته وسنه ، عنده ، كأنّه صبيٌّ بين يدي معلِّم يتعلَّم منه» (1).
2 - «إنّ رجلاً سأل ابن عمر عن مسألة فلم يدرِ ما يجيبه ، فقال : اذهب إلى ذلك الغلام - وأشار إلى الباقر عليه السلام - فسله ، وأعلمني بما يجيبك. فسأله وأجابه. فأخبر ابن عمر ، فقال : إنّهم أهل بيت مفهّمون» (2).
وفي تلك النصوص التأريخية دلالات مهمّة :
1 - تواضع علماء المذاهب الإسلامية أمام نجم من نجوم أهل بيت النبوّة عليهم السلام. ونقصد بالتواضع : الانبهار والإذعان والتسليم للكمال العلمي لأهل البيت عليهم السلام. مع أنّ الحكم بن عتيبة ، وابن عمر لم يكونا ليذعنان لولا قلّة بضاعتهما العلمية في الأحكام الشرعية.
2 - جهل أئمّة المذاهب بالأحكام الشرعية النابعة من مصادرها الرئيسية الحقيقية. والمصادر الحقيقية هي : القرآن الكريم ، وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي حفظها أهل بيته المطهّرين عليهم السلام. ولذلك فقد أشار ابن عمر على السائل بأن يسئل الإمام الباقر عليه السلام.9.
ص: 100
3 - إنّ حالة الصراع الاجتماعي والمذهبي ملحوظة في تلك النصوص. فهم مع جهلهم وإذعانهم لعلوم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يوجّهوا أتباعهم إلى اتّباع الحقّ والاعتراف بولاية أهل البيت عليهم السلام.
وعلى أي تقدير ، فإنّ فضل أئمّة أهل البيت عليهم السلام في نشر العلوم الفقهية ساهم في تنشيط الساحة العلمية الإسلامية ، خصوصاً في القرن الثاني الهجري.
الرواة الفقهاء :
ولا شكّ أنّ للشيعة رجالاً من الرواة الفقهاء كانوا قد تميّزوا بعلمهم خلال عصر النصّ. وانقادت الطائفة لهم بالفقه. واجمعت على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام : «فقالوا : أفقه الأوّلين ستّة : زرارة بن أعين ، ومعروف بن خرّبوذ ، وبريد بن معاوية ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم الطائفي. وقالوا : وأفقه الستّة زرارة ، وقال بعضهم : مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري» (1).
وعن سليمان بن خالد قال : «سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام : ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبي إلاّ زرارة وأبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي. ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين ، وأمناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون الينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة» (2). ة.
ص: 101
ثمّ تخرّجت ثلّة اخرى من شبّان صحابة الإمام الصادق عليه السلام وهم : جميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان (1).
ومن فقهاء الشيعة الرواة في القرن الثاني أيضاً : أبان بن تغلب (ت 141 ه) وله من الكتب : كتاب معاني القرآن ، والقراءات ، والأُصول في الرواية على مذهب الشيعة (2) ، وفي رجال ابن داود أنّه روى عن الإمام الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث. وجابر بن يزيد الجعفي (ت 128 ه) ، ومحمد بن مسلم الطائفي (ت 150 ه). وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفيّة الكوفي (ت 150 ه) وكتابه رسالة الحقوق عن علي بن الحسين (3) ، وقد أوردها الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بسند معتبر ؛ وتشتمل الرسالة على خمسين حقّاً ، أوّلها حقّ الله تعالى وآخرها حقّ أهل الذمّة.
والكتب الرجالية ك- : رجال النجاشي والفهرست للشيخ الطوسي طافحة بأسماء الرواة الذين صنّفوا كتباً فقهية. منهم : أبان بن عبد الملك الثقفي وكتابه الحج ، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وكتابه في الحلال والحرام ، ومعاوية بن عمّار وكتبه في الصلاة والحج والطلاق والدعاء ، وعلي بن أبي حمزة البطائني وكتبه في الصلاة والزكاة والتفسير وأبواب الفقه ونحوها.
ولكن التأليف في تلك الفترة ينبغي أن يفهم أنّه كان تجميعاً 6.
ص: 102
للروايات الصحيحة ضمن فهرسة موضوعية يحدّدها المؤلّف. وكان الاستدلال محدوداً بمطابقة السؤال على الرواية الصحيحة. والقاعدة ، أنّ العلم كلّه كان في حسن تبويب الأحاديث وفهرستها.
فيمكن عدّ تلك الكتب الروائية مصنّفات في حفظ الرواية وصيانتها لا كتباً تحليلية أو استدلالية. ولا شكّ أنّ تلك الكتب الروائية كانت تشكّل العمود الفقري للأُصول الأربعمائة التي تواتر الحديث عنها في كتب الفقه والرجال.
الإفتاء بناءً على النصّ :
ويبدو من دراسة الوضع الاجتماعي والعلمي لذلك العصر ، أنّ الإفتاء كان نشطاً على ضوء فهم دلالة النصّ فيما روي فيه نصّ خاصّ ، أو الإفتاء بالمروي الذي استفيد منه الحكم ، أو تطبيق القواعد الأصولية كالترجيح بين الخبرين المتعارضين ، وقاعدة «لا تعاد» ، وقاعدة «البناء على الأكثر» ، وقاعدة «التجاوز» ونحوها من القواعد.
فقد جاء في ترجمة «أبان بن تغلب» أنّ الإمام الباقر عليه السلام قال له : «اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس ، فإنّي أُحبُّ أن يرى في شيعتي مثلك» (1).
والمروي عن معاذ عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، قال : «قال لي : بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟
قلتُ : نعم ، وأردتُ أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج. إنّي أقعد في 5.
ص: 103
المسجد فيجي الرجل ، فيسألني عن الشيء. فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون. ويجيء الرجل أعرفه بحبّكم ومودّتكم فأخبره بما جاء منكم. ويجيء الرجل ولا أعرفه ولا أدري من هو فأقول : جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا. فأدخل قولكم فيما بين ذلك.
قال : فقال لي : اصنع كذا ، فإنّي كذا أصنع» (1).
وفي ذلك دلالات على جواز إفتاء الأصحاب بالنصوص فيما إذا ورد في الواقعة نصّ خاصّ ، أو استفيد من المروي حكماً شرعيّاً.
عصر المصنّفات الحديثية :
ويمكّننا عدّ عصر الكاظمين : الإمام الكاظم عليه السلام (ت 183 ه) ، والإمام الرضا عليه السلام (ت 203 ه) بعصر المصنّفات الحديثية التي وصلتنا بمتونها وسند رجالها. وكان الرواة الستة الذين اجمع الأصحاب على فقاهتهم وتوثيقهم ، دليل على اهتمام الطائفة بالأحكام الشرعية. وأجمع أصحابنا تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (2) وأبي الحسن (3) على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم ، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم. وهم ستة نفر آخر ، دون الستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام. منهم : يونس بن عبد الرحمن (ت 208 ه) وهو الذي أُشير إليه في العلم والفتيا ، وصفوان بن يحيى بيّاع السابري (ت 210 ه) ، ومحمد بن أبي عمير (ت 217 ه) وله مصنّفات كثيرة ، وعبد الله بن م.
ص: 104
المغيرة (سنة وفاته غير معلومة) ، والحسن بن محبوب السرّاد (ت 224 ه) ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر (ت 221 ه). وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب : الحسين بن علي بن فضّال (ت 224 ه) ، وفضالة بن أيّوب (لم نعثر على تأريخ وفاته). وقال بعضهم : مكان فضالة : عثمان بن عيسى. وأفقه هؤلاء : يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى (1).
وكان لكلّ هؤلاء الأعلام وغيرهم مصنّفات في ترتيب الروايات على ضوء المواضيع الفقهية. ولم يصلنا من تلك المصنّفات إلاّ القليل ، ولكن الروايات جمعت وصنّفت من جديد في عصور لاحقة ضمن متون حديثية أخرى. وما وصلنا من تلك التصانيف :
1 - مسند الإمام موسى بن جعفر عليه السلام. ومؤلّفه موسى بن إبراهيم المروزي ، ويحتوي على «روايات يرويها عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام بسند : أخبرنا بها أحمد بن عبدون ، عن أبي بكر الدوري ، عن أبي الحسن محمد بن أحمد الجرمي قال : حدّثنا محمد بن خلف بن عبد السلام قال : حدّثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال : حدّثنا موسى بن جعفر عليه السلام» (2).
وكان المروزي معلماً لولد السندي بن شاهك الذي سجن الإمام الكاظم عليه السلام في سجنه ببغداد. فسمع المروزي روايات الإمام الكاظم عليه السلام وهو في سجن السندي بن شاهك.
ذكر النجاشي في رجاله سنده إلى المروزي : «أخبرنا الحسين بن عبيد 2.
ص: 105
الله قال : حدّثنا إسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسي قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي سهل الحزني أبو الحسين قال : حدّثنا محمد بن خلف بن عبد السلام أبو عبد الله يوم الجمعة بعد الصلاة لستٍّ بقين من المحرّم سنة ثمان وسبعين ومائتين في جامع المدينة قال : حدّثنا موسى بن إبراهيم بالكتاب» (1).
2 - «الأشعثيّات» (2) ، أو «الجعفريّات» (3). رواه محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي بسند متّصل بالإمام الصادق عليه السلام. ويشتمل على ألف حديث مصنّفة على أساس كتب الفقه. حيث تبدأ بالطهارة ، والصلاة ، والزكاة ... وتنتهي بالتفسير ، والطبّ ، والأطعمة.
3 - مسائل علي بن جعفر. وعلي بن جعفر هو ابن الإمام الصادق عليه السلام رواها عن أخيه الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
4 - مسند الامام الرضا عليه السلام ، ويسمّى أيضاً ب- : صحيفة الرضا عليه السلام ، والرضويّات ، وصحيفة أهل البيت عليهم السلام. وكلّ تلك الأسماء تعبّر عن كتاب واحد يشتمل على 240 حديثاً ، رواها عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي عن الإمام الرضا عليه السلام. جاء في أحد أسانيدها : «قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام إمام المتّقين وقدوة أسباط سيّد المرسلين ، ممّا أورده في مؤلّفه المعنون ب- : صحيفة أهل البيت سنة 194 ه- ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر قال ...» (4). 2.
ص: 106
مدرسة الإمام الصادق عليه السلام :
كان عميد مدرسة القرن الثاني الهجري في نشر أُصول مذهب أهل البيت عليهم السلام : الإمام جعفر الصادق عليه السلام. حتّى أنّ الفترة القصيرة التي قضاها الإمام الصادق عليه السلام في الكوفة وهي سنتين تعدُّ من أخصب الفترات في نشر المذهب في تلك المنطقة. وإلى ذلك أشار «الحسن بن علي بن زياد الوشّاء» مخاطباً «ابن عيسى القمّي» بالقول : «إنّي أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كلٌّ يقول : حدّثني جعفر بن محمد عليه السلام» (1).
ونستشفّ من مصنّف الحافظ أبو العبّاس بن عقدة الهمداني الكوفي (ت 333 ه) في أسماء الرجال الذين رووا الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام حجم المدرسة الفقهية العظيمة التي أسّسها عليه السلام ، فذكر ترجمة (4000) رجل (2). وكان تلامذة الإمام الصادق عليه السلام من الرواة النشطين في التصنيف والكتابة. فقد ترجم الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1370 ه) في كتاب الذريعة لمائتي رجل من مصنّفي تلامذة الإمام الصادق عليه السلام عدا غيرهم من المؤلّفين من أصحاب سائر الأئمّة عليهم السلام وذكر لهم (739) كتاباً أصلاً (3). فلهشام الكلبي أكثر من مائتي كتاب ، ولابن شاذان مائة وثمانون كتاباً (4) ، ولابن أبي عمير أربعة وتسعين كتاباً (5).5.
ص: 107
ولم يكن نشاط كتابة المصنّفات وكثرتها في هذا القرن نابعاً من فراغ ، فقد حثَّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام شيعتهم وأصحابهم على تدوين الأحاديث والسنن خوفاً من ضياعها. فهذا عاصم يقول : سمعتُ أبا بصير يقول : قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام : «اكتبوا فإنّكم لا تحفظون إلاّ بالكتابة» (1).
ورواية أُخرى عن أبي بصير أيضاً قال : دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام ، فقال : «ما يمنعكم من الكتاب؟ إنّكم لن تحفظوا حتّى تكتبوا ، إنّه خرج من عندي رهطٌ من أهل البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها» (2).
ورواية ثالثة عن أبي بصير أيضاً قال : سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول : «اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا» (3).
ولكن الكتابة كانت على الأغلب وليدة الحاجة لحفظ الأحاديث ، أي إنّ الراوي كان يجمع ما سمعه من روايات ويدوّنها في كتابه خوفاً من ضياعها. فلم يكن هدف الكتابة مجرّد التصنيف ، بل كان الهدف هو حفظ الروايات. فكانت تلك الكتب وسيلة من وسائل حفظ السنّة الشريفة عن طريق أهل البيت عليه السلام.
3 - مدرسة القرن الثالث الهجري
ويشمل شطراً قصيراً من حياة الإمام الرضا عليه السلام (ت 203 ه) ، وأبناء الرضا عليه السلام : الإمام الجواد عليه السلام (ت 220 ه) ، والإمام الهادي عليه السلام 6.
ص: 108
(ت 254 ه) ، والإمام العسكري عليه السلام (ت 260 ه).
وقد شهد هذا القرن كتابة الروايات المنقولة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، خصوصاً أبناء الرضا عليه السلام ، مباشرة على شكل مصنّفات مثل :
1 - أجوبة الإمام الهادي عليه السلام عن مسائل القاضي يحيى بن أكثم (1) ، ورسالة الإمام الهادي في الردّ على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين (2).
2 - رسالة المنقبة للإمام أبي محمد العسكري عليه السلام ويشتمل على أكثر علم الحلال والحرام. خرجت سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (3).
3 - التفسير المنسوب للامام الحسن العسكري عليه السلام (4).
ولأصحاب أئمّة أهل البيت عليهم السلام كتب فقهية تتضمّن نصوصاً شرعية كتبت حسب المواضيع ككتاب الوضوء ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ... إلى العتق والتدبير. فللحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران الأهوازي (من القرن الثالث الهجري) كتبٌ في ذلك ، وأحمد بن إسحاق الأشعري له كتاب علل الصلاة ، ومحمد بن الحسن الصفّار (ت 290 ه) له كتبٌ تشابه كتب الحسين بن سعيد ، وظريف بن ناصح الكوفي البغدادي (ت بعد القرن الثاني الهجري) له كتاب الديّات لأمير المؤمنين عليه السلام. كتبه الإمام عليه السلام إلى أمرائه ورؤوس أجناده ، وأورده الشيخ الصدوق كاملاً في 6.
ص: 109
كتاب من لا يحضره الفقيه - الديات.
وكانت تلك الكتب الروائية نتيجة طبيعية لنشاط الراوي الثقة في تثبيت النصوص الشرعية تحريراً ، ونتيجة طبيعية من نتائج الحثّ الشرعي على تدوين كلّ ما يسمعونه عن أئمّتهم عليهم السلام.
وقد صُنّفت الروايات على شكل كتب سُميّت لاحقاً ب- : الأُصول الأربعمائة (1). والظاهر أنّ تلك الأصول الأربعمائة كانت من أكثر كتب الروايات دقّة لأنّ الروايات فيها نُقلت عن المعصوم عليه السلام دون واسطة. وقد أحصي صاحب الوسائل (ت 1104 ه) الكتب الروائية التي تمّ تصنيفها من عهد أمير المؤمنين عليه السلام وحتّى عهد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام فكانت ما يزيد على ستّة آلاف وستمائة كتاب ، تميّز منها أربعمائة كتاب روائي بغير واسطة سمّيت بالأصول الأربعمائة.
ولكن بعد فترة زمنية ليست بالمديدة ، جُمعت تلك الأصول الأربعمائة في مجموعات الحديث الكبرى التي اُلّفت في أواخر عهد الغيبة الكبرى وأوائل عهد الغيبة الصغرى ، وهي : الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار. وبعد أن جُمعت الأُصول في تلك المجاميع قلّت الرغبة في استنساخ أعيانها. وبدأ التوجّه نحو الإستفادة من المجاميع الحديثية الجديدة.
تحليل مدرسة فقه النصّ
وهي مدرسة القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، حيث كان النصّ فيها 0.
ص: 110
محور المتون الفقهية. فلا شكّ أنّ أوّل بوادر فقه النصّ كان قد تحقّق على أيدي تلامذة أئمّة أهل البيت عليهم السلام في القرنين الأوّل والثاني من الهجرة. فقد كان هؤلاء الأصحاب من أكثر الأفراد حفظاً واستيعاباً ودقّة في حمل أحاديث بيت النبوّة عليهم السلام وإفتاء الناس بها. فتخرّج ستّة فقهاء على أيدي الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام وهم : زرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم الطائفي ، وأبو بصير الأسدي ، وبريد بن معاوية ، والفضيل بن يسار ، ومعروف بن خرّبوذ. ثمّ تخرّجت ثلّة أخرى من شبّان صحابة الإمام الصادق عليه السلام وهم : جميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحماد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان. وتخرّجت أيضاً مجموعة من تلاميذ الإمامين الكاظم والرضا عليهما السلام وهم : يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، والحسين بن علي بن فضّال ، وفضالة بن أيّوب وغيرهم.
وكان هؤلاء الأعلام ومن تخرّج على أيديهم على درجة عالية في فهم الفقه وأصول الاجتهاد والاستنباط. ولكن ذلك الاستنباط كان محصوراً في تلك الفترة بالاقتصار على نقل الروايات بأسانيدها مع تمييز الصحيح عن السقيم من الأحاديث. ومع لحاظ ارتباط عصر هؤلاء الأعلام مع عصر الأئمّة عليهم السلام وعدم وجود تغيّر حقيقي في الزمان والمكان ، فقد كان الفقيه يفتي بنصٍّ قرآنيٍّ أو رواية صحيحة مروية عن المعصوم عليه السلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد كانت كتابة الأحاديث والروايات في عهد مبكّر ، بحيث كان الراوي يجمع رواياته عن المعصومين عليهم السلام في كتاب أو أصل. وكانت الأصول الأربعمائة عند الشيعة الإمامية أقوى دليل على اهتمام
ص: 111
الأصحاب بفقه النصوص الشرعية.
ولكن كثرة الروايات واضطراب الأسانيد جعل الفقه الإسلامي يدخل عالماً جديداً. فمن المؤكّد أنّ فقه النصوص الشرعية ، ذاته ، كان بحاجة إلى تطوير بسبب تغيّر الزمن. وكان القرن اللاحق وهو الرابع الهجري مصداقاً لتلك الحاجة. فظهر توجّه جديد في قضية تشخيص الحكم ، وهو الإفتاء بمتون الروايات مع حذف أسانيدها. فخرج الفقه الإسلامي من إطار نقل الرواية المجرّدة إلى ساحة الفتوى الواسعة. فكان كتاب الشرائع لوالد الشيخ الصدوق ، علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت 329 ه) من أوائل الكتب التي عرضت الروايات والنصوص على صورة الفتاوى المنسجمة مع حاجات العصر. ثمّ قام الشيخ الصدوق ، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت 381 ه) باقتفاء أثر والده فألّف كتابي المقنع والهداية في الفقه.
واستمرّ الشيخ المفيد ، محمد بن النعمان (ت 413 ه) على نفس النهج فألّف كتاب المقنعة. وكذلك قام الشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن (ت 460 ه) بنفس العمل ، فألّف كتاب النهاية في مجرّد الفتاوى.
ولمّا كانت تلك الكتب الفقهية مستوحاة من نفس الروايات والأصول ، فقد عُوملت متونها من قبل الفقهاء المتأخّرين معاملة الكتب الحديثية.
ولكن فقه النصّ وأسلوب تجريد المتون عن الأسانيد لم يكونا ليسدّا حاجة الفرد في فهم التكليف الشرعي من خلال تغير الزمان والمكان. فقد طرأت أمور وحوادث اجتماعية لم تكن معهودة زمن النصّ ولم ترد بعينها في متون الروايات. ومن هنا كان لا بدّ من نموّ التيّار العلمي القاضي
ص: 112
باستثمار مباني الفقه الاستدلالي الذي يمكن من خلاله استنباط الأحكام الشرعية من العمومات والإطلاقات والأصول الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.
4 - مدرسة القرن الرابع الهجري
ولم يكن الفقه الاستدلالي وليد الحاجة الملحّة فحسب ، بل كان أمراً قد خطّط له أئمّة أهل البيت عليهم السلام من البداية عندما درّبوا أصحابهم على الأوثقية والأعدلية والأرجحية. وهذا التمرين يعكس صورة من صور الاستدلال الفقهي ونمطاً من أنماط الاستنباط الشرعي.
عصر القديمين : من النصّ إلى الاستدلال
والقديمان هما : الحسن بن علي بن أبي عقيل النعماني أحد مشايخ جعفر بن قولويه ، عاصر السمري آخر سفراء الإمام صاحب الزمان عليه السلام (ت قبل سنة 369 ه). وابن الجنيد أبو علي الأسكافي (ت 381 ه) من مشايخ الشيخ المفيد (ت 413 ه). ويعرفان بالقديمين لأنّهما عاشا أوائل الغيبة الكبرى. وكان ابن أبي عقيل العماني الحذّاء أوّل من كتب في الفقه الاستدلالي ، وكتابه المتمسّك بحبل آل الرسول يعدّ من الكتب الفقهية الاستدلالية الأولى عند الطائفة. وقد أثنى عليه الفقهاء الأوائل كالشيخ النجاشي الذي قال بشأنه : «كتاب مشهور في الطائفة ، وقلّ ما ورد الحاجّ من خراسان إلاّ طلب واشترى منه نسخاً ، وسمعتُ شيخنا أبا عبد الله [المفيد] رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل رحمه الله» (1). 0.
ص: 113
وهذا النصّ يعبّر أيضاً عن تعدّد النسخ الخطّية للكتاب في ذلك الزمان ، وعن اهتمام أتباع أهل البيت عليهم السلام في الأمصار المختلفة بالعناية بالأحكام الشرعية. وقد نقل العلاّمة الحلّي (ت 721 ه) الكثير من آراء ابن أبي عقيل في كتابه «مختلف الشيعة» في جميع أبواب الفقه.
ولذلك لم يتوانَ السيّد بحر العلوم في التصريح بأنّ ابن أبي عقيل من أوائل من استخدم الاستدلال الفقهي ، قال : «هو أوّل من هذّب الفقه واستعمل النظر ، وفتق البحث في الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى وبعده الشيخ الفاضل [ابن الجنيد]» (1). بل أنّ مصنّف كتاب روضات الجنّات قال : «إنّ هذا الشيخ هو الذي ينسب إليه إبداع اساس النظر في الأدلّة ، وطريق الجمع بين مدارك الأحكام بالاجتهاد الصحيح ، ولذا يعبّر عنه وعن الشيخ أبي علي بن الجنيد في كلمات فقهاء أصحابنا ، بالقديمين. وقد بالغ في الثناء عليه أيضاً صاحب كتاب السرائر وغيره وتعرّضوا لبيان خلافاته الكثيرة في مصنّفاتهم» (2).
أمّا محمد بن أحمد بن الجنيد الأسكافي فكان له كتابان في الفقه الاستدلالي هما : تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ، والأحمدي للفقه المحمدي. والكتاب الأوّل وصفه الشيخ الطوسي بأنّه كتاب «كبير نحواً من عشرين مجلّداً ، يشتمل عدّة من كتب الفقه على طريقة الفقهاء» (3). وكتاب الأحمدي في الفقه المحمدي مختصر لكتابه الكبير تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ؛ وطريقة الفقهاء تعني الاستدلال ، لا مجرّد عرض الروايات 6.
ص: 114
والأحاديث دون مناقشة. وأشار مصنّف كتاب روضات الجنّات إلى أنّ ابن الجنيد تبع الحسن بن أبي عقيل العماني فأبدع أساس الاجتهاد في أحكام الشريعة. ونقل عن إيضاح العلاّمة أنّه قال : وجدتُ بخطِّ السيِّد السعيد محمد بن معد ، ما صورته : وقع إليَّ من هذا الكتاب [كتاب تهذيب الشيعة] مجلد واحد. وقد ذهب من أوّله أوراق وهو كتاب النكاح. فتصفّحته ولمحتُ مضمونه فلم أرَ لأحد من هذه الطائفة كتاباً أجود منه ، ولا أبلغ ولا أحسن عبارة ، ولا أدّق معنى. وقد استوفى منه الفروع والأصول ، وذكر الخلاف في المسائل واستدلّ بطريق الإمامية وطريق مخالفيهم. وهذا الكتاب اذا اُمعن النظر فيه وحصلت معانيه علم قدره ومرتبته ، وحصل منه شيء كثير ولا يحصل من غيره.
ثمّ يقول العلاّمة : قد وقع إلىّ من مصنّفات هذا الشيخ المعظّم الشأن كتاب الأحمدي في الفقه المحمدي وهو مختصر هذا الكتاب ، جيّد يدلّ على فضل هذا الرجل وكماله وبلوغه الغاية القصوى في الفقه ، وجودة نظره. وأنا ذكرتُ خلافه وأقواله في كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة (1).
الكليني والصدوقان :
ومن أعلام هذا القرن : الكليني ، والصدوقان.
أ - الشيخ الكليني : وهو أبو جعفر الكليني ، محمد بن يعقوب بن إسحاق (ت 329 ه) وكتابه الكافي في الأصول والفروع والروضة في ثمانية أجزاء. 7.
ص: 115
وقد انصرف ثقة الإسلام الكليني قدس سره إلى جمع أحاديث أهل البيت عليهم السلام في كتابه الكافي الذي لم يسبقه أحد في إنجاز مثل ذلك المشروع العملاق في ذلك العصر. فقام بجمع تلك الروايات المتفرّقة في بطون مئات الكتب والمصنّفات بين دفّتي كتاب واحد خلال عشرين عاماً. وقد رُتّب الكتاب على ثلاثة أقسام هي :
الأوّل : أُصول الكافي : ويتضمّن روايات في ثمانية كتب هي : كتاب العقل والجهل ، وفضل العلم ، والتوحيد ، والحجّة ، والإيمان والكفر ، والدعاء ، وفضل القرآن الكريم ، والعِشرة. وتنضوي تلك الكتب تحت عناوين : العقيدة ، والموت ، والبعث ، والثواب والعقاب ، وفضائل العلم ونحوها.
الثاني : فروع الكافي : وتتضمّن الروايات التي تعلّقت أوّلاً : بالعبادات. وثانياً : بالمعاملات ، أي العقود والإيقاعات والأحكام. صنّفها في ستّة وعشرين كتاباً فقهيّاً هي : كتاب الطهارة ، والحيض ، والجنائز ، والصلاة ، والزكاة ، (والخمس في كتاب الحجّة من أُصول الكافي) ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والمعيشة ، والنكاح ، والعقيقة ، والطلاق ، والعتق والتدبير والكتابة ، والصيد ، والذبائح ، والأطعمة ، والأشربة ، والزي والتجمّل والمروءة ، والدواجن ، والوصايا ، والمواريث ، والحدود ، والديّات ، والشهادات ، والقضاء والأحكام ، والإيمان والنذور والكفّارات.
وإذا أدخلنا تلك الكتب في التقسيم المتّفق عليه للمواضيع الفقهية. فيكون :
أ - العبادات : وفيها أحكام الطهارة ، والوضوء ، والغسل ، والحيض ، والصلاة ، والخمس ، والصوم ، والاعتكاف ، والحجّ ، والعمرة ، والجهاد.
ص: 116
ب - المعاملات : وفيها :
1 - العقود : وتدخل فيها : التجارة ، والبيع ، والسلف ، والصرف ، والخيارات ، والشفعة ، والإجارة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والجعالة ، والسبق والرماية ، والشركة ، والمضاربة ، والوديعة ، والعارية ، والضمان ، والحوالة ، والكفالة ، والدّين ، والرهن ، والصلح ، والوكالة ، والهبة ، والصدقة ، والوقف ، والسكنى ، والعمرى ، والوصية ، والنكاح ، والرضاع ، والقسم ، والمكاتبة.
2 - الإيقاعات : ويدخل فيها : الإقرار ، والطلاق ، والظهار والإيلاء واللعان ، والعتق ، والتدبير ، والإيمان ، والنذور ، والعهود.
3 - الأحكام : ويدخل فيها : اللقطة ، والغصب ، وإحياء الموات ، والحجر ، والكفّارات ، والصيد ، والذباحة ، والأطعمة ، والأشربة ، والميراث ، والقضاء ، والشهادات ، والحدود ، والتعزيرات ، والقصاص ، والديّات.
الثالث : روضة الكافي : ويشتمل على الأخبار المتعلّقة بالعقائد ، والتفسير ، والأخلاق ، والقصص ، والتاريخ ونحوها.
ويتميز الكافي بالالتزام بنصوص الروايات عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، واستخراجه إيّاها من الأصول المعتبرة عند الطائفة ، والتزامه - على الأغلب - بذكر جميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم عليه السلام ، وترتيب الروايات على أساس الصحّة والوضوح ، وعدم إيراد الأخبار المتعارضة ، والرواية عن مجموعة من مشايخه الثقات بالقول «عدّة من أصحابنا». وقد أخرج عن شيخه علي بن إبراهيم القمّي ما يزيد على ربع أحاديث الكافي.
ب - الصدوقان : وهما :
__________________
ص: 117
1 - علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت 329 ه) وهو أبو الشيخ الصدوق ويطلق عليهما بالصدوقان. ويلقّب الأب بالصدوق الأوّل أيضاً. وهو أوّل من ابتكر طرح أسانيد الروايات ، وجمع بين النظائر ، وأتى بالخبر مع قرينه في رسالته إلى ابنه الصدوق الثاني التي سميت برسالة الشرائع.
2 - محمد بن علي بن بابويه القمّي (الشيخ الصدوق) (ت 381 ه) وله كتاب من لا يحضره الفقيه في الحديث في أربعة أجزاء. وكتباً فقهية هي : المقنع والهداية. وله كتاب علل الشرائع أيضاً.
وكتاب من لا يحضره الفقيه على قسمين : مسانيد ومراسيل. وتلك المراسيل تزيد على ثلث الأحاديث المورّدة فيه. وقد اعتمد الأصحاب على تلك المراسيل وقالوا إنّها كمراسيل محمد بن أبي عمير في الحجية والاعتبار ، لأنّ المؤلّف لم يورد فيه إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه. أضف إلى ذلك زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبّته في الرواية وتأخّر كتابه عن الكافي. ولكن هذا الرأي قد تعرّض للنقد ، وقيل إنّ صحّة السند عند المصنّف حجّة عليه لا حجّة على غيره. وطبيعة الاجتهاد الفقهي تقتضي أن يكون للمجتهد رأي في الرواة من حيث التوثيق أو التضعيف.
وأحاديث من لا يحضره الفقيه خمسة آلاف وتسعمائة وثلاثة وستون حديثاً. المسندة منها : ثلاثة آلاف وتسعمائة وثلاثة عشر حديثاً ، والمراسيل : الفان وخمسون حديثاً.
يقول الشيخ الصدوق قدس سره في سبب تأليفه الكتاب : «لمّا ساقني القضاء إلى بلاد الغربة ... وردها الشريف الديِّن أبو عبد الله ... فدام بمجالسته
ص: 118
سروري ، وانشرح بمذاكرته صدري ، وعظم بمودّته تشرّفي لأخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح ، وسكينة ووقار ، وديانة وعفاف ، وتقوى وإخبات. فذاكرني بكتاب صنّفه محمد بن زكريّا المتطبّب الرازي وترجمه بكتاب من لا يحضره الطبيب وذكر أنّه شاف في معناه وسألني أن أُصنّف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام ، والشرائع والأحكام موفياً على جميع ما صنّفت في معناه وأترجمه بكتاب من لا يحضره الفقيه ليكون إليه مرجعه ، وعليه معتمده ، وبه أخذه ، ويشترك في أجره من ينظر فيه ، وينسخه ويعمل بمودعه. هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنّفاتي وسماعه لها وروايتها عنّي ووقوفه على جملتها وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتاباً. فأجبته أدام الله توفيقه إلى ذلك لأنّي وجدته أهلاً له وصنّفتُ له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلاّ تكثر طرقه وإن كثرت فوائده. ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدتُ إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، واعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي تقدّس ذكره وتعالت قدرته. وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع» (1).
ونستدلّ من ذلك النصّ على ما يلي :
1 - إنّ المصنّف حذف الأسانيد من أجل الاختصار. فالمراسيل حجّة بينه وبين الله تعالى ، باعتبار صحّة سندها في رأيه.
2 - إنّه لم يكن تأليفه بمعنى تأليف كتاب ، بل كان يقصد إتمام وسيلة الإفتاء والحكم. فالمقصود من التأليف هو : الإفتاء ، والحكم بصحّة 3.
ص: 119
الأحاديث الواردة فيه.
3 - إنّ جميع ما فيه استخرجه المصنّف من كتب مشهورة عند الطائفة. فهو لم يأتِ بحديث بعيد عن مسامع أجلاّء الطائفة أو بعيد عن أنظارهم.
وللشيخ الصدوق قدس سره كتاب علل الشرائع والاحكام والاسباب وهو يتضمّن (385) باباً. أوّل الأبواب : «العلّة التي من أجلها سمّيت السماء سماء ، والدنيا دنيا ، والآخرة آخرة ...» وآخرها «نوادر العلل». وبعض الروايات في هذا الكتاب تحتاج إلى تدقيق في السند ومطابقة في المتن ، وبعضها لا تلائم مقام الإمامة. ولا يُعرف سبب تأليف الكتاب ، خصوصاً وأنّ ملاكات الأحكام مجهولة وغير قابلة للفهم لدى الفقهاء.
وكتاب المقنع رسالة فتوائية للشيخ الصدوق من الطهارة وحتّى الديّات ، ملحقاً بها باب النوادر. دوّن ألفاظها من متون الأحاديث المسندة. فقد حذف المصنّف أسنادها بغية الاختصار ، وثقةً بوجودها في الكتب الرئيسية التي استند عليها. فقال في مقدّمته : «إنّي صنّفتُ كتابي هذا وسمّيته كتاب المقنع ، لقنوع من يقرأه بما فيه. وحذفتُ الأسانيد منه لئلاّ يثقل حمله ولا يصعب حفظه ولا يملّ قارئه ، إذ كان ما أُبيّنه فيه في الكتب الأُصولية موجوداً مبيّناً على المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم الله» (1).
فقهاء قم المشرّفة :
وقد شهد القرنان الثالث والرابع نشاطاً ملحوظاً لفقهاء مدينة قم 5.
ص: 120
المشرفة في تدوين الروايات ، وكان على رأسهم الشيخ الكليني (ت 329 ه) ، وابن قولويه (ت 369 ه) ، وابن الجنيد (ت 381 ه) بالري ، والشيخ الصدوق (ت 381 ه) المدفون بالري. وجملة من الرواة الفقهاء الذين كانت لهم كتب في الفقه جوهرها روايات موثّقة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في أبواب الفقه المختلفة. ومن هؤلاء الأعلام : أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، وسعد ابن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، وإسماعيل بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري ، وعلي بن إبراهيم وأهمّ كتبه : قرب الاسناد ، وعلي بن الحسين بن بابويه (ت 329 ه) ، ومحمد بن الحسن بن الوليد (ت 343 ه) ، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي وغيرهم.
وكانت فتاوى هؤلاء الأعلام تعدّ بمثابة الروايات ؛ لأنّهم كانوا لا يفتون إلاّ بالنصوص. وإلى ذلك أشار الشهيد الأوّل (ت 786 ه) باعتماد الأصحاب على رسالة علي بن بابويه القمّي (ت 329 ه) ، فقد «كان الأصحاب يتمسّكون بما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند إعواز النصوص لحسن ظنّهم به ، وأنّ فتواه كروايته» (1) ، بينما صرّح الشيخ المجلسي بأنّ : «علماءنا يعدّون فتاواه من جملة الأخبار» (2).
وتميّز هذا القرن بتدوين الحديث وجمعه بطريقة علمية تحدّد ضوابط صحّة الأحكام الشرعية من أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم السلام. فكان الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه من أهمّ موسوعات هذا القرن في الحديث. 6.
ص: 121
ميزة تلك الفترة :
ثمّة ميزة أخرى لهذا القرن والقرن الذي لحقه لمسناها في الرسائل الفقهية المختصرة التي كان يكتبها الفقهاء. فكان الفقهاء يجيبون على استفسارات المؤمنين من شيعة أهل البيت عليهم السلام ، ويكتبون الجواب على شكل رسالة فقهية يلقيها عادة الفقيه على تلامذته. ولكن تلك الرسائل كانت تعبّر عن الاستدلال في مراحله الأوّلية بحيث لا تتجاوز عرض الأحاديث الصحيحة من غير تعرّض للمناقشة أو الاحتجاج أو النقد أو التفريع.
ولا شكّ أنّ الانتقال من عصر النصّ إلى عصر الاستدلال كان له ما يبرّره. فقد كان عصر النصّ مثقلاً بالمرتكزات الذهنية التي يفهمها الراوي بسبب ارتباطه بذلك العصر الذي كان يعيش فيه. وكان لا بدّ للفقهاء الذين عاشوا عصوراً بعيدة عن النصّ التوجّه نحو الاستدلال الشرعي لاستنباط الأحكام ، للأسباب التالية :
1 - وجود تعارض ظاهري بين الروايات المروية عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وقد يرجع ذلك إلى :
أ - ظروف التقية التي كان يعيشها أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، ممّا اضطرّهم : إلى الإفتاء بآراء مخالفة لآرائهم من أجل الحفاظ على الكيان الشرعي للأمّة.
ب - اختلاط بعض القرائن الموازية للنصوص أو اختفائها ، ممّا يسبّب صعوبة في فهم النصّ أو في فهم مراد الشارع.
ج - لجوء بعض الرواة إلى نقل معاني الحديث بدل نقل ألفاظه ، وقد سبّب ذلك وضع بعض النصوص في موضع حرج. فقد يستخدم الراوي أحياناً الفاظاً ركيكة أو مشتركة ، فيختلط اللفظ الأوّل باللفظ الثاني الذي استخدمه الراوي وعندها يرتبك معنى الرواية.
ص: 122
د - وجود رواة مدسوسين من قبل السلطة لتشويه مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فأصبح الأمر يتطلّب التدقيق في رجال الرواية من أجل التأكّد من صحّة الرواية ذاتها وصحّة نسبتها إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
2 - إنّ في الروايات الشريفة التي وصلتنا عامّاً وخاصّاً ، مطلقاً ومقيّداً ، مجملاً ومبيّناً. فكان لا بدّ من معرفة القواعد العامّة التي تحكم التفريق بين العامّ والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، والمجمل والمبيّن.
3 - تبدّل الثقافة الاجتماعية خلال القرون المتلاحقة. فقد كانت بعض الألفاظ تستعمل لمعان معيّنة ، ثمّ تبدّل ذلك الاستعمال ليدلّ على معان اُخر. فعلى سبيل المثال ، كان معنى «يتوضّأ» : يغسل يده فقط. ففي قوله عليه السلام عندما سئل عن غسل الجنابة في الماء القليل : «يضع يده ويتوضّأ ثم يغتسل ...» (1). ثمّ غلب استعمال كلمة الوضوء على معناها الشرعي.
4 - تغيّر الزمان والمكان يستدعي فهماً لمقاصد الشريعة في المعاملات يتناسب مع ذلك التغيّر. وهذا يستدعي فهماً معمّقاً لمباني الاستدلال الشرعي.
5 - مدرسة القرن الخامس الهجري
وتميّز هذا القرن والفترة القصيرة التي سبقته بظهور كتب فقهية اقتصرت على تلخيص مضمون الروايات وحذف أسانيدها وتجنّبت التفريع كما أشرنا إلى ذلك آنفاً ، مثل المقنع والهداية للشيخ الصدوق (ت 381 ه) ، والمقنعة للشيخ المفيد (ت 413 ه) ، والنهاية للشيخ الطوسي 2.
ص: 123
(ت 460 ه).
ومن أعلام هذا القرن مجموعة شامخة من الفقهاء ، منهم :
1 - الشيخ المفيد : وهو محمد بن محمد بن النعمان (ت 413 ه) وكتابه الفقهي المقنعة وهو رسالة في الفقه. حيث بارى فيها كتاب المقنع في الفقه لاستاذه الشيخ الصدوق. وقام الشيخ الطوسي - تلميذ الشيخ المفيد - بشرح المقنعة في عشرة أجزاء سمّاه تهذيب الأحكام.
وللشيخ المفيد رسائل فقهية عديدة تعبّر في محتواها عن أجوبة فقهية للمسائل الشرعية التي كانت موطن ابتلاء القرنين الرابع والخامس.
منها : أجوبة المسائل السروية وهي إحدى عشر مسألة في النكاح وغيرها من الموضوعات.
ومنها : أحكام النساء وهي رسالة فيما يخصّ النساء من الأحكام الشرعية مرتّبة على 14 باباً وفصول. أوّلها : «الحمد لله الذي هدى العباد إلى معرفته ... وبعد فإنّي لمّا عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة أدام الله إعزازها ، جمع الأحكام التي تعمّ المكلّفين من الناس ، وتختصّ النساء منهم على التمييز لهنّ والإبراز ...» (1).
ومنها : كتاب الإعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام ، ممّا أجمعت العامّة على خلافه جمع فيه المسائل الفقهية التي اتفقت عليه الإمامية من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر أبواب الديّات ؛ وتلك المسائل ممّا لا يوافقهم فيه فقهاء المذاهب الأربعة.
ومنها : رسالة في تحريم ذبائح أهل الكتاب. 1.
ص: 124
ومنها : جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية وهي رسالة في مناقشة ثبوت شهر رمضان برؤية الهلال. وقد كان النقاش آنذاك موجّهاً على أنّ شهر رمضان هو ثلاثون يوماً دائماً كما في بعض الروايات. ولكنّه قدس سره تبنّى القول بالرؤية واحتجّ في ذلك بالدليل.
وغيرها من الرسائل والأسئلة الفقهية التي كان يتصدّى للإجابة عنها باعتباره زعيماً دينيّاً للطائفة الإمامية في عصره.
منهجية (الاجماعيات) :
ويتميّز المنهج الاستدلالي للشيخ المفيد بكونه ثمرة منهج مدرستين استفاد منهما هما المدرسة الإمامية والمدرسة السنّية. ولذلك صنّف كتاب الإعلام بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام الشرعية ، ممّا اتفقت العامّة على خلافهم فيه. وهو كتاب يحتوي على إجماعيّات الإمامية ، التي حصل للعامّة إجماع على خلافها. وقد فسّر الشيخ قدس سره مراده ب- : «العامّة» ، كالتالي : «ولم أرد بالعامّة فيما سلف ، ولا أعني فيما يستقبل : الحنبليّين دون الشافعيّين ، ولا العراقيّين دون المالكيّين ، ولا متأخّراً دون متقدّم ، ولا تابعيّاً دون من نُسب إلى الصحبة. بل ، اُريد بذلك كلّ من كانت له فتيا في أحكام الشريعة ، وأخذ عنه قوم من أهل الملّة ، ممّن ليس له حظّ في الإمامة من آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، أو كان معروفاً بالأخذ عن آل محمد عليهم السلام خاصّة» (1). ولو عُدّت تلك الإجماعات ضمن الطائفة فإنّها لا تعدو مائة فرع ، علماً بأنّ الفروع الفقهية تفوق الآلاف. بمعنى أنّ المسائل 5.
ص: 125
المتّفق عليها بين فقه المذاهب الإسلامية - شيعية وسنّية - أكثر وأعمّ وأشمل ، وهو ما يجعلنا نؤمن بأنّ المذاهب الإسلامية أخذت من مذهب أهل البيت عليهم السلام. وتلك المسائل الفقهية التي اتفقت العامّة على خلاف الإمامية فيها هو من اجتهادات أئمّة المذاهب أنفسهم.
وهذا الكتاب يختلف عن محاولة السيّد المرتضى (ت 436 ه) في كتابه الانتصار الذي جمع فيه الاجماعيّات المجرّدة التي أجمعت عليه الإمامية ، ويختلف عن محاولة الشيخ الطوسي في الخلاف والعلاّمة الحلّي في تذكرة الفقهاء حيث جُمعت فيهما الخلافيّات التي اختلف فيها الفقهاء من المدرستين الشيعية والسنّية فقط. لكن الشيخ المفيد قدس سره جمع في كتابه هذا اجماعيّات الشيعة التي قابلتها إجماعيّات العامّة. ومقتضى الأمر أنّ الشيخ المفيد قدس سره كان مطّلعاً بدقّة على أفكار المدرستين الإمامية والسنّية. وإلاّ ، فإنّ طرق هذا الباب صعبٌ للغاية.
قال في باب أحكام الحجّ : «لم يجمع العامة في هذا الباب على خلاف ما اتّفقت الإمامية عليه إلاّ في مسألة واحدة ... وأمّا ما سواها من أحكام الحجّ فليس للإمامية على الإطباق فيه قولٌ إلاّ وكافّة العامّة توافقهم عليه أو بعضهم ، حسب ما قدّمناه» (1).
وقال في باب أحكام البيوع : «وليس في أحكام البيوع اتفاق على شيء ، في خلافه إجماع من العامّة فأذكره على التفصيل ، وكلّ مسألة في هذا الباب اتّفق أهل الامامية عليها على قول فيها أو اختلفوا ، ففيها إجماع من العامّة او اختلاف» (2).5.
ص: 126
منهجية كتاب المقنعة :
على أنّ أهمّ كتب الشيخ المفيد قدس سره الفقهية هو كتاب المقنعة ، وهو كتاب فقهيٌّ يحتوي على الأحكام الشرعية المجرّدة عن الاستدلال. يقول قدس سره في منهجية تأليفه إنّه ألّفه : «امتثالاً لما رسمه السيّد الأمير الجليل أطال الله في عزّ الدين والدنيا مدّته ... من جمع مختصر في الأحكام ، وفرائض الملّة ، وشرائع الإسلام ، ليعتمده المرتاد لدينه ، ويزداد به المستبصر في معرفته ويقينه. ويكون إماماً للمسترشدين ، ودليلاً للطالبين ، وأميناً للمتعبّدين ، يفزع إليه في الدين ، ويقضي به على المختلفين. وأن أفتتحه بما يجب على عامّة المكلّفين من الاعتقاد ، الذي لا يسع إهماله البالغين. إذ هو أصل الإيمان ، والأساس الذي عليه بناء جميع الأديان ، وبه يكون قبول الأعمال ، ويتميّز الهدى من الضلال» (1).
ويحتوي الكتاب على قسمين ، الأوّل : في أصول الدين. في التوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد. والثاني : في فروع الدين والأحكام من كتاب الصلاة وحتّى كتاب الفرائض والوصايا. وهذا الكتاب يعبّر عن محاولة الشيخ المفيد قدس سره لصياغة رسالة عملية جامعة لكلّ أبواب الفقه ممّا يحتاجه المكلّف في دينه ودنياه.
ومنهج الكتاب أنّه يستدلّ على الأكثر في المستحبّات والمسنونات من الأعمال والأذكار ، بينما يعرض الأحكام الواجبة كما هي دون استدلال. وقد جمع بين الفقه والفتوى. فقد كان القدماء كالشيخ الطوسي (ت 460 ه) والسيد المرتضى (ت 436 ه) ممّن يفرّقون بين «الفقه» 7.
ص: 127
و «الفتوى». و «الفقه» يعبّر عن المسائل الفقهية على نسق الواجبات والمحرّمات المنصوصة التي لا تحتاج إلى جهد استدلالي أو نظر اجتهادي. بينما تعبّر «الفتوى» عن مسائل غير معنونة في النصوص تسمّى بالزيادات على الفقه.
ولذلك تجد في نهاية كتاب الصلاة باب «35» زيادات ، وفي نهاية كتاب الزكاة باب «38» زيادات ، وفي نهاية كتاب الصوم باب «37» زيادات ، وهكذا. وهذا المنهج يختلف عن منهج أهل الحديث من فقهائنا ، حيث صنّفوا كتبهم على أساس المسائل المنصوص عليها ، وإيراد الفاظ الحديث الدالّة على الحكم غالباً ، كما نرى ذلك في الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والاستبصار ، والتهذيب. بينما التزم الشيخ المفيد توضيح المسائل والأحكام بصورة تبيّن اختلاف عصر الغيبة عن عصر النصّ.
أمّا كتاب أحكام النساء للشيخ المفيد قدس سره فهو من الكتب الفقهية الفريدة التي اهتمّت بمسائل النساء ومشاكلهنّ الشرعية. وقد ذكر المصنّف أنّه ألّفه بإشارة ورغبة من «السيدة الجليلة» التي دعا لها بالتوفيق. ولا يهمّنا من هي تلك «السيدة الجليلة» بقدر ما يهمّنا أنّه ذكر الأحكام المرتبطة بالنساء مرتّبة على الكتب الفقهية من الطهارة إلى الديّات ، وقرنها كثيراً بأحكام الرجال أيضاً.
وبالإجمال ، فإنّ منهجية الشيخ المفيد قدس سره تمثّلت بعرض الأحكام الشرعية عرضاً مجرّداً عن الاستدلال ، ومجرّداً عن سلسلة الأسانيد في الروايات. فقد كان الاختصار والابتعاد عن الإسهاب والإطناب من خصائص منهجية ذلك الشيخ الجليل رضي الله عنه.
2 - السيّد المرتضى : علم الهدى (ت 436 ه) وكتابه الفقهي
ص: 128
الانتصار في انفرادات الإمامية وجمل العلم والعمل ، والمسائل الناصرية. درس مع أخيه الشريف الرضي عند الشيخ المفيد.
وكتاب الانتصار في انفرادات الإمامية صنّفه للأمير عميد الدين في بيان الفروع التي اُتّهم فيها الشيعة بمخالفتهم للإجماع. فأثبت أنّ في تلك الفروع موافقاً من فقهاء سائر المذاهب ، وإنّ لهم عليها حجّة قاطعة من الكتاب والسنّة.
حاول السيّد المرتضى (ت 436 ه) تطوير المنهج الفقهي من حيث الاستدلال وإرجاع الفروع إلى الأصول ، محاولاً في ذلك تتميم ما قام به استاذه الشيخ المفيد (ت 413 ه).
3 - الشيخ أبو الصلاح الحلبي (ت 447 ه) من تلامذة السيّد المرتضى والشيخ الطوسي. وصفه الشهيد الثاني بأنّه خليفة المرتضى في البلاد الشامية. كتابه الفقهي الكافي.
4 - الشيخ الديلمي : أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز الملقّب ب- : «سلاّر» (ت 448 ه) ، وكتابه المراسم العلوية في الأحكام النبوية. وهو كتاب مختصر يتناول أحكام العبادات والمعاملات. ذكر فيه أنّ له كتاباً كبيراً في الفقه لم يصلنا.
يقول قدس سره في شرح منهجيته العلمية وتبويبه لأبواب كتاب المراسم العلوية : «وقد عزمت على جمع كتاب مختصر يجمع كلّ رسم ويحوي كلّ حتم من الشريعة. وأبنيه على القسمة ليقرب حفظه ويسهل درسه ، ومن الله أستمد المعونة والتسديد ...
أقول : أوّلاً : إنّ الرسوم الشرعية تنقسم قسمين : عبادات ومعاملات. فالعبادات تنقسم ستّة أقسام : طهارة ، وصلاة ، وصوم ، وحجّ ، واعتكاف ،
ص: 129
وزكاة. والمعاملات تنقسم قسمين : عقود وأحكام. فالعقود : النكاح وما يتبعه ، والبيوع وما يتبعها ، والإجارات وأحكامها ، والإيمان والنذور ، والعتق والتدبير ، والمكاتبة ، والرهون ، والوديعة ، والعارية ، والمزارعة ، والمساقاة ، والإجارات ، والضمانات ، والكفالات ، والحوالات ، والوكالات ، والوقوف ، والصدقات ، والهبات ، والاقرارات ، والوصايا. وإن قيل إنّ العقود التي هي الإيمان والنذر إيقاعات ، دخل معها الطلاق والعتاق وما في حكمها. وما عدا ذلك أحكام. وهذا القسم يشتمل على جنايات وغير جنايات. وغير الجنايات : الذبائح والإرث والقضاء» (1).
ومنهجية «سلاّر» امتداد طبيعي لمنهجية أسلافه من الفقهاء القدماء كالصدوقين ، والمفيد ، وأبو الصلاح في اختصار الألفاظ ومحاولة اختزال الاستدلال وضغطه إلى أبعد الحدود.
5 - الشيخ أبو جعفر الطوسي : شيخ الطائفة (ت 460 ه) درس عند الشيخ المفيد والسيّد المرتضى. جمع الروايات في كتابيه التهذيب في عشرة أجزاء ، والاستبصار في أربعة أجزاء. وفي الفقه كتابيه : المبسوط في فقه الإمامية والنهاية في مجرّد الفقه والفتاوى.
وبقي كتاب النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى محور البحث والتدريس والشروح في الحوزة العلمية الإمامية ، حتّى ظهر كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي فاستعيض عن مؤلَّف شيخ الطائفة وأصبح الكتاب الجديد من الكتب الدراسية في الفقه الإمامي. ويحوي كتاب النهاية على «22» كتاباً في مسائل الفقه موزّعاً على «214» باباً. ف.
ص: 130
أمّا المبسوط في فقه الإمامية - وهي موسوعة فقهية في «8» أجزاء بالطبعة الحديثة - وتشتمل على جميع أبواب الفقه. قال في مقدّمته : «كنتُ عملتُ على قديم الوقت كتاب النهاية ، وذكرت جميع ما رواه أصحابنا في مصنّفاتهم وأصولها من المسائل ، وفرقوه في كتبهم ، ورتّبته ترتيب الفقه ، وجمعتُ فيه النظائر ... ولم اتعرّض للتفريع على المسائل ولا لتعقيد الأبواب ، وترتيب المسائل وتعلّقها والجمع بين نظائرها. بل أوردت جميع ذلك أو أكثره بالالفاظ المنقولة ، حتّى لا يستوحشوا من ذلك وعملتُ بآخره مختصر جمل العقود ، وفي العبارات سلكتُ فيه طريق الإيجاز والاختصار ، وعقود الأبواب في ما يتعلّق بالعبادات ووعدتُ فيه أن أعمل كتاباً في الفروع خاصّة ، يضاف إلى كتاب النهاية ، ويجتمع مع ما يكون كاملاً كافياً في جميع ما يحتاج إليه.
ثمّ رأيت أنّ ذلك يكون مبتوراً يصعب فهمه على الناظر فيه ؛ لأنّ الفرع إنّما يفهمه إذا ضبط الأصل معه ، فعدلتُ إلى عمل كتاب يشتمل على عدد جميع كتب الفقه التي فصّلها الفقهاء ، وهى نحو من ثمانين كتاباً أذكر كلّ كتاب منه على غاية ما يمكن تلخيصه من الألفاظ ، واقتصرتُ على مجرّد الفقه دون الأدعية والآداب ، واعقد فيه الأبواب وأقسم فيه المسائل ، وأجمع بين النظائر واستوفيه غاية الاستيفاء ، وأذكر أكثر الفروع التي ذكرها المخالفون ، وأقول ما عندي على ما يقتضيه مذهبنا ويوجبه أصولنا بعد أن أذكر جميع المسائل ...» (1).
ونستطيع تشخيص منهج المبسوط في فقه الإمامية عبر النقاط التالية : 3.
ص: 131
أوّلاً : عدم الجمود على ألفاظ النصوص.
وقد وصف الشيخ الطوسي الحالة السائدة في زمانه بأنّ أحدهم يستوحش لو بُدِّل لفظ مكان لفظ آخر.
ثانياً : تفريع المسائل وتشعيبها بصورة جديدة.
فقد كان المتقدّمون من الفقهاء يقتصرون على الفروع المذكورة في النصوص ، لكنّهم يعرضون عن تفريع فروع جديدة على تلك الفروع. وبذلك يستنتجون أحكاماً جديدة لم يتعرّض لها النصّ بدلالة المطابقة. ولكن الشيخ الطوسي قدس سره نحى منحىً جديداً في تفريع المسائل واستنتاج أحكام جديدة لم يتعرّض لها النصّ بدلالة المطابقة.
ثالثاً : محاولة جمع أبواب الفقه جمعاً جديداً ، بضمّ المسائل بعضها إلى بعض ، وجمع النظائر ، وتفريق المتغايرات.
وقد وعد الشيخ الطوسي قدس سره في المقدّمة بأن يجمع شتات الأشباه والنظائر في الفقه. ويبوّب كلّ ذلك في أبواب خاصّة بعد ما أكثر الفروع واستحدثها.
رابعاً : معالجة مدلول النصّ معالجة أصولية.
وبذلك فقد فتح للاستنباط أبواب جديدة من خلال استخراج القواعد التي يستفيد منها الفقيه في عملية الاستنباط والبحث عن الدليل.
واستخدم الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف في الاحكام أُسلوب الفقه المقارن. فأورد فيه آراء الفقهاء من المذاهب الأُخرى بالعرض والنقد والاستدلال. ويطلق على نفس الكتاب عنوان مسائل الخلاف أيضاً. وهو مرتّب على ترتيب كتب الفقه أوّله : «الحمد لله حقّ حمده ... سألتم أيّدكم الله إملاء مسائل الخلاف بيننا وبين من خالفنا من جميع الفقهاء وذكر
ص: 132
مذهب كلِّ من خالف على التعيين ، وبيان الصحيح منه وما ينبغي أن يعتقد. وأن أقرن كلّ مسألة بدليل يحتجّ به على كلِّ من خالفنا ويوجب العلم من ظاهر القرآن أو السنة المقطوع بها ، أو دليل خطاب أو استصحاب حال على ما ذهب إليه الأكثر من أصحابنا أو دلالة أصل أو فحوى خطاب ، وأن أذكر خبراً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وإن كانت المسألة مسألة إجماع من الفرقة المحقّة ذكرت ذلك ، وإن كان فيها خلاف بينهم أومأت إليه» (1).
وقد صرّح فيه بأنّه ألّفه بعد كتابي التهذيب والاستبصار وناظر فيه المخالفين جميعاً (2) ، وهو في مجلّدين.
ولشيخ الطائفة أيضاً كتاب الجمل والعقود في العبادات. ألّفه بطلب من تلميذه وخليفته في بلاد الشام القاضي عبد العزيز بن البرّاج قاضي طرابلس (ت 481 ه) ، كما صرّح بذلك في قوله : «... فإنّي مجيب إلى ما سأل الشيخ الفاضل أطال الله بقاءه من املاء مختصر يشتمل على ذكر كتب العبادات وذكر عقود أبوابها وحصر جملها وبيان أفعالها ، وانقسامها إلى الأفعال والتروك ، وما يتنوّع إلى الوجوب والندب ، وأن أضبط أبوابها بالعدد ، ليسهل على من يريد حفظها» (3). فأُخرجَ أُصول المسائل الفقهية في عبارات مقتضبة وأُدرجها في فصول وعقود خاصّة. حيث شرع في الفقه من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
6 - القاضي عبد العزيز الحلبي : سعد الدين أبو القاسم عبد العزيز ابن نحرير ، ابن البرّاج الطرابلسي (ت 481 ه) تتلمذ على يدي السيّدة.
ص: 133
المرتضى والشيخ الطوسي. اُرسل من قبل الشيخ الطوسي إلى مدينة «حلب» موطنه ، وبقي في طرابلس قاضياً مدّة عشرين سنة. له كتابان في الفقه : المهذّب وجواهر الفقه ؛ وكتب أخرى ك- : المعتمد ، والروضة ، والمقرّب ، وعماد المحتاج في مناسك الحاج ، والجواهر في الفقه ، والمعالم ، وشرح جمل العلم والعمل وغيرها (1). ولم يصلنا إلاّ كتاب الجواهر في الفقه ، والمهذّب ، وشرح جمل العلم والعمل.
وكتاب المهذّب يحتوي على دورة فقهية كاملة في مجلّدين ، ويتميّز بعرض دقيق ومعمّق لمطالب الفقه الرئيسية. وهو حصيلة ممارسة فقهية طويلة. فقد اشتغل المصنّف بالقضاء ردحاً من الزمن قُدر بثلاثين سنة. فيكون الكتاب مرآة علمية تاريخية لمجتمع القرن الخامس الهجري في الشام وما كان يحمله من مشاكل وصعوبات ومنازعات وقضايا حقوقية متضاربة او متنازع عليها بين الأفراد. والكتاب وإن لم يفصّل في استدلالاته إلاّ أنّه يناقش آراء الشيخ الطوسي في عدّة من الموارد.
وسوف نعرض بإذنه تعالى نماذج من مناقشات ابن البرّاج مع الشيخ الطوسي ، ضمن مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية. وذلك المستوى من النقاش الاستدلالي في منتصف القرن الخامس الهجري له دلالالته العلمية الكبيرة ، فهو يدلّل على أنّ آفاق الاستدلال الفقهي كانت مفتوحة. وكان أُسلوب الإفحام العلمي ترجع إلى قوّة الدليل العقلي فضلاً عن الدليل الشرعي. يضاف إلى ذلك أنّ أخلاقية البحث العلمي كانت تجبر الشيخ الطوسي على التوقّف والإمساك ، وهو ما عليه من قوّة فكرية وعلمية فائقة. 1.
ص: 134
وكتاب جواهر الفقه لابن البرّاج (ت 481 ه) يعدُّ رسالة عملية مختصرة مؤلّفة من «839» مسألة في مختلف أبواب الفقه ، جُمعت في (37) باباً ، اقتصر فيه المؤلّف على ذكر الفتيا. ومن المرجح أنها كانت رسالة عملية ، ومن تلك المسائل نعرض نموذجاً :
مسألة : اذا دفع «زيد» إلى «عمرو» ألفين منفردين ، فقال : أحدهما قراض على أن يكون الربح من هذا الألف لي ، وربح الآخر لك. هل يكون ذلك قراضاً صحيحاً أم لا؟
الجواب : هذا قراض غير صحيح ؛ لأنّ من حقِّ القراض الصحيح ، أن يكون ربح كلِّ جزء من المال بينهما. وليس هذا كذلك (1).
مسألة : إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه ، هل يجوز استعماله في الطهارة أم لا؟
الجواب : لا يجوز استعماله في ذلك ، وفي أصحابنا من جوّز استعماله (2) لأنّه عنده ، بزوال الرائحة عنه يخرج عن كونه مضافاً. وهذا غير صحيح لأنّه ماء ورد ، زالت رائحته أم لم تزل. وليس زوال هذه الرائحة بمخرج له من كونه مستخرجاً من الورد. ومعنى الإضافة ثابت في ذلك (3).
وهذا الكتاب ابتدأه المصنّف بالطهارة وانتهى بالحدود والشهادات ، واعقبها بباب المعمّيات والألغاز الشرعية «العويص». ويغطّي الكتاب جميع مساحات الفقه ، إلاّ أنّه يضطرب في الترتيب الموضوعي المعروف. فيتقدّم 5.
ص: 135
كتاب «الحجّ» كتاب «الصلاة» و «الطهارة» ، و «الإرث» قبل «النكاح» ، و «الجهاد» قبل «البيع».
منهجية القرن الخامس
تميّزت منهجية القرن الخامس الهجري بانفتاح باب الاجتهاد المطلق ، وتنظيم مناهج الاستنباط عبر بناء أصول الفقه ، وتفريع المسائل تفريعاً دقيقاً ، وبناء صرح البحوث المقارنة أو الخلافية بين الإمامية والمذاهب الأربعة. وبذلك تميّزت الصناعة الفنية الاجتهادية ، وانخرط في هذا السلك رجال كان همهم الرئيسي : الاجتهاد من أجل تشخيص عمل المكلّف على الصعيد الشرعي.
وقد انفصلت في هذا القرن البحوث الأصولية عن البحوث الفقهية. نتحسّسُ ذلك بوضوح في كتب السيِّد المرتضى (ت 436 ه) الأصولية وكتب الشيخ الطوسي (ت 460 ه) الفقهية.
فقد قام السيّد المرتضى في الذريعة بدراسة المسائل الأُصولية بشكل مستقل وبطريقة موضوعية شملت مباحث الألفاظ من الأوامر والنواهي ، ودلالات هيئات الألفاظ وموادّها.
ونستطيع ، بالإجمال ، استعراض ملامح تلك المدرسة ضمن النقاط التالية :
أوّلاً : الاستدلال على الحكم الشرعي ضمن قواعد محدّدة وضوابط معيّنة في معالجة النصوص. فقد كان من واجبات الفقيه سابقاً فهم النصوص الشرعية الصحيحة أو الاقتصار على استعراض نصوص الكتاب المجيد والصحيح من السنّة الشريفة. ولكن الأمر تبدّل الآن من حيث فهم
ص: 136
السند والمتن والدلالة. فأصبحت القاعدة فهم المدلول اللفظي للرواية أوّلاً ، ثمّ تمحيص الحديث من حيث السند والدلالة الأصولية ثانياً.
ثانياً : تفريع المسائل الفقهية بشكل لم يسبق له مثيل. فقد استحدثت فروع جديدة لم تتعرّض لها نصوص الروايات. وكان الشيخ الطوسي قدس سره رائداً في ذلك. فقد ذكر في كتابه المبسوط في فقه الإمامية أنّ الذي دعاه إلى تصنيف ذلك الكتاب هو أنّ الإمامية لم يكونوا يفرّعون الفروع إلى زمانه. بل كانوا يقفون عند النصوص الشرعية التي وصلت إليهم عن المتقدّمين من المحدثين ؛ وكان ذلك طعناً على الطائفة. فقام هو قدس سره بتصحيح ذلك الخلل المبنائي.
ثالثاً : تأسيس مبادئ الفقه المقارَن عبر مصنّفات عمالقة القرن الخامس ، وهي : الأعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من الأحكام ممّا اتفقت العامّة على خلافهم فيه للشيخ المفيد (ت 413 ه) ، والانتصار أو انفرادات الإمامية في بيان الفروع التي شنّع على الشيعة بأنّهم خالفوا فيها الاجماع للسيّد المرتضى (ت 436 ه) ، والخلاف للشيخ الطوسي (ت 460 ه) حيث تناول فيه المسائل الفقهية بين الشيعة الإمامية والمذاهب الأربعة في مختلف أبواب الفقه.
رابعاً : بروز ظاهرة الإيمان ب- : حجية الإجماع بشكل ملحوظ في معرض الاستدلال عند الشيخ المفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي. فعند عدم وجود نصّ شرعي في المورد ، أو عدم الاقتناع بسلامة النصّ من حيث السند أو الدلالة ركن فقهاء ذلك العصر إلى الإجماع. وفلسفة الإجماع تفصح عن أنّ الفقهاء - في مذهب ما - لا يجمعون على حكم من دون وجود نصٍّ مؤيِّد أو دلالة تدلّ على سلامة ذلك الحكم الشرعي. فمن
ص: 137
غير الممكن أن يخطأ فقهاء الأمّة جميعاً دون أن ينشقّ عليهم أحدٌ ويصيب الواقع. والتمسّك بالإجماع أملاه توسّع البحث الفقهي وتكامله ، وتفتيش الفقهاء عن أدلّة جديدة يسندها الكتاب المجيد والسنّة الشريفة والعقل.
ص: 138
6 - مدرسة القرن السادس الهجري
تميّزت هذه المدرسة بدقّة مباحثها ، ونضوج أساليبها الاستدلالية ، ومن أبرز علمائها : ابن زهرة ، وابن حمزة الطوسي ، وابن ادريس الحلي ، وأبي المجد الحلبي.
1 - السيّد أبو المكارم ابن زهرة (ت 585 ه) حلبي المنشأ.
ذكرت بعض المصادر التاريخية أنّه درس عند الشيخ الطوسي. وهو غير صحيح ؛ لأنّ ولادته كانت سنة 511 للهجرة ، ووفاة الشيخ الطوسي كانت سنة 460 ه. والأقرب أنّه درس عند الشيخ ابن حمزة الطوسي من فقهاء القرن السادس الهجري ، ولابن زهرة كتاب فقهي هو : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع ، وهو كتاب كبير يضمّ أقساماً ثلاثة : أصول الدين ، وأصول الفقه ، والفقه. ويحوي القسم الفقهي على دورة فقهية كاملة بعبارة موجزة ، سلك فيه المؤلّف طريقة جديدة حيث حاول إثبات رأيه في المسألة المبحوثة ، بالآيات القرآنية وبما روي من طرق أهل السنّة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ثمّ أورد ما تواتر عن أهل بيت العصمة والنبوّة عليهم السلام. وغالباً ما يتمسّك المصنّف بالإجماع ، او بما ورد في كتب التفسير واللغة لإثبات حجّته.
2 - ابن حمزة الطوسي : عماد الدين (من فقهاء القرن السادس الهجري) وكتابه الفقهي الوسيلة إلى نيل الفضيلة. وله كتب أخرى مثل : الواسطة ، والرائع في الشرائع ، والثاقب في المناقب ، وقضاء الصلاة ، ومسائل في الفقه.
3 - محمد بن منصور العجلي : المشهور بابن ادريس الحلّي (ت 598 ه) وهو من أحفاد الشيخ الطوسي من جهة أمّه ، وهو أوّل من
ص: 139
ناقش آراء شيخ الطائفة وفنّد بعضها. وكتابه الفقهي السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، وهو من الكتب الفقهية الفتوائية الاستدلالية ، طبع على الحجر في إيران سنة 1247 ه- ، وثانية سنة 1270 ه.
نعرض نموذجاً ، وهو بحثه في النكاح المؤجّل ، فقال : «النكاح المؤجّل مباح في شريعة الإسلام مأذون فيه ، مشروع بالكتاب والسنّة المتواترة بإجماع المسلمين ، إلاّ أنّ بعضهم ادّعى نسخه ، فيحتاج في دعواه إلى تصحيحها ؛ ودون ذلك خرط القتاد. وأيضاً فقد ثبت بالأدلّة الصحيحة أنّ كلّ منفعة لا ضرار فيها في عاجل ولا في آجل مباحة بضرورة العقل. وهذه صفة نكاح المتعة فيجب إباحته بأصل العقل ، فإن قيل : من أين لكم نفي المضرّة عن هذا النكاح في الأجل والخلاف في ذلك؟ قلنا : من ادّعى ضرراً في الأجل فعليه الدليل.
وأيضاً فقد قلنا أنّه لا خلاف في إباحتها من حيث أنّه قد ثبت بإجماع المسلمين ، أنّه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي عليه السلام بغير شبهة ، ثمّ ادّعى تحريمها من بعد ونسخها ولم يثبت النسخ. وقد ثبتت الإباحة بالإجماع ، فعلى من ادّعى الحظر والنسخ ، الدلالة. فإن ذكروا الأخبار التي رووها في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرّمها ونهى عنها ، فالجواب عن ذلك أنّ جميع ما يروونه من هذه الأخبار - إذا سلمت من الضعف والمطاعن - أخبار آحاد. وقد بيّنت أنّها لا توجب علماً ولا عملاً في الشريعة ، ولا يرجع بمثلها عمّا علم وقطع عليه.
أيضاً قوله تعالى بعد ذكر المحرّمات من النساء : (وَأُحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيَما تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن
ص: 140
بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (1) ولفظة (اسْتَمْتَعْتُمْ) لا تعدو وجهين : إمّا أن يراد بها الانتفاع والالتذاذ الذي هو أصل موضوع اللفظة ، أو العقد المؤجّل المخصوص الذي اقتضاه عرف الشرع.
ولا يجوز أن يكون المراد هو الوجه الأوّل. لأمرين :
أحدهما : إنّه لا خلاف بين محصّلي من تكلّم في أصول الفقه في أنّ لفظ القرآن إذا ورد وهو محتمل لأمرين أحدهما وضع اللغة والآخر عرف الشريعة ، فإنّه يجب حمله على عرف الشريعة. ولهذا حملوا كلّهم لفظ صلاة وزكاة وصيام وحجّ على العرف الشرعي دون الوضع اللغوي. وأيضاً فقد سبق أنّ القول بإباحة ذلك جماعة معروفة الأقوال من الصحابة والتابعين كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وابن عباس ومناظراته لابن الزبير معروفة رواها للناس كلّهم ، ونظم الشعراء فيها الأشعار فقال بعضهم :
أقول للشيخ لما طال مجلسه
يا شيخ هل لك في فتوى ابن عبّاس
وعبد الله بن مسعود ، ومجاهد ، وعطاء ، وجابر بن عبدالله الأنصاري ، وسلمة بن الأكوع ، وأبي سعيد الخدري ، والمغيرة بن شعبة ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج. وقد ذكر العلاّمة الأخباري أبو جعفر محمد بن حبيب المتوفّى 245 ه- في كتابه المحبر جملة من الصحابة الذين أباحوا المتعة : خالد بن عبدالله الأنصاري ، وزيد بن ثابت الأنصاري ، وعمران الحصين الخزاعي ، وسلمة بن الأكوع الأسلمي ، وعبد الله ابن العبّاس بن 4.
ص: 141
عبد المطلب رضي الله عنه ، وابن جريج ، وأنّهم كانوا يفتون بها. فادّعاء الخصم الاتفاق على حظر النكاح المؤجّل باطل» (1).
4 - علاء الدين أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي المجد الحلبي (من أعلام القرن السادس الهجري) وكتابه إشارة السبق إلى معرفة الحقّ وهو كتاب في أصول الدين وفروعه إلى الأمر بالمعروف ، فقد جمع في هذا الكتاب العقائد والأحكام. وقد طبع الكتاب ضمن الجوامع الفقهية طبعة حجرية سنة 1276 للهجرة - ثمّ طبع لاحقاً بشكل منفصل - ويضمّ الكتاب مجموعة من المعارف المبسوطة في أصول الدين ، ومجموعة من الأحكام الشرعية المختصرة في الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويشعر المرء بعد التدقيق بالكتاب أنّ مؤلّفه قصد تصميمه على هذا الشكل أي الانتهاء لحدّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
7 - مدرسة القرن السابع الهجري
وأهمّ فقهائها : المحقّق الحلّي صاحب كتاب الشرائع.
1 - المحقّق الحلّي : أبو القاسم جعفر بن حسن بن بحر بن سعيد (ت 676 ه). وكتابه الفقهي شرائع الإسلام في مجلّدين ، وكتاب النافع ، والمعتبر في شرح المختصر ، ونكت النهاية.
وكتاب شرائع الإسلام نظّم الأبواب الفقهية تنظيماً جديداً ، وأخذ به فقهاء الإمامية حتّى اليوم. فقد قُسّمت الابواب الفقهية إلى أربعة أقسام : 2.
ص: 142
الأوّل : العبادات. الثاني : العقود. الثالث : الإيقاعات. الرابع : الأحكام.
ويبرّر المصنّف هذا النمط من التقسيم ، بالصورة التالية : إنّ الحكم الشرعي إمّا أن يتقوّم بقصد القربة أو لا. والأوّل : العبادات. والثاني : أمّا أن يحتاج إلى اللفظ من الجانبين : الموجب والقابل ، أو من جانب واحد ، أو لا يحتاج إلى اللفظ. فالأوّل : العقود. والثاني : الإيقاعات. والثالث : الأحكام. وهذا التقسيم يجمع كلّ أبواب الفقه.
2 - الشيخ ابن ميثم البحراني (ت 679 ه) ، وله كتاب مصباح السالكين.
3 - الشيخ يحيى بن سعيد الحلّي (ت 690 ه) وله كتاب الجامع للشرائع.
8 - مدرسة القرن الثامن الهجري
وتميّز هذا القرن بالتنظيم العلمي للأفكار الفقهية على شكل قواعد وأبواب ، ومن أبرز الفقهاء في هذه المرحلة : العلاّمة الحلّي ، وفخر المحقّقين ، والشهيد الأوّل.
1 - العلاّمة الحلّي : الحسن بن يوسف بن علي بن مطهّر (ت 726 ه). وكتبه في الفقه : تذكرة الفقهاء ، والقواعد ، ومنتهى المطلب في تحقيق المذهب ، والمختلف.
وكتاب تذكرة الفقهاء من أضخم كتب الإمامية في الفقه الاستدلالي المقارَن ، يبدأ من الطهارة وحتّى كتاب النكاح. يقول في المقدّمة : «قد عزمنا في هذا الكتاب الموسوم بتذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء ، وذكر قواعد الفقهاء على أحقّ الطرائق ، وأوثقها برهاناً ، وأصدق الأقاويل
ص: 143
وأوضحها ... وأشرنا في كلّ مسألة إلى الخلاف ، واعتمدنا في المحاكمة بينهم طريق الإنصاف» (1). ورتّب الكتاب على أربع قواعد ، ذكر في الأولى قضايا العبادات. ووضع تحتها عناوين الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والخمس ، والصوم ، والحجّ والعمرة. ثمّ ذكر بقية القواعد في العقود ، والإيقاعات ، والأحكام.
أمّا كتاب المختلف فقد بحث فيه المسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة بصورة مستقلّة. فقد كثر الاختلاف العلمي بين فقهاء الإمامية نتيجة ابتعادهم عن عصر النصوص ، وتفاوتهم في الإيمان بسلامة بعض الروايات من حيث السند والدلالة. فكان لا بدّ للفقيه من الإلمام بمختلف وجوه الرأي في المسألة الواحدة من أجل استنباط حكمها الشرعي. فكان كتاب المختلف من المحاولات الرائدة في جمع المسائل المختلف فيها بين علماء الإمامية.
2 - فخر المحقّقين : محمد بن الحسن الحلّي (ت 771 ه) ابن العلاّمة الحلّي (ت 726 ه). وكتابه الفقهي إيضاح الفوائد في شرح اشكالات القواعد.
3 - الشهيد الأوّل : محمد بن مكّي العاملي (ت 786 ه) وكتبه الفقهية : اللمعة الدمشقية ، والدروس الشرعية في فقه الإمامية ، والذكرى ، والبيان.
واللمعة الدمشقية رسالة فقهية ملخّصة ، جمع فيها المصنّف أبواب الفقه ولخّص فيها مسائله وأحكامه. وقد جمعت اللمعة بين الوجازة 4.
ص: 144
والاختصار ، وحسن التعبير ، وروعة التنسيق بين الأبواب والأحكام والمسائل. وتتميّز اللمعة الدمشقية بميزتين :
الأولى : التنظيم الفنّي للمسائل الفقهية.
الثانية : الصياغة الرائعة للتعبيرات الفقهية.
وقد اتّبع الشهيد الأوّل في منهج اللمعة الدمشقية أسلوب المحقّق الحلّي في تنظيم الأبواب الفقهية الذي استخدمه في المختصر النافع. وكان منهج المصنّف مرتّباً بصورة موضوعية. فهو يعرض الأحكام العامّة في الباب الفقهي ، ثمّ يعرض ما يتبعه من ملحقات ، ثمّ يتبعها بعرض المسائل المرتبطة بتلك الأحكام ، ثمّ يعرض المستحبّات والمكروهات الخاصّة بالباب.
ولكتاب اللمعة الدمشقية شروح عديدة ، أهمّها : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني ، ومنها : شرح العالمة الأصفهانية ابنة المولى الأصفهاني المعاصرة لصاحب الرياض ، ومنها : شرح والد صاحب الحدائق (1).
أمّا كتاب الدروس الشرعية في فقه الإمامية فهو كتاب فقهي من الطهارة وحتّى الرهون ، لم يكمله المصنّف في حياته. وأهمّ الشروح عليه : مشارق الشموس في شرح الدروس. وكتاب الدروس من الكتب الفقهية الشاملة لكثير من الفروع التي يحتاجها المكلّف زمن المصنّف. ويعدُّ كتاباً مختصراً لكتابه الاستدلالي المفصّل ذكرى الشيعة. وقد حال استشهاده بينه وبين اتمامه. فقام السيّد جعفر بن أحمد الملحوس الحسيني الحلّي 1.
ص: 145
بتكملته ، فكتب تكملة الدروس وهو من الضمان إلى الديّات.
وقد حوى الجزء الأوّل من الدروس على (126) درساً في الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والخمس والحجّ. وقد طغى على الكتاب الطابع الفتوائي الذي ينعكس في عبارات الفقهاء مثل : الأقوى ، والأجود ، والأظهر ، والأشبه ، والأقرب ونحوها. فيقول مثلاً : في التيمّم : «لا يعيد المتيمّم لزحام عرفة أو الجمعة أو مع نجاسة ثوبه على الأقوى» (1). وفي تغسيل أحد الزوجين للآخر : «والأظهر أنّه من وراء الثياب» (2). وفي صلاة الميّت : «الأجود ترك ما لا يترك في ذات الركوع والإبطال بما يبطل به خلا ما يتعلق بالحدث والخبث» (3).
أمّا كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة فقد خرج منه الطهارة والصلاة فقط (4).
بينما ضمَّ كتاب القواعد والفوائد ما يقرب من (300) قاعدة فقهية وفوائد وتنبيهات (5).
9 - مدرسة القرن التاسع الهجري
ومن أبرز فقهائها : المقداد السيوري ، وابن فهد الحلّي.
1 - الفاضل المقداد بن عبد الله السيوري (ت 826 ه). وكتابه الفقهي : نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية. وله كتب أخرى مثل : 3.
ص: 146
كنز العرفان في فقه القرآن ، والتنقيح الرائع في شرح المختصر النافع.
وكتاب نضد القواعد الفقهية يشتمل على ترتيب كتاب القواعد والفوائد للشهيد الأوّل محمد بن مكّي العاملي (ت 786 ه). فهو يرتّب أبواب الفقه والأصول ضمن ضوابط أصولية كليّة وفرعية تستنبط منها الأحكام الشرعية. يقول في سبب التأليف : «... كان شيخنا الشهيد الأوّل قدس سره قد جمع كتاباً يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية استخراج المعقول من المنقول وتدريباً لهم في اقتناص الفروع من الأصول ، لكنّه غير مرتّب ترتيباً يحصله كلّ طالب وينتهز فرصة كلّ راغب ، فصرفتُ عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقريبه ...» (1).
ويحتوي الكتاب على مقدّمة حول أغراض الأحكام الشرعية ومطلبين «اسماها قطبين» الأوّل : في القواعد العامّة وما يتفرّع عليها ، وهي ضوابط أصولية كلّية. والثاني : في العبادات وغيرها من أبواب الفقه ، وهي مصاديق جزئية في المسائل الفقهية.
2 - ابن فهد الحلي جمال السالكين أبو العبّاس أحمد (ت 841 ه). وكتابه الفقهي المهذّب البارع في شرح المختصر النافع.
10 - مدرسة القرن العاشر الهجري
ومن أبرز فقهاء هذه المدرسة : المحقّق الكركي ، والشهيد الثاني ، والمقدّس الأردبيلي.
1 - المحقّق الكركي : الشيخ علي بن عبد العالي المعروف بالمحقّق 4.
ص: 147
الثاني (ت 945 ه) ، وكتابه الفقهي جامع المقاصد في شرح القواعد. وهو كتاب فقهي استدلالي مبسوط ، يشرح فيه كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي (ت 726 ه). ويتعرّض المصنّف فيه إلى شرح كلام العلاّمة قدس سره في القواعد مستعرضاً آراء الفقهاء في مختلف المسائل ويناقشها مناقشة استدلالية. ويحتوي الكتاب على كتب فرعية هي : الطهارة ، والصلاة ... حتّى كتاب النكاح ولكن لم يكمله. فقام المحقّق الهندي (ت 1137 ه) بإتمامه في كتاب كشف اللثام.
2 - الشهيد الثاني : زين الدين الجبعي العاملي (ت 965 ه) ، له كتب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ومسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام ، وروض الجنان في شرح إرشاد الأذهان ، وتمهيد القواعد الأصولية والعربية ، والعديد من الحواشي والشروح.
الروضة البهية :
والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية هي شرح مزجي استدلالي مختصر كتاب اللمعة الدمشقية ، وتتميّز بالاختصار والشمول والاستيعاب.
ومنهجية الكتاب تسير على طريق استخدام قوّة التعبير ، والاشارة إلى الدليل ، وعرض الآراء الفقهية المهمّة ؛ ثمّ نقد آراء الشهيد الأوّل - مصنّف المتن - وإظهار رأي الشارح. وقد ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني ما يقرب من تسعين حاشية وشرح عليه (1).
يقول في مقدّمة الكتاب شارحاً منهجه : «هذه تعليقةٌ لطيفةٌ ، وفوائد 6.
ص: 148
خفيفة اضفتها إلى المختصر الشريف والمؤلَّف المنيف المشتمل على أمّهات المطالب الشرعية الموسوم ب- : اللمعة الدمشقية .... جعلتها جاريةً له مجرى الشرح الفاتح لمغلقه ، والمقيِّد لمطلقه ، والمتمّم لفوائده ، والمهذِّب لقواعده ، ينتفع به المبتدي ويستمدُّ منه المتوسّط والمنتهي ...» (1).
ومن المفيد أن نعرض نموذجاً بقلمه :
يقول المصنّف في شرحه على وجوب التيمّم بالتراب الطاهر والحجر : «[يجب] التيمّم [بالتراب الطاهر والحجر] ؛ لأنّه من جملة الأرض إجماعاً ، والصعيد المأمور به هو وجهها ؛ ولأنّه ترابٌ اكتسبَ رطوبةً لزجةً وعملت فيه الحرارةُ فأفادته استمساكاً. ولا فرق بين أنواعه من رُخام وبِرام (2) وغيرهما ، خلافاً للشيخ [الطوسي] حيث اشترط في جواز استعماله فَقْدَ التراب. أمّا المنع منه مطلقاً (3) فلا قائل به. ومن جوازه بالحجر يُستفاد جوازه بالخزف بطريق أولى ، لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب. كما لم يخرج الحجر مع أنّه أقوى استمساكاً منه ، خلافاً للمحقّق في المعتبر محتجّاً بخروجه مع اعترافه بجواز السجود عليه. وما يخرج عنها بالاستحالة يمنع من السجود عليه ، وإن كانت دائرة السجود أوسع بالنسبة إلى غيرها» (4).
ونستلهم من هذا النصّ طبيعة المنهج العلمي الذي استخدمه الشهيد 0.
ص: 149
الثاني قدس سره في الكتابة :
أوّلاً : الاستدلال بالنص ، والعقل ، والإجماع على جواز التيمّم بالحجر. فقد استدلّ بالإجماع على أنّه من جملة الأرض ، وبالعقل على أنّه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته استمساكاً ، وبالنصّ على أنّ الصعيد في قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (1) هو وجه الأرض.
ثانياً : التعدّي عن مورد النصّ من جواز التيمّم بالحجر إلى جواز التيمّم بالخزف ؛ لعدم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب.
ثالثاً : ناقش رأي المحقّق الحلّي قدس سره الذي يقول بخروج الخزف من الأرض وعدم صدقها عليه بسبب الطبخ. فتسائل المصنّف : كيف يُخرج المحقّق الخزف من عنوان الأرض ، في الوقت الذي يجوّز فيه السجود على الأرض؟ فإنّ ما يخرج عن الأرض بالاستحالة يمنع من السجود عليه!
بقية أعمال الشهيد الثاني :
ومسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام شرح مزجي لكتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي. وكان منهجه الاختصار في الشرح في أوائل الكتاب ، لكنّه استدرك وبدّل منهج الاختصار وبدأ بالإطناب. فأخذ الكتاب في التوسّع حتّى أصبح كتاباً ضخماً في مجلّدين بالطبعة الحجرية.
وكتاب روضة الجنان في شرح إرشاد الأذهان وهو شرح مزجي 3.
ص: 150
استدلالي خرج منه مجلّد في الطهارة والصلاة. طبع مع كتاب منية المريد للمصنّف في إيران سنة 1307 ه.
وكتاب تمهيد القواعد الأصولية والعربية يشتمل على قسمين. الأوّل : يتضمّن مائة قاعدة أصولية وما يتفرّع عليها من أحكام. والثاني : مائة قاعدة من القواعد العربية ، ويليهما فهرس مبسوط لتسهيل استخراج مطالب الكتاب. طبع مع كتاب الذكرى سنة 1272 ه- في إيران (1).
ومنهج الشهيد الثاني هو شرح المتون والتعليق عليها بكتابة الحواشي. كما لاحظنا ذلك في شرح اللمعة الدمشقية ، وشرح شرائع الإسلام ، وشرح إرشاد الأذهان. وينطبق الأمر أيضاً على الحواشي التي كتبها على كتب : قواعد الأحكام ، والشرائع ، والإرشاد.
3 - المقدّس الأردبيلي : أحمد بن محمد (ت 993 ه) ، له كتاب مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان ، وزبدة البيان في أحكام القرآن.
مجمع الفائدة والبرهان :
وكتاب مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان هو شرح استدلالي معمّق لكتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي (ت 726 ه). ويتضمّن أغلب أبواب الفقه عدا بعض الأبواب التي فقدت بتلف الصحف التي دوّنت عليها ، كأبواب النكاح والطلاق والعتق والعطايا والوصايا.3.
ص: 151
ففي كتاب «الطهارة» ، نعرض جانباً من منهجه الاستدلالي. يقول في شرحه للمطهّرات : «ومن المطهّرات : الاستحالة (بصيرورة) الخمر خلاًّ عند القائلين بنجاستها إذا كانت بنفسها ، أو بالعلاج بنحو الخلّ القليل.
الدليل الأوّل : إجماع المسلمين. والثاني : إجماعنا ، قاله في المنتهى ، والأخبار الصحيحة مثل خبر عبد العزيز بن المهتدي قال : كتبتُ إلى الرضا عليه السلام : جعلتُ فداك العصير يصيرُ خمراً فيصبُّ عليه الخلّ وشيء يُغيّره حتّى يصيرَ خلاًّ. قال : لا بأس (1).
والاجتناب عن الأخير (2) أفضل للخبر الصحيح الدالّ على المنع حينئذ ، وحمل على الاستحباب للجمع.
قال في المنتهى : يستحبّ تركه لينقلب من نفسه ، كما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن الخمر يجعل فيها الخَلّ فقال : لا ، إلاّ ما جاء من قبل نفسه (3). واعلم أنّه لا إشعار في هذه الأخبار على الطهارة والنجاسة ، بل على الحلّ فقط.
(وبالنار) (4) اذا صار رماداً أو دخاناً و (قيل) أو فحماً (وقيل) بل خزفاً. وما وجدتُ عليها دليلاً إلاّ الخروج عن اسم ما كان نجساً ، مثلاً الأرض والطين كانا نجسين فإذا صارا رماداً مثلاً فليسا بأرض ولا طين. ونقلوا خبراً ما أفهمه.
وقال في المنتهى في طهارة الرماد : والأقرب أن يقال ، بعد ردّ الخبر : ً.
ص: 152
النار أقوى إحالة من الماء وكان الماء مطهّراً فالنار أولى. ولأنّ الناس بأسرهم لم يحكموا بنجاسة الرماد ، إذ لا يتوقون منه ولو كان نجساً لتوقّوا منه قطعاً انتهى.
وفيه تأمّل ؛ لأنّا لا نسلّم كون النجاسة للإسم وهو ظاهر فيما إذا تنجّس. والمصنّف في المنتهى منع من طهارة الكلب والخنزير بانقلابهما ملحاً» (1).
وأُسلوبه الاستدلالي قدس سره كما ترى يتلخّص بعرض الحكم الشرعي ثمّ يلحقه بالدليل من آية او رواية صحيحة ، ثمّ يناقش آراء الفقهاء وسند الروايات التي استدلّوا بها.
زبدة البيان :
وكتاب زبدة البيان في أحكام القرآن يتضمّن تفسيراً لآيات الأحكام يبدؤه بالطهارة وينهيها بكتاب القضاء والشهادات.
يقول في مقدّمة الكتاب ناقلاً كلام الشيخ الطبرسي في تفسيره ، عارضاً الرأي المشهور بأنّه لا يجوز تفسير القرآن بغير نصّ وأثر : «التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملين إلى ما يطابق الآخر. وقيل التفسير كشف المغطّى ، والتأويل انتهاء الشيء ومصيره ، وما يؤول إليه أمره ، وهما قريبان من الأوّلين. فالمعنى من فسّر وبيّن وجزم وقطع بأنّ المراد من اللفظ المشكل - مثل المجمل والمتشابه - كذا ، بأن يحمل المشترك اللفظي مثلاً على أحد المعاني من غير مرجّح فقد 4.
ص: 153
أخطأ ...» (1).
وبكلمة ، فقد أخرج من كتابه التفسير الممنوع وهو التفسير بغير نصّ ، أي التفسير الذي يريده المفسّر من غير دليل. بل بمجرّد رأيه وميله واستحسانه. وهذا المنهج العلمي في تفسير آيات الأحكام طغى على الكتاب.
وقال في معرض عرضه لآية : (لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (2) ، «فيه إشارة إلى سبب جواز الأكل مع عدم جواز التصرّف في مال الغير بغير إذنه عقلاً ونقلاً ، وهو حصول الرضا بقرينة الأبوّة وغيرها. وهذا المقدار قد يفيد علماً بالرضا وذلك كاف مع أنّه قد يقال يكفي الظنّ بل لا يحتاج إليه ، فإنّ الله قد جوّزه وهو السبب فتأمّل.
وقال في مجمع البيان : «هذه الرخصة في أكل مال القرابات ، وهم لا يعلمون ذلك كالرخصة لمن دخل حائطاً [أي بستاناً] وهو جائع أن يصيب من ثمره ، أو مرَّ في سفر بغنم وهو عطشان أن يشرب من لبنه توسعة منه على عباده ولطفاً لهم ورغبة لهم عن دناءة الأخلاق وضيق العيش.
وقال الجبائي : إنّ الآية منسوخة بقوله تعالى : (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) (3) ، وبقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا يحلّ مال امرىء مسلم الاّ بطيب نفس منه.
والمروي عن أئمّة الهدى عليهم السلام أنّهم قالوا : لا بأس بالأكل لهؤلاء من 3.
ص: 154
بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف (1).
وأنت تعلم أنّ حصول الرخصة لمن دخل حائطاً أيضاً محلُّ التأمّل. وما جوّزه بعض الأصحاب ومن جوّزه ما قيّده بالجائع ولا بالحائط بل قال : للمارّ على الغلّة وغيرها أن يأكل منها. وإنّي ما رأيت جواز اللبن ، وأنّه لا منافاة بين الآيتين حتّى يكون ما هنا منسوخة وهو ظاهر. وعدم صلاحية الخبر للناسخية أظهر. وإنّ المروي عنهم : متبع وإن كان قدر الحاجة الذي في ما روي عنهم غير ظاهر من الآية بل ظاهرها دالٌ على عدمه. نعم لا بدّ من عدم الإسراف والتضييع ...» (2).
وكانت منهجيته (رضوان الله عليه) هي :
أوّلاً : تفسير الآيات الخاصّة بالأحكام الشرعية بالاستناد إلى الدليل الشرعي من سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتدادها بأهل البيت عليهم السلام.
ثانياً : مناقشة آراء الفقهاء والمفسرين ونقدها نقداً علمياً كما فعل مع الشيخ الطبرسي ، والجبائي في جواز شرب اللبن والنسخ ونحوها.
ثالثاً : عرض رأيه الذي يتبنّاه استناداً على الدليل الشرعي.
للبحث صلة ... 0.
ص: 155
الشيخ عبد الرسول الغفاري
بسم الله الرحمن الرحيم
نسبه :
هو أبو محمّد ، عبد السلام بن رَغْبان بن عبد السلام بن حبيب بن عبد الله ، ينتهي نسبه إلى تميم ، ثمّ إلى كلاب.
ولد في حمص سنة 161 ه- ، وقد أشار البعض أنّه ولد في قرية اسمها (سلميه) من أعمال حمص ، فهو عربي الأصل والنشأة والوطن.
ونقل ابن خلّكان في الوفيات : إنّه مولى لطيء ، كما ذكره ابن الجرّاح في كتاب الورقة (1).
أغلب المصادر متّفقة على سنة ولادة الشاعر دون اختلاف يذكر ، كما أجمعت على أنّ سنة وفاته في 235 ه- أو 236 ه- ، عدا الصفدي ، فإنّه قال :
ص: 156
وتوفّي في حدود الأربعين ومائتين (1).
يؤكّد الشاعر على نسبه ويفتخر باعتزاز أنّه من كلب ، فهي خير من أنجبت من الرجال الأشاوس فقال :
كَلبٌ قَبِيلي وكَلبٌ خَيرُ من وَلَدَتْ
حَوّاءُ مِنْ عَرَب غُرٍّ وَمِنْ عَجَمِ
وعَيَّرَتْنَا وَمَا إن طُلَّ فِي أَحَد
وَطُلّ في مُؤتَة والدِينُ لَم يَرمِ
ثُمّ يسترسل في شعره ليؤكّد أنّ قبيلته هي التي دافعت عن حمى الإسلام ، وأنّ رجالها اشتركوا في أغلب الحروب والغزوات ، كغزوة أُحد ومُؤته وحنين ويوم الطفوف فيقول :
غَداةَ مؤتةَ والإشراكُ مكتَهلٌ
والدِينُ أمْرَدُ لَم ييفعْ فيحتَلِمِ
وَيَومَ صفِّينَ مِنْ بَعدِ الخريبةِ كَمْ
دَم اُطِلَّ لِنَصرِ الدِّينِ إِثْرَ دَمِ
وَفِي الفُراتِ فِداءَ السِبط قَدْ تُرِكَتْ
أشلاؤنا فِي الوَغى لَحْماً على وَضَمِ
غَدَاة شَالَتْ من التقوى نَعَامَتُها
وآذنتْ صَعقاتُ الحَقِّ بالنّقَمِ
إن تعبَسِي لدم منّا هُريق بها
فقد حقنّا دَم الإسلام فابتسمي
ذكر الجهشياري : إنّ حبيب بن عبد الله بن رغبان - الجدّ الأكبر لديك الجنِّ - كان كاتباً في أيّام الخليفة المنصور ، وكان يتقلّد الإعطاء ، وكان موجوداً في سنة ثلاث وأربعين ومائة ، وأنّ ديك الجنِّ الشاعر من ولده ، وإليه ينسب مسجد ابن رغبان بمدينة السلام ، وأنّه مولى حبيب بن مسلمة الفهري (2).
وفي نسبه قال الشيخ عبّاس القمّي في الكنى :
أبو محمد ، عبد السلام بن رَغْبان - بفتح الراء المهملة وسكون الغين 6.
ص: 157
المعجمة - ، أصله من مؤته ، وولد في حمص ، وهو شاعر مشهور مجيد ، يذهب مذهب أبي تمّام في شعره ، وكان مقيماً في حمص ، ولم يبرح نواحي الشام ، وكان يتشيّع ، له مراث كثيرة في الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام : ، وله قصّة لطيفة مع الرشيد مشهورة ، ذكرها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ، وشيخنا المتبحّر النوري - نوّر الله مرقده - في كتاب ظلمات الهاوية.
قيل : إنّه لمّا كان شيعيّاً نسبوه إلى الإلحاد ... (1).
من النصّ المتقدّم نفهم : إنّ مؤتة هي الموطن الأصلي لآباء الشاعر (2) ، بينما ولادة الشاعر ومحلّ إقامته كانت حمص ، ويؤكّد الشيخ القمّي كلام من سبقه في أنّ الشاعر لم يبرح نواحي الشام.
ثمّ يطالعنا القمّي في كون الشاعر له قصّة لطيفة مع الرشيد.
وشيء آخر : إنّ تشيّع ديك الجنِّ أصبح سبباً في قذفه بشتّى التهم ورميه بالإلحاد.
لذا ينبغي - في المقام - أن أذكر ما وسعني النظر بعد جولة سريعة في سطور الكشكول.
أقول : ورد في الجزء الثالث من كشكول الشيخ يوسف البحراني في الصفحة 29 إلى الصفحة 32 قصّة (الحسن الكركدان المعروف بديك الجنّ) مع المتوكّل العباسي في العراق.
وخلاصة القصّة : إنّ المتوكّل من شدّة سكره يضطرب - وبانزعاج - 7.
ص: 158
فيرسل على الشاعر ليلاً فيأتيه ، ويسأله عن أبيات قالها الشاعر ؛ لأنّ المتوكّل فزع منها وأقلقت مضجعه ، والأبيات هي :
أَصْبَحتُ جَمَّ بَلابِلِ الصدَرِ
وَأبلَيتُ مَطوِيّاً عَلى الجَمْرِ (1)
اِن بُحْتُ يَوماً طَلّ فيهِ دَمِي
وإنْ سَكتُ يَضِيقُ بِه صَدْرِي (2)
فقال المتوكّل مخاطباً الكراكدان : قلْ لي ما يطلّ به دمك ويضيق صدرك؟
فقال : ولي الأمان؟
فقال : قل ، ولك الأمان.
فقال :
مِمّا جَنَاه عَلى أبي حَسَن
عُمرٌ وصاحِبُهُ أَبُو بَكْرِ
جَعَلُوكَ رَابِعَهم أبا حسن
مَنَعُوكَ حَقَ الإرثِ والصِهرِ (3)
وإلى الخِلاَفَةِ سَابَقُوك وما
سَبَقُوك فِي أُحُد ولا بَدْرِ
وَقَتَلْتَ فِي بَدْر مَشَائِخَهُم
فَلأَجْلِ ذَا طَلَبُوكَ بِالوتْرِ
فَعَلى الذي يَرْضى بِفِعْلِهِم
أضْعافَ ما حمَلوا مِنَ الوِزْرِ
ثمّ يتسلسل الشيخ البحراني في سرد القصّة وما فيها من محاورة المتوكّل للشاعر ، حتّى يستخلّصا بكفر يزيد وأسلافه الأمويّين ، الذين ما آمنوا بدين ولا نبيّ وإنّما أعمتهم الرئاسة ، وأنّ الملك لعقيم (4).
وذكر الشيخ شبيه هذه القصّة وتلك المحاورة ، بين الرشيد والشاعر 3.
ص: 159
إسحاق بن إبراهيم ، الملقّب بديك الجنِّ ، إذ واش من الوشاة أغرى الرشيد بأن يوقع بهذا الشاعر ، وكان يحثّه على قتله ، وقد ادّعى أن لا يُثبت صانعاً ولا يقول ببعثة ولا نبوّة ، وهو ممّن يقع في الإسلام وأهله - على حدّ زعمه - وهكذا حمل الرشيد على هذا الإغراء ، فبعث وراء الشاعر ، وبعد حوار واستظهار ما في ضميره ، وجده على خلاف ما قيل له ، بل العداوة والبغضاء والحسد - وما أكثرها بين الشعراء وذوي النعم - دفعت بهذا الواشي أن يتّهم الشاعر إسحاق بن إبراهيم.
هذه القصّة بما فيها من الأشعار ، نقلها البحراني في كشكوله الجزء الثالث من الصفحة 56 إلى الصفحة 61.
وتعليقنا على القصّتين هو :
إنّ في القصّة الأولى يطالعنا اسم الشاعر الحسن الكركدان.
وفي القصة الثانية أنّ الشاعر هو إسحاق بن إبراهيم. وفي القصّة الأولى كانت المحاورة مع المتوكّل ، بينما في القصّة الثانية مع الرشيد.
ثمّ إنّ تهمة الإلحاد جاءت مفتعلة من حسّاد الشاعر.
وعليه كلا القصّتين اجنبيّتان عمّا نحن فيه ، فتأمّل.
أمّا الشعر الذي أورده الشيخ في كشكوله ، فهي أبيات من قصيدة تتكوّن من 15 بيتاً.
وقد آثرنا أن نذكرها ؛ حتّى يتمّ التعليق في ما ورد في شأن عقيدة الرجل الذي نحن بصدد ذكر أخباره وأغراضه الشعرية.
أقول : وتكملة الأبيات هي :
طَلَبَ النَّبِيُّ صَحِيفةً لهُمُ
يُمْلِي ليأمَنَهُم مِنَ الغَدْرِ
فَأَبَوا عَلَيهِ ، وَقَال قائِلُهُم
قُوْمُوا بِنَا قَدْ فَاهَ بالهُجْرِ
ص: 160
وَمَضوا إلى عَقْدِ الخِلافِ وَمَا
حَضَروه إلاّ داخِلَ القبرِ
ثمّ بعد بيتين ممّا تقدّم ذِكْرهما قوله :
غمَّتْ مُصِيبتُكَ الهُدى فغدا
الإسلامُ لا يَدري بما يَدري
وتَشَعَّبَتْ طُرُقُ الضلالِ فَلَو
لاكُمْ مَشوا بالشّركِ والكُفْرِ
أَنْتُم أدِلاّءُ الهُدَى وَبِكُم
قَدْ سِيْرَ في بَرٍّ وَفِي بَحْرِ
وَدَعائِمُ التَقوى وَقَادَتُها
لِلفَوزِ يَومَ الحَشْرِ والنَّشْرِ
والعارِفو سِيما الوُجُوه عَلى الأ
عْرَافِ معرفةً بلا نُكْرِ
وَمَقاسمُ النِيرانِ أَنْتَ لِمَنْ
أَخَذُوا العُهودَ بِعَالَمِ الذّرِّ
فَتَقُولُ يَا نَار اتْرُكي لِي ذَا
وَلِذَا خُذِي ، فَتَدِينُ للأمر (1)
هذه تمام الأبيات وهي لديك الجنِّ عبد السلام بن رغبان ، أبو محمد.
وفي ما يبدو هناك أكثر من شاعر يُعرف بديك الجنِّ ؛ إذاً فهو لقب مشترك بين ثلاث من الشعراء ، وقد خلط المؤرّخون بين نتاج هؤلاء الثلاث والجميع ممّن يتشيّع في ولائه لأهل البيت عليهم السلام.
فالقصّتان إن كانتا لهما شيء من الصحّة فلا تَصْدُقان على شاعرنا عبد السلام بن رغبان ؛ لأنّك عرفت ممّا تقدّم من النصوص ، وبإجماع أهل السير والتراجم : إنّ عبد السلام لم يخرج من الشام ، ولم يغادر وطنه إلى وطن آخر. 1.
ص: 161
لماذا لقّب بديك الجن؟!
أمّا سبب تسميته بديك الجنِّ ، فهناك أقوال منها :
1 - كان يخرج إلى البساتين في كلّ صباح متنزّهاً ، وهذا ما يشبه الديكة عندما تستيقض مبكّرة إلى المزارع.
2 - قيل : كانت عيناه خضراوين كالديك ، وربّما يعود هذا التعليل لابن عساكر في تاريخه (1).
3 - قيل : لأنّه ذكر الديك في شعره ، ويُنسب ذلك إلى المقدّمة في ديوانه بقلم المرحوم الشيخ محمد السماوي.
4 - وقيل : كان يقلّد صوت الديك فسمّي به ، كما جاء ذلك في نفحة اليمن للشرواني.
5 - إنّه يضرب مثلاً للديك النجيب الحاذق.
6 - قال أدهم الجندي :
ولقّب بديك الجنّ ؛ لأطواره الغريبة ، كان من شعراء الدولة العباسية ، وكان يسكن حمص في دار واقعة في حيِّ باب الدريب (بدخلة حارة الشرفا) بالساحة المعروفة (بصليبة العصياني) ما زالت معروفة بدار ديك الجنّ حتّى الآن ، ولم يبرح نواحي الشام ، ولا وفد إلى العراق ولا إلى غيرها من البلاد العربية منتجعاً شعره ... (2).
7 - وفي تسميته قال الدُميري :
ديك الجنّ : دويبة توجد في البساتين ، إذا ألقيت في خمر عتيق حتّى 9.
ص: 162
تموت ، وتترك في محارة وتسدّ رأسها وتدفن في وسط الدار ؛ فإنّه لا يُرى فيها شيء من الأرضة أصلاً ، قاله القزويني.
ثمّ قال : وديك الجنّ لقب لأبي محمد عليه السلام الحمصي الشاعر المشهور ... (1).
8 - ويروى أنّه لُقِّب بهذا الاسم ؛ لقصيدة قالها في رثاء ديك عمير ، وكان هذا قد ذبحه وأقام منه مائدة دعا إليها أصدقاءه :
دَعَانا أَبُو عَمْرو عُمَيرُ بنُ جَعْفر
عَلى لَحْمِ دِيك دَعوةً بَعْدَ مَوْعِدِ
فَقَدَّمَ دِيكَاً غَدّ دَهْراً ذَمْلّقاً
مُؤنِسَ أبياتِ مُؤَذّنَ مَسْجِدِ
9 - وجاء في تاج العروس للزبيدي :
الديك في كلام أهل اليمن : الرجل المشفق الرؤوف ، ومنه سمّي الديك ديكاً.
والديك أيضاً : الربيع في كلامهم ؛ كأنّه لتلوّن نباته فيكون على التشبيه بالديك.
وممّا يناسب المقام ، قصيدته التي قالها في الديك والغزل والخمر (2) :
أَمَا تَرَى رَاهِبَ الأسْحَارِ قَدْ هَتَفا
وَحَثّ تَغْريدَه لمّا عَلا الشَّعَفا (3)
أوْفَى بِصِبغ أبِي قَابوسَ مَفْرَقُهُ
كَدُرّةِ التَّاجِ لِمَّا أنْ عَلا شَرَفا (4)
مُشَنَّفٌ بِعَقيق فَوْقَ مَذْبَحِهِ
هَلْ كُنت فِي غَيرِ أُذن تعرف الشُّنُفا (5)ه.
ص: 163
لمّا أراحَتْ رُعاةُ اللّيلِ عَازبةً
مِنَ الكواكب كانتْ ترتعي السُّدُفا (1)
هزَّ اللّواءَ على ما كانَ من سِنَة
فارتجَّ ثمّ عَلا واهتزَّ ثمَّ هفا (2)
ثمّ استمرّ كما غنّى على طَرَب
مِرِّيحُ شَرْب على تَغريده ، وضفا (3)
إذا استَهَلَّ استهلَّتْ فوقه خُصَلٌ
كالحيِّ صيح صباحاً فيه فاختلفا (4)
فاصرِف بصرفك وجهَ الماءِ يومكَ ذا
حتّى ترى نائماً منهُم ومنصرفا (5)
فقام مختلفاً ، كالبَدر مُطّلِعاً
والظبي مُلتفتاً ، والغُصن منعطفا (6)
رفّتْ غلالةُ خدّيهِ فلو رُميا
باللّحظِ أو بالمنى هَمّا بأن يكِفا (7)
كأنّ قافاً أُديرتْ فوقَ وَجْنتِهِ
واخْتطَّ كاتبها مِنْ فَوقها ألِفا
واستلَّ راحاً كبيض صادَفت حجفاً
خلائقاً أو كنار صادفت سعفا (8)
صفراء أو قلّما اصفرَّت فأنت ترى
ذوباً من التبرِ رصُّوا فوقه الشرفا
فلَم أزَلْ من ثلاث واثنتين ومِنْ
خمس وست وما استعلى وما لطفا
حتّى توهَّمت نوشروان لي خَوَلاً
وخلت أنَّ نَدِيمي عاشر الخُلَفا (9)ة.
ص: 164
شهرته الأدبية :
فاقت شهرة ديك الجنِّ كلَّ الأمصار والبلدان ، وأصبح شعره يردّد على الألسن وتتناقله الركبان والشعراء ، حتّى صار البعض منهم يبذل الأموال للقطعة من شعره ، كما أنّ شعراء العراق قد افتتنوا بشعره وهو في الشام.
وفد عليه أبو تمام واستعان به ، أي بديك الجنّ ، ولمّا ألمّ الفقر بالطائي مدّة ، ناوله عبد السلام قطعة من شعره ، وقال له : يا فتى اكتسب بهذا واستعن به على قولك ؛ فنفعه في العلم والمعاش (1).
قال عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزبيدي : كنت جالساً عند ديك الجنِّ ، فدخل عليه حَدِث فأنشده شعراً عمله ؛ فأخرج ديك الجنِّ من تحت مصلاّه درجاً كبيراً فيه كثير من شعره فسلّمه إليه ، وقال : يا فتى تكتسب بهذا واستعن به على قولك ، فلمّا خرج سألته عنه ، فقال : هذا فتى من أهل جاسم ، يذكر أنّه من طيء ، يكنّى أبا تمّام ، واسمه : حبيب بن أوس ، وفيه أدب وذكاء ، وله قريحة وطبع (2).
نستخلص ممّا تقدّم :
أوّلاً : إنّ أبا تمّام أخذ من ديك الجنِّ ، وتأدّب عليه ، وتعلّم منه.
ثانياً : كما يظهر من الروايتين السابقتين أنّ الشاعر ديك الجنِّ كان كريماً سخيّاً حتّى في شعره ، وهذا على العكس من بقية الشعراء إذ أنّهم كانوا يحرصون كلّ الحرص أن لا يفوقهم أحد عليهم وأن لا يتكسّبوا 4.
ص: 165
بشعرهم ، وقصّة بشّار مع سلم الخاسر غير خفيّة عليك ، فاطلبها في مظانّها.
ثالثاً : ويضاف إلى ما تقدّم : إنّ أبا تمّام استفاد كثيراً من شعر ديك الجنِّ ، ولا يستبعد إذا ما قلنا أنّ معاني ديك الجنّ قد سطا عليها الطائي فرسم منها صور ممدوحيه ، وقد أشرنا إلى الكثير من سرقات أبي تمّام في كتابنا : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق فراجع.
قالوا فيه :
جلّ المصادر - قديمها وحديثها - ذكرت سيرة شاعرنا ، وأنّ جميع الأدباء أطروا عليه بكلمات المدح والثناء ، وتناولوا معاناته ، وما أدّى به ذلك إلى الثكل ، فبقى دهره حزيناً دامي القلب والعين.
أمّا أقوال العلماء فيه كثيرة وإليك نبذة منها :
قال الحافظ ابن عساكر :
عبد السلام بن رغبان : ... من أهل حمص ، شاعر مطبوع ، له شعر حسن (1).
وقال ابن رشيق القيرواني :
«... وأبو تمام من المعدودين في إجادة الرثاء ، ومثله عبد السلام بن رغبان ديك الجنِّ ، وهو أشهر في هذا من حبيب ، وله فيه طريق انفرد بها» (2).
وقال أبو منصور الثعالبي :
ديك الجنّ : هو عبد السلام بن رغبان الحمصي ، شاعر مفلّق في 9.
ص: 166
المحدثين ، أدرك زمان المتوكّل.
ثمّ قال : ولست أعرف سبب تلقيبه بديك الجنّ ، ويشبه أن يكون قال بيتاً يشتمل على ذكر ديك الجنّ ؛ فلقّب بذلك ... (1).
وقال ابن شهر آشوب : ... إنّ ديك الجنّ فاق شعراء عصره ، وهو شاعر الدنيا ، وصاحب الشهرة في الأدب ، طار ذكره وشعره في الأمصار ، حتّى صاروا يبذلون الأموال للقطعة من شعره ، افتتن بشعره الناس في العراق وهو في الشام ...
وجاء في العمدة :
إنّ دعبل بن علي الخزاعي ورد حمص فقصد دار عبد السلام بن رغبان ديك الجنّ ، فكتم نفسه عنه ، خوفاً من قوارصه ، فقال : ما له يستتر وهو أشعر الجنّ والإنس ، أليس هو الذي يقول :
بِها غَيرُ مَعْذُول فَداوِ خمارها
وَصِلْ بِعَشيّاتِ الغبوقِ ابتكارَها
وَنَلْ مِنْ عَظِيم الردف كُلَّ عَظِيمة
إذا ذُكِرَت خَافَ الحَفِيظانُ نَارَها؟
فظهر إليه ، واعتذر له ، وأحسن نزله.
أقول : ويبدو أنّ لدعبل كانت أكثر من زيارة لديك الجنِّ ، نستظهر ذلك من خلال الخبر المنقول في العمدة والآخر في وفيات الأعيان.
وقال فيه أبو نواس : لمّا أراد مصر فاجتاز بحمص إذ مرّ بدار عبد السلام بن رغبان ، وقال لجاريته : قولي له : أخرج ، فقد فتنت أهل العراق بقولك :
مورّدةٌ من كفِّ ظبي كأنّما
تناولها من خدّه فأدارها (2)ي.
ص: 167
وقال فيه أبو تمّام تلميذه - لمّا قدم حمص ، وأراد الاجتماع بديك الجنّ واختفى منه ، جاء إلى منزله ، وقال لأهله - : مروه يخرج ، قد فُتِنَ أهل العراق بقوله :
* مشعشعة من كف ظبي كأنّما *
فخرج إليه واجتمع به (1).
قال ابن خلّكان :
وهو من شعراء الدولة العبّاسية ، ولم يفارق الشام ، ولا رحل إلى العراق ، ولا إلى غيره منتجعاً بشعر ، ولا متصدّياً لأحد ، وكان يتشيّع تشيّعاً حسناً ، وله مراث في الحسين عليه السلام ، وكان ماجناً خليعاً عاكفاً على القصف واللهو متلافاً لما ورثه ، وشعره في غاية الجودة (2).
وقال : ... إنّ دعبلاً الخزاعي لمّا اجتاز بحمص ، سمع ديك الجنّ بوصوله فاختفى منه أن يظهر لدعبل ؛ لأنّه كان قاصراً بالنسبة إليه ، فقصده في داره فطرق الباب واستأذن عليه فقالت الجارية : ليست هو ههنا فعرف قصده ، فقال لها : قولي له : أخرج ، فأنت أشعر الإنس والجنِّ بقولك :
فَقَامَ يَكَادُ الكأسُ تُحرِقُ كَفَّهُ
مِنَ الشَّمسِ أَوْ مِنْ وَجْنَتَيهِ استَعارَها
مورّدةٌ مِنْ كَفِ ظَبي كَأَنَّما
تَنَاوَلَها مِنْ خَدِّه فَأَدارَها (3)
فلمّا بلغه ذلك خرج إليه وأضافه.
وقال العلاّمة الأديب ضياء الدين يوسف الحسني اليمنيّ (ت 1121 ه) : 9.
ص: 168
أبو محمد عبد السلام بن رغبان ... الملقّب ديك الجنّ ، الشاعر المشهور ، فاضل ، أعار النجوم قلادة فكره ، وكاد يحرق حاسده ذكاه بجمره ، فالطاووس إلى رونق محسنه يَجُنّ ، ويتمنّى لو أُلبس ديباجة شعر ديك الجنّ.
ص: 169
شعر ديك الجنِّ وأخباره
أغلب ما وصلنا من ترجمة حياة ديك الجنّ من الكتب القديمة هي كتب الأدب والتراجم والطبقات ، منها : طبقات الشعراء لابن المعتزّ ، وكتاب الأغاني لأبي الفرج ، ثمّ ديوان المعاني ، وكتاب وفيات الأعيان لابن خلّكان ، ثمّ نتف من الأخبار في كتب أدبية متفرّقة.
أمّا من كتب المتأخّرين ، فأهمّ المصادر التي تناولت حياة الشاعر : كتاب أعيان الشيعة ، وما عداه يُعدّ من المصادر الثانوية ؛ لأنّها أخذت عمّن سبق ، ولم تزد إلاّ بعض الأخبار أو التحليل والتعليق ، وأغلبها تندرج تحت اجتهادات شخصية لا يوثّقها نصٌّ أو نقل يعتدّ به.
وشاعرنا - ديك الجنّ - عاش فترة نضوج المعارف الإسلامية والفنون الأدبية وكثرة العلماء والأدباء والشعراء ، وعاصر زمن تدوين هذه العلوم والأخبار والأشعار ، وهذا ما لا يخفى على الجميع من روّاد الأدب والمعرفة.
لكن مع هذا الاهتمام في تدوين النصوص الأدبية وأخبار الشعراء في هذا العصر ، والذي يعدّ العصر الذهبي نسبة لبقية العصور ، تكاد تخلو الموسوعات الأدبية القديمة من ترجمة مفصّلة لحياة شاعرنا وما له من أخبار ونوادر إلاّ ما جاء في محاضرات الأدباء والأغاني لأبي الفرج ، لذا يقف السائل متحيّراً عندما يستفهم عن شعر ديك الجنّ ، وهل كان له ديوان من الشعر؟!
ولِمْ لا يبرز إذا كان مجموعاً؟!
ص: 170
ولماذا افتقرت المكتبة الأدبية إلى دراسة مفصّلة عن حياة الشاعر ومذهبه ، وسبب خموله من بين شعراء عصره؟!
هذه أسئلة وغيرها كثيرة تُراود كلّ محقّق ..
أقول : في اعتقادي أنّ هناك جملة من الأسباب اشتركت في ضياع هذا الرجل ، حتّى جعلته غريباً في وجوده وشعره ، منها :
أوّلاً : إنّ انتماء الشاعر المذهبي - سواء كان شيعياً أم اسماعيلياً - هو الذي حسر عنه تمجيد الأُدباء له ، ومن ثمّ عدم اهتمام المصنّفين به وبشعره إلى أن أهمله التاريخ وعدّه من شعراء المعارضين للدولة والسلطة الحاكمة.
ثانياً : إذا كان الشاعر شيعيّاً ، فيعني أنّه ينتمي إلى حزب يعارض سياسة الدولة العباسية ، بل وأنّ المجتمع هو كذلك على دين الملك.
إذن كان الشاعر يعيش العزلة من جانبين : من جانب السلطة ، ومن جانب المجتمع.
وهكذا شخص غريب في بيئته لابدّ أن تندرس آثاره وأخباره فيؤول كلّ شيء إلى الضياع ، وبالخصوص إذا كان الفرد تحوم حوله الشبهات والتهم ، وأنّ سيرته تخالف سيرة أبناء جلدته.
لهذا ليس عجيباً أن يكون هذا الرجل وحزبه ضعيفاً عند المجابهة ، أو أن يكون متكتّماً على عقيدته وسياسته ، ولو لفترة من الزمان ، لذا يكون الانتماء إلى حزبه أو مذهبه محدوداً ، وينحسر ذاك الانتماء إذا كانت التقية أحد قيوده وشرائطه ، غير أنّ شاعرنا انفرد عن أقرانه ، فأعلن ولاءه ، وجاهر بمعتقده ، بل أنّ سيرته المرفوضة - خلقيّاً - من المجتمع المحافظ وجرأته في النقد والتهجّم ... جعلته في موضع الرفض ، وهذان السببان يُعدّان من الأسباب المهمّة في انزواء الشاعر وكراهة الالتقاء به.
ص: 171
ثالثاً : ثمّ من الأسباب الأخرى - وممّا لا يقلُّ أهمّيّة عمّا تقدّم - هو فاجعته بزوجه (ورد) وغيرته عليها ، وقد كانت أغلى شيئاً عنده وأنيسه الوحيد ، وكان يعدّها روحه التي بين جنبيه ، وقلبه النابض في جوانحه.
وكانت لها الأثر العميق في نفسية الشاعر وشخصيته الأدبية والمعنوية على حدّ سواء ، وقد خلّفت فيه الحزن والكآبة ، وما يكاد يمرّ عليه طيف خيالها إلاّ واعتصر قلبه ألماً وحزناً لا ينقشع فيه ذلك الألم والحزن طالما صورتها متجسّدة أمامه كلّ حين.
رابعاً : الجوّ المذهبي في الشام ، إذ لم يكن الجوّ حليفاً للشاعر ؛ حتّى يساعده على الظهور والبروز والوقوف بين أقرانه من الشعراء ، إذ كانت الشام آنذاك أُمويّة عثمانية ، أمّا الشاعر فشعره يدوّي في الآفاق بحبّه وانتمائه لأهل البيت عليهم السلام.
خامساً : ما عمله حسّاده وشانئيه من الوثابة وإغراء السلطان به ؛ حتّى اتّهموه بالزندقة والإلحاد (1).
سادساً : جرأة الشعراء على سرقة شعره وتضمينه في شعرهم ، فهذا ابن الوكيع التنيسي استطاع أن يدرّس شعر المتنبّي ويتتبّع سرقاته الشعرية ، وقد كان شعر ديك الجنّ هو المورد والمعين الذي سطا عليه المتنبّي ، ومن قبله أبو تمّام.
فلا يستبعد أنّ ابن وكيع عندما ألّف كتابه المنصف في نقد الشعر وبيان سرقات المتنبّي ومشكل شعره إنّما اعتمد على ديوان ديك الجنّ ، ولا يستبعد إذا ما قلنا : إنّه كان يضع أمامه نسخة ديوان عبد السلام ويتتبّع فيها 6.
ص: 172
سرقات المتنبّي ، وإلاّ كيف استطاع أن يعقد هذه المقارنة والمقابلات الدقيقة ، ويختار المناسب من شعر ديك الجنّ ؛ ليجعله مصدراً لشعر المتنبّي؟!
أقولُ : هذه الجرأة من المتنبّي ومن غيره أدّت ؛ إلى إتلاف ديوان ديك الجنّ ، وهو احتمال ليس ببعيد طالما كشف ابن وكيع النقاب عن تلك السرقات.
والذي يؤكّد لنا ما تقدّم - على وجود ديوان مخطوط للشاعر - تلويح الثعالبي إليه ، وهو يذكر : إن ابن طباطبا طلب ديوان ديك الجنّ من أبي عمرو وجعفر بن شريك ، فلم يعطه إيّاه ، فقال يعاتبه :
يَا جَوَاداً يُمسي ويُصْبِحُ فِيْنا
وَاحِداً فِي النَّدَى بِغَيرِ شَرِيكِ
أَنْتَ مِنْ أسمَح النّاسِ بِشِعْرِ النَّا
سِ ، مَاذا الِلّجاج فِي شِعْرِ ديكِ
يَا حَلِيفَ السَّماح لَوْ أَنَّ دِيكَ ال-
-جنِّ مِنْ نَسلِ ديكِ عَرشِ المَليكِ
لَمْ يكُنْ فِيهِ طَائِلٌ بَعْدَ أنْ يُد
خِلَه الذّكر فِي عداد الدُّيُوكِ (1)
بل لا يستبعد أن يكون ديوان ديك الجنّ موجوداً إلى زمن البحتري ، ثمّ كان نصيبه كباقي الدواوين (الخمسمائة) التي عمد إليها البحتري فحرقها ...!
ديوان ديك الجن
مهما يكن من أمر لم نعثر على هذا الديوان ، وإنّما ورد شعره مبثوثاً في بطون الكتب والمصادر الأدبية والنقدية ، وقد جمعه الأُستاذين 0.
ص: 173
عبد المعين الملوحي ، ومحيي الدين درويش ، وطبعاه في حمص بسوريّا سنة 1960 م ، وقد ضمّ المجموع في دفّتيه 109 قطعة شعرية ما بين قصيدة ومقطوعة ، وبلغ عدد الأبيات 417 بيتاً.
ثمّ أُعيد طبع (الشعر) ثانية بتحقيق الأُستاذين الدكتور أحمد مطلوب ، وعبد الله الجبوري ، وقد أضافاً إلى مجموعة الملوحي ، ودرويش (22) قصيدة وقطعة تقع في (224) بيتاً. ثمّ نشر هذا العمل في بيروت عام 1964 م ، وكانت هذه الزيادات مصدرها علويّات ديك الجنّ ، وعدّتها (156) بيتاً ، جمعها المرحوم الشهيد الشيخ محمد السماوي.
والمصدر الآخر : ما عَثر عليه المحقّقان من أبيات وقطع في كتب التاريخ والأدب.
ثمّ بمساعدة دار الثقافة البيروتية أضيف ثلاثون بيتاً لمحقّق شاء أن يكتم اسمه ، وقد طبع الجميع من قبل الدار المذكورة سنة 1981 م ، وتزامناً مع هذا العمل ، يطالعنا الأستاذ هلال ناجي فيستدرك على المجموع فيضيف (32) مقطوعة وقصيدة تقع في (111) بيتاً ، طبعها في مجلّة الكتاب العدد الخامس آيار 1974 م ، ثمّ استلّ هذا المستدرك وطبع في مطبعة العبايجي - بغداد.
ثمّ يطالعنا الأخ الأستاذ عبد الله المهنّا فيجمع ديوان ديك الجنّ ، ويشرح مفرداته ، وكان عمله هذا يَضمّ بين دفّتيه (162) مقطوعة ، والجديد فيه (28) بيتاً موزّعة على (11) مقطوعة ، نقلها عن كتاب المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب للسريّ الرّفاء ، وقد صدر عمل (المهنّا) عن دار الفكر اللبناني بيروت 1990 م.
والآن بين أيدينا - وآخر ما صدر - هو عمل الأستاذ انطوان مُحسن
ص: 174
القوّال ، إذ جمع شعر الديك مع شرح وتحقيق لطيف ، معتمداً في عمله هذا على من سبقه.
ضمَّ الديوان (189) قطعة وقصيدة ، ونشر عن دار الكتاب العربي بيروت ، الطبعة الثانية سنة 1994 م.
ص: 175
ديك الجنّ وفن الرثاء
الرثاء والغزل توأمان عند ديك الجنّ من حيث الجودة ، وصدق المشاعر ، ورصف الكلمات بعضها إلى جوار البعض الآخر بريشة أديب بارع ، وكأنّما خبّر في عمله كالمهندس في بناء الأبراج الشاهقة ، فبالإضافة إلى أنّه كان مجيداً في الغزل والحكمة ، فإنّه في الرثاء كذلك.
وأبرز العناوين التي تطالعنا في رثاء الشاعر ، هو رثاء الزهراء عليها السلام ، والإِمام الحسين عليه السلام ، وقتلى الطفوف والشهداء الذين صُرّعوا بين يدي سيد الشهداء وأخوته الأطهار.
قال في رثاء الزهراء عليها السلام :
يا قَبْرَ فاطِمةَ الّذي ما مِثْلُهُ
قَبْرٌ بِطَيبةَ طابَ فيه مَبيتا
إذْ فِيكَ حَلَّتْ بِضْعَةُ الهادي الّتي
بِحِلى محاسِنِ وَجْهِها حُلّيتا
إن تَنْأَ عَنْهُ فَمَا نأيْتَ تَباعُداً
أوْ لَمْ تَبِنْ بَدْراً فَما أُخفيتا
فَسَقى ثَرَاكَ الغَيْثُ ما بَقِيَتْ بِهِ
لُمَعُ القُبُورِ بطَيبة وبَقِيتا
فَلَقَدْ بِرَيّاها ظَلَلْت مُطَيَّباً
تِسْتَافُ مِسكاً في الاُنُوفِ فَتيتا
وَلَقَدْ تَأمّلْتُ القبورَ وأهلَها
فَتَشَتَّتَتْ فِكَري بها تَشْتِيتا
كَمْ مُقْرَب مُقْصى وَكَمْ مُتَبَاعِد
مُدْنىً ، فَسَاوَرَتِ الحَشَا عِفْريتا
وقفةٌ من الشاعر في تخيّل صادق على بعد المسافة من تلك القبور ، فهو يخاطب قبر الزهراء عليها السلام بقوله : يا قبر : لا يمثلك أيّ قبر في طيبة - وهي المدينة المنوّرة بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) - لأنّك تضمّ ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فازددت جمالاً بجمال وجهها المبارك.
ص: 176
يا قبر سقى الله تُربك بغيث السماء ، مادمت حاوياً لأشلاء هذا البدن الطاهر ، العبق بريحها الطيّب.
ثمّ يقول : لقد وقفت وقفة المتأمّل عند هذه القبور ، وأجلت النظر بما فيها من نساء ورجال ، فاضطربت أفكاري ، وعلمت كم من ميّت كان معروفاً فصار منسيّاً ، وكم من ميّت خيّل إلى البعض أنّه سيندرس ذكره لكنّه ظلّ حيّاً في الضمائر والنفوس.
وقال في رثاء الإمام الحسين عليه السلام (1) :
يا عينُ لا للغضا ولا الكُثُبِ
بُكا الرزايا سوى بكا الطَرَبِ (2)
جُودي وجِدِّي بملء جَفنِكِ ثمَّ
احتفلي بالدموع وانسكبي
يطالعنا الشاعر في بائيّته هذه مستهلاًّ قصيدته بالبكاء لمصيبة ألمّت بالمسلمين ، لذا بكاء الشاعر لا للرسوم والأطلال ، لا للطرب واللعب ...
يَا عَيْنُ فِي كَرْبَلاء مَقَابِرُ قَدْ
تَرَكْنَ قَلْبِي مَقَابِرَ الكُربِ (3)
مَقَابِر تَحْتَها مَنَابِرُ مِنْ
عِلْم وحِلْم وَمَنْظَر عَجَبِ
مِن البَهالِيلِ آل فاطِمَة
أهْلِ المَعالي والسّادَةِ النُّجُبِ (4)
كَمْ شَرِقَتْ مِنْهُمُ السيوفُ وكَمْ
رُوِّيَتِ الأرضُ مِنْ دَم سَرِبِ (5) ل.
ص: 177
نَفْسِي فِداءٌ لكُمْ ومن لَكُمُ
نَفْسي وأُمّي وأُسْرَتي وأبِي
لا تَبْعدوا يا بَني النبيّ عَلى
أنْ قَدْ بَعُدْتُم والدّهرُ ذو نُوَبِ (1)
يا نَفْسُ لا تسأمِي ولا تَضِقي
وارسي على الخَطْب رَسْوَةَ الهُضُبِ (2)
صُوني شعاع الضّمِيِر واستَشْعِري
الصّبرَ وحُسْنَ العزاءِ ، واحْتَسِبي
فالخَلْقُ في الأرضِ يَعْجَلُون ومَوْ
لاكِ عَلى تَوْأد ومُرْتَقَبِ (3)
لابُدَّ أنْ يُحْشَرَ القَتِيلُ وأنْ
يُسْألَ ذو قتله عَن السَبَبِ (4)
فَالوَيْلُ والنّارُ والثُّبُورُ لمنْ
قد أسلَمُوه للجَمْرِ واللّهَبِ (5)
إنّه يبكي بسخاء ، ويذرف الدمع بملء جفنيه ؛ لأنّ المصائب عظيمة ، ليس كمن يستخفّه الطرب فيبكي حنيناً على رسوم اندرست ، وكثبان عفى الدهر عليها ...
ثمّ يناشد عيونه الباكية بحرقة ؛ لتسحّ بدموعها على مقابر العزّ والشرف احتوتها كربلاء الطهر والإباء ، وكلّما تذكّر تلك المصائب ، اعتصر قلبه بل أصبح مقبرة الأحزان ، أمام مقابر كربلاء التي ضمّت رجال التقى والعزّ والشرف ، هم السادة الأطهار من آل البيت عليهم السلام ، هم الأماجد ذوو الحسب الرفيع.
إنّهم أرخصوا دماءهم حتّى احمرّت السيوف منها ، وارتوت الأرض من دمائهم الزكية. ك.
ص: 178
ثمّ يعقّب بكلام فيه الفداء بالنفس والآباء والأبناء ، سائلاً تلك الأجساد الطواهر التي ضمّتها أرض الشهادة ، فيقول : يا بني النبيّ لا تبعدوا عنّا ؛ كي لا يعضّنا الدهر بالنائبات المفجعة.
ثمّ يخاطب نفسه بعدم الجزع ، بل عليها أن تتحلّى بالصبر في الفادحات ، فإنّ في الصبر أجراً عظيماً :
يَا صَفْوَةَ اللهِ في خلائِقِهِ
وأكرَمَ الأعجَمين والعَرَبِ (1)
أَنْتُم بُدُورُ الهُدَى وأنجُمُهُ
وَدَوحَةُ المَكرُماتِ والحَسَبِ (2)
وساسَةُ الحَوْضِ يَوْمَ لا نَهَلٌ
لمورِديكُمْ مواردَ العَطَبِ (3)
فَكَّرتُ فيكُمْ وفي المُصابِ فما
انفَكَّ فؤادي يَعُومُ في عَجَبِ
ما زِلتُمُ في الحَيَاةِ بينَهُمُ
بَيْنَ قَتِيل وبَيْنَ مُسْتَلبِ
قَدْ كَانَ في هَجْرِكُمْ رِضىً بِكُمُ
وَكَمْ رِضىً مُشْرَج على غَضَب (4)
حَتّى إذا أوْدَعَ النبيُّ شجا
قَيْدَ لهَاةِ القصاقِص الحَرِبِ (5)
مع بعيدين أحْرَزا نَسَباً
مع بُعدِ دار عن ذلك النّسَبِ
ما كَانَ تَيْمٌ لهاشِم بأخ
ولا عَديٌّ لأحْمَد بأَبِ
لكن حَدِيثا عَداوة وقِلىً
تَهَوَّرا في غيابةِ الشُّقُبِ (6)ل.
ص: 179
قاما بِدَعوى فِي الظُّلمِ غَالِبة
وحُجّة جَزلَة من الكَذِبِ
ثمّ يندب ديك الجنّ أئمّة الهدى عليهم السلام ومن هم أكرم الناس من عرب وعجم ، فيقول : أنتم بُدور الرشاد والصلاح بكم يهتدي الناس ، فأنتم الشجرة الطيبة التي يستظلّ بها المؤمنون ، وأنتم القادة والساسة في تدبير الأمور.
وكلّما أبصرت في رزاياكم وجدتها عظيمة ، وإن لفّكم التراب فأصبحتم رهائن القبور ، إلاّ أنّكم أحياء بين الناس أحياء في الضمير والوجدان.
ثمّ إنْ هَجَرَكم أهل الحلّ والعقد - من الحكّام والساسة - فذلك باعث لسخط الربّ عليهم ، أمّا محبّة الناس لكم ، ففيها رضى الخالق.
ولا يخفى أنّ في الأبيات تعريضاً بقريش لمّا هجرت النبيَّ ومن آمن به وتركته في الشعب.
وبعد هذا يُشير إلى الشيخين : أبي بكر وعمر ، فقد أحرزا مدحاً بإصهار الرسول إليهما ، رغم عدم القرابة بينهما وبين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا تيم ولا عدي آباء للنبي. ومع تلك العلاقة السببية لم يرعيا مكانة الزهراء من أبيها فاسخطاها ، وإنّك تجد الإشارة دقيقة جدّاً إلى ما فعلاه بالزهراء عليها السلام وما جنياه من الظلم والعداوة.
من ثَمَّ أوصَى بهِ نَبِيّكُمُ
نصّاً فأبْدى عَداوةَ الكَلِبِ
ومن هُنَاك انبَرى الزّمانُ لهم
بَعْدَ التياط بغارِب جشبِ (1)
لا تسْلقُوني بحدِّ ألسُنِكُمْ
ما أرَبُ الظّالِمينَ مِنْ أرَبِي ن.
ص: 180
إنَّا إلى الله راجعونَ على
سَهْوِ اللّيالي وَغَفْلةِ النُّوَبِ
غدا عليٌّ ورُبَّ مُنْقَلَب
أشأمَ قَدْ عادَ غيرَ مُنْقَلبِ
فاغترَّهُ السّيفُ وَهْوَ خادِمُهُ
متى يُهِبْ في الوَغَى به يُجِبِ (1)
أودى ولو مَدّ عَيْنَهُ أسَدَ
الغاب لناجى السَّرحانَ في هَرَبِ (2)
يا طُولَ حُزْني ولَوْعَتي وتبا
ريحي ، ويا حَسْرَتي ويا كُرَبِي
لِهَولِ يَوْم تَقَلَّصَ العِلْمُ والدِّينُ
بِثَغْرَيْهِما عَنِ الشَّنَبِ (3)
ذَلِكَ يَومٌ لَمْ تَرْمِ جائحَةٌ
بِمِثْلِهِ المُصْطَفى وَلَمْ تُصِبِ (4)
يَومٌ أصَابَ الضُّحى بِظُلْمَتِهِ
وَقَنَّعَ الشّمسَ من دُجَى الغُهَبِ (5)
وغادَرَ المعولاتِ مِنْ هَاشمِ
الخَيرِ حَيارى مَهْتُوكَةَ الحُجُبِ
بعد تلك الأبيات الرثائية المفجعة ، ينقلنا ديك الجنِّ إلى الحوادث التي ألمّت بأمير المؤمنين عليه السلام ، وتآمر القوم بعد استشهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فأقصوا وصيّه من الخلافة ؛ فهذا عمر بن الخطّاب قد أظهر لهاشم عداوته ، واجتمع الزمان مع القوم في خناقه ومعاندته لآل الرسول عليهم السلام حتّى صرعهم بين قتل وسبي ، وفي هذا المعنى إشارة صريحة في الأبيات السابقة.
ثمّ تجد في البيت : (فاغترّهُ السيفُ وهو خادمه ...) إشارة على مصرع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بسيف الغدر والخيانة ، إذْ أقدم ابن ملجم المرادي في تحقيق مأربه ، فاستلّ سيفه ؛ ليغتال أمير العلم والمعرفة والبيانة.
ص: 181
علي بن أبي طالب عليه السلام.
فيا عجباً من السيف الذي كان خادماً مطيعاً لأمر مولاه وإذا يسقط مولاه صريعاً في محرابه ، هذا البطل الضرغام الذي كانت تهابه الأسود والسباع ...!
ثمّ يتحسّر الشاعر على مصرع سيّده أمير المؤمنين عليه السلام ويشتدّ جزعه ، إنّه يوم تذهل فيه العقول ، ويخرس كلّ منطيق ، حتّى بدى الفجر مظلماً مسودّاً ؛ لهول المصاب ، واختفت الشمس بقناع الليل الحالك في ظلامه.
تَمْرِي عُيُوناً على أبِي حَسَن
مَحْفوفةً بالكُلومِ والنّدَبِ (1)
تَغْمُرُ رَبْعَ الهُمومِ أعيُنُها
بالدَّمعِ حُزْناً لِرَبْعِها الخَرِبِ
تَئِنُّ والنَّفْسُ تَسْتَدِيرُ بِها
رَحَىً مِن المَوْتِ مَرّةَ القطبِ (2)
لَهْفِي لِذاك الرّواءِ أم ذلِكَ
الرأي ، وتِلكَ الأنباءِ والخطبِ (3)
يا سَيّدَ الأوصياءِ والعاليَ
الحجّةِ والمُرْتَضَى وذا الرُتَبِ
إنْ يَسْرِ جَيشٌ الهُمُومِ مِنْكَ إلى
شَمْسِ مِنىً والمَقامِ والحُجُبِ (4)
فَرُبّمَا تَقْعَصُ الكُماةَ بأق-
-دَامِكَ قَعْصاً يُجثي على الرُّكَبِ (5)
ورُبَّ مُقْوَرَّة مُلَمْلَمَة
في عارِض للحمامِ مُنْسَكِبِ (6)ت.
ص: 182
فَلَلْتَ أرجاءَها وَجَحْفَلَها
بذي صِقال كوامِضِ الشُّهُبِ (1)
أو أسْمرِ الصَّدْرِ أصفَر أزرقِ
الرّأسِ وإنْ كانَ أحْمَرَ الحَلَبِ (2)
أوْدى عليٌّ صلّى على روحِهِ
الله صَلاةً طَويلَةَ الدّأبِ
وكُلُّ نفس لِحَيْنِها سَببٌ
يَسْري إليهَا كهيئَةِ اللَّعِبِ (3)
الناسُ بالغيبِ يَرْجُمُونَ وما
خِلْتُهُمُ يَرْجُمونَ عن كَثَبِ (4)
وفي غد فاعْلَمَنْ لِقاؤهُمُ
فإنَّهُمْ يَرْقُبونَ ، فارتَقِبِ
بمصرع الإِمام علي عليه السلام نزفت عيون الهاشميّات دماً ، فهي مكلومة إلى الأبد ، وأمّا ديارهنّ فقد أصابها البلى ، واعتراها الخراب والدمار ، وإنّ دار أبي حسن هي مهوى الدموع وهي دار الهموم والأحزان ، وأمّا العقائل من المخدّرات ، فقد لازمن الحزن - وهو سرمدي لهنّ - ونفسهن توّاقة للموت بعد الإمام علي عليه السلام ، وهكذا رحى الموت يستدير بهنّ إذ لا خير في البقاء بعد أبي الحسن.
وبعد ذلك يتحسّر ديك الجنّ مرّة بعد مرّة على فقدان أمير المؤمنين عليه السلام ، أمير العدل والجمال والعقل والمعرفة ، ويعدّد مناقبه ومآثره في الحرب والسلم ، ثمّ يختم قصيدته بالصلاة على أمير المؤمنين عليه السلام.
وممّا قاله في رثاء الإمام الحسين عليه السلام :
جَاؤوا برأسِكَ يا بنَ بنتِ محمد
مُتَرَمِّلاً بِدِمائهِ تَرمِيلاً
وكأنَّما بِكَ يا بن بنتِ محمد
قَتَلُوا جِهاراً عامِدينَ رَسُولا ب.
ص: 183
قَتَلوكَ عطشاناً ولمّا يرقبوا
في قتلِكَ التنزيل والتّأويلا
ويكبّرون بأن قُتِلْتَ وإنّما
قَتلَوا بك التكبير والتّهليلا
نقضوا الكتابَ المستبين وأبرموا
ما ليس مرضيّاً ولا مقبولا (1)
ربّما نسبت هذه الأبيات لخالد بن معدان الطائي (2) كما أنّ البعض نسبها لابن سنان الخفاجي ، قيل : إنّ خالداً - وهو من فضلاء التابعين - لمّا شاهد رأس الإِمام الحسين عليه السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلمّا وجدوه بعد إذ فقدوه ، سألوه عن سبب ذلك ، فقال : ألا ترون ما نزل بنا ، ثمّ أنشأ يقول الأبيات.
وقد نسبها ابن شهر آشوب في المناقب إلى خالد ؛ إذ أنّه بقي إلى ما بعد قتل الإِمام الحسين عليه السلام.
وأمّا المجلسي ، فإنّه ينقل عن بعض كتب المناقب القديمة أنّ خالد بن معدان كان يومئذ بالشام ، فإنّه روى عن تلك الكتب بإسناده عن البيهقي ، عن علي بن محمد بن الأديب يذكر بإسناد له : إنّ رأس الإِمام الحسين عليه السلام لمّا صلب بالشام اختفى خالد بن معدان ، - هو أفضل التابعين - عن أصحابه فطلبوه شهراً حتّى وجدوه ، فسألوه عن عزلته ، فقال : أما ترون ما نزل بنا ، ثمّ انشأ يقول : 2.
ص: 184
* جاؤا برأسك يا بن بنت محمد *
الأبيات ...
قال : وقد نسب إلى خالد بن معدان في رثاء الإِمام الحسين عليه السلام قالها حين مجيء السبايا والرؤوس إلى الشام ...
قال السيّد شبّر : ويبعد أن يكون هو الطائي هذا ؛ لأنّه يكون قد بلغ المائة أو تجاوزها ، ولو كان كذلك لذكر ، ويمكن كونه الكلاعي الشامي الحمصي المتوفّى سنة 103 ه- أو أكثر (1).
ومن روائع شعر ديك الجنّ قصيدته الرائية في رثاء الإِمام الحسين عليه السلام وأخوته وبني عمومته من آل جعفر وعقيل ...
وهي مشهورة ، ويذكر الشاعر مناقب أمير المؤمنين عليه السلام في آخرها :
ما أنتِ منّي ولا رَبْعاك لي وَطَرُ
الهَمُّ أمْلَكُ بي والشَّوقُ والفِكَرُ
وراعها أنّ دمعي فاضَ منتثراً
لا أوْ تَرى كَبِدي للحُزنِ تنتثرُ
أينَ الحُسَيْنُ وقَتلى من بَني حَسَن
وجَعْفَر وعَقِيل غالهم غَمِرُ
قَتلى يَحِنُّ إليها البَيْتُ والحَجَرُ
شوقاً ، وتَبْكِيهُمُ الآياتُ والسُّوَرُ
ماتَ الحُسَينُ بأيد في مغائظها
طولٌ عليه وفي إشفاقِها قِصَرُ (2)
لا دَرَّ دَرُّ الأعادي عِنْدَما وَتَرُوا
ودرَّ دَرُّكِ ما تَحْوِينَ يا حُفَرُ (3)
لَمَّا رأوا طُرُقاتِ الصَّبر مُعْرِضَةً
إلى لقاء ولقيا رَحْمَة صَبَرُوا م.
ص: 185
قالوا لأنفُسِهِمْ : يا حبّذا نَهَلٌ
محمد وعليٌّ بَعْدَهُ صَدَرُ (1)
رِدُوا هَنِيئاً مَريئاً آل فَاطِمَة
حَوْضَ الرّدَى فارتَضوا بالقَتْلِ واصطَبِروا
الحَوضُ حَوْضُهُمُ ، والجدُّ جَدُّهُمُ
وَعِنْدَ ربِّهِمُ في خَلْقِهِ غِيَرُ
أبكِيكُمُ يا بَني التَّقوى وأُعوِلُكُمْ
وأَشْرَبُ الصَّبرَ وهو الصّابُ والصَّبرُ (2)
أبكِيْكُمُ يا بَني بِنْتِ الرّسُولِ ولا
عَفَتْ مَحَلّكُمُ الأنواءُ والمَطَرُ (3)
مالي فَراغٌ إلى عُثمانَ أندُبُهُ
ولا شَجَاني أبُو بَكْرِ ولا عُمَرُ
لَكُم عَدِيٌّ وتَيْمٌ ، بل أزِيدُكُمُ
أمَيَّةً ، ولنا الأعلامُ والغُرَرُ
في كِلِّ يَوم لقلبي مِنْ تَذَكُّرِهم
تَغْرِيبةٌ وَلِدَمْعِي مِنْهُمُ سَفَرُ (4)
مَوْتاً وَقَتْلاً بِهامات مُفَلّقة
مِنْ هاشِم غابَ عَنها النَّصرُ والظَّفَرُ (5)
كَفى بأنّ أنَاةَ الله واقِعَةٌ
يَوْماً ، ولله في هذا الوَرَى نَظَرُ (6)
أنسى عليّاً وتَفنيدَ الغُواةِ له
وفي غَد يُعْرَفُ الأفّاكُ والأشِرُ (7)
مَنْ ذا الذي كَلَّمَتْهُ البِيدُ والشَّجرُ؟
وسَلّمَ التُرْبُ إذ ناداهُ والحَجَرُ (8)؟
حتى إذا أَبْصَرَ الأحْياءُ مِن يَمَن
بُرْهانَهُ آمَنُوا مِنْ بَعْدِما كَفَروا ء.
ص: 186
أَمْ مَنْ حَوَى قَصَبات السَّبقِ دُونَهُمُ
يَوْمَ القليبِ وفي أعْناقِهم زوَرُ (1)
أَمْ مَنْ رَسا يَوْمَ أُحْد ثَابِتاً قَدَماً
وفي حُنَين وسَلْع بَعْدَما عَثَروا (2)
أمْ مَنْ غَدا داحياً بابَ القُموص لَهُمْ
وفاتِحاً خيبراً مِنْ بَعْدِ ما كُسِروا (3)
أَليْسَ قامَ رسول الله يخطُبُهمْ
وقال : مولاكُمُ ذا أيُّها البَشَرُ
أضَبْعَ غَيْرِ عليٍّ كان رافِعَه
محمد الخيرِ أمْ لا تَعْقِلُ الحُمُرُ (4)
وقال من مرثية في الإِمام الحسين عليه السلام (5) :
أصْبَحْتُ مُلقى في الفِراشِ سَقِيما
أَجِدُ النَّسيمَ مِنَ السّقام سَموما (6)
ماء من العَبَراتِ حَرَّى أرضُهُ
لو كان مِنْ مَطَر لكَانَ هَزِيما (7)
وبلابِلٌ لو أنّهُنَّ مآكِلٌ
لم تُخْطِىء الغِسلِينَ والزَّقُوما
وَكَرىً يُرَوّعُنِي سَرَى لو أنّه
ظِلٌّ لكانَ الحَرَّ واليَحْمُوما (1)
مَرَّتْ بِقَلْبي ذِكْرَياتُ بَنِي الهُدى
فَنَسِيتُ مِنْهَا الرَّوْحَ والتّهويما (2)
وَنَظَرْتُ سِبطَ محمد في كَربلا
فَرْداً يُعاني حُزْنَهُ المَكْظوما
تَنْحو أضالِعَهُ سيُوفُ أُمَيَّة
فتراهُم الصّمصُوَم فالصّمصوما (3)
فالجِسمُ أضحى في الصّعِيدِ موزّعاً
والرّأسُ أمسى في الصِعاد كَريما (4)
يُطْلِعُنا الشاعر في هذه الأبيات على صورة من أحاسيسه الصادقة تجاه أرض البطولات التي أضحت الأجساد فيها مبضّعة بسيوف الطغاة.
لقد أصبح الشاعر ديك الجنّ - لهول تلك المصائب - طريح الفراش ، مريضاً يتلوّى من الألم ، فلم يجد للحياة من لذّة أو طعم حلو المذاق ، بل وحتّى النسيم من الهواء إذا مرّ به فلا يجد له اُنساً بل كأنّه ريح السموم.
ثمّ يصف الشاعر حزنه وما انطوت عليه نفسه ، فأمّا عيونه فالدموع تنحدر غزيرة على خدّيه الملتهبين ، ولو كان دمعه مطراً ، لما كان له انقطاع.
أمّا وساوسه لو كانت مألوفة تؤكل لكانت أشدّ مرارة وقذارة من غسالة أهل النار وصديدهم ، وأشدّ مرارة من شجر الزقّوم.
ثمّ يتذكّر الشاعر ما جرى لأبناء عليّ عليه السلام ، وما حلّ بهم فيقول : نسيت راحتي ونومي ، ثمّ نظرت سبط النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في كربلاء وحيداً مثخناً ح.
ص: 188
بالجروح يتألّم من حزنه المكتوم ، وسيوف أعدائه وقاتليه تضرب أضالعه الشريفة ، وجميعهم مصمّم على قتله ، حتّى فصلوا رأسه عن جسده الطاهر ، فالرأس منه فوق الرماح ، وجسده أشلاء موزّعة على التراب.
ص: 189
يك الجنّ والفخر
من شأن كلِّ أديب أو شاعر أن يفتخر بأدبه ، وشاعرنا - على أنّه عربي أصيل ينتمي إلى بني كلاب - يفتخر بهذا النسب ، كما أنّه يمدح كسرى وقيصر ؛ لأنّهما أهل حضارة عريقة ، وقد أخذ عليه النقّاد هذا اللون من المدح حتّى رموه بالشعوبية ، ياليتهم عرفوا معنى الشعوبية؟! والذي صدر إنّما لقلّة معرفة ، وعدم وضوح هذا المصطلح عند الكثير ...
بين الفخر والشعوبية
الفخر : هو مدح الإنسان نفسه أو قبيلته بما له ولها من المنزلة والفروسية والمآثر في السلم والحرب ، وهو غرض عرفته جميع العصور الأدبية ، وإذا كسدت بضاعة هذا الفنّ في صدر الإسلام فقد راجت سوقه في العهد الأُموي ، وما بعده من العصور.
وقد افتخر الشاعر بعقيدته ومذهبه في قصائده ، وأجاد في سبك معاني قصائده تلك ، وذهب يتغنّى ويفخر بأمجاده ، ولكن في قصائد أخرى يتحمّس الشاعر ؛ لينتقل إلى ربوع الشام المتاخمة للروم مهد القياصرة.
وهكذا يدفع بنفسه فيذكر الأكاسرة ؛ لما لهم من قديم حضارة وتراث ، وفي ذلك يقول مفتخراً :
إنِّي بِبَابكَ لاَوُدّي يُقَرّبني
ولا أَبي شَافِعٌ عِندي ولا نَسَبي (1)9.
ص: 190
إنْ كانَ عرفُك مَذخوراً لذي سَبَب
فاضمُمْ يَدَيْكَ عَلى حرٍّ أخي سَبَبِ (1)
أو كُنتَ وافقْتَهُ يَوماً على نَسَب
فاضْمُمْ يديكَ فَإنِّي لستُ بالعربي
إنِّي امْرؤٌ بازِلٌ في ذروتَيْ شَرَف
لقيصَر ولكسرى محتدي وأبي (2)
حَرفٌ أمُونٌ ورأيٌ غيرُ مشترك
وصارِمٌ من سيوفِ الهندِ ذو شطبِ (3)
خوَّاضُ ليل تهابُ الجنُّ لجّتَه
وينطوي جَيشُها عن جيشهِ اللَّجِبِ
ما الشَّنفَريّ وسليكٌ في مُغَيّبة
إلاّ رَضيعا لبان في حِمى أشِبِ (4)
والله ربّ النبي المصطفى قَسَماً
برّاً وحقِّ منى والبيتِ ذي الحُجُبِ
والخمسةِ الغرِّ أصْحاب الكساء معاً
خير البريّة من عُجْم ومن عَرَبِ
ما شِدّة الحِرص من شأني ولا طلبي
ولا المكاسِبُ من هَمِّي ولا أرَبي
لكِن نوائِبُ نابتني وحادِثةٌ
والدَّهْرُ يَطْرُقُ بالأحْداثِ والنُّوَبِ
وليس يَعْرِفُ لي قَدْري ولا أدبي
إلاَّ امْرؤٌ كانَ ذا قَدْر وذا أدَبِ
لا يَفْتُنَنَّكَ شكري إن ظَفِرْتَ بهِ
فإنّها فُرْصَةٌ وافتْكَ من كَثَبِ
واعلَم بأنّكَ ما أَوْدَعْتَ من حَسَن
عندي ففي حَسَن أنْقى من الذَّهَب
من هنا نسب الشاعر إلى الشعوبية ، وأوّل من أشاع هذه التهمة أبو الفرج الأصفهاني فقال :
«كان شديد التشيّع والعصبية على العرب ، يقول : ما للعرب علينا ه.
ص: 191
فضل ، جمعتنا وإيّاهم ولادة إبراهيم عليه السلام ، وأسلمنا كما أسلموا ، ومن قتل منهم رجلاً منّا قُتِلَ به ، ولم نجد الله عزّوجلّ فضّلهم علينا إذ جمعنا الدين» (1).
وأخذت هذه الكلمات تجترّ في كتب الأدب والتراجم والمجاميع الشعرية.
فهذا ابن خلّكان يقول :
«وكان يفخر على العرب ، ويقول : ما لهم فضل علينا أسلمنا وأسلموا» (2).
غير أنّ بروكلمان نقل ما يشعر بالتفاضل فقال :
وكان يتعصّب لأهل الشام على العرب ذاهباً مذهب الشعوبية ، ومن ثمّ لم يتمّ له عزم على مغادرة وطنه (3).
وسرى هذا الاتهام عند المعاصرين من الكتّاب ، فالدكتور محمد محجوب يسرد أسماء جماعة من الشعراء في قائمة الشعوبيّين ، فيذكر منهم : أبا نواس ، ودعبل الخزاعي ، والخريمي ، وأبا إسحاق المتوكّل ، وابن الرومي ... ثمّ يحشر ديك الجنّ في صفوف أُولئك ، لاصقاً به ذلك التشنيع والاتهام فيقول :
... فهؤلاء هم شعراء الشعوبية الذين استطعنا أن نستنشق نزعتهم تلك من أشعارهم ، أو الذين أشار الرواة إلى أنّهم من صميم الشعوبيّين.
على أنّ هناك شاعراً آخر من الموالي لم نجد له بيتاً واحداً يشير إلى 7.
ص: 192
شعوبيّته ، ومع ذلك فقد نصّ ابن خلّكان على عصبيّته على العرب بقوله : «وكان يفخر على العرب ...» ، ونعني به ديك الجنّ : عبد السلام بن رغبان ... الكلبي الذي ولد بمدينة حمص ، وتوفّي في خلافة المتوكّل سنة 235 ه.
ثمّ ينقل كلام الجهشياري فيقول : وإذا علمنا أنّه كان متشيّعاً ، وأنّه كان ماجناً خليعاً عاكفاً على اللهو والقصف - كما يقول ابن خلّكان ، وهذا من مظاهر الشعوبية - فقد حقّ لنا بعد هذا أن ننظمه في سمط الشعوبية ، كما فعل الأُستاذ السباعي مع بشّار والخريمي وغيرهما (1).
أقول : إنّ العبارات المنسوبة لديك الجنِّ والأبيات المارّة الذكر ، ليست حجّة لأُولئك الكتّاب والأُدباء ، الذين أدرجوا الشاعر في صنف الشعوبية ، بعدما عرفت أنّ ديك الجنِّ ليس فارسيّاً ، ولا روميّاً ، ولا من الترك ، أو الهنود أو ... بل هو عربيٌّ أصيل ، وأنّه ينتمي إلى بني كلاب ، فهو تميمي كلبي حمصي.
إذن هو من قبيلة عربية ، وولاؤه عربي ، ومنشؤه وموطنه بلاد العرب ، أي : الشام التي عرفت بحضارتها منذ آلاف السنين.
ثمّ إنّ الشاعر لم يبرح وطنه إلى بلاد أخرى ، ولم يتكسّب بشعره ، ولم يدخل بلاط الحكومة ، ولم يختلط مع ساسة البلاد ووعّاظ السلاطين ... فأي عذر لهؤلاء عندما صنّفوا الشاعر في حقل الشعوبية ...؟! 4.
ص: 193
ديك الجنّ والمديح في شعره
يكاد مديح الشاعر - الذي هو بأيدينا يكون على قلّته - منحصراً في أهل البيت عليهم السلام ، عدا عدّة قصائد في جعفر وأخيه ابني علي الهاشمي إذْ مدحهما وهما اُمراء في السلمية ...
قال في مدح أهل البيت عليهم السلام (1) :
شَرَفي مَحَبَّةُ مَعْشَر
شَرُفوا بسُورةِ «هَلْ أتى؟»
وَوِلايَ فِيمَنْ فَتْكُهُ
لذوي الضَّلالةِ أخْبتا (2)
وإذا تَكَلَّمَ في الهُدى
حَجّ الغَويَّ وأسكَتا
فَلِفَتْكِهِ وَلِهَدْيِهِ
سَمّاهُ ذُو العَرْشِ الفَتى
ثَبْتٌ إذا قَدَما سوا
هُ في المَهاوي زَلَّتا
لم يَعْبُدِ الأصنامَ قَطُّ
ولا أرابَ ، ولا عَتا (3)
غَرَسَتْ يَدُ البَارِي لَهُ
رِبْعَ الرّشادِ فَأَنْبَتا
وأقامَهُ صِنْوا لأحم-
-دَ دَوْحُهُ لَنْ يُنحَتا
صِنْوانِ هَذا مُنْذِرٌ
وافى ، وذا هَاد أتى
يَهْدِي لما أوفَى بِهِ
حُكْمُ الكِتابِ وأَثْبَتا
فَهُوَ القَرِينُ لَهُ وما
افتَرَقا بصَيف أو شِتا د.
ص: 194
لكِنَّما الأعداءُ لَمْ
يَدَعُوهُ أن يَتَلفّتا
ثِقْلُ الهُدى وكتابُهُ
بَعْدَ النّبيّ تَشَتَّتا
واحَسْرَتا من غَصْبِهِ
وسُكُوتِهِ ، وَاحَسْرَتا
طالَتْ حياةُ عَدوّهِ
حَتّى مَتى؟ وإلى مَتى؟
يفتخر ديك الجنِّ بالشرف الذي ناله من خلال الانتساب إلى أهل البيت عليهم السلام بولائه لا بحسبه ، فإنّ محبّته لهم شرف ؛ لأنّ الله سبحانه شرّف أهل بيت نبيه بقرآن أنزله فيهم ، فمن الذكر الحكيم آيات وسور في مدحهم والثناء عليهم ، والشاعر يصرّح بتلك السورة التي نزلت في تكريم هؤلاء الأطهار وهي (سورة الدهر).
ولاء الشاعر : لمن يكافح ويجاهد من أجل إعلاء كلمة الحقّ ، ولمن يبطش بأهل الضلالة والكفر ...
ثمّ يؤكّد الشاعر على لقب أمير المؤمنين عليه السلام ، الذي نادى به جبرائيل عليه السلام في السماء في أكثر من معركة : «لا فتى إلاّ عليّ ...»
الأبيات كثيرة المعاني سهلة الألفاظ خالية من التعقيد.
ص: 195
مصادر البحث
1 - القرآن الكريم.
2 - اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري ، الدكتور محمد مصطفى هدارة ، مكتبة الدراسات الأدبية ، دار المعارف ، القاهرة.
3 - اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري ، يوسف حسين بكّار ، دار الأندلس ، بيروت.
4 - أخبار النساء ، ابن القيّم الجوزية؛ محمد بن أبي بكر ، الطبعة الأولى ، دار مكتبة الحياة ، بيروت.
5 - أدب الطفّ ، جواد شبّر ، الطبعة الأولى ، بيروت 1977 م ، وطبعة مؤسّسة البلاغ 1409 ه.
6 - أعلام الأدب والفنّ ، أدهم الجندي ، دمشق ، 1954 م.
7 - أعيان الشيعة ، محسن الأمين العاملي ، طبع دار التعارف ، بيروت.
8 - الأغاني ، أبو الفرج الأصبهاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1986 م ، وطبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
9 - الإيضاح في علوم البلاغة ، القزويني ، شرح عزّ الدين التنوخي.
10 - تاريخ آداب اللغة العربية ، القزويني ، تحقيق محمد عبد المنعم الخفاجي ، الطبعة الثالثة ، دار الجيل ، بيروت 1993 م.
11 - تاريخ الأدب العربي ، بروكلمان ، الطبعة الثانية ، والطبعة الثالثة ، دار الكتاب الإسلامي ، قم.
12 - تاريخ الأدب العربي ، السباعي.
13 - تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 2001 م.
14 - تزيين الأسواق في أخبار العشّاق ، الطبعة الأولى ، منشورات دار حمدو ، بيروت 1972 م.
15 - التشيّع وأثره في شعر العصر العبّاسي الأوّل ، الدكتور محسن غياض ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف.
ص: 196
16 - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ، أبو منصور الثعالبي ، دار النهضة في مصر 1965 م.
17 - حلبة الكميت ، النواجي.
18 - حياة الحيوان ، كمال الدين الدميري ، المكتبة الإسلامية لرياض الشيخ ، وطبعة دار القاموس الحديث ، بيروت.
19 - ديوان الصبابة ، شهاب الدين أحمد المغربي ابن حجلة التلمساني ، دار حمدو بيروت ، وطبعة مصر بتحقيق محمد زغلول.
20 - ديوان ديك الجنّ ، تحقيق الدكتور أحمد مطلوب ، بيروت 1964 م.
21 - ديوان ديك الجنّ ، تحقيق عبد الله المهنّا ، دار الفكر اللبناني ، بيروت 1990 م.
22 - ديوان المعاني ، أبو هلال العسكري ، دار الأضواء ، بيروت 1989 م.
23 - ديوان ديك الجنّ ، تحقيق الملوحي ودرويش ، حمص ، 1960 م.
24 - ديوان ديك الجنّ ، تحقيق انطوان محسن القوّال ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1994 م.
25 - روضة المحبّين ، ابن القيّم الجوزية ، محمد بن أبي بكر ، دار الكتاب ، بيروت.
26 - زهر الأدب وثمر الألباب ، أبو إسحاق القيرواني ، دار الكتاب ، بيروت وطبعة دار الجيل ، تحقيق الدكتور زكي مبارك.
27 - سير أعلام النبلاء ، محمد بن أحمد الذهبي ، مؤسّسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، بيروت 1981 م.
28 - شرح المقامات ، أحمد بن عبد المؤمن القيسي ، الطبعة الثانية ، بولاق ، القاهرة 1300 ه- ، وطبعة المكتبة الثقافية ، بيروت.
29 - الشعوبية ، الدجيلي.
30 - ظلمات الهاوية ، الشيخ النوري.
31 - العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، دار الجيل ، الطبعة الرابعة ، بيروت 1972 م.
ص: 197
32 - الغارات ، إبراهيم بن محمد الثقفي (ت 283 ه) ، قم ، مطبعة بهمن.
33 - الغدير في الحديث والتاريخ والأدب ، عبد الحسين الأميني ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، وطبعة إيران.
34 - الغيث المسجم في شرح لامية العجم ، صلاح الدين الصفدي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1975 م.
35 - الفهرست ، ابن النديم (ت 377 ه) ، الطبعة الثالثة ، دانشگاه طهران.
36 - قواعد الشعر ، أبو العباس ، أحمد بن ثعلب ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، 1996 م.
37 - كتاب الغارات ، إبراهيم بن محمد الكوفي الثقفي (ت 283 ه).
38 - الكشكول ، يوسف البحراني ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف 1961 م.
39 - الكنى والألقاب ، عبّاس القمّي ، مطبعة العرفان ، صيدا 1358 ه- والمطبعة الحيدرية ، النجف 1376 ه.
40 - لسان العرب ، ابن منظور ، أدب الحوزة ، قم.
41 - المثل السائر ، ضياء الدين ابن الأثير ، دار نهضة مصر للطبع والنشر ، القاهرة.
42 - مثير الأحزان ، ابن نما.
43 - مجلّة المجمع العلمي العربي ، دمشق ، ج 5 / 405.
44 - مجمع البحرين ، الشيخ الطريحي (ت 1085 ه) ، مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، طهران.
45 - محاضرات الأدباء ، الراغب الأصفهاني ، تحقيق د. عمر الطبّاع ، دار الأرقم ، بيروت ، 1999 م.
46 - المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب ، الريّ الرّفاء.
47 - المختصر في أحوال البشر ، أبو الفداء؛ إسماعيل بن علي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1997 م. وطبعة أولى القاهرة.
48 - المستطرف من كلّ فنّ مستظرف ، الأبشيهي.
49 - مظاهر الشعوبية ، الدكتور محمد محجوب.
50 - نسمة السحر ، يوسف بن يحيى الصنعاني (ت 1121 ه) ، دار المؤرّخ العربي ، الطبعة الأولى ، بيروت 1999 م.
ص: 198
51 - نشوار المحاضرة ، القاضي المحسن بن علي التنوخي ، 1971 م.
52 - نقد الشعر ، قدامة بن جعفر ، تحقيق محمد عبد المنعم ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
53 - نهاية الإرب ، النويري ، دار الكتب العصرية ، القاهرة 1935 م. وطبعة أُخرى.
54 - الوافي بالوفيات ، صلاح الدين الصفدي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 2000 م.
55 - وفيات الأعيان ، ابن خلّكان (ت 681) ، تحقيق إحسان عباس ، دار الثقافة ، بيروت ، الطبعة الثانية.
ص: 199
السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره
(1170)
صلاة الآيات
للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.
أوّله : (الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة على سيّد المرسلين وآله الطيِّبين الطاهرين) وبعد فيقول ... أنّ هذه العجالة الأنيقة والوجيزة الرشيقة ...).
نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتابة القرن الثالث عشر بآخر مجموعة أكثرها من رسائل المصنّف ، رقم 415.
(1171)
صلاة الجماعة
للعلاّمة الفقيه المحقّق الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1361.
أوّله : (الحمد لله والصلاة على نبيِّه محمد وآله ، وبعد فهذه نبذة ممّا
ص: 200
يتعلّق بصلاة الجماعة وفيه فصول ...).
نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل في 57 ورقة ، رقم 2096.
(1172)
صلاة الجمعة
للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.
أوّله : (الحمد لله البارّ بالبريّات الجامع للشتات المؤلّف بين المختلفات وصلّى الله على أوّل من قام خطيباً في الجمعات ...).
نسخة بخطّ فارسي جميل الكتابة من القرن الثالث عشر ضمن مجموعة فقهية أكثرها للمؤلّف ، رقم 415.
(1173)
صلاة الجمعة
للشهيد الثاني الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي الشهيد عام 966.
نسخة كتبها محمد جواد الموسوي الحسيني الحائري بخطّ نسخ جيّد في سنة 1255 عن نسخة منقولة عن خطّ الشيخ علي بن محمد ابن المصنّف بأوّل مجموعة رقم 415.
(1174)
صلاة الجمعة
للمولى إسماعيل بن الحسين بن محمد رضا بن علاء الدين محمد المازندراني المعروف بالمولى إسماعيل الخاجوئي.
ص: 201
اختار الحرمة ، وردّ فيها على المحقّق الفيض الكاشاني في كتاب الشهاب الثاقب حيث حاول فيه إثبات وجوبها وهذه رسالة مبسوطة وأمّا كتاب الفيض فهو مطبوع.
أوّلها : الحمد لله الذي جعل الصلاة ذريعة للتقرّب ومعراجاً للمؤمنين وأمر بفعلها.
نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف وعليها تعليقات كثيرة منه مد ظلّه ، ضمن مجموعة رقم التسلسل 597.
(1175)
صلاة الجمعة
للمحدث الفقيه الورع التقي محمد تقي بن مقصود علي الأصفهاني المجلسي الأوّل ، المتوفّى سنة 1070 ، ولكن خطبة نسختنا هذه تخالف ما نقله شيخنا في الذريعة له من الخطبة ، والخطبة في نسختنا هكذا أوّله : (الحمد لله الذي لم يجعل لمرقى أقدام الأوهام ومرمى سهام الأفهام على حمى عظمته مجرى ...).
ونقل شيخنا دام ظلّه في الذريعة عن المحدّث الفيض في الشهاب الثاقب أنّ المجلسي أورد في رسالته مائتي حديثاً حول صلاة الجمعة وهي تنطبق على نسختنا. وفي آخرها مبحث حجية أخبار الآحاد وخاتمة في الرجال تعرّض لحال الرواة في سلسلة أسناد ما رواه من الأحاديث المائتين على حسب الحروف المعجم بدأ بأبان ، وختم بيونس ، ثمّ تتميم في اختلاف اصطلاح المتقدّمين في الصحيح والضعيف مع المتأخّرين والرسالة مبسوطة حسنة.
ص: 202
نسخة فرغ الكاتب منها سنة 1179 ، وقبله فائدة للشيخ الحرّ العاملي في أنّ لا قائل بأصالة الوجوب في الأفعال ولكن الكثير قائلون بأصالة الحرمة عند الشكّ ...) ، وبعد الرسالة مسألة من إفادات المولى رفيع الدين الجيلاني ، رقم المجموعة 864.
(1176)
صلاة الجمعة
للمحقّق الكركي وهو المحقّق الثاني الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي العاملي الكركي ، المتوفّى سنة 940.
أوّله : (بعد الحمد لله على سوابغ نعمه الغامرة والصلاة على محمد حبيبه وآله العترة الطاهرة ، فقد طال تكرار سؤال المتردّدين إليّ عن حال شرعية صلاة الجمعة في هذه الأزمان ...). فرغ منها 6 محرّم سنة 921.
نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ تبدأ من ورقة 70 ب وتنتهي بورقة 77 ب رقم المجموعة 414.
نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ جيّد كتبت في أوائل القرن الثالث عشر ، رقم المجموعة 951.
(1177)
صلاة الجمعة
فارسي.
رسالة مبسوطة الظاهر أنّه في إثبات الوجوب العيني لصلاة الجمعة ، استدلالية مبسوطة ، تأليف المحدّث الفقيه المولى محمد صالح المازندراني ،
ص: 203
ردّ فيه على القائلين بالواجب التخييري مبسوطاً ، وعقد بآخره فصلاً مشبعاً جمع الإجماعات المدعاة في مسائل تحقّق الخلاف فيها أوّلها : دعوى السيّد المرتضى الإجماع على وجوب خمس تكبيرات في كلّ ركعة للسجود والركوع والقيام من السجود وعلى وجوب القنوت وأمثال هذه الإجماعات.
نسخة عتيقة ، كتابة عام 1110 قريبة من عهد المؤلّف ، 164 ورقة ، بمقاس 13 × 20 ، تسلسل 610.
(1178)
صلاة الجمعة
فارسي.
للمحقّق الخونساري جمال الدين محمد بن الحسين الخونساري ، كتبها باسم الشاه سليمان الصفوي.
نسخة بخطّ أحد خطّاطي القرن الثاني عشر بخطّ نستعليق جميل ، في 102 ورقة ، مقاسها 10 × 16 ، تسلسل 338.
(1179)
صلاة العيدين
للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.
أوّله : اعلم أنّ صلاة العيدين واجبة في كلّ زمان على كلّ مكلف إلاّ ما استثنى ...).
نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتابة القرن الثالث عشر ، ضمن مجموعة فقهية أكثرها للمؤلّف ، رقم 415.
ص: 204
(1180)
صلاة المسافر
للفقيه المحقّق العلاّمة المشارك في العلوم العقلية والنقلية الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1361.
أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي سيّد المرسلين محمد وآله الطاهرين وبعد فهذه نبذة من القول فيما يتعلّق بصلاة المسافر والكلام تارة في شرائط القصر وأُخرى في أحكامه فهنا مقامان).
آخره : (وهذا آخر ما أردنا إيراده فيما يتعلّق بصلاة المسافر ، ونسأل الله جلّ جلاله العفو عن الجرائم والجرائر والحمد لله أوّلاً وآخر والصلاة على نبيّه باطناً وظاهراً 20 جمادى الأُولى سنة 1359.
نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل 44 ورقة ، رقم 2094.
(1181)
صواعق اليهود
فارسي.
هو رسالة فارسية في أحكام الجزية ، تأليف شيخ الإسلام العلاّمة المحدّث المجلسي محمد باقر بن محمد تقي الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1111.
أوّله : (الحمد لله الذي أعزّ الإسلام والمسلمين ، وأذلّ الكفر ، وأتى بالدين المبين ...).
نسخة ضمن مجموعة من رسائله الفارسية ، كتبها محمد حسين بن
ص: 205
محمد أمين بخطّ نسخ جيّد ، تاريخ فراغه من بعضها سنة 1125 ، من الورقة 100 ب - 105 ب ، وعليها تملّك السيّد عبد الباقي الخواتون آبادي سبط المؤلّف ، رقم التسلسل 654.
(1182)
الصوم
للشيخ هادي بن محمد أمين الطهراني ، المتوفّى سنة 1320.
نسخة بخطّ جيّد ، رقمها 872.
(1183)
الصوم
للفقيه الأكبر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي ، المتوفّى سنة 1228.
أوّله : (الحمد لله الذي خلق الأنام ، وأوضح لهم مبهمات الأحكام ...).
نسخة بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب في أصفهان غرّة ذي الحجّة سنة 1220 ، في حياة المؤلّف ، ضمن مجموعة رقم 852.
(1184)
صيغ العقود
للشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي الشهيد سنة 966.
ص: 206
نسخة بخطّ السيّد مرتضى الموسوي الخلخالي النجفي ، فرغ منها 26 ربيع الأوّل سنة 1286 ، في النجف الأشرف ، بآخر مجموعة من رسائل المؤلّف ، رقم 731.
(1185)
صيغ العقود والإيقاعات
للمحقّق الكركي الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي ، المتوفّى سنة 940.
مطبوع ضمن مجموعة كلمات المحقّقين في طهران سنة 1315 ، ونسخة خطّ المؤلّف في المكتبة الرضوية ، ذكره شيخنا دام ظلّه في حرف الصاد بهذا العنوان ، وفي حرف الجيم بعنوان جواهر الكلمات في صيغ العقود والإيقاعات ، وذكر في المقامين أنّه شرحه سميّه ومعاصره الشيخ نور الدين علي الملسي بن عبد العالي ، المتوفّى سنة 938.
نسخة ضمن مجموعة كتابة القرن الحادي عشر عليها حواش وتعليقات للمؤلّف ولغيره ، وهي مقابلة ومصحّحة بآخرها : بلغ المقابلة ، وبآخرها أيضاً فائدة في صيغة عقد الإيجار للصلاة بالنيابة ، وفائدة أُخرى في الفرق بين الكتاب والباب والفصل ، رقم المجموعة 768 وبآخر المجموعة أيضاً فوائد منها : إحصاء مسائل بعض الكتب الفقهية ، وتعيين ما تحويه من الفروع.
ومنها : خطبتان للنكاح مرويّتان ، إحداهما : عن أبي عبدالله عليه السلام ، والثانية : عن أمير المؤمنين عليه السلام.
نسخة ضمن مجموعة رقم 388 كتابة القرن الثالث عشر ، وهذه
ص: 207
النسخة أصحّ من التي قبلها.
نسخة بخطّ يعقوب بن أصيل الأبرقوي ، ولعلّه من تلامذة المؤلّف ، كتبها في حياة المؤلّف ضمن جملة من رسائل المحقّق ، فرغ منها سنة 940 ، وبآخرها : تمّت المقابلة في أوّله إلى آخره ، بنسخته المقروّة عند المصنّف رقم 855.
نسخة بخطّ عبد الواحد بن عبد الرحيم بن داود الاسترابادي ، كتبها في رجب سنة 964 ، وبآخرها بخطّه : بلغت المقابلة بنسخة مصحّحة ، فلله الحمد والمنّة على ذلك ، ضمن مجموعة من مؤلّفات المحقّق الكركي ، كلّها بخطّ هذا الكاتب ، فرغ من المجموعة 25 رجب سنة 964 ، وهي من الورقة 182 ب إلى الورقة 196 ، ورقم المجموعة 1968.
نسخة كتبت بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب في مشهد الرضا عليه السلام 27 ربيع الآخر سنة 984 ، ولقرب عهده وكتابته بمشهد الرضا ، حيث فيه نسخة الأصل بخطّ المصنّف ، لعلّه كتبها عن نسخة المصنّف ، والكاتب أخي محمد سرندي الثوني ، 26 ورقة ، رقم 1659.
(1186)
صيغ النكاح
فارسي.
رسالة وجيزة فارسية في بيان صيغ عقد النكاح بأنواعه وبجميع ألفاظه والاحتياطات اللازمة فيه ، من تأليف الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، نزيل كرمانشاه ، كتبها باستدعاء بعض أصحابه.
أوّله : (الحمد لله الذي أحلّ النكاح وندب إليه ...).
ص: 208
وهي ثلاثة أوراق بخطّ المؤلّف ، فرغ منها 24 ذي الحجّة سنة 1282 ، ضمن مجموعة رقم 1924.
(1187)
ضابطة كلّية
فارسي.
في أنّ المجعول لا يمكن أن يكون بسيطاً - فارسي - في أوّل مجموعة رقم 1479 ، وبأسفلها : إنّه من إفادات الملاّ صادق الأرجستاني رحمه الله.
(1188)
ضبط الأعلام الأعجمية والمعربة
ملحق بنسخة من صراح اللغة رقم 1641.
(1189)
ضوء المصباح
في النحو ، المتن للمطرزي ، المتوفّى سنة 610.
وشرحه جماعة منهم تاج الدين محمد بن محمد الاسفرائني ، وسمّاه المفتاح ، ثمّ لخّصه وسمّاه ضوء المصباح ، وترجم كمال الدين المدرّس ضوء المصباح إلى التركية ، وشرح رضي الدين الخوارزمي خطبة ضوء المصباح وسماه درة النوء في شرح خطبة الضوء ، وعلى ضوء المصباح حواشي متعددة ، ذكر بعضها في كشف الظنون ج 2 ص 1708.
نسخة فرغ منها الكاتب سنة 890 ، وبظهر الورقة الأُولى فوائد أدبية
ص: 209
كثيرة ، وخطوط جملة ممّن ملكوا الكتاب ، منهم : الفاضل الهندي مؤلّف كشف اللثام ، وختمه : لك البهاء كلّه ، تاريخه سنة 1088 ، 121 ورقة ، رقم 2283.
(1190)
ضوابط الأُصول
تأليف العلاّمة المحقّق السيّد إبراهيم ابن السيّد محمد باقر الموسوي القزويني الحائري ، المولود في ذي الحجّة سنة 1214 ، المدرّس الكبير ، من أعاظم العلماء المحقّقين ، والذي اشتهر بكتابه هذا ، فيعرف ويعرف بالسيّد إبراهيم صاحب الضوابط ، أدرك عصر صاحب الرياض ، وحضر في كربلاء أبحاث شريف العلماء المازندراني والسيّد المجاهد ، وفي النجف على الفقيه المدقّق الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء ، وتوفّي رحمه الله بالوباء سنة 1262 ، وقد تخرّج عليه جماعة من أكابر العلماء وأعلام الأُمّة ، تجد تراجمهم مبثوثة في الكرام البررة.
وقد تصدّى جملة من تلامذته لشرح كتابه هذا ، منهم : السيّد أبو الحسن والشيخ محمد التنكابنيّان ، والشيخ مهدي الكجوري والشيخ محمد باقر اليزدي والشيخ حسين الأردكاني وغيرهم ، وللمؤلّف نفسه ملخّص هذا الكتاب سمّاه نتائج الأفكار ، ترجم له تلميذه في قصص العلماء ترجمة مبسوطة ، وكذا صاحب الروضات وشيخنا العلاّمة الرازي دام ظلّه في الكرام ص 10.
نسخة قيّمة مصحّحة وعليها حواشي : «منه دام ظلّه» مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ يوسف بن كاظم الهمداني ، ولعلّه من تلاميذه ، كتبها سنة 1250 ، وعليها تعليق محمد بن حسينعلي خوئي بخطّه ، وتقع في 334
ص: 210
ورقة ، مقاسها 20 × 30 ، تسلسل 246.
(1191)
الضوابط الخمس في الشكّ والسهو والنسيان
للعلاّمة المحدّث المحقّق الفيض الكاشاني محمد محسن بن مرتضى ، المتوفّى سنة 1091.
رسالة صغيرة في ورقتين في بعض مسائل الشكّ والسهو والنيسان في الصلاة وأحكامها وصلاة الاحتياط وسجدتي السهو.
أوّله : (الحمد لله على جزيل نواله والصلاة على محمد وآله ...).
رتّبها على خمس ضوابط.
نسخة بخطّ الخطّاط السيّد نجم الدين محمد بن سعد الدين محمد الحسيني الكرماني ، كتبها بنسخ جيّد في ورقتين ملحقة بكتاب خلاصة الأذكار بخطّه أيضاً للمؤلّف ، وفرغ منها في ذي القعدة سنة 1106 ، مجدولة بالذهب ، وعليها تعليقات وتوضيحات ، وبعدها عدّة زيادات ، رقم 1048.
(1192)
ضياء الأحكام
لتحقيق شرائع الإسلام
للشيخ طاهر بن عبد علي الحجامي ، أوّل من هاجر من هذه الأُسرة إلى النجف الأشرف ، ولد حدود سنة 1200 ، وتوفّي سنة 1279.
أوّله : (الحمد لله الذي أطلق ألسنتنا بالصواب والحكمة وأرشدنا إلى الاعتراف بشرائع ...).
ص: 211
نسخة الأصل بخطّ المصنّف رحمه الله ، وقد بدأ بكتاب الطلاق ولم يتمّ ، والمجموعة كانت في ملكه ، وهو الذي جمعها وعليها خطّه ، ثمّ وقفها ، ضمن المجموعة رقم 2046.
(1193)
ضياء العالمين
في بيان إمامة الأئمّة المصطفين
للعلاّمة الشريف العدل الفتوني أبي الحسن بن محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق الفتوني العاملي النباطي الأصفهاني الغروي ، المتوفّى سنة 1138 أو حدود 1140 من تلامذة المجلسي وهو من أحسن ما كتب في موضوعه ، مرتّب على مقدّمة مبسوطة ومقصدين وخاتمة.
والمقصد : الأوّل في اثني عشر مقالة في إثبات إمامة الأئمّة الإثني عشر.
والمقصد الثاني : في إبطال إمامة غيرهم.
والخاتمة : في مثالب أعدائهم ، وكلّه في نسختنا في مجلّدين ، نسخة تامّة وأقدم ما رأيت من نسخها نسخة المكتبة الجعفرية في كربلاء ، فرغ منها المؤلّف في النجف الأشرف يوم الغدير 18 ذي الحجّة سنة 1137.
الجزء الأوّل بخطّ محمد صادق الكروني ، تاريخها سنة 1281 ، في 320 ورقة رقم 479.
الجزء الثاني بخطّ محمد صادق الكروني ، فرغ منهما في النجف الأشرف 10 ربيع الأوّل سنة 1284 ، في 348 ورقة ، رقم 480.
ص: 212
(1194)
طبّ الأئمّة
في الأحاديث المأثورة عن الأئمّة عليهم السلام بهذا الصدد من جمع الأخوين ابني بسطام وهما : أبو عتاب عبدالله ، والحسين ابنا بسطام بن شاپور الزيّات ، ذكر شيخنا في الذريعة أنّ رواياته 409 حديثاً ، وأنّه طبع بالهند ، وله ترجمة ذكرها في ج 4 ص 114.
نسخة بآخر مجموعة طبّية ، كتبت سنة 1074 ، ولعلّ هذا الكتاب أقدم من هذا التاريخ.
وبآخره أشعار وأبيات وتملّك محمد جعفر بن محمد صادق البيدگلي الكاشاني ، تاريخه سنة 1094 ، رقم 309.
(1195)
طب أكبري
فارسي.
للحكيم محمد أكبر بن حاجي محمد مقيم ، المعروف بشاه أرزاني ، فرغ من تأليفه سنة 1112 ، وهو ترجمة وشرح لشرح الأسباب والعلامات لنفيسي وبعض الإضافات عليه من كتب أُخرى.
نسخة المجلّد الأوّل بخطّ محمد حسن القزويني ، فرغ منها في ذي الحجّة سنة 1283 ، في 305 ورقة ، رقم 804.
ص: 213
(1196)
طبيعيّات
فارسي.
ترجمة إلى الفارسية لأحد المؤلّفات الإفرنجية لأحد أساتذة مدرسة دار الفنون الطهرانية.
أوّله : (بر هيچكس پوشيده وپنهان نماند كه مقصود مؤلّف در اين كتاب بيان حقيقت أشياء وكشف مبادى ونتائج هر جيز است ...) ، وهو من الكتب المدرسية.
نسخة بخطّ فارسي جيّد جميل ، 83 ورقة ، وبأوّله شعر فارسي ، رقم 1609.
(1197)
الطرائف
في مذاهب الطوائف
أو طرائف عبد المحمود في الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من طرق العامّة ومصادرهم.
تصنيف السيّد رضيّ الملّة والدين علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسيني الحلّي ، المولود سنة 589 ، المتوفّى سنة 664 ، جعله السيد باسم عبد المحمود بن داود المصري تقية.
نسخة مكتوبة رابع شوال سنة 927 ، جاء في آخرها : بلغت مقابلته وكذلك نقل من أصله.
ص: 214
وبظهر الورقة الأُولى هكذا : ممّا وقفه وأوقفه الأُستاذ المحقّق صدر الملّة والدين دام ظلّه ... الخ ، في 218 ورقة ، 17 × 25 ، تسلسل 254.
نسخة بخطّ السيّد محمد هاشم بن نور الدين الحسيني ، كتبها بخطّ نسخ جيّد ، بدأ به 16 جمادى الأُوّلى ، وفرغ منها يوم السبت 19 شعبان سنة 1078 ، وعليها تملّكات وأختام ، رقم 2478.
(1198)
طراز اللغة
نسخة من باب الراء فصل الهمزة (ابر) إلى فصل الذال منه (ذعر) بخطّ نسخ جيّد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، أو بخطّ أخشن ناقص الآخر 48 ورقة كبيرة ، رقم 102.
وبعده كتاب الصراط المستقيم في التفسير للسيّد حسين البروجردي.
(1199)
طراز الحلّة
هو شرح بديعية العميان المسمّاة بالحلّة السيرا في مدح خير الورى ، والحلّة السيرا نظم شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الهواري ، المتوفّى سنة 780 ، وهو من شعراء الغدير ، له ترجمة في الغدير ، جزء 6 ص 58.
وشرحها الناظم ، وسمّا الشرح طراز الحلّة.
نعم ذكر في كشف الظنون أنّه شرحها شهاب الدين أبو جعفر أحمد ابن يوسف بن مالك الرعيني ، الأندلسي ، المتوفّى سنة 779 ، وكان رقيق ابن جابر ، (صاحب الحُلّة).
ص: 215
وهذا الشرح للماتن ناظم الأصل كما يظهر ذلك بوضوح من خطبة الكتاب أوّله : (الحمد لله على ما يسّر من فنون البراعة لأرباب هذه الصناعة ، وفجّر من عيون البلاغة على ألسنة اليراعة ...).
نسخة بخطّ نسخ ، والبديعة مكتوبة بالشنجرف ، كتابة القرن الثالث عشر ضمن مجموعة من البديعيّات وشروحها ، رقم 1183.
(1200)
طرح الكونين
ورفض العالمين
هو كتاب حشر الأشياء ومعاد كلّ شيء أو حشر العوالم في معاد الأشياء وحشرها ، ذكره شيخنا بهذا العنوان ج 7 ص 22 من الذريعة.
هو تأليف صدر الحكماء والمتألّهين صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي ، المتوفّى سنة 1050 مؤلّف الأسفار ، الشهير بالملاّ صدرا ، طبع بهامش كشف الفوائد وفي ضمن مجموعة من رسائله مرتّب على ثمانية فصول.
نسخة بخطّ محمد باقر بن أحمد ، فرغ منها 11 شعبان سنة 1268 ، في 62 ورقة ، مقاسها 11 × 7 / 15 ، تسلسل 153.
(1201)
طريق النجاة
للحاج كريم خان بن إبراهيم الكرماني ، شيخ الفرقة الشيخية ، فرغ منه 28 صفر سنة 1279.
ص: 216
نسخة بخطّ نسخ جيّد ، أربع مجلّدات في مجلّد واحد ، كتبها علي بن محمد الكرماني ، وفرغ منها في جمادى الآخرة سنة 1280 ، في عهد المؤلّف ، في 294 ورقة ، رقم 1142.
(1202)
الطهارة
من تقريرات أبحاث الحجّة السيّد حسين الكوهكمري ، وكان عنوان تدريسه كتاب الشرائع ، ولعلّ المقرّر هذا اسمه عبد الرحيم ، كما يظهر من النسخة ضمن مجموعة رقم 388 ، ولعلّها بخطّ المقرّر ، وبعدها أيضاً قطعة في كتاب الطهارة شرحاً على بعض المتون لبعض المتأخّرين ، وهو في آداب التخلّي.
(1203)
الطهارة والصلاة
للشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ، توفّي سنة 1268.
أوّلها : (الحمد لله الذي خلق الأنام وأوضح لهم مبهمات الأحكام ...).
نسخة لعلّها كتبت في حياة المؤلّف كما هو الظاهر بأوّل المجموعة ، وبعدها في المجموعة كتاب الصوم والاعتكاف ، للمؤلّف أيضاً ، بخطّ آخر وخطبتهما واحدة ، وقد تشوشت أوراقها عند التجليد ، فوقع أكثرها بعد كتاب الزهرة البارقة ، فليلاحظ ، فإنّها تامّة لا نقص فيها ، رقم 2046.
ص: 217
(1204)
طوفان البكاء
في مقاتل الشهداء
فارسي.
في مقتل النبي والأئمّة الطاهرين من عترته وسيرتهم ، وضعه في مقدّمة وخاتمة بينهما 14 آتشكده ، وهو تألّيف المولى إبراهيم بن محمد باقر الهروي القزويني المقيم بها ، والمتوفّى سنة 1253 ، ترجم له في دانشمندان آذربايجان ، وفهرس المؤلّفين لمشار ج 1 ص 45 طبع أكثر من عشر مرّات.
نسخة بخطّ رديء ، فرغ من كتابتها مشهدي آقا جان الفسائي في آخر شعبان سنة 1271 ، 281 ورقة ، مقاسها 2 / 15 × 21 ، تسلسل 288.
نسخة بخطّ نسخ جميل ، كتبها أحد الخطّاطين ، وفرغ منها في جمادى الأُوّلى سنة 1262 ، والنسخة مؤطّرة مجدولة ، ولها لوحة جميلة ، في 263 ورقة رقم 1366.
(1205)
ظفر نامه تيموري
لشرف الدين علي اليزدي.
نسخة تامّة قيّمة للغاية بأوّلها لوحة فنّية ، وأوراقها كلّها مجدولة باللازورد والشنجرف ، وهي بخطّ فارسي جميل ، فرغ منها الكاتب القدير غرّة رجب سنة 1014 ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وبأوّلها فهرس عامّ
ص: 218
للبلدان المذكورة في الكتاب مع ترقيم الصفحات وتعيينها ، وبآخرها فهرس عامّ للأماكن والأعلام الواردة في الكتاب ، وهو عمل قيّم للغاية ، أمر بذلك صنيع الدولة وزير المعارف الإيرانية في عهده ، في 322 ورقة ، رقم 1272.
نسخة قيّمة للغاية بخطّ أحد الخطّاطين الجيّدين ، كتبها بخطّ فارسي رائع ، والأوراق كلّها مجدولة بالذهب واللازورد ، والعناوين والآيات مكتوبة بالذهب الأبريز ، والظاهر أنّ النسخة خزائنية لكنّها ناقصة من أوّلها قليلاً من الخطبة بمقدار سبع صحائف ، وفرغ منها الكاتب في صفر 898 ، عدد أوراقها 634 ورقة ، رقم 1268.
(1206)
عالم آرا
فارسي.
في تاريخ الملوك الصفوية لاسكندر بيك المنشي.
المجلّد الأوّل بخطّ فارسي ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وإن كان الخطّ يبدو أنّه كتابة القرن الحادي عشر ، في 146 ورقة ، رقم 1274.
المجلّد الثاني بخطّ محمد وجيه بن محمد صبور الجوشقاني ، فرغ منه 3 شعبان سنة 1089 ، بخطّ فارسي جيّد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، ناقص من أوّله بضعة أسطر ، ويقع في 143 ورقة ، رقم 1275.
(1207)
عالم اراء
نسخة بخطّ خطّاط العهد الصفوي محمد رضا ، كتبها بخطّه الفارسي البديع ، وفرغ منها في العشرين من شهر رمضان سنة 1078 ، وبأوّلها لوحة
ص: 219
وتزينات ، والنسخة مجدولة بالذهب ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، 309 ورقة ، رقم 1273.
نسخة كتابة القرن الحادي عشر بخطّ فارسي جيّد ، في 343 ورقة ، رقم 1276.
(1208)
العامّ والخاصّ
رسالة في مبحث العامّ والخاصّ من مباحث علم أُصول الفقه.
تأليف الفقيه الشيخ عبدالله بن نصير الدين المازندراني.
نسخة الأصل بخطّه بأوّل مجموعة من رسائله كلّها بخطّه ، رقم 394.
(1209)
عجائب البلدان
فارسي.
أوّله : (الحمد لله الذي زيّن سماء الدين بزينة الكواكب ونوّر الغبراء بأشعّتها الثواقب ... وآله الأطهار والأئمّة الأخيار ... أمّا بعد : بر ضمير منير أرباب فطنت ... مختصرى مشتمل بر مباحث سطوح أجسام ومقادير أبعاد أجرام وتحقيق مبادى أقاليم ونهايات آن وتبيين مواضع ... موشّح ومرشّح ساخت باسم ... (وزير) غياث الملّة والدين حبيب الله ... وبناء اين رساله بر مقدّمه ودو مقاله وخاتمه وضع كرديم.
نسخة حديثة ناقصة من الإقليم الرابع أكثره ، وبعده رسالة في أُصول الدين للمحقّق القمّي ، رقم 2213.
ص: 220
(1210)
عجالة في التجويد
للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفّى سنة 1241.
أوّلها : (الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده تنزيلاً ... أمّا بعد : فيقول ... هذه (عجالة) في بعض أسرار التجويد ، مشتملة على أعلى التسديد وأغلى التجريد جمعتها لالتماس من وجبت عليّ طاعته ... ورتّبتها على فصول ستّة وخاتمة ...).
نسخة بآخر مجموعة من رسائل المؤلّف وأجوبة مسائله ، كتبت بخطّ نسخ جيّد في حياته سنة 1236 ، رقم 1663.
(1211)
العجالة
شرح الشافية
الشافية في الصرف لابن الحاجب.
وهذا الشرح لكمال الدين محمد بن معين الدين محمد الفسوي الفارسي ، صهر العلاّمة المحدّث التقي المجلسي ، فرغ منه سنة 1108 ، وقتل سنة 1124.
نسخة من أوّلها إلى مباحث التصغير ، ومعها شرح تهذيب المنطق ، للمولى عبدالله اليزدي بالفارسية ، في 35 ورقة ، رقم 725.
ص: 221
(1212)
عدّة الداعي ونجاح الساعي
لأبي العبّاس أحمد بن فهد الحلّي الأسدي ، المتوفّى سنة 841 ، وكانت ولادته سنة 757 ، فرغ من تأليفه ليلة الاثنين المسفر صباحها عن 26 جمادى الأُولى سنة 801.
نسخة بخطّ محمد بن ناصر بن عامر الباعي الجزائري ، فرغ منها 26 جمادى الأُولى سنة 768 [كذا] ، بظهر الورقة الأخيرة قصيدة أوّلها :
خلّ ادّكار الأربعِ
والمنزلِ المربّعِ
والظاعنِ المودّعِ
وعدّ عنه وادّعِ
وبأوّلها خطّ محمد بيك بن حسين الأصفهاني ، وتاريخ ختمه 1117 ، وخطّ جلال الدين محمد ، في 84 ورقة ، رقم 2289.
نسخة بخطّ حسين بن علي رضا ، فرغ منها يوم الاثنين من شهر صفر سنة 1072 ، عليها تصحيحات وبعض التعليقات ، وبالهامش : بلغ سماعاً أدام الله تعالى بقاءه ، وبأسفله : بلغت المقابلة ثانياً بعونه تعالى ، وتقع في 172 ورقة ، مقاسها 7 / 13 × 18 ، تسلسل 777.
نسخة أُخرى قيّمة الظاهر ، أنّها بخطّ المولى أبو الحسن بن عز الدين علي نقي بن الشيخ أبي العلاء محمد هاشم الطغائي الكمره اي (الكمرأي) ، ذكره شيخنا في ترجمة والده ، وذكر في الرياض في ترجمة والده : إنّ له أولاداً علماء ...
فرغ منها بخطّه الشريف سنة 1081 ، ثمّ صحّحها وقابلها ، وكتب في آخر النسخة بالهامش : تمّت مقابلته في مجالس متعدّدة ، آخرها صبح يوم
ص: 222
الجمعة حادي عشر جمادى الأُولى سنة 1081 ، وعليها تملّك العلاّمة الخطيب المتتبّع الشيخ جواد ابن الفقيه جلال الدين ابن العالم الأديب الزاهد الشيخ أسد الله بن العلم الأورع الأزهد الشيخ عبد المجيد ابن الناسك السالك العالم التقي الوفي الشيخ علي ابن جامع أشتات الفضائل البارع الكامل الشيخ عبد المجيد ، المتوفّى سنة 1162 ، ابن الشيخ محمود الكرهرودي العراقي ، وملأ جانبيه بخطّه الشريف فوائد كثيرة من نظم ونثر ، ومنها ما كتبه في نسبه وأسماء آبائه - كما ذكرناه ملخصاً - وهو الذي أهدى مكتبته الخاصّة القيّمة الثمينة برمّتها إلى مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فجزاه الله عن إمامه خيراً ، وأجزل له أجراً ، والنسخة تقع في 132 ورقة ، مقاسها 2 / 10 × 18 ، تسلسل 75.
نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها محمّد صالح بن الحاج عبدالله ، وفرغ منها أواسط ربيع الأوّل سنة 1084 ، عليها بلاغات وتصحيحات ، وتقع في 102 ورقة رقم 832.
نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها محمد باقر بن محمد قاسم الهروي ، فرغ منها 21 جمادى الآخرة سنة 1088 ، وتقع في 212 ورقة ، رقم 826.
نسخة جعفر بن الحسين الجعفري العاملي البعلبكي - من ذرية حبيب ابن مظاهر الأسدي - ، كتبها في بلدة ملاير في إيران ، وفرغ منها 9 شعبان سنة 1266 ، وفي آخرها شرح الأسماء الحسنى بالفارسية ، رقم 658.
نسخة بخطّ الخطّاط عبدالله ... والبقية والتاريخ ممحى نسخة مؤطّرة ، بخطّ نسخ جميل ، في 104 ورقة ، 4 / 10 × 23 ، تسلسل 2000.
للموضوع صلة ...
ص: 223
الشيخ محمّد مهدي نجف
بسم الله الرحمن الرحيم
(25)
نسخة أُخرى من تحرير الأحكام الشرعيّة
Or. 8405
تضمّ بين دفّتيها القسم الأوّل من الكتاب.
ناقصة من أوّلها بضع صفحات عند مطابقتها مع النسخة المطبوعة ، وأوّل الموجود هو آخر الفصل الأوّل من المقصد الثاني من كتاب الطهارة ، في موجبات الوضوء.
جاء في آخرها : فهذه الأسباب كلّها لا يتعلّق بها حكم المرض ، ويمضي التبرّعات المنجّزة معها من الأصل ، وكذا لو حصل الطاعون ببلد وهو ساكن فيه. تمّ النصف الأوّل من الكتاب الموسوم بتحرير الأحكام.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري.
في 267 ورقة ، 26 × 5 / 20 سم. في كلّ صفحة 21 سطراً × 14 سم.
ص: 224
(26)
تحرير
أُصول الهندسة والحساب
(تحرير
إقليدس)
Add. 23387
تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر ، محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، المولود سنة 597 ، والمتوفّى سنة 672 هجرية.
سُمّي الكتاب بتحرير إقليدس ، لأنّ إقليدس أوّل من دوّن المقالات الثلاثة عشرة ، التي استخرجها من كتب السابقين من الحكماء ، وبعده وصلت المقالتان إليها ، فصارت خمس عشرة مقالة. فهو أوّل كتاب أُلّف في الهندسة ، وكان الكتاب يونانيّاً ، فنقله إلى العربية الحجّاج بن يوسف بن مطر الكوفي أوّلاً ، في زمن هارون الرشيد ، فقيل له : الهاروني ، ونقله ثانياً في زمن المأمون ، فقيل له : المأموني ، ثمّ نقله إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي ، الذي توفّي سنة 298 هجرية ، وأصلحه ثابت بن قرّة الحرّاني ، المتوفّى سنة 288 هجرية ، ثمّ حرّره سلطان المحقّقين ، خواجه نصير الدين الطوسي ، فقيل له : تحرير أُصول الهندسة والحساب.
وقد ذكر في أوّله : أنّ مجموع الأشكال في المقالات الخمس عشرة أربعمائة وثمانية وستّون شكلاً ، في نسختي الحجّاج وثابت ، مع زيادة عشرة أشكال في نسخة ثابت ، فحرّر جميعها ، وفصّله وشرحه بما لم يسبقه أحد ولم يلحقه ، وأشار إلى مواضع الخلاف بين النسختين ، وصدّره بذكر الحدود وغيرها ممّا يحتاج بيان الأشكال إليه.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي منه الابتداء ، وإليه الانتهاء ، وعنده حقائق الأنباء ...
ص: 225
آخره : قد وفّقني الله تعالى في تحرير هذا الكتاب ، حسب ما قصدته ، فلنختم الكلام ... وفرغ المصنّف من تحريره قدّس الله روحه ، ونوّر ضريحه ، في 22 شعبان المبارك ، سنة 646 هجرية ، والحمد لله ربّ العالمين ، وكان الفراغ من نسخه ومقابلته على نسخة الأصل ، في خامس عشر ربيع الآخر ، سنة 656 هجرية ...
نسخة نفيسة تقع في 216 ورقة ، 17 × 13 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 9 سم.
* الذريعة 3 : 379 ، كشف الظنون 1 : 139 ، هديّة العارفين 2 : 131 ، الفوائد الرضوية : 602 ، فوات الوفيات 2 : 149. معجم المؤلّفين 11 : 207 ، الأعلام 7 : 30.
Brockelmann : g, II : 508 - 512, s, II : 924 - 933.
(27)
نسخة أُخرى منه
Add. 21952
كتبها : عبدالكريم بن عبدالغني الرشتي الجيلاني ، يوم الخميس ، من العشر الأوّل من شهر ذي الحجّة الحرام سنة 1068 هجرية.
يليها بعض الزيادات المنقولة من كتاب إقليدس ، وبنفس الخطّ. في 149 ورقة.
(28)
تحرير المجسطي
Or. 17
تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر ، محمد بن محمد بن
ص: 226
الحسن الطوسي المولود سنة 597 ، والمتوفّى سنة 672 هجرية.
المجسطي : لفظ يوناني ، يقصد منه الهندسة العليا ، على الترتيب التعليمي ، فيه براهين مسائل علم الهيئة ، واستخراج الجيوب والسهام والأوتار والزوايا والآت الرصد ونتائجه ، وأوساط الكواكب وتعديلاتها ، وغير ذلك من مسائل النجوم ، وينسب تأليفه إلى بطليموس الفلوزي ، نقله عن اليونانية إلى العربية ، إسحاق بن حنين العبادي ، المتوفّى سنة 298 ، بمشاركة أبيه حنين بن إسحاق المتوفّى سنة 260 هجرية. وأصلحه ثابت بن قرّة مع الحجّاج بن يوسف بن مطر ، ثمّ حرّره سلطان المحقّقين ، خواجه نصير الدين الطوسي المذكور.
رتّبه على ثلاث عشرة مقالة ، في ماية وأحد وأربعين فصلاً ، في أحوال السماء وكرويّتها وأوضاعها وحركاتها ومركزها ، وأحوال الأرض وكرويّتها والأماكن المسكونة منها ، واختلافها بحسب الطول والعرض وغير ذلك.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله مبدأ كلّ مبدأ ، وغاية كلّ غاية ، ومفيض كلّ خير ، ووليّ كلّ هداية ... وبعد : فقد كنت برهة من الزمان عازم على ... كتاب المجسطي المنسوب إلى بطليموس ... وها أنا أخوض في المقصود ، وأقول : الكتاب يشتمل على ثلاث عشرة مقالة ، ومائة حاشية ، وأحد وأربعين فصلاً ، ومائة وستة وسبعين شكلاً ، على ما في النسخة التي نقلها إسحاق بن حنين ، وأصلحها ثابت بن قرّة ...
آخره : ... وأقول : وإذا وفّقني الله تعالى أيضاً لإتمام ما قصدته ... تمّ الكتاب على يد أضعف عباد الله وأحوجهم إلى غفرانه عليّ بن محمد بن البخاري الصيرفي ، المدعو بعلاء ... في سنة سبع وسبعين وسبعمائة.
ص: 227
نسخة نفيسه في 104 ورقة ، 5 / 25 × 18 سم. في كلّ صفحة 33 سطراً × 12 سم.
* الذريعة 3 : 390 ، كشف الظنون 2 : 1594 ، البداية والنهاية 13 : 267 ، الأعلام 7 : 30 ، معجم المؤلّفين 11 : 207 ، أعيان الشيعة 9 : 414.
Brockelmann : g, II : 508 - 512, s, II : 924 - 933.
(29)
نسخة أُخرى
Add. 23392
جاء في آخرها : ... مصلّياً على جميع أوليائه ، خصوصاً على خاتم أنبيائه ... تمّ الكتاب يوم الأربعاء ، من شهر محرّم الحرام ، بعون الملك العلاّم ، سنة 955 هجرية.
فرغت من إتمام أشكال هذا الكتاب ... في أواخر شهر جمادي الآخر سنة (956) ببلدة قزوين ، وأنا الفقير إلى الله الغني ابن عليّ محمد حسين ...
في 160 ورقة ، 24 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 25 سطراً × 5 / 6 سم.
(30)
تحفة
الطالب لمعرفة من ينسب
إلى
عبدالله وأبي طالب
Add. 18510
تأليف : محمد بن الحسين بن عبدالله بن الحسين الحسيني ،
ص: 228
السمرقندي ، المتوفّى حدود سنة 1043 هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي شرّف بمحمد (صلى الله عليه وآله) الآباء والأبناء في المبادئ والعواقب ، وجعل نسله المطهّر الأسنى من فاطمة البتول وعليّ ابن أبي طالب.
آخره : قد وقع من تحرير هذا الكتاب ... بحسب الأمر ... السيّد صالح ابن المرحوم المغفور المبرور السيّد درويش ... بقلم الفقير الحقير ابن عبدالكريم محمد حسين ... في تاريخ يوم الجمعة ، السادس من شهر ذي الحجّة الحرام ، وقت الظهر ، سنة 1179 هجرية.
في 67 ورقة ، 5 / 21 × 14 سم. في كلّ صفحة 14 سطراً × 5 / 9 سم.
* معجم المؤلّفين 10 : 209 ، مجلّة تراثنا 2 / 56 برقم 100 ، فهرس المكتبة الوطنية في برلين برقم : 9405, 9404.
Brockelmann : g, II : 382.
(31)
التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين
Add. 21, 468
تأليف : عبدالكريم بن محمد بن عبدالكريم بن الفضل بن الحسين ابن الحسن الرافعي القزويني المتوفّى سنة 623 هجرية.
أوّله بعد البسملة : سبحان مقلّب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار ، والحمد لله الذي رفع بنعمته الأقدار ، ووضع برحمته الأغلال والآصار ... وبعد فقد كان يدور في خلدي أن أجمع ما حضرني من تاريخ بلدي ... سمّيته كتاب التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين ورأيت أن أصدّره بأربعة
ص: 229
فصول ، أحدها في فضائل البلدة وخصائصها ، وثانيها في اسمها ، وثالثها في كيفية بنائها وفتحها ، ورابعاً في نواحيها وأوديتها ...
آخره من ترجمة يحيى بن زكريّا أبو عليّ الوزّان القزويني المعروف بحنكويه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبارك الحجر الأسود من حجارة الجنّة. توفّي سنة سبع عشر وثلاثمائة ، وقيل : ثمان عشر والله أعلم.
وقد وفّق الله الفراغ من إتمام كتاب التدوين في تاريخ سنة اثني وتسعين وسبعمائة على يد أضعف عباد الله عبدالرحمن بن نصر الله بن سليمان عفا الله عنهم ...
وعلى الكتاب عدّة تملّكات ، منها تملّك سنة 957 هجرية.
نسخة نفيسة ، في 516 ورقة ، 22 × 15 سم. في كلّ صفحة 25 سطراً × 7 / 11 سم.
* كشف الظنون 1 : 382 ، مرآة الجنان 4 : 56 ، فوات الوفيات 2 : 3 ، شذرات الذهب 5 : 108 ، هدية العارفين 1 : 609 ، معجم المؤلّفين 6 : 3.
Brockelmann : g,I : 393, s : I : 678.
(32)
التذكرة النصيريّة في علم الهيئة
Or. 11209
تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المولود سنة 597 والمتوفّى سنة 672 هجرية :
ألّفه بعد تحرير المجسطي ، وينظر فيه إلى شرحه وبيانه ، ولذا يطلق عليه اسم «شرح تحرير المجسطي» أيضاً. وفرغ من تأليفه سنة 657 هجرية
ص: 230
في مراغة.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله مفيض الخير وملهم الصواب ... نريد أن نورد جملة من علم الهيئة تذكرة لبعض الأحباب ...
آخره : والثاني أبعدها ، وهو بعد الثوابت عن مركز الأرض ، فكان خمسة وعشرون ألف ألف وأربعمائة واثنا عشر ألفاً وثمان ماية وتسعة وسبعين فرسخاً. ولنختم الكتاب هاهنا حامدين لله تعالى ومصلّين على نبيّه المصطفى ... وقع الفراغ منه في يوم الخميس الحادي عشر من شوّال سنة ثمان وثمانين وستمئة هجرية (688) بحماه المحروسة. كتبه عليّ بن أحمد ابن إبراهيم بن مشرف ...
نسخة نفيسه في 74 ورقة ، 19 × 13 سم. في كلّ صفحة 13 سطراً.
* الذريعة 4 : 50 ، كشف الظنون 1 : 391 ، العبر 3 : 326 ، شذرات الذهب 5 : 339 ، النجوم الزاهرة 7 : 244 ، معجم المؤلّفين 11 : 207.
Brockelmann : g, II : 508 - 512 - s, II : 924 - 933.
(33)
تذكرة المجتهدين (مشايخ الشيعة)
Or. 8518
تأليف : شرف الدين يحيى بن عزّ الدين حسين بن عشيرة بن ناصر ، مفتي البحرين الأردكاني اليزدي ، الأصفهاني ، من أعلام القرن العاشر الهجري.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين ، فهذه رسالة في معرفة مشايخ الشيعة تغمّدهم الله تعالى ...
ص: 231
منهم الشيخ عليّ بن إبراهيم بن هاشم صاحب الإمام الحسن العسكري ...
آخره : ومنهم الشيخ الأجلّ الفاضل الشهيد الثاني ، زين الدين عليّ بن أحمد العاملي ، له مصنّفات كثيرة ، وقتل في سنة إحدى وستّين وتسعمائة ، قتل الله قاتله.
تمّت الرسالة بعون الله ... وحرّر ذلك العبد المذنب المسمّى عليّ بن حاجي عبدالكريم الطبسي ... في تاريخ 15 شهر صفر سنة اثنين وثمانين وتسعمائة ...
نسخة نفيسة ، في 8 أوراق ، 5 / 18 × 12 سم ، في كلّ صفحة 20 سطراً.
* الذريعة 4 : 46 ، أعيان الشيعة 10 : 288 ، فهرست دانشكاه طهران 8 : 555 ، نشرية كتابخانه مركزي دانشكاه 5 / 432 ، مجلّة كلّية الآداب بتبريز العدد 3 / السنة 19.
(34)
تسليك النفس إلى حظيرة القدس
Or. 10971
تأليف : أبي منصور الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة 648 ، والمتوفّى سنة 726 هجرية.
في نكات علم الكلام ودقايقه ، مرتّب على مراصد ، المرصد الأوّل في الأمور العامّة.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله القديم الأزلي ، الدائم الأبدي ... أمّا بعد فقد أجبت سؤالك أيّها الولد الصالح محمد ، جعلني الله فداك في تصنيف هذا الكتاب ...
ص: 232
آخره : هذا آخر ما قصدنا إثباته في هذا الكتاب والله الموفّق ، وفرغ المصنّف من تسويده في ثاني عشر المحرّم سنة أربع وسبعمائة ، كتب العبد ... عليّ بن الحسن بن الرضيّ العلويّ الحسينيّ في ثامن عشر شهر صفر يوم الأربعاء سنة ستّة عشر وسبعماية (716).
نسخة نفيسة في 82 ورقة ، 18 × 10 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 5 / 6 سم.
* الذريعة 4 : 180 ، إيضاح المكنون 1 : 286 ، معجم المؤلّفين 3 : 303 ، العبر 4 : 77 ، مرآة الجنان 4 : 276 ، النجوم الزاهرة 9 : 267.
Brockelmann : g, II : 164, s, II : 206 - 209.
(35)
تشريح الأفلاك
Or. 4318
تأليف : بهاء الدين ، محمد بن الحسين بن عبدالصمد العاملي الحارثي ، الجباعي المولود سنة 953 ، والمتوفّى سنة 1031 هجرية.
رتّب المؤلّف كتابه هذا على مقدّمة وخمسة فصول وخاتمة ، وهو متن متين ، إهتمّ لشرحه جملة من العلماء.
أوّله بعد البسملة : ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فَقِنا عذاب النّار ، واجعلنا من المتفكّرين ...
آخره : هذا ما غفلت عنه عوائق الزمان ولم ينتبه له طوارق الحدثان ، قد تمّ الكتاب.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري ،
ص: 233
كتبت بعض التعليقات والشروح وفوائد كثيرة أخرى بين أسطر الكتاب وفي هوامش الصفحات.
ضمن مجموع ، من الورقة 25 - 43 ، 19 × 5 / 12 سم. في كلّ صفحة 8 سطراً × 6 سم.
* الذريعة 4 : 185 ، ايضاح المكنون 1 : 290 ، معجم المؤلّفين 9 : 243 ، هديّة العارفين 2 : 273 ، أمل الآمل 1 : 155 ، الفوائد الرضوية : 502.
Brockelmann : g, II : 414 - 415, s, II : 595 - 597.
(36)
تلخيص البيان في مجازات القرآن
Or. 8238
تأليف : الشريف ، أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه السلام ، المعروف بالرضي. ولد سنة 359 والمتوفّى سنة 406 هجرية.
وقد يقال لهذا الكتاب أيضاً «مجازات القرآن» لدلالته على موضوعه. وصفه ابن خلّكان بأنّه نادر في بابه.
ناقص الأوّل والآخر بعض الأوراق.
أوّله في تفسير قوله تعالى من السورة التي يذكر فيها يونس عليه السلام : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ... وتخطّى إلى غير الواجب ومعناه إنّه انتقل إلى فعل ذلك ، كما ينتقل الماشي وإن لم يحرّك قدمه ولم ينقل خطوه. قوله سبحانه : (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) وهذه ...
ينتهي الموجود من الكتاب في تفسير قوله سبحانه وتعالى : (مِن
ص: 234
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) وهذه استعارة ، والمراد بالوسواس هاهنا الكلام الخفي ... قال رؤبه.
نسخة نفيسة ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن السابع الهجري.
في 241 ورقة ، 16 × 5 / 12 سم. في كلّ صفحة 11 سطراً × 13 سم.
* الذريعة 4 : 421 ، طبقات أعلام الشيعة ق / 5 : 164 ، كشف الظنون 1 : 472 ، مجلّة تراثنا العدد 5 : 45 ، تاريخ بغداد 2 : 246 ، وفيات الأعيان 2 : 2 ، تذكرة الحفّاظ 3 : 289 ، معجم المؤلّفين 9 : 262.
Brockelmann : g, I : 82.
(37)
نسخة أُخرى
Or. 8241
كتبت بخطّ مغربي ، ناقصة الورقة الأولى ، وبعض الأوراق من آخرها.
أوّلها : ... وقد كنت أوردت في كتابي الكبير الموسوم بحقايق التأويل في متشابه التنزيل ...
آخرها : ومن السورة التي يذكر فيها المطفّفين وبقية المفصّل إلى آخر القرآن ... وهو أن يكون المراد أنّهم غير مقرّبين عند الله سبحانه بصالح الأعمال واستحقاق الثواب.
وهذا الموضع يطابق الصفحة 361 من النسخة المطبوعة فلاحظ.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن التاسع الهجري.
في 145 ورقة ، 26 × 5 / 18 سم. في كلّ صفحة 19 سطراً × 13 سم.
ص: 235
(38)
تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال
Or. 3576
تأليف : ميرزا محمد بن عليّ بن إبراهيم الحسيني الاسترآبادي المتوفّى بجوار بيت الله الحرام سنة 1028 هجرية.
وهو الرجال المعروف بالوسيط ، وهو تلخيص لكتابه الكبير الموسوم ب- «منهج المقال».
أسماه الشيخ الطهراني في الذريعة : «تلخيص الأقوال في معرفة الرجال» وقال : هو الرجال الوسيط ... الذي فرغ من جزئه الثاني في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام في (986) ثمّ إنه بعد ذلك جاور بيت الله الحرام.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، أمّا بعد : فهذا الكتاب تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال ، قد أثبت فيه الأسماء على ترتيب حروف المعجم ...
آخره : فرغ منه مؤلّفه الراجي عفو ربّه الهادي محمد بن عليّ ، عاشر ذشهر جمادي ، سنة ثمان وثمانين وتسعماية ، وقد وقع الفراغ من تسويد هذا الكتاب في تاريخ ظهيرة يوم الاثنين ، رابع شهر ربيع الأوّل سنة سبع وثمانون بعد الألف. كتبه العبد ابن عبدالواحد زين العابدين.
في 230 ورقة ، 5 / 25 × 17 سم. في كلّ صفحة 23 سطراً × 10 سم.
* الذريعة 4 : 420 ، سلافة العصر : 499 ، هديّة العارفين 2 : 271 ، مصفّى المقال : 430 ، الفوائد الرضوية : 554 ، معجم المؤلّفين 10 : 298.
ص: 236
Brockelmann : s, II : 520, 572.
Supplement p. 423 ,No. 634.
(39)
تهذيب الأحكام
Or. 11022
تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر ، محمد بن الحسن بن عليّ الطوسي ، المولود سنة 385 ، والمتوفّى سنة 460 هجرية.
هو شرح لكتاب المقنعة لأُستاذه وشيخه محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليهما. وأحد الكتب الأربعة القديمة المعوّل عليها عند الشيعة الإماميّة الاثنا عشرية من لدن تأليفه وحتّى اليوم. استخرجه من الأُصول المعتمدة للقدماء.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله ولي الحمد ومستحقّه ، وصلواته على خير خلقه محمد وآله وسلّم تسليماً ، ذاكرني بعض الأصدقاء أيّده الله ممّن أوجب حقّه بأحاديث أصحابنا أيّدهم الله ورحم السلف منهم ، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضادّ ... وسألني أن أقصد إلى رسالة شيخنا أبي عبدالله أيّده الله تعالى الموسومة ب- (المقنعة) لأنّها شافية في معناها ، كافية في أكثر ما يحتاج إليه من أحكام الشريعة ...
جاء في آخر كتاب الطهارة ما صورته : وافق الفراغ من نسخه على يد ... ابن سلطانعليّ ابن خواجه عليّ السبزواري عفا الله عنهما في ثالث شهر ذي الحجّة الحرام سنة ألف وخمسين من الهجرة النبوية.
ينتهي المجلّد بكتاب الحجّ ، ناقص الآخر ، آخره : ... روى الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله
ص: 237
أنّه سُئل عن رجل أدخل فهداً إلى الحرم ، أله أن يخرجه؟ فقال : هو سبع ، وكلّما أدخلت من السبع الحرم أسيراً فلك أن تخرجه.
في 315 ورقة ، 25 × 5 / 19 سم. في كلّ صفحة 24 سطراً × 5 / 13 سم.
* الذريعة 4 : 504 ، الفهرست للطوسي : 160 ، رجال النجاشي 2 : 332 ، هدية العارفين 2 : 72 ، إيضاح المكنون 1 : 341 ، معجم المؤلّفين 9 : 202 ، مصفّى المقال : 402 ، الفوائد الرضوية : 470.
Brockelmann : g, I : 405, s, I : 706 - 707.
(40)
نسخة أخرى
Or. 9179
ناقصة الورقة الاُولى من ديباجة الكتاب ، أوّلها : والإمامة ، لأنّ شرح ذلك يطول ، وليس أيضاً المقصد بهذا الكتاب بيان ما يتعلّق بالأصول ...
جاء في الورقة (116) ما نصّه : تمّ الجزء الأوّل من كتاب تهذيب الأحكام ، ويتلوه الجزء الثاني ... وأنا العبد الفقير إلى رحمة ربِّه الباري ابن حاجي منصور ، حسين السبزواري في مشهد الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا ...
آخرها : تمّت الزيادات من الجزء الثاني من كتاب تهذيب الأحكام في باب الصلاة ، ويتلوه كتاب الزكاة إن شاء الله. تمّت وقت الظهر ، يوم الخميس ، من أواخر شهر محرّم الحرام سنة سبع وسبعين وألف ، على يد أقلّ الخلائق حسين بن منصور السبزواري.
والنسخة كلّها مجدولة بماء الذهب. في 289 ورقة ، 26 × 5 / 15 سم.
ص: 238
في كلّ صفحة 25 سطراً × 9 سم.
(41)
نسخة أخرى منه
Or. 8011
تبدأ بكتاب الزكاة إلى آخر كتاب الحجّ.
ناقصة الآخر ، آخرها : فلا يدري ما صنع ، فعليه فداه ، لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثامن الهجري ، في 269 ورقة ، 23 × 5 / 16 سم في كلّ صفحة 20 سطراً × 13 سم.
(42)
تهذيب الوصول إلى علم الأُصول
Or. 4213
تأليف : أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة 648 ، والمتوفّى سنة 726 هجرية.
عنونه الشيخ الطهراني في الذريعة ب- (تهذيب طريق الوصول إلى علم الأُصول) وقال : عبّر كذلك في كشف الظنون وقد يخفّف ويقال تهذيب الأُصول ، وتهذيب الوصول كما عبرّ به في الخلاصة.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله رافع درجات العارفين إلى ذروة العلا ... أمّا بعد : فهذا كتاب تهذيب الوصول إلى علم الأُصول ، حرّرت فيه طرق الأحكام على الإجمال ...
آخره : وليكن هذا آخر ما يذكر في هذا الكتاب ، ومن أراد التطويل في هذا الفنّ ، فليطلبه من كتابنا المسمّى بنهاية الوصول ، فإنّه قد بلغ الغاية ،
ص: 239
وتجاوز النهاية ، والله الموفّق للصواب.
تمّ ، كاتبه عليّ رضا بنفسه لنفسه في أواخر عشر الثالث من شهر صفر سنة (1029) هجرية.
في 111 ورقة ، 25 × 5 / 13 سم في كلّ صفحة 13 سطراً × 6 سم.
في هوامش صفحات الكتاب شروح وتعليقات وفوائد كثيرة.
* الذريعة 4 : 511 ، كشف الظنون 1 : 515 ، الدرر الكامنة 2 : 71 ، تنقيح المقال 1 : 314 ، مرآة الجنان 4 : 276 ، معجم المؤلّفين 3 : 303.
Brockelmann : g, II : 164, s, II : 206 - 209.
Supplement p. 173, No. 263.
(43)
جامع المقاصد في شرح القواعد
Or. 7809
تأليف : نور الدين ، أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عبدالعال ، المعروف بالمحقّق الكركي ، المولود سنة 868 ، والمتوفّى عام 940 هجرية.
شرح مبسوط لكتاب «قواعد الأحكام» تأليف العلاّمة الحلّي الحسن ابن يوسف بن عليّ بن المطهّر المتوفّى سنة 726 هجرية.
وصل المؤلّف قدس سره إلى مبحث تفويض البضع من كتاب النكاح في جُمادى الأولى من عام 935 هجرية ، ولم يتيسّر له إتمامه بعد ذلك ، فأتّمه الفاضل الهندي بكتابه الموسوم «كشف اللثام عن وجه قواعد الأحكام» ، فابتدأ بشرح كتاب النكاح إلى آخر القواعد ، ثمّ شرح بعد ذلك كتاب الحجّ
ص: 240
والطهارة والصلاة.
يبتدأ بكتاب الوقف والعطايا إلى كتاب الوصايا.
أوّله بعد البسملة : كتاب الوقف والعطايا وفيه مقاصد ...
جاء في آخره : قد كمل النصف الأوّل من كتاب قواعد الأحكام ، وكمل بكماله النصف الأوّل من الشرح ...
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن العاشر الهجري ، في 440 ورقة ، 5 / 24 × 13 سم. في كلّ صفحة 21 سطراً × 5 / 7 سم.
هذه النسخة من ممتلكات السيّد نعمة الله الجزائري ، في السنة السابعة والثمانين بعد الألف.
* الذريعة 5 : 72 ، روضات الجنّات 4 : 361 ، رياض العلماء 3 : 451 ، أمل الآمل 1 : 122 ، نقد الرجال : 238 ، الأعلام 4 : 281 و 299 ، الفوائد الرضوية : 305 ، معجم المؤلّفين 7 : 74 ، هديّة العارفين 1 : 744.
Brockelmann : g, II : 411, s, II : 574 - 575.
(44)
نسخة أُخرى
Or. 7810
تضمّ كتاب النكاح فقط.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على رسوله محمد وآله الطاهرين. قوله : كتاب النكاح. مقتضي كلام أهل اللغة إنّ استعمال لفظ النكاح ...
آخرها من نفس الكتاب : قوله : ولو دخل ولم يسمّ لها شيئاً ،
ص: 241
قيل : ... إلى هنا وجد كلام الشارح.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، مختلفة الخطّ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
في 224 ورقة ، 25 × 19 سم. في كلّ صفحة 25 سطراً × 5 / 11 سم.
(45)
جنّة
الأمان الواقية
«مصباح
الكفعمي»
Or. 8342
تأليف : تقي الدين ، إبراهيم بن عليّ بن الحسن بن محمد بن صالح العاملي ، المعروف بالكفعمي ، المولود سنة 840 ، والمتوفّى سنة 905 هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل الدعاء سلّماً نرتقي به أعلى مراتب المكارم ، ووسيلة إلى اقتناء غرر المحامد ودرر المراحم ... وبعد فإنّي جمعت من الأدعية الصالحة ... وسمّيته جنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية ...
رتّب المؤلّف كتابه هذا على خمسين فصلاً ، الفصل الأوّل منه في الوصية ، والفصل الآخر في آداب الداعي ، وأورد في آخره فهرس لعناوين الكتب التي اعتمدها والبالغة عدّها إلى ثمانية وثلاثين ومائتين كتاباً ، وفرغ من تأليفه في 27 ذي القعدة الحرام من عام 895 هجرية.
ناقص الآخر ، وآخر الموجود في تكبيرات وأعمال صلاة العيد : الخروج إلى صلاة العيد ، فأطعم قبل خروجك ، وليكن إفطارك على شيء من التربة ... من فتنته عافانا ، الله أكبر الذي بالإسلام اصطفانا ، الله أكبر
ص: 242
الذي ...
في 425 ورقة ، 5 / 30 × 21 سم. في كلّ صفحة 14 سطراً × 11 سم.
* الذريعة 5 : 156 ، إيضاح المكنون 1 : 369 ، نفح الطيب 4 : 397 ، تنقيح المقال 1 : 27 ، روضات الجنّات 1 : 20 ، معجم المؤلّفين 1 : 65.
Brockelmann : s, II : 133
(46)
جوامع الجامع
Or. 8390
تأليف : أمين الدين أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المولود حدود سنة 468 ، والمتوفّى سنة 548 هجرية.
الكتاب مورد البحث هو التفسير الوسيط في المقدار والحجم ، فإنّه أصغر من الكبير المسمّى ب- «مجمع البيان» وأكبر من الصغير المسمّى ب- «الكافي الشافي» وقد ألّفه بعدهما ، وانتخبه منهما بالتماس ولده الحسن بن الفضل كما صرّح به في أوّله ، وتمّمه في اثني عشر شهراً ، شرع فيه في 18 صفر 542 وفرغ منه في 24 محرّم الحرام سنة 543 هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي أكرمنا بكتابه الكريم ، ومنّ علينا بالسبع المثاني والقرآن العظيم ... فإنّي لمّا فرغت من كتابي الكبير في التفسير الموسوم بمجمع البيان لعلوم القرآن ، ثمّ عثرت من بعد بكتاب الكشّاف لحقائق التنزيل لجار الله العلاّمة ... أُسمّيه كتاب «جوامع الجامع».
جاء في آخره بعد إكمال سورة الناس : ... وكان ابتدائي بتأليف سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، في يوم السبت ، الثاني عشر من صفر ، وفراغي
ص: 243
منه بعون الله ومنّه ، لستٍّ بقين من المحرّم ، الشهر الثاني عشر في مدّة شهور العام ...
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
في 420 ورقة ، 26 × 5 / 15 سم ، في كلّ صفحة 28 سطراً × 5 / 10 سم.
* الذريعة 5 : 248 ، كشف الظنون 1 : 611 ، الفوائد الرضوية : 350 ، تنقيح المقال : 2 : 7 - 8 ، طبقات أعلام الشيعة ق / 6 : 216 ، معجم المؤلّفين 8 : 66 ، روضات الجنّات 5 : 357 ، أمل الآمل 2 : 216.
(47)
الجوهر النفيس في شرح كتاب التجريد
Add. 16, 660
تأليف : أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ المطهّر الحلّي ، المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة 648 ، والمتوفّى سنة 726 هجرية.
أسماه الشيخ الطهراني في الذريعة ب- (الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد).
أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتفرّد بوجوب الوجود ، المتوحّد بالكرم ... وبعد فيقول الحسن بن يوسف بن المطهّر إنّ الله تعالى لمّا وفّقني للاستفادة من شيخنا الإمام الأعظم ... نصير الملّة والدين محمد بن الحسن الطوسي ... وقفت على مختصره الموسوم بالتجريد في علم المنطق ... فشرعت في إملاء هذا الكتاب الموسوم ب«الجوهر النفيس في شرح كتاب التجريد» لإبانة مشكلاته ...
ص: 244
آخره : فلا يمكن ضبطها كما أمكن ضبط المواضع في صناعتي الأولتين ، ولكن هذا آخر ما يورده في شرح هذا الكتاب. تمّت بعون ملك الوهّاب.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
في 128 ورقة ، 4 / 22 × 5 / 12 سم. في كلّ صفحة 22 سطراً × 8 سم.
* الذريعة 5 : 290 ، مرآة الجنان 4 : 276 ، تنقيح المقال 1 : 314 ، روضات الجنّات 2 : 269 ، معجم المؤلّفين 3 : 303.
Brockelmann : g, II : 164, s, II : 206_ 209.
(48)
حاشية أنوار التنزيل
Or. 8456
تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي الجباعي ، العاملي ، المولود سنة 953 ، والمتوفّى سنة 1031 ه.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي لناصر الدين أبي سعيد عبدالله بن عمر البيضاوي الشافعي ، المتوفّى بتبريز سنة خمس وثمانين وستمائة (685) وقيل : 692.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل نسخة عالم الإمكان شرحاً لآيات قدرته وتفسيراً ...
آخره : قوله : التي بذّت ، بالباء الموحّدة والذال المعجمة المشدّدة أي غلبت ، المراد بالمنطيق البليغ ... قوله : والسورة الطايفة إلخ ، هذا التعريف إنّما هو على مذهب ... وقد سبق لنا الكلام في هذا المقام عند أوّل تفسير الفاتحة فتذكره. تمّت الرسالة البهائية في حاشية الآيات الإلهية.
ص: 245
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري.
في 107 ورقة ، 20 × 5 / 13 سم. في كلّ صفحة 20 سطراً × 8 سم.
* إيضاح المكنون 1 : 141 ، الذريعة 6 : 44 ، معجم المؤلّفين 9 : 243 ، هديّة العارفين 2 : 273 ، أمل الآمل 1 : 155 ، روضات الجنّات 7 : 56 ، أعيان الشيعة 9 : 234.
Brockelmann : g, II : 414_ 415, s, II : 595_ 597.
(49)
حاشية معالم الدين
Or. 8464
تأليف : علاء الدين ، حسين بن رفيع الدين محمد بن محمود المرعشي ، الآملي ، الأصفهاني ، المعروف ب- (خليفة سلطان) ، المتوفّى سنة 1064 ه.
معالم الدين وملاذ المجتهدين ، مقدّمة في اُصول الفقه ، للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين بن عليّ بن أحمد المتوفّى عام 1011 هجرية.
تداولت هذه المقدّمة في المُدارسة فيها بين المحصّلين منذ عصرها وحتّى الآن. وقد عُلّقت عليها خلال هذه الفترة من الزمن حواش كثيرة مبسوطة ومختصرة ، منها هذه الحاشية.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. أمّا بعد : فيقول العبد ... المدعو بخليفة سلطان.
آخرها : تمّت هذه الحاشية ... يوم الخميس ، 23 شهر شعبان ، بيد أقلّ الطلبة ... محمد بن رضاي الجيلاني الكُهدَمي ، في مشهد الحسين ... 1234 هجرية.
ضمن مجموع من الورقة 75 - 115 بحجم 5 / 20 × 5 / 14 سم. في
ص: 246
كلّ صفحة 21 سطراً × 5 / 9 سم.
* الذريعة 6 : 206 ، معجم المؤلّفين 6 : 292 ، روضات الجنّات 2 : 346 ، أعيان الشيعة 6 : 164.
(50)
نسخة أُخرى
Or. 8530
مجهولة الناسخ والتاريخ ، مختلفة الخطّ ، حديثة الكتابة ، من خطوط القرن الرابع عشر الهجري.
في 39 ورقة ، 7 / 18 × 12 سم.
(51)
حاشية معالم الدين
Or. 8464
تأليف : ميرزا محمد بن حسن الشرواني (الشيرواني) الأصفهاني ، المعروف بالفاضل الشرواني (الشيرواني) ، المتوفّى سنة 1098 ه.
أوّلها بعد البسملة : قوله الفقه في اللّغة الفهم إلخ : إنّما ابتدأ بتعريف الفقه دون أُصول الفقه ...
آخرها : تمّ هذه الحاشية يوم الجمعة ، ثامن شهر محرّم الحرام ، في سنة خمسة وثلاثين ومائتين بعد الألف ، بيد محمد رضاي الجيلاني في كربلا ...
ضمن مجموع من الورقة 1 - 75 بحجم ، 5 / 20 × 5 / 14 سم. في
ص: 247
كلّ صفحة 21 سطراً × 5 / 9 سم.
* الذريعة 6 : 210 ، روضات الجنّات 7 : 93 ، الكنى والألقاب 3 : 213 ، الفوائد الرضوية : 467 ، هديّة الأحباب : 252 ، أعيان الشيعة 9 : 142.
(52)
حاشية معالم الدين
Or. 8404
تأليف : محمّد باقر الوحيد البهبهاني المتوفّى بالحائر الحسيني 1306 هجرية.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمد ... قوله : وبالأفعال الخ ، إن قلت : من جملة الأفعال فعل المعصوم ...
كتبها محمد بن رضاي الجيلاني الكُهدَمي بتاريخ سنة 1234 ، كما ورد ذلك في الرسالة السابقة لها ، والمتّحدة معها بالخطّ.
ضمن مجموع من الورقة 115 - 147 بحجم 5 / 20 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 21 سطراً × 5 / 9 سم.
* انظر الذريعة 6 : 206 برقم 1142.
(53)
الحاوي في علم التداوي
Or. 13385
تأليف : نجم الدين ، محمود بن صائن الدين الياس الشيرازي ، المتوفّى سنة 730 هجرية.
ص: 248
الكتاب مرتّب على خمس مقالات : الأوّل في العلل ، والثاني في الحميّات ، والثالث في علل الأعضاء الظاهرة ، والرابع في الأدوية المفردة ، والخامس في الأدوية المركّبة.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الواحد الماجد السبّوح ، خالق الجنّ والإنس ... وألفت هذا الكتاب ، وسمّيته بالحاوي في علم التداوي ، ورتّبته على خمس مقالات ...
آخره : باللوز والفستق المقشّرين ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، تمّ الكتاب ... على يد ... محمود بن عمر بن أبي بكر المعروف بخالق ... في العشر الأوّل من شهر شوّال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة (731) ...
نسخة خزائنيّة نفيسة ، زُيّنت الأوراق الأولى منها بالنقوش المذهّبة ، وكتب عليها عنوان الكتاب واسم مؤلّفه ، وصاحبه عبدالرحيم بن إبراهيم ، وجميع صفحاته مؤطّرة بماء الذهب.
في 457 ورقة ، 24 × 5 14 سم. في كلّ صفحة 19 سطراً.
* كشف الظنون ج 1 : 628 ، الذريعة 6 : 236 ، معجم المؤلّفين 12 : 153.
Brockelmann : s, II : 298 - 299
(54)
حاوي المقال في علم الرجال
Or. 8688
تأليف الشيخ عبدالنبي بن سعد الجزائري الغروي الحائري المتوفّى سنة 1021 هجرية.
ص: 249
أوّله بعد البسملة : نحمدك اللهمّ على ما هديتنا لصحيح المقال من خلاصة الأقوال ، وحبوتنا من ممارسة الرجال بحسن الردّ والإهمال ، ونصلّي على من قبلت لمحبّته ضعف الأعمال ، وعدّلت بشريعته عوج الأديان بنهاية الاعتدال ، وعلى آله الجارين على ذلك المنوال في جميع الأقوال والأفعال ...
جاء في آخر الجزء الأوّل منه : هذا آخر ما أردنا إيراده في الجزء الأوّل من كتاب الحاوي ، ويتلوه في الجزء الثاني الفصل الثاني في رجال الحسن إن شاء الله ... وكان الفراغ من كتابته يوم الخميس ، ضحوة النهار ، يوم الخامس من شهر ربيع الآخر ، سنة الخامسة عشر بعد الألف من الهجرة ... بقلم ... قطب الدين بن الشيخ تمام بن حسن الصيمري ...
جاء في هامش نفس الصفحة صورة بلاغ مقابلة على مصنّف الكتاب ، نصّه : ثُمّ بلغ قراءة وفّقه الله لمرضاته ، وسهّل إلى سبيل الخير توفيقاته ، وقد أجزت له أن يرويه ويقرئه لمن شاء وأحبّ ، كيف شاء وأحبّ ... وكتب الفقير عبد النبي بن سعد عفي عنه.
يليله الفصل الثاني في رجال الحسن ، وهم الممدوحون من الإمامية ، مدحاً لا يبلغ حدّ التوثيق ، وفيه أقطاب. القطب الأوّل في الهمزة وفيه أبواب ، الباب الأوّل إبراهيم.
جاء على ظهر الورقة الاُولى منه ما نصّه : بسم الله وله الحمد ، هذا كتاب حاوي المقال في علم الرجال ... أمّا الجزء الأوّل من هذه النسخة هو بخطّ أحد الفضلاء من تلاميذ المؤلّف ، والجزء الثاني بخط ولد المصنّف ، وكلا الجزئين مَقروّ عليه ، ومجاز منه ، ثُمّ إنّ هذه النسخة هي نفس النسخة التي أشار إليها صاحب الروضات في ترجمة المؤلّف ، وذكر أنّه وجدها عند
ص: 250
السيّد محمد باقر الرشتي ، فإنّك ترى خاتمه الشريف على ظهر الصفحة الاُولى موجوداً للآن ، فليعن كلّ من أراد التضلّع في هذا الفنّ بهذه الجوهرة النفيسة ، واليغن به عن غير أهله. وكتب هذه الأحرف بيمناه الداثرة محمد باقر بن محمد تقي بن محمد باقر بن محمد تقي الرازي أصلاً ، الأصفهاني مولداً ومنشاءً ومسكناً ، في 13 ذي القعدة ، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية (1).
في 249 ورقة ، 3 / 29 × 20 سم. عدد أسطر الصفحات مختلفة.
* الذريعة 6 : 237 ، رياض العلماء 3 : 272 ، معجم المؤلّفين 6 : 200 ، روضات الجنّات 4 : 286 ، أعيان الشيعة 8 : 126 ، الفوائد الرضوية : 258.
(55)
حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة
Or. 8390
تأليف : أبي الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي ، النيسابوري ، المعروف بقطب الدين الكيدري. المتوفّى بعد سنة 576 هجرية.
إشتمل هذا الشرح على نوادر اللّغة والأمثال ، ودقائق النحو والبلاغة ، وملح التواريخ ، وغوامض علم الكلام ، وعلوم الأوائل ، وأُصول اللّغة وآداب الشريعة ، وعلم الأخلاق والطبّ والهيئة وغير ذلك.
أوّله بعد البسملة : سبحان من حسرت أبصار البصائر عن كنه معرفته ، ظ.
ص: 251
وقصرت ألسن البلغاء عن أداء مدحته ...
آخره : لأنّه ذو الحول والمنّة ، وولي الطول والمنّة ووافق الفراغ من تصنيفه في أواخر شهر الله المنّان شعبان ، سنة ست وسبعين وخمس ماية (576) ، وفرغ من تحريره لنفسه يوم الأحد ، الثامن والعشرين من شهر ربيع الأوّل ، محمد بن أسد الله بن ملاّ ولي دوست ، سنة خمس وسبعين بعد الألف (1075) ...
في 345 ورقة ، 8 / 29 × 17 سم. في كلّ صفحة 26 سطراً × 11 سم.
* الذريعة 6 : 285 ، أعيان الشيعة 9 : 250 ، الفوائد الرضوية : 493 ، روضات الجنّات 6 : 295 ، طبقات أعلام الشيعة ق / 6 : 259 ، معجم المؤلّفين 9 : 237.
(56)
خلاصة الحساب
Add. 23569
تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد العاملي ، الحارثي ، الجباعي ، المولود سنة 953 ، والمتوفّى سنة 1031 هجرية.
رتّب المؤلف كتابه هذا على مقدّمة وعشرة أبواب ، في عاشرها مسائل تمرينيّة وخاتمة ، جمع فيه فنون الحساب بشكل مختصر ، وقد أصبح من لدن تصنيفه مرجعاً في البحث والتدريس.
أوّله بعد البسملة : نحمدك يامن لا يحيط بجميع نعمه عدد ، ولا ينتهي تضاعف قسمه ...
ناقص الآخر ، جاء في آخره : السابع مجذور إذا زيد عليه جذر.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثاني عشر الهجري.
ص: 252
ضمن مجموع من الورقة 103 - 135 ، 5 / 19 × 9 سم. في كلّ صفحة 16 سطراً × 2 / 5 سم.
* الذريعة 7 : 224 ، معجم المؤلّفين 9 : 243 ، هديّة العارفين 2 : 273 ، أمل الآمل 1 : 155 ، روضات الجنّات 7 : 56 ، أعيان الشيعة 9 : 234.
Brockelmann : g,II,414 - 415, s,II : 595 - 597
(57)
الخواصّ الكبير
Add. 23419
تأليف : أبي موسى ، جابر بن حيّان بن عبدالله الكوفي المتوفّى سنة 200 هجرية.
أوّله بعد البسملة : المقالة الأُولى من كتاب الخواصّ الكبير لجابر بن حيّان رحمه الله ، الصوفي ، الأزدي ، وهو أحد وسبعون مقالة ، ويعرف بكتاب الجامع.
قال أبو موسى جابر : الحمد لله كما هو أهله ومستحقّه ... من كان حافظاً لقواعد كُتبنا هذه وترتيبها ، وما عليه موضوعها ، فسيعلم علماً يقيناً إنّا وعدنا أن نذكر في جملة كتبنا مفردات من علم الخواصّ ... وجملة كتب الخواصّ أحد وسبعون كتاباً منها سبعون كتاباً برسم الخواصّ ، ومنها كتاب واحد يعرف بخواصّ الخواصّ ، وأشرف هذه الكتب ، وينبغي أن يقرأ هذه الكتب ، وعند استيعاب النظر في جميعها وعلمها ... وكتابنا. هذا يعرف بكتاب الجميع ، معناه جمع الكتب ...
آخره : فليكن الآن آخر هذه المقالة ، وآخر هذا الكتاب ، والسلام ،
ص: 253
والحمد لله وحده ... وكان الفراغ من تعليق هذه النسخة في يوم الخميس ، غرّة شعبان المكرّم ، لسنة خمس عشر ومأتين وألف (1215).
ضمن مجموع يبدأ بالورقة 90 ، وينتهي بالورقة 234 ، 26 × 5 / 16 سم. في كلّ صفحة 22 سطراً × 5 / 10 سم.
* الفهرست لابن النديم : 420 ، تاريخ الحكماء : 160 ، أعيان الشيعة 4 : 30 ، معجم المؤلّفين 3 : 105 ، الأعلام 2 : 103 ، هديّة العارفين 1 : 249 ، الذريعة 7 : 269 ، روضات الجنّات 2 : 218.
Brockelmann : g, I : 240.
(58)
نسخة أُخرى
Or. 4041
أوّلها بعد البسملة : المقالة الأُولى من كتاب الخواصّ الكبير لجابر بن حيّان الصوفي : الحمد لله كما هو أهله ومستحقّه الكريم ...
نسخة نفيسة ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثامن الهجري.
في 99 ورقة ، 5 / 19 × 5 / 12 سم. في كلّ صفحة 25 سطراً × 5 / 9 سم.
Supplement p. 534 ,No. 782.
(59)
درر النحور في مدائح الملك المنصور
Add. 18182
نظم : صفي الدين ، أبي المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن عليّ بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر السنبسي الحلّي ، المولود سنة 677 ،
ص: 254
والمتوفّى سنة 750 ، وقيل 752 هجرية.
هو مجموعة قصائد ، مدح بها الملك المنصور ، ناصر الدين أبو الفتح أرتق ، الجالس بعد أخيه بولق أرسلان ، واستقلّ بالملك ، ولُقّب بالمنصور بعد قتله وزيره التقش في سنة 601 هجرية ، إلى أن توفّي سنة 636 هجرية ، وهو سميّ جده الأعلى السلطان أرتق ، مؤسّس الدولة الأرتقيّة ، في ماردين ، وديار بكر.
نسخة قديمة نفيسة ، كتبت بخطّين مختلفين ، وقد أتلفت الرطوبة الكثير من صفحاتها ، وفُرّقت أوراقها ، وجُمعت مرّة أُخرى من دون معرفة ، وتمّ تجليدها مرّة أُخرى ، فصارت ورقة العنوان برقم 259 منه الآن ، وكذلك باقي أوراقه.
جاء على ظهر الورقة 257 / ب تملّك بتاريخ سنة 864 هجرية.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن التاسع الهجري في 273 ورقة 5 / 20 × 2 / 14 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 11 سم.
* الذريعة 8 : 120 ، كشف الظنون 1 : 797 ، تنقيح المقال 2 : 154 ، الكنى والألقاب 2 : 421 ، أعيان الشيعة 8 : 19 ، النجوم الزاهرة 10 : 238.
Brockelmann : g, II : 159 - 160, s, II : 199 - 200.
(60)
ديوان
أمير المؤمنين عليه السلام
(مع
الترجمة بالفارسية)
Add. 7535
أوّله بعد البسملة :
الناس من جهة التمثال أكفاء
أبوهم آدم والاُمّ حوّاء
ص: 255
كُتب تحت كلّ كلمة من الشعر معناها بالفارسيّة.
جاء على ظهر الورقة الأُولى منه نصّه : ديوان حضرت مولاي متّقيان ، إمام الثقلين ، صاحب قاب قوسين ، أسد الله الغالب ، وغالب كلّ غالب ، أبي الحسنين عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ... بخطّ مير عليّ أست ، ومي نمايند بخطّ مولانا سلطانعليّ مشهدي أست ، أمّا بخط مير عليّ أشبه أست ، وظاهر آنكه خطّ مير عليست ، والله العالم.
الصحفات كلّها مجدولة بماء الذهب ، في 112 ورقة 5 / 23 × 5 / 15 سم ، في كلّ صفحة 12 سطراً.
(61)
ديوان حسّان بن ثابت
Add. 19539
نظم : أبي الوليد حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة ابن عدي الأنصاري. المولد قبل النبي (صلى الله عليه وآله) بثمان سنين ، وعاش مئة وعشرين سنة ، ومات في زمن معاوية بن أبي سفيان.
أوّله بعد البسملة : قال حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام ... في يوم فتح مكة ...
جاء على ظهر الورقة الثانية منه ما صورته : ديوان حسّان بن ثابت ، رواية أبي سعيد الحسن بن عبدالله المرزباني السيرافي.
عن أبي عليّ إسماعيل بن محمد الصفار.
عن أبي سعيد السكّري.
عن ابن حبيب.
ورواية أبي الحسن محمد بن العباس بن أحمد.
ص: 256
عن السكّري.
عن أبي جعفر محمد بن حبيب الهاشمي.
سماع لمحمد بن أحمد بن عمر الخلال أبي الغنائم.
آخره : نجز الديوان المبارك يوم الجمعة المبارك ، يوم عاشوراء من شهور محرّم الحرام سنة 1033 ، على يد كاتبه لنفسه ، محمد بن زين الحموي ... وكتب من خطّ محمد بن أحمد بن عمر الخلال أبو الغنائم.
في 114 ورقة ، 21 × 5 / 15 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 10 سم.
* الذريعة 9 : 237 ، كشف الظنون 1 : 785 ، الأعلام 2 : 175 ، أعيان الشيعة 4 : 621 ، تنقيح المقال 1 : 294 ، منهج المقال : 95 ، معجم المؤلّفين 3 : 191.
Brockelmann : s, I : 67 - 68.
(62)
ديوان الشريف الرضي
Add. 25750
نظم : أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه السلام المعروف بالشريف الرضي المولود سنة 359 ، والمتوفّى سنة 406 هجرية.
أوّله بعد البسمله : حرف الهمزة والألف.
جزاء أمير المؤمنين ثنائي
على نعم ما تنقضي وعطاء
أقام الليالي عن بقايا فريستي
ولم يبق منها اليوم غير دماء
ينقص من أوّله بمقدار صفحة واحدة فقط.
ص: 257
آخره : تمّ الديوان المبارك المسمّى بديوان الشريف الرضي ليلة الأحد ... خامس عشر رجب الأصمّ ، من شهور سنة ستٍّ وأربعين وألف هجرية ، وقد فرغ من تسطيره وترتيبه على حروف الهجاء ، ولم تكن النسخة المنقول منها مرتّبة على هذا الترتيب العبد ... زين العابدين بن أبي الجود بن زين العابدين الأنصاري الخزرجي الشهير بابن الكشك الحنفي.
في 286 ورقة ، 5 / 28 × 18 سم. في كلّ صفحة 27 سطراً × 9 سم.
* الذريعة 9 : 372 و 521 ، كشف الظنون 1 : 794 ، روضات الجنّات 6 : 190 ، شذرات الذهب 3 : 182 ، تاريخ بغداد 2 : 246 ، أمل الآمل 2 : 261 ، مرآة الجنان 3 : 18.
Brockelmann : g, I : 82.
(63)
ديوان الشريف الرضي (ج 3)
Add. 19410
نظم : أبي الحسن ، محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه السلام ، المعروف بالشريف الرضي ، المولود سنة 359 ، والمتوفّى سنة 406 هجرية.
ترتيب : أبي حكيم ، عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله بن حكيم الخَبْرِيّ ، الشافعي ، المتوفّى سنة 476 ، وقيل : سنة 489 هجرية.
رتّبه على الأبواب والقوافي.
أوّله بعد البسملة ، وقال يفتخر بقريش ونزار على قحطان واليمن ، وذلك في شهر رمضان من سنة خمس وثمانين وثلثمائة :
ص: 258
أراكَ سَتُحدِثُ للقَلْب وَجْدَاً
إذا ما الركائبُ وَدّعْنَ نَجْدا
آخره : انتهى الجزء الثالث من شعر الرضي ، ويتلوه في الرابع قافية الراء. وقال يرثي الحسين بن عليّ عليهما السلام في يوم عاشوراء سنة سبع وسبعين وثلثمائة ، والحمد لله ربّ العالمين ...
ورد على ظهر الورقة الأولى منه ما صورته : هذا الجزء بخطّ الشيخ الإمام ، قبلة الكتّاب ، المعروف بياقوت المستعصمي ... كتبه ... بن السهروردي حامداً مصلّياً ...
وبذيله ما لفظه : صدّقت على ذلك ، وصحّ عندي ، وثبت أنّ هذا الكتاب بخط ياقوت المستعصمي ، وكتبه العبد الفقير شرف بن الأمير الخوارزمي مولداً.
وبذيله أيضاً شهادة أخرى على صحّة خطّ المستعصمي ، بتاريخ خمس وثمانمائة للهجرة.
نسخة نفيسة ، في 132 ورقة ، 5 / 23 × 5 / 17 سم ، في كلّ صفحة 13 سطراً × 5 / 11 سم.
* معجم المؤلّفين 6 : 17 ، طبقات الشافعية الكبرى 3 : 203 ، المنتظم 9 : 99 ، هديّة العارفين 1 : 452 ، النجوم الزاهرة 5 : 159.
Brockelmann : g, I : 388, s, I : 671.
(64)
ديوان صفيّ الدين الحلّي
Or. 1352
نظم : صفي الدين ، أبي المحاسن ، عبد العزيز بن سرايا بن عليّ بن
ص: 259
أبي القاسم بن أحمد بن نصر السنبسي الحلّي ، المولود سنة 677 ، والمتوفّى سنة 750 ، وقيل : 752 هجرية.
وهو غير ما تقدّم لصفيّ الدين الحلّي بعنوان «درر النحور».
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي علّم الإنسان البيان ، ومنّ به عليه ، والصلاة على سيّدنا محمد الذي مدح الشعر ...
آخره : تمّ ديوان العارف بالله تعالى ، الشيخ صفيّ الدين الحلّي بحمده ... وكان الفراغ من كتابته يوم الثلاثاء المبارك ، ثاني عشر صفر الخير من شهور سنة 1086 هجرية.
في 307 ورقة ، 5 / 20 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 10 سم.
* الذريعة 9 : 615 ، كشف الظنون 1 : 797 ، النجوم الزاهرة 10 : 238 ، أعيان الشيعة 8 : 19 ، الكنى والألقاب 2 : 421 ، تنقيح المقال 2 : 154.
Brockelmann : g, II : 159 - 160, s, II : 199 - 200.
Supplement p. 682, No. 1085.
(65)
نسخة أُخرى من ديوان صفي الدين الحلّي
Add. 7574
جاء في آخرها : وقع الفراغ من ديوان صفيّ الدين الحلّي على يد أفقر العباد ... محمد أمين بن يونس أفندي ، العمري ، الموصلي ، الحنفي مذهباً ، والقادري طريقة ، في الليلة الثاني والعشرين ، من شهر شعبان ، الواقع في سنة مائتين وألف بعد الهجرة (1200) ...
في 339 ورقة ، 22 × 5 / 16 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 10 سم.
ص: 260
(66)
ديوان كشاجم
Add. 19, 538
نظم : أبي الفتح ، محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب ، المعروف بكشاجم ، المتوفّى سنة 350 ، وقيل : 360 هجرية.
كشاجم : هو اختصار للكاتب ، الشاعر ، والمنجّم (ك ، شا ، جم).
أوّله بعد البسملة : قال أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب المعروف بكشاجم يمدح الرسول (صلى الله عليه وآله) ، حرف الهمزة قال : ...
آخره : تمّ الديوان اللطيف على يد الفقير ... محمد بن إسماعيل ، خادم حضرت نبي الله يحيى ، وكان الفراغ من نسخه في أوائل شهر رجب المبارك سنة (1054) أربع وخمسين وألف.
في 94 ورقة ، 21 × 15 سم. في كلّ صفحة 19 سطراً × 5 / 8 سم.
* الذريعة 9 : 911 و 5 : 7 / 46 ، كشف الظنون 1 : 807 ، معجم المؤلّفين 12 : 159 ، الفهرست لابن النديم 1 : 139 ، حسن المحاضرة 1 : 322 ، شذرات الذهب 3 : 37.
(67)
الرجال
Or. 7965
(تسمية الرجال الذين رووا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل البيت عليهم السلام وهم الأئمة الاثنا عشر).
تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر ، محمد بن الحسن بن علي
ص: 261
الطوسي ، المولود سنة 385 ، والمتوفّى سنة 460 هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على خيرته من خلقه محمد ، والطاهرين ... أمّا بعد : فإنّي قد أجبت إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه ...
جاء على ظهر الورقة الأولى ، بعد ذكر العنوان المتقدّم ، رواية الكتاب نصّه :
رواية : ولده أبو علي الحسن بن محمد عنه.
رواية : أبي عبدالله الحسين بن هبة الله بن رطبة عنه.
رواية : أبي البركات الغيداق بن جعفر الديلمي عنه.
سماع : العبد المذنب التائب المستغفر ، قريش بن السبيع بن المهنّا العلوي الحسيني المدني ، نفعه الله بالعلم ، وزيّنه بالحلم ، بفضله وكرمه ، آمين ربّ العالمين.
وفي أعلى الصفحة قراءة نصّها :
قرأت جميع هذا الكتاب ، على الفقيه الغيداق بن جعفر فحقّ سماعه فيه ، في مجالس عدّة آخرها ، الثلاثاء خامس عشرين ربيع الأوّل ، من سنة أربع وثمانين وخمسائة. وكتب قريش العلوي.
آخره : يقول حدّثني محمد بن أبي عمير كتاب عبيدالله بن علي الحلبي ، ولم يسمع منها غير هذا الكتاب ... تمّ كتاب الرجال ... إتّفق الفراغ من نسخ هذا الكتاب ، يوم الجمعة ، الحادي والعشرين من شهر الله الأصبّ ، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ، على يد العبد المذنب ، محمد بن سرهنك بن المرتضى الحسني ...
في مقدّمة الكتاب وآخره عدّة قراءات وسماعات اُخرى ، منها سماع
ص: 262
خامس عشر من ربيع الأوّل ، سنة أربع وثمانين وخمس ماية.
نسخة نفيسة 119 ورقة ، 7 / 17 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً.
* الذريعة 10 : 120 ، الفهرست للطوسي : 160 ، تأسيس الشيعة : 313 ، لؤلؤة البحرين : 292 ، مصفّى المقال : 402 ، المنتظم 8 : 252 ، النجوم الزاهرة 5 : 82 ، الكامل في التاريخ 10 : 58 ، معالم العلماء : 102 ، روضات الجنّات 6 : 216.
Brockelmann : g, I : 405, s, I : 706 - 707.
(68)
الرسالة الأضحوية في المعاد
Or. 8722
تأليف : الشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي ابن سينا ، المولود سنة 370 ، والمتوفّى سنة 428 هجرية.
أوّلها بعد البسملة : أفاض الله على روح الشيخ الأمين (1) في الدارين أنوار الحكمة ، وطهّر نفسه من أدناس الطبيعة ... والآن فلنعد إلى الغرض الذي عنه انفصلنا ، وهو القول في المعاد ، ولنثبت فهرسة الفصول الموردة في هذه الرسالة ... الفصل الأوّل : في ماهية المعاد ، والثاني : في اختلاف الأراء فيه. الثالث : مناقضة الآراء الباطلة ، الرابع : الشيء الذي هو إنّية ا.
ص: 263
الإنسان ... السابع : أحوال طبقات الناس بعد الموت ...
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الرابع عشر الهجري ، في 23 ورقة ، 21 × 5 / 16 سم. في كلّ صفحة 21 سطراً × 8 سم.
* الذريعة 11 : 90 ، تاريخ الحكماء : 413 ، النجوم الزاهرة 5 : 25 ، عيون الأنباء : 437 ، مرآة الجنان 3 : 47 ، وفيات الأعيان 1 : 375 ، روضات الجنّات 3 : 170 ، شذرات الذهب 3 : 233 ، معجم المؤلّفين 4 : 20.
Brockelmann : g, I : 452 - 458.
(69)
رسالة في الآداب والحكم والأخبار
Add. 23475
جمع : جمال الدين ، ياقوت بن عبدالله الرومي المستعصمي البغدادي ، المتوفّى سنة 698 هجرية.
أوّلها بعد البسملة : قال علي رضي الله عنه وكرّم الله وجهه : من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ... إلى آخره.
آخرها : تمّ المجموع بحمد الله تعالى وحسن توفيقه ، كتبه وجمعه ياقوت المستعصمي ، في شهر الله رجب من سنة أربع وتسعين وستماية حامداً لله تعالى على نعمه ...
نسخة نفيسة ، في 38 ورقة ، 7 / 17 × 5 / 13 سم. في كلّ صفحة 8 سطراً.
* مفتاح السعادة 1 : 77 ، معجم المؤلّفين 13 : 180.
Brockelmann : g, I : 353, s, I : 598.
ص: 264
(70)
رسالة في تحقيق أجزاء القضيّة
Or. 7826
تأليف : علي بن الحسين العاملي ، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله كثيراً كما هو أهله ، والصلاة على من شرفت به أنبياؤه ورسله ... وبعد فيقول الفقير إلى الله علي بن حسين العاملي ، هذه فائدة في بيان أجزاء القضيّة ... إعلم أنّ القضية قول يحتمل الصدق والكذب ...
آخرها : ولنقتصر على هذا القدر من تحقيق هذا المقام ... فرغ من مشقه ... علي بن حسين العاملي ... في عشية حادي عشر ذي الحجّة الحرام سنة 1095 هجرية.
ضمن مجموع من الورقة 162 - 171 ، بحجم 5 / 14 × 5 / 11 سم. في كلّ صفحة 17 سطراً × 5 سم.
(71)
رسالة في فنّ تدبير الحجر
Add. 7722
تأليف : أبي موسى ، جابر بن حيّان بن عبدالله الصوفي ، الكوفي المولود سنة 120 ، والمتوفّى سنة 200 هجرية ، وقيل : غير ذلك.
آخرها : وقد ألقيت إليك عهداً وميثاقاً إن أعطيت كتابي سفيهاً فيكون ... تمّ الكتاب بعون الله تعالى شأنه في رمضان 1211 هجرية.
مجهولة الناسخ ، ضمن مجموع ، يبدأ بالورقة 129 / أ - 134 ، بحجم
ص: 265
21 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 20 سطراً × 8 سم.
* الفهرست لابن النديم : 420 ، تاريخ الحكماء : 160 ، أعيان الشيعة 4 : 30 ، معجم المؤلّفين 3 : 105 ، الأعلام 2 : 103 ، هدية العارفين 1 : 249.
Brockelmann : g, I : 240.
(72)
رسائل حجّة الإسلام الشفتي
Or. 3586
تأليف : محمد باقر بن محمّد نقي بن محمد زكي بن محمد تقي بن شاه قاسم الموسوي المعروف بحجّة الإسلام الشفتي ، المولود سنة 1175 ، والمتوفّى سنة 1260 هجرية.
تشتمل على اثنتين وعشرين رسالة ، في أحوال عشرين رجلاً من الرواة ، ورسالتين في المنطق والصلاة ، مرتبة على النحو التالي :
الرسالة الاُولى : تبدأ بالورقة 16 / ب - 20 / أفي تحقيق حال عمر بن يزيد.
أوّلها بعد البسملة : بعد حمد الملك الفيّاض العلاّم ، والصلاة على سيّد الرسل وأشرف الأنام ... يقول العبد الظالم على نفسه ... محمد باقر بن محمد نقي الموسوي ... هذه كلمات وافية ، وعبارات شافية ، في تحقيق حال عمر بن يزيد ...
الرسالة الثانية : تبدأ بالورقة 20 / ب - 29 / أفي تحقيق حال سهل بن زياد الآدمي.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المتفرّد بالقدم والكمال ، والمتقدّس
ص: 266
بقدس جماله عن مضاهية الأشياء والأمثال ... هذه مقالة في تحقيق الحال في سهل بن زياد الآدمي أبي سعيد الرازي ...
الرسالة الثالثة : تبدأ بالورقة 29 / ب - 53 / أ. في تحقيق حال إبراهيم ابن هاشم القمّي.
أوّلها بعد البسملة : ومنه الإعانة فيما يفتقر إليه في الدنيا والدين ، الحمد لله المتأبّد مملكته بالخلود والدوام ... لما كَتبت في سالف الزمان رسالة في تحقيق الحال في إبراهيم بن هاشم وأغفلت ...
الرسالة الرابعة : تبدأ بالورقة 53 / ب - 56 / ب ، المسمّاة رسالة «عدّة» وبيان المقصود فيها.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله عدّة الرواة والأخبار ، وربّة الجبال والأحجار والأشجار ... قد أكثر ثقة الإسلام في الرواية بقوله (عدّة من أصحابنا) في كتابه الكافي ، فتارة يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى ...
الرسالة الخامسة : تبدأ بالورقة 57 / أ - 59 / أ ، في تحقيق حال أحمد ابن محمد بن خالد البرقي.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي فضّل مداد العلماء على دماء الشهداء ، وختم النبوّة بأحمد المحمود في السموات العلى عليه وعلى آله أكمل التحية والصلاة ... هذه رسالة في تحقيق الحال في أحمد بن محمد بن خالد البرقي ...
الرسالة السادسة : تبدأ بالورقة 59 / ب - 63 / أ ، في بيان حال أحمد ابن محمد بن عيسى.
أوّلها بعد البسملة : بعد الحمد للمنعم المفضال ، والصلاة على سيّد البريّة وعترته ... هذه مقالة في تحقيق الحال في أحمد بن محمد
ص: 267
بن عيسى ...
الرسالة السابعة : تبدأ بالورقة 63 / ب - 104 / أ ، في تحقيق حال إسحاق بن عمّار.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المنقذ عباده من الجهالة ، ووفّق لإصابة الحقّ من طلبه بالجدّ والطاعة ... هذه رسالة في تحقيق الحال في إسحاق بن عمّار ...
الرسالة الثامنة : تبدأ بالورقة 104 / ب - 124 / أ ، في تحقيق حال حسين بن خالد.
أوّلها بعد البسملة : ومنه الإعانة للفوز بجنّات النعيم ، وبه الاستعاذة للحذر من الشيطان الرجيم ... هذه رسالة في تحقيق الحال في حسين بن خالد ...
الرسالة التاسعة : تبدأ بالورقة 124 / ب - 132 / ب ، في تحقيق حال حمّاد بن عيسى الجهني.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، حمداً كثيراً فوق حمد الحامدين ... هذه مقالة أبرزناها في هذه الصفحات لتحقيق الحال في حمّاد بن عيسى الجهني ...
الرسالة العاشرة : تبدأ بالورقة 133 / أ - 134 / ب ، في تحقيق حال عبدالحميد بن سالم العطّار وابنه.
أوّلها بعد البسملة : هذه مقالة في حال عبدالحميد بن سالم العطّار وحال إبنه محمد بن عبدالحميد ...
الرسالة الحادية عشرة : تبدأ بالورقة 135 / ب - 142 / أ ، في تحقيق حال محمد بن عيسى اليقطيني.
ص: 268
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على أشرف الأوّلين والآخرين ... لمّا اختلفت مقالة العلماء في محمد بن عيسى اليقطيني ، أي محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، أحببت أن أكتب رسالة مشتملة على مقالاتهم ...
الرسالة الثانية عشرة : تبدأ بالورقة 142 / ب - 153 / ب ، في تحقيق حال أبان بن عثمان.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي لو حمدته دوام خلود ربوبيّته بكلّ شعرة ... هذه مقالة في تحقيق حال أبان بن عثمان ...
الرسالة الثالثة عشرة : تبدأ بالورقة 154 / أ - 174 / أ ، في تحقيق حال أبي بصير ليث بن البختري ، وأبي بصير يحيى بن القاسم.
أوّلها بعد البسملة : بعد حمد المنعم المفضال العلاّم ، والصلاة على مفخر الرسل ، أكمل الأنام ... هذه رسالة الإرشاد البصير الخبير ، إلى تحقيق الحال في أبي بصير ...
الرسالة الرابعة عشرة : تبدأ بالورقة 174 / ب - 180 / أ ، في بيان الأشخاص الذين لقّبوا ب- (ما جيلويه).
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المعين لمن استعانه في كلّ شدّة وصعاب ... أنّ ماجيلويه لقب لأربعة ...
الرسالة الخامسة عشرة : تبدأ بالورقة 180 / ب - 182 / أ ، في بيان حال محمد بن أحمد.
أوّلها بعد البسملة : يقول المفتقر إلى عفو ربِّه ... قد تكرّر وكثر في الأسانيد رواية محمد بن أحمد عن العمركي ...
الرسالة السادسة عشرة : تبدأ بالورقة 182 / ب - 189 / أ ، في تحقيق
ص: 269
حال محمد بن إسماعيل.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي أنشأ السموات والأرضين ... هذه رسالة لدفع القال والقيل في تعيين محمد بن إسماعيل ...
الرسالة السابعة عشرة : تبدأ بالورقة 189 / ب - 191 / أفي تحقيق حال محمد بن خالد البرقي.
أوّلها بعد البسملة : بعد حمد الله المنعم بكلّ الآلاء والصلاة على من التجأ إليه قاطبة البريّة ... هذه مقالة في تحقيق الحال في محمد بن خالد البرقي ...
الرسالة الثامنة عشرة : تبدأ من الورقة 191 / ب - 200 / أ ، في شرح حال محمد بن سنان.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل منازل الرجال على قدر روايتهم عن النبي وآله ... هذه رسالة في تحقيق الحال في محمد بن سنان ...
الرسالة التاسعة عشرة : تبدأ من الورقة 200 / ب - 208 / أ ، في شرح حال شهاب بن عبد ربّه.
أوّلها بعد البسملة : اختلف العلماء في شأنه ، فقيل : إنّ حديثه معدود في الحسان ، وهو مختار شيخنا الشهيد الثاني ...
الرسالة العشرون : تبدأ بالورقة 208 / ب - 211 / أ ، في تحقيق حال محمد بن الفضيل.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والعاقبة للمتّقين ... قد أكثر شيخنا الصدوق الرواية في الفقيه وغيره عن محمد بن الفضيل ...
الرسالة الحادية والعشرون : تبدأ بالورقة 211 / ب - 214 / أ ، في
ص: 270
تحقيق أنّ معاوية بن ميسرة ومعاوية بن شريح واحد.
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الخالق للأرضين والسموات ... هذه كلمات وافية في تحقيق الحال في معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة وأنّهما واحد ...
الرسالة الثانية والعشرون : تبدأ بالورقة 214 / ب - 216 / أوهي رسالة صغيرة للمؤلّف قدّس سرّه في جواب مسألة في المنطق.
الرسالة الثالثة والعشرون : تبدأ بالورقة 216 / ب - 225 / أوهي للمؤلّف أيضاً مختصرة في الصلاة.
هذه المجموعة كلّها بخطٍّ واحد ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
في 225 ورقة ، 5 / 20 × 5 / 14 سم. في كلّ صفحة 19 سطراً.
* الذريعة 10 : 246 ، طبقات أعلام الشيعة ق / 13 : 192 - 196 ، هدية العارفين 2 : 371 ، الفوائد الرضوية 426 ، أعيان الشيعة 9 : 188 ، معجم المؤلّفين 9 : 96.
Brockelmann : s, II : 827.
Supplement p. 426, No. 637.
(73)
الروضة البهيّة في شرح اللّمعة الدمشقيّة
Or. 11027
تأليف : زين الدين بن علي بن أحمد بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي ، الجبعي ، المعروف بالشهيد الثاني ، كان مولده سنة 911 ، والمستشهد عام 965 هجرية.
ص: 271
اللمعة الدمشقية : رسالة فقهيّة جليلة ، جمع فيها مؤلّفها - الشهيد السعيد محمد بن جمال الدين مكّي الجزيني العاملي المعروف بالشهيد الأوّل المتوفّى سنة 786 هجرية - أبواب الفقه ، ولخّص أحكامه ومسائله ، كتبها قدّس سرّه جواباً على رسالة حاكم خراسان علي بن مؤيّد. وقد اهتمّ العلماء في شرح غوامضها والتعليق عليها.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي شرح صدورنا بلمعة من شرائع الإسلام كافية في بيان الخطاب ، ونوّر قلوبنا من لوامع دروس الأحكام بما فيه تذكرة وذكرى لأولي الألباب ...
يضمّ المجلّد الذي هو موضوع البحث كتاب الطهارة والصلاة والزكاة.
آخره تمّ الجزء الأوّل من الروضة البهيّة في شرح اللّمعة الدمشقيّة ، يتلوه في الثاني كتاب الإجارة على يد مصنّفها ... واتّفق الفراق منه يوم الثلاثاء ، سادس شهر جمادى الآخر ، سنة ستٍّ وخمسين وتسعمائة ... وقد وقع الفراغ من تسويده يوم السبت ، عشرين شهر جمادى الأُولى من سنة أحد أربعين ومائتين بعد الألف (1241) ... محمد هاشم بن محمد صالح قرية كادية ، من محالّ شهر لاهيجان ...
في 285 ورقة ، 3 / 29 × 20 سم. في كلّ صفحة 20 سطراً × 5 / 9 سم.
* الذريعة 11 : 290 ، إيضاح المكنون 1 : 593 ، هدية العارفين 1 : 747 ، الكنى والألقاب 2 : 381 ، روضات الجنّات 3 : 352 ، أمل الآمل 1 : 85 ، أعيان الشيعة 7 : 143 ، معجم المؤلّفين 4 : 193.
Brockelmann : g, II : 325, s, II : 449 - 450.
ص: 272
(74)
نسخة أُخرى
Or. 1297
جاء في آخرها : قد فرغ في هذا تحرير الكتاب ، يوم الأحد ، خامس شهر محرّم الحرام سنة 1254 ، في يد أقلّ الطلبة ، ميرزا أبو القاسم بن عبد الجبّار بن عبدالنبي ...
في 287 ورقة ، 30 × 5 / 20 سم. في كلّ صفحة 26 سطراً × 13 سم.
Supplement p. p 213, No. 334.
(75)
زهر الرياض وزلال الحياض
Or. 7549
تأليف : أبي المكارم ، بدر الدين الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن شدقم الحسيني ، كان حيّاً في حدود سنة 996 هجرية.
كتاب في التاريخ ، والسّير ، وأخبار الخلفاء والأئمّة ، وما يتعلّق بالمدينة المنوّرة ، في ثلاث مجلّدات.
والمجلّد موضوع البحث هو الثالث منه ، أوّله بعد البسملة : أحمد الله على جزيل نواله ، وأُصلّي على من هدانا بإرساله ، سيّدنا محمد البارع بجماله ، وعلى الكرام من آله ، وبعد : فهذا الجزء الثالث من كتاب زهر الرياض وزلال الحياض. حرف الميم. الإمام مالك بن أنس ...
نسخة نفيسة ، كتبها يحيى بن شمس بن أحمد بن شمس البحراني البلادي ، وفرغ من نسخها في غرّة محرّم الحرام سنة 995 هجرية.
ص: 273
في 317 ورقة.
* الذريعة 12 : 70 ، أمل الآمل 2 : 178 ، معجم المؤلّفين 3 : 251 ، أعيان الشيعة 5 : 175 ، هدية العارفين 1 : 290 ، تاريخ آداب اللّغة العربية 3 : 315 ، إيضاح المكنون 1 : 618 ، معجم المؤلّفين 3 : 251.
Brockelmann : s, II : 827.
Supplement p. 426, No. 637.
للموضوع صلة ...
ص: 274
ص: 275
ص: 276
صورة
ص: 277
ص: 278
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بعث الأنبياء والمرسلين ، لهداية الخلق إلى الحقّ المبين ، وأيّدهم من عنده بالمعجزات ، وسدّدهم بخارق العادات ، والصلاة والسلام على خاتم النبيّين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، وعلى أخيه ووصيّه وصاحب سرّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وعلى بضعته الزهراء أُم الأئمّة النجباء ، وعلى سيّدَي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين ، وعلى التسعة المعصومين من وُلد الحسين ، وسلّم تسليماً كثيراً.
أما بعد ..
دأب علماؤنا الأعلام - قدّس الله أرواحهم - منذ أن نشأ الخلاف والجدال في ما بين المسلمين أنفسهم من جهة ، وما بين المسلمين وبين أصحاب الديانات السماوية الأُخرى من جهة أُخرى على استخدام أُسلوب المناظرة والدعوة إلى الجدال بالتي هي أحسن.
ومن دون شكّ فإنّ هذا الأُسلوب أُسلوب حضاري بعيد عن التعصّب والتزمّت ، يحاول من خلاله المناظر أن يقنع الطرف المقابل بصحّة ما يؤمن به ويعتقده ، ويحاول إثبات ذلك بما لديه من الأدلّة والبراهين
ص: 279
والحجج ، العقلية والنقلية.
وهذا الأُسلوب لم يكن بدعة ابتدعوها ، بل عملا منهم بما جاء من عند العزيز الحكيم في محكم كتابه من آيات بيّنات ، يدعو فيها الباري عزّ وجلّ عباده إلى اتّباع هذا الأُسلوب الذي يتوافق مع العقل ، فضلا عن حصول النفع المطلوب.
ولا يخفى أنّ الحوار البنّاء لا يخلو من الحقّ إجمالا حتّى وإنْ لم يُعلم كونه مع أيّ من الطرفين على وجه التفصيل ، قال الله تعالى في أدب الحوار : (وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين) (1).
وفي هذا العصر الذي كثرت فيه المُحاورات والمناظرات ، بل الجدال والنقاش والمراء ، وباتت تُنقل جلساتها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلى جميع أنحاء العالم ، وصار يتابعها شرائح المجتمع المختلفة ، حتّى أصبحت بعض هذه الشرائح تحدّد موقفها تجاه الطرف الآخر وتطّلع على سلبياته وإيجابياته وصحة ما يعتقد بها من خلال هذه المناظرات ، فلذلك أصبحت تحدّد مصير شعوب وطوائف ، وتغيّر معتقدات وأفكار طالما رسخت في أذهان بعضهم لقرون طويلة.
فصار الحريّ بالمناظرين والمتحاورين أن يلجأوا إلى الأساليب الشفّافة والحوارات البنّاءة ، والابتعاد قدر الإمكان عن التجريح والتكفير الذي يؤدّي إلى زرع بذور الفتن والبغضاء بين الناس.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» (2).7.
ص: 280
وقد لخصّ العلاّمة السيّد علي الحسيني الميلاني - حفظه الله - ما جاء في القرآن الكريم من كيفية الجدال وأنواعه في مقدّمته العلمية التي وضعها لكتاب «دلائل الصدق» ، نوردها بنصّها لِما فيها من فائدة جمّة.
قال السيّد الميلاني :
«ولقد أقرّت الأديان السماوية أُسلوب (الجدل) ، واتّخذه الأنبياء السابقون طريقاً من طرق الدعوة .. وقد ورد في القرآن الكريم نماذج من ذلك كما سيأتي ..
وأمّا نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ففي الوقت الذي أُرسل كما خاطبه الله عزّ وجلّ في الآية المباركة : (يا أيّها النبيّ إنّا أرسلناك شاهداً ومبشّراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً) (1) فقد حدّد له كيفية الدعوة وأداتها بقوله له : (ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة) (2) ثمّ أمره بالجدال حين يكون هناك جدال منهم ، فقال بعد ذلك : (وجادلهم بالتي هي أحسن) (3).
وفي الجملة ، فإنّ الوظيفة الأوّلية هي البلاغ والدعوة إلى سبيل الله ، فإن كان هناك مَن تنفعه (الحكمة) فبها ، وإن كان من عموم الناس فبالنصيحة والموعظة الحسنة ، فإن وجد في القوم من يريد الوقوف أمامه أو التغلّب عليه وجب عليه جداله ...
وفي ضوء ما تقدّم ، فإنّ الجدال قد يكون حقاً ، وقد يكون باطلا ، 5.
ص: 281
قال تعالى : (ويجادل الّذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (1).
وهناك في القرآن الكريم موارد من تعليم الله سبحانه النبيَّ الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) طريقة الاستدلال.
ففي سورة يس مثلا : (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون * أَوَليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كلّ شيء وإليه ترجعون) (2).
وفي سورة البقرة : (وقالوا لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادقين) (3).
وفي سورة البقرة - أيضاً - : (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنّوا الموت) (4).
وفي سورة المائدة : (لقد كفر الّذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إنْ اراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأُمّه ومن في الأرض جميعاً ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كلّ شيء قدير) (5).7.
ص: 282
وفي سورة المائدة - أيضاً - : (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبّاؤه قل فلِمَ يعذّبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممّن خلق ...) (1).
وفي سورة الأنعام : (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ...) (2).
وفي سورة الأنبياء : (أم اتّخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون * لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا ... أم اتّخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذِكر مَن معي وذِكر مَن قبلي ...) (3).
كما جاءت في القرآن الكريم موارد كثيرة من مجادلات واحتجاجات الأنبياء السابقين ..
ففي قضايا إبراهيم عليه السلام .. قال تعالى : (ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه أنْ آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربّي الذي يحيي ويميت قال أنا أُحيي وأُميت قال إبراهيم فإنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأْتِ بها من المغرب فبُهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) (4).
وقال تعالى : (وحاجّه قومه قال أتحاجونّي في الله وقد هدانِ ولا أخاف ما تشركون به إلاّ أن يشاء ربّي شيئاً وسع ربّي كلّ شيء علماً أفلا تتذكّرون) (5). 0.
ص: 283
وقال سبحانه وتعالى : (قالوا أأنت فعلتَ هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إنْ كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظالمون * ثمّ نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم * أُفّ لكم ولِما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) (1).
وفي قضايا نوح عليه السلام .. قال تعالى : (قال يا قوم أرأيتم إنْ كنت على بيّنة من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعُمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ... قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ...) (2)» (3).
وقد اتّبع العلاّمة الشيخ أبو الفتح الكراجكي في هذه الرسالة - التي بين يديك - أُسلوب المناظرة والجدال بالتي هي أحسن ، سعياً منه إلى إثبات المماثلة بين أدلّة النبوّة وأدلّة الإمامة ؛ وذلك بطريقة المناظرة والحوار الذي يدور بين ثلاثة أشخاص افترضهم يختلفون في العقائد : يهودي ، ومعتزلي ، وشيعي.
مبتدئاً بالمعتزلي الذي يحاول تثبيت نبوّة نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال إيراد النصوص بالأفعال - التي هي المعجزات الخارقة للعادات التي أظهرها الله عزّ وجلّ على يده (صلى الله عليه وآله وسلم) - ، والنصوص بالأقوال ، الذي هو القرآن الذي عجز الخلق كافّة عن الإتيان بمثله ، في مقابل اليهودي الذي 0.
ص: 284
يرفض هذه النصوص مستنداً على أدلّة المعتزلي عينها التي يعتمدها في رفض مماثلة الشيعي بين أدلّة تثبيت النبوّة وأدلّة تثبيت الإمامة.
أما الشيعي فيحاول أن يثبت للمعتزلي ولليهودي في آن واحد إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأحقيّته بخلافة أخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، متّبعاً نفس أُسلوب المعتزلي في تثبيت نبوّة نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذلك من خلال إيراد النصوص بالأفعال منه (صلى الله عليه وآله وسلم) التي خصّ بها أمير المؤمنين عليه السلام دون الناس أجمعين ، وميزه عن سائر الأُمّة في الدنيا والدين.
وكذا النصوص بالأقوال ، الجليّ منها الذي علم سامعوه من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مراده منه بالاضطرار والاستدلال ، والخفيّ الذي لا يقطع على أنّ سامعيه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علموا النصّ بالإمامة منه اضطراراً ، كما سيأتي بيانه.
وبالجملة : فإنّ هذه الرسالة التي بين يديك - عزيزي القارئ - لو نظرت إليها بتجرّد عن كلّ المؤثّرات الخارجية والأهواء النفسية تراها عبارة عن نقاش علمي يدور بين مجموعة من المتحاورين ، الّذين يسعى كلّ واحد منهم إلى إثبات صحّة ما يؤمن به من خلال الأدلّة العقلية والنقلية ، والحجج الدامغة التي يوردها ، مقرّين في نهاية الأمر ومسلّمين للّذي كان الدليل والبرهان إلى جانبه في تثبيت ما أراد تثبيته ، إلاّ أنّ ثمة مَن تأخذه العزّة بالأثم ويبقى على تزمّته وعناده وعدم الإذعان إلى الدليل والبرهان ، ويهدي الله من يشاء ويضلّ من يشاء.
ص: 285
من هو الكراجِكي؟
هو : الشيخ الجليل القدر ، العالم الفاضل ، الفقيه المجتهد ، المحدّث الثقة ، الحكيم المتكلّم ، الرياضي المتبحّر ، الرفيع الشأن والمنزلة ، أبو الفتح محمد بن عليّ بن عثمان الكَراجِكي.
نسبته :
اختلف المؤرّخون في نسبته ، فمنهم من قال : نسبة إلى «كراجك» ، وهي قرية تقع على باب مدينة «واسط» في العراق ، وقيل : قرية من قرى حلب.
ومنهم من قال : نسبة إلى «الخيم» قرية أو محلّة في مصر ، كان أبو الفتح قد نزلها وسمّي نسبة إليها ب- «الخيمي».
ومنهم من قال : نسبة إلى عمل الخيم ، التي هي «الكراجِك».
كما ينسب الكراجكي إلى «طرابلس الشام» ، فيوصف ب- : «الطرابلسي» ، لإقامته فيها مدّة طويلة.
وينسب أيضاً إلى «صور» ، المدينة الساحلية اللبنانية ، فقد وصفه الطهراني في «الطبقات» ب- : «الصوري» ؛ إذ أقام فيها ، وفيها توفّي ودُفن ، وقد صنّف فيها بعض مؤلّفاته.
ص: 286
أقوال علماء الجمهور بحقه :
للكراجكي مكانة علمية واجتماعية مرموقة ، ومشاركات في علوم عصره ، وقد ترجم له ومدحه كثير من المؤرّخين وأصحاب المعاجم والتراجم من المخالف والمؤالف ، فصدق عليه ما قاله السرِيّ الرَّفّاء (1) :
وشمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضلِها
والفضلُ ما شهدتْ به الأعداءُ
ولا يسعنا في هذه العجالة ذِكر ما قاله جميعهم ، مقتصرين على ذِكر أقوال بعضهم :
* قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» : «شيخ الرافضة وعالمهم ، أبو الفتح محمد بن عليّ ، صاحب التصانيف ...».
* وقال في «العبر» : «أبو الفتح الكراجكي ... رأس الشيعة وصاحب التصانيف ... وكان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكلّماً ، متفنّناً ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى ...».
* وقال عنه الصفدي في «الوافي بالوفيات» : «شيخ الشيعة ... وكان من فحول الرافضة ، بارعاً في فقههم ، لقي الكبار ، مثل المرتضى ...».
* وقال عنه اليافعي في «مرآة الجنان» : «رأس الشيعة ، صاحب التصانيف ، كان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكلّماً ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى».
* وقال عنه العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» : «أبو الفتح 6.
ص: 287
الكراجكي ، أي : الخيمي ، رأس الشيعة ، وصاحب التصانيف ، محمد بن عليّ ، مات بصور في ربيع الآخر ، وكان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكلّماً ، متفنّناً ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى ، وهو مؤلّف كتاب : تلقين أولاد المؤمنين».
* وقال عنه العسقلاني في «لسان الميزان» : «محمد بن عليّ الكراجكي ، بفتح الكاف وتخفيف الراء وكسر الجيم ثمّ الكاف ، نسبة إلى عمل الخيم وهي الكراجِك ، بالغ ابن طيّ في الثناء عليه في (ذِكر الإمامية) ، وذَكر أنّ له تصانيف في ذلك ، وذكر أنه أخذ عن أبي الصلاح ، واجتمع بالعين زربي ، ومات في ثاني ربيع الآخر سنة 449» (1).
مؤلّفاته :
قال العلاّمة المحقق السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره في مقدّمة تحقيقه لرسالة في فهرست مصنّفات الشيخ : «رسالة في فهرست مصنّفات الشيخ أبي الفتح محمد بن عليّ بن عثمان الكراجكي الخيمي ، المتوفّى 449 ، عملها بعض تلامذته من أولاد العلماء المعاصرين له ، وجدتها ضمن مجموعة برقم 6955 ، من مخطوطات المكتبة المركزية في جامعة طهران ، فاستنسخت عليها لنفسي في غرّة جمادى الأُولى ه.
ص: 288
سنة 1403».
وروماً منّي للاختصار أُورد أسماء هذه المؤلّفات فقط دون ذِكر التفاصيل ، تاركاً للمتتبّع الرجوع إلى أصل الرسالة المنشورة في مجلّة «تراثنا» الغرّاء ، العددين الثالث والرابع (43 و 44) ، السنة الحادية عشر / رجب - ذو الحجّة 1416 ه- :
الكتب الفقهية :
1 - كتاب الصلوات (الصلاة) ، وهو : روضة العابدين ونزهة الزاهدين.
2 - الرسالة الناصرية في عمل ليلة الجمعة ويومها.
3 - كتاب التلقين لأولاد المؤمنين.
4 - كتاب التهذيب.
5 - كتاب في المواريث ، وهو : معونة الفارض على استخراج سهام الفرائض.
6 - كتاب المنهاج إلى معرفة مناسك الحاجّ.
7 - كتاب المقنع للحاجّ والزائر.
8 - المنسك العصيّ.
9 - منسك لطيف في مناسك النسوان.
10 - كتاب نهج البيان في مناسك النسوان.
11 - كتاب الاستطراف ، في ذِكر ما ورد في الفقه في الأنصاف.
12 - مختصر كتاب «الدعائم» للقاضي النعمان.
13 - كتاب الاختيار من الأخبار.
ص: 289
14 - كتاب ردع الجاهل وتنبيه الغافل.
15 - البستان في الفقه.
16 - كتاب الكافي ، في الاستدلال على صحّة القول برؤية الهلال.
الكتب الكلامية :
1 - نقض رسالة فردان بعد (1) المروذي في «الجزء».
2 - كتاب غاية الإنصاف في مسائل الخلاف.
3 - كتاب حجّة العالِم في هيئة العالَم.
4 - كتاب ذِكر الأسباب الصادّة عن معرفة الصواب.
5 - رسالة نعتها ب- : دامغة النصارى.
6 - كتاب الغاية في الأُصول.
7 - كتاب رياضة العقول في مقدّمات الأُصول.
8 - كتاب المرشد ، المنتخب من «غرر الفوائد».
9 - جواب رسالة الأخوان (الأخوين).
كتب في الإمامة :
1 - كتاب عدّة البصير في حجّ يوم الغدير.
2 - كتاب التعجّب في الإمامة من أغلاط العامّة.
3 - كتاب الاستبصار في النصّ على الأئمّة الأطهار.
4 - كتاب معارضة الأضداد باتّفاق الأعداد. ا.
ص: 290
5 - المسألة القيسرانية.
6 - المسألة التبّانية.
7 - مختصر كتاب «التنزيه» تصنيف المرتضى.
8 - كتاب الانتقام ممّن غدر بأمير المؤمنين عليه السلام.
9 - كتاب الفاضح.
الكتب النجومية وما يتعلّق بها :
1 - كتاب مزيل اللبس ومكمّل الأُنس.
2 - كتاب نظم الدرر في مبنى الكواكب والصور.
3 - كتاب إيضاح السبيل إلى علم أوقات الليل.
4 - كتاب في الحساب الهندي وأبوابه ، وعمل الجذور والمكعّبات المفتوحة والصمّ.
الكتب المختلفة :
1 - العيون في الآداب.
2 - كتاب معدن الجواهر ورياضة الخواطر.
3 - رياض الحكم.
4 - كتاب موعظة العقل (العقلاء) للنفس.
5 - كتاب التعريف بوجوب حقّ الوالدين.
6 - كتاب ادِّكار الإخوان بوجوب (حقّ) حقوق الإيمان.
7 - نصيحة الإخوان.
ص: 291
8 - كتاب التحفة في الخواتيم.
9 - الرسالة العلوية.
10 - كتاب الجليس.
11 - كتاب انتفاع المؤمنين بما في أيدي السلاطين.
12 - كتاب الأنيس.
كتب في الأنساب وعلوم أُخرى :
1 - مختصر كتاب ابن خداع - للشريف المرتضى -.
2 - تشجير.
3 - كتاب الزاهر في آداب الملوك.
4 - كتاب كنز الفوائد.
5 - كتاب التأديب.
6 - المجالس في مقدّمات صناعة الكلام.
7 - كتاب الإقناع عند تعذّر الإجماع.
8 - كتاب الكفاية في الهداية.
9 - كتاب الأُصول في مذهب آل الرسول عليهم السلام.
10 - مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان.
11 - جواب الرسالة الحازمية.
12 - القول في معرفة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكتابة وسائر اللغات.
13 - الرسالة العامرية.
14 - مختصر طبقات الورّاث.
ص: 292
15 - الجدول المدهش.
16 - الرسالة الصوفية.
17 - كتاب الإيضاح عن أحكام النكاح.
18 - رسالة التنبيه على أغلاط أبي الحسين البصري.
19 - الكتاب الباهر في الأخبار.
20 - نصيحة الشيعة.
21 - مسألة العدل في المحاكمة إلى العقل.
22 - كتاب هداية المسترشد.
مختصرات «كنز الفوائد» :
1 - الذخر للمعاد في صحيح الاعتقاد.
2 - الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه السلام (وأولاده الكرام).
3 - رسالة في وجوب الإمامة.
4 - التذكرة بأُصول الفقه.
5 - البرهان على طول عمر صاحب الزمان عليه السلام.
6 - رسالة في مسح الرجلين في الوضوء.
7 - التنبيه على حقيقة البلاغة.
8 - الإيضاح بين طريقَي الزيدية والإمامية.
9 - ومجلس الكرّ والفرّ.
10 - الكلام في الخلأ والملأ.
11 - الردّ على الغلاة.
ص: 293
12 - الردّ على المنجّمين.
13 - تفضيل الأنبياء على الملائكة عليهم السلام.
هذا ، وقد استدرك السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره على هذا الفهرست قائلا : «وللكراجكي كتب لم يرد ذِكرها في هذا الفهرست ، فلعلّه ألّفها بعد هذا الفهرست ، وهي :
1 - الإبانة عن المماثلة ، في الاستدلال لإثبات النبوّة والإمامة (الرسالة التي بين يديك).
2 - كتاب التفضيل.
3 - الجواب عن ثلاث آيات.
4 - البيان عن اعتقاد أهل الإيمان.
5 - دليل النصّ بخبر الغدير.
6 - شرح الاستبصار في النصّ على الأئمّة الأطهار.
7 - شرح «جمل العلم والعمل» للشريف المرتضى علم الهدى.
8 - كتاب الوزيري.
9 - المزار.
10 - مختصر زيارة إبراهيم الخليل عليه السلام.
11 - أخبار الآحاد.
12 - مسألة في كتابة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
13 - النوادر.
14 - رسالة في جواب سؤال عن وجوب الحجّ وبعض علله ومناسكه.
15 - روضة العابدين.
ص: 294
16 - تهذيب المسترشدين.
17 - كتاب الفهرست.
18 - كتاب المنازل.
19 - كتاب المؤمن.
كُتبٌ نُسبت إلى الكراجكي بغير أسمائها :
1 - مسألة في العدد.
2 - كتاب النجوم.
3 - النصوص.
4 - نصيحة الشيعة.
5 - الوصية.
6 - رسالته إلى ولده.
ص: 295
النسخ المعتمدة
اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على مصوّرات لثلاث نسخ مخطوطة ، هي :
1 - صورة نسخة مخطوطة ، كُتب في خاتمتها : «وكتب هذه الأسطر بيمناه البالية الجانية ، محمد إبراهيم بن محمد معصوم الحسيني ، في شهر محرّم الحرام سنة 1282» ، محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة تحت رقم 1328.
وقد رمزت لها ب- : «أ».
2 - صورة نسخة مخطوطة ، تبدأ من «فصل في حكاية مجلس» من دون مقدّمة ، محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة تحت رقم 1328 ، ولم يذكر فيها اسم الناسخ أو سنة النسخ.
وقد رمزت لها ب- : «ب».
3 - صورة نسخة مخطوطة ، كُتب في نهايتها : «فرغ من تسويده الواثق بالله الغالب ، ابن الحاجّ أبي تراب أبو طالب ، جعلهما الله من المتمسّكين بولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين» من دون ذِكر سنة التسويد ، محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم 1359 (1295).
وقد رمزت لها ب- : «ج».
ص: 296
منهجية التحقيق
1 - مقابلة النسخ الثلاث ومعارضتها على بعضها ، وتثبيت الاختلافات ذات التأثير البيّن على المعنى ، وغضضت الطرف عمّا كان فيها من اختلاف بسيط غير مخلّ بسياق اللفظ ؛ وقد آثرت في عملي اتّباع أُسلوب التلفيق بين النسخ الثلاث بغية الوصول إلى نصّ متكامل ؛ لعدم إمكانية اعتماد إحداها أصلا للعمل ؛ وذلك للأسباب التالية :
أ - عدم وجود تواريخ كتابة النسختين «ب» و «ج» ، فتعذّر - لذلك - معرفة أيّ النسخ أقدم من الأُخرى.
ب - كثرة الاختلافات الواقعة في ما بين النسخ الثلاث.
ج - التصحيفات والأغلاط والأسقاط الواقعة في النسخ الثلاث.
2 - ضبط النصّ ، من حيث التقطيع والتوزيع ، وتصحيح الأغلاط الإملائية والنحوية البيّنة دون الإشارة إلى ذلك.
3 - تخريج الآيات القرآنية الكريمة.
4 - تخريج الأحاديث النبوية الشريفة ، وإرجاعها إلى مصادرها الأصلية ، وقد اقتصرت فيها على ذِكرِ بعضِ أقدم المصادر المخرِّجة لها.
5 - توضيح المطالب الهامة ، بشرحها والتعليق عليها ، أو إحالتها على مصادرها الأصلية.
6 - شرح معاني الكلمات الغامضة والغريبة.
ص: 297
وفي الختام :
أُسدي شكري الجزيل إلى كلّ الّذين ساهموا معي في إخراج هذا الأثر النفيس إلى الملأ العلمي ، ولِما أبدوه من ملحوظات قيّمة وجهود طيبة ..
ولا سيّما سماحة المحقّق حجّة الإسلام والمسلمين السيّد علي الخراساني الكاظمي ..
والإخوة المحققين : السيّد محمد علي الحكيم ، جواد حسين الورد ، وعامر عبد الحسين عباس ..
والإخوة في هيئة تحرير مجلّة «تراثنا» ، ولا سيّما الأُستاذ
عامر الشوهاني.
داعياً المولى العليّ القدير أن يوفّقنا جميعاً لِما فيه خدمة سادتنا وموالينا أهل البيت عليهم السلام وبثّ علومهم ونشرها ، إنه نعم المولى والمجيب.
وآخر دعوانا أنِ «اللّهمّ كن لوليّك الحجّة بن الحسن ، صلواتك عليه وعلى آبائه ، في هذه الساعة ، وفي كلّ ساعة ، ولياً وحافظاً ، وقائداً وناصراً ، ودليلا وعيناً ، حتّى تسكنه أرضك طوعاً ، وتمتعه فيها طويلا».
والحمد لله أوّلا وآخراً ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجبين ، وسلّم تسليماً كثيراً.
دمشق / 17
ربيع الأوّل 1427
علي
جلال باقر الداقوقي
ص: 298
صورة
ص: 299
صورة
ص: 300
صورة
ص: 301
صورة
ص: 302
صورة
ص: 303
صورة
ص: 304
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله على ما منحنيه من إرشاده وهدايته ، وصلواته على من بعثه ببرهانه وآياته ، سيّدنا (1) محمد صاحب شريعته ودلالته ، وعلى أخيه أمير المؤمنين المختار لوصيّته ، الذي أبان لأُمّته وجوب رئاسته (2) وإمامته ، كما أبان الله عزّ وجلّ عن حقّه في تثبيت نبوّته ورسالته ، وعلى آله (3) من بعده من ذرّيّته وسلالته.
الحقّ واضح لطالبه ، والباطل مهلك لصاحبه ، نصب (4) الله سبحانه بفضله الأدلّة للمكلّفين ، وأزاح بعدله علل المعتدين ، فمن استعمل عقله اهتدى ، ومن تبع هواه ارتدى (5).هو
ص: 305
وقد بلغني ما جرى بينك يا أخي - أيّدك الله - وبين خصمك في الإمامة ، وإنكاره عليك أن تكون أصلا كالرسالة ، ودعواه أنه لا مماثلة بين طريقيهما في الدلالة (1) ، وأنّ الإمامة مسألة فقهية ، وفرع من الفروع السمعية ، التي لا يضلّ من جحدها ، ولا يكفر من أنكرها.
وقد أَثبتُّ لك في الكتاب ما تعلم به بطلان جميع ما ذكر (2) ، وأُوضح لك عن أنّ الإمامة أصل يتعلّق بالنبوّة ، مَن خالف فيه فقد كفر ، وأنّ الحجج في إثباتهما متماثلة ، والطاعن في الإمامة كالطاعن في الرسالة.
فمن الدليل على أنّ الإمامة أصلٌ : وجوبُها في العقل ، وثبوت الحجّة على أنّها انتظام التكليف في العدل ؛ وذلك أنّ الله عزّ وجلّ قد كلّف الخلق إصابة الحقّ ، وهو يُعرف من وجهين ، وهما : العقل ، والسمع.
ووجدنا قد أزاح علل مَن كان في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ما تعبّدهم به من العقليات ، بأن أوجدهم العقول وفي ما تعبّدهم من السمعيات ، بأن أقام لهم الرسول ، والناس من بعده عليه السلام مكلّفون (بنظير ما كان كلّفه) (3) مَن كان في وقته ، فوجب في عدل الله سبحانه وحكمته أن يزيح علل المكلّفين في كلّ زمان بإيجاد العقول ، ومن يقوم مقام الرسول. ».
ص: 306
ولو جاز أن يكلّفهم السمعيات ويعدمهم السمع ، لجاز أن يكلّفهم العقليات ويعدمهم العقل ، وذلك لا يجوز عند من أقرّ بالعدل (1) ، فبان أنّ الإمامة أصل وليست بفرع.
وقد ظنّ أهل الخلاف أنّ الناس يستغنون بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإمام بما في أيديهم من الكتاب والسُنّة ، وهذا محال.
لأنّ السُنّة قد اختلف حاملوها (2) ، وتضادّ في الأخبار ناقلوها ، والكتاب أيضاً مختلَف فيه ، والحاجة داعية إلى صادق ينبئ عن معانيه ، ولتسكن النفس إلى أمانته (3) ، وتتعلّق بعلمه وطهارته.
وشيء آخر ، وهو : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان منبّهاً على العقليات ، كما كان مُعْرِباً (4) في السمعيات ، مفزعاً للأُمّة (5) في التأويلات ، وملجأً لهم عند المشكلات ، ولم يكن الله سبحانه وتعالى ليعمّ الكلّ بالتكليف ، ويخصّ البعض بيسر السبيل ، فلم تبق شبهة في وجوب الإمامة ، وأنّها أصلٌ متعلّق (6) بالنبوّة.
ومن ذلك : ما يشهد به الدليل من [أنّ] (7) ق.
ص: 307
الإمامَ (1) قائمٌ مقامَ الرسول في التهذيب والتعريف ، والتعليم والتوفيق (2) ، والأمر والنهي ، والعقد والحلّ ، وأنّ الأُمة يلزمها من تبجيله وتعظيمه واتّباعه وطاعته ، نظير ما كان يلزمها للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
قال الله سبحانه وتعالى : (يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم) (3) ، فعطف طاعته على طاعته ، وجعل الحكم واحداً في وجوبه على الأُمّة ، وقد بيّن سبحانه وتعالى فقال : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (4) ، (فعلمنا أنّ من يطع أُولي الأمر فقد أطاع الرسول وأطاع الله) (5).
وليس يقبح أن ينصرف قوله سبحانه وتعالى : (وأُولي الأمر منكم) إلى الأئمّة ، الّذين هم خَلَفُ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (6) على تنفيذ الشريعة في الأُمة ؛ لأنه فرض طاعتهم كما فرض طاعة نبيه ، فوجب أن يكون حكمهم في العصمة والكمال كحكمه ، وإلاّ كان قد أمر بطاعة ذي النقص والخلل ، الذي يجور ويجهل ، ومن لا يذهب (7) إلى ما يذهب إليه في هذه الأُمة لأحد عصمةً ، ولا غيرَ (8) بالكمال أحداً (9) من الأُمة.
وأيضاً : فإنّ أقوال الناس في هذه الآية ثلاثة : ».
ص: 308
منهم من يقول : إنّ أُولي الأمر هم العلماء (1).
ومنهم من يقول : هم أُمراء السرايا (2).
ومنهم من يقول : هم الأئمّة الأبرار (3) من أهل بيت الرسول (المختار المصطفين صلوات الله عليه وعليهم) (4).
ووجدنا هذا القول الثالث قد انتظم الأقوال كلّها ، ودخل فيه القولان اللذان تقدّما ؛ لأنّ الأئمّة من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل العلماء قدراً ، وأعلاهم (5) منزلةً ، وأشهرهم ذِكراً ، ولأنّ (6) إمارة السرايا في قبضتهم ، وهي أحد متصرّفاتهم التي في نظرهم ، فوجب أن يكون هذا القول أَوْلى (7).
فقد (بان من هذا) (8) الوجه أيضاً (9) ، أنّ الإمامة أصل وليست بفرع ، وأنّ الإقرار بها فرض عامّ ، متقدّم على كلّ فرض أتى به الشرع ، وأنه لا يتقدّمها إلاّ الإقرار بالله وبرسوله فقط ، وإن كان الإقرار بالإمام يشتمل على الإقرار بالله وبالرسول ، كما أنّ طاعة الإمام هي طاعة لله ».
ص: 309
وللرسول.
وممّا يزيد (1) ذلك إيضاحاً وبياناً ، أنّ كلّ فريضة افترضها الله تعالى في الشرع من العبادات المختصّة بالسمع ، قد تنقص عن كمالها تارةً ، ويسقط وجوبها تارة ، ويتغيّر الحكم فيها من حالة إلى حالة ..
كالصلاة ، التي هي على الحاضر سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة ، فإذا سافر نقصت عن تلك العدّة ، فصارت إحدى عشرة ركعة ، ثمّ تسقط عن الحائض أصلا ، ولا يلزمها في تركها القضاء.
والزكاة ، التي يختلف حكمها ، وما يخرجه المكلّفون بحسب اختلاف ما يملكون فيها ، حتّى إنّ الأكثر تسقط عنهم ، ويموتون وهي لم تجب عليهم.
والصوم ، الذي يلزم المستطيع الحاضر ، ولا يجوز للحائض والمسافر ، وكذلك يسقط عن المريض والعاجز.
والحجّ ، الذي يختصّ بالمستطيع ، ويسقط (2) فرضه عمّن هو بخلاف ذلك.
وما يجري هذا المجرى من العبادات السمعية ، والفرائض الفقهية ، التي يختلف وجوبها ، ولا تتماثل أحوال المكلّفين فيها.
ثمّ إنّ جميع ما ذكرناه ، وما يجري مجراه ، لا يلزم المكلّف في سائر الساعات ، ولا ينبغي عليه في جميع اللحظات ، وإنّما يختصّ بأوقات معيّنات ، وليس كذلك حكم الإمامة ووجوبها ، والفرض على الأُمة من الإقرار بالإمام ووجوب طاعته عليها ؛ لأنّ هذا فرض عامّ شامل ، ».
ص: 310
لا ينقص ، ولا يسقط ، ولا يختصّ ببعض العقلاء دون بعض ، ولا بوقت دون وقت ، بل هو لازم في جميع الأحوال لزوماً واحداً ، لا يسقط عن أحد ما دام عاقلا ، وهو كالإقرار بالله سبحانه وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا جليٌّ لمتأمّله (1).
أخبرني أبو الرجاء محمد بن طالب البلدي ، قال : أخبرني أبو المفضّل ، محمد بن عبد الله بن محمد بن المطّلب (2) الشيباني ، قال : حدّثنا محمد بن علي بن شاذان بن خبّاب أبو عبد الله الأزدي في الكوفة ، قال : حدّثنا أحمد بن رشيد بن خيثم الهلالي (3) ، قال : حدّثنا عمّي سعيد بن خيثم ، قال : حدّثنا فضيل بن مرزوق ، عن (عطيّة العوفي) (4) ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : «جاء رجل إلى النبيّ ، فقال : يا رسول الله! علّمني شرائع الإسلام.
قال : تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحجّ البيت إنِ استطعت إليه سبيلا.
فلمّا ولّى الرجل ، قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفلا أُخبرك بأوكدهنّ ، وبما هو أملك لكم بعد الإيمان بالله ورسوله؟
فقال : بلى ، وما هو يا نبيّ (5) الله؟ ».
ص: 311
قال : مودّة هذا وولايته - وأشار إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام - ، ثمّ وُلده من بعده.
قال : يا رسول الله! وإنّها لمنهنّ؟!
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أَوَلم أُخبرك بأنّها أوكدهنّ؟! بل هي أوكدهنّ! قالها ثلاثاً».
وهذا كلّه كاشف عن أنّ المعرفة بالإمام هي الآن في شرع الإسلام أفضل الفرائض وأعظمها ، وأوجب العبادة وألزمها ، بعد المعرفة بالله ورسوله ، وأنّ الإمامة في الرتبة (تالية للرسالة) (1) ، وإذا كانت تَلِها (2) ، فمن أنكر حقّها ، وجحد مستحقّها ، فقد كفر.
وكيف لا تكون الإمامة بائنة كالنبوّة ، وتثبت الأدلّة على أنّ الإمام في وقته يجب أن يماثل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصره ، في كمال علمه وعصمته ، فيُعلم من حيث أُمرنا باتّباعه وطاعته؟!
وأمّا في جواز ظهور المعجز على يده ، فإنّ النصّ يجوز خفاؤه ، وانقطاع نقله ؛ لكتمان النقلة له ، فلا برح (3) من قطع عذر المكلّفين في تعريفهم مَن يجب اتّباعه بعلم يظهر على يده ، ويجوز ذلك أيضاً بجواز وجه فيه من اللطف يعلمه الله تعالى دون خلقه ؛ ولهذه الفصول كلام يأتي في موضعه.
وقد دلّ ما ذكرناه من كمال علم الإمام وعصمته ، على أنه يكون ».
ص: 312
أفضل أهل عصره ، (كما أنّ النبيّ أفضل أهل عصره) (1).
ودلّ على أنّ الإمام منصوص عليه من قبل الله تعالى ، وأنّ الله تعالى هو الذي اختاره إماماً لخلقه ، وليس للأُمّة حكم في اختياره ، كما أنّ الله سبحانه وتعالى يعرّف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويختاره نبيّاً لخلقه ، وليس للأُمّة حكم في اختياره.
فالطريقتان متماثلتان ، والنبيّ والإمام حجّتان لله تعالى على خلقه بالعيان.
وممّا يدلّك على صحّة المماثلة بين الطريقتين في إثبات الرسالة والإمامة ، أنّ المخالف في إحداهما نظير المخالف فيهما ، والطاعن على إحداهما كالطاعن عليهما ، وأنّ من سلك إبطال إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فإنّما استعار كلام اليهود (2) في إبطال نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
إنّك تجد الطريق إلى إثبات نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هي إثبات المعجزات الواردة على يديه ، وكذلك إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام هي إثبات النصوص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
* ثمّ تجد معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قسمين : أقوال ، وأفعال.
فالأفعال (3) :
تسبيح الحصى في كفه (4) .. !
ص: 313
ص: 314
ص: 315
ص: 316
ص: 317
ص: 318
ص: 319
ص: 320
ونحو ذلك ممّا ظهر على يديه (1). بد
ص: 322
والأقوال :
هي القرآن خاصة ، الذي هو كلام الله سبحانه.
* وكذلك النصوص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أمير المؤمنين عليه السلام قسمان : أحدهما أفعال ، والآخر أقوال.
ص: 323
فأمّا النصّ بالأفعال من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
فهو ما خصّ به أمير المؤمنين عليه السلام دون الناس أجمعين ، وتميّز (1) به عن سائر الأُمة في الدنيا والدين ، من التفضيل الموجب للإجلال والتعظيم ..
كمؤاخاته له (2) عليه السلام (3) .. 2.
ص: 324
وإنكاحه سيّدة نساء العالمين ابنته (1) ..
وأنه لم يُوَلِّ عليه أحد قطّ من أصحابه في جيش إلاّ (جعله المقدّم) (2) فيه على جميع من معه ..
وأنه لم ينقم عليه مع طول الصحبة وتراخي المدّة ..
ولا أنكر منه فِعلا ..
ولا استبطاه في صغير من الأُمور ولا كبير ، مع كثرة ما توجّه منه إلى جماعة من أصحابه من التقريع ، تصريحاً أو تلويحاً ..
ونحو ما ذكرناه من الأفعال المفضلة له على مَن سواه.
وإنّما شهدت هذه الأفعال والأحوال باستحقاقه للإمامة على الأنام ، ونبّهت على أنه أَوْلى بالمقام (3) ، من قبل أنّها دلّت على الفضل العظيم والاختصاص الشديد.
فقد كشفت عن قوّة الأسباب التي هي (أشرف الولايات) (4) ؛ ».
ص: 325
لأنّ من (كان أكبر) (1) فضلا ، وأعلى في الدين مكاناً ، فهو أَوْلى بالتقديم (2) وأحقّ بالتعظيم ..
ولأنّ العادة في من يرشّح لشريف الولايات ويؤهّل لعظيمها أن يبيّنه (على بعض ما ذكرناه ، وقد قال قوم من أصحابنا : إنّ دلالة الفعل ربّما كانت أكثر من دلالة القول وأبعد من الشبهة) (3) ؛ لأنّ القول يدخله المجازات ، ويحتمله ضروباً من التأويلات ، ولا يحتملها الفعل (4).
وكذلك كانت آيات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي الأفعال ، أكثر من آياته التي هي الأقوال ؛ لأنّ الشبهة لا تعترض مَن شاهد تلك الأفعال كاعتراضها لمن سمع الأقوال ، وقد جمع الله تعالى الدلالتين لسيّدنا رسول الله حتّى (5) لم يجتمعا (6) لأحد من الأنبياء قبله.
وأمّا النصّ بالأقوال على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، فينقسم قسمين :
أحدهما : هو النصّ الجلي ، الذي علم سامعوه من
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مراده منه بالاضطرار ، وإن كان الآن يُعلم ثبوته بالاستدلال ، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «سلِّموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (7)..
ص: 326
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا خليفتي فيكم مِن بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا» (1).
والآخر : هو النصّ الخفي ، الذي لا يُقطع على أنّ سامعيه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علموا النصّ بالإمامة منه اضطراراً ، ولا يمنع عندنا أن يكون علموه استدلالا ، من حيث اعتبار دلالة اللفظ.
فأما نحن ، فإنا لا نعلم ثبوته والمراد منه إلاّ بالاستدلال ،
كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» (2)..
ص: 327
ص: 328
وكقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» (1).
فأمّا النصّ الجلي - الذي قدّمنا ذِكره - فتفرّد بنقله الشيعة الإمامية خاصّة ، من دون خصومهم ، (إلاّ مَن لم يفطن بما عليه من أصحاب حديث العامّة ، فإنّهم قد أتوا به أيضاً في رواياتهم ، وجميع أهل النظر من مخالفي الإمامية يجحدونه وينكرونه كما يجحد) (2) اليهود والنصارى معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي الأفعال وتنكرها ، وينفرد المسلمون دونهم بنقلها. ».
ص: 329
فالشيعة تستدلّ على ثبوت النصّ الجليّ بتواترها ، كما يستدلّ المسلمون على ثبوت معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) - التي هي الأفعال - بتواترهم بها.
فكلُّ طعن (يطعنها بها) (1) النصّاب على الشيعة في ما يذكرونه من تواترهم (بثبوت النصّ الجليّ ، وارد عليهم في ما يذكرونه من تواترهم) (2) بنقل الأفعال من المعجزات الواردة على يد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّما استعارته النواصب منهم.
والطريقة في الاستدلال على ثبوت النصّ الجليّ ، هي الطريقة على ثبوت الأفعال من معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقد بان لك - من هذا الوجه - أنّ الطاعن في الإمامة كالطاعن في الرسالة ، وأنّ المثبت للإمامة كالمثبت للرسالة.
وأمّا النصّ الخفيّ على أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد نقله الشيعي والناصبي ، واتّفقت الأُمّة على صحّته ، (ولم يخالف القول بخلافه في أنّ رسول الله نطق به) (3).
لكنّ النواصب تدّعي ، أنه ليس بحجّة في ثبوت إمامة أمير م.
ص: 330
المؤمنين عليه السلام ، وتؤوّله (1) تأويلات تصرفه بها عن المراد ، وتقول : هو دالٌّ على فضيلة ورتبة جليلة ، وليس بدالّ على إمامته.
وهذا نظير تسليم (اليهود والنصارى) (2) لها ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتى الناس بآيات الأقوال التي هي القرآن ، وزعمهم أنّها ليست بحجّة في ثبوت نبوّته ، وقولهم : هي دالّة على بلاغة في المنطق وفصاحة جليلة ، وليست بدالّة على النبوّة.
فتحتاج الشيعة أن تبيّن (3) لمخالفيها أنّ هذا النصّ الخفيّ دالٌّ على الإمامة ، كما يحتاج المسلمون كافة إلى أن يبينوا (4) لمخالفيهم أنّ الأقوال - التي هي القرآن - دالّة على النبوّة ، فالطاعن على إحدى الطريقتين كالطاعن عليهما ، والمثبت لإحداهما كالمثبت لهما ، فقد بان لك من هذا الوجه صحّة ما ذكرنا (5). ».
ص: 331
فصل في حكاية مجلس
وقد فرضنا أنّ ثلاثة اجتمعوا في مجلس ، أحدهم يهودي ، والآخر معتزلي (1) ، والآخر شيعي إمامي ، وأنّهم تناظروا في النبوّة والإمامة ، فتراجع (2) بينهم النظر ، حتّى حصل - في التشبيه - كالكَرّ والفرّ ..
وإنّ اليهودي افتتح الكلام ، فسأل المعتزلي عن الدلالة على صحة نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ».
ص: 332
فقال المعتزلي :
الدليل (1) على ذلك ، أنّ الله تعالى أبانه بالمعجزات الخارقة للعادات ، التي أظهرها على يده (2) ، ودلّ بها على صدقه ، كتسبيح الحصى في كفّه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وحنين الجذع إليه ، ومجيء الشجرة حتّى وقفت (3) بين يديه ، وفي واحدة من هذه كفاية في إثبات النبوّة.
قال له اليهودي :
من أين ثبت عندك صحة ذلك؟
قال المعتزلي :
من نقل المسلمين بأسرهم ، وقد اشتمل بعضهم على الصفات التي ينقطع العذر معها بخبرهم لكثرتهم ، وبعد تعارفهم واستحالة التواطؤ والافتعال منهم وعليهم ، وقد نقلوا بأجمعهم نقلا متواتراً ، عن أسلافهم ، عمّن قبلهم ، إلى أن يتّصل (4) النقل بالّذين عاصروا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّهم شاهدوا هذه الآيات الخارقة للعادات على يده ، وأخبروا بها خَلَفَهُم ؛ فوجب علينا تصديقهم ؛ لأنّ من المستحيل كذب مثلهم. ».
ص: 333
فلمّا استوفى المعتزلي دليله .. قال له الشيعي :
رحم الله من أنصف من نفسه ، وأوجب عليها من الحقّ مثل ما أوجبه لها على خصمه.
اعلم - رحمك الله - أنّ حجّتك على اليهودي (حجّتنا) (1) عليك ، فإن تَكُنْ صحيحة ، فالتزم (2) كلّ ما ساقته (3) إليك ، وإن تكن باطلة لم يبق شيء في يدك.
قال له المعتزلي :
وكيف ذلك؟
قال له الشيعي :
لأنّك لم تزل تَسمَعُنا - معاشر الشيعة - ونحن نقول : إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام هو الإمام المفترض الطاعة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّه نصّ عليه النصّ الجليّ الذي أبانه الله تعالى ، مثل قوله يوم الدار (4) : «أيكم م.
ص: 334
يبايعني على هذا الأمر يكُن أخي ، ووزيري ، وخليفتي من بعدي؟» (1).
وقوله : «سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (2).
وقوله - وقد أشار إليه - : «هذا خليفتي فيكم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا» (3).
ففي (4) واحدة من هذه النصوص كفاية في إثبات إمامته ، فدليلنا الآن على صحّة هذه النصوص هو دليلك الذي أوردته بعينه ؛ وذلك (5) أنا - معاشر الشيعة - قد طبّقنا الأرض كثرةً ، حتّى اشتمل بعضنا على ».
ص: 335
الصفات التي معها ينقطع العذر بخبرنا ؛ لكثرتنا ، وبعد (1) تعارفنا ، واستحالة التواطؤ والافتعال منا وعلينا.
وقد نقلنا بأجمعنا ، نقلا متواتراً عن أسلافنا ، عمّن قبلهم (2) من متقدّمي سلفنا ، إلى أن يتّصل (3) النقل بالّذين عاصروا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّهم سمعوا هذه النصوص الجليّة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونقلوا ذلك إلينا ؛ فمن الواجب عليك تصديقنا ؛ لأنه لم تجر العادة بكذب مثلنا.
وهذا بعينه هو كلامك وحجّتك التي أجريتها (4).
قال المعتزلي للشيعي :
لا يصحّ لك ما ذكرت ؛ لأنا جميعاً قد اتّفقنا على الإقرار بالنبوّة ، والتمسّك بالشريعة ، وقد كان سلفنا موجودين في الأوقات التي تذكر أنّ النصّ كان فيها على صاحبكم ، وكانوا ذوي ديانة وأمانة ، طائعين لله سبحانه ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلو (5) كان ما تدّعيه من النصّ حقاً ، لم يختصّ سلفكم بنقله دون سلفنا ، ولسلّمه الكلّ إقراراً وإذعاناً ، ونقلوه بأجمعهم إلينا ، كما نقلوا ما سواه من معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلينا.
فلمّا رأيناكم اختصصتم بذلك دوننا ، علمنا بطلان دعواكم ، وفساد قولكم ، وخرج الدليل من أيديكم. ».
ص: 336
فرام الشيعي الجواب عن هذه الزيادة ، فسبقه اليهودي إلى الكلام فقال للمعتزلي :
أخبرني - أعزّك الله - هل تأمّلت ما هو عائد لنا عليك في ما ذكرت ، ولازم لك في النبوّة على ما أوردت ، أو لَمْ تتأمل ذلك؟
قال المعتزلي :
وما الذي يعود علَيَّ منه ويلزمني؟
قال اليهودي :
أُخاطبك بمثل ما خاطبتَ به الشيعي سواء ، فأقول : لا يصحّ لك ما ذكرت ، لأنا معاشر اليهود ، قد اتّفقنا مع المسلمين على الإقرار بالله تعالى ، واعتقاد توحيده ، والإقرار بموسى نبيّه عليه السلام ، وقد كان سلفنا موجودين في الأوقات التي تذكر أنّ المعجزات ظهرت فيها على يد صاحبكم ، وقد كانوا ذوي ديانة وأمانة ، طائعين لله عزّ وجلّ ولنبيه موسى عليه السلام ، فلو كان ما تدّعيه من ظهور المعجزات حقاً ، لم يختصّ به سلفكم دون سلفنا؟! ولسلّم ذلك الكلّ إقراراً وإذعاناً ، ونقلوه بأجمعهم إلينا ، كما نقلوا ما سواه من معجزات نبيّنا موسى عليه السلام.
فلمّا اختصصتم بذلك دوننا ، علمنا بطلان دعواكم ، وفساد قولكم ، وخرج الدليل من أيديكم.
فانظر ، فإن كان هذا كلاماً صحيحاً ، فقد أفسد (1) عليك دليلك ».
ص: 337
في النبوّة ، وإن كان باطلا ، فقد سقط الكلام عن صاحبك ، ولزمك بما أورده عليك أن تقول معه بالإمامة ، وما نراه إلاّ مستمرّاً ، وهو من خاصّ كلامنا ، وأظنكم استعرتموه منا.
قال المعتزلي لليهودي :
هذا الكلام لا يغنيك ، ولا ينفذك (1) مِن توجّه الحجّة (2) عليك ؛ لأنّ أسلافكم - معشر اليهود - كانوا من المعاداة لسيّدنا ونبينا (3) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسد والبغضة له ، على أمر حملهم على إنكار ما شاهدوه من معجزاته ، ودفع ما علموه من آياته ، فطووا ذلك وكتموه ، وستروه ولم ينقلوه.
والجحد والكتمان يجوز على الخلق العظيم والجمّ الغفير ، وليس ذلك كالافتعال الذي هو منهم مستحيل ..
والذي يوضح عن الفرق بين الافتعال والكتمان ، أنّ الخبر لا بُدّ له من صيغة ، وتلك الصيغة لا يجوز وقوعها من الجماعة افتعالا ، إلاّ بعد الاتّفاق والتواطؤ (باجتماع أو مراسلة) (4) ، والخلق العظيم والجمّ الغفير يستحيل منهم الاتّفاق والتواطؤ ، فافتعال الخبر لا يقع (5) منهم .. ».
ص: 338
وأما (1) كتمانه فممكن ؛ لأنّ الكتمان لا صيغة له ، وإنّما هو طيّ الخبر وترك نقله ، فمتى اتّفقت الأسباب الحاملة على ذلك حصل الطيّ ولم يحتج فيه إلى التقاء ولا مكاتبة.
وهذا فرق صحيح لمن اعتبره.
ولسنا نشكّ في أنّ البراهمة (2) ، وجميع فرق الفلاسفة جحدوا جميع معجزات موسى ، وأنكروها ، وطواها المتقدّمون منهم ، ولم ينقلوها.
فأمّا دعواك أنّ سلفكم كانوا من أهل الديانة والأمانة ، والطاعة لله تعالى ولموسى عليه السلام ، فليس الأمر كذلك ، والمعلوم من حالهم كثرة عنادهم ومخالفتهم لنبيّهم ..
أليس هم الّذين قالوا لموسى : (لن نؤمن لك حتّى نرى الله 6.
ص: 339
جهرة) (1) ..
وهم الّذين لمّا غاب نبيّهم عنهم اتّخذوا العجل إلهاً من دون الله (2) ..
وهم (الّذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيهاً) (3)؟!
وأحوالهم في وقته وبعده أظهر من أن تخفى ؛ فليس ببديع (4)».
ص: 340
منهم كتمان ما علموه من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنكار ما شاهدوه من آياته ، اتّباعاً لأهوائهم ، وظناً بآرائهم ، وخوفاً من الطعن على أحبارهم ورؤسائهم ، وليس ذلك بمبطل لنقلنا ، ولا قادح في تواترنا (1) الوارد مورداً يثبت به الحجّة على مخالفينا.
فقال الشيعي :
سبحان (الله الذي يسخّر المبطِل) (2) لإيراد الحقّ ، وينطقه وهو كاره بالصدق.
يا هذا! إنّك أتقنت الاحتجاج على خصمك في النبوّة بما لم تعلم أنه احتجاجنا (3) عليك في الإمامة ، وتخلّصت من مطالبته لك بكلام هو بعينه كلامنا الذي نتخلّص به من مطالبتك.
أمَا علمت أنا (كذلك نقول لك : إنّ أسلافكم - معشر النصّاب - كانوا من المعاداة (4) لأمير المؤمنين عليه السلام) (5) وشدّة الحسد له والشنآن على أمر حملهم على إنكار ما سمعوه من النصّ عليه ، ودفع ما علموه من الاستخلاف له والردّ إليه (6) ، فطووا ذلك وكتموه ، ولم ينقلوه وستروه ، ».
ص: 341
والجحد والكتمان يجوزان - كما ذكرتَ - على الخلق العظيم والجمّ الغفير ، وإن كان الافتعال منهم يستحيل (1) ؛ لِما ذكرته في كلامك من الإيضاح والتبيين ، ولِعِلمنا أنّ أهل الكتابين قد أنكروا ما ظهر على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الآيات والبراهين؟!
فأمّا دعواكم أنّ سلفكم كانوا من أهل الديانة والأمانة والطاعة لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فليس الأمر كذلك ، والمعلوم كثرة عنادهم ونفاقهم ومخالفتهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشقاقهم ..
أليس هم الّذين دحرجوا الدِّباب (2) ليلة العقبة تحت رجل ناقته ، طلباً لقتله (صلى الله عليه وآله وسلم) (3)؟!
وهم الّذين كانوا يضحكون خلفه إذا صلّى بهم؟!
ويقطعون الصلاة وينصرفون إلى نظر التجارة واللهو ، حتّى نزل القرآن يهتف بهم (4)؟!يح
ص: 342
وهم الّذين أمرهم عند موته بتجهيز جيش أُسامة ، ولعن المتخلّفين عنه ، فخالفوا أمره وتخلفّوا عنه (1)؟!
وأفعالهم القبيحة في وقته وبعده أكثر من أن تحصى (2). 03
ص: 343
فليس ببديع منهم كتمان ما سمعوه من نصّه على خليفته ، وإنكارهم ما علموه من استخلافه له على أُمته ؛ اتّباعاً لأهوائهم ، وظناً بأردى آرائهم ، وشحاً على أن تكون الرئاسة غير متداولة بينهم ، ثمّ اقتدى بهم في الكتمان للنصّ خَلَفُهم ؛ خوفاً من الطعن على رؤسائهم والتكذيب لأسلافهم ، وليس ذلك بمبطل (1) لنقلنا ،».
ص: 344
ولا قادح (1) في تواترنا الوارد مورداً يثبت به الحجة على مخالفينا.
وأُزيدك على هذا زيادة تنفعك في تثبيت النبوّة ، وتؤكد (2) عليك دليل الحقّ في القول بالإمامة ، وهي :
إنه ليس من شرط الحجّة بأن يطّلع الخلق عليها ، ولا من واجب الرواية أن يتّفق المؤالف والمخالف فيها ؛ لو كان ذلك واجباً لكانت الأنبياء عليهم السلام لم تأت بحجّة ولا برهان (3) ؛ لوجود المخالفين لهم في جميع الأزمان ، ولم يصحّ لنا الأخبار بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لوجود الاختلاف فيها بين أهل الإسلام.
وإنّما شرط الحجّة أن توضح عن صحّة الدعوى ، ومن واجب الرواية الصحيحة أن تكون محفوظة مع من يقطع العذر إذا رُوي بتواتره ، والقرينة تكون معه ، فاعرف ذلك تنتفع به.
قال المعتزلي للشيعي :
دعواكم للنصّ باطلة من وجه لا يلزمنا مثله في النبوّة ، وهو : أنّ أسلافنا أخبرونا ، عن أسلافهم ، عمّن قبلهم من أسلافهم ، متّصلا ذلك بالسلف الأوّل منهم ، أنّهم لم يسمعوا ما ادّعيتموه من هذا النصّ على صاحبكم ، ولا كان له حقيقة كما زعمتم ، ونحن أكثر منكم ، وأسلافنا أكثر من أسلافكم (4) ، وإنّما يتمّ لكم أن يكون تواتركم حجّة لكم متى ».
ص: 345
لم يعارضه ما يبطله عليكم ، وقد عارضه نقل سلفنا ، وهم أكثر منكم.
قال اليهودي للمعتزلي :
ما تراك أيّها المتكلّم إلاّ تفتح لنا على نفسك أبواباً سهلة المدخل ، قريبة التناول ، إن كان هذا الكلام مبطلا عليه ما رواه من النصّ ، فهو مبطلٌ عليك ما رويت من المعجزات ؛ لأنّ لنا أن نقول :
وكذلك نحن - معاشر اليهود - مع مَن شاركنا مِن جحد المعجزات التي رويت ، من النصارى والمجوس ، وجميع الفلاسفة والبراهمة ، أكثر منكم معشر المسلمين ، وقد أخبرنا أسلافنا ، عن أسلافهم ، عن السلف الأوّل منهم ، الذي كان في عصر نبيكم - ولا شكّ أنّ سلفنا في ذلك الوقت أكثر من سلفكم - أنّهم لم يشاهدوا له آية ، ولا رأوا على يده معجزة ، وإنّما يصير تواتركم حجّة متى لم يعارَض ، وقد عارضه ما هو أبلغ منه وآكد ، فدلّ على بطلانه وفساد ما تدّعونه.
قال المعتزلي لليهودي :
إنّكم - معاشر الكفّار - جاحدون غير ناقلين ، نافون غير مثبتين ، والخبر في الحقيقة إنّما يخبر به الراوي عمّا أدركه بحاسة سمعه أو بصره ، والنافي لم يدرك شيئاً يخبر به ، فليس قوله معارِضاً لقول مَن أخبر بما علمه ، وأدركه بإحدى حواسّه وتَحققه ؛ ولذلك كان الجاحد ليس بشاهد ، وإنّما الشاهد هو المثبِت دون النافي ، ونحن وسلفنا مثبِتون محقّقون لِما علموه ، مخبرون بما أدركوه ، وشاهدون بما شاهدوه ،
ص: 346
فالخبر معنا دونكم ، وليس يعارضه إنكاركم ؛ لأنّ الإنكار في إمكانكم ، والجحد غير مستحيل منكم ، والحجّة - بتواترنا - لازمة لكم.
قال الشيعي للمعتزلي :
إنّي أراك - أيّها الرجل - في ما تكلّم به اليهودي بصيراً ، وفي ما تكلّمني به أعمى ، وما ذاك إلاّ لأنّ معك في ما بيننا من الخُلف هوىً يصدّك عن الهدى.
تأمل - أصلحك الله - ما تكلّم به اليهودي ، تجده بعينه كلاماً لنا ، وما أجبته به عن احتجاجه الذي لقّنته إيّاه تراه في الحقيقة جوابنا!
قال المعتزلي للشيعي :
لي عليك واحدة ليس لليهودي علَيَّ مثلها.
قال الشيعي :
اذكرها! فإنّ حجّة المحقّ قد أثبتها (1) الله تعالى وأظهرها.
قال المعتزلي :
نحن لا نعرف لكم - معشر الشيعة - بأوّل كان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واليهودُ تعترف للمسلمين بأوّل كان لهم في عهده ، فقد أخذتُ إقرار اليهودي بما تستمرّ لي به الحجة عليه ، ولم ».
ص: 347
تأخذ إقراري بنظيره ، فيتّضح الحقّ لك فيه.
فرام الشيعي الكلام ، فقال اليهودي :
أنا أحقّ به ؛ لأنه قد ادّعى علَيَّ أنّ إقراري قد حصل معه (1) بما يتوجّه علَيَّ به الحجّة له ، والأمر بخلاف ما ادّعى ، وضدّ ما حكى!
ثمّ عطف على المعتزلي ، فقال له : أخبرني - أعزّك الله - كيف يكون في إقراري بسلفك حجّة لك في صحّة معجِزك؟!
وإنّما أقررتُ بوجود جماعة قليلة كانوا مع نبيّك عاضدوه ، وساعدوه ، وعاصروه ، وناصروه ، ولم يكن نقل مثلهم يقطع العذر ، ولا التعويل على قولهم يثلج الصدر ، فليس لك في ذلك فائدة تعتمدها علَيَّ على وجه.
ولم أعترف لك من هذا إلاّ بمثل ما اعترفت أنت به من وجود جماعة قليلة كانوا يطيعون لمسيلمة (2) ، ويدّعون له النبوّة ، وهم - عندي وعندك - لم يشاهدوا له آية ، ولا في الاعتراف بهم ما يوجب الإقرار بأنه 3.
ص: 348
قد كان على يده معجزة ؛ إذ كانت النبوّة لا تصحّ بهذا القدر.
قال المعتزلي لليهودي :
وأنتم - معشر اليهود - وإن لم تعترفوا لي بذلك ، فإنّ الدليل يوجبه عليكم ، ونقل المتواترين من المسلمين اليوم حجّة تثبت ما نفيتم.
قال الشيعي للمعتزلي :
أراك قد رجعت القهقرى ، وعدت (1) في تثبيت الحجّة على اليهودي إلى التواتر الأوّلي (2) ، ولم ينفعك إقراره لك بالسلف الذي كان مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوّلا ، فهل تجد فرقاً بينك - في ذلك - وبيني ؛ إذ قلت لك : إنّك وإن لم تعترف لي بسلف متقدّم (3) سمع نصّاً ولا رأى استخلافاً ، فإنّ الدليل يوجبه عليك ، ونقل المتواترين من الشيعة اليوم يثبت من ذلك ما نفيت.
فانظر أيّ حجة أوردتها عليه في ذلك ، فهي حجة لنا عليك ، حتّى لا تجد بين الموضعين فرقاً ، ولا ترى (4) لك علينا متعلقاً.
على أنّك لو سلكت سبيل الإنصاف ، وعدتَ إلى مرويّ الأخبار ، علمتَ أنه قد كان في زمن أمير المؤمنين طائفة تنضاف إليه تعتقد أنّ ».
ص: 349
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصَّ بالإمامة عليه (1).
قال المعتزلي للشيعي :
لسنا نشكّ - معاشرَ الشيعة - أنكم اليوم قد جاوزتم في الكثرة حدّ المتواترين ، الّذين إذا أخبروا عمّا شاهدوه أو سمعوه كانوا صادقين ، ولكنكم لم تحضروا استخلافاً ، ولا عاصرتم النبيّ فسمعتم منه نصّاً ، وإنّما رويتم مِن غيركم ، وعوّلتم على قول مَن أخبركم ممّن روى - أيضاً - عن غيره وحكى قول مخبره. ع!
ص: 350
فإذا نحن سلّمنا لكم أنه قد كان لهؤلاء النقلة إليكم أوّلٌ عاصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فما الحجّة على أنّهم كانوا ممّن ينقطع العذر بنقله ، ويجب (قبول قوله) (1)؟!
وما المانع من أن يكون أوائلكم آحاداً ، وجماعة شذّاذاً ، فنقلوا لكم هذا الخبر ، ونقلوه إلى مَن بعدهم ممّن هم في العدد أكثر منهم ، ثمّ نقله كلٌّ منهم إلى مَن هم أكثر منهم ، فنما وزاد وكان في أوّله في حيّز (2) الآحاد ، أو لعلّ هذه الطريقة (3) نشأت بعد عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وافتعلت لكم الخبر فعوّلتم عليه؟!
قال اليهودي - وهو متعجّب من المعتزلي - :
ما بالكم (4) - معاشر المعتزلة - تنكرون في أيّ شيء احتججتم به على الشيعة ، ولا تتوقّفون عن مخاطبتهم بلسان اليهود المخالفين لكم في الشريعة؟!
وما ذاك إلاّ لإحدى خصلتين :
إمّا أن يكون لعدم المعرفة والبصيرة ، فأنتم تنبئون بما سنح لكم من غير نظر في عاقبته ولا رويّة ؛ فلذلك أسرعتَ إلى إيراد هذا المقال ، ولم تتأمّل لزومه عليك (5) في النبوّة من غير انفصال .. ».
ص: 351
وإمّا أن يكون ذلك لقلّة التقى والديانة ، وعدم المخافة من الله سبحانه وتعالى ، فليس لكم صارف يصدّ ، ولا معلّم ورع يردّ ، فلذلك بادرتَ بالطعن على مَنْ يقول خصمك : إنه الإمام المستخلَف ، بما أن تمّ لك لم تبالِ أن يكون طعناً على المستخلَف.
فهذا الذي أوردتَه - عافاك الله - حجّتنا عليك ، وكلامنا الذي توجّه أبداً إليك ، فنقول :
إنا لا نشكّ - معاشر المسلمين - أنّكم اليوم قد جاوزتم في الكثرة حدّ المتواترين ، الّذين إذا أخبروا عمّا شاهدوه أو سمعوه كانوا صادقين ، ولكنكم لم تشاهدوا معجزةً منه ، ولا عاصرتم نبيكم فرأيتم آية ، وإنّما رويتم عن غيركم ، وعوّلتم على قول مَن أخبركم ممّن روى - أيضاً - عن غيره وحكى قول مخبره.
وقد سلّمنا لكم ، أنه قد كان لهؤلاء النقلة إليكم أوّلٌ عاصر نبيكم ، فما الحجّة على أنّهم كانوا ممّن ينقطع العذر بنقله ، ويجب قبول قوله؟!
وما المانع من أن يكون أوائلكم آحاداً أو جماعة شذّاذاً افتعلوا (1) لكم هذا الخبر ، وادّعوا أنّهم شاهدوا معجزاً ظهر ، ونقلوا ذلك إلى مَن بعدهم ممّن هم في العدد أكثر منهم ، ثمّ نقله كلّ قوم إلى مَن هم أكثر منهم ، فنما وزاد ، وكان أوّله (في خبر الآحاد) (2) ، ولعلّ ذلك كان من طائفة نشأت بعد نبيكم من جملة أصحاب حديثكم؟! ً.
ص: 352
وبهذا فرط (1) كلامكم (2) ، وعمدتنا وعمدة النصارى والفلاسفة والمجوس في مناظرتكم ، فما خلاصكم منا (3) وجوابكم؟!
قال المعتزلي لليهودي :
لو جاز على خَلَفِنا - وهم على ما هم عليه من الكثرة والانتشار ، والتفرّق في الأصقاع والديار (4) ، وتعذّر التعارف بينهم ، واستحالة التواطؤ منهم - أن يخبروا عن أسلافهم أنّهم متواترون مثلهم ، وأنّ حكم أوائلهم في قطع العذر بما يخبرون به حكمهم ، ويكون الأمر بخلاف ما يقولون ، وبالضدّ مما ينقلون ، وأوائلهم آحاد - كما تزعمون - مفتعلون ؛ وهم لا يعلمون ، لجاز عليهم الكذب في جميع ما يشاهدون ، والافتعال في سائر ما يخبرون ، حتّى لا نثق بشيء من أخبارهم ، ولا نعلم صحّة ما غاب عنّا بنقلهم ، ولوجب أن نشكّ في ما نقلوه من أخبار الملوك والممالك ، وذكروه من مواضع البلاد والمسالك ، وسطروه من السِيَر والآثار ، ودوّنوه من الوقائع في الأعصار!
وهذا باب متى فتحناه أفسدت الطرق بيننا وبين العلم بأخبار الناس ، ووجب أن لا نثق من ذلك إلاّ بما أدركناه بالحواسّ. ».
ص: 353
قال الشيعي :
قد علمت (1) أنّ الله سبحانه وتعالى ماثَلَ في الاستدلال بين طريقَي الرسالة والإمامة ، وأنّ الطاعن منكم - معشر النصّاب - في النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام ، إنّما أقام نفسه مقام اليهودي والنصراني في الطعن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وإنا سنلقي أمركم في طعونكم بنقضكم لها على أنفسكم ، إذا أوردوها عليكم الكفّار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار ، وأنا أُعيد عليك كلامك تنبيهاً لك على الحقّ ، كما أعدت عليك ما قبله حرفاً بحرف ..
فأقول : لو جاز على خَلَفِنا - وهم على ما هم عليه من الكثرة والانتشار ، والتفرّق في الأصقاع والديار ، وتعذّر التعارف بينهم ، واستحالة التواطؤ منهم - أن يخبروا عن أسلافهم أنّهم متواترون مثلهم ، وأنّ (2) حُكْمَ أوائلهم في قطع العذر بما يخبرون به حُكْمُهُمْ ، ويكون الأمر بخلاف ما يقولون ، وبالضدّ ممّا ينقلون ، وأوائلهم آحاد ، كما تزعمون ، مفتعِلون وهم لا يعلمون ، لجاز (3) عليهم الكذب في جميع ما يشاهدون ، والافتعال في سائر ما يخبرون ، حتّى لا نثق بشيء من أخبارهم ، ولا نعلم صحّة ما غاب عنّا بنقلهم ، ولوجب أن نشكّ في ما نقلوه من أخبار الملوك والممالك ، وذكروه من مواضع البلاد والمسالك ، وسطروه من السير والآثار ، ودوّنوه من الوقائع في الأعصار. ة.
ص: 354
وهذا باب متى فتحناه أفسدت الطرق بيننا وبين العلم بأخبار الناس ، ووجب أن لا نثق من ذلك إلاّ بما أدركنا بالحواسّ.
فقد بان لك رجوع كلامك إليك ، كما تبيّن لك توجه طعنك عليك.
وشيء آخر إن اعتبرته حَسَمَ في الإمامة شنعتك ، وإن اعتمدته أذهب في النبوّة تعبك (1) ، وهو :
إنّ أوائلنا لو (2) كانوا - كما زعمت - بعد زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وافتعلوا خبر النصّ ، وأخبروا به ، لعلمت حالهم ، وعرف الزمان الذي كان فيه بدؤهم ومنشأُهم ، ولم يجز أن يستتر (3) أمرهم ، كما يستتر (4) حال كلّ طائفة نشأت في الإسلام بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعُرف بدؤها وحالها ، وخلوّ الزمان قبلها ممّن يقول بقولها ، لا سيّما مع كثرة تتبّعكم - معشر النصّاب - للشيعة وأحوالها ، وحرصكم على وجود عثرة لها ، وفي عدم العلم بأوّل ظهر للشيعة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مذهبها ، أو دعوىً سُمعت في ذلك يلتبس الأمر بها ، دلالة على أنّهم صادقون في ما نقلوه ، وأوّلهم كآخرهم في ما حملوه ، وأنّهم شاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحضروا النصّ وسمعوه.
فاعتبر ما ذكرت تجده صحيحاً ، وانظر إليه نظر منصف تره لائحاً!
واعلم أنه مستمرّ في النبوّة كاستمراره في الإمامة ، وأنّ ».
ص: 355
الطريقتين (1) واحدة ، وذاك أنّ المخبرين (بهذه المعجزات) (2) لو كانوا يرجعون فيها إلى طائفة نشأت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابتدعتها ، ولم يُعرف القول بذلك قبلها ، لظهر أمرها ، وعُلم وقت منشئها ، وخلوّ الزمان قبلها (من راو لها) (3) ، لا سيّما مع تتبّع أعداء الملّة لأحوال أهلها ، واطّلاعهم في سرّ الشريعة وكثير من أخبارها ، وحرصهم على وجود الطعن عليها ، والتمكّن من القدح فيها.
وكذلك لو كان الّذين في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [هم] (4) المفتعِلين ، لوجب ما ذكرناه من ظهور أمرهم في العالمين!
وكيف لا يُظهر الله تعالى أحوالهم (وإطلاع الأخيار) (5) بباطن أُمورهم؟! والتواتر حجّة الله تعالى في الخلق ، وأحد الأدلّة التي نصبها لمعرفة الحقّ ، فوجب في حكمته أن يُعينَ على إظهار أمر المفتعِلين ، لا سيّما إذا كان ذلك مختصاً بالدين ، كي لا تشتبه (6) حججه ، ولا يجد المستدلّ بالسمع وجهاً يدرك الصواب معه.
وهذا بيان في إثبات المعجزات شاف ، وهو في إثبات النصّ الجليّ - أيضاً - كاف.
فعندها تحيّر المعتزلي واليهودي جميعاً ، ورأى كلّ واحد منهما أنه قد لزمه الإقرار بما لم يزل ينكره ، ولم يجد اليهودي سبيلا يسلكها في ».
ص: 356
دفع معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحّتها ، فلمّا همَّ بالاعتراف بالإسلام ، والإقرار بنبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
قال المعتزلي للشيعي :
إنّ النظر قد نتج لي فائدة ، وصحيح الفكر قد أحدث عندي نكتة زائدة ، لا يصحّ معها من النصّ ما تدّعيه ، ولا تجد سبيلا إليه.
قال الشيعي :
قلها! وما أظنك تقول خيراً!
قال المعتزلي :
إنّي رأيت الخبر المتواتر القاطع للعذر يوجب لسامعه علم الضرورة بصحّة مخبره ، وبذلك أجرى الله تعالى العادة بين خلقه ، فعلمت أنّ إيجابه لعلم الاضطرار شرط في صحّته ، وقد رجعت إلى نفسي عند سماع خبرك ، فلم أجدها مضطرّة إلى العلم بصدق نقلته ، وصحّة مخبره ، فدلّني ذلك على بطلانه ، وكذب رواته (1).
فحينئذ قال اليهودي للمعتزلي :
فرّجتَ عنّي - أيّها الرجل - كربةً ، وأسديت - بقولك هذا - إلى اليهود والنصارى نعمةً ، جعلت في أيديهم - بها - حجّةً ، ولَقُدِّرَ أنّ ».
ص: 357
الأمر يخرج عن يدي ، وأُفارق بما أورده الشيعي ديني ومعتقدي ، لو لم يتداركني حسنُ نظرك ، وينعشني صحيحُ خاطرك وفكرتك ، فخذ الآن إليك ما يقضي به حكمك (1) عليك.
إذا كان من شرط صحّة الخبر المتواتر القاطع للعذر ، أن يوجب العلم ويضطرّ ، وقد أجرى الله تعالى العادة بهذا الأمر ، فإنّي لا أجد نفسي مضطرّة إلى العلم بصحّة المعجزات التي رواها المسلمون ، ولو كانت حقاً على (2) قضيّتك (3) ، لعلمت ضرورةً أنّهم فيها صادقون.
قال الشيعي للمعتزلي :
هذه ثمرة غرسك ، وعاقبة ما حكيته لنفسك ، أجب الآن اليهوديَّ عمّا لقّنته ، وأعلِمنا كيف خلاصك مما جنيته.
قال المعتزلي :
أقول لليهودي : إنّك عارف بحقيقة ما نقلناه ، مضطرّ إلى العلم بصحّة المعجز الذي رويناه ، ولكنّك سلكت طريق المناكرة ، واستحسنت قبيح المكابرة.
قال الشيعي :
فما تظنّ بي أن أقول لك؟! ».
ص: 358
قال المعتزلي :
أظنّك تدّعي علَيَّ العلم بصحّة النصّ ضرورة ، وأنّي أستعمل معك فيه المكابرة.
قال الشيعي :
هو والله كذلك (1)!
قال المعتزلي :
فهل لك أن تتقاضى إلى غيرنا؟
قال الشيعي :
ومن يصلح أن يقضي بيننا؟!
قال المعتزلي :
من نحسن به الظنّ (2) جميعاً ممّن كان معتزلياً ثمّ صار شيعياً ، فننشده الله تعالى : هل كان في وقت اعتزاله يعلم صحّة النصّ على عليّ ابن أبي طالب عليه السلام ضرورة ، أم لم يكن يعلم ذلك؟».
ص: 359
فإنّي لا أشكّ في أنه متّى اتّقى الله سبحانه وتعالى قال : إنه لم يكن يعلم صحّة النصّ في حال اعتزاله ساعةً قطّ ؛ فيكون هذا مانعاً لك من أن تدّعي علَيَّ علم الضرورة وتنسبني إلى المكابرة.
فعند ذلك قال اليهودي للمعتزلي :
أيّها المتكلّم! أنت تقول إنّك من أهل العدل ، وقد ماثَلْت (1) حالي في مخالفتك لحالك في مخالفة الشيعي سواء ، من غير فصل ، فاحملني من النصفة على مثل ما حملته ، واجعل بيني وبينك حكماً كما جعلت بينك وبينه.
وهلمّ بنا إلى من نحسن به الظنّ جميعاً مِمَّن كان يهودياً فصار مسلماً ، ثمّ ننشده الله ، هل كان وقت يهوديّته يعلم صحّة ظهور المعجزات على يد نبيكم ضرورة ، أم لم يكن يعلم ذلك في حال يهوديّته ساعةً قطّ؟
فيكون هذا مانعاً لك من أن تدّعي علَيَّ علم الضرورة ، وتنسبني إلى المكابرة!
فلمّا رأى المعتزلي أنّ اليهوديَّ قد خصّه بالشبهة التي ألقاها ، وأنّ المعجزات قد تعذّر عليه إثباتها بالضرورة التي ادّعاها ، عاد إلى نفسه فخيّرها بين أن يرجع عن القول بإيجاب علم الضرورة في متواتر الأخبار ، ويعمل في إفساد هذه المقالة التي قوّى بها كلمة الكفّار ، وبين أن يصبر على ما جناه من القول بالاضطرار. ».
ص: 360
ووجد كلَّ واحد من الأمرين يسوق إليه ما يكرهه ، ويوجب عليه ما لم يزل ينكره ؛ لأنه إنْ رجع عن القول بإيجاب علم الضرورة في متواتر الأخبار ، لزمه بكلّ دليل يثبت به المعجزات القول بالنصّ الجليّ على أمير المؤمنين عليه السلام ؛ فإن بقي على القول بالاضطرار ، لزمه ترك القول بمعجزات الأفعال ؛ لأنه لا يقدر أن يثبتها ما دام قائلا بالشبهة التي أوردها!
فرأى بقاءه على القول بالاضطرار مع دفع معجزات الأفعال التي ظهرت على يد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أسهل عليه من الإقرار بالنصّ على الإمام ، بل هو أخفّ على قلبه من تثبيت شريعة الإسلام!
فقال لهما :
أُعلمكما أنّ هذه المعجزات التي تكلّفت تثبيتها ، واستدللت على صحّة النبوّة بها ، لا أرى القول يستمرّ لي بتواترها في الإسناد ، ولا أجد منصرفاً عن إضافتها إلى طرق الآحاد ، وخبر الواحد عندي لا يثمر (1) علماً ، فلستما ترياني مستدلاًّ على النبوّة بها يوماً.
فأمّا اليهودي فلم يطق من السرور صبراً ، إلى أن سجد لله تعالى شكراً.
ثمّ قال : أحسن الله بشراك ، وأنعَم عن مخالفي الإسلام جزاك ، هذا هو الأليق بك ، والأشبه بمثلك ، ومَن أحقّ منك بالرجوع إلى الحقّ؟! أو أَوْلى في النظر بالصدق؟! ».
ص: 361
وأمّا الشيعي فقال :
لا جزاك الله أيّها المعتزلي خيراً عن الإسلام وأهله ، وحرمك شفاعة من أبطلت معجزاته ، منكراً لفضله (1) ، إن كان قد حملتك الحميّة على ما بدر منك ، فللحقّ أهلٌ يغني الله بنصرتهم (2) عنك.
ويحك! أما اتّقيت (3) الله واختشيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تقدم على جرائحه (4) من معجزاته وآياته التي جعلها الله سبحانه وتعالى دليلا على صدقه ، وقد نقلها من المسلمين (أصحاب الحديثين) (5) ، ودوّنها من المصنّفين جميع المختلفين ، فتزعم أنّك لا تعلم صحّتها ، ولا يحلّ لك أن تستدلّ على نبوّته (صلى الله عليه وآله وسلم) بها؟! لقد أتيت أمراً خطيراً ، فاحتقبت وزراً كثيراً.
ويحك! أتظنّ أنّ إنكارك اليوم ، وقد عرفت منشأك ، وأوّلَ بدايتِك ، وعلم تقدّم الإسلام لك ولأهل مقالتك في ما نقله المسلمون قبلك ، هيهات أن يكون ذلك ، والله لا ينفعك ما ارتكتبه في دفع الإمامة ، ة.
ص: 362
وأنه ليضرّك في إثبات الرسالة مضرّة - إن كنت مسلماً - أنستك (1) الحسرة والندامة.
فلمّا استوفى الشيعي كلامه .. قال اليهودي للمعتزلي :
أخبرني الآن أيّها الإنسان ، إذ كنت قد أعطيت مخالفيك في الملّة القيادةَ ، ومكّنتهم من المراد ، وزعمت أنّك لا تستدلّ على نبوّة صاحبك بتلك المعجزات ، فما دليلك الذي تعتمد في هذا الباب؟!
قال المعتزلي :
دليلي على صحّة نبوّته (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآنُ ، الذي أبانه الله تعالى ، وظهر عجز الخلق كافة عن الإتيان بمثله ، وهو دليل موجود لم ينعدم ، ومعجزٌ باق لمن علم ، لا نرى أحداً يستطيع أن يعارضه ، ولا يتيسر له أن يأتي بسورة مِن مِثله ، فمن شكَّ في ذلك فليتعاطَ المعارضة لنبيّن له عجزه.
قال اليهودي :
وما في (2) عجز أهل زماننا هذا عن معارضته من الدليل على عجز الّذين كانوا في زمانه ، وهل يكون عجز الأدون في البلاغة والفصاحة دليلا على عجز مَن هو في ذلك الغاية والنهاية؟! ».
ص: 363
قال المعتزلي :
علَيَّ بيان ذلك.
قال اليهودي :
أنت محتاج قبل أن تبيّن عجزهم إلى أن تدلّ على (أنه متحدّ لهم) (1).
قال المعتزلي :
دليلي على صحّة التحدّي ما تضمّنه القرآن من قوله : (قل فأتوا بسورة مثله) (2).
وقوله تعالى : (قل فأتوا بعشر سور من مثله مفتريات) (3).
ونحو ذلك من الآيات (4).
قال اليهودي :
صدقت (5)! إنّ هذا الكلام موجود فيه ، ولكنك تعلم أنا ».
ص: 364
لا نصدّقك على ما فيه ، فمن أين يصحّ لنا أنه واجَه بذلك الفصحاء من مخالفيه؟!
فلم يجد المعتزلي ملجأً يستند إليه ، غير الرجوع إلى النقل الذي كان عوّل عليه ، فقال :
أخبرني سلفي ، عن كثرتهم ، عمّن قبلهم من أسلافهم ، عن السلف الأوّل منهم ، ممّن لا يجوز الكذب عليهم ، أنّهم حضروا القوم ، وسمعوا التحدّي بطرقهم ، وأنّهم لم يمتنعوا من المعارضة إلاّ لعجزهم.
فعند ذلك قال الشيعي :
الحمد الله على ما ظهر لك من صحّة مقالي (1) ، ورجوعك راغماً إلى التعلّق باستدلالي.
ما الفرق بينك بما (2) استدللت به على صحة التحدّي وبين من استدلّ بمثله على صحّة النصّ الجليّ؟!
فضاق الخناق على المعتزلي ، وبقي أسيراً في يد الشيعي ، ورأى أنه متى طالبه في نقل النصّ بعلم الاضطرار ، طالبه بمثل ذلك اليهودي في التحدّي بالقرآن ، وأمسك عن الكلام ، وظهر عجزه وفشله للخاصّ والعامّ. ».
ص: 365
فقال له الشيعي :
قف بحيث انتهى بك قصر خُطاك! فهو غاية قدرتك ونهاية مَداك ، واعلم أنّك اجتهدت وأطلت ، فلا النبوّة نَصَرْتَ ، ولا الإمامة (1) أبطَلْتَ ، وقد ثبتت حجّة الله تعالى عليك ، ولم يبق في إنكارك للنصّ شبهة في يديك.
ثمّ عطف الشيعي على اليهودي ، فقال : إنّ الذي عُرف منكم - معشر اليهود - إنّما هو الاقتصار (2) على التقليد ، إلى أن اختلطتم بأهل الاعتزال ، فعلّموكم النظر والجدال ، فلا هم نصحوكم في الرسالة ، فاقتصروا (3) بكم على الكلام فيها إلى أن تهتدوا طريقها ..
ولا أنتم طلبتم (4) بالنظر وجهَ الله سبحانه ، فأنعمتم النظر (5) لأنفسكم فيها ، فكان (6) يتبيّن (7) لكم مستحقّها.
وقد تعيّن علَيَّ ممّا جرى فرض أُؤدّيه ، ولزمني حقٌّ أُبديه ..
اعلم أنّ العلم بما غاب يدرك من وجهين ، وهما : العقل ، والنقل ؛ فبالعقل تُدرك المعقولات ، وبالنقل تُدرك المحسوسات .. ».
ص: 366
ومعجزات الأنبياء عليهم السلام من الأُمور المحسوسة ، فلذلك كان لا سبيل لمن غاب (عنها إلى علمها إلاّ بسماع النقل لها) (1) ، ثمّ لا طريق لنا إلى صحّة الأخبار بأسرها ، كما لا سبيل إلى إنكارها كلّها ؛ إذ كان منها (حقٌّ وباطل) (2) ، وفيها صحيح وفاسد.
والناقلون طائفتان :
(إحداهما : قليلة يجوز عليها التواطؤ والافتعال ، مخبرها مشكّك ، لا يتميّز حقٌّ من باطل.
والأُخرى : كثيرة لا يجوز عليها التواطؤ والافتعال) (3) ، فعلى قولها التعويل إذا أخبرت عمّا أدركته بالحواسّ ، وهؤلاء هم المعنيّون (4) بذِكر التواتر في ما سلف من الكلام ، فمتى أخبر المتواترون عمّا أدركوه بمشاهدة وسماع ، فقد وجب تصديقهم في الحالين على الاجتماع ؛ لأنّ العادات لم تجرِ بكذب مثلهم ، ولو كذبوا لاختلفوا وبطل تواترهم ، ففي اتّفاقهم على ما ينقلون مع استحالة التواطؤ منهم دليل صدقهم.
وقد روى المسلمون - مع اعترافك (5) بكثرتهم - معجزاتِ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتحدّيه (6) العرب بالقرآن عن سلفهم الّذين شاهدوهم ، وذكروا أنّهم سمعوا ذلك منهم ، ولا شكّ في صدقهم أنّهم ».
ص: 367
أخذوا (1) عنهم ، وقالوا : شاهدنا سلفنا.
هذا ، وحكمهم في التواتر وقطع العذر يحكمنا ، فقد وجب تصديقهم في ما (2) حكوا مشاهدته ، كما وجب تصديقهم في ما ذكروا سماعه ؛ لأنّ الحالين واحدة.
وقالوا - أيضاً - : سمعنا سلفنا هؤلاء يخبرونا بأنّهم شاهدوا سلفهم الّذين أخبروهم بالمعجزات ، وحكمهم بالتواتر وقطع العذر لحكمهم (3) ، وأخبروهم بمثل ذلك بعينه عمّن قبلهم.
وعلى هذا ، كلّ خلَف من المسلمين يروي عن سلفه ، أنه سمع خبر المعجزات والتحدّي بالقرآن منه ، ونقل ذلك عنه وشاهده ، وقد بلغ حدّ التواتر وجاوزه ، إلى أن يتّصل النقل بالطائفة التي أخبروا عن تواترها ممّن عاصر النبيّ وشاهد آياته ومعجزاته ، وحضرَ الفصحاءَ في وقتهم ، وسمِع التحدّي بالقرآن يفزعهم ، وأنّهم شاهدوا من حالهم أنّهم لم يثبتوا (إلاّ للسيف أنْ ثبتت) (4) الحجّة عليهم ، فظهر بعد (5) التحدّي عجزُهم.
وهذا دليل واضح إذا تأمّلته ، مغن لك إذا تصفّحته.
ولم يبق بعده إلاّ أن أُميط عنك الشبهة التي أوردها عليك المعتزلي ، وأُعرّفك فسادها بالبرهان الماضي.
أمّا قوله : «أنّ من شرط صحّة الخبر المتواتر ، أن يوجب علم ».
ص: 368
الضرورة لسامعه بصحّة مخبره» ؛ فباطل مستحيل ، وهو دعوىً عارية عن (1) دليل.
والذي يوضح لك عن فساد ذلك ، أنّ الضرورات أوائل العلوم ومبادي العقول ، وهي الأُصول لكلّ ما ساق إليه الدليل ، فلا بُدّ من تقدّمها وتأخّر كلّ دلالة عنها ، ومن المحال أن يكون علوم الاستدلال متقدّمة على الاضطرار.
ولسنا نشكّ في أنّ العلم بصحّة ما أتى به الخبر المتواتر إنّما حصل بعد علمنا أنّ المتواترين لا يجوز عليهم التواطؤ ، وأنّ استحالة التواطؤ عليهم دليلٌ على بطلان الافتعال منهم.
وهذا استدلال قد حصل قبل العلم بصحّة مخبر الخبر ، وهو يوضح لك أنّ العلم به لم يحصل إلاّ استدلالا ، وأنه لو كان ضرورة لكان أوّلا.
فتأمّل هذا! فإنّ المعتزلة لم يهتدوا (2) إليه ، فإذا رأيت صوابه واضحاً فعوِّل عليه ، ففيه كفاية وغنىً إن كنت تريد (بالنظر وجه) (3) الله عزّ وجلّ.
قال اليهودي :
لست أُريد غير السبيل وقد أسفر (4) ، ولا أطلب إلاّ الدليل وقد».
ص: 369
حضر (1) ، ولا أقصد سوى الحقّ وقد بدا ، ولا أخاف إلاّ الله وقد هدى.
ثمّ (أعلنَ بكلِمَتَي) (2) الإخلاص ، وأحسن (3) لنفسه الخلاص ، وشفع ذلك بالولاية ، واستحكم أُصول (4) الهداية.
قال الشيعي :
الحمد الله المنقذ من الردى ، والمبصر من العمى ، والممهل (5) لمن عصاه ، والقابل لمن أتاه ، هنّاك الله - أيّها المسلم - إحسانهَ ، وجعل حظّك في الآخرة جنانَه ، وقد حصل - رحمك الله - العلم ، وبقي العمل ، فشمّر ومعك فسحة في الأجل.
ثمّ قال : اللّهمّ لك الحمد على ما وفّقتني ، اللّهمّ لا تسلبني ما أعطيتني ، ربّ أعوذ بك أن يكون حظّي من هدايتك أن أعلم ولا أعمل ، وآمُرَ بما لا أفعل.
ثمّ انثنى إلى المعتزلي ، فقال : خفِ الله سبحانه ، فقد أوضح لك الحقّ وأبانه ، وأقام عليه دليله وبرهانه ، وسمعت الحجج في النبوّة ، وبان لك أنّها نفسها حججٌ في الإمامة ، ورأيت كيفية استدلالنا بالتواتر على صحّة المعجزات والتحدّي ، وهو بعينه استدلالنا على صحّة النصّ الجلي. ».
ص: 370
ومعنا زيادة ورجحان ، وهي أنّ من أصحاب العامّة مَن قد نقل معنى النصّ الجلي ، وليس في مخالفي الملة أحد نقل مع (1) المسلمين المعجزات والتحدّي.
وقد أوجدتك فساد ما ظننته من أنّ التواتر يوجب علم الاضطرار ، وانزاحت العلّة بواضح الأدلّة وانقطعت الأعذار ، فاسلك سبيل الاستدلال ، معرِضاً (2) عن طرق الضلال ، ولا يكن مَن بَعُدَ عن الشريعة ، أقرب منك وأسرع إلى الطاعة ، فليس الخلف بيننا ممّا يرجى للمبطل فيه سلامة ، ما لم يكن منه التوبة والندامة.
قال المعتزلي :
قد سمعت جميع ما ذكرت ، ولم ينشرح صدري لِما أوردت ، (وفوق كلّ ذي علم عليم) (3) ، ولست أرى مخالفة الشيخين أبي عليّ (4) وأبي هاشم (5) ، وهما أقدر منّي على الجواب والنقض ، ولم أزل له
ص: 371
قطّ نافياً للرفض.
قال الشيعي :
ليست جميع العلل ينجع فيها الدواء ، وقد عبد الناس قبلك الهوى ، وآثروا الضلال على الهدى ..
قال الله تعالى : (أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه) (1).
وقال سبحانه : (وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى) (2).
ولسنا نشكّ في أنّ عصبية الرجال مفتاح الضلال ، وطاعة الرؤساء 7.
ص: 372
في المحال مهلكة ووبال ؛ قال الله عزّ وجلّ حكاية عن أهل النار : (ربّنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السبيلا * ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً) (1).
قال الذي أسلم للشيعي :
أيّها الموفّق السديد ، والمرشد المفيد! قد دللت فأبلغت ، ووعظت فبالغت ، وناديت فأسمعت ، ونصحت فأفصحت (2) ، حتّى ثبتَّ (3) الحجّة وقهرت ، وبنيت المحجّة وأظهرت (4) ، ووجب على الرائد الشكر ، ولم يبق لمعاند عذر.
وقد ذكرت - رضي الله عنك - أنّ من أصحاب طريق العامّة مَن قد روى النصّ الجليّ ، على أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بالإمامة ، فاذكر لنا بعضه لنقف عليه ، وزِدنا بصيرة في ما هديتنا إليه.
قال الشيعي :
* حدّثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ بن شاذان القمّي رضي الله عنه من كتابه المعروف ب- «إيضاح دقائق النواصب» (5) - بن
ص: 373
وهذا كتاب جمع فيه ممّا سمعه (1) من طريق العامّة مئة منقبة لأمير المؤمنين (عليّ بن أبي طالب عليه السلام) (2) والأئمة من وُلده صلوات الله عليهم - ، قال : حدّثنا محمد بن عبد الله (بن عبيد الله) (3) ، قال : حدّثني محمد بن القاسم ، قال : حدّثني عبّاد بن يعقوب ، قال : حدّثني عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، قال : حدّثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً ، ما استقرّ الكرسيّ والعرش ، ولا دار الفلك ، ولا قامت السماء والأرض ، إلاّ بأن كتب عليها : لا إله إلاّ الله ، محمدٌ رسول الله ، عليٌّ أمير المؤمنين.
وإنّ الله تعالى لمّا عرج بي إلى السماء ، واختصّني بلطيف ندائه ، قال : يا محمد!
قلت : لبّيك ربّي وسعديك. س.
ص: 374
فقال : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، وفضّلتك على جميع بريّتي ، فانصب أخاك علياً علماً لعبادي ، يهديهم إلى ديني.
يا محمد! إنّي قد جعلت علياً أمير المؤمنين ، فمن تأمّر عليه لعنته ، ومن خالفه عذّبته ، ومن أطاعه قرّبته.
يا محمد! إنّي قد جعلت علياً إمام المسلمين ، فمن تقدّم عليه أخزيته ، ومن عصاه أسحقته (1).
إنّ علياً سيّد الوصيّين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وحجّتي على الخلق أجمعين» (2).
* وحدّثنا - أيضاً - الشيخ أبو الحسن بن شاذان من كتابه ، قال : حدّثني الحسن بن حمزة بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الخشّاب ، قال : حدّثنا أيّوب بن نوح ، قال : حدّثنا العبّاس بن عامر ، قال : حدّثني عمر بن أبان بن تغلب ، قال : حدّثني أبان بن تغلب ، قال : حدّثني عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد منصرفه من حجة الوداع :
«أيّها الناس! إنّ جبرئيل الروح الأمين نزل علَيَّ من عند ربّي جلّ جلاله ، فقال : يا محمد! إنّ الله تعالى يقول : إنّي قد اشتقت إلى لقائك ، فأَوْصِ بمَن (3) يقدم في أمرك. ».
ص: 375
أيّها الناس! إنه قد اقترب أجلي ، وكأنّي بكم وقد فارقتموني وفارقتكم ، وإذا (1) فارقتموني بأبدانكم فلا تفارقوني بقلوبكم.
أيّها الناس! إنه لم يكن لله نبيّ قبلي خلد في الدنيا فأخلد ، (وإنّ الله تعالى قال) (2) : (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مِتَّ فهم الخالدون * كلّ نفس ذائقة الموت) (3).
ألا وإنّ ربّي أمرني بوصيتكم ..
ألا وإنّي أُريد أن أدلّكم على سفينة نجاتكم ، وباب حطّتكم ، فمن أراد منكم النجاة بعدي ، والسلامة من الفتن المردية ، فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب ، فإنه الصدّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وهو إمام كلّ مسلم (4) بعدي ، من اقتدى به في الدنيا ورد علَيَّ حوضي ، ومن خالفه لم أره ولم يرني ، واختُلِج دوني وأُخذ به ذات الشمال إلى النار.
أيّها الناس! إنّي قد نصحت لكم ، ولكن لا تحبّون الناصحين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله (5) لي ولكم» (6).
* وحدّثني - بقراءته علَيَّ - أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عليّ الصيرفي - وكان مشتهراً بالخلاف لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - ، قال : ن.
ص: 376
حدّثنا (1) القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي ، قال : حدّثنا محمد بن مروان ، قال : حدّثنا عليّ بن هلال الأحمسي (2) ، عن شريك ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال :
قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فينا بأحجار الزيت (3) ، فأخذ بضبع (4) عليّ عليه السلام حتّى رُئي (5) بياض إبطيهما - ولم يُر إلاّ ذلك اليوم ، ويوم غدير خُمّ - ، فقال :
«أيّها الناس! هذا عليٌّ أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وعَيبة (6) علمي ، ووصيّي في أهلي ، وخليفتي في ».
ص: 377
أُمّتي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو معي على مفاتيح الجنّة ، ومعي في الشفاعة.
أيّها الناس! من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله تبارك وتعالى ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ.
أيّها الناس! إنّي سألت ربّي عزّ وجلّ في عليّ خصلة فمنعنيها ، وابتدأني فيه بسبع.
قال جابر : بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله! ما الخصلة التي سألت الله عزّ وجلّ فمنعكها؟
قال : فقال : ويحك يا جابر! سألت ربّي أن يستقيم أمر هذه الأُمّة على عليّ من بعدي ، فأبى إلاّ أن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء.
فقلت : بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله! وما السبع التي ابتدأك الله فيه؟
قال : ويحك يا جابر! أنا أوّل من يخرج يوم القيامة من قبره وعليٌّ معي ..
وأنا أوّل من يدنو إلى الصراط وهو معي ..
وأنا أوّل من يقرع باب الجنة وعليٌّ معي ..
وأنا أوّل من يسكن في عليّين وعليٌّ معي ..
ص: 378
وأنا أوّل من (يتزوّج بالحور) (1) العين وعليٌّ معي ..
وأنا أوّل مَن يسقى مِن (2) الرحيق المختوم (ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (3) وعليٌّ معي ..
وأنا أوّل من ينظر إلى الله تعالى (4) وعليٌّ معي» (5).
قال الذي أسلم :
ما معنى هذا الامتناع والإباء من الله تعالى في الخبر عند سؤال رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وما معنى النظر إلى الله تعالى؟
قال الشيعي :
هو إعلامه تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ أُمّته لا تستقيم على وصيه 9.
ص: 379
اختياراً ، (والعدل لا يقتضي) (1) الاضطرار ؛ لأنه يخرجهم عن (2) التكليف الذي يُستحقّ به الثواب والعقاب.
فأما (3) الضلال والهدى ، فأحد محتملاته أن يختصّ بالقيامة ، فيكون الضلال للكافر عن طريق الجنة ، والهدى للمؤمنين إليها ، (وهو لا يشاء أن يفعل ذلك إلاّ بأهله) (4).
وأمّا النظر إلى الله فيحتمل ما يحمل عليه قوله تعالى : (إلى ربّها ناظرة) (5) ، والمعنى فيه انتظارها لثواب الله جلّ اسمه (6).
فهذا طرف ممّا روي من هذا الطريق وفي هذا المعنى.
فأمّا من طريق الخاصّة فقد جاء منه (ما لا يخفى) (7).
قال الذي أسلم :
آمنا وصدّقنا ، والحمد لله شكراً. ».
ص: 380
فقد أثبتُّ لك - يا أخي - في هذا الكتاب ، من الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقَي (1) النبوّة والإمامة ، ما فيه غنىً وكفاية.
والحمد لله أوّلا وآخراً ،
والصلاة على سيّدنا محمد رسوله المصطفى ،
وعلى أمير المؤمين وصيّه المرتضى ،
والأئمّة من بعدهما الأبرار الأولياء ،
وسلّم تسليماً (2). ».
ص: 381
1 - القرآن الكريم.
2 - الاحتجاج ، لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت نحو 520) ، تحقيق إبراهيم البهادري وآخرين ، نشر دار الأُسوة ، قم 1416 ه.
3 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعلاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت 739) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، نشر دار الفكر ، بيروت 1407.
4 - أحكام القرآن ، لأبي بكر أحمد بن علي الجصّاص الرازي (ت 370) ، تحقيق صدقي محمد جميل ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
5 - الأخبار الموفقيات ، للزبير بن بكّار القرشي (ت 256) ، تحقيق سامي مكّي العاني ، نشر عالم الكتب ، بيروت 1416.
6 - الإرشاد ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ت 413) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم ه.
7 - أسباب النزول ، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت 468) ، تحقيق مركز البحوث والدراسات ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
8 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البَرّ (ت 463) ، تحقيق علي محمد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.
9 - إعلام الورى بأعلام الهدى ، للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1417.
10 - أعمار الأعيان ، لأبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (ت 597) ، تحقيق محمود محمد الطناحي ، نشر الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة.
11 - أمل الآمل ، لمحمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104) ، تحقيق أحمد الحسيني ، نشر مؤسسة الوفاء ، بيروت 1403.
ص: 382
12 - الأنساب ، لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني (ت 562) ، تحقيق عبد الله عمر الباروني ، دار الجنان ، بيروت 1408.
13 - أنساب الأشراف ، لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279) ، تحقيق سهيل زكّار ورياض زركلي ، نشر دار الفكر ، بيروت 1417.
14 - الأمالي ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381) ، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة ، قم 1417.
15 - الأمالي ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة ، قم 1414.
16 - بحار الأنوار ، لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت 1110) ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1403.
17 - البداية والنهاية ، لابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري (ت 774) ، تحقيق مجموعة من الأساتذة ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.
18 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، لمحمد بن أبي القاسم الطبري (ت ق 6) ، تحقيق جواد القيومي ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي ، قم 1422.
19 - تاريخ أصبهان ، لأبي نُعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430) ، تحقيق سيّد كسروي حسن ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.
20 - تاريخ الأُمم والملوك (تاريخ الطبري) ، لمحمد بن جرير الطبري (ت 310) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
21 - تاريخ البخاري ، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت 256) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
22 - تاريخ بغداد ، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت 463) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
23 - تاريخ الخلفاء ، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911) ، نشر دار الجيل ، بيروت 1415.
24 - تاريخ دمشق ، لأبي قاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر (ت 571) ، تحقيق أبي سعيد عمر بن غرامة
ص: 383
العَمري ، نشر دار الفكر ، بيروت 1415.
25 - تاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب (ت 292) ، تحقيق عبد الأمير مهنّا ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1413.
26 - تفسير ابن كثير ، لعماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير (ت 774) ، نشر دار الجيل ، بيروت.
27 - تفسير البغوي (معالم التنزيل) ، للحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1414.
28 - تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) ، لإبي إسحاق أحمد الثعلبي (ت 427) ، تحقيق علي عاشور ونظير الساعدي ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1422.
29 - تفسير الحِبَري ، للحسين بن الحكم بن مسلم الحبري (ت 286) ، تحقيق محمد رضا الحسيني ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، بيروت 1408.
30 - تفسير الحسن البصري ، للحسن بن يسار البصري (ت 110) ، تحقيق محمد عبد الرحيم ، نشر دار الحديث.
31 - تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي (ت 911) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
32 - تفسير الطبري (جامع البيان) ، لمحمد بن جرير الطبري (ت 310) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1412.
33 - تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) ، لمحمد بن عمر فخر الدين الرازي (ت 606) ، تحقيق خليل محيي الدين ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
34 - تفسير فرات الكوفي ، لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (من أعلام عصر الغَيبة الصغرى) ، تحقيق محمّد الكاظم ، نشر مؤسسة النعمان ، بيروت 1412.
35 - تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، للقرطبي محمد بن أحمد الخزرجي (ت 671) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.
ص: 384
36 - تفسير مجاهد بن جبر ، لمجاهد بن جبر (ت 102) ، تحقيق محمد عبد السلام أبو الغيل ، نشر دار الفكر الإسلامي ، مصر 1410.
37 - تقريب التهذيب ، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852) ، تحقيق مصطفى عبد القادر ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.
38 - تهذيب الآثار ، لمحمد بن جرير الطبري (310) ، تحقيق محمود محمد شاكر ، نشر دار المدني ، القاهرة 1403.
39 - تهذيب التهذيب ، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852) ، نشر دار إحياء التراث ، بيروت.
40 - الثاقب في المناقب ، لمحمد بن علي بن حمزة الطوسي (ت ق 6) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، نشر مؤسسة أنصاريان ، قم 1412.
41 - الجامع الصغير ، لجلال الدين بن أبي بكر السيوطي (ت 911) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.
42 - الجعديات (مسند علي بن الجعد ، المتوفّى سنة 230) ، لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي (ت 317) ، تحقيق رفعت فوزي عبد الله ، نشر مكتبة الخانجي ، القاهرة 1415.
43 - الجمع بين الصحيحين ، لمحمد بن فتوح الحميدي (ت 488) ، تحقيق علي حسين البوّاب ، نشر دار ابن حزم ، بيروت 1419.
44 - جمهرة اللغة ، لمحمد بن الحسن بن دريد (ت 321) ، تحقيق رمزي منير بعلبكي ، نشر دار العلم للملايين ، بيروت 1988 م.
45 - حلية الأولياء ، لأبي نُعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
46 - الخرائج والجرائح ، لقطب الدين سعيد بن عبد الله الراوندي (ت 573) ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهديّ عليه السلام ، قم 1409.
47 - خصائص أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، للشريف الرضي (ت 406) ، نشر المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.
48 - الخصال ، للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه (ت
ص: 385
381) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي ، قم 1416.
49 - دلائل الصدق ، لمحمد حسن المظفّر (ت 1375) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، دمشق 1422.
50 - دلائل النبوّة ، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1405.
51 - دلائل النبوّة ، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430) ، تحقيق محمد رواس وغيره ، نشر دار النفائس ، بيروت 1406.
52 - ديوان السريّ الرفّاء ، تقديم وشرح كرم البُستاني ، نشر دار صادر ، بيروت 1996 م.
53 - الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة ، لعلي الحسيني الميلاني ، نشر (ياران) ، قم 1418.
54 - روضة الواعظين ، لمحمد بن الفتّال النيشابوري (ت 508) ، تحقيق مجتبى الفرجي ، نشر (دليل) ما ، قم 1423.
55 - السُنة ، لأبي بكر أحمد بن أبي عاصم (ت 287) ، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني ، نشر المكتب الإسلامي ، بيروت 1413.
56 - سنن ابن ماجة ، لابن ماجة محمد بن يزيد القزويني (ت 273) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
57 - سنن الترمذي ، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279) ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، نشر دار الكتب العلمية.
58 - سنن الدارقطني ، لعلي بن عمر الدارقطني (ت 385) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
59 - السنن الصغرى ، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، تحقيق عبد الله عمر ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
60 - سنن سعيد بن منصور ، لسعيد بن منصور الخراساني المكّي (ت 227) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
61 - السنن الكبرى ، لأحمد بن شعيب النَّسائي (ت 303) ، تحقيق
ص: 386
عبد الغفّار سليمان وكسروي حسن ، نشر دار الكتب العلميّة ، بيروت 1411.
62 - السنن الكبرى ، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، نشر دار الفكر ، بيروت.
63 - سنن النسائي ، لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303) ، نشر دار الجيل ، بيروت.
64 - سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748) ، تحقيق نخبة من المحقّقين ، نشر مؤسسة الرسالة ، بيروت 1414.
65 - السير والمغازي ، لمحمد بن إسحاق المطّلبي (ت 151) ، تحقيق سهيل زكّار ، نشر دار الفكر ، بيروت 1398.
66 - السيرة النبوية ، لعبد الملك بن هشام الحميري البصري (ت 213) ، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، نشر دار الجيل ، بيروت.
67 - السيرة النبوية ، لمحمد بن حبّان التميمي البستي (ت 354) ، تحقيق عزيز بك وغيره ، نشر مؤّسسة الكتب العلمية ، بيروت 1407.
68 - السيرة النبوية ، لابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري (ت 771) ، تحقيق مصطفى عبد الواحد ، نشر دار الفكر ، بيروت.
69 - شذرات الذهب ، لأبي الفلاح عبد الحيّ بن العماد الحنبلي (ت 1089) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
70 - شواهد التنزيل ، لعبيدالله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني (ت 470) ، تحقيق محمد باقر المحمودي ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1393.
71 - شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار ، لأبي حنيفة النعمان بن محمد المغربي (ت 363) ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي ، قم 1414.
72 - شرح الأُصول الخمسة ، لعبد الجبّار بن أحمد القاضي الهمذاني المعتزلي (ت 415) ، تحقيق عبد الكريم عثمان ، نشر مكتبة وهبة ، القاهرة 1408.
73 - شرح الزرقاني على المواهب اللدنّية ، لمحمد بن عبد الباقي
ص: 387
الزرقاني (ت 1122) ، تحقيق محمد بن العزيز الخالدي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.
74 - شرح المقاصد ، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 793) ، تحقيق عبد الرحمن عميرة ، نشر منشورات الشريف الرضي ، قم 1409.
75 - شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي عزّ الدين عبد الحميد ابن هبة الله المدائني (ت 656) ، نشر دار الجيل ، بيروت 1416.
76 - شواهد التنزيل ، لعبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني (ت 470) ، تحقيق محمد باقر المحمودي ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1393.
77 - صحيح ابن خزيمة ، لأبي بكر محمد بن خزيمة (ت 311) ، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي ، نشر المكتب الإسلامي ، بيروت 1412.
78 - صحيح البخاري ، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت 256) ، نشر المكتبة الثقافية ، بيروت.
79 - صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت 261) ، نشر دار الجيل ، بيروت.
80 - الطبقات الكبرى ، لابن سعد (ت 230) ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلميّة ، بيروت 1410.
81 - طبقات المحدّثين بأصفهان ، لأبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيّان الأنصاري (ت 369) ، تحقيق عبد الغفور عبد الحقّ ، نشر مؤسسة الرسالة ، بيروت.
82 - طبقات المعتزلة ، لأحمد بن يحيى بن المرتضى (ت 840) ، تحقيق سوسنة ديقلد - فلزر ، نشر دار مكتبة الحياة ، بيروت.
83 - الطرائف ، لعلي بن موسى بن طاووس (ت 664) ، تحقيق مهدي الرجائي ، نشر مؤسسة البلاغ ، بيروت 1419.
84 - العبر في خبر من غَبر ، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748) ، تحقيق أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول ، نشر
ص: 388
دار الكتب العلمية ، بيروت.
85 - العقد الفريد ، لأحمد بن محمد بن عبد ربّه الأندلسي (ت 327) ، نشر دار الأندلس ، بيروت 1416.
86 - العلل الواردة في الأحاديث النبويّة ، لعلي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني (ت 385) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السلفي ، نشر دار طيبة ، الرياض 1424.
87 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381) ، تصحيح وتعليق حسين الأعلمي ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1404.
88 - الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب ، لعبد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت 1389) ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1414.
89 - الغيلانيات ، لمحمد بن عبد الله الشافعي (ت 354) ، تحقيق حلمي كامل ، نشر دار ابن الجوزي ، السعودية 1417.
90 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني أحمد بن علي (ت 852) ، تحقيق عبد العزيز بن باز ومحمد فؤاد عبد الباقي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.
91 - فرائد السمطين ، لإبراهيم بن محمد بن المؤيّد الجويني الخراساني (ت 730) ، تحقيق محمد باقر المحمودي ، نشر مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر ، بيروت 1398.
92 - فردوس الأخبار ، لشيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي (ت 509) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1418.
93 - الفَرق بين الفِرق ، لعبد القاهر بن طاهر التميمي الشافعي (ت 429) ، نشر دار الآفاق الجديدة ، بيروت 1977 م.
94 - فرهنگ فارسي ، لمحمد معين ، نشر مؤسسة أمير كبير ، طهران.
95 - الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ، لابن حزم علي بن أحمد الأندلسي الظاهري (ت 456) ، تحقيق أحمد شمس الدين ، نشر دار الكتب
ص: 389
العلمية ، بيروت 1416.
96 - الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام ، لعلي بن محمد ابن الصبّاغ المالكي (ت 855) ، نشر دار الكتب التجارية ، النجف الأشرف.
97 - فضائل الصحابة ، لأحمد بن حنبل (ت 241) ، تحقيق وصي الله بن محمد عباس ، نشر دار ابن الجوزي ، الرياض 1420.
98 - الكافي ، لمحمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329) ، تحقيق ونشر دار الأُسوة للطباعة والنشر ، طهران 1418.
99 - كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، لسُليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي (ت 76) ، تحقيق محمد باقر الأنصاري ، نشر مؤسسة الهادي ، قم 1416.
100 - كشف الغمة ، لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأِربلّي (ت 693) ، تحقيق السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، نشر مكتبة بني هاشم ، قم 1381.
101 - كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لمحمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، تحقيق محمد هادي الأميني ، نشر دار إحياء تراث أهل البيت ، طهران 1404.
102 - الكنى والأسماء ، لأبي بشر الدولابي (ت 310) ، نشر مجلس دائرة المعارف النظامية ، حيدر آباد الهند 1322.
103 - كنز العمّال ، لعلي بن حسام الدين المتّقي الهندي (ت 975) ، تحقيق بكر بن حيّان ، نشر مؤسسة الرسالة ، بيروت 1413.
104 - كنز الفوائد ، لأبي الفتح محمد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (ت 449) ، تحقيق عبد الله نعمة ، نشر دار الذخائر ، قم 1410.
105 - لسان العرب ، لابن منظور (ت 711) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1408.
106 - لسان الميزان ، لابن حجر العسقلاني (ت 852) ، نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت 1406.
ص: 390
107 - مئة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، لابن شاذان محمد بن أحمد القمّي (ت 426) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، نشر انتشارات أنصاريان ، قم 1413.
108 - المبسوط ، لشمس الدين السرخسي (ت 490) ، نشر دار المعرفة ، بيروت 1409.
109 - مجمع البيان في تفسير القرآن ، لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
110 - مجمع الزوائد ، لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.
111 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان ، لأبي محمد عبد الله بن أسعد بن علي ابن سليمان اليافعي اليمني (ت 768) ، تحقيق خليل منصور ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.
112 - المستجاد من كتاب الإرشاد ، للحسن بن يوسف ابن المطهّر الحلّي (ت 726) ، تحقيق محمود البدري ، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية ، قم 1417.
113 - المستدرك على الصحيحين ، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1411.
114 - المسترشد ، لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري (ت ق 4) ، تحقيق أحمد المحمودي ، نشر مؤسسة الثقافة الإسلامية لكوشانبور.
115 - مسند أحمد بن حنبل (ت 241) ، نشر دار صادر ، بيروت.
116 - مسند أبي عوانة ، ليعقوب بن إسحاق الأسفرائيني (ت 316) ، تحقيق أيمن بن عارف الدمشقي ، نشر دار المعرفة ، بيروت 1419.
117 - مسند أبي يعلى ، لأحمد بن علي بن المثنّى التميمي الموصلي (ت 307) ، تحقيق حسين سليم أسد ، نشر دار المأمون ، دمشق 1410.
118 - مسند البزّار ، لأبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي
ص: 391
البزّار (ت 292) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله وآخرين ، نشر مكتبة العلوم والحكم ، المدينة المنوّرة 1414.
119 - مسند الحميدي ، لعبد الله بن الزبير الحميدي (ت 219) ، تحقيق حبيب الرحمن الكاظمي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1409.
120 - مسند سعد بن أبي وقّاص ، لأبي عبد الله أحمد بن إبراهيم الدورقي البغدادي (ت 246) ، تحقيق عامر حسن صبري ، نشر دار البشائر الإسلامية ، بيروت 1407.
121 - مسند الشاشي ، للهيثم بن كليب الشاشي (ت 335) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله ، نشر مكتبة العلوم والحكم ، المدينة المنوّرة 1410.
122 - مسند الطيالسي ، لأبي داود سليمان بن داود الطيالسي (ت 204) ، نشر دار المعرفة ، بيروت.
123 - مشكاة المصابيح ، لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي (ت 741) ، تحقيق سعيد محمد اللحّام ، نشر دار الفكر ، بيروت 1411.
124 - مصابيح السُنّة ، للحسين بن مسعود بن محمد البغوي (ت 516) ، تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، نشر دار المعرفة ، بيروت 1407.
125 - المصنّف ، لأبي بكر عبد الرزّاق بن همّام الصنعاني (ت 211) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، نشر المكتب الإسلامي ، بيروت 1403.
126 - مصنّف ابن أبي شيبة ، لعبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (ت 235) ، تحقيق سعيد اللحّام ، نشر دار الفكر ، بيروت 1409.
127 - مطالب السؤول ، لمحمد بن طلحة النصيبي الشافعي (ت 652) ، تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، نشر مؤسسة البلاغ ، بيروت 1419.
128 - المعجم الأوسط ، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، تحقيق أيمن صالح شعبان ، نشر دار الحديث ، القاهرة 1417.
129 - معجم البلدان ، لأبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت 626) ، تحقيق فريد عبد العزيز الجندي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
ص: 392
130 - المعجم الصغير ، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1417.
131 - المعجم الكبير ، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، تحقيق حمدي عبد المجيد ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1417.
132 - المغازي ، لمحمد بن عمر بن واقد الواقدي (ت 207) ، تحقيق مارسدن جونس ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1409.
133 - مقالات الإسلاميّين ، لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت 324) ، تحقيق هلموت ريتر ، نشر دار نشر فرانز ، ألمانيا 1400.
134 - الملل والنحل ، لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548) ، تحقيق أحمد فهمي محمد ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
135 - مناقب آل أبي طالب ، لمحمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (ت 588) ، تحقيق يوسف البقاعي ، نشر دار الأضواء ، بيروت 1412.
136 - مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، لمحمد بن سليمان الكوفي القاضي (ت ق 3) ، تحقيق محمد باقر المحمودي ، نشر إحياء الثقافة الإسلامية ، قم.
137 - مناقب الإمام عليّ عليه السلام ، لابن المغازلي علي بن محمد الشافعي (ت 483) ، تحقيق جعفر هادي الدجيلي ، نشر دار الأضواء ، بيروت 1412.
138 - المنتخب من مسند عبد بن حميد ، لأبي محمد عبد بن حُميد (ت 249) ، تحقيق صبحي البدري السامرّائي ومحمود محمد خليل الصعيدي ، نشر عالم الكتب ، بيروت 1408.
139 - من لا يحضره الفقيه ، لمحمد بن علي بن بابويه القمّي الصدوق (ت 381) ، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.
140 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان ، لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807) ، تحقيق محمد عبد الرزّاق حمزة ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
ص: 393
141 - ميزان الاعتدال ، لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (ت 748) ، تحقيق عبد الفتّاح أبو سِنّة ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1416.
142 - نسيم الرياض شرح شفاء القاضي عياض ، لشهاب الدين الخفاجي (ت 1069) ، نشر المشهد الحسيني ، القاهرة 1314.
143 - نهج الإيمان ، لعلي بن يوسف بن جبر (ق 7 ه) ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، نشر مجتمع إمام هادي عليه السلام ، مشهد 1418.
144 - نهج البلاغة ، جمع الشريف الرضي (ت 406) ، ضبطه صبحي الصالح ، نشر دار الكتاب اللبناني ، بيروت 1411.
145 - الوفا بأحوال المصطفى ، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت 597) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
146 - الوافي بالوفيات ، لصلاح الدين بن خليل بن أيبك الصفدي (ت 750) ، تحقيق أحمد بن الأرناؤوط وتركي مصطفى ، نشر دار إحياء التراث ، بيروت.
147 - وفيات الأعيان ، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت 681) ، تحقيق إحسان عباس ، نشر دار صادر ، بيروت.
148 - اليقين بإختصاص مولانا عليّ بإمرة المؤمنين ، للسيّد رضي الدين علي بن طاووس الحلّي (ت 664) ، تحقيق الأنصاري ، نشر دار العلوم ، بيروت 1410.
149 - ينابيع المودّة ، لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت 1294) ، تحقيق السيّد علي جمال أشرف ، نشر دار الأُسوة ، قم 1416.
ص: 394
هيئة التحرير
كتب
صدرت محقّقة
*
شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ، ج (1 - 2).
تأليف : ميرزا أبي الفضل الطهراني.
هذا الكتاب أعدّ دراسة في بيان ما تضمّنته زيارة
عاشوراء من معان رفيعة في تربية النفس ، وانتهاج ولاء أهل بيت الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، والبراءة من أعدائهم ، ومعرفة مقام
الأئمة عليهم السلام
ومراتبهم الإلهية ، وانتظار الفرج في ظهور الحجّة (عجّل الله
تعالى فرجه الشريف).
اشتمل على بابين وخاتمة : في شرح سند زيارة عاشوراء
ومتنها ، وفي فقه حديث الزيارة وذكر محتملاته وتحقيق ما هو المطلوب من العمل
بهذه الزيارة ، وذكر بعض الفوائد المتعلّقة بها متناً
وحكماً وفضلاً ، وفي بيان معاني ألفاظ الزيارة
الشريفة ، وفي شرح وبيان مشكلات الدعاء المعروف ب- : «دعاء علقمة» وتتمّة في
تحديد الحائر الحسيني.
والكتاب ترجمة للأصل الصادر باللغة الفارسية.
ترجمة وتحقيق : محمد شعاع فاخر.
نشر : انتشارات المكتبة الحيدرية - قم - إيران /
1426 ه.
*
الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف ، ج (1 - 2).
تأليف : أبو عبدالله الفاسي.
يعتبر هذا الكتاب من سلسلة كتب الأنساب ، أُلِّف
للحفاظ على نسب بيوت كبيرة من أشراف آل محمد عليهم السلام
المنحدرين من نسلهم من حسنيّين
ص: 395
وحسينيّين قطنوا شمال أفريقيا ، مهاجرين من مدينة
جدّهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
يدعون الناس إلى الإسلام الحنيف ، فأسّسوا دولاً حوربت من قبل الطغاة الجاحدين
لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، فأخفيت
أنساب العديد من هؤلاء الأشراف مخافة من دول الجور ، فقام المؤلّف بذكر أنسابهم
بدراسة واسعة ، ينقل من خلالها الثقافات الأدبية والاجتماعية والتحوّلات
السياسية ، ولا يخفى أنّ المصنِّف جمع أنساب الأشراف في خصوص مدينة فاس الواقعة
في بلاد المغرب العربي.
تحقيق : جعفر السلمي.
نشر : انتشارات المكتبة الحيدريّة - قم - إيران /
1426 ه.
*
معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول والبتول.
تأليف : جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الحنفي.
جاء كتابه هذا بعد (نظم درر
السمطين) حيث يبحث فيه عن مناقب أهل البيت عليهم السلام
وتاريخهم ، بدأً بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانتهاءً بخاتم الأوصياء الإمام
الثاني عشر المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ،
وقد عدّ من جملة المؤلّفين القلائل من علماء السنّة
الذين ألّفوا حول الأئمّة الأطهار عليهم السلام ،
ويغلب على نثره أسلوب السجع ، يتخلّله بعض الأشعار من نظمه ونظم غيره.
تحقيق : محمد كاظم المحمودي.
نشر : مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم -
إيران / 1425 ه.
*
بحوث في الفقه المعاصر ج (1 - 5).
تأليف : الشيخ حسن الجواهري.
كتاب فقهي ، استدلالي تمّ بدراسة جديدة للمسائل
المستحدثة يستعرض فيها الأدلّة وآراء العلماء وما دار حولها من بحوث.
يحتوي المجلّد الأوّل : الأئمّة عليهم السلام
ودورهم في حفظ السنّة النبوية ، بيع التقسيط ، أثر الموت في حلول الأجل ، خصم
الأوراق التجارية ، حطّ وتعجّل التداين ، نظرية الذمّة في الفقه الإسلامي ، ضابط
الإعسار الذي يوجب الإنظار ، السَلَم وتطبيقاته المعاصرة ، بطاقات الائتمان ؛
المناقصات ، تغيّر قيمة العملة.
ويضمّ الثاني : حدود عرفات ، مزدلفة ، منى ، أدنى
الحلّ ، البيع قبل القبض ،
ص: 396
العقود المستجدّة ، المرابحة للآمر بالشراء ، مشاكل
البنوك الإسلامية وأدوات حلّها ، التذكية الشرعية وطرقها الحديثة ، الاستنساخ ،
أخلاقيّات الطبيب ، العلاج الطبيّ ، مرض الإيدز وما يترتّب عليه من أحكام فقهية
، موجبات الإفطار في مجال التداوي ، المفطرات في مجالات الحالات المرضية.
ويشتمل الثالث : الحداثة والعلمانية في مواجهة
الإسلام ، عقود التوريد والمناقصات ، المواكبة الشرعية لمعطيات الهندسة الوراثية
، الولاية في النكاح ، عقود الصيانة وتكليفها الشرعي ، البيع قبل القبض ، إعادة
النظر في القياس الفقهي ، الصوم وأثره في صحّة البدن.
أمّا الرابع ففيه : القراءة الجديدة للقرآن والنصوص
الدينية ، النظام العالمي الجديد ، استثمار موارد الأوقاف (الإحباس) ،
الإنجاب المدعوم طبّياً ، الجزاء المالي ، عقود الإذعان ، ضمان الطبيب ، بطاقات
الائتمان ، القراض أو المضاربة.
وقد اشتمل الجزء الخامس على الربا في القرآن ،
الربا في السنّة ، أنواع البيع ، الربا عند الإمامية ، ربا المعاوضة ، ربا القرض
، في ما ادعي أنّه خارج عن الربا ،
في مسائل شتّى ، الربا اقتصادياً ، كيف يكيّف الربا
، مضارّ الربا ، الربا بين مؤيّديه ومعارضيه ، الادّخار وارتباطه بالربا ،
الأعمال المصرفية والبنكية ، والربا في القوانين العربية.
نشر : دار الذخائر - بيروت - لبنان / 1427 ه.
*
اختيار معرفة الرجال.
تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد ابن الحسن الطوسي
(ت 460 ه).
كتاب رجالي ، من أُصول كتب الرجال عند الشيعة ،
وثالث الكتب الرجالية الخمسة التي تكفّلت هذا العلم ، فهو يقوم بحفظ الإسناد ،
وبيان موازين الجرح والتعديل ، وهو ما اختاره المصنّف في معرفة بعض الرواة من
كتاب الكشّي ، ألقاها على تلامذته في البحث.
اعتُمد في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ ، مع
الاعتماد في التصحيح على كتب الرجال والحديث ، وقد وُضع لكلّ باب رقماً متسلسلاً
خاصّاً به لمعرفة عدد أحاديثه ، مع رقم عامّ لكلّ الأحاديث في الكتاب ، فضلاً عن
الترقيم العامّ لكلّ راو ذكرت ترجمته فيه.
تحقيق : جواد القيّومي الأصفهاني.
ص: 397
نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة
المدرّسين - قم - إيران / 1427 ه.
*
بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه السلام.
تأليف : السيّد مصطفى آل حيدر الكاظمي
(ت 1336 ه).
كتاب تاريخي ، تخصّصي ، تناول أصل الإمامة ، وبحث
في إمامة الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهم السلام ،
ودراسة الأُمور التي تدور حوله ؛ احتوى على أبواب في الملاحم والفتن ، وأمر
الغيبة ، وسيرة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، والرجعة وما قبل يوم
القيامة.
يشتمل على جزءين بأبوابها ، الأوّل : في علامات
ظهور الإمام والروايات التي وردت عن النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) وأهل بيته عليهم السلام
في حقّه عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
والثاني : في رايته وعدد أصحابه ، وسيرته عليه السلام ؛
وخاتمة في النهي عن توقيت الظهور.
اعتُمد في تحقيقه على ثلاث نسخ مع تثبيت اختلافاتها
، وتصحيح الروايات بالرجوع إلى مصادرها ، ولم يُعتمد الترتيب التسلسلي للأحاديث
، بل وردت في كلّ
باب مجموعة من الأحاديث ، وهذه الأحاديث تعنونت
بعنوان مصدرها.
تحقيق : نزار الحسن.
نشر : مؤسّسة عاشوراء - قم - إيران / 1425 ه.
*
بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد عليهم السلام ، ج (1 - 2).
تأليف : شيخ القمّيين أبو جعفر محمد ابن الحسن الصفّار
، (ت 290 ه).
يعدّ من أُمّهات المصادر الحديثية المعتمد عليها
عند الشيعة الإمامية ، وممّا اعتمد عليه علماؤنا وذكرته كتبهم ، وكان مصنّفه ؛
من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، احتوى
معارف وتعاليم جليلة وقيمة من آثار آل محمد عليهم السلام ،
وعلومهم ، ومناقبهم ، وأسرارهم ، وكونهم ورثة علم الأنبياء وورثة الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله وسلم).
الكتاب مجلّدين في عشرة أجزاء ، كما قدّمت له
مقدّمة فيها ، ترجمة المصنّف ، وتعريف بكتابه ، وذكر ست نسخ خطية اعتمد عليها ،
مع توضيح لمنهجية التحقيق العلمية.
تحقيق : السيّد محمد السيد حسين المعلّم.
ص: 398
نشر : المكتبة الحيدرية - قم - إيران / 1426 ه.
*
سرور أهل الأيمان.
تأليف : السيّد بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي
النجفي
(ت 802 ه).
اعتمد هذا الكتاب على الروايات الواردة عن
المعصومين عليهم السلام
في غيبة الإمام الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ،
فاشتمل
على علامات الظهور وذكر بعض ما يكون في أيّامه عليه السلام ،
كما عُدَّ الكتاب منتخباً من كتاب الغيبة للمؤلّف ، حقّق بمنهج علمي اعتمد على
التخريجات من مصادرها ، وإلحاق بعض الاستدراكات ، مع ذكر اختلاف النسخ ، كما
قدّمت له مقدّمة فيها : ترجمة المؤلّف ، ومنهجيّة التحقيق ، وقد أُلحق في آخر
الكتاب تراجم للرواة ، مع فهارس متنوّعة.
تحقيق : قيس العطّار.
نشر : منشورات (دليل ما) -
قم - إيران / 1426 ه.
*
سيرة الزهراء عليها السلام.
تأليف : السيّد عبد الحسين دستغيب.
تناول هذا الكتاب بحوثاً استهدفت
معرفة حياة وشخصية سيدة نساء العالمين فاطمة
الزهراء عليها السلام ،
من خلال آيات الكتاب العزيز وأحاديث وسيرة الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، وذلك في عشرين فصلاً جاءت بعض
عناوينها كالتالي : الزهراء عليها السلام في آية
المباهلة وفي سورة الإنسان وفي آية المودّة وفي آية التطهير ، وعظمة شخصيّتها عليها السلام
وجلالة قدرها في الروايات ، وفلسفة حبّ النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) للزهراء عليها السلام ،
ووجوه الشبه بين الزهراء عليها السلام والأنبياء عليهم السلام ،
والزهراء في رحاب الكاملات من النساء الأربع ، ترجم الكتاب إلى العربية وحقّقه
وعلّق عليه الشيخ قاسم الهاشمي.
نشر : منشورات (دليل ما) - قم -
إيران / 1426 ه.
*
وسائل الشيعة ومستدركاتها ، ج (4 - 5).
تأليف : محمد بن الحسن الحرّ العاملي
(ت 1104 ه) والميرزا حسين النوري (ت 1320 ه).
كتاب جمع بين دفّتيه الأحاديث الفقهية من كتابي
الوسائل والمستدرك ، حيث تَمَّ ترتيب أحاديثهما حسب الأبواب التي رتّبها الشيخ
الحرّ العاملي قدس سره بنضد
ص: 399
مستدرك كلّ باب منه بحياله مع جعل فاصلة مرموزة
بينهما ، ليتسنّى للقارئ التمييز بين الوسائل والمستدرك ، اعتُمِد على عدّة
محاور في التحقيق هي : 1 - مقابلة الروايات المنقولة بالمصادر المحقّقة كطبعة
مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، والطبعة
المحقّقة من قبل الشيخ عبدالرحيم الربّاني ، مع الرجوع إلى الطبعة القديمة ، هذا
بالنسبة للوسائل ، أمّا المستدرك فقد قوبلت الطبعة المحقّقة لمؤسّسة آل البيت عليهم السلام
مع الحجرية والمصادر الموجودة. 2 - الإيعاز إلى الموارد التي يشير إليها صاحب الوسائل
ب- (تقدّم ، ويأتي) والإشارة لمواردها. 3 - إرجاع الأحاديث المذكورة
إلى مصادرها ، اعتُمِد في بعضها على تخريجات مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ،
كما أنّه لم يتمّ استعمال التسلسل العامّ الذي اعتمدته مؤسّسة آل البيت في
تحقيقها ، بل الاكتفاء بالتسلسل الخاصّ لكلّ باب على حِدَة ، ولمّا كانت
الأحاديث موزّعة على أبواب الفقه غير مبعثرة في الكتابين المذكورين ، كذلك سرت
الطريقة هنا حسب التبويب السابق ، فحوى الجزء الأوّل المقدّمة ، وأبواب مقدّمة
العبادات وباب خاصّ للنوادر ، وبعض من كتاب الطهارة ، واحتوى الثاني
والثالث بعضاً من أبواب كتاب الطهارة.
واحتوى الجزء الرابع على : أبواب أعداد الفرائض
ونوافلها وما يناسبها ، والمواقيت ، والقبلة ، ولباس المصلّي ، وأحكام الملابس
في غير الصلاة ، ومكان المصلّي.
واحتوى الجزء الخامس على : أبواب أحكام المساجد ،
وأحكام المساكن ، وما يسجد عليه ، والأذان والإقامة ، وأفعال الصلاة ، والنية ،
وتكبيرة الإحرام والافتتاح ، القراءة في الصلاة ، وقراءة القرآن في غير الصلاة.
تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة
المدرسين - قم - إيران / 1426 ه.
*
شوارق النصوص ، ج (1 - 2).
تأليف : السيّد حامد حسين الموسوي (ت
1306 ه).
تطرّق هذا الكتاب إلى الأحاديث الموضوعة ، فدرسها
بأسانيدها ونصوصها بدراسة علمية معتمداً على كتب العامّة ، كشف النقاب بها عن
الوضّاعين وأهل الافتراء ، تناول فيه جانباً كبيراً من الأكاذيب في فضائل
الشيخين والمدائح الواردة فيهما ، سردت على طريقة الجمع
ص: 400
والتدوين ورتّبت في ثلاثة أبواب : في ذكر جملة من
الفضائل الموضوعة في أبي بكر وفيه ستة وثلاثون فصلاً ، وفي تكذيب بعض ما رووا في
فضائل عمر وفيه ثلاثة وعشرون فصلاً ، وفي بيان بعض ما افتعلوه في الشيخين وفيه
ثلاثة عشر فصلاً.
تحقيق : طاهر السلامي.
نشر : منشورات (دليل ما) قم -
إيران / 1426 ه.
*
خمسون درساً في الأخلاق.
تأليف : الشيخ عبّاس القميّ (ت
1359 ه).
كتاب أخلاقي ، تربوي ، يحتوي على عدّة كلمات طريفة
، ومواعظ وحكم شريفة ، تُرجم من الفارسية إلى العربية سابقاً ، اشتمل على مواضيع
في : أعمال الخير ، فيحثّ على فعلها ، وفي : أعمال الشرّ ، فيرهّب ويمنع من
الأخذ بها ، ويحثّ على تركها ، وتجنّبها ، مثل : الخوف والرجاء ، والعُجب ،
والتكبّر ، واجتناب الحرام ، والإلفة ، والشكر ، والصبر ، وطول الأمل ، وسوء
الخلق ، والرفق و...
اعتُمد في تحقيق هذه الرسالة على
نسخة معرّبة ، صُحِّحَت عباراتها أُضيف لها بعض
الروايات تنسجم مع كلّ درس منها.
تحقيق : نزار نعمة الحسن.
نشر : مؤسّسة عاشوراء - قم - إيران / 1425 ه.
طبعات
جديدة
لمطبوعات
سابقة
*
التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
تأليف : السيّد محمد باقر الصدر.
مجموعة محاضرات ، ألقاها السيّد في أواخر حياته ،
أدلى بها لمقدّمة في منهجية تفسير القرآن على اتجاهين : الاتجاه التجزيئي هو :
المنهج الذي يتناول تفسير القرآن الكريم آية فآية وفقاً لتسلسل تدوين الآيات في
المصحف الشريف.
والاتجاه التوحيدي الموضوعي وهو : التفسير الذي
يقوم بدراسة قرآنية لموضوع من الموضوعات العقائدية أو الاجتماعية أو الكونية.
وقد تمركز البحث في الكتاب حول الاتجاه الثاني -
وهو الموضوعي - حيث يستهدف هذا التفسير تحديد موقف نظري للقرآن الكريم والرسالة
الإسلامية من موضوعات الحياة أو الكون أو غيرها.
ص: 401
نشر : مجمع الثقلين - قم - إيران / 1425 ه.
*
تأمّلات في النصّ القرآني.
تأليف : عبدالأمير كاظم زاهد.
تضمّن هذا الكتاب لثلاثين مقالة ، كتبها المصنّف في
صحيفة تصدرها الكلّية الإسلامية العالمية في طرابلس ليبيا
، وقد جاءت هذه المقالات على خمسة محاور : محور تفسير القرآن للتاريخ والحضارة (الرؤية
الفلسفية للتأريخ) ، محور فقه القرآن (الجهد التشريعي المستنبط من القرآن) ،
والفلسفة والفكر القرآني (تأمّلات في ظلال المعاني القرآنية) ، ودعوة للوقوف على
المصطلح القرآني وتحليل آليات الاختزال فيه ، وإشكالية المنهج العلمي.
أعادت نشره (بيت الحكمة) للنشر
- بغداد - العراق / 1427 ه.
*
ينابيع المعاجز وأُصول الدلائل.
تأليف : السيّد هاشم البحراني (ت
1107 ه).
يجمع الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة
والدالّة على ما حباهم الله عزّ وجل من العلوم اللدنّية والمواهب
والكرامات والمعجزات ، في 21 باباً ، ذكر المصنّف
في مقدّمة الكتاب أنّه ألّفه بعد كتاب مدينة المعاجز ، وقد تصدّرت الكتاب ترجمة
للمؤلِّف تبيّن مقامه ومنزلته العلميّة مع ذكر نبذة من مؤلّفاته.
وقد قامت بطباعته سابقاً دار الكتب الإسلامية في
قم ، وأعادت نشره منشورات دار التفسير - قم - إيران / 1427 ه.
*
تسلية الفؤاد في بيان الموت والمعاد.
تأليف : السيّد عبدالله شبّر.
يحتوي الكتاب على رسالة تناولت جانباً تربويّاً
مهمّاً من الجوانب التربوية التي أشار إليها الدين الحنيف وأئمّة الهدى عليهم السلام
في تذكير الغافلين وإيقاظ النائمين وموعظتهم وإرشادهم ، حيث تضمّنت ما يؤول إليه
حال الإنسان في الموت وما بعده إلى الجنّة والنار ، حسبما ورد من الآثار
والأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، مع بيانات
وجيزة وافية ومواعظ بليغة شافية.
اشتملت على ثمانية وثلاثين فصلاً بعناوينها منها :
في ذكر الموت ، في حبّ لقاء الله ، في كراهة طلب الموت وتمنّيه ،
ص: 402
في أحوال البرزخ والقبر والسؤال ، في نفخ الصدر
وفناء الدنيا ، و...
سبق أن صدر في بيروت سنة 1415 ه- ، وأعادت طبعه
المكتبة الحيدرية في قم سنة 1427 ه.
كتب
صدرت حديثاً
*
الدين النصيحة.
تأليف : الشيخ عبّاس كاشف الغطاء.
أعدّ هذا الكتاب دراسة في النصح والنصيحة وأهمّيتها
في الدين الحنيف ، ومدى تأثيرها على سلوك النفس الإنسانية ، والأخذ بعنان
هدايتها.
اشتمل على أربعة فصول في : تعريف النصيحة وشروطها ،
وكيفيّتها وأنواعها ، والنصيحة في الفقه الإسلامي ، والنصيحة في التطبيقات الفقهية.
نشر : دار العلوم - بيروت - لبنان / 1426 ه.
*
جواهر التاريخ ، ج (2 - 3).
تأليف : الشيخ علي الكوراني.
قام هذا الكتاب بدراسة للتاريخ الإسلامي ، فتناول
أهمّ العصرين فيه العصر الأموي وشطراً من العصر العبّاسي ، حيث
سلّط الضوء على شخصية أبي سفيان ومعاوية اللذين
خطّطا لدحر الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) وتشييد
الإمبراطوريّة الأمويّة ، كما قدّم عرضاً لسيرة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
وسيرة أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم في
صمودهم ومواجهتهم للظلم والجور من بعد النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) ، وقد اشتمل الجزء الثاني على اثنين وعشرين فصلاً ،
والجزء الثالث على أربعة عشر فصلاً.
نشر : دار الهدى - قم - إيران / 1426 ه.
*
أهل البيت عليهم السلام في الكتاب المقدّس (التوراة
- الإنجيل).
تأليف : كاظم النصيري الواسطي.
كتاب يهتمّ بكلّ ما يتعلّق بأهل البيت عليهم السلام
في كتب الديانات السماوية اليهودية والنصرانية ، والتقييم لتلك النصوص على ضوء
الكتاب والسنّة ، لرفع الالتباس الذي قد يقع فيه الشباب المسلم ، مع بيان لما
جاء من الأسفار ، وعددها ، ولغاتها وعهودها ، وفرز القانوني منها عن غيرها عندهم
، بحثاً تحليلياً.
يضمّ هذا الكتاب بين دفّتيه فصولا ثمانية ، تشتمل
موضوعاتها على : أسفار
ص: 403
الكتاب المقدّس ، الرسول (صلى الله
عليه وآله وسلم) في بشارات الأنبياء ، الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) في كتب المستشرقين ، فاطمة الزهراء عليها السلام
في رؤيا يوحنّا ، الإمام الحسين عليه السلام في بشارات العهدين
(القديم والجديد) ، الإمام المهدي عليه السلام
في بشارات العهدين ، الإمام المهدي في المذاهب والفلسفات المادّية ، بشارة أهل
البيت عليهم السلام
في الأحاديث النبوية.
نشر : دار الأنصار للطباعة والنشر - قم - إيران /
1424 ه.
*
المدرسة الشبّرية.
إعداد : المؤسسة الشبّرية لإحياء التراث.
ينقل الكتاب إلينا صورة من الحياة العلمية في النجف
الأشرف ، وقد تناول من بين مدارسها ومعاهدها المدرسة الشبّرية التي تأسست في سنة
1387 ه- على يد مؤسّسها السيد علي شبّر ؛ ، ليعرّف لنا شخصيّته العلمية ومؤلّفاته
، كما بيّن لنا جانباً من حياة أسرته العلمية وما قدّمته هذه الأُسرة والمدرسة
الشبّرية من شخصيّات وأعلام في مختلف المجالات العلمية والأدبية ، وقد عرض
جانباً من مكتبة المدرسة بمخطوطاتها ، وصوراً
لبعض طلاّبها الذين تخرّجوا منها.
نشر : (بهمن آرا) - إيران /
1427 ه.
*
الحسين والوهابية.
تأليف : جلال معاش.
يحتوي الكتاب على قسمين : الأوّل : في أخلاق وخصال
الحسين عليه السلام ،
بعد طرح مقدّمة عن الأخلاق والنظريات الأخلاقية قديمها وحديثها.
والثاني : في مواقف الوهابية اتجاه الإسلام ،
واتجاه الرسول وأهل بيته عليهم السلام ، واتجاه
العالم ، وتبيين آراء بعض علماء أهل السنّة فيهم ، مع ذكر بعض الأحداث التي تخبر
عنهم وعن سلوكيّاتهم.
نشر : دار القارئ - بيروت - لبنان / 1425 ه.
*
المشجّر الوافي ، ج
(1 - 3).
تأليف : السيّد حسين أبو سعيدة الموسوي.
وهو كتاب يبحث في علم الأنساب ، يتناول الهاشمييّن
من هاشم بن عبد المناف إلى المعاصرين منهم في هذا القرن بثلاثة أجزاء.
يشتمل على ستة أقسام في : السلسلة الموسوية ،
السلسلة
ص: 404
الحسينية ، السلسلة الحسنية ، السلسلة العلوية ،
السلسلة الطالبية ، السلسلة العباسية.
نشر : مؤسسة عاشوراء - قم - إيران / 1425 ه.
*
خطوات الشيطان.
تأليف : السيد سعيد الأعرجي.
استهدف الكتاب في بحوثه التعرّف على ماهيّة الشيطان
، وما هو دوره وتأثيره على حياة الإنسان ، وكيف يخرجه من عزّ الطاعة إلى ذلّ
المعصية ، ومنها ينتقل البحث إلى كيفية الحذر منه ، وكيف نعالج أنفسنا في
التخلّص من مكائده.
اشتمل على سبعة فصول في : بحوث تمهيدية ، والخلق
والماهية ، وخطوات الشيطان ، والإنسان الكامل والشيطان ، ودفع ومبارزة الشيطان ،
ومأثور الحديث والشيطان ، ومحصّلة الكتاب.
نشر : منشورات (باقيات) - قم - إيران
/
1427 ه.
*
فلسفة الخمس.
تأليف : السيّد حسين أبو سعيدة الموسوي.
دراسة تحليلية تبحث في الحكمة التي أودعها الله في
تشريع الخمس كفريضة من
الفرائض الدينية الواجبة ، ودورها الاقتصادي
البنّاء في حياة الفرد والمجتمع.
اشتملت على فصول بعدّة أبواب ، تناول الفصل الأوّل
منها : موقف الإسلام من الفقر ، الاقتصاد الإسلامي والملكية الفردية ، مبدأ
التوازن الاجتماعي في الإسلام ، التوصيات الإسلامية التي حقّقت التوازن
الاجتماعي ، أضواء على الزكاة ، الحكمة من تشريع الخمس ، الخمس في اللغة ،
والفصل الثاني : ناقش فيه أدلّة ثبوت الخمس ، والفصل الثالث : الخمس في السنة
الشريفة.
نشر : مؤسّسة عاشوراء - قم - إيران / 1424 ه.
*
شمس وراء السحاب.
تأليف : سيّد جمال محمد صالح.
يبحث هذا الكتاب قضية الظهور ، كونها مسألة اعتقد
بها جميع أصحاب الأديان السماوية ، وصرّح بها الإسلام باسم المهدي الموعود
(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، ويعالج الأفكار المخالفة ويردّها ،
كما يؤكّد على إثبات تواتر الأخبار عند المذاهب الإسلامية في مسألة المهدي المنتظر
(عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
ص: 405
نشر : مسجد جمكران - قم - إيران / 1427 ه.
*
آراء وفتاوى علماء المسلمين في تحريم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية.
إعداد : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي.
جمع هذا الكتاب (آراء وفتاوى علماء
المسلمين في تحريم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية) ، حيث يبيّن إجماع علماء
المذاهب الإسلامية - بشتّى اختلافاتهم الفقهية والاعتقادية - على حرمة تكفير
المسلمين بعضهم بعض الآخر في الدين الإسلامي الحنيف ، وقد عالج المؤلّف في هذا
الكتاب بدعة تكفير المسلمين ، حيث انتهكت بسببها دماء الأبرياء وأعراضهم
وأموالهم نساءً ورجالاً وشيوخاً وأطفالاً ، خصوصاً على أرض العراق الجريح.
نشر : مجمع الثقلين العلمي - قم - إيران / 1426 ه.
*
مسند بريدة الأسلمي.
تأليف : السيّد أبو الفتح الدعوتي.
تناول هذا الكتاب المرويّات في كتب الفريقين عن
طريق الصحابي الجليل بريدة الأسلمي رضي الله عنه ،
وقد جمعت ودوّنت على
شكل مسند ، وقد قدّمت له مقدّمة وجيزة في ترجمة هذا
الصحابي وولائه لأهل بيت النبوّة عليهم السلام.
وقد اشتمل الكتاب على ثلاثة فصول : بريدة الأسلمي
كما عرّفه أصحاب السير والرجال ، وما روته كتب الشيعة من أحاديث يقع في سندها ،
وأحاديث بريدة في الصحاح الستة.
نشر : منشورات (دليل ما) - قم - إيران /
1426 ه.
*
وظيفة القضاة.
تأليف : المحقّق الكابلي.
كتاب بيّن المؤلّف فيه آراءه الفقهية في باب القضاء
، والشهادات ، والحدود ، والقصاص ، والديّات ، من خلال دروس الخارج التي ألقاها
في الحوزة العلمية ، وقد دوّنها بناءً على متن رسالة مباني تكملة المنهاج للسيّد
الخوئي ؛.
نشر : دار نشر الإسلام - قم - إيران / 1425 ه.
*
الإعجاز بين النظريّة والتطبيق.
يحتوي هذا الكتاب على مجموعة تقريرات لدروس السيّد
كمال الحيدري ، قام بجمعها وتدوينها الشيخ محمود
ص: 406
الجيّاشي ، ألقاها السيّد في الحوزة العلمية ،
تتناول بحث الإعجاز وما تمثّله المعجزة في الحياة البشرية ، حيث يعدّ من أهمّ
المباحث التي يتكوّن بمجموعها الفكر الديني عند الإنسان المؤمن.
اشتمل على قسمين ، الأوّل : في حقيقة الإعجاز ،
وقد تناول تعريف المعجزة كلامياً وفلسفياً ، وتصديق القرآن لقانون العلّية
العامّة ، وإثبات القرآن ما يخرق العادة ، وظاهرة النبوّة وحقيقتها في الحياة
البشرية. والقسم الثاني : في وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ، وقد تناول أقسام
المعجزة ، والقرآن كمعجزة عقلية ، والوجوه التي ذكرها العلماء في إعجاز القرآن ،
وبحث الإعجاز في ضوء التحدّي القرآني.
نشر : دار فراقد - قم - إيران / 1426 ه.
*
الامام البخاري وصحيحه الجامع المختصر.
تأليف : الشيخ حسين الهرساوي.
يعدّ هذا الكتاب دراسة لأحاديث ورواة صحيح البخاري
؛ فتناول حياته واتجاهاته الفكرية ، ومدى تأثير السياسة الأمويّة والعباسيّة على
صياغة الأحاديث
وروايتها ، ودور الرواة والمحدّثين في تبرير أساليب
الحكّام وسياساتهم.
اشتمل على مقدّمة في تدوين الصحاح ، وعلى عشرة فصول
في : البخاري وصحيحه ، والاتجاهات الفكرية في عصره ، وموقفه من أبي حنيفة ،
وظلال فكر اليهود في الثقافة الإسلامية ، وموقف البخاري من النواصب والخوارج ،
وكتابه في الضعفاء ، والضعفاء في البخاري ، ومنتقدي البخاري ونسخ البخاري وأهمّ
شروحه.
نشر : منشورات (دليل ما) - قم -
إيران / 1425 ه.
*
أهل البيت عليهم السلام في تفسير الثعلبي.
تأليف : عادل الكعبي.
هذا الكتاب عبارة عن عمل تحقيقي اختصر فيه المحقِّق
كتاب تفسير الكشف والبيان للثعلبي ، مقتصراً على استخراج الأحاديث المتعلّقة
بفضائل أهل البيت عليهم السلام والأخبار
المرويّة عنهم ومرويّاتهم عن رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) ، وقد حرص على نقل جميع الأسانيد الواردة لهذه
الأحاديث والروايات كما هي في التفسير ، مع تصحيح الرواة اعتماداً على اُمّهات
المصادر الرجاليّة ، كما أضاف في
ص: 407
الهوامش تخريجات أخبار الفضائل من عدّة مصادر
معروفة ومتداولة.
اشتمل على مقدّمة وباب في فضل القرآن الكريم ، ثمّ
رتّبه على ترتيب سور القرآن الكريم ابتداءً بسورة الحمد ، وانتهاءً بسورة
الإخلاص.
نشر : منشورات (دليل ما) -
قم - إيران
/ 1423 ه.
ثقافة
أهل البيت عليهم السلام والغزو الثقافي التكفيري.
تأليف : كاظم النصيري الواسطي.
كتاب يتناول الأدوار التي مرّ ويمرّ بها المسلمون
عموماً ، وأتباع مدرسة أهل البيت خصوصاً ، مع بيان دور أهل البيت عليهم السلام
في الثقافة الرسالية وتعميق جذورها ، مسلّطاً الضوء على المطالب التي لها علاقة
بعقيدة المسلمين وتوجّهاتهم الفكرية ، والاجتماعية ، والسياسية ، لمواجهة مختلف
التيّارات التبشيرية ، التكفيرية ، المنحرفة ، المعادية للإسلام وما فعلته بأهل
البيت عليهم السلام
ومراقدهم وزوّارهم.
يحتوي هذا الكتاب على فصول هي : أهل البيت عليهم السلام في
الثقافة الرسالية ، مصطلح أهل البيت عليهم السلام
ومنزلتهم ،
المسلمون والنهضة الحسينية
(ثقافة عاشوراء) ، المسلمون وأتباع أهل البيت في أمريكا ، آسيا
الوسطى ، حقيقة التأخّر في العالم الإسلامي ، مظاهر الضعف والفرقة في العالم
الإسلامي.
نشر : دار الأنصار - قم - إيران / 1427 ه.
*
خلاصة ميزان الحقِّ.
تأليف : محمد كوزل الآمدي.
اتّخذ هذا الكتاب أُسلوباً دراسياً يبحث في ميزان
الحقِّ بحثاً عن معرفة أهل الحقّ وعلامات أحقِّيتهم ومعرفة أهل الباطل وأمارات
بطلانهم وضلالتهم ، فدار الكلام فيه حول أهمّ ميزان للحقّ والحقيقة ، مستدلاًّ
بما اتفق عليه الفريقان من سنّة النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) ، مقتصراً على ما ورد من طريق أهل السنة واعترافهم
بصحّته ، ثمّ ينقل ما روي من عدّة طرق ، لأنّ كثرة الطرق سببٌ للقول بالحسن ،
وذلك في خمسة عشر فصلاً : في أنّ عليّاً عليه السلام
ميزان لمعرفة المؤمن من المنافق ، وأنّه عليه السلام
ميزان لمعرفة حبيب الله من بغيضه ، وميزان لمعرفة الذين يؤذون الله ورسوله (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، وميزان لمعرفة سابّ الله ورسوله (صلى
الله عليه وآله وسلم).
ص: 408
نشر : منشورات (دليل ما) - قم - إيران /
1426 ه.
*
دلالة المفردة القرآنية.
تأليف : عبد الأمير كاظم زاهد.
أعدّ الكتاب دراسة فقهية أصولية استدلالية لكلمة (لا
جُناح) ،
حيث وقع في فهم لفظتها نوع من التباين ، هل أنّ دلالتها منحصرة في الإباحة
التخييرية؟ أم أنّها دالّة على الجواز بالمعنى الأعمّ؟ فمن أجل الاستدلال جمعت
الآيات التي وردت فيها لفظة لا جُناح ، وتمّ عرض موضوعات الآيات التي وردت فيها
، مع ربط النصّ بسبب النزول ، مع آراء الفقهاء وأدلّتهم ، وفي آواخر البحث تمّ
فحص الاحتمالات الواردة في أنّ : هل اللفظ مجمل قرآني؟ أو مشترك لفظي أو رخصة؟
أو ...
اشتمل على : بحث تمهيدي وأربعة مباحث أخرى ما ذُكر
آنفاً.
نشر : بيت الحكمة - بغداد - العراق / 1427 ه.
*
حكم الأرجل في الوضوء.
تأليف : محمد كوزل الآمدي.
يدور البحث فيه حول مسألة (طهارة
الأرجل في الوضوء) بدراسة مقارنة بين
المذاهب الإسلامية ، في ما اتفقت عليه الشيعة الإمامية من المسح على الرجلين
للمكلّف في الوضوء ، وما ذهب إليه جمهور العامّة من مسح الرجلين أو وجوب غسل
الرجلين أو وجوب الجمع بين المسح والغسل أو التخيير بينهما أو استيعاب الرجلين
بالمسح.
يتناول المؤلّف أقوال الجمهور ويعرض أدلّتهم من
الكتاب والسنّة وما اعترفوا به ممّا جاء موافقاً لمذهب الشيعة الاثني عشرية ممّا
ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره
من الصحابة والتابعين ، مكتفياً بما حكموا به من صحّة الحديث ويناقش من طعن به
منهم.
نشر : منشورات (دليل ما) - قم -
إيران / 1425 ه.
*
محنة فاطمة عليها السلام.
تأليف : الشيخ عبد الله الناصر.
تعرّض هذا الكتاب إلى دراسة وتحليل الظروف القاسية
والمأساوية التي مرّ بها أهل بيت النبوّة عليهم السلام
بعد رحيل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وما
عانته سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ، تناول بها
الشواهد التاريخية.
وقد اشتمل على : مقدّمة ، وعرض
ص: 409
وصايا النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) بأهل بيته عليهم السلام ،
ونبذة موجزة في فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام ،
وخمسة فصول : اقتحام بيت فاطمة وحرقه ، وإسقاط فاطمة عليها السلام
محسناً ، وقضية فدك وخطبة فاطمة في المهاجرين والأنصار ، وأخيراً ظلامة فاطمة في
الشعر ، كما أُلحق بالكتاب فهرس بالمصادر وفهرسة للمواضيع.
نشر : منشورات (دليل ما) - قم -
إيران / 1425 ه.
*
في رحاب الإمام الحسين عليه السلام.
تأليف : الشيخ مهدي الآصفي.
يحتوي الكتاب على دراسة لحركة وثورة الإمام الحسين عليه السلام
من خلال تحليل وبيان كلمات وخطب الإمام الحسين عليه السلام
ومواقفه خلال مسيره من الحجاز إلى العراق ، ومواقف أنصاره ، وأهل بيته وخطبهم
وتضحياتهم.
اشتمل الكتاب على العناوين التالية : نقطة المفرق
في حياة الإنسان ، تأمّلات في الخطاب الحسيني ، الأهداف السياسية ، رسالة الإمام
الحسين عليه السلام
إلى أخيه محمد ابن الحنفية ، ظاهرة الاستماتة في يوم عاشوراء ، مشاهد الولاء
في زيارة وارث ، الولاء والبراءة في زيارة عاشوراء ، صورة
عن المجتمع الإسلامي ، الثوابت الأربعة ، الولاء
والبراءة في يوم عاشوراء ، البيان الأوّل للثورة الحسينيّة.
نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام -
قم - إيران / 1427 ه.
*
الشيخ مرتضى الأنصاري وآثاره العلمية.
تأليف : رشاد الأنصاري.
عمد المؤلّف إلى دراسة حياة الشيخ مرتضى الأنصاري ؛
، فذكر نشأته ومصادر علمه وثقافته ، مع ذكر أهمّ رحلاته العلمية ، ثمّ تطرّق
البحث إلى أساتذة الشيخ وتلامذته ، وختم بذكر وفاته ومدفنه ، كما ذكر آثاره
العلمية ، فتناول البحث بيئة النجف العلمية ؛ باعتبارها المنهل الذي ارتوى منه
الشيخ الأنصاري ، مع عرض موجز للدراسة في الحوزة العلمية وأسلوبها.
قُسِّم البحث على ما ذكر تقسيماً منهجيّاً على
مقدّمة ، وتمهيد ، وبابين ، وكلّ باب تضمّن فصلين وخاتمة.
والكتاب في الأصل رسالة ماجستير نالت درجة الامتياز
من جامعة روتردام الإسلامية في هولندا.
نشر : (طليعه نور) - إيران /
1427 ه.
ص: 410
*
الزهراء عليها السلام أهداف ، مواقف ، نتائج.
تأليف : السيّد محمد باقر الحكيم.
كتاب في السيرة والتاريخ ، جُمِعَت فيه عدّة
محاضرات للسيّد محمد باقر الحكيم ؛ في سيرة فاطمة الزهراء عليها السلام ،
الكتاب عبارة عن دراسة تحليلية ذات بحوث روائية تاريخية ، أعطت صورة واضحة
للأدوار التي مرّت ونهضت بها سيّدة النساء عليها السلام ،
مع تحليل للتركيبة الاجتماعية لقريش على ضوء بعدهم وقربهم من الإسلام ، مجيباً
على العديد من التساؤلات.
يحتوي هذا الكتاب على ستّة فصول تضمّ : شخصية
الزهراء عليها السلام ،
الزهراء بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
حركة الزهراء عليها السلام ، مظلومية الزهراء عليها السلام ،
حزن الزهراء عليها السلام ، وقفة عند بعض روايات العامّة في شأن
الزهراء عليها السلام.
نشر : مؤسّسة تراث الشهيد الحكيم - النجف الأشرف
- العراق / 1427 ه.
*
اختلاف الفقهاء في تركة سيّد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم).
تأليف : محمد الصغير الطيّب السندي.
يستهدف ردّ الشبهات المثارة على ولاية أهل بيت
النبوّة عليهم السلام ،
التي كانت من نتائج جهل الأمّة بالكثير من الحقائق والحقوق الواردة في الكتاب
والسنة في شأنهم : ، وبالأخصّ فيما يتعلّق بتركة سيّد الأنبياء (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، فتناول أهمّ الأمور في حياة الرسول
الأعظم (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، من إدارة شؤون الأمّة ورعايتها ، كما
عالج الكتاب قضية فدك ، وذلك في ستة فصول : تركة سيّد الأنبياء (صلى
الله عليه وآله وسلم) ومصيرها بعد رحيله (صلى
الله عليه وآله وسلم) ، وفدك بعد الغصب ، وأبو بكر ينازع
فاطمة الزهراء عليها السلام في ميراثها ، ورواية أبي بكر المستمسك
الوحيد عند الخصم.
نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام -
قم - إيران / 1426 ه.
*
الشيعة في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب.
تأليف : الشيخ حسين الواثقي.
أعدّ هذا الكتاب دراسة في أهمّيّة مدينة حلب ، ودور
التشيّع فيها - بكونه المذهب الوحيد آنذاك - بعد ما تناولت الدراسة تاريخ مدينة
حلب في القرن الخامس الهجري ، وقد استلّ المصنّف هذا البحث من كتاب بغية
الطلب في تاريخ حلب لابن العديم (588 -
660 ه).
ص: 411
وقد اشتمل على مقدّمة ومباحث ، رتِّبت على : تسمية
من حضر صفّين من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ،
وقد تعرّض الكتاب إلى تراجم أربعين شخصية من علماء الشيعة الحلبيّين وغيرهم ،
وبعض بيوت الشيعة بحلب ، والأشراف ونقبائهم بحلب ، كما أُلحقت بالكتاب عدّة
فهارس متنوّعة وفهرس لمحتوى الكتاب.
نشر : منشورات (دليل ما) -
قم
- إيران / 1426 ه.
*
المرأة في الجاهليّة والإسلام.
تأليف : الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي.
يعدّ هذا الكتاب رسالة موجزة في الدفاع عن كرامة
المرأة ، وصيانتها ، وحفظ حقوقها في ظلّ القانون الإلهي للشريعة الإسلامية
السمحاء ، وقد جاء في الردّ على مقالة أصدرتها مجلّة لجماعة شيوعية عُرفت باسم
«النهج» في دمشق ، تناولت فيها «حقوق المرأة في الجاهلية والإسلام» بالنقد
والتجريح.
وقد اشتمل على المواضيع التالية : المرأة في
الجاهلية والإسلام ، القيمومة الزوجية في نظر الإسلام ، الطلاق في
الإسلام ، إرث المرأة في التشريع الإسلامي ، أهليّة
المرأة للولاية ، الحجاب ، حدود الاختلاط والخلاصة.
نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام -
قم - إيران / 1426 ه.
*
تاريخ مقام الامام المهدي
(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في الحلّة.
تأليف : أحمد علي مجيد الحلّي.
اهتمَّ الكتاب بمقام الإمام المهدي (عجّل
الله تعالى فرجه الشريف) في الحلّة منذ سنة 636 ه- وإلى زماننا
الحاضر ، وذلك في سلسلة من المباحث في هذا المجال.
وقد اشتمل هذا الكتاب في دراسته لهذا المقام على
مقدّمة وإثني عشر باباً : الحلّة مدينة النور ، تاريخ المقام في المخطوطات ،
وتاريخه في الحكايات ، وذكر من زار المقام ، وذكر عمارته ، ومساحته الاصليّة ،
وتاريخ الجامع ومدرسة الصاحب عليه السلام المجاورين له
، وذكر السدنة والأوقاف الخاصّة به ، وذكر الموقع ووصف المقام ، وذكر من شاهد
الإمام من أهل الحلّة وصور فوتوغرافية.
نشر : (دليل ما) - قم - إيران /
1426 ه.
ص: 412
*
الغلوّ والموقف الإسلامي.
تأليف : سعد متعب المنصوري.
يتناول الكتاب ظاهرة الغلوّ والتطرّف في العقيدة
والسلوك ، فيعرّفها لغةً واصطلاحاً ، ثمّ يبيّنها من خلال كتاب الله والسنّة
النبويّة الشريفة ، ويبحث امتدادها في التاريخ البشري وآثارها السلبية في الأمم
والأديان السابقة.
يشتمل على مقدّمة وعشرة فصول ؛ فيذكر أضافة إلى ما
ذكر : مقالات الغلوّ والمؤرّخون والربط السيّئ ، ومناشئ وأهداف الغلوّ ، والغلوّ
عند بعض المسلمين ، وتوقيت نشاط الغلاة ، والمنهج القرآني وأهل البيت عليهم السلام
في مواجهة الغلوّ وموقف علماء الشيعة من الغلوّ والغلاة.
نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام -
قم - إيران / 1427 ه.
*
الوائلي تراث خالد.
تأليف : سليم الجبوري.
قدّم هذا الكتاب صورة عن حياة رائد المنبر الحسيني
سماحة الدكتور الخطيب الشيخ أحمد الوائلي ؛ ، الذي كرّس جهوده في نشر مذهب أهل
بيت الرسالة عليهم السلام ،
ورفع رايتهم في مختلف بلاد العالم ، كما بيّن تراث
موطنه ومهده النجف الأشرف ، الذي ولد وترعرع ونشأ في محافله منذ الطفولة حتّى
صاغت شخصيّته الفذّة في عبقريّته ونبوغه العلمي وكفاءته الذاتية.
اشتمل على خمسة فصول ، تناولت : السيرة الذاتية
للشيخ ؛ ، مقالاته وأبحاثه المكتوبة ، لقاءاته مع الصحف والمجلاّت ، أشعاره التي
لم يحوها الديوان ، أرشيف الوثائق والصور.
نشر : دار المحجّة البيضاء - بيروت - لبنان / 1427
ه.
*
الحقيقة كما هي.
تأليف : الشيخ جعفر الهادي.
يدعو الكاتب فيه جميع المذاهب الإسلامية إلى
الاتحاد على سبيل التعارف والأخوّة ، وإلى الاجتماع والمناقشة بهدوء وموضوعيّة
وإخلاص وصدق نيّة في ما اختلفوا فيه ، وأن تعرض كلّ طائفة عقائدها ومواقفها
الفكريّة والفقهيّة بحرّية وصراحة ، لإبطال ما يثار ضدّها من شبهات واتهامات ،
ومن هذا المنطلق قام المؤلّف بتعريف المذهب الجعفري وعرض معتقداته وآرائه في
أصول الدين وفروعه ، كما وضّح عقيدة الشيعة بالأئمّة
ص: 413
الاثني عشر وكيفية أداء فرائضهم اليومية ، مستنداً
بذلك إلى الكتاب والسنّة بشكل مختصر مبسّط.
نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام -
قم - إيران / 1426 ه.
*
دروس من السيرة النبويّة.
تأليف : الشيخ عدنان فرحان.
تناول الكتاب السيرة النبويّة الشريفة بدراسة
استهدف من خلالها الإحاطة بأهمّ الأحداث والوقائع التي جرت في عهد الرسول الأعظم
(صلى
الله عليه وآله وسلم) ، قاصداً بها مواطن العبرة منها ، وقد
اعتمد على مصادر السيرة الأساسية ، معرضاً عن طريقة الاستنتاج الشخصي ، حيث
اقتبس منها المعلومات المناسبة ، وقد استعان ببعض المراجع اللغوية وكتب التفسير
والحديث والأدب والتراجم والعلوم الأُخرى ، كما استشهد بالآيات القرآنية ،
والأحاديث الشريفة ، والنصوص المختارة.
وقد اشتمل على سبعة وعشرين
درساً : ابتداءً بأهمّية دراسة السيرة النبوّية
الشريفة وحتى الهجرة إلى المدينة.
نشر : مؤسسة العارف للمطبوعات - بيروت - لبنان
/ 1427 ه.
*
تفسير سورة الممتحنة.
تأليف : السيّد محمد باقر الحكيم.
سلسلة محاضرات دوّنت بعد رحيله ، سلّط الضوء فيها
على الجانب التربوي والتغييري في القرآن الكريم ، وقد دارت البحوث فيها حول
أمرين مهمّين : الأوّل : الموقف العام تجاه العلاقات بين المؤمنين والكافرين.
الثاني : علاقة النساء بشكل خاص ضمن إطار ذلك الموقف العام.
وقد انقسم البحث في السورة إلى أربعة مقاطع ، حيث
تناول كلّ مقطع شطراً من السورة ومعاني آياتها ، فبيّن مفرداتها والبحث التفسيري
المتعلّق بها وما تناولته الآيات من مواضيع ومفاهيم ودروس.
نشر : مؤسسة تراث الشهيد الحكيم - النجف الأشرف
- العراق / 1427 ه.
ص: 414