تراثنا المجلد 81

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1426 ه.ق

الصفحات: 414

ص: 1

محتويات العدد

* كلمة العدد :

* زمن الانحطاط الفكري.

............................................................... هيئة التحرير 7

* الإيمان البديعة من «وسائل الشيعة» (2).

................................................ السيّد علي الحسيني الميلاني 13

* الإيمان والإسلام في كلام أهل البيت ومتكلّمي الشيعة.

.................................................... الشيخ رسول جعفريان 59

* باب العلم بالحكم الشرعي بين الانسداد والانفتاح.

....................................................... السيد علي الهاشمي 89

* النظرية الأُصولية نشوؤها وتطوّرها (1).

.................................................... السيّد زهير الأعرجي 137

محرّم الحرام

- جمادى الآخرة

1426

ه-

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين / النجف الأشرف (18).

............................................. السيّد عبد العزيز الطباطبائي 188

* مصطلحات نحوية (27).

.................................................. السيّد علي حسن مطر 255

* من ذخائر التراث :

* أحلام اليقظة مع صدر المتألّهين - للشيخ محمّد رضا المظفر.

........................................... إعداد : الشيخ هادي القبيسي 273

* عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نِحلَتِهِ - للشيخ محمّد جواد البلاغي.

......................................... تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم 303

* من أنباء التراث

........................................................... هيئة التحرير 394

ص: 2

* كلمة العدد :

* زمن الانحطاط الفكري.

............................................................... هيئة التحرير 7

* الإيمان البديعة من «وسائل الشيعة» (2).

................................................ السيّد علي الحسيني الميلاني 13

* الإيمان والإسلام في كلام أهل البيت ومتكلّمي الشيعة.

.................................................... الشيخ رسول جعفريان 59

* باب العلم بالحكم الشرعي بين الانسداد والانفتاح.

....................................................... السيد علي الهاشمي 89

* النظرية الأُصولية نشوؤها وتطوّرها (1).

.................................................... السيّد زهير الأعرجي 137

محرّم الحرام

- جمادى الآخرة

1426

ه-

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين / النجف الأشرف (18).

............................................. السيّد عبد العزيز الطباطبائي 188

* مصطلحات نحوية (27).

.................................................. السيّد علي حسن مطر 255

* من ذخائر التراث :

* أحلام اليقظة مع صدر المتألّهين - للشيخ محمّد رضا المظفر.

........................................... إعداد : الشيخ هادي القبيسي 273

* عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نِحلَتِهِ - للشيخ محمّد جواد البلاغي.

......................................... تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم 303

* من أنباء التراث

........................................................... هيئة التحرير 394

صورة الخلاف : نموذج من مخطوطة الأصل لرسالة «عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نحلته» ، للعلامة الشيخ محمّد جواد البلاغي (1282 - 1352 ه) ، المنشورة في هذا العدد ص 303 - 394.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

كلمة العدد :

زمن الانحطاط الفكري

هيئة التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

حينما يكون الدافع الأكبر لإبقاء الحياة رفيعة ، شريفة ، مهيبة ؛ هو الفكر ،الذي لولاه ما استحقّ الوجود عناية ، ولا سمت فحاويه باهماً فوق التراب ، ولكانت حياتنا كالخابية الفارغة ، ترنّ بدون تجاوب من خلف ..

حينما يُتغنّى بجدّ في واقع الفكر ويُنعت هكذا ، بل ويوصف أنّه الوعي الأضخم والأغور ، الوعي الأبحّ في الطول والعرض والعمق ، ذلك الرفّاش الهائل الذي يجرف دفعةً كل هذا ..

فالمراد والمقصود به الفكر الذي يتناول ما فات وما حضر وما هو آت من حياة الإنسان فرداً ومجتمعاً ، الفكر الذي يستقطب كل نواحي اللطيفة البشرية ، على أنّها وحدة لا تتكسّر ، لا تتفرفط أقساماً ، لا تتجزّأ. ولمّا لم يزل يعني بمفهومه ومحتواه إلاّ النظرة الشاملة في الوجودين الأصغر والأكبر ، فهو الفكر العقائدي الذي بفضله تشرف الحياة ويتمندل برفعة وسموّ ، من فوق ..

ص: 7

ولِمَ لا يكون إذاً - كما قيل - أقوى وأمضى سلاح على الإطلاق يملكه الإنسان في حربه مع المجهول؟! فلولا أن يعمل الفكر ويتأمّل في السكينة لكنّا لا زلنا قابعين في غياهب المغاور. وهذا السلاح يصدأبالإهمال وقلّة الاستعمال ، أو بالاستعمال في الأغراض التي ليس لأجلها وُجد. ونحن عندما نكثر الكلام في توافه الاُمور إنّما نسدّ على الفكر المنافذ إلى جليلها ، فنعطلّه عن العمل المثمر بدلاً من أنّ نشحذه وندفعه ، ونحن إذنلهي الفكر بالقيل والقال فكأنّنا نسخّر العاصفة لنقل قشّة من هنا إلى هناك ، الصاعقة لقتل ذبابة أو بعوضة. ومثلما لا يتمّ الحمل ولا ينمو الجنين إلاّ في سكينة الأرحام وظلماتها ، كذلك لا يحبل الفكر بعظائم الاُمور إلاّ في سكينة الخلوات والتأمّلات.

وعليه ، فقد أصّلوا للفكر :

أنّه إذا جرى مجراه الطبيعي المستقيم أن يكون حواراً بين «لا» و «نعم»وما يتوسطهما من ظلال وأطياف ، فلا الرفض المطلق الأعمى يعدّ فكراً ولا القبول المطلق الأعمى يعدّ فكراً ، ففي الأوّل عناد الأطفال ، وفي الثاني طاعة العبيد ..

وأنّه ليس ترفاً يلهو به أصحابه ، بل مرتبطٌ بالمشكلات التي يحياها الناس حياةً يكتنفها العناء ، فيريدون لها حلاًّ.

وفكرنا الإسلامي يقال فيه :

إنّه يوجب على معتنقيه النظر والتبصّر والاعتبار بتقلّبات الزمن والبحث المستمرّ عن اتجاهات الحياة ، ومحاولة التحكّم فى سير الأشياء وفقاًلما تستدعيه مصلحة الإنسان الذي اُنزل لهذه الأرض كي يخلف الإله فيها بالعمارة والإصلاح ..

ص: 8

وهو الانتباه والحذر والحركة الدائبة والتجديد المستمرّ في الاُسلوب ، خصوصاً في الآلة النفسية التي تبعث على انتحاله ، وفي الحركة ولا سيّما في فهم العوامل الداخلية والخارجية التي تدعو إليها ، وهو أكثر من ذلك وازع الثورة على الخمود والاستنكار للجمود والامتلاء بروحانية العمل والكفاح للتمتّع بالحقّ والشعور بالعدل وتذوّق معاني الحرّية.

وتأسيساً على ذلك ، فكون الفكرة أصيلة حسنة جميلة موافقة للأنظمة الطبيعيّة ، تقود صاحبها إلى ذروة الفضائل ، ليست باطلة تافهة ولا مغايرٌمبدؤها لنواميس الوجود ؛ فكذا فكرة لا بدّ أن نلتمسها في القرآن وسنّة النبيّ والأئمّة الطاهرينعليهم السلام ، اُصول تعاليمنا وقيمنا ومفاهيمنا وتشريعاتنا ومعاملاتنا وأخلاقياتنا ، التي من خلالها نفهم العلاقة القائمة بين الخالق والخلق ، الكون والحياة والإنسان ، الإنسان ونفسه ، الفرد والجماعة ، الفرد والدولة ، الجماعات الإنسانية كافة ، الجيل والأجيال.

وحصيلة الأمر : أنّ الفكر التربوي والتربية الفكرية ، هما توأمان ينهلان من ثدي الايديولوجيا ذاتها.

فالفكر التربوي والتربية الفكرية عموماً يولدان من رحم العقيدة التي ينضويان تحت لوائها وينموان في أحضانها ويتأثّران بكلّ خصائصهاومقوماتها ، فهما مصداق من مصاديق هويتها وعنوانها.

ولو قلّبنا صفحات الفكر والتربية والتأريخ لوجدنا - مثلاً - في اليونان القديم وفي اسبارطة بالذات أنّه جرى التركيز على إعداد الإنسان القوي القادرعلى الدفاع عن الدين والدولة ، ممّا مثّل انعكاساً للايديولوجيا والعقيدة القائمة آنذلك.

وكذا أرسطو لمّا دعى إلى التدرّج في الإنشاء والإعداد ، حيث يبدأ

ص: 9

جسمياً ثم خلقياً ثم فكرياً ..

أو المسيحية من خلال استخدامها مناهج عبر الكنيسة ، حيث اتجهت في القرن الرابع إلى انقاذ المجتمع الروماني من الأزمة المادّية الحادّة ، فكان التوجّه إلى الرهبنة والاعتكاف في صوامع فردية هي الصورة البارزة لوضع المجتمع آنذاك ..

بينما نرى الحركة المدرسية في القرن الحادي عشر بزعامة «توماآلاكويني» قد دعت إلى بناء الحياة العقلية ودراسة الفلسفة والمنطق وتعبئة الذهن البشري بأكبر ما يمكن من هذه المعارف ، مضافاً إلى غرس الرؤى الدينية في نفوس التلامذة ..

حتى قيل : وهذا التناقض والاضطراب والتأرجح في مناهج المسيحية يعني أنّها - كديانة - جاءت لمعالجة مشكلات محدودة زمنياً ، فهي غير قادرة إذن على استيعاب كلّ المستجدّات عبر تطوراتها الزمنية.

وجاء «جان جاك روسو» ليقول : لنترك الطبيعة تعمل عملها في خلق الشخصية ، بعد أن قسّم مراحل التنشئة إلى أربع مراحل.

ونرى المنهج الكلاسيكي يؤكّد على ضرورة تنمية العقل ونقل التراث ودراسة العلوم بوصفها علوماً ورعاية اُسس ثابتة وعامّة في التعليم.

ونلحظ في أحد الاتجاهات المعاصرة أنّه يصرّ على تجنّب العقاب كأداة في توجيه الإنسان وترشيده ؛ إذ إنّ هناك قوى أساسية تتحرّك - كالإرادة والطاقة الشهوية - كي تستخدم العقل أساساً لتبرير معطياتها ، وبما أنّ حوافز الإرادة الأساسية لا يمكن تغييرها ، خاصّة في حالة انغمازها تحت الشعور في منطقة «اللاشعور» فإنّنا لا نستطيع حينئذ أن نحاسب الإنسان على أعماله وسلوكه ، وهذا يعني : أنّنا لا نعاقبه.

ص: 10

إنّ كلّ هذه المدارس والمناهج الفكرية والتربوية المشار إليها - وكذا غيرها - تمثّل في الواقع إفرازات وترشّحات عقائدية أثمرت وتجلّت بصور وأشكال وقوالب متفاوتة طبقاً لتفاوت الأنتماء الايديولوجي وتباينه مع الانتماءات الاُخرى.

ولا يشذّ الفكر التربوي والتربية الفكرية الإسلامية عن القاعدة العامّة المشار إليها. وإن تغايرت وتعارضت الرؤى والمناهج داخل البيت الكبيرفالأمر الأكثر أهمّيةً يكمن في تحليل الدراسات المختصّة الباحثة في الإسلام - فكراً وتربيةً - والتي نجدها ما بين دراسات مخلصة جادّة واُخرى تحريفية وثالثة مجحفة ورابعة ناقصة وهكذا ؛ ثم كيفية تناولها وفهمهالمصدريه الرئيسين في الفكر والتربية - القرآن والسنّة المباركة - اللذين يطرحان الإطار الفكري والتربوي الشامل المكّون للخلفية الايديولوجية لهما ، فالكتاب المجيد وقول المعصوم وفعله وتقريره هما منبعومصدر كل الرؤى والمناهج الإسلامية السليمة ، سواء على مستوى الفكروالتربية أو على مستوى الجوانب الاُخرى.

إنّ القرآن الكريم والسنّة الشريفة هما الضابط والميزان الذي به تأخذالفكرة الخاطئة المنحطّة طريقها إلى الهاوية ، فلا يجني المحتطبحينئذ- في ظلام الأفكار بغياب سراج البصيرة سوى الخيبةوالفشل ؛ بينما تشقّ الفكرة الصحيحة طريقها متلألئةً شامخةً إلى سلالم المجد والفخر.

وفكرتنا التي تعني الإسلام الأصيل - فكراً وتربيةً - لا تخشى مساعي الحذف والتغييب والتشويه ، ولاتعدو لاهثةً خلف شعارات الحداثةوالحرية و... الفارغة ، وذلك بوحي من الأصالة التي تعني التعامل

ص: 11

الواعي مع المحاولات والإثارات المذكورة ، آخذةً بعين الاعتبار منجزات الإنسانية الحديثة بلا سحق للقيم والمفاهيم الراسخة ولاتمرّغ على رمال الترف الفكري والميل الذاتي.

فنحن اُمّة لها كيانها الفكري والتربوي المتكامل المستوعب لعاملي الزمان والمكان كلّ الاستيعاب ، فلنا الاستحقاق الأوفر والأهلية الأتمّ كي ننقل الإنسان إلى مرافئ الأمان وقلل العزّ والكمال.

(كنتم خير اُمّة اُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).

والحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

هيئة التحرير

ص: 12

الإيمان البديعة من «وسائل الشيعة» (2)

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

(7)

أخطأ ابن مسعود

عن أبي عبد الله عليه السلام : «أنّه سئل عن المعوّذتين ، أهما من القرآن؟

فقال الصادق عليه السلام : هما من القرآن.

فقال الرجل : إنّهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه.

فقال أبو عبد الله : أخطأ ابن مسعود - أو قال : كذب - وهما من القرآن.

فقال الرجل : فأقرأ بهما في المكتوبة؟

فقال : نعم».

وعن أبي بكر الحضرمي ، قال : «قلت لأبي جعفر : إن ابن مسعود كان يمحو المعوّذتين من المصحف.

ص: 13

فقال : كان أبي يقول : إنّما فعل ذلك ابن مسعود برأيه ، وهما من القرآن» (1).

أقول :

نترجم لابن مسعود بإيجاز ، ثمّ نتكلّم عن الموضوع ..

ترجمة ابن مسعود :

هو : أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل ... من أكابر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله.

كان إسلامه قديماً ، وهاجر الهجرتين جميعاً ، إلى الحبشة وإلى المدينة ، وشهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

كذا في الإصابة وأُسد الغابة وغيرهما (2).

ووصفه الذهبي ب- : «الإمام الحبر ، فقيه الأُمّة ، كان من السابقين الأوّلين ومن النجباء العالمين ، مناقبه غزيرة ، روى علماً كثيراً ، اتّفقا له في الصحيحين على أربعة وستّين ، وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثاً ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثاً ، وله عند بقيّ بالمكرّر ثماني مئة وأربعون حديثاً ، كان معدوداً في أذكياء العلماء» (3).

وقال ابن حجر : «آخى النبي صلّى الله عليه وآله بينه وبين الزبير ، 1.

ص: 14


1- وسائل الشيعة 6 / 115 - 116 ح 7492 وح 7493.
2- أُسد الغابة في معرفة الصحابة 3 / 381 ، الإصابة في أسماء الصحابة 4 / 198.
3- سير أعلام النبلاء 1 / 461.

وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ».

هذا ، وقد رووا في فضله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بعض الأحاديث ، عمدتها :

1 - عن حذيفة بن اليمان ، أنّه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «تمسّكوا بعهد ابن أُمّ عبد».

2 - عن عمرو بن حريث ، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : «رضيت لكم ما رضي به ابن أُمّ عبد».

و «ابن أُمّ عبد» كنية عبد الله بن مسعود.

وقد ذكر المولوي عبد العزيز الهندي الأوّل من هذين الحديثين في مقام المعارضة لحديث : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ...» (1).

لكنّهما حديثان ساقطان سنداً ..

أمّا الأوّل : فقد رواه ابن الأثير بإسناده عن قبيصة بن عقبة ، قال : «حدّثنا سفيان الثوري ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مولىً لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : وتمسّكوا بعهد ابن أُمّ عبد» ؛ قال : «وقد رواه سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود».

وفيه :

«قبيصة بن عقبة» ؛ قال ابن معين : «ثقة ، إلاّ في سفيان» (2) ؛ 3.

ص: 15


1- التحفة الاثنا عشرية : 219.
2- ميزان الاعتدال 3 / 383.

والحديث عن سفيان!

«عبد الملك بن عمير» ؛ قال إسحاق بن منصور : «ضعّفه أحمد جدّاً» ، وقال ابن معين : «مخلّط» ، وقال أبو حاتم : «ليس بحافظ ، تغيّر حفظه» ، وقال ابن خرّاش : «كان شعبة لا يرضاه» ، وقال ابن حجر : «كان مدلّساً» (1) ..

ثمّ إنّ «عبد الملك» هذا لم يسمع الحديث عن «ربعي بن خراش» و «ربعي» لم يسمع من «حذيفة» ؛ نصّ على ذلك الأئمّة (2).

«مولى ربعي» ؛ وهو مجهول.

وقد روي هذا الحديث بسند آخر : «عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود» ، لكنّ رجاله مقدوحون جدّاً :

فإنّ «يحيى بن سلمة» ؛ قال البخاري : «منكر الحديث» ، وقال النسائي : «متروك الحديث» ، وقال الترمذي : «ضعيف» ، وقال ابن سعد : «كان ضعيفاً جدّاً» ، وقال الدارقطني : «متروك» ، وقال الذهبي : «ضعيف» (3).

و «أبو الزعراء» ، وهو صاحب ابن مسعود ؛ قال البخاري : «لا يتابع على حديثه» (4).

وأمّا الثاني : فإنّه - بناءً على صحّة سنده - وارد في مورد خاص لا يدلُّ على منقبة أصلاً ؛ فقد أخرج الحاكم بإسناده عن عمرو بن حريث ، 6.

ص: 16


1- تهذيب التهذيب 6 / 360 ، ميزان الاعتدال 4 / 406 ، تقريب التهذيب 1 / 618.
2- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 2 / 72 - 73.
3- التاريخ الصغير 1 / 347 ، الضعفاء والمتروكين - للنسائي - : 109 ، تهذيب التهذيب 11 / 225 ، الكاشف 3 / 251.
4- تهذيب التهذيب 6 / 61 ، ميزان الاعتدال 2 / 516.

عن أبيه ، قال :

«قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعبد الله بن مسعود : اقرأ. قال : أقرأ وعليك أُنزل؟ قال : إنّي أُحبّ أن أسمع من غيري.

قال : فافتتح سورة النساء حتّى بلغ : (فكيف إذا جئنا من كلّ أُمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) (1) ، فاستعبر رسول الله وكفّ عبد الله ، فقال له رسول الله : تكلّم.

فحمد الله في أوّل كلامه وأثنى على الله ، وصلّى على النبيّ ، وشهد شهادة الحقّ ، وقال : رضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً ، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.

فقال رسول الله : رضيت لكم ما رضي لكم ابن أُمّ عبد» (2).

ثمّ إنّ بين الحديثين ومواقف عمر وعثمان من عبد الله بن مسعود تنافياً بيّناً ؛ ففي ترجمة عمر أنّه حبس ثلاثة : ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري ؛ قال : «قد أكثرتم الحديث عن رسول الله» (3).

وفي رواية ابن سعد : «قال عمر بن الخطّاب لعبد الله بن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذرّ : ما هذا الحديث عن رسول الله؟ قال : وأحسبه قال : ولم يدعهم يخرجون من المدينة حتّى مات» (4).

وأمّا قضايا عثمان معه فمن ضروريات تاريخ الإسلام :

لقد اتفّقت المصادر على أنّ عثمان ضرب عبد الله بن مسعود - أو 6.

ص: 17


1- سورة النساء 4 : 41.
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 319.
3- تذكرة الحفّاظ 1 / 5 - 8.
4- الطبقات الكبرى 2 / 336.

أمر به فضُرب - وكسر له ضلعان ، واختلفوا في السبب ؛ فروى ابن قتيبة في أخبار عثمان من كتاب المعارف : «وكان ممّا نقموا على عثمان أنّه ... طلب إليه عبد الله بن خالد بن أُسيد صلةً فأعطاه أربعمائة ألف درهم من بيت مال المسلمين ، فقال عبد الله بن مسعود في ذلك ، فضربه إلى أن دقَّ له ضلعين» (1).

وفي تاريخ اليعقوبي - في قصّة المصاحف - : «فأمر به عثمان فجُرّ برجله حتّى كُسر له ضلعان ، فتكلّمت عائشة وقالت قولاً كثيراً ...» (2) ..

وقصّة المصاحف طويلة جدّاً ؛ فإنّ عثمان لمّا عزم على جمع المصحف ، أو جمع المسلمين على قراءة واحدة ، عيّن لهذا العمل زيد بن ثابت ، وطلب من عبد الله بن مسعود تسليم مصحفه ، فامتنع من ذلك واعترض على تعيين زيد بن ثابت :

أخرج الحافظ ابن عبد البرّ عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «لمّا أمر عثمان في المصاحف بما أمر ، قام عبد الله بن مسعود خطيباً فقال : أيأمرونّي أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت؟! والذي نفسي بيده ، لقد أخذت من فيّ رسول الله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب به الغلمان. والله ما نزل من القرآن شيء إلاّ وأنا أعلم في أيّ شيء نزل ، وما أحد أعلم بكتاب الله منّي ، ولو أعلم أحداً تبلّغنيه الإبل أعلم بكتاب الله منّي لأتيته. ثمّ استحيى ممّا قال فقال : وما أنا بخيركم.

قال شقيق : فقعدت في الحلق فيها أصحاب رسول الله ، فما سمعت 9.

ص: 18


1- كتاب المعارف : 194.
2- تاريخ اليعقوبي 2 / 159.

أحداً أنكر ذلك عليه ولا ردّ ما قال» (1).

أقول :

لكن زعمه الأعلمية بكتاب الله مردود بما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في علم عليّ بالقرآن ، وكذا ما قاله هو عليه السلام ، وما أقرّ به سائر الأصحاب في حقّه ..

أخرج الحاكم وصحّحه ، ووافقه الذهبي : «أنّه سئل عليّ عن ابن مسعود فقال : قرأ القرآن ثمّ وقف عنده وكفي به» (2).

أمّا ابن مسعود فقد رووا عنه : «ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن ، وإنّ عليّ بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن» (3).

لكنّ القوم تصرّفوا في كلام ابن مسعود ، وأسقطوا منه نيله من عثمان وزيد بن ثابت ؛ حفظاً لماء الوجه!! فأخرجه البخاري في كتابه عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «خطبنا عبد الله فقال : والله لقد أخذت من فيّ رسول الله ...» (4) ..

بل زعم بعضهم أنّ ما روي عنه في الطعن في زيد كلّه موضوع (5)!!

ثمّ انبرى علماؤهم في الكلام للدفاع عن عثمان في ضربه عبد الله ابن مسعود :

قال ابن حجر في الصواعق في مطاعن عثمان : 0.

ص: 19


1- الاستيعاب 3 / 93.
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 318.
3- حلية الأولياء 1 / 65.
4- صحيح البخاري - بشرح ابن حجر - 9 / 39.
5- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9 / 40.

«ومنها : أنّه حبس عطاء ابن مسعود وأُبيّ بن كعب ، ونفى أبا ذرّ إلى الربذة ، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام إلى المدينة لمّا اشتكاه معاوية ، وهجر ابن مسعود ، وقال لابن عوف : إنّك منافق ، وضرب عمّار ابن ياسر ، وانتهك حرمة كعب بن عجرة ، فضربه عشرين سوطاً ونفاه إلى بعض الجبال ، وكذلك حرمة الأشتر النخعي.

وجواب ذلك : أمّا حبسه لعطاء ابن مسعود وهجره له ، فلِما بلغه ممّا يوجب ذلك ، إلقاءً [إبقاءً] لأُبهّة الولاية» (1).

فكان قد وقع من ابن مسعود ما استحقّ به حبس العطاء والهجر ، بل يظهر من ذلك أنّه ما كان يعتقد بولاية عثمان وخلافته ، فلو كان يعتقد لَما ألقى أُبّهتها!

وقال الفخر الرازي في نهاية العقول :

«قوله : سادساً : ضرب ابن مسعود وعمّاراً وسيّر أبا ذر إلى الربذة.

قلنا : كما فعل ذلك ، فقد قيل عن هؤلاء : أنّهم أقدموا على أفعال استوجبوا ذلك» (2).

ومن الضروري : إنّ الأفعال المستوجبة لضرب أعيان الصحابة وهتك عدولهم ، ليست إلاّ الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة ...

لكنّ الظاهر أن عبد الله بن مسعود كان مخالفاً لعثمان قبل تلك القضايا ؛ فقد كان يتكلّم فيه وهو في الكوفة - إذ أرسله عمر معلّماً لأهلها - فقد جاء في السيرة الحلبية ما نصه :

«وكان الوليد شاعراً ظريفاً حليماً شجاعاً كريماً ، شرب الخمر ليلةً من ط.

ص: 20


1- الصواعق المحرقة 1 / 334.
2- نهاية العقول - مخطوط.

أوّل الليل إلى الفجر ، فلمّا أذّن المؤذّن لصلاة الفجر خرج إلى المسجد وصلّى بأهل الكوفة الصبح أربع ركعات وصار يقول في ركوعه وسجوده : اشرب واسقني ، ثمّ قاء في المحراب ، ثمّ سلّم وقال : هل أزيدكم؟

فقال له ابن مسعود : لا زادك الله خيراً ولا من بعثك إلينا» (1).

ولهذا وغيره استقدمه عثمان ... فروى الأعمش عن زيد بن وهب ، قال : لمّا بعث عثمان إلى عبد الله بن مسعود يأمره بالقدوم عليه بالمدينة وكان بالكوفة ، اجتمع الناس عليه فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه.

فقال عبد الله : إنّ له علَيَّ حقّ الطاعة ، وإنّها ستكون أُمور وفتن ، فلا أحبّ أن أكون أوّل مَن فتحها. فردّ الناس وخرج إليه (2).

وعلى كلّ حال ... فلم يبق أحد في المدينة إلاّ حنق على عثمان ، وزاد ذلك غضب مَن غضب لأجل ابن مسعود وأبي ذرّ وعمّار (3).

هذا ، وقد كان عثمان قد حرم ابن مسعود عطائه سنتين (4) ، فلمّا مرض مرضه الذي مات فيه ، أتاه عثمان عائداً فقال : ما تشتكي؟

فقال : ذنوبي.

قال : فما تشتهي؟

قال : رحمة ربّي. 7.

ص: 21


1- السيرة الحلبية 2 / 284.
2- أُسد الغابة 3 / 387 ، الإصابة 4 / 201 ، سير أعلام النبلاء 1 / 489.
3- الرياض النضرة 2 / 163 ، الخميس 2 / 261 ، تاريخ الخلفاء : 158 ؛ واللفظ للأوّل.
4- سير أعلام النبلاء 1 / 499 ، أُسد الغابة 3 / 387.

قال : ألا أدعو لك طبيباً؟

قال : الطبيب أمرضني.

قال : أفلا آمر لك بعطائك؟

قال : منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغن عنه!

قال : يكون لولدك.

قال : رزقهم على الله تعالى.

قال : استغفر لي يا أبا عبد الرحمن!

قال : أسأل الله أن يأخذ لي منك حقّي» (1).

لكنّ القوم حرّفوا هذا الخبر أيضاً حفظاً لماء وجه عثمان ؛ فأسقطوا منه بعض الكلمات ، وخاصّةً قوله أخيراً : «أسأل الله أن يأخذ لي منك حقّي»!

وإذا كان هذا كلامه الأخير مع عثمان ، فكيف يدّعي بعضهم أن عثمان قد صلّى عليه؟! بل الصحيح أنّه قد دُفن ليلاً بوصية منه ؛ لئلاّ يعلم عثمان بدفنه ، فمَن الذي صلّى عليه؟ قيل : الزبير ، وقيل : عمّار بن ياسر (2).

ابن مسعود في نظر أصحابنا الإماميّة :

وأمّا حال «عبد الله بن مسعود» في نظر أصحابنا ، فأوّل شيء يجب التنبيه عليه هو : إنّا لم نجد في رواياتنا مدحاً له عن أحد من الأئمّة يدلّ 7.

ص: 22


1- شرح نهج البلاغة 3 / 42 - 43.
2- انظر : أُسد الغابة 3 / 387.

على ولائه لهم عليهم الصلاة والسلام ، بالرغم من وجود المدح فيها لبعض الصحابة عنهم ، كما سيأتي في : «أبي سعيد الخدري».

بل تدلُّ أخبارنا على عدم متابعته لأمير المؤمين عليه السلام في قراءة القرآن والأحكام الشرعيّة ؛ فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قوله : «إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال» (1).

وعنه عليه السلام أنّه قال : «أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين ، بقوله : تبارك اسم ربّك وتعالى جدّك ... وقوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ؛ يعني : في التشهّد الأوّل (2).

بل في رواية : إنّه أبى ما قاله الإمام عليه السلام ؛ فقد جاء فيها : «إنّ عمر بن الخطّاب وقعت في إمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع ، فقال له أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله : اعط هؤلاء فريضتهم : للأبوين السدسان ، وللزوجة الثُمن ، وللبنتين ما يبقى.

فقال : فأين فريضتهما الثلثان؟

فقال له عليّ عليه السلام : لهما ما يبقى.

فأبى ذلك عليه عمر وابن مسعود» (3).

وقد يُدّعى كونه من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ، ويستدلّ لذلك بوجوه ، أهمّها اثنان : ث.

ص: 23


1- الكافي 2 / 14 ح 27 باب النوادر من كتاب فضل القرآن.
2- من لا يحضره الفقيه 1 / 401 ح 1190 باب الجماعة وفضلها.
3- التهذيب ج 9 / 259 ح 971 باب في إبطال العول والعصبة من كتاب الفرائض والمواريث.

الأوّل : ما روي من أنّه أحد الاثني عشر الّذين أنكروا على أبي بكر.

والثاني : ما روي من أنّه شهد الصلاة على الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.

أقول :

هذا موقوف على ثبوت الخبرين ، لا سيّما الثاني منهما :

أمّا الأوّل :

فقد رواه الشيخ الصدوق ؛ قال : «حدّثنا علي بن أحمد بن عبد الله ابن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدّثني أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدّثني النهيكلي ، قال : حدّثنا أبو محمد خلف ابن سالم ، قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب ، قال : كان الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على عليّ بن أبي طالب اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار ..

وكان من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد بن الأسود ، وأُبيّ بن كعب ، وعمّار بن ياسر ، وأبو ذرّ الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وعبد الله بن مسعود ، وبريدة الأسلمي.

وكان من الأنصار : خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وسهل بن حنيف ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وأبو الهيثم بن التيّهان ، وغيرهم ...».

ثمّ نقل كلام كلّ منهم ، فنقل عن عبد الله بن مسعود كلاماً صريحاً

ص: 24

في القول بإمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسول الله (1) ، إلاّ أنّ الكلام :

أوّلاً - في سنده :

1 - لأنّ علي بن أحمد لا توثيق له ، وفي كفاية كونه من مشايخ الصدوق للوثاقة ، كلام ليس هنا موضعه.

2 - ولأنّ رواته عن «خلف بن سالم» فمن بعده كلّهم من العامّة ، ولا توثيق في كتبنا لهم.

3 - ولأنّ «زيد بن وهب» رحل إلى النبيّ فقبض صلّى الله عليه وآله وهو في الطريق (2) ، فهو لم يكن بالمدينة تلك الأيام ، ولم يدرك تلك الحوادث.

وثانياً - في متنه :

فقد عدّ : «أُبيّ بن كعب» من المهاجرين مع أنّه من الأنصار!

وجاء في آخره : «ثمّ قام زيد بن وهب فتكلّم ، وقام جماعة من بعده فتكلّموا». وقد عرفت أن زيد بن وهب هو راوي الخبر وأنّه كان في تلك الأيام في طريقه إلى المدينة.

ثمّ جاء بعد ذلك في الخبر ما نصه : «إنّ أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام ، فلمّا كان اليوم الثالث أتاه عمر بن الخطّاب وطلحة والزبير وعثمان بن عفّان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وأبو عبيدة بن الجرّاح ، مع كلّ واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم ، شاهرين السيوف ، 8.

ص: 25


1- الخصال : 429 - 434 أبواب الاثني عشر.
2- تهذيب التهذيب 3 / 368.

فأخرجوه من منزله وعلا المنبر وقال قائل منهم : والله لئن عاد منكم أحد فتكلّم بمثل الذي تكلّم به لنملأنّ أسيافنا منه ، فجلسوا في منازلهم ولم يتكلّم أحد بعد ذلك».

وفيه ما فيه!!

وأمّا الثاني :

فرواه الشيخ الصدوق قائلاً : «حدّثنا محمد بن عمير البغدادي الحافظ ، قال : حدّثني أحمد بن الحسن بن عبد الكريم أبو عبد الله ، قال : حدّثني عتاب - يعني ابن صهيب - حدّثنا عيسى بن عبد الله العمري ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه السلام ، قال : خُلقت الأرض لسبعة نفر ، بهم يُرزقون وبهم يُمطرون وبهم يُنصرون : أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود. قال عليّ : وأنا إمامهم. وهم الّذين شهدوا الصلاة على فاطمة عليها السلام» (1).

قال في البحار بعده : «كش ، جبرئيل بن أحمد ، عن الحسين بن خرزاد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه - عليهم السلام - مثله» (2).

أقول :

أظنّ أنّ الأسماء في سند الصدوق مصحّفة (3) ، وعلى كلّ حال ، فإنّه سند ساقط لا يُعبأ به ؛ فلا داعي للتحقيق بشأنه. ي.

ص: 26


1- الخصال : 330 باب السبعة.
2- بحار الأنوار 43 / 210.
3- مثلاً : الصحيح «محمد بن عمر» وهو الحافظ أبو بكر ابن الجعابي البغدادي.

وأمّا خبر الكشي فهذا نصه : «ضاقت الأرض بسبعة ، بهم تُرزقون وبهم تُنصرون وبهم تُمطرون ، منهم : سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذرّ وعمّار وحذيفة. وكان علي يقول : وأنا إمامهم. وهم الّذين صلّوا على فاطمة عليها السلام» (1).

وهو ليس مثله ؛ فقد ذكر خمسةً وليس فيهم : عبد الله بن مسعود ..

هذا ، إنْ صحَّ سنده!!

وبعد .. فالظاهر عدم حضور أحد من هؤلاء جنازة سيّدة النساء أصلاً ، والله العالم.

إنكاره المعوّذتين :

وتنازع العلماء خبر انكار ابن مسعود المعوّذتين ..

أمّا أصحابنا ، فلم أجد أحداً يكذّب الخبر ، بل كلّهم يقولون - تبعاً للإمام عليه السلام - بخطئه ، ويفتون بجواز قراءة المعوّذتين ، في الصلوات :

قال العلاّمة : «والمعوذّتان من القرآن ، يجوز أن يقرأ بهما ، ولا اعتبار بإنكار ابن مسعود ؛ للشبهة الداخلة عليه بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يعوّذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام ، إذ لا منافاة ، بل القرآن صالح للتعوّذ به لشرفه وبركته ، وقال الصادق عليه السلام : اقرأ المعوّذتين في المكتوبة. وصلّى عليه السلام المغرب فقرأهما فيها» (2).2.

ص: 27


1- رجال الكشي : 13.
2- تذكرة الفقهاء 3 / 141 - 142.

وقال الشهيد : «أجمع علماؤنا وأكثر العامّة على أنّ المعوِّذتين - بكسر الواو - من القرآن العزيز وأنّه يجوز القراءة بهما في فرض الصلاة ونفلها.

وروى منصور بن حازم ، قال : أمرني أبو عبد الله عليه السلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة.

وعن مولى آل سام ، قال : أمّنا أبو عبد الله عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوّذتين.

وعن ابن مسعود : إنّهما ليستا من القرآن وإنّما أُنزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما السلام. وخلافه انقرض ، واستقرّ الإجماع الآن من العامّة والخاصّة على ذلك» (1).

وقال في الجواهر : «المعوّذتان من القرآن ، ويجوز أن تقرأهما في الصّلاة ، فرضها ونفلها ، نصّاً وإجماعاً ، لا يقدح فيه خلاف ابن مسعود بعد انقراضه ، وتصريح الصادق عليه السلام بخطئه أو كذبه ، وأنّه فعل ذلك من رأيه ، الذي لا ينبغي اتّباعه فيه» (2).

لكنّ أهل السُنّة اختلفوا في حلّ هذه المشكلة واضطربت كلماتهم.

مشكلة الفاتحة والمعوّذتين وطرق حلّها :

ثمّ إنّ ابن مسعود كان لا يرى الفاتحة والمعوّذتين قرآناً ، وهذا ممّا يحزّ في قلوب القوم ، ويجعلهم يضطربون في حلّه :

قال الراغب - في فصل : بيان ما ادُّعي أنّه من القرآن ممّا ليس في 1.

ص: 28


1- ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة 3 / 356 - 357.
2- جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 10 / 51.

المصحف وما ادُّعي أنّه ليس منه وهو فيه - : «وأسقط ابن مسعود من مصحفة أُمّ القرآن والمعوّذتين» (1).

وفي المسند : «عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : كان عبد الله يحكّ المعوّذتين من مصاحفه ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى» (2).

وفي الدرّ المنثور : «أخرج عبد بن حميد ، ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وابن الأنباري في المصاحف ، عن محمد بن سيرين : إنّ أُبيّ بن كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، واللّهم إيّاك نعبد واللّهمّ إنّا نستعينك. ولم يكتب ابن مسعود شيئاً منهنّ. وكتب عثمان بن عفّان فاتحة الكتاب والمعوّذتين» (3).

وفي الدرّ المنثور أيضاً : «أخرج عبد بن حميد ، عن إبراهيم ، قال : كان عبد الله لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف ، وقال : لو كتبتها لكتبت في أوّل كلّ شيء» (4).

وفي تاريخ الخميس بعد العبارة المنقولة آنفاً : «ولحذفه المعوّذتين من مصحفه ، مع الشهرة عند الصحابة أنّهما من القرآن» (5).

هذا ، وقد قالوا بأنّ إنكار الفاتحة والمعوّذتين كفر ؛ فقد جاء في الإتقان :

«قال النووي في شرح المهذّب : أجمع المسلمون على أنّ المعوّذتين 3.

ص: 29


1- محاضرات الأُدباء 4 / 434.
2- مسند أحمد بن حنبل 6 / 154 ح 20683.
3- الدرّ المنثور 1 / 10 ؛ وفيه : «إيّاك نستعين» بدل : «اللّهمّ إنّا نستعينك».
4- الدرّ المنثور 1 / 10.
5- تاريخ الخميس 2 / 273.

والفاتحة من القرآن ، وأنّ مَن جحد منها شيئاً كفر» (1).

وإذا كان «مَن أنكر شيئاً منها كفر» فقد أنكر ابن مسعود كلّها!!

ومن هنا وقعوا في المشكلة :

قال السيوطي في الإتقان : «ومن المشكل على هذا الأصل : ما ذكره الإمام فخر الدين الرازي ، قال : نقل في بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن ، وهو في غاية الصعوبة ؛ لأنّا إنّ قلنا : إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر.

وإن قلنا : لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان ، فيلزم أن [يكون] القرآن ليس بمتواتر في الأصل» (2).

وتحيّروا كيف يخرجون من هذه العويصة؟!

1 - تكذيب الأخبار.

قال في الإتقان ، نقلاً عن الرازي بعد ما تقدّم : «والأغلب على الظنّ أنّ نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة» (3).

وهكذا أجاب القاضي أبو بكر ، والنووي ، وابن حزم ... وزعموا أنّ به يحصل الخلاص عن هذه العقدة ، ولكنْ لات حين مناص! فقد تعقّب المحقّقون ذلك وتتبّعوا الأخبار به ، ووجدوها صحيحةً ، ولا مجال لتكذيب الأخبار الصحيحة أبداً ..

ففي الإتقان : «قال ابن حجر في شرح البخاري : قد صحّ عن 1.

ص: 30


1- الإتقان في علوم القرآن 1 / 270 - 271.
2- الإتقان في علوم القرآن 1 / 270 - 271.
3- الإتقان في علوم القرآن 1 / 270 - 271.

ابن مسعود إنكار ذلك ؛ فأخرج أحمد وابن حبّان عنه أنّه كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند ، والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان ابن مسعود يحكّ المعوّذتين من مصاحفه ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله.

وأخرج البزّار والطبراني من وجه آخر عنه أنّه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول : إنّما أمر النبيّ أن يتعوّذ بهما ، وكان [عبد الله]لا يقرأ بهما.

أسانيدها صحيحة.

قال البزّار : لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة. وقد صحّ أنّه صلّى الله عليه وسلّم قرأ بهما في الصلاة.

قال ابن حجر : فقول مَن قال : إنّه كذب عليه ، مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يُقبل ، بل الروايات صحيحة» (1).

فهذا الطريق - طريق الطعن في هذه الروايات - لا يفيد.

2 - الإبهام.

ومنهم مَن سلك طريق الإبهام ؛ فوضع بدل كلمة حكّ ابن مسعود وإنكاره الفاتحة والمعوّذتين ، كلمة : «كذا وكذا» وتخيّل أنّه بذلك يمكن إخفاء الحقيقة والخروج عن العقدة .. وقد جاء ذلك في صحيح البخاري ؛ إذ قال : 2.

ص: 31


1- الإتقان في علوم القرآن 1 / 271 - 272.

«حدّثنا علي بن عبد الله ، حدّثنا سفيان ، حدّثنا عبدة بن أبي لبابة ، عن زر بن حبيش. وحدّثنا عاصم عن زر ، قال : سألت أُبيّ بن كعب : يا أبا المنذر! إنّ أخاك ابن مسعود يقول : كذا وكذا.

فقال أُبيّ : سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لي : قل ، فقلت : [قال] فنحن نقول كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» (1).

على أنّ في هذا النقل مزيداً من الطعن والجرح على ابن مسعود ..

وقال ابن حجر في فتح الباري :

«هكذا وقع هذا اللّفظ مبهماً ، وكأنّ بعض الرواة أبهمه استعظاماً ، وأظنّ ذلك من سفيان ؛ فإنّ الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبّار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبهام ، وكنت أظنّ أوّلاً أنّ الذي أبهمه البخاري ...» (2).

3 - التأويل والحمل.

ومنهم مَن سلك طريق التأويل للأخبار المنقولة عن ابن مسعود :

قال ابن حجر في فتح الباري :

«وقد تأوّل القاضي أبو بكر الباقلاّني في كتاب الانتصار ، وتبعه عياض وغيره ، ما حكي عن ابن مسعود ؛ فقال : لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن ، وإنّما أنكر إثباتهما في المصحف ؛ فإنّه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلاّ إن كان النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أذن في كتابته فيه ، وكأنّه لم يبلغه الإذن في ذلك. 3.

ص: 32


1- صحيح البخاري 6 / 223 كتاب التفسير - سورة : (قل أعوذ بربّ الناس).
2- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8 / 603.

- قال : - فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً ؛ وهو تأويل حسن».

لكنّه تأويل عجيب ، وتوجيه غريب! فأيّ مانع من درج ما هو قرآن في القرآن حتّى لا يجوّز ابن مسعود ذلك ، ويهتمّ بمحوه من المصحف؟!

إنّ مثل هذا التأويل غير مُجْد للدفاع عن حرمة ابن مسعود والمحافظة على مقامه ..

إنّ هذا التأويل لا يمكن قبوله أصلا ؛ ولذا قال ابن حجر بعد العبارة المتقدّمة :

«إلاّ أنّ الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك ؛ حيث جاء فيها : (ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله) ، إلاّ أنّه حاول التأويل لهذه الرواية فقال : (نعم ، يمكن حمل لفظ «كتاب الله» على «المصحف») ؛ فيتمّ التأويل المذكور.

وقال غير القاضي : لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيّتهما ، وإنّما كان في صفة من صفاتهما. انتهى ..

وغاية ما في هذا أنّه أبهم ما بيّنه القاضي» (1).

لكنّ هذا التأويل باطل أيضاً ؛ إذ لا يساعده لفظ الرواية عند البزّار والطبراني التي أوردها ابن حجر أيضاً ، فإنّها صريحة في أنّ ابن مسعود كان يقول بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّما عوّذ بالمعوّذتين ، ولم يكن يقرأ بهما ، وهذا يدلّ بكلّ وضوح على أنّ ابن مسعود ما كان يرى المعوّذتين قرآناً ، اللّهمّ إلاّ أن يزعموا أنّ عدم القراءة بالمعوّذتين لا يثبت عدم كونهما قرآناً ، وحينئذ ، فما هو الكلام المعبّر عن ذلك؟!4.

ص: 33


1- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8 / 604.

ومن هنا نرى أنّ بعض المتكلّمين منهم لمّا لم يتمكّنوا من توجيه رأي ابن مسعود ، ولا من إنكار ما لاقاه من عثمان ، اضطرّوا إلى هتك حرمة ابن مسعود وتوهينه .. ولم يتعرّضوا لشيء من هذه التأويلات ..

وكيف يمكن تأويل ما أُخرج في المسند من أنّه : «لقد كان ابن مسعود يرى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يعوّذ بهما الحسن والحسين ، ولم يسمعه يقرأهما في شيء من صلواته ، فظنّ أنّهما معوّذتان ، وأصرّ على ظنّه ، وبالغ في إنكار كونهما من القرآن» (1).

ولذا نرى الحافظ ابن حجر يتراجع عن كلّ التأويلات ، وقد قال في آخر كلامه السابق :

«ومَن تأمّل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع».

واختار بالأخرة الحمل على عدم تواتر المعوّذتين عند ابن مسعود ، قال : «قد قال ابن الصبّاغ في الكلام على مانعي الزكاة : وإنّما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة. ولم يقل إنّهم كفروا بذلك ، وإنّما لم يكفروا ؛ لأنّ الإجماع لم يكن استقرّ. - قال : - ونحن الآن نكفّر مَن جحدها ..

وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوّذتين ؛ يعني : إنّه لم يثبت عنده القطع بذلك ، ثمّ حصل الاتّفاق بعد ذلك.

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي ، فقال : إن قلنا : إنّ كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر ابن مسعود ، لزم تكفير مَن أنكرهما. وإن قلنا : إنّه لم يكن متواتراً ، لزم أنّ بعض القرآن لم يتواتر ؛ قال : وهذه عقدة صعبة.

وأُجيب : باحتمال أنّه كان متواتراً في عصر ابن مسعود ، ولكن لم 4.

ص: 34


1- مسند أحمد بن حنبل 6 / 154 ح 20684.

يتواتر عند ابن مسعود ؛ فانحلّت العقدة بعون الله تعالى» (1).

إلاّ أنّ هذا الحمل أضعف وأفسد من الكلّ ؛ وذلك :

أوّلا :

إنّه ينافي ما رواه القوم - كما في الاستيعاب وغيره - من أنّ ابن مسعود حضر العرض الأخير للقرآن الكريم ، وعلم ما نسخ منه وما بدّل ، وهذا نصّ ما رواه ابن عبد البرّ حيث قال :

«روى وكيع وجماعة معه ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، قال : قال لي عبد الله بن عباس : أيّ القراءتين تقرأ؟

قلت : القراءة الأُولى ، قراءة ابن أُمّ عبد.

فقال لي : بل هي الآخرة ؛ إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان يعرض القرآن على جبرئيل في كلّ عام مرّة ، فلمّا كان العام الذي قُبض فيه ، عرضه عليه مرّتين ، فحضر ذلك عبد الله ، فعلم ما نسخ من ذلك وما بدّل» (2).

وهل من الجائز أن يقال بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعرض المعوّذتين ، وجبريل أيضاً لم ينبّهه على ذلك؟!

وثانياً :

إذا كان تواتر المعوّذتين ثابتاً عند الصحابة وغير ثابت عند ابن مسعود فقط ، نقول : 9.

ص: 35


1- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8 / 604.
2- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 992 رقم 1659.

إن كان سائر الصحابة قد أخبروه بكون المعوّذتين من القرآن فلم يقبل منهم ولم يصدّقهم ، أو لم يثبت بخبرهم تواترهما عنده ، لزم فسق الصحابة ، بل دلّ ذلك على كونهم أسوء حالا من الكفّار والفسّاق ؛ لأنّ التواتر يحصل بإخبار الكفّار أيضاً ، كما بُيّن في محلّه ..

وإن كان سائر الصحابة لم يخبروه بكون المعوّذتين قرآناً ، مع علمهم بأنّه كان يحكّهما من المصاحف - كما في المسند : «عن زر ، قال : قلت لأُبيّ : إنّ أخاك يحكّهما من المصحف». وكما في الرياض النضرة في مطاعن عثمان : «وأمّا الخامسة عشر ، وهي إحراق مصحف ابن مسعود ، فليس ذلك ممّا يعتذر عنه ، بل هو من أكبر المصالح ؛ فإنّه لو بقي في أيدي الناس أدّى ذلك إلى فتنة كبيرة في الدين ؛ لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكرة عند أهل العلم بالقرآن ، ولحذفه المعوّذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنّهما من القرآن. وقال عثمان لمّا عوتب في ذلك : خشيت الفتنة في القرآن» (1) - فالصحابة - وعلى رأسهم عثمان - كلّهم فسّاق!!

وبعد ، فإذا كان ابن مسعود منكِراً للمعوّذتين ، فإنّ جميع ما يشنّع به المخالفون على أهل الحقّ - لوجود بعض الأخبار الظاهرة في تحريف القرآن ، القابلة للحمل على المحامل الصحيحة في كتبنا - يتوجّه على ابن مسعود بالأولويّة القطعية ؛ فإنّه ينكر بصراحة سورتين كاملتين ، بل ثلاث سوَر ، هي : المعوّذتان وأُمّ الكتاب ، وهو في الوقت نفسه من أعلام الصحابة وأجلاّئهم ، ومن أئمّة القرآن والتفسير وأكابرهم!! بل هو محكوم عليه بالكفر والخروج عن زمرة المسلمين ، وقد جاء في كتاب فصول 9.

ص: 36


1- الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 / 99.

الأحكام لعماد الدين حفيد برهان الدين صاحب الهداية (1) :

«وبعض المشايخ على أنّه - أي مَن زعم أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن - يكفر. وحكى عن خاله الإمام جلال الدين أنّه قد ذكر في آخر تفسير أبي الليث حديثاً : مَن زعم أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن فأُولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ومثل هذا الوعيد إنّما ورد في حقّ الكفّار دون المؤمنين».

وتلخّص :

سقوط جميع التأويلات ، وبقاء العقدة العويصة على حالها.

4 - الردّ والتخطئة.

وهذا ما عليه أئمّتنا عليهم السلام وعلماؤنا الأعلام ، وهو ما حكاه السيوطي عن ابن قتيبة ؛ إذ قال :

وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن : «ظنّ ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن ؛ لأنّه رأى النبيّ - صلّى الله عليه وآله - يعوّذ بهما الحسن والحسين ، فأقام على ظنّه ، ولا نقول : إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار» (2).

فهذا حال ابن مسعود عند القوم على أُصولهم.

ولعلّ هذا هو السبب في توقّف عبد الله بن عمر عن قبول خبر 2.

ص: 37


1- المعروف بكتاب : فصول العمادي ، كما في كشف الظنون 2 / 1270 ؛ وهو في فروع الحنفية. وصاحب الهداية هو : برهان الدين المرغيناني ، المتوفّى سنة 593.
2- الإتقان في علوم القرآن 1 / 270 - 272.

ابن مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما في صحيح مسلم :

«عن أبي رافع ، عن عبد الله بن مسعود : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : ما من نبيّ بعثه الله في أُمّة قبلي ، إلاّ كان له من أُمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسُنّته ويقتدون بأمره ، ثمّ إنّها تخلّف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن ... وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل.

قال أبو رافع : فحدّثت عبد الله بن عمر ، فأنكره علَيّ ، فقدم ابن مسعود فنزل بقناة ، فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده ، فانطلقت معه ، فلمّا جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث ، فحدّثنيه كما حدّثت ابن عمر» (1). 0.

ص: 38


1- صحيح مسلم 1 / 70 ح 80 كتاب الإيمان الباب 20.

(8)

ممّا ينفي الفقر

ويزيد في الرزق

كثيراً ما نُسأل عمّا جاء في الأخبار في ما يزيد في الرزق أو ينفي الفقر ، وهذا طرف ممّا ورد في ذلك :

1 - كنس البيت والفناء :

ففي رواية عن أبي جعفر عليه السلام : «كنس البيوت ينفي الفقر».

وفي أُخرى : «كنس الفناء يجلب الرزق».

وفي ثالثة : «غسل الإناء وكسح الفناء مجلبة للرزق» (1).

والجدير بالذكر ما ورد في الباب عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «اكنسوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود» (2).

2 - إسراج السراج قبل أن تغيب الشمس :

ففي خبر عن الرضا عليه السلام : أنّ ذلك «ينفي الفقر» (3).

3 - قراءة سورة الإخلاص عند دخول المنزل :

فعن أمير المؤمنين عليه السلام - في حديث - : «وليقرأ : (قل 7.

ص: 39


1- وسائل الشيعة 5 / 317 ح 6658 وح 6659 وح 6661.
2- وسائل الشيعة 5 / 317 ح 6660.
3- وسائل الشيعة 5 / 320 ح 6667.

هو الله أحَد) حين يدخل منزله ؛ فإنّه ينفي الفقر» (1).

4 - تكرار الحجّ والعمرة :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «قال رسول الله : تابعوا بين الحجّ والعمرة ؛ فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».

وعنه عليه السلام : «حجج تترى وعمر تسعى يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء».

وعن أبي جعفر عليه السلام : «لا وربّ هذه البنية ، لا يحالف مدمن الحجّ هذا البيت حمّىً ولا فقر أبداً».

وعن إسحاق بن عمّار ، قال : «قلت لأبي عبد الله : إنّي قد وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي.

فقال : وقد عزمت على ذلك؟!

قال : قلت : نعم.

قال : فإن فعلت (فأيقن بكثرة المال ، أو) أبشر بكثرة المال والبنين».

وجاء في خبر عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا كان الرجل من شأنه الحجّ كلّ سنة ثمّ تخلّف سنة فلم يخرج ، قالت الملائكة الّذين على الأرض للّذين على الجبال : لقد فقدنا صوت فلان! فيقولون : اطلبوه ، فيطلبونه فلا يصيبونه فيقولون : اللّهمّ! إن كان حبسه دَيْن فأدِّ عنه ، أو مرض فاشفه ، أو فقر فأغنه ، أو حبس ففرّج عنه ، أو فعل به فافعل به. والناس يدعون لأنفسهم وهم يدعون لمَن تخلّف» (2). 1.

ص: 40


1- وسائل الشيعة 5 / 323 ح 6676.
2- هذه الأخبار ونحوها في وسائل الشيعة 11 / 123 - 133 ح 14413 - 14451.

5 - حسن الجوار :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «حُسن الجوار يزيد في الرزق» (1).

6 - دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه».

وعنه عليه السلام : «إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب ، ويدرّ الرزق ويدفع المكروه».

وعنه عليه السلام : «الدعاء لأخيك المؤمن بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق ويصرف عنه البلاء» (2).

7 - قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله :

فعن أبيّ عبد الله عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : مَن ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. ينفى عنه الفقر» (3).

8 - قول : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين :

فعن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام : «مَن قال في كلّ يوم ثلاثين مرّة : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين ، استقبل الغنى 9.

ص: 41


1- وسائل الشيعة 12 / 123 ح 15831.
2- وسائل الشيعة 7 / 106 ؛ وهذه الأخبار في الباب 41 من أبواب «الدعاء».
3- وسائل الشيعة 7 / 218 ح 9159.

واستدبر الفقر ، وقرع باب الجنّة».

وعنه عليه السلام أنّه قال : «مَن قال مائة مرّة : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين أعاذه الله العزيز الجبّار من الفقر ، وآنس وحشة قبره ، واستجلب الغنى ، واستقرع باب الجنّة» (1).

9 - أخذ الشارب وتقليم الأظفار يوم الجمعة :

عن عبد الله بن أبي يعفور أنّه قال للصادق عليه السلام : «يقال : ما استنزل الرزق بشيء مثل التعقيب في ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؟

فقال : أجل .. ولكن أُخبرك بخير من ذلك : أخذ الشارب وتقليم الأظفار يوم الجمعة».

وفي آخر أنّه قال عليه السلام لرجل : «ألا أُعلّمك في الرزق ما هو أنفع من ذلك؟

قال : قلت : بلى.

قال : خذ من شاربك وأظفارك كلّ يوم جمعة» (2).

10 - البِرّ والصدقة :

عن أبي جعفر عليه السلام : «البِرّ والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان سبعين ميتة سوء» (3). 9.

ص: 42


1- وسائل الشيعة 7 / 222 ح 9170 وص 223 ح 9174.
2- وسائل الشيعة 7 / 359 ح 9575.
3- وسائل الشيعة 9 / 51 ح 11499.

ممّا يورث الفقر أو يقلّل الرزق :

وفي بعض الأخبار تعرّض لِما يورث الفقر أو يقلّل الرزق ، فمثلا :

* عن الصادق ، عن أبيه : عن أمير المؤمنين عليهم السلام ، قال : «نظّفوا بيوتكم من حوك العنكبوت ؛ فإنّ تركه في البيت يورث الفقر» (1).

* عن الصادق عليه السلام : «نوم الغداة شؤم ، يحرم الرزق ويصفر اللون».

وعنه : «نومة الغداة مشؤومة ، تطرد الرزق وتصفّر اللون وتقبّحه وتغيّره ، وهو نوم كلّ مشوم ، إنّ الله تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإيّاكم وتلك النومة».

وعن الرضا عليه السلام : «فمَن نام في ما بينهما نام عن رزقه» (2).

* وفي خبر وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ عليه السلام : «كره النوم بين العشائين ؛ لأنّه يحرم الرزق» (3).

أقول :

الظاهر أنّ الأُمور المذكورة ليست بعلل تامّة بل هي مقتضيات ، فلا بُدّ لترتّب الأثر من وجود أمر أو أُمور معها ، ومن ارتفاع ما هو مانع عن ترتّبه عليها.

ثمّ إنّه لا ريب في وجود الارتباط بين تلك الأُمور والأثر المطلوب 0.

ص: 43


1- وسائل الشيعة 5 / 322 ح 6674.
2- وسائل الشيعة 6 / 497 ح 8533.
3- وسائل الشيعة 4 / 214 ح 4950.

ترتّبه عليها ، وكثيراً ما نُسأل عن ذلك الارتباط ، وكثيراً ما يحاول البعض الكشف عنه والوصول إليه ، فيقع في التكلّف الذي لا داعي له ، وقد يخطأ الخطأ الفظيع ..

لكن التحقيق أن يقال : بأنّ الرابطة والحكمة قد تذكر في الأخبار والروايات وقد لا تُذكر ، وإن لم تُذكر ؛ فتارة : يتوصّل إليها العقل الإنساني ، أو تكتشفها العلوم ، وأُخرى : لا يُتوصّل وتبقى مجهولةً.

فإنْ جاءت في الأخبار عن الصادقِين تعبّدنا بها ، وإنْ تعقّلناها أو توصّلنا إليها عن طريق العلوم فبها ، وإلاّ فلا وجه للتكلّف ، كما أشرنا ، كما لا يجوز الردّ والتكذيب كما نسمع من بعض الناس أحياناً ..

والله وليّ الهداية والتوفيق.

ص: 44

(9)

كان أبو سعيد الخُدريّ مستقيماً

ذكر في الباب 40 من أبواب الاحتضار (1).

* فعن أبي عبد الله عليه السلام : «قال عليّ بن الحسين عليه السلام : إنّ أبا سعيد الخدري كان من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وآله - وكان مستقيماً ، فنزع ثلاثة أيّام فغسّله أهله ثمّ حمل إلى مصلاّه فمات فيه».

ورواه بإسناد آخر كذلك.

* وعنه أنّه قال : «إنّ أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي ، وإنّه اشتدّ نزعه ، فقال : احملوني إلى مصلاّي ، فحملوه ، فلم يلبث أن هلك».

قال الشيخ الحرّ : «ورواه الكشّي في كتاب الرجال عن حمدويه عن أيّوب بن نوح ، عن عبد الله بن المغيرة.

وروى الذي قبله ..

والذي قبلهما ..».

وجاء في ما كتبه الإمام الرضا عليه السلام في محض الإسلام :

«والولاية لأمير المؤمنين والّذين مضوا على منهاج نبيّهم ولم يغيّروا ولم يبدّلوا ، مثل : سلمان الفارسي وأبي ذرّ الغفاري والمقداد بن الأسود وعمّار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف 6.

ص: 45


1- وسائل الشيعة 2 / 463 - 464 ح 2654 - 2656.

وعبادة بن الصامت وأبيّ أيّوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري وأمثالهم ، رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم» (1).

أقول :

فقد وصف أبو سعيد الخدري - في ما روي عن الأئمّة - بالأوصاف التالية :

إنّه ممّن مضى على منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يغيّر ولم يبدّل ..

قد رزقه الله هذا الرأي ..

وكان مستقيماً.

ووصف في كلمات أصحاب الأئمّة وكبار أصحابنا بكونه : من «أصفياء أمير المؤمنين» عليه الصلاة والسلام.

وقد ترجم علماء العامّة لأبي سعيد الخدري ووصفوه بالأوصاف الحميدة العالية ..

قال ابن عبد البرّ : «سعد بن مالك بن سنان ... أبو سعيد الخدريّ ، هو مشهور بكنيته ، وكان ممّن حفظ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله سُنناً كثيرة ، وروى عنه علماً جمّاً ، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم».

وترجم له مرّةً أُخرى - في الكنى - فقال : «كان أبو سعيد من الحفّاظ المكثرين العلماء الفضلاء العقلاء ، وأخباره تشهد له بتصحيح هذه الجملة. 1.

ص: 46


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 126 باب 35 ح 1.

مات سنة 74» (1).

ووصفه ابن الأثير ب- : «من مشهوري الصحابة وفضلائهم ، وهو من المكثرين من الرواية عنه» (2).

وترجم له الحافظ ابن حجر ، فروى عن بعض الصحابة قال : «بايعت النبيّ صلّى الله عليه وآله أنا وأبو ذرّ وعُبادة بن الصامت ومحمد ابن مسلمة وأبو سعيد الخدريّ وسادس ، على ألاّ تأخذنا في الله لومة لائم ، فاستقال السادس فأقاله».

وروى عن أبي سعيد حديثاً رفعه : «لا يمنعنّ أحدكم مخافة الناس أن يتكلّم بالحقّ إذا رآه أو علمه. قال أبو سعيد : فحملني ذلك على أن ركبت إلى معاوية فملأت أُذنيه ثمّ رجعت».

وروى أنّه قيل له : «هنيئاً لك برؤية رسول الله وصحبته.

قال : إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده».

ثمّ نقل الأقوال في سنة وفاته ؛ فقيل : 74 ، وقيل : 64 ، وقيل : 63 ، وقيل : 65 (3).

وهذه الأخبار شواهد لما جاء عن أئمّتنا عليهم السلام من أنّه لم يغيّر ولم يبدّل .. فإنّ ذهابه إلى معاوية لأن يعظه التزام منه بما بايع عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله من أن لا تأخذه في الله لومة لائم .. وقوله لمَن هنّأه برؤية رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبته : «إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده» تعريض بالّذين خالفوه وغيّروا وبدّلوا. 5.

ص: 47


1- الاستيعاب 2 / 602 و 4 / 1671.
2- أُسد الغابة 2 / 451 - 452.
3- الإصابة في معرفة الصحابة 3 / 65.

وإنّ هذه الكلمة مروية عن غير أبي سعيد أيضاً.

بل لقد اعترفت بذلك عائشة ، وعلى أثر ذلك استحيت أن تدفن عند رسول الله صلّى الله عليه وآله ..

قال ابن قتيبة : «وبقيت إلى خلافة معاوية ، وتوفّيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين. وقيل لها : ندفنك مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟

فقالت : إنّي قد أحدثت بعده ، فادفنوني مع أخواتي.

فدفنت بالبقيع.

وأوصت إلى عبد الله بن الزبير» (1).

وعلى الجملة ، فإنّ الإمامية - تبعاً لأئمّتهم عليهم السلام - يحترمون ويحبّون كلّ مَن لم يغيّر ولم يبدّل من الصحابة ومات على منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فهم لا يطعنون في الصحابة بصورة عامّة ، وإنّما يطعنون ، بل يلعنون كلّ مَن غيّر وبدّل وخالف منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأحدث من بعده.

وهذا هو حكم الله تعالى فيهم ، وهو صريح الحديث الصحيح المتّفق عليه بين المسلمين عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ إذ قال - واللّفظ لمسلم بن الحجاج في صحيحه - كتابي البخاري ومسلم :

«ألا وإنّه يجاء برجال من أُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا ربّ! أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (2). 0.

ص: 48


1- المعارف : 134 أزواج النبيّ صلّى الله عليه وآله.
2- البخاري 3 / 226 ، مسلم 4 / 617 ح 2860.

وفي آخر : «ليردنّ علَيّ الحوض رجال ممّن صاحبني ، حتّى إذا رأيتهم رُفعوا إلَيّ اختلجوا دوني ، فيقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).

وفي ثالث : «يرد علَيّ الحوض رجال من أُمّتي فيحلّئون عنه ، فأقول : يا ربّ! أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى» (2).

هذا ، وقد ورد عدد كبير من أخبار مناقب أمير المؤمنين في كتب الفريقين عن أبي سعيد الخدريّ يرويها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، يمكن الاستشهاد بها لموالاته له عليه السلام ، وإن روي مثل ذلك عن بعض الّذين ارتدّوا على أعقابهم القهقرى أيضاً.

بقي أمران :

الأوّل :

إنّ ما جاء في بعض التواريخ من ذكر أبي سعيد الخدري فيمن لم يبايع أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان ، ليس له سند معتبر ، بل ورد في رواية الطبري أنّه «بايع الناس عليّاً بالمدينة وتربّص سبعة نفر فلم يبايعوه» فذكرهم وليس أبو سعيد فيهم ثمّ قال : «ولم يتخلّف أحد من الأنصار إلاّ بايع فيما نعلم» (3). 5.

ص: 49


1- مسلم 4 / 125 ح 230.
2- البخاري 4 / 206.
3- تاريخ الطبري 4 / 431 حوادث السنة 35.

والثاني :

إنّ عدم حضور أبي سعيد الخدري واقعة الطفّ لنصرة سيّد الشهداء عليه السلام ، فالظاهر أنّه كان ممّن سجنه ابن زياد من الرجالات الموالين لأهل البيت عليهم السلام في الكوفة ، أو منعتهم إجراءاته الشديدة عن الحضور ؛ كما شرحنا ذلك في كتابنا عن واقعة كربلاء واستشهاد الإمام عليه السلام تحت عنوان : «مَن هم قتلة الإمام الحسين عليه السلام؟».

ص: 50

(10)

جواب النبيّ والإمام

عن السؤال قبل أن يُسأل عنه

وممّا يجلب الانتباه : ما جاء في رواياتنا من إخبار النبيّ والأئمّة عليهم السلام عمّا في ضمير السائل وإعطائه الجواب عن السؤال قبل أن يسأل ، بل في بعضها أنّ السائل طرح عدّة أسئلة ونسي أحدها ، فأجاب الإمام عنها وعن السؤال الذي نسيه ..

* عن أبي عبد الله عليه السلام : «أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله رجلان ، رجل من الأنصار ورجل من ثقيف ، فقال الثقفي : يا رسول الله! حاجتي ، فقال : سبقك أخوك الأنصاري ، فقال : يا رسول الله! إنّي على سفر وإنّي عجلان ، وقال الأنصاري : إنّي قد أذنت له.

فقال : إن شئت سألتني وإن شئت أنبأتُك!

قال : أنبئني يا رسول الله.

فقال : جئت تسألني عن الصلاة وعن الوضوء وعن السجود.

فقال الرجل : إي والذي بعثك بالحقّ ...» (1). ة.

ص: 51


1- وسائل الشيعة 5 / 464 ح 7083. وينبغي التنبيه على ما جاء في هذا الخبر من قول رسول الله للثقفي : «قد سبقك أخوك الأنصاري» ؛ إذ يدلّ على لزوم رعاية حقّ السابق ، وأنّ الأنصاري قال - بعد أن عرف كون الثقفي عجلاناً - : «إنّي قد أذنت له» ؛ وهذا يدلّ على حسن تنازل السابق لمَن بعده عن حقّه في الحالات الاستثنائية.

* عن محمد بن قيس ، قال : «سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدّث الناس بمكّة فقال : إنّ رجلا من الأنصار جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله يسأله ، فقال له رسول الله : إن شئت فاسأل وإن شئت أُخبرك عمّا جئت تسألني عنه!

فقال : أخبرني يا رسول الله.

فقال : جئت تسألني ما لك في حجّتك وعمرتك ، وأنّ لك إذا توجّهت إلى سبيل الحجّ ...» (1).

* عن موسى بن جعفر عليه السلام - في حديث معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله - قال : «إنّ وابصة بن معبد الأسدي أتاه فقال : لا أدع من البر والإثم شيئاً إلاّ سألته عنه ، فلمّا أتاه قال له النبيّ : تسأل عمّا جئت له أو أُخبرك؟

قال : أخبرني.

قال : جئت تسألني عن البرّ والإثم.

قال : نعم.

فضرب بيده على صدره ثمّ قال : يا وابصة! البرّ : ما اطمأنّت إليه النفس ، والبرّ : ما اطمأنّ به الصدر ، والإثم : ما تردّد في الصدر وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفتوك» (2).

* عن فيض بن مطر : «دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل ، قال : فابتدأني فقال : كان رسول الله 2.

ص: 52


1- وسائل الشيعة 11 / 218 ح 14650.
2- وسائل الشيعة 27 / 166 ح 33502.

صلّى الله عليه وآله يصلّي على راحلته حيث توجّهَتْ» (1).

* عن عائذ الأحمسي : «دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن صلاة الليل ... قال من غير أن أسأله : إذا لقيت الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك عمّا سوى ذلك» (2).

* عن الوشاء ، قال : «سألني العباس بن جعفر بن الأشعث أن أسأل الرضا عليه السلام أن يحرّق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يد غيره. قال الوشاء : فابتدأني عليه السلام بكتاب من قبل أن أسأله أن يحرّق كتبه وقال : أعلِم صاحبك أنّي إذا قرأت كتبه أحرقتها» (3).

* قال الشهيد الأوّل : «روى محمد بن همام بإسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرثوثي أنّه كان يقول بالوقف ، فدخل سرّ مَن رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام ، فأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلّي فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره ، إذ حرّكه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة وقال مبتدئاً : إن كان من حلال فصلِّ فيه وإن كان من حرام فلا تصلِّ فيه» (4).

* عن أبي (5) إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي ، قال : وحك في صدري ما الأيام التي تصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد عليه السلام - وهو ب- «صريّا» (6) - ولم أُبدِ ذلك لأحد من خلق الله ، فدخلت م.

ص: 53


1- وسائل الشيعة 4 / 333 ح 5316.
2- وسائل الشيعة 4 / 12 ح 4386 وفي ص 69 ح 4534 أيضاً.
3- وسائل الشيعة 12 / 141 - 142 ح 15885.
4- وسائل الشيعة 3 / 447 - 448 ح 4134.
5- كذا.
6- اسم قرية لهم.

عليه فلمّا بصر بي قال : يا أبا إسحاق! جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهنّ؟ وهي أربعة ...» (1).

* عن جعفر بن محمد بن يونس ، قال : «كتب رجلٌ إلى الرضا عليه السلام يسأله عن مسائل وأراد أن يسأله عن الثوب الملحم يلبسه المحرِم ونسي ذلك. فجاء جواب المسائل وفيه : لا بأس بالإحرام في الثوب الملحم» (2).

أقول :

وهذا جانب من الأدلّة في مسألة «علم النبيّ والإمام» عليه السلام.

وهذه المسألة من أهمّ المسائل في مباحث معرفة النبيّ والأئمّة وأحوالهم ومنازلهم عند الله تعالى ، ففي الوقت الذي هم عبادٌ لله تعالى مخلوقون له ، لكنّ الله عزّ وجلّ - بفضل إطاعتهم وعبادتهم له - بلغ بهم أفضل شرف محلّ المكرمين.

ولتفصيل الكلام عن علم النبيّ والإمام مجال آخر .. 9.

ص: 54


1- وسائل الشيعة 10 / 441 ح 13796.
2- وسائل الشيعة 12 / 481 ح 16839.

(11)

ليجتمع في قلبك :

الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم

عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ليجتمع في قلبك : الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم ؛ يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحُسن سيرتك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك» (1).

أقول :

ما معنى هذا الكلام؟!

وكيف يجتمع في القلب الواحد : الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم؟!

إنّ هذا من أفضل آداب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، وكأنّ أمير المؤمنين والأئمّة كانوا يوصون شيعتهم بذلك ويؤكّدون عليه ؛ لأن كلمة «كان أمير المؤمنين يقول» ظاهرة في الاستمرار والتكرار ..

وهو جدير بالتأكيد والتذكير دائماً ؛ لأنّ الإنسان مدني بالطبع ، فمن العسير - إن لم يكن المتعذّر - أن يعيش وحده ، وإنّ أحداً من الناس لا يستغني عن سائر الأفراد في حياته المادّية والمعنوية ، وقد أُمرنا ، في 3.

ص: 55


1- وسائل الشيعة 12 / 8 ح 15503.

روايات كثيرة ، بالتودّد إلى الناس وعدم الانقباض منهم ، وكلمة «الناس» تعمّ المؤمنين وغيرهم .. فالافتقار إلى الناس بجميع طوائفهم موجود لا محالة .. وهذا واضح.

لكنّ الإمام عليه السلام يحدّد لأتباعه بأن يكون افتقارهم في : «لين الكلام» و «حُسن السيرة» ، والأوّل يتعلّق بالأقوال والثاني بالأفعال ، فمَن طاب كلامه وحسُنت سيرته مع الناس كثُرت أصدقاؤه ..

وقد قال لقمان لابنه : «يا بني! اتّخذ ألف صديق وألفٌ قليل ، ولا تتّخذ عدوّاً واحداً والواحد كثير» (1).

وفي الخبر عن الصادق عليه السلام : «استكثروا من الإخوان» (2).

ومن الواضح أنّ الأصدقاء ينفعون ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«عليك بإخوان الصفاء فإنّهم

عماد إذا استنجدتهم وظهور

وليس كثيراً ألف خلّ وصاحب

وإنّ عدوّاً واحداً لكثير» (3)

وعن الصادق عليه السلام : «أكثروا من الأصدقاء في الدنيا ؛ فإنّهم ينفعون في الدنيا والآخرة ؛ أمّا في الدنيا فحوائج يقومون بها ، وأمّا الآخرة ، فإنّ أهل جهنّم قالوا : (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) (4)» (5).

إذاً ؛ فإنّ الإنسان يفتقر إلى الناس .. إلاّ أنّ ذلك ليس بمعنى طلب الحوائج إليهم ، فإنّ أهل البيت عليهم السلام ينهون عن ذلك ، ويؤكّدون على ضرورة اليأس من الناس كلّهم ، ولهم في ذلك كلمات : 5.

ص: 56


1- الأمالي - للشيخ الصدوق - : 532.
2- وسائل الشيعة 12 / 17 ح 15526.
3- وسائل الشيعة 12 / 16 ح 15523.
4- سورة الشعراء 26 : 100 و 101.
5- وسائل الشيعة 12 / 17 ح 15525.

* ففي بعضها جعلوا اليأس من الناس شرط السؤال من الله والإجابة منه ، كقول أبي عبد الله : «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئاً إلاّ أعطاه ، فلييأس من الناس كلّهم ولا يكون له رجاء إلاّ عند الله ، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً إلاّ أعطاه».

ومثلها عن علي بن الحسين عليه السلام ، قال في رواية : «ومَن لم يرجَ الناس في شيء وردّ أمره إلى الله عزّ وجلّ في جميع أُموره استجاب الله عزّ وجلّ له في كلّ شيء».

* وفي بعضها جعلوا ذلك عزّاً للمؤمن في دينه ؛ فعن أبي جعفر عليه السلام : «اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه ...» (1).

فليس بإمكانك أن تعيش وحدك ، بل أنت مأمورٌ بالاجتماع بالناس ومخالطتهم والتودّد إليهم ..

وأنت مفتقر إلى الناس محتاجٌ إليهم في شؤونك ..

لكنّك ممنوعٌ من طلب الحوائج إليهم ، بل عليك اليأس ممّا في أيديهم.

إذاً ؛ فما هي الطريقة الصحيحة التي يعلّمها الأئمّة عليهم السلام شيعتهم لأن يكونوا في داخل المجتمع ، وأن يكونوا موفّقين في أُمورهم التي يفتقرون فيها إلى الناس دون أن يسألوا منهم شيئاً؟

الطريقة هي : أن يعاشروا الناس ب- : «لين الكلام وحُسن السيرة» فإذا عاشروهم كذلك قُضيت حوائجهم ، وانتظمت أُمورهم ، وعاشوا بعزّ مكرَّمين ، وذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام :2.

ص: 57


1- وسائل الشيعة 9 / 448 - 450 ح 12468 و 12470 و 12472.

«خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم» (1).

بل في ذلك عزّ المؤمن وزينته في الدنيا والآخرة ؛ فعن أبي عبد الله عليه السلام :

«ثلاثة هنّ فخر المؤمن وزينته في الدنيا والآخرة : الصلاة في آخر الليل ، ويأسه ممّا في أيدي الناس ، وولاية الإمام من آل محمد» (2).

للموضوع صلة ... 3.

ص: 58


1- نهج البلاغة 4 / 4.
2- وسائل الشيعة 9 / 450 ح 12473.

الإيمان والإسلام في كلام أهل البيت ومتكلّمي الشيعة

الشيخ رسول جعفريان

بسم الله الرحمن الرحيم

كلام أهل البيتعليهم السلام في المسألة

الذي يُستفاد من الروايات الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام وجود نوع من الاختلاف فيما بين مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ؛ فالإيمان هو : التصديق القلبي الذي ينعقد في قرارة النفس ، وهو أعلى رتبة من الإسلام ، في حين أنّ الإسلام هو : التشهّد بالشهادتين لساناً والعمل بالشرع ظاهراً ..

ففي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام في مقام التفريق بين الإيمان والإسلام يقول فيها الإمام عليه السلام : «الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان ؛ فهذا الإسلام.

والإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرَّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاًّ» (1).

ص: 59


1- الكافي 2 / 24.

وعن سماعة قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟

فقال : إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان.

فقلت : فصفهما لي.

فقال : الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس.

والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به.

والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة ، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة» (1).

وعن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : «الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل» (2).

وفي رواية عن الإمام الباقر عليه السلام في مقام تفسير الآية الرابعة عشر من سورة الحجرات في ما يتعلّق بقبول إسلام أهل البادية لا إيمانهم ..

عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «سمعته يقول : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) فمَن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب» (3). 5.

ص: 60


1- الكافي 2 / 25.
2- الكافي 2 / 24.
3- الكافي 2 / 25.

وعن يونس ، عن جميل بن درّاج ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه السلامعن قول الله عزّ وجلّ : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ)؟ فقال لي : ألا ترى أنّ الإيمان غير الإسلام؟!» (1).

وعن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان» (2).

وعن حمران بن أعين ، عن أبي جعفرعليه السلام ، قال : «سمعته يقول : الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ ، وصدّقه العمل بالطاعة لله ، والتسليم لأمره.

والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأُضيفوا إلى الإيمان.

والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان ، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.

وقد قال الله عزّ وجلّ : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) ؛ فقول الله عزّ وجلّ أصدق القول. 5.

ص: 61


1- الكافي 2 / 24.
2- الكافي 2 / 25.

قلت : فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟

فقال : لا ، هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله عزّ وجلّ.

قلت : أليس الله عزّ وجلّ يقول : (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (1) وزعمت أنّهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن؟!

قال : أليس قد قال الله عزّ وجلّ : (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) (2)؟! فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله عزّ وجلّ لهم حسناتهم لكلّ حسنة سبعون ضعفاً ؛ فهذا فضل المؤمن ، ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه أضعافاً كثيرةً ، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير.

قلت : أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان؟!

فقال : لا ، ولكنّه قد أُضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام : أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟

قلت : لا يجوز لي ذلك.

قال : فلو بصرت رجلاً في الكعبة أكنت شاهداً أنّه قد دخل المسجد الحرام؟

قلت : نعم.

قال : وكيف ذلك؟ 5.

ص: 62


1- سورة الانعام 6 : 160.
2- سورة البقرة 2 : 245.

قلت : إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد.

فقال : قد أصبت وأحسنت.

ثمّ قال : كذلك الإيمان والإسلام» (1).

وعن فضيل بن يسار ، قال : «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام ، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان» (2).

وعن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : من شهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مؤمناً؟ قال : فأين فرائض الله؟

قال : وسمعته يقول : كان علي عليه السلام يقول : لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام.

قال : وقلت لأبي جعفر عليه السلام : إنّ عندنا قوماً يقولون : إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مؤمن.

قال : فلمَ يضربون الحدود ، ولمَ تقطع أيديهم؟! وما خلق الله عزّ وجلّ خلقا أكرم على الله عزّ وجلّ من المؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين ، وأنّ جوار الله للمؤمنين وأنّ الجنّة للمؤمنين ، وأنّ الحور العين للمؤمنين. ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافراً؟» (3).

فالثمرة التي يمكن أن نحصل عليها من التمييز بين الإيمان والإسلام 3.

ص: 63


1- الكافي 2 / 26.
2- الكافي 2 / 25.
3- الكافي 2 / 33.

تظهر في فرض عدم وجود الإيمان القلبي ، فالإسلام الظاهري يكون كافياً في عدّ الشخص مسلماً والتعامل معه على أنّه من المسلمين ، وبناءً على هذا فإنّه يمكن تصوّر وجود المسلم الفاقد للإيمان والعكس غير صحيح ؛ لأنّ كلّ مؤمن لا بدّ أن يكون مسلماً في الواقع لكن ليس شرطاً أن يكون كلّ مسلم مؤمناً.

وهذا هو مضمون الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في هذا الشأن. والإمام الباقر عليه السلام يحاول بيان المسألة بصورة أوضح وذلك حينما قال عليه السلام :

«مثل الإيمان من الإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم ، قد يكون الرجل في الحرم ولا يكون في الكعبة ، ولا يكون في الكعبة حتّى يكون في الحرم ، وقد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً ، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً» (1).

وبناءً على ذلك يخرج الإنسان المذنب من حدود دائرة الإيمان بمجرّد ارتكابه للذنب لكنّه يبقى ضمن حدود دائرة الإسلام.

وللإمام الصادق عليه السلام في هذا الخصوص بحثٌ جاء ضمن رسالته الجوابية على سؤال (عبد الرحيم قصير) ، فقد كتب يقول : «الإيمان هو : الإقرار باللسان وعقد في القلب وعملٌ بالأركان ، والإيمان بعضه من بعض ، وهو دارٌ وكذلك الإسلام دارٌ والكفر دارٌ ؛ فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً ، فالإسلام قبل الإيمان وهو يُشارك الإيمان ؛ فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر 6.

ص: 64


1- الكافي 2 / 27 - 28 ، معاني الأخبار : 186.

المعاصي التي نهى الله عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان ، ساقطاً عنه اسم الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام ، فإن تاب واستغفر عادَ إلى دار الإيمان ولا يخرجه إلى الكفر إلاّ الجحود والاستحلال ، أن يقول للحلال : هذا حرام ، وللحرام : هذا حلال ، ودانَ ذلك فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان داخلاً في الكفر ، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً فأُخرج عن الكعبة وعن الحرم فضُربت عُنُقُهُ وصار إلى النار» (1).

هذا المقدار من التفاوت بين الإيمان والإسلام لا يتعارض مع ما يعتقد به المرجئة في خصوص مرتكب الكبيرة ؛ حيث إنّ المرجئة يعتقدون بأنّ مجرّد ارتكاب الكبيرة لا يكون موجباً لإطلاق لفظ الكافر على مرتكبها ، بل هو لا يزال مؤمناً أو على الأقل القول بإسلامه.

بناءً على هذا فإنّه لا يوجد تعارض بين ما يقول به المرجئة في خصوص الجزء الأوّل - عدم اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً - وبين ما ذكرناه من الفصل بين الإيمان والإسلام.

فمثل هذا التفصيل يحمل في طيّاته معنىً دقيقاً ، وذلك لأنّ من خلاله يتمّ تحديد موقعية الفرد المتديّن ضمن دائرة الدين ؛ فكلّ فرد يمكن ان يكون مؤمناً ومسلماً في نفس الوقت ، ويمكن ان يكون الإيمان لم يدخل قلبه بعد ، لكنّه في الظاهر يعمل وفقاً لما يمليه الشرع عليه ...

وعلى كلّ حال يجب التعامل مع هذا الشخص على أنّه من المسلمين أو بتعبير المرجئة : يجب التعامل معه على أنّه من المؤمنين. 8.

ص: 65


1- الكافي 2 / 27 - 28.

مفهوم المؤمن عند الأئمّة عليهم السلام بمعنى المتديّن المعتقد الأصيل وبعبارة أخرى ، أنّ الأئمّة عليهم السلام بالرغم من قبولهم بإسلام مرتكب الكبيرة إلاّ أنّهم لم يكونوا مستعدّين لإطلاق لفظ المؤمن عليه لأنّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد القلبي المرتكز في قرارة النفس ، ولعلّ إطلاق كلمة المؤمن على مرتكب الكبيرة سوف يؤدّي إلى هتك حرمة الإيمان بمرور الزمن.

هذا وقد جاء في إحدى الروايات أنّ أبا حنيفة وبعضاً من أنصاره من المرجئة أمثال عمر بن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ذهبوا عند الإمام الصادق عليه السلام واخذوا يسألونه فيما يتعلق بالإيمان ، قال الإمام عليه السلام نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن» عندها سأل عمر بن ذرّ : بِمَ نسمّيهم؟ قال عليه السلام : بما سمّاهم الله وبأعمالهم ، قال الله عزّ وجلّ عنهم «السارق والزاني» (1).

بناءً على هذا ، يمكن ان نعتبر أنّ رأي الأئمّة عليهم السلام يتعارض مع ما يرتئيه المرجئة فيما لو وصل الأمر إلى الحفاظ على حريم الإيمان ، لكن وكما مرّ فإنّ الأئمّة عليهم السلام كذلك يقولون بإسلام هكذا أشخاص ، هذا وإنّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام بالرغم من قبولهم بعدم تكفير مرتكب الكبيرة ، فإنّ الكفر لا يتحقّق إلاّ بالجحود ، إلاّ أنّهم عليهم السلام لم يقبلوا النتيجة التي توصّل إليها المرجئة من أنّ الإيمان [أو الإسلام] لا يقبل الزيادة والنقصان وإنّه أمرٌ ثابتٌ. بل إنّ الإيمان في الحقيقة من المفاهيم التي تقبل الزيادة والنقصان ، وقد أشار الأئمّة عليهم السلام إلى هذا المعنى في العديد من الروايات (2). 4.

ص: 66


1- أمالي المفيد : 22 ، وذُكرت الرواية ناقصةً في الكافي 2 / 285 ، بحار الأنوار 66 / 63.
2- الكافي 2 / 34.

حيث أُخذ بنظر الاعتبار المراتب والدرجات المختلفة للإيمان في مثل هذه الروايات.

بالإضافة إلى ذلك فانّ المرجئة توصلوا إلى نتيجة أخرى من قولهم بعدم تكفير مرتكب الكبيرة ألا وهي قولهم : بأنّ العمل ليس جزءً من الإيمان ، في حين إنّنا نرى في رواياتنا بالرغم من قبولها بعدم تكفير المسلم أو المؤمن الذي يرتكب المعصية ، إلاّ أنها لا تنفي الدور المؤثر للعمل في الإيمان ، بل إنّها حاولت وبصور مختلفة ان تربط بين العمل والإيمان ، حتّى أنّ الإمام الصادق عليه السلام تصدّى للمواقف الإفراطية للإرجاء حيث قال عليه السلام : «ملعون ملعون مَن قال : الإيمان قول بلا عمل» (1).

وفي إحدى الروايات التي وردت في الرد على عقيدة المرجئة في هذا الخصوص ، يتطرق الإمام عليه السلام إلى الإيمان قائلاً : «والإيمان دعوى لا يجوز إلاّ ببيّنة وبيّنتهُ عمله ونيّتهُ فإذا اتفقا فالعبد عند الله مؤمن» (2).

وبعبارة أخرى ، حتّى لو فرضنا أنّنا نقول بأنّ الإيمان هو صرف التصديق القلبي ، فإنّه لا معنى أساساً بأن نتصوّر الإيمان منفصلاً عن العمل. وذلك لأنّ هذا التصديق يحتاج إلى العديد من اللوازم والعمل يُعدُّ على رأس هذه اللوازم حيث أنّ الإمام عليه السلام يعبّر عن ذلك قائلاً : «.... ولا يثبت الإيمان إلاّ بعمل» (3). وجاء في رواية أخرى : «الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ صدّقه العمل بالطاعة لله والتسليم 8.

ص: 67


1- بحار الأنوار 66 / 19 ، وهذا نموذج من الروايات التي وردت في هذا المجلد من كتاب البحار ، الباب الثلاثون من أبواب كتاب الإيمان والكفر.
2- الكافي 2 / 40.
3- الكافي 2 / 38.

لأمره» (1). وفي تعبير آخر ، أنّ الإيمان هو التصديق القلبي وأنّ العمل يدلُّ عليه ومصدّقٌ له : «الإيمان ما خلق في القلب وصدّقه العمل» (2).

ترك الأعمال نراه واضحاً في المجتمع وأحياناً يأتي نتيجةً للإباحية [أي أنّ كلّ الأعمال مباحة ولا تُخرج صاحبها من الإيمان حتّى الكبائر] التي خلّفتها بعض نظريّات المرجئة ، في حين نرى على الطرف الآخر تأكيداً على العمل من حيث المجموع في أمّهات الكتب الدينية الأعمّ من القرآن والسنّة ، أدّى إلى ازدياد الأواصر بين الإيمان والعمل إلى الحدّ الذي أصبح فيه الإيمان يشمل العمل كذلك ، وقد وردت العديد من الروايات في هذا الخصوص ومن جملتها : «الإيمان قول وعمل إخوان شريكان» (3) ، وكذلك الرواية المشهورة : «الإيمان عقدٌ بالقلب ، ولفظ باللسان وعمل بالجوارح» (4) ، وجميعها يصبُّ في نفس الاتجاه الذي يؤكّد على أهمّية العمل ، بالرغم من القول : بأنّ الإيمان هو خصوص (المعرفة) و (الإقرار القلبي).

ولا بدّ هنا من ملاحظة نكتة في المقام ألا وهي أنّ اصطلاح الإيمان قد استعمل في معنيين خاصٌّ وعامٌّ ، فمرّة استعمل في خصوص التصديق القلبي حيث يُراد به المعنى الخاصّ هنا ، واُستعمل في موارد أخرى بمعناه العامّ حيث يُراد به معنى (الدين) و (الإسلام).

ومن حيث المجموع يمكن القول : بأنّ الإيمان والعمل من الأهمّية 5.

ص: 68


1- الكافي 2 / 26.
2- معاني الأخبار : 187 ، بحار الأنوار 66 / 72.
3- معاني الأخبار : 187.
4- الكافي 2 / 35.

بمقدار في كلام أهل البيت عليهم السلام بحيث لا يمكن الفصل بينهما ، وأنّ الإيمان من دون العمل يخرج الإنسان من حدود دائرة الإيمان ، إلاّ أنّه لا يخرجه إلى الكفر ، بل يخرجه إلى دائرة الإسلام.

إلى هنا نرى أن الأئمّة عليهم السلام عندما رفضوا التالي (1) الفاسد لنظريّات المرجئة - والتي لا يعتقد بها البعض منهم - استطاعوا الردّ على آراء الخوارج والمعتزلة في تكفير أو عدم اعتبار إسلام بعض المسلمين. ض.

ص: 69


1- المراد من التالي هو التالي بالإصطلاح المنطقي أي مؤخّر الجملة الشرطية فيكون المراد أنّ المرجئة يقولون : (إذا كان مرتكب الكبيرة ليس كافراً فإنّ العمل منفصل عن الإيمان وانّ ...) لأنّ المرجئة يقولون إنّ ارتكاب الكبيرة هو عملٌ وبما أنّه لم يُخرج صاحبه من الإيمان فهذا يدلّ على أن العمل منفصل عن الإيمان. فاللائمة عليهم السلاميقبلون بالمقدّم في هذه القضية الشرطية أي يقبلون بكون مرتكب الكبيرة ليس كافراً ولا يقبلون بالتوالي الفاسدة من فصل العمل عن الإيمان وغيره من التوالي ، فقبولهم بعدم التكفير يعتبر ردٌّ على الخوارج والمعتزلة في تكفيرهم للبعض.

آراء بعض متكلّمي الشيعة في المسألة

اشرنا فيما مرّ واستناداً إلى ما بيّنه الأئمّة عليهم السلام إلى أنّ ارتكاب المعاصي لا يُدخل الإنسان المسلم في زمرة الكفّار ، لكن في نفس الوقت ولأجل تشخيص المراتب المختلفة التي يمكن ان يرتقيها الإنسان المتديّن وموقعيّته ضمن دائرة التديّن ، جُعُلَ نوعاً من التمييز بين الإيمان والإسلام.

لكن وكما قلنا سابقاً أنّ هذا التفاوت بين الإيمان والإسلام - من وجهة نظر أهل البيت عليهم السلام - ليس ناظراً إلى ما قالته المرجئة «من أنّ الإيمان أمر ثابت ولا يمكن تصوّر الزيادة والنقصان فيه» و «من عدم تأثير العمل في الإيمان» حيث أنّنا أنكرنا عليهم ذلك في الوقت الذي لم نقبل بقول مَن كان يقف في قبالهم والذي يعتقد بخروج مرتكب الكبيرة عن حدود دائرة الإسلام كالمعتزلة والخوارج.

وقد تبنى فيما بعد بعض المرجئة نظرية الفصل بين حدود دائرة الإيمان وحدود دائرة الإسلام ، حيث تقبّل هذا المعنى ماتُريدي (1) الذي كانت لديه فكرة تفسير كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة ، ويمكن القول هنا بأنّ بعض المرجئة قد تقبَّلَ هذه النظرية هرباً من الغوص في مستنقع الإباحية (2) ، حيث اخذوا يعتقدون بانّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد في م.

ص: 70


1- أبو منصور محمد بن محمد ماتُريدي السمرقندي (م 333) المنسوب إلى ماتُريد أحد نواحي سمرقند.
2- لأنّ الفصل بين الإيمان والإسلام سوف يقطع الطريق على المكلّف في ان يفعل ما يحلو له ، وذلك لأنّه سوف يفكّر مليّاً قبل ان يفعل المعاصي لأنّه لو فعلها سوف ينزل من مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإسلام.

قرارة النفس والإسلام هو إطاعة الأوامر الإلهية (1).

متكلّمي الشيعة بالإضافة إلى فقهائهم يؤيّدون القول القائل بعدم خروج المسلم من حيّز الإسلام عند ارتكابه الكبيرة ، فوجد البعض منهم طريقاً عقلائيّاً لحلّ المسألة وذلك من خلال قولهم بأنّ الإقرار مأخوذ في مفهومي الإسلام والإيمان ، وأنّ متعلّق الإسلام والإيمان هو (المعرفة والإقرار) فلا يمكن للعمل - ارتكاب الكبيرة - أن ينفي الإقرار إلا أنْ يكون مؤدّياً للجحود ، هذا الرأي لحلّ المسألة تبنّاه أبو اسحق النوبختي في كتابه الياقوت ، وقد قبل به العلاّمة كذلك في شرحه لكتاب النوبختي والذي سمّاه أنوار الملكوت ، هذا ويجب ملاحظة نكتة مهمّة في المقام ألا وهي أنّ الغرض الأساسي للنوبختي والعلاّمة من تبنّيهما لهذا الرأي هو لنفي رأي الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة ، ولنفي رأي المعتزلة في عدم إطلاق لفظ المؤمن ولا المسلم ولا الكافر عليه وإنّما إطلاق لفظ الفاسق عليه (2).

أبو اسحق النوبختي كتب يقول : «والمؤمن إذا فسق يُسمى مؤمناً لأنّ الإيمان هو التصديق ، وهو مصدّق» (3) ويظهر من خلال استدلاله هذا ، أنّ ذلك يستلزم عدم مدخلية العمل في تعريف الإيمان ولذلك نرى أنّه بعد استدلاله مباشرةً قال : «الطاعات ليست جزءً من الإيمان» (4).

العلاّمة في شرحه كذلك يؤيّد ما قاله النوبختي عندما تطرّق إلى قول المعتزلة في كون الفاسق ليس مؤمناً ولا كافراً وإنّما يُطلقون عليه لفظ الفاسق 9.

ص: 71


1- (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) باللغة الفارسية : 311 (انديشه هاي كلامي شيخ مفيد).
2- مقالات الإسلاميين 1 / 305.
3- أنوار الملكوت : 179.
4- أنوار الملكوت : 179.

لا غير ، وإلى قول الخوارج في كون مرتكب الكبيرة كافراً ، كتب العلاّمة يقول : «إن الفاسق مصدّق بالله تعالى ورسوله وجميع ما يتوقّف عليه الأحكام الشرعية ، والتصديق : هو الإيمان ، فكان مؤمناً. والذي يدلّ على أن الإيمان هو التصديق ، نقل أهل اللغة وقد نقل في الشرع إلى التصديق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وما علم مجيئه به ، وليس فعل الطاعات جزء من الإيمان» (1).

الشيخ المفيد يقول : «واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل (المعرفة والإقرار) لا يخرج بذلك عن الإسلام وأنّه مسلم وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام ، ووافقهم على هذا القول المرجئة كافّة وأصحاب الحديث قاطبة ونفر من الزيدية ، وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك ، وزعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن ولا مسلم» (2).

فهناك تفاوت بين رأي الشيخ المفيد ورأي أبو اسحق في المسألة وهذا يرجع للتفاوت المستفاد من روايات أهل البيت عليهم السلام بين المؤمن والمسلم ، فالشيخ يعتقد بأنّ مرتكب الكبيرة يمكن ان نطلق عليه لفظ المسلم بصورة مطلقة من غير تقييده بالفسق ، بينما يتوّقف الشيخ في إطلاق لفظ المؤمن أو الفاسق عليه بصورة مطلقة وإنّما يجب تقييدهما بأن نقول عنهم (مؤمنٌ فاسقٌ) حيث كتب في هذا الخصوص يقول : «وأقول إنّ مرتكبي الكبائر من أهل المعرفة والإقرار مؤمنون بإيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء من عنده وفاسقون بما معهم من كبائر الآثام ، ولا أطلق لهم اسم ).

ص: 72


1- أنوار الملكوت : 180.
2- أوائل المقالات : 15 تحت موضوع (القول في الأسماء والأحكام).

الفسق ولا اسم الإيمان بل أقيّدهما جميعاً في تسميتهم بكلّ واحد منهما ، وامتنع من الوصف لهم بهما من الإطلاق وأطلق لهم اسم الإسلام بغير تقييد وعلى كلّ حال ، وهذا مذهب الإمامية إلاّ بني نوبخت فإنّهم خالفوا فيه وأطلقوا للفسّاق اسم الإيمان» (1).

هذا التمييز بين المؤمن والمسلم بحدّ ذاته نوعاً من أنواع التهرّب من الوقوع في إطلاق لفظ المؤمن من غير تقييده على الفاسق ، وإنّما يجب تقييده بالمؤمن الفاسق (2) ، وبذلك يكون رأي الشيخ مخالفاً لرأي المرجئة من جهة ومخالفاً لرأي المعتزلة والخوارج من جهة أخرى ، لكن من الواضح أنّ رأيه أقرب إلى رأي المرجئة منه إلى رأي المعتزلة والخوارج.

بناءً على هذا الرأي نرى الشيخ المفيد يتّهم محاربي الإمام علي بالكفر ، ولكن كفرهم - من طريق التأويل - كفر ملّة ، المُخرج لهم من الإيمان ، لا كفر الردّة المُخرج عن الإسلام والشرع ؛ لإقامتهم على الجملة منه وإظهار الشهادتين ، وإن كانوا بكفرهم خارجين عن الإيمان (3).

وفي الوقت نفسه يجب ملاحظة نوع آخر من التمييز بين المسلم والمؤمن في كلام أهل البيت عليهم السلام حيث أطلق لفظ المؤمن على خصوص الشيعة ، وأُطلق لفظ المسلم على الشيعة وعلى غيرهم ، مثل هذه التقسيمات نراها واضحةً في كلام الشيخ المفيد فيما يتعلّق بتعريف دار الإيمان ودار الإسلام ، حيث كتب في دار الإيمان ودار الإسلام قائلاً : «كلّ موضع غلب 0.

ص: 73


1- أوائل المقالات : 60 البحث الثاني في (القول في الأسماء والأحكام).
2- (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) باللغة الفارسية : 314 - 315 (انديشه هاي كلامي شيخ مفيد).
3- الجمل : 29 - 30.

فيه الإيمان فهو دارُ إيمان وكلّ موضع غلب فيه الإسلام دون الإيمان فهو دارُ إسلام ..... إن كلّ صقع من بلاد الإسلام ظهرت فيه شرايع الإسلام دون القول بإمامة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنّه دارُ إسلام لا دارُ إيمان» (1).

أبو حنيفة في الفقه الأكبر يؤكّد على وجود تفاوت ما بين الإيمان والإسلام ، لكن ما يرتئيه كان على العكس ممّا جاءت به روايات أهل البيت عليهم السلام حيث أنّه اعتبر الإيمان والإسلام عبارة عن اللازم والملزوم ، فلا يمكن تصوّر الإيمان من دون الإسلام ولا يمكن تصوّر الإسلام من دون الإيمان. ففي الحقيقة أنّه جعل الفرق الوحيد بينهما فرقاً لغويّاً ، في حين أنّ النتائج التي حصلنا عليها في هذا البحث لا تتطابق مع ما يقوله أبو حنيفة ، علماً بأنّ هذا ليس له أي علاقة بالمطلب الذي نقلناه عن ماتُريدي في بداية هذا الموضوع.

وأمّا في مسألة عدم خلود مرتكبي الكبائر في النار ، فإنّ الشيعة يوافقون المرجئة في هذه المسألة.

أبو اسحق النوبختي يقول : «والفاسق من المؤمن لا يخلد في النار» ، وشرح العلامة ذلك بقوله : «ذهب كثير من أصحابنا الإمامية إلى أنّ المؤمن الفاسق لا يخلد في النار قطعاً ، ولا يجوز ان لا يدخلها أصلا ، وقالت الوعيدية بالخلود» (2).

ومن المحتمل أنّ تأثّر بعض الإمامية بأفكار المعتزلة جعلهم يعتقدون بخلود مرتكب الكبيرة في النار. 4.

ص: 74


1- أوائل المقالات : 70 - 71. تحت موضوع (القول في حكم الدار).
2- أنوار الملكوت : 174.

هذا ويجب ملاحظة نكتة في المقام ألا وهي : إنّ المنافق يجب ان نجعله في مصاف الكافر عند الحكم عليه لأنّنا نعتقد أنّ الكفر يساوق الجحود القلبي ، والمنافق مصداق لذلك ، إلاّ أنّه في الظاهر في حكم المسلم.

الشيخ المفيد كتب يقول : «اتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة باللهوالإقرار بفرائضهِ من أهل الصلاة ، ووافقهم على هذا القول كافّة المرجئة سوى محمد بن شبيب ، وأصحاب الحديث قاطبة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عامٌّ في الكفار وجميع فسّاق أهل الصلاة» (1). وفي أثناء حديثه كان يؤكّد على العذاب المؤقّت لفسّاق المؤمنين.

رأي السيّد المرتضى :

بناءً على ما جاء به السيّد المرتضى في الذخيرة ، يمكن القول : بأنّه قد سلك نفس المسلك الذي سلكه أبو اسحق النوبختي في الفصل بين الإيمان والعمل ؛ حيث كتب في باب تعريف الإيمان قائلاً :

«إعلم أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب ، ولا اعتبار بما يجري على اللسان ممّن كان عارفاً بالله وبكلّ ما أوجب معرفته مُقرّاً بذلك مصدّقاً فهو مؤمن.

والكفر نقيض ذلك وهو الجحود في القلب دون اللسان لما أوجب الله تعالى المعرفة به .... ).

ص: 75


1- أوائل المقالات : 14 ، تحت موضوع (القول في الوعيد).

وإلى هذا ذهبت المرجئة وإن كان فيهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو : التصديق باللسان خاصّة وكذلك الكفر والجحود باللسان ...

ومنهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معاً وقال في الكفر : إنّه الجحود بهما» (1).

ولا يمكن ان نغض النظر هنا عن التأثير الذي يمكن ان تتركه التقيّة - التي يعتقد بها الشيعة - على مثل هذه التصريحات ، وعدم اعتقاد أهل الحديث والمعتزلة والزيدية والخوارج بالتقيّة جعلهم يقفون في قبال هذه العقيدة.

السيد المرتضى يعرّج فيما بعد في كتابه على آراء المعتزلة والخوارج والزيدية كذلك ، ثمّ يذكر بعد ذلك الأدلّة التي تدعم عقيدته في مسألة الإيمان ، العقيدة التي يوافقه المرجئة فيها.

ثمّ أخذ بتشريح المعنى اللغوي للإيمان والكفر ، ومن ثمّ اعتبر أنّ الاصطلاح الشرعي للإيمان والكفر هو عبارة عن التصديق القلبي لا غير.

وبعد بضع صفحات من البحث في هذا المجال ذكر الاستدلالات التي يستدلّ بها المرجئة على صحّة القول بالفصل فيما بين الإيمان والعمل ، وأحد هذه الاستدلالات يقول فيه ما مفاده : لو سلّمنا أنّ كلّ طاعة يقوم بها الإنسان عبارة عن الإيمان أو بعض الإيمان - كما يقول المعتزلة - فيجب أن نسلّم أن كل معصية هي عبارة عن الكفر أو بعض الكفر ... وهذا ممّا لا يمكن القبول به مطلقاً.

والاستدلال الآخر : لو قلنا أنّ الإيمان هو عبارة عن جميع الطاعات 7.

ص: 76


1- الذخيرة : 536 - 537.

مع بعضها البعض فهذا يعني أن وجود الإنسان المتكامل الإيمان فرضٌ محال ...

كذلك أنّ المرجئة حاولوا الاستناد إلى بعض الآيات في أقوالهم ومنها : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) (1) وآيات اُخر نظير : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) (2).

السيّد المرتضى بعد أنْ نقلَ هذه الاستدلالات ، أظهر قبوله لها ومن ثمّ ذكر أدلّة المعتزلة وأخذ بالردّ عليها (3).

كما أنّه قد أنكر على الخوارج والزيدية قولهم بتكفير مرتكب الكبيرة. لكنّه لم يُشر في بحثه لا من قريب ولا من بعيد إلى رأي المرجئة في أنّ «الإيمان والكفر لا يقبلان الزيادة والنقصان وانهما أمران ثابتان» وهذا ممّا يدلّل على أنّ السيّد عندما قال بالفصل بين العمل والإيمان لا يقول إنّ لازم ذلك هو القول بوجود مستوى واحد للإيمان عند جميع الناس والملائكة ، وذلك لأنّ التصديق يوجد على مراتب مختلفة خارجاً.

وممّا لا يخفى أنّ مرتكب الكبيرة المستحلّ لها كافر في نظر السيد (4). هذا وأنّه لا يقبل بقول المعتزلة فيما يتعلق بخلود الفاسق في النار (5). 7.

ص: 77


1- سورة الأنعام 6 : 82.
2- سورة الحجرات 49 : 9.
3- الذخيرة : 543.
4- رسائل المرتضى 1 / 155.
5- رسائل المرتضى 1 / 147 و 3 / 17.

ومن المعلوم أن العديد من الروايات الواردة عن الأئمّة الأطهار تؤكّد على أنّ الإيمان أمر غير ثابت قابلٌ للزيادة والنقصان.

ومن حيث المجموع يمكن القول إنّ آراء الشيخ المفيد في المقام أكثر إنسجاماً مع ما جاءت به الروايات ، وأمّا ما جاء في كتابات السيّد المرتضى في خصُوص مسألة الفصل بين الإيمان والعمل ، وعدم توضيحه للمسألة كان بحدّ ذاته قد خلق العديد من المشكلات ، ومن أجل رفع هذه المشكلات يجب أن نفرّق بين المستوى العقائدي بين المتديّنين من جهة ، وأنْ نؤكّد على قيمة العمل في تصديقه وإثباته للإيمان من جهة أخرى.

رأي الخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلّي :

كما قد مرّ سابقاً فإنّ نظرية الإيمان عند الشيعة مبتنيه على أساس الفصل بين العمل والإيمان بالمعنى الذي أوضحناه في الرد على المعتزلة والخوارج ، وقد شاطرهم الأشاعرة في هذا الرأي تدريجيّاً بعد أن اختلفوا مع أسلافهم من أهل الحديث الذين كانوا يصرّون على خلاف ذلك.

الخواجة نصير الدين كان يعتبر الإيمان عبارة عن التصديق القلبي والإقرار اللساني ، وكان يقول بالملازمة بينهما فلا ينفع احدهما دون الآخر ، وكان يعتقد أنّ خير مثال على التصديق اللساني الفاقد للإيمان هو كلام أهل البادية الذي أشارت إليه الآية الشريفة : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا) (1) ، وشرح العلاّمة كلام الخواجة هذا من دون أن يُبدي أي اعتراض عليه.4.

ص: 78


1- سورة الحجرات 49 : 14.

الخواجة كان يعتقد أنّ الكفر هو عبارة عن عدم الإيمان ، وأمّا الفسق فهو الخروج من طاعة الله عزّ وجلّ لا الخروج من الإيمان - حيث كتب يقول : «والفاسق مؤمن لوجود حدّه فيه» أي لانطباق تعريف الإيمان عليه ، العلامة في شرحه بهذه العبارة كتب يقول : «والحق ما ذهب إليه المصنّف وهو مذهب الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الاشعرية والدليل عليه أنّ حدّ المؤمن وهو المصدّق بقلبه ولسانه في جميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم موجود فيه فيكون مؤمناً» (1).

ويجب ان يكون معلوماً لدينا أنّ أصحاب الحديث أو بتعبير آخر (السلف) يعتقدون بأنّ العمل جزء من الإيمان ولا يفصلون بينهما ، فإذا كان مقصود العلامة من أصحاب الحديث هم خصوص هؤلاء فما كان يجب ان يجعلهم في رديف واحد مع الإمامية والمرجئة والأشاعرة (2).

رأي الشهيد الثاني :

البحث في مفهوم الإيمان بقي من أهم البحوث التي احتفظت بأهمّيتها في البحوث الكلامية. وهذه المسألة يمكن لمسها بوضوح في المقدّمة التي كتبها الشهيد الثاني على رسالة حقائق الإيمان ، هذا بالإضافة إلى الرسائل الأخرى التي تناولت مسألة الإيمان في الحقبة التي حكمت فيها الدولة الصفوية ومن جملتها رسالة الشيخ يوسف البحراني تحت عنوان ).

ص: 79


1- كشف المراد : 454.
2- فيما بعد تبنى ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية كذلك رأي أهل الحديث في عدم الفصل ، بعد ان تبنيّا المذهب السلفي وأخذا بأحياء معتقدات السلف ، راجع آراء ابن تيمية وابن قيم في باب الإيمان وكونه شاملاً للعمل في كتاب (ابن تيمية وموقفه من أهم الفرق والديانات في عقده ، ص 70).

رسالة في تحقيق معنى الإسلام والإيمان وأنّ الإيمان عبارة عن الإقرار باللسان والاعتقاد بالجِنان والعمل بالأركان (1).

هذا ويجب ملاحظة نكتة مهمّة في البين وهي أنّ البحث في الإيمان والإسلام كان من المسائل البالغة الحسّاسية في تلك الحقبة وذلك لاختلاف وجهة نظر كلّ من الشيعة والسنّة في إطلاق اصطلاح المؤمن والمسلم (2).

ولا بأس هنا من إلقاء نظرة سريعة على ما جاء في رسالة الشهيد الثاني ، والتي تعتبر بحق من أفضل ما كتب في الإيمان من حيث استقصائها للآراء وتفصيلها.

وعلى الرغم من كثرة الآراء الواردة في باب الإيمان وتعريفه ، استطاع الشهيد أن يتناولها جميعاً في رسالته ، ويتكلّم في أدلّتها تفصيلاً ، ومن ثمّ أخذ يبحث ويدقّق في جميع جوانبها ، وكان يسعى لإيجاد النقد المناسب لها.

في بداية رسالتهِ ابتدأ بالمعنى اللغوي للإيمان حيث قال : هو مطلق التصديق وإن كان لساناً ، وأمّا معناه الشرعي فيقول بوجود العديد من الآراء المختلفة في المقام ، حيث أنّ البعض يعتقد أنّ الإيمان هو عبارة عن التصديق القلبي ، والبعض الآخر اعتبره هو الفعل بالجوارح ، وآخرون قالوا بأنّه أعمّ من التصديق القلبي والفعل بالجوارح.

فالقول الأوّل تقول به الأشاعرة وجماعة من متقدّمي الإمامية ومتأخريهم ومن جملتهم الخواجة الطوسي ، لكنّ الاختلاف وقع بينهما في 7.

ص: 80


1- المقدمة الفاخرة لكتاب الحدائق الناظرة : 257.
2- انظر (دين وسياست در دوره صفوي) (الدين والسياسة في عصر الدولة الصفوية) باللغة الفارسية ص 257.

أن الإيمان هل هو التصديق العلمي - اليقين الجازم - أم التصديق النفساني (1) ، فذهب أصحابنا من الإمامية إلى القول الأول.

والقول الآخر الذي يعتبر الإيمان عبارة عن الفعل بالجوارح كان على قسمين :

حيث قالت الكرّامية هو صرف التلفظ بالشهادتين.

وادعت المعتزلة بأنّه التلّفظ بالشهادتين وأداء بقية الأعمال والطاعات. وأمّا القول الثالث الذي يعتبر الإيمان عبارة عن التصديق القلبي والفعل بالجوارح فقد قال به أهل السلف ، حيث كانوا يعتبرون الإيمان هو : «التصديق بالجنان ، والإقرار باللسان والعمل بالأركان».

هذا بالإضافة إلى ما قاله الخواجة نصير الدين الطوسي : «من أن الإيمان هو التصديق القلبي الملازم للإقرار اللساني»

ففي القول الأوّل نرى أنّ المعنى الشرعي للإيمان سوف يكون بمثابة المخصّص للمعنى اللغوي ، في حين في بقية الأقوال نرى أنّ المعنى الشرعي سوف يكون بمثابة المنقول ومن الناحية الأدبية فإنّ التخصيص أكثر استساغةً من النقل في اللغة.

الشهيد الثاني ونقلاً عن المحقّق الطوسي كتب يقول ما مفاده : يوجد ثلاثة أركان للإيمان عند الشيعة : التصديق بوحدانية الله ، والعدل الإلهي ، ونبوّة الأنبياء عليهم السلام وإمامة الأئمة الأطهار عليهم السلام. ).

ص: 81


1- هو : ربط القلب على ما علم من إخبار المخبر فهو أمرٌ كسبي يثبت باختيار المصدّق ولذا يُثاب عليه بخلاف العلم والمعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كما في الضروريات (حقائق الإيمان : 53).

وأبناء العامة كذلك يقولون بأنّ الإيمان هو التصديق بالله ، ونبوّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، والتصديق بضروريات الدين.

ثمّ علّق الشهيد الثاني فقال ما مفاده : وبذلك يتّفق الشيعة وأبناء العامّة على أنّ الإيمان هو التصديق. إلا أنّ هذا الكلام يحمل في طيّاته معنيين : الأوّل هو إنّ التصديق عبارة عن اليقين الجازم والثابت ، والثاني هو إنّ العمل ليس جزءً من الإيمان.

وتناول الشهيد الأدلّة المثبتة لكلّ منهما ، فبدأ بأدلّة القسم الأوّل فجاء بالآيات والروايات التي تصلح لأن تكون مؤيّداً على كون أساس الإيمان مبتنياً على اليقين ، وأنّ الظن لا يكفي في المقام.

ثمّ ذكر في هذا البحث : أنّ الإيمان من الأمور التي لا يجوز التقليد فيها ، وأكّدَ على أنّ معرفة الله عزّ وجلّ من الأمور التي يدركها العقل من وجهة نظر الشيعة.

ثمّ عرّجَ على القسم الثاني في كون العمل ليس جزءاً من الإيمان ، وقد قبل الشهيد بهذا المعنى وصرّح به ، فأتى بالأدلّة المثبتة له ، وقد كان أكثرها قد استدلّ به المرجئة وقال به السيّد المرتضى كذلك في الذخيرة.

فكانت الآية الشريفة : (اِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) (1) على رأس تلك الأدلة ، وكذلك الآية الشريفة

(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (2) فهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلُّ على أنّ الإيمان هو عبارة عن حالة من الحالات والعمل دخيل عليها ، وهذا خير دليل على وجود المغايرة فيما بين الإيمان والعمل.2.

ص: 82


1- سورة البقرة 2 : 277.
2- سورة طه 20 : 112.

وقد تناول الشهيد في بحثه جميع الإشكالات التي يمكن أن ترد على استدلاله هذا واستطاع أن يجيب عليها.

الآية الأخرى التي استدل بها هي : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (1) والتي تدلّ على أنّ المؤمن في حالة ارتكابه للمعاصي يبقى مؤمناً بدليل إطلاق لفظ المؤمن عليه في الآية الشريفة ، وهذا خير دليل على الفصل ما بين العمل والإيمان ، وكذلك الآية الشريفة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) (2).

وهناك العديد من الآيات التي تشابه الآية الشريفة : (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان) (3) ، حيث حدّدت بوضوح وعاء الإيمان وصرّحت بكونه خصوص القلب لا الجوارح ، وكذلك الآية الشريفة : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) (4).

وقد استدلّ كذلك بالسنّة والإجماع لإثبات القول الذي قال به ، حيث قال : «قد أجمعت الأمّة على أنّ الإيمان شرطٌ في العبادات والشيء لا يمكن ان يكون شرطُ نفسهِ ، وهذا خير دليل على أنّ الإيمان أمر آخر غير العبادات والطاعات والأعمال».

ثمّ بعد ذلك تعرّض للإشكالات التي وردت على أصل هذه النظرية - الإيمان عبارة عن التصديق - ومن ثمّ أجاب عليها.

البحث الآخر الذي تناوله في رسالته هو مفهوم الإيمان ، وهل هو 4.

ص: 83


1- سورة الحجرات 49 : 9.
2- سورة التوبة 9 : 119.
3- سورة المجادلة 58 : 22.
4- سورة الحجرات 49 : 14.

خصوص المعرفة أم شي آخر ، عندها يذكر الشهيد رأيه في المسألة ويُصرّح : «بانّ الإيمان ليس صرف المعرفة ، بل هو يقين قلبي يحتوي على المعرفة والعلم في نفس الوقت».

ثمّ أخذ بالردّ على الفرقة الكرّامية عندما قالوا : «بأنّ الإيمان هو صرف التلفّظ بالشهادتين».

ومن ثمّ أخذ بالتحقيق في آراء المعتزلة من جميع جوانبها ، والتي تتلّخص في مقولتهم : بأنّ الإيمان هو عبارة عن الطاعات - الأعم من الواجبات والمستحبات - وانتقد القول القائل : بأنّ الإيمان هو عبارة عن العبادات التي تشمل الواجبات وترك المحرّمات ولا تشمل المستحبّات ثمّ أخذ بتحليل الرأي القائل : بأنّ الإيمان هو عبارة عن (التصديق بالجنان والإقرار باللسان وعمل بالأركان) واستعرض أدلّته من الروايات ، إلاّ أنّه ضعّفها أمّا سنداً أو دلالةً.

ثمّ ردّ على رأي الخواجة نصير الدين في كون الإيمان : (هو التصديق القلبي والإقرار اللساني) ، واعتبر دليله الذي يستدلّ به غير تامّ ، حيث أنّ الخواجة استدلّ على ذلك بالآية الشريفة (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ) (1) حيث أنّ الخواجة اعتبر ظاهر الآية يفيد في كون الإيمان هو التعيين القلبي والإقرار القلبي مع عدم الإنكار ، واعتبر عدم الإنكار هو التلفّظ بالشهادتين ، في حين أنّ الشهيد اعتبر أنّ الدليل أعمّ من المدّعى ، وذلك لانّ الإنكار يشمل الإنكار اللساني وغيره ، وغاية ما يمكن أن يُقال أنّ الإقرار اللساني وعدم الإنكار يمكن أن يكون علامة على وجود الإيمان 4.

ص: 84


1- سورة النمل 27 : 14.

أو الكفر ، ولا يمكن الاستدلال على أنّه هو جزء الإيمان.

هذا بالإضافة إلى أنّ نفس الخواجة في فصول العقائد عرّف الإيمان على انه : «صرف التصديق القلبي» (1) فاحتمل الشهيد أنّ الخواجة قد صرف النظر عن رأيه السابق الذي جاء به في كتابه تجريد الاعتقاد.

وفي نهاية المقالة الأولى من رسالته ذكر خلاصة رأي الإمامية في المسألة حيث كتب يقول : «الإيمان هو عبارة عن التصديق بوحدانية الله وصفاته وعدله وحكمته والتصديق بالنبوّة ، والتصديق بالأحكام الضرورية في الدين والتي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والإقرار بها ، وهذه هي عقيدة أكثر المسلمين حتّى أنّ البعض ادّعى الإجماع عليها ، وقد أضافت الإمامية التصديق بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام والتصديق بالحجّة المنتظر(ع)» (2)

المقالة الثانية التي ضمّنها الشهيد في رسالته تدور حول مسألة زيادة ونقصان الإيمان ، هل أنّ الإيمان على مراتب؟ عندها تعرّض الشهيد وبكلّ وضوح إلى المسألة وصرّح بعدم إمكان تصوّر الزيادة والنقصان في حقيقة الإيمان ، وأعتبر أنّ جميع الأدلّة التي يمكن الاستدلال بها في المقام لا تنهض إلاّ في إثبات كمال الإيمان - وهذا ما يقول به الفخر الرازي - ومن ثمّ استعرض الآيات والروايات التي يمكن ان تكون دليلاً في هذا الخصوص ثمّ قام بتوجيهها وفقاً لما يعتقد به ، وخلص إلى القول بعدم إمكان تصوّر الزيادة والنقصان في الإيمان وأكّدَ على أنّه أمرٌ ثابت ، وخلاصة ما قاله هنا : هو إن الخلاف قد وقع في أصل حقيقة الإيمان وهل أنّ هذه الحقيقة تقبل الزيادة والنقصان أم لا ولم يقع في كمال الإيمان ، في حين هو يعتقد أنّ 5.

ص: 85


1- فصول العقائد : 48.
2- حقائق الإيمان : 95.

الأدلّة التي استدلّ بها على الزيادة والنقصان في مقام تبيين كمال الإيمان لا غير ، وهي أجنبيةٌ عمّا نحن فيه ، حتّى أنّه خدش في سند الحديث الصريح عن الإمام الصادق في باب ضعف الإيمان وشدّته واعتبره من حيث الدلالة لا ينهض في إثباتهما في أصل الإيمان (1).

ثمَّ تعرّضَ بعد ذلك إلى بعض البحوث الأخرى والتي من جملتها ما يتعلّق بتحديد معنى الإيمان حيث قال ما مفاده : إنّ تحديد معنى الإيمان لا يمكن تصوّره إلاّ بجعل الشارع (2).

ومن جملة البحوث الأخرى التي تناولها في رسالته هو البحث في حقيقة الكفر ، والبحث في أنّ المؤمن بعد اتصافه بالإيمان الحقيقي هل يمكن أن يصبح كافراً أم لا؟ (3)

المقالة الثالثة في رسالته تدور حول حقيقة الإسلام ، وخلاصة ما أفاض به في هذا الخصوص : إنّ الإسلام إذا كان يُقصد منه الإسلام الكامل ففي هذه الصورة سوف يتحد مع الإيمان في المفهوم ، وأمّا إذا كان يُقصد به ذلك المقدار الذي اعتبره الشارع كافياً لصدق كون الشخص مسلماً فبالطبع أنّ الإيمان في هذه الحالة سوف يكون اعمّ منه.

وما هذه إلاّ نظرة سريعة في كلام أهل البيت عليهم السلام وآراء متكلّمي الشيعة في مسألة الإيمان والإسلام. 9.

ص: 86


1- انظر حقائق الإيمان : 96 - 103.
2- انظر حقائق الإيمان : 103.
3- انظر حقائق الإيمان : 109.

مصادر التوثيق

1 - ابن تيمية وموقفه من اهل الفرق والديانات في عصره ، محمد الحربي ، بيروت ، عالم الكتب ، 1407 ه.

2 - الأمالي ، الشيخ المفيد

3 - انديشه هاى كلامى شيخ مفيد (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) ، باللغة الفارسية.

4 - انوار الملكوت في شرح الياقوت ، العلامة الحلي ، قم ، منشورات الرضي.

5 - اوائل المقالات في المذاهب والمختارات ، الشيخ المفيد ، تحقيق شيخ الإسلام الزنجاني : قم ، داوري.

6 - بحار الأنوار ، ج 23 ، 27 ، 46 ، 51 ، محمد باقر المجلسي ، بيروت ، مؤسسة الوفاء.

7 - الجمل ، الشيخ المفيد ، قم ، من منشورات النوري.

8 - دين وسياست در دوره صفوى (الدين والسياسة في عصر الدولة الصفوية) ، باللغة الفارسية.

9 - الذخيرة ، الشريف المرتضى ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، قم ، دار التبليغ الإسلامي.

10 - رسائل المرتضى ، تحقيق سيد أحمد الحسيني ، قم ، دار القرآن.

11 - رسالة حقائق الإيمان ، زين الدين علي بن أحمد العاملي ، تحقيق مهدي رجائي ، قم ، مكتبة السيّد المرعشي رحمه الله ، 1409 ه.

12 - فصول العقائد ، الخواجه نصير الدين الطوسي

13 - الكافي ، أبي جعفر محمد بن يعقوب بن اسحق الكليني ، طهران ، دار الكتب الإسلامية.

14 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، جمال الدين الحسن بن

ص: 87

يوسف الحلّي ، تحقيق وحواشي الزنجاني ، بيروت ، مؤسسة الاعلمي ، 1399 ه.

15 - معاني الاخبار ، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، قم ، منشورات دار التبليغ الإسلامي.

16 - مقالات الإسلاميين ، أبي الحسن علي بن اسماعيل الاشعري ، تحقيق محي الدين عبد الحميد ، مصر ، مكتبة النهضة المصرية الطبعة الأُولى 1369 ه.

17 - المقدمة الفاخرة لكتاب الحدائق الناظرة ، الميرزا محسن آل عصفور ، قم ، مكتبة العزيزي 1409 ه.

ص: 88

باب العلم بالحكم الشرعي بين الانسداد والانفتاح

السيّد عليّ الهاشمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام دين العلم ؛ لأنّ مصدره العليم الحكيم ، الذي (أَحَاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْمَاً) (1) ، والذي (يَعْلَمُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) (2).

والنصوص الشرعية من الآيات والأحاديث متضافرة على تأكيد حجيّة العلم ، بمعنى : الانكشاف التام لقضيّة من القضايا لدى العقل بدرجة لا يشوبها شكّ ، كما أنّها متضافرة على إبطال حجيّة الانكشاف الناقص ، من الظنّ ، فضلا عمّا دونه من الشكّ والوهم.

ومن شواهد ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ :

1 - قوله تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (3).

ص: 89


1- سورة الطلاق 65 : 12.
2- سورة التغابن 64 : 4.
3- سورة الإسراء 17 : 36.

2 - قوله تعالى : (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْم إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (1).

3 - قوله تعالى : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) (2).

4 - (قُلْ هَلْ عِندَكُم مِنْ عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) (3).

5 - قوله تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (4).

ومن شواهده من أحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام :

1 - قول النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «إيّاكم والظنّ ؛ فإنّ الظنّ أكذب الحديث» (5).

2 - قول الإمام الصادق عليه السلام : «مَن شكّ أو ظنّ فأقام على أحدهما ، فقد حَبِط عمله ، إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضحة» (6).

وليست الحجّة الواضحة بعد استبعاد الشكّ والظنّ إلاّ العلم.

3 - عن زرارة بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما حقّ الله على خلقه؟ 8.

ص: 90


1- سورة النجم 53 : 28.
2- سورة الأنعام 6 : 116.
3- سورة الأنعام 6 : 148.
4- سورة يونس 10 : 68.
5- سُنن أبي داود 2 / 459 ح 4917 ، البخاري : 1536 - 1537 ح 6064 ، 6066 ، وسائل الشيعة 27 / 59 ح 33192 ؛ وفيه : «أكذب الكذب».
6- وسائل الشيعة 27 / 40 ح 33158.

قال : حقّ الله على خلقه أن يقولوا بما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد واللهِ أدّوا إليه حقّه» (1).

ولأجل هذه النصوص وكثير غيرها ، ذهب العلماء إلى أنّ الظنّ بذاته ليس حجّة في تنجيز الحكم المظنون ، ولا في التأمين عن التكليف الذي قد اشتغلت به الذمّة يقيناً ، ولا في إفراغ ذمّة المكلّف من عُهدته (2).

إلاّ أنّهم عقدوا في مصنّفاتهم الأُصولية بحوثاً لإثبات جعل الحجّية للظنّ شرعاً أو عقلا ، واتّخاذه أساساً لمعرفة الأحكام الشرعيّة ، حتّى عرّف بعضهم الاجتهاد في الاصطلاح بأنّه : «استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الظنّ بحكم شرعي» (3).

فما هي التوجيهات التي قدّموها للعمل بالظنّ ، حتّى أصبحنا نتقبّل قولهم : «إنّ المجتهد في عمليّة استنباط الحكم الشرعي يستند إلى مقدّمتين : إحداهما ثابتة بالوجدان ، وهي : هذا ما أدّى إليه ظنّي ، والأُخرى ثابتة بالبرهان ، وهي : كلّ ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي» (4) ، دون أن تثير فينا هذه العبارة أيّ استغراب ، رغم صراحتها في تبعيّة أحكام الشارع المقدّس لظنون المجتهدين؟!

لقد طرح العلماء - قدماءَ ومتأخّرين - للإجابة عن هذا التساؤل وإثبات حجّية الظنّ ، عدّة توجيهات ، نستعرضها في ما يلي : 3.

ص: 91


1- المحاسن 1 / 324 ح 651.
2- بحوث في علم الأُصول 4 / 185.
3- معالم الدين وملاذ المجتهدين : 327.
4- الفوائد الحائرية : 127 ، فرائد الأُصول 2 / 12 - 13.

* التوجيه الأوّل :

إنّ المراد ب«العلم» الذي هو حجّة شرعاً هو : المعنى الشامل للظنّ ، وأنّ استعمال لفظة «العلم» بهذا المعنى شائع في استعمال أهل اللغة ، وفي الأحكام الشرعية.

وقد ذكر هذا التوجيه صاحب معالم الدين وملاذ المجتهدين ، دفعاً للإشكال الذي أورد على تعريفه للفقه في الاصطلاح بأنّه : «العلم بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها التفصيلية» (1) ؛ إذ قال : «وقد أورد على هذا الحدّ ... أنّ الفقه أكثره من باب الظنّ ؛ لابتنائه غالباً على ما هو ظنّي الدلالة أو السند ، فكيف أُطلق عليه العلم؟» (2).

وأجاب عنه بأن : «يُحمل العلم على معناه الأعمّ ، أعني : ترجيح أحد الطرفين ، وإن لم يمنع من النقيض ، وحينئذ فيتناول الظنّ ، وهذا المعنى شائع في الاستعمال ، سيّما في الأحكام الشرعيّة» (3).

ويرد عليه :

أوّلاً : إنّ حمل لفظ «العلم» على الأعمّ منه ومن الظنّ لا دليل عليه من اللغة ولا من الاستعمال ؛ إذ لم يرد في معاجم اللغة أيّة إشارة إلى أنّ لفظ «العلم» موضوع للأعمّ من العلم والظنّ بنحو الاشتراك اللفظي ، والاستعمال إنّما يكون في المعاني التي وضعت لها الألفاظ. 1.

ص: 92


1- معالم الدين : 66 - 67.
2- معالم الدين : 68 - 69.
3- معالم الدين : 71.

نعم ، قد يستعمل لفظ «الظنّ» خاصّة في «العلم» استعمالا مجازيّاً بجامع الانكشاف في كلّ ، مع وجود القرينة المصحِّحة ، وأمّا لفظ «العلم» ، فإنّه لا يستعمل في «الظنّ» حتّى مجازاً ، ولا في الأعمّ منهما ، ولأجلِ ذلك لا نجد شاهداً على هذه الدعوى من استعمالات العُرف أو الشارع ، بل الواقع خلاف ذلك ؛ إذ كثيراً ما يستعمل الشارع كلمة «العلم» مقابل الظنّ في سياق واحد ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هَلْ عِندَكُم مِنْ عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) الأمر الذي يؤكّد تغايرهما في المعنى.

ثانياً : إنّ الأدلّة الشرعية من الكتاب والسُنّة قد استعملت لفظ «الظنّ» في معناه المقابل للعلم ، ونهت عن اتّباعه مطلقاً ، ولم تجوّز الرجوع إليه في تحديد الأحكام الشرعية ، فإذا كان لفظ «العلم» شاملاً للظنّ ودالاًّ على حجيّته ، فمعنى ذلك : أنّ الشارع المقدّس قد أثبت الحجيّة للظنّ ونفاها عنه في الوقت نفسه ، وهذا تهافت يستحيل صدوره من الحكيم.

* التوجيه الثاني :

إنّ المراد بالظنّ الذي نَهَتْ النصوص الشرعية عن العمل به وسلبتْ الحجّية عنه ، هو : «الوهم» ، أي : الانكشاف الضئيل ، وليس المراد به الانكشاف الناقص ، وإن كان راجحاً.

وقد طرح هذا التوجيه صاحب وصول الأخيار بقوله : «وأمّا ما جاء في القرآن من النهي عن اتّباع الظنّ ، فالمراد به : الوهم ؛ لأنّه يطلق عليه اسم الظنّ لغة ، إمّا حقيقةً وإمّا مجازاً» (1).4.

ص: 93


1- وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : 174.

أقول :

المعروف أنّ لفظ «الظنّ» قد يستعمل أحياناً بمعنى «العلم» ؛ قال ابن منظور : «وقد يجيء الظنّ بمعنى العلم ، وفي حديث أُسيد بن حُضير : وظننّا أن لم يَجُدْ عليهما. أي : عَلمنا ..

وفي حديث عبيدة : قال أنس : سألته عن قوله تعالى : (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ) (1) ، فأشار بيده ، فظننت ما قال. أي : علمتُ» (2).

وفي القرآن الكريم : (وَظَنُّوا أَن لاَمَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ) (3).

وأمّا استعمال الظنّ بمعنى : «الوهم» فهي دعوىً جديدة ، يردّها أنّ استعمال كلمة «الظنّ» في الوهم بمعناه اللغوي - لو سلّمناه - ليست نافعة لصاحب التوجيه ؛ لأنّ معنى «الوهم» لغةً هو : الظنّ أو الخطأ (4) ، لا الانكشاف الضئيل ، الذي هو معنىً اصطلاحيٌّ للمناطقة حادث بعد زمن النصوص الشرعية ، فلا يمكن حملها عليه.

* التوجيه الثالث :

دعوى التخصّص ، وأنّ الأدلّة الشرعية من الآيات والأحاديث النافية لحجية الظنّ ، ناظرة إلى المجال العقائدي فقط ، وليست شاملة للأحكام الشرعية ، فهذه خارجة تخصّصاً. ».

ص: 94


1- سورة النساء 4 : 43 ، سورة المائدة 5 : 6.
2- لسان العرب 13 / 272 مادّة «ظنن».
3- سورة التوبة 9 : 118.
4- لسان العرب 12 / 643 ، مختار الصحاح : 377 ؛ مادّة «وهم».

ومن القائلين بذلك : صاحب وصول الأخيار ؛ قال : «وأمّا الشرع ، فلا يخفى فيه وجوب العمل بالظنّ الغالب في أكثر موارده ... وأمّا ما جاء في القرآن من النهي عن اتّباع الظنّ ، فالمراد به ... ما الغرض فيه العلم من العقائد ، كما هو الظاهر ؛ لأنّ الآيات وردت في حقّ الكفّار» (1).

ومنهم : الآمدي ؛ قال : «إنّ المعتبر في الأُصول : القطع واليقين ... بخلاف الفروع ؛ فإنّها مبنيّةٌ على الظنون» (2).

ومن المعاصرين : الدكتور السباعي ؛ فقد ذكر أنّ القول بعدم حجّية الظنّ ثابت «في أُصول الدين وقواعده العامّة ، أمّا في فروع الدين وجزئيّاته فالعمل بالظنّ واجب ، ولا سبيل إليها إلاّ بالظنّ غالباً» (3).

وقال الشهيد الصدر قدس سره : «إنّ قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) مدلوله المطابقي إنّما هو : بيان صغرى أنّ الظنّ لا يغني في التوصّل إلى لبّ الحقّ والواقع ؛ لأنّه يخطئ ... فإذا ضمّ إليها كبرى أنّ المطلوب هو التوصّل إلى لبّ الحقّ والواقع ، انتج المطلوب ، إلاّ أنّ هذه الكبرى إنّما تكون واضحة في باب أُصول الدين ... ومعه لا يتمّ في الآية إطلاق لغير أُصول الدين» (4).

فحاصل هذا التوجيه : أنّ أُصول الدين لا بُدّ أن يستدلّ لإثباتها بالأدلّة العلمية ، ولا يصحّ إثباتها بالأدلّة الظنّية ، وأمّا فروع الدين المتمثّلة بالأحكام الشرعية ، فليست مشمولة للأدلّة النافية لحجية الظنّ ، فيكفي 0.

ص: 95


1- وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : 174.
2- الإحكام في أُصول الأحكام 2 / 64.
3- السُنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي : 192.
4- بحوث في علم الأُصول 4 / 239 - 240.

الاستدلال عليها بالأدلّة الظنّية الخاصة ، كإثبات صدور الحديث عن المعصوم عليه السلام بخبر الثقة ، رغم أنّه لا يؤدّي إلى العلم بصدوره عنه ، وكإثبات مدلول الدليل بالظهور ، رغم أنّه لا يؤدّي إلى أكثر من الظنّ بالمراد الواقعي للشارع.

والجواب عن دعوى التخصّص هذه بوجهين :

* أوّلهما : إنّ الأدلّة النقلية من الآيات والأحاديث المثبتة لحجّية العلم ، والنافية للحجّية عن الظنّ ، شاملة بإطلاقها لكلّ من المجالين العقائدي والتشريعي معاً ، فلا وجه للقول بالتخصّص ، وجواز إثبات الأحكام الشرعية بالأدلّة الظنّية.

وأمّا ما ذكره السيّد الشهيد الصدر قدس سره من أنّ : كبرى التوصّل إلى لبّ الحقّ إنّما تكون واضحة في أُصول الدين ، فيرد عليه : أنّه لماذا لا يكون المطلوب التوصّل إليه في فروع الدين أيضاً هو : العلم بواقع الحكم الشرعي؟ فإنّ ثبوت الحجّية للعلم في العقائد لا يدلّ على حجيّة الظنّ في الأحكام ، وممّا يؤكّد ذلك : إطلاق معظم أدلّة عدم حجّية الظنّ.

* وثانيهما : إنّ الشواهد والقرائن في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تبيّن بوضوح أنّها تؤكّد حجّية العلم وتنفي حجّية الظنّ في مجال تشخيص الأحكام الشرعيّة أيضاً.

ومن الشواهد التي يمكن تقديمها لإثبات ذلك ما يلي :

أوّلا :

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

ص: 96

وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (1).

فما ذكر فيها من المحرّمات إنّما هي من الفروع ، وقد عطف عليها تحريم القول بغير علم.

ثانياً :

قوله سبحانه : (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنْثَيَيْنِ أَمّا اشْتَمَلَتْ أَرْحامُ الاُْنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (2).

فتحريم الحيوانات وتحليلها من الفروع ، وقد طُلب أن يكون بيانها بعلم.

ثالثاً :

عن الإمام عليّ عليه السلام : «يا أيها الناس! اتّقوا الله ، ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون» (3) ؛ والفتيا إنّما تكون في الأحكام الشرعية لا في العقائد.

رابعاً :

عن الإمام الباقر عليه السلام : «مَن أفتى الناس بغير علم ولا هدىً من الله ، لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر مَن عمل بفتياه» (4).0.

ص: 97


1- سورة الأعراف 7 : 33.
2- سورة الأنعام 6 : 143.
3- بحار الأنوار 2 / 113 ح 1.
4- بحار الأنوار 2 / 118 ح 23 ، وسائل الشيعة 27 / 20 ح 33100.

خامساً :

قول الإمام الباقر عليه السلام : «مَن أفتى الناس برأيه ، فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضادّ الله ، حيث أحلّ وحرّم في ما لا يعلم» (1).

* التوجيه الرابع :

دعوى التخصيص ، وأنّ الأدلّة النافية لحجّيّة الظنّ ، مخصّصة بأدلّة شرعية تستثني بعض الظنون ، وتجعلها حجّة في إثبات الحكم الشرعي ، ك- : الظنّ الحاصل من خبر الثقة ، والظنّ الحاصل من الظهور.

وهناك ردّ للسيّد الخوئي قدس سره على دعوى التخصيص هذه ، بدأه بالتساؤل عن «أنّ الآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، واردة لبيان حكم مولويّ هو : حرمة العمل بالظنّ ، أو لا ، بل مفادها إرشاد إلى حكم العقل بعدم صحّة الاعتماد على الظنّ ، وأنّه لا بُدّ من العمل بما يحصل معه الأمن من العقاب ، والعمل بالظنّ ممّا لا يحصل معه الأمن من العقاب ، لاحتمال مخالفته للواقع؟» (2).

وذهب إلى أنّ مفاد الآيات في المقام هو : الإرشاد إلى حكم العقل بعدم صحّة الاعتماد على الظنّ ؛ لاحتمال مخالفته للواقع ، فلا يحصل معه الأمن من العقاب ، وإنّما يحصل الأمن «بالعلم أو بما ينتهي إليه ، ك- : العمل بأمارة دلّ على حجّيّتها دليل علمي ... وبعد كون الآيات الناهية [عن العمل 4.

ص: 98


1- الكافي 1 / 58 ح 1 باب البدع والرأي والمقاييس.
2- مصباح الأُصول 2 / 114.

بالظنّ] إرشاداً إلى حكم العقل ، لا تكون قابلة للتخصيص ..

وكيف يمكن التخصيص في مثل قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) بأن يقال : إلاّ الظنّ الفلاني ؛ فإنّه يغني عن الحق؟!

فلم يرد عليها تخصيص ولن يرد ؛ فإنّ لسانها آب عن التخصيص.

وأمّا الظنّ الذي قام على حجيّته دليل علميٌ ، فليس فيه الاعتماد على الظنّ ، بل الاعتماد على الدليل العلمي القائم على حجيّة الظنّ ، فهو المؤمِّن من العقاب لا الظنّ ...

فتحصّل : أنّ الآيات الشريفة ليست واردة لبيان حكم مولويّ» (1).

ولا بُدّ من التعقيب على هذا الكلام بثلاث ملاحظات :

الملاحظة الأُولى :

صحيح أنّ الأحكام العقلية ليست قابلة للتخصيص ، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّ كلّ الأحكام غير العقلية قابلة للتخصيص ؛ فإنّ منها ما لا يقبل التخصيص عُرفاً ، كما في المقام ؛ فإنّ ألسنة الآيات والأحاديث الناهية عن العمل بالظنّ تأبى التخصيص أيضاً ، حتّى لو كان مفادها الحرمة المولوية ؛ لأنّ العرف المتشرعي لا يتقبّل استثناء بعض الظنون ومنحها الحجّية ، لا سيّما إذا أدّى ذلك إلى اتّخاذ الظنّ حجّة وطريقاً لأمر بالغ الأهمّية ، هو : إثبات الحكم الشرعي ، وما يترتّب عليه من آثار في دنيا الإنسان وآخرته ..

بل إنّ العرف يعدّ ذلك نقضاً للغرض ومخالفاً للحكمة ، فيستحيل 5.

ص: 99


1- مصباح الأُصول 2 / 114 - 115.

صدوره من الشارع الحكيم ؛ قال الله سبحانه : (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّة أَنكَاثاً) (1) ، «فكيف ينهى الشارع عن اتّباع الظنّ ، ويذمّه لنا ، ثمّ يتعبّدنا به! تعالى الله عن هذا المقول» (2).

الملاحظة الثانية :

قوله : (وأمّا الظنّ الذي قام على حجّيّته في مورد دليل علميّ ، فليس فيه الاعتماد على الظنّ ، بل الاعتماد على الدليل العلمي القائم على حجّية الظنّ ، فهو المؤمِّن من العقاب لا الظنّ) ، يفهم منه : أنّه بعد أن قرر أنّ الأدلّة الشرعية النافية لحجّية الظنّ ، ترشد إلى قاعدة عقلية تأبى التخصيص ، عمد إلى طريقة أُخرى تؤدّي إلى استثناء بعض الظنون من عدم الحجّية ، لم يسمّها تخصيصاً ، بل أرجعها إلى قيام الدليل العلمي على حجّيّة الظنّ في بعض الموارد ، وعليه فالنتيجة واحدة من الناحية العملية ، وهي استثناء بعض الظنون وتجويز العمل بها لإثبات الحكم الشرعي.

والملاحظة الثالثة :

إنّ أصل دعوى قيام دليل علمي على حجّية بعض الظنون لا صحّة له ؛ لأنّ ألسنة الأدلّة النافية لحجّية الظنّ ، تأبى الاستثناء بأيّ نحو صوّرناه ، وسوف نقوم بعرض ومناقشة أهم الأدلّة التي طرحت لاستثناء بعض الظنون ومنحها الحجّية شرعاً. 4.

ص: 100


1- سورة النحل 16 : 92.
2- فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب ، مقال لمجد الدين المؤيّدي ، منشور في مجلة «علوم الحديث» ، العدد 18 لسنة 1426 ه- ، ص 194.

ويحسن أن نستذكر هنا بعض ما تقدّم من الأدلّة الشرعية النافية لحجّية الظنّ ، ونتأمّل في ألسنتها :

1 - قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).

2 - قول النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «إيّاكم والظنّ ؛ فإنّ الظنّ أكذب الحديث».

3 - قول الإمام الصادق عليه السلام : «مَن شكّ أو ظنّ ، فأقام على أحدهما ، فقد حَبِط عمله ، إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضحة».

وإذا كان جعل الشارع الحجّية للظنّ غير معقول ولا مقبول عرفاً ، في مرحلة الثبوت والواقع ، فإنّ النوبة لا تصل إلى مرحلة الإثبات والتماس الأدلّة على وقوعه ، وإنّما يحصل اليقين بأنّ أيّ دليل يقام لإثبات حجّية الظنّ شرعاً هو من قبيل الشبهة في مقابل البديهة ، وأنّه قابل للردّ والإبطال.

وإنّ الأدلّة التي أقامها علماء العامّة على حجّية خبر الواحد (الخبر الظنّي) من الآيات والأحاديث ، وقعت كلّها في معرض المناقشة والردّ من قبل علمائنا المتقدّمين والمعاصرين ، ابتداءً من السيّد المرتضى والشيخ الطوسي وانتهاءً بالسيّدين الخوئي والشهيد الصدر (1).

وإنّ الاطّلاع على ما ذكروه بهذا الشأن في مصنّفاتهم الأُصوليّة يُغني عن تكراره في هذا البحث المختصر ، ولكنّني سأعرض بإيجاز لاستدلالهم ب- : «آية النبأ» ؛ لأنّه أوّل وأهمّ ما استدلّوا به على حجّية خبر الواحد العادل ، ثمّ أذكر ما استدلّ به علماؤنا على حجّية خبر الواحد الثقة ، من السُنّة ا.

ص: 101


1- العِدّة في أُصول الفقه 1 / 108 ، الذريعة إلى أُصول الشريعة 2 / 517 ، مصباح الأُصول 2 / 146 وما بعدها ، بحوث في علم الأُصول 4 / 344 وما بعدها.

القوليّة والتقريريّة ؛ فالكلام في نقطتين :

* النقطة الأُولى :

الاستدلال على تخصيص الشارع للأدلّة الناهية عن العمل بالظنّ ، بمفهوم الشرط في آية النبأ ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (1).

وأقدم من وجدته يستدلّ بهذه الآية : مسلم بن الحجّاج النيسابوري في مقدّمة صحيحه ، وتابعه على ذلك مَن جاءَ بعده ، مع تطوير لتقريب الاستدلال بها ..

قال مسلم : «واعلم - وفّقك الله تعالى - أنّ الواجب على كلّ أحد عَرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها ، وثقات الناقلين لها من المتّهمين ، أن لا يروي منها إلاّ ما عَرف صحّة مخارجه والستارة في ناقليه ، وأن يتّقي منها ما كان منها من أهل التُهم والمعاندين من أهل البدع.

والدليل على أنّ الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه : قول الله جلّ ذكره : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ... فدلّ بما ذكرنا من هذه الآي أنّ خبر الفاسق ساقط غير مقبول ، وأنّ شهادة غير العدلِ مردودة» (2).1.

ص: 102


1- سورة الحجرات 49 : 6.
2- صحيح مسلم بشرح النووي 1 / 61.

وكلامه واضح في أنّه يرى دلالة الآية على سقوط خبر الفاسق عن الحجّية رأساً ، مع أنّها لا تدلّ على ذلك ، وإنّما تعلّق الأخذ به على تبيّن صحّة صدوره ، وأنّه لا يردّ إلاّ بعد عدم قيام البيّنة على صدقه.

ولأجل ذلك طُرح تقريب الاستدلال بالآية ببيانات أُخرى ، منها : «أنّها تشتمل على جملة شرطية تربط الأمر بالتبيّن عن النبأ بمجيء الفاسق به ، وهذا يعني عدم الأمر بالتبيّن عن النبأ بمجيء العادل به ، وبذلك تثبت حجّية نبأ العادل ؛ لأنّ الأمر بالتبيّن الثابت في منطوق الآية ، إمّا أن يكون إرشاداً إلى عدم الحجّية ، وإمّا أن يكون إرشاداً إلى كون التبيّن شرطاً في جواز العمل بخبر الفاسق ، وعلى الثاني - يعني نفيه - أنّ جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطاً بالتبيّن ، وهذا بذاته يلائم جواز العمل به بدون تبيّن ، وهو معنى الحجّية» (1).

«وقد اعترض على الاستدلال المذكور بوجوه يرجع بعضها إلى إنكار أصل [دلالة] الظهور الاقتضائي للآية على المفهوم ، وبعضها إلى دعوى وجود مانع عنه ، بعد افتراض وجوده بنحو القرينة المتّصلة الرافعة لفعليّته» (2).

أمّا إنكار أصل اقتضاء الآية للدلالة على المفهوم ، أي : حجّية خبر العادل ، فله تقريبان :

* أوّلهما :

ما ذكره السيّد الخوئي قدس سره من أنّ الشرط في آية النبأ مسوق لتحقّق 1.

ص: 103


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 204.
2- بحوث في علم الأُصول 4 / 351.

الموضوع ، وفي مثله لا يُثبت للجملة الشرطية مفهوم ..

قال : إنّ الظاهر من الآية بحسب الفهم العرفي : أنّ موضوع الحكم بوجوب التبيّن فيها «هو : الفاسق ، وله حالتان ؛ لأنّ الفاسق قد يجيء بالنبأ ، وقد لا يجيء ، وعُلِّق وجوب التبيّن على مجيئه بالنبأ ، ويكون مفاد الكلام حينئذ : أنّ الفاسق إن جاءكم بنبأ فتبيّنوا ، فلا دلالة للقضية على المفهوم (1) ؛ لأنّ التبيّن موقوف على مجيئه بالنبأ عقلا ، فتكون القضية مسوقة لبيان الموضوع ؛ إذ مع عدم مجيئه بالنبأ كان التبيّن منتفياً بانتفاء موضوعه ، فلا مفهوم للقضية الشرطية في الآية المباركة ... فإنّه لا فرق بين الآية الشريفة وبين قولنا : إن أعطاك زيدٌ درهماً فتصدّق به ، من حيثُ المفهوم ...

وذلك لأنّ الموضوع بحسب فهْم العرف هو : زيد ، وله حالتان : فإنّه قد يعطي درهماً وقد لا يعطيه ، وقد عُلِّق وجوب التصدّق بالدرهم على إعطائه إيّاه ، وهو متوقّف عليه عقلا ؛ إذ على تقدير عدم إعطاء زيد درهماً يكون التصدّق به منتفياً بانتفاء موضوعه ..

فالقضية مسوقة لبيان الموضوع ، ولا دلالة لها على المفهوم وانتفاء وجوب التصدّق بالدرهم عند إعطاء غير زيد إيّاه ، والآية الشريفة من هذا القبيل بعينه ؛ فلا دلالة لها على المفهوم» (2).

إلاّ أنّ السيّد الشهيد الصدر ردّ هذا الاستدلال ب- : استظهار أنّ موضوع الحكم في الآية الكريمة ليس هو الفاسق ، بل هو : «طبيعيّ النبأ» ، وأنّ الشرط مجيء الفاسق به .. 2.

ص: 104


1- أي: لا تدلُّ على أنّ مجيء العادل بالنبأ يجعله حجّة دون حاجة إلى التبيّن بشأنه.
2- مصباح الأُصول 2 / 161 - 162.

قال : «فالظاهر ثبوت المفهوم وإن كان الشرط محقّقاً للموضوع ؛ لعدم كونه هو الأسلوب الوحيد لتحقّقه» (1) ، أي : لتحقيق الشرط ؛ لأنّ النبأ كما يتحقّق بمجيء الفاسق به ، يتحقّق أيضاً بمجيء العادل به ، فعدم مجيء الفاسق بالنبأ لا يجعل القضية على وزن : «إن رُزقتَ ولداً فاختنه» لكي تكون بانتفاء الشرط سالبةً بانتفاء الموضوع ، فلا يثبت لها مفهوم.

* وأمّا التقريب الثاني :

فهو ما ذكره السيّد الشهيد الصدر - على تقدير كون الآية ليست مسوقة لتحقّق الموضوع - وخلاصته : أنّ ثبوت المفهوم للجملة الشرطية متوقّف على «أن يكون موضوع الجزاء [فيها] ملحوظاً ومفروضاً في المرتبة السابقة على الشرطية والتعليق على الشرط ، [وأمّا] إذا كانت الشرطية مسوقة لبيان نفس افتراض موضوع الجزاء ، [فإنّها لا تكون] ذات مفهوم ... والأمر في المقام كذلك ؛ لأنّ الآية لم تفترض النبأ موضوعاً في الرتبة السابقة على تحقّق الشرطية والتعليق ، بل قد افترض مجموع مفاد الجملة الشرطية [أي : مجيء الفاسق بنبأ] بافتراض واحد ، ومن هنا لا يكون لها مفهوم» (2).

وأما إبراز المانع المتّصل من فعليّة المفهوم بعد فرض ثبوت مقتضيه ، فهو : أنّ ذيل الآية (أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) قرينة على إلغاء المفهوم .. 6.

ص: 105


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 205.
2- بحوث في علم الأُصول 4 / 356.

وتوضيحه :

إنّ تعليل وجوب التبيّن بالجهالة بمعنى : عدم العلم بصدور الحديث ، يدلّ على أنّ كل خبر لا يفيد العلم فالتبيّن عنه واجب ، وإن كان المُخبر عادلا ؛ ذلك أنّ العدالة إنّما تؤمّن من احتمال تعمّد الكذب ، وأمّا احتمال خطأ العادل واشتباهه ؛ فإنّها لا تؤمِّن منه ، فيبقى خبره غير معلوم الصدور ، وعليه يسري الحكم المعلّل ، أي : وجوب التبيّن ، الذي هو إرشاد إلى عدم الحجّية إلى خبر العادل أيضاً.

ولعلّ أقوى الأجوبة التي ذكرت لدفع هذا الإشكال : «إنّ الجهالة المذكورة في التعليل ليست بمعنى عدم العلم ، بل بمعنى : السفاهة والتصرّف غير المتّزن ، فلا يشمل العمل بخبر الثقة ؛ لأنّه ليس سفاهة ولا تصرّفاً غير متّزن» (1).

وأوّل مَن ذكر هذا الجواب - في حدود اطلاعي - هو : ابن القصّار المالكي (ت 397 ه) ، وتابعه عليه غيره ، فقد ذكر في جواب الإشكال : «فإن قيل بأنّ : في سياق الآية ما يوجب التوقّف عن خبره ، وهو قوله عزّ وجلّ : (أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة) ، والجهالة قد تدخل في خبر العدل من حيث كان خبره لا يقطع على مغيّبه ، ومن حيث كان السهو والغلط والكذب جائزاً عليه.

قيل : الجهالة في هذا الموضع هي : السفاهة ، وفعل ما لا يجوز فعله ممّا يقع التوبيخ والذمّ عليه» (2) .. 9.

ص: 106


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 207.
2- المقدّمة في علم الأُصول : 69.

وعبّر الشهيد الصدر عن هذا المعنى بقوله : «المراد بالجهالة : السفاهة ، التي هي جهالة عملية ، لا عدم العلم والجهالة النظرية ، والعمل بخبر العادل ليس سفاهة عند العقلاء» (1).

ويرد عليه :

أوّلا : «إنه لا معيِّن لحمل الجهالة على السفاهة ؛ إذ لا أقلّ من احتمال إرادة الجهالة النظرية ، خصوصاً مع أنّه المناسب لذيل التعليل ، حيث ذُكرت (الندامة) التي لا تكون إلاّ بلحاظ عدم إصابة الواقع ، لا العمل السفهي» (2).

ثانياً : إذا كان قبول خبر الفاسق وترتيب الأثر عليه بلا تبيّن يعدّ عملا سفهيّاً غير جائز شرعاً ، فما ذلك إلاّ لعدم العلم بصدوره ، بسبب احتمال تعمّد الفاسق للكذب ، فكذلك الحال في قبول خبر العادل ؛ فإنّه غير معلوم الصدور أيضاً ، ولكن بسبب آخر ، وهو احتمال عروض الخطأ والنسيان عليه ، أي : إذا كان مناط كون العمل بالخبر سفاهة هو كونه غير معلوم الصدور ، فهذا المناط موجود في خبر الفاسق والعادل معاً ، وإن اختلف منشؤه.

هذا وقد أضاف بعض العلماء بعد ذلك إلى العدالة قيد الضبط ، وجعلوا عنوان : (الثقة) جامعاً للعدالة والضبط ، ولكن هذه الإضافة لا تغيّر من النتيجة شيئاً ؛ لأنّ الضبط لا يجعل من الراوي شخصاً معصوماً لا يتطرّق إليه احتمال الخطأ ، ولأجل ذلك عرّفوا الضابط بأنّه من يقلّ خطأُه ، أو يكثر 0.

ص: 107


1- بحوث في علم الأُصول 4 / 359.
2- بحوث في علم الأُصول 4 / 360.

بشرط أن لا يزيد على صوابه (1).

ويلاحظ :

إنّ مفهوم «العادل» تطوّر بعد ذلك في اصطلاح عدد من العلماء ، فأصبح شاملا لمَن نقطع بتحرّزه عن الكذب ، وإن كان فاسقاً ..

قال الشيخ الطوسي في العِدّة : «فأمّا مَن كان مخطئاً في بعض الأفعال ، أو فاسقاً بأفعال الجوارح ، وكان ثقة في روايته متحرّزاً فيها ، فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ، ويجوز العمل به ؛ لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأعمال الجوارح يمنع من قبول شهادته ، وليس بمانع من قبول خبره» (2).

فعلى هذا يكون المراد ب- «العدالة» هو : الوثاقة والتحرّز من الكذب.

وقال الشهيد الصدر : «إنّ مدرك حجّية الخبر إن كان مختصّاً بآية النبأ ، فهو لا يثبت سوى حجّية خبر العادل خاصّة ، ولا يشمل خبر الثقة غير العادل ، وأمّا إذا لم يكن المدرك مختصّاً بذلك ، وفرض الاستدلال بالسيرة والروايات أيضاً ... فلا شكّ في وفاء السيرة والروايات بإثبات الحجّية لخبر الثقة ولو لم يكن عادلا» (3).

* النقطة الثانية : الاستدلال بالسُنّة ؛ وهو نوعان :

* النوع الأوّل : الاستدلال بالسُنة القولية الواردة عن المعصومين عليهم السلام الدالّة على حجّية خبر الثقة.7.

ص: 108


1- توجيه النظر إلى أُصول الأثر : 32 ، أُصول الفقه - للخضري - : 215 وص 217.
2- العِدّة في أُصول الفقه 1 / 152.
3- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 227.

قال الشهيد الصدر قدس سره : «وتذكر في هذا المجال طوائف عديدة من الروايات ، والظاهر أنّ كثيراً منها لا يدلّ على الحجّية» (1).

وأفضل ما في هذه الروايات : الطائفة التي دلّت «على الإرجاع إلى كلّي الثقة ، إمّا ابتداءً ، وإمّا تعليلا للإرجاع إلى أشخاص معيّنين على نحو يفهم منه الضابط الكلّي (2) ...

وفي روايات هذه الطائفة ما لا يخلو من مناقشة أيضاً ، من قبيل قوله عليه السلام : (فإنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما روى عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم بسرّنا ، ونحمله إيّاهم إليهم) (3) ؛ فإنّ عنوان «ثقاتنا» أخصّ من عنوان «الثقات» ، ولعلّه يتناول خصوص الأشخاص المعتمدين شخصيّاً للإمام ، والمؤتمنين من قِبله ، فلا يدلّ على الحجّية في نطاق أوسع من ذلك.

وفي روايات هذه الطائفة ما لا مناقشة في دلالتها ، من قبيل ما رواه محمد بن عيسى ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : جعلت فداك! إنّي لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس ابن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني؟

فقال : (نعم) (4).

ولمّا كان المرتكز في ذهن الراوي أنّ مناط التحويل هو : «الوثاقة» ، وأقرّه الإمام على ذلك ، دلّ الحديث على حجّية خبر الثقة. 4.

ص: 109


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 212.
2- أي : حجّية خبر الثقة.
3- جامع أحاديث الشيعة 1 / 271 باب 5 من أبواب حجّية أخبار الثقات ، ح 3 ؛ وفيه : «إيّاه» بدل : «إيّاهم».
4- جامع أحاديث الشيعة 1 / 276 ح 24.

غير أنّ عدد الروايات التامّة دلالة على هذا المنوال لا يبلغ مستوى التواتر ؛ لأنّه عدد محدود ، نعم قد تبذل عنايات في تجميع ملاحظات توجب الاطمئنان الشخصي بصدور بعض هذه الروايات ؛ لمزايا في رجال سندها ، ونحو ذلك» (1).

ويلاحظ على ذلك :

1 - إنّ إيجاب هذه الروايات للاطمئنان الشخصي - لو حصل - لا فائدة فيه ؛ لأنّ ما ينفعنا هو الاطمئنان النوعي والقاعدة العامّة.

2 - إنّ هذه الروايات لا تخلو من مناقشة أيضاً ؛ إذ لعلّ الراوي كان يسأل عن وثاقة يونس لدى الامام عليه السلام نفسه ، وأنّ المرتكز في ذهنه هو الأخذ بأخبار المؤتمنين شخصياً للإمام عليه السلام ، بل هذا هو المتعيّن بلحاظ ما كان عليه الواقع من إشراف الأئمّة المعصومين عليهم السلام على حركة الحديث تلقّياً وروايةً وتدويناً ، وكان من أهمّ جوانب هذا الإشراف : توثيق أشخاص معيّنين من خلّص أصحابهم المؤتمنين ، وجعلهم وسائط لنقل أحاديثهم إلى شيعتهم ، وعليه تنحصر الحجّية في نطاق هؤلاء خاصة ، ولا تشمل الموثّقين من قبل علماء الرجال اعتماداً على اجتهاداتهم الخاصّة ؛ فإنّ رواياتهم لا تؤدّي إلى العلم بصدور ما يروونه عن المعصوم عليه السلام.

* النوع الثاني : الاستدلال بسيرة المتشرّعة :

وحاصله : «إنّ المتشرّعة والرواة في عصر الأئمّة عليهم السلام كانوا يعملون بأخبار الثقات ولو لم تفدهم الاطمئنان الشخصي ؛ فإن كانوا عملوا بها بما 7.

ص: 110


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثالثة 1 / 217.

هم متشرّعة دلّ ذلك على تلقّيهم إيّاها من الشارع ..

وإن عملوا بها جرياً على سجيّتهم العقلائية ، دلّ ذلك على إمضاء الشارع لها ؛ لأنّه لم يردع عنها ؛ إذ لو كان ردع عنها لوصل إلينا شيء من نصوص الردع» (1).

ولكن هذا الاستدلال مردود صغرىً وكبرى ..

أمّا الصغرى :

فإنّ العقلاء في أُمورهم الشخصية المهمّة ، يتطلّبون العلم واليقين ، ولا يركنون إلى الظنّ ، فكيف نفترضهم بما هم متشرّعة يعملون بأخبار الثقات ولو لم تفدهم الاطمئنان الشخصي! فإنّ هذه الطريقة بما تمثّله من تسامح ، بل تهاون في التعامل مع أدلّة التشريع ممّا لا يمكن استساغته من قبَل المتشرّعة أنفسهم ، فضلا عن أن يسمح بها الشارع المقدّس الذي تعهّد بحفظ الدين.

ونضيف إلى ذلك : أنّ هناك شواهد تدلّ على أنّهم كانوا على منتهى الاحتياط والحذر في التعامل مع الأخبار ، ومن هذه الشواهد :

1 - رجوعهم إلى الأئمّة عليهم السلام لتعرّف الرواة الموثّقين من قبَلهم شخصياً ؛ لأخذ الحديث عنهم.

2 - عرضهم لكتب الحديث التي صنّفها الرواة الثقات علىالأئمّةعليهم السلامللتأكّد من صحّتها وصدورها واقعاً عن المعصومين عليهم السلام.

3 - رجوعهم للأئمّة عليهم السلام يستفسرون منهم عن جواز العمل بكتب الحديث التي كانوا يستندون إليها في العمل ، إذا طرأ انحراف عقائدي على 9.

ص: 111


1- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثانية : 168 - 169.

رواتها ، كالذي حصل لبني فضّال ، وقد نقل الشيخ الطوسي : «ما قاله أبو محمد الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) وقد سئل عن كتب بني فضّال ، فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ فقال صلوات الله عليه : «خذوا بما رووا ، وذروا ما رأوا» (1).

وأمّا الكبرى :

وهي عدم ردع الشارع عنها ، لعدم وصول شيء إلينا من نصوص الردع ، فهي باطلة قطعاً ، والدليل على ذلك :

أوّلا : ما عرضناه من النصوص المتضافرة الواصلة الينا : التي تؤكّد حجّية العلم ، وتردع عن اتّباع الظنّ والعمل به.

ثانياً : ما سيأتي من تأكيد الشارع المقدّس الثابت بالكتاب وبالروايات المتواترة ، ضرورة عرض الروايات المنقولة عن المعصومين عليهم السلام على محكم الكتاب والسُنّة ، من أجل الوصول إلى العلم بصدورها عنهم ، أو العلم بعدم صدورها ، ومن ثمّ تحديد الموقف تجاهها من حيث العمل بها أو ردّها ، على أساس العلم بواقع الحال ، فهذا يكشف بوضوح عن عدم رضا الشارع بالأخذ بأخبار الثقات إذا لم تفِد العلم بالصدور.

* التوجيه الخامس :

الاستدلال العقلي على حجّية الظنّ ، الذي يقوم على دعوى انسداد باب العلم بالحكم الشرعي. 2.

ص: 112


1- الكافي 1 / 352.

وهذا الدليل إذا تمّ يُثبت حجية مطلق الظنّ ، ولا يختصّ بالظنّ الناشئ من خبر الثقة ، وهو - كما ذكره الشيخ الأنصاري قدس سره - مؤلّفٌ من أربع مقدّمات ، إلاّ أنّ الشيخ الآخوند أضاف إليها مقدّمة أُخرى جعلها الأُولى في الترتيب ، فأصبحت خمساً كما يلي :

1 - العلم إجمالا بثبوت تكاليف فعليّة في الشريعة.

2 - انسداد باب العلم والظنّ الخاصّ (العلمي) بمعظم تلك التكاليف.

3 - إنّ إهمال تلك التكاليف وعدم التعرّض لامتثالها غير جائز.

4 - إنّ الاحتياط في جميع أطراف تلك التكاليف المعلومة بالإجمال غير واجب علينا ؛ لِما يؤدّي إليه من العسر والحرج.

5 - إنّ ترجيح المرجوح (الوهم) على الراجح (الظنّ) قبيح ، فيستقلّ العقل حينئذ بلزوم الإطاعة الظنّية ، أي : امتثال خصوص ما حصل الظنّ بثبوته شرعاً من تلك التكاليف المعلومة بالإجمال ، وإلاّ لزم - بعد انسداد باب العلم والعلمي (الظنّ الخاصّ) - إمّا إهمالها ، وإمّا لزوم الاحتياط في جميع أطرافها ، والمفروض بطلان كلّ واحد منهما (1).

وقال الشيخ الأنصاري : إنّ دليل الانسداد إمّا أن يقرَّر «على وجه يكون كاشفاً عن حكم الشارع بلزوم العمل بالظنّ ، بأن يقال : إنّ بقاء التكاليف - مع العلم بأنّ الشارع لم يعذرنا في ترك التعرّض لها وإهمالها ، مع عدم إيجاب الاحتياط علينا ، وعدم بيان طريق مجعول فيها - يكشف عن أنّ الظنّ جائز العمل ، وأنّ العمل به جائز عند الشارع ... فحجّية الظنّ 5.

ص: 113


1- كفاية الأُصول : 311 - 312 ، فرائد الأُصول 1 / 384 - 385.

على هذا التقرير تعبّد شرعي كشف عنه العقل من جهة دوران الأمر بين أُمور كلّها باطلة سواه ...

وإمّا أن يقرَّر على وجه يكون العقل منشأً للحكم بوجوب الامتثال الظنّي ، بمعنى حسن المعاقبة على تركه ، وقبح المطالبة بأزيد منه ... فهذا الحكم العقلي ليس من مجعولات الشارع ؛ إذ كما أنّ نفس وجوب الطاعة وحرمة المعصية بعد تحقّق الأمر والنهي من الشارع ، ليس من الأحكام المجعولة للشارع ، بل شيء يستقلّ به العقل لا على وجه الكشف ، فكذلك كيفية الإطاعة ، وأنّه يكفي فيها الظنّ بتحصيل مراد الشارع في مقام ، ويعتبر فيها العلم بتحصيل المراد في مقام آخر ، إمّا تفصيلا أو إجمالا» (1).

وقد عقّب صاحب الكفاية على المقدّمة الثانية ، القائلة بانسداد باب العلم والعلمي ، بقوله : «أمّا بالنسبة إلى العلم ، فهي بالنسبة إلى أمثال زماننا بيّنة وجدانية ... وأمّا بالنسبة إلى العلمي ، فالظاهر أنّها غير ثابتة ؛ لِما عرفت من نهوض الأدلّة على حجّية خبر يوثق بصدقه» (2).

فهو يسلّم بعدم وجود الدليل المؤدّي إلى (العلم) بقسم من الأحكام الشرعية ، ولكنه يستظهر وجود الدليل (العلمي) ، وليس مرادهم بالدليل العلمي شيئاً سوى الدليل (الظنّي) ، لكنّهم نسبوه إلى العلم ، بالذهاب إلى أنّ الشارع المقدّس قد حكم بحجّية بعض الظنون وعدّها علماً ، كالظنّ بصدور الحديث الناتج من خبر الثقة ، والظنّ بمدلول الدليل الحاصل من ظهور الكلام ، ولكنّ النقاش في نهوض الأدلّة على هذا الادّعاء. 2.

ص: 114


1- فرائد الأُصول 1 / 465 - 466.
2- كفاية الأُصول : 312.

والواقع : أنّ باب العلم بالحكم الشرعي ليس مسدوداً ، بل هو مفتوح على مصراعيه دائماً ، وأنّ دعوى انسداد باب العلم لا يمكن قبولها بحال ؛ لأنّها منافية لعلم الله تعالى ، ولحكمته ، ولقدرته ، ولكرمه ، ولرحمته ؛ إذ بعد قيام النصوص الشرعية - التي قدّمناها - على حجّية العلم مطلقاً ، أي : في أُصول الدين وفروعه ، وعدم حجّية الظنّ مطلقاً ، مضافاً إلى ثبوت إكمال الدين وحفظه واستيعاب الشريعة لكلّ جوانب الحياة البشرية ، لا يبقى معنىً للقول بانسداد باب العلم إلاّ أنّ الشارع المقدّس قد دفع بنا إلى طريق مسدود ، وعلّق معرفتنا بالأحكام على أمر مستحيل ، وإنّما يُتصوّر لجوؤه إلى هذا إمّا لعدم علمه بأنّ باب العلم مسدود ، أو لعدم قدرته على فتحه ، أو لبخله وعدم شمول رحمته!!

وكلّها أُمور منافية لعقيدتنا بالله عزّ وجلّ ، ولصفاته الجمالية.

وأنّ هذه اللوازم الباطلة للقول بانسداد باب العلم ، تؤكّد لنا خطأ هذا القول ، وتحثّنا على البحث عن الطرق التي تحقّق العلم بصدور الدليل ، وبمدلول الدليل ، وتؤدّي إلى إثبات (انفتاح باب العلم) بالحكم الشرعي ، في قبال من ذهب إلى انسداده ، فاضطر إلى القول بحجّية الظنون ، واتّخاذها طريقاً لتحديد الأحكام الشرعية ، رغم صراحة النصوص من آيات الكتاب ، والسُنّة الشريفة في النهي عن اتّباع الظنّ.

إنّ باب العلم بالحكم الشرعي له مصراعان :

أحدهما : العلم بصدور الدليل على الحكم من الشارع المقدّس.

والآخر : العلم بمدلول الدليل ، الكاشف عن مراد الشارع الواقعي.

والمصدر الأساسي لأدلّة الأحكام هو : الوحي الإلهي ، المتمثّل في الكتاب والسُنّة ؛ إذ لا فرق بين الكتاب والسُنّة الشريفة من حيثُ

ص: 115

وحدة المصدر ووحدة المبلِّغ ؛ فمصدرهما معاً هو الله عزّ وجلّ ؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يشرِّع من عندِه ، ولا يتقوّل على ربّه ، قال تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (1) ، ومبلِّغهما معاً هو : النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

نعم ، يفترقان في أنّ القرآن الكريم موحى به من الله تعالى بلفظه ومعناه ، ومتعبّد بتلاوته ، وأمّا السُنّة فلا يتعبّد بتلاوتها ، وقد نزل الوحي بمعانيها ، وأوكل التعبير عن تلك المعاني لألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

والمعلوم : أنّ النصّ القرانيّ بأكمله قطعيّ الصدور من الله عزّ وجلّ ، وأمّا السُنّة فهي على نحوين :

أوّلهما :

ما كان معلوم الصدور ، وهو : ما ثبت نقله بالتواتر ، أو كان مضمونه ثابتاً بالضرورة من الدين ، أو كان مضمونه من السُنّة الجامعة المتّفق على نقلها وقبولها من قبل جميع المسلمين : أهل السُنّة وشيعة أهل البيت عليهم السلام.

والنحو الثاني :

ما ليس كذلك ، فهو ظنّي الصدور ، وهو المنقول بما اصطلح على تسميته ب«خبر الواحد» وإن تعدّد رواته ، هذا من حيثُ الصدور ..

وأمّا من حيث الدلالة ، فقد قسّموا الآيات والأحاديث معاً إلى قسمين ؛ لأنّ منها ما هو معلوم الدلالة على المعنى ، ويعبّر عنه ب- : «النّص» ، 4.

ص: 116


1- سورة النجم 53 : 3 - 4.

ومنها ما هو مظنون الدلالة على معناه ، ويعبّر عنه ب- : «الظاهر».

وعليه : فالدليل الشرعي يؤدّي إلى العلم بالحكم ؛ إذا كان آية كريمة أو حديثاً معلوم الصدور ، وكان نصّاً وصريحاً في الدلالة على المراد.

وأما إذا لم يكن الدليل نصّاً في معناه ، بل كان ظاهراً فيه ، فإنّه لا يفيد - لديهم - أكثر من الظنّ بالحكم ، سواء أكان آية أم حديثاً.

وكذلك الأمر إذا كان الدليل حديثاً ثابتاً بخبر الواحد ؛ فإنّه لا يفيد إلاّ الظنّ بالحكم ، وإن كانت دلالته على معناه بالنّص ، وذلك من جهة عدم العلم بصدوره.

ومنه يتّضح : أنّ مشكلة الظنّ بالحكم الشرعي تنشأ من كونه مستفاداً من خبر الواحد ، أو من دليل يدلّ على معناه بالظهور لا بالنصّ.

وسبب المشكلة ما أشرنا إليه من وجود النصوص الشرعية التي تحصر الحجّية بالعلم ، وتسلب الحجّية عن الظنّ ، وتنهى عن اتّباعه والعمل به.

وقد عُني علماء المسلمين - منذُ القديم - بمعالجة هذه المشكلة بكلا جانبيها ، ويبدو أنّ فكرة عدم وجود طريق للعلم ببعض الأحكام الشرعية قد استحوذت على أذهان كثير من العلماء ، وجعلتهم على قناعة بأنّه لا مناصّ من العمل بالظنّ ، فسعوا إلى تحصيل أدلّة شرعية وعقلية تمنح الحجّية للظنّ الحاصل من خبر الواحد ، ومن ظهور الكلام ، وتسوِّغ اتّخاذهما طريقين لمعرفة الأحكام الشرعية ، بدلا من البحث عن طرق تؤدّي إلى تحصيل العلم بالحكم الشرعي.

وتحقيق الكلام بهذا الشأن يقع في نقطتين :

ص: 117

* النقطة الأُولى : في إثبات صدور الحديث.

والملاحظ هنا : أنّ معظم العلماء درجوا على سلوك منهج «نقد السند» في تصحيح الروايات وتضعيفها ، وهو منهج يقوم على أساس من إثبات عدالة الراوي أو وثاقته للحكم بصحّة الرواية والعمل بمضمونها ، أو عدم إثبات عدالة الراوي أو وثاقته للحكم بضعف الرواية وردّها.

وهذا المنهج باعتراف أصحابه لا يؤدّي إلى العلم بصدور المروي عن المعصوم عليه السلام ، ولا إلى العلم بعدم صدوره ، وقد صرّحوا بأنّهم لا يريدون بالحديث الصحيح أنّه معلوم الصدور ، وإنّما يريدون به ما كان رواته ثقات أو عدولا ..

قال السيوطي : «وإذا قيل : هذا حديث صحيح ، فهذا معناه ... لا أنّه مقطوع به في نفس الأمر ؛ لجواز الخطأ والنسيان على الثقة ...

وإذا قيل : هذا حديث غير صحيح ... فمعناه : لم يصحّ إسناده ، لا أنّه كذب في نفس الأمر ؛ لجواز صدق الكاذب ، وإصابة مَن هو كثير الخطأ» (1).

وبهذا لا يكون الأخذ بالرواية ولا ردّها على هذا المنهج قائماً على أساس العلم بصدورها أو العلم بعدمه ، وانّما هو قائم على مجرد الظنّ في كلتا الحالتين.

وممّا يؤكّد عدم اعتبار الشارع لمنهج «نقد السند» في إثبات صدور الحديث : أنّ الشارع نفسه ، قد جعل منهجاً آخر لنقد الروايات هو منهج «نقد المتن» أو منهج «النقد الدلالي» القائم على أساس عرض «متن» 0.

ص: 118


1- تدريب الراوي : 39 - 40.

الرواية على محكم الكتاب والسُنّة ، وهو منهج يؤدّي إمّا إلى العلم بصدور الحديث عن المعصومين عليهم السلام ، أو العلم بعدم صدوره عنهم.

وإنّ تأكيد النصوص الشرعية لهذا المنهج يكشف عن مدى عناية الشارع بمسألة إثبات صدور الحديث إثباتاً علمياً ، وهذا أمر طبيعيّ ؛ ذلك أنّ الشارع المقدّس بعد أن أكّد حجية العلم ، وأبطل حجّية الظنّ مطلقاً ، يكون من الضروري أن يضع للمكلّفين ميزاناً ومنهجاً يعرضون عليه ما ينقله الرواة من كلام المعصومين عليهم السلام ، ليميّزوا به ما هو صادر عنهم واقعاً ، عمّا ليس بصادر ، وإنّما هو من وضع الرواة أو أخطائهم.

وبهذا يظهر وجه التأمّل في ما ذكره الشيخ الأنصاري في دليل الانسداد من عدم بيان الشارع لطريق مجعول في معرفة الأحكام (1).

والأدلّة على مشروعيّة هذا المنهج :

أوّلا :

الروايات الواردة في مصادر الفريقين الحديثية ، البالغة حدّ التواتر المفيد للعلم ، والموافقة لكتاب الله عزّ وجلّ ..

فقد وردت في مؤلّفات أهل السُنّة بعشرة طرق ، وفي مؤلّفات الشيعة بخمسة وعشرين طريقاً (2) ، ومن نماذج هذه الروايات لدى الفريقين :

1 - «عن زِر بن حُبيش ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال : قال ه.

ص: 119


1- فرائد الأُصول 1 / 465.
2- تعرّضت لذلك مفصّلا في بحث بعنوان : «عرض الأحاديث على كتاب الله» ، وهو منشور في مجلّة «علوم الحديث» ، التي تصدرها «كلّية علوم الحديث» في طهران ، العدد 17 لسنة 1426 ه.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّه تكون رواة يروون عنّي الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما وافق القرآن فخذوا به ، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به» (1).

2 - «عن ابن أبي كريمة ، عن أبي جعفر ... صَعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المنبر فخطب الناس فقال : إنّ الحديث سيفشو عنّي ، فما أتاكم عنّي يوافق القرآن فهو عنّي ، وما أتاكم عنّي يخالف القرآن ، فليس عنّي» (2).

3 - «عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : سيأتيكم عنّي أحاديث مختلفة ، فما جاءكم موافقاً لكتاب الله ولسُنّتي فهو منّي ، وما جاءكم مخالفاً لكتاب الله ولسُنّتي ، فليس منّي» (3).

4 - «عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة بمنى أو بمكّة : يا أيّها الناس! ما جاءكم عنّي يوافق القرآن فأنا قلته ، وما جاءكم عنّي لا يوافق القرآن ، فلم أقله» (4).

ثانياً :

قوله تعالى : (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ) (5) ، وهذه الآية شاهد لأحاديث العرض على الكتاب والسُنّة ..

قال الإمام علي عليه السلام : «فالرادّ إلى الله : الآخذ بمحكم كتابه ، والرادّ إلى 9.

ص: 120


1- سُنن الدارقطني 4 / 209 ح 20.
2- الأُمّ : 1622 ح 2863.
3- سُنن الدارقطني 4 / 208 ح 17 كتاب الأقضية والأحكام.
4- الكافي 1 / 55 ، تفسير العيّاشي 1 / 9.
5- سورة النساء 4 : 59.

الرسول : الآخذ بسُنّته الجامعة غير المتفرّقة» (1).

وهذا القول يحدّد بدقّة مفهوم روايات العرض ، وإنّ المراد بالكتاب خصوص آياته المحكمة المعلومة الدلالة ، في قبال ما لم يكن نصّاً وصريحاً في مدلوله وهو المتشابه ، فهذا لا بُدّ من تحديد معناه في ضوء دلالة الآيات المحكمة ، وإنّ المراد بالسُنّة هو خصوص السُنّة المجمع عليها ؛ لوضوح معناها ، ولثبوت صدورها بالتواتر أو بالضرورة من الدين ، أو بنقلها وتلقّيها بالقبول من قِبل جميع المسلمين.

فكما أنّ المعلومات النظرية يتقرّر صدقها أو كذبها بالرجوع إلى المعلومات البديهية ، كذلك ما هو مظنون الصدور من الأحاديث ؛ فإنّه يُعرض على ما هو معلوم الصدور من الكتاب والسُنّة ، بنحو يؤدّي إلى العلم بصدوره أو العلم بعدم صدوره.

وممّا تقدّم يتّضح :

* أوّلا : إنّ قاعدة العرض على محكم الكتاب والسُنّة ليست من اجتهادات العلماء ، وإنّما هي قاعدة مجعولة من قبل الشارع المقدّس من أجل الحفاظ على أدلّة الأحكام الشرعية ، بتعيين ما هو صادر واقعاً من الأحاديث ، وهو الموافق لمحكم الكتاب والسُنّة المعلومة الصدور ، وتمييزه عمّا ليس صادراً عن المعصوم واقعاً ، وإنّما هو من أخطاء الرواة أو مختلقاتهم ، وهو ما خالف محكم الكتاب والسُنّة.

* ثانياً : إنّ هذه القاعدة لا تحتمل الخطأ ، بل تؤدّي إلى العلم بصدور الحديث أو عدم صدوره ، خلافاً لمنهج «نقد السند» ، القائم على توثيق 3.

ص: 121


1- نهج البلاغة - تحقيق صبحي الصالح - : 53.

الرواة أو تضعيفهم ؛ فإنّه لا يؤدّي إلى أكثر من الظنّ بذلك ؛ لأنّ وثاقة الراوي لا تدلّ على صدور الحديث واقعاً ، بسبب احتمال الخطأ ، كما أنّ ضعف الراوي لا يؤدّي إلى العلم بعدم صدور الحديث ؛ إذ أنّ الفاسق قد يصدق ؛ لأنّه لا يكذب على طولِ الخط ، كما أنّ كثير الخطأ قد يصيب.

* ثالثاً : إنّ هذه القاعدة صالحة للتطبيق على جميع الأحاديث ، أي : أحاديث الثقات وغير الثقات ، بخلاف منهج «نقد السند» ؛ فإنّه يستبعد أحاديث الضعاف رأساً ، مع أنّ فيها أحاديث يحتمل صدورها واقعاً من المعصومين عليهم السلام.

بل قد صرّح في بعض روايات العرض بأنّه لا فرق في تطبيق هذه القاعدة بين روايات الثقات وروايات الضعفاء ..

«عن محمد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا محمد! ما جاءَك من رواية من برّ أو فاجر ، يوافق القرآن ، فخذ به ، وما جاءك من رواية من برّ أو فاجر ، يخالف القرآن ، فلا تأخذ به» (1).

«الحسين بن العلاء ... قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث ، يرويه مَن نثق به ، ومنهم مَن لا نثق به؟

قال : إذا ورد عليكم الحديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله ، وإلاّ فالذي جاءكم به أوْلى به» (2).

* رابعاً : إن كون هذه القاعدة مجعولة من قبل الشارع ، يفرض قبولها لدى جميع مذاهب المسلمين ، ويجعل من الضروري تطبيقها على جميع الأحاديث الواردة في مصنّفاتهم ، لا فرق في ذلك بين مصنّفات أهل 3.

ص: 122


1- تفسير العيّاشي 1 / 8.
2- المحاسن 1 / 352 - 353.

السُنّة ومصنّفات الشيعة ، بما في ذلك المصنّفات المعنونة بالصحاح ؛ ذلك أنّ صحّة الحديث لا تساوق العلم بصدوره ، بل الصحّة مصطلح حديثي يراد به مجرّد ثبوت وثاقة أو عدالة رواة الحديث ، وقد علمنا أنّ مجرد وثاقة الراوي وعدالته لا توجب العلم بصدور ما ينقله عن المعصوم.

كما أنه لا يبقى لأهل السُنّة مسوّغ للإعراض عن مصنّفات الشيعة ، وحرمان أنفسهم من الثروة الحديثية التي تضمّنتها ، بدعوى ضعف رواة الشيعة واتّهامهم بعدم التورّع عن الكذب ؛ ما دام ضعف الراوي لا يساوق العلم بعدم صدور ما يرويه ، ولعلّ ما يرويه صادر عن المعصوم حقّاً ، فلا بُد من التبيّن عنه بعرضه على محكم الكتاب والسُنّة ، والأخذ به إذا كان موافقاً لهما.

فالمتعيّن شرعاً هو : رجوع جميع الأطراف إلى قاعدة العرض على محكم الكتاب والسُنّة ، وتحكيمها في جميع الروايات ، فبها يعلم صدور الحديث أو عدم صدوره ، مع قطع النظر عن حال الراوي من الوثاقة أو الضعف.

أقول:

من الملفت للنظر : أنّه على الرغم من وجود روايات قاعدة العرض بين أيدي العلماء ، وصراحتها في شمول هذه القاعدة لجميع الروايات ، سواء أكان لها معارض أو لا ، نجد العلماء يعمدون إلى إثبات صحّة الرواية أوّلا على أساس منهج «نقد السند» ووثاقة الراوي ، ثمّ يرجعون إلى قاعدة العرض لعلاج حالات التعارض بين الروايات التي تمّ إثبات حجّيتها مسبقاً استناداً إلى وثاقة رواتها ، أي أنّهم يعمدون في البداية إلى تحديد الموقف

ص: 123

من الروايات في ضوء النقد السندي ، فالرواية الضعيفة السند تسقط رأساً ، ولا تكون حجّة لتعارض رواية صحيحة السند ؛ إذ لا معنى - على رأيهم - للتعارض بين الحجّة وغير الحجّة ، وأمّا الرواية الصحيحة السند ، فإنّها تكون حجّة عندهم ، فإذا عارضت رواية صحيحة أُخرى ، تصل النوبة حينئذ إلى حلّ التعارض بالعرض على الكتاب ، فيؤخذ بما وافقه ويطرح ما خالفه.

ويلاحظ :

إنّ تسلسل البحث بهذه الطريقة ليس صحيحاً ؛ لأنّ الحجّية إذا كانت أمراً مجعولا من قبل الشارع ، كيف يعقل أن يجعلها لما يعارض الكتاب ، أو يجعلها لكلّ من المتعارضَين ، مع أنّ ذلك خلاف الحكمة؟!

فالصحيح أن يقال :

إنّ التنافي والتعارض في الكلام يستحيل نسبته إلى الله سبحانه ؛ قال عزّ وجلّ : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (1) ، وبما أنّ مصدر القرآن والسُنّة معاً هو الله عزّ وجلّ ، فلا يمكن وقوع التنافي بين النصوص الواردة فيهما.

وعليه :

فإذا كانت الرواية منافية للكتاب والسُنّة المعلومة الصدور ، علمنا بعدم صدورها عن المعصومين عليهم السلام ، وإذا حصل التنافي بين الروايتين ، 2.

ص: 124


1- سورة النساء 4 : 82.

علمنا بعدم صدور إحداهما ، فنقوم بعرضهما على محكم الكتاب والسُنّة المعلومة الصدور ، فنأخذ بالموافِقة لهما ؛ للعلم بصدورها حينئذ ، ونردّ المخالِفة لهما ؛ للعلم بعدم صدورها وأنّها دخيلة على الشارع بسبب الوضع أو أخطاء الرواة ..

فالتعارض إنّما يقع بين الروايتين ، ويكشف عن أنّ إحداهما ليست صادرة من الشارع قطعاً ، أي : إنّ التعارض إنّما يقع بين الحجّة وغير الحجّة ، وهما مختلطتان وغير متميّزتين ، ولا يعقل وقوعه بين الحجّتين ، وهذا ما يكشف عن خطأ الطريقة المعهودة في النقد السندي ، التي قد تثبت بها الحجّية شرعاً لرواية معارِضة للكتاب ، أو لروايتين متعارضتين ، بناءً على دعوى جعل الشارع الحجّية لخبر الثقة ، مع التسليم بعدم إفادته العلم.

* النقطة الثانية : في إثبات مدلول الدليل.

إنّ مراجعة الآيات القرآنية تظهرنا على أنّ الشارع المقدّس قد حرص على أن تكون تعاليمه لعباده واضحة جليّة ، لا لبس فيها ولا غموض يعتريها ، وأكّد في أكثر من آية ما يمكن تسميته بقاعدة «البلاغ المبين» في خطاباته للمكلّفين ، ومن ذلك - على سبيل المثال - قوله تعالى :

1 - (وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (1).

2 - (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُول إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (2).

3 - (قَدْ جَاءَكُم مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (3).5.

ص: 125


1- سورة يس 36 : 17.
2- سورة إبراهيم 14 : 4.
3- سورة المائدة 5 : 15.

4 - (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (1).

وإنّ تأكيد الشارع المقدّس لقاعدة «البلاغ المبين» أمر ينسجم مع تأكيد النصوص الشرعية من الآيات والأحاديث لحجّية العلم وعدم حجّية الظنّ ؛ إذ معه لا يعقل أن يخاطب الشارع الحكيم عباده بما لا يفيدهم علماً بمراداته ، ولا يورثهم إلاّ الظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً.

إلاّ أنّ علماء الأُصول قسّموا الألفاظ إلى قسمين :

أحدهما : ما كان نصّاً في معناه ، وعرّفوه بأنّه : الموضوع لمعنىً معيّن ، ولا يحتمل إفادة غيره.

والآخر : ما كان ظاهراً في معناه ، وهو : الموضوع لمعنىً معيّن ، ولكنّه يحتمل إفادة غيره.

وقالوا : إنّ ما كان نصّاً يفيد العلم بمراد المتكلّم ، وما كان ظاهراً لا يفيد إلاّ الظنّ بالمراد.

قال الشهيد الصدر : «قد يدلّ الدليل الشرعي على أحدِ أمرين ، مع أولوية دلالته على أحدهما بنحو يسبق إلى الذهن تصوّراً على مستوى المدلول التصوّري ، وتصديقاً على مستوى المدلول التصديقي ، وإن كانت إفادة المعنى الآخر تصوّراً وتصديقاً بالدليل المذكور ممكنة ومحتملة أيضاً بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير العامّ ، وهذا هو الدليل الظاهر في معنىً ، وفي مثلِ ذلك يحمل على المعنى الظاهر ؛ لأنّ الظهور حجّة في تعيين مراد المتكلّم ، وهذه الحجّية لا تقوم على أساس اعتبار العلم ؛ لأنّ الظهور لا يوجب العلم دائماً ، بل على أساس حكم الشارع بذلك» (2). 0.

ص: 126


1- سورة المائدة 5 : 92.
2- دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثانية : 180.

وقال الشيخ المظفّر رحمه الله : «إنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ ، ما لم يدلّ دليل قطعي على حجيّته ، والظواهر من جملة الظنون ، فلا بُدّ من التماس دليل قطعيّ على حجيّتها ، ليصحّ التمسّك بظواهر الآيات والأخبار» (1).

وقد انتهوا إلى أنّ الدليل القطعي على حجّية الظهور هو السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع ؛ فقد «تبانى العقلاء في الخطابات الجارية بينهم على الأخذ بظهور الكلام وعدم الاعتناء بإرادة خلاف الظاهر ... ولا بُدّ أنّ الشارع قد أمضى هذا البناء ، وجرى في خطاباته على طريقتهم هذه ، وإلاّ لزجرنا ونهانا عن هذا البناء في خصوص خطاباته ... فيعلم أنّ الظاهر حجّة عنده ، كما هو عند العقلاء بلا فرق» (2).

ويلاحظ :

إنّ هذه الطريقة في التفريق بين النصّ والظاهر ليست صحيحة ؛ إذ ليس هناك لفظ يحتمل معنيين مع أولوية دلالته على أحدهما دون الآخر ؛ لأنّ كلّ لفظ لا يدلّ بذاته إلاّ على معناه الحقيقي الذي يتبادر منه عند الإطلاق.

وعليه فينبغي أن يقال :

إنّ الألفاظ كلّها إنّما وضعت للدلالة على معانيها الحقيقية التي اقترنت بها بسبب التعيين أو التعيّن ، والتي تتبادر منها عند الاستعمال ، فلا تدلّ إلاّ عليها إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، غاية الأمر أنّ الألفاظ على نحوين : 1.

ص: 127


1- أُصول الفقه - للشيخ المظفّر - 3 / 137.
2- أُصول الفقه - للشيخ المظفّر - 1 / 31.

* الأوّل : ما وضع لمعنىً معيّن ، ولا يحتمل بحسب نظام اللغة إفادة غير ذلك المعنى حتّى بمعونة القرائن ، وهذا هو «النصّ» ، كما لو قال المولى : (يحرم عليك الخمر) ؛ فإنّه نصّ في الحرمة ، ولا يمكن صرف دلالته من الحرمة إلى الكراهة ، بقرينة كلام آخر يرخّص في تناول الخمر ، بل الكلام الآخر سيكون في نظر العرف معارضاً للحكم بالحرمة.

* والنحو الثاني : ما وضع ليدلّ بذاته وبمجرّده على معنىً معيّن ، ولكنّه قابل للدلالة على معنىً آخر ، وهذه القابلية لا تصل إلى مرحلة الفعلية إلاّ بمعونة كلام آخر يكون قرينة تصرف دلالة اللفظ إلى ذلك المعنى الآخر.

ففي هذا النحو الثاني ، إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، تبادر منه معناه الحقيقي ، وعلمنا أنّه هو المراد الواقعي للمتكلّم ، ولم نحتمل دلالته على معنىً آخر ، وإلاّ لَما تمّ التفاهم بين أهل اللغة ..

وأمّا إذا قرن المتكلّم بذلك اللفظ ما يصرف ظهوره ودلالته إلى معنىً آخر ، علمنا أنّ مراده هو المعنى الآخر.

من نماذج هذا النحو الثاني :

أوّلا :

ما تؤدّي القرينة فيه إلى تغيّر نوع الحكم ، ويدخل ضمن هذا القسم :

1 - مادّة الأمر وصيغته.

نحو : «آمرُك بالقراءة - اقرأْ» ؛ فإنّ معناهما الحقيقي الموضوع له هو

ص: 128

«الوجوب» ، وهو الظاهر منهما مع عدم القرينة ، ولكنّهما قد يستعملان لإفادة «الاستحباب» مع القرينة ، التي تتمثّل في وجود دليل آخر صادر من الشارع يرخص في ترك القراءة ، فيكشف عن استعمال الصيغة في الدليل الأوّل في الطلب الاستحبابي لا الوجوبي.

2 - مادّة النهي وصيغته.

نحو : «أنهاك عن التدخين - لا تدخّن» ؛ فإنّ معناهما الحقيقي هو الحرمة ، وهو الظاهر المتبادر منهما مع عدم القرينة ، ولكنّهما قد يستعملان لإفادة «الكراهة» بمعونة القرينة التي تتمثّل بورود دليل شرعي آخر يرخّص في التدخين ، ويصرف ظهور الدليل الأوّل من النهي التحريمي إلى النهي الكراهتي.

ثانياً :

ما تؤدّي القرينة فيه إلى تضييق دائرة موضوع الحكم أو توسيعها ، كأن يكون اللفظ دالاّ بذاته على الشمول والاستيعاب لجميع أفراد الموضوع أو حالاته ، ما لم يمنع من ذلك وجود دليل آخر يستثني بعض الأفراد أو الحالات ، أو يوسّع دائرة الموضوع بإضافة بعض الأفراد إليه ، كدليل «الطواف بالبيت صلاة» ، الموسّع لموضوع شرطية الطهارة في العبادات ، وممّا يدخل في هذا القسم :

1 - ألفاظ العموم.

نحو : «كل» ، «جميع» ، فلو قال الآمر : «أكرم جميع العلماء» ، كان

ص: 129

كلامه ظاهراً في دخول جميع أفراد العلماء في موضوع الحكم بوجوب الإكرام ، إلاّ إذا صدر من الآمر نفسه كلام آخر يقول فيه مثلا : «لا تكرم العالم الفاسق» ؛ فإنّه يكون قرينة تضيّق دائرة شمول الكلام الأوّل ، بإخراج فسّاق العلماء من موضوع الحكم بوجوب الإكرام.

2 - الألفاظ المطلقة.

نحو : «رقبة» في قول المولى : «أعتق رقبةً» ؛ فإنّه ظاهر بذاته في الشمول للرقبة مطلقة من قيد الإيمان والكفر ، إلاّ إذا ورد دليل آخر من قِبَل المولى ينهى عن عتق الكافر ؛ فإنّه يقيّد إطلاق الرقبة في الدليل الأوّل ، ويحصر موضوع تشريع العتق بالرقبة المقيّدة بالإيمان.

وعليه :

فليس من الصحيح التفريق بين النّص والظاهر ، بإفادة الأوّل للعلم بمراد المتكلّم ، وإفادة الثاني للظنّ بمراده.

بل الصحيح :

أن نفرّق بينهما بالقول : إنّ النص هو : ما وضع لمعنىً معيّن ولا يمكن استعماله في غيره حتّى مع القرائن ، ولأجل ذلك يحصل العلم بإرادة المتكلّم لذلك المعنى من ذات اللفظ.

وأمّا الظاهر ، فهو : اللفظ الموضوع لمعنىً معيّن ، ولا تحتمل دلالته على غيره ، ولكن يمكن استعماله في غيره ، بشرط وجود قرينة تصرف دلالته من المعنى الموضوع له ، إلى ما قامت عليه القرينة ، والقرينة تارة

ص: 130

تنظر إلى موضوع الحكم ، فتقوم بتوسعة دائرته أو تضييقها ، وأُخرى تنظر إلى الحكم نفسه ، كأن تقوم بتغييره من الوجوب إلى الاستحباب ، أو من الحرمة إلى الكراهة.

وفي هذه الحال ، إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، ولم نجد في الكلام قرينة تصرفه عن معناه الموضوع له ، لم نحتمل دلالته على معنىً آخر ، بل نعلم بأنّ مراد المتكلّم واقعاً هو المعنى الظاهر من ذات اللفظ ، أي : المعنى الحقيقي المتبادر منه ، وإن وجدنا قرينة صارفة له عن معناه الحقيقي ، علمنا أنّ مراد المتكلّم هو المعنى الذي قامت عليه القرينة.

وعليه :

فليس في الظهور ظنّ بمراد المتكلّم لكي نبحث عن دليل يثبت حجّية هذا الظنّ شرعاً.

واحتمال ضياع بعض النصوص التي تشكّل قرائن على إرادة خلاف ظواهر الأدلّة الموجودة بين أيدينا ، يردّه أنّ الشارع المقدّس قد أكمل الدين وتعهّد بحفظه ؛ قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (1) ، وقال سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (2) ، ولا معنى لحفظ الدين إلاّ الحفاظ على نصوصه من الضياع ، ولمّا كانت القرائن أدلّة شرعية ، فهي محفوظة حتماً بحفظ الله لها ، وحاضرة بين أيدينا ، ولا معنى لاحتمال فقدها وضياعها. 9.

ص: 131


1- سورة المائدة 5 : 3.
2- سورة الحجر 15 : 9.

وعليه :

فإذا كان الشارع قد أكمل الدين ، ولم يترك واقعة حدثت أو ستحدث ، إلاّ وبيّن حكمها ، إمّا بدليل يختصّ بها ، وإمّا بحكم كليّ مجعول على عنوان يشملها بعمومه أو إطلاقه ، وإذا كانت جميع الأدلّة محفوظة وحاضرة بين أيدينا ، ونحن على علم بما هو صادر منها واقعاً ، إمّا لكونه آية من كتاب الله عزّ وجل ، وإمّا لكونه حديثاً ثابتاً بالتواتر ، أو بالضرورة من الدين ، أو بالاتّفاق على نقله في المصادر الحديثية لكلّ المسلمين ، أو بموافقته لمحكم الكتاب والسُنّة المعلومة الصدور ، مع علمنا باستمرار الدين إلى يوم القيامة ، فإنّ النتيجة الطبيعية لكلّ ذلك هي : انفتاح المصراع الأوّل من مصراعي باب العلم بالحكم الشرعي ، وهو : العلم بصدور الدليل على الحكم من الشارع المقدّس.

وأمّا العلم بمدلول ما علمنا بصدوره من الأدلّة ، فهو ميسور لنا أيضاً ؛ لأنّه إذا كان نصّاً في معناه ، تعيّن إرادة الشارع لذلك المعنى ، وإن كان ظاهراً في معناه ، بأن أمكن استعماله في غيره بقرينة ، فما علينا إلاّ أن نتفحّص بقية الأدلّة ، وكلّها حاضرة بين أيدينا ومرتّبة على الكتب والأبواب ، فإن لم نجد فيها ما يصلح قرينة تصرف اللفظ عن ظاهر معناه ، علمنا بأنّ مراد الشارع هو المعنى الظاهر المتبادر من ذات اللفظ ، ولم نحتمل دلالته على غيره.

وإن وجدنا دليلا يصلح قرينة تصرف اللفظ عن معناه الظاهر منه إلى غيره ، بأن تقوم بتوسعة أو تضييق دائرة موضوع الحكم ، أو تقوم بتغيير نوع الحكم من الوجوب إلى الاستحباب أو الإباحة ، ومن الحرمة إلى الكراهة ،

ص: 132

علمنا بأنّ مراد الشارع هو ما قامت عليه القرينة.

وبهذه الطريقة يتاح لنا العلم بمراد الشارع الواقعي ، وبها ينفتح المصراع الثاني لباب العلم بالحكم الشرعي ، وهو العلم بمدلول الدليل الكاشف عن المراد الواقعي للشارع المقدّس.

وبذلك نخرج من عتمة الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً ، إلى نور العلم واليقين ..

والحمد لله ربّ العالمين.

ص: 133

مصادر البحث

1 - القرآن الكريم.

2 - الإحكام في أُصول الأحكام ، لعلي بن محمد الآمدي ، تحقيق سيد الجميلي ، دار الكتاب العربي / بيروت ، 1418 ه- / 1998 م.

3 - الأمّ ، لمحمد بن إدريس الشافعي ، باعتناء حسّان عبد المنّان ، بيت الأفكار الدولية.

4 - أُصول الفقه ، لمحمد الخضري ، دار الفكر / بيروت ، 1421 ه- / 2001 م.

5 - أُصول الفقه ، للشيخ محمد رضا المظفر ، مطبعة النعمان / النجف الأشرف ، 1386 ه- / 1966 م.

6 - بحار الأنوار ، لمحمد باقر المجلسي ، المطبعة الإسلامية / طهران ، 1385 ه.

7 - بحوث في علم الأُصول (تقريراً لبحث السيّد الشهيد الصدر) ، للسيّد محمود الهاشمي ، المجمع العلمي للشهيد الصدر / قم ، 1405 ه.

8 - تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ، لجلال الدين السيوطي ، تحقيق عرفات العشّا حسونة ، دار الفكر / بيروت ، 1420 ه- / 2000 م.

9 - تفسير العيّاشي ، تحقيق وتعليق السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، المكتبة العلمية الإسلامية / طهران ، 1380 ه.

10 - توجيه النظر إلى أُصول الأثر ، لطاهر بن صالح الدمشقي الجزائري ، المكتبة العلمية / المدينة المنوّرة.

11 - جامع أحاديث الشيعة ، للسيّد حسين الطباطبائي البروجردي ، المطعبة العلمية / قم ، 1399 ه.

12 - دروس في علم الأُصول ، للسيّد الشهيد محمد باقر الصدر ، الحلقة الثالثة ، القسم الأوّل ، تحقيق وتعليق علي حسن مطر ، قم ، 1421 ه- / 2000 م.

ص: 134

13 - دروس في علم الأُصول ، للسيّد محمد باقر الصدر ، الحلقة الثانية ، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي / قم ، 1412 ه- / 1991 م.

14 - الذريعة إلى أُصول الشريعة ، للشريف المرتضى ، تحقيق أبو القاسم گرجي ، منشورات جامعة طهران ، 1363 ه. ش.

15 - سُنن أبي داود ، سليمان بن الأشعث ، ضبط وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الفكر / بيروت.

16 - سُنن الدارقطني ، علي بن عمر ، عالم الكتب / بيروت ، 1406 ه- / 1986 م.

17 - السُنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، لمصطفى السباعي ، المكتب الإسلامي ودار الورّاق / بيروت ، 1419 ه- / 1998 م.

18 - صحيح البخاري ، تخريج وضبط صدقي جميل العطّار ، دار الفكر / بيروت ، 1425 ه- / 2005 م.

19 - صحيح مسلم بشرح النووي ، تحقيق خليل مأمون شيجا ، دار المعرفة / بيروت ، 1422 ه- / 2001 م.

20 - العدّة في أُصول الفقه ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، تحقيق محمد رضا الأنصاري ، قم ، 1417 ه.

21 - فرائد الأُصول ، للشيخ مرتضى الأنصاري ، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي / قم ، 1419 ه.

22 - فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب ، لمجد الدين المؤيّدي ، مجلّة علوم الحديث / طهران ، العدد 18.

23 - الفوائد الحائرية ، للوحيد البهبهاني ، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي / قم ، 1419 ه.

24 - الكافي ، لثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1388 ه.

25 - كفاية الأُصول ، للآخوند الخراساني الشيخ محمد كاظم ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1409 ه.

ص: 135

26 - لسان العرب ، لابن منظور محمد بن مكرّم ، مطبعة الجوائب / مصر 1300 ه.

27 - المحاسن ، للشيخ البرقي محمد بن خالد ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام / قم ، 1416 ه.

28 - مختار الصحاح ، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ، تحقيق أحمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية / بيروت ، 1415 ه- / 1994 م ، ط 1.

29 - مصباح الأُصول ، (تقريراً لبحث السيّد الخوئي) ، محمد سَرْوَر البهسودي ، مطبعة النجف ، 1386 ه.

30 - معالم الدين وملاذ المجتهدين ، للحسن بن زين الدين العاملي ، تصحيح الشيخ علي محمدي ، دار الفكر / قم ، 1374 ه.

31 - المقدّمة في علم الأُصول ، لابن القصّار المالكي ، تحقيق محمد بن الحسين السليماني ، دار الغرب الإسلامي / بيروت ، 1996 م.

32 - نهج البلاغة ، جمع الشريف الرضي ، تحقيق صبحي الصالح ، دار الكتاب الإسلامي / بيروت ، 1980 م.

33 - وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي ، محمد بن الحسن ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1416 ه.

34 - وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار ، للحسين بن عبد الصمد العاملي ، تحقيق عبد اللطيف الكوهكمري ، مجمع الذخائر الإسلامية / قم ، 1401 ه.

ص: 136

النظرية الأُصولية نشوؤها وتطوّرها (1)

تاريخ

علم الأُصول

وتطوّر

الأفكار الأُصولية

(1)

السيّد زهير الأعرجي

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة :

تبحث «النظرية الأُصولية في المدرسة الإمامية» عن الأدلّة والحجج العقلية والشرعية ، ك- : مباحث القطع والظنّ والشكّ ، ومباحث البراءة والاحتياط والتخيير والاشتغال والاستصحاب والتعادل والتراجيح ، والحجّية بصورتها الكلّيّة ، من أجل الوصول إلى الحكم الواقعي أو الظنيّ المقيّد برضا الشارع ؛ فلا شكّ أنّ الطرق والأمارات والأُصول تساعدنا ، ونحن نبتعد يوميّاً عن عصر النصوص الشرعية ، على فهم وظيفتنا الشرعية ، وتطبيق ما ألزمنا المولى عزّ وجلّ بتطبيقه.

حالات المكلّف تجاه الحكم :

فقد قسّمت المدرسة الأُصولية الإمامية الحديثة ، عبر منهجيّتها ، حالات المكلّف تجاه الحكم الشرعي بحالات : (القطع ، والظنّ ، والشكّ) ،

ص: 137

وتلك المنهجية حاولت استيعاب جميع الحجج التي يتمكّن العقل البشري من تصوّرها أو إدراكها ؛ فعندئذ لا تبقى حجّة من الحجج - ذاتية كانت أو مجعولة ، أفادت حكماً شرعياً أو وظيفة عقلية - إلاّ ودخلت تحت هذا التصميم ، ومن الطبيعي فإنّ هذا المنهج العلمي لم يكن نابعاً من فراغ بل كان وليد الصراع العلمي حول العقل وموقعه في الاستنباط.

فكان الرد العلمي على الذين حاولوا إنكار حجّية الدليل العقلي يتمثّل بمناقشة الملازمة بين الحكمين العقلي والشرعي ؛ فلا بدّ من تصميم قاعدة عقلية للتعامل مع حالات الظنّ والشكّ ، من خلال التمييز بين (أصالة البراءة) و (أصالة الاحتياط) مثلاً ، أو التمييز بين مقام ثبوت التكليف على المكلّف ومقام الخروج من عهدة التكليف الثابت ؛ فبمجرّد الاحتمال العشوائي لا يثبت التكليف ولا يخرج من العهدة ، ما لم يتسلّح الفقيه بفهم شامل لعالم الحجج العقلية والشرعية حتّى يستطيع أن يفتي على ضوئها.

خطوط الحجّة العقلية والشرعية :

ولا شكّ أنّ الحجج العقلية والشرعية غير متقاطعة ، بل هي مترتّبة طولياً ، فانكشاف الواقع عن طريق القطع يأتي بالمرتبة الأُولى ويتقدّم على جميع الحجج ، وإذا شئت التعبير قل : هو الخطّ الطولي الأوّل.

أمّا الخطّ الطولي الثاني فهو الطرق والأمارات (وهي الأدلّة الاجتهادية كخبر الواحد والإجماع والشهرة) ، والطرق والأمارات اعتبرها الشارع حجّة شرعية في حالة عدم انكشاف الواقع وفقدان القطع ، ولكن مع انكشاف الواقع والقطع بالحكم الشرعي لا يصحّ شرعاً الاعتماد على تلك الطرق والأمارات.

ص: 138

والخطّ الطولي الثالث هو : صحّة الرجوع إلى الأُصول العملية الشرعية والعقلية (وهي الأدلّة الفقاهتية كالبراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب) في حالة فقدان الطرق والأمارات المعتبرة شرعاً ، بعد الفحص واليأس من عدم الوصول إليها.

وهذا التفريق بين القطع والأمارات ، والأُصول العملية خلق طريقة منهجية في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام ؛ فالمجتهد قد يصيب الأحكام الواقعية وقد لا يصيبها ، فإذا كانت حالة الإصابة فيها ظنّية فهي الأدلّة الاجتهادية ، وإذا لم يستطع الوصول إلى هذا المقدار ، فلا بدّ له أن يصل إلى تحديد الوظيفة الشرعية المقرّرة للجاهل بالحكم عند الشكّ في التكليف أو المكلّف به عن طريقي البراءة أو الاحتياط.

القطع والشكّ والظنّ :

ولا شكّ أنّ اتّساع دائرة الدليل أدّت إلى تركيز البحوث على حجّية القطع ؛ فما لم يكن الدليل حجّة قطعاً لا يمكن الاستناد عليه أو التمسّك به بحال من الأحوال ، فكان لا بدّ من التمييز بين الحجج الذاتية للأدلّة القطعية ، والحجج المجعولة من قبل الشارع والتي لا يمكن اعتبار حجّيّتها إلاّ بدليل قطعي كالطرق ، والأمارات ، ومصاديقها الإجماع ، وخبر الثقة ، وبموجب هذا الفهم تطوّر مفهوم الحجّية الشرعية ؛ فكان لا بدّ للدليل من أن يصل حدّ القطع والعلم حتّى يسمح له بالدخول إلى عالم الاستنباط.

فالأخذ بالحجّية المجعولة من قبل الشارع وسّع من دائرة الدليل ؛ فإنّ الشارع مثلاً أمرنا باتّباع الظنّ في موارد البيّنة واليمين ، جاعلاً الحجّية لهما ، مع أنّ البيّنة واليمين بحدّ ذاتها لا توجبان القطع ولا تمنعان من احتمال

ص: 139

الخلاف ، ولكنّ الشارع تمّم الكشف الناقص على الطريقة التعبّدية ، فأنشأ الحجّية المجعولة.

وهذا التوجّه العقلي يفتح لنا الطريق لإمكانية اعتبار الظنّ والتعبّد به ، شرط أن يحصل لنا علم يقيني بأنّ الشارع قد اعتمد سبيلاً من السبل الظنّية واعتبره وأمرنا بالتعبّد به ؛ فالظنّ ليس حجّة بذاته ولا يمكن الاعتماد عليه ، بل يكون حجّة شرعاً عندما يقوم دليل علمي من ناحية الشارع على حجّيته ، فيصبح عندها ظنّاً معتبراً.

وعلى هذا الأساس صُنّفت الظنون الخاصّة التي ثبتت حجّيتها بالدليل القطعي إلى صنفين :

الأوّل : الطرق والأمارات ، كالأخبار غير المتواترة والإجماع والسيرة والشهرة.

الثاني : المنحى العلمي المستخدم في اكتشاف الحكم الشرعي كحجّية الظهور.

ومعالجة هذا المقدار من مشاكل اكتشاف الحكم غير كافية على نطاق الاستنباط ، ما لم نجد حلاًّ لمعالجة مشاكل الشكّ في الشبهات الموضوعية والحكمية ؛ فكانت الأُصول الأربعة : البراءة ، والتخيير ، والاحتياط ، والاستصحاب هي الحلّ الأخير ، باعتبارها وظيفة الجاهل بالواقع من حيث جهله به ويأسه من الكشف عنه بالعلم أو الظنّ المعتبر.

معالجة التعارض بين الأدلّة الاجتهادية والفقاهتية :

وبطبيعة الحال ، وبسبب تراكم الروايات ، وعدم تمحيص جميعها بصورة قطعية من قبل الفقهاء ، وطول الفترة الفاصلة بيننا وبين عصر النصّ ؛

ص: 140

فأنّه يتبادر ظاهراً في مقام الاستدلال تعارضاً بين الأدلّة الاجتهادية والفقاهتية ، ولكن ذلك التعارض الظاهري رفع عن طريق أربع حالات عقلية مكتَشَفة هي : التخصّص ، والتخصيص ، والورود ، والحكومة.

وتفصيل ذلك : إنّنا نستظهر في (التخصّص) خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الدليل الآخر ، وفي (التخصيص) عدم قصد المتكلّم للمعنى الظاهر من العامّ في استعمال الخاصّ ، وفي (الورود) نفي الدليل الوارد لموضوع الدليل المورود نفياً تكوينياً على الصعيد التعبّدي. وفي (الحكومة) بروز العلاقة الدلالية عندما يكون فيها أحد الدليلين ناظراً إلى مفاد الدليل الآخر ، وبذلك ينتفي التعارض بين الدليلين الاجتهادي والفقاهتي اللذين يترتّبان طولياً ولا يتقاطعان عرضياً.

وهذا المقدار من الفهم الأُصولي للحكم الشرعي أو الوظيفة الشرعية يشمل عالمي الاستنباط في العبادات والمعاملات.

ص: 141

الفصل الأوّل

المدارس الأُصولية في التاريخ الإمامي

منذ القرن الخامس وانتهاءً بالقرن الخامس عشر الهجري

مقدّمة :

يمكن اعتبار علم أُصول الفقه أحد العلوم الشرعية الذي اكتسب أهمّية خاصّة ، وقامت الحوزة العلمية الإمامية باحتضانه ، وبذلت الغالي والنفيس في تطويره والذود عنه ؛ لأنّ هذا العلم يبرز مبادئ القواعد العقلية والشرعية في مباني الاجتهاد الفقهي ، ويكفي فقهاء شيعة أهل البيت فخراً أنّهم بنوا على ضوء تعاليم أئمّتهم عليهم السلام ، المباني العلوية للاجتهاد ، ولسوف يبقى هذا البناء شامخاً بإذن الله تعالى حتّى قيام مهدي هذه الأُمّة (عجلّ الله فرجه) وتحقيق جميع معاني العدالة الاجتماعية التي جاء بها الإسلام.

وقد ساهم فقيهان جليلان من فقهاء الطائفة بشكل رئيسي وحاسم في البناء الأُصولي للفقه الشيعي ، وهما : الشيخ أبو جعفر الطوسي (ت 460 ه) من روّاد المدرسة الفقهية الأُصولية الأُولى التي قامت بالتأسيس للنظرية الأُصولية ، والشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه) رائد المدرسة الأُصولية الحديثة في بناء الأدلّة والحجج الشرعية والعقلية ، وكان بين هؤلاء العلمين وقبلهما وبعدهما مئات الفقهاء وعلماء الأُصول والمعارف الدينية الذين أثْروا بنتاجاتهم المكتبة الشيعية وأوصلوها إلى أرقى مراحل النضوج العلمي. فأصبح للشيعة الإمامية بفضل جهود الحوزة العلمية ، مقعد خالد

ص: 142

للعلوم الشرعية في عالمنا الواسع الفسيح.

المدارس الأُصولية في التاريخ الإمامي :

إنّ أهمّ ما شغل علماء الإمامية بعد انتهاء عصر النصّ ، هو : البحث عن (الدليل) عند استنباط الحكم الشرعي ، ولكنّ البحث عن الدليل لم يكن في يوم من الأيّام من القضايا الميسورة التي يستطيع الفرد فيها إنشاء نظرية متكاملة بمفرده وبمعزل عن التضافر العلمي الجماعي الذي تنقل ثماره - عادةً - الأيادي الأمينة من العلماء من جيل إلى جيل ؛ فالفرد بمفرده - ومهما أُوتي من قدرة علمية- غير قادر على تأسيس نظرية أُصولية تستطيع الصمود مئات السنين ما لم يصاحبها نزوع علمي ، جماعي ، في النقد ، والتنقيح ، والإضافة ، والتجديد. فالتضافر العلمي الجماعي في فترة زمنية مديدة يمتلك تلك الطاقة والقدرة على تأسيس وبناء النظرية العلمية في أُصول الفقه. وهكذا كان ، فقد تضافرت جهود فقهاء أهل البيت عليهم السلام لفترة عشرة قرون كاملة أثمرت خلالها في إنشاء نظرية أُصولية في غاية المتانة في علم القواعد الممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي.

وقد كان محور المشكلة الشرعية التي واجهت الفقهاء في عصر الغيبة وانتهاء عصر النصّ : (الحجّية) في نطاقها العامّ بما فيها حجّية ظواهر الكتاب المجيد ، وحجّية خبر الواحد الناقل لقول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره ، وحجّية الإجماع ، وحجّية العقل والدليل العقلي ؛ فكان موضوع علم الأُصول - دائماً ومنذ عصر التأسيس - هو البحث عن الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي ، ولا شكّ أنّ البحث في دليلية تلك الأدلّة المشتركة كان قد تطوّر بشكل هائل على مرّ العصور ووصل إلى ما وصل إليه اليوم

ص: 143

من القمّة في التفكير الأُصولي الإمامي.

وبطبيعة الحال ، فإنّ الترابط الُمحكم بين الأفكار الأُصولية التي تطوّرت تدريجياً على مدى مئات السنين يدفعنا قهراً - في هذه المرحلة الفكرية - إلى عرض (علم الأُصول) على الصعيد التاريخي عرضاً شاملاً من دون التركيز على مواقع المدارس الأُصولية جغرافياً ، ذلك أنّ تطوّر (علم الأُصول) في مدرسة جغرافية كالنجف الأشرف مرتبطٌ بتطوّره في مدرسة جغرافية أخرى ، وهي : مدرسة الحلّة وتطوّره في مدرسة كربلاء لا يقطع ارتباطه بمدرستي النجف والحلّة. وبكلمة ، فإنّ المدارس الأُصولية التي سوف ندرسها ستهتمّ بالتطوّر الشامل ل(علم الأُصول) عند الشيعة الإمامية على مرّ التاريخ دون النظر إلى الفكر الجغرافي.

وهذه المدارس الأُصولية رُتّبت على أساس التاريخ الزمني المحدّد بقرن كامل لكلّ مدرسة أُصولية ، فكانت إحدى عشرة مدرسة على طول السنين الألف الماضية من عمر التشيّع وموالاة أهل البيت عليهم السلام. وقد ابتدأنا بمدرسة القرن الخامس الهجري ؛ لأنّنا لم نكتشف نظرية إمامية في أُصول الفقه قبل هذا التاريخ. نعم ، قد تناثرت هنا وهناك أفكار أُصولية ، لكنّها لم تنهض إلى مستوى النظرية إلاّ في عصر الشيخ المفيد (ت 413 ه).

1 - مدرسة القرن الخامس الهجري :

وأركانها أربعة فقهاء عظام من مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، عرضوا أربعة كتب مستقلّة في أُصول الفقه ، وهم :

أ - الشيخ المفيد (ت 413 ه) وكتابه رسالة في أُصول الفقه مطبوع ضمن كتاب كنز الفوائد للشيخ الكراجكي (ت 449 ه).

ص: 144

ب - السيد المرتضى (ت 436 ه) وكتابه الذريعة إلى أُصول الشريعة.

ج - الشيخ الكراجكي (ت 449 ه) وكتابه كنز الفوائد.

د - الشيخ الطوسي (ت 460 ه) وكتابه عدة الأُصول.

وتتميّز هذه المدرسة بعرض ضبابي غير واضح لمطالب علم الأُصول ، ووجود خلط معرفي بين (علم أُصول الدين) و (علم أُصول الفقه) ؛ فبالرغم من الاستقلالية النسبية التي حصل عليها (علم الأُصول) المتطوّر باستمرار مع الحاجات الاستدلالية في عملية استنباط الأحكام الشرعية ، إلاّ أنّ ذلك الخلط كان لا يزال قائماً بين علمي الكلام والأُصول خصوصاً في أخبار الآحاد ؛ فقد كان أصوليّو هذه المدرسة لا يرغبون في الاستدلال بالروايات الظنّية التي لا يُعَرف صدقها باعتبار أنّها لا تؤدّي إلى القطع ، وهي بذلك ليست دليلاً من الأدلّة القطعية. ولا شكّ أنّ هذه الفكرة كانت قد استمدّت من علم أُصول الدين حيث اتفق الكلاميّون على أنّهم لا يستطيعون إثبات صفات الخالق عزّ وجلّ عن طريق أخبار الآحاد.

الشيخ المفيد و «رسالة الأُصول» :

وقد تناول الشيخ المفيد رضي الله عنه في رسالته الأُصولية : الطرق أو الأدلّة إلى أُصول الأحكام الشرعية فأوصلها إلى ثلاثة وهي :

أ - العقل ، وهو سبيل إلى معرفة حجّية القرآن ودلائل الأخبار.

ب - اللسان (أي اللغة) ، وهو : السبيل إلى المعرفة بمعاني الكلام.

ج - الأخبار ، وهي : السبيل إلى إثبات أعيان الأُصول من الكتاب

ص: 145

وسُنّة أهل البيت عليهم السلام (1).

وهذه الطرق الثلاث تقابل الأدلّة العقلية ، ومباحث الألفاظ ، والحجج الشرعية بأبسط صورها الفكرية. إلاّ أنّه صرّح في الوقت ذاته بأنّ خبر الواحد لا يوجب علماً ولا عملاً ، إلاّ إذا اقترن بقرينة تؤيّد صدقه ، أو بدليل عقلي أو بشاهد من عرف ، أو بالإجماع غير المخالف ؛ وإلاّ فأنّه ليس بحجّة (2).

وفي ضوء تلك الأفكار ، فإنّ كتاب الشيخ المفيد (ت 413 ه) الذي استفاده الكراجكي (ت 449 ه) قد يعدُّ أوّل كتاب مستقلّ تناول علم أُصول الفقه عند الشيعة الإمامية ، أي بعد أقلّ من قرن كامل على الغيبة الكبرى.

السيد المرتضى و «الذريعة» :

ومع وضوح الشيخ المفيد رضي الله عنه في طرح المباحث الأُصولية الابتدائية ، إلاّ أنّ التشويش يبدو ظاهراً في مطالب العلم الجديد في عصر السيّد المرتضى (ت 436 ه) ؛ فقد حاول هذا الفقيه الجليل بلورة الفروق المبدأية بين علم أُصول الدين وعلم أُصول الفقه ؛ فعرض في كتابه الذريعة إلى أُصول الشريعة ردّاً مفصّلاً موجهاً إلى فقيه قد صنّف كتاباً عنونه ب- أُصول الفقه ..

ولكنّه في واقع الأمر تناول بالتفصيل أُصول الدين دون أُصول الفقه ؛ ه.

ص: 146


1- رسالة في أُصول الفقه عن كتاب المفيد ضمن كتاب كنز الفوائد.
2- رسالة في أُصول الفقه.

فانبرى السيّد المرتضى لتفصيل الاختلاف بين أُصول الدين وأُصول الفقه ، وأوضح أنّ أُصول الدين أو (علم الكلام) ممّا يتناول حدوث الأجسام وإثبات المحدث وصفاته وجميع أبواب التوحيد والعدل والنبوات ، أمّا أُصول الفقه فيتناول الأمر والنهي ، والعموم والخصوص ، والبيان والمجمل ، والإجماع ، والأخبار ، والقياس ، والاجتهاد ونحوها (1).

ومع كلّ ذلك البيان ؛ فهو قدس سره لم يستطع التخلّص من رواسب تلك الرمادية التاريخية المتأصّلة بين علم الأُصول وعلم الكلام ، فيقول باحثاً صيغة الأمر وأحكامه وأقسامه : «إنّ الفقهاء كلّهم وأكثر المتكلّمين يذهبون إلى أنّ للأمر صيغة مفردة مختصّة به ، متى استعملت في غيره كانت مجازاً ، والذي يدلّ على أنّ هذه اللفظة مستعملة بلا خلاف في الأمر والإباحة في التخاطب والقرآن والشعر ، يقول تعالى : (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ) (2) وهو أمر ، ويقول تعالى : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ) (3) وهو مبيح ، وكذلك قوله تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الاَْرْضِ) (4) والانتشار مباح وغير مأمور به ، وظاهرُ الاستعمال يدلّ على الحقيقة ، إلاّ أن تمنع دلالة» (5). وهذا التفكير الأُصولي مع أنّه يغطّي مساحة مشتركة من علمي الأُصول والكلام ، إلاّ أنّه يحمل بوضوح فكرة القواعد العامّة في عملية الاستنباط الفقهي. 9.

ص: 147


1- الذريعة إلى أُصول الشريعة 1 / 6 المقدّمة.
2- سورة البقرة 2 : 43.
3- سورة المائدة 5 : 2.
4- سورة الجمعة 62 : 10.
5- الذيعة إلى أُصول الشريعة 1 / 39.

الكراجكي و «كنز الفوائد» :

وفي كتاب كنز الفوائد للكراجكي (ت 449 ه) عمق واضح يتناسب مع تلك المرحلة ، في نقاش طبيعة الحجج الأُصولية بشكلها الأوّلي ، فيتناول ذلك الكتاب تعريف الخبر بالقول : «فأمّا الخبر فهو ما أمكن فيه الصدق والكذب وله صيغة زمنية مبنية ينفصل بها ممّا يخالفه في معناه ، وقد تستعار صيغته في ما ليس بخبر كما يستعار غيرها من صيغ الحقائق في ما سواه على وجه الاتّساع والمجاز ، قال الله عزّ وجلّ : (... وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) (1) ، فهو لفظ بصيغة الخبر والمراد به الأمر بأن يؤمّن من دخله. والعامّ في معنى الكلام ما أفاد لفظه اثنين فما زاد ، والخاصّ ما أفاد واحداً دون ما سواه ؛ لأنّ أصل الخصوص التوحيد وأصل العموم الاجتماع ، وقد يعبّر عن كلّ واحد منهما بلفظ الآخر تشبّهاً وتجوّزاً قال الله تعالى : (اِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (2) ، فعبّر عن نفسه سبحانه وهو واحد بلفظ الجمع» (3).

الشيخ الطوسي و «عدّة الأُصول» :

وقد واصلت مدرسة (القرن الخامس الهجري) تطوّرها الأُصولي ، ووصلت إلى درجة من الرقي في أبحاثها عندما انتقل شيخ الطائفة الجليل أبو جعفر الطوسي (ت 460 ه) إلى النجف سنة 448 ه- وبدأ بممارسة 8.

ص: 148


1- سورة آل عمران 3 : 97.
2- سورة الحجر 15 : 9.
3- كنز الفوائد : 188.

الكتابة والتدريس هناك ؛ فكتب كتاب عُدّة الأُصول الذي يعتبر من أوائل الكتب التي تخلّصت من عقدة الخلط بين علمي الكلام والأُصول ، وميّزت البحوث الأُصولية عن الفقهية على أساس الفرق بين الأدلّة الإجمالية والأدلّة التفصيلية ..

يشير شيخ الطائفة إلى ذلك في كتابه عُدّة الأُصول بالقول : «أُصول الفقه هي أدلّة ؛ الفقه فإذا تكلّمنا في هذه الأدلّة فقد نتكلّم في ما يقتضيه من إيجاب وندب وإباحة وغير ذلك من الأقسام على طريق الجملة ، ولا يلزمنا عليها أن تكون الأدلّة الموصلة إلى فروع الفقه ، لأنّ هذه الأدلّة أدلّة على تعيين المسائل ، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل» (1). ولعلّ في تعبير الشيخ رضي الله عنه أوّل إشارة إلى مصطلح القواعد المشتركة على الصعيد الأُصولي ، ومصطلح المفردات الخاصّة على الصعيد الفقهي.

2 - مدرسة القرن السادس الهجري :

ويقف على رأسها فقيهان جليلان هما : ابن زهرة ، حمزة بن علي الحسيني الحلبي (ت 585 ه) ، وابن إدريس الحلّي (ت 598 ه).

ابن زهرة و «الغُنية» :

وأهم مؤلّفات ابن زهرة كتاب : غُنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع أو كما هو مدوّن في كتاب الجوامع الفقهية المنشور في طيّاتها ، باسم الغُنية أصولها وفروعها. وهو على قسمين : 3.

ص: 149


1- عدة الأُصول ج 1 / 3.

الأوّل : أُصول الفقه ويشمل ربع الكتاب في 25 صفحة طبعة حجرية من القطع الكبير (الرحلي).

الثاني : فروع الفقه ويشتمل على أكثرَ من ثلاثة أرباع الكتاب في 77 صفحة طبعة حجرية من نفس القطع.

وقد بدأ كتابه بالقول : «لمّا كان الكلام في فروع الفقه يُبنى على أُصول له وجب الابتداء بأصوله ثمّ إتباعها بالفروع ، والكلام في الفروع من دون إحكام أصله لا يثمر. وقد كان بعض المخالفين سأل ، فقال : إذا كنتم لا تعملون في الشرعيّات إلاّ بقول المعصوم فأيّ فقر بكم إلى أُصول الفقه ، وكلامكم فيها كأنّه عبث لا فائدة فيه. فيقال له : قد ثبت عندنا بالأدلّة القاهرة وقوف الأحكام الشرعية على نصّ علاّم الغيوب سبحانه العالم بمصالح عباده فيها وبمفاسدهم ...» (1). وهذا النصّ التاريخي يشدّد على دور الأُصول في استنباط الفروع الفقهية ، ويؤكّد على أهمّية الحاجة إلى إثراء القواعد الأُصولية بعد أكثر من قرن على وفاة الشيخ الطوسي ؛ فالحاجة إلى علم الأُصول في عصر انتهاء النصّ الشرعي كانت تزداد كلّما ظهر للفقيه افتقاره للقواعد الكلّية المشتركة في عملية الاستنباط ..

وقد فصلّ ابن زهرة في القسم الأُصولي من كتابه ، في مباحث : الأوامر الشرعية ، والخصوص والعموم ، والنسخ ومتعلّقاته ، والأخبار ، والأفعال ، والإجماع ، وحرمة القياس ، والاستصحاب ... وكذلك تناول مباحث ابتدائية حول الحجّية كحجّية العامّ المخصّص وعدم حجّية مفهوم الوصف .. ة.

ص: 150


1- الغنية : 461 ضمن كتاب الجوامع الفقهية.

ولعلّ مدرسة (ابن زهرة) الفكرية تعدُّ من أهم مدارس الإمامية التي حاولت إنشاء جسر موصل بين الفقه وأصوله في كتاب واحد يتضمّن كلا القسمين : أُصول الفقه ، والفروع الفقهية ، وحاولت - بتوفيق ظاهر- تطبيق القواعد الأُصولية على تلك الفروع.

ولكن ما ميّز (ابن زهرة) عن أقرانه من الفقهاء في تلك الحقبة الزمنية أنّه عمد إلى عدم محاكاة الشيخ الطوسي ، بل مخالفته صريحاً في مواضع متعدّدة. ففي باب دلالة النهي على الفساد مثلاً آمن الشيخ الطوسي بدلالة النهي على الفساد ، بينما آمن ابن زهرة بعدم وجود ملازمة بين الحرمة والفساد ، وفي باب دلالة الأمر على الفور آمن الشيخ الطوسي بدلالة الأمر على الفور ، بينما آمن ابن زهرة بعدم دلالة الأمر على الفور أو على التراخي ؛ فقد عرض استدلاله في مخالفة الشيخ الطوسي قائلاً : «ولا يعلم من مطلق الأمر فورٌ ولا تراخ وإنّما يعلمُ أحد الأمرين بقرينة دالّة عليه ؛ لأنّه قد ورد في القرآن العظيم والاستعمال وأريد به تارة الفور وأخرى التراخي ... وتعلّقهم : بأنّ الأمر إيجاب فعل واحد وقد دلّ العقل على أنّ أفعالنا لا يصحّ فيها التقديم والتأخير ؛ فوجب أن يكون المراد فعل المأمور به عقيب الأمر ليكون الفعل واحداً ، غير صحيح ؛ لأنّ التراخي والتخيير في أوقات الفعل جائز وإن كان واحداً ...» (1).

وهذا التطوّر خطير للغاية ؛ لأنّه فتح الباب أمام كسر الحواجز النفسية في النقد العلمي لكبار مشايخ الطائفة ، وهو بلا شكّ - مفتاح رئيسي من مفاتيح الاجتهاد ، لأنّه عبّر عن قدرة استقلالية في الاستدلال الشرعي 6.

ص: 151


1- الغُنية : 465 - 466.

والبحث عن سند الدليل ، بدل المحاكاة المعرفية التي لا تنهض إلى إدراك معاني الدليل أو واقعيّته. وقد كانت قدسية الشيخ الطوسي ومكانته العلمية في النفوس تمنع من ممارستهم ذلك اللون من النقد والتنقيح.

ابن إدريس و «السرائر» :

وشهد هذا القرن أيضاً عالماً جليلاً آخراً انتقل من النجف إلى الحلّة ، وهو : ابن إدريس الحلّي (ت 598 ه) وكتابه الفقهي الجليل السرائر ، فقد ابتدأه بإعلان إيمانه بحجّية العقل بالإضافة إلى النصوص الشرعية ، قائلاً : (... فإنّ الحقّ لا يعدو أربع طرائق : كتاب الله سبحانه أو سنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم المتواترة المتفق عليها أو الإجماع أو دليل العقل ؛ فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية عند المحقّقين الباحثين عن مآخذ الشريعة التمسّك بدليل العقل فيها ، فأنّها مبقاة عليه وموكولة إليه ، فمن هذه الطريق توصّل إلى العلم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه ، فيجب الاعتماد عليها والتمسّك بها فمن تنكّر عنها عسف وخبط خبط عشواء ...) (1).

ولم يكتف ابن إدريس في كتابه بيان آرائه الفقهية ، بل كان يناقش في كلّ فرع الأساس الأُصولي للمسألة الفقهية ، وقد ناقش - في بعض الأحيان - أكثر من مسألة أصولية في فرع فقهي واحد ، وعمد ابن إدريس إلى مناقشة آراء الشيخ الطوسي ونقدها نقداً علمياً على نطاقي الاستدلال والاستنباط.6.

ص: 152


1- السرائر : 2 طبعة حجرية والمطبوع 1 : 18 و 46.

وبكلمة ، فإنّ كتاب السرائر كان محاكمة علمية أخرى لآراء الشيخ الطوسي في كتابي النهاية والمبسوط ، وطريقاً جديداً للنقد العلمي والاستنباط الشرعي المستقلّ عن المحاكاة والتقليد.

3 - مدرسة القرن السابع الهجري :

وهي المدرسة التي ازدهرت في الحلّة وامتدّت - مع مدارس القرن الثامن والتاسع والعاشر الهجري - إلى أكثر من ثلاثة قرون ونصف ، ابتدأت - نظرياً - من ابن إدريس (ت 598 ه) واضمحلّت في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري ، وأهمّ أقطاب هذه المدرسة : المحقّق الحلّي ، جعفر بن الحسين (ت 676 ه) ، الذي كتب في علم الأُصول كتابين هما : نهج الوصول إلى معرفة علم الأُصول ، ومعارج الأُصول. وقد سيطرت هذه المدرسة ، بشقّيها الأُصولي والفقهي ، على الفكر الشيعي حقبة طويلة من الزمن ؛ فقد أصبح كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ، وهو من الكتب الفقهية الاستدلالية المبوّبة تبويباً علمياً جديداً ، مدار بحث وتدريس وشرح وتعليق في الحوزات العلمية بدلاً من كتاب النهاية للشيخ الطوسي ، وبذلك فقد انتهى العصر التدريسي لمؤلّفات الشيخ الطوسي المتمثّل في الكتب الرئيسية الثلاثة : المبسوط ، والنهاية ، وعدة الأُصول ليدخل عصر المحقّق الحلّي بكتابيه شرائع الإسلام ، والمعارج.

4 - مدرسة القرن الثامن الهجري :

ومن أعمدتها : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف (ت 726 ه) ،

ص: 153

وفخر المحقّقين ، محمد بن الحسن (ت 771 ه) ، والشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي (ت 786 ه).

كتابات العلاّمة وفخر المحقّقين والشهيد الأوّل :

فقد كَتَبَ العلاّمة الحلّي أكثر من كتاب في أُصول الفقه ، منها :

أ - تهذيب الوصول إلى علم الأُصول ، وهو : مختارات من مختصر المنتهى لابن الحاجب.

ب - مبادئ الوصول إلى علم الأُصول ، مطبوع مع كتاب المعارج للمحقّق الحلّي.

ج - نهاية الوصول إلى علم الأُصول.

د - النكت البديعة في تحرير الذريعة ، ذكره المصنّف في كتاب الخلاصة (1).

ه- - منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأُصول.

و - شرح غاية الوصول في الأُصول ، وهو : شرح العلاّمة الحلّي على كتاب الغزالي (2).

وكتب (فخر المحقّقين) كتابين في أُصول الفقه هما : غاية السؤول في شرح تهذيب الأُصول ، وشرح المبادئ.

أمّا الشهيد الأوّل فله كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، وكتاب القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية. 4.

ص: 154


1- الخلاصة : 46.
2- كشف الظنون 2 / 1194.

الشهيد الأوّل و «القواعد والفوائد» :

وقد بلغ (علم الأُصول) في هذه المرحلة درجة أعلى في الدقّة والعمق من أيّ وقت مضى ؛ ففي كتاب القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية للشهيد الأوّل ، ضمّن المصنّف رضي الله عنه كتابه ما يقرب من ثلاثمائة وثلاثين قاعدة أصولية وفقهية ونحوية ، إضافة إلى فوائد تقرب من مائة فائدة ، والكثير من التنبيهات التي يغلب عليها الطابع الفقهي الاستدلالي ..

ومنهجه في ذلك إيراد القاعدة الأُصولية ثم مناقشتها مناقشة استدلالية على ضوء المذهب الإمامي ، ثمّ مقارنتها بالمذاهب الأخرى ؛ فعلى سبيل المثال تناول بالشرح قواعد أصولية عديدة كقاعدة (البناء على الأصل عند الشكّ في سبب الحكم) ، وقاعدة (أقسام التكاليف الشرعية بالنسبة إلى قبول الشرط والتعليق) ، وقاعدة (اليقين : وهي البناء على الأصل واستصحاب ما سبق). والقاعدة الأخيرة ، وهي قاعدة اليقين يتناولها بإسهاب حيث يشقّقها إلى أربعة تشقيقات ، هي :

1 - استصحاب النفي في الحكم الشرعي إلى أن يرد دليل ، وهو المعبّر عنه ب- (البراءة الأصلية).

2 - استصحاب حكم العموم إلى ورود مخصّص ، وحكم النصّ إلى ورود ناسخ.

3 - استصحاب حكم ثبت شرعاً.

4 - استصحاب حكم الإجماع في موضع النزاع.

ويتناول صور تعارض الأصل والظاهر ، والموارد التي يقدّم فيها الأصل على الظاهر والظاهر على الأصل. وكذلك الأصل في اللفظ (أي

ص: 155

الحمل على الحقيقة الواحدة) ، ويقسّم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام : لغوية ، وعرفية ، وشرعية ، ثمّ يشرع في شرح المجاز والمشترك ، ويتناول أقسام متعلّق الأمر والنهي ، ويبيّن ألفاظ العموم ، ويذكر أيضاً معاني (الألف واللام) عند الفقهاء والأُصوليّين ، ثمّ يعرّج على الإنشاء فيعرّفه ويذكر الفرق بينه وبين الخبر ، والفرق بين الفتوى والحكم.

ثمَّ يتناول العديد من الموارد لتطبيق تلك القواعد ، فعلى سبيل المثال يقول في شرح قاعدة (حمل المطلق على المقيد) : (... لو قُيّد الحكم بقيدين متضادّين تساقطا وبقي المطلق على إطلاقه ، إلاّ أن يدلّ دليل على أحد القيدين ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهنّ بالتراب. وبهذا عمل ابن الجنيد ، وروينا (ثلاثاً) ، وروى العامّة (أخراهن بالتراب). وروينا ورووا : (أولاهنّ). فيبقى المطلق على إطلاقه ، لكن رواية (أولاهنّ) أشهر ، فترجّحت بهذا الاعتبار) (1).

وهذه الروح الاستدلالية نقلت علم الأُصول إلى مرحلة جديدة من مراحل استقراره وثبوته ، وأوجدت إدراكاً خاصّاً لفهم دوره الحاسم في عملية استنباط الأحكام الشرعية الخاصّة بالأحداث والوقائع المتغيّرة بتغيّر الزمان والمكان.

5 - مدرسة القرن التاسع الهجري :

ولم يظفر هذا القرن إلاّ بفقيه من فقهاء مدرسة (الحلّة) وهو : المقداد ابن عبد الله السيوري الحلّي (ت 826 ه) الذي كتب : شرح مبادئ الوصول لعلم الأُصول للعلاّمة وسمّاه ب- نهاية المأمول ، ونضد القواعد الفقهية على0.

ص: 156


1- القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية 1 / 210.

مذهب الإمامية ، والتنقيح الرائع في شرح المختصر النافع ، وكنز العرفان في فقه القرآن. وهذه الكتب وغيرها ممّا كتب من قبل ساهمت كلّها في تنظيم المناهج الأُصولية في عملية الاستنباط في تلك المرحلة ، خصوصاً وإنّ ابتعاد الفقهاء عن عصر النصّ واختلافهم في سلامة الروايات من حيث السند والدلالة ، جعلهم يصبّون جهداً مكثّفاً في سبيل بلورة القواعد الأُصولية المشتركة في عملية استخراج الحكم الشرعي.

السيوري الحلّي و «نضد القواعد» :

والملاحَظ أنّ مجرّد النظر إلى عنوان كتابه القيّم : نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية يدلّل على مدى الحاجة القائمة آنذاك إلى تنظيم القواعد المشتركة في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام وترتيبها وتهذيبها ، قال في المقدّمة في إشارة إلى أستاذه الشيخ الشهيد الأوّل قدس سره بأنّه : (... قد جمع كتاباً يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية استخراج المنقول من المعقول وتدريباً لهم في اقتناص الفروع من الأُصول ، لكنّه غير مرتّب ترتيباً يحصّله كلّ طالب وينتهز فرصة كلّ راغب ، فصرفتُ عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقرير ما اشتمل عليه وتقريبه) (1).

ويقسّم السيوري الحلّي كتاب نضد القواعد إلى قسمين أو إلى قطبين حسب تعبيره :

الأوّل : في القواعد العامّة وما يتفرّع عليها (وهي القواعد الأُصولية). الثاني : في العبادات وغيرها من أبواب الفقه.

وقد بذل المصنّف جهده في تبويب الضوابط الكلّية للأصول في 1.

ص: 157


1- نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية - المقدمة : 1.

مباحث الأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص والمطلق والمقيّد ، ومباحث الألفاظ ، ومباحث الحجج. إلاّ أنّ بثّ القواعد الأُصولية بشكل غير مبرمج أفقد الكتاب منهجه الموضوعي في تصنيف القواعد المشتركة في الأُصول بشكل مستقلّ عن القواعد الفرعية الفقهية ، ولكن هذا الخلل المنهجي لم يكن ليقلّل من قيمة الكتاب العلمية والتاريخية في تطبيق تلك القواعد على الفروع الفقهية في عملية الاستنباط ؛ خصوصاً وأنّ كتابه جاء متطوّراً عن كتاب أستاذه الذي كان ينقصه الترتيب العلمي ، كما أشار إلى ذلك في المقدمة.

6 - مدرسة القرن العاشر الهجري :

وعلى رأسها الشهيد الثاني ، زين الدين الجبعي (ت 965 ه) ، الذي كان ملمّاً بأفكار المدارس الفقهية والأُصولية السنّية (على ضوء المذاهب الأربعة) من خلال رحلاته وأسفاره إلى الشام ، ومصر ، والحجاز ، والقسطنطينية ، والعراق إضافة إلى موطنه في (جبل عامل) ؛ فاستفاد من ذلك كلّه في الحفاظ على استقلالية أُصول فقه أهل البيت عليهم السلام في الاستنباط بشكل واع ومتميّز ؛ فقد طبعت تلك الخبرة والثقافة المذهبية مؤلّفاته بطابع الموضوعية في العرض ، والعمق في الفكرة ، والوضوح في التعبير.

الشهيد الثاني و «الروضة البهية» و «تمهيد القواعد» :

وأهمّ كتبه : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية وهو شرح مزجي استدلالي مختصر يعرض فيه آراءه الفقهية على ضوء القواعد

ص: 158

المشتركة في الأُصول ، وكتاب تمهيد القواعد الأُصولية والعربية ، وهو يضمّ قسمين ، الأوّل : يتناول مائة قاعدة أصولية وما يتفرّع عليها من الأحكام. والثاني : يتناول مائة قاعدة من القواعد العربية ، يليهما فهرس مبسوط لتسهيل استخراج المطالب من الكتاب.

وقد ناقش المصنّف في كتابه تمهيد القواعد : القواعد المشتركة في علم الأُصول كمباحث الأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد ، والمجمل والمبيّن ، والتعادل والتراجيح ، والاجتهاد والتقليد ، بالإضافة إلى بعض مباحث الألفاظ كالوضع ، والاشتراك ، والصفة ، والشرط ، والحقيقة ، والمجاز.

انتقال الحوزة من الحلّة إلى النجف :

ويعتبر القرن العاشر الهجري فترة تطوّر كمّي لا نوعي في علم الأُصول عند الشيعة الإمامية ؛ فلم تتعدّ مواضيع الأُصول في تلك الفترة ما كان متعارفاً بين الفقهاء من مباحث الألفاظ ، وبعض الأدلّة العقلية والشرعية.

وبانتهاء القرن العاشر ينتهي دور مدرسة الحلّة في الفقه والأُصول ، وتنتقل الحوزة العلمية الشيعية ثانية إلى النجف الأشرف ، وإذا حاولنا التفتيش عن أسباب هذا الانتقال ، فإنّنا قد نجد الموارد التالية :

1 - خلو (الحلّة) من كبار فقهاء الشيعة بوفاة (فخر المحقّقين) ، و (المقداد السيوري الحلّي) وأمثالهم من كبار فقهاء الطائفة.

2 - اهتمام سلاطين الدولة الصفوية بإحياء مدينة النجف باعتبارها مدينة مقدسة تضمّ في أحشائها قبر مولى الموحّدين وأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ؛ فحاولوا إيصال الماء إليها .. وقد ورد في كتاب نزهة

ص: 159

الغري أنّ (شاه عبّاس الأوّل ابن السلطان محمد خدا بندة ابن شاه طهماسب الصفوي عندما أخذ بغداد توجّه بعدها إلى زيارة أمير المؤمنين ... وبعد الزيارة أمر بتعمير النهر الذي حفره شاه إسماعيل الأوّل ، وأجرى الماء من نهر الفرات إلى مسجد الكوفة ، وكان عزمه أن يحفر قناة وآباراً ويوصل الماء إلى الروضة المقدّسة وأن يجعل عليها نخيلاً وأشجاراً ...) (1). وبُنيت حولها الأسوار لحمايتها من غزوات القبائل البدوية وما كانت تمثّله من وحشية وانتهاك لحرمة الأمان الذي يجلبه التوجّه الديني والعلمي فيها ..

وتذكر المصادر التاريخية : أنّ الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت 1227 ه) بنى لاحقاً سوراً للمدينة لصدّ هجمات الأعراب عليها.

3 - إنّ ارتباط الحلّة بالنجف كان لا يزال قائماً حتّى مع بروز مدينة الحلّة مركزاً للحوزة العلمية الشيعية ؛ فقد ذكرت بعض مصادر تاريخ النجف : أنّ المقداد السيوري (ت 828 ه) بنى مدرسة في النجف لطلبة العلوم الدينية في أوائل القرن التاسع الهجري ؛ فقد شوهد على كتاب مصباح المتهجد المخطوط للشيخ الطوسي الذي وقع في حيازة الفقيه الجليل الميرزا محمد حسين النائيني (ت 1355 ه) ما يؤيّد ذلك ، وهذا نصّه : (كان الفراغ من نسخه يوم السبت 12 جمادي الأولى سنة 832 ه- على يد الفقير إلى رحمة ربّه وشفاعته عبد الوهاب بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن السيوري الأسدي بالمشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام وذلك في مدرسة المقداد السيوري) (2). وفي ذلك دلالة على أنّ 5.

ص: 160


1- نزهة الغري : 30.
2- ماضي النجف وحاضرها 1 / 85.

الرابطة بين النجف والحلّة كمركزي علوم أهل البيت عليهم السلام كانت لا تزال قائمة ، وفيها دلالة أيضاً على أنّ النجف كانت البديل الوحيد لمدرسة الحلّة الآفلة.

4 - إنّ الصراع الطائفي بين الدولتين العثمانية والفارسية ، كان دائماً يرجّح مدينة النجف ؛ لاحتلال دور عاصمة التشيّع على صعيد العلوم الفقهية والأُصولية. فالنجف رمز خالد للشيعة كما أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رمز خالد للإسلام ، وقد كانت السلطتان الجلائرية والإيلخانية اللتان حكمتا بغداد فترة من الزمن ترجّحان انتقال عاصمة التشيّع إلى النجف لمقابلة عاصمة التسنن العلمية في بغداد.

7 - مدرسة القرن الحادي عشر الهجري :

ومن أعمدتها : ابن الشهيد الثاني (وهو : الحسن بن زين الدين المتوفّى سنة 1011 ه) وكتابه المعروف ب- معالم الدين وملاذ المجتهدين ، والشيخ البهائي (بهاء الدين العاملي المتوفّى سنة 1031 ه) وكتابه زبدة الأُصول.

الشيخ الحسن و «معالم الدين» :

والشيخ الحسن بن زين الدين أقام في النجف الأشرف بعد أن أكمل دراسة المقدّمات في مسقط رأسه في جبل عامل بلبنان ، ودرس عند المقدّس الأردبيلي (ت 993 ه) والمولى عبد الله اليزدي (حيث لم نعثر على تاريخ وفاته) وهما من كبار علماء النجف في ذلك الوقت ، ولكن لم يصلنا من نشاطهما الفكري في علم الأُصول شيء.

ص: 161

ولا شكّ أنّ كتاب معالم الدين يعتبر نقلة نوعية في منهجة علم أُصول الفقه ، فهو بالإضافة إلى دقّته في التعبير ، فأنّه يحمل عمقاً جديداً في نظرية الاستدلال. ويحوي الكتاب مقدمة ذات خطبة بليغة ، ومقصدين ، وخاتمة. يقول في المقدمة : (... فشرعنا بتوفيق الله تعالى في تأليف هذا الكتاب الموسوم ب- معالم الدين وملاذ المجتهدين ، وجدّدنا به معاهد المسائل الشرعية ، وأحيينا به مدارس المباحث الفقهية ، وشفّعنا فيه تحرير الفروع بتهذيب الأُصول ، وجمعنا بين تحقيق الدليل والمدلول ، بعبارات قريبة إلى الطباع ، وتقريرات مقبولة عند الأسماع ، من غير إيجاز موجب للإخلال ...) (1).

أمّا المقصد الأوّل فهو في فضل العلم والعلماء ، وما يجب لهم وعليهم ، ويضمّ تسعة وثلاثين حديثاً بالإضافة إلى نصوص قرآنية شريفة. والمقصد الثاني ، في تسعة مطالب أصولية ، وهي : مباحث الألفاظ ، والأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ، والإجماع ، والأخبار ، والنسخ ، والقياس ، والاستصحاب ، والاجتهاد ، والتقليد. أمّا الخاتمة فهي تبحث موضوع التعادل والتراجيح.

وقد أصبح هذا الكتاب محطّ عناية الفقهاء وعلماء الأُصول منذ عصر التأليف وحتّى الماضي القريب ؛ فقد احتلّ كتاب المعالم المواقع التدريسية للكتب الثلاثة في الحوزة العلمية الإمامية آنذاك ، وهي : الشرح العميدي على تهذيب العلاّمة ، وشرح العلاّمة على مختصر ابن الحاجب ، وشرح العضدي على مختصر ابن الحاجب. 5.

ص: 162


1- معالم الدين وملاذ المجتهدين : 5.

ولعلّ المنهجية الجديدة لهذا السفر الأُصولي قد فتحت الأبواب لفهم أعمق لمباني الاستدلال الفقهي عند أرباب الطائفة ، وأشعرت الجميع بالحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل إثراء علم الأُصول بالقواعد العقلية التي لا تبتعد كثيراً عن القواعد الشرعية في تعاملها مع الإنسان والبيئة التي يعيش فيها.

الفاضل التوني و «الوافية» ، والخونساري و «مشارق الشموس» :

ولا شكّ أنّ هذا القرن أنتج فقهاءً عظاماً كتبوا في علمي الأُصول والفقه الاستدلالي منهم : عبد الله التوني (ت 1071 ه) الذي كتب الوافية في الأُصول ، وحسين الخونساري (ت 1098 ه) الذي كتب كتاب مشارق الشموس في شرح الدروس ، وهو كتاب فقهي استدلالي ، ومحمد بن الحسن الشيرواني (ت 1098 ه) الذي كتب حاشية على المعالم في الأُصول. وقد مدّت هذه المؤلفات الأُصولية والاستدلالية القيّمة روحاً جديدة في الفكر الأُصولي ، خصوصاً ، وأنّ القرن القادم : وهو الحادي عشر الهجري كان قمّة نشاط الحركة الإخبارية التي حاولت تقويض مباني علم الأُصول في الصميم.

فقد أبدع الفاضل التوني في كتابه الوافية في تقسيم علم الأُصول إلى قسمين ، على خلاف ما كان يؤمن به معاصروه. الأوّل : مباحث الألفاظ ، والثاني : المباحث العقلية ؛ وهو التقسيم المعمول به حتّى عصرنا الحاضر. ثمّ آمن بأنّ مبحث مقدمة الواجب ، ومبحث الضدّ ، ومبحث المفاهيم ينبغي أن تُدرج جميعها في المباحث العقلية تحت عنوان (التلازم بين الحكمين) لا في مباحث الألفاظ كما هو المعمول في عصره.

ص: 163

وقد نحا السيّد الخونساري (ت 1098 ه) في كتابه مشارق الشموس في شرح الدروس منحىً عقلياً واضحاً ، بحيث أضاف إلى علم الأُصول دقّة عقلية وطابعاً فلسفياً كان له أثر كبير على التركيبة الثقافية لعلماء الأُصول الذين جاؤوا من بعده ، وبالخصوص في القرن الثالث عشر الهجري.

8 - مدرسة القرن الثاني عشر الهجري :

وقد شهد هذا القرن ركوداً في النشاط الأُصولي وحركة الإبداع التي شهدناها سابقاً ، بسبب التأثيرات الفكرية التي تركتها الحركة الإخبارية على مجمل النشاط العلمي للطائفة. ولم أرَ في ما لدي من مصادر سوى مؤلّفين في الأُصول هما : حاشية شرح المختصر للعضدي تأليف آغا جمال الخونساري (ت 1125 ه) ، وشرح الوافية تأليف السيد صدر الدين بن محمد باقر الرضوي القمي (ت 1170 ه).

ولا شكّ أنّ اقتصار فقهاء هذا القرن على شرح الكتب الأُصولية للسلف الشريف ، والتعليق عليها دون التوجّه نحو المنحى الإبداعي في الكتابة المستقلّة كان يعدُّ نكسة من نوع ما في تاريخ علم الأُصول ، ولكن رغم حجم تأثير تلك النكسة الفكرية على تطوّر علم الأُصول ، إلاّ أنّنا نشعر بأنّ تلك الكتابات والشروح ساهمت بشكل من الأشكال في التمهيد لظهور مدرسة الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني (ت 1206 ه) التي افتتحت عصراً جديداً في تاريخ هذا العلم.

9 - مدرسة القرن الثالث عشر الهجري :

وهذا القرن من أنشط الحقبات الزمنية في تاريخ علم الأُصول ؛ فقد

ص: 164

ظهر من بين ثناياه فقيهان من أعظم فقهاء الإمامية في العصور المتأخّرة ، وهما : الوحيد البهبهاني (ت 1206 ه) في كربلاء ، والشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه) في النجف. وقد احتلّت النجف في تلك الفترة وبالأخصّ في الربع الأوّل من هذا القرن موقعها القيادي والعلمي المرتقب من جديد.

الوحيد البهبهاني و «الفوائد الحائرية» :

فقد استطاع الوحيد البهبهاني في الحوزة العلمية في مدينة كربلاء التصدي لأفكار الحركة الإخبارية ، خصوصاً وأنّ تسلّحه بالعلوم العقلية كان قد أعدّه إعداداً جيّداً للدخول في صراع مكشوف مع رموز تلك الحركة في ذلك الوقت مثل الشيخ الجليل يوسف البحراني صاحب موسوعة الحدائق الناضرة الفقهية وغيره ..

وكان هدف مدرسة الوحيد تفنيد شبهات الإخباريّين واتهاماتهم وإثبات الحاجة إلى القواعد الأُصولية في عملية الاستنباط. إلاّ أنّ تلك المدرسة تطوّرت لاحقاً وأضفت على علم الأُصول صبغة جديدة ، وهي صبغة التلازم بين الأدلّة العقلية والشرعية .. يقول الوحيد البهبهاني في مقدّمة كتابه الفوائد الحائرية شارحاً مشكلة الصراع بين المدرستين الأُصولية والإخبارية : (أمّا بعد ، فإنّه لمّا بعُد العهد عن زمان الأئمّة عليهم السلام وخُفيت أمارات الفقه والأدلّة ، على ما كان المقرّر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاء ، بانقراضهم وخلوّ الديار عنهم. إلى أن انطمست أكثر آثارهم ، كما كانت طريقة الأمم السابقة والعادة الجارية في الشرائع الماضية أنّه كلّما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى أمارات وتحدث خيالات

ص: 165

جديدة إلى أن تضمحلّ تلك الشريعة. توهّم متوهّم : أنّ شيخنا المفيد رحمه الله ومن بعده من فقهائنا إلى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة ...) (1). وهي إشارة إلى ما زعمه الاسترآباداي (ت 1033 ه) في الفوائد المدنية. وهذا النصّ يعكس عمق المشكلة التي كان يواجهها علم الأُصول وخطورتها.

ولكنّ الوحيد البهبهاني مهّد الطريق لمباني النظريات الأُصولية الحديثة. وناقش بالخصوص مباحث الشكّ. وهي خطوة ذكيّة لردّ الفلسفة الإخبارية التي كانت ترى في قطعية أحاديث الكتب الروائية الأربعة أهمّ محاورها الشرعية ، في الوقت الذي أنكرت فيه حجّية الدليل العقلي واعتبرته من أهمّ أعداء نظريّتها حول النصّ الشرعي ؛ فكأنّ نقاش مباحث الشكّ عند الوحيد البهبهاني - في واقع الأمر - نقاش لمباحث الأُصول العملية. فقد قسّم الوحيد البهبهاني (الشكّ) إلى قسمين :

1 - الشكّ في التكليف ، كما لو حصل الشكّ في تكليف الفرد بزكاة مال التجارة مثلاً ؛ فتكون الوظيفة العملية : (البراءة العقلية) بموجب قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) العقلية.

2 - الشكّ في المكلّف به ، كما إذا حصل الشكّ في أنّ صلاة المكلّف ظهر يوم الجمعة هي الجمعة أم الظهر؟ فتكون الوظيفة العملية : الاشتغال والاحتياط بموجب القاعدة العقلية القائلة : أنّ (الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية). يقول في فوائده الحائرية : (فرق بين مقام ثبوت التكليف ومقام الخروج من عهدة التكليف الثابت ، إذ بمجرد الاحتمال لا يثبت التكليف على المجتهد والمقلّد له ، لما عرفت من أنّ الأصل براءة الذمّة 5.

ص: 166


1- الفوائد الحائرية - المقدمة : 85.

حتّى يثبت التكليف ، وتتمّ الحجّة ، وأنّه ما لم تتمّ الحجّة لم تكن مؤاخذة أصلاً وقبح في الارتكاب أو الترك مطلقاً.

وأمّا مقام الخروج من عهدة التكليف فقد عرفت أيضاً أنّ الذمّة إذا صارت مشغولة ، فلابد من اليقين في تحصيل براءتها للإجماع والأخبار ، وتثبت أيضاً من العقل والنقل ، والآيات القرآنية ، والأخبار المتواترة ، والإجماع من جميع المسلمين وجوب الإطاعة للشارع ، ومعلوم أنّ معناها هو الإتيان بما أمر به ، فلا يكفي احتمال الإتيان ولا الظنّ به ، لأنّ الظنّ بالإتيان غير نفس الإتيان.

وممّا ذكرنا يعلم أنّه إن استيقن أحدٌ بأنّ عليه فريضة فائتة فلا يعلمها بخصوصها أنّها الظهر أو الصبح ، أو يعلم أنّ عليه فريضة فائتة ولم يعلم أنّها فائتة أو حاضرة ، يجب عليه أن يأتي بهما جميعاً حتّى يتحقّق الامتثال) (1).

الشيخ الأنصاري و «فرائد الأُصول» :

وقد مهّدت تلك الأفكار العقلية الدقيقة إلى ظهور فقيه وأصولي عظيم استطاع - بحقّ - تأسيس المدرسة الأُصولية الإمامية الحديثة في النجف ، ألا وهو الشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه). فقد قام الشيخ الأنصاري في كتاب فرائد الأُصول ، بعد استيعاب كامل للحجج العقلية والشرعية ، بطرح منهجية جديدة تماماً في علم الأُصول كان محورها عالم الأدلّة والحجج خ.

ص: 167


1- الفوائد الحائرية مع تعاليق الفريد الكلبايكاني : 319 قم : مكتبة الصدر ، بدون تاريخ.

العقلية والشرعية ؛ فتناول مباحث القطع ، والظنّ ، والشكّ ، والبراءة ، والاشتغال والاستصحاب ، والتعادل والتراجيح ، بدقّة متناهية بالتهذيب والتنقيح.

وهذه المنهجية الجديدة ، التي قسّمت حالات المكلّف تجاه الحكم الشرعي ب- : (حالة القطع والظنّ والشكّ) (1) ، حاولت استيعاب جميع الحجج التي يستطيع العقل البشري إدراكها ، فلا تبقى حجّة من الحجج - ذاتية كانت أو مجعولة ، أفادت حكماً شرعياً أو وظيفة عقلية - إلاّ ودخلت تحت هذا التصميم الجديد.

فلا شكّ أنّ هذه الحجج غير متقاطعة ، بل هي مترتبة طولياً ، فانكشاف الواقع عن طريق القطع يتقدّم على كلّ الحجج أمّا الطرق والأمارات (وهي الأدلّة الاجتهادية كخبر الواحد والإجماع والشهرة) فهي الخطّ الطولي الآخر ، أو قل المرحلة الثانية التي اعتبرها الشارع حجّة شرعية في حالة عدم انكشاف الواقع وفقدان القطع ، ولكن مع انكشاف الواقع والقطع بالحكم الشرعي لا يصح شرعاً الاعتماد على تلك الطرق والأمارات ، والخطّ الطولي الثالث هو صحّة الرجوع إلى الأُصول العملية الشرعية والعقلية (وهي الأدلّة الفقاهتية كالبراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب) في حالة فقدان الطرق والأمارات المعتبرة شرعاً بعد الفحص واليأس من عدم الوصول إليها.

وهذا التفريق بين القطع ، والأمارات ، والأُصول أوجد فهماً جديداً للأدلّة الشرعية الموصلة إلى الحكم الشرعي ، وأوجد أيضاً طريقة علمية 1.

ص: 168


1- الرسائل : 1.

متطوّرة في الاجتهاد الفقهي ، فأصبح المجتهد يسير على خطى واضحة في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام ، وقد يصيب الأحكام الواقعية وقد لا يصيبها ، فإذا كانت حالة الإصابة فيها ظنّية فهي الأدلّة الاجتهادية ، وإذا لم يستطع الوصول إلى هذا المقدار ، فلابد له أن يصل إلى تحديد الوظيفة الشرعية المقرّرة للجاهل بالحكم عند الشكّ في التكليف والمكلّف به كالبراءة أو الاحتياط.

بقية فقهاء القرن الثالث عشر :

ولا شكّ أنّ هذه الفترة المباركة كانت قد أفرزت إضافة إلى الشيخين الوحيد في كربلاء والأنصاري في النجف ، حشداً كبيراً من علماء الأُصول الأجلاّء ، مصحوباً بعدد متميّز من كتب الأُصول ؛ وقد استعادت مدينة النجف رونقها العلمي واسترجعت طبيعتها الحضارية الإسلامية ، فأصبحت مرّة أخرى محطّ أنظار العالم الشيعي وقبلة الفكر الأُصولي ، ومن هؤلاء الأجلاّء ندرج الأسماء التالية :

1 - السيّد مهدي الطباطبائي المعروف ب- (بحر العلوم) (ت 1212 ه).

2 - الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت 1227 ه).

3 - الميرزا أبو القاسم القمّي (ت 1231 ه) وكتابه قوانين الأُصول وهو في مجلّدين طبعة حجرية ، الأوّل : يقع في 409 صفحة (رحلي) ، والثاني : في 291 صفحة.

4 - السيّد علي الطباطبائي (ت 1221 ه) وكتابه الرياض في الفقه الاستدلالي.

ص: 169

5 - الشيخ أسد الله التستري (ت 1234 ه).

6 - السيّد محسن الأعرجي المعروف بالمقدّس الكاظمي (ت 1240 ه) وكتابه المحصول في علم الأُصول ، وكتاب آخر له باسم الوافي في شرح الوافية.

7 - المولى أحمد الخوانساري (لم نعثر على تاريخ وفاته ، ولكن القرائن تدلّ على كونه من أعلام القرن الثالث عشر) وكتابه مصابيح الأُصول.

8 - السيّد محمد بن علي الطباطبائي (ت 1242 ه) وكتابه مفاتيح الأُصول في 720 صفحة طبع حجري (رحلي).

9 - المولى أحمد بن مهدي النراقي (ت 1247 ه) وكتابه مفتاح الأُصول.

10 - الشيخ محمد تقي الأصفهاني (ت 1248 ه) وكتابه القيّم هداية المسترشدين في شرح معالم الدين ، وهو من أوسع الكتب الأُصولية خصوصاً في مباحث الألفاظ.

11 - الميرزا عبد الفتّاح بن علي الحسيني المراغي (ت 1250 ه) وكتابه عناوين الأُصول.

12 - الشيخ محمد حسن بن عبد الرحيم (ت 1261 ه) وكتابه الفصول في علم الأُصول.

13 - المولى محمد إبراهيم الكاخكي الأصفهاني المعروف بالكباسي (ت 1262 ه) وكتابه إشارات الأُصول.

14 - السيّد محمد إبراهيم بن محمد باقر الموسوي القزويني (ت 1265 ه) وكتابه ضوابط الأُصول.

ص: 170

15 - الشيخ محمد حسن النجفي (ت 1266 ه) وموسوعته الفقهية الاستدلالية الجليلة جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام في 43 مجلداً.

16 - السيّد محمد باقر بن السيّد علي القزويني (ت 1286 ه) وكتاباه

مفاتيح الأُصول ونخبة الأُصول.

17 - والميرزا أبو القاسم بن الحاج محمد علي الطهراني المعروف بكلانتر (ت 1292 ه) وكتابه مطارح الأنظار وهو تقريرات الشيخ الأعظم الأنصاري في مباحث الألفاظ.

فقد تميزت تلك الفترة بلون جديد من الكتابة تمثّلت بكتابة التلاميذ مواضيعَ أستاتذتهم الملقاة عليهم ، ثمّ نشرها على شكل تقارير لأساتذتهم ولكنّها في الوقت نفسه حملت أسماءهم كمؤلّفين ، ولم نختبر مثل هذا اللون من التأليف في الفترات السابقة ، بل اختبرنا في عهد الشيخ الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي إلقاء موضوعات مترابطة ومرتبطة بالكتاب المجيد والسنّة المطهرة وفضائل أهل البيت عليهم السلام من قبل الأساتذة على تلامذتهم ، سُميّت ب- الأمالي.

18 - السيّد حسن بن محمد بن الحسن الكوهكمري (ت 1299 ه) وكتابه بشرى الوصول إلى علم الأُصول.

19 - الميرزا موسى بن جعفر بن المولى أحمد التبريزي (الذي لم نعثر على تاريخ وفاته) وكتابه أوثق الوسائل في شرح الرسائل كتبه سنة 1295 ه. فيمكن تصنيف أفكاره من ثمار القرن الثالث عشر الهجري.

10 - مدرسة القرن الرابع عشر الهجري :

واتسمت مدرسة هذا القرن التي ترعرعت في النجف الأشرف

ص: 171

بالاهتمام بالمباني العلوية لعلم الأُصول ، بعد أن بنى الشيخ الأعظم (الأنصاري) رضوان الله عليه صرح المنهج الجديد في عملية الاستنباط ، فلم تكن هناك حاجة لتطوّر نوعي جديد في علم الأُصول ، بل كانت هناك حاجة ماسة لإثراء كمي وتفصيلات وكتابة تقريرات علمية وشروح للمباني الأساسية والقواعد المشتركة خصوصاً مباحث الألفاظ والحجج والأدلّة العقلية والشرعية ...

وهكذا كان ، فقد اتسم هذا العصر بكثرة المصنّفين والتصانيف في شتّى مباحث الأُصول ، بحيث شكّل هؤلاء الفقهاء الأجلاّء - مجتمعين - مدرسة جماعية مترابطة ومتضافرة في أبعادها وأركأنها بحيث لم يتميّز فقيه عن بقية فقهاء المدرسة بنسبة عظيمة كما لاحظنا ذلك في القرن الثالث عشر الهجري.

فقهاء القرن الرابع عشر :

ويمكن تصنيف هؤلاء الفقهاء الأُصوليّين تاريخيّاً مع كتبهم الأُصولية على الترتيب التالي :

1 - محمود بن جعفر بن الباقر الميثمي المسمّى بالعراقي (ت 1308 ه) من تلاميذ الشيخ الأنصاري ، وكتاباه : جوامع الشتات ، وقوامع الفضول عن وجوه حقائق أُصول علم الأُصول في 583 صفحة طبعة حجرية.

2 - الميرزا حبيب الله الرشتي (ت 1312 ه) وكتابه بدائع الأفكار.

3 - ضياء الدين محمد حسين بن محمد علي الشهرستاني (ت 1315 ه) وكتابه غاية المسؤول في علم الأُصول.

4 - الميرزا محمد حسن الأشتياني (ت 1319 ه) وكتابه بحر الفوائد

ص: 172

في شرح الفرائد الذي ناقش فيه آراء الشيخ الأنصاري مصنّف (فرائد الأُصول).

5 - محمد باقر بن محمد علي المازندراني (ت 1322 ه) وكتابه مجمع الأُصول.

6 - المولى محمد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند (ت 1329 ه) وكتابه الأُصولي المعروف :

كفاية الأُصول ، وله تعليقة على الرسائل اسمها حاشية كتاب فرائد الأُصول وهي تعليقة علمية على كتاب فرائد الأُصول للشيخ الأنصاري.

7 - الشيخ محمد حسين الغروي النائيني (ت 1355 ه) ، وليس له كتاب مؤَلَّف ، إلاّ أنّ بحوثه سجّلها بعض تلامذته : كالشيخ محمد علي الكاظمي (ت 1365 ه) في فوائد الأُصول ، والسيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 ه) في أجود التقريرات.

8 - الشيخ عبد الكريم الحائري (ت 1355 ه) مؤسس الحوزة العلمية في قم ، وكتابه درر الأُصول.

9 - السيد محمد بن عبد الأمير محمد تقي التنكابني (ت 1359 ه) وكتابه إيضاح الفرائد في علم الأُصول.

10 - الشيخ ضياء الدين العراقي (ت 1361 ه) وكتابه مقالات الأُصول في مجلّدين ، إضافة إلى أنّ بحوثه كانت قد سُجلّت من قبل تلامذته : الشيخ محمد تقي البروجردي (ت 1391 ه) في كتاب نهاية الأفكار ، والميرزا هاشم الآملي في بدائع الأفكار.

11 - الشيخ محمد حسين الأصفهاني (ت 1361 ه) وكتبه الأُصولية : نهاية الدراية في شرح الكفاية والاجتهاد والتقليد والطلب

ص: 173

والإرادة وبحوث في الأُصول.

12 - الشيخ محمد رضا المظفر (ت 1384 ه) وكتابه المنهجي المدرسي أُصول الفقه.

13 - السيّد محسن الحكيم (ت 1390 ه) وكتابه حقائق الأُصول وهو شرح وتعليق على كتاب كفاية الأُصول للآخوند.

14 - الميرزا علي الإيرواني (لم نعثر على تاريخ وفاته) وكتابه نهاية النهاية في شرح الكفاية المكتوب سنة 1345 ه- ، فيعدّ أحد أركان هذه المدرسة.

تطوّر قاعدة (البراءة العقلية) :

وقد كان محور أفكار تلك المدرسة هو مناقشة أصل (البراءة العقلية) عند الشكّ في التكليف ؛ فقد اشتهر بين علماء الأُصول تمسّكهم بالدليل العقلي في البراءة عند الشكّ في التكليف ، بالإضافة إلى تمسّكهم بالدليل الشرعي فيها ؛ ولعلّ أقدم نصّ عند الشيعة حول هذا الأصل هو كتاب المعارج للمحقّق الحلّي (ت 676 ه) ...

يقول المحقّق الحلّي رحمه الله : (لو كان الحكم ثابتاً لدلّت عليه إحدى تلك الدلائل ، لأنّه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا يطاق للمكلّف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لا يطاق) (1).

واستمرّ فهم أصالة (البراءة العقلية) عند الفقهاء على تلك الصورة حتّى عرض الوحيد البهبهاني (ت 1206 ه) فكرة أصالة البراءة ضمن

_________________

(1) معارج الأُصول : 213.

ص: 174

قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) ؛ فقد ذكر الوحيد في كتابه الفوائد الحائرية ما يلي : (اعلم أنّ المجتهدين ذهبوا إلى أنّ ما لا نصّ فيه ، والشبهة في موضوع الحكم الأصلي ، فيهما : البراءة ، والمقصود بالأوّل الشبهة الحكمية ، وبالثاني الشبهة الموضوعية ... فدليل المجتهدين حكم العقل بقبح التكليف والمؤاخذة ما لم يكن ببيان) (1) ، ثمّ قام السيّد محمد المجاهد ، وهو سبط الوحيد البهبهاني بصياغة استدلالية أخرى للبراءة العقلية ، فقال : (دليل المعظّم [أي الوحيد] أنّه إذا لم يكن نصّ لم يكن حكم ، فالعقاب قبيح على الله تعالى ... والصواب أن يجعل الدليل هكذا : إذا لم يصل الحكم لم يمكّن عقاباً ، لقبح التكليف والعقاب حينئذ) (2).

وذهب المحقّق النائيني (ت 1355 ه) في الاستدلال على القاعدة بالقول : إنَّ (وجود البيان الواقعي كعدمه غير قابل لأن يكون باعثاً ومحرّكاً لإرادة العبد ما لم يصل إليه ويكون له وجود علمي) (3) ، وتوضيح هذا التقريب : إنّ البيان ما لم يصل إلى المكلّف لا يكون محركاً له ، ووجود البيان الواقعي كعدمه لا يصلح أن يكون سبباً في تحريك المكلّف ، كما لا تصلح الأمور التكوينية التي تثير الحركة في الإنسان عادةً لإثارته وتحريكه بوجودها الواقعي ما لم يكن هناك أمر حقيقي يصل المكلّف ليحرك دوافعه في الحركة.

أمّا المحقق الأصفهاني (ت 1361 ه) فقد رأى بأنّ أحكام العقل العملي تؤول بالنتيجة إلى حسن العدل وقبح الظلم بالضرورة ، ومن المعلوم

_________________

(1) الفوائد الحائرية : 133 قم : مكتبة الصدر.

(2) مفاتيح الأُصول - السيد محمد المجاهد الطباطبائي - : 518 طبعة حجرية.

(3) فوائد الأُصول 3 / 365.

ص: 175

أنّ تمرّد العبد على أوامر المولى ونواهيه إذا أقام عليها الحجّة تعتبر من الظلم والخروج عن طور العبودية ، وهو من أقبح الأمور التي يستحقّ عليها العقاب.

أمّا إذا لم تقم عليه الحجّة ، ولم يصل بيانه إلى المكلّف من أوامر المولى ونواهيه فلا تعتبر مخالفته من قبل المكلّف من الظلم والخروج عن طور العبودية ، فلا يستحقّ بذلك العقاب ولا يصحّ عقابه من قبل المولى ، بل يقبح عقابه من جانب المولى الحكيم ، لأنّه لم يرتكب ظلماً في علاقته بمولاه لتحسن عقوبته (1).

وقد آمن السيّد الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (ت 1400 ه) بنفي البراءة العقلية وشكّك بالقيمة العقلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان. قال رضوان الله عليه في دروسه الأُصولية : (ونحن نؤمن في هذا المسلك بأنّ المولوية الذاتية الثابتة لله سبحانه وتعالى لا تختصّ بالتكاليف المقطوعة بل تشمل مطلق التكاليف الواصلة ولو احتمالاً ، وهذا من مدركات العقل العملي ، وهي غير مبرهنة ؛ فكما أن أصل حقّ الطاعة للمنعم والخالق مدرك أوّلي للعقل العملي غير مبرهن ، كذلك حدوده سعةً وضيقاً ، وعليه فالقاعدة العملية الأوّلية هي أصالة الاشتغال بحكم العقل ما لم يثبت الترخيص الجادّ في ترك التحفّظ على ما تقدّم في مباحث القطع ...) (2).

وملخّصه أنّه لا نجوّز لأنفسنا أن نقيس حقّ الطاعة لله سبحانه على عباده بحقّ طاعة الموالي العرفية على من يتولّون أمرهم ، لسبب بسيط وهو أنّ مولوية الله تعالى ذاتية ، ومولوية الموالي عرفية مجعولة ...

_________________

(1) نهاية الدراية 2 / 190.

(2) دروس في علم الأُصول - القسم الثاني من الحلقة الثالثة : 33 - 34.

ص: 176

ولا يمكننا قياس أحكام المولوية الذاتية في حق الطاعة بالمولوية العرفية ؛ فإنّ انحصار حقّ الطاعة للمولى على المكلّفين في ما وصلهم من التكاليف يختصّ بالموالي العرفية ، أمّا حقّ طاعة الله تعالى على عباده فلا يمكن قياسه بما سبق.

11 - مدرسة القرن الخامس عشر الهجري :

ولا نستطيع الحكم على هذه المدرسة ؛ لأنّها لم تكمل الربع الأوّل من عمرها بعد ، إلاّ أنّ طبيعة الفقهاء الذين ظهروا على ساحتها العلمية تنبئ بمستقبل عظيم في التنقيح والإضافات الجديدة لعلم الأُصول ، والدعوة إلى استخدام القواعد الأُصولية في بناء النظرية الاجتماعية الفقهية.

فقهاء الربع الأوّل من هذا القرن :

ونستطيع تسجيل أسماء ثلاثة فقهاء عظام لحدّ الآن لمسنا آثار علومهم الجليلة في الوسط العلمي الأُصولي ، وهم : السيّد الشهيد محمد باقر الصدر (ت 1400 ه) ، والسيّد روح الله الموسوي الخميني (ت 1409 ه) ، والسيّد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 ه).

فقد كتب السيّد الشهيد الصدر رضي الله عنه : دروس في علم الأُصول وغاية الفكر و

المعالم الجديدة للأصول ، وكُتبت بحوث علم الأُصول بقلم بعض تلامذته ، وتُعدّ أفكار السيّد الشهيد قمّة في البلاغة والعمق والوضوح.

وكتب السيّد الخميني رضي الله عنه كتاب الرسائل ويحتوي خمس رسائل هي : (في قاعدة اللاّضرر والاستصحاب والتعادل والتراجيح والاجتهاد والتقليد والتقية) وهذه الرسائل تعليقات على آراء المحقق الخراساني في

ص: 177

الكفاية ، وكتب الشيخ جعفر السبحاني تقريرات أستاذه وأسماها ب- : تهذيب الأُصول.

أمّا السيّد الخوئي رضي الله عنه فقد صدرت له تقريرات عديدة في علم الأُصول بأقلام تلامذته ، منها :

1 - دراسات الأُصول بقلم : السيّد علي الشاهرودي.

2 - مصباح الأُصول بقلم : السيّد محمد سرور البهبودي.

3 - جواهر الأُصول بقلم : فخر الدين الزنجاني.

4 - مصابيح الأُصول بقلم : علاء الدين بحر العلوم.

5 - مباني الاستنباط بقلم : أبو القاسم الكوكبي.

6 - محاضرات في أُصول الفقه بقلم : محمد إسحاق الفياض.

7 - الأمر بين الأمرين بقلم : محمد تقي التبريزي.

8 - الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد والاحتياط والقضاء بقلم : ميرزا غلام رضا عرفانيان.

ونشطت في بداية القرن الخامس عشر الهجري المدرسة الأُصولية في قم المشرّفة ، وتوافد عليها العلماء العظام من كلّ طرف ، وازدهرت بحوثها العقلية والشرعية المعمّقة ، ولا يمكننا الآن دراسة المنهج الأُصولي لمدينة قم المشرّفة ، بسبب حداثة عهدها ؛ فنترك ذلك للأجيال العلمائية الآتية من أجل النقد والتقييم.

الاستنتاج :

وهذا العرض الشامل للمدارس الأُصولية عند الشيعة الإمامية في التاريخ ، يكشف لنا - إلى حد ما - حجم الجهد الذي بذله فقهاؤنا الأعلام

ص: 178

من أجل الوصول إلى صيغة استدلالية شرعية في عصر الغيبة. تلك الصيغة التي نأمل أن ترشدنا لفهم الحكم الشرعي والاقتراب من مطابقته للواقع. وقد أصبح محور علم الأُصول ، وهو في قمة نضوجه الفكري اليوم ، هو البحث عن وسائل لمعرفة الوظيفة الشرعية للمكلّف في حالات القطع والظنّ والشكّ.

ولكنّنا قد لا نستطيع إدراك مغزى الوظيفة الشرعية بعد إبتعادنا عن عصر النصّ ، ما لم نفهم الفرق بين فقه النصّ وفقه الاستدلال. فطبيعة الاستدلال تستدعي البحث عن سند الدليل في زمان ومكان يختلفان تماماً عن عصر النصوص الشرعية. بينما لا يستدعي عصر النصّ كلّ ذلك التعقيد. ومن هنا جاءت أهمّية الفروق بين فقه النصّ وفقه الاستدلال التي سندرسها في الفصل الثاني بإذنه تعالى.

ونستنتج من دراسة المدارس الأُصولية للشيعة الإمامية ، أنّ نظريات الدليل العقلي واللفظي والشرعي لم تكن من إنتاج مفكّر واحد أو من إفراز عصر معيّن بذاته. بل إنّ النظريات الأُصولية الإمامية تمثّل جهدَ حشد كبير من العلماء على طول فترة زمنية مديدة استمرّت أكثر من عشرة قرون. وإذا كان ذلك الجهد قد أثمر بناء المباني الأُصولية وترميمها ، فإنّ النظرية الأُصولية الإمامية مرشّحة للتطوّر والتكامل إذا استمرّ جهد العلماء بنفس الزخم والقوّة التي لحظناها في الألف سنة الأخيرة.

ص: 179

الفصل الثاني

فقه النصّ وفقه الاستدلال : من وجهة نظر أصولية

فقه النصّ وفقه الاستدلال :

إنّ السؤال الذي أثير حوله جدل واسع بين فقهاء الإسلام هو : ما مدى مصداقية الاستدلال الفقاهتي زمن النصّ؟ وهل أنّ الاجتهاد أمر حادث زمن النبي صلى الله عليه وآله وأئمّة أهل بيت النبوّة عليهم السلام ، أم أنّه وجد بعد انقضاء ذلك العصر؟

ومن أجل الجواب عن ذلك السؤال لابدّ من دراسة (فقه النصّ) ، و (فقه المتون المجرّدة عن أسانيدها) ، و (فقه الاستدلال) ، و (بوادر التفكير الأُصولي عند الأصحاب).

أ - فقه النصّ :

لا شكّ أنّ في (فقه النصّ) التزاماً شديداً بنصّ الحديث وعدم الخروج عن إطاره اللغوي أو العرفي ، وكان يقوم بممارسة ذلك اللون من الفقه : الرواة الثقات الحافظون لمتون الأحاديث وأسانيدها ؛ فقد كانت الروايات تنقل زمن أئمّة أهل البيت عليهم السلام بأسانيدها في كتب الأصحاب ، وكانوا يدوّنونها في أبواب خاصّة كالطهارة والصلاة والزكاة والحجّ ونحوها ، ولا يلزم الراوي أن يكون مجتهداً في فهم الحكم الشرعي وطبيعة استنباطه من الأدلّة المتعارفة كما في ضمّ المخصّص إلى العامّ ، والمقيّد إلى المطلق مثلاً ، بل يلزم أن يكون عالماً بألفاظ الرواية وارتباطها بالموضوع محلّ

ص: 180

البحث أو السؤال ؛ ولذلك فإنّ الرواة الثقات أقلّ حظّاً في بذل الجهد في استخراج الحكم الشرعي من الفقهاء الذين يمتلكون القدرة على إرجاع الفروع إلى الأُصول أو الاستدلال بالأدلّة الشرعية والعقلية.

ب - فقه المتون المجرّدة عن أسانيدها :

وهذا اللون من الفقه استند على تجريد الروايات عن أسانيدها وكتابتها - كنصوص - ضمن الأبواب الفقهية. وكان من روّاده علي بن بابويه (ت 329 ه) وهو والد الشيخ الصدوق ، حيث ألّف كتاب الشرائع ، وسار على هداه ولده الشيخ الصدوق (ت 381 ه) فكتب المقنع والهداية ، وكتب الشيخ المفيد (ت 413 ه) كتاب المقنعة ، وتلاه الشيخ الطوسي (ت 460 ه) بكتاب النهاية.

إلاّ أنّ ظهور هذا اللون من الفقه النصّي بعد أكثر من مائة وخمسين عاماً من وفاة الصادقين عليهما السلام يدلّ على أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام كانوا قد عالجوا - عن طريق النصوص الشرعية - أغلب معضلات وابتلاءات القرون الأربعة التي تلت ظهور الرسالة السماوية الشريفة ؛ فلم تكن هناك حاجة ماسّة لممارسة الفقه الاستدلالي الذي حاول الأئمّة عليهم السلام تدريب أصحابهم عليه ، وربّما كان رسوخ التعبّد بالنصوص الشرعية في أذهان أصحاب أئمّة الهدى عليهم السلام قد أخّر عملية ممارسة الفقه الاستدلالي ذلك الردح الطويل من الزمن.

ج - الفقه الاستدلالي :

وهذا اللون من الفقه يستند على جملة من المبادئ الأُصولية التي

ص: 181

ازدادت الحاجة إليها في استنباط الأحكام الشرعية مع ابتعادنا عن عصر النص الشرعي خصوصاً بعد الغيبة الكبرى سنة (ت 329 ه) ؛ فهذا العلم الشريف أخذ - بعد تطوّره المذهل - يستمدّ من علم الأُصول المباني الاستنباطية في أربع مساحات لغوية وعقلية وشرعية ...

ففي المساحة الأولى تأخذ المبادئ اللغوية كالوضع ، والحقيقة ، والمجاز ، والنقل ، والاشتراك ، والصحيح ، والأعمّ حيّزاً مهمّاً ، بينما تشغل مباحث الألفاظ كدلالة الأمر والنهي والجملة الخبرية والفور والتراخي والمرّة والتكرار والتوصّلي والتعبّدي والمفاهيم والعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ... ونحوها الحيّز الآخر من تلك المساحة.

أمّا المساحة الثانية وهي التي تغطّي الملازمات العقلية ، فتشمل المستقلاّت العقلية كالتحسين والتقبيح العقليين والملازمة بين حكم العقل والشرع والأُصول العقلية ، وتشمل أيضاً غير المستقلاّت العقلية (وتسمّى بمباحث الاستلزامات) كالإجزاء ومقدّمة الواجب ومبحث الضدّ واجتماع الأمر والنهي ودلالة النهي على الفساد.

أمّا المساحة الثالثة وهي مباحث الحجّة ، فتشمل الكتاب المجيد والسنّة المطهرة والإجماع والدليل العقلي وحجّية الظهور والشهرة والسيرة والتعادل والتراجيح (أي تعارض الأدلّة).

والمساحة الرابعة وهي مباحث الأُصول العملية أو الأدلّة السمعية ، وتشمل الاستصحاب والبراءة والتخيير والاحتياط.

د - بوادر التفكير الأُصولي عند الأصحاب :

وقد ظهرت أولى بوادر التفكير الأُصولي في زمن الصادقين عليهما السلام ؛

ص: 182

فقد كان أئمّة أهل البيت عليهم السلام يدرّبون أصحابهم على أساليب الاستدلال الفقهي والاستنباط ، وكان لقربهم (رضى الله عنهم) من أئمّتهم عليهم السلام أثر عظيم في تكامل ذلك التدريب.

تدريب الأصحاب على الاستدلال :

فنرى الإمام الصادق عليه السلام يدرّب (زرارة بن أعين) ، وهو من خيرة أصحابه ، على فهم الروايات العلاجية وممارسة أسلوب الترجيح في الأعدلية مثلاً ، والأفقهية والأشهرية والأوثقية وما خالف العامّة ، كما ورد في غوالي اللئالي عن العلاّمة الحلّي مرفوعاً إلى زرارة قال : «سألت أبا جعفر عليه السلام فقلتُ : جعلتُ فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فأيّهما آخذ؟ فقال عليه السلام : يا زرارة خُذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر.

فقلتُ : يا سيّدي إنّهما معاً مشهوران مأثوران عنكم؟

فقال عليه السلام : خُذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.

فقلتُ : إنّهما معاً عدلان مرضيّان موثّقان.

فقال عليه السلام : انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخُذ بما خالف ؛ فإنّ الحقّ فيما خالفهم.

قلتُ : ربّما كانا موافقين لهم أو مخالفين : فكيف أصنعُ؟

قال : إذن فخُذ بما فيه الحائطةُ لدينك واُترك الآخر.

قلتُ : فإنّهما معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنعُ؟

ص: 183

فقال : إذن فتخيّر أحدهما وتأخذُ به وتدع الآخر» (1).

وهو قد يمارس حجّية ظواهر الكتاب والعمل بعموم الآيات ، كما ورد في رواية عبد الأعلى في حكم من عثر فوقع ظفره فجعل على إصبعه مرارة ، قال : قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : «عثرتُ فانقطع ظفري فجعلتُ على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى : (... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) (2) ، امسح عليه» (3).

وفي صحيحة زرارة في سؤاله أبي جعفر عليه السلام : «ألا تخبرني من أين علمتَ وقلتَ : أنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟

فضحك فقال عليه السلام : يا زرارة قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزل به الكتاب من الله عزّ وجلّ ، لأنّ الله عزّ وجلّ قال : (فاغسلوا وجوهكم) ، فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل ، ثمّ قال : (وأيديكم إلى المرافق) ، فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنّه ينبغي أن يُغسلا إلى المرفقين ، ثمّ فصّل بين الكلام فقال : (وامسحوا برؤوسكم) فعرفنا حين قال : (برؤوسكم) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمّ وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وأرجلكم إلى الكعبين) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما ، ثمّ فسّر ذلك رسول صلى الله عليه وآله وسلمللناس فضيّعوه» (4).1.

ص: 184


1- غوالي اللآلي 4 / 133.
2- سورة الحج 22 : 78.
3- الوسائل 1 / 327 ح 5.
4- الوسائل 1 / 290 ح 1.

وهو قد يمارس أصالة البراءة ، كما ورد في رواية عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث من أحرم في قميصه قال : «أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه» (1).

وغير ذلك من الموارد التي يستطيع فيها الأصحاب الذين كانوا على درجة من الفقاهة إفتاء الناس بها. ف- (زرارة بن أعين) المعاصر للأئمّة : الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ، و (يونس بن عبد الرحمن) المعاصر للإمامين الكاظم والرضا عليهم السلام ، و (زكريّا بن آدم) المعاصر للأئمّة : الصادق والرضا والجواد عليهم السلام وغيرهم من أصحاب الأئمّة عليهم السلام كانوا يدركون أهمّية القواعد المشتركة في تحديد الأحكام الشرعية الثابتة تجاه متغيّرات الزمان والمكان ، وكانوا يحملون بوادر التفكير الأُصولي ، وهذا واضح من خلال دراسة طبيعة تلك الحقبة الزمنية وطبيعة الأسئلة والأجوبة الشرعية المتبادلة بين الأصحاب وأئمّتهم عليهم السلام ، ومعنى الإفتاء الذي كان الأئمّة عليهم السلام يأمرون أصحابهم بممارسته في المراكز العلمية والعبادية كمسجد المدينة ، لا يخرج عن إطار الفقه الاستدلالي بشكله الأوّلي الذي فصّلناه.

الإرجاع إلى الأصحاب :

ويستدلّ على ما ذكرناه آنفاً بما صدر عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام : كالإرجاع إلى أمثال (زكريّا بن آدم) ، و (أبي بصير الأسدي) ، و (يونس بن عبد الرحمن) من ثقات أصحابهم عليهم السلام بعنوان كلّي مثل قول الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) لإسحاق بن يعقوب ، على ما في كتاب 3.

ص: 185


1- الوسائل 9 / 125 ح 3.

الغيبة للشيخ ، وكمال الدين للصدوق ، والاحتجاج للطبرسي : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّةُ الله عليهم» (1). وعنوان (الحوادث الواقعة) يشمل الرواية والفتوى. ف- (الحوادث الواقّعة) غير المتوقّعة تناسب الاجتهاد بما فيه من استدلال وحجّية ؛ فقد لا ترد في تلك الحوادث آية محكمة أو رواية مسندة ، والرجوع المذكور في الحديث الشريف مقيّد برواة الأحاديث لا بالروايات ذاتها ، وهو يعكس معنى الاستدلال الفقهي بالرجوع إلى القواعد المشتركة في الاستنباط.

وقريب من ذلك ما ورد في أمره عليه السلام بالإفتاء ل- (أبان بن تغلب) قائلاً : «اجلس في مسجد المدينة وأفتِ الناس فإنّي أحبّ أن أرى في شيعتي مثلك» (2). وربّما كان أمل الإمام عليه السلام وحبّه بأن يرى في شيعته أمثال (أبان بن تغلب) نموذجاً من نماذج فقهاء الشيعة المتمرّسين على الاستدلال بالكتاب والسنّة من طريق مشروع في مقابل مدرسة القياس وإجماع الصحابة والمصالح المرسلة التي كانت ناشطة في بثّ أفكارها المستندة على الاجتهاد بالرأي.

وفي رواية أخرى أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال ل- (معاذ بن مسلم النحوي) : «بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلتُ : نعم ، وأردتُ أن أسألك عن ذلك ... إلى أن يقول عليه السلام : اصنع ذلك فإنّي كذا أصنع» (3).

وفي تلك الشواهد التاريخية دلالات قوية تعبّر عن بدايات تمرس 6.

ص: 186


1- كمال الدين : 484.
2- الكافي ابواب الرجوع إلى الكتاب والسنّة 1 / 59.
3- الوسائل 18 / 108 ح 36.

الأصحاب على إدراك القواعد الأُصولية في عملية الاستنباط.

بذور الاستدلال الفقهي :

ونرجع الآن إلى الجواب عن السؤال الذي أثرناه في بداية نقاشنا لموضوع فقه النصّ وفقه الاستدلال ، المتعلّق بمصداقية الاستدلال زمن النصّ ؛ فلا شكّ أنّ بذور الاستدلال الفقهي كانت موجودة عند الأصحاب زمن الأئمّة عليهم السلام ، وقد عرضنا من الروايات ما يدلّ على ذلك التفكير الاستدلالي عند الأصحاب ، وما يدلّ أيضاً على تصريح أئمّة الهدى عليهم السلام بأهمّيته خصوصاً بعد انتهاء عصر النصّ ؛ فالنقل المجرّد للروايات لا يضمن ، خصوصاً بعد تبدّل الزمان والمكان ، الوصول إلى الحكم الواقعي أو الظنّي المقيّد برضا الشارع ، بل لابدّ من طرق وأمارات وأُصول تساعدنا ، ونحن نبتعد كلّ يوم عن عصر النصوص ، على فهم وظيفتنا الشرعية وتطبيق ما أُلزمنا بتطبيقه من قبله عزّ وجلّ ، وبطبيعة الحال ؛ فإنّ بوادر نشوء الفقه الاستدلالي الذي لمسنا وجوده في عصر النصّ كان قابلاً - بطبيعته - للتطوّر بقدر قابلية الإنسان على إدراك الملازمة بين الأحكام الشرعية والأدلّة العقلية التي يمتلكها ، وكانت البوادر الأولى لتطبيق النظرية الأُصولية على المفردات الفقهية في الاستنباط قد ظهرت على يد شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه.

للبحث صلة ...

ص: 187

فهرس

مخطوطات

مكتبة

أمير المؤمنين العامّ

النجف

الأشرف

(18)

السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(1012)

شرح «تهذيب الأُصول»

المتن في أُصول الفقه ، للعلاّمة الحلّي جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر ، المتوفّى سنة 726 ، وعليه شروح كثيرة ، منها هذا الشرح ..

وهو لتلميذه ، المتخرج عليه ، وابن أُخته : السيّد عميد الدين.

نسخة كتبت سنة 1237 ، في 243 ورقة ، رقم 404.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبت في القرن الثالث عشر ، ناقصة الآخر ، ضمن المجموعة رقم 2046.

(1013)

شرح «تهذيب المنطق»

تهذيب المنطق والكلام تأليف : المولى سعد الله بن مسعود بن عمر التفتازاني ، المتوفّى 792.

ص: 188

والشرح هذا فارسي ، تصنيف : السيّد جمال الدين محمد بن محمود الحسيني الشهرستاني.

شرح مبسوط لطيف ، أشبه شيء بترجمة حاشية المولى عبد الله اليزدي حرفياً.

ترجم له شيخنا العلاّمة الرازي - دام ظلّه - في أعلام القرن العاشر بعض نسخ الكتاب كما في أوّل نسختنا لها خطبته أوّلها :

«سپاس بى حد وقياس حكيمى را سزد كه زبان منطق فصيح ...».

وأكثر النسخ قد سقط عنها الخطبة فنسبت الى المولى عبد الله اليزدي ، كما في الذريعة.

نسخة بخطّ علي بن عنايت الله الحسيني فرغ منه في عشرين رجب سنة 991 والظاهر أن هذا تاريخ كتابة النسخة لا تاريخ الفراغ من التأليف وهذه النسخة أقدم نسخ الكتاب على ما علمنا ففي الرضوية نسخة تاريخها 1100 وعند العلاّمة منزوي نسخة تاريخها 1064.

والظاهر أن النسخة مكتوبة في حياة المصنّف عليها حواش منه بخطّ كاتب النسخة وعليها تصحيحات بخطّ ردئ لعلّه خط المصنّف وفي المكتبة أيضا.

في 109 أوراق ، قياسها 11 × 5 / 19 ، تسلسل 639.

نسخة أُخرى أيضاً كتابة القرن العاشر معها كتاب الايساغوجي وكتاب الفتوحات المنطقية كان قد سقط من طرفيها وريقات فكملها أحد الطلبة سنة 1297 ، قياسها 13 × 20 ، تسلسل 249.

نسخة بخطّ اضعف الطلاب أبو القاسم النائيني فرغ منها منتصف ذي القعدة سنة 1256 في 94 ورقة وقبله العجالة في شرح الشافية للمولى

ص: 189

كمالا الفسوي رقم 725.

نسخة بخطّ سلطان محمود بن ... كتبها بخطّ فارسي جميل رائع وفرغ منها في ربيع الثاني سنة 1052 في 131 ورق وهذه أيضاً بغير خطبة رقم 1849.

نسخة القپپپرن الثاني عشر بخطّ فارسي جيّد في 113 ورق رقم 1174.

(1014)

شرح «تهذيب المنطق»

المتن للتفتازاني.

والشرح للسيد الأمير نظام الدين عبد الحي بن عبد الوهاب بن علي الحسيني الجرجاني الأشرفي ، الذي هاجر من جرجان إلى هراة لتحصيل العلم سنة 902 أوله : «الحمد لله الملك المحمود الحي الوهاب ...» فرغ منه في العشرين من صفر سنة 959.

نسخة بخطّ آقا ملا بن حسين بن شمس الدين محمد .. الاصفهاني فرغ منه منتصف جمادى الآخرة سنة 975 وبأوله تاريخ ولادة أمير عبد الحي الحسين في جمادى الأُولى سنة 976 ، ولعه خط المؤلف أرخ ولادة حفيده المسمى بإسمه وعليه ختم كبير لم اقرأ ، تقع في 137 ورقة رقم 434.

(1015)

شرح «تهذيب المنطق»

لم أعرف الشارح.

أوله : «بعد حمد الله سبحانه خالق الأشخاص والماهيات وعالم

ص: 190

الكليات والجزئيات والصلاة والسلام على رسوله المختار من جميع البريات وآله الطاهرين ...».

صدره باسم السلطان الأشجع الأعظم ... مظفر السلطة سلغ شاه.

نسخة كتابة القرن العاشر بخطّ فارسي جيّد ناقص الآخر وهي إلى أواخر مباحث القضايا نسخة مصححة عليها بلاغات ضمن مجموعة أولها شرح التهذيب للشاه مير وهذه ثاني ما في المجموعة رقم 1173.

(1016)

شرح «تهذيب المنطق»

للسيّد هبة الله الحسيني الشهير بشاه مير.

أوّله : «غاية تهذيب الكلام فتح المنطق محمد المنعام ...».

نسخة بخطّ فارسي جيّد كتبها جبرئيل بن مرتضى الحسيني ، نسخة القرن الحادي عشر ، وعليها تملّك الحسين بن علي بن محمد الفسوي ، والنسخة مصحّحة وعليها بعض التعليقات ، بأوّل مجموعة في المنطق رقم 1173.

(1017)

شرح «تهذيب المنطق»

للمولى عبدلله بن شهاب الدين اليزدي الشاه أبادي من أعلام النجف الأشرف في القرن العاشر توفي سنة 981 له على تهذيب المنطق شرحان عربي وهو المطبوع مراراً عديدة والمتداول عند الطلبة كتاب دراسي واشتهر بعنوان حاشية ملا عبدالله وشرح فارسي وهو هذا.

ص: 191

نسخة بخطّ ضعف الطلاب أبو القاسم النائيني فرغ منها منتصف ذي القعدة سنة 1256 في 94 ورقة معه كتاب شرح الشافية للمولى كما لا الفسوي رقم 725.

نسخة عتيقة مكتوبة في القرن الحادي عشر أو قبله قريباً من عهد المؤلف كان قد سقط من طريفها وريقات فكلمها أحد الطلاب سنة 1297 وهي ضمن مجموعة رقمها 249.

(1018)

شرح «الجمل»

الجمل في النحو للشيخ عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني المتوفّى سنة 474 ، وشرحه هذا عربي مختصر من تأليف قبل القرن العاشر فان تاريخ هذه النسخة الموجودة سنة 933 ، وقد عدّ في كشف الظنون عدّة شروح على الجمل ولعل هذا أحدها ولعله غيرها.

نسخة فرغ منها الكاتب في ذي الحجة عام 933 في 38 ورقة ، مقاسها 5/10 × 3/20 تسلل 726.

(1019)

شرح «الجمل»

فارسي.

هو شرح بالقول على متن موجز والمتن هو كتاب الجمل لعبد القاهر ابن عبد الرحمان الجرجاني.

ص: 192

أوّله : «الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسوله محمد وآله اجمعين قوله الحمد لله ، افتتاح وآغاز كرد مصنف رحمه الله بتجميد بعد از تيمن بتسمية ، باشد شكر بر توفيق عمل اين كتاب ... وهكذا قوله رتبتها ... قوله وختمتها ... قوله سمت الأعراب ... قوله وتقيد قوله لنظمها في اقصر عقد قوله الفصل الأوّل في المقدمات ... قوله اعلم أن الكلمات.

واحتمل أن يكون الشارح هو السيّد الشريف الجرجاني.

نسخة بخطّ جيّد كتبها جعفر بن خضر بن محمد آهنگر الهزارجريبي وفرغ منها صفر سنة 873.

83 ورقة ، رقم 806.

(1020)

شرح «جواب ابن سينا»

كتب الشيخ العارف أبو سعيد أبو الخير إلى ابن سينا : دلني على الدليل فاجابه ابن سينا جواباً عرفانياً مجملا [المذكور في العدد 65 برقم 435].

ثم شرحه الشيخ العارف سيد الدين الكالوني.

أوله : «اعلم أيها الخائض في لجج هذه الحجج ...».

نسخة بخطّ الخطاط إسماعيل المراغي بنسخ جيّد مجدول باللاجوردد الشنجرف ضمن مجموعة عرفانية قيمة كانت في خزانة صدر السلطة ، رقم المجموعة 1515.

ص: 193

(1021)

شرح حديث اين كان ربنا؟!

فارسي.

أوّله : «سئل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم : اين كان ربنا قبل ان يخلق الخلق؟! فقالصلى الله عليه وآله وسلم : في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء! ترجمه اين حديث آنست كه».

نسخة كتبها الخطاط إسماعيل المراغي في القرن الثالث عشر ضمن مجموعة عرفانية كلّها بخطه مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطنة رقم المجموعة 1515.

(1022)

شرح حديث الحقيقة

رواه الكميل بن زياد

للشيخ العارف الشيخ محمود بن علي بن أبي طاهر الكاشاني.

أوله : «الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وآله وبعد ...».

نسخة بخطّ الخطاط إسماعيل المراغي بخطّ نسخ جيّد ضمن مجموعة عرفانية قيمة مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطة رقم المجموعة 1515.

ص: 194

(1023)

شرح حديث الحقيقة

أوله : «الحمد لله العالمين والصلوات الزاكيات على محمد وأهل بيته الطاهرين ، وبعد فهذا شرح سؤال كميل بن زياد رضى الله وجواب أمير المؤمنين عليه السلام حين سأله فقال ما الحقيقة؟! ...».

لم أعرف الشارح.

نسخة كتبها الخطاط إسماعيل المراغي بنسخ جيّد ضمن مجموعة عرفانية كلها بخطّ مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطة رقم المجموعة 1515.

(1024)

شرح حديث علة خلق الذرّ

الذي رواه الصدوق في كتابه علل الشرائع ، للشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي المتوفّى سنة 241 كتبه عام 1206 بالتماس من السيّد محمد عبد النبي ابن علي القاري.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته من ص 418 - 422 تسلل 693.

(1025)

شرح حديث لولاك لما خلقت الأفلاك

للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى سنة 1241 كتبه

ص: 195

في جواب سؤال السيّد مال الله بن السيّد محمد الخطي من هذا الحديث القدسي ولم يتأكد من صحة الحديث حيث لم يجد له مدركاً وإنما قال أخبرني شيخي محمد بن الشيخ محسن ابن الشيخ على القريني الاحسائي.

أنه سأل الوحيد البهبهاني عن هذا الحديث ... إلى أن قال المؤلف وعلى كل حال فالجواب في معناه فأقول أن ذلك يحتمل وجوها ... احدهما .. ثانياً ..

نسخة بخطّ السيّد صدر الدين الموسوي اللاريجاني الشاهاندشتي بخطّ فارسي جيّد ضمن مجموعة من رسائل المؤلف رقم 231.

(1026)

شرح حديث المنزلة

تأليف العلاّمة الجليل عبد الوهاب بن محمد علي الشريف القزويني المتوفّى بعد سنة 1260.

له ترجمة مبسوطة في الكرام البررة ص 809.

ذكر في خطبة الكتاب انه حج سنة 1230 ثم رجع في طريق مصر والقاهرة فركب السفينة والنيل وقرأ في السفينة كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر الفصل الثاني منه وفيه أربعون حديثا في فضل أمير المؤمنين عليه السلامأولها حديث المنزلة فشرحه.

نسخة بخطّ محمد صادق اليزدي كتبها سنة 1260 في حياة المؤلف رقم 491.

ص: 196

(1027)

شرح حزب الكبير

لابي الحسن الشاذلي والشارح أحمد بن عبد الوهاب الوزير الغساني الأندلسي الفاسي إمام الأحمدي المتوفّى سنة 1146 ذكره إسماعيل باشا في ايضاح المكنون [كشف الظنون ج 3] ص 401.

نسخة ضمن مجموعة رقم 1047 وبآخرها جوشن الكبير وعدّة حوذات واحراز ورقي.

(1028)

شرح «حكمة العين»

المتن في الفلسفة لعلي بن عمر الكاتبي القزويني المتوفّى سنة 675 وعليه شروح متعددة منها هذا الشرح وهو : شرح العلاّمة شمس الدين محمد بن مبارك شاه الشهير بميرك البخاري.

وله شرح الهداية الأثيرية نسخة منه في المكتبة.

نسخة كتبت سنة 891 وعليها حواشي السيّد الشريف الجرجاني المتوفّى سنة 816 وهي تعليقات كثيرة وبخطّ كاتب النسخة توقيعها سيد قدس سره ويقع في 148 ورقة رقم 1109.

(1029)

شرح «حلية الابدال»

المتن لمحي الدين بن عربي.

ص: 197

والشرح لعبد العزيز الملقب بالركن الشيرازي ، ذكر أنه قرأئه بعض الطلبة عليه في دمشق فعلق عليه تعاليق عند تدريسه له ثم رحل إلى «خطه قوس» «كذا» وذلك سنة 750 فاجتمع عليه جماعة وقرأو عليه الكتاب فعند ذلك شرحه لهم بهذا الشرح وصوره باسم السلطان الأعظم بهاء الحق والدين ... وينقل فيه عن استاده الشيخ شرف الدين القيصري.

أوله : «الحمد لله الذي فطر قلوب أوليائه على طلب الالهام واستعلام أحوال الارواح ...».

فرغ منه في شعبان سنة 750.

نسخة بخطّ مير سيد حسن التقوي الاخوي الشيرازي الطهراني فرغ منها في ذي القعدة سنة 1284 كتبها ضمن مجموعة قيمة كلها بخطه الفارسي الجميل رقم 3/1547.

(1030)

شرح خطبة الامام الرضا عليه السلام

خطبة بليغة عصماء خطبها الامام أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلامفي توحيد الله وبيان صفاته جلّ شأنه خطب بها عليه السلام عندما رشح لولايتة العهد واجتمع بنو هاشم عند المأمون فطلبوا منه أن يخطبهم أرادوا تخجيله وبيان عميه وجهده فقالوا له اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فاستوى قائماً وأنشأها وحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال : أول عبادة الله معرفته ...» رواه رئيس المحدثين الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ، شرح هذه الخطبة جماعة ذكرهم شيخنا في الذريعة ولم يذكر هذا الشرح وهو ليحيى بن محمد علي بن

ص: 198

محمد رضا من أعلام القرن الثاني عشر.

أوله : «نحمدك اللهم يا من ضلت لطائف الأوهام في بيداء كبريائه وجلاله ...».

نسخة خط المصنف ولم يكملها ، كتبها بخطّ فارسي جميل وعليها تعليقات بنفس الخط المكتوب والمتن توقيعها منه عفى عنه فعلمنا ان النسخة بخطه 47 ورقة رقم 1728.

(1031)

شرح «خطبة البيان»

فارسي.

أوّله : «حمد شريف وفكر لطيف كه با شرف بيان والطف تبيان مؤدى گردد وسپاس نا محصور وستايش موفور نثار ذات علي عظيمى است ...».

نسبه كاتبه في القرن العاشر إلى السيّد الشريف الجرجاني.

والشارح من اصحابنا الإمامية جزماً وليس هذا خلاصة الترجمان لدهدار وهو أيضاً موجود في المكتبة.

نسخة كتابة القرن العاشر نسبه كاتب النسخة إلى افضل العلماء امير سيد شريف ضمن المجموعة رقم 6/1754 وهو خامس ما فيها.

(1032)

شرح «خطبة البيان»

فارسي.

ص: 199

خطبة البيان نسبت إلى أمير المؤمنينعليه السلام ولم توجد في المصادر الموثوق بها وهذا شرح فارسي كتبه بعض العرفاء على عدة فقرات من هذه الخطبة عندما سئل عن فقرة واحدة منها.

أوّله : «حمد شريف وشكر لطيف كه با شرف بيان والطف تبيان مؤدى گردد وسپاس نا محصور نثار على عظيميست؟؟ كه خطبه بيان معانى بديع حكمت اورا بر منابر وجود هر موجودى به نهج بلاغت متذكر مى باشد».

نسخة ضمن مجموعة عرفانية مكتوبة عام 976 بخطّ فارسي جميل رقم 608.

وبعده فائدة في سعد الأيام ونحسها عن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وفائدة في اقسام الموجود.

(1033)

شرح الخطبة التطنجية

المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلامللسيد كاظم بن قاسم الرشتي المتوفّى سنة.

الجزء الأول بخطّ عبد الجليل بن محمد حسين الافشار الارومي ، فرغ منه 15 جمادى الآخرة سنة 1256 ، في 355 ورقة رقم 1182.

(1034)

شرح على خطبة شرح الشمسية

الرسالة الشمسية لنجم الدين عمر بن علي الكاتبي القزويني المتوفّى

ص: 200

سنة 675 تلميذ المحقّق الطوسي.

وشرحها لقطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي التحتاني المتوفّى سنة 766 ، وله إجازة عن العلاّمة الحلي وسمي شرحه تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية.

وشرح خطبة تحرير القواعد المنطقية لبرهان الدين بن كمال الدين بن حميد في ثمانية أوراق في مجلد مع حاشية الشريف الجرجاني على شرح الشمسية بخطّ العلاّمة السيّد علي نقي بن محمد علي الموسوي الزنجاني كتبها سنة 1211 تسلسل 260.

(1035)

شرح خطبة فرائد القلائد

فرائد القلائد في شرح الشواهد وهي شواهد شروح ألفية ابن مالك ، والفرائد تأليف محمود بن أحمد العيني المتوفّى سنة 855 وخطبتها مملؤة بالغريب الشاذ فشرحها بعضهم ولعل الشارح للخطبة هو العيني.

نسخة بأول الفرائد رقم 2199 وهي بخطّ الشيخ صالح بن محمد بن علي العسيلي العاملي ، فرغ من الفرائد سنة 1161.

نسخة منضمة إلى الفرائد رقم 1181.

نسخة بأول الفرائد المكتوبة سنة 1036 رقم 2282 وعليها خط محمد سعيد بن تجلي وخط نور الدين بن محمد رفيع الأنصاري وخط محمد باقر الاردكاني ، وخط محمد حسين بن ملا أحمد الشريف القاري وعليها ختم محمد باقر بن محمد تقي الموسوي وأظنه حجة الاسلام الشفتي.

ص: 201

(1036)

شرح خطبة القواعد

قواعد الاحكام في مسائل الحلال والحرام تصنيف آية الله جمال الدين العلاّمة الحلي المتوفّى سنة 726.

شرح خطبة هذا الكتاب نجل المؤلف فخر المحقّقين محمد المتوفّى سنة 770.

نسخة بأول نسخة من القواعد بخطّ محمد بن الحسن بن الحسين الصلواتي كتبها سنة 994 تسلسل 55.

(1037)

شرح خلاصة الحساب

للسيد محمد أشرف الحسني الحسيني الشيرازي.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ناقصة الطرفين بآخر المجموعة رقم 1173.

(1038)

شرح خلاصة الحساب

المتن للشيخ بهاء الدين العاملي محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني المتوفّى سنة 1031 ، عليه شروح كثيرة وهذا الشرح للسيد محمد باقر بن أبي القاسم الحسين التبريزي.

أوله : «نحمدك اللهم على ما اعطيتنا من أقسام نعمك وجمعت فينا

ص: 202

من ضروب قسمك ...».

عبر عن نفسه في خطبة بقوله : سيد المحقّقين المرتاض أدق المهندسين الممتاز!

نسخة فرع منها الكاتب ولعله المؤلف في 18 ربيع الآخر سنة 1109 في 60 ورقة رقم 1833.

(1039)

شرح خلاصة الحساب

المتن للشيخ بهاء الدين العاملي.

الشرح للسيد محمد حكيم بن علاء الدولة الحسيني.

نسخة قديمة ترجع إلى عهد الشارح وعليها حواش منه في 81 ورقة رقم 206.

(1040)

شرح خلاصة الحساب

للأمير معين الدين محمد أشرف بن حبيب الله بن عماد الدين بن لطف الله الشيرازي الحسيني الطباطبائي تلميذ الماتن بهاء الدين والمجاز سنة 1021.

أوله : «بعد حمد الله الأحد الصمد والصلاة على النبي وآله بلا عدد ...».

ألفه باسم السيّد النقيب مير حبيب الله الصدر في العهد الصفوي ،

ص: 203

راجع الذريعة ج 13 ص 227 و 228.

نسخة بخطّ أحد علماء البحرين ولم يصرح باسمه ، فرغ منها سنة 1229 في 131 ورقة ، رقم 932.

(1041)

شرح خلاصة الحساب

المتن للشيخ البهائي وهو شيخ الإسلام بهاء الدين محمد بن عز الدين العاملي المتوفّى سنة 103 ، والشرح لتلميذه الشيخ جواد بن سعد الله الكاظمي ، فرغ منه 4 محرم سنة 1097 ، طبع سنة 1273.

نسخة بخطّ محسن بن عباس الرشتي ، فرغ منها 14 شعبان سنة 1244 وبآخرها فوائد رياضية وتقع في 115 ورقة رقم 234.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر بخطّ معتاد رقم 1978.

(1042)

شرح خلاصة الحساب

المتن للشيخ البهائي بهاء الدين محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي المتوفّى سنة 1030.

وعليه شروح كثيرة مذكورة في الذريعة والغدير ، منها هذا الشرح لتلميذه الشيخ جواد الكاظمي.

نسخة بخطّ محمد بن سلطان علي الشيرواني ، فرغ منها 6 جمادى الآخرة سنة 1110 في 83 ورقة رقمها 1561.

ص: 204

(1043)

شرح الدرة

المتن معرب الكبرى في المنطق للسيد الشريف الجرجاني علي بن محمد المتوفّى سنة 816 عربه ابنه بأمره.

والشرح لعبد الله بن علي بن محمد البحاري الخطي ، فرغ منها في سابع رجب سنة 1210.

نسخة الأصل بخطّ الشارح ، فرغ منها في رجب سنة 1210 بأول مجموعة رقم 666 وعليها تملك علي بن حسن بن سلمان 1292.

(1044)

شرح دعاء الجوشن الصغير

فارسي.

للسيد محمد مؤمن المدرس بقزوين صدره باسم السلطان شاه سليمان الصفوي.

أوّله : «جوش هيكل بقاء نعمت هر كبير وصغير وحرز بازوى نما وبركت هر برنا؟؟ وپير» عناوينه : تتمة الدعاء. توضيح. المعنى.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر بآخر المجموعة رقم 11/1811 ص 262 إلى ص 300.

(1045)

شرح دعاء السحر

تأليف كريم بن إبراهيم الكرماني ، فرغ منه 9 جمادى الاولى

ص: 205

سنة 1274.

نسخة بخطّ نسخ جيّد في 184 ورقة رقم 2292.

(1046)

شرح دعاء السمات

فارسي.

أوّله : «نحمدك وندعوك في السرائر ونرجوك للاجابة في الضرائر ونصلي على اكليل الدعاء وخاتمه ...».

قدم له مقدمة في آداب الدعاء والداعي ذكر شيخنا في الذريعة أنه رأى منه نسخة ضمن مجموعة كتبت سنة 1128.

نسخة ضمن مجموعة قيمة بخطه فرغ من هذا الشرح في طهران 23 ذي الحجة سنة 1265 من الورقة 4 ب إلى 12 ب المجموعة رقم 1/1811.

(1047)

شرح دعاء الصباح

بالفارسية.

لم اعرف مؤلفها.

أوّله : «مبارك ترين صباحى كه بزبان بيان مشكين نفحات اجابت دعا بمشام جان برساند ...».

نسخة ضمن مجموعة بخطّ السيّد حسن بن مهدي الاخوي الطهراني فرغ من كتابة هذا الشرح اوآخر ربيع الأول سنة 1285 رقم المجموعة 856.

ص: 206

(1048)

شرح ديباجة شرح الشمسية

لبرهان الدين بن كمال الدين بن حميد.

أوله : «آلا ءآله كريم متوكلاً بكرمه إليهم ...».

نسخة بآخر حاشية المحقّق الداماد على الصحيفة السجادية ، فرغ منها الكاتب 12 محرم سنة 1267 ، وعليها حواش وبآخرها شعر فارسي للشيخ جابر الكاظمي رقم 149.

(1049)

شرح ديباجة فوائد ضيائية

فارسي.

أوّله : «بدانكه ألف لام بر چند قسم است يكى از آن جمله ...».

نسخة ضمن مجموعة مكتوبة في القرن الحادي عشر رقم 567.

(1050)

شرح ديوان أمير المؤمنين

علي بن أبي طالب عليه السلام

فارسي.

للمولى حسين بن معين الدين الميبدي المتوفّى سنة

فرغ منه في صفر سنة 890 ذكره شيخنا في الذريعة وچلي؟؟ في كشف الظنون ج 1 ص 802 ومع ذلك ارخ وفاته بسنة 870 وعلى كل فهو

ص: 207

شرح فارسي قيّم فلسفي عرفاني قدم له سبع فواتح كل منها مشتملة على فوائد بعنوان فتح فتح والفاتحة السابعة في فضائل أمير المؤمنين ومناقبهعليه السلام وهذه الفواتح السبع تبلغ نصف الكتاب وربما استقل في التدوين كما طبع شرح الديوان سنة 1293 بحذف الفواتح وفي المكتبة نسخة تحتوي الفواتح فحسب وتنقص شيئاً من الفاتحة السابعة.

وهذه النسخة كاملة تامة من أوّل الفواتح إلى آخر شرح الديوان في 337 ورقة في قطع 5/12 × 24 بخطّ نسخ حسن غير مؤرخ إلاّ أنه يرجع إلى القرن العاشر وقريب من عصر الشارح تسلسل 287.

نسخة كاملة قيمة من أوّل الفواتح إلى نهاية الشرح كتبها الخطاط السيّد محمد زمان بن تاج الدين محمود الحسيني بخطّ فارسي جميل رائع وكتب الابيات بالذهب والعناوين بالشنجرف والنسخة مجدولة مذهبه مزوقة وفرغ منها 7 ربيع الأوّل سنة 1047 وعلى النسخة تصحيحات في 280 ورقة رقم 1476.

نسخة معها الفواتح السبعة بخطّ أقل الذاكرين والطلاب محمد بن أحمد الخونساري فرغ منها 9 جمادى الأُولى سنة 1286 رقم 2120.

نسخة فيها الفواتح السبعة إلى أوآخر السابع ناقصة الآخر كتابة القرن الحادي عشر بالهند بخطّ فارسي جيّد عليها ختم السيّد فتح علي خان بهادر في 129 ورق رقم 1399.

(1051)

شرح رباعيات

فارسي.

ص: 208

هي رباعيات فارسية عرفانية في التوحيد ووحدة الوجود وهي 44 رباعية من نظم العارف الأديب المولى عبد الرحمن الجامي.

شرحها الناظم نفسه فارسياً عرفانياً.

نسخة بخطّ فارسي جميل تاريخها سنة 881 ، ضمن مجموعة من رسائله بهذا التاريخ رقمها 1482.

(1052)

شرح الرسالة الشوقية

فارسي.

المتن للشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول ، شيخ الأشراف.

وقد كان ترجمها إلى الفارسية الحكيم العارف حسام الدين بن يحيى اللاهيجي من أعلام القرن الحادي عشر ثم رأى أن متن الترجمة مغلقة ولا تكفي ترجمة الرسالة في فهمها ، فبدا له أن يضيف إليها شرحاً يوضح غوامضه فكتب هذا الشرح على حدة وجعلها كمقدمة للترجمة ، أوضح فيه مطاوي الرسالة كلية في ثمانية فصول.

أوله : «بعد حمد الملك المنعام والصلاة على خير الأنام محمد خاتم الأنبياء وعلى آله زبدة الأصفياء ...».

نسخة بخطّ الشيخ محمد بن محمود الموركلائي المازندراني ولعلّه تلميذ المؤلف ، كتبها ضمن مجموعة من الرسائل وكلها بخطه وكلها للمؤلف وكلها فارسية ، فرغ منها سنة 1090 وعليها تعليقات للمؤلف وبعده في المجموعة ترجمة الرسالة الشوقية ، رقم المجموعة 566.

ص: 209

(1053)

شرح رسالة الشيخ علي

هو الشيخ علي بن عبدالله بن فارس والشرح لمعاصره للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى سنة 1241 ، عبر عنه في ابتداء شرحه بقوله فريد دهره ونادرة عصره.

أوله : «الحمد لله منير عقول الكاملين بأشراف نور اليقين وشارح صدور المؤمنين بالحق المبين ....».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته تبدأ بصفحة 389 - 418 ، تسلسل 693.

(1054)

شرح «رسالة الطير»

فارسي.

المتن لابن سينا.

والشرح لعمر بن سهلان الساوي.

أوله : «كثرت التماس دوستان از من مرا دير گردانيد بر شرح كردن رساله الطير ...».

نسخة بخطّ فارسي جميل ، بآخر مجموعة من رسائله ، كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر من الورقة 143 ب إلى نهاية المجموعة 160 ب ، رقم 9/2005.

ص: 210

(1055)

شرح رسالة العمل بالربع المجيب

المتن لبدر الدين الماردني.

الشرح لاحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي الشافعي.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبها الشيخ عبد الرزاق بن محمد بن سعيد المقالي البحراني ، وفرغ منها 25 جمادى الأُولى سنة 1149 ، في 32 ورقة ، رقم 1822.

(1056)

شرح رسالة التصور والتصديق

المتن لقطب الدين محمد بن محمد البويهي الرازي شارح المطالع والشمسية وربما تضاف إلى اسمه فيقال لها الرسالة القطبية ، ذكرها كشف الظنون ج 1 ص 853 ، والشرح لمير زاهد بن محمد أسلم الهروي.

وهو بعنوان قوله ... أقول واشتهرت باسم الحاشية ويظهر أنها مطبوعة بالهند.

أوله : «الحمد لله ذي الحكمة البالغة والحجة الساطعة ...».

نسخة بخطّ فارسي جيّد كتبت في القرن الثالث عشر ، ولعل الكاتب السيّد محمد يوسف بن هادي بن مرجان ، وعليها حواش غلام يحيى وغيره ، رقم 2011.

ص: 211

(1057)

شرح «زبدة الأُصول»

للمولى حسام الدين صالح بن شمس الدين أحمد الساروي المازندراني.

أوله : «الحمد لمن أحوال نعمائه ظاهرة وفروع آلائه باهرة ...».

نسخة بخطّ محمد باقر بن محمد مهدي الهندي القهپائي فرغ منها 20 جمادي الأولى سنة 1181 في 215 ورقة ، ويظهر الورقة الأُولى منها تملك العلاّمة الجليل ميرزا محمد هاشم بن زين العابدين الخونساري الأصفهاني المشهور بالچهار سوقي بخطه وختمه سنة 1276 ، رقم 2277.

(1058)

شرح «زبدة الأُصول»

المتن في أُصول الفقه تأليف شيخ الاسلام بهاء الدين محمد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي المتوفّى سنة 1031.

وهذا الشرح لتلميذه السيّد محمد باقر بن السيّد أحمد الموسوي الاسترابادي المشهور بطالبان ، ترجم له في أمل الآمل ، فرغ من تبيضه سنة 1066 ، 27 ج 1.

أوله : «الحمد لله الذي شرع لعباده الاحكام وبين لهم الحلال والحرام ...».

نسخة بخطّ السيّد حسين بن السيّد حسن الطهراني الموسوي كتبها

ص: 212

في مدرسة ملا رضا ، وفرغ منها 19 محرم سنة 1208 ، 192 ورقة ، رقم 648.

(1059)

شرح زبدة الأُصول

المتن في اُصول الفقه لشيخ الاسلام بهاء الدين العاملي محمد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي المتوفّى سنة 1031.

وهذا الشرح للمولى حسام الدين محمد صالح بن أحمد المازندراني صهر التقي المجلسي توفي سنة 1081.

أوله : «الحمد لمن أُصول نعمائه ظاهرة وفروع آلائه باهرة ...».

نسخة الأصل بخطّ المصنف في مكتبة الخوانساري.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتابة القرن الثالث عشر ناقصة الآخر ضمن المجموعة رقم 2046.

(1060)

شرح الزيارة الجامعة

للشيخ أحمد بن زين الدين بن ابراهيم الاحسائي المتوفّى سنة 1243 أو 1241 ، فرغ منه 19 ربيع الأول سنة 1230 ، وطبع سنة 1267.

نسخة بخطّ نسخ جيّد دقيق لطيف كتبه السيّد عبدالله بن حسين الحسيني الارومي وهو من أوله إلى شرح قوله عليه السلام «وقرب منزلتكم منه»

ص: 213

جزءان في مجلد وفي آخره تم الجزء الثاني من شرح الزيارة الجامعة ويتلوه الجزء الثالث ، فرغ منه 22 ج 2 سنة 128 ، وقوبل وفي الختام كتب البلاغ 223 ورقة ، بقطع 13 × 5/21 ، تسلل 365.

نسخة أيضاً الجزء الأول والثاني في مجلد بخطّ نسخ حسن كتبه محمد إبراهيم بن عبد الباقي بن محمد إبراهيم بن محمد حسين بن محمد محسن بن محمد حسين بن شمس الدين محمد بن ضياء الدين ، فرغ منه في شعبان سنة 1258 ، 253 ورقة ، 5/14 × 7/21 ، تسلسل 203.

(1061)

شرح زيارة رجبية

فارسي.

لميرزا محمد بن محمد رضا المشهدي القمي ، أوله : «بعد از اداى وظائف ستايش خالق برايا ومراسم درود سرور اصفيها ...».

نسخة بخطّ فارسي بآخر

الصحيفة السجادية التي هي بخطّ الخطاط عبد الخالق بن محمد شفيع القائني ، فرغ من الصحيفة في شهر رمضان سنة 1086 ، رقم 170 ، وبآخرها عمل أم داود.

(1062)

شرح «سلم العلوم»

سلم العلوم في المنطق للمولوي محب الله البهاري الهندي الحنفي المتوفّى سنة 1119 ، ذكره في هداية العارفين ج 2 ص 5.

ص: 214

وشرحه هذا للمولوي رحمه الله الهندي.

نسخة بخطّ السيّد محمد يوسف بن السيّد هادي بن محمد جان النعمة اللهي الهندي ، فرغ منه سنة 1268 في 89 ورقة ، 18 × 28 ، تسلسل 2008 ، وعليه حواش كثيرة.

(1063)

شرح الشافية

الشافية في الصرف لابن الحاجب.

وشرحها هذا النظام الاعرج حسن بن محمد النيسابوري.

نسخة بخطّ محمد مراد اللاهوري الهندي كتبها في بغداد في القرن الثاني عشر عليها خط أضعف الطلاب عبد الباقي بن أحمد بن أفندي في سنة 1211 وختمه : «بنده صمد بعد الباقي بن أحمد» ، وتملك محمد أمين بن الحاج عبد الكريم كبد سنة 1271 ، تقع في 85 ورقة ، مقاسها 17 × 4/22 ، تسلسل 2007.

(1064)

شرح «الشافية»

الشافية في الصرف لابن الحاجب عثمان بن عمر.

وشرحها هذا للجاربودي المتوفّى سنة 746.

نسخة بخطّ محمد علي بن دوست أحمد بن نبي ، فرغ منها حين العزم إلى سفر الروم سلخ ذي القعدة سنة 976 ، 248 ورقة ، رقم 2047.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر في 199 ورقة ، ورقم 848.

ص: 215

نسخة كتابة القرن العاشر تنقص في آخرها ورقة.

بأولها خط العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي النجفي رحمه الله بالتملك تاريخه سنة 1312 ، وبآخره خط العلاّمة السيّد هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني.

والمتن مكتوب بأعلى الصفحات معلم عليها بالحمرة.

وبأوله أيضاً أشعار في مدح الأئمة للسيد عبد النبي بن عبدالله ارتجلها في مدرسة الشيخ مساعد ، وهو خط عتيق ويقع الكتاب في 148 ورقة ، مقاسها 14 × 17/19 ، تسلسل 417.

(1065)

شرح «الشافية»

للنظام الأعرج.

نسخة بخطّ محمد صادق بن محمد صالح الدشت بياض ، فرغ منها 20 رجب سنة 1103 عليها تصحيحات وبلاغات وحواشي منقولة من شرحي الرضى والجاربودي ، وحواشي لعبد الحي عفى عنه وقى ، وتقع في 166 ورقة رقم 116.

نسخة بخطّ محمد سميع بن علي رضا ، فرغ منها سنة 1094 كتبها بخطّ نسخ جيّد جميل وبعدها الشافية وبعدها المراح كلها بخطه الجميل ، رقم 1945 من الورقة 1 - 89 أ.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر بخطّ نسخ جيّد عليها تملك أضعف الطلاب عبد الباقي بن أحمد أفندي سنة 1211 وعليها تملك محمد أمين كبه بن الحاج عبد الكريم كبه سنة 1271 ، 84 ورقة ، رقم 1007.

ص: 216

(1066)

شرح «الشافية»

المتن لابن الحاجب في علم التصريف.

والشرح لكمال الدين محمد بن معين الدين الفسوي الفارسي ، فرغ منه في شهر رمضان سنة 1108.

نسخة قيمة مكتوبة في حياة المؤلف بخطّ نسخ جيّد كتبه حسن بن زين العابدين الحسني ، وفرغ منها سلخ ربيع الآخر سنة 1126 ، وبالهوامش بخطّ الكاتب تعليقات كثيرة للمؤلف توقيعها منه مد ظلّه أو منه زيد عزه إلاّ الورقتين قبل الورقة الأخيرة فان قيل منه نور الله مرقده ملحقة كانهما كانتا ساقطة قسمت فيما بعد ، وهذه الحواشي كثيرة قلما تخلو صفحة من واحدة وأكثر وأظن الكاتب من تلامذة المؤلف ، 150 ورقة ، رقم 1569.

(1067)

شرح شافية أبي فراس الحمداني

الشافية قصيدة ميمية طويلة للشاعر الشهير القدير أبي فراس الحمداني المستشهد سنة 357 قالها رداً على ابن المعتز العباسي أورد فيها مثالب بني العباس ومناقب بني هاشم آل البيت وتمسى المذهبة مطبوعة ضمن ديوانه وعليه شروح ذكرت في الذريعة بعنوان شرح الشافية شرح السيّد بن أمير الحاج محمد بن الحسين بن محمد ، من أعلام القرن الثاني عشر ناظم الآيات الباهرات وله منظومة في تواريخ الأئمة عليهم السلام ، وكتب هذا للشرح باسم السيّد الأمير أبي سعد السيّد عبدالله فخري زاده ،

ص: 217

فرغ منه سنة 1173 ، طبع سنة 1296 و 1319.

نسخة مكتوبة سنة 1251 بخطّ نسخ جيّد عليها خط الشيخ محمد تقي الدزفولي باستعارة الكتاب من الشيخ رضا البروجردي سنة 1292 ، وتقع في 172 ورقة 5/14 × 21 ، تسلسل 110.

(1068)

شرح الشافية في الصرف

المتن لابن الحاجب ، والشرح للجاربودي.

نسخة منه بخطّ أحد مهرة الخطاطين كتب متن الشافية في وسط الورق ، نسخ رائع وأدرج شرح الجاربودي في الهوامش بخطّ نستعليق جميل جداً وأبدع في إيجاد الاشكال منها بتصاوير السباع والطيور والاشجار والقناديل إلى غير ذلك من الاشكال الرائعة 99 ورقة ، تسلسل 1564 ، فرغ منها سنة 1097.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر بخطّ نسخ جيّد رقم 2049.

(1069)

شرح «الشرائع»

مجلد يبدأ من وجوب الطمأنينة في الركوع من أفعال الصلاة إلى نهاية كتاب الصلاة ثم كتاب الزكاة إلى الشروط المعتبرة في المستحق.

نسخة الأصل بخطّ الشارح وكانت في جملة كتب الفقيه الجليل الحاج آقا رضا الهمداني مؤلفاته بخطه فتخيل ان هذه منها وعند التطبيق ظهر انه ليس له جزما ولكن لم نعرف الشارح وتقع في 351 ورقة ، بخطّ

ص: 218

فارسي دقيق رقم 750.

نسخة اخرى تبدأ من وجوب الطمأنينة في الركوع والثاني مما يجب في الركوع من أفعال الصلاة كالنسخة السابقة وهي مبيضة لما قبلها غير المؤلف إلاّ أن هذه النسخة تنتهي إلى الثاني من قواطع الصلاة في 54 ورقة ، رقم 744.

(1070)

شرح «شرائع الاسلام»

شرائع الاسلام في الفقة للمحقّق الحلي نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي ، والشرح هذا للسيد محمد تقي الطالقاني.

اسمه المظاهر العقيلة.

النسخة الأصلية بخطّ المؤلف أهداها نجله المرحوم السيّد أحمد الطالقاني مع سائر كتبه إلى المكتبة ، وهذا شرح كتاب الصلاة ، مقاسها 17 × 4/23 ، تسلسل 1698.

(1071)

شرح شواهد شرح ابن الناظم

على ألفية ابن مالك

للعلاّمة السيّد محمد بن علي محيي الدين الموسوي العاملي ، ترجم له في الآمل وأثنى عليه قال : كان عالماً فاضلاً أديباً ماهراً شاعراً محققاً عارفاً بفنون العربية والفقه وغيرهما من المعاصرين ، قولي قضاء المشهد الشريف بطوس قرأ عنه السيّد بدر الدين الحسيني العاملي ...

ص: 219

ألف هذه الكتاب بأمر استاده السيّد بدر الدين أوله : «احسن كلمة يتكلم بها أرباب الكلام وأول حديث يثني نحوه عناق الأقلام حمد الله جل جلاله على ما رفع مقدار العلم ومقامه ...» فرغ منه ليلة الاربعاء 21 ربيع الأول سنة 1057 في المشهد المقدس الرضوي.

نسخة بخطّ عبد الرحيم بن علي أشرف القائني ، فرغ منها سنة 1263 في 243 ورقة ، رقم 106.

وبأوله خط العلاّمة الأميني المؤسس دام ظلّه في التعريف بالكتاب ومؤلفه.

(1072)

شرح شواهد شرح قطر الندى

فارسي.

قطر الندى في النحو لابن هشام.

وشرح شواهده هذا للمولى محمد جعفر بن محمد كاظم القائني ، شرحها بالفارسية.

نسخة بأول مجموعة ، فرغ منها الكاتب في شعبان سنة 1251 ، رقم 1467.

(1073)

شرح «شواهد المطول»

فارسي.

أوله : «أما بعد بس ميگويد تراب اقدام طلاب محمد بن عبد الوهاب الكاشاني البيدگلي ، وقد سماه الكاتب في آخر نسختنا بالشواهد المحمدية

ص: 220

نسبة إلى مؤلفة.

نسخة بخطّ حسين بن عباس الدامغاني ، فرغ منها في العشر الأول من شهر رمضان سنة 1260 ، رقم 1928 ، كتبها للشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني مؤلف الوجيزة الموجودة بخطه في المكتبة برقم 1919 102 ورقة.

(1074)

شرح «الصحيفة السجادية»

للشيخ أبي جعفر محمد بن منصور بن أحمد بن ادريس العجلي الحلي المتوفّى سنة 598 ، وهو على التعليق وشرح لغريبها ومفرداتها لكن بترتيب أدعيتها لا على نحو المعجم.

نسخة قيمة إلاّ أنها ناقصة الآخر بخطّ قرچفاي بآخر مجموعة كلها بخطّ تاريخ بعض ما فيها سنة 1062 وبعضها سنة 1065 ، رقم المجموعة 1520.

(1075)

شرح «الصحيفة الكاملة»

أوله : نحمدك على كريم نوالك ، ونشكرك على جزيل افضالك ، ونصلي على نبيك الهادي ...».

هو شرح موجز على مشكلات الصحيفة السجادية ممزوجاً بالمتن لم يعرف المؤلف قد تبدأ بشرح السند بلغ إلى اوائل دعائه عليه السلام في مكارم الاخلاق.

ص: 221

نسخة القرن الثاني عشر في 60 ورقة ، رقم التسلسل 150.

(1076)

شرح الصدور

في حقائق الأُمور

فارسي.

تأليف صدر الإسلام محمد صدر الصدوري ابن السيّد عبد الحسين - نايب الصدارة بقزوين - القزويني والمتخلص [خاك] المولود سنة 1283.

فارسي عناوينه شرحة شرحه وفي الشرحة الأُولى ترجم لنفسه ولسلسلة آبائه وأورد الفرامين الملوكيه الصادرة في شأنهم.

نسخة خط المؤلف في 119 ورقة ، رقم 1593.

(1077)

شرح «الطوالع»

طوالع الأنوار في علم الكلام للقاضي البيضاوي عبدالله بن عمر المتوفّى 685 ، وشرحه هذا للبرهان عبيد الله بن محمد العبيدلي الشريف الفرغاني قاضي تبريز المعروف بالعبري المتوفّى سنة 743 ، ألفه لشهاب الدين مباركشاه.

أوله : «أحمد الله حمداً يتقاصر عن ادراكه غاية عقول العقلاء ...».

نسخة القرن التاسع كانت ناقصة من أولها ورقتين فتممت الورقة

ص: 222

الاُولى وبقي نقص بينها وبين ما بعدها وبآخرها خط السيّد سلطان حيدر بن سيد جلال الدين حسن الطباطبائي ، 159 ورقة ، رقم 2296.

(1078)

شرح عبارات التلويحات

فارسي.

التلويحات لشيخ الأشراف شهاب الدين السهروردي.

وهذا الشرح للعارف الحكيم حسام الدين بن يحيى اللاهيجي ، ألفه في شهر رمضان سنة 1079. أوله : «رب هب لي من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب راقم اين نميقه ... أز قضا عبارتي از عبارات تلويحات كه از جمله تصانيف حكيم الهى عارف حقايق انفسى وآفاقي ...».

نسخة بخطّ الشيخ محمد بن محمود الموركلائي المازندراني ولعله من تلامذة المؤلف كتبها ضمن مجموعة رسائل كلها بخطه للمؤلف تاريخ بعضها سنة 1090 ، رقم المجموعة 566.

(1079)

شرح «عقائد العضدي»

المتن لعضد الدين الايجي.

والشرح لجلال الدين الدواني ، فرغ منه 18 ع 1 سنة 905 ، وتوفي سنة 908.

ص: 223

نسخة بخطّ أحمد بن ملا مغربي كتبها للمولى إمام قلي ، وفرغ منها في أواخر شوال سنة 1117 ، لكنه كتابة القرن الحادي عشر وتوفي إمام قلي قبل انتهاء الكتاب ، وبعده حاشية الخيالي على شرح العقائد بخطّ هذا الكاتب أيضاً وهما في مجلد رقم 145.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ومل هوامشها حواشي وتعليقات بخطّ الكاتب بأول مجموعة رقم 918.

نسخة بخطّ محمد ... فرغ منها في اصفهان 12 ربيع الآخر سنة 1113 ، 66 ورقة ، رقم 2279.

(1080)

شرح عقيدة الشيخ علوان

المتن عقيدة مختصرة للشيخ علوان بن علي بن عطية الحموي الشافعي المتوفّى سنة 936 ، ترجم له الغزي مبسوط في الكواكب السائرة ج 2 وذكر أن له عقيدة وشرحها ، ولعل هذا الشرح له أو لغيره.

نسخة بخطّ سعيد بن قابل النجدي كتبها في شوال سنة 995 ضمن مجموعة رقم 840 كتب المتن بالشنجرف.

(1081)

شرح علم الباري تعالى

المتن رسالة في اثبات علم الباري جل شأنه لعبد الحكيم السيالكوتي المتوفّى 1067 ، والشرح لأحد أعلام القرن الثالث عشر يسمى عبد القادر

ص: 224

صدره باسم معتمد الدولة فرهاد ميرزا القاجاري وأهداه إليه.

وهو في 40 ورقة ، رقمه 1123.

(1082)

شرح العوامل في النحو

المتن لعبد القاهر الجرجاني.

والشرح لبعضهم.

مطبوع ضمن مجموعة باسم جامع المقدمات ص 150.

نسخة تبلغ إلى النوع العاشر في الأفعال الناقصة كتبت في القرن الثالث عشر ضمن مجموعة رقم 837 ، وبظهر الصفحة الاُولى فائدة من فوائد الشيخ البهائي.

نسخة بخطّ علي محمد اللواساني كتبها بخطّ فارسي رائع جميل في رجب 1281 في مجموعة أدبية أولها متن عوائل الجرماني الثاني ، شرحها هذا الثالث العزي في التصريف للزنجاني كلها بخطه الجميل وبأول كل منها لوحة جميلة رقم 1169.

(1083)

شرح عوامل ملا محسن

المتن للمولى محسن بن محمد طاهر القزويني.

والشرح للسيد محمد الحسيني.

أوله : «الحمد لله كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله

ص: 225

وصلوات ملائكته على نبينا محمد وآله».

وبعد أقول : لما كان العوامل المنسوب إلى الفاضل المدقق ملا محسن حفظه الله تعالى ...».

فيظهر أنه معاصر للماتن وشرحه في حياة الماتن.

نسخة ناقصة الآخر بلغت إلى أفعال القلوب ، المتن والعناوين بالحمرة وهو بخطّ نسخ جيّد ، ضمن مجموعة هو آخرها رقم 1710.

(1084)

شرح «فصوص الحكم»

فصوص الحكم لمحي الدين ابن عربي وهو الشيخ أبو عبدالله محمد بن علي المعروف بابن عربي الطائي الحاتمي الاندلسي المتوفّى سنة 638 أخذ أسمه من كتاب الفصوص في الحكمة للفارابي المتوفّى وعلى فصوص ابن عربي هذا شروح وردود كثيرة ذكر جملة منها في كشف الظنون ج 2 ص 1261 منها هذا الشرح وهو للشيخ داود بن محمود بن محمد القيصري المتوفّى سنة 751 تلميذ المولى كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد بن أبي الغنائم الكاشاني المتوفّى سنة 730 قال في

كشف الظنون اتمه في جمادى الأُولى سنة 730 وأنه كتبه للوزير غياث الدين محمد ولكمال الدين عبد الرزاق الكاشاني.

قدم له مقدمة مبسوطة في كليات هذه المعاني وجعلها في اثنى عشر فصلاً ذكر في كشف الظنون للشرح خطبة ولهذه المقدمات خطبة لا ينطبق شيء منه على نسختنا هذه.

أوله : «الحمد لله الذي عين الأعيان بفيضه الأقدس الأقدم وقدرها

ص: 226

بعلمه ...». ثم من بعد انتهاء الفصول الاثنى عشر يشرح في الشرح أوله : «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله أجمعين قول الشيخ رضى الله عنه ...

نسخة قيمة بخطّ أحد خطاطي القرن الثالث عشر كتبها بخطه النستعليق الدقيق الفاخر الرائع وفرغ منها سنة 1246 ، في 200 ورقة مجدولة مذهبية ، مقاسها 17 × 30 ، تسلسل 334.

(1085)

شرح «الفصول النصيرية»

الفصول في أُصول العقائد للمحقّق نصير الدين الطوسي المتوفّى سنة 672 فارسي عربه السيّد عبد الوهاب بن علي الاسترابادي وعلى هذا المعرب عدّة شروح منها هذا وهو شرح للمعرب الاسترابادي نفسه بدأ بالشرح في محرم وختمه في عشرين من صفر سنة 875.

نسخة القرن الحادي عشر في 93 ورقة ، رقم 650 وبأولها الشيخ عبد النبي بن حاج علي الكاظمي وتملك الشيخ محمد باقر بن أسد الله ، وخط الشيخ مهدي أسد الله ، وخط العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي.

(1086)

شرح «الفصول النصيرية»

للفاضل المقداد بن عبدالله السيوري الأسدي الحلي المتوفّى

أوله : «سبحانك اللهم واجب الوجود ومبدأ وغاية وجود كل موجود ...».

ص: 227

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبها نجف علي بن علي أكبر الصفار الهمداني ، وفرغ منها 8 ربيع الأول سنة 1093 ، 161 ورقة ، رقم 1740.

(1087)

شرح «الفصول النصيرية»

الفصول النصيرية في الكلام للمحقّق الطوسي خواجه نصير الدين المتوفّى سنة 672 ، وهو فارسي نقله إلى العربية.

وعليه شروح كثيرة مذكورة في الذريعة.

شرح السيّد عبد الوهاب بن طاهر بن علي بن داود الاسترابادي الحسيني الجرجاني.

ذكر شيخنا في الذريعة اني رأى الكتاب بخطّ مصنفه ، فرغ منها سنة 875.

ونسختنا هذه جاء في آخرها : تم الكتاب بعون الملك الوهاب على يد الفقير الحقير عبد الوهاب بن طاهر سنة 883 ويحتمل قوياً أن تكون هذه النسخة خط يد المؤلف أو أنه مكتوب في حياته وعلى نسخة الأصل وعلى الهامش بعض التصحيحات والنسخة تنقص من أولها وريقات ، وورقة واحدة والموجود 64 ورق وبآخرها أحاديث وفوائد صويرة اجازة العلاّمة الحلي للسيد ابن مهنا وصورة مؤلفات العلاّمة الحلي الفقهية وغير الفقهية رقم 125.

(1088)

شرح الفوائد

في الفلسفة للشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم صفر بن إبراهيم

ص: 228

المطيرفي الاحسائي ، المتوفّى سنة 1241 المتن والشرح كلاهما له ألف المتن عام 1211 ، ثم شرحه بالتماس ملا مشهد بن ملا حسين علي الشبستري ، وهي اثنا عشرة فائدة ، وفرغ من الشرح في الليلة التاسعة في شوال سنة 1233.

نسخة : مكتوبة في حياة المؤلف وبعد يومين وشهرين وعامين من تأليفه والظاهر انه كنتم على خط المؤلف بخطّ تلميذه محمد كريم بن مهدي قلي بن محمد صالح السرابي الأردبيلي حين قرائته عند جناب المؤلف في الحائر الحسيني سنة 1235 في 128 ورقة رقم 1112.

والنسخة مقروة على المؤلف ومقابلة على نسخة الأصل ومصححة ، وجاء في آخرها : تمت مقابلته بيدي من أقل الكتاب إلى آخره ليلة الاثنين أول اسبوع جمادى الآخرة من سنة 1237 وكتب محمد كريم السرابي.

وللكاتب هذا تعليقات كثيرة على هوامش الكتاب بتوقيع محمد كريم وبآخر النسخة فوائد :

1 - صورة ما كتبه الشيخ سلمه الله إلى ملا علي الرشتي.

2 - لقوة الشهوة سمعت من الشيخ سلمه الله.

3 - أبيات أولها :

كن من اُمورك معرضاً

وكل الأُمور إلى القضاء

4 - أبيات أولها :

رب أمر ضاقت النفس به

جاء هامش قبل الله الفرج

5 - قصيدة تنسب إلى محمد أبي بكر ، أولها :

يا ابانا قد وجدنا ما صلح

خاب من أنت أبوه وافتضح

6 - إبيات أولها :

ص: 229

عتبت على الدنيا وقلت إلى منى

أكابدهما بؤسه ليس ينجلي

مكتوب على الصفحة الأُولى :

از دا روغه شيرازي وقتي كه جناب شيخ جعفر خم خانه ها رادر شيراز شكاند :

شيخى كه شكسته است نجامى خم مى

كرده است بساط مى پرستا نراطى

ارَ بهر خدا شكست بس واى بما

وربهر ديا شكست پس واى بوى

(1089)

شرح «فوائد الحكمة»

المتن للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى.

وهو اثنتا عشرة فائدة في الكلام والفلسفة وعليه شروح منها للمؤلف نفسه ، ومنها لتلميذه السيّد كاظم الرشتي ومنها هذا الشرح.

وهو لابي الحسن محمد بن جعفر الحائري من تلامذة السيّد محمد المجاهد ، شرحه في حياة الشيخ الاحسائي ، إلى أن بلغ إلى الفائدة السادسة ثم تغير رأيه في المتن والماتن وأساء الظن به وعدل عن شرحه وفرغ منه سنة 1228 ، درس المتن في جيلان وكتب الشرح عليه هناك بالتماس جمع من الطلبة وهو شرح مزجي.

أوله : «نحمدك اللهم يا من اختفى عن العيان بكمال نوره وبعد عن الأبصار باشعة جلاله ...».

ص: 230

نسخة الأصل المسودة بخطّ المصنف الشارح فيها شطوب وإضافات وتصحيحات في 154 ورقة ، رقم 1101.

(1090)

شرح على القصائد السبع

القصائد السبع العلويات لعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد.

والتعليقات للشيخ محمد تقي الدرزفولي.

أوله : «الحمد لله فوق حمد الحامدين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله شفعاء يوم الدين ، وبعد فهذا تعليق جديد علقته على القصائد السبع لابن أبي الحديد مشتملاً على بيان الفاظها ولغاتها وتراكِبها ومعانيها على سبيل الاختصار ...» ويقول في كل بيت اللغة التركيب المعنى ، وقال في آخره : «وهذا آخر ما تيسر لي في شرح القصائد السبع العلوية على سبيل الإيجاز والاحتضان في حاشية الكتاب من دون تسويد في الخارج ...».

فرغ منه في جمادى الآخرة سنة 1271.

نسخة الأصل كتبها بخطه في هوامش شرح القصائد للسيد محمد بن أبي الرضا العلوي بخطه الفارسي الدقيق الجيد من دون تسويد في الخارج ، كما ذكره رقم 1195.

(1091)

شرح القصيدة الطنطرانية

لفخر خراسان علاء الدين محمد بن أحمد البهشتي الاسفرائني.

أوله : «الحمد لله الذي خصص نوع الإنسان بالفصاحة والبيان وشرفه

ص: 231

بالبلاغة والتبيان ...».

نسخة فرغ منها الكاتب 6 رجب سنة 969 ، وبعدها ترجمة القصيدة بالنظم التركي كتبت سنة 971 ، وبظهر الورقة الأُولى خط العلاّمة الأديب محمد علي تربيت التبريزي وعليها ليث زاده پير احمد وعليها فهرست ما كان في هذه المجموعة في رسائل ، ولكنها جزئت عند التجليد وافردت وعليها بيتين فارسيين غزلين على نحو السؤال والجواب وبيت بالتركية ، رقم 1188.

(1092)

شرح القضية

لم أعرف الماتن ولا الشارح.

المتن رسالة في القضية واجزائها من علم المنطق ، نعم ذكر في كشف الظنون في حرف الراء رسالة في القضية والتصديق لشمس الدين محمد الخفري ، وأظنها هذه ، والشارح أحد معاصريه أول الشرح : «الحمد لله الذي وفقنا لتلخيص الكلام وتحقيق المقام والصلاة والسلام ... هذه الرسالة الدقيقة الوجيزة والدرة الفريدة العزيزة ... طول الله اعماره ...».

وعليه تعليقات كثيرة للشارح.

نسخة ضمن المجموعة رقم 918.

(1093)

شرح «قطر الندى»

في النحو ، المتن والشارح كلاهما لابن هشام.

نسخة بخطّ أقل الطلاب محمد يوسف بن مهدي ، فرغ منها في

ص: 232

ربيع الآخر سنة 1227 ، ضمن مجموعة كلها بخطه ، وهو ثاني ما فيها ، رقمها 671.

(1094)

شرح قول العلاّمة في القواعد

في كتاب الوصية : النوع الثاني المحاباة أما بالنكاح فلو تزوج وأصدق عشرة مستوعبه ومهر مثلها خمسة ، فلما مهر المثل وثلث المحاباة فان ماتت قبله فورثها ...».

والشرح فارسي للعلاّمة الفقيه الحاج محمد جعفر بن سيف الدين الاسترابادي نزيل طهران المشتهر بشريعتمدار ولد سنة 1198 ، وتوفي سنة 1263 ، ترجم له شيخنا في الكرام ص 253 ، وعدد مصنفاته ولم يعد هذا منها نعم ذكر فيما عدّ له لاجوبة المسائل بالعربية والفارسية» وهذا أيضاً كذلك فانه سأله عن هذه المسألة وعن مراد العلاّمة بعض تلامذته بالعربية فأجاب هو عنها بالفارسية ويظهر منه ان تلميذه الذي سأله عنها اسمه السيّد أبو القاسم.

نسخة اظنها بخطّ السائل السيّد أبو القاسم ضمن مجموعة جمعها العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي سنة 1324 ، رقم 389.

(1095)

شرح قول العلاّمة

في كتابه قواعد الاحكام : ومعاودة النوم ثانياً ...».

والشارح الشيخ جعفر بن لطف الله.

مكتوب عليه انه من حواشيه أدام الله ظلاله على القواعد.

ص: 233

ضمن مجموعة مكتوبة في القرن الحادي عشر ، رقم 567.

(1096)

شرح «الكافي»

للمولى صالح بن أحمد بن شمس الدين الساروي المازندراني المتوفّى سنة 1086.

المجلد الأول يبدأ بشروح أول أُصول الكافي وينتهي بانتهاء كتاب العقل والجهل ، وفرغ منه المؤلف 14 صفر سنة 1063 ، وفرغ الناسخ الشيخ راشد الشيرازي في شيراز عصر يوم الثلاثاء 23 صفر سنة 1117 يقع في 309 ورقة ، 14 × 7/19 وبآخره كتب العلاّمة الشيخ محمد جعفر بن محمد صادق الشيرازي بخطه الشريف بلغ قراءة كتاب

العلم من أُصول الكافي على استاذنا العالم الفاضل الكامل المحقّق المدقّق شيخ المحقّقين الشيخ محمّد أمين الشيرازي ... في عدّة مجالس آخرها 15 شعبان سنة 1117.

وبأوله بخطّ الشيخ محمد جعفر أيضا شرح حديث أول ما خلق الله العقل مقاوله ... الخ وكتب أيضاً بخطه من أول الكتاب إلى آخره حواشي مفيدة تعد حاشية مستقلة توقيعها جمع عفى عنه ، تسلسل 504.

المجلد الأول نسخة قيمة ثمينة بخطّ نسخ جميل للغاية كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر ، وهو الخطاط شير علي والظاهر انه هندي ، وفرغ منه يوم الأثنين 6 شهر رمضان سنة 1094 كتبها للمولى حسنعلي ابن المصنف على نسخة كان كتبه اخوه النجل الآخر للمصنف وهو العلاّمة الشهير آقا هادي ابن المولى صالح الشهير بآقا محمد هادي مترجم وقد

ص: 234

كان كتبها في حياة أبيه ، وفرغ منها 17 محرم سنة 1074 ترجم لهذاين الوليدين شيخنا في أعلام القرن الحادي عشر والعلاّمة النوري في الفيض القدسي.

ثم ان المولى حسنعلي نجل المصنف صحح هذه النسخة وقابلها على نسخة أخيه وكتب بآخر النسخة بخطه النستعليق البديع الجميل بالغت في تصحيحه بقدر الوسع والطاقة فصح ان شاء الله تعالى بمحروسة حيدرآباد سنة 1095.

وخط النسخة في غابة الحسن وباعلى الصفحة الأولى لوحة تزويق وتأنيق بالشنجرف والذهب ثم بقية الأوراق مؤطرة بالذهب ولعل هذا التزيين حادث كتب في آخرها أحياها مقرب الحضرة العلية علي أكبر خان سرهنگ فوج افشار في شوال سنة 1270 وعليه ختمه ثم بأوله ختم مكتبة الحاج محتشم السلطنة القاجاري رئيس وزراء ايران ، وعلى النسخة تصحيحات وبلاغات نجل المصنف يقع 227 ورقة ، مقاسها 3/13 × 5/24 ، تسلل 26 ، وبآخر الكتاب أحاديث وفوائد بخطّ السيّد حسين بن السيّد نور الدين الموسوي التستري كتبها للاخ العزيز ... ميرزا محمد ابراهيم الحسيني 25 صفر سنة 1154.

(1097)

شرح «الكافي»

الكافي الحديث تأليف أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفّى سنة 1329 ، أحد الكتب الأربعة للشيعة وعليه شروح كثيرة وحواش متعددة منها هذا الشرح وهو المولى حسام الدين محمد صالح بن أحمد بن

ص: 235

شمس الدين السروي المازندراني صهر المولى محمد تقي المجلسي توفي سنة 1086 ، ترجم العلاّمة النوري في الفيض القدسي.

المجلس الثالث شرح كتاب الحجة من أُصول الكافي من أوله إلى آخره بخطّ محمد أشرف بن محمد هادي ، فرغ منه يوم الأربعاء 17 محرم سنة 1103 ، في 221 ورقة ، مقاسها 7/18 × 25 ، تسلسل 1531 وعليه تملك الشيخ محمد أمين الذي كان يدرس الكتاب في شيراز سنة 1117 ، وختمة : «انى لكم رسول أمين». راجع تسلسل 504 ، ثم عليه تملك الشيخ يحيى في سنة 1277.

مجلد يحتوي على شرح روضة الكافي من أولها إلى آخرها بخطّ أحد العلماء من المائة الثانية عشرة وهو الشيخ محمد رشيد بن محمد جعفر التيرباني من نواحي تبريز ، فرغ منه 27 صفر سنة 1115.

وعليه تصحيحات وبآخره بلاغ يقع 238 ورقة ، 5/18 × 29 ، تسلسل 27.

(1098)

شرح «الكافية»

في النحو ، المتن لابن الحاجب.

والشرح لنجم الأئمة رضي الدين محمد بن الحسن الاسترابادي النجفي المتوفّى سنة 686.

نسخة بخطّ نظام بن عبد العزيز القهپائي ، فرغ منها سنة 1096 في 370 ورقة ، رقم 1168.

نسخة فرغ منها الكاتب 12 جمادى الأُولى سنة 1100 ، واسم

ص: 236

الكاتب پير علي ، والنسخة مقابلة مصححة جاء في آخر بلغت مقابلة ... من أوله إلى هنا بعون الله ، والظاهر أنها نسخة عن نسخة مكتوبة أواخر ذي الحجة سنة 708 ، رقم 2110.

(1099)

شرح «كافية»

فارسي.

الكافية في النحو لابن الحاجب.

وهذا الشرح فارسي أوله : «ثنا وستايش مر واجبي را كه رافع درجة عارفين است وخافض منازل جاحدين است وباعث انبياء اولين وآخرين است وناصب ائمه هادين است .... أما بعد فيقول ... على المازندراني : كتب للاخ الاعز ... كمال الدين الحسيني المازندراني شرحاً للكافية الوافية.

نسخة بخطّ فارسي والمتن مكتوب بالنسخ بخطّ أخشن ومعلم عليه بالحمرة ناقص الآخر وعليها تصحيحات وحواشي ضمن مجموعة 567 كتابة اوائل القرن الحادي عشر.

(1100)

شرح «الكافية»

فارسي.

الكافية في النحو لابي عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب ، المتوفّى سنة 646 ، ويقال لها بمقدمة ابن الحاجب شرحها المؤلف ونظمها ثم شرح النظم أيضاً ولغيره أيضاً عليها شروح كثيرة منها

ص: 237

هذا الشرح وهو فارسي للسيد الشريف الجرجاني المتوفّى سنة 816.

وهو شرح مزجي لا يتميز من المتن إلاّ باللون الأحمر.

نسخة تاريخها 26 محرم سنة 1057 ، في 230 ورقة ، رقم 315 ، والمتن مكتوب بالشنجرف.

(1101)

شرح الكبرى

فارسي.

المتن فارسي في علم المنطق للسيد الشريف الجرجاني علي بن محمد المتوفّى سنة 816 ، والشرح أوله : «الحمد لله الذي خلق السماوات الأرض ...».

نسخة كتبت في محرم سنة 1228 في 42 ورقة ، رقم 1180.

(1102)

شرح كتاب البيع من قواعد الاحكام

كتاب قواعد الاحكام لآية الله العلاّمة الحليّ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحليّ المتوفّى سنة 726 والمدفون في النجف الأشرف كتاب فقهي قيم كثير الفوائد متوسع في الفروع ، وقد شرحه جمع كثير من محققي الفقهاء ، ومنهم الشيخ الأكبر الشيخ جعفر بن خضر الجناجي النجفي صاحب كتاب كشف الغطاء المشتهر به هو واُسرته بآل كاشف الغطاء ، المتوفّى في النجف الأشرف سنة 1227 ، ولكن حيث لم يبرز من قلم الشريف سوى شرح كتاب البيع منه وشرح كتاب الطهارة

ص: 238

لم نذكره بعنوان شرح قواعد الاحكام.

نسخة قيمة مصححة مراراً وكانت عند اُسرته ولعلها مكتوبة في حياة المؤلف بأدلها خط حفيده العلاّمة الشيخ حسن بن علي ابن المؤلف كاشف الغطاء : نظرت فيه وربما فهمت بعض ما فيه ... سنة 1286 ، على هوامشها تصحيحات كثيرة كأنها صححت عدّة مرات. رقم 2287 ، ومعه شرح ارجوزة في الميراث للشيخ محمد علي الأعسم النجفي المتوفّى سنة 1233 والشرح لابنه الشيخ عبد الحسين الأعسم.

(1103)

شرح «كتاب التوحيد»

المتن للشيخ الصدوق ابن بابويه ، وهو رئيس المحدثين ، أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفّى سنة 381.

والشرح للقاضي سعيد القمي ، وهو محمد سعيد بن محمد مفيد الملقب بحكيم كوچگ ، تلميذ المحقّق الفيض الكاشاني ، والفياض اللاهيجي ، والمولى رجبعلي التبريزي.

الجرء الثاني من الباب الثالث في معنى الواحد والتوحيد إلى الباب في معنى قوله عزّوجلّ : (ونفخت فيه من روحي) نسخة قيمة كتبها تلميذه محمد كريم الشريف ابن محمد شفيع الشريف وقرأها على المؤلف فاجاز له المؤلف في آخرها اجازة بخطه الشريف تأريخها شهر رمضان سنة 1099 ، في 213 ورقة ، وبالهوامش بلاغات بخطّ المصنف وتعليقات وتصحيحات والعناوين مكتوبة بالذهب أو الشنجرف رقم 485.

ص: 239

(1104)

شرح «كفاية الأُصول»

أوله : «الحمد لله الذي وفقنا للتوجه إلى جناب قدسه وأيدنا للتعرض لنفحات انسه ...».

وهو شرح ممزوج.

الجزء الأول بخطّ نسخ جيّد إلى آخر المفاهيم الذي هو الجزء الأول من المتن أيضاً ، 90 ورقة ، بالقطع الكبير رقم 667.

(1105)

شرح «اللمعات»

فارسي.

اللمعات في التصوف

للعارف الشهير فخر الدين إبراهيم العراقي الهمداني الأصل ، المتوفّى سنة 688 ودفن بمقابر الصالحية بدمشق قرب قبر ابن عزلي.

سافر إلى قونية وقرأ الفصوص على صدر الدين القونوي فألف اللمعات هناك ، وقدمه إلى الشيخ فاعجو.

وعليه عدّة شروح أشهرها شرح عبد الرحمن الجامي سماه أشعة اللمعات وهو فارسي مطبوع.

وهذا الشرح أوله : «الحمد لله الذي عين بعيون الأعيان ، وأظهر بظهور الاكوان ، وأكمل بكمال الامكان ...».

وهذا الشرح أيضاً فارسي لم نعرف الشارح.

نسخة بخطّ فارسي خشن ، كتابة القرن الثاني عشر في 99 ورقة ،

ص: 240

رقم 1519 ، وفي طرفيها اشعار فارسية وتركية.

وبظهر الورقة الأخيرة تعليقة على كلام الشارح حيث قابل بين الكمال والجلال فرد عليه المعلق والتعليق ناقص.

(1106)

«شرح مختصر ابن الحاجب»

صنف ابن الحاجب عثمان بن عمر المتوفّى سنة 646 كتاباً في أُصول الفقه سماه المسؤل والأمل في علمي الأُصول والحدل ، ثم اختصره ويعرف بمختصر المنتهى وأشتهر بمختصر ابن الحاجب ، وهو مشهور متداول وعليه شروح منها هذا الشرح وهو شرح القاضي عضد الدين الايجي عبد الرحمن بن أحمد المتوفّى سنة 756 ، وفرغ من تأليفه 26 شعبان سنة 734.

نسخة كتابة القرن التاسع ناقصة من أولها أكثر الخطبة ومن آخرها وريقات ، ومن وسطه أيضاً وربما يكون فيه تقديم وتأخير ، وعليه تعاليق كثيرة كما أن بأعلى لبعض الصفحات كتب المتن أيضاً ، 173 ورقة ، رقم 1685.

نسخة كتابة القرن العاشر بخطّ فارسي جيّد وعلى الهوامش تعاليق والمتن مكتوب بأعلى الصفحات إلاّ فيه بعد الورقة الأُولى سقط ولكن قام من آخره ، 157 ورقة ، رقم 904.

(1107)

«شرح مختصر ابن الحاجب»

ألف ابن الحاجب أبو عمرو عثمان بن عمر المالكي كتاباً كبير

ص: 241

في أُصول الفقه سماه السؤل والأمل في علمي الأُصول والجدل ثم اختصره فعرف بمختصر المنتهى واشتهر بمختصر ابن الحاجب وعليه شروح كثيرة حيث أصبح كتاباً دراسياً متداولاً وقد بالغ في كشف الظنون في اطرائه وذكر من شروحه 29 شرحاً اشهرها شرح العضدي والتفتازاني وكلاهما موجود في المكتبة ، وهذا شرح التفتازاني وهو مسعود بن عمر المتوفّى سنة 791 المشتهر بالسعد التفتازاني ، فرغ من هذا الشرح على ما في آخر نسختنا هذه 20 شهر ذي الحجة سنة 770.

نسخة بخطّ عطاء الله بن حسن الجيلاني ، فرغ منها في رجب سنة 1027 ، نسخة جيّدة مصححة ، وعليها بعض التعليقات للشارح ، في 152 ورقة ، رقم 606.

(1108)

«شرح مختصر ابن الحاجب»

للعضدي ، وهو القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الايجي المتوفّى.

أوله : «الحمد لله الذي برأ الأنام وعمهم بالأكرام والدعوة إلى دار السلام ...».

وفرغ منه 26 شعبان سنة 734.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبها محمد حسين بن شمس الدين الأصفهاني ، وفرغ منها سنة 1031 ، وبظهر الورقة الأُولى تملك العلاّمة ميرزا محممد هاشم والجهار سوقي وحسين بن محمد محسن الشهير بتاج بعض الحواش م ن وأظنها للكاتب للنسخة محمد حسين ، 354 ورقة ، رقم 2300.

ص: 242

(1109)

شرح «المختصر النافع» (الشرح الصغير)

للسيد علي الطباطبائي الحائري ، نزيل كربلاء ، تلميذ الاستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، والمحدث البحراني صاحب الحدائق توفي سنة 1236 ، ودفن معهما في رواق الحائر الحسيني ، وله على المختصر النافع شرحان : كبير اسمه رياض المسائل ، وحياض الدلائل مطبوع مرات متعددة ، ويقال له الشرح الكبير أيضاً ، وله شرح صغير وهو غير مطبوع ويعرف : بالشرح الصغير ، وهو كتابنا هذا :

نسخة منه كتابة القرن الثالث عشر في 227 ورقة ، تسلسل 709.

نسخة إلى آخر كتاب الصلاة كتابتها إما في عهد الشارح أو قريبة من عصره في 64 ورقة ، رقمها 1667.

نسخة من أوله إلى آخر الحج ، ضمن المجموعة رقم 231.

نسخة مكتوبة في عصر المصنف أو قريباً منه بخطّ نسخ جيّد في 223 ورقة ، رقم 668.

(1110)

شرح المشاعر

المتن في الفلسفة لصدر الدين الشيرازي محمد بن إبراهيم المتوفّى سنة 1050 ، وعليه عدّة شروح منها هذا الشرح وهو للشيخ أحمد بن

ص: 243

زين الدين بن إبراهيم بن داغر بن رمضان بن راشد بن دهيم بن شمروخ الاحسائي المتوفّى سنة 1241 ، فرغ منه 27 صفر سنة 1234.

نسخة في 226 ورقة ، رقم 1108.

(1111)

شرح «معالم الدين»

في الأُصول للشيخ أحمد بن عظيم بن أكبر الكاشاني من أعلام القرن الثالث عشر ، ومن تلامذة صاحب الرياض في كربلاء والاستاد الوحيد البهبهاني ، وله شرح على الفوائد العتيقة سماه مشارق الأنوار ، اشتتغل بطلب العلم في كربلاء ، ارتحل إليها في صغره وجاورها إلى أن غادرها راجعاً إلى بلاده قبل فتنة الوهابية بسنتين ، فاشتغل هناك بالتدريس ، كانت كتبه حرفياً من تقريرات استاذه المير سيد علي طباطبائي صاحب الرياض وبأمره حين قراءته المعالم عليه ، ثم لما درس المقالم في كاشان ، كرر النظر وبيضه وأضاف إليه.

نسخة بخطّ أقل الطلبة محمد صادق بن محمد علي ، فرغ منه في ربيع الأول سنة 1234 ، ثم ملكه وصححه وقابله أحد العلماء ، وهو الشيخ علي أكبر بن الحاج علي الرافدي ، وفرغ من مقابلة ليلة السلخ من محرم سنة 1241 ، وكتب البلاغ في آخره بخطه قال : لقد تمت مقابلته بقدر الوسع والطاقة ...

وعلى الكتاب للمؤلف حواشي مبسوطة كثيرة منه رحمه ويقع في 85 ورقة ، 16 × 8/21 ، تسلسل 200.

ص: 244

(1112)

شرح المعلقات السبع

للزوزني أبي عبدالله الحسين بن أحمد.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبها محمد صالح بن محمد رضا الطالقاني ، وفرغ منها سلخ شوال سنة 1242 ، 62 ورقة ، رقم 2270.

(1113)

شرح «مغني اللبيب»

لمحمد بن طولون الحنفي شمس الدين المحدث الشامي من الصالحي ، إمام العمارة السليمة ، صنفه في العشر الثامن من المائة العاشرة.

الجزء الأول بخطّ نسخ جيّد كتبه يار محمد شيخ فضل الله الهاشمي العباسي ، فرغ منه جزء منه الثاني 6 جمادى الأُولى سنة 1065 ، بأمر أعلم العلماء مير محمد علي بن مير شاه حسين الحسيني ، في 261 ورقة ، رقم 579.

الجزء الثاني بخطّ نسخ جيّد كتبه يار محمد شيخ فضل الله العباسي ، فرغ منه 6 جمادى الأُولى سنة 1065 ، في 210 ورقة ، رقم 580.

(1114)

شرح «المفاتيح»

مفاتيح الشرائع ، للمحقق المحدّث الحكيم المتأله المولى الفيض

ص: 245

الكاشاني المتوفّى سنة 1091.

عليه شروح وحواشي كثيرة ، منها هذا الشرح ، وهو للاستاذ الأكبر والمجدد في الثالث عشر الوحيد البهبهاني آقا باقر بن محمد أكمل ، المتوفّى سنة 1208.

الجزء الأول والثاني من أوله إلى آخر شرح كتاب الطهارة ، فرغ منه الشارح ضحي يوم الاربعاء 18 ربيع الثاني سنة 1181 ، غير مؤرخ ولا ذكر الكاتب ، ويقع في 257 ورقة ، مقاسها 21 × 30 ، تسلسل 763.

الجزء الأول والثاني والثالث ، وهو تمام الطهارة ، وكتاب الصلاة إلى لباس المصلي وأحكام الساتر بخطّ مير إسماعيل بن الحاج مير هادي الاقائني البيرجندي ، وعليه حواشي منه عفى عنه ، ومنه دام ظلّه العالي ، وتقع في 403 ورقة ، مقاسها 20 × 6/29 ، تسلسل 380.

وعليه خط العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي ، والأوراق الثلاثة الأول بخطه رحمه الله.

(1115)

شرح ملحة الاعراب

المتن منظومة في النحو للاديب اللغوي الشهير أبو محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات.

والشرح لغيره ، شرحه بعد وفاة الحريري.

نسخة عتيقة قديمة كتابة القرن العاشرة في 67 ورقة ، مقاسها 5/10 × 4/16 ، تسلسل 828 ، بخطّ نسخ جيّد.

ص: 246

(1116)

شرح «الملخص»

الملخص في الهيئة البسيطة لمحمود بن محمد بن عمر الچمغميني الخوارزمي المتوفّى سنة ، مرتب على مقدمة ومقالتين.

والشرح لموسى بن محمود المعروف بقاضي زاده الرومي ألفه لا لوغ بيك ميرزا بن شاهرخ بن أمير تيمور ، وفرغ منه سنة 815.

نسخة فرغ منها الكتاب 22 صفر سنة 1230 ، ومعها كتاب حل المشكلات رقم 1554.

نسخة بخطّ جلال الدين مسعود بن محمد أمين ، فرغ منها شعبان سنة 1073 ، في 92 ورقة ، مقاسها 12 × 6/18 ، تسلسل 936.

عليه تملك السيّد زين العابدين بن حسين الحسيني العاملي وختمه بأوله وآخره وتملك بهاء الدين محمد عفى عنه بخطه وختمه وتاريخ ختمه 1123 ، ولعله المولى بهاء الدين محمد بن تاج الدين الفاضل الهندي.

وعليه تمليك حسينقلي وتملك عبدالله بن حسنعلي وختمه وعلى الهوامش حواش منه وحواش محمد رفيع رحمه الله وحاشية عبد العلى وبير جندي ، ولعلهما عبد العلى البير جندي ، وحواش فتح الله.

(1117)

شرح نصاب

فارسي.

ص: 247

لمحمد حسين بن محمد رضا الطالقاني الشريف ذكره شيخنا في الذريعة ولم يزد على أنه مطبوع عام 1302.

نسخة ولا كاتب وعليها حواشي منه كثيرة ولعلها بخطّ المؤلف فاني لم أعثر على عصر المؤلف وبآخرها بائية فارسية في التوحيد والمناجاة في 63 بيتا ، وتقع في 214 ورقة ، رقم 1456 ، وبأولها معجم نسق دقيق للغات المدرجة في الكاتب وكتب السيّد محمد نقي الحسيني الخليفة انه استكتبها ، وفرغ الكاتب منها في ذي الحجة سنة 1129.

(1118)

شرح «نهج البلاغة الوسيط»

للشيخ الفقيه المتكلم الأديب المحقّق كمال الدين بن ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، من أعلام القرن السابع ، له شرح كبير اسمه مصباح السالكين مطبوع في خمسة أجزاء عدّة مرات وشرح آخر لم يطبع حتى الآن وهو هذا وقد ألفهما للوزير بن عطاء بن بهاء الدين محمد ملك الجويني ، وهذا اختصار للشرح الكبير ، فرغ منه آخر شوال سنة 681.

نسخة تحوي الكتاب بكامله ، فرغ منها بخطّ محمد صالح بن محمد رفيع كتبها بنسخ جيّد والمتن مشكول مضبوط ، فرغ منها سنة 1092 في 346 ورقة ، رقم 35 ، والنسخة مصححة وعليها تعليقات وبأوله خط العلاّمة الأميني.

نسخة تحوي الكتاب كله كتبها عبدالله الگپايگاني في بخطّ فارسي جميل رائع والمتن بالنسخ الجيد والعناوين بالشنجرف ، وفرغ منها سنة 1007 وعليها تصحيحات وتقع في 274 ورقة ، رقم 34 وبآخرها خط

ص: 248

العلاّمة الأميني دام ظلّه.

(1119)

شرح «نهج البلاغة»

لعز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المدائني البغدادي.

الجزء الأول الخامس بخطّ نسخ جيّد كتابة القرن الحادي عشر في 428 ورقة ، رقم 1162.

الجزء الرابع عشر والخامس عشر بخطّ نسخ جيّد يتحدها مع ما سبق بالخط والقطع وجميع الميزات ، وهذا المجلد فرغ منه الكاتب في ربيع الآخر سنة 1047 في 157 ورقة ، فتلك الاجزاء تاريخيها قبيل هذا التاريخ رقم 1611.

(1120)

شرح «نيران الحساب»

فارسي.

المتن رسالة فارسية في الحساب ، تصنيف المولى علي القوشجي ، والشرح لملك محمد بن سلطان حسين الاصفهاني.

نسخة بخطّ محمد ابراهيم التبريزي ، كتبها سنة 1089 ضمن مجموعة رقم 619.

ص: 249

(1121)

شرح «الوافية»

الوافية في الأُصول للمولى عبد الله ، المتوفّى.

وعليها شروح متعددة ، منها هذا الشرح وهو للسيد صدر الدين بن محمد باقر الرضوي القمي الهمداني النجفي المتوفّى سنة في عشر السنين والمائة والألف من مشايخ الاستاد الأكبر الوحيد البهبهاني.

نسخة تقع في 174 ورقة ، رقم 409.

(1122)

شرح «الوافية»

الوافية في الأُصول للمولى عبد الله التوني.

وهذا الشرح للعلاّمة السيّد مهدي بحر العلوم.

بلغ فيه الى مباحث الحقيقة والمجاز.

نسخة بخطّ أقل الطلاب كلبعي ، فرغ منها سنة 1230 ، في 131 ورقة ، رقم 898.

نسخة ضمن مجموعة أُصولية رقم 393.

نسخة كتبت سنة 1222 بأول مجموعة أُصويية بخطّ فارسي جيّد رقم المجموعة 951.

نسخة ناقصة كتاب القرن الثالث عشر ضمن المجموعة رقم 2046 ، وقد تشوش أوراقها عند التجليد فوقع بعضها في نهاية المجموعة.

ص: 250

(1123)

شرح الهداية

المتن لمفضل بن عمر أثير الدين الابهري.

والشرح للمولى صدرا صدر الدين الشيرازي محمد بن إبراهيم.

نسخة كتبها الخطاط مصطفى بن عبد الله القمشهي بنسخ جيد ، فرغ منها في رجب سنة 1181 ، في 20 ورقة ، رقمها 640 ، وقد بدأ بكتابتها في رابع صفر من تلك السنة.

نسخة ضمن مجموعة هو أولها وهو ناقص الآخر بالخط الفارسي ، رقم 1710.

نسخة بخط مهر علي ، فرغ منها في زنجان سنة 1215 ضمن مجموعة فلسفية بخط هذا الكتاب ، وهذا الكتاب أخيرها ، رقم 835.

(1124)

شرح هداية الحكمة

المتن في الفلسفة لأثير الدين المفضل بن عمر الأبهري.

وعليها شروح منها :

شرح حسين بن معين الدين الميبدي.

فرغ منه في شوال سنة 880.

نسخة بخط أحمد الأديب ابن أبي الحسن ، فرغ منها في شهر صفر سنة 1241 ، كتب الشرح بالخط التعليق والمتن بالنسخ في 91 ورقة ،

ص: 251

رقم 1104.

وعليها خط بصير الملك وختمه والنسخة مصححة وعليها حواشي للأديب كاتب النسخة.

نسخة بخط السيد حسين الملقب بالسيد ميرزا ابن السيد حسن الموسوي ، فرغ منها في شعبان سنة 1124 في 140 ورقة ، رقم 812.

نسخة بخط محمد قاسم ، فرغ منها 15 شوال سنة 1096 سقط من أولها صحيفة واحدة وهي في 170 ورقة بالخط النسخ رقم 1105.

نسخة في 150 ورقة ، كتابة القرن الثاني عشر رقم 1115.

نسخة بخط عبدالله بن عبد الغفار الطبسي كتبها بخط فارسي جيد والمتن معلم بالشنجرف وفرغ منها 2 جمادى الآخرة سنة 1036 في المدرسة الخانية.

نسخة قيمة عليها تعليقات العلماء بخطوط مختلفة منها حواشي كثيرة توقيعها صدر والظاهر أنه المولى صدرا صدر الدين الشيرازي فان في أول النسخة أنه ابتدأ بقراءة الكتاب على الآخوند ... 8 ج سنة 1036 والاسم ممحي والظاهر أنه هو صدر الدين الشيرازي والتعليقات بخطه وهي في أواخر النسخة وفي أوائلها نقل مطالب كثيرة بالهوامش مصرحا فيها بانها منقولة عن شرح المولى صدرا على الهداية وعليها حواشي ملا زادة وحواشي فخر او فخر الدين وباوائلها تعليقات منه رحمه الله.

رقم 1974.

نسخة القرن الحادي عشر بخط نسخ جيد في أواسطه نقص من مكانين وفي آخرها أيضا ظاهراً ، رقم 1911 عليها تملك الشيخ محمد طاهر

ص: 252

في أعلام القرن الثالث عشر وآخرها أبيات في التغزل فارسية وعربية لطيفة بديعة وبآخرها بخط الشيخ عبد اللطيف الطسوجي هذه الابيات:

وصدغاه وخالاه وحالي

ليال في ليال في ليالي

وعارضه وحاجبه وقدي

هلال في هلال في هلال

ومبسمه ومنطقه ودمعي

لآل في لآل في لآلي

(1125)

شرح هداية الحكمة

المتن لأثير الدين الأبهري مفضل بن عمر.

وعليه شروح كثيرة منها :

شرح شمس الدين محمد بن مباركشاه البخاري الجنگي الشهير ب- (ميرك).

نسخة بخط مفضل بن حبيب الله ، فرغ منها ليلة السابعة من رجب سنة 1078 في 33 ورقة ، رقم 869.

(1126)

شعر صاعد الشيرازي

فارسي.

وأكثره في مدائح ومراثي الأئمة عليهم السلام.

نسخة بخط فارسي جيد ضمن المجموعة رقم 786.

ص: 253

(1127)

شعر في الملاحم

باللغة التركية.

نسخة ضمن المجموعة رقم 627.

(1128)

شعشعه ذو الفقار

فارسية في حروب أمير المؤمنين عليه السلام وبطولاته من نظم السيد محمد شفيع بن السيد بهاء الدين محمد الحسيني القزويني ، فرغ منه في شوال سنة 1184 ، باسم كريم خان زند المتوفى سنة 1193 مرتب على عشر شعشعات الأُولى في غزوة بدر والعاشرة في حرب صفين ، وله كتاب في تراجم العرفاء يوجد عند المدرس الرضوي.

نسخة بخط فارسي جميل كتبها نصر الله في القرن الثالث عشر 140 ورقة ، رقم 1267.

ص: 254

مصطلحات نحوية (27)

السيّد علي حسن مطر

اثنان وخمسون - مصطلح المصدر

المصدر في اللغة : موضع الصدور ، يقال : «أصدَرَهُ فَصَدَرَ ، أي : رَجَعهُ فرجَعَ ، والموضعُ : المصدر» (1) ، ويقال : «صدرَ القوم عن المكان ، أي : رجعوا عنه ، وصدروا إلى المكان ، أي : صاروا إليه» (2).

وقد استعملت كلمة «مصدر» في المعنى الاصطلاحي النحوي مع أربع كلمات أُخر ، وهي : الفعل ، والحَدَث ، والحَدَثان ، والمعنى.

قال الزمخشري : «المفعول المعلّق هو المصدر ، سُمّي بذلك لأنّ الفعل يصدر عنه ، ويسمّيه سيبويه : الحَدَث والحَدَثان ، وربّما سمّاه : الفعل» (3).

وقال ابن يعيش : «وإنّما سمّي مصدراً ؛ لأنّ الأفعال صدَرَت عنه ،

ص: 255


1- مختار الصحاح ، محمد بن أبي بكر الرازي ، مادّة «صدر».
2- لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «صدر».
3- المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 31.

كمصدر الإبل للمكان الذي ترده ثمّ تصدر عنه ، وذلك أحد ما يحتجّ به أهل البصرة في كون المصدر أصلاً للفعل» (1).

وقال الجرجاني في شرح إيضاح الفارسي : «وتسمّى المصادر : الأحداث والحَدَثان ، وذلك أنّها تحدث مرة بعد أُخرى ، ولا تكون ثابتة ، ك- : زيد وعمرو ، ويسمّيها : المعاني أيضاً ؛ لأجل أنّها ألفاظ لا تدلّ على أشخاص ، ك- : زيد وعمرو والرجل والفرس ، ألا ترى أنّ الضرب والقتل والقيام لا يدلّ شيء منه على شخص ، وإنّما يدلّ على معنىً ..

ويسمّيها : الفعل أيضاً ؛ وهذا على مقتضى العادة ، وهو أنّ الضربَ فعلٌ يُفعل في الحقيقة ، إلاّ أنّ النحويين لا يسمّونه فعلاً ؛ ليفصل بينه وبين هذه الألفاظ المشتقّة من هذه المصادر لاختلاف الأزمنة ، ك- : ضربَ ويضربُ ، وقد تقدّم ... أنّ نحو الضرب والقتل سُمّي : مصدراً ؛ لأنّ الأفعال اشتقّت منه ، فكأنّها صدرت عنه صدورَ الإبل عن الماء» (2).

وفي هذه الأقوال بيان للمناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لكلمة «المصدر».

ويلاحظ : أنّ هذه المناسبة إنّما تتحقّق بناءً على قول «سيبويه وجميع البصريين : الفعل مأخوذ من المصدر ، والمصدر سابق له» (3) ، وأنّه إنّما «سُمّي مصدراً لكونه موضع صدور الفعل» (4) .. 9.

ص: 256


1- شرح المفصّل ، ابن يعيش ، تحقيق أميل بديع يعقوب 4 / 46.
2- المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان 1 / 580 - 581.
3- الإيضاح في علل النحو ، أبو القاسم الزجّاجي ، تحقيق مازن المبارك : 56.
4- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 399.

وقد خالفهم الكوفيون في ذلك ، وذهبوا إلى أنّ المصدر مشتقّ من الفعل ، وقالوا : «لا يجوز أن يقال : (إنّ المصدر إنّما سُمّي مصدراً لصدور الفعل عنه ، كما قالوا للموضع الذي تصدر عنه الإبل : مصدراً ؛ لصدورها عنه) ؛ لأنّا نقول : لا نسلّم ، بل سُمّي : مصدراً ؛ لأنّه مصدور عن الفعل ، كما قالوا : (مَرْكبٌ فارِه ، ومَشربٌ عَذْبٌ) ، أي : مركوبٌ فاره ، ومشروبٌ عذْب ، والمراد به : المفعول ، لا الموضع» (1).

ويستفاد من كلام سيبويه (ت 180 ه) أنّه يُعرّف المصدر اصطلاحاً بأنّه : اللفظ الدالّ على الحدث ؛ إذ قال في بيان معنى الفعل في اصطلاح النحاة : «وأمّا الفعل ، فأمثلة أُخذت من لفظ أحداث الأسماء وبُنيت لما مضى ، ولما يكون ولم يقع ، وما هو كائن لم ينقطع ... والأحداث نحو : الضرب والحمد والقتل» (2).

وعقّب الزجاجي (ت 337 ه) على عبارة سيبويه بقوله : «وأحداث الأسماء : المصادر ، وفي الكلام اختصار وحذف تقديره : من لفظ أحداث الأسماء» (3).

وشرحها السيرافي (ت 368 ه) بقوله : «يعني : أنّ هذه الأبنية المختلفة أُخذت من المصادر التي تُحدثها الأسماء ، وإنّما أراد بالأسماء : أصحاب الأسماء ، وهم : الفاعلون» (4).5.

ص: 257


1- الإنصاف في مسائل الخلاف ، عبد الرحمن بن محمد الأنباري ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 235 - 236 المسألة 28.
2- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 12.
3- الإيضاح في علل النحو : 56.
4- شرح كتاب سيبويه ، أبو سعيد السيرافي ، تحقيق رمضان عبد التوّاب وصاحباه 1 / 54 - 55.

وعرّفه المبرّد (ت 285 ه) بقوله : «المصدر : اسم الفعل (1) ، وذلك قولك : ... عسيت أن أقوم ، أي : دنوت من ذلك وقاربته بالنية ، و (أن أقوم) في معنى القيام» (2).

وعرّفه ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : «المصدر : الذي صدرت عنه الأفعال واشتقّت منه» (3) ، فقيّده باشتقاق الأفعال منه ، لإخراج ما دلّ على الحدث ولا يشتقّ منه فعل ، ممّا ستأتي أمثلته ؛ فإنّ النحاة لا يُسمّونه : مصدراً ، بل اسم مصدر.

وعرّفه الزجاجي (ت 337 ه) بأنّه : «الحدث ؛ لأنّه الحدث الذي أحدثه زيد» (4) ، ومراده : الاسم الدالّ على الحدث.

وقال الزجاجي في كتابه الجُمل : «والحدث : المصدر ، وهو اسم الفعل ، والفعل مشتقّ منه» (5) ..

وقال البطليوس في «شرحه للجمل» : «عورض أبو القاسم في هذا القول ، وقيل : كيف يصحّ أن يقال : إنّ الشيء مشتقّ من اسمه ، والمسمّى متقدّم على التسمية؟

والذى. عندي : أن الفعل الأوّل غير الفعل الآخر ، وأنّ أبا القاسم لم يذهب إلى شيء ممّا قالوه. 7.

ص: 258


1- يريد من الفعل : الحدث.
2- المقتضب ، محمد بن يزيد المبرّد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة 3 / 68.
3- الموجز في النحو ، ابن السراج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي : 33.
4- الإيضاح في علل النحو : 57.
5- الجمل ، أبو القاسم الزجاجي (مخطوط) : 7 ، نقلاً عن حاشية اصلاح الخلل الواقع في الجمل ، ابن السيّد البطليوسي ، تحقيق حمزة النشرتي : 37.

وبيان هذا : أنّ الأفعال في الحقيقة هي حركات الأشخاص وتأثيرها في غيرها ، ولكن الحركات والتأثيرات لمّا اختلفت وُضع على كلّ واحدة منها لقب ليتفصّل بعضها من بعض ، فقيل لبعضها : قيام ، ولبعضها : قعود ، ولبعضها : ضرب ...

ليتفصّل؟؟

وأمّا قولهم : يَقعُدُ وقَعَدَ ، ويضرب وضربَ ، ونحوها ، فإنّما هي صيغة مشتقّة منها ؛ لتحصلَ الأزمنة ، إذا كان القعود والضرب ونحوهما لا يعطي زماناً محصّلا (1) ، إنّما يعطي زماناً مبهماً ، فلمّا كانت هذه الصيغ (2) تعطي المعاني التي تدلّ عليها أسماء الحركات والتأثيرات ، وتزيد عليها لتحصل الأزمنة ، كانت أوْلى بأن تُسمّى : أفعالاً ، من أسماء الحركات والتأثيرات ؛ فإذا ذكر النحويون الأفعال لم يريدوا أسماء الحركات والتأثيرات ، وإنّما يريدون الصيغ المشتقّة منها ، ووضعوا للحركات والتأثيرات ألقاباً أُخر ، فسمّوها : أحداثاً ؛ لأنّ الأشخاص تُحدثها ، وسمّوها : مصادر ؛ لأنّ الصيغ المحصّلة للأزمنة لمّا اشتُقّت منها صدرت عنها ، كما يصدر الصادر عن المكان ...

فأراد أبو القاسم بقوله : (وهو اسم الفعل) أنّه : اسم للحركات والتأثيرات ، وبقوله : (والفعل مشتقّ منه) : الصيغ المشتقّة من المصادر والمحصّلة للأزمنة» (3).

وخالفه في ذلك : الإشبيلي (ت 688 ه) ، وذهب إلى أن مراد الزجّاجي ب- : (الفعل) في كلا الموردين واحد ، وهو : (الفعل) المقابل 8.

ص: 259


1- أي : محدّداً.
2- أي : صيغ الأفعال من الماضي والمضارع والأمر.
3- اصلاح الخلل الواقع في الجُمل : 38.

للاسم والحرف ؛ إذ جاء في شرحه للجمل : «وقوله : (والحدث : المصدر) يريد : أنّ الحدث هو الذي صدر منه الفعل ، أي : خرج ...

وقوله : (وهو اسم الفعل) ، أي : الاسم المأخوذ منه الفعل ، كما تقول : تراب الآنية ، أي : التراب المعمول منه الآنية ...

وقوله : (والفعل مشتقّ منه) : هذا اللفظ أجلى في ما أراد من الكلامين المتقدّمين ، فهذه ثلاث جمل معناها واحد.

ومن الناس مَن قال : إنّ الفعل الأوّل غير الثاني ، وأنّ معنى : (هو اسم الفعل) أي : اسم الحدث ، وأطلق الفعل هنا على الحدث ، وأراد بالفعل الثاني : الفعل الصناعي ، وهو بلا شكّ خروج عن الكلام واضطراب فيه ، إنّما ينبغي أن يجري الأوّل والثاني على الإطلاق الصناعي ، ويكون مأخذه ما ذكرته» (1).

وعرّفه الرمّاني (ت 384 ه) بأنّه : «اسم لحادث يؤخذ منه الفعل» (2)، أي : يشتقّ منه.

وقال ابن جنّي (ت 392 ه) في تعريف المصدر : «كلّ اسم دلّ على حَدَث وزمان مجهول» (3).

ويلاحظ عليه : أنّ تقييده للزمان ب(المجهول) وإن أخرج الأفعال الصناعية (الماضي والمضارع والأمر) لدلالتها على وقوع الحدث في زمان 8.

ص: 260


1- البسيط في شرح جمل الزجّاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عيّاد الثبيتي 1 / 168 - 169.
2- الحدود في النحو ، علي بن عيسى الرمّاني ، ضمن كتاب «رسائل في النحو واللغة» ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف يعقوب مسكوني : 39 ؛ وفي المصدر : «يوجد فيه الفعل» ولعلّه تصحيف أو خطأ طباعي.
3- اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : 48.

معيّن ، إلاّ أنّه لا يُخرج أسماء المصادر من الحدّ.

وعرّفه الحريري (ت 516 ه) بأنّه : «اسم يقع على الأحداث» (1).

ويرد عليه أيضاً : عدم مانعيته من دخول ما ليس بمصدر اصطلاحاً ، كاسم المصدر والمصدر الصناعي.

وعرّفه الزمخشري (ت 538 ه) في أُنموذجه بقوله : «المصدر : هو الاسم الذي يشتقّ منه الفعل» (2) ، ولم يقل هو (اسم الحدث) ؛ استغناءً بكون الفعل لا يشتقّ من غيره من الأسماء.

وعرّفه ابن الخشّاب (ت 567 ه) بقوله : «هو [اسم] الحدث الذي اشتقّ الفعل منه» (3).

وميزة هذين الحدّين أنّه لا يرد عليهما إشكال عدم المانعية ، الوارد على ما سبقهما من التعاريف.

وعرّفه ابن الحاجب (ت 646 ه) بقوله : «المصدر : اسم الحدث الجاري على الفعل» (4) ، وتابعه عليه : ابن هشام الأنصاري (ت 761 ه) (5).

وقال الرضي في «شرحه» : «يعني بالحدث : معنىً قائماً بغيره ، سواء صدر عنه ، كالضرب والمشي ، أو لم يصدر ، كالطول والقصر. 1.

ص: 261


1- شرح ملحة الإعراب ، أبو القاسم الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : 166.
2- شرح الأُنموذج في النحو ، محمد بن عبد الغني الأردبيلي ، تحقيق حسني عبد الجليل يوسف : 124.
3- المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : 159.
4- أ - الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي 3 / 52. ب - شرح الكافية ، الرضي الاسترابادي ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 399.
5- أ - شرح قطر الندى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 291. ب - شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 381.

والجري في كلامهم يستعمل في أشياء ، يقال : هذا المصدر جار على هذا الفعل ، أي : أصل له ومأخذ اشتُقّ [الفعل] منه ؛ فيقال في : (حمدت حَمْداً) : إنّ المصدر جار على فعله ، وفي : (وتبتّل إليه تبتيلا) (1) : إنّ تبتيلاً ليس بجار على ناصبه (2).

ويقال : اسم الفاعل جار على المضارع ، أي : يوازنه في الحركات والسكنات.

ويقال : الصفة جارية على شيء ، أي : ذلك الشيء صاحبها ، إمّا مبتدأ لها ، أو ذو حال ، أو موصوف ، أو موصول.

والأوْلى : صيانة الحدّ عن الألفاظ المبهمة ، ولو قال : (اسم الحدث الذي يشتقّ منه الفعل) ، لكان حدّاً تامّاً على مذهب البصرية ، فإن الفعل مشتقّ منه عندهم» (3).

وعرّفه ابن مالك (ت 672 ه) بتعريفين :

أوّلهما : أنّه : اسم الحدث ؛ وهو المستفاد من قوله في أُرجوزته الألفية :

المصدر اسم ما سوى الزمانِ من

مدلولي الفعلِ كأمْن من أمِن

قال ابن عقيل : «الفعل يدلّ على شيئين : الحَدَث والزمان ، ف(قامَ) يدلّ على قيام في زمن ماض ، و (يقومُ) يدلّ على قيام في الحال أو الاستقبال ، و (قُمْ) يدلّ على قيام في الاستقبال ، و (القيام) هو الحَدَث - 9.

ص: 262


1- سورة المزّمل 73 : 8.
2- أي : أنّ الفعل «تبتّل» ليس مشتقّاً من «تبتيلا».
3- شرح الكافية ، الرضي الاسترابادي 3 / 399.

وهو أحد مدلولي الفعل - وهو المصدر ، وهذا معنى قوله : (ما سوى الزمان من مدلولي الفعل) ، فكأنّه قال : المصدر اسم الحَدَث ، كأمْن ؛ فإنّه أحد مدلولي أمِنَ» (1).

-؟؟

وقال الخضري معقّباً على كلام ابن عقيل :

«قوله : (وهو المصدر) ، أي : مدلوله ؛ لأنّ المصدر هو اللفظ ، والحدث مدلوله ، والمراد بالحدث : المعنى القائم بغيره.

قوله : (المصدر اسم الحدث) ، لا يقال : يدخل فيه اسم المصدر ، ك- : اغتسل غسلا ، وتوضّأ وضوءاً ، وأعطى عطاءً ؛ لأنّ مدلوله لفظ المصدر لا الحدث ، كما نقله الدماميني عن ابن يعيش وغيره وأقرّه ، فهو يدلّ على الحدث بواسطة ، والمراد : الدلالة مباشرةً ..

فإن قلنا : يدلّ عليه مباشرة كالمصدر ، فلا بُدّ لإخراجه من قيد ملحوظ ، أي : الجاري على فعله ، واسم المصدر لا يجري عليه ، بل ينقص عن حروفه ، أو المراد : الدالّ على الحدث بالأصالة ، واسم المصدر نائب عنه ، وبما ذكر يُعلم الفرق بينهما» (2).

وثانيهما : «المصدر : الاسم الموضوع بأصالة ، الدالّ على المعنى الصادر من المحدَّث به عنه ، أو القائم به ، أو الواقع عليه ...

وتقييد وضع المصدر بالأصالة مخرج لاسم المصدر ، وهو : ما وافق في بالمعنى مصدر غير الثلاثي ، وفي الوزن مصدر الثلاثي ، ك- : غُسْل وقُبْلَة وعَوْن ، فإنّها أسماء مصادر ؛ لأنّها وافقت في الوزن : الشكر والقدرة 5.

ص: 263


1- شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 557. وانظر : شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد 1 / 466.
2- حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1 / 375.

والصوْنَ ، لكنّ هذه مصادر ؛ لأنّ أفعالها : اغتسل وقبّل وأعان ، ومصادرها : اغتسال وتقبيل وإعانة ، فوضع هذه متقدّم في الرتبة على تلك ، فلهذا نسبَ وضع المصدر إلى الأصالة.

والدالّ على معنىً صادر من المحدَّث به عنه ، كنطق ، والدالّ على معنىً قائم به ، كعلم ، والدالّ على معنىً واقع عليه ، كنحت وزكام ، ممّا لا يكون فعله مسنداً إلى فاعل بل واقعاً على مفعول» (1).

وقد أورد ابن مالك في التسهيل مضمون هذا الحدّ مع اختلاف يسير في الألفاظ ، بقوله : «المصدر : اسم دالّ بالأصالة على معنىً قائم بفاعل ، أو صادر عنه حقيقة أو مجازاً ، أو واقع على مفعول» (2).

وقد أخذ الفاكهي (ت 972 ه) بهذه الصياغة الأخيرة للحدّ ، وممّا قال في «شرحه» : «(اسم دالّ بالأصالة) ، أي : بالوضع ، (على معنىً) هو الحدث ، (قائم بفاعل) ، ك- : فرح زيد فرحاً ... (أو) على معنىً (صادر عنه) ، ك- : قعد زيد قعوداً ... ثمّ ذلك المعنى الصادر (إمّا حقيقة) ، كما مثّلنا ، (أو مجازاً) ، ك- : مرض زيد مرضاً ، ومات بشرٌ موتاً ؛ فإنّ صدورهما من الميت مجازٌ ، (أو) على معنىً (واقع على مفعول) ، قال ابن مالك : هو مصدر ما لم يُسَمّ فاعله (3) ، ك- : زهو وجنون.

وقيد الأصالة مخرج لاسم المصدر ؛ فإنّ دلالته على الحدث إنّما هي 7.

ص: 264


1- شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافط ، ابن مالك ، تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري : 689 - 690.
2- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 87.
3- شرح التسهيل ، ابن مالك ، تحقيق محمد عبد القادر عطا وطارق فتحي السيّد 2 / 107.

بالاستعمال ، أو بإقامته مقام المصدر في بعض المواضع (1)» (2).

وكان الأوْلى : الاقتصار في صياغة هذا الحدّ على القول : (المصدر : هو الاسم الدالّ بالأصالة على حَدَث) ، بدلاً من استعمال كلمة (معنى) ثمّ تفسيرها بعد ذلك بالحَدَث ، وبحذف عبارة : (قائم بفاعل ... إلى آخره) ؛ لأنّها ليست من ذاتيّات المعرَّف ، ويمكن ذكرها في شرح التعريف ، ففي هذا الصنيع مراعاة للاختصار المطلوب في الحدود. 0.

ص: 265


1- نحو : اغتسلتُ غُسلاً ، وتوضّأتُ وضوءاً.
2- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيّب الإبراهيم : 139 - 140.

ثلاثة وخمسون - مصطلح اسم المصدر

ورد مصطلح (اسم المصدر) في كتاب سيبويه (ت 180 ه) مع التمثيل له ببعض مصاديقه ، وهو : ما عُدِل به عن اللفظ الدالّ على الحَدَث وجُعل علم جنس عليه ، وذلك في قوله :

«وممّا جاء اسماً للمصدر : قول الشاعر النابغة :

إنّا اقتسمنا خُطّتينا بيننا

فحملتُ بَرَّةَ واحتملتَ فَجارِ

ف(فَجارِ) معدولٌ عن (الفَجْرَة).

وقال الشاعر :

فقالَ امكثي حتّى يسارِ لعلّنا

نحجُّ معاً ، قالت : أعاماً وقابلَه

فهي معدولة عن (المَيْسَرة)» (1).

فالكلمات : برَّةَ وفَجارِ ويَسارِ ، رغم اشتراكها مع المصدر في الدلالة على الحَدَث ، إلاّ أنّها لا تسمّى : مصادر ، بل تسمّى : أسماء مصادر ؛ لأنّ كلاّ منها أصبح عَلَمَ جنس على معنىً خاص ، ف(برَّةَ) علم جنس على (البِرّ) ، و (فجارِ) علم جنس على (الفَجْرة) بمعنى (الفُجور) ، و (يسارِ) علم جنس على (الميسَرة) بمعنى (اليُسر).

وذكر ابن الحاجب (ت 646 ه) : أنّ اسم المصدر يستعمل لدى النحاة في شيئين :

أوّلهما : اسم المعنى (2) الذي ليس له فعل يجري عليه ، أي : ليس له ل.

ص: 266


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 3 / 274 - 275.
2- يريد بالمعنى : الحَدَث ، ك- : الضرب والقتل.

فعل مشتقّ منه.

وثانيهما : اسم الآلة التي يستعمل بها الفعل ، ويريد بالفعل : الحَدَث.

وهذا ما يستفاد من قوله :

«الفرق بين قول النحويين : مصدر واسم مصدر ، أنّ (مصدر) هو الذي له فعل يجري عليه ، كالانطلاق في انطلق ، واسم المصدر هو اسم لمعنىً وليس له فعل يجري عليه ، كالقهقرى ، فإنّه نوع من الرجوع ، ولا فعل له يجري عليه من لفظه.

وقد يقولون : مَصْدَرٌ واسم مصدر في الشيئين المتقاربين لفظاً ، وأحدهما للفعل (1) والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل ، كالطُهور والطَهور ، والأكْل والأُكُل ، فالطُهور : المصدر ، والطَهور : اسم ما يتطهّر به ، والأكْل : المصدر ، والأُكُل : ما يؤكل» (2).

وعرّفه ابن مالك (ت 672 ه) في شرح عمدة الحافظ بقوله :

«اسم المصدر هو : ما وافق في المعنى مصدر [الفعل] غير الثلاثي ، وفي الوزن مصدر الثلاثي ، كغُسل وقبلة وعَون ، فإنّها أسماء مصادر ، لأنّها وافقت في الوزن الشكر والقدرة والصوْنَ ، لكنّ هذه مصادر ؛ لأنّ أفعالها : اغتسل وقبّل وأعان ، ومصادرها : اغتسال وتقبيل وإعانة» (3).

وهذا في الواقع تعريف لأحد مصاديق اسم المصدر.

وذكر في التسهيل : «ويعمل عمله (4) اسمه غيرُ العَلَم ، وهو ما دلّ ر.

ص: 267


1- أي : للحَدَث.
2- الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي 4 / 126.
3- شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافظ ، ابن مالك ، تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري : 189 - 190.
4- أي : ويعمل عمل المصدر.

على معناه ، وخالفه بخلوّه - لفظاً وتقديراً دون عِوَض - من بعض ما في فعله» (1).

وقال في شرحه : ونبّهتُ بقولي : (ويعمل عمله اسمه غير العلم) على أنّ من الأسماء ما يسمّى (اسم مصدر) ، وأنّه على ضربين : عَلَمٌ وغيرُ عَلَم ، فالعَلَم : ما دلّ على معنى المصدر ، دلالة مُغنية عن الألف ؛ لتضمّن الإشارة الإشارة إلى حقيقة ، كقول الشاعر : (فقلتُ امكثي حتّى يَسارِ) ... وك- : بَرَّةَ وفجارِ ... فهذه وأمثالها لا تعمل عمل الفعل ؛ لأنّها خالفت المصادر الأصلية بكونها لا يقصد بها الشياع ولا تضاف ولا تقبل الألف واللام ولا توصف ، ولا تقع موقع الفعل ، ولا موقع ما يوصل بالفعل ...

والثاني من ضربيْ اسم المصدر هو : ما ساواه في المعنى والشياع وقبول الألف واللام والإضافة والوقوع موقع الفعل أو موقع ما يوصل بالفعل ، وخالفه بخلوّه لفظاً وتقديراً دون عوض من بعض ما في الفعل ، ك- : وضوء وغسل ؛ فإنّهما مساويان للتوضّؤ والاغتسال في المعنى والشياع وجميع ما نفي عن العَلَم ، وخالفاه بخلوّهما (2) دون عوض من بعض ما في فعليهما ، وهما : توضّأ واغتسل ، وحقّ المصدر أن يتضمّن حروف الفعل بمساواة ، كقولك : توضّأ توضّؤاً ، أو بزيادة عليه ، كأعْلَمَ إعلاماً ، ودحرجَ دحرجةً.

وقلت : (لفظاً وتقديراً) احترازاً من [نحو] فعال مصدر فاعَلَ ، كقتال ؛ فإنّه مصدر مع خلوّه من المدّة الفاصلة بين فاء فعلهِ وعينه ؛ لأنّها ه.

ص: 268


1- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 142 - 143.
2- في المصدر : وخالفه بخلوّه.

حُذفت لفظاً ، واكتُفي بتقديرها بعد الكسرة ، وقد تثبت فيقال : قيتال ، وقلت : (دون عوض) احترازاً من عِدَهِ ؛ فإنّه مصدر وَعَدَ ، مع خلوّه من الواو ؛ لأنّ التاء في آخره عوض منها ، فكأنّها باقية» (1).

وقال الرضي (ت 686 ه) في التعريف باسم المصدر : «هو شيئان : ما دلّ على معنى المصدر ، مزيداً في أوّله ميمٌ كالمقتل والمستخرج ، الثاني : اسم العين مستعملا بمعنى المصدر ، كقوله :

أكفراً بعدَ ردِّ الموتِ عنّي

وبعدَ عطائكَ المئة الرِتاعا

أي : إعطائك ، والعطاءُ في الأصل اسم لما يُعطى» (2).

وقال ابن الناظم (ت 686 ه) في التعريف باسم المصدر : «اعلم أنّ اسم المعنى الصادر عن الفاعل كالضرب ، أو القائم بذاته كالعلم ، ينقسم إلى مصدر واسم مصدر ، فإن كان أوّله ميمٌ مزيدة لغير مفاعلة كالمضربة والمحمدة ، أو كان لغير ثلاثي بوزن الثلاثي كالوضوء والغُسل فهو اسم المصدر ، وإلاّ فهو المصدر» (3).

وتابعه على هذا : المكودي (ت 807 ه) في شرحه للألفية (4).

وعرّفه ابن هشام (ت 761 ه) في شرح شذور الذهب ، بأنّه : «اسم دالّ على الحدث لكنّه لا يجري على الفعل» (5) ، ثمّ قال : «وهو يطلق على 2.

ص: 269


1- شرح التسهيل ، ابن مالك ، تحقيق محمد عبد القادر عطا وطارق فتحي السيّد 2 / 448 - 449.
2- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 412.
3- شرح ألفية ابن مالك ، بدر الدين ابن الناظم : 160.
4- شرح ألفية ابن مالك ، عبد الرحمن المكودي ، ضبط وتخريج إبراهيم شمس الدين : 162.
5- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 382.

ثلاثة أُمور :

أحدها : ما يعملُ اتّفاقاً (1) ، وهو : ما بُدئ بميم زائدة لغير المفاعلة ، المضرب والمقتل ؛ وذلك لأّنه مصدر في الحقيقة ، ويسمّى المصدر الميمي ، وإنّما سمّوه أحياناً : اسم مصدر ؛ تجوّزاً ...

والثاني : ما لا يعمل اتّفاقاً ، وهو : ما كان من أسماء الأحداث علَماً ، ك(سُبحانَ) علماً للتسبيح ، و (فجارِ) و (حمادِ) عَلَمين للفجرة والمحمدة.

والثالث : ما اختلف في إعماله ، وهو : ما كان اسماً لغير الحدث فاستعمل له ، ك(الكلام) ؛ فإنّه في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ، ثمّ نقل إلى معنى التكليم» (2).

وواضح من كلامه هنا : أنّه يعدُّ ما بدئ بميم زائدة لغير المفاعلة مصدراً حقيقةً لا اسم مصدر ، لكنّه في شرحه ألفية ابن مالك خالف ذلك وعدّه اسم مصدر ؛ إذ قال : «الاسم الدالّ على مجرّد الحدث ، إن كان عَلَماً ك- (فَجارِ وحمادِ) ، للفجرة والمحمدةِ ، أو مبدوءاً بميم زائدة لغير المفاعلة ك- (مضرب ومقتل) ، أو متجاوزاً فعله الثلاثة وهو بزنة اسم حدث الثلاثي ... فهو اسم مصدر» (3).

وتابعه على ذلك : الأزهري (ت 905 ه) في شرح التصريح (4).

وقال ابن عقيل (ت 796 ه) والأشموني (ت 900 ه) في تعريفه : 2.

ص: 270


1- أي : يعمل عمل الفعل بالاتّفاق.
2- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 410 - 412.
3- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 2 / 240 - 241.
4- شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 2 / 61 - 62.

«اسم المصدر : ما ساوى المصدر في الدلالة [على معناه] ، وخالفه بخلوّه - لفظاً وتقديراً - من بعض ما في فعله دون تعويض» (1).

وهما تابعان في ذلك لما ذكره ابن مالك في تعريف الضرب الثاني من ضربيْ اسم المصدر.

وعرّفه السيوطي (ت 911 ه) بأنّه : «الاسم الدالّ على الحدث غير الجاري على الفعل» (2) ، أي : أنّه لا يصلح مصدراً لاشتقاق الفعل المذكور معه ، نحو : اغتسل غُسْلا ؛ فإنّ (غُسْلا) ليس مصدراً لاشتقاق الفعل (اغتسلَ) وإنّما مصدره الاغتسال.

وقال الفاكهي (ت 972 ه) في تعريفه : «هو : ما ساوى المصدر في الدلالة [على الحَدَث] ، وخالفه بعَلَميّة ، أو بخلوّه لفظاً وتقديراً دون عوض من بعض ما في فعله» (3).

وهو في هذا تابع لما ذكره ابن مالك في التسهيل.

ولعلّ التعريف الجامع لمعظم أفراد اسم المصدر في اصطلاح النحاة أن يقال : ما دلّ على الحدث ، ولا يشتقّ منه فعله ، وهذا يشمل :

1 - ما ليس له فعل يشتقّ من لفظه ؛ نحو : (القهقرى) لنوع من الرجوع. 1.

ص: 271


1- أ - شرح ألفية ابن مالك ، ابن عقيل ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 2 / 98. ب - شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد 2 / 204.
2- البهجة المرضية في شرح الألفية ، جلال الدين السيوطي ، تعليق مصطفى الدشتي 2 / 2.
3- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيّب الإبراهيم : 140 - 141.

2 - عَلَمُ الجنسِ على حَدَث خاصّ ؛ ك- : فَجارِ وحمادِ.

3 - المدوء بميم زائدة لغير المفاعلة ؛ كمضرب ومقتل.

4 - ما تجاوز فعله الثلاث وهو بوزن اسم حَدَث الثلاثي ؛ نحو : غُسل ووضوء.

5 - ما كان اسماً لغير الحَدَث ، فاستعمل له ، ك- : الكلام والعطاء ؛ فإنّ الأوّل في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ، والثاني اسم لما يُعطى.

بقيت نقطة تجدر الإشارة إليها في ختام البحث ، وهي : أنّ النحاة مع اتّفاقهم على عدم الفرق بين دلالة المصدر واسمه على الحَدَث ، إلاّ أنّهم اختلفوا في تحديد نحو هذه الدلالة على قولين :

ذهب بعض إلى أنّ كلاّ منهما يدلّ على الحدث المجرّد مباشرة من غير واسطة ..

وذهب آخر إلى التفريق بينهما بالقول : إنّ اسم المصدر يدلّ مباشرة على لفظ المصدر ، لا على الحدث المجرّد ، وإنّ دلالته على لفظ المصدر تستتبع دلالته على معنى المصدر (الحَدَث) ، فتكون دلالته على الحدث غير مباشرة ، وإنّما تحصل بتوسط دلالته على لفظ المصدر.

ومن الذاهبين إلى ذلك : الشيخ خالد الأزهري ؛ فقد قال : «ومدلولهما مختلف ؛ فمدلول المصدر : الحدث ، ومدلول اسم المصدر : لفظ المصدر الدالّ على الحَدَث ، فدلالة اسم المصدر على الحدث إنّما هي بواسطة دلالته على المصدر» (1). 1)

ص: 272


1-

من ذخائر التّراث

ص: 273

ص: 274

صورة

ص: 275

ص: 276

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّد خلقه وخاتم رسله محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، واللعن على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

لما رأى في صدر المتألّهين الرجل العظيم ، والفيلسوف القدير ، صاحب النظريّات الجديدة والآراء الحديثة ، انبرى للدفاع عنه واضعاً نفسه موضع المستشكل متصدياً للاجابة عن الاشكالات المطروحة ، مستوحياً إيّاها من مبانيه الفلسفية ، ربّما أنّها تُعدّ من الأبحاث المعقّدة والجافة. فحاول عرضها بشكل حوار بين السائل والمجيب ، ثمّ بدا له أن يصوّر لقاءه به على شكل حلم ، لكن ليس من أحلام المنام بل من أحلام اليقظة.

فكان المحاور والمدافع والمحتلم يقظة هو : العلاّمة المحقّق الشيخ محمد رضا المظفّر. فالحوار حول نظريّتين.

1 - نظريّة اتحاد العلم والعالم والمعلوم. والحركة الجوهرية.

2 - نظريته في العلّة والمعلول ، وما هو مناط الحاجة إلى العلّة.

ولمّا اختلفت النظريّات ، وتباينت الآراء لدى علماء الطائفة في الفلسفة بين مدافع من جهة ومحارب من جهة اُخرى ارتئيت أن أضع هذه

ص: 277

المقالة بين يدي القاريء الكريم مع التحفّظ عن تبنّي موقف معيّن ، تاركاً هذا الأمر لكلٍّ على حسب قناعاته وآرائه ، مع أنّي أكنّ خالص احترامي وتقديري لكلٍّ من الرأي والرأي الآخر ، ما لم يخرج كلٌّ منهما عن الحدود المرسومة لآداب البحث والنقاش والمناظرة ، فتكون هذه المقالة معبّرة عن رأي الملاّ صدر المتألّهين والشيخ المظفّر «(رحمهما الله)».

ص: 278

نبذة من حياة صدر المتألّهين :

هو : المولى صدر الدين بن ابراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي.

ولد في شيراز - ولم يعلم سنة ولادته - من والد صالح اسمه ابراهيم بن يحيى القوامي ، وقيل : كان أحد وزراء دولة فارس فتربّى على والده ثمّ وجهّه إلى طلب العلم ، ولمّا توفّي والده رحل لتكميل معارفه إلى أصفهان يومئذ في عهد الصفوية ، وأوّل حضوره كان على الشيخ البهائي (رحمه الله) (953 - 1031 ه) ومن ولعه في طلب العلم أنفق كلّ ما خلّفه والده من المال في تحصيله ، فانقطع إلى درس فيلسوف عصره السيّد المير الداماد محمد باقر المتوفّى (1040 ه).

وقد استنتج الشيخ المظفّر أنّ المترجم مرّ بثلاث مراحل رئيسية في نشأته العلمية.

1 - دور التلمّذ ، والبحث ، وتتبع آراء المتكلمين والفلاسفة ومناقشتهم ...

2 - دور العزلة والانقطاع إلى العبادة في بعض الجبال النائية ، وقيل : إنّها (كهك) من قرى قم فاستمرّت هذه العزلة خمسة عشر عاماً.

3 - وهي : دور التأليف ، إذ ألهمه الله تعالى الإفاضة ممّا شربه في المرحلة الثانية.

وأمّا مدرسته العلمية الجديدة :

إنّ فيلسوفنا يرى أنّ المعرفة تحصل من طريقين : طريق البحث والتعلّم والتعليم الذي يستند على الأقيسة والمقدمات المنطقية ، وطريق العلم اللّدنّي الذي يحصل من طريق الإلهام والكشف والحدس.

ص: 279

وهذا الأخير إنّما يحصل بسبب تجريد النفس عن شهواتها ولذائذها ، والتخلّص من أدران الدنيا وأوساخها ؛ فتنجلي مرآتها الصقيلة.

ويرى الفرق بين العلمين كالفرق بين علم من يعلم الحلاوة بالوصف وبين علم من يعلمها بالذوق ، وأنّ الثاني أقوى وأحكم ، ولا يمتنع وقوعه ، بل هو واقع فعلاً للأنبياء ، والأوصياء ، والأولياء ، والعرفاء.

وأمّا منهجه العلمي في التأليف : فيبتني في كلّ ما ألّف على حصر العلوم الحقيقية والمعارف اليقينيّة ، في العلم بالله وبصفاته وملكه وملكوته والعلم باليوم الآخر ومنازله ومقاماته ، لأنّه يجد أنّ الغاية المطلوبة هي تعليم ارتقاء الإنسان من حضيض النقص إلى أوج الكمال ، وبيان كيفية سفره إلى الله تعالى.

وأمّا مؤلّفاته فكثيرة فقد جاوزت الثلاثين أبرزها الأسفار أو الحكمة المتعالية.

وفاته : توفّي سنة 1050 ه- في البصرة في طريقه للحجّ للمرّة السابعة أو بعد رجوعه ، وأكبر الظن أنه تجاوز السبعين أو ناهزها ، فيكون تولّده في الربع الأخير من القرن العاشر الهجري.

هذا ما اختصرته من حياته بقلم الشيخ محمد رضا المظفّر (رحمه الله) في مقدّمة الأسفار.

نبذة من حياة الشيخ المظفّر (رحمه الله) (1)

هو الشيخ محمد رضا بن محمد بن عبدالله بن محمد المظفّر ، كان

ص: 280


1- انظر موسوعة طبقات الفقهاء 14/2 ص 710.

فقيهاً مجتهداً كاتباً مجدّداً شاعراً مجيداً.

ولد في النجف الأشرف سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف.

وطوى بعض المراحل الدراسية متتلمذاً على : محمد طه بن نصر الله الحويزي ، ومرتضى بن علي الطالقاني ، وحضر الأبحاث العالية فقهاً وأصولاً على مشاهير المجتهدين كمحمد حسين النائيني ، وضياء الدين العراقي ، وأخيه محمد حسن المظفّر ، وتلقّى الحكمة والفلسفة عن محمد حسين الأصفهاني الكمباني ، وانتفع به كثيراً.

وحاز ملكة الاجتهاد ، وتضلّع من العلوم الاسلامية ، ونال قسطاً وافراً من البراعة في الأدب والكتابة ، وعرّفته الأندية الأدبية شاعراً له وزنه بين أخدانه.

وكان في طليعة العلماء المجدّدين الذين سعوا إلى إصلاح نظام الدراسة الدينية ، وتطوير المناهج بما ينسجم ومتطلّبات العصر ، وإصلاح المنبر الحسيني ، وتعميم الثقافة الاسلامية ، وتطوير أساليب التبليغ والتوجيه والارشاد.

أسّس جمعية منتدى النشر عام (1354 ه) ، وكلّية منتدى النشر عام (1362 ه) ثمّ كلّية الفقه عام (1376 ه) اللتين انبثقتا من الجمعية المذكورة ، وتولى أمانة سرّ الجمعية في أوّل الأمر ثم رئاستها ، وعمادة الكلّيّتين المذكورتين آنفاً.

وحضر عدّة مؤتمرات إسلامية ، مثل مؤتمر باكستان المنعقد سنة (1376 ه) ، ومؤتمر جامعة القرويّين بمراكش سنة (1379 ه).

وانضمّ إلى حركة (جماعة العلماء) التي شكّلت في النجف عام (1379 ه) لتوعية الاُمّة ، ومواجهة الغزو الثقافي والتيّارات الإلحادية

ص: 281

الوافدة.

ووضع مؤلّفات قيّمة ، منها : أُصول الفقه ، حاشية خيارات المكاسب ، المنطق ، السقيفة ، عقائد الامامية ، فلسفة ابن سينا ... نقد بعض آرائه ، وأحلام اليقظة بسط فيه حياة الفيلسوف صدر الدين الشيرازي.

توفّي ليلة (16) من شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وألف.

المقالة ونسبتها :

قال الشيخ المظفّر في مقدّمة الأسفار في حياة الملاّ صدرا : وقبل «إثنا عشر عاماً وضعت محاضرات رمزية في عرض فلسفته ، تخيّلته فيها كأنّه يحدثني في الأحلام ولكن من طريق مؤلّفاته : فتألّفت منها رسالة سمّيتها (أحلام اليقظة) نشر أكثرها في المجلاّت السيّارة».

أقول : وهذا الذي بين أيدينا بعض من هذه الأحلام تمّ العثور عليه في مجلّة العرفان العاملية ، صدرت في المجلّد 33 فكان الحلم الأوّل من ص 67 - 71 والحلم الثاني من ص 739 - 744 مختومة باسمه (رحمه الله) ، فما ذكره في مقدّمة الاسفار كاف للدلالة على نسبتها له ، مضافاً إلى ذكر من ترجم له.

وأخيراً أقدّم شكري الجزيل للأخ الفاضل الشيخ عبد الرحمان الربيعي لما قدّمه من مساعدة مشكورة.

فلله درّه وعليه أجره.

وكتب

هادي القبيسي العاملي

حامداً

مصلّياً

قم

- 1426 ه-

ص: 282

[الحلم الأوّل]

لا تركن إلى أقاويل الفلسفة وأهل الكلام

غفوت ، وإذا بي أتمثّل - في خيالي شيخاً فوق المربوع ، وشبحاً ممشوقاً ليس بالنحيف ، ذا عمّة بيضاء ناصعة لا تظهر عليه العناية ، على رأس أصلع ليس بالكبير النابي ، وينفتح قليلاً حول جبهته في موضعي النزعتين ، ويعلو جبيناً أبلج ، كأنّ السنين والجهود لم تؤثّر فيه تجعيداً إلاّ ما يبيّن من موضع السجود الذي يطلّ على عينين واسعتين ، تبدو عليهما آثار العناية الإلهية في جمالهما وتوقّدهما ذكاءً وفطنة ، لولا أنّ لحظاتهما تبدو كأنّها لا تثبت على مواجهة المرئيات أمامها ، وبينهما ينساب العرنين رفيقاً حيث يميل إلى النتوء ، وقد حُفّ بخدّين أسيلين وعارضين خفيفين ويستقبله فم مفلَّج يشفّ عن ابتسامة حلوة وصحة ضاحكة ونفس مطمئنة. ثمّ تنحدر لحيته وهي بين البياض والسواد لتؤلّف مع الوجه شبه مخروط قاحدته الجبين.

فتقدّمت وقد جذبتني إليه جذبة الحبّ الهائم ، فانقدح في خاطري أنّه (المولى صدر الدين الشيرازي). وكأنّي أعرفه بشخصه ، وكأنّ من عادتي الجلوس إليه لاستماع دروسه ، إلاّ أنّه نفر منّي وأنكر عرفاني إنكار مستوحش في الناس ، فقلت له : ألستُ تلميذك منذ سنوات ، وقد تلقّيت منك بعض المعارف؟! فقال بنفور وقد تجهّم وجهه : لا أعهدك تلميذاً ، ولا أثبتك معرفة!

ص: 283

أمّا أنا فقد صدمتني هذه المجابهة صدمة قويّة جعلتني أفزع إلى أغوار نفسي لأستنجد بخيالي. وهنا تذكّرت أنّي في حلم من الخيال ، وأين منّي زمانه ، وقد توفّي عام 1050 ه- وأنا الآن في عام 1365 ه.

ولكنّي سرّيت عن نفسي ، فحدّثتها أنّي اتصلت بأفكاره عن طريق كتبه ، فلا بدّ أنّ روحه السابحة في فضاء القدرة الالهية عرّفتني حقّ العرفان ...

وساءلتُ نفسي لماذا هذا التنكّر عليَّ إذاً ، أكنت أسأت فيمن أساء إليه؟

- لا.

- ألأنّي لم أحسن فهم كلامه ومغازي إفاداته في كتبه؟ أم ماذا؟

- إذاً فلأخاصمه على طريقته الفلسفية ، لافتح معه باب البحث في هذا الطريق.

فقلت في خطابه : يا حضرة المولى! إنّي اتّصلت بروحك بواسطة بعض مؤلّفاتك ، كالأسفار التي أفضت بمجلّداتها الأربع الكبيرة إلى الناس ، فأفرغت فيها نفسك ، وسافرت (1) أنت من الخلق إلى الحقّ ، ثمّ بالحقّ في الحقّ ، ثمّ من الحقّ إلى الخلق بالحقّ ، ثمّ بالحقّ في الخلق (2) ، والسفر ليس .

ص: 284


1- اشارة إلى الأسفار الأربعة التي بنى الملاّ صدرا كتابه عليها ، الأسفار 1/13.
2- وقد بيّنها السبزواري في تعليقته على هذه العبارات قائلاً : السفر الأوّل : ... برفع الحجب الظلمانية والنورية التي بين السالك وبين حقيقته التي هي معه أزلاً وأبداً. السفر الثاني ، وهو السفر بالحقّ في الحقّ ، وإنّما يكون بالحقّ لأنّه صار وليّاً وجوده وجوداً حقّانياً ، فيأخذ في السلوك من موقف الذات إلى الكمالات واحداً بعد واحد. السفر الثالث : ويسلك من هذا الموقف في مراتب الأفعال ويزول نحوه ويحصل له الصحو التامّ. السفر الرابع : فيشاهد الخلائق وآثارها ولوازمها ، فيعلم مضارّها ومنافعها في الدنيا والآخرة. الأسفار 1/ هامش ص 13.

عندكم إلا سير النفس وتوجّه القلب ، وقد سافرت أنا بتوجّه قلبي إليك على متن أسفارك.

هو - كيف؟ هذا كلام غير مفهوم. وليس من أسفارنا - نحن معاشر أهل الله - السفر من الخلق إلى الخلق.

أنا - ليكن ليس من أسفاركم على ما تصطلحون! ولكنّه على كلّ حال سفر للنفس وتوجّه القلب نحوك.

هو - أعوذ بالله ممّا تصفون. إنّ هذا هو الشرك بعينه ، أن يتوجّه إنسان بقلبه لغير الله وليست أسفارنا اصطلاحات خالية من الحقيقة (1).

أنا - وقد جفّ ماء فمي - أمهلني دقيقة واحدة حتّى أجمع نفسي للجواب؟

هو - أمهلتك ألف سنة ممّا تعدّون (2). ة.

ص: 285


1- بيان أنّ هناك سفران : 1 - سفر أنفسي وهو ما كان في داخل النفس الإنسانية وقد أشارت إليه بعض الأحاديث «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». 2 - سفر الآفاق وهو ما كان خارج حيطة النفس وهو السفر في ملكوت السماوات والأرض ، أنظر قوله تعالى في سورة فصلت : 53 (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).
2- إشارة إلى أنّ صدر المتألّهين يعيش عالم البرزخ الذي انعدم فيه الزمان والمكان حيث فناء المادّة وبقاء الروح ، فيكون كلامه صحيحاً بحساب البرزخ ، وإن كان خطابه لما في عالم المادة.

أنا - «بعد التفكّر» - أنت طريقي إلى الله ، لأنّي درست أفكارك وأراءك. فتوجّهي إليك توجّه إلى الله بك (1). فهو سفر من الخلق إلى الحقّ.

هو - تخلّص حسن ونظرة دقيقة ، لو أنّ نفسي من وسائط وجود نفسك أو أنّ نفسي تجلّت لنفسك ، متعارفاً. ولكن كلّ منهما لم يكن.

أنا - هذا الوجه الأخير هو الذي أريد أن أتوصّل إليه فنبّهني ، أليس الكتاب وجود ظلّي لوجود الكاتب ؛ لأنّه من رَشَحاته بل من تجلّياته وتنزّلاته وشؤونه؟ فنفسك - إذاً - موجودة في كتبك بوجود معلولها. وقد سافرتُ إليها ، وناجيتُها وناجتني ، فكيف صحّ نكران معرفتي؟ وكيف لم يشاهدني حسُّك الباطن ، وكيف لم تتجلّ نفسك لنفسي؟

هو - أتهزل؟

أنا - استعيذ بالله من الهزل! وأنا إنّما جئتك للاستفادة ممّا وهبك الله من العلم والفهم ونور البصيرة والمشاهدة ، وكلامي هذا مأخوذ من فلسفتك في الوجود والعلّة والمعلول.

هو - يا سبحان الله! مثل هذا الكلام والوهم هو الذي كان يضايقني من الناس ، فكنت أفرّ منهم ما استطعت. وكلّما جاهدت أن أوضّح مقصدي بالبيان المبسّط والدليل المقنع أراهم لا يزيدون إلا تبلّداً ، وللواضحات إلاّ جحوداً. وكأنّك من هذه الفصيلة؟ إليك عنّي!

أنا - ألستَ قد نصبتَ في مؤلّفاتك هادياً للناس ، ومرشداً لمن كان ق.

ص: 286


1- إنّ الذي يليق لأن يكون طريقاً إلى الله هو المعصوم والامام المفترض الطاعة وليس كلّ خلق ، إلاّ أن يقصد المتكلّم أنّ المؤمن يكون طريقاً لأهل البيت عليهم السلام وهم طريق إلى الله ، ألاّ أن تحمل على مقولة «أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق» البحار 64/137 وهو يحتاج إلى بيان وتوضيح وتوثيق.

ضالّته الحكمة! وأملي أن أكون من طلاّب الحقيقة ، فأفض عليّ ممّا آتاك الله ، وأوضح لي هذا التوهّم ، إذا كان!

هو - أنت في محاولتك هذه تستدرجني لترجع بي إلى الدنيا وغواشيها بعد أن منّ الله تعالى عليّ فأدخلني في عالم البرزخ «عالم الصور الإدراكية الحسّية المجرّدة عن المادة» ، وانقطعت علائق نفسي بالدنيا ، وقويت قوّتها وتأكّدت فعليّتها (1) ، وأصبحت مصروفة الهمّة إلى فعل التخيّل والتصوّر ، وغير مرتهنة بما يزعجها ويؤذيها وما يمنعها من الرجوع إلى ذاتها ولها عالم خاص من نفسها فيه كلّ ما تريده وتشتهيه ، وأصبحت متمكّنة من الصعود إلى مرتبة المقرّبين وترى الأشياء «بعين اليقين».

فلست بحاجة - اليوم - وأنا في عالم الشهادة إلى الأدلّة والبراهين ، ولا إلى الخصومة واللجاج. فاتركني من أوهام أهل الدنيا ونقاشها ، وقد تركت لكم كتباً مبسّطة فيها الغنى لمستزيد ، وخلِّني منشرح الصدر مبتهجاً بما أوتيت من اليقين بما لم تسمع به أذن ولم تره عين.

أنا - إنّ النفس - على ما قرّرتَ في فلسفتك - لسعة وجودها ووفور نورها في هذا العالم العلوي ، فذاتها تتطوّر بالشؤون والأطوار ، وتتنزّل إلى منازل القوى والأعضاء. فكما أنّ لها الصعود إلى مرتبة العقل الفعّال (2). فلها النزول إلى مرتبة الحواس والآلات الطبيعية في آن واحد ، من غير مشقّة وكلفة ... فما كان عليك لو نزلت فجاريتني في النقاش ، كما تنزّلت في د.

ص: 287


1- النفس الانسانية في عالم الدنيا والمادّة تنشغل بالجسد والبدن ، وبعد انفصالها عنه تتفرّغ لشؤوناتها فتقوى قوّتها وتتأكّد فعليّتها.
2- يقسّم العقل النظري إلى أربع مراتب العقل الهيولائي ، العقل بالملكة ، العقل الفعّال ، العقل المستفاد.

خطابي ومشافهتي ، لتكشف سرّ تلك المغالطة التي قلت عنها في كلامي!

ولئن لم يزدك ذلك مالاً ولا استعداداً لكمال ، فإنّ نفسي لمّا استعدّت لتلقّي نور العلم وفيض المعرفة بتجرّدها بهذا الحلم عن الحوائل المادّية والموانع العنصرية والحواجز الحسّية ، فإنّها تطلب منك بلسان أستعدادها ألاّ تبخل عليّ من فيض قدسك ، وليس لك أن تبخل وحاشاك!

هو - أحسنت إنّك عن صبوح ترفق وإلى مسلك دقيق تشير ، هذا ما أحكمنا بنيانه في فلسفتنا ، وإن كنت قد أخطأت المرمى بعض الشيء. ولكن لنثق أنّ هذا لا يقنعني للدخول معك في المجادلات الكلامية ، والأبحاث البحثية (1) ، فإنّي قد مللت من تتّبع أمثال هذه السخافات والأوهام فيما ألّفت لمّا كنتُ في عالمكم الدنيوي ، وأضعت الوقت الكثير بذكر هذه المجازفات وردّها. وكان عذري أن أصحابها كانوا يُعدّون عند الناس من أهل النظر والرأي ، فيتبعونهم على أهوائهم وسفسطاتهم (2). وأنت الآن تريد أن تعيد عليّ جذعة! لماذا هذا الإزعاج؟

أنا - ما كنت أتخيّل أنّ هذا يزعجك! مع أنّ نفسك في رضوان وابتهاج دائم ، وإفاضتك علي من نور علمك هو عين الابتهاج ومحض الرضا ، وصرف الكمال لنفسك أليست هذه فلسفتك؟

هو - هذا صحيح لو أنّ نفسي بإنّيّتها وحاقّ ذاتها تتجلّى لك ، فتفيض عليك نورَ العلم ، وتؤثر فيك ، كما توهّمتَ أوّلاً ، وهذا التوهّم سرّ المغالطة ة.

ص: 288


1- إشارة إلى العلوم التي تكتسب من خلال البحث والاستقصاء ويقابله العلم الإلهامي واللدنّي الذي يأتي دفعة واحدة. لأنّ من يخرج من عالم المادّة يدخل في عالم الحقائق والوقائع فلا يتنزّل إلى عالم المادّة مرّة اُخرى.
2- المسمّى بعلم المغالطة.

عندك (1). ولكن لتعلم أن تخيّلك لي وتصوّرك لوجودي هو عين نفسك (2) ، وتطوّر لوجودها وتقوٍّ لقوّتها ، لأنّه مخلوق لها وفعلها وأثرها ، قال سيّدي أوّل الأئمّة قسيم الجنّة والنّار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :

«كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانية فهو مخلوق لكم مردود عليكم» (3).

ما أعظم هذه الكلمة لهذا الإمام القدّوسي الربّاني ، والحكيم العظيم الإلهي ، وقد مرّت على مسامع الأجيال المتعاقبة ، فما كان لأحد أن يكون أهلاً لإدراك مغزاها ، أو ليحوم حول مرماها. ولو لم تكن له سواها لكفتني دليلاً على إمامته وعصمته ، وأنّ علمه من لدن حكيم عليم من غير تعليم وتلقين ، فإنّه لو كان من سائر البشر في عصره البعيد كلّ البعد عن المعارف الكونيّة والعلوم الفلسفية ، وهذه الدقائق العلمية العالية ، لما استطاع أن يتوصّل إلى شمّ رائحة هذه النظريّة (4).

على أنّ هذه الفلسفة لم يتوصّل إليها بشر إلاّ بعد أبحاث ومجادلات ، وحدوث نظريّات وافتراضات في العلم والوجود الذهني ، سوّدت فيها 1.

ص: 289


1- هذا اشارة إلى المغالطة التي ذكرها المظفّر ، وهو لسان حال المستشكل وقد قال له فيما سبق : أنّك قادر على التجلّي ، حيث ينفيه الملاّ صدرا.
2- هذا إشارة إلى نظرية اتحاد العلم والعالم والمعلوم وهي من ابتكارات الملاّ صدرا وكذا الحركة الجوهرية : وهو أنّ العلم يتذوّت ويتشأّن وتزداد النفس قوّة وسعة وشدّة.
3- البحار 66/293.
4- وهي نظرية اتحاد العلم والعالم والمعلوم ، والحركة الجوهريّة. انظر الأسفار 3/381.

الصحف فملأت الطوامير ، ومرّت عليها القرون. واشتركت فيها مئات العلماء العظام. وقد كشفناها في أسفارنا في عدّة مناسبات. ولم يسبقنا إليها إلاّ هذه الكلمة من سيّد الكونين عليه السلام ، وكلمة اُخرى من العارف المحقّق محي الدين بن العربي المتوفّى سنة 638 ه- ، ذكرناها في مبحث الوجود الذهني في السَفَر الأوّل (1) ........

وإذا استطعت أن تعرف ما رمينا إليه ، سهّل عليك أن تعرف أنّ تصوراتك الباطلة وتوهّماتك المريضة إنّما هي إنزعاج لنفسك في الحقيقة وآلام لروحك ، ومرض ونقص في وجودك ، وكذلك اعتقاداتك الصحيحة وآراؤك المطابقة للواقع هي تطوّر في وجود نفسك ، وترقٍّ إلى مراقي الأنبياء والأولياء ، وانتقال من مرتبة النقص إلى مرتبة الكمال ، واستعداد للرجوع إلى ذاتك والاتحاد مع العقل الفعّال (2).

أنا - لقد بعدنا - أيها المولى - عن الهدف في مسألتنا التي طلبتُ كشفها ، وكأنّك تفرّ من توضيح تلك المغالطة التي أشرتَ إليها.

هو - لو كنتَ من أهل طريق الكشف واليقين ، وممّن عنّى نفسه بالمجاهدات العقلية والرياضات البدنيّة ، لكنتَ انتفعت بهذه الرموز والإشارات ولا ستغنيت بها عن مجادلات الكلاميّين وأصحاب المباحثة والنظر البحت ، ولعرفتَ كيف حللتُ لك المسألة من أقرب طرقها؟

إني (3) لأستغفر الله تعالى كثيراً مما ضيّعت أوّل الأمر شطراً من عمري ،

ص: 290


1- مع التحفّظ في اعتقادات هذا الشيخ لتضارب أقواله في كتبه وهناك أدلّة لكلّ من يمدح ويقدح في أرائه الاعتقادية ، والله العالم.
2- حيث أنّ الملاّ صدرا يعتقد أنّ النفس إذا اتحدت مع العقل الفعّال يمكن أن تفاض عليها الصور الحقيقية الواقعيّة.
3- هنا يُعرّض الملاّ صدرا بمن يدّعي أنّه يعرف الفلسفة وهو بعيد عنها كلّ البعد ،

في تتبّع تلك التدقيقات والمجادلات ، وتعلّم جربزتهم في القول. وأنصح كلّ من يريد أن يسلك مسلك الكرام الإلهيّين ، ويتمثّل له ما ينكشف للعارفين المستصغِرين لعالَم الصور واللذّات المحسَّة ، فينفتح له طريق الحقائق أن يبدأ أوّلاً بتزكية نفسه عن هواها ، ف- (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (1) ، وباستحكام أساس المعرفة والحكمة بالتقوى ليرقَ ذُراها ، وإلاّ كان ممّن (أَتَى الله بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) (2).

وأنصحه ثانياً ألاّ يشتغل بترّهات عوامّ الصوفيّة من الجهلة ، ولا يركن إلى أقاويل المتفلسفة وأهل الكلام جملة (3) ، فإنّها فتنة مضلّة ، وجميعها (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض ، إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراهَا ، وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُور) (4).

وآخر نصيحتي أن يلقي بزمام أمره إلى الله تعالى وإلى رسوله النذير الأمين ، فكلّ ما بلغه منه آمن به وصدَّقه ، من غير أن يتحيّل فيتخيّل له وجهاً عقليّاً ومسلكاً بحثيّاً. بل يجب أن يقتدي بهديه وينتهي بنهيه ، امتثالاً لقوله تعالى (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (5) حتّى 7.

ص: 291


1- سورة الشمس : 9.
2- سورة النحل : 26.
3- إشارة إلى من يريد من هذين العلمين تبكيت الخصم والزامه بحجج واهية لا إحقاق الحق.
4- سورة النور : 40.
5- سورة الحشر : 7.

يفتح الله على قلبه ، ويجعل له نوراً يمشي بين يديه.

وبينا أنا في نشوة الابتهاج باستماع هذه النصائح الخالدة (1) ، استيقظت من رقدتي ، ولم أتمكّن من حمله على الدخول في محاورات أهل النظر. 2.

ص: 292


1- ومجموع هذه النصائح مستوحات من كتابه الأسفار 1/12.

[الحلم الثاني]

فلسفة شيخ الفلاسفة في العلّة على خلاف رأي المتكلّمين

جهدت نفسي هذه المرّة لأستسلم لأحلامي ، بعد ذلك الحلم اللذيذ المزعج في وقت واحد الذي لاقيت فيه العنت مع شيخ الفلاسفة ، وقد امتنع عليّ أن يدخل في المحاورات التي أردتها وإن كان أفاض بكثير ممّا يجب العلم به ، من رأيه في طريقة أهل الكلام وأهل النظر والمتصوّفة ومن نظريّته في خلق النفس لتصوّراتها ، ومن عقيدته في إمامنا علي عليه السلام ، ومن طريقته في الأخذ بظواهر الكتاب والسنّة ونقمته على أهل التأويل.

فهوّمت ، ليتراءى لي صاحبنا صدر المتألّهين ، فرأيته جالساً كأنّه ينتظرني ، ولكن ما جئت إليه إلاّ وظهر لي أنّه لا يزال متنكراً عليّ ، مستوحشاً منّي ، فعظم خطبي ، وكدت أيأس من أن أخفض جناح تصلّبه ، لولا أنّي تذكّرت أنّه الآن في صفوف الملائكة المقرّبين ، والملائكة لسلامة طوياتهم وطهارة نفوسهم قد ينخدعون بحيل الإنسان ، وحذلقة شياطين الإنس.

تحاملت على نفسي ، لأبتدع له اُسلوباً من الحديث أثير به حفيظته فأبلغ ما أريد.

قلت : أيّها المولى : أراك لا تزال تنكرني ، مع أنّي أقمت البرهان على معرفتك لي.

ص: 293

هو - البرهان!؟

أنا - نعم! البرهان.

هو - أظنّكم تكتفون من حظوظكم من العلم ومن ادّعائكم الفلسفة ، أن تسموا مجازفاتكم وأوهامكم براهين وأدلّة ، تتخيّلون أنّ الحقائق تُنال بالأسماء ، واليقين يحصل بالوهم.

أنا - رأفةً بنا يا صدر الفلاسفة! إنّ هذه لصواعق محرقة. على أنّي لا أدري من تقصد بخطاب الجمع؟

هو - لا تدري من أقصد؟!

أنا - إذا أبيت فربّما. وعلى كلّ حال لا أحبّ أن تزجّني في فئة صوّبتَ لها سهام نقدك اللاذع ، وقد تعلّقت بأذيال فلسفتك. والبرهان الذي أقمته فيما تقدّم مأخوذ كما قلتُ أوّلاً من فلسفتك في الوجود والعلّة والمعلول ، وأراك تتهرّب من الجواب عنه. وقد يظنّ الظانّ أنّ ذلك كان عجزاً ، وقد نسيتَ المباحثات النظرية لمّا شُغلتَ بمشاهدة الحق بعين اليقين ، أو كان هزيمة من الالتزام بنتيجة البرهان وأنت تريد ألا تتعرّف على أحد ، ابتهاجاً بما عندك (1).

هو - الصحيح أن تقول : - وأنت لا تريد أن تتعرّف على أحد - لأنّ المختار من إذا شاء فعل ، وإذا لم يشأ لم يفعل ، لا كما يقوله المحجوبون عن نور الحقّ في تعريفه : إنّه من إذا شاء فعل ، وإذا شاء لم يفعل. لأنّ عدم الفعل لا يكون بإشاءة وإرادة ، فإنّ الإنسان حينما يترك العمل لا يريد الفعل لا أنّه يريد عدم الفعل ، إذ أنّ عدم المعلول - كما برهن عليه في ة.

ص: 294


1- اشارة إلى ما يمكله من يقين في عالم البرزخ والحقيقة.

الفلسفة - بعدم العلّة ، ولا يحتاج إلى علّة وجودية (1).

أنا - نعم كما تقول! أرجو السماح!

هو - إذاً لم أكن قد نسيتُ المباحث النظرية!

أنا - مليح [جيّد]! ولكن يبقى ظنّ الاُخرى ، وهي (الهزيمة).

هو - (وقد تململ من هذه المضايقة) : أصحيح أنت تعتقد أنّ ما لفقّتَه كان برهاناً منطقياً؟!

أنا - قلت : إنّه مأخوذ من فلسفتكم.

هو - بلى!

أنا - وأنت تقرّر في مؤلّفاتك : أنَّ وجود كلّ معلول طور من أطوار وجود العلّة وشأن من شؤونه (2) ، بل ليس لحقيقة المعلول هوية مباينة لحقيقة علّته ، ولا يعقله العاقل إلاّ مضافاً ومنسوباً إلى العلّة (3). فما يقال في ها

ص: 295


1- إشارة على عدم العلّية بين الاعدام وإنّما تكون العلّية بين الوجودات فقط.
2- وقع الكلام في أن مناط الاحتياج إلى العلّة هو ما ذهب إليه جمع من المتكلمين إلى أنّ: مناط الاحتياج إلى العلّة هو الحدوث أي أنّه يحتاج إلى العلّة من حيث كونه حادثاً أي أنّ الشيء يحتاج إلى العلّة من حيث لم يكن ثمّ كان، ولازمه أنّ القديم لا يحتاج إلى علّة الحدوث، وذهب المتكلّمون إلى أنّ القدم يساوي الوجوب الذاتي، وأنّ الحدوث يساوي الإمكان الذاتي. أمّا الفلاسفة فقد جعلوا الإمكان ملاك الإحتياج إلى العلّة، أي أنّ كون الشيء ممكن الوجود هو مناط حاجته إلى العلّة ولا يحتاج الشيء إلى العلّة من حيث هو موجود أو حادث، فتتساوى نسبت ماهيّته إلى الوجود والعدم وهي السبب في احتياجه إلى العلّة، سواء كانت تلك الماهيّة حادثة بعد العدم أو قديمة، وقد تبنّى هذا الرأي ابن سينا ، والخواجة نصير الدّين الطوسي ثمّ ابتكر صدر المتألّهين معنى آخر للإمكان أسماه الإمكان الفقري ومن هنا أعتبر الحكماء العقول المجرّدة من القديم الزماني وكذلك من قال بوجود الأفلاك.
3- إشارة إلى نظرية الامكان الفقري وأن مناط الحاجة إلى العلّة هو الاحتياج إليها

النظر الفلسفي البحثي (1) : أنَّ في الوجود علّة ومعلولاً ، فهو في نظر أهل المكاشفة والإشراق يرجع آخر الأمر إلى كون العلّة أمراً حقيقياً والمعلول جهة من جهاته (2) ، ورجعت علّية الشيء الذي يسمّى علّة وتأثيره في المعلول إلى معنى أنّ المعلول يتطوّر العلّة ويتحيّث بحيثيّتها ، لا انفصال شيء مباين عنها (3).

فأنت إذاً موجود في كتبك ، وأنا قد اتصلت بها فلا بدّ أنّي اتصلت بنفسك فعرفتني.

هو - أهذا كلّ مبلغ علمك؟ وأنت تدّعي أنّك أخذت الفلسفة عنّي وتتلمذت على كتبي ، وقد غالطت نفسك وحسّك؟!

أنا - لماذا؟ إنّ كلامي منطقي برهاني ينطبق على قواعدك الفلسفيّة : فقولي «الكتاب معلول للكاتب» صغرى للقياس وقد اعترفت بصدقها ، وقولي «كلّ معلول وجود للعلة» كبرى وهي صحيحة حسبما ملأت بها طواميرك ومسفوراتك - على حدّ تعبيرك - فيتألّف من هاتين المقدّمتين قياس من الشكل الأوّل ، فينتج أنّ الكتاب وجود للكاتب ، فأنت موجود في مؤلفاتك. أليس كذلك؟! ه.

ص: 296


1- المراد بهم المشائبون وهو ابن سينا وأترابه القائلون بأنّ القدم ليس مختّصاً بالحقّ عزّ وجلّ ، لكن يفرّقون بين القدم الزماني والقدم الذاتي ، فيقولون أنّ العالم الذي نعيشه قديم بالزمان وحادث بالحدوث الذاتي وكذا الحال في قدم العقول العشر.
2- أو قل شُعاع من أشعته أو طور من أطواره.
3- هذا التقرير الذي يلهج به ملاّ صدرا في كتبه ، وهو أساس فكرة وحدة الوجود عنده.

هو - يا سبحان الله! ألم أقل : إنّكم تكتفون من الحقائق بالأسماء ، فتسمّون المغالطة برهناً والسفسطة قياساً. وأنا أطلب إليك الآن أن تنصفني من نفسك فيما أضرب لك من الأمثلة ، لتنكشف لك المغالطة من غير كثير عناء بطريق نظري ، بعد أن حاولتُ كشفها لك من طريق إشراقي في جلستنا السابقة ، فلم تنكشف. أتعاهدني على ذلك؟!

أنا - لك عليَّ ذلك.

هو - إذاً فأنصف من نفسك : لو أنّك كتبت إلى أحد واطّلع عليه آخرون ، أفتظنّ أنّك ستعرفهم لمجرّد أنّهم قرأوا كتابك؟!

أنا - لا

هو - حسن ثمّ اعتبر بالباني للدار ، أليست هي معلولة له ، كالكتاب بالقياس إلى المؤلّف؟ هل تظنّ أنّ الباني سيعرف كلّ من يدخل الدار أو يشاهدها ، لمجرّد أنّه كان قد بناها ليس إلاّ؟!

أنا - لا.

هو - فاكشف الغطاء عن بصيرتك واعترف بالحقّ ...! فإنّ هذا الكلام يجري في كلّ صانع لشيء ما ، فلا يمكن أن يعرف كلّ من يستعمله أو يراه لمجرّد أنّه من صنعه وعمله. فأنا - وهذا بيت القصيد - لا أعرف كلّ من يقرأ كتبي ويفهم مضامينها لمجرّد أنّها تأليفي وسجّل آرائي ، سواء كنتُ حيّاً أم ميّتاً.

أنا - وعليه ، فالكبرى التي فهمتُها من فلسفتك ليست بصحيحة ، وهي «كلّ معلول وجود للعلة».

هو - بل صحيحة ، وهي الركن الركين في التوحيد.

أنا - الصغرى أيضاً صحيحة باعترافكم ، فلماذا تتخلّف النتيجة ، فلم

ص: 297

يبق إلاّ أن نفرض أنّ العلّة (1) في الأمثلة المذكورة ليست علّة إلاّ في حال الحدوث فقط ، أمّا البقاء فلا يحتاج إلى العلّة ، ولذا تغيب علّة الحدوث عن المعلول بعد بقائه في هذه الأمثلة التي ذكرتُها ، فلا يكون بقاؤه من أطوار وجود علّته التي قد فرضناها علّة للحدوث فقط.

مع أنّكم تشنّعون أشدّ التشنيع في فلسفتكم على من يقول : بأنّ منشأ الحاجة إلى العلّة هو (للحدوث) في المعلول ، حتّى رميتم قائلها بالسخف وسخرتم فيه بلاذع الكلام في (الأسفار) (2).

وبرهنتم على أنّ منشأ الحاجة إلى العلّة هو (الإمكان) في المعلول الذي لا يزول عنه قطّ وهو لازم له في حال حدوثه وبقائه ، ولذا قلتم لا يستغني المعلول عن العلّة ولا يغيب عنها طرفة عين أبداً ، بل قلتم : إنّ حقيقة المعلول حقيقة الحاجة والفقر إلى العلّة. فكيف نوفّق بين الكلامين؟!

هو - (وقد بدأ عليه التأثّر والحماس لقول الحقّ) : لقد زدتَ الموضوع على نفسك تعقيداً بهذه المغالطات المتتابعة ، وقد نصحتك ألاّ تركن إلى أبحاث المتفلسفة والمتكلّمين ، ولماذا تزجّني معك في الدخول 6.

ص: 298


1- قسمت العلّة على نوعين : 1 - علّة المعدّ أو الفاعل بالعرض : ومثاله من يبني الدار أو يضع الحب في التراب فبعد بناء الدار لا يلزم بقاء الدار ببقاء بانيها ، فلو مات الباني تبقى الدار لأنّه علّة معدّ فقط (مأخوذ من الإعداد). 2 - علّة الفاعل التامّ أو الفاعل بالذات : وهو الحقّ عزّ وجلّ فلا بدّ في علّيته الحاجة وجوداً ودواماً. نعم يمكن القول بأنّ العلّة المعدّة تعبير مجازي لكن ذهب الفخر الرازي وأتباعه إلى أنّ العلّة علّة في الوجود فقط. وهذا ضعفه ظاهر.
2- الأسفار 1/206.

فيها؟!

أنا - إنّ المجاز قنطرة الحقيقية كما تقولون ، فلا بدّ من تتبّع آراء المتفلسفة والمجادلين من أهل الكلام وتعنّتهم في البحث ، لكي يتبيّن آخر الأمر بنور الإيمان وتأييد الله تعالى أنّ قياسهم عقيم وصراطهم غير مستقيم (على طريقتك أنت في مؤلّفاتك) ....

صمت طويل .....

أنا أيضاً - فلماذا سكتّ عن جوابي؟ وأنت أيها الحكيم أدمجت في كتبك الحكمة البحثية في العلوم التألّهية ، ومزجت البيانات التعليمية في الأسرار الإلهية ، وعندك في ذلك هو عذري في إصراري على هذا النوع من البحث.

هو - أخشى!

أنا - من أين تخشى؟

هو - أخشى ألاّ يسع فهمك بعض الأبحاث الدقيقة ، فيختلط الأمر عليك وتضلّ عن طريق الحقّ من حيث لا تدري.

أنا - أكشف لي هذه المغالطة ، ولك علي ألاّ أدخل في بحث إلاّ بإذنك.

هو - (وكأنّه قد رقّ لي وشعر بحاجتي) يا حبيبي ما أشدّ سخافة توهّم من يرى أنّ حاجة المعلول إلى العلّة إنّما هي في حال الحدوث لا في حال البقاء ، حتّى صرّح بعض هؤلاء القائلين بهذا الرأي جهلاً وعناداً : أنّ الباري لو جاز عدمه لما ضرّ عدمه في وجود العالم بعده لتحقّق الحدوث بإحداثه ولا يحتاج البقاء إليه (1). وهذا غاية الجهل والفساد في الاعتقاد. ل.

ص: 299


1- انظر ما ذكرناه من تقسيم العلّة إلى علّة معدّ وعلّة فاعل.

على أنّ كلّ علة ذاتية فهي مع معلولها وجوداً ودواماً ، ومن الشواهد على ذلك حرارة النار التي تفيض من جوهرها التسخين على ما حولها من الأجسام ، وإفاضة الماء الرطوبة والبلل على الأجسام المجاورة له ، وإشعاع النور من الشمس على الأجرام المواجهة لها ؛ وإشعاع نور الشمس لرطوبة الماء وحرارة النار ذاتية لعللها.

وكذلك النفس تفيض الحياة على البدن والحياة ذاتية لها ، فلا تزال الحياة تنشأ منها على البدن الذي هو جسم ميّت في ذاته حيّ بالنفس مادام صالحاً لإفاضة الحياة عليه منها ، فإذا فسد صلاحه لقبول الحياة تخلّت عنه وارتحلت.

وأمّا نسبة الإيجاد إلى المؤلّف والمركِّب كالبنّاء للدار والكاتب للخطّ والخيّاط للثوب ، فهي مغالطة نشأت من عدم الفرق بين ما بالذات وما بالعرض ، وأخذ ما ليس بعلّة علّة ، فإنّ أكثر ما يظنّونه فاعلاً ليس بفاعل في الحقيقة ، وذلك كالأب للأولاد والزارع للزرع ، فليست هذه ونحوها عللاً مفيدة لوجود ما يُنسب إليها ، بل إنّما هي معدّات تعدّ الشيء لإفاضة الوجود من فاعله ، وعلل بالعرض لا بالذات ، والمعطي للوجود في هذه المعلولات هو الله تعالى كما أشار إليه في القرآن الكريم في آيات منه كهذه الآية (أَفَرَأَيْتُم ما تُمْنُونَ ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (1) فما يُسمّيه الجمهور فاعلاً ليس إلا مباشر الحركات ومبدأ التغييرات ؛ وأمّا فاعل الصور ومعطي الوجود فهو الحقّ عزّ اسمه لا شريك له في خلقه.

بل إن شئت فقل - في كلّ معلول وعلّة ، وفي كلّ فعل وفاعل ، حتّى 8.

ص: 300


1- سورة الواقعة : 58.

فيما قيل إنّه علّة ذاتية كالنار - : إنّ الفاعل الذي يفيض الوجود ومنه الوجود وواهب الصور هو الله وحده ، والفاعل الذي به يستعدّ الشيء للوجود ويتهيّأ لقبول الصور غيره تعالى. فلا يصحّ أن نقول : إنّ من منه الوجود غيره تعالى ، فهو شرك. ولا يصحّ أن نقول : إنّ من به الوجود المباشر للحركة هو الله فهو جهل وكفر.

وزبدة المخض ، أنّا إذا قلنا : إنّ المعلول طور من أطوار العلّة ، وإنّ العلة من ..... وجوداً ودواماً ، فالمقصود بالحقيقة هو الفاعل الذي منه الوجود ، وهو الله تعالى.

وعلى هذا الاساس المتين نبني نظرية أفعال العباد ، فيما كشف عنها أئمّتنا وساداتنا في قولهم المعروف «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين» (1) هذا القول الذي قصرت عنه أفهام الباحثيين من إدراك مغزاه - وقد وضعنا فيه رسالة مختصرة سمّيناها رسالة خلق الأعمال - وكم خبط الناس في الجبر والتفويض والقضاء والقدر وجاءوا بالمضحكات المبكيات.

ألا تعتبر أنت الآن فيما اشتبهتَ فيه وتشبّثتَ فيه ، بما لو أودعت عند أحد أمانة فإنّ إيداعها فعلك ، وأمّا بقاؤها عنده فهو فعل الأمين لا يبقى لك فيها سلطان ولا فعل وكذا مؤلّف الكتاب إنّما فعله نقش صور هذه الألفاظ ، وهو سبب مُعِدّ لبقائها ، أمّا بقاؤه في الورق فليس داخلاً في سلطانه وفعله ، وقد يأتي غيره فيتصرّف فيها ما يشاء إضافة وتغييراً ، أو نسخاً ونقلاً ، أو اتلافاً ومحواً.

على أنّ نفس خطّك وتفكيرك ، هو فعلك من جهة لأنّك الفاعل 2.

ص: 301


1- الاعتقادات للمفيد : 29. انظر البحار 5/12.

الذي به الوجود المباشر له ، ومن جهة اُخرى هو فعل الله تعالى وهو الخالق المصوّر له وحده لا شريك له ، لأنّه هو الذي منه الوجود (لا جبر ولا تفويض ...).

وأظنّه - إلى هنا - اتّضح لك أنّ مغالطتك كانت في الصغرى ، إذ اشتبه عليك معنى العلّة فيها ، فلم يتكرّر الأوسط في القياس ، لأنّ معنى العلّة في الصغرى العلّة بالغير ، ومعنى العلّة في الكبرى العلّة بالذات.

ولم يتمّ كلامه حتّى استيقظت من غفوتي ، وفي النفس ما فيها من تطّلع للبحث.

النجف - محمد رضا المظفّر

ص: 302

عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نِحلَتِهِ - للشيخ محمّد جواد البلاغي

صورة

ص: 303

ص: 304

مقدِّمة الإعداد :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين حقَّ حمده ، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ مِن بعده ، محمد ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، خير خلقه وأشرف بريّته ، ولا سيّما بقية الله في الأرضين ، الإمام الحجة المنتظَر المهديّ ، عجل الله تعالى له الفرج والنصر.

أما بعد ..

فهذه الرسالة القيّمة واحدة من نفائس الرسائل التي أثرى بها العلاّمةُ الحجّةُ المجاهدُ الشيخ محمد جواد البلاغي قدس سره (1) المكتبةَ ا.

ص: 305


1- لم أترجم - هنا - للعلاّمة البلاغي قدس سره ؛ لغناه عن ذلك ، فسموّ منزلته ورفعة مكانته قدس سره أشهر من نار على علم .. وترجمته دانية لمن رام قطافها ، من مظانّها من كتب التراجم ، وممّن حقق له كتبه ورسائله بما لا مزيد عليه ، ومن مقدِّمة تحقيقي وإعدادي لبعض مصنفاته المنشورة سابقاً ، ولا سيّما كتابيه «الردّ على الوهابية» و «نصائح الهدى والدين» ، فقد فصّلت هناك - وفق الوسع والطاقة - كلَّ ما يتعلّق بسيرة حياته المباركة التي قضاها في تحصيل العلم ونشره ، والجهاد في سبيل رفعة الدين وإحيائه ، والدفاع عن المذهب الحقّ وإعلاء كلمته ، متنقلا ما بين مدن العراق ، كالنجف الأشرف وسامرّاء والكاظمية ، قارع فيها الاستعمارالإنكليزي ، وناظر اليهود ، والنصارى ، وحاجج الفرق الضالة المنحرفة .. فكان بحقّ أحد الأنوار المضيئة النادرة التي أنارت الدرب .. فانظر ترجمته المفصلة في : أعيان الشيعة 4 / 255 - 262 ، شعراء الغريّ 2 / 436 - 458 ، نقباء البشر في القرن الرابع عشر 1 / 323 - 326 ، الكنى والألقاب 2 / 94 - 95 ، مقدّمة «الهدى إلى دين المصطفى» 1 / 6 - 20 ، معارف الرجال 1 / 196 - 200 ، ريحانة الأدب 1 / 179 ، ماضي النجف وحاضرها 2 / 61 - 66 رقم 3 ، مقدّمة «الردّ على الوهّابية» : 8 - 32 ، مقدّمة «نصائح الهدى» : 5 - 27 ، مجلّة «رسالة القرآن» / العدد 10 / 1413 : 71 - 104 ، وغيرها.

الإسلامية ؛ قد مَنَّ الله تعالى علَيَّ بالتوفيق في نشرها ، مُعَدّةً إعداداً أرجو منه تعالى أن ينفع به.

طبعات الرسالة :

طُبعت هذه الرسالة لأوّل مرّة في طهران بإيران سنة 1378 ه- ، بتصحيح علي أكبر الغفّاري رحمه الله ، اعتمد في عمله على نسخة كتبها ميرزا حسن الخسروشاهي ، عن نسخة استنسخها المرجع الديني الكبير السيّد محمد هادي الميلاني قدس سره ، وهو ممّن أخذ العلم عن الشيخ البلاغي قدس سرهوتخرّج على يده.

نسخة الرسالة وخصائصها :

اعتمدتُ في عملي على مصوّرة نسخة الأصل بخطّ المؤلّف الشيخ البلاغي قدس سره ، كان قد أتمّ تبييضها من مسوّدتها في عصر يوم 17 رجب 1349 ه- ، تقع في 22 صفحة ، بقياس 18 × 5 / 10 سم ، ولعلّها تقع ضمن مجموعة تضمّ غيرها من المخطوطات ؛ إذ تبدأ نسختنا من الصفحة 2 ،

ص: 306

وتنتهي بالصفحة 23 ، وهي من موقوفات مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف بالعراق.

تشتمل الرسالة على ثلاثة فصول :

الأوّل : أدرج فيه المؤلّف قدس سره ما وجده من الأحاديث الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام في مسألة الإلزام ، ذكر فيه 13 حديثاً رئيساً ، هي عمدة أحاديث الباب ، وضمّنها أحاديث أُخر لها صلة بالمقام.

الثاني : ذكر فيه المؤلّف قدس سره كلمات بعض علمائنا الماضين رضوان الله عليهم في هذا المقام.

الثالث : في فقه المسألة ، وشيء من فروعها ، وما يترتّب على ذلك بحسب ما يتحصّل من الأحاديث المتقدّمة ، فذكر فيه المؤلّف قدس سره أربعة مقامات في فقه المسألة ، ثمّ ذكر ثلاثة عشر فرعاً ممّا يترتّب على العمل بهذه المسألة.

والظاهر أنّ الرسالة المطبوعة سنة 1378 ه- - المارّ ذِكرها آنفاً - هي مسوّدة رسالتنا هذه التي سنقدّمها بين يدَي القارئ الكريم ؛ مستدلّين على ذلك بما أثبته الشيخ المصنّف قدس سره في ذيل الورقة الأخيرة من الرسالة ، وهي كالآتي :

قوله قدس سره : «وقد تمّ نقلها لهذا البياض في السابع عشر من رجب الحرام عصراً ، في السنة التاسعة والأربعين بعد الألف والثلاثمئة هجرية ...» ..

وقوله قدس سره : «وقد أسقطنا في هذه المبيّضة بعض الفروع التي في الأصل ؛ لأجل عروض التأمل فيها» ..

وقوله قدس سره : «بلغ تصحيحها بقدر الجهد ، والحمد لله».

ص: 307

وكلّ هذا تصريح منه قدس سره بأنّ هناك مسوّدة لهذه النسخة متقدّمة زمناً عن مبيّضتها (1) ، وهو ما يعكسه الاختلاف الكبير بين هذه النسخة المبيّضة وبين النسخة المطبوعة.

أُسلوب العمل في الرسالة :

1 - تقطيع النصّ وتوزيعه بالاستفادة من علامات الترقيم الحديثة ، كيما يناسب أُسلوب العصر الحاضر ، لإظهار مطالب الرسالة بشكل واضح ، لكي يسهل على القارئ متابعتها.

2 - تخريج الآيات الكريمة ، وكذا الأحاديث والروايات الشريفة وبقية المطالب الواردة في الكتاب اعتماداً على مصادرها الأصلية التي نقل عنها الشيخ البلاغي قدس سره قدر المستطاع.

3 - أثبتُّ في الهامش كلّ الاختلافات الواردة في الأحاديث والروايات وبين مصادرها الأصلية التي نقل عنها الشيخ البلاغي قدس سره ، سنداً ومتناً ، ولا سيّما في ما يخصّ كلام المعصوم عليه السلام ، مهما دقّت أو صغرت ؛ لأثرها الدقيق في المقام بنظر أهل العلم.

ولم أُعْنَ بالاختلافات البسيطة والطفيفة والجزئية منها ، في ما خلا ذلك ، فلم أُشِر في الهامش إلاّ إلى ما كان منها ذا تأثير على المعنى ، أو ما كان فيه إخلالا مهماً ، فلم أُشِر إلى تقديم كلمة على أُخرى ، أو جملة على أُختها ، أو ما نقله الشيخ البلاغي قدس سره بالمعنى أو مختصراً ، إلاّ في حالات الضرورة. ة.

ص: 308


1- انظر صورة الصفحة الأخيرة من نسخة الأصل لهذه الرسالة في الصفحة 313 ، وراجع الصفحة 381 وهوامشها ؛ من هذه الطبعة.

كما لم أُعْنَ بالاختلافات الواردة بينها وبين المصادر الثانوية التي أشار إليها المصنف قدس سره ، إلاّ بالشرط المتقدّم.

3 - تصحيح الأخطاء الإملائية أو النحوية دون الإشارة إليها في الهامش.

4 - أدرجتُ في الهامش التعليقات الضرورية ، توضيحاً وشرحاً لبعض مطالب الرسالة وكلمات المتن والأعلام الواردة أسماؤهم فيها.

5 - اتّبعتُ الأُسلوب الحديث في الإملاء ورسم الكلمات ، ولم أُشر إلى ذلك في الهامش.

6 - وما وضعته بين العضادتين ولم أُشر إليه في الهامش ، فهو إضافة من المصدر ، أو منّي ؛ تتميماً لنسق المطلب ، أو لاقتضاء السياق.

7 - قمتُ بفكّ بعض رموز واختصارات الرسالة ، التي درج المتقدّمون على استخدامها ؛ مثل : التحيّات ك- عليه السلام بدلا عن «ع» وما يشبه ذلك ، و «انتهى» بدلا عن «اه» ، و «إلى آخره» بدلا عن «إلخ» ...

8 - أدرجتُ في الهامش ما ذكره الشيخ البلاغي قدس سره من إنهاء أو بلاغ ، وأتبعته بجملة : «منه قدس سره».

9 - ولمّا كانت نسختنا هذه هي المبيّضة والمعتمدة لدى الشيخ البلاغي قدس سره ؛ للشواهد التي تقدّم ذِكرها آنفاً ، ولمواضع الاختلاف الكثيرة والفوارق العديدة التي بينها وبين النسخة المطبوعة ، فإنّي آثرت ألاّ أخوض في ذِكر تلك الاختلافات والفوارق في ما بينهما ، مؤثِراً إبراز الأصل هذا دون الإشارة إلى تلك ، تاركاً أمر المقارنة بينهما لمن يودّ ذلك.

ص: 309

ولم أعتمد على المطبوعة إلاّ كمعين في قراءة مصوّرة المخطوطة في بضعة مواضع منها طُمست فيها الكتابة ، أو كان فيها سقط ، أو كان التصوير فيها غير واضح.

فجاءت الرسالة - بحمد الله - مُعَدّةً إعداداً طَويتُ فيها عدّة من مراحل التحقيق بما أنعم علَيَّ فيه ربّي.

وآخر المطاف :

لا يفوتني إلاّ أن أُسدي الشكر الجزيل والامتنان الكبير إلى كلّ مَن ساهم وأعان في إحياء هذا الأثر النفيس ، وأخصّ بالذِكر منهم :

الأخ الفاضل المثابر السيّد محمود الغريفي البحراني ، الذي تفضّل علَيَّ بمصوّرة نسخة الأصل ، بعد سعي حثيث دؤوب في مكتبات العراق.

وسماحة المحقق الفاضل حجة الإسلام والمسلمين السيّد عليّ الخراساني الكاظمي ، لتفضله بمراجعة العمل علمياً ..

والإخوة الأفاضل المحققين : جواد حسين الورد وعلي جلال باقر وعامر عبد الحسين عباس ؛ من منتسبي مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / فرع دمشق ..

وهيئة تحرير مجلّة «تراثنا» الغرّاء ، ولا سيّما الأخوين الفاضلين : عامر الشوهاني ، والشيخ نصير الدين كاشف الغطاء ..

ذلك لِما بذلوه من جهد طيّب محمود في سبيل إخراج هذه الرسالة في أفضل صورة.

حيا الله العاملين على إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام والمعنيّين ببثّ علومهم ونشر معارفهم ، ووفقهم لِما يحبّ ويرضى.

ص: 310

إهداء ودعاء لا بُدّ منهما :

كما لا يسعني هنا إلاّ إهداء هذا الجهد المتواضع إلى مَن هو أَوْلى بنا مِن أنفسنا ، سيّدنا ومولانا الإمام المنتظَر المهديّ عليه السلام ، والهدية على مقدار مُهديها ، متضرّعاً إلى الله تعالى أن يعجّل له الفرج والنصر ، وأن يوفقنا لخدمته أيام حياتنا ، ويتقبل منا بأحسن قبول بلطفه ورحمته ، ويجعله سبباً من أسباب الشفاعة ، لي ولوالديَّ ، ولذوي رحمي ، ولمن أسهم فيه ، يوم لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، ويوم نلقاه ، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونٌ إلاّ مَن بقلب سليم أتاه ، إنه قريب مجيب.

والله من وراء القصد ، وهو يهدي السبيل.

والحمد لله أوّلا وآخراً ، وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين ، وسلّم تسليماً كثيراً.

ذكرى

مولدَي

الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام جعفر

الصادق عليه السلام

17

/ 3 / 1426

من

جوار السيّدة زينب عليها السلام - دمشق الشام

الأقلّ

الأضعف في خدمة أهل البيت عليهم السلام

محمد

علي الحكيم

ص: 311

صورة

ص: 312

صورة

ص: 313

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد ، وهو المستعان ، وأفضل الصلاة والسلام على خيرته من خلقه ، رسوله المصطفى وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد ..

فيقول العبد الأقلّ محمد جواد البلاغي :

هذه مسألة لم أجد من أعطاها حقّها من التحرير ، فتطفّلتُ بما يسره الله لي من تحريرها ، إنه وليّ التوفيق.

ونظمتها في سمط ما كتبته من «العقود المفصّلة» ..

عِقد في

إلزام غير الإمامي بأحكام نِحْلَتِه

وفيه فصول : ..

ص: 314

الفصل الأوّل

في ما وجدته من الأحاديث الواردة في ذلك

* الحديث الأوّل :

ما رواه الشيخ قدس سره في مواريث «التهذيبين» ، عن عليّ بن الحسن ابن فضّال ، عن سنديّ (1) بن محمد البزّاز ، عن العلاء (2) بن رزين القلاّء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن الأحكام؟

قال عليه السلام : يجوز على أهل كلّ ذي دِين ما يستحلّون (3). انتهى.

والذي رأيته من كتب الحديث والفقه متوافق على التعبير ب- «كلّ ذي دِين» ..

لكن في بعض النسخ : «يجوز» بالياء المثناة من تحت (4) ..

وفي بعضها : «تجوز» بالتاء المثناة من فوق (5) ..

وفي بعض النسخ : «بما يستحلّون» بإدخال باء الجرّ على الموصول (6) .. ح

ص: 315


1- في تهذيب الأحكام : «السندي».
2- في التهذيبين : «علاء».
3- تهذيب الأحكام 9 / 322 ح 1155 ، الاستبصار 4 / 148 ح 554.
4- كما في المصدرين السابقين. وانظر : الحدائق الناضرة 25 / 243.
5- انظر : تفصيل وسائل الشيعة 26 / 319 ح 33077 ، الفصول المهمّة في أُصول الأئمّة 2 / 478 ح 2315 ، جواهر الكلام 32 / 88 وج 39 / 321.
6- انظر : تهذيب الأحكام 9 / 322 ح 1155 ، تفصيل وسائل الشيعة 26 / 319 ح

وفي بعضها بإسقاط باء الجرّ (1) ..

والمناسب : هو ثبوت باء الجرّ مع «تجوز» بالمثناة من فوق ، ويكون الفاعل هو ضمير «الأحكام» ، ويكون التقدير : بما يستحلّون به.

والمناسب مع «يجوز» بالمثنّاة من تحت ، هو كون الموصول فاعلا غيرَ مقترن بحرف الجرّ.

والمؤدّى على النسختين واحد ..

والظاهر أنّ المعنى : كلّ حكم ذي دِين ، أي : الحكم الذي يُتديَّن به ويُنسَب إلى الدِين والشريعة النبوية الإلهية ، لا الحكم الذي هو من عوائدهم العرفية ونحوها وإنْ صار العمل به لازماً لهم.

فالمراد : إنّه يجوز ويمضي على أهل كلّ حكم - يجعلونه بحسب نحلتهم دِيناً لهم - ما يستحلّونه ؛ فيحلّ بسبب ذلك الجواز ورفع المانع من أحدهم بحسب دينه والتزامه ، ويسوغ لغيره ما يستحلّه ، ولا يرعى حقه فيه بحسب الحكم الواقعي الأوّلي ، فإنّ تديّنه مع إلزامه به يرفع حقه ، فيترتّب على هذا الرفع ما ينطبق على القواعد العامة من الاستحلال.

ولأجل هذا الترتّب ، وحصول الحلّ عند ذلك ، جُعل رفع الحقّ سبباً للحلّ وإنْ كان المقتضي للحلّ هو القواعد العامة.

وربّما تكون «ما» مصدرية ، والمعنى حينئذ : يجوز وينفذ عليهم ».

ص: 316


1- كما مرّ في : الاستبصار 4 / 148 ح 554 ، وانظر : الحدائق الناضرة 25 / 243 وفيه : «يستحلّونه».

نوع استحلالهم بحسب نحلتهم ، بنحو التقرير الذي قدّمنا.

وسيأتي إن شاء الله في المقام الثاني من الفصل الثالث بقية بيان (1).

هذا ، ومحلّ ابن فضّال - مع جلالته المعروفة - لا يخرج الحديث عن الصحة ، وإنْ كان يقول بإمامة عبد الله الأفطح (2) مع الأئمة عليهم السلام ».

ص: 317


1- يأتي في الصفحات 364 - 366.
2- هو : عبد الله بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، قيل : إنه كان أفطح الرأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين ، ادّعى الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الصادق عليه السلام ، فدخلت الشبهة على عامة مشائخ العصابة وفقهائها فقالوا بإمامته ؛ لِما روي عنهم عليهم السلام أنّ الإمامة في الأكبر من وُلد الإمام إذا مضى ؛ ثمّ منهم من رجع عن القول بإمامته لمّا امتحنه بمسائل من الحلال والحرام لم يكن عنده فيها جواب ، ولِما ظهر منه من الأشياء التي لا ينبغي أن تظهر من الإمام. ثمّ إنه مات بعد أبيه بسبعين يوماً ، فرجع الباقون - إلاّ شذّاذاً منهم - عن القول بإمامته إلى القول بإمامة الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام ؛ لِما روي في الأخبار عنهم عليهم السلام أنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام. وممّا نُقل ممّا امتُحن به ، أنه سئل : أنت إمام؟ فقال : نعم. فقيل له : إنّ صاحب هذا الأمر يكون عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ، فما عندك منه؟ فقال : عندي رمحه! ولم يُعرف لرسول الله صلى الله عليه وآله رمحٌ. انظر تفصيل أحواله في : الإمامة والتبصرة من الحيرة : 209 - 211 رقم 60 - 65 ب 15 ، معجم رجال الحديث 11 / 154 - 157 رقم 6767. والفَطَحُ : عِرَضٌ في وسط الرأس والأرنَبة حتّى تلتزق بالوجه كالثور الأَفطَح ؛ ورجلٌ أَفْطَحُ : عريض الرأس بَيِّنُ الفَطَح. انظر : لسان العرب 10 / 284 مادّة «فطح».

على ما ذُكر (1).

* الحديث الثاني :

ما رواه الصدوق في «معاني الأخبار» ، عن أبيه ، عن الحسن (2) بن أحمد المالكي ، عن عبد الله بن طاووس ، قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ لي ابن أخ زوّجتُه ابنتي ، وهو يشرب الشراب ويكثر ذِكر الطلاق.

فقال عليه السلام : إنْ (3) كان من إخوانك فلا شيء عليه ، وإنْ كان من هؤلاء فَأَبِنْها منه ، فإنه عنى الفراق.

قال : قلت : أليس روي عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّه قال (4) : «إياكم والمطلقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فإنهنّ ذوات أزواج»؟ ق.

ص: 318


1- قال النجاشي عنه : «فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجههم ، وثقتهم ، وعارفهم بالحديث ، والمسموع قوله فيه ، سمع منه شيئاً كثيراً ، ولم يُعثر له على زلة فيه ولا ما يشينه ، وقلّما روى عن ضعيف ، وكان فطحياً». وقال شيخ الطائفة الطوسي : «فطحي المذهب ، ثقة كوفي ، كثير العلم ، واسع الأخبار ، جيّد التصانيف ، غير معاند ، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإمامية القائلين بالاثني عشر». وقال الكشّي : «فما رأيت في مَن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من عليّ بن الحسن بالكوفة ، ولم يكن كتاب عن الأئمة عليهم السلام من كلّ صنف إلاّ وقد كان عنده ، وكان أحفظ الناس ، غير إنه كان فطحياً ... وكان من الثقات». انظر : رجال النجاشي : 257 - 258 رقم 676 ، فهرست الطوسي : 272 - 273 رقم 392 ، رجال الكشّي 2 / 812 رقم 1014 ، خلاصة الأقوال : 177 رقم 526.
2- في المصدر : «الحسين».
3- في المصدر : «إذا».
4- كان في الأصل - هنا - بعد كلمة «قال» حرف «ص» ، وهو رمز التصلية صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي ليست في المصدر ، ولعلّها من سبق قلمه الشريف قدس سره ؛ بقرينة ما سيأتي عن الإمام الصادق عليه السلام في الحديث الثالث قريباً ، فحذفتها ليستقيم النسق.

فقال عليه السلام : ذلك (1) من إخوانكم لا من هؤلاء ، إنّه (2) مَن دان بدِين قوم لزمته أحكامهم (3). انتهى.

ورواه الكشّي في كتاب «الرجال» ، من كتاب محمد بن الحسن ابن بندار بخطه ، حدّثني (4) الحسن بن أحمد المالكي ، عن عبد الله بن طاووس ، عن الرضا عليه السلام (5).

فأمّا محمد بن الحسن بن بندار ، فقد أكثر الكشّي من الرواية عنه ، بل اعتمد على ما وجده بخطّه كهذه الرواية (6).

والحسن بن أحمد ، ذكره الشيخ في أصحاب العسكري عليه السلام (7).

وقال الوحيد البهبهاني في «تعليقته» : «قيل : إنّه الحسن بن مالك الأشعري القمّي الثقة ، نسبة إلى جدّهم مالك الأحوص الأشعري» (8).

وأما عبد الله بن طاووس ، فقد ذكره الشيخ في أصحاب الرضا عليه السلام (9).3.

ص: 319


1- في المصدر : «ذاك».
2- في المصدر : «لأنه».
3- معاني الأخبار : 263 باب معنى ما روي «إياكم والمطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فإنّهنّ ذوات أزواج».
4- في الأصل : «عند» ؛ وأثبتنا ما في المصدر.
5- رجال الكشّي 2 / 863 رقم 1123.
6- انظر علاوة على هذا الحديث : رجال الكشّي 1 / 342 رقم 206 وج 2 / 487 رقم 396 وص 790 رقم 956 وص 836 رقم 1066 وص 856 رقم 1109 وص 867 رقم 1132.
7- رجال الطوسي : 430 رقم 3.
8- تعليقة الوحيد البهبهاني : 94 ط الحجرية.
9- رجال الطوسي : 384 رقم 63.

وفي القسم الأوّل من «الخلاصة» : «لم أظفر له على تعديل ظاهر ولا على جرح ، بل على ما يترجّح به أنه من الشيعة» (1).

قلت : يُعرف ذلك من روايته هذه وروايتها عنه.

* الحديث الثالث :

في نكاح «من لا يحضره الفقيه» ، في باب ما أحلّ الله من النساء ، روى حديثاً عن أبي عبد الله عليه السلام (2) ، وقال بعده : وفي خبر آخر قال عليه السلام : إنّ طلاقكم الثلاث لا يحلّ لغيركم ، وطلاقهم يحلّ لكم ؛ لأنكم لا ترون الثلاث شيئاً وهم يوجبونها (3).

وقال عليه السلام : مَن كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم (4).

* والشيخ أيضاً في ميراث المجوس من «الاستبصار» ، بعد أن ذكر رواية عن أبي عبد الله عليه السلام (5) ، قال : وقد روي أنّه قال عليه السلام : إنّ كلّ :

ص: 320


1- خلاصة الأقوال : 193 رقم 604.
2- هو قوله عليه السلام : إياكم وتزويج المطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فإنهنّ ذوات أزواج. انظر : من لا يحضره الفقيه 3 / 257 ح 1218 باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح وما حرّم منه.
3- من لا يحضره الفقيه 3 / 257 ح 1220 باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح ...
4- من لا يحضره الفقيه 3 / 257 ح 1221 باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح ...
5- هو ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن بنان بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام ، أنه كان يورّث المجوسي إذا تزوّج بأُمه وبابنته من وجهين : من وجه أنّها أُمه ، ووجه أنّها زوجته. ثمّ ذكر شيخ الطائفة قدس سره ما حفّ بهذا الحكم من أقوال أصحابنا ، ثمّ قال :

قوم دانوا بدين يلزمهم حكمه (1).

* الحديث الرابع :

ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جَبَلَة ، عن غير واحد من أصحاب عليّ ، عن عليّ بن أبي حمزة ، أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن المطلقة على غير السُنّة ، أيتزوّجها الرجل؟

فقال عليه السلام : ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوّجوهنّ ، فلا بأس بذلك (2). انتهى.

والظاهر أنّ ابن أبي حمزة هو البطائني ، وهو واقفي ، ضعيف في نفسه (3).

* وروى في «التهذيبين» أيضاً ، في كتاب المواريث ، عن الحسن ابن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جَبَلَة ، عن عدّة من أصحاب عليّ ، ولا أعلم سليمان (إلاّ أخبرني) (4) .. ».

ص: 321


1- الاستبصار 4 / 189 ح 705 باب ميراث المجوس.
2- تهذيب الأحكام 8 / 58 ح 190 ، الاستبصار 3 / 292 ح 1031.
3- انظر : رجال النجاشي : 249 رقم 656 ، فهرست الطوسي : 283 رقم 419 ، رجال الكشّي 2 / 742 ، خلاصة الأقوال : 362 رقم 1426 ، التحرير الطاووسي : 353 رقم 245.
4- في تهذيب الأحكام : «إلاّ أنه أخبرني به» ، وفي الاستبصار : «إلاّ أخبرني به».

وعليّ بن عبد الله ، عن سليمان أيضاً ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : ألزموهم (ما ألزموا به) (1) أنفسهم (2). انتهى.

وعبد الله بن جَبَلَة واقفيٌّ موثق (3).

ويحتمل أنّ عليّ بن عبد الله هو البطائني (4) الثقة.

وسليمان لم أتحقق من هو ، لكنّي لم أجد في طبقته باسمه من طُعن فيه أو وُصف بالضعف ، وذُكر في بعض حواشي «التهذيب» أنه ابن جعفر الحميري (5) ، وعليه : فهو من رجال الرضا ، وهو ثقة (6).

كما ذُكِر أنّ علياً هو ابن (عبد الله) (7) بن الحسين بن زين ».

ص: 322


1- في تهذيب الأحكام : «بما ألزموا» ، وفي الاستبصار : «ما ألزموا» وفي نسخة منه كما في المتن.
2- تهذيب الأحكام 9 / 322 ح 1156 ، الاستبصار 4 / 148 ح 555.
3- انظر : رجال النجاشي : 216 رقم 563 ، رجال الطوسي : 356 رقم 33 في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام ، خلاصة الأقوال : 372 رقم 1474.
4- كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه «العطّار القمّي» ، الثقة ، وقد عدّه شيخ الطائفة قدس سره في أصحاب الإمام الجواد عليه السلام. انظر : رجال النجاشي : 254 رقم 666 ، رجال الطوسي : 404 رقم 19 ، خلاصة الأقوال : 186 رقم 552.
5- كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه : «الجعفري» ؛ انظر الهامش الآتي.
6- قال النجاشي : «سليمان بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن جعفر الطيّار ، أبو محمد الطالبي الجعفري ، روى عن الرضا عليه السلام ، وروى أبوه عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، وكانا ثقتين». انظر : رجال النجاشي : 182 رقم 483 ، فهرست الطوسي : 222 رقم 328 ، رجال الطوسي : 351 رقم 10 في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام وص 377 رقم 1 في أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، خلاصة الأقوال : 154 رقم 446.
7- كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه : «عبيد الله».

العابدين عليه السلام ، وهو من المختصّين بالرضا عليه السلام ، وله مقام عظيم في الزهد والعبادة ، فهو ثقة (1).

هذا ، والظاهر من الطلاق على غير السُنّة هو ما يصحّحونه من الطلاق في طهر المواقعة (2) ..

ويحتمل أن يراد به الطلاق بالثلاث أو ثلاثاً في مجلس واحد ..

* فقد روى في «التهذيبين» ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ، قال : سئل عن امرأة طُلّقت على غير السُنّة ، ألي أن أتزوّجها؟

قال : نعم.

فقلت : ألستَ تعلم أنّ عليّ بن حنظلة روى : إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً على غير السُنّة ، فإنّهنّ ذوات أزواج؟!

فقال : يا بنيّ! إنّ رواية ابن أبي حمزة أوسع على الناس ؛ روى عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال : ألزِموهم من ذلك ما ألزَموه أنفسهم ، وتزوّجوهنّ ، (فلا بأس) (3) (4).

وربّما يتراءى من الخطاب في «ألزِموهم» ، والغَيْبة في ضميرَي الجمع - أعني : الفاعل والمضاف إليه - أنّ المخاطب بالإلزام هم الشيعة ، 2.

ص: 323


1- انظر : رجال النجاشي : 256 رقم 671 ، خلاصة الأقوال : 183 رقم 543 ، التحرير الطاووسي : 366 رقم 256.
2- انظر : المدوّنة الكبرى 2 / 66 - 67 ، الحاوي الكبير 12 / 385 - 386 ، المغني - لابن قدامة - 8 / 238 ، المجموع شرح المهذّب 17 / 74 ، شرح فتح القدير 3 / 467.
3- في تهذيب الأحكام : «فإنه لا بأس بذلك» ، وفي الاستبصار : «فإنه لا بأس».
4- تهذيب الأحكام 8 / 58 ح 190 ، الاستبصار 3 / 292 ح 1032.

فيكون الحكم من قبيل الرخصة الخاصة للشيعة من دون دلالة على بينونتها وانقطاع علقة النكاح مطلقاً ، إلزاماً لهم ؛ لكنّ هذا الترائي يضمحلّ بالنظر إلى ما مضى ويأتي من الأحاديث.

* الحديث الخامس :

ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن بعض أصحابه ، قال : ذُكر عند الرضا عليه السلامبعض العلويّين ممّن كان ينتقصه ، فقال عليه السلام : أمَا إنه مقيم على حرام.

قلت : جعلت فداك ، وكيف وهي امرأته؟!

قال عليه السلام : لأنه قد طلقها.

قلت : كيف طلّقها؟

قال عليه السلام : طلقها - وذلك دينه - فحرمت عليه (1). انتهى.

فإنّ الظاهر - بمعونة الجواب - من قول السائل : «وكيف (2) طلّقها؟» هو : إنّه يعلم أنّه طلّقها طلاقاً فاسداً بحسب الحكم الواقعي الأوّلي المعروف ، بحيث لا يؤثّر فراقاً ولا تحريماً ، فقال عليه السلام إنّ ذلك طلاقٌ يدين بصحّته ، فأثّر فراقاً وتحريماً عليه ، لا محض الرخصة للإمامي بترتيب آثار الفراق عليه.

وقوله عليه السلام : «هو دينه» يدلّ على أنّه يُلزِمه ما يدين به ، فيتفرّع ً.

ص: 324


1- تهذيب الأحكام 8 / 58 ح 187 ، الاستبصار 3 / 291 رقم 1028.
2- كذا في الأصل ؛ ولم ترد الواو في المصدر ، كما مرّ آنفاً.

التحريم على ذلك اللزوم.

وأما الهيثم بن أبي مسروق ، ففي القسم الأوّل من «الخلاصة» أنه قريب الأمر (1).

وعن الكشّي : قال حمدويه ، عن أصحابنا : إنه فاضل (2).

وعن جش وست : له كتاب ؛ رواه عنه محمد بن عليّ بن محبوب ومحمد بن الحسن الصفار (3).

وفي لم : روى (4) عنه سعد بن عبد الله (5).

وفي «المستدرك» ، روى عنه «أحمد بن محمد بن عيسى ، وأحمد بن محمد بن خالد ، ومحمد بن أحمد بن يحيى - ولم يستثن من (نوادره) - ...» (6).

وقد صحّح العلاّمة طرق الصدوق إلى ثور (7) بن أبي فاختة (8) ة.

ص: 325


1- خلاصة الأقوال : 290 رقم 1068.
2- رجال الكشّي 2 / 670 رقم 696.
3- رجال النجاشي : 437 رقم 1175 ، فهرست الطوسي : 498 رقم 788.
4- كان في الأصل : «روى روى» ، فحذفتُ إحداهما لتكرارها سهواً كما هو الظاهر.
5- رجال الطوسي : 516 رقم 2 باب من لم يروِ عن واحد من الأئمّة عليهم السلام ، وذكره شيخ الطائفة قدس سره كذلك في ص 140 رقم 6 في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام.
6- مستدرك الوسائل 22 / 189. وانظر رواية هؤلاء عنه في : تهذيب الأحكام 2 / 329 ح 1354 وج 7 / 253 ح 1094 وص 435 ح 1734.
7- كذا في الأصل ، وهو تصحيفٌ صوابه : «ثوير» ؛ انظر : رجال النجاشي : 118 رقم 303 ، رجال الكشّي 2 / 483 رقم 394 ، خلاصة الأقوال : 87 رقم 182 ، التحرير الطاووسي : 104 رقم 71.
8- خلاصة الأقوال : 443 الفائدة الثامنة.

ومحمد بن بجيل (1) وأبي ولاّد الحناط (2) ، وهو فيها (3).

* الحديث السادس :

ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر بن محمد بن عبد الله (4) العلوي ، عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلّقات ثلاثاً؟

فقال لي : إنّ طلاقكم (الثلاث) (5) لا يحلّ لغيركم ، وطلاقهم يحلّ لكم ؛ لأنّكم لا ترون الثلاث (6) شيئاً وهم يوجبونها (7). انتهى.

ورواه الصدوق في الباب الحادي والثلاثين (8) ، في ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل ، في كتاب «عيون الأخبار» ، وكذا كتاب «العلل» ، عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن أبيه ، عن ر!

ص: 326


1- لم أجده في النسخة المطبوعة التي بين يدَيّ من «خلاصة الأقوال».
2- خلاصة الأقوال : 440 الفائدة الثامنة.
3- انظر : من لا يحضره الفقيه (المشيخة) 4 / 62 و 68 و 100. ونقل أبو علي الحائري تصحيح العلاّمة طرق الصدوق هذه في : منتهى المقال 6 / 437 رقم 3193 نقلا عن تعليقة الوحيد البهبهاني : 368.
4- كذا في الأصل ، وهو تصحيفٌ صوابه : «عبيد الله» كما في «التهذيبين» وفهرست الطوسي : 112 رقم 150.
5- لم ترد في التهذيبين.
6- في الموضع الثاني من تهذيب الأحكام وفي الاستبصار : «الثلاثة».
7- تهذيب الأحكام 8 / 59 ح 193 ورواه بسند آخر في ج 7 / 469 ح 1880 وليس فيه : «وهم يوجبونها» ، الاستبصار 3 / 292 - 293 ح 1035.
8- الصحيح : الباب الثاني والثلاثون ؛ انظر المصدر!

الرضا عليه السلام (1).

ومحمد بن علي ماجيلويه قد أكثر الصدوق من الرواية عنه مترحّماً ومترضّياً (2).

والعلاّمة في «الخلاصة» قال / (3) بصحة طريق الصدوق إلى إسماعيل بن رباح الكوفي ، وفيه محمد بن علي ماجيلويه (4).

وذكر الميرزا في «منهج المقال» أنّ مشايخنا تابعوا العلاّمة على ذلك (5).

وقال الآقا الوحيد في «التعليقة» : «والمصنّف في (رجاله المتوسّط) قال : ماجيلويه ، يلقّب به محمد بن عليّ بن محمد بن أبي القاسم عبد الله - أو : عبيد الله - وجدّه : محمد بن أبي القاسم ، وهما ثقتان» (6).

وأمّا جعفر بن محمد ، فقد قال الوحيد في «التعليقة» : «روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى ، ولم يستثنِ من رجاله ، وفيه دليل على ارتضائه وحسن حاله ، بل مشعر بوثاقته ، مضافاً إلى كونه كثير الرواية ، ».

ص: 327


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 91 ح 28 ، علل الشرائع 2 / 226 ب 284.
2- انظر : من لا يحضره الفقيه (المشيخة) 4 / 14 و 18 و 20 و 21 و 22 و 24 - 25 و 31 و 34 و 37 و 40 و 41 - 42 و 44 و 46 و 51 و 52 و 54 و 60 - 61 و 62 - 63 و 70 و 72 و 79 و 81 و 83 و 85 و 87 - 88 و 89 و 91 و 93 و 97 و 99 و 100 و 102 - 103 و 105 و 106 و 108 و 112 - 113 و 115 و 120 و 123 و 127 و 130 و 132.
3- جاء في أعلى الصفحة 6 من المخطوطة كلمة : «بلغ تصحيحاً». منه قدس سره.
4- انظر : خلاصة الأقوال : 438 وفيه : «ابن رياح» ، من لا يحضره الفقيه (المشيخة) 4 / 34.
5- انظر : منهج المقال : 408 ، منتهى المقال 6 / 132 رقم 2780.
6- تعليقة الوحيد البهبهاني : 309 ، الوسيط : 292 باب الكنى «ماجيلويه».

وقد أكثروا من الرواية عنه» (1).

وأما أبوه ، فإن كان محمد بن عيسى الأشعري - كما يقول الميرزا في «المنهج» (2) - فهو شيخ القميّين ووجه الأشعريّين (3) ، وإلاّ فلم يذكر إلاّ أنّ محمدَ بن عبد الله الأشعريّ من أصحاب الرضا عليه السلام (4).

قوله عليه السلام : «يوجبونها» أي يجعلونها ثابتة لازمة ، أو يحكمون بثبوتها ولزومها ؛ ولا يخفى أنّ هذا التعليل يشير إلى قاعدة الإلزام ، أو ينظر إليها ببيان تحقّق صُغراها ، وهو تطليقهم طلاق البينونة بحسب تديّنهم ، وإلاّ فإنّ مجرّد بنائهم التشريعي على ذلك لا يقضي بتغيير الحكم الواقعي.

وربّما كان الاقتصار على التعليل بالصغرى تقيةً من حزازة التعبير بالإلزام ، فهو جار مجرى قوله عليه السلام في الحديث الثاني : «فإنه عنى الفراق» ؛ إذ عقبه بقوله عليه السلام : «مَن دان بدين قوم لزمته أحكامُهم (5)».ظ!

ص: 328


1- تعليقة الوحيد البهبهاني : 85. وانظر : منتهى المقال 2 / 265 رقم 578 وص 273 رقم 585.
2- منهج المقال : 302.
3- انظر : رجال النجاشي : 338 رقم 905 ، خلاصة الأقوال : 257 رقم 881 ، معجم رجال الحديث 18 / 115 رقم 11534.
4- رجال الطوسي : 388 رقم 24 وص 389 رقم 32 وص 393 رقم 80 ، وانظر : نقد الرجال 4 / 252 رقم 4858 ، معجم رجال الحديث 17 / 245 رقم 11099 وص 258 رقم 11136 وص 275 رقم 11179.
5- كان آخر الكلمة مطموساً في الأصل ، والظاهر منها : «أحكامه» فقط ، فأضفنا ما بين العضادتين من متن الحديث الثاني المارّ آنفاً في الصفحة 318 - 319 ؛ فلاحظ!

* الحديث السابع :

ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلاممع بعض أصحابنا ، وأتاني الجواب بخطّه : «فهمتُ ما ذكرتَ من أمر ابنتك وزوجها ، (أصلح الله من أمرك) (1) ما تحبّ صلاحه.

فأمّا ما ذكرتَ من حنثه بطلاقها غير مرّة ، فانظر - يرحمك (2) الله - فإنْ كان ممّن يتولاّنا ويقول بقولنا ، فلا طلاق عليه ؛ لأنّه لم يأتِ أمراً جهله ؛ وإنْ كان ممّن لا يتولاّنا ولا يقول بقولنا ، فاختلِعها منه ، فإنه (نوى الطلاق) (3) بعينه» (4). انتهى.

والحديث أقرب إلى وصف الصحّة ، وقد وصفه بالصحّة في «المسالك» (5) ، فإنّ طريق الشيخ إلى أحمد بن محمد بن عيسى صحيح (6)...

ص: 329


1- في التهذيبين : «فأصلح الله لك».
2- في تهذيب الأحكام : «رحمك».
3- في التهذيبين : «إنّما نوى الفراق».
4- تهذيب الأحكام 8 / 57 ح 186 ، الاستبصار 3 / 291 ح 1027.
5- مسالك الافهام 9 / 95 - 96.
6- وطرق الشيخ قدس سره إليه كلّها صحيحة ، كما في مشيخة «التهذيبين» ، وهي : عن الشيخ المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني .. وكذلك : عن الحسين بن عبيد الله الغضائري ، عن أبي غالب الزراري وهارون ابن موسى التلعكبري وابن قولويه وأحمد بن أبي رافع الصيمري وأبي المفضّل الشيباني وغيرهم ، كلّهم عن الكليني ..

وإبراهيم بن محمد (1) ، وكيلٌ (2) ، وقد روي توثيقه ومدحه وإنْ كان بسند غير بالغ حدَّ الصحة (3).

ولا يقدح في الحديث كونه مكاتبة مع قوله : «بخطه» ، وكونه جارياً على خلاف التقية.

وينبغي التنبيه في مفاد الحديث على أُمور :

أ - الظاهر من قوله عليه السلام : «حنثه بطلاقها» أنّه يحلف بالطلاق 4.

ص: 330


1- كان في الأصل : «ومحمد بن إبراهيم» ، وهو من سبق قلمه الشريف ، ومراده قدس سره هو ما أثبتناه في المتن ، كما مرّ في سند الحديث في الصفحة السابقة.
2- رجال البرقي : 54 ، رجال الطوسي : 368 رقم 16 في أصحاب الإمام الرضا عليه السلامو ص 397 رقم 2 في أصحاب الإمام الجواد عليه السلام وص 409 رقم 8 في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام ، خلاصة الأقوال : 52 رقم 23.
3- انظر : رجال الكشّي 2 / 869 رقم 1135 و 1136 ، خلاصة الأقوال : 52 رقم 23 ، منهج المقال 1 / 360 رقم 152 ، نقد الرجال 1 / 85 رقم 134 ، تنقيح المقال 4 / 359 رقم 552 ، منتهى المقال 1 / 201 رقم 78 ، معجم رجال الحديث 1 / 267 - 294.

ويصدر منه ما يُعَدّ حنثاً عندهم في مذهبهم ، ويكون قوله عليه السلام : «غير مرّة» بياناً لتكرّر الحنث ، ويحتمل أن يكون بياناً لتكرّر الطلاق غير مرّة وكونه ثلاثاً بحيث تبين به في مذهبهم.

ب - ويحتمل أن يراد بالحنث ذات الطلاق المتعدّد ، أو بالثلاث.

ج - المراد من قوله عليه السلام : «فاختلِعها منه» : انتزعها منه وأَبِنْها ، كما تقدّم من قول الرضا عليه السلام في الحديث الثاني : «فأَبِنْها منه ، فإنه عنى الفراق» ، كما يدلّ على ذلك قوله عليه السلام في نفس المكاتبة - قبل هذا - : «فلا طلاق عليه» ، مضافاً إلى تعليل الاختلاع بأنّه نوى الفراق بعينه ، مع أنّ المقام لا يناسب أن يطلب منه أن يطلقها طلاقاً خلعياً.

وعلى المعنى الأوّل في الحنث يكون مورد الرواية مطلق الحلف بالطلاق وبتكرّر الحنث ، أو بكون الحلف بالطلاق ثلاثاً ، تبين منه بحسب مذهبه إن لم يكن شافعياً (1).

وعلى الثاني : تبين منه مطلقاً بتكرّره ثلاثاً ، أو بكونه طلاقاً بالثلاث ، وأنّ التعليل للاختلاع بنية الفراق جرى على ما ذكرناه في الحديث السابق من بيان تحقق الصغرى لقاعدة الإلزام بالطلاق الجدّي بحسب نوعهم وظاهر كلامهم ، بخلاف الإمامي ، فإنّه لا يجهل فساد هذا الطلاق ؛ وهذا يكفي في بيان الإقناع بالفرق بين الإمامي وبينهم.

وأما التعليل بالإلزام فلا حاجة إليه ، وربّما يكون الإعراض عنه أوفق بالتقية كما تقدّم.ا.

ص: 331


1- انظر مؤدّاه في : الحاوي الكبير 19 / 462 - 463 وما بعدهما.

* الحديث الثامن :

ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة والحسن بن عديس (جميعاً) (1) ، عن أبان ، (2)عن عبد الرحمن البصري ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قلت له : امرأة طُلّقت على غير السُنّة؟

فقال عليه السلام : تتزوّج هذه المرأة ، لا (3) تُترك بغير زوج (4). انتهى.

ورواه في «الوسائل» من «نوادر أحمد بن محمد بن عيسى» ، عن القاسم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، بتفاوت يسير لا تختلف به الدلالة (5).

* الحديث التاسع :

وعن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن ك.

ص: 332


1- ليست في التهذيبين.
2- أثبتناه من التهذيبين. وانظر : تفصيل وسائل الشيعة 22 / 73 ح 28054 ب 30 وفيه : «جميعاً ، عن أبان».
3- في تهذيب الأحكام : «ولا».
4- تهذيب الأحكام 8 / 58 ح 188 ، الاستبصار 3 / 291 - 292 ح 1029.
5- تفصيل وسائل الشيعة 22 / 77 ح 28065 ب 31 باب أنّ المرأة إذا طلّقت على غير السُنّة ... ، عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 108 ح 265 ، ونصّ الحديث وسنده : عن القاسم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة طُلقت على غير السُنّة ، ما تقول في تزويجها؟ قال : تُزوّج ، ولا تُترك.

عبد الله بن سنان ، قال : سألته عن رجل طلّق امرأته لغير عدّة ، ثمّ أمسك عنها حتّى انقضت عدّتها ، هل يصلح لي أن أتزوّجها؟

قال عليه السلام : نعم ، لا تُترك المرأة بغير زوج (1). انتهى.

قوله : «لغير عدّة» ، أي في طهر المواقعة كما يجوز عند الجمهور (2)على خلاف قوله تعالى : (فطلقوهنّ لعِدّتهنّ) (3).

ومحمد بن زياد ، إنْ كان العطّار - كما هو الأقرب - فقد ذُكر أنّه ثقة (4) ، وإلاّ فهو مشترك بين من لم يُذكر بجرح ولا تعديل (5).

ثمّ إنّه وإن لم يستفصل في هذا الحديث عن حال الرجل المطلِّق وكونه منّا أو من غيرنا ، ولا عن حال زوج المرأة في الحديث السابق ، لكن يبعد كلّ البعد من مثل عبد الله بن سنان وعبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري أن يسألا عن طلاق الشيعيّ الفاسد ، مضافاً إلى أنّ الحكم الواقعي الأوّلي لا يتغيّر إلاّ بطروّ عنوان ثان ، وليس في المقام ما يقطع النكاح ويسوّغ تزويج المرأة إلاّ مسألة الإلزام والتديّن بالطلاق ، فالحكم قرينة على تقييد موضوعه.

ولعلّما يجيء مثل هذا الإشكال في الروايات ، من عدم ذِكر أبوابها 3.

ص: 333


1- تهذيب الأحكام 8 / 58 ح 189 ، الاستبصار 3 / 292 ح 1030.
2- تقدّم تخريج ذلك في الصفحة 323 ه- 2 ؛ فراجع!
3- سورة الطلاق 65 : 1.
4- رجال النجاشي : 369 رقم 1002 ، رجال ابن داوود : 172 رقم 1380 ، تفصيل وسائل الشيعة 30 / 472 ، نقد الرجال 4 / 174 رقم 4586 وص 207 رقم 4695. وانظر : معجم رجال الحديث 16 / 229 رقم 10503 وص 279 رقم 10562 وج 17 / 102 رقم 10804.
5- انظر : معجم رجال الحديث 17 / 95 - 101 رقم 10792 - 10803.

وسياق الكلام في مأخذها من كتب الأُصول ، وإنّ كثيراً من أشكال الإضمار يجيء من هذا القبيل ، ومنه هذا الحديث ، الذي يغلب على الظنّ والاطمئنان أنّه أُخذ من كتاب عبد الله أو غيره مضمَراً في سياق الرواية عن الصادق عليه السلام.

فلعلّ الشيخ تبع المأخذ لهذين الحديثين في إيرادهما في هذا الباب ؛ ولأجل ذلك لم يعتنِ بشبهة ترك الاستفصال ؛ أو لأنّ سؤالَي عبد الرحمن وعبد الله يدلاّن على إرادة غير الإمامي ، بل الّذين يطلّقون على غير السُنّة ولغير العدّة ، فأجابهما على سؤالهما ؛ لعلمه بمرادهما الخاصّ ولو بالنظر إلى (1) مقامهما في العلم ؛ وهو الأقرب.

* الحديث العاشر :

ما رواه في «التهذيبين» ، عن (الحسن بن محمد بن سماعة) (2) ، عن محمد بن الوليد والعباس بن عامر (جميعاً) (3) ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يطلّق امرأته ثلاثاً؟

قال عليه السلام : إن كان مستخفاً بالطلاق ألزمتَه ذلك (4). انتهى.

فإنّ الظاهر من قوله عليه السلام : «مستخفاً بالطلاق» هو كونه يدين بخفة الطلاق على خلاف ما هو معتبر فيه من الشروط في ذاته ، وفي 3.

ص: 334


1- أضفناها استظهاراً لها ؛ لعدم وضوح صورة النسخة.
2- في التهذيبين : «عليّ بن الحسن بن فضال».
3- ليست في التهذيبين.
4- تهذيب الأحكام 8 / 59 ح 191 ، الاستبصار 3 / 292 ح 1033.

وقوع الثلاث كما هو عند الجمهور (1) ، لا مَن يستخفّ به في إكثاره له جامعاً للشروط ، أو يتساهل في أمره على خلاف مذهبه ؛ ولذا عَدّ الحديثَ جماعةٌ من أدلة المقام (2).

* الحديث الحادي عشر :

قال في أيمان «الفقيه» : روى العلاء ، عن محمد بن مسلم ، (عن أحدهما عليهما السلام ،) (3) قال : سألته عن الأحكام؟

فقال عليه السلام : يجوز على (أهل) (4) كلّ دين بما يستحلفون (5).

وفي أيمان «مستدرك الوسائل» من «نوادر أحمد بن محمد بن عيسى» ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألته عن الأحكام؟

فقال عليه السلام : يجوز في كلّ دين ما يستحلفون (6). انتهى.

وذكر خارج السطر : «يستحلّون» ، وعليها علامة نسخة البدل (7).1.

ص: 335


1- انظر : المدوّنة الكبرى 2 / 66 67 ، الحاوي الكبير 12 / 388 ، المغني - لابن قدامة - 8 / 236 - 237 ، المجموع شرح المهذّب 17 / 84 ، شرح فتح القدير 3 / 468.
2- انظر مثلا : مسالك الافهام 9 / 95 ، نهاية المرام 2 / 34 ، مفاتيح الشرائع 2 / 316 ، الحدائق الناضرة 25 / 243 ، رياض المسائل 12 / 233 ، جواهر الكلام 32 / 87.
3- ليست في المصدر.
4- ليست في المصدر.
5- من لا يحضره الفقيه 3 / 236 ح 1116.
6- مستدرك الوسائل 16 / 69 ح 19183 ، عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 54 ح 102.
7- مستدرك الوسائل 16 / 69 ح 19183 ه- 1.

وقال في «الاستبصار» : «لأنّ كلّ من اعتقد اليمين بشيء جاز أن يُستحلَف به ..

* يدلّ على ذلك : ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء. والحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن الأحكام؟

فقال عليه السلام : في كلّ دين ما يستحلفون (به) (1)» (2). انتهى.

ورواه في «التهذيب» بهذا السند وهذا المتن إلاّ قوله : «به» بعد «يستحلفون» (3) ، وكتب بعض المعلّقين أنّ لفظ (به) لا يوجد في «الاستبصار» وبعض نسخ «التهذيب» (4). انتهى.

وفي بعض نسخ «التهذيب» كتب خارج السطر : «يستحلّون» ، وعليها علامة نسخة البدل (5).ظ!

ص: 336


1- ليست في المصدر.
2- الاستبصار 4 / 40 ذ ح 135 وح 136.
3- تهذيب الأحكام 8 / 279 ح 1017. أقول : كلمة «به» موجودة في «تهذيب الأحكام» دون «الاستبصار» في النسخ المطبوعة التي بين أيدينا ؛ وهو موافق لِما أفاد به الشيخ البلاغي قدس سره لاحقاً عن بعض المعلّقين بوجودها في بعض نسخ «تهذيب الأحكام» دون بعض ؛ فلاحظ!
4- تهذيب الأحكام - الطبعة الحجرية - 2 / 271.
5- تهذيب الأحكام - الطبعة الحجرية - 2 / 271. أقول : وقد كتب أحد المعلّقين هنا في هامش النسخة الحجرية من «تهذيب الأحكام» ما لفظه : «في نسخ (الاستبصار) توجد (يستحلفون) ولا يوجد (يستحلّون) ، وتلك النسخة مطابقة للباب وإنْ كان يمكن توجيه نسخة (يستحلّون) بتكلّف». فلاحظ!

والذي رأيته في «الوسائل» مطابق لِما في «الاستبصار» (1).

والظاهر أنّ رسم نسخة البدل على «التهذيب» في هذا الباب ناشئ من بناء بعض المصحّحين على أنّ هذا الحديث هو عين الحديث الأوّل ؛ لاتّحاد السائل وصورة السؤال ، فأخذوا يصحّحون بنسخة البدل (2) ..

لكنّ البناء على الاتّحاد لا مستند له إلاّ التخمين ، فإنّه يجوز أن يكون السؤال في هذا الحديث عن الأحكام القضائية في الأيمان ، وأجاب الإمام عليه السلام على ذلك ، وكان الأُسلوب والترتيب في كتاب العلاء أو كتاب محمد بن مسلم يدلّ على ذلك ، وفاتت الدلالة بأخذ الحديث من الكتاب منفرداً عن القرائن الكتابية.

ولو لم يكن ذلك لَبَعُدَ من الصدوق والشيخ أن يذكراه في كتاب الأيمان مع أنّ الأصل «يستحلّون» ، فإنّ توجيه الانطباق مع كون الأصل «يستحلّون» لا يخفى ما فيه من التكلّف والتمحّل البعيدَين عن ساحة الصدوق والشيخ ، خصوصاً في مقام الرواية وذِكر الحديث في بابه. ة.

ص: 337


1- انظر : تفصيل وسائل الشيعة 23 / 267 ح 29542 ه- 1 ، وسند الحديث ومتنه كالآتي : «وعنه - أي : الحسين بن سعيد - عن فضالة ، وصفوان جميعاً ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن الأحكام؟ فقال : في كلّ دين ما يستحلفون به». أقول : وُضع في «الوسائل» على كلمة «يستحلفون» هامش لنسخة البدل : «يستحلّون» ، ولم يُشَر إلى وجود أو عدم وجود كلمة «به» في بعض نسخ «التهذيبين» ، فالظاهر من ذلك ثبوت كلمة «به» في نسختَي «التهذيبين» لدى صاحب «الوسائل» قدس سره ؛ فلاحظ!
2- راجع الهامش السابق ، والهامش رقم 5 من الصفحة السابقة.

وفي الروايات المسندة المندرجة في أواخر الكتاب المسمّى ب- «فقه الرضا عليه السلام» أورد هذه الرواية في باب الأيمان أيضاً (1) - ويقال : «إنّ تلك الروايات هي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى» (2) -.

مضافاً إلى أنّ الشيخ روى مثل هذه الرواية بلفظ «يستحلّون» في المواريث ، كما تقدّم في الحديث الأوّل بغير هذا المتن وغير هذا السند ، عن العلاء (3).

والظاهر أنّ الحديث الأوّل رواه الشيخ من كتاب محمد بن مسلم ، وهو المسمّى ب- «الأربعمئة مسألة» (4) ، ويكون العلاء من مشايخ الإجازة لرواية الكتاب المذكور ؛ وذلك لوجود السنديّ بن محمد في سند الشيخ ، كما هو موجود في سند النجاشي إلى الكتاب المذكور ، مع أنه لا يوجد السنديّ في طريق الشيخ إلى كتاب العلاء.

نعم ، ربّما يحتمل أن تكون النسخ في هذا الحديث الحادي عشر من تعدّد النسخ لكتاب العلاء كما عن «الفهرست» أنّ له أربع نسخ لكلّ منها راو وطريق ، لكنّه ليس في طرق الشيخ إليها فضالة ولا الحسين بن سعيد (5).

فالأقرب أن يكون الشيخ روى هذا الحديث من كتاب محمد بن مسلم أيضاً. 0.

ص: 338


1- لم نعثر على الرواية في «فقه الرضا قدس سره» المطبوع.
2- انظر : نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 54.
3- راجع الصفحة 315.
4- انظر : رجال النجاشي : 323 - 324 رقم 882 ، الذريعة 1 / 407 رقم 2120.
5- فهرست الطوسي : 322 - 323 رقم 500.

والمظنون أنّ النسخ المذكورة في «التهذيب» صدرت من المصحّحين تخميناً ، أو نظراً إلى نسخ كتاب العلاء.

ومما يجري على هذا الحديث : ما رواه في «الكافي» ، عن عليّ ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام استحلف يهودياً بالتوراة التي أُنزلت على موسى (1).

ورواه الشيخ في «التهذيبين» ، عن الكليني (2).

* وروى في «التهذيبين» ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد وابن أبي نجران جميعاً ، عن عاصم بن حُمَيْد ، عن محمد بن قيس ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : قضى عليٌّ عليه السلام في مَن استحلفَ (3) أهلَ الكتاب بيمينِ صَبْر (4) ، أن ال

ص: 339


1- الكافي 7 / 451 ح 3 باب استحلاف أهل الكتاب.
2- تهذيب الأحكام 8 / 279 ح 1019 ، الاستبصار 4 / 40 ح 135.
3- في «تهذيب الأحكام» هنا زيادة : «رَجلا مِن».
4- يمين الصبْر : هي التي يكون الرجل فيها متعمداً الكذب قاصداً لإذهاب مال مسلم ؛ سمّيت به لصبر صاحبه على الإقدام عليها مع وجود الزواجر من قلبه. انظر : التعريفات - للجرجاني - : 259 - 260. وقيل : هي أن يَحْبِسَ السلطانُ الرجلَ على اليمين حتّى يَحْلِفَ بها ، وتكون لازمة لصاحبها من جهة الحكم. انظر مادّة «صبر» في : الفائق في غريب الحديث 2 / 277 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 3 / 8 ، لسان العرب 7 / 275 ، مجمع البحرين 3 / 360. أقول : يمكن الجمع بين المعنيَين بأن يَحْبِسَ السلطانُ الرجلَ على أداء يمين لإثبات حقّ ، فيحلف كاذباً. ويعضد هذا المعنى ما روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : قال

يستحلفه (1) بكتابه وملته (2). انتهى.

والظاهر أنّ هذا جار على إلزامه بما في مذهبه ، وإنْ كان الحكم الأَوّلي هو انحصار الحلف بالله كما جاءت به الأحاديث الكثيرة.

والظاهر أنّ محمد بن قيس هو البجلي الكوفي ، الثقة ، بقرينة رواية عاصم عنه (3) ؛ فالرواية صحيحة.

* الحديث الثاني عشر :

ما رواه في «الكافي» ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن عبد الله بن محرز ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ترك رجلٌ ابنته وأُخته لأبيه وأُمه؟

فقال عليه السلام : المال كلّه لابنته (4) ، وليس لأُخته (5) من الأب والأُمّ شيء.

فقلت : فإنا قد احتجنا إلى هذا ، والميّت رجلٌ من هؤلاء الناس ، ».

ص: 340


1- في التهذيبين : «يستحلف».
2- تهذيب الأحكام 8 / 279 ح 1018 ، الاستبصار 4 / 40 ح 137.
3- انظر : رجال النجاشي : 323 رقم 881 ، رجال الطوسي : 298 رقم 297 ، فهرست الطوسي : 386 رقم 592 ، خلاصة الأقوال : 252 رقم 861.
4- في المصدر : «للابنة».
5- في المصدر والتهذيبين : «للأُخت».

وأُخته مؤمنة عارفة (1)؟

فقال عليه السلام : فخذ (لها النصف) (2) ، خذوا منهم كما (3) يأخذون منكم في سُنتهم وقضاياهم (4).

قال ابن أُذينة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إنّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً (5). انتهى.

ورجال السند إلى ابن محرز معروفون.

ورواه في «التهذيبين» ، في باب ميراث الإخوة ، بإسناده عن عليّ ابن الحسن بن فضّال ، عن جعفر بن محمد بن حكيم ، عن جميل بن درّاج ، عن عبد الله بن محرز ، عن أبي عبد الله عليه السلام ؛ وزاد بعد قول زرارة : «لنوراً» قوله : «خذهم بحقّك في أحكامهم وسُنّتهم (6) كما يأخذون منكم فيه» (7) ، أي : في قضائهم.

وهذا الزائد وإنْ كان من كلام زرارة ، لكنّه لا يعدو أن يكون مقتبساً من أنوار الإمامة في قاعدة الإلزام ؛ ولذا قال : «إنّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً» ، أي : نور الصحة والحكم الحقيقي الذي لا تقية فيه كما يعرفه من أنوار أحكامهم عليهم السلام. 2.

ص: 341


1- كلمة «عارفة» ليست في الاستبصار.
2- في المصدر : «النصف لها» ، وفي التهذيبين كما في المتن.
3- في تهذيب الأحكام : «ما».
4- في التهذيبين : «في سُنتهم وقضائهم وأحكامهم».
5- الكافي 7 / 100 ح 2.
6- في «الاستبصار» هنا زيادة : «وقضائهم» ، وهو ما سينبّه عليه الشيخ البلاغي قدس سرهفي السطر التالي ؛ فلاحظ!
7- تهذيب الأحكام 9 / 321 - 322 ح 1153 ، الاستبصار 4 / 147 ح 552.

وقوله : «خذهم بحقك» يشير إلى أنّ الآخذ هو من يكون مستحقاً للمأخوذ بحسب قواعدنا بعد أن خرج عن استحقاق المأخوذ منه ، إلزاماً بسُنّته وقضائِه في دِينِه ، فيأخذه مَن يكون هو الوارث عندنا في فرض منع المأخوذ منه من الإرث ، وينطبق في المقام على الأُخت.

وأمّا عبد الله بن محرز ، فقد ذكر في جش في ترجمة أخيه عُقبة ، أنّه روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام (1) ، وفي جش وست أنّ عُقبة أخاه له كتاب (2).

ويظهر من الرواية أنّ عبد الله من الشيعة ، وكذا من رواية عمر بن أُذينة وجميل عنه ، بل ربّما يستفاد من روايتهما عنه جلالته.

وبمقتضى أنّ جميلا من أصحاب الإجماع (3) ، يرجع الأمر إلى سند الرواية منه إلى الشيخ ، وفيه جعفر بن (4) محمد بن حكيم ، فقد ذكره الشيخ في رجال الكاظم عليه السلام (5).

ونقل الكشّي ، عن حمدويه ، أنّ رجلا قال : «إنّه ليس بشيء» (6).1.

ص: 342


1- رجال النجاشي : 299 رقم 815.
2- رجال النجاشي : 299 رقم 815 ، فهرست الطوسي : 339 رقم 534.
3- انظر : رجال الكشّي 2 / 673 رقم 705 ، خلاصة الأقوال : 92 - 93 رقم 209 ، نقد الرجال 1 / 368 رقم 1045 ، التحرير الطاووسي : 118 - 119 رقم 85 ، منهج المقال 3 / 255 رقم 1131 ، حاوي الأقوال 1 / 247 - 249 رقم 134 ، منتهى المقال 2 / 288 رقم 614 ، عدّة الرجال 1 / 190.
4- ما بين العضادتين سقط من الأصل.
5- رجال الطوسي : 345 رقم 1 باب الجيم.
6- رجال الكشّي 2 / 822 رقم 1031.

وهذا لا يثبت به الضعف ، فإن كان تضعيف «الوجيزة» له مستنداً إلى هذا (1) - كما هو الظاهر - فهو لا يخلو عن ضعف كما قال الوحيد في «التعليقة» (2).

نعم ، يرتفع شأن الرواية برواية عليّ بن فضّال (3) ، الذي قيل فيه : إنه ثقة الكوفيّين ، وعارفهم بالحديث ، والمسموع قوله فيه ، وإنّه لم يُعثر له على زلة فيه.

فالسند إلى جميل لا يعدو أن يكون قوياً.

ويعرف من قول الإمام عليه السلام : «خذوا منهم» أنّ بنت الميّت منهم ، فإنّ الأخذ إنّما هو منها لا من أبيها ، ومقتضى القاعدة أنّ الحكم لا يجري مع كون البنت صغيرة ، بل اللازم كونها مكلّفة متديّنة بمذهبهم.

* وممّا يلحق بهذا الباب ، وينبغي أو يلزم أن ينزل عليه ، فيشهد له ، ما رواه في «التهذيبين» ، مسنداً عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قلت : امرأة تركت زوجَها ، وأُمَّها ، وإخوتَها لأُمّها ، وإخوةً لأبيها وأُمّها (4)؟

قال عليه السلام : لزوجها النصف ، ولأُمّها السدس ، وللإخوة من الأُمّ الثلث ، ويسقط (5) الإخوة من (الأب والأُمّ) (6) (7). انتهى. ح

ص: 343


1- الوجيزة : 177 رقم 371 ، وانظر : منتهى المقال 2 / 269 رقم 582.
2- تعليقة الوحيد البهبهاني : 86 ، وانظر : منتهى المقال 2 / 269 رقم 582.
3- هذا نسبة إلى جدّه ، فهو : عليّ بن الحسن بن فضال ؛ وقد تقدّمت مصادر ترجمته في الصفحة 318 ه- 1 ؛ فراجع!
4- في الاستبصار : «وإخوةً لأُمّها وأبيها».
5- في التهذيبين : «وسقط».
6- في تهذيب الأحكام : «الأُمّ والأب».
7- تهذيب الأحكام 9 / 293 ح 1049 وص 321 ح 1152 ، الاستبصار 4 / 146 ح

وذلك بأن تكون الأُمّ منهم ، فتُلزم بأنّها لا تستحقّ إلاّ السدس ، ويكون الإخوة من الأب والأُمّ منهم أيضاً ، فيُلزمون بأنّهم لا يرثون في هذه المسألة ، على ما هو الأوفق بقواعدهم ، وعليه الأكثر من أئمتهم (1).

وهذه هي المسألة المسمّاة بالحِمَارية والحَجَرية (2).

أو لأنّ الإخوة من الأُمّ منهم ، فهم يزعمون أنّ ذلك فرض لهم ، فلا يمكن أن يؤخذ منهم تُسعا التركة للإخوة من الأبوين إنْ كانوا منا.

* وكذا ما رواه في «التهذيبين» ، عن زرارة - أيضاً - عنه عليه السلام ، قلت : امرأة تركت أُمّها ، وإخوتها (3) لأبيها وأُمّها ، وإخوة لأُمّ ، وأخوات لأب؟

قال عليه السلام : لإخوتها (4) لأبيها وأُمّها الثلثان ، ولأُمّها السدس ، ».

ص: 344


1- انظر : المحصول في علم الأُصول - للفخر الرازي - 2 / 440 ، المغني - لابن قدامة - 7 / 21 - 22 ، الإحكام في أُصول الأحكام - للآمدي - 3 / 251 ، تفسير القرطبي 5 / 53 ، الشرح الكبير - للدردير - 4 / 466 ، فتح القدير - للشوكاني - 1 / 435.
2- وتسمّى كذلك ب- : المشتركة واليَميّة. وروي أنّ سبب تسميتها بذلك ، أنّ إخوةً اختصموا في ميراثهم فقالوا لعمر : هب أنّ أبانا كان حماراً أو حجراً ملقىً في اليَمّ - أي : البحر -؟! وسمّيت مشتركةً ؛ لمشاركة الشقيق فيها الإخوة للأُمّ في الميراث. راجع المصادر المذكورة في الهامش السابق!
3- في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام وفي الاستبصار : «وأخواتها».
4- في التهذيبين : «لأخواتها».

ولإخوتها (1) من الأُمّ (2) السدس (3). انتهى.

قلت : ويلزم أن يكون في نسخ رواية الحديث غلط ، وأنّ الصحيح هو أن يكون الذي في سؤاله : «وأُخت أو أخ للأُمّ» بالإفراد ، وكذا في الجواب ، وإلاّ لم ينطبق على وجه صحيح ، لا من التقية ، ولا من الإلزام ، ولا من غيرهما ، كما لا يخفى.

وبمقتضى إلزام الأُمّ بدينها يكون الباقي بعد سدسها بحكم ما لو لم تكن موجودة ، أو كانت غير وارثة ، فيكون سدسه موروثاً لكلالة الأُمّ بالفرض ، والباقي موروثاً للإخوة من الأبوين بالقرابة ، فللأخ والأُخت من ظ!

ص: 345


1- في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام : «ولأخواتها».
2- في التهذيبين : «أُمها».
3- تهذيب الأحكام 9 / 320 ح 1149 - 1151 ، الاستبصار 4 / 146 - 147 ح 550 و 551. وسند الحديث فيها هو : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ الخزّاز وعليّ بن الحكم ، عن مثنّى الحناط ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام ... أقول : تكرّر هذا الحديث مرّتين في «الاستبصار» سنداً ومتناً ، فعدّها شيخ الطائفة قدس سره ثلاثة أحاديث مع الحديث الذي سبقهما ، في الصفحة 146 برقم 549 .. كما تكرّر الحديث ذاته في «تهذيب الأحكام» ثلاث مرّات ، بالأرقام المذكورة أعلاه ، إلاّ أنّ الحديثين الثاني والثالث منها جاء فيهما : «تركت أُمّها وإخوتها لأبيها وأُمّها» ؛ والظاهر أنّ «وإخوتها» تصحيف «وأخواتها» كما في الحديث الأوّل ؛ بدليل جواب الإمام عليه السلام : «لأخواتها لأبيها وأُمّها الثلثان» ، وهذا النصّ مذكور في الأحاديث الثلاثة المكرّرة ، ولا وجود لذِكر الإخوة لأُمّ وأب. والحديث هذا هو عين ما سينقله الشيخ البلاغي قدس سره في الصفحة التالية باختلاف يسير في السؤال والجواب ، وقد سرى التكرار من شيخ الطائفة إلى الشيخ البلاغي قدس سرهما بسبب ذلك ، ولعلّ ذلك ناشئ من اختلاف النسخ المعتمدة عنده ، أو من سبق قلمه الشريف ؛ فلاحظ!

الأُمّ سدس الباقي ، وهو خمسة من أصل ستّة وثلاثين بالفرض ، وللإخوة من الأب والأُمّ خمسة وعشرون بالقرابة.

فيكون حكم الإمام عليه السلام بأنّ لكلالة الأُمّ سدس الأصل ، كما هو الظاهر ؛ محمولا على أنّه لا يمكن في مقام التقية أن يعطوا خمسة من ستّة وثلاثين وإن كانوا منا ؛ أو لأنّ الكلالة - للأبوين - منهم ، فيلزمهم بحسب دينهم أن يكون السدس كاملا لكلالة الأُمّ.

* ومما ذكرنا يُعرف وجه الكلام في ما رواه في «التهذيبين» - أيضاً - عن زرارة ، عنه عليه السلام ، قلت : امرأة تركت أُمّها ، وأخواتها (1) لأبيها وأُمّها ، (وأخوات لأُمّ) (2) ، وإخوة لأُمّ ، وأخوات لأب؟

قال عليه السلام : لأخواتها لأبيها وأُمّها الثلثان ، ولأُمّها السدس ، ولإخوتها (3) من أُمّها السدس (4). انتهى.

فإنه لو كانت كلالة الأُمّ أكثر من واحد لعالت الفريضة إن كان الجميع منهم ، فيلزمهم حكم العول ، فيكون للأُمّ سُبع ، وللكلالة منها سُبعان ، ولكلالة الأبوين أربعة أسباع.

وإن كان كلالة الأبوين منا ، كان لهم عشرون من ستّة وثلاثين ، لا الثلثان.

فاللازم - إذن - في تطبيق الرواية على وجه صحيح ، أن تكون كلالة ة.

ص: 346


1- في الحديثين الثاني والثالث من تهذيب الأحكام : «وإخوتها».
2- ليست في التهذيبين.
3- في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام : «ولأخواتها».
4- تهذيب الأحكام 9 / 320 ح 1149 - 1151 ، الاستبصار 4 / 146 - 147 ح 550 و 551. وراجع الهامش رقم 3 من الصفحة السابقة.

الأُمّ في الرواية سؤالا وجواباً واحداً ، كما تقدّم ، وأنّه لها سدس الباقي بعد الأُمّ ، خمسة من ستّة وثلاثين ، وللأخوات من الأبوين عشرون ، وخمسة بالردّ عليهم ، دون كلالة الأُمّ ، على ما هو الصحيح ، فيُحمل إعطاء السدس لكلالة الأُمّ من الأصل - كما هو الظاهر - على ما حملنا عليه الرواية السابقة.

هذا ، ومقتضى الروايات - فضلا عن الاعتبار الصحيح - هو أن يكون زرارة - من أيام الباقر عليه السلام - عالماً بأنّ الكلالات لا ترث مع الأُمّ.

كما ذكر في «الوسائل» رواية الكشّي في الصحيح ، عن يونس بن عمّار ، أنّ زرارة روى ذلك عن أبي جعفر عليهما السلام ؛ وأنّه روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، أنّ الإخوة مع الأُمّ وحدها لا يرثون معها ولا يحجبونها ؛ لأنّ الميّت لم يورث كلالة (1).

كما رواه الشيخ في الصحيح ، أو الحسن كالصحيح بإبراهيم (2).

.. إلى غير ذلك ممّا رواه في «الكافي» مسنداً عن عليّ بن سعيد ، من قول زرارة له في جواب سؤاله (3) ، وما رواه في «الكافي» مسنداً عن 6.

ص: 347


1- تفصيل وسائل الشيعة 26 / 148 ح 32691 ، وانظر : رجال الكشّي 1 / 346 رقم 211. وسند الحديث هو : عن حمدويه بن نصير ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب السرّاد ، عن العلاء بن رزين ، عن يونس بن عمّار ، قال : ...
2- تهذيب الأحكام 9 / 291 ح 1046. وسند الحديث هو : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد ابن عيسى ، عن يونس جميعاً ، عن عمر بن أُذينة ، عن بكير ، قال : ...
3- الكافي 7 / 104 ح 6.

عمر بن أُذينة من كلام زرارة (1).

ومن البعيد أن يكون زرارة روى الروايات الثلاث المتقدّمة لمثنّى الحناط (2) إلاّ لأنّه عرف أنّها لبيان الحكم الواقعي الثانوي الناشئ من الإلزام ؛ إذ يبعد من زرارة أن يرويها على أنّ حكمها إنّما هو التقية.

وفي «المستند» ، في مسألة حجب الإخوة ، قال - في ما ذكرناه من روايات زرارة - : «وأمّا حملهما على إلزام الأُمّ على معتقدها ، فإنّما يصحّ لو كان السؤال فيهما (3) عن واقعة خاصة (4) ، والظاهر أنّ السؤال عن المقدرة» (5). 9.

ص: 348


1- الكافي 7 / 101 ح 3. وسند الحديث هو : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعاً ، عن عمر بن أُذينة ، عن بكير بن أعين ، قال : ...
2- الصحيح أنّ الشيخ البلاغي قدس سره قد ذكر روايتين عن مثنّى بن الوليد الحناط ، عن زرارة ، كما تقدّم في الصفحات 343 - 345 ، وكرّر الثانية كما تقدّم في الصفحة 346 ، ولعلّ ذلك من سبق قلمه الشريف قدس سره كما أسلفنا في الهامش رقم 3 من الصفحة 345 ، أو سهوٌ سرى إليه من شيخ الطائفة قدس سره. والظاهر أنّ الرواية الثالثة التي عناها شيخ الطائفة قدس سره والشيخ البلاغي قدس سره ، هي ما رواه شيخ الطائفة في «التهذيبين» ، بسنده عن الحسن بن عليّ بن يوسف ، عن مثنّى بن الوليد الحناط ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة تركت زوجها وأبويها؟ فقال : للزوج النصف ، وللأُمّ الثلث ، وللأب السدس. انظر : تهذيب الأحكام 9 / 286 ح 1034 ، الاستبصار 4 / 143 ح 533.
3- ما بين العضادتين إضافة من المصدر.
4- في المصدر : «محققة» بدلا من «خاصة».
5- مستند الشيعة 19 / 129.

وأقول : العبارة الظاهرة في المقدرة هو أن يقال : «امرأة تترك» ، وأمّا مثل لفظ السؤال في الروايات : «امرأة تركت» فهو ظاهر في كون الواقعة محققة في الماضي ، ومن الجائز أن تكون القرائن تدلّ على أنّها من موارد الإلزام ولو كانت معلقة.

* وممّا يلحق بهذا الباب أيضاً ، وينبغي أن ينزل عليه ، ما رواه في «التهذيبين» ، في الموثّق ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات وترك زوجته ، وأُمه ، وأُختين له ، وجدّه؟

فقال عليه السلام : للأُمّ السدس ، وللمرأة الربع ، وما بقي نصفه للجدّ ونصفه للأُختين (1). انتهى.

وذلك بأن تكون الأُمّ منهم ، فتُلزم بأنّ الأُختين يردّانها إلى السدس ، وما بقي يكون - بسبب الإلزام - موروثاً بالقرابة على حسب الحكم الواقعي الأوّلي ؛ وذلك بأن يكون الجدّ والأُختان منا ، على أنّ للجدّ ثلاثة ونصفاً من اثني عشر.

أمّا إذا كانت الأُختان منهم ، لم يبق للجدّ إلاّ ثلاثة من اثني عشر إذا كانتا من الأُمّ وحدها ، وإذا كانتا من الأبوين أو من الأب عالت الفريضة فلا نصيب للجدّ فيها.

ولو كان الجدّ منهم ، كان هذا حكمه بحسب مذهبهم وبحسب الإلزام. ..

ص: 349


1- تهذيب الأحكام 9 / 315 - 316 ح 1134 ، الاستبصار 4 / 161 ح 612. وسند الحديث هو : عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن محبوب ، عن حماد ، عن أبي بصير ، قال : ...

ومن ذلك يُعرف أنّها لا تنطبق على التقية أصلا ، وإنّما تنطبق على الإلزام في ما قلناه.

* وما رواه - أيضاً - في «التهذيبين» ، في الموثق ، عن فُضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في رجل مات وترك زوجته ، وأُمه ، وأُخته ، وجدّه؟

قال عليه السلام : للأُمّ الثلث ، وللمرأة الربع ، وما بقي (للجدّ والأُخت) (1) ، للجدّ سهمان ، وللأُخت سهم (2). انتهى.

ولأنّ الأُخت واحدة لا تردّ الأُمّ - عندهم - إلى السدس ، لكنّ الأُمّ - لأنّها منهم - تُلزم بأن لا يُردُّ عليها بعد الثلث شيء فيأخذه الجدّ والأُخت بالقرابة ، كما ذكر للجدّ عشرة من ستّة وثلاثين إذا كانا منا ، فتنطبق هذه القسمة على الإلزام.

وأمّا إذا كانا منهم ، فإنْ كانت الأُخت للأبوين أو الأب عالت الفريضة عندهم وسقط الجدّ ، وإن كانت من الأُمّ كان للجدّ تسعة من ستّة وثلاثين لا عشرة ؛ فلا يمكن حمل الرواية على التقية أصلا ..

أفلا يلزم من ذلك - بدلالة الاقتضاء أقلاًّ - أن تُجعل الروايتان من باب الإلزام وأدلّته أو مؤيداته؟!

أم هل يجوز أن تُجعل الأحاديث الموثقة لغواً لا محصّل لها؟! ..

ص: 350


1- في التهذيبين : «بين الجدّ والأُخت».
2- تهذيب الأحكام 9 / 315 ح 1133 ، الاستبصار 4 / 161 ح 611. وسند الحديث هو : الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن فُضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ...

* الحديث الثالث عشر :

ما رواه في «التهذيبين» (1) ، بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت الرضا عن ميّت ترك أُمه وإخوة وأخوات ، فقسّم هؤلاء ميراثه ، فأعطوا الأُمّ السدس ، وأعطوا الإخوة والأخوات ما بقي ، فمات الأخوات ، فأصابني من ميراثه ، فأحببت أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة أم لا؟

فقال عليه السلام : بلى.

فقلت : إنّ أُمّ الميّت في ما بلغني قد دخلت في هذا الأمر ، أعني الدين.

فسكت قليلا ثمّ قال عليه السلام : خذه (2). انتهى.

ولا دلالة في الحديث على أنّ دخول أُمّ الميّت في هذا الأمر كان قبل موت ابنها ، بل الذي يظهر - ولو من سؤال ابن بزيع - أنّ دخولها كان بعد ذلك ، فخشي أن يكون دخولها المتأخّر - كتشيّعها قبل موت ابنها - سبباً (3) في بطلان هذه القسمة.

كما يظهر من ذلك معرفة ابن بزيع بهذا الحكم ومسألة الإلزام ؛ ولذا سأل عن جهة دخول الأُمّ في هذا الأمر. ق.

ص: 351


1- كذا في الأصل ، والحديث مرويٌّ في «تهذيب الأحكام» دون «الاستبصار» ، فلاحظ!
2- تهذيب الأحكام 9 / 323 ح 1161.
3- أضفنا ما بين العضادتين لاقتضاء السياق.

الفصل الثاني

في كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم

في هذا المقام

قال الشيخ قدس سره في «التهذيب» : «ومن طلّق امرأته ، وكان مخالفاً ، ولم يستوفِ شرائط الطلاق ، إلاّ أنه يعتقد أنه تقع به البينونة ، لزمه» (1).

وقال في «الاستبصار» : «إنّ المخالف إذا طلّق امرأته ثلاثاً ، (أو) (2)لم يستوفِ شرائط الطلاق ، كان ذلك (طلاقاً) (3) واقعاً» (4).

وفي «الاستبصار» ، في باب الأيمان ، بعدما ذكر رواية تحليف الإمام عليه السلام قال : «لأنّ كلّ (5) من اعتقد اليمين بشيء جاز أن يُستحلف به» (6).

ونحوه في «التهذيب» (7).

وقال في «النهاية» : «وإذا (8) علم الإمام أو الحاكم أنّ استحلافهم بالتوراة والإنجيل ، أو بشيء من كتبهم ، أردعُ لهم في بعض الأحوال ، ».

ص: 352


1- تهذيب الأحكام 8 / 57.
2- في المصدر : «وإنْ».
3- ليست في المصدر.
4- الاستبصار 3 / 291 عنوان الباب 170.
5- إضافة من المصدر.
6- الاستبصار 4 / 40.
7- تهذيب الأحكام 8 / 279.
8- في المصدر : «فإنْ».

جاز له (1) أن يحلفهم به» (2).

وقال في المواريث من «الاستبصار» ، في أحاديث زرارة التي ذكرناها بعد الحديث الثاني عشر : «والوجه (3) أن نحملها على ضرب من التقية ، ويجوز أن نقول فيها وجهاً من التأويل ، وهو أنّها وردت (في) (4) الرخصة في جواز الأخذ منهم على ما يعتقدونه كما يأخذونه منا» (5).

ثمّ استند للرخصة بما ذكرناه عنه من الأحاديث.

ونحوه في «التهذيب» (6).

وقال في «السرائر» : «وقد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم ، متناصرة ، و (قد) (7) أجمعوا عليها قولا وعملا ، أنه (إذا) (8) كان المطلِّق مخالفاً ، وكان ممّن يعتقد (لزوم) (9) الثلاث ، لزمه ذلك ، ووقعت الفُرقة به ، وإنّما لا تقع الفُرقة إذا كان الرجل معتقداً للحقّ» (10). انتهى.

ولم أجد له في كتاب المواريث - عاجلا - ما يوافق الأحاديث المتقدّمة ، ولا ما يخالفها ، ولا إشارة إليها ، كما قال في حلف أهل 5.

ص: 353


1- إضافة من المصدر.
2- النهاية : 556.
3- في المصدر : «فالوجه في هذه الأخبار».
4- ليست في المصدر.
5- الاستبصار 4 / 147.
6- تهذيب الأحكام 9 / 321.
7- ليست في المصدر.
8- في المصدر : «إنْ».
9- في المصدر : «وقوع الطلاق».
10- السرائر 2 / 685.

الكتاب : «وقد (1) روي جواز أن يحلّفوا بما يرون هم الاستحلاف به (2)» (3).

وفي مواريث «الدروس» : «وروى زرارة ، عن الصادق عليه السلام ، في أُمّ ، وأخوات لأب وأُمّ ، وأخوات لأُمّ ؛ أنّ (4) للأُمّ السدس ، ولكلالة الأب الثلثان ، ولكلالة الأُمّ السدس (5) ؛ وهي متروكة ؛ للإجماع على أنّ الإخوة لا يرثون مع الأُمّ ، وحمله (6) الشيخ على إلزامهم بمعتقدهم ، يعني لو كانت الأُمّ ترى ذلك حلَّ للأخوات التناول ؛ لنصّ الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام على جواز ذلك وأمثاله» (7). انتهى.

ولم أعثر على نصّ للباقر في ذلك وأمثاله سوى الحديث الأوّل (8) ، وكان عليه أن يذكر النصّ عن الرضا عليه السلام ؛ لعموم التعليل في الحديث الثاني والرابع (9). ا.

ص: 354


1- إضافة من المصدر.
2- كما تقدّم آنفاً في أوائل هذا الفصل.
3- السرائر 2 / 183.
4- إضافة من المصدر.
5- تقدّم الحديث في الصفحتين 344 - 345 ؛ فراجع!
6- في المصدر : «وحملها».
7- الدروس الشرعية 2 / 356.
8- تقدّم في الصفحة 315 ؛ فراجع!
9- تقدّم الحديثان في الصفحتين 318 و 321 - 322 عن الإمام الرضا عليه السلام ، وربّما كان مراد الشهيد الأوّل قدس سره من نصّ الإمام الكاظم عليه السلام هو الحديث الرابع ؛ لأنّ الراوي ذكر كنية الإمام ولم يذكر اسمه الصريح أو لقبه عليه السلام ، وهي كنية مشتركة بين الإمامين عليهما السلام كما لا يخفى ؛ فلاحظ! وأما في ما يخصّ ما روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام ؛ فراجع الحديث الثاني عشر ، المتقدّم في الصفحة 340 وما بعدها.

وفي «التنقيح» ، في طلاق الثلاث في مجلس واحد : «فعلى هذا لو كان المطلق يعتقد الوقوع ، لزمه ذلك ، كما صرّح به المصنف ، بمعنى (أنها لا تحلّ) (1) إلاّ مع نكاح غيره.

وهل يباح للواحد منا نكاحها (2)؟

يظهر من إطلاق كلام المصنف وغيرِه ذلك ، ويؤيّده : ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم» (3). انتهى.

وفي طلاق «المسالك» : «ولا فرق في الحكم على المخالف بوقوع ما يعتقده من الطلاق (بين الثلاث وغيرها) (4) ، ممّا لا (يجتمع) (5)شرائطه عندنا ويقع عندهم ، كتعليقه على الشرط ، ووقوعه بغير إشهاد ، ومع الحيض ، وباليمين ، وبالكناية (6) مع النية ، وغير ذلك من الأحكام التي يلتزمونها (7) ؛ وظاهر الأصحاب الاتفاق على الحكم» (8). انتهى.

ونحوه في «الحدائق» ، وجعل الحكم ممّا لا إشكال فيه (9).

وأفتى بذلك في «الكفاية» ، ونقل عن «المسالك» الاتفاق ، واحتجّ لذلك بالحديث الأوّل والرابع والسابع والعاشر ، وقال : «وقيل : إنّها 3.

ص: 355


1- في المصدر : «أنه لا يحلّ له».
2- إضافة من المصدر.
3- التنقيح الرائع 3 / 315.
4- كان في الأصل : «وغيره» ، وما أثبتناه من المصدر ؛ فلاحظ!
5- كان في الأصل : «يجمع» ، وما أثبتناه من المصدر ؛ فلاحظ!
6- كان في الأصل : «وبالكتابة» ، وهو تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر ؛ فلاحظ!
7- في المصدر : «يلتزمها».
8- مسالك الافهام 9 / 96.
9- الحدائق الناضرة 25 / 243.

مؤيدة بعمل الناس على ذلك من زمان الأئمة عليهم السلام إلى زماننا هذا من غير نكير» (1).

ونقل في «الرياض» عدم الخلاف الظاهر في ذلك ودعوى جماعة للاتفاق عليه (2).

وفي «المستند» ، في ميراث الأبوين مع عدم الولد ، ذَكَرَ ما ألحقناه بالباب بعد الحديث الثاني عشر من روايات زرارة وفُضيل وأبي بصير ، فقال : «ويجوز أن يكون إلزاماً للعامة بما ألزموا به أنفسهم» (3). انتهى.

وقد سبق نقلُنا عنه ما هو نحو ذلك (4).

وفي «الجواهر» ، في تطليق المخالف ثلاثاً ولزومه له ، قال : «لأنّ ذلك دينه ، مضافاً إلى الإجماع - بقسميه (5) - عليه» (6) ..

وذكر بعض الأحاديث السابقة ، وقال : «إنّ مقتضى النصوص عدم الفرق بين الطلاق ثلاثاً وبين غيره ممّا هو صحيح عندهم فاسد عندنا» (7) ..

وذكر من موارد ذلك ما ذكره في «المسالك» ، وقال : «بل مقتضى 8.

ص: 356


1- كفاية الأحكام : 200 - 201.
2- رياض المسائل 12 / 233.
3- مستند الشيعة 19 / 159 - 160.
4- تقدّم في الصفحة 348 ؛ فراجع!
5- قسما الإجماع هما : الإجماع المحصل : وهو الذي يبذل الفقيه الجهد في تحصيله. والإجماع المنقول : وهو الإجماع الذي ينقله الفقيه عمّن سبقه من الفقهاء.
6- جواهر الكلام 32 / 87.
7- جواهر الكلام 32 / 87 - 88.

خبر الإلزام أنه يجوز لنا تناول كلّ ما هو دين عندهم» (1) ..

وذكر أحاديث عبد الله بن محرز ومحمد بن مسلم ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ، وقال : «وغير ذلك من النصوص الدالة على التوسعة لنا في أمرهم وأمر غيرهم من أهل الأديان الباطلة (2)» (3).

وقال في آخر مسألة التعصيب : «نعم ، لا بأس للإمامي بإلزامهم (4)به ، فله الإرث منهم بذلك ، عملا بما ورد من إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، الذي هذا من فروعه» (5). انتهى.

وقال في «أنوار الفقاهة» : «فظهر - ممّا ذكرنا - أنّ طلاق المخالفين يمضي عليهم وإنْ كان فاسداً عندنا ، وهذا الحكم عامٌّ لكلّ صور الطلاق على غير السُنّة ، سواءً تعلّق بمؤمنة أو مخالفة ، فإنه يُحكم بوقوعه على وفق مذهبهم بالنسبة إلينا وإنْ كان فاسداً في الواقع ، وكذا بالنسبة إليهم.

ولا منافاة بين البطلان وبين إجراء حكم الصحّة بالنسبة إلينا ؛ لطفاً منه ، فهي وإنْ كانت زوجة لهم لكنّها حلال لنا وحرام عليهم ، أو يقال : هي صحيحة من وجه فاسدة من آخر.

ولو استبصر المخالف جرت عليه الأحكام الماضية حال خلافه كما تجري علينا ، ولا يلزمه إعادة ما فعله من العقود والإيقاعات الباطلة بالنسبة إلينا» (6).ط.

ص: 357


1- جواهر الكلام 32 / 88.
2- إضافة من المصدر.
3- جواهر الكلام 32 / 88 - 89.
4- إضافة من المصدر.
5- جواهر الكلام 39 / 105.
6- أنوار الفقاهة : كتاب الطلاق - مخطوط.

وقال في المواريث ، في العول والتعصيب : «أما لو كان الآخذ مؤمناً والمأخوذ منه من أهل الخلاف ، فإنْ دفعوه إليه من أنفسهم ، جاز له أخذه ، إجراءً لهم على مذهبهم ، ويكون حلالا ؛ لظاهر الفتوى وبعض الروايات ..

وإنْ لم يدفعوه بأنفسهم ، فوجهان ، أقواهما نعم ، وأحوطهما العدم.

ولو كان المأخوذ منه مؤمناً ، فهل يجب عليه الدفع؟ الظاهر أنه لا يجب الدفع إليهم مهما أمكن ؛ ولو دفعه إليهم قهراً ففي جواز تناوله من المدفوع إليه وشرائه وجهان ، ولا يبعد الجواز.

أمّا ما يقع من بعضهم مع بعض - من الأخذ بالتعصيب - فلا شكّ في أنّ لنا شراءَه منهم وإن كان سحتاً وباطلا واقعاً.

ويجوز لنا أخذه وأكله ، إجراءً لهم على مذهبهم ، وإلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسهم» (1). انتهى.

هذا ما وجدته من الكلمات في هذا المقام ، وإنْ لم يكن من طريقتي الإكثار من النقل ، إلاّ أنّ المسألة غير محرّرة. ط.

ص: 358


1- أنوار الفقاهة : كتاب المواريث - مخطوط.

تتمّة

قال في مواريث «الوسائل» : «باب أنه يجوز للمؤمن أن يأخذ بالعول والتعصيب ونحوهما للتقية ، إذا حكم له به العامة» (1) ؛ ثمّ ذكر الحديث الأوّل والثاني عشر والثالث عشر وذيل الرابع (2) ..

ومقتضى عنوانه للباب أمران :

أحدهما : إنّ الأخذ في المقام إنّما يجوز إذا كان للتقية ، عند حكم العامة له وإنْ كان الوارث منهم.

وثانيهما : إنه يجوز للتقية وإنْ كان المأخوذ منه منا.

ولعلّ المنشأ لذلك عنده ما رواه عن الشيخ ، بإسناده عن عليّ بن فضال ، عن أيوب بن نوح ، قال : كتبت إلى أبي الحسن يعني : الهادي (3) عليه السلام أسأله : هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منا في أحكامهم ، أم لا؟

فكتب : (يجوز ذلك) (4) إذا (5) كان مذهبكم فيه التقية منهم ».

ص: 359


1- تفصيل وسائل الشيعة 26 / 157 ب 4.
2- تفصيل وسائل الشيعة 26 / 157 - 159 ب 4 ح 32711 و 32708 و 32713 و 32712. وانظر الأحاديث المذكورة في الصفحات 315 و 340 و 351 و 323.
3- إضافة توضيحية من الشيخ البلاغي قدس سره.
4- في الوسائل والتهذيبين : «يجوز لكم ذلك».
5- في التهذيبين : «إنْ».

والمداراة (لهم) (1) (2). انتهى.

وفيه :

إنّ رواية أيوب لو كانت واردة - سؤالا وجواباً - في هذا المقام ، لَما صلحت لأن تقاوم بشرطها ما استفاض في الأحاديث من المعنى المشترك في إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، وجواز ذلك عليهم ، ولزوم أحكامهم لهم حسبما يدينون ..

مع أنه يمكن حمل الشرط في الرواية على التقية ؛ لكونها مكاتبة ، خروجاً عن عنف التعليل بالإلزام وحزازته إلى لين التعليل بالمداراة والتقية.

على أنّ مراد صاحب «الوسائل» إنْ كان هو الأخذ والتملّك والتصرّف - كما هو ظاهر السؤال وجوابه لو كانا في هذا المقام - فلا يناسبه الشرط الظاهر في التعليل ، فإنّ التقية والمداراة يُقدَّران بقدر ما يتأدّيان به ، وهو مجرّد الأخذ ، لا الأكل والتصرّف ، بل يجب ردّ المأخوذ ، ولو بنحو الدسِّ في أموال المأخوذ منه ، أو إرجاعه له بهبة ونحوها.

مضافاً إلى احتمال رجوع الشرط وإشارته بقوله عليه السلام : «ذلك» إلى شخص المال المأخوذ منا بأحكامهم ، بمعنى أنّ أخذهم له مختصٌّ بأحكامهم ولا يستحقّونه بأحكامنا ، بل سلّمناه لهم تقية ومداراةً بدون 3.

ص: 360


1- ليست في الوسائل والتهذيبين.
2- تفصيل وسائل الشيعة 26 / 158 ح 32710 ؛ وانظر : تهذيب الأحكام 9 / 322 ح 1154 ، الاستبصار 4 / 147 ح 553.

إعراض مملك لهم ونحوه ، ويكون الشرط للاحتراز عمّا أخذوه بأحكامهم الموافِقة لأحكامنا ، وأنّ حمل الموصول والإشارة على الواحد الشخصي أَوْلى من حمله على الواحد بالنوع ، بل هو الظاهر كما لا يخفى.

على أنه يحتمل ، أو يتعيّن - لأجل ما ذكرناه - أن تكون الرواية - سؤالا وجواباً - واردة في أخذ الفتوى منهم ، بعنوان أنّها من أحكامهم وإنْ كانت مأخوذة منا ومن أحكامنا ، فقيّد الإمام الجواز بما يرتفع معه المحذور المعهود من هذا الأخذ ، أو (تُحمَل الأحكام) (1) على الأحكام القضائية في هذه الصور أيضاً.

هذا ، بل يكفي قيام الاحتمال في إجمال الرواية ، فتسقط عن الدلالة والصلاحية للعمل بها وإنْ لم يكن لها مُصادم مِن نحو ما ذكرناه.

ومهما تكن في الرواية من دلالة ، فإنّ ظاهر السؤال هو الأخذ منهم ، فلا تدلّ على الأخذ من أصحابنا.

ولعلّه يستند في ذلك إلى حديثَي ابنَي محرز وأُذينة ؛ لعدم الاستفصال في الأوّل عن حال البنت ، ولقول السائل في الثاني : «إنّ أُمّ الميّت دخلت في هذا الأمر» ..

لكنّ هذا الاستناد يكفي في دفعه ظهورُ الحديث الأوّل ، مِن ذِكر حال الأب وأُخته ، في كون البنت كأبيها.

وأمّا رواية ابن أُذينة ، فلا دلالة فيها على دخول الأُمّ في هذا الأمر قبل موت ابنها إنْ لم يظهر منها خلافه.

وأمّا دخولها بعد ذلك فلا يفيد شيئاً ، بل مَلكَ الوارث ما أخذه ة.

ص: 361


1- كانت مطموسة في الأصل ، فأثبتناها من النسخة المطبوعة.

بحقّ ، كما سنبيّنه إن شاء الله.

ثمّ إنّه في «مستدرك الوسائل» تبعَ صاحب «الوسائل» في العنوان ، بتقييده للحكم بالتقية ، بل وإطلاقه للمأخوذ منه ، مع أنه لم يذكر رواية يتشبّث بها لذلك ويستدرك بها (1)!7.

ص: 362


1- مستدرك الوسائل 17 / 156 - 157 ب 4 ح 21022 - 21027.

الفصل الثالث

في فقه المسألة ، وشيء من فرعها (1) ،

وما يترتّب عليه بحسب ما يتحصّل من الأحاديث المتقدّمة

فينبغي الكلام في مقامات :

أوّلها :

هو أنّه لا يخفى أنّ الله جلّ شأنه جعل أحكام المعاملات والإيقاعات والمواريث نظراً للمصالح العامة وحفظاً للحقوق ، وجعل لتلك الحقوق روافع وموانع محدودةً بحدود تقتضيها المصلحة ..

فجعل الطلاق - بنحوه الخاصّ وشروطه - رافعاً لحقّ الزوجية ، والإبراء رافعاً لحقّ الدَّين ، ونواقل الملك المعهودة رافعةً لحقّ الملكية في المال ..

وجعل القتل ونحوه (2) رافعاً لحقّ الإرث ..

فلا يمتنع أن يراعي مصلحة خاصة ، فيجعل للحقوق روافع وموانع في الموارد الخاصة زياد ة على التي جعلها بحسب المصالح العامة ، مغايرة لها إمّا بالحدود والقيود ، وإما بالنوع.

إذاً ، فمن الممكن أنّ تديّن بعض الناس بكون بعض الأُمور روافع لحقوقه أو موانع منها ، على خلاف ما هو مجعول في الشريعة العامة ، ا.

ص: 363


1- كذا في الأصل ، والأنسب بالسياق : «فروعها».
2- كالارتداد والكفر والرقّ ؛ انظر : تفصيل وسائل الشيعة 26 / 11 وما بعدها.

يكون مقتضياً لأن يجعل تلك الأُمور ، بحسب مصلحة ثانوية ، روافع لحقوق ذلك المتديّن ، أو موانع منها ، فيحكم برفعها ومنعها بالنسبة لحقوقه حكماً واقعياً ثانوياً ، فإذا رُفع حقه أو مُنع منه يكون التسويغ أو الاستحقاق لغيره - في متعلّق الحقّ المرفوع أو الممنوع - جارياً على مقتضى المسوّغات والأسباب المعهودة في الشريعة العامة والأحكام الأوّلية ، من دون أن يحدث تسويغ أو إباحة أو استحقاق بسبب غيرها وعلى خلافها.

ثانيها :

هل يكون هذا التسويغ والإباحة ، أو الاستحقاق ، جارياً على تديّن المتديّن الملزَم لا على مقتضى الحكم العامّ الأوّلي ، فيمنع عمّن يستحقّه بحسب الحكم العامّ الأوّلي والمصلحة العامة ، كما فيما لو كان المتديّن المذكور محجوباً بالقتل ، ويثبت استحقاقه أو تسويغه لغيره بحسب تديّن ذلك المتديّن ..

أو ليس كذلك ، بل يجري على مقتضى الحكم الأوّلي والمصلحة العامة ، وهو الصحيح ، فإنّ أحاديث الإلزام واللزوم - مهما كانت - إنّما تُثبت إلزام المتديّن في ما هو عليه ، وهو سلب حقّه أو ملكه ، أو سلب التسويغ والجواز له ، وأمّا ثبوت الحقّ أو الملك لغيره والتسويغ لذلك الغير ، فليس ممّا هو على المتديّن ، وإنّما هو شيء للغير بحسب الشريعة في ذلك ، وليس في أحاديث اللزوم والإلزام جهة تشرّع للغير أسباباً للاستحقاق والتملك والتسويغ على غير القواعد العامة المشروعة.

ص: 364

وممّا يؤيد ذلك ويشهد له ما تقدّم في موثقتَي أبي بصير وفُضيل ، اللتين لا مناص عن تنزيلهما على مسألة الإلزام ، فإنّ ما ذُكر من ميراث الأُختين والجدّ في الأُولى ، وميراث الجدّ والأُخت في الثانية ، لا ينطبق إلاّ على ما ذكرناه دون غيره كما مرّ مشروحاً (1).

فإن قلت : إنّ الحديث الأوّل يدلّ على أنّ ما يستحلّون - كالمأخوذ بالتعصيب مثلا - حلال للغير ، أو أنّ الوجه الذي يستحلّون به - كالتعصيب مثلا - محلل للغير ، فلا حاجة بعد ذلك إلى الانطباق على الأسباب والمسوّغات الأوّلية!

قلت : لم يكن الحديث أنّ ما يستحلّونه يحلّ لغيرهم ، أو أنّ ما يكون عندهم سبباً للحلّ يكون سبباً لغيرهم ، بل إنّ عبارة الحديث : «يجوز على أهل كلّ ذي دين» (2) ، بمعنى : يُمضى عليهم ، ويُلزَمون به ، كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (3).

وإنّما يكون الإلزام لهم والجواز عليهم ، بسلب حقّهم وما لهم بحسب الحكم الواقعي الأوّلي ، فإنّ المقام باعتبار سَوق السؤال والجواب ممّا يلزم فيه تطبيق الموضوع على الحكم ، فالجهة التي يناسب تنفيذها 4.

ص: 365


1- تقدّم الحديثان وشرحيهما في الصفحتين 349 - 350 ؛ فراجع!
2- راجع الحديث الأوّل ، الصفحة 315.
3- لم أعثر على هذا اللفظ في جوامع الحديث المتقدّمة ، وجاء بهذا اللفظ في : عوالي اللآلي 1 / 223 ح 104 وج 2 / 257 ح 5 وج 3 / 442 ح 5 ، تفصيل وسائل الشيعة 23 / 184 ح 29342 وقال قبل أن يورده : «وروى جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنه قال : إقرار العقلاء على أنفسهم جائز». فانظر على سبيل المثال ، هذا اللفظ - أو قريباً منه - في : الخلاف 5 / 316 وانظر ما علّق عليه محققو الكتاب ، تذكرة الفقهاء 9 / 169 وج 10 / 306 ، التنقيح الرائع 3 / 485 ، جامع المقاصد 2 / 124.

والإلزام بها ويصحّ ارتباطها بقوله : «يجوز على» إنّما هي جهة رفع الحقّ ، ويكون الحلّ المسبَّب عنها كالحلّ في قوله تعالى في المطلّقة مرّتين : (فإن طلّقها فلا تَحِلّ له مِن بعدُ حتّى تَنكحَ زوجاً غيرَه) (1).

ويؤكّد ذلك أنّ الرواية ناظرة إلى الحلّ بالطلاق ونحوه ، وإلى الحلّ بالتعصيب بوجه واحد ، وأنّها واردة مورد قولهم عليهم السلام : «مَن دان بدين قوم لزمته أحكامه» (2).

وممّا ذكرناه يُعرف الكلام في النسخة : «تجوز ... بما يستحلّون» (3) ، بل وفي حمل «ما يستحلّون» على المصدر.

ثالثها :

إنّ بعض الأُمور الجائزة في الشريعة العامة يمكن أن يجعلها الشارع - باعتبار مصلحة ثانوية - حراماً على من يدين بحرمتها ، فيترتّب حينئذ ما يترتّب على الحرمة من الآثار الشرعية ، كما في مَن يدين - مثلا - بأنّ الرضعة الواحدة أو الخمس رضعات تنشر الحرمة الرضاعية ، أو 5.

ص: 366


1- سورة البقرة 2 : 230.
2- هذا عين ما استدلّ به الشيخ البلاغي قدس سره في آخر الحديث السادس ، في الصفحة 328 ، فلاحظ ما علقناه هناك. وما وجدته مما ورد عنهم عليهم السلام هو بلفظ : «أحكامهم» بدل «أحكامه» ؛ فراجع الحديث الثاني ، الصفحة 318 - 319 .. وكذا الحديث الثالث ، المتقدّم في الصفحة 320 - وانظر : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 277 ح 74 - وفي ذيله ، في الصفحة 321 ، جاءت الرواية عنهم عليهم السلام بلفظ : «إنّ كلّ قوم دانوا بدين يلزمهم حكمه». فلاحظ!
3- راجع الحديث الأوّل ، الصفحة 315.

بحرمة الجمع بين العمّة وبنت أخيها وإن نزلت ، وبين الخالة وبنت أُختها كذلك مطلقاً ، في التزويج.

رابعها :

إذا وقعت معاملة عقدية بين مَن يدين بفساد ذلك العقد وبين مَن يدين بصحته على الحكم الواقعي الأوّلي ، وكانت عبارة المتديّن بالفساد ، أو القرائن ، أو التصريح ، تدلّ على إرادته الجدّ من إيجابه أو قبوله ، مع علمه بالفساد بحسب مذهبه ، أو كانت عبارته صالحة لأن يجري فيها الأصل العقلائي بحملها على الجدّ ، أو كان جاهلا ، أو مشكوكاً في أمره ، بحيث يجري في عبارته الأصل المذكور ؛ فهل يكون الإلزام له في هذه الموارد إلزاماً بالفساد فلا يتحقق العقد ؛ لأنّ أحد أركانه فاسدٌ ملغىً شرعاً؟ أو لأنّ صحّة العقد لا تصلح للتبعيض في مقام الواقع بالنسبة لأحد المتعاقدَين دون الآخر ، إذ لم يعهد ذلك في الشرع ؛ لأنّ الصحة حكم لاحق للعقد بما هو عقد بنحو البساطة ، وكذا الأمر بالوفاء بالعقد؟

أو يقال : إنّ الإلزام لا تعلّق له بعبادة المتديّن ، ولا يجعله مسلوب العبادة ، فالعقد في نفسه ، ومن حيث العقدية ، تامُّ الأركان صحيحُها.

وحينئذ إنْ قلنا : إنّ الأحكام الوضعية غير مجعولة من الشارع في الدين ، بل هي عناوين منتزعة من الأحكام التكليفية ، فحينئذ لا يكون الإلزام إلاّ بسلب ما هو له وعائدٌ إلى نفعه من أحكام ذلك العقد وحقوقه ما دام متديناً بفساده ، وليس في ذلك معارضة لسائر الأحكام المترتّبة على العقد ، ولا للأمر بالوفاء به.

ص: 367

وكذا إذا قلنا : إنّ المجعول هو حكم الصحة.

وأمّا الفساد فليس حكماً شرعياً مجعولا ، بل هو عبارة عن عدم الصحة وعدم أحكامها ، فلا يكون الإلزام - أيضاً - إلاّ بسلب ما يترتّب على الصحة ممّا هو له وعائدٌ إلى نفعه من أحكام ذلك العقد وحقوقه ، وليس له نظر إلى الصحة ولا إلى سائر أحكامها ؛ ولعلّ هذا هو الأقوى والمعتمَد.

هذا ، ولو قلنا بأنّ الفساد حكم شرعي يتديّن به ، لكانت جهة إلزامه وحيثيتها المعروفة لا تزاحم جهة إلزامه بعقده ووجوب الوفاء به ، ولا تبطل حقّ الطرف الآخر في العقد ، ولا الأحكام الواقعية الثابتة للعقد ، من نحو المصاهرة ، وحرمة الجمع ، وما للملزَم عندما يعدل عن ذلك التديّن ويدين بمقتضى الواقع ، بل يتأدّى الإلزام بإلزامه بما يكون عليه من أحكام الفساد.

وربّما يشهد لذلك ، أو يؤيده ، قولهم عليهم السلام في الحديث الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع : «فإنه عنى الفراق» (1) ، «وهم (2)يوجبونها» (3) ، «لأنه قد طلقها» (4) ، «فإنه نوى الطلاق بعينه» (5) ، فإنه إذا كان قصده في إيقاعه المخالف للشريعة يُلزَم به لمصلحة مّا ، ع!

ص: 368


1- تقدّم في الحديث الثاني ، الصفحة 318 ؛ فراجع!
2- كان في الأصل : «وهو» ؛ وهو تصحيف ، فأصلحتها طبقاً للحديثين الثالث والسادس ؛ فلاحظ!
3- تقدّم في الحديث الثالث ، الصفحة 320 ، وفي الحديث السادس ، الصفحة 326 ؛ فراجع!
4- تقدّم في الحديث الخامس ، الصفحة 324 ؛ فراجع!
5- تقدّم في الحديث السابع ، الصفحة 329 ؛ فراجع!

فقصده في عقده الموافق للشريعة والمصلحة العامة أَوْلى بالإلزام.

نعم ، قد يبطل عقد النكاح ، أو يكون معرَّضاً للفسخ ؛ لكونه - حينئذ - ضررياً على الطرف المقابل ، وخصوص الزوجة ؛ لأنه يفوّت بذلك عمدة منافع النكاح ، من التمتّع بالأزواج والنسل ، بل والنفقة على وجه ، ما لم يكن عالماً بهذه المضارّ ومقدِماً عليها.

ولا تجيء مسألة الضرر بالنسبة للملزَم ؛ لأنّ أحاديث إلزامه في الطلاق والإرث نصٌّ في ضرره بفوات ما هو له في أصل التشريع ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا العقد سفهيٌّ من الجانبين ، ولا أقلّ من كونه سفهياً من جانب المرأة ، فيبطل ؛ وفي (الملازمة) (1) تأمل أو منع.

ولو وكّل على العقد على مَن يدين بحرمتها عليه ، وهي تحلّ له في الواقع ، أو وكّلت المرأة كذلك ، جرى فيه ما ذكرناه.

نعم ، لو أطلق الوكالة ، فلا يبعد الانصراف عن ذلك ، خصوصاً إذا كان شديداً في مذهبه ، فإنّ الطبيعة إنّما تجري في الإطلاق بدليل الحكمة ، وهو غير جار في هذا المقام ؛ والله العالم. ظ!

ص: 369


1- كلمة غير واضحة في مصوّرة النسخة ، فاستظهرنا المثبت ما بين القوسين في المتن ؛ فلاحظ!

[فروع]

هذا ، ولا بأس بالتعرّض لبعض فروع الباب على سبيل الأُنموذج ..

الفرع الأوّل :

إذا أوصى إنسان لوارثه ، وكان الوارث الموصى له حنفياً أو مالكياً أو حنبلياً ، أُلزم ببطلان الوصية له (1) ، (2) فيسوغ المال الموصى (3) به للورّاث كسائر المال الموروث ؛ لأنه مال مورّثهم وقد صار بسبب الإلزام لا حقَّ فيه لأحدهم بحسب الوصية.

هذا ، وإذا كان الموصى له شافعياً ، أُلزم بتوقف نفوذ الوصية له على إجازة الورثة بعد الموت (4).

والمراد بالوارث مَن وَرث بعد الموت.

الثاني :

قال مالك وأبو حنيفة وأحمد : «لا يجوز إقرار المريض لوارث» (5) .. 5.

ص: 370


1- انظر : المبسوط - للسرخسي - 27 / 143 ، اللباب في شرح الكتاب 4 / 168 ، المغني - لابن قدامة - 6 / 449 - 450.
2- جاء في أعلى الصفحة 20 من المخطوطة كلمة : «بلغ». منه قدس سره.
3- ساقطة من الأصل ، فأثبتناها من النسخة المطبوعة.
4- انظر : كتاب الأُمّ 4 / 129 - 130 ، المجموع شرح المهذّب 15 / 422 ، نتائج الأفكار 10 / 423.
5- انظر : الشرح الكبير على المقنع - لابن قدامة المقدسي - 5 / 278 ، فتح العزيز 11 / 97 وج 9 / 126 ، نتائج الأفكار 10 / 424 ، اللباب في شرح الكتاب 2 / 85.

فإذا كان الوارثُ المُقَرّ له من مقلدي أحدهم ، أُلزِم بأن لا حقَّ له ؛ بحسب الإقرار.

الثالث :

قال مالك : «إنّ خيار الشرط يجوز بقدر الحاجة ، ففي الثوب والدار خيار يوم لا أزيد ، وفي القرية ونحوها نحو شهر وشهرين» (1).

وقال أبو حنيفة والشافعي : «لا يجوز الخيار أكثر من ثلاثة أيام» (2).

فإذا كان مَن له الخيار مِن أتباع أحدهم ، أُلزم بتحديد متبوعه في جانب القلة.

الرابع :

قال أبو حنيفة والشافعي بأنه «لا خيار في الغبن» (3) ..

فإذا كان المغبون من أتباع أحدهما ، أُلزم بأنه لا خيار له. 5.

ص: 371


1- انظر : المدوّنة الكبرى 3 / 223 ، بداية المجتهد 5 / 104 ، الشرح الكبير على المقنع - لابن قدامة المقدسي - 4 / 65.
2- انظر : مختصر المزني 9 / 85 ، فتح العزيز 8 / 303 و 313 ، المجموع شرح المهذّب 9 / 225 ، شرح فتح القدير 6 / 298 - 300 ، اللباب في شرح الكتاب 2 / 12.
3- انظر : المغني - لابن قدامة - 4 / 91 - 92 ، فتح العزيز 8 / 225 ، المجموع شرح المهذّب 12 / 326 ، سبل السلام 3 / 64 - 65.

الخامس :

قال أبو حنيفة بأنه «لا خيار في التصْرِيَة» (1) ..

فيلزم تابعه المشتري بذلك (2).

السادس :

قال أبو حنيفة : «لا يجوز السلم إلاّ أن يكون جنس المسلَّم فيه موجوداً حال العقد والمحلّ وما بينهما» (3) ..

فإذا كان أحد المتبايعين - في صورة مّا بقوله من عدم الجواز - حنفياً ، وصحّحنا البيع بنحو ما تقدّم في المقام الرابع (4) ، فلصاحبه أن يلزمه بأحكام فساد البيع بحسب مذهبه. ع!

ص: 372


1- التصْرِيَةُ : هي إذا لم تُحلب ذوات اللبن - الناقة أو البقرة أو الشاة - أياماً وتُصَرُّ أخلافُها حتّى يجتمع اللبن في ضَرْعِها ، فإذا حلبها المشتري استغزرها. والمُصَرّاةُ : هي الناقة أو البقرة أو الشاة يُصَرّى اللبنُ في ضرعها ، أي : يُجمَعُ ويُحبَس. انظر مادّة «صري» في : غريب الحديث 2 / 241 - 242 ، الصحاح 6 / 2399 - 2400 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 3 / 27 ، لسان العرب 7 / 337 ، القاموس المحيط 4 / 354 ، تاج العروس 19 / 597.
2- انظر : الحاوي الكبير 6 / 286 - 287 ، فتح العزيز 8 / 333 ، المغني - لابن قدامة - 4 / 233.
3- انظر : اختلاف الفقهاء : 98 ، الهداية - للمرغيناني - 4 / 533 ، المغني - لابن قدامة - 4 / 333 ، اللباب في شرح الكتاب 2 / 42.
4- تقدّم في الصفحات 367 - 369 ؛ فراجع!

السابع :

قال مالك في الوديعة : «إذا أودعها الودعيّ عند زوجته من غير عذر لم يضمن» (1).

وقال أبو حنيفة : «وإنْ أودعها عند من يعول به لم يضمن» (2).

فإذا كان مالكها من أتباع أحدهما ، أُلزم بما يقوله متبوعه وليس له حقّ التضمين.

الثامن :

قال أبو حنيفة : «إنّ المنافع لا تُضمَن» (3) ..

فيُلزَم تابعه بأن لا يستحقّ أن تُضمن له منافعه.

التاسع :

قال الشافعي : «لا ينعقد النكاح إلاّ بشهادة عدلين» (4).

وقال أبو حنيفة : «لا ينعقد إلاّ بشاهدين ، أو بشهادة رجل 01

ص: 373


1- انظر : المدوّنة الكبرى 4 / 352 - 352.
2- انظر : الهداية - للمرغيناني - 5 / 238 ، اللباب في شرح الكتاب 2 / 196.
3- انظر : المبسوط - للسرخسي - 11 / 78 ، تحفة الفقهاء 3 / 90 ، بدائع الصنائع 5 / 283 ، المغني - لابن قدامة - 5 / 413 وج 6 / 17 ، اللباب في شرح الكتاب 2 / 195.
4- انظر : كتاب الأُمّ 5 / 35 ، الحاوي الكبير 11 / 84 ، المبسوط - للسرخسي - 5 / 31 ، بدائع الصنائع 2 / 255 ، المغني - لابن قدامة - 7 / 339 ، المجموع شرح المهذّب 16 / 198 ، شرح فتح القدير 3 / 201

وامرأتين» (1).

فإذا كان أحد المتعاقدين شافعياً أو حنفياً ، فأوقع العقد على خلاف مذهبه ، وصحّحنا العقد بنحو ما ذُكر في المقام الرابع (2) ، أُلزم بما عليه من آثار فساد النكاح بحسب مذهبه.

نعم ، لا يُلزم الحنفي بكون وطئه زنىً ، ولا بكون الولد من زنىً ؛ لأنّ متبوعه يرى نحو ذلك وما هو أشدّ منه من نكاح الشبهة (3).

العاشر :

ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أنه يحرم الجمع بين العمة وبنت أخيها وإن نزلت ، وكذا بين الخالة وبنت أُختها وإن نزلت ، ويبطل العقد على المتأخرة مطلقاً (4).

فإذا كان أحد المتعاقدين من أتباعهم ، وصحّحنا العقد بما تقدّم في المقام الرابع (5) ، أُلزم تابعهم بجميع ما عليه من آثار التحريم.

نعم ، لا يُلزَم الحنفي بآثار الزنى ؛ لأنّ ذلك عند أبي حنيفة من ع!

ص: 374


1- انظر : المبسوط - للسرخسي - 5 / 32 ، بدائع الصنائع 2 / 255 ، المغني - لابن قدامة - 7 / 339 و 341 ، المجموع شرح المهذّب 16 / 199 ، شرح فتح القدير 3 / 199 ، اللباب في شرح الكتاب 3 / 3.
2- تقدّم في الصفحات 367 - 369 ؛ فراجع!
3- انظر : حاشية ردّ المحتار 3 / 144 - 146.
4- انظر : المدوّنة الكبرى 2 / 205 ، المبسوط - للسرخسي - 4 / 194 - 195 ، شرح فتح القدير 3 / 216 ، اللباب في شرح الكتاب 3 / 5 ، كتاب الأُمّ 5 / 6 ، المغني - لابن قدامة - 4 / 478 ، المجموع شرح المهذّب 16 / 225 و 226.
5- تقدّم في الصفحات 367 - 369 ؛ فراجع!

الشبهة ، وأمّا من يدين بصحة العقد في الفرعين ، جرت له آثار الصحة وأحكامها (1).

الحادي عشر :

إذا كان المطلِّق من غيرنا ، وطلّق زوجته بطلاق صحيح في مذهبه فاسد عندنا ، أو يقع ثلاثاً عندهم وواحدة عندنا ، فإنّ الأحاديث المتقدّمة قد دلّت على وقوع الطلاق والبينونة بحسب مذهبهم ، ويحلّ نكاحها لكلّ من تحلّ له بحسب الأحكام الأوّلية العامة حينما تكون ليست بذات زوج ، سواءً كانت منا أو منهم ، كما يدلّ عليه الثاني إلى العاشر من الأحاديث المتقدّمة (2) ، بل والأوّل (3).

ومع دلالة هذه الأحاديث على أنّها تكون مطلّقة وتبين واقعاً بحسب المصلحة الخاصة الثانوية الكاسرة للمصلحة العامة الأوّليّة ، فلا مجال لِما سمعته من القول بأنه «لا منافاة بين البطلان وبين إجراء حكم الصحة بالنسبة إلينا ، لطفاً منه ، فهي وإن كانت زوجة لهم لكنّها حلال لنا وحرام عليهم ، أو يقال : هي صحيحة من وجه فاسدة من آخر» (4) ؛ انتهى ..

خصوصاً مع بُعد هذه الدعوى في نفسها ، مضافاً إلى التدافع بين التعليل باللطف في الحلّ بالنسبة إلينا وبين قوله في ما سبقه ، وكذا 7.

ص: 375


1- انظر : حاشية ردّ المحتار 3 / 144 - 146.
2- تقدّمت في الصفحات 318 - 335 ؛ فراجع!
3- تقدّم في الصفحة 315 ؛ فراجع!
4- هو قول الشيخ حسن كاشف الغطاء في كتابه «أنوار الفقاهة» ، كما مرّ في الصفحة 357.

بالنسبة إليهم.

الثاني عشر :

إذا كان الزوج منا مثلا ، والزوجة من غيرنا ، فألجأته إلى الطلاق عندهم بحسب مذهبها ، لزمها سقوط النفقة وسائر حقوق الزوجة ، ومنها إرثها منه بالزوجية ، ولا يثبت حكم الطلاق بالنسبة للزوج ، ولا يسقط شيء من حقوقه.

ولو حملت هذه المرأة من الذي طلّقها - حيث لا رجعة - أُلزمت بأنّ الولد لا يلحق بها شرعاً ما لم تفرض شبهة ، أو تعدل عن ذلك التديّن ؛ وإذا كان الولد منهم ، أُلزم - أيضاً - بذلك بالنسبة لأُمه وأبيه.

نعم ، إذا كان منا ، ورث أباه وأُمه.

ولو طلّقها الزوج باختياره هذا الطلاق ، فهل يلزمها ما ذكرناه ، أو لا؟ لكونه مضارّاً ، و «لا ضرر ولا ضرار» (1) ؛ وهو الأصحّ. 0.

ص: 376


1- هذا الحديث ممّا تسالم على روايته الفريقان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعمل بموجبه ومقتضاه ؛ فانظر مثلا : الكافي 5 / 280 ح 4 وص 292 - 293 ذ ح 2 ، من لا يحضره الفقيه 3 / 45 ح 154 وص 147 ح 648 ، تهذيب الأحكام 7 / 146 - 147 ذ ح 651 وص 164 ح 727 ، سنن ابن ماجة 2 / 784 ح 2340 و 2341 ، مسند أحمد 5 / 327 ، الموطأ : 700 ح 13 باب ما لا يجوز من عتق المكاتب ، كتاب الأُمّ 3 / 285 وج 7 / 394 ، المعجم الكبير 2 / 86 ح 1387 ، سنن الدارقطني 3 / 56 ح 3060 وج 4 / 123 ح 4493 - 4496 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 66 ح 2345 ، السنن الكبرى - للبيهقي - 6 / 70 و 157 وج 10 / 133 ، المبسوط - للسرخسي - 23 / 175 و 200 وج 25 / 12 ، المجموع شرح المهذّب 4 / 390.

الثالث عشر :

ذهب الحنفية إلى ثبوت العدّة على اليائسة وعلى الصغيرة (1) ..

فيلزم من طلّق أحدهما - إذا كان حنفياً - أن لا يعقد في عدّتهم على أُختها وسائر من يحرم الجمع عندهم بينهما.

وكذا لا يجوز عقده على الخامسة.

ولو كانت الزوجة حنفية بالغة ، وهي اليائسة ، أُلزمت بأحكام العدّة.

الرابع عشر :

ذهب الجمهور إلى التعصيب (2) .. اب

ص: 377


1- انظر : الهداية - للمرغيناني - 3 / 523 - 524 ، المغني - لابن قدامة - 9 / 77 - 78 و 150 ، المجموع شرح المهذّب 18 / 141 ، شرح فتح القدير 4 / 309 ، اللباب في شرح الكتاب 3 / 80.
2- التعصيب : هو إعطاء ما فضل من التركة من أصحاب الفروض إلى عَصَبَة الميّت - وهم بنوه وقرابته لأبيه ، الّذين يرثون الرجلَ عن كلالة ، من غير والد ولا ولد - فكلّ مَن لم تكن له فريضة مسماة ، يأخذ من الميراث إنْ بقي شيء بعد قسمة الفرائض. انظر : الحاوي الكبير 10 / 288 ، المبسوط - للسرخسي - 29 / 157 وج 30 / 13 ، بداية المجتهد 5 / 402 - 406 ، المغني - لابن قدامة - 7 / 7 ، المجموع شرح المهذّب 16 / 97 ، الشرح الكبير على المقنع - لابن قدامة المقدسي - 7 / 53 ، اللباب في شرح الكتاب 4 / 193 ، لسان العرب 9 / 232 مادّة «عصب». أقول : وقد أجمعت الطائفةُ الحقة الإمامية الاثنا عشرية على بطلان التعصيب وعدم جوازه ، فلا ميراث للعَصَبَة عندهم على تقدير زيادة الفريضة عن السهام ؛ مستدلّين بعمومِ قوله تعالى : (وأُولو الأرحام بعضُهم أَوْلى ببعض في كتاب

فإذا كانت البنت الواحدة منهم ، لم تستحقّ إلاّ النصف.

وكذا الأُخت للأب أو الأبوين.

ولم تستحقّ البنتان ، أو البنات ، أو الأُختان ، أو الأخوات للأب ، أو الأبوين ، إلاّ الثلثين.

ولم يستحقّ الأخ ، أو الأُخت من الأُمّ ، إلاّ السدس.

ولم يستحقّ من هو أكثر من ذلك ، إلاّ الثلث.

ولم تستحقّ الأُمّ مع الأخوين ، أو الأُختين ، أو الملفّق منهما ، أو الأكثر من ذلك ، إلاّ السدس ..

كلّ هؤلاء يُلزَمون بذلك حسب مذهبهم ، ويكون المال الباقي لمن يرث لو كانوا لا يرثون مطلقاً ، لا لكلّ من يعصب على مذهبهم ..

فلو ترك الميّت - مثلا - بنتاً ، وابنَ ابنِ عمّ - مثلا - وخالا - مثلا - فالزائد للخال ؛ على ما ذكرناه في المقام الأوّل (1) ومنعناه في المقام الثاني (2).

نعم ، إن كان الخال منهم ، أُلزمَ بأنه لا يستحقّ شيئاً ، ويكون الزائد لابن ابن العمّ وإنْ كان منهم.

نعم ، لو كان الأخوال الذكور أو الإناث أو الملفّق منهما بعضهم منّا وبعضهم منهم ، أُعطي الزائد المذكور لمن هو منّا ، وسقط الذي هو منهم. ع!

ص: 378


1- تقدّم في الصفحة 363 - 364 ؛ فراجع!
2- تقدّم في الصفحات 364 - 366 ؛ فراجع!

والوجه في ما ذكرناه هو : إنه غاية ما يستفاد من أحاديث الباب هو أنّ التديّن بعدم الاستحقاق للزائد يكون - بحسب الإلزام - مانعاً له عن استحقاقه له كسائر موانع الإرث ، فيكون لمن يرث بسبب منعه بحسب الحكم الأوّلي ، سواءً كان منّا أم منهم ما لم يكن متديّناً بعدم استحقاقه ، كما ذكرناه في الخال الذي هو منهم.

ومما ذكرنا يُعرف الكلام في النقصان بالعول وميراث الإخوة مع الأُمّ ، على ما تقدّم في الأحاديث.

نعم ، ما يأخذونه - على مذهبهم - ممّن هو منّا ، لا يجوز التصرّف به بشراء أو نحو ذلك مطلقاً ، فإنّ غاية مفاد الأحاديث هو إلزام المتديّن و (1) والجواز عليه.

وأين ذلك من الأخذ منّا على خلاف الحكم الواقعي؟!

فمن الغريب ما تقدّم نقله من أنه لا يبعد الجواز (2)!

* وذهب الجمهور أيضاً إلى أنّ المسلم لا يرث من الكافر (3) ..

وعلى ذلك : فلو مات كافرٌ وترك أولاداً - مثلا - بعضهم كافر ، والبعض الثاني مسلم يدين بمذهب الجمهور ، والبعض الثالث مسلم 8.

ص: 379


1- كذا جاء حرف العطف مكرّراً في الأصل ، فلعلّ الشيخ البلاغي قدس سره أراد ذِكر شيء هنا فسقط من قلمه الشريف سهواً ، أو هو زائد ؛ فلاحظ!
2- هو قول الشيخ حسن كاشف الغطاء في كتابه «أنوار الفقاهة» ، كما مرّ في الصفحة 358.
3- انظر : الحاوي الكبير 10 / 232 ، المبسوط - للسرخسي - 30 / 30 ، بداية المجتهد 5 / 430 ، المغني - لابن قدامة - 7 / 165 ، المجموع شرح المهذّب 16 / 58 ، الشرح الكبير على المقنع - لابن قدامة المقدسي - 7 / 160 - 161 ، اللباب في شرح الكتاب 4 / 188.

لا يدين بهذا المذهب ، كان الإرث لهذا البعض الثالث ؛ وذلك لأجل حجب الكافر بكفره ، والبعض الثاني يُلزَم بتديّنه بعدم الاستحقاق ، ولا يُعتنى بدعواه إرث الكافر ، فإنه تشريع منه ، والإلزام إنّما يكون في ما هو عليه ، وهو عدم استحقاقه للإرث.

وعلى ذلك تجري نظائر المسألة.

الخامس عشر :

المحكيّ عن الشافعي أنه إذا زنى رجل بامرأة فولدت منه بنتاً ، جاز له أن يتزوّج البنت (1).

فلو تزوّج الرجل الشافعي بها فولدت له ولداً - مثلا - لم يرث الولد منه وإن كان الوارث شافعياً ؛ لأنّ إلزامه لا يقضي بتوريث ابن الزنى ، بل يكون الإرث لمن لا يلتزم بتوريث المولود من مثل هذا الزنى.

وعلى هذا النهج يجري ما لهذا الفرع من النظائر.

السادس عشر :

من كان يدين بحرمة شيء أُلزم بحرمته ، ولم يمضِ من عباداته التي تفسد به عنده ما يمضي عند استبصاره ممّا يفعله على مذهبه ؛ لعدم حصول القربة ، أو لعدم شمول دليل الإمضاء وإن فُرض حصول القربة ؛ وفيه تأمل. 9.

ص: 380


1- انظر : كتاب الأُمّ 5 / 42 في ما يحرم من النساء بالقرابة ، الحاوي الكبير 11 / 299.

وأما العقد عليه ، فقد مرّ الكلام فيه في المقام الرابع من هذا الفصل (1).

السابع عشر :

من كان يدين بنجاسة شيء لم تثبت بذلك نجاسته حتّى في حقه ؛ لأنّها موضوع واقعي.

نعم ، يُلزم بلوازمها ، من الحرمة وفساد عبادته في مذهبه ، كما نجري عليه أحكام سراية النجاسة إلزاماً من دون سراية حقيقية.

والله العالم.

ولنقطع الكلام على هذا المقدار.

والحمد لله أوّلا وآخراً.

وقد تمّ نقلها لهذا البياض

في السابع عشر من رجب الحرام عصراً ،

في السنة التاسعة والأربعين بعد الألف والثلاثمئة هجرية ،

على مهاجرها ألف صلاة وسلام وتحية (2). .

ص: 381


1- تقدّم في الصفحات 367 - 369 ؛ فراجع!
2- جاء في هامش نسخة الأصل ما نصّه : «وقد أسقطنا في هذه المبيضة بعض الفروع التي في الأصل ؛ لأجل عروض التأمل فيها». منه قدس سره. أقول : لقد أسقط الشيخ البلاغي قدس سره في هذه المبيضة خمسة فروع كان قد أثبتها في المسوّدة ، نوردها بنصّها - معتمدين في ذلك على الطبعة السابقة للرسالة التي نوّهنا عنها في المقدّمة - ؛ ليطّلع عليها ذوو الشأن ، تتميماً للفائدة ؛ وهي : السادس عشر : لو غصب رجلٌ من حنفيّ حنطةً فطحنها مثلا ، لم يكن لذلك الرجل الغاصب إلزام الحنفيّ بأنه مَلَكَ الدقيق ، وأنّ الحنفيّ لا يستحقّ إلاّ البدل. السابع عشر : لو اشترى الحنفيُّ أو غيرُه ممّن يدين بثبوت الشفعة بالجوار ، لم يكن للجار أخذ المبيع بالشفعة ؛ لأنه ليس في الشريعة سبب لتملكه له ، وقد مرّ الكلام في ذلك في الثاني من المقامات الأربعة. الثامن عشر : حُكي عن الشافعي ، أنّ من اشترى الشيءَ بالوصف ، له الخيار عند رؤيته وإنْ كان على الوصف المذكور. وعن أبي حنيفة ، أنه من اشترى شيئاً ليلا واشترط له الخيار إلى النهار ، بقي خياره إلى غروب الشمس. فإذا كان البائع في الصورة الأُولى شافعياً ، وفي الثانية حنفياً ، فهل لغيره - مع كون الثمن عيناً شخصية ، أو كليّاً مقبوضاً - أن يفسخ إلزامه ويستردّ الثمن ، أو لا؟ الأصحّ هو الثاني ؛ لأنّ الثمن انتقل إلى ملك البائع بنحو لازم في الواقع ، ولا مسوّغ - بحسب القواعد الأوّلية - لأخذ المشتري وتملكه له ، فإنّ الأخذ بالخيار أخذٌ من ملك الآخر بواسطة الخيار ، نظير الأخذ بالشفعة ، ولا سبب له هنا ؛ لأنّ الخيار يرفع ملكَ الآخر وتأثيرَ البيع من أصله ، فيكون الثمن باقياً على الملك الأوّل كأنه لم يحدث بالبيع انتقاله بأنه يملكه بالسبب الذي اقتضى تمليكه قبل البيع وتسويغ التصرّف به. نعم ، لو كان البيع بكلّيّ غير مقبوض - وإنْ كان حالاًّ - كان له الالتزام ؛ لإسقاط حقه في المطالبة بالثمن واستحقاقه ، والروايات زعيمة بذلك ؛ وهذا المقدار كاف في المقام. التاسع عشر : ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى بطلان البيع إذا اشترط فيه شرط سائغ ، فإذا كان المشتري حنفياً أو شافعياً لم يُلزَم ببطلان البيع في العين الشخصية أو الكلّيّ المقبوض ؛ إذ لا سبب يقتضي تملكه وجواز التصرّف به جديداً بعد انتقال ملكه بالبيع الصحيح أو بالقبض فيه ، وكذا لو كانت نتيجة الإلزام استرداد الثمن. وأما إذا كان المبيع في الصورة الأُولى كليّاً لم يُقبض ، وكذا الثمن في الثانية ، اتّجه الإلزام ؛ إذ ليس في البين ملك لعين شخصية يحتاج تملكها إلى سبب جديد ، بل ليس إلاّ الاستحقاق ، وكذا الإلزام بعد استحقاق المشترط ، وإلاّ فيما لو جوّزنا شرط النتيجة ، وكان المشترط عيناً شخصيّة ، ملكها بالشرط. العشرون : المحكيّ عن مالك في مَن اشترى أَمَةً ، فحملت وولدت عنده ، ثمّ وجد بها عيباً سابقاً على العقد ، فليس له ردّها وحدها ، بل يردّ ولدها معها. فإذا كان المشتري مالكياً أُلزم بأنه ليس له ردّ الأَمَة وحدها ، وهل يؤخذ منه الولد معها إلزاماً؟ الوجه : أنه لا يؤخذ كما تقدّم ، إلاّ أن يجعل اختياره لردّها مع ولدها على الأرش بمنزلة الإباحة لولدها. وذهب أبو حنيفة إلى أنّ هذه الأَمَة لا تُردّ ، بل ينحصر أمرها بالأرش ، فيُلزَم تابعه ذلك. وقال الشافعي في مَن اشترى حيواناً حاملا ، ووجد بعد وضعه عيباً سابقاً على العقد ، فإنه يردّ الحيوان دون الحمل المولود ، فإذا كان البائع شافعياً لم يُلزَم بذلك ، بل يتدارك أمر العيب بردّ الحيوان مع حمله المولود ، أو بالأرش. انتهى ما أسقطه الشيخ البلاغي قدس سره ؛ لعروض التأمل فيه.

ص: 382

وكتب مؤلفها الأحقر

محمد جواد البلاغي

حامداً مصلّياً (1). ه.

ص: 383


1- جاء في هامش نسخة الأصل ما نصه : «بلغ تصحيحها بقدر الجهد ، والحمد لله». منه قدس سره.

ثَبت مصادر التوثيق والتعضيد

1 - القرآن الكريم.

2 - الإحكام في أُصول الأحكام ، لعلي بن أبي علي الآمدي (ت 631) ، تحقيق إبراهيم العجوز ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

3 - اختلاف الفقهاء ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1420.

4 - الاستبصار ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

5 - الإشراف على مذاهب أهل العلم ، لمحمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت 309 أو 318) ، تحقيق عبد الله عمر البارودي ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

6 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين ، تحقيق حسن الأمين ، نشر دار التعارف ، بيروت 1406.

7 - الأُمّ (كتاب ...) ، لمحمد بن إدريس الشافعي (ت 204) ، تحقيق محمد مطرجي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1413.

8 - الإمامة والتبصرة من الحيرة ، لعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت 329) ، تحقيق السيّد محمد رضا الحسيني ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، بيروت 1412.

9 - أنوار الفقاهة ، للشيخ حسن آل كاشف الغطاء (ت 1262) ، نسخة مخطوطة ، محفوظة في مكتبة «الإمام كاشف الغطاء قدس سره» في النجف الأشرف.

10 - بدائع الصنائع ، لعلاء الدين الكاساني (ت 587) ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت 1982 م.

11 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، لابن رشد محمد بن أحمد القرطبي

ص: 384

(ت 595) ، تحقيق علي محمد معوّض وعادل أحمد عبد الموجود ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1416.

12 - تاج العروس ، لمحمد بن محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

13 - التحرير الطاووسي ، للشيخ حسن بن زين الدين (ت 1011) ، تحقيق فاضل الجواهري ، نشر مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم 1411.

14 - تحفة الفقهاء ، لمحمد بن أحمد السمرقندي (ت 539) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1405.

15 - تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1414.

16 - تراثنا ، مجلّة فصلية تصدرها مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم وبيروت.

17 - التعريفات ، للشريف علي بن محمد الجرجاني (ت 812) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1416.

18 - تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال ، للشيخ محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني (ت 1205) ، طبعة حجرية.

19 - تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، لمحمد بن أحمد القرطبي الخزرجي (ت 671) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.

20 - تفصيل وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي محمد بن الحسن (ت 1104) ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم وبيروت 1413.

21 - التنقيح الرائع لمختصر الشرائع ، للفاضل المقداد السيوري الحلّي (ت 826) ، تحقيق عبد اللطيف الكوهكمري ، نشر مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم 1404.

22 - تنقيح المقال في علم الرجال ، للشيخ عبد الله المامقاني (ت 1351) ، تحقيق واستدراك الشيخ محيي الدين المامقاني ، نشر مؤسسة آل

ص: 385

البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1423.

23 - تهذيب الأحكام ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

وطبعة أُخرى ، حجرية ، طُبعت في إيران سنة 1363 ه. ش.

24 - جامع المقاصد في شرح القواعد ، للمحقق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي (ت 940) ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم وبيروت 1411.

25 - جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ، للشيخ محمد حسن النجفي (ت 1266) ، تحقيق الشيخ عباس القوچاني ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1367 ه- ش.

26 - حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار ، لابن عابدين محمد أمين بن عمر (ت 1252) ، تحقيق ونشر دار الفكر ، بيروت 1415.

27 - حاوي الأقوال في معرفة الرجال ، للشيخ عبد النبي الجزائري (ت 1021) ، تحقيق مؤسسة الهداية ، قم 1418.

28 - الحاوي الكبير ، لعلي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت 450) ، تحقيق محمود مطرجي وآخرين ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

29 - الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ، للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186) ، نشر دار الكتب الإسلامية ، النجف 1376.

30 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726) ، تحقيق الشيخ جواد القيّومي ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1417.

31 - الخلاف ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق الشيخ محمد مهدي نجف والسيّد جواد الشهرستاني والسيّد علي الخراساني الكاظمي ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1407.

ص: 386

32 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية ، للشهيد الأوّل الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي العاملي (ت 786) ، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1412.

33 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1389) ، نشر دار الأضواء ، بيروت 1403.

34 - رجال ابن داوود ، لتقي الدين بن داوود الحلّي (ت 707) ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1392.

35 - رجال البَرقي ، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 أو 280) ، تحقيق السيّد كاظم الموسوي المياموي ، مطبعة جامعة طهران ، طهران 1383.

36 - رجال الطوسي ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت460) ، تحقيق السيّد محمد صادق آل بحر العلوم ، المكتبة الحيدرية ، النجف 1381.

37 - رجال الكشّي (اختيار معرفة الرجال) ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1404.

38 - رجال النجاشي ، لأحمد بن علي النجاشي (ت 450) ، تحقيق السيّد موسى الزنجاني ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1424.

39 - الردّ على الوهّابية ، للشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352) ، تحقيق محمد علي الحكيم ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم بيروت 1419.

40 - رسالة القرآن ، مجلّة فصلية تصدرها دار القرآن الكريم ، قم.

41 - رياض المسائل ، للسيّد علي بن محمد علي الطباطبائي (ت 1231) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1418.

42 - ريحانة الأدب ، لمحمد علي التبريزي المدرّس ، چاپخانه شركت سهامي طبع كتاب ، إيران 1335 ه. ش.

43 - سبل السلام ، لمحمد بن إسماعيل اليمني الصنعاني (ت 1182) ،

ص: 387

تحقيق محمد عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

44 - السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، للشيخ ابن إدريس الحلّي (ت 598) ، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1410.

45 - سنن ابن ماجة ، لمحمد بن يزيد القزويني (ت 275) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

46 - سنن الدارقطني ، لعلي بن عمر الدارقطني (ت 385) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

47 - السنن الكبرى ، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، نشر دار الفكر.

48 - شرح فتح القدير ، لابن همام محمد عبد الواحد السيواسي الحنفي (ت 681) ، نشر دار الفكر ، بيروت.

49 - الشرح الكبير ، لأبي البركات سيّدي أحمد الدردير المالكي (ت 1201) ، نشر دار إحياء الكتب العربية ، بيروت.

50 - الشرح الكبير على متن المقنع ، لعبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 682) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

51 - شعراء الغريّ (النجفيات) ، لعلي الخاقاني ، نشر مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم 1408.

52 - الصحاح ، لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393) ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار ، نشر دار العلم للملايين ، بيروت 1404.

53 - عدّة الرجال ، للسيّد محمد بن الحسن الحسيني الأعرجي الكاظمي (ت 1227) ، تحقيق مؤسسة الهداية ، نشر إسماعيليان ، قم 1415.

54 - علل الشرائع ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381) ، نشر دار الحجّة الثقافية ، قم 1416.

55 - عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية ، للشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي (ت نحو 880) ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي ، مطبعة سيّد الشهداء ، قم 1403.

ص: 388

56 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381) ، تحقيق حسين الأعلمي ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت 1404.

57 - غريب الحديث ، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224) ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت 1396.

58 - الفائق في غريب الحديث ، لجار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538) ، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، نشر دار الفكر ، بيروت 1399.

59 - فتح العزيز شرح الوجيز ، لعبد الكريم بن محمد الرافعي (ت 623) ، نشر دار الفكر.

60 - فتح القدير ، لمحمد بن علي الصنعاني الشوكاني (ت 1250) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1403.

61 - الفصول المهمّة في أُصول الأئمّة ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104) ، تحقيق محمد بن محمد الحسين القائيني ، نشر مؤسسة معارف إسلامي إمام رضا عليه السلام

، قم 1418.

62 - الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ، نشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السلام

، مشهد 1406.

63 - فهرست الطوسي (فهرست كتب الشيعة وأُوصولهم) ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، نشر مكتبة المحقّق الطباطبائي ، قم 1420.

64 - القاموس المحيط ، لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817) ، نشر دار الجيل ، بيروت.

65 - الكافي ، لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 9 / 328) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1388.

66 - كفاية الأحكام ، للشيخ محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري (ت 1090) ، طبعة حجرية ، نشر مدرسة صدر مهدوي ، أصفهان.

ص: 389

67 - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس بن محمد رضا القمّي (ت 1359) ، تحقيق محمد هادي الأميني ، نشر مكتبة الصدر ، طهران 1409.

68 - اللباب في شرح الكتاب ، لعبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي (ق 13) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، نشر المكتبة العلمية ، بيروت 1413.

69 - لسان العرب ، لابن منظور محمد بن مكرّم (ت 711) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1408.

70 - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، للشهيد الثاني زين الدين الجُبعي العاملي (ت 965) ، شرحاً لكتاب «اللمعة» للشهيد الأوّل محمد بن جمال الدين مكّي العاملي (ت 786) ، تصحيح السيّد محمد كلانتر ، نشر دار العالم الإسلامي ، بيروت.

71 - ماضي النجف وحاضرها ، لجعفر باقر آل محبوبة ، نشر دار الأضواء ، بيروت 1406.

72 - المبسوط ، لمحمد بن أحمد السرخسي (ت 483) ، نشر دار المعرفة ، بيروت 1409.

73 - مجمع البحرين ، لفخر الدين بن محمد علي الطريحي (ت 1058) ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، نشر مؤسسة الوفاء ، بيروت 1403.

74 - المجموع شرح المهذّب ، لمحيي الدين بن شرف الدمشقي النووي (ت 676) ، نشر دار الفكر.

75 - المحصول في علم الأُصول ، لفخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت 606) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.

76 - مختصر المُزني على الأُمّ ، لإسماعيل بن يحيى المُزني (ت 264) ، تحقيق محمود مطرجي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1413.

77 - المدوّنة الكبرى ، لمالك بن أنس الأصبحي (ت 179) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1411.

78 - مسالك الافهام ، للشهيد الثاني الشيخ زين الدين بن عليّ بن أحمد

ص: 390

الجبعي العاملي (ت 965) ، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية ، قم 1413.

79 - المستدرك على الصحيحين ، لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 406) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1411.

80 - مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320) ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ، قم وبيروت 1411.

81 - مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، للشيخ أحمد بن محمد مهدي النراقي (ت 1245) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1415.

82 - مسند أحمد ، لأحمد بن حنبل (ت 241) ، نشر دار صادر ، بيروت.

83 - معارف الرجال ، لمحمد حرز الدين ، نشر مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم 1405.

84 - معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1361 ه- ش.

85 - معجم رجال الحديث ، للسيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت 1413) ، نشر مركز نشر الثقافة الإسلامية ، إيران 1413.

86 - المعجم الكبير ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي ، نشر دار إحياء التراث العربي.

87 - المغني في شرح مختصر الخرقي ، لابن قدامة عبد الله بن أحمد بن محمد (ت 630) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

88 - مفاتيح الشرائع ، للفيض الكاشاني محمد بن مرتضى (ت 1091) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، قم 1401.

ص: 391

89 - منتهى المقال في أحوال الرجال ، للشيخ أبي علي الحائري محمد ابن إسماعيل المازندراني (ت 1216) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ، قم 1416.

90 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381) ، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

91 - منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال ، للميرزا محمد بن علي الاسترابادي (ت 1028) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1422.

وطبعة أُخرى ، حجرية ، طُبعت في إيران سنة 1306 ه.

92 - الموطأ ، لمالك بن أنس (ت 179) ، تحقيق نخبة من العلماء ، نشر دار الجيل ، بيروت 1414.

93 - نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار ، لقاضي زاده أفندي أحمد ابن قودر (ت 988) ، نشر دار الفكر.

94 - نصائح الهدى والدين ، للشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352) ، تحقيق محمد علي الحكيم ، نشر إنتشارات دليل ما ، قم 1423.

وطبعة محقّقة أُخرى ، بتحقيق محمد علي الحكيم ، نشر دار المحجّة البيضاء ، بيروت 1424.

95 - نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) ، للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1389) ، نشر دار المرتضى ، مشهد 1404.

96 - نقد الرجال ، للسيّد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي (ق 11) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1418.

97 - النهاية في غريب الحديث والأثر ، للمبارك بن محمد ابن الأثير الجزري (ت 606) ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي ، نشر المكتبة العلمية ، بيروت.

98 - النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى ، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن

ص: 392

الطوسي (ت 460) ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت 1400.

99 - نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام ، للسيّد محمد بن علي الموسوي العاملي (ت 1009) ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي والشيخ علي پناه الاشتهاردي والشيخ حسين اليزدي ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم 1413.

100 - النوادر (كتاب ...) ، لشيخ القميّين أبي جعفر أحمد بن محمد ابن عيسى الأشعري القمّي (ق 3) ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام

، قم 1408.

101 - الهداية شرح بداية المبتدي ، لبرهان الدين علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني الحنفي (ت 593) ، تحقيق أيمن صالح شعبان ، نشر دار الحديث ، القاهرة 1415.

102 - الهدى إلى دين المصطفى ، للشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352) ، نشر دار الكتب الإسلامية ، قم.

103 - الوجيزة (رجال المجلسي) ، للشيخ محمد باقر المجلسي (ت 1110) ، نشر مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1415 ه.

104 - الوسيط في الرجال (تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال) ، للميرزا محمد بن علي الاسترابادي (ت 1028) ، طبعة حجرية.

ص: 393

من أنباء التراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* منتهى

المطلب في تحقيق المذهب ج 11 - 13.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن

المطهّر (648 - 726 ه).

كتاب فقهي استدلالي مقارن ، ذكر فيه مذاهب المسلمين

في الأحكام وأدلّتهم عليها ، ثمّ يعرض ما يختاره منها ، يدعمه بالأدلّة من

القرآن والسنّة النبويّة وروايات أهل البيت عليهم السلام ،

ويردّ المخالف منها ردّاً علميّاً ، اعتمد في تحقيق الأجزاء السابقة (1 - 6) على

تسع مخطوطات ، بدءاً من مقدّمات علم الفقه حتّى أحكام صلاة الخوف ، (7 و 8) على

خمس مخطوطات اضافية ، بدءاً من بحث الخلل في الصلاة حتّى بحث الأنفال ، و (9 و 10)

على

مخطوطة اضافية اخرى ، بدءاً من كتاب الصوم ... حتّى

بحث التقصير من كتاب الحج.

وقد صدرت الأجزاء : 1 في 1412 ، و 2 في 1413 و 3 في

1414 ، و 4 في 1415 و 5 فى 1419 و 6 في 1420 و 7 في 1421 و 8 في 1423 و 9 في

1424 ه.

وأمّا الاجزاء (11 - 13) فقد اعتمد في تحقيقها

اضافة إلى ما ذكر على مخطوطتين ، بدءاً بأفعال الحج والوقوفين واحكامهما

وانتهاءً بزيارة الإمام الحجّة المنتظر (عج).

تحقيق : مجمع البحوث الاسلامية.

نشر : مؤسسة الطبع والنشر التابعة للروضة الرضوية

المقدسة - مشهد - إيران / صدر ج 11 في سنة 1425 ه- و 12 و 13

ص: 394

في سنة 1426 ه.

* الإفصاح عن

أحوال رواة الصحاح ج 1 - 4.

تأليف : الشيخ المظفّر ، محمد حسن ابن محمد بن

عبدالله النجفي (1301 - 1375 ه).

أثر قيّم ، فريد في بابه ، مخصّص لاستقصاء وجمع

الرواة ممّن اعتُمدت روايته في الصحاح الستّة - اثنين منها على الأقلّ - وهو مع

ذلك قد طعن فيه اثنين من علماء العامّة - أو أكثر - المعتمدين في الجرح والتعديل

في كتبهم الرجالية ، وجاء في حقّه من الكلمات ما يقتضي عدم جواز العمل بروايته.

مرتّب على حروف الهجاء ، متعرّضاً لذكر من عُرف

باسمه ، ثمّ من عُرف بكنيته ، مستخدماً رموزاً معروفة عند العاملين في هذا الحقل

، معتمداً - في هذا الاستقصاء - ما ورد بشأنهم في كتاب الذهبي (ت 748 ه)

ميزان الاعتدال ، وكتاب ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه) تهذيب

التهذيب.

فرغ المؤلّف رحمه الله من

الكتاب سنة 1360 ه- ، وكان قد كتب مختصراً منه مقدّمةً لكتابه دلائل

الصدق ، الذي فرغ منه

سنة 1350 ه.

اعتُمد في تحقيق الكتاب الذي لم يطبع سابقاً على

نسخة مصوّرة لنسخة المؤلّف المحفوظة عند نجله.

تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياءالتراث

- قم - إيران / 1426 ه.

* الطراز

الأوّل والكِناز لما عليه من لغة العرب المعوّل ج صفر - 2.

تأليف : العلاّمة الأديب السيّد علي بن أحمد بن

محمّد معصوم الحسيني المعروف بابن معصوم المدني (1052 - 1120 ه).

يعدّ هذا الكتاب من الكتب التي كتبت استدراكاً

ونقداً على كتب وأقوال الآخرين في مضمار اللغة وما يتعلّق بها ، وقد نحى فيه

منحى الشيخ الطريحي في كتابه مجمع البحرين ،

فجمع فيه الآراء اللغوية واستدركها واستشهد عليها بالآيات القرآنية والأحاديث

الشريفة والشعر وأمثال العرب ، مع توضيح بعض الكلمات الصعبة من القرآن الكريم ،

والغريبة من الحديث الشريف ، وسار في ترتيبه على نهج ترتيب القدماء ، مبتدئاً

بحرف الألف ومنتهياً بالياء لآخر الكلمة.

اعتُمِد في تحقيق هذا الكتاب على

ص: 395

سبع نسخ خطّية ، صدر منه ثلاثة مجلّدات ، المجلّد

الأوّل أخذ الرقم (صفر) ويشتمل على مقدّمة لتوضيح المنهج الاستدراكي النقدي في

اللغة ، وحياة المؤلِّف ، ومنهجية التحقيق ، واحتوى المجلّد الثاني والثالث

اللذان أخذا الرقمين (1 و 2) على حرفي الألف والباء وسوف تليها الأجزاء الأخرى

لاحقاً.

تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث - مشهد - إيران / 1426 ه.

* غاية المرام

وحجّة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاصّ والعامّ ، ج 1.

تأليف : السيّد هاشم بن سليمان الحسيني البحراني (ت

: 1107 ه).

اتّخذ فيه المصنّف رحمه الله طريقة

تحقيقيّة ودراسةً علميّةً جديدةً في إثبات الإمامة للأئمّة الأثني عشر عليهم السلام ،

فقد بيّن المحقّق في تقديمه للكتاب المنهج العلمي والعملي الذي قام به المصنّف

من أجل جمع هذا الكتاب في دراسة موضوعيّة تحت عنوان (المتَّفق والمفتَرَق) ،

تطرّق من خلالها إلى (المتّفقات في الاسلام والمفترقات في الإسلام والفضيلة المتّفق

عليها وكلمة تاريخية متّفق عليها والمتّفق

عليه في أصول الفقه).

ثمّ عمد إلى خطّة ، المؤلّف حيث ذكر موقفه الحيادي

في بيان الحقائق التاريخية ، ليكون المتطلّع عليها بعيداً عن الانحياز إلى جهة

ما ومنزّهاً عن التعصّبات التي تعمي البصيرة والبصر.

لم يصدر من هذا الكتاب سوى الجزء الأوّل الذي يحتوي

على ستة عشر باب ، وستوافيه بقية الأجزاء ، وقد طبع هذا الكتاب ثلاث مرّات منذ

تأليفه ، ولكن امتازت هذه الطبعة بتحقيق ودراسة علمية ، حيث عمدت فيها لجنة

التحقيق إلى ذكر جميع المصادر التي اعتمد عليها المؤلّف ، مع ذكر الاختلافات

بينها وبين الكتاب ، وذكر معاني الكلمات لغويّاً ، إضافةً إلى استدراكات زادت في

منهج الكتاب التحقيقي دقّةً.

تحقيق : السيّد رضا الصدر.

نشر : نشر دانش - قم - إيران / 1425 ه.

* وسائل

الشيعة ومستدركاتها ، ج 1 - 3.

تأليف : محمّد بن الحسن الحر العاملي (1104 ه)

والميرزا محسن النوري (1320 ه).

ص: 396

كتاب جمع بين دفّتيه الأحاديث الفقهية من كتابي

الوسائل والمستدرك ، حيث تَمَّ ترتيب أحاديثهما حسب الأبواب التي رتّبها الشيخ

الحرّ العامليقدس سره بنضد مستدرك كلّ باب منه بحياله مع

جعل فاصلة مرموزة بينهما ، ليتسنّى للقارئ التمييز بين الوسائل والمستدرك ،

اعتُمِد على عدّة محاور في التحقيق هي : 1 - مقابلة الروايات المنقولة بالمصادر

المحقّقة كطبعة مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، والطبعة

المحقّقة من قبل الشيخ عبدالرحيم الربّاني ، مع الرجوع إلى الطبعة القديمة ، هذا

بالنسبة للوسائل ، أمّا المستدرك فقد قوبلت الطبعة المحقّقة لمؤسّسة آل البيت عليهم السلام مع

الحجرية والمصادر الموجودة. 2 - الإيعاز إلى الموارد التي يشير إليها صاحب

الوسائل ب- (تقدّم ، ويأتي) والإشارة لمواردها. 3 - إرجاع الأحاديث المذكورة إلى

مصادرها ، اعتُمِد في بعضها على تخريجات مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ،

كما أنّه لم يتمّ استعمال التسلسل العامّ الذي اعتمدته مؤسّسة آل البيت في

تحقيقها ، بل الاكتفاء بالتسلسل الخاصّ لكلّ باب على حِدَة ، ولمّا كانت

الأحاديث موزّعة على أبواب الفقه غير مبعثرة في الكتابين المذكورين ، كذلك سرت

الطريقة هنا حسب التبويب

السابق ، فحوى الجزء الأوّل المقدّمة ، وأبواب

مقدّمة العبادات وباب خاصّ للنوادر ، وبعض من كتاب الطهارة ، واحتوى الثاني

والثالث بعضاً من أبواب كتاب الطهارة.

تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرسين - قم - إيران / 1426 ه.

* شرح خيارات

اللمعة.

تأليف : الشيخ علي نجل الشيخ كاشف الغطاء (1253 ه).

كتاب فقهي استدلالي مبسوط مشهور في شرح مبحث خيارات

اللمعة الدمشقية للشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي العاملي (734 - 786 ه) ، وهو

من المتون الفقهية المهمّة وموضع عناية العلماء والفقهاء درساً وتدريساً وشرحاً

وتعليقاً.

وتضمّن الكتاب أربعة عشر خياراً : خيار المجلس ،

الحيوان ، الشرط ، التأخير ، ما يفسد ليومه ، الرؤية ، الغبن ، العيب ، التدليس

، الاشتراط ، الشركة ، تعذّر التسليم ، تبعيض الصفقة ، التفليس.

وتمّ تحقيق الكتاب على نسخة مطبوعة ونسختين خطّيتين

، إحداهما يبدو

ص: 397

أنّها بخطّ المؤلّف ، ذكرت مواصفات النسخ في مقدّمة

التحقيق.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة

المدرسين - قم - إيران / 1422 ه.

* الأربعون

حديثاً في المهدي (عج).

تأليف : (أبو نعيم الأصبهاني) أحمد ابن عبدالله بن

أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران.

صاحب كتاب حلية

الأولياء كان من أعلام المحدّثين ، وأكابر

الحفّاظ والثقات.

ولد في أصفهان في شهر رجب سنة 336 ه.

كان ملمّاً بكثير من العلوم والفنون ، فكان محدّثاً

ومؤرّخاً ومفسّراً وفقيهاً وقارئاً ، وله مصنّفات عديدة في هذه الفنون ، فمن

تصنيفاته : حلية الأولياء ، معرفة الصحابة ، دلائل النبوّة ، و... والأربعون

حديثاً في المهدي ، وهو الكتاب المذكور عنوانه آنفاً ، أدرج فيه المؤلّف أربعين

حديثاً مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تؤكّد

على عقيدة وجود المهدي الموعود المنتظر من ولد فاطمة وعلي عليهما السلام ،

والذي يتم على يديه التخطيط الإلهي لبسط العدل ودحر الجور

ورفع راية الهدى.

تحقيق : علي جلال باقر - دمشق سورية / 1426 ه.

* أربع رسائل.

تأليف : العلاّمة الشيخ محمّد جواد البلاغي.

رسالة (البداء) وهي من أهمّ الأُمور الاعتقادية في

الدلالة على المقام الربوبي في العلم والقدر والإرادة على نظام العالم في جميع

أحواله وادواره ، تناول فيها المصنّف البحث معتمداً على آيات الكتاب العزيز

والروايات الواردة في هذا الشأن عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام.

رسالة (نسمات الهدى ونفحات المهدي) : تعرّض فيها

المصنّف بأسلوب أدبي تاريخي وعلمي للدفاع عن عقيدة ظهور الإمام الحجّة المهدي

المنتظر (عج) ، وطالما تعرّضت عقيدة الظهور إلى هجمات المخالفين ، فردّ المصنّف

بهذه الرسالة مقالة الدكتور زكي محفوظ (المهدي المنتظر نشأته وأطواره في التاريخ).

رسالة (البلاغ المبين) ، يدور فيها البحث حول معرفة

الله ، وإثبات وجود الصانع ، مع وجوب عبادته وطاعته وشكر

ص: 398

نعمه سبحانه وتعالى ، بالحجج العقلية في أسلوب

حواري مشوّق دار بين شخصين في رحلتهما ، يساعد القارئ على فهم ما يدور من حوار

بأسلوب منطقيّ مبسّط.

ورسالة (الردّ على الوهابية) في تفنيد شبهاتهم

وأباطيلهم بالحجج النقلية والعقلية ، وقد اعتمد فيها على أُمّهات المصادر

المعتمدة لدى المسلمين ، تدلّك هذه الرسالة على خلقه وأدبه الرفيعين في أسلوب

المناقشة والمناظرة.

جمعت هذه الرسائل الأربعة في مجلّد واحد وقد تصدّرت

بترجمة المؤلّف ونبذ من حياته وأشعاره وآثاره الباقية وذكر مشايخه وتلامذته وما

قالوا فيه.

وتم تحقيقها بدراسة ومنهجية علمية وقد ذكر في آخرها

مصادر التوثيق.

المحقّق : السيّد محمّد علي الحكيم.

نشر : مؤسسة الأعلمي - بيروت - لبنان / 1426 ه.

* كفاية

الأصول.

تأليف : الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني (ت :

1329 ه).

نسخة مصحّحة ومحقّقة ، أعدّها المحقِّق للدراسات

العليا في منهجيّتها وأُسلوبها التحقيقي ، الذي عبّر عنه بأنّه :

(يعدّ فريداً من نوعه ووحيداً في اسلوبه) ، حيث قام

بتدريسه مراراً في الحوزات العلميّة فأتقن محلّ الخلل بها من غموض وسقط وأخطاء و...

فقام بمنهجية التحقيق العلمي على مقابلة الكتاب مع

عدّة نسخ معتبرة ، منها نسخة المؤلّف المكتوبة بخطّه ، فأثبت في المتن ما رآه

صحيحاً ، وذكر ما كان مخالفاً لها في التعليقة - والجدير بالذكر أنّ مؤسسة آل

البيت لإحياء التراث حقّقت هذا السفر القيّم اعتماداً على نسختين إحداهما بخط

المؤلف والأخرى حجرية قام بتصحيحها (ره) صدرت سنة 1409 ه- - هذا وقام بوضع

عناوين للمواضيع الأصليّة والفرعيّة حسب الاقتضاء لما لم يعنونه المصنّف ، مع

تخريج الآيات والروايات وذكر النصوص والنظريّات العلمية معتمداً أقدم المصادر

وأصحّها ، وإرجاع ما أشار إليه المصنّف بقوله : (سبق وتقدّم وقد مرّ وسيأتي) إلى

مواضعها المشار إليها ، وقد خرّج أغلب الأقوال التي لم ينسبها إلى أحد من

مصادرها. مع ذكر أسماء أصحابها في الهامش ، وقام بوضع الإعراب في الجمل التي

حازت أكثر أهمّيّة ، تسهيلاً لطالب العلم في فهم مضامين العبارة.

ص: 399

وأخيراً عمد إلى ذكر الآراء الحديثة التي ساعدت في

تطوير فنّ علم الأصول ، كالمحقّق الشيخ محمد حسين الأصفهاني والمحقّق الشيخ

الميرزا النائيني والمحقّق الشيخ ضياء الدين العراقي. والسيّدين العلمين :

الامام الخميني والمحقّق الخوئي رضوان الله عليهم ، مع ذكر تعليقات لتوضيح

المبهمات ورفع الغوامض التي تبيِّن مراد المصنّف ، وكان تحقيق الكتاب بجزئين

احتويا على جميع مواضيع الكفاية.

تحقيق : الشيخ عباس علي السبزواري.

نشر : مؤسسة النشر الاسلامي التابعة جماعة المدرسين

- قم - إيران / 1426 ه.

* تفسير

الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام

، (232 - 260 ه).

اشتمل هذا السفر على تفسير سورتي الحمد والبقرة إلى

أواسط الآية 282. وهو ما عثر عليه منه عليه السلام ،

فهو كتاب تفسير استند فيه عليه السلام على النصوص

المنقولة عن جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآبائه

واحداً عن واحد مسنداً تفسير الآيات بروايات وأحاديث تدعم ذلك ، وأسباب النزول

للآيات الشريفة أو الحادثة والواقعة الواردة

فيها ، وسرد بعض الحوادث التي زامنت نزول الآية ،

مستلهماً من ذلك المعاجز التي ظهرت على يديه صلى الله عليه وآله وسلم ،

ومبرزاً لبعض فضائله وفضائل أهل بيته عليهم الصلاة والسلام ، ومستعرضاً بعض

الآثار التشريعية والوضعية والثواب الذي يحصل عليه العبد من إتيان الأحكام

الشرعية التي أمر بها عزّ وجلّ في كتابه الكريم كلّ في محلّه.

اعتُمد في تحقيق هذا السفر المبارك على ستّ نسخ

خطيّة ونسختين مطبوعتين ، وكذا تمّ عرضه على بعض المصادر والجوامع الحديثية التي

نقلت عنه بعض الآيات وتفسيرها والأحاديث الواردة فيه.

تحقيق : السيّد علي عاشور.

نشر : مؤسّسة قائد الغرّ المحجّلين / 1426 ه.

* تذكرة

الفقهاء ج 15 - 16.

تأليف : العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648

ه- - 726 ه)

في الفقه المقارن الاستدلالي بين المذاهب الإسلامية.

استوعب فيه فتاوى العلماء وقواعد الفقهاء ، ثمّ

أشار في كلّ مسألة إلى

ص: 400

الخلاف الواقع فيها معتمداً على الرأي الصحيح منها

محتجاً بالأدلّة الواضحة ، وردّ الآراء الاُخرى ردّاً علميّاً استدلالياً.

وقد اعتُمِد في تحقيق هذا السفر خمس عشرة نسخة

خطّيّة ، وثلاث نسخ خطّيّة آخر رمز لها بالأحرف (ث ، ر ، ص) ، قوبلت مع الكتاب

من بداية الجزء الثالث عشر فما بعد.

صدر سابقاً منه أربعة عشر مجلّداً اشتملت على كتاب

الطهارة حتّى بحث الحوالة ؛ أمّا هذان المجلّدان فقد حويا بحوث الوكالة ،

والإقرار من توابع كتاب الديون وبحث الصلح وكتاب الأمانات والوديعة ، والعارية ،

والشركة.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلاملإحياء

التراث - قم - إيران / 1427 ه.

* الإجازة

الكبيرة.

تأليف : العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر (648 -

726 ه).

يحتوي الكتاب على الإجازة المذكورة آنفاً في عنوان

الكتاب وقد أجازها العلامة إلى خمسة من أعلام بني زهرة الحسينيين الساكنين في

حلب ، وهي تعدُّ مصدراً رجالياً ، حيث أورد فيها أسانيد مهمّة وأسماء رجال لم يعرف

عنهم شيئاً ، وذكر

اتصالها بأعلام الفريقين ، فقد امتازت الإجازة

بقيمة علمية وتاريخية.

حقّقت هذه الرسالة على المنهجية التالية : تصحيح

الاسماء بإرجاعها إلى مصادر تراجم الرواة ، إضافة أسماء الرواة الساقطة في

الأسانيد ، ذكر تراجم مختصرة للرواة الواردة أسماؤهم على القدر المتمكّن ،

والاعتماد على ثلاث نسخ للإجازة.

تحقيق : كاظم عبّود الفتلاوي.

نشر : مكتب المواهب - النجف - الأشرف - العراق /

1426 ه.

* منهاج

الكرامة في معرفة الإمامة.

تأليف : العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (648

- 726 ه).

تناول هذا الكتاب مسألة الإمامة ، وهي أهمُّ مسألة

بين المسلمين اختُلِفَ فيها إبّان رحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهو

يدعوهم إلى كتابة وصية لن يضلّوا بعدها أبداً وإلى يومنا هذا ، وقد استقصى

العلاّمة رضوان الله عليه البحث استدلالياً مستوفياً لكلّ فصوله عقائديّاً

وتاريخيّاً إعتمد فيه على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قدّمه

إلى الملك : (محمّد خدابنده الجايتو) وهو حديث عهد باعتناقه لمذهب أهل

ص: 401

البيت عليهم السلام.

يتألّف هذا الكتاب من مقدّمة وأربعة فصول ، تناول

فيها أقوال المذاهب في مسألة الإمامة ، وإثباته لوجوب اتّباع مذهب الإمامية ،

والادلّة على إمامة الإمام علي عليه السلامبعد رسول الله

صلى الله عليه وآله وسلم حيث

تناول الأدلّة العقلية والقرآنية والمنقولة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأدلّة

الدالّة على إمامته المستنبطة من أحواله عليه السلام.

حقّق باسلوب علمي اعتمد فيه عدّة نسخ للكتاب مع ذكر

الاختلاف ، وقد استدرك في تعليقاته على معظم الأمور القرآنية والحديثية القرآنية

والحديثية والروائية التاريخية مستنداً على أهمّ المصادر لفرق المسلمين ، ويحتوي

على مقدّمتين للطبعة الاُولى والثانية.

تحقيق : الاستاذ عبدالرحيم مبارك.

نشر : مكتبة (عروج انديشة) - مشهد - إيران / 1425

ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* الشفاعة ،

حقيقة إسلامية.

تأليف : محمد هادي الأسدي.

دراسة عن إحدى الحقائق الإسلامية

المهمّة ، وهي مسألة الشفاعة وما يتعلّق بها من

أُمور ، تكفّلت بإيضاح الأدلّة عليها ، ومناقشة شبهات أُثيرت بشأنها ، استناداً

الى الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبويّة الشريفة.

تناولت عبر فصولها الأربعة : مفهوم الشفاعة

وحقيقتها في القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة ، وآراء علماء المسلمين في

الشفاعة ، ومناقشة بعض الإشكالات والردّ عليها ، ثمّ أثر الشفاعة في المصالح

الدنيوية ، وأخيراً مَنْ هم الشفعاء ومَن هم المشمولين بالشفاعة وغير المشمولين

بها.

أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف

الإسلامية برقم 7 ، في قم سنة 1418 ه.

وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ،

سنة 1426 ه.

* سلامة

القرآن من التحريف.

تأليف : علي موسى الكعبي.

بحثٌ موضوعيٌّ لمسألة تحريف القرآن - بالزيادة أو

النقصان يثبت سلامته منها بالأدلّة والبراهين الواضحة والمتقنة ، تضمّن : معنى

التحريف وأنواعه ، وأدلّة نفيه ، نماذج من روايات التحريف في كتب الشيعة وكتب

أهل السُنّة ، وأقوال

ص: 402

وآراء علماء الفريقين في ردّها أو تأويلها.

وعرضاً لمراحل جمع القرآن ، مبيّناً تناقض الأخبار

الواردة بجمعه في عهد

أبي بكر وعمر وعثمان ، ومخالفتها لأدلّة جمعه في

زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

موضّحاً عدد من الشبهات التي يحاول بعضٌ أن يثيرها

ليستدلّ بها على اتّهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن.

أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف

الإسلامية برقم 2 ، في قم سنة 1417 ه.

وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ،

سنة 1426 ه.

* البدعة ،

مفهومها وحدودها.

تأليف : محمد هادي الأسدي.

بحث مختصر في مسألة البدعة ، وبيان الموارد الصحيحة

والمصاديق الحقيقية لها وفقاً لِما جاء في كتاب الله العزيز وسُنّة رسوله الأمين

صلى الله عليه وآله وسلم وهدي

أئمّة الهدى المعصومين عليهم السلام.

اشتمل البحث على : تعريف البدعة والإشارة إلى

تحريمها في ما ورد من آيات القرآن الكريم وروايات السُنّة النبوية المطهّرة ،

تحديد مفهومها وتوضيح شروطها وحدودها ، عرض أدلّة عدم

جواز تقسيمها إلى حسنة وسيئة ، الأسباب المؤدّية

إلى نشوء البدع وانتشارها ، دور أئمّة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام في

مواجهة ومحاربة البدع والمقولات المحدثة ، وأقوالهم في : الجبر والتفويض ،

القياس والرأي ، التصوّف والرهبنة ، عقيدتي التشبيه والتجسيم ، والغلوّ والغلاة.

وأخيراً التعرّض لذكر أمثلة ونماذج للبدع المحدَثة

في الدين : وهي النهي عن متعة الحجّ ، إقامة صلاة التراويح جماعة ، وصلاة الضحى.

ومناقشة بعض الممارسات التي تُنسب للبدعة وهي ليست

كذلك ، فضلاً عن كونها من السُنّة ، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وشدّ

الرحال لزيارة قبر النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وقبور

الأولياء والصالحين.

أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف

الإسلامية برقم 9 ، في قم سنة 1418 ه.

وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ،

سنة 1426 ه.

* الأمر بين

الأمرين.

تأليف : محمد مهدي الآصفي.

بحث يعالج مسألة أفعال الإنسان وسلوكه ، وكيفية

ارتباطها بخالقه عزّ وجلّ ،

ص: 403

يعرض إتجاهاتها الثلاثة : الجبر ، الاختيار

التفويض والمنزلة التي بينهما ، ويذكر أدلّتها ، ويناقشها في ضوء النصوص

القرآنية والسنّة النبوية المطهَّرة ودليل العقل ، معتمداً المصادر المهمّة

والموثّقة.

مقسّم إلى فصول يتناول فيها : الحتمية التأريخية

والحتمية الكونية ، موقف القرآن الكريم من مسألة الحتمية واستقلال الإنسان ؛ إذ

يقرّر مبدأيْ حرّية إرادته واختياره ، وعدم استقلاله في الإرادة واتّخاذ القرار

، ثمّ مذهب أهل البيت عليهم السلام : الأمر بين

الأمرين ؛ متناولاً جبهات الصراع العقائدي في الموضوع ، ودورهم عليهم السلام في

مواجهة التيّارات المنحرفة ، وفي الدفاع عن التوحيد والعدل من خلال تقديم أُصول

متعدّدة عن القضاء والقدر في الكون وحرية الاختيار لدى الإنسان داخل الدائرة

الحتمية للقضاء والقدر.

أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف

الإسلامية برقم 5 ، في قم سنة 1417 ه.

وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ،

سنة 1426 ه.

* الدرّ

الثمين أو (ديوان المعصومين).

تأليف : محمّد علي المدرّس.

يشتمل على الأشعار المنسوبة إلى المعصومين الأربعة

عشر : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل

بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام ، قدّم له

الشيخ السبحاني مقدّمةً يبحث فيها عن الشعر والشعراء في الكتاب والسنّة وموقف

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأئمّة

أهل البيت عليهم السلام من

الشعر والشعراء وإنشادهم عليهم السلام الشعر و...

وقد احتوى الكتاب على مقدّمة وأربعة عشر باباً ،

ذكر في كلِّ باب منها : نبذةً مختصرة عن حياة كل منهم عليهم السلام ،

ثمَّ الشعر المنسوب إليهم ، بدءاً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحتّى

الإمام المهدي المنتظر (عج).

نشر : مؤسسة الامام الصادق عليه السلام

قم - إيران / 1426 ه-

* الهجوم على بيت فاطمة عليها السلام.

تأليف : عبد الزهراء مهدي.

كتاب يسعى للإحاطة بتفاصيل محنة الزهراء عليها السلام

بضعة أبيها الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم بُعيد

وفاته ، وقصّة الهجوم على بيتها وإضرام النار في بابه ؛ لإحراقه بمن فيه ،

واقتياد بعلها أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلامإلى

البيعة مكرهاً ..

تضمّنت فصوله الستّة عدّة مواضيع تدور حول هذه

القضية ضمن عناوين :

الوحي يُحذّر ويُخبر : إيصاء

ص: 404

النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأهل

بيته عليهم السلام وإخباره

إيّاهم بالظلم والاضطهاد والغدر الذي سيلاقوه بعده .. انقلاب الأصحاب على

الأعقاب : رزية يوم الخميس ، وترك جنازته صلى الله عليه وآله وسلم ،

السقيفة وتدبير البيعة ، وإجبار الناس عليها والتخلّف عنها .. تفصيل الهجوم على

البيت : إحراق الباب ، وإسقاط جنين الزهراء عليها السلام ،

كيفية إخراج الإمام عليه السلامللبيعة ، وفاة

الزهراء وتجهيزها ليلاً ، ودفنها سراً وإخفاء موضع قبرها عليها السلام

.. تفصيل النصوص والآثار عن علماء الفريقين : روايات وأقوال العامّة والخاصّة في

الواقعة .. تظلّم أهل البيت عليهم السلام : تصريحهم في

مواقف كثيرة بآلامهم وبما عانوه من الظلم وغصب الحقوق ، وبعض كلماتهم في ذلك ..

بعض الأسئلة الشبهات المطروحة والأجوبة عليها .. وأخيراً خاتمة في ذكر الكتب

الجامعة لروايات الهجوم وأسانيدها.

صدر في بيروت سابقاً ، وأعادت طبعه انتشارات (برگ

رضوان) ، قم ، إيران ، في سنة 1425 ه.

* الكشّاف

المنتقى لفضائل علي المرتضى عليه السلام.

تأليف : كاظم عبّود الفتلاوي

عبارة عن فهرسة يذكر فيها جملة من فضائل أمير

المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلاميعدّ فيها ذكر

المصادر من كتب العامّة - حيث وردت بها الفضائل التي انتقاها المصنّف من آيات

وأحاديث معتمداً في الأحاديث على ما قاله الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وقد

رتّبها على قسمين أمّا الآيات القرآنية فقد رتَّبها حسب ترتيب القرآن للسور وأما

الأحاديث النبويّة الشريفة الواردة في حقّه عليه السلام

فقد رتّبها على حروف الهجاء ، وقد اكتفى بكلا الينبوعين محترزاً عمّا قاله عليه السلام

عن نفسه وما قاله الصحابة والتابعون ، مبتعداً عن الإطالة.

نشر : منشورات لسان الصدق - النجف الأشرف - العراق

/ 1426 ه.

* الصحابة في

الميزان.

تأليف : عبّاس محمّد

يدور نقاشه حول الصحابة وعدالتهم ، وهو الموضوع

الذي لا زال محلّ اختلاف مذاهب المسلمين ، فناقشه بادلّة الآيات والأحاديث

النبوية الشريفة في بحث علمي تاريخي يدرس به أقوال علماء العامة واختلافاتهم في

تعريف الصحابة وعدالتهم بدراسة منهجيّة في معرفه

ص: 405

أحوالهم وأختلافاتهم وبعض المواقف المخالفة للكتاب

والسنّة.

يشتمل على مقدّمة وتمهيد يبين فيهما أهمّية مسألة

عدالة الصحابة وتعريف الصحابي والعدالة ، ويحتوي تسعة فصول تقدّم للقارئ الدراسة

بتفصيل مشروح.

نشر : مؤسسة المحبّين - قم - إيران / 1427 ه.

* الإمامة في

القرآن والسنّة.

تأليف : امتثال الحبش

كتاب قيّمٌ وإن عدّ كُتيِّباً في حجمه يتطرّق إلى

مبحث الإمامة بكلِّ شجاعة وبإحساس مرهف تشعر منه روح الإيمان والتعلّق بحبل الله

الوثيق نبع عن فكر يبحث في مقتبل العمر عن نور الحقيقة ليقول إنّها موهبة الهيّة

إنّها عصمة ربّانيّة إنّها رسالة محمديّة ودوحة علويّة فاطمية لا شرقية ولا

غربية إنّها ... وإنّها ...

عمدت المؤلّفة إلى كتابة ما استنتجته من خلال

دراستها لعقائد المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيت عليهم السلام اعتماداً

على الكتاب والسنّة ، فذكرت آيات التطهير والطاعة والولاية ثمَّ تعرّضت لحديثي

الثقلين والغدير لتستدلّ بها على إمامة وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

عليه السلام بقلم أديب

وبيان سلس.

نشر : مركز الأبحاث العقائديّة - قم - إيران / 1427

ه.

كتب

صدرت حديثاً

* الإيمان

والكفر.

تأليف : جواد الورد.

يتألّف هذا الكتاب من مقدّمة وثمانية فصول ، تدعوا

المسلمين إلى الوحدة ، والاعتصام بحبل الله ، ونبذ الفرقة ، وردّ الاختلاف إلى

الكتاب والسنّة ضمن دراسة عقائدية ، تاريخيّة تبيّن أهمّ المشتركات بين المسلمين

..

معالجة الأفكار التكفيرية بيان معنى الإسلام

والإيمان يبتنى ، وأقسام الشرك والفرق بينه وبين الكفر ، وعدم جواز رمي المسلم

بالشرك والكفر ، وحرمة تكفير وقتل ساب الصحابة لعدم رمي علماء المسلمين السابين

للإمام علي (ع) بالكفر كما تناول الكتاب قضية الكاتب المصري اُسامة أنور عكاشة

حيث أبدا نظره في عمرو بن العاص ، وتكفير من قبل محام مصري تأثّر بالفكر

التكفيري ..

وعرّج إلى شبهة التكفير ونشوئها من نجد والطائف

وكما تناول الأفعال الوحشية

ص: 406

للتكفيريّين من قتل النساء والأطفال ، وهتك الحرمات

... كما وضح أفكار ابن تيمية وخرقه لإجماع المسلمين بتحريم زيارة قبر النبي ،

وأنّ مؤسّس الوهابية محمّد بن عبد الوهاب مجدّد آراء ابن تيمية ، وتناوله مسألة

تبنّي السلفية لرموز الحشوية واعتقاداتهم.

نشر : مؤسّسة البلاغ - دار سلوني - بيروت - لبنان /

1426 ه.

* كيف ردّ

الشيعة غزو المغول.

تأليف : الشيخ علي الكوراني.

يشتمل هذا الكتاب على إثني عشر فصلاً وفي آخره

ملاحظات حول الدولة العثمانية ، تناول فيه المصنّف من خلال دراسته التاريخ

المغولي وظهور دولة جنگيزخان واستيلاءه على الصين و... واجتياحه لبلاد الاسلام ،

بدراسة تاريخية تحليليّة ..

وتأثّر التيار المغولي بالثقافة الاسلامية بسبب

الجهاد العلمي لشخصيّتين قويّتين من كبار علماء ومراجع الشيعة وفقهاء أهل البيت عليهم السلام الخواجة

نصير الدين الطوسي قدس سره ، والعلاّمة

الحلي قدس سره

حيث ذكر دورهما بإيجاز في أربع نقاط ، جهادهما العلمي الثقافي الذي كان سبباً

لدخول

الكبار من شخصيّاتهم إلى حضيرة الإسلام ، وتأسيس

الدولة الشيعية الصفوية في إيران وظهور الدولة العثمانية في تركيا ، وردّ فكرة

القائلة بأنّ الشيعة هم السبب في اجتياح المغول لبلاد الاسلام ، حيث عبّر عن

الشيعة بأنّهم كانوا قارب النجاة للاُمة من سوء أفعال الخلفاء وجهازهم السيّئ.

نشر : مركز العلاّمة الحلّي الثقافي - محافظة بابل

- الحلّة - العراق / 1426 ه.

* حياة الإمام

علي الهادي عليه السلام دراسة

وتحليل.

تأليف : الشيخ محمّد جواد الطبسي. وهو الكتاب

الثالث له من موسوعته الشاملة لحياة العترة الطاهرة عليهم السلام.

يحتوي هذا الكتاب على دراسة شاملة لحياة الإمام علي الهادي عليه السلام ،

والأحداث التي دارت في زمانه ، ومَن عاصر من الولاة العباسيّين ، وقد رتّبه على

عدّة فصول ، وقد بلغت اثنين وعشرين فصلاً ، تناول فيها حياته والنصّ على إمامته

وسموّ مقامه ، وإيمانه وعبادته وغزارة علمه ، وضع العلويين في عصره. والدور

الخاصّ له عليه السلام ،

والإمام عليه السلاموالمدرسة

العقائدية و...

نشر : دار الهدى - قم -

ص: 407

إيران / 1426 ه.

* الغاية في

شرح الكفاية ، ج 1.

تأليف : السيّد زهير الأعرجي.

شرحٌ معاصر لكتاب كفاية الأصول للآخوند الخراساني قدس سره (ت

1329 ه) والذي يعد من ابرز كتب الأصول المتأخرة ، فهو في حقيقته ثلاثة شروح ،

يسعى فيه المؤلّف بيان وفك عبارات ومطالب الكتاب المغلقة الغامضة ، بمنهج علمي

وبأساليب ثلاثة : مبسوطٌ ومزجيٌ وفلسفي.

اشتمل هذا الجزء على ثلاثة أبواب تضمّن كلٌّ منها

شرحاً لمباحث الكفاية من أوّلها وإلى نهاية الأمر التاسع (الحقيقة الشرعية) ،

الأوّل كان شرحاً مبسوطاً والثاني مزجياً ، والثالث تعرض فيه لفلسفة اللغة

ومباحث الالفاظ وتطرّق إلى النظريات الحديثة في هذا المجال.

صدر في قم في سنة 1424 ه.

* مؤتمر

السقيفة.

تأليف : باقر شريف القرشي.

كتاب تدور مواضيعه وأحداثه حول سقيفة بني ساعدة

وتأثير ذلك الحدث تاريخياً على مسار الأمة.

يحتوي هذا الكتاب على تمهيد وعدّة فصول ، فالتمهيد

يحتوي على شرح حال قريش ومعاناة المسلمين في بداية الدعوة ، والهجرة إلى الحبشة

ومدينة وتأسيس الدولة الإسلامية هناك وما تلاه من الأحداث حتّى فتح مكّة ،

والبحث حول الخلافة وتعريفها والنص عليها ، وبيان صفات الإمام ، وواجباته ،

ومسؤوليّاته ، وعرض الآيات الشريفة والأحاديث الواردة في حقّ الإمام عليه السلام ،

ومنزلته يوم القيامة والتمهيد للبلاغ الأخير حول الخلافة وما سبقته من إشارات وتصريحات

له. وبيان ما سبق السقيفة من أحداث ووفاته صلى الله عليه وآله وسلم ودراسة

تحليلية لما دار فيها من أُمور ، وما تلاها من أحداث بعد الواقعة.

نشر : مهر أمير المؤمنين - قم - إيران / 1426 ه.

* نصوص القرآن

في أُمناء الرحمن ج 1 - 2.

تأليف : السيّد قاسم هجر.

يجمع كلَّ الآيات النازلة في شأن عترة الرسول

الطاهرة عليهم السلام من

طريق السنّة والمذاهب الأربعة التي وردت بأسانيد صحيحة وأحاديث صريحة ورواة ثقات.

وقد رتّبها مبوّبة في أحد عشر باب

ص: 408

حسب المواضيع المعنونة لكل باب بدءً بأمير المؤمنين

علي بن أبي طالب عليه السلام في سبقه إلى

الاسلام و... إلى إمامة الأئمة الاثني عشر والإمام المهدي المنتظر.

وذكر في الهامش التخريجات لجميع المصادر المعوّل

عليها في جمع النصوص مع ذكر تراجم مؤلّفيها من كتاب الغدير.

نشر : مركز الغدير للدراسات الاسلامية - بيروت -

لبنان / 1422 ه.

* حجة الوداع.

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

يتناول هذا الكتاب دراسة تاريخية بكلّ ما يتعلّق

بهذا اليوم العظيم الذي ألقى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحجّة

على اُمّته في تبليغ رسالته وأداء أمانة ربّه وتنصيب من ارتضته السماء لاكمال

الدين وإتمام النعمة.

فاشتمل على جميع شعائر الحجّ ومواقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما

أتى به من أعمال الحجّ وما صادف هذه الأيّام من مواقف وقصص تاريخية معتمداً على

الروايات الصادرة في مدرسة أهل البيت عليهم السلام بهذا

الشأن ، وذكر خطبة يوم العيد وأيّام التشريق و... وقفة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغدير

خمّ ونصب علي إماماً ، ويليها ميّزات الحجّ الجاهلي وحجج النبي

وعمراته صلى الله عليه وآله وسلم ومن

مكّيات المعصومين عليهم السلام و... كما لا

يخفى تعرّض الكتاب لبعض المسائل الفقهية.

نشر : مركز فقه الأئمّة الأطهار - قم - إيران /

1425 ه.

* الحسين عليه السلام في

مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي

عليه السلام.

تأليف : السيّد سامي البدري.

يتبنّى دراسة تاريخيّة فكريّة لنهضة أبي الأحرار

الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلاميتناول بها

سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلاموالحسن

والحسين عليهما السلاموالانقلاب

الاموي ونقضه للعهود وتصفية الشيعة واطروحة معاوية للحكم ومن ثمَّ حركة الحسين

في مواجهة التمرّد الأموي وآثار نهضة الحسين عليه السلاموشهادته

، يتألّف من خمسة أبواب حيث تمّ الباب الخامس بدراسة ملخّصة للكتاب وخاتمة.

نشر : مؤسسة طور سينين - بغداد - العراق / 1426 ه.

* مصائب

النواصب.

تأليف : القاضي الفقيه السيّد نور الله

ص: 409

التُستري (1019 ه).

ورد في ردّ بعض الأحاديث الموضوعة والمفتريات على

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،

فيردّها ردّاً دقيقاً بأدلّة شافية ، وافية ، من كتاب الله وسنّة رسوله باسلوب

علمي منطقي ، ويحتوي على تحليل بعض الأمور التي حدثت بعد وفاة نبي الأمّة صلى الله عليه وآله وسلم ،

وما أورد على الشيعة من المفتريات.

علماً أنّ هذا الكتاب طبع اعتماداً على نسخة نقصت

من أوّلها عدّة صفحات ، فالكتاب المطبوع يبدأ من الحديث الثالث وما بعده.

ويحتوي هذا الكتاب على سبعة أحاديث ، وخاتمة.

نشر : أنوار الزهراء ، إعداد مؤسّسة قائد الغرّ

المحجّلين / 1426 ه.

* الإمام جعفر

الصادق عليه السلام زعيم

مدرسة أهل البيتعليهم السلام.

تأليف : الدكتور محمّد حسين علي الصغير.

وهو الكتاب السابع من موسوعة أهل البيت الحضارية.

يتركّز على دراسة وبحث حياة الإمام السادس من أئمّة أهل البيت والثامن من

المعصومين الأربعة عشر ،

دراسةً وبحثاً استدلالياً ، علمياً ، من ولادته

وحتّى شهادته ومدفنه ، والأحداث التي حصلت في زمنه ، ومَن عاصر من حكّام عصره ،

وما لاقاه منهم ، وسيرته مع أُمّة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،

وعلمه ، وتلامذته ، ومواليه ، وكلّ ما حام حوله سلام الله عليه من الأمور السياسية

، والاجتماعية ، والدينية.

يتضمّن هذا الكتاب بابين كلّ باب يحتوي على فصول ،

وينهض كلّ فصل بعدّة بحوث ؛ فالباب الأوّل : هو الإمام الصادق عليه السلام

وأفاق عصره ، ويحتوي على أربعة فصول ، كلّ فصل ينطوي على خمسة بحوث.

والباب الثاني : هو معالم مدرسة أهل البيت عند

الإمام الصادق عليه السلام ، ويحتوي أربعة فصول وخاتمة ، والفصل

منها متفاوت ، فالأوّل ينطوي على ثلاثة بحوث ، والثاني على خمسة ، والثالث على

أربعة والأخير على اثنين.

نشر : مؤسّسة البلاغ - سوريا / 1425 ه.

* دروس في

الاقتصاد الاسلامي.

تأليف : علي حسن مطر.

قام بدراسة للاقتصاد الاسلامي معتمداً

ص: 410

على الكتب التالية : اقتصادنا والبنك اللاربوي

والمدرسة الاسلامية للشهيد السيد محمّد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه

مبنيّاً على الاقتصار في تعريف المحتوى الاقتصادي في التشريع الاسلامي معرضاً عن

سائر المذاهب الاقتصاديّة غير الاسلاميّة سوى ما اقتضته المقارنة في أفضلية

النظام الاقتصادي الاسلامي حيث يكشف عن خطة السيد الشهيد رحمه الله في العلاقة

بين المذهب الاقتصادي وبين القانون المدني والنظام المالي ، يشتمل على ثلاثين

بحثاً.

نشر : انتشارات ناظرين - قم - إيران / 1426 ه.

* معجم

المصطلحات الفقهية.

تأليف : الشيخ إبراهيم إسماعيل الشهرَكاني.

يحتوي على جميع المصطلحات الفقهية بعد بحث واستقراء

في الكتب المؤلّفة في هذا المجال ، والمراد بالمصطلح الفقهي : ما كان مصطلحاً

روائيّاً أو ما اصطلح عليه الفقهاء ، بيّنت وشرحت بمنهج دراسي علمي مبسوط

ابتداءً من كتاب الطهارة طبق التسلسل الموجود لكتب الفقه إضافة إلى بعض القواعد

الفقهية المرتبطة بالبحث المذكور لها وبعض

المصطلحات العامة القليلة ، ورّتب كلُّ منها على الحروف الهجائية حسب أبوابها

تسهيلاً للباحث في العثور عليها.

نشر : مؤسسة الهداية - بيروت - لبنان / 1423 ه.

* إذهاب الرجس.

تأليف : الشيخ غالب السيلاوي.

يحتوي على دروس مدوّنة في الامامة والعصمة يدور

البحث فيها حول آية التطهير وشرحها مفصّلاً فيما ترمي إليه الآية من لطيف

المعاني جمع فيها آراء علماء المذهب وناقشها بمنهج علمي جامع مانع ، يشتمل هذا

الكتاب على تمهيد وإثني عشر مرحلة وخاتمة انضمّ إليها ما رواه الكليني في صفات

الإمام المعصوم عليه السلاموبيان بعض الأسرار وحديث الكساء.

صدر في قم سنة 1426 ه.

* عبدالله بن

عمر ومدرسة الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

تأليف : باسم الحلّي.

يبحث هذا الكتاب شخصيّة تاريخية تشرّفت بصحبة

الرسول الأعظم

ص: 411

محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكان

لها الدور المهم في سطور التاريخ حيث عدّت مؤشراً في مسار الأمّة وقد مرّت هذه

الشخصية بالكثير من الأحداث والفتن لتترك بصماتها على صفات أيّامها ، فقد تناول

هذا الكتاب البحث عما دار حول شخصية عبدالله بن عمر من ملابسات في تلك الظروف

العسيرة التي مرّ بها ليستكشف القارئ الحقائق بدراسة علميّة موضوعيّة ذكرت في

المقدّمة ودار مدارها في أربعة فصول يقف فيها الباحث موقف الحكم المنصف في معرفة

هذه الشخصيّة.

نشر : نشر (ژرف) - طهران - إيران / 1424 ه.

* معاوية.

تأليف : عبد الباقي قرنة الجزائري.

يحوم البحث فيه حول شخصية معاوية بن أبي سفيان لِما

لاقاه المؤلّف من تناقضات بين سلوك معاوية وما يسكن في خياله حول من صحبوا النبي

صلى الله عليه وآله وسلم وشهدوا

الوحي والمعجزات إثر ما عثر عليه خلال مطالعاته وقد أدّت رحلته الفكرية وهجرته

عن الوطن لما عاناه من تعسَّف من أهل عقيدته سابقاً إلى البحث والتنقيب و.. حتى

وقع على الحقيقة في

اعتناقه لمذهب أهل البيت عليهم السلام ،

فقدّم هذا الكتاب ليكشف به القناع عن وجه معاوية في دراسة تاريخية يغور بها في

أعماق التاريخ ، يشتمل على مقدمة وإثني عشر فصلاً ابتداءً من بني اُميّة

وانتهاءً بيزيد بن معاوية وأخباره.

نشر : انتشارات دار التفسير - قم - إيران / 1426.

*المعجم

الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف.

تأليف : الشيخ علي الكوراني.

هذا الكتاب هو معجم موضوعي يمكن القول بأنّه متمّم

لكتاب معجم أحاديث الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف ، وردت فيه بعض الروايات

والأحاديث التي لم ترد في المعجم ، وهو مدعوم بشيء من البحث والتحقيق ، ويتضمّن

بحوثاً مستوعبة ، سهلة التناول ، شملت عامّة أحاديث المعجم ويحتوي على موضوعات

لها صلة بما ابتُلِيَت به أُمّتنا الإسلامية وخصوصاً أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعترته

من قبل أئمّة الجور وحكّام الفساد ، وتوالي الأحداث حتّى غيبة الإمام عجّل الله

فرجه ، وما جرى في عصر الغيبة ممّا أخبر بها نبي الرحمة وأهل

ص: 412

بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، وعلامات الظهور.

ينطوي هذا المعجم على أربعين فصلاً تتضمّن عدّة

مواضيع تشتمل على عدد من الأحاديث الشريفة المتعلّقة بالبحث.

نشر : دار الهدى - قم - إيران / 1426 ه.

* قرآن علي عليه السلام.

تأليف : الشيخ علي الكوراني.

يعد الكتاب الثاني من السلسلة الثقافية المسماة

بمكتبة الطالب ، يهتمّ بدور الإمام عليعليه السلام

في كتابة الوحي وتدوينه بأمر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ،

ودوره عليه السلام

في جمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

يحتوي على مقدّمة يذكر فيها دور الإمام عليعليه السلام

في الفتوحات الاسلامية على عهد الخلفاء ، وسبعة فصول : في مصونية القرآن من

التحريف عند الشيعة والسنّة ، وموقف الخليفة الثاني من القرآن والسنة ، ونقص

القرآن وزيادته برأي الخليفة وخاصته ، وعدم اعترافهم بالمعوذتين والبسملة ،

وأسطورة نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأكاذيب الحكومة في جمع فلان وفلان للقرآن

، وحقيقة جمع القرآن في عهد الخلفاء

الثلاثة.

نشر : مركز المصطفى للدرسات الاسلامية - قم / 1427

ه.

* التكافل

الاجتماعي في مدرسة أهل البيتعليهم السلام.

تأليف : عباس ذهبيّات.

يدور بحثه حول الرعاية الاجتماعية في الاسلام على

مبدأ التكافل الذي يعني تحسّس الإنسان آلام أخيه الانسان معنويّة كانت أو مادّية

يستعرض فيه الآيات القرآنية ونبذة من سيرة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة

أهل بيتهعليهم السلام مؤكداً

على أنّ الاسلام هو المقنّن للكفالة الاجتماعية والمشجع عليها والمحذّر من تركها

أو التهاون بشأنها ضمن دراسة تشتمل على مقدّمة وثلاثة فصول في اسس التكافل

الاجتماعي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومن يحتاج إلى

التكافل ومتطلّبات التكافل وسبل تأمينها.

نشر : مركز الرسالة - قم / 1425 ه.

* دراسات في

منهاج السنّة لمعرفة ابن تيمية (مدخل لشرح منهاج الكرامة).

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

ص: 413

كتاب تدور أبحاثه حول معرفة ابن تيمية في عقيدته

وآرائه في صفات الباري عزّوجلّ والقول بالتجسيم والتشبيه وخلق القرآن وأفعال

العباد والإمامة والخلافة وموقفه من أهل البيت عليهم السلام ومواليهم

من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ،

وما ورد في حقّه من المدح والذمّ ، جاعلاً لكتابه (منهاج السنّة) المدخل للتعرّف

على شخصيته وأحواله بدراسة شاملة ، ولمعرفة منهجه في التعامل مع مصادر التشريع

والتاريخ الإسلامي ، ووقائعه.

فلمّا كان كتاب منهاج السنّة هو ردّ على كتاب

العلاّمة الحلي وكتابه (منهاج الكرامة) ؛ افتُتِح هذا الكتاب بمدخل للتعريف

بالعلاّمة الحلّي وترجمته ومؤلّفاته ثمّ إلقاء نظرة على كتابه (منهاج الكرامة)

وسبب تأليفه و...

يضمّ هذا الكتاب مقدّمةً ومدخلاً وعشرة أبواب.

نشر : دار الهدى - قم - إيران.

* الإمام موسى

بن جعفر عليه السلام ضحية

الإرهاب السياسي.

تأليف : الدكتور محمّد حسين علي الصغير

يعدُّ الكتاب التاسع من موسوعته (موسوعة أهل البيت

الحضارية) والتي تشتمل على دراسة موضوعية ، سياسية ، علمية ، اجتماعية عن حياة

أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم

، وقد خصّص الجزء التاسع منها لدراسة حياة الامام السابع من أئمّة أهل البيتعليهم السلام ،

من بداية نشأته وحتى شهادته ، والأدوار التي مر بها ، والأسباب التي أدّت إلى

سجنه مدّة حياته وفي عدة سجون حتى قضى نحبه على يد السندي بن شاهك.

احتوى هذا الكتاب على مقدّمة وثمانية فصول وقصيدتين.

نشر : مؤسسة البلاغ - بيروت - لبنان / 1426 ه.

ص: 414

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.