تراثنا المجلد 71

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1423 ه.ق

الصفحات: 438

ص: 1

محتويات العدد

* تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (23).

..................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 7

* عدالة الصحابة (10).

........................................................... الشيخ محمّد السند 52

* المتبقّي من شعر العلّامة البلاغي.

....................................................... الشيخ محمّد الحسّون 135

* دليل المخطوطات (13) - مكتبة الميبدي.

........................................................ السيّد أحمد الحسيني 188

ص: 2

* فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (13).

....................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه 245

* مصطلحات نحوية (22).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 286

* من ذخائر التراث :

* الأرض والتربة الحسينية - للعلّامة محمّد الحسين كاشف الغطاء قدّس سرّه.

................................................ تحقيق : رباح كاظم الفتلي 297

* من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 419

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة «لوامع الأنوار في شرح عيون الأخبار» للمحدّث الجزائري ، السيّد نعمة الله بن عبدالله الموسوي (1050 - 1112 ه) ، والذي تقوم مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بتحقيقه.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (23)

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

حديث الغدير

المراجعة (54) - (60)

قال السيّد - رحمه الله - :

أخرج الطبراني وغيره بسند مجمع على صحّته (1) ، عن زيد بن أرقم ، قال : خطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بغدير خمّ ، تحت شجرات ، فقال : أيّها الناس! يوشك أن أُدعى فأُجيب (2) ، وإنّي مسؤول (3) ،

ص: 7


1- صرّح بصحّته غير واحد من الأعلام ، حتّى اعترف بذلك ابن حجر ؛ إذ أورده نقلاً عن الطبراني وغيره في أثناء الشبهة الحادية عشر من الشبه التي ذكرها في الفصل الخامس من الباب الأوّل من الصواعق ص 25.
2- إنّما نعى إليهم نفسه الزكية تنبيهاً إلى أن الوقت قد استوجب تبليغ عهده ، واقتضى الأذان بتعيين الخليفة من بعده ، وأنّه لا يسعه تأخير ذلك مخافة أن يدعى فيجيب قبل إحكام هذه المهمّة التي لا بُدّ له من إحكامها ، ولا غنىً لأُمّته عن إتمامها.
3- لمّا كان عهده إلى أخيه ثقيلاً على أهل التنافس والحسد والشحناء والنفاق أراد صلّى الله عليه وآله - قبل أن ينادي بذلك - أن يتقدّم في الاعتذار إليهم تأليفاً لقلوبهم وإشفاقاً من معرّة أقوالهم وأفعالهم ، فقال : وإنّي مسؤول ؛ ليعلموا أنّه مأمور بذلك

وإنّكم مسؤولون (1) ، فماذا أنتم قائلون؟!

قالوا : نشهد أنّك قد بلّغت وجاهدت ونصحت ، فجزاك الله خيراً.

فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور؟!

قالوا : بلى نشهد بذلك (2).

قال : اللّهمّ اشهد.

ثمّ قال : يا أيّها الناس! إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أوْلى بهم من أنفسهم (3) ، فمَن كنت مولاه ، فهذا مولاه - يعني عليّاً - اللّهمّ والِ ون

ص: 8


1- لعلّه أشار بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : وإنّكم مسؤولون ، إلى ما أخرجه الديلمي وغيره - كما في الصواعق وغيرها - عن أبي سعيد إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : (وقفوهم إنّهم مسؤولون) عن ولاية عليّ ، وقال الإمام الواحدي : (إنّهم مسؤولون) عن ولاية عليّ وأهل البيت ، فيكون الغرض من قوله : وإنّكم مسؤولون ، تهديد أهل الخلاف لوليّه ووصيّه.
2- تدبّر هذه الخطبة ، من تدبّرها وأعطى التأمّل فيها حقّه ، فعلم أنّها ترمي إلى أنّ ولاية عليّ من أُصول الدين ، كما عليه الإمامية ؛ حيث سألهم أوّلاً ، فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟! إلى أن قال : وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، ثمّ عقّب ذلك بذكر الولاية ليعلم أنّها على حدّ تلك الأُمور التي سألهم عنها فأقرّوا بها ، وهذا ظاهر لكلّ من عرف أساليب الكلام ومغازيه من أُولي الأفهام.
3- قوله : وأنا أوْلى ، قرينة لفظية ، على أنّ المراد من المولى إنّما هو الأوْلى ، فيكون

مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه.

ثمّ قال : يا أيّها الناس! إنّي فرطكم ، وإنّكم واردون علَيّ الحوض ، حوض أعرض ممّا بين بصرى إلى صنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضّة ، وإنّي سائلكم حين تردون علَيّ عن الثقلين ، كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر : كتاب الله عزّ وجلّ ، سبب طرفه بيد الله تعالى ، وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن ينقضيا حتّى يردا علَيّ الحوض (1).

وأخرج الحاكم في مناقب عليّ من مستدركه (2) ، عن زيد بن أرقم من طريقين صحّحهما على شرط الشيخين ، قال : لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، من حجّة الوداع ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحات فقممن ، فقال : كأنّي دعيت فأجبت ، وإنّي قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.

ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ مولاي ، وأنا مولى كلّ مؤمن ، ثم أخذ بيد عليّ ، فقال : مَن كنت مولاه فهذا وليّه ، اللّهمّ وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه ، وذكر الحديث بطوله ، ولم يتعقّبه الذهبي في التلخيص .. 9.

ص: 9


1- هذا لفظ الحديث عند الطبراني وابن جرير والحكيم والترمذي ، عن زيد بن أرقم ، وقد نقله ابن حجر عن الطبراني وغيره باللفظ الذي سمعته ، وأرسل صحّته إرسال المسلّمات ، فراجع ص 25 من الصواعق.
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 109.

وقد أخرجه الحاكم أيضاً في باب ذكر زيد بن أرقم من المستدرك (1) مصرّحاً بصحّته ، والذهبي - على تشدّده - صرّح بهذا أيضاً في ذلك الباب من تلخيصه ، فراجع.

وأخرج الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم (2) ، قال : نزلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بواد ، يقال له : وادي خمّ ، فأمر بالصلاة فصلاّها بهجير ، قال : فخطبنا ، وظلّل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بثوب على شجرة سمرة من الشمس ، فقال : ألستم تعلمون ، أولستم تشهدون أنّي أوْلى بكلّ مؤمن من نفسه؟! قالوا : بلى. قال : فمَن كنت مولاه ، فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.

وأخرج النسائي عن زيد بن أرقم (3) ، قال : لمّا دفع النبيّ من حجّة الوداع ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحات فقممن ، ثمّ قال : كأنّي دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ..

ثمّ قال : إنّ الله مولاي ، وأنا وليّ كلّ مؤمن ، ثمّ إنّه أخذ بيد عليّ ، فقال : مَن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهم وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه.

قال أبو الطفيل : فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (4)؟!مع

ص: 10


1- المستدرك على الصحيحين 3 / 533.
2- في ص 372 ج 4 من مسنده.
3- ص 21 من الخصائص العلوية عند ذكر قول النبيّ : من كنت وليّه فهذا وليّه.
4- سؤال أبي الطفيل ظاهر في تعجّبه من هذه الأُمّة إذ صرفت هذا الأمر عن عليّ مع

فقال : وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينيه وسمعه بأُذنيه.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في باب فضائل عليّ من صحيحه (1) من عدّة طرق عن زيد بن أرقم ، لكنّه اختصره فبتره - وكذلك يفعلون -.

وأخرج الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب (2) من طريقين ، قال : كنّا مع رسول الله ، فنزلنا بغدير خمّ ، فنودي فينا : الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرتين ، فصلّى الظهر وأخذ بيد عليّ ، فقال : ألستم تعلمون أنّي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنّي أوْلى بكلّ مؤمن من نفسه؟! قالوا : بلى. قال : فأخذ بيد عليّ ، فقال : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه ..

قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأخرج النسائي عن عائشة بنت سعد (3) ، قالت : سمعت أبي يقول : ه.

ص: 11


1- ص 325 من جزئه الثاني.
2- في ص 281 من الجزء الرابع من مسنده.
3- في ص 4 من خصائصه العلوية ، في باب : ذكر منزلة عليّ من الله عزّ وجلّ ، وفي ص 25 في باب : الترغيب في موالاته والترهيب من معاداته.

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، يوم الجحفة ، فأخذ بيد عليّ وخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس! إنّي وليّكم ، قالوا : صدقت يا رسول الله. ثمّ رفع يد عليّ ، فقال : هذا وليّي ، ويؤدّي عنّي دَيني ، وأنا موالٍ من والاه ، ومعادٍ من عاداه ..

وعن سعد أيضاً (1) ، قال : كنّا مع رسول الله ، فلمّا بلغ غدير خمّ ، وقف للناس ثمّ ردّ من تبعه ، ولحق من تخلّف ، فلمّا اجتمع الناس إليه ، قال : أيّها الناس! مَن وليّكم؟ قالوا : الله ورسوله. ثمّ أخذ بيد عليّ فأقامه ، ثمّ قال مَن كان الله ورسوله وليّه ، فهذا وليّه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.

والسُنن في هذه كثيرة لا تحاط ولا تضبط ، وهي نصوص صريحة بأنّه وليّ عهده وصاحب الأمر من بعده ، كما قال الفضل بن العبّاس بن أبي لهب (2).

وكان وليّ العهد بعد محمّدّ

عليّ وفي كلّ المواطن صاحبه

ما الوجه في الاحتجاج به مع عدم تواتره؟

[حديث الغدير متواتر عندنا وعند الجمهور ؛ فلذا يتمّ الاحتجاج به على الإمامة على أُصول الفريقين ، وممّا يدلّ على ذلك :]

1 - النواميس الطبيعية تقضي بتواتر نصّ الغدير.

2 - عناية الله عزّ وجلّ به. 8.

ص: 12


1- في ما أخرجه النسائي صفحة 25 من خصائصه.
2- من أبيات له أجاب فيها الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، في ما ذكره محمّد محمود الرافعي في مقدّمة شرح الهاشميات صفحة 8.

3 - عناية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

4 - عناية أمير المؤمنين.

5 - عناية الحسين.

6 - عناية الأئمّة التسعة.

7 - عناية الشيعة.

8 - تواتره من طريق الجمهور.

حسبك من وجوه الاحتجاج هنا ما قلناه لك آنفاً - في المراجعة 24 -.

1 - على أنّ تواتر حديث الغدير ممّا تقضي به النواميس التي فطر الله الطبيعة عليها ، شأن كلّ واقعة تاريخية عظيمة يقوم بها عظيم الأُمّة ، فيوقعها بمنظر وبمسمع من الأُلوف المجتمعة من أُمّته من أماكن شتّى ، ليحملوا نبأها عنه إلى مَن وراءهم من الناس ، ولا سيّما إذا كانت من بعده محلّ العناية من أُسرته وأوليائهم في كلّ خلف ، حتّى بلغوا بنشرها وإذاعتها كلّ مبلغ ، فهل يمكن أن يكون نبؤها - والحال هذه - من أخبار الآحاد؟! كلاّ بل لا بُدّ أن ينتشر انتشار الصبح ، فينظم حاشيتي البرّ والبحر (ولن تجد لسنّّتِ الله تحويلاً) (1).

2 - إنّ حديث الغدير كان محلّ العناية من الله عزّ وجلّ ؛ إذ أوحاه تبارك وتعالى إلى نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنزل فيه قرآناً يرتّله المسلمون آناء الليل وأطراف النهار ، يتلونه في خلواتهم وجلواتهم ، وفي أورادهم وصلواتهم ، وعلى أعواد منابرهم ، وعوالي منائرهم : (يا أيّها3.

ص: 13


1- سورة فاطر 35 : 43.

الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1) ، فلّما بلّغ الرسالة يومئذ بنصّه على عليّ بالإمامة ، وعهده إليه بالخلافة ، أنزل الله عزّ وجلّ عليه : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) (2) ، بخ بخ (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) ؛ إنّ من نظر إلى هذه الآيات ، بخع لهذه العنايات.

3 - وإذا كانت العناية من الله عزّ وجلّ على هذا الشكل ، فلا غرو أن يكون من عناية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما كان ، فإنّه لمّا دنا أجله ، ونعيت إليه نفسه ، أجمع - بأمر الله تعالى - على أن ينادي بولاية -.

ص: 14


1- لا كلام عندنا في نزولها بولاية عليّ يوم غدير خمّ ، وأخبارنا في ذلك متواترة عن أئمّة العترة الطاهرة ، وحسبك ممّا جاء في ذلك من طريق غيرهم ، ما أخرجه الإمام الواحدي في تفسير الآية من سورة المائدة ص 150 من كتابه أسباب النزول ، من طريقين معتبرين عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية : (ياأيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك) يوم غدير خمّ في عليّ بن أبيطالب. قلت : وهو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم في تفسيرها من كتابه نزول القرآن بسندين ، (أحدهما) عن أبي سعيد (والآخر) عن أبي رافع ، ورواه الإمام إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي في كتابه الفرائد بطرق متعدّدة عن أبي هريرة ، وأخرجه الإمام أبو إسحاق الثعلبي في معنى الآية من تفسيره الكبير ، بسندين معتبرين. وممّا يشهد له أنّ الصلاة كانت قبل نزولها قائمة ، والزكاة مفروضة ، والصوم كان مشروعاً ، والبيت محجوجاً ، والحلال بيّناً ، والحرام بيّناً ، والشريعة متّسقة ، وأحكامها مستتبّة ، فأي شيء غير ولاية العهد يستوجب من الله هذا التأكيد ، ويقتضي الحثّ على بلاغه بما يشبه الوعيد؟! وأي أمر غير الخلافة يخشى النبيّ الفتنة بتبليغه ، ويحتاج إلى العصمة من أذى الناس بأدائه؟!
2- صحاحنا في نزول هذه الآية بما قلناه متواترة من طريق العترة الطاهرة ، فلا ريب فيه ، وإن روى البخاري أنّها نزلت يوم عرفة - وأهل البيت أدرى -.

عليّ في الحجّ الأكبر على رؤوس الأشهاد ، ولم يكتف بنصّ الدار يوم الإنذار بمكّة ، ولا بغيره من النصوص المتوالية ، وقد سمعت بعضها ، فأذّن في الناس قبل الموسم أنّه حاجّ في هذا العام حجّة الوداع ، فوافاه الناس من كلّ فجّ عميق ، وخرج من المدينة بنحو مئة ألف أو يزيدون (1) ..

فلمّا كان يوم الموقف بعرفات نادى في الناس : عليّ منّي ، وأنا من عليّ ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ (2).

ولمّا قفل بمن معه من تلك الألوف وبلغوا وادي خمّ ، وهبط عليه الروح الأمين بآية التبليغ عن ربّ العالمين ، حطّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هناك رحله ، حتّى لحقه من تأخّر عنه من الناس ورجع إليه من تقدّمه منهم ، فلمّا اجتمعوا صلّى بهم الفريضة ، ثمّ خطبهم عن الله عزّ وجلّ ، فصدع بالنصّ في ولاية عليّ ، وقد سمعت شذرة من شذوره ، وما لم تسمعه أصحّ وأصرح ، على أنّ في ما سمعته كفاية ..

وقد حمله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كلّ مَن كان معه يومئذ من تلك الجماهير ، وكانت تربو على مئة ألف نسمة من بلاد شتّى.

فسُنّة الله عزّ وجلّ التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره ، مهما كانت هناك موانع تمنع من نقله ، على أنّ لأئمّة أهل البيت طرقاً تمثّل ه.

ص: 15


1- قال السيّد أحمد زيني دحلان في باب حجّة الوداع من كتابه السيرة النبوية : وخرج معه صلّى الله عليه وآله وسلّم - من المدينة - تسعون ألفاً ، ويقال مئة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، ويقال أكثر من ذلك. (قال :) وهذه عدّة من خرج معه ، وأمّا الّذين حجّوا معه فأكثر من ذلك ، إلى آخر كلامه ؛ ومنه يعلم أنّ الّذين قفلوا معه كانوا أكثر من مئة ألف ، وكلّهم شهدوا حديث الغدير.
2- أوردنا هذا الحديث في المراجعة 48 ، فراجعه تجده الحديث 15 ولنا هناك في أصل الكتاب وفي التعليقة عليه كلام يجدر بالباحثين أن يقفوا عليه.

الحكمة في بثّه وإشاعته.

4 - وحسبك منها ما قام به أمير المؤمنين أيّام خلافته ؛ إذ جمع الناس في الرحبة فقال : أُنشد الله كلّ امرىَ مسلم سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خمّ ما قال ، إلاّ قام فشهد بما سمع ، ولايقم إلاّ من رآه بعينيه وسمعه بأُذنيه.

فقام ثلاثون صحابياً فيهم اثنا عشر بدرياً ، فشهدوا أنّه أخذه بيده ، فقال للناس : أتعلمون أنّي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا : نعم ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه .. الحديث.

وأنت تعلم أنّ تواطؤ الثلاثين صحابياً على الكذب ممّا يمنعه العقل ، فحصول التواتر بمجرّد شهادتهم - إذن - قطعي لا ريب فيه ، وقد حمل هذا الحديث عنهم كلّ مَن كان في الرحبة من تلك الجموع ، فبثّوه بعد تفرّقهم في البلاد ، فطار كلّ مطير.

ولا يخفى أنّ يوم الرحبة إنّما كان في خلافة أمير المؤمنين ، وقد بويع سنة خمس وثلاثين ، ويوم الغدير إنّما كان في حجّة الوداع سنة عشر ، فبين اليومين - في أقلّ الصور - خمس وعشرون سنة ، كان في خلالها طاعون عمواس ، وحروب الفتوحات والغزوات على عهد الخلفاء الثلاثة ..

وهذه المدّة - وهي ربع قرن - بمجرّد طولها وبحروبها وغاراتها ، وبطاعون عمواسها الجارف ، قد أفنت جلّ من شهد يوم الغدير من شيوخ الصحابة وكهولهم ، ومن فتيانهم المتسرعين - في الجهاد - إلى لقاء الله عزّ وجلّ ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حتّى لم يبق منهم حيّاً بالنسبة إلى مَن مات إلاّ قليل ..

ص: 16

والأحياء منهم كانوا منتشرين في الأرض ، إذ لم يشهد منهم الرحبة إلاّ من كان مع أمير المؤمنين في العراق من الرجال دون النساء.

ومع هذا كلّه فقد قام ثلاثون صحابياً ، فيهم اثنا عشر بدرياً ، فشهدوا بحديث الغدير سماعاً من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ..

وربّ قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة ، كأنس (1) بن مالك وغيره ، فأصابتهم دعوة أمير المؤمنين عليه السلام.

ولو تسنّى له أن يجمع كلّ مَن كان حيّاً يومئذ من الصحابة رجالاً ونساء ، ثمّ يناشدهم مناشدة الرحبة لشهد له أضعاف الثلاثين ، فما ظنّك لو تسنّت له المناشدة في الحجاز قبل أن يمضي على عهد الغدير ما مضى من الزمن؟!

فتدبّر هذه الحقيقة الراهنة تجدها أقوى دليل على تواتر حديث الغدير.

وحسبك ممّا جاء في يوم الرحبة من السُنن ما أخرجه الإمام أحمد - من حديث زيد بن أرقم في ص 370 من الجزء الرابع من مسنده - عن أبي الطفيل ، قال : جمع عليّ الناس في الرحبة ثمّ قال لهم : أُنشد الله كلّ ه.

ص: 17


1- حيث قال له عليّ عليه السلام : ما لك لا تقوم مع أصحاب رسول الله فتشهد بما سمعته يومئذ منه؟! فقال : يا أمير المؤمنين! كبرت سنّي ونسيت. فقال عليّ : إن كنت كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة ، فما قام حتّى ابيضّ وجهه برصاً ، فكان بعد ذلك يقول : أصابتني دعوة العبد الصالح. انتهى. قلت : هذه منقبة مشهورة ذكرها الإمام ابن قتيبة الدينوري ، حيث ذكر أنساً في أهل العاهات من كتابه (المعارف) آخر صفحة 194 ، ويشهد لها ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في آخر صفحة 119 من الجزء الأوّل من مسنده ؛ حيث قال : فقاموا إلاّ ثلاثة لم يقوموا ، فأصابتهم دعوته.

امرئ مسلم سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خمّ ما سمع لما قام. فقام ثلاثون من الناس ..

(قال :) وقال أبو نعيم : فقام ناس كثير ، فشهدوا حين أخذه بيده ، فقال للناس : أتعلمون أنّي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟!

قالوا : نعم يا رسول الله.

قال : مَن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه.

قال أبو الطفيل : فخرجت وكأنّ في نفسي شيئاً - أي من عدم عمل جمهور الأُمّة بهذا الحديث - فلقيت زيد بن أرقم ، فقلت له : إنّي سمعت عليّاً يقول : كذا وكذا.

قال زيد : فما تنكر؟! قد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول ذلك له. انتهى.

قلت : فإذا ضممت شهادة زيد هذه ، وكلام عليّ يومئذ في هذا الموضوع ، إلى شهادة الثلاثين ، كان مجموع الناقلين للحديث يومئذ اثنين وثلاثين صحابياً.

وأخرج الإمام أحمد من حديث عليّ ص 119 من الجزء الأوّل من مسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : شهدت عليّاً في الرحبة ينشد الناس ، فيقول : أُنشد الله مَن سمع رسول الله يقول يوم غدير خم : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه لما قام فشهد ، ولا يقم إلاّ مَن قد رآه.

قال عبد الرحمن : فقام اثنا عشر بدرياً كأنّي أنظر إلى أحدهم ، فقالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خمّ : ألست أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجي أُمّهاتهم؟!

فقلنا : بلى يا رسول الله.

ص: 18

قال : فمَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه. انتهى.

ومن طريق آخر ، أخرجه الإمام أحمد في آخر الصفحة المذكورة ، قال : اللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله ، قال : فقاموا إلاّ ثلاثة لم يقوموا ، فدعا عليهم عليّ فأصابتهم دعوته. انتهى.

وأنت إذا ضممت عليّاً وزيد بن أرقم إلى الاثني عشر المذكورين في الحديث ، كان البدريون يومئذ 14 رجلاً ، كما لا يخفى.

ومن تتبّع السُنن الواردة في مناشدة الرحبة ، عرف حكمة أمير المؤمنين في نشر حديث الغدير وإذاعته.

5 - ولسيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام موقف - على عهد معاوية - حصحص فيه الحقّ ، كموقف أمير المؤمنين في الرحبة ؛ إذ جمع الناس - أيام الموسم بعرفات - فأشاد بذكر جدّه وأبيه وأُمّه وأخيه ، فلم يسمع سامع بمثله بليغاً حكيماً يستعبد الأسماع ويملك الأبصار والأفئدة ، جمع في خطابه فأوْعى ، وتتبّع فاستقصى ، وأدّى يوم الغدير حقّه ، ووفّاه حسابه ، فكان لهذا الموقف العظيم أثره في اشتهار حديث الغدير وانتشاره.

6 - وإنّ للأئمّة التسعة من أبنائه الميامين طرقاً - في نشر هذا الحديث وإذاعته - تريك الحكمة محسوسة بجميع الحواس ..

كانوا يتّخذون اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة عيداً في كلّ عام ، يجلسون فيه للتهنئة والسرور ، بكلّ بهجة وحبور ، ويتقرّبون فيه إلى الله عزّ وجلّ بالصوم والصلاة ، والابتهال - بالأدعية - إلى الله ، ويبالغون فيه

ص: 19

بالبرّ والإحسان ، شكراً لما أنعم الله به عليهم في مثل ذلك اليوم من النصّ على أمير المؤمنين بالخلافة والعهد إليه بالإمامة ، وكانوا يصلون فيه أرحامهم ، ويوسّعون على عيالهم ، ويزورون إخوانهم ، ويحفظون جيرانهم ، ويأمرون أولياءهم بهذا كلّه.

7 - وبهذا كان يوم 18 من ذي الحجّة في كلّ عام عيداً عند الشيعة (1) في جميع الأعصار والأمصار ، يفزعون فيه إلى مساجدهم ، للصلاة فريضة ونافلة ، وتلاوة القرآن العظيم ، والدعاء بالمأثور ، شكراً لله تعالى على إكمال الدين وإتمام النعمة ، بإمامة أمير المؤمنين ، ثمّ يتزاورون ويتواصلون فرحين مبتهجين ، متقرّبين إلى الله بالبرّ والإحسان ، وإدخال السرور على الأرحام والجيران.

ولهم في ذلك اليوم من كلّ سنة زيارة لمشهد أمير المؤمنين ، لا يقلّ المجتمعون فيها عند ضراحه عن مئة ألف ، يأتون من كلّ فجّ عميق ليعبدوا الله بما كان يعبده في مثل ذلك اليوم أئمّتهم الميامين ، من الصوم والصلاة والإنابة إلى الله ، والتقرّب إليه بالمبرّات والصدقات ، ولا ينفضّون حتّى يحدقوا بالضراح الأقدس فيلقوا - في زيارته - خطاباً مأثوراً عن بعض أئمّتهم ، يشتمل على الشهادة لأمير المؤمنين بمواقفه الكريمة ، وسوابقه العظيمة ، وعنائه في تأسيس قواعد الدين ، وخدمة سيّد النبيّين والمرسلين ، إلى ما له من الخصائص والفضائل التي منها عهد النبيّ إليه ، ونصّه يوم ه.

ص: 20


1- قال ابن الأثير في عدّه حوادث سنة 352 من كامله : وفيها في ثامن عشر ذي الحجّة ، أمر معزّ الدولة بإظهار الزينة في البلد - بغداد - وأُشعلت النيران بمجلس الشرطة ، وأظهر الفرح ، وفتحت الأسواق بالليل كما يُفعل ليالي الأعياد ، فعل ذلك فرحاً بعيد الغدير - يعني غدير خمّ - وضربت الدبادب والبوقات ، وكان يوماً مشهوداً. انتهى بلفظه في ص 181 ج 8 من تاريخه.

الغدير عليه ..

هذا دأب الشيعة في كلّ عام ، وقد استمرّ خطباؤهم على الإشادة في كلّ عصر ومصر بحديث الغدير مسنداً ومرسلاً ، وجرت عادة شعرائهم على نظمه في مدائحهم قديماً (1) وحديثاً ..

فلا سبيل إلى التشكيك في تواتره من طريق أهل البيت وشيعتهم ؛ فإنّ دواعيهم لحفظه بعين لفظه ، وعنايتهم بضبطه وحراسته ونشره وإذاعته ، بلغت أقصى الغايات ، وحسبك ما تراه في مظّانه من الكتب الأربعة وغيرها من مسانيد الشيعة المشتملة على أسانيده الجمّة المرفوعة ، وطرقه المعنعنة المتّصلة ، ومن ألمّ بها تجلّى له تواتر هذا الحديث من طرقهم القيّمة.

8 - بل لا ريب في تواتره من طريق أهل السُنّة بحكم النواميس الطبيعية ، كما سمعت ، (لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (2) ..

وصاحب الفتاوى الحامدية - على تعنّته - يصرّح بتواتر الحديث في رسالته المختصرة الموسومة ب- : الصلوات الفاخرة في الأحاديث المتواترة.0.

ص: 21


1- قال الكميت بن زيد : ويوم الدوح دوح غدير خمّ أبان له الولاية لو أطيعا .. الخ وقال أبو تمام من عبقريته الرائية ، وهي في ديوانه : ويوم الغدير استوضح الحقّ أهله بفيحاء ما فيها حجاب ولا سترُ أقام رسول الله يدعوهم بها ليقربهم عرف وينآهم نكرُ يمد بضبعيه ويعلم أنه وليّ ومولاكم فهل لكم خبرُ؟ يروح ويغدو بالبيان لمعشر يروح بهم غمر ويغدو بهم غمرُ فكان له جهر بإثبات حقّه وكان لهم في بزّهم حقّه جهرُ أثمّ جعلتم حظّه حدّ مرهف من البيض يوماً حظّ صاحبه القبرُ
2- سورة الروم 30 : 30.

والسيوطي وأمثاله من الحفّاظ ينصّون على ذلك.

ودونك محمّد بن جرير الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ المشهورين ، وأحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة ، ومحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، فإنّهم تصدّوا لطرقه ، فأفرد له كلّ منهم كتاباً على حدة ، وقد أخرجه ابن جرير في كتابه من خمسة وسبعين طريقاً ، وأخرجه ابن عقدة في كتابه من مائة وخمسة طرق (1) ، والذهبي - على تشدّده - صحّح كثيراً من طرقه (2) ..

وفي الباب السادس عشر من غاية المرام تسعة وثمانون حديثاً من طريق أهل السُنّة في نصّ الغدير ، على أنّه لم ينقل عن الترمذي ، ولا عن النسائي ، ولا عن الطبراني ، ولا عن البزّار ، ولا عن أبي يعلى ، ولا عن كثير ممّن أخرج هذا الحديث ..

والسيوطي نقل الحديث في أحوال عليّ من كتابه تاريخ الخلفاء عن الترمذي ، ثمّ قال : وأخرجه أحمد عن عليّ ، وأبي أيوب الأنصاري ، وزيد بن أرقم ، وعمرو ذي مر (3) ، قال : وأبو يعلى عن أبي هريرة ،ه.

ص: 22


1- نصّ صاحب غاية المرام في أواخر الباب 16 ص 89 من كتابه المذكور : أنّ ابن جرير أخرج حديث الغدير من خمسة وتسعين طريقاً في كتاب أفرده له سمّاه كتاب : الولاية ، وأنّ ابن عقدة أخرجه من مائة وخمسة طرق في كتاب أفرده له أيضاً. ونصّ الإمام أحمد بن محمّد بن الصدّيق المغربي على أنّ كلاًّ من الذهبي وابن عقدة أفردا لهذا الحديث كتاباً خاصّاً به ، فراجع خطبة كتابه القيّم الموسوم ب- : فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ.
2- نصّ على ذلك ابن حجر في الفصل 5 من الباب الأوّل من صواعقه.
3- أقول : وأخرجه أيضاً من حديث ابن عباس ص 131 من الجزء الأوّل من مسنده ، ومن حديث البراء في ص 281 ج 4 من مسنده.

والطبراني عن ابن عمر ، ومالك بن الحويرث ، وحبشي بن جنادة ، وجرير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وأبي سعيد الخدري ، وأنس ، (قال :) والبزّار ، عن ابن عباس وعمارة وبريدة. انتهى.

وممّا يدلّ على شيوع هذا الحديث وإذاعته ، ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1) ، عن رباح بن الحارث ، من طريقين إليه ، قال : جاء رهط إلى عليّ فقالوا : السلام عليك يا مولانا.

قال : مَن القوم؟

قالوا : مواليك يا أمير المؤمنين.

قال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟!

قالوا : سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خمّ يقول : مَن كنت مولاه ، فإنّ هذا مولاه ..

قال رباح : فلمّا مضوا تبعتهم ، فسألت : مَن هؤلاء؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم أبو أيّوب الأنصاري. انتهى.

وممّا يدلّ على تواتره ما أخرجه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير سورة المعارج من تفسيره الكبير ، بسندين معتبرين ، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا كان يوم غدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد عليّ فقال : مَن كنت مولاه ، فعليّ مولاه ، فشاع ذلك فطار في البلاد ..

وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على ناقة له ، فأناخها ونزل عنها ، وقال : يا محمّد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله ، فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصلّي 5.

ص: 23


1- راجع ص 419 ج 5.

خمساً فقبلنا منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا ، وأمرتنا أن نصوم رمضان فقبلنا ، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا ، ثمّ لمّ ترض بهذا حتّى رفعت بضبعي ابن عمّك تفضله علينا ، فقلت : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله؟!

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : فوالله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّ هذا لمن الله عزّ وجلّ.

فولّى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللّهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّاً ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتّى رماه الله سبحانه بحجر سقط على هامته ، فخرج من دُبره فقتله ، وأنزل الله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج) (1). انتهى الحديث بعين لفظه (2) ..

وقد أرسله جماعة من أعلام أهل السُنّة إرسال المسلّمات (3).

حديث الغدير لا يمكن تأويله :

1 - أنا أعلم بأنّ قلوبكم لا تطمئنّ بما ذكرتموه ، ونفوسكم لا تركن ، وأنّكم تقدّرون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حكمته البالغة ، وعصمته الواجبة ، ونبوّته الخاتمة ، وأنّه سيّد الحكماء ، وخاتم الأنبياء ث.

ص: 24


1- سورة المعارج 70 : 1 - 3.
2- وقد نقله عن الثعلبي جماعة من أعلام السُنّة ، كالعلاّمة الشبلنجي المصري في أحوال عليّ من كتابه (نور الأبصار) فراجع منه ص 11 إن شئت.
3- فراجع ما نقله الحلبي من أخبار حجّة الوداع في سيرته المعروفة ب- : س السيرة الحلبية ، تجد هذا الحديث في آخر ص 214 من جزئها الثالث.

(وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى * علّمه شديد القوى) (1) ..

فلو سألكم فلاسفة الأغيار عمّا كان منه يوم غدير خمّ فقال : لماذا منع تلك الألوف المؤلّفة يومئذ عن المسير ، وعلى مَ حبسهم في تلك الرمضاء بهجير ، وفيمَ اهتمّ بإرجاع مَن تقدّم منهم وإلحاق من تأخّر ، ولم أنزلهم جميعاً في ذلك العراء على غير كلأ ولا ماء ، ثمّ خطبهم عن الله عزّ وجلّ في ذلك المكان الذي منه يتفرّقون ، ليبلّغ الشاهد منهم الغائب؟!

وما المقتضي لنعي نفسه إليهم في مستهلّ خطابه ؛ إذ قال : يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب ، وإنّي مسؤول ، وإنّكم مسؤولون؟!

وأيّ أمر يُسأل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن تبليغه وتُسأل الأُمّة عن طاعتها فيه؟!

ولماذا سألهم فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، قالوا : بلى نشهد بذلك؟!

ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد عليّ فرفعها إليه حتّى بان بياض إبطيه فقال : يا أيّها الناس! إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين؟!

ولماذا فسّر كلمته - وأنا مولى المؤمنين - بقوله : وأنا أوْلى بهم من أنفسهم؟! 5.

ص: 25


1- سورة النجم 53 : 3 - 5.

ولماذا قال بعد هذا التفسير : فمَن كنت مولاه ، فهذا مولاه ، أو : مَن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهمّ وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله؟!

ولم خصّه بهذه الدعوات التي لا يليق لها إلاّ أئمّة الحقّ وخلفاء الصدق؟!

ولماذا أشهدهم من قبل فقال : ألست أوْلى بكم من أنفسكم ، فقالوا : بلى. فقال : مَن كنت مولاه ، فعليّ مولاه ، أو : مَن كنت وليّه فعليّ وليّه؟!

ولماذا قرن العترة بالكتاب وجعلها قدوة لأُولي الألباب إلى يوم الحساب؟!

وفيم هذا الاهتمام العظيم من هذا النبيّ الحكيم؟!

وما المهمّة التي احتاجت إلى هذه المقدّمات كلّها؟!

وما الغاية التي توخّاها في هذا الموقف المشهود؟!

وما الشيء الذي أمره الله تعالى بتبليغه إذ قال عزّ من قائل : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس)؟!

وأيّ مهمّة استوجبت من الله هذا التأكيد ، واقتضت الحضّ على تبليغها بما يشبه التهديد؟!

وأيّ أمر يخشى النبيّ الفتنة بتبليغه ، ويحتاج إلى عصمة الله من أذى المنافقين ببيانه؟!

أكنتم - بجدّك لو سألكم عن هذا كلّه - تجيبونه بأنّ الله عزّ وجلّ ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّما أرادا بيان نصرة عليّ للمسلمين ، وصداقته لهم ليس إلاّ؟!

ص: 26

ما أراكم ترضون هذا الجواب ، ولا أتوهّم أنّكم ترون مضمونه جائزاً على ربّ الأرباب ، ولا على سيّد الحكماء وخاتم الرسل والأنبياء!!

وأنتم أجلّ من أن تجوّزوا عليه أن يصرف هممه كلّها وعزائمه بأسرها ، إلى تبيين شيء بيّن لا يحتاج إلى بيان ، وتوضيح أمر واضح بحكم الوجدان والعيان ..

ولا شكّ أنّكم تنزّهون أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء ، أو ينتقدها الفلاسفة والحكماء ..

بل لا ريب في أنّكم تعرفون مكانة قوله وفعله من الحكمة والعصمة ؛ وقد قال الله تعالى : (إنّه لقول رسول كريم * ذي قوّةٍ عند ذي العرش مكين * مطاعٍ ثَمّ أمين * وما صاحبكم بمجنون) (1) ؛ فيهتمّ بتوضيح الواضحات ، وتبيين ما هو بحكم البديهيات ، ويقدّم لتوضيح هذا الواضح مقدّمات أجنبية ، لا ربط له بها ولا دخل لها فيه ، تعالى الله عن ذلك ورسوله علوّاً كبيراً.

وأنت - نصر الله بك الحقّ - تعلم أنّ الذي يناسب مقامه في ذلك الهجير ، ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير ، إنّما هو تبليغ عهده ، وتعيين القائم مقامه من بعده ، والقرائن اللفظية ، والأدلّة العقلية ، توجب القطع الثابت الجازم بأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم ما أراد يومئذ إلاّ تعيين عليّ ولياً لعهده ، وقائماً مقامه من بعده ، فالحديث مع ما قد حفّ به من القرائن نصّ جليّ ، في خلافة عليّ ، لا يقبل التأويل ، وليس إلى صرفه عن هذا المعنى من سبيل ، وهذا واضح (لمَن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو 2.

ص: 27


1- سورة التكوير 81 : 19 - 22.

شهيد) (1).

2 - أمّا القرينة التي زعموها فجزاف وتضليل ، ولباقة في التخليط والتهويل ؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث عليّاً إلى اليمن مرّتين ، والأُولى كانت سنة ثمان ، وفيها أرجف المرجفون به وشكوه إلى النبيّ بعد رجوعهم إلى المدينة ، فأنكر عليهم ذلك (2) حتّى أبصروا الغضب في وجهه ، فلم يعودوا لمثلها.

والثانية كانت سنة عشر وفيها عقد النبيّ له اللواء وعمّمه صلّى الله عليه وآله وسلّم بيده ، وقال له : امضِ ولا تلتفت. فمضى لوجهه راشداً مهديّاً حتّى أنفذ أمر النبيّ ، ووافاه صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجّة الوداع ، وقد أهلّ بما أهلّ به رسول الله فأشركه صلّى الله عليه وآله وسلّم بهديه ، وفي تلك المرّة لم يرجف به مرجف ، ولا تحامل عليه مجحف ..

فكيف يمكن أن يكون الحديث مسبّباً عمّا قاله المعترضون ، أو مسوقاً للردّ على أحد كما يزعمون؟!

على أنّ مجرّد التحامل على عليّ ، لا يمكن أن يكون سبباً لثناء النبيّ عليه بالشكل الذي أشاد به صلّى الله عليه وآله وسلّم على منبر الحدائج يوم خمّ ، إلاّ أن يكون - والعياذ بالله - مجازفاً في أقواله وأفعاله ، وهممه وعزائمه ، وحاشا قدسيّ حكمته البالغة ؛ فإنّ الله سبحانه يقول : (إنّه لقول رسولٍ كريمٍ * وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون * ولا بقول كاهنٍ قليلاً ما تذكّرون * تنزيلٌ من ربّ العالمين) (3) .. 3.

ص: 28


1- سورة ق 50 : 37.
2- كما بيّناه في المراجعة 36 ، فراجعها ولا يفوتنّك ما علّقناه عليها.
3- سورة الحاقّة 69 : 40 - 43.

ولو أراد مجرّد بيان فضله ، والردّ على المتحاملين عليه ، لقال : هذا ابن عمي ، وصهري ، وأبو ولدي ، وسيّد أهل بيتي ، فلا تؤذوني فيه ، أو نحو ذلك من الأقوال الدالّة على مجرّد الفضل وجلالة القدر ..

على أن لفظ الحديث (1) لا يتبادر إلى الأذهان منه إلاّ ما قلناه ، فليكن سببه مهما كان ، فإنّ الألفاظ إنّما تُحمل على ما يُتبادر إلى الأفهام منها ، ولايلتفت إلى أسبابها ، كما لا يخفى.

وأمّا ذكر أهل بيته في حديث الغدير ، فإنّه من مؤيّدات المعنى الذي قلناه ، حيث قرنهم بمحكم الكتاب وجعلهم قدوة لأُولي الألباب ؛ فقال : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. وإنّما فعل ذلك لتعلم الأُمّة أن لا مرجع بعد نبيّها إلاّ إليهما ، ولا معوّل لها من بعده إلاّ عليهما ..

وحسبك في وجوب اتّباع الأئمّة من العترة الطاهرة اقترانهم بكتاب الله عزّ وجلّ الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (2) ، فكما لا يجوز الرجوع إلى كتاب يخالف في حكمه كتاب الله سبحانه وتعالى ، لا يجوز الرجوع إلى إمام يخالف في حكمه أئمّة العترة.

وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّهما لن ينقضيا ، أو : لن يفترقا ، حتّى يردا عليّ الحوض ، دليل على أنّ الأرض لن تخلو بعده من إمام منهم هو عدل الكتاب ، ومَن تدبّر الحديث وجده يرمي إلى حصر الخلافة في أئمّة العترة الطاهرة. 2.

ص: 29


1- ولا سيّما بسبب ما أشرنا إليه من القرائن العقلية والنقلية.
2- سورة فصلّت 41 : 42.

ويؤيّد ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1) عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. انتهى ..

وهذا نصّ في خلافة أئمّة العترة عليهم السلام ، وأنت تعلم أنّ النصّ على وجوب اتّباع العترة نصّ على وجوب اتّباع عليّ ؛ إذ هو سيّد العترة لايدافع ، وإمامها لا ينازع ، فحديث الغدير وأمثاله ، يشتمل على النصّ على عليّ تارة ، من حيث أنّه إمام العترة ، المنزلة من الله ورسوله منزلة الكتاب ، وأُخرى من حيث شخصه العظيم وأنّه وليّ كلّ من كان رسول الله وليّه.

دحض المراوغة :

طلبتم - نصر الله بكم الحقّ - أن نقنع بأنّ المراد من حديث الغدير أنّ عليّاً أوْلى بالإمامة حين يختاره المسلمون لها ويبايعونه بها ، فتكون أوْلويّته المنصوص عليها يوم الغدير مآلية لا حالية ، وبعبارة أُخرى تكون أوْلوية بالقوّة لا بالفعل ، لئلاّ تنافي خلافة الأئمّة الثلاثة الّذين تقدّموا عليه ..

فنحن ننشدكم بنور الحقيقة ، وعزّة العدل ، وشرف الإنصاف ، وناموس الفضل : هل في وسعكم أن تقنعوا بهذا لنحذو حذوكم ، وننحو فيه نحوكم؟!

وهل ترضون أن يؤثر هذا المعنى عنكم ، أو يعزى إليكم ، لنقتصّ أثركم ، وننسج فيه على منوالكم؟!5.

ص: 30


1- راجع أوّل ص 122 ج 5.

ما أراكم قانعين ولا راضين ، وأعلم يقيناً أنّكم تتعجّبون ممّن يحتمل إرادة هذا المعنى ، الذي لا يدلّ عليه لفظ الحديث ولا يفهمه أحد منه ، ولايجتمع مع حكمة النبيّ ولا مع بلاغته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولا مع شيء من أفعاله العظيمة وأقواله الجسيمة يوم الغدير ، ولا مع ما أشرنا إليه سابقاً من القرائن القطعية ، مع ما فهمه الحارث بن النعمان الفهري من الحديث ، فأقرّه الله تعالى على ذلك ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم والصحابة كافّة.

على أنّ الأوْلوية المآلية لا تجتمع مع عموم الحديث ؛ لأنّها تستوجب أن لا يكون عليّ مولى الخلفاء الثلاثة ، ولا مولى واحد ممّن مات من المسلمين على عهدهم ، كما لا يخفى ، وهذا خلاف ما حكم به الرسول ؛ حيث قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ألست أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا : بلى. فقال : مَن كنت مولاه - يعني من المؤمنين فرداً فرداً - فعليّ مولاه ، من غير استثناء كما ترى.

وقد قال أبو بكر وعمر لعليّ (1) - حين سمعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول فيه يوم الغدير ما قال - : أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، فصرّحا بأنّه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، على سبيل الاستغراق لجميع المؤمنين والمؤمنات منذ أمسى مساء الغدير. ب.

ص: 31


1- في ما أخرجه الدارقطني ؛ كما في أواخر الفصل الخامس من الباب الأوّل من صواعق ابن حجر ، فراجع منها ص 26. وقد رواه غير واحد أيضاً من المحدّثين بأسانيدهم وطرقهم .. وأخرج أحمد نحو هذا القول عن عمر من حديث البراء بن عازب في ص 281 من الجزء الرابع من مسنده. وقد مرّ عليك في المراجعة 54 من هذا الكتاب.

وقيل لعمر (1) : إنّك تصنع بعليّ شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؟! فقال : إنّه مولاي. فصرّح بأنّه مولاه ، ولم يكونوا حينئذ قد اختاروه للخلافة ولا بايعوه بها ، فدلّ ذلك علىّ أنّه مولاه ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة بالحال لا بالمآل ، منذ صدع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك عن الله تعالى يوم الغدير.

واختصم أعرابيّان إلى عمر ، فالتمس من عليّ القضاء بينهما ، فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا؟! فوثب إليه عمر (2) وأخذ بتلابيبه ، وقال : ويحك! ما تدري من هذا؟! هذا مولاك ومولى كلّ مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. والأخبار في هذا المعنى كثيرة.

وأنت - نصر الله بك الحقّ - تعلم أن لو تمّت فلسفة ابن حجر وأتباعه في حديث الغدير ، لكان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كالعابث يومئذ في هممه وعزائمه - والعياذ بالله - الهاذي في أقواله وأفعاله - وحاشا لله - إذ لا يكون له - بناءً على فلسفتهم - مقصد يتوخّاه في ذلك الموقف الرهيب ، سوى بيان أنّ عليّاً بعد وجود عقد البيعة له بالخلافة يكون أوْلى بها ، وهذا معنىً تضحك من بيانه السفهاء فضلاً عن العقلاء ، لا يمتاز - عندهم - أمير المؤمنين به على غيره ، ولا يختصّ فيه - على رأيهم - واحد من المسلمين دون الآخر ؛ لأنّ كلّ من وجد عقد البيعة له كان - عندهم - أوْلى بها ، فعليّ وغيره من سائر الصحابة والمسلمين في ذلك شرع سواء ، فما الفضيلة التي أراد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يومئذ أن يختصّ بها -.

ص: 32


1- في ما أخرجه الدارقطني ؛ كما في ص 36 من الصواعق أيضاً.
2- أخرجه الدارقطني ؛ كما في أواخر الفصل الأوّل من الباب الحادي عشر من الصواعق المحرقة - لابن حجر -.

عليّاً دون غيره من أهل السوابق ، إذا تمّت فلسفتهم يا مسلمون؟!

أمّا قولهم بأنّ أوْلوية عليّ بالإمامة لو لم تكن مآلية لكان هو الإمام مع وجود النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فتمويه عجيب ، وتضليل غريب ، وتغافل عن عهود كلّ من الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء إلى من بعدهم ، وتجاهل بما يدلّ عليه حديث : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبيّ بعدي» ، وتناس لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، في حديث الدار يوم الإنذار : «فاسمعوا له وأطيعوا» ، ونحو ذلك من السنن المتضافرة.

على أنّا لو سلّمنا بأنّ أوْلوية عليّ بالإمامة لا يمكن أن تكون حالية لوجود النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلا بُدّ أن تكون بعد وفاته بلا فصل ، عملاً بالقاعدة المقرّرة عند الجميع ، أعني حمل اللفظ - عند تعذّر الحقيقة - على أقرب المجازات إليها ، كما لا يخفى.

وأمّا كرامة السلف الصالح فمحفوظة بدون هذا التأويل ، كما سنوضّحه إذا اقتضى الأمر ذلك ، والسلام».

فقيل :

غدير خمّ هو موضع بالجحفة بين المدينة ومكّة ، والرافضة يقولون : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم خطب الناس في هذا المكان وبلَّغهم بولاية عليّ رضي الله عنه من بعده ، وكان هذا البلاغ من النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى في الآية 67 من سورة المائدة : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل الله إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين) ، فكانت الآية خاصّة بعليّ رضي الله عنه ، وتكليفاً من الله لنبيّه بتبليغ الأُمّة أنّ

ص: 33

عليّاً خليفته من بعده بلا فصل ، فكان حديثه في غدير خمّ استجابة منه وامتثالاً لهذا التكليف. كما صرّح بذلك الموسوي وأشياخه من قبله مدّعين أنّ حديث الغدير هذا حديث متواتر ، وأنّه نصّ قاطع في إمامة عليّ رضي الله عنه. والجواب على هذا كلّه من وجوه :

أحدها : أنّ الآية لم تنزل في عليّ بن أبي طالب كما زعموا ...

ثانيها : أنّ الآية نزلت في المدينة ، بل هي من أوائل ما نزل في المدينة وقبل حجّة الوداع بمدّة طويلة ، بدليل ما قبلها وما بعدها من الآيات التي تتحدّث عن أهل الكتاب وما كان من أمرهم في المدينة ، أمّا حديث الغدير فقد كان بعد رجوعه عليه الصلاة والسلام من حجّة الوداع وهو في طريقه إلى المدينة ، وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، وهذا ممّا لا ينازع الرافضة فيه ، بدليل أنّهم ما زالوا يتّخذون هذا اليوم عيداً.

قال ابن تيمية : (... فمَن قال أنّ المائدة نزل فيها شيء بعد غدير خمّ فهو كاذب مفتر باتّفاق أهل العلم ...). (المنهاج 4 / 84).

ثالثها : لو أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أمر بتبليغ الناس إمامة عليّ بعده لبلّغهم ذلك وهم مجتمعون حوله أثناء الحجّ أو بعده وقبل أن يرجعوا إلى أوطانهم ، كما هو الحال في كلّ ما بلّغه النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من أُمور في حجّته هذه. فدلّ هذا على أنّ الذي جرى يوم الغدير لم يكن ممّا أُمر بتبليغه ، كالذي بلّغه في حجّة الوداع.

قال ابن تيمية : (ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذكر إمامة عليّ ، ولا ذكر عليّاً في شيء من خطبته في حجّة الوداع). انتهى. (المنهاج 4 / 85).

رابعها : يزعم الرافضة أنّ حديث الغدير حديث متواتر ، في حين أنّه

ص: 34

حديث آحاد مختلف في صحّته ، فقد طعن جماعة من أئمّة الحديث في صحّته ، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهم وابن تيمية وابن الجوزي ، فكيف يسوغ لهم أن يعدّوه من المتواتر وهذه حاله عند أئمّة الحديث؟!! لكنّ الرافضة تعتبر كلّ حديث يوافق هواهم ومذهبهم حديثاً متواتراً ولو كان موضوعاً ، ويجعلون علامة كذب الحديث مخالفته لهواهم ولو كان متواتراً ، ويحكمون على الأحاديث الصحيحة بأنّها ناقصة مبتورة ، إذ لم تتضمن ما يدلّ على أهوائهم وأباطيلهم ...

كما أنّ الناظر في رواية الإمام مسلم لا يجد فيها إلاّ الوصية باتّباع كتاب الله والتذكير فقط بأهل بيته رضوان الله تعالى عليهم ، وليس فيه أمر باتّباعهم.

قال ابن تيمية في منهاج السُنّة 4 / 85 : (والحديث الذي في مسلم إذا كان النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قد قاله فليس فيه إلاّ الوصية باتّباع كتاب الله ، وهذا أمر قد تقدّمت الوصية به في حجّة الوداع قبل ذلك ، وهو لم يأمر باتّباع العترة ، ولكن قال : أُذكّركم الله في أهل بيتي. وتَذَكُّر الأُمّة لهم يقتضي أن يذكروا ما تقدّم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم وهذا أمر قد تقدّم بيانه قبل غدير خمّ ، فعلم أنّه لم يكن في غدير خمّ أمر بشرع نزل إذ ذاك لا في حقّ عليّ ، ولا في حقّ غيره ، لا إمامته ولا غيرها). انتهى.

وقد زاد الترمذي على رواية مسلم : «وإنّهما لم يتفرّقا حتّى يردا علَيَّ الحوض» ؛ قال ابن تيمية في المنهاج 4 / 85 :

(وقد طعن غير واحد من الحفّاظ في هذه الزيادة ، وقال : إنّها ليست من الحديث ، والّذين اعتقدوا صحّتها قالوا : إنّما يدلّ على أنّ مجموع العترة

ص: 35

الّذين هم بنو هاشم لا يتّفقون على ضلالة ، وهذا قد قاله طائفة من أهل السُنّة ، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره). انتهى.

أمّا الزيادة وهي قوله : «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ... الخ» ؛ فقد قال ابن تيمية : (إنّها كذب ، ونقل الأثرم في سُننه عن أحمد أن العبّاس سأله عن حسين الأشقر وأنّه حدّثه بحديثين : قوله لعليّ : «إنّك ستُعرض على البراءة منّي فلا تبرأ» ، والآخر : «اللّهمّ وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه» فأنكره أبو عبيد الله جدّاً ولم يشكّ أنّ هذين كذب ، وكذلك قوله : «أنت أوْلى بكلّ مؤمن ومؤمنة» كذب أيضاً ..

وأمّا قوله : «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه» فليس هو في الصحاح لكن هو ممّا رواه العلماء وتنازع الناس في صحّته ، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي ، وطائفة من أهل العلم بالحديث أنّهم طعنوا فيه وضعّفوه ، ونقل عن أحمد بن حنبل أنّه حسّنه كما حسّنه الترمذي). انتهى. (المنهاج 4 / 86).

خامسها : وعلى فرض ثبوت هذه الألفاظ وصحّتها ، فإنّه لا دلالة لها على ما ذهب إليه الموسوي من أنّها نصوص في أوْلوية عليّ رضي الله عنه بالخلافة ؛ لأنّ المولى لا تأتي بمعنى الأوْلى بالتصرّف عند أهل اللغة ، كما بيّناه سابقاً ..

قال العلاّمة الدهلوي : (وأنكر أهل العربية قاطبة ثبوت ورود «المولى» بمعنى «الأوْلى» ؛ إذ لو صحّ للزم أن يقال : فلان مولى منك. بدل : فلان أوْلى منك ، وهذا باطل منكر بالإجماع ..

كما أنّ «المولى» لو كان بمعنى «الأوْلى» أيضاً لا يلزم أن تكون صلة بالتصرّف ، وكيف تُقَرَّر هذه الصلة ومن أية لغة؟! إذ يُحتمل أن يكون

ص: 36

المراد : أوْلى بالمحبّة ، وأوْلى بالتعظيم - وأية ضرورة في كلّ ما يسمع لفظ «الأوْلى» أن يحمله على أنّ المراد - أوْلى بالتصرّف -؟! كما في قوله تعالى : (إنّ أوْلى الناس بإبراهيم للّذين اتّبعوه وهذا النبيّ والّذين آمنوا) (1) وظاهر أنّ أتباع إبراهيم لم يكونوا أوْلى بالتصرّف في جنابه.

وذكر المحبّة والعداوة دليل صريح على أنّ المقصود إيجاب محبّته والتحذير من عداوته ، لا التصرّف وعدمه.

فعلم أنّ مقصوده صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بهذا الكلام إنّما كان إفادة هذا المعنى الذي يفهم منه بلا تكلّف يوقف قاعدة لغة العرب يعني محبّة عليّ فرض كمحبّته عليه السلام ، وعداوته حرام كعداوته عليه السلام. وهذا مذهب أهل السُنّة ، ومطابق لفهم أهل البيت في ذلك.

كما أورد أبو نُعيم عن الحسن المثنى ابن الحسن السبط الأكبر أنّهم سألوه عن حديث : «مَن كنت مولاه» هل هو نصّ على خلافة عليّ؟

قال : لو كان النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أراد خلافته بذلك الحديث لقال قولاً واضحاً هكذا : «يا أيّها الناس! هذا وليُّ أمري والقائم عليكم بعدي فاسمعوا وأطيعوا» ، ثمّ قال الحسن : أُقسم بالله أنّ الله تعالى ورسوله لو آثروا عليّاً لأجل هذا الأمر ، ولم يمتثل عليُّ لأمر الله ورسوله ولم يُقِدم على هذا الأمر لكان أعظم الناس خطأ بترك امتثال ما أمر الله ورسوله به.

قال رجل : أما قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه»؟!8.

ص: 37


1- سورة آل عمران 3 : 68.

قال الحسن : لا والله ، إنّ رسول الله لو أراد الخلافة لقال واضحاً وصرّح بها ، كما صرّح بالصلاة والزكاة ، وقال : يا أيّها الناس! إنّ عليّاً وليُّ أمركم من بعدي والقائم في الناس بأمري). مختصر التحفة الاثني عشرية : 161.

قال الشيخ الدهلوي : (وفي هذا الحديث دليل صريح على اجتماع الولايتين في زمان واحد ؛ إذ لم يقع التقييد بلفظ «بعدي» بل سَوْقُ الكلام لتسوية الولايتين في جميع الأوقات من جميع الوجوه ، كما هو الأظهر ، وشركة الأمير للنبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في التصرّف في عهده ممتنعة ، فهذا أدلُّ دليل على أنّ المراد وجوب محبّته ، إذ لا محذور في اجتماع محبّتين ، بل إحداهما مستلزمة للأُخرى ، وفي اجتماع التصرّفين محذورات كثيرة ، كما لا يخفى ، وإن قيّدتموه بما يدلّ على إمامته في المآل دون الحال فمرحباً بالوفاق ، لأنّ أهل السُنّة أيضاً قائلون بذلك في حين إمامته). انتهى. مختصر التحفة الاثني عشرية : 161.

كما أنّ الرافضة قد فسّروا كلمة : «الأوْلى» الواقعة في صدر حديث الغدير حيث قال عليه الصلاة والسلام : أوَ لستم تشهدون أنّي أوْلى بكلّ مؤمن مِنْ نفسه؟! فسّروها بالأوْلى بالتصرّف ، وهو باطل ، والمراد الأوْلى في المحبّة ، فيكون المعنى أوَ لستم تشهدون أنّي أوْلى بكلّ مؤمن في المحبّة من نفسه؟! وهذا مصداق قوله عليه الصلاة والسلام : «لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده وولده ، والناس أجمعين». رواه مسلم ، وبذلك تتلاءم أجزاء الكلام).

قال الشيخ الدهلوي : (ولفظ الأوْلى قد ورد في غير موضع بحيث لايناسب أن يكون معناه الأوْلى بالتصرّف أصلاً ، كقوله تعالى : (النبيّ أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أُمّهاتهم) ، (وأُولو الأرحام

ص: 38

بعضهم أوْلى ببعض في كتاب الله) (1) ؛ فإنّ سوق هذا الكلام لنفس نسب الأدعياء عمّن يتبنَّونهم ، وبيانه : أنّ زيد بن حارثة لا ينبغي أن يقال في حقّه زيد بن محمّد لأنّ نسبة النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى جميع المسلمين كالأب الشفيق بل أزيد ، وأزواجه أُمّهات أهل الإسلام ، والأقرباء في النسب أحقّ وأوْلى من غيرهم ، وإن كانت الشفقة والتعظيم للأجانب أزيد ، ولكن مدار النسب على القرابة وهي مفقودة في الأدعياء ، وحكم ذلك في كتاب الله ، ولا دخل ها هنا لمعنى الأوْلى بالتصرّف في المقصود أصلاً). انتهى. مختصر التحفة الاثني عشرية : 161 و 162.

ولقد كشف الموسوي عن جهله بالحديث وإسناده ، شأنه في ذلك شأن قومه الرافضة الّذين ليس لهم أسانيد صحيحة متّصلة ، فالحديث الصحيح عندهم ما وافق مذهبهم وإن كان موضوعاً ، والضعيف عندهم ما خالف مذهبهم. لقد كشف جهله هذا عندما استدلّ على تواتر حديث الغدير بتخريج أبي إسحاق الثعلبي له في تفسير سورة المعارج من تفسيره الكبير ، وكأنّ الثعلبي لا يخرّج إلاّ المتواتر من الأحاديث.

أرأيت أخي المسلم إلى هذا الجهل الذي ما بعده جهل وإلى هذا الاستدلال الذي يستحيي من ذكره الجاهل بله العالم ، والصغير قبل الكبير ، إنّه الجهل الذي ينبع من هوىً وضلال ، وزيغ وانحراف.

وما عرف هذا الضالّ المضلّ أنّ أهل العلم بالحديث متّفقون على أنّ مجرّد العزو إلى الثعلبي مشعِرٌ بضعف تلك الرواية حتّى تثبت صحّتها من من طرق أُخرى. 6.

ص: 39


1- سورة الأحزاب 33 : 6.

وروايته هذه عن الثعلبي لم يروها أحد من علماء الحديث في شيء من كتبهم التي يرجع إليها الناس في الحديث ، لا الصحاح ولا السُنن ولا المسانيد ولا غير ذلك ..

قال ابن تيمية في معرض حديثه عن هذه الرواية : (وكذب هذه الرواية لا يخفى على من له أدنى معرفة بالحديث).

وقد فنّد [ابن تيمية] هذه الرواية من وجوه عدّة ، نسوقها هنا بتصرّف يسير :

أوّلاً : أجمع الناس كلّهم على أنّ ما قاله النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بغدير خمّ كان مرجعه من حجّة الوداع ، والشيعة تسلّم بذلك ، وتجعل هذا اليوم عيداً وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، في حين أنّ سورة (سأل سائل) مكّية باتّفاق أهل العلم ، نزلت بمكّة قبل الهجرة ، قبل غدير خمّ بعشر سنين أو أكثر من ذلك ، فكيف نزلت بعده؟!

ثانياً : وقوله تعالى : (وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندك ...) ، الآية [32] في سورة الأنفال ، فقد نزلت ببدر بالاتّفاق وقبل غدير خمّ بسنين كثيرة.

وأهل التفسير متّفقون على أنّها نزلت بسبب ما قاله المشركون للنبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قبل الهجرة ، كأبي جهل وأمثاله ، وأنّ الله ذَكَّر نبيّه بما كانوا يقولون ، بقوله تعالى : (وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) أي : اذكر قولهم. فدلّ على أنّ هذا القول كان قبل نزول هذه السورة.

ثالثاً : اتّفق الناس على أنّ أهل مكّة لم تنزل عليهم حجارة من السماء لمّا قالوا ذلك ، فلو كان هذا آية لكان من جنس آية أصحاب الفيل ، ومثل

ص: 40

هذا لم ينقله أحد من المصنّفين في العلم ، لا الصحيح ولا المسند ولا الفضائل ولا التفسير ولا السير ونحوها ، رغم توفّر الهمم والدواعي على نقله ، فعلم بذلك كذب هذه الرواية.

رابعاً : إنّ أهل مكّة لمّا استفتحوا بيّن الله أنّه لا ينزل عليهم العذاب ومحمّد صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فيهم ؛ فقال تعالى : (وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) ثمّ قال : (وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون).

خامساً : لقد جاء في رواية الثعلبي التي ساقها الموسوي قول السائل : يا محمّد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله فقبلنا منك. وهي عبارة تدلّ على إسلام هذا السائل. ومن المعلوم بالضرورة أنّ أحداً من المسلمين على عهد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لم يصبه هذا.

سادساً : وهذا الرجل لا يعرف في الصحابة بل هو من جنس الأسماء التي يذكرها الطرقية من جنس الأحاديث التي في سيرة عنترة ودلهمة. وقد صنّف الناس كتباً كثيرة في أسماء الصحابة الّذين ذكروا في شيء من الحديث ، حتّى في الأحاديث الضعيفة ، مثل كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ ، وكتاب ابن مندة ، وأبي نعيم الأصبهاني ، والحافظ أبي موسى ، ونحو ذلك ، ولم يذكر أحد منهم هذا الرجل فعلم أنّه ليس له ذكر في شيء من الروايات. انتهى. منهاج السُنّة 4 / 13 و 14.

ثمّ إنّ الموسوي يتّهم أهل السُنّة - ممثّلين بشيخ الأزهر - بالمراوغة في المراجعة 59 و 60 لا لشيء إلاّ لأنّ شيخ الأزهر - على فَرَضِ صحّة مانُسب إليه من مراجعات - قد أوضح تفسير بعض العلماء المعتبرين في

ص: 41

نظر الموسوي لحديث الغدير ، وهو تفسير يغاير مذهب الموسوي.

والردّ على هذا الاتّهام أن نقول :

أوّلاً : هل مجرّد الاستدلال برأي ابن حجر في الصواعق ، والحلبي في سيرته يعتبر مراوغة؟! فإن كان الأمر كذلك فالموسوي أوْلى بأن يوصف بالمراوغة لأنّه كثيراً ما يستدلّ بكلام هذين العالِمَيْنِ بما يوافق هواه ومذهبه ، وإن كان الوصف بالمراوغة بسبب مخالفة كلامهما لمذهبه فكيف يجعل مذهبه حكماً ومرجعاً ودليلاً ، في الوقت الذي يفتقر هو إلى دليل يثبت صحّته؟!

ثانياً - وإن كانت المراوغة إنّما تعني الحيدة عن الأدلّة الشرعية الصحيحة ، والأُصول الثابتة فإنّ الموسوي وشيعته لم يتركوا من أساليب المراوغة شيئاً لأحد من الناس ؛ لأنّهم باتّفاق أهل العلم قوم استباحوا الكذب وعدم الانصياع إلى الدليل ، والتَفَلُّتَ منه بإنكاره ، وتحريفه إنقاصاً منه ، أو زيادة فيه ، أو تحميله ما لا يحتمل ، فهم أبعد الناس عن الدليل وأجهل الناس به.

ثالثاً : إنّ المراوغة في نظر الموسوي وشيعته الرافضة وصف لازم لكلّ من خالف مذهبهم ، ولو كان أصدق الصادقين ، والصدق عندهم وصف لازم لكلّ من وافقهم ولو كان من أكذب الكاذبين ؛ لذا فإنّه لا يلتفت إلى حكمهم ورأيهم في قليل ولا كثير.

رابعاً : إذا كان القرآن والسُنّة ليس فيهما نصّ على خلافة أحد من الناس ، وأنّ ما جاء فيهما كان مجرّد ذكر لفضائل الصحابة جملة أو تفصيلاً باتّفاق الصحابة والتابعين وأصحاب القرون الثلاثة الأُولى لم يخالف في ذلك منهم أحد حتّى آل البيت والعترة الطاهرة بما فيهم عليّ بن أبي طالب.

ص: 42

ولم يفهم أحد منهم أنّ هذه الفضائل نصوص تدلّ على خلافة أو استخلاف صاحبها بعد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بحال من الأحوال.

فإنّ المراوغ هو الذي زاغ عن الحقّ الذي جاء في كتاب الله وسُنّة رسول الله ، وأجمعت عليه الأُمّة بما فيهم العترة الطاهرة ، فتأمّل هذا.

وإنّ العلماء من أهل السُنّة بحثوا في كتب السُنّة كثيراً ليجدوا مايحتجّوا به على إمامة عليّ رضي الله عنه ، فلو ظفروا بحديث موافق لهذا الغرض لفرحوا به لأنّهم كانوا حريصين على هذا الأمر. كلّ هذا يدلّ على أنّ كلّ ما ينقله الرافضة في هذا المجال إنّما هو محض كذب وافتراء ..

قال ابن تيمية : (وأحمد بن حنبل مع أنّه أعلم أهل زمانه بالحديث احتجّ على إمامة عليّ بالحديث الذي في السُنن : «تكون خلافة النبوّة ثلاثين سنة ثمّ تصير مُلكاً» ، وبعض الناس ضعّف هذا الحديث لكنّ أحمد وغيره يثبتونه ، فهذا عمدتهم من النصوص على خلافة عليّ ، فلو ظفروا بحديث مسند أو مرسل موافق لهذا لفرحوا به ، فعلم أنّه ما تدّعيه الرافضة من النصّ هو ممّا لم يسمعه أحد من أهل العلم بأقوال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لا قديماً ولا حديثاً ، ولهذا كان أهل العلم بالحديث يعلمون بالضرورة كذب هذا النقل ، كما يعلمون كذب غيره من المنقولات المكذوبة). انتهى. المنهاج 4 / 14.

خامساً : إنّه لم يثبت عن أحد من أصحاب القرون الثلاثة الأُولى أنّه استدلّ بحديث واحد على خلافة عليّ رضي الله عنه رغم توفّر الهمم والدواعي على إظهار مثل هذا النصّ ، ورغم كثرة شيعة عليّ رضي الله عنه إبان الفتنة والتي كانت قد تنتهي أو تنقضي بإظهار مثل هذا النصّ. فدلّ هذا

ص: 43

على أنّه لا نصّ في هذا الأمر ، وأنّ كلّ ما تنقله الرافضة من منقولات هو محض كذب.

قال ابن تيمية : (وقد جرى تحكيم الحكمين ومعه أكثر الناس ، فلم يكن في المسلمين من أصحابه ولا غيرهم مَن ذكر هذا النصّ مع كثرة شيعته ، ولا فيهم من احتجّ به في مثل هذا المقام الذي تتوفّر فيه الهمم والدواعي على إظهار مثل هذا النصّ ، ومعلوم أنّه لو كان النصّ معروفاً عند شيعة عليّ فضلاً عن غيرهم لكانت العادة المعروفة تقتضي أن يقول أحدهم هذا نصّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم على خلافته فيجب تقديمه على معاوية ، وأبو موسى نفسه كان من خيار المسلمين لو علم أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم نصّ عليه لم يستحلّ عزله ، ولو عزله لكان من أنكر عزله عليه يقول : كيف تعزل من نصّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على خلافته ، وقد احتجّوا بقوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : «تقتل عمّاراً الفئة الباغية» ، وهذا الحديث خبر واحد أو اثنين أو ثلاثة ونحوهم وليس هذا متواتراً ، والنصّ عند القائلين به متواتر فيالله العجب كيف ساغ عند الناس احتجاج شيعة عليّ بذلك الحديث ولم يحتجّ أحد منهم بالنصّ). انتهى. المنهاج 4 / 15.

أقول :

يتلخّص كلام السيّد في حديث الغدير في نقاط :

1 - أورد نصوص روايات جمعٍ من أكابر القوم ، أمثال :

أحمد بن حنبل ..

والنسائي ..

ص: 44

والطبراني ..

والحاكم ..

والذهبي.

2 - وذكر وجوهاً لتواتره.

3 - وتعرّض لدلالته ودعوى التأويل فيها من بعضهم.

أمّا كلام المفتري الأثيم فيتلخّص في :

1 - أنّه طرح أوّلاً الآية المباركة : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك ...) ثمّ جعل يردّ القول بنزولها في غدير خمّ ، بثلاثة وجوه.

2 - ثمّ - في الوجه الرابع - ادّعى أنّ حديث الغدير «خبر آحاد مختلف في صحّته».

3 - فقال - في الوجه الخامس - : (وعلى فرض ثبوت هذه الألفاظ وصحّتها ، فإنّه لا دلالة لها على ما ذهب إليه الموسوي ... لأنّ «المولى» لاتأتي بمعنى «الأوْلى بالتصرّف» عند أهل اللغة) ..

ثمّ نقل عن العلاّمة الدهلوي : (أنكر أهل العربية قاطبة ثبوت ورود «المولى» بمعنى الأوْلى) ..

ثمّ ذكر عن الدهلوي إشكالاً آخر في دلالة الحديث حيث قال : «قال الشيخ الدهلوي : وفي هذا الحديث دليل صريح على اجتماع الولايتين ...».

هذا ، ولا يخفى على القارئ الكريم أنّ أغلب ما كتبه هذا الرجل إنّما هو تكرارٌ لما جاء في كتاب منهاج السُنّة لابن تيمية ، وفي مختصر التحفة الاثني عشرية للدهلوي فقط ، وأغفل آراء الذهبي وابن كثير وأمثالهما من علماء قومه الّذين شحن كتابه بأقوالهم واستند إليها في مختلف المسائل ،

ص: 45

وسيتّضح السبب في ذلك ..

فنقول :

أمّا تعرّضه - قبل كلّ شيء - للآية المباركة : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك ...) فما هو إلاّ فرار من البحث ، وتطويل بلا طائل ؛ إذ المهمّ هو الردّ على الاستدلال بحديث الغدير ، بالمناقشة في سنده أو دلالته ؛ لأنّه هو موضوع المراجعة ، وعلينا إثبات الحديث ودلالته على ما نذهب إليه ، والردّ على المناقشات ... كلّ ذلك استناداً إلى كتب القوم وكلمات أعلام علمائهم ، ثمّ يأتي دور القضايا المتعلّقة بالموضوع ..

سند حديث الغدير :

يقول الخصم : «حديث الغدير خبر آحاد مختلف في صحّته ...».

فهل نسي أو تناسى قول إمامه ابن تيميّة - الذي احتجّ بكلماته - : «وقد صنّف أبو العبّاس ابن عقدة مصنّفاً في جمع طرقه» (1)؟!

فطرقه كثيرة حتّى صنّف في جمعها الحافظ ابن عقدة كتاباً ، واعترف ابن تيميّة بذلك ، فكيف يكون من أخبار الآحاد؟!

وهل جهل أو تجاهل قول الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : «وأمّا حديث : من كنت مولاه فعليُّ مولاه ، أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جدّاً ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتابٍ مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان» (2)؟!1.

ص: 46


1- منهاج السُنّة 4 / 86 الطبعة القديمة.
2- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 61.

وفي هذا الكلام :

1 - إنّ حديث الغدير كثير الطرق جدّاً.

2 - أخرجه الترمذي والنسائي ؛ وهما من أرباب الصحاح.

3 - استوعب طرقه ابن عقدة في كتاب مفرد.

4 - كثير من أسانيدها صحاح وحسان.

وفي كلامٍ آخر لابن حجر العسقلاني التصريح بتأليف أبي جعفر الطبري أيضاً كتاباً في ذلك ؛ قال : «وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلَّف فيه أضعاف مَن ذكر ، وصحّحه ، واعتنى بجمع طرقه أبو العبّاس ابن عقدة ، فأخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر» (1).

وفي هذا الكلام :

1 - إنّ ابن جرير الطبري جمع طرق حديث الغدير في مؤلَّف فيه أضعاف من ذكره ابن عبد البرّ والمزّي.

2 - إنّ ابن جرير صحَّح حديث الغدير.

3 - إنّ ابن عقدة أخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر.

وقال الذهبي في حديث الغدير : «رأيت مجلّداً من طرق الحديث لابن جرير ، فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق» (2).

وقال ابن كثير : «وقد رأيت كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خمّ في مجلَّدين ضخمين ، وكتاباً جمع فيه طرق حديث الطير» (3).

وروى ابن كثير بالإسناد عن أبي هريرة ، قال : «لمّا أخذ رسول الله ي.

ص: 47


1- تهذيب التهذيب 7 / 339 ترجمة أمير المؤمنين.
2- تذكرة الحفّاظ 1 / 713 ، ترجمة محمّد بن جرير الطبري.
3- البداية والنهاية 11 / 147 ، ترجمة محمّد بن جرير الطبري.

صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بيد عليّ قال : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (اليوم أكملت لكم دينكم). قال أبو هريرة : وهو يوم غدير خمّ ، مَن صام يوم ثماني عشر من ذي الحجّة كتب له صيام ستّين شهراً».

ثمّ ردّ على نزول الآية في يوم الغدير ، وعلى فضل صيامه ، لكنّ المقصود هنا أنّه نقل عن الذهبي قوله في : «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه» : «صدر الحديث متواتر أتيقّن أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قاله. وأمّا : اللّهمّ وال من والاه ، فزيادة قويّة الإسناد» (1).

فثبت من شهادة الذهبي وابن كثير تواتر حديث الغدير ، وكفى بهما حجّة!!

كما شهد بتواتره الحفّاظ : ابن الجزري (2) ، والسيوطي ، والمناوي (3) ، والمتّقي الهندي ؛ إذ أورده في كتابه : قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة.

فقول الخصم الأثيم : «يزعم الرافضة أنّ حديث الغدير متواتر ، في حين أنّه حديث آحاد مختلف في صحّته ؛ فقد طعن جماعة من أئمّة الحديث في صحّته ، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهم وابن تيمية وابن الجوزي» تعصّب وعناد ..

أمّا أوّلاً : فإنّ الرافضين لخلافة المتقدّمين على أمير المؤمنين ، إنّما يدّعون تواتر هذا الحديث استناداً إلى رواياتهم وشهادات الأئمّة الأعلام من 2.

ص: 48


1- البداية والنهاية 5 / 213 - 214.
2- أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب : 3 - 4.
3- التيسير في شرح الجامع الصغير 2 / 442.

أهل السُنّة.

وأمّا ثانياً : فلو ثبت أنّ أحداً من القوم طعن في صحّة حديث الغدير فما هو إلاّ بالنظر إلى بعض أسانيده ، لا كلّها ؛ لأنّ الذهبي - وهو متأخّر عمّن ذكرهم - يقول : «متواتر أتيقّن أن رسول الله قاله».

وأمّا ثالثاً : فقد نصّ الحافظ أبو الخطّاب ابن دحية الأندلسي - بعد حديث الولاية - على أنّ من عادة البخاري في صحيحه أن يورد أحاديث مناقب عليّ ناقصةً مبتّرة ، وأنّ السبب في ذلك انحرافه عنه عليه الصلاة والسلام (1).

وعلى هذا ، فإنّ تكلّم البخاري في حديث الغدير ، وعدم إخراجه في صحيحه ، إنّما يعدّ من مطاعن البخاري ومساوئ كتابه ، وهي كثيرة جدّاً ، ولأجلها تكلّم فيه وفي كتابه كبار أئمّة القوم ، كالذهلي وأبي حاتم الرازي وأبي زرعة الرازي ، وغيرهم (2) .. 8.

ص: 49


1- نقله الإمام المجاهد السيّد مير حامد حسين النيسابوري الهندي ، عن كتاب شرح أسماء النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وقال صاحب كشف الظنون 2 / 1675 : «المستوفى في أسماء المصطفى ، لأبي الخطّاب ابن دحية عمر بن علي السبتي اللغوي ، المتوفّى سنة 633 ...» .. وتوجد ترجمة أبي الخطّاب ابن دحية في : سير أعلام النبلاء 22 / 389 ، تذكرة الحفّاظ 4 / 1420 ، البداية والنهاية 13 / 144 ، شذرات الذهب 5 / 160 ، وفيات الأعيان 3 / 448 ، حسن المحاضرة بتاريخ مصر والقاهرة 1 / 166 ، بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة 2 / 218 ، وغيرها.
2- انظر : هدي الساري في مقدّمة فتح الباري 2 / 263 - 264 ، طبقات الشافعية - للسبكي - 2 / 228 ، سير أعلام النبلاء 12 / 70 ، وص 391 ، وص 455 ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1 / 24 ، وغيرها من كتب القوم .. ولهذا السبب أورد الحافظ الذهبي البخاري في كتاب المغني في الضعفاء والمتروكين 2 / 557 ، وميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 125 ، وج 3 / 138.

وأمّا الأحاديث الباطلة والمكذوبة المخرّجة في صحيح البخاري فهي كثيرة كذلك ، كما لا يخفى على من راجع شروحه وغيرها من كتب الحديث (1).

وإذا كان هذا حال البخاري ، فما ظنّك بغيره؟!

وقوله : «أمّا الزيادة وهي قوله : اللّهمّ وال من والاه ...» فيكفي في ردّه قول الذهبي - في ما نقل عنه ابن كثير - : «وأمّا : اللّهمّ وال من والاه ... فزيادة قويّة الإسناد» ، لكنّي أذكر جماعةً من الأئمّة رووه بأسانيدهم مع تنصيص الحافظ الهيثمي على صحّتها ؛ فقد جاء في مجمع الزوائد في باب : «قوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه» (2) :

«رواه أحمد والطبراني إلاّ أنّه قال : قالوا سمعنا رسول الله يقول : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه ... ورجال أحمد ثقات».

«وعن أبي الطفيل ... قال : مَن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه ... رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة ، وهو ثقة».

«وعن عمرو بن ذي مر وسعيد بن وهب ، وعن زيد بن بثيع ، قالوا : سمعنا عليّاً يقول ... قالوا : فأخذ بيد عليّ فقال : مَن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه ، وأحبّ مَن أحبّه وأبغض مَن 9.

ص: 50


1- انظر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 127 ، وص 353 ، وج 8 / 271 ، وص 406 ، وص 541 ، وج 11 / 26 ، إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري 6 / 536 ، وج 7 / 148 ، وج 8 / 41 ، وعمدة القاري في شرح صحيح البخاري 7 / 46 ، وج 17 / 246 ، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25 / 204.
2- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9 / 103 - 109.

يبغضه ، وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله. رواه البزّار ورجاله رجال الصحيح ، غير فطر بن خليفة ، وهو ثقة» (1).

«وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... قال : فمَن كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه. رواه أبو يعلى ورجاله وثّقوا ، وعبد الله بن أحمد».

«وعن زيد بن أرقم ، قال : نشد عليّ الناس : أُنشد الله رجلاً سمع النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه. فقام اثنا عشر بدريّاً فشهدوا بذلك ، وكنت في مَن كتم فذهب بصري ..

رواه الطبراني في الكبير والأوسط خالياً من ذهاب البصر والكتمان ودعاء عليّ. وفي روايةٍ عنده : (وكان عليّ دعا على من كتم) ، ورجال الأوسط ثقات».

«وعن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت رسول الله يقول يوم غدير خمّ : اللّهمّ مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه وانصر مَن نصره ، وأعن من أعانه ..

رواه الطبراني ورجاله وثّقوا».

فهذا موجز الكلام في وجه استدلال علماءنا الكرام بهذا الحديث الشريف من جهة السند ... مضافاً إلى ما ذكره السيّد.

وتبقى جهة الدلالة ..

... للبحث صلة ر.

ص: 51


1- جاء في هامشه : «فطر» أخرج له خ أيضاً. ابن حجر.

عدالة الصحابة (10)

الشيخ محمّد السند

ومما يتّصل بالخلاف في عدالة الصحابة أمران رئيسيّان ، الأوّل : ما هو مصير الوحدة الإسلامية مع الخلاف في عدالتهم ، الثاني : محطّة الفتوحات الإسلامية التي وقعت على يد الخلفاء الثلاثة هي عمدة مستمسكات القائلين بعدالتهم ومكانتهم في الدين. فلا بُدّ من تناول البحث لكلا الأمرين ..

الأوّل - آفاق الوحدة :

إنّ كثيراً من الضلالات ناشئة من العمى في البصيرة ، قال تعالى : (فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (1) وقال : (فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها) (2) ..

والعمى في البصيرة ينشأ من أسباب مختلفة ، تارة من ضحالة في العلم والفقه ، وأُخرى من اتّباع الهوى والمصالح الدنيوية القصيرة المدى ،

ص: 52


1- سورة الحجّ 22 : 46.
2- سورة الأنعام 6 : 104.

وإذا اجتمع السببان فالطامّة الدهياء بين العمى والازدواجية.

قال تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلّكم تهتدون * ولتكن منكم أُمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينْهَوْن عن المنكر وأُولئك هم المفلحون) (1) ..

هذه الآية الكريمة كما تعيّن مدار وحدة المسلمين فهي تنبّأ بملحمة خطيرة ، هي : أنّ الوحدة الإسلامية لم ولن تتمّ ولا تتحقّق في هذه الأُمّة وتنال تلك السعادة في ظلّ الأُلفة الأخوية إلاّ بالاعتصام ب- : «حبل الله» ، أي التمسّك بحبل الله ، فيكون هذا الحبل عاصماً عن الفرقة ، وعن السقوط في الهاوية ، وعن الضياع في المتاهات ؛ فما هو «حبل الله» ، وما هو سرّ التعبير ب- : «الحبل»؟!

ل«حبل الله» - كما لكلّ حبل - طرفان ، طرف تستمسك به الأُمّة ، وطرف آخر عند الله تعالى ، أي أنّ هذا الحبل شيء رابط بين البشرية والغيب ، وسبب متّصل بين الأرض والسماء ، فلا بُدّ أن يكون قطب الوحدة ومركز الاتّحاد سبب موصل مطّلع على الغيب ؛ وهذا يعطي أنّ سفينة الوحدة والاتّحاد يجب أن ترسو على ما هو حقّ وحقيقة ، لا التوافق على الهوى والهوس.

وسياق الآية الثانية المتّصلة يصرّح بأنّ الوحدة يجب أن تكون على الخير والمعروف والاجتناب عن المنكر ، بحسب الواقع والحقيقة ، فلو 4.

ص: 53


1- سورة آل عمران 3 : 103 - 104.

حصلت وحدة على المنكر واجتناب المعروف ، لكانت هذه فُرقة في منطق القرآن الكريم ؛ لأنّ الناس افترقوا وابتعدوا عن الحقّ ..

وهذا يدلّ على أنّ الحقّ والمعروف له وجود وحقيقة في نفس الأمر ، اتّفقت كلمة الأُمّة عليه أم لم تتّفق ، وليس الحقّ ناتجاً ومتولّداً من اتّفاق الأُمّة كي يقال : «كلّ ما اتّفقت الأُمّة عليه فهو حقّ ، وكلّ ما لم تتّفق عليه فهو باطل» ..

ومن ثمّ كان الحسن والقبح في الأفعال ، والصفات ، والاعتقادات ذاتي ، تكويني ، عقلي ، حقيقي ؛ إذ ليس حسن الشيء بسبب رأي الأكثرية أو توافق الكلّ على مدحه ، ولا قبح الشيء بسبب رأي الأكثرية أو توافق الكلّ على ذمّه ، بل الحسن والمدح والثناء ذاتي ؛ للكمال ، والقبح والذمّ والهجاء ذاتي ؛ للنقص ، ومن ذلك يعلم أنّ الثابت الديني ليس وليد الوفاق بل هو مرهون بالأدلّة والبراهين.

فإذا كان الحقّ ثابت في نفسه فيجب إقامة الوحدة على أساسه ، لا أن تقام الوحدة على أساس الباطل أو الحقّ الممزوج بالباطل ، فنقيم الاتّحاد ولو على النهج السقيفي أو الأُموي أو العبّاسي ، بل هذا اتّحاد على الغواية وتعاون على الإثم والعدوان ، ومن ثمّ لم يبال سيّد الشهداء عليه السلام أن يشقّ عصا المسلمين المتآلفين على النهج اليزيدي ، وقال : «إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».

فالاصلاح والنصيحة للمسلمين ليس بإقرارهم على ما هم عليه من الفساد والغواية ، بل هو بأمرهم بالمعروف والحقيقة ونهيهم عن المنكر والباطل ، ودعوتهم للتعاون على السير على نهج الحقّ والصراط المستقيم.

ص: 54

وخذ مثالاً لذلك : لو شاهدت مدمناً على المخدّرات وأردت أن تنصحه ، فإنّ نصيحته ليست بمدحه على فعله وتحسينه له ؛ فهو غشّ ودغل واحتيال ، بل نصيحته بتعليمه بسوء ما هو عليه وقبحه ، وإرشاده إلى الطريق السوي ..

وكما قام سيّد الشهداء بتفرقة الجماعة المتجمّعة على الباطل ، قام جدّه النبيّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتفرقة المجتمع المكّي القرشي ، الذي كان متّحداً على عبادة الأوثان ، وأرشدهم بالأُسلوب التدريجي ، وبالحكمة والموعظة ، وبالتي هي أحسن ، والمداراة ، إلى طريق الصواب والهداية ، ولم تكن مداراته بمعنى ذوبانه في أرجاس الجاهلية ومداهنته لزيغهم وغيّهم ، نعم لا يكون العلاج إلاّ تدريجياً وبتعقّل وتروّي وتؤدة.

ولك أن تعتبر بسيرة سيّد الشهداء عليه السلام ، فإنّه لمّا رأى العالم الإسلامي ساكت على تولّي يزيد بن معاوية للأُمور وفاقاً سكوتياً أخذ في توعية الناس في المدينة المنوّرة ، ثمّ في مكّة عدّة أشهر ، يلتقي بوفود المسلمين في العمرة وموسم الحجّ ويخطب فيهم ، إلى أن أثمرت جهوده عليه السلام وبانت في مخالفة أهل العراق للسلطة الأُموية ، فخالفوا وحدة الصفّ التي كانت في جانب يزيد ، وأخذ في توسيع القاعدة الشعبية المخالفة كي تصبح أكثرية ، ثمّ توجّه صوب العراق لإنجاز الإصلاح في الأُمّة ، فلمّا رأى عودة أهل العراق عن مخالفة الصفّ اليزيدي واتّحادهم مع الوفاق الأُموي ، لم يستسلم للوحدة على الباطل والغي حتّى استشهد إحياءً لفريضة الإصلاح والأمر بالوحدة على المعروف والانتهاء عن المنكر.

فترى أنّ سيّد الشهداء عليه السلام لم يقم وزناً للوحدة والاتّحاد على الخطأ والباطل ، وأشاد بالوحدة على طريق الحقّ والهداية ، وهذا هو معنى أنّ

ص: 55

الحسن والقبح للأشياء ذاتياً واقعياً ، وليس اعتبارياً خاضعاً لرأي الأكثرية والمجموع وتوافقهم.

روى الصدوق في معاني الأخبار عن ابن حميد رفعه ، قال : «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن السُنّة والبدعة ، وعن الجماعة وعن الفُرقة؟

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : السُنّة : ما سنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والبدعة : ما أُحدث من بعده ، والجماعة : أهل الحقّ وإن كانوا قليلاً ، والفُرقة : أهل الباطل وإن كانوا كثيراً» (1).

وروى النعماني بسنده في كتاب الغَيْبة عن ابن نباتة ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة يقول : «أيّها الناس! أنا أنف الهدى وعيناه ، أيّها الناس! لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة من يسلكه ، إنّ الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها كثير جوعها» (2).

وفي رواية هشام المعروفة عن موسى بن جعفر عليه السلام : «يا هشام! ثمّ ذمّ الله الكثرة فقال : (وإن تُطعْ أكثر مَن في الأرض يُضلّوكَ عن سبيل الله) (3) ، وقال : (ولئن سألتَهم مَن خلق السماواتِ والأرضَ ليقولُنّ اللهُ قل الحمد لله بل أكثَرُهُم لا يعلمون) (4) ، وقال : (ولئن سألتَهم مَن نزّلَ من السماء ماءً فأحْيا به الأرضَ من بعدِ موتِها ليقولُنّ اللهُ قل الحمد 5.

ص: 56


1- معاني الأخبار : 154 - 155 ح 3 ، بحار الأنوار 2 / 266 ح 23.
2- انظر : الغيبة - للشيخ النعماني - : 170 ، الإرشاد - للشيخ المفيد - 1 / 276 ، بحار الأنوار 2 / 266 ح 27 ، نهج البلاغة - لمحمّد عبده - 2 / 207 رقم 196.
3- سورة الأنعام 6 : 116.
4- سورة لقمان 31 : 25.

لله بل أكثَرُهُم لا يعقلون) (1) ..

يا هشام! ثمّ مدح القلّة فقال : (وقليلٌ من عبادي الشكور) (2) ، وقال : (وقليلٌ ما هم) (3) ، وقال : (وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعونَ يكتُمُ إيمانَهُ أتقتلونَ رجلاً أن يقولَ ربّيَ الله) (4) ، وقال : (ومَن آمنَ وما آمنَ معهُ إلاّ قليل) (5) ، وقال : (ولكنّ أكثَرَهُم لا يعلمون) (6) ، وقال : (وأكثَرُهُم لا يعقلون) (7) ، وقال : (أكثَرَهُم لا يشكرون) (8)» .. الحديث (9).

ولا يخفى أنّ الروايات في صدد بيان ضوابط وموازين البصيرة الحقّة وتمييزها عن الباطل ، لا في مقام ترك المسؤولية تجاه الأكثرية والقيام بواجب هدايتهم وإرشادهم ، والعناية بأُمورهم بالإصلاح وتقويم العوج وإزالة الفساد ، بل هي في مقام بيان أنّ الاعتداد بشأن موازين منطق التفكير التي هي موازين العلم والعقل والفطرة والسُنّة غير المحرّفة لا يكون بالمنطق الأكثري بل بالقيم والمبادئ التي تتضمّن هذه الموازين.

روى في مستطرفات السرائر بسنده عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، قال : «قال لي : أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكوننّ إمّعَة. قلت : وما الإمّعة؟ 2.

ص: 57


1- سورة العنكبوت 29 : 63.
2- سورة سبأ 34 : 13.
3- سورة ص 38 : 24.
4- سورة غافر 40 : 28.
5- سورة هود 11 : 40.
6- سورة الأنعام 6 : 37 ؛ وتكرّرت هذه الآية في سور عديدة أُخرى.
7- سورة المائدة 5 : 103.
8- سورة يونس 10 : 60 ، سورة النمل 27 : 73.
9- الكافي 1 / 12 ضمن ح 12.

قال : لا تقل أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس ؛ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يا أيّها الناس! إنّما هما نجدان : نجد الخير ، ونجد الشرّ ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير» (1) ..

والإمّعة : الذي لا رأي له ، فهو يتابع كلّ أحد على رأيه ، والذي يقول لكلّ أحد : أنا معك ، أنا مع الناس.

وروى الصدوق بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال لرجل من أصحابه : «لا تكون إمّعة ، تقول : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس» (2).

وهذه الأحاديث أيضاً في مقام تخطئة التأثّر من رأي الأكثرية بسبب الأكثرية ، والحثّ على التمسّك بما هو مقتضى البديهة الفطرية والضرورة الدينية ، وهناك توصيات عديدة في القرآن والسُنّة على طريقة التفكير والاعتقاد كمنهج منطقي ديني لا يسع المقام ذكرها.

ثمّ إنّ آية الاعتصام بحبل الله تعالى تتضمّن نبوءة بملحمة قرآنية مهمّة ، وهي : أنّ وحدة الأُمّة الإسلامية لا ولن تتمّ إلاّ بالتمسّك جميعاً بحبل الله ، فلا تأمل هذه الأُمّة يوماً ما في الخلاص من ذلّ الفُرقة والتشتّت والضعف أمام الأعداء بدون التمسّك بحبل الله ..

والرغبة في الوحدة بأن تكون على محور الاعتصام بحبل الله كي لايقعوا في الفُرقة ؛ فحبل الله هو العاصم من الفُرقة ، وبدونه سوف تكون الرغبة في الوحدة حلماً وشعاراً أجوف ومجرّد تشدّق باللسان.

وحبل الله الذي يدعو إليه القرآن الكريم هو : الثقلان ؛ لأنّه حبل طرف 6.

ص: 58


1- مستطرفات السرائر (ضمن السرائر) 3 / 595 ، الاختصاص : 343 ، الأمالي - للشيخ المفيد - : 210 ح 47 ، بحار الأنوار 21 / 62.
2- معاني الأخبار : 226 ح 1 ، بحار الأنوار 2 / 26.

منه عند الناس وطرف آخر عند الله ، وهذا القرآن الكريم قد تضمّنت عدّة سور قرآنية منه التشديد على أنّ للقرآن قريناً وملازماً لا يفترق عنه ، هو ثلّة مطهّرة من هذه الأُمّة ، لديها علم الكتاب ؛ فقد قال تعالى في سورة الواقعة : (فلا أُقسمُ بمواقع النجوم * وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ * إنّه لقرآنٌ كريمٌ * في كتابٍ مكنونٍ * لا يمسُّهُ إلاّ المطهّرونَ * تنزيلٌ من ربّ العالمين * أفبهذا الحديث أنتم مُدْهِنون * وتجعلون رزقَكم أنّكم تُكذّبون) (1).

فذكر تعالى أنّ للقرآن وجوداً علوياً غيبياً غير ما تنزّل منه ، لا يصل إلى حقيقته وحقائق ذلك الوجود غير المطهّرين - بصيغة الجمع - من هذه الأُمّة ، وهم الموصوفون بالطهارة في قوله تعالى : (إنّما يريد اللهُ لِيُذْهِبَ عنكمُ الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهّرَكم تطهيراً) (2).

وكذلك قال تعالى : (ويومَ نبعثُ في كلّ أُمّةٍ شهيداً عليهم من أنفسِهم وجئنا بكَ شهيداً على هؤلاء ونزّلنا علينا الكتابَ تبياناً لكلّ شيءٍ وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين) (3) ..

وقد اعترف الفخر الرازي - وإن لم تكن أهمّية لاعترافه فأهمّية القرآن ذاتية - أنّ الآية دالّة على وجود شخص في زمن لا يزل ولا يخطأ يكون شاهداً على أُمّة كلّ قرن (4) ، وإلاّ فكيف يكون شاهداً وهو مشهود عليه بالذنب أو الضلالة ؛ كما تبيّن الآية من سورة العنكبوت : (بل هوَ - أي ل.

ص: 59


1- سورة الواقعة 56 : 75 - 82.
2- سورة الأحزاب 33 : 33.
3- سورة النحل 16 : 89.
4- انظر : التفسير الكبير - ذيل الآية 89 من سورة النحل.

الكتاب أو القرآن - آياتٌ بيناتٌ في صدور الّذين أُوتوا العلمَ وما يجحدَ بآياتنا إلاّ الظالمون) (1) ومثله قوله تعالى في سورة الرعد : (قل كفى بالله شهيداً بيني وبينَكم ومَن عندَهُ علمُ الكتاب) (2) وغيرها من آيات الثقلين وأنّهما مقترنان معاً لا يفترقان.

والحاصل أنّ آية الاعتصام تنبّأ بملحمة مهمّة ، وهي : أنّ ضعف وذلّ هذه الأُمّة لفرقتها لا يزول بغير الاعتصام بحبل الله ، وهما الثقلان : الكتاب والعترة ، وبذلك تتحقّق الوحدة ..

وقد أشارت الصدّيقة الزهراء عليها السلام بنت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه الملحمة القرآنية في خطبتها : «فجعل الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ... وطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً من الفرقة» (3).

والمرتضى عليه السلام وصيّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته القاصعة - وهي من أعظم خطبه صلوات الله عليه ؛ إذ يصف فيها ولاية أهل البيت عليهم السلام أنّها توحيد لله تعالى في الطاعة - يقول : «فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولاً ؛ فعقد بملّته طاعتهم ، وجمع على دعوته أُلْفتهم ، كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ...

وتعطفت الأُمور عليهم في ذرى ملك ثابت ، فهم حكّام على العالمين وملوك في أطراف الأرضين ، يملكون الأُمور على من يملكها عليهم ، ويمضون الأحكام في من كان يمضيها فيهم ...

ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله 3.

ص: 60


1- سورة العنكبوت 29 : 49.
2- سورة الرعد 13 : 43.
3- الاحتجاج - للطبرسي - 1 / 258 ضمن ح 49 ، كشف الغُمّة - للأربلي - 1 / 483.

المضروب عليكم بأحكام الجاهلية ، فإنّ الله سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأُمّة في ما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلّها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ؛ لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر.

واعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعراباً ، وبعد الموالاة أحزاباً ، ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه ، تقولون : النار ولا العار! كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكاً لحريمه ، ونقضاً لميثاقه الذي وضعه الله لكم ، حرماً في أرضه ، وأمناً بين خلقه ، وإنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ، ثمّ لا جبرائيل ولاميكائيل ولا مهاجرون ولا أنصار ينصرونكم إلاّ المقارعة بالسيف حتّى يحكم الله بينكم» (1).

فقوله عليه السلام : «فعقد بملّته طاعتهم ، وجمع على دعوته أُلفتهم ... قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم ...» إنّ منّة الله على جماعة ووحدة الأُمّة هو بتوسّط ذلك الحبل ، حبل الطاعة ، وهو حبل الأُلفة ، وإنّ في مقابل الموالاة الأحزاب ، أيّ التفرّق والفُرقة ؛ فلا نصرة لهم من الله تعالى وملائكته والمؤمنين ، كما أنّه عليه السلام أخبر الأُمّة بملحمة مستقبلية ، هي الملحمة القرآنية في آية الاعتصام ، أنّهم سيتفرّقون ويضعفون أمام الكفر وتكالب الأعداء وكثرة الحروب حتّى يقدّر الله تعالى النهاية ، ولعلّه إشارة إلى عصر الظهور ..

ولا يخفى الاقتباس في تعبيره عليه السلام بالحبل وإنّه الطاعة ؛ إذ تضمّن الإشارة إلى آية الاعتصام من الفرقة بحبل الله ، وأنّه طاعتهم وولايتهم. ة.

ص: 61


1- نهج البلاغة : خطبة 192 - القاصعة.

فلا يأمل ولا يحلم المسلمون بتحقّق الأُلفة والوحدة والقدرة لهم على أعدائهم من دون التمسّك بحبل الله ، المتمثّل بولاية وطاعة أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ إنشاد الوحدة من دون ذلك ممتنع.

وهذا الإخبار من القرآن ومن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام إخبار إعجازٍ وتحدٍّ للمسلمين ؛ يعضد ذلك العقل والمشاهدة العيانية الاستقرائية لأوضاع المسلمين ..

أمّا العقل : فإنّ المسلمين إن لم يرجعوا في عقائدهم ، ومن ثمّ في أحكامهم وقوانينهم إلى مصدر واحد ، فكيف يتمّ لهم الاتّفاق في نظامهم السياسي والاجتماعي والمذهبي؟!

وأمّا المشاهدة العيانية الاستقرائية : فهي حاصلة بأنّ مذاهب العامّة لا تكاد تنحصر في عدد معيّن ، وحصرها في أربعة ما هو إلاّ من فعل الخلافة العبّاسية في القرن الرابع الهجري ، وإلاّ فمذاهب فقهائهم كثيرة كاثرة ، وهي لا تزال في تشعّب مذهبي - أي في أُصول القواعد - وفقهي واعتقادي ، ولم يبقَ من الأربعة إلاّ العدد فقط ، فهناك - الآن - مذاهب الوهّابيّة والظاهرية والأباظية والتكفير والهجرة ، وهلمّ جرّاً ؛ فكيف يرجى خلاص الأُمّة وهم يتّبعون مذاهب فقهية واعتقادية هي في الأصل من وضع الأُمويين والعبّاسيّين ، أي فقه السلاطين واعتقاداتهم؟!

ففقهاؤهم قاطبة - إلاّ ما شذّ وندر - يحرّمون الخروج على سلطان الجَوْر ، بلغ ما بلغ غيّه وفساده وجوره ، ما لم يكن كفراً بواحاً ، وإن كان وصوله إلى السلطة بالتغلّب والقهر والسيف ؛ فهل ترى للأُمّة الإسلامية من خلاص ونصرة على عدوّها والحال أنّ على رقاب ورؤوس المسلمين حكّاماً خونة؟!

ص: 62

قال المزّي : «وقال أبو العبّاس ابن عقدة - وذكر المزّي السند إلى حسن بن زياد ، يقول - : سمعت أبا حنيفة وسأله : من أفقه من رأيت؟ فقال : ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمّد ..

لمّا أقدمه المنصور الحيرة بعث إليّ فقال : يا أبا حنيفة! إنّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد ، فهيّئ له من مسائلك الصعاب. قال : فهيأت له أربعين مسألة.

ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة ، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه ، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر. فسلّمت ، وأذن لي ، فجلست.

ثمّ التفت إلى جعفر فقال : يا ابا عبد الله! تعرف هذا؟ قال : نعم ، هذا أبو حنيفة. ثمّ أتبعها : قد أتانا (1).

ثمّ قال : يا أبا حنيفة! هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله.

وابتدأت أسأله ، وكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ونحن نقول كذا وكذا ، فربّما تابعنا ، وربّما تابع أهل المدينة ، وربّما خالفنا جميعا ، حتّى أتيت على أربعين مسألة ما أحزم منها مسألة.

ثمّ قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس» (2).

فها أنّك ترى أنّ أبا حنيفة يستخدمه الخليفة العبّاسي آلة طيّعة ليقابل 9.

ص: 63


1- الظاهر أنّ المراد : تتلمذ عندنا ، كما ذكر ذلك المزّي أيضا في تهذيب الكمال : أنّ أبا حنيفة تتلمذ عنده عليه السلام.
2- تهذيب الكمال 5 / 79.

تنامي نفوذ الإمام الصادق عليه السلام في المسلمين ، ومثله الحال في بقية فقهائهم ..

قال الحافظ ابن عبد البرّ : «إنّ محمّد بن سعد قال : سمعت مالك ابن أنس يقول : لمّا حجّ أبو جعفر المنصور دعاني ، فدخلت عليه فحادثته ، وسألني فأجبته ، فقال : إنّي عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعت (يعني الموطّأ) فتنسخ نسخاً ثمّ أبعث إلى كلّ مصر من أمصار المسلمين منها نسخة ، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدّوها إلى غيرها! فإنّي رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم» (1).

وقد ذكر هذه الحادثة ابن قتيبة الدينوري ، وذكر دخول أكثر فقهاء العامّة على المنصور ، كسفيان الثوري ، وابن ابي ذؤيب ، وابن سمعان ، وأنّ المنصور خطب فيهم ثمّ قسّم عليهم أموالاً ، وأنّ بعضهم أخذها ، ومنهم مالك ، وأنّ المهدي العبّاسي أمر لمالك بأربعة آلاف دينار مكافأة على كتابه الموطّأ ، ولابنه بألف دينار ، وأنّ هارون بالغ في الحفاوة به أيضاً (2).

فبدون ولاية وطاعة المعصوم لا سبيل للنجاة من الفُرقة ؛ إذ الأهواء المتّبعة مدعاة للفُرقة ، والجهل والجهالات المتفشية هي الأُخرى موجبة لاختلاف القول والرأي ، وبالتالي اختلاف الكلمة ..

وتوحيد الكلمة الذي هو مظهر التوحيد الإلهي لا يتحقّق إلاّ بإمامة أهل البيت عليهم السلام ؛ وذلك لأنّ توحيد الله تعالى على مقامات ومواطن ، فمنه توحيد الذات والصفات والأفعال ، والتوحيد في العبادة بالإخلاص ، والتوحيد في التشريع وهو النبوّة ، والتوحيد في الغاية وهي المعاد ، 8.

ص: 64


1- كتاب الانتقاء : 41.
2- انظر : الإمامة والسياسة : 193 ، 195 ، 203 ، 208.

والتوحيد في الطاعة والولاية وهي الإمامة ؛ إذ أنّ الأئمّة المعصومين هم أوعية مشيئة وإرادة الله تعالى ، فقيادتهم هي حاكمية لمشيئة الله تعالى وإرادته.

ولن يستكمل التوحيد حتّى يعمّ قوله تعالى : (إن الحُكْمُ إلاّ لله) (1) كلّ المواطن ، وإلاّ فعزل الباري عن مسرح الحياة البشرية وقصر التوحيد على الذات والصفات - كما يصنع العلمانيون - ليس إلاّ توحيد أجوف صوري ، كما أنّ التوحيد في التشريع - النبوّة - دون التوحيد في التطبيق هو الآخر توحيد نظري بدون تطبيق ، كما قال الإمام عليّ عليه السلام : «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة» ، أي ثمرة النبوّة وهي الولاية لأهل البيت عليهم السلام ، فولايتهم وإمامتهم نهاية معاقل التوحيد وزبدة مواطنه ، وهو الامتحان الذي فشل فيه إبليس الرجيم ؛ إذ لم يكفر بتوحيد الذات ولا الصفات بحسب الظاهر ولا بالمعاد ، بل كفر بولاية آدم وخلافته ، أي بالتوحيد في مقام الطاعة والولاية ، فنجم عن ذلك كفره وحبط عمله ، وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة الطويلة ، وسنشير إلى مقطعين منها ..

الأوّل : «الحمد لله الذي لبس العزّ والكبرياء ، واختارهما لنفسه دون خلقه ، وجعلهما حمىً وحرماً على غيره ، واصطفاهما لجلاله ، وجعل اللعنة على مَن نازعه فيهما من عباده ..

ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ؛ فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات 7.

ص: 65


1- سورة الأنعام 6 : 57 ، سورة يوسف 12 : 40 و 67.

الغيوب : (إنّي خالقٌ بشراً من طين * فإذا سوّيْتُهُ ونفخْتُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجدَ الملائكةُ كلّهم أجمعونَ * إلاّ إبليس) (1) اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه ، وتعصّب عليه لأصله ، فعدوّ الله إمام المتعصّبين ، وسلف المتكبّرين ، الذي وضع أساس العصبية ، ونازع الله رداء الجبرية ، وادّرع لباس التعزّز ، وخلع قناع التذلّل.

ألا ترون كيف صغّره الله بتكبيره ، ووضعه بترفّعه ، فجعله في الدنيا مدحوراً ، وأعدّ له في الآخرة سعيراً ، فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس ؛ إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد - وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة لايدرى أمن سنيّ الدنيا أم من سنيّ الآخرة - عن كبر ساعة واحدة ، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته ...».

الثاني : «فاحذروا عباد الله! أن يعديكم بدائه ، وأن يستفزّكم بندائه ... ألا وقد أمعنتم في البغي ، وأفسدتم في الإرض ، مصارحة لله بالمناصبة ، ومبارزة للمؤمنين بالمحاربة ، فالله الله في كبر الحمية ، وفخر الجاهلية ... ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم! الّذين تكبّروا عن حسبهم ، وترفّعوا فوق نسبهم ، وألقَوْا الهجينة على ربّهم - أي قبحوا فعل ربّهم - وجاحدوا الله على ما صنع بهم ؛ مكابرة لقضائه ، ومغالبة لآلائه ، فإنّهم قواعد أساس العصبية ، ودعائم أركان الفتنة ، وسيوف عنزاء الجاهلية ، فاتقوا الله ... ولا تطيعوا الأدعياء الّذين شربتم بصفوكم كدرهم ، وخلطتم بصحّتكم مرضهم ، وأدخلتم في حقّكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق ، 4.

ص: 66


1- سورة ص 38 : 71 - 74.

وأحلاس العقوق ، اتّخذهم إبليس مطايا ضلال وجنداً بهم يصول على الناس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم ، استراقاً لعقولكم ، ودخولاً في عيونكم ، ونفثاً في أسماعكم ، فجعلكم مرمى نبله ، وموطئ قدمه ، ومأخذ يده» ..

ثمّ بيّن عليه السلام في آخر الخطبة خصائصه الموجبة لوصايته بعد النبوّة.

فبيّن عليه السلام أنّ الخضوع لآدم وطاعته وولايته بأمر من الله تعالى هي تواضع لله ، ونفي للكبر ، أي نفي المخلوق استقلاليّته أمام استقلالية الذات الأزلية ؛ فولاية خليفة الله توحيد لله تعالى في آخر المعاقل التي يطرد منها الكفر ويقام فيها التوحيد ، وذلك المعقل هو ذات الإنسان نفسه ، فهدم كبر الأنانية وإقامة فقر العبد لله بتولّي الإمام المنصوب من قبل الله ، إقامة للتوحيد في صقع الذات الإنسانية ، وإن إبليس قد فشل في هذا الامتحان للتوحيد ، فلم تنفعه دعواه التوحيد في سائر المقامات ، هذا في المقطع الأوّل.

وأمّا المقطع الثاني فهو عليه السلام يبيّن فيه أنّ مَن تقحّموا الخلافة من قبله قد ردّوا على الله تعالى أمره ، وقبّحوا نصبه تعالى وجعله عليّاً عليه السلام خليفةً ووصيّاً ؛ فنهجوا نهج إبليس في الاستكبار ، وأنّهم قواعد أساس العصبية ودعائم أركان الفتنة ، وهذا الحكم منه عليه السلام أشدّ ممّا ورد في الخطبة الشقشقية وأصرح في بيان حالهم ..

ثمّ إنّه عليه السلام بيّن أنّ الإفساد في الأرض هو لكون الناس أحزاباً متفرّقين غير مجتمعين على وحدة الطاعة والولاية لخليفة الله في الأرض ، وهذا التفرّق عن الطاعة والولاية يعني مناصبة العداء لله تعالى ، وبالتالي فلا يقبل تعالى على البشر بالبركات والنعم ، مضافاً إلى تأدية الخلاف إلى

ص: 67

الخراب بدل الإعمار ؛ لتخالف الهوى والمصلحة ، فتصبح البشرية في حرمان من البركات الإلهية المقدّرة لها.

وتتّضح جليّاً الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى : (إنّ هذه أُمّتُكم أُمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاعبدونِ) (1) ؛ فلازم كونها أُمّة واحدة توحيدية بتمام التوحيد هو الربوبية لله وحده من دون وجود طاغوت استكباري على أوامره تعالى ، وإلاّ فالأُمّة الإسلامية ستكون أُمماً كثيرة ، كلّ مجموعة تتّبع هوىً ما ، وطاغوتاً ما ؛ إذ الأُمّة في اللغة والاشتقاق من : أمّ يؤمّ ، أي : قصد واتّبع ، فإذا كانت المقاصد والمناهج الأصلية مختلفة فسيكون المجموع أُمماً لا أُمّة واحدة.

والإشارة إلى ذلك أيضاً في قوله تعالى : (قل يا أهلَ الكتابِ تعالَوْا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينَكم ألاّ نعبدَ إلاّ اللهَ ولا نشركَ بهِ شيئاً ولا يتّخذَ بعضُنا بعضاً أرباباً من دونِ اللهِ فإنْ تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون) (2) َ ..

فإن توحّد الربوبية لله تعالى يقضي بتوحيد المنهاج والشريعة والطاعة والولاية ، نعم من أبجديات فقه أهل البيت عليهم السلام أنّ أهل الكتاب في ظلّ الحكم الشرعي لهم حقّ التعايش السلمي بضريبة الجزية ، بدلاً عن ضريبة الزكاة والخمس الموضوعة على المسلمين ، وأنّ من خصوصيات عقيدة الإمامة أنّ الحاكم الأوّل في النظام الاجتماعي السياسي هو الله تعالى ، سواء في السلطة التنفيذية أو القضائية أو التشريعية ، وسواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو المالي أو التقنيني ، وهذه الحقيقة تتحقّق لكون الإمام وعاء 4.

ص: 68


1- سورة الأنبياء 21 : 92.
2- سورة آل عمران 3 : 64.

مشيئة الله وإرادته ، كما هو الحال في حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، التي يستعرض سيرتها القرآن الكريم في السور المدنية ..

فإنّ المشاهد في الآيات أنّه عند المنعطفات الحادّة الصعبة سياسياً ، أو عسكرياً من الحرب أو السلم ، أو قضائياً أو مالياً يكون التدبير الجزئي والحكم صادر منه تعالى ، فالحاكم السياسي الأوّل في حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الله تعالى ، وحاكميّته تعالى لا تقتصر على التشريعات الكلية فحسب ، كما هو المزعوم في معتقد المذاهب الإسلامية الأُخرى ، وكما هو الحال في الديانة المسيحية واليهودية : (وقالت اليهودُ يدُ الله مغلولةٌ غُلّتْ أيديهِم ولُعنوا بما قالوا بل يداهُ مبسوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء) (1) ، بل تشمل جميع نواحي الحياة ..

ولن تجد - إذا فتّشت - عقيدة تتبنّى حاكمية الله تعالى السياسية والعسكرية و ... وباقي نواحي الحياة فضلاً عن حاكميّته في مجال التشريع غير عقيدة الإمامة الإلهية ؛ وهذا معنى أنّ الإمامة والولاية باب من أبواب التوحيد ومن أبواب ربوبية الله تعالى وحده في النظام الاجتماعي السياسي.

النبيّ هارون عليه السلام ونموذج الوحدة :

وقوله تعالى حكاية عن هارون بعد عبادة بني إسرائيل العجل : (قال يا بنَ أُمَّ لا تأخذْ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشِيتُ أن تقولَ فرّقْتَ بين بني إسرائيلَ ولم ترقُبْ قَوْلي) (2) ..

ملحمة قرآنية يسطرها لنا القرآن الكريم تبياناً لموقف هارون وصيّ 4.

ص: 69


1- سورة المائدة 5 : 64.
2- سورة طه 20 : 94.

موسى عليه السلام بعدما ضلّ كثير من بني إسرائيل عن الهدى إلى عبادة العجل واتّباع السامري ..

ففي الوقت الذي راعى فيه هارون وحدة بني إسرائيل وحافظ عليها ، إلاّ أنّه لم يتّبع ضلال أكثرية بني إسرائيل والسامري في عبادة العجل لتحقيق الوحدة ، بل قال لهم : (يا قومِ إنّما فُتِنْتُم به وإنّ ربَّكُمُ الرحمنُ فاتّبِعوني وأطيعوا أمْري) (1) ؛ فقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

وكان الأُسلوب الذي اتّخذه لا بنحو يؤدّي إلى فُرقة بني إسرائيل ولا بنحو ذوبانه هو في الانحراف وترك طريق الإصلاح ، لا سيّما وأنّه لم تكن لديه القدرة على الالتجاء إلى القوّة في الإصلاح ، كما قال : (ابنَ أُمَّ إنّ القومَ اسْتضْعَفوني وكادوا يقْتُلونَني) (2) وهو يدلّ على مدى رفض هارون عليه السلام للانحراف الحاصل لدى بني إسرائيل ومقاومته السلمية الثابتة لهم بلا مهادنة حتّى كادوا أن يقتلوه.

والذي قام به هارون عليه السلام هو الذي أوصاه به موسى عليه السلام : (وقال موسى لأخيه هارونَ اخْلُفْني في قَوْمي وأصْلِحْ ولا تتّبِعْ سبيلَ المفسدين) (3) ، فأمره بالإصلاح ونهاه عن اتّباع سبيل المفسدين ، ومن ثمّ لمّا رجع موسى إلى قومه وقال : (يا هارونُ ما مَنعكَ إذ رأيْتَهم ضلّوا * ألاّ تتّبِعنِ أفَعَصَيْتَ أمْري * قال يَبْنَؤُمَّ ...) (4).

وكانت مساءلة موسى عليه السلام عن عدم اتّباع هارون عليه السلام له ، أي عن 4.

ص: 70


1- سورة طه 20 : 90.
2- سورة الأعراف 7 : 150.
3- سورة الأعراف 7 : 142.
4- سورة طه 20 : 92 - 94.

عدم مفارقة هارون لبني إسرائيل ولحوقه بموسى كي يحلّ عليهم العذاب ، أو عن عدم مقاتلته لتيّار الانحراف والضلال في بني إسرائيل ، فأجابه بتحرّيه طريق الإصلاح من الاهتمام بمصير بني إسرائيل ، وإرشادهم إلى الصواب ، ونهيهم عن الضلال ، ومقاطعته وتبرّيه عن سبيل المفسدين ، ورضى موسى عليه السلام بفعله.

وفي الحقيقة إنّ مساءلة النبيّ موسى عليه السلام لوصيّه النبيّ هارون عليه السلام عن دوره في هذا الحدث الداهية الفظيع ، وكذلك أخذه برأسه ولحيته ، ليس لإدانة أخيه ووصيّه ، أو شكّه في استقامته ، بل هي لإجل بيان مدى فظاعة الانحراف والضلال الذي ارتكب ، كما قال موسى : (بئسما خَلَفْتُموني من بعدي) (1) ، (قال فإنّا قد فتَنّا قوْمكَ من بعدِكَ وأضَلّهُمُ السامِريُّ) (2) ، وكذلك لدفع تهمة تخاذل هارون عن الحقّ ..

وهي أيضاً نظير مساءلة الله تعالى للنبيّ عيسى يوم المعاد : (وإذ قال الله يا عيسى ابنَ مريمَ أأنت قلت للناس اتّخذوني وأُمّيَ إلهينِ من دون الله قال سبحانك ما يكونُ لي أنْ أقولَ ما ليس لي بحقٍّ إن كنتُ قلْتُهُ فقد علِمْتَهُ تعلمُ ما في نفسي ولا أعلمُ ما في نفسك إنّك أنت علاّمُ الغُيوب* ما قلتُ لهم إلاّ ما أمَرْتَني به أن اعْبُدوا اللهَ ربّي وربَّكم) (3) ؛ إذ هي لبيان العظيمة التي ارتكبها النصارى من الشرك ، لا لاِجل عتاب النبيّ عيسى عليه السلام ؛ كيف وهو تعالى عالم ببراءة ساحته عن انحراف النصارى؟!7.

ص: 71


1- سورة الأعراف 7 : 150.
2- سورة طه 20 : 85.
3- سورة المائدة 5 : 116 - 117.

وكذلك لكون مساءلة ومحاسبة النبيّ عيسى عليه السلام تدلّ على عظم الخطب في الحدث ، الذي يستدعي مساءلة كلّ أطراف الحدث عنه ، حتّى مثل النبيّ ؛ ولتبرئة عيسى عليه السلام عن ضلال النصارى ، وهذا الأُسلوب من فنون الكلام والبيان ، فكذلك الحال في مساءلة النبيّ موسى عليه السلام لوصيّه هارون عليه السلام ..

وكذلك في مساءلة الصدّيقة الزهراء لوصيّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : «اشتملت مشيمة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة الأجدل ، فخانك ريش الأعزل؟!» (1) ؛ فهي لم تكن - كما يوهمه عمى البصيرة - جزعاً منها عليها السلام أو عتاباً لأمير المؤمنين ، وإنّما هي عليها السلام في صدد بيان انحراف القوم وشدّة ضلال ما ارتكبوه ، ولكي يتبيّن أنّ عليّاً عليه السلام لم يكن سكوته عن مقاتلتهم تخاذلاً منه أو جبناً أو نكصاً عن الحقّ ، بل لأنّ صدامه المسلّح معهم يوجب تزلزل عقيدة الناس بالدين ، والنزاع على السلطة في نظر وذهنية عامّة الناس من أكبر أمثلة التنازع على الدنيا وأعظمها ، وبالتالي سيسري شكّهم في دواعي الوصيّ عليه السلام إلى دواعي ابن عمّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ كلّ ما جرى هو تغالب على الملك ، كما قال ذلك يزيد بن معاوية :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل (2)

وقول أبي سفيان عند فتح مكّة للعباس : «إنّ مُلْك ابن اخيك لعظيم» فأجابه العبّاس : «إنّها النبوّة» (3).

فالناس ليس لديهم الوعي والبصيرة الكافية في كون خطورة هذا 6.

ص: 72


1- الأمالي - للشيخ الطوسي - : 683 ح 1455 ، المناقب - لابن شهرآشوب - 2 / 50.
2- تذكرة الخواصّ : 235 ، البداية والنهاية 8 / 154 ، الإتحاف بحبّ الأشراف : 57.
3- الطبقات الكبرى - لابن سعد - 2 / 135 ، المعجم الكبير - للطبراني - 7 / 76.

الانحراف هو شبيه الانحراف الذي حصل في الديانة اليهودية والمسيحية ، وليس هو محض مسند القدرة في النظام الاجتماعي السياسي.

ثمّ إنّ من سيرة هارون عليه السلام تستخلص العبر ؛ إذ المحافظة على وحدة بني إسرائيل أوجبت عدم المصادمة المسلّحة بين فريقي الحقّ والباطل ، لكن الوحدة لم توجب ذوبان فريق الحقّ في فريق الباطل ، ولا تركهم للنصيحة والوعظ بأُسلوب المداراة ، والوحدة التكتيكية لم توجب إيقاف الإصلاح والأمر بالحقّ والنهي عن الباطل بأُسلوب الحكمة وطريق الموعظة الحسنة ، فضلا عن التنكر والريب في ثوابت الحقّ ، ولا استحسان الباطل وموادّته ، ولا كراهة الحقّ والازدراء به.

الوحدة وعناوين مختلطة :

ثمّ إنّه في بحث الوحدة هناك محور آخر يثار دائماً ويحصل الخلط المتعمّد فيه ..

عناوين : السبّ ، اللعن ، التولّي ، التبرّي ، المداراة ، الموادّة ، الاحترام ، التعظيم ، الخلق الحسن ، المحبّة ، الأدب ، تحرّي وكشف الحقيقة في الأحداث التاريخية للمسلمين ، الطعن على الآخرين ، وغيرها من العناوين التي تتداول ، هي موضوعات وأفعال مختلفة ، لكن يتوسّل بمفردات ألفاظ بعضها لإرادة بعضها الآخر تمويهاً ، ولكلّ منها حكم شرعي وعقلي وأخلاقي يختلف عن الآخر ، فترى بعضهم يدافع - بذريعة قبح السبّ - حتّى عمّن انحرف عن منهاج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتولاّه ، ويعظّمه ، ويتوادده عند ذكره ، ويجعل منه قدوة تحتذى.

فاللازم تحرير معاني هذه العناوين ، ثمّ بيان أحكامها :

ص: 73

أمّا السبّ فهو - لغة - : الشتم وذكر الشخص بعار ونقيصة ، وهو - عرفاً - : ذكر الشخص بالألفاظ المستقبحة والشنيعة والمستهجنة والقذرة.

وأمّا اللعن فهو : الطرد عن الرحمة ؛ وقد سمّى الله تعالى ابليس بذلك لأنّه أبلس من رحمة الله ، أي يئس وطرد من رحمته.

وأمّا التبرّي فهو : النفرة ، والقطيعة ، والتباعد ، والتجافي.

وأمّا المداراة فهي : المجاملة ، وإظهار حسن العشرة واللين ، ونحو ذلك على صعيد التعامل. ونحوه الخلق الحسن في العريكة والمعشر. وكذلك الأدب في المعاملة والمخالطة.

وأمّا المحبّة فهي : ميل قلبي وانعطاف نفساني تجاه المحبوب ، والموادّة : بروز المحبّة أو اشتدادها.

والاحترام والتعظيم : إبداء حرمة وعظمة الشيء - أو الشخص - ووضعه في مكانة ومنزلة مرموقة.

أمّا كشف الحقائق فإنّه ضروري لتكوين رؤية واقعية صادقة ، ولاستخلاص العبر والمنهاج وإلاّ كانت البصيرة زائفة ، وفي هذا المجال لامعنى لطمس ورقة من الحقيقة بذريعة تحاشي الطعن على الآخرين.

أمّا الطعن على الآخرين : فهو إمّا أن يكون كاذباً غير مطابق للواقع ، أو مطابقاً إلاّ أنّه غير هادف وناشئ عن دواعي متدنّية.

إذا اتّضحت مفاهيم جملة من العناوين المتداولة في البحث فاللازم بيان حكم كلّ منها ..

الوحدة والتولّي والتبرّي :

أمّا فريضة التبرّي من أهل الباطل والضلال من ذوي العناد فيدلّ عليه

ص: 74

قوله تعالى : (لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّونَ من حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كانوا آباءَهم أو أبناءَهم أو إخوانَهم أو عشيرتَهم أُولئك كتب في قلوبِهِمُ الإيمانَ وأيّدهم بروحٍ منه) (1) ..

وقوله تعالى : (يا أّيُها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياءَ تُلْقونَ إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءَكم من الحقّ يُخرِجون الرسولَ وإيّاكم أن تؤمنوا بالله ربِّكم إن كنتم خرجْتم جهاداً في سبيلي وابتغاءَ مرضاتي تُسِرّونَ إليهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخْفَيْتم وما أعْلَنْتم ومن يفعلْهُ منكم فقد ضلّ سواءَ السبيل) (2) ..

وقوله تعالى : (قد كانت لكم أُسْوةٌ حسنةٌ في إبراهيمَ والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآءُ منكم وممّا تعبُدونَ من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينَكُمُ العداوةُ والبغضاءُ أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحْدَهُ ... لقد كان لكم فيهم أُسْوةٌ حسنةٌ لمَن كان يرجو اللهَ واليومَ الآخِرَ ومَن يتولَّ فإنّ اللهَ هوَ الغنيُّ الحميد) (3) ..

وفي هذه الآيات يلاحظ الحثّ على إبراز وإظهار البراءة القلبية والنفسية على مستوى العلاقة الخارجية ، نعم في الآية اللاحقة : (لا ينهاكم اللهُ عن الّذين لم يقاتِلوكم في الدين ولم يُخرِجوكم من ديارهم أن تبرّوهم وتُقْسِطوا إليهم إنّ الله يحبّ المقسطين) (4) ، وهذا ليس تفصيل في المودّة بل في تجويز البرّ والمعاملة الحسنة مع غير المعادين منهم 8.

ص: 75


1- سورة المجادلة 58 : 22.
2- سورة الممتحنة 60 : 1.
3- سورة الممتحنه 60 : 4 - 6.
4- سورة الممتحنة 60 : 8.

وإلاّ فالموادّة لا استثناء فيها ، بخلاف المعادين منهم فاللازم إظهار الشدّة معهم : (أشدّاءُ على الكفّار) (1).

وقال تعالى : (ما كان للنبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحابُ الجحيم * وماكان استغفارُ ابراهيمَ لأبيه إلاّ عن موعِدَةٍ وعدَها أيّاهُ فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ لله تبرّأ منه إنّ إبراهيمَ لأوّاهٌ حليمٌ) (2) ..

وقال تعالى : (أمْ حسِبْتُم أن تُتْركوا ولمّا يعلمِ اللهُ الّذين جاهدوا منكم ولم يتّخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً والله خبيرٌ بما تعملون) (3) ، والولجة - بالتحريك - هي المكان الذي يستتر فيه المار عن المطر وغيره ، والولوج هو دخول شيء في شيء باستتار الأوّل في الثاني ، فالوليجة هي : الجماعة التي يحتمي بها الشخص وينضمّ إليها ويتحالف معها.

ولا يخفى تعدّد ألسن البراءة والتبرّي : الأوّل : تحريم الموادّة ، والثاني : تحريم وليجة غير المؤمنين مطلقاً ، والثالث : وجوب التبرّي من الأعداء في الدين ، والرابع : حرمة الاستغفار لهم وهو نحو من طلب الرحمة الإلهية لهم.

وقال تعالى : (ومن الناس مَن يتّخذُ من دون الله أنداداً يحبّونَهم كحبّ الله والّذين آمنوا أشدُّ حبّاً لله ولو يرى الّذين ظلموا إذ يروْنَ العذابَ أنّ القوّةَ لله جميعاً وأنّ اللهَ شديدُ العذابِ * إذ تبرّأ الّذين اتُّبِعوا 6.

ص: 76


1- سورة الفتح 48 : 29.
2- سورة التوبة (البراءة) 9 : 114.
3- سورة التوبة (البراءة) 9 : 16.

من الّذين اتَّبَعوا ورأوُا العذابَ وتقطّعتْ بهمُ الأسبابُ * وقال الّذين اتّبَعوا لو أنّ لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منّا كذلك يُريهمُ اللهُ أعمالَهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النار) (1) ..

ويلاحظ في هذه الآيات تقنين المحبّة - التولّي والبراءة - بتحريم محبّة الأنداد ، والندّ : كلّ من يدعى لغير طاعة الله تعالى ، كما جاء في الروايات ، ويطابق المعنى اللغوي بقرينة السياق ، وأنّ التبرّي من أهل العصيان والطغيان فريضة ، وأنّ هذا العصيان في التولّي والتبرّي يوجب الخلود في النار ؛ وفي ذلك تعظيم لفريضة التولّي والتبرّي ، وأنّها بمثابة الأُصول الاعتقادية الموجبة للنجاة مع الطاعة ، وللخلود في النار مع المعصية.

وهذا لسان خامس في هذه الفريضة ؛ قال تعالى : (فلمّا فصل طالوتُ بالجنود قال إنّ الله مبتليكم بنَهَرٍ فمَن شرِبَ منه فليس منّي ومَن لم يطْعَمْهُ فإنّه منّي إلاّ مَن اغترفَ غُرْفَةً بيده فشرِبوا منه إلاّ قليلاً منهم) (2) ، وكان طالوت إماماً لبني إسرائيل وجعل متابعته وعدمها مرتبطة بالتولّي والتبرّي ..

وكذا قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى) (3) ؛ إذ جعلت المودّة التي هي عماد التولّي لأهل البيت في مصاف أُصول الدين بمقتضى تعادل الأجر مع العمل في ماهية المؤاجرة والمعاوضة ، والعمل هو تبليغ الدين ، وهذه الآية جعلت مدار التولّي في 3.

ص: 77


1- سورة البقرة 2 : 165 - 167.
2- سورة البقرة 2 : 249.
3- سورة الشورى 42 : 23.

الدين والإسلام والإيمان هو موالاة أهل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وهو ممّا يقتضي عصمتهم.

وقال تعالى : (يا أيُّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهودَ والنصارى أولياءَ بعضهم أولياءُ بعضٍ ومَن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ الله لا يهدي القومَ الظالمين * فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللهُ أن يأتيَ بالفتح أو أمرٍ من عنده فيُصْبِحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين * ويقولُ الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا بالله جَهْدَ أيْمانِهم إنّهم لمعكم حبِطَتْ أعمالُهم فأصْبحوا خاسرين * يا أيُّها الّذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي اللهُ بقومٍ يُحبُّهم ويُحبّونَهُ أذلّةٍ على المؤمنين أعزّةٍ على الكافرين ... إنّما وليُّكُمُ اللهُ ورسولُهُ والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلوةَ ويؤْتون الزكاةَ وهم راكعون * ومَن يتولّ اللهَ ورسولَهُ والّذين آمنوا فإنّ حزبَ الله هُمُ الغالبون * يا أيُّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا الّذين اتّخذوا دينَكم هُزُواً ولَعِباً من الّذين أُوتوا الكتاب من قبلكم والكفّارَ أولياءَ واتّقوا اللهَ إن كنتم مؤمنين) (1) ..

وهذه الآيات كآية مودّة القربى حاصرة للتولّي في الدين بالله والرسول والأئمّة أوصياء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد اتّفق الفريقان على نزولها في عليّ عليه السلام وتصدّقه وهو راكع في الصلاة ، كما تدلّ هذه الآيات على كون التولّي لأئمّة الهدى من أهل البيت والتبرّيّ من الأعداء هو من أُصول الإيمان ..

وتدلّ على أنّ فئة (الّذين في قلوبهم مرض) - وهي الفئة التي نشأت في صفوف المسلمين في أوائل البعثة النبوية في مكّة ، كما تشير إلى 7.

ص: 78


1- سورة المائدة 5 : 51 - 57.

ذلك سورة المدّثر ، رابع سورة نزلت على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم - تتولّى أهل الكتاب والكفّار لخوفهم من انقلاب الكفّة لصالحهم على المسلمين ..

كما أنّ الآية تدلّ على أنّ النصرة لهذا الدين ووليّه منحصرة بعليّ عليه السلام وولده عليهم السلام بتولّيهم ، وأنّهم حزب الله الغالبون ، وأنّ من يرتدّ عن الدين بترك فريضة التولّي لهم عليهم السلام والتبرّي من الكفّار وبقية أعدائهم فسوف يأتي الله بقوم يقومون بفريضة التولّي والتبرّي.

وقد روى العامّة بطرق مستفيضة حديثاً بمضمون الآية نفسه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «إنّ الإسلام لا يزال عزيزاً ما مضى فيهم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (1).

وفي رواية مسلم : «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً ... كلّهم من قريش» (2) ، وفي لفظ آخر في صحيح مسلم : «لا يزال هذا الدين عزيزاً متبعاً إلى اثني عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (3).

وفي رواية أبي داود السجستاني : «لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ... كلّهم من قريش» (4) ..

وفي أُخرى : «لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ، قال : فكبّر الناس وضجّوا ... كلّهم من قريش» (5). عن

ص: 79


1- جامع الأُصول 4 / 440.
2- صحيح مسلم 3 / 1452 ح 6.
3- صحيح مسلم 3 / 1453 ، ح 9.
4- سُنن أبي داود 4 / 106 ح 4279.
5- سُنن أبي داود 4 / 106 ح 4280 ، مفتاح المسند عن المسند 5 / 86 ، 87 ، 107 ، و 7 / 399 ، و 5 / 33 - طبعة مصر القديمة ، وقد ذكر لها اثنا عشر سنداً ؛ نقلاً عن

وفي بعضها : «لا يزال أمر أُمّتي صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة ... كلّهم من قريش» ؛ رواه الطبراني في الأوسط (1) والكبير ، والبزّار (2) ، ورجال الطبراني رجال الصحيح ..

وفي الكبير : «لا يزال الإسلام ظاهراً حتّى يكون اثنا عشر أميراً أو خليفة ، كلّهم من قريش» (3).

وفي لفظ آخر : «لا يزال أمر هذه الأُمّة هادياً على من ناواها حتّى يكون عليكم اثني عشر أميراً ... كلّهم من قريش» (4).

وفي رواية أُخرى : «لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً ...» (5).

وفي لفظ آخر : «لا يضرّ هذا الدين من ناواه حتّى يقوم اثني عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (6).

وفي لفظ : «لا تزال أُمّتي على الحقّ ظاهرين حتّى يكون عليهم اثني عشر أميراً ، كلّهم من قريش» (7).

وفي لفظ : «لا تبرحون بخير ما قام عليكم اثني عشر أميراً ... كلّهم من قريش» (8).0.

ص: 80


1- المعجم الأوسط 6 / 284 ح 6211.
2- المعجم الكبير 22 / 120 ح 308 ؛ ومسند البزّار ج 5 ح 1584 نقلاً عنه.
3- المعجم الكبير 2 / 206 ح 1841.
4- المعجم الكبير 2 / 197 ح 1800.
5- المعجم الكبير 2 / 196 ح 1797.
6- المعجم الكبير 2 / 208 ح 1852.
7- المعجم الكبير 2 / 253 ح 2061.
8- المعجم الكبير 2 / 253 ح 2060.

وفي لفظ : «لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً ، ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر ...» .. وفي لفظ : «لن يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً على من ناوأه ، لا يضرّه من فارقه أو خالفه حتّى يملك اثنا عشر ، كلّهم من قريش» (1).

وفي بعضها : «كلّهم من بني هاشم» (2).

وفي لفظ : «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثني عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (3).

وفي لفظ : «لا يزال هذا الأمر صالحاً ...» (4).

و : «لا يزال هذه الأُمّة مستقيماً أمرها ، ظاهرة على عدوّها ، حتّى يمضي منهم اثني عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (5).

و : «لا يزال هذا الدين قائماً ...» (6) ..

ولاحظ بقية الألفاظ في إحقاق الحقّ (7).

فتبيّن من آيات سورة المائدة والأحاديث النبوية أنّ عزّة الدين والإسلام وقوامه بالأئمّة من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أنّ صلاح أمر الأُمّة الإسلامية ومضيّه واستقامته هو بالاثني عشر عليهم السلام ، وأنّ هدي أمر الأُمّة بيدهم عليهم السلام .. 9.

ص: 81


1- المعجم الكبير 2 / 196 ح 1795 وح 1796.
2- ينابع المودّة - للقندوزي - 2 / 315 ح 908 و 3 / 290 ح 4.
3- المعجم الكبير 2 / 199 ح 1809.
4- المعجم الأوسط 4 / 366 ح 3938.
5- المعجم الكبير 2 / 253 ح 2059 ، المعجم الأوسط 6 / 345 ح 6382.
6- المعجم الكبير 2 / 199 ح 1808 ، و 207 ح 1849.
7- إحقاق الحقّ 13 / 11 - 49.

كما أن غلبة الأُمّة على أعدائها وعزّها وبقاءها على الحقّ هو ببركة الذي يقوم به أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، سواء الدور البارز على السطح أو الدور الخفي الذي يتّخذ أشكالاً وصوراً مختلفة ، وسواء العلمي أو الاجتماعي أو السياسي أو الأمني أو العسكري أو الاقتصادي أو الأخلاقي المعنوي أو باقي المجالات الأُخرى ..

وسيأتي أنّ بهم عليهم السلام حصل انتشار الإسلام وبأعدائهم حصل توقّف انتشاره ، وبهم عليهم السلام تفتّقت بنية الاعتقادات والمعارف الحقّة وبأعدائهم تولّد الزيغ والضلال ، وبهم عليهم السلام شيّد للدين منهاجه الأخلاقي والقانوني وبأعدائهم دبّت الأهواء والميول وحصلت الفوضى ، وذلك بيّن واضح لمَن أمعن قراءة التاريخ الاجتماعي طوال الأربعة عشر قرناً.

ومن الآيات الدالّة على التولّي والتبرّي قوله تعالى : (ترى كثيراً منهم يتولّون الّذين كفروا لبئسَ ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخِطَ اللهُ عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله وبالنبيّ وما أُنزِلَ إليه ما اتّخذوهم أولياءَ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون * لتَجِدَنَّ أشدَّ الناس عداوةً للّذين آمنوا اليهودَ والّذين أشركوا ولتجِدنّ أقْرَبَهم مودّةً للّذين آمنوا الّذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسّيسينَ ورهباناً وأنّهم لا يستكبرون) (1) ..

وهذه الآيات تقابل بين المودّة والعداوة ، والمودّة مقرّرة بين المؤمنين والعداوة مع الأعداء ، والولاء مع أهل الحقّ والقطيعة مع أهل الباطل ، وقد تكون الوظيفة حيثية أو نسبية بقدر ما عند الطرف الآخر من اتّباع للحقّ أو اتّباع للباطل. 2.

ص: 82


1- سورة المائدة 5 : 80 - 82.

ومثل هذه الآيات طائفة أُخرى دالّة على اتّخاذ العداوة مع الأعداء :

قوله تعالى : (مَن كان عدوّاً لله وملائكته ورسلِهِ وجبريلَ وميكالَ فإنّ اللهَ عدوٌّ للكافرين) (1).

وقال تعالى على لسان إبراهيم : (قال أفراءيْتُم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربَّ العالمين) (2).

وقال تعالى : (وإذا رأيْتَهم تُعْجِبُكَ أجسامُهم وإن يقولوا تسمعْ لقولهم كأنّهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبون كلّ صيحةٍ عليْهِم همُ العدوُّ فاحْذَرْهُم قاتَلَهم اللهُ أنّى يُؤْفَكون) (3).

وقال تعالى : (إنّ الشيطان لكم عدوٌّ فاتّخِذوهُ عدوّاً إنّما يدعو حزبَهُ ليكونوا من أصحاب السعير) (4).

وقد مرّ قوله تعالى : (قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحدَه) ..

هذا مضاف إلى آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

قوله تعالى : (ولتكن منكم أُمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهَوْن عن المنكر) (5).

وقوله تعالى : (المؤمنون والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ يأمرون 4.

ص: 83


1- سورة البقرة 2 : 98.
2- سورة الشعراء 26 : 75 - 77.
3- سورة المنافقون 63 : 4.
4- سورة فاطر 35 : 6.
5- سورة آل عمران 3 : 104.

بالمعروف وينهَوْن عن المنكر) (1).

وقال تعالى : (لُعِنَ الّذين كفروا من بني إسرائيلَ على لسان داودَ وعيسى ابنِ مريمَ ذلك بما عَصَوْا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهَوْن عن منكرٍ فعلوه) (2) ..

ولا ريب في أنّ النهي عن منكر تبرّي منه ، والواجب في النهي عن المنكر أن يكون بنكرانه في القلب أوّلاً وبالسعي في إزالته ثانياً ، كما أنّ الواجب في الأمر بالمعروف برضاه وحبّه في القلب أوّلاً وبالسعي لاِقامته ثانياً ، ومن أحبّ عمل قوم أُشرك معهم ؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «مَن شهد أمراً فكرهه كان كمَن غاب عنه ، ومَن غاب عن أمر فرضيه كان كمَن شهده» (3).

فالتولّي للمعروف بالقلب والعمل فريضة ركنية ، والتبرّي من المنكر بالقلب والعمل فريضة ركنية ، ومن أعظم المعروف معرفة الحقّ ، ومن أعظم المنكر جحود الحقّ والإقرار بالباطل ؛ فظهر أنّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم على التولّي والتبرّي ..

ولا يخفى أنّ لتولّي المعروف والحقّ والأمر به ، وللتبرّي من الباطل والمنكر والنهي عنه ، درجات وأساليب ومقامات مشروحة في محالّها ، فليس النهي عن المنكر والتبرّي من الباطل يعني أُسلوب الحدّة والشدّة بل قد يكون اللين والموعظة الحسنة أنفع وأنجع في إزالة الباطل والمنكر ، إلاّ أنّ الخلط والتشويش يقع بين كيفية أُسلوب اللين وبين استحسان المنكر واستنكار المعروف ، أو بين المداراة وبين الرضا بالباطل ، وكذلك بين مقام 5.

ص: 84


1- سورة التوبة (براءة) 9 : 71.
2- سورة المائدة 5 : 78 - 79.
3- وسائل الشيعة : أبواب الأمر والنهي ب 2 ح 5.

التعامل مع الطوائف الأُخرى وبين مقام الحقيقة الدينية الواقعية وفي ما هو داخل الطائفة.

وبعبارة أدقّ : الخلط في الموازنة بين المحافظة على حقائق الدين وبين تجنّب الفرقة في زمن الهدنة.

وقد مرّ موقف هارون عليه السلام من ضلال بني إسرائيل وتبرّيه من زيغهم في حين عدم تفريطه بوحدتهم وأنّ ردعه عن منكرهم اقتصر فيه على ذلك لعدم قدرته على ما هو أشدّ درجة ..

كذلك مرّ موقف سيّد الشهداء عليه السلام من الانحراف في حين كان عليه السلام يجعل مصير الأُمّة والمسلمين من مسؤوليّته ..

وكذلك موقف سيّد الوصيين في حروب الجمل وصفّين والنهروان ؛ فهو لم يعر أهمّية لما اقترح عليه جملة ممّن زعم الحرص على وحدة المسلمين من عدم قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، إذ أنّه عليه السلام - برواية الفريقين - مأمور من النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن يقاتل الفئات الثلاث ، وأنّه يقاتل على التأويل في الشريعة والقرآن كما قاتل صلى الله عليه وآله وسلم على تنزيله ، وأنّ القتال الثاني عين القتال الأوّل في الأهمّية والضرورة لبناء صرح الدين ..

بل نشاهد عليّاً عليه السلام لم يقبل البيعة لنفسه - بعد قتل عمر - عندما اشتُرط فيها الأخذ بسنّة الشيخين ، كما أنّه لم يشارك في حروبهم رغم أنّ بسيفه فتح الله على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، وبه قام الإسلام في ربوعه أُمّة وملّة ودولة.

كذلك موقف الصدّيقة البتول التي شهد القرآن بطهارتها وعصمتها ، ثالثة أصحاب الكساء ، التي احتجّ الله تعالى بشهادتها لصدق النبوّة على أهل الكتاب في واقعة المباهلة ، وروى الفريقان أنّها سيّدة نساء أهل الجنّة ؛ إذ

ص: 85

قامت بالمعارضة الشديدة حتّى استنهضت الأنصار للانقلاب على حكم السقيفة ، مع أنّ الأوضاع بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كانت مضطربة حسب زعم أهل السقيفة ، وقد أعلن عليّ عليه السلام بطلان مشروعية الحكم بامتناعه عن بيعتهم ، كما روى ذلك البخاري.

وفي قتل عثمان لم يمانع عليه السلام وقوعه ، وإنّما كان ينكر على الثوّار هذا الأُسلوب من جهة أنّه يعطي الذريعة لمعاوية وبني أُمية وغيرهم لزعم مظلومية عثمان ، بخلاف حصره ومطالبته بخلع نفسه وتسليم مَن سبّب الفتنة ممّن كان في جهته ، فإنّ ذلك كان قد ارتضاه عليه السلام ، وهو مفاد الوساطة التي قام عليه السلام بها في المرّة الأُولى ، إلاّ أنّ عثمان اتّهمه بأنّه السبب في كلّ ذلك فاعتزل عليه السلام.

وقد منع السيّد المرتضى في الشافي (1) والشيخ في تلخيصه (2) ثبوت إرسال أمير المؤمنين الحسن عليه السلام للذبّ عن عثمان من طرقنا ؛ ولو سلّم فليس للذبّ عنه بل للوساطة درءاً عن تشعّب الفوضى ..

وإلى ذلك يشير ما رواه الشريف المرتضى (3) عن الواقدي ، عن الحكم بن الصلت ، عن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، قال : «رأيت عليّاً على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قتل عثمان وهو يقول : ما أحببت قتله ولا كرهته ، ولا أمرت به ولا نهيت عنه».

وروى البلاذري عنه عليه السلام أنّه قال : «والله الذي لا إله إلاّ هو ما قتلته 1.

ص: 86


1- الشافي 4 / 242.
2- تلخيص الشافي 3 / 100.
3- الشافي 4 / 307 - 308 ؛ ورواه البلاذري في الأنساب 5 / 101.

ولا مالأت على قتله ولا سائني» (1).

وروي بطرق كثيرة عنه عليه السلام أنّه قال : «من يسائلي عن دم عثمان فإنّ الله قتله وأنا معه» (2) ، وفُسّر بأنّ حكم الله هو قتله وأنّه عليه السلام راض بحكم الله تعالى.

وفي خطبه له جواباً لاعتراض الأشعث بن قيس قال عليه السلام : «ولو أنّ عثمان لمّا قال له الناس : اخلعها ونكفّ عنك ، خلعها ، لم يقتلوه ، ولكنّه قال : لا أخلعها ، فقالوا : فإنّا قاتلوك ، فكفّ يده عنهم حتّى قتلوه ، ولعمري لخلعه إيّاها كان خيراً له ؛ لأنّه أخذها بغير حقّ ، ولم يكن له فيها نصيب ، وادّعى ما ليس له ، وتناول حقّ غيره ..

ويلك يا ابن قيس! إنّ عثمان لا يعدوا أن يكون أحد رجلين : إمّا أن دعا الناس إلى نصرته فلم ينصرونه ، وإمّا أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته ؛ فلم يكن يحلّ له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماماً هادياً مهتدياً ، لم يحدث حدثاً ولم يؤوِ محدثاً ، وبئس ما صنع حين نهاهم ، وبئس ما صنعوا حين أطاعوه ، فإمّا أن يكونوا لم يروه أهلاً لنصرته ؛ لجَوْره وحكمه بخلاف الكتاب والسُنّة ...» (3).

وهكذا مواقف حواريّيه عليه السلام تجاه عثمان ، مثل أبي ذرّ وما جرى بينهما ، وموقف عمّار مع عثمان ، بل إنّ مصادر القوم تنسب تدبير خلع عثمان في الدرجة الأُولى إلى عمّار ومحمّد بن أبي بكر. ر.

ص: 87


1- الأنساب 5 / 98.
2- الغدير - للأميني - : / 69 - 77 - 315 - 375 ، والشافي 4 / 308 - 309.
3- كتاب سليم بن قيس الكوفي 2 / 666 ضمن ح 12 ، بحار الأنوار 29 / 469 ضمن ح 55 ، ولها مصادر كثيرة أُخرى ؛ لاحظ : هامش هذه الخطبة في بحار الأنوار.

وغير ذلك من مواقفهم عليهم السلام ومواقف أصحابهم - رضي الله عنهم - التي قد يُتخيّل أنّ فيها مصادمة مع الوحدة ، ولم يجدوا في الوحدة معنىً يطغى على الأمر بالحقّ والمعروف والنهي عن الباطل والمنكر ، أي على تولّي الحقّ والتبرّي من الباطل.

معنى وقوام الوحدة :

ويشير عليه السلام إلى الوحدة المعنية التي هي محلّ أهمّية في قوله عليه السلام : «وأيم الله لولا مخافة الفُرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر ويعود [يبور] الدين لكنّا قد غيّرنا ذلك ما استطعنا» (1) ، فهو عليه السلام يفسّر الفُرقة بمعنى اختلاف المسلمين عن الدين باختيار جملة منهم الخروج عن الإسلام واعتناق الكفر أو ديانة أُخرى ..

وبيانه عليه السلام هذا يفسّر قول هارون عليه السلام : (إنّي خشِيتُ أن تقولَ فرّقْتَ بين بني إسرائيلَ ولم ترقُبْ قَوْلي) (2) ، أنّه بمعنى تفرّق بني إسرائيل عن دين النبيّ موسى عليه السلام لو اصطدم هارون معهم بالسلاح أو قاطعهم بمفارقتهم والخروج عنهم ، وهذا يوجب شدّة تعصّبهم وارتدادهم عن دين موسى عليه السلام ؛ إذ أنّ عبادتهم للعجل بتسويل السامري كانت بخداعه أنّ ذلك من شرع موسى عليه السلام : (فأخرجَ لهم عجلاً جسداً له خُوارٌ فقالوا هذا إلهُكم وإله موسى فنسي) (3).

أمّا السبّ ، فقد تقدّم افتراقه عن اللعن ؛ إذ هو الفحش من القول 8.

ص: 88


1- الأمالي - للشيخ المفيد - : 154 - 156 ح 6.
2- سورة طه 20 : 94.
3- سورة طه 20 : 88.

القذر الذي يمارسه حثالى وأسافل الناس ، قال تعالى : (ولا تسُبّوا الّذين يدعون من دون الله فيسُبّوا اللهَ عدْواً بغير علم) (1) ، وهو يفترق عن ذكر حقائق الأُمور والأحداث الواقعة في تاريخ المسلمين ، فالسبّ لا يرتبط بها ، وخلط العناوين مثار مغالطة ..

قال عليّ عليه السلام - وقد سمع قوماً من أصحابه يسبّون أهل الشام أيام حربهم بصفّين - : «إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، وقلتم مكان سبّكم : اللّهمّ احقنْ دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ، حتّى يعرف الحقّ مَن جهله ، ويرعوي عن الغي مَن لهج به» (2).

فتراه عليه السلام في الوقت الذي ينهى عن السبّ ، يحثّ على وصف أعمالهم وذكر حالهم ، أي استعراض حقائق الأُمور وما عليه أهل الباطل من رداءة العمل ورذيلة الحال ، وبيّن عليه السلام الغاية من ذلك : «حتّى يعرف الحقّ مَن جهله» أي : ليتبيّن طريق الحقّ وأهله وطريق الباطل وأهله ، وتفيق الأجيال من رقدتها وسباتها ، وتبصر الحقّ والهدى ، ولا يصيبها العمى والهذيان ، «ويرعوي عن الغي والعدوان مَن لهج به» أي : ينقطع المسلمون السالكون طريق الغي والعدوان ، ولئلاّ يُدعوْن إلى ذلك الطريق الضال .. 7.

ص: 89


1- سورة الأنعام 6 : 108.
2- نهج البلاغة : خطبة 206 ؛ ومن الأمانة عند بعضهم أن يورد هذه الخطبة مقتطعاً منها ما يروق له ، وينقلها بهذه الصورة : «إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، ولكنّكم لو قلتم مكان سبّكم إيّاهم : اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ... كان أصوب في القول». فحذف الوسط والذيل وأخّر جملة : [كان أصوب في القول]. «هفت آسمان» ، عدد 12 - 13 ص 217.

قال ابن أبي الحديد - في ذيل الخطبة في شرح النهج - : «الذي كرهه عليه السلام منهم أنّهم كانوا يشتمون أهل الشام ، ولم يكن يكره منهم لعنهم إيّاهم» (1)

كما أنّه عليه السلام يبيّن قواعد وضوابط الوحدة الإسلامية ، بقوله عليه السلام : «اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ، حتّى يعرف الحقّ ...» ؛ فالقاعدة الأُولى هي : حقن الدماء وسيادة الأمن بين طوائف المسلمين ..

والقاعدة الثانية : إنّ إصلاح ذات البين بين طوائف المسلمين يجب أن يكون على مسير الهداية والحقيقة والابتعاد عن الضلال ، ولغاية معرفة الحقّ ورجوع صاحب الغي عن غيّه ورجوع صاحب العدوان عن اعتدائه وصاحب الدعوة الضالّة عن ترويجه للضلال.

وكلامه عليه السلام طبق هدى الآية : (وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإنْ بَغَتْ إحداهما على الأُخرى فقاتلوا التي تَبْغي حتّى تفيءَ إلى أمر الله فإنْ فاءَتْ فأصلحوا بينهما بالعدل وأقْسِطوا إنّ الله يُحبُّ المقسطين) (2).

فقد دلّت الآية على أنّ إصلاح ذات البين ورفع اختلاف المسلمين ووحدتهم يجب أن يرسو على العدل والقسط والحقّ والهدى ، لا على الظلم وإغماط الحقّ ، وأنّ الإصلاح والوحدة يجب أن تكون على أساس الفيء والرجوع إلى أمر الله تعالى ، لا إلى الأهواء والميول والضلالات.

ثمّ إنّ في الآية الناهية عن سبّ الّذين يدعون من دون الله نكتة 9.

ص: 90


1- شرح نهج البلاغة 21 / 11.
2- سورة الحجرات 49 : 9.

ظريفة ، وهي : أنّ علّة النهي هي تمادي أهل الضلال في ضلالهم وغيّهم وابتعادهم عن سبيل الله ، ولم يعلل النهي بترك مباغضة المؤمنين لأهل الضلال والتبرّي من غيّهم ، ولو على مستوى القلب أو على مستوى السلوك الداخلي في ما بين المؤمنين ، كما أنّ مورد آية النهي عن السبّ هو صعيد التعامل مع أهل الضلال ، وصعيد دعوتهم للهداية.

وحيث اتّضح الفرق بين السبّ واللعن موضوعاً ، فالمناسب الإشارة إلى حكم اللعن للظالمين والمعتدين ، فإنّه خُلق إلهي ، استعرضه القرآن الكريم في ما يزيد على الثلاثين مورداً في السور القرآنية (1) ، وكذلك هو خُلق الأنبياء ، كما في قوله تعالى في آية المباهلة : (ثمّ نبْتَهِلْ فنجعلْ لعْنَتَ الله على الكاذبين) (2) ، وقوله تعالى : (لُعنَ الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) (3) ..

بل في قوله تعالى : (إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للناس في الكتاب أُولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) (4) دعوة وندب إلى التبرّي من الكاتمين لحقائق الدين والشرائع ولهداية السماء بتوسط اللعن هذا ، فضلاً عن عشرات الموارد التي لعن فيها سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم أشخاصاً بأسمائهم ، مثل لعنه أصحاب العقبة 9.

ص: 91


1- سورة البقرة 2 : 89 ، سورة النساء 4 : 46 و 47 و 93 و 118 ، سورة المائدة 5 : 13 و 60 ، سورة الأحزاب 33 : 64 ، وغيرها ؛ فلاحظ مادّة «ل ع ن» في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
2- سورة آل عمران 3 : 61.
3- سورة المائدة 5 : 78.
4- سورة البقرة 2 : 159.

وأبي سفيان في سبعة مواطن (1) ، ولعن رسول الله قاتل الحسين عليه السلام ، كما رواه الفريقان (2) ..

وقد قال : سعد التفتازاني في شرح العقائد النسفية : «وإنّما اختلفوا في يزيد بن معاوية ؛ حتّى ذكر في الخلاصة وغيرها : أنّه لا ينبغي اللعن عليه ولا على الحجّاج ؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله]] وسلّم نهى عن لعن المصلّين ومَن كان من أهل القبلة ، وما نقل عن لعن النبيّ صلّى الله عليه [وآله]] وسلّم لبعض من أهل القبلة فلِما أنه يعلم من أحوال الناس ما لا يعلمه غيره.

وبعضهم أطلق اللعن عليه لِما أنه كفر حين أمر بقتل الحسين رضي الله عنه ، واتّفقوا على جواز اللعن على مَن قتله ، وأمر به ، وأجازه ، ورضي به.

والحقّ أنّ رضا يزيد بقتل الحسين رضي الله عنه ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، ممّا تواتر معناه ، وإن كان تفاصيله آحاداً ، فنحن لا نتوقّف في شأنه بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه» (3).

ولا يخفى أنّ المناط والضابطة التي ذكرها التفتازاني تنطبق على كثير ممّن عادى أهل بيت النبوّة.8.

ص: 92


1- الخصال : 397 - 398 ح 105.
2- تاريخ بغداد 3 / 290 ، أُسد الغابة 2 / 22 ؛ ولاحظ ما رواه في الدرّ المنثور 4 / 191 من الروايات في ذيل الآية : (والشجرة الملعونة) ، وما رواه الخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 176 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 4 / 339 ، وابن حجر في لسان الميزان 5 / 377 ، والسيوطي في ذيل اللآلئ : 76.
3- شرح العقائد النسفية - بتحقيق محمّد عدنان درويش - : 247 - 248.

وقال الغزّالي : «الصفات المقتضية للّعن ثلاثة : الكفر والبدعة والفسق» (1).

وقد ألّف أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً في لعن يزيد سمّاه : الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذمّ يزيد ، ونسب فيه اللعن إلى العلماء الورعين (2).

كما حكى القاضي أبو يعلى الفرّاء في كتاب المعتمد عن أحمد بن حنبل - وكذا الشبراوي (3) في الإتحاف - أنّه جوّز لعن يزيد (4) ، واستدلّ بقوله تعالى : (فهل عسيْتُم إن تولّيْتُم) (5).

وحكى الدميري (6) ذلك عن أبي حنيفة ومالك وأحمد.

ومثله ابن كثير (7) ، والطبري (8) ، والآلوسي (9).

وحكي كذلك عن الحنفية (10).

وقد وقع أهل السُنّة في حيص بيص من لعن النبيّ جماعة بأسمائهم ، فأخذوا في توجيه ذلك بما يضحك الثكلى (11) مع أنّهم رووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه 2.

ص: 93


1- إحياء علوم الدين 3 / 106.
2- الردّ على المتعصّب العنيد : 13.
3- الإتحاف بحبّ الأشراف : 64.
4- الردّ على المتعصّب العنيد : 16 - 17.
5- سورة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم 47 : 22.
6- حياة الحيوان 2 / 175.
7- البداية والنهاية 8 / 154 و 163 و 179.
8- تاريخ الطبري 4 / 537.
9- روح المعاني 26 / 73.
10- الدرّ المنتقى 1 / 692 ، فيض القدير 1 / 205 ؛ ولاحظ الكثير من المصادر الأُخرى في نشرتنا هذه «تراثنا» العدد 50 - 51 ، لسنة 1418 ه- ، ص 191 - 253.
11- لاحظ : الانتصار - للعاملي - 3 / 110 - 112.

كان يلعنهم في صلاته ويقنت عليهم (1).

وروى الحاكم عن عائشة أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم : «ستّة لعنتهم ، لعنهم الله وكلّ نبيّ مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذّب بقدر الله تعالى ، والمتسلّط بالجبروت ؛ فيُعزّ بذلك مَن أذلّ الله ويُذلّ مَن أعزّ الله ، والمستحلّ لحرم الله ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله ، والتارك لسنّّتي» (2).

وقال المحقّق الكركي في نفحات اللاهوت : «لا ريب أنّ اللعن هو الطرد والإبعاد من الرحمة ، وإنزال العقوبة بالمكلّف ، وكلّ فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلّف من فسق أو كفر فهو مقتضي لجواز اللعن» (3).

نعم هذا حكم اللعن للظالمين والمعتدين في نفسه أو في الوسط الداخلي ، وأمّا أُسلوب دعوة الآخرين وإرشادهم فلا ريب أن يُتحرّى فيه مالا يثير عصبية الطرف الآخر ، كما ينبغي الالتفات إلى فلسفة اللعن في نفسه أو في الوسط الداخلي ؛ إذ أنّه مصداق لطبيعة التولّي والتبرّي ، التي مرّ أنّها فريضة قرآنية اعتقادية ، كما أنّه مصداق لطبيعة إنكار المنكر - ولو بالقلب واللسان - وكراهة الباطل ، وبالتالي فإنّه أُسلوب تربوي للنفوس يقيمها على الحقّ ويبعدها عن استحسان الباطل ، فإنّه من أكبر الأدواء في المجتمعات استنكار الحقّ واستحسان الباطل والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.5.

ص: 94


1- صحيح البخاري 5 / 35 باب : ليس لك من الأمر شيء.
2- المستدرك على الصحيحين - للحاكم - 1 / 91 ح 102.
3- نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت : 44 - 45.

وقال عليه السلام في خطبة له : «وإنّي لعالِم بما يُصلحكم ويُقيم أودكم ولكنّي لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي» (1) ..

وهذا أصل بالغ الأهمّية لطريقة إصلاح الآخرين : أن لا تكون على حساب فساد المصلح نفسه ؛ فقد يداري المصلح الطرف الآخر لدرجة يضيّع فيها على نفسه وطائفته موقف الثبات على الحقّ ، ويؤدّي إلى ذوبانه في الباطل والانحراف باسم المداراة للإصلاح ، وبادّعاء أنّ الإصلاح قد يستلزم تخلّي الطائفة المحقّة عن بعض مبادئها وضرورياتها لتربية الطائفة نفسها.

إنّ لمعرفة الأهمّية البالغة للأمر بالمعروف والحقّ والنهي عن المنكر والباطل دور كبير في ثبات هوية المجتمع الديني ، ونظامه الاجتماعي ، وحصانته أمام الغزو الثقافي والعقائدي الأجنبي الدخيل ، الموجب للتحلّل الخلقي ولعدم التزام أفراد المجتمع تجاه مقدّسات الملّة والأُمّة والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم ..

الوحدة وشعائر المذهب :

وهذه الوظيفة التي تؤدّيها فريضة التولّي والتبرّي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من إيجاد الغيرة الدينية وحسّ المسؤولية الاجتماعية الدينية - تتأدّى بآليات عديدة ، عمدتها الشعائر الدينية ، ومن هنا يُتفطّن لأهمّية الشعائر وعدم التفريط بها ، ولا سيّما الشعائر الإيمانية المذهبية ؛ فإنّ التفريط بها يوجب التفريط بكيان المذهب وذوبانه أمام هوية المذاهب الإسلامية الأُخرى ، القائمة على فقه واعتقادات السلاطين ، المصنوعة من 9.

ص: 95


1- نهج البلاغة : خطبة 69.

سياسات السلطات الحاكمة ، كالجبرية ، والقدرية ، والمجسّمة ، واجتهاد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالظنّ وإلقاء الشيطان في أُمنيّته ، وأنّ يد الله - والعياذ بالله - مقطوعة عن الأرض ، ومشروعية ولاية الحاكم المتغلّب بالقوّة ، وإطلاق الاجتهاد بالرأي ، والتأوّل ، والقياس ، والاستحسان ، وغيرها من الأُصول ، ويؤكّد علماء الاجتماع كذلك على أهمّية الشعائر - الطقوس - الدينية وفلسفتها.

ونظير الخلط السابق بين العناوين ، الخلط في الموازنة بين إقامة الشعائر الإيمانية وبين عنوان التقية ، مع أنّ موضوع التقية «الخوفية» حيث لا سلطة قائمة للمؤمنين ، وكونهم أقلّية قليلة ونحو ذلك ، أو الخلط بين التقية «المداراتية» وبين إقامة المعرفة الحقّة في نفوس أبناء الطائفة ؛ فإنّ التقية إنّما شُرّعت لحفظ الحقّ وأهله لا لطمسهما في المجتمع.

الوحدة وطوائف الشيعة :

وإنّ التساؤل الجادّ المطروح في مشروع سياسة الوحدة هو عن الاهتمام ببقيّة طوائف ومذاهب الشيعة غير الإمامية - كالإسماعيلية والزيدية ومذهب العلويّين - نظير الاهتمام بالطوائف السنّّية ، مع أنّ الملاحظ قلّة العناية بهم ، بل اللازم أولوية الاهتمام بهم لعدّة أسباب :

الأوّل : إنّ تحالفهم السياسي مع الطائفة مضمون ؛ نظراً لقرب أُصولهم الاعتقادية لنا.

الثاني : قوّة وأقربيّة احتمال هدايتهم بالمقارنة مع الطوائف السنّّية.

الثالث : كبر حجمهم العددي والخطورة الاستراتيجية لأماكن تواجدهم.

ص: 96

فالعلويّون - مثلاً - يصل تعدادهم في جنوب تركيا إلى 13 مليون نسمة حسب الإحصائيات الرسمية ، ولكن بعض التقارير المحلية تصل بعددهم إلى 22 مليون نسمة ، فضلاً عن تواجدهم في سوريا ولبنان وشمال العراق.

ومثلهم الإسماعيلية ، فهم منتشرون في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان وپاكستان والهند واليمن ، وفي جنوب السعودية يشكّلون الأكثرية في المحافظات الجنوبية ، والغريب أنّه في مؤتمرات الوحدة لم توجّه إلى الآن - حسب ما قيل - أي دعوة لعلماء الإسماعيلية في سوريا أو في المناطق الأُخرى ، والظاهر أنّ الحال كذلك بالنسبة إلى العلويين ؛ إذ لم توجّه لهم دعوة.

وأمّا الزيدية فهم الأكثرية في اليمن.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الأشراف السادة من نسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فإنّ انتشارهم في الأصقاع كوثر كاثر ، ولهم نقابات في أكثر البلدان ، وهم على محبّة وولاء قلبي لأئمّة أهل البيت عليهم السلام أشدّ من غيرهم ..

ففي بلاد المغرب العربي والجزائر وتونس ما يقرب من 5 ملايين حسني ، فضلا عن مصر وليبيا ، وكذلك في المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة وأندونسيا.

والحاصل قلّما يخلو بلد من البلدان الإسلامية من هذا النسل الطيّب ، وهم أوْلى بإقامة الجسور معهم من أتباع بني أُمية ومروان ، بل إنّ صوفية السُنّة وفرقهم أوْلى بإقامة العلاقة معهم من بقية طوائف السُنّة ؛ إذ أنّ غالبيّتهم يعتقدون باطناً بإمامة الاثني عشر عليهم السلام ، ولذلك تتخوّف الطوائف السنّّية الظاهرية الرسمية منهم.

ص: 97

والحاصل : إنّ سياسة الوحدة لم تبن على بصيرة منهجية ، آخذة في عين الاعتبار درجات وأقسام الطوائف الإسلامية الموجودة ، وإرساء منهج يستند على أولويات مدروسة.

وكم فرق بين مَن يُبطن المحبّة لك وبين مَن يُبطن العداوة والبغضاء ؛ قال تعالى : (يا أيُّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يأْلونَكم خبالاً ودّوا ما عنتّم قد بدت البغضاءُ من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبرُ قد بيّنّا لكم الآياتِ إنْ كنتم تعقلون * ها أنتم أُولاءِ تحبّونهم ولايحبّونكم وتؤمنون بالكتاب كلّه ...) (1) ..

وقال تعالى : (كيف وإن يظهروا عليكم لا يَرْقُبوا فيكم إلاًّ ولا ذمّةً يُرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ...) (2).

ولا يخفى أنّ الآيات المزبورة ليست في صدد تخشين العلاقة الخُلقية مع الآخرين المتّصفين بذلك كي يُتوهّم معارضتها بنظير قوله تعالى : (وقولوا للناس حسناً) (3) ، وقوله تعالى : (ادفَعْ بالتي هيَ أحسنُ السيئةَ) (4) ، بل هي في صدد بيان سياسة الانفتاح وبناء العلاقات الأساسية المعتمدة لبناء خطوات المستقبل من التحالفات في المجالات المختلفة.

الوحدة وحديث الفرقة الناجية :

إنّ الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ أُمّتي ستفترق6.

ص: 98


1- سورة آل عمران 3 : 118 - 119.
2- سورة التوبة 9 : 8.
3- سورة البقرة 2 : 83.
4- سورة المؤمنون 23 : 96.

بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية واثنتان وسبعون في النار» (1) يلزم الباحث المسلم الطالب للنجاة الاخروية الفصح عن خصوص تلك الفرقة الناجية ، والتمسّك بها دون بقية فرق المسلمين ؛ لأنّ مؤدّى الحديث النبوي أنّ الاختلاف الواقع ليس في دائرة الظنون والاجتهاد المشروع ، بل هو في دائرة الأُصول والأركان من الأُمور القطعية واليقينية ، أي ممّا قام الدليل القطعي واليقيني عليها ، وإن لم تكن ضرورية في زمن أو أزمان معيّنة نتيجة التشويش أو التعتيم الذي تقوم به الفرق الأُخرى.

والحديث - مضافاً إلى كونه ملحمة نبوية - يحدّد معالم الوحدة التي يجب أن تقيمها الأُمّة الإسلامية بأن تكون على منهاج الحقّ والهدى الذي تسير عليه الفرقة الناجية ، وإنّ الأُمّة وإن اشتركت في الإقرار بالشهادتين والانتماء إلى الملّة الواحدة إلاّ أنّ ذلك لا يعدو الأحكام بحسب ظاهر الإسلام في النشأة الدنيوية ، إلاّ أنّها مفترقة بحسب واقع الإسلام والإيمان الذي به النجاة الأُخروية ؛ فهناك ديانة بحسب إقرار اللسان تترتّب عليها أحكام المواطنة في النظام الاجتماعي السياسي ، وهناك ديانة بحسب القلب والأعمال تترتّب عليها أحكام الآخرة من النجاة من النار وإعطاء الثواب.

وهذه الأُمور المستفادة من الحديث الشريف المتواتر إنّما هي بلحاظ الإنسان البالغ العاقل المكلّف ، الذي قد اجتمعت فيه شرائط التكليف ، أمّا الصبي والمجنون والجاهل القاصر أو المعتوه أو الأبله وحديث العهد بالإسلام ونحوهم ممّن لم تقم عليه الحجّة وتتمّ شرائط التكليف لديه ، فهم 6.

ص: 99


1- بحار الأنوار 28 / 2 - 36.

معذورون ، وعاقبة المعذور - كما سيأتي - موقوفة على المشيئة الإلهية الأُخروية ، التي فُسّرت في الروايات بإقامة امتحان إلهي له يوم القيامة إن أطاع فيه نجا وإن عصى هلك.

وقد أُطلق على أفراد المعذور في الكتاب والسُنّة عدّة تسميات ، ك- : (المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلاً) (1) ، و (مُرْجَوْن لأمر الله) (2) ، و (أصحاب الأعراف) (3) ، والّذين (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً) (4) ، و (المؤلّفةِ قلوبُهُم) (5) ، وأُطلق عليهم أيضاً : «الضلاّل» ، بمعنى : الضالّ «القاصر» ؛ إذ هذا أحد معانيه ، وإلاّ فهو يطلق على «المقصّر» المخلّد في النار أيضاً ..

لذلك لا مفرّ لهذا الإنسان - المكلّف المختار - ولا مخلص ولا نجاة له إلاّ بالفحص عن الفرقة الناجية من فرق المسلمين ، وليس له أن يتعامى عن عمد ويسلك طريق الضلال والغواية ويرجو مع ذلك النجاة ، كما أنّ البحث الجادّ بين فرق المسلمين في إطار الوحدة لا بُدّ أن يُتحرّى فيه - بمقتضى الحديث الشريف والتوصية النبوية - عن الحقّ الذي تسلكه الفرقة الناجية لكي تتّبعها بقيّة الفرق ، فإنّ منهاج الهدى لا يرسم بضلال القاصر المستضعف. 0.

ص: 100


1- سورة النساء 4 : 98.
2- سورة التوبة 9 : 106.
3- سورة الأعراف 7 : 48.
4- سورة التوبة 9 : 102.
5- سورة التوبة 9 : 60.

ولكي تتمّ الفائدة من هذا الحديث المتواتر - حديث الفرقة الناجية - الذي أقرّت بمضمونه جلّ فرق المسلمين ، نذكر بعض النقاط التالية :

الأُولى :

إنّ الكلام في النجاة في الحديث الشريف هو بحسب الاستحقاق والامتثال ، لا بحسب الشفاعة والشفقة الإلهية والرحمة الواسعة ، أي بحسب ما يلزمه حكم العقل باتّباع الأدلّة والبراهين الشرعية والعقلية الأولية ، فإنّ العقل يوجب التجنّب عن التعرّض للسخط الإلهي واحتمال العقوبة الأُخروية ، وإن لم يكن بين استحقاق العقوبة ووقوعها تلازم ؛ لاحتمال الشفاعة ونحوها ، فإنّ التعرّض لمثل العقوبة الأُخروية التي أشفقت منها السماوات والأرض يعدّ من الإلقاء في الهلكة ، هذا فضلاً عن الأصناف الأُخرى لحكم العقل من وجوب شكر المنعم وقبح التمرّد والطغيان على المولى ، وغيرها من أنماط حكم العقل والفطرة.

الثانية :

إنّ المقصود من النجاة في الحديث الشريف هو النجاة من الدخول في النار ومن ذوق حريق العذاب ، لا في النجاة من الخلود فيها ومن دوام العذاب ؛ فإنّ آراء المتكلّمين تكاد تتّفق أنّ الخلود للجاحدين وأهل العناد ، سواء كان الجحود في توحيد الذات أو الصفات ، أو في التشريع والرسالة ، أو في الولاية والإمامة ، أو في الغاية والمعاد ، ونحوها من أُصول الاعتقاد ..

وبعبارة أُخرى : إنّ مفاد الحديث في دخول الجنّة عند الحساب والميزان ، لا في دخول الجنّة بعد أحقاب من العذاب في النار.

ص: 101

الثالثة :

إنّ معذورية أفراد المعذور - كما يأتي - لا يعني تنجّز نجاته بل هي مرهونة بالمشيئة الإلهية ، والتي فُسّرت في عدّة من الأخبار بالامتحان ، كما لا يعني أنّ مسار هؤلاء هو طريق هدى بل مفروض العذرية تخبّط المعذور في الضلال والغواية ، فلا تلازم بين العذرية والأمان ولا بينها وبين ضمان النجاة ، ولا بينها وبين اتّخاذ خطأ وضلال المعذور منهاجاً يتبجّح به. وسيأتي أنّ في الروايات ما يدلّ على أنّه يبيّن الحقّ لأفراد المعذور في امتحان يوم القيامة.

الرابعة :

إنّ هناك جملة من الآيات والأحاديث النبوية المستفيضة والمتواترة الأُخرى الدالّة على مفاد حديث الفرقة الناجية نفسه ، لكن بألفاظ مختلفة ودلالات متعدّدة التزامية ومطابقية ..

منها : «مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (1) ؛ وفي بعض الطرق : «وليس في عنقه بيعه لإمام زمانه» (2) ، ونحو ذلك.

ومنها : «مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، مَن ركبها نجا ومَن تركها هلك» (3).ام

ص: 102


1- دعائم الإسلام 1 / 27 ، قرب الإسناد : 351 ضمن ح 1260 ، المحاسن 1 / 251 - 252 ح 474 وح 476.
2- صحيح مسلم 3 / 1478 ح 1851 ، المعجم الكبير 19 / 334 ح 769 ، سُنن البيهقي 8 / 156.
3- المناقب - للكوفي - 1 / 296 ح 220 و 2 / 146 ح 624 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام

ومنها : ذيل حديث الثقلين ؛ ومفهومه : «ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا أبداً».

وغيرها من الأحاديث النبوية الواردة في عليّ عليه السلام وأهل بيته.

الخامسة :

قد وردت جملة من الروايات المستفيضة في امتحان أقسام المعذور يوم القيامة ، منها : صحيحة هشام ؛ عن أبي عبدالله عليه السلام : سُئل عمّن مات في الفترة - أي في زمان انقطاع الرسل وغياب الحجّة - وعمّن لم يدرك الحنث - أي البلوغ - والمعتوه ، فقال : «يحتجّ الله عليهم يرفع لهم ناراً فيقول لهم : ادخلوها ، فمَن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أبى قال : ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني» (1).

وفي صحيحة أُخرى قال عليه السلام : «ثلاثة يحتجّ عليهم : الأبكم ، والطفل ، ومن مات في الفترة ، فيرفع لهم نار فيقال لهم : ادخلوها ، فمَن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومَن أبى قال تبارك وتعالى : هذا قد أمرتكم فعصيتموني» (2).

وفي بعض الروايات : «إنّ أولاد المشركين خدم أهل الجنّة» (3).

ومنها : صحيح زرارة ؛ قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : هل سئل 5.

ص: 103


1- الكافي 3 / 249 ح 6 ، بحار الأنوار 5 / 292 ح 14.
2- الكافي 3 / 249 ح 7 ، بحار الأنوار 5 / 293 ح 15.
3- المعجم الكبير 7 / 295 ح 6993 ، حلية الأولياء 6 / 308 ، بحار الأنوار 5 / 291 ح 5.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأطفال؟ فقال : «قد سئل فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين» ..

ثمّ قال : «يا زرارة! هل تدري ما قوله الله أعلم بما كانوا عاملين؟!» قلت : لا. قال : «لله عزّ وجلّ فيهم المشيئة ؛ إنّه إذا كان يوم القيامة أُتي بالأطفال ، والشيخ الكبير الذي قد أدرك السن [النبيّ] ولم يعقل من الكبر والخرف ، والذي مات في الفترة بين النبيّين ، والمجنون ، والأبله الذي لا يعقل ، فكلّ واحد يحتجّ على الله عزّ وجلّ ، فيبعث الله تعالى إليهم ملكاً من الملائكة ويؤجّج ناراً فيقول : إنّ ربّكم يأمركم أن تثبوا فيها. فمَن وثب فيها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومَن عصاه سبق إلى النار» (1).

وهناك جملة عديدة من الروايات ، فلاحظها في محالّها (2) ، كما أنّ هناك جملة أُخرى من الروايات دالّة على دخول أطفال المشركين مع آبائهم في النار ، لكنّها محمولة على عصيانهم في الامتحان.

وفي رواية لزرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام - وأنا أُكلّمه في المستضعفين - : «أين (أصحاب الأعراف)؟! أين المرجون لأمر الله؟! أين الّذين (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً)؟! أين (المؤلّفة قلوبهم)؟! أين أهل تبيان الله؟! أين (المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً)؟! (فأُولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوّاً غفوراً) (3)» (4) .. 3.

ص: 104


1- الكافي 3 / 248 ح 1 ، معاني الأخبار : 407 ح 86 ، بحار الأنوار 5 / 290 ح 3.
2- الكافي 3 / 248 - 249 ح 1 - ح 7 ، بحار الأنوار 5 / 288 - 297 ح 1 - ح 22.
3- سورة النساء 4 : 99.
4- تفسير العيّاشي 1 / 269 ح 246 ، بحار الأنوار 72 / 164 ح 23.

وتعبيره عليه السلام عن أفراد المعذورين ب- : «أهل تبيان الله» لعلّ المراد به أنّه يبيّن تعالى لهم الهدى من الضلال في الامتحان المقام لهم عند الحساب.

السادسة :

هناك جملة أُخرى من الروايات يظهر منها دخول أفراد المعذور إلى الجنّة ، ولكنّها محمولة ومقيّدة بامتحانهم وطاعتهم فيه ، ومن ثمّ نجاتهم ، كما تقدّم حمل جملة من الروايات الواردة في دخول أطفال المشركين النار على عصيانهم في الامتحان ؛ بمقتضى العديد من الروايات المستفيضة المفصّلة المقيّدة لدخول الجنّة أو النار بالامتحان عند الحساب ..

منها : صحيح زرارة ؛ قال : دخلت أنا وحمران - أو : أنا وبكير - على أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : إنّا نمدّ المطمار؟ قال : «وما المطمار؟!» قلت : التُتر ، فمَن وافقنا من علوي أو غيره تولّيناه ، ومَن خالفنا من علوي أو غيره برئنا منه ..

فقال : «يا زرارة! قول الله أصدق من قولك ؛ فأين الّذين قال الله عزّ وجلّ : (إلاّ المستضعفينَ من الرجال والنساء ...)؟! أين المرجون لأمر الله؟! أين الّذين (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً)؟! أين (أصحاب الأعراف)؟! أين (المؤلّفة قلوبهم) ...».

وزاد فيه جميل ، عن زرارة : فلمّا كثر بيني وبينه الكلام قال : «يازرارة! حقّاً على الله أن [لا] يدخل الضلاّل الجنّة» (1) ؛ بناءً على نسخة بدون «لا» النافية .. س.

ص: 105


1- الكافي 2 / 282 ح 3 ، كتاب الإيمان والكفر : باب أصناف الناس.

وفي رواية العيّاشي : «يا زرارة! حقّاً على الله أن يدخلك الجنّة» (1).

وصدر الرواية قد روي بطرق متعدّدة ، وموردها في الأصل أنّه عليه السلام سأل زرارة : «متأهّل أنت؟!» ، فقال : لا. ثمّ ذكر زرارة أنّه لا يستحلّ نكاح هؤلاء فذكر عليه السلام أنّ المستضعفين لا زالوا على الولاء ، لا ولاء الإيمان بل ولاء ظاهر الإسلام من المناكحة وحلّية ذبيحتهم و ... ففي رواية لحمران عنه عليه السلام : «هم من أهل الولاية ... أما إنّها ليست بولاية في الدين ولكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار ، وهم المرجون لأمر الله عزّ وجلّ» (2).

والحاصل أنّ هذه الرواية ومثيلاتها محمولة على النجاة - ومقيّدة لها - بالطاعة عند الامتحان في الحساب مع تبيان الحقّ لهم واختيارهم له ؛ لما مرّ من روايات مستفيضة دالّة على ذلك مضافاً إلى كون مثل هذه الروايات متعرّضة إلى أحكام الحياة الاجتماعية مع هؤلاء ..

ومثل هذا التقييد في صحيح ضريس الكناسي : عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ، ما حال الموحدين المقرّين بنبوّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين المذنبين ، الّذين يموتون وليس لهم إمام ولايعرفون ولايتكم؟

فقال : «أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرهم لا يخرجون منها ، فمَن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنّه يخدّ له خدّاً إلى الجنّة التي خلقها الله بالمغرب - أي البرزخية لا الأُخروية - فيدخل عليه الروح في حفرته إلى 3.

ص: 106


1- تفسير العيّاشي 2 / 93 ح 74 ، بحار الأنوار 72 : 164 - 165 ح 26.
2- تفسير العيّاشي 1 / 269 ح 249 ، معاني الأخبار : 202 ح 8 ، بحار الأنوار 72 / 160 ح 13.

يوم القيامة حتّى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته ، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار ، فهؤلاء الموقوفون لأمر الله» ..

قال عليه السلام : «وكذلك يفعل بالمستضعفين ، والبله ، والأطفال ، وأولاد المسلمين الّذين لم يبلغوا الحلم» .. الحديث (1).

وذيل الرواية صريح في كون حالهم موقوفاً على المشيئة الإلهية ، التي قد فسرت في روايات عديدة بالامتحان ، وحاشا لعدله تعالى أن يدخِل النار بغير موجب.

ومثلها رواية الأعمش ، عن الصادق عليه السلام : «أصحاب الحدود فسّاق ، لا مؤمنون ولا كافرون ، ولا يخلدون في النار ويخرجون منها يوما ما ، والشفاعة لهم جائزة ، وللمستضعفين إذا ارتضى الله دينهم» (2).

وذيل هذه الرواية دالّ على التمييز بين «أصحاب الحدود» وبين «المستضعفين» في كون «المستضعفين» لا تجوز لهم الشفاعة حتّى يرتضي الله تعالى دينهم ، أي حتّى يدينوا بالعقائد الحقّة فحينئذ يكونوا على حدّ فسّاق المؤمنين من صلاح العقيدة لكنّهم أساؤوا العمل ؛ فهي تدلّ على إقامة الامتحان للمستضعفين ، وأنّه بالدرجة الأُولى في تبيان العقائد والإيمان الحقّ ، كما مرّ في بعض الروايات أنّهم من : «أهل تبيان الله».

ومن جملة هذا النمط من الروايات : رواية الصباح بن سيابة ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «إنّ الرجل ليحبّكم وما يدري ما تقولون فيدخله 6.

ص: 107


1- الكافي 3 / 247 ضمن ح 1 ، تفسير القمّي 2 / 260 ، بحار الأنوار 6 / 286 ح 7 و 290 ضمن ح 14 و 72 / 158 ح 3.
2- الخصال : 608 ضمن ح 9 ، عيون الأخبار 2 / 125 ضمن ح 1 ، بحار الأنوار 8 / 40 ح 22 و 72 / 159 ح 6.

الله الجنّة ، وإنّ الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله النار» (1) ..

وهذه الرواية تبيّن مدى أهمّية تولّي أولياء الله ، والهلاك في ترك ولايتهم ، وإنّ التولّي والتبرّي منشأه من الأُصول الاعتقادية.

وفي بعض الروايات التقييد بمَن أحبّ الشيعة لحبّهم سيّدة نساء العالمين الزهراء فاطمة عليها السلام (2).

وفي بعض الروايات الأُخرى أنّ ذلك بعد شفاعة المؤمنين في مَن أحبّهم (3).

وعلى أي تقدير ؛ (ولا يشفعونَ إلاّ لمَن ارتضى) (4) ، كما في الآية الكريمة ، ورضاه بارتضاء دينه ، كما مرّ في رواية الأعمش ، وفُسّر بذلك في روايات الشفاعة ، فيدلّ على أنّ الامتحان الذي يقام للمستضعفين ونحوهم من أفراد الضلاّل القاصرين هو في الديانة واعتناق الإيمان الحقّ.

أمّا كون الشفاعة موردها مَن ارتضى دينه فيدلّ عليه قوله تعالى : (إنّ الله لا يغفرُ أن يشْرَك به ويغفرُ ما دونَ ذلك لمَن يشاءُ ومَن يُشرِكْ بالله فقد افترى إثماً عظيماً) (5) ..

وفي آية أُخرى : (إنّ الله ... ومَن يُشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً) (6) ، وهو شامل للكفر ؛ لأنّه ضرب من الشرك. 6.

ص: 108


1- معاني الأخبار : 392 ح 40 ، بحار الأنوار 72 / 159 ح 7.
2- تفسير فرات الكوفي : 298 ح 403 ، بحار الأنوار 8 / 52 ضمن ح 59.
3- تفسير القمّي 2 / 202 ، الخصال : 408 ح 6 ، ثواب الأعمال : 206 ح 1 ، بحار الأنوار 8 / 38 ح 16 و 39 / 19 و 41 / 26.
4- سورة الأنبياء 21 : 28.
5- سورة النساء 4 : 48.
6- سورة النساء 4 : 116.

وقد أُطلق الكفر على جحود ولاية خليفة الله في أرضه ، كما في إبليس لعنه الله ، فيعمّ ولاية عليّ عليه السلام وولده عليهم السلام ، كما وردت بذلك روايات عديدة في ذيل الآيتين في تفسيري البرهان ونور الثقلين ، فلاحظها.

وقوله تعالى : (لا يملكونَ الشفاعةَ إلاّ مَن اتّخذَ عند الرحمن عهداً) (1) ..

وقوله تعالى : (يومئذٍ لا تنفعُ الشفاعةُ إلاّ مَن أذِنَ له الرحمن ورضيَ له قولاً) (2) ، أي : معتقده.

وكذا قوله تعالى : (وإنّي لغفّار لمَن تاب وآمن وعمِل صالحاً ثمّ اهتدى) (3) ، فالآية قيّدت المغفرة بالهداية إضافةً إلى الإيمان والعمل الصالح.

فالهداية هي للولاية ؛ كما عرّفت في آيات عديدة أنّ الهداية الصراطية للإيصال إلى المطلوب هي الولاية والإمامة ، كما في : (إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ) (4) ، و : (جعلناهم أئمّةً يهْدون بأمْرنا وأوحينا إليهم فِعْلَ الخيرات) (5) ، و : (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الّذين أنعمت عليهم ...) ، و : (أفمَن يهدي إلى الحقّ أحقُّ أن يُتّبَعَ أمَّن لا يَهِدّي إلاّ أن يُهْدى فما لكم كيف تحكمون) (6).5.

ص: 109


1- سورة مريم 19 : 87.
2- سورة طه 20 : 109.
3- سورة طه 20 : 82.
4- سورة الرعد 13 : 7.
5- سورة الأنبياء 21 : 73.
6- سورة يونس 10 : 35.

وقد وردت روايات مستفيضة في ذيل الآية في بيان ذلك براهيناً ، فلاحظ تفسير البرهان (1) ونور الثقلين (2) ؛ فمقتضى الآية كون الامتحان والتبيان لأهل الأعذار من الضلاّل مستعقب لهدايتهم بالطاعة.

ويدلّ عليه رواية الحسين بن خالد ، عن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَن لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي» ، ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل» ..

قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا عليه السلام : يا بن رسول الله! فما معنى قول الله عزّ وجلّ : (ولا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى) (3)؟ قال : «لايشفعون إلاّ لمَن ارتضى الله دينه» (4).

وعمدة الباب ما في صحيحة ابن أبي عمير ؛ قال : سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول : «لا يخلد الله في النار إلاّ أهل الكفر والجحود ، وأهل الضلال والشرك ، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر» ، - ثمّ ذكر عليه السلام أنّ الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين - ..

قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا بن رسول الله! فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : (ولا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) ، ومَن يركب الكبائر لا يكون مرتضىً؟! 4.

ص: 110


1- تفسير البرهان 3 / 28 - 30 ح 4885 - ح 4894.
2- تفسير نور الثقلين 2 / 302 - 304 ح 57 - ح 63.
3- سورة الأنبياء 21 : 28.
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 136 ح 35 ، الأمالي - للشيخ الصدوق - : 56 ح 11 ، بحار الأنوار 8 / 19 ح 5 و 34 ح 4.

فقال : «يا أبا أحمد! ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : كفى بالندم توبةً. وقال : مَن سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن ؛ فمَن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالماً ، والله تعالى يقول : (ما للظالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يُطاعُ) (1)».

فقلت له : يا بن رسول الله! وكيف لا يكون مؤمناً مَن لم يندم على ذنب يرتكبه؟!

فقال : «يا أبا أحمد! ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلاّ ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائباً مستحقّاً للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرّاً ، والمصرّ لا يُغفر له ؛ لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ..

وأمّا قول الله : (ولا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى) ، فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى الله دينه ، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيّئات ، ومَن ارتضى الله دينه ندم على ما يرتكبه من الذنوب ؛ لمعرفته بعاقبته في القيامة» (2) ، فإنّه استدلال عقلي لتقييد الشفاعة بمَن ارتضى الله دينه وهو المؤمن ، وأنّ الضالّ القاصر لا تناله الشفاعة إلاّ بعد التبيان والامتحان وتعرّفه على حقائق الإيمان فينخرط في زمرة المؤمنين.

ونظير الروايات المتقدّمة : ما رواه الصدوق بسنده عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهم السلام ، قال : «إنّ للجنّة ثمانية أبواب ... 1.

ص: 111


1- سورة غافر 40 : 18.
2- التوحيد : 407 ح 6 ، بحار الأنوار 8 / 351 ح 1.

وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلاّ الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت» (1) ..

فإنّ غاية دلالتها : على عدم خلودهم في النار ، ولا تنافي ما دلّ على امتحانهم وتوقّف دخولهم الجنّة على إطاعتهم بالإيمان ، كما لا تنافي ما دلّ على دخولهم النار حقبة لتطهيرهم ثمّ دخولهم الجنّة ؛ فهناك فرق بين الخلود في النار وبين الدخول فيها ولو لحقبة منقطعة الأمد ، وكذلك بين الدخول في الجنّة ابتداءً وبين الدخول فيها لاحقاً ، فحساب الأكثرية والأقلية من الناجين يختلف بحسب المقامين ، وقد ورد عنهم عليهم السلام : «الناجون من النار قليل ؛ لغلبة الهوى والضلال» (2) ، والرواية ناظرة للنجاة من النار لا النجاة من الخلود فيها ، وقد تقدّم في حديث الكاظم عليه السلام أنّ طوائف المخلّدين أربع وما عداهم لا يخلد.

السابعة :

قد دلّت الآيات والروايات المتواترة على أنّ قبول الأعمال مشروط ، وصحّتها كذلك مشروطة بعدّة شرائط ، لا يثاب العامل على عمله إلاّ بها ، وإلاّ يكون مردوداً بالنسبة إلى الثواب الأُخروي ، لا سيّما مثل الدخول في الجنّة ، بل الأدلّة دالّة على أنّ صحّة الاعتقادات مشروطة بالولاية ، نظير قوله تعالى المتقدّم : (وإنّي لغفّار لمَن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى) ، فقد قيّد الإيمان والعمل الصالح بالهداية ؛ فإنّ المغفرة - وهي 3.

ص: 112


1- الخصال : 407 ح 6 ، بحار الأنوار 8 / 39 ح 19.
2- غرر الحكم - للآمدي - 1 / 85 ح 1749 ، مستدرك الوسائل 12 / 113 ضمن ح 13.

النجاة من العقوبة - إذا كانت مقيّدة فكيف بالمثوبة؟!

وقوله تعالى : (إنّما يتقبّلُ اللهُ من المتّقين) (1) ، والغاية في تعبير الآية : أنّه قد قيّد القبول ليس بوصف العمل بالتقوى بل بوصف العامل بذلك ، والصفة لا تصدق إلاّ مع تحقّقها في مجمل الأعمال وأركانها ، وهي العقائد الحقّة.

وكذا قوله تعالى : (أبى واستكبر وكان من الكافرين) (2) ، فجعل تعالى أعمال إبليس كلّها هباءً منثوراً باستكباره على وليّ الله وعدم إطاعته لخليفة الله بتولّيه ، بل الملاحظ في واقعة إبليس - التي يستعرضها القرآن الكريم في سبع سور - أنّ كفره لم يكن شركاً بالذات الإلهية ولا بالصفات ولا بالمعاد ولا بالنبوّة ، بل هو جحود لإمامة وخلافة آدم عليه السلام ، فلم يقبل الله تعالى اعتقاد إبليس ، كما لم يقبل أعماله ، وأطلق عليه الكفر بدل التوحيد ..

والسرّ في ذلك أنّ ذروة التوحيد وسنامه ومفتاحه وبابه هو التوحيد في الولاية ؛ فإنّ اليهود قائلون بالتوحيد في الذات والمعاد وهو توحيد الغاية ، وبالتوحيد في التشريع وهو النبوّة ، إلاّ أنّهم كافرون بالتوحيد في الولاية ؛ إذ قالوا : (يد الله مغلولةٌ غُلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) (3) ، فإنّهم حجبوا الذات الإلهية عن التصرّف في النظام البشري ، وقالوا بأنّ البشر مختارين في نظامهم الاجتماعي السياسي ، وأنّ الحاكمية السياسية ليست لله تعالى .. 4.

ص: 113


1- سورة المائدة 5 : 27.
2- سورة البقرة 2 : 34.
3- سورة المائدة 5 : 64.

وإنّك وإن أجهدت وأتعبت نفسك فلن تجد ديناً ومذهباً يعتقد بحاكمية الله تعالى السياسية والتنفيذية كحاكميته تعالى في التشريع والقانون ، كما كان حال حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته السياسية ، التي يستعرضها القرآن الكريم ؛ فإنّ الحاكم السياسي الأوّل في حكومته صلى الله عليه وآله وسلم كان هو الباري تعالى في المهمّات والمنعطفات في التدبير السياسي والعسكري والقضائي ، وقد اختفت حاكمية الله تعالى هذه في عهد الخلفاء الثلاثة ثمّ عاودت الظهور في عهد الأمير عليه السلام ، فإنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام محالّ مشيئة الله تعالى وإراداته ، فتصرّفاتهم منوطة بإرادته المتنزّلة عليهم.

فهذه الحاكمية التوحيدية لا تجد لها أثراً في مذاهب المسلمين ، فضلاً عن الأديان الأُخرى المحرّفة ، سوى مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فمن ثمّ كانت الإمامة والولاية هي مظهر ومجلى التوحيد في الولاية ، وكان الاعتقاد بها هو كمال التوحيد وذروته وسنامه ؛ إذ أنّ تجميد التوحيد في الذات أو في الصفات أو في التشريع أو في المعاد - إنّ إليه الرجعى والمنتهى - تعطيل له ، ولا تظهر ثمرته إلاّ بظهوره في الولاية والحاكمية في مسيرة البشر.

ويمكن ملاحظة اشتراط الولاية في صحّة الاعتقاد ، فضلاً عن الأعمال ، في جلّ الآيات الواردة في ولاية أهل البيت عليهم السلام ، وكذلك في كثير من الروايات ..

* أمّا الآيات :

فنظير قوله تعالى : (يا أيّها الرسولُ بلّغْ ما أُنْزِلَ إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالتَهُ واللهُ يعصِمك من الناس إنّ الله لا يهدي

ص: 114

القومَ الكافرين) (1) ..

فإنّه تعالى قد نفى تبليغ الرسالة - من الأساس - مع عدم إبلاغ ولاية عليّ عليه السلام للناس ، وهو يقتضي عدم الاعتداد بتوحيد الناس للذات الإلهية وبإقرارهم بالمعاد والنبوّة من دون ولاية عليّ عليه السلام ، أي أنّ التوحيد في جميع أبوابه وأركانه وحدة واحدة : توحيد الذات ، وتوحيد الغاية والخلوص ، وتوحيد التشريع ، وتوحيد الولاية.

ولازم الكفر والإشراك في مقام من مقامات التوحيد هو الكفر والإشراك الخفي المبطّن في بقية المقامات ، وذيل الآية صريح في ترتّب الكفر على ذلك في مقابل الإيمان ، لا ما يقابل ظاهر الإسلام ؛ إذ الظاهر مترتّب على الإقرار بالشهادتين لساناً.

ونظير قوله تعالى : (اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضِيتُ لكم الإسلامَ ديناً) (2) ..

فإنّ الإكمال يستعمل في تحوّل الشيء في الأطوار النوعية من نوع إلى نوع ، والإتمام يستعمل في انضمام الأجزاء الخارجية بعضها إلى بعض ، ففي التعبير عناية فائقة في كون الدين لم يكتمل طوره النوعي التام إلاّ بالولاية ، وأمّا النعمة الدنيوية فلا تتمّ أجزاءها إلاّ بها أيضاً ، وإن كان للأجزاء قوام مستقلّ ، كمَن امتنع عن المحرّمات والفواحش فإنّه يتنعّم بالوقاية من مفاسدها الدنيوية ، وهذا ممّا يبيّن الاختلاف الماهوي بين الإسلام في ظاهر اللسان وبين الإيمان في مكنون القلب ومقام العمل وهو الإسلام بوجوده الحقيقي. 3.

ص: 115


1- سورة المائدة 5 : 67.
2- سورة المائدة 5 : 3.

ثمّ إنّ في الآية تقييد رضا الربّ بكون الإسلام ديناً بالولاية ، فالإسلام من توحيد الذات والتشريع (النبوّة) والمعاد وتوحيد الغاية معلّق رضا الربّ به بشرطية الولاية ، فضلاً عن العمل بفرائض الفروع.

ونظير ذلك : ما في سورة الحمد (الفاتحة) ..

فالمصلّي عندما يقرّ لربّه في النصف الأوّل من السورة بالتوحيد في الذات (الحمد لله ربّ العالمين) ، والصفات (الرحمن الرحيم) ، وفي الغاية والمعاد (مالك يوم الدين) ، وفي التشريع (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) في جميع الأُمور في الحياة الفردية والاجتماعية ؛ فإنّه يعود في النصف الثاني من السورة ليطلب الهداية إلى الصراط المستقيم (اهدنا الصراط المستقيم).

فإنّ كلّ ما تقدّم من إقراره وتسليمه بالعقائد الحقّة لم يكفه حتّى يثمر ذلك في طيّه صراط التوحيد المستقيم ، وهو صراط ثلّة في هذه الأُمّة ومجموعة موصوفة بثلاث صفات : (صراط الّذين أنعمت عليهم) أي منعم عليهم بنعمة خاصّة لهم دون سائر الأُمّة وهي نعمة الاصطفاء والاجتباء ، كما في الاستعمال القرآني لاصطفاء الأنبياء والأوصياء.

وفي هذه الأُمة قد أنعم الباري تعالى على أهل البيت عليهم السلام قربى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالتطهير الخاص بهم ، وأنّهم الّذين يمسون ويصلون إلى الوجود الغيبي العلوي للقرآن في الكتاب المكنون في اللوح المحفوظ.

والصفة الثانية : (غير المغضوب عليهم) ، وهي العصمة العملية ، فلا يغضبون ربّهم قطّ.

والصفة الثالثة : (ولا الضالّين) ، وهي العصمة العلمية ..

فجعل الولاية لهؤلاء ثمرة لإقرار المصلّي بالتوحيد في المواطن

ص: 116

الأربعة في النصف الأوّل من السورة.

ونظير ذلك قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى) ..

فإنّه جعل مودّة واتّباع وتولّي قربى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عدل كلّ الرسالة المتضمّنة لتوحيد الذات والصفات والتشريع والغاية لبيان أنّ توحيد الولاية هو ثمرة التوحيد في سائر المقامات ، وهو الذروة والسنام ، وقد أشار إلى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام في وصفه للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّهم : «أخذوا بالشجرة وضيّعوا الثمرة» (1).

وكذلك سائر الآيات الواردة في ولايتهم عليهم السلام تبيّن هذه الحقيقة الدينية ..

* وأمّا الروايات :

فقد روى الفريقان مستفيضاً عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال : «لو أنّ عبداً عبد بين الركن والمقام ألف عام ثمّ ألف عام ولم يحبّنا أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار» (2).

وأخرج الطبراني في الأوسط ، أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال : «الزموا مودّتنا أهل البيت ، فإنّه من لقى الله عزّ وجلّ وهو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا» (3). 3.

ص: 117


1- نهج البلاغة : الخطبة القاصعة.
2- شرح إحقاق الحقّ 9 / 491.
3- المعجم الأوسط 3 / 26 ح 2251 ؛ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 172 ، وابن حجر في الصواعق ، والنبهاني في الشرف المؤبّد : 96 ، والحضرمي في رشفة الصادي : 43.

وفي كثير من طرق العامّة : «وكان مبغضاً لعليّ بن أبي طالب وأهل البيت [أو : آل محمّد] أكبّه ...» (1).

نعم ، في غالب الطرق الوارد فيها : «مبغضاً» جعل الجزاء دخول النار ، وفي الطرق الوارد فيها : «عدم محبّتهم» ، أو : «عدم معرفتهم» ، أو : «عدم ولايتهم» جعل الجزاء عدم قبول عمله وصيرورته هباءً منثوراً.

وهكذا في طرقنا ؛ ففي صحيح محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : «كلّ مَن دان الله عزّ وجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضالّ متحيّر ، والله شانئ لأعماله ... وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق ..

واعلم يا محمّد! إنّ أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلّوا وأضلّوا ، فأعمالهم التي يعملونها (كرمادٍ اشتدّت به الريحُ في يومٍ عاصفٍ لا يقدِرون ممّا كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد) (2)» (3).

وفي رواية عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث ، قال : «والله لو أنّ إبليس سجد لله بعد المعصية والتكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ، ولا قبله الله عزّ وجلّ ؛ ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عزّ وجلّ أن يسجد له ، وكذلك هذه الأُمّة العاصية ، المفتونة بعد نبيّها صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعد 7.

ص: 118


1- لاحظ : شرح إحقاق الحقّ 9 / 492 - 494 ، و 15 / 579 ، و 18 / 448 ، و 20 / 290 - 315 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 149 ، الغدير 2 / 301 ، و 9 / 268 .. وأخرجه الطبراني والسيوطي والثعلبي والنبهاني ، وابن حجر في الصواعق : 172. وغيرهم.
2- سورة إبراهيم 14 : 18.
3- الكافي 1 / 140 ح 8 ، الوسائل 1 / 118 ح 297.

تركهم الإمام الذي نصّبه نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، فلن يقبل الله لهم عملاً ، ولن يرفع لهم حسنة ، حتّى يأتوا الله من حيث أمرهم ، ويتولّوا الإمام الذي أُمروا بولايته ، ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم» ..

وفي رواية ميسر : «ثمّ لقى الله بغير ولايتنا لكان حقيقاً على الله عزّ وجلّ أن يكبّه على منخريه في نار جهنّم» (1).

وفي رواية أُخرى : «ولم يعرف حقّنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً أبداً» (2) ، ومثلها رواية المفضّل (3).

وفي صحيح آخر لمحمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليه السلام ، قال : قلت : إنّا لنرى الرجل له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحقّ ، فهل ينفعه ذلك شيئاً؟!

فقال : «يا أبا محمّد! إنما مثل أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل ، كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلاّ دعا فأُجيب ، وإنّ رجلاً منهم اجتهد أربعين ليلة ثمّ دعا فلم يستجب له ، فأتى عيسى بن مريم عليه السلام يشكو إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء ، قال : فتطهّر عيسى وصلّى ثمّ دعا الله عزّ وجلّ ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا عيسى بن مريم! إنّ عبدي أتاني من غير الباب الذي أُوتى منه ، إنّه دعاني وفي قلبه شكّ منك ، فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له. قال : فالتفت إليه عيسى عليه السلام فقال : تدعو ربّك وأنت في شكّ من نبيّه؟! فقال : يا روح الله وكلمته! قد كان والله ما قلت ، فادع الله لي أن يذهب به عنّي. قال : فدعا له 4.

ص: 119


1- عقاب الأعمال : 250 ذيل ح 16 ، الوسائل 1 / 123 ذيل ح 312.
2- علل الشرايع : 250 ح 7 ، الوسائل 1 / 123 ذيل ح 310.
3- عقاب الأعمال : 244 ذيل ح 3 ، الوسائل 1 / 124 ح 314.

عيسى عليه السلام فتاب الله عليه وقبل منه وصار في حدّ أهل البيت» (1).

وقد جعل تعالى مودّة ذوي القربى سبيلاً إليه فقال : (ما أسألُكم عليه من أجرٍ إلاّ مَن شاء أن يتّخذَ إلى ربّه سبيلاً) (2) ، وقد قال تعالى : (وابتغوا إليه الوسيلةَ) (3) ، فلم يكن التعبير : «فابتغوه» بل : «ابتغوا الوسيلة إليه» ، وقال تعالى : (ولله الأسماءُ الحُسْنى فادْعوهُ بها) (4) ، فجعل الأسماء أبواباً لدعوته ، والاسم آية للمسمّى وليس عينه.

الثامنة :

في تحديد معنى المستضعف وذوي العذر من الضلاّل القصّر ؛ فقد وردت عدّة آيات في تحديده :

في قوله تعالى : (إلاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً * فأُولئك عسى اللهُ أن يعفوَ عنهم وكان الله عفوّاً غفوراً) (5) ، فالآية تعدّد عدم قدرتهم على الوسيلة ، وعدم دركهم السبيل إلى الحقّ.

وقوله تعالى : (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخرَ سيئاً عسى الله أن يتوبَ عليهم إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ) (6).

وقوله تعالى : (وآخرونَ مُرْجوْنَ لأمْر الله إمّا يُعذّبُهُم وإمّا يتوبُ 2.

ص: 120


1- الكافي 2 / 294 ح 9.
2- سورة الفرقان 25 : 57.
3- سورة المائدة 5 : 35.
4- سورة الأعراف 7 : 180.
5- سورة النساء 4 : 98 - 99.
6- سورة التوبة (براءة) 9 : 102.

عليهم واللهُ عليمٌ حكيمٌ) (1) ..

فالآية الأُولى من البراءة تحدّده بالاعتراف بالذنوب ، وهذا نوع ونمط من التوبة والإيمان بالحقّ والإعراض عن الضلال.

ووردت أيضاً روايات عديدة في تحديده :

في رواية ابن الطيّار عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن المستضعف ، فقال : «هو الذي لا يستطيع حيلة الكفر فيكفر ، ولا يهتدي سبيلاً إلى الإيمان فيؤمن ، لا يستطيع أن يؤمن ولا يستطيع أن يكفر ، فهم الصبيان ، ومَن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان ، ومن رُفع عنه القلم» (2).

وروى أيضاً ، قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : «المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثمّ دخلوا بعده في الإسلام ، فوحّدوا الله وتركوا الشرك ، ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة ، ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار ، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم» (3) ..

وظاهر الرواية الثانية أنّ «المُرجأ» هو الذي أسلم ولم يؤمن ، نظير قوله تعالى : (قالت الأعرابُ آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمانُ في قلوبِكم) (4).4.

ص: 121


1- سورة التوبة (براءة) 9 : 106.
2- تفسير القمّي 1 / 149 ، بحار الأنوار 72 / 157 ح 1.
3- تفسير القمّي 1 / 304 - 305 ، بحار الأنوار 72 / 157.
4- سورة الحجرات 49 : 14.

وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «الناس على ستّ فرق : مستضعف ، ومؤلّف ، ومرجى ، ومعترف بذنبه ، وناصب ، ومؤمن» (1).

وروى عبد الغفّار الجازي عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «إنّ المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضاً ، ومَن لم يكن من أهل القبلة ناصباً فهو مستضعف» (2) ..

وهذه الرواية تبيّن أنّ القصور على درجات عديدة ، شدّة وضعفاً ، وهو هكذا عقلاً ، والضابطة فيه : أن لا يكون ناصباً ، وهي تشير إلى اشتراط انتفاء درجات نصب العداء التي قد فسّرت في روايات عديدة بأنّ منها : معاداة الشيعة لكونهم أتباع أهل البيت عليهم السلام ، ومنها : تولّي أصحاب السقيفة والائتمام بهم ، ومنها : بغض أهل البيت قلباً وإن لم يكن لساناً ، ومنها : إنكار وجحد فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وستأتي الروايات في ذلك.

وفي رواية سفيان بن السمط ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : ما تقول في المستضعفين؟ فقال لي شبهاً بالمفزّغ : «وتركتم أحداً يكون مستضعفاً؟! وأين المستضعفون؟! فو الله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهنّ ، وتحدّث به السقايات بطرق المدينة» (3).

وروى عمرو بن إسحاق ، قال : سئل أبو عبدالله عليه السلام : ما حدّ المستضعف الذي ذكره الله عزّ وجلّ؟ قال : «مَن لا يحسن سورة من القرآن وقد خلقه الله عزّ وجلّ خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن» (4) ؛ والحدّ في هذه 2.

ص: 122


1- الخصال : 333 ح 34 ، بحار الأنوار 72 / 158 ح 4.
2- معاني الأخبار : 200 ح 1 ، بحار الأنوار 72 / 159 ح 8.
3- معاني الأخبار : 201 ح 6 ، بحار الأنوار 72 / 160 ح 11.
4- معاني الأخبار : 202 ح 7 ، بحار الأنوار 72 / 160 ح 12.

الرواية من هو متخلّف عقلياً.

وفي رواية حمران ، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : (إلاّ المستضعفين)؟ قال : «هم أهل الولاية» ، قلت : وأي ولاية؟! فقال : «أما إنّها ليست بولاية في الدين ولكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار ، وهم المرجون لأمر الله عزّ وجلّ» (1) َ.

وروى سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : (إلاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان) .. الآية؟ قال : «يا سليمان! في هؤلاء المستضعفين مَن هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلّون ، تعفّ بطونهم وفروجهم ، لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا [غيرها] آخذين بأغصان الشجرة ، (فأُولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم) ؛ إذ كانوا آخذين بالأغصان وإن لم يعرفوا أُولئك ، فإن عفى عنهم فبرحمته ، وإن عذّبهم فبضلالتهم عمّا عرّفهم» (2) ..

وعلى نسخة : «غيرها» ؛ يكون المعنى : لا يرون أنّ الحقّ في غير الأعمال الصالحة ، كالصوم والصلاة والعفّة ، ولا يعرفون حقائق الإيمان والولاية ، فعسى أن يعفو الله تعالى عنهم بأخذهم بتلك الأعمال وبعد امتحانهم - كما تقدّم في مستفيض الروايات - وإن لم يعرفوا أُولئك أصحاب السقيفة بالباطل ، فإن عفى عنهم بعد الامتحان فبرحمته ، وإن عذّبهم فبضلالتهم عن حقيقة الإيمان التي عرّفها لهم ، ومَن هو أثخن رقبة منك ، 4.

ص: 123


1- مرّت تخريجات الحديث في ص 106.
2- تفسير العيّاشي 1 / 270 ح 250 ، معاني الأخبار : 202 ح 9 ، بحار الأنوار 72 / 161 ح 14.

أي الساذج البله ..

وعلى نسخة : «غيرنا» ؛ أي : لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا ، ولكنّهم لم يعرفوا أصحاب السقيفة بالباطل ، فلديهم تولّي ولكن ليس لديهم تبرّي.

وفي موثّق سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن المستضعفين؟ فقال : «البلهاء في خدرها والخادم تقول لها : صلِّ فتصلّي لاتدري إلاّ ما قلت لها ، والجليب المجلوب ، وهو الخادم الذي لا يدري إلاّ ما قلت له ، والكبير الفاني ، والصبي الصغير ، هؤلاء المستضعفين ، فأمّا رجل شديد العنق ، جدل خصم ، يتولّى الشراء والبيع ، لا تستطيع أن تغبنه في شيء تقول : هذا مستضعف؟! لا ولا كرامة» (1).

وروى الصدوق عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «مَن عرف الاختلاف فليس بمستضعف» (2) ، وفي رواية أبي بصير : «مَن عرف اختلاف الناس ...» (3).

وفي رواية سليم بن قيس في جواب أمير المؤمنين عليه السلام للأشعث بن قيس ؛ قال الأشعث - رأس الفتنة - : والله لئن كان الأمر كما تقول لقد هلكت الأُمّة غيرك وغير شيعتك؟!

قال : «فإنّ الحقّ والله معي يا ابن قيس كما أقول ، وما هلك من الأُمّة إلاّ الناصبين والمكابرين والجاحدين والمعاندين ، فأمّا من تمسّك بالتوحيد والإقرار بمحمّد والإسلام ، ولم يخرج من الملّة ، ولم يظاهر علينا الظلمة 8.

ص: 124


1- تفسير العيّاشي 1 / 270 ح 251 ، معاني الأخبار : 203 ح 10 ، بحار الأنوار 72 / 161 ح 15.
2- معاني الأخبار : 200 ح 2 ، بحار الأنوار 72 / 162 ح 17.
3- معاني الأخبار : 201 ح 3 ، بحار الأنوار 72 / 162 ح 18.

ولم ينصب لنا العداوة ، وشكّ في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها ، ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة ، فإنّ ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله ويُتخوّف عليه ذنوبه» (1) ..

فذكر عليه السلام للمستضعف تسعة قيود لفظاً قد ترجع خمسة منها إلى أن لا يتوالى أعداء أهل البيت ، والغاصبين للخلافة ، ويكون شاكّاً ، ولا يظاهر عليهم النصّاب.

وروى في مستطرفات السرائر مسائل محمّد بن على بن عيسى مكاتبة لمولانا أبي الحسن الهادي عليه السلام ، قال : كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما؟! فرجع الجواب : «مَن كان على هذا فهو ناصب» (2).

وروى في العلل ، بسنده إلى عبدالله بن سنان ، عن الصادق عليه السلام ، قال : «ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ؛ لأنّك لا تجد رجلاً يقول : أنا أبغض محمّداً وآل محمّد ، ولكنّ الناصب مَن نصب لكم وهو يعلم أنّكم تتولّونا وأنّكم من شيعتنا» (3).

وروى المعلّى بن الخنيس ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : «ليس الناصب مَن نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحداً يقول : أنا أبغض محمّداً وآل محمّد ، ولكنّ الناصب مَن نصب لكم وهو يعلم أنّكم تتولّونا وتتبرؤون من أعدائنا» (4).1.

ص: 125


1- كتاب سليم بن قيس الكوفي 2 / 670 ضمن ح 12 ، بحار الأنوار 72 / 170 ح 36.
2- مستطرفات السرائر 3 / 583.
3- علل الشرائع : 601 ح 60 ، طبعة النجف الأشرف.
4- معاني الأخبار : 365 ح 1.

وروي في الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «من سرّه أن يعلم أمحبّ لنا أم مبغض؟! فليمتحن قلبه ، فإن كان يحبّ وليّاً لنا فليس بمبغض لنا ، وإن كان يبغض وليّاً لنا فليس بمحبّ لنا» (1).

وروي في تفسير العسكري عن السجّاد - عليهما السلام - قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما من عبد ولا أمَة زال عن ولايتنا ، وخالف طريقتنا ، وسمّى غيرنا بأسمائنا وأسماء خيار أهلنا ، الذي اختاره الله للقيام بدينه ودنياه ، ولقّبه بألقابنا ، وهو كذلك يلقّبه معتقداً ، لا يحمله على ذلك تقّية خوف ، ولا تدبير مصلحة دين ، إلاّ بعثه الله يوم القيامة ومَن كان قد اتّخذه من دون الله وليّاً وحشر إليه الشياطين الّذين كانوا يغوونه فقال له : ياعبدي! أربّاً معي هؤلاء كنت تعبد؟! وإيّاهم كنت تطلب؟! فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل ، لك معهم عقاب إجرامك» (2).

فيتحصّل أنّ الناصب على أقسام والمستضعف على درجات ، كلّها خارجة عن التقصير ، ولا يندرج فيه الموالي لأئمّة الضلال ، ومن ثمّ روي عنهم عليهم السلام : «الناجون من النار قليل ؛ لغلبة الهوى والضلال» (3) ، ومفاده : في النجاة من النار ، لا النجاة من الخلود ، وبينهما بون كما مرّ.

التاسعة :

إنّ شرطية النجاة بالولاية لا تعني التواكل في العمل ، وإنّما تعني 2.

ص: 126


1- الأمالي - للشيخ المفيد - : 334 ح 4 ، الأمالي - للشيخ الطوسي - : 113 ح 172 ، بحار الأنوار 27 / 53 ح 6.
2- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 579 ح 341.
3- مرّت تخريجات الحديث في ص 112.

أهمّية الولاية وأهمّية هذا المقام التوحيدي ، فإنّ روح العمل وقوامه بالنيّة ؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» (1) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «نيّة المؤمن خير من عمله» (2).

وقد روى العسكري عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا أبا عبدالله! أحبّ في الله وأبغض في الله ، ووالِ في الله وعادِ في الله ؛ فإنّه لا تنال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً» (3).

فكما أنّ أهمّية الولاية لا تعني التفريط في العمل والتهاون فيه ، فكذلك صلاح العمل في صورته وقالبه لا يعني التفريط بالولاية والإيمان ، إذ أنّ الولاية لهم عليهم السلام هي توحيد الولاية له تعالى وإخلاص له في التولّي.

ومن ثمّ أكّدت عدّة آيات وروايات على خواء العمل بدونها ، وإنّه هباءً منثوراً ؛ قال تعالى : (مثلُ الّذين كفروا بربّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّتْ به الريحُ في يومٍ عاصفٍ لا يقدرون ممّا كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضلالُ البعيد) (4) .. 8.

ص: 127


1- دعائم الإسلام 1 / 156 ، الهداية - للشيخ الصدوق - : 62 ، الأمالي - للشيخ الطوسي - : 618 ضمن ح 1274.
2- الكافي 2 / 69 ح 2 ، علل الشرائع : 524 ح 1.
3- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 49 ضمن ح 22 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 291 ح 41 ، علل الشرائع : 140 ح 1 ، الأمالي - للشيخ الصدوق - : 61 ح 21 ، معاني الأخبار : 37 ضمن ح 9 و 399 ح 58 ، بحار الأنوار 27 / 54 ح 8.
4- سورة إبراهيم 14 : 18.

وقال : (وقدِمْنا إلى ما عمِلوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً) (1) ..

وقال : (والّذين كفروا أعمالُهم كسرابٍ بقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآنُ ماءً حتّى إذا جاءَهُ لم يجِدْهُ شيئاً) (2) ..

وقال : (يحْسَبونَ أنّهم يُحْسِنون صُنْعاً) (3) ..

وقال : (ويحْسَبونَ أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون) (4).

العاشرة :

إنّ مفاد الحديث النبوي المعروف بين الفريقين ب- : «حديث الفرقة الناجية» هو الدعوة لتمييزها ومعرفتها كي تُتّبع ، والنهي عن اتّباع غيرها ، وعن التوقّف والتبلبل والحيرة والاضطراب ..

روى الشيخ المفيد بسنده عن سلمان رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «تفترق أُمّتي ثلاث فرق : فرقة على الحقّ لا ينقص الباطل منه شيئاً ، يحبّونني ويحبّون أهل بيتي ، مثلهم كمثل الذهب الجيّد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ جودة ، وفرقة على الباطل لاينقص الحقّ منه شيئاً ، يبغضونني ويبغضون أهل بيتي ، مثلهم مثل الحديد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ شرّاً ، وفرقة مدهدهة ، على ملّة السامري ، لا يقولون : لا مساس ، لكنّهم يقولون : لا قتال ، إمامهم عبدالله بن قيس الأشعري» (5) .. 3.

ص: 128


1- سورة الفرقان 25 : 23.
2- سورة النور 24 : 39.
3- سورة الكهف 18 : 104.
4- سورة المجادلة 58 : 18.
5- الأمالي - للشيخ المفيد - : 29 ح 3.

ويشير صلى الله عليه وآله وسلم إلى اضطراب الفرقة الثالثة ، وأنّ شعارهم : «لا قتال» ، أي : لا فيصلة بين الحقّ عن الباطل ، ويمزجون المذاهب والمسارات ، مدهدهة البصيرة (1).

وروي ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام ، إلاّ أنّه وصف الفرقة المذبذبة بأنّها شرّ الفرق ؛ فقال : «إنّ هذه الأُمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحدة منها في الجنّة واثنتان وسبعون في النار ، وشرّها فأبغضها إلى الله وأبعدها منه السامرة ، الّذين يقولون : «لا قتال» وكذبوا ، وقد أمر الله عزّ وجلّ بقتال هؤلاء الباغين في كتابه وسنّّة نبيّه ، وكذلك المارقة» (2).

وروى في كشف الغُمّة أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام قال : «قد انتحلت طوائف من هذه الأُمّة - بعد مفارقتها أئمّة الدين والشجرة النبوية - إخلاص الديانة وأخذوا أنفسهم في ضحائل الرهبانية و ... حتّى إذا طال عليهم الأمد وبعدت عليهم الشقّة وامتحنوا بمحن الصادقين رجعوا على أعقابهم ناكصين ...

وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا ، واحتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوا بآرائهم ، واتّهموا مأثور الخبر ممّا استحسنوا ، يقتحمون في أغمار الشبهات ودياجير الظلمات بغير قبس نور من الكتاب ، ولا أثرة علم من مظانّ العلم ، بتحذير مثبطين زعموا أنّهم على الرشد من غيّهم ..

وإلى مَن يفزع خلف هذه الأُمّة ، وقد درست أعلام الملّة ، ودانت 2.

ص: 129


1- مناقب عليّ بن أبي طالب - لابن مردويه - : 124 ح 157 ، بحار الأنوار 28 / 9 - 10 ح 12 و 16.
2- كتاب سليم بن قيس الكوفي 2 / 663 ضمن ح 12.

الأُمّة بالفرقة والاختلاف يكفّر بعضهم بعضاً ، والله تعالى يقول : (ولاتكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات) (1)؟! فمَن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكمة ، إلاّ أهل الكتاب وأبناء أئمّة الهدى ومصابيح الدجى؟! ...» (2).

الحادية عشرة :

إنّ جملة من أتباع الشيخين قد ذهبوا إلى وجود النصّ من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عليهما ..

قال التفتازاني : المبحث الرابع : الجمهور على انّه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لم ينصّ على إمام ، وقيل : نصّ على أبي بكر (رض) نصّاً خفيّاً ، وقيل : جليّاً.

وقالت الشيعة : على عليّ (كرّم الله وجهه) خفيّاً ، والإمامية منهم : جليّاً أيضاً (3). انتهى.

وقال في شرح كلامه السابق : ذهب جمهور أصحابنا والمعتزلة والخوارج إلى أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لم ينصّ على إمام بعده ، وقيل : نصّ على أبي بكر ؛ فقال الحسن البصري : نصّاً خفيّاً ، وهو تقديمه إيّاه في الصلاة ، وقال بعض أصحاب الحديث : نصّاً جليّاً (4).

ثمّ إنّ التفتازاني يناقض نفسه ؛ فمع إنكاره للقول بالنصّ يستدلّ على 9.

ص: 130


1- سورة آل عمران 3 : 105.
2- كشف الغمّة 2 / 98 - 99 ، بحار الأنوار 27 / 193 ح 52.
3- شرح المقاصد 5 / 258.
4- شرح المقاصد 5 / 259.

إمامة أبي بكر بالنصّ!!

قال : المبحث الخامس : الإمام بعد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أبو بكر ، وقالت الشيعة : عليّ.

لنا إجماع أهل الحلّ والعقد ... وقد يتمسّك بقوله تعالى : (قل للمخَلّفين من الأعراب ...) (1) .. الآية ، فالداعي المفترض الطاعة أبو بكر عند المفسّرين!! وعمر عند البعض!! وفيه المطلوب ، وبقوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر وعمر ... ثمّ قال : يأبى الله والمسلمون إلاّ أبا بكر ... وبأنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم استخلفه في الصلاة ولم يعزله ... وهذه ظنّيات ربّما تفيد باجتماعها القطع ، مع أنّ المسألة فرعية يكفي فيها الظنّ (2).

واستدل في موضع آخر بعدّة نصوص رووها في فضائل أبي بكر وعمر (3).

ثمّ إنّ التفتازاني - ككثير من متكلّمي ومحدّثي أهل سنّّة الجماعة - عقد بحثاً آخر مستقلاًّ في ذيل الإمامة ، وهو البحث عن الأفضلية في هذه الأُمّة لمَن؟! وترتيبها وأدلّتها ..

قال : المبحث السادس : الأفضلية عندنا بترتيب الخلافة ، مع تردّد فيما بين عثمان وعليّ (رضي الله عنه) ، وعند الشيعة وجمهور المعتزلة الأفضل عليّ. لنا أجمالاً (4).0.

ص: 131


1- سورة الفتح 48 : 16.
2- شرح المقاصد 5 / 263 - 264.
3- فلاحظ : شرح المقاصد 5 / 292 - 294.
4- شرح المقاصد 5 / 290.

وكذلك لاحظ الأيجي في المواقف ، والشريف الجرجاني في شرحها في المرصد الرابع ، فإنّهما مع نفيهما للنصّ قالا في جواب النصوص على إمامة عليّ عليه السلام : «هذه النصوص معارضة بالنصوص الدالّة على إمامة أبي بكر ، وهي من وجوه : الأوّل : قوله تعالى : ...» ، ثمّ استدلّ بعدّة آيات قرآنية ونصوص روائية (1).

كما أنّه في المقصد الخامس من المرصد الرابع عقد البحث في الأفضلية.

هذا ، والإمعان في كلماتهم في عدالة الصحابة وفضائلهم ، وبالخصوص أصحاب السقيفة ، وبالأخصّ الشيخين ، يدلّ بوضوح على أنّهم يستدلّون بها بنحوٍ يوازي الاستدلال بالعصمة وامتناع ارتكاب الباطل ، إلاّ أنّهم يغلّفوها بعبارات وعناوين عائمة غائمة تغطية للمعنى المستدلّ به بألفاظ أُخرى كي تتم المغالطة وتنطوي ، وهذا النمط من الاستدلال من أوسع أنواع صناعة المغالطة مضافاً إلى اضطراب حدود المعاني بتوسّط هذا النمط من الاستدلال ، كما أنّهم إذا ضاق بهم الخناق في الاستدلال والجواب عن دلائل إمامة عليّ عليه السلام تراهم يتأمّلون في كون عصمة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مطلقة ..

لاحظ مثلاً : ما ذكر الأيجي في المواقف عن الاستدلال ب- : «فاطمة بضعة منّي» (2). وهذه هي عاقبة الأمر ، وقد رووا : إنّ عمر محدَّث هذه الأُمّة!! و : لو كان نبيّاً بعدي لكان عمر!!! 0.

ص: 132


1- شرح المواقف 8 / 363.
2- المواقف 3 / 607 - 610.

الثانية عشرة :

هناك طوائف عديدة من الروايات بألفاظ مختلفة تنهى عن الذوبان في المخالفين والتسيّب في مخالطتهم ، وتأمر بالتحفّظ في كيفية التعايش معهم ، وهذه الطوائف متوافقة مع الطوائف الأُخرى الآمرة بالمداراة لهم والتعامل معهم بالحسن والتجمّل ؛ لأنّ الأُولى تحدّد هذا التعامل بكونه سطحيّاً لا في العمق ، والثانية إنّما تحثّ على حسن التعامل على صعيد السطح ..

منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام ، أنّه أتاه قوم من أهل خراسان من ما وراء النهر فقال لهم : «تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم ، أما إنّهم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام وإذا ناكحتموهم انتهك الحجاب فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ» (1).

وفي موثّق زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كانت تحته امرأة من ثقيف وله منها ابن يقال له : إبراهيم ، فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها : من زوجك هذا؟ قالت : محمّد بن علي. قالت : فإنّ لذلك أصحاباً بالكوفة قوم يشتمون السلف ويقولون. قال : فخلّى سبيلها ، فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه وتضعضع من جسمه شيء .. الحديث (2).

وفي صحيح عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام - في حديث - : «ولا يتزوج المستضعف المؤمنة» (3). 8.

ص: 133


1- الكافي 5 / 352 ح 17.
2- الكافي 5 / 351 ح 13.
3- الكافي 5 / 351 ح 8.

وفي موثّق زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : تزوّجوا في الشُكّاك ولا تزوّجوهم ؛ فإنّ المرأة تأخذ أدب زوجها ويقهرها على دينه» (1) ؛ ورواها الصدوق بطريق صحيح (2).

وهذه الروايات في مورد النكاح وإن اختلفت أقوال الفقهاء في المنع أو الكراهة أو التفصيل ، إلاّ أنّ مفادها إجمالاً يسوس باتّجاه التحفّظ عن الذوبان فيهم ، وإبقاء عازل في ضمن نظام التعايش معهم.

... للبحث صلة 6.

ص: 134


1- الكافي 5 / 351 ح 5.
2- من لا يحضره الفقيه 3 / 408 ح 4426.

المتبقّي من شعر العلّامة البلاغي

الشيخ محمّد الحسّون

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

العلاّمة الشيخ محمّد جواد البلاغي النجفي (1282 - 1352 ه) : من مشاهير علماء الإمامية ، مجاهد كبير ، ومؤلّف مكثر خبير ، خلّف العديد من المصنّفات والآثار العلمية ، في العقائد والفقه والإلهيات والتفسير ، وكذلك في ردّ الشبهات الإلحادية والانحرافية والبدعية ؛ إذ صنّف في الردّ على الطبيعيّين والمادّيّين ، وعلى اليهود والنصارى ، وعلى عدّة من فرق الضلال والزيغ (1) ..

ص: 135


1- للاطّلاع على قدر أكبر من سيرة وحياة العلاّمة البلاغي الجليل ، يمكن مراجعة ترجمته في المصادر التالية : أعيان الشيعة 4 / 255 ، ريحانة الأدب 1 / 278 ، شعراء الغري 3 / 436 ، الطليعة من شعراء الشيعة 1 / 195 ، الكنى والألقاب 1 / 94 ، ماضي النجف وحاضرها 2 / 61 ، معارف الرجال 1 / 196 ، نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) 1 / 325 ، وسيلة المعاد في مناقب شيخنا الأُستاد.

وكان قدس سره - مع عظيم مكانته في العلم وتفقّهه في الدين - أديباً كبيراً مُقدّماً ، وشاعراً مُبدعاً ، فَخِم العبارة ، من فحول الشعراء ، له نظم رائق سلس متين ، تزخر أشعاره بالعواطف الوجدانية والمشاعر الإنسانية والتأمّلات الروحية. وقد أكّد معاصروه ورفاقه وتلامذته شاعريّته :

قال السيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) : «له شعر كثير جيّد ، وهو في مواضيع مختلفة» (1).

وقال المؤرّخ الشيخ جعفر آل محبوبة (ت 1377 ه) : «وهو - مع تبحّره في العلوم الروحية - ذو سهم وافر من النظم ، فهو شاعر محسن مجيد» (2).

وقال الأُستاذ توفيق الفكيكي (ت 1387 ه) : «كان - رضوان الله عليه - من فحول الشعراء وإن اشتهر بمؤلّفاته العلمية والفلسفية ، غير أنّ الفضلاء من كبار الأُدباء والشعراء يقرّون له بمكانته الأدبية وشاعريّته المطبوعة ، فهو شاعر محسن مجيد.

ولم يكن رحمه الله بالشاعر الفصال (3) ، ولم يكن من الفقهاء المتزمّتين الّذين يتنكّرون للشعر ونظمه ويرونه مزرية بالعلماء ، بل كان كثير الاحترام للشعراء المناضلين في سبيل الفضيلة الأخلاقية ونصرة المُثل الإسلامية المثلى ، ووسيلة إذاعة فضائل أئمّة أهل البيت عليهم السلام والإشادة بمحاسنهم.

بيد أنّه بالرغم من سلاسة شعره ، وإشراق ديباجته ، ورصانة تركيبه ، ه.

ص: 136


1- أعيان الشيعة 4 / 256.
2- ماضي النجف وحاضرها 2 / 62.
3- الشاعر الفصال : الذي يتكسّب بشعره.

وفصاحة ألفاظه ، ولطافة معانيه ، وحلاوة أُسلوبه ، فإنّه لا يزاحَم من حيث القوّة الشاعرية المبدعة التي امتازت بها الطبقة الأُولى من فحول شعراء عصره ، كالسيّد إبراهيم الطباطبائي ، والسيّد موسى الطالقاني ، والسيّد المجاهد الكبير والشاعر الشهير السيّد محمّد سعيد الحبوبي ، والشاعر الرقيق السيّد جعفر الحلّي ، وشاعر الرثاء والحماسة المخترع السيّد حيدر الحلّي» (1).

وقال العلاّمة آقا بزرك الطهراني (ت 1389 ه) : «وكان - بالإضافة إلى عظيم مكانته في العلم وتفقّهه في الدين - أديباً كبيراً ، وشاعراً مبدعاً ، له نظم رائق سلس متين ، أكثره في مدح أهل البيت عليهم السلام ورثائهم» (2).

وقال الأُستاذ علي الخاقاني : «كان شاعراً مجيداً ..

وحكى عن الشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1350 ه) في الحصون المنيعة قوله في البلاغي : أديب شاعر ، وله شعر حسن الانسجام (3) ..

وحكى عن الشيخ جعفر النقدي (ت 1370 ه) في الروض النضير قوله فيه : وله في الأدب اليد غير القصيرة ، وشعره جيّد حسن (4)» (5).

وقال شيخنا آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي (ت 1411 ه) : «سمحت قريحته الوقّادة بعدّة منظومات فائقة وقصائد رائقة مذكورة في المجاميع» (6).ة.

ص: 137


1- مقدّمة الهدى إلى دين المصطفى 1 / 16 - 17.
2- نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) 1 / 325.
3- الحصون المنيعة 9 / 186.
4- الروض النضير : 304.
5- شعراء الغري 2 / 442.
6- وسيلة المعاد في مناقب شيخنا الأُستاد ؛ طبعة قديمة ، وصفحاتها غير مرقمّة.

ويصف الشاعر صالح الجعفري (ت 1397 ه) قصائد العلاّمة البلاغي ب- : «الأوابد» (1) بقوله :

هذِي أوابِدُكَ الغَرَّاءُ خالِدَة

ما طاقُ كِسْرى وما الحَمْراءُ ما الهَرَمُ (2)

وأثناء دراستنا لحياة العلاّمة البلاغي ومراجعتنا للكثير من المصادر المتوفّرة لدينا ، حاولنا - قدر الإمكان - الوقوف على أكبر عدد ممكن من قصائده ومقطوعاته الشعرية ، فلم نُوفّق إلاّ في العثور على أربع عشرة قصيدة من شعره ، الذي نظمه في مناسبات مختلفة ، ولعلّ السبب الرئيسي في ضياع شعره رحمه الله هو عدم عنايته بجمعه وإظهاره ؛ إذ كان متواضعاً إلى درجة كبيرة وصلت إلى حدّ نكران الذات.

والأبواب التي طرقها البلاغي في شعره متعدّدة ، فأكثره كان في مدح أهل البيت عليهم السلام ورثائهم ، وهو غرضٌ يسمو على أغلب الأغراض الشعرية المعروفة عند الشعراء ، وقد سجّل البلاغي تقدّماً ملموساً في هذا المضمار.

وباقي شعره في تهنئة خليل ، أو رثاء عالم جليل ، أو في حالة الحنين إلى الأخلاّء يحتّمه عليه واجب الوفاء ، أو في الدفاع عن رأي علمي ، أو شرح عقيدة أو فكرة فلسفية بطريقة المعارضة الشعرية ..

فله ثلاث قصائد في ذكر الإمام الحجّة المهدي - عجلّ الله تعالى فرجه الشريف -.

وقصيدتان في رثاء ومولد الإمام الحسين عليه السلام.

وقصيدة في ثامن شوّال ، اليوم الذي هُدمت فيه قبور أئمّة الهدى 1.

ص: 138


1- الأوابد : القصائد الخالدة. الصحاح 2 / 439 مادّة «أبد».
2- ديوان الجعفري : 291.

الأطهار عليهم السلام في البقيع من قبل الوهّابيين.

وقصيدة فلسفية جارى بها عينيّة ابن سينا.

وقصيدة في رثاء السيّد محمّد سعيد الحبّوبي.

وقصيدة قرّظ فيها كتاب العتب الجميل للسيّد محمّد بن عقيل.

وله قصائد إخوانية عديدة ، منها : رسالة أرسلها من سامراء إلى بعض إخوانه ..

ومنها : رسالة في تهنئة بمولود ..

ومنها : رسالة إلى السيّد محسن الأمين أرسلها إليه وهو في الشام ..

ومنها : رسالة جوابية لابن عمّه الشيخ توفيق في لبنان.

المحسّنات البديعيّة :

لا يمكن الحكم على شعر العلاّمة البلاغي كلّه من خلال هذه القصائد القليلة التي وقفنا عليها ، فلعلّ في ما غاب عنّا ما هو أفضل وأشعر وأرقّ وأعذب ممّا وصل إلينا.

وقد حاولنا في هذه الصفحات أن نستجلي المحسّنات البديعية في هذه القصائد ، مع العلم بأنّ العلاّمة رحمه الله لم يتكلّف الإتيان بها ، وإنّما جاءت عفواً ووُضعت في المكان المناسب من شعره ، وهي :

* الجناس : وهو أن يتشابه اللفظان في النطق ويختلفان في المعنى ، وهو نوعان :

التامّ : اتّفاق اللفظين في نوع الحروف ، وشكلها ، وعددها ، وترتيبها.

والناقص : ما اختلف فيه اللفظان في أحد الأُمور الأربعة المذكورة.

وقد استعمل العلاّمة البلاغي رحمه الله الجناس الناقص في عدّة مواضع :

ص: 139

1 - ق 1 ب 23 (1) : بَقِيَتْ ، يابَقِيّةَ.

2 - ق 3 ب 5 : تَوَجُّعٍ ، تَفَجُّعِ.

3 - ق 7 ب 39 : فاقوا ، وِفاقا.

4 - ق 9 ب 13 : أمِيلُ ، أمِلّ.

5 - ق 9 ب 29 : تُبَلْ ، أبَلّ.

6 - ق 11 ب 6 : رُزِينا ، الرَزِينا.

7 - ق 13 ب 16 : مُقَبَّلَهُ ، يُقَبِّلُهُ.

* الاقتباس : وهو أن يستعير الشاعر أو الناثر المثلَ أو الآية أو الحديث أو البيت أو الحكمة أو جزءاً منها ، ويضمّنه في شعره أو نثره ، وممّا وجدنا منه عند الشيخ البلاغي ما يلي :

1 - ق 2 ب 31 : «لن يتفرّقا» ؛ من حديث الثقلين المعروف.

2 - ق 2 ب 32 : «ما إن تمسّكتم» ؛ من الحديث السابق أيضاً.

3 - ق 2 ب 52 : البيت كلّه من القصيدة المردود عليها.

4 - ق 2 ب 56 : البيت كلّه من القصيدة المردود عليها.

5 - ق 2 ب 63 : البيت كلّه من القصيدة المردود عليها.

6 - ق 2 ب 66 : البيت كلّه من القصيدة المردود عليها.

7 - ق 2 ب 68 : البيت كلّه من القصيدة المردود عليها.

8 - ق 2 ب 72 - 80 : ضمّن أسماء كتب كثيرة ذكر فيها المهدي - عجلّ الله تعالى فرجه الشريف - مثل : ينابيع المودّة ، يواقيت ، البيان ، الكفاية ، فصل الخطاب ، روضة الأحباب ، مطالب السؤول ، الفصول ، ل.

ص: 140


1- إشارة لرقم القصيدة والبيت ، حسب ترقيمنا للقصائد والأبيات في هذا المقال.

مناقب ، شواهد النبوّة ، تذكرة ، فتوحات ، مرقاة ، هداية ، المكاشفات ، ومرآة ، وقد بيّنّا أسماء هذه الكتب كاملة ، مع ذكر مؤلّفيها.

9 - ق 2 ب 84 : عجز البيت من القصيدة المردود عليها.

10 - ق 2 ب 93 : نحو البيت من القصيدة المردود عليها.

11 - ق 2 ب 104 : عجز البيت من القصيدة المردود عليها.

12 - ق 3 ب 1 : «ارجعي» ؛ من آية كريمة.

13 - ق 3 ب 15 : «كلّ يدّعي» ؛ من بيت شعري.

14 - ق 3 ب 21 : «يسألونك» ؛ من آية كريمة.

* المبالغة : وهي أن تبلغ بالمعنى إلى أقصى غاياته ، ووجدنا منها عند العلاّمة البلاغي في ق 6 ب 7 :

وما سِوى المَحْسودِ مِنْ مِسْواكِهاحَتّى الخَيالُ بالمُنى مَا ذاقَها

يُريد أنّ حبيبته لم يذق طعم قُبلتها أحد ، عدا المسواك ، حتّى في الخيال وفي الأماني ، وهذا غاية في المبالغة ؛ إذ الخيال يصل إلى أبعد ممّا ذكره.

* التقطيع : وهو تقسيم بيت الشعر إلى عدّة أجزاء متساوية ، وممّا وجدنا منه عند العلاّمة البلاغي ما يلي :

1 - ق 1 ب 6 : «فانجلتْ كُربتي» «وأزهر رَوْضي» «ونَمَتْ نَبْعَتي» «وأوْرَقَ عُودي».

2 - ق 2 ب 88 : «بهِ تُدفعُ الجُلّى» «ويُستنزل الحَيا» «وتُستنبَتُ الغَبرا» «ويُستكشَفَ الضرُّ».

3 - ق 3 ب 8 : «فتَنعَّمِي» «وتَزوَّدِي» «وتَهذَّبي» «وتَلذَّذِي» «وتَكَمَّلي» «وتَورَّعِي».

ص: 141

4 - ق 8 ب 4 : «عِدْلُ الكِتابِ» «مَدى المدى» «سُفُنُ النَجاةِ» «هُدى السَبيلِ».

5 - ق 8 ب 13 : «عَلَمُ الهُدى» «غَيْثُ النَدى» «غَوْثُ العُفَاةِ» «حِمى النَزيلِ».

6 - ق 13 ب 23 : «لَهُ حَنِيني» «ومِنْهُ لَوْعَتي» «وإلى مَغناهُ شَوْقِي» «وأعْلاقُ الهَوى فِيهِ».

7 - ق 14 ب 3 : تكرّر البيت السابق فيه.

* المقابلة : وهي أن يأتي البليغ بمعنيين أو أكثر ، ثمّ يأتي بما يقابلهما على الترتيب ، وممّا وجدنا منه عند العلاّمة البلاغي ما يلي :

1 - ق 1 ب 13 :

المُنادى لِكُلِّ خَطْبٍ عَظيمٍ

والمُرجّى لِكُلّ هَوىً شَديدِ

2 - ق 1 ب 19 :

حَيِّهِ بالصلاةِ مِنْ مَوْلودٍ

وابْكِهِ نازِحاً نُزوحَ الشَريدِ

3 - ق 1 ب 26 :

ونُرجّيكَ لانْتِهاضٍ قَريبٍ

نَتَرجّاهُ منذُ عَهْدٍ بَعيدِ

4 - ق 9 ب 4 :

تَنَكَّرَ لي وَجْهٌ غادِي الصَباحِ

وأوْحَشْنَني رائِحاتُ الأُصُلْ

5 - ق 9 ب 25 :

فَما عَرَفَتْ مِثْلَ شَدِّ الرِحال

ِوما أنْكَرَتْ مِثْلَ شَدِّ العُقُلْ

* * *

ص: 142

المتبقّي من شعره

(1)

قال في ذكرى مولد الإمام الحجّة المهدي المنتظر - عجّل الله تعالى فرجهُ الشريف - في منتصف شعبان (1) :

حَيِّ شَعْبانَ فَهوَ شَهْرُ سُعودي

وَعْدُ وَصْليَ فيهِ ولَيْلَةُ عِيدِي (2)

مِنْهُ حَيّا الصَبُّ (3)

المَشوق شَذا المِي-

لاد فيهِ وبَهْجَةَ المَوْلودِ

مُهْجَةِ (4) طر

المُرْتَضى وقُرَّةِ عَيْنِ المُ-

-صْطَفى بَلْ ذَخيرَةِ التَوْحِيدِ

رحمةِ اللهِ غوثِهِ في الورى شم-

-سِ هداهُ وظِلِّهِ المَمْدودِ

[5] وهَوى خاطِري وشائِقِ نَفْسِي

ومُناها وعُدَّتي وعَديدي

فَانْجَلَتْ كُرْبَتي وأزْهَرَ رَوْضي

ونَمتْ نَبْعَتي وأوْرَقَ عُودي

طُلْتِ فَخْراً يا لَيْلَةَ النِصْفِ مِنْ شعْ-

-بان بِيضَ الأيّامِ بالتَسْويدِ

بإمامِ الهُدى سَعُدْتِ وما كُ-

-لُّ زمانٍ في ذاتِهِ بِسَعيدِ

لا يَغرنّكِ البياضُ فلَوْلا

هُ لغُودِرْتِ كالليالي السودِة.

ص: 143


1- طُبعت هذه القصيدة كاملةً سنة 1343 ه- في المطبعة المرتضويّة في النجف الأشرف ، ملحقةً ب- : العقود المفصّلة للعلاّمة البلاغي ، وأوردها كاملة أيضاً الأُستاذ علي الخاقاني في شعراء الغري 2 / 442 ، في حين ذكر الشيخ جعفر محبوبة مطلعها فقط في ماضي النجف وحاضرها 2 / 64.
2- يُعدُّ هذا البيت من كرامات العلاّمة البلاغي ، إذ أجراه الله سبحانه وتعالى على لسانه ، فكانت وفاته في يوم الاثنين 22 شعبان سنة 1352 ه.
3- الصَبابة : رِقَّةُ الشوق وحرارته ، يقال : رجلٌ صَبُّ : عاشق مشتاق. الصحاح 1 / 161 مادّة «صبب».
4- وردت في بعض المصادر : بهجة.

[10] فهْوَ نورُ اللهِ الّذي أشْرَقَ الكَوْ

نُ بأنْوارِهِ وسرُّ الوجودِ

وهْوَ اللُطْفُ بالعِبادِ إمامُ ال

حقِّ فيهمُ وحُجّةُ المَعْبودِ

خازِنُ العِلمِ آيةُ اللهِ والدا

عِي إليهِ عِدْلُ الكتابِ المجيدِ

المُنادى لِكُلِّ خَطْبٍ عَظيمٍ

والمُرَجّى لِكُلِّ هَوْلٍ شَديدِ

ثائرُ الدِينِ مُدْرِكُ الثأْرِ شافي ال-

-غَيظِ غَوْثُ الوليِّ غيظُ الحَسودِ

[15] قائِمُ الحَقِّ ناصِرُ الدِينِ

والإي-

-مانِ أمْنُ اللاّجي نكالُ الجَحودِ

شاهِرُ السَيفِ ناشِرُ العَدْلِ ماحيُ ال-

-جَورِ حامِيُ الجِوارِ مأْوى الطَريدِ

خاتَمُ الأوصياءِ جامعُ شَمْلِ ال-

-دِينِ بَعْدَ التَفْريقِ والتَبْديدِ

مَطْلَبُ السالِكيِنَ مَقْصودُ أهلِ ال-

-عُرْفِ قَصْدُ الهوى مُرادُ المُريدِ

حَيِّهِ بالصلاةِ مِنْ مَوْلودٍ

وابْكِهِ نازِحاً نُزوحَ الشَريدِ

[20] وادْعهُ دَعْوَةَ اللَهيفِ يُناد

يهِ ألَسْتَ المُجيبَ مَهْما نُودِي؟!

هذِهِ عُصْبَةُ الوَلاءِ تَمُدُّ ال-

-طَرْفَ شَوْقاً لِيَوْمِكَ المَوْعُودِ

كَمْ لَها حَنّة إليكَ حَنينَ ال-

-نِيبِ (1) إذ ْمَضَّ (2)

خِمْسُها (3) للوِرُودِ

بَقيَتْ يا بَقيةَ اللهِ في الأ

رْضِ دَرايا (4) لكُلِّ رامٍ

سَديدِ

لَمْ تميّز ممّا جَنَتْهُ الليالي

لوعةَ البَيْنِ في سُرورِ العِيدِ

[25] أتَرانا في كُلِّ يَوْمٍ جَديدٍ

نَتَحرّاكَ باشْتِياقٍ جَديدٍ».

ص: 144


1- النِيبُ ، جمع ناب : وهي المُسِنّةُ من النُوق. الصحاح 1 / 230 مادّة «نيب».
2- مَضَّ : ألَّمَ وأوْجَعَ. الصحاح 3 / 1106 ، المصباح المنبير 2 / 575 ؛ مادّة «مضض».
3- الخِمْسُ ، من أظماء الإبل : أن ترعى ثلاثةَ أيامٍ وتَرِدَ اليوم الرابع. الصحاح 3 / 924 مادّة «خمس».
4- الدَرايا ، جمع الدَريئَة : وهي الحَلْقَةُ التي يتعلَّم الرامي الطعْنَ والرمْيَ عليها. الصحاح 1 / 49 ، لسان العرب 1 / 74 مادّة «درأ».

ونُرَجّيكَ لانْتِهاضٍ قَريِبٍ

نَترّجاهُ منْذُ عَهْدٍ بَعِيدِ

كَمْ نُعاني الشَوْقَ المُبرِّحِ تَفْ-

-دِيكَ المُحْبّونَ والفِراقَ المُودِي (1)

فمتَى يَنْقَعُ الغَلِيلُ (2)

بلُقْيا

كَ وتُطفى لواعِجُ المَعْمُودِ (3)

فتَحنَّنْ عَلى حَنينِ نَشيِدي

يا سَميعاً يَدْري بلَحْنِ قَصِيدي

[من الخفيف]

(2)

من عيون شعر العلاّمة البلاغي الّذي سارت به الركبان ، قصيدتهُ التي نظمها في الردّ على قصيدة أحد علماء بغداد ، المنكرين لوجود الإمام الحجّة المنتظر وغيبته - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - التي بعثها إلى علماء النجف الأشرف سنة 1317 ه- ، ومطلعها :

أيا عُلَماءَ العَصْرِ يا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ (4)

بِكُلِّ دَقِيقٍ حارَ فيِ مِثْلِهِ الفِكْرُ

فأجابه العلاّمة البلاغي بقصيدة طويلة رائعة (5) ، ذكرَ فيها عدّة من 7.

ص: 145


1- المُودِي : المُهْلك. الصحاح 1 / 80 مادّة «ودأ».
2- الغَليلُ : حرارة العطش. الصحاح 5 / 1784 مادّة مادّة غلل».
3- رجلٌ مَعْمودٌ : أي هدَّه العشق. الصحاح 2 / 512 مادّة «عمد».
4- الخُبْرُ : العلمُ بالشيء. الصحاح 2 / 641 مادّة «خبر».
5- طُبعت كاملةً سنة 1343 ه- في المطبعة المرتضويّة في النجف الأشرف ملحقةً ب- : العقود المفصّلة للعلاّمة البلاغي ، وأوردها كاملةً أيضاً مع إضافة بيتين لها من القصيدة البغدادية - أشرنا إليهما في مكانهما من القصيدة - الأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 443. وذكر بعض أبياتها كلّ من : الشيخ محمّد حرز الدين (ت 1365 ه) في معارف الرجال 1 / 197 - 198 ، والشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها 2 / 65 ، والأُستاذ الفكيكي في مقدّمته لكتاب الهدى إلى دين المصطفى 1 / 17.

كتب المناقب والسيرة ، التي تعرّضت لذكْرِ الحجّة المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - فقال :

أطَعْتُ الهَوى فِيهمُ وعاصانِيَ (1)

الصَبْرُ

فَها أنا ما لِيَ فيهِ نَهْيٌ ولا أمْرُ

أنِسْتُ بِهم سَهْلَ القِفارِ (2)

ووَعْرَها

فَما راعَني مِنْهُنَّ سَهْلٌ ولا وَعْرُ

أخا سَفرٍ وَلْهان (3)

أغْتَنِمُ السُّرى (4)

مِنَ اللّيلِ تَغْلِيساً (5)

إذا عَرَّسَ (6) السَفْرُمّ

ص: 146


1- في بعض المصادر : «فعاصاني».
2- القِفارُ ، جمع القَفْرُ : مفازة لا ماء فيها ولا نبات. الصحاح 2 / 797 مادّة «قفر».
3- في بعض المصادر : «سيّان».
4- السُّرى : المشي ليلاً. الصحاح 6 / 2376 مادّة «سرا».
5- التَغْلِيسُ : السير من الليل بِغَلَسٍ : وهو ظُلمة آخر الليل. الصحاح 3 / 956 مادّة «غلس».
6- التَعريسُ : نزول القوم في السفر من آخر الليل ، يَقعُون فيه وقعة للاستراحة ، ثمّ

بذامِلةٍ (1) ما أنْكَرَتْ

ألَمَ الوَجى (2)

وما صَدَّها عَنْ قصدها مَهْمَهٌ (3)

قَفْرُ

[5] يَضِيقُ بِها صَدْرُ الفَضا فَكأنّها

بِصَدرِ مُذِيعٍ عَيَّ عن كَتْمهِ السِرُّ

تَحِنَّ إذا ذَكّرتُها بديارِها

حَنينَ مشوُقٍ هاجَ لَوْعَتَهُ الذِكْرُ

وشِملالةٍ (4) أعْدَيتُها

بِصَبابَتي

إذا هاجَها شوقُ الدِيارِ فلا نكْرُ

أروحُ وقَلْبي للّواعِجِ والجَوى

مُباحٌ وأجْفاني عَلَيْها الكَرى حِجْرُ (5)

وأحْملُ أوْزارَ الغَرامِ وأنّهُ

غَرامٌ بِهِ يَنْحَطُّ عَن كاهِلي الوِزْرُ

[10] وكَمْ لَذَّ لي خَلْعُ العِذارِ وإنْ

يَكُن

ْلحُبّي آل المُصْطفى فهْوَ لي عُذْرُ

عَلِقْتُ بِهم طِفْلاً فكانَتْ تَمائِمي (6)

مَوَدّتُهم لا ما يُقَلدَهُ النَحْرُ».

ص: 147


1- الذَميلُ : ضربٌ من سير الإبل. الصحاح 4 / 1702 مادّة «ذمل».
2- في بعض المصادر : «الجوى». والوجى عند الفَرس : هو أن يجد وجعاً في حافره. الصحاح 6 / 2519 مادّة «وجى».
3- المَهْمَهُ : المفازةُ البعيدة الأطراف. الصحاح 6 / 2250 مادّة «مهه».
4- الشِمْلالة : الناقة الخفيفة. الصحاح 5 / 1740 مادّة «شمل».
5- حِجْرُ : حرام. الصحاح 2 / 623 مادّة «حجر».
6- التَميمَةُ : عوذةٌ تُعلّق على الإنسان. ويقال : هي خرزة. الصحاح 5 / 1878 مادّة «تمم».

ومازَجَ دَريّ (1) حُبُّهم

يَوْمَ ساغَ لي

ولَوْلا مزاجُ الحُبّ ما ساغَ لي دَرُّ

نَعمْتُ بِحُبِّهم ولكن بَليّتي

بِبَيْنهِمُ والبَيْنُ مَطْعَمُهُ مُرُّ

ونائِينَ تُدْنِيهِمُ إلَيَّ صَبابَتي فعَنْ

ناظِري (2) غابوا وفي

خاطِري (3) قَرّوا

[15] فَمِن نازِحٍ قَدْ غَيَّبَ الرَمْسُ (4)

شَخْصَهُ

ومِنْ غائِبٍ قَدْ حالَ من دونِهِ السِتْرُ

أطالَ زَمانُ البَيْنِ والصَبْرُ خانَني

وما يَصْنَعُ الوَلْهانُ إنْ خانَهُ الصَبْرُ

إلى مَ وكَمْ تَنْكى بقَلْبي جِراحُهُ

من البَيْنِ لا يَأْتي عَلى قَعْرِها سَيْرُ

فكَمْ سائِلٍ عَنْهُ يُسيلُ مَدامِعِي

بتذْكارِهِ وَكْفاً كما يَكِفُ القَطْرُ (5)

فيِا سائِلاً سَمعاً لآيَةِ مُعْجِزٍ

بآياتِهِ لا ما يُزَخْرِفُهُ الشِعْرُ».

ص: 148


1- الدَرُّ : اللَبَنُ. الصحاح 2 / 655 مادّة «درر».
2- في شعراء الغري : «أعْيُني».
3- في شعراء الغري : «كبدي».
4- الرَمْسُ : تراب القبر. الصحاح 3 / 936 مادّة «رمس».
5- وَكَفَ الدمعُ والماء والمطر : سالَ. لسان العرب 9 / 362 مادّة «وكف».

[20]إذا رُضْتَ صَعْبَ الفِكْرِ تُهْدى فَقَدْ

كَبا

(لَعاً لَكَ) (1) في دَحْضِ

العثار بِكَ الكُفْرُ

فَما الحَجْرُ في التَقليدِ إلاّ حِجارَةٌ

ولَيْسَ بغَيرِ الجِدّ يَصْفو لَكَ الحِجْرُ (2)

لِتُدرِكَ فيهِ الحُسْنَ والقُبْحَ مِثْلَ ما

يُحَسُّ بحسِّ الذائِقِ الحُلوُ والمُرُّ

فإنْ قُلْتَ بالعَدلِ الّذي قال ذو النُهى

بهِ ولَهُ يَهْدي بمُحْكَمِهِ الذِكْرُ

ودِنْتَ بتَنْزيهِ الإلهِ وأنهُ

غَنيٌّ فلا يلجيهِ في فِعْلِهِ فَقْرُ

[25] وأقْرَرْتَ للهِ اللطيفِ بأنه

حَكيمٌ لَهُ في كُلِّ أفْعالِهِ سِرُّ (3)

وجانَبْتَ قولَ الجَبْرِ عِلماً بأنّهُ

يَنوبُ أُصولَ الدِين من وَهْمِهِ كَسْرُ

وأوْجَبْتَ باللّطفِ الإمامَ وأنّهُ

بِهِ من عُصاةِ الخَلْقِ يَنَقطعُ العُذْرُ

وعايَنْتَ في مَنْ ماتَ فهوَ لِذي الحِجى

شَفاءُ إذا أعْيى بأدْوائهِ الصَدْرُه.

ص: 149


1- يقال للعاثر : لَعاً لَكَ ؛ وهو دعاء له بأن ينتعش. الصحاح 6 / 2483 مادّة «لعا».
2- الحِجْر : العقل. الصحاح 2 / 623 مادّة «حجر».
3- في شعراء الغري ورد هذا البيت مؤخَّراً عن الّذي يليه.

تُؤسِّسُ بُنْيانَ الصَوابِ على التُقى

ويَطْلُعُ مِنْ أُفُقِ اليَقينِ لكَ الفَجْرُ

[30] وفي خَبَرِ الثِقْلَيْنِ (1)

هادٍ إلى الّذي

تَنازَعَ فيهِ الناسُ والْتَبَسَ الأمْرُ

إذْ قالَ خَيْرُ

الرُسْلِ : «لَنْ يَتَفَرّقا»

فكَيْفَ إذاً يَخْلُو مِنَ العِتْرَةِ العَصْرُ

«وما إن تَمَسَّكْتُمْ» بِتَيْنِكَ

إنّهُمْ

هُمُ السادَةُ الهادُونَ والقادَةُ الغُرُّ

ولمّا انْطَوى عَصْرُ الخِلافَةِ وانْتهى

ولُفَّ بساطُ العَدْلِ وابتَدَأ الشَرُّ

وزادَ يَزيدُ (2) الدِينَ

نَقْصاً وبَعْدَهُ

دهى بالوليد (3) القردِ أُمّ

الهُدى عقرُ

[35] تَنادى لاِحياءِ الهُدى عِتْرَةُ

الهُدى

فَما عاقَهُمُ قَتْلٌ ولا هالَهُمُ ضُرًُّ.

ص: 150


1- إشارة لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف المتواتر بين عامّة المسلمين : «إنّي تاركٌ (مخلّف) فيكم الثِقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». انظر : صحيح البخاري 4 / 1873 ، سُنن الترمذي 5 / 662 ح 3786 ، مسند أحمد بن حنبل 3 / 14 ، سُنن الدارمي 2 / 432 ، معالم التنزيل 4 / 464 ، السيرة الحلبيّة 3 / 336.
2- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأُموي (ت 64 ه) ، لعنة الله عليهم جميعاً.
3- الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (ت 126 ه) ، لعنة الله عليهم جميعاً.

وكَمْ بَذَلوا في الوَعْظِ والزَجْرِ جُهْدَهُمُ

ولَمْ يُجْدِ بالغاوينَ وَعْظٌ ولا زَجْرُ

وكَمْ نَدَبوا اللهَ سِرّاً وجَهْرَةً

وقَدُ خَلُصا منهم لَهُ السِرُّ والجَهْرُ

إلى أنْ تَفانَوْا كابِراً بَعْدَ كابِرٍ

وما دَوْلَةٌ إلاّ وفيها لَهُمْ وِتْرُ

ولا مِثْلَ يَوْمِ الطّفِ يومُ فَجِيعَةٍ

لِذِكْراهُ في الأيّامِ يَنْقَصِمُ الظَهْرُ

[40] يُذيبُ سُوَيْدا القَلْبِ (1)

حُزْناً فعاذِرٌ

إذا سَفَحَتْ مِنْ ذوْبِها الأدْمعُ الحُمْرُ

ومُذْ أعْذَروا بالنُصْح في اللهِ والدعا

إليهِ وآذانُ الورى صَكَّها وَقْرُ (2)

وشاءَ إلهُ العَرْشِ أنْ يَعْضِدَ الهُدى

ويُظْهِرَ مِنْ مَكْنونِ أسْمائِهِ السِّرُ

تَألَّبَ أحزابُ الضَلالِ لِقَتْلِهِ

عَصائِبُ يُغْريها بهِ البَغْيُ والغَدْرُ

وهَمّوا بهِ خبطاً كموسى وجَدِّه ال-

-خليلِ فَأضْحى رِبْحُ همِّهِمُ الخُسْرُ».

ص: 151


1- سويداء القلب : حبّته. الصحاح 2 / 492 مادّة «سود».
2- الوَقْرُ : الثِقْلُ في الأُذن. الصحاح 2 / 848 مادّة «وقر».

[45] فأغْشاهُمُ عَنْهُمُ وغشّاهُ نورُهُ

وكانَ بِما هموا لِجَدّهم (1)

العَثْرُ

وقامَ لِخَمْسٍ بالإمامَةِ آيةً

كعيسى ويَحيى آيةً ولَهُ الفَخْرُ

إذا أمَّ مَعْصومٌ مِنَ الآلِ زاخِرٌ

مِنَ العِلْمِ لاساجي (2)

العُباب (3) ولانَزْرُ (4)

وكانَ كداوُودَ (5) فَسَلْ

هَيْتَمِيّكُم (6)

أهَلْ بَعْدَ هذا في إقامَتِهِ نُكْرُ؟!

وغابَ بأمْرِ اللهِ للأجلِ الّذي

يَراهُ لَهُ في عِلْمِهِ ولَهُ الأمْرُ

[50] وأوْعَدَهُ (7)

أنْ يُحْيِيَ الدينَ سَيْفُهُ

وفيهِ لِدينِ (8) المُصْطفى

يُدْرَكُ الوِتْرُ».

ص: 152


1- الجَدُّ : الحَظُّ والبختُ : الصحاح 2 / 452 مادّة «جدد».
2- الساجي : أي الساكن الهادئ. والمقصود به هنا : القليل ؛ انظر : الصحاح 6 / 2372 مادّة «سجا».
3- عُبابُ الماء : أوّلهُ ومُعظمهُ. لسان العرب 1 / 573 مادّة «عبب».
4- النزرُ : القليل التافه. الصحاح 2 / 826 مادّة «نزر».
5- في أنّه أُوتي الحكمة وفصل الخطاب ، كما اعترف به الهيتمي ابن حجر في صواعقه ، ثمّ اعترض بأنّه كيف يكون إماماً وهو ابن خمس سنوات؟! فتدافع كلامه. «منه دام ظلّه».
6- أحمد بن حجر الهيتمي المكّي (ت 974 ه).
7- في بعض المصادر : «وواعَدَهُ».
8- في بعض المصادر : «لآل».

ويُخْدِمُهُ الأمْلاكَ جُنْداً وإنّهُ

يُشَّدُ لَهُ بالروحِ في مُلْكِهِ أزْرُ

(وإنّ جَميعَ الأرْضِ تَرْجِعُ مُلكَهُ

ويَملأُها قِسْطاً ويَرْتَفِعُ المَكْرُ) (1)

فأيْقَنَ أنّ الوَعْدَ حَقُّ وأنّهُ

إلى وَقْتِ عيسى يَسْتَطيلُ لَهُ العُمْرُ

فَسلمَ تَفْويضاً إلى اللهِ صابِراً

وعَنْ أمرِهِ مِنْهُ النُهوضُ أو الصَبْرُ

[55] ولَمْ يَكُ مِنْ خَوفِ الأذاةِ

اخْتِفاؤهُ

ولكنْ بأمْرِ اللهِ خِيرَ لَهُ السِتْرُ

(وحاشاهُ مِنْ جُبْنٍ ولكْن هو الّذي

غَداً يَخْتَشيهِ مَنْ حَوى البَرُّ والبَحرُ) (2)

أكُلَّ اخْتِفاءٍ خِلْتَ مِن خيفَةِ الأذى

فَرُبَّ اخْتِفاءٍ فيهِ يُسْتَنْزَلُ النَصْرُ

وكُلَّ فِرارٍ خِلْتَ جُبْناً فَرُبّما

يَفِرُّ أخُو بَأْسٍ لِيُمْكِنَهُ الكَرُّ

فَكَمْ قَدْ تَمادَتْ للنَبيّينَ غَيَبَةٌ

على مَوْعِدٍ فيها إلى رَبِّهِمُ فَرّوارُ

ص: 153


1- في شعراء الغري ورد بعده أحد أبيات القصيدة البغدادية ، وهو : وأنْ لَيْسَ بَيْنَ الناسِ مَنْ هوَ قادِرٌ على قَتْلِهِ وهوَ المُؤَيّدُهُ النصرُ
2- في شعراء الغري ورد بعده أحد أبيات القصيدة البغدادية ، وهو : ويَرْهبُ مِنْهُ الباسِلونَ جَميعُهُم وتَعْنوا لَهُ حتّى المثقفة السّمرُ

[60] وإنّ بِيَوْمِ الغارِ (1)

والشِعْبِ (2) قَبْلَهُ

غَناءً كما يُغْني عن الخَبَرِ الخُبْرُ

ولمْ أدرِ لِمَ أنكَرْتَ كَوْنَ اخْتفائِهِ

بأمْرِ الّذي يعْيى بحكمتِهِ الفِكْرُ؟!

أتَحصُرُ أمرَ اللهِ في العَجْزِ أمْ لَدى

إقامَةِ ما لَفّقْتَ أقْعدَكَ الحَصْرُ؟!

(فذلكَ أدهى الداهِياتِ ولَمْ يَقُلْ

بهِ أحَدٌ إلاّ أخو السَفَهِ الغِمْرُ) (3)

ودونَكَ أمرَ الأنْبياءِ وما لَقُوا

ففيهِ لذِي عَيْنَيْنِ يتّضحُ الأمْرُ

[65] فَمِنْهُمْ فَرِيقٌ قَدْ سَقاهُمْ

حِمامَهُمْ

بكَأْسِ الهَوانِ القتلُ والذَبحُ والنَشْرُ

(أيَعْجَزُ ربُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْرِ

حِزْبِهِ

على غَيْرِهِمْ كَلاّ فهذا هُوَ الكُفْرِ)

وكَمْ مُخْتَفٍ بَيْنَ الشِعابِ وهارِبٍ

إلى اللهِ في الأجبالِ يَأْلَفُهُ النَسْرُ

(فهَلاّ بَدا بَيْنَ الوَرى مُتَحمِّلاً

مَشَقّةَ نُصْحِ الخَلْقِ مَنْ دَأْبُهُ الصَبْرُ)؟!».

ص: 154


1- هو غار ثَوْر ، اختفى فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر ثلاثة أيام ، عند هجرته من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة ؛ انظر : الكامل في التاريخ 2 / 104.
2- هو شِعْب أبي طالب ، دخله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون عند مقاطعة قريش لهم ، وقد مكثوا فيه ثلاث سنين ؛ انظر : الكامل في التاريخ 2 / 87.
3- الغِمْرُ : الحقدُ والحسد. الصحاح 2 / 773 مادّة «غمر».

وإنْ كُنْتَ في ريَبٍ لطُولِ بَقائِهِ فَهَلْ

رابَكَ الدَجّال (1)

والصالحُ الخِضْرُ (2)؟!

[70] أيَرْضى لَبِيبٌ

أنْ يُعَمرَ كافِرٌ

ويأباهُ في باقٍ لِيُمْحى بهِ الكُفْرُ

ودونَكَ أنْباءَ النَّبي بهِ تُزَدْ

بآحادِها خُبُراً وآحادُها كُثْرُ

فَكَمْ في ينابيعُ

المَودّةِ (3) مَنْهَلٌ

نَميرٌ بهِ يَشْفى لوارِدِهِ الصَدْرُ

وفي غَيْرِهِ كَمْ مِنْ حَدِيثٍ مُسَلْسَلٍ

بِهِ يَفْطِنُ الساهِي ويسْتَبْصِرُ الغِرُّ (4)

ومِنْ بَيْنِ أسْفارِ (5)

التَوارِيخِ عِنْدَكُم

يُؤلَّفُ في تأريخِ مَوْلِدِهِ سِفْرُ

[75] وكَمْ قالَ مِنْ

أعْلامِكُم مِثلَ قَولِنا بهِ

عارِفُ بَحْرٍ وذُو خُبْرةٍ حَبْرُ (6)».

ص: 155


1- هو ابن صيّاد ، الأعور الدجّال ، الذي ولد في زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ويبقى حتّى يخرج لقتال الحجّة المهدي المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - فيقتله النبيّ عيسى عليه السلام ؛ انظر تفصيل ذلك في كتاب : عقيدة المسيح الدجال : 383 وما بعدها.
2- الكامل في التاريخ 1 / 160 - 163 ؛ وفيه ما يتعلّق بالخضر عليه السلام ، وقصّته مع النبيّ موسى بن عمران عليه السلام ، وكيفيّة طول عمره وشربه من ماء الحياة.
3- ينابيع المودّة ، للشيخ سليمان بن إبراهيم الحسينيّ البلخي القندوزي الحنفي (ت 1294 ه).
4- رجلٌ غِرٌ : أي غير مُجرِّب. الصحاح 2 / 768 مادّة «غرر».
5- أسْفار ، جمع سِفْر : وهو الكتاب. الصحاح 2 / 686 مادّة «سفر».
6- الحَبْرُ : العالِم. الصحاح 2 / 620 مادّة «حبر».

فكَمْ في يَواقيتِ (1) البَيانِ (2) كِفايةٌ (3)

يُقَلَّدُ مِنْ فَصْلِ

الخِطابِ (4) بها النَحْرُ

وذِي رَوْضةُ

الأحْبابِ (5) فيها مَطالبُ

ال-

-سؤولِ (6)

وفي كُلِّ

الفُصُولِ (7)

لها نَشْرُ

مَناقِب (8)

آلِ المُصْطَفى لِ- شَواهِدِ ال-

-نُبوّةِ (9)

فيها وهيَ تَذْكرةٌ (10)

ذِكْرُ

وذا الشيخُ أضْحى في فُتوحاتِهِ (11)

لَهُ

على كُلِّ تأريخٍ بتأرِيخِهِ نَصْرُبن

ص: 156


1- اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر ، لعبد الوهّاب بن محمّد بن يوسف الشعراني (ت 973 ه).
2- البيان في أخبار صاحب الزمان ، لمحمّد بن يوسف الگنجي الشافعي (ت 658 ه).
3- كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، للگنجي الشافعي.
4- فصل الخطاب لوصل الأحباب ، لمحمّد بن محمّد البخاري الحنفي (ت 822 ه).
5- روضة الأحباب في سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله والآل والأصحاب ، للسيّد جمال الدين عطاء الله ابن فضل الله الحسيني الدشتكي ، من أعلام القرن التاسع.
6- مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، لمحمّد بن طلحة النصيبي الشافعي (ت 652 ه).
7- الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام ، لعلي بن محمّد ابن الصبّاغ المالكي (ت 855 ه).
8- مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لأخطب الخطباء الموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت 568 ه).
9- شواهد النبوّة ، لعبد الرحمن بن أحمد الجامي (ت 898 ه).
10- تذكرة الخواصّ ، لسبط ابن الجوزي يوسف بن فرغلي البغدادي الحنبلي ثمّ الحنفي (ت 654 ه).
11- الفتوحات المكيّة في معرفة أسرار المالكيّة والملكيّة ، لمحيي الدين محمّد بن

[80] وَلاحَ ب- مرْقاةِ (1) الهِدايَةِ

(2) في المُكا

شَفاتِ (3)

لَدى مرآة أسرارِهِ (4)

السِرُّ

وللحَسَنِ الشَيْخِ العِراقيِ (5)

قِصّةٌ

بسَبْعِ لَياليها لَهُ ارْتَفَعَ السِتْرُ (6)

وصَدَّقَهُ الخَوّاصُ (7)

في ما يَقولُهُ (8)

وكلٌّ لَدَيْكُم عارِفٌ ثِقَةٌ بَرُّ

وعَنْهُ شَفاهاً قَدْ رَوى أحمدُ البلا

ذريُّ وفي أخْبارِهِ لَكم خُبرُ

وما أسْعَدَ السِرْدابَ حَظّاً ولا تَقُلْ

(لَهُ الفَضْلَ عَنْ أُمِّ القُرى ولَهُ الفَخْرُ)7.

ص: 157


1- المرقاة في شرح المشكاة ، للمحدّث الملاّ علي القارئ.
2- هداية السعداء ، للقاضي شهاب الدين أحمد بن شمس الدين الزوالي الهندي (ت 848 ه).
3- المكاشفات ، لعلي بن أسد الله.
4- مرآة الأسرار ، للعارف عبد الرحمن.
5- الشيخ حسن العراقي ، من كبار الصوفيّة ، ولد بدمشق ، وساح في الأرض خمسين عاماً ، فذهب إلى الهند والصين وبلاد العجم والروم ، ثمّ استقرّ في مصر ، وتوفيّ في نيف وثلاثين وتسعمائة ؛ انظر : الطبقات الكبرى - للشعراني - : 475.
6- وخلاصتها : أنّ الشيخ حسن العراقي اجتمع بالإمام المهدي - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - في سبع ليالٍ ، وقد سمعها منه الشيخ عبد الوهّاب بن أحمد الأنصاري الشافعي ، المعروف ب- : الشعراني ، وأثبتها في كتابه : الطبقات الكبرى.
7- هو الشيخ علي الخوّاص ، من كبار الصوفيّة (ت القرن العاشر).
8- أي أنّ الشيخ علي الخوّاص صدَّقَ دعوى الشيخ حسن العراقي باجتماعه بالإمام المهدي عليه السلام ، كما ذكر ذلك مفصّلاً الشعراني في اليواقيت والجواهر 2 / 487.

[85] لَئِنْ غابَ في السِرْدابِ يَوْماً فإنّما

على الناسِ مِنْ أُمِّ القُرى يَطْلَعُ البَدْرُ

ولَمْ يَتّخِذْهُ البَدْرُ بُرجاً وإنّما

غَدا أُفُقَاً مِن خَطّه يُضْرَبُ السِتْرُ

وها هُوَ بَيْنَ الناسِ كالشَمْسِ ضَمَّها

سَحابٌ ومِنْها يُشْرِقُ البَرُّ والبَحْرُ

بهِ تُدْفَعُ الجُلّى (1)

ويُسْتَنْزَلُ الحَيا (2)

وتُسْتَنْبَتُ الغبرا ويُسْتَكْشَفُ الضُرُّ

كما قيلَ في الأبْدالِ والقطبِ إنّهم

بهِمْ تُدْفَعُ الجُلّى ويُسْتَنْزَلُ القَطْرُ

[90] ولا عَجَبٌ إنْ كانَ في كُلِّ

حِجةٍ

يَحِجُّ وفيهِ يَسْعُد النَحْرُ والنَفْرُ

ويَعْرِفُهُ البَيْتُ الحَرامِ ورُكْنُهُ

وزَمْزَمُ والأسْتارُ والخِيفُ والحِجْرُ

ولكنهُ عَنْ أعْيُنِ الناسِ غائِبٌ

كَما غابَ بَيْنَ الناسِ إلْياسُ والخِضْرُ (3)

وقَوْلُكَ : «هذا الوَقْتُ داعٍ لِمِثْلِهِ

ففيهِ تَوالى الظُلْمُ وانْتَشَرَ الشَرُّ»ه.

ص: 158


1- الجُلّى : الأُمور العظيمة ؛ انظر : المصباح المنير 1 / 105 مادّة «جَلَّ».
2- الحَيا : المطرُ. الصحاح 6 / 2324 مادّة «حيا».
3- انظر : الكامل في التاريخ : 1 / 160 - 163 ؛ وفيه ما يتعلّق بالخضر عليه السلام وغيبته وطول عمره.

يَعيبُكَ فيهِ السامِعونَ فإنه

لَعَمْري «قولٌ عَنْ معائِبٍ يَفْتَرُّ»

[95] فَما أنْتَ والداعِي؟! فَدَعْهُ

مُسَلِّماً

لِعِلْمِ عَليمٍ عَنْهُ لا يَعْزُبُ الذَرُّ

وقَدْ جاءَ في الآثارِ أنّ ظُهورَهُ

يكونُ إذا ما جاءَ بالعَجِبِ الدَهْرُ

ويَعْرو (1) أُناساً قَدْ

تَمادَوْا بِغَيِّهم

منَ القَذْفِ بَعْدَ المَسْخِ والخَسْفِ ما يَعْروُ

وتَغْدو الوَرى إذْ كانَ يَقْتادُها العَمى

ويَحْمِلُها مِنْ جَهْلِها المَرْكَبُ الوَعْرُ

حَيارى بلا دِينٍ وذوُ الدِينِ قابِضٌ

على دِينِهِ ضَعْفاً كما يُقْبَضُ الجَمْرُ (2)

[100] وكَيْفَ وهذا الدِينُ يَزْهُرُ

رَوْضُهُ

ويَنْفَحُ مِنْ حافاتِ زاهِرِهِ النَشْرُ

وهذِي ثُغورُ المُسلمينَ مَنيعَةٌ (3)

بِكُلِّ رِباطٍ فيهِ يَبْتَسِمُ الثَغْرُ

وذي رايَةُ التَوْحيدِ يَخْفُقُ ظِلُّها

فَيَنْكَصُ رُعْباً دونَها الشِرْكُ والكُفْرُ (4)».

ص: 159


1- يَعْرو : يُصيبُ. المصباح المنير 2 / 406 مادّة «عرو».
2- إشارة لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : «يأتي على الناس زمانٌ الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفّه». مستدرك الوسائل 12 / 330 ح 2.
3- في شعراء الغري : «وها هم ملوك المسلمين وعدلهم».
4- في شعراء الغري : «حميداً ومن (عبد الحميد) لها نشر».

وها هُمْ مُلوكَ المُسلمينَ وعَدْلُهُم (1)

وذي عُلماءُ الأُمةِ الأنْجُمُ الزُهْرُ

فَدَعْ عَنْكَ وَهْماً تِهْتَ في ظُلُماتِهِ

(ولا يَرْتَضيهِ العبددُ كَلاّ ولا الحُرُّ)

[105] وإنْ شِئْتَ تَقْريبَ المَدى

فلَرُبّما

يَكِلُّ بِمَيْدانِ (2)

الجِيادِ بِكَ الفِكْرُ

فَمُذْ قادَنا هادي الدَليلِ بِما قَضى

بهِ العَقْلُ والنَقْلُ اليَقينانِ والذِكْرُ

إلى عِصْمَةِ الهادينَ آلِ محمّدٍ

وأنّهُمْ في عَصْرِهِم لَهُمُ الأمْرُ

وقَدْ جاءَ في الآثارِ عَنْ كُلِّ واحِدٍ

أحاديثُ يَعْيى عَنْ تَواتِرِها الحَصْرُ

تُعَرِّفُنا ابنَ العَسْكَريّ وأنهُ

هُوَ القائِمُ المَهديُّ والواتِرُ الوِتْرُ

[110] تَبِعْنا هُدى الهادي فأبْلَغَنا

المدى

بِنورِ الهُدى والحَمدُ للهِ والشُكْرُ

[من الطويل] ».

ص: 160


1- في شعراء الغري : «وهذا أمير المؤمنين وعدله».
2- في بعض المصادر : «بمضمارِ».

(1)

ومن شعره الرائع قصيدته في النفس (2) ، التي تحتوي على معاني فلسفية عالية ، عارض فيها عينية ابن سينا الحسين بن عبد الله (ت 428 ه) ، التي مطلعها :

هَبَطَتْ إلَيْكَ مِنَ المَحَلِّ الأرْفَعِ

عَنْقاءَ ذاتَ تَعَزُّزٍ وتَمَنُّعِ

فقال رحمه الله :

نَعِمَتْ بأنْ جَاءَتْ بِخَلْقِ المُبْدِعِ

ثُمَّ السَعادَةَ أنْ يَقولَ لَها : «ارْجِعي» (3)

خُلِقَتْ لأنْفَعِ غايَةِ يا لَيْتَها

تَبِعَتْ سَبيلَ الرُشْدِ نَحْوَ الأنْفَعِ

اللهُ سَوّاها وألْهَمَها (3)

فَهَلْ

تَنْحو السَبيلَ إلى المَحَلِّ الأرْفَعِ؟!

نعِمَتْ بِنَعْماءِ الوُجودِ ونودِيَتْ

هذا هُداكِ وما تَشائي فاصْنَعي8.

ص: 161


1- إشارة لقوله تعالى : (ونَفْسٍ وما سَوّاها * فَألْهَمَها فُجورَها وتَقْواها). سورة الشمس 91 : 7 - 8.
2- طُبعت كاملةً سنة 1343 ه- في المطبعة المرتضوية في النجف الأشرف ، ملحقةً ب- : العقود المفصّلة للعلاّمة البلاغي ، وأوردها كاملة السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 4 / 256 والأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 449 ، وذكر مطلعها فقط الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها 2 / 64 ، وأورد الأُستاذ الفكيكي خمسة أبيات منها في المقدّمة التي كتبها لكتاب الهدى إلى دين المصطفى.
3- إشارة لقوله تعالى : (يا أيَّتُها النَفْسُ المُطُمَئِنَّةُ * ارْجِعي إلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّة). سورة الفجر 89 : 27 - 28.

[5] وَدَعِي الهَوى المُرْدي (1)

لَئِلاّ تَهْبِطي

في الخُسْرِ ذاتَ تَوَجُّعٍ وتَفَجُّعِ

إنْ شِئْتِ فارْتَفِعي لأرْفَعِ ذُرْوَةٍ

وحَذارِ مِنْ دَرْكِ الحَضيضِ الأوْضَعِ

إنّ السَعادَةَ والغِنى أنْ تَقْنَعي

مَوْفورَةٌ لَكِ والشَقا أنْ تَطْمَعي

فَتَنَعَّمِي وتَزَوَّدي وتَهَذَّبي

وتَلَذَّذي وتَكَمَّلي وتَوَرَّعي

وبِبَهْجَةِ العِرْفانِ والعِلْمِ ابْهَجي

ولِنَزْعِ أطْمارِ (2)

الجَهالاتِ انْزِعي

[10] وخُذي هُداكِ فَتِلْكَ أعْلامُ

الهُدى

زُهْرٌ سَواطِعُ في الطَريقِ المَهْيَعِ (3)

وتَرَوَّحي بِشَذى الطَريقِ وأمِّلي

عُقْبى سُراكِ إلى الجَنابِ (4)

المُمْرِعِ (5)

نَجْدٍ وكُلُّ طَريقِها رَوْضٌ وفي ال-

-مسرى إليها بُلْغَةُ المُتمَتِّعِ».

ص: 162


1- المُرْدي : المُهْلِك. الصحاح 6 / 2355 مادّة «ردي».
2- الأطْمار ، جمع الطِمْر : وهو الثوب الخَلَق. الصحاح 2 / 726 مادّة «طمر».
3- طريق مَهْيَع : واضح واسع بيّن. لسان العرب 8 / 378 - 379 مادّة «هيع».
4- الجناب : الناحية. الصحاح 1 / 101 مادّة «جنب».
5- المُمْرِع : الخصيب. الصحاح 3 / 1283 مادّة «مرع».

وهُناكَ إدْراكُ المُنى وكَرامَةُ ال-

-مأوى لَدى الشَرَفِ الأعزِّ الأمْنعِ

هِيَ غادَةٌ بَرَزَتْ جَمالاً واخْتَفَتْ

لُطْفاً وزُفَّتْ في الوُجودِ بِبُرْقُعِ

[15] بَرَزَتْ مُحَجَّبَةً فَتاهَ ذَوُوا

الهَوى

في كُنْهِها وَصْفاً و «كُلٌّ يَدَّعي» (1)

قَرُبَتْ وباعَدَتْ الظُنونَ وإنْ تَكُنْ

ضَمَّتْ مَخائِلَها (2)

حَواني الأضْلُعِ (3)

أمُوَمِّلَ الإشراقِ في عِرفانِها

مَهْلاً فإنكَ في ظَلامٍ أسْفَعِ (4)

تَسْعى برَأْيِكَ نَحْوَها يا هَلْ تَرى

وَجَدَ الهُدى ساعٍ برَأْيِ مُضَيَّعِ؟!

أمْ أيْنَ مِنْ عِرْفانِها مُتَكَلِّفٌ

إنْ ناءَ بالآراءِ صيحَ بِهِ قَعِ

[20] سَلْ عَنْ حَقيقَتِها ومَعْناها

الذي

قَدْ زَفَّها مَحْجوبَةً لَكَ أوْ دَعِ».

ص: 163


1- إشارة لقول الشاعر : كُلٌّ يَدَّعي وَصْلاً بِلَيْلى ولَيْلى لا تُقِرُّ لَهُ بِذاكا
2- مخائلها : أي أوصفاها ؛ انظر : الصحاح 4 / 1692 مادّة «خيل».
3- حَواني الأضلع : أطول الأضلاع كلَّهن ، في كلّ جانب من الإنسان ضِلعان. لسان العرب 14 / 205 مادّة «حنا».
4- السُفْعَة : سَوادٌ مُشْربٌ حُمرةً. الصحاح 3 / 1230 مادّة «سفع».

كَمْ قائِلٍ فيها يَقولُ وسائِلٍ

وجَوابُهُ في (يَسْأَلونَكَ) (1)

إنْ يَعِ

[من الكامل]

(2)

وله في رثاء الإمام الحسين عليه السلام (3) :

يا تَريبَ الخَدِّ فِي رَمْضا (4) الطُفوفْ

لَيْتَني دونَكَ نَهْباً للسُيوفْ

يا نَصيرَ الدِينِ إذْ عَزَّ النَصيرْ

وحِمى الجارِ إذْ عَزَّ المُجيرْ

وشَديدَ البَأْسِ واليَوْمُ عَسيرْ

وثِمَال (4) الوَفْدِ في العامِ العَسوفْ (5)

كَيْفَ يا خامِسَ أصْحابِ الكِسا

وابنَ خَيْرِ المُرْسَلينَ المُصْطَفى ».

ص: 164


1- إشارة إلى قوله تعالى : (ويَسْأَلونَكَ عَنِ الرُوحِ قُلِ الرُوحُ مِنْ أمْرِ رَبّي وما أُوتيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلاّ قَليِلاً). سورة الإسراء 17 : 85.
2- الثِمالُ : الغِياثُ ؛ يقال : فلان ثِمالُ قومه : أي : غياث لهم يقوم بأمرهم. الصحاح 4 / 649 مادّة «ثمل».
3- أوردها كاملةً الأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 451 - 452.
4- الرَمَضْ : شدّة وقع الشمس على الرمل وغيره ، والأرض : رَمْضَاءُ. الصحاح 3 / 108 مادّة «رمض».
5- العَسوف : الظَلومُ. الصحاح 4 / 1403 مادّة «عسف».

وابنَ ساقي الحَوْضِ في يَوْمِ الضَّما

وشَفيعَ الخَلْقِ في اليومِ المَخُوفْ

يا صَريعاً ثاوِياً فَوْقَ الصَعيدْ

وخَضيبَ الشَيْبِ من فَيْضِ الوَريدْ

كَيْفَ تَقْضي بَيْنَ أجْنادِ يَزيد

ظامِياً تُسْقى بِكاساتِ الحُتوفْ

كَيْفَ تَقْضي ظامِياً حَوْلَ الفُراتْ

دامِياً تَنْهلُ مِنْكَ الماضِياتْ (1)

وعلى جِسْمِكَ تَجْري الصافِناتْ (2)

عافِرُ الجِسْمِ لَقىً بَيْنَ الصُفوفْ

يا مُريعَ المَوْتِ في يَوْمِ الطِعانْ

لا خَطا نَحْوَكَ بالرُمْحِ سِنانْ (3)

لا ولا شِمْرٌ (4) دَنا مِنْكَ فَكانْ5.

ص: 165


1- الماضيات : السيوف. القاموس المحيط 4 / 393 مادّة «مضى».
2- الصافِنُ من الخيل : القائمُ على ثلاثِ قوائم ، وقد أقامَ الرابعة على طرف الحافر. الصحاح 6 / 2152. مادّة «صفن».
3- سِنان بن أنس النخعي (ت 64 ه) لعنة الله عليه ؛ انظر : مستدركات علم الرجال 3 / 426.
4- شمر بن ذي الجَوْشَن ، واسمه : شرحبيل بن قرط الضبابي الكلابي ، أبو السابغة (ت 66 ه) لعنة الله عليه ؛ انظر : الأعلام 3 / 175.

ما أمارَ الأرْضَ (1) هَوْلاً بالرَجوفْ

سَيّدي أبْكيكَ للشَيْبِ الخَضيبْ

سَيّدي أبْكيكَ للوَجْهِ التَريبْ

سَيّدي أبْكيكَ للجِسْمِ السَليبْ

مِنْ حَشاً حَرّانَ (2) بالدَمْعِ الذَروفْ (3)

سَيّدي إنْ مَنَعوا عَنْكَ الفُراتْ

وسَقَوْا مِنْكَ ظِماءَ المُرْهَفاتْ (4)

فَسَنَسْقي كَرْبلا بالعَبْراتْ

وُكَّفاً (5) مِنْ عَلَق (6) ِ القَلْبِ الأسُوف (7) ْ

سَيّدي أبْكيكَ مَنْهوبَ الرِحالْ (8)

سَيّدي أبْكيكَ مَسْبِيَّ العِيالْ

بَيْنَ أعْداكَ على عُجْفِ الجِمالْ (9) ».

ص: 166


1- أمارَ : حرّك. الصحاح 2 / 820 مادّة «مور».
2- الحَرّانُ : العطشان. الصحاح 2 / 627 مادّة «حرر».
3- ذَرَفَ الدَمْعُ : سال. الصحاح 4 / 1361 مادّة «ذرف».
4- المُرْهَفات : السيوف. الصحاح 4 / 1367 مادّة «رهف».
5- وُكَّفاً ، جمع واكفة ، وهي : الدمعة السائلة. لسان العرب 9 / 362 مادّة «وكف».
6- العَلَق : الدم الغليظ. الصحاح 4 / 1529 مادّة «علق».
7- الأسُوفُ : السريع الحزن الرقيق. الصحاح 4 / 1330 مادّة «أسف».
8- الرَحْل : مسكن الرجُل وما يستصحبه من الأثاث. الصحاح 4 / 1706 مادّة «رحل».
9- عُجف الجمال : أي المهزولة ؛ انظر : الصحاح 4 / 1399 مادّة «عجف».

في الفيييافي (1) بَعْدَ هاتيكَ السُجوفْ (2)

سَيّدي إنْ نَقْضِ دَهْراً في بُكاكْ

ما قَضَيْنا البَعْضَ مِنْ فَرْضِ وِلاكْ

أوْ عَكَفْنا عُمرَنا حَوْلَ ثَراكْ

ما شَفى غلّتَنا ذاكَ العَكوفْ

لَهْفَ نَفْسي لنِساكَ المُعْوِلاتْ

واليَتامى إذْ غَدَتْ بَيْنَ الطُغاةْ

باكِياتٍ شاكِياتٍ صارِخاتْ

وُلَّهاً حَوْلَكَ تَسْعى وتَطوفْ

يا حِمانا! مَن لَنا بَعْدَ حِماكْ

ومَن المَفْزَعُ مِنْ أسْرِ عِداكْ

ولِمَن نَلجَأُ إنْ طالَ نَواكْ

ودَهَتْنا بِدَواهيها الصروفْ؟!

يا حِمانا! مَن لأيْتامٍ صِغارْ

ومَذاعِيرَ (3) تَعادى بالفَرارْ».

ص: 167


1- الفَيافي ، جمع فَيْفاء : وهي : الصحراء الملساء. الصحاح 4 / 1413 مادّة «فيف».
2- السُجوف ، جمع السَجْف ، وهو : السِتْرُ. الصحاح 4 / 1371 مادّة «سجف».
3- أي : مذعورة ، خائفة ، فزعة ؛ انظر : الصحاح 2 / 663 مادّة «ذعر».

راعَها المُزْعِجُ مِنْ سَلْبٍ ونارْ

حيثُ لا مَلْجأَ ولا حامٍ رَؤوُفْ

لَسْتُ أنْساها وقَدْ مالَتْ إلى

صَفْوَةِ الأنْصارِ صَرْعى في الفَلا

أشْرَقَتْ مِنْهُم مَحاني (1) كَرْبلا

كَشُموسٍ غالَها رَيْبُ الكُسوفْ

هاتِفاتٍ بِهِمُ مُسْتَصْرِخاتْ

باكياتٍ نادِباتٍ عاتِباتْ

صارِخاتٍ : أيْنَ عَنّا يا حُماة

ْ يا بُدورَ التَمِّ ما هذا الخُسوفْ؟!

يا رِجالَ البَأْسِ فِي يَوْمِ الكِفاحْ

يا لُيوثَ الحَرْبِ في غابِ الرِماحْ

كَيْفَ آذَنْتُمْ جَميعاً بالرَواحْ

ورَحَلْتُمْ رِحْلَةَ القَوْمِ الضُيوفْ؟!

ما لَكُمْ لا غالَكُمُ صَرْفُ الرَدى

لا ولا أرْدَتْكُمُ بِيِضُ الضبا (2) ».

ص: 168


1- المَحاني : معاطف الأودية ، أي : ارتفاع الأرض وانحناؤها ؛ انظر : الصحاح 6 / 2321 مادّة «حنا».
2- أي : السيوف ؛ انظر : أقرب الموارد 1 / 674 مادّة «ضبب».

أفَتَرْضَوْنَ لَنا ذُلَّ السِبا

وعناءَ الأسْرِ ما بَيْنَ الأُلوفْ؟!

[من الرمل]

(1)

وصلتْ للعلاّمة البلاغي مقطوعة شعرية من ابن عمّه الشيخ توفيق ابن الشيخ عباس البلاغي ، الذي كان يسكن مدينة صور في لبنان ، مطلعها :

سَلامُ اللهِ والأمْلاكِ وَقْفا

لمَوْلاي الجَوادِ يُزَّفُ زَفّا

فأجابه بقوله (2) :

إلَيْكِ تَحِيَّتي يا صُورُ وَقْفا

إذا انْتَشَقَتْ مِنَ «التَوْفيقِ» عَرْفا (3)

وحَياكِ الصَبا (4)

الساري نَديّاً

وباكَرَكِ الحَيا (5)

الوَسْميّ وَكْفا

وغادَرَ رَبْعَكِ المَأْنوسَ رَوْضاً

يَتيهُ بِزَهْرِهِ صِنْفاً فَصنْفا

يُحاكي نَوْرُهُ (5)

بِيضَ العَذارى

إذا داعَبْنَهُ شَمّاً وقَطفا

[5] فَفِيكِ عَلاقَتي (6)

وإلَيْكِ شَوْقي

ومِنْكِ لَواعِجُ المُشْتاقِ تُشْفى

ولِي في مَنْ عَلِقْتُ بِهِمْ كَريمٌ

سَقَتْني بَعْدَهُ الأيّامُ صَرْفا (7)».

ص: 169


1- نَوْرُ الشجرة : زهرُها. الصحاح 2 / 839 ، المصباح المنير 2 / 629 مادّة «نور».
2- ذكرها كاملةً السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 4 / 257 ، والأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 450 - 451.
3- العَرْف : الريح. الصحاح 4 / 1400 مادّة «عرف».
4- الصَبا : ريح ، ومهبّها المستوي أن تهبَّ من موضع مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار. الصحاح 6 / 2398 مادّة «صبا».
5- الحَيا : المطر. الصحاح 6 / 2324 مادّة «حيا».
6- العَلَق : الهوى. الصحاح 4 / 1529. مادّة «علق».
7- صَرْفُ الدهرِ : حَدَثانُهُ ونوائبُهُ. الصحاح 4 / 1385 مادّة «صرف».

إذا حُدِّثْتُ عَنْهُ أصَخْتُ سَمْعاً

ومَهْما مَثَّلوهُ مَدَدْتُ طَرْفا

يُمَثِّلُهُ الحَيا لِلعَيْنِ عَيْناً

ويُثْبِتُهُ الثَنا في القَلْبِ وَصْفا

وَصولٌ لِلمُحِبِّ ولَيْسَ يَجفو

على بُعْدِ الدِيارِ فَكَيْفَ يُجْفَى؟!

[10] فَلا الأشْواقُ بالسُلْوانِ تَخْبو

ولا بالوَصْلِ نارُ البُعْدِ تُطْفى

[من الوافر]

(6)

وله رحمه الله أبيات غزليّة (1) قال فيها :

مَدَّتْ إلى رملِ الحِمى أعْناقَها

طَلائِحُ قَدْ شاقَني ما شاقَها

تَزِفُّ زفّاتِ الظَليمِ نافِراً

حيثُ الغَرامٌ قادَها وساقَها

تَلْوي إلى نَسيمِهِ خَياشِماً (2)

مُعَلِّلاتٍ بالمُنى أحْداقَها (3)

هَمّي اخْتِلاسُ نَظْرَةٍ وهَمُّها

تَمْلأَُ مِنْ حَوْذانِهِ أشْداقَها (4)

[5] ويا بِنَفْسي مِنْ ظِباهُم طِفْلَةٌ

ما أنْكَرَتْ ناشِئَةً أطْواقَها

مَنْ لِظِمايَ مِنْ بُرُودِ ريقِها

بِرَشْفَةٍ قَدْ حَرَّمَتْ مَذاقها

وما سِوى المَحْسودِ مِنْ مِسْواكِها

حتّى الخَيالُ بالمُنى ما ذاقَها

[من الرجز] ».

ص: 170


1- ذكرها كاملةً السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 4 / 257 ، والأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 454 ، وذكر البيتين الأوليّين فقط الأُستاذ الفكيكي في مقدّمة كتاب الهدى إلى دين المصطفى 1 / 18.
2- الخَيْشوم : أقصى الأنف. الصحاح 5 / 1912 مادّة «خشم».
3- حَدَقَةُ العين : سوادها الأعظم. الصحاح 4 / 1456 مادّة «حدق».
4- الأشْداق ، جمع الشدْق ، وهو : جانب الفم. الصحاح 4 / 1500 مادّة «شدق».

(7)

وقال في رثاء العالم الكبير المجاهد السيّد محمّد سعيد الحبّوبي (1) (ت 1333 ه) :

شاقَكَ الرَكْبُ فَأسْرَعْتَ سِباقا

وتَرَكْتَ الصَبَّ يَلْتاعُ اشْتِياقا

وأرَحْتَ العيسَ في رَبْعِ الهَوى (2)

فَارْثِ للفانينَ إذْ أعْيَوْا لِحاقا

ووَصَلْتَ الحَبْلَ في جيرانِهِ

فَصِلْ المُدْنَفَ (3)

مَنْ أوْدى (4) فِراقا

ووَرَدْتَ المَنْهَلَ العَذْبِ الرِوَى

فاتَكَ مَنْ يَرِدُ الماءَ زُعاقا (5)

[5] واغْتَنَمْتَ الوَصْلَ في دارِ اللِقا

يا حَنانَيْكَ فَقُلْ هَل نَتَلاقى؟!

حَبَذا المَسْرى إلى رَبْعِ الهَوى

لَوْ لَمَحْنا مِنْ مَغانيهِ ائْتلاقا

أوْ لَهُ أحْرَمَتْ النَفْسُ هَوىً

فاسْتَطَعْنا نَحْوَ مَغْناهُ انْطلاقا

أوْ لَهُ سُقْنا الحَشا مُشْعَرَةً (6)

نُسُكاً تَهْفو لِواديهِ اشْتِياقا

يا رَعاكَ اللهُ بِشْراً هَلْ تَرى

يَسْتَطيعُ المُثْقَلُ العاني الْتِحاقا

[10] واهْدِنا رِفْقاً إلى نَهْجِ الحِمى

أوْ أفِدْنا مِنْ سَجاياكَ رفِاقا».

ص: 171


1- أوردها كاملةً الأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 452 - 454 ، وذكر الشيخ جعفر محبوبة البيتين الأوليّين في ماضي النجف وحاضرها 2 / 65 ، وذكر مطلعها فقط الأُستاذ الفكيكي في مقدّمته لكتاب الهدى إلى دين المصطفى 1 / 19.
2- رَبْعُ الهوى : دار ومحلّة الأحباب. ويريد بها هنا الجنّة. الصحاح 3 / 1211 مادّة «ربع».
3- المُدْنَف : المريض. الصحاح 4 / 1361 مادّة «دنف».
4- أودى : هلكَ. الصحاح 6 / 2521 مادّة «ودى».
5- الزُعاق : المُرّ. لسان العرب 10 / 141 مادّة «زعق».
6- أشْعَرَ الهَدْيَ : إذا طعنه في سَنامه الأيمن حتّى يسيل الدم منه ، ليُعلم أنّه هَدْيٌ. والمراد هنا : سُقنا الحَشا مُعَلَّمة. الصحاح 2 / 699 مادّة «شعر».

أوْ فأنْشِقْنا شَذى أعْلامِهِ

عَلَّنا نُهْدى اشْتِيافاً وانْتِشاقا

فَلَكُمْ ذَلّلْتُ في المَسْرى لَهُ

أنْفُساً شُمّاً تَعاصَتْ أنْ تُساقا

ولَكَمْ نَبَّهْتُ شَوْقاً للحِمى

من خَليٍّ راقِدٍ حتّى أفاقا

ولَكُم أحْبَبْتُ في تِذْكارِهِ

مِنْ قُلوبٍ كُنَّ قَدْ مُتْنَ نِفاقا

[15] إنْ تَكُنْ أغْلَيْتَ للحُسْنِ (1)

صَداقا

ولدارِ الهَوْنِ (2)

أرْخَصْتَ طَلاقا

فلَقَدْ أفْقَدْتَنا مِنْكَ حِمىً

يَمْنَعُ الضَيْمَ إذا ما الضَيْمُ حاقا (3)

ولَقَدْ أفَقَدْتَنا بَدْرَ هُدى ً

بَعْدَهُ قَد تَرَكَ الدُنْيا مُحاقا (4)

وإماماً بِهُداهُ اعْتَدَلَتْ

سُنَنُ الدِينِ انْتِظاماً واتِّساقا

يَفْتَحُ العِلْمُ لَهُ أبْوابَهُ

حَيْثُما جدت (5) على الناسِ

انْغِلاقا

[20] ومَناراً بِسَناهُ (6)

يَنْجَلي

غَيْهَبُ (7) الجَهْلِ

وإنْ مَدَّ رَواقا (8)

وغِياثاً تُفْرَجُ الغُمّى بهِ

إنْ دَهى الخَطْبُ ورَحْبُ الأرْضِ ضاقا

ورُدَيْنِيّاً (9) دِراكاً

طَعْنهُ

وحُساماً فَلَّلَ البِيْضَ الرِقاقا

وأخا حَرْبٍ إذا الداعي دَعا

باسْمها خَفَّ لِضَوْضاها اشْتِياقا».

ص: 172


1- كذا في المصدر ، ولعلّها : «الحُسنى» ، وهي الجنّة ، أي : بذلت في سبيل الوصول إلى الجنّة أغلى المهور.
2- أي : الدنيا.
3- حاقَ به الشيء يَحيقُ : أي أحاط به. الصحاح 4 / 1466 مادّة «حيق».
4- أي : ملتهبة محترقة ؛ انظر : الصحاح 4 / 1553 مادّة «محق».
5- كذا في المصدر ، ولعلّها : «جرّت».
6- السَنا : ضوء البرق. الصحاح 6 / 2383 مادّة «سنا».
7- الغَيْهَب : الظُلْمة. الصحاح 1 / 196 مادّة «غهب».
8- الرَوْق : القَرْنُ : وهو ثمانون سنة ، وقيل : ثلاثون سنة. الصحاح 4 / 1485 مادّة «روق» وج 6 / 2180 مادّة «قرن».
9- رمحٌ رُدَيْنيّ : منسوب إلى امرأة السمهريّ ، تُسمّى رُدَيْنَةً. الصحاح 5 / 2122 مادّة «ردن».

وهِزَبْراً (1) رابِطَ

الجَأْش لَدى ال-

-رَوْعِ يَقْتادُ المَحاضيرَ (2)

عِتاقا (3)

[25] وأخا بأسٍ قَدْ ارْتاحَ لَهُ ال-

-دِينِ ، والكُفْرُ بِهِ ضاقَ خِناقا

فانْتَدِبْ يا ناصرَ الإسْلامِ لا

سامَكَ البَيْنُ عَنِ النَصْرِ اعْتِياقا

فَجِهادُ الكُفْرِ يَدْعوكَ لَهُ

وطِرادُ الخَيْلِ يَهْواكَ اشْتِياقا

إنْ يَسِرْ نَعْشُكَ في الناسِ وَهُمْ

حَوْلَهُ جَرْحى قُلوباً وَمآقا (4)

يُنزِفُونَ الدَمْعَ عَنْ ذَوْبِ حَشَاً

صَعَّدَتْها ذُرْوَةُ البَيْنِ احتِراقا

[30] فَلَقَدْ سِرْتَ لأسمى غايَةٍ

تَنْفُذُ السببْعَ السَماواتِ اخْتِراقا

عارِجاً لِلمَلإ الأعْلى ومِنْ

سَعْيِكَ المَشْكورِ أعْدَدَتَ بُراقا (5)

ما مُقامُ المَرْءِ في الدُنْيا وهَلْ

هِيَ إلاّ مَذْقَةٌ (6)

مَرَّتْ مَذاقا (7)

ما هَنَتْ وِرْداً ولكنّا بِها

نَجْرَعُ الصابَ (8)

اصْطِباحاً واغْتِباقا (9)

عُمُرٌ يَقْضي شَقاءً وعَنىً

ونُقَضّيهِ اجتماعاً وافْتِراقا

[35] في قُلوبٍ كَمْ دَهاها ما دَهى

بالأسى تُقْطَعُ وَجْداً واحْتِراقا

وعُيونٍ لَمْ تَزَلْ فاقِدَةً

قَصَباً جَدَّتْ على البَيْنِ اتّفاقا».

ص: 173


1- الهِزَبْر : الأسد. الصحاح 2 / 854 مادّة «هزبر».
2- المَحاضير ، جمع مِحْضير : وهو فرس كثير العَدْو. الصحاح 2 / 632 مادّة «حضر».
3- العِتاق ، جمع عَتيق : وهو : الفرس الرائع الكريم. الصحاح 4 / 1521 مادّة «عتق».
4- مُؤْقُ العين : طرفها ممّا يلي الأنف. الصحاح 3 / 1553 مادّة «مأق».
5- البُراق : اسم دابّةٍ ركبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلةَ المعراج. الصحاح 4 / 1448 مادّة «برق».
6- المَذْقَة : الشربة من اللبن المَمْذُوق ، أي : الممزوج بالماء. لسان العرب 10 / 339 - 340 مادّة «مذق».
7- أي : أصبح طعمه مُرّاً.
8- الصاب : عصارة شجر مُرّ. الصحاح 1 / 166 مادّة «صوب».
9- الغَبوق : الشُربُ بالعشيّ. الصحاح 4 / 1535 مادّة «غبق».

كَمْ جَنى البَيْنُ عَلَيْها ما جَنى

وأراقَ البَيْنُ مِنْها ما أراقا

حَسْبِيَ اللهُ وحَسْبِيَ لِلعَزا

سادَةٌ في المَجْدِ قَدْ فاقوا خَلاقا

عَقَدَ الفَضْلُ على تَقْديمِهِم

بَيْنَ أهْلِ الفَضْلِ إذْ فاقوا وِفاقا

[40] (الحسينُ) النَدْبُ و (الهادي) الفَتى

و (عليُّ) (1) القَدْرِ

جَمْعاً واتِّساقا

سادَتي والصَبْرُ مِنْ عادَتِكُم

فاسْتَطيعوهُ وإنْ مرَّ مَذاقا

[من الرمل]

(8)

وله مُقرِّضاً كتاب العَتْبُ الجَميلُ على أهْلِ الجَرْحِ والتَعْديل (2) للسيّد محمّد بن عقيل العلوي الحسيني الحضرمي (ت 1350 ه) ، مؤلّف كتاب النصائح الكافية لمَن تولّى معاوية :

يا قارِئَ العَتْبِ

الجَميل

ِقُلْ هَلْ لِعُذْرٍ مِنْ سَبيلِ

عَتْبٌ جَميلٌ آيةٌ

تُنْبيكَ عنْ شَأْنِ النُزولِ

وتُريكَ ما فَعَلَ الهَوى

في المَيْلِ عَنْ آلِ الرَسولِ

عِدْلُ الكِتابِ (3)

مَدى المدى

سُفُنُ النَجاةِ هُدى السَبيلِ2.

ص: 174


1- حسين وهادي وعلي أولاد السيّد محمّد سعيد الحبوبي ؛ انظر : نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) 2 / 833.
2- أوردها كاملةً السيّد محسن الأمين (ت 1317 ه) في أعيان الشيعة 4 / 256 ، والأُستاذ علي الخاقاني في شعراء الغري 2 / 456.
3- إشارة للحديث المتواتر عند المسلمين كافّة في قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكّتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً». انظر : صحيح البخاري 4 / 1873 ، سُنن الترمذي 5 / 662 ح 3786 ، مسند أحمد بن حنبل 3 / 14 ، سُنن الدارمي 2 / 432.

[5] حتى كَأَنّ وِلاءَنا

لَهُمُ مِنَ الوِزْرِ الثَقيلِ

يا وارِثَ الشرَفِ القَدي-

-مِ ويا فَتى المَجْدِ الأثيلِ (1)

أحْسَنْتَ بالعَتْبِ

الجَمي-

-لِ

وقَوْلَةِ الفَصْلِ الجَليلِ

وفَتَحْتَ في أبْوابِهِ

بابَ الهُدى لِذَوِي العُقولِ

ونَظَمْتَ في إعْجازِهِ

دُرَرَ الدِلالَةِ والدَليلِ

[10] فَلْتَهْنَ بالأجْرِ العَظي-

مِ وواجِبِ الشُكْرِ الجَزيلِ

وفَضائِلٌ لَكَ في العُلى

والعِلْمِ والباعِ الطَويلِ

فاسْلَمْ ودُمْ مُتَمَتِّعاً

بالفَضْلِ والشَرَفِ الأصيلِ

عَلَمُ الهُدى غَيْثُ النَدى

غَوْثُ العُفاةِ (2)

حِمى النَزيلِ

أُهْدي سَلاماً دائِماً

لَكَ في الغَداةِ وفي الأصيلِ (3)

[15] ولِقَوْمِكَ الغُرِّ الهُداةِ

بنيِ عَليٍّ والبَتولِ

[من الكامل المرفّل]

(9)

ومن شعر العلاّمة البلاغي : قصيدته (4) التي بعثها للسيّد محسن الأمين بعد ارتحاله من مدينة النجف الأشرف واستقراره في دمشق سنة 1319 ه- ، إذ يقول فيها : 6.

ص: 175


1- الأثيل : الأصيل. الصحاح 4 / 1620 مادّة «أثل».
2- العُفَاة : طُلاّب المعروف. الصحاح 6 / 2433 مادّة «عفا».
3- الأصيل : الوقتُ بعد العصر إلى المغرب. الصحاح 4 / 1623 مادّة «أصل».
4- ذكرها كاملةً السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 4 / 257 ، والأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 455 - 456.

دَعا عَبْرَتي لِلنَوى تَسْتَهِلْ

فَما قَدْرُ قَلْبي وما يَحْتَمِلْ

دَعاني وشَأْني ولا تَجْمَعا

على القَلْبِ داءَ النَوى والعَذَلْ (1)

سَألْتُكما أنْ تَكُفّا المَلامَ

فَقَدْ نالَ مِنّي الهَوى ما سَألْ

تَنَكَّرَ لي وَجْهٌ غادي الٌصباحِ

وأوْحَشْنَنِي رائِحاتُ الأُصُلْ (2)

[5] وحالَ بِعَيْني زَمانُ الفِراقِ

فَسَيّانَ عِنْدي الضُحى والطَفَلْ (3)

وطالَتْ علَيَّ لَيالي الهُمومِ

وإنْ كانَ عَهْدُ النوى لَمْ يَطُلْ

فآهٍ على زَمَنٍ قَدْ مَضى

ووَيْلاي لِلزَمَنِ المُقْتَبلْ

يَميناً بِمَهْبِطِ وَفْدِ الحَجيجِ (4)

ومَطْرَحِ جَنْبِ الطِلاحِ البُزُلْ (5)

وبَيْتٍ (6) أطافَ بهِ

المُحْرِمونَ

وطافَ بهِ الناسِكُ المُبْتَهِلْ

[10] ومُسْتَلَمِ (7)

النَفَرِ الطائِفينَ

ومَهْوى الشِفاهِ بهِ لِلقُبَلْ

لَئِنْ حالَ بُعْدُ المَدى بَيْنَنا

وشَطَّتْ دِيارٌ وأعْيَتْ حِيَلْ

فَلَسْتُ بِسالٍ هَوى الظاعِنينَ

ولَسْتُ بِناسِي اللَيالي الأُوَلْ

وعَنْ ذِكْرِهِم أبَداً لا أميلُ

ومِنْ ذِكْرِهِم أبَداً لا أمِلّْد.

ص: 176


1- العَذْل : الملامة. الصحاح 5 / 1762 مادّة «عذل».
2- الأُصُلُ : جمع الأصيل : وهو الوقت بعد العصر إلى المغرب. الصحاح 4 / 1623 مادّة «أصل».
3- الطَفَلُ : بعدَ العصر. الصحاح 5 / 1751 مادّة «طفل».
4- أي : مكّة المكرّمة.
5- الطِلاح ، جمع الطَلْحَة ، وهي : الإبل التي ترعى الطَلْح ، وهو شجر العظاة. الصحاح 1 / 387 مادّة «طلح». والبَزَل : البعير الذي انْشقَّ نابه ، ويكون ذلك في السنة التاسعة من عمره. الصحاح 4 / 1633 مادّة «بزل». والمراد هنا : أرض منى.
6- أي : الكعبة الشريفة.
7- أي : الحجر الأسْود.

فللّهِ وَقْفَتُنا لِلوَداعِ

وقدْ غَرِقَتْ بِالدُموعِ المُقَلْ (1)

[15] أسِّرُ بِصَدْري نَفْثَ الزَفير

ِويَفْضَحُني المَدْمَعُ المُنْهَمِلْ

وللهِ يَوْمٌ حَدَوْا بالرِكابِ

ورَكْبُ الأحِبَّةِ عَنّي اسْتَقَلْ

وساروا كما شاءَ حادي النَوى

وآبَتْ كما شاءَ داعي العِلَلْ

وضَاقَتْ علييَّ لِهَمّي الرِحابُ

وسُدَّتْ عليلَيَّ لِوجَدْي السُبُلْ

فَكَمْ تَرَكٌٌوا عِلّةً لا تَبوخُ (2)

ونارَ جَوىً في الحَشى تَشْتَعِلْ

[20] أأحبابَنا هَلْ لِعَهْدِ الوِصالِ

مَعَادٌ وهَلْ لِلتَداني أجَلْ؟!

أُعَلِّلُ نَفْسي بتَسْويفِها (3)

كما عَلَّلَ الآلُ (4)

هِيمَ الإبِلْ (5)

وهَيْهاتَ يَبْرَدُ وَجْدُ المَشوقِ

بِوَعْدِ الأماني وطولِ الأمَلْ

فَيا موجِفاً ذَلِّلْ اليَعْمَلاتِ (6)

طِلاحاً (7) تَلِفُّ

الرُبى بالسَهَلْ

تَزِفُّ زَفيفَ الظَلِيمِ المُثارِ

وتَهْدي القَطا (8) في المَتاهِ

المُضِلّ

[25] فَما عَرَفَتْ مِثْلَ شَدِّ

الرِحالِ

وما أنْكَرَتْ مِثْلَ شَدِّ العُقُلْ (9)».

ص: 177


1- المُقَل ، جمع المُقْلَة ، وهي : شحمة العين التي تجمع البياض والسواد. الصحاح 5 / 1820 مادّة «مقل».
2- أي : لا تَسكن ولا تَفتر. الصحاح 1 / 419 مادّة «بوخ».
3- التَسْويف : المَطْل. الصحاح 4 / 1378 مادّة «سوف».
4- الآل : السراب. الصحاح 4 / 1627 مادّة «أول».
5- هيم الإبل : العطاش. الصحاح 5 / 2063 مادّة «هيم».
6- اليَعْمَلات ، جمع اليَعْمَلَةُ ، وهي : الناقة النجيبة المطبوعة على العمل. الصحاح 5 / 1775 مادّة «عمل».
7- الطِلْح : المُعْيى من الإبل. الصحاح 1 / 388 مادّة «طلح».
8- القَطا ، جمع قَطاةٍ : ضربٌ من الحَمام ، وهو أهدى الطير. الصحاح 6 / 2464 ، المصباح المنير 2 / 510 مادّة «قطا».
9- عَقَلْتُ البعيَر أعْقِلُهُ عَقْلاً : وهو أن تَثْنيَ وظيفَهُ مع ذراعه فتشدّهما جميعاً في وسط الذراع. الصحاح 5 / 1771 مادّة «عقل».

إذا قَطَعَتْ بِكَ فَجَّ العِراقِ

نَواجيَ (1) كالبارِقِ

المُسْتَهَلْ

وأرْعَيْتَها مِنْ رِياضِ الشَآمِ (2)

مَنابِتَ حَوْذانِها (3)

والنَفَلْ (4)

فَبَلِّغْ أحِبَّتَنا النازِلينَ

بها جَهْدَ ما بَلَّغَتْهُ الرُسُلْ

تَحيَّةَ ذي غُلةٍ لَمْ تُبَلْ

بِوَصْلٍ وذي عِلَّةٍ ما أُبَلّْ (5)

[من المتقارب]

(10)

ومن شعره قصيدة - من البسيط - في ثامن شوّال سنة 1343 ه- (6) ، وهو اليوم الذي هدم الوهّابيّون فيه قبور أئمّة الهدى الأطهار عليهم السلام في البقيع ، ومطلعها :

دَهاكَ ثامِنُ شَوّالٍ بِما دَهَما

فَحَقَّ لِلْعَيْنِ إهْمالُ الدُموعِ دَما

ومنها قوله :

يَوْمَ البقيعِ لَقَدْ جَلَّتْ مُصيبَتُهُ

وشارَكَتْ في شَجاها كَرْبَلا عِظَما8.

ص: 178


1- أي : النوق المسرعات ؛ انظر : الصحاح 1 / 342 مادّة «نأج».
2- أي : سوريا.
3- الحَوْذان : نبتٌ نَوْرُهُ أصفر. الصحاح 2 / 563 مادّة «حوذ».
4- النَفَل : نوع من النبات. الصحاح 5 / 1833 مادّة «نفل».
5- أي : برئ من مرضه.
6- لم نعثر من هذه القصيدة إلاّ على هذين البيتين ، ذكرهما السيّد الأمين في أعيان الشيعة 4 / 257 ، والأُستاذ الفكيكي (ت 1969 م) في مقدّمته لكتاب الهدى إلى دين المصطفى 1 / 18.

(11)

وله قصيدة (1) في الإمام الحجّة المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - يقول فيها :

رُوَيْدَكُما أيُّها الباكِيانِ

فَما أنْتُما أوَّلُ الوالِهينا (2)

فَكَمْ لِنَواهُ (3)

جَرَتْ عَبْرَةٌ

تَقِلُّ لَها أدْمُعُ العالَمينا

جَرَتْ وَلَهاً قَبْلَ يَومِ الفِراقِ

ولَمْ تَرْحَل العِيسُ (4)

بالمُزْمِعينا (5)

فَلا نَهْنَهَ (6) الوَجْدُ

فَيْضَ الدُموعِ

وقَدْ شَطَّتْ الدارُ (7)

بالظاعِنينا (8)

[5] وبانَ وأوْدَعَنا

حَسْرَةً

ومِنْ لَوْعَةِ البَيْنِ داءً دَفينا

أطالَ نَواهُ ومِنْ نَأْيِهِ

رُزِينا بِما يَسْتَخِفُّ الرَزينا

نُقَضّي اللَيالي انْتِظاراً لَهُ

فيا حَسْرَتا! ونُقَضي السِنينا

نُطيلُ الحَنينَ بتَذْكارِهِ

ويا بَرَماً أنْ نُطيلَ الحَنينا

فَما لَقِيَتْ فاقِداتُ الحَمامِ

مِنَ الوَجْدِ في نَوْحِها ما لَقينا

[من المتقارب] ».

ص: 179


1- ذكرها الأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 457.
2- الوَلَهُ : ذهاب العقل والتحيُّرُ من شدّة الوجد. الصحاح 6 / 2256 مادّة «وله».
3- النَوى : البُعْد والفِراق. الصحاح 6 / 2499 مادّة «نأى».
4- العِيس : الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة. الصحاح 3 / 954 مادّة «عيس».
5- أي : الّذين عَزموا على الرحيل ؛ انظر : الصحاح 3 / 1225 مادّة «زمع».
6- نَهْنَهْتُ الرجل عن الشيء فتنهنه ، أي : كَفَفْتُهُ وزجرتُه فكَفَّ. الصحاح 6 / 2254 مادّة «نهه».
7- شَطَّتِ الدار : بَعُدَتْ. الصحاح 3 / 1137 مادّة «شطط».
8- أي : السائرين. الصحاح 6 / 2159 مادّة «ظعن».

(12)

وله أبيات (1) قالها على لسان السيّد مهدي ابن السيّد محسن بحر العلوم يُبشّر العلاّمة الشيخ عبد الحسين الجواهري بولادة ولده عبد العزيز ، وكان السيّد مهدي أليفُ وداد الشيخ الجواهري وخدينه ، وكان الوالد في بلد الكاظمين وقد بشّره السيّد ببرقيّة قال فيها :

سَرى الهَنا فَصَبا (2)

قَلْبي لرَيّاهُ

وحَلَّ في كُلِّ قَلْبٍ يَوْمَ مَسْراهُ

يَطْوي التَنايِفَ (3)

وابْنُ البَرْقِ (4) يَنْشُرُهُ

حتى أزارَ صَدى البُشْرى لِزَوْراهُ (5)

جَرى وقَدْ أطْلَقَ (المَهْديْ) العِنانَ لَهُ

جَرْيَ المُجِدِّ فبِاسْمِ اللهِ مَجْراهُ

أذاعَهُ مِنْهُ تَحريكُ السُرورِ لَهُ

سِرّاً على اليُمْنِ في أحْشاهُ أجْراهُ

[5] بُشْراكَ يا جَوْهَرَ المَجدِ

الصُراحِ ويا

مُبينَ غَيْبٍ خَفى مَهْما تَحَرّاهُ

بِمُنْجَبٍ تُشْرِقُ الدُنيا بِبَهْجَتِهِ

ويَشْكُرُ المَجْدُ أُولاهُ وأُخْراهُد.

ص: 180


1- ذكرها الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها 2 / 65.
2- الصِبا : الشوق. الصحاح 6 / 2398 مادّة «صبا».
3- التَنَايِف ، جمع التَنُوفة : وهي المَفازة. الصحاح 4 / 1333 مادّة «تنف».
4- أي : البرقيّة التي أرسلها السيّد مهدي بحر العلوم.
5- أي : بغداد.

هَنّاكَ فُزْ بابتدا بُشْرى مؤرَّخَةٍ

(في مَوْلِدٍ يَهْتِفُ اليُمْنُ ببُشْراهُ)

= 1316 ه-

[من البسيط]

(13)

وله في ذكرى مولد الإمام الحسين عليه السلام في الثالث من شعبان قوله (1) :

شَعبانُ كَمْ نَعِمتْ عَيْنُ الهُدى فيهِ

لَوْلا المُحَرَّمُ يَأتي في دَواهيهِ

وأشْرَقَ الدِينُ مِنْ أنْوارِ ثالِثِهِ

لَوْلا تَغَشّاه عاشوُرٌ بِداجيهِ

وارْتاحَ بالسِبْطِ قَلْبُ المُصْطَفى فَرَحاً

لَوْ لَمْ يَرُعْهُ بِذكْرِ الطَفِّ ناعيهِ

رآهُ خَيْرَ وَليدٍ يُسْتَجارُ بهِ

وخيْرَ مُسْتَشْهَدٍ في الدِينِ يَحْميهِ

[5] قَرَّتْ بهِ عَيْنُ خَيْرِ الرُسْلِ

ثمّ بَكَتْ

فَهلْ نُهَنّيهِ فيهِ أمْ نُعَزّيهِ

إنْ تَبْتَهِجْ فاطِمٌ في يومِ مَوْلِدِهِ

فَلَيْلَةُ الطَفِّ أمْسَتْ مِنْ بَواكيهِ7.

ص: 181


1- أوردها السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 4 / 256 ، والأُستاذ الخاقاني في شعراء الغري 2 / 457.

أوْ يَنْتَعِشْ قَلْبُها مِنْ نورِ طَلْعَتِهِ

فَقَدْ أُدِيلَ (1) بِقاني

الدَمْعِ جاريهِ

فَقَلْبُها لَم تَطُلْ فيهِ مَسَرَّتُهُ

حَتّى تَنازَعَ تَبْريحُ الجَوى (2)

فيهِ

بُشْرى أبا حَسَنٍ في يَومِ مَوْلِدهِ

ويَوْمَ أرْعَبَ قَلْبَ المَوتِ ماضيهِ

[10] ويَوْمَ دارَتْ عَلى حَرْبٍ

دَوائِرُهُ

لَوْلا القَضاءُ وما أوْحاهُ داعيهِ

ويَوْم أضْرَمَ جَوَّ الطَفِّ نارَ وَغىً

لَو لَم يَخِرُّ صَريعاً في مَحانيهِ

يا شَمْسَ أوجِ العُلى ما خِلْتُ عَنْ كَثَبٍ

تُمْسي وأنْتَ عَفيرَ الجِسْمِ ثاويهِ

فَيالِجسمٍ عَلى صَدْرِ النَبِيّ رُبي (3)

تَوَزَّعَتْهُ المَواضي (4)

مِنْ أعاديهِ

وَيالِرَأسٍ جَلالُ اللهِ تَوَّجَهُ

بهِ يَنوءُ مِنَ المَيّادِ (5)

عاليهِ

[15] وَصَدْرِ قُدْسٍ حَوى أسْرارَ

بارئِهِ

يَكونُ لِلرِجْسِ شِمْرٍ مِنْ مَراقيهِ».

ص: 182


1- أُديلَ : أي أُبدلَ ؛ انظر : الصحاح 4 / 1700 مادّة «دول».
2- الجَوى : الحُرقةُ وشدّة الوجد من الحزن. الصحاح 6 / 2306 مادّة «جوا».
3- كذا ، ولعلّ الصواب : «رقى».
4- المَواضي : السيوف. القاموس المحيط 4 / 393 مادّة «مضى».
5- الميّاد : الرمح ؛ انظر : لسان العرب 3 / 142 مادّة «ميد».

ومَنْحَرٍ كانَ لِلهادي مُقَبَّلَهُ

أضْحى يُقَبِّلُهُ شِمْرٌ بِماضيهِ

يا ثائِراً للهُدى والدِينِ مُنْتَصِراً

أمْسَتْ أُمَيةُ نالَتْ ثَأْرَها فيهِ

أنَّى وشَيْخُكَ ساقي الحَوض حَيْدَرَةٌ

تَقضي وأنْتَ لَهِيفُ القَلْبِ ظاميهِ

ويا إماماً لَهُ الدِينُ الحَنِيفُ لَجا

لَوْذاً فَقُمْتَ - فَدَتْكَ النَفْسُ - تَفْديهِ

[20] أعْظِمْ بِيَوْمِكَ هذا في

مَسَرَّتِهِ

ويَوْمِ عاشُورَ في ما نالَكُمْ فيهِ

يا مَنْ بِهِ تَفْخَرُ السَبْعُ العُلى ولَهُ

إمامَةُ الحَقِّ مِن إحْدى مَعاليهِ

أعْظِمْ بِمَثْواكَ في وادي الطُفوفِ عُلاً

يا حَبَّذا ذلِكَ المَثْوى وواديهِ

لَهُ حَنيني ومِنْهُ لَوْعَتي وإلى

مَغناهُ شَوْقي وأعْلاقُ الهَوى فيهِ

[من البسيط]

(14)

وله وقد أرسل من سامراء إلى بعض أصدقائه من السادات قوله (1) : 8.

ص: 183


1- أورد هذه الأبيات الأُستاذ علي الخاقاني في شعراء الغري : 2 / 458.

صَبُّ (1) تُعلِّلُهُ

زُوراً أمَانيِهِ

بِذِكْرِ أَيَامِكُمْ طابَتْ لَيالِيهِ

إذا يَهِشُّ إلى الإصْباحِ عاوَدَهُ

لَيلٌ مِنَ الهَمِّ تَغْشَاهُ غَواشِيهِ

ومنها :

زارَ السَحابُ رُبوعاً (2)

كُنتُ آلَفُها

مِنَ الغَريّ وحَيَّتْهُ عَزاليهِ (3)

ورَوَّضَتْهُ الغَوادِي (4)

المُزن (5) واعْتَلَجَتْ (6)

مُفَوَّفاتُ (7) رُباهُ (8)

من أقاحيهِ (9)

لَهُ حَنيني ومِنْهُ لَوْعَتي وإلى

مَغْناهُ شَوْقي وأعْلاقُ (10)

الهَوى فيهِ

[من البسيط]

* * * ».

ص: 184


1- صَبُّ : عاشق مشتاق. الصحاح 1 / 160 مادّة «صبب».
2- الرُبوع ، جمع الرَبْع : وهي الدار والمحلّة. الصحاح 3 / 1211 مادّة «ربع».
3- العَزالي ، جمع عَزْلاء : وهي فمُ المزادة : أي القربة. الصحاح 5 / 1763 مادّة «عزل».
4- الغَوادي ، جمع الغادِيَة : وهي سحابة تنشأ صباحاً. الصحاح 6 / 2444 مادّة «غدا».
5- المُزْن ، جمع المُزْنَة : وهي السحابة البيضاء. الصحاح 6 / 2203 مادّة «مزن».
6- اعتَلَجَت : تموّجت. الصحاح 1 / 330 مادّة «علج».
7- المفوّفات : الورود المختلفة الألوان ؛ انظر : الصحاح 4 / 1412 مادّة «فوت».
8- الرُبى ، جمع رابية : وهي ما ارتفع من الأرض ، وهي جيّدة النبات. الصحاح 6 / 2349 مادّة «ربا».
9- الأقاحي ، جمع الأُقْحُوان : وهو نبت طيّب الريح ، حواليه ورق أبيض ، ووسطه أصفر. الصحاح 6 / 2459 مادّة «قحا».
10- الأعْلاق ، جمع العِلْق : هو النفيس من كلّ شيء. الصحاح 4 / 1530 مادّة «علق».

المصادر

1 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي (ت 1396 ه) ، دار العلم للملايين - بيروت / 1992 م.

2 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين العاملي (ت 1371 ه) ، دار التعارف - بيروت / 1417 ه.

3 - أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد ، لسعيد الخوري الشرتوني ، مكتبة السيّد المرعشي النجفي - قم / 1403 ه.

4 - ديوان الجعفري ، لصالعبّالمعصيةيم بن كاشف الشيعة 1397 ه) ، وزارة الثقافة والإعلام - بغداد / 1985 م.

5 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آقا بزرگ الطهراني ، دار الأضواء - بيروت / 1406 ه.

6 - سُنن الترمذي ، لمحمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 ه) ، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

7 - سُنن الدارمي ، لعبد الله بن بهرام الدارمي (ت 255 ه) ، دار الفكر - بيروت / 1414 ه.

8 - السيرة الحلبيّة ، لعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي (ت 1044 ه) ، دار المعرفة - بيروت.

9 - شعراء الغري (النجفيات) ، للأُستاذ علي الخاقاني ، مكتبة السيّد المرعشي النجفي - قم / 1408 ه.

10 - الصحاح ، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري ، دار العلم للملايين - بيروت / 1404 ه.

11 - صحيح البخاري ، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 ه) ، دار ابن كثير - اليمامة / 1414 ه.

12 - الطبقات الكبرى ، لعبد الوهّاب بن أحمد الأنصاري الشافعي الشعراني (ت 973 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت.

ص: 185

13 - العقود المفصّلة ، للعلاّمة البلاغي (ت 1352 ه) ، المطبعة المرتضوية - النجف الأشرف / 1343 ه.

14 - القاموس المحيط ، لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه) ، دار الجيل - بيروت.

15 - الكامل في التاريخ ، لعلي بن محمّد ، المعروف ب- : ابن الأثير (ت 630 ه) ، دار صادر - بيروت.

16 - لسان العرب ، لابن منظور محمّد بن مكرّم المصري (ت 711 ه) ، أدب الحوزة - قم / 1405 ه.

17 - ماضي النجف وحاضرها ، للشيخ جعفر باقر آل محبوبة ، دار الأضواء - بيروت / 1406 ه.

18 - مستدركات علم الرجال ، للشيخ علي النمازي الشاهرودي ، طهران / 1414 ه.

19 - مستدرك الوسائل ، لميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1407 ه.

20 - مسند أحمد بن حنبل ، لأبي عبدالله الشيباني (ت 240 ه) ، دار الفكر - بيروت.

21 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ، لأحمد بن محمّد الفيّومي (ت 770 ه) ، دار الهجرة - قم / 1405 ه.

22 - معارف الرجال ، للشيخ محمّد حرز الدين (ت 1365 ه) ، مكتبة السيّد المرعشي النجفي - قم / 1405 ه.

23 - معالم التنزيل ، للحسين بن مسعود البغوي ، دار المعرفة - بيروت / 1407 ه.

24 - مقدّمة الهدى إلى دين المصطفى ، للأُستاذ توفيق الفكيكي (ت 1387 ه) ، مؤسسة الأعلمي - بيروت / 1405 ه.

25 - نسمات الهدى ونفحات المَهديّ ، للعلاّمة البلاغي (ت 1352 ه) ، مطبوع في نشرة «تراثنا» العدد 65 لسنة 1422 ه.

26 - نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) ، لآقا بزرك الطهراني (ت 1389 ه) ، المطبعة العلمية ، النجف الأشرف / 1373 ه.

ص: 186

27 - وسيلة المعاد في مناقب شيخنا الأُستاذ ، لآية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي (ت 1411 ه) ، المطبوعة في مقدّمة الترجمة الفارسية لكتاب «الرحلة المدرسية» ، مؤسسة نصر - قم / 1383 ه.

28 - اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر ، لعبد الوهّاب بن أحمد الأنصاري الشافعي الشعراني (ت 973 ه) ، دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي - بيروت / 1418 ه.

* * *

ص: 187

دليل المخطوطات (13) - مكتبة الميبدي

مخطوطات مكتبة الميبدي

(مشهد - إيران)

السيّد أحمد الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الأخ العلاّمة السيّد ناصر الحسيني الميبدي من أُسرة علمية معروفة في إيران ، يقيم في المشهد الرضوي وله اشتغال بالتأليف والتصنيف ، يمتلك مكتبة فيها نحو عشرة آلاف مطبوع ونسخ مخطوطة نأتي على وصفها في ما يلي :

ص: 188

(1)

آداب

التجارة

(فقه - فارسي)

تأليف : المولى محمّد باقر بن محمّد أكمل الوحيد البهبهاني (1206).

* 24 ، النسخة المطبوعة على الحجر بخطّ ملاّ محمّد

تقي ابن ملاّ محمّد أمين الشيرازي في بمباي سنة 1299 ، عليها تعاليق مخطوطة

للحاجّ ميرزا حسين الخليلي الطهراني.

(2)

آداب

زيارة الإمام الرضا عليه السلام

(زيارة - فارسي)

تأليف : الشيخ حسين بن يوسف الهروي المشهدي (بعد 1342).

في آداب وكيفية زيارة الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، منقولة من الكتب المعتبرة - على حدّ تعبير المؤلّف ، مقدّم إلى مقرّب السلطنة ، كتبه لئلاّ يخطأ الزائرون في قراءة الزيارة. أُضيفت بأوّله أحكام الصلاة مختصراً وتعقيبات الصلوات وبعض الأدعية ، والظاهر أنّه لم يؤلَّف من الكتاب إلاّ المقدار الموجود في هذه النسخة ؛ إذ عزل مقرّب السلطنة عن منصبه ولم يستمرّ المؤلّف في العمل لإتمام الكتاب.

أوّله : «الحمد لله راحم عبرات المتضرعين ، ورافع درجات المخلصين .. وبعد ، فيقول المتمسّك بولاء أهل بيت نبيّه المفتقر إلى شفاعتهم».

* 45 ، بخطّ المؤلّف ، سنة 1342 في المشهد الرضوي ،

ص: 189

كتب بخطّ جيّد لمقرّب السلطنة ، ومترجم إلى

الفارسية بين السطور.

(3)

أبواب

الجنان

(أخلاق - فارسي)

تأليف : ميرزا رفيع الدين محمّد بن فتح الله الواعظ القزويني (1098).

المجلّد الأوّل من الكتاب.

* 21 ، محمّد باقر عرب العامري ، يوم السبت 14 رجب

1232.

(4)

إرشاد

المؤمنين

(عقائد - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

في إثبات الرجعة وعَوْد الأئمّة عليهم السلام إلى الدنيا ، كما روي ذلك في الأحاديث والروايات ، وتعتقد بها الشيعة الإمامية ، أُلّف بطلب جماعة من الأخيار ، في مقدّمات ومقاصد وخاتمة. تمّ تأليفه في 17 ربيع المولود سنة 1341.

أوّله : «الحمد لله الذي جعلنا من الراشدين بإرشاده ، وميّزنا بالعقل عن جميع مخلوقاته ، ونوّر قلوبنا بنور عرفانه ، الذي مَنّ علينا بلطفه وإحسانه».

ص: 190

* 27 ، ميرزا أسد الله بن ملاّ محمّد كحللي ،

الساكن في «أنزلي» ، يوم الأحد 29 جمادى الأُولى 1342.

(5)

ترجمة

الخواص

(تفسير - فارسي)

تأليف : أبي الحسن علي بن الحسن الزواره اي (ق 10).

النصف الثاني من الكتاب.

* 35 ، محمّد شريف بن محمّد مؤمن الحافظ ، يوم

الثلاثاء سلخ محرّم 1060.

(6)

ترجمة

عصمة الحجج

(عقائد - فارسي)

ترجمة : الشيخ محمّد باقر بن الحسن الساعدي المشهدي.

الأصل العربي للسيّد علي الحسيني الميبدي (1313) ، والترجمة الحرفية هذه تمّت بطلب جماعة من أحفاد السيّد في سنة 1408 بالمشهد الرضوي.

* 63 ، بخطّ المترجم ، كتبت على وجه واحد من

الأوراق.

(7)

تفسير

آية النور

(تفسير - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد على بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

ص: 191

تفسير فيه بعض التفصيل ، في أربعة عشر فصلاً مع مقدّمة عربية للكتاب ، والفصول كمجالس مرتّبة للخطباء والواعظين ، ذكر في كلّ فصل ما يناسبه من الأحاديث والروايات ، وفي آخرها إشارة إلى مصائب الإمام الحسين عليه السلام ومقتله في الطفّ ومقتل أهل بيته وأصحابه. تمّ في ثالث شهر صفر سنة 1333.

أوّله : «الحمد لله الذي هدانا إلى مسالك شرائع الإسلام ، ونوّر مداركه بجواهر الكلام .. چنين گويد اين مذنب جانى وأسير فانى».

* 32 ، مهدي بن أحمد المعلّم الخمامي ، المقيم في

«أنزلي» ، يوم الجمعة 26 شعبان 1333 ، أصلح المؤلّف النسخة وأضاف عليها زيادات

كثيرة.

(8)

تفسير

القرآن الكريم

(تفسير - عربي)

تأليف : صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (1050).

المجلّد الأوّل من الكتاب.

* 22 ، سنة 1240.

(9)

توضيح

العقود

(فقه - فارسي)

تأليف : محمّد مقيم بن محمّد باقر الأصبهاني (ق 11).

في صيغ العقود والإيقاعات ، مع الإشارة إلى بعض الأحكام والمسائل الفقهية ، يتخلّلها نقل أحاديث ترتبط بالمسائل وإيراد جملة من آراء

ص: 192

الفقهاء ، أُلّف بطلب بعض أُخوان الدين ، في فصول.

أوّله : «اصناف سپاس وستايش بى قياس ملك الملكى را سزاست عم رحمته وتم نعمته كه نوع انسان را بعنايت ربانى از حضيض جهل ونادانى بأوج اعزاز واكرام رسانيد».

آخره : «هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه الرسالة على يد مؤلّفها العبد الأقلّ ..».

* 20 ، لعلّه بخطّ المؤلّف ، بآخره صورة تقريظ

المولى عبد الله بن محمّد تقي المجلسي على الكتاب.

(10)

تهذيب

المنطق

(منطق - عربي)

تأليف : سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (793).

* 51 ، محمّد بن جواد الحسيني (الميبدي) ، من القرن

الرابع عشر ، معه أشعار عربية وفارسية بعضها للناسخ.

(11)

جامع

التنبيهات

(متفرّقة - فارسي)

جمع : السيّد محمّد جواد بن علي الميبدي الكرمانشاهي (1322).

فيه أحاديث وفوائد متفرّقة وأشعار عربية وفارسية ، جمعت في هذه المجموعة من دون تنظيم وترتيب خاص ، وأكثر ما فيها يختصّ بواقعة الطفّ واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه الكرام.

* 10 ، بخطّ المؤلّف. المجلّد الأوّل من المجموعة.

ص: 193

(12)

جواهر

المقال

(طبّ - فارسي)

نظم : علي بن محمّد بن عبد الرحمن (1112).

منظومة في نحو ألف وخمسمائة بيت ، في معرفة مختلف الأمراض وكيفية علاجها وبعض الفوائد الطبّية الأُخرى ، لها مقدّمة منثورة ، وبآخرها معجم مهمّ للمصطلحات الطبّية اليونانية والسريانية وغيرها على ترتيب حروف أوائلها وترجمتها إلى الفارسية أو العربية ، وهي مصطلحات وردت في المنظومة.

استفاد الناظم من الرسالة الغياثية للفقيه محمود بن إلياس الشيرازي (730) ، وقدّم المنظومة لصدر الدين علي ، وهي في مقالتين : الأُولى في معالجات الأمراض من الرأس إلى القدم ، والثانية في المأكولات والمشروبات.

أوّل المقدّمة : «وفور حمد وثنا حضرت خالقى را جل وعلا كه كرمش صحن سيناى مؤمنان را بنور هدايت برافروخت».

أوّل المنظومة :

درد سر گر باشدت از پيش سر

فصد كن كز خون بود آن تاج سر

* 19 ، سنة 1064 (لعلّها تاريخ النظم وقد ذكرت في

بيت بآخر النسخة) ، نسخة مجدولة نظيفة.

(13)

ديوان

انوري

(شعر - فارسي)

نظم : أوحد الدين علي بن إسحاق الأبيوردي (552).

ص: 194

* 60 ، من القرن العاشر ، نسخة مجدولة في الورقة

الأُولى ، وأوّل قسم المقطعات لوحة فنية دقيقة إلاّ أنّ الورقة الأولى ممزّقة ،

مخروم الآخر.

(14)

ديوان

حكيم نيازى

(شعر - فارسي)

نظم : السيّد محمّد رضا بن محمّد علي الميبدي ، حكيم نيازي (ق 14).

في نحو أربعة آلاف وخمسمائة بيت ، غزليات ورباعيات ومدائح ومراثي المعصومين عليهم السلام ، فيه مدح ناصر الدين شاه القاجار وبعض الشخصيات المعاصرة للشاعر ، وربّما هجا بعض كبار رجال الدولة ، ويتطرّق إلى مقاصد شعرية أُخرى. للديوان مقدّمة منثورة في ترجمة الشاعر لم نعرف كاتبها.

أوّل المقدّمة : «بىحصر سپاس حكيمى را سزاست كه دُر نطق را در صدف دهان به غواصى زبان از بحار معانى برآورد».

* 16 ، بخطّ الناظم ، بعض الصحائف مغسولة وكأنّ

الشاعر لم يرتض ما فيها ، أضاف في هوامش بعض الصحائف أشعاراً بخطّه.

(15)

ذخيرة

المعاد

(دعاء - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

ص: 195

شرح - فيه بسط وتفصيل - على الأدعية الثلاثين التي تُتلى في أيام شهر رمضان المبارك لكلّ يوم دعاء خاص ، مع ترجمتها إلى الفارسية ، وفيه نقل كثير من الأحاديث والروايات المروية عن أهل البيت عليهم السلام ، تطرّق المؤلّف فيه أيضاً إلى بعض الأبحاث العقائدية والأحداث التأريخية ، وفي آخر شرح كلّ دعاء يشير إلى مصائب الإمام الحسين عليه السلام وما جرى عليه في الطفّ ، أو بعض المعصومين الآخرين صلوات الله عليهم أجمعين.

أوّله : «الحمد لله المحمود لنعمته ، المعبود لقدرته ، المطاع لسلطانه .. وبعد ، چنين گويد مذنب جاني وأسير فانى فقيرترين ناس بسوى خداى غنى».

* 41 ، محمّد المشهور بأحمد بن مهدي الخمامي ،

المقيم في «أنزلي» ، 29 شعبان 1337 ، صحّحه وأضاف عليه المؤلّف كثيراً ، وفي

أوراق بأوّل الكتاب وآخره كتب أيضاً بخطّه فوائد مختلفة.

(16)

روضة

الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا

(تاريخ - فارسي)

تأليف : مير خواند محمّد بن خاوند شاه بن محمود الخوارزمشاهي (940).

المجلّد الثالث من الكتاب.

* 59 ، من القرن الثاني عشر ، نسخة مجدولة ، وفي

الصفحة الأولى منها لوحة فنية.

ص: 196

(17)

سؤال

وجواب

(فقه - فارسي)

كتبها : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

أكثر الأجوبة في هذا الكتاب فتوائية ، وفي بعضها تفصيل ، ويشير المؤلّف إلى الأدلّة وبعض أقوال الفقهاء. أُدرجت الأسئلة في هذه المجموعة بنصّها وبعضها غير فقهية.

* 6 ، بخطّ المؤلّف.

(18)

سؤال

وجواب

(فقه - فارسي)

كتبها : السيد محمد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

مسائل فقهية ، وقليل منها اعتقادية ، جمعت من دون ترتيب أو تنظيم خاص ، وفي بعض الأجوبة يشير السيّد إلى الأدلّة وينقل بعض أقوال الفقهاء.

أوّله : «وبعد الحمد والصلاة ، چنين گويد عبد مذنب مسكين در بيان مسائل مهمه بنحو اختصار بطريق سؤال وجواب».

* 42 ، بخطّ المؤلّف ظاهراً ، وقد صحّحه وأضاف

عليه.

(19)

سفرنامه

حج

(رحلة - فارسي)

تأليف : الشيخ عبد الحسين بن محمّد علي الكرمانشاهي (ق 14).

ص: 197

في هذه الرحلة ذكر الشيخ مختصر أحكام الحجّ وآداب الزيارة ، وكان بدء السفر من كرمانشاه في ليلة الثلاثاء 11 شعبان سنة 1310 وختمه في يوم الثلاثاء 27 ربيع الآخر سنة 1311. استعرض فيها وقائع السفر كلّ يوم مع بعض التفصيل.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. اما بعد ، چون واجب ولازم آمد ديباچهاى در ابتداى مطلب دو كلمه قلمى شود ، كلّم الناس على قدر عقولهم».

* 26 ، بخطّ المؤلّف.

(20)

شرح

الأسباب والعلامات

(طبّ - عربي)

تأليف : برهان الدين نفيس بن عوض الكرماني (843).

* 54 ، من القرن الثاني عشر ، صحّحه الناسخ وهو

مخروم الأوّل.

(21)

شرح

ألفيّة ابن مالك

(نحو - فارسي)

تأليف :؟

ترجمة وشرح مختصر لأُرجوزة (الخلاصة - ألفية ابن مالك) ، كتبت بين السطور مع أبيات الأصل ، وفي بعض الأبيات كتبت الترجمة فقط.

* 46 ، لعلّه بخطّ المؤلّف ، مخروم الأوّل والآخر.

ص: 198

(22)

شرح

الفوائد الحكمية

(فلسفة - عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (1241).

* 61 ، يوم الأربعاء 29 ذي الحجّة 1247.

(23)

الصحيفة

السجّادية

(دعاء - عربي)

إنشاء : الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام.

* 37 ، من القرن الثاني عشر ، عليها تعاليق فارسية

، مخروم الأوّل والآخر.

* 65 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة ثمينة جيّدة ،

بأوّلها لوحة فنّية ، مصحّحة ، عليها تعاليق ، كتب شخص في الصفحة الأخيرة أنّه

قابل وصحّح الكتاب على نسخة المولى محمّد تقي المجلسي الأصبهاني وأتمّ المقابلة

في ثالث شهر رمضان 1139 ، وكتب السيّد محمّد بقا في هذه الصفحة بتاريخ 1298

تعريفاً بالنسخة.

(24)

عين

الحياة

(أخلاق - فارسي)

تأليف : المولى محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (1110).

* 43 ، شوّال 1240 ، نسخة نظيفة جيّدة الخطّ.

ص: 199

(25)

القرآن الكريم

* 53 ، محمّد يوسف بن ملاّ آدينه محمّد ، جمادى

الآخرة 1310 ، الصفحة الأُولى والثانية فيهما لوحة فنّية عادية ، النسخة التاسعة

التي كتبها الناسخ.

(26)

قصيدة

لا فتى إلاّ علي

(شعر - عربي)

نظم : عبد الله الأهوازي.

قصيدة في مائة وواحد وثلاثين بيتاً في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، ينتهي كلّ بيت منها بجملة : «فتى إلاّ عليّ».

أوّلها :

مَن الذي كان ابن عمّ المصطفى

بل نفسه حقّاً فتىً إلاّ عليليّ

مَن الذي قد ولدته أُمّه

في وسط البيت فتىً إلاّ علييّ

* 58 ، حسن بن محمّد بن جواد بن علي الحسيني

الميبدي الكرمانشاهي (الحاج آقا مجتبى الميبدي) ، يوم الجمعة سلخ ربيع المولود

1382.

(27)

قواعد

المتعلّمين

(تجويد - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

ص: 200

مختصر في قواعد التجويد العامّة ، أُلّف لتعلّم المبتدئين القراءة الصحيحة في الصلاة وتلاوة القرآن الكريم ، مع إيراد مسائل من أحكام القراءة في الصلاة والشكّ والسهو بعناوين : «سؤال : - جواب :» ، أُلّف بطلب أحد الأصحاب الصادق في الولاية ، في مقدّمة وقواعد وخاتمة.

أوّله : «الحمد لله الذي جعلنا مطيعاً لأحكام القرآن وقارئاً لآياته .. وبعد الحمد والصلاة چنين گويد اين احقر من خلق الله بى اطاعت».

آخره : «وكذا دعا خواندن واو امير است .. صدق الله العلي العظيم وصدق رسوله النبيّ الكريم ..».

* 38 ، أحمد بن مهدي الخمامي ، نزيل «أنزلي» ، غرّة

ربيع الآخر 1333 ، على النسخة إضافات بخطّ المؤلّف.

(28)

كتاب

الدعاء

(دعاء - عربي)

جمع :؟

فيه أدعية قصيرة وبعض السور القرآنية.

* 64 ، جعفر علي بن قطب الدولة الهندي ، سنة 1224 ،

نسخة جيّدة الخطّ ، مجدولة نظيفة.

(29)

كشف

اللغات والاصطلاحات

(لغة - فارسي)

تأليف : الشيخ عبد الرحمن بن أحمد السوربهاري (ق 10).

* 55 ، يوم الاثنين غرّة محرّم 1304.

ص: 201

(30)

كشكول

الميبدي

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

فيه أبحاث جيّدة في أُصول الفقه والفقه والتأريخ والجغرافيا وفوائد من العلوم العقلية والنقلية وتفسير بعض الآيات الكريمة وشرح روايات وأحاديث مروية عن السادة المعصومين عليهم السلام ، كلّها مدوّنة على غير نظم أو ترتيب خاص.

* 1 ، بخطّ المؤلّف ، على الورقة الأُولى كتبت

متفرّقات بخطّ السيّد محمّد الحسيني الميبدي والسيّد محمّد جواد الميبدي ، وعلى

ظهر الورقة الأخيرة كتبت الإضافات الموجودة في هذه النسخة ولا توجد في النسخة

المطبوعة.

(31)

كنز

اللغات

(لغة - فارسي)

تأليف : محمّد بن عبد الخالق بن معروف (ق 9).

* 56 ، من القرن الثاني عشر ، مخروم الأوّل.

(32)

گلشن

توحيد

(شعر - فارسي)

نظم : إبراهيم دده بن صالح مغلوي المتخلّص ب- : «شاهدي» (957).

* 62 ، ملاّ باى مراد بن استاجيت ، سنة 1205.

ص: 202

(33)

المجالس

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : السيّد حسين بن محمّد علي شريعتمدار المازندراني (ق 14).

مجالس مرتّبة للواعظين وخطباء المنبر الحسيني ، ففي أوّل كلّ مجلس يذكر المؤلّف آية قرآنية ثمّ يتبعها بما يناسبها من التفسير والحديث وغيرهما ، وفي آخرها يتطرّق إلى وقائع كربلاء وما جرى على الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه. بدأ بالتأليف في ليلة السبت عشرين ربيع الآخر سنة 1360.

* 18 ، عيسى السمّاك ، 17 جمادى الآخرة 1360.

(34)

المجالس

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : السيّد حسين بن محمّد علي شريعتمدار المازندراني (ق 14).

هذا المجلّد يشبه الذي سبقه.

* 29 ، بخطّ المؤلّف ، أُضيف عليه زوائد في الهوامش

وبعض الصحائف بيضاء.

(35)

المجالس

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : السيّد حسين بن محمّد علي شريعتمدار المازندراني (ق

ص: 203

14).

كالمجموعتين السابقتين.

* 48 ، عيسى السمّاك ، المجالس الأخيرة بخطّ

المؤلّف.

(36)

المجالس

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : السيّد حسين بن محمّد علي شريعتمدار المازندراني (ق 14).

كالنسخ المذكورة سابقاً.

* 49 ، بخطّ المؤلّف.

(37)

مجمع

الشرائع

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

فتوائي مختصر في مسائل الطهارة والصلاة ، تتخلّلها الإشارة إلى بعض الأحاديث وأدلّة الأحكام ، أُلّف بطلب جمع من المؤمنين في مقدّمة وفصول وخاتمة ، وتمّ تأليفه في يوم الأحد 27 ذي الحجّة سنة 1332.

أوّله : «الحمد لله الذي هدانا إلى فرائض الإسلام والصلاة والسلام على محمّد صادق الأحكام .. وبعد ، چنين گويد اين حقير مذنب عاصى فانى».

* 28 ، أحمد بن مهدي المعلّم الخمامي ، المقيم في

ص: 204

«أنزلي» ، يوم الاثنين 17 صفر 1333.

(38)

مجموعة فيها :

1

- المجلسية

(أخلاق - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

كتاب طريف في موضوعه ، يتحدّث المؤلّف فيه عن معنى المجلس وآداب الجلوس في المجالس العامّة والخاصّة وبعض الأحكام المتعلّقة به ، تتخلّله أبحاث أُصولية وفقهية وأخلاقية تتّصل بموضوع الكتاب مع الاستفادة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وإرشاداتهم. تمّ تأليفه عصر 26 صفر سنة 1297 في كرمانشاه.

الكتاب في مقدّمة وخمسة أبواب وخاتمة ، هذه عناوينها :

المقدّمة : في بيان معنى المجلس وما يتعلّق به.

الباب الأوّل : في السبب الداعي لعقد المجلس.

الباب الثاني : في حكم الحضور.

الباب الثالث : في كيفية المجلس.

الباب الرابع : في أحكام الورود والجلوس إلى وقت القيام.

الباب الخامس : في الأُمور المتعقّبة عن المجلس الملحوظة بالنسبة إليه.

الخاتمة : في أنّ آداب المجلس لا تختصّ بفئة معينة.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه رسالة في تحقيق المطالب المتعلّقة بالمجلس فاسمها المجلسية».

ص: 205

آخره : «ولا يغرّنك العنوان ، وحسن الأركان ، ولين اللسان ؛ فإنّ الإنسان أُعجوبة عالم الإمكان».

2

- سجدة الشكر

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

بدأت الرسالة بمعنى السجدة لغة واصطلاحاً ، ثمّ جهة تشريع سجدة الشكر وأحكامها وآدابها ومواردها ، مع شواهد من أحاديث أهل البيت عليهم السلام ونقل بعض أقوال الفقهاء. تمّت في رابع ذي القعدة سنة 1300.

الرسالة في أربعة فصول هي :

الفصل الأوّل : في بيان حكمته في التشريع.

الفصل الثاني : في رجحانه واستحبابه وعدم وجوبه.

الفصل الثالث : في مورده ومتعلّقه.

الفصل الرابع : في كيفيّته وشرائطه وآدابه.

أوّله : «الحمد لله الذي سجد له نور النهار وسواد الليل وشعاع الشمس وضوء الهلال وحفيف الشجر ودوي الزلال».

آخره : «والله الهادي إلى سواء السبيل ، والزيادة على هذا المقدار ينافي التعجيل».

3

- حكم الذؤابة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

بيان حكم «الذؤابة» المذكورة في أحاديث المعصومين عليهم السلام وتعيين نوعها من الشعور للرجال ، وأن أي نوع من شعر الرأس مرغوب فيه شرعاً وأي نوع منه محظور.

ص: 206

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. وجيزة في حكم الذؤابة ، اختلف كلام أهل اللغة في المقصود منها».

آخره : «أو تبعية بعض الرؤساء ونحو ذلك من الأُمور المحتملة الصحيحة ، والله العالم وله الحمد في كلّ حال».

4

- المنظومة الإيرانية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

أُرجوزة في مائة بيت في فضل إيران وفضيلة أهلها ، والخيرات والبركات الحاصلة في هذه البقعة من الأرض.

أوّلها :

يا أيّها الإنسان ماذا أهملكْ

إلى متى تلهو وتخطو أجلكْ

أما ترى الإنسان ليس إلاّ

ما حازه من مكسب المعلّى

آخرها :

فإنّه الباقي وبالدعا حري

والحمد لله دوام الدهرِ

5 - حلق اللحية

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

رسالة استدلالية في حرمة حلق اللحية ، ويذهب المؤلّف إلى أنّ الفقهاء لم يبحثوا في هذه المسألة كما ينبغي مع أنّه مبتلىً بها. تمّت في عاشر شوّال سنة 1301.

أوّله : «الحمد لله والصلاة على محمّد وآله ، أمّا بعد ، فهذه رسالة إزالة اللحية».

آخره : «وثمر بروز عنوان الرجولية وغيرها ممّا لا يخفى ولا يصغي العاقل إلى هذه الترهات ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله».

ص: 207

6

- حكم الخلوة بالأجنبية

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

في هذه الرسالة الاستدلالية يُستدلّ على حرمة الخلوة بالأجنبية ، أي لم يكن مع الرجل والمرأة شخص ثالث في مكان منعزل ، مع نقل آراء بعض كبار الفقهاء ومناقشتها. تمّ تأليفها في 24 شوّال سنة 1301.

أوّله : «الحمد لله والصلاة على النبيّ وآله ، أمّا بعد ، فهذه مسألة مهمّة في حكم الخلوة بالأجنبية».

آخره : «فلا كراهة مع عدمها ، كما أنّه لا حرمة ما لم يحصل العنوان العام المحرَّم والكلّ ظاهر ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله».

7

- إسقاط همزة الوصل في الحكاية

(نحو - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يحاول المؤلّف في هذه الرسالة أن يثبت أنّ الهمزة في جملة «فقلت اذكروني» الواردة في بعض أدعية الصحيفة السجادية ، همزة وصل ليست بقطع كما ذهب إليه بعض العلماء. تمّ في 14 جمادى الآخرة سنة 1305 في كرمانشاه.

أوّله : «الحمد لله .. وبعد ، فهذه كلمة بالغة ، ومقالة سابغة ، وحكاية عن حكاية رائعة».

آخره : «ولعلّ ضيق الصبر وجمود الفكر وكدر القريحة لا تقتضي أزيد من ذلك وفيه الكفاية إن شاء الله».

8

- اختصاص عموم النبوّة بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

في أوّل هذه الرسالة يشرح المؤلّف معنى «النبيّ» لغةً واصطلاحاً ،

ص: 208

ثمّ يستدلّ على أنّ النبوّة العامّة تختصّ بنبيّ الإسلام محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّه وحده مرسل إلى البشر كافّة على امتداد العصور والأزمان. أُلّفت الرسالة على أثر بحث جرى حول نبوّة عيسى عليه السلام في أصبهان مع بعض العلماء في مجلس بعض الأصدقاء ، ودُوّن موضوع البحث بأمر ظلّ السلطان حاكم أصبهان ، وتمّ تدوينه في 26 شعبان سنة 1302.

سُمّيت الرسالة أيضاً : «نبوّة عيسى».

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. إنّا سافرنا في بعض السنين إلى بلدة أصفهان حسب الأمر العالي من حضرة ظلّ السلطان».

آخره : «فلكلّ منها شرائط ولوازم وأحكام مخصوصة ولعلّ المنصف لا يتأملّ في شيء ممّا ذكرناه وفيه الكفاية».

9

- صحّة الحيل في دفع الربا

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

استدلالي فيه شيء من التفصيل ، في إثبات أنّ الحيل الشرعية للفرار من الربا صحيحة ولا مانع منها ، كتبه المؤلّف ردّاً على بعض العلماء جاء إلى إيران نحو سنة 1300 بقصد زيارة الإمام الرضا عليه السلام وكان يذهب إلى عدم صحّة هذه المعاملات.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. إنّه مرّ بعض العلماء في حدود 1300 على بلاد إيران لزيارة مشهد الرضا عليه السلام».

آخره : «والتأملّ في أطراف كلّ معاملة حتّى لا يقع الحرام بصورة الحلال من جهة الجهل ، والله الموفّق».

10

- إرشاد المستمع

(تاريخ - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

ص: 209

بحث تاريخي عقائدي حول ما يُروى أنّ بعض من صحب رأس الحسين عليه السلام إلى الشام ، شربوا الخمر به : «فجعلوا يشربون بالرأس» ، وقد وقعت شبهة للبعض في هذا الأمر ويحاول المؤلّف رفع الشبهة. كُتب في شهر شعبان سنة 1303 في مقدّمة وثلاثة فصول ، هذه عناوينها :

مقدمه : در سبب پنهانى مطالب از عامه مردم.

فصل اول : در بيان قبول ورد است.

فصل دوم : در صحت سند اين واقعه است.

فصل سوم : در بيان رفع استبعاد است.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. چون بيشتر مردم ربطى به احوالات كذشتگان وعادات خدا بابندگان ندارند».

آخره : «وعاقبت غضب خداوند وآتش است ، نعوذ بالله منها ..».

11

- ملحق مفتاح السلامة

(طبّ - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يعدّد المؤلّف في هذه الرسالة ما يمكن دفع الوباء والطاعون بها ، وقد وردت في أحاديث أهل البيت عليهم السلام وأمرت بها الشريعة الإسلامية ، وهي ملحقة بكتاب المؤلّف مفتاح السلامة المؤلَّف لحصول مطلق السلامة من العاهات والآفات والأمراض والأعراض النفسية والبدنية ، وتمّ في عشرين شهر شوّال سنة 1307.

أوّله : «الحمد لله .. در سالى وبا شد وبعضى از مؤمنين كه در حقيقت تصديق به باطن شرع كردهاند جويا شدند».

آخره : «بلكه شايد سبب زيادتى غضب شود ، نعوذ بالله من غضبه».

ص: 210

12

- أحكام حيوان موطوءة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

مسائل فقهية تتعلّق بالحيوان الذي يطأه الإنسان ، وبيان ما يجب فيه. تمّ في غرّة ربيع الآخر سنة 1303.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. اين رساله در بيان أحكام متعلق به چهارپايانى است كه مذكر از انسان با آنها وطى كند».

آخره : «بلكه بقدر امكان امين وپاك كار بر آنها بگمارند كه اهم حقوق آنها بر مالك وديگران اين گونه توجهات است».

13

- چهارده مسأله شاذه

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يبحث المؤلّف استدلالاً في أربع عشرة مسألة فقهية شاذّة أخطأ فيها بعض العلماء ويبيّن الوجه الصحيح فيها ، وذلك لئلاّ تتسبّب في تضليل المتفقّهين الّذين يتتبّعون الشواذّ من المسائل والفتاوى للتبجّح بمعرفتها وينحرفون بذلك عن جادّة الصواب. تمّ تحريرها في 26 ذي القعدة سنة 1307.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. وبعد ، مىگويد قاصر در علم وعمل ولغزنده در هر زلل».

آخره : «وتوفيق از خداوند است جل شأنه ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم».

14

- هداية النُّصيرية

(عقائد - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

تحقيق حول المذهب «النُّصيري» الذي اغترّ بظاهره بعض البسطاء

ص: 211

فانجرف إلى اعتناق بعض عقائده جهلاً منه بواقع الأمر ، وهو مذهب الغلاة المنتشرين في كرمانشاه وما والاها وهم خارجون عن الإسلام ويظنّ المغترّون أنّهم مسلمون. كتبه المؤلّف في سنة 1303 ضمن ثلاثة مطالب هي :

مطلب أول : در بيان سبب ومنشأ اين مذهب.

مطلب دوم : در بدو غلو وحقيقت اين مذهب.

مطلب سوم : در جهات بطلان اين مذهب.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. چون از تقديرات ازليه حضرت واجب الوجود بعد از مجاورت عتبات عاليات مدتى ساكن دار الدوله كرمانشاهان شدم».

آخره : «بلكه بدترند از هر فرقهاى حتى از كفار وزنادقه چنانچه در طى اخبار فهميدى».

* 2 ، بخطّ المؤلّف.

(39)

مجموعة فيها :

1

- إصلاح البلاد

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

بيان لكيفية إصلاح المجتمع الصحيح بالعلم والعمل والقول ، وطرق الدعوة إلى الدين ، وإرشاد العامّة إلى الصلاح ومنعهم من الضلال والفساد ، وهي تجارب المؤلّف التي كان يمارسها حين إقامته في كرمانشاه ، والطرق التي كان يتّخذها لهداية الناس ، وهي على ضوء ما أُثر عن السادة

ص: 212

المعصومين عليهم السلام ، وما ورد عنهم من الأحاديث والروايات. الكتاب في واقعه صور من حياة المؤلّف وجهوده في الإصلاح والإرشاد ، وهو في فصلين.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. وبعد ، چنان مىنگارد بنده دور از صلاح وافتاده از آيين فلاح».

آخره : «ومقام فساد أمر خود را بدان تا همان را چاره كنى ..».

2

- تفسير سورة القدر

(تفسير - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

تفسير فيه تفصيل وبسط مع إيراد بعض الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام ، وفيه بحوث ونكات لم يتطرّق إليها المفسّرون - كما يقول المؤلّف. وهو في أطراف لم يوفَّق إلى إكمالها بل في النسخة نجد هذه العناوين فقط :

الطرف الأوّل : في معنى القرآن وبيان بعض المصطلحات.

الطرف الثاني : في ما أوجب اختصاص هذه السورة بالتفسير والشرح.

الطرف الثالث : في نزول السورة ووجوب التصديق بها.

أوّله : «الحمد لله الذي خلق الليل والنهار ، وميّز بينهما بالظلَم والأنوار ، وقدرهما لعباده بالمقدار ، وكرّرهما لنظام الآثار».

3

- المجالس

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

أكثر هذه المجالس مرتبة لأيّام شهر رمضان المبارك ، فتذكر في صدر كلّ واحد منها آية قرآنية ثمّ ، تفسّر بما يقتضي ، مع نقل ما يناسبها من

ص: 213

الأحاديث والروايات ، وفي آخرها ذكر لواقعة الطفّ ومصائب الإمام الحسين عليه السلام.

بآخر المجموعة كتبت أشعار متفرّقة فارسية ، وتفسير بعض الآيات ، وشرح جملة من الأحاديث.

* 4 ، بخطّ المؤلّف.

(40)

مجموعة فيها :

1

- احكام تابع مصالح است

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

جواب على سؤال حول الأحكام الشرعية المتغيّرة في الشرائع السماوية مع ما يقال أنّ المصالح والمفاسد في الأحكام معلَّلة بالعلل الذاتية ، وهذا يتمّ بعدم تغيّر ما هو ذاتي وكون الأحكام باقية على وتيرة واحدة في سائر الشرائع والأديان الإلهية. يحاول المؤلّف في الجواب إثبات أنّ الاعتبارات تختلف في جعل الأحكام ، ولهذا يمكن تغيير الاعتبار في عصر دون عصر.

أوّله : «فسبحان الذي بيده ملكوت كلّ شيء .. گويا صاحب اين سؤال از قواعد شرع وكلمات علما بىخبر باشد».

2

- عصمة الحجج

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

في معنى العصمة لغة واصطلاحاً ، وإثبات عصمة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام عن جميع الخطايا والذنوب منذ الولادة حتّى الوفاة ، ويستدلّ

ص: 214

المؤلّف بالأدلّة العقلية والنقلية مع عرض بعض الآراء الكلامية في الموضوع. تمّ في سامراء بخدمة الأُستاذ (الظاهر أنّه يريد الشيخ عبدالحسين شيخ العراقين) في 27 ربيع الأوّل سنة 1285.

الكتاب في ثمانية مواقع هي :

الموقع الأوّل : في معنى العصمة.

الموقع الثاني : في وجوب عصمة النبيّ والإمام.

الموقع الثالث : في وجوب الاعتقاد بها.

الموقع الرابع : في اعتبارها في الإسلام والإيمان.

الموقع الخامس : في حال منكرها.

الموقع السادس : في دفع الإشكال عن أصالة العصمة في الحجج.

الموقع السابع : في أنّه هل يوجد معصوم غير الحجج.

الموقع الثامن : هل يجوز خلو عصر عن المعصوم.

أوّله : «الحمد لله عاصم حججه من محاضر الشيطان ومعاريض الفتن ، القائم بهم نصباً لاهتداء عباده إلى أحكم السُنن».

آخره : «وأذقني حلاوة الإخلاص في إقدامي إليك بحقّ مَن عبدك مخلصاً حتّى أتاه اليقين ..».

3

- الاستخارة

(دعاء - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يبدأ المؤلّف في رسالته هذه بمعنى الاستخارة ، ثمّ يذكر - بتفصيل - أنواعها وشرائطها وآدابها وما يمكن الاستخارة به ، كلّ ذلك مستنداً إلى الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام وما جاء في أقوال بعض العلماء المتصدّين للموضوع. تمّ تأليفه في يوم الخميس 24 ذي الحجّة

ص: 215

سنة 1287.

الكتاب في مقدّمة وستّة فصول وخاتمة ، هي :

المقدّمة : في الأسباب والآلات المعدّة للاستخارة.

الفصل الأوّل : في الاستخارة بالرقاع.

الفصل الثاني : في الاستخارة بالمصحف.

الفصل الثالث : في الاستخارة بالسبحة.

الفصل الرابع : في الاستخارة بالقلب.

الفصل الخامس : في الاستخارة بلسان الغير (المشورة).

الفصل السادس : في الاستخارة بالقرعة.

الخاتمة : في سائر أقسام الاستخارة.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه وجيزة في الاستخارة ، وهي في اللغة : طلب الخيرة ، على ما في القاموس».

آخره : «ولو ادّخره ليوم الفاقة الكبرى لكان لذلك أهلاً ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً ..».

4

- المجلسية

(أخلاق - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

5

- سجدة الشكر

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

6

- ردّ الشيخية

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

رأى شخص في المنام أنّ المؤلّف يأمره بمتابعة عقائد الشيخية المنسوبين إلى الشيخ أحمد الأحسائي ، ولكنّ المؤلّف ينصحه في هذه

ص: 216

الرسالة بالتثبّت عمّن يأخذ دينه منه ويستعرض عقائد هذه الفرقة باختصار لإثبات بطلان ما يقوله علماؤها. كتبه المؤلّف في نصفي نهار من شهر رجب سنة 1385 في سامراء.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. أيّها الأخ الشفيق! كأنّك أخبرتني في ما كتبت إلَيّ أمر رؤياك وسألت الرأي فيه».

آخره : «وأسأله الخلوص في أفعالي وأقوالي بل في خطرات قلبي ولحظات عيني وسقطات لساني إنّه وليّ ذلك».

7

- تحصيل الولد

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

ثلاثة فصول قصيرة في تحصيل الولد وكيفية طلبه والحثّ على التوالد والتناسل ، مستفادة ممّا ورد من الأحاديث عن المعصومين عليهم السلام ، ألّفه المؤلّف ضمن يومين ثانيهما يوم الاثنين 12 رجب سنة 1297 ، والفصول هي :

الفصل الأوّل : في فضل طلب الولد.

الفصل الثاني : في تفصيل الأسباب الشرعية للطلب.

الفصل الثالث : في التمسّك بهذه الأسباب.

أوّله : «الحمد لله الذي اختصّ بسورة التوحيد وآية الأبد ، وتفرَّد بالعظمة والكبرياء وحقيقة الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد».

آخره : «ولا يخفى شمول الصلاة والدعاء لصورتي وجود الولد وعدمه كما لا يخفى ..».

ص: 217

8

- شرح المنظومة البطيخية

(أدب - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

شرح أُرجوزة نظمها الشارح نفسه في اثنين وسبعين بيتاً في منافع البطيخ وخواصّه.

أوّلها :

أتحف شيء اصطفاه الفاكهي

واختار من باكورة الفواكهِ

أشار المؤلّف في هذا الشرح ، بالإضافة إلى النكات الأدبية ، إلى المنافع الطبّية للبطيخ ، ثمّ استطرد في أواخره إلى ذكر خواصّ فواكه ومآكل أُخرى. أصل الأُرجوزة نُظم عصر يوم 28 صفر سنة 1289 في كرمانشاه وبعد مدّة كُتب هذا الشرح.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه منظومة بطيخية نظمتها ثمّ شرحتها تشحيذاً للذهن وتبصرة للأُخوان».

آخره :

فإنّه الحامي حمى من شكرَهْ

وينصر العبد إذا ما نصرَهْ

9 - الأُرجوزة الحمامية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

أُرجوزة في تسعة وتسعين بيتاً ، نظم بها خواصّ الحمام الصحّية وكيفية الدخول فيه والأعمال التنظيفية التي تتمّ فيه ، وهي في فصول ، وتمّ نظمها يوم الجمعة 19 شعبان سنة 1285 في سامراء.

أوّلها :

أحسن قول زين المجالسا

وأطربت فوحته المعاطسا

حمد يفوق سائر المحامدِ

لحضرة الله دوام الحامدِ

ص: 218

آخرها :

فإنّه الوليّ في المطالب

ِوغالب فيها وأيّ غالبِ

10 - الأُرجوزة النيروزية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يستعرض الناظم باختصار في هذه الأُرجوزة البالغة ثلاثة وستّون بيتاً ، بعض الحوادث التأريخية الحادثة في يوم النيروز وأُشير إليها في جملة من الأحاديث ، ثمّ تعيين وقته والأعمال العبادية التي ينبغي العمل بها فيه. نظمت في الليلة الثالثة من ربيع الأوّل سنة 1293 في كرمانشاه.

أوّلها :

سبحان ربّي خالق الكونينِ

وجاعل النور ضياء العينِ

ابتدع النهار قدّام الدجى

واختاره من ليلة إذا سجى

آخرها :

فاطلبه في إيّاك نستعينُ

واعبده حتّى يأتي اليقينُ

11 - حكم الذؤابة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

12

- نقل مجلس

(شعر - فارسي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

مثنوي عرفاني أخلاقي على غرار نان وحلوا للشيخ بهاء الدين العاملي ، أُشير في آخره إلى مقام ولاية أهل البيت عليهم السلام وضرورة تحصيلها والالتزام بها ، وهو في ثلاثمائة وعشرين بيتاً في ستّة عشر دور وخاتمة ، وتمّ نظمه في سنة 1317.

أوّله :

ص: 219

نقل مجلس چيست اين دنياى تو

شد ز شهدش شكرين لبهاى تو

ياد وصلش كردهاى ورد زبان

در دلت جا كرده چون روح روان

* 5 ، الرسالة الأُولى ونقل

مجلس بخطّ المؤلّف ، بقية المجموعة بخطّ عبد الكريم بن

محمّد إسماعيل البروجردي ، رابع شعبان 1297 (آخر الكتاب الثاني).

(41)

مجموعة فيها :

1

- أحكام الميت

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

فتوائي في خصوص الأحكام الواجبة والمستحبّة المتعلّقة بالموتى ، ما يتعلّق منها بقبل الموت وحينه وبعده وفلسفة الموت ، في مقدّمة وثمانية فصول وخاتمة ، والنسخة غير تامّة ، فيها هذه العناوين :

مقدمه : در محل حاجت از احكام شرعية ومورد آنها.

فصل اول : در بيان حكمت مردن.

فصل دوم : در احكام متعلق بمقدمات مردن.

فصل سوم : در اعمال مربوط به محتضر.

فصل چهارم : در احكام مرده.

فصل پنجم : در غسل وحنوط ميت.

فصل ششم : در كفن كردن ميت.

فصل هفتم : در حمل جنازه وتشييع ميت.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. اين رسالهايست در احكام متعلقه

ص: 220

به مردن بجهت مزيد حاجت گوشزد برادران دينى شد».

2

- الزكاة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

فتوائي في الأحكام المتعلّقة بالزكاة وتعيين ما يجب دفعه فيها مع التأكيد على دفعها في وقتها ، وفي آخر الرسالة يشير المؤلّف إلى أنواع الصدقات المستحب دفعها إلى الفقراء والمحتاجين ، تمّت في ليلة الأحد 19 محرّم سنة 1299.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. اين رسالهايست در بيان تكليف زكات بجهت مزيد حاجت برادران دينى برشته تحرير درآمد».

آخره : «وروز به روز در زياده است تا روز حساب خداوند همه را توفيق أعمال خير عطا فرمايد ..».

3

- تحقيق محلّ الإقامة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

استدلالي في معنى محلّ إقامة المسافر وما يجب فيه من القصر أو الإتمام وتعيين المسافة لصدق السفر أو الإقامة مع مناقشات في الأدلّة. أُلّف سنة 1308 في كرمانشاه.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه رسالة في تحقيق محلّ الإقامة وضعتها إجابة لمن احتاج إليها فوجب».

آخره : «مع أنّ هذا المقيم وإن خرج إلى هذه المواضع غير مسافر شرعاً وعرفاً كأهل المحلّ فلا قصر في حقّه ..».

4

- تكرار الإمام صلاة الجماعة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

ص: 221

يستدلّ المؤلّف على صحّة تكرار الإمام صلاة الجماعة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة ، وكان مبتلىً بالتكرار في كرمانشاه حيث لم يكن مسجده يسع لكلّ من يريد الائتمام به.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه مسألة مهمّة ابتلينا بها في هذه الأيام لضيق المكان وتكاثر الأُخوان».

آخره : «فيصحّ إعادة الظهرين والعشائين بعد إتيانهما معاً ، كما لايخفى ..».

5

- عبادات المخالفين

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يرى المؤلّف عدم صحّة عبادات غير الشيعة من سائر الفرق الإسلامية ، استدلالي مستند إلى ما روي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام وإجماع الطائفة الشيعية على شرطية العقيدة بالولاية في صحّة العبادة.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه رسالة في وجه عبادات المخالف من حيث الاتّصاف بالصحّة والبطلان».

آخره : «مع إمكان حكم الأدلّة الموجبة لإجراء أحكام الإسلام في مَن آمن بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله ..».

* 7 ، أحمد ، ربيع المولود 1347 في كرمانشاه.

(42)

مجموعة فيها :

1

- الأُرجوزة الحمّامية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

ص: 222

2

- المنظومة الإيرانية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

3

- الأُرجوزة البطيخية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

ذكر ضمن وصف شرحها في ما سبق.

4

- الأُرجوزة النيروزية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

5

- الأُرجوزة السفرجلية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

في ثلاثة وثلاثين بيتاً في فوائد السفرجل.

أوّلها :

يا من إلى مدّ الفواكه اهتدى

واستنطق الأُولى تحرّوا رشدا

ها نحن في مغاص هذه الدُررْ

وكاشفو الأستار في سرّ الثمرْ

آخرها :

فليس للأشياء منتهى الثمر

ْطوبى لمَن نال ولله شكرْ

* 8 ، جواد بن علي الحسيني الميبدي (ابن الناظم) ،

سنة 1303 في كرمانشاه ، نسخة جيّدة الخطّ نظيفة ، بآخرها شعر فارسي وعربي كثير

وفوائد أُخرى.

(43)

مجموعة فيها :

1

- آداب زيارت امام رضا عليه السلام

(زيارة - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

ص: 223

نوى المؤلّف زيارة الإمام الرضا عليه السلام بعد أن أقام في كرمانشاه سنين ، ومقدّمة لسفره إلى المشهد الرضوي بدأ بتأليف هذا الكتاب في آداب وكيفية زيارة الإمام ، إلاّ أنّه لم يوفَّق لإتمامه ظاهراً ، ونرى في هذه النسخة ثلاثة فصول من بدايته هي :

فصل اول : در فضيلت زيارة قبور ائمة عليهم السلام.

فصل دوم : در خصوص فضيلت زيارت امام رضا عليه السلام.

فصل سوم : در آداب زيارت هر يك از ائمه عليهم السلام.

حسب بعضهم أنّ هذا الكتاب رحلة المؤلّف إلى مشهد ؛ وليس كذلك.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. چون بعد از مجاورت متمادى بجهت اصلاح بدن بكرمانشاهان آمدم از قضاى خداوند اسباب ماندن فراهم آمد».

2

- احكام روزه

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

رسالة فتوائية في أحكام الصوم ، لعلّها لم تتمّ ، ونجد هذه العناوين فيها :

مقدمه : در حكمت وباعث بر تكليف روزه.

فصل اول : در فضيلت روزه وذكر ثوابهاى آن.

فصل دوم : در مذمت وعقاب تارك روزه.

فصل سوم : در بيان حقيقت روزه است.

فصل چهارم : در بيان مورد روزه است.

ص: 224

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. چون عمده فروع دين بعد از نماز روزه است ومثل نماز تكليف عامة مردم است».

3

- علت غسل مس ميت

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

جواب على سؤال عن علّة وجوب الغسل على مَن مسّ ميتاً آدمياً ولم يجب على مَن مسّ بقية الحيوانات الميتة. هذه الرسالة الاستدلالية لم يتمّ تأليفها.

أوّله : «الحمد لله .. سؤالى است كه در اين اوقات وقبل از اين متداول شده است وهر كس بوجهى جواب داده».

4

- إقامة العزاء بعد الرجعة

(عقائد - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

يسأل سائل عن إقامة مجالس العزاء على المعصومين عليهم السلام وزيارة قبورهم ومشاهدهم كما يمارسها الشيعة في هذه الأزمان ، هل تستمرّ بعد الرجعة وعودتهم إلى الدنيا أم ينتفي موضوعها بعد الرجعة. يذهب المؤلّف في هذه الرسالة إلى عدم انتفاء الموضوع وأنّ إقامة العزاء والزيارة ستستمرّ.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. وبعد ، سؤال شد از اينكه آيا در رجعت تعزيه دارى ذكر بر اهل بيت عليهم السلام هست».

5

- تحصيل الولد

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

ص: 225

6

- عبادات المخالفين

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1).

7

- مفتاح السلامة

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

بيان لكيفية حفظ سلامة الروح والبدن ، ألّفه المؤلّف تذكرة لنفسه ، وأكثر بحوثه أخلاقية استفاد كلّيّاتها من الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام.

أوّله : «الحمد لله .. وبعد ، چون ملاحظه نمودم كه بيشتر از احكام شرايع رعايت زندگى با مردم است وبملاحظة تدافع وتعارف تدارك حق هر كس مىشود» (2).

8

- الأربعون باباً

(حديث - عربي)

جمع : السيّد محمّد بن محمّد جواد الميبدي الكرمانشاهي.

أربعون باباً في الفضائل الأخلاقية ومحاسن الأعمال أو النهي عن ارتكاب الرذائل ، وهي أحاديث وأقوال قصيرة مروية عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام. تمّ تأليفه في 15 شهر ربيع [...] سنة 1330 في كرمانشاه.

أوّله : «الباب الأوّل : في فضل العلم والعلماء ، قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لابن مسعود : جلوسك في حلقة العلم لا تمسّ قلماً ولا تكتب حرفاً خير لك من عتق ألف رقبة».ه.

ص: 226


1- بعد هذه الرسالة كتب المؤلّف خلاصة خطبه في الجمعات وأيام شهر رمضان المبارك والمناسبات الدينية الأُخرى ، وهي جيّدة للخطباء والمشتغلين بالوعظ والإرشاد.
2- بعد هذه الرسالة كُتبت خطب لعيد الفطر والأضحى من منشئات الميبدي نفسه ، ثمّ قطعة من كتاب عربي في النجوم لم نعرفه.

9

- صيغ مشكلة

(تصريف - فارسي)

تأليف :؟

رتّبت هذه الصيغ على ترتيب حروفها الأوائل ، وحلّها على ضوء القواعد الصرفية تمريناً للمبتدئين في تعلّم العربية. لعلّها تأليف : السيّد محمّد الميبدي.

أوّله : «حمداً لمبدع الكلام ومصرف الليالي والأيام .. پس اين مختصرى است در توضيح بعضى از صيغههاى مشكل».

10

- اللآلي المنثورة في العوذات والأذكار المأثورة

(دعاء - فارسي)

تأليف : الشيخ عباس بن محمّد رضا القمّي (1359).

جمع فيه جملة من التعويذات والأحراز والأذكار وأدعية قصيرة مروية في أحاديث وروايات الأئمّة المعصومين عليهم السلام ، جمعت لتكون تتمّة لكتاب المؤلّف هدية الزائر ، وتمّ جمعها في ذي القعدة سنة 1326 في قم ، وهو في ثلاثة أبواب وخاتمة ، بهذه العناوين :

باب اول : در احراز وعوذات مأثوره.

باب دوم : در اذكار مأثوره.

باب سوم : در ادعيه واذكار متعلقه به عادات وأحوال.

خاتمه : در بعضى از آداب دعا ومعاشرت.

أوّله : «الحمد لله الذي ندبنا إلى ذكره وثنائه .. وبعد ، چنين گويد اين احقر بىبضاعت ومتمسك بأحاديث اهل بيت رسالت».

* 9 ، الرسائل السبع الأُولى بخطّ مؤلّفها ، بقية

المجموعة

ص: 227

بخطّ السيّد محمّد الميبدي ، وآخرها بتاريخ 21 ربيع

المولود 1347.

(44)

مجموعة فيها :

1

- اختصاص عموم النبوّة بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

2

- مفتاح السلامة

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

3

- أحكام الحيوانات الموطوءة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

4

- هداية النُّصيرية

(عقائد - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

* 11 ، من عصر المؤلّف.

(45)

مجموعة فيها :

1

- الأطروفة

(منطق - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

أُرجوزة في ستمائة وعشرين بيتاً ، منظومة في القواعد المنطقية ، عليها تعاليق من الناظم للأبيات التي تحتاج إلى توضيح وشرح.

أوّلها :

ص: 228

يا واهب النطق بك اعتمادي

إليك أشكو قلّة استعدادي

باسم جنابك الذي لا مثل لهْ

أفتتح الكلام حتّى تكملهْ

آخرها :

أمّا ثبوت القيد بالخلف اتّضحْ

وما ذكرنا كان في القول الأصحْ

2 - نوروزنامه

(متفرّقة - فارسي)

تأليف : مير محمّد باقر بن إسماعيل الخاتون آبادي (1127).

بحوث حول تعيين أوّل السنة الشرعية وفضيلة يوم النيروز وتعيين وقته والأعمال المستحبّة فيه ، مع ذكر الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام في ذلك وعلى ضوء ما أُثر عنهم. أُلّف بأمر الشاه سلطان حسين الصفوي في أربعة فصول ، هذه عناوينها :

فصل اول : در بيان اول سال بحسب شرع.

فصل دوم : در اينكه روز نوروز كدام است.

فصل سوم : در فضيلت روز نوروز.

فصل چهارم : در اعمال روز نوروز.

أوّله : «صباح نوروز فيروز سعيد وعيد جهان افروز جديد مؤمنان خلص را زمانى است كه لباس فاخر والاى حمد وثناى منعم قديم».

3

- الكر

(فقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمّد بن الحسين العاملي (1030).

في آخر هذه المجموعة كُتبت بعض الفوائد في الحساب والتاريخ والكيمياء والطلسمات.

* 12 ، علي الحسينى اليزدي الميبدي ، تاسع شهر

رمضان 1283.

ص: 229

(46)

مجموعة فيها :

1

- إصلاح البلاد

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

2

- مفتاح السلامة

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

3

- ملحق مفتاح السلامة

(طبّ - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

4

- نقل مجلس

(شعر - فارسي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

* 13 ، سنة 1317.

(47)

مجموعة فيها :

1

- عصمة الحجج

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

2

- شرح القصيدة الحجّية

(أدب - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

كان المؤلّف شديد الاشتياق إلى الحجّ منذ أن كان في الحادية والعشرين من عمره ، ولكن لم تتوفّر له وسائل السفر ولم ينل ما كان يصبو إليه ، فنظم قصيدة لامية في ستّة وثلاثين بيتاً يبثّ فيها أشواقه إلى زيارة

ص: 230

بيت الله الحرام ويتوسّل بالأئمّة المعصومين خاصّة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لنيل ما يبتغيه ، مطلعها :

هدي الوصال بقلبي اليوم منتضلُ

ساعي الصفا بمصفى الشهد متّصلُ

في هذا الشرح الذي لا يخلو من بعض التفصيل ، تطرّق الشارح إلى مسائل أدبية وذكر بعض فضائل أهل البيت عليهم السلام ، بالإضافة إلى البحث في مسائل كلامية وعلمية أُخرى. تمّ تأليفه في 18 محرّم سنة 1282.

أوّله : «الحمد لله الذي شرح قصائدنا بأحسن المبادي ، وأوضح ضمائرنا في الروائح والغوادي لكلّ جادي».

آخره : «وصلّ على محمّد وآله صلاة ترضاها لهم وسلّم عليهم سلاماً أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً».

3

- الاستخارة

(دعاء - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

4

- بديع اللغة

(لغة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

5

- الزوائد

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

منتخبات حديثية وبحوث أدبية وعلمية عقلية ونقلية وتفسير بعض الآيات الكريمة وشرح أحاديث شريفة وأشعار عربية أو فارسية أكثرها للمؤلّف ويتخلّص في الشعر الفارسي ب- : «عاشق» ، في ثمان «زائدة» (باب) بعدد أبواب الجنّة. في هذه النسخة نجد الزائدة الأُولى فقط التي هي في : الأشعار العربية والفارسية وغيرها ممّا يناسبها في الحلاوة.

ص: 231

أوّله : «الحمد لله الذي أظهر ما عنده لمَن عبده مخلصاً ، وأخفى ماعنده لمَن عانده مدحصاً ، كرّم الإنسان بكمال العقل وعساكره».

6

- ثمار الأسفار

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

شرح استدلالي على كتاب الصلح من شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ، من تقرير بحث أُستاذه الذي سافر معه من كربلاء إلى سامراء (نظنّ أنّه يريد الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين) ودرس لديه في السفر هذه القطعة من الشرائع.

أوّله : «الحمد لله الذي أصلح على وجوده ذوو النهى ، وعلى وجوبه أُولو الحجى ، الدالّ على وحدته بصدقه ، وعلى صدقه بمحاسن أفعاله».

7

- تحقيق الضمير

(نحو - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

بحوث مفصّلة تناول المؤلّف فيها بيان معنى الضمير وأقسامه وما يتعلّق به من المسائل الصرفية والنحوية ، مع مناقشات كثيرة لبعض آراء علماء العربية ، كُتبت في كرمانشاه ضمن أربعة أُمور ، هي :

الأمر الأوّل : في معناه وما يناسبه.

الأمر الثاني : في تحقيق ألفاظه.

الأمر الثالث : في حصر أقسام الضمير من حيث اللفظ والمعنى.

الأمر الرابع : في وجه بناء المضمرات وحركاتها.

أوّله : «الحمد لله الواقف على الضمائر ، والمطّلع على السرائر .. هذه وجيزة في تحقيق الضمير وضعتها تذكرة لنفسي وللطالبين».

آخره : «ويمكن بسط الكلام في الضمير بما يزيد على هذا المقدار

ص: 232

لكنّه خارج عمّا نحن بصدده فالأوْلى الاقتصار وقطع الكلام ..».

8

- أحكام ماء البئر

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

بدأ المؤلّف في هذه الرسالة بمعنى «البئر» وأنّه ما هو ، ثمّ ذكر الأحكام المتعلّقة به وأنّه هل يتنجّس ماؤه بملاقاة النجس أم لا يتنجّس؟ وعلى فرض التنجّس كيف يمكن تطهيره؟ فيه نقل بعض آراء الفقهاء ومناقشتها. النسخة غير تامّة وتحتوي على المقدّمات وبعض المسائل ، والظاهر أنّه لم يدوَّن من الرسالة إلاّ هذا المقدار.

أوّله : «الحمد لله الذي سهّل لنا طرق الوصول إلى الطهارة فأزال عنّا الخبائث النفسية وجعلنا من الواردين حياضه وبياره».

9

- الأُرجوزة البطيخية

(شعر - عربي)

نظم : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

10

- شرح المنظومة البطيخية

(أدب - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

كتبت في هذه المجموعة فوائد مختلفة من التفسير والحديث والأدب العربي.

* 14 ، من عصر المؤلّف.

(48)

مجموعة فيها :

1

- بديع اللغة

(لغة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

ص: 233

2

- النحو

(نحو - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

متن مختصر جدّاً في صفحتين في قواعد علم النحو الكلّيّة.

أوّله : «الحمد لله الذي صلّى على النبيّ محمّد وآله ولعن أعداءهم ، مقدّمة : النحو : علم بقواعد الإعراب ، وموضوعه : الكلمة والكلام».

3

- تحقيق الضمير

(نحو - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

4

- عبادات المخالفين

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

5

- تذكرة المتعلّمين

(متفرّقة - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

في أقسام العلوم وأنواعها ، النافع منها والضار ، وأيّ منها يجب تعلّمه أو يُجتنب منه ، وفيه شواهد من الأحاديث والروايات المروية عن أهل البيت عليهم السلام وقصص تاريخية مناسبة للموضوع. تمّ تأليفه في 14 صفر سنة 1300.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. هذه تذكرة للمتعلّمين وترجمة لعلوم المتقدّمين والمتأخّرين وشرح لِما عسى أن يشتبه على أهل التحقيق».

آخره : «وهو على عكس مقصوده أدلّ ومنشأ الكلّ حبّ الدنيا وهو رأس كلّ خطيئة ..».

ص: 234

6

- شرح حديث رأس مائة

(حديث - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

شرح حديث مروي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من طريق أهل السُنّة ، مفاده : أنّ في رأس كلّ قرن يتجدَّد الدين على يد عالم ديني.

في هذا الشرح - بعد فرض قبول الرواية - يتحدّث المؤلّف عنها ضمن ثلاثة أُمور ، وقد تمّ تأليفه في 28 ربيع الآخر سنة 1300 ، عناوين الأُمور :

الأمر الأوّل : في بيان معنى الحديث وما يتعلّق بظاهره.

الأمر الثاني : في كيفية وقوع الاندراس.

الأمر الثالث : في كيفية التجديد الموعود به في الحديث.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. جرى القضاء والقدر بعد بلوغنا في حدّ الأربعين بدخولنا في هذه المائة وهي الألف وثلاثمائة من الهجرة».

آخره : «هذا تمام الكلام في شرح الحديث وضيق المجال لا يناسب أزيد من ذلك ..».

7

- تحقيق محلّ الإقامة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

8

- تكرار الإمام صلاة الجماعة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

9

- الاستخارة

(دعاء - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

* 15 ، عبد الكريم بن محمّد إسماعيل البروجردي

ص: 235

الكرمانشاهي ، يوم الخميس خامس محرّم 1301.

(49)

مجموعة فيها :

1

- الزكاة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

2

- الخمس

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

مختصر فتوائي.

3

- مفتاح السلامة

(أخلاق - فارسي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي.

* 17 ، محمّد جواد بن علي الحسيني الميبدي ،

15 ذي القعدة 1305 في كرمانشاه.

(50)

مجموعة فيها :

1

- تحفه حكيم مؤمن

(طبّ - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد مؤمن بن محمّد زمان التنكابني الديلمي (ق 11).

قطع متناثرة من الكتاب.

2

- تشريح الأبدان

(طبّ - فارسي)

تأليف : منصور بن محمّد بن أحمد.

ص: 236

3

- زاد المسافرين

(طبّ - فارسي)

تأليف : محمّد مهدي بن علي نقي الشريف الطبيب.

* 30 ، محمّد علي بن أسد الله (شريعتمدار)

المازندراني ، تشريح الأبدان كتب في ذي الحجّة 1259.

(51)

مجموعة فيها :

1

- فقه أهل السُنّة

(فقه - عربي)

تأليف :؟

أوّله : «الحمد لله الذي هدانا الذكر ورزقنا الشكر».

2

- شصت ديو

(علوم غريبة - فارسي)

تأليف :؟

ذُكرت في أوّل الرسالة عناوين ستّين فصلاً (ديو) ثمّ ذُكرت أشياء تعين على دفع المكاره وحلّ المشاكل على غرار ما يعمله أصحاب العلوم الغريبة.

* 36 ، الكتاب الأوّل بخطّ مصطفى بن صوفي ، شهر رجب

1262. الكتاب الثاني من القرن الرابع عشر.

(52)

مجموعة فيها :

1

- مشتقّات العلوم

(تصريف - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

ص: 237

مائة درس في قواعد علم الصرف والاشتقاق مرتّبة على ترتيب السؤال والجواب للمبتدئين في تعلّم علوم العربية ، بدأه المؤلّف بفضل العلم وآداب التعليم والتعلّم ، وضمّنه بعض مسائل فقهية ومنطقية وغيرها ، وبعض الموضوعات كتبت بالعربية.

أوّله : «الحمد لله ذي القوّة القاهرة والسطوة الباهرة .. بعد الحمد والصلاة ، چنين گويد اين عبد مذنب بىمقدار بىبضاعت».

آخره : «وللتهويل ، وذلك إذا كان اسم المسند إليه مفيداً للتهويل كقوله تعالى وعلى أبصارهم غشاوة».

2

- الزكاة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني.

فتوائي مختصر كتبه المؤلّف بطلب جماعة من الصلحاء والأخيار في مقدّمة ومقاصد وخاتمة. ذكر في أواخر الكتاب أحكام الخمس أيضاً وفي خاتمته استطرد إلى معنى الصلاة والزكاة والتولّي والتبرّي الروحاني والباطني. تمّ في ليلة 17 ربيع الأوّل سنة 1341.

أوّله : «الحمد لله الذي جعلنا من الراشدين بإرشاده .. أما مقدمه بدان كه خداوند تعالى چنانچه نماز را بر عالميان واجب گرداند زكات را بشرايط واجب گردانيده است».

آخره : «اللّهمّ اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين يوم يقوم الحساب ..».

* 44 ، أحمد بن محمّد الخمامي ، المقيم في «أنزلي»

، يوم الجمعة 19 ربيع الآخر 1341 ، قرأ المؤلّف الرسالتين وأضاف عليهما إضافات

بخطّه.

ص: 238

(53)

مجموعة فيها :

1

- الهداية في النحو

(نحو - عربي)

تأليف : أبي حيان محمّد بن يوسف النحوي الأندلسي (745).

2

- صرف اللسان

(تصريف - فارسي)

نظم :؟

منظومة في قواعد علم الصرف العامّة ، تتخلّلها توضيحات وأمثال منثورة.

أوّله :

كلمات عرب سه قسم بود

نامشان حرف وفعل واسم بود

3 - تجويد القرآن الكريم

(تجويد - فارسي)

تأليف : محمّد زكي بن إبراهيم الهمداني.

مختصر في القواعد التجويدية ، في مقدّمة وسبعة أبواب قصيرة وخاتمة.

أوّله : «اين نسخهايست مشتمل بر اهم مطالب علم تجويد .. از جهت سهولت بر ذهن مبتديان واختصار قواعد مهمه».

* 50 ، الكتاب الأوّل بخطّ أبي القاسم بن شير محمّد

، 15 رجب 1236. الكتاب الثاني بالخطّ نفسه ، 25 رجب 1236. الكتاب الثالث بخطّ

محمّد باقر بن إسماعيل ، من القرن الثالث عشر.

ص: 239

(54)

مجموعة

شعرية

(شعر - فارسي)

جمع : السيّد محمّد باقر بن جواد الحسيني الميبدي.

فيه قصائد وأشعار من الجامع نفسه وشعراء آخرين ، أكثرها في مدائح المعصومين عليهم السلام ومراثيهم.

* 52 ، بخطّ الجامع وآخرين والنسخة بياضية.

(55)

مدارك

الأحكام في شرح شرائع الإسلام

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي (1009).

قطعة من كتاب الصلاة.

* 23 ، من القرن الثاني عشر ، صحّحه الناسخ.

(56)

مصائب

صباحى

(سيرة المعصومين - فارسي)

تأليف : السيّد رحيم الصباحي البروجردي (ق 15).

في تاريخ حياة الإمام الحسين عليه السلام من الولادة إلى الشهادة وماجرى في كربلاء من استشهاد الإمام وأهل بيته وأصحابه ، وبعض النقول عربية نقلت من المصادر بنصّها ، كما أنّ بعض صحائف النسخة بيضاء لم يكتب فيها شيء.

ص: 240

أوّله : «ذكر تاريخ با سعادت حضرت سيد الشهداء .. بدانكه محدثين فريقين را در سال وماه ولادت آن بزرگوار اختلاف كثيرى است».

* 40 ، بخطّ ناسخ مجهول.

(57)

مطلع

الأنوار الغروية في شرح اللمعة الدمشقية

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ جواد بن محمّد تقي ملاّ كتاب النجفي (1264).

شرح فيه شيء من التفصيل بعناوين : «قوله : - قوله :» ، فيه اهتمام بأدلّة المسائل ولا يتصدّى لنقل أقوال الفقهاء كثيراً لئلاّ يطول الكلام وتذهب الفرصة على المراجع. الظاهر أنّه أُلّف إلى أحكام النكاح الفضولي ولم يوفّق المؤلّف إلى إتمام سائر الأبواب وأتمّها ابنه الشيخ حسين ملاّ كتاب.

في هذه النسخة كتاب الطهارة إلى أحكام التيمّم.

أوّله : «الحمد لله الذي ابتدع الأشياء بلا مثال ، وأتقن صنعها بغير تكلّف ولا احتيال ، المتعالي في توحّده فلا تدركه لحظات العيون».

* 47 ، أحمد بن الحسن ويسين ، يوم الجمعة 11 ذي

القعدة 1276 ، صحّحه الناسخ.

(58)

معالم

الأُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : أبي منصور حسن بن زين الدين العاملي (1011).

ص: 241

* 57 ، يوم الاثنين غرّة ربيع الآخر 1264 ، مصحّح ،

عليه تعاليق قليلة.

(59)

مقامع

الفضل

(فقه - فارسي)

تأليف : آقا محمّد علي بن محمّد باقر البهبهاني الكرمانشاهي (1216).

* 25 ، شرف الدين الخراساني ، يوم الخميس سادس شهر

رمضان 1274.

(60)

مقتل

الحسين عليه السلام

(سيرة المعصومين - عربي)

تأليف : السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي (1313).

في أحداث كربلاء واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام مع تحاليل تاريخية لبعض الوقائع ، كتبه المؤلّف بطلب بعض المؤمنين وزاد توضيحات منه في أكثر صحائف الكتاب.

أوّله : «الحمد لله الذي أرسل رياح المصائب فأنار بها سحاب العبرات من قعر بحر القلب إلى أوج الرأس فأسال بها ميازين الشؤن على سطوح الوجنات».

* 3 ، لعلّه بخطّ المؤلّف ، وهو مسودات الكتاب حيث

فيه شطوب وإضافات.

ص: 242

(61)

مناسك

الحج

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

في أحكام الحجّ والعمرة الواجبة وبعض المستحبّات ، مع الإشارة إلى بعض أسرار الأعمال التي يأتي بها الحاجّ في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ، وهو في مقدّمة وفصول وخاتمة.

أوّله : «الحمد لله الذي جعلنا من حجّاج البيت الحرام .. وبعد ، چنين گويد مسكين مستكين خادم الملة والدين فقيرترين ناس».

* 39 ، يوم الجمعة خامس جمادى الأُولى 1334 ، عليه

إضافات بخطّ المؤلّف.

(62)

منهج

الرشاد للتقليد العباد

(فقه - فارسي)

تأليف : الشيخ جعفر بن الحسين التستري (1303).

* 33 ، النسخة المطبوعة على الحجر في مطبعة «بىنظير»

في «لاهور» سنة 1313 ، عليها حواشٍ مخطوطة لعلّها للسيّد محمّد علي شريعتمدار

المازندراني ، ونظنّ أنّها بخطّه.

(63)

نجاة

العباد في يوم المعاد

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ محمّد حسن بن باقر النجفي ، صاحب الجواهر

ص: 243

(1266).

* 34 ، النسخة المطبوعة على الحجر في مطبعة السيّد

مرتضى سنة 1314 ، بهامشها حواشٍ لعلّها للسيّد محمّد علي شريعتمدار المازندراني

وبخطّه.

(64)

نور

الأنوار

(عقائد وفقه - فارسي)

تأليف : السيّد محمّد علي بن أسد الله شريعتمدار المازندراني (ق 14).

في أُصول الدين وأحكام الشكوك والطهارة والصلاة ، القسم الفقهي فتوائي مختصر والقسم العقائدي مفصّل يشار فيه إلى الأدلّة العقلية مع نقل الروايات والأحاديث التي ترتبط بالموضوع. الكتاب مرتّب للعوام بعناوين : «سؤال : - جواب :» وكتب بإنشاء سهل ليفهمه الجميع.

أوّله : «وبعد الحمد والصلاة ، چنين گويد احقر من خلق الله خادم خدام شرع أنور .. در بيان اصول دين واقسام شكوكات وفروع دين».

آخره : «ابليس لعين با وجود شهرت در علم در غايت جهل بود بجهل مركب واندك فهمى در دفع شبهات اين ملعون كافى است».

* 31 ، ملاّ محمّد الشهير بأحمد المعلّم المقيم في

«أنزلي» ، عشرون جمادى الأُولى 1329 ، جدّد المؤلّف النظر في النسخة وأضاف عليها

إضافات في الهوامش.

* * *

ص: 244

فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (13)

السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(611)

خسرو وشيرين

[فارسي].

لوحشي البافقي.

نسخة بخطّ فارسي جيّد جميل ، كتبها ميرزا جاني الآشتياني بأمر ميرزا آقا خان ناظم ميزان سنة 1308 ، في 26 ورقة ، رقم 1383.

(612)

الخصال

تأليف : الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، المتوفّى سنة 381.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها محمّد مرسل ابن الخطيب محمّد باقر الخسروشاهي ، وفرغ منها في المدرسة الصادقية في 20 محرّم سنة 1082 ، 188 ورقة ، رقم 2231 ، وعليها تصحيحات وتعليقات.

ص: 245

نسخة بخطّ الشيخ حسن بن عبد الكريم بن حسن بن صالح بن إبراهيم بن كمال البحراني ، كتبها لنفسه بمكّة المكرّمة بجوار البيت ، وفرغ منها في 6 ربيع الأوّل سنة 1055 ، ترجم له في أنوار البدرين : 131 ..

نسخة قيّمة ، عليها تعاليق بأسفل بعضها : «حَ» ، وعليها بلاغات وتصحيحات ، وفي آخرها بالهامش : «تأمّلت هذا الكتاب من أوّله إلى نهايته ، وسرحت رائد الفكر فيه من بدايته إلى غايته ، في أوقات آخرها ضحى اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1065 ... وكتب أقلّ خلق الله الغني صالح بن عبد الكريم البحراني» ، ترجم له في أنوار البدرين : 127 ..

وعليها خطّ ولي العهد فرهاد ميرزا بتاريخ سابع شوّال 1295 في شيراز ..

تقع في 250 ورقة ، مقاسها 15 × 8 / 20 ، تسلسل 775.

نسخة بخطّ ملا محمّد بن خواجه عليشاه القائني ، فرغ منها سادس ربيع الآخر سنة 1068 ، عليها تصحيحات وبلاغات وتعليقات ، والعناوين مكتوبة بالحمرة ، وبآخرها ما نصّه : «بلغ مقابلةً وتصحيحاً وتحشيةً من أوّله إلى آخره في المشهد المقدّس الأقدس الرضوي ... على يد العبد الآثم النادم رفيع الدين محمّد الخادم ابن محمّد أمين اليزدي ... في اليوم السابع من شهر ذي القعدة سنة 1071» ، وبأوّلها وآخرها تملّك درويش علي بن محمّد فطيم الحلّي سنة 1151.

التسلسل 2195.

ص: 246

(613)

الخطب

للجمعات والأعياد.

للمحدّث الفيض الكاشاني ، محمّد محسن بن مرتضى ، المتوفّى سنة 1091.

أوّله : «الحمد لله الذي جعل الخطب عضة لقلوب الصالحين ... هذه مائة خطبة ونيف جمعتها لإحدي وخمسين جمعة وعيدين ... وللاستسقاء خطبة وللنكاح أُخرى».

فرغ منه على ما نقل شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة عن فهرس تصانيفه سنة 1067.

نسخة بياضية بخطّ نسخ جيّد جميل خشن ، كتبها الخطّاط السيّد محمّد شفيع الحسيني الطالقاني في القرن الثالث عشر ، 330 ورقة ، رقم 2191.

(614)

الخطب

للجمعات والأعياد خلال سنة واحدة ، وهي 112 خطبة.

أوّلها - وهي أوّل الخطبة الأُولى - : «الحمد لله الذي خلق الشمس والقمر دائبين في مرضاته ...».

وأظنّها للشيخ يوسف البحراني ، صاحب الحدائق.

نسخة بخطّ موسى الفريجاوي ، كتبت في القرن الثالث عشر ، 225 ورقة ، رقم 2035 ، عليها خطّ الشيخ طاهر الحجامي.

ص: 247

(615)

الخطبة التوحيدية

من إنشاء الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا.

ولها أسامي متعدّدة ، فتسمّى ب- : التسبيحية ، و : الغراء ، و : خطبة في الإلهيات ، و : العطية الإلهية ، و : الكلمة الإلهية.

راجع شروحها وترجماتها في : الفهرس المهدوي : 99.

نسخة ضمن مجموعة من رسائل ابن سينا ، وقبلها في المجموعة كتاب المبدأ والمعاد لابن سينا أيضاً ، فرغ منها الكاتب سنة 1058 ، وبعدها شرح الخطبة الفارسية للخيام ، رقم المجموعة 597.

(616)

خلاصة الأبحاث في الميراث

أُرجوزة نظمها المحدّث الحرّ العاملي محمّد بن الحسن ، المتوفّى سنة 1104 ، أوّلها :

يقول راجي العفو من ذي المنن

عبيده محمّد بن الحسن

......................

......................

سميتها خلاصة الأبحاث

يا صاح في مسائل الميراث

وعليها عدّة شروح مذكورة في الذريعة.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، بآخر مجموعة أراجيز فقهية ، رقم 1088.

نسخة ضمن مجموعة فلسفية ، كتبت بخطّ فارسي جيّد في القرن الثاني عشر ، ويتلوها ورقة سجلّ فيها عدّة فوائد ، رقم 597.

ص: 248

(617)

خلاصة الأذكار

في الأدعية والأذكار والمأثور ، والعوذات والرقى للأوجاع والعلل.

تأليف : المحدّث المحقّق الفيض الكاشاني ، وهو محمّد محسن بن مرتضى الكاشاني ، المتوفّى سنة 1091.

فرغ منها سنة 1033.

نسخة ناقصة الآخر ، مكتوبة في القرن الثاني عشر بخطّ نسخ جيّد ، عليها ختم ركن الدولة وخطّه ، وخطّ الشيخ موسى بن محمّد رضا آل كاشف الغطاء وختمه ، رقم 1049.

نسخة بخطّ نسخ جيّد جميل ، كتبت في القرن الثاني عشر ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، بأوّلها لوحة ، 129 ورقة ، رقم 1058.

نسخة بخطّ محمّد طاهر بن سلطان علي ، بخطّ نسخ جيّد جميل مؤطّر ، فرغ منها سنة 1103 ، رقم 2212.

نسخة نفيسة بخطّ نسخ رائع ، كتبها أحد الخطّاطين ، وهو سيّد نجم الدين محمّد بن سعد الدين الحسيني الكرماني ، وفرغ منها سنة 1106 ، بأوّلها لوحة ، وهي مجدولة بالذهب ، وملء هوامشها فوائد وتعاليق بخطّ فارسي جميل ، وقبلها جداول لتعيين سعد الأيام ونحسها ، وبعدها الرسالة الشكّية في شكوك الصلاة ، للمؤلّف أيضاً ، رقم 1048.

(618)

خلاصة الأشعار وزبدة الأفكار

مجموعة شعرية ، فارسية.

ص: 249

تأليف : مير محمّد تقي الكاشاني.

استظهر شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة أنّه بقي حيّاً إلى سنة 1000 ، ويذكر فيه في ترجمة الشاعر ظهوري : «أنّه أرسل إليّ عام 999 عدّة قصائد له وأنا مثبتها هنا».

وعبّر عن نفسه في كتابه هذا ب- : تقي الدين محمّد الحسيني.

وآخر الشعراء المترجمين فيه : أمير عمادي.

نسخة منه بخطّ الشريف محمّد شرف بن ميرزا نظام ، بخطّ فارسي بديع جميل ، فرغ منها في 17 رجب سنة 1008 ، وعليها أنّه : «قوبل بقدر الإمكان بنسخة الأصل». ونسختنا تنقص من أوّلها قليلاً ، والموجود 240 ورقة ، في كلّ صحيفة 27 بيتاً ، تسلسل 1631.

(619)

خلاصة الأقوال [في معرفة الرجال]

للعلاّمة الحلّي ، [الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف ابن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه).

من كتب الرجال المعروفة ، مرتّب في قسمين وخاتمة ، الأوّل في مَن اعتمد روايتهم وترجّح عنده قبول قولهم ، والثاني في مَن ترك روايته ، أو توقّف فيه ، والخاتمة تضمّنت عشرة فوائد رجالية ، ألّفه سنة 693 ه. انظر : الذريعة 7 / 214].

نسخة بخطّ محمّد رفيع بن محمّد رضا ، وهي كتابة القرن الثالث عشر ، والأسماء والعناوين مكتوبة بالحمرة ، ومعها كتاب : نضد الإيضاح لعلم الهدى الكاشاني ، بخطّه أيضاً ، وعليها خطّ العلاّمة الحجّة

ص: 250

شيخ الشريعة الشيخ فتح الله الشيرازي الأصفهاني وختمه بوقفية هذا الكتاب ، رقم 1686.

(620)

خلاصة التجارب

فارسي في الطبّ.

للسيّد بهاء الدولة بن الأمير الكبير قدوة العلماء شاه قاسم ابن العالم المير شمس الدين محمّد الحسيني النوربخشي.

فرغ منها في «طرشت» من نواحي طهران سنة 907 ، ذكر شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة 7 / 218 أنّه : هكذا عبّر عن نفسه في أوّل الكتاب ، وفي أوّل كتابه هدية الخير عبّر عن نفسه : خادم فقراء الملّة حسن بن قاسم ابن محمّد النوربخش ، قال : وترجم القاضي نور الله لأبيه وجدّه في المجالس : 303 - 306.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر ، عليها تواريخ سنة 1148 ، تقع في 166 ورقة ، مقاسها 16 × 7 / 24 ، تسلسل 547.

(621)

خلاصة الترجمان في شرح خطبة البيان

[فارسي].

للعارف المعروف محمّد بن محمود الدهدار العياني.

أوّله : «الحمد لله الذي خلق الإنسان ، علّمه البيان ، المنّان ذي الإحسان ...».

ص: 251

أرّخه في آخره بقوله : «فيض جود علي» ، فيطابق سنة 1013.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كتبت بخطّ فارسي جميل ، كتبها أحد خطّاطي القرن الحادي عشر ، من الورقة 28 أإلى 67 أ ، رقم 3 / 2005.

(622)

خلاصة التنوير

تنوير الأبصار وجامع البحار في الفقه ، للشيخ شمس الدين محمّد بن عبدالله بن أحمد بن نمرتاش الغزّي الحنفي ، المتوفّى سنة 1004 ، فرغ من تأليفه في محرّم سنة 995 ، ثمّ شرحه في مجلّدين. كشف الظنون 1 / 501. يراجع كشف الظنون : تمرتاش؟!

ثمّ نظمه أُرجوزةً الشيخ موسى بن أسعد بن يحيى المحاسني الحنفي الدمشقي ، الذي كان يدرّس البخاري والفقه والتفسير والجامع الصغير بالجامع الأُموي تحت قبة النسر ، ترجم له المرادي في سلك الدرر 4 / 222 ، وسمّاه : خلاصة التنوير ، أوّله :

قال فقير عفو ربّه الغني

موسى الحقير العاجز المحاسني

الحمد لله الذي قد وفّقا

للفقه والدين وزاده ارتقا

وقال في آخرها :

قال فقير عفو ربّه الغني

موسى الحقير العاجز المحاسني

والحمد لله على إتمامها

أُرجوزة تفوق في نظامها

......................

......................

والحمد لله تعالى وحده

مصلّياً على النبيّ بعده

ص: 252

نسخة قيّمة ، بخطّ المؤلّف ، وبآخرها منظومة له بخطّه أيضاً ، في الإجازة لابنه مصطفى ، يقول فيها :

حدّثنا عبدد الغني الزاهد

عن شيخه الخطيب ذي المحامد

ويروي فيها أيضاً عن غيره ، كقوله : أضئ تلاحظ

ح وقد أخذناه عن المعمر

الكاملي ذي المقام الخطر

وغيره من كُمّل الأكابر

وزينة الطروس والدفاتر

كشيخنا الشيخ أبي المواهب

من قد أضئ في دجى الغياهب

ويظهر منها أنّ له أيضاً كتاب فوائد التلخيص ، ويقول في آخر بيت منها :

ونسأل المجاز أن لا ينسى

راقمه من الدعاء موسى

ثمّ إلى جنب هذه الأُرجوزة - وهي 32 بيتاً - ختمه المورّخ سنة 1141 : «قاله بفمه وكتبه بقلمه : موسى المحاسني ، مدرّس البنانية بدمشق المحمية» ..

والكتاب في 166 ورقة ، ولكن خلاصة التنوير في 156 ورقة ، وأُرجوزة الإجازة في ورقتين ، وبقية الأوراق فيها إجازات للشيخ مصطفى المحاسني - ابن الناظم - بخطوطهم ، والمجموع ثمان إجازات كما يلي :

1 - إجازة والده ؛ وهي كما ذكرنا منظومة ذات 32 بيتاً ، وبأسفلها خاتمه.

2 - إجازة الشيخ حامد العمادي ، مفتي الشام ؛ تاريخها ذي الحجّة سنة 1162 ، وبأسفلها ختمه ، والإجازة بخطّه.

3 - إجازة الشيخ محمّد ؛ وتاريخها عيد الأضحى سنة 1162 ، بخطّه وختمه.

ص: 253

4 - تقريظ على الكتاب من مفتي الشام الأسبق محمّد العمادي ، بخطّه وختمه.

5 - إجازة السيّد حسن بن السيّد عبد الكريم ، الشهير ب- : ابن حمزة الحرّاني الحسني الحسيني ، بخطّه وختمه.

6 - الشيخ أحمد بن علي العدوي العثماني ، الشهير مؤلّف كتاب القول السديد في اتّصال الأسانيد ، ويروي فيها عن الشيخ محمّد أبي المواهب مفتي الحنابلة في الشام ، تاريخها سلخ ذي الحجة سنة 1162.

7 - إجازة الشيخ عبد الله بن زين الدين بن أحمد البصروي الدمشقي القسطنطيني ، تاريخها 7 محرّم سنة 1163.

8 - إجازة الشيخ عبد الرحمن بن محمّد ، أو محمّد بن عبد الرحمن ، وتاريخها ثاني محرّم سنة 1163.

9 - إجازة الشيخ صالح بن إبراهيم بن سليمان بن محمّد بن عبدالعزيز الجينيني الدمشقي الحنفي ، تاريخها خامس محرّم سنة 1163.

تسلسل 455.

(623)

خلاصة الحساب

تصنيف : شيخ الإسلام ، العلاّمة المحقّق ، المشارك في العلوم ، الشيخ بهاء الدين محمّد بن عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي ، المتوفّى سنة 1031.

فرغ منه في ذي الحجّة سنة 991 ، وهو من الكتب الدراسية ، ومن أجمع المتون في فنّه ؛ ولهذا علّقوا عليه حواشٍ وشروحاً كثيرة ، وطبع

ص: 254

مكرّراً في إيران والهند ، ومنها في برلين مع ترجمة ألمانية سنة 1843.

نسخة بخطّ نسخ جيّد للغاية ، في 127 صفحة ، في 14× 6 / 24 ، منضمّاً إلى كتاب الهداية في النحو ، وهو بخطّ السيّد محمّد شاه ، فرغ منه في 17 شعبان سنة 1285 ، تسلسل 109.

نسخة بخطّ تعليق ، كتبها السيّد إسماعيل بن نعمة الله الحسيني وأظنّه كتبه في حياة المؤلّف ، بآخر كتاب نزهة الحدائق لجمشيد الكاشاني ، رقم 1566.

نسخة في مجموعة فيها كتابان ، الأوّل هو رسالة فارسية في الحساب ، فرغ منها الكاتب في محرّم سنة 1090 ، والآخر هذا الكتاب ، وهو بخطّ الكاتب نفسه ، كتبه بعدما فرغ من الأوّل إلاّ أنّه لم يؤرّخه ، رقم 1491.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب 25 صفر سنة 1246 ، في 25 ورقة ، رقم 1492.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ فارسي جيّد ، فرغ منها الكاتب 12 صفر سنة 1029 ، في 38 ورقة ، رقم 1548.

نسخة بخطّ فارسي خشن جيّد ، مكتوبة سنة 1252 ، 23 ورقة ، وبعده كتاب في الطب ، رقم 1841.

نسخة بخطّ العلاّمة الشيخ محمّد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، كتبها بخطّ نسخ جيّد ، ضمن مجموعة رقم 1946 ، كلّها بخطّه ، كتبها سنة 1267 ، والكتاب هو الخامس في المجموعة.

نسخة في آخر مجموعة كتبها محمّد بن ملاّ حسن سنة 1280 ، رقم المجموعة 1995.

ص: 255

نسخة كتبت سنة 1051 ، رقم 2040.

(624)

خلاصة الحساب

للشيخ بهاء الدين العاملي.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب سلخ صفر سنة 1091 ، وبعدها رسالة في القبلة له أيضاً ، رقم 76.

(625)

خلاصة الخلاصة

كتاب يشتمل على حكم ومواعظ في عشرين باباً.

نسخة كتبها سعيد بن قابل النجدي ، فرغ منها في ربيع المولود سنة 996 ، بآخر مجموعة رقم 840.

(626)

خلاصة الرشاد

فارسي.

للعلاّمة الجليل الشيخ عبد الوهّاب بن محمّد علي الشريف القزويني ، المتوفّى بعد سنة 1260.

له ترجمة مبسوطة في الكرام البررة : 809.

في شرح أربعين حديثاً ، علّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام ، وهو شرح مبسوط ، كلّ حديث في باب.

ص: 256

نسخة منه إلى شرح الحديث الخامس : في الحجّ ، وهي بخطّ محمّد صادق اليزدي ، كتبها في حياة المؤلّف ، وفرغ منها 6 ذي الحجّة سنة 1260 ، أطرى على المؤلّف كثيراً ، رقم 491.

(627)

خلدبرين

منظومة فارسية أخلاقية.

للشاعر وحشي اليزدي ، المتوفّى سنة 992.

ذكر في الذريعة [7 / 240] أنّه طُبع بطهران سنة 1306 هجرية شمسية.

نسخة بخطّ الخطّاط القدير مهدي بن جابر القمّي ، كتبها بخطّه الفارسي البديع الرائع سنة 1037 ، على هوامش نسخة من كليات سعدي ، والنسخة مجدولة ، مؤطّرة بالذهب واللازورد والشنجرف ، كان بأوّلها لوحة فنية قيّمة فسقطت أو سرقت ، وجلدها مزّين بالأزهار والأوراد من جانبيه ، رقم 1407.

(628)

خلق الأفعال

ويسمّى : «خلق الأعمال» أيضاً.

للمحقّق الدواني جلال الدين محمّد بن أسعد الصديقي ، المتوفّى سنة 907.

ص: 257

وقد ذكر شيخنا في الذريعة 7 / 243 عدّة كتب في هذا الموضوع بهذا الاسم ، لجماعة من المحقّقين ، وذكر للمحقّق الدواني رسالتين بهذا الاسم ، إحداهما صغيرة وذكر أنّها مطبوعة ، وأُخرى كبيرة وهي نسختنا هذه.

أوّله : «أمّا بعد حمد الله فتّاح القلوب ، منّاع الغيوب : ...».

نسخة ضمن مجموعة فلسفية ، كتبت في القرن الحادي عشر بخطّ فارسي جيّد ، رقم 597.

(629)

الخلل في الصلاة

رسالة في الخلل الواقع في الصلاة ، من شكّ أو سهو أو نسيان وأحكامها ، كتبها بعض تلامذة المحقّق الشيخ مرتضى الأنصاري تقريراً لأبحاثه رحمه الله ، شرحاً على شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي نجم الدين ، المتوفّى سنة 673.

نسخة غير تامّة ، لعلّها بخطّ المقرّر ، في مجموعة جمعها العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلّي سنة 1324 ، رقم 389.

(630)

الخلل الواقع في الصلاة

رسالة في الخلل الواقع في الصلاة ..

أوّلها : «الحمد لله الذي فطر السماوات والأرض ...».

طبعت في طهران سنة 1322 بآخر كتاب البيان للشهيد الأوّل.

ص: 258

وأمّا نسخها المخطوطة فذكر شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة 7 / 248 نسخة في المكتبة الرضوية تاريخها سنة 957 منضمّة إلى حاشية المحقّق الكركي على المختصر النافع ، ونسخة أُخرى تاريخها سنة 954 منضمّة إلى الجعفرية ورسالة العدالة والكبائر للمحقّق الكركي عند الشيخ حسين بن الشيخ مشكور النجفي ..

ونسختنا هذه منضمّة إلى المطالب المظفرية في شرح الجعفرية لتلميذ المحقّق الكركي السيّد مير محمّد الاسترابادي الحسيني ، فرغ منها الكاتب 6 رجب 1090 ..

فمن انضمامها في النسخ القديمة مع مصنّفات المحقّق الكركي ، المكتوبة على قرب من عهده استظهر شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة أن تكون هذه الرسالة أيضاً للمحقّق الكركي نور الدين علي بن عبد العالي الكركي ، المتوفّى سنة 940.

الرقم 1081.

(631)

الخلل وصلاة المسافر

شرح استدلالي مبسوط على أواخر كتاب الصلاة من شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ، وهو مباحث الخلل في الصلاة ثمّ صلاة المسافر ، والظاهر أنّ الشرح للسيّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ، المتوفّى سنة 1212.

نسخة بأوّل مجموعة ، ومن بعدها الزكاة والخُمس له أيضاً شرحاً على الشرائع ، رقم المجموعة 387.

ص: 259

(632)

خمرة الحان ورنّة الألحان

في شرح «رسالة الشيخ رسلان»

المتن : رسالة في التوحيد للشيخ رسلان (أرسلان) بن يعقوب بن عبدالله بن عبد الرحمن الجعبري الدمشقي الزاهد ، توفّى بدمشق سنة 540.

الجعبرى / / يلاحظ

شرحها جماعة ، من هذه الشروح شرحا القاضي زكريا وسراج الدين الحلبي. كشف الظنون 1 / 856 وص 867.

والشرح : للشيخ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي ، العارف الصوفي الشهير ، الدمشقي الحنفي النقشبندي القادري ، ولد بدمشق سنة 1050 وتوفّى بها سنة 1143 ..

له مؤلّفات كثيرة عدّها في هدية العارفين 1 / 590 ، وعدّ منها هذا الكتاب وعدّ منها كتاب ثواب المدرك لزيارة الست زينب والشيخ مدرك ، ألّف هذا الشرح سنة 1078.

المدرك أو المدرن / / يراجع المصدر

أوّله : «الحمد لله الذي طهّر قلوب أوليائه بمياه اليقين من دنس الأغيار ...».

وبآخره قصيدة نظمها الشارح في مدح المتن والشرح ومؤلّفيهما ، فقال فيها مؤرّخاً :

روض حسن يانع سرحتْ

فيه بالتاريخ (غزلان) / 1078

نسخة كتابة القرن الثاني عشر ، وعليها تملّك معتضد الدولة القاجاري بخطّه سنة 1323 ، في 77 ورقة ، رقمها 1131.

ص: 260

(633)

خمسة نظامى

[خمسة منظومات ، لنظام الدين أبو محمّدويس بن يوسف بن زكي ابن مؤيّد المطرّزي التفرشي الگنجوي (547 - 611 ه) على ما يظهر من القرائن المذكورة في فهرس مكتبة سپهسالار 2 / 524 ..

وهي تشتمل على : مخزن الأسرار في 2202 بيتاً ، خسرو وشيرين في 4914 بيتاً ، ليلى ومجنون في 4450 بيتاً ، هفت پيكر في 4577 بيتاً ، واسكندرنامه - في جزءين : شرف نامة ، واقبالنامه - في 3488 بيتاً.

وقد جمعت هذه الخمسة بعد وفاة النظامي في مكان واحد وسمّيت ب- : خمسة أو : «پنج گنج» ، وقد طبعت مكرّراً في أُورپا والهند وإيران وإستانبول وغيرها. انظر : الذريعة 7 / 264].

نسخة قديمة خزائنية قيّمة ، كتبها الكاتب - كما في آخر منظومة خسرو وشيرين وهي ثاني ما فيها) سنة 863 ، كتبها لخزانة أحد الملوك ، كما يظهر من دعائه : «اللّهمّ خلّد دولة صاحب هذا الكتاب ، وحفّه بالسعادات ...» ، وأظنّه السلطان «حسين بالسيقر» أو لوزيره الأديب «أمير علي شير نوائي» ؛ فهي بخطّ أحد خطّاطي هذا البلاط ..

بأوّل كلّ منظومة لوحة جميلة باللازورد والذهب ، وكلّ أوراقها مجدولة بالذهب واللازورد ، والصفحتان الأُولى والثانية مزوّقة مزيّنة بالأزهار والورد وباللازورد والذهب والشنجرف ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، 318 ورقة ، رقم 1355.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، بخطّ فارسي جميل ، مبتورة

ص: 261

الطرفين ، 284 ورقة ، رقم 1427.

نسخة قيّمة ثمينة ، بخطّ أحد خطّاطي القرن الحادي عشر ، وهو محمّد محسن باغ آسيائي گنابادي ، فرغ من بعضها في شوّال سنة 1085 ، وهي ناقصة الطرفين ، وكذلك ناقصة من أواسطها ، والظاهر أنّه كان بها ألواح ثمينة وصور مزوّقة فاخرة للغاية فسرقتها يد الخيانة قبل أن تلجأ إلى حفّاظ المكتبة ، والموجود 243 ورقة ، مقاسها 17 × 28 ، تسلسل 1428.

(634)

خواب مغناطيس

فارسي.

في التنويم المغناطيسي ، في عدّة فصول.

تأليف : محمّد بن عبد الله المشتهر ب- : «أمين دفتر».

نسخة بخطّ فارسي جميل ، في 9 أوراق ، رقم التسلسل 1601.

(635)

خواص الأسماء الحسنى

مكتوب عليها أنّها للحافظ جلال الدين ، وأظنّه السيوطي ، المتوفّى سنة 910.

نسخة عتيقة بآخر نسخة من القاموس ، بخطّ ولي بن أحمد بن حسين ، فرغ منها 8 جمادى الأُولى سنة 948.

كتب كلاًّ من الأسماء الحسنى بالشنجرف ، وخاصيّته بعده بالحبر مرتّبةً ، رقم 210.

ص: 262

(636)

الخيارات

لشريف العلماء المازندراني.

شرح على الروضة البهية في مبحث الخيار منه ، وهو شرح مبسوط.

نسخة الأصل بخطّ المصنّف ، ضمن مجموعة رقم 387.

(637)

خيرات باقيات

فارسي.

للسيّد عبد الله بن محمّد البهبهاني.

في العقائد ، ألّفه عام 1331 في شيراز ، في حكومة الحاج مخبر السلطنة على فارس.

نسخة الأصل بخطّ مؤلّفه ، وله عليها حواشٍ كثيرة ، وتقع في 267 ورقة ، رقم 1135.

(638)

خير الوصية

للشيخ محمّد بن عبد الله بن رمضان (البحراني) ..

قصيدة نونية أخلاقية في ذمّ الدنيا والزهد فيها ، والوصية بأداء الواجبات والمندوبات وترك المحرّمات ، في 188 بيتاً ، وصّى بها ابنه عبدالله وإخوانه وسائر المؤمنين.

ص: 263

أوّله :

هي الدار دار العنا والمحن

ودار الغرور ودار الحزن

قال في آخرها :

بخير الوصية سمّيتها

فطوبى لعبد بها يعملن

وصلّى الإله على المصطفى

وعترته ما استقامت سنن

نسخة ضمن المجموعة رقم 2183.

(639)

دبستان مذاهب

فارسي ، في الملل والنحل وبيان المذاهب والآراء والمعتقدات.

والمؤلّف أخفى اسمه ومذهبه إلاّ أن تأليف الكتاب كان في منتصف القرن الحادي عشر ، ولهذا اختُلف في مؤلّفه ..

بسط القول فيه شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة 8 / 48 ؛ ونقل عن سرجان ملكم أنّ المؤلّف : محسن الكشميري ، المتخلّص في شعره ب- : «فاني» ، وقيل أنّ اسمه : «ذو الفقار علي» أو : «مير ذو الفقار علي الحسيني» ، المتخلّص ب- : «هوشيار» ، وإلى غير ذلك من الأقوال ، ومنها قول في ذيل كشف الظنون أنّه : «مؤبد شاه المهتدي».

والذي في أوائل الكتاب قوله : «محسن فانى گويد» ؛ فاستظهروا منه أنّه هو المؤلّف ، وأيّد ذلك في الذريعة.

والذي في آخر نسختنا بالهامش بقلم كاتب النسخة عن هامش النسخة التي كتب عنها أنّ : المؤلّف مير ذو الفقار المتخلّص ب- : «مؤبد شاه» واستظهره من تضاعيف الكتاب ، ولكنّ الكاتب [الأوّل] استظهر غير هذا ،

ص: 264

لكنّه - [الكاتب الثاني] - لم يقرأ ما كتبه [الأوّل] ، وكتب أنّه : تمّ تأليف الكتاب بعد سنة 1063 ، في عهد «عالم گير» ، أو «رنگ زيب پادشاه» المعاصر للشاه عباس الثاني الصفوي ..

ولا يبعد من [أن يكون المؤلّف] سيّاح كشميري هندي ، منخرط في سلك الدراويش ، أدرك كثيراً من مرتاضي الهند ودراويشها ، أن يضع لنفسه أو يكون له أسماء عديدة. يلاحظ النص

نسخة بآخرها معجم في تفسير الألفاظ الغريبة المستعملة في الكتاب من عربية وهندية وغيرها ، فرغ منها كاتبها في 23 محرّم سنة 1266 ، كتبها لمقرّب الخاقان والحضرة العلية محمّد إبراهيم خان فراشباشي نواب حشمت الدولة ، تقع في 248 ورقة مع المعجم - الذي يقع في ثمان أوراق - مقاسها 3 / 13 × 3 / 20 ، تسلسل 284 ..

وبظهر الصفحة الأُولى تصحيح قطعة منسوبة إلى الخواجة نظام الدين وزير الملوك السلجوقية ، بخطّ بعض الفضلاء فصحّح التحريف وبيّن خطأ النسبة ، وأنّ القطعة للبرهاني والد الأمير معزي الشاعر المعروف نقله عن العلاّمة القزويني في حواشي «چهار مقاله عروض».

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، في 257 ورقة ، مقاسها 5 / 19 × 30 ، تسلسل 1642.

(640)

الدراية

رسالة في علم مصطلح الحديث ، ما عرفتُ اسمها ولا مؤلّفها ، وهو من العامّة.

ص: 265

أوّلها : «هذا مختصر جامع لمعرفة علم الحديث ، مرتّب على مقدّمة ومقاصد ، المقدّمة في بيان أُصوله واصطلاحاته ...».

ينقل فيه عن ابن الصلاح والنووي.

نسخة بخطّ رحمة الله بن عبد الكريم ، ضمن مجموعة كتبها في القرن العاشر ، فرغ من بعض ما فيها سنة 976 ، رقم المجموعة 863.

(641)

الدرّة

منظومة في الفقه ، كتاب الطهارة والصلاة.

من نظم : سيّد الأعاظم ، السيّد مهدي بن مرتضى الطباطبائي بحر العلوم البروجردي الأصل النجفي ، المتوفّى سنة 1212.

عليها شروح كثيرة.

نسخة بخطّ نسخ جميل خشن ، كتبت في القرن الثالث عشر ، رقم 1664.

نسخة بخطّ نسخ جيّد جميل ، وبهوامشها تعاليق بالخطّ الفارسي الجميل ، بأوّل مجموعة رقم 1088.

معها عدّة أراجيز فقهية.

بأوّلها تقريظ منظوم للحاجّ ملاّ محمّد المشهدي ، أرّخها بقوله :

أردت تاريخاً فقال الرفقا

(أرّخه السيّد في ما سبقا)

نسخة بخطّ إبراهيم بن محمّد علي البروجردي ، فرغ منها يوم السبت 17 شهر رمضان سنة 1245 ، في 133 ورقة ، مقاسها 10 × 15 ، تسلسل 62 ..

ص: 266

وقبلها منظومة للسيّد بحر العلوم في الفواكه والمطاعم والمشارب ، مكتوبة في ورقتين ، وبظهر الورقة الأُولى تملّك العلاّمة السيّد آقا ريحان الله البروجردي الكشفي بخطّه الشريف ، تاريخه 14 شوّال 1311 وختمه.

(642)

الدرّة البهية

منظومة في أُصول الفقه.

للمولى علي بن الحسن الأراني الكاشاني ، من تلامذة المحقّق النراقي.

نسخة ضمن مجموعة تسلسل 341.

(643)

الدرّة البيضاء

في عدّة المتعة.

للشيخ الفقيه ميرزا أبو القاسم بن محمّد تقي بن محمّد قاسم الغروي الأُردوبادي ، المتوفّى 5 شعبان سنة 1333.

أوّله : «الحمد لله والصلاة على رسوله وآله المعصومين ، مسألة : عدّة المتعة المنقضي وقتها ...».

فرغ منه 27 ذي الحجّة سنة 1324 ، وقد سمّاها قبل ب- : «الوجيزة» ، فعدل وسمّاها في آخرها ب- : «الدرّة البيضاء».

نسخة الأصل بخطّ يد المؤلّف بأوّل مجموعة من مؤلّفاته ، 24 ورقة ، تنتهي إلى الصفحة 48 من المجموعة رقم 1879.

ص: 267

(644)

الدرّة الدرّية في شرح المسألة النصيرية

للشيخ أحمد بن محمّد السبيعي ، فرغ منه في 25 رجب سنة 854.

والمسألة هي توريث أولاد العمومة والخؤلة من قبل الأب أو الأُمّ في مثلهم أيضاً ، فرضها سلطان المحقّقين نصير الملّة والدين الطوسي محمّد ابن محمّد بن الحسن ، المتوفّى سنة 672 في الفرائض النصيرية.

نسخة كتبها السيّد علي بن مير مرتضى الطباطبائي بخطّ نسخ جيّد ، وفرغ منها في شهر صفر سنة 1115 ، بأوّل مجموعة رقم 864.

(645)

درّة معدومة النظير

في عدم صحّة الصلاة في ما لا تتمّ فيه الصلاة من الحرير.

للشيخ البهائي.

نسخة بخطّ العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلّي ، في مجموعة كلّها بخطّه ، فيها رسائل للشيخ البهائي وغيره ، ومنها هذه طرو التسمية منه أيضاً ، فرغ منها 2 محرّم سنة 1324 ، في ورقتين ، رقم المجموعة 385.

(646)

دره نادرى

لميرزا مهدي خان المنشي.

نسخة كتبت بخطّ فارسي جيّد ، وفرغ منها الكاتب في ذي القعدة

ص: 268

سنة 1212 ، وبظهر الورقة الأخيرة شعر فارسي في الوعظ والنصيحة للشاعر الملقّب : «اسير» ، 157 ورقة ، رقم 1960.

(647)

درج در

قصيدة مسمطة رائية في مدح السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ورجال حكومته ، أنشأها الشاعر المتخلّص : «محرم» في سنة 1275 عبدالوهّاب بن محمّد علي اليزدي.

وربّما يقال لها : «ديوان شاه پرستي» ، أو : «گلزار سخن» ، أو : «بهارستان» ، فليتحقّق ..

وله : «فرهنگ خدا پرستي» أيضاً منظومة مسمطة على هذا الوزن والروي نظم بها وقعة الطفّ وسمّى الشهداء واحداً بعد آخر ورثى سيّد الشهداء صلوات الله عليه ، وصدّره باسم : «ناصر الدين شاه» ، وفرغ من نظمه سنة 1277 ، مطبوع مكرّراً ، مخطوطة منه موجودة في المكتبة متّحد الخطّ مع درج در كتبها شخص واحد.

نسخة بخطّ نستعليق جميل ، كتبت عام نظمها سنة 1275 ، في 68 ورقة ، مقاسها 7 / 10 × 17 ، تسلسل 1403.

(648)

درج اللآلئ

في قصار كلمات مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وحكمه المأثورة ، انتخبها من كتاب غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ، فهو

ص: 269

منتخب ذاك الكتاب ، والمنتخِب هو محمّد بن برخوردار.

نسخة فرغ منها الكاتب يوم الجمعه 18 رجب سنة 1261 ، في 48 ورقة ، مقاسها 11 × 17 ، تسلسل 205.

(649)

الدروس الشرعية

للشيخ السعيد الشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي الجزيني ، المستشهَد سنة 786.

أفرد له أحد أحفاده - وهو المرحوم الشيخ محمّد رضا شمس الدين ، أحد طلبة العلم في النجف الأشرف مات شابّاً رحمه الله - رسالة خاصّة سمّاها : حياة الشهيد الأوّل.

نسخة قيّمة ، من كتابة القرن الثاني عشر ، مصحّحة ، عليها تصحيحات وبلاغات ، وبآخرها خطّ العلاّمة المحقّق الشيخ عبد الحسين الحلّي ، المتوفّى سنة 1375 رحمه الله ، وإليك نصّه : «هذه النسخة الشريفة من كتاب الدروس الشرعية للشيخ الإمام الشهيد الأوّل قدس سره ، قد صحّحت تصحيحاً بليغاً مدقّقاً من أوّلها إلى آخرها بالمقابلة على نسخة في غاية الصحّة ...».

فالظاهر أنّه صحّحه بنفسه ، وتاريخه 9 ذي القعدة سنة 1317 ، في 155 ورقة ، مقاسها 20 × 30 ، تسلسل 382.

جلاد النسخة منقّش مطلي بالمينا.

نسخة عتيقة قديمة ترجع إلى قرب عصر المصنّف ، كتابة القرن التاسع ، ناقصة الطرفين ، من أوّل الجهاد إلى أواخر الرهن ، عليها بلاغات

ص: 270

وتصحيحات ، في 150 ورقة ، مقاسها 17 × 25 ، تسلسل 797.

(650)

دساتير آسمانى

كتب مقدّسة مجوسية ، ترجمها إلى اللغة الفارسية الدارجة اليوم وشرحها بعض الشرح : فيروز بن ملاّ كاوس الشيرواني ، وفرغ منها في شهر صفر سنة 1285 ، وبآخرها منظومة فارسية له وفي آخرها تاريخ إتمامه ، كتب الأصل بالحبر والترجمة خلال السطور بالشنجرف وجعل لها بآخرها معجماً لتفسير مفردات ألفاظها.

نسخة لعلّها الأصلية ، رقم 436.

(651)

دستور العلاج

فارسي في الطبّ.

تأليف : سلطان علي الطبيب الخراساني الگنابادي.

ألّفه في مدينة سمرقند باسم السلطان «أبو منصور كوچكونجي خان» خلّد الله ملكه ، وفي عهد أبي المظفّر محمود شاه سلطان ، وألّفه بأمر أبي المظفّر بعدما برئ من مرض شديد بمعالجة هذا الطبيب ، وكان تأليف الكتاب سنة 933.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر ، في 62 ورقة بالقطع الرحلي ، تسلسل 548.

ص: 271

(652)

دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة

نسخة بآخر المجموعة رقم 627.

(653)

الدعوات الكافيات

فارسي.

للشيخ محمّد رضا بن محمّد صادق بن مقصود علي المجلسي ، ابن أخي المولى محمّد تقي المجلسي الأوّل ، وابن عمّ العلاّمة المجلسي مؤلّف البحار.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ، فرغ منها يوم الثلاثاء سابع ربيع الأوّل سنة 1069 ، يروي عن جماعة منهم عمّه التقي المجلسي ، وكتب هذه النسخة بيده لأخيه في الله زبدة الصالحين محمّد نسيم التبريزي ، رقم 214.

(654)

دفاتر العموم

تأليف : السيّد عبّاس بن جبرئيل بن محمّد بن محمّد خان الحسيني البرغاني.

فارسي ، في التاريخ ، صدّره باسم السلطان ناصر الدين شاه القاجاري.

ص: 272

أوّله : «الحمد لله الذي خلق الإنس والجان ، وكرّم الإنسان بالمعرفة والبيان ...».

ألّفه في سبعة أشهر ، وفرغ منه في العشرين من شهر رمضان سنة 1306 في قرية «وجه آباد» من توابع «شهريار» من ضواحي طهران.

وللمؤلّف أيضاً كتاب دفاتر الهموم وكتاب دفاتر الغموم.

وبأوّل هذا الكتاب فهرس مبسوط لما يحتويه الكتاب وضعه له ميرعلي المنشي الشقاقي ، حفيد نجف قلي خان الهشترودي الآذربايجاني.

نسخة الأصل المسودّة بخطّ المصنّف ، في 238 ورقة ، وبآخرها ملحق من المؤلّف في بيان الفرق والمذاهب ، وبسط القول في تاريخ ظهور البابية وتطوّر هذا المبدأ ، وأكثره من مشاهداته ؛ فهي معلومات قيّمة ..

وبأوّلها فهرس مبسوط لمحتويات الكتاب وضعه ميرزا علي المنشي الشقاقي بحضرة المؤلّف والمهندس ميرزا مهدي خان الشقاقي.

في 238 ورقة ، رقم 1292.

(655)

دفع شبهة ابن كمونة

للمولى شمس الدين محمّد الجيلاني ، المشتهر ب- : ملاّ شمسا.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله الطيّبين الطاهرين ... وهذه رسالة مفردة في دفع شبهة ابن كمونة ...».

والشبهة في توحيده تعالى وتقدّس. كتبه سنة 1050 في شيراز.

نسخة أظنّها نسخة الأصل خطّ المصنّف كما هو الظاهر ، في مجموعة فلسفية كتبت في القرن الحادي عشر ، أوّلها : إثبات الواجب

ص: 273

القديم للدواني ، وحاشيتان عليه للشيرواني والباغنوي ، وخطّ هذه الرسالة يغاير خطّ المجموعة ؛ فالرسالة كتبت بخطّ دقيق ملء الأوراق وهي في ورقتين : من الورقة 47 أإلى الورقة 48 ب ، وأظنّ أنّ المجموعة كانت له وهذه الورقتين - بين حاشيتي الشيرواني والباغنوي - كانت بياض فكتب فيها رسالته هذه ، المجموعة رقم 3 / 2266.

(656)

الدلائل الباهرة

في فقه العترة الطاهرة

تأليف : العلاّمة الشيخ محمّد تقي بن الشيخ محمّد ملاّ كتاب الأحمدي البياتي النجفي ، المجاز من السيّد بحر العلوم وكاشف الغطاء والسيّد صاحب الرياض وغيرهما.

وهو في صنفين : في الفقه وأُصوله ، الأوّل : في الدلائل الفقهية والقواعد الكلّية والمباحث الأُصولية ، والثاني : في الفقه والفروع.

قال شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة [8 / 247] : خرج منه مجلّدان ، مجلّد في أدلّة الفقه وأُصوله ، بلغ فيه إلى حجّية الخبر الواحد ، ومجلّد في الفقه : من أوّل الطهارة إلى أواسط المطهّرات.

نسخة من المجلّد الأوّل في أُصول الفقه بخطوط مختلفة ، بآخرها صورة تقريظ الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، منه قوله : «قد نظرته نظر اعتبار ، ونقدته نقد الدرهم والدينار ، فوجدته قد جمع فيه من الشوارد والنوادر ، ماحقّ أن يقال كم ترك الأوّل للآخر ...» ، وبأوّلها خطّ المولى نوروز علي البسطامي وختمه ، كتابة القرن الثالث عشر ، وأظنّه في عهد المؤلّف ، في

ص: 274

339 ورقة ، رقم 1901.

الجزء الأوّل ، بآخره ختم تملّك الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني ، والنسخة كتابة القرن الثالث عشر في عهد المؤلّف أو قريب منه ، ويقع في 269 ورقة ، رقم 1079.

(657)

دلائل العباد

على طريق السداد في شرح الإرشاد

للشيخ محمّد تقي النوري والد المحدّث الحاجّ ميرزا حسين النوري.

أوّله : «الحمد للمتوحّد في النورانية ، والمتفرّد في الوحدانية ...».

نسخة المجلّد الأوّل إلى آخر الوضوء ، فرغ منها المؤلّف في آمل طبرستان أواسط ربيع الآخر سنة 1235 ، وفرغ من هذه النسخة تلميذه الشيخ إسماعيل بن عباس علي الكجوري في 10 محرّم سنة 1238 في عهد أُستاذه المؤلّف وبحضرته وعلى نسخته ، كما هو الظاهر المظنون ، رقم 2116.

(658)

دلائل اللعن

ترجمة لكتاب نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت.

أصل الكتاب باللغة العربية للمحقّق الكركي ، المتوفّى سنة 940 ، ترجمه إلى الفارسية تلميذه محمّد بن أبي طالب الاسترآبادي ، شارح جعفريّته ، ذكر في الذريعة [4 / 143] في حرف التاء بعنوان : «ترجمة

ص: 275

النفحات» نقلاً عن الروضات ؛ ولم يصرّح المترجم باسم خاص للكتاب ولكن نسختنا العتيقة مكتوب عليها : دلائل اللعن.

ترجمه في حياة أُستاذه المصنّف بإشارة بعض السادة الكرام.

أوّله : «سپاس بى قياس لايق خالقى است كه محبان آگاه ومخلصان درگاه را ...».

نسخة فرغ منها الكاتب 7 شعبان سنة 1041 ، وعليها تملّك محمّد تقي بن محمّد رضا الرازي ، ملكها في أصفهان سنة 1044 ، مؤلّف الرسالة الكبيسية الموجودة بخطّه في المجموعة ، والمشتهر ب- : «تقياي رازي» ، وعليها خطّ السيّد محمّد كاظم الحسيني ، وقد سجّل في آخرها تاريخاً لحادثة وقعت سنة 1128. بأوّل مجموعة رقم 567.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتابة القرن الرابع عشر ، وبعده بالخطّ نفسه أصل الكتاب بالعربية ، رقم 2198.

(659)

دلگشا (رسالة ...)

للشاعر الهزلي عبيد الزاكاني القزويني.

كتاب فكاهي قصصي هزلي انتقادي روائي ، فيه نوادر ، وهو على قسمين ، قسم في النوادر باللغة العربية ، وقسم بالفارسية فيه قصص ونوادر عن سلطان «حسين بايقرا» والمولى «جامي!».

نسخة تحتوي القسم الفارسي فحسب ، ضمن مجموعة هزلية كتبها محمّد تقي وفرغ منها سنة 1249 ، رقم المجموعة 1634.

ص: 276

(660)

الدمعة الساكبة في المصيبة الراتبة

والمناقب الثاقبة والمثالب العائبة

في مقتل الحسين عليه السلام.

تأليف : محمّد باقر بن عبد الكريم الدهدشتي البهبهاني النجفي ، توفّي في النجف الأشرف سنة 1285 ، في خمس مجلّدات ، طبع الثلاثة الأُول منها سنة 1306.

الجزء الأوّل في سيرة النبيّ وتاريخ أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والإمام السبط الحسن المجتبى عليهم السلام ، فرغ منه سنة 1276 ..

نسخته بخطّ محمّد حسين بن أحمد التستري ، فرغ منها 19 ذي القعدة سنة 1281 ، وعليها تعليقات : «منه عفي عنه» ، 285 ورقة ، تسلسل 241.

الجزء الثاني يتضمّن تاريخ سيّد الشهداء عليه السلام ومقتله ، ثمّ الأئمّة من بعده إلى الإمام الصادق عليه السلام ، في غاية الإسهاب ..

نسخته مكتوبة في حياة المؤلّف في النجف الأشرف ، والظاهر أنّها على نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ، كتبها الشيخ أسد الله البروجردي وفرغ منها في جمادى الأُولى سنة 1284 ، وهي كبيرة في 402 ورقة ، تسلسل 242.

الجزء الثالث في تاريخ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام إلى الإمام العسكري صلوات الله عليهم أجمعين ، فرغ منه المؤلّف في 20 ذي القعدة سنة 1279 ..

ص: 277

ونسخته لعلّها بخطّ المؤلّف ، وعليها فوائد كثيرة منقولة من بعض الكتب ، وحواشٍ كثيرة مطوّلة ومختصرة من المؤلّف رمزها : «منه عفي عنه» ، وتقع في 287 ورقة ، تسلسل 243.

الجزء الرابع في أخبار الحجّة القائم المنتظر الإمام الثاني عشر - عجّل الله تعالى فرجه - فرغ منه المؤلّف في 28 شعبان سنة 1282 ..

ونسخته لعلّها بخطّ المؤلّف ، بآخرها تقاريظ منظومة لأُدباء عصره ، وعليها حواشٍ كثيرة مطوّلة : «منه عفي عنه» ، كبيرة في 294 ورقة بالقطع الرحلي ، تسلسل 244.

الجزء الخامس في الرجعة ومباحث الإمامة وفضائل الأئمّة وخصائصهم عليهم السلام ، ولم يؤرّخ فراغه منه بل لم يفرغ منه ولقي مبتوراً كأنّما كان ينوي أن يضيف إليه ما شاء ..

نسخته لعلّها بخطّ المؤلّف ، في 377 ورقة بالقطع الرحلي ، تسلسل 245.

(661)

دوره هندسه

الظاهر أنّها لبعض طلاب أو أساتذة دار الفنون.

أوّله : «دوره علم هندسه ، درس اول : تعريفات اصلى ، ابر : جسمى ضبط ميكند در فضاء نامحدود وعالم وسعت معينى را كه حجم آن جسم خوانند.

نسخة بخطّ فارسي جميل ، في 109 أوراق ، رقم 1497.

ص: 278

(662)

ديوان اسرار

هو ديوان أشعار الحكيم الحاج المولى هادي السبزواري الملقّب ب- : «أسرار» ، المتوفّى سنة 1289.

مؤلّف المنظومة وشرحها في الفلسفة ، والديوان فارسي مطبوع.

نسخة بخطّ «ميرزا حسين وفاتع نگار همدان» ، الملقّب ب- : «عاصي» ، كتبها في حياة الناظم بالتعليق الجيّد ، وأضاف في آخرها مقطوعتين غزليّتين لنفسه ، وتغزلين للشاعر السيّد عبد الرحيم عبرت السبزواري ، وفرغ الكاتب من النسخة في شهر ربيع الأوّل سنة 1291 ، 104 أوراق وملحقاته 4 أوراق ، رقم 1397.

نسخة إلى أواخر قافية الدال ، بخطّ فارسي جيّد ، مكتوبة لأحد رجالات العهد القاجاري «الأرفع الأمجد الأفخم الأعظم الأكرم ... أرواحنا فداه»! وموضع الاسم مخرق مرقع على عمد فلم يعرف ، وهي في 32 ورقة ، رقم 1421.

(663)

ديوان امير معزى

فارسي.

نسخة بخطّ فارسي جيّد ، ناقصة الآخر ، كتبت في القرن الثاني عشر ، 186 ورقة ، رقم 1660.

ص: 279

(664)

ديوان انورى

[فارسي.

أوحد الدين علي بن إسحاق الأبيوردي الخاوراني. الذريعة 9 / 109].

نسخة قيّمة ثمينة ، بخطّ الخطّاط الماهر محمّد هاشم بن محمّد مهدي ، كتبها بخطّه النستعليق المدهش المنعش ، مجدولة مذهّبة ، بأوّلها لوحة قيّمة فاخرة ، وجلدها مطلي منقوش بالأوراد والطيور البارزة البديعة ميناء منقّش من جانبيه ، وفرغ منها سنة 1251 ، تقع في 294 ورقة ، مقاسها 14 × 4 / 24 ، تسلسل 1372.

نسخة قيّمة ، من خطوط القرن الحادي عشر ، في 354 ورقة ، مجدولة مذهّبة ، مقاسها 10 × 4 / 19 ، تسلسل 1373.

(665)

ديوان بهجت

[فارسي.

لشاعر] من المتأخّرين ، وهو عدّة قصائد يمدح بها أتابك صدر أعظم القاجاري.

نسخة جميلة ، بخطّ فارسي بديع مجدول بالذهب واللاجورد والشنجرف ، بأوّلها لوحة ، وهي تحتوي عدّة قصائد ، في 14 ورقة ، رقم 1389.

ص: 280

(666)

ديوان جامى

مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي ، المولود سنة 817 والمتوفّى سنة 898.

من أكبر أعلام القرن التاسع في مختلف مجالاته ، وأشهر من أن يطوّل في التعريف به ، ومَن أراد التفصيل فقد أفرد الأُستاذ الأديب علي أصغر حكمت كتاباً خاصّاً حافلاً في حياة المترجم ، مطبوع سنة 1320 ه- ش وفي المكتبة نسخ متعدّدة منه ، منها نسخة عليها خطّه - دام عزّه -.

ولمولانا جامي غير مثنوياته الخاصّة دواوين ثلاثة دوّنها ورتّبها بنفسه ، أوّلها ديوان رتّبه سنة 884 على حسب القوافي ، والثاني رتّبه سنة 885 على حسب موضوعاته ، والثالث دوّنه سنة 897 ، ورتّب أشعار هذا الديوان على ترتيب تاريخ إنشائها الأوّل فالأوّل ، فسمّى ما نظمه في شبابه : فاتحة الشباب ، والقسم الثاني ما نظمه في منتصف عمره سمّاه : واسطة العقد ، والقسم الثالث منظومات أُخريات حياته سمّاها : خاتمة الحياة ..

راجع : الذريعة 9 - ق 1 - / 188 ، وجامي : 207 ، وفهرست سپهسالار 2 / 577 ، فهرس جامعة طهران 2 / 186.

نسخة من الديوان الأوّل - يحتوي القصائد والغزليات والمقطعات والرباعيات - ثمينة قديمة ، مجدولة مذهّبة ، وعليها لوحة مزوّقة ، بخطّ أحد خطّاطي القرن الحادي عشر ، نستعليق جميل ، قريبة من عصر الشاعر ، عليها ختم تاريخه 1156 ، وعليها تملّك للشيخ محمّد باقر ابن المرحوم

ص: 281

العلاّمة آخوند ملاّ محمّد تقي گزي الأصفهاني بأوّله وآخره ، وتاريخه رجب 1282 ، وختمه : «محمّد باقر العلوم» ..

في 237 ورقة ، مقاسها 4 / 13 × 22 ، تسلسل 675.

مجلّد يحتوي الديوان الأوّل - فيه القصائد والغزليات والمقطعات والرباعيات - والديوان الثاني والقسم الثالث من الديوان الثالث - واسم هذا القسم : خاتمة الحياة - كلّه في مجلّد بخطّ نستعليق جميل ، كتبه أحد خطّاطي القرن الثاني عشر ، مجدول مذهّب ، عليه تملّك محمّد بن محمّد الشهير ب- : «شاهي» ، وعليه ختم مدوّر ، في أوسطه «محمّد شاه» ، وبدائرته كتابة - [لعلّها :] «يا خليل المتكبر» - لم تقرأ بوضوح ، وسائره واضح جلي.

وفي ستّة مواضع منه تزويق وتذهيب : بأعلى الصفحتين الأُولى والثانية ، ثمّ بأعلى الصفحة التي يبدأ فيها بالغزليات ، المرتّبة حسب القوافي ، ثمّ بأعلى الصفحتين الأُولى والثانية من الديوان الثاني ، ثمّ بأعلى الصفحة الأُولى من خاتمة الحياة ، ومكتوب فيها كتابات كوفية ..

والمجموع في 600 ورقة ، مقاسها 7 / 16 × 24 ، تسلسل 1356.

(667)

ديوان جلال

هو ديوان فارسي للشاه زاده جلال الدين ميرزا القاجاري.

نسخة ضمن مجموعة دواوين ، بخطّ محمّد تقي بن محمّد باقر الهمداني ، فرغ منها 28 رجب سنة 1349 ، في 10 أوراق ، رقم 1657.

ص: 282

(668)

ديوان جمالى

وهو : الشاعر التركي ، الصوفي العارف ، الإمامي الحافظ ، قاسم جمال الدين.

من مريدي الشيخ قطب العارفين حاجّ إبراهيم فضال الدين قاضي ناحية «دي» ، سمّى ديوانه هذا : «سلسلة حدقه عشاقى وسنبله حديقه مشتاقى» أو : «دستور ياپير» ، وفرغ منه سنة 1305 ، والظاهر أنّ شيخه المذكور كان حيّاً في ذاك التاريخ ، وتخلصه : «جمالي» ، وربّما تخلّص : «قاسم».

وأكثره في مدائح الأئمّة ومراثيهم باللغة التركية ، والظاهر أنّه من أتراك تركيا.

نسخة بخطّ الناظم ، فرغ منها - كما ذكرنا - 27 ذي الحجّة سنة 1305 ، وألحق بخطّه بآخر ديوانه هذا «الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام» ، أعني استنسخ أكثر أشعاره لا كلّها ، والمجموع في 165 ورقة ، مقاسها 13 × 3 / 20 ، تسلسل 308.

(669)

ديوان جمالى

هو : العارف الشيخ محمّد الجمالي التبريزي ، كان شيخ الإسلام بشيراز.

فارسي.

ص: 283

ذكر شيخنا - دام ظلّه - أنّ الخطّاطين كانوا يكتبون ديوانه والمذهّبون يذهّبونه له إجلالاً له وإعجاباً به وحبّاً له.

نسخة بخطّ أحد أُولئك الخطّاطين المعاصرين له ، بخطّ فارسي فاخر عتيق مجدول مزوّق ، بأوّلها لوحة ، وتقع في 222 ورقة ، رقم 1354.

(670)

ديوان حافظ

[هو : الخواجه شمس الدين محمّد المدعو ب- : حافظ الشيرازي (729 - 792 ه) على خلاف في تاريخي الولادة والوفاة ، وقبره بشيراز معروف بالحافظية ، ويتفأل بديوانه. انظر : الذريعة 9 / 222].

قطعة منه ، أوراق من حرف الدال ثمّ حرف اللام والميم ، وهي أوراق متبقّية من نسخة كاملة من الديوان مكتوبة بخطّ فارسي غاية في الروعة والجمال ، وهي نسخة خزائنية ، كتبها أحد خطّاطي القرن العاشر بأجمل خطوط ذلك العصر على ورق مذهّب (زراندود) ، مجدولة بالذهب ، والمجموع الباقي من هذه النسخة النفيسة 10 أوراق ، رقم 1672.

(671)

ديوان السيّد حسين بحر العلوم

هو العلاّمة الجليل السيّد حسين ابن العلاّمة السيّد رضا نجل الآية الكبرى السيّد مهدي بحر العلوم.

جمع الناظم ديوانه وجعله في بابين ، الباب الأوّل : ما نظمه في النبيّ وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم من مديح ورثاء ، والباب الثاني : في سائر

ص: 284

ما نظمه في شتّى الأغراض ، وكلّ منهما على حسب القوافي.

نسخة قيّمة بخطّ أحد الخطّاطين ، كتبها بنسخ جيّد ، وكتب العناوين بالشنجرف ، وهي مؤطّرة ومجدولة بالذهب واللاجورد والشنجرف ، وأظنّها خزائنية ، وهي المهداة من الناظم إلى معتمد الدولة فرهاد ميرزا القاجاري ، وألحق بآخر الديوان قصيدته التي أنشأها عندما بعث الديوان إلى معتمد الدولة ، وألحق بآخره أيضاً تخميس مراثي جدّه السيّد بحر العلوم ، 129 ورقة ، رقم 1191.

(672)

ديوان خاقانى

نسخة كتبت في جمادى الأُولى سنة 1110 ، بأوّلها قصيدته الشينية التي تسمّى : «مرآت الصفات» ، في 422 ورقة ، مقاسها 15 × 7 / 25 ، تسلسل 1329.

نسخة قيّمة ، كتابة أحد خطّاطي القرن العاشر ، تبدأ بخطبة ثمّ «مرآت الصفات» ثمّ الديوان غير مرتّب على حسب القوافي ، تقع في 333 ورقة ، مقاسها 6 / 17 × 24 ، تسلسل 1384.

للموضوع صلة ...

ص: 285

مصطلحات نحوية (22)

السيّد علي حسن مطر

واحد وأربعون - مصطلح اسم الجمع

عبّر سيبويه (ت 180 ه) عن «اسم الجمع» بأنّه : «الاسم الذي لم يكسّر عليه واحده للجمع» ؛ فقد قال في باب التحقير : «هذا باب تحقير مالم يكسّر عليه واحده للجمع ، ولكنّه شيء واحد يقع على الجميع ، فتحقيره كتحقير الاسم الذي يقع على الواحد ؛ لأنّه بمنزلته إلاّ أنّه يعنى به الجميع ، وذلك قولك في قوم : قويم ، وفي رجل : رُجيل ، وكذلك في النَّفَر والرَهْط والنِسوة» (1).

وقال في موضع آخر : «هذا باب ما هو اسم يقع على الجميع لم يكسّر عليه واحده ، ولكنّه بمنزلة قَوْم ونَفَر وذَوْد ، إلاّ أنّ لفظه من لفظ واحده ، وذلك قولك : رَكْب وسَفْر ، فالركب لم يكسّر عليه راكب ، ألا ترى أنّك تقول في التحقير : رُكيب وسُفير ، فلو كان كسّر عليه الواحد رُدَّ إليه ،

ص: 286


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 3 / 494.

فليس (فَعْل) ممّا يكسّر عليه الواحد للجمع» (1).

وقد حذا ابن السرّاج (ت 316 ه) حذو سيبويه في التعبير عن اسم الجمع بأنّه : «اسم يقع على الجميع ولم يكسّر عليه واحد ، وهو من لفظه» (2) ِ.

ويبدو أنَّ المبّرد (ت 285 ه) أوّل من عبّر عنه ب- : «اسم الجمع» ؛ إذ قال : «وأمّا قولهم : خادِم وخَدَم وغائب وغَيَب ، فإنّ هذا ليس بجمع (فاعل) ... إنّما هي أسماء للجمع ... ولو قالوا : (فُعُل) لكان من أبواب جمع (فاعل) ... نحو : كتاب وكُتُب» (3).

وقال في موضع آخر : «أسماء الجمع التي ليس لها واحد من لفظها : اعلم أنّ مجراها في التحقير مجرى الواحد ؛ لأنّها وضعت أسماءً ، كلّ اسم منها لجماعة ، كما أنّك إذا قلت : (جماعة) فإنّما هو اسم مفرد وإن كان المسمّى به جمعاً ... وتلك الأسماء : نَفَر وقَوْم ورَهْط وبَشَر ، تقول : بُشَيْر وقُوَيْم ورُهَيط» (4).

وعبّر عنه ابن السرّاج (ت 316 ه) ب- : «اسم الجميع» قائلاً : «وما كان اسماً للجميع ، وليس من لفظ واحده فهو كالواحد ويصغّر على لفظه ، نحو : قَوْم ، تقول فيه : قُوَيم ، ورَهْط تقول فيه : رُهَيْط» (5).

وإلى هنا لا نجد النحاة يفرّقون في اسم الجمع بين ما لم يكن له 2.

ص: 287


1- الكتاب 3 / 624.
2- الأُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 3 / 31.
3- المقتضب ، محمّد بن يزيد المبّرد ، تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة 2 / 220.
4- المقتضب 2 / 292.
5- الموجز في النحو ، أبو بكر محمّد بن السرّاج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي : 122.

واحد من لفظه ، وبين ما كان له واحد ، كرَكْب وسَفْر ، ممّا قام الدليل على أنّه ليس جمع تكسير لمفرده ، إلاّ أنّ أبا الحسن الأخفش المتوفّى أوائل القرن الرابع (1) ، ذهب إلى أنّ نحو : ركب وسفر جمع «تكسير ، فإذا صُغِّر على مذهبه رُدَّ إلى الواحد وصُغِّر عليه ، ثمّ تلحقه الواو والنون إن كان مذكّراً ، والألف والتاء إن كان مؤنّثاً ، فتقول في تصغير رَكْب : رُوَيكبون ، وفي سَفْر : مُسَيفرون ، ورُوَيْكبات ومُسَيْفرات» (2).

وسيأتي استعراض أدلّة النحاة على بطلان مذهبه.

وقال الزمخشري (ت 538 ه) : «ويقع الاسم على الجميع لم يكسر عليه واحده ، وذلك نحو : رَكْب وسَفْر وأَدَم وعَمَد وحَلَق وخَدَم» (3).

وتمثيله لاسم الجمع بنحو : ركب وسفر ، واضح في مخالفته لما ذهب إليه الأخفش ، وقد ساق ابن يعيش (ت 643 ه) في شرحه لعبارة الزمخشري أربعة أدلّة على بطلان مذهب الأخفش وهي :

[الأوّل] : «أنّ المسموع في تصغير رَكْب : رُكَيْب ، قال الشاعر :

وأينَ رُكيبٌ واضعون رحالَهم

إلى أهلِ نارٍ من أُناسٍ بأَسودا

... وهذا نصٌّ في محلِّ النزاع ؛ إذ لو كان جمعاً مكسّراً لرُدَّ إلى الواحد ، فأمّا قول أبي الحسن : (رُوَيكبون) ، فهو شيء يقوله على مقتضى قياس مذهبه ، والمسموع غيره.

الثاني : إنّ الجمع المكسّر مؤنّث ، وهذه الأسماء مذكّرة ، تقول : هو 7.

ص: 288


1- تاريخ وفاته مردّد بين الأعوام 210 ، 215 ، 221 ه. (المزهر - للسيوطي - 2 / 463).
2- شرح المفصّل ، ابن يعيش 5 / 77.
3- المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 197.

الرَّكْب ، وهذا السَّفْر ، ولو كان مكسّراً لقلت : هي وهذه.

الثالث : إنّ (فَعْلاً) لا يكون جمعاً مكسّراً لفاعل ونحوه ؛ لأنّ الجمع المكسّر حقّه أن يزيد على لفظ الواحد ، وهذا أخفّ من بناء الواحد.

الرابع : إنّ هذه الأبنية لو كانت جمعاً صناعياً ، لاطّرد ذلك في ما كان مثله ، وأنت لا تقول في جالس : جَلْس ، ولا في كاتب : كَتْب.

فثبت بما ذكرناه أنّه : اسم مفرد دالّ على الجمع ، وليس جمعاً على الحقيقة» (1).

وقال الشلوبيني (ت 645 ه) معرّفاً باسم الجمع : «وضعت أسماء الجموع نحو الرَّهْط والنَّفَر والقَوْم والعُصبة لأداءِ معناها من أوّل وهلة ، لا أنّها كانت آحاداً ثمّ عطف عليها بالواو آحادٌ مثلها ، ثمّ عوّض من الآحاد التي عطفت بالواو على الأوّل شيء أُضيف إلى الأوّل المعطوف عليه كما فعل ذلك في التثنية وجمع السلامة» (2).

وقال أيضاً : «ولمْ يُقل فيه إنّه مجموع ؛ لأنّه ليس له واحد من لفظه ، ولا يكون الجمع عندهم إلاّ ما له واحد من لفظه ... وربّما جاءَ ما ظاهره ذلك ، ولكن يقوم الدليل على أنّه ليس بجمع تكسير ، وعلى أنّه ليس بمبنيّ على واحدٍ غير الجمع ، كرَكْب» (3).

ويمكن أن يستفاد من عبارته الأخيرة في صياغة تعريف «اسم الجمع» ، بأنّه : ما دلَّ على جماعة وليس بمبني على واحد غير الجمع ، فهذا أفضل من قولهم : ولم يكن له واحد من لفظه ؛ لأنّ هذا يوهم دخول 5.

ص: 289


1- شرح المفصّل ، ابن يعيش 5 / 77 - 78.
2- شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق تركي العتيبي 1 / 383.
3- التوطئة ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق يوسف المطوّع : 125.

نحو : صَحْب ورَكْب في التعريف ، وإن أمكن إخراجه بما ذكروه.

وقال ابن عصفور (ت 669 ه) : «اسم الجمع ، ما ليس له واحد من لفظه ، نحو : قوم ؛ لأنّ واحده رجل ، ونحو : إبل ؛ فإنّ واحده ناقة أو جمل» (1).

وفيه شيء من المسامحة ، وكان ينبغي أن يصدّره ب- : (ما دلَّ على أكثر من اثنين) ، أو : (ما دلَّ على جماعة).

وقال ابن مالك (ت 672 ه) في التعريف بالجمع واسم الجمع ، وبيان الفارق بينهما : «كلّ اسم دلّ على أكثر من اثنين ولا واحد له من لفظه ، فهو جمع واحد مقدّر إن كان على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، وإلاّ فهو اسم جمع ، فإن كان له واحد يوافقه في أصل اللفظ دون الهيئة وفي الدلالة عند عطف أمثاله عليه فهو جمع ، ما لم يخالف الأوزان الآتي ذكرها ، أو يساوِ الواحد دون قبح في خبره ووصفه والنسبة إليه ... فإن كان كذلك فهو اسم جمع ... لا جمع ، خلافاً للأخفش في رَكْب ونحوه» (2).

ويستفاد من كلامه أنّ من شروط كون الاسم الدالّ على أكثر من اثنين جمعاً اصطلاحياً :

* أوّلاً : أن يكون على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه.

* ثانياً : أن لا يكون مساوياً للمفرد في خبره ووصفه والنسبة إليه.

وعليه يثبت أنّ مثل : (ركب) اسم جمع وليس جمعاً لراكب ؛ لأنّه لم يأتِ على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، ولأنّه مساوٍ للمفرد في خبره 7.

ص: 290


1- شرح جُمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق صاحب أبو جناح 1 / 147.
2- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّد كامل بركات : 267.

ووصفه والنسبة إليه ؛ إذ يقال فيه : الركب سائر ، كما يقال : الراكب سائر ، بينما لا يقال في الجمع : الرجال سائر ؛ فإنّ فيه قبحاً.

ويستخلص منه تعريفه لاسم الجمع بأنّه : ما دلّ على أكثر من اثنين ، ولم يكن على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، ولم يساوِ المفرد في خبره ووصفه والنسبة إليه.

ومن الجدير بالذكر هنا ما لاحظه أبو حيّان الأندلسي على ابن مالك من أنّه أورد «في أسماء الجموع جملة ممّا بينه وبين المفرد تاء التأنيث وياء النسب ، وأصحابنا لا يسمّون هذا النوع اسم جمع بل يسمّونه اسم جنس» (1).

وقال ابن الناظم (ت 686 ه) : «الموضوع لمجموع الآحاد هو اسم الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه كرَكْب وصَحْب ، أو لم يكن كقوم ورهط ... وممّا يعرف به اسم الجمع كونه على وزن الآحاد ، وليس له واحد من لفظه ... وكونه مساوياً للواحد في تذكيره والنسبة إليه» (2).

فهو يرى أنّ حقيقة اسم الجمع تتقوّم بكونه موضوعاً أوّل وهلة للدلالة على مجموع الآحاد ، وأنّها ليست من قبيل دلالة تكرار الواحد بالعطف كما هي الحال في الجمع الاصطلاحي ، وأمّا كونه على وزن الآحاد ... إلى آخر ما ذكره ، فهي علامات يعرف بها اسم الجمع.

وقال الرضيّ (686 ه) : «اسم الجمع نحو : إبل وغنم ؛ لأنّها وإن 5.

ص: 291


1- ارتشاف الضرب من لسان العرب ، أبو حيّان الأندلسي ، تحقيق رجب عثمان محمّد 1 / 482.
2- شرح الألفية ، ابن الناظم : 14 - 15.

دلّت على آحاد ، لكن لم يقصد إلى تلك الآحاد بأن أُخذت حروف مفردها وغُيّرت بتغيير ما ، بل آحادها ألفاظ من غير لفظها ، كبعير وشاة» (1).

ثمّ ردّ القول بأنّ نحو ركب في راكب وطَلَب في طالب جمع ، بدعوى أنّ آحادها من لفظها ، وأنّ (راكب) مثلاً قد غُيّرت حروفه فصار (ركباً) بقوله : ليس راكب بمفرد ركب ، وإن اتّفق اشتراكهما في الحروف الأصلية ؛ لأنّها لو كانت جموعاً لهذه الآحاد ، لم تكن جموع قلّة ؛ لأنّ أوزانها محصورة ... بل جموع كثرة ، وجمع الكثرة لا يُصغّر على لفظه ، بل يُردّ إلى واحده ... وهذه لا تردّ ، نحو : رُكَيب ... وأيضاً لو كانت جموعاً لردّت في النسب إلى آحادها ، ولم يُقل : ركبيّ» (2).

وقال أبو حيّان (ت 745 ه) : «واسم الجمع قسمان : قسم ليس له واحد من لفظه ، كقَوْم ورَهْط ونَفْر ، وقسم له واحد من لفظه ، نحو : صَحْب ، وسبق ذكر الخلاف فيه ، وإنّ الأخفش يذهب إلى أنّه جمع تكسير» (3).

وقال ابن الفخّار (ت 754 ه) : «اسم الجمع ، وهو : ما ليس له واحد من لفظه لا تحقيقاً ولا تقديراً ، أو له واحد من لفظه ولم يثبت في أبنية الجموع ، خلافاً للأخفش» (4).

وقال الأشموني (ت 900 ه) في شرحه على الألفية : «الفرق بين الجمع واسم الجمع من وجهين ، معنوي ولفظي : 9.

ص: 292


1- شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 365 - 366.
2- شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 365 - 366.
3- ارتشاف الضرب من لسان العرب 1 / 480.
4- شرح جُمل الزجّاجي ، ابن الفخار الخولاني ، مصوّرتي عن مخطوطة الخزانة العامّة بالرباط : 29.

أمّا المعنوي ، فهو : أنّ الاسم الدالّ على أكثر من اثنين إمّا أن يكون موضوعاً لمجموع الآحاد المجتمعة ، دالاًّ عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف ، وإمّا أن يكون دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاءِ مسمّاه ... فالأوّل هو الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه مستعمل ، كرجال وأسود ، أو لم يكن ، كأبابيل (1) ، والثاني هو اسم الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه ، كرَكْب وصَحْب ، أم لم يكن ، كقوم ورهط ...

وأمّا اللفظي ، فهو : أنّ الاسم الدالّ على أكثر من اثنين إن لم يكن له واحد من لفظه ، فإمّا أن يكون على وزن خاصّ بالجمع ، نحو : أبابيل وعباديد (2)) ، أو غالب فيه ، نحو : أعْراب ، فهو جمع واحدٍ مقدّر ، وإلاّ فهو اسم جمع ، نحو : رهط وإبل» (3).

وعليه يمكن طرح تعريفين لاسم الجمع ، يقوم أحدهما على أساس الفارق المعنوي بينه وبين الجمع الاصطلاحي ، فيقال : إنّه ما كان موضوعاً لمجموع الآحاد ، دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسمّاه ، ويقوم الآخر على أساس الفارق اللفظي بينهما ، فيقال : إنّه ما دلّ على أكثر من اثنين ولم يكن على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه.

وقد أخذ الفاكهي (ت 972 ه) بالنحو الأوّل ؛ فقال في تعريف اسم الجمع : إنّه «الاسم الموضوع لمجموع الآحاد دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسمّاه ... فمدلوله مجموع الأفراد ، وكلّ منها جزء مدلوله ، 2.

ص: 293


1- الأبابيل : جماعة في تفرقة ، واحدها إبّيل وإبّول ، وذهب أبو عبيدة إلى أنّ الأبابيل جمع لا واحد له من لفظه. لسان العرب ، مادّة «أبل».
2- العباديد : الخيل المتفرّقة ، لا واحد له ، ولا يقال : عبديد. لسان العرب ، مادّة «عبد».
3- شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد 3 / 412.

ودلالته على أحدها بالتضمّن ؛ لأنّه جزء المدلول ، كالتخت اسم لذي أجزاء مدلوله مجموعها» (1).

* * * 1.

ص: 294


1- الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمّد الطيّب الإبراهيم : 90 - 91.

من ذخائر التراث :

ص: 295

ص: 296

صورة

ص: 297

ص: 298

مقدّمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد خير الأنام ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الكرام.

أمّا بعد ..

لقد أجمعت الأُمّة على أنّ أفضل مكان للسجود هو الأرض ؛ بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لقد جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (1).

وهو محلّ اتّفاق ؛ لقولَي الإمام جعفر الصادق عليه السلام : «السجود على الأرض أفضل ؛ لأنّه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزّ وجلّ» ..

و : «السجود على الأرض فريضة ، وعلى غير الأرض سنّّة» (2).

وهنا يلاحظ أنّ الجميع - بدون استثناء - متّفقين على أنّ السجود على الأرض هو الأفضل. ض.

ص: 299


1- انظر : صحيح البخاري 1 / 149 ح 2 وص 190 ح 98 ، صحيح مسلم 2 / 63 - 64 ، سُنن الترمذي 2 / 131 ح 317 ، سُنن أبي داود 1 / 129 ح 489 ، سُنن النسائي 2 / 56 ، مسند أحمد 2 / 240 و 250.
2- الوسائل 5 / 367 ح 1 و 2 باب 17 إستحباب السجود على الأرض.

ولكن عندما نلاحظ مناخ الجزيرة العربية آنذاك ، وما تحمله من الطقس الحارّ وارتفاع درجات الحرارة والجفاف الذي كان يسود أجواؤها ، ممّا يعني صعوبة السجود على رمضائها ، حاول كثير من الصحابة إيجاد منفذ للتخلّص من السجود على هذه الأرض الحارّة ، فكان أكثر الصحابة يحتفظون بأشياء مرتبطة بطبيعة الأرض ، فبدؤوا بأخذ الحصى والاحتفاظ به لحين موعد صلاتهم ؛ وذلك لدفع الضرر الحاصل من السجود على الأرض الساخنة ، لذا أصبحت هي البديل في سجودهم ، وقد صرّح بذلك كثير من الصحابة ، منهم : جابر بن عبدالله ، وأنس بن مالك ، وغيرهم ..

فقد قال جابر بن عبدالله : «كنت أُصلّي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فآخذ قبضة من الحصى ليبرد في كفّي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدّة الحرّ» (1).

وقال أنس بن مالك : «كنّا نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شدّة الحرّ فيأخذ أحدنا الحصباء في يده ، فإذا برد وضعه وسجد عليه» (2).

وعن ابن عمر : «مُطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة ، فجعل الرجل يمرّ على البطحاء ، فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلّي عليه ...» (3).

فثبت لنا هنا أنّه يمكن أن نأخذ شيئاً من الأرض شرط الطهارة بديلة لها ، وتكون حاضرة معنا في حلّنا وترحالنا ؛ والكلّ يعلم أنّ الحصى 0.

ص: 300


1- راجع : مسند أحمد 3 / 327 ، المستدرك على الصحيحين 1 / 309 ح 701 ؛ وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، وأقرّه الذهبي في التلخيص ، السُنن الكبرى 2 / 105 ؛ وفيه : قال الشيخ : ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى في الكفّ ، ووضعها للسجود عليها.
2- السُنن الكبرى 2 / 106.
3- السُنن الكبرى 2 / 440.

والحجر والرمل هي من مسمّيات الأرض أيضاً ، ويصحّ للمسلم السجود عليها.

وقد ذكر ابن سيرين أنّ (مسروق بن الأجدع) كان يأخذ في أسفاره لبنة يسجد عليها (1).

وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخُمرة (2) فيسجد عليها (3).

من هنا تتّضح الصورة ؛ إذْ لم يكن عمل (التربة) وليدة العصور المتأخّرة ، بل كانت منذ الصدر الأوّل للإسلام.

إنّ الأصل واحد في كلّ المذاهب ، ولكن من دوّن السُنّة والتاريخ ، وكتب في مجال الفروع والأُصول حاول أنْ يُجزّئ بعض المفاهيم العقائدية ، ويصوّرها حسب الهوى ، بل ربّما حسب الوضع السائد آنذاك لمصلحة فردية يُراد بها الخروج عن مسار النهج الإسلامي.

وإنّ الخوض في مسألة المسجد والسجود ، والتعامل معها وفق الشروط والمفاهيم التعبّدية التي جاءت بها السُنّة النبويّة ؛ صعبة التطبيق في عالمنا الحاضر ؛ بسبب قلّة الوعي الفقهي.

ولكي تكون هنالك فريضة متكاملة علينا أن نفهم أنّ الأُسس والقواعد التي تمّ تأسيسها منذ بداية البعثة النبويّة وإلى يومنا هذا هي نفسها ، ولم يتمّ تغيير ولو جزء بسيط لمفهوم هذه الفقرة أو تلك ، ولكن 8.

ص: 301


1- مصنّف ابن أبي شيبة 2 / 172 ح 1 و 3.
2- الخُمرة : حصير صغير من سعف النخل يُتّخذ للصلاة ؛ انظر : لسان العرب 4 / 213 مادّة «خمر».
3- إرشاد السّاري لشرح صحيح البخاري 2 / 48.

بقي السؤال عالقاً في أذهان الكثير : لماذا نبحث مثل هكذا موضوع ، ونحن نعلم أنّ الأرض هي أساس الطهارة؟

فهنا يجب أنْ نجد بديلاً للتراب ؛ لأنّ الحياة قد اختلفت كثيراً وتطوّرت بسبب متطلّبات العيش ، وسهّل هذا التطوّر الكثير من الأُمور ، واختلف فيها الكثير - والاختلاف واضح كما مرّ آنفاً - ولكن ليكتمل نصاب قضية ما - خصوصاً ونحن في هذا البحث - يجب إيجاد محلّ طاهر لوضع الجباه عليه حين السجود دون الابتعاد عن مسمّى التراب ، وهذا لا يكتمل إلاّ أن نأخذ من التراب نفسه ونعمل منه شيئاً يحافظ بدوره على الصفات التي تتمتّع بها الأرض ، فبدأ ظهور الألواح الطينيّة الطاهرة ، والتي تسمّى في عصرنا الحاضر : «التُربة».

وهنا يبدأ الحوار : لماذا تمّ اختيار التراب ، دون سواه ، لكي تكون تربته صالحة لعمل هذه التربة؟ وأيّ تراب يمكن أن نعمل منه هذه الأقراص؟

قد يقال : لماذا صُنعت هذه الأقراص ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسجد على الحصير ، وتارةً يسجد على الخُمرة ، وتارةً يباشر الأرض بجبهته الشريفة (1)؟

ولكن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لم يسجد على الفراش أو السجّاد ، والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير وأمثالها ، فليس هنالك دليل يسوّغ السجود عليها ، بل الأدلّة بخلاف ذلك ؛ لأنّ الغاية منه هو الخضوع 2.

ص: 302


1- انظر : صحيح البخاري 2 / 223 ح 242 ، سُنن الترمذي 2 / 153 ح 332 ، مسند أبي يعلى 12 / 311 ح 6884 وص 448 ح 7018 ، المعجم الكبير 23 / 351 ح 821 و 822.

والتذلّل لله تعالى ، ولا سيّما أنّ الصلاة هي عماد الدين.

وقد قيل للإمام جعفر الصادق عليه السلام : أخبرني عمّا يجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز؟

قال عليه السلام : لا يجوز السجود إلاّ على الأرض ، أو على ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُكل أو لبس.

فقال له : جعلت فداك ، ما العلّة في ذلك؟

قال عليه السلام : لأنّ السجود خضوع لله عزّ وجلّ ، فلا ينبغي أن يكون على ما يُؤكل ويُلبس ؛ لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزّ وجلّ ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الّذين اغترّوا بغرورها ، والسجود على الأرض أفضل (1).

إذاً لا يمكن السجود على ما مرّ ذكره إلاّ على الأرض ، أو ما أنبتت غير مأكول أو ملبوس.

وكثير ممّن يحاول أن يدسّ السمّ ويكفّر المذهب الشيعي يقول : إنّ الشيعة يعبدون شيئاً يسجدون عليه!

ونقول : إنّ الشيعة في سجودهم يسجدون على قطعة من تراب طاهرة ، ولا يسجدون لها ، حسب المفهوم الخاطئ ، وليس كلّ مسجود عليه معبوداً ، وإلاّ لكان الساجد على السجّاد عابداً له.

علماً بأنّ الشيعة لم تعدّ السجود على التربة من واجبات صلاتهم ، والدليل على ذلك سجودهم في الحرم المكّي ، أو مسجد الرسول ، على أرضيتهما المقدّسة ، والأرضية هذه مفروشة بالبلاط ، وكما قلنا سابقاً تعدّ 2.

ص: 303


1- علل الشرائع 1 / 37 ح 1 باب 42.

من مسمّيات الأرض ؛ فيجوز السجود عليها.

وبعد هذا المطاف نعود ونقول : أهنالك مانع بأن نصنع بديلاً لتراب الأرض تتواجد فيها صفات الطهارة كافّة ، ويكون سبباً لاطمئنان المسلم بصحّة سجوده في صلاته؟!

والجواب : لا مانع من ذلك ؛ ولهذا وجدت «التربة الحسينية» ؛ إذ أنّها بما تحمله من قدسية الأرض المأخوذة منها من ناحية ، واجتماع الشروط التعبّدية فيها من ناحية أُخرى ، صارت البديل الأمثل لتراب الأرض.

ولو تمعّن المسلم لوجد أنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ذكر هذه التربة في أكثر من مورد ، وقد أقبل بها جبرئيل ، وأخبره بأنّ ابن ابنته يقتل بها ، وقد أعطى الرسول هذا التراب إلى أُمّ المؤمنين السيّدة أُمّ سلمة وصرّته ، كلّ هذا ذكره أصحاب التواريخ والسير (1).

إذاً لماذا لا تكون لهذه الأرض قدسيّة خاصّة؟! وما المانع لو جُعل منها شيء يبقى على مدى التاريخ ، مذكّراً بما جرى لعترة الرسول من بعده في طفّ كربلاء ، ويكون شاهداً وحاضراً للأجيال على مرّ السنين ، لكي تبقى هذه الجريمة البشعة عالقة في الأذهان ، والتي ارتكبت في فترة مظلمة من تاريخ الأُمّة الإسلامية.

إنّ العلاّمة كاشف الغطاء قدس سره قد أحاط بالموضوع من جميع جوانبه ، وجعل طرحه مبنيٌّ على الأُسس والقواعد العلمية والفقهية ، متعرّضاً لمفهوم ا.

ص: 304


1- مسند أحمد 1 / 243 وص 283 وج 3 / 242 ، و 3 / 265 وج 6 / 294 ، المعجم الكبير 3 / 108 - 110 ح 2819 - 2822 ، العقد الفريد 3 / 368 - 369 ، دلائل النبوّة 6 / 468 - 470 ، مقتل الحسين - للخوارزمي - : 231 - 234 ح 1 - 6 .. وسيأتي تمام البحث في صفحة 352 وما بعدها.

الأرض من الجانب العلمي ، وتكوين الكواكب السيّارة ، وارتباط بعضها ببعض ، إضافة إلى ربط المفهوم العلمي بالمفهوم الفقهي ، وبالنتيجة ظهر هذا الأثر القيّم ؛ ليكون دليلاً واضحاً لمَن أراد أن يفهم ويدرك هذه الحقيقة.

* * *

ص: 305

حياة المؤلّف (1)

مولده ونشأته :

ولد الإمام الشيخ محمّد الحسين بن الشيخ عليّ بن الشيخ محمّد رضا ابن الشيخ موسى بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ، في محافظة النجف عام 1294 ه- / 1876 م.

نشأ بها على أبيه ، فقرأ مقدّمات العلوم من نحوٍ وصرفٍ ومنطق ومعانٍ وبيانٍ ، وتوسّع في طلب العلوم ، فقرأ كثيراً من العلوم التي ابتعد عن قراءتها كثير من أبناء العرب ، كالهيئة والفلك والحساب والحكمة والكلام ، وتتلمذ في دراسة الفقه والأُصول على أساتذة عصرهم ، كالإمام اليزدي والخراساني والفقيه ملاّ رضا الهمداني - صاحب المصابيح - والسيّد محمّد الأصفهاني ، والشيخ محمّد تقي الشيرازي ، وفي العلوم الأُخرى على الميرزا محمّد باقر الاصطهباناتي ، والشيخ أحمد الشيرازي ، والشيخ محمّد رضا النجف آبادي ، وغيرهم من مشاهير العلماء المختصين.

كان ذو شخصية فذّة ، فقد جُمعت فيه كثيراً من النواحي التي عزّ أن تُجمع في فقيه أو في زعيم ديني ، فكان من بيئة دينية أنجبت الفقهاء والعلماء والأُدباء ، كان متواضعاً ، شيّق الحديث ، وفيّاً.

يجمع إلى جانب علميّته ، قوّة البيان العجيبة والقريحة الأدبية اللامعة ، فكان يسترسل في حديثه كأنّه حفظه عن ظهر قلب ، وعندما يكتب فكأنّه 1.

ص: 306


1- اختُصرت من موسوعة شعراء الغري 8 / 99 - 191.

ينقل شيئاً مسطوراً دون أن يمرّ عليه أو يقرأه ثانياً ، وكثيراً ما يملي المقالات ذات الشأن ، أو هي موضع المناقشة والاختلاف دون أن يكون لأحد عليه أي إيراد أو نقد.

أُسلوبه وآراؤه :

كان - قدّس سرّه - يجمع بين قوّة الأُسلوب في التحرير ، وعلوّ الكعب في الخطابة والبيان ؛ فقد كانت خطاباته واندفاعاته في التعبير عن القصد كالماء الذي ينحدر من شاهق دون أن يتأمّل في الكلام ، وعندما يتكلّم لا يأتي بألفاظ شعبية ، فصيح القول ، يستحضر الأمثال العربية والكلمات المأثورة ، والحديث النبوي الصحيح ، ويمتاز بظاهرة بارزة كونه يتذكّر الحوادث البعيدة ، ويشخّص الأزمنة البائدة ، ويستحضر الوقائع.

مارس حياة طبيعية ؛ فقد كان يعطي دروسه في ديوانه ، ويقابل الوافدين عليه وذوي المصالح ، ويفصل بين المتخاصمين ، كان يقرأ ويكتب كثيراً ، وكان يؤمُّ الجماعة في الحرم الحيدري ، ويخرج منه إلى حلقته العلمية ، فيلقي درساً في الفقه ، وهو جالس على المنبر ، وقد أحاط به تلامذته الّذين سمح لهم بمناقشته والاستزادة من التوضيح إذا أشكل عليه الأمر ، هكذا هي أيام الشيخ قدس سره ، وهذه الأعمال لا يستطيع أن يقوم بها الشاب بجسمه القوي ، فضلاً عن شيخ ، غير أنّه يصدق عليه قول القائل :

وإذا حلّ للهداية قلبٌ

نشطت للعبادةِ الأعضاءُ

وقد أدخل على الفقه كثيراً من التطوّر وأوجد كثيراً من القواعد ؛ ورسالته الأخيرة التي عنونها ب- : سؤال وجواب كفلت في آخرها هذه الآراء ،

ص: 307

بالإضافة إلى أنّه كان ينتزع كثيراً من الفروع من ذوق عربي سليم قد ارتكز على فهم نصوص الأخبار والروايات التي يستنبط منها الحكم الشرعي.

ويمتاز بالجرأة في إعطاء الرأي الذي يراه قد ارتكز على الحجّة وسانده العقل ، في حين أنّ خصومه الّذين قد وقفوا له بالمرصاد كانوا لا يستطيعون مقاومته إلاّ بالهمس والتحولق.

ومن آرائه الفقهية السليمة التي عني بها قبل أكثر من أربعين عاماً ، فتواه بصحّة الزواج بالعقد الدائم من الكتابية ، في حين أن غيره كان لا يقرّه إلاّ عن طريق العقد المنقطع ، وقد أخذ بهذا الرأي في أواخر أيامه السيّد أبو الحسن الأصفهاني رحمه الله ، وغيرها من الفتاوى.

والحق أنّ الإمام كاشف الغطاء قدس سره كان أجرأ أهل عصره في إعطاء الأحكام.

وكان يرى منذ أن نشأ أنّ التساوي يجب أن يسود البشر لئلاّ يصبح الناس وقد شعروا بالفروق البعيدة ، والقبلية الرعناء ، فقال في مطلع قصيدة له :

بنو آدم إنّا جميعاً بنو أب

لحفظ التآخي بيننا وبنو أُمِّ

عهدتكم شتّى الحزازات بينكم

وما بينكم غير التضارب بالوهمِ

السلوك الاجتماعي :

كان الشيخ قدس سره من العظماء الّذين ارتفعوا في سلوكهم وتواضعهم مع ارتفاعهم عن الوسط الذي يعيشون فيه ، فكان يخضع للحجّة ، ويؤيّد البرهان ، ويؤمن بالمنطق الرزين إذا وجده عند جليسه ، وسعة صدره بلغت حدّاً عالياً ، فهو يتفاوض مع أيّ إنسان يثق به ، فقد صادمه مجتمعه مصادمة

ص: 308

عنيفة ، وحاربه فريق من أهل العلم حرباً استمرت زمناً ليس بالقليل ، والسر معروف لدى من عاصره.

وكان الذنب الذي يجده خصمه فيه هو أنّه مع كونه أعلم أهل زمانه غير أنّه لا يعطي المال ، وينسبون له المثالب عن طريق المغالطة ، ويغرون بها العوام فيصطادون جملاً من خطبه ويوجهونها في غير الغرض الذي قيلت فيه ..

ومنها : «دينارك كدمك ، فاجر دمك في عروقك» وهذه جملة قالها ضمن خطبة ألقاها في مسجد الكوفة عند رجوعه من المؤتمر الإسلامي بفلسطين.

فكانوا يصمونه بالبخل الحادّ ، ويسمّمون أفكار الناس عليه ، في حين أن اعتداده بنفسه كان قد بلغ الذروة ، فهو لا يجد كفؤاً له من الناحية العلمية ، كما لم يجد له كفؤاً من الناحية القبلية.

وبهذا تأزّم الوضع على كثير من المتعاظمين الّذين لم يبق من رصيدهم سوى التغنّي بمجد الآباء ، ولكنّه وهو الطود الذي يُلجأ إليه عند الفزع ، كان لا يتقاعس عن ردّ أي غائلة تداهمهم ، وكلّ حملة تشنّ عليهم من الخصوم ، مع أنّ خيرهم لغيره وعِبْأهم على ظهره ، وبهذا كان يُصعد زفراته ويقول : «إنّ ما أُشاهده ليؤكّد لي ما يقصّه التاريخ من شذوذ وظلم من مناصرة البسطاء ، وخذلان العلماء ، ولست بأوّل قارورة».

مواقفه الوطنية :

لم يشغله التأليف في الدين عن حفظ ثغور المسلمين وكرامتهم ؛ بل راح يسعى لحفظها أيضاً ..

ص: 309

ففي عام 1335 ه- / 1916 م ذهب مع السيّد محمّد اليزدي ورعيل من العلماء إلى الكوت للجهاد ضدّ قوات الإنكليز.

وعندما تأسّس الحكم الوطني وتركّز ، كان شعوره يماشي الفكرة الوطنية ، ويحرص على إنمائها ، ويساند الجيل الذي تيقّظ لمسايرة النهضة الحديثة التي تمثّلت في أفكار وتصميم الملك فيصل الأوّل بفتح المدارس ونشر العلوم وتنوير الأذهان.

وقد وجد الفريق الناهض في شخصه ترحيباً وتشجيعاً ، فلمّا أحسّ المستعمر بعواقبه ، وتسهيله الصعاب للمواطنين أخذ يبثّ سمومه بإيجاد الفروق الطائفية والعداء بين أفراد الشعب ، وفق خطّته المرسومة : (فرّق تسد).

سعى قدس سره للقضاء على هذا الداء الذي أحسّ به قبل غيره ، فكافحه بقلمه السيّال ، وروحه الطاهرة ، وخطبه الخالدة ، وبذلك كان موضع ثقة عقلاء الفريقين الّذين أدركوا الخطر من انتشار هذه الروح.

وفي عام 1935 أطفأ فتنة عبد الرزّاق الحصان ، التي قام لها الجنوب وعشائره ، والمظاهرات التي قامت واستمرّت فترة ، فكان إطفاؤها على يده.

كما أطفأ أيضاً ثائرة عشائر الفرات على أثر استقالة وزارة المدفعي وتشكيل وزارة الهاشمي ؛ إذ اجتمع عنده زعماء الديوانية والرميثة والناصرية وسوق الشيوخ لإبرام ميثاق يتضمّن تخفيض الضرائب ، والعناية بعمران البلاد ، ونبذ الطائفية وإدخال الشيعة في الوظائف.

وفي عام 1952 م كان موقفه متميّزاً من المظاهرات التي حدثت في النجف في عهد وزارة نور الدين محمود ، والتي أوجبت احتلال النجف من

ص: 310

قبل الجيش الوطني ، فكان منشوره ونداؤه البلسم الشافي للفريقين المتخاصمين.

لم يكن مقتصراً موقفه الوطني على بلده العراق وحسب ، بل عبر بإحساسه إلى القضايا القومية ؛ فلقد اشترك في الحركات الوطنية مع أحرار سوريا كالشيخ أحمد طبارة ، وعبد الكريم الخليل ، وعبد الغني العريس ، وغيرهم ، وكان هذا عند تواجده في ربوع سوريا.

رحلاته :

في عام 1329 ه- / 1911 م سافر إلى حجّ بيت الله الحرام ، ومن مكّة توجه إلى دمشق ، ومنها إلى بيروت ، ومكث في ربوع سوريا ومصر ثلاث سنوات ، واشترك في الحركات الوطنية مع أحرار سوريا.

وفي عام 1332 ه- وقبل إعلان الحرب العالمية الأُولى بشهرين تقريباً عاد إلى العراق عن طريق حلب ودير الزور ودخل النجف.

وفي عام 1931 م عقد المؤتمر الإسلامي في القدس ، وبعد دعوات متكرّرة من لجنة المؤتمر توجّه في كانون الأوّل من السنة المذكورة ، وائتمّ به في الصلاة على الطريقة الجعفرية جميع أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 150 عضواً من أعيان العالم الإسلامي ، وخلفهم جمّ غفير من أهالي فلسطين يناهز عددهم 120 ألف ، وكان ذلك ليلة المعراج 27 رجب / 6 كانون الأوّل في المسجد الأقصى.

وفي 20 تموز عام 1933 م - أوّل ربيع الأول 1352 ه- توجّه إلى إيران عن طريق كرمنشاه ، ورجع عن طريق البصرة ، وقد مكث بها نحو ثمانية أشهر متجوّلاً في المدن المهمّة يدعو للدين والتمسّك به ، ويخطب

ص: 311

باللغة الفارسية كخطيب منهم ، واجتمع مع رضا شاه بهلوي مرّتين متواليتين برغبة من الشاه.

سافر صيف عام 1366 ه- إلى (كرند) القرية التي تقع بين كرمنشاه وخانقين قرب حدود العراق ، ونزل ضيفاً على الميرزا حسين احتشامي.

وسافر عام 1367 ه- إلى طهران ، ونزل ضيفاً على الحاج حسين ملك التجّار صاحب المكتبة الشهيرة ، ومنها توجه إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا عليه السلام.

وفي عام 1368 ه- توجّه إلى لبنان للمعالجة ، ونزل ضيفاً على الزعيم يوسف بك الزين ، ثمّ استضافه أحمد بك الأسعد.

سافر عام 1369 ه- إلى خراسان ، واجتمع في طريقه بطهران مع الشاه محمّد رضا بهلوي.

وفي 12 جمادى الأُولى من عام 1371 سافر إلى كراجي عن طريق البصرة ، ورجع إلى بغداد في 22 جمادى الآخرة.

وفي 17 شباط 1952 م سافر لحضور المؤتمر الإسلامي في كراجي ، وقد لقي حفاوة من حكومة الباكستان ، وألقى خطبة خالدة.

أدبه وشاعريّته :

الإمام كاشف الغطاء من أُولئك العلماء القلائل الّذين تفوّقوا في الأدب وسموا في علوم الدين ، وقد بدأ النظم بقوله : «إنّ قريحة الشاعر كعين الماء ، إنْ استعملت فارت ، وإنْ أُهملت غارت».

ومن أشعاره ، وصفه لقرية (كرند) حيث هاج إحساسه الأدبي فانطلق يغرّد بقصيدة تعرب عن خواطر عميقة في حياته ، نظمها قبل وفاته بعشر

ص: 312

ساعات ، منها :

يا بديع الجمال في كلّ قلب

نور ذاك الجمال أودع حمره

قد سقتنا تلك الشمائل كأساً

فسكرنا ولم نذق قطّ خمره

إنّ هذا الوجد بحرٌ ولكن

أين من في الوجود يسبر قعره

ولهذي الأكوان لبّ ولكن

ما عرفنا حتّى لحاه وقشره

ولهذي الحياة معنىً ولكن

علّنا بالممات نعرف سرّه

كما برع في فنّ الموشّحات ، ونظم الكثير ، وكان ذلك في عهد الشباب مجارياً أروع الموشّحات الأندلسية ، وفي ديوانه المخطوط فصل خاص فيه مجموعة فاخرة ، ونثبت هنا نموذج منها ، هو قوله :

غردي بالبشر يا ورق الهنا

وارتقي منبر أغصان الكثيب

واخطبي فيه بأنواع الغنا

وأخرسي كلّ مغنٍّ وخطيب

وأدر يا ساقي الخمر الكؤوس

للندامى من عصير الطرب

في معانٍ رقصت فيها النفوس

بنعيم ليس بالمستلب

أشرقت فيه وللأنس شموس

وبدت أقداحها كالشهب

ناعس الأجفان ساجي المقل

حرج الخلخال جوّال الوشاح

أسببل الفرع كليل أليل

فوق وضّاح جبين كالصباح

إنْ مشى اهتّز اهتزاز الأسل

بقوام فيييه بدر التمّ لاح

يا خليليّ إلى الكرخ اذهبا

بي ففي وادي طواها أربي

فوق وجنا خلّفت ريح الصبا

خلّفها داني الخطا وهو كبي

وإذا ما الليل أرخى الحجبا

رفعت الخفّ مرخى الحجب

ص: 313

لم يكتفِ قدس سره بهذه الأشعار بل تعدّاها ليرثي الأئمّة المعصومين ، ومن قصيدة يرثي بها الإمام الحسين عليه السلام ، هذا مطلعها :

دع الدنيا فما دار الفناء

بأهل للمودّة والصفاءِ

متى تصفو وتصفيك الليالي

وقد كوّنت من طين وماءِ

تروقك في مسرّتها صباحاً

وتطرق بالمساءة في المساءِ

تناهى كلّ ذي أمل فهلاّ

لعينك يا شباب من انتهاءِ

وأُخرى قوله :

خذوا الماء من عيني والنار من قلبي

ولا تحملوا للبرق منّاً ولا السحبِ

ولا تحسبوا نيران وجدي تنطفي

بطوفان ذاك المدمع السافح الغربِ

ولا أنّ ذاك السيل يبرد غلتي

فكم مدمع صبّ لذي غلّة صبِّ

وقصيدة أُخرى :

في القلب حرّ جوىً ذلك توهّجه

الدمع يطفيه والذكرى تؤجّجه

أُفدي الأُلى سحراً أسرى بهم ظعن

وراه حاد من الأقدار يزعجه

ركب على جنّة المأوى معرسه

لكن على محن البلوى معرّجه

مثل الحسين تضيق الأرض به فلا

يدري إلى أين مأواه ومولجه؟!

ونقتطف هذه الأبيات من قصيدة طويلة يرثي بها الإمام عليّ بن الحسين الأكبر عليه السلام :

هو الوجد يذكيه الجوى في الجوانح

ِفيجري بمنهل الدموع السوافحِ

لآل عليٍّ يوم سيموا بفادحٍ

له عقمت أُمّ الرزايا الفوادحِ

فساروا سراعاً للمنايا موارحاً

تهبُّ بجرد للطعان موارحِ

أهابوا إليها سيّداً بعد سيّد

وخفّوا إليها صالحاً إثر صالحِ

ص: 314

وله وقفة على تدمر :

عِبر لو وراءهن اعتبارُ

وادّكار لو ينفع الادّكارُ

أي آي يتلو لنا غابر ال

-دهر ولكن على العقول غبارُ

كلّ يوم يتلو علينا عظات

قدمت في حدوثها الأعصارُ

كم على هذه البسيطة من

حرّ صنع فيه العقول تحارُ

دمّرته الأيام حتّى على (تد

مر) يأتي الفنا ويقضي الدمارُ

وله قصيدة : «ألا هذه مصر» ، وهذه بعض أبيات منها :

هواي إلى مصر ألا هذه مصر

أعود الرجا ذاوٍ وعود الهوى نضرُ

تمطّى علَيَّ البرّ والبحرُ دونها

فما عاق عزمي البرّ عنها ولا البحرُ

وقلت لها : يا نفس عزمك والسرى

وصبرك والحلى وسعيك والعمرُ

أُجشّمها أخطار كلّ مهولة

تماوت فيها الموت وانذعر الذعرُ

وله : «بين الغرام والسياسة» :

حاكم جار واستبد

لا يفي بالذي وعدْ

يشربُ الماء بالروا

ء ويسقيني الثمدْ

كم سنى لحظة عينه

وفؤادي له سجدْ

قد أعان العدى عليَّ

ولم يبقِ لي عددْ

وقال : «العلم سرّ الحياة» :

طبت يا علم مذ تضوّعت نشرا

فملأت الصدور طيباً وبشرا

بك تحيى النفوس فلتحي إنّي

لا أرى للحياة غيرك سرّا

قد أنرت الآفاق شرقاً وغرباً

وسبرت الأكوان برّاً وبحرا

وله : «ساعة الوداع» :

سر على اليمن والشرف

ودع النفس والكلف

ص: 315

أيّها الظاعن الذي

أخذ القلب وانصرف

سر معافى كما تشا

ناعم البال والكنف

فلك الفوز بالهنا

ولنا بعدك الأسف

وقال : «الجمال عذاب» :

سئمت حياتي بهذا النفق

فكم ذا العناء وكم ذا القلق

يقلّبني موج هذي الصر

ف فلا للنجاة ولا للغرق

وله أيضاً من أشعاره المعروفة : «لامية العرب» :

إلى كم ترامى بي المنى والمنازل

ُوتقذف بي لجّ المنايا المناهلُ

وما لي لا أنفكّ إلاّ مقسّماً

مقيم لبانات وجسمي راحلُ

وما لك يا قلبي كأنّك طاير

وما لك في الدنيا سوى الهمُّ طائلُ

وله : «عزمات العرب» ، بعثها إلى أمين الريحاني :

يا عزمات العرب البواسل

هي لحلّ هذه المشاكل

قومي فلا موضع للقعود أو

يسكن غلي هذه المراجل

أنت رعيت الملك في شبابه

حتّى احتملته على الكواهل

ونختم باب أشعاره بقصيدة : «شعري وشعوري وعواطفي لطائفي» ، يقول فيها :

بني آدم إنّا جميعاً بنو أب

لحفظ التآخي بيننا وبنو أُمِّ

رأيتكم شتّى الحزازات بينكم

وما بينكم غير التضاربُ بالوهمِ

فلا حجب فيكم تمدّ على حجىً

ولا حزم منكم تشدّ على حزم

وقد عطفتني باللطايف نحوكم

عواطف جنس لم تزل علّة الضمِ

فاهديتكم بالودِّ نصحي قائلاً

عليكم سلامي دايباً ولكم سلمي

وألّفت بين اسمي ورسمي راجياً

حياتها إن بات تحت الثرى جسمي

ص: 316

آثاره العلمية :

لقد انتشرت آثاره العلمية في أكثر بقاع الأرض ، منها المطبوع ومنها ما زال مخطوطاً ، وهي متنوعة ، فقد كتب في جميع المجالات العلمية والفقهية والأدبية وغيرها ، وإليك بعضها :

1 - الدين والإسلام.

2 - المراجعات الريحانية.

3 - أصل الشيعة وأُصولها.

4 - الآيات البيّنات.

5 - الأرض والتربة الحسينية ؛ الذي هي موضوع بحثنا.

6 - حاشية على التبصرة للعلاّمة الحلّي.

7 - وجيزة الأحكام.

8 - حاشية على سفينة النجاة ، لأخيه.

9 - سؤال وجواب.

10 - دائرة المعارف العليا ، مجموع الفتاوى.

12 - تنقيح الأُصول.

13 - حاشية على العرشية ورسالة الوجود ، للملاّ صدر الدين الشيرازي.

14 - حاشية على العروة الوثقى.

15 - تعليقات على سحر بابل ، ديوان السيّد جعفر كمال الدين الحلّي.

16 - العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية.

ص: 317

17 - تعليقات على الفتنة الكبرى ، للدكتور طه حسين.

18 - مختارات من شعر الأغاني.

وغيرها كثير ، وليس الغرض هنا أن ندوّن كلّ ما كتبه يراعه الصافي ، بل التنويه بمؤلّفاته القيّمة ، علماً بأنّ المخطوط منها أكثر من المطبوع ، وسيرى النور إنْ شاء الله تعالى.

وفاته :

توفّي في صباح الاثنين 18 ذي القعدة 1373 في (كرند) ونقل جثمانه إلى بغداد ، ومن ثمّ إلى كربلاء ، ثمّ إلى مثواه الأخير في النجف ، ودفن بمقبرة خاصة له بوادي السلام.

وقد أقيمت على روحه الفاتحة من قبل الأُسرة الكريمة في مسجدهم ، واستمرّت الفواتح إلى يوم الأربعين ، كما استمرّت الوفود تتقاطر من مختلف أنحاء القطر ، ورثاه الخطباء والشعراء.

هكذا طوى الفقيد صفحة مشرقة بالعظمة ، والأعمال الصالحة ، والخدمات الإسلامية الجليلة ، رحم الله فقيدنا وأدخله فسيح جنّته ..

هذه الرسالة وسبب كتابتها :

هي بحث في موضوع لا يخصّ الطائفة الشيعية فحسب ، وإنّما هو بحث فقهي لكلّ من أراد أن يجد جواباً ؛ ليقف على حقيقة ثابتة في هذا المجال ..

فقد تطرّق فضيلته إلى حقائق ثابتة ، متوسّعاً في بحثه هذا عن مطلق الأرض ، وما تحويه من خيرات ، وتحدّث أيضاً عن قدسية هذه الأرض

ص: 318

بنحو فلسفي وديني وأدبي وتاريخي ، حتّى وصل إلى قدسية تربة معيّنة في أرض مقدّسة ، تكلّم عنها الأنبياء وخصّوها بخصائص دون غيرها.

وقد كُتب هذا البحث بناءً على طلب الأديب أحمد بدران ، الذي يعمل مترجماً في مديرية الميناء في البصرة ؛ إذ كتب رسالة إلى سماحته يخبره فيها عزم بعض المستشرقين الإنجليز تأليف دائرة معارف كبرى يضمّنها المنقول والمعقول ، وهو يريد تاريخاً حقيقياً شاملاً لجميع نواحي التربة الحسينية لدرجه في دائرة المعارف هذه ، ويريد أن تتّضح لديه فكرة سجود الإمامية على هذه التربة ، وتزويده بما يحتاج من معلومات عن تاريخ هذه التربة الحسينية ، وكيف نشأت؟ وهل كان لها تاريخ من قبل؟ وغيرها من التساؤلات ، وكان قد استشار - قبل ذلك - فضيلة السيّد عباس شبّر الحسيني في مَن يتمكّن من تلبيه طلبه ، فأشار عليه بمراسلة سماحته في الموضوع ..

وكان السيّد عباس شبّر قد كتب رسالة إلى سماحة العلاّمة الشيخ يعلمه بطلب الأديب المترجم ، ويطلب منه إنجاز هذا البحث الفقهي.

وردت نصوص هذه الرسائل جميعها في طبعة الكتاب المعتمدة في التحقيق ، وهي طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات في بيروت / لبنان سنة 1401 ه- - 1981 م.

أُسلوب التحقيق :

لقد طبعت هذه الرسالة أربع مرّات من قبل ، وكانت في كلّ مرّة تطبع على ما كانت عليه ، ولا تعدو كونها نسخة واحدة يتكرّر طبعها ، ولم يتمّ تحقيقها ، وقد وفّقنا الله تعالى لأن نقوم بتحقيقها وفق الأسلوب الحديث ،

ص: 319

فقمنا بتقطيع النصّ وتقويمه ، وتخريج الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، وترجمة بعض الرجال ، الّذين وردت أسماؤهم في المتن.

يضاف إلى هذا فقد تمّ تصحيح الأخطاء المطبعية والإملائية قدر المستطاع ، ووضعنا ما أضفناه بين معقوفين [].

وفي الختام نقول : إنّ الكمال لله من قبل ومن بعد ، ولأهله.

اللّهمّ وفّقنا لمرضاتك ، ويسّر أمرنا ، واحشرنا مع الصالحين ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإليك نصّ الرسالة التي سطّرها يراع تميّز بالصدق وقول الحقيقة.

رباح

كاظم الفتلي

دمشق

- السيّدة زينب عليها السلام

20

جمادى الآخرة 1423 ه-

مولد

السيّدة الزهراء عليها السلام

ص: 320

بسم الله الرحمن الرحيم

[تمهيد :]

يقول الله جلّ شأنه في فرقانه المجيد : (وكأيّن من آيةٍ في السماواتِ والأرضِ يمُرّون عليها وهُم عنها مُعرضُونَ) (1).

حقاً إنّ من أعظم تلك الآيات التي نمرّ عليها في كلّ وقت ، وعلى كلّ حال هي هذه الأرض التي نعيش عليها ، ونعيش منها ، ونعيش بها ، ومنها بدؤنا وإليها معادنا ، منها بدأكم وإليها تعودون (2).

لا نزال نمشي على الأرض ، ونثير ترابها في الحرث والنسل ، ونقلّبها للغرس والزرع ، ونتقلّب عليها للضرع والمرع ، ونزاولها في عامّة شؤون الحياة ، ولا تزال تدرّ علينا بخيراتها وبركاتها.

ونحن ساهون لاهون ، وعن آياتها معرضون ، غافلون عمّا فيها من عظيم القدرة ، وباهر الصنعة ، ودلائل العظمة والقوّة.

هذا التراب الذي قد نعدّه من أحقر الأشياء وأهونها ، والذي هو في 9.

ص: 321


1- سورة يوسف 12 : 105.
2- إشارة لقوله تعالى : (وادعُوه مُخلصينَ له الدينَ كما بدأكُم تعودُونَ). سورة الأعراف 7 : 29.

رأي العين شيء واحد ، وعنصر فرد ، كم يحتوي على عناصر لا تُحصى ، وخواص لا تتناهى ، تنثر فيه حَبّ القمح مثلاً ، فيعطيك أضعافاً من نوعه ، وتنثر فيه الفول والعدس وأمثالهما من القطانيات (1) المختلفة في الطعوم والخواص ، فتعيدها إليك مضاعفة مترادفة.

وتغرس في نفس ذلك التراب نواة النخل ، وبذرة الكَرْم ، وأقلام التين والتفاح ، وأمثالها من الفواكه ، فتثمر تلك الثمار الشهية المختلفة الأذواق ، المتغايرة الخواص.

التراب يخرج لك البطيخ بأنواعه : أصفره وأحمره وأبيضه بتلك الروائح الطبيعية العطرة ، وكلّهُ حلو منعش ، ويخرج لك الحنظل ، وكلّه مُرّ مهلك.

كلُّ هذا والشكل متشابه ، والخضرةُ متماثلة ، والماء واحد والتربةُ واحدة ، كما في القرآن : (يُسقى بماءٍ واحد) (2) والماء ماء ، ولمّا يستوي الشجر التراب واحد والمستقى واحد والثمرات والنتائج مختلفة ؛ فمن أين جاء هذا الاختلاف العظيم؟!

أليست كلّها عناصر في الأرض يأخذ كلّ واحد من تلك البذور مايلائمه من تلك العناصر الكامنة في التراب المكوّنة لتلك الثمرة؟!

والأنواع المختلفة لا يختلط واحد بالآخر ، ولا يشتبه نوع بنوع.

كلّ ذلك على نظام متّسق ، ووزن متّفق ، وعيار معيّن ، كلّ فاكهة في 4.

ص: 322


1- القطانيات : سمّيت بالقطنية ؛ لأنّ مخارجها من الأرض ، مثل مخارج الثياب القطنية ، وهي الحبوب التي تدّخر ، كالحمّص والعدس والباقلاء والترمس والدُخن والأرز ، وقيل : ما كان سوى الحنطة والشعير والزبيب والتمر ؛ انظر : لسان العرب 11 / 232 مادة «قطن».
2- سورة الرعد 13 : 4.

فصلها وموسمها ؛ فربيعية لا تدرك في الخريف ، وخريفية لا تنضج في الصيف ، وصيفية لا توجد في الشتاء.

وأعظم من هذا أثراً وعبراً ما تخرجه الأرض من المعادن ؛ انظر إلى هذه المعادن الثمينة ، والأحجار الكريمة من الذهب والفضة والياقوت والفيروزج ، ونظائرها ، هل هي إلاّ من التراب ، ومن ثمرات الأرض؟!

بل ذكر لي بعض المولعين بالصنعة القديمة (علم الكيمياء) أنّ الإكسير الأعظم الذي يتطلّبه أهل هذا الفن ، وبه يحوّلون الفلزّات من واحد لآخر حتّى ينتهي إلى الذهب هو أيضاً من التراب.

ولقد أبدع العارف الرباني محمود الشبستري (1) في رسالته المنظومة گلشن راز ، حيث يقول فيها :

شعاع افتاب از جرم أفلاك

نگردد منعكس جز بر سر خاك

تو بودى عكس معبود ملائك

از آن گشته تو مسجود ملائك

وملخّص ترجمته : «إنّ الشمس وهي في الفلك الرابع (على الهيئة القديمة) لا ينعكس شعاعها إلاّ على التراب ، ولولا التراب لما كان لأشعة الشمس فائدة وأثر. 1.

ص: 323


1- هو : نجم الدين (سعد الدين) محمود التبريزي (الشبستري) الچبستري المولد والمدفن ، وچبستر : موضع على ثمانية فراسخ من تبريز : صوفي ، من آثاره : منظوم فارسي اسمه : گلشن راز ، فيه أسئلة وأجوبة على اصطلاح التصوّف ، له عدّة شروح ، وله من المؤلّفات : حقّ اليقين في معرفة ربّ العالمين ، في التصوّف ، وسعادة نامه ، ومرآة المحققين ، وغيرها ، توفّي في عام 720 ه. انظر : كشف الظنون 2 / 990 و 1505 ، الذريعة 12 / 182 رقم 1206 وج 18 / 226 رقم 130 ، أعيان الشيعة 10 / 102 - 103 ، معجم المؤلّفين 3 / 810 رقم 16601.

ثمّ يقول : انعكست فيك صفات معبود الملائك أيُّها الإنسان لهذا صرت محل سجود الملائكة».

نعم ، نعود إلى الأرض فنقول : والأرض هي أُمّ المواليد الثلاثة : الجماد ، والنبات ، والحيوان.

وتحوطها العناية بالروافد الثلاثة : الماء ، والهواء ، والشمس ؛ فهي الحياة وهي الممات ، وفيها الداء ومنها الدواء.

وقد تُحصى نجوم السماء ، أمّا نجوم الأرض فلا تُحصى.

نعم ، لا تُحصى نجوم الأرض ، ولا معادن الأرض ، ولا عناصر الأرض.

ولا تزال الشريعة الإسلامية قرآنها وحديثها يعظّم شأن الأرض ، وينوّه عنها صراحةً وتلميحاً ؛ فيقول :

(ألم نجعل الأرضَ كِفاتاً * أحياءً وأمواتاً) (1).

(والأرضَ بعد ذلك دَحاها * أخرج منها مَاءها ومرعاها) (2).

(فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنّا صَبَبنا الماء صبّاً * ثمّ شققنا الأرض شقّاً * فأنبتنا فيها حبّاً * وعنباً وقضباً * وزيتوناً ونخلاً * وحدائق غُلباً * وفاكهة وأبّاً) (3).

دع عنك ما تخرجه الأرض من نبات وأشجار ، وحبوب وثمار ، ومعادن وأحجار ، ولكن هلمَّ إلى هذا الإنسان ذي العقل الجبّار ، الذي سخّر الأثير والبخار ، والكهرباء والذرّة ؛ فهل يكون إلاّ من التراب؟! 1.

ص: 324


1- سورة المرسلات 77 : 25 و 26.
2- سورة النازعات 79 : 30 و 31.
3- سورة عبس 80 : 24 - 31.

وهل عناصره وأجزاؤه التي التأم جسمه منها إلاّ من التراب؟!

وهل يتلاشى ويعود إلاّ إلى التراب؟!

ولعلّ من أجل شرف التراب وقداسته ، وعظيم خيراته وبركاته ، كنّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيه (1) وأحبّ الخلق إليه علياً عليه السلام (2)28

ص: 325


1- راجع : الفضائل - لأحمد بن حنبل - 2 / 762 - 763 ح 1052 ، المعجم الكبير 6 / 221 ح 6063 ، المناقب - للخوارزمي - : 84 - 85 ح 74 ، المناقب - للمغازلي - : 192 ح 238 ، تاريخ دمشق 42 / 392 ، فردوس الأخبار 2 / 192 ح 5047 ، ذخائر العقبى : 131 ، الرياض النضرة 3 / 138.
2- هناك عدّة أحاديث صرح فيها النبيّ صلى الله عليه وآله بحبّه لعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، منها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» ؛ وقصّة هذا الطير ذكرها أصحاب السير والتاريخ ، ونذكر هنا قسماً من هؤلاء : سُنن الترمذي 5 / 595 ح 3721 ، سُنن النسائي 5 / 107 ح 7398 ، تاريخ البخاري الكبير 1 / 358 رقم 1132 و 2 / 2 رقم 1488 ، فضائل الصحابة - لأحمد ابن حنبل - 2 / 692 - 693 ح 945 ، مسند أبي يعلى 7 / 105 ح 4052 ، المعجم الكبير 1 / 253 ح 730 و 7 / 82 ح 6437 ، أنساب الأشراف - للبلاذري - 2 / 378 ، العقد الفريد 4 / 77 ، طبقات المحدّثين بأصبهان - لأبي الشيخ - 3 / 454 ح 613 رقم 451 ، مروج الذهب - للمسعودي - 2 / 425 ، تمهيد الأوائل - للباقلاني - : 546 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 141 - 142 ح 4650 - 4651 ، حلية الأولياء 6 / 339 ، تاريخ بغداد 3 / 171 رقم 1251 ، المناقب - للمغازلي - : 163 - 176 ح 189 - 212 ، مصابيح السُنّة 4 / 173 ح 4770 ، تاريخ دمشق 37 / 406 ، مجمع الزوائد 9 / 125 - 126 ، وغيرها. وقوله صلى الله عليه وآله : «لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله» ؛ انظر بخصوص هذا الحديث : صحيح البخاري 4 / 145 ح 213 و 5 / 279 ح 230 و 231 ، سُنن ابن ماجة 1 / 43 ح 117 ، سُنن النسائي 5 / 46 ح 8149 - 8151 وص 108 - 113 ح 8399 - 8409 و 178 - 180 ح 8600 - 8603 ، مسند أحمد 5 / 353 - 354 ، مسند الطيالسي : 320 ح 2441 ، مصنّف عبد الرزّاق 5 / 287 ح 9637 و 11 / 228

ب- : أبي تراب (1) ، وكانت أحبّ الكنى إلى أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنها قد استخرج عبد الباقي العمري (2) معنىً شعرياً عرفانياً حيث :

ص: 326


1- انظر : صحيح البخاري 1 / 92 و 5 / 18 - 19 ، صحيح مسلم 7 / 123 ، باب فضائل الصحابة ، مسند أحمد 4 / 263 ، المناقب - للخوارزمي - : 38 ح 9 ، وقد أفاض أصحاب السير والتاريخ واقعة التسمية .. قال ابن إسحاق : عن عمّار بن ياسر ، قال : «كنت أنا وعليّ بن أبي طالب رفيقين في (غزوة العشيرة) فلمّا نزلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقام بها شهراً ، فصالح بها بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة ، فوادعهم ، فقال لي عليّ بن أبي طالب : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر - من بني مدلج يعملون في عين لهم - ننظر كيف يعملون؟! فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ، فغشينا النوم ، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض فنمنا فيه ، فوالله ما أهبنا إلاّ ورسول الله يحرّكنا ، فجلسنا وقد تترّبنا ، فجعل ينفض التراب عن رأس عليّ ووجهه من تلك الدقعاء فيومئذٍ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ : «يا أبا تراب!» ؛ لِما عليه من التراب ، فأخبرناه بما كان من أمرنا ...» .. الحديث. وهناك واقعة أُخرى لتسمية أمير المؤمنين عليه السلام ب- : أبي تراب ؛ انظر : أعلام النبوّة - لأبي حاتم الرازي - : 211 ، تاريخ دمشق 42 / 549 ، البداية والنهاية 3 / 195 حوادث سنة 2 ه- ، وغيرها.
2- هو : عبد الباقي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي : شاعر ، ومؤرّخ ، ولد بالموصل عام 1204 ه- ، وولّي فيها ثمّ ببغداد أعمالاً حكومية ، له :

قال :

خلق الله آدماً من تراب

فهو ابن له وأنت أبوه (1)

ولعلّ من هنا أيضاً ينكشف سرّ تقبيل الأرض بين يدي الملوك تعظيماً لهم ؛ يعني قُدِّست الأرض التي أنشأتْك ، ومنها تكوّنْت.

وقال الحكيم العارف الخيّام (2) في بعض رباعيّاته :

أى خاك أگر سينة تو بشكافند

بس گوهر قيمتى است در سينة تو

وترجمته : «أيُّها التراب لو يشقّون عن قلبك وينظرون إلى باطنك ، لوجدوا فيه الكثير من الجواهر الكريمة ذوات القيمة العظيمة».

وأبدع من هذا قول بعض أكابر العرفاء الشامخين في (ترجيع بند) له ، فيه بدائع الأسرار والحكم ، يقول فيه :

دل هر ذرة كه بشكافى

آفتابيش در ميان بينى8.

ص: 327


1- الباقيات الصالحات : 47 ، الكنى والألقاب 2 / 98.
2- هو : عمر بن إبراهيم الخيّام النيسابوري ، أبو الفتح : عالم ، حكيم ، شاعر ، ولد بنيسابور في أواخر النصف الأوّل من القرن الحادي عشر للميلاد ، كان عالماً ، ولقد استطاع ذلك العقل أن يجمع بين خليط متناقض من العلوم والفنون التي تتطلّب كلّ طائفة منها مواهب خاصّة ؛ فلقد تعمّق في علوم الدين واللغة من : فقه ، حديث ، كلام ، منطق ، قراءات ، سِيَر ، نحو ، وصرف .. وقد بلغت شهرة الخيّام ذروتها بمقطوعاته الشعرية : الرباعيّات ، وله من التصانيف : شرح ما يشكل من مصادرات ، ميزان الحكمة ، رسالة في الموسيقى ، ورسالة في ضرورات التضادّ ، وغيرها ، توفّي في عام 515 ه- ، وقيل : 517. انظر : معجم المؤلّفين 2 / 549 ، الأعلام - للزرگلي - 5 / 38.

وترجمته : «قلب كلّ ذرّة إذا شققته ونظرت فيه تجد شمساً منيرة فيه».

وقد حاول بعض الرجال البارزين من المصريّين ممّن له إلمام بالأدب الفارسي أن يجعل هذا النظم إشارة إلى الذرّة التي هي من مخترعات هذه العصور ؛ أمّا هذا العاجز فلا شكّ أنّه أراد : هذه الذرّة التي ملأت الأجزاء ، ومنها تكوّنت الأشياء ، وأراد بالشمس : تلك الشمس التي أشرقت منها الشموس والأقمار ، فعميت عن إدراكها البصائر والأبصار.

نعم ، فهذه الأرض المباركة ذات الآيات الباهرة ، ألا تستحقّ التكريم والتعظيم والتعزيز والتقديس؟!

وفي الأحاديث النبوّية أيضاً إشارة إلى ذلك ؛ حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم : «تمسّحوا بالأرض ؛ فإنّها برّة بكم» (1).

وفي آخر : «إنّها أُمّكم الحنون ، وأكرموا عمّتكم النخلة ؛ فإنّها خلقت من فاضل طينة أبيكم آدم» (2).

وهذه كلّها رموز وإشارات لا تخفى مغازيها على اللبيب.

إذاً أفلا يتبيّن من هذا سرّ أمر الباري جلّ شأنّه للملائكة جميعاً أن يسجدوا لآدم الذي خلقه من تراب ، وأنشأه من الأرض ، وأودع فيه جميع خواصّها وعناصرها ، وفيه انطوى العالم الأكبر؟!

وقد حدّثتنا الكتب السماوية عن السجود لآدم بأساليبها المختلفة ؛ 0.

ص: 328


1- المعجم الصغير 1 / 148 ، مصنّف بن أبي شيبة 1 / 187 كتاب الطهارة ، مجمع الزوائد 8 / 61 ، كنز العمّال 7 / 410 ح 19778.
2- مسند أبي يعلى 1 / 353 ح 195 ، حلية الأولياء 6 / 123 ، الجامع الصغير 1 / 88 ح 1432 ، ربيع الأبرار 1 / 253 ، كنز العمّال 12 / 338 ح 35300.

فليسجدوا لآدم عبادة لله وتقديساً ، وتكريماً للأرض ذات الخيرات والبركات ، والمحيا والممات.

ومنه تعرف أيضاً سرّ امتناع إبليس المخلوق من النار عن السجود للأرض (1) ، والعداء والنفرة طبيعي بين النار والأرض ..

الأرض مجمّعة ، والنار مفرّقة ؛ والجمع قوّة ، والفُرقة ضعف.

الأرض باردة معتدلة ، والنار محرقة مشتعلة.

الأرض نموّ وزيادة ، والنار إفناء وإبادة.

الأرض يعيش بها كلّ حيّ ، والنار يهلك بها كلّ حيّ ..

إذاً فليسجد الملائكة لآدم ، وليسجد أبناؤه لله على الأرض ؛ فإنّها أُمّهم البرّة الحنون.

ومن سموّ الأرض على النار وشرفها - الذي أشرنا إلى طرف منه - ومن بعض نواحيه يتضح لك أيضاً اندفاع مغالطة الشاعر القديم بشّار بن بُرد (2) في انتصاره لإبليس في تفضيل النار على الأرض بقوله من أبيات :بن

ص: 329


1- إشارة لقوله تعالى : (ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك ألاّ تسجد إذ أمرتك قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين) سورة الأعراف 7 : 11 و 12.
2- هو : بشّار بن بُرد بن يرجوخ ، أصله من طخارستان - وهي ناحية كبيرة مشتملة على بلدان على نهر جيحون ممّا وراء النهر - من سبي المهلّب بن أبي صُفرة ، وكنيته : أبو معاذ ، ولقبه : المرعّث ، ولد على الرقِ أيضاً وهو أعمى ، فاعتقته امرأة عُقيلية. كان أكمه جاحظ الحدقتين قد تغشّاهما لحم أحمر ، قال الشعر وهو صغير ابن عشر ، ثمّ أجاد فيه. كان بشّار ضخماً عظيم الخَلق والوجه ، مجدوراً ، طويلاً ، وهو في أوّل مرتبة المحدّثين من الشعراء المجيدين ، وقد نشأ بالبصرة ، ثمّ قدم بغداد ومدح المهدي بن

الأرض مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ

والنارُ معبودةٌ مذ كانت النارُ (1)2.

ص: 330


1- البيان والتبيين 1 / 16 ، الأغاني 3 / 137 ، خزانة الأدب 3 / 219. ولمّا قام بشّار بُعذر إبليس في أنّ النار خيرٌ من الأرض ، قال صفوان : زَعمتَ بأنّ النارَ أكرمُ عنصراً وفي الأرض تحيا بالحجارة والزّندِ وتُخلق في أرحامها وأَرومها أعاجيبُ لا تُحصى بخطٍّ ولا عقدِ وقال صفوان أيضاً في شأن واصل وبشّار ، وفي شأن النار والطين : وفي جوفها للعبد أسترُ منزلٍ وفي ظهرها يقضي فرائضه العبدُ تمجُّ لُفاظَ الملح مَجّاً وتصطفي سبائكَ لا تصدأ وإن قدم العهدُ وقال سليمان الأعمى في اعتذار بشّار لإبليس ، وهو يخبر عن كرم خصال الأرض : لا بُدّ للأرض إنْ طابت وإنْ خَبُثت من أن تُحيل إليها كلّ مغروسِ وتربةُ الأرضِ إن جيدت وإن قحطتْ فحملُها أبداً في أثر منفوسِ وبطنها بفلزّ الأرض ذو خبرٍ بكلّ ذي جوهر في الأرضِ مرموسِ راجع : البيان والتبيين 1 / 27 و 31 و 32.

وهذه الحجّة الواهية تستند إلى دعامتين ساقطتين :

الأُولى : إنّ الأرض مظلمة ، وممّا تَلوناه عليك من منافع الأرض وبركاتها تعرف أنّ الأرض هي المشرقة ، والنار هي المظلمة ..

الأرض حياة ؛ والحياة هي النور ، والنار لا حياة فيها ، بل تنعدم بها الحياة ؛ وعدم الحياة ظلمة.

الأرض أُمّ الحياة ، والنار أَُمّ الموت ، وأين الحياة من الموت؟!

وكفى بالنار أنّ الله جعلها عقاباً ومآباً للعاصين.

وكفى بالأرض أن جعلها جنّة عدن للمتّقين.

الثانية : إنّ النار معبودة مذ كانت النار ، وهذه أسقط من سابقتها ؛ فإنّ النار لم يعبدها من الأُمم إلاّ المجوس ، حتّى قيل :

مثل المجوسي في ظلالته

تحرقه النار وهو يعبدها

وأمّا الأرض فلم تزل معبودة على أُوليات الدهر ، بأصنامها وأوثانها ، وهياكلها ونواديها ، والجميع من الأرض ، ولا تزال أكثر الأُمم وثنية إلى اليوم ..

وحيث تجلّى شرف الأرض وقداستها ، إذاً فليسجد الملائكة - الّذين ليسوا هم من الأرض - لآدم وليد الأرض.

ولا يجوز السجود في شريعة الإسلام سجود عبادة إلاّ لله ، إلاّ على الأرض ، أو نبات الأرض (1).

ومن أجل ما في الأرض من المواد المعقّمة والعناصر المنقّية جعلها الشارع في الإسلام مطهِّرة من الحدث تارةً ، أي : القذارة المعنوية التي 1.

ص: 331


1- الكافي 3 / 331 ح 5 ، علل الشرائع 1 / 37 ح 1 باب 42 ، الحدائق الناضرة 7 / 248 ، منتهى المطلب 1 / 251.

لايزيلها إلاّ الماء ، فإذا لم يوجد الماء أو لم يمكن استعماله (فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيداً طيّباً) (1) اقصدوا تراباً خالصاً نظيفاً طيّباً ، فامسحوا فيه الجبين الذي هو واليدان أحوج الأعضاء إلى النظافة وإماطة الغبار والأكدار عنهما ؛ لمزاولة اليد للأعمال ، ومباشرتها للأجسام المختلفة في الأسناخ (2) والأوساخ ؛ فالتراب يقوم مقام الماء ، التراب أخ للماء والأرض أُخته ..

ومطهِّرة من الخبث أُخرى حتّى مع التمكّن من الماء ؛ فتطهّر باطن الحذاء والقدم ، وكثيراً من أمثالها ، كأسفل العصا ونحوها ؛ فلو تنجّس باطن القدم أو الحذاء ومشيت على الأرض خطوات وزالت العين طهرت القدم ولا حاجة إلى تطهيرها بالماء (3).

فالأرض مسجد ، والأرض طهور ، وإليه قصد الحديث النبويّ المشهور : «جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (4) ، أي : أينما أدركتني الصلاة سجدت وصلّيت ، ومتى أعوزني الماء بها تطهّرت ، فهي طاهرة ومطهِّرة.

نعم ، وهي مطهِّرة بما هو أوسع وأدقّ وأعمق معاني التطهير ؛ فإنّ فيها المواد المعقّمة والعناصر المهلكة لجميع جراثيم الأوبئة والأمراض. 3.

ص: 332


1- سورة النساء 4 : 43 ، وسورة المائدة 5 : 6.
2- السناخة : الريح المنتنة ، والوسخ وآثار الدباغ ، وسنخ الدهن والطعام : إذا فسد وتغيّرت ريحه ؛ انظر : لسان العرب 6 / 387 مادة «سنخ».
3- راجع : الوسائل 3 / 457 الباب 32 طهارة باطن القدم والنعل والخفّ بالمشي على الأرض ، وقيل : إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً.
4- صحيح البخاري 1 / 149 ح 2 وص 190 ح 98 ، صحيح مسلم 2 / 63 - 64 ، كتاب المسجد ومواضع الصلاة ، سُنن الترمذي 2 / 131 ح 317 ، سُنن أبي داود 1 / 129 ح 489 ، سُنن النسائي 2 / 56 ، مسند أحمد 2 / 240 وص 250 ، السُنن الكبرى 2 / 433.

ومن أجل هذه الصفة والخصوصية في الأرض أوجبت الشرائع السماوية ، وبالأخصّ شريعة الإسلام ، دفن الأموات فيها ، ولا يجوز دفن الميّت في غيرها ، وأن يوضع خدّه على الأرض ، ولا يجوز حتّى إلقاؤه في البحر مع التمكّن من دفنه بالأرض ، ولا إحراقه بالنار مع أنّ المتبادر بادئ النظر إنّه أبلغ في قمع جراثيم الأموات المضرّة بالأحياء ، كما يصفه البراهمة (1) الّذين يحرقون أمواتهم.ة.

ص: 333


1- البراهمة : هي ديانة أقدم من ديانة البوذية بقرون كثيرة ، ويظهر أنّ أصل الديانة البراهمية الهند ، وتصعد إلى أبعد عهد من عصورهم التاريخية وتختلط بجميع أدوارهم الاجتماعية ، لقد كانت هذه الديانة مجهولة إلى أواخر القرن الثاني عشر حيث ابتدأ في درس اللغة السنسكريتية. والكتب المقدّسة لهذه الديانة هي : (الفيدا) ثم كتاب (منافادار ماساسترا) أي : قوانين مانوا. ومذهب ديانة البراهمة أصلان رئيسان هما : وحدة الوجود ، والتناسخ ، أي : عود الأرواح إلى الأجساد في عالم الدنيا. ولهم صنم اسمه : (برهما) ، له أربعة أوجه وأربعة أيدي : في يده الأُولى كتابهم المقدّس (الفيدا) ، وفي يده الثانية ملعقة ، وفي يده الثالثة سبحة ، وفي يده الرابعة إناء فيه ماء. البراهمة يقدّسون البقرة ويحرّمون ذبحها معتقدين أنّ الأرواح الطاهرة تحلّ في أجسادها ، وكثيراً ما نشأ في هذه العقيدة معارك بينهم وبين مسلمي الهند في العيد. وهم يقدّسون الثعابين والتماسيح ، وغيرها ، ويعتبرون نهر (الغانج) مقدّساً ، وإنّ الانغماس فيه يطهّر الذنوب ، ولذا يحجّ إليه في كلّ عام ملايين منهم. ومن عاداتهم إحراق موتاهم ، وإحراق المرأة مع زوجها الميّت ، ولكن الإنكليز أبطلوا هذه العادة بالقوّة. الناس في ديانة البراهمة أربع طبقات : أُولاها : البراهمان ؛ وهم الكهنة والعلماء. وثانيها : الخاترياس ؛ وهم رجال الحرب وحماة الأوطان. وثالثها : البانيان ؛ وهم الزرّاع والتجّار. ورابعها : السودراس ؛ وهم أرباب الحرف والمهن الدنيئة.

ولكن أليس من الجائز القريب أن يكون جثمان الإنسان يحمل أو تحمل فيه عند مفارقته الحياة مواد من ناشرات الأوبئة التي لو أحسّت بحرارة النار تطايرت في الفضاء قبل أن تحترق فتأخذ مفعولها في نشر الأمراض وتلويث الهواء؟!

وكذا لو أُلقيت في البحار أو الأنهار تنمو وتشتدّ ، بخلاف ما لو دُفنت في التراب؟!

ولعلّ فيه موادّ من خاصيّتها تلف تلك الجراثيم المختلفة الأنواع ، التي لو انتشرت لأهلكت كلّ حيّ حتّى النبات.

وقد أيّد العلم الحديث هذه النظرية ؛ حيث اكتشف بعض علماء الغرب حسب ما نقل : أنّ في التراب مادّة تقتل مكروب كلّ مرض من الأمراض كالسلّ والتيفو والملاريا ، وغيرها.

ولولا تلك المادّة المعقّمة في التراب لانتشر من جسد كلّ ميّت أنواع من الأمراض تقضي بالفناء على كلّ الأحياء.

أو لعلّ إليه الإشارة بقوله تعالى : (ألم نجعل الأرض كِفاتاً* أحياءً وأمواتاً) (1) ،

لا ؛ فقد ذكر اللغويون أنّ معاني «الكفت» : الجمع والضمّ والإماتة ، يقال : كفته الله : أي أماته (2) ..

فيكون المعنى المشار إليه في الآية : إنّ الأرض تجمع وتضمّ الأحياء ، ».

ص: 334


1- سورة المرسلات 77 : 25 و 26.
2- المفردات - للراغب - : 451 ، أساس البلاغة : 546 ، لسان العرب 12 / 177 ؛ مادّة «كفت».

ثمّ تجمع جراثيمها بعد الموت وتميتها (1) ؛ فإنْ تمّت هذه الاستفادة فهي إحدى معجزات القرآن.

وهل ترى أنّ قدماء الفلاسفة ومتأخّريهم من اليونان والهند والفرس ، وغيرهم في ما استخرجوه من خواصّ الأرض ومعادنها وحيوانها قد أحصوا كلّ ما أودعه الصانع الحكيم فيها من الكنوز والرموز والخزائن والدفائن؟!

كلاّ ولا عشر معشار منها ، ولعلّ نسبة ما وصلوا إليه ممّا تمنّع عليهم نسبة الذرّة من الفضاء ، والقطرة من الماء.

ولا يزال العلم والبحث يأتي بالعجائب ، ولا ينهى حتّى تنتهي الدنيا ولن تنتهي ؛ وإنّما الغرض الإشارة إلى أنّ هذه الأرض هي من أعظم آيات الله الباهرة ، نمرّ عليها ليلاً ونهاراً ونحن عنها معرضون .. 5.

ص: 335


1- قال الرازي : واعلم أنّه تعالى ها هنا ذكر ثلاثة أشياء : (أوّلها) : الأرض ، وإنّما قدّمها ؛ لأنّ أقرب الأشياء إلينا من الأُمور الخارجية هو الأرض ... ثمّ في المعنى وجوه : أحدها : أنّها تكفت أحياءً على ظهرها ، وأمواتاً في بطنها ، والمعنى : إنّ الأحياء يسكنون في منازلهم والأموات يُدفنون في قبورهم ، ولهذا كانوا يسمّون الأرض أُمّاً ؛ لأنّها في ضمّها للناس كالأُمّ التي تضمّ ولدها وتكفله ، ولمّا كانوا يضمّون إليها جُعلت كأنّها تضمّهم. وثانيها : إنّها كفات الأحياء ، بمعنى أنّها تكفت ما ينفصل من الأحياء من الأُمور المستقذرة ، فأمّا أنّها تكفت الأحياء حال كونهم على ظهرها فلا. وثالثها : إنّها كفات الأحياء بمعنى أنّها جامعة لِما يحتاج الإنسان إليه في حاجاته من مأكل ومشرب ؛ لأنّ كلّ ذلك يخرج من الأرض ، والأبنية الجامعة للمصالح الدافعة للمضارّ مبنية منها. ورابعها : إنّ قوله : (أحياءً وأمواتاً) معناه راجع إلى الأرض ، والحيّ ما أنبت ، والميّت ما لم ينبت. انظر : تفسير الرازي 15 / 275.

ولو عرفنا اليسير من منافعها وطبائعها لتجلّى لنا أنّها الأُمّ الحنون البارّة بنا ، التي ولدتنا وأرضعتنا من أخلاف (1) نعمها وخيراتها.

وما هذا البشر إلاّ غرس من غرسها ، وشجرة نامية من أشجارها ، أولدتنا على ظهرها ، وغذّتنا من منتوجاتها ، وتردّنا إلى أحشائها.

وفي الحديث النبويّ : «إنّ الأرض برّة بكم ؛ تتيمّمون منها ، وتصلّون عليها في الحياة ، وهي لكم كفات في الممات ، وذلك نعمة من الله وله الحمد» (2).

وأفضل ما يسجد المصلّي عليه : التربة النقيّة.

وقد نوّه عن بعض تلك المزايا الشاعر الحكيم العربي القديم ، الذي أدرك أوّل بزوغ شمس الإسلام ولم يُسلم ؛ لأنّه كان قد رشّح نفسه للنبوّة ولم تساعده العناية ، وتخطّته إلى من هو أحقّ بها وأجدر ، ذلك أُمية بن أبي الصلت (3) ، وكان ينظم المطوّلات الرنانة في : السماء ، والعالم ، ه.

ص: 336


1- الأخلاف - جمع خِلف ، بالكسر - : وهو الضرع ، وقال ابن فارس : وسمّي بذلك لأنّه يكون خَلفَ ما بعده ، وأخلف الشجر : خرجت له ثمرة بعد ثمرة ؛ انظر : مادّة «خلف» في : النهاية في غريب الحديث 2 / 68 ، معجم مقاييس اللغة : 328 ، لسان العرب 4 / 184.
2- دعائم الإسلام - للقاضي نعمان - 1 / 178 ، مستدرك الوسائل 2 / 531 ح 2643.
3- أُمية بن عبدالله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف بن عُقدة ، من بني ثقيف ، أُمّه : رُقية بنت عبد شمس بن عبد مناف : شاعر جاهلي ، حكيم ، من أهل الطائف ، نظر في الكتب وقرأها ، ولبس المسوح - وهو لباس المتنسّكين - تعبّداً ، وكان ممّن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنفية - دين إبراهيم الخليل عليه السلام - وحرّم الخمر ، وشكّ في الأوثان ، التمس الدين ، وطمع في النبوّة ؛ لأنّه قرأ في الكتب أنّ نبيّاً يُبعث من العرب ، فكان يرجو أن يكونه ، فلمّا بُعث النبيّ صلى الله عليه وآله قيل له : هذا الذي كنت تستريث - أي تستبطئ -. فسأل عن خبره فقيل له : يزعم أنّه نبيّ. فخرج حتّى قدم عليه بمكّة ، وسمع منه آيات من القرآن ، وانصرف عنه ، فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه ، فقال : أشهد أنّه على الحقّ. قالوا : فهل تتّبعه؟ فقال : حتّى أنظر في أمره.

والمبدأ ، والمعاد ، والقبر ، والبرزخ ، والحشر ، والنشر ، والأفلاك ، والأملاك ؛ ففي بعض مطوّلاته يقول عن الأرض :

الأرض معقلنا وكانت أُمّنا

فيها مقابرنا ومنها نولدُ (1)

وفي أُخرى :

هي القرار فما نبغي بها بدلاً

ما أرحم الأرض إلاّ أنّنا كفر

منها خلقنا وكانت أُمّنا خلقت

ونحن أبناؤها لو أنّنا شكر

ومن الأيام الزكية في شريعة الإسلام هو يوم : (دحو الأرض) ، وهو اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام ، وهو من أيام الصيام ، وفيه دحا الله الأرض من تحت الكعبة (2) ؛ أي : بسطها ..

ص: 337


1- أحكام القرآن - للجصّاص - 1 / 33 ، وقال : فسمّى الأرض أُمّاً لنا ؛ لأنّه أبتدأنا الله تعالى ، تفسير القرطبي 1 / 79 ، وقال : الأرض أُمّاً في قول أُمية بن أبي الصلت ، فتح القدير - للشوكاني - 5 / 487.
2- من لا يحضره الفقيه 2 / 54 ح 238 ، مسارّ الشيعة : 34 ، إقبال الأعمال 2 / 23 ..

ومدّها (1) ، وفيه دعاء جليل أوّله :

«اللّهمّ داحي الكعبةِ ، فالِقَ الحبّةِ ، وصارف اللزبة ، وكاشف الكُربة ، أسألك في هذا اليوم من أيّامك التي عظّمت حقّها ، وقدّمتَ سبقها ، وجعلتها عند المؤمنين وديعة ، وإليك ذريعة ...» إلى آخر الدعاء (2).

وإليه إشارة بقوله تعالى : (والأرض بعد ذلك دحاها).

نعود فنقول أليست هذه الأرض حَرِية إذاً بالتقديس والكرامة والإجلال والعظمة ، وأنْ نسجد عبودية لله على النظيف منها ؛ تكريماً لها وشكراً لعظيم نعمته تعالى علينا بها ، وتنشيطاً للحركة الفكرية للانتقال من عظمتها إلى عظمة خالقها ، والتفاتاً إلى أنّها - مع عجز القول والأفكار والأيدي العاملة في تحليل جميع عناصرها ، واستخراج كلّ جواهرها - ليست هي بالنسبة إلى سائر الكرات والكواكب والأنظمة الشمسية التي أُحصي منها الملايين - وما أُحصي إلاّ اليسير منها - ما هي الاّ ذرّة تسبح في بحر الفضاء غير المتناهي؟!

فما أعظم الخالق؟! وما أدهش قدرته وعظمته ، وأبدع صنائعه وخليقته؟!

وكلّ ما ذكرناه من فضل هذه الكرة السابحة في بحر هذا الكون ، الذي لا ساحل له ، وهي الأرض ، معلوم وواضح.

كما أنّ من المعلوم الواضح أنّ هذه الأرض مع حدّتها ، وتساوي 9.

ص: 338


1- تفسير الطبري 12 / 439.
2- إقبال الأعمال 2 / 28 ، مصباح المتهجّد - للطوسي - : 669.

بقاعها وأجزائها ظاهراً ، ولكنّها في الامتحان ، وفي ظاهر العيان أيضاً مختلفة أشدّ الاختلاف في البقاع والطباع والأوضاع ؛ ففيها : الطيّبة والخبيثة ، والحلوة والمالحة ، والسبخة والمرّة ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (وفي الأرض قِطَعٌ متجاورات) (1).

وهذا الاختلاف شيء محسوس ؛ فقد يلقي الحارث في أرض قبضة قمح فيعود عليه ريعها بأضعاف البذر سبعين مرّة ، وقد يلقيه في أُخرى فيخيس ويحترق ، ولا يحصل حتّى على البذر.

ولا شكّ أنّ الطيّب النافع هو الحري بالكرامة والتقديس ، ولا يبعد أن تكون تربة العراق على الإجمال من أطيب بقاع الأرض في دماثة طينتها ، وسعة سهولها ، وكثرة أشجارها ونخيلها ، وجريان الرافدين عليها ، ومايجلبان من الإبليز (2) ، وهو الذهب الإبريز (3) ، واللجين الجاري ، والياقوت ، والذهب الأسود.

ثمّ لو تحرّينا هذه السهول العراقية ، وجدنا من القريب إلى السداد القول : إنّ أسمى تلك البقاع أنقاها تربة ، وأطيبها طينة ، وأذكاها نفحة هي تربة كربلاء ، تلك التربة الحمراء الزكية.

وكانت قبل الإسلام قد اتّخذت نواويس (4) ، ومعابد ، ومدافن للأُمم الغابرة ، كما يشعر به كلام الحسين سلام الله عليه في إحدى خطبه ».

ص: 339


1- سورة الرعد 13 : 4.
2- الإبليزِ - بالكسر - : وهو ما يُعقبه النهر بعد ذهابه عن وجه الأرض ، أعجمية ، والعامّة تقول بالسين ؛ انظر : تاج العروس 8 / 17 مادّة «بلز».
3- ذهب الإبريز : أي الخالص ؛ انظر : لسان العرب 1 / 374 مادّة «برز».
4- الناووس : مقابر النصارى ، جمعها نواويس ؛ انظر : لسان العرب 14 / 326 مادّة «نوس».

المشهورة ؛ حيث يقول : «وكأنّي بأوصالي هذه تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء» (1).

وهذه التربة هي التي يسمّيها أبو ريحان البيروني (2) فى كتابه الجليل الآثار الباقية : التربة المسعودة في كربلاء (3).

نعم ، وإنّما يُعرف طيب كلّ شيء بطيب آثاره ، وكثرة منافعه ، وغزارة فوائده ، ويدلّ على طيب الأرض وامتيازها على غيرها ، طيب ثمارها ، ورواء أشجارها ، وقوّة ينعها وريعها.

وقد امتازت تربة كربلاء من حيث المادّة والمنفعة بكثرة الفواكه وتنوّعها وجودتها وغزارتها ، حتّى أنّها في الغالب هي التي تموّن أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار اليانعة التي تختصّها ولا توجد في 9.

ص: 340


1- شرح الأخبار - للقاضي النعماني - 2 / 146 ، مثير الأحزان - لابن نما الحلّي - : 39 ، الملهوف : 26 ، كشف الغمّة 2 / 239 ، نزهة الناظر وتنبيه الخواطر - للحلواني - : 86.
2- هو : محمّد بن أحمد ، أبو الريحان البيروني الخوارزمي : حكيم ، رياضي ، مؤرّخ ، فلكي ، أديب ، لغوي ، كان أعظم عالم موسوعي ، ولد في 3 ذي الحجّة 362 ه- ، من أهل خوارزم ، أقام في الهند بضع سنين ، اطّلع على فلسفة اليونانيين والهنود ، وعلت شهرته ، وارتفعت منزلته عند ملوك عصره ، كان حسن المحاضرة ، طيّب العشرة ، عفيفاً في أفعاله ، صنّف كتباً كثيرة جدّاً تزيد على مئة وخمسين مؤلَّفاً ، ويعدّ مؤرّخ العلوم ، منها : الآثار الباقية عن القرون الخالية ، مختار الأشعار والآثار ، الاستيعاب في صنعة الاسطرلاب ، الجماهر في معرفة الجواهر وغيرها ، توفّي في رجب عام 440 ه. كان يقول الشعر ، فله : ومن حام حول المجدِ غير مجاهدٍ ثوى طاعماً للمكرُماتِ وكاسيا وبات قرير العين في ظلِّ راحةٍ ولكنّه عن حُلّةِ المجدِ عاريا انظر : معجم المؤلّفين 3 / 53 رقم 11643.
3- الآثار الباقية : 329.

غيرها.

إذاً أفليس من صميم الحقّ والحقّ الصميم أن تكون أطيب بقعة في الأرض مرقداً وضريحاً لأكرم شخصية في الدهر؟!

نعم ، لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد في الإنسانية ، وأجمع ذات لأحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية ، وأسمى روح ملكوتية في أصقاع الملكوت ، وجوامع الجبروت ..

فولدت نوراً واحداً شطرته نصفين : سيّد الأنبياء محمّداً ، وسيّد الأوصياء عليّاً (1) ، ثمّ جمعته ثانياً ؛ فكان الحسين مجمع النورين ، وخلاصة الجوهرين ، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : «حسين منّي وأنا من حسين» (2) ، ثمّ عقمت أن 86

ص: 341


1- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «كنت أنا وعليّ بن أبي طالب نوراً بين يديّ الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزءين ، فجزءٌ أنا ، وجزءٌ عليّ». وقال صلى الله عليه وآله : «فلمّا خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل في شيءٍ واحد حتّى افترقنا في صلب عبد المطّلب ؛ ففيّ النبوّة ، وفي عليٍّ الخلافة». وفي خبر آخر : «حتّى قسّمه جزءين ، فجعل جزءاً في صلب عبدالله ، وجزءاً في صلب أبي طالب ، فأخرجني نبيّاً ، وأخرج عليّاً وصيّاً». راجع : فضائل الصحابة 2 / 823 - 824 ح 1130 ، شرح نهج البلاغة 9 / 171 ، المناقب - للمغازلي - : 120 - 122 ح 130 - 132 ، زين الفتى - للعاصمي - 1 / 131 ح 34 وص 133 ح 38 ، فردوس الأخبار 1 / 374 ح 2776 وج 2 / 178 ح 4884 ، مقتل الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 1 / 84 ح 38 ، المناقب - للخوارزمي - : 145 ح 169 و 170 ، تاريخ دمشق 42 / 67 ، تذكرة الخواصّ : 50 - 51 ، كفاية الطالب : 314 - 315 ، الرياض النضرة 3 / 120 ، فرائد السمطين 1 / 41 - 44 ح 5 - 8.
2- سُنن الترمذي 5 / 617 ح 3775 ، مسند أحمد 4 / 172 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 194 - 195 ح 4820 ، المصنّف - لابن أبي شيبة - 7 / 515 ح 22 ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 59 ح 6932 ، المعجم الكبير 3 / 32 ح 2586

تلد لهم الأنداد أبد الآباد.

وإذا كان من حقّ الأرض السجود عليها ، وعدم السجود على غيرها ؛ أفليس من الأفضل والأحرى أن يكون السجود على أفضل وأطهر تربة من الأرض ، وهي التربة الحسينية ؛ وما ذلك إلاّ لأنّها أكرم مادّة ، وأطهر عنصراً ، وأصفى جوهراً عن سائر البقاع؟!

فكيف وقد انضمّ شرفها الجوهري إلى طيبها العنصري؟!

ولمّا تسامت الروح والمادّة ، وتساوت الحقيقة والصورة ؛ صارت هي أشرف بقاع الأرض بالضرورة ، كما صرّح بذلك بعض الأفاضل من كتّاب هذا العصر (1)» ..

وشهد به الكثير من الأخبار والآثار ، وإليه أشار السيّد قدس سره (2) في منظومة الفقه الشهيرة بالبيت المشهور :

ومن حديث كربلا والكعبة

لكربلا بان علوّ الرتبة (3)

وقد تلاقفت ذلك الشعراء من زمن الشهادة إلى اليوم ، تفنّنوا في بيان 8.

ص: 342


1- هو العلايلي في كتابه ، والعقّاد في : أبو الشهداء في ص 145 ؛ فقد جاء فيه مانصّه : فهي - أي كربلاء - اليوم حرم يزوره المسلمون للعِبرة والذكرى ، ويزوره غير المسلمين للنظر والمشاهدة ، ولكنّها لو أُعطيت حقّها من التنويه والتخليد ، لحُقّ لها أن تصبح مزاراً لكلّ آدمي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة ، وحظّاً من الفضيلة ؛ لأنّنا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الأرض يقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقب أسمى وألزم لنوع الإنسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء بعد مصرع الحسين فيها. (منه قدس سره).
2- هو السيّد بحر العلوم رحمه الله تعالى.
3- مستدرك سفينة البحار : 78.

فضل هذه التربة ، وقداستها وشرفها ، واستطالتها على جميع بقاع الأرض بالفضل والشرف ، ولو جُمع كلّ ما قيل فيها لجاء مجلّداً ضخماً.

وفي زيارة الشهداء مع الحسين سلام الله عليه وعليهم : «أشهد لقد طبتم ، وطابت الأرض التي فيها دُفنتم» (1).

وقد اتّفقت كلمات فقهائنا في مؤلّفاتهم - مختصرة ومطوّلة - إلى أنّ : السجود لا يجوز إلاّ على الأرض ، وما ينبت منها غير المأكول والملبوس ، وأفضله السجود على التربة الحسينية (2).

ومن تلك المؤلّفات الجليلة سفينة النجاة ، لأخينا المرجع الأعظم في عصره ، الشيخ أحمد كاشف الغطاء قدس سره ، وقد طبعنا في العام الماضي جزءه الأوّل مع تعليقاته عليه ، وأكملنا بتوفيقه تعالى تعاليق الجزء الثاني وهو جاهز للطبع ، وقد علّقنا على تلك الفقرة من الكتاب ، قبل أن يردنا هذا السؤال ونتصدّى لتحرير هذا الجواب ، ما نصّه بحرفه :

«ولعلّ السرّ في التزام الشيعة الإمامية السجود على التربة الحسينية ، مضافاً إلى ما ورد في فضلها من الأخبار ، ومفادها إلى أنّها أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود على سائر الأراضي ، وما يطرح عليها من الفرش والبواري ، والحصر الملوّثة والمملوءة غالباً من الغبار والميكروبات الكامنة فيها.

مضافاً إلى كلّ ذلك لعلّ من جملة الأغراض العالية ، والمقاصد السامية أن يتذكّر المصلّي حين يضع جبهته على تلك التربة تضحية ذلك 8.

ص: 343


1- مصباح المتهجّد - للطوسي - : 723.
2- شرائع الإسلام 1 / 72 - 73 ، اللمعة الدمشقية 1 / 226 - 230 ، الحدائق الناضرة 7 / 248.

الإمام نفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ ، وتحطيم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد.

ولمّا كان السجود أعظم أركان الصلاة ، وفي الحديث : «أقرب ما يكون العبد إلى ربّه حال سجوده» (1) ، فناسب أن يتذكّر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية ، أُولئك الّذين وضعوا أجسامهم عليها ضحايا للحقّ ، وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ؛ ليخشع ويخضع ، ويتلازم الوضع والرفع ، ويحتقر الدنيا الزائفة ، وزخارفها الزائلة.

ولعلّ هذا هو المقصود من أنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع ، كما في الخبر الآتي ذكره ، فيكون حينئذٍ في السجود سرّ الصعود والعروج من التراب إلى ربّ الأرباب ، إلى غير ذلك من لطائف الحكم ودقائق الأسرار». انتهى.

فإذا وقفت على بعض ما للأرض والتربة الحسينية من المزايا والخواصّ ، لم يبقَ لك عجب واستغراب إذا قيل : إنّ الشفاء قد يحصل من التراب ، وإنّ تربة الحسين عليه السلام هي تربة الشفاء ؛ كما ورد في كثير من الأخبار والآثار ، التي تكاد تكون متواترة كتواتر الحوادث والوقائع التي حصل الشفاء فيها لمن استشفى بها من الأمراض التي عجز الأطبّاء عن شفائها (2). 6.

ص: 344


1- انظر : سُنن أبي داود 1 / 201 ح 5 ، سُنن النسائي 2 / 226 ، مسند أحمد 2 / 421 ، مسند أبي يعلى 12 / 12 ح 6658 ، المصنّف - لابن أبي شيبة - 8 / 211 ح 8 ، كتاب الأُمّ 1 / 138 ، مجمع الزوائد 2 / 127 ، المجموع 3 / 268 و 269 ، تهذيب الأحكام 2 / 77 ، الكافي 2 / 265 ح 3.
2- أمالي الطوسي 1 / 326 ، كامل الزيارات : 275 و 277 ، الوسائل 14 / 521 - 526 ح 1 - 14 باب رقم 70 وج 14 / 537 ح 1 باب رقم 76.

أفلا يجوز أن تكون لتلك الطينة عناصر كيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة من الأقسام قاتلة للميكروبات؟!

وقد اتّفق علماء الإمامية وتضافرت الأخبار بحرمة أكل الطين إلاّ من تربة قبر الحسين عليه السلام بآداب مخصوصة ، وبمقدار معيّن ، وهو أن يكون أقلّ من حمّصة ، وأن يكون أخذها من القبر بكيفية خاصّة ، وأدعية معيّنة (1).

ولا نكران ولا غرابة ؛ فتلك وصفة روحية من طبيب ربّاني ، يرى بنور الوحي والإلهام ما في طبائع الأشياء ، ويعرف أسرار الطبيعة ، وكنوزها الدفينة ، التي لم تصل إليها عقول البشر بعد.

ولعلّ البحث والتحرّي والمثابرة سوف يوصل إليها ، ويكتشف سرّها ، ويحلّ طلسمها ، كما اكتشف سرّ كثير من العناصر ذات الأثر العظيم ممّا لم تصل إليه معارف الأقدمين ، ولم يكن ليخطر على بال واحد منهم مع تقدّمهم ، وسموّ أفكارهم ، وعظم آثارهم.

وكم من سرّ دفين ومنفعة جليلة ، في موجودات حقيرة وضئيلة ، لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ، ولا تمرّ على خيال ، وكفى ب- (البنسلين) (2) وأشباهه شاهداً على ذلك.

نعم ، لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحلّ رموزها ، واستخراج كنوزها ، والأُمور مرهونة بأوقاتها ، ولكلّ كتاب أجل ، ولكلّ أجل كتاب. 1.

ص: 345


1- مسارّ الشيعة : 31 ، مصباح المتهجّد : 734 ، قواعد الأحكام 3 / 329 ، الوسائل 24 / 226 - 229 ح 1 - 7 باب رقم 76 ، المزار - للمشهدي - : 363 ح 9.
2- أحد المضادّات الحيوية ، تفرزها بعض سلالات الفطر المسمّى : (بنسليوم نوتاتوم) ، اكتشفه سير الكسندر فليمنج. راجع : الموسوعة العربية الميسّرة : 411.

ولا يزال العلم في تجدّد ، فلا تبادر إلى الإنكار إذا بلغك أنّ بعض المرضى عجز الأطبّاء عن علاجهم ، وحصل لهم الشفاء بقوّة روحية ، وأصابع خفيّة ، من استعمال التربة الحسينية ، أو من الدعاء والالتجاء إلى القدرة الأزلية ، أو ببركة دعاء بعض الصالحين.

نعم ، ليس من الحزم البدار إلى الإنكار فضلاً عن السخرية ، بل اللازم الرجوع في أمثال هذه القضايا والحوادث الغريبة إلى قاعدة الشيخ الرئيس المشهورة : «كلّ ما قرع سمعك من غرائب الأكوان ، تذره في بقعة الإمكان ، حتّى يذودك عنه قائم البرهان» (1).

هذا بعض ما تيسّر للقلم أن ينفث به مترسّلاً بذكر شيء من مزايا الأرض ، وفلسفة السجود عليها ، وعلى التربة الحسينية بعد أن اتّضح أنّ الشيعة لا يقولون : بوجوب السجود عليها ، وعدم جواز السجود على غيرها من الأرض الطاهرة النقية ، وإنّما يقولون : إنّ السجود على الأرض فريضة ، وعلى التربة الحسينية سنّّة وفضيلة (2).

ومن السخافة أو العصبية الحمقاء قول بعض من يحمل أسوأ البغض للشيعة : إنّ هذه التربة التي يسجدون عليها صنم يسجدون له.

هذا مع أنّ الشيعة لا يزالون يهتفون ويعلنون في ألسنتهم ومؤلّفاتهم : إنّ السجود لا يجوز إلاّ لله تعالى ، وإنّ السجود على التربة سجود له عليها ، لا سجود لها.

ولكن أُولئك الضعفاء من المسلمين لا يحسنون الفرق بين السجود للشيء ، والسجود على الشيء ..5.

ص: 346


1- انظر : الإشارات والتنبيهات 4 / 160 النمط العاشر : في أسرار الآيات.
2- انظر : الوسائل 5 / 343 وص 365.

السجود لله عزّ شأنه ، ولكن على الأرض المقدّسة والتربة الطاهرة ، وسجود الملائكة كان لله ، وبأمر من الله تكريماً لآدم.

نعم ، فقد صار السجود على التربة الحسينية من عهد قديم شعاراً شائعاً لهذه الطائفة (الشيعية) ، يحملون ألواحها في جيوبهم للصلاة عليها ، ويضعونها في سجّاداتهم ومساجدهم ، وتجدها منثورة في مساجدهم ومعابدهم ، وربّما يتخيّل بعض عوامّهم أنّ الصلاة لا تصحّ إلاّ بالسجود عليها.

ومنشأ هذا الانتشار ، ومبدأ تكوّن هذه العادة والعبادة ، وكيفية نشوئها ونموّها ، وتعيين أوّل من صلّى عليها من المسلمين ، ثمّ شاعت وانتشرت هذا الانتشار الغريب ؛ هو : إنّ في بدء بزوغ شمس الإسلام في المدينة ، أعني في السنة الثالثة من الهجرة ، وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش في «أُحد» ، وانهدّ فيها أعظم ركن للإسلام وأقوى حامية من حماته ، وهو حمزة بن عبد المطّلب ، عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه من الرضاعة (1) ؛ فعظمت مصيبته على النبيّ وعلى عموم المسلمين ، ولا سيّما وقد مثّلت به بنو أُمية - أعني به هنداً أُمّ معاوية - تلك المثلَة الشنيعة ، فقطّعت أعضاءه ، واستخرجت كبده فلاكتها ثمّ لفظتها (2) ..

وأمر النبيّ نساء المسلمين بالنياحة عليه في كلّ مأتم (3) ، واتّسع الأمر زة

ص: 347


1- راجع : المعجم الكبير 3 / 138 ح 2919 ، البداية والنهاية 4 / 33 حوادث سنة 3 ه.
2- تاريخ الطبري 1 / 72 ، المنتظم 2 / 270 ، البداية والنهاية 4 / 31 و 33 ؛ حوادث سنة 3 ه.
3- لمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من «أُحد» مرّ بدار بني عبد الأشهل ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكى ، ثمّ قال : «لكنّ حمزة

في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره (1) ، فيتبرّكون به ، ويسجدون عليه لله تعالى ، ويعملون المسبحات منه.

وتنصّ بعض المصادر : إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جرت على ذلك ، أو لعلّها أوّل من ابتدأ بهذا العمل في حياة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2).

ولعلّ بعض المسلمين اقتدى بها ، وكان لقب حمزة يومئذٍ : سيّد الشهداء (3) ، وسمّاه النبيّ : أسد الله وأسد رسوله (4).

ويعلق بخاطري عن بعض المصادر ما نصّه تقريباً : «حمزة دفن في أُحد ، وكان يسمّى : سيّد الشهداء ، ويسجدون على تراب قبره ، ولمّا قتل الحسين عليه السلام صار هو سيّد الشهداء وصاروا يسجدون على تربته» (5). انتهى.

ويؤيّده ما في مزار المجلسي قدس سره ونصّه : «عن إبراهيم بن محّمد الثقفي ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام ، قال : إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات ، وكانت تديرها بيدها تكبّر وتسبّح حتّى قتل حمزة بن 4.

ص: 348


1- راجع : الذخائر القدسية في زيارة خير البرية - لعبد الحميد بن محمّد أقدس بن الخطيب ، المدرّس بالمسجد الحرام بمكّة - : 112.
2- الحدائق الناضرة 7 / 261.
3- انظر : المعجم الكبير 3 / 151 ح 2958 ، وغيره.
4- المعجم الكبير 3 / 149 ح 2952 و 2953 ، وفاء الوفا 3 / 935.
5- الرسالة السعدية - للحلّي - : 114.

عبدالمطّلب ؛ فاستعملت تربته وعملت منها التسابيح ، فاستعملها الناس.

فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه عُدل بالأمر إليه ؛ فاستعملوا تربته لِما فيها من الفضل والمزية» (1). انتهى.

أمّا أوّل من صلّى عليها من المسلمين ، بل من أئمّة المسلمين ، فالذي استفدته من الآثار ، وتلقّيته من حملة أخبار أهل البيت ، ومهرة الحديث من أساتذتي الأساطين الّذين تخرّجت عليهم برهة من العمر ، هو :

إنّ زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام بعد أن فرغ من دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره ، أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف ، الذي بضّعته السيوف كلحم على وضم (2) ، فشدّ تلك التربة في صرّة ، وعمل منها سجّادة ومسبحة ، وهي السبحة التي كان يديرها بيده حين أدخلوه الشام على يزيد ، فسأله : ما هذه التي تديرها بيدك؟ فروى له عن جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبراً محصّله : إنّ من يحمل السبحة صباحاً ، ويقرأ الدعاء المخصوص لا يزال يُكتب له ثواب التسبيح ، وإنْ لم يسبّح (3).

ولمّا رجع الإمام عليه السلام هو وأهل بيته إلى المدينة صار يتبرّك بتلك التربة ويسجد عليها ، ويعالج بعض مرضى عائلته بها.

فشاع هذا عند العلويّين وأتباعهم ومن يقتدي بهم ، فأوّل من صلّى على هذه التربة واستعملها ، هو زين العابدين عليه السلام ، الإمام الرابع من أئمّة الشيعة الاثني عشر المعصومين (4). ار

ص: 349


1- بحار الأنوار 101 / 133 ح 64.
2- الوضم : كلّ شيء يجعل عليه اللحم ، من خشب أو بارية ؛ يُقى به من الأرض ؛ انظر : لسان العرب 15 / 329 مادّة «وضم».
3- انظر : الوسائل 5 / 365 ح 1 باب 16 ؛ وفيه : عن الإمام الصادق عليه السلام.
4- (المجلّد الحادي عشر من البحار : في أحوال الإمام المزبور. منه قدس سره) ، بحار الأنوار

ثمّ تلاه ولده محمّد الباقر عليه السلام ، الخامس من الأئمّة ، وتأثّره في هذه الدعوة ، فبالغ في حثّ أصحابه عليها ، ونشر فضلها وبركاتها ، ثمّ زاد على ذلك ولده جعفر الصادق عليه السلام ؛ فإنّه نوّه بها لشيعته ، وكانت الشيعة قد تكاثرت في عهده ، ومن كبريات طوائف المسلمين وحملة العلم والآثار ، كما أوعزنا إليه في رسائلنا أصل الشيعة وأُصولها (1).

وقد التزم الإمام ولازم السجود عليها بنفسه ؛ ففي مصباح المتهجّد لشيخ الطائفة الشيخ الطوسي قدس سره روى بسنده : أنّه كان لأبي عبد الله الصادق عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجّادته وسجد عليه ، ثمّ قال : إنّ السجود على تربة أبي عبد الله عليه السلام يخرق الحجب السبع (2).

ولعلّ المراد بالحجب هي الحاءات السبع من الرذائل ، التي تحجب النفس عن الاستضاءة بأنوار الحقّ ، وهي : الحقد ، الحسد ، الحرص ، الحدّة ، الحماقة ، الحلية ، الحقارة (3).

فالسجود على التربة من عظيم التواضع ، والتوسّل بأصفياء الحقّ يمزّقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل ، وهي : الحكمة ، الحزم ، الحلم ، الحنان ، الحصانة ، الحياء ، الحبّ.

ولذا يروي صاحب الوسائل ، عن الديلمي ، قال : كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السلام تذلّلاً لله ، واستكانة إليه (4). 5.

ص: 350


1- أصل الشيعة وأُصولها : 154 وما بعدها.
2- مصباح المتهجّد : 677 ، الوسائل 5 / 366 ح 3 باب 16.
3- انظر : رسالة مشكاة الأنوار - للغزالي - : 228 ضمن مجموعة رسائل.
4- الوسائل 5 / 366 - 367 ح 4 ، إرشاد القلوب : 115.

ولم تزل الأئمّة من أولاده وأحفاده تحرّك العواطف ، وتحفّز الهمم ، وتوفّر الدواعي إلى السجود عليها ، والالتزام بها ، وبيان تضاعف الأجر والثواب في التبرّك بها ، والمواظبة عليها ، حتّى التزمت بها الشيعة إلى اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام.

ولم يمض على زمن الصادق عليه السلام قرن واحد حتّى صارت الشيعة تصنعها ألواحاً ، وتضعها في جيوبها ، كما هو المتعارف اليوم ..

فقد روي في الوسائل عن الإمام الثاني عشر الحجّة عليه السلام ، أنّ الحميري كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسين فيه فضل؟

فأجاب عليه السلام : «يجوز لك ، وفيه الفضل».

ثمّ سأله عن السبحة ، فأجاب بمثل ذلك (1).

فيظهر أنّ صنع التربة أقراصاً وألواحاً كما هو المتعارف اليوم كان متعارفاً من ذلك العصر ، أي وسط القرن الثالث ، حدود المئتين وخمسين هجرية.

وفيها قال : روي عن الصادق عليه السلام : «إنّ السجود على طين قبر الحسين ينوّر الأرضين السبع ، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين كُتب مُسبّحاً وإنْ لم يسبّح فيها» (2).

وليست أحاديث فضل هذه التربة الحسينية ، وقداستها ، منحصرةً بالشيعة وأحاديثهم عن أئمّتهم ، بل لها في أُمّهات كتب حديث علماء السُنّة شهرة وافرة ، وأخبار متضافرة ، وتشهد بمجموعها أنّ لها في عصر جدّه 1.

ص: 351


1- الوسائل 5 / 366 ح 2 باب 16.
2- من لا يحضره الفقيه 1 / 174 ح 725 ، الوسائل 5 / 365 - 366 ح 1.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نبأ شائعاً وذكراً واسعاً ، والحسين يومئذٍ طفل صغير يدرج ، بل لعلّ بعضها قبل ولادته ، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ينوّه عنها ، ويتحدّث بفضلها ، ويتنبّأ بما سيجري عليها من تلك الدماء الزاكية ، ويُخبر بقتل الحسين وآل بيته وأنصاره فيها.

وإذا أردت الوقوف على صدق هذه الدعوى ، ومكانها من الصحّة ، فراجع كتاب الخصائص الكبير للسيوطي ، في باب أخبار النبيّ بقتل الحسين عليه السلام (1) ؛ فقد روي فيه ما يناهز العشرين حديثاً عن أكابر الثقاة من رواة علماء السُنّة ومشاهيرهم ، ك- : الحاكم ، والبيهقي ، وأبي نعيم ، وأضرابهم ، عن أُمّ الفضل بنت الحارث ، وأُمّ سلمة ، وعائشة (2) ، وأنس ، وأكثرها : عن ابن عباس (3) ، وأُمّ سلمة (4) ، وأنس (5) - صاحب رسول الله وخادمه الخاصّ به -. 5.

ص: 352


1- كتاب الخصائص ؛ طبع حيدر آباد سنة 1320. منه قدس سره.
2- انظر : دلائل النبوّة 6 / 470 ، مسند أحمد 6 / 294 ، الفتوح 4 / 325.
3- مسند أحمد 1 / 243 و 283 ، الفتوح 4 / 326 ، البداية والنهاية 6 / 231 ، وفي رواية : ... لمّا قُتل الحسين بن عليّ مطرت السماء دماً ، وأصبح كلّ شيء ملآن دماً ، وانظر : دلائل النبوّة 6 / 471. وقال أبو نعيم : حدّثنا ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، قال : لمّا قُتل الحسين بن عليّ انكسفت الشمس كسفة ، حتّى بدت الكواكب نصف النهار ، حتّى ظنّنا أنّها هي. انظر : معرفة الصحابة 2 / 667 ح 1785. وقال أبو نعيم أيضاً : حدّثنا حمّاد بن زيد ، ثنا هشام ، عن محمّد ، قال : لم تُرَ هذه الحمرة في آفاق السماء حتّى قتل الحسين رضي الله عنه.
4- دلائل النبوّة 6 / 468 - 469 ؛ وقال فيه : جاء جبريل بطينة حمراء فأخذتها أُمّ سلمة وصرّتها في خمارها ... الحديث ، مسند أحمد 3 / 242 وج 3 / 265 ، البداية والنهاية 6 / 231.
5- مسند أحمد 3 / 242 وج 3 / 265.

يقول الراوي في أكثرها :

«إنّه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسين في حِجره ، وعينا رسول الله تهرقان الدموع ، وفي يده تربة حمراء ، فيقول الراوي : ما هذه التربة يا رسول الله؟

فقال : أتاني جبريل فأخبرني أنّ أُمّتي ستقتل ابني هذا ، وأتاني بتربة حمراء ، وهي هذه» (1).

وفي طائفة أُخرى : «إنّه يقتل بأرض العراق ، وهذه تربتها. وإنّه أودع تلك التربة عند أُمّ سلمة زوجته ، فقال : إذا رأيتها وقد فاضت دماً فاعلمي أنّ الحسين قتل. وكانت تتعهّدها حتّى إذا كان يوم عاشوراء عام شهادة الحسين وجدتها قد فاضت دماً ، فعلمت أنّ الحسين قد قتل» (2).

بل في هذا الكتاب - الخصائص - وفي العقد الفريد (3) لابن عبد ربّه : أخرج البيهقي وأبو نعيم ، عن الزهري ، قال : «بلغني أنّه يوم قُتل الحسين لم يُقلب حجر من أحجار بيت المقدس إلاّ وجد تحته دم عبيط» (4). جر

ص: 353


1- ومن حديث أُمّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قالت : كان عندي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ومعي الحسين ، فدنا من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فأخذته فبكى ، فتركته فدنا منه ، فأخذته فبكى ، فتركته ، فقال له جبريل : أتحبّه يا محمّد؟ قال : نعم. قال : أما إنّ أُمّتك ستقتله ، وإنْ شئت أريتُك من تُربة الأرض التي يُقتل بها. فبسط جناحه ، فأراه منها. فبكى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. راجع : المعجم الكبير 3 / 108 - 110 ح 2819 - 2822 ، العقد الفريد 3 / 368 - 369.
2- راجع : المعجم الكبير 3 / 108 ح 2817 ، الفتوح 4 / 327.
3- الخصائص الكبرى 2 / 126 ، العقد الفريد 3 / 371.
4- دلائل النبوّة - للبيهقي - 6 / 471 ، معرفة الصحابة 2 / 662 ؛ وفيه : لم يرفع حجر

وعن أُمّ حيّان : «يوم قتل الحسين أظلمت الدنيا ثلاثاً ، ولم يمسّ أحدهم من زعفرانهم شيئاً إلاّ احترق ، ولم يُقلب حجر في بيت المقدس إلاّ وجد تحته دم عبيط» (1).

أمّا أحاديث التربة الحسينية وقارورة أُمّ سلمة (2) ، وغيرها ، وشيوع ذكرها في حياة النبيّ ، وإخباره عن فضلها ، وعن قتل الحسين فيها ، قبل ولادة الحسين ، وبعد ولادته ، وهو طفل صغير ، المروية في كتب الشيعة والتاريخ والمقاتل ، فهي كثيرة مشهورة متضافرة ، بل متواترة ، لو اجتمعت لجاءت كتاباً مستقلاًّ (3).

ومن باب الاستطراد والمناسبة نقول : إنّ نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم كما أخبر بقتل ولده الحسين عليه السلام في كربلاء قبل وقوعه ، ودفع لزوجته أُمّ سلمة من تربتها ، وأراها لجملة من أصحابه ، كذلك أخبر بحوادث كثيرة ووقائع خطيرة قبل وقوعها ، فوقع بعضها في حياته ، وبعضها بعد رحلته من الدنيا ..

فمن الأوّل : إخباره بفتح مكّة ، ودخولهم المسجد الحرام آمنين ا.

ص: 354


1- تاريخ دمشق 14 / 229.
2- راجع : المعجم الكبير 3 / 108 ح 2817.
3- الثاقب في المناقب - لابن حمزة - : 330 - 332 ، إثبات الوصية : 262 ، إعلام الورى : 219 ، الصراط المستقيم 2 / 179 ، مدينة المعاجز : 243 ، حلية الأبرار 1 / 600 ، وغيرها.

مطمئنين ، كما في القرآن الكريم (1).

وإخباره بغلبة الروم على الفرس في بضع سنين ، كما في القرآن أيضاً (2).

وإخباره بأنّ كسرى قد مات أو قتل (3).

وإخباره بالكتاب الذي مع حاطب بن أبي بلتعة (4). ..

ص: 355


1- وهو قوله تعالى : (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحقّ لتدخلنّ المسجد الحرام إنْ شاء الله آمنين مُحلّقين رؤوسكم ومقصّرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) سورة الفتح 48 : 27.
2- وهو قوله تعالى : (غُلِبت الروم * في أدنى الأرضِ وهُم من بعد غَلَبِهم سيغلبون) سورة الروم 30 : 2 و 3.
3- الجمع بين الصحيحين - للحميدي - 3 / 908 ح 2174 ، دلائل النبوّة - للبيهقي - 4 / 390 - 392 ، مجمع الزوائد 8 / 288 ، كنز العمّال 11 / 376 ح 31081.
4- هو : حاطب بن أبي بلتعة اللخمي ، يكنّى : أبا عبد الله ، وقيل : يكنّى أبا محمّد ، واسم أبي بلتعة : عمرو ، وقيل : هو حاطب بن عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي ، حليف قريش ، وقيل : حليف الزبير بن العوام. قال ابن إسحاق : لمّا أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسير إلى مكّة ، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريش يُخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأمر في السير إليهم ، ثمّ أعطاه إلى امرأة ، وجعل لها جُعلاً على أن تبلّغه قريشاً ، فجعلته في رأسها ، ثمّ فتلت عليه قرونها ، ثم خرجت. وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث عليّ بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وقيل : المقداد بن الأسود رضي الله عنهم ، فقال : أدركا امرأةً قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش ، يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم. فخرجا حتّى أدركاها بالخليفة - خليفة بني أبي أحمد - فاستنزلاها ، فالتمساه في رحلها ، فلم يجدا شيئاً ، فقال لها عليّ بن أبي طالب عليه السلام : إنّي أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا كُذّبنا ، ولتُخرجنّ لنا هذا الكتاب أو لنكشفنّك. فلمّا رأت الجدّ منه ، قالت : اعرض ، فأعرض ، فحلّت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منها ، فدفعته إليه ، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..

وكثير من أمثالها (1).

ومن الثاني : إخباره بأنّ أصحابه يفتحون ممالك كسرى ، وقيصر (2) ، وأنّ أصحابه يختلفون في الخلافة من بعده (3).

وإخباره بمقتل عثمان (4) ، وشهادة أمير المؤمنين بسيف ابن ملجم (5). ..

ص: 356


1- إخباره بفتح خيبر على يد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عندما أعطاه راية الفتح العظيم. راجع : مصنّف عبد الرزّاق 5 / 287 ح 9637 ، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 17 ، المعجم الكبير 6 / 1520 ح 5818 ، حلية الأولياء 1 / 62 ، تاريخ دمشق 42 / 103 - 123 ، وقد ذكرها أرباب التاريخ والسير.
2- فيض القدير 1 / 570 ، تحفة الأحوذي 6 / 446.
3- بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «قد اختلفتم وأنا بين أظهركم ، وأنتم بعدي أشدّ اختلافاً». انظر : الفتن - للمروزي - : 334 ، مصنّف عبد الرزّاق 11 / 389 - 390 ح 20189 ، المعجم الكبير 3 / 134 - 135 ح 2908 و 2909 ، الذرّيّة الطاهرة : 131 - 132 ح 161 ، كنز العمّال 14 / 615 ح 39713.
4- فيض القدير 1 / 570 ، تحفة الأحوذي 6 / 446.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام : ألا أُخبركم بأشقى الناس رجلين؟ قلنا : بلى يا رسول الله. فقال : أُحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك - قصد هنا عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله - يا عليّ على هذه ، ووضع رسول الله يده على رأسه - أي رأس عليّ عليه السلام - حتّى تبلّ منها هذه ، ووضع يده على لحيته ..

وبسمّ ولده الحسن (1) ، وغلبة بني أُمية على الأُمّة (2). :

ص: 357


1- ذكر ابن كثير في حوادث سنتي 47 و 48 ه- : قال الطبيب وهو يختلف إليه : هذا رجل قطّع السم أمعاءه ، فقال الحسين : يا أبا محمّد! أخبرني من سقاك؟ قال : ولم يا أخي؟ قال : أقتله والله قبل أن أدفنك ، وأن لا أقدر عليه أو يكون بأرض أتكلّف الشخوص إليه. فقال : يا أخي! إنّما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دعه حتّى ألتقي أنا وهو عند الله. وأبى أن يسمّيه. وقال أيضاً : سمعت بعض من يقول : كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيه سمّاً. وفي خبر : روى بعضهم أنّ يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سِمّي الحسن وأنا أتزوّجك بعده ؛ انظر : البداية والنهاية 8 / 35. وقال الخوارزمي : أرسل معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس ، فقال : إنّي مزوّجك بيزيد على أنْ تسمّي الحسن ، وبعث إليها بمئة ألف درهم ، ففعلت ، فسوّغها المال ، ولم يزوّجها ؛ راجع : مقتل الحسين : 198 ح 108. هكذا تمّ إخبار الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بطريقة سمّ الحسن عليه السلام ، وقد فعلها معاوية بطريقة حاقدة ؛ إذ أنّه وقّع معه عليه السلام اتّفاقية الصلح ، ثمّ لم يلتزم بها ، وخوفه من ذهاب ملك بني أُمية من بعد موته دفعه إلى قتل الإمام الحسن عليه السلام بهذه الطريقة التي أفجعت قلوب بني هاشم.
2- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «هلاك أُمّتي على يدي أُغيلمة من قريش» ، فقال مروان :

وبشهادة ثابت بن قيس الشماس (1).

وبفتح الحيرة البيضاء ، وقضية المرأة التي وهبها لبعض أصحابه ، ولمّا فتح الحيرة خالد بن الوليد طلبها منه ، واستشهد بشاهدين من الصحابة فدفعها له ، وهي الشيماء أخت عبد المسيح ابن بقيلة ، كبير النصارى وقسّهم الأعظم (2).ي؟

ص: 358


1- هو : ثابت بن قيس بن شماس بن زهير (ظهير) بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ، أُمّه امرأة من طيء ، يكنّى : أبا محمّد ، قتل بنوه : محمّد ويحيى وعبد الله يوم الحرّة ، كان ثابت خطيب الأنصار ، وخطيب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، شهد أُحداً وما بعدها من المشاهد. وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً نقلاً عن مالك : يا ثابت! أما ترضى أن تعيش حميداً ، وتقتل شهيداً ، وتدخل الجنّة؟! قال مالك : فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيداً رحمه الله ، وذلك في خلافة أبي بكر. انظر : الاستيعاب 1 / 200 - 201 رقم 250 ، أُسد الغابة 1 / 275 رقم 569.
2- ونصّ الحكاية : قال خريم بن أوس الطائي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «هذه الحيرة البيضاء قد رُفعت لي ، وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود» ؛ فقلت : يا رسول الله! فإن دخلنا الحيرة ووجدتها على الصفة فهي لي؟

إلى كثير من أمثال هذه الوقائع ، التي لو جمعت لكانت كتاباً مستقلاًّ أيضاً (1).

* * * م.

ص: 359


1- منها : 1 - إخبار فاطمة الزهراء عليها السلام بأنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به. 2 - إخبار قتال الزبير لعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم للزبير - عندما لقيهما في سقيفة بني ساعدة - : «أتحبّه يا زبير؟!» ، فقال : وما يمنعني؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له؟!» .. الحديث. 3 - إخبار أبو ذرّ الغفاري رضي الله عنه عن نفيه إلى الربذة ، وموته بأرض فلاة وحيداً ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يرحم الله أبا ذرّ ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويُبعث وحده». 4 - إخبار عمّار بن ياسر رضي الله عنه بأنّه تقتله الفئة الباغية. 5 - إخباره بأنّ إحدى زوجاته تنبح عليها كلاب الحوأب. انظر : دلائل النبوّة 5 / 222 وج 6 / 364 و 390 و 410 و 414 و 420 ، المرقاة 10 / 318 ح 5969. وغيرها من الحوادث التي وقعت بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

تتمّة

فيها فوائد مهمّة

حيث أننا ذكرنا في صدر هذه النبذة الوجيزة جملاً تتعلّق بالأرض وأحوالها ، وناحية من شؤونها وخيراتها وبركاتها رأينا من المناسب تعميم الفائدة بالتوسّع في ذكر نواح أُخرى تتعلّق بالأرض تشريعية أو تكوينية حسبما يخطر على البال مع جري القلم ، ولا ندّعي الاستيعاب والإحاطة ؛ فإنّه يحتاج إلى استفراغ وسع لا يساعد عليه تراكم أشغالنا ، وتوفّر أعمالنا ، وتهاجم العلل والأسقام على قوانا ، وإنّما نذكر ما خطر وتيسّر على جهة الأنموذج ، ولعلّ المتتبّع يجد أكثر ممّا ذكرناه ويستدرك بالكثير والقليل علينا ، وبالله المستعان ، وعليه التكلان.

الفائدة الأُولى : [بحث في الكتب المعتبرة عند الشيعة.]

ورد في جملة من أخبارنا المروية في كتب الحديث المعتبرة ، بل هي أقصى مراتب الاعتبار والوثاقة عندنا ، مثل كتاب الكافي ، الذي هو أجَلّ وأوثق كتاب عند الشيعة الإمامية.

نعم ، ورد فيه وفي أمثاله من الكتب العالية الرفيعة ، ك- : علل الشرائع للصدوق - أعلى الله مقامه - ، فضلاً عن غيره من المتأخّرين ، ك- : البحار وغيره ، عدّة أخبار - ولعلّ فيها الصحيح والموثّق - مضمونها : الشائعة عند العوام : «إنّ الأرض يحملها حوت ، أو ثور وضعها على قرنه ، فإذا شاء أن

ص: 360

تكون في الأرض زلزلة حرّك قرنه فتتزلزل الأرض» (1).

مثل : ما في روضة الكافي ما نصّه : «عليّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن بعض أصحابه ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبد الله - أي الصادق عليه السلام - قال : إنّ الحوت الذي يحمل الأرض استرقى نفسه أنّه إنّما يحمل الأرض بقوّته ، فأرسل الله إليه حوتاً أصغر من شبر ، وأكبر من فتر ، فدخل في خياشيمه ، فصعق فمكث بذلك أربعين يوماً ، ثمّ أنّ الله رأف به ورحمه وخرج ، فإذا أراد الله تعالى بأرض زلزلة بعث ذلك الحوت إلى ذلك الحوت ، فإذا رآه اضطرب فتزلزلت الأرض» (2).

ومثله في الوغى الوافي (3) من لا يحضره الفقيه (4) ، ثمّ عقّبهما صاحب الوافي الفيض الكاشاني - رحمه الله - بقوله : وسرّ هذا الحديث ومعناه ممّا لا يبلغ إليه أفهامنا (5) ..

ونقل عن الفقيه حديثاً : إنّ زلزلة الأرض موكولة إلى ملك يأمره الله متى شاء فيزلزلها (6).

وفي خبر آخر : «إنّ الله تعالى أمر الحوت بحمل الأرض ، وكلّ بلد ث.

ص: 361


1- انظر : تاريخ الطبري 1 / 40 ، بدائع الزهور ووقائع الدهور : 10 و 11 ، قصص الأنبياء - للثعلبي - : 4 صفة خلق الأرض.
2- الكافي 8 / 255 ح 365.
3- لعلّ مراد الشيخ قدس سره : إنّ من لا يحضره الفقيه مثله مثل الكافي في الاعتبار والوثاقة في ميدان الرواية والحديث الشيعي.
4- من لا يحضره الفقيه 1 / 342 - 343 ح 1515.
5- الوافي 26 / 490.
6- راجع : من لا يحضره الفقيه 1 / 343 ضمن ح 1517 ؛ إنّه سأل سليمان الديلمي الإمام الصادق عليه السلام عن الزلزلة : ما هي؟ فأجاب عليه السلام : «إنّه وكّل بعروق الأرض ملكاً فإذا أراد الله أن يزلزل أرضاً أوحى إلى ذلك الملك أن حرّك عرق كذا ...» .. الحديث.

من البلدان على فلس من فلوسه ، فإذا أراد الله تعالى أن يزلزل أرضاً أمر الحوت أن يحرّك ذلك الفلس فيحرّكه ، ولو رفع الفلس لانقلبت» (1).

إلى كثير من أمثالها التي لا نريد في هذا المجال جمعها واستقصائها ، وإنّما الغرض الإشارة والإيماء إليها ، والتنبيه على ما هو المخرج الصحيح منها ، ومن أمثالها بصورة عامّة ..

فنقول :

إنّ أساطين علمائنا ، كالشيخ المفيد ، والسيّد المرتضى ، ومن عاصرهم أو تأخّر عنهم ، كانوا إذا مرّوا بهذه الأخبار وأمثالها ممّا تخالف الوجدان ، وتصادم بديهة العقول ، ولا يدعمها حجّة ولا برهان ، بل هي فوق ذلك أقرب إلى الخرافة منها إلى الحقيقة والواقع.

نعم ، إذا مرّ على أحدهم هذه الأحاديث ، وذكرت لديهم قالوا : هذا خبر واحد لا يفيدنا علماً ولا عملاً. ولا يعملون إلاّ بالخبر الصحيح الذي لايصادم عقلاً ولا ضرراً.

ولذا شاع عن هذه الطبقة أنّهم لا يقولون بحجّية خبر الواحد إلاّ إذا كان محفوفاً بالقرائن المفيدة للعلم.

ولا بُدّ من رعاية القواعد المقرّرة للعمل بالخبر المنقول عن النبيّ والأئمّة المعصومين سلام الله عليهم ، وهي فائدة جليلة لا تجدها في غير هذه الأوراق.

القاعدة الكلّية والضابطة المرعية :

إنّ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة المعصومين عليهم السلام سواء6.

ص: 362


1- من لا يحضره الفقيه 1 / 343 ح 1516.

كانت من طرق رواة الإمامية ، أو من طرق الجماعة والسُنّة ، تكاد تنحصر من حيث مضامينها في أنواع ثلاثة :

النوع الأوّل :

ما يتضمّن : المواعظ والأخلاق وتهذيب النفس وتحليتها من الرذائل ، وما يتّصل بذلك من النفس والروح والعقل والملكات.

ويلحق بهذا : ما يتعلّق بالجسد من : الصحّة والمرض والطبّ النبوّي ، وخواصّ الثمار والأشجار والنبات والأحجار والمياه والآبار ..

و : ما يتضمّن من : الأدعية والأذكار والأحراز والطلاسم ، وخواصّ الآيات وفضل السور وقراءة القرآن ، بل ومطلق المستحبّات من الأقوال والأفعال والأحوال.

فكلّ خبر ورد في شيء من هذه الأبواب والشؤون يجوز العمل به ، والاعتماد عليه لكلّ أحد من سائر الطبقات ، ولا يلزم البحث عن صحّة سنده ومتنه إلاّ إذا قامت القرائن والأمارات المفيدة للعلم بكذبه ، وأنّه من أكاذيب الدسّاسين والمفسدين في الدين.

النوع الثاني :

ما يتضمّن : حكماً شرعياً فرعياً ، تكليفياً أو وضعياً ؛ وهي عامّة الأخبار الواردة في أبواب الفقه من أوّل كتاب الطهارة بما يشتمل عليه من الغسل والوضوء والتيمّم والمياه ونحوها.

وكتاب الصلاة بأنواعها الكثيرة من الفروض والنوافل ، من الرواتب وغيرها ، ذوات الأسباب وغيرها.

ص: 363

والزكاة ، والخمس ، وأحكام الصوم ، والجهاد ، وأبواب المعاملات ، والعقود الجائزة واللازمة.

وكتاب النكاح وأنواعه ، والطلاق وأقسامه ، وما يلحق به من الخلع والظهار وغيرهما ، إلى أن ينتهي الأمر إلى الحدود والديات ، وأنواع العقوبات الشرعية والجرائم والآثام المراعى فيها سياسة المدن والصالح العامّ.

وكلّ الأخبار الواردة والمرويّة في شيء من هذه الأبواب لا يجوز العمل بها والاستناد إليها إلاّ للفقيه المجتهد ، الذي حصلت له من الممارسة وبذل الجهد واستفراغ الوسع وملكة الاستنباط ، وكملت له الأهلية مع الموهبة القدسية.

نعم ، يجوز لأهل الفضل والمراهقين ، والّذين هم في طريق النظر فيها والاستفادة منها ، ولكن لا يجوز له العمل بما يفيده منها ويستظهره من مداليلها ، ولا الفتوى على طبقها قبل حصول تلك الملكة ورسوخها بعد المزاولة الطويلة والجهود المتمادية ، مضافاً إلى الاستعداد والأهلية.

نعم ، لا يجوز للأفاضل ، فضلاً عن العوام ، حتّى في المستحبّات مطلقاً ، إلاّ ما كان من قبيل الأذكار والأدعية ، فإنّ ذكر الله حسن على كلّ حال ، ويكفي في بعض المستحبّات الرجاء لإصابة الواقع ، والرجاء بنفسه إصابة ..

كما يدلّ عليه أخبار : «من بلغه ثواب على عمل فعمله رجاء ذلك الثواب ، أُعطي ذلك الثواب وإنْ لم يكن الأمر كما بلغه» (1) ؛ ولكن مراجعة 9.

ص: 364


1- انظر : إقبال الأعمال 1 / 18 ، وسائل الشيعة 1 / 63 باب رقم 9.

المجتهد حتّى في مثل هذه الأُمور أبلغ وأحوط.

النوع الثالث :

ما يتضمّن : أُصول العقائد من : إثبات الخالق الأزلي وتوحيده ؛ أعني نفي الشريك عنه ، وصفاته الثبوتية والسلبية ، وما إلى ذلك من تقديسه وتنزيهه ، وأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا ، وتعالي قدرته وعظمته.

ثمّ : النبوّة ، والإمامة ، والمعاد وما يتّصل به من الحشر والنشر ، والبرزخ ، والصراط ، والميزان ، والحساب ، ونشر الصحف ، إلى جميع ما ينظم في هذا السلك.

إلى أن ينتهي إلى مخلوقاته جلّ شأنّه من : السماء والعالم ، والنجوم ، والكواكب ، والأفلاك ، والأملاك ، والعرش ، والكرسي.

إلى أنْ ينتهي إلى الكائنات الجوية من : الشهب ، والنيازك ، والسحاب ، والمطر ، والرعد ، والبرق ، والصواعق ، والزلازل ، والأرض وماتحمله وما يحملها ، والمعادن ، والأحجار الكريمة ، والبحار العظيمة ، وخواصّها ، وما فيها ، والأنهار ومجاريها ، والرياح ومهابّها وأنواعها.

والجنّ والوحوش ، وأنواع الحيوان بحرياً أو برياً أو سمائياً ، إلى أمثال ذلك ممّا لا يمكن حصره ولا يحصر عدّه ..

فإنّ الأخبار عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام قد تعرّضت لجميع ذلك ، وقد ورد فيها من طرق الفريقين الشيء الكثير.

وفي الحقّ أنّ هذا من خصائص دين الإسلام ، ودلائل عظمته ، وسعة معارفه وعلومه ؛ فإنّك لا تجد هذه السعة الواردة في أحاديث المسلمين في دين من الأديان مهما كان ، ولكن الضابطة في هذا النوع من الأخبار أنّ

ص: 365

ما يتعلّق منه بالعقائد وأُصول الدين من التوحيد والنبوّة ، فإن كان ممّا يطابق البراهين القطعية والأدلّة العقلية والضرورية يُعمل به ، ولا حاجة إلى البحث عن صحّة سنده وعدم صحّته ، وهذا مقام ما يقال أنّ بعض الأحاديث متونها تصحّح أسانيدها ، وإنْ كان ممّا لم يشهد له البرهان ، ولم تؤيّده الضرورة ، ولكنّه في حيّز الإمكان ينظر.

فإن كان الخبر صحيح السند صحّ الالتزام به على ظاهره ، وإلاّ فإن أمكن صرفه عن ظاهره وتأويله بالحمل على المعاني المعقولة ؛ تعيّن تأويله ، وإن لم يمكن تأويله وكان مضمونه منافياً للوجدان ، صادماً للضرورة ، فمع صحّة سنده لا يجوز العمل به ؛ لخلل في متنه ، بل يردّ علمه إلى أهله ..

وإنْ كان غير صحيح السند يُضرب به الجدار ، ووجب إسقاطه من جمهرة الأخبار.

إذا تمهّدت هذه المقدّمة ، فنقول في الأخبار الواردة في الأرض والحوت والثور ، وكذا ما ورد في الرعد والبرق ، ونحوها من أنّ البرق مخارق الملائكة ، والرعد زجرها للسحاب كما يزجر الراعي إبله أو غنمه ، وأمثال ذلك ممّا هو بظاهره خلاف القطع والوجدان ، فإنّ الأرض تحملها مياه البحار المحيطة بها ، وقد سبروها (1) وسيّروها ، وساروا حولها ، فلم يجدوا حوتاً ولا ثوراً ، وعرفوا حقيقة البرق والرعد ، والصواعق والزلازل بأسباب طبيعية قد تكون محسوسة وملموسة وتكاد تضع إصبعك عليها. ».

ص: 366


1- سبر الشيء سبراً : حزره وخبره ، لسان العرب 6 / 150 مادة «سبر».

فمثل هذه الأخبار على تلك القاعدة ، إن أمكن حملها على معانٍ معقولة ، وجعلها إشارة إلى جهات مقبولة ، ورموز إلى الأسباب الروحية المسخّرة لهذه القوى الطبيعية ؛ فنِعم المطلوب ..

والإّ فالصحيح السند يردّ علمه إلى أهله ، والضعيف يضرب به الجدار ، ولا يعمل ولا يلتزم بهذا ولا ذاك ، وهنا دقيقة لا بُدّ من التنبيه عليها والإشارة إليها وهي :

إنّ من الجليّ عند المسلمين عموماً ، بل وعند غيرهم ، أنّ الوضع ، والجعل ، والدسّ في الأخبار قد كثر وشاع ، وامتزجت المجعولات في الأخبار الصحيحة ، بحيث يمكن أن يقال : إنّ الموضوعات قد غلبت على الصحاح الصادرة من أُمناء الوحي وأئمّة الدين.

ويظهر أنّ هذه المفسدة والفتق الكبير في الإسلام قد حدث في عصر النبوّة حتّى صار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يُحذّر منه وينادي غير مرّة : «من كذب علَيَّ فليتبوّء مقعده من النار» (1) ، و : «إنّه ستكثر علَيَّ الكذّابة» (2).

ومع كلّ تلك المحاولات والتهويلات لم تنجح في الصدّ عن كثرته فضلاً عن إبادته ، وقد حدث في عصره صلى الله عليه وآله وسلم وما يليه من الشيء الكثير من الإسرائيليات ، وأقاصيص عن الأُمم الغابرة ، ونسبة المعاصي والكبائر إلى الأنبياء والمرسلين والمعصومين (3) .. هم

ص: 367


1- صحيح البخاري 1 / 35 ، صحيح مسلم 1 / 7 وص 8 ، سُنن الترمذي 2 / 357 ح 2358 ، سُنن أبي داود 2 / 177 ح 3651 ، مسند أحمد 1 / 78 وص 130 ؛ وفي معظم المصادر : «من كذب علَيَّ متعمّداً ...».
2- راجع : رسائل المرتضى 2 / 56 ، الكافي 1 / 83 ح 1 باب اختلاف الحديث.
3- لقد وصلت الجرأة بهؤلاء الوضّاعين أن يعتدوا على الأنبياء عليهم السلام ، وينسبون إليهم

واشتهر بهذه الأوضاع أشخاص مشهورون في ذلك العصر مثل : عبدالله بن سلام (1) ، وكعب الأحبار (2) ، ووهب بن منبه (3) ، وأمثالهم (4).

ثمّ تتابعت القرون على هذه الخيمة ، وانتشرت هذه الخصلة الذميمة ؛ ن.

ص: 368


1- هو : عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ، أحد الأحبار ، كان حليفاً للأنصار ، ويقال : كان حليفاً للقواقلة من بني عوف بن الخزرج ، وكان اسمه في الجاهلية : الحصين ، وعندما أسلم سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : عبد الله ، ولمّا كانت الحرب قائمة بين عليّ عليه السلام ومعاوية اتّخذ سيفاً من خشب واعتزلها ، توفّي بالمدينة في خلافة معاوية سنة 43 ه- ؛ انظر : الاستيعاب 3 / 921 رقم 1561.
2- هو : كعب بن مانع بن ذي هجن ، المعروف ب- : كعب الأحبار ، من كبار علماء اليهود في اليمن ، أسلم في خلافة عمر ، خرج إلى الشام ، فسكن حمص وتوفّي فيها سنة 32 ه. الإصابة 5 / 647 رقم 7501 ، الأعلام 5 / 228.
3- هو : وهب بن مُنبه الأبناوي الصنعاني الذماري ، ولد بصنعاء عام 34 ه- ، كان كثير الأخبار عن الكتب القديمة ، كان عالم بأساطير الأوّلين ، ولا سيّما الإسرائيليات ، أصله من أبناء فارس الّذين بعث بهم كسرى إلى اليمن. قال ابن الجوزي فيه : قال أبو حفص الفلاس : كان ضعيفاً. توفّي بصنعاء عام 114 ه- .. انظر : سير أعلام النبلاء 4 / 544 رقم 219 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 100 رقم 93 ، الضعفاء والمتروكين - لابن الجوزي - 3 / 189 رقم 3683.
4- مثل : تميم بن أوس الداري ، وهو من نصارى اليمن.

ففي كلّ قرن أشخاص معروفون بالجعل ، وقد يعترفون به أخيراً ، وأشهرهم بذلك زنادقة المسلمين المشهورين ، مثل : حمّاد الراوية (1) وزملائه ، ومثل : ابن أبي العوجاء (2) ، وأمثالهم (3). م.

ص: 369


1- هو : حمّاد بن أبي ليلى ، المعروف ب- : حمّاد الراوية ، مشهور برواية الأشعار والحكايات ، كانت ملوك بني أُميّة تقدّمه وتؤثره. قال ابن حجر : وما علمت له حديثاً مسنداً ، وقال ثعلب : كان حمّاد الراوية مشهور بالكذب في الرواية ، وعمل الشعر وإضافته إلى المتقدّمين ، حتّى يقال : إنّه أفسد الشعر ، وقد عدّه بعضهم في الزنادقة ، توفّي ببغداد سنة 155 ، وفيه يقول الشاعر : نعم الفتى لو كان يعرف ربّه ويقيم وقت صلاته حمّاد انظر : لسان الميزان 2 / 352 رقم 1424 ، وفيات الأعيان 2 / 206 - 210.
2- هو : عبد الكريم بن أبي العوجاء ، خال معن بن زائدة ، زنديق مغتر ، قال أبو أحمد بن عدي : لمّا أُخذ ليُضرب عنقه ، قال : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أُحرّم فيه الحلال ، وأُحلّ الحرام. وقيل فيه : كان عبد الكريم يُفسد الأحداث ، فقال له عمرو بن عبيد : قد بلغني أنّك تخلو بالحدث من أحداثنا فتفسده وتستزلّه وتدخلُه في دينك ، فإن خرجت من مصرنا وإلاّ قمت فيك مقاماً آتي فيه على نفسك ، فلحق بالكوفة ، فدُلّ عليه محمّد ابن سليمان ، فقتله وصلبه بها ، وذلك في زمن المهدي ، وقال فيه بشّار : قل لعبد الكريم يابن أبي العو جاء بعت الإسلام بالكفر موقا لا تصلّي ولا تصوم فإن صم- -ت فبعض النهار صوماً رقيقا لا تُبالي إذا أصبت من الخم- -ر عتيقاً ألاّ تكون عتيقا ليت شعري غداةَ حلّيتَ في الجن- -د حنيفاً حُلّيت أمْ زنديقا انظر : ميزان الاعتدال 4 / 368 رقم 5172 ، الأغاني 3 / 139 ، لسان الميزان 4 / 51 رقم 144.
3- مثل : مطيع بن إياس بن أبي سلمة الليثي الكناني الكوفي ، الشاعر الماجن المشهور ، وعباد بن صهيب ، وأبو البختري وهب بن وهب ، وعمر بن هارون البلخي أبو حفص. وللمزيد راجع : موسوعة الغدير ، بحث الكذّابين والوضّاعين ، ترى الكثير منهم.

ذكر العالم الثبت ، العلاّمة الحبر الجليل ، الفلكي الرياضي الشهير ، أبو ريحان البيروني في كتابه الممتع العديم النظير الآثار الباقية ، قال مانصه :

«وقد قرأت - في ما قرأت من الأخبار - أنّ أبا جعفر محمّد بن سليمان - عامل الكوفة من جهة المنصور - حبس عبد الكريم بن أبي العوجاء ، وهو خال معن بن زائدة ، وكان من المانوية (1) ، فكثر شفعاؤه بمدينة السلام ، وألحّوا على المنصور حتّى كتب إلى محمّد بالكفّ عنه.

وكان عبد الكريم يتوقّع ورود الكتاب في معناه ، فقال لأبي الجبّار - وكان منقطعاً إليه - : إن أخّرني الأمير ثلاثة أيام فله مئة ألف درهم ، فأعْلَمَ أبو الجبّار محمّداً.

فقال الأمير : ذكّرتنيه وقد كنت نسيته ، فإذا انصرفت من الجمعة فذكّرنيه ، فلمّا انصرف ذكّره إيّاه ، فدعا به فضرب عنقه.

فلمّا أيقن أنّه مقتول قال : أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أُحرّم بها الحلال ، وأُحلّ بها الحرام ، ولقد فطّرتكم في يوم صومكم ، وصوّمتكم في يوم فِطركم. ثمّ ضربت عنقه ، وورد الكتاب في معناه بعده» (2). انتهى. 8.

ص: 370


1- هم : أصحاب ماني بن فاتك (أفتك) الحكيم الذي ظهر في زمان شابور بن أردشير ملك الفرس ، كان في الأصل مجوسياً عارفاً بمذاهب القوم ، وقيل : إنّ أصل أبيه من همدان ، ثمّ انتقل إلى بابل .. زعم أنّ العالم مصنوع مركّب من أصلين قديمين ، أحدهما : نور ، والآخر : ظلمة ، وإنّهما أزليان. وقيل : إنّ ماني هذا قتل من قبل كسرى وصلبه. انظر : الفهرست : 507 - 509 ، الملل والنحل 2 / 268 - 270.
2- الآثار الباقية عن القرون الخالية : 67 - 68 ؛ وانظر : تاريخ الطبري 4 / 508.

وذكر غيره - على ما يخطر ببالي - أنّ بعض المتحدّثين قال في آخر عمره : إنّي وضعت في رواياتكم خمسين ألف حديث في فضل قراءة القرآن ، وخواصّ السور والآيات فقيل له : تبوّء إذاً مقعدك من النار ؛ فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «من كذب علَيَّ فليتبوّء مقعده من النار» (1) ، فقال : ما كذبت عليه بل كذبت له (2).

ولم يعرف هذا الشقي أنّ الكذب له عنه كذب عليه ، وهذا قليل من كثير ممّا ورد في هذا الباب.

وهنا ملحوضة أُخرى غير خفيّة ، وهي : إنّ الكثير ممّن دخلوا الإسلام لم يدخلوه رغبة فيه ، واعتقاداً بصحته ، وما دخلوه إلاّ للكيد فيه ، وهدم مبانيه ، والعدوّ الداخلي أقدر على الإضرار من العدوّ الخارجي ، فدسّوا في الأحاديث أخباراً واهية تشوّه صورة وجه الإسلام الجميلة ، ودعوته المقبولة ، وتحطّ من كرامته ، وتلفّ من منشور رايته التي خفقت على الخافقين.

وهذا باب واسع يحتاج إلى فصل بيان لا مجال له هنا ، وإنّما الغرض هل يبقى وثوق بعد هذا بصدد هذه الأخبار من أئمّتنا المعصومين الّذين هم تراجمة الوحي ، ومجسّمة العقول ، والمُثل العليا (3)؟! ،

ص: 371


1- مرّت تخريجاته في ص 367.
2- التذكار - للقرطبي - : 155.
3- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة له بعد نزول : (إنّما وليّكم الله ...) .. الآية : «اتّقوا الله أيُّها الناس حقّ تُقاته ، ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، واعلموا أنّ الله بكلّ شيء محيط ، وأنّه سيكون من بعدي أقوام يكذبون علَيَّ فيُقبل منهم ، ومعاذ الله أن أقول على الله إلاّ الحقّ ، أو أنطق بأمره إلاّ الصدق ، وما آمركم إلاّ بما أمرني به ،ولا أدعوكم إلاّ إلى الله ، (وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون). فقام إليه عبادة بن الصامت ، فقال : ومتى ذلك يا رسول الله؟ ومن هؤلاء؟ عرّفناهم لنحذرهم. قال صلى الله عليه وآله وسلم : أقوام قد أستعدوا لنا من يومهم ، وسيظهرون لكم إذا بلغت النفس مني ها هنا - وأومأ صلى الله عليه وآله وسلم إلى حلقه -. فقال عبادة : إذا كان ذلك فإلى من يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : عليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي ، والآخذين من نبوتي ؛ فإنهم يصدونكم عن الغي ، ويدعونكم الى الخير ، وهم أهل الحق ، ومعادن الصدق ، يحيون فيكم الكتاب والسنة ، ويجنبونكم الإلحاد والبدعة ، ويقمعون بالحق أهل الباطل ، ولا يميلون مع الجاهل» .. رواها شهاب الدين أحمد في : توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

فكيف يحدّثون بما لا يقبله العقل ، ولا يساعده الوجدان؟!

نعم ، يمكن تأويل قضية الأرض ، والحوت ، والثور ، على فرض صدورها عن الأئمّة عليهم السلام ، بأنّه أشار إلى أنّ الحوادث هي قوّة الحياة المودعة في الأرض ، التي يحيا بها النبات ، والحيوان ، والإنسان ؛ فإنّ قوّة الحياة هي التي تحمل الأرض ، والثور إشارة إلى ما يثير تلك القوّة ، ويستغلّها من الآلات والمعدات ، إلى كثير من التأويلات والمحامل التي لسنا الآن بصددها ، وإنّما الغرض المهمّ تنبيه أرباب المذاهب الإسلامية ، وغيرهم ، بل وحتّى عامّة الإمامية أنّه لا يجوز التعويل والاعتماد على ما في كتب الأحاديث من الأخبار المروية عن أئمّتنا ، ولا يصحّ أن ينسب إلى مذهب الإمامية ما يوجد في كتب أحاديثنا ، ولو كانت في أعلى مراتب الجلالة والوثاقة.

وقد اتّفقت الإمامية قولاً واحداً : إنّ أوثق كتب الحديث وأعلاها قدراً وأسماها مقاماً هو كتاب الكافي ، ويليه الفقيه ، والاستبصار ، والتهذيب ،

ص: 372

ومع ذلك لا يصحّ الاعتماد على ما روي فيها ؛ فإنّ فيها الصحيح والسقيم ، والمعوج والمستقيم ، والغثّ والسمين ، من حيث السند تارةً ، ومن حيث المتن أُخرى ، ومن كلتا الجهتين ثالثة ..

ولذا قسّم أساطين الإمامية في القرون الوسطى الأحاديث - بما فيها الكتب الأربعة المشهورة - إلى أربعة أقسام : الصحيح ، والحسن ، والموثوق ، والضعيف (1) ، ولا يتميّز بعضها عن بعض إلاّ بعد الجهود واستفراغ الوسع ، وللأوحدي من أعلام المجتهدين.

على أنّنا ذكرنا في جملة من مؤلّفاتنا : أنّ مَلَكة الاجتهاد وقوّة الاستنباط لا يكفي فيها مجرّد استفراغ الوسع ، وبذل الجهد ، بل تحتاج إلى استعداد خاصّ يستأهل به منحة إلهية ولطفاً ربّانياً ، يمنحها الحقّ جلّ شأنه للأوحدي فالأوحدي من صفوة عباده.

ومن مجموع ما ذكرنا في هذا المقام يتّضح : إنّ نسبة بعض كَتَبة العصر [ما] ذكروا [من] جملة من الأُمور الغريبة إلى مذهب الإمامية ؛ لخبر أو رواية وجدوها في كتبهم ، أو اعتمد عليها بعض مؤلّفيهم ، لا يصحّ جعله مذهباً للشيعة بقول مطلق ، بل لعلّه رأي خاصّ لذلك المؤلّف لا يوافقه جمهورهم وأساطين علمائهم.

كما أنّه لا يجوز لعوام الإمامية - فضلاً عن غيرهم - النظر في الأخبار التي هي من النوعين الآخرين ؛ فإنّها مضلّلة لهم ، ومظنّة خطر عليهم ، وليس هو من وظيفتهم وعملهم ؛ بل لا بُدّ من إعطاء كلّ فنٍّ لأهله ، وأخذه من أربابه وأساتيذه. 9.

ص: 373


1- شرح البداية في علم الدراية - للشهيد الثاني - 1 / 79 - 89.

وبالجملة : فتمييز الخبر الصريح دلالةً ، المقبول مذهباً ، ليس إلاّ لأساتذة الفقه ، وجهابذة الحديث ، ومراجع الأُمّة الأصحّاء لا المدّعين والأدعياء.

وما كلّ ممشوقِ القوامِ بُثينة

ولا كلّ مفتون الغرام جميلُ

الفائدة الثانية : ممّا يتعلّق بالأرض.

إنّ الشارع الحكيم في الشريعة الإسلامية قد علّق على الأرض جملة أحكام ، ذكرها الفقهاء في متفرّق كتب الفقه ، وقد ذكرناها في رسائلنا العملية المطبوعة ، ك- : الوجيزة ، وحواشِ التبصرة ، والسفينة ، والسؤال والجواب ، وغيرها.

فلنذكرها هنا بالإيماء والإشارة بمناسبة ذكر الأرض وشؤونها وأحكامها ، مرتّبةً على حسب ترتيب الفقهاء لكتب الفقه :

كتاب الطهارة :

1 - الأرض : من المطهّرات العشرة ؛ تطهر باطن القدم ، وأسفل العصا ، وباطن النعل والحذاء ، ونظائرها ، مع المشي عليها وزوال عين النجاسة (1).

2 - الاستجمار : بأحجار ثلاثة طاهرة من الأرض تطهّر المخرج ، وتغني عن الماء (2).3.

ص: 374


1- شرائع الإسلام 1 / 55 ، اللمعة الدمشقية 1 / 65 - 66 ، الوسائل 3 / 457 باب طهارة باطن القدم والنعل ...
2- شرائع الإسلام 1 / 18 ، الوسائل 3 / 459 ح 10 ، شرح اللمعة 1 / 83.

3 - التيمّم بالصعيد : وهو إمّا مطلق وجه الأرض ، فيشمل : الصخر ، والحصى ، والرمل ، وأشباهها ، أو خصوص التراب ، على خلاف بين الفقهاء كالخلاف بين اللغويين ؛ ولعلّ الأوّل أرجح ..

وهو - بالكيفية المشروحة في كتب الفقه - يغني عن الغسل والوضوء الواجبَين والمستحبَّين في مواضع الضرورة ، بل ومطلقاً في بعض الموارد (1).

4 - وجوب دفن الأموات في الأرض بنحو يمنع ظهور رائحته ومن وصول الوحوش إليه (2).

5 - تعفير خدّه بالأرض عند دفنه (3).

كتاب الصلاة :

1 - جواز الصلاة والمرور في الأراضي الواسعة المملوكة ، ولو مع عدم الاستئذان من مالكها مع عدم الإضرار (4) ، وكذا جواز الوضوء والشرب من الأنهار الواسعة المملوكة بغير استئذان.

2 - وجوب السجود على الأرض الطاهرة وما تنبته غير المأكول والملبوس (5).

3 - إرغام الأنف بالأرض عند السجود (6). 2.

ص: 375


1- التهذيب 1 / 186 ، شرائع الإسلام 1 / 47 ، اللمعة الدمشقية 1 / 154 - 156.
2- اللمعة الدمشقية 1 / 146.
3- اللمعة الدمشقية 1 / 147.
4- الشرائع 1 / 71 ، المقدّمة الخامسة.
5- الشرائع 1 / 72 - 73 ، المقدّمة السادسة : في ما يسجد عليه ، الوسائل 5 / 343.
6- الشرائع 1 / 87 ، الخصال : 232.

4 - زلزلة الأرض سبب صلاة الآيات المعروفة ، وهي عشر ركوعات بنحو مخصوص (1).

الزكاة :

وجوب الزكاة في ما تخرجه الأرض من الغلات الأربع : الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، واستحبابه في ما عدا ذلك ؛ نصف العشر في ما تُسقى بالآلة ، وضعفه في ما عدا ذلك (2).

الخمس :

أحد موارد وجوب الخمس : الأراضي المنتقلة من المسلم إلى الذمّي (3).

البيع :

إرث الزوجة في الخيار المتعلّق بالأرض التي ترث فيها الزوجة المنتقلة إلى الزوج ، أو المنتقلة منه ؛ وهي من معضلات المسائل وفيها أبحاث عميقة ودقيقة ، ولنا فيها رسالة (4).

المزارعة :

وهي معاملة على زرع الأرض بحصّة معيّنة من عائدها ، وهي نوع 6.

ص: 376


1- المقنعة : 208 - 209 ، الشرائع 1 / 102 - 104.
2- المقنعة : 234 ، الشرائع 1 / 142.
3- المقنعة : 283 ، الشرائع 1 / 180.
4- جامع المقاصد - للكركي - 4 / 306.

من أنواع الإجارة والاستئجار انفردت عنها بأحكام خاصّة (1) ..

ومثلها : المساقاة : وهي معاملة على سقي الغروس بحصّة معيّنة من ثمرتها (2).

المغارسة :

وهي معاملة على غرس في مدّة معيّنة بمقدار معيّن من المال أو من ثمراتها ..

والمشهور عند الفقهاء صحّة المعاملتين الأوّليين ، وبطلان الأخيرة ؛ والأصحّ عندنا صحّتها أيضاً (3).

إحياء الموات :

وستأتي الإشارة الموجزة إلى بيان بعض أحكامه في الفائدة الثالثة.

الميراث :

حرمان الزوجة من مطلق الأرض عيناً وقيمة ، سواء كانت خالية أو مشغولة ببناء وعِمارة ، أو غرس أو زرع ، وترث من البناء والغروس قيمة ، ومن المنقولات عيناً ، وهذا ممّا انفردت به الإمامية ؛ لأخبار خاصّة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام (4).

هذا ما حضرنا على جري القلم ، وربّما يجد المتتبّع أكثر من هذا. 9.

ص: 377


1- الشرائع 2 / 149 ، جامع المقاصد 7 / 311 وما بعدها.
2- الشرائع 2 / 154 ، جامع المقاصد 7 / 343 وما بعدها.
3- جامع المقاصد 7 / 392 وما بعدها ، اللمعة الدمشقية 3 / 320 - 321 ، كلمة التقوى 5 / 350.
4- مسالك الإفهام - للشهيد الثاني - 13 / 184 ، الرواشح السماوية - للداماد - : 39.

الفائدة الثالثة - وهي نافعة وواسعة - :

إنّ الأراضي التي استولى عليها المسلمون أيام الفتح ، وفي الصدر الأوّل من الإسلام لا تخلو :

إمّا غامرة : وهي الموات التي لا تصلح للزراعة عادة ؛ إمّا لأنّ الماء يغمرها أكثر السنة ، أو لأنّه لا يصل إليها مطلقاً ، أو في أيام الزرع ، أو لأنّها سباخ ؛ ويدخل فيها : الأودية ، والآجام (1) ، ورؤوس الجبال ، وسيف (2) البحار.

وكلّ هذه الأنواع تدخل في الأنفال (3) ، وهي راجعة لوليّ الأمر يعمل فيها وفي ما يوجد من المعادن في باطنها وغيرها ، ما يراه صالحاً للإسلام ، وشؤونه ، وقوّة جنديّته ، وأسلحته ، فلا يجوز لأحد أن يستغلّ شيئاً منها إلاّ بإذنه أو إذن خلفائه أو أُمنائه على مرور الأحقاب والأعقاب (4).

وإمّا عامرة ، وهي أقسام :

أوّلها وأشهرها : المفتوح عنوة ؛ أي بالقهر والقوّة ، ما أوجف (5) ،

ص: 378


1- الأجمة : الشجر الكثير الملتف ، والجمع : آجام ؛ انظر : القاموس المحيط 4 / 74 مادّة «أجم».
2- السيف : ساحل البحر ؛ انظر : لسان العرب 6 / 457 مادّة «سيف».
3- الأنفال : كلّ أرض فُتحت من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، والأرضون الموات ، وتركات من لا وارث له من أهل القرابات ، والآجام ، والمفاوز ، والمعادن ، وقطائع الملوك ، وكانت الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته ، وهي للإمام القائم مقامه عليه السلام ؛ انظر : تهذيب الأحكام 4 / 132.
4- المقنعة : 278.
5- وجف البعير والفرس يجف وجفاً ووجيفاً : أسرع ، وقيل : تحرّك باضطراب ،

المسلمون عليه بخيل وركاب ؛ وذلك كالعراق بأجمعه ، وأكثر إيران ، وأكثر أراضي الشام ، وفلسطين وشرق الأردن ونحوها.

وقد شاع واشتهر أنّ هذا القسم هو ملك أو مختصّ بالمسلمين وأنّ تقبيله وتصريفه أيضاً لوليّ الأمر وخلفائه ، وهذا القسم هو المعروف ب- : أرض الخراج ، يقبل الإمام لآحاد المسلمين مقداراً منه فيزرعونه ، ويأخذ منه العشر قيمةً ؛ وهو الخراج ، أو عيناً ؛ وهو المقاسمة.

ثمّ يصرف ما يستوفيه من ذلك في مصالح الإسلام والمسلمين سلماً أو حرباً ، هجوماً أو دفاعاً ، ممّا لا مصداق له اليوم (1) ، بل ويا ليتنا نسلم من شرّهم ونفلت من أشراكهم.

ثانيها : الأرض التي أسلم عليها أهلها اختياراً ، كالمدينة ، وكثير من أراضي اليمن (2) ً.

ثالثها : الأرض التي صالح عليها أهلها من أهل الذمّة ، وهي المعروفة ب- : أرض الجزية ..

وحكم هذين القسمين أنّه ملك طلق لأربابه ، لا شيء عليهم فيه سوى الزكاة في غلّتها بشروطها المعلومة (3).

أمّا المفتوح عنوة فبعد اتّفاق الأصحاب أنّها للمسلمين ، وأنّ في غلّتها - مضافاً إلى الزكاة - الخراج أو المقاسمة (4) ؛ فقد اختلفوا أشدّ 7.

ص: 379


1- المقنعة : 278 - 279.
2- المقنعة : 274 ، الحدائق الناضرة 18 / 321.
3- المقنعة : 275.
4- الحدائق الناضرة 18 / 294 وما بعدها ، جواهر الكلام 8 / 177.

الاختلاف في ملكيّتها ..

فبين قائل : إنّها لا تمُلك مطلقاً ، بل هي لعنوان المسلمين الكلّي في جميع الطبقات إلى آخر الدهر (1).

وبين قائل : بأنّه يملكها من تقبّلها من الإمام أو السلطان بفرضه عليه من الشروط (2).

وبين مفصّل : بأنّها تملك تبعاً للآثار لا مطلقاً (3).

واستدلّ كلّ من هؤلاء على مختاره بدليل من الأخبار ، ووجوده من الاعتبار وغيرهما.

وارتبك القائلون بعدم الملكية مطلقاً ، أو الاتّباع للآثار بالسيرة المستمرّة من اليوم إلى يوم الإسلام الأوّل في البيع والشراء والوقف والرهن على رقبة الأرض مع قطع النظر عن الآثار ، وهذه العقود تتوقّف على الملكية (4) ؛ إذ لا بيع إلاّ في ملك ، ولا وقف إلاّ في ملك (5) ، وهكذا.

ثمّ لازم القولين أنّ المسجد إذا زال بنيانه بالكلّية يزول عن المسجدية حينئذٍ ، ويصحّ جعله داراً أو مزرعة أو غير ذلك ، بل ويجوز تنجيسه ، ومكث الجُنب فيه ، إلى آخر ما هناك ؛ وهذه اللوازم ممّا لا يمكن الالتزام بها أصلاً.

وحلّ عقدة هذا البحث : إنّ الأصحاب - رضوان الله عليهم - من الصدر الأوّل إلى اليوم قد توهّموا من الأخبار ، وفهموا منها عدم الملكيّة 9.

ص: 380


1- الحدائق الناضرة 18 / 295 ، جواهر الكلام 8 / 177.
2- جواهر الكلام 8 / 178.
3- جواهر الكلام 8 / 178.
4- جواهر الكلام 8 / 178.
5- تذكرة الفقهاء 2 / 449 ، جواهر الكلام 22 / 343 وج 23 / 69.

الشخصية لأحد من الناس لشيء من المفتوح عنوة ، وأنّه ملك لكلّي المسلمين إلى نهاية الدهر لو أنّ للدهر نهاية ، وغفلوا عن نقطة دقيقة في تلك الأحاديث لو التفت أحد منهم إليها لَما وقع هذا الارتباك ؛ وحاصل ما يستفاد من مجموع ما ورد من الروايات في هذا الباب ، هو : إنّ الأرض العامرة قسمان :

القسم الأوّل : هو مطلق لأربابه ، لا شيء عليهم فيه سوى الزكاة ، وهما : الأرض التي أسلم عليها أهلها ، والتي صالحوا عليها.

القسم الثاني : وهو المفتوح عنوة ، مضافاً إلى الزكاة حقّ آخر لعنوان المسلمين ومصالحهم إلى يوم القيامة ، لا يراد بذلك نفي الملكيّة مطلقاً ، بل نفي الملكيّة المطلقية ، وبيان أنّ لها نوعاً خاصّاً من الملكيّة ، وذاك أنّ فيه أي عائدةٍ حقّ المسلمين ليس في سائر الأنواع ، وهذه النكتة بعد التنبيه عليها جلية من الروايات ، والعجب غفل عنها أُولئك الأعاظم ..

ففي خبر محمّد بن شريح : «سألت أبا عبدالله - أي الصادق عليه السلام - عن شراء الأرض من أرض الخراج؟ فكرهه وقال : إنّما أرض الخراج للمسلمين.

فقالوا له : فإنّه يشتريها للرجل وعليه خراجها؟

فقال : لا بأس ، إلاّ أن يستحي من عيب ذلك» (1).

وفي صحيحة صفوان قال : «حدّثني أبو بردة ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : كيف ترى في شراء أرض الخراج؟

قال : ومن يبيع ذلك وهي أرض المسلمين؟! 8.

ص: 381


1- تهذيب الأحكام 7 / 148 ح 65 ، تذكرة الفقهاء 2 / 402 ، الحدائق الناضرة 18 / 296 ، وسائل الشيعة 12 / 275 ح 9 ، جواهر الكلام 21 / 158.

قال : قلت : يبيعها الذي هي في يده؟

قال : ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟ ثمّ قال : لابأس أن يشتري حقّه منها ، ويحوّل حقّ المسلمين عليه ، ولعلّه يكون أقوى عليها ، وأملأ بخراجه منه» (1).

انظر كيف استنكر الإمام بيعها ، ثمّ أمضاه من الذي هي بيده إذا التزم بخراجها؟! فليس محطّ النظر في كلّ طائفة من الأخبار الواردة في هذا الموضوع إلاّ المحافظة على الخراج الذي هو حقّ المسلمين ، ومصالح الإسلام.

نعم ، في هذا كثير من الأخبار ما يظهر منه المنع مطلقاً ؛ مثل صحيحة ابن ربيع الشامي : لا تشتروا من أرض السواد ؛ فإنّها للمسلمين (2).

وهو وأمثاله محمول على ما ذكرناه.

فاغتنم هذه الفائدة ؛ فإنّها فريدة ومفيدة ، وهي من مفرداتنا في ما أحسب.

والمراد بأرض السواد : العراق ؛ فإنّه كان عامراً بأجمعه فمن توجّه إليه يرى من بُعد سواداً متراكماً ، وهذا السواد هو البياض حقيقة.

أمّا بياض أراضي العراق اليوم لخرابها وعدم عمرانها فيها سواد الوجه ، وحقاً ما قالوا : «الظلم لا يدوم وإذا دام دمّر» (3). ».

ص: 382


1- النهاية - للطوسي - : 423 ، الاستبصار 3 / 109 ح 387 ، تذكرة الفقهاء 2 / 402 ، وسائل الشيعة 15 / 156 ح 20197.
2- التهذيب 7 / 147 ح 653 ، من لا يحضره الفقيه 3 / 152 ح 667 ، الاستبصار 3 / 109 ح 385 ؛ وفيه : عن أبي ربيع الشامي ، الخلاف 2 / 70 - 71 ، الوسائل 17 / 369 ح 5 باب 21.
3- انظر : فيض القدير 2 / 135 ؛ وزاد فيه : «والعدل لا يدوم وإنْ دام عمّر».

هذا حال العامر حال الفتح ، فإذا خرب وكان صالحاً للعمارة وألزم السلطان صاحب الأرض بعمارتها ، فإن عجز دفعها وليّ الأمر لمَن يعمّرها ، وتبقى على ملك الأوّل ويأخذ أُجرة الأرض من المعمّر الثاني ويدفع خراجها ، أمّا لو جُهل مالك الأرض فلوليّ الأمر أنّ يدفعها للمعمّر ، تقبيلاً أو تمليكاً أو إجارة ، حسب ما يراه من المصلحة ، فلو ظهر صاحبها أخذ الأُجرة ؛ هذا حكم الموات بعد الفتح.

أمّا الموات قبله ، وهو الذي أشرنا إليه في صدر هذه الفائدة ، وهو المعنون بكتب الفقهاء بكتاب إحياء الموات ؛ فقد شاع واشتهر حديث : «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» (1).

وربّما يستكشف منه الإذن العامّ في الإحياء لكلّ أحد ، مسلماً كان أو غيره ، وتكون ملكاً طلقاً له ، لا حقّ فيها لأحد ، لا خراجها ولا مقاسمة ولا غيرهما.

نعم ، في غلّتها الزكاة بشروطها ، كغيرها من الأراضي المملوكة ، ولكنّ الأصحّ عندنا ، وهو الأحوط ، استئذان الإمام في الإحياء أو نائبه ، فإن شاء أذن له مطلقاً ، وإن شاء بأُجرة ، حسب ما يراه من المصلحة ، ووضع الأرض سهولاً وحزوناً (2) وغير ذلك. ».

ص: 383


1- صحيح البخاري 3 / 214 باب من أحيا أرضاً مواتاً ، سُنن الترمذي 3 / 662 - 663 ح 1378 وح 1379 ، سُنن أبي داود 3 / 174 - 175 ح 3073 وح 3074 كتاب الخراج ، باب في إحياء الموات ، الموطّأ : 649 - 650 ح 28 و 29 باب القضاء في عمارة الموات ، مسند أحمد 3 / 338 وص 381 ، سُنن الدارمي 2 / 183 ح 2603 باب من أحيا أرضاً ، السُنن الكبرى 6 / 99 وص 142 وص 143.
2- الحَزْنُ : ما غَلُظَ من الأرض ، والجمع : حزون ؛ انظر : لسان العرب 3 / 158 - 159 مادّة «حزن».

نعم ، اشترطوا في إحياء الموات شروطاً :

1 - أن لا يكون مملوكاً لمسلم ومعاهد ، سواء لم يُعلم ملكيّة أحد له أو عُلم وباد أهله.

2 - أن لا يكون محجراً ؛ فإنّ التحجير يفيد الاختصاص والأولوية.

3 - أن لا يكون قد جرى عليه إقطاع من السلطان أو الإمام ؛ فإنّه كالتحجير.

4 - أن لا يكون مَشعراً للعبادة ، ك- : عرفة ومنى ، وأمثالها.

5 - أن لا يكون حريماً لعامر من بلد ، أو قرية ، أو بستان ، أو مزرعة ، ولا ما يحتاج إليه العامر من طريق ، أو شرب ، أو مراح ، أو ميدان سباق ونحوها (1).

[تنبيه :]

ممّا يلحق بهذا البحث : المشتركات العامّة ..

وأُصولها ثلاثة : المياه ، والمعادن ، والمنافع ، وهي ستّة منافع : المساجد ، والمشاهد ، والمدارس ، والربط ، ومنها : الخانات في الطرق والمنازل للمسافرين ، والطرق ، أي : الشوارع والجادّات ، ومقاعد الأسواق (2).

ومعنى الاشتراك هنا : إنّ كلّ من سبق إلى شيء أو محلّ من تلك الأماكن فهو أحقّ به ، ولا يجوز لغيره مزاحمته ، فلو دفعه غيره فعل حراماً قطعاً .. 3.

ص: 384


1- جامع المقاصد 7 / 11 وما بعدها.
2- جامع المقاصد 7 / 33.

فإن كان عيناً ، كالماء والمعدن ؛ فهو غصب بلا إشكال.

وإن كان موضعاً ، كالمدرسة والخان والشارع ؛ فلا يبعد الغصب على إشكال.

وإن كان مَشعراً ، كالمشاهد والمساجد ونحوها ؛ فالأقرب عدم تحقيق الغصبية ؛ لعدم حقّ مالي فيها يتحقّق به الغصب ، كما أوضحناه في كثير من مؤلّفاتنا ، وها هنا مباحث جليلة وتحقيقات دقيقة لا يسعها هذا المختصر ، وهي موكولة إلى محالّها.

الفائدة الرابعة : تشتمل على أُمور :

الأمر الأوّل : [تركيب عناصر الأجسام.]

كان قدماء فلاسفة الحكمة الطبيعية إلى هذه العصور الأخيرة يرون أنّ عناصر الأجسام المادّية التي تتركّب الكائنات العنصرية منها هي أربعة : الماء ، والتراب ، والنار ، والهواء ، ويسمّونها : (الاستقصات) (1) كلمة يونانية ، ومنه نشأت النادرة الأدبية المعروفة ؛ حيث أنّ أحد أُدباء الموصل في بغداد قال في موشحته :

كرة النار على أيدي الهواء

رُفعت يحملها ابن السماء

استقصات بزعم الحكماء

بعضها من فوق بعض ركّبا

ليتني كنت تمام الأربع

فقال له بعض النجفين مطايبة : قال الله سبحانه في كتابه : (ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً) (2). 0.

ص: 385


1- انظر : التنبيه والاشراف : 119.
2- سورة النبأ 78 : 40.

نعم ، العناصر عند القدماء أربعة ، أمّا اليوم وفي العلم الحديث فقد بلغت العناصر التي تتركّب منها الأجسام جامدة أو سائلة أو غازاً سبعين عنصراً أو أكثر ، وأكثر العناصر الكيماوية التي تتكّون منها الأرض ولا سيّما الأراضي الزراعية هو : الأزوت ، والسليس ، والأُوكسجين ، وكربونات الجير المغنيسات ، وأُوكسيد الحديد ، والبوتاسا ، والصودا ، وغيرها.

وتختلف مقاديرها بحسب اختلاف الأراضي ، وتسمّى عندهم باسم العنصر الغالب ؛ فبعضها طينية ، وبعضها رملية ، وأُخرى حصوية ، وهكذا ، وكما أنّ الأرض والتراب تتركّب من العناصر ، وتنحلّ إليها ، فكذلك الماء والهواء ؛ فإنّ كلاًّ منهما يتركّب من الأُوكسجين والهيدروجين وغيرها بنسب متفاوتة ومقادير معيّنة ، وكذلك الأجسام البشرية والحيوانية والنباتية.

ولكلّ واحد من هذه العناصر مزية تخصّه لا توجد في الآخر ، وكلّ هذا مذكور ومفصّل في العلوم الطبيعية بالمعنى الواسع ، وليس الغرض هنا إلاّ ذكر ما يتعلّق بالأرض بنحو موجز كالرمز ، ويطلبه من أراد التوسّع من محالّه ومن أهله.

الأمر الثاني : في ما يتعلّق بحركة الأرض وسكونها.

وهي من مهمّات المسائل الرياضية وأُمّهاتها ، ومن المعلوم لدى كلّ ذي حسّ أنّ الزمان عبارة عن ليل ونهار يتقوّم بهما الشهر ، والسنة عبارة عن الفصول الأربعة.

وكلّ هذه المعاني والاعتبارات متحصّلة من الشمس والقمر والأرض من حركة بعضها بعضاً إلى الآخر ، ودوران بعضها على بعض ، إنّما الإشكال على أوّليات الدهر ، والخلاف بين أعاظم الحكماء اليونانين الأوليّين

ص: 386

وغيرهم ، أنّه هل الشمس تدور على الأرض أو الأرض تدور عليها؟ بعد الاتّفاق على أنّ القمر هو الدائر على الأرض ، ويتمّ دورته من المغرب إلى المشرق في سبعة وعشرين يوماً تقريباً ، ومن هذه الدورة وما يلحقها يحصل الشهر.

والأقوال في حركة الشمس أو الأرض كثيرة قد تزيد على ستّة ، ولكن المشهور منها مذهبان :

[المذهب] الأوّل : مذهب (فيثاغورس) (1) ، الذي كان قبل المسيح بخمسمائة سنة ، ثمّ تبعه جماعة من فلاسفة اليونان ، مثل (فلوطرخوس) (2) و (أرشميدس) (3) .. لب

ص: 387


1- فيثاغورس : أحد حكماء اليونان ، وهو أوّل من نطق في الأعداد والحساب ، والهندسة ، تفرّغ لدراسة الحكمة ، فجال بطلبها في مصر والشام وبابل ، وإليه يُعزى تقويم الحساب المعروف بجدول فيثاغورس في الضرب ، قال بتناسخ الأرواح ، عاش في زمن ملك يقال له : (اغسطس) فهرب منه ، فتبعه ، وركب فيثاغورس البحر حتّى صار إلى هيكل في جزيرة ، فأحرقه عليه الملك بالنار ، وتوفّي في جزيرة (ساموس) عام 600 ق م ، كان من تلامذته : (ارسميدس) ، صاحب المرايا المحرقة ؛ انظر : تاريخ اليعقوبي 1 / 154 - 155 ، دائرة معارف القرن العشرين 1 / 183.
2- فلوطرخس : هو أحد علماء الطبيعة ، له كتاب الآراء الطبيعية ، ويحتوي على آراء الفلاسفة في أُمور الطبيعيات. الفهرست : 412.
3- أرشميدس (أرخميدس) : رياضي ، وفيزيقي مخترع إغريقي ، أكبر علماء الهندسة في الأقدمين ، وواحد من الّذين جعلتهم مكتشفاتهم العلمية من ذوي الذكر الخالد ، ولد في سيراقوسة سنة 212 ق م. ومع قرابته للملك (هيرون) ملك تلك المدينة لم يلِ شيئاً من خطط الحكومة ، قصد الاسكندرية ، وهو شاب ليتلقّى العلم. نُسبت إليه عدّة اكتشافات منها : (اكتشاف العيار المخمّس ، والعجلات المسنّنة ، واكتشاف البكرة المتحرّكة ، وقانون الوزن النوعي في علم الطبيعة). وكان سبب اكتشافه لهذا القانون الأخير هو : أنّ (هيرون) ملك سيراقوسة طلب

ولكن حيث أنّ هذا الرأي قد يتنافى مع ظاهر الحسّ ، وما أكثر مايخطأ الحسّ ؛ فإنّ المحسوس الأرض واقفة ، والشمس والقمر يتحرّكان عليها ، كما قال الشاعر :

تجري على كبد السماء كما

يجري حمام الموت بالنفس

لذلك كفّرهم أهل زمانهم ، وبقي هذا الرأي مهجوراً ومستوراً حتّى جاء (بطليموس) (1) قبل المسيح بمائة وخمسين سنة ، فأيّد ما يراه العوام ،

ص: 388


1- بطليموس : كلوديوس بطليموس ، عالم فلك ، ورياضة ، وجغرافية ، وفيزيقا ،

من سكون الأرض ، وحركة جميع السيارات عليها.

وشاع واشتهر هذا الرأي ، وعليه جرى حكماء الإسلام من زمن الرشيد والمأمون إلى زمن ابن سينا (1) ، ونصير الدين الطوسي (2) ، وأمثالهم يم

ص: 389


1- هو : الحسين بن عبد الله بن الحسن بن سينا البلخي ، ثمّ البخاري ، يلقّب بالشيخ الرئيس ، أبو عليّ : فيلسوف ، طبيب ، شاعر ، مشارك في أنواع من العلوم ، ولد بخرميشن من قرى بخارى في صفر من عام 370 ه- ، كان أبوه كاتباً ومن دعاة الإسماعيلية ، له تصانيف كثيرة منها : الإشارات والتنبيهات وكتاب الشفاء والطبيعيات وتقاسيم الحكمة والموجز الكبير في المنطق ، وغيرها. توفّي بهمدان في عام 428 ه- ، ودفن عند سور همدان ، وقيل : نُقل تابوته إلى أصبهان. انظر : سير أعلام النبلاء 17 / 531 رقم 356 ، معجم المؤلّفين 1 / 618 رقم 4668.
2- هو : أبو جعفر ، محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي ، المعروف بالمحقّق الطوسي ، وبالخواجة نصير الدين الطوسي ، ولد في طوس ، واختلف في سنة ولادته ، ولكن غالبية المؤلّفين على أنّه ولد سنه 597 ه- .. كان من أشهر علماء القرن السابع ، وأشهر مؤلّفيه ، وقيل فيه : حكيم عظيم

من أعاظم فلاسفة الإسلام إلى هذه العصور الأخيرة ، وفرضوا لكلّ واحد من السيّارات فلكاً خاصّاً ، والكوكب مركوز في ثخنه (1) ، وفرضوا العالم الجسماني كلّه في ثلاثة عشرة كرة :

1 - الأرض : وهي المركز الذي تدور عليه جميع الكرات والسيارات والأفلاك والنيران وغيرها.

2 - الماء : وهو غير تامّ الاستدارة ؛ لانحساره عن الربع المسكون من الأرض ، واللازم بعد اكتشاف أمريكا أنّ المسكون أكثر من الربع.

3 - كرة الهواء : محيطة بالأرض والماء.

4 - كرة النار : تحيط بالجميع. ه.

ص: 390


1- قال ابن سينا : إنّ الكواكب تنتقل حول الأرض بسبب الأفلاك التي هي مركوزة فيها ، لا بأن تنخرق لها أجرام الأفلاك. الإشارات والتنبيهات 3 / 192 ؛ وثخنه هنا : مجاله ومداره.

5 - فلك القمر : محيط بتلك الكرات ، ومتّصل مقعّره بمحدّبها ، والقمر مركوز في ثخنه.

6 - فلك عطارد.

7 - الزهرة.

8 - الشمس.

9 - المريخ.

10 - المشتري.

11 - زحل.

12 - فلك الثوابت.

13 - الفلك الأطلس : وهو فلك الأفلاك ، ومحرّك الكلّ ، وينتهي عالم الأجسام بنهاية هذا الفلك.

ويقال : إنّ فلك البروج ؛ هو العرش ، وفلك الأفلاك ؛ هو الكرسي ، والله العالم.

وألجأهم ما رصدوه من حركة القمر والسيارات ، وما وجدوه لِما عدا النيرين من الرجوع والإقامة والاستقامة ، وهي الخمسة المتحيّرة (1) ، إلى الالتزام بأنّ كلّ فلك في ضمنه قطعات كالجوزهرات (2) ، والموائل ، ته

ص: 391


1- الكواكب المتحيّرة : هي التي ترجع وتستقيم ، وهي خمسة : زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد ؛ راجع : معجم المصطلحات العلمية : 239.
2- الجوزهر : هو النقطتان اللتان تتقاطع عليهما الدائرتان من الأفلاك تسمّيان : العقدتين ؛ والجوزهر كلمة فارسية وهي : كوزجهر ، أي صورة الجوز ، وقيل : كوى جهر ، أي صورة الكرة ، والأوّل أصحّ ، ويسمّى أيضاً : التنين ، وهذه صورته

والحوامل ، والمثلات ، وغير ذلك من الفروض التي صارت بها هذه الهيئة البطليموسية (1) «أعقد من ذنب الضبّ» (2).

وكان علماء الغرب في القرون التي انبثق فيها نور الإسلام في ظلام دامس ، فلمّا احتكّوا بالمسلمين في الحروب الصليبية ، وفي مدارس قرطبة ، وغيرها من الأندلس فتحوا عيونهم ، واتّسعت معارفهم من القرن التاسع ، وخاضوا في شتّى العلوم ، وأخصّها الرياضيات ، وكانت الهيئة السائدة عندهم هي هيئة بطليموس ، ومن خالفها أحرقوه وأحرقوا كتبه.

[المذهب الثاني :] ونقل أنّ الفلكي (برنو) (3) قال بحركة الأرض في القرن العاشر الهجري فأجلوه عن وطنه ، ثمّ سجنوه ستّ سنين ، ثمّ أحرقوه ، وأحرقوا كتبه.

ولكن تأثّر به ، وشيّد رأيه (غاليلو) (4) بعد القرن العاشر ، فاضطهدوه :

ص: 392


1- وهي : إنّ الأرض في المركز وتدور حولها باقي الأجرام السماوية في دائرة ، وبسرعة منتظمة. راجع : هامش رقم (1) صفحة 388 من هذه الرسالة.
2- المستقصى في أمثال العرب 1 / 250 رقم 1060.
3- برنو : جيوردانوا (1458 - 1600) : فيلسوف ، وعالم رياضيات وفلك إيطالي ، بدأ حياته راهباً دومينيكانياً في نابولي ، ثمّ درّس في باريس وأُكسفورد ، تبنّى نظرية كوبرنيكوس القائلة : بأنّ الأرض وسائر الكواكب تدور حول الشمس ، أُتّهم على أثرها بالزندقة ، وأُعدم في روما إحراقاً بالنار ؛ انظر : موسوعة المورد 2 / 126.
4- غاليلو : غاليليو غاليلي (1564 - 1642) : فيزيائي ، وعالم فلك ورياضيات إيطالي ، يُعتبر في رأي كثير من الباحثين واضع أُسس العلم التجريبي الحديث ، صنع عدّة تلسكوبات ، واكتشف أقمار المشتري ، أيّد نظرية كوبرنيكوس القائلة :

حتّى كاد أن يهلك.

ولكن بما أنّ الحقيقة تهتك الستور ، وتأبى إلاّ السفور ؛ لذلك انتشر هذا الرأي حتّى صار من المسلّمات التي لا تقبل الشكّ ، وخلاصته :

إنّ الأرض كوكب سيّار ، وكرة سابحة في هذا الفضاء حول الشمس كسائر الكواكب التي يتألّف منها نظامنا الشمسي ، وهي السيارات السبع وغيرها ممّا توصلوا إليه من الدائرات حول الشمس ، ولم يكن معروفاً مثل : (فلكان) (1) و (نبتون) (2).

ولها - أي الأرض - حركتان : وضعية وموضعية ، أي انتقالية ؛ فالأُولى دورانها على محورها نحو الشمس ؛ ومنها يحصل الليل والنهار ، وتقطع بهذه الحركة في الثانية 300 كيلومتر ..

والثانية على الشمس وحولها ؛ ومنها تحصل فصول السنة : الربيع ، والشتاء ، والخريف ، والصيف ، ومحيطها 4000 كيلومتر ، وقطرها 3000 ، وكلّها تقريبية.

ونسبة حجمها إلى الشمس نسبة الواحد إلى المليون وأربعمائة ألف ، وتقطع في حركتها الثانية الدورة في 365 يوم ، وتطوي في اليوم الواحد أكثر 1.

ص: 393


1- كان يسمّى : هيفايستوس عند قدماء اليونان ، وعند الرومان ب- : فلكان ؛ راجع : الموسوعة العربية الميسّرة : 1928.
2- ثامن كوكب في البعد عن الشمس ، وكان اكتشافه نتيجة لدراسة عدم انتظام حركة الكوكب أُورانوس ، ويحيط بالكوكب غلاف من غازات الهيدروجين والميثان ، وغيرها ، وكان اليونانيون يعتبرونه إلهاً للبحر ، وهو لا يظهر للعين المجرّدة ، اكتشف سنة 1846 ، وله قمر واحد ؛ راجع : الموسوعة العربية الميسّرة : 1821.

من خمسمائة ألف فرسخ سابحة في الفضاء ، تقرب من الشمس وتبعد عنها في مدار إهليلجي (1) تقريباً.

وهي منتفخة مستديرة في وسطها ، مسطّحة في قطبيها ، وكروية في الجملة ، تستمدّ نورها - وسائر السيّارات - من الشمس ، والشمس تفيض عليها وعلى سائر السيّارات الدائرة حولها النور والحرارة (2).

ويعجبني ما في بعض الأخبار - على ما يخطر ببالي - من قول الإمام الصادق عليه السلام لبعض أصحابه ممّن يزاول علم النجوم ؛ إذ يقول للإمام : إنّ لي في النظر بالنجوم لذّة.

فيقول له ممتحناً : كم تسقي الشمس القمر من نورها؟

فقال : هذا شيء لم أسمعه.

فقال الإمام : كم تسقي الشمس الزهرة من نورها؟ 2.

ص: 394


1- الإهليلجي : هو المحلّ الهندسي لنقطة تتحرّك في مستوٍ بحيث يكون مجموع بُعديها عن نقطتين ثابتتين فيه يساوي طولاً معلوماً ، وقيل : هي قوسان إذا التقى طرفاهما وديرت دور الكرة بين قطبين مرّة ؛ راجع : معجم المصطلحات العلمية : 230.
2- الأرض : هي الكوكب الذي أوجدنا الله عليه ، وهي كرة كبيرة سابحة في الفضاء حول الشمس ، مثل سائر الكواكب ، بسرعة 30 كيلومتراً ونصف في الثانية الواحدة ، ومحيطها 40000 كيلومتر ، وقطرها 3000 فرسخ ، وهي أصغر من الشمس بنحو ميلون وأربعمائة ألف مرّة. قال الجغرافيون : لهذه الكرة دورتان : دورة رحوية حول محورها من الغرب إلى الشرق ، وتتمّها في 24 ساعة ، وفائدة ذلك تكوين الليل والنهار ، وبمحاذاة أجزائها المختلفة للشمس على التعاقب. ولها دورة محيطية ، أي حول الشمس ، تتمّها في 365 يوماً ، فتقطع في اليوم الواحد أكثر من نصف مليون فرسخ سابحة في الفضاء. راجع : دائرة معارف القرن العشرين 1 / 181 - 182.

إلى أن قال الإمام : كم تستقي الشمس من اللوح المحفوظ؟ (1).

فإنّ النور لمّا كان ألطف وأخفّ من الماء ، ويجري أشدّ من جريانه ؛ فإنّه يطوي في اللحظة الواحدة ملايين من ملايين من الأميال ، حسن جدّاً التعبير عن إفاضته على الأجسام الفاقدة له ب- : السقي والاستقاء.

وفي هذا الخبر معانٍ عميقة ، وأسرار دقيقة لا مجال لذكرها هنا ، وإنّما الغرض الإشارة إلى بلاغة التعبير بالسقي هنا ، ومناسبته للمقام ، وأبلغ وأعلى منه كلمة القرآن المجيد عن دوران الكواكب في مداراتها وحركاتها في أفلاكها بقوله عزّ من قائل : (كلّ في فلك يسبحون) (2).

فإنّ هذا الفضاء غير المتناهي ، أو الذي لم تصل عقول البشر إلى منتهاه ، لمّا كان مملوءاً بالأثير ، أو بما هو أشفّ وألطف منه ، وهو أرقّ من الماء ، أشبه أن يكون كالبحر المتلاطم ، والكواكب في جريانها وحركاتها تسبح فيه ، وتشقّ عبابه.

وها هنا نكتة بديعة ، وهي : إنّ هذه الجملة الصغيرة لفظاً ، العظيمة مغزىً ، تضمّنت نوعاً من ألطف أنواع البديع ، وهو : «ما لا يستحيل بالانعكاس».

وألطف مثال له : النادرة المشهورة في كتب الأدب ، وهي : إنّ العماد الكاتب (3) التقى ببعض أُمراء عصره راكباً فرساً ، فقال له بديهة : «سر فلا كبا ز.

ص: 395


1- فرج المهموم - لابن طاووس - : 98 ، مستدرك الوسائل 13 / 101 ح 14893.
2- سورة الأنبياء 21 : 33.
3- هو : القاضي الإمام العلاّمة المفتي المنشئ البليغ ، الوزير عماد الدين أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن حامد بن محمّد بن عبد الله بن عليّ بن محمود بن هبة الله المعروف ب- : ألُهْ الأصبهاني ، الكاتب ، ويعرف ب- : ابن أخي العزيز.

بك الفرس». فتنبّه الأمير لنكتته البديعة ، وأنّ هذا طرده كعكسه ، فأجابه بالمثل فوراً وقال له : «دام علاء العماد» (1).

هذا ما أتخطّره من عهد بعيد ، يوم كنّا نطالع كتب الأدب أيام الصبا ، وهي في الحقّ ، لو كانت مع الفكرة وطول الرؤية ، آية في قوّة الفكر ، وحدّة الذهن ، فكيف لو صحّ أنّها على البديهة؟!

ولكن لا يذهبنّ عنك أنّ البراعة في الآية الشريفة ، وعلوّ الإعجاز فيها رعاية مناسبة الجملة للموضوع ..

فإنّ الموضوع لمّا كان هو الكوكب الذي يتحرّك في فلكه ومداره حركة مستديرة ، ولازمها أن تعود إلى مبدئه ، ويدور على نفسه ، وطرده كعكسه ؛ فالموضوع معنىً موضوع لا يستحيل بالانعكاس ؛ فناسب أن يعبّر عنه بجملة : «لا يستحيل بانعكاس» كنفس المعنى والموضوع.

وهذه النكتة غاية في الإعجاز والروعة ، ولم يلتفت إليها أحد من الأُدباء والمفسّرين.

ونعود إلى ما كنّا فيه ، فنقول : تلك لمحة من حال أرضنا ونظامنا الشمسي ، أمّا الثوابت عند أهل هذه الهيئة ، فهي شموس أيضاً في الفضاء ، ولكلّ واحد منها أقمار وأراضي ، وتوابع وأنظمة ، وكلّ واحدة من تلك 7.

ص: 396


1- سير أعلام النبلاء 21 / 347.

الشموس أكبر من شمسنا هذه بأُلوف الملايين حسب ما اكتشفوه بالآلات الجديدة ، والأرصاد المستخدمة ، والتلسكوبات الجبّارة.

وقد وزنوا النور ، وضبطوا مقادير سيرها وانعكاساتها ، وجاؤوا بالأعاجيب المدهشة ، مع اعترافهم بأنّ نسبة ما عرفوه واكتشفوه من تلك العوالم الشاسعة النيّرة إلى ما جهلوا ، نسبة الومضة إلى بركان النور ، والقطرة إلى البحور.

ولكن كلّ ما اكتشفوه بآلاتهم وأرصادهم تجد الإشارة إليه في القرآن العظيم ، وأخبار أئمّتنا عليهم السلام ، حتّى كون النور ، وأنّه ممّا يُوزن ، وله مقادير معيّنة ، أشار إليه الخبر المتقدّم بقوله : «كم تسقي الشمس الأرض من نورها؟» ؛ حيث يدلّ على أنّ النور له كمّية ومقدار تفيضه الشمس على الأرض (1).

والخلاصة : إنّ حركة الأرض ، وسائر ما برهنت عليه الهيئة الجديدة ، وهو الموافق للقرآن الكريم ، والسُنّة النبوية ، ولا سيّما أخبار أئمّتنا عليهم السلام ، وهو ممّا يحتاج إلى مؤلَّف أو مؤلّفات.

الأمر الثالث : ممّا يتعلّق بالأرض.

إنّ الرياضيين من المسلمين ، بل وغيرهم ، فرضوا على الفلك المحيط بالأرض ، وما فوقها من الأفلاك ، على طريقتهم دوائر عظام وصغار.

والدائرة العظيمة عندهم هي التي تقسم الكرة نصفين متساويين ، 9.

ص: 397


1- انظر : دائرة معارف القرن العشرين 5 / 408 - 409.

والدوائر العظام عشرة ، أهمّها :

دائرة المعدل المفروضة على الفلك الأعلى ، وتقسم الأرض إلى نصف جنوبي ، وآخر شمالي.

ودوائر منطقة البروج ، المنتزعة من سير الشمس السنوي على البروج الاثني عشر من الحمل إلى الحوت ..

وموضع التقاطع في نقطتين بينهما وبين الأُولى يسمّيان : الاعتدال الربيعي والخريفي ، وأبعد نقطتين بينهما : نقطتا الانقلابين : الصيفي إلى الشمال ، والشتوي إلى الجنوب.

والثالثة من الدوائر العظام : دائرة نصف النهار ، التي تمرّ على سمت الرأس والقدم ، وتقسم الفلك والأرض إلى قسمين : شرقي وغربي ، وتقاطع الأُولى والثانية في نقطتين ... إلى آخر ما ذكر في كتب الهيئة ، ممّا ليس الغرض بيانه ، وإنّما المقصود بيان أنّهم ذكروا أنّ المعمور من الأرض هو الربع الشمالي فقط ، من خطّ الاستواء إلى ما يقرب من القطب الشمالي ، وقسّموه إلى الأقاليم السبعة ، مبتدئين من جزائر الخالدات من المغرب (1).

أمّا علماء الغرب فقسّموا هذا الربع المعمور إلى القارّات الثلاث قبلاً ، وهي آسيا وأفريقيا وأُوربا ، ثمّ أضافوا إليها الرابعة استراليا ، بعد اكتشاف أمريكا.

فصارت القارّات اليوم خمسة ، وهي عبارة عن مجموع ما على هذه الكرة التي نحن عليها من البلدان والعمارات. 7.

ص: 398


1- راجع : تاريخ ابن خلدون 1 / 56 وما بعدها ، باب تفصيل الكلام على بدء الجغرافية ، دائرة معارف القرن العشرين 1 / 186 - 187.

ثمّ إنّ القرآن ينصّ على أنّ الأرضين سبعة ؛ حيث يقول جلّ شأنه : (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهنّ يتنزّل الأمر بينهنّ) (1).

وقد اختلف الفقهاء والمفسّرون في تعيين الأراضي المشار إليها بالآية الكريمة بين ذاهب إلى أنّها الأقاليم السبعة (2) ، وآخر أنّها طبقات الأرض ، وهي بعضها متّصل ببعض لا فرجة بينهما (3) ، وقيل : سبع بين كلّ واحدة إلى الأُخرى مسيرة خمسمائة عام ، وفي كلّ أرض منها خلقٌ حتّى قيل : في كلّ واحد منها آدم وحواء ، ونوح وإبراهيم (4).

وقد يوجد بعض هذا في بعض الأخبار ، ولكنّ الأرجح منه إرادة الطبقات الأرضية ؛ فقد ذكر علماء طبقات الأرض (الجيولوجيا) : أنّها تتكوّن من طبقة طينية ومعدنية ، وطبقة الأدخنة والأبخرة ، وطبقة نارية تنفجر منها البراكين النارية ، وطبقة الجليد والزمهرير (5).

ولكنّ الأصحّ من هذا كلّه ، والأحرى بالاعتبار ما ورد في بعض الأخبار في تفسير هذه الآية عن الإمامين الكاظم والرضا عليهما السلام ؛ فإنّ الرضا أجاب من سأله عن ترتيب السماوات السبع ، والأرضين السبع ، فقال : هذه الأرض الدنيا والسماء الدنيا فوقها قبّة ، والأرض الثانية [فوق] السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبّة ، والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء 0.

ص: 399


1- سورة الطلاق 65 : 12.
2- تفسير الرازي 30 / 41.
3- تفسير الماوردي 6 / 36.
4- تفسير الطبري 12 / 145 و 146 ، الدرّ المنثور 8 / 211.
5- دائرة معارف القرن العشرين 1 / 190.

الثالثة فوقها ... إلى آخر الخبر (1) ، وفي بعضها أنّه عليه السلام وضع يده فوق الأُخرى تمثيلاً (2).

ومن الأدعية الشائعة المعتبرة وذوات الشأن : المعروف ب- : دعاء الفرج ، المستحبّ في قنوت النوافل والفرائض : «اللّهمّ ربّ السماوات السبع ، وربّ الأرضين السبع وما فيهنّ وما بينهنّ ، وربّ العرش العظيم» (3).

وفي بعض خطب النهج : «الحمد لله الذي لا يوارى عنه سماء سماءً ولا أرض أرضاً» (4).

ويظهر من هذه الفقرات المتعالية ، ومن الآية الشريفة ، بل صريحها : إنّ هذه الأراضي السبع منفصل بعضها عن بعض ، بل يظهر أو صريح جملة من أخبار أُخرى منها أنّ فيها خلائق وسكّان ، ويشهد له قوله تعالى : (يتنزّل الأمر بينهنّ) ..

كما يظهر من جملة أُخرى أنّ الأراضي والكواكب السيّارة أكثر من سبع عوالم سيّارات ، وأراضي تتجاوز مئات الأُلوف كلّها موجودة فعلاً ، ولا يحصي عددها إلاّ الله عزّ شأنه وجلّت عظمته.

الأمر الرابع : في مبدإ تكوين الأرض.

الذي يظهر من مجموع آثار الشريعة الإسلامية ، ومن بعض خطب النهج : «إنّ العالم الجسماني كلّه ، سماواته وأرضوه خُلقت من زبد البحر ، 2.

ص: 400


1- تفسير القمّي 2 / 304 - 305.
2- مجمع البيان - للطبرسي - 10 / 44 - 45.
3- إقبال الأعمال 1 / 116 ، تهذيب الأحكام 2 / 107 ح 366.
4- نهج البلاغة : 246 رقم الخطبة 172.

وأنّ أوّل ما خلق الله من الأجسام هو الماء» (1).

ولعلّه يشير إلى غاز أثيري شفّاف من أحد العناصر ، وانضمّ إليه عنصراً آخر عبّرت عنه الشريعة بالدخان والزبد ؛ تقريباً للأذهان ، ثمّ خُلقت منه الكواكب والأرضون خلقاً استقلالياً ، لا اشتقاقاً توليدياً.

نعم ، يظهر من علماء الغرب أنّ الأرض شعلة انفصلت من الشمس قبل آلاف الملايين ، ثمّ بردت وجمدت قشرتها الأُولى بحيث صارت صالحة للسكنى والانتفاع ، والقمر قطعة من الأرض ؛ فالأرض بنت الشمس ، والقمر ابن الأرض (2) ، وكلّ هذا حدس وتخمين وأحلام ، ولكنّها أحلام جميلة.

الأمر الخامس : في نهاية الأرض.

وقد ذكر الكثير من الفلاسفة الأقدمين والمتجدّدين أنّ هذه الأرض لا بُدّ وأن تنتهي إلى الفناء والتلاشي ، وذكروا أسباباً متعدّدة لذلك ، منها : اصطدامها بمذنّب يجعلها هباءً منثوراً ، كما اصطدمت بمذنّب في طوفان نوح حيث دفعها إلى البحار المحيطة ففاضت البحار عليها وأغرقتها (3). .

ص: 401


1- انظر : نهج البلاغة : 131 وما بعدها.
2- راجع : دائرة معارف القرن العشرين 1 / 185.
3- يقول علماء الهيئة : إنّ الأرض يتوقّع لها الفناء من ثلاثة أسباب رئيسية : 1 - البرودة الذاتية : هي حادث طبيعي ذاتي طرأ على قشرتها الظاهرة لانفصالها عن الشمس ، وهو لا يزال عاملاً فيها ، فإنّ أمر الأرض سينتهي ولو بعد أُلوف من السنين بالبرودة المطلقة ، فتجمد بحارها وأنهارها ، وتصبح الجهات الواقعة في خطّ استوائها كالجهات الواقعة في قطبيها فلا يستطيع أن يعيش عليها حيوان ولا نبات. قالوا : وقد كانت الأرض جهة القطبين حارّة ، ثمّ طرأت عليها البرودة ، ولا شبهة في أنّ برودة القطبين آخذة في الامتداد طاردة أمامها الحيوان والنبات إلى جهات خطّ الاستواء. 2 - برودة الشمس : إن الشمس لمّا كانت كتلة في حالة التهاب فلا يعقل أن حرارتها تدوم على طول الآماد ، ولا بُد من طروء البرودة عليها ، وإذا ذاك تموت جميع العوالم الموجودة في الكواكب الدائرة حولها. 3 - اصطدامها بنجم ذي ذنب : هذا سبب عرضي لا يعرف له قانون ولا ينظر له ميعاد ؛ قالوا : إن في مجموعنا الشمسي عدداً لا يحصى من نجوم ذوات أذناب ، وهي كتل تختلف في الأحجام ، مكوّنة من صخور ورمال ، تجرّ وراءها ذيلاً من غاز على بعد عشرات بل مئات الكيلومترات ، وهذه النجوم لها مدارات مختلفة في أشكال بيضية مستطيلة ، وكثيراً ما تظهر فجأة بين الكواكب متّبعة سيراً خاصاً قد يؤدي أحياناً إلى حدوث مصادمة بينها وبين بعض تلك الكواكب ، فإذا كان المذنب صغيراً ارتج بمصادمة ذلك الكوكب فحدث عليه أحداث تختلف بإختلاف قوة تلك المصادمة ، وإذا كان كبيراً تفتت به ذلك الكوكب وتطايرت شضاياه في الجو شذر مذر .. قالوا : وفي السماء قطع صغيرة سابحة في الفضاء تقترب وتبتعد عن الأرض والكواكب الأخرى فتنجذب إليها إذا دخلت في سلطان جاذبيتها ، وهي المسماة ب- : «بالنيازك» ، ولا يبعد بل يرجح أن هذه القطع هي بقايا كوكب صادمه مذنب فحطمه تحطيماً. وقالوا : يرجح أن الطوفان الذي حدث في الأرض في عصر نوح / ولا تزال آثاره باقية ، فأطغى الماء على الأرض - هو نتيجة مصادمة مذنب للكرة الأرضية فحدث من تلك المصادمة أن ارتجت وأضطرب معها ماء البحر وطغى على اليابسة. وقد جاء في الآيات الكريمة ما يشير إليه ؛ قال تعالى : (يومَ تمورُ السماءُ موراً * وتسيرُ الجبالُ سيراً * فويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ). سورة الطور 52 : 9 - 11. وقوله تعالى : (فإذا نُفخَ في الصورِ نفخةُ واحدةٌ * وحملتِ الأرضُ والجبالُ فدُكتا دكةً واحدةً * فيومئذٍ وقعتِ الواقعةَ) سورة الحاقة 69 : 13 - 15. وقوله تعالى : (فإذا النجوم طُمست * وإذا السماء فُرجت * وإذا الجبال نُسفت). سورة المرسلات 77 : 8 - 10. وغيرها ؛ ومن هنا تبين إن في القرآن الكريم ما يشير إلى الرأي العلمي القائل بإمكان فناء الأرض بمصادمة كوكب من ذوات الأذناب ، والله أعلم. راجع : دائرة معارف القرن العشرين 1 / 188 - 190.

ص: 402

ويشهد لهذا - أي لتلاشي الأرض - كثير من آيات الفرقان المجيد ، منها قوله : (إذا رُجت الأرض رجّاً * وبُسّت الجبال بسّاً * فكانت هباءً منبثّاً) (1).

ولا شكّ أنّها ترتجّ باصطدامها بقوّة هائلة من مذنّب أو نحوه ، وحينئذٍ تبسّ الجبال - أي تتفتّت - ثمّ تطير وتصير هباءً في الفضاء (2) ، وهكذا الشمس والسماء والنجوم : (إذا الشمس كُوّرت * وإذا النجوم انكدرت) (3) ، وتكويرها : انطفاء نورها ، وبرودة حرارتها ، وخمود نارها ، وهكذا النجوم (4) ؛ فسبحان وارث السماوات والأرضين ، وما فيها ومَن عليها.

وحيث بلغ بنا الحديث إلى نهاية الأرض ؛ فلينتهي ما أردناه من القول عن الأرض ، وبعض شؤونها وأحوالها.

وقد جرى القلم بما ذكرناه على رسل الذهن ، وهفو الخاطر ، ومن المعلوم العتيد ، والملحوظات القديمة ، شاكرين حامدين لله فضله علينا 7.

ص: 403


1- سورة الواقعة 56 : 3 - 5.
2- تفسير الطبري 11 / 624 ، تفسير القرطبي 17 / 128 .. وقال الرازي : إشارة إلى أنّ الأرض تتحرّك بحركة مزعجة ، والجبال تتفتّت ، فتصير الأرض المنخفضة كالجبال الراسية ، والجبال الشامخة كالأرض السافلة ، كما يفعل هبوب الريح في الأرض المرملة ؛ راجع : تفسير الرازي 9 / 140.
3- سورة التكوير 81 : 1 و 2.
4- تفسير الطبري 12 / 456 - 457 ، تفسير الماوردي 6 / 211 - 212 ، تفسير البغوي 4 / 419 ، تفسير الرازي م 16 / 67 - 68 ، تفسير الثعلبي 10 / 136 - 137.

بتوفيقه وألطافه ، وذاكرين بالخير والجميل من حرّك قلمنا بعد الهود ، وأفكارنا بعد الجمود ، مع شدّة المحن ، وتهاجم الأرزاء علينا ، فجزاهم الله أحسن الجزاء.

اللّهمّ عليك توكّلنا ، وإليك أنبنا ، وإليك المصير.

وكان ختام هذه النُبذة يوم الرابع من ذي القعدة الحرام 1365 ه- في مدرستنا العلمية في النجف الأشرف.

محمّد الحسين آل كاشف الغطاء

ص: 404

مصادر التوثيق والتعضيد

1 - القرآن الكريم.

2 - الآثار الباقية عن القرون الخالية ، لأبي الريحان محمّد بن أحمد البيروني (ت 440) دار صادر - أُفسيت - على طبعة أوربا لايبزك 1923.

3 - إثبات الوصية ، لهاشم بن سليمان البحراني ، (ت 1107).

4 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعليّ بن بلبان الفارسي (ت 739) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، دار الفكر ، بيروت 1407.

5 - أحكام القرآن ، لأبي بكر أحمد بن عليّ الرازي الجصّاص (ت 370) تحقيق صدقي محمّد جميل ، دار الفكر ، بيروت 1414.

6 - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، لأحمد بن محمّد القسطلاني (ت 923) ، دار الفكر ، بيروت 1401.

7 - إرشاد القلوب ، لأبي محمّد الحسن بن أبي الحسن بن محمّد الديلمي (من أعلام القرن الثامن).

8 - أساس البلاغة ، لجار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538) ، دار الفكر ، بيروت 1415.

9 - الاستبصار ، للشيخ الطوسي أبي جعفر محمّد بن الحسن (ت 460) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

10 - الاستيعاب ، لابن عبد البرّ القرطبي (ت 463) ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، دار الجيل ، بيروت 1412.

11 - أُسد الغابة ، لابن الأثير الجزري (ت 630) ، دار الفكر ، بيروت 1409.

12 - الإشارات والتنبيهات ، لأبي عليّ ابن سينا (ت 428) ، تحقيق سليمان دنيا ، مؤسّسة النعمان ، بيروت 1413.

13 - الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني (ت 852) ،

ص: 405

تحقيق علي محمّد البجاوي ، دار الجيل ، بيروت 1412.

14 - أصل الشيعة وأُصولها ، لمحمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373) ، تحقيق علاء آل جعفر ، مؤسّسة الإمام عليّ ، قم 1451.

15 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت 1997.

16 - إعلام الورى ، لأبي الفضل بن الحسن الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1417.

17 - أعلام النبوّة ، لأبي حاتم الرازي ، تحقيق صلاح الصاوي ، أُفسيت ، انتشارات أنجمن ، طهران 1397.

18 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين (ت 1390) ، تحقيق حسن الأمين ، دار المعارف ، بيروت 1406.

19 - الأغاني ، لأبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأصفهاني (ت 356) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1992.

20 - إقبال الأعمال ، للسيّد رضي الدين عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحلّي (ت 644) ، تحقيق جواد القيومي ، مركز النشر التابع لمكتب الأعلام ، قم 1418.

21 - الأمالي ، للشيخ الطوسي (ت 460) ، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسّسة البعثة ، دار الثقافة ، قم 1414.

22 - أنساب الأشراف ، لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279) ، دار الفكر ، بيروت 1996.

23 - الباقيات الصالحات ، لعبد الباقي بن سليمان العمري.

24 - بحار الأنوار ، للشيخ محمّد باقر المجلسي ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت 1403.

25 - بدائع الزهور ووقائع الدهور ، لمحمّد بن أحمد بن أياس الحنفي ، المكتبة الحديثة ، بيروت 1412.

26 - البداية والنهاية ، لأبي الفداء ابن كثير الدمشقي (ت 774) ، دار

ص: 406

الكتب العلمية ، بيروت 1415.

27 - البيان والتبيين ، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255) ، تحقيق عبد السلام محمّد هارون ، دار الجيل ، بيروت.

28 - تاج العروس ، لمحب الدين محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي (ت 1205) ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر ، بيروت 1414.

29 - تاريخ ابن خلدون ، لعبد الرحمن بن خلدون (ت 808) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1413.

30 - تاريخ الأُمم والملوك ، لمحمّد بن جرير الطبري (ت 310) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.

31 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي أحمد بن عليّ (ت 463) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

32 - تاريخ دمشق ، لابن عساكر عليّ بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت 571) ، تحقيق محبّ الدين أبي سعيد ، دار الفكر ، بيروت 1417.

33 - التاريخ الكبير ، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

34 - تاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر ، المعروف ب- : اليعقوبي (ت 292) ، تحقيق عبد الأمير مهنّا ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1993.

35 - تحفة الأحوذي ، لأبي عبدالله نعيم بن حمّاد المروزي (ت 229) ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار ، المكتبة التجارية ، مكّة المكرّمة.

36 - التذكار ، لأبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت 671) ، دار الكتاب العربي ، بيروت 1418.

37 - تذكرة الحفّاظ ، لأبي عبدالله شمس الدين محمّد الذهبي (ت 748) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

38 - تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي يوسف بن فرغلي البغدادي (ت 654) ، أُفسيت ، منشورات الشريف الرضي ، قم 1418.

ص: 407

39 - تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت 726) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1414.

40 - تفسير البغوي (معالم التنزيل) ، لأبي محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي الشافعي (ت 516) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1412.

41 - تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) ، لأبي إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (ت 427) ، تحقيق أبي محمّد بن عاشور ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1422.

42 - تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين السيوطي (ت 911) ، دار الفكر ، بيروت 1414.

43 - تفسير الطبري ، لمحمّد بن جرير الطبري (ت 310) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1412.

44 - تفسير فخر الدين الرازي ، لمحمّد بن عمر الرازي (ت 606) ، تحقيق خليل محيي الدين ، دار الفكر ، بيروت 1414.

45 - تفسير القرطبي ، لأبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت 671) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.

46 - تفسير القمّي ، لعلي بن إبراهيم القمّي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1412.

47 - تفسير الماوردي ، لأبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي (ت 450) ، تحقيق السيّد بن عبد المقصود ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

48 - تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ، لأبي بكر محمّد بن الطيّب الباقلاني (ت 403) ، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر ، مؤسّسة الكتب الثقافية ، بيروت 1407.

49 - التنبيه والإشراف ، لأبي الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي (ت 346) ، أُفسيت على طبعة بريل ، دار صادر ، بيروت 1893.

50 - تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي (ت 460) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

ص: 408

51 - الثاقب في المناقب ، لأبي جعفر محمّد بن عليّ الطوسي ، المعروف ب- : ابن حمزة (من أعلام القرن السادس الهجري) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، مؤسّسة أنصاريان ، قم 1412.

52 - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ، لجلال الدين السيوطي (ت 911) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.

53 - جامع الأحاديث الكبير ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911) ، دار الفكر ، بيروت 1414.

54 - جامع المقاصد في شرح القواعد ، لعليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي (ت 940) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / بيروت 1411.

55 - الجمع بين الصحيحين ، لمحمّد بن فتوح الحميدي (ت 488) ، تحقيق عليّ حسين البواب ، دار ابن حزم ، بيروت 1419.

56 - جواهر الكلام ، لمحمّد حسن النجفي (ت 1266) ، مؤسّسة المرتضى العالمية ودار المؤرّخ العربي ، بيروت 1412.

57 - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني (ت 1186) ، مطبعة النجف 1376.

58 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني (ت 430) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

59 - الخصائص الكبرى ، لجلال الدين السيوطي (ت 911) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

60 - خزانة الأدب ، لعبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1093) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1998.

61 - الخلاف ، للشيخ الطوسي (ت 460) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1407.

62 - دائرة معارف القرن العشرين ، لمحمّد فريد وجدي ، دار الفكر ، بيروت 1979.

ص: 409

63 - دعائم الإسلام ، لأبي حنيفة النعمان ، تحقيق آصف بن علي ، دار المعارف 1383.

64 - دلائل النبوّة ، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (ت 458) ، دار الفكر ، بيروت 1403.

65 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لأحمد بن محمّد ، الشهير ب- : المحبّ الطبري المكّي (ت 694) ، تحقيق أكرم البوشي ومحمود الأرناؤوط ، مكتبة الصحابة ، جّدة 1415.

66 - الذخائر القدسية في زيارة خير البرية ، لعبد الحميد بن محمّد أقدس بن الخطيب.

67 - الذريعة ، للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1388).

68 - ربيع الأبرار ، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538) ، تحقيق الدكتور سليم النعيمي ، منشورات الشريف الرضي ، أُفسيت ، قم 1410.

69 - رسائل المرتضى ، للسيد المرتضى علم الهدى أبو القاسم عليّ بن الحسين (ت 436) ، دار القرآن الكريم ، قم 1405.

70 - الرسالة السعدية ، للعلاّمة الحلّي (ت 726) ، تحقيق عبد الحسين محمّد عليّ البقّال ، قم 1410.

71 - الرواشح السماوية ، المير محمّد باقر الحسيني المرعشي الداماد ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم 1405.

72 - الرياض النضرة ، للمحبّ الطبري (ت 694) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

73 - زين الفتى في شرح سورة هل أتى ، لمحمّد بن محمّد بن عليّ العاصمي (ت 378) ، تحقيق محمّد باقر المحمودي ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم.

74 - سُنن ابن ماجة ، لمحمّد بن يزيد القزويني (ت 275) ، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

ص: 410

75 - سُنن أبي داود ، لسليمان بن الأشعث (ت 275) ، دار الجيل ، بيروت 1412.

76 - سُنن الترمذي ، لمحمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 278) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

77 - سُنن الدارمي ، لأبي محمّد عبدالله بن بهرام الدارمي (ت 255) ، دار الفكر ، بيروت 1414.

78 - سُنن سعيد بن منصور ، لسعيد بن منصور بن شعبة المكّي (ت 277) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1405.

79 - السُنن الكبرى ، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، دار الفكر ، بيروت.

80 - سُنن النسائي ، لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303) ، دار الجيل ، بيروت.

81 - سير أعلام النبلاء ، للذهبي (ت 748) ، تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمّد نعيم العرقسوسي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1414.

82 - السيرة النبوية ، لعبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري (ت 213) ، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، دار الجيل ، بيروت 1412.

83 - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، للمحقق الحلّي جعفر بن الحسن (ت 676) ، مطبعة الآداب ، النجف 1389.

84 - شرح البداية في علم الدراية ، للشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (ت 965) ، تحقيق عبد الحسين محمّد عليّ البقّال ، أُفسيت ، طهران 1402.

85 - شرح الأخبار ، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي (ت 363) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1414.

86 - شرح نهج البلاغة ، لعز الدين أبو حامد بن هبة الله بن محمّد بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني (ت 656) ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار الجيل ، بيروت 1996.

ص: 411

87 - صحيح البخاري ، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256) ، المكتبة الثقافية ، بيروت.

88 - صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج القشيري (ت 261) ، دار الجيل ، بيروت.

89 - الصراط المستقيم ، لأبي محمّد بن عليّ بن يونس العاملي النباطي (ت 877) ، تحقيق محمّد الباقر البهبودي ، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، 1384.

90 - الضعفاء والمتروكين ، لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ الجوزي (ت 597) ، تحقيق أبو الفداء عبدالله القاضي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1406.

91 - الطبقات الكبرى ، لمحمّد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري المعروف بابن سعد (ت 230) ، تحقيق محمّد عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.

92 - طبقات المحدّثين بأصبهان ، لأبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر المعروف بأبي الشيخ الأنصاري (ت 369) ، تحقيق عبد الغفور عبد الحق ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1407.

93 - العقد الفريد ، لأبي عمر أحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسي (ت 327) ، تحقيق أحمد أمين ، دار الأندلس ، بيروت 1416.

94 - علل الشرائع ، للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381) ، دار الحجّة الثقافية ، قم 1416.

95 - فتح القدير ، لمحمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250) ، دار الفكر ، بيروت 1403.

96 - الفتوح ، لأحمد بن أعثم الكوفي (ت 314) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1406.

97 - الفتن ، لأبي عبدالله نعيم بن حمّاد المروزي (ت 229) ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار ، المكتبة التجارية ، مكّة المكرّمة.

ص: 412

98 - فرائد السمطين ، لإبراهيم بن محمّد الجويني الخراساني (ت 722) ، تحقيق محمّد باقر المحمودي ، مؤسّسة المحمودي ، بيروت 1398.

99 - فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ، لعليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحلّي (ت 644).

100 - فردوس الأخبار ، لشيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي (ت 509) ، دار الفكر ، بيروت 1418.

101 - فضائل الصحابة ، لأحمد بن محمّد بن حنبل (ت 241) ، تحقيق وصي الله بن محمّد بن عياش ، دار ابن الجوزي ، جدّة 1420.

102 - الفهرست ، لأبي الفرج محمّد بن أبي يعقوب ، المعروف ب- : النديم (ت 380) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1996.

103 - فيض القدير ، لمحمّد عبد الرؤوف المناوي (ت 1031) ، تحقيق أحمد عبد السلام ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1451.

104 - القاموس المحيط ، لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ، دار الجيل ، بيروت.

105 - قصص الأنبياء ، لأبي إسحاق أحمد بن محمّد النيسابوري ، المعروف ب- : الثعلبي (ت 427) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1414.

106 - قواعد الأحكام ، للعلاّمة الحلّي (ت 726) ، تحقيق ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1413.

107 - الكافي ، لمحمّد بن يعقوب الكليني (ت 328) ، دار الأُسوة ، إيران 1376.

108 - كامل الزيارات ، لأبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (ت 367) ، طبع في المطبعة المباركة المرتضوية ، النجف الأشرف 1356.

109 - الكامل في التاريخ ، لابن الأثير عليّ بن أبي الكرم محمّد (ت 630) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

110 - كتاب الأُم ، لأبي عبدالله محمّد بن إدريس الشافعي (ت 204) ، تحقيق محمود مطرجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1413.

ص: 413

111 - كشف الظنون ، لمصطفى بن عبدالله الرومي الحنفي ، الشهير ب- : الملاّ كاتب (ت 1067) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1413.

112 - كشف الغمّة ، لعليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي (ت 693).

113 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ، تحقيق محمّد هادي الأميني ، دار إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام ، طهران 1404.

114 - كنز العمّال ، لعليّ المتّقي الهندي (ت 975) ، تحقيق بكر حيّاني وصفوت السقّا ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1413.

115 - الكنى والألقاب ، للشيخ عبّاس القمّي (ت 1359) ، مكتبة الصدر ، طهران 1409.

116 - لسان العرب ، لابن منظور محمّد بن مكرّم (ت 711) ، تحقيق عليّ شيري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1408.

117 - لسان الميزان ، لأبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1406.

118 - اللمعة الدمشقية ، للشهيد الأوّل محمّد بن جمال الدين مكّي العاملي (ت 786) ، دار القلم الإسلامي ، بيروت.

119 - مثير الأحزان ، ابن نما الحلّي محمّد بن جعفر (ت 645) ، منشورات المطبعة الحيدرية ، نجف 1369.

120 - مجمع البيان في تفسير القرآن ، للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548) ، دار الفكر ، بيروت 1414.

121 - مجمع الزوائد ، لعليّ بن أبي بكر الهيثمي (ت 807) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.

122 - المجموع شرح المهذب ، لأبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت 676) ، دار الفكر ، بيروت.

123 - مجموعة رسائل ، لأبي حامد الغزالي (ت 505) ، دار الفكر ، بيروت 1990.

ص: 414

124 - مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، تحقيق عز الله المولائي ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم 1413.

125 - مرقاة المصابيح شرح مشكاة المصابيح ، للملاّ علي القاري (ت 1014) ، تحقيق صدقي محمّد جميل العطّار ، دار الفكر ، بيروت 1414.

126 - مروج الذهب ، لأبي الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي (ت 346) ، دار الأندلس ، بيروت 1416.

127 - المزار ، لمحمّد بن المشهدي ، تحقيق جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1419.

128 - مسارّ الشيعة ، للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413) ، دار المفيد ، بيروت 1414 (ضمن سلسلة الشيخ المفيد).

129 - مسالك الأفهام ، لزين الدين بن عليّ العاملي (ت 911) ، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم.

130 - المستدرك على الصحيحين ، لمحمّد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (ت 406) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1411.

131 - مستدرك سفينة البحار ، لعليّ النمازي (ت 1405) ، تحقيق حسن بن علي النمازي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1418.

132 - مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320) ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1411.

133 - المستقصى في أمثال العرب ، لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1987.

134 - مسند أبي داود الطيالسي ، لسليمان بن داود بن الجارود الفارسي البصري ، المشهور ب- : أبي داود الطيالسي (ت 204) ، دار المعرفة ، بيروت.

135 - المسند ، لأحمد بن حنبل (ت 241) ، دار صادر ، بيروت.

136 - المسند ، لأبي يعلى الموصلى (ت 307) ، تحقيق حسين سليم أسد ، دار المأمون للتراث ، دمشق 1410.

ص: 415

137 - مصباح المتهجّد ، للشيخ الطوسي (ت 460) ، مؤسّسة فقه الشيعة ، بيروت 1411.

138 - مصابيح السُنّة ، لأبي محمّد الحسن بن مسعود بن محمّد الفرّاء البغوي (ت 516) ، تحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ومحمّد سليم وجمال حمدي ، دار المعرفة ، بيروت 1407.

139 - المصنّف ، لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني (ت 211) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، المكتب الإسلامي ، بيروت 1404.

140 - المصنّف في الأحاديث ، لمحمّد بن أبي شيبة الكوفي (ت 235) ، تحقيق سعيد اللحّام ، دار الفكر ، بيروت 1409.

141 - معرفة الصحابة ، لأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني (ت 430) ، تحقيق عادل بن يوسف العزازي ، دار الوطن ، الرياض 1419.

142 - المعجم الصغير ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1403.

143 - المعجم الكبير ، للطبراني (ت 360) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

144 - معجم المصطلحات العلمية والعربية ، للدكتور فايز الداية ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 1990.

145 - معجم مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني (ت 502) ، دار الفكر ، بيروت.

146 - معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحّالة ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت 1993.

147 - معجم مقاييس اللغة ، لأحمد بن فارس (ت 392) ، تحقيق شهاب الدين أبي عمر ، دار الفكر ، بيروت 1415.

148 - مقتل الحسين عليه السلام ، للخوارزمي أبي المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي (ت 568) ، تحقيق محمّد السماوي ، أنوار الهدى ، قم 1418.

149 - المقنعة ، للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413) ، دار المفيد ، بيروت 1993.

ص: 416

150 - الملل والنحل ، لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

151 - الملهوف في قتلى الطفوف ، لأبي القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس الحلّي (ت 664) ، تحقيق فارس تبريزيان ، دار الأُسوة ، قم 1414.

152 - المناقب ، للخوارزمي (ت 568) ، تحقيق مالك المحمودي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1411.

153 - المناقب ، للمغازلي ، عليّ بن محمّد الشافعي (ت 483) ، دار الأضواء ، بيروت 1412.

154 - المنتظم في تواريخ الملوك والأُمم ، لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ الجوزي (ت 597) ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار ، دار الفكر ، بيروت 1415.

155 - منتهى المطلب ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت 726).

156 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق (ت 381) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.

157 - الموسوعة العربية الميسّرة ، دار الشعب ومؤسّسة فرانكلين 1965.

158 - موسوعة المورد ، لمنير البعلبكي ، دار العلم للملايين ، بيروت 1980.

159 - الموطّأ ، لمالك بن أنس (ت 179) ، تحقيق نخبة من العلماء ، دار الجيل ، بيروت 1414.

160 - ميزان الاعتدال ، للذهبي (ت 748) ، تحقيق علي محمّد معوض وعادل أحمد والدكتور عبد الفتّاح أبو سنة ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1416.

161 - نزهة الناظر وتنبيه الخواطر ، للحسين بن محمّد بن الحسن بن نصر الحلواني (من أعلام القرن الخامس) ، دار الكتاب الإسلامي ، بيروت.

162 - نظم درر السمطين ، لمحمّد بن يوسف الزرندي (ت 750) ، سلسلة مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام ، 1377.

ص: 417

163 - النهاية ، للشيخ الطوسي (ت 460) ، دار الكتاب العربي ، بيروت 1400.

164 - النهاية في غريب الحديث ، لأبي السعادات المبارك بن محمّد الجزري (ت 606) ، تحقيق محمود محمّد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي ، المكتبة العلمية ، بيروت.

165 - نهج البلاغة ، للإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، دار الكتاب العربي ، القاهرة ، ودار الكتاب اللبناني ، بيروت 1411.

166 - الوافي ، للفيض الكاشاني محمّد بن مرتضى (ت 1091) ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة ، أصفهان 1406.

167 - وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي (ت 1104) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / بيروت 1413.

168 - وفاء الوفا ، لنور الدين علي بن أحمد السمهودي (ت 911) ، تحقيق محمّد محيي الدين عبد المجيد ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

169 - وفيات الأعيان ، لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن خلّكان (ت 681) ، تحقيق الدكتور إحسان عبّاس ، دار صادر ، بيروت 1398.

* * *

ص: 418

من أنباء التراث

كتب صدرت محقّقة

* مشكاة

الأنوار في غرر الأخبار ، ج 1 و 2.

تأليف : الشيخ أبي الفضل علي بن الحسن بن الفضل -

أمين الإسلام ، صاحب مجمع البيان - بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المتوفّى حدود

سنة 610 ه.

كتاب يضمّ مجموعة من الأحاديث والروايات في الآداب

والسُنن المختلفة ، المروية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل

بيته المعصومين عليهم السلام ، والخاصّة ببيان مكارم الأخلاق ومحاسنها ، والحثّ

عليها والالتزام بها ؛ اعتماداً على مصادر متعدّدة.

كتبه المصنّف تتميماً لكتاب والده مكارم

الأخلاق ، الصادر في جزءين ، في قم سنة 1414 ه.

مرتّب في عشرة أبواب - كلّ باب في عدّة فصول - :

الإيمان والإسلام وما يتعلّق بهما ، ذِكر صفات الشيعة وأحوالهم وعلاماتهم

وآدابهم وما يليق بها ، محاسن الأفعال وشرف الخصال وما يناسبهما ، آداب المعاشرة

مع الناس وما يتّصل بها ، مكارم الأخلاق ونظائرها ، ذكر عيوب النفس ومجاهدتها

وصفة العقل وما يليق بها ، ذِكر المصائب والشدائد والبلايا وما وعد الله عليها

من الثواب وذِكر الموت ، ذِكر الخصال المنهيّ عنها ، ذِكر المواعظ ، وفي ذِكر

المتفرّقات.

سبق أن صدر الكتاب - بجزء واحد - في قم سنة 1418 ه-

، بتحقيق مهدي هوشمند.

تمّ التحقيق اعتماداً على مخطوطتين ،

ص: 419

محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة

مشهد ، مكتوبة سنة 1084 ه- ، ومحفوظة في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في

النجف الأشرف ، مكتوبة سنة 1367 ه- ، إضافة إلى النسخة التي طبعتها المكتبة

الحيدرية في النجف سنة 1385 ه- ، وكتاب بحار

الأنوار للمجلسي (ت 1110 ه) ؛ إذ يعدّ الكتاب أحد مصادره.

تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث - قم / 1423 ه.

* مشارق

الأحكام.

تأليف : العلاّمة الشيخ محمّد النراقي (1215 - 1297

ه) ، نجل العلاّمة الشيخ أحمد النراقي (1185 - 1245 ه) صاحب مستند

الشيعة في أحكام الشريعة.

فوائد عديدة تشتمل على مباحث في تنقيح وتحقيق جملة

من الضوابط الشرعية ، وجملة من أُمّهات المسائل الفرعية ، مرتّب في 27 مشرقاً ..

والمشارق كانت في : ما يقتضيه الأصل في المعاملات

من الصحّة أو الفساد ، حكم العقد الفضولي ، حكم العقود المتبعّضة ، شروط ضمن

العقد ، حكم المعاملات الإضرارية ، حكم المال المجهول مالكه ، أحكام الأموال

الخراجية ،

ما يتعلّق بالعدالة الشرعية ، أحكام الغناء ، صحّة

صلح الزوج عن حقّ رجوعه في العدّة الرجعية ، تعارض الاستصحابين وأقسامه ، تابعية

الأحكام للأسماء ، تداخل الأسباب الشرعية ، قاعدة نفي الضرر ، قاعدة نفي الغرر ،

خيار المجلس ، خيار الحيوان ، خيار الشرط ، خيار الغبن ، الأحكام الملحقة

بالخيارات ، الشبهة الموضوعية التحريمية ، بيان كيفية الاحتياط ، حكم الإعراض عن

الملك ، قاعدة الضمان ، الوكالة ، اقتضاء اليد للملكية ، وفي وجوب ترتّب الحواضر

على الفوائت.

تمّ التحقيق اعتماداً على ثلاث نسخ ، مخطوطتان

ومطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : السيّد حسن الوحدتي الشبيري.

نشر : مؤتمر تكريم الملاّ مهدي النراقي والملاّ

أحمد النراقي - قم / 1422 ه.

* الصحيفة

الكاظمية الجامعة.

جمع وإعداد : السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي

الأصفهاني.

كتاب يجمع بين دفتيه - بعد التنقيب والبحث في مختلف

المصادر والمؤلّفات -

ص: 420

ما أُثر عن سابع الأئمّة المعصومين عليهم السلام

الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام من الكلمات البليغة والعبارات الفصيحة

والجمل المسبوكة ، التي تتضمّن الطريقة المثلى والأُسلوب المتين الأمثل لمخاطبة

الربّ العظيم تبارك وتعالى ضمن إطار الدعاء والمناجاة والتضرّع والتوّسل

والابتهال إليه جلّ وعلا.

مرتّب بشكل يأخذ بنظر الاعتبار وحدة الموضوع ، مع

مراعاة الغرض الذي أُنشئ الدعاء من أجله ، مبتدئاً بالأدعية الخاصّة بتحميد الله

عزّ وجلّ والثناء عليه وتسبيحه وتقديسه والمناجاة له جلّ جلاله والصلاة على

النبيّ وآله عليهم السلام ، ثمّ أدعية جوامع المطالب وخصوصها ، ثمّ أدعية

الأوقات والمواقيت ، ثمّ الدعاء للنفس ، وللآخرين ، أو عليهم ، إضافة إلى

الأدعية المروية بروايته عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

تحقيق : مؤسسة الإمام المهديّ عليه السلام.

نشر : «الحبل المتين» - قم / 1423 ه.

* الفتاوى ، ج

1.

تأليف : المجدّد الميرزا محمّد حسين الغروي

النائيني (1276 - 1355 ه).

كتاب يجمع فتاوى المصنّف ، وهي ما كان يباشر الإجابة

عليه من استفتاءات ترد

إليه بخطّ يده ، والتي جمعها تلميذ المصنّف الشيخ

حسين الحلّي رحمه الله ؛ إذ كان يستنسخ الاستفتاء وإجابته - قبل إرجاعه إلى

صاحبه - واضعاً كلّ مسألة في مكانها اللائق وكتابها المناسب من الفقه ..

متضمّناً ترتيب وتبويب مسائل كلّ كتاب حسب الفصول

والأبواب ، مع توضيح ما يحتاج إلى الإيضاح ، والإشارة إلى ما ينبغي الإشارة إليه

في المسائل الخلافية ؛ استخراجاً - قدر المستطاع - من سائر ما خرج من قلم

المصنّف وما طُبع من تقريرات أبحاثه الفقهية والأُصولية.

هذا الجزء خاص بمسائل العبادات ، التي شملت : مسائل

التقليد ، ومسائل كتب : الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الخمس ، الصوم والاعتكاف ،

وكتاب الحجّ.

شرح : الشيخ جعفر الغروي النائيني.

*

دلائل الصدق لنهج الحقّ ، ج 2 - 4.

تأليف : العلاّمة الشيخ المظفّر ، محمّد حسن بن

محمّد بن عبدالله النجفي (1301 - 1375 ه).

أثر قيّم ، يضمّ مباحث جليلة في العقائد الإسلامية

، وهو مناقشة علمية موضوعية في مسائل خلافية مهمة عديدة ، وردت في كتاب إبطال

الباطل للفضل بن

ص: 421

روزبهان الأصفهاني ، الذي ألّفه للردّ على كتاب نهج

الحقّ وكشف الصدق ، للعلاّمة الحلّي (648 - 726 ه) ،

الذي أثبت فيه ما تذهب إليه الإمامية - بعد مناقشة آراء مخالفيهم - بأُسلوب رصين

ونقاش علمي نزيه.

ويعدّ مكمّلاً ومتمّماً لما جاء في كتاب إحقاق

الحقّ ، للشهيد الثالث القاضي السيّد نور الله التستري ،

المستَشهد سنة 1019 ه- ، من ردود على أباطيل ابن روزبهان في كتابه المذكور.

اشتمل على مقدّمة بثلاثة مطالب ، ثمّ مباحث التوحيد

والعدل والنبوّة ، ثمّ مباحث الإمامة وبعض فضائل الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه

السلام ، ثمّ سيرة الخلفاء والصحابة والمعاد.

وهو يذكر أوّلاً كلام العلاّمة ، ثمّ ردّ ابن

روزبهان ، ثمّ نقضه للردّ حرفاً بحرف ، ولم يفته منه شيء أصلاً ، مع أدب كامل

ومجاملة تامّة.

تمّ التحقيق اعتماداً على ثلاث نسخ ، مخطوطة

ومطبوعتين ، كلّ منها في ثلاثة أجزاء ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تضمّنت هذه الأجزاء : مقدّمة العلاّمة ومقدّمة ابن

روزبهان ، وردّ المصنّف ، ثمّ مباحث : المسألة الأُولى : الإدراك ، الثانية :

النظر ، الثالثة : الصفات الإلهية (11 مبحثاً) ،

والحادي عشر في : العدل (19 مطلباً) : الخلاف في مسائل العدل ، وإثبات الحسن

والقبح العقليّين ، وبيان بطلان القول بأنّهما شرعيّان .. ثمّ 17 مطلباً هي

تتمّة مباحث العدل .. ثمّ مباحث : المسألة الرابعة : النبوّة : نبوّة نبيّنا

المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، عصمة الأنبياء عليهم السلام ، ونزاهة النبيّ

عن دناءة الآباء وعهر الأُمّهات ، الخامسة : الإمامة : وجوب عصمة الإمام ،

الإمام أفضل رعيّته ، طريق تعيين الإمام ، تعيين إمامة عليّ عليه السلام بدليل

العقل ، وبآيات القرآن الكريم.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث / فرع دمشق - 1423 ه.

* زبدة

الأُصول.

تأليف : الشيخ البهائي ، محمّد بن الحسين العاملي

(953 - 1030 ه).

متن وجيز ، يتضمّن خلاصة لعلم الأُصول ، اشتملت على

جلّ قواعد أُصول الفقه ، مع ذكر شبهات واردة على كلّ مسألة والإجابة عنها في

غاية الإيجاز والاختصار ، مرتّب على خمسة مناهج ، هي في : المقدّمات ، الأدلّة

الشرعية ، مشتركات الكتاب والسُنّة ، الاجتهاد والتقليد ، وفي الترجيحات ،

والمناهج ذات

ص: 422

عدّة مطالب كلّ منها يشتمل على فصول.

انتهى المؤلّف من تأليف الكتاب بتاريخ 12 محرّم

الحرام سنة 1012 ه- ، وقد طبع على الحجر في طهران سنة 1319 ه.

ولأهمّيته تناوله العلماء الأعلام بالشرح والتعليق

والتدريس ، حتّى المؤلّف نفسه كتب حاشية على كتابه هذا.

تمّ التحقيق اعتماداً على خمس نسخ مخطوطة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

نشر : مرصاد - قم / 1423 ه.

* حياة

المحقّق الكركي وآثاره ، ج 1 - 12.

تأليف وتحقيق : الشيخ محمّد الحسون.

موسوعة علمية ، استغرق العمل فيها ثمانية سنوات ،

تشتمل على كلّ ما يتعلّق بالمحقّق الكركي ، الشيخ علي بن الحسين ابن عبد العالي

(ت 940 ه).

توزّعت على ثلاث محاور : دراسة حياته بكلّ أبعادها

، مع بيان نشاطاته السياسية والعلمية والاجتماعية في كلّ مرحلة من مراحلها ..

تتّبع واستخراج آرائه - الكلامية والأُصولية والرجالية -

المودعة في مؤلّفاته ، إضافة إلى فوائده التاريخية

، وملاحظاته عن بعض الكتب وشواهده الشعرية ، والجداول والرسوم التي استعملها ..

تحقيق 54 مؤلّفاً من مؤلّفاته - عدا جامع

المقاصد - الشاملة لرسائل مختلفة الحجم ، وجوابات الأسئلة

والاستفتاءات التي وردت عليه ، والحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة ، وقد شغلت

8 أجزاء ، تمّ تحقيقها اعتماداً على 120 نسخة مخطوطة ، ذكرت في مقدّمة كلّ منها

مواصفات النسخة أو النسخ المعتمدة في التحقيق ..

والرسائل مرتّبة حسب مواضيعها : علم الكلام والفقه

، المنهج العلمي للكركي ، الرسائل الفقهية بترتيب كتب الفقه من الطهارة إلى

القضاء ، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهية.

تضمّنت الأجزاء : حياته الشخصية والسياسية ، حياته

العلمية ، آراء الكركي وفوائده ، 18 رسالة ، 14 رسالة - عدا رسالة خلاصة

الإيجاز في المتعة فهي بتحقيق : الشيخ علي أكبر زماني

نژاد ، وطُبعت في المؤتمر العالمي للشيخ المفيد في قم سنة 1413 ه- - 14 رسالة ،

4 حواشٍ : حاشية المختصر

النافع للمحقّق الحلّي ، وحاشية على بحث الميراث منه ،

شرح

ص: 423

الألفية للشهيد

الأوّل ، وحاشية الألفية ،

حاشيتين : حاشية مختلف الشيعة

في أحكام الشريعة للعلاّمة الحلّي ، وحاشية الجعفرية

للكركي نفسه ، حاشية إرشاد الأذهان

إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي ، حاشية شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام للمحقّق

الحلّي - مجلّد 10 و 11 - والفهارس العامّة.

نشر : منشورات الاحتجاج - قم / 1423 ه.

* المحصّل في

مسائل الهيئة.

تأليف : العلاّمة المولى محمّد مهدي ابن أبي ذرّ

النراقي الكاشاني ، المتوفّى سنة 1209 ه.

كتاب يشتمل على مختصر في مسائل علم الهيئة ، وهو :

علم يبحث موضوعه في الأجرام العِلوية والسفلية من حيث الكمية والكيفية ، والوضع

والحركة ، ومبادئه التي يبتني عليها مقاصده هي مقدّمات هندسية أو طبيعية أو

إلهية ، والمتعارف ذكر الأوليْين ، ومسائله تتضمّن قضايا يثبت فيها للأجرام

المذكورة أحوالها.

مرتّب على أبواب - ذوات فصول - : المقدّمات ، هيئة

الأفلاك وما يتعلّق بها ، الدوائر والقسيّ ، ما يعرض الكواكب في

حركاتها ، هيئة الأرض وما يتعلّق بها ، وباب في

أُمور منفردة.

تمّ إعداد الكتاب اعتماداً على خمس نسخ مخطوطة ،

ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

إعداد : الشيخ محمّد مهدي نجف.

نشر : مركز البحوث والدراسات الفلكية - قم / 1423

ه.

* تذكرة

الفقهاء ، ج 13.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي

منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه).

أهمّ وأوسع كتاب في الفقه الاستدلالي المقارن ،

يوجد منه من أوائل كتاب الطهارة إلى كتاب النكاح ، لخّص فيه مصنّفه قدس سره

فتاوى علماء المذاهب المختلفة وقواعد الفقهاء في استدلالاتهم ، مشيراً في كلّ

مسألة إلى الخلاف الواقع فيها ، ويذكر ما يختاره وفق الطريقة المثلى وهي طريقة

الإمامية ، ويوثّقه بالبرهان الواضح القويّ.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على 15 نسخة مخطوطة ،

منها ما هو مقروء على المصنّف قدس سره ، ومنها ما عليه إجازة مهمّة ، ذكرت

مواصفات النسخ في المقدّمة ، ومن

ص: 424

المتوقّع أن يصدر في 20 جزءاً.

صدر منه اثنا عشر جزءاً ضمّت كتب : الطهارة ،

الصلاة ، الزكاة ، الصوم ، الحجّ والعمرة ، الجهاد ، والبيع ، وهذا الجزء اشتمل

على كتاب الديون وتوابعها.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث - قم / 1423 ه.

* مناظرات

عقائدية بين الشيعة وأهل السُنّة.

تأليف : السيّد أمير محمّد الكاظمي القزويني (1335

- 1414 ه).

حوارات للمصنّف مع أحد أعلام الفكر الإسلامي ،

تضمّنت مباحث علمية تمحورت حول الإمامة العامّة ، والحكومة المطلقة القائمة بعد

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لتقييم شرعية الخلافة التي تسلّمت قيادة

الأُمّة بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، باعتماد الآية القرآنية الواضحة ،

والحديث النبوي الجليّ المعنى ، واستناداً إلى النظر في أدلّة الفريقين ، وإيراد

ما يتّفق عليه الطرفان ؛ للوصول إلى الحقيقة من الطريق المجمع عليه بينهما.

أبواب الكتاب : الإمامة ، النصوص في تقدّم الإمام

عليّ عليه السلام ، الانقلاب على الأعقاب ، ملكات الصحابة ، الإمام المهدي

المنتظر عليه السلام ، اجتماع الفضائل في الإمام

عليّ عليه السلام ، والدعاوى والحجج.

وتناولت

فصولها : معنى الإمامة ، مَن هو الإمام بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ،

الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة في تقدّم الإمام عليّ عليه السلام ، ومواقف

منها ، علّة تأخيره عليه السلام وتقديم غيره ، الطائفة المحقّة ، حديث الثقلين ،

ثلاثة أحاديث مروية في حكم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالخيرية والهداية

والغفران للصحابة ، آية الشورى ، وآيات في : العفو عنهم بعد فرارهم في بعض

الغزوات ، سبقهم إلى الإسلام ، رضا الله تعالى عنهم بمبايعتهم تحت الشجرة ،

واستخلافهم في الأرض ، ثمّ تواتر أخبار الإمام الحجّة المنتظر - عجّل الله

تعالى فرجه الشريف - ورأي ابن تيمية فيه عليه السلام ، آيات

في فضائل الإمام عليّ وإيمانه وجهاده عليه السلام ، مزاعم باطلة ، مناقب وصفات

مختلقة لمَن تولّى القيادة ، وأخيراً : الفضل كلّه في عليّ عليه السلام.

مراجعة : محمّد سليمان.

* الدرر

النجفية / كتاب المتاجر ، ج 1 و 2.

تأليف : الشيخ محمّد بن عبد الكريم الفاضل القائيني

النجفي (حدود 1310 - 1405 ه).

كتاب فقهي خرج منه كتب : الطهارة ،

ص: 425

الصلاة ، الخمس والزكاة ، المتاجر - من البيع إلى

أحكام الربا - الحجّ ، الوصية ، النكاح ، القضاء والشهادات ، الدَين ، الرهن ،

الرضاع ، وكتاب الإرث.

كتاب يبحث مسائل - كتاب المتاجر - البيع والخيارات

على منهج كتاب المكاسب

للشيخ الأعظم ، مرتضى بن محمّد الأنصاري (1214 - 1281 ه) ، الذي يعدّ من كتب

الفقه المعروفة ، ويتناول المسائل الفقهية المتعلّقة ببيان أحكام الكسب ، وما

يُكتسب به ؛ إذ يتضمّن شرح وتوضيح آراء ومباني الشيخ ، ثمّ إبداء الرأي الخاص

والاستدلال عليه ، مع التعرّض لذكر آراء المحقّقين والمناقشة فيها ، وبيان

المختار في المسألة ..

تضمّن الجزءان مباحث في : البيع ، المعاطاة ، شرائط

العقد ، أحكام البيع الفاسد ، ولاية الفقيه الجامع لشرائط الفتوى ، شرطية البلوغ

، البيع الفضولي ، ثمّ : المجيز ، مناصب الحاكم والمراد منه هو الفقيه ، شرائط

العوضين ، أحكام الخيار وأقسامه وأحكامه : (خيار المجلس ، خيار الحيوان ، خيار

الشرط ، خيار الغبن ، خيار التأخير ، خيار الرؤية ، خيار العيب) ، الأرش ،

الشروط ، الربا ، القرض ، والرهن.

تحقيق : الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي.

نشر : المؤسّسة الثقافية الإسلامية - قم / 1423 ه.

* جامع

الأفكار وناقد الأنظار ، ج 1 و 2.

تأليف : العلاّمة المولى محمّد مهدي ابن أبي ذرّ

النراقي الكاشاني ، المتوفّى سنة 1209 ه- ، والد الشيخ أحمد (1185 - 1245 ه)

صاحب المستند.

مباحث في الإلهيات - أحد أقسام الحكمة - تتناول

أُصول المعارف الإلهيّة وجوامع العقائد الحقّة ، في مقالتين : إثبات واجب

الوجود تعالى لذاته ، وصفاته الثبوتية والسلبية ، وما يتعلّق بهما من مباحث ،

فرغ منه في كاشان سنة 1193 ه.

تضمّنت الأُولى : خمس مقدّمات ، في : إبطال ترجّح

المساوي والمرجوح وترجيحهما ، أنّ طرفي المعلول ما لم يجب لم يقع ، إبطال وجود

الممكن بنفسه وبأولوية ذاتية أو خارجية ، احتياج الممكن إلى العلّة حدوثاً

وبقاءً ، وفي إبطال الدور والتسلسل ، ثمّ مسالك : الحكماء - في أربعة مناهج -

المتكلّمين ، وأهل الكشف من الصوفية في إثبات

ص: 426

واجب الوجود تعالى.

والثانية : مقدّمة في الإشارة إلى أصناف صفاته جلّ

وعلا على الإجمال ، وبابان : في صفاته عزّ وجلّ الثبوتية الكمالية : قدرته ،

علمه ، حياته ، إرادته ، سمعه وبصره ، كلامه ، صدقه ، وسرمديّته وبقائه سبحانه

وتعالى ، وفي صفاته السلبية : نفي التركيب عنه ، نفي الشريك عنه ، نفي الجوهرية

عنه ، وعدم كونه - جلّ وعلا - محلاّ للحوادث.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين مخطوطتين ، ذكرت

مواصفاتهما في المقدّمة.

تحقيق : مجيد هادي زادة.

نشر : مؤسسة «حكمت» للنشر - طهران / 1423 ه.

* العروة

الوثقى ، والرحلة.

كتابان ، الأوّل : للشيخ البهائي ، محمّد ابن

الحسين بن عبد الصمد بن محمّد الحارثي العاملي (953 - 1030 ه) ، والثاني لوالده

الشيخ حسين ، المتوفّى سنة 984 ه.

والعروة :

تفسير موجز لسورة الفاتحة وأوّل سورة البقرة ، يتضمّن خلاصة ما أُثر عن النبيّ

صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام في

التفسير ، وأقوال المفسّرين - المتقدّمون

والمتأخّرون - مع تحقيقات وتدقيقات من المصنّف ، وهو - حسب بعض القرائن - تفسير

كبير ، لم يتمّه المصنّف أو أكمله ولم يصل إلينا منه إلاّ هذا الجزء.

طبع سابقاً عدّة مرّات ، ومحقّقاً سنة 1412 ه- في

قم ، وتمّ التحقيق - في هذه الطبعة - اعتماداً على 6 نسخ مخطوطة إضافة إلى

النسخة المطبوعة ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدّمة.

تحقيق : الشيخ محمّد رضا النعمتي.

والرحلة : وصف أدبي لرحلة المصنّف من بلاد الشام

إلى الدولة الصفوية في إيران في القرن العاشر الهجري ، مروراً بالعراق وبعض مدنه

، صاغها بشكل رسالة لأُستاذه الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي ،

المستشهَد سنة 965 ه- ..

يشتمل على وصف طريق رحلته ، والبلاد التي مرّ بها ،

ومعاناته في هذا السفر ، والناس الّذين رافقهم أو مرّ بهم ، وقد أكثر فيها من

الشعر يستشهد به على مراده ويقوّي به كلامه.

تمّ تحقيق الرسالة اعتماداً على نسخة مخطوطة واحدة

، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

مراجعة وتقويم : أسعد الطيب.

ص: 427

إعداد وتحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية.

نشر : «بوستان كتاب قم» - 1422 ه.

* الصحيفة

الباقرية والصادقية الجامعة.

جمع وإعداد : السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي

الأصفهاني.

كتاب يجمع بين دفتيه - بعد التنقيب والبحث في مختلف

المصادر والمؤلّفات - ما أُثر عن خامس وعن سادس الأئمّة المعصومين عليهم السلام

الإمامين محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام وابنه الإمام جعفر بن محمّد الصادق

عليه السلام من الكلمات البليغة والعبارات الفصيحة والجمل المسبوكة ، التي

تتضمّن الطريقة المثلى والأُسلوب المتين الأمثل لمخاطبة الربّ العظيم تبارك

وتعالى ضمن إطار الدعاء والمناجاة والتضرّع والتوّسل والابتهال إليه جلّ وعلا.

مرتّب بذكر أدعية الصحيفة الباقرية ، ثمّ الصحيفة

الصادقية ، مبتدئاً - في كلّ منهما - بالأدعية الخاصّة بتحميد وتمجيد الله عزّ

وجلّ والثناء عليه وتسبيحه وتقديسه ومناجاته ، ثمّ أدعية جوامع المطالب وخصوصها

، ثمّ أدعية الأوقات والمواقيت ، ثمّ الدعاء للنفس ، وللآخرين ، أو عليهم.

كما تضمّنت الصحيفة الصادقية أدعية الإمام الصادق

عليه السلام في ما رواه عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأنبياء

عليهم السلام ، وأدعيته وعوذاته القرآنية التي اقتبسها عليه السلام من القرآن

الكريم.

تحقيق : مؤسسة الإمام المهديّ عليه السلام.

نشر : جامعة الإمام الصادق عليه السلام - طهران /

1423 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* تشييد

المراجعات وتفنيد المكابرات ، ج 3.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب المراجعات للسيّد عبد الحسين شرف الدين

الموسوي العاملي (1290 - 1377 ه) : عبارة عن مجموعة مناظرات علمية - راقية

المستوى - جرت بين السيّد المؤلّف قدس سره وبين الشيخ سليم البشري ، من أعلام

مشايخ الأزهر بالقاهرة ، تلخّصت في 112 مراجعة ؛ تركّزت في محورين :

في إمامة المذهب أُصولاً وفروعاً ، وفي الإمامة

العامّة ، وهي الخلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مطبوع عدّة

طبعات في بغداد وبيروت والقاهرة ، ومترجم إلى

ص: 428

عدّة لغات.

وهذا الكتاب يضمّ بحوثاً وضعت تشييداً للمراجعات ،

بتوضيح أو تعليق أو تذييل ، وتفنيداً لما كان - وما يكون - بشأنها من مكابرات عن

تعصّب أو جهل أو تضليل ، صدرت من أحد الأشخاص ؛ أراد منها التشكيك في أصل وبحوث

المراجعات.

سبق أن نشرت هذه البحوث على صفحات نشرتنا هذه

تراثنا من العدد 61 لسنة 1421 ه- إلى العدد 69 - 70 لسنة 1423 ه.

صدر في قم سنة 1423 ه.

* حقيقية

التشيّع .. بين الموضوعية والمحاباة.

تأليف : علاء الدين الموسوي.

كتيب في قسمين ، الأوّل تضمّن مقالاً ردّاً على ما

ورد في كتاب «مذهب الإمامية بحث في النشأة» من أخطاء في عدّة مسائل تتعلّق

بضرورات مذهب التشيّع ، ومخالفات لما تذهب إليه الإمامية في عمدة مسائل الإمامة

والعصمة ، وتجاهل لحقائق تاريخية مهمّة ؛ وتوضيحاً لحقيقة وصحّة ما تناولته هذه

المسائل ..

والثاني تضمّن ملحقات اشتملت على

مقاطع من حوار طويل دار على الإنترنت بخصوص هذا

المقال ، الذي أُنزل في موقع شبكتي «هجر» و «الميزان».

سبق أن نشر المقال في مجلّة «الفرات» الصادرة عن

مدرسة الإمام الكاظم عليه السلام في قم.

صدر في قم سنة 1423 ه.

كتب

صدرت حديثاً

* فاطمة عليها

السلام والخلافة.

تأليف : الشيخ محمّد رضا النعماني.

دراسة تتناول الدور المهمّ لسيّدة نساء العالمين

الزهراء عليها السلام في مسيرة الإسلام الكبرى ؛ إذ أعدّتها النبوّة الخاتمة

لتواصل بعد أبيها صلى الله عليه وآله وسلم تنفيذ مهمّة نبوية مقدّسة تمثّلت

بإرساء وتثبيت أركان وقواعد الخلافة والإمامة - بصيغة عملية تنفيذية - للإمام

عليّ عليه السلام بعد أن استنفدت الوسائل الأُخرى - في حياة النبيّ - قدرتها على

ذلك ؛ وقد قرن الله عزّ وجلّ ورسوله رضاهما برضاها وسخطهما بسخطها ، وهي تسعى

لكشف الترابط بين ما صدر بشأنها من نصوص ، وبين مواقفها ودورها بعد وفاة الرسول

صلى الله عليه وآله وسلم.

في 4 فصول : موجز عن سيرتها عليها السلام :

ص: 429

ولادتها ونشأتها ، خصائصها وسجاياها ، أدبها مع

أبيها صلى الله عليه وآله وسلم وحبّها له ، أدبها مع زوجها عليه السلام ،

عبادتها ، صدق لهجتها ، معاناتها وصبرها ومواساتها ، وعلمها .. مكانتها في

الإسلام : الروايات الكاشفة عن مكانتها الكبرى عند الله ورسوله ، تفسيرات محتملة

لعناية الرسول بابنته الطاهرة ، خطوات اتخّذها صلى الله عليه وآله وسلم في طريق

الإعداد لدورها المرتقب ، طبيعة الموضوع (الحاكم ونظام الحكم وشكله) وخصوصيتها

عليها السلام ، الطرق الثلاث التي كان بإمكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن

ينتهجها لضمان مستقبل الدعوة الإسلامية بعد وفاته ، وإعداد عليّ عليه السلام

للخلافة .. عقبات في طريق الاستخلاف : النصّ لا يحقّق الغرض ، شخصية الإمام عليّ

عليه السلام : خصائصه الذاتية ، عدله المطلق ، ونظرة العداء والحقد له .. مرحلة

المواجهة : أسباب اختياره صلى الله عليه وآله وسلم ابنته عليها السلام لهذه

المهمّة ، الزهراء جعلها الله عزّ وجلّ الدليل الحسّي الذي يقرّر مستقبل الخلافة

الإسلامية وشرعية نظام الحكم والخليفة الحاكم ، أداء الأمانة ، حجّة الله بعد

أبيها : الدعوة للوقوف إلى جانب عليّ عليه السلام ، عدم أهلية الحاكم والحكومة

لقيادة الأُمّة ومواصلة المسيرة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، الاحتجاب

الساخط على شخص الحاكم

ومجتمع المدينة عموماً.

نشر : «نور وحي» - قم / 1423 ه.

* دفاع عن

التشيّع.

تأليف : السيّد نذير الحسني.

مباحث ومناقشات تضمّنت ردوداً على ما طرحه أحمد

الكاتب من آراء وأفكار تتعلّق بموضوع الإمامة في كتابه «تطوّر الفكر السياسي

الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه» ، محاولاً إثارة الغبار على كثير من المسائل

العقائدية للشيعة وضروريات مذهب الطائفة ، وإثارة شبهات - قديمة - بأُسلوب وشكل

جديد ؛ وبياناً لمدى الاشتباه والتحريف الذي وقع فيه.

في 11 فصلاً : مخالفات صريحة وتحريف وتجاهل لكثير

من الحقائق التاريخية ، كذب متعمّد على علماء الشيعة ، خلط مفضوح وعدم تمييز في

المواقع ، افتراءات وأكاذيب على مصاديق الإمامة الإلهية ، ابتداءً بالإمام عليّ

عليه السلام وانتهاءً بالإمام المهديّ المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف -

، نظرية الشورى في مواجهة التحدّيات ، افتراءات متعمّدة على أركان نظرية الإمامة

الإلهية ، حديث «الخلفاء اثنا عشر» ومصاديقه ، التسرّع في إصدار الأحكام من دون

بحث ودراسة

ص: 430

للظروف الموضوعية لكثير من المسائل التاريخية ،

التقية في الفكر الإسلامي وقسم من أقسام العلم بالغيب الذي أطلع الله رسوله صلى

الله عليه وآله وسلم وأولياءه عليه ، الحركات والفِرق ومحاولة التعلّق بأهدافها

خدمةً للنتائج ، وأخيراً التشيّع وعلمائه والظروف التي واجهوها ، ودراسة ما

توصّل إليه الكاتب من نتيجة نهائية ، كانت غريبة عن مقدّماتها تماماً.

نشر

: المؤسّسة الإسلامية العامّة للتبليغ والإرشاد - قم / 1421 ه.

* تاريخ

الحديث النبوي .. بين سلطة النصّ ونصّ السلطة.

تأليف : السيّد محمّد علي الحلو.

دراسة تتناول مسيرة الحديث النبوي الشريف على مديات

تاريخ الحدث الإسلامي ، من خلال قراءة جديدة لحيثيات ما مرّ به من مراحل تاريخية

تأثّرت بالمسارات السياسية والفكرية للسلطات الحاكمة ، من بعد العهد النبوي

الشريف وحتّى عصري التدوين : الأُموي والعبّاسي ، متعرّضة إلى محاولات الإلغاء

والإقصاء المستهدفة لأحاديث الاستخلاف - وخصوصاً حديث الغدير الذي دار البحث على

أساسه - التي نصّت على أمير

المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

خليفةً لرسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

اشتملت على : بيان مسارات في قراءة الحديث النبوي -

الغدير - ، عرض منهجية المدرسة السلفية والمدرسة الإمامية في الجرح والتعديل

لرواة الحديث ؛ من خلال التقييم السندي والدلالتي ، والمقارنة بين المنهجين ، مع

ذكر بعض محاولات التوجيه والتأويل لمصطلح «المولى» ، ومناقشة المنظومة النصّية

السلفية ، ثمّ المراحل التي عرضتها الدراسة : الإلغاء والتصفية ، الإلغاء

والمطاردة الأُولى ، الإلغاء والمطاردة الثانية ؛ مع بيان نتائج الحظر على

الحديث في كلّ منها ، ثمّ مرحلة العهد النصّي وانتعاش الحديث النبوي ، مرحلة -

العهد الأُموي - الوضع النصّي : التأسيس والتدوين ، ثمّ مرحلتي احتواء وتنظير

الحديث النبوي ، تاريخ الحديث في العصر العبّاسي ومرحلة التدوين التأسيسية ،

مدوّنات الفقه السلفي ، الصحاح الستّة في الميزان ، والإمامية وتصنيف كتب

الحديث.

كما قسّمت مراحل الوضع إلى مرحلتي تهويد الحديث -

في ثلاث فترات - وحديث التهويد - أو ما بعد معاوية -.

نشر : مؤسسة البلاغ - بيروت / 1422 ه.

ص: 431

* المدخل إلى علوم نهج البلاغة.

تأليف : السيّد محسن باقر الموسوي.

دراسة تشتمل على ما يمكن أن يساعد في فهم نهج

البلاغة - الكتاب الذي جمع فيه الشريف الرضيّ (359 - 406

ه) بأُسلوب فريد روايات منتقاة من بليغ آثار الإمام أمير المؤمنين عليّ بن

أبي طالب عليه السلام من خطب ورسائل وحِكم - ويقرّب أكثر إلى النصّ الصحيح الذي

قاله الإمام عليه السلام ؛ وهي مفتاحاً ليستعين به الباحث والدارس للولوج إلى

عالم نهج البلاغة الرحب ، الذي وسع الفكر الإنساني بكلّ جوانبه كما كان أمير

المؤمنين عليه السلام في سعته وأُفقه الكبيرين.

تضمّنت فصول الدراسة الأربعة : أقسام الكلام في نهج

البلاغة : خصائص خطب الإمام عليه السلام ، أصناف كلامه ،

مناسبات رسائله وأغراضها ، أقسام وصاياه ، العهود ، الأحلاف ، الدعاء ، والحكم

والمواعظ والكلام القصير .. نهج البلاغة

بين التوثيق والتشكيك : الّذين رووه عنه عليه السلام مباشرة من أصحابه ومن غيرهم

، الذّين رووا كلامه عليه السلام عبر الأئمّة من ولده عليهم السلام ، الّذين

جمعوا خطبه عليه السلام ، مصادر السيّد الرضي ، المشكّكون في

النهج من القدماء

والمعاصرين ، والردّ على الشكوك .. شأن إيراد :

الخطب ، الكتب والرسائل ، والكلمات القصار - الحكم والمواعظ - .. موضوعات عامّة

: الاختلاف في القائل ، التكرار في النصوص : في المقصود ، مع الاختلاف الطفيف ،

في المعنى لا اللفظ ، ونتيجة السهو ، أسماء بعض الخطب المشهورة ، أماكن الخطب :

في المدينة قبل البيعة وبعدها ، في الكوفة ، في البصرة ، في ذي قار في النهروان

في صِفّين ، في الخريبة (الجمل) ، في النخيلة ، في الربذة ..

نشر : دار العلوم - بيروت / 1423 ه.

* حياة

الصدّيقة فاطمة عليها السلام.

تأليف : الشيخ محمّد جواد الطبسي.

عرض لسيرة وحياة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء

صلوات الله وسلامه عليها ، بنت الرسول الأكرم محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله

وسلم ، يسعى لبيان ومعرفة بعض فضائلها ومناقبها ، وما جرى عليها بعد رحيل أبيها

من الحوادث والمكاره ..

يشتمل على 16 فصلاً ، بعناوين : ولادتها ، أسماءها

وألقابها ، مقامها وشأنها - عند الله عزّ وجلّ ، في قول وعمل رسوله الأعظم صلى

الله عليه وآله وسلم ، في ما ورد عن أئمّة أهل

ص: 432

البيت عليهم السلام ، عند أزواج النبيّ صلى الله

عليه وآله وسلم ، عند الصحابة ، وفي يوم القيامة - وفضلها على نساء الأُمّة وعلى

نساء العالمين ، من الولادة إلى الهجرة ، بعد الهجرة ، خصائصها : عصمتها وعلمها

، روايتها عن أبيها ، مناقبها ، حجابها ، افتراءات وأكاذيب بحقّها ، مع رزيّة

أبيها : بكاؤها عليه ورثاؤها إيّاه ، ما جرى عليها من أحداث بعده صلى الله عليه

وآله وسلم : الإساءة إليها وهتك حرمتها ، الهجوم على دارها ، إحراق باب بيتها ،

كسر ضلعها ، وإسقاط جنينها ، دفاعها عن الوصي والوصاية ، غصب «فدك» ، أيّام

العلّة وحوادثها ، إلى الروح والريحان.

نشر : مؤسسة «بوستان كتاب قم» - قم / 1423 ه.

* كشف البصر

عن تزويج أُمّ كلثوم من عمر.

تأليف : السيّد محمّد علي الحلو.

دراسة

تتناول حادثة تاريخية مهمّة بمعطياتها المتعدّدة ، الأخلاقية والفكرية والعقائدية

، وهي قضية تزويج الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ابنته من

الصدّيقة الزهراء عليها السلام أُمّ كلثوم لعمر بن الخطّاب.

اشتملت على أبرز ما ورد عن العامّة

وعن الإمامية من روايات وأخبار القصّة ، ومناقشتها

سنداً ودلالةً ، ثمّ تقديم الأدلّة والشواهد على بطلان هذه الدعوى.

نشر : «مهدي يار» للنشر - قم / 1422 ه.

* المنتخب من

قصص الأنبياء.

تأليف : فاضل الفراتي.

كتاب يشتمل على عرض لقصص الأنبياء الّذين ذكرهم

القرآن الكريم فقط ، اعتماداً على الآيات القرآنية نفسها الخاصّة بقصّة كلّ نبيّ

، باستقصائها ثمّ جمعها بشكل موضوعي مرتّب من أوّل حياة أو حركة النبيّ إلى آخر

لحظة من حركته كما يصوّرها القرآن الكريم ، مع بيان بعض الدروس والعِبر من حياة

كلّ نبيّ.

نشر : دار أنوار الهدى - قم / 1422 ه.

* النجف

الأشرف .. مدينة العلم والعمران.

تأليف : الشيخ محمّد كاظم الطريحي.

محاولة معاصرة تؤرّخ لهذه المدينة المقدّسة ،

متناولة كثير من الأحداث والظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية التي مرّت على

البلاد بصورة عامّة وعلى النجف بصورة خاصّة.

ص: 433

في 11 فصلاً ، تضمّن ثانيها مباحث مختصرة في :

الإمامة ، العصمة ، إمامة الإمام عليّ عليه السلام ، عقائد الشيعة ، الأئمّة

الاثني عشر عليهم السلام ، والمرجعية الشيعية ، فيما تضمّنت البقية عدّة مواضيع

، منها : موقع النجف الجغرافي ، الطبيعة والمناخ ، الهجرة إليها ، الطباع ،

محلاّت المدينة ، القنوات المائية والآبار .. المدارس الفقهية : الصوفية ،

الأخبارية ، والأُصولية .. الدراسات العلمية : الحوزة الدينية ، هجرة الشيخ

الطوسي (ت 460 ه) للنجف ، المدارس الدينية ، مراحل التدريس .. الاجتهاد

والمرجعية : أعمال المكلّفين ، التقليد ، مصادر تمويل المرجعية .. المجالس

الحسينية : الخطابة ، المآتم ، الحسينيات ، خطباء المنبر الحسيني .. الأدوار

التي مرّت على العراق : الدولة الصفوية ، الدولة القاجارية ، دولة الخلافة

الإسلامية ، الدولة العثمانية .. الحوادث والغزوات : واقعة الأمير العيوني ،

حادثة المشعشعي ، محاصرة الروم ، الغزو الوهّابي ، الزقرت والشمرت .. النجف كما

وصفها بعض الرحّالة المسلمين ، والغربيين .. الجمعيات السياسية والحزبية ودورها

في تطوّر الحركة السياسية ، الصحافة ، المطابع .. وثقل النجف

السياسي : المركز الديني ، شركة الهند الشرقية ،

المصالح البريطانية في العراق ، الحرب العالمية الأُولى واحتلال البلاد ، ثورة

النجف ، الحركة الوطنية ، ثورة العشرين ، ثورة الرميثة ، وبداية الحكم الوطني.

نشر : دار الهادي - بيروت / 1423 ه.

* أفلا

تذكّرون؟

تأليف : السيّد جعفر مرتضى العاملي.

كتاب في قسمين ، يضمّ حوارات وردود في عدّة مسائل ،

الأوّل يضمّ حواراً جرى بين المؤلّف وبين حسن بن فرحان المالكي ، عبر الانترنيت

وعلى موقع شبكة الميزان الثقافية www.almeezan.net ، والثاني تضمّن ما يقرب من عشرين ردّاً للمؤلّف أيضاً على أجوبة

المالكي لأسئلة وجهّها إليه آخرون في الشبكة نفسها.

تضمّنت مباحث - في قضايا سعى الحوار لبحثها وفقاً

للمناهج العلمية الصحيحة - لمناقشة ودحض ادّعاءات واتّهامات وتشكيكات المالكي.

بعض المسائل تضمّنت : مَن كان إمام الزهراء عليها

السلام مع أنّها لم تمت ميتة جاهلية بلا شكّ؟! تفسير : (ووجدكَ

ضالاًّ فهدى) واتّهام الرسول صلى الله عليه

وآله وسلم بالضلال

ص: 434

النسبي قبل النبوّة!! عدم مخالفة الصحابة لوصيّة

نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم!! ظلامة الزهراء عليها السلام وادّعاء المبالغات

والزيادات فيها!! قضية الإمام المهدي - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - وادّعاء

عدم تواترها!! الكذب عند الشيعة أعظم من الكذب في جميع الطوائف!! التقية

والمراوغة المكابرة ، عصمة الأئمّة عليهم السلام وعدالة الصحابة ، الشيعة وتحريف

القرآن ، المتعة في صحيح البخاري

واتّهام الشيعة بتحريف الكلام ، ونماذج من منهج التشكيك في عقائد الناس ،

وخصوصاً في مسائل الإمامة.

نشر : المركز الإسلامي للدراسات - بيروت / 1423 ه.

* التعزير في

الفقه.

تأليف : الشيخ يحيى الطائي.

بحث فقهي استدلالي مستقلّ ، يتناول أحد الأحكام

والعقوبات التي قرّرها الإسلام للمتخلّفين والمعتدين ؛ إصلاحاً للفاسد ،

وإعظاماً للمحارم ، ويعدّ أوسع أنواع العقوبات دائرةً ؛ إذ تتنوّع وتتعدّد

أساليبه الراجعة لنظر الحاكم بحسب ما يراه من المصلحة لفرض الأُسلوب المناسب

لنوع الجريمة.

في بابين : الأبحاث العامّة ، في : أهمّية

التعزيرات ، مفهوم التعزير في اللغة ، مفهومه اصطلاحاً ، الموارد المقدّرة منه ،

سببه ، الفرق بينه وبين الحدّ ، الفرق بينه وبين الأمر بالمعروف والنهي عن

المنكر ، هل يشترط التعزير بما إذا لم ينته بالنهي والتوبيخ أم لا؟ في شموله

لغير الضرب ، التعزير المالي ، ثبوته في كلّ معصية ، عموم الحكم للصغائر ، مَن

يجوز له إقامة الحدود والتعزيرات ، مقدار التعزير البدني ، الضرب التأديبي

ومقداره ، مَن قتله الحدّ أو التعزير أو التأديب ، طرق ثبوت التعزير ، حكم

الحاكم بعلمه ، تعزير المتّهم ، التخدير في الحدّ والتعزير ، تكرّر التعزير ،

العفو عن التعزيرات ، وفي التوبة ..

وفي موارد التعزير ، تضمّن 10 فصول - كلّ منها في

مسائل - : الاستمتاعات ، السبّ والهجاء والغيبة والكذب ، التأديبات ، تارك

الواجبات الضرورية ، مَن ارتكب شيئاً من المحرّمات المُجمَع على تحريمها ، تارك

الواجبات وفاعل المحرّمات ، بيع وشراء ما لا يجوز بيعه وشراؤه ، المخدّرات ،

الحقوق المالية ، وفي مسائل متفرّقة ..

نشر : «بوستان كتاب قم» - قم / 1423 ه.

ص: 435

* تشريع

الخُمس.

تأليف : الشيخ حسين بو خمسين.

دراسة في إحدى الفرائض العبادية المالية التي

أوجبها الله سبحانه وتعالى على عباده المسلمين ؛ ليتقرّبوا بأدائها إليه جلّ

وعلا .. في ثلاثة فصول بعناوين : تاريخ الخمس ودوره في الدولة الإسلامية ، الخمس

في مصادر التشريع : القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة ، وفقه الخمس ..

تضمّنت مباحث في : أصل تشريع الخمس في الإسلام

والظروف التي شُرّع فيها ، والهدف من تشريعه ، تاريخ تشريع الخمس والزكاة وتأسيس

بيت المال ، موقع الخمس المهم في هيكل النظام الاقتصادي الإسلامي من خلال بيان

هوية النظام الضريبي في الإسلام وسماته وأهدافه ، والملكية والمالك في منظار

الوحي.

وفي : أنّ الخمس فريضة عبادية ، أنّه واجب في كلّ

مغنم ، وأنّه فريضة معطّلة إلاّ عند الإمامية ، ثمّ ردّ شبهات وإثارات تتّصل

بشؤون العقيدة هدفها النيل من قداسة الميراث النبوي ؛ من قبيل التشكيك في أصل

تشريع الخمس ، أو طريقة التعامل مع هذا التشريع.

ثمّ في : موارد الخمس ، مصارفه ،

كرامته ، وشروط استحقاقه ، ثمّ عرض بعض مسائل الخمس

الفقهية : خمس الأرباح ، تعيين رأس السنة الخمسية ، المؤونة المستثناة ، المؤونة

لو لم تستهلك ، المسكن والخمس ، الدَين والخمس ، الاقتراض لأجل المسكن ،

المُقرِض والخمس ، الخمس والحجّ ، الخمس والإرث ، بين الخمس والربع ، مَن هو

المكلّف بالخمس؟ كيف نصرف الخمس؟ ومصرف حقّ الإمام.

نشر : مؤسسة الفكر الإسلامي - هولندا / 1422 ه.

* فدك وفاطمة

عليها السلام.

تأليف : السيّد علي عباس الموسوي.

عرض وتحليل لأحداث النزاع الذي دار بين فاطمة

الزهراء عليها السلام بنت النبيّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وبين أبي بكر

، هذا الصراع الذي أغفله - أو أهمله - الكثير من المؤرّخين ، ممّا أدّى إلى

إغماض النظر وعدم الخوض بتفاصيل مطالبة الزهراء عليها السلام المتعدّدة بإرثها

وحقوقها ، في : فدك ، صدقات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة -

الحيطان السبعة التي أوصى بها مخيريق اليهودي للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم

يضعها حيث شاء - أموال وأرض بني النضير ، سهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

ص: 436

في خيبر ، وسهم ذوي القربى - الخُمس - الذي فرضه

الله عزّ وجلّ لبني هاشم ..

يحاول استقصاء ما يرتبط بالموضوع من قريب أو بعيد ،

ممّا ورد في مصادر العامّة ، مسلّطاً الضوء على جانب من حياة الزهراء فاطمة

عليها السلام ، وهي المرحلة التي رسمت فيها عليها السلام قصّة جهاد امرأة

ونضالها لاسترجاع حقّها وبيان مظلوميّتها.

تضمّنت فصول الكتاب بعد المقدّمة والتمهيد : فدك ..

لمحة عامّة عن المكان ، فدك .. قصّة الصراع المفصّلة ، فدك على هامش الأحداث ،

فدك في عهد الأُمويّين والعبّاسيّين ، قصّة الحيطان السبعة ، أموال يهود بني

النضير ، سهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر ، سهم ذوي القربى ،

والخاتمة.

نشر : دار الهادي - بيروت / 1420 ه.

* سلسلة

المسائل الفقهية.

تأليف : الشيخ جعفر السبحاني.

عشرة كتيبات - بالقطع الجيبي - تشتمل على دراسات

علمية على ضوء الكتاب الكريم والسُنّة النبوية الشريفة ، تناولت مسائل فرعية

اختلف فيها الفقهاء ؛ لاختلافهم في ما أُثر عن مبلّغ الرسالة النبيّ الأكرم صلى

الله عليه وآله وسلم ، والذي أدّى إلى اختلاف كلمتهم فيها.

عرضت أدلّة وحجج الآراء في كلّ مسألة ، مع مناقشتها

وبيان القول الفصل فيها والمختار منها.

والمسائل هي على الترتيب : الوضوء ، المسح على

الخفّين ، الأذان تشريعاً وفصولاً ، القبض بين البدعة والسُنّة ، البسملة

جزئيّتها والجهر بها ، السجود على الأرض ، الجمع بين الصلاتين ، القصر في السفر

، الإفطار في السفر ، ومتعة الحجّ.

نشر : مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام - قم /

1422 ه- ، والخامسة سنة 1421 ه.

* مختصر مفيد

، المجموعة الأُولى.

تأليف : السيّد جعفر مرتضى العاملي.

عرض لإجابات المؤلّف - موجزة تارة ومسهبة أُخرى -

على مجموعة من الأسئلة الموجّهة إليه شخصياً ، والتي تناولت العديد من الموضوعات

المتعلّقة بالدين والعقيدة.

مرتّب في ثمانية أقسام : عقائديات ، في رحاب أهل

البيت عليهم السلام ، المرأة ، أحكام شرعية ، الزهراء عليها السلام ، تفسير آيات

في العقائد ، (ألا في الفتنة

سقطوا) ، ومتفرّقات.

نشر : المركز الإسلامي للدراسات - بيروت / 1423 ه.

ص: 437

كتب

قيد التحقيق

* المحتضر.

للشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحليّ ، من أعلام

القرن التاسع الهجري.

كتاب يشتمل على رسالتين للمصنّف ، الأُولى :

المحتضر : ردّ المصنّف على الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد

بن النعمان العكبري البغدادي (336 - 413 ه) ؛ في ما تبنّاه من أنّ المؤمن حال

احتضاره لا يرى أصحاب الكساء الخمسة عليهم السلام بل يرى ثمرة حبّه وولائه لهم ،

فاستدلّ المصنّف بآيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة واردة عن أهل البيت

عليهم السلام بحضور أنوارهم الخمسة عليهم السلام عند المحتضر.

والثانية : تفضيل

آل محمّد عليهم السلام على الأنبياء والملائكة :

وقد أورد المصنّف فيها آيات وروايات يُستدلّ بها على ذلك التفضيل ، ذاكراً معاجز

لأهل البيت عليهم السلام لم تحدث للأنبياء عليهم السلام.

يحقّقه مشتاق المظفّر معتمداً في عمله على ثلاث نسخ

: مخطوطتين ومطبوعة في النجف الأشرف قبل نحو 30 سنة.

* أعمال مساجد

الكوفة.

للمولى محمّد جعفر بن سيف الدين شريعتمدار

الاسترآبادي ، المتوفّى سنة 1263 ه.

كتاب يشتمل على ذكر موضوعات تتناول أدعية وأعمال

مساجد الكوفة والسهلة وغيرها ، اعتماداً على ما ورد بشأنها من الروايات الصحيحة

المرويّة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، تضمّنت عناوين الكتاب : في أعمال

المسجد الأعظم ، في كيفية زيارة مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، في زيارة نبيّ

الله يونس عليه السلام ، في أعمال مسجد السهلة ، في أعمال سائر مساجد الكوفة.

يحقّقه فارس حسّون كريم ، معتمداً على نسخة مخطوطة

واحدة.

* * *

ص: 438

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.