تراثنا المجلد 67

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1422 ه.ق

الصفحات: 450

ص: 1

محتويات العدد

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (20).

..................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 7

*عدالة الصحابة (7).

........................................................... الشيخ محمّد السند 80

*الحاوي في رجال الإمامية - لابن أبي طيّ الحلبي (2).

...................................................... الشيخ رسول جعفريان 122

*فوائد المحقّق الكركي عن بعض المصنّفات.

....................................................... الشيخ محمّد الحسّون 166

*دليل المخطوطات (10) - مكتبة مفتي الشيعة.

........................................................ السيّد أحمد الحسيني 203

ص: 2

*فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (10).

....................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه 255

*مصطلحات نحوية (19).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 287

*من ذخائر التراث :

*أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثأر - للسيّد محسن الأمين العاملي (1284 - 1371 ه).

................................................ تحقيق : فارس حسّون كريم 307

*من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 431

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال لمصنّفه الميرزا محمّد بن علي بن ابراهيم الاستر آبادي ، المتوفّى سنة 1028 ه- ، والذي تقوم مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بتحقيقه.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تشييد المراجَعات وتفنيد المكابَرات (20)

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

المبحث الثاني

في الإمامة العامّة وهي الخلافة عن رسول الله

أقول :

كان المبحث الأَوّل في : (إمامة المذهب) في الأُصول والفروع ، وقد أورد السيّد فيه أدلةً من الكتاب والسُنّة على وجوب الرجوع إلى أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، في القضايا الاعتقادية والأحكام العملية والآداب والسُنن الشرعية ، وأشار إلى حكم العقل في الباب ، في نهاية المراجعة 18 بقوله : «دعنا من نصوصهم وبيّناتهم ، وانظر إليهم بقطع النظر عنهما ، فهل تجد فيهم قصوراً في علم أو عملٍ أو تقوىً عن الإمام الأشعري أو الأئمة الاَربعة أو غيرهم ، وإذا لم يكن فيهم قصور ، فبمَ كان غيرهم أوْلى بالاتّباع وأحقُّ بأنْ يطاع؟!» ..

هذا ، وقد تقرّر عندنا وعند الجمهور قبح تقدُّم المفضول على

ص: 7

الفاضل ، الأمر الذي أذعن به حتّى ابن تيميّة (1).

وعنوان المبحث الثاني : (الإمامة العامّة وهي الخلافة عن رسول الله) وفي هذا العنوان إشارة إلى مطلبين :

* أحدهما : تعريف الإمامة ؛ فقد اتّفق الفريقان على أنّ الإمامة رئاسة عامّة في أُمور الدين والدنيا لشخصٍ من الأشخاص نيابة عن النبيّ (2) ...

فالإمامة رئاسة عامّة في أُمور الدين والدنيا ، وزعامة مطلقة في جميع شؤون الأُمّة المادّية والمعنوية ، وهي نيابة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ فيكون للإمام كلّ ما كان للنبيّ من المنازل والحالات والصفات ، إلاّ النبوّة.

* والآخر : المرادفة بين «الإمامة العامة» و «الخلافة الكبرى» و «الولاية المطلقة» ..

فالخليفة عن رسول الله لا بُدّ وأن تتوفّر فيه كلّ ما يعتبر فيه من الصفات والحالات ، وحينئذٍ يجب على الأُمّة الاقتداء به في كلّ الأُمور ، والإطاعة له في كلّ ما يأمر به أو ينهى عنه ، وتنفذ فيهم جميع تصرّفاته ، ولا يجوز لأحدٍ الاعتراض عليه في شيء من ذلك.

وممّا ذكرنا يظهر أنّ «الحكومة» شأنٌ من شؤون الإمام ، ومن الواجب على أفراد الأُمّة أن يتعاونوا معه في القيام بمهامّها ، لينالوا بذلك ة.

ص: 8


1- منهاج السُنّة 6 / 475.
2- انظر من كتب أصحابنا : مناهج اليقين في أُصول الدين : 289 ، النافع يوم الحشر : 44 ، شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام ، وغيرها .. ومن كتب الجمهور : شرح المواقف ، شرح المقاصد ؛ في أوّل مباحث الإمامة.

الخير والفلاح في الدنيا والآخرة.

فموضوع هذا المبحث هو : «إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مباشرةً».

قال السيّد - رحمه الله - :

«من أحاط علماً بسيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في تأسيس دولة الإسلام ، وتشريع أحكامها ، وتمهيد قواعدها ، وسنّ قوانينها ، وتنظيم شؤونها عن الله عزّ وجلّ ، يجد عليّاً وزير رسول الله في أمره ، وظهيره على عدوّه ، وعيبة علمه ، ووارث حكمه ، وولي عهده ، وصاحب الأمر من بعده ..

ومن وقف على أقوال النبيّ وأفعاله ، في حلّه وترحاله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، يجد نصوصه في ذلك متواترةً ، من مبدإ أمره إلى منتهى عمره».

أقول :

فهذا موضوع المبحث الثاني.

وأمّا بالنسبة إلى غير عليّ عليه السلام ، فقد نصّ كبار أئمّة القوم على عدم النصّ على إمامة أبي بكر وولايته وخلافته بعد رسول الله ؛ قال القاضي العضد الإيجي : «إنّ طريقه إمّا النصّ أو الإجماع ، أمّا النصّ فلم يوجد» (1).

وقد اكتفى السيّد لإثبات المدّعى بذكر عدّة نصوص ، مع التعرّض 0.

ص: 9


1- المواقف في علم الكلام : 400.

لشبهات الخصوم بشأنها ، والجواب عنها ، بحيث يصلح كلّ واحد من تلك النصوص لأنْ يكون دليلاً على الإمامة العامّة حتّى لو لم يكن دليل غيره ، ومن هنا ، فقد استغرق كلّ واحدٍ منها عدّة مراجعات :

ص: 10

المراجعة (20) - المراجعة (25)

نصُّ الدار يوم الإنذار

قال السيّد :

«وحسبك منها ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور الإسلام بمكّة ، حين أنزل الله تعالى عليه : (وأنذر عشيرتك الأقربين) ، فدعاهم إلى دار عمّه أبي طالب ، وهم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، والحديث في ذلك في صحاح السُنن المأثورة ، وفي آخر ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

يا بني عبد المطلب! إنّي - والله - ما أعلم شابّاً من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني أنْ أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على أمري هذا ، على أنْ يكون أخي ووصيّي فيكم؟!

فأحجم القوم عنه غير عليّ وكان أصغرهم ، إذْ قام فقال : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه.

فأخذ رسول الله برقبته ، وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. انتهى.

أخرجه بهذه الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية ، كابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في سُننه

ص: 11

وفي دلائله ، والثعلبي والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيريهما الكبيرين.

وأخرجه الطبري أيضاً في الجزء الثاني من كتابه : تاريخ الأُمم والملوك (1).

وأرسله ابن الأثير إرسال المسلّمات في الجزء الثاني من كامله (2) ، عند ذكره أمر الله نبيّه بإظهار دعوته.

وأبو الفداء في الجزء الأوّل من تاريخه (3) ، عند ذكره أوّل من أسلم من الناس.

ونقله الإمام أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في كتابه : نقض العثمانية ، مصرّحاً بصحّته (4).

وأورده الحلبي في باب استخفائه صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه في دار الأرقم (5) ، من سيرته المعروفة. بع

ص: 12


1- ص 217 ، بطرق مختلفة.
2- ص 22.
3- ص 116.
4- كما في ص 263 من المجلّد 3 من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، طبع مصر. أمّا كتاب نقض العثمانية ، فإنّه ممّا لا نظير له ، فحقيق بكلّ بحّاث عن الحقائق أن يراجعه ، وهو موجود في ص 257 وما بعدها إلى ص 281 من المجّلد 3 من شرح النهج ، في شرح آخر الخطبة القاصعة.
5- راجع الصفحة الرابعة من ذلك الباب ، أو ص 381 من الجزء الأوّل من السيرة الحلبية ، ولا قسط لمجازفة ابن تيميّة وتحكّماته التي أوحتها إليه عصبيّته المشهورة. وهذا الحديث أورده الكاتب الاجتماعي المصري محمد حسين هيكل ، فراجع العمود الثاني من الصفحة الخامسة من ملحق عدد 2751 من جريدته (السياسة) الصادر في 12 ذي القعدة سنة 1350 ، تجده مفصّلاً ، وإذا راجعت العمود الرابع

وأخرجه بهذا المعنى مع تقارب الألفاظ غير واحد من أثبات السُنّة وجهابذة الحديث ، كالطحاوي ، والضياء المقدسي في المختارة ، وسعيد بن منصور في السُنن.

وحسبك ما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث عليّ في ص 111 وفي ص 159 من الجزء الأوّل من مسنده ، فراجع.

وأخرج في أوّل ص 331 من الجزء الأوّل من مسنده أيضاً حديثاً جليلاً عن ابن عباس يتضمّن هذا النصّ في عشر خصائص ممّا امتاز به عليّ على من سواه.

وذلك الحديث الجليل أخرجه النَسائي أيضاً عن ابن عباس في ص 6 من خصائصه العَلَوية ، والحاكم في ص 132 من الجزء الثالث من المستدرك ، وأخرجه الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته.

ودونك الجزء السادس من كتاب كنز العمّال ، فإنّ فيه التفصيل (1). في

ص: 13


1- راجع منه : الحديث 6008 في ص 392 تجده منقولاً عن ابن جرير .. والحديث 6045 في ص 396 تجده منقولاً عن أحمد في مسنده ، والضياء المقدسي في

وعليك ب- : منتخب الكنز وهو مطبوع في هامش مسند الإمام أحمد ، فراجع منه ما هو في هامش ص 41 إلى ص 43 من الجزء الخامس تجد التفصيل ؛ وحسبنا هذا ونعم الدليل.

تصحيح هذا النصّ :

لولا اعتباري صحّته من طريق أهل السُنّة ما أوردته هنا.

على أن ابن جرير ، والإمام أبا جعفر الإسكافي ، أرسلا صحّته إرسال المسلّمات (1).

وقد صحّحه غير واحد من أعلام المحقّقين.

وحسبك في تصحيحه ثبوته من طريق الثقات الأثبات ، الّذين احتجّ بهم أصحاب الصحاح بكلّ ارتياح.ر.

ص: 14


1- راجع : الحديث 6045 من أحاديث الكنز في ص 396 من جزئه السادس تجد هناك تصحيح ابن جرير لهذا الحديث ، وإذا راجعت من منتخب الكنز ما هو في أوائل هامش ص 43 من الجزء 5 من مسند أحمد تجد تصحيح ابن جرير لهذا الحديث أيضاً. أمّا أبو جعفر الإسكافي فقد حكم بصحّته جزماً في كتابه نقض العثمانية ، فراجع ما هو موجود في ص 263 من المجلّد 3 من شرح نهج البلاغة للحديدي ، طبع مصر.

ودونك ص 111 من الجزء الأوّل من مسند أحمد ، تجده يخرج هذا الحديث عن أسود بن عامر (1) ، عن شريك (2) ، عن الأعمش (3) ، عن المنهال (4) ، عن عباد بن عبد الله الأسدي (5) ، عن عليّ مرفوعاً.

وكلّ واحد من سلسلة هذا السند حجّة عند الخصم ، وكلّهم من رجال الصحاح بلا كلام ، وقد ذكرهم القيسراني في كتابه الجمع بين رجال الصحيحين ؛ فلا مندوحة عن القول بصحّة الحديث.

على أنّ لهم فيه طرقاً كثيرة يؤيّد بعضها بعضاً ، وإنّما لم يخرجه الشيخان وأمثالهما ؛ لأنّهم رأوه يصادم رأيهم في الخلافة ، وهذا هو السبب في إعراضهم عن كثير من النصوص الصحيحة ، خافوا أن تكون سلاحاً للشيعة ، فكتموها وهم يعلمون ..

وإنّ كثيراً من شيوخ أهل السُنّة - عفا الله عنهم - كانوا على هذه الوتيرة ، يكتمون كلّ ما كان من هذا القبيل ، ولهم في كتمانه مذهب معروف ، نقله عنهم الحافظ ابن حجر في فتح الباري.

وعقد البخاري لهذا المعنى باباً في أواخر كتاب العلم من الجزء الأوّل ة.

ص: 15


1- احتجّ به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وقد سمع شعبة عندهما ، وسمع عبد العزيز بن أبي سلمة عند البخاري ، وسمع عند مسلم زهير بن معاوية ، وحمّاد ابن سلمة ، روى عنه في صحيح البخاري محمد بن حاتم بن بزيع ، وروى عنه في صحيح مسلم هارون بن عبد الله ، والناقد ، وابن أبي شيبة ، وزهير.
2- احتجّ به مسلم في صحيحه ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16.
3- احتجّ به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، كما بينّاه عند ذكره في المراجعة 16.
4- احتجّ به البخاري ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16.
5- هو عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوّام القرشي الأسدي ، احتجّ به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، سمع أسماء وعائشة بنتي أبي بكر ، وروى عنه في الصحيحين ابن أبي مليكة ، ومحمد بن جعفر بن الزبير ، وهشام بن عروة.

من صحيحه ، فقال (1) : (باب من خصّ بالعلم قوماً دون قوم).

ومن عرف سريرة البخاري تجاه أمير المؤمنين وسائر أهل البيت ، وعلم أنّ يراعته ترتاع من روائع نصوصهم ، وأنّ مداده ينضب عن بيان خصائصهم ؛ لا يستغرب إعراضه عن هذا الحديث وأمثاله ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

الوجه في احتجاجنا بهذا الحديث.

الخلافة الخاصّة منفيّة بالإجماع.

النسخ هنا محال.

إنّ أهل السُنّة يحتجّون في إثبات الإمامة بكلّ حديث صحيح ، سواء كان متواتراً أو غير متواتر ، فنحن نحتجّ عليهم بهذا لصحّته من طريقهم ، إلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسهم ، وأمّا استدلالنا به على الإمامة فيما بيننا ، فإنّما هو لتواتره من طريقنا كما لا يخفى.

ودعوى : أنّه إنّما يدلّ على أنّ عليّاً خليفة رسول الله في أهل بيته خاصّة ، مردودة بأنّ كلّ من قال بأنّ عليّاً خليفة رسول الله في أهل بيته ، قائل بخلافته العامّة ، وكلّ من نفى خلافته العامة ، نفى خلافته الخاصة ، ولا قائل بالفصل ، فما هذه الفلسفة المخالفة لإجماع المسلمين؟!

وما نسيت فلا أنسَ القول بنسخه ، وهو محال عقلاً وشرعاً ، لأنّه من النسخ قبل حضور زمن الابتلاء كما لا يخفى ، على أنّه لا ناسخ هنا إلاّ ما زعمه من إعراض النبيّ عن مفاد الحديث .. 5.

ص: 16


1- في ص 25.

وفيه : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعرض عن ذلك ، بل كانت النصوص بعده متوالية ومتواترة ، يؤيّد بعضها بعضاً ، ولو فرض أنّ لا نصّ بعده أصلاً ، فمن أين علم إعراض النبيّ عن مفاده ، وعدوله عن مؤدّاه؟! (إن يتبعون إلاّ الظنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى) (1) ، والسلام».

أقول :

يقع الكلام في هذا المقام في جهات :

* الجهة الأُولى : في متن الحديث ورواته.

لقد روى الشيخ علي المتّقي الهندي هذا الحديث في كتاب كنز العمّال بعدّة ألفاظٍ ، عن جمعٍ كثيرٍ من أئمّة الحديث ، ونحن نورد هنا محلّ الحاجة ، ومن أراد النصوص الكاملة فليرجع إليه :

(36408) - «... عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) (2) جمع النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا ، فقال لهم : من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة ويكون خليفتي في أهلي؟ وقال رجل : يا رسول الله! أنت كنت بحراً ، من يقوم بهذا؟! ثمّ قال الآخر. فعرض هذا على أهل بيته واحداً واحداً.

فقال عليّ : أنا. 4.

ص: 17


1- سورة النجم 53 : 23.
2- سورة الشعراء 26 : 214.

حم ، وابن جرير وصحّحه ، والطحاوي ، والضياء» (1).

(36419) - «... عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (وأنذر عشيرتك الأقربين) ... تكلّم النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : يا بني عبد المطّلب! إنّي - والله - ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على أمري هذا (2)؟

فقلت - وأنا أحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً - : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه.

فأخذ برقبتي فقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لعليّ.

ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل» (3).

(36465) - «... عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا بني عبد المطّلب ... ثمّ قال لهم - ومدّ يده - : من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليّكم من بعدي؟!

فمددت وقلت : أنا أبايعك ، وأنا يومئذٍ أصغر القوم ، عظيم البطن ، فبايعني على ذلك ... (قال :) وذلك الطعام أنا صنعته. 3.

ص: 18


1- كنز العمّال 13 / 128 - 129 ، و «حم» : رمز أحمد في المسند ، و «الضياء» : هو المقدسي صاحب كتاب المختارة.
2- وفي تفسير البغوي - الملتزم فيه بالصحّة - توجد هنا إضافة : «ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم».
3- كنز العمّال 13 / 131 - 133.

ابن مردويه» (1).

(36520) - «... عن عليٍّ إنّه قيل له : كيف ورثت ابن عمّك دون عمّك؟!

فقال : جمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بني عبد المطّلب ... فقال : يا بني عبد المطّلب! إنّي بعثت إليكم خاصّةً وإلى الناس عامّةً ، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه - وكنت من أصغر القوم - فقال : اجلس. ثمّ قال ثلاث مرّات. كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي : اجلس. حتّى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي. قال : فلذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي.

حم ، وابن جرير ، والضياء» (2).

أقول :

وهذا سند الرواية الأُولى - التي رواها المتّقي برقم (36408) عن أحمد ، وابن جرير وصحّحه ، والطحاوي ، والضياء - في مسند أحمد : «أسود بن عامر ، ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن عليٍّ» (3).

وهذا سند الرواية الأخيرة - التي رواها برقم (36520) عن أحمد ، وابن جرير ، والضياء - في مسند أحمد : «عفّان ، ثنا أبو عوانة ، عن عثمان 1.

ص: 19


1- كنز العمّال 13 / 149.
2- كنز العمّال 13 / 175.
3- مسند أحمد 1 / 111.

ابن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن عليٍّ رضي الله عنه ، قال : جمع رسول الله - أو : دعا رسول الله - صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بني عبد المطّلب ...» (1).

وقد أخرج الحافظ الهيثمي الرواية الأُولى ، ثمّ قال : «رواه أحمد ، ورجاله ثقات» (2).

وأخرج النَسائي أيضاً الرواية الأخيرة - بسند أحمد بن حنبل نفسه - في خصائص سيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام (3) ، وأهل العلم يعلمون بأنّ هذا الكتاب جزء من سنن النَسائي .. ولا يخفى عليهم أيضاً صحّة السند المذكور.

وأخرجه الهيثمي : «عن عليٍّ ، قال : لمّا نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) ، قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : يا عليّ! اصنع رجل شاةٍ بصاعٍ من طعام واجمع لي بني هاشم ... فأكلوا وشربوا ، فبدرهم رسول الله فقال : أيّكم يقضي عنّي ديني؟ قال : فسكت وسكت القوم. فأعاد رسول الله المنطق. فقلت : أنا يا رسول الله. فقال : أنت يا عليّ ، أنت يا عليّ.

رواه البزّار - واللفظ له - وأحمد باختصار ، والطبراني باختصارٍ أيضاً ، ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة» (4).2.

ص: 20


1- مسند أحمد 1 / 159.
2- مجمع الزوائد 8 / 302.
3- خصائص أمير المؤمنين عليّ : 133 ح 66.
4- مجمع الزوائد 8 / 302.

أقول :

فهذه نصوص الحديث ، وهؤلاء رواته ..

أمّا من حيث السند ، فقد رأيت كيف ينصّون على صحّته ..

وأمّا من حيث الدلالة ، فكلُّ لفظٍ من ألفاظه دليل على إمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله ، وهو بمجموع ألفاظه من أقوى النصوص سنداً ودلالةً على ذلك.

ويضاف إلى جهة السند :

1 - الحديث من روايات تفسير الطبري ، وابن أبي حاتم الرازي ، والبغوي ، وقد احتجَّ ابن تيميّة في منهاج السُنّة بهذه الكتب (1) ، ووصف الطبري وابن أبي حاتم - في جماعةٍ من المفسرين - بأنّهم : «لم يذكروا الموضوعات» (2) ، وبأنّهم : «الّذين لهم في الإسلام لسان صدق ، وتفاسيرهم متضمّنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير» (3).

2 - الحديث من روايات كتاب المختارة للضياء المقدسي ، وهو ممّن التزم بالصحّة ، بل قال الحافظ ابن حجر - لإثبات صحّة أحد الأحاديث - : «قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني ... (قال :) وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك» (4).7.

ص: 21


1- انظر احتجاجه بتفسير البغوي في : منهاج السُنّة 1 / 457.
2- منهاج السُنّة 7 / 13.
3- منهاج السُنّة 7 / 178 - 179.
4- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.

3 - الحديث من جملة الفضائل العشر المختصّة بأمير المؤمنين عليه السلام ، في الصحيح عن ابن عباس ، وسيأتي الكلام حوله بالتفصيل.

* الجهة الثانية : في النظر في كلام ابن تيميّة.

والآن فلننظر في كلام ابن تيميّة حول هذا الحديث ، وهذا نصه :

«هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل ، لا في الصحاح ولا في المسانيد والسُنن والمغازي والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يُحتجّ به ، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل منها الصحيح والضعيف ، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغوي بل وابن جرير وابن أبي حاتم ، لم يكن مجرّد رواية واحدٍ من هؤلاء دليلاً على صحّته ...

(قال :) إنّ هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث ، فما من عالمٍ يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع ، ولهذا لم يرْوه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات ، لأنّ أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أنّ هذا كذب ...

(قال :) وقد رواه ابن جرير والبغوي بإسنادٍ فيه عبد الغفّار بن القاسم ابن فهد أبو مريم الكوفي ، وهو مجمع على تركه ... ورواه ابن أبي حاتم ، وفي إسناده عبد الله بن عبد القدّوس ، وهو ليس بثقة ...

(قال :) إن بني عبد المطّلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية ...

(قال :) ليس بنو هاشم معروفين بمثل هذه الكثرة في الأكل ، ولا عرف فيهم من كان يأكل جذعةً ، ولا يشرب فرقاً ...

ص: 22

(قال :) إنّ الذي في الصحاح من نزول هذه الآية غير هذا ...» (1).

أقول :

أوّلاً : إنّ هذا الحديث موجود في سُنن النَسائي (2) ، ومسند أحمد ، ومسند البزّار ، وفي المعجم الأوسط للطبراني ، والمختارة للضياء ، وغيرها من كتب الحديث .. كما عرفت.

ورواه ابن إسحاق صاحب المغازي ..

وهو في كثير من التفاسير المعتمدة.

وعرفت أنّ عدّةً من أسانيده صحيحة ، باعتراف الحافظ الهيثمي ، الذي هو عندهم من نقّاد الحديث ، وأنّ جمعاً من أكابرهم يقولون بصحّته .. وأنّ البيهقي وأبا نعيم الأصبهاني يجعلان القضية من دلائل النبوّة.

فكلام ابن تيميّة يشتمل على أكاذيب لا كذبة واحدة.

وثانياً : قد عرفت أنّ غير واحدٍ من أسانيده الصحيحة ليس فيه «عبد الغفّار بن القاسم» ولا «عبد الله بن عبد القدّوس».

وثالثاً : إنّ «عبد الغفّار بن القاسم» ليس بمجمعٍ على تركه ، بل هو مختلف فيه ..

قال الحافظ ابن حجر : «قال أبو حاتم : ليس بمتروكٍ ، وكان من رؤساء الشيعة» (3).

ونقلوا عن شعبة بن الحجّاج أنّه كان يروي عنه ، ويثني عليه ، 7.

ص: 23


1- منهاج السُنّة 7 / 299 - 307.
2- السُنن الكبرى 6 / 248.
3- تعجيل المنفعة : 297.

ويقول : لم أرَ أحفظ منه (1).

وعن ابن عقدة أنّه كان يثني عليه ويطريه ؛ قال ابن عدي : وتجاوز الحدّ في مدحه حتّى قال : لو ظهر علم أبي مريم لَما احتاج الناس إلى شعبة. قال ابن عدي : وإنّما مال إليه ابن عقدة هذا الميل لإفراطه في التشيّع (2).

قلت : وإنّما تكلّم من تكلّم في أبي مريم ، لأنّه كان يحدّث ببلايا عثمان وعائشة (3).

وقد بحثنا سابقاً عن هذا الموضوع بالتفصيل ، وذكرنا أنّ في رجال الصحاح من يتكلّم في الشيخين فضلاً عن عثمان ، وأنّ التشيّع أو الرفض غير مضرٍّ بالوثاقة ... فلا نعيد.

ورابعاً : إنّ «عبد الله بن عبد القدّوس» من رجال البخاري في التعاليق ، ومن رجال الترمذي ، وأخرج له أبو داوُد ، وذكره ابن حبّان في الثقات ..

وقال البخاري : هو في الأصل صدوق إلاّ أنّه يروي عن أقوامٍ ضعاف ، وقال يحيى بن المغيرة : أمرني جرير أنْ أكتب عنه حديثاً ، وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه في فضائل أهل البيت (4).

وهذا هو الذنب الوحيد!! ولذا قال الحافظ في التقريب : «صدوق رمي بالرفض» (5).0.

ص: 24


1- تعجيل المنفعة : 297.
2- الكامل - لابن عدي - 7 / 18.
3- تعجيل المنفعة : 297.
4- تهذيب التهذيب 5 / 265.
5- تقريب التهذيب 1 / 430.

وقد تقدّم أنّ الرفض غير مضرّ.

وخامساً : إنّ التشكيك في صحّة الحديث بأنّ بني عبد المطّلب ما كانوا يبلغون الأربعين ، وأنّهم ما كانوا بهذا القدر يأكلون ، لا يُصغى إليه ، ولا رواج له عند مَن يفهمون ..

وكذلك المعارضة بما ورد في بعض كتبهم في شأن نزول الآية ، فالحديث الذي نستند إليه متفق عليه ، ولا يعارضه ما انفردوا به ، كما لا يخفى على أهل الدراية.

فالحقّ مع السيّد في قوله عن ابن تيميّة : «ولا قسط لمجازفة ابن تيميّة وتحكّماته التي أوحتها إليه عصبيّته المشهورة».

*الجهة الثالثة : في دفع الشبهات.

ولبعض علماء القوم - من المتقدّمين والمتأخّرين - شبهات في هذا الاستدلال ، وإن كانت واضحة السقوط :

1 - «في مسند أحمد : (ويكون خليفتي) غير موجود ، بل هو من إلحاقات الرفضة» ، قاله ابن روزبهان في الردّ على العلاّمة الحلّي (1).

قلت :

قد عرفت أنّه موجود في مسند أحمد بن حنبل ، كغيره من المصادر.

2 - هذا الحديث غير متواتر ، والإمامية لا يستدلّون في الإمامة إلاّ بالمتواتر ؛ لأنّها عندهم من أُصول الدين.

3 - هناك احتمال كونه منسوخاً. 9.

ص: 25


1- انظر : دلائل الصدق 2 / 359.

4 - غاية ما يدلّ عليه كون عليٍّ خليفة له في أهل بيته.

وهذه الشبهات أوردها السيّد ، وأجاب عنها ، فلا نكرّر.

* الجهة الرابعة : في محاولات أُخرى.

وإذْ لا سبيل للطعن في متن الحديث ، ولا في سنده ، ولا في مدلوله المصادم لرأيهم في الخلافة والهادم لأساس عقيدتهم ، فلا بُدّ من الكتمان والإخفاء بشتّى الأنحاء ..

إمّا بعدم الذكر ؛ وهذا ما سلكه الكثيرون منهم في الموارد المختلفة ، ومشى عليه هنا غير واحدٍ ، كبعض المعاصرين ، من أمثال محمد سعيد رمضان البوطي ، صاحب كتاب فقه السيرة النبوية ، فإنّه كتب السيرة النبوية كما شاء له هواه ، وقد سكت عن هذه القضية من الأساس.

وممّا يشهد بقول السيّد : «وإنّ كثيراً من شيوخ أهل السُنّة - عفا الله عنهم - كانوا على هذه الوتيرة ، يكتمون كل ما كان من هذا القبيل ، ولهم في كتمانه مذهب معروف» تصريحهم بالكتمان بلا أيّ خجلٍ ووجل .. فمثلاً :

* يقول ابن هشام في مقدّمة السيرة : «وتارك بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ، وبعضّ يسوء بعض الناس ذكره» ..

ثمّ يقول - ضمن عنوان : «مباداة رسول الله قومه وما كان منهم» - : «ثمّ إنّ الله عزّ وجلّ أمر رسوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنْ يصدع بما جاءه منه ، وأنْ يباديَ الناس بأمره وأنْ يدعو إليه ..

وكان بين ما أخفى رسول الله أمره واستتر به إلى أنْ أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث سنين - في ما بلغني - من مبعثه ، ثمّ قال الله تعالى له :

ص: 26

(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) ، وقال تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين) (1) (وقل إنّي أنا النذير المبين) (2)» (3).

قلت :

فقارن بين هذا وما رويناه عن المتّقي ، عن ابن إسحاق ، وما سننقله عن البيهقي راوياً عنه!! لترى أن ابن إسحاق يروي لكنّ ابن هشام يكتم روايته ، والبيهقي يحرّفه!!

* ويقول الطبري : «وذكر هشام ، عن أبي مخنف ، قال : وحدّثني يزيد بن ظبيان الهمداني : إنّ محمد بن أبي بكر كتب إلى معاوية بن أبي سفيان لمّا ولي ، فذكر مكاتبات جرت بينهما ، كرهت ذكرها ، لِما فيه ممّا لا يحتمل سماعها العامّة» (4) ..

وسيأتي أنّ الطبري وضع في تفسيره كلمة : «كذا وكذا» بدل ألفاظ حديث الدار (5).

* ويقول ابن الأثير في حوادث سنة 30 : «وفي هذه السنة كان ما ذكر في أمر أبي ذرّ وإشخاص معاوية إيّاه من الشام إلى المدينة. وقد ذكر في سبب ذلك أُمور كثيرة ... كرهت ذكرها» (6). 3.

ص: 27


1- سورة الشعراء 26 : 214 و 215.
2- سورة الحجر 15 : 89.
3- السيرة النبوية - لابن هشام - 1 / 262.
4- تاريخ الطبري 4 / 557.
5- اللّهمّ إلاّ أن تكون هذه الخيانة من غيره.
6- الكامل في التاريخ 3 / 113.

أو بالتحريف ؛ ولهم فيه طرق :

منها : وضع كلمة : «كذا وكذا» بدل الكلام ؛ كما صنع البخاري (1) في قضيةٍ مذكورةٍ بتمامها في صحيح مسلم (2) ، وكما صنع أبو عبيد بكلام أبي بكر في تمنّياته في آخر حياته (3) ، وله نظائر كثيرة.

ومنها : وضع كلمة : «لأفعلنَّ ولأفعلنَّ» في موضع التهديد الصريح ؛ كما فعله ابن عبد البرّ وجماعة في كلام عمر لمّا هجموا على بيت الزهراء الطاهرة (4) ،

ومنها : وضع كلمة : «رجل» أو : «فلان» في موضع الاسم الصريح ؛ كما في نقل الهيثمي كلام أبي سفيان في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأُسرته (5) ، وقد جاء اسمه صريحاً في رواية ابن عدي (6).

ومنها : بتر الخبر ؛ كما في رواية البيهقي حديث الدار عن شيخه الحاكم النيسابوري ، عن طريق ابن إسحاق ، وهذا نصّه :

«أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدّثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب ، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، قال : حدّثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : فحدّثني من سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل واستكْتمني اسمه ، عن ابن عباس ، عن عليّ بن أبي طالب [رضي الله عنه] ، قال : «لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله 8.

ص: 28


1- صحيح البخاري 4 / 554.
2- صحيح مسلم 5 / 152.
3- كتاب الأموال : 131.
4- الاستيعاب 3 / 975.
5- مجمع الزوائد 8 / 215.
6- الكامل - لابن عدي - 3 / 28.

صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : (وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين) ، قال رسول الله صلّى الله عليه [وآلهج وسلّم : عرفت أنّي إن بادَأتُ بها قومي رأيت منهم ما أكره ، فصمتُّ عليها فجاءني جبريل عليه السلام فقال لي : يا محمد! إنّك إن لم تفعل ما أمركَ به رَبُّكَ عذَّبك ربّك.

قال عليُّ : فدعاني فقال : يا عليّ! إنّ الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فعرفت أنّي إن بادَأتُهم بذلك رأيت منهم ما أكره ، فصمتُّ عن ذلك ، ثمّ جاءني جبريل [عليه السلام] فقال : يا محمد! إن لم تفعل ماأُمرتَ به عَذَّبَكَ رَبُّكَ. فاصنع لنا يا عليُّ رِجْلَ شاةٍ على صَاعٍ من طعام ، وأعدَّ لنا عُسَّ لبنٍ ثمّ اجْمَعْ لي بني عبد المطّلب ، ففعلت.

فاجتمعوا له وهم يومئذٍ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لَهَب الكافِرُ الخبيث ، فقدّمت إليهم تلك الجَفْنَة ، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم منها حُذْيَةً فشقَّهَا بأسنانه ثمّ رمى بها في نواحيها وقال : كلوا باسم الله ، فأكل القوم حتّى نهِلُوا عنه ما يرى إلاّ آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل منهم يأكُلُ مثلها.

ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اسقِهِمْ يا عليّ! فجئت بذلك القَعْبِ فشربوا منه حتّى نَهلُوا جميعاً ، وأيمُ الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.

فلمّا أراد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أن يكلّمَهُمْ بَدَرَهُ أبو لهَبٍ إلى الكلام ، فقال : لهدّما سَحركُم صاحبكم. فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول الله ..

فلمَّا كان الغد ، قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : يا عليُّ!

ص: 29

عُد لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب ، فإنّ هذا الرجل قد بدرني إلى ما قد سمعت قبل أن أكلّم القوم ، ففعلت.

ثمّ جمعتهم له ، فصنع رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كما صنع بالأمس ، فأكلوا حتّى نَهِلُوا عنه ، ثمّ سقيتُهُم فشربوا من ذلك القَعْبِ حتّى نَهِلُوا عنه ، وأيْمُ الله إن كان الرجل منهم ليأكل مِثْلَها ويشربُ مثلها.

ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : يا بني عبد المطّلب! إنّي والله ما أعْلَمُ شابّاً من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتُكُمْ به ، إنّي قد جئتُكُم بأمر الدنيا والآخرة.

قال أبو عمر أحمد بن عبد الجبّار : بلغني أنّ ابن إسحاق إنّما سمِعَهُ من عبد الغفّار بن القاسم بن مَرْيم ، عن المِنْهَالِ بن عَمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، قال ابن إسحاق : وكان ما أخفى النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أمرَهُ واسْتَسرَّ بهِ إلى أن أُمِرَ بإظهارِهِ ثَلاثَ سنين من مَبْعَثِهِ».

قلت : وقد روى شريك القاضي عن المنهال بن عمرو ، عن عَبّادِ بن عبد الله الأسديّ عن عليٍّ في إطعامه ايّاهم بقَرِيبٍ من هذا المعنى مُخْتَصَراً» (1).

وكرواية ابن الجوزي ، قال : «عن عليّ بن أبي طالب ... ثمّ تكلّم رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : يا بني عبد المطّلب! إنّي - والله - ما أعلم شابّاً من العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني ربّي أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي؟! فأحجم القوم. 0.

ص: 30


1- دلائل النبوّة 2 / 179 - 180.

فقلت - وأنا أحدثهم سنّاً - : أنا يا نبيّ الله ، فقام القوم يضحكون» (1).

هذا ، ولهم كلمات جامعة في الأمر بالكتمان والإخفاء في كتب العقائد والكلام وسير الخلفاء ، لا نطيل المقام بذكرها هنا ، ونكتفي بكلام للذهبي في سير أعلام النبلاء عند الدفاع عن الشافعي ، بمناسبة ما وقع بينه وبين المالكيّة ، وتكلّم بعضهم في بعض :

«قلتُ : كلامُ الأقرانِ إذا تبرهنَ لنا أنّه بهوىً وعَصَبِيّة ، لا يُلتَفتُ إليه ، بل يُطوى ولا يُروى.

كما تقرّر من الكفِّ عن كثيرٍ ممّا شَجَرَ بين الصحابةِ وقتالِهم رضي الله عنهم أجمعين ، وما زال يَمُرُّ بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ، ولكن أكثر ذلك منقطعٌ وضعيفٌ ، وبعضُه كَذِبٌ ، وهذا فيما بأيدينا وبينَ عُلمائِنا ، فينبغي طَيُّه وإخفاؤُه ، بل إعدامُهُ لتَصفُوَ القلوبُ ، وتتوفّرَ على حُبِّ الصحابة ، والترضّي عنهم ، وكِتمانُ ذلك مُتَعيِّنٌ عن العامّة وآحادِ العُلماء ..

وقد يرخّص في مطالعةِ ذلك خلوةً للعالم المُنصِفِ العَرِيِّ من الهوى ، بشرطِ أن يستغفِرَ لهم ، كما علّمنا اللهُ تعالى حيثُ يقول : (والّذينَ جاؤوا مِنْ بعْدِهِم يقولونَ ربّنا اغفِر لنا ولإخوانِنا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبِنا غِلاًّ لِلّذينَ آمَنوا ...) (2).

فالقوم لهم سوابق ، وأعمال مُكفِّرةٌ لِما وقع منهم ، وجهاد محاءٌ ، وعبادةٌ مُمَحِّصةٌ ، ولسنا ممّن يغلو في أحدٍ منهم ، ولا ندّعي فيهم العصمة ، نقطع بأنّ بعضَهم أفضلُ من بعض ، ونقطعُ بأنّ أبا بكر وعُمر أفضلُ الأُمّة ، ثمّ تتمّة العشرة المشهود لهم بالجنّة ، وحمزة وجعفر ومعاذ وزيد ، وأُمّهات 0.

ص: 31


1- الوفا بأحوال المصطفى 1 / 184.
2- سورة الحشر 59 : 10.

المؤمنين ، وبنات نبيّنا صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وأهل بدر مع كونِهم على مراتب ..

ثمّ الأفضلُ بعدهم ، مثلُ : أبي الدرداء وسلمان الفارسي وابن عُمر ، وسائر أهل بَيْعَةِ الرضوانِ الّذين رضي اللهُ عنهم بنصّ آيةِ سورة الفتح ، ثمّ عموم المهاجرين والأنصار ، كخالد بن الوليد والعباس وعبد الله بن عمرو ، وهذه الحَلْبَة ..

ثمّ سائر مَن صحبَ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وجاهدَ معه ، أو حجّ معه ، أو سمعَ منه ، رضي اللهُ عنهم أجمعين وعن جميع صواحب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم المهاجرات والمدنيّات ، وأُمّ الفضل وأُمّ هانىَ الهاشمية وسائر الصحابيات.

فأمّا ما تنقله الرافضة وأهل البِدَع في كُتُبهم من ذلك ، فلا نُعرّج عليه ، ولا كرامة ، فأكثرهُ باطلٌ وكَذِبٌ وافتراءٌ ، فدأبُ الروافضِ روايةُ الأباطيل ، أو رَدُّ ما في الصحاح والمسانيد ، ومتى إفاقَةُ مَن بِه سَكَران؟!

ثمّ قد تكلّم خلق من التابعين بعضُهم في بعض ، وتحاربوا ، وجرت أُمور لا يُمكنُ شرحُها ، فلا فَائدة في بثّها ، ووقع في كُتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أُمورٌ عجيبةٌ ، والعاقِلُ خصمُ نفسه ، ومن حُسنِ إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ...» (1).

* * * ء.

ص: 32


1- سير أعلام النبلاء 10 / 92 - 94. وتفصيل الكلام عن هذا الموضوع في فصلٍ خصصناه له من كتابنا الانتقاء من سير أعلام النبلاء.

المراجعة (26)

حديثُ المناقب العشر

قال السيّد :

«حسبك من النصوص - بعد حديث الدار - : ما قد أخرجه الإمام أحمد في الجزء الأوّل من مسنده (1) ، والإمام النَسائي في خصائصه العَلَوية (2)» ، والحاكم في الجزء 3 من صحيحه المستدرك (3) ، والذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته ، وغيرهم من أصحاب السُنن بالطرق المجمع على صحّتها :

عن عمرو بن ميمون ، قال : إنّي لجالس عند ابن عباس إذْ أتاه تسعة رهط ، فقالوا : يا ابن عباس! إمّا أن تقوم معنا ، وإمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ، قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ، قال : فابتدؤوا ، فتحدّثوا ، فلا ندري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أُفّ وتف ، وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره ..

وقعوا في رجل قال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : لأبعثنّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً ، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، فاستشرف لها من استشرف ، فقال : أين عليّ؟ فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر ، فنفث في 2.

ص: 33


1- في آخر ص 330.
2- ص 6.
3- ص 132.

عينيه ، ثمّ هزّ الراية ثلاثاً ، فأعطاها إيّاه ، فجاء عليّ بصفية بنت حيي.

قال ابن عباس : ثمّ بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلاناً بسورة التوبة فبعث عليّاً خلفه ، فأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلاّ رجل هو منّي وأنا منه.

قال ابن عباس : وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لبني عمّه : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال : وعليّ جالس معه ، فأبوا ، فقال عليّ : أنا أُواليك في الدنيا والآخرة ، قال : أنت وليّي في الدنيا والآخرة ، قال : فتركه ، ثمّ قال : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا ، وقال عليّ : أنا أُواليك في الدنيا والآخرة ، فقال لعليّ : أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

قال ابن عباس : وكان عليّ أوّل من آمن من الناس بعد خديجة.

قال : وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثوبه ، فوضعه على عليّ وفاطمة وحسن وحسين ، وقال : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) (1).

قال : وشرى عليّ نفسه فلبس ثوب النبيّ ، ثمّ نام مكانه وكان المشركون يرمونه.

إلى أن قال : وخرج رسول الله في غزوة تبوك وخرج الناس معه ، فقال له عليّ : أخرج معك؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا. فبكى عليّ ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ ، إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي. 3.

ص: 34


1- سورة الأحزاب 33 : 33.

وقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة.

قال ابن عباس : وسدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبواب المسجد غير باب عليّ ، فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره.

قال : وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من كنت مولاه فإنّ مولاه عليّ ... الحديث ..

قال الحاكم بعد إخراجه : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة».

قلت :

وأخرجه الذهبي في تلخيصه ، ثمّ قال : صحيح.

ولا يخفى ما فيه من الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة على أنّ عليّاً وليّ عهده وخليفته من بعده ، ألا ترى كيف جعله صلّى الله عليه وآله وسلّم وليّه في الدنيا والآخرة ، آثره بذلك على سائر أرحامه؟!

أقول :

وهذا الحديث أيضاً من أقوى الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين وخلافته العامّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لأنّ ابن عباس ذكر هذه المناقب في مقام البحث والتحدّي مع خصوم الإمام عليه السلام ، هذا من جهةٍ ..

ص: 35

ومن جهة أُخرى ، فهو يصرّح بأنّ هذه الفضائل «ليست لأحدٍ غيره» (1).

فدلالته تامة بلا إشكال.

ومن هنا لم يناقش ابن تيميّة في هذا الحديث من هذه الناحية ، فحاول أن يجيب عن الاستدلال به بالطعن في سنده ومتنه ، فقال :

«إنّ هذا الحديث ليس مسنداً ، وإنّما هو حديث مرسل لو ثبت عن عمرو بن ميمون ؛ لأنّه أسلم على يد معاذ بن جبل ولم يلقَ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله ، كقوله : لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي ..

وكذلك قوله : وسدّ الأبواب كلّها إلاّ باب عليّ ؛ فإنّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة ..

ومثل قوله : أنت وليّي في كلّ مؤمن من بعدي ؛ فإنّ هذا موضوع باتّفاق أهل المعرفة بالحديث» (2).

أقول :

هذا الحديث رواه بالسند نفسه كبار الأئمّة في شتّى الكتب ، فمنهم من ذكره كلّه ومنهم من ذكر جزءاً منه ، ولم نجد من أحدٍ منهم طعناً في سنده لا بالإرسال ولا بغيره ، لوضوح أنّ عمرو بن ميمون يروي القصة عن 4.

ص: 36


1- المستدرك - للحاكم - وتلخيصه - للذهبي - 3 / 132.
2- منهاج السُنّة 5 / 34.

ابن عباس ، وابن عباس روى تلك الفضائل في مجلسٍ واحدٍ عن رسول الله - وقد سمعها منه في وقائع مختلفة - مذكّراً بها من تكلّم في أمير المؤمنين عليه السلام حتّى ينتهي عمّا يقول ، فأين الإرسال؟!

فمن رواة هذا الحديث :

1 - شعبة بن الحجّاج - وهو عندهم : «أمير المؤمنين في الحديث» - ، رواه عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس (1).

2 - أبو داود الطيالسي ، رواه عن شعبة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس (2).

3 - ابن سعد ، رواه عن يحيى بن حمّاد البصري ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس (3).

4 - أحمد بن حنبل ، رواه عن يحيى بن حمّاد ... كذلك (4).

5 - الترمذي ، رواه عن محمد بن حميد الرازي ، عن إبراهيم بن المختار ، عن شعبة ... (5).

6 - ابن أبي عاصم ، رواه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حمّاد ... (6).

7 - أبو بكر البزّار ، رواه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن 1.

ص: 37


1- انظر : صحيح الترمذي 5 / 599 ، البداية والنهاية 7 / 343.
2- مسند أبي داود الطيالسي : 360 ح 2752.
3- الطبقات - لابن سعد - 3 / 21.
4- مسند أحمد بن حنبل 1 / 300 وص 331.
5- صحيح الترمذي 5 / 599.
6- كتاب السُنّة : 588 - 589 رقم 1351.

حمّاد ... (1).

8 - النَسائي ، رواه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حمّاد ... (2).

9 - أبو يعلى ، رواه عن يحيى بن عبد الحميد ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ... رواه عنه ابن عساكر وابن كثير (3).

وعن زهير ، عن يحيى بن حمّاد ، عن أبي عوانة ... (4).

10 - المحاملي ، رواه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حمّاد ... رواه عنه - بالإسناد - ابن عساكر (5).

11 - الطبراني ، رواه عن إبراهيم بن هاشم البغوي ، عن كثير بن يحيى ، عن أبي عوانة ...

وعن أبي شعيب عبد الله بن الحسن الحرّاني ، عن أبي جعفر النفيلي ، عن مسكين بن بكير ، عن شعبة ...

وعن إبراهيم ، عن كثير بن يحيى ، عن أبي عوانة ... (6).

12 - الحاكم ، رواه عن أبي بكر القطيعي ، عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ... ثمّ روى بسنده عن أبي حاتم الرازي قوله : «كان يعجبهم أنْ يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن حنبل» (7). 2.

ص: 38


1- كشف الأستار عن زوائد البزّار 3 / 189.
2- خصائص أمير المؤمنين عليّ : 61.
3- البداية والنهاية 7 / 338.
4- تاريخ دمشق - لابن عساكر - 42 / 99.
5- تاريخ دمشق - لابن عساكر - 42 / 97.
6- المعجم الكبير 12 / 77 وص 78 ، المعجم الأوسط 3 / 388.
7- المستدرك على الصحيحين 3 / 4 وص 132.

13 - ابن عبد البرّ ، رواه عن أبي داود الطيالسي ، عن أبي عوانة ... (1).

14 - ابن عساكر ، رواه بأسانيد عديدة ، ذاكراً الحديث بطوله (2).

15 - ابن الأثير ، رواه عن إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد ، بأسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ... عن عمرو ابن ميمون ، عن ابن عباس (3).

16 - الذهبي ، رواه تبعاً للحاكم وقرّره على تصحيحه (4).

17 - ابن كثير ، رواه عن أحمد وأبي يعلى والترمذي بأسانيدهم عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس (5).

18 - ابن حجر العسقلاني ، رواه عن أحمد والنَسائي بأسنادهما عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ... (6).

أقول :

فهؤلاء عدّةٌ من أكابر الأئمة يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن ابن عباس ..

وفيهم من نصّ على صحّته ، كالحاكم ، وابن عبد البرّ ، والمزيّ ، والذهبي ، والهيثمي صاحب مجمع الزوائد ... وقد قال غير واحدٍ منهم : 6.

ص: 39


1- الاستيعاب 3 / 27 - 28.
2- تاريخ دمشق 42 / 97 وما بعدها.
3- أُسد الغابة 4 / 89.
4- تلخيص المستدرك مع المستدرك 3 / 4 وص 132.
5- البداية والنهاية 7 / 335.
6- الإصابة 4 / 466.

«هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ ؛ لصحّته ، وثقة نَقَلَته» (1).

فمن يعبأ بعد هذا بكلام ابن تيميّة ومن يتّبعه؟!!

وأمّا الأحاديث الثلاثة التي تضمنّها حديث الفضائل العشر وكذّبها ابن تيميّة ، وهي قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «لا ينبغي أن أذهب ...» و : «أنت وليي في كلّ مؤمن ...» و : «سدّوا الأبواب» فسيأتي الكلام على كلّ واحدٍ منها.

* * * 1.

ص: 40


1- الاستيعاب 3 / 27 - 28 ، تهذيب الكمال 20 / 481.

المراجعة (28) - المراجعة (34)

حديث المنزلة

قال السيّد :

«وأنزله منه منزلة هارون من موسى ، ولم يستثنِ من جميع المنازل إلاّ النبوّة ، واستثناؤها دليل على العموم.

وأنت تعلم إنّ أظهر المنازل التي كانت لهارون من موسى : وزارته له ، وشدّ أزره به ، واشتراكه معه في أمره ، وخلافته عنه ، وفرض طاعته على جميع أُمّته ؛ بدليل قوله : (واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشدُد به أزري * وأشركه في أمري) (1).

وقوله : (اخلُفني في قومي وأصلح ولا تتبّع سبيل المفسدين) (2).

وقوله عزّ وعلا : (قد أُوتيت سؤلك يا موسى) (3) ..

فعليّ بحكم هذا النصّ خليفة رسول الله في قومه ، ووزيره في أهله ، وشريكه في أمره - على سبيل الخلافة عنه لا على سبيل النبوّة - وأفضل أُمته ، وأولاهم به حياً وميتاً ، وله عليهم من فرض الطاعة زمن النبيّ - بوزارته له - مثل الذي كان لهارون على أُمّة موسى زمن موسى ، ومن سمع حديث المنزلة فإنّما يتبادر منه إلى ذهنه هذه المنازل كلّها ولا يرتاب في إرادتها منه. 6.

ص: 41


1- سورة طه 20 : 29 - 32.
2- سورة الأعراف 7 : 142.
3- سورة طه 20 : 36.

وقد أوضح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الأمر ، فجعله جليّاً بقوله : إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي ..

وهذا نصّ صريح في كونه خليفته ، بل نصّ جليّ في أنّه لو ذهب ولم يستخلفه كان قد فعل ما لا ينبغي أن يفعل ، وهذا ليس إلاّ لأنّه كان مأموراً من الله عزّ وجلّ باستخلافه ، كما ثبت في تفسير قوله تعالى : (ياأيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته) (1).

ومَن تدبر قوله تعالى في هذه الآية : (فما بلّغت رسالته) ثمّ أمعن النظر في قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي ، وجدهما يرميان إلى غرض واحد ، كما لا يخفى.

ولا تنسَ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا الحديث : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ؛ فإنّه نصّ في أنّه وليّ الأمر وواليه والقائم مقامه فيه ، كما قال الكميت - رحمه الله تعالى - :

ونعم وليّ الأمر بعد وليّه

ومنتجع التقوى ونعم المؤدّب

حديث المنزلة من أثبت الآثار.

القرائن الحاكمة بذلك.

مخرجوه من أهل السُنّة.

السبب في تشكيك الآمدي.

* ظلم الآمدي - بهذا التشكيك - نفسه ، فإنّ حديث المنزلة من 7.

ص: 42


1- سورة المائدة 5 : 67.

أصحّ السُنن وأثبت الآثار.

* لم يختلج في صحّة سنده ريب ، ولا سنح في خواطر أحد أن يناقش في ثبوته ببنت شفة ، حتّى أنّ الذهبي - على تعنّته - صرّح في تلخيص المستدرك بصحّته (1) ، وابن حجر الهيتمي - على محاربته بصواعقه - ذكر الحديث في الشبهة 12 من الصواعق ، فنقل القول بصحّته عن أئمّة الحديث الّذين لا معوّل فيه إلاّ عليهم ، فراجع (2).

ولولا أنّ الحديث بمثابة من الثبوت ، ما أخرجه البخاري في كتابه ، فإنّ الرجل يغتصب نفسه عند خصائص عليّ وفضائل أهل البيت اغتصاباً.

ومعاوية كان إمام الفئة الباغية ، ناصب أمير المؤمنين وحاربه ، ولعنه على منابر المسلمين ، وأمرهم بلعنه ، لكنّه - بالرغم عن وقاحته في عداوته - لم يجحد حديث المنزلة ولا كابر فيه سعد بن أبي وقّاص حين قال له - في ما أخرجه مسلم (3)- : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله ، فلن أسبّه ، لأنْ تكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول الله يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي .. الحديث (4) ، فأبلس معاوية ، وكفّ عن تكليف سعد.

أزيدك على هذا كلّه : إنّ معاوية نفسه حدّث بحديث المنزلة ؛ قال م.

ص: 43


1- سمعت في المراجعة 26 تصريحه بصحّته.
2- ص 29 من الصواعق.
3- في باب فضائل عليّ ، أوّل ص 324 من الجزء الثاني من صحيحه.
4- وأخرجه الحاكم أيضاً في أوّل ص 109 من الجزء الثالث من المستدرك ، وصحّحه على شرط الشيخين. وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته على شرط مسلم.

ابن حجر في صواعقه (1) : أخرج أحمد أنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها عليّاً فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب عليّ ، قال : بئس ما قلت! لقد كرهت رجلاً كان رسول الله يغرّه بالعلم غرّاً ، ولقد قال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه. إلى آخر كلامه (2).

وبالجملة ، فإنّ حديث المنزلة ممّا لا ريب في ثبوته بإجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب.

* وقد أخرجه صاحب الجمع بين الصحاح الستّة (3). وصاحب الجمع بين الصحيحين (4). وهو موجود في غزوة تبوك من صحيح البخاري (5) ، وفي باب فضائل عليّ من صحيح مسلم (6). وفي باب فضائل أصحاب النبيّ من سُنن ابن ماجة (7). وفي مناقب عليّ من مستدرك الحاكم (8) ..

وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث سعد بطرق ن.

ص: 44


1- أثناء المقصد الخامس من المقاصد التي أوردها في الآية الرابعة عشر من الباب 11 ص 107 من الصواعق.
2- حيث قال : وأخرجه آخرون. - قال : - ولكن زاد بعضهم : قم لا أقام الله رجليك ، ومحا اسمه من الديوان ، إلى آخر ما نقله في ص 107 من صواعقه ، ممّا يدلّ على أنّ جماعة من المحدّثين غير أحمد أخرجوا حديث المنزلة بالإسناد إلى معاوية.
3- في مناقب عليّ.
4- في فضائل عليّ ، وفي غزوة تبوك.
5- في ص 58 من جزئه الثالث.
6- في ص 323 من جزئه الثاني.
7- في ص 28 من جزئه الأوّل ؛ حيث يذكر فضل عليّ.
8- في أوّل ص 109 من جزئه 3 ، وفي أماكن أُخر يعرفها المتتبّعون.

إليه كثيرة (1) ، ورواه في المسند أيضاً من حديث كلّ من : ابن عباس (2) ، وأسماء بنت عميس (3) ، وأبي سعيد الخدري (4) ، ومعاوية بن أبي سفيان (5) ، وجماعة آخرين من الصحابة.

وأخرجه الطبراني من حديث كلّ من : أسماء بنت عميس ، وأُمّ سلمة ، وحبيش بن جنادة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجابر بن سمرة ، وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وعليّ بن أبي طالب (6) ، وغيرهم. وأخرجه البزّار في مسنده (7). والترمذي في صحيحه (8) ، من حديث أبي سعيد الخدري.

وأورده ابن عبد البرّ في أحوال عليّ من الاستيعاب ، ثمّ قال ما هذا نصه : وهو من أثبت الآثار وأصحّها ، رواه عن النبيّ سعد بن أبي وقّاص ، - قال : - وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدّاً ، ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره ، - قال : - ورواه ابن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وأُمّ سلمة ، وأسماء بنت س.

ص: 45


1- راجع ص 173 وص 175 وص 177 وص 179 وص 182 وص 185 ، تصفّح هذه الصحائف كلّها من الجزء الأوّل من المسند.
2- راجع : ص 331 من الجزء الأوّل من المسند.
3- في ص 369 وص 438 من الجزء السادس من المسند.
4- في ص 32 من الجزء 3 من المسند.
5- كما ذكرناه في صدر هذه المراجعة نقلاً عن المقصد الخامس من مقاصد الآية 14 من آيات الباب 11 من الصواعق المحرقة ص 107.
6- كما نصّ عليه ابن حجر في الحديث الأوّل من الأربعين التي أوردها في الفصل الثاني من الباب 9 ص 72 من صواعقه. وذكر السيوطي في أحوال عليّ من تاريخ الخلفاء : أنّ الطبراني أخرج هذا الحديث عن هؤلاء كلّهم ، وزاد : أسماء بنت قيس.
7- كما نصّ عليه السيوطي في أحوال عليّ من تاريخ الخلفاء ص 65.
8- كما يدلّ عليه الحديث 2504 من أحاديث الكنز في ص 152 من جزئه السادس.

عميس ، وجابر بن عبدالله ، وجماعة يطول ذكرهم. هذا كلام ابن عبد البرّ.

وكلّ من تعرّض لغزوة تبوك من المحدّثين وأهل السير والأخبار نقلوا هذا الحديث.

ونقله كلّ من ترجم عليّاً من أهل المعاجم في الرجال من المتقدّمين والمتأخّرين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم.

ورواه كلّ من كتب في مناقب أهل البيت وفضائل الصحابة من الأئمّة ، كأحمد بن حنبل وغيره ممّن كان قبله أو جاء بعده.

وهو من الأحاديث المسلّمة في كلّ خلف من هذه الأُمّة.

* فلا عبرة بتشكيك الآمدي في سنده فإنّه ليس من علم الحديث في شيء ، وحكمه في معرفة الأسانيد والطرق حكم العوام لا يفقهون حديثاً ، وتبحّره في علم الأُصول هو الذي أوقعه في هذه الورطة ؛ حيث رآه بمقتضى الأُصول نصّاً صريحاً لا يمكن التخلّص منه إلاّ بالتشكيك في سنده ، ظنّاً منه أنّ هذا من الممكن. وهيهات هيهات ذلك.

أهل الضاد يحكمون بعموم الحديث.

تزييف القول باختصاصه.

إبطال القول بعدم حجّيته.

* نحن نوكل الجواب عن قولهم بعدم عموم الحديث إلى أهل اللسان والعرف العربيين ، وأنت حجّة العرب لا تدافع ، ولا تنازع ، فهل ترى أُمّتك - أهل الضاد - يرتابون في عموم المنزلة من هذا الحديث؟!

كلاّ وحاشا مثلك أن يرتاب في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع مصاديقه ؛ فلو قلت : منحتكم إنصافي - مثلاً - أيكون إنصافك هذا

ص: 46

خاصّاً ببعض الأُمور دون بعض ، أم عامّاً شاملاً لجميع مصاديقه؟! معاذ الله أن تراه غير عامّ ، أو يتبادر منه إلاّ الاستغراق ..

ولو قال خليفة المسلمين لأحد أوليائه : جعلت لك ولايتي على الناس ، أو منزلتي منهم ، أو منصبي فيهم ، أو ملكي ، فهل يتبادر إلى الذهن غير العموم؟! وهل يكون مدّعي التخصيص ببعض الشؤون دون بعض إلاّ مخالفاً مجازفاً؟!

ولو قال لأحد وزرائه : لك في أيامي منزلة عمر في أيام أبي بكر إلاّ أنّك لست بصحابي ، أكان هذا بنظر العرف خاصّاً ببعض المنازل أم عامّاً؟! ما أراك - والله - تراه إلاّ عامّاً ..

ولا أرتاب في أنّك قائل بعموم المنزلة في قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، قياساً على نظائره في العرف واللغة ، ولا سيّما بعد استثناء النبوّة فإنّه يجعله نصّاً في العموم ، والعرب ببابك ، فسلها عن ذلك.

* أمّا قول الخصم بأنّ الحديث خاصّ بمورده ، فمردود من وجهين :

الوجه الأوّل : إنّ الحديث في نفسه عامّ كما علمت ، فمورده - لو سلّمنا كونه خاصّاً - لا يخرجه عن العموم ، لأنّ المورد لا يخصّص الوارد كما هو مقرّر في محلّه ..

ألا ترى لو رأيت الجنب يمسّ آية الكرسي - مثلاً - ، فقلت له : لا يمسنّ آيات القرآن محدِث ، أيكون هذا خاصّاً بمورده ، أم عامّاً شاملاً لجميع آيات القرآن ولكلّ محدِث؟! ما أظنّ أحداً يفهم كونه خاصّاً بمسّ الجنب بخصوصه لآية الكرسي بالخصوص ..

ولو رأى الطبيب مريضاً يأكل التمر فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في

ص: 47

نظر العرف خاصّاً بمورده ، أم عامّاً شاملاً لكلّ مصاديق الحلو؟! ما أرى - والله - القائل بكونه خاصّاً بمورده إلاّ في منتزح عن الأُصول ، بعيداً عن قواعد اللغة ، نائياً عن الفهم العرفي ، أجنبياً عن عالمنا كلّه ، وكذا القائل بتخصيص العموم في حديث المنزلة بمورده من غزوة تبوك ، لا فرق بينهما أصلاً.

الوجه الثاني : إنّ الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف عليّ على المدينة في غزوة تبوك ليتشبّث الخصم بتخصيصه به ، وصحاحنا المتواترة عن أئمّة العترة الطاهرة تثبت وروده في موارد أُخر ، فليراجعها الباحثون ، وسُنن أهل السُنّة تشهد بذلك ، كما يعلمه المتتبعون ، فقول المعترض بأنّ سياق الحديث دالّ على تخصيصه بغزوة تبوك ممّا لا وجه له إذن ، كما لا يخفى.

* أمّا قولهم بأنّ العامّ المخصوص ليس بحجّة في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلاّ من يعتنف الأُمور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء؟! نعوذ بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية.

إن تخصيص العامّ لا يخرجه عن الحجّية في الباقي إذا لم يكن المخصّص مجملاً ، ولا سيّما إذا كان متّصلاً - كما في حديثنا - ، فإنّ المولى إذا قال لعبده : أكرم اليوم كلّ من زارني إلاّ زيداً ، ثمّ ترك العبد إكرام غير زيد ممّن زار مولاه ، يعدّ في العرف عاصياً ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم والعقوبة على قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلاً أو شرعاً ، ولا يصغي أحد من أهل العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العامّ ، بل يكون عذره أقبح عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلاّ لظهور العامّ

ص: 48

- بعد تخصيصه - في الباقي ، كما لا يخفى.

وأنت تعلم إنّ سيرة المسلمين وغيرهم مستمرّة على الاحتجاج بالعمومات المخصّصة بلا نكير ، وقد مضى الخلف على ذلك والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعي التابعين وتابعيهم إلى الآن ، ولا سيّما أئمّة أهل البيت وسائر أئمّة المسلمين ، وهذا ممّا لا ريب فيه ، وحسبك به دليلاً على حجّية العامّ المخصوص ، ولولا أنّه حجّة لانسدّ على الأئمّة الأربعة وغيرهم من المجتهدين باب العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية ، فإنّ رحى العلم بذلك تدور على العمل بالعمومات ، وما من عامّ إلاّ وقد خصّ ، فإذا سقطت العمومات ارتج باب العلم ، نعوذ بالله.

التماس بقيّة الموارد :

من موارده : زيارة أُمّ سليم.

قضية بنت حمزة.

اتّكاؤه على عليّ.

المؤاخاة الأُولى.

المؤاخاة الثانية.

سدّ الأبواب.

النبيّ يصوّر عليّاً وهارون كالفرقدين.

* من موارده يوم حدّث صلّى الله عليه وآله وسلّم أُمّ سليم (1) ، ضل

ص: 49


1- هي بنت ملحان بن خالد الأنصارية ، وأُخت حرام بن ملحان ، استشهد أبوها وأخوها بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكانت على جانب من الفضل

وكانت من أهل السوابق والحجى ، ولها المكانة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بسابقتها وإخلاصها ونصحها ، وحسن بلائها ، وكان النبيّ يزورها ويحدّثها في بيتها ، فقال لها في بعض الأيام : يا أُمّ سليم! إنّ عليّاً لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى (1). في

ص: 50


1- هذا الحديث - أعني حديث أُمّ سليم - هو الحديث 2554 من أحاديث الكنز ، في

وقد لا يخفى عليك إنّ هذا الحديث كان اقتضاباً من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، غير مسبّب عن شيء إلاّ البلاغ والنصح لله تعالى في بيان منزلة وليّ عهده والقائم مقامه من بعده ، فلا يمكن أن يكون مخصّصاً بغزوة تبوك.

* ومثله الحديث الوارد في قضية بنت حمزة حين اختصم فيها عليّ وجعفر وزيد ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون ... الحديث (1).

* وكذا الحديث الوارد يوم كان أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح عند النبيّ ، وهو صلّى الله عليه وآله وسلّم متّكئ على عليّ ، فضرب بيده على منكبه ثمّ قال : يا عليّ! أنت أوّل المؤمنين إيماناً ، وأوّلهم إسلاماً ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ... الحديث (2).

* والأحاديث الواردة يوم المؤاخاة الأُولى ، وكانت في مكّة قبل الهجرة ، حيث آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين المهاجرين خاصّة.

* ويوم المؤاخاة الثانية ، وكانت في المدينة بعد الهجرة بخمسة أشهر ، حيث آخى بين المهاجرين والأنصار ، وفي كلتا المرّتين يصطفي س.

ص: 51


1- أخرجه الإمام النَسائي ص 19 من الخصائص العَلَوية.
2- أخرجه الحسن بن بدر ، والحاكم في الكنى ، والشيرازي في الألقاب ، وابن النجّار. وهو الحديث 6029 ، والحديث 6032 من أحاديث الكنز ص 395 من جزئه السادس.

لنفسه منهم علياً ، فيتّخذه من دونهم أخاه (1) ؛ تفضيلاً له على من سواه ، ويقول له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.

والأخبار في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة.

وحسبك ممّا جاء من طريق غيرهم في المؤاخاة الأُولى ، حديث زيد بن أبي أوفى ، وقد أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب مناقب عليّ ، وابن عساكر في تاريخه (2) ، والبغوي والطبراني في معجميهما ، والباوردي في المعرفة ، وابن عدي (3) ، وغيرهم.

والحديث طويل قد اشتمل على كيفية المؤاخاة ، وفي آخره ما هذا لفظه :

فقال عليّ : يا رسول الله! لقد ذهب روحي وانقطع ظهري ، حين ع.

ص: 52


1- قال ابن عبد البرّ في ترجمة عليّ من الاستيعاب : آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين المهاجرين ، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار ، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ : أنت أخي في الدنيا والآخرة .. - قال : - وآخى بينه وبين نفسه. انتهى. قلت : والتفصيل في كتب السير والأخبار ؛ فلاحظ تفصيل المؤاخاة الأُولى في : ص 26 من الجزء الثاني من السيرة الحلبية ، وراجع المؤاخاة الثانية في ص 120 من الجزء الثاني من السيرة الحلبية أيضاً ، تجد تفضيل عليّ - في كلتا المرّتين بمؤاخاة النبيّ له - على من سواه .. وفي السيرة الدحلانية من تفصيل المؤاخاة الأُولى والمؤاخاة الثانية ما في السيرة الحلبية ، وقد صرّح بأنّ المؤاخاة الثانية كانت بعد الهجرة بخمسة أشهر.
2- نقله عن كلّ من أحمد وابن عساكر جماعة من الثقات ، أحدهم المتّقي الهندي ؛ فراجع من كنزه الحديث 918 في أوائل صفحة 40 من جزئه الخامس ، ونقله في ص 390 من جزئه السادس عن أحمد في كتابه مناقب عليّ وجعله الحديث 5972. فراجع.
3- نقله عن هؤلاء الأئمّة جماعة من الثقات الأثبات ، أحدهم المتّقي الهندي ، في أوّل ص 41 من الجزء الخامس من كنز العمّال وهو الحديث 919. فراجع.

رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، غيري ، فإن كان هذا من سخط علَيّ ، فلك العتبى والكرامة.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : والذي بعثني بالحقّ ما أخرجتك إلاّ لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي.

فقال : وما أرث منك؟!

قال : ما ورث الأنبياء من قبلي : كتاب ربّهم وسُنّة نبيّهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي .. ثمّ تلا صلّى الله عليه وآله وسلّم : (إخواناً على سُررٍ متقابلين) (1) المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض.

وحسبك ممّا جاء في المؤاخاة الثانية ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس من حديث جاء فيه : إنّ رسول الله قال لعليّ : أغضبت علَيّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أُؤاخ بينك وبين أحد منهم؟! أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ ... الحديث (2).؟!

ص: 53


1- سورة الحجر 15 : 47.
2- نقله المتّقي الهندي في كنز العمّال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في آخر هامش ص 31 من الجزء الخامس من مسند أحمد ، تجده باللفظ الذي أوردناه ، ولا يخفى ما في قوله : أغضبت عليّ؟! من المؤانسة والملاطفة والحنو الأبوي على الولد المدلّ على أبيه الرؤوف العطوف. فإن قلت : كيف ارتاب عليّ من تأخيره في المرّة الثانية مع أنّه كان في المرّة الأُولى قد ارتاب من ذلك ، ثمّ ظهر له أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله ، إنّما أخّره لنفسه ، وهلاّ قاس الثانية على الأُولى؟!

* ونحوه الأحاديث الواردة يوم سدّ الأبواب غير باب عليّ ؛ وحسبك حديث جابر بن عبد الله (1) ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا عليّ! إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي ، وإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.

وعن حذيفة بن أسيد الغفاري (2) ، قال : قام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم - يوم سدّ الأبواب - خطيباً ، فقال : إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم شيئاً أن أسكنت عليّاً في المسجد وأخرجتهم ، والله ما أخرجتهم وأسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه ، إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى وأخيه : (أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة) (3) .. إلى أن قال : وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى ، وهو أخي ، ولا يحلّ لأحد أن ينكح فيه النساء إلاّ هو .. الحديث.

وكم لهذه الموارد من نظائر لا تحصى في هذه العجالة ، لكن هذا القدر كافٍ لِما أردناه من تزييف القول بأنّ حديث المنزلة مخصّص بمورده 7.

ص: 54


1- كما في آخر الباب 9 من ينابيع المودّة ، نقلاً عن كتاب فضائل أهل البيت لأخطب خوارزم.
2- كما في الباب 17 من ينابيع المودّة.
3- سورة يونس 10 : 87.

من غزوة تبوك ، وأيّ وزن لهذا القول مع تعدّد موارد الحديث.

* ومن ألمّ بالسيرة النبويّة ، وجده صلّى الله عليه وآله وسلّم يصوّر عليّاً وهارون كالفرقدين على غرار واحد ، لا يمتاز أحدهما عن الآخر في شيء ، وهذا من القرائن الدالّة على عموم المنزلة في الحديث ، على أنّ عموم المنزلة هو المتبادر من لفظه بقطع النظر عن القرائن كما بينّاه.

متى صوّر عليّاً وهارون كالفرقدين؟!

يوم شُبّر وشُبير ومُشبر.

يوم المؤاخاة.

يوم سدّ الأبواب.

تتبّع سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، تجده يصوّر عليّاً وهارون كالفرقدين في السماء ، والعينين في الوجه ، لا يمتاز أحدهما في أُمّته عن الآخر في أُمّته بشيء ما ..

* ألا تراه كيف أبى أن تكون أسماء بني عليّ إلاّ كأسماء بني هارون ، فسمّاهم حسناً وحُسيناً ومُحسناً ؛ وقال (1) : إنّما سمّيتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبر ؛ أراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين ، وتعميم الشبهر.

ص: 55


1- في ما أخرجه المحدّثون بطرقهم الصحيحة من سُنن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ودونك ص 165 وص 168 من الجزء 3 من المستدرك ، تجد الحديث صريحاً في ذلك ، صحيحاً على شرط الشيخين. وقد أخرجه الإمام أحمد أيضاً من حديث عليّ في ص 98 من الجزء الأوّل من مسنده. وأخرجه ابن عبد البرّ في ترجمة الحسن السبط من الاستيعاب. وأخرجه حتّى الذهبي في تلخيصه مسلّماً بصحّته مع قبح تعصّبه وظهور انحرافه عن هارون هذه الأُمّة وعن شبّرها وشبيرها. وأخرج البغوي في معجمه وعبد الغني في الإيضاح - كما في ص 115 من الصواعق المحرقة - عن سلمان نحوه ؛ وكذلك ابن عساكر.

بينهما في جميع المنازل وسائر الشؤون.

* ولهذه الغاية نفسها قد اتّخذ عليّاً أخاه ، وآثره بذلك على من سواه ، تحقيقاً لعموم الشبه بين منازل الهارونين من أخويهما ، وحرصاً على أن لا يكون ثمّة من فارق بينهما ، وقد آخى بين أصحابه صلّى الله عليه وآله وسلّم مرّتين - كما سمعت - ، فكان أبو بكر وعمر في المرّة الأُولى أخوين ، وعثمان وعبد الرحمن بن عوف أخوين ، وكان في المرّة الثانية أبو بكر وخارجة بن زيد أخوين ، وعمر وعتبان بن مالك أخوين ، أمّا عليّ فكان في كلتا المرّتين أخا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - كما علمت - ..

ومقامنا يضيق على استقصاء ما جاء في ذلك من النصوص الثابتة بطرقها الصحيحة عن كلّ من ابن عباس ، وابن عمر ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن أبي أوفى ، وأنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، ومخدوج بن يزيد ، وعمر بن الخطّاب ، والبراء بن عازب ، وعليّ بن أبي طالب ، وغيرهم.

وقد قال له رسول الله : أنت أخي في الدنيا والآخرة (1).

وسمعت - في المراجعة 20 - قوله - وقد أخذ برقبة عليّ - : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. وخرج صلّى الله عليه وآله وسلّم على أصحابه يوماً ووجهه مشرق ، فسأله عبد الرحمن بن عوف فقال : بشارة أتتني من ربّي في أخي وابن عمّي وابنتي بأن الله زوّج عليّاً ت.

ص: 56


1- أخرجه الحاكم في ص 14 من الجزء 3 من المستدرك عن ابن عمر من طريقين صحيحين على شرط الشيخين. وأخرجه الذهبي في تلخيصه مسلّماً بصحّته. وأخرجه الترمذي في ما نقله ابن حجر عنه في ص 73 من الصواعق المحرقة ، فراجع الحديث السابع من أحاديث الفصل 2 من باب 9 من الصواعق ، وأرسله كلّ من تعرّض لحديث المؤاخاة من أهل السير والأخبار إرسال المسلّمات.

من فاطمة .. الحديث (1).

ولمّا زفّت سيّدة النساء إلى كفؤها سيّد العترة ، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا أُمّ أيمن! ادعي لي أخي ، فقالت : هو أخوك وتنكحه ، قال : نعم يا أُمّ أيمن. فدعت عليّاً فجاء .. الحديث (2).

وكم أشار إليه ، فقال : هذا أخي وابن عمّي وصهري وأبو ولدي (3).

وكلّمه مرّة ، فقال له : أنت أخي وصاحبي (4).

وحدّثه مرّة أُخرى ، فقال له : أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنّة (5).

وخاطبه يوماً في قضية كانت بينه وبين أخيه جعفر وزيد بن حارثة ، فقال له : وأمّا أنت يا عليّ فأخي وأبو ولدي ومنّي وإليّ .. الحديث (6).

وعهد إليه يوماً ، فقال : أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي وتبرئ ذمّتي .. الحديث (7).في

ص: 57


1- أخرجه أبو بكر الخوارزمي ، كما في ص 103 من الصواعق.
2- أخرجه الحاكم في ص 159 من الجزء 3 المستدرك. وأخرجه الذهبي في تلخيصه مسلّماً بصحّته. ونقله ابن حجر في الباب 11 من صواعقه ، وكلّ من ذكر زفاف الزهراء ذكره ، لا أستثني منهم أحداً.
3- في ما أخرجه الشيرازي في الألقاب ، وابن النجّار عن ابن عمر. ونقله المتّقي الهندي في كنزه ، وفي منتخبه المطبوع في هامش المسند ، فراجع منه السطر الثاني من هامش ص 32 من الجزء الخامس.
4- أخرجه ابن عبد البرّ في ترجمة عليّ من الاستيعاب بالإسناد إلى ابن عباس.
5- أخرجه الخطيب ، وهو الحديث 6105 من أحاديث كنز العمّال في ص 402 من جزئه 6.
6- أخرجه الحاكم في ص 217 من الجزء 3 من المستدرك بسند صحيح على شرط مسلم ، واعترف الذهبي في تلخيصه بصحّته على هذا الشرط.
7- أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عمر ، ونقله المتّقي الهندي في كنزه وفي

ولمّا حضرته الوفاة - بأبي هو وأُمّي - قال : ادعو إليّ أخي ، فدعوا عليّاً ، فقال : ادن منّي ، فدنا منه وأسنده إليه ، فلم يزل كذلك وهو يكلّمه حتّى فاضت نفسه الزكية ، فأصابه بعض ريقه صلّى الله عليه وآله وسلّم (1).

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : مكتوب على باب الجنّة : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله عليّ أخو رسول الله .. الحديث (2).

وأوحى الله عزّ وجلّ - ليلة المبيت على الفراش - إلى جبرائيل وميكائيل : إنّي آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟!

فاختار كلاهما الحياة ؛ فأوحى الله إليهما : ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب؟! آخيت بينه وبين محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فبات على فراشه ليفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه. الاستيعاب

فنزلا ، فكان جبرائيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرائيل ينادي : بخٍ بخٍ ، من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة؟! وأنزل الله تعالى في ذلك : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) .. الحديث (3). ير

ص: 58


1- أخرجه ابن سعد في ص 51 من القسم الثاني من الجزء الثاني من طبقاته ، وهو في ص 55 من الجزء 4 من كنز العمّال.
2- أخرجه الطبراني في الأوسط ، والخطيب في المتّفق والمفترق ، ونقله صاحب كنز العمّال ، فراجع من منتخبه ما هو في هامش ص 35 من الجزء 5 من مسند أحمد ، ونقله في هامش ص 46 عن ابن عساكر.
3- أخرجه أصحاب السُنن في مسانيدهم ، وذكره الإمام فخر الدين الرازي في تفسير

وكان عليّ يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلاّ كاذب (1).

وقال : والله إنّي لأخوه ووليّه ، وابن عمّه ووارث علمه ، فمن أحقّ به منّي (2)؟!

وقال يوم الشورى لعثمان وعبد الرحمن وسعد والزبير : انشدكم الله ، هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه ، إذ آخى بين المسلمين غيري؟! قالوا : اللّهمّ لا (3).

ولمّا برز عليّ للوليد يوم بدر ، قال له الوليد : من أنت؟ قال عليّ : أنا عبد الله وأخو رسوله .. الحديث (4).

وسأل عليّ عمر أيّام خلافته ، فقال له (5) : أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل ، فقال لك أحدهم : أنا ابن عمّ موسى ، أكانت له عندك إثرة 7.

ص: 59


1- أخرجه النَسائي في الخصائص العَلَوية ، والحاكم في أوّل ص 112 من الجزء 3 من المستدرك ، وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم في السُنّة ، وأبو نعيم في المعرفة. ونقله المتّقي الهندي في كنز العمّال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في هامش ص 40 من الجزء 5 من مسند أحمد.
2- راجع ص 126 من الجزء 3 من المستدرك ؛ وأخرجه الذهبي في تلخيصه مسلّماً بصحّته.
3- أخرجه ابن عبد البرّ في ترجمة عليّ من الاستيعاب ، وغير واحد من الأثبات.
4- أخرجه ابن سعد في غزوة بدر من كتاب الطبقات في ص 15 من القسم الأوّل من جزئه الثاني.
5- في ما أخرجه الدارقطني كما في المقصد الخامس من مقاصد آية المودّة في القربى وهي الآية 14 من الآيات التي أوردها ابن حجر في الباب 11 من صواعقه ، فراجع من الصواعق ص 107.

على أصحابه؟! قال : نعم ، قال : فأنا والله أخو رسول الله ، وابن عمّه. فنزع عمر رداءه فبسطه ، وقال : والله لا يكون لك مجلس غيره حتّى نتفرّق ، فلم يزل جالساً عليه ، وعمر بين يديه حتّى تفرقوا ، بخوعاً لأخي رسول الله وابن عمّه!

شطّ بنا القلم فنقول :

* وأمر صلّى الله عليه وآله وسلّم بسدّ أبواب الصحابة من المسجد تنزيهاً له عن الجنب والجنابة ، لكنّه أبقى باب عليّ ، وأباح له عن الله تعالى أن يجنب في المسجد ، كما كان هذا مباحاً لهارون ، فدلّنا ذلك على عموم المشابهة بين الهارونين عليهما السلام ..

قال ابن عباس : وسدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أبواب المسجد غير باب عليّ ، فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ، ليس له طريق غيره .. الحديث (1).

وقال عمر بن الخطّاب من حديث صحيح (2) على شرط الشيخين أيضاً : لقد أُعطي عليّ بن أبي طالب ثلاثاً ، لأنْ تكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حمر النعم : زوجته فاطمة بنت رسول الله ، وسكناه المسجد مع رسول الله يحلّ له ما يحلّ له فيه ، والراية يوم خيبر.

وذكر سعد بن مالك يوماً بعض خصائص عليّ في حديث صحيح ة.

ص: 60


1- هذا الحديث طويل فيه عشرة من خصائص عليّ ، وقد أوردناه في المراجعة 26.
2- هو موجود في ص 125 من الجزء 3 من المستدرك. وأخرجه أبو يعلى كما في الفصل 3 من الباب 9 من الصواعق ، فراجع منها ص 76. وأخرجه بهذا المعنى مع قرب الألفاظ أحمد بن حنبل من حديث عبد الله بن عمر في ص 26 من الجزء الثاني من مسنده. ورواه عن كلّ من عمر وابنه عبد الله غير واحد من الأثبات بأسانيد مختلفة.

أيضاً ، فقال (1) : وأخرج رسول الله عمّه العباس وغيره من المسجد ، فقال له العباس : تخرجنا وتسكن عليّاً؟! فقال : ما أنا أخرجتكم وأسكنته ، ولكن الله أخرجكم وأسكنه.

وقال زيد بن أرقم (2) : كان لنفر من أصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : سدّوا هذه الأبواب إلاّ باب عليّ. فتكلّم الناس في ذلك ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب عليّ ، فقال فيه قائلكم ، وإنّي والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكنّي أُمرت بشيء فاتّبعته.

وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عباس (3) : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قام يومئذ فقال : ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا تركته ، ولكن الله أخرجكم وتركه ، إنّما أنا عبد مأمور ، ما أُمرت به فعلت ، (إن أتّبعُ إلاّ ما يوحى إليّ) (4).

وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (5) : يا عليّ! لا يحلّ لأحد 3.

ص: 61


1- كما في أوّل صفحة 117 من الجزء 3 من المستدرك ، وهذا الحديث من صحاح السُنن ، وقد أخرجه غير واحد من أثبات السُنّة وثقاتها.
2- في ما أخرجه عنه الإمام أحمد في ص 369 من الجزء الرابع من المسند. وأخرجه الضياء أيضاً كما في كنز العمّال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في هامش ص 29 من الجزء 5 من المسند.
3- نقله عنه المتّقي الهندي في آخر هامش الصفحة التي أشرنا الآن إليها.
4- سورة الأنعام 6 : 50 ، سورة يونس 10 : 15 ، سورة الأحقاف 46 : 9.
5- في ما أخرجه الترمذي في صحيحه ، ونقله عنه المتّقي الهندي في ما أشرنا الآن إليه من منتخبه. وأخرجه البزّار عن سعد كما في الحديث 13 من الأحاديث التي أوردها ابن حجر في الفصل 2 من الباب 9 من صواعقه ، فراجع منها ص 73.

أن يجنب في المسجد غيري وغيرك.

وعن سعد بن أبي وقاص ، والبراء بن عازب ، وابن عباس ، وابن عمر ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، قالوا كلّهم (1) : خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المسجد فقال : إنّ الله أوحى إلى نبيّه موسى أن ابنِ لي مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ أنت وهارون ، وإنّ الله أوحى إليّ أن أبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ أنّا وأخي عليّ.

وإملاؤنا هذا لا يسع استيفاء ما جاء في ذلك من النصوص الثابتة عن كلّ من : ابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم ، ورجل صحابي من خثعم ، وأسماء بنت عميس ، وأُمّ سلمة ، وحذيفة بن أسيد ، وسعد بن أبي وقّاص ، والبراء بن عازب ، وعليّ بن أبي طالب ، وعمر ، وعبد الله بن عمر ، وأبي ذرّ ، وأبي الطفيل ، وبريدة الأسلمي ، وأبي رافع مولى رسول الله ، وجابر بن عبد الله ، وغيرهم.

وفي المأثور من دعاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : اللّهمّ إنّ أخي موسى سألك فقال : (ربّ اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري * واحلُل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي* هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) (2) فأوحيت إليه : (سنشدّ عضدك بأخيكَ ونجعلُ لكما سلطاناً) (3) ، اللّهمّ وإنّي عبدك ورسولك محمد ، فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، 5.

ص: 62


1- في ما أخرجه عنهم جميعاً علي بن محمد الخطيب الفقيه الشافعي المعروف بابن المغازلي في كتابه المناقب بالطرق المختلفة. ونقله الثقة المتتبّع البلخي في الباب 17 من ينابيعه.
2- سورة طه 20 : 25 - 32.
3- سورة القصص 28 : 35.

واجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً أخي .. الحديث (1).

ومثله ما أخرجه البزّار من إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ بيد عليّ فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك. ثمّ أرسل إلى أبي بكر أنْ سدّ بابك ، فاسترجع ، ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العبّاس بمثل ذلك ، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب عليّ ، ولكن الله فتح بابه ، وسدّ أبوابكم. انتهى (2).

وهذا القدر كافٍ لِما أردناه من تشبيه عليّ بهارون في جميع المنازل والشؤون. والسلام».

أقول :

إنّ من جملة الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين وولايته العامّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حديث : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ... المعروف ب- : حديث المنزلة.

وقد ذكر السيّد قبل الورود في البحث الآيات الكريمة الواردة في منازل هارون من موسى ، ثمّ شرع في البحث من الناحيتين : السند والدلالة (3) .. أى

ص: 63


1- أخرجه الإمام أبو إسحاق الثعلبي عن أبي ذرّ الغفاري في تفسير قوله تعالى : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا) في سورة المائدة من تفسيره الكبير. ونقل نحوه المتتبّع البلخي عن مسند الإمام أحمد.
2- وهذا الحديث هو الحديث 6156 من أحاديث الكنز ص 408 من جزئه السادس.
3- وتبقى ناحية المتن ، ولم يتعرض لها السيّد ، وذلك - باختصارٍ - أنه لمّا رأى

فأورد في الناحية الأُولى أسماء جمعٍ كبير من أئمّة السُنّة الرواة لهذا الحديث ، وتعرّض لتشكيك الآمدي في صحّته وأجاب عنه.

وأوضح في الناحية الثانية كيفية الاستدلال بالحديث على المدّعى ، مؤكّداً دلالته على العموم ، وعلى أنّه قد ورد في موارد كثيرة غير تبوك ، كما في كتب القوم ... فلا تبقى شبهةٌ في إفادته للعموم.

وختم البحث ببعض المشابهات الموجودة بين عليّ وهارون على ضوء الروايات.

رواته من الصحابة وكثرة طرقه وتواتره :

ذكر السيّد - رحمه الله - أسماء عدّةٍ من رواة هذا الحديث من الصحابة ، ولم يكن بصدد الاستقصاء ، فرواته منهم في كتب القوم بالأسانيد أكثر بكثير ، خاصّةً بالنظر إلى موارد وروده ، وقد رواه الحافظ ابن عساكر عن أكثر من عشرين ؛ ولذا قال ابن كثير : «قد تقصّى ابن عساكر هذه الأحاديث في ترجمة عليّ من تاريخه ، فأجاد وأفاد ، وبرز على النظراء والأشباه والأنداد ، فرحمه ربّ العباد يوم التناد» (1).

وقال الحافظ ابن حجر : «قد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة عليّ» (2).

وكذا القاضي أبو القاسم التنوخي ، المتوفّى سنة 447 - قال الخطيب : 0.

ص: 64


1- البداية والنهاية 7 / 341 - 342.
2- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 60.

كتبت عنه وسمعته ، وكان محتاطاً صدوقاً في الحديث - في كتابٍ مفردٍ (1).

بل ذكر الحاكم الحسكاني عن شيخه أبي حازم الحافظ ، أنّه كان يقول : «خرّجته بخمسة آلاف إسناد» (2).

بل عن غير واحدٍ من الأئمّة التصريح بأنّه من أثبت الأخبار وأصحّها ، كالحافظ ابن عبد البرّ (3) ، والحافظ المزي (4).

بل عن غير واحدٍ منهم التنصيص على تواتره ، كالحاكم النيسابوري (5) وجلال الدين السيوطي (6) ، والشيخ علي المتّقي الهندي (7).

وجوده في الصحيحين :

ثمّ إنّ هذا الحديث مخرَّج في كتابي البخاري ومسلم المشهورين بالصحيحين ..

قال ابن حجر : «هما أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدُّ به» (8).

وقال جماعة من الأئمّة بأن أحاديثهما مقطوعة الصدور (9).

وهو أيضاً في سائر الصحاح ، وفي المسانيد والمعاجم المشهورة المعتبرة عندهم ، وكذا في غيرها من كتب الحديث والتفسير والتراجم ، وقد ث.

ص: 65


1- الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف 1 / 75 الطبعة الحديثة.
2- شواهد التنزيل 1 / 195 الطبعة الحديثة.
3- الاستيعاب 3 / 1097.
4- تهذيب الكمال 2 / 483.
5- مناقب عليّ بن أبي طالب - لأبي عبد الله الكنجي الشافعي - : 283.
6- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة - حرف الألف.
7- قطف الأزهار المتناثرة - حرف الألف.
8- الصواعق المحرقة : 31 الطبعة الحديثة.
9- تدريب الراوي 1 / 68 ؛ وغيره من كتب علم الحديث.

ذكر السيّد بعضها ، ولا حاجة إلى التطويل.

فيكون حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة المقطوع بصدورها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

تشكيك الآمدي :

لكنّهم متى كان الحديث يضرّ بمذهبهم في الخلافة حاولوا تضعيفه أو التشكيك في صحّته ، حتّى مع كونه في الصحيحين وبطرقٍ متعدّدة!! ولذا تراهم يستندون في الجواب عن حديث المنزلة إلى تشكيك الآمدي ..

قال في شرح المواقف : «والجواب : منع صحّة الحديث كما منعه الآمدي ...» (1).

هذا ، مع علمهم بحال الآمدي ، الذي ذكر الذهبي أنّه : «قد نُفي من دمشق لسوء اعتقاده ، وصحّ أنّه كان يترك الصلاة. نسأل الله العافية» (2).

وعجيبٌ أمر هؤلاء!!

فمتى شاءت أهواؤهم رجعوا إلى كتابي البخاري ومسلم لإثبات حديثٍ ، قائلين : هو من أحاديث الصحيحين ، أو لردّ حديثٍ ، متشبّثين بعدم إخراج الشيخين له ، ومتى ما شاءت أهواؤهم أنْ يردّوا حديثاً ، تكلّموا فيه وشكّكوا في صحّته ، مع وجوده فيهما ، متناسين ما يزعمونه لهما من المنازل والمقامات ، في اليقظة والمنامات!!

وكذلك الاعتماد على الأشخاص والاستناد إلى أقوالهم ، فلو راجعت كتبهم في الحديث والرجال لرأيتهم يكثرون من النقل عن عبد الرحمن 9.

ص: 66


1- شرح المواقف 8 / 262 - 263.
2- ميزان الاعتدال 2 / 259.

ابن خراش والأخذ بآرائه ، لكنّه لمّا قال بكذب حديث : «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة» جعلوا يسبّونه سبّ الّذين كفروا (1)!!

وأيضاً تراهم يعتمدون في جرح من أرادوا جرحه على تجريحات أبي الفتح الأزدي ، فإنْ جَرَح من يريدون توثيقه قالوا : «ليت الأزدي عرف ضعف نفسه!!» (2).

وعلى الجملة ، فإنّهم يتّبعون الأهواء والميول في الردّ والقبول ، للأحاديث والأقوال ، ولنكتفِ بهذا القدر لضيق المجال ..

هذا كلّه في ما يتعلّق بجهة السند.

وفي جهة الدلالة نقاط :

ظهور لفظه في العموم :

إنّ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة» ظاهر في عموم المنزلة ؛ لأنّ كلمة «المنزلة» اسم جنسٍ جاء مضافاً إلى «هارون» ، ثمّ استثنى من ذلك «النبوّة» بكلمة «إلاّ» الاستثنائية ..

وقد نصوا على أنّ اسم الجنس المضاف من ألفاظ العموم ، كما لا يخفى على من يراجع كتب الأُصول والأدب وغيرهما من العلوم ، ك- : شرح مختصر الأُصول في مبحث الصيغ الموضوعة للعموم ، وفي مباحث العموم والخصوص من شرح جمع الجوامع ، وعقد له ابن نجيم قاعدةً في كتاب الأشباه والنظائر ، وتعرّض له شرّاح المطوّل والمختصر بشرح كلام 0.

ص: 67


1- راجع ترجمته في : تذكرة الحفّاظ ، سير أعلام النبلاء ، ميزان الاعتدال 2 / 600.
2- مقدّمة فتح الباري : 430.

التفتازاني في بيان قول الماتن : «فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب للحال والمقام» ، والنحويّون في مباحث لزوم حذف الخبر ، كما في شرح المفصّل لابن الحاجب ، وشرح الكافية للرضي الاسترآبادي.

وأيضاً فقد نصّوا على أنّ : «معيار العموم جواز الاستثناء» ، كما لايخفى على من راجع منهاج الوصول في علم الأُصول للبيضاوي وشروحه ، وفواتح الرحموت (1).

وبهذا يتمُ المقتضي للاستدلال بهذا الحديث ، وهل من مانع؟!

ورود الحديث في موارد كثيرة :

قالوا : إنّ هذا الكلام إنّما قاله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لدى خروجه إلى تبوك بسبب تكلّم بعض المنافقين ، فيكون قرينةً على عدم إرادة العموم ، واختصاص الاستخلاف بذلك المورد فقط ، فيسقط الاستدلال.

فأجاب السيّد - رحمه الله - بوجهين :

الوجه الأوّل : إنّ الحديث في نفسه عامّ كما علمت ، فمورده - لو سلّمنا كونه خاصّاً - لا يخرجه عن العموم ، لأنّ المورد لا يخصّص الوارد ، كما هو مقرّر في محلّه.

قلت :

فإشكال ابن تيميّة (2) بذلك جهلٌ أو تعصّب ، ولذا يقول التفتازاني7.

ص: 68


1- فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت 1 / 291 هامش المستصفى.
2- منهاج السُنّة 7 / 327.

بعد ذكر هذا الإشكال : «فربّما يدفع بأنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» (1)مطبوعة في آخر الجزء (18) من كتابنا الكبير نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار.(2)كما في كنز العمّال 9 / 167 ح 25554 ، وج 13 / 105 ح 36345.(3)المعجم الكبير 11 / 62 ح 11092.(4)كما في طريق ابن عساكر.(5)تاريخ دمشق 42 / 52 - 53 وص 169.


1- شرح المقاصد 5 / 275.§ُ. الوجه الثاني : إنّ الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف عليّ على المدينة في غزوة تبوك ، ليتشبّث الخصم بتخصيصه ... فذكر رحمه الله موارد عديدة ، مستنداً فيها إلى كتب القوم. قلت : وقد كتبت سابقاً رسالةً
2- في موارد حديث المنزلة ، وصحّحت بعض أسانيدها ، وأنا ذاكرٌ هنا خلاصة تلك الرسالة : المورد 1 و 2 : المؤاخاة الأُولى والثانية ؛ روى ذلك : أحمد بن حنبل
3- ، والطبراني
4- ، وأبو نعيم
5- ، وابن عساكر

روى ذلك : الملاّ في سيرته (1) ، ومحبّ الدين الطبري (2) ، والخوارزمي عن البيهقي بسنده ، عن الإمام عليّ بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عن أسماء بنت عميس (3).

المورد 5 : يوم خيبر ؛ روى ذلك بالأسانيد : ابن المغازلي (4) ، والموفّق الخوارزمي (5) ، وأبو عبد الله الكنجي (6).

المورد 6 : عند النهي عن الرقاد في المسجد ؛ روى ذلك : ابن عساكر (7).

المورد 7 : عند سدّ الأبواب ؛ روى ذلك : ابن المغازلي الشافعي (8).

وسيأتي الكلام على حديث سدّ الأبواب.

المورد 8 : يوم خرج متّكئاً على عليّ ؛ روى ذلك : المتّقي الهندي عن جماعة (9) ، وابن عساكر (10) ، وغيرهم.

المورد 9 : في بيت أُمّ سلمة ؛ روى ذلك : الطبراني (11) ، وابن عساكر (12) ، وغيرهما. 2.

ص: 70


1- وسيلة المتعبدين 5 / 225.
2- ذخائر العقبى : 120.
3- مقتل الحسين 1 / 87 - 88.
4- مناقب عليّ بن أبي طالب : 237 - 238.
5- مناقب عليّ بن أبي طالب : 75.
6- كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب : 264.
7- تاريخ دمشق 42 / 139.
8- مناقب عليّ بن أبي طالب : 255.
9- كنز العمّال 13 / 122 ح 36392.
10- تاريخ دمشق 42 / 166.
11- المعجم الكبير 11 / 14 ح 12341.
12- تاريخ دمشق 42 / 42.

المورد 10 : في قضية يرويها أنس بن مالك ؛ روى ذلك : ابن مردويه (1).

المورد 11 : في قضية بنت حمزة عليه السلام ؛ روى ذلك : النَسائي (2) ، وابن عساكر (3).

المورد 12 : يوم غدير خمّ ؛ روى ذلك : ابن خلّكان في تاريخه (4).

المورد 13 : في كلامٍ له مع عقيل ؛ روى ذلك : ابن عساكر (5).

أقول :

إنّ عدداً من أحاديث هذه الموارد صحيح بلا ريب ، ونحن نكتفي بواحدٍ منها - ومن شاء المزيد فليرجع إلى الأسانيد وإلى الرسالة التي ألَّفتها في هذا الموضوع - :

قال أبو القاسم الطبراني : «حدّثنا محمود بن محمد المروزي ، قال : حدّثنا حامد بن آدم ، قال : حدّثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : لمّا آخى النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بين أصحابه وبين المهاجرين والأنصار ، فلم يؤاخ بين عليّ بن أبي طالب وبين أحدٍ منهم ، خرج عليّ مغضباً ، حتّى أتى جدولاً من الأرض ، فتوسد ذراعه ، فتسفي عليه الريح ، فطلبه النبيّ صلّى الله عليه [وآله] حتّى وجده ، فوكزه برجله فقال له : 7.

ص: 71


1- وعنه في كشف الغمّة في معرفة الأئمّة 1 / 343.
2- خصائص أمير المؤمنين عليّ : 88.
3- تاريخ دمشق 42 / 169 - 170.
4- وفيات الأعيان 4 / 318.
5- تاريخ دمشق 41 / 17.

قم ، فما صلحت أنْ تكون إلاّ أبا تراب ، أغضبت علَيَّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أُؤاخ بينك وبين أحدٍ منهم؟ أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ؟!

ألا مَن أحبّك حُفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الإسلام» (1) ..

* فأمّا «الطبراني» : فهو الحافظ الإمام الثقة الغني عن الترجمة.

* وأمّا «محمود بن محمد المروزي» : فقد ترجم له الخطيب في تاريخه ، وذكر أنّه قدم بغداد وحدّث بها ..

قال : «روى عنه : محمد بن مخلد ، وعبد الصمد بن علي الطستي ، وأبو سهل بن زياد ، وإسماعيل بن علي الخطبي ، وأبو علي بن الصوّاف أحاديث مستقيمة».

ثمّ روى عن طريقه حديثاً ، وأرّخ وفاته بسنة سبع وتسعين (2).

* وأمّا «حامد بن آدم» : فقد أخرج عنه الحاكم في المستدرك (3) ، وذكره ابن حبّان في الثقات (4) ، وقال الذهبي : مشّاه ابن عدي (5).

هذا ، ولم يذكروا في المقابل إلاّ تكلُّم السعدي الجوزجاني فيه ، لكنّه لا يصلح لمعارضة التوثيق ؛ لأنّ ابن عدي تعقّبه بقوله : «وحامد بن آدم هذا يروي عن عبد الله بن المبارك ، ومحمد بن الفضل بن عطية ، والفضل بن موسى ، والنضر بن محمد ، والنضر بن شميل ، وعامّة المراوزة .. 9.

ص: 72


1- المعجم الكبير 11 / 62 ح 11092.
2- تاريخ بغداد 13 / 94.
3- لسان الميزان 2 / 199 ، الطبعة الحديثة.
4- الثقات 8 / 218.
5- المغني 1 / 229.

ولم أرَ في حديثه إذا روى عن ثقة شيئاً منكراً ، وإنّما يؤتى ذلك إذا حدَّث عن ضعيف» (1) .. هذا أوّلاً.

وثانياً : فإنّ السعدي الجوزجاني لا يعتمدون على تجريحاته ، كما نصّ عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره.

هذا ، ولم يذكر الرجل في شيء من كتب الضعفاء والمتروكين للنَسائي والبخاري والدار قطني ، وأورده الذهبي في المغني (2) فلم يذكر إلاّ قدح الجوزجاني ، وقد عرفت ما فيه.

والظاهر وقوع الخلط على ابن حجر بينه وبين رجلٍ آخر ، فليتأمّل.

وعلى الجملة ، فهذا القدر يكفينا للاحتجاج على ضوء القواعد المقررّة.

* وأمّا «جرير» و «ليث» و «مجاهد» : فأئمّة أعلام عندهم بلا خلاف بينهم.

وتلخّص :

أوّلاً : إنّ حديث المنزلة صحيح سنداً ، بل هو من أشهر الأحاديث المتواترة عن رسول الله ، فالطعن في سنده تعصُّب.

وثانياً : إنّه ناظرٌ إلى الآيات الواردة في منازل هارون من موسى ، وهي : «الأُخوّة» (3) و «الوزارة» (4) و «القرابة القريبة» (5) و «الخلافة» (6)2.

ص: 73


1- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 3 / 409.
2- المغني 1 / 229.
3- سورة مريم 19 : 53.
4- سورة طه 20 : 29 ، سورة الفرقان 25 : 35 ، سورة القصص 28 : 34.
5- سورة طه 20 : 29 و 30.
6- سورة الأعراف 7 : 142.

و «شدّ الأزر» (1).

وثالثاً : إنّ لفظه ظاهر في عموم المنزلة ؛ لاشتماله على «اسم الجنس المضاف» وعلى «الاستثناء» وهو معيار العموم ، كما نصّ عليه الأئمّة منهم في مختلف العلوم.

ورابعاً : إنّه وارد في موارد متعدّدة ، كما في كتب القوم المشهورة ، وبعضها صحيح سنداً بلا إشكال ، استناداً إلى كتبهم في التراجم والرجال.

وبذلك تفنّد جميع المكابرات ، في السند بدعوى ضعفه - كما عن الآمدي - أو في الدلالة - كما عن ابن تيميّة - بدعوى كونه مجرّد تشبيه بين عليّ وهارون ، أو أنه وارد في خصوص تبوك ، وإذا كان مورده خاصّاً فلا يبقى له عموم!!

بل يدّعي بعضهم - زوراً وبهتاناً - اتّفاق العلماء على أنّ النبيّ لم يتكلّم بحديث المنزلة إلاّ مرّةً واحدةً وذلك في غزوة تبوك!! وكأنّ الّذين نقلنا عنهم الموارد ليسوا من علمائهم بل هم من جهّالهم!!

فانظر كيف يسوقهم العناد مع الحقّ إلى الكذب وإلى سوء الأدب والافتراء على أكابر علمائهم أيضاً!! والطعن في أعلام التابعين ومشاهير رواة الحديث!!

وعلى الجملة ، فعلماؤهم الكبار يروون الموارد التي ذكرها السيّد - والموارد الأُخرى التي أضفناها إليها - في كتبهم المعروفة المشهورة ، وبأسانيد كثيرة ، فإذا كانوا كاذبين على الله ورسوله فما ذنبنا؟!!

ولكنّ الذي يتّهم العلماء بذلك هو ابن تيميّة وأتباعه ، وقد انتقد هذه 1.

ص: 74


1- سورة طه 20 : 31.

الطريقة منه علماء السُنّة الكبار حتّى من اشتهر منهم بالتعصّب كالذهبي ، وابن حجر العسقلاني ..

يقول ابن حجر - بترجمة ابن تيميّة - : «استشعر أنّه مجتهد ، فصار يردّ على صغير العلماء وكبيرهم ، قديمهم وحديثهم» ، قال : «كان إذا حوقق وأُلزم يقول : لم أرد هذا وإنّما أردت كذا. فيذكر احتمالاً بعيداً» ، قال : «وافترق الناس فيه شيعاً ، فمنهم من نسبه إلى التجسيم ومنهم من نسبه إلى الزندقة ، ومنهم من نسبه إلى النفاق» ، قال : «وجدته كثير التحامل إلى الغاية في ردّ الأحاديث التي يوردها ابن المطهّر ، ردّ في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد ... وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدّته أحياناً إلى تنقيص عليّ رضي الله عنه» (1).

هذا ، في حين أنّه يدافع عن معاوية ، فينكر أن يكون باغياً على أمير المؤمنين عليه السلام وأنّه قد أمر بسبّه على المنابر ، ويزعم أنّ الحديث الذي دار بين معاوية وسعد بن أبي وقّاص المخرّج في صحيح مسلم وغيره ، لا يدلّ على أنّه كان يأمر بلعن الإمام عليه السلام؟!

وعلى الجملة ، فالخطاب في بحوثنا هذه موجّه إلى المسلمين المنصفين ، الّذين يريدون التحقيق في أُمور الدين ، وليس الكلام مع المنافقين الحاقدين على أمير المؤمنين وأهل بيت النبيّ الطاهرين.

قرائن داخلية :

بقي الكلام في قرائن في داخل ألفاظ حديث المنزلة ، تقوّي دلالته ي.

ص: 75


1- راجع : الدرر الكامنة 1 / 150 ، ولسان الميزان 6 / 319 ، كلاهما للحافظ ابن حجر العسقلاني.

على الإمامة العامّة لعليٍّ بعد رسول الله ، ومنها :

1 - قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم - في بعض الألفاظ - لعليّ : «لا بُدّ أن أُقيم أو تقيم».

وهذا في رواية ابن سعد (1) ، وقال الحافظ ابن حجر : «إسناده قوي» (2).

2 - قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم له - في بعض الألفاظ - : «إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك».

وهذا في رواية جماعة من الأئمّة ، منهم الحاكم في كتاب التفسير من مستدركه ، وقال : «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» (3).

3 - قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم له - في بعض الألفاظ - : «لك من الأجر مثل ما لي ، وما لك من المغنم مثل ما لي».

وهذا في رواية جماعة أيضاً ، منهم الحافظ محبّ الدين الطبري (4).

4 - قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم له - في بعض الألفاظ - : «إنه لا ينبغي أنّ أذهب إلاّ وأنت خليفتي».

وهذا في رواية جماعةٍ كبيرة من الأئمة ، كأحمد بن حنبل ، وأبي يعلى ، والحاكم ، وابن عساكر ، وابن كثير ، وابن حجر العسقلاني ، والسيوطي ، والمتّقي الهندي ، وغيرهم (5). 6.

ص: 76


1- الطبقات الكبرى 3 / 24.
2- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 60.
3- المستدرك على الصحيحين 2 / 337.
4- الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرة 2 / 119.
5- راجع : مسند أحمد 1 / 331 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 132 ، الرياض النضرة 2 / 174 ، البداية والنهاية 7 / 338 ، الإصابة 4 / 270 ، كنز العمّال 11 / 606.

5 - تمنّي عمر وسعد لأن تكون لهما هذه المنزلة.

روى ذلك عن عمر : الحاكم النيسابوري ، وأبو بكر الشيرازي ، والزمخشري ، وابن النجّار ، ومحبّ الدين الطبري ، والسيوطي ، والمتّقي الهندي (1). أمّا ابن تيميّة فيقول : «هذا كذب»!!

وأمّا الأعور الواسطي فيقول : «إنّ عمر لو عقل ما تمنّى هذا التمنّي»!!

لكنّ سعد بن أبي وقّاص أيضاً تمنّى ذلك.

ومن رواته : ابن جرير الطبري ، وعنه المتّقي الهندي (2).

6 - وقد استدلَّت الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء بحديث المنزلة ، في كلامٍ لها مع الناس (3).

7 - وقالت الهاشمية أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب في كلامٍ لها مع معاوية : «كنّا - أهل البيت - أعظم الناس في هذا الدين بلاءً ، حتّى قبض الله نبيّه مشكوراً سعيه ، مرفوعاً منزلته ، فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي وأُميّة ، فابتزّونا حقّنا ، ولّيتُم علينا تحتجون بقرابتكم من رسول الله ونحن أقرب إليه منكم وأوْلى بهذا الأمر ، وكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل عمران ، وكان عليّ بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى» (4).

هذا تمام الكلام في حديث المنزلة ، وكيفية الاستدلال به على إمامة ا.

ص: 77


1- راجع : الرياض النضرة 2 / 118 ، كنز العمّال 13 / 122 ، وغيرهما.
2- كنز العمّال 13 / 162.
3- أسنى المطالب بمناقب عليّ بن أبي طالب - للحافظ ابن الجزري الشافعي - : 50 - 51.
4- العقد الفريد 2 / 119 ، تاريخ أبي الفداء 1 / 188 ، وغيرهما.

أمير المؤمنين عليه السلام ودفع الشبهات عنه ..

هذا ، ولولا تمامية دلالته على الإمامة العامّة لعليّ بعد رسول الله لَما اضطرّ بعضهم إلى أن يضع عنه : «أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى» فإنّه - في الحقيقة - إقرار بالدلالة مع صحّة السند ، وردّ على جميع المعترضين.

ثمّ إنّ السيّد - رحمه الله - تعرّض هنا لحديث المؤاخاة وحديث سدّ الأبواب ، بمناسبة اشتمال بعض ألفاظهما على حديث المنزلة ، فذكر جملةً من موارد تنصيص النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم على الأُخوّة بينه وبين أمير المؤمنين ، كما في كتب السُنّة ، وألفاظاً من حديث سدّ الأبواب إلاّباب عليّ ، ونحن نوضح الكلام في هذين الحديثين بنحو الإيجاز :

حديث المؤاخاة :

ذكر السيّد - رحمه الله - أنّ المؤاخاة كانت مرّتين ، وأنّ النبيّ في كلتا المرّتين اصطفى لنفسه منهم عليّاً واتّخذه من دونهم أخاً ، ثمّ روى عن كنز العمّال أنّ المؤاخاة الأُولى أخرجها أحمد في كتاب مناقب عليّ ، وابن عساكر في تاريخه ، والبغوي والطبراني في معجميهما ، والباوردي في كتاب المعرفة ، وابن عدي ، وغيرهم ..

وروى عن كنز العمّال أيضاً أنّ الثانية رواها الطبراني في المعجم الكبير.

ثمّ أورد أحاديث أُخرى عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وصف فيها عليّاً بالأُخوّة ، عن مصادر كثيرة من كتب القوم.

ص: 78

فقيل :

أمّا الأحاديث التي زعمها يوم المؤاخاة الأُولى ، فالجواب عليها من وجوه :

1 - إنّه لم ينقل لنا حديثاً واحداً منها ..

2 - إنّ المؤاخاة الأُولى - والتي كانت بين المهاجرين بعضهم مع بعض من جهة ، وبين الأنصار بعضهم مع بعضٍ - لم تثبت في كتابٍ من كتب السُنّة الصحيحة ، ولم تخرج حديثاً واحداً فيها ، وإنّما جاء ذلك في كتب السير والمغازي ، من طريق محمد بن إسحاق بن يسار ، وقد اختلف أهل الجرح والتعديل في الاحتجاج به ، فوثّقه بعضهم ووهّاه آخرون .. وبسبب ذلك ، فقد اختلف العلماء في صحّة المؤاخاة الأُولى ، قال ابن تيميّة رحمه الله : ... كلّ ما روي في ذلك باطل.

وقال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - منكراً على ابن تيميّة قوله هذا ، ومثبتاً صحّة المؤاخاة الأُولى بين المهاجرين بعضهم مع بعض : وأنكر ابن تيميّة في كتاب الردّ على ابن المطهّر الرافضي المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبيّ لعليّ ... وهذا ردّ للنصّ بالقياس.

إنّ ابن حجر - رحمه الله - قسا على ابن تيميّة ..

3 - إنّ المؤاخاة بين النبيّ وعليّ بن أبي طالب متفرّعة عن أصل المؤاخاة بين المهاجرين ، فإذا عدم الأصل عدم الفرع.

للبحث صلة ...

ص: 79

عدالة الصحابة (7)

الشيخ محمد السند

قد تبيّن ممّا مرّ كراراً أنّ البحث في عنوان عدالة الصحابة غير عاكس لحقيقة البحث بصورة عامّة ، بل الحقيقة هو البحث عن أصحاب السقيفة ، الذين بايعوا أبا بكر دون عامّة الأنصار ، والذين خالفوا البيعة تبعاً لسعد بن عبادة ، ودون بني هاشم ، وكذا من والى عليّاً عليه السلام ممّن ذكرنا أسمائهم في الحلقات السابقة ، كما أنّ البحث ليس في الصحبة للنبيّ الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ، وأنّما البحث الجاري في مشروعية ما أُقيم وأُسّس في السقيفة من نهج الخلافة وما تبع ذلك من النهج الأُموي والمرواني كل ذلك إقصاءً لعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

ورغم الوعي بهذه الحقيقة فمسايرة مع عنوان البحث نتابع النقطة التالية :

من موازين التعديل والجرح في الصحابي :

المودّة للعترة أو نصب العداوة لهم :

وذلك لكون المودّة فريضة قرآنية كبرى أوجبها الله تعالى على كلّ مسلم وعظّمها في الذكر الحكيم ، قال تعالى : (والذين آمنوا وعملوا

ص: 80

الصالحات في روضات الجنّات لهم ما يشاؤون عند ربّهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشرُ الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حُسناً إنّ الله غفور شكور) (1) ، مضافاً إلى ما استفاض بل تواتر من السُنّة النبويّة في حبّ علي والعترة عليهم السلام ، فمن كان قائماً من الصحابة بهذه الفريضة مراعياً لها كان على حدّ العدالة ، ومن كان تاركاً لها ناقضاً لهذا الميثاق فهو خارج عن حدّ العدالة فضلاً عن نصب العداوة للعترة. الذي هو بمثابة الجحود.

وسنرى أنّ من أهل سُنّة الجماعة قد عكس العيار عندهم وجعلوا النصب والعداوة سُنّة يدينون بها.

ولنتعرض للمعيار القرآني والنبوي أوّلاً ، ثم نتبعه بتركهم له ثانياً. 3.

ص: 81


1- سورة الشورى 42 : 22 و 23.

المقام الأول

المعيار القرآني النبوي لفريضة المودة

فأما الآية الشريفة فقبل التعرض إلى إطار مفادها نذكر :

أوّلاً : مورد نزولها هو أنّ الأنصار والمهاجرين اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالوا : يا رسول الله أنّ لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها مأجوراً ، اعطِ منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله عزّ وجلّ عليه الروح الأمين ، فقال : يا محمد قل : (لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القُربى) (1) يعني : أن تودّوا قرابتي من بعدي فخرجوا ، فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثّنا على قرابته من بعده ، إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه ، فكان ذلك من قولهم عظيماً ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تُفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفورُ الرحيم) (2) فبعث إليهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : هل من حدث؟ فقالوا : أي والله قال بعضنا كلاماً غليظاً كرهناه ، فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية فبكوا واشتدّ بكاؤهم فأنزل الله عزّ وجلّ (وهو الذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفوا عن 8.

ص: 82


1- سورة الشورى 42 : 23.
2- سورة الأحقاف 46 : 8.

السيئات ويعلم ما تفعلون) (1) (2).

وقد روي قريب منه عن عبد الله بن عبّاس ، كما روي في عدّة مصادر لأهل سُنّة الجماعة أنّهم سألوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : «علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام» (3).

ثانياً : قال في الكشاف : «يجوز أن يكون استثناءً متّصلاً أي : لاأسألكم أجراً إلاّ هذا وهو أن تودّوا أهل قرابتي ولم يكن هذا أجراً في الحقيقة لأنّ قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة ، ويجوز أن يكون منقطعاً أي : لا أسألكم أجراً قط ولكنني أسألكم أن تودّوا قرابتي الّذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم ، فإن قلت : هلا قيل : إلاّ مودة القربى ، أو إلاّ المودّة للقربى ، وما معنى قوله : (إلاّ المودّة في القربى) قلت : جُعلوا مكاناً للمودّة ومقراً لها ، كقولك : لي في آل فلان مودّة ، ولي فيهم هوى وحبّ شديد ، تريد : أحبّهم وهم مكان حبّي ومحله وليست (في) بصلة للمودّة ، كاللام إذا قلت : إلاّ المودّة للقربى.

أنّما هي متعلّقة بمحذوف تعلّق الظرف به في قولك المال في الكيس وتقديره : إلاّ المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. والقربى : مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى : قرابة والمراد في أهل القربى. ة.

ص: 83


1- سورة الشورى 42 : 25.
2- تفسير البرهان 4 / 819.
3- لاحظ : فضائل الصحابة - لابن حنبل - 2 / 669 ح 1141 ، والعمدة - لابن بطريق - : 94 ح 47 ، وصحيح البخاري - في تفسير آية المودّة - 6 / 231 ح 314 ، وتفسير الطبري 25 / 16 ، وشواهد التنزيل 2 / 14 ح 137 ، ومستدرك الحاكم 3 / 172 ، والصواعق المحرقة : 170 ، والطرائف : 112 ح 169 ، مناقب الخوارزمي : 194 ، ومقاتل الطالبيين : 62 ، وغيرها من المصادر العديدة.

وروي أنّها لمّا نزلت هذه الآية ، قيل : يا رسول الله! من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال : عليّ وفاطمة وابناهما ..

ويدلّ عليه ما روي عن علي رضي الله عنه : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسد الناس لي ، فقال : (أما ترضى أن تكون رابع أربعة : أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذريتنا خلف أزواجنا) (1).

وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ، ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها غداً إذا لقيني يوم القيامة).

ثم ذكر مورد النزول المتقدّم ، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من مات على حبّ آل محمد مات شهيداً (2) ، ألاّ ومن مات على حبّ آل محمد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد يزف إلى الجنّة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات على السُنّة والجماعة ، ألا ومن مات على ي.

ص: 84


1- في هامش الكشّاف 4 / 220 ، أخرجه الكريمي عن ابن عائشة بسنده عن علي ، ورواه الطبراني من حديث أبي رافع.
2- في هامش الكشاف 4 / 220 ، أخرجه الثعلبي.

بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشمّ رائحة الجنّة (1).

وقال في تفسير : (ومن يقترف حسنة) ، عن السدّي أنّها المودّة في آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نزلت في أبي بكر - رضي الله عنه - ومودّته فيهم (2)طن.

والظاهر : العموم في أي حسنة كانت ، إلاّ أنّها لمّا ذكرت عقيب ذكر المودّة في القربى ، دلّ ذلك على أنّها تناولت المودّة تناولاً أوّلياً ، كأنّ سائر الحسنات لها توابع» (3). انتهى.

أقول :

ويدلّ تقريبه الأخير لحسنة المودّة وعظمتها أنّها من الفرائض الكبرى في الدّين ، وسيأتي تقريب دلالة الآية على ذلك بنحو أوضح.

وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير بعد ما نقل كلام الزمخشري : «وأنا أقول آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم هم الّذين يؤول أمرهم إليه فكلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل.

ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين 1.

ص: 85


1- وفي تفسير القرطبي 16 / 22 ، في ذيل الآية حُكي عن الثعلبي هذه الرواية مذيّلة ب- : «ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له في شفاعتي».
2- ويشهد لذلك موت فاطمة عليها السلام وهي واجدة على أبي بكر ، ما رواه البخاري في صحيحيه 5 / 82 غزوة خيبر ، وإيصائها عدم حضوره جنازتها وأخذه لفدك منها ، في قبال إعطاءه ابنته عائشة حجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم توريثاً.
3- تفسير الكشّاف 4 / 221.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأشدّ التعلّقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل ، وأيضاً اختلف الناس في الآل ، فقيل : هم الأقارب ، وقيل : هم أُمّته ، فإن حملناه على القرابة فهم الآل ، وإن حملناه على الأُمّة الّذين قبلوا دعوته فهم أيضاً الآل ، فثبت على جميع التقديرات هم الآل ، وأمّا غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟ فمختلف فيه» (1).

أقول :

يشير الفخر الرازي إلى ما قاله الرضا عليه السلام في مجلس المأمون - في حديث - : «فلمّا أوجب الله تعالى ذلك ثَقُل لِثقَلِ وجوب الطّاعة ، فأخذ بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء ، وعاند أهل الشقاق والنفاق وألحدوا في ذلك ، فصرفوه عن حدّه الذي قد حدّه الله تعالى ، فقالوا القرابة هم العرب كلّها وأهل دعوته ، فعلى أيّ الحالتين كان ، فقد علمنا أنّ المودّة هي للقرابة فأقربهم من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أولاهم بالمودّة ، وكلما قربت القرابة كانت المودّة على قدرها» (2).

ثمّ قال الرازي في تفسيره : «وروى صاحب الكشّاف أنّه لمّا نزلت هذه الآية ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟

فقال : علي وفاطمة وابناهما».

فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ، ويدلّ عليه وجوه : 1.

ص: 86


1- التفسير الكبير 27 / 166.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 211 ح 1.

الأوّل : قوله تعالى : (إلاّ المودّة في القربى) ، ووجه الاستدلال به ما سبق.

الثاني : لا شك أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلمكان يحبّ فاطمة عليها السلام ، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها» ، وثبت بالنقل المتواتر عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان يحبّ عليّاً والحسن والحسين ، وإذا ثبت ذلك وجب على كلّ الأُمّة مثله ؛ لقوله : (واتّبعوه لعلّكم تهتدون) (1) ؛ ولقوله تعالى : (فليحذر الّذين يخالفون عن أمره) (2) ؛ ولقوله : (قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله) (3) ؛ ولقوله سبحانه : (لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنة) (4).

الثالث : أنّ الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمداً وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل ، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمد واجب ، وقال الشافعي رضي الله عنه :

يا راكباً قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضاً كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضاً حبّ آل محمدٍ

فليشهد الثقلان أنّي رافضي (5)4.

ص: 87


1- سورة الأعراف 7 : 158.
2- سورة النّور 24 : 63.
3- سورة آل عمران 3 : 31.
4- سورة الأحزاب 33 : 21.
5- التفسير الكبير 27 / 16 صلى الله عليه وآله وسلم ، ديوان الشافعي : 84.

أقول :

عقد ابن قدامة الحنبلي صاحب كتاب المغني ، وكذا صاحب الشرح الكبير فصلاً في باب التشهد في الصلاة - بعدما نقلا الأقوال في صفة الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ هناك من اختار وجوب الصلاة على (آله) -.

قال : «فصل آل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أتباعه على دينه ، كما قال الله تعالى (أدخِلوا آل فرعون) (1) ، يعني أتباعه من أهل دينه ، وقد جاء عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه سُئل مَنْ آل محمد؟ فقال : كلّ تقيّ ، أخرجه تمام في فوائده ، وقيل : آله أهله ، الهاء منقلبة عن الهمزة - إلى أن قال - ومعناهما جميعاً أهل دينه ، وقال ابن حامد وأبو حفص : لا يجزي لما فيه من مخالفة لفظ الأثر وتغيير المعنى فإنّ الأهل أنّما يعبّر عن القرابة والآل يعبّر به عن الأتباع في الدين» (2).

أقول :

وتحريف الكلم عن مواضعه في المقام وأمثاله ممّا يخصّ مناقب عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم امتثالاً لفريضة المودّة ، فتراه يترك ما يروونه من ذكر الذريّة في صفة الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد ، ولا يشير إليها من قريب ولا بعيد ، مع أنّ الآل في قوله تعالى : (وقال رجلٌ مؤمن من آل فرعون) (3) المراد به الرحم ؛ لأنّه ابن عمّ أو ابن خال فرعون ، وليس 8.

ص: 88


1- سورة غافر 40 : 4 صلى الله عليه وآله وسلم.
2- المغني 1 / 582.
3- سورة غافر 40 : 28.

استعمال الآل في الأتباع على وجه الحقيقة بل المجاز.

فكان الأولى بهم الاستشهاد فى معنى اللآل بقوله تعالى (إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذريّة بعضها من بعض) (1) ، فحيث وضحّت الآية الاصطفاء في آل إبراهيم وآل عمران هو في الذريّة والرحم لا في الأتباع.

فالموازنه بين آل محمد مع آل إبراهيم وآل عمران لا مع آل فرعون.

ثمّ قال الرازي : «قوله : (إلاّ المودّة في القربى) ، فيه منصب عظيم للصحابة ؛ لأنّه تعالى قال : (والسابقون السابقون * أُولئك المقرّبون) (2) ، فكلّ من أطاع الله كان مقرّباً عند الله تعالى فدخل تحت قوله : (إلاّ المودّة في القربى) ، والحاصل أنّ هذه الآية تدلّ على وجوب حبّ آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحبّ أصحابه وهذا المنصب لا يسلم إلاّ على قول أصحابنا أهل السُنّة والجماعة الّذين جمعوا بين حبّ العترة والصحابة ، وسمعت بعض المذكّرين قال أنّه صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا» ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات ، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين :

أحدهما : السفينة الخالية من العيوب والثقب.

والثاني : الكواكب الظاهرة الطالعة النيّرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة كان رجا السلامة غالباً ، فكذلك ركب أصحابنا أهل السُنّة سفينة حبّ آل محمد ووضعوا أبصارهم على نجوم 0.

ص: 89


1- سورة آل عمران 2 : 33 و 34.
2- سورة الواقعة 5 صلى الله عليه وآله وسلم: 9 و 10.

الصحابة ، فرجوا من الله تعالى أن يفوزوا بالسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة» (1). انتهى.

أقول :

1 - كيف يجمع الرازي بين تفسير القُربى بمعنى القرابة وتفسيرها بمعنى العبادة ؛ مع ما روي بطرق عديدة أنّهم «عليّ وفاطمة وابناهما» ، بل مع قوله تعالى في آيتي الخمس (2) والفيء (3) من جعلهما لله وللرسول ولذي القربى بمعنى القرابة وكذلك في آية إيتاء ذي القربى حقّه (4) التي نزلت خطاباً للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في اعطاء فاطمة فدكاً ، بل لم يرد لفظ وهيئة (القربى) في القرآن بمعنى العبادة والطاعة ونحوهما ، بل جميع مواردها بمعنى القرابة والأهل.

2 - أنّه لم ينقل تتمّة حديث السفينة وهي : «ومَنْ تخلّف عنها هلك» ، وحديث السفينة دالّ على انحصار النجاة بهم.

كما أنّ حديث النجوم المنقول في بعض الطرق الأُخرى لديهم أيضاً هو : «أهل بيتي كالنجوم ...» ، ولو سلّمنا كون ألفاظ الحديث هو ما ذكرها فإنّ أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم هم على مجموعات ، منهم جماعة السقيفة الذين عقدوا بيعة أبي بكر ، ومنهم الأنصار الذين خالفوا تلك البيعة ، ومنهم الموالين لعلي عليه السلام ، كسلمان وأبي ذرّ وعمّار والمقداد وبقية الاثني عشر الّذين 6.

ص: 90


1- التفسير الكبير 27 / 167.
2- سورة الأنفال 8 : 41.
3- سورة الحشر 59 : 7.
4- سورة الإسراء 17 : 26.

ذكرناهم في الحلقة السابقة الذين اعترضوا على أبي بكر وجلوسه مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا جابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وغيرهم ، وبمقتضى الجمع بين الحديثين وعدم المعارضة والتوفيق بينهما هو الاقتداء بالصحابة الذين والوا عترة النبيّ وركبوا سفينة النجاة ، كما أنّ حديث السفينة المخاطب به كلّ المسلمين بما فيهم الصحابة ، ولفظ الحديث حسب ما زعم (بأيّهم اقتديتم) لفظ العموم البدلي (أي) ، المنطبق على مثل سلمان وأبي ذرّ والمقداد بل إنّ أكثر من صحب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأدمن ملازمته هم قرابته علي وفاطمة عليهما السلام.

3 - أن دعواه ركوب أصحابه سفينة حبّ آل محمد سيأتي تفشي سُنّة العداء والنصب لآل محمد فيهم ، وجعلهم حبّ آل محمد علامة للضعف والجرح ، وأنّهم مقيمون على الجفاء والهجر لعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واقرأ التاريخ من يوم وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحدوث السقيفة إلى يومنا هذا فانظر مَن الذي وصل العترة رحم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (والّذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) (1)؟! ومَن الذي قطع الصلة بالعترة (والذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل) (2)؟!

ثالثاً : قد حكى القرطبي في تفسيره عن قوم القول بنسخ الآية بقوله تعالى : (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلاّ على الله) (3) وبقوله تعالى : (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلّفين) (4) ، 6.

ص: 91


1- سورة الرعد 13 : 21.
2- سورة البقرة 2 : 27.
3- سورة سبأ 34 : 47.
4- سورة ص 38 : 86.

لكي يلحق الله تعالى نبيّه بإخوانه من الأنبياء ، حيث قالوا : (وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلاّ على ربّ العالمين) (1) ، ثمّ حكى تقبيح هذا القول عن الثعلبي (2).

أقول :

إنّ قوله تعالى : (ما سألتكم من أجر فهو لكم) يعزز آية المودّة ولا يصادم مفادها ، بل هو شارح للأجر في آية المودّة وأنّ منفعته ونفعه عائد للمكلّفين والمسلمين أنفسهم لا إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فليس سُنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم التي أمره الله تعالى بها في آية المودّة مخالفة لسنن الأنبياء من قبل من عدم طلب الأجر على أدائهم وتبليغهم للدّين والنبوّة.

إذْ المودّة في القربى التي سألها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم منهم ليس أجراً عائداً نفعه له بل نفعه ينتفع به هم أنفسهم ، وهذا ممّا ينادي أنّ مودّة القربى هي منشأ هداية لهذه الأُمّة ، وهذا ما يوضحه أيضاً قوله تعالى : (قل ما أسألكم عليه من أجراً إلاّ من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا) (3) ، أي : أنّ الأجر الذي سأله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو المودّة في القربى هو اتخاذ السبيل إلى الربّ تعالى ، فنفع المودّة عائد للأُمّة نفسها لا للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، إذْ المودّة تتخذ سبيلاً للهداية إلى الله تعالى ، فمودّة علي وفاطمة وابناهما هداية ، وهم السبيل إليه تعالى.

ويتحصّل من ذلك : تطابق آية المودّة مع حديث الثقلين وحديث 7.

ص: 92


1- سورة الشعراء 26 : 109.
2- تفسير القرطبي 16 / 22.
3- سورة الفرقان 25 : 57.

السفينة وغيرها من الآيات والأحاديث في أصحاب الكساء.

مفاد آية المودّة :

إنّ التأمّل والتدبّر في ألفاظ الآية يرشدنا إلى ما أشارت إليه الآيتان الأُخريان من كون المودّة في القربى مصلحة عامّة للأُمّة وسبيل هداية ، وأنّ هذه الفريضة التي أمر الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغها للأُمّة هي من عظائم الفرائض وأركانها ؛ وذلك لأنّ المودّة جعلت أجراً معادلاً لكلّ الرسالة ومن البين أنّ تبليغ الرسالة اشتمل على تبليغ التوحيد والمعاد والأقرار والايمان بالنبوّة وغير ذلك من الأُصول الاعتقادية ، فضلاً عن بقية أركان الدين ، ومقتضى المعادلة بين الأجر والمعوض كون هذه الفريضة من أركان الدين.

وفي حديث الرضا عليه السلام في مجلس المأمون عن آية المودّة : «وهذه خصوصية للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله عزّ وجلّ حكى ذكر نوح في كتابه : (ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إنْ أجري إلاّ على الله وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقوا ربّهم ولكنّي أراكم قوماً تجهلون) (1) ..

وحكى عزّ وجلّ عن هود أنّه قال : (ويا قوم لا أسألكم عليه أجراً إنّ أجري إلاّ على الذي فطرني أفلا تعقلون) (2) ..

وقال عزّ وجلّ لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم : يا محمد! (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً) (3) ، ولم3.

ص: 93


1- سورة هود 11 : 29.
2- سورة هود 11 : 51.
3- سورة الشورى 42 : 23.

يفرض الله تعالى مودّتهم إلاّ وقد علم أنّهم لا يرتدّون عن الدّين أبداً ولايرجعون إلى ضلال أبداً ، وأُخرى أن يكون الرجل وادّاً للرجل ، فيكون بعض أهل بيته عدوّاً له ، فلم يسلم قلب الرجل له ، فأحبّ الله عزّ وجلّ أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المؤمنين شيء ففرض الله عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحبّ أهل بيته لم يستطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته ، فعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه لأنّه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى ، فأيّ فضيلة وأيّ شرف يتقدّم هذا أو يدانيه؟ ..

- إلى أن قال عليه السلام - وما بعث الله عزّ وجلّ نبيّاً إلاّ أوحى إليه أن لايسأل قومه أجراً ، لأنّ الله يُوَفّي أجر الأنبياء ، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم فرض الله عزّ وجلّ مودّة قرابته على أُمّته ، وأمره أن يجعل أجره فيهم ، لتودّوه في قرابته ، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عزّ وجلّ لهم ، فإنّ المودّة إنّما تكون على قدر معرفة الفضل ..

- إلى أن قال عليه السلام - وما أنصفوا نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم في حيطته ورأفته ، ومامنَّ الله به على أُمّته ممّا تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه ، أن يَوَدّوه في قرابته وذريّته وأهل بيته ، وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس ، حفظاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم ، وحبّاً لهم ، وكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه ، والأخبار ثابتة أنّهم أهل المودّة والذين فرض الله تعالى مودّتهم ووعد الجزاء عليها ، فما وفى أحد بهذه المودّة مؤمناً مخلصاً إلاّ استوجب الجنّة ، لقول الله عزّ وجلّ في هذه الآية : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنّات لهم ما يشاؤون عند ربّهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم

ص: 94

عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى) (1) مفسّراً مبيّناً» (2).

ثمّ إنّ هناك آيات أُخر دالّة على هذه الفريضة ، كقوله تعالى : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتولّ الله ورسوله والّذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون) (3)».

وهذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام تصدّق وهو راكع في واقعة معروفة ، فلاحظ فيها مصادر الفريقين ، وكذا آية التبليغ وآية خير البريّة ، وسورة (هل أتى) وغيرها من الآيات الكثيرة.

وأما الروايات ، والأحاديث الواردة في افتراض محبّة عترة المصطفى علي وفاطمة وولديهما فهي فوق حدّ التواتر ، فقد روي عن جابر : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأن نعرض أولادنا على حبّ علي بن أبي طالب (4).

وروي عن عبادة بن الصامت ، أنّه قال : كنا نبور أولادنا بحبّ علي ابن أبي طالب ؛ فإذا رأينا أحداً لا يحبّه علمنا أنّه ليس منّا وأنه لغير رشدة (5).

وروى المناوي في كنوز الحقائق ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «حبّ علي عليه السلام براءة من النفاق» (6) ، وروى الطبراني وغيره عن فاطمة 8.

ص: 95


1- سورة الشورى 42 : 22 و 23.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 211 ح 1.
3- سورة المائدة 5 : 55 و 5 صلى الله عليه وآله وسلم.
4- ميزان الاعتدال 1 / 23 صلى الله عليه وآله وسلم ، لسان الميزان 2 / 231.
5- الغريبين - للهروي - : 21 مخطوط ، مجمع بحار الأنوار - للصديقي - 1 / 121 طبعة لكهنو ، الأربعين - لعلي الهروي - : 54 ، المناقب - لعبد الله الشافعي - : 21 مخطوط ، تاجّ العروس 3 / 61 مادة «بور» ، نزهة المجالس - للصفوري - 2 / 208.
6- كنوز الحقائق : 67 ، ينابيع المودّة - للقندوزي - : 18.

الزهراء عليها السلام قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أنّ السعيد كلّ السعيد من أحبّ عليّاً عليه السلام في حياته وبعد موته ، وأنّ الشقيّ كلّ الشقيّ من أبغض عليّاً عليه السلام في حياته وبعد موته» (1) ، وروى جابر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «لكلّ شيء أساس وأساس الدّين حبّنا أهل البيت» ، وفي طريق آخر «حبّ أهل بيتي» (2).

وروي عن أنس بن مالك أنّه يقول : والله الذي لا إله إلاّ هو لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي بن أبي طالب» (3).

ويمكن للقارئ العزيز مراجعة كتاب ملحقات إحقاق الحقّ بتوسط فهرست الملحقات مادة «ح ب ب» ليقف على عشرات المصادر من كتب أهل سنة الجماعة التي روت الأحاديث الجمّة في ذلك ، مثل «من مات على حبّ آل محمد مات شهيداً» ، فقد أخرج له في الملحقات العديد من المصادر ، وكذا «من مات على حبّ آل محمد فأنا كفيله بالجنّة وجعل الله ر.

ص: 96


1- المناقب - للخوارزمي - : 47 و 80 عن معجم الطبراني ، ذخائر العقبى - للطبري - : 92 ، الرياض النضرة 2 / 214 ، شرح النهج - لابن أبي الحديد - 2 / 449 ، مقتل الحسين - للخوارزمي - : 46 ، مجمع الزوائد - للهيثمي - 2 / 132 ، منتخب كنز العمال 5 / 47 ، ينابيع المودّة - للقندوزي - : 127 و 213 ، الأربعين - للهروي - : 65 مخطوط ، أرجح المطالب - للأمرتسي - : 522 و 507 و 518 ، مفتاح النجا - للبدخشي - : 60.
2- لسان الميزان 5 / 380 ، المناقب المرتضوية - للكشفي الحنفي - : 100 ، كنز العمال 13 / 90 و 6 / 218 ، رموز الأحاديث - للكمشخانوي - : 498.
3- تاريخ بغداد - للخطيب - 4 / 410 ، والمناقب - لابن المغازلي - : 243 ح 290 ، لسان الميزان 4 / 471 ، الجامع الصغير - للسيوطي - 2 / 145 ، تاريخ دمشق - لابن عساكر - 1 / 454 ، وغيرها من عشرات المصادر.

زوار قبره ملائكة الرحمة» ، و «لو اجتمع الناس على حبّ عليّ بن أبي طالب لما خلق الله النار» ، و «حبّ علي براءة من النار» ، و «حبّ علي حسنة لا تضرّ معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة» ، و «أساس الإسلام حبّي وحبّ أهل بيتي» ، «لن يقبل الله فرضاً إلاّ بحبّ علي بن أبي طالب» ، «لا ينال ولاية النبيّ إلاّ بحبّ علي» ، «أكثركم نوراً يوم القيامة أكثركم حبّاً لآل محمد» ، «أثبتكم على الصراط أشدّكم حبّاً لأهل بيتي» ، «من أحبّ هذين - الحسنين - وأُمّهما وأباهما كان معي في درجتي» ، «من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ الله» ، «شفاعتي لأُمّتي من أحبّ أهل بيتي» ، «لا يحببنا إلاّ من طابت ولادته» ، «لا يحببنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقيّ» ، «لا يحبّني حتّى يحبّ ذوي قرابتي» ، «من أراد دخول الجنّة بغير حساب فليحبّ أهل بيتي» ، «لا يقبل إيمان عبد إلاّ بمحبته أهل بيتي» ، «عاهدني ربّي أن لا يقبل إيمان عبد إلاّ بمحبّة أهل بيتي» ، وغيرها من عشرات الأحاديث لو أردنا أن نستوفيها بأكملها لخرجنا عن حدّ البحث ، لكن يمكن مراجعة تلك المصادر (1).

* * * ».

ص: 97


1- لاحظ : فهرس ملحقات إحقاق الحقّ 34 / 401 ، مادة : «ح ب ب».

المقام الثاني

في ترك القوم فريضة المودّة وتبديلها بسُنّة النّصب والعداوة

قال ابن قدامة في المغني في كتاب الشهادات - شروط الشهادة - : «الشرط الرابع : العدالة ...

فالفسوق نوعان :

أحدهما : من حيث الأفعال فلا نعلم خلافاً في ردّ شهادته.

والثاني : من جهة الاعتقاد وهو اعتقاد البدعة فيوجب ردّ الشهادة أيضاً ، وبه قال مالك وشريك وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ، وقال شريك أربعة لا تجوز شهادتهم ، (رافضي) يزعم أن له إماماً مفترضة طاعته ، (وخارجي) يزعم أن الدنيا دار حرب ..

- إلى أن قال - وقال أبو حامد من أصحاب الشافعي المختلفون على ثلاثة أضرب.

الأوّل : اختلفوا في الفروع ، فهولاء لا يفسقون بذلك ولا تردّ شهادتهم وقد اختلف الصحابة في الفروع ومن بعدهم من التّابعين.

الثاني : من نفسّقه ولا نكفّره وهو من سبّ القرابة كالخوارج أو سبّ الصحابة كالروافض فلا تقبل لهم شهادة لذلك ...» (1). 9.

ص: 98


1- المغني 12 / 28 - 29.

ونظير ذلك قال صاحب الشرح الكبير (1).

وقال في المغني في فصل التوبة من الكتاب المزبور : «وقد ذكر القاضي أنّ التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة لحديث صبيغ رواه أحمد في الورع قال : ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السُنّة ...» (2).

أقول :

فالرفض أحد تعاريفه لديهم هو : من يعتقد بالإمام المفترض الطاعة من عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وجعلوا هذا الاعتقاد بدعة في الدّين ولا أدري أيّ دين يعنون؟!

هل آية المودّة وآية التطهير وآية المباهلة وسورة الدهر وآية الولاية ، والتصدّق في حال الركوع ، وآية الإبلاغ في غدير خم من سورة المائدة ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي نزلت في أصحاب الكساء ، فضلاً عن الأحاديث النبويّة فيهم كحديث الغدير والسفينة والثقلين والدار والمنزلة والأئمّة من قريش إثنا عشر ، وغيرها من الأحاديث النبويّة الكثيرة التي رواها الفريقان ، كلّ هذه الحجج من الكتاب والسُنّة ابتداع في الدين الذي يرسمه القوم لأنفسهم؟!

والأنكى أنّ جماعة من أهل سُنّة الجماعة - كما نقل التفتازاني في شرح المقاصد (3) ، في مبحث الإمامة وغيره في كتب أُخرى - قائلون بالنصّ ى.

ص: 99


1- الشرح الكبير بذيل المغني 12 / 39 - 40.
2- المغني 12 / 81.
3- تقدّم نقله في الحلقات الأُولى.

على أبي بكر وأنّه الخليفة المنصوب المفترض طاعته ، وكذلك النصّ على عمر ، فهل القول بالنصّ عليهما غير مخرج عن الدين ، والقول بالنصّ على عليّ عليه السلام وولده بدعة في الدين ، لا أرى هذه التفرقة إلاّ امتثالاً لفريضة المودّة في القربى التي أمر القرآن بها!!

والغريب أنّ التفتازاني ثمّة أعترف - ونقل عن بعضهم أيضاً - أنّ الدلائل من كلا الطرفين موجودة ، غاية الأمر انّه رجّح الدالّ منها - بزعمه - على فضائل الشيخين ، على ما دلّ على فضائل علي عليه السلام ، ولا ينقضي التدافع في أقوال القوم فهم من جانب يجعلون الخلافة والإمامة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ن الفروع دون الاعتقادات ، ومن جانب آخر يجعلون الاختلاف بينهم وبين الشيعة في الإمامة والخلافة خلافاً اعتقادياً ، وهذا بخلاف الاختلاف في المذاهب الأربعة ونحوها فإنّه خلاف في الفروع لاتّفاقهم على إمامة الشيخين وإن اختلفوا في التجسيم والتشبيه وفي الجبر والتفويض وفي خلق القرآن وغيرها من المسائل الخطيرة الخلافية في الاعتقادات.

ثمّ أنّهم اشترطوا في التوبة الاجتناب ممّن كان يواليه من أتباع أهل البيت عليهم السلام ويوالي من كان يعاديه من أهل سُنّة الجماعة ولم يذكروا ذلك في الناصبة الذين عادوا أهل البيت عليهم السلام ، ولم يعتبروهم من أهل البدع بل من أهل سُنّة الجماعة الذين اشترط موالاتهم في التوبة المتقدمة.

وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي : «شيعي جلد ، لكنّه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته.

وقد وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال : كان غالياً في التشيّع ، وقال السعدي : زائغ مجاهر.

ص: 100

فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحدّ الثقة العدالة والإتقان؟! فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟!

وجوابه : أنّ البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلوّ التشيّع أو كالتشيّع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة ، وهذه مفسدة بيّنة ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحطّ على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة. وأيضاً فما استُحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولامأمونا ، بل الكذب شعارهم ، والتقية والنفاق دثارهم ، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا ، فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممّن حارب عليّاً رضي الله عنه ، وتعرّض لسبِّهم ، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفّر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضاً ، فهذا ضالّ مُعَثّر ، ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً ، بل قد يعتقد عليّاً أفضل منهما» (1). انتهى.

أقول :

وإقرار الذهبي بأنّ كثيراً من رواة التّابعين وتابعيّهم هم ممن تشيّع وكان من الرافضة ، يقتضي على أصول القوم تعديلهم لأولئك الرواة وحجّيتهم بمقتضى القاعدة والأصل الذي عدّلوا به الصحابة ، وهو كونهم نقلة الدّين وأنّه لولاهم لما وصل إلينا. 5.

ص: 101


1- ميزان الاعتدال 1 / 5.

إلاّ أنّ القوم لم يعملوا بهذا الأصل في التّابعين وتابعيهم في الرواة المذكورين ، ممّا يدلل على أن وجهة التعديل ليس ذلك الأصل المتقدّم وإنّما هو بيعة السقيفة.

ويلحظ في نهج الذهبي الدمشقي الذي هو من أئمّة الجرح والتعديل لدى أهل سُنّة الجماعة والذي وصفه تلميذه ابن السبكي في الطبقات بالنصب ، بل إنّ غالب أئمّة الجرح والتعديل لديهم ممّن ينصب العداوة لآل البيت عليهم السلام - كما يفوح من كلماتهم - :

أنّه جعل حبّ أهل البيت عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم - وهو التشيّع كما يسمّيه - بدعة ، ولا يستغرب من جرأة القوم على القرآن والسُنّة وجعلهم الفريضة العظيمة بدعة ، وسيأتي أنّهم جعلوا بغض أهل البيت سُنّة وكلّما أشتد البغض أطلقوا عليه صلب في السُنّة.

وقد جرى على ذلك غالب أئمّة الجرح والتعديل لديهم.

ففي ترجمة إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي الجوزجاني قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : «قال الخلال : إبراهيم جليل جداً ، كان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراماً شديداً ....

وقال ابن حبّان في الثقات : كان حروري المذهب ، ولم يكن بداعية ، وكان صلباً في السُنّة ، حافظاً للحديث ، إلاّ أنّه من صلابته ربّما كان يتعدّى طوره.

وقال ابن عدي : كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي.

وقال السلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه : لكنّ فيه انحراف

ص: 102

عن علي ، اجتمع على بابه أصحاب الحديث فأخرجت جارية له فرّوجة لتذبحها فلم تجد من يذبحها ، فقال : سبحان الله فرّوجة لا يوجد من يذبحها ، وعليّ يذبح في ضحوة نيفا وعشرين ألف مسلم.

قلت : وكتابه في الضعفاء يوضح مقالته ، ورأيت في نسخة من كتاب ابن حبان حريزي المذهب وهو بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبعد الياء زاي نسبة إلى حريز ابن عثمان المعروف بالنصب» (1). انتهى.

وقال الذهبي في ترجمته : «أحد أئمّة الجرح والتعديل ... كان مقيماً بدمشق يحدّث على المنبر وكان أحمد يكاتبه فيتقوّى بكتابه ويقرؤه على المنبر» (2). انتهى.

أقول :

فقد أفصحوا بأبلغ وضوح مرادهم من السُنّة والصلابة في السُنّة وهي نصب العداوة لعلي عليه السلام وولده ، ويلاحظها المتتبع في تراجم كثير من الرواة من التّابعين وتابعيّهم المعروفين بالنصب والجفاء للعترة ، وهذه السُنّة أفرزتها السقيفة من إقصاء أهل البيت عليهم السلام ، ومن الهجوم على بيت فاطمة عليها السلام ، كما جاهر بها بنو أُميّة وهي طابع النهج المرواني.

ولقد ارتجّ المسجد من صياح من فيه بعمر بن عبد العزيز : السُنّة السُنّة تُركت السُنّة! عندما ترك في خطبة الجمعة لعن ابن عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخيه!! وأصرّ أهل حران على الاستمرار على تلك السُنّة لمّا نهوا عن 6.

ص: 103


1- تهذيب التهذيب 1 / 159 رقم 332.
2- ميزان الاعتدال 1 / 75 - 76.

اللعن ، وقالوا أنّ الجمعة لا تصحّ بدونها ، ولا غرو فقد أخرجت تلك السُنّة في تلك البلدان أجيال ممّن تصلّبوا فيها من الوقيعة واللمز في أهل البيت عليهم السلام.

هذا في حين يذكر الذهبي في ترجمة عمر بن سعد قاتل سبط النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : وقال العجلي : روى عنه الناس ، تابعي ثقة.

وقال ابن حجر في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي البصري : «قال أبو طالب عن أحمد : لا بأس به ، قيل له : أن سليمان بن حرب يقول : لايكتب حديثه ، فقال : أنّما يتشيّع ، وكان يحدّث بأحاديث في فضل علي ، وأهل البصرة يغلون في علي - أي في بغضه - وقال عباس عنه : ثقة كان يحيى بن سعيد لا يكتب حديثه لا يروي عنه وكان يستضعفه ، وقال أحمد بن سنان : رأيت عبد الرحمن بن مهدي لاينبسط لحديث جعفر بن سليمان قال أحمد بن سنان : استثقل حديثه ، وقال ابن سعد : كان ثقة وبه ضعف وكان يتشيّع ، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين : سمعت من عبد الرزاق كلاماً يوما فاستدللت به على ما ذكر عنه من المذهب ، فقلت له : أنّ أستاذيك الذين أخذت عنهم ثقات ، كلهم أصحاب سُنّة فعمّن أخذت هذا المذهب؟ فقال : قدم علينا جعفر بن سليمان فرأيته فاضلاً حسن الهدي فأخذت هذا عنه.

وقال ابن الضريسي : سألت محمد بن أبي بكر المقدمي عن حديث لجعفر ابن سليمان ، فقلت : روى عنه عبد الرزاق قال : فقدت عبد الرزاق ما أفسد جعفر غيره - يعني في التشيع - ...

قال ابن حبان : كان جعفر من الثقات في الروايات غير أنّه ينتحل الميل إلى أهل البيت ولم يكن بداعية إلى مذهبه وليس بين أهل الحديث

ص: 104

من أئمّتنا خلاف ، أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعوا إليها الاحتجاج بخبره جائز» (1). انتهى.

فيلاحظ من نقله لكلمات أئمّة الجرح والتعديل الأُمور التالية :

الأوّل : جعلهم حبّ علي عليه السلام ونقل الرواية في فضائله بدعة ، ويسمونه تشيع ، وهم في ذلك يستحرمون الفريضة العظيمة التي أمر بها القرآن من مودّة القربى.

الثاني : جعلهم الميل إلى أهل البيت مصدر طعن وقدح في الراوي ، وتراهم يفصحون بذلك ويجاهرون به في كثير من تراجم الرواة من غير نكير وهذا شقاق مع الله ورسوله ومحادّة ، وقد طعنوا في كثير من أصحاب علي عليه السلام وحواريّه بمثل ذلك.

الثالث : إعراضهم عن روايات فضائل أهل البيت عليهم السلام التي يرويها الثقات ، وكم طُمس وضُيّع من الآثار النبوّية في مناقب العترة ، الجمّ الغفير وترى تصريحهم بالإعراض المزبور في تراجم رواة ثقات كثير ، ومن ذلك قول الشافعي في حقّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : ماذا أقول في رجل أخفت أولياؤه فضائله خوفاً ، وأخفت أعداؤه فضائله حسداً ، وشاع من بين ذين ماملأ الخافقين (2).

وكيف لا يكون ذلك منهم وقد منع كتابة الحديث النبوي في الصدر الأوّل تحت شعار حسبنا كتاب الله. 0.

ص: 105


1- تهذيب التهذيب 2 / 61 - 63.
2- حلية الأبرار 1 / 294 ، وانظر : الرواشح السماويّة : 203 ، الأنوار البهيّة : 60 ، كشف اليقين : 40.

الرابع : جريهم على استبشاع الروايات الواردة في فضائل علي عليه السلام فتارة يعبرون لا ينبسط لحديث فلان ، وأُخرى لا يكتب حديثه ، وثالثة استثقل حديثه وغير ذلك من عبائرهم التي تفوح بالإشمئزاز والنفرة من الذي قال فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، «وعلي مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار» ، «لا يبغضك يا علي إلاّ منافق أو ابن زنا أو ابن حيضة» ، وغيرها من الأحاديث النبويّة.

الخامس : جعلهم الانقطاع عن أهل البيت عليهم السلام والابتعاد عنهم وتركهم سُنّة ، والعاملين بها أصحاب سُنّة كما عبّر بذلك ابن معين في كلامه مع المحدّث الحافظ عبد الرزاق الصنعاني ، وجعل موادّة عبد الرزاق لأهل البيت عليهم السلام فساد في الدين.

ولا يخفى أن جعفر بن سليمان ممّن روى حديث الطير ، وحديث ماتريدون من عليّ! عليّ مني وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن بعدي كما ذكر ذلك الذهبي في الميزان (1).

وقال ابن حجر في ترجمة حريز بن عثمان الحمصي : «قال معاذ بن معاذ حدّثنا حريز بن عثمان ولا أعلم أني رأيت بالشام أحداً أُفضله عليه.

وقال الآجري عن أبي داود : شيوخ حريز كلّهم ثقات ، قال : وسألت أحمد بن حنبل فقال : ثقة ثقة ، وقال أيضاً : ليس بالشام أثبت من حريز إلاّ أن يكون بحير ، وقال أيضاً عن أحمد وذكر له حريز وأبو بكر بن أبي مريم وصفوان فقال : ليس فيهم مثل حريز ليس أثبت منه ...

وقال عمر بن علي : كان ينتقص عليّاً وينال منه وكان حافظاً لحديثه 1.

ص: 106


1- ميزان الاعتدال 1 / 410 - 411.

وقال في موضع آخر : ثبت شديد التحامل على علي.

وقال الحسن بن علي الخلال : سمعت عمران بن إياس سمعت حريز بن عثمان يقول : لا أحبّه قتل آبائي - يعني عليّاً -.

وقال أحمد بن سعيد الدارمي ، عن أحمد بن سليمان المروزي : سمعت إسماعيل بن عياش قال : عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكّة فجعل يسبّ عليّاً ويلعنه ، وقال الضحاك بن عبد الوهاب - وهو متروك متّهم - : حدّثنا إسماعيل بن عياش سمعت حريز بن عثمان يقول : هذا الذي يرويه الناس عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعلي : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» حقّ ، ولكن أخطأ السامع ، قلت : فما هو؟

فقال : إنّما هو : أنت منّي بمنزلة قارون من موسى.

قلت : عمّن ترويه؟

قال : سمعت الوليد بن عبد الملك يقول وهو على المنبر.

وقال ابن عدي : وحريز من الأثبات في الشاميين ، ويحدّث عن الثقات منهم ، وقد وثّقه القطان وغيره ، وإنّما وضع منه ببغضه لعلي ، وقيل له في ذلك ، فقال : هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي.

وقد اعتمده البخاري في صحيحه» (1). انتهى.

أقول :

فانظر إلى مدح هذا الناصبيّ الوضّاع ، وتوثيقهم له وجعلهم إيّاه من الأثبات ، واعتمادهم عليه وملازمة روايته وتوثيقهم لجميع مشايخه الذين 2.

ص: 107


1- تهذيب التهذيب 2 / 219 - 222.

منهم الوليد بن عبد الملك!!

ثمّ أين غيرتهم على الصحابة والبراءة من سبّ الصحابة؟! وأين تلك الهالة القدسيّة التي يحيطونها بالصحابي؟! وأين تلك الحميّة لصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟! أو ليس ابن عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نجم ورأس في الصحبة والصحابة؟! علاوة على قرابته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومقاماته في بناء صرح الدّين.

كلّ هذا شاهد لما كررناه في بحوث هذه الحلقات أنّ عنوان الصحابة لا يراد به إلاّ أصحاب السقيفة دون الأنصار ودون بني هاشم ودون من والى عليّاً عليه السلام من المهاجرين وسائر الصحابة ، كما أنّ مرادهم من أصحاب السُنّة هو سُنّة العداء والقطيعة والجفاء لعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، بل إنّ هذه السُنّة الجاهلية والمنبعثة من السقيفة والأُمويّة المروانية قد طالت شخص النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

قال ابن حجر في ترجمة خالد بن سلمة بن العاص المخزومي المعروف بالفأفأ : قال أحمد - أي ابن حنبل - وابن معين وابن المديني : ثقة ....

وقال أبو حاتم : شيخ يكتب حديثه ، وقال ابن عدي : هو في عداد من يجمع حديثه ، ولا أرى بروايته بأساً ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال محمد بن حميد عن جرير : كان الفأفأ رأساً في المرجئة وكان يبغض عليّاً ، ذكره علي بن المديني يوماً ، فقال : قُتل مظلوماً.

وقع في صحيح البخاري ضمناً ، وذكر ابن عائشة أنّه : كان ينشد بني مروان الأشعار التي هجى بها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (1).5.

ص: 108


1- تهذيب التهذيب 2 / 514 - 515.

وقد وثّقه الذهبي أيضاً (1).

أقول :

وكيف لا يركنون إلى أمثال هؤلاء الرواة المبغضين للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعترته ، - كمروان بن الحكم ونظائره في صحاحهم -؟! وكيف لا يأمنونهم على دينهم والسُنّة عندهم هي على قطيعة العترة وجفائهم وهجرهم والعداوة لهم؟! وهي تؤدي إلى قطيعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والعداوة له ، كما أنّ مودّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تؤدي إلى مودّة عترته ، فالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعترته متلازمان في المودّة ، وبغض أحدهما يؤدي إلى بغض الآخر وهذا هو مفاد آية المودّة ، إذْ مقتضى كون مودّة القربى أجر الرسالة هو : أن تقدير نبوّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ورسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتقديسه ، بأداء أجرها وقيمتها وهو مودّة القربى ، فالاستخفاف بمودّة القربى استخفاف بأجر الرسالة والنبوّة ، واستحلال عداوة العترة استحلال لحرمة الرسالة.

وقال ابن حجر في ترجمة لِمازَة بن زبّار - أبو لبيد البصري - : «ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل البصرة ، وقال : سمع من علي وكان ثقة وله أحاديث ، وقال حرب عن أبيه : كان أبو لبيد صالح الحديث ، وأثنى عليه ثناءً حسناً ، وقال موسى بن إسماعيل ، عن مطر بن حمران : كنّا عند أبي لبيد فقيل له : أتحبّ عليّاً؟ فقال : أحبّ علياً وقد قتل من قومي في غداة ستة آلاف ، وذكره ابن حبّان في الثقات.

وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين : حدّثنا وهب بن جرير ، عن 1.

ص: 109


1- ميزان الاعتدال 1 / 631.

أبيه ، عن أبي لبيد وكان شتاماً ، قلت : زاد العقيلي ، قال وهب : قلت لأبي : من كان يشتم؟ قال : كان يشتم علي بن أبي طالب ، وأخرجه الطبري من طريق عبد الله بن المبارك ، عن جرير بن حازم ، حدّثني الزبير بن خريت ، عن أبي لبيد ، قال : قلت له : لمَ تسبّ عليّاً؟ قال : ألا أسبّ رجلاً قتل منّا خمسمائة وألفين والشمس هاهنا ..

- ثمّ قال ابن حجر - وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالباً ، وتوهينهم الشيعة مطلقاً ، لا سيّما أنّ عليّاً ورد في حقّه : (لا يحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق).

ثمّ ظهر لي في الجواب عن ذلك أنّ البغض هاهنا مقيّد بسبب وهو كونه نصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حقّ المبغض ، والحبّ بعكسه ؛ وذلك ما يرجع إلى أمور الدنيا غالباً ، والخبر في حبّ علي وبغضه ليس على العموم ، فقد أحبّه من أفرط فيه حتّى ادعى أنّه نبيّ ، أو أنّه إله تعالى الله عن إفكهم ، والذي ورد في حقّ علي من ذلك قد ورد مثله في حقّ الأنصار ، وأجاب عنه العلماء أن بغضهم لأجل النصر كان ذلك علامة نفاقه وبالعكس ، فكذا يقال في حقّ علي ، وأيضاً فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهوراً بصدق اللهجة والتمسّك بأمور الديانة بخلاف من يوصف بالرفض فإنّ غالبهم كاذب ، ولا يتورّع في الأخبار ، والأصل فيه أنّ الناصبة أعتقدوا أنّ عليّاً رضي الله عنه قتل عثمان ، أو كان أعان عليه فكان بغضهم له ديانة بزعمهم ، ثمّ انضاف إلى ذلك أنّ منهم من قُتلت أقاربه في حروب علي» (1). انتهى كلامه. 1.

ص: 110


1- تهذيب التهذيب 8 / 410 - 411 رقم 831.

وقال الذهبي في ترجمة لِمازة بن زبّار : «بصري حضر وقعة الجمل ، وكان ناصبياً ينال من علي رضي الله عنه ، ويمدح يزيد» (1). انتهى.

أقول :

دفاع ابن حجر عن الناصبة وإن كان استحلالاً منه لعداوة علي عليه السلام بتسويل واهي إلاّ أننا نوضّح لوازم كلامه ونسجّل نقاط اعترافه :

الأُوّلى : إقراره بتوثيق أهل سُنّة الجماعة غالب الناصبة المعادين لعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واعتمادهم في الرواية عليهم وأخذ أحكام الدّين عنهم ، ولاغرابة في ذلك لأنّ مآل من يترك العترة النبويّة التي أمر الله بمودّتها - وهو ترك لأعظم فريضة - الركون إلى العصاة البغاة أهل النفاق والشقاق.

الثانية : إقراره بتوهين أهل سُنّة الجماعة كافة الشيعة ممّن يميل إلى عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ويواليهم ، وهذا يعزز ما ذكرناه من أنّ مرادهم من السُنّة هو سُنّة العداء وقطعية عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

الثالثة : دعواه : أنّ حرمة بغض علي عليه السلام وكون البغض نفاقاً مقيّداً بسبب نصرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واستدل على التقييد بأنّ من وقعت منه إساءة في حقّ المبغض يبغضه بحكم الطبع البشري.

ويندفع : مع ذيل كلامه من أنّ الناصبة يبغضون عليّاً لمخالفته لعثمان ، وليس كلّ الناصبة ممّن كان في عصر علي عليه السلام ، ولا كلّ الناصبة هم ممّن قتل علي آباءهم في بدر وأُحد وحنين والأحزاب وخيبر والجمل وصفين ، 9.

ص: 111


1- ميزان الاعتدال 3 / 419 رقم 6989.

كما أن قتل علي لآباء الناصبة وأجدادهم في حروب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلمكان في سبيل الله واعلاء كلمة الإسلام وإرغام كلمة الكفر ، وكذلك في حرب الجمل وصفين والنهروان كان قتالاً للناكثين للبيعة والقاسطين الظلمة والمارقين من الإسلام ، كما يمرق السهم من القوس ، كما أمره بذلك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت به الأحاديث النبويّة ، وكما في أحاديث قتل عمار بن ياسر وغيرها ، وكيف يطلق ابن حجر على ذلك الجهاد في سبيل الله أنّه إساءة لآباء الناصبة وفعل سوء - ربنا نعوذ بك من استحلال حرمات دينك -.

ولعمري إنّ دفاع ابن حجر بمثل ذلك أعظم فدحاً في الدّين من نصب الناصبة ، لأن ذلك يفتح الباب للآخرين ببغض العترة بذلك التسويل ، ثمّ ماذا يصنع ابن حجر مع آية المودّة فهل يُأوّلها أيضاً؟ وإذا ساغ مثل هذا العبث بمحكمات وبيّنات الدّين فليعذر عندهم إبليس في معاداته لخليفة الله آدم عليه السلام ؛ لأنّه تأوّل فأخطأ لا سيّما وأن خلقة إبليس من نار فطبعه الخلقي الحمية والعصبية.

ثمّ إن حديث «علي مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار» ، أو مثل حديث السفينة وحديث الثقلين وغيرها من الأحاديث دالّ على أنّ بغض علي عليه السلام في أيّ موقف مخالفة للحقّ وهلاك وضلال ؛ لأنّ عليّاً عليه السلام في كلّ سيرته وفعله مع الحقّ ونصرة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حتّى بعد وفاته.

الرابعة : إنّ إفراط بعض من أحبّ عليّاً وغلوه لا يسوّغ بغض وعداوة علي عليه السلام ، وإلاّ لجاز بغض ومعاداة النبيّ عيسى عليه السلام ، وكيف يتعذّر ابن حجر بمثل ذلك في مخالفة آية المودّة التي تنادي بعظم فريضة المودّة في القربى؟! وما وزر مَنْ أحبّ عليّاً ولم يغل فيه؟!

وأمّا قياس ما ورد في علي عليه السلام بما ورد في حقّ الأنصار ، فهو قياس

ص: 112

مع الفرق والبون الشاسع ، فإنّ ما ورد في علي عليه السلام لا يحصى من أحاديث الفضائل والمناقب ، وأين ذلك ممّا ورد في الأنصار ، مضافاً إلى أنّ الحكم في علي عليه السلام قد رُتّب على ذاته الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس بنصّ آية التطهير.

وأمّا الحكم في الأنصار فقد رُتّب على عنوان نصرتهم ، والوصف مشعر بعلّة الحكم ، بخلاف عنوان الذات في علي عليه السلام فإنّه يعطي ملازمة ذاته الطاهرة للحقّ ونصرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والدّين في كلّ المواطن.

ثمّ ما يصنع ابن حجر في الحديث الآخر : «لا يبغضك يا علي إلاّ منافق أو ابن زنا أو ابن حيضة» ، أو ما في حديث جابر : «كنّا نباري أولادنا بحبّ علي عليه السلام ، فمن كان يحبّه علموا أنّه طاهر الولادة ، ومن كان يبغضه علموا أنّه لغير أبيه» ، وغير ذلك من الأحاديث التي تهيّج ثائرة أهل النصب.

الخامسة : وصفه أكثر الناصبة بالتمسّك بأمور الديانة والصدق ، ومن تلك الديانة قطع ما أمر الله به أن يوصل ، ومنع أجرة النبوّة العائد نفعها لا إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيف لا يكون إبليس أعبد العباد على هذا المنطق ؛ لأنّه أبى أن يسجد لآدم وأصرّ أن يكون خضوعه لله خالصاً من طاعة ولي الله ، فلقد اقترح إبليس على الله أن اعفني من السجود لآدم ولأعبدنّك عبادة لم يعبدك أحد مثلها ، فأجابه تعالى : «إنّي أُحبّ أن أُعبد من حيث أُريد لامن حيث تريد» ، ثمّ إنّ ممّن وثّقوه من الناصبة خالد بن سلمة بن العاص الذي تقدّم أنّه ينشد بني مروان أشعاره التي يهجو بها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا عمر بن سعد قاتل الحسين عليه السلام ، ونظائرهم فبخ بخ له بهذه الديانة.

السادسة : دعواه : كذب أكثر الرافضة يناقضه ما تقدّم من إقرار الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب : «فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم مع الدين والورع

ص: 113

والصدق ، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهبت جملة من الآثار النبويّة وهذه مفسدة بيّنة» (1).

هذا مع أنّ تأوّل ابن حجر في جرح أهل سُنّة الجماعة في الرواة الشيعة يدفعه تنصيصهم على أنّ منشأ الطعن هو الميل إلى أهل البيت عليهم السلام ، أو حبّ علي عليه السلام ، فكلماتهم تنادي بأبتداع المودّة في القربى التي أمر الله تعالى بها.

السابعة : أنّ الناصبة يعذرون في بغضهم لعلي عليه السلام ، مع افتراض مودّته بنصّ الكتاب ومع ذلك يوصفون بالديانة ، فلم لا يُعذر مَنْ يُنسبْ إليهم بغض الشيخين وأصحاب السقيفة؟!

العداوة مرض في قلوب الناصبة :

إنّ القرآن الكريم كما أمر وفرض مودّة أهل البيت وأمر بصلتهم وعظّم من هذه الفريضة حتّى جعل خطبها في مصافّ أُصول الاعتقاد والإيمان بجعلها أجراً لكلّ الرسالة المشتملة على العقيدة والمعرفة ، وهذا البيان شاف لإقامة الحجّة البالغة على العباد وقطع العذر وإنارة سبيل النجاة.

كذلك القرآن حذّر ونهى عن البغض والعداوة لهم ، حيث تعرّضت كثير من الآيات للنهي عن قطع ما أمر الله به أنْ يوصل ، كما حذّر من الضغينة التي هي ضد المودّة في قوله تعالى : (إنّ الّذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم * ذلك بأنّهم قالوا للّذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله 5.

ص: 114


1- ميزان الاعتدال 1 / 5.

يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفّتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الّذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم* ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) (1).

فقد سلّطت الضوء هذه الآيات الشريفة على تعريف الضغينة بأنّها مرض في قلوب ثلّة ، ولا نجد في القرآن الكريم أنّ الله تعالى افترض المحبّة والمودّة - التي هي من أفعال القلب - ، ومن ثمّ تظهر على أفعال الجوارح إلاّ في المحبّة لله تعالى وللرسول ولذي القربى ، فالضغينة المحرّمة لا تكون إلاّ في موارد عصيان فريضة المحبّة والمودّة ؛ فالقرآن قد حرّم المودّة والمحبّة لآخرين في موارد أُخرى ، كما في قوله تعالى : (لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أُولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) (2) ، وقد أطلق القرآن على موادّة من حادّ الله ورسوله أنّها موالاة في السورة نفسها في الآيات الكريمة التى تحكي عن طائفة ممّن هم حول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (ألم تَرَ إلى الّذين تولّوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ...) (3).

ولك أن تقول أطلق على الموالاة أنّها موادّة.

وهذا تعريف آخر يطلعنا ويوقفنا عليه القرآن الكريم وهو كون 4.

ص: 115


1- سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم 47 : 25 - 30.
2- سورة المجادلة 58 : 22.
3- سورة المجادلة 58 : 14.

المودّة موالاة ، غاية الأمر أنّ المودّة - والتي هي موالاة - على نحوين :

منها : واجبة مفترضة ، وهي المحبّة والمودّة والموالاة لله ولرسوله ولذي القربى.

ومنها : محرّمة ، وهي المودّة والموالاة لمن حادّ وشاقق الله ورسوله.

كما أنّ الضغينة المحرّمة هي التي يؤتى بها وترتكب في موارد الفريضة الواجبة مخالفة ، فبتوسط آية المودّة في سورة الشورى وهذه الآيات من سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمجادلة يتبيّن أنّ المودّة والموالاة والنصرة هي لله ولرسوله ولذي القربى - علي وفاطمة وابناهما - ، وهو الإيمان الذي يكتبه الله تعالى في القلوب ، فالإيمان في القلب هو المودّة والموالاة لله ولرسوله ولذي القربى والمرض في القلوب هو العداوة والضغينة لله ولرسوله ولذي القربى.

ويتّضح من هذه الآيات : إنّ الإيمان يقابل المرض في القلوب ، وإنّ الّذين في قلوبهم مرض من أوائل عهد الإسلام - كما تشير إليه سورة المدّثر - أُولئك لم يُكتب في قلوبهم الإيمان من البدء وبقوا على تلك الصفة.

ومن ذلك يُعلم أنّ من الهدى الذي نزّل الله تعالى - وكرهه جماعة وتابعهم جماعة أُخرى طواعية للجماعة الأُولى إسراراً بين الجماعتين - هو افتراض مودّة ذي القربى في آية المودّة كما أنّ ممّا نزّل الله تعالى من الهدى - والذي كرهه جماعة أيضاً وأبطلوا العمل به - هو افتراض الخمس والفيء لذي القربى في سورة الأنفال والحشر ، ولا ريب أنّ أداء الخمس لذي القربى وتمكينهم من الفيء الذي افترضه الله لهم هو من أبرز مصاديق الموالاة والمودّة لذي القربى.

وقد مرّ بنا في الحلقات الأُولى أنّ الّذين في قلوبهم مرض هم ثلّة

ص: 116

نشأت في أوائل الدعوة وبداية الإسلام ، حيث ورد ذكرهم في سورة المدثّر وهي رابع سورة نزلت على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في مكّة في أوائل عهد البعثة الشريفة ، وقد جعلت سورة المدثّر الّذين في قلوبهم مرض فئة في قبال فئة الّذين آمنوا وفئة الّذين أُوتوا الكتاب وفي مصافّ فئة رابعة هي فئة الّذين كفروا ، لكنّها ميّزتهم عنواناً واسماً عن الذين كفروا وإن كانوا في موقف واحد بحسب الحقيقة والواقع لا بحسب الظاهر ؛ لأنّ الّذين في قلوبهم مرض يبطنون هذا المرض وهو الضغينة المحرّمة بحسب تعريف آيات سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تلك الضغينة تجاه من أمر تعالى بمحبّتهم ومودّتهم وموالاتهم ، وهذه السور تلاحق هذه الفئة والثلّة التي نشأت في صفوف من أسلم في أوائل البعثة.

وتبيّن أن مخططهم مبني على الضغينة لذي القربى وكراهة ما نزّل الله في حقّهم من المودّة والموالاة والخمس والفيء ، كما تبيّن الآيات السابقة في سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهي تتحدّث في وصف الّذين في قلوبهم مرض : (ويقول الّذين آمنوا لولا نزّلت سورة فإذا أُنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الّذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم * طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم * فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أُولئك الّذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم) (1).

فهذه الآيات تنبأ عن ملحمة قرآنية عن هذه الثلّة والفئة - التي ترعرعت في أوائل البعثة ووصفتهم هذه السورة بأنّ وصفهم البارز هو 3.

ص: 117


1- سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم 47 : 20 - 23.

الضغينة لمن أمر الله تعالى بمودّته وصلته وموالاته - وكراهة ما نزّل على رسوله من الهدى الذي منه مودّة وموالاة ذي القربى ، وتخصيص الخمس والفيء بهم أي بولايتهم ، وقد أطلقت اسم مرض القلب في قبال الإيمان المكتوب في القلب - حسب ماورد في سورة المجادلة كما مرّ بنا - هذه الملحمة تولي هذه الفئة سدّة الحكم والتصرّف في الأُمور العامّة للمسلمين ، وسيكون الطاغي على أفعال هذه الفئة - الّذين في قلوبهم مرض - عدّة أُمور :

الأوّل : هو الفساد في الأرض ، وهو مخالفة الكتاب والسُنّة في الأحكام والتشريعات ، ممّا يوجب استشراء الفساد في الأرض شيئاً فشيئاً حتّى ينتشر في بلاد المسلمين الظلم والفساد المالي والفساد الأخلاقي والحيف في القضاء والتلاعب في مقدّرات الحكم والسلطة ، وغيرها من وجوه الفساد في الأرض.

والثاني : قطع ما أمر الله به أن يوصل ، وهو معاداة من أمر الله بمودّتهم وموالاتهم وتمكينهم من حقّ الولاية لهم على الخمس والفيء ، وقد أنبأت آية آخرى من كتاب الله العزيز عن نفس هذه الملحمة المستقبلية لأوضاع المسلمين وهي (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلّط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير * ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا الله أن الله شديد العقاب) (1) ، حيث عللّ هذه في الآيات تخصيص ذوي 7.

ص: 118


1- سورة الحشر 59 : 6 و 7.

القربى بالفيء - وهو الأموال العامّة والمنابع الطبيعة في البلاد كما هو مقرّر في الفقه - كي لا تكون - أي الأموال العامّة - دولة يتداولها الأغنياء خاصّة منكم يستأثرون بها دون عامّة المسلمين ، أي كي تسود العدالة المالية بين المسلمين لا بد من ولاية ذوي القربى على الفيَ والأموال العامّة ومقتضى هذا التعليل أنّ مجيء غيرهم على سدّة الحكم والولاية على الأموال العامّة سوف ينجم منه الظلم والفساد المالي ، وهذا ما وقع فإنّه قد فرّق بين المسلمين في عطاء بيت المال في عهد الأوّل ، وازداد ذلك في عهد الثاني ووصل إلى ذروة الحيف ، واللامساواة في توزيع وعطاء بيت المال في عهد الثالث حتّى ثار المسلمون وحدث الذي حدث ، وكذلك استمر النهج في عهد بني أُمية وبني العبّاس ، وقد أخبرت الصديقة فاطمة عليها السلام بذلك في خطبتها التي سبق نقلها.

وقد توعّدت آيات سورة الحشر عن مخالفة هذا الحكم والتشريع بشدّة العقاب.

فتلخّص - ممّا مرّ بنا - : أنّ المودّة للقربى وعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هي موالاة لهم - كما أوضحت ذلك سورة المجادلة التي مرّ ذكر آياتها - وأنّ الضغينة والعداوة لهم مرض في القلوب - كما أوضحت ذلك سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم - في قبال المودّة والموالاة لهم فإنّه إيمان.

وإلى ظاهر هذه الآيات من السور يشير الصادق عليه السلام فيما رواه عنه عبد الله بن سنان أنّه عليه السلام قال : في معرض كلامه عن علامات ظهور القائم من آل محمد (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وأنّه يكون في السماء نداء «ألا أن الحقّ في علي بن أبي طالب وشيعته ، قال عليه السلام : ف- (يثبّت الله

ص: 119

الّذين آمنوا بالقول الثابت) (1) على الحقّ وهو النداء الأوّل ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبم مرض ، والمرض والله عداوتنا» (2). الحديث.

وقد روى ابن المغازلي الشافعي في المناقب ، عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى : (ولتعرفنّهم في لحن القول) (3) ، قال : ببغضهم علي بن أبي طالب (4) ، والآية المذكورة في سياق وصف الّذين في قلوبهم مرض ، وغيرها من الروايات (5).

هذا ، وممّا يدلّ على كون مودّة ذوي القربى موالاتهم ، مضافاً إلى ماتقدّم في سورة المجادلة ، قوله تعالى في سورة آل عمران : (قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) (6)هل ، فإنّ في الآية تصريح بأنّ مقتضى المحبّة الإتّباع ، كما أنّ مقتضى مفهوم الشرطية في الآية أيضاً هو أنّ ترك الإتّباع كاشف مسبب عن عدم المحبّة.

فيتحصّل أنّ مودّة ذوي القربى مقتضاها إتّباعهم وموالاتهم وهي التي قد جعلها أجراً لكلّ الرسالة. فمفاد الآية متطابق مع حديث الثقلين وحديث السفينة.

فتحصل أنّ مقتضى فريضة المودّة في القربى والتي عظّم شأنها 1.

ص: 120


1- سورة إبراهيم 14 : 27.
2- الغيبة - للنعماني - : 260 ح 19 الباب 14.
3- سورة محمد 47 : 30.
4- مناقب ابن المغازلي : 262 ح 359.
5- لاحظ : ما روي عنهم عليهم السلام في تفسير البرهان ، ونور الثقلين في ذيل آيات سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
6- سورة آل عمران 3 : 31.

القرآن الكريم ، وكون بغضهم والعداوة لهم وجفاءهم وقطعيتهم مرض يعري القلوب ويسلبها الإيمان ، هو أن المودّة للقربى ميزان ومعيار لتعديل الصحابي ، وبغض ذوي القربى والمصادمة معهم ميزان ومعيار لجرح الصحابي ، فهذا الضابط يتطابق مع ما تقدّم من الموازين والمعايير التى مرّت بنا في الحلقات السابقة.

ومن ذلك قول الصدّيقة الزهراء عليها السلام بإن الهجرة كوصف للصحابي أنّما تنطبق عليه لا لكون معناها انتقال البدن من مكان إلى مكان كسفر جغرافي ، بل الهجرة إنّما هي بالهجرة إلى أهل البيت عليهم السلام ، لا الابتعاد عنهم ، وأنّ المدار على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته ، لا المعاداة لهم والمخالفة ، والهجرة تحققت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسوله وذي القربى ، فلا هجرة إلاّ إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة ومودّة وموالاة إلاّ لهم لا عليهم ، ولا إتّباع بإحسان إلاّ بإتباع سبيلهم ، وما أسألكم عليه من أجر إلاّ - وهو المودة في القربى - من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً ، كما مرّ بنا قول علي عليه السلام : «أنّ الصدّيق من صدّق بحبهم وأبطل باطل عدوهم ، والفاروق من فرّق بينهم وبين عدوهم» (1) ، وأنّ من ترك الهجرة إليهم يتعرّب ، وأنّ من يترك المودّة والموالاة لهم يتحزّب.

فهذه وقفة يلزم إعطاءها الإمعان التّام في مبحث عدالة الصحابة.

للبحث صلة ... -.

ص: 121


1- نهج البلاغة : كتاب 49. ط مؤسسة الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه -.

الحاوي في رجال الإمامية - لابن أبي طيّ الحلبي (2)

الشيخ رسول جعفريان

25 - التقي بن نجم بن عبيدالله ، أبو الصلاح الحلبي.

قال الذهبي في تاريخه : شيخ الشيعة وعالم الرافضة بالشام ..

قال يحيى بن أبي طيّ في تاريخه : هو عين علماء الشام ، والمُشار إليه بالعلم والبيان ، والجمع بين علوم الأديان ، وعلوم الأبدان.

ولد في سنة أربع وسبعين بحلب ، ورحل إلى العراق ثلاث مرّات ، وقرأ على الشريف المرتضى.

وقال ابن أبي رَوْح : توفّي بعد عوده من الحجّ بالرملة في المحرّم ، وكان أبو الصلاح علاّمة في فقه أهل البيت.

وقال غيره : له مصنّفات في الأُصول والفروع ، منها : كتاب الكافي ، وكتاب التقريب ، وكتاب المُرشد إلى طريق التعبّد ، وكتاب العُمْدة في الفقه ، وكتاب تدبير الصحّة ، صنّفه لصاحب حلب نصر بن صالح ، وكتاب شُبَهُ الملاحدة ، وكتبه مشهورة بين أئمّة القوم.

وذُكر عنه صلاح وزُهْد ، وتقشّف زائد ، وقناعة مع الحُرْمة العظيمة والجَلالة ، وأنّه كان يُرغّب في حضور الجماعة ، وكان لا يصلّي في المسجد

ص: 122

غير الفريضة ، ويتنفّل في بيته ، ولا يقبل ممّن يقرأ عليه هديّة ، وكان من أذكياء الناس وأفقههم وأكثرهم تفنناً ، وطوّل ابن أبي طيّ ترجمته (1).

قال ابن حجر : تقي بن عمر بن عبيدالله بن عبدالله بن محمد الحلبي ، أبو الصلاح ، مشهور كنيته ..

من علماء الإمامية. ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وطلب ومهر وصنّف ، وأخذ عن أبي جعفر الطوسي وغيره ، ورحل إلى العراق ، فحمل عن الشريف المرتضى ، ومات بحلب سنة سبع وأربعين وأربعمائة (2).

26 - ثابت بن أسلم بن عبد الوهّاب*.

قال الذهبي : أبو الحسن الحلبي ، أحد علماء الشيعة.

وكان من كبار النُحاة ، صنّف كتاباً في تعليل قراءة عاصم ، وأنّها قراءة قريش ، وكان من كبار تلامذة أبي الصلاح. تصدّر للإفادة بعده ، وتولّى خزانة الكتب بحلب ، فقال مَن بحلب من الإسماعيلية : أنّ هذا يُفْسد الدعوة ؛ وكان قد صنّف كتاباً في كشف عوارهم وابتداء دعوتهم ، وكيف بنيت على المخاريق. فَحُمِل إلى صاحب مصر ، فأمر بِصَلْبه ، [فاستشهد في حدود سنة 460] ، فرحمه الله ولعن من صلبه.

وأُحرقت خزانة الكتب التي بحلب ، وكان فيها عشرة آلاف مجلّدة من وقف سيف الدولة بن حمدان وغيره (3). اح

ص: 123


1- تاريخ الإسلام السنوات 441 - 460 / 143 - 144 رقم 192.
2- لسان الميزان 2 / 124 رقم 1804.
3- تاريخ الإسلام السنوات 441 - 460 / 499 رقم 285. ويعلم من هذه الترجمة : أنّ المترجم شيعي إمامي ، من تلامذة أبي الصلاح

27 - ثعلبة بن إبراهيم الكوفي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وذكر أنّ له تصنيفاً يروي فيه عن جماعة من أهل السُنّة (1).

28 - جعفر بن أحمد البخاري.

قال ابن حجر : راوية أبي عمرو الكشّي ، حمل عنه كتابه في معرفة رجال الشيعة ، قال ابن أبي طيّ : كان فاضلاً جليل القدر (2).

29 - جعفر بن أحمد العلوي الرُقي أبو القاسم العُرَيْضي*.

قال ابن حجر : مصنّف كتاب الفتوح ، روى عن علي بن أحمد العقيقي ، روى عنه أحمد بن زياد بن جعفر ، وقال : كان إمامياً حَسَن المعارَضة كثير النوادر (3).

30 - جعفر بن إبراهيم.

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : كان ثقة من رجال علي بن الحسين 3.

ص: 124


1- لسان الميزان 2 / 145 رقم 1864.
2- لسان الميزان 2 / 194 - 195 رقم 1984.
3- لسان الميزان 2 / 194 رقم 1983.

رضي الله عنهما ، روى عنه عبدالله بن حجاج (1).

31 - جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولوَيْه.

أبو القاسم السهمي الشيعي.

قال الذهبي : قلت : كان ابن قولوَيه من كبار الشيعة ، ومن علمائهم المشهورين ، وكان من أصحاب سعد بن عبدالله ، وهو شيخُ الشيخ المفيد ، وقال فيه المفيد : كما يوصف الناس من جميلٍ وفقهٍ ودينٍ وثقةٍ ، فهو فوق ذلك.

وله كتب حسان ، منها : كتاب الصلاة ، وكتاب الجمعة والجماعة ، وكتاب قيام الليل ، وكتاب الصداقة ، وكتاب قسمة الزكاة ، وكتاب الشهور والحوادث ، وغير ذلك من كتب الفقه.

حمل عنه الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد ، وأبو جعفر ابن يعقوب ، وأبو الحسن يحيى بن محمد بن عبدالله الحسيني ، وأحمد ابن عبدون ، والحسين بن عبيدالله الغضائري ، وحيدرة بن نعيم السمرقندي ، ومحمد بن سليم الصابوني بمصر ..

وأحسبه من أهل مصر (2)!

ذكر ابن أبي طيّ وفاته في هذه السنة [368] (3). ي.

ص: 125


1- لسان الميزان 2 / 190 رقم 1969.
2- والمترجَم قمّي ، كما هو المشهور.
3- تاريخ الإسلام السنوات 351 - 380 / 393 - 394 ؛ وفيه : «ابن أبي علي» .. وهو خطأ واضح ؛ إذ النصّ - كما يظهر - هو من عبارات ابن أبي طيّ ، وتصحيف «طيّ» ب- : «علي» أمر عادي.

32 - جنادة السَلولي.

قال ابن حجر : ويقال أبو جنادة ، روى عن أبي حمزة الثُمالي ، وعنه حصين بن مخارق ، ذكروه في رجال الشيعة ، نقلته من خطّ ابن أبي طيّ (1).

33 - حسن بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك التيمي النيسابوري ، أبو علي بن أبي القاسم.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، فقال : كان أحد علماء الشيعة الفضلاء ، وأحد وجوه نيشابور ، وقد حدّث كثيراً ، وكان من تلامذة أبي سعيد مسعود بن ناصر السنجري الحافظ ، وعاش إلى بعد الخمسمائة (2).

34 - حسن بن إبراهيم بن محمد بن جعفر الحمصي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : أخذ عنه أبي ، وقال : كان فقيهاً إمامياً مُناظِراً ، مات سنة أربعين وخمسمائة وقد عمّر طويلاً (3).

35 - الحسن بن بشّار بن محمد بن مرزوق ، أبو محمد الريان الحلبي *.

قال ابن حجر : من شيوخ الرافضة ، له مصنّف في منع رؤية الله تعالى ، مات سنة خمس عشرة وخمسمائة (4). 8.

ص: 126


1- لسان الميزان 2 / 252 رقم 2147.
2- لسان الميزان 2 / 357 رقم 2412.
3- لسان الميزان 2 / 360 رقم 2419.
4- لسان الميزان 2 / 369 - 370 رقم 2438.

36 - حسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة بن علي بن محمد.

قال الذهبي في تاريخه : من أولاد إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، الشريف أبو علي الحسيني الإسحاقي الحلبي الشيعي ..

نقيب مدينة حلب ، ورئيسها ، ووجهها ، وعالمها ، ورأس الشيعة ووجاههم ، ووالد النقيب السيّد أبي الحسن علي ، ولد له علي هذا سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ؛ وولي النقابة في الأيام الظاهرية بحلب بعد سنة ستمائة.

وكان أبو علي عارفاً بالقراءات ، وفقه الشيعة ، والحديث والآداب والتواريخ ، وله النظم والنثر ، وكان صدراً مُحتشماً ، وافرَ العقل ، حسنَ الخَلْق والخُلق ، وفصيحاً مفوّهاً ، صاحب ديانة وتعبّد ، ولي كتابة الإنشاء للملك الظاهر غازي ، ثمّ أنف من ذلك واستعفى ، وأقبل على الاشتغال والتلاوة ، ثمّ نُفّذ رسولاً إلى العراق ، ومرّة إلى سلطان الروم ، ومرّة إلى صاحب إربل ، فلمّا تُوُفّي الظاهر طُلب لوزارة ولده العزيز ، فاستعفى.

وحجَّ في سنة تسع عشرة ، ولقيَتْه هدايا الملوك : فنفّذ إليه الملك الأشرف موسى من الرقّة خِلْعةً له ولأولاده ودوابَّ وأربعة آلاف درهم ، ونفّذ إليه صاحب آمِد هديّة ، وصاحب ماردين هَديّة ، وتَلقّاه صاحب الموصل لؤلؤ بنفسه ، وحمل إليه الإقامات ، وخَلَع عليه وعلى أولاده ، واحتُرم في بغداد وتُلُقّي ، ولمّا رَجَع من الحجّ مرض وتمادت به العِلّة ، ثمّ لحقه ذرْبٌ ومات.

قال ابن أبي طيّ : فُجِع بموته الصديق والعدوّ ، والقريب والبعيد ، وكان للناس به وبجاهه نفعٌ عظيم ، وكان كما قال الشاعر :

ص: 127

وما كان قيس هلكه هَلك واحد

ولكنّه بنيان قوم تهدّما

وغُلّق البلد ، وشيّعه الناس على طبقاتهم ، ومات سنة عشرين وستمائة.

وقد سمع من أبي علي محمد بن أسعد الجَوّانى النقيب ، والافتخار أبي هاشم الهاشمي. وتفنّن في علوم شتّى.

وله ولد آخر اسمه أبو المحاسن عبد الرحمن.

تُوُفّي بعد مجيئه من الحجّ في جمادى الأُولى ، ودفن بجبل جوشن (1).

قال ابن حجر : حسن بن زهرة بن الحسن ، انتهى نسبه إلى الحسين ابن إسحاق بن المؤتمن بن جعفر الصادق.

كان أديباً فاضلاً ، ولي نقابة الطالبيين بحلب في بيت رياسة ويتبع فقه الإمامية والقراءات وغير ذلك ، مات سنة عشرين وستمائة ، وله ستّ وخمسون سنة (2).

37 - الحسن بن علي بن نصر بن عقيل ، أبو علي العَبْدي العراقي ، همام الدين.

قال الذهبي : من شيوخ الرافضة ، وُلِد بالحلّة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ، وكان خبيراً بالأُصول ، كثير المحفوظ ، شاعراً محسناً كبيراً.

مدح المستنجد والمستضيء والناصر ، ومدح صاحب الموصل 8.

ص: 128


1- تاريخ الإسلام السنوات 611 - 620 / 477 رقم 657 ، وانظر : الوافي بالوفيات 12 / 18 - 20.
2- لسان الميزان 2 / 387 - 388 رقم 2468.

وصاحب حلب ، وأرسل إلى السلطان صلاح الدين بقصيدة فنفذ إليه مائة دينار ، قدم حلب واشتغل عليه يحيى بن أبي طيّ ، وعظّمه في تاريخه.

ومن شعره :

ولم أرَ كالدنيا مقيل مهجرٍ

حبيبٍ إليه ظِلُّها وَهْوَ زائلُ

وما الناسُ إلاّ كامل الحظّ ناقصٌ

وآخَرُ منهم ناقص الحظّ كاملُ

وإنّي لَمُنْشٍ من حياءٍ وعفّةٍ

وإنْ لم يَكُن عندي مِن المال طائلُ

تُوُفّي بدمشق (1).

38 - الحسن بن عَنْبس بن مسعود*.

قال الذهبي : أبو محمد الرافقي. الشيخ المُعمّر الشيعي ، العارف بمذهب القوم ..

ذكر الكراجكي أنّه اجتمع به بالرافقة (2) ورأى له حلقة عظيمة يقرؤون عليه مذهب الإمامية ، وكان بصيراً بالأُصول.

يذكر أنّه قرأ على الشيخ المفيد ولقي القاضي عبد الجبار ، مات وقد نيف على المائة (3).

قال ابن حجر : كان شيعياً غالياً ، قرأ على الشيخ المفيد ولقي القاضي عبد الجبّار ، وعمّر مائة سنة أو أكثر.

قال الكراجكي : اجتمعت به بالرافقة ، ورأيت له حلقة عظيمة يقرؤون 6.

ص: 129


1- تاريخ الإسلام السنوات 601 - 610 / 112.
2- الرافقة : بلد متصّل البناء بالرقة على ضفة الفرات ؛ راجع : معجم البلدان - ذيل عنوان : «الرافقة».
3- تاريخ الإسلام السنوات 481 - 490 / 171 رقم 177 ، وفيّات سنة 486.

عليه مذهب الإمامية.

مات سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، ويقال سنة ستّ وثمانين ، ومن شيوخه الصفوائي وأبو جعفر بن بابويه وكانت له خصوصية بالصاحب بن عباد (1).

39 - الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي.

شيخ الرافضة وعالمهم ، أبو علي ابن شيخ الرافضة الشيخ أبي جعفر الطوسي ، رحلت إليه طوائف الشيعة إلى العراق وحملوا عنه.

قال الذهبي : ذَكَره ابن أبي طيّ في تاريخه ، فقال : كان ورعاً ، عالماً ، متألّهاً ، كثير الزهد والورع ، قائماً بالتلاوة والأوراد ، والاشتغال ، والتصنيف.

وُلِد بمشهد عليّ عليه السلام ، وقرأ على أبيه جميع كتبه.

حدّثني عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري ، قال : كان الشيخ أبو علي الطوسي من أعبد الناس وأفْيَدهم تألّهاً ، لم يُرَ إلاّ قارئاً ، أو مصلّياً ، أو معلّماً ، أو مشتغلاً ، وكان بين عينيه الركْن العتر من السجود وكان يسترها.

قال ابن رُطْبة : كان أبو علي خشناً في ذات الله ، عظيم الخشوع والعبادة ، معظّماً عند الخاصّة والعامّة.

وقال آخر : رأيت أبا علي رجلاً قد وهب نفسه لله. لم يجعل لأحدٍ معه فيها نصيباً ، ولا أشكّ أنّه كان من خواصّ الأبدال. ن.

ص: 130


1- لسان الميزان 2 / 447 - 448 رقم 2563 ؛ ولا بُدّ أن يكون هذا النصّ منقولاً عن تاريخ الري لمنتجب الدين ، أو عن طبقات الإماميّة لابن أبي طيّ. ولم يرد ذكر لهذا الشخص في مصادر الرجال الشيعية الموجودة الآن.

قلت : وكان مقيماً بمشهد عليّ بالعراق.

قال العماد الطبري : لو جازت الصلاة على غير النبيّ والإمام ، لصلّيت عليه ، كان قد جمع العلم والعمل ، وصدق اللهجة. وقد زار أبو سعد السمعاني المشهد وسمع عليه وأثنى عليه.

وقال أبو منصور محمد بن الحسن النقّاش : كنّا نقرأ على الشيخ أبي علي بن أبي جعفر ، وإن كان إلاّ كالبحر يتدفّق بجواهر الفوائد ، وكان أروى الناس للمَثَل والشاهد ، وأحفظ الناس للأُصول ، وأنقلهم للمذهب ، وأرواهم للحديث (1).

40 - الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي.

الهمداني الأصل ، نزيل حلب.

قال ابن حجر في لسانه : أخذ ببغداد عن أبي بكر بن دريد ، وأبي بكر ابن مجاهد ، وأبي عمر الزاهد ، وابن الأنباري ، وسمع على أبي العباس بن عُقْدة وغيره ، قال ابن أبي طيّ : كان إمامياً عالماً بالمذهب.

قلت : وقد ذكر في كتاب ليس ما يدلّ على ذلك ..

وقال الذهبي في تاريخه : كان صاحب سُنّة (2)! ّ.

ص: 131


1- تاريخ الإسلام السنوات 521 - 540 / 557 - 558 رقم 516. وقد ذكره الذهبي ضمن المتوفّين في عشر الأربعين وخمسمائة ظنّاً ويقيناً ، والحال إنّ المترجَم توفّي في سنة 492 .. والذهبي نفسه ذكره أيضاً ضمن المتوفّين في هذه السنة ، دون أيّ نقل عن ابن أبي طيّ أو غيره .. والعجب من المحقّق ؛ إذ لم يتوجّه إلى التكرار وكتب في ذيل الترجمة في سنة 492 : لم أجد مصدر ترجمته ، والحال أنّه ذكر في ذيل الترجمة هنا مصادر كثيرة لترجمته.
2- تاريخ الإسلام السنوات 351 - 380 / 439 ؛ ولم يذكر فيه شيئاً عن ابن أبي طيّ.

قلت - يعني : ابن حجر - : كان يظهر ذلك تقرّباً لسيف الدولة صاحب حلب ؛ فإنّه كان يعتقد ذلك.

وقد قرأ أبو الحسين النصيبي - وهو من الإمامية - عليه كتابه في الإمامة. وله تصانيف في اللغة والقراءات وغيرهما.

وكان يقال له : ذو النونين ؛ لأنّه كان يكتب في آخر كتبه : الحسين ابن خالويه فيعرف بالنونين.

أخذ عنه عبد المنعم بن غلبون ، والحسن بن سليمان وغيرهما. ونفق سوقه بحلب ، ووقع بينه وبين المتنبّي منازعات عند سيف الدولة.

مات بحلب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وقيل : في التي قبلها (1).

41 - الحسين بن أحمد بن عيّاش الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في شيوخ الشيعة ، وقال : كان فقيهاً.

صنّف كتاب الأنواع والأسجاع ، وكتاب الإمامة ، وأخذ عن العين زربي وغيره ، وتفقّه عليه جماعة ، ومات سنة ثمان وخمسمائة (2).

42 - الحسين بن أحمد بن غالب الجبلي ، أبو علي المؤدّب.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : وكان أحد الفقهاء الإمامية ، قرأ على ابن البرّاج ، وولي القضاء ، ثمّ عزل نفسه لمنام رآه ، وقال : عاهدْتُ الله تعالى بعده أن لا أحكم بين اثنين. جلس يُقْرئ الناس القرآن. 4.

ص: 132


1- لسان الميزان 2 / 490 رقم 2648.
2- لسان الميزان 2 / 492 رقم 2654.

قال الكراجكي : لقيته فرأيت رجلاً عظيم التألّه كأنّه جاور الآخرة.

ومات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بجَبْلة (1).

43 - الحسين بن أحمد بن محمد الصفّار.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : روى عن أبي طالب بن غيلان ، روى عنه ابن السمعاني (2).

44 - الحسين بن أحمد بن محمد القطّان البغدادي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : إمام عالم فاضل من فقهاء الإماميّة ، قرأ على الشريف المرتضى ، وعلى الشيخ المفيد.

وقدم حلب سنة تسعين وثلاثمائة ، فأقرأ في جامعها ، ثمّ توجّه إلى طرابلس فأقام عند رئيسها أبي طالب محمد بن أحمد وأقرأ أولاده.

وصنّف الشامل في الفقه أربع مجلّدات ، وكان موجوداً سنة سبع عشرة وأربعمائة (3).

45 - الحسين بن إسحاق الكوفي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الإمامية ، وقال : كان يقول : إنّه لقي ألف شيخ أخذ عنهم حديث الأئمّة.

روى عنه محمد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس وغيرهما (4). 3.

ص: 133


1- لسان الميزان 2 / 492 رقم 2655.
2- لسان الميزان 2 / 493 رقم 2659.
3- لسان الميزان 2 / 494 رقم 2660.
4- لسان الميزان 2 / 504 رقم 2673.

46 - الحسين بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسن بن داود بن علي بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي النيسابوري ، يلقَّب فَخْر الحرمين.

قال ابن حجر : ذكره ابن السمعاني ، وقال : كان ذا جاهٍ ومالٍ ، ومنزلةٍ عالية في العِلْم.

وقال ابن أبي طيّ في كتاب الإمامية ؛ كان إمامياً في الأُصول والفُروع ، ويعرف الحديث.

وكان يجلس للعامّة ويحدّث ، وقد خرّج رجال البخاري ورجال مسلم ، وكان أهل الحديث في زمانه يهابونه ، واجتهدوا في تَلَفه ، فلم يقدروا إلاّ على نسبته إلى التشيّع ، فكان يَحمد الله على ذلك (1).

47 - الحسين بن إسماعيل.

قال ابن حجر : أحد مشايخ أبي جعفر الطوسي ، روى عن المرزباني وجماعة ، أثنى عليه الطوسي ووثّقه ، وروى عنه أيضاً عمر بن محمد الصيرفي ، ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة (2).

48 - الحسين بن بركة الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في الشيعة الإمامية.

وله كتاب النبراس في الردّ على أهل القياس ، كان بعد السبعين 7.

ص: 134


1- لسان الميزان 2 / 504 رقم 2675.
2- لسان الميزان 2 / 505 رقم 2677.

وأربعمائة (1).

49 - الحسين بن بشر الأسدي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة الإمامية ، وقال : إنّه كان محدّثاً فاضلاً ، جيّد الخطّ والقراءة ، عارفاً بالرجال والتواريخ ، جوّالاً في طلب الحديث ، اعتنى بحديث جعفر الصادق ورتّبه على المسند ، وسمّاه جامع المسانيد ، كتب منه ثلاثة آلاف قائمة ، ومات ولم يتمّه.

ووثّقه الشيخ المفيد. ومن شيوخه محمد بن علي بن سليمان ، حدّثه عن حنان بن سُدَير وغيره (2).

50 - الحسين بن بشر بن علي بن بشر الطرابلسي.

المعروف بالقاضي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : كان صاحب دار العلم بطرابلس ، وله خطب يضاهي بها خطب ابن نباتة ، وله مناظرة مع الخطيب البغدادي ذكرها الكراجكي في رحلته ، وقال : حكم له على الخطيب بالتقدّم في العلم (3).

51 - الحسين بن تميم بن سعيد بن غالب القِنَّسْريني.

المعروف بالسَروجي.8.

ص: 135


1- لسان الميزان 2 / 507 رقم 2684.
2- لسان الميزان 2 / 508 رقم 2687.
3- لسان الميزان 2 / 509 رقم 2688.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : رحل إلى العراق ، وقرأ على أبي علي بن أبي جعفر الطوسي كتاب تهذيب الأحكام لأبيه ، ومات بنابلس سنة ثمان عشرة وخمسمائة (1).

52 - الحسين بن توليا التُرْكي ، أبو جعفر.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : سكن شَيْزَر وانقطع إلى أُمرائها ، وهو الذي علم أُسامة بن منقذ وغيره ، ومات سنة عشرين وستّمائة (2).

53 - الحسين بن ثابت بن هارون الفرّاء البزاعي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : رحل إلى العراق سنة أربع وعشرين وأربعمائة ، فلقي الشريف المرتضى ، فأجازه وقرّظه ، ووصفه بالعلم والفهم ، ونعته بالخطيب (3).

54 - الحسين بن الحسن القاساني.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الإمامية ، وقال : سمع ورحل ، وجمع معجم شيوخه وهو مفيد (4). 4.

ص: 136


1- لسان الميزان 2 / 509 رقم 2689.
2- لسان الميزان 2 / 509 رقم 2687.
3- لسان الميزان 2 / 510 رقم 2692.
4- لسان الميزان 2 / 515 رقم 2704.

55 - الحسين بن روح بن بحر القيني.

الشيخ الصالح أبو القاسم ، كبير الإمامية ، والذي كان أحد الأبواب إلى صاحب الزمان المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف -.

قال الذهبي في تاريخه : أبو القاسم القيني أو القيسي ، وكذا صورته في تاريخ يحيى بن أبي طيّ الغسّاني ، وخطّه معلقٌ سقيم.

ثمّ قال : هو الشيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر ، نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري عنه ، وجعله من أوّل من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات.

وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة ..

فلمّا مات أبو جعفر ، صارت النيابة إلى أبي القاسم ، وجلس في الدار ببغداد ، وجلس حوله الشيعة ، وخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازة ومَدْرح وحُقّة ، وقال : إنّ مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسم وجلس ، فسلِّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيم الأئمّة.

ثمّ قام في آخر اليوم ومعه طائفة ، فدخل دار أبي جعفر محمد بن علي الشَلْمَغاني ، وكَثُرَت غاشيته ، حتّى كان الأُمراء يركبون إليه الوزراء والمعزلون عن الوزارة والأعيان.

وتواصف الناس عقْلَه وفَهْمه ؛ فقال علي بن محمد الأيادي ، عن أبيه ، قال : شاهدتْه يوماً وقد دخل عليه أبو عمر القاضي ، فقال له أبو القاسم : صوابُ الرأي عند المشغف (1) عبرة عند المتورّط. فلا يفعل ق.

ص: 137


1- كذا في الأصل ؛ وفي سير أعلام النبلاء - كما سيأتي - : المشفق.

القاضي ما عزم عليه.

فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثمّ قال : من أين لك هذا؟!

قال له : إن كنت قلت لك ما عرفته ، فمسألتي من أين لي فضول ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظَفِرتَ بي.

فقبض أبو عمر على يديه وقال : لا ، بل والله أُوخّرك ليومي ولغدي.

فلمّا خرج أبو عمر ، قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجاً قطّ يلقي البرهان بنَفاق مثل هذا ، لقد كاشفته بما لم أُكاشف به أمثاله أبداً.

ولم يزل أبو القاسم على مثل هذه الحال مدَّةً وافر الحُرْمة إلى أن ولي الوزارة حامد بن العبّاس ، فجرت له معه خُطُوب يَطول شرحها.

قلت : ثمّ ذكر ترجمته في ستّ ورقات ، وكيف قبض عليه وسجن خمسة أعوام ، وكيف أُطلق لمّا خلعوا المقتدر من الحبس ، فلمّا أُعيد إلى الخلافة شاوروه فيه ، فقال : دعوه ، فبخطيته جرى علينا ما جرى.

وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن توفّي في هذه السنة [326] ، وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل ولكن وقى الله شرّه!

وممّا رموه به أنّه يكاتب القرامطة ليقدموا ويحاصروا بغداد ، وأنّ الأموال تجبى إليه ، وقد تلطّف في الذبّ عن نفسه بعبارات تدلّ على رزانته ووفور عقله ودهائه وعلمه.

وكان يفتي الشيعة ويفيدهم ، وله رتبة عظيمة بينهم (1).

قال الذهبي في السير : قال ابن أبي طيّ في تاريخه : نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمان العمري ، وجعله من أوّل من يدخل حين جعل 1.

ص: 138


1- تاريخ الإسلام السنوات 321 - 330 / 190 - 191.

الشيعة طبقات.

قال : وقد خرج على يديه تواقيع كثيرةٌ ..

فلمّا مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا ، فجلس في الدار ، وحفَّ به الشيعة ، فخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازة ومُدَرَّج وحُقّة ، وقال له : إنّ مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسم حسين وجلس ، فسلِّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيم الأئمّة.

ثمّ قام ومعه طائفة ، فدخل دار أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني ، وكثرت غاشيتُه ، حتّى كان الأُمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان.

وتواصَفَ الناس عَقْلَه وفهْمَه ؛ فروى علي بن محمد الأيادي ، عن أبيه ، قال : شاهدتُه يوماً وقد دخل عليه أبو عمر القاضي ، فقال له أبو القاسم : صواب الرأي عند المشفق عبرةٌ عند المتورّط. فلا يفعل القاضي ما عزم عليه.

فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثمّ قال : من أين لك هذا؟!

فقال : إن كنتُ قلت لك ما عرفتَه ، فمسألتي من أين لك فضولٌ ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظفرت بي.

قال : فقبض أبو عمر على يديه ، وقال : لا ، بل والله أُوخّرك ليومي أو لغدي.

فلمّا خرج قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجاً قطّ يلقي البرهان بنفاق مثل هذا .. كاشفته بما لم أُكاشف به غيره.

ولم يزل أبو القاسم وافر الحُرْمة إلى أن وُزّر حامد بن العباس ، فجرت له معه خطوب يطول شرحها.

ص: 139

ثمّ سرد ابن أبي طيّ ترجمته في أوراق ، وكيف أُخِذ وسجن خمسة أعوام ، وكيف أُطلق وقت خلع المقتدر ، فلمّا أعادوه إلى الخلافة شاوروه فيه ، فقال : دعوه فبخطيته أُوذينا.

وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة ، وقد كاد أمره أن يظهر.

قال الذهبي : قلت : ولكن كفى الله شرّه ، فقد كان مُضْمراً لشقّ العصا. وقيل : كان يكاتب القرامطة ليقدموا بغداد ويحاصروها.

وكانت الإمامية تبذل له الأموال ، وله تلطّف في الذبّ عنه ، وعبارات بليغة تدلّ على فصاحته وكمال عقله ، وكان مُفْتي الرافضة وقُدوتهم ، وله جلالة عجيبة ، وهو الذي ردّ على الشلمغاني لمّا عَلِم انْحلاله (1).

56 - حسين بن عقبة الضرير بن عبد الله البصري الضرير*.

قال الذهبي : من أعيان الشيعة ، قرأ على الشريف المرتضى كتاب الذخيرة وحفظه وله سبع عشرة سنة ، وكان من أذكياء بني آدم.

ورد أنّه قال : أقدر أحكي مجالس المرتضى وما جرى فيها من أوّل يوم حضرتُها ، ثمّ أخذ يسردها مجلساً مجلساً والناس يتعجّبون (2).

قال ابن حجر : قرأ على الشريف أبي القاسم المرتضى القرآن وحفظه وله سبع عشرة سنة ، وكان من أذكياء بني آدم ، وكان من أعيان الشيعة ، مات سنة إحدى وأربعين وأربعمائة (3).6.

ص: 140


1- سير أعلام النبلاء 15 / 222 - 223 ، الوافي بالوفيات 12 / 366.
2- تاريخ الإسلام السنوات 441 - 460 / 43 رقم 10.
3- لسان الميزان 2 / 552 رقم 2786.

57 - الحسين بن عقيل بن سنان الخفاجي الحلبي المعدّل الأُصولي الشيعي*.

قال الذهبي : له كتاب المنجي من الضلال في الحلال والحرام ، فقه ، بلغ عشرين مجلّدة ، ذكر فيه خلاف الفقهاء ، يدلُّ على تبحّره (1).

قال ابن حجر : من رؤوس الشيعة ، صنّف في مذهبهم كتاباً سمّاه المنجي من الضلال في الحلال والحرام ، في عشرين مجلّدة ، ذكر فيه الخلاف وأوسع ، وهو دالّ على تبحّره ، ومات سنة سبع وخمسمائة (2).

58 - الحسين بن محمد بن خسرو البلخي.

محدّثٌ مُكْثرٌ ، أخذ عنه ابن عساكر ، كان معتزلياً.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : صنّف مناقب أهل البيت وكلام الأئمّة ، وروى عن طرّاد الزَيْنَبي ودونه ، وهو الذى جمع مسند الإمام أبي حنيفة وأتى فيه بعجائب (3).

59 - حسين بن هبة الله بن رُطْبة ، أبو عبد الله السوراي*.

قال الذهبي في تاريخه : شيخ الشيعة وأبو شيخهم الفقيه ، العلاّمة أبي طاهر بن هبة الله (4).ّ.

ص: 141


1- تاريخ الإسلام السنوات 501 - 520 / 157 رقم 177 ، وفيات سنة 507.
2- لسان الميزان 2 / 552 رقم 2786.
3- لسان الميزان 2 / 577 رقم 2826.
4- ذكره ابن أبي طيّ على ما نقل عنه ابن حجر ، كما يأتي ؛ وهذا قرينة على أنّ هذه الترجمة أيضاً عن ابن أبي طيّ.

كان متبحّراً في الأُصول والفروع على مذهب الرافضة ، قرأ الكثير ، ورحل إلى خراسان ، والري ، ومازندران ، ولقي كبار الشيعة ، وصنّف ، واشتغل بسورا ، والحلّة (1).

قال ابن حجر : شيخ الشيعة وأبو شيخهم ، أبي طاهر هبة الله.

كان عارفاً بالأُصول على طريقتهم ، قرأ المذهب ورحل إلى خراسان والري ، ولقي كبار الشيعة ، وصنّف وشغل بالحلّة وغيرها ، وتوفّي في رجب سنة تسع وسبعين وخمسمائة (2).

قال الصفدي : الحسين بن هبة الله بن رُطبة - واحدة الرطب - أبو عبدالله.

من أهل سورا من أعمال الحلّة السيفية ، كان من فقهاء الشيعة ومشايخهم ، قدم بغداد وجالس أبا محمد ابن الخشاب ، وروى أمالي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، عن ابنه أبي علي الحسن ، عنه ، واشتغل بالحلّة وسورا ، وتوفّي سنة تسع وسبعين وخمسمائة (3).

60 - الشريف أبو يعلى حمزة بن محمد الهاشمي الجعفري.

عالم الإمامية ، من دعاة الشيعة.

قال الذهبي في تاريخه : الشريف أبو يعْلى الجعفري البغدادي ، من أولاد جعفر بن أبي طالب.

كان من كبار علماء الشيعة ، لزم الشيخ المفيد ، وفاق في علم الأصلين 9.

ص: 142


1- تاريخ الإسلام السنوات 571 - 580 / 286 رقم 307.
2- لسان الميزان 2 / 585 رقم 2836.
3- الوافي بالوفيات 13 / 79.

والفقه على طريق الإمامية ، وزوّجه المفيد بابنته ، وخصه بكتبه ، وأخذ أيضاً عن السيّد المرتضى ، وصنّف كتباً حساناً.

وكان من صالحي طائفته وعبّادهم وأعيانهم ، شيّع جنازته خلق كثير ، وكان من العارفين بالقراءات ، وكان يحتجُّ على حَدَث القرآن بدخول الناسخ والمنسوخ فيه ..

ذكره ابن أبي طيّ (1).

قال الذهبي في السير : لازمَ الشيخ المفيد ، وبَرع في فقههم وأُصولهم وعلم الكلام ، وزوّجه المفيد ببنته ، وخصّه بكتبه ، وأخذ أيضاً عن الشريف المرتضى وصنّف التصانيف.

وكان يحتجُّ على حدث القرآن بدخول الناسخ فيه والمنسوخ ، وكان بصيراً بالقراءات ..

قال ابن أبي طيّ في تاريخ الشيعة : كان من صالحي طائفته وعُبّادهم وأعيانهم ، شيّع جنازته خلق عظيم ، تُوُفّي سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد (2).

قال ابن حجر : كان من كبار علماء الشيعة ، لزم الشيخ المفيد ، وفاق في معرفة الأصلين والفقه على مذهب الإمامية ، وزوّجه المفيد بابنته ، وخصه بكتبه ، وأخذ أيضاً عن الشريف المرتضى ، وكان عارفاً بالقراءات.

ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : كان يحتجُّ على حَدَثِ القرآن بدخول النسخ فيه ، مات سنة أربعمائة وخمس وستين (3). 3.

ص: 143


1- تاريخ الإسلام السنوات 461 - 470 / 167.
2- سير أعلام النبلاء 18 / 141 رقم 76.
3- لسان الميزان 2 / 679 رقم 3014 ، وراجع : الوافي بالوفيات 13 / 176 رقم 203.

61 - خليل بن خمرتكين الحلبي.

قال ابن العديم : كان فقيهاً من فقهاء الشيعة ، رحل إلى خراسان وقرأ على القطب الراوندي ، وصنّف كتاباً في الأُصول ، وروى عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي ، وأبي الفوارس سعد بن محمد ابن الصيفي المعروف بالحيص بيص ، روى عنه يحيى بن أبي طيّ النجّار.

وقرأت بخطّ يحيى المذكور في تعليق له : خليل بن خمرتكين من أهل حلب ، وهو فقيه من فقهاء الإمامية ، رحل إلى خراسان ، ودخل إلى الري وتفقّه وأجاد في علم الأُصول ، وعاد إلى حلب ، وكان مقدّماً عند الملوك ، ورحل إلى مصر ، إلى طلائع بن رزيك وزير مصر ، فأعطاه ألف دينار فعاش بها إلى أن مات ..

ولقي القطب الراوندي وروى عنه جميع مؤلّفاته ورواياته ، وروى عن الملك الصالح طلائع بن رزيك كتابه الذي ألّفه ، ولم يخرج عنه شيء من التصنيف غير مقدّمة في الأُصول.

ولقيْتُهُ وقرأت عليه وأذِن لي في الرواية عنه ، وكان يروي ديوان الطغرائي ، عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي ، عن الطغرائي ، وروى شعر الحيص بيص سماعاً منه ، وروى الكتاب الذي ألّفه الوزير ابن هبيرة عنه.

وأنشدني بها - يعني : بحلب - أبياتاً فسألته : أهي لك؟! فسكت! فلمّا مات وجدتها بخطّه وقد عزاها إلى نفسه ، وهي :

ما أحبّ النبيّ من مالَ عن حبّ

عليّ أخيه خير الأنامِ

كيف لا والنبيّ قال : حبي

حبّ صنوي المهذّب القمقامِ

وقبيح تهوى من الناس شخصاً

ثمّ ترمي محبوبه بانصرامِ

ص: 144

قال ابن أبي طيّ : وتوفّي ... وتسعين وخمسمائة ، ودفن في التربة المستجدّة بمشهد الحسين. يعني بحلب (1).

62 - رَيْحان الحَبَشي ، أبو محمد السبيعي الإمامي المصري.

قال الذهبي : أبو محمد ، الزاهد ، الشيعي.

كان بالديار المصرية بعد الخمسين (2) ، وكان من فقهاء الإمامية الكبار ..

قال ابن أبي طيّ في تاريخه : كان مقيماً بالقاهرة ، وكان مولى الأمير سديد الدولة ظفر المصري.

تفقّه على الشيخ الفقيه علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن كامل ، الفقيه المصري ، وعليه تخرّج ، وقرأ عليه في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة كتاباً ، روى عن رَيْحان سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي.

[قال ابن أبي طيّ] وحكى لي أبي مذاكرة : كان الفقيه ريحان من أضبط الناس ، وكان يكرّر علَيّ النهاية والمقنعة والذخيرة ، فقال : ما حفظتُ شيئاً فنسيته.

وحدّثني أبي ، عن القاضي الأسعد المصري ، قال : كان الفقيه ريحان يصوم جميع الأيّام المسنونة إلى صومها ، وكان لا يأكل إلاّ من طعام يعلم أصله ، وكان إذا قدمت الغلال التقط من الطرقات حبّات من الشعير والقمح فيتقوّت به ، وكان يزجر نفسه إذا احتاج ، وكان لا يصلّي النوافل مقابل أحد ويقول : الرياء! وكان إذا علِم أحداً يحبّ العلم قصده في بيته وعلّمه ، ولا يأكل له شيئاً .. ة.

ص: 145


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 7 / 3377.
2- أي بعد سنة 560 الهجرية.

وإذا علم أنّ الطالب محتاجٌ دخله على الصالح بن رزيك ، فعلم ابن رزيك أنه جاء في مثوبةٍ فيقوم لذلك الرجل بجميع ما يحتاج إليه ، وكان لا يطأ له على بساط ، ولا يزده أكثر من السلام في باب داره ، وكان ابن رزيك (1) يبجّله ويعظّمه ، ويقول : يقولون ما ساد من بني حام إلاّ اثنان ، لُقْمان وبلال ، وأنا أقول : ثالثهم.

وقيل : إنّ ريحان هذا ، عبدٌ تفقّه ، ما نام إلاّ جالساً ، ولا جلس قطّ إلاّ على رجلَيْه ، وأنّه ما ذكر النار إلاّ وأخذه دمعٌ منها. وكان سريع الدمعة ، كثير الحبّ لآل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، خفيفُ الرفْض (2).

قال ابن حجر : تفقّه على علي بن عبد الله بن كامل ، روى عنه شاذان ابن جبريل ..

قال ابن أبي طيّ : قال لي أبي : كان الفقيه ريحان من أحفظ الناس ، وقيل : كان يصوم كثيراً ، ولا يأكل إلاّ طعام يعلم أصله ، وكان ابن رزيك يعظّمه ويحترمه ، كان بعد الخمسين وخمسمائة (3). 5.

ص: 146


1- قال الذهبي في ترجمة ابن رزيك : الأرمني ، ثمّ المصري ، الشيعي ، الرافضي ، أبو الغارات ، وزير الديار المصريّة ، الملقّب بالملك الصالح .. كان والياً على الصعيد ، فلمّا قتل الظاهر ، سيَّر أهل القصر إلى ابن رزيك واستصرخوا به ، فحشد وأقبل وملك ديار مصر ، واستقلّ بالأُمور. وكانت ولايته في سنة 549 ، وكان أديباً ، شاعراً ، سمحاً ، جواداً ، محبّاً لأهل الفضائل ... وله أشعار كثيرة في أهل البيت تدّل على تشيّعه وسوء مذهبه ، حتّى قال الشريف الجواني : كان في نصر المذهب كالسكّة المُحْمّاة ، لا يفرى فرية ، ولا يبارى عبقريّة ، وكان يجمع العلماء من الطوائف ، ويُناظرهم على الإمامة. تاريخ الإسلام السنوات 551 - 560 / 198.
2- تاريخ الإسلام السنوات 551 - 560 / 347 - 349 رقم 386.
3- لسان الميزان 3 / 119 رقم 3435.

63 - سعد بن محمد بن سعد بن صَيْفي.

قال الذهبي : ذكره ابن أبي طيّ في تاريخ الشيعة ، فقال : شاعر ، فاضل ، بليغ ، وافر الأدب ، عظيم المنزلة في الدولتين العبّاسية والسلجوقية ، وكان ذا معرفة تامّة بالأدب ، وباع في اللغة ، وحفظ الشعر ، وكان إماماً (1) في الرأي ، حَسَن العقيدة ..

حدّثني عبد الباقي بن زُرَيق الحلبي الزاهد ، قال : رأيته واجتمعت به فكان صدراً في كلّ علم ، عظيم النفس ، حسن البشارة ، يركب الخيل العربية الأصيلة ويتقلّد بسيفين ، ويحمل الرُمح ، ويأخذ نفسه بمأخذ الأُمراء ، ويتبادى في لفظه ، ويعقد القاف ، وكان أفصح من رأيت.

وكان يناظر على رأي الجمهور.

وقال الزينبي : سمع من أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي ، وبواسط من أبي المجد محمد بن جهور (2).

64 - سَعْنة بن عريض ابن عاديا التيماوي [الصحابي].

قال ابن حجر : ... وجدت بخطّ ابن أبي طيّ في رجال الشيعة (3)ة.

ص: 147


1- كذا في الأصل ، ولكن المرجّح هو : «إمامياً في الرأي» ؛ لأنّه يتناسب مع جملة : «حسن العقيدة» ، هذا وقد ذكر ابن أبي طيّ هذا التعبير : «كان إمامياً حسن العقيدة» في عدّة تراجم أُخر.
2- تاريخ الإسلام السنوات 571 - 580 / 142 رقم 111. وليس واضحاً أنّ الأشعار التي أوردها الذهبي - بعد هذا الكلام - في ترجمة المذكور قد نقلها عن ابن أبي طيّ ، أم أنّ هذا الكلام هو آخر ما نقله عنه! فراجع.
3- في الأصل : السبعة.

الإماميّة ما يقضي أنّ له صحبة ؛ فنقل عن أبي جعفر الحائري أحد أئمّة الإمامية أنه روى بسند له - أكثرهم من الشيعة - إلى ابن لهيعة ، عن ابن الزبير ، قال : قدم معاوية حاجّاً فدخل المسجد ، فرأى شيخاً له ضفيرتان ، كان أحسن الشيوخ سَمْتاً وأنظفهم ثوباً ، فسأل ، فقيل له : إنّه ابن عريض ، فأرسل إليه فجاء ، فقال : ما فعلت أرضك تيماء؟

قال : باقية.

قال : بعينها؟!

قال : نعم ، ولولا الحاجة ما بعتها.

واستنشده مرثية ابنه لنفسه فأنشده ، ودار بينهما كلام فيه ذكر عليّ ، فغضّ ابن عريض عن معاوية ، فقال معاوية : ما أراه إلاّ قد خرف ، فأقيموه.

فقال : ما خرفت ، ولكن أنشدك الله يا معاوية! أما تذكر يا معاوية لمّا كنّا جلوساً عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فجاء عليّ فاستقبله النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقال : «قاتل الله من يقاتلك ، وعادى من يعاديك» (1).

65 - عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن الفضل الخُزاعي النيسابوري الحافظ.

قال الذهبي : قال ابن السمعاني : حدّثنا عنه أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي ، وأبو حرب المجتبى ابن الداعي بن الحسني ، وأحمد بن عبد الوهّاب الصيرفي ، كلاهما بالري : طالعتُ عدّة من مجالس أماليه8.

ص: 148


1- الإصابة في تمييز الصحابة 3 / 97 - 98.

بالري ، فرأيْتُ فيها مجلساً أملاه في إسلام أبي طالب [وكان شيعياً] (1) ، إلاّ أنّه كان مُكْثِراً من الحديث ، وله به أنَسَة ..

قال ابن أبي طيّ : كان عبد الرحمن الخُزاعي من أعْلم الناس بالحديث وأبصرهم به وبرجاله ..

حدّثنا شيخنا رشيد الدين (2) : كان في مجلسه أكثر من ثلاثة آلاف محبّرة مستملي ، وكان إذا قيل له : هل جاء في الصحيحين؟!

قال : ذَرُوني من المكسورَيْن ، والله لو حوقِقْنا وأنصف الناس لَما سَلِم لهما إلاّ القليل.

وقال : وما سئل عن حديث إلاّ وعرف علّته وصحّته من سَقَمِه ، وكان يقول : أُذاكر بمائة ألف حديث وأحْفظ مائة ألف حديث ، وكان يقول : لو أنّ لي سلطان يشدّ على يدي ، لأسقطت خمسين ألف حديث يعمل بها ، ليس لها صحّة ولا أصل.

قال ابن حجر - بعد نقل ما ذكره الذهبي - : مات سنة خمس وثمانين وأربعمائة (3).

66 - علي بن الحسين بن موسى.

أبو القاسم العلوي ، الشريف المرتضى ، المتكلّم الرافضي.

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : هو أوّل من جعل داره دار العِلم 6.

ص: 149


1- ما بين المعقوفين لم يرد في المطبوع من تاريخ الإسلام ، وأضفناها من لسان الميزان.
2- يعني : ابن شهرآشوب المازندراني.
3- تاريخ الإسلام السنوات 481 - 490 / 151 - 152 رقم 147 ، لسان الميزان 4 / 246 رقم 4996.

وقدّرها للمناظرة ، ويقال : إنّه أفتى ولم يبلغ العشرين ..

وكان قد حصل على رئاسة الدنيا والعلم مع العمل الكثير في السير المواظب على تلاوة القرآن ، وقيام الليل ، وإفادة العلم ، وكان لا يؤثِر على العلم شيئاً مع البلاغة وفصاحة اللهجة.

وكان أخذ العلوم عن الشيخ المفيد ، وزعم المفيد أنّه رأى في نومه فاطمة الزهراء ليلة ناولته صبييْن ، فقالت له : خذ ابني هذيْن فعلِّمْهما ، فلمّا استيقظ وافاه الشريف أبو أحمد ومعه ولداه الرضيّ والمرتضى ، فقال له : خذهما إليك وعَلّمْهما. فبكى وذكر القصة (1).

67 - علي بن مسافر الحلّي الشيعي*.

قال الذهبي : عالم الشيعة وفقيههم بالحلّة ، رحلت إليه الروافض من النواحي للأخذ عنه ، وروى عن العماد أبي جعفر الطبري وغيره (2).

68 - محمد بن إدريس بن أحمد بن إدريس ، الشيخ أبو عبدالله العِجلي*.

قال الذهبي : فقيه الشيعة وعالم الرافضة في عصره ، وكان عديم النظير في علم الفقه ، صنّف كتاب الحاوي لتحرير الفتاوي ، ولقّبه بكتاب السرائر ، وهو كتاب مشهور بين الشيعة ، وله كتاب خلاصة الاستدلال ، وله د.

ص: 150


1- لسان الميزان 5 / 18 رقم 5842.
2- تاريخ الإسلام السنوات 581 - 590 / 400 رقم 429. قال عمر عبد السلام تدمري في ذيل الترجمة : لم يذكره محسن الأمين في أعيان الشيعة ، ولا آغا بزرگ في طبقات أعلام الشيعة ؛ وأُرجّح أنّ المؤلّف - رحمه الله - نقل الترجمة عن كتاب رجال الشيعة لابن أبي طيّ ، وهو مفقود.

منتخب كتاب التبيان فقه ، وله مناسك الحجّ ، وغير ذلك في الأُصول والفروع.

قرأ على الفقيه راشد بن إبراهيم ، والشريف شرف شاه ، وكان بالحلّة ، وله أصحاب وتلامذة ، ولم يكن للشيعة في وقته مثله ، ولبعضهم فيه قصيدة يفضّله فيها على محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه.

[مات سنة 597] (1).

69 - محمد بن بحر الرهني أبو الحسين الشيباني*.

قال ياقوت الحموي : قال شيخنا رشيد الدين (2) :

كان لقناً حافظاً ، يذاكر بثمانية آلاف حديث ، غير أنّه كثر حفظه وتتبّع الغرائب وعمّر ، ومن طلب غرائب الحديث كذب ..

قال : ووقفت على كتابه البدع فما أنكرت فيه شيئاً ، وعند الله علمه.

وكان عالماً بالأنساب وأخبار الناس ، شيعي المذهب غالياً فيه ، له تصانيف في أخبار الشيعة ، منها : كتاب سمّاه : كتاب نحل العرب ، يذكر فيه تفرّق العرب في البلاد في الإسلام ، ومن كان منهم شيعياً ومن كان منهم ّ.

ص: 151


1- تاريخ الإسلام السنوات 591 - 600 / 314 رقم 391. وانظر : الوافي بالوفيات 2 / 183 ، سير أعلام النبلاء 21 / 332 ، لسان الميزان 5 / 693 رقم 7058.
2- المحتمل جدّاً أنّ رشيد الدين هو ابن شهرآشوب المازندراني شيخ ابن أبي طيّ ، والعبارة مأخوذة من كتاب ابن أبي طيّ ؛ وبما أنّ الرهني من الشيعة الإمامية ، فمن الطبيعي أن تكون ترجمته قد وردت في كتاب ابن أبي طيّ ، الذي هو تلميذ ابن شهرآشوب ، فتكون عبارة : «قال شيخنا رشيد الدين» من ابن أبي طيّ.

خارجياً أو سُنّياً ، فيحسن قوله في الشيعة ويقع في من عداهم ..

وقفت على جزء من هذا الكتاب ذكر فيه نحلَ أهل المشرق ، خاصّةً من كرمان وسجستان وخراسان وطبرستان ، وذكر فيه أنّ له تصنيفاً آخر سمّاه : كتاب الدلائل على نحل القبائل ، وذكر فيه - أعني كتاب النحل - : أخبرني ابن المحتسب ببغداد في درب عبدة بالحربية ، قال : أخبرنا أحمد ابن الحارث الخراز ، قال : أخبرني المدائني علي بن محمد بن أبي سيف ، عن سلمة بن سليمان المغني وغيره .. فذكر قصّة الملبد بن يزيد بن عون ابن حرملة بن بسطان بن قيس بن حارثة بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل ابن شيبان ، الخارج في أيّام المنصور شارياً بالجزيرة حتّى قتل.

وقال في موضع آخر : حدّثني سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، قال : حدّثني أبو هاشم الجعفري ، وقال فيه : حدّثني النوفلي علي بن محمد بن سليمان بن عبدالله بن الحارث بن نوفل ، عن أبيه ، وقال فيه : سمعت أحمد بن محمد بن كيسان النحوي وأنا أقرأ عليه كتاب سيبويه يقول : لم يجئ على «فعّل» إلاّ أربعة أسماء : البقّم : هي الخشبة التي يصبغ بها ، وهي معروفة ، وشلّم : اسم بيت المقدس بالنبطية ، وبذّر : وهو اسم ماء من مياه العرب ؛ قال كثير (1) :

سقى الله أمواهاً عرفتُ مكانها

جُراباً وملكوماً وبذَّرَ والغمرا

وخصم : اسم للعنبر بن عمرو بن تميم (2). 5.

ص: 152


1- ديوان كثير : 503 ، والبيت أيضاً في اللسان والصحاح : مادّة «بذر» ، والمقاييس 1 / 216 ، وياقوت : المواد «بذر» ، «جراب» ، و «ملكوم».
2- معجم الأُدباء 6 / 2435.

70 - محمد بن عبدالله بن علي بن زهْرة بن علي*.

أبو حامد العلوي ، الحسيني ، الإسحاقي ، الحلبي ، الشيعي.

قال الذهبي : روى عن عمّه أبي المكارم حمزة بن علي ، وعنه مجد الدين العديمي ..

وقال : مات في جمادى الأُولى وله ستّون سنة ، وكان فقيهاً يُعَدّ من علمائهم (1).

71 - محمد بن علي بن شهرآشوب بن أبي نصر.

أبو جعفر السروري ، المازندراني ، رشيد الدين الشيعي.

قال الذهبي : قال ابن أبي طيّ في تاريخه : نشأ في العلم والدراسة وحفظ القرآن وله ثمان سنين ، واشتغل بالحديث ، ولقي الرجال ، ثمّ تفقّه وبلغ النهاية في فقه أهل البيت ، ونبغ في علم الأُصول حتّى صار رحْلَةً ..

ثمّ تقدّم في علم القرآن ، القراءات ، والغريب ، والتفسير ، والنحْو ، وركب المنبر للوعظ ، ونفقتْ سوقه عند الخاصّة والعامّة ، وكان مقبول الصورة ، مستعْذَب الألفاظ ، مليح الغوص على المعاني.

حدّثني ، قال : صار لي سوقٌ بمازندران حتّى خافني صاحبها ، فأنفذ يأمرني بالخروج عن بلاده ، فصرتُ إلى بغداد في أيّام المقتفي ، ووعظت فعظُمَتْ منزلتي ، واستُدْعيت ، وخلع علَيّ ، وناظرت ، واستظهرت على خصومي ، فلُقّبتُ برشيد الدين ، وكنت أُلقّب بعزّ الدين ، ثمّ خرجت إلى الموصل ، ثمّ أتيت حلب. 2.

ص: 153


1- تاريخ الإسلام السنوات 620 - 630 / 262 رقم 372.

قال : وكان نزوله على والدي فأكرمه ، وزوّجه ببنت أُخته ، فرُبّيت في حجره ، وغذّاني من علمه ، وبصّرني في ديني. وكان إمام عصره ، وواحد دهره ، وكان الغالب عليه علم القرآن والحديث ، كشف وشرح وميّز الرجال ، وحقّق طريق طالبي الإسناد ، وأبان مراسيل الأحاديث من الآحاد ، وأوضح المفترق من المتّفق ، والمؤتلِف من المختلِف ، والسابق من اللاحق ، والفصل من الوصل ، وفرّق بين رجال الخاصّة والعامّة ..

قلت [يعني : الذهبي] : يعني بالخاصّة : الشيعة ، وبالعامّة : السُنّة.

حدّثني أبي ، قال : ما زال أصحابنا بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بُطّة الشيعي من ابنَ بَطّة الحنبلي (1) ، حتّى قدم الرشيد ، فقال : ابن بَطّة الحنبلي بالفتح ، والشيعي بضمّها.

وكان عند أصحابنا بمنزلة «الخطيب» للعامّة ، وكيحيى بن معين في معرفة الرجال.

وقد عارض من كلّ علم من علوم العامّة بمثله ، وبرز عليهم بأشياء حسنة لم يصلوا إليها ، وكان بهيّ المنظر ، حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح المحاورة ، واسع العلم ، كثير الفنون ، كثير الخشوع والعبادة والتهجّد ، لا يجلس إلاّ على وضوء.

تُوفّي ليلة سادس عشرة شعبان سنة ثمان وثمانين ، ودفن بجبل جوشن عند مشهد الحسين [عليه السلام] (2).

قال الصفدي : أثنى عليه [يعني : ابن شهرآشوب] ابن أبي طيّ في 5.

ص: 154


1- نقل السيوطي هذا النصّ في كتابه طبقات المفسّرين : 96 ، ط دار الكتب العلمية / بيروت.
2- تاريخ الإسلام السنوات 581 - 590 / 309 - 310 رقم 315.

تاريخه ثناءً كثيراً ، توفّي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

ومن تصانيف المازندراني : كتاب في النحو سمّاه : الفصول ؛ جمع فيه أُمّهات المسائل ، وكتاب المكنون والمخزون في عيون الفنون ، كتاب متشابه القرآن ، كتاب الإعلام والطرائق في الحدود والحقائق ، كتاب مناقب آل أبي طالب ، كتاب المثالب ، كتاب المائدة والفاندة ؛ جمع فيه أشياء من النوادر والفرائد ، عاش تسعاً وتسعين سنة وشهرين ونصف ، وتوفّي بحلب في التاريخ المذكور (1).

وقال ابن حجر : فقال ابن أبي طيّ في تاريخه : اشتغل بالحديث ، ولقي الرجال ، ثمّ تفقّه وبلغ النهاية في فقه أهل البيت ..

وسع في الأُصول ، ثمّ تقدّم في القراءات ، والغريب ، والتفسير ، والعربية ، وكان مقبول الصورة ، مليح العرض على المعاني ، وصنّف في المتّفق والمفترق والمؤتلف والمختلف والفصل والوصل ، وفرّق بين رجال الخاصّة ورجال العامّة - يعني : بين أهل السُنّة والشيعة - (2).

72 - محمد بن علي الكراجكي.

نسبةً إلى «الكرجك» ؛ وهي : عمل الخِيَم.

قال ابن حجر : بالغ ابن أبي طيّ في الثناء عليه في ذكر الإمامية ، وذكر أنّ له تصانيف في ذاك ، وذكر أنّه أخذ عن أبي الصلاح ، واجتمع 9.

ص: 155


1- الوافي بالوفيات 4 / 164. وقد أورد الذهبي في تاريخ الإسلام خلاصة العبارة المنقولة في البداية ، ثمّ أُضيفت عليها ما بعدها من معلومات ، والتي لا بُدّ أن تكون من ابن أبي طيّ.
2- لسان الميزان 6 / 395 رقم 7889.

بالعين زَرْبي ، ومات في ثاني ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وأربعمائة (1).

قال الذهبي - دون الإشارة إلى المصدر الذي أخذ منه هذه الترجمة - : محمد بن علي أبو الفتح الكراجكي ، شيخ الشيعة ، والكراجكي هو الخَيْمي ، مات بصور في رابع ربيع الآخر [من سنة 449] ..

وله عدّة مصنّفات ، وكان من فحُول الرفضة ، بارعٌ في فقههم وأُصولهم ، نحويٌّ ، لغويٌّ ، منجّمٌ ، طبيبٌ ، رحل إلى العراق ولقي الكبار كالمرتضى ، وله كتاب تلقين أولاد المؤمنين ، وكتاب الأغلاط ممّا يرويه الجمهور ، وكتاب موعظة العقل للنفس ، وله كتاب المنازل قد سيّره إلى أن بلغ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة (2) ، وكتاب ما جاء على عدد الاثني عشر ، وكتاب المؤمن ، إلى غير ذلك من هذيانات الإمامية (3)!!!

73 - محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البَجَلي الكوفي ، أبو جعفر.

قال ابن حجر : الملقّب : شيطان الطاق ؛ نُسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة كان يجلس للصَرْف بها ، فيقال : إنّه اختَصم مع آخر في درهم زائف ، فغلب ، فقال : أنا شيطان الطاق.

وقيل : إنّ هشام بن الحكم ، شيخ الرافضة ، لمّا بلغه أنّه لقّبوه : شيطان الطاق ، سمّاه هو : مؤمن الطاق. ه.

ص: 156


1- لسان الميزان 6 / 377 رقم 7871.
2- كذا في الأصل ؛ وهو تحريف واضح ، كما أشار إليه المحقّق ، والمحتمل : إلى أن بلغ خمس وخمسين وخمسمائة.
3- تاريخ الإسلام السنوات 441 - 460 / 236 - 237 رقم 329. والعبارة تتلاءم مع طبيعة الذهبي الناصبي ، المتعصّب في نصبه.

ويقال : إنّ أوّل من لقّبه : شيطان الطاق ، أبو حنيفة مع مناظرة جرتْ بحضرته ، بينه وبين بعض الحرورية.

ويقال : إنّ جعفر الصادق كان يقدّمه ويثني عليه ، وكان يشارك برد ويقدّمه في الشعر على نفسه ، إلاّ أنّه اشتغل بالكلام عن الشعراء ، نقلته هكذا ملخّصاً من كتاب ابن أبي طيّ (1).

74 - محمد بن محمد بن النعمان البغدادي.

ابن المعلم ، المعروف بالشيخ المفيد.

قال الذهبي في تاريخ الإسلام : وقد ذكره ابن أبي طيّ في تاريخ الشيعة ، فقال : هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإمامية ورئيس الكلام والفقه والجدل ..

كان أوحد في جميع فنون العلوم : الأُصولَيْن ، والفقه والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والقرآن ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، ساد في ذلك كله.

وكان يناظر أهل كلّ عقيدة ، مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهيّة ، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء العباسية.

وكان قويّ النفس ، كثير المعروف والصدقة ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، يلبس الخشن من الثياب ، وكان بارعاً في العلم وتعليمه ، ملازماً للمطالعة والفكرة. وكان من أحفظ الناس.

ثمّ قال : حدّثني رشيدُ الدين المازندراني [ابن شهرآشوب] ، حدّثني 2.

ص: 157


1- لسان الميزان 6 / 378 رقم 7872.

جماعة ممّن لقيت ، أنّ الشيخ المفيد ما ترك كتاباً للمخالفين إلاّ وحفظه وباحث فيه ، وبهذا قدر على حلّ شبه القوم.

وكان يقول لتلامذته : لا تضجروا من العلم ، فإنّه ما تعسر إلاّ وهان ، ولا يأبى إلاّ ولان ، لقد أقصدُ الشيخَ من الحشوية والجَبْرية والمعتزلة ، فأذلُّ له حتّى آخذ منه المسألة أو أسمع منه.

وقال آخر : كان المفيد من أحرص الناس على التعليم ، وإن كان ليدور على المكاتب وحوانيت الحاكة ، فيلْمح الصبي الفطن ، فيذهب إلى أبيه وأُمّه حتّى يستأجره ، ثمّ يعلّمه ، وبذلك كثر تلامذته.

وقال غيره : كان الشيخ المفيد ذا منزلةٍ عظيمةٍ من السلطان ، ربّما زاره عضد الدولة ، وكان يقضي حوائجه ويقول له : اشفع تُشفّع. وكان يقوم لتلامذته بكلّ ما يحتاجون إليه ، وكان المفيد ربعةً ، نحيفاً ، أسمر ، وما استغلق عليه جواب معاندٍ إلاّ فزع إلى الصلاة يسأل الله فييسر له الجواب.

عاش ستّاً وسبعين سنة ، وصنّف أكثر من مائتي مصنّف ، وشيّعه ثمانون ألفاً ، وكانت جنازته مشهودة (1).

قال الذهبي في السير : ذكره ابن أبي طيّ في تاريخ الإماميّة ، فأطنب وأسهب ، وقال : كان أوحدَ في جميع فنون العلم : الأصلَين ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ..

وكان يناظر أهل كلّ عقيدة مع العظمة في الدولة البويهيّة ، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء.3.

ص: 158


1- تاريخ الإسلام السنوات 401 - 420 / 333.

وكان قويّ النفس ، كثير البرّ ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، يلبس الخشن من الثياب ، وكان مُديماً للمطالعة والتعليم ، ومن أحفظ الناس ، قيل : إنّه أحرص الناس على التعليم ، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة ، فيتلمّح الصبي الفطن ، فيستأجره من أبويه - قال الذهبي : يعني : فيضلّه! - قال : وبذلك كثر تلامذته.

وقيل : ربّما زاره عضد الدولة ، ويقول له : اشفع تُشفّع. وكان ربعة نحيفاً أسمر ، عاش ستّاً وسبعين سنة ، وله أكثر من مائتي تأليف ... إلى أن قال : مات سنة ثلاثة عشرة وأربعمائة ، وشيّعه ثمانون ألفاً (1).

وقال ابن حجر شيئاً في لسانه حول المفيد ، دون أن يذكره عن ابن أبي طيّ ، مع الظنّ الغالب بأنّه أخذه عنه : وقال الشريف أبو يعلى الجعفري ، وكان تزوّج بنت المفيد : ما كان المفيد ينام من الليل إلاّ هجعة ، ثمّ يقوم يصلّي ، أو يطالع ، أو يدرس ، أو يتلو (2).

75 - محمود بن علي بن الحسن.

الشيخ سديد الدين أبو الثناء الرازي ، المتكلّم ، المعروف بالحمّصي.

قال الذهبي : شيخ شيعيٌ ، فاضلٌ ، بارع في الأصولَيْن والنظر ، له عدّة مصنّفات ، عمّر نحواً من مائة سنة. وقرأ عليه الفخر بن الخطيب.

وورد العراق في هذه الحدود ، وأخذوا عنه ، وتعصب له ورّام بن أبي فراس ، وحصّل له ألف دينار ، ودخل الحلّة وقرّر لهم نفي المعدوم. 2.

ص: 159


1- سير أعلام النبلاء 17 / 344 رقم 213.
2- لسان الميزان 6 / 506 رقم 8052.

وأملى التعليق العراقي ، وله تعليق أهل الريّ ، وله كتاب المنقذ من التقليد (1) ، وكتاب المصادر في أُصول الفقه ، وكتاب التحسين والتقبيح ، وغير ذلك.

وكان في ابتدائه يبيع الحمّص المسلوق بالري ، ثمّ اشتغل على كِبَر ونَبُل ، وصار آيةً في علم الكلام والمنطق.

وكان درسه يبلغ ألف سطر ، وما يتروّى ولا يستريح ، كأنّما يقرأ من كتاب ، وكان بصيراً باللغة العربية ، والشعر ، والأخبار ، وأيّام الناس ، وكان صاحب صلاة وتعبد وبكاء وخشية.

ذكره يحيى بن أبي طيّ في تاريخه ، وبالغ في وصفه. فالله أعلم (2).

وقال ابن حجر : وله قصّة في مناظرته مع بعض الأشعرية ، ذكرها ابن أبي طيّ ، وبالغ في تقريظه ، وقال : له مصنّفات كثيرة منها : التعيين والتنقيح في التحسين والتقبيح (3).

76 - هبة الله بن الحسين بن هبة الله بن رطبة السورائي ، ظهير الدين أبو طاهر.

قال ابن حجر : كان من علماء الإمامية ، أخذ عن أبيه ، وسمع محمد ابن محمد القمّي ، وأبي جعفر ابن أبي القاسم الطبري ، وغيرهما .. 9.

ص: 160


1- المنقذ من التقليد والتعليق العراقي عنوانان لكتاب واحد.
2- تاريخ الإسلام السنوات 591 - 600 / 493 - 494. من الواضح أنّ ما ورد في ترجمة المذكور لا يمكن نقله إلاّ عن مصدر شيعي ؛ وذكر كتاب ابن أبي طيّ ، مع ملاحظة معاصرته للرازي المترجَم دليل واضح على أنّ المعلومات الواردة جميعها منقولة عن ابن أبي طيّ.
3- لسان الميزان 6 / 407 رقم 7899.

روى عنه علي بن يحيى بن علي الحلّي ، والحسن بن صبيح الحائري وآخرون ، وكان على رأس الستمائة.

ذكره ابن أبي طيّ (1).

77 - هبة الله بن نما الحلّي ، عفيف الدين أبو البقاء.

قال ابن حجر : كان من رؤساء الإمامية ، والغالب عليه الحديث ..

روى عن الحسين بن أحمد بن يحيى وغيره ، روى عنه أبو جعفر بن علي الجابري.

ذكره ابن أبي يحيى ، وقال : عاش إلى بعد الثمانين وخمسمائة (2).

78 - هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، أبو المنذر.

الأخباري ، النسّابة ، العلاّمة.

قال ابن حجر : وذكره ابن أبي طيّ في الإمامية ، وقصَّ له قصة مع جعفر الصادق (3)ك ، ولا أظنّ صحّتها ، ونقل عن ابن معين : أنّه وقفهُ ، وليس كما قال (4). 3.

ص: 161


1- لسان الميزان 7 / 252 رقم 8983.
2- لسان الميزان 7 / 258 رقم 8991.
3- ومع الأسف ، لم يذكر ابن حجر القصة .. لكنّ المزّي روى عن زائدة قصة بشأن محمد بن السائب الكلبي ، فقال : أمّا الكلبي فكنتُ اختلفت إليه ، فسمعته يقول يوماً : مرضتُ مرضة فنسيت ما كنت أحفظ ، فأتيتُ آل محمد ، فتفلوا في فيّ ، فحفظت ما كنت نسيت. تهذيب الكمال 6 / 318 ، ذيل مدخل محمد بن السائب الكلبي.
4- لسان الميزان 7 / 271 رقم 9013.

79 - ورّام بن أبي فراس بن ورّام ، أبو الحسين.

قال ابن حجر : كان في أوّل أمره من الأجناد ، يلبس القباء والمِنطقة ويتقلّد السيف ، ثمّ ترك ذلك وانقطع إلى العبادة.

ذكره ابن أبي طيّ في الإمامية ، وبالغ في إطرائه ، وذكر له كرامات ، قال : مات سنة خمس وستمائة (1).

80 - يغوث [الصحابي].

قال ابن حجر : جاء ذكره في خبر أظنّه مصنوعاً ، قرأت في كتاب طبقات الإمامية لابن أبي طيّ ... (2) (3).

* * * 5.

ص: 162


1- لسان الميزان 7 / 316 ؛ وفيه : «خمسين وستمائة» ، وهو ما لا يتناسب وسنة وفاة ابن أبي طيّ ، وهي سنة 630 ه.
2- بضع كلمات مكانها بياض في النسخة.
3- الإصابة في تمييز الصحابة 6 / 689. وراجع : لسان الميزان 2 / 315.

تنبيه :

في مقدّمة البحث - الذي نشرت حلقته الأُولى في العدد السابق - ذكرنا ضمن عنوان : ابن حجر وكتب رجال الشيعة أنّ ابن حجر قد نقل عن هذه الكتب ، وبهذا الخصوص وردتنا رسالة من صديقنا العزيز الدكتور السيّد حسين المدرّسي الطباطبائي - أُستاذ الحقوق والدراسات الإسلامية في جامعة برينستون - ذكر فيها ما محتواه :

«أصبح من المسلّم به تقريباً ، في نظري ، أنّ ابن حجر لم يكن في متناول يده فهارس النجاشي والطوسي وابن فضّال والغضائري وحتّى منتجب الدين لينقل عنها مباشرة ، بل إنّ كلّ ما نقله عن هذه الآثار إنّما نقله بواسطة كتاب ابن أبي طيّ هذا ؛ فهو - أحياناً - لم يمتلك تصوّراً واضحاً عن هؤلاء المصنّفين أساساً ، وحتّى أسماءهم قد ذكرها بشكل مختلف ومتعدّد ؛ فبعض الموضوعات - التراجم - التي نقلها عن رجال الشيخ - مثلاً - ليست فقط غير موجودة فيه بل ليست ضمن سياق عباراته أيضاً ؛ ففي فصول رواة الأئمّة من هذا الكتاب ذكر الاسم فقط وأحياناً جملة قصيرة ، بينما ينقل ابن حجر سطرين أو ثلاثة عنه في المورد نفسه ، والتي لا بُدّ أن تكون من إضافات ابن أبي طيّ ، نقلها بدوره عن كتب أُخرى كانت تحت يده».

هذا الأمر ، الذي يتطلّب بحثاً أدقّ ، اذا كان كذلك - وهو احتمال يقرب من اليقين - فهو يستدعي استقصاءً لجميع ما ورد عن رجال الشيعة في كتاب لسان الميزان ؛ لتكون حال كتاب ابن أبي طيّ أكثر وضوحاً.

* * *

ص: 163

المصادر

1 - أحياء حلب وأسواقها ، لخير الدين الأسدي ، دمشق ، 1984 م.

2 - الأعلاق الخطيرة في ذكر أُمراء الشام والجزيرة ، لابن شدّاد (ت 684 ه) ، تحقيق : دومينيك سورديل ، دمشق ، 1953 م.

3 - الأعلاق الخطيرة / تاريخ لبنان والأُردن وفلسطين ، لابن شدّاد (ت 684 ه) ، تحقيق : سامي الدهان ، دمشق ، 1962 م.

4 - أعلام العرب في العلوم والفنون ، للدجيلي ، النجف ، 1386 ه.

5 - أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، لمحمد راغب الطبّاخ الحلبي (ت 1370 ه) ، تحقيق : محمد كمال ، دار القلم / حلب.

6 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين العاملي (ت 1371 ه) ، بيروت ، مؤسسة الطبع والنشر / طهران ، 1402 ه.

7 - بغية الطلب في تاريخ حلب ، لابن العديم الحلبي ، كمال الدين عمر ابن أحمد (ت 660 ه) ، تحقيق : سهيل زكّار ، دار الفكر / بيروت.

8 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (748 ه) ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، دار الكتاب العربي / بيروت ، 1407 ه.

9 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، لجمال الدين أبي الحجّاج يوسف المزّي ، تحقيق : بشّار عوّاد معروف ، مؤسّسة الرسالة / بيروت ، 1418 ه.

10 - دُرّ الحبب في تاريخ أعيان حلب ، لابن الحنبلي (ت 971 ه) ، تحقيق : محمود الفاخوري ، دمشق ، 1972 م.

11 - رياض العلماء ، لعبد الله الأفندي (ت ق 12 ه) ، تصحيح السيّد أحمد الحسيني ، مكتبة السيّد المرعشي / قم ، 1401 ه.

12 - الزبد والضرب في تاريخ حلب ، لابن الحنبلي (ت 971 ه) ، تحقيق : محمد التونجي ، مركز المخطوطات والتراث / الكويت ، 1988 م.

ص: 164

13 - زبدة الحلب من تاريخ حلب ، لابن العديم (ت 660 ه) ، تحقيق : سامي الدهّان ، المعهد الفرنسي / دمشق ، 1951 م.

14 - سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي (748 ه) ، بإشراف : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة / بيروت ، 1405 ه.

15 - فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة في الموصل ، لسالم عبد الرزّاق أحمد ، نشر جامعة الموصل / الموصل ، 1982 م.

16 - فوات الوفيات والذيل عليها ، لمحمد بن شاكر الكتبي (ت 764 ه) ، تحقيق : إحسان عباس ، دار صادر / بيروت.

17 - كنوز الذهب في تاريخ حلب ، لسبط ابن العجمي الحلبي (ت 884 ه) ، تحقيق : شوقي شعث وفالح البكور ، دار القلم / حلب ، 1417 ه.

18 - لسان الميزان ، لابن حجر العسقلاني (ت 852 ه) ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت ، 1390 ه- ، وطبعة دار إحياء التراث العربي / بيروت ، 1406 ه.

19 - مجمع الآداب في معجم الألقاب ، لابن الفوطي (ت 732 ه) ، تحقيق : محمد الكاظم ، مؤسسة الطبع والنشر / طهران ، 1416 ه- ، وبتحقيق : مصطفى جواد ، 1332 ه- ش.

20 - المنجد في اللغة والأعلام ، للويس معلوف ، منشورات إسماعيليان ، 1362 ه- ش ، بالتصوير على ط 21 لطبعة دار المشرق / بيروت ، 1973 م.

21 - وفيات الأعيان ، لابن خلّكان أحمد بن محمد بن أبي بكر (ت 681 ه) ، تحقيق : إحسان عباس ، نشر دار صادر / بيروت.

* * *

ص: 165

فوائد المحقّق الكركي عن بعض المصنّفات

الشيخ محمد الحسون

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين ، أبي القاسم محمد المصطفى ، وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد ..

يُعدّ المحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، المتوفّى سنة 940 ه- ، من أبرز الشخصيات الإسلامية اللامعة في عالمنا الإسلامي خلال النصف الأوّل من القرن العاشر الهجري ، فالدارس لتلك الفترة الزمنية يبصر عدّة نجوم أشرقت بضوء معارفها في سماء العلوم الإسلامية ، ومن بينها نجم كبير كاد ضوؤه يطغى على النجوم المتألّقة آنذاك كافّة ، وهو نجم المحقّق الكركي الذي كانت له اليد الطولى في مختلف المجالات الحيوية ..

فهو رجل قويّ الإرادة ، لم تفتر عزيمته أبداً ، حمل بين جنبيه نفساً مليئة بالطموح ، أمضى أكثر من نصف عمره مهاجراً بعيداً عن وطنه ، متجوّلاً في المدن الإسلامية : دمشق ، بيت المقدس ، القاهرة ، النجف

ص: 166

الأشرف ، بغداد ، قم ، أصفهان ، كاشان ، مشهد المقدّسة ، وغيرها.

وهو سياسي محنّك ، استطاع أن ينفَذ في دولة عظمى متجبّرة ، كانت قد سيطرت - بالقوّة - على بقاع كبيرة من العالم آنذاك ، هي الدولة الصفوية ؛ بإقامته علاقة وطيدة مع اثنين من سلاطينها ، هما الشاه إسماعيل الصفوي وابنه الشاه طهماسب ، مكّنته هذه العلاقة من الدفاع عن مذهب أهل البيت عليهم السلام ونشر تعاليمهم.

وهو فقيه ، أُصولي ، رجالي ، صاحب نظريّات عميقة وآراء جديدة ، صهرها في بودقة مؤلّفاته ، التي جاوزت الثمانين بقليل ؛ إذ النظرة السريعة لقائمة مؤلّفاته تخبرنا باختلافها حجماً وماهيّةً وأبعاداً ، فبعضها كبيرة عميقة استدلالية ، وبعضها رسائل صغيرة لا تتجاوز عدّة صفحات ، والطابع الغالب عليها هو الفقه.

ومن خلال عملي في جمع وتحقيق مصنّفات الشيخ الكركي وجدت أنّ له آراء وفوائد كثيرة منثورة بين طيّات مؤلّفاته ، لم يفردها بتأليفٍ مستقلٍّ ، كآرائه الكلامية والأُصولية والرجالية ، وفوائده التاريخية ، وشواهده الشعرية ، واستعماله الجداول والرسوم ؛ فعزمت على جمعها وتنقيحها والتعليق عليها.

وهذه المقالة التي بين يديك - عزيزي القارئ - تمثّل فوائده وتعليقاته على بعض الكتب والمصنّفات التي أورد أسماءها في مؤلّفاته ، وهي تشمل جوانب عديدة متعلّقة بالكتاب : كتعيين اسمه الكامل ، وتاريخ تأليفه ، وأهمّيته ، وماهيّته ، ومستواه العلمي ، ومنهج مؤلّفه فيه ، وسبب تأليفه ... وغير ذلك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ..

ص: 167

(1) الأرض المندرسة :

له ، أي للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي.

ذكرها في حاشيته على شرائع الإسلام ، قال : وقد كتبنا لتحقيق ذلك مسألة مفردة ، وبيّنّا الدلائل من كلّ جانب (1).

وهذا تصريح منه ؛ بأنّ هذه الرسالة له لا لغيره ، مع أنّه لم يذكرها في إجازات الرواية التي منحها لبعض تلاميذه والراوين عنه ، كما ذكر كثيراً من مؤلّفاته ، سواء كانت رسائل صغيرة أم شروحاً وحواشٍ كبيرة ؛ ممّا فرض على بعضهم أن لا يذكرها ضمن مؤلّفاته ، أو يتردّد في نسبتها إليه ..

وقد وردت في المصادر بأسماء مختلفة ، هي :

(أ) الأرض المندرسة :

ذكرها بهذا الاسم عدد من مفهرسي النسخ المخطوطة ، ففي المكتبة المرعشيّة العامّة في مدينة قم المقدّسة نسختان مخطوطتان ، ضمن المجموعتين المرقّمتين 1409 و 4933 (2) ..

ونسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدّسة ، ضمن المجموعة المرقّمة 7618 (3) ..

ونسخة في مكتبة جامعة طهران ، ضمن المجموعة المرقّمة 6958 (4) .. 1.

ص: 168


1- حاشية شرائع الإسلام - مخطوط : ورقة 157 / أ.
2- فهرس مخطوطات المكتبة المرعشية العامّة 4 / 186 وج 13 / 129.
3- فهرس مخطوطات مكتبة الإمام الرضا عليه السلام 2 / 68.
4- فهرس مكتبة جامعة طهران 16 / 411.

ونسخة في مكتبة ملك في طهران ، ضمن المجموعة المرقّمة 804 (1) ..

ونسخة في مكتبة المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدّسة (2).

(ب) أقسام الأرضين :

ذكرها بهذا الاسم الشيخ الحرّ العاملي (ت 1104 ه) (3) ، والسيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) (4) ، والشيخ الطهراني (ت 1389 ه) (5) ، والدكتور حسن عباس نصر الله (6).

(ج) أحكام الأرضين :

ذكرها بهذا الاسم السيّد إعجاز حسين الكنتوري (ت 1286 ه) في كتابه كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار (7) ..

والشيخ الطهراني (ت 1389 ه) في الذريعة (8) ..

وفي نسخة مخطوطة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في طهران ، ضمن المجموعة المرقّمة 3147 (9).

(د) الأرض المخروبة بعد العمران :

كما في النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامع گوهرشاد في 5.

ص: 169


1- فهرس مخطوطات مكتبة ملك 5 / 183.
2- فهرس مخطوطات مكتبة المدرسة الفيضية 2 / 75.
3- أمل الآمل 1 / 121.
4- أعيان الشيعة 8 / 210.
5- الذريعة 1 / 293.
6- تاريخ كرك نوح : 141.
7- كشف الحجب : 231.
8- الذريعة 1 / 293 رقم 1529.
9- فهرس مكتبة مجلس الشورى الإسلامي 10 / 725.

مدينة مشهد المقدّسة ، ضمن المجموعة المرقّمة 1109 (1) ..

والنسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مدرسة سپهسالار في مدينة طهران ، ضمن المجموعة المرقّمة 3392 (2).

(ه) المواتيّة :

ذكرها بهذا الاسم السيّد محسن الأمين (3) ، والدكتور حسن عباس نصر الله (4).

(و) الأرض البائرة :

كما في النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدّسة ، ضمن المجموعة المرقّمة 2433 (5).

(2) الاستبصار في ما اختلف من الأخبار :

لشيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه).

ذكره في موردين :

الأوّل : في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية مبيّناً أهمّيته ، وأنّه من الكتب الحديثيّة المعتبرة عندنا ، ومن الأُصول الأربعة التي يجب الأخذ بها ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها : كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، وكتاب من 9.

ص: 170


1- فهرس مخطوطات مكتبة جامع گوهرشاد 3 / 1535.
2- فهرس مكتبة مدرسة سپهسالار 3 / 111.
3- أعيان الشيعة 8 / 210.
4- تاريخ كرك نوح : 141.
5- فهرس مخطوطات مكتبة الإمام الرضا عليه السلام 2 / 69.

لا يحضره الفقيه للصدوق ابن بابويه ، وكتاب التهذيب ، وكتاب الاستبصار للشيخ أبي جعفر الطوسي (1).

الثاني : في إجازته لإبراهيم الخانيساري ، الصادرة له في مدينة النجف الأشرف في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 924 ه- ، والموجودة على ظهر نسخة مخطوطة من كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ، محفوظة في مكتبة مدرسة النمازي في مدينة «خوي» في إيران برقم 161 ..

قال عند ذكر الشيخ الطوسي : وهذا الشيخ من أجلاّء أشياخنا ومشاهيرهم ، وهو الذي جمع متفرّقات مباحث الفقه ، ونقّح مسائلها ودلائلها ، وحكم بين متنافيات روايات المذهب ، ومن مصنّفاته : كتاب التهذيب ... ومنها كتاب الاستبصار في ما اختلف من الأخبار ، وهو جليل في بابه ، وقد اشتملا من الأسانيد والطرق على ما فيه غنية وبلاغ.

(3) استحباب التياسر لأهل العراق :

للمحقّق الحلّي ، أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى ابن سعيد (ت 676 ه).

ذكرها في كتابه جامع المقاصد مبيّناً سبب تأليفها ؛ إذ قال : وللمحقّق نجم الدين بن سعيد رسالة في تحقيق السؤال والجواب ، صدر إنشاؤها عن إشارة سلطان العلماء المحقّقين نصير الدين الطوسي قدّس الله روحيهما (2).

كان الخواجة نصير الدين الطوسي (ت 672 ه) قد حضر مجلس 6.

ص: 171


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.
2- جامع المقاصد 2 / 56.

بحث المحقّق الحلّي ، وكان بحثه في القبلة ، فذهب المحقّق إلى استحباب التياسر لأهل العراق ، فاعترض عليه الطوسي بأنّ التياسر إن كان من القبلة إلى غيرها فهو حرام ، وإن كان من غيرها إليها فهو واجب ، فأجاب المحقّق بأنّه من القبلة إلى القبلة ، ثمّ كتب هذه الرسالة وأرسلها إليه (1).

وقد أورد هذه الرسالة بتمامها ابن فهد الحلّي (ت 841 ه) في كتابه المهذّب البارع (2).

(4) الألفيّة :

للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه).

وله عليها فائدتان :

الأُولى : تتعلّق بماهيّتها ومستواها العلمي ، فقد ذهب إلى أنّها وُضعت للمبتدئين ..

قال في حاشيته على مختلف الشيعة للعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) : نعم ، في عبارة الألفيّة ما يوهم نحو ذلك ، لكن هذا ممّا لا يعتمد عليه ؛ لأنّه ربّما صدر على حال الغفلة وترك الملاحظة ، على أنّ الرسالة المذكورة وُضعت للمبتدئين ، فلا يجعل ما تقتضيه عباراتها سنداً (3).

وهنا لا بُدّ من الإشارة إلى نقطة مهمّة ، وهي : إنّ قوله : «وُضعت للمبتدئين» إن أراد به الإشارة إلى حجم الرسالة وصغرها واختصارها ، ب.

ص: 172


1- الذريعة 2 / 18 وص 49.
2- المهذّب البارع 1 / 312 - 317.
3- حاشية المختلف - مخطوط : ورقة 141 / ب.

وعدم أهمّيتها وعدم إمكان الاعتماد عليها ، كما هو الظاهر من قوله : «فلا يجعل ما تقتضيه عباراتها سنداً» ، فلا نُسلّم له بذلك ؛ فإنّ أهمّية هذه الرسالة تتّضح من خلال الشروح والحواشِ الكثيرة التي كتبها العلماء عليها ، والترجمات العديدة لها ، ونظمها من قبل بعض الشعراء ، والطبعات المتكررّة لها ..

فقد شرحها وحشّى عليها ما يُقارب من خمسين علماً من أعلامنا الكبار (1).

وترجمها إلى الفارسية خمسة عشر شخصاً منهم (2).

ونظمها خمسة من الشعراء والعلماء (3) ..

كما أنّ دقّة عباراتها وبلاغتها ، ممّا أجمع عليه شرّاحها والمحشين عليها كافّة ، حتّى الكركي نفسه صرّح بذلك في عدّة موارد من شرحه عليها ..

منها : ما قاله عند شرح كلام الشهيد : «بماء طهور» : وهذه العبارة من بديع عبارات المصنّف رحمه الله (4).

ومنها : ما قاله عند شرح كلامه أيضاً : «وخفاء الجدران» : وقد اشتملت هذه العبارة الفائقة على أكثر مباحث السفر مع شدّة الاختصار ولزوم البلاغة (5).

ومنها : ما قاله عند شرح كلامه أيضاً : «وللكلام كذلك» : وهو معنىً 3.

ص: 173


1- الذريعة 13 / 108 - 114.
2- الذريعة 4 / 81.
3- الذريعة 24 / 198 - 199.
4- شرح الألفيّة - رسائل المحقّق الكركي 3 / 219.
5- شرح الألفيّة - رسائل المحقّق الكركي 3 / 253.

رشيق (1).

والشهيد الثاني زين الدين الجُبَعي (المستشهَد سنة 965 ه) مدحها في عدّة موارد من شرحه ..

ففي مقدّمته قال : فهذه كلمات قليلة ، مشتملة على فوائد جليلة ، علّقتها على الرسالة الشهيرة ، السائرة في الأقطار مسير الشمس المنيرة ، المشتملة على فروض الصلاة العينيّة (2).

وقال أيضاً : اعلم أنّ هذه العبارة البديعة قد اشتملت على أكثر أحكام الاستنجاء ، ونحن نُشير إلى ما دلّت عليه منطوقاً ومفهوماً (3).

وقال : وما أبدع هذه العبارة وأجمعها ، وكم لها نظائر في هذه الرسالة ، قدّس الله روح واضعها (4).

وقال : فهذه نُبذة من أحكام صلاة السفر وجملة من شروطها ، وقد أدرجها المصنّف في هذه العبارة الجليلة ، المشتملة على الألفاظ الموجزة الجزيلة ، الآخذة بمجامع البلاغة ومعاقد الفصاحة (5).

وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد - والد الشيخ البهائي - (ت 984 ه) في شرحه : والعبارة على هذا المعنى من السداد ، والمَغْنى طبق المراد ؛ لو جازة اللفظ وإصابة المعنى ، وذلك من محاسن الرسالة التي تميّز بها عن مؤلّفاته (6). 8.

ص: 174


1- شرح الألفيّة - رسائل المحقّق الكركي 3 / 312.
2- المقاصد العليّة : 2.
3- المقاصد العليّة : 85.
4- المقاصد العليّة : 87.
5- المقاصد العليّة : 137.
6- شرح الألفيّة - مخطوط : ورقة 58.

الثانية : تتعلّق باسمها ..

قال في رسالة التقيّة : وربّما يقال : إنّه يحتجّ بعبارة شيخنا في المقدّمة المشهورة في الصلاة المعروفة ب- «الألفيّة» ، وهي : وكذا باقي الشروط ، فيصحّ القضاء من فاقدها ، لا فاقد الطهارة (1).

وهنا أيضاً لا بُدّ من الإشارة إلى نقطة مهمّة ، وهي : لم يتّضح المقصود من قوله : «المقدّمة المشهورة في الصلاة المعروفة بالألفيّة» ؛ فإنّ اسم هذه الرسالة كما في المصادر المتوفّرة لدينا كافّة هو الألفيّة ، وإنّه لم يكتبها مقدّمة لكتاب آخر حتّى يصحّ التعبير عنها بالمقدّمة.

(5) إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد :

لفخر المحقّقين ، محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت 771 ه).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ضمن الكتب الفقهية المعتمد عليها عندنا ، والتي أوصى علماؤنا الأعلام بالاستفادة منها ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الأدلّة المختلف والتذكرة للشيخ جمال الدين ، وكتاب الإيضاح لولده (2).

(6) بشرى المحققين (المخبتين) :

للسيّد جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس 8.

ص: 175


1- التقيّة - رسائل المحقّق الكركي 2 / 54 ، الألفيّة : 76.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.

الحسني الحلّي (ت 673 ه) (1).

ذكره في حاشيته على مختلف الشيعة للعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) ، دون ذكر اسم مؤلّفه ، إلاّ أنّ المعروف والشائع أنّ هذا الكتاب للسيّد أحمد ، لا لأخيه السيّد علي ، الذي لم يُعرف عنه الخوض في المسائل الفقهية ، بل أكثر كتبه في الأخلاق والأدعية والتأريخ ؛ لذلك قال : واعلم أنّ شيخنا الشهيد حكى عن ابن طاووس - وأظنّه صاحب البشرى - أنّه بعد ذكر المسألة مال إلى رفع النجاسة بكلّ ما روي ، قال : وكان يحمل الزائد على الندب (2).

(7) تذكرة الفقهاء :

للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية مبيّناً أهمّيته ، وأنّه من الكتب الاستدلالية المعتمد عليها عند علمائنا ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الأدلّة المختلف والتذكرة للشيخ جمال الدين (3).

(8) التنقيح الرائع لمختصر الشرائع :

للشيخ أبي عبد الله المقداد بن جلال الدين عبد الله السيوري الحلّي (ت 826 ه). 8.

ص: 176


1- رجال ابن داود : 45 ، الذريعة 3 / 120 رقم 407.
2- حاشية المختلف - مخطوط : ورقة 142 / أ.
3- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.

ذكره أيضاً في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية مبيّناً أهمّيته ، وأنّه من الكتب الاستدلالية المعتمد عليها عند علمائنا ..

قال : ومن كتب الأدلّة ... وكتاب التنقيح للشيخ المقداد (1).

(9) تهذيب الأحكام :

لشيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه).

ذكره في موردين :

الأوّل : في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية مبيّناً أهمّيته ، وأنّه من الكتب الحديثيّة المعتبرة عندنا ، ومن الأُصول الأربعة التي يجب الأخذ بها ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها : كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق ابن بابويه ، وكتاب التهذيب ، وكتاب الاستبصار للشيخ أبي جعفر الطوسي (2).

الثاني : في إجازته لإبراهيم الخانيساري ، التي مرّ ذكر تفاصيلها في كتاب الاستبصار ..

قال عند ذكر الشيخ الطوسي : ومن مصنّفاته : كتاب التهذيب في أحاديث الأحكام ، كتاب جليل واسع ، ولي رواية تتّصل بأسانيد خاصة تنتهي بمصنّفها ، ومنها كتاب الاستبصار ... وقد اشتملا من الأسانيد والطرق على ما فيه غنية وبلاغ. 8.

ص: 177


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.

(10) الجعفريّة :

له ، أي للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي.

أشار إليها في كتابه جامع المقاصد في بحث الصلاة ..

قال : وقد اختلف الفقهاء في تعريفها شرعاً ، وقلّ أن يخلو تعريف منها عن الخلل ، ومن أجود ما عرّف به شيخنا في الذكرى ، وهو : أنّها أفعال مفتتحة بالتكبير ، مشروطة بالقبلة ؛ للقربة.

وقد أشرنا إلى ما يرد عليه طرداً وعكساً في المقدّمة التي وضعتها في الصلاة ، ثمّ زدتُ فيه ونقصت فصار إلى قولنا : أفعال مفتتحة بالتكبير ، مختتمة بالتسليم ؛ للقربة ، وأنا زعيم بأنّه أسلم ممّا كان عليه ، ولا أضمن عدم ورود شيء عليه (1).

والمقصود بالمقدّمة التي وضعها في الصلاة هي رسالته الجعفرية ، التي أورد فيها تعريف الشهيد ، ثم عقّبه بكلامه عليه (2).

وفي هذا النصّ تأكيد على أنّ الرسالة الجعفرية له ، وهو قد صرّح بذلك في إجازته لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي ولولده إبراهيم ، الصادرة لهما في مدينة بغداد في الحادي والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 934 ه- (3) ، وفي إجازته للقاضي صفي الدين عيسى الصادرة له في مدينة أصفهان في التاسع من شهر رمضان سنة 937 ه- (4). 9.

ص: 178


1- جامع المقاصد 2 / 6.
2- الجعفريّة - رسائل المحقّق الكركي 1 / 78.
3- بحار الأنوار 105 / 40.
4- بحار الأنوار 105 / 69.

(11) حاشية «تحرير الأحكام» :

المنسوبة للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه).

وتحرير الأحكام للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر.

ذكرها في موردين من كتابه جامع المقاصد :

الأوّل : قال فيه : وفي الحواشِ المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على التحرير : إنّ توقّف المصنّف يحتمل شيئين ... (1).

الثاني : قال فيه : وفي الحواشِ المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على التحرير تقييد ذلك بالمرض ... (2).

وذكرها في شرحه لألفيّة الشهيد قائلاً : وقد يوجد في بعض الحواشِ المنسوبة إلى المصنّف على التحرير وغيره ، ولا شكّ في بطلان هذه النسبة (3).

ومن هذا النصّ يتّضح أنّ المحقّق الكركي ينفي نسبة هذه الحاشية للشهيد ، شأنها في ذلك شأن بعض القيود والحواشِ التي نُسبت للشهيد وهي ليست له في الواقع ، وقد صرّح في رسالته الرضاعية بذلك قائلاً : وقد رأيت في عصري كثيراً من الحواشِ والقيود منسوبة إليه رحمه الله ، وأنا أجزم بفساد تلك النسبة ، والسرّ في ذلك تصرّف الطلبة الذي يعزّ سلامته 1.

ص: 179


1- جامع المقاصد 3 / 391.
2- جامع المقاصد 7 / 149.
3- شرح الألفيّة - رسائل المحقّق الكركي 3 / 231.

من الزيادة والنقصان ، والخطأ وسوء الفهم (1).

(12) حاشية «قواعد الأحكام» :

المنسوبة للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه).

وقواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر.

ذكرها في بعض كتبه متردّداً في نسبتها إلى الشهيد ، ففي موارد كثيرة - خصوصاً في جامع المقاصد - ينسبها إليه وبعبارات مختلفة دون أي تردّد ، وفي موارد أُخر يتردّد في نسبتها إليه ؛ إذ يعبّر عنها ب- : المنسوبة للشهيد.

وأنا أذكر أوّلاً الموارد التي نسبها إليه دون تردّد ، ثمّ أعقبها بذكر الموارد التي تردّد في نسبتها إليه :

ففي ثمانية وعشرين مورداً ذكرها بعنوان : «في حواشي شيخنا الشهيد» ، هي : 3 / 158 و 437 و 443 و 456 و 482 ، 4 / 19 و 165 و 181 و 222 و 235 و 366 ، 7 / 42 و 86 و 120 و 150 و 161 و 248 و 343 ، 8 / 7 ، 9 / 28 و 38 و 187 و 211 و 220 ، 11 / 138 ، 12 / 89 و 169 و 489.

وفي عشرة موارد بعنوان : «شيخنا الشهيد في حواشيه» ، هي : 3 / 175 ، 4 / 45 ، 6 / 28 و 195 ، 7 / 125 و 155 ، 9 / 197 و 291 و 363 ، 10 / 8.

وفي ثمانية موارد بعنوان : «شيخنا الشهيد في بعض حواشيه» ، هي : 3 / 292 ، 4 / 13 و 56 و 402 و 450 ، 7 / 134 ، 9 / 207 ، 12 / 433. 9.

ص: 180


1- الرضاعية - رسائل المحقّق الكركي 1 / 218 - 219.

وفي سبعة موارد بعنوان : «في حواشي الشهيد» ، هي : 1 / 403 ، 3 / 198 و 207 و 263 و 380 ، 4 / 88 ، 7 / 32.

وفي خمسة موارد بعنوان : «الشهيد في حواشيه» ، هي : 3 / 168 و 234 و 299 و 303 و 455.

وفي أربعة موارد بعنوان : «الشهيد في بعض حواشيه» ، هي : 4 / 86 ، 7 / 85 و 98 و 112.

وفي ثلاثة موارد بعنوان : «شيخنا الشهيد في بعض الحواشي» ، هي : 7 / 182 ، 9 / 118 و 120.

وفي موردين بعنوان : «في بعض حواشي شيخنا الشهيد» ، هما : 7 / 37 ، 8 / 144.

وفي موردين أيضاً بعنوان : «في حاشية الشهيد» ، هما : 3 / 305 و 383.

وفي موردٍ واحد بعدّة عناوين :

«الشهيد في حاشيته» في 3 / 109.

«شيخنا في حواشيه» في 3 / 203.

«في بعض حواشي الشهيد» في 4 / 64.

«على ما نقلناه عن بعض حواشي الشهيد» في 4 / 193.

«واحتمل في حواشي القواعد كونه عيباً» في 4 / 328.

«وقد صرّح بذلك شيخنا الشهيد في بعض حواشيه على الكتاب» في 9 / 150.

وقد ذكرها بعنوان : «وفي حواشي شيخنا الشهيد قدِس سرُّه على القواعد»

ص: 181

في رسالته الخراجية (1).

أمّا الموارد التي تردّد في نسبتها إليه فهي :

في أربعة موارد ذكرها بعنوان : «في الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد» ، هي : 3 / 378 ، 7 / 277 ، 8 / 154 ، 12 / 259.

وفي ثلاثة موارد ذكرها بعنوان : «في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد» ، هي : 8 / 85 ، 9 / 287 ، 13 / 444.

وفي مورد واحد ذكرها بعنوان : «وجدتُ في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على القواعد في بحث الأنفال من الخمس» ، هو : 7 / 11.

وفي موردٍ واحدٍ أيضاً ذكرها بعنوان : «وعلى هذا حمله شيخنا الشهيد في بعض ما ينسب إليه من الحواشي» ، هو : 13 / 408.

وقد ذكرها بعنوان : «صرّح به شيخنا الشهيد في بعض الحواشي المأثورة عنه» في حاشيته على شرائع الإسلام (2) للمحقّق الحلّي.

ومن كلّ هذا يتّضح لنا أنّ الشهيد قد كتب شيئاً ما على قواعد الأحكام إمّا بعنوان الحاشية أو الشرح أو التعليقة ، إلاّ أنّ بعض كتاباته هذه قد زِيد فيها أو حُذف منها بعض الجمل ، أو اختلطت مع ما كتبه غيره ، وقد مرّ آنفاً أنّ المحقّق الكركي صرّح بهذه الظاهرة في رسالته الرضاعية.

وقد علّق الشيخ حسين بن عبد الصمد - والد الشيخ البهائي - (ت 984 ه) على ذلك في شرحه للألفيّة المسمّى ب- : المحاكمات بين شرّاح الألفيّة ، قال : الظاهر أنّ الحواشي ليست له ، بل جمعها بعض تلاميذه وإن ب.

ص: 182


1- الخراجية - رسائل المحقّق الكركي 1 / 277.
2- حاشية شرائع الإسلام - مخطوط : ورقة 156 / ب.

كان معانيها له (1).

وعلى أي حال ، فقد وقع الخلط والاشتباه بين حاشية الشهيد وحاشية تلميذه أحمد بن النجّار المعروفة ب- : الحواشي النجّارية ، فهناك مَن يذهب إلى اتّحادهما ، وآخر يذهب إلى افتراقهما ، ففي هذه المسألة قولان :

الأوّل : إنّ الحاشية النجّارية هي بعينها حاشية الشهيد على القواعد ، فلا وجود لحاشيتين إحداهما للشهيد والأُخرى لابن النجّار ، وقد ذهب إلى هذا القول عدد من علمائنا ، منهم :

ابن العودي (الذي كان حيّاً سنة 975 ه) ؛ فقد قال في تعداد مؤلّفات أُستاذه الشهيد الثاني (المستشهَد سنة 965 ه) : ومنها حاشيته على قواعد الأحكام للعلاّمة ... مشى فيها مشي الحاشية المشهورة ب- : النجّارية للمولى السعيد الشيخ الشهيد (2).

والميرزا عبد الله الأفندي الأصفهاني (ت نحو 1134 ه) ؛ فقد قال في تعداد شروح وحواشي قواعد الأحكام : ومنها الحواشي النجّارية ، والحقّ أنّها بعينها حاشية الشهيد الأوّل (3).

وفي تعليقته على أمل الآمل قال في تعداد مؤلّفات الشهيد : وله أيضاً حواشي القواعد إلى آخر الكتاب ، سمّاها الحواشي النجّارية (4).

والسيّد حسن الصدر (ت 1354 ه) ؛ فقد قال في تعداد مصنّفات الشهيد : والحواشي النجّارية ، وهي حاشية على قواعد العلاّمة ، رأيتها عند 8.

ص: 183


1- شرح الألفيّة - مخطوط : ورقة 79.
2- الدرّ المنثور 2 / 186.
3- رياض العلماء 1 / 387.
4- تعليقة أمل الآمل : 78.

السيّد علي آل بحر العلوم ، أكبر من نكت الإرشاد (1).

الثاني : إنّ الحاشية النجّارية لأحمد بن النجّار ، وفيها إفادات وتحقيقات كثيرة للشهيد ، وقد ذهب إلى هذا القول السيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) ؛ فقد قال في ترجمة أحمد بن النجّار : هو العالم الجليل الفقيه ، من خواصّ تلامذة الشهيد الأوّل ، صاحب الحاشية المعروفة ب- : النجّارية على القواعد ، ذكر فيها إفادات الشهيد وتحقيقاته على القواعد ، وهي حاشية جليلة مشحونة بالفوائد - إلى أن قال - : وبيّنّا هناك أنّ سبب نسبتها إلى الشهيد أنّها من تقريراته وتحقيقاته وإفاداته ، فراجع (2).

والشيخ الطهراني (ت 1389 ه) ؛ فقد قال في ترجمة ابن النجّار : وله الحواشي النجّارية على القواعد ... مشحونة بتحقيقات الشهيد وإفاداته (3) ..

مع أنّ له رأياً آخر في هذه الحاشية ؛ إذ يظهر من بعض عباراته في الذريعة تأييده لكلام الميرزا الأفندي في الرياض الذي أوردناه قبل قليل (4).

(13) خلاصة الأقوال في معرفة الرجال :

للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه).

ذكرها مرّتين في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية :

الأُولى : بين فيها أنّ هذا الكتاب من أُصول أصحابنا ، والكتب الرجاليّة المعتمدة عندنا .. 2.

ص: 184


1- تكملة أمل الآمل : 368 - 369.
2- أعيان الشيعة 3 / 194.
3- طبقات أعلام الشيعة - الضياء اللامع في القرن التاسع : 11.
4- الذريعة 6 / 172.

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الرجال كتاب الخلاصة ، وكتاب ابن داود ، والدستور الذي اعتمده العلاّمة في الخلاصة مغنٍ عن مطالعة كتب الرجال (1).

الثانية : بين فيها ماهيّة هذا الكتاب ومنهج العلاّمة فيه ، وأنّ المتأخّرين عنه اعتمدوا عليه اعتماداً كاملاً ..

قال : وذكر في الخلاصة أنّ الطريق في كتاب الاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه إلى فلان صحيح ، وإلى فلان حسن ، وإلى فلان موثّق ، وإلى فلان ضعيف ، وجعل ذلك دستوراً يرجع إليه ، فيكتفي المبتدئ في معرفة صفات هذه الروايات الأربع بالرجوع إلى هذا الدستور الذي اعتمده ..

ومَن تأخّر عنه كلّهم اعتمدوا على هذا الطريق ، كالشيخ فخر الدين في الإيضاح ، والسيّد ضياء الدين في شرحه ، والشهيد في كتبه ، خصوصاً الذكرى وشرح الإرشاد ، والشيخ أحمد بن فهد في مهذّبه ، والشيخ المقداد في تنقيحه (2).

(14) الخلاف :

لشيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه).

ذكره في إجازته لإبراهيم الخانيساري ، التي مرّ ذكر تفاصيلها في كتاب الاستبصار .. 7.

ص: 185


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 46 - 47.

قال عند ذكر الشيخ الطوسي : ومن مصنّفاته : ... وكتاب الخلاف بين كافّة الفقهاء ، وهذه الكتب كالأُصول في الفقه والحديث.

(15) الدروس الشرعية في فقه الإمامية :

للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه).

ذكرها في رسالته صلاة الجمعة ، قائلاً : وإنّ عبارة الدروس على خلاف ذلك ، وهي بعد الذكرى.

وسمعنا كثيراً من بعض أشياخنا رحمهم الله أنه رحمه الله كان يقول : خذوا عنّي ما في الدروس (1).

وفي هذا النصّ فائدتان :

الأُولى : تأريخ تأليف الدروس بعد الذكرى ..

وهذا صحيح لا نقاش فيه ، إلاّ أنّه لا يعني أنّ الشهيد شرع في تأليفه الدروس بعد انتهائه من تأليف الذكرى ، كما يشير إليه قول الكركي عن الدروس : «وهي بعد الذكرى» ؛ لأنّه رحمه الله انتهى من تأليفهما في وقت متقارب ، فقد انتهى من تأليف الذكرى في الحادي والعشرين من صفر سنة 784 ه- (2) ، ومن الدروس في الثاني عشر من ربيع الآخر سنة 784 ه- (3).

وهذا يعني أنّه رحمه الله كان في أواخر عمره مشغولاً بتأليفهما معاً ، إلاّ أنّه 5.

ص: 186


1- صلاة الجمعة - رسائل المحقّق الكركي 1 / 166.
2- الذكرى - مخطوط في مكتبة جامعة طهران برقم 1906 ، فهرس المكتبة المركزية في جامعة طهران 8 / 521 ، وفي الطبعة الحجرية : 281 ، الذريعة 10 / 40.
3- الدروس - مخطوط في المكتبة المرعشية العامّة بقم المقدّسة برقم 8629 ، فهرس مخطوطات المكتبة المرعشية العامّة 22 / 196 ، الذريعة 8 / 145.

شرع في الذكرى قبل شروعه في الدروس ، كما هو واضح من كلامه في خطبة الدروس ..

قال : أمّا بعد ، فإنّ علم الفقه لا يخفى شرفه وعلوّه ، ومقداره وسموّه ، وعموم حاجة المكلّفين إليه ، وإقبال الخلائق عليه.

وقد صنّف علماء الأصحاب - رضي الله عنهم - فيه الكثير ، وخرج عنهم الجمّ الغفير ، المتّصل بأصحاب آية التطهير ، قصداً لعظيم الثواب في الآجل ، وجسيم الثناء في العاجل.

فلمّا انتهت النوبة إلينا أحببنا أن ننسج على منوالهم ، ونقتدي بهم في أقوالهم وأفعالهم ، فكتبنا في ذلك ما تيسّر من الذكرى والبيان ، وعزّزناهما بهذا المختصر للتبيان ؛ لاقتضاء الولدين الموفّقين إن شاء الله : أبي طالب محمد ، وأبي القاسم علي ، رفع الله عنهما الضير ، ووفّقهما والمؤمنين للخير ، وسمّيناه ب- : الدروس الشرعية في فقه الإمامية (1).

الثانية : إنّ هذا الكتاب يمثّل آخر نظريات الشهيد التي استقرّ عليها رأيه المبارك ..

فقول المحقّق الكركي : «وسمعنا كثيراً من بعض أشياخنا رحمهم الله أنّه رحمه الله كان يقول : خذوا عنّي ما في الدروس» شهادة في هذا الموضوع لها أهمّيتها ؛ لأنّه قريب من عصر الشهيد.

(16) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة :

للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه). 4.

ص: 187


1- الدروس 1 / 84.

ذكرها في موردين :

الأوّل : في رسالته صلاة الجمعة ، التي بين فيها أنّ تأليف الذكرى قبل تأليف الدروس ، في قوله : إنّ عبارة الدروس على خلاف ذلك ، وهي بعد الذكرى.

وقد تقدّم الكلام عن هذه النقطة قبل قليل عند حديثنا عن كتاب الدروس.

الثاني : في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية عند حديثه عن كتاب الخلاصة للعلاّمة الحلّي ؛ فقد ذكر أنّ الشهيد اعتمد كثيراً في كتبه على المنهج الرجالي الذي اتّبعه العلاّمة في الخلاصة ..

قال - بعد أن ذكر الدستور الذي عيّنه العلاّمة واعتمده - : ومَن تأخّر عنه كلّهم اعتمدوا على هذا الطريق ، كالشيخ فخر الدين ... والشهيد في كتبه ، خصوصاً الذكرى وشرح الإرشاد (1).

(17) الرجال :

لتقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي (ت في القرن الثامن).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وعدّه من الكتب الرجالية المعتمدة عندنا ، والتي أوصى العلماء بالاعتماد عليها ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الرجال كتاب الخلاصة ، وكتاب ابن داود (2). 8.

ص: 188


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 48.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.

(18) الرضاعية :

له ، أي للمحقّق الكركي علي بن الحسين بن عبد العالي.

ذكرها في كتابه جامع المقاصد مع تعيين اسمها ونسبتها إليه ..

قال : وقد أفردنا لهذه المسألة رسالة حسنة تُسمّى الرضاعية ، من أراد تحقيقها فليطالع تلك الرسالة (1).

وذكرها بهذا الاسم أيضاً في إجازته لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي ولولده إبراهيم ، قال : وكذلك أجزتُ رواية ما صنّفته وألّفته على نزارته وقلّته ، فمن ذلك ... والرسالة الرضاعية (2).

(19) صلاة الجمعة :

له ، أي للمحقّق الكركي علي بن الحسين بن عبد العالي.

ذكرها في كتابه جامع المقاصد دون تسميتها باسم معيّن ..

قال : وقد أفردنا لتحقيق هذه المسألة رسالة منقحة ، من أراد كمال تحقيقها فليطلبها (3).

وذكرها في إجازته لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي ولولده إبراهيم ، قال : وكذلك أجزت رواية ما صنّفته وألّفته على نزارته وقلّته ، فمن ذلك ... ورسالة الجمعة (4) .. 2.

ص: 189


1- جامع المقاصد 12 / 245.
2- بحار الأنوار 105 / 41 - 42.
3- جامع المقاصد 2 / 380.
4- بحار الأنوار 105 / 42.

وفي إجازته للقاضي صفي الدين عيسى ، قال : وأجزتُ له رفع الله قدره أن يروي عنّي جميع ما صنّفته وألّفته في العلوم التي شاركتُ فيها بعض أهلها ، خصوصاً علم الفقه ، فمن ذلك ... مثل رسالة تحقيق حكم الجمعة في زمان الغيبة (1).

(20) فقه القرآن :

لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573 ه).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وعدّه أحد الكتب الثلاثة المعتبرة والمعتمد عليها في معرفة الآيات القرآنية المبيّنة للأحكام الشرعية ، المعبّر عنها بالخمسمائة ..

قال : وبالنسبة إلى الجزئيات المستنبطة يراجع الآيات المشهورة بالخمسمائة ، التي هي مدار الفقه ، ويكتفى فيها بأحد الكتب الثلاثة التي عملت لتلك : إمّا كتاب الراوندي ، أو كتاب الشيخ البارع أحمد بن متوّج منهاج الهداية ، أو كتاب الشيخ المقداد كنز العرفان (2).

(21) قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام :

للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه).

ذكره في خطبة كتابه جامع المقاصد ، الذي هو عبارة عن شرح مزجي لهذا الكتاب ، مبيناً أهميته ، وأنّه احتوى على فروع فقهية كثيرة لا توجد في غيره .. 2.

ص: 190


1- بحار الأنوار 105 / 79.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 41 - 42.

قال : فإنّ كتاب قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام لشيخنا الأعظم شيخ الإسلام ... كتاب لم يسمح الدهر بمثاله ، ولم ينسج ناسج على منواله ، وقد احتوى من الفروع الفقهية على ما لا يوجد في مصنّف ، ولم يتكفّل ببيانه مؤلّف ، ولم يتّفق له شرح يبرز حقائقه من مكنونها ، ويظهر دقائقه من مصونها ، وإنّي كنتُ على قديم الزمان أُومّل أن أصنع له شرحاً يتكفّل ببيان مشكلاته وإبراز مخدّراته ... (1).

(22) الكافي :

لثقة الإسلام ، الشيخ محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (ت 328 ه).

ذكره في عدّة موارد من آثاره العلمية ، مبيّناً أهمّيته ، وأنّه أحد الأُصول الحديثية الأربعة المعتمدة عندنا :

1 - قال في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية : من أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها : كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق ابن بابويه ، وكتاب التهذيب وكتاب الاستبصار للشيخ أبي جعفر الطوسي (2).

2 - قال في إجازته للشيخ أحمد بن أبي جامع العاملي ، الصادرة له في مدينة النجف الأشرف في السابع عشر من شهر رجب سنة 928 ه- : الشيخ الأجل ، جامع أحاديث أهل البيت ، محمد بن يعقوب الكليني ، 7.

ص: 191


1- جامع المقاصد 1 / 66.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47.

صاحب كتاب الكافي في الحديث ، الذي لم يعمل الأصحاب مثله (1).

3 - قال في إجازته لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي ولولده إبراهيم : الشيخ الإمام المحدّث الرحلة ، جامع أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني ، صاحب كتاب الكافي ، وهو الجامع الكبير لأحاديث أئمّة الهدى ومصابيح الدجى صلوات الله عليهم أجمعين (2).

4 - قال في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى : الشيخ الإمام السعيد ، الحافظ ، المحدّث ، الثقة ، جامع أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني ، صاحب الكتاب الكبير في الحديث المسمّى ب- : الكافي ، الذي لم يعمل مثله ... وقد جمع في هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية والأسرار الدينية ما لا يوجد في غيره ، وقد تضمّن هذا الكتاب وكتاب التهذيب للشيخ أبي جعفر الطوسي - قدّس الله سرّه - وكتاب من لا يحضره الفقيه من الطرق إلى النبيّ والأئمّة عليهم السلام على ما يربو على أُلوف (3).

(23) الكشّاف :

ذكره في إجازته لإبراهيم الخانيساري ، التي مرّ ذكر تفاصيلها في كتاب الاستبصار ..

قال : وممّا أرويه في التفسير ... والتفسير الجليل الذي لم يكتب مثله 9.

ص: 192


1- بحار الأنوار 105 / 60.
2- بحار الأنوار 105 / 40.
3- بحار الأنوار 105 / 69.

المسمّى ب- : الكشّاف عن حقائق التأويل.

(24) كنز العرفان في فقه القرآن :

للشيخ أبي عبد الله المقداد بن جلال الدين عبد الله السيوري الحلّي (ت 826 ه).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وعدّه أفضل الكتب الثلاثة التي أُلّفت في تفسير آيات الأحكام الفقهية ، المعروفة بالخمسمائة ..

قال : ... إمّا كتاب الراوندي ، أو كتاب الشيخ البارع أحمد بن متوّج منهاج الهداية ، أو كتاب الشيخ المقداد كنز العرفان ، وهو أحسن الثلاثة ؛ لاشتماله على المباحث المذكورة بالنسبة إلى كلّ آية ، وما ذكر فيه من اختلاف أقوال المفسّرين يحتاج الناظر فيها إلى قوّة الترجيح لبعضها ، ومعرفة الأقرب منها إلى المعنى الذي يقتضيه وضع اللفظ ، فإن أُريد التوسّع فليراجع كتب التفسير المطوّلة ، وإن اكتفى بما ذكره في كتابه فهو طريق للمبتدئ هنا (1).

(25) المبسوط :

لشيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه).

ذكره في إجازته لإبراهيم الخانيساري ، التي مرّ ذكر تفاصيلها في كتاب الاستبصار .. 2.

ص: 193


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 41 - 42.

قال عند ذكره للشيخ الطوسي : ومن مصنّفاته ... ومنها كتاب المبسوط ، وهو كتاب جليل جدّاً في فروع الأحكام.

(26) مختلف الشيعة في أحكام الشريعة :

للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه).

وله على هذا الكتاب أربع فوائد :

الأُولى : عدّه من الكتب الفقهية الاستدلالية المعتمد عليها عند علمائنا ..

قال في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الأدلّة المختلف والتذكرة للشيخ جمال الدين (1).

الثانية : ذكر فيها أنّ العلاّمة الحلّي ألّف هذا الكتاب بعد تأليفه لكتاب نهاية الإحكام ، وأنّه رجع فيه عن بعض آرائه التي أوردها في النهاية ..

قال في رسالته حكم الحائض والنفساء : فإن قيل : قد قال به العلاّمة في النهاية ، وناهيك به.

قلنا : النهاية قبل المختلف ، فقد رجع عنه ؛ فلا يُعدُّ قولاً (2).

علماً بأنّ العلاّمة قد انتهى من تأليف المختلف في الخامس عشر من شهر ذي القعدة سنة 708 ه- (3) ، وانتهى من تأليف نهاية الإحكام في شهر 9.

ص: 194


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.
2- حكم الحائض والنفساء - رسائل المحقّق الكركي 2 / 82.
3- مختلف الشيعة 9 / 480 ، الذريعة 20 / 219.

شعبان سنة 705 ه- ، كما في النسخة المخطوطة منه المستنسخة سنة 853 ه- ، المحفوظة في مكتبة المدرسة السلطانية في مدينة كاشان برقم 433 (1).

الثالثة : بيّن فيها منهج العلاّمة الحلّي في هذا الكتاب في تعيين أقسام الحديث ، فهو يذكر ثلاث صفات فقط بشأن الحديث : صحيح ، حسن ، موثّق ، تاركاً الرابعة - وهي الضعف - بدون ذكر ؛ علامةً لضعفه ..

قال في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية - عند بيانه لطرق معرفة أقسام الحديث - : وهنا طريق أسهل ، وهو أنّ الشيخ جمال الدين قد ألّف في ذلك واستعمل في كتبه - خصوصاً المختلف - أن يذكر الصحيح بوصفه ، والحسن بوصفه ، والموثّق بوصفه ، ويترك الضعيف بغير علامة ، وهو علامة ضعفه (2).

الرابعة : بيّن فيها أنّ هذا الكتاب حاوٍ لأكثر المسائل الفقهية التي وقع الخلاف فيها بين علمائنا رحمهم الله ، وأنّ بعض هذه المسائل الخلافية التي ذكرها العلاّمة في هذا الكتاب تُعدُّ من الأقوال الشاذّة في المذهب ..

قال في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية : وما سوى ذلك ممّا وقع النزاع فيه بين المجتهدين من المسائل الخلافية ، التي هي كالأُصول بالنسبة إلى فروع الفقه ، التي حاصلها وأكثرها مضبوط في مختلف العلاّمة ، وهي وإن كان بعض الخلافيات المذكورة فيه ممّا يُعدُّ في الشذوذ ؛ لاشتهار الفتوى بخلافه ، ويعرف باستقراء مصنّفات الأُصول من كتب الأدلّة وكتب الفروع المجرّدة (3).0.

ص: 195


1- مكتبة العلاّمة الحلّي : 206 - 207.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 46.
3- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 50.

(27) المهذّب البارع في شرح المختصر النافع :

للشيخ جمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلّي (ت 841 ه).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وعدّه من الكتب الاستدلالية المعتمدة عند فقهائنا ..

قال : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها ... ومن كتب الأدلّة المختلف والتذكرة للشيخ جمال الدين ، وكتاب الإيضاح لولده ، وكتاب المهذّب للشيخ أحمد بن فهد (1).

(28) مَن لا يحضره الفقيه :

للشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه).

عدّه من الكتب الحديثية المعتمدة عند علمائنا ، ومن الأُصول الأربعة الحاوية لأحاديث أهل البيت عليهم السلام ..

قال في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية : ومن أُصول أصحابنا التي أُشير إلينا بالمشافهة في العمل برواياتها : كتاب الكافي للشيخ محمد ابن يعقوب الكليني ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق ابن بابويه ، وكتاب التهذيب وكتاب الاستبصار للشيخ أبي جعفر الطوسي (2).

وقال في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى - عند ذكر الشيخ الكليني 7.

ص: 196


1- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47 - 48.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 47.

وكتابه الكافي - : وقد تضمّن هذا الكتاب وكتاب التهذيب للشيخ أبي جعفر الطوسي - قدّس الله سرّه - وكتاب مَن لا يحضره الفقيه من الطرق إلى النبيّ والأئمّة عليهم السلام على ما يربو على أُلوف (1).

(29) منهاج الهداية في تفسير آيات الأحكام الخمسمائة :

للشيخ جمال الدين أحمد بن المتوّج البحراني (ت في القرن الثامن).

ذكره في رسالته طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وعدّه أحد الكتب الثلاثة التي أُلّفت في بيان آيات الأحكام الفقهية ، المعروفة بالخمسمائة ..

قال : ... إمّا كتاب الراوندي ، أو كتاب الشيخ البارع أحمد بن متوّج منهاج الهداية ، أو كتاب المقداد كنز العرفان (2).

(30) نهاية الإحكام في معرفة الحلال والحرام :

للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه).

ذكرها في رسالته حكم الحائض والنفساء مبيّناً أنّ تاريخ تأليفها قبل تاريخ تأليف كتاب المختلف ..

قال : فإن قيل : قد قال به العلاّمة في النهاية ، وناهيك به.

قلنا : النهاية قبل المختلف ، فقد رجع عنه ، فلا يُعدُّ قولاً (3).

وقد مرّ الكلام عن تاريخ تأليفها عند حديثنا عن كتاب المختلف.

* * * 2.

ص: 197


1- بحار الأنوار 105 / 69.
2- طريق استنباط الأحكام الشرعية - رسائل المحقّق الكركي 3 / 41.
3- حكم الحائض والنفساء - رسائل المحقّق الكركي 2 / 82.

المصادر

1 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) ، دار التعارف للمطبوعات / بيروت ، 1406 ه.

2 - الألفيّة ، للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه) ، المطبوعة مع المقاصد العلية وحاشيتي الألفيّة للشهيد الثاني ، تحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية / قم ، 1420 ه.

3 - أمل الآمل ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مكتبة الأندلس / بغداد.

4 - بحار الأنوار ، للشيخ محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت 1110) ، مؤسّسة الوفاء / بيروت ، 1403 ه.

5 - تاريخ كرك نوح ، للدكتور حسن عباس نصر الله ، المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق ، 1406 ه.

6 - تعليقة أمل الآمل ، للميرزا عبد الله الأفندي الأصفهاني (ت نحو 1134 ه) ، تدوين وتحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1410 ه.

7 - التقيّة ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

8 - تكملة أمل الآمل ، للسيّد حسن الصدر (ت 1354 ه) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1406 ه.

ص: 198

9 - جامع المقاصد ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1408 ه.

10 - الجعفريّة ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

11 - حاشية «شرائع الإسلام» ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، نسخة مخطوطة محفوظة في المكتبة المرعشية العامّة / قم ، رقم 20361.

12 - حاشية «المختلف» ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، نسخة مخطوطة محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام / مشهد ، رقم 02095.

13 - حكم الحائض والنفساء ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

14 - الخراجية ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

15 - الدرّ المنثور ، لعلي بن محمد بن الحسن بن زين الدين الجبعي العاملي (ت 1103 ه) ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1398 ه.

16 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية ، للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه) ، نسخة مخطوطة محفوظة في المكتبة المرعشية العامّة / قم ، برقم 8629 ، والمطبوعة بتحقيق ونشر : مؤسسة النشر

ص: 199

الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية / قم ، 1412 ه.

17 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آغا بزرگ الطهراني (ت 1389 ه) ، مطبعة مجلس الشورى الإسلامي / طهران ، 1360 ه.

18 - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، للشهيد الأوّل ، محمد بن مكّي الجزيني العاملي (المستشهَد سنة 786 ه) ، نسخة مخطوطة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم 1906 ، والمطبوعة على الحجر ، مكتبة بصيرتي / قم.

19 - رجال ابن داود ، لتقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي (ت بعد 707 ه) ، تصحيح : السيّد كاظم الموسوي ، جامعة طهران ، 1383 ه.

20 - الرضاعية ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

21 - رياض العلماء ، للميرزا عبد الله الأفندي الأصفهاني (ت نحو 1134 ه) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1401 ه.

22 - شرح الألفيّة ، للشيخ حسين بن عبد الصمد (ت 984 ه) ، نسخة مخطوطة محفوظة في المكتبة المرعشية العامّة / قم ، ضمن مجموعة رقم 1968.

23 - شرح الألفيّة ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

24 - صلاة الجمعة ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

ص: 200

25 - طبقات أعلام الشيعة - الضياء اللامع في القرن التاسع ، للشيخ آغا بزرگ الطهراني (ت 1389 ه) ، تحقيق : علي نقي المنزوي ، مؤسّسة انتشارات جامعة طهران ، 1366 ه- ش.

26 - طريق استنباط الأحكام الشرعية ، للمحقّق الكركي ، علي بن الحسين بن عبد العالي ، (ت 940 ه) ، المطبوعة ضمن رسائل المحقّق الكركي ، جمع وتحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

27 - فهرس مخطوطات مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، للسيّد علي أردلان جوان ، 1365 ه- ش.

28 - فهرس مخطوطات مكتبة جامع گوهرشاد ، لمحمود فاضل ، مكتبة جامع گوهرشاد / مشهد ، 1367 ه- ش.

29 - فهرس مخطوطات مكتبة المدرسة الفيضية ، للشيخ رضا الاستادي ، مطبعة مهر ، 1396 ه- ش.

30 - فهرس مخطوطات المكتبة المرعشية العامّة ، للسيّد أحمد الحسيني ، المكتبة المرعشية ، قم.

31 - فهرس مخطوطات مكتبة ملك ، لايرج افشار ومحمد تقي دانش پژوه ، طهران ، 1361 ه- ش.

32 - فهرس مكتبة جامعة طهران ، لمحمد تقي دانش پژوه ، 1340 ه- ش.

33 - فهرس مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ، لعبد الحسين الحائري ، مطبعة مجلس الشورى / طهران.

34 - فهرس مكتبة مدرسة سپهسالار ، ابن يوسف الشيرازي ، مطبعة مجلس الشورى / طهران ، 1313 ه- ش.

35 - كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار ، للسيّد إعجاز

ص: 201

حسين الكنتوري (ت 1286 ه) ، المكتبة المرعشية العامّة / قم ، 1409 ه.

36 - مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726 ه) ، مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية / قم ، 1412 ه.

37 - المقاصد العليّة ، للشهيد الثاني ، زين الدين الجُبَعي (المستشهَد سنة 965 ه) ، تحقيق : الشيخ محمد الحسّون ، مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية / قم ، 1420 ه.

38 - مكتبة العلاّمة الحلّي ، للسيّد المحقّق عبد العزيز الطباطبائي قدس سرُّه (ت 1417 ه) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1416 ه.

39 - المهذّب البارع في شرح المختصر النافع ، للشيخ جمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلّي (ت 841 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1406 ه.

* * *

ص: 202

دليل المخطوطات (10) - مكتبة مفتي الشيعة

(قم - إيران)

السيد أحمد الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة العلاّمة الآية السيّد محمد مفتي الشيعة الأردبيلي ، من معاريف علماء قم الأجلاّء ، له مكتبة فيها من المطبوعات نحو أربعة آلاف كتاب ، وجملة من المخطوطات هي الباقية من مكتبة أُسرته ، التي كان رجالها من أعلام علماء أردبيل ، وبعضها ممّا اقتناه هو في النجف الأشرف وغيرها.

كتب لبعضها الشيخ هادي الأميني فهرساً نشر في بعض أعداد مجلّة «العدل» النجفية ، ودوّنتُ له أيضاً فهرساً فارسياً في كرّاس خاص ..

وفي ما يلي ما هو موجود من مخطوطات في مكتبة السيّد حالياً :

ص: 203

(1)

اختيارات

بديعى

(طبّ - فارسي)

تأليف : الحاج زين العابدين بن حسين العطّار الأنصاري (806).

* 51 ، من القرن الثالث عشر ، أُضيفت في الهوامش

وصفات طبّية. قسم القرابادين ، وهو مخروم الآخر.

(2)

إرشاد

الأذهان إلى أحكام الإيمان

(فقه - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف ابن المطهّر (726).

* 28 ، عطاء الله بن علي الحسيني ، شعبان سنة 1000

، مصحّح ، عليه بعض التعاليق ، وبآخره فوائد في سبع صحائف.

(3)

الاستبصار

في ما اختلف من الأخبار

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 55 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مجدولة ، عليها

تصحيحات وبلاغات ، والأوراق الأُولى والأخيرة حديثة الكتابة.

(4)

أسرار

الآيات وأنوار البينات

(فلسفة - عربي)

تأليف : صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي (1050).

ص: 204

* 77 ، محمد بن الشيخ صالح البحراني ، يوم الجمعة

26 ربيع الآخر 1219 ، صحّحه الناسخ بخطّه.

(5)

أُصول

الفقه

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : السيّد مرتضى بن نقد علي الخلخالي الأردبيلي (1317).

استدلالي ، بعض المباحث منه غير تامّ وبعضها مكرّر ، فيه بحث : المشتقّ ، الصحيح والأعمّ ، مقدّمة الواجب ، الواجب المطلق والمشروط ، الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه ، اجتماع الأمر والنهي ، دلالة النهي على الفساد في العبادات والمعاملات ، الأمر بالشيء مع العلم بانتفاء الشرط ، الإجماع ، الإجزاء ، مفهوم الشرط ، مفهوم الوصف ، مفهوم الغاية ، المفاهيم بتمامها ، العامّ والخاصّ ، المطلق والمقيّد ، المجمل والمبين.

* 81 - 82 ، بخطّ المؤلّف ، فيه تعاليق من السيّد

رضا المحقّق المرتضوي ، والسيّد كاظم المرتضوي ، وغيرهما من أقارب المؤلّف.

(6)

أُصول

الفقه

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

بحوث استدلالية ، فيها مناقشات مع بعض علماء الأُصول ، وخصوصاً الشيخ مرتضى الأنصاري ، في مقدّمة ومقاصد تشتمل على فصول.

ص: 205

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... اعلم أنّ علم الأُصول هو العلم بالقواعد الممهّدة لكشف حال الأحكام الواقعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين».

* 47 ، عبد الحسين (بن محمد) القرملي ، 27 ربيع

الأوّل 1331. من أوّل الكتاب إلى بحث اجتماع الأمر والنهي.

(7)

أُصول

الفقه

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

فيه البحث عن تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري ، وأصالة البراءة ، ثمّ بحث عن الشكوك.

* 105 ، موسى بن مرتضى الموسوي ، ليلة 15 محرّم

1333 (آخر بحث أصالة البراءة) ، معه أوراق في المواعظ التي ألقاها الناسخ في شهر

رمضان المبارك.

(8)

الأمالي

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 101 ، من أواخر القرن الثالث عشر ، قطعة من أوّل

الكتاب.

(9)

الأمالي

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

ص: 206

* 11 ، غلام محمد الحسيني ، شهر رجب 1101 ، نسخة

مصحّحة ، عليها تعاليق قليلة وبلاغات ، قابلها شخص على نسخة محذوفة الأسانيد

وكتب بلاغاً في آخرها بتاريخ يوم الخميس 16 صفر 1114.

(10)

الإمامة

(عقائد - فارسي)

تأليف :؟

متفرّقات من الحديث والتاريخ في فضائل ومناقب وإثبات إمامة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

* 107 ، من القرن الرابع عشر ، مخروم الأوّل

والآخر.

(11)

أنيس

المجتهدين

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى محمد مهدي بن أبي ذرّ النراقي الكاشاني (1209).

* 88 ، قريب من عصر المؤلّف ، سقطت من أواسط النسخة

أوراق وكتبت حديثاً ، وهي مخرومة الأوّل.

(12)

إيضاح

الاشتباه في أسماء الرواه

(رجال - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف ابن المطهّر (726).

* 4 ، من القرن الثاني عشر ، مخروم الآخر وهو مصحّح

ص: 207

بخطّ الكاتب ، وبأوّله قطعة مخرومة الأوّل والآخر

من فوائد رجالية.

(13)

تحفة

الواعظين في أمر الدنيا والدين

(أخلاق - فارسي)

تأليف : الشيخ عبد العظيم بن علي محمد الأردبيلي.

في آداب الوعظ والإرشاد الديني ، والشرائط والصفات التي يجب أن تتوفّر في الواعظ ، على ضوء الآيات الشريفة والأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام ، وبضمنها نقل قصص تاريخية تناسب الموضوعات ، والكتاب مرتّب على مجالس رتّبت للخطباء والواعظين.

أوّله : «الحمد لله الهادي لمن استهدى سبيل النجاة ، الراشد لمن استرشد طرق الخيرات ، المنقذ لمن استنقذ عن الهلكات».

* 50 ، قوام نوحه خوان (النائح) ، سلخ ربيع الأوّل 1262

- 1263 في أردبيل ، كتبه بأمر من الأمير غفور بن أمير سيّد علي الحسيني.

(14)

تذكرة

الفقهاء

(فقه - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف ابن المطهّر (726).

* 71 ، إسماعيل بن عباس بن أحمد بن محمود المعلّم

الخشوقاني ، ثالث جمادى الآخرة 959. الجزء الثامن والتاسع.

ص: 208

(15)

ترجمة

«مفتاح الفلاح»

(دعاء - فارسي)

ترجمة : جمال الدين محمد بن الحسين الخوانساري (1125).

* 104 ، من عصر المؤلّف ، نسخة جيّدة.

(16)

تشريح

الأُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

مختصر في بعض القواعد من مباحث الألفاظ ، بعناوين : «تشريح : - تشريح :» ، يحاول المؤلّف فيه بيان مبانيه الأُصولية من دون التعرّض لآراء الآخرين والمناقشة فيها. تمّ هذا القسم في يوم الجمعة سابع شهر محرّم 1295 بالنجف الأشرف.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... تشريح : لا إشكال في كون صيغة الأمر حقيقة في الطلب مجاز في غيره».

* 72 ، أبو تراب ابن المصنّف ، 23 صفر 1310. احتمل

بعض المحقّقين على الجلد أن يكون الكتاب تأليف ملاّ علي النهاوندي ، وبما أنّ

للنهاوندي كتابين كبير وصغير بالاسم نفسه ، يجب أن يراجع لمعرفة أنّ هذه النسخة

أيّهما؟!

(17)

تفسير

سورة الواقعة

(تفسير - عربي)

تأليف : صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي (1050).

ص: 209

* 21 ، ليلة 27 ذي القعدة 1320 ، عليه تعليقتان

بتوقيع : «محسن» و : «لمحرّره مرتضى».

(18)

تقرير

أبحاث الميرزا الشيرازي

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : ملاّ علي الروزدري (نحو 1290).

كتب على النسخة أنّ : «الكتاب تقرير أبحاث الميرزا محمد حسن المجدّد الشيرازي ، مسألة الفور والتراخي إلى آخر الكتاب للروزدري ، ومسألة الصحيح والأعمّ والإجزاء والأمر بالشيء مستلّ من كتاب مطارح الأنظار لميرزا أبو القاسم الكلانتر الطهراني».

* 103 ، محمد مهدي بن جعفر بن حسين بن عبدالله

الموسوي ، القسم الأوّل 20 ذي الحجّة 1301 في سامرّاء ، والقسم الثاني 20 محرّم

1302 ، صحّحه الناسخ وعليه بعض التعاليق منه.

(19)

تهذيب

الأحكام

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 63 ، من القرن الحادي عشر ، كتاب الطهارة والصلاة

، مخروم الأوّل والآخر.

* 70 ، من القرن الحادي عشر ، مصحّح ، وفي آخر كتاب

الصوم منه ثلاث بلاغات وفي بقية النسخة بلاغ واحد. كتاب الصوم إلى التجارة.

ص: 210

(20)

تهذيب

الوصول إلى علم الأُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف ابن المطهّر (726).

* 73 ، من القرن الثالث عشر ، مخروم الأوّل والوسط

والآخر ، مصحّح بخطّ الناسخ.

(21)

جامع

الأخبار

(حديث - عربي)

تأليف :؟

النسخة المعروفة من الكتاب.

* 35 ، السيّد محمد بن مير علي رضا كلوري ، يوم

الخميس 14 ذي القعدة 1251 في مدينة رشت ، مصحّح بخطّ الكاتب ، وعليه تعاليق

قليلة ، وهو مخروم الأوّل.

(22)

حاشية

«الألفيّة»

(فقه - عربي)

تأليف : المولى عبدالله بن الحسين التستري (1021).

حاشية استدلالية مختصرة نسبياً على رسالة الألفيّة للشهيد الأوّل.

يستند المؤلّف فيه - على الأكثر - على الأدّلة الحديثية ، وهي غير شرحه على الألفيّة نفسها.

أوّلها : «قوله : تقرّباً إلى الله تعالى ، كأنّه أراد به الردّ على السيّد حيث

ص: 211

حكي عنه أنّ الصلاة رياءً صلاة شرعية مجزية».

* 31 ، من القرن الثاني عشر.

(23)

حاشية

«تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية»

(منطق - عربي)

تأليف : السيّد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (825).

* 9 ، من القرن الحادي عشر ، أوراق من أواسط النسخة

وآخرها حديثة الكتابة ، مصحّحة ، عليها تعاليق.

* 18 ، مخروم الآخر ، وعليه تعاليق.

* 74 ، يوم الأحد 12 محرّم 1254 في مدرسة عبد

العظيم بطهران.

(24)

حاشية

«تهذيب المنطق»

(منطق - عربي)

تأليف : محمد علي بن قربان علي الأردبيلي (ق 13).

حاشية بعناوين : «قوله : - قوله :» على رسالة تهذيب المنطق لسعد الدين التفتازاني.

ربّما يتعرّض المؤلّف فيها لبعض آراء المولى عبدالله اليزدي مع عناوين : «قال الشارح :» ، تمّ تأليفها سنة 1272.

أوّلها : «الحمد لله الذي تفرّد في وحدانيّته ، وكلّت الألسن عن بيان غايته ، وانحسرت العقول عن كنه معرفته».

ص: 212

* 39 ، نسخة حديثة الكتابة ، مخرومة الآخر ،

والأوراق الأخيرة كتبت في شهر صفر 1381 في أردبيل.

(25)

حاشية

«فرائد الأُصول»

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

قطعة من أوائل الحاشية ، وبعدها أوراق من «قاعدة أصالة الطهارة» لعلّها للوحيد البهبهاني.

* 108 ، موسى بن مرتضى المر تضوي الأردبيلي (لم

يذكر اسمه في النسخة).

(26)

حاشية

«المطوّل»

(بلاغة - عربي)

تأليف : السيّد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (825).

* 32 ، بهلول بن تاج الدين ، يوم الأحد 25 ذي

الحجّة 986 ، مخروم الأوّل.

(27)

حياة

القلوب

(تاريخ - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 62 ، من القرن الثاني عشر ، قطعة من الكتاب في

أوّلها

ص: 213

وآخرها وأواسطها خروم.

(28)

الدرر

الباهرة

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد أبو طالب بن أبي تراب الحسيني القائني (1293).

في معرفة المبدأ الأوّل ، وإثبات التوحيد بالأدلّة العقلية والإجماع والكتاب والسُنّة ، مع عناوين : «درّة : - درّة :» ، وبآخره إشارة إلى مقامات أولياء الله تعالى المعصومين ومنبع علمهم عليهم السلام. تمّ عصر يوم الثلاثاء 24 ذي القعدة 1277.

أوّله : «الحمد لله الذي تجلّى لعباده بأسمائه الحسنى ، وتبيّن لهم بأمثاله العليا ، والصلاة على المبعوث في أُمّ القرى ، وآله الكرام أُولي النهى».

* 106 ، محمد علي ذاكر ، سنة 1284.

(29)

الدرر

البهية

(فقه - عربي)

نظم : المولى محسن بن محمد سميع الكرمانشاهي (ق 13).

* 100 ، ملاّ لطف الله المشهور بملاّ بالا جان بن

ملك الأردبيلي ، يوم الجمعة 24 جمادى الأُولى 1318. معه الدرّة

النجفية للسيّد بحر العلوم الطبعة الحجرية.

ص: 214

(30)

ذخائر

النبوّة

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ هادي بن محمد أمين الطهراني (1321).

* 22 ، زين العابدين الموسوي الأردبيلي ، يوم

الخميس عاشر شعبان 1314. قسم المباحث العقلية.

(31)

الذريعة

إلى أُصول الشريعة

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي البغدادي (436).

* 20 ، من القرن الحادي عشر ، مصحّح ، عليه تملّكات

كثيرة من القرن الثالث عشر.

(32)

ربيع

الأسابيع

(دعاء - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 30 ، محمد رحيم بن محمد تقي الهمداني ، ربيع

الآخر 1272 في شيراز ، صحّحه الناسخ بخطّه.

(33)

زاد

المعاد

(دعاء - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

ص: 215

* 75 ، من القرن الثاني عشر ، نسخة مجدولة جيّدة

الخط.

زبدة

الأُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

* 29 ، من القرن الثاني عشر ، مصحّح ، عليه تعاليق

كثيرة ، أُضيف بآخره موضوع الناسخ والمنسوخ في ورقة واحدة لعلي ابن شهاب

الهمداني ، كتب في محرّم الحرام 1273.

(34)

زبدة

النفائس في ترجمة المجالس

(سيرة المعصومين - فارسي)

ترجمة : السيّد أبو القاسم بن إبراهيم المحرّر الأصبهاني (1370).

ترجمة جيّدة للمجلّد الخامس من كتاب المجالس السنية للسيّد محسن الأمين العاملي ، المؤلَّف في أحوال المعصومين عليهم السلام في مجالس للخطباء ، ترجمه المترجم حينما أشرف على السبعين من عمره ، ولم تترجم فيه القصائد والأبيات الشعرية.

أوّله : «الحمد لله وسلام على عباده الّذين اصطفى .. وبعد ، چنين گويد اسير آمال وامانى آثم جانى ... اين بى بضاعت ضعيف الحال».

* 87 ، بخطّ المؤلّف.

(35)

السرائر

الحاوي لتحرير الفتاوي

(فقه - عربي)

تأليف : أبي جعفر محمد بن منصور ، ابن إدريس الحلّي (598).

ص: 216

* 24 ، علي بن إسماعيل البالادهي ، من القرن الحادي

عشر ، وهو مصحّح.

(36)

شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام

(فقه - عربي)

تأليف : أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّي (676).

* 16 ، من القرن الحادي عشر ، النسخة مصحّحة ،

عليها تعاليق ، وبأوّلها متفرّقات في عدّة صحائف ، مخرومة الآخر.

* 41 ، محمد بن أحمد المشهور بالعابد ، يوم

الاثنين ثاني جمادى الآخرة 1052 (لعلّ بعض النسخة كتب متأخّراً عن هذا التاريخ ،

وبخطّ غير خطّ الناسخ) ، مصحّح ، عليه تعاليق.

* 61 ، برهان بن إسحاق الشيرواني ، سادس شهر رمضان

1216 في مدرسة أرك.

(37)

شرح

الأسباب والعلامات

(طب - عربي)

تأليف : برهان الدين نفيس بن عوض الكرماني (842).

* 65 ، محمد أمين بن آقا جلال الطبيب ، يوم الأحد

29 محرّم 1069 ، مصحّح ، عليه بعض التعاليق ، مخروم الأوّل.

(38)

شرح

«ألفية ابن مالك»

(نحو - عربي)

تأليف : بهاء الدين عبدالله بن عقيل المصري (769).

ص: 217

* 6 ، من القرن الثاني عشر ، مخروم الأوّل والآخر ،

مصحّح ، عليه تعاليق.

(39)

شرح

الأُنموذج

(نحو - عربي)

تأليف : جمال الدين محمد بن عبد الغني الأردبيلي (647).

* 96 ، السيّد محمد بن آقا مير علي رضا الكلوري

، سنة 1248 ، الأوراق الأُولى مصحّحة وعليها تعاليق.

(40)

شرح

«تجريد العقائد»

(كلام - عربي)

تأليف : علاء الدين علي بن محمد القوشجي (879).

* 10 ، بخطوط مختلفة ، والقطعة الأخيرة كتبها مهدي

بن أميد علي الجيلاني ، يوم الثلاثاء سلخ جمادى الأُولى 1225.

(41)

شرح

«التوحيد» للصدوق

(حديث - عربي)

تأليف : القاضي محمد سعيد بن محمد مفيد القمّي (بعد 1106).

* 13 ، محمد بن أحمد ، يوم الأحد ثالث ذي القعدة

1206 ، نسخة مصحّحة ، عليها تعاليق قليلة ، وبآخرها فوائد مختلفة. المجلّد

الأوّل.

ص: 218

(42)

شرح

ديوان أمير المؤمنين عليه السلام

(أدب - فارسي)

تأليف : كمال الدين حسين بن معين الدين الميبدي (904).

* 90 ، محمد أمين بن فتح الدين ، عاشر رجب 1079 ،

نسخة مجدولة ، حسنة الخطّ ، مخرومة الأوّل ، بآخرها أبيات للإمام عليّ عليه

السلام لم تذكر في ديوانه.

(43)

شرح

شواهد «البهجة المرضية»

(أدب - فارسي)

تأليف : نظام الدين بن أحمد الأردبيلي (ق 11).

* 45 ، من القرن الثالث عشر ، مخروم الآخر.

(44)

شرح

«قطر الندى»

(نحو - عربي)

تأليف : جمال الدين عبدالله بن يوسف ابن هشام النحوي (761).

* 38 ، خامس عشر ربيع الآخر 1293.

* 93 ، من القرن الثالث عشر ، مخروم الأوّل والآخر

، والنسخة مبعثرة.

(45)

شرح

«وافية الأُصول»

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : صدر الدين محمد بن محمد باقر الرضوي القمّي (بعد

ص: 219

1160).

* 17 ، سنة 1233.

(46)

الصافي

(تفسير - عربي)

تأليف : المولى محسن بن المرتضى ، الفيض الكاشاني (1091).

* 26 ، قريب من عصر المؤلّف ، النسخة مجدولة ،

عليها تعاليق يسيرة.

* 43 ، جمادى الأولى 1086. الربع الثالث من الكتاب.

* 48 ، من القرن الثالث عشر وبخطوط مختلفة. الربع

الأوّل والثاني من الكتاب.

* 54 ، من عصر المؤلّف وكتب بخطّين. من سورة سبأ

إلى آخر الكتاب.

(47)

الصحيفة

السجادية

(دعاء - عربي)

إنشاء : الإمام السجّاد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

* 5 ، محمد باقر بن شاهمير الحسني الحسيني ، يوم

الاثنين منتصف شعبان 1086 ، مترجم إلى الفارسية بين السطور ، النسخة مجدولة ،

بأوّلها لوحة فنية.

* 49 ، من القرن الثالث عشر ، والأوراق الأُولى من

القرن الثاني عشر ، مترجم إلى الفارسية بين السطور ، قسم الملحقات مشوّش غير

تامّ.

ص: 220

* 66 ، محمد حسين بن محمد علي ، من القرن

الحادي عشر ، مصحّح ، مترجم إلى الفارسية بين السطور ، مخروم الأوّل ، وليس

فيه الملحقات.

(48)

صرف

مير

(تصريف - فارسي)

تأليف : السيّد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (825).

* 98 ، من أوائل القرن الثالث عشر ، مخروم الآخر ،

وعليه تعاليق يسيرة.

(49)

ضوابط

الرضاع

(فقه - عربي)

تأليف : الميرداماد محمد باقر بن محمد الحسيني الاسترابادي (1041).

* 78 ، كمال الدين حسين بن محمد شاه كوهگيلوي ،

يوم السبت سابع جمادى الأُولى 1024 ، ودعا الناسخ لصاحب النسخة الشيخ الورع

الفاضل حسن بن محمد الجبل عاملي ، مصحّح ، وعليه تعاليق المؤلّف.

(50)

عدّة

الداعي ونجاح الساعي

(دعاء - عربي)

تأليف : أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلّي (841).

* 52 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مصحّحة ، عليها

ص: 221

بعض التعاليق.

(51)

الفصول

الغروية في الأُصول الفقهية

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ محمد حسين بن محمد رحيم الأصبهاني (1255).

* 19 ، حسين بن لطف علي الموسوي اللاريجاني

المازندراني ، يوم الأحد 20 رجب 1258 ، كتبه بأمر الآخوند ملاّ حسن الدامغاني

الساكن في كربلاء ، النسخة مصحّحة وبها بلاغات.

* 23 ، جعفر بن زين العابدين الموسوي البحراني

البهبهاني ، يوم الأحد عاشر ربيع الآخر 1258 ، كتبه بأمر ملاّ عبدالله بن

جمشيد البهبهاني.

(52)

الفقه

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد مرتضى بن نقد علي الخلخالي الأردبيلي (1317).

بحوث مختلفة ، استدلالية غير تامّة من كتاب الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والبيع.

* 85 ، بخطّ المؤلّف.

(53)

القرآن الكريم

* 1 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مجدولة مزركشة ،

ص: 222

كتبت وجوه بعض القراءات في الهوامش ، في آخرها كتبت

سورة الفاتحة بقراءتين شاذّتين ودعاء الختم وفوائد مختلفة أُخرى.

(54)

الكافي

(حديث - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (328).

* 42 ، علي رضا بن محمد حسين ، كتاب المعيشة في

سنة 1066 ، والروضة 108 (1068؟) ، والديات ربيع الآخر 1079. كتاب المعيشة

والروضة والمواريث والديات.

* 46 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مصحّحة ، عليها

تعاليق قليلة ، مخرومة الأوّل والآخر. كتاب النكاح إلى القضايا والأحكام.

(55)

كامل

الزيارات

(زيارة - عربي)

تأليف : أبي القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه القمّي (368).

* 53 ، أبو القاسم (المحرّر) الموسوي النجفي

الأصبهاني ، 20 رمضان 1341 ، كتب على نسخة قديمة صححّها الميرزا حسين النوري.

(56)

كتاب

النكاح

(فقه - عربي)

تأليف :؟

ص: 223

يحتمل أن يكون من بعض شروح شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي.

أوّله : «الثالث : في اللواحق ، وهي ثلاثة ؛ الأُولى : لا خلاف بين المسلمين في أنّه يجوز النظر إلى وجه إمرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها».

* 69 ، من القرن الثالث عشر ، مخروم الأوّل والآخر.

(57)

كشكول

(متفرّقة - فارسي)

جمع : السيّد موسى بن مرتضى المرتضوي الأردبيلي (1368).

فيه أحاديث وروايات وفوائد وموضوعات مختلفة غير مرتّبة بترتيب خاصّ.

* 109 ، بخطّ المؤلّف.

(58)

اللوامع

في شرح «الشرائع»

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد مرتضى بن نقد علي الخلخالي الأردبيلي (1317).

شرح استدلالي ، فيه شيء من التفصيل على كتاب الغصب من شرائع الإسلام ، احتمل الشيخ آقا بزرك الطهراني على الورقة الأُولى من النسخة أن يكون اسم الكتاب «اللوامع» ؛ لأنّ عناوينه : «لامعة : - لامعة :».

أوّله : «كتاب الغصب .. قلت : وبذلك عرّفه في النافع أيضاً ، بل حكي ذلك عن الفاضل في القواعد ، بل في المسالك نسبه إلى الأكثر».

* 84 ، بخطّ المؤلّف ، وهو مخروم الآخر.

ص: 224

(59)

مجموعة

(متفرّقة - فارسي وعربي)

جمع : السيّد موسى بن مرتضى المرتضوي الأردبيلي (1368).

فيها بحوث أُصولية ، وقطع من حاشية على كفاية الأُصول ، وأسناد شرعية ، وصور لبعض وثائق العقد والطلاق والمصالحة ، وغيرها من كتابات مبعثرة.

* 110 ، بخطّ الجامع.

(60)

مجموعة

(متفرّقة - عربي وفارسي)

جمع :؟

أوراق مبعثرة من كتب ورسائل شتّى ، من كتاب الجذوات للسيّد ميرداماد ، والأدلّة العقلية ، وجامع الأخبار ، ومفاتيح الأحكام ، وتفسير سورة الجمعة ، وأقسام الشرط ، وأدلّة الاستصحاب ، والإتقان للشيخ هادي الطهراني ، ومجمع الرشاد في الإرث ، وترجمة رسالة ردّ البابية للشيخ محمد جواد البلاغي ، وقد تمّت في ربيع الأوّل سنة 1344.

* 91 ، أوراق مختلطة بخطوط مختلفة.

(61)

مجموعة

(متفرّقة - عربي)

جمع :؟

ص: 225

أوراق مبعثرة من كتابات أحد الخطباء ، ومسائل متفرّقة من أُصول الفقه ، وأوراق من جامع الأخبار ، ورسالة مفتاح الأحكام ، وغيرها.

* 94 ، أكثر أوراق النسخة بخطّ السيّد مرتضى

المرتضوي الأردبيلي.

(62)

مجموعة فيها :

1

- النصرة في حرب البصرة

(تاريخ - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (413).

2

- الإفصاح في الإمامة

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي.

3

- مقتل الحسين عليه السلام

(سيرة المعصومين - عربي)

منسوب إلى : أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي (157).

أوراق مبعثرة من الكتاب.

4

- سهو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي.

5

- الرد على أصحاب العدد

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي.

ص: 226

6

- إلزام النواصب بإمامة عليّ بن أبي طالب

(عقائد - عربي)

تأليف :؟

نسب في بعض المصادر إلى الشيخ مفلح البحراني من القرن التاسع ، والنسبة غير ثابتة.

7

- أصل علاء بن رزين

(حديث - عربي)

جمع :؟

8

- أصل زيد الزراد

(حديث - عربي)

جمع : زيد الزراد (ق 2).

9

- أصل عباد العصفري

(حديث - عربي)

جمع : أبي سعيد عباد العصفري.

10

- أصل الحنّاط

(حديث - عربي)

جمع : عاصم بن حميد الحنّاط الكوفي.

11

- أصل زيد النرسي

(حديث - عربي)

جمع : زيد النرسي (ق 2).

12

- أصل جعفر الحضرمي

(حديث - عربي)

جمع : جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي.

13

- أصل محمد بن المثنّى الحضرمي

(حديث - عربي)

جمع : محمد بن المثنّى بن قاسم الحضرمي.

14

- كتاب عبد الملك بن حكيم

(حديث - عربي)

تأليف : عبد الملك بن حكيم الخثعمي الكوفي.

ص: 227

15

- أصل مثنّى بن الوليد الحنّاط

(حديث - عربي)

جمع : مثنّى بن الوليد الحنّاط الكوفي.

16

- أصل خلاّد السدّي

(حديث - عربي)

جمع : خلاّد السدّي البزّاز الكوفي (ق 2).

17

- كتاب حسين بن المثنّى

(حديث - عربي)

تأليف :؟

18

- أصل عبدالله الكاهلي

(حديث - عربي)

جمع : عبدالله بن يحيى الكاهلي (ق 2).

19

- كتاب سلام بن أبي عميرة

(حديث - عربي)

تأليف : سلام بن أبي عميرة الخراساني الكوفي (ق 3).

20

- نوادر علي بن أسباط

(حديث - عربي)

جمع : علي بن أسباط الكوفي (ق 3).

21

- نوادر الأثر بعليٍّ خير البشر

(فضائل المعصومين - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي (ق 4).

22

- العروس

(حديث - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي.

23

- جامع الأحاديث

(حديث - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي.

24

- مصادقة الإخوان

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

ص: 228

25

- بُلغة المحدّثين

(رجال - عربي)

تأليف : الشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي البحراني (1121).

* 2 ، السيّد أبو القاسم (المحرّر) النجفي

الأصبهاني ، سنة 1339 ، أكثر الرسائل مقابلة بدقّة ، مصحّحة ، عليها بعض

التعاليق.

(63)

مجموعة فيها :

1

- اليقين باختصاص مولانا عليّ بإمرة المؤمنين

(فضائل المعصومين - عربي)

تأليف : رضي الدين علي بن موسى ابن طاووس الحلّي (664).

يسمّى أيضاً : «التصريح بالنصّ الصحيح».

2

- الطرف من الأنباء والمناقب في شرف الأنبياء والأطائب

(عقائد - عربي)

تأليف : رضي الدين علي بن موسى ابن طاووس الحلّي.

3

- خصائص الأئمّة

(فضائل المعصومين - عربي)

تأليف : الشريف الرضي ، محمد بن الحسين الموسوي البغدادي (406).

4

- مائة منقبة من مناقب عليّ عليه السلام

(فضائل المعصومين - عربي)

تأليف : أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي ابن شاذان (ق 5).

ص: 229

* 14 ، أبو القاسم (المحرّر) الموسوي الأصبهاني ،

الكتاب الأوّل بتاريخ تاسع ربيع الأوّل 1347 ، والكتاب الثاني والثالث في محرّم

من السنة نفسها ، والكتاب الرابع تاسع صفر 1347 ، في النجف الأشرف.

(64)

مجموعة فيها :

1

- تمهيد القواعد الأُصولية والعربية

(أُصول ونحو - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي (966).

معه فهرس الكتاب المسمّى : «كشف الفوائد».

2

- الرعاية في شرح بداية الدراية

(دراية - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي.

3

- قاعدة اليد

(فقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن محمد باقر المختاري النائيني (نحو 1140).

رسالة استدلالية ، مع مناقشات لآراء بعض الفقهاء بعناوين : «تحصيل : - تحويل : - تكميل :» ، تمّ تأليفها في منتصف ربيع الأوّل سنة 1117.

أوّلها : «حمداً لباسط الأيدي وباعث بيّناته النوادي في النوادي والبوادي ، وسلاماً على النبيّ الهادي للهوادي زين النادي».

* 25 ، ميرزا بابا بن حسين قلي الأردبيلي ، 19

رمضان 1229 حين التحصيل في النجف الأشرف (آخر الكتاب الأوّل والمجموعة كلّها

بخطّ واحد).

ص: 230

(65)

مجموعة فيها :

1

- الفوائد الحائرية (القديمة)

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (1206).

2

- الفوائد الحائرية (الجديدة)

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني.

3

- الإجماع

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني.

4

- الاستصحاب

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني.

5

- الحقّ المبين في تصويب رأي المجتهدين وتخطئة الأخباريّين

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ جعفر بن خضر الجناجي النجفي (1227).

في بيان الأدلّة الاجتهادية التي يستدلّ بها المجتهدون ، وفيه مناقشات مع الأخباريّين الّذين يردّون الاجتهاد الأُصولي ، ألّفه الشيخ بطلب ابنه الشيخ علي كاشف الغطاء. وهو في مطالب ثمانية.

أوّله : «الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلّمه البيان ... فإنّه قد قامت الحرب على ساق ، وكثر الجدال والقيل والقال».

* 27 ، الكتاب الأوّل والثاني بخطّ حسن بن معصوم

ص: 231

الكوكدي ، سنة 1229. الكتاب الثالث بخطّ بديع بن

عابد الحسيني الجابلقي ، غرّة جمادى الآخرة 1229. الكتاب الخامس كتب في السنة

نفسها.

(66)

مجموعة فيها :

1

- الفصول المختارة من العيون والمحاسن

(عقائد - عربي)

تأليف : الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي البغدادي (436).

2

- الأمالي

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (413).

* 40 ، السيّد أبو القاسم (المحرّر) الموسوي

النجفي الأصبهاني ، الكتاب الأوّل بتاريخ أوّل ربيع الأوّل 1339 ، والكتاب

الثاني ثالث شهر صفر من السنة نفسها عند الاضطراب والحرب مع الأعداء الأجانب.

(67)

مجموعة فيها :

1

- المآب في شرح الآداب

(منطق - عربي)

تأليف : أبي العلاء محمد بن أحمد البهشتي الاسفراييني (749).

شرح توضيحي مهم معروف على رسالة آداب البحث للسمرقندي ، مع عناوين : «قال : - أقول :» ، مشتمل على تفسير المشكلات ، وتوضيح

ص: 232

المعضلات ، وتقرير المعاني ، ألّفه الشارح بطلب جمع من الفضلاء.

أوّله : «الحمد لله المتوّحد بوجوب الوجود والقدم ، المتفرّد بذاته عن الحدوث والعدم ، الذي أبدع الأرواح بحكمته».

2

- مطالع الأفكار

(منطق - عربي)

تأليف : الشيخ محمد بن إبراهيم المنصوري.

شرح على رسالة الإيساغوجي لأثير الدين مفضّل بن عمر الأبهري.

أوّله : «الحمد لله فيّاض درر الأذهان في لجج الأفكار ، وعلاّم ما تلألأ من غرر البيان في حجج الأنظار».

* 44 ، پيري بن قطب الدين التبريزي ، الكتاب الأوّل

يوم الثلاثاء 17 شوّال 840 في المدرسة الجلالية بشماخي ، والكتاب الثاني يوم

الثلاثاء ثامن جمادى الأُولى 842 ، مع المجموعة صحائف فيها فوائد وأشعار ، بعضها

بتاريخ 1315.

(68)

مجموعة فيها :

1

- الغايات

(حديث - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي (ق 4).

2

- المانعات من دخول الجنّة

(حديث - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي.

3

- المسلسلات

(حديث - عربي)

تأليف : أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمّي.

4

- الحساب

(حساب - عربي)

تأليف : نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (672).

ص: 233

* 56 ، أبو القاسم (المحرّر) الموسوي النجفي

الأصبهاني ، من القرن الرابع عشر.

(69)

مجموعة فيها :

1

- مصائب النواصب

(عقائد - عربي)

تأليف : القاضي نور الله بن محمد شريف التستري (1019).

2

- عين العبرة في غبن العترة

(عقائد - عربي)

تأليف : جمال الدين أحمد بن موسى ابن طاووس الحلّي (673).

3

- أُرجوزة في الإرث

(فرائض - عربي)

نظم : الشيخ محمد علي بن الحسين بن محمد الأعسم النجفي (1233).

المنظومة غير تامّة من آخرها.

4

- الكبائر من الذنوب

(أخلاق - عربي)

تأليف : السيّد محمد مهدي بن المرتضى بحر العلوم النجفي (1212).

لعلّه مستلّ من مناسك الحجّ للسيّد.

5

- أُرجوزة في تواريخ المعصومين

(سيرة المعصومين - عربي)

نظم : الشيخ محمد مهدي بن محمد صالح الفتوني النجفي (1183).

أوّلها :

أحمدك اللّهمّ بارئ النسم

مصلّياً على رسوله العلم

ص: 234

6

- معنى المولى

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (413).

7

- رسالة أبي غالب الزراري

(تراجم - عربي)

تأليف : أبي غالب أحمد بن محمد الزراري الشيباني (368).

8

- المسائل العشر (الفصول العشر)

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي.

أُدرجت في هذه المجموعة - غير الرسائل المذكورة - اثنتي عشرة فائدة من كتاب منتقى الجمان للشيخ حسن العاملي (210 - 227) ، وبعض الفوائد الرجالية للسيّد بحر العلوم (228 - 245) ، وأشياء أُخرى.

* 58 ، السيّد أبو القاسم (المحرّر) الموسوي

النجفي الأصبهاني ، سنة 1342 - 1343.

(70)

مجموعة فيها :

1

- حاشية «فرائد الأُصول»

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

حاشية استدلالية مختصرة على بحث القطع من رسائل الشيخ مرتضى الأنصاري ، كتبت في عصر الشيخ وفيها بعض المناقشات معه.

أوّلها : «قوله - دام ظلّه - : أمّا القطع ، فنقول : لا إشكال ... إلى آخره ، اعلم أنّ الحجّة تطلق تارة على ما هو واجب الاتّباع بحيث لا يعتنى

ص: 235

بمخالفه».

2

- الاستصحاب

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

رسالة استدلالية مختصرة وفيها بعض المناقشات مع الأُصوليين.

أوّله : «القول في الاستصحاب .. وهو في اللغة : أخذ الشيء مصاحباً ، وفي الاصطلاح قد عرّف بتعاريف».

3

- الاجتهاد والتقليد

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف :؟

يحيل المؤلّف في هذه الرسالة إلى كتابه في الرهن.

أوّله : «القول في التقليد وهل مسائل الاجتهاد والتقليد أُصولية أو فرعية أو عقلية».

4

- أُرجوزة في القطع

(أُصول الفقه - عربي)

نظم : الشيخ علي بن حيدر.

يلخّص في أُرجوزته هذه آراء أُستاذه الذي شاعت كتبه في الأوساط العلمية (لعلّه يريد به الشيخ مرتضى الأنصاري) ، لم يرد اسم الأُرجوزة وناظمها في ديباجتها الأُولى ، وإنّما صنع لها ديباجة ثانية قد صرّح باسميهما فيها.

أوّلها :

يقول راج عفو ربّ غافر

أحمد ربّي الله خير قادر

مصلّياً على النبيّ الأسعد

وآله أزكى الورى والمحتد

أوّل الديباجة الثانية :

قال علي هو نجل حيدر

أحمد ربّي الله خير قادر

ص: 236

مصلّياً على نبيّ الأُمّه

وآله هُمُ لكشف الغمّه

على ورقة قبل المجموعة ، نُسبت الرسائل إلى الشيخ حبيب الله الأرديموسي الأردبيلي ، والمحتمل أنّها كلّها للشيخ علي بن حيدر ؛ إذ هي ومسوّدات المؤلّف بخطّ واحد.

* 59 ، بخطّ المؤلّف ، فيها تعديلات وتصحيحات.

(71)

مجموعة فيها :

1

- الاجتهاد والتقليد

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ مرتضى بن محمد أمين الأنصاري التستري (1281).

2

- الرضاع

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ مرتضى بن محمد أمين الأنصاري التستري.

3

- الإرث

(فرائض - عربي)

تأليف : المولى محمد تقي بن حسين علي الهروي (1299).

زيد في هذه المجموعة بحوث أُصولية استدلالية بعضها غير كاملة ، وهي في فصول ، كتب الشيخ آقا بزرك الطهراني على الورقة الأُولى من المجموعة أنّها تقرير أبحاث الشيخ مرتضى الأنصاري ، تشبه كتابات الكلانتر.

* 60 ، مرتضى بن أبي الحسن الحسيني اليزدي النجفي

(من تلامذة الأنصاري ، ونُسبت الأبحاث إليه في بعض الفهارس) ، رسالة الرضاع

بتاريخ شوّال 1281 ، والإرث

بتاريخ 23 صفر 1280.

ص: 237

(72)

مجموعة فيها :

1

- بداية الدراية

(دراية - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي (966).

2

- الاستعارة

(بلاغة - عربي)

تأليف : أبي القاسم بن أبي بكر الليثي السمرقندي (ق 9).

سمّيت الرسالة في هذه النسخة : «فرائد الفوائد».

3

- الوضع

(بلاغة - عربي)

تأليف :؟

بحث مختصر قصير منتزع من كتاب ، ونسب في آخره إلى علاء الدين علي القوشجي.

أوّله : «المشهور أنّ وضع المفردات ليس لإفادة مسمّياتها ؛ لاستلزامها الدور».

4

- قواعد الإعراب

(نحو - عربي)

تأليف : جمال الدين عبدالله بن يوسف ابن هشام الأنصاري (761).

5

- شرح كلمة التوحيد

(عقائد - عربي)

تأليف : السيّد فضل الله الحسيني الاسترابادي.

ثلاث شبه أوردوها حول كلمة التوحيد «لا إله إلاّ الله» ، تعرّض لردّها المؤلّف باختصار في هذه الرسالة ، وقدّمها إلى عالم أسماه : «محييالدين» ، وهي : في تركيبها ، في خبر «لا» ، في وضع لفظة «الله».

أوّله : «الحمد لله الواحد الحري بالتحميد ، والصلاة على محمد النبيّ

ص: 238

الداعي إلى التوحيد ، وآله وأصحابه الّذين خصّوا بالتفريد».

6

- الحقيقة والمجاز

(بلاغة - عربي)

تأليف :؟

تعريف بالحقيقة والمجاز وكيفية استعمالهما ، بالإضافة إلى بيان معنى «المرسل» وأنواعه. واحتمل بعض في آخر النسخة أن تكون الرسالة لجارالله الزمخشري.

أوّله : «الحقيقة أن تثبت لفظاً في ما وضع له بعُرفٍ كائناً من كان ، والمجاز أن يتعدّى اللفظ عن موضوعه في ذلك العرف».

7

- قول أحمد

(بلاغة - عربي)

تأليف : أحمد بن محمد بن خضر.

شرح مختصر ممزوج على رسالة الاستعارة للسمرقندي.

أوّله : «الحمد لله الممجّد ، والصلاة على رسوله محمد ، وآله وأصحابه من الأزل إلى الأبد ، بسمل المصنّف رحمه الله أوّلاً تيّمناً وعملاً بموجب الحديث». في هذه المجموعة قطعة من أوّل هذا الشرح.

* 64 ، شاهمير بن زين العابدين الحسني ، 15 رجب

1009 (آخر الرسالة الرابعة والمجموعة كلّها بالخطّ نفسه) ، الرسالة الأُولى

بتاريخ يوم السبت 20 جمادى الآخرة 1018.

(73)

مجموعة فيها :

1

- حجّة بقية الله

(حديث - فارسي)

تأليف : ملاّ محمد كاظم بن محمد شفيع الهزارجريبي (1243).

ص: 239

ترجمة وشرح للحديث القدسي المعروف : «عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح» ، ففي كلّ قطعة منه سرد المؤلّف مختصر معناها ، ثمّ ترجمها إلى الفارسية بين السطور ، ولأنّ المؤلّف ألّفه في طريق زيارته للحجّة المنتظر ؛ سمّاه بالاسم المذكور أعلاه.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... بعضى از برادران دينى اين حقير را بر اين داشتند كه اين احاديث قدسى را ترجمه فارسى نمايم».

2

- مناجاة خواجة عبدالله الأنصاري

(تصوّف - فارسي)

إنشاء : الخواجة عبدالله بن محمد الأنصاري (482).

3

- رباعيات بابا طاهر العريان

(شعر - فارسي)

نظم : بابا طاهر عريان الهمداني (410).

* 67 ، آقا أحمد الأصبهاني ، سنة 1303 في رشت ، على

الورقة الأُولى من المجموعة أبيات أربعة فارسية كتبها محمد حسين بن إبراهيم

الكسمائي في خدمة أحمد آقا الحقيقي في ليلة 21 محرّم 1307.

(74)

مجموعة فيها :

1

- الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (1104).

2

- فضائل الأشهر الثلاثة

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

ص: 240

3

- الجبر والاختيار

(عقائد - فارسي)

تأليف : المولى محمد كاظم بن محمد شفيع الهزارجريبي (1243).

بحث حول أربع مسائل تتعلّق بالعدل الإلهي وما يتّصل به ، ضلّ فيها - كما يقول المؤلّف - جماعة من الباحثين وعلماء الكلام ؛ لأنّهم انحرفوا عن أحاديث وإرشادات أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، يلخّص المؤلّف البحث هنا ويحيل التفاصيل إلى كتابه معارف الأنوار ، وهو في أربعة فصول :

فصل اول : در مسائل جبر واختيار واستطاعت.

فصل دوم : در قضا وقدر واراده ومشيت.

فصل سوم : در سعادت وشقاوت وخير وشر وخلق وتقدير.

فصل چهارم : در هدايت واضلال وتوفيق وخذلان.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... يكى از اصول پنجگانه كه اعتقاد بآن واجب است ، وتأمل وتشكيك در آن كفر است ، آنست كه خداوند عالم عادل است».

* 68 ، الكتاب الأوّل والثاني بخطّ محمد حسين بن

محمد علي الكاخكي الخراساني ، الكتاب الأوّل في يوم الثلاثاء 27 ذي الحجّة

1284 ، والكتاب الثاني يوم الخميس 17 ذي القعدة من السنة نفسها. الكتاب الثالث

بخطّ آخر ، تمّت كتابته في 15 ربيع المولود 1232.

(75)

مجموعة فيها :

1

- حاشية «حاشية اليزدي على تهذيب المنطق»

(منطق - عربي)

تأليف : الشيخ إسحاق الحويزي.

ص: 241

2

- حاشية كتاب في النحو

(نحو - عربي)

تأليف :؟

حاشية توضيحية مختصرة جدّاً ، لعلّها على البهجة المرضية للسيوطي.

أوّلها : «الحمد لله ربّ العالمين ... قوله : لمّا كان من الواجب ، أي بعض الواجب على كلّ طالب لشيء».

* 76 ، السيّد محمد بن أحمد آل يعقوب ، الكتاب

الأوّل ربيع الأوّل 1207 (كتب بالعدد 7111) ، الكتاب الثاني مخروم الآخر.

(76)

مجموعة فيها :

1

- مقالات الأُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : السيّد موسى بن مرتضى المرتضوي الأردبيلي (1367).

استدلالي مختصر ، فيه شيء من المناقشات مع علماء الفنّ ، خصوصاً أُستاذ المؤلّف ، الذي لم يصرّح باسمه ، وهو بعنوان : «مقالة : - مقالة :» ، وفي النسخة قطعة من أوّل الكتاب.

أوّله : «اعلم أنّ ديدن الأصحاب من الصدر الأوّل على تدوين شتات من القواعد الوافية بغرض مخصوص ، وجعلها فنّاً خاصّاً».

2

- القضاء

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد موسى بن مرتضى المرتضوي الأردبيلي.

استدلالي لا يخلو من اختصار ، وفي النسخة قطعة من الكتاب

ص: 242

مخرومة الأوّل والآخر.

* 80 ، بخطّ المؤلّف.

(77)

مجموعة فيها :

1

- أُصول الفقه

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : السيّد مرتضى بن نقد علي الخلخالي الأردبيلي (1317).

فيه بعض مباحث الأُصول العملية.

2

- تعليقة «منهج المقال»

(رجال - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (1206).

فيه الفوائد التي في مقدّمة التعليقة غير تامّة.

* 83 ، بخطّ الأردبيلي ، على الكتاب الثاني تعاليق

من علي الرازي.

(78)

مجموعة فيها :

1

- شرح الإيساغوجي

(منطق - عربي)

تأليف : حسام الدين حسن الكاتي (760).

2

- إثبات الواجب (الكبير)

(فلسفة - عربي)

تأليف : مير نظام الدين أحمد بن إبراهيم الدشتكي (1015).

* 86 ، الكتاب الأوّل بخطّ محمد حسين ، شهر ذي

القعدة

ص: 243

1220 ، عليه بعض التعاليق. الكتاب الثاني بتاريخ

الثلاثاء من جمادى الآخرة 1048 ، عليه تعاليق المؤلّف وآخرين.

(79)

مجموعة فيها :

1

- كشف الأوزان

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي (ق 13).

في تعيين بعض الأوزان الشرعية المحتاج إليها في المسائل الفقهية ، كالدينار والدرهم والمثقال والدانق والرطل والمن والصاع وما يشبه هذه ، مختصر يشتمل على فصول وخاتمة.

أوّله : «الحمد لله الذي عدّد المثاقيل والأوزان ، وعدّد الأعداد والآطاق ، والصلاة على رسوله المبعوث لجميع الأديان».

2

- عرض البلاد وطولها

(نجوم - عربي)

تأليف : السيّد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي.

اختصر المؤلّف في هذه الرسالة المشتملة على بيان عرض البلاد وطولها من كتاب الروضة البهية للشهيد الثاني ، الذي كان الموضوع فيه مفصّلاً مع تنظيم ، وهي في مقدّمة وبابين.

أوّلها : «الحمد لله الذي عرّفنا الأوقات الشريفة ، وجعلها أوقات العبادة لذاته الحميدة ، ودعانا فيها لحضرته المنيفة».

3

- شرح الباب الحادي عشر

(كلام - عربي)

تأليف :؟

شرح توضيحي استدلالي متوّسط ، بعناوين : «اصل : - شرح :» ،

ص: 244

ليس في النسخة خطبة الشارح ؛ ولذا لم نعرفه.

أوّله : «الحمد لله واجب الوجود ... الحمد : هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم ، فالوصف كالجنس وبقيد الجميل خرج الذمّ».

* 92 ، الرسالة الأُولى سنة 1277 ، والرسالة

الثانية يوم الأربعاء من ذي القعدة 1301 ، والشرح مخروم الآخر.

(80)

مجموعة فيها :

1

- جهة القبلة

(فقه - فارسي)

تأليف : السيّد عبد الغني بن محمد الشيرواني (ق 14).

بحث المؤلّف في هذه الرسالة المختصرة عن جهة القبلة بطريق الظلّ الذي أورده بهاء الدين العاملي في كتابه تشريح الأفلاك ، فيه جداول ومقدّمتان (تعيين وقت الزوال ، معرفة طول البلاد وعرضها بقاعدة كلّية) ..

أُلّفت بطلب بعض المحصّلين ، وتمّت في يوم الأربعاء عاشر شوّال 1308 ، في بيت تلميذ المؤلّف عبد الباقي ، في قرية «شفيع بكلو» من قرى شيروان.

أوّلها : «الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد ، پس مخفى ومستور نماند كه اعظم عبادات واشرف قربات بخالق بارئ النسمات نماز است».

2

- الاسطرلاب الشمالي

(اسطرلاب - عربي)

تأليف :؟

مختصر ، في مقدّمة وخمسة عشر فصلاً قصيرة وخاتمة.

ص: 245

أوّله : «الحمد لله حمداً يليق بجلاله ، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين».

3

- ميزان الحساب

(حساب - فارسي)

تأليف : علاء الدين علي بن محمد القوشجي (879).

4

- معرفة القبلة

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد حسين الحسيني الخلخالي (1030).

5

- نسبة ارتفاع أعظم الجبال إلى قطر الأرض

(فلك - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

6

- نزهة الحساب

(حساب - عربي)

تأليف : شهاب الدين أحمد بن محمد ابن الهائم (815).

رسالة مختصرة للقواعد الحسابية العامّة ، ملخّصة من كتاب المرشدة لابن الهائم نفسه ، وهي في مقدّمة وبابين وخاتمة ، بهذه العناوين :

المقدّمة : في أسماء العدد وأشكاله ومنازله.

الباب الأوّل : في أعمال الصحيح.

الباب الثاني : في أعمال الكسور.

الخاتمة : في متفرّقات أُخرى ، في فصول.

أوّلها : «أمّا بعد حمد الله الواحد بكلّ وجه واعتبار ، والصلاة والسلام على محمد خير من اختار ، وعلى آله وصحبه وأزواجه البررة الأطهار».

7

- عمدة الكتّاب وعدّة ذوي الألباب

(خطّ - عربي)

تأليف : أبي القاسم يوسف بن عبدالله الزجّاجي (415).

في قواعد الخطّ وكيفية كتابة الخطوط ، وعجائب وبدائع هذا الفنّ ،

ص: 246

وما يحتاج إليه الكاتب في الكتابة من الآلات والأدوات ؛ حصّلها المؤلّف من تجاربه وممارساته للكتابة ، أو استفادها من كتب أُخرى ، وهو في اثني عشر باباً هذه عناوينها :

الباب الأوّل : في فضل العلم والخطّ وانتخاب الأقلام.

الباب الثاني : في عمل أجناس المداد وأصنافه.

الباب الثالث : في عمل أنواع الأحبار السود.

الباب الرابع : في عمل الأحبار الملونة.

الباب الخامس : في عمل الليق على ألوان شتّى.

الباب السادس : في تلوين الأصباغ وخلطها.

الباب السابع : في الكتابة بليق الفضة والذهب والنحاس.

الباب الثامن : في وضع الأسرار في الكتب.

الباب التاسع : في عمل ما تُمحى به الكتابة.

الباب العاشر : في عمل الأغربة وإلصاق الذهب والفضة عليها.

الباب الحادي عشر : في عمل الكاغذ والأوراق.

الباب الثاني عشر : في صنعة التجليد.

أوّله : «الحمد لله المنعم المتفضّل الكبير المتعال ، وصلاته على محمد وآله خير آل ، وبعد ، فإنّي قد جمعت في هذا الكتاب».

8

- علم الكفّ

(قيافة - فارسي)

تأليف :؟

في العلامات الموجودة في بعض الأعضاء والجوارح ، خاصّة خطوط كفّ الإنسان ، المستدل بها على أخلاق أصحابها ومعرفة ما فيهم من

ص: 247

النفسيات الخيّرة أو الشرّيرة ، وهي مذكورة في «خطوط».

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد ، اين رساله ايست مختصر در علم كف دست ، منقول از علماء مغرب».

9

- أنوار الأسرار

(كيمياء - فارسي)

تأليف :؟

في قواعد علم الصنعة والكيمياء ، في خمسة أنوار كما يلي :

نور اول : در تدبير.

نور دوم : در جسد مبارك.

نور سوم : در بيان جسدين : عمر مكلس ، وغير مكلس.

نور چهارم : در اركان عمل أعظم.

نور پنجم : در وزن كردن فضه مكلس.

أوّله : «چون بتوفيق خداى تعالى هرچه تدابير ادويه است ، وانفاس وارواح در درجات سه گانه از تسخين وتنقيه وتصعيد وتكليس».

10

- مصابيح أنوار الأسرار

(كيمياء - فارسي)

تأليف :؟

في عمل الكيمياء والصنعة بالرمز والتعمية ، في سبعة مصابيح.

أوّله : «اين مصابيح اسرار انوار كه در وى هفت گوهر مشهود است ، كه هر گوهرى از خزانة ذو الوقار است».

11

- شرح الكافي

(حروف - عربي)

تأليف : الشيخ أبي علي.

فصول في خواصّ الحروف وكيفية عملها ، لعلها منسوبة إلى ابن سينا.

ص: 248

أوّله : «الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلّمه البيان ، وفضّله على سائر الحيوان ، وأكرمه بالنطق والعقل والتميّز والإحسان».

* 95 ، عبد الغني بن محمد الحسني الحسيني

الشيرواني الشماخي ، الرسالة الثانية يوم الثلاثاء 20 جمادى الأُولى 1288 ،

والرسالة الثالثة ليلة الأحد 19 رجب 1285 ، والرسالة الرابعة 23 ذي الحجّة من

السنة نفسها ، والرسالة الخامسة يوم الخميس 14 ربيع الآخر 1287 في مدرسة بابا

سنگر بقرية شماخي ، والرسالة السادسة سنة 1288 في المدرسة نفسها ، والرسالة

السابعة يوم الأحد 12 رمضان من السنة نفسها ، والورقة الأخيرة بتاريخ 14 شوّال

1293. في المجموعة فوائد متفرّقة أُخرى غير الرسائل المذكورة.

(81)

مجموعة فيها :

1

- الفوائد الصمدية

(نحو - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

2

- العوامل

(نحو - عربي)

تأليف : المولى محسن بن محمد طاهر القزويني (ق 12).

3

- شرح شواهد «العوامل» لملاّ محسن

(أدب - فارسي)

تأليف :؟

يُشرح كلّ بيت بعناوين : «اللغة : - النحو : - المعنى :».

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... قول الشاعر : يُقضي حياءً ويُغضى من مهابته .. اللغة : الإغضاء : پلكهاى چشم به يك ديگر نزديك آوردن».

ص: 249

4

- كبرى

(منطق - فارسي)

تأليف : السيّد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (825).

* 97 ، فتح الله بن علي الكركري الليورجاني ،

الكتاب الأوّل يوم الخميس من شهر رجب 1229 ، والكتاب الثاني يوم الخميس 12 محرّم

1230 ، والكتاب الثالث ليلة الأحد 12 ربيع الأوّل 1231 ، والكتاب الرابع سنة

1230.

(82)

محرق

القلوب

(سيرة المعصومين - فارسي)

تأليف : المولى محمد مهدي بن أبي ذرّ النراقي الكاشاني (1209).

* 34 ، عبد العزيز بن عبد الصمد بن مير محمد

تقي الحسيني التفريشي ، 18 ذي الحجّة 1265.

(83)

المسائل

المهمّة في أُصول الأئمة

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : ملاّ محمد علي بن مقصود علي المازندراني (1266).

استدلالي ، فيه تفصيل مشتمل على قواعد أُصولية مهمّة ، مع عناوين «مسألة : - مسألة :» ، فيه نقل بعض آراء علماء الفنّ والمناقشة فيها.

أوّله : «الحمد لله الذي شرع الأحكام وقرنها بالدلائل ، والصلاة والسلام على سيّد الأوائل والأواخر محمد وآله أُولي الفواضل والفضائل».

* 99 ، موسى بن محمد بن علي رضا الموسوي الكلوري

الخلخالي الساكن في النجف الأشرف ، شهر شعبان 1237. النصف الأوّل من الكتاب.

ص: 250

(84)

مطالع

الأنوار المقتبسة من آثار الأئمّة الأطهار

(فقه - عربي)

تأليف : السيّد محمد باقر بن محمد نقي ، حجّة الإسلام الشفتي (1260).

* 37 ، من عصر المؤلّف ، وعليه تعاليق بعضها بتاريخ

1232. قطعة من أوّل الكتاب ، مخروم الأوّل والآخر.

(85)

مفتاح

الفلاح

(دعاء - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

* 36 ، محمد قلي ، 19 جمادى الأُولى 1117 ، نسخة

مصحّحة ، عليها تعاليق المؤلّف.

(86)

مقباس

المصابيح

(دعاء - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 79 ، سنة 1262.

(87)

مقتل

الحسين عليه السلام

(سيرة المعصومين - عربي)

تأليف : أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي (157).

ص: 251

هي النسخة المعروفة.

* 89 ، شكر الله ، من القرن الثالث عشر ، فيه فروق

مع النسخة المطبوعة كما كتب على الورقة الأُولى.

(88)

ملاذ

الأخيار في فهم تهذيب الأخبار

(حديث - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 102 ، من القرن الثالث عشر ، كتاب الطهارة

والصلاة ، مخروم الأوّل والآخر.

(89)

من

لا يحضره الفقيه

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

* 7 ، يوم الخميس 20 ربيع الأوّل 1076 (كذا في آخر

الجزء الثاني ، والتاريخ في آخر الكتاب مزوّر) ، النسخة مجدولة مزركشة ، بأوّلها

لوحة فنّية ، وهي مصحّحة ، عليها تعاليق وبلاغات ، في آخر الجزء الثاني بلاغ

كتبه جعفر بن كمال الدين البحراني للسيّد مهدي بن أمير أبو القاسم الاسفراييني

في أوّل صفر 1077 ، وبآخر المشيخة إجازة كتبها البحراني للاسفراييني أيضاً في

أواسط شهر رمضان من السنة نفسها.

(90)

منية

اللبيب في شرح التهذيب

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : السيّد ضياء الدين عبدالله بن محمّد الحسيني الحلّي (ق 8).

ص: 252

* 12 ، كتب بخطّين ؛ أوّلهما بتاريخ 1090 ، والثاني

في شهر شوّال 1267.

* 15 ، من القرن الثالث عشر ، مخروم الآخر.

(91)

منية

المريد في أدب المفيد والمستفيد

(أخلاق - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي (966).

* 57 ، مرتضى الموسوي الخلخالي الكلوري (جدّ صاحب

المكتبة) ، من القرن الثالث عشر ، قبل وبعد الكتاب أوراق فيها أحاديث متفرّقة.

(92)

نور

الأنوار في شرح كلام خير الأخيار

(دعاء - عربي)

تأليف : السيّد نعمة الله بن عبدالله الموسوي الجزائري (1112).

شرح مختصر على الصحيفة السجّادية.

* 8 ، عوض بن ملاّ حسين التستري ، في عصر المؤلّف

ومنتسخ على خطّه ، في الصفحة الأخيرة بلاغ كتبه الجزائري في شهر رجب 1111.

(93)

نهج

الحقّ وكشف الصدق

(عقائد - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف ابن المطهّر (726).

* 3 ، يوم الخميس أواخر شهر ربيع الأوّل 808 في يزد

،

ص: 253

نسخة مجدولة ، عليها تملّكات كثيرة.

(94)

الوافي

(حديث - عربي)

تأليف : المولى محسن بن المرتضى ، الفيض الكاشاني (1091).

* 33 ، يوم الأحد سادس شعبان 1123 (آخر الجزء

الثاني) ، أثّرت الرطوبة في النسخة فتهرّأت بعض أوراقها. الجزء الثاني والثالث ،

مخروم الأوّل والآخر.

* * *

ص: 254

فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (10)

السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(466)

چهل حديث

لعبد الرحمان الجامي.

ترجمة لأربعين حديثاً من قصار كلمات النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالنظم الفارسي ، كلّ كلمة منها ببيتين.

أوّل الكلمات : «لا يؤمن أحدكم حتّى يُحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه».

أوّل الترجمة بالنظم :

هر كسى را لقب مكن مؤمن

گرچه از سعى وجان وتن كاهد

تا نخواهد برادر خود را

آنچه از بهر خويشتى خواهد

نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتبت الكلمات بخطّ أخشن ، والترجمة المنظومة بخطّ أدّق أسفلها ، كتبها الخطاط محمد مهدي ابن الحاجّ عبد الهادي في القرن الثاني عشر ، بأوّلها لوحة ، وهي مجدولة مخلّلة بماء

ص: 255

الذهب ، 8 أوراق ، رقم 276.

نسخة ناقصة من أوّلها ، كتبها عبد الغني بن محمد رضا الأبهري بخطّ فارسي جميل ، وكتب الكلمات بالنسخ الخشن الجيّد ، وكتب بعده مصباح الشريعة ، وفرغ منه في صفر سنة 1146 ، رقم 129.

(467)

الحاشية على «آداب [البحث و] المناظرة»

المتن للقاضي عضد الدين الايجي.

والحاشية للمحقّق الشريف الجرجاني علي بن محمد ، المتوفّى سنة 816.

أوّلها : «لك الحمد : جعل الله مخاطباً تنبيهاً على القرب».

نسخة في سبعة أوراق ، كتابة القرن العاشر ، بخطّ فارسي جيّد ، بخطّ بعض الأعلام المحقّقين ، وكتب في آخرها : «اعلم أنّ الحواشِ المنسوبة إلى المحقّق الشريف 1 لهذه الرسالة ، لمّا لاحظتها في نسخ متعدّدة ، ووجدت بعضها سقيماً ، ولم يبقَ اعتماد عليها ؛ لم ألتزم نقلها ، بل قرّرت الكلام على وجهٍ لاحظته ، ووقع بعض تقريرات موافقاً لتقريره قدِس سرّه ، وبعضها غير موافق له .. فتأمّل وانصف ...» ..

وعليها حواشِ المحقّق الشريف ، أو الكاتب ، توقيعها : «منه».

بآخر مجموعة فلسفية قيّمة ، كتبت في القرن العاشر ، تاريخ بعضها سنة 975 ، رقم 5 / 1500.

ص: 256

(468)

الحاشية على «إثبات الواجب»

إثبات الواجب القديم ، للدواني جلال الدين محمد بن أسعد الصدّيقي ، المتوفّى سنة 908.

والحاشية هذه للمدقّق الشيرواني المولى الحنفي التبريزي ، المتوفّى سنة 1098 أو 1099.

أوّله : «الحمد لمن تقدّس جنابه أن يكون شريعة لكلّ وارد ...».

آخره : «هذا آخر ما قصدنا إيراده في شرح رسالة إثبات الواجب ، وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه ...».

ونسبها في كشف الظنون 1 / 842 إلى مولانا حنفي ، وهو محمد حنفي التبريزي ، والذي يظهر من النسخ الموجودة في المكتبة الرضوية على ما في فهرسها 4 / 65 أنّها للمولى حنفي ، ولا تصحّ أن تكون للشيرواني ؛ لأن الفراغ من تأليفه 9 شعبان سنة 926 وتاريخ نسخة منها هناك سنة 989 ، قبل ولادة الشيرواني ، وهي مطابقة أوّلاً وآخراً مع نسختنا.

وذكر في فهرس الرضوية أنّ للمحشي ترجمة في مرآة الأنوار.

نسخة القرن الحادي عشر ، لعلّها مكتوبة في حياة المؤلّف ، في المجموعة رقم أ/ 2266 ، وعليها بلاغات وتصحيحات ، وهي من الورقة 20 ب إلى الورقة 47 أ.

ص: 257

(469)

الحاشية على «إثبات الواجب»

إثبات الواجب القديم ، للمحقّق الدواني جلال الدين محمّد بن أسعد الصدّيقي ، المتوفّى سنة 908.

وهذه الحاشية لملاّ ميرزا جان الباغنوي ، وهو حبيب الله الشيرازي ، المتوفّى سنة 994.

أوّلها - في نسختنا هذه - : «قوله : منهم من زعم أنّ جميع براهين هذا المطلب يتوقّف على إبطال الدور والتسلسل ... ففي ما ذكره - رحمه الله - إشارة إلى الردّ على هذا القائل الغير الفارق قوله ...».

وهو مطابق لنسخة المكتبة الرضوية رقم 459 ؛ راجع : فهرسها 4 / 66.

آخرها : «وليكن هذا آخر ما قصدنا إيراده في حاشية الرسالة وشرحها ، مع التزام محاورة الطلاّب وحلّ كتب أُخر ... قد وقع الفراغ لمؤلّفه من تأليفه في منتصف ذي الحجّة من عام ثلاث وثمانين وتسعمائة ، والحمد لله على كلّ حال ، وهو الفقير إلى الله الغني ، حبيب الله الشهير بميرزا جان الشيرازي».

وآخر النسخة يطابق ما ذكر في كشف الظنون ، ولكن أوّل النسخة لا يطابق ما ذكره شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة ، ولا الخطبة التي نقلها لها صاحب كشف الظنون ؛ إذ لا يطابق شيئاً منهما ما موجود في هذه النسخة.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، بآخر مجموعة فلسفية رقم 4 / 2266.

ص: 258

(470)

الحاشية على «أربعين الشيخ البهائي»

الأربعون حديثاً وشرحها لشيخ الإسلام بهاء الدين محمد بن عزّالدين حسين العاملي.

والحاشية عليه للعلاّمة المولى إسماعيل الخواجوئي ، وهو المولى محمد إسماعيل بن محمد حسين بن محمد رضا بن علاء الدين محمد المازندراني الخواجوئي الأصفهاني ، المتوفّى 11 شعبان سنة 1173.

نسخة تامّة كاملة على هوامش نسخة الأصل ، ملء الهوامش وربّما زادت وضاق عنها المجال فأُفردت في أوراق وقصّاصات وأُلصِقت في مواردها ، بخطّ فارسي رائع بديع ، كتبها أحد خطّاطي القرن الثاني عشر ، رقم 53.

(471)

الحاشية على «إرشاد الأذهان»

المتن في الفقه للعلاّمة الحلّي ، آية الله جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن المطهّر الأسدي ، المتوفّى سنة 726.

والحاشية للمحقّق الكركي ، الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي العاملي ، المتوفّى سنة 940.

قطعة تضمّ كتاب التجارة منه فحسب ، من أوّله إلى آخر مباحث الربا ، نسخة القرن العاشر أو الحادي عشر ، وقبله النافع يوم الحشر شرح الباب الحادي عشر بالخطّ نفسه ، وهو خطّ فارسي جيّد ، رقم 1967.

ص: 259

(472)

الحاشية على «إرشاد الأذهان»

المتن في الفقه للعلاّمة الحلّي.

وهذه الحاشية لتلامذة ابنه فخر المحقّقين أبي طالب محمد ، كتبوه من إملائه.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، عليها تملّك سنة 1119 ، في 188 ورقة ، رقم 581.

المجلّد الثاني كتبه السيّد نعمة الله بن ضياء الدين الحسني ، وفرغ منه غرّة رجب سنة 955 ..

والنسخة صحيحة مصحّحة ، مقابلة مقروءة ؛ بآخرها : قوبل بقدر الطاقة البشرية في سنة اثني عشر وألف هجرية ، حرّره تقي الدين الحسيني ، وهو العلاّمة تقي الدين محمد بن شرف الدين علي الحسيني الشيرازي ، المشتهر بشاه تقيا ، من أعلام القرن الحادي عشر.

وعليه تملّك السيّد مير ضياء الدين محمد العلوي الموحّد الحسيني ابن جمال الدين محمد ابن السيّد مصطفى العلوي ، وختمه : «هو الذي جعل الشمس ضياء» ، وبآخره فوائد فقهية وبيتين فارسيين.

142 ورقة ، رقم 1947.

(473)

الحاشية على «ألفية الشهيد»

للشيخ المحدّث الورع التقي الشيخ عزّ الدين المولى عبدالله بن

ص: 260

الحسين التستري ، المتوفّى سنة 1021.

أوّلها : «قوله : تقرباً إلى الله ، كأنّه أراد به الردّ على السيّد ...».

نسخة قيّمة ، كتبت في حياة المؤلّف ، كتبها مؤمن بن حيدر وفرغ منها في جمادى الأُولى سنة 1008 بخطّ نسخ جيّد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، والمتن معلّم عليه ، وبالهوامش حواشٍ كثيرة : «منه دام ظلّه».

بأوّل المجموعة 2181 ، من الورقة 3 ب إلى الورقة 44 ب ، وبعدها أجوبة مسائل للمؤلّف وبخطّ الكاتب أيضاً ، وبعدها الاعتقادات للمحقّق الطوسي.

(474)

الحاشية على «ألفية الشهيد»

لصاحب المدارك السيّد محمد بن علي بن الحسين ابن أبي الحسن الموسوي العاملي ، المتوفّى سنة 1009.

فرغ منها في كربلاء 24 صفر سنة 997.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف ، وعليها تصحيحات ، رقم 1089.

(475)

الحاشية على «أنوار التنزيل»

[«تفسير البيضاوي» الموسوم ب- : أنوار التنزيل ، للقاضي أبي سعيد عبدالله بن عمر البيضاوي ، المتوفّى سنة 682.

وهذه الحاشية عليه] ، تأليف : عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي الهندي ، المتوفّى 18 ربيع الأوّل سنة 1067.

ص: 261

وهي مطبوعة في حاشية «تفسير البيضاوي» في الآستانة سنة 1270 ؛ ذكرت في إيضاح المكنون 1 / 140 وفي الذريعة 6 / 42.

نسخة بخطّ رديء ، غير مؤرّخة ، عليها تملّك الشيخ عمر بن عبدالعزيز بن الشيخ عبد القادر بن عبد الغني ، مكتوبة في القرن الحادي عشر ، عصر عاش فيه المؤلّف ، في 225 ورقة ، مقاسها 15× 7/22 ، تسلسل 19.

(476)

الحاشية على «أنوار التنزيل»

لشيخ الإسلام والمسلمين بهاء الدين العاملي ، محمد بن عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني ، المتوفّى سنة 1031.

نسخة القرن الحادي عشر ، بخطّ نسخ جيّد خشن ، نسخة مصحّحة ، عليها تصحيحات وتعليقات منه ، في 142 ورقة ، رقم 1917.

نسخة بخطّ فارسي جيّد ، كتبت في محرّم سنة 1226 ، ناقصة من أوّلها قليلاً ، 38 ورقة ، رقم 1757.

(477)

الحاشية على «أنوار التنزيل» للبيضاوي

تأليف : الفاضل المحقّق عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عربشاه الإسفرائني ، المتوفّى سنة 943.

أثنى على حاشيته في كشف الظنون ، وقال : إنّه أهداها إلى السلطان سليمان خان ، وذكر لها خطبة غير موجودة في نسختنا.

ص: 262

نسخة من أوّل الحاشية - من دون خطبة - إلى الآية 38 من سورة الأنعام ، والنسخة من خطوط القرن العاشر ؛ فهي مكتوبة أمّا في حياة المؤلّف أو بعده بقليل ، وتقع في 302 ورقة ، مقاسها 8 / 13× 5/22 ، تسلسل 692.

نسخة تنقص من أوّلها ورقة وتنتهي إلى الآية 176 من سورة آل عمران ، من خطوط القرن الحادي عشر ، تقع في 319 ورقة ، مقاسها 3/15 × 23 ، تسلسل 730.

(478)

الحاشية على «أنوار التنزيل» للبيضاوي

تأليف : شيخ زاده.

كبير مبسوط ، يقع في ثمان مجلّدات كبار ، لم أعثر على ترجمته ، ولم يذكره في كشف الظنون ولا إيضاح المكنون ولا الذريعة ؛ نعم هو الذي ذكره في كشف الظنون 1 / 188 بعنوان : محيي الدين محمد بن الشيخ مصلح الدين مصطفى القوجوي ، المتوفّى سنة 951 ، وقال : إنّها في ثمان مجلّدات.

الجزء الأوّل من أوّله إلى أواسط سورة البقرة ، في 217 ورقة ، مقاسها 5 / 20× 30 ، تسلسل 550.

عليه تملّك بكتاش بن مصطفى الحنفي البغدادي ، ثمّ تملّكه الشيخ عبدالله الراوي وعليه خطّه وتاريخه سنة 1199 وعليه ختمه ، ثمّ تملّكه محمد سعيد مفتي بغداد ، ثمّ تملّكه عبدالله ابن إسماعيل أفندي.

الجزء الثاني من أواسط سورة البقرة إلى آخرها ، وقد كان مع الأوّل

ص: 263

في مجلّد واحد فقسّم جزئين ، يقع في 218 ورقة ، مقاسها 5 / 20× 30 ، تسلسل 551.

الجزء الثامن ، من سورة الفتح إلى آخر القرآن ..

لم يذكر فيه الكاتب ولا تاريخ الكتابة ، ولكنّه من خطّ القرن الحادي عشر ، عليه تملّك عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن عبدالله عيدان بن مصلح بن محمد بن محمد الشافعي الأشعري البصري ، وتملّك محمد بن علي العاملي ، وتملّك الشيخ علي بن حسين بن كثير ، ثمّ من بعد هؤلاء كلّهم تملّكه الشيخ عثمان بن سعد المالكي سنة 1222.

في 331 ورقة ، في 8 / 19× 6/26 ، تسلسل 552.

(479)

الحاشية على «تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية»

الرسالة الشمسية في المنطق ، متن مختصر لنجم الدين الكاتبي عمر ابن علي القزويني ، المتوفّى سنة 693 أو 675 ، تلميذ المحقّق نصير الدين الطوسي ، وعليها شروح متعدّدة ..

منها شرح قطب الدين محمد بن محمد التحتاني الرازي البويهي ، المجاز من العلاّمة والمتوفّى سنة 766 ، المسمّى ب- : تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية ، وهو شرح متداول بين الطلبة ومن الكتب الدراسية ، وعلى هذا الشرح حواشٍ كثيرة مذكورة في كشف الظنون والذريعة 6 / 34 - 38 ..

منها هذه الحاشية ، وهي للسيّد الشريف الجرجاني علي بن محمد ، المتوفّى سنة 816 ؛ قال في كشف الظنون 2 / 1063 : «وهي التي يقال لها :

ص: 264

حاشيه كوچك [الحاشية الصغيرة] ، وفرغ منها سنة 753» ، ثمّ عدّد الحواشي على هذه الحاشية ؛ فراجع.

نسخة بخطّ أقلّ الطلاّب عبد الحسين بن ملاّ أحمد السالياني الروضه خوان ، كتبها في تبريز ، وكتب في هوامشها كثيراً من حواش المحشين ، وهي في 144 ورقة ، تسلسل 355.

نسخة القرن الحادي عشر ، بخطّ فارسي معتاد ، 118 ورقة ، رقم 2165.

نسخة بخطّ أبو القاسم بن ملاّ عبد المحمد النوري الملقّب «نائح» ، فرغ منها 20 شهر رمضان سنة 1233 ، في 152 ورقة ، مقاسها 6 / 9× 4/20 ، رقمها 1177.

نسخة بخطّ السيّد علي نقي بن أمير محمد علي الموسوي الزنجاني ، فرغ منها 9 ربيع الأوّل سنة 1201 ، ويظهر من ختمه بآخر الكتاب أنّه من العلماء ، ثمّ عليها ختم ابنه السيّد محمد صادق بن علي نقي الموسوي الزنجاني ؛ وعليها أيضاً خطّه بتملّك الكتاب ، ثمّ خطّ العلاّمة السيّد ريحان الله الكشفي بتملّك الكتاب ، تاريخه 1315 ..

وعليها حواشِ : «عماد» و «ملاّ داود» و «أحمد» و «صدر الدين» و «فتح الله رحمه الله» و «سيّد علي» و «مير فخر» و «أحمد» و «عصام» و «محيي الدين» و «بردعي» و «أبيوردي» و «ملاّ جلال» و «منه» ، وبعض الحواشي لكاتب النسخة يظهر منها فضله وعلمه ، وأكثر الحواشي هي حواشي : «عماد» و «داود» و «أبيوردي» ..

وقبله شرح على خطبة شرح الشمسية ، لبرهان الدين بن كمال الدين ، في 8 أوراق.

ص: 265

في 118 ورقة ، مقاسها 12 × 4/17 ، تسلسل 260.

نسخة فرغ منها الكاتب يوم الخميس من ذي الحجّة سنة 1074 ، في 93 ورقة ، مقاسها 3 / 9 × 20 ، تسلسل 948.

(480)

الحاشية على «تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية»

وعلى «حاشية المحقّق الشريف الجرجاني على التحرير»

في المنطق.

لعماد بن محمد بن يحيى بن علي الفارسي.

الرسالة الشمسية في المنطق ، لنجم الدين عمر بن علي الكاتبي القزويني ، المتوفّى سنة 693 ، تلميذ المحقّق نصير الدين الطوسي ، وعليها شروح كثيرة ..

منها شرح قطب الدين محمد بن محمد التحتاني ، المتوفّى سنة 766 ، وسمّاه : تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية ، وعلى هذا الشرح حواشٍ كثيرة ..

منها حاشية المحقّق الشريف الجرجاني علي بن محمد ، المتوفّى سنة 816 ..

وهذه الحاشية على «شرح قطب الدين» وعلى «حاشية الشريف» عليه.

نسخة مكتوب عليها في عدّة مواضع أنّها حاشية العماد ..

وقد ذكر في كشف الظنون 2 / 1063 والذريعة 6 / 37 حاشية على

ص: 266

«حاشية الشريف» وعلى متنه التحرير لعماد بن محمد بن يحيى بن علي الفارسي ، وذكرا خطبتها ؛ وبما أنّ الخطبة محذوفة من نسختنا هذه ، لم نجزم بكونها هي حاشية العماد الفارسي ، وإن كانت الظواهر والقرائن دالّة على ذلك ..

والنسخة كتابة القرن العاشر ، وأوراقها 102 ، تسلسل 126.

(481)

الحاشية على «تحرير القواعد المنطقية»

وعلى «حاشية الشريف الجرجاني على التحرير»

للمولى داود.

نسخة بخطّ يوسف الحلبي الأزهري ، وله عليها بعض الحواشي ، وقّع أسفلها : «يوسف» ..

وعليها حاشية توقيعها : «أحمد المفتي ببغداد» ، وحاشية : «أبو بكر» و «شاعر اوغلي» و «عماد» و «ابن عمر» و «شمس الدين» و «غياث» ..

وهي كتابة القرن الثاني عشر ، أوراقها 78 ورقة ، رقم 432.

نسخة كتبها أقلّ الطلاّب محمد تقي بن ملاّ علي نقي الثمامي في المدرسة الصالحية في قزوين بخطّ فارسي جيّد ، وفرغ منها 2 ربيع الأوّل سنة 1293 ، رقم 2108 ..

ومعها الحاشية على المعالم للمولى ميرزا الشيرواني.

نسخة بخطّ أقلّ الطلبة السيّد محمد رضا بن نصر الله الحسيني التنكابني ، كتبها في القرن الثالث عشر ، 181 ورقة ، رقم 1913.

ص: 267

(482)

الحاشية على «تهذيب الأُصول»

تهذيب طريق الوصول إلى علم الأُصول تصنيف العلاّمة الحلّي ، جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن المطهّر الأسدي ، المتوفّى سنة 726 ؛ واشتهر ب- : تهذيب الأُصول.

وهذه الحاشية للعلاّمة الجليل السيّد عبدالله بن أبي تراب بن عبدالفتّاح الحسيني.

وفي المكتبة مجموعة فيها : الوافية التونية ، وتهذيب الأُصول ، والرعاية شرح بداية الدراية للشهيد الثاني ، كلّها بخطّ هذا السيّد الجليل ، وله عليها كلّها حواشٍ توقيعها : «عب».

وفرغ من المجموعة سنة 1226 ، ولكن في تهذيب الأُصول كثرت حواشيه من مطوّلات وموجزات بحيث ملأت الهوامش كلّها ، ولو دوّنت لكانت كتاباً مستقلاًّ مبسوطاً ، وكلّها بخطّه ، توقيعه : «عب» ، رقم المجموعة 93.

(483)

الحاشية على «تهذيب المنطق»

[تهذيب المنطق لسعد الدين التفتازاني ، المتوفّى سنة 793.

وهذه الحاشية] للمحقّق الدواني ، المولى جلال الدين محمد بن أسعد ، المتوفّى سنة 908.

أوّلها : «تهذيب المنطق والكلام ، توشيحه بذكر المفضل المنعام ...».

ص: 268

آخرها : «تسهيلاً للضبط على المبتدئ ، والله أعلم».

نسخة بخطّ علي بن نور ، بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها في ذي الحجّة سنة 1198 ، كتبها للحافظ عبد الرحيم بن الحافظ خان محمد ، في 53 ورقة ، رقم 1190.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتابة القرن الثالث عشر ، ناقصة الآخر ، ضمن المجموعة رقم 2046.

(484)

الحاشية على «تهذيب المنطق»

[تهذيب المنطق لسعد الدين التفتازاني ، المتوفّى سنة 792.

وهذه الحاشية] للمولى عبدالله اليزدي الشاه آبادي ؛ ألّفها في النجف الأشرف سنة 967.

نسخة بخطّ أقلّ الطلبة الشيخ محمد كاظم بن الحاج علي أكبر الدامغاني ، فرغ منها في كربلاء 29 صفر سنة 1256 ..

وهو أخو العلاّمة الشيخ محمد باقر بن حاج علي أكبر الدامغاني نزيل كرمنشاه.

في أوّل المجموعة رقم 1909 ، وبعدها شرح الشمسية بخطّه أيضاً.

نسخة بخطّ السيّد محمد بن مير عبدالله الموسوي ، فرغ منها في أيرَوان في 21 شوّال سنة 1198 ، بخطّ نسخ جيّد ، وعليها تعليقات كثيرة منقولة من الحواشي على الكتاب ، وكتب المتن بأعلى الصفحات.

تقع في 87 ورقة ، رقم 546.

ص: 269

نسخة بخطّ الشيخ باقر الدامغاني ، فرغ منها سنة 1263 ، في 64 ورقة ، تسلسل 1904 ..

وقبلها الكبرى وألفية ابن مالك ، كلّها بخطّه ، وله عليها بعض الحواشي التي يظهر منها فضله ، كما نقل عليها بعض الفوائد من كتب أُخر بالهوامش.

نسخة كتبها محمد كاظم بن علي عسكر الكلاكجاني سنة 1255 ، وهو من أعلام القرن الثالث عشر وله عليها حواشٍ ، وقّع في بعضها : «لمحرّره العاصي» ، وفي بعضها : «لمحرّره الخاطي» ، وكتب بخطّه في سنة قبلها الفوائد الصمدية ، وهما معاً في مجلّد واحد.

في 46 ورقة ، مقاسها 7 / 16 × 21 ، تسلسل 113.

نسخة بخطّ عبدالله بن أحمد بن زين الدين بن إبراهيم بن صقر ابن إبراهيم الأحسائي ، وهو ابن الشيخ أحمد الأحسائي ، كتابة القرن الثاني عشر ، في 77 ورقة ، مقاسها 14 × 5/19 ، تسلسل 118.

(485)

الحاشية على «جامع عباسى»

[جامع عباسى ، للشيخ البهائي ، بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي ، المتوفّى سنة 1031 ه.

فقه عملي فارسي ، ألّفه باسم الشاه عباس الماضي ، مرتّب على عشرين باباً ، خرج منه خمسة أبواب في العبادات إلى آخر الحجّ. مطبوع مكرّراً. الذريعة 5 / 63 رقم 242.

والحاشية] للشيخ شمس الدين ابن خاتون محمد بن علي العاملي ،

ص: 270

تلميذ المؤلّف.

نسخة في هوامش المتن ، كتبت في 20 ذي القعدة سنة 1054 بخطّ فارسي جيّد ، رقم 1774.

نسخة بخطّ خطّاط البلاط الصفوي محمد قاسم الكاتب الطالقاني ، كتبها بخطّ نسخ خشن على هوامش المتن ، مؤطّرة بالذهب ، لخزانة السلطان حسين الصفوي ، وفرغ منها سنة 1124 ..

وعبّر عن نفسه ب- : «أقلّ عبيد السلطاني ، محمد قاسم الكاتب الطالقاني» ، وكتب كلمة السلطاني بالذهب.

والنسخة خزائنية ، جميلة نفيسة ، كبيرة جدّاً ، 171 ورقة بالقطع الكبير ، بأوّلها لوحة ، ورمز الحواشيِ : «لي مدّ ظلّه العالي».

وقد تردّد زميلنا العلاّمة النوري ، بل نفى أن تكون هذه تعليقة ابن خاتون ؛ نظراً إلى تاريخ النسخة ، وقول الكاتب : مدّ ظلّه العالي ، وطول المدّة بين التاريخ وبين ابن خاتون ..

ولكن مع المطابقة مع النسخة المتقدّمة ، المكتوبة في حياة ابن خاتون ؛ إذ صرّح الكاتب في آخرها : «أنّ هذه التعليقات لشيخ الإسلام والمسلمين شمس الدين ابن خاتون العاملي ، أدام الله أيّام إفاداته» ، ورمزها أيضاً : «لي» ، وتطابقها حرفياً ؛ فلا يبقى تردّد في أنّها له.

رقم 1696.

(486)

الحاشية على «الحاشية على تهذيب المنطق»

تهذيب المنطق للتفتازاني ، والحاشية عليه للمولى عبد الله اليزدي

ص: 271

الشاه آبادي ، وعلى هذه الحاشية حواشٍ كثيرة ..

منها هذه الحاشية ، وهي فارسية ، للمولى علي رضا.

نسخة بخطّ أحقر الطلاّب رضا ، فرغ منها 27 ربيع الآخر سنة 1266 ، ومعها كتاب الكبرى في المنطق للشريف الجرجاني ؛ رقم 1604.

نسخة بخطّ معتاد ، ناقصة الآخر ، 108 ورقة ، رقم 1613.

(487)

الحاشية على «الحاشية على شرح آداب البحث»

آداب البحث والمناظرة للقاضي عضد الدين الايجي عبد الرحمن ابن أحمد ، المتوفّى سنة 756 ، ذكر في كشف الظنون أنّها في عشرة أسطر ..

وشرحها لمحمد الحنفي التبريزي ، المتوفّى في بخارى حدود سنة 900 ..

وعليه حاشية للمير أبي الفتح محمد السعيدي الأردبيلي ، المدعو ب- : تاج ..

وهذه الحاشية على حاشية مير أبي الفتح.

للمولى عبدالله بن حيدر الكردي الحسين آبادي.

أوّلها : «الحمد لمن لا صواب مع مناظره ، والشكر لمن لا أدب مع مكابره ...».

نسخة بخطّ إسماعيل بن عثمان ، كتبها سنة 1172 ، ضمن مجموعة رقم 918.

ص: 272

(488)

الحاشية على «الحاشية على شرح التجريد»

تجريد الكلام لسلطان المحقّقين الخواجه نصير الدين الطوسي.

والشرح الجديد عليه لعلاء الدين القوشجي.

والحاشية على الشرح لشمس الدين محمد بن أحمد الخفري.

وهذه الحاشية على حاشية الخفري.

للمحقّق الخوانساري جمال الدين محمد الخوانساري ، المتوفّى سنة 1125 ، وعليها حواشٍ منه.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر ، بأوّل مجموعة ، وعليها حواشٍ منه ، رقم 1128.

(489)

الحاشية على «الحاشية على شرح التجريد»

تجريد الكلام للمحقّق الطوسي.

والشرح الجديد عليه لعلاء الدين القوشجي.

والحاشية على الشرح لشمس الدين محمد بن أحمد الخفري.

والحاشية هذه على حاشية الخفري.

لمحمد قاسم بن محمد صالح الأصفهاني ..

وتبدأ من المقصد الثالث في الإلهيات.

نسخة بخطّ محمد بن عبد الحسين ، كتبها في حياة المؤلّف على النسخة المصحّحة المقروءة على المؤلّف ، وفرغ منها يوم عيد الأضحى

ص: 273

سنة 1077 ، ثمّ قابلها وصحّحها عليها بالتدبّر والتأمّل كما صرّح بذلك كلّه في آخر الكتاب ، وتقع في 110 أوراق ، رقم 691.

ومنه يعلم أنّ النسخة الموجودة في المكتبة الرضوية ، وتاريخ كتابتها سنة 1104 ، مشكوك في كونها بخطّ المؤلّف وليس كما جزم به.

(490)

الحاشية على «الحاشية على شرح التجريد»

التجريد للمحقّق الطوسي نصير الدين ، والشرح للمولى علي القوشجي ، والحاشية للخفري ، شمس الدين محمد بن أحمد ، وهي حاشية على مبحث الإلهيات من شرح تجريد الكلام ..

وهذه الحاشية على حاشية الخفري.

للشيخ حسين بن إبراهيم التنكابني ، من أعلام القرن الحادي عشر ، ومن أبرز تلامذة المولى صدر الدين الشيرازي.

أوّلها : «الحمد لله المتفرّد بالديمومة والسلطان ، المتوحّد بالبقاء والدوام ...».

نسخة بخطّ محمد حسين ، فرغ منها سلخ ربيع الأوّل سنة 1080 في حياة المؤلّف ، وعليها حواشٍ : «منه سلّمه الله» ، والظاهر أنّ المؤلّف قد توفّي قبل هذا التاريخ أثناء الكتابة ؛ إذ كتب الكاتب بعد ذلك بأسفل الحواشي : «منه رحمه الله» ، 51 ورقة ، رقم 1107.

نسخة بخطّ محمد محسن بن ملاّ معصوم المازندراني البازواري في مدرسة «نيم آورد» في أصفهان ، عبّر عن المحشّي ب- : سلطان العرفاء والمحققين ، ملحقة بحاشية المولى عبد الرزّاق اللاهيجي على شرح

ص: 274

التجريد للقوشجي ، بخطّ هذا الكاتب أيضاً ؛ فرغ منها سلخ شعبان سنة 1216 ، رقم 1122.

(491)

الحاشية على

«الحاشية على الشرح الجديد على التجريد»

المتن هو تجريد الكلام للمحقّق الطوسي نصير الدين ، المتوفّى سنة 672 ، وعليه شروح كثيرة ..

والشرح الجديد عليه هو شرح المولى القوشجي [علاء الدين علي ابن محمد الحنفي السمرقندي] ، المتوفّى سنة 879 ، وعليه عدّة حواشٍ ..

منها : حاشية الخفري شمس الدين محمد بن أحمد ، المتوفّى سنة [942 أو 957] ، وعليها حواشٍ كثيرة أيضاً ، مذكورة في الذريعة 6 / 64 - 67 ، [وانظر : الذريعة 6 / 116] ..

منها هذه الحاشية ، للحكيم شمس الدين محمد الشهير بالملاّ شمسا الجيلاني ..

وهي حاشية على إلهيات التجريد وعلى الشرح الجديد وعلى حاشية الخفري. راجع : الذريعة 6 / 66.

نسخة في 243 ورقة ، مكتوبة قريباً من عصر المؤلّف ، رقم 1666.

(492)

الحاشية على «الحاشية على المختصر»

صنّف السكاكي - المتوفّى سنة 626 - كتاب مفتاح العلوم في النحو

ص: 275

والصرف والبلاغة ..

ثمّ لخّص الخطيب القزويني - المتوفّى سنة 739 - القسم الثالث منه الخاصّ بعلوم البلاغة ، واشتهر ب- : تلخيص المفتاح ، وعليه شروح كثيرة ..

وللتفتازاني - المتوفّى سنة 792 - على تلخيص المفتاح شرحان متداولان ، اشتهر الأكبر ب- : المطوّل ، والأصغر ب- : المختصر ، وعلى كلّ منهما حواشٍ كثيرة ..

ومن الحواشي على المختصر : حاشية الخطائي [نظام الدين عثمان] ، المتوفّى سنة 901 ، وهي موجودة في المكتبة مكرّرة ..

وهذه الحاشية على حاشية الخطائي.

للمولى عبدالله بن شهاب الدين حسين اليزدي الشاه آبادي ، المتوفّى سنة 981 ، كما نقله المنزوي عن أحسن القصص في فهرس دانشگاه 2 / 379 ؛ فما ذكر في كشف الظنون من أنّه توفّي سنة 1015 خطأ.

وأوّل هذه الحاشية : «حمداً لمن خلق الإنسان وعلّمه البيان ، وشكراً لمن أعلمه بدائع المعاني في روائع التبيان ، وصلواته على نبيّه ... وآله مصابيح العرفان ومفاتيح الفرقان ...».

صرّح في آخرها أنّه : فرغ منها في السابع عشر من ذي الحجة سنة اثنين وستّين وتسعمائة بدار الملك شيراز ... في المدرسة الصدرية المنصورية.

وذكر في كشف الظنون 1 / 476 عند عدّ الحواشي على المختصر : وحاشية الفاضل عبدالله بن شهاب الدين اليزدي ، وهي حاشية مقبولة مفيدة ، أوّلها : «حمداً لمن خلق الإنسان وعلمه البيان ...» إلى آخره ،

ص: 276

ذكر في آخرها أنه فرغ من تأليفها في 17 ذي الحجّة سنة 962 بالمدرسة المنصورية بشيراز ، وتوفّي سنة 1015 ، وله حاشية على حاشية الخطائي.

وهو خطأٌ كما ترى ؛ إذ أنّ الخطبة وتاريخ الفراغ المذكورين هما لحاشيته على حاشية الخطائي لا لحاشيته على المختصر ، ولا أدري إن كان له حاشية مستقلّة على المختصر أم لا!

كما أنّ ما ذكر من أنّ وفاته سنة 1015 خطأ أيضاً ؛ فقد نقل المنزوي في فهرس دانشگاه 2 / 379 ، عن كتاب أحسن التواريخ أنّه توفي سنة 981.

كما أنّه نقل قبل عبارته هذه في السطر نفسه أنّ : خطبة حاشية الخطائي على المختصر : «لك اللّهمّ الحمد والمنّة ...» ، وهو خطأ أيضاً ؛ بل أوّلها : «نحمدك اللّهمّ على ما أعطيتنا من سوابغ النعم وبوالغ الحكم ...» ..

فيظهر أنّ المبيّضين لمسوّدة الكتاب قدّموا وأخّروا ووهموا ، ولم يضعوا ما كتب بالهوامش في مواضعها ، وراجع أيضاً : فهرس دانشگاه 6 / 2190.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، بخطّ نسخ جيّد ، ناقصة الآخر ، وقبلها في هذا المجلّد حاشية الخطائي على المختصر ، تاريخه 11 صفر سنة 1024 ، ولعلّهما بخطّ كاتب واحد ، رقم 2044 ..

عليها تملّك يوسف بن خليفة بن علي بن عبدالله بن محمد آل دارم الهجري بخطّه ، تاريخه 24 محرّم سنة 1223.

ص: 277

(493)

الحاشية على

«الحاشية القديمة على الشرح الجديد على تجريد العقائد»

التجريد لسلطان المحقّقين نصير الدين الطوسي.

والشرح الجديد عليه للمولى علي القوشجي.

والحاشية على الشرح لشمس الدين محمد بن أحمد الخفري.

وهذه الحاشية على حاشية الخفري ، للمولى ميرزا جان الباغنوي. راجع : فهرس الرضوية 4 / 81.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها درويش علي الطالقاني ، وفرغ منها في 21 جمادى الآخرة سنة 1069 ، 162 ورقة ، رقم 791.

(494)

الحاشية على «حاشيتي الخفري والدواني على

الشرح الجديد على تجريد الكلام»

التجريد لسلطان المحقّقين نصير الدين الطوسي.

والشرح الجديد عليه للمولى علي القوشجي ، وعليه عدّة حواشٍ ..

منها : حاشية الخفري شمس الدين محمد بن أحمد ، وحاشية الدواني جلال الدين محمد بن أسعد الصدّيقي.

للميرزا إبراهيم بن صدر الدين الشيرازي.

أوّلها : «يا هو ، يا لا إله إلاّ هو ، يا من لا هو إلاّ هو ، ولا يعلم ما هو إلاّ هو ...».

ص: 278

نسخة بخطّ العلاّمة ميرزا أحمد الأديب ابن أبو الحسن الكاشاني ووالد الميرزا طاهر الأديب ، فرغ منها في أواخر العشر الثاني من جمادى الأُولى سنة 1219 ..

وبعدها حاشية أُخرى تبدأ بقوله : «قال المصنّف : المقصد الثالث في إثبات الصانع ، أقول : أي صانع العالم ، على أنّ اللام للعهد أو للعوض ...» ؛ ولا أدري إنّ هذه هي الحاشية الخفرية متن حاشية ميرزا إبراهيم أو إنّها حاشية ميرزا إبراهيم على حاشية الدواني ..

وملخّص القول : لا أدري إنّ حاشية ميرزا إبراهيم على الحاشيتين ممتزجاً - كما يظهر من الذريعة - أو إنّ له على كلّ حاشية حاشية مستقلّة ؛ وظاهر خطبة حاشيته الأُولى في هذه المجموعة أنّها على الحاشية الخفرية فقط ، فليراجع.

وبعدها في المجموعة الأُكَر لثاوذوسيوس ، وعلى المجموعة خطّ ميرزا طاهر الأديب ، وخطّ نصير الملك ، رقم 1680.

(495)

الحاشية على «حلّ مشكلات الإشارات»

الإشارات لابن سينا [الشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبدالله ، المتوفّى سنة 428].

وحلّ مشكلات الإشارات للمحقّق الخواجه نصير الدين الطوسي ، المتوفّى سنة 672.

وهذه الحاشية عليه للسيّد المحقّق الشريف الجرجاني علي بن محمد ، المتوفّى سنة 816.

ص: 279

نسخة قيّمة ، قليلة النقط والإعجام ، كتبها السيّد بهاء الدين على نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ، وفرغ منها آخر شعبان سنة 872 ، ناقصة من أوّلها بمقدار ورقة ..

أوّل الموجود : «... بما لا ينسى فاندفع تأخّره عن الطبيعي وبقي وجها التقدّم سالمين عن المعارض ؛ فلهذا أسماه بالوجهين ...».

ومعها حاشية على شرح حكمة العين ، رقم 1786.

(496)

الحاشية على «الدروس»

وهي مبسوطة ، لبعض المتأخّرين ، لم أعرفه ، ينقل فيها عن الرياض والجواهر.

الجزء الثاني ، كتاب الصلاة وحده ، في 330 ورقة ، بخطّ المؤلّف ، فرغ من هذا الجزء 6 ذي الحجّة سنة 1319 ، رقم 1944.

(497)

الحاشية على «ذخيرة المعاد»

ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد للمحقّق السبزواري ، المولى محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري الخراساني ، عليه شرح وحواشٍ ..

منها هذه الحاشية ، لمعاصره العلاّمة آقا حسين الجيلاني ، المتوفّى في شهر رمضان سنة 1129.

وهي بخطّه الشريف في هوامش نسخة من ذخيرة المعاد ، رقم 795.

ص: 280

ذكر في تآليفه حاشية على ذخيرة المعاد للسبزواري ، وهي هذه ، بخطّه الشريف ، ترجمنا له مفصّلاً.

(498)

الحاشية على «الرسائل»

«الرسائل» في المباحث العقلية من علم أُصول الفقه ، ويسمّى ب- : فرائد الأُصول ، تصنيف : المحقّق الأعظم ، الشيخ مرتضى الأنصاري التستري ، المتوفّى سنة 1281 ، وعليه حواشٍ كثيرة ، مذكور بعضها في الذريعة 6 / 152 - 162.

منها هذه الحاشية ، للفقيه المحقّق آقا رضا الهمداني ، المتوفّى سنة 1321 ، مؤلّف مصباح الفقيه المطبوع ؛ وحاشيته هذه أيضاً مطبوعة.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ؛ فإنّ مؤلّفاته بخطّه قد اشتريت جميعها من ورثته للمكتبة ، وقد فرغ المؤلّف منها في العشر الثاني من جمادى الأُولى سنة 1308 ، وهي في 187 ورقة ، تسلسل 819.

(499)

الحاشية على «الروضة البهية»

للعلاّمة الفقيه الشيخ جعفر بن عبدالله بن إبراهيم الحويزي الكمرهئي ، المشتهر بالشيخ جعفر قاضي أصفهان ؛ فقد كان قاضي القضاة في العهد الصفوي قرابة ستين عاماً ، توفي عام 1115 راجعاً من الحجّ فدفن في النجف الأشرف.

أوّلها : «نحمدك يا إلهي ، ونصلّي على نبيّك الهادي ، وآله

ص: 281

الهداة ...».

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ محمد طاهر الكمرهئي ، ولعلّه نجل المؤلّف ، وهي بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها 3 جمادى الآخرة سنة 1103 ، في 250 ورقة ، رقم 613.

(500)

الحاشية على «الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية»

اللمعة الدمشقية للشهيد الأوّل ، شمس الدين محمد بن مكّي العاملي ، الشهيد سنة 786.

والروضة البهية للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ، الشهيد سنة 966 ، وعليها حواشٍ وتعليقات كثيرة ، ومن العلماء من شرحها شرحاً مبسوطاً ..

وهذه الحاشية للعلاّمة المحقّق آقا جمال الدين محمد بن الحسين الخوانساري ، المتوفّى سنة 612.

وهي كبيرة مبسوطة ، طبعت على الحجر في إيران سنة 1272.

نسخة من أوّلها إلى أواخر كتاب الطهارة ، كتابة القرن الثالث عشر ، عليها تعليقات : «منه رحمه الله» ، في 47 ورقة ، مقاسها 17 x 22 ، تسلسل 264.

(501)

الحاشية على «رياض المسائل»

رياض المسائل في الفقه ، للسيّد علي بن محمد الطباطبائي

ص: 282

الحائري ، المتوفّى سنة 1236 ، وهو شرح على المختصر النافع للمحقّق الحلّي ..

والحاشية هذه للفقيه المحقّق الحاجّ آقا رضا الهمداني ، مؤلّف مصباح الفقيه ، المتوفّى سنة 1321.

نسخة بخطّ المؤلّف رحمه الله ، وهي المسوّدة الأصلية ، وفيها شطوب وتصحيحات ، وهي من أوّل الكتاب إلى مبحث نيّة الوضوء من كتاب الطهارة ، وتقع في 58 ورقة ، مقاسها 15 × 22 ، تسلسل 754.

(502)

الحاشية على «شرائع الإسلام»

للمحقّق الكركي ، الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي ، المتوفّى سنة 940.

أوّلها : «الحمد لله ربّ ... أمّا بعد ، فهذه فوائد مهمّة علّقتها على كتاب شرائع الإسلام ، مستعان بها على تحرير مسائلها ، وتحقيق مطالبها ، وقد ضمّنتها بيان ما اعتمد عليه في الفتوى ...».

وهي إلى أوّل كتاب التجارة.

نسخة من أوّله إلى أوّل كتاب التجارة ، كتبها مراد علي بن أمير حاتم الطالقاني ، وفرغ منها 11 صفر سنة 1034 ، عن نسخة كتبت في أردبيل سنة 999 ؛ 149 ورقة ، رقم 1923.

وفي طرفيها فوائد كثيرة ، أكثرها فقهية ، منها فائدة في قاعدة كلّية يعلم منها ما يجوز بيعه وما لا يجوز ، لفخر المحقّقين نجل العلاّمة الحلّي ، وبأوّلها خطّ العلاّمة محمد صالح الرضوي ابن محمد باقر بن تقي الدين

ص: 283

محمد الرضوي ، وخطّ شيخنا العلاّمة الرازي - دام ظلّه -.

نسخة ضمن مجموعة من مؤلّفات المؤلّف ، أوّلها حاشيته على المختصر النافع ، ثانيها حاشيته هذه على الشرائع ، تبدأ من الورقة 43 ب إلى الورقة 166 ب ، وهي أيضاً إلى أوّل كتاب التجارة ، وبعدها صيغ العقود ، وبعدها قاطعة اللجاج ؛ بخطّ عبد الواحد بن عبد الرحيم الاسترابادي ، كتبها في قزوين ، وفرغ من المجموع 25 رجب سنة 964 ، وبآخر المجموعة : «بلغت المقابلة لل- ... بنسخة مصحّحة قد قوبلت بنسخة مؤلّفها» ، رقم 1968.

(503)

الحاشية على «شرح الإشارات»

الإشارات والتنبيهات لابن سينا ، وعليه شروح وحواشٍ كثيرة ..

منها للفخر الرازي ، ومنها للمحقّق الطوسي الخواجه نصير الدين ، وتعرّض فيها للردّ على كلمات الفخر الرازي.

وألّف قطب الدين الرازي كتاب المحاكمات بين الرازي وبين المحقّق الطوسي.

وهذه الحاشية للمحقّق آقا حسين بن جمال الدين الخوانساري ، علّقها على شرح المحقّق الطوسي وعلى المحاكمات وعلى «تعليقات السيّد الشريف الجرجاني» وعلى «حواشِ ملاّ ميرزا جان الباغنوي» ، فرغ منها رابع شعبان سنة 1071.

ولمعاصره المحقّق السبزواري اعتراضات كثيرة في حاشيته على المحشي ؛ وكتب المحقّق الخوانساري حاشية أُخرى في الجواب عن

ص: 284

اعتراضات معاصره السبزواري.

أوّلها : «قال المحاكم : قد عرفت في ما سبق أنّ الإشارة إلى آخر ...» ..

وعناوينه : «قوله : .. قوله : ..» ؛ فتارة يقول : «قوله في الحاشية :» ، وأُخرى يقول : «قوله المحاكم :» وثالثة يقول : «قال الشارح :» ، او : «قال المحاكم :» ، وأُخرى يقول : «قوله :» فقط ، وهو الأكثر.

آخرها : «هذا ما تيّسر لنا من الكلام في الطبيعيات ، ويتلوه إن شاء الله الكلام في الإلهي».

ذكر هذه الحاشية شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة 6 / 110 بعنوان : «الحاشية على شرح الإشارات» ؛ ولا أدري هل هي متّحدة مع ما ذكره في ص 192 بعنوان : «الحاشية على المحاكمات» أم لا؟!

والظاهر من اتّحاد تاريخ تأليفهما المذكور في الموضعين أنّ المراد بهما واحد.

وذكر شيخنا حاشيته الثانية التي أجاب فيها عن اعتراضات المحقّق السبزواري في ص 111.

نسخة مكتوبة في حياة المحشي ، وعليها حواشٍ : «منه مدّ ظلّه» ، وتقع في 154 ورقة ، رقم 1085.

(504)

الحاشية على شرح الإيساغوجي

الإيساغوجي من مباحث علم المنطق ، وهو لفظ يوناني بمعنى الكلّيات الخمس.

ص: 285

والمتن المشتهر بهذا الاسم المتداول هو المنسوب إلى أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري ، المتوفّى سنة 663 ؛ ولا يختصّ بالكلّيات الخمس بل هو متن جامع لمهمّات المسائل المنطقية ، وعليه شروح متعدّدة.

منها شرح حسام الدين حسن الكاتي ، المتوفّى سنة 760 ، وعلى هذا الشرح حواشٍ متعدّدة ..

منها هذه الحاشية ، وهي حاشية محيي الدين التالشي.

نسخة بالخطّ النستعليق ، كتبها أحقر الطلاّب عبد الحسين بن ملاّ أحمد السالياني في القرن الثالث عشر ، في 93 ورقة ، تسلسل 355.

وقبله في المجلّد «حاشية الجرجاني على شرح الشمسية».

نسخة بخطّ أحقر الطلاّب السيّد رضا بن سيّد مهدي پيشنماز الأردبيلي الموسوي ، فرغ منها 20 ربيع الأوّل سنة 1275 ، بخطّ نستعليق جيد ، بأوّل مجموعة في المنطق كلّها بخطّه ، رقم 431.

للموضوع صلة ...

ص: 286

مصطلحات نحوية (19)

السيد علي حسن مطر

أربع وثلاثون - مصطلح المعرفة

* المعرفة لغةً :

المعرفة في اللغة : مصدرُ الفعل (عَرَفَ) ، قال ابن منظور : «العِرفان : العلم ... عَرَفَهُ يعرِفُهُ عِرفةً وعِرْفاناً وعِرِفّاناً ومعرفة» (1).

وقد نقل هذا اللفظ في عرف النحاة وسمّي به الاسم المعرّف (2) ، قال ابن يعيش : «المراد بالمعرفة الشيء المعروف ، كالمراد بنسجِ اليمن أنّه منسوجُ اليمن ، وكقوله تعالى : (هذا خلق الله) (3) ، أي مخلوقه» (4).

* المعرفة اصطلاحاً :

والمعرفة من المصطلحات النحوية القديمة ، وقد استعمله سيبويه

ص: 287


1- لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة (عَرَف).
2- أ - شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 1 / 91. ب - حاشية الصبّان على شرح الأشموني 1 / 103.
3- سورة لقمان 31 : 11.
4- شرح المفصّل ، ابن يعيش 5 / 85.

(ت 180 ه) في قبال النكرة ، وقال في كتابه : «واعلم أنّ النكرة أخفّ عليهم من المعرفة ... لأنّ النكرة أوّل ، ثمّ يدخل عليها ما تعرّف به» (1).

ولعلّ أقدم حدٍّ للمعرفة ما ذكره المبرّد (ت 285 ه) من أنّها : «ما وضع على شيء دون ما كان مثله ، نحو : زيد وعبدالله» (2).

وحدّها فريق من النحاة بأنّها : «ما خصَّ الواحدَ من جنسه» ، ومن هؤلاء : ابن جنّي (ت 392 ه) (3) ، والحريري (ت 516 ه) (4) ، وابن الخشّاب (ت 567 ه) (5) ، وابن الأنباري (ت 775 ه) (6) ، وابن يعيش (ت 643 ه) (7).

وحدّها فريق آخر بأنّها : «ما دلّ على شيء بعينه ، أو : ما وضع ليدلّ على شيء بعينه» ، ومن هؤلاء : الزمخشري (ت 538 ه) (8) ، والمطرّزي (ت 610 ه) (9) ، وابن الحاجب (ت 646 ه) (10).

وقال الرضي (ت 686 ه) في شرح الحدّ الأخير : «قوله : (بعينه) 4.

ص: 288


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 22.
2- المقتضب ، المبرّد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة 3 / 186.
3- اللمع في العربية ، تحقيق فائز فارس : 99.
4- شرح ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبّود : 73.
5- المرتجل في شرح الجمل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : 277.
6- أسرار العربية ، أبو البركات ابن الأنباري ، تحقيق فخر صالح قداره : 298.
7- شرح المفصّل ، ابن يعيش 5 / 85.
8- أ - المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 197. ب - شرح الأُنموذج في النحو ، جمال الدين الأردبيلي ، تحقيق حسني عبد الجليل يوسف : 103.
9- المصباح في علم النحو ، ناصر بن أبي المكارم المطرّزي ، تحقيق ياسين محمود الخطيب : 101.
10- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 234.

احترازٌ عن النكرات ، ولا يريد به أنّ الواضع قصد في حال وضعه واحداً معيّناً ؛ إذ لو أراد ذلك لم يدخل في حدّه إلاّ الأعلام ؛ إذ المضمرات والمبهمات وذو اللام والمضاف إلى أحدها تصلح لكلّ معيّن قصده المستعمل ... ولو قال : (ما وضع لاستعماله في شيء معيّن) لكان أصرح ... ولا يعترض على هذا الحدّ بالضمير الراجع إلى نكرة مختصّة قبلُ بحكمٍ من الأحكام ، نحو : جاءني رجلٌ فضربتُهُ ؛ لأنّ هذا الضمير لهذا الرجل الجائي ، دون غيره من الرجال» (1).

وعرّفها ابن مالك (ت 672 ه) بخاصّتها وعلامتها ، كما يفهم من تعريفه للنكرة بقوله :

نكرةٌ قابِلُ أل مؤثِّرا

أو واقعٌ موقعَ ما قد ذكرا

وغيرهُ معرفةٌ ......

......................

فالمعرفة هي : ما لا يقبل (أل) المؤثرة فيه التعريف ، وما لا يقع موقعَ ما يقبلها.

وقال الأشموني : إنّه «استغنى بحدّ النكرة عن حدّ المعرفة ، قال في شرح التسهيل : مَن تعرّض لحدّ المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه» (2).

وقال ابن هشام في شرحه ألفيّة ابن مالك : المعرفة : «عبارة عن نوعين ، أحدهما : ما لا يقبل (أل) البتّة ، ولا يقع موقع ما يقبلها ، نحو : زيد وعمروٍ ، والثاني : ما يقبل (أل) ولكنّها غير مؤثّرة للتعريف ، نحو : (حارث ، وعباس ، وضحّاك) ؛ فإنَّ (أل) الداخلة عليها للمحِ الأصل 6.

ص: 289


1- شرح الرضي على الكافية 3 / 234 - 235.
2- شرح الأشموني على الألفيّة ، تحقيق حسن حمد 1 / 86.

بها» (1) ، وهو الصفة.

وحدّها الرضي الاسترابادي (ت 686 ه) بحدّين :

أوّلهما : «ما وضع لاستعماله في شيء بعينه» ، وهو الذي تقدّم في معرض شرحه لحدّ ابن الحاجب ..

وقد تابعه عليه الفاكهي (ت 972 ه) ، وقال في شرحه : «اسمٌ وضع ... ليستعمل في شيء معيّن ، سواء كان ذلك الشيء مقصوداً للواضع ، كالعلم ، أو غير مقصود ، كبقية المعارف ؛ فإنّ كلاًّ منها موضوع لمفهوم كلّي شامل لأشخاص ؛ فلفظ (أنا) مثلاً ، وضع لمفهوم المتكلّم من حيث أنّه يحكي عن نفسه ، فهو صالح لكلّ متكلّم ، لكن إذا استعمل في معيّن خاص ، صار جزئياً وقصر عليه» (2).

وثانيهما : المعرفة : «ما أُشير به إلى خارج مختصٍّ إشارة وضعيّة ، فيدخل فيه جميع الضمائر وإن عادت إلى النكرات ، والمعرّف باللام العهدية وإن كان المعهود نكرةً ، إذا كان المنكر المعود إليه أو المعهود مخصوصاً قبلُ بحكمٍ ، لأنّه أُشير بهما إلى خارج مخصوص وإن كان منكّراً ...

فقولنا : (ما أُشير به) يشترك فيه جميع المعارف ، ويختصّ اسم الإشارة بكون الإشارة فيها حسّية بالوضع ...

وإنّما قلنا : (إلى خارج) ؛ لأنّ كلّ اسم فهو موضوع للدلالة على 3.

ص: 290


1- أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1 / 60.
2- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيّب الإبراهيم : 103.

ما سبق علم المخاطب بكون ذلك الاسم دالاًّ عليه ... فعلى هذا كلّ كلمة إشارة إلى ما ثبت في ذهن المخاطب أنّ ذلك اللفظ موضوع له ، فلو لم نقل : (إلى خارج) لدخل فيه الأسماء معارفُها ونكراتها» (1).

وقال أبو حيّان (ت 745 ه) في حدّ المعرفة : «ما وضع خاصّاً» (2).

وحدّها ابن هشام (ت 761 ه) بأنّها : «ما وضع خاصّاً لمعيّن» (3) ، وعقّب عليه بقوله : «إنّ الاشتراك العارض لا يمنع دعوى التعريف والاختصاص ؛ ألا ترى أنّ غالب الأعلام تجدها مشتركة كزيدٍ وعمرٍ ، ولا ترى منها خاصّاً إلاّ النزر اليسير كمكّة وبغداد» (4).

* * * 3.

ص: 291


1- شرح الرضي على الكافية 3 / 235 - 236.
2- أ - شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر 1 / 292. ب - غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيّان الأندلسي ، مصوّرتي عن مخطوطة دار الكتب المصرية ، الورقة 2 / ب.
3- شرح اللمحة البدرية 1 / 292 - 293.
4- شرح اللمحة البدرية 1 / 292 - 293.

خمس وثلاثون - مصطلح العَلَم

* العَلم لغةً :

للعَلَم في اللغة عدّة معانٍ ، أهمّها (1) :

1 - الجبل ، ومن قوله تعالى : (وله الجوارِ المنشآت في البحرِ كالأعلام) (2).

2 - الراية.

3 - العلامة.

«والظاهر أنّ النقل إلى المعنى الاصطلاحي من الثالث ، بدليل قولهم : لأنّه علامة على مسمّاه» (3).

* العلم اصطلاحاً :

عبّر سيبويه (ت 180 ه) عن العَلَم بعنوانين ، هما : العلم الخاصّ ، والعلامة اللازمة المختصّة (4).

وعبّر عنه الفرّاء (ت 207 ه) بعنوانين أيضاً ، هما : الموقّت ، والاسم 5.

ص: 292


1- لسان العرب ، مادّة (علم).
2- سورة الرحمن 55 : 24.
3- أ - حاشية الصبّان على شرح الأشموني 1 / 126. ب - حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ، ضبط وتصحيح يوسف البقاعي 1 / 111.
4- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 2 / 5.

الموضوع (1).

وعبّر عنه المبرّد (ت 285 ه) بالاسم الخاصّ (2).

ولعلّ ابن السرّاج (ت 316 ه) أوّل من عبّر عنه بالعَلم (3).

وقد عرّف سيبويه العَلم بالمثال ، فقال : «فأمّا العلامة اللازمة المختصّة ، فنحو : زيد وعمرو وعبدالله ، وما أشبه ذلك» (4).

وحدّه المبرّد بأنّه : «لقب يفصل الواحد من جميع جنسه» ، ثمّ قال : «ولوقوع اللقب الواحد على اثنين احتيج إلى الصفات ، ألا ترى أنّك تقول : جاءني زيدٌ ، فإذا خفت أن يلتبس عليه بزيد آخر تعرفه ، قلت : الطويلُ ونحوه ؛ لتفصل بينهما» (5).

وحدّه ابن جنّي (ت 392 ه) بأنّه : «ما خصّ به الواحد فجعل عَلماً له» (6).

وحدّه عبد القاهر الجرجاني (ت 471 ه) بأنّه : «كلُّ اسمٍ وضع في أوّل أحواله لشيءٍ بعينه لا يقع على كلّ ما يشبهه ... ألا ترى أنّ (زيداً) وضع في أوّل ما وضع للرجلِ المعيّن ، ثمّ ليس كلّ من يكون مثل زيدٍ يسمّى زيداً» (7).1.

ص: 293


1- معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفرّاء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد علي النجّار 1 / 7 ، وص 409.
2- المقتضب ، محمد بن يزيد المبرّد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة 4 / 276.
3- الأُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 176.
4- الكتاب ، سيبويه 2 / 5.
5- المقتضب ، المبرّد 4 / 17.
6- اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : 104.
7- الجمل ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : 31.

وقريب من هذا الحدّ ما ذكره الزمخشري (ت 538 ه) وابن معطي (ت 628 ه) من أنّ : «العَلم : هو ما علّق على شيء بعينه غير متناول ما أشبهه» (1).

قال ابن الحاجب : «لو اقتصر على قوله : (ما علّق على شيء بعينه) لدخلت عليه المعارف كلّها ، فميّزه بقوله : (غير متناول ما أشبهه)» (2).

وقد يشكل على هذه الحدود بأنّ العَلم كزيدٍ ، قد يطلق على أشخاصٍ كثيرين ، فما الفرق بينه وبين النكرة؟!

وقد أجاب ابن الخشّاب على هذا الإشكال بقوله : «ليس الاشتراك الواقع في لفظ (زيد) في انطلاقه على زيد الخيلِ مثلاً ، وعلى زيد بن حارثة ، وزيد بن ثابت ... هو الاشتراك الواقع في رجل وفرس وغيرهما من النكرات الصالحة لكلّ واحدٍ من جنسها ؛ لأنّ اشتراك النكرة الممثّل بها وما أشبهها مقصود في أوّل الوضع ، والاشتراك الواقع في الأعلام غير مقصود ، فاعرفه فرقاً واضحاً بينهما» (3).

وحدّه ابن الحاجب (ت 646 ه) بأنّه : «ما وضع لشيء بعينه غير متناول غيره ، بوضعٍ واحدٍ» (4).

وتابعه على هذا الحدّ محمد بن عبد الغني الأردبيلي (ت 3.

ص: 294


1- أ - المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 6. ب - الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : 225.
2- الإيضاح في شرح المفصّل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي 1 / 69.
3- المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : 288.
4- أ - شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 3 / 245. ب - الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمّودي 3 / 53.

647 ه) (1).

وممّا ذكره الرضي في شرح هذا الحدّ : أنّ «قوله : (غير متناول غيره) يخرج سائر المعارف ؛ لتناولها بالوضع أيَّ معيّن كان ، [و] قوله : (بوضع واحدٍ) متعلّق بمتناول ، أي : لا يتناول غير ذلك المعيّن بالوضع الواحد ، بل إن تناول - كما في الأعلام المشتركة - فإنّما يتناوله بوضعٍ آخر ، أي : بتسميةٍ أُخرى ، لا بالتسمية الأُولى ، كما إذا سُمّي شخص بزيدٍ ، ثمّ يسمّى به شخص آخر ، فإنّه وإن كان متناولاً بالوضع لمعينين ، لكنّه تناول المعيّن الثاني بوضع آخر غير الوضع الأوّل ، بخلاف سائر المعارف ... فإنّما ذكر قوله : (بوضعٍ واحدٍ) ؛ لئلاّ تخرج الأعلام المشتركة عن حدّ العَلَم» (2).

ويلاحظ أنّ ابن الحاجب قد ذكر في أماليه أنّه لا حاجة لإضافة قيد (بوضع واحد) إلى الحدّ ؛ قال : «والاعتراض ب- (زيدٍ) إذا سمّي به باعتبار تعدّد وضعه مندفعٌ من غير حاجة إلى زيادة (بوضع واحدٍ) ؛ وذلك أنّ الواضع لمّا وضعه لشيء بعينه في جميع تقديراته ، لم يضعه للآخر أصلاً ، فهو غير متناول ما أشبهه قطعاً ، فلا حاجة إلى قوله : بوضع واحد في التحقيق» (3).

وحدّه ابن عصفور (ت 669 ه) بقوله : «هو ما علّق في أوّل أحواله على مسمّىً بعينه في جميع الأحوال ، من غيبة وتكلّم وخطاب وإشارة» (4). 8.

ص: 295


1- شرح الأُنموذج في النحو ، الأردبيلي ، تحقيق حسني عبد الجليل يوسف : 10.
2- شرح الرضي على الكافية 3 / 245. وانظر أيضاً : الأمالي النحوية 3 / 53 ، الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة طه الرفاعي 2 / 153.
3- الأمالي النحوية 3 / 53.
4- المقرِّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوّض : 298.

وحدّه ابن مالك (ت 672 ه) بحدّين :

أوّلهما : «هو المخصوص مطلقاً ، غلبة أو تعليقاً ، بمسمّىً غير مقدّر الشياع ، أو الشائع الجاري مجراه» (1).

وشرحه السلسيلي قائلاً : «المخصوص مخرج لاسم الجنس ؛ فإنّه شائع غير مخصوص ، (مطلقاً) مخرج للمضمرات ؛ فإنّ كلّ واحدٍ منها مخصوص باعتبار ، غير مخصوص باعتبار ؛ وذلك لأنّ لفظ أنا [مثلاً] وضع ليخصّ المتكلّم به نفسه ، ولكلّ متكلّم منه نصيب حين يقصد نفسه ، فهو مخصوص باعتبار كونه لا يتناول غير الناطق ، وغير مخصوص باعتبار صلاحيته لكلّ مخبر عن نفسه ، (غلبة أو تعليقاً) هما نوعا العلم ، وقوله : (بمسمّىً) متعلّق بمخصوص ، (غير مقدّر الشياع) مخرج للشمسِ والقمرِ ونحوهما ؛ فإنّهما مخصوصان بالفعل شائعانِ بالقوّة ، (أو الشائع الجاري مجراه) ، أشار بهذا إلى العَلم الجنسي كأُسامة للأسدِ ، وثعالة للثعلب» (2).

وثانيهما : ما ذكره في الخلاصة الألفيّة من أنّ العَلم : «اسم يعيّن المسمّى مطلقاً».

وبه أخذ كثير من النحاة ، كأبي حيّان الأندلسي (ت 745 ه) (3) ، 4.

ص: 296


1- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 30.
2- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، محمد بن عيسى السلسيلي ، تحقيق عبدالله البركاتي 1 / 211.
3- غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيّان الأندلسي ، مصوّرتي عن مخطوطة دار الكتب المصرية : 4.

وابن عقيل (ت 769 ه) (1) ، والأزهري (ت 509 ه) (2).

وأمّا ابن الناظم (ت 686 ه) فإنّه قسّم العَلمَ أوّلاً إلى نوعين :

عَلم شخصي ، وعَلم جنسي ، ثمّ عرّف العَلمَ الشخصي بأنّه : «الدال على معيّنٍ مطلقاً ، أي : بلا قيدٍ ، بل بمجرّد وضع اللفظ له ، على وجه منع الشركةِ فيه.

ف- (الدالّ على معيّن) جنس للمعارف ، و (مطلقاً) خاصّة للعَلم تميّزه عن سائر المعارف ؛ فإنّ كلّ معرفة دلالته على التعيين بقرينة خارجة عن دلالة لفظه ، وتلك القرينة إمّا لفظية ، كالألف واللام والصلة ، وإمّا معنوية ، كالحضور والغيبة.

وقولي : (على وجه منع الشركة فيه) مخرج لاسم الجنس الذي مسمّاه واحد بالشخصي كالشمس ؛ فإنّه يدلّ على معيّنٍ بوضعِ اللفظ له ، وليس بعَلم ؛ لأنّ وضع اللفظِ له ليس على وجهِ منعِ الشركة» (3).

وأمّا ابن هشام (ت 761 ه) فقد طرح للعَلمِ ثلاثة حدود :

أوّلها : أنّه : «ما عُلّق على شيء بعينهِ غير متناولٍ ما أشبهه» (4) ، وهو تابع فيه للزمخشري.

وثانيها : أنّه : «اسم يعيّن مسمّاه تعييناً مطلقاً ، أي : غير مقيّد» (5) ، 8.

ص: 297


1- شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 58.
2- شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : 92.
3- شرح الألفيّة ، لابن الناظم : 27.
4- شرح قطر الندى وبلّ الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 96.
5- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 138.

وهو تابع فيه لابن مالك ، وقد ذكر في شرحه : أنّه يخرج بالإطلاق «ما عدا العلم من المعارف ، فإنّ تعيينها لمسمّياتها تعيينٌ مقيّد ، ألا ترى أنّ ذا الألفِ واللام مثلاً إنّما يعيّن مسمّاه ما دامت فيه أل ، فإذا فارقته فارقه التعيين ، ونحو : هذا ، إنّما يعينُ ما دام حاضراً» (1) ، «وكقولك : غلامي ؛ فإنّه يعيّن مسمّاه بقيد الإضافة ، بخلاف العَلم ؛ فإنّه يعيّن مسمّاه بغير قيد ، ولذلك لا يختلف التعبير عن الشخص المسمّى زيداً بحضور ولا غيبةٍ ، بخلاف التعبير عنه بأنتَ وهو» (2).

ثالثها : العَلم هو : «الاسم الذي عُلّقَ في أوّل أحواله على شيءٍ بعينه ، محظوراً استعماله في ما أشبه مسمّاه ... وقولنا : (الذي عُلّقَ على شيءٍ بعينه) فصل أخرج النكرات ، وقولنا : (في أوّلِ أحواله) أخرجَ ذو الأداةِ كالرجلِ ، والإضافةِ كغلام زيدٍ ، وقولنا : (محظوراً ... إلى آخره) فصلٌ ثانٍ مخرج للضمير والإشارة» (3).

وحدّه السيوطي (ت 911 ه) بأنّه : «ما وضع لمعيّنٍ لا يتناول غيره» (4) ..

وتابعه عليه جمال الدين الفاكهي (ت 972 ه) (5). 2.

ص: 298


1- أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1 / 88.
2- شرح شذور الذهب : 138.
3- شرح اللمحة البدرية في علم العربية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر 1 / 303 - 304.
4- همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم 1 / 243.
5- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيّب الإبراهيم : 112.

وممّا ذكره السيوطي في شرحِ هذا الحدّ : أنّه «خرج ب- (المعيَّن) النكرات ، وبما بعده سائر المعارف ؛ فإنّ الضمير صالح لكلّ متكلّم ومخاطب وغائب ، وليس موضوعاً لأن يستعمل في معين خاصّ بحيث لا يستعمل في غيره ... واسم الإشارة صالح لكلّ مشارٍ إليه ... وأل صالحة لأن يعرّف بها كلّ نكرة ... ثمّ التعينُ إن كان خارجياً ، بأن كان الموضوع له معيناً في الخارج كزيدٍ ، فهو علم الشخصي ، وإن كان الموضوع له معيناً في الذهن ، أي ملاحظ الوجود فيه ك- (أُسامة) عَلَمٌ للسبع ، أي : لماهيّته الحاضرة في الذهن ، فهو علم الجنس» (1).

* * * 4.

ص: 299


1- همع الهوامع شرح جمع الجوامع 1 / 243 - 244.

ستّ وثلاثون - مصطلح الضمير

* الضمير لغةً :

الضمير في اللغة : «السرّ وداخل الخاطر ... وأضمرتُ الشيء : أخفيته» (1).

والضمير بمعنى المضمر ، «على حدْ قولهم : عقدتُ العسلَ فهو عقيد ، أي : معقود» (2).

* الضمير اصطلاحاً :

عبّر سيبويه (ت 180 ه) عن المعنى الاصطلاحي للضمير بأربعة عناوين ، هي : الإضمار ، المضمر ، الضمير ، والاسم المبهم (3).

وعبّر عنه الفرّاء (ت 208 ه) بالمكنيّ والكناية (4).

والوجه في تسمية الكوفيين للضمير كناية ومكنيّاً أنّه : «ليس بالاسم الصريح ، والكناية تقابل الصريح ، قال ابن هانئ :

فصرِّح بما تهوى ودعني من الكُنى

فلا خير في اللذات من دونها سترُ» (5)5.

ص: 300


1- لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة (ضمر).
2- أ - شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر 1 / 296. ب - شرح التصريح على التوضيح ، الأزهري 1 / 95.
3- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 78 - 79 ، 2 / 6 ، وص 77.
4- معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفرّاء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد علي النجّار ، 1 / 5 ، وص 19 ، وص 50.
5- أ - شرح اللمحة البدرية 1 / 296. ب - شرح التصريح 1 / 95.

ويرى بعض الباحثين : «أنّ اصطلاح الضمير أدقّ من اصطلاح المكني ؛ لأنّ الكناية تشمل كلّ ما يكنّى به من إشارة أو موصول أو عدد ، بخلاف الضمير ؛ فإنّه لا يدخل فيه شيء من ذلك» (1).

وقد عرّف سيبويه الضمير بالمثال ، فقال : «وأمّا الإضمار فنحو : هو وإيّاه وأنت وأنا ونحن» (2).

وحدّه المبرّد (ت 285 ه) بقوله : «الأسماءُ المضمرة ، وهي : التي لا تكون إلاّ بعد ذكرٍ» (3) ، أي : بعد اسم ظاهر تعود إليه.

ويلاحظ على هذا الحدّ أنه غير شامل لِما يجيزه العرب من مجيء الضمير قبل الذكر في خمسة مواضع (4) ، وهي : «ضمير الشأن ، نحو (قُلْ هو الله أحد) (5) ، والقصّة نحو (فإنّها لا تعمى الأبصار) (6) ... والمضمر في نِعْمَ وبئسَ ، نحو : نعمَ رجلاً زيدٌ ، وبئسَ رجلاً عمروٌ ، ومع 6.

ص: 301


1- الأُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 79 (حاشية الصفحة).
2- الكتاب 2 / 6.
3- المقتضب ، يحيى بن زياد الفرّاء ، تحقيق عبد الخالق عضيمة 3 / 186.
4- أ - الكتاب 1 / 175 - 177. ب - المقتضب 2 / 142 - 143. ج - شرح المفصّل ، ابن يعيش 3 / 109 - 118. د - تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 28. ه- - شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي 2 / 756.
5- سورة الإخلاص 112 : 1.
6- سورة الحجّ 22 : 46.

رُبَّ ، نحو : رُبَّهُ رَجُلاً لقيت ، وفي باب عطف الفعل على الفعل عند إعمال الثاني في ما يطلبه الأوّل فاعلاً ، نحو : ضربني وضربتُ زيداً ، أو مفعولاً لم يُسَمَّ فاعله ، نحو : أهينَ وأكرمتُ زيداً» (1).

ولعلّه لأجل هذه الملاحظة عمد ابن الخشّاب (ت 567 ه) إلى تعريف الضمير بقوله : هو ما «يأتي بعد مذكور ظاهر ، كقولك : زيدٌ مررتُ به ، أو ما يقوم مقام الاسم الظاهر الذي يعود الضمير إليه ، كالمتكلّم إذا قال : أنا فعلتُ ، فناب [ضمير] المتكلّم هنا مناب اسمه» (2).

وحدّه ابن الحاجب (ت 646 ه) بقوله : «المضمر : ما وضع لمتكلّم أو مخاطب أو غائب ، تقدّم ذكره لفظاً ومعنىً ، أو حكماً» (3).

وغرضه من القيدين الأخيرين دفع ملاحظة عدم مشمول الحدّ ، وإدخال الضمائر التي يتأخّر مفسِّرها (4) عنها ، كما يتّضح من شرح الرضي لهذا الحدّ ؛ إذ قال : «والتقدّم المعنوي ألاّ يكون المفسِّر مصرَّحاً بتقديمه ، بل هناك شيء آخر غير ذلك الضمير يقتضي كون المفسِّر قبل موضع الضمير ، وذلك ضروب ، كمعنى الفاعلية المقتضي كون الفاعل قبل المفعول رتبة ، كضربَ غلامَهُ زيدٌ ، ومعنى الابتداء المقتضي لكون المبتدأ قبل الخبر ، نحو : في دارِه زيدٌ ... والتقدّم الحكمي أن يكون المفسِّر مؤخّراً لفظاً ، وليس هناك ما يقتضي تقدّمه على محلّ الضمير ، إلاّ ذلك الضمير ، فنقول : إنّه وإن لم يتقدّم لفظاً ولا معنىً ، إلاّ أنّه في حكم المتقدِّم ؛ نظراً إلى ب.

ص: 302


1- التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف أحمد المطوّع : 172 - 173.
2- المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : 278.
3- أ - شرح الكافية ، الرضي الاسترابادي ، تحقيق يوسف حسن عمر 2 / 401. ب - الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمّودي 3 / 42.
4- المراد بالمفسِّر : الاسم الظاهر الذي يعود إليه ضمير الغائب.

وضع ضمير الغائب ، وإنّما يقتضي ضمير الغائب تقدّم المفسِّر عليه ؛ لأنّه وضعه الواضع معرفةً لا بنفسه بل بسبب ما يعود عليه ، فإن ذكرته ولم يتقدّم عليه مفسّره بقي مبهماً منكراً لا يعرف المراد به حتّى يأتي مفسّره بعده ، وتنكيره خلاف وضعه» (1).

أمّا ابن عصفور (ت 669 ه) فقد حدّ الضمير بأنّه : «ما عُلّقَ في أوّل أحواله على شيءٍ بعينه في حال غيبةٍ خاصةً ك- (هو) ، أو خطابٍ خاصّةً ك- (أنتَ) ، أو تكلّم خاصةً ك- (أنا)» (2).

ولا يرد على هذا الحدّ ما ورد على سابقيه ؛ لأنّه لم يؤخذ فيه عود ضمير الغائب على ذكر متقدّم عليه.

وحدّه ابن مالك بحدّين :

أوّلهما : أنّه : «الموضوع لتعيين مسمّاه مشعراً بتكلّمه أو بخطابه أو غيبته» (3).

«يخرج بذكر (التعيين) النكرات ، ويخرج ب- (الوضع) المنادى والمضاف وذو الأداة ، والأشعار بالتكلّم والخطاب أو الغيبة مخرج للعلم واسم الإشارة والموصول ؛ لأنّ كلّ واحد منها لا يختصّ بواحدة من الأحوال الثلاث ، بل هو صالح لكلّ واحدة منها على سبيل البدل ، بخلاف المضمر ، فإنّ المشعر فيها بإحدى الأحوال الثلاث لا يصلح لغيرها» (4).

وقد أخذ بمضمون هذا الحدّ كلّ من ابن الناظم (ت 686 ه) 3.

ص: 303


1- شرح الرضي على الكافية 2 / 404 - 406.
2- المقرِّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي مُعوّض : 298.
3- تسهيل الفوائد : 22.
4- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، محمد بن عيسى السلسيلي ، تحقيق عبدالله البركاتي 1 / 173.

وابن هشام (ت 761 ه) ، والأزهري (ت 905 ه) ، فعرّفوا الضمير بأنّه : ما دلّ على متكلّم أو مخاطب أو غائب» (1).

وثانيهما : أنّه ما دلّ على غيبةٍ أو حضور ، وهو ما ذكره في ألفيته بقوله :

فما لذي غيبةٍ أو حضورٍ

كأنتَ وهو سَمِّ بالضمير

وهو اختصار للحدّ المتقدّم عليه ؛ لأنّ ما دلّ على الحضور شامل لكلٍّ من ضمير المتكلّم والمخاطب.

وعقّب عليه المكودي بقوله : «ودخل في قوله : (أو حضورٍ) اسم الإشارة ؛ لأنّه حاضر ، لكنّه أخرجه بالمثال» (2).

أقول :

إنّ إخراجه بالمثال ليس فنياً ، ولا يجعل الحدّ مانعاً من دخول الأغيار.

وقد ذهب السيوطي (ت 911 ه) إلى أنّ الضمير مستغنٍ عن التعريف ، قائلاً : «ولكونه ألفاظاً محصورة بالعدِّ ، استغنينا عن حدّه ، كما هو اللائق بكلّ معدود ، كحروف الجر» (3).

* * * 4.

ص: 304


1- أ - شرح ابن الناظم على الألفيّة : 20. ب - شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام 1 / 296. ج - شرح الأزهرية ، خالد الأزهري : 93.
2- شرح المكودي على الألفيّة ، تحقيق إبراهيم شمس الدين : 22.
3- همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم 1 / 194.

من ذخائر التراث

ص: 305

ص: 306

صورة

ص: 307

ص: 308

مقدّمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف أنبيائه ، محمد المصطفى ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

وبعد ..

فقد تكالبت نفوس خاوية قد بُهرت بزخارف الدنيا وزينتها ، وظنّت أنّ هذا النعيم الذي تراه أبصارهم لا مزيل له ، وتخيّلت أنّ سرورها به لا انقطاع له.

وكانت نتيجة هذا التكالب هو أنّ القلوب زُلزلت بمصرع ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، الذي أصبح في ما بعد محتلاًّ وسط كلّ قلب ينشد الحقّ والخير ، بل أضحى مرقده المبارك مقصداً للمسلمين من كلّ فجّ عميق.

ولم تُنسَ مصيبة السبط الشهيد ، بل قيّض الله رجالاً ونساءً لإعلاء كلمة الحقّ وأهله ، وإزهاق الباطل وزيفه ، وكان بدء ذلك مع عقيلة بني هاشم زينب الكبرى التي أفسدت على الظالمين لذّة نصرهم ، الذي تحوّل إلى اندحار سار بدولة بني أُميّة إلى الهاوية.

ص: 309

وبعد ذلك انتفضت الكوفة برمّتها وبصوت مدوي : «يا لثارات الحسين» معلنة عن بدء معركة جديدة ؛ ثأراً لعاشوراء.

ومن الرجال الّذين ساهموا في دكّ عروش طغاة أُميّة هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فقد نهض وأخذ الثأر من قتلة أهل البيت عليهم السلام ..

وانتقامه هذا الذي سرَّ به قلوب أهل البيت عليهم السلام ومحبّيهم لم يرق لأعدائهم ومبغضيهم ، فعمدوا إلى التشويش على شخصيّة المختار ، وإطلاق الشبه والتشكيك بأهداف ثورته وصدق نواياه ، ممّا حدا ببعض محبّي البيت النبويّ الشريف أيضاًً تجنّب ذكر المختار بخير والثناء عليه ، بيد أنّ ثلّة من أصحاب الأقلام المنصفة أجلت الغبار عن هذه الشكوك والتحرّجات وثبّتت الحقيقة الناصعة.

ومن هؤلاء المنصفين السيّد محسن الأمين العاملي قدِس سرُّه ؛ إذ دوّن هذه الحقيقة بقلمه الثريّ ، وهو ما ستقف عليه في طيّات صفحات هذا الكتاب.

ترجمة المؤلف (1)

اسمه ونسبه :

هو أبو محمد الباقر محسن ابن الصالح العابد السيّد عبد الكريم ابن العلاّمة الفقيه السيّد عليّ بن محمد الأمين ابن السيّد أبي الحسن موسى ابن السيّد حيدر ابن السيّد أحمد ابن السيّد إبراهيم المنتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد ابن الإمام عليّ زين العابدين ابن الإمام 6.

ص: 310


1- لقد كان المصدر الرئيسي لهذه الترجمة هو ما كتبه قدِس سرّه مترجماً نفسه في أعيان الشيعة 10 / 333 - 446.

الحسين الشهيد ابن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، العلوي الفاطمي الهاشمي الحلّي العاملي الشقرائي.

ولادته :

قال قدِس سرُّه : ولدت في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة 1284 ه- ، هذا هو الصواب في تاريخ مولدي ، وما ذكرته في غير هذا الموضع من أنّ ولادتي سنة 1282 ه- أو غير ذلك فهو خطأ ، ولم يكن مولدي مؤرّخاً ، لكنّ والدي أخبرني إنّ ولادتي كانت سنة بناء جسر القاقعيّة الجديد ، وقد قرأت تاريخ بنائه على الصخرة التي كانت موضوعة عليه وسقطت ، فإذا هو سنة 1284 ه.

أصل عشيرته :

قال قدِس سرُّه : الذي سمعناه متواتراً من شيوخ العشيرة أنّ الأصل من الحلّة ، جاء أحد الأجداد منها إلى جبل عامل بطلب من أهلها ليكون مرجعاً دينيّاً ومرشداً ، ولسنا نعلم من هو على التحقيق ، بل هو مردّد بين السيّد إبراهيم وابنه السيّد حيدر ، والسيّد حيدر سكن شقراء وتوفّي سنة 1175 ه- - كما هو مرسوم على لوح قبره في مقبرتها الشرقية القديمة - ، وولد له في شقراء عدّة أولاد ذكور وإناث ، نبغ منهم السيّد أبو الحسن موسى ..

وكانت العشيرة قبل هذا الوقت تعرف ب- : «قشاقش» أو : «قشاقيش» ولا يعرف أنّ ذلك نسبة إلى أيّ شيء ، واحتمل بعض العلماء أن يكون ذلك تصحيف : «الإقساسي» نسبة إلى «إقساس مالك» قرية قرب الكوفة ،

ص: 311

والإقساسيّون طائفة كبيرة هم من ذرّية جدّنا الحسين ذي الدمعة ينسبون إلى هذه القرية.

ثمّ عرفت العشيرة ب- : «آل الأمين» نسبة إلى السيّد محمد الأمين ابن السيّد أبي الحسن موسى ، ووالد جدّنا السيّد عليّ الأمين ، فصار يقال لذرّيّتنا : «آل الأمين».

نشأته :

كان لأبويه الفضل الأكبر في تربيته وتفريغه لطلب العلم ، وحثّه على ذلك ، ومراقبته في سنّ الطفولة ، فقد بدأ بدراسة القرآن وهو في سنّ السابعة ، أي في سنة 1291 ه- ، فقد تولّت والدته تعليمه ، وتعلّم كذلك الكتابة من بعض شيوخ العائلة.

وبعد أن ختم القرآن تعلّم علمي النحو والصرف على يد السيّد محمد حسين عبد الله وغيره ، ثمّ هاجر مع عائلته إلى كربلاء فالنجف حيث استقرّ هناك.

وفي النجف حضر دروس الأخلاق عند الشيخ الملاّ حسين قلي الهمذاني ، وقد ترك هذه الدروس وعكف على دروس الأُصول والفقه ، وقد ندم بعد وفاة الشيخ الهمذاني ندماً كبيراً لعدم استمراره الحضور في دروسه الأخلاقية.

وقد توفّي والده سنة 1315 ه- في النجف الأشرف ودفن فيها ، أمّا والدته - وهي ابنة العالم الصالح الشيخ محمد حسين فلحة الميسي - فقد توفّيت في حدود سنة 1300 ه.

ص: 312

العلماء المعاصرون له في النجف :

قال قدِس سرُّه خلال ذكره هؤلاء الأعاظم : فمن العجم : الشيخ ملاّ كاظم الخراساني ، والشيخ آقا رضا الهمداني ، والشيخ عبد الله المازندراني ، والسيّد كاظم اليزدي ، والميرزا حبيب الله الرشتي ، والميرزا حسن بن الميرزا خليل الطهراني.

ومن الترك : الشيخ حسن المامقاني ، والملاّ محمد الشهرابياني ، وكلّهم مدرّسون ، وغيرهم كثيرون يعسر إحصاؤهم.

ومن العرب : الشيخ محمد طه نجف النجفي ، والشيخ علي رفيّش ، والسيّد محمد محمد تقي الطباطبائي آل بحر العلوم ، والشيخ عبّاس الشيخ علي ... وغيرهم.

أساتذته ومشايخه :

أ - في جبل عامل :

1 - السيّد محمد حسين عبد الله ، وهو ابن عمّه وأوّل مشايخه ، درس عنده النحو والصرف.

2 - السيّد جواد مرتضى ، درس عنده القطر والألفيّة وشيئاً من المغني.

3 - السيّد نجيب الدين فضل الله العاملي العينائي ، فقد قرأ عنده المنطق والأُصول.

ب - في النجف الأشرف :

ص: 313

1 - السيّد علي بن محمود ، وهو ابن عمّه ، قرأ عليه شرح اللمعة.

2 - الشيخ محمد باقر النجم آبادي ، قرأ عليه القوانين والرسائل.

3 - الشيخ ملاّ فتح الله الأصفهاني المعروف ب- : «شيخ الشريعة» ، قرأ عليه أكثر الرسائل في مرحلة السطوح.

4 - الشيخ ملاّ كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأُصول وحاشية الرسائل ، قرأ عليه دورة الأُصول خارجاً.

5 - الشيخ آقا رضا الهمذاني ، قرأ عليه في الفقه خارجاً في كتابه مصباح الفقيه.

6 - الشيخ محمد طه نجف ، قرأ عليه في الفقه خارجاً.

7 - السيّد أحمد الكربلائي.

تلامذته :

كان له قدس سرُّه الكثير من التلامذة ، نذكر منهم :

1 - السيّد حسن بن محمود ، ابن عمّ المؤلّف.

2 - السيّد مهدي بن حسن آل إبراهيم الحسيني العاملي.

3 - الشيخ منير عسيران.

4 - السيّد أمين بن علي بن أحمد الحسيني العاملي.

5 - الشيخ خليل الصوري.

6 - الشيخ علي الصوري.

7 - الشيخ علي الجمّال الدمشقي.

8 - الشيخ علي بن محمد عروة العاملي الحداثي.

ص: 314

مؤلّفاته :

1 - أبو تمّام الطائي.

2 - أحكام الأموات.

3 - أُرجوزة في النكاح.

4 - إرشاد الجهّال إلى مسائل الحرام والحلال (1).

5 - أساس الشريعة ، في الفقه الاستدلالي (2).

6 - أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثأر - وهو هذا الكتاب - (3).

7 - أعيان الشيعة (4).

8 - إقناع اللائم على إقامة المآتم (5).

9 - البحر الزخّار في شرح أحاديث الأئمّة الأطهار (6).

10 - البرهان على وجود صاحب الزمان عليه السلام.

11 - تاريخ جبل عامل.

12 - تحفة الأحباب في آداب الطعام والشراب.

13 - التقليد آفة العقول.

14 - التنزيه لأعمال التشبيه.

15 - جناح الناهض إلى تعلّم الفرائض. 5.

ص: 315


1- الذريعة 1 / 513 رقم 2512.
2- الذريعة 2 / 7 رقم 14.
3- الذريعة 2 / 120 رقم 486.
4- الذريعة 2 / 248 رقم 996.
5- الذريعة 2 / 275 رقم 1115.
6- الذريعة 3 / 41 رقم 85.

16 - جوابات المسائل الدمشقية.

17 - جوابات المسائل الصافيتية.

18 - جوابات المسائل العراقية.

19 - حاشية الغرر والدرر.

20 - حاشية القوانين.

21 - حاشية المطوّل.

22 - حاشية مفتاح الفلاح.

23 - حذف الفضول عن علم الأُصول.

24 - الحصون المنيعة في ردّ ما كتبه صاحب المنار في حقّ الشيعة.

25 - حقّ اليقين.

26 - حواشي أمالي المرتضى.

27 - حواشي العروة الوثقى.

28 - حواشي المعالم.

29 - حياة أبي فراس الحمداني (1).

30 - حياة أبي نؤاس (2).

31 - الدرّ الثمين.

32 - الدرّ المنظّم في حكم تقليد الأعلم.

33 - الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد.

34 - درر العقود في حكم زوجة الغائب والمفقود.

35 - الدرر المنتقاة لأجل المحفوظات. 2.

ص: 316


1- الذريعة 7 / 114 رقم 601.
2- الذريعة 7 / 114 رقم 602.

36 - الدرّة البهية في تطبيق الموازين الشرعية.

37 - دروس الحيض والاستحاضة والنفاس.

38 - الدروس الدينية.

39 - الرحلات.

40 - الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم.

41 - رسالة الردود والنقود.

42 - الروض الأريض في أحكام تصرّفات المريض.

43 - سفينة الخائض في بحر الفرائض ، مختصر من كشف الغامض.

44 - شرح الايساغوجي.

45 - شرح التبصرة.

46 - الصحيفة السجّادية الخامسة.

47 - صفوة الصفوة ، في علم النحو.

48 - عجائب أحكام أمير المؤمنين عليه السلام - طبع بتحقيقنا (1) -.

49 - عين اليقين في التأليف بين المسلمين.

50 - قصة المولد النبويّ.

51 - القول السديد في الاجتهاد والتقليد.

52 - كاشفة القناع في أحكام الرضاع.

53 - كشف الارتياب في اتّباع محمد بن عبد الوهّاب.

54 - كشف الغامض في أحكام الفرائض.

55 - لواعج الأشجان في مقتل الحسين عليه السلام.

56 - المجالس السَنية في مناقب ومصائب العترة النبوية. -.

ص: 317


1- صدر عن مركز الغدير للدراسات الإسلامية في قم سنة 1420 ه.

57 - معادن الجواهر ونزهة الخواطر.

58 - المفاخرات.

59 - مفتاح الجنّات.

60 - مناسك الحجّ وأعمال المدينة.

61 - المنيف في علم التصريف.

62 - نقض الوشيعة.

ولا يخفى أنّ للسيّد قدِس سرُّه كتباً ورسائل أُخرى في مختلف أنواع العلوم.

وفاته ومدفنه :

بعد معاناة مع المرض استمرّت أكثر من عامين توفّي رحمه الله منتصف ليلة الأحد 4 رجب سنة 1371 ه- / 1952 م في بيروت ، ونقل جثمانه بتشييع عظيم إلى دمشق حيث دفن بقرية الستّ - من أعمالها -.

ففي الليالي الأخيرة لمرضه رحمه الله أعلن الأطبّاء إنّ كلّ شيء فيه قد انتهى ، وإنّه لم يبقَ إلاّ قلبه ، وإنّ هذا القلب يصمد للموت صموداً عجيباً يدهش الأطبّاء ، وبعد أربع وعشرين ساعة من الاحتضار وقبيل الليل همد القلب الجبّار ، ليرحل عن هذه الدنيا ويستقرّ في جنان الخلد عند مليك مقتدر ، بعد أن قام بتلك الخدمات العظيمة للإسلام ، فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّاً.

* * *

ص: 318

بعض ما صنّف عن المختار وشرح الثأر

1 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي ، من أبناء عمّ المختار ، توفّي بأصفهان سنة 283 ه- (1).

2 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، المتوفّى يوم الغدير سنة 332 ه- (2).

3 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، المتوفّى سنة 157 ه- (3).

4 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، المتوفّى سنة 460 ه- (4).

5 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، للشيخ الصدوق ابن بابويه القمّي ، المتوفّى سنة 381 ه- (5).

6 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لنصر بن مزاحم المنقري الكوفي العطّار ، المتوفّى سنة 212 ه- (6).1.

ص: 319


1- الذريعة 1 / 348 رقم 1826.
2- الذريعة 1 / 348 رقم 1827.
3- الذريعة 1 / 348 رقم 1828 ، ولعلّه المطبوع بعنوان : حكاية المختار.
4- الفهرست - للطوسي - : 166 ، كشف الحجب والأستار : 495 ، الغدير 2 / 344 ، الذريعة 1 / 348 رقم 1829 وج 20 / 177.
5- رجال النجاشي : 392 ، الذريعة 1 / 349 رقم 1830.
6- الذريعة 1 / 349 رقم 1831.

7 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لأبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي ، خليفة الشيخ المفيد (1).

8 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، لأبي الحسن علي بن عبدالله بن أبي سيف المدائني ، المتوفّى سنة 215 ه- (2).

9 - تحفة الأخيار في إثبات نجاة المختار ، للسيّد محمد حسين ابن السيّد حسين بخش الهندي ، المولود سنة 1290 ه- (3).

10 - الثارات ، للشيخ أحمد بن المتوّج البحراني ؛ منظومة طويلة ميميّة مرتّبة على عدّة فصول ، أوّلها في فاجعة الطفّ إجمالاً ، والثاني في أخذ الثأر (4).

11 - حملة مختارية ، للمولى محمد حسين بن المولى عبد الله الشهرآبي الأرجستاني الأصفهاني ؛ في تاريخ المختار وأخذه الثأر للحسين عليه السلام (5).

12 - ذوب النضار في شرح الثار ، لجعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله ، المعروف بابن نما الحلّي ، من أعلام القرن السابع ، وقد طبع بتحقيقنا سنة 1416 ه- (6).

13 - روضة المجاهدين ، للمولى عطاء الله بن حسام الهروي ، طبع 0.

ص: 320


1- الغدير 2 / 344.
2- الغدير 2 / 344.
3- الغدير 2 / 345.
4- الذريعة 5 / 4 رقم 4.
5- الذريعة 7 / 92 رقم 475.
6- كشف الحجب والأستار : 331 رقم 1813 ، الذريعة 1 / 369 رقم 1928 ، وج 10 / 43 رقم 246 ، وج 13 / 170.

سنة 1303 ه- (1).

14 - سبيك النضار أو شرح حال شيخ الثار ، للشيخ ميرزا محمد علي الأُوردبادي ، في مائتي وخمسين صحيفة (2).

15 - قرّة العين في شرح ثارات الحسين عليه السلام ، للشيخ علي بن الحسن بن الشيخ موسى المروي العاملي أباً وجدّاً ، الكاظمي مولداً (3).

16 - قرّة العين في شرح ثار الحسين عليه السلام ، للشيخ أبي عبد الله عبد بن محمد ، طبع مع نور العين ومثير الأحزان (4).

17 - المختار بن أبي عبيدة ، للشيخ أحمد بن حسن الدجيلي.

18 - المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، للسيّد حسن الأمين.

19 - المختار الثقفي مرآة العصر الأموي ، للدكتور علي حسين الخربوطلي.

20 - مختار نامه ، للحاج غلام علي بن الحاج إسماعيل البهاونگري الهندي ، في سوانح المختار ، باللغة الگجراتية (5).

21 - مع المختار الثقفي ، لسليم عبد الله ، رؤية موضوعية جديدة ، طبع ضمن منشورات دار الثقلين في بيروت سنة 1417 ه.

22 - نظارهء انتقام ، للكاتب الهندي نوّاب علي نزيل لكنهو ، طبع في جزءين (6). 5.

ص: 321


1- الغدير 2 / 345.
2- الغدير 2 / 345.
3- الذريعة 17 / 72 رقم 380.
4- الغدير 2 / 345.
5- الذريعة 20 / 172 رقم 2452.
6- الغدير 2 / 345.

23 - نور الأبصار في أخذ الثار ، لشمس العلماء إبراهيم بن ممتاز العلماء محمد تقي بن سيّد العلماء حسين بن غفران مآب دلدار علي النصيرآبادي النقوي (1).

حول الكتاب :

تناول الكتاب - على صغر حجمه - قضية تاريخية مهمّة خلدت بخلود القضية الأُمّ التي كانت سبباً في حدوثها ، ألا وهي مصرع الامام سيّد الشهداء الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام مع أهل بيته وأصحابه الأبرار.

ودوّن المؤلّف قدِس سرُّه في كتابه هذا أخبار التوّابين الّذين طلبوا بدم الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ، ومن ثمّ ذكر قصة المختار الثقفي وتنكيله بأعداء آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبهذا فقد أوصل هؤلاء القتلة إلى جزائهم الحقّ في دار الدنيا قبل الآخرة ، وأتمّه رحمه الله في سنة 1331 ه.

النسخ المعتمدة :

1 - النسخة المطبوعة مع لواعج الأشجان - للمؤلّف - في صيدا بمطبعة العرفان سنة 1331 ه- ، وطبعت أيضاً - بالتصوير - في قم ، وصدرت ضمن منشورات مكتبة بصيرتي سنة 1404 ه- ، وهي الأصحّ من الثانية.

2 - النسخة المطبوعة الصادرة ضمن منشورات دار العالم الإسلامي في بيروت سنة 1401 ه- / 1981 م. 4.

ص: 322


1- الذريعة 24 / 357 رقم 1924.

منهج التحقيق :

1 - قمت بالمطابقة بين النسختين ، وأخرجت نصّاً متقناً - قدر الإمكان -.

2 - أرجعت الآيات الشريفة إلى القرآن الكريم.

3 - أرجعت الأحاديث إلى مصادرها المعتبرة ، وذكرت في آخرها التخريجات المتيسرة.

4 - أوضحت ما كان غامضاً من المفردات اللغوية بالاستعانة بكتب اللغة.

5 - ترجمت بعض الأعلام المذكورين في الكتاب حسب ما ذكر عنهم في الكتب الرجالية.

6 - الأماكن والبقاع والمدن والوقائع المذكورة في مجريات الأحداث بيّنّاها أيضاً.

7 - الأبيات الشعرية ضبطناها ، وذكرنا أوزانها.

وآخراً نحمده ونشكره تعالى لِما وفّقنا إليه ، إنّه نعم المولى ، ونعم المعين.

فارس

حسون كريم

قم

المقدّسة

3

شعبان 1422 ه-

ذكرى

مولد الإمام الحسين عليه السلام

ص: 323

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وليّ المؤمنين ، وقاصم الجبّارين ، والمنتقم من الظالمين ، ولو بعد حين ، الذي يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين ، وصلّى الله على سيّدنا محمد خاتم النبيين ، وآله الطاهرين المظلومين.

وبعد ..

فإنّي مورد في هذا الكتاب المسمّى ب- : أصدق الأخبار في قصة الأخذ بالثأر خلاصة ما ذكره المؤرّخون والمحدّثون من أخبار الّذين طلبوا بدم مولانا الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وتتبّعوا قاتليه حتّى قتلوهم وشفوا النفوس منهم ، وظهر بذلك تصديق قول الحسين عليه السلام في الدعاء على أهل الكوفة الّذين حاربوه : «وسلّطْ عليهم غلام ثقيف ، يسقيهم كأساً مصبرة ، ولا يدع فيهم أحداً إلاّ قتله ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم» (1).

وغلام ثقيف هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي (2) ، الذي أخذ بثأر ،

ص: 324


1- تيسير المطالب : 95 - 97 ، تحف العقول : 242 ، مقتل الإمام الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 2 / 7 - 8 ، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق : 216 - 218 ح 273 ، مثير الأحزان : 55 ، الملهوف : 157 ، إثبات الهداة 1 / 398.
2- هو : أبو إسحاق المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفيّ ، ولد في السنة الأُولى للهجرة ، واستخلفه على المدائن عمّه سعد بن مسعود الثقفي سنة 37 ه- ،

الحسين عليه السلام وقتل قاتليه.

وقوله عليه السلام لعمر بن سعد : «إنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأنّي برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ، ويتّخذونه غرضاً بينهم» (1).

وقوله عليه السلام له أيضاً : «قطع الله رحمك ، وسلّطْ عليك من يذبحك على فراشك» (2).

وقوله عليه السلام : «اللّهمّ أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تغادر منهم أحداً» (3).

معتمداً في ذلك على الكتب الموثوق بها ، راجياً بذلك شفاعة الحسين وجدّه وأبيه وأهل بيته عليهم السلام في الدار الآخرة ، وعلى الله أتوكّل ، وبه أعتصم ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

* * * 9.

ص: 325


1- تيسير المطالب : 95 - 97 ، مقتل الإمام الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 2 / 8 ، تسلية المجالس 2 / 278.
2- مقتل الإمام الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 2 / 30 ، تسلية المجالس 2 / 311 ، بحار الأنوار 45 / 43 ، عوالم العلوم 17 / 285 - 286 ؛ ويأتي الحديث في «قتل عمر بن سعد - لعنه الله -».
3- مقتل الإمام الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 2 / 28 ، تسلية المجالس 2 / 305 ، بحار الأنوار 45 / 36 ، عوالم العلوم 17 / 279.

ذكر التوّابين وطلبهم بثأر الحسين عليه السلام

لمّا قُتل الحسين عليه السلام ندم مَن بالكوفة من الشيعة على تركهم نصرته ، وتلاوموا فيما بينهم ، ورأوا أن قد أخطأوا خطأ كبيراً ، وأنّه لا يكفّر عنهم الذنب ويغسل العار غير الطلب بثأره.

وكان من جملة من تداخله الندم على ذلك عبيد الله بن الحرّ الجعفي (1) ، وكان حين مجيء الحسين عليه السلام إلى العراق خارج الكوفة في موضع يقال له : «قصر بني مقاتل» ، فندبه الحسين عليه السلام إلى الخروج معه فلم يفعل (2) ، ثمّ ندم بعد قتل الحسين عليه السلام ، وجعل يقول :

فَيالَكِ حَسْرةً ما دُمتُ حَياً

تَرَدَّدُ بَيْنَ حَلْقي (3)

والتَراقي

حُسَيْنٌ حينَ يَطْلُبُ بَذْلَ نَصْري

على أهلِ الضَلالَةِ والنِفاقِي.

ص: 326


1- هو : عبيد الله بن الحرّ بن المجمّع - أو عمرو - الجعفي ، قال عنه النجاشي - في رجاله : 9 رقم 6 - : الفارس الفاتك ، الشاعر ، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام.
2- روى الصدوق في الأمالي : 219 : إنّ الحسين عليه السلام لمّا نزل القُطْقُطانة حين مسيره إلى الكوفة دعا عبيد الله بن الحرّ الجعفي إلى نصرته ، فامتنع عبيد الله عن الإجابة! وقدّم للحسين عليه السلام فرسه ، فقال الحسين عليه السلام : لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك ، (وما كنتُ متّخذَ المضلّينَ عَضُداً). [سورة الكهف 18 : 51]. غير إنّ المفيد في الإرشاد 2 / 81 أورد ذلك بلفظ آخر ، وذكر أنّ ما جرى بينه وبين الإمام كان في قصر بني مقاتل. وانظر أيضاً : وقعة الطفّ : 176 و 276 ، الكامل في التاريخ 4 / 287 - حوادث سنة 68 ه- - تاريخ الطبري 6 / 128 - حوادث سنة 68 ه- - ، تاريخ ابن خلدون 3 / 148 - 150 ، رغبة الآمل 8 / 42 ، الأعلام 4 / 192.
3- في ذوب النضار : صدري.

غَداةَ يقولُ لي بالقَصرِ قَوْلاً

أتَتْرُكُنا وتَزْمَعُ بالفِراقِ؟

ولَوْ أنّي أُواسيهِ بنَفْسي

لَنِلتُ كَرامَةَ يَوْمِ التَلاقِ

مَعَ ابْنِ المُصْطَفى نَفْسي (1)

فِداهُ

تَوَلّى ثُمّ وَدَّعَ بانْطِلاقِ

فَلَوْ فَلَقَ التَلَهفَ قَلْبَ حيٍّ

لَهمَّ اليوْمَ قَلْبي بانْفِلاقِ

فَقَدْ فازَ الأُولى نَصَروا حُسَيْناً

وخابَ الآخَرونَ أُولُوا (2)

النِفاقِ (3)

[الوافر]

فاجتمعت الشيعة إلى خمسة نفر من رؤسائهم ، وهم :

سليمان بن صُرَد الخزاعي (4) ، وكانت له صحبة مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو من المهاجرين ، وكان اسمه يساراً فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سليمان ، وكان له سنّ عالية ، وشرف في قومه ، فلمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحوّل فنزل الكوفة ، وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام الجمل وصفّين ، وكان من جملة الّذين كتبوا للحسين عليه السلام ، غير أنّه لم يقاتل معه خوفاً من ابن زياد.

والمسيّب بن نَجبة الفزاري (5) ، وكان من أصحاب عليّ عليه السلام. اً

ص: 327


1- في ذوب النضار : روحي.
2- في ذوب النضار : ذَوو.
3- مقتل الإمام الحسين عليه السلام - للخوارزمي - 1 / 226 - 228 ؛ وقد روى محادثة الإمام الحسين عليه السلام مع عبيد الله بن الحرّ الجعفي ، وأورد الأبيات باختلاف ، ذوب النضار : 72.
4- هو : أبو مطرّف سليمان بن صُرَد بن الجون بن أبي الجون عبد العزّى بن منقذ السلولي الخزاعي ، من الزعماء القادة. انظر في ترجمته : الإصابة 3 / 144 رقم 3470 ، تاريخ الإسلام 3 / 17 ، الأعلام 3 / 127.
5- هو : المسيّب بن نجبة بن ربيعة بن رباح الفزاري ، تابعي ، كان رأس قومه ، شهد القادسيّة وفتوح العراق ، كان مع عليّ عليه السلام في مشاهده ، سكن الكوفة ، وكان بطلاً

وعبد الله بن سعد بن نُفيل الأزدي (1).

ورفاعة بن شدّاد البجلي (2).

وعبد الله بن وأل التيمي (3).

وكان هؤلاء الخمسة من خيار أصحاب عليّ عليه السلام ، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، فخطبهم المسيّب ، فقال - بعد حمد الله والثناء عليه - :

أمّا بعد ..

فإنّا قد ابتُلينا بطول العمر ، والتعرّض لأنواع الفتن ، فنرغب إلى ربّنا أن لا يجعلنا ممّن يقول له غداً : (أوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) (4) ، فإنّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام قال : العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستّون سنة ، وليس فينا رجل إلاّ وقد بلغه ، وقد كنّا مغرمين (5) بتزكية أنفسنا ، فوجدنا الله كاذبين في نصر ابن بنت نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله وأعذر إلينا فسألنا نصره ، فبخلنا عنه بأنفسنا حتّى قتل ء.

ص: 328


1- هو : من أزد شنوءة ، أحد رؤساء الكوفة وشجعانها. انظر : الكامل في التاريخ 4 / 158 ، الأعلام 4 / 89.
2- كان من القرّاء والشجعان المقدّمين ، من أهل الكوفة ، من شيعة عليّ عليه السلام. انظر : الكامل في التاريخ 4 / 158 - حوادث سنة 66 ه- - ، الأعلام 3 / 29.
3- من بني تيم اللات بن ثعلبة. (منه). وذكره الشيخ الطوسي في رجاله : 55 في أصحاب عليّ عليه السلام.
4- سورة فاطر 35 : 37.
5- المغرَم : المولع بالشيء.

إلى جانبنا ، لا نحن نصرناه بأيدينا ، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا.

فما عذرنا عند ربّنا ، وعند لقاء نبيّنا ، وقد قتل فينا ولد حبيبه وذرّيّته ونسله؟! لا والله لا عذر لنا دون أن تقتلوا قاتله ، أو تُقتلوا في طلب ذلك ، فعسى ربّنا أن يرضى عنّا عند ذلك.

أيّها القوم! ولّوا عليكم رجلاً منكم ، فإنّه لا بُدّ لكم من أمير تفزعون إليه ، وراية تحفّون بها.

وقام رفاعة بن شدّاد ، فقال :

أمّا بعد ..

فإنّ الله قد هداك لأصوب القول ، وبدأت بأرشد الأُمور بدعائك إلى جهاد الفاسقين ، وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك ، مستجاب إلى قولك.

وقلتَ : (ولّوا أمركم رجلاً) ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيّاً ، وإن رأيتم ولّينا هذا الأمر شيخ الشيعة وصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذا السابقة والقدم ، سليمان بن صرد الخزاعي ، المحمود في بأسه ودينه ، الموثوق بحزمه.

فقال المسيّب : قد أصبتم ، فولّوا أمركم سليمان بن صرد (1).

فخطب سليمان ، وقال في جملة كلامه : إنّا كنّا نمدّ أعناقنا إلى قدوم آل بيت نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم نمنّيهم النصرة ، ونحثّهم على القدوم ، فلمّا قدموا ونينا (2) وعجزنا وأذهلنا حتّى قتل فينا ولد نبيّنا وسلالته ، وبضعة من لحمه».

ص: 329


1- ذوب النضار : 75.
2- الوَنَا والوَنْيَةُ : الفَتْرة في الأعمال. المحيط في اللغة 10 / 426 مادّة «ونى».

ودمه ، إذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يُعطى ، اتّخذه الفاسقون غرضاً للنبل ، ودريئة للرماح.

ألا انهضوا فقد سخط عليكم ربّكم ، ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتّى يرضى الله ، والله ما أظنّه راضياً دون أن تناجزوا مَن قتله ، ألا لا تهابوا الموت ، فما هابه أحد قطّ إلاّ ذلّ ، وكونوا كبني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم : (إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكُمْ باتّخاذِكُمُ العِجْلَ فتوبوا إلى بارِئِكُمْ فاقْتُلوا أنْفُسَكُمْ) (1) ، ففعلوا.

ثمّ قال : أحدّوا السيوف ، وركّبوا الأسنّة ، وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل حتّى تدعوا الناس وتستفزّوهم.

فقال خالد بن سعد بن نفيل (2) : أمّا أنا فوالله لو أعلم أنّه ينجيني من ذنبي ويرضي ربّي عنّي قتل نفسي لقتلتها ، وأنا أُشهد كلّ من حضر أنّ كلّ ما أملكه سوى سلاحي صدقة على المسلمين أُقوّيهم به على قتال الفاسقين.

وقال غيره مثل ذلك.

فقال لهم سليمان بن صرد : كلّ من أراد المعونة بشيء من ماله فليأت به إلى عبد الله بن وأل ، فإذا اجتمع ذلك عنده جهّزنا به الفقراء من أصحابنا (3).1.

ص: 330


1- سورة البقرة 2 : 54.
2- في الأصل : خالد بن نفيل ؛ وهو : خالد بن سعد بن نفيل الأزدي - أزد شنوءة - ، أخو عبد الله بن سعد بن نفيل أحد رؤساء الشيعة في الكوفة ، المتقدّم ذكره آنفاً. انظر ترجمته في : أعيان الشيعة 6 / 287.
3- الكامل في التاريخ 4 / 161.

وكتب سليمان بن صرد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان ومن معه من الشيعة بالمدائن كتاباً مع عبد الله بن مالك الطائي يعلمه بما عزموا عليه ، ويدعوهم إلى مساعدته.

فقرأ سعد كتابه على الشيعة الّذين بالمدائن ، فأجابوا إلى ذلك ، فكتب سعد إلى سليمان يعلمه بعزمهم ، فقرأ سليمان كتاب حذيفة على أصحابه ، فسرّوا بذلك (1).

وكتب سليمان أيضاً إلى المثنّى بن مُخَرِّبَة (2) العبدي بالبصرة بمثل ذلك ، وبعث الكتاب مع ظَبيان بن عُمارة التميمي من بني سعد.

فكتب إليه المثنّى الجواب يقول :

أمّا بعد ..

فقد قرأت كتابك ، وأقرأته إخوانك ، فحمدوا رأيك ، واستجابوا لك ، ونحن موافوك إن شاء الله تعالى للأجل الذي ضربت. والسلام.

وكتب في أسفل الكتاب :

تَبَصَّرْ كأنّي قَدْ أتَيْتُكَ مُعْلِماً

على أتْلِعِ الهادي (3)

أجَشَّ هَزيمِه.

ص: 331


1- ذوب النضار : 75 - 76.
2- كذا في ذوب النضار - وهو الصحيح - وفي الأصل : مخزمة ، وقد ضبطه في الجمهرة : مَخْرَبة ؛ وهو من أشراف البصرة وشجعانها ، كان من رجال عليّ عليه السلام. انظر : جمهرة أنساب العرب : 299 ، الأعلام 5 / 276.
3- الهادي : العنق. (منه). الهوادي : أوّل رعيل من الخيل. ويقال : جششت الشيء ، أي : دققته وكسّرته ، وفرس أجشّ الصوت ، أي : غليظه. والهزيم : بمعنى الهازم ، وهزيم الرعد : صوته.

طَويلِ القَرا نَهْدٍ أشَقّ (1)

مُقَلِّصٍ

مُلِحٍّ على قاري (2)

اللِجامِ رَؤُومِ

بِكُلِّ فَتىً لا يَمْلأُ الرَوْعُ قَلْبَهُ (3)

مِحَشٌّ (4) لِنارِ

الحَرْبِ غَيْرِ سَؤُومِ

أخِي ثِقَةٍ يَنْوِي (5)

الإلهَ بِسَعْيِهِ

ضَرُوبٍ بِنَصْلِ السَيْفِ غَيْرِ أثِيمِ (6)

[الطويل]

وكان ابتداء تحرّك الشيعة للأخذ بثأر الحسين عليه السلام فيالسنة التي قتل فيها الحسين عليه السلام ، وهي سنة إحدى وستّين من الهجرة ، فما زالوا يستعدّون للحرب ، ويجمعون السلاح ، ويدعون الناس في السرّ إلى الطلب بدم الحسين عليه السلام إلى أن هلك يزيد بن معاوية في سنة أربع وستّين ، وكان بين قتل الحسين عليه السلام وموت يزيد ثلاث سنين وشهران وأربعة أيّام (7).

فلمّا مات يزيد جاء أصحاب سليمان بن صرد إليه ، وقالوا له : قد هلك هذا الطاغية وأمر بني أُميّة ضعيف ، فدعنا نظهر الطلب بدم الحسين عليه السلام ، ونقتل قاتليه ، وندعو الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر 7.

ص: 332


1- أحقّ - خ ل - ، نهد الشواء - خ ل - ، وفي تاريخ الطبري : نهد الشواة. وفرس أشقّ : طويل ، والقَرا : الظهر ، وفرس نهد : أي جسيم مشرف ، ومقلّص : أي مشرف مشمّر طويل القوائم.
2- فأس - خ ل - ، وفي تاريخ الطبري : مُلِحٍّ على فَأْسِ اللِجامِ أزُومِ. ولعلّ معنى قوله : «قاري اللجام» جاذبه ومانعه عن الجري إلى العدوّ. والرؤوم : المحبّ ، والمعنى محبّ الحرب الحريص عليها.
3- الدِرْعُ نَحْرَهُ - خ ل - ؛ أي : أتيتك مع كلّ فتىً لا يحتاج لبس الدرع ؛ لشجاعته.
4- يقال : حششت النار : أي أوقدتها ، والمحشّ : ما تحرّك به النار من حديد ، ومنه قيل للرجل الشجاع : نعم محشّ الكتيبة. وفي تاريخ الطبري : مُحِسٍّ لِعَضِّ الحَرْبِ غَيْرِ سَؤُومِ.
5- في ذوب النضار : يَبْغي.
6- تاريخ الطبري 5 / 558 ، الكامل في التاريخ 4 / 161 - 162 ، ذوب النضار : عليه السلام صلى الله عليه وآله وسلم.
7- ذوب النضار : 77.

عليهم ، المدفوعين عن حقّهم.

فقال لهم سليمان : لا تعجلوا ، إنّي نظرت في ما ذكرتم فوجدت قتلة الحسين عليه السلام هم أشراف الكوفة وفرسان العرب ، ومتى علموا مرادكم كانوا أشدّ الناس عليكم ، ونظرت في من تبعني منكم فوجدتهم قليلين ، فلو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ، ولم يشفوا نفوسهم ، وقتلوا ، ولكنّ الرأي أن تبثّوا دعاتكم في الناس ، وتنتظروا حتّى يكثر جمعكم ، ففعلوا ما أشار به ، واتّبعهم ناس كثير بعد هلاك يزيد أضعاف من كان اتّبعهم قبل ذلك (1).

وقال عبد الله بن الأحمر (2) يحرّض على الخروج والقتال :

صَحَوْتُ وَوَدَّعْتُ الصِبا والغَوانِيا

وقُلْتُ لأصْحابي أجيبوا المُنادِيا

وقولوا لَهُ إذْ قامَ يَدْعو إلى الهُدى

وقَبلَ الدُعا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ داعِيا

ألا وانْعَ خَيْرَ الناسِ جَدّاً ووالِداً

حُسَيْناً لأهْلِ الدين إنْ كُنْتَ ناعِيا

لِيَبْكِ حُسَيْناً مُرَمَّلٌ ذُو خَصاصَةٍ

عديمٌ وآيامٌ تَشَكّي المَوالِيا

فَأضْحى حُسَيْنٌ لِلرِماحِ دَريئَةً

وغُودِرَ مَسْلُوباً لَدَى الطَفِّ ثاوِيا

فَيالَيْتَني إذْ ذاكَ كُنْتُ شَهِدْتهُ

فَضارَبْتُ عَنْهُ الشانِئينَ الأعادِيا

سَقَى اللهُ قَبْراً ضُمِّنَ المَجْدُ والتُقى

بِغَرْبِيَّةِ الطَفِّ الغَمامَ الغَوادِيا

فَيا أُمَّةً تاهَتْ وضَلَّتْ سَفاهَةً

أنيبوا فأرْضُوا الواحِدَ المُتَعالِيا (3)

[الطويل]

وأمّا عبيد الله بن زياد فإنّه كان عند موت يزيد والياً على البصرة ، وكان عمرو بن حريث والياً على الكوفة بالنيابة عن ابن زياد ، فجاء الخبر 3.

ص: 333


1- تاريخ الطبري 5 / 558 - 559 ، الكامل في التاريخ 4 / 162 - 163.
2- عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي ؛ انظر : مستدركات أعيان الشيعة 2 / 163.
3- مروج الذهب 3 / 93.

إلى ابن زياد بالبصرة بموت يزيد ، واختلاف الناس بالشام ، فجمع الناس وأخبرهم بموت يزيد ، وجعل يذمّه ، وطلب منهم أن يبايعوا رجلاً يقوم بأمرهم ، فبايعوه ، ثمّ انصرفوا ومسحوا أيديهم بالحيطان ، وقالوا : أيظنّ ابن مرجانة أنّنا ننقاد له في جميع الأوقات؟!

وأرسل ابن زياد رسولين إلى أهل الكوفة يدعوهم إلى البيعة ، فقام يزيد بن رويم ، فقال : الحمد لله الذي أراحنا من ابن سميّة ، أنحن نبايعه؟! لا ، ولا كرامة ، لا حاجة لنا في بني أُميّة ، ولا في إمارة ابن مرجانة ..

ومرجانة أُمّ عبيد الله ، وسميّة أُمّ زياد ؛ وحصّب الرسولين - أي رماهما بالحصا - فحصّبهما الناس ، فرجع الرسولان إلى ابن زياد وأخبراه بذلك.

فقال أهل البصرة : أيخلعه أهل الكوفة ونولّيه نحن؟! فضعف سلطانه عندهم ، وخاف على نفسه ، فاستجار ببعض رؤساء البصرة ، ثمّ هرب إلى الشام (1).

ثمّ إنّ أهل الكوفة طردوا عمرو بن حريث عامل ابن زياد عنهم ، وأرادوا أن ينصبوا لهم أميراً إلى أن ينظروا في أمرهم ، فأشار بعضهم بعمر ابن سعد قاتل الحسين عليه السلام ، فأقبلت نساء من همدان وغيرهم (2) حتّى دخلن المسجد الجامع صارخات باكيات معولات يندبن الحسين عليه السلام ، ويقلن :

أما يرضى عمر بن سعد بقتل الحسين عليه السلام حتّى أراد أن يكون أميراً علينا على الكوفة؟! فبكى الناس ، وأعرضوا عن عمر ، وكان الفضل في ّ.

ص: 334


1- الكامل في التاريخ 4 / 132.
2- في بعض المصادر : وغيرهنّ.

ذلك لنساء همدان.

وهمدان هم الّذين يقول فيهم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام :

فَلَوْ كُنْتُ بَوَّاباً عَلى بَابِ جَنَّةٍ

لَقُلْتُ لِهَمْدانَ ادْخُلوا بسَلامِ (1)

[الطويل]

ثمّ إنّ أهل الكوفة بايعوا لابن الزبير ، وأرسل إليهم ابن الزبير والياً من قبله على الكوفة يسمّى «عبد الله بن يزيد الأنصاري» ، وأرسل معه إبراهيم ابن محمد بن طلحة الصحابي أميراً على الخراج ، فوصلا إلى الكوفة لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وستّين (2) ، وسليمان وأصحابه يدعون الناس للأخذ بثأر الحسين عليه السلام.

وكان عبد الله بن الزبير دعا الناس إلى نفسه في حياة يزيد ، وأظهر الطلب بثأر الحسين عليه السلام ، وكذلك أهل المدينة كانوا قد خلعوا طاعة يزيد ، فأرسل إليهم يزيد جيشاً فحاربهم وغلبهم ، واستباح المدينة ثلاثة أيّام ، وهي وقعة الحرّة المشهورة ، وكان أمير الجيش مسلم بن عقبة المرّي.

ثمّ توجّه الجيش إلى مكّة لحرب ابن الزبير ، فمات مسلم بن عقبة في الطريق واستخلف على الجيش الحصين بن نمير ، فلمّا هلك يزيد كان الحصين في عسكر الشام يحاصرون ابن الزبير بمكّة ، فلمّا علموا بموت يزيد رجعوا إلى المدينة ، واجترأ عليهم أهل المدينة وأهانوهم.

ثمّ توجّهوا إلى الشام وخرج معهم بنو أُميّة الّذين كانوا بالمدينة ، 0.

ص: 335


1- ديوان الإمام عليّ عليه السلام : 114 ، تاريخ الطبري 5 / 524 ، مروج الذهب 3 / 85 ، الكامل في التاريخ 4 / 143.
2- تاريخ الطبري 5 / 560.

وفيهم مروان بن الحكم (1).

وبويع بالخلافة في الحجاز والعراق وغيرها لعبد الله بن الزبير (2).

ولمّا مات يزيد أعرض عبد الله بن الزبير عن إظهار الطلب بدم الحسين عليه السلام ، وكان أهل الشام بعد موت يزيد بايعوا معاوية بن يزيد بالخلافة ، فمات بعد ثلاثة أشهر ، وقيل : بعد أربعين يوماً بعد أن خلع نفسه من الخلافة ، وقيل : إنّ بني أُميّة قتلوه بالسمّ (3).

وكان مروان بن الحكم قد عزم على أن يسير إلى ابن الزبير فيبايعه بالخلافة ، فلمّا قدم عبيد الله بن زياد إلى الشام قلبه عن رأيه ، وقوّى عزمه على طلب الخلافة ، ثمّ بايعه الناس بالخلافة ، ثمّ إنّ مروان بن الحكم بعث عبيد الله بن زياد في جيش إلى قتال أهل الجزيرة ، وأمره إذا فرغ منها أن يسير إلى العراق (4).

وأمّا سليمان بن صرد وأصحابه فما زالوا يتجهّزون ويشترون السلاح إلى سنة خمس وستّين ، وبعث سليمان إلى رؤساء أصحابه فأتوه ، وخرج في أوّل ليلة من شهر ربيع الآخر فعسكر بالنخيلة قريب الكوفة ، وجعل يدور في عسكره فوجده قليلاً ، فأرسل رجلين من أصحابه في خيل إلى الكوفة ، وأمرهم أن ينادوا في الكوفة : «يالثارات الحسين» ، وأن ينادوا بذلك في المسجد الأعظم ، وكانوا أوّل من نادى بذلك.

فسمع النداء عبد الله بن حازم الأزدي وعنده ابنته وامرأته سهلة بنت 5.

ص: 336


1- مروج الذهب 3 / 69 ، البداية والنهاية 8 / 238.
2- تاريخ الطبري 5 / 501 ، الكامل في التاريخ 4 / 129.
3- تاريخ الطبري 5 / 503 ، الكامل في التاريخ 4 / 130 ، البداية والنهاية 8 / 237.
4- تاريخ الطبري 5 / 540 - 541 ، الكامل في التاريخ 4 / 145.

سبرة ، وكانت من أجمل النساء وأحبّهنّ إليه ، ولم يكن دخل مع القوم ، فوثب إلى ثيابه فلبسها ، وإلى سلاحه وفرسه .. فقالت له زوجته : ويحك! أجننت؟!

قال : لا ، ولكنّني سمعت داعي الله عزّ وجلّ فأنا مجيبه ، وطالب بدم هذا الرجل حتّى أموت.

فقالت : إلى من تودع بُنيّك هذا؟!

قال : إلى الله ، اللّهمّ إنّي أستودعك ولدي وأهلي ، اللّهمّ احفظني فيهم ، وتبْ علَيّ ممّا فرّطت في نصر ابن بنت نبيّك.

وطافت الخيل تلك الليلة بالكوفة ينادون : «يالثارات الحسين» ، ونادوا في المسجد الجامع والناس يصلّون العشاء الآخرة : «يا لثارات الحسين» (1) ..

وكان في المسجد كرب بن نِمْران يصلّي ، فقال : «يا لثارات الحسين» ، وخرج حتّى أتى أهله فلبس سلاحه ، ودعا بفرسه ليركبه ، فقالت له ابنته : يا أبت! ما لي أراك تقلّدت سيفك ، ولبست سلاحك؟!

فقال : يا بنيّة! إنّ أباكِ يفرّ من ذنبه إلى ربّه. ثمّ خرج فلحق بالقوم.

فلمّا كان من الغد جاء إلى سليمان من الكوفة بقدر من كان معه حتّى صار معه أربعة آلاف ، فنظر في ديوانه وهو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء العسكر ، فوجد أنّ الّذين بايعوه ستّة عشر ألفاً ، وقيل : ثمانية عشر ألفاً ، فقال : سبحان الله! ما وافانا من ستّة عشر ألفاً إلاّ أربعة آلاف.

وأقام بالنخيلة ثلاثة أيّام يبعث إلى من تخلّف عنه ، فخرج إليه نحو 8.

ص: 337


1- تاريخ الطبري 5 / 583 ، ذوب النضار : 83 ، بحار الأنوار 45 / 358.

من ألف رجل ، فصار معه خمسة آلاف.

فقال له المسيّب بن نجبة : إنّه لا ينفعك الكاره للخروج ، ولا يقاتل معك إلاّ من خرج على بصيرة محبّاً للخروج ، فلا تنتظر أحداً.

فقال له سليمان : نِعم ما رأيت.

ثمّ خطب سليمان أصحابه وهو متوكّئ على قوس له عربيّة ، فقال : أيّها الناس! من كان خرج يريد بخروجه وجه الله والآخرة فذلك منّا ونحن منه ، فرحمة الله عليه حيّاً وميّتاً ، ومن كان إنّما يريد الدنيا فوالله ما يأتي فيء نأخذه ، ولا غنيمة نغنمها ، ما خلا رضوان الله ، وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع إلاّ سيوفنا على عواتقنا ، ورماحنا في أكفّنا ، وزاد قدر البلغة ، فمن كان ينوي هذا فلا يصحبنا.

فتنادى أصحابه من كلّ جانب : إنّا لا نطلب الدنيا ، وليس لها خرجنا ، إنّما خرجنا نطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت رسول الله نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم.

فلمّا عزم سليمان على المسير قال له عبد الله بن سعد بن نفيل : إنّا خرجنا نطلب بدم الحسين عليه السلام ، والّذين قتلوه كلّهم بالكوفة ، منهم عمر بن سعد وأشراف القبائل ، وليس في الشام سوى عبيد الله.

فقال سليمان : إنّ الذي قتله وعبَّأ الجنود إليه هذا الفاسق ابن الفاسق ابن مرجانة عبيد الله بن زياد ، فسيروا إليه على بركة الله ، فإن ينصركم الله رجونا أن يكون من بعده أهون علينا منه ، ورجونا أن يطيعكم أهل مصركم - يعني الكوفة - بغير قتال ، فتنظرون إلى كلّ من شرك في دم الحسين عليه السلام فتقتلونه ، وإن تستشهدوا فما عند الله خير للأبرار ، فاستخيروا الله وسيروا.

وأرسل عبد الله بن يزيد أمير الكوفة وإبراهيم بن محمد بن طلحة أمير خراجها رسولاً إلى سليمان أنّهما يريدان أن يأتيا إليه.

ص: 338

فقال سليمان لرفاعة بن شدّاد : قم فأحسن تعبئة الناس ، ودعا رؤساء أصحابه فجلسوا حوله ، وجاء عبد الله وإبراهيم ومعهما أشراف أهل الكوفة سوى من شرك في قتل الحسين عليه السلام ، فإنّ عبد الله قال لكلّ من شرك في قتل الحسين عليه السلام من المعروفين أن لا يخرجوا معهم خوفاً من سليمان وأصحابه.

وكان عمر بن سعد في تلك الأيّام يبيت في قصر الأمارة خوفاً منهم ، فأشار عبد الله وإبراهيم على سليمان وأصحابه أن يقيموا ولا يستعجلوا ، فإذا علموا أنّ عبيد الله بن زياد سار إليهم تهيّأوا وساروا إليه جميعهم ، وجعلا لسليمان وأصحابه خراج جوخى إن أقاموا ، فلم يقبلوا ، وقالوا : إنّا ليس للدنيا خرجنا.

فقال لهم عبد الله : أقيموا حتّى نرسل معكم جيشاً كثيفاً ، فلم يقم سليمان وأصحابه ، ونظروا فإذا شيعتهم من أهل البصرة والمدائن لم يوافوهم لميعادهم ، فجعل بعضهم يلومونهم.

فقال سليمان : لا تلوموهم فإنّهم سيلحقونكم قريباً متى بلغهم خبر مسيركم ، وما أراهم تأخّروا إلاّ لقلّة النفقة.

ثمّ خطبهم سليمان ، فقال في خطبته :

إنّ للدنيا تجاراً ، وللآخرة تجاراً ؛ فأمّا تاجر الآخرة فساع إليها ، لا يشتري بها ثمناً ، لا يرى إلاّ قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً ، لا يطلب ذهباً ولا فضة ، ولا دنيا ولا لذّة ..

وأمّا تاجر الدنيا فمكبّ عليها ، راتع فيها ، لا يبتغي بها بدلاً ، فعليكم بطول الصلاة في جوف الليل ، وبذكر الله كثيراً على كلّ حال ، وتقرّبوا إلى الله بكلّ خير قدرتم عليه ، حتّى تلقوا هذا العدوّ المحلّ القاسط فتجاهدوه ،

ص: 339

فإنّكم لن تتوسلوا إلى ربّكم بشيء هو أعظم عنده ثواباً من الجهاد والصلاة.

وساروا عشيّة الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر سنة خمس وستّين يقدمهم رؤساؤهم المذكورون ، فباتوا بمكان يقال له : «دير الأعور» وقد تخلّف عنهم ناس كثير ؛ فقال سليمان بن صرد : ما أحبّ أن لا يتخلّفوا ، ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً ، إنّ الله كره انبعاثهم فثبّطهم (1) وخصّكم بالفضل دونهم.

ثمّ سار فنزل على أقساس بني مالك (2) على شاطئ الفرات ، ثمّ أصبحوا عند قبر الحسين عليه السلام ، فلمّا وصلوا صاحوا صيحة واحدة ، وضجّوا بالبكاء والعويل ، فلم ير يوم أكثر باكياً من ذلك اليوم ، وترحّموا على الحسين عليه السلام ، وتابوا عند قبره ، وأقاموا عنده يوماً وليلة يبكون ويتضرّعون ويستغفرون ويترحّمون على الحسين عليه السلام وأصحابه ..

وكان من قولهم عند ضريحه :

اللّهمّ ارحم حسيناً ، الشهيد ابن الشهيد ، المهديّ ابن المهديّ ، الصدّيق ابن الصدّيق.

اللّهمّ إنّا نشهدك أنّا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبّيهم.

اللهّم إنّا خذلنا ابن بنت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتُبْ علينا ، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك أنّا 4.

ص: 340


1- اقتباس من الآيتين : 46 و 47 من سورة التوبة.
2- أقساس بني مالك : قرية بالكوفة وكورة يقال لها : أقساس مالك ، منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن لجُمَ. مراصد الاطّلاع 1 / 104.

على دينهم ، وعلى ما قُتلوا عليه ، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين ، وزادهم النظر إلى القبر الشريف حنقاً ..

ثمّ ودّعوا القبر الشريف وازدحموا عليه عند الوداع أكثر من الازدحام على الحجر الأسود ، وكان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودّع له ، حتّى بقي سليمان في نحو ثلاثين من أصحابه آخر الناس ، فأحاطوا بالقبر ، وقال سليمان : الحمد لله الذي لو شاء أكرمنا بالشهادة مع الحسين عليه السلام ، اللّهمّ إذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده.

وتكلّم الرؤساء من أصحاب سليمان فأحسنوا .. وقام في تلك الحال وهب بن زمعة الجعفي باكياً على القبر الشريف ، وأنشد أبيات عبيد الله بن الحرّ الجعفي (1) :

تَبيتُ النَشاوى مِنْ أُمَيَّةَ نُوَّماً

وبالطَفِّ قَتْلى ما يَنامُ حَميمُها

وما ضَيَّعَ الإسلامَ إلاّ قَبيلَةٌ

تَأمَّرَ نَوْكاها (2)

ودامَ نَعيمُها

وأضْحَتْ قَناةَ الدينِ في كَفِّ ظالِمٍ

إذا اعْوَجَّ مِنْها جانِبٌ لا يُقيمُها

فَأقْسَمْتُ لا تَنْفَكُّ نَفْسي حَزينَةً

وعَيْنَيَّ تَبْكي لا يَجِفُّ سُجومُها

حَياتيَ أوْ تَلْقى أُمَيَّةُ خِزْيةً

يَذِلُّ لَها حَتّى المَماتِ قُرومُها

[الطويل]

وكان مع الناس عبد الله بن عوف الأحمر على فرس كميت يتأكّل تأكّلاً وهو يقول :

خَرَجْنَ يَلْمَعْنَ بِنا إرْسالا

عَوابِساً يَحْمِلْنَنا أبْطالا».

ص: 341


1- نسبها السيّد المرتضى في أماليه إلى أبي دهيل الجمحي عدا البيتين الأخيرين. (منه).
2- جمع أنوك : وهو الأحمق. المحيط في اللغة صلى الله عليه وآله وسلم : 334 مادّة «نوك».

نُريدُ أنْ نَلْقى بِها الأقْيالا

القاسِطينَ (1) الغُدَّرَ

الضُّلاّلا

وقَدْ رَفَضْنا الأهْلَ (2)

والأمْوالا

والخَفراتِ البيضِ والحِجالا

نَرْجو بِهِ التُحْفَةَ والنَوالا

لِنُرْضِي المُهَيْمنَ المِفْضالا (3)

[الرجز]

ثمّ ساروا على الأنبار ، وكتب إليهم عبد الله بن يزيد والي الكوفة كتاباً يطلب فيه منهم الرجوع.

فقال سليمان وأصحابه : قد أتانا هذا ونحن في مصرنا ، فحين وطّنّا أنفسنا على الجهاد ودنونا من أرض عدوّنا نرجع؟! ما هذا برأي.

وكتب إليه سليمان يشكره ويقول : إنّ القوم قد استبشروا ببيعهم أنفسهم من ربّهم ، وتوجّهوا إلى الله ، وتوكّلوا عليه ، ورضوا بما قضى الله عليهم.

فقال عبد الله : قد استمات القوم ، والله ليقتلنّ كراماً مسلمين.

ثمّ ساروا حتّى أتوا هيت ، ثمّ خرجوا حتّى انتهوا إلى قَرْقِيسْيا (4) وبها زفر بن الحارث الكلابي ، وكان زفر هذا بعد هلاك يزيد بقِنَّسْرين (5) من بلاد الشام يبايع لابن الزبير ، فلمّا بويع مروان بن الحكم وتغلّب على بلاد الشام هرب زفر من قنّسرين ، وأتى إلى قرقيسيا وعليها عياض الحرشي - كان يزيد ولاّه إيّاها - فطلب منه أن يدخل الحمّام ، وحلف له بالطلاق 6.

ص: 342


1- الفاسقين - خ ل -.
2- الولد - خ ل -.
3- نرضي به ذا النعم المفضالا - خ ل -.
4- قرقيسيا : بلد على الخابور عند مصبّه ، وهي على الفرات ، جانب منها على الخابور ، وجانب على الفرات. مراصد الاطّلاع 3 / 1080.
5- قِنَّسْرين : مدينة بينها وبين حلبَ مرحلة. مراصد الاطّلاع 3 / 1126.

والعتاق على أنّه لمّا يخرج من الحمّام لا يقيم بها ، فأذن له ، فدخلها وغلب عليها ، وتحصّن بها ، ولم يدخل حمّامها.

فتحصّن زفر من سليمان وأصحابه ، فأرسل سليمان المسيّب بن نجبة إلى زفر يطلب إليه أن يخرج لهم سوقاً ، فجاء المسيّب إلى باب المدينة وطلب الإذن على زفر ، فجاء هذيل بن زفر إلى أبيه ، وقال : بباب المدينة رجل حسن الهيئة اسمه المسيّب بن نجبة يستأذن عليك.

فقال له أبوه : أما تدري - يا بنيّ - من هذا؟! هذا فارس مضر الحمراء كلّها ، إذا عدّ من أشرافها عشرة كان هو أحدهم ، وهو متعبّد ناسك له دين ، ائذن له. فلمّا دخل عليه المسيّب أجلسه إلى جانبه ، وأخبره المسيّب بما عزموا عليه.

فقال له زفر : إنّا لم نغلق أبواب المدينة إلاّ لنعلم إيّانا تريدون أم غيرنا ، وما نحبّ قتالكم ، وقد بلغنا عنكم صلاح وسيرة جميلة ، وأمر ابنه أن يخرج لهم سوقاً ، وأمر للمسيّب بألف درهم وفرس ، فردّ المال وأخذ الفرس ، وقال : لعلّي أحتاج إليه إذا عرج فرسي ، وبعث زفر إلى المسيّب وسليمان كلّ واحد عشرين جزوراً ، وإلى عبد الله بن سعد وعبد الله بن وأل ورفاعة كلّ واحد عشرة جزر ، وبعث إلى العسكر بخبز كثير وعلف ودقيق وجمال ، وقال : انحروا منها ما شئتم ، حتّى استغنى الناس عن السوق إلاّ أن كان الرجل يشتري سوطاً أو ثوباً.

ثمّ ارتحلوا من الغد وخرج إليهم زفر يشيّعهم ، وقال لسليمان : إنّه خرج خمسة أُمراء من الرقّة ، منهم : عبيد الله بن زياد في عدد كثير مثل الشوك والشجر. وعرض عليهم أن يدخلوا المدينة وتكون يدهم واحدة ، فإذا جاء العدوّ قاتلوهم جميعاً.

ص: 343

فقال سليمان : قد طلب منّا أهل مصرنا ذلك فأبيْنا.

قال زفر : فاسبقوهم إلى عَيْن الوَرْدَة (1) - وتسمّى : «رأس عين» أيضاً - فاجعلوا المدينة في ظهوركم ، فيكون البلد والماء والمؤن في أيديكم ، وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه ، فوالله ما رأيت جماعة قطّ أكرم منكم ، فاطووا المنازل فإنّي أرجو أن تسبقوهم ، ولا تقاتلوهم في فضاء فإنّهم أكثر منكم ، ولا آمن أن يحيطوا بكم فيصرعوكم ، ولا تصفّوا لهم فإنّي لا أرى معكم رجّالة ومعهم الرجّالة ، والفرسان يحمي بعضهم بعضاً ، ولكن القوهم في الكتائب ، ثمّ بثّوها في ما بين ميمنتهم وميسرتهم ، واجعلوا مع كلّ كتيبة كتيبة اُخرى إلى جانبها ، فإن حملوا على إحدى الكتيبتين تقدّمت الأُخرى وعاونتها وفرّجت عنها ، ومتى شاءت إحدى الكتائب ارتفعت ومتى شاءت انحطّت ، ولو كنتم صفّاً واحداً فزحفت إليكم الرجّالة فدفعتكم عن الصفّ انتقض فكانت الهزيمة. ثمّ ودّعهم ، ودعا لهم ، ودعوا له ، وأثنوا عليه.

ثمّ ساروا مجدّين ، فجعلوا يقطعون كلّ مرحلتين في مرحلة حتّى وردوا عين الوردة ، فنزلوا غربيّها ، واستراحوا خمسة أيّام ، وأراحوا دوابّهم ، وأقبل عبيد الله بن زياد في عساكر الشام حتّى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة.

فقام (2) سليمان بن صرد خطيباً في أصحابه ، فوعظهم وذكّرهم الدار الآخرة ، ورغّبهم فيها ، ثمّ قال :

أمّا بعد .. 6.

ص: 344


1- عين الوردة : رأس عين المدينة المشهورة بالجزيرة. معجم البلدان 4 / 180.
2- ذوب النضار : 86.

فقد أتاكم عدوّكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار ، فإذا لقيتموهم فاصدقوهم القتال ، (واصْبِرُوا إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (1) ، ولا يولّينّهم امرؤ دبره إلاّ متحرّفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة (2) ، ولا تقتلوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا أسيراً من أهل دعوتكم - أي من المسلمين - إلاّ أن يقاتلكم بعد أن تأسروه ، فإنّ هذه كانت سيرة عليّ عليه السلام في أهل هذه الدعوة ..

ثمّ قال : إن أنا قُتلت فأميركم المسيّب بن نجبة ، فإن قتل فالأمير عبدالله بن سعد بن نفيل ، فإن قتل فالأمير عبدالله بن وأل ، فإن قُتل فالأمير رفاعة بن شدّاد ، رحم الله امرءاً صدق ما عاهد الله عليه.

ثمّ بعث المسيّب في أربعمائة فارس ، وقال : سر حتّى تلقى أوّل عساكرهم فشنّ الغارة عليهم ، فإن رأيت ما تحبّه من النصر وإلاّ رجعت ، وإيّاك أن تنزل أو تترك واحداً من أصحابك أن ينزل ، وأخّر ذلك حتّى لا تجد منه بُدّاً.

قال (3) حُمَيْد بن مُسلم : كنت معهم يومئذٍ فسرنا يومنا كلّه وليلتنا حتّى إذا كان وقت السحر نزلنا ونمنا قليلاً ، ثمّ صلّينا الصبح ، وركبنا ، ففرّق المسيّب العسكر وبقي معه مائة فارس ، وأرسل أصحابه في الجهات ليأتوه بمن يلقونه ، فرأوا أعرابياً يطرد حمراً ، وهو يقول :

يا مالِ لا تَعْجَلْ إلى صَحْبي

واسْرَحْ فَإنَّكَ آمِنُ السِرْبِ

[السريع] 6.

ص: 345


1- سورة الأنفال 8 : 46.
2- اقتباس من الآية 16 من سورة الأنفال.
3- ذوب النضار : 86.

فقال عبد الله بن عوف : بشرى وربّ الكعبة.

وقال للأعرابي : ممّن أنت؟

قال : من بني تغلب.

قال : غلبناهم وربّ الكعبة إن شاء الله ، ثمّ أتوا بالأعرابي إلى المسيّب وأخبروه بما قال ، فسرّ بذلك ، وقال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يعجبه الفأل ، ثمّ قال للأعرابي : كم بيننا وبين أدنى القوم؟

فقال : ميل ، هذا شُرَحْبيل (1) بن ذي الكلاع منك على رأس ميل ومعه أربعة آلاف ، ومن ورائهم الحصين بن نمير في أربعة آلاف ، ومن ورائهم الصلت بن ناجية الغلابي في أربعة آلاف ، وجمهور العسكر مع عبيد الله بن زياد بالرَقَّة (2).

وكان ابن زياد توجّه من الشام في عسكر عظيم - كما تقدّم - ، فلمّا وصل إلى الرقّة أرسل هؤلاء أمامه مقدّمة له.

فسار المسيّب ومن معه مسرعين حتّى أشرفوا على عسكر أهل الشام وهم آمنون غير مستعدّين.

فقال المسيّب لأصحابه : كرّوا عليهم ، فحملوا في جانب عسكرهم ، فانهزم عسكر أهل الشام ، وقتل المسيّب وأصحابه منهم وجرحوا كثيراً ، وأخذوا الدوابّ ، وخلّى الشاميّون معسكرهم وانهزموا ، فغنم منه أصحاب المسيّب ما أرادوا ، ثمّ صاح في أصحابه : الرجعة إنّكم قد نصرتم وغنمتم وسلمتم. فانصرفوا إلى سليمان موفورين غانمين. 6.

ص: 346


1- كذا في الكامل وذوب النضار ؛ وفي الأصل : شراحيل ، وكذا في الموضع التالي.
2- الرقَّة : مدينة مشهورة على الفرات من جانبه الشرقي ، في بلاد الشام. مراصد الاطّلاع 2 / 626.

ووصل الخبر إلى عبيد الله بن زياد ، فأرسل إليهم الحصين بن نمير مسرعاً في اثني عشر ألفاً ، وقيل : في عشرين ألفاً ، وعسكر العراق يومئذٍ ثلاثة آلاف ومائة لا غير ، فتهيّأت العساكر للقتال وذلك يوم الأربعاء لأربع - وقيل : لثمان - بقين من جمادى الأُولى سنة خمس وستّين.

فجعل أهل العراق على ميمنتهم المسيّب بن نجبة ، وعلى ميسرتهم عبد الله بن سعد ، وقيل بالعكس ، وعلى الجناح رفاعة بن شدّاد ، والأمير سليمان بن صرد في القلب.

وجعل أهل الشام على ميمنتهم عبد الله بن الضحّاك بن قيس الفهري ، وقيل : جبلّة بن عبد الله ، وعلى ميسرتهم ربيعة بن المخارق الغنوي ، وعلى الجناح شُرَحْبيل بن ذي الكلاع ، وفي القلب الحصين بن نمير.

ودنا بعضهم من بعض ، فدعاهم أهل الشام إلى الدخول في طاعة عبد الملك بن مروان ، وكان مروان قد مات في شهر رمضان من هذه السنة ، وبويع بالخلافة ولده عبد الملك ؛ وقيل : بل كان مروان حيّاً ، ودعاهم أصحاب سليمان إلى تسليم عبيد الله بن زياد إليهم ، والخروج من طاعة عبد الملك وآل الزبير ، وردّ الأمر إلى أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فأبى الفريقان ، وحمل بعضهم على بعض ، وجعل سليمان بن صرد يحرّضهم على القتال ، ويبشّرهم بكرامة الله ، ثمّ كسر جفن سيفه وتقدّم نحو أهل الشام ، وجعل يرتجز ويقول :

إلَيْكَ رَبّي تُبتُ مِنْ ذُنوبي

وقَدْ عَلاني في الوَرى مَشيبي

فارْحَمْ عُبَيْداً غَيْرُ ما تَكْذيبِ

واغْفِرْ ذُنوبي سَيّدي وحوبي

[الرجز]

ص: 347

فحملت ميمنة سليمان على ميسرة الحصين ، وميسرته على ميمنته ، وحمل سليمان في القلب على جماعتهم ، فانهزم أهل الشام إلى معسكرهم ، وظفر بهم أصحاب سليمان ، وما زال الظفر لأصحاب سليمان إلى أن حجز بينهم الليل ..

فلمّا كان الغد وصل إلى الحصين جيش مع ابن ذي الكلاع عدده ثمانية آلاف كان أمدّهم به عبيد الله بن زياد ، فصاروا عشرين ألفاً ، وخرج أصحاب سليمان عند الصباح ، فقاتلوهم قتالاً لم يكن أشدّ منه ولم ير الشيب والمرد مثله جميع النهار ، ولم يحجز بينهم إلاّ الصلاة ، فلمّا أمسوا تحاجزوا وقد كثرت الجراح في الفريقين.

وكان في أصحاب سليمان ثلاثة من القصّاص ، وهم الّذين يحفظون القصص والأخبار ، منهم : رفاعة بن شدّاد وأبو جويريّة العبدي ، فجعلوا يطوفون على أصحاب سليمان يحرّضونهم ، وكان جويريّة يدور فيهم ويقول : أبشروا - عباد الله - بكرامة الله ورضوانه ، فحقّ والله لمن ليس بينه وبين لقاء الأحبّة ودخول الجنّة إلاّ فراق هذه النفس الأمّارة بالسوء أن يكون بفراقها سخيّاً ، وبلقاء ربّه مسروراً.

فلمّا أصبح أهل الشام أتاهم أدهم بن محرز الباهلي في نحو من عشرة آلاف أمدّهم بهم ابن زياد ، فصاروا ثلاثين ألفاً فاقتتلوا اليوم الثالث - وهو يوم الجمعة - قتالاً شديداً إلى وقت الضحى.

ثمّ إنّ أهل الشام تكاثروا عليهم وأحاطوا بهم من كلّ جانب ، فلمّا رأى سليمان - رحمه الله - ذلك نزل ونادى : يا عباد الله! من أراد البكور إلى ربّه ، والتوبة من ذنبه ، فإليّ ، ثمّ كسر جفن سيفه ، ونزل معه ناس كثير ، وكسروا جفون سيوفهم ومشوا معه ، فقاتلوا حتّى قتلوا من أهل الشام مقتلة

ص: 348

عظيمة ، وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح ، فلمّا رأى الحصين صبرهم وبأسهم بعث الرجّالة ترميهم بالنبل ، فأتت السهام كالشرار المتطاير ، واكتنفتهم الخيل والرجال ، فقُتل سليمان رحمه الله تعالى ، رماه يزيد بن الحصين بن نمير بسهم ، فوقع ، ثمّ وثب ، ثمّ وقع ، وكان عمره يوم قُتل ثلاثاً وتسعين سنة.

فلمّا قُتل سليمان أخذ الراية المسيّب بن نَجَبة ، وكان من وجوه أصحاب عليّ عليه السلام ، وترحّم على سليمان ، ثمّ تقدّم إلى القتال وكرّ على القوم ، وجعل يرتجز ويقول :

قدْ عَلِمَتْ مَيَّالَةُ الذَوائِبْ

واضِحَةُ الخَدَّيْنِ (1)

والتَرائِبْ

أنّي غَداةَ الرَوْعِ والتَغالُبْ (2)

أشْجعُ مِنْ ذي لِبْدَةٍ مُواثِبْ

قَصاعُ أقْرانٍ مَخُوفَ الجانِبْ

[الرجز]

فقاتل بها ساعة ، ثمّ رجع ، ثمّ حمل ، فلم يزل يحمل ويقاتل ثمّ يرجع ، حتّى فعل ذلك مراراً ، وقتل جمعاً كثيراً ، ثمّ تكاثروا عليه فقُتل رضي الله عنه.

فلمّا قُتل أخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل وترحّم على سليمان والمسيّب ، ثمّ قرأ : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وما بَدَّلُوا تَبْديلاً) (3) ، ثمّ حمل على القوم ، وجعل يرتجز ويقول : 3.

ص: 349


1- اللبات - خ ل -.
2- والمقانب - خ ل -.
3- سورة الأحزاب 33 : 23.

ارْحَمْ إلهي عَبْدَكَ التَوّابا

ولا تُؤاخِذْهُ فَقَدْ أنابا

وفارَقَ الأهْلينَ والأَحْبابا

يَرْجو بِذاكَ الفَوْزَ والثَوابا

[الرجز]

وحفّ به من كان معه من الأزد ، فبينما هم في القتال أتاهم فرسان ثلاثة ، وهم : عبد الله بن الخضِل الطائي ، وكثير بن عمرو المُزَني ، وسعر ابن أبي سعر الحنفي ، وقد أرسلهم سعد بن حذيفة فأخبروا بمسيره من المدائن في سبعين ومائة من أهل المدائن ، وأخبروا بمسير أهل البصرة مع المثنّى بن مُخَرِّبة (1) العبدي في ثلاثمائة ، فسُرّ الناس بذلك.

فقال عبد الله بن سعد : ذلك لو جاؤونا ونحن أحياء. فلمّا نظر الرسل إلى مصارع إخوانهم ساءهم ذلك واسترجعوا وقاتلوا معهم ، فكان أوّل مَن استُشهد في ذلك الوقت من الثلاثة كثير بن عمرو المزني ، وطُعن الحنفي فوقع بين القتلى ، ثمّ برأ بعد ذلك ، وكان الطائي فارساً شاعراً ، فجعل يقول :

قَدْ عَلِمَتْ ذاتُ القَوامِ الرُودِ

أنْ لَسْتُ بالواني ولا الرِعْديدِ

يَوْماً ولا بِالفَرِقِ الحَيودِ

[الرجز]

وقاتل قتالاً شديداً ، وطُعن فقطع أنفه.

وقاتل عبد الله بن سعد بن نفيل ، فاختلف هو وربيعة بن المخارق ضربتين فلم يصنع سيفاهما شيئاً ، واعتنق كلّ واحد منهم صاحبه فوقعا إلى الأرض ، ثمّ قاما فاضطربا ، وحمل ابن أخ لربيعة على عبد الله بن سعد ة.

ص: 350


1- كذا الصحيح ، وفي الأصل : مخزمة.

فطعنه في ثغرة نحره فقتله ، فحمل عبد الله بن عوف بن الأحمر على ربيعة فطعنه فصرعه ، ثمّ قام ربيعة فكرّ عليه عبد الله بن عوف في المرّة الثانية فطعنه أصحاب ربيعة فصرعوه ، ثمّ إنّ أصحابه استنقذوه.

وقال خالد بن سعد بن نفيل : أروني قاتل أخي ، فأروه إيّاه ، فحمل عليه فقنّعه بالسيف ، فاعتنقه الآخر فخرّ إلى الأرض ، فحمل أهل الشام فخلّصوه بكثرتهم وقتلوا خالداً.

وبقيت الراية ليس عندها أحد ، فنادوا عبد الله بن وأل فإذا هو يحارب في جانب آخر في عصابةٍ معه ، فحمل رفاعة بن شدّاد فكشف أهل الشام عنه ، فأتى وأخذ الراية وقاتل مليّاً حتّى قطعت يده اليسرى ، ثمّ استند إلى أصحابه ويده تشخب ، ثمّ كرّ عليهم وهو يقول :

نَفْسي فِداكُمْ اذْكُروا الميثاقا

وصابِروهُمْ واحْذَروا النِفاقا

لا كوفَةَ نَبْغي ولا عِراقا

لا بَلْ نُريدُ المَوْتَ والعِتاقا

[الرجز]

وفي رواية : ثمّ قال لأصحابه : من أراد الحياة التي ليس بعدها موت ، والراحة التي ليس بعدها نصب ، والسرور الذي ليس بعده حزن ؛ فليتقرّب إلى الله بقتال هؤلاء ، والرواح إلى الجنّة - وذلك عند العصر - ..

فحمل هو وأصحابه فقتلوا رجالاً وكشفوهم ، ثمّ إنّ أهل الشام تعطّفوا عليهم من كلّ جانب حتّى ردّوهم إلى المكان الذي كانوا فيه ، وكان مكانهم لا يؤتى إلاّ من وجه واحد.

فلمّا كان المساء تولّى قتالهم أدهم بن محرز الباهلي ، فحمل عليهم في خيله ورجله فوصل إلى ابن وأل وهو يتلو : (ولا تَحْسَبنَّ الّذينَ قُتِلوا

ص: 351

في سَبيلِ اللهِ أمْواتاً بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقونَ) (1) ..

فغاظ ذلك أدهم ، فحمل على ابن وأل فضرب يده فأبانها ، ثمّ تنحّى وقال : إنّي أظنّك تتمنّى أن تكون عند أهلك؟!

قال ابن وأل : بئسما ظننت ، والله ما أُحبّ أنّ يدك كانت قد قطعت مكان يدي إلاّ أن يكون لي من الأجر مثل ما في قطع يدي ، ليعظم وزرك ويعظم أجري. فغاظه ذلك أيضاً ، فحمل عليه وطعنه ، فقتله وهو مقبل ما يزول.

وكان ابن وأل من الفقهاء العبّاد ، فلمّا قتل عبد الله بن وأل أتوا إلى رفاعة بن شدّاد وطلبوا منه أن يأخذ الراية ، فأشار عليهم بالرجوع لِمّا رأى أنّه لا طاقة لهم بأهل الشام ، وقال : لعلّ الله يجمعنا ليوم هو شرّ لهم.

فقال له عبد الله بن عوف بن الأحمر : ليس هذا برأي ، لئن انصرفنا ليتّبعوننا فلا نسير فرسخاً حتّى نقتل عن آخرنا ، وإن نجا منّا أحد أخذته العرب يتقرّبون به إليهم فيقتل صبراً ، ولكنّ هذه الشمس قد قاربت الغروب فنقاتلهم على خيلنا ، فإذا غسق الليل ركبنا خيولنا أوّل الليل وسرنا حتّى نصبح ، ونسير على مهل ، ويحمل الرجل صاحبه وجريحه ، ونعرف الجهة التي نتوجّه إليها.

فقال رفاعة : نعم ما رأيت .. وأخذ الراية ، وقاتلهم قتالاً شديداً ، وجعل يرتجز ويقول :

يا رَبِّ إنّي تائِبٌ إلَيْكا

قَد اتَّكَلْتُ سَيّدي عَلَيْكا9.

ص: 352


1- سورة آل عمران 3 : 169.

قُدُماً أُرَجّي الخَيْرَ مِنْ يَدَيْكا

فاجْعَلْ ثَوابي أمَلي لَدَيْكا

[الرجز]

ورام أهل الشام استئصالهم قبل الليل فلم يقدروا لشدّة قتالهم وقوّة بأسهم.

وتقدّم عبد الله بن عزيز الكناني فقاتل أهل الشام ، ومعه ولده محمد ، وهو صغير ، فنادى بني كنانة من أهل الشام وسلّم ولده إليهم ليوصلوه إلى الكوفة ، فعرضوا عليه الأمان ، فأبى ، وأُخذ ابنه يبكي في أثر أبيه ، وبكى الشاميّون رقّة له ولابنه.

فقال : يا بنيّ! لو كان شيء آثر عندي من طاعة ربّي لكنت أنت .. ثمّ اعتزل ذلك الجانب وقاتل حتّى قُتل.

ولمّا علم كريب بن زيد الحميري ما عزم عليه رفاعة من الرجوع جمع إليه رجالاً من حِمْيَر وهمدان ، وقال : عباد الله! روحوا إلى ربّكم ، والله ما في شيء من الدنيا خلف من رضا الله ، وقد بلغني أنّ طائفة منكم يريدون الرجوع ، فأمّا أنا فوالله لا أُولّي هذا العدوّ ظهري حتّى أرد مورد إخواني .. فأجابوه وقالوا : رأينا مثل رأيك.

فتقدّم عند المساء في مائة من أصحابه فقاتلهم أشدّ القتال ، فعرض ابن ذي الكلاع الحميري عليه وعلى أصحابه الأمان ..

فقال : قد كنّا آمنين في الدنيا ، وإنّما خرجنا نطلب أمان الآخرة. فقاتلوهم حتّى قُتلوا.

وتقدّم صخر (1) بن حذيفة بن هلال المزني في ثلاثين من مزينة ، ي.

ص: 353


1- صُخير - خ ل - ، وتاريخ الطبري.

فقال لهم : لا تهابوا الموت في الله ، فإنّه لاقيكم ، ولا ترجعوا إلى الدنيا التي خرجتم منها إلى الله ، فإنّها لا تبقى لكم ، ولا تزهدوا في ما رغبتم فيه من ثواب الله ، فإنّ ما عند الله خير لكم .. ثمّ مضوا فقاتلوا حتّى قُتلوا.

فلمّا أمسوا رجع أهل الشام إلى معسكرهم ، ونظر رفاعة إلى كلّ رجل قد عقر به فرسه أو جرح فدفعه إلى قومه ، ثمّ سار بالناس ليلته كلّها ، وجعل لا يمرّ بجسر إلاّ قطعه خوفاً أن يلحقهم الطلب ، وجعل وراءهم أبا الجويريّة العبدي في سبعين فارساً ، فإذا مرّوا برجل قد سقط حمله أعانوه ، أو وجدوا متاعاً قد سقط قبضوه حتّى يوصلوه إلى صاحبه.

وأصبح الحصين وأصحابه فلم يجدوهم ، فتركهم الحصين ولم يبعث أحداً في أثرهم ، فلمّا ساروا وأصبحوا إذا عبد الله بن غزيّة في نحو من عشرين رجلاً قد أرادوا الرجوع إلى العدوّ مستقتلين ، فجاء رفاعة وأصحابه وناشدوهم الله أن لا يفعلوا ، فلم يزالوا يناشدوهم حتّى ردّوهم إلاّ رجل من مزينة يسمّى عبيدة بن سفيان ، فإنّه انسلّ من بين الناس ورجع بدون أن يعلم به أحد حتّى لقي أهل الشام فشدّ عليهم بسيفه يضاربهم حتّى عقر فرسه ، فجعل يقاتل راجلاً وهو يقول :

إنّي مِنَ اللهِ إلى اللهِ أفِرّ

رِضْوانَكَ اللّهُمَّ أُبْدي وأُسِرّ

فقيل له : من أنت؟

قال : من بني آدم ، لا أُحبّ أن أعرفكم ولا أن تعرفوني ، يا مخرّبي البيت الحرام ، فبرز إليه سليمان بن عمرو الأزدي ، وكان من أشجع الناس ، وحمل كلّ منهما على صاحبه ، وكلاهما أثخن صاحبه وأصابه ، وشدّ الناس عليه من كلّ جانب فقتلوه.

قال الراوي : فوالله ما رأيت أحداً قطّ هو أشدّ منه.

ص: 354

وساروا حتّى أتوا قرقيسيا ، فعرض عليهم زفر الإقامة ، فأقاموا ثلاثة أيّام ، فأضافهم وأرسل إليهم الأطبّاء ، ثمّ زوّدهم وساروا إلى الكوفة.

ثمّ أقبل سعد بن حذيفة بن اليمان في أهل المدائن حتّى بلغ هِيت (1)ذر ، فأتاه الخبر فيها ، فرجع فلقي المثنّى بن مُخَرِّبة العبدي في أهل البصرة بصَنْدُوداء (2) ، فأخبره الخبر ، فأقاموا حتّى أتاهم رفاعة فاستقبلوه ، وبكى بعضهم إلى بعض وأقاموا يوماً وليلة ، ثمّ تفرّقوا فسار كلّ طائفة منهم إلى بلدهم.

وقطع أصحاب ابن زياد رأس المسيّب بن نَجَبة وسليمان بن صرد ، فبعث بهما ابن زياد إلى مروان بن الحكم ، أو إلى ولده عبد الملك في الشام.

وقال أعشى هَمْدانَ (3) يذكر الوقعة ، ويرثي من قُتل من التوّابين في قصيدة انتخبنا منها هذه الأبيات :

ألمَّ خيالٌ منكِ يا أُمَّ غالبِ

فحُيّيتِ عنّا من حبيبٍ مجانِبِ

فما أنسى لا أنسَ انتقالكِ في الضحى

إلينا مع البيضِ الحسانِ (4) الخَراعِبِ

تراءتْ لنا هيفاءُ مهضومةُ الحشا

لطيفةُ طيّ الكشحِ ريّا الحقائِبِ.

ص: 355


1- هيت : سمّيت باسم بانيها ، وهو رهيت بن البندي ، ويقال : البلندي ؛ بلدة على الفرات فوق الأنبار. مراصد الاطّلاع 3 / 1468.
2- صندوداء : قرية كانت في غربي الفرات فوق الأنبار ، خُرّبت ، وبها مشهد لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
3- هو : أبو المصبّح عبد الرحمن بن عبد الله ، شاعر مفوّه شهير ، نشأ في الكوفة في بيتٍ يمنيّ ، قتله الحجّاج سنة 83 ه. سير أعلام النبلاء 4 / 185 رقم 75 ، أعيان الشيعة 3 / 467 ، وج 7 / 460.
4- الوسام - خ ل -.

فتلكَ الهوى وهي الجوى لي والمُنى

فأحبِبْ بها من خُلّةٍ لم تُصاقِبِ

ولا يبعُدِ الله الشبابَ وذكرَهُ

وحبُّ تصافي المعصِراتِ الكواعِبِ

فإنّي وإنْ لم أنسَهُنَّ لَذاكرٌ

رزيئةَ مِخْباتٍ كريمُ المناصِبِ

توسّلَ بالتقوى إلى اللهِ صادقاً

وتقوى الإلهِ خيرَ تِكْسابِ كاسِبِ

وخلّى عن الدنيا فلم يلتبسْ بها

وتابَ إلى اللهِ الرفيعِ المراتِبِ

تخلّى عن الدنيا وقال أطْرحْتُها

فلستُ إليها ما حييتُ بآئِبِ

وما أنا في ما يكرهُ (1)

الناسُ فقدَهُ

ويسعى له الساعونَ فيها براغِبِ

توجّهَ من دون الثويّةِ سائراً

إلى ابن زيادٍ في الجموعِ الكتائِبِ (2)

بقومٍ هُمُ أهلُ النقيبةِ والنُهى

مَصاليتُ أنجادٌ سُراةٌ مناجِبِ

مضَوا تاركي رأيَ ابن طلحةَ حِسْبَةً

ولمْ يستجيبوا للأميرِ المخاطِبِ

فساروا وهمْ ما (3) بينَ ملتَمسِ

التُقى

وآخرَ ممّا جرَ بالأمسِ تائِبِ

فلاقَوْا بعينِ الوَرْدَةِ الجيشَ فاصلاً

إليهمْ فحَيَّوْهُمْ (4)

ببيضٍ قواضِبِ

يمانيّةٍ تَذْري الأكُفَّ وتارةً

بخَيْلٍ عِتاقٍ مُقْرَباتٍ سَلاهِبِ

فجاءَهُم جمْعٌ من الشامِ بعدَهُ

جُموعٌ كموْجِ البحرِ من كلِّ جانِبِ

فما برَحوا حتّى أُبيدَتْ سُراتُهُمْ (5)

فلمْ ينجَ منهُمْ ثَمَّ غيرَ عصائِبِ

وغودِرَ أهلُ الصبرِ صرعى فأصبحوا

تَعاوَرَهُمْ ريحُ الصبا والجَنائِبِ

وأضحى الخُزاعيُّ الرئيسَ (6)

مُجدَّلاً

كأنْ لمْ يقاتِلْ مرّةً ويحارِبِ).

ص: 356


1- يكبر - خ ل -.
2- الكباكب - خ ل -.
3- من - خ ل -.
4- عليهم فحسُّوهم - خ ل -.
5- جموعهم - خ ل -.
6- هو : سليمان بن صرد رحمه الله تعالى. (منه).

ورأسُ بني شَمْخٍ (1)

وفارسُ قومِهِ

شَنَوْأةَ (2) والتيْميّ (3)

هادي الكتائِبِ

وعَمْرو بْنِ بِشْرٍ والوليدُ (4)

وخالدٌ (5)

وزيدُ بن بَكرٍ والحُلَيسُ بن غالِبِ (6)

وضارِبٌ من هَمْدانَ كُلَّ مُشيِّع

إذا شَدّ لَم يَنكلْ كَريمُ المكاسِبِ

ومِنْ كُلِّ قومٍ قَدْ أُصيبَ زَعيمُهُمْ

وذو حَسَبٍ في ذُرْوَةِ المَجْدِ ثاقِبِ

أبَوْا غَيْرَ ضَربٍ يَفلقُ الهامَ وَقعُهُ

وطَعنٍ بأطْرافِ الأسِنَّةِ صائِبِ

فيا خَيرَ جَيشٍ لِلعِراقِ وأهلِهِ

سُقيتُمْ رَوايا كُلَّ أسْحَمَ ساكِبِ

فلا تَبعُدَنَّ فُرسانُنا وحُماتُنا

إذا البِيضُ أبْدَتَ عَنْ خِدامِ الكَواعِبِ

فإنْ تُقْتَلوا فالقَتلُ أكْرَمُ مِيتَةٍ

وكُلُّ فَتىً يَوماً لإحدى النَوائِبِ (7)

[الطويل]

* * * -.

ص: 357


1- هو : المسيّب بن نَجَبَة - بالنون والجيم والباء الموحدة المفتوحات - الفزاري. (منه).
2- هو : عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، أزد شنوأة. (منه).
3- هو : عبد الله بن وأل بن تيم اللات بن ثعلبة. (منه).
4- هو : الوليد بن عصير الكناني. (منه).
5- هو : خالد بن سعد بن نفيل أخو عبد الله. (منه).
6- في - خ ل - : وعمرو بن عمران وابن بشر وخالد وبكر وزيد والحليس بن غالب
7- الشواعب - خ ل -.

ذكر المختار بن أبي عبيدة الثقفي

وطلبه بثأر الحسين عليه السلام

لمّا بعث الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل دار المختار ، فبايعه المختار في جملة من بايعه من أهل الكوفة ، وناصحه ودعا الناس إليه ، فلمّا خرج مسلم كان المختار في قرية له خارج الكوفة ؛ لأنّ خروج مسلم كان قبل ميعاده بسبب ضرب ابن زياد لهانئ وحبسه ..

فجاء الخبر إلى المختار عند الظهر بخروج مسلم ، فأقبل المختار في مواليه حتّى دخل الكوفة ، وأتى إلى باب الفيل - وهو من أبواب المسجد - بعد المغرب ، وكان ابن زياد قد عقد لعمرو بن حريث راية ، وأمّره على الناس ، وأقعده في المسجد ، فمرّ بالمختار رجل من أصحاب ابن زياد يسمّى هانئ بن أبي حيّة الوداعي ، فقال للمختار : ما وقوفك ها هنا ، لا أنت مع الناس ، ولا أنت في بيتك؟!

فقال له المختار : أصبح رأيي مرتجّاً لعظم خطيئتكم.

فدخل هانئ على عمرو بن حُريث وأخبره بذلك ، فأرسل عمرو إلى المختار رجلاً يأمره أن لا يجعل على نفسه سبيلاً.

فقال زائدة بن قدامة بن مسعود لعمرو : يأتيك المختار على أنّه آمن.

قال عمرو : أمّا منّي فهو آمن ، وإن بلغ الأمير عبيد الله عنه شيء شهدت عنده ببراءته ، وشفعت له أحسن الشفاعة.

فجاء المختار إلى ابن حريث وجلس تحت رايته حتّى أصبح.

ص: 358

وجاء عمارة بن عقبة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط فأخبر ابن زياد بأمر المختار ، فلمّا أذن ابن زياد للناس دخل عليه المختار في جملة من دخل ، فقال له ابن زياد : أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل؟!

فقال : لم أفعل ، ولكنّي أقبلت وقعدت تحت راية عمرو بن حريث إلى الصباح ، وشهد له عمرو بن حريث بذلك ، فضربه ابن زياد بالقضيب على وجهه حتّى أصاب عينه فشترها (1) ، وقال : والله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك ، وأمر به إلى السجن ، وحبس معه ميثم التمّار صاحب أمير المؤمنين عليه السلام.

فقال (2) ميثم للمختار : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام ، فتقتل هذا الذي يقتلنا ، وتطأ بقدميك على وجنته ، وكان ميثم أخذ ذلك من أمير المؤمنين عليه السلام.

فلم يزل المختار محبوساً حتّى قُتل الحسين عليه السلام ، فأرسل المختار رسولاً إلى عبد الله بن عمر يطلب منه أن يكتب إلى يزيد ليكتب إلى ابن زياد بإطلاق المختار ، فلمّا جاء الرسول إلى عبد الله بن عمر وعلمت زوجته صفيّة بحبس أخيها بكت وجزعت ، فرقّ لها عبد الله ، وكتب إلى يزيد يطلب منه أن يكتب إلى ابن زياد بإطلاقه.

فكتب يزيد إلى ابن زياد :

أمّا بعد ..

فخلّ سبيل المختار بن أبي عبيدة حين تنظر في كتابي.

فدعا ابن زياد بالمختار فأخرجه ، ثمّ قال له : قد آجلتك ثلاثاً ، فإن 0.

ص: 359


1- الشَتْر : انقلاب جفن العين. (منه).
2- ذوب النضار : 69 - 70.

أدركتك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمّة.

فلمّا كان اليوم الثالث خرج المختار إلى الحجاز فلقيه ابن العِرْق مولى ثقيف وراء واقِصَة (1) ، فسلّم عليه وسأله عن عينه ، فقال : خبطها ابن الزانية بالقضيب فصارت كما ترى ، ثمّ قال : قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأعضاءه إرباً إرباً ، ثمّ قال له : إذا سمعت بمكان قد ظهرت به في عصابة من المسلمين أطلب بدم الشهيد المظلوم المقتول بالطفّ سيّد المسلمين ، وابن سيّدها ، وابن بنت سيّد المرسلين الحسين بن عليّ ، فوربّك لأقتلنّ بقتله عدّة القتلى التي قتلت على دم يحيى بن زكريّا عليهما السلام ، فجعل ابن العِرْق يتعجّب من قوله.

ثمّ سار المختار حتّى وصل إلى مكّة وابن الزبير يدعو إلى نفسه سرّاً ، فكتم أمره عن المختار ، ففارقه المختار وغاب عنه سنة ، فسأل عنه ابن الزبير ، فقيل له : إنّه بالطائف.

ثمّ حضر المختار وبايع ابن الزبير على شروط شرطها ، وأقام عنده ، وحارب معه أهل الشام وقاتل قتالاً شديداً ، وكان أشدّ الناس على أهل الشام.

فلمّا هلك يزيد وأطاع أهل العراق ابن الزبير أقام المختار عنده خمسة أشهر وأيّاماً ، فقدم هانئ بن أبي حيّة الوداعي إلى مكّة يريد العمرة في رمضان ، فسأله المختار عن أهل الكوفة ، فأخبره أنّهم على طاعة ابن الزبير إلاّ إنّ طائفة من الناس هم عدد أهلها لو كان لهم من يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض. 1.

ص: 360


1- واقصة : منزل في طريق مكّة بعد القرعاء نحو مكّة. مراصد الاطّلاع 3 / 1421.

فقال المختار : أنا أبو إسحاق ، أنا والله لهم أن أجمعهم على الحقّ ، وألقى بهم ركبان الباطل ، وأُهلك بهم كلّ جبّار عنيد.

ثمّ ركب راحلته وأقبل نحو الكوفة حتّى وصل إلى نهر الحيرة يوم الجمعة ، فاغتسل وادّهن ، ولبس ثيابه واعتمّ ، وتقلّد سيفه ، وركب راحلته ، ودخل الكوفة ، وجعل لا يمرّ على مجلس إلاّ سلّم على أهله ، وقال : أبشروا بالنصرة والفرج (1) ، أتاكم ما تحبّون ..

ولقيه عبيدة بن عمرو البدائي الكندي ، وكان من أشجع الناس ، وأشعرهم وأشدّهم تشيّعاً وحبّاً لعليّ عليه السلام ، فقال له : أبشر بالنصر والفرج.

وكان سليمان بن صرد وأصحابه في ذلك الوقت يستعدّون للطلب بثأر الحسين عليه السلام ، فلمّا خرج سليمان وأصحابه نحو الشام - على ما قدّمنا ذلك - قال عمر بن سعد وشبث بن ربعي ويزيد بن الحارث بن رويم - وهم من قتلة الحسين عليه السلام - لعبد الله بن يزيد الخطمي - وهو والي الكوفة من قبل ابن الزبير - وإبراهيم بن محمد بن طلحة - وهو أمير الخراج - : إنّ المختار أشدّ عليكم من سليمان بن صرد ، إنّ سليمان إنّما خرج يقاتل عدوّكم ، وإنّ المختار يريد أن يثب عليكم في مصركم ، فأوثقوه واسجنوه.

فأتوا وأخذوه بغتة ، وأراد إبراهيم أن يقيّده ويمشّيه حافياً ، فلم يقبل عبد الله ، وأُتي ببغلة دهماء فحمل عليها ، وقيل : بل قيّدوه.

وكان (2) يقول وهو في السجن : أما وربّ البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامِه والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتُلنّ كلّ جبّار ، 0.

ص: 361


1- والفلح - خ ل - ، وكذا في الموضع الآتي.
2- ذوب النضار : 80.

بكلّ لدن خطّار (1) ، ومهنّد بتّار (2) ، بجموع الأنصار ، ليسوا بميّل أغمار (3) ، ولا بعزّل أشرار ، حتّى إذا أقمتُ عمود الدين ، ورأبت شعب صدع المسلمين ، وشفيتُ غليل صدور المؤمنين ، وأدركت ثأر النبيّين ، لم يكبر علَيّ زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى (4).

ولمّا (5) قدم أصحاب سليمان بن صرد إلى الكوفة كتب إليهم المختار من الحبس :

أمّا بعد ..

فإنّ الله أعظم لكم الأجر ، وحطّ عنكم الوزر ، بمفارقة القاسطين ، وجهاد المحلّين ، إنّكم لم تنفقوا نفقة ، ولم تقطعوا عقبة ، ولم تخطوا خطوة إلاّ رفع الله لكم بها درجة ، وكتب لكم حسنة ، فأبشروا فإنّي لو خرجت إليكم جرّدت في ما بين المشرق والمغرب من عدوّكم السيف بإذن الله ، فجعلتهم ركاماً ، وقتلتهم فذّاً (6) وتوأماً ، فرحَّب الله لمن قارب واهتدى ، ولا يبعد الله إلاّ من عصى وأبى ، والسلام يا أهل الهدى. د.

ص: 362


1- اللدن : اللين من كلّ شيء. وخطّر الرجل بسيفه ورمحه : رفعه مرّة ووضعه أُخرى ، وخطّر الرمح : اهتزّ ، فهو خطّار. القاموس المحيط 4 / 226 مادّة «لدن» ، وج 2 / 22 مادّة «خطر».
2- هنّد السيف : شحذه ، والبتر : القطع. القاموس المحيط 1 / 349 مادّة «هند» ، وج 1 / 366 مادّة «بتر».
3- الميّل : جمع أميل ، وهو الكسل الذي لا يحسن الركوب والفروسية ، يميل على السرج في جانب. والأغمار : جمع غُمر ، وهو الجاهل الغرّ الذي لم يجرّب الأُمور. القاموس المحيط 4 / 53 مادّة «ميل» ، وج 2 / 104 مادّة «غمر».
4- تاريخ الطبري 5 / 569 - 582 ، الكامل في التاريخ 4 / 168 - 173.
5- ذوب النضار : 92 ، بحار الأنوار 45 / 363.
6- الفذّ : الفرد.

وأرسل إليهم الكتاب مع رجل يقال له : «سيحان» ، قد أدخله في قلنسوته بين الظهارة والبطانة ، فلمّا جاء الكتاب ووقف عليه جماعة من رؤساء القبائل أعادوا إليه الجواب مع عبد الله بن كامل ، وقالوا : قل له : قد قرأنا كتابك ، ونحن حيث يسرّك ، فإن شئت أن نأتيك حتّى نخرجك من الحبس فعلنا؟ فأتاه فأخبره ، فسرّ لذلك ، وأرسل إليهم : لا تفعلوا هذا فإنّي أخرج في أيّامي هذه.

وكان (1) المختار قد بعث غلاماً له إلى عبد الله بن عمر زوج أُخته ، وكتب إليه :

أمّا بعد ..

فإنّي قد حبست مظلوماً ، وظنّ بي الولاة ظنوناً كاذبة ، فاكتب فيّ - يرحمك الله - إلى هذين الظالمين - يعني والي الكوفة ، وأمير خراجها (2) - كتاباً لطيفاً عسى الله أن يخلّصني من أيديهما بلطفك وبركتك ويمنك. والسلام.

فكتب إليهما عبد الله بن عمر :

أمّا بعد ..

فقد علمتما الذي بيني وبين المختار من الصهر ، والذي بيني وبينكما من الودّ ، فأقسمت عليكما بحقّ ما بيني وبينكما لَما خلّيتما سبيله حين تنظران في كتابي هذا ، والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته.

فلمّا أتاهما كتاب ابن عمر طلبا من المختار كفلاء ، فأتى أُناس كثير من أشراف الكوفة ليكفلوه ، فاختار عبد الله بن يزيد منهم عشرة من د.

ص: 363


1- ذوب النضار : 93.
2- هما : عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد.

الأشراف فضمنوه ، فدعا به عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة وحلّفاه أن لا يخرج عليهما ، فإن خرج فعليه ألف بَدَنة (1) ينحرها لدى رِتاج (2) الكعبة ، ومماليكه كلّهم أحرار ، فحلف لهما بذلك ، وخرج إلى داره ، وكان يقول بعد ذلك : قاتلهم الله ما أحمقهم حين يرون أنّي أفي لهم بأيمانهم هذه! أمّا حلفي بالله فإنّي إذا حلفت على يمين فرأيت خيراً منها أُكفّر عن يميني ، وخروجي عليهم خير من كفّي عنهم ، وأمّا هَدْي (3) ألف بَدَنة فهو أهون عليّ من بصقة ، وأمّا عتق مماليكي فو الله لوددت أنّه تمّ لي أمري ثمّ لم أملك مملوكاً أبداً.

ولمّا استقرّ المختار في داره أخذت الشيعة تختلف إليه ، واتّفقوا على الرضا به ، وكان أكثر من استجاب له هَمْدان ، وقوم كثير من أبناء العجم الّذين كانوا بالكوفة ، وكانوا يسمّون «الحمراء» لحمرة وجوههم ، وكان منهم بالكوفة زهاء عشرين ألف رجل.

وكان قد بويع للمختار وهو في السجن ، ولم يزل أصحابه يكثرون ، وأمره يقوى حتّى عزل ابن الزبير عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة ، وبعث عبد الله بن مطيع والياً على الكوفة ، فلمّا قدمها جاءه إياس ابن مضارب ، وقال له : لست آمن المختار أن يخرج عليك ، وقد بلغني أنّ أمره قد تمّ ، فابعث إليه فاحبسه. ».

ص: 364


1- البَدَنَة : من الإبل والبقر : كالأُضحِية من الغنم ، تُهدى إلى مكّة ، للذكر والأُنثى. القاموس المحيط 4 / 200 مادّة «بدن».
2- الرِتاج : الباب العظيم ، وقيل : هو الباب المغلق. لسان العرب 2 / 279 مادّة «رتج».
3- الهَدْي : هو ما يُهدى إلى البيت الحرام من النعم لتُنحر ، فأُطلق على جميع الإبل وإن لم تكن هدياً. النهاية - لابن الأثير - 5 / 254 مادّة «هدي».

فبعث إليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبد الله من همدان ، فقالا له : أجب الأمير. فدعا بثيابه ، وأمر بإسراج دابّته ، وهمّ بالذهاب معهما ، فلمّا رأى ذلك زائدة قرأ قوله تعالى : (وإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَروا لِيُثْبِتوكَ أوْ يَقْتُلوكَ أوْ يُخْرِجوكَ ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللهُ واللهُ خَيْرُ الماكِرينَ) (1) ففهمها المختار ، فجلس ، ثمّ نزع ثيابه ، وقال : ألقوا علَيّ القطيفة ، ما أراني إلاّ قد وعكت ، إنّي لأجد قفقفة (2) شديدة ، وتمثّل بقول الشاعر :

إذا ما مَعْشُرٌ تَرَكوا نِداهُمْ

ولَمْ يَأتُوا الكَريهَةَ لَمْ يُهابوا

[الوافر]

وقال للرسولين : ارجعا إلى ابن مطيع فأخبراه بحالتي ، فرجعا فإذا أصحابه على بابه ، وفي داره منهم جماعة كثيرة.

وقال حسين لزائدة : إنّي قد فهمت قولك حين قرأت الآية ، فأنكر زائدة أن يكون أراد شيئاً.

فقال له حسين : لا تخف ، فما كنت لأُبلّغ عنك ولا عنه شيئاً تكرهانه ، فأقبلا إلى ابن مطيع فأخبراه بعلّته فصدّقهما وتركه.

وقيل : إنّ ابن مطيع بعث إلى المختار : ما هذه الجماعات التي تغدو وتروح إليك؟

فقال المختار : مريض يعاد.

وبعث المختار إلى أصحابه فأخذ يجمعهم في الدور حوله ، وأراد أن ».

ص: 365


1- سورة الأنفال 8 : 30.
2- قَفْقَفَ : ارتعد من البرد وغيره ، أو اضطرب حنكاه واصطكّت أسنانه. القاموس المحيط 3 / 187 مادّة «قفف».

يثب بالكوفة في المحرّم ، فجاء رجل من شِبام - حي من همدان - اسمه «عبد الرحمن بن شريح» - وكان شريفاً - فاجتمع مع أربعة من الشيعة ، وقال لهم : إنّ المختار يريد أن يخرج بنا ، ولا ندري أرسله ابن الحنفيّة أم لا؟! فاتّفق رأيهم على أن يأتوا ابن الحنفيّة فإن أمرهم باتّباع المختار اتّبعوه ، وإن نهاهم عنه اجتنبوه ..

فأتوا المدينة وأخبروا ابن الحنفيّة بذلك ، فقال لهم : والله لوددت أنّ الله انتصر لنا من عدوّنا بمن شاء من خلقه.

فخرجوا من عنده وهم يقولون : قد أذن لنا ، ولو كره لقال : لا تفعلوا.

قال ابن نما - رحمه الله تعالى (1) - : وقد رويت عن والدي أنّ ابن الحنفيّة قال لهم : قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم عليّ بن الحسين عليهما السلام. فلمّا دخلوا عليه وأخبره الخبر قال : يا عمّ! لو أنّ عبداً زنجيّاً تعصّب لنا - أهل البيت - لوجب على الناس مؤازرته ، وقد ولّيتك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت.

فخرجوا وهم يقولون : أذن لنا زين العابدين ومحمد بن الحنفية. انتهى (2).

وروى المسعودي في مروج الذهب : إنّ المختار كتب إلى عليّ بن الحسين السجّاد 8 يريده على أن يبايع له ويقول بإمامته ، ويظهر دعوته ، وأنفذ إليه مالاً كثيراً ، فأبى عليّ عليه السلام أن يقبل ذلك منه ، أو يجيبه عن كتابه ، وسبّه على رؤوس الأشهاد ، فلمّا يئس المختار من عليّ بن الحسين عليه السلام كتب إلى محمد بن الحنفيّة بمثل ذلك ، فأشار عليه علي بن5.

ص: 366


1- ذوب النضار : 96 - 97.
2- تاريخ الطبري 6 / 7 - 14 ، الكامل في التاريخ 4 / 211 - 214 ، ذوب النضار : 92 - 97 ، بحار الأنوار 45 / 363 - 365.

الحسين عليه السلام أن لا يجيبه إلى شيء من ذلك ، وأن يتبرّأ منه - كما فعل هو - فاستشار ابن عباس ، فقال : لا تفعل ، لأنّك لا تدري ما أنت عليه من ابن الزبير ، فسكت عن (1) المختار (2). انتهى.

ويمكن الجمع بأن يكون سبّ زين العابدين عليه السلام له جهاراً للتبرّي ممّا نسبه إليه من ادّعاء الإمامة ؛ خوفاً من بني أُميّة ، لِما علمه عن آبائه ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من أنّهم لا بُدّ أن يستولوا على الملك ، وإن كان راضياً بطلبه بدم الحسين عليه السلام ، وبقتله لمن شرك في دمه ودماء أصحابه.

وكان المختار علم بخروج من خرج إلى المدينة ، فشقّ ذلك عليه خوفاً من أن لا يجيبهم ابن الحنفيّة بما يحبّ (3) فيتفرّق عنه الناس ، فكان يريد النهوض بأصحابه قبل قدومهم من المدينة ، فلم يتيسّر له ذلك ، فلم يكن إلاّ شهر أو زيادة حتّى قدموا الكوفة ، فدخلوا على المختار قبل دخولهم إلى بيوتهم ، فقال لهم : ما وراءكم قد فتنتم وارتبتم؟!

فقالوا له : إنّا قد أُمرنا بنصرك.

فقال : الله أكبر ، أنا أبو إسحاق ، اجمعوا لي الشيعة ، فجمع منهم من كان قريباً إليه ، فقال لهم : إنّ نفراً قد أحبّوا أن يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا إلى إمام الهدى ، والنجيب المرتضى ، ابن خير من مشى ، حاشا النبيّ المجتبى ، فأعلمهم أنّي وزيره وظهيره ورسوله ، وأمركم باتّباعي وطاعتي في ما دعوتكم إليه من قتال المحلّين ، والطلب بدماء أهل بيت نبيّكم المصطفين. -.

ص: 367


1- في مروج الذهب : «عن عيب».
2- مروج الذهب 3 / 74.
3- يجب - خ ل -.

فقام عبد الرحمن بن شريح وأخبرهم أنّ ابن الحنفيّة أمرهم بمظاهرته ومؤازرته ، وقال : فليبلغ الشاهد الغائب ، واستعدّوا وتأهّبوا ..

وقام أصحابه فتكلّموا بنحوٍ من كلامه ، وكان أوّل من أجاب المختار إلى ذلك عامر الشعبي وأبوه شراحيل.

وقال جماعة للمختار : إنّ أشراف أهل الكوفة مجتمعون على قتالك مع ابن مطيع ، فإن أجابنا إلى أمرنا إبراهيم بن مالك الأشتر رجونا القوّة على عدوّنا ، فإنّه فتىً رئيس ، وابن رجل شريف ، له عشيرة ذات عزّ وعدد.

فقال لهم المختار : فالقوه فادعوه وأعلموه الذي أُمرنا به من الطلب بدم الحسين عليه السلام وأهل بيته.

فخرجوا إليه ومعهم الشعبي ، فأتوه وأعلموه عزمهم على الطلب بدماء أهل البيت : ، وسألوه مساعدتهم على ذلك ، وذكروا له ما كان أبوه عليه من ولاء عليّ عليه السلام وأهل بيته.

فقال لهم : إنّي قد أجبتكم إلى الطلب بدم الحسين عليه السلام وأهل بيته على أن تولّوني الأمر.

فقالوا له : أنت أهل لذلك ، ولكن ليس إلى ذلك سبيل ، هذا المختار قد جاءنا من قبل إمام الهدى ومن نائبه محمد بن الحنفيّة ، وهو المأمور بالقتال ، وقد أُمرنا بطاعته.

فسكت إبراهيم ولم يجبهم ، فانصرفوا عنه ، وأخبروا المختار ، فمكث المختار ثلاثاً ، ثمّ دعا جماعة من أصحابه ، فدخلوا عليه وبيده صحيفة مختومة بالرصاص فدفعها إلى الشعبي ، وقال لأصحابه : انطلقوا بنا إلى إبراهيم بن الأشتر ، فسار في بضعة عشر رجلاً من وجوه أصحابه ، وفيهم الشعبي وأبوه ، فدخلوا على إبراهيم ، فألقى لهم الوسائد ، فجلسوا عليها ،

ص: 368

وجلس المختار معه على فراشه.

فقال له المختار : إنّ الله أكرمك وأكرم أباك من قبلك بموالاة بني هاشم ونصرتهم ، ومعرفة فضلهم ، وما أوجب الله من حقّهم ، وهذا كتاب محمد بن عليّ أمير المؤمنين ، وهو خير أهل الأرض اليوم ، وابن خير أهل الأرض كلّها قبل اليوم بعد أنبياء الله ورسله ، يأمرك أن تنصرنا وتؤازرنا ، فإن فعلت اغتبطت ، وإن امتنعت فهذا الكتاب حجّة عليك ، وسيغني الله محمداً وأهل بيته عنك ، ثمّ قال للشعبي : ادفع الكتاب إليه ، فدفعه إليه الشعبي ، فدعا بالمصباح وفضّ خاتمه وقرأه ، فإذا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر.

سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو.

أمّا بعد ..

فإنّي قد بعثت إليكم وزيري ، وأميني الذي ارتضيته لنفسي ، وقد أمرته بقتال عدوّي ، والطلب بدماء أهل بيتي ، فانهض (1) معه بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك ، فإنّك إن نصرتني وأجبت دعوتي كانت لك بذلك عندي فضيلة ، ولك أعنّة الخيل ، وكلّ جيش غاز ، وكلّ مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه في ما بين الكوفة وأقصى بلاد الشام.

فلمّا فرغ إبراهيم من قراءة الكتاب قال : قد كتب إليّ ابن الحنفيّة قبل اليوم وكتبت إليه فلم يكتب إليّ إلاّ باسمه واسم أبيه.

قال المختار : ذلك زمان وهذا زمان. ض.

ص: 369


1- في بعض المصادر : فامض.

قال إبراهيم : فمن يعلم أنّ هذا كتابه؟! فشهد جماعة ممّن معه بذلك ، منهم : يزيد بن أنس ، وأحمر بن شُمَيْط ، وعبد الله بن كامل ، وسكت الشعبي وأبوه ، فتأخّر إبراهيم عند ذلك عن صدر الفراش وأجلس المختار عليه ، وبايعه إبراهيم.

فقال المختار : أتأتينا أو نأتيك في أمرنا؟!

فقال إبراهيم : بل أنا آتيك كلّ يوم ، ودعا بفاكهة وشراب من عسل ، فأكلوا وشربوا وخرجوا ، فخرج معهم ابن الأشتر وركب مع المختار ، ثمّ رجع إبراهيم ومعه الشعبي إلى دار إبراهيم ، فقال له : إنّي قد رأيتك لم تشهد أنت ولا أبوك ، أفترى هؤلاء شهدوا على حقّ؟!

قال له الشعبي : قد شهدوا على ما رأيت ، وهم سادة القرّاء ، ومشيخة المصر ، وفرسان العرب ، ولا أرى مثل هؤلاء يقولون إلاّ حقّاً.

قال الشعبي : قلت له هذه المقالة وأنا والله لهم على شهادتهم متّهم غير أنّه يعجبني الخروج ، وأنا أرى رأي القوم ، وأُحبّ تمام ذلك الأمر ، فلم أُطلعه على ما في نفسي.

ثمّ كتب إبراهيم أسماءهم وتركها عنده.

وكان إبراهيم - رحمه الله تعالى - ظاهر الشجاعة ، واري زناد الشهامة ، نافذ حدّ الصرامة ، مشمّراً في محبّة أهل البيت عليهم السلام عن ساقيه ، متلقّياً غاية النصح لهم بكلتا يديه ، فجمع عشيرته وإخوانه ومن أطاعه ، وأقبل يختلف إلى المختار كلّ عشيّة عند المساء في نفر من مواليه وخدمه يدبّرون أُمورهم فيبقون عامّة الليل.

وكان حميد بن مسلم الأسدي صديقاً لإبراهيم بن الأشتر ، فكان يذهب به معه إلى المختار ، واجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس

ص: 370

لأربع عشرة بقيت من ربيع الأوّل - وقيل : الآخر - سنة ستّ وستّين ، فلمّا كانت ليلة الثلاثاء - وقيل : الأربعاء - عند المغرب قام إبراهيم فأذّن وصلّى المغرب بأصحابه ، ثمّ خرج يريد المختار وعليه وعلى أصحابه السلاح ، وكان إياس بن مضارب صاحب شرطة عبد الله بن مطيع أمير الكوفة ، فأتاه فقال له : إنّ المختار خارج عليك في إحدى هاتين الليلتين فخذ حذرك منه.

ثمّ خرج إياس فبعث ابنه راشداً إلى الكناسة ، وأقبل يسير حول السوق في الشرطة ، ثمّ دخل على ابن مطيع ، فقال له : إنّي قد بعثت ابني إلى الكناسة فلو بعثت في كلّ جبّانة عظيمة بالكوفة رجلاً من أصحابك في جماعة من أهل الطاعة لهاب المختار وأصحابه الخروج عليك ، فبعث ابن مطيع إلى الجبّانات من شحنها بالرجال ، وأوصى كلاًّ منهم أن يحفظ الجهة التي هو فيها.

فبعث شبث بن ربعي إلى السبخة ، وقال : إذا سمعت صوت القوم فوجّه نحوهم ، وكان ذلك يوم الاثنين.

وخرج إبراهيم بن الأشتر يريد المختار ليلة الثلاثاء ، وقد بلغه أنّ الجبّانات قد مُلئت رجالاً ، وأنّ إياس بن مضارب في الشرطة قد أحاطوا بالسوق والقصر ، فأخذ معه من أصحابه نحواً من مائة رجل عليهم الدروع ، وقد لبسوا عليها الأقبية وتقلّدوا بالسيوف ، وقال له أصحابه : تجنّب الطريق.

فقال : والله لأمرّنّ وسط السوق بجنب القصر ، ولأُرعبنّ به عدوّنا ، ولأُرينّهم هوانهم علينا. فسار على باب الفيل ، ثمّ على دار عمرو بن حريث ، فلقيهم إياس بن مضارب في الشرطة مظهرين السلاح ، فقال لهم :

ص: 371

من أنتم؟

فقال له إبراهيم : أنا إبراهيم بن الأشتر.

فقال إياس : ما هذا الجمع الذي معك؟! وما تريد؟! والله إنّ أمرك لمريب ، وقد بلغني أنّك تمرّ كلّ عشيّة من هاهنا ، وما أنا بتاركك حتّى آتي بك الأمير فيرى فيك رأيه.

فقال إبراهيم : خلّ سبيلنا.

فقال : لا أفعل.

وكان مع إياس بن مضارب رجل من همدان يقال له : «أبو قطن» وكان يصحب أُمراء الشرطة ، فهم يكرمونه ، وكان صديقاً لابن الأشتر ومن عشيرته ، فقال له ابن الأشتر : ادن منّي ، يا أبا قطن ، فظنّ أنّه يريد أن يطلب منه أن يشفع له عند إياس ، فدنا منه ، وكان مع أبي قطن رمح طويل ، فتناوله منه ابن الأشتر ، وهو يقول : إنّ رمحك هذا لطويل ، وحمل به على إياس فطعنه في ثغرة نحره ، فصرعه ، وأمر رجلاً من قومه فاحتزّ رأسه ، وانهزم أصحاب إياس ورجعوا إلى ابن مطيع فأخبروه ، فبعث راشداً بن إياس مكان أبيه على الشرطة ، وبعث مكان راشد سويداً المنقري إلى الكناسة.

وأقبل ابن الأشتر إلى المختار ، وقال له : إنّا اتّعدنا الخروج في الليلة القابلة وقد عرض أمر لا بُدّ معه من الخروج الليلة.

قال : ما هو؟

قال : عرض لي إياس في الطريق فقتلته ، وهذا رأسه مع أصحابي على الباب ، فاستبشر المختار بذلك ، وتفاءل بالنصر والظفر ، وقال : هذا أوّل الفتح إن شاء الله تعالى ، ثمّ قال : قم - يا سعيد بن منقذ! - وأشعل النار

ص: 372

في القصب ، ثمّ ارفعها للمسلمين ، وأمر مناديه أن ينادي : «يا لثارات الحسين» ، ثمّ دعا بدرعه وسلاحه فلبسه ، وهو يقول :

قَدْ عَلِمَتْ بَيْضاءُ حَسْناءُ الطُللْ (1)

واضِحَةُ الخَدَّيْنِ عَجْزاءُ الكَفَلْ

أنّي غَداةَ الرَوْعِ مِقْدامٌ بَطَلْ

لا عاجِزٌ فيها ولا وَغْدٌ (2)

فَشِلْ

[الرجز]

ثمّ قال له إبراهيم : إنّ هؤلاء الّذين في الجبابين يمنعون أصحابنا من إتياننا فلو سرت إلى قومي بمن معي فيأتيني كلّ من بايعني من قومي ، وسرت بهم في نواحي الكوفة ، ودعوت بشعارنا لخرج إلينا من أراد الخروج ، فمن أتاك أبقيته عندك ، فإن جاءك عدوّ كان معك من تمتنع به ، فإذا فرغت أنا عجّلت الرجوع إليك؟

فقال له المختار : افعل وعجّل ، وإيّاك أن تسير إلى أميرهم تقاتله ، ولا تقاتل أحداً إذا أمكنك أن لا تقاتله إلاّ أن يبدأك أحد بقتال.

فخرج إبراهيم في الكتيبة التي جاء بها حتّى أتى قومه واجتمع إليه جُلّ من كان أجابه ، فسار بهم في سكك الكوفة طويلاً من الليل وهو يتجنّب المواضع التي فيها الأُمراء الّذين بعثهم ابن مطيع ، فلمّا وصل إلى مسجد السَكون أتاه جماعة من خيل زجر بن قيس ليس عليهم أمير ، فحمل عليهم إبراهيم فكشفهم حتّى أدخلهم جبّانة كندة ، فقال إبراهيم : من صاحب الخيل في جبّانة كندة؟

فقيل له : زجر بن قيس ، فشدّ إبراهيم وأصحابه عليهم وهو يقول : اللّهمّ إنّك تعلم أنّا غضبنا لأهل بيت نبيّك ، وثرنا لهم ، فانصرنا على هؤلاء ، ي.

ص: 373


1- يقال : حيّا الله طلّك : أي شخصك.
2- الوغد : الدنيّ الذي يخدم بطعام بطنه ؛ وهذا العجز لم يرد في تاريخ الطبري.

وتمّم لنا دعوتنا ، حتّى انتهى إليهم هو وأصحابه ، فكشفوهم ، وركب بعضهم بعضاً ، كلّما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة.

فقال إبراهيم لأصحابه : انصرفوا بنا عنهم ..

وسار إبراهيم حتّى أتى جبّانة أُثَيْر فوقف فيها ، وتنادى أصحابه بشعارهم ، فأتاه سويد بن عبد الرحمن المنقري ورجا أن يصيبهم فيحظى بذلك عند ابن مطيع ، فلم يشعر إبراهيم إلاّ وهم معه ، فقال إبراهيم لأصحابه : يا شُرطة الله! انزلوا ، فإنّكم أوْلى بالنصر من هؤلاء الفسّاق الّذين خاضوا في دماء أهل بيت نبيّكم. فنزلوا ، ثمّ حمل عليهم إبراهيم حتّى أخرجهم إلى الصحراء ، وولوا منهزمين يركب بعضهم بعضاً ، وهم يتلاومون ، فقال قائل منهم : إنّ هذا الأمر يراد ؛ ما يلقون لنا جماعة إلاّ هزموهم.

فلم يزل إبراهيم يهزمهم حتّى أدخلهم الكناسة ، فقال له أصحابه : اتبعهم فاغتنم ما دخلهم من الرعب.

فقال : ولكن نأتي صاحبنا - أي المختار - يؤمّن الله بنا وحشته ، ويعلم ما كان من نصرنا له ، فيزداد هو وأصحابه قوّة ، ولا آمن أن يكون جاءه أعداؤه.

فسار إبراهيم حتّى أتى باب المختار ، فسمع الأصوات عالية والقوم يقتتلون ، وكان قد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة فعبّأ له المختار يزيد ابن أنس ، وجاء حجّار بن أبجر فجعل المختار في وجهه أحمر بن شُمَيط.

فبينما الناس يقتتلون إذ جاء إبراهيم من قبل القصر ، فبلغ حجّاراً وأصحابه أنّ إبراهيم قد جاءهم من ورائهم ، فتفرّقوا في الأزقّة قبل أن يأتيهم إبراهيم.

ص: 374

وجاء رجل من أصحاب المختار اسمه قيس بن طهفة النهدي في قريب من مائة رجل من بني نَهْد ، فحمل على شبث وهو يقاتل يزيد بن أنس فخلّى لهم شبث الطريق حتّى اجتمعوا جميعاً.

وجاء عبيدالله ابن الحرّ الجعفي في قومه لنصرة المختار ، ثمّ إنّ شبثاً ترك لهم السكّة وأقبل إلى ابن مطيع ، فقال له : اجمعْ الأُمراء الّذين في الجبابين وجميع الناس ، ثمّ اخرجْ إلى هؤلاء القوم فقاتلهم ، فإنّ أمرهم قد قوي ، وقد خرج المختار وظهر وقوي أمره.

فلمّا بلغ المختار قوله خرج في جماعة من أصحابه حتّى نزل في ظهر دَيْر هند (1) في السبخة.

وخرج أبو عثمان النهدي من أصحاب المختار ، فنادى في بني شاكر وهم مجتمعون في دورهم يخافون أن يظهروا لقرب كعب الخثعمي منهم ، وهو من أصحاب إياس ، وكان قد أخذ عليهم أفواه السكك ، فلمّا أتاهم أبو عثمان في جماعة من أصحابه نادى : يا لثارات الحسين ، يا منصور أمت ، يا أيّها الحيّ المهتدون! إنّ أمين آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل دَير هند ، وبعثني إليكم داعياً ومبشّراً ، فاخرجوا رحمكم الله ، فخرجوا ينادون : «يا لثارات الحسين» ، وقاتلوا كعباً حتّى خلّوا لهم الطريق ، فأقبلوا إلى المختار فنزلوا معه.

وخرج عبد الله بن قَراد (2) الخَثْعَمي في نحو من مائتين ، فنزلوا مع.

ص: 375


1- قال في مراصد الاطلاع 2 / 579 : دير هند الصغرى : بالحِيرة ، يقارب خطة بني عبد الله بن دارم بالكوفة ، ممّا يلي الخندق ، وهند هذه بنت النعمان بن المنذر المعروفة بالحُرَقَة.
2- قتادة - خ ل -.

المختار ، وكان قد تعرّض لهم كعب ، فلمّا عرف أنّهم من قومه خلّى عنهم ، وخرجت شِبام - وهم حيّ من همدان - من آخر ليلتهم ، فبلغ خبرهم عبد الرحمن بن سعيد الهمداني ، فأرسل إليهم : إن كنتم تريدون المختار فلا تمرّوا من ناحيتنا ، فلحقوا بالمختار حتّى اجتمع عنده ثلاثة آلاف وثمانمائة قبل الفجر ، وكان قد بايعه اثنا عشر ألفاً ، وكان ممّن خرج معه حميد بن مسلم ، فأصبح المختار وقد فرغ من تعبئة جيشه ، فصلّى بأصحابه في الغلس - أي الظلمة -.

وأرسل ابن مطيع إلى من بالجبابين أن يأتوا المسجد ، وأمر راشداً بن إياس صاحب شرطته فنادى في الناس : برئت الذمّة من رجل لم يأت المسجد الليلة ، فاجتمعوا ، فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار ، وبعث راشداً أيضاً في أربعة آلاف من الشرط.

هكذا ذكر الطبري وغيره (1) ، وزاد ابن نما رحمه الله (2) : انّه بعث حجّار بن أبجر في ثلاثة آلاف وثلاثة آخرين (3) في ثلاثة آلاف ، وتتابعت العساكر إلى نحو من عشرين ألفاً ، فلمّا صلّى المختار الغداة سمعوا أصواتاً مرتفعة ، فقال المختار : من يأتينا بخبر هؤلاء؟

فقال له رجل : أنا أصلحك الله.

قال المختار : فألق سلاحك ، واذهب حتّى تدخل فيهم كأنّك متفرّج ، وائتنا بخبرهم. د.

ص: 376


1- تاريخ الطبري 6 / 14 - 36 ، الكامل في التاريخ 4 / 214 - 228 ، ذوب النضار : 97 - 110 ، بحار الأنوار 45 / 365 - 371 ؛ وقد ورد في جميع هذه المصادر إلى آخر ما سيأتي في هذا الفصل.
2- ذوب النضار : 105.
3- هم : عكرمة بن ربعي ، شدّاد بن أبجر ، وعبد الرحمن بن سويد.

قال الرجل : فلمّا دنوت منهم إذا مؤذّنهم يقيم ، وإذا شبث بن ربعي ومعه خيل عظيمة ، فصلّى بهم ، فقرأ : (إذا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزالَها) (1) ، فقلت في نفسي : أما والله إنّي لأرجو أن يزلزل الله بكم. ثمّ قرأ : (والعادِياتِ ضَبْحاً) (2).

فقال له أُناس من أصحابه : لو كنت قرأت أطول من هاتين السورتين شيئاً؟!

فقال : ترون الديلم قد نزلت بساحتكم وأنتم تقولون : لو قرأت سورة البقرة وآل عمران! ممّا دلّ على وقوع الرعب في قلبه ، فأقبل الرجل إلى المختار وأخبره بخبر شبث وأصحابه.

وأتاه أيضاً سِعْر الحنفيّ يركض - وكان ممّن بايع المختار - فلم يقدر على الخروج معه ليلة خرج خوفاً من الحرس ، فلمّا أصبح أقبل على فرسه ، فاعترضه راشد بن إياس وأصحابه ، فركض على فرسه ، وأفلت منهم حتّى أتى المختار فأخبره بخبرهم.

فبعث المختار إبراهيم بن الأشتر إلى راشد بن إياس في تسعمائة (3) ، وقيل : في ستّمائة فارس وستّمائة راجل ، وبعث نعيم بن هبيرة - أخا مَصْقلة بن هبيرة - إلى شبث بن ربعي في ثلاثمائة فارس وستّمائة راجل وأمرهما بتعجيل القتال ، وأن لا يقفا مقابلة عدوّهما لأنّه أكثر منهما ، وقال : لا ترجعا حتّى تظهرا أو تقتلا. -.

ص: 377


1- سورة الزلزلة 99 : 1.
2- سورة العاديات 100 : 1.
3- سبعمائة - خ ل -.

فتوجّه إبراهيم إلى راشد ، وتوجّه نعيم بن هبيرة إلى شَبث ، وقدّم المختار أمامه يزيد بن أنس في تسعمائة ، فأمّا نعيم فجعل سِعر الحنفي على الخيل ومشى هو في الرجّالة ، وقاتل شَبثاً قتالاً شديداً حتّى أشرقت الشمس وانبسطت ، وضربهم أصحاب نعيم حتّى أدخلوهم البيوت منهزمين ، فناداهم شبث وحرّضهم ، فرجع إليه منهم جماعة فحملوا على أصحاب نعيم وقد تفرّقوا ، فانهزم أصحاب نعيم وصبر هو فقُتل ، وأُسر سِعر ومعه رجلان ، أحدهما مولىً فقتله شبث ، وأطلق الآخرَين لأنّهما عربيّان ، فأتيا المختار ، فاغتمّ أصحاب المختار لذلك غمّاً شديداً ، وأخبره أحد الرجلين بما كان من أمره ، فقال له : اسكت فليس هذا بمكان الحديث.

وجاء شبث حتّى أحاط بالمختار ويزيد بن أنس ، وبعث ابن مطيع يزيد بن الحارث بن رويم في ألفين ، فوقفوا في أفواه السكك ، وولّى المختار يزيد بن أنس على الخيل ، وخرج هو في الرجّالة ، فحملت عليهم خيل شبث حملتين فلم يبرحوا من مكانهم ، فقال لهم يزيد بن أنس : يامعشر الشيعة! قد كنتم تُقتلون ، وتقطّع أيديكم وأرجلكم ، وتُسمَل (1) أعينكم ، وترفعون على جذوع النخل في حبّ أهل بيت نبيّكم وأنتم مقيمون في بيوتكم ، مطيعون لعدوّكم ، فما ظنّكم بهؤلاء القوم إن ظهروا عليكم اليوم؟!

إذاً والله لا يَدَعون منكم عيناً تَطرف ، وليقتلنّكم صبراً ، ولترونّ منهم في أولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه ، والله لا ينجيكم منهم ».

ص: 378


1- يقال : سَمَلت عينه تَسْمُل سَمْلاً ، من باب قَتَلَ ، إذا فتأتها بحديدة محماة. مجمع البحرين 5 / 399 مادّة «سمل».

إلاّ الصدق والصبر ، والطعن الصائب في أعينهم ، والضرب الدِراك (1) على هامهم ، فتيسروا للشدّة ، وتهيّأوا للحملة ، فإذا حرّكت رايتي مرّتين فاحملوا وتهيّأوا ، واجثوا على الركب ، وانتظروا أمره.

وأمّا إبراهيم بن الأشتر فإنّه أقبل نحو راشد بن إياس ، فإذا معه أربعة آلاف ، فقال إبراهيم لأصحابه : لا يهولنّكم كثرة هؤلاء ، فوالله لربّ رجل خير من عشرة ، ولربّ فئة قليلة قد غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين (2).

ثمّ قال لخزيمة بن نصر : سرْ إليهم في الخيل. وأخذ هو يمشي في الرجّالة ، ويقول لصاحب رايته : تقدّم برايتك ، امض بها قدماً قدماً.

واقتتل الناس قتالاً شديداً ، وحمل خزيمة بن نصر العبسي على راشد فطعنه فقتله ، ثمّ نادى : قتلت راشداً وربّ الكعبة ، وانهزم أصحاب راشد.

وأقبل إبراهيم بن الأشتر وخزيمة بن نصر ومن معهما بعد قتل راشد نحو المختار ، وأرسل البشير إلى المختار بقتل راشد ، فكبّر هو وأصحابه ، وقويت نفوسهم ، ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل.

وأرسل ابن مطيع حسّاناً العبسي في نحو من ألفين ليعترض إبراهيم ابن الأشتر ، فتقدّم إليهم إبراهيم فانهزموا من غير قتال ، وأقبل إبراهيم نحو المختار وشبث بن ربعي محيط به ، فلمّا رآه يزيد بن الحارث الذي كان على أفواه السكك مقبلاً نحو شبث أقبل نحوه ليردّه عن شبث وأصحابه ، فبعث إبراهيم إليه طائفة من أصحابه مع خزيمة بن نصر ، وسار هو نحو ة.

ص: 379


1- الدارك - خ ل - ؛ يقال : يطعنه طَعناً دراكاً متداركاً ، أي تباعاً واحداً إثْرَ واحدٍ. ترتيب كتاب العين 1 / 567 مادّة «درك».
2- اقتباس من الآية 249 من سورة البقرة.

شبث في من بقي معه ، فلمّا أقبل إبراهيم نحو شبث جعل شبث وأصحابه ينكصون إلى الوراء قليلاً قليلاً ، فلمّا دنا منهم إبراهيم حمل عليهم ، وأمر يزيد بن أنس أن يحمل عليهم ، ففعل فانهزموا حتّى وصلوا إلى بيوت الكوفة ، وحمل خزيمة بن نصر على يزيد بن الحارث فهزمه وأصحابه ، وازدحموا على أفواه السكك ..

وكان يزيد بن الحارث قد وضع الرماة على أفواه السكك فوق البيوت ، وأقبل المختار ، فلمّا انتهى إلى أفواه السكك رمته الرماة بالنبل ، فصدّوه عن دخول الكوفة من ذلك الوجه.

ورجع الناس منهزمين إلى ابن مطيع ، وجاءه قَتلُ راشد بن إياس فَسُقِطَ في يده - أي بهت وتحيّر - ، فقال له عمرو بن الحجّاج : أيّها الرجل! لا تلق بيدك ، واخرجْ إلى الناس واندبهم إلى عدوّك ، فإنّ الناس كثير وكلّهم معك إلاّ هذه الطائفة التي خرجت والله يخزيها ، وأنا أوّل منتدب فانتدب معي طائفة ومع غيري طائفة.

فخرج ابن مطيع ، فقام في الناس ووبّخهم على هزيمتهم ، وأمرهم بالخروج إلى المختار وأصحابه.

وأمّا المختار فإنّه لمّا منعه الرماة من دخول الكوفة عدل إلى بيوت مُزينة وأحمس وبارق وبيوتهم منفردة ، فاستقبلوه بالماء ، فشرب أصحابه ولم يشرب هو ، لأنّه كان صائماً ، فقال أحمر بن شُميط (1) لابن كامل : أترى الأمير صائماً؟!

قال : نعم. ج.

ص: 380


1- في تاريخ الطبري : أحمر بن هديج.

قال : لو أفطر كان أقوى له.

قال : هو أعلم بما يصنع.

قال : صدقت ، أستغفر الله.

فقال المختار : نعم المكان للقتال هذا.

فقال له إبراهيم : قد هزمهم الله وفلّهم ، وأدخل الرعب في قلوبهم ، وتنزل هاهنا ، سرْ بنا فوالله ما دون القصر مانع.

فترك المختار هناك كلّ شيخ ضعيف وكلّ ذي علّة وثقلهم ، واستخلف عليهم أبا عثمان النهدي ، وقدّم إبراهيم أمامه ، وبعث ابن مطيع عمرو بن الحجّاج في ألفين ، فخرج عليهم ، فبعث المختار إلى إبراهيم : أن اطوه ولا تقم عليه ، فطواه إبراهيم.

وأمر المختار يزيد بن أنس أن يصمد لعمرو بن الحجّاج ، فمضى نحوه ، وسار المختار خلف إبراهيم ، ثمّ وقف المختار في موضع مصلّى خالد بن عبد الله ، وأمر إبراهيم أن يمضي على وجهه حتّى يدخل الكوفة من جهة الكناسة ، فمضى. فخرج إليه شمر بن ذي الجوشن في ألفين ، فسرّح إليه المختار سعيد بن منقذ الهَمْداني فواقعه ، وأرسل إلى إبراهيم : أن اطوه وامض على وجهك ، فمضى حتّى انتهى إلى سكّة شبث ، فإذا نوفل ابن مساحق في ألفين ، وقيل : خمسة آلاف ؛ قال الطبري : وهو الصحيح.

وكان ابن مطيع أمر منادياً فنادى في الناس : أن الحقوا بابن مساحق ، وخرج ابن مطيع فوقف بالكناسة ، واستخلف شبث بن ربعي على القصر ، فدنا ابن الأشتر من ابن مطيع فأمر أصحابه بالنزول ، فنزلوا ، فقال : قرّبوا خيولكم بعضها من بعض ، ثمّ امشوا إليهم مصلتين بالسيوف ، ولا يهولنّكم أن يقال : جاء آل فلان ، وآل فلان ، وسمّى بيوتات أهل الكوفة ..

ص: 381

ثمّ قال : إنّ هؤلاء لو وجدوا حرّ السيوف لانهزموا عن ابن مطيع انهزام المِعزى من الذئب ، ففعلوا ذلك ..

وأخذ ابن الأشتر أسفل قبائه فأدخله في مِنْطَقته (1) ، وكان قد لبس القباء فوق الدرع ، ثمّ قال لأصحابه : شدّوا عليهم فدى لكم عمّي وخالي ، فلم يلبثوا أن انهزموا يركب بعضهم بعضاً على أفواه السكك وازدحموا.

وانتهى ابن الأشتر إلى ابن مساحق فأخذ بلجام دابّته ، ورفع السيف ليقتله فسأله أن يعفو عنه ، فخلّى سبيله ، وقال : اذكرها لي ، فكان يذكرها له.

ودخلوا الكناسة في آثارهم حتّى دخلوا السوق والمسجد ، وحصروا ابن مطيع ومعه الأشراف غير عمرو بن حريث فإنّه خرج إلى البرّ.

وجاء المختار حتّى نزل جانب السوق ، وولّى إبراهيم بن الأشتر حصار القصر ومعه يزيد بن أنس وأحمر بن شميط ، فحصروا القصر من ثلاث جهات ثلاثة أيّام.

وأشرف رجل من أصحاب ابن مطيع عشيّة على أصحاب المختار ، فجعل يشتمهم ، فرماه رجل منهم بسهم فأصاب حلقه ، فقطع الجلد فوقع ، ثمّ برأ بعد ذلك.

وجعل ابن مطيع يفرّق على أصحابه الدقيق وهو محصور ، واشتدّ عليهم الحصار ، وأقبلت همدان حتّى تسلقوا القصر بالحبال ، فلمّا رأى ».

ص: 382


1- في تاريخ الطبري : فأدخله في مِنطقة له حمراء من حواشي البُرود ؛ والمِنْطَق والمِنْطقة : ما يشدّ به الوسط. المعجم الوسيط 2 / 931 مادّة «نطق».

ابن مطيع وأصحابه ذلك أشار عليه شبث أن يأخذ لنفسه أماناً ، فكره ذلك ، فأشار عليه أن يخرج خفية إلى دار من دور الكوفة ، ثمّ يلحق بابن الزبير ، فقبل وخرج ليلاً فدخل دار أبي موسى ، وخلّى القصر ففتح أصحابه الباب.

وجاء ابن الأشتر فطلب من بالقصر منه الأمان فأمنهم ، فخرجوا فبايعوا المختار.

وجاء المختار حتّى دخل القصر فبات فيه ، وأصبح الأشراف في المسجد وعلى باب القصر ، وخرج المختار فصعد المنبر وخطب الناس ، وقال : أنا المسلّط على المحلّين ، الطالب بدم ابن نبيّ ربّ العالمين - إلى أن قال : - ادخلوا فبايعوا بيعة هدى ، فوالله ما بايعتم بعد بيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام وآل عليّ عليهم السلام أهدى منها.

ثمّ نزل فدخل عليه أشراف الكوفة فبايعوه على كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والطلب بدماء أهل البيت ، وجهاد المحلّين ، والدفع عن الضعفاء ، وقتال من قاتلنا ، وسلم من سالمنا ..

وأحسن المختار السيرة جهده ، وفي ذلك يقول الشاعر :

ولمّا دَعَا المُختارُ جِئْنا لِنَصرِهِ

على الخَيلِ تَرْدى مِن كُمَيتٍ وأشْقَرا

دَعا يا لِثاراتِ الحُسَينِ فَأقبَلَتْ

تَعادَى بِفُرسانِ الصِياحِ لِتَثأرا (1)

[الطويل]

وبلغه أنّ ابن مطيع في دار أبي موسى ، فأرسل إليه مائة ألف درهم ، وقال : تجهّز بها ، وكان بينهما صداقة ، فأخذها ومضى إلى البصرة. 2.

ص: 383


1- ورد هذان البيتان في تسلية المجالس 2 / 492.

ووجد المختار في بيت المال تسعة آلاف درهم ، وفرّق العمّال على أرمينية وآذربيجان والموصل والمدائن وحلوان والريّ وهَمدان وأصبهان ، وغيرها ، ودانت له البلاد كلّها إلاّ الحجاز والجزيرة والشام ومصر والبصرة ، واستعمل على شرطته عبدالله بن كامل الشاكري ، وعلى حرسه كيسان أبا عمرة مولى عُرينة (1) ، وصار يجلس للقضاء بين الناس ، ثمّ أقام شريحاً للقضاء ، وكانوا يقولون : إنّه عثماني ، وإنّه ممّن شهد على حجر بن عديّ ، وإنّه لم يبلغ عن هانئ بن عروة ما أرسله به ، وإنّ عليّاً عليه السلام عزله عن القضاء ، فأراد المختار عزله ، فتمارض فعزله ، وجعل مكانه غيره.

وقال عبدالله بن هَمّام (2) يذكر المختار وأصحابه ويمدحهم :

وفي لَيلَةِ المُخْتارِ ما يُذهِلُ الفَتى

ويُلهيهِ عَن رَءودِ الشَبابِ شَموعِ

دَعا يا لِثاراتِ الحُسَيْنِ فَأقبَلَتْ

كَتائِبُ مِن هَمْدانَ بَعْدَ هَزيعِ

ومِنْ مَذْحِجٍ جاءَ الرئيسُ ابْنُ مالِكٍ

يَقودُ جُموعاً أُردِفَتْ بِجُموعِ

ومِنْ أسدٍ وافى يَزيدُ لِنصرهِ

بِكلِّ فتىً حامِي الذِمارِ مَنيعِ

وجاءَ نُعَيمٌ خَيرُ شَيبانَ كُلِّها

بِأمرٍ لَدى الهَيْجا أحَدَّ جَميعِ

ومَا ابنُ شُمَيطٍ إذْ يُحَرّضُ قَومَهُ

هُناكَ بِمَخْذولٍ ولا بِمُضيعِ

وسارَ أبو النُّعمانِ للهِ سَعيَهُ

إلى ابْنِ إياسٍ مُصحِراً لِوُقوعِ

بِخَيْلٍ عَلَيْها يَومَ هَيْجا دُروعُها

وأُخرى حُسوراً غَيْرَ ذاتِ دُروعِ

فَكَرّ الخُيولُ كَرّةً ثَقِفتهُمُ

وشَدّ بِأُولاها على ابْنِ مُطيعِ5.

ص: 384


1- بجيلة - خ ل -.
2- هو : عبدالله بن هَمّام بن نُبَيْشة السَلوليّ ، من التابعين ، كان يقال له من حُسن شعره : «العطّار». خزانة الأدب 9 / 35.

فَوَلَّى بِضَربٍ يَشْدَخُ الْهامَ وَقعُهُ

وطَعنٍ غَداةَ السَكَّتَينِ وَجيعِ

فَحوصِرَ في دارِ الإمارَةِ بائِياً

بِذُلٍّ وإرغامٍ لَهُ وخُضوعِ

فَمَنّ وَزيرُ ابْنِ الوَصِيّ عَلَيْهمُ

وكانَ لَهُمْ في الناسِ خَيْرَ شَفيعِ

وَآبَ الْهُدى حَقاً إلى مُسْتَقَرّهِ

بِخَيْرِ إيابٍ آبَهُ ورُجُوعِ

إلى الهاشِمِيّ المُهْتَديّ الْمُهْتَدى بِهِ

فَنَحْنُ لَهُ مِن سامِعٍ وَمُطيعِ

[الطويل]

* * *

ص: 385

ذكر قتل المختار قتلة الحسين عليه السلام

والمشايعين على قتله

كان مروان بن الحكم - بعد أن بويع له بالشام - أرسل عبيد الله بن زياد في جيش إلى الجزيرة ، فإذا فرغ منها سار إلى العراق - كما تقدّم - ، وجعل له كلّ ما غلب عليه ، وأمره أن ينهب الكوفة إن ظفر بأهلها ثلاثاً ، ثمّ كان من أمره مع التوّابين ما تقدّم ذكره.

وكان زفر بن الحارث الكلابي ومعه قبيلة تسمّى قيس عيلان بالجزيرة على طاعة ابن الزبير ، فلم يزل ابن زياد مشتغلاً بهم عن العراق نحو سنة ، فهلك مروان وولّي بعده ابنه عبد الملك فأقرّ ابن زياد على ما كان أبوه ولاّه ، فلمّا عجز ابن زياد عن زفر ومن معه بالجزيرة أقبل إلى الموصل وهي للمختار ، فتنحّى عامل المختار إلى تَكْريت (1) ، وكتب إلى المختار يخبره بذلك ، فكتب إليه المختار يصوّب رأيه ، ويأمره أن لا يفارق مكانه حتّى يأتيه أمره.

وأرسل المختار يزيد بن أنس الأسدي وانتخب معه ثلاثة آلاف فارس ووعده المدد متى احتاج ، وشيّعه وقال له : إذا لقيت عدوّك فلا تناظرهم ، وإذا أمكنتك الفرصة فلا تؤخّرها ، وليكن خبرك كلّ يوم عندي ..

وكتب إلى عامل الموصل أن يخلّي بينه وبين البلاد ، فسار حتّى أتى 8.

ص: 386


1- تكريت - بفتح التاء ، والعامّة تكسرها - : بلد مشهور بين بغداد والموصل ، وبينها وبين بغداد ثلاثون فرسخاً في غربي دجلة ، ولها قلعة حصينة أحد جوانبها إلى دجلة. مراصد الاطّلاع 1 / 268.

أرض الموصل فبلغ خبره ابن زياد ، فقال : لأبعثنّ إلى كلّ ألف ألفين ، فأرسل إليه ستّة آلاف : ثلاثة مع ربيعة الغَنَوي ، وثلاثة مع عبد الله بن جمْلة (1) الخَثْعَمي ، فسار ربيعة قبل عبد الله بيوم حتّى لقي يزيد بن أنس.

فخرج يزيد بن أنس وهو مريض شديد المرض راكب على حمار يمسكه الرجال ، فوقف على أصحابه وعبّأهم وحثّهم على القتال ، ثمّ وضع بين الرجال على سرير ، وقال : قاتلوا عن أميركم إن شئتم ، أو فرّوا عنه ، وجعل يأمر الناس بما يفعلونه ، ثمّ يغمى عليه ، ثمّ يفيق ..

واقتتل الناس عند فلق الصبح يوم عرفة ، فاشتدّ القتال إلى ارتفاع الضحى ، فانهزم أهل الشام وأُخذ عسكرهم ، ووصل أهل العراق إلى أميرهم ربيعة ، وقد انهزم عنه أصحابه وهو يناديهم ويحرّضهم على القتال ، ويقول : إنّما تقاتلون من خرج من الإسلام ، فاجتمع إليه جماعة فقاتلوا معه ، واشتدّ القتال ..

وخرج رجل من أهل العراق يعترض الناس بسيفه ، وهو يقول :

بَرِئتُ مِن دينِ المُحَكّمِينا

وذاكَ فينا شَرُّ دينٍ دينا

[الرجز]

ثمّ انهزم أهل الشام ، وقتل أميرهم ربيعة ، فسار المنهزمون ساعة فلقيهم عبد الله الخثعمي الأمير الثاني لأهل الشام في ثلاثة آلاف ، فردّ معه المنهزمين ، وجاء إلى الموضع الذي فيه أصحاب المختار ، فباتوا ليلتهم يتحارسون ، فلمّا أصبحوا يوم عيد الأضحى خرجوا إلى القتال ، واقتتلوا قتالاً شديداً ، ثمّ نزلوا فصلّوا الظهر .. -.

ص: 387


1- جمة - خ ل -.

ثمّ عادوا إلى القتال ، فانهزم أهل الشام هزيمة قبيحة ، وقتلوا قتلاً ذريعاً ، وحوى أهل العراق عسكرهم حتّى انتهوا إلى أميرهم عبد الله فقتلوه ، وأسروا منهم ثلاثمائة أسير ، فأمر يزيد بن أنس بقتلهم وهو في آخر رمق ، فقتلوا ، ثمّ مات آخر النهار ، فدفنه أصحابه ، وكسر قلوبهم موته.

وكان قد استخلف عليهم ورقاء بن عازب الأسدي ، فقال لأصحابه : ماذا ترون؟! إنه بلغني أنّ ابن زياد قد أقبل إليكم في ثمانين ألفاً ، وإنّي لا أرى لنا بأهل الشام طاقة ، فلو انصرفنا من تلقاء أنفسنا لقالوا : إنّما رجعنا عنهم لموت أميرنا ، ولم يزالوا لنا هائبين.

فقالوا : نعم ما رأيت ، فانصرفوا ، فبلغ ذلك المختار وأهل الكوفة ، فأرجف الناس بالمختار ، وقالوا : إنّ يزيد قتل ولم يصدّقوا انّه مات ، فأرسل المختار إلى عامله بالمدائن يسأله عن ذلك ، فأخبره بموته ، وإنّ العسكر انصرف من غير هزيمة ولا كسرة ، فطاب قلب المختار ، فدعا إبراهيم بن الأشتر وأرسله ، وقال : إذا لقيت جيش يزيد بن أنس فأنت الأمير عليهم فارددهم معك حتّى تلقى ابن زياد وأصحابه فتقاتلهم ، ثمّ ودّعه وانصرف ..

فخرج إبراهيم ، فلمّا سار اجتمع أشراف الكوفة عند شبث بن ربعي ، وقالوا : إنّ المختار تأمّر علينا بغير رضاً منّا ، ولقد أدنى موالينا - أي عبيدنا - فحملهم على الدوابّ ، وأعطاهم فيأنا.

فقال لهم شبث : دعوني حتّى ألقاه ، فذهب إليه فلم يدع شيئاً أنكروه إلاّ ذكره له والمختار يقول : أنا أُرضيهم وأفعل كلّ ما أحبّوا. ولم يكن أصعب عليهم من مشاركة الموالي - أي العبيد المعتقين - لهم في الفيء.

ص: 388

فقال المختار : إن أنا تركت مواليكم وجعلت فيأكم لكم تقاتلون معي بني أُميّة وابن الزبير ، وتعطوني العهد على ذلك؟!

فقال شبث : حتّى أرجع إلى أصحابي فأُخبرهم.

فخرج ولم يرجع إلى المختار ، فأجمع رأيهم على قتاله ، وكان بقي مع المختار أربعة آلاف.

فقال عبد الرحمن الأسدي لأهل الكوفة : لا تخرجوا على المختار فإنّي أخاف أن تختلفوا وتتفرّقوا ومع الرجل شجعانكم ومواليكم وكلمتهم واحدة ، فانتظروا قليلاً يكفيكم ذلك أهل الشام وأهل البصرة.

فلم يقبلوا ، وخرجوا على المختار بعد مسير إبراهيم بالجبّانات كلّ رئيس بجبّانة ، وجاهروا بالعصيان ، ولم يبق أحد ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام وكان مختفياً إلاّ ظهر ، فلمّا بلغ ذلك المختار أرسل رسولاً مجدّاً إلى إبراهيم ، فلحقه وهو بساباط المدائن قريب بغداد ، وكتب إليه المختار : أن لا تضع كتابي من يدك حتّى تقبل إليّ بجميع من معك.

وبعث إليهم المختار : أن أخبروني ما تريدون فإني أصنع كلّ ما أحببتم.

قالوا : نريد أن تعتزلنا ، فإنّك زعمت أنّ محمد بن الحنفيّة بعثك ولم يبعثك.

قال : فأرسلوا إليه وفداً من قبلكم ، وأرسل إليه أنا وفداً - وهو يريد أن يطاولهم حتّى يقدم عليه إبراهيم -.

وأمر أصحابه أن يكفّوا أيديهم ، وقد أخذ عليهم أهل الكوفة بأفواه السكك ، فليس يصل إليهم من الماء إلاّ القليل.

ولمّا سار رسول المختار وصل إلى ابن الأشتر في عشيّة ذلك اليوم ،

ص: 389

فرجع ابن الأشتر بقيّة عشيّته تلك ، ثمّ نزل عند المساء فتعشّى أصحابه ، وأراحوا دوابّهم قليلاً ، ثمّ سار ليلته كلّها واليوم الثاني حتّى وصل إلى الكوفة عند العصر ، وبات في المسجد ومعه من أصحابه أهل القوّة والجلد.

ثمّ إنّ المختار عبّأ أصحابه ، وأرسل ابن الأشتر إلى مضر (1) وخشي أن يرسله إلى أهل اليمن فلا يبالغ في قتالهم لأنّهم قومه ، وسار المختار إلى أهل اليمن ، وقدّم بين يديه أحمر بن شميط وعبد الله بن كامل ، وأمر كلاًّ بلزوم طريق مخصوص ، وأسرّ إليهما أنّ شِباماً قد أرسلوا إليه يخبرونه أنّهم يأتون القوم من ورائهم ، فمضيا إلى أهل اليمن واقتتلوا أشدّ قتال رآه الناس ، ثمّ انهزم أصحاب أحمر وأصحاب ابن كامل ، ووصلوا إلى المختار فردّهم ، وأقبل بهم نحو القوم.

ثمّ أرسل عبد الله بن قَراد الخثعمي في أربعمائة إلى ابن كامل ، وقال له : إن كان قد هلك فأنت مكانه فقاتل القوم ، وإن كان حيّاً فاترك عنده ثلاثمائة وامض في مائة حتّى تأتي جبّانة السَبيع ، فمضى فوجد ابن كامل يقاتلهم في جماعة قد صبروا معه ، فترك عنده ثلاثمائة وسار في مائة.

وبعث المختار مالك بن عمرو النهدي - وكان شجاعاً - وعبد الله بن شريك النهدي في أربعمائة إلى أحمر بن شميط ، فوصلوا إليه وقد غلبه القوم ، فاشتدّ قتالهم عند ذلك.

وأمّا ابن الأشتر فإنّه مضى إلى مضر فلقي شبث بن ربعي ومن معه ، فقال لهم : ويحكم! انصرفوا فما أُحبّ أن يصاب من مُضر على يدي أحد ، فلا تهلكوا أنفسكم .. ة.

ص: 390


1- كانوا في الكُناسة.

فأبوا ، فقاتلهم إبراهيم فهزمهم ، وأرسل إلى المختار يبشّره بذلك ، فأرسل المختار إلى أحمر بن شميط وابن كامل يبشّرهما ، فاشتدّ أمرهما.

واجتمعت شِبام ليأتوا اليمن من ورائهم - كما أرسلوا إلى المختار - ورأّسوا عليهم أبا القلوص ، فقال بعضهم : لو جعلتم جِدَّكم على مضر وربيعة لكان أصوب.

فقال أبو القلوص : قال الله تعالى : (قاتِلوا الّذينَ يَلونَكُمْ مِنَ الكُفّارِ) (1) ..

فسار نحو أهل اليمن ، فلقيهم الأعسر الشاكري فقتلوه ، ونادوا : «يالثارات الحسين عليه السلام» ، فأجابهم أصحاب ابن شميط : «يا لثارات الحسين عليه السلام» ، فنادى يزيد بن عمير : «يا لثارات عثمان».

فقال لهم رفاعة بن شدّاد البجلي - وكان معهم (2) على المختار - : لا أُقاتل مع قوم يبغون دم عثمان. ثمّ رجع عنهم فقاتل مع المختار ، وهو يقول :

أنَا ابْنُ شَدَّادٍ عَلى دينِ عَلِيّ

لَسْتُ لِعُثْمانَ بْنِ أَرْوى بِوَلي

لأصْلِيَنَّ اليَوْمَ في مَنْ يَصْطَلي

بِحَرّ نارِ الحَرْبِ غَيْرِ مُؤْتَلي

[الرجز]

فقاتل حتّى قتل.

وانهزم أهل اليمن هزيمة قبيحة ، واستخرج من دور الوداعيين خمسمائة أسير فأُتي بهم إلى المختار مكتّفين ، فقال : أعرضوهم علَيّ ، وانظروا كلّ من شهد قتل الحسين عليه السلام فأعلموني به. -.

ص: 391


1- سورة التوبة 9 : 123.
2- معه - خ ل -.

فقَتَل كلّ من شهد قتْل الحسين عليه السلام ، وقتل منهم مائتين وثمانية وأربعين رجلاً في مجلس واحد ، وأطلق الباقي ، ونادى منادي المختار : من أغلق بابه فهو آمن إلاّ رجلاً شرك في دم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (1).

هدم دور من شرك في قتل الحسين عليه السلام :

وأمر المختار صاحب شرطته أبا عمرة أن يجمع ألف رجل من الفعلة بالمعاول ، ويتتبّع دور من خرج إلى قتال الحسين عليه السلام فيهدمها ، وكان أبو عمرة بذلك عارفاً فجعل يدور بالكوفة على دورهم فيهدم الدار في لحظة فمن خرج إليه منها قتله حتّى هدم دوراً كثيرة ..

وقتل أُناس كثيراً من قتلة الحسين عليه السلام ، وجعل يطلب ويستقصي فمن ظفر به منهم قتله ، وجعل ماله وعطاءه لرجل من أبناء العجم الّذين كانوا معه.

وتجرّد المختار لقتلة الحسين عليه السلام ، وقال : ما من ديننا أن نترك قتلة الحسين عليه السلام أحياء ، بئس ناصر آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنا ، أنا إذاً الكذّاب كما سمَّوني ، وإنّي أستعين بالله عليهم ، فسمّوهم لي ، ثمّ اتّبعوهم حتّى تقتلوهم ، فإنّه لا يسوغ لي الطعام ولا الشراب حتّى أُطهّر الأرض منهم (2). 5.

ص: 392


1- تاريخ الطبري 6 / 38 - 51 ، الكامل في التاريخ 4 / 228 - 236 ، ذوب النضار : 110 - 115 ، بحار الأنوار 45 / 371 - 374.
2- تاريخ الطبري 6 / 57 ، الكامل في التاريخ 4 / 239 ، ذوب النضار : 118 ، بحار الأنوار 45 / 374 ، عوالم العلوم 17 / 695.

قتل الّذين رضوا جسد الحسين عليه السلام :

فأوّل من بدأ به المختار الّذين رضّوا جسد الحسين عليه السلام بخيولهم ، فأخذهم ، وطرحهم على ظهورهم ، وضرب سكك الحديد في أيديهم وأرجلهم ، وأجرى الخيل عليهم حتّى قطعتهم ، ثمّ أحرقهم بالنار (1).

قتل عمرو بن الحجّاج الذي كان موكلاً بالمشرعة :

وكان عمرو بن الحجّاج الزبيدي ممّن شهد قتل الحسين عليه السلام ، فركب راحلته ، وأخذ طريق واقصة فلم يعلم له خبر حتّى الساعة.

وقيل : أدركه أصحاب المختار وقد سقط من شدّة العطش ، فذبحوه وأخذوا رأسه (2).

وقيل : إنّه هرب يريد البصرة ، وكان من رؤساء قتلة الحسين عليه السلام ، فخاف الشماتة فعدل إلى شَراف.

فقال له أهل الماء : ارحل عنّا فإنّا لا نأمن المختار ، فارتحل عنهم ، فتلاوموا وقالوا : قد أسأنا ، فركب جماعة منهم ليردّوه ، فلمّا رآهم ظنّ أنّهم من أصحاب المختار فسلك الرمل بمكان يدعى «البيضة» ، وذلك في أشدّ ما يكون من حرارة القيظ فيما بين بلاد كلب وبلاد طيء ، فقال فيها فأهلكه ومن معه العطش ..

وعمرو بن الحجّاج هذا هو الذي كان على المشرعة يمنع الحسين عليه السلام من الماء ، فأهلكه الله تعالى عطشاً في الدنيا (ولَعَذابُ 6.

ص: 393


1- ذوب النضار : 118 ، بحار الأنوار 45 / 374 ، عوالم العلوم : 17 / 695.
2- تاريخ الطبري 6 / 52 ، الكامل في التاريخ 4 / 236.

الآخِرَةِ أشَدُّ وأبْقى) (1).

قتل خولّي بن يزيد الذي جاء برأس الحسين عليه السلام :

وبعث المختار أبا عمرة فأحاط بدار خولّي بن يزيد الأصبحي الذي حمل رأس الحسين عليه السلام إلى ابن زياد ، فاختبأ في بيت الخلاء ، ووضع على رأسه قَوْصَرَّة (2) - وهي ما يصنع من ورق النخل ليوضع فيه التمر - ، فدخلوا الدار ليفتّشوا عليه فخرجت امرأته إليهم - وهي العيوف بنت مالك ، وقيل : اسمها النوار ، وكانت محبّة لأهل البيت عليهم السلام ، وكانت قد نصبت له العداوة من يوم جاء برأس الحسين عليه السلام - ، فقالت : ما تريدون؟

فقالوا لها : أين زوجك؟

فقالت : لا أدري أين هو ، وأشارت بيدها إلى بيت الخلاء ، فدخلوا ، فوجدوه وقد وضع على رأسه القوصرّة فأخرجوه ، وكان المختار يسير في الكوفة ، فجاء في أثرهم ، فأرسلوا إليه يخبرونه ، فردّه حتّى قتله إلى جانب أهله ، ثمّ أحرقه بالنار ولم يبرح من مكانه حتّى عاد رماداً (3).

قتل حكيم بن الطُفَيل :

وبعث المختار عبد الله بن كامل إلى حكيم بن الطفيل ، وهو الذي سلب العباس عليه السلام ثيابه ، ورمى الحسين عليه السلام بسهم ، فكان يقول : تعلّق 5.

ص: 394


1- سورة طه 20 : 127.
2- القَوْصَرَّة : وعاء للتمر. القاموس المحيط 2 / 118 مادّة «قصر».
3- تاريخ الطبري 6 / 59 - 60 ، الكامل في التاريخ 4 / 240 ، ذوب النضار : 118 - 119 ، بحار الأنوار 45 / 374 ، عوالم العلوم 17 / 695.

سهمي بسرباله ولم يضرّه ، فأتاه ابن كامل فأخذه.

فذهب أهله إلى عديّ بن حاتم ليشفع فيه ، فلحقهم في الطريق ، فقالوا : ليس أمره إلينا إنّما أمره إلى المختار.

فمضى إلى المختار ، وكان المختار قد شفّعه في جماعة من قومه أُسروا يوم قتال المختار مع أهل الكوفة لم يكونوا نطقوا بشيء من أمر الحسين وأهل بيته عليهم السلام.

فقال أصحاب ابن كامل له : إنّا نخاف أن يشفّعه الأمير في هذا الخبيث وله من الذنب ما قد علمت ، فدعنا نقتله.

قال : نعم.

فأتوا به وهو مكتوف ، وقالوا له : سلبت ابن عليّ ثيابه ، والله لنسلبنّك ثيابك وأنت حيّ تنظر ، فنزعوا ثيابه ..

وقالوا له : رميت الحسين عليه السلام واتّخذته غرضاً لنبلك ، وقلت : تعلّق سهمي بسرباله ولم يضرّه ، والله لنرمينّك كما رميته بنبال ما تعلّق بك منها أجزأك ، فجعلوه غرضاً للنبل ورموه رشقاً واحداً حتّى صار كالقنفذ فخَرّ ميّتاً.

ودخل عديّ على المختار فشفع فيه ، فقال له المختار : أتستحلّ أن تشفع في قتلة الحسين عليه السلام؟!

فقال : إنّه مكذوب عليه.

قال : إذاً ندعه لك.

فدخل ابن كامل فأخبر المختار بقتله ، فأظهر لومهم على ذلك ، ولكنّه سرّ بقتله.

فقال ابن كامل : غلبتْني عليه الشيعة.

ص: 395

فقال عديّ : كذبت ، ولكنّك ظننت أنّ من هو خير منك سيشفعني فيه ، فقتلته ، فسبّه ابن كامل ، فنهاه المختار (1).

قتل مالك بن النسر ورجُلين معه :

ودلّ المختار على عبد الله بن أُسيد الجهني ، ومالك بن النسر البدائي (2) ، وحَمَل بن مالك المحاربي ، فبعث إليهم المختار مالك بن عمرو النهدي - وكان من رؤساء أصحابه - ، فأتاهم وهم بالقادسية ، فأخذهم وأقبل بهم حتّى أدخلهم على المختار عشاءً.

فقال لهم المختار : يا أعداء الله ، وأعداء كتابه ، وأعداء رسوله وأهل رسوله ، أين الحسين بن عليّ؟! أدّوا إليّ الحسين؟! قتلتم من أُمرتم بالصلاة عليه في الصلاة.

فقالوا : بعثنا ونحن كارهون ، فامنن علينا واستبْقنا.

فقال : فهلاّ مننتم على الحسين بن بنت نبيّكم واستبقيتموه وسقيتموه؟!

ثمّ قال لمالك بن النسر : أنت صاحب برنس الحسين؟

فقال له ابن كامل : نعم ، هو ، هو.

فأمر بقطع يديه ورجليه ، وتركه يضطرب ، فلم يزل ينزف الدم حتّى هلك ، وأمر بالرجلين الآخرين فقُتلا ، وعجّل الله بأرواحهم إلى النار (3).7.

ص: 396


1- تاريخ الطبري 6 / 62 - 64 ، الكامل في التاريخ 4 / 242 - 243 ، ذوب النضار : 119 ، بحار الأنوار 45 / 375 ، عوالم العلوم 17 / 695.
2- في تاريخ الطبري : مالك بن النسير البدّي ، وفي الكامل في التاريخ : مالك بن بشير البدّي ، وفي ذوب النضار : مالك بن هيثم البدّائي.
3- تاريخ الطبري 6 / 57 - 58 ، الكامل في التاريخ 4 / 239 ، ذوب النضار : 123 ، بحار الأنوار 45 / 376 ، عوالم العلوم 17 / 697.

قتل شمر - لعنه الله - :

وكان شمر - لعنه الله - قد هرب من الكوفة ومعه جماعة ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام على خيول لهم مضمرة ، فأرسل إليه المختار عبداً له أسود يقال له : «زِرْبيّ» ، وكان شجاعاً ، وقيل : إنّه مولى بجيلة ، ومعه مائة فارس على الخيل العتاق (1) ، فجعل يجدّ السير حتّى انقطع عن أصحابه إلاّ عشرة فوارس.

فقال شمر - لعنه الله - لأصحابه : تباعدوا عنّي لعلّ العبد يطمع فيّ ، فتباعدوا عنه ، ولحقه العبد ، حتّى إذا انقطع عن أصحابه حمل شمر - لعنه الله - فقتله ، وانهزم أصحابه العشرة حتّى لحق بهم الباقون.

ثمّ مضى شمر - لعنه الله - وأصحابه حتّى نزلوا قرية يقال لها : «الكَلْتانِيّة» قريباً من البصرة على شاطىَ نهر إلى جانب تلّ ، ثمّ أخذ شمر عِلْجاً (2) من القرية ودفع إليه كتاباً ، وقال : عجّل به إلى مصعب بن الزبير بالبصرة ، وكتب عنوانه : للأمير مصعب من شمر بن ذي الجوشن ..

فمضى العلج حتّى دخل قرية فيها أبو عمرة صاحب المختار ، وكان قد أرسله المختار إلى تلك القرية في خمسمائة فارس ليكون مسلحة بينه وبين أهل البصرة ، فلقي ذلك العلج علجاً آخر من تلك القرية ، فجعل يشكو إليه ما لقي من شمر ، فبينا هو يكلمه إذ مرّ به رجل من أصحاب ».

ص: 397


1- عَتَقْتُ الشيءَ : سَبَقْتُه ، ومنه : فَرَسٌ عاتِق ، إذا سَبَق الخيل. المصباح المنير : 392 مادّة «عتق».
2- العِلْج : الرجل القويّ الضخم من كفّار العجم ، وبعض العرب يُطلق العِلج على الكافر مطلقاً. أقرب الموارد 2 / 819 مادّة «علج».

أبي عمرة ، فرأى الكتاب مع العلج وعنوانه : «إلى مصعب من شمر» ، فسألوا العلج عن مكان شمر ، فأخبرهم ، فإذا ليس بينه وبينهم إلاّ ثلاثة فراسخ ، فأقبلوا يسيرون إليه ، وكان أصحاب شمر قالوا له تلك الليلة : لو ارتحلت بنا من هذه القرية ، فإنّا نتخوّف منها.

فقال : كلّ هذا فزعاً من الكذّاب - يعني المختار - ، والله لا أتحوّل منها ثلاثة أيّام ، ملأ الله قلوبكم رعباً.

فبينما شمر وأصحابه نيام إذ سمع رجل من أصحابه كان بين النائم واليقظان وقع حوافر الخيل ، فقال في نفسه : هذا صوت الدُبى - وهو الجراد الصغير - ، وكان بذلك المكان دبىً كثير ، ثمّ سمعه أشدّ من ذلك ، فانتبه ومسح عينيه ، وقال : والله ما هذا بالدبى ، وذهب ليقوم فإذا بالخيل قد أشرفت عليهم من التلّ ، فكبّروا وأحاطوا بالبيوت ، فهرب أصحاب شمر وتركوا خيلهم ، وقام شمر وهو عريان مئتزر بأزار ، وكان أبرص وبرصه يبدو من تحت الأزار ، وأعجلوه عن لبس ثيابه وسلاحه ، فجعل يقاتلهم بالرمح ، ثمّ ألقاه وأخذ السيف ، وجعل يقاتلهم به ، فلمّا بعد عنه أصحابه سمعوا التكبير وقائلاً يقول : قتل الله الخبيث ، وقتله عبد الرحمن بن أبي الكنود ، وهو الذي وجد الكتاب مع العلج ، ذبحه ذبحاً كما ذبح الحسين عليه السلام ، وأوطأوا الخيل صدر شمر وظهره ، ثمّ أُلقيت جثّته للكلاب ، وباء في الدنيا قبل الآخرة بالذلّ وسوء العذاب ، وقطعوا رأسه وأرسلوه إلى المختار ، فأرسله المختار إلى محمد بن الحنفيّة بالمدينة (1).

وقيل : جاءه من أصحاب المختار خمسون فارساً وأمامهم نبطيّ 4.

ص: 398


1- تاريخ الطبري 6 / 52 - 53 ، الكامل في التاريخ 4 / 236 - 237 ، ذوب النضار : 116 - 117 ، بحار الأنوار 45 / 373 - 374 ، عوالم العلوم 17 / 694.

يدلّهم على الطريق ، وذلك في ليلة مقمرة ، فلمّا أحسّ بهم شمر دعا بفرسه فركبه ، وركب من كان معه ليهربوا ، فأدركهم القوم فقاتلوهم ، فقتل شمر وجميع من كان معه ، واحتزّوا رؤوسهم ، وأتوا بها أميرهم فأرسلها إلى المختار ، فنصبها المختار في رحبة الحذّائين حذاء الجامع (1).

وفي البحار عن أمالي الشيخ قدِس سرِّه (2) : إنّ المختار لمّا طلب شمراً هرب إلى البادية ، فخرج إليه أبو عمرة في نفر من أصحابه فقاتلهم قتالاً شديداً ، وأثخنته الجراحة ، فأخذه أبو عمرة أسيراً ، وبعث به إلى المختار ، فضرب عنقه ، وأغلى له دهناً في قدرٍ فقذفه فيها ، فتفسّخ ، ووطئ مولىً لآل حارثة ابن المضرّب وجهه ورأسه.

قتل حرملة بن كاهل - عليه اللعنة - :

وعن المنهال بن عمرو (3) ، قال : دخلت على زين العابدين عليه السلام أُودّعه وأنا أُريد الانصراف من مكّة ، فقال : يا منهال! ما فعل حرملة بن كاهل؟!

وكان معي بشر بن غالب الأسدي (4) ، فأخبره أنّه حيّ بالكوفة ، فرفع ،

ص: 399


1- ذوب النضار : 117 - 118.
2- الأمالي - للطوسي - : 244 ، تسلية المجالس 2 / 499 ، بحار الأنوار 45 / 338 ، عوالم العلوم 17 / 663.
3- هو : المنهال بن عمرو الأسدي ، عدّه الشيخ الطوسي بهذا العنوان تارةً في أصحاب الحسين عليه السلام ، وأُخرى في أصحاب عليّ بن الحسين عليه السلام ، وعدّه في أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. معجم رجال الحديث 19 / 8.
4- هو : بشر بن غالب الأسدي الكوفي ، من أصحاب الحسين والسجّاد عليهما السلام ، قاله الشيخ في رجاله ، والبرقي عدّه من أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجّاد ،

يديه وقال : اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ النار.

قال المنهال : وقدمت الكوفة وقد ظهر المختار - وكان لي صديقاً - فركبت إليه فلقيته خارجاً من داره ، فقال : يا منهال! لم تشركنا في ولايتنا هذه؟!

فعرّفته أنّي كنت بمكّة ، فمشى حتّى أتى الكناس ، ووقف كأنّه ينتظر شيئاً ، فلم يلبث أن جاء قوم ، فقالوا : أبشر أيّها الأمير ، فقد أُخذ حرملة ، فجيء به.

فقال : لعنك الله ، الحمد لله الذي أمكنني منك.

ثمّ قال : الجزّار ، الجزّار ، فأُتي بجزّار ، فأمره بقطع يديه ورجليه ، فقطعهما.

ثمّ قال : النار ، النار ، فأُتي بنار وقصب فأحرقه.

فقلت : سبحان الله! سبحان الله!

فقال : إنّ التسبيح لحسن ، لم سبّحت؟!

فأخبرته بقول زين العابدين عليه السلام ، فقال لي : أسمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول هذا؟!

فقلت : والله لقد سمعته.

فنزل عن دابّته ، وصلّى ركعتين وأطال السجود وركب ، وقد احترق حرملة ، وسار فحاذى داري ، فطلبت منه أن ينزل ويأكل من طعامي.

فقال : تعلمني أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي ثمّ تدعوني إلى الطعام! هذا يوم صوم شكراً لله تعالى.

______

وأخوه بشير ، رويا عن الحسين عليه السلام دعاءه المعروف يوم عرفة بعرفات. مستدركات علم الرجال 2 / 33.

ص: 400

فقلت : أحسن الله توفيقك (1).

قتل الّذين نهبوا الوَرْس (2) من رحل الحسين عليه السلام :

وبعث المختار أصحابه فأتوه بجماعة من الّذين كانوا نهبوا من الورس الذي كان مع الحسين عليه السلام ، وهم : زياد بن مالك الضبعي ، وعمر (3) ابن خالد العنزي ، وعبد الرحمن بن أبي خُشْكارة البجليّ ، وعبد الله بن قيس الخولاني ، فجاؤوه بهم حتّى أدخلوهم عليه.

فقال لهم : يا قتلة الصالحين ، وقتلة سيّد شباب أهل الجنّة ، ألا ترون الله قد أقاد منكم اليوم؟! لقد جاءكم الورس بيوم نحس ، ثمّ أمر بهم فأُخرجوا إلى السوق ، وضربت أعناقهم (4).

قتل جماعة آخرين - لعنهم الله - ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام :

وأرسل المختار خيلاً فأتوه بعبد الله وعبد الرحمن ابني صَلْخب ، وحميد بن مسلم ، وعبد الله بن وهب ابن عمّ أعشى همدان ، فقبضوا 3.

ص: 401


1- الأمالي - للطوسي - : 238 - 239 ح 15 ، حكاية المختار في أخذ الثار - برواية أبي مخنف - : 58 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 / 133 ، ذوب النضار : 120 - 122 ، كشف الغمة 2 / 112 ، تسلية المجالس 2 / 499 ، بحار الأنوار 45 / 332 ح 1 وص 375 - 376 ، وج 46 / 52 ح 2 وص 53 ح 3 ، عوالم العلوم 17 / 664 ح 2 ، وج 18 / 83 ح 1 و 2.
2- الوَرْس : صبغ يتّخذ منه الحمرة للوجه ، وهو نبات كالسمسم ليس إلاّ باليمن ، يزرع فيبقى عشرين سنة ، نافع للكلف والبهق شرباً ... والوَرْس : شيء أحمر قانٍ يُشبه سحيق الزعفران. مجمع البحرين 4 / 121 مادّة «ورس».
3- في تاريخ الطبري : عِمْران.
4- تاريخ الطبري 6 / 58 ، الكامل في التاريخ 4 / 240 ، ذوب النضار 123 - 124 ، بحار الأنوار 45 / 376 ، عوالم العلوم 17 / 663.

عليهم إلاّ حميد بن مسلم فإنّه هرب وجيء بهم إلى المختار ، فأمر بهم فقتلوا في السوق (1).

قتل من اشترك في قتل عبد الرحمان بن عقيل :

وبعث المختار عبد الله بن كامل في خيل إلى عثمان بن خالد الدهماني وبشر بن سوط - وكانا ممّن شهد قتل الحسين عليه السلام ، واشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وسلبه - ، فأحاط عبد الله بن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان ، وأقسم أن يضرب أعناقهم عن آخرهم إن لم يأتوه بعثمان بن خالد.

فقالوا : أمهلنا حتّى نطلبه ، فخرجوا مع الخيل في طلبه ، فوجدوه هو وبشر بن سوط جالسين في الجبّانة ، وكانا يريدان أن يهربا إلى الجزيرة.

فأُتي بهما عبد الله بن كامل ، فقال : الحمد لله الذي كفى المؤمنين القتال ، لو لم يجدوا هذا مع هذا لأتعبنا بالذهاب إلى منزله في طلبه ، فالحمد لله الذي أمكن منك ، فخرج بهما وضرب أعناقهما في الطريق.

ورجع فأخبر المختار ، فأمره أن يرجع إليهما ويحرقهما بالنار (2) ، وقال : لا يدفنان حتّى يحرقا. فأحرقهما.

قتل عمر بن سعد - لعنه الله - :

وكان عمر قد اختفى حين ظهور أمر المختار ، وكان عبد الله بن جعدة بن هبيرة ابن أُخت أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أكرم الناس على المختار 8.

ص: 402


1- تاريخ الطبري 6 / 58.
2- تاريخ الطبري 6 / 59 ، الكامل في التاريخ 4 / 240 ، ذوب النضار : 118.

لقرابته من أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، فطلب عمر بن سعد من عبد الله بن جعدة أن يأخذ له أماناً من المختار ، ففعل ، وكتب له المختار أماناً ، وشرط فيه أن لا يحدث حدثاً.

قال الطبري ، وغيره (1) : فكان أبو جعفر محمد بن عليّ الباقر يقول : إنّما أراد المختار بقوله : «إلاّ أن يحدث حدثاً» هو أن يدخل بيت الخلاء ويحدث ، فلمّا كتب المختار الأمان لابن سعد ظهر ابن سعد ، فكان المختار يدنيه ويكرمه ، ويجلسه معه على سريره.

وأتى يزيد بن شراحيل الأنصاري محمد بن الحنفيّة رضي الله عنه فجرى ذكر المختار ، فقال محمد : يزعم أنّه لنا شيعة ، وقتلة الحسين عليه السلام عنده على الكراسي يحدّثونه ، فلمّا قدم يزيد الكوفة أخبر المختار بذلك ، فعزم على قتل عمر بن سعد (2).

وكان أمير المؤمنين عليه السلام في جملة إخباره بالمغيّبات قد أخبر أنّ عمر بن سعد سيقتل الحسين عليه السلام (3).

قال ابن الأثير في تاريخه (4) : قال عبد الله بن شَريك : أدركت أصحاب الأردية المعلّمة ، وأصحاب البرانس السود من أصحاب السواري 2.

ص: 403


1- تاريخ الطبري 6 / 60 - 61 ، الكامل في التاريخ 4 / 241 ، ذوب النضار : 127 ، بحار الأنوار 45 / 378 ، عوالم العلوم 17 / 698.
2- تاريخ الطبري 6 / 62 ، الكامل في التاريخ 4 / 242.
3- قوله عليه السلام المعروف إلى سعد والد عمر : «إنّ في بيتك لسخلاً يقتل الحسين ابني». انظر : خصائص الأئمة عليهم السلام : 62 ، الاِرشاد - للمفيد - 1 / 330 ، المناقب - لابن شهرآشوب - 2 / 269 - 270 ، كشف اليقين : 90 ح 79 ، نهج الحقّ وكشف الصدق : 241 - 242.
4- الكامل في التاريخ 4 / 242.

إذا مرّ بهم عمر بن سعد قالوا : هذا قاتل الحسين عليه السلام ، وذلك قبل أن يقتله.

وقال ابن سيرين : قال عليّ عليه السلام لعمر بن سعد : كيف أنت إذا قمت مقاماً تُخيّر فيه بين الجنّة والنار فتختار النار؟! انتهى.

ثمّ إنّ المختار قال يوماً لأصحابه : لأقتلنّ غداً رجلاً عظيم القدمين ، غائر العينين ، مشرف الحاجبين ، يهمز (1) الأرض برجله ، يسرّ قتله المؤمنين والملائكة المقرّبين.

وكان عنده الهيثم النَخعي فوقع في نفسه أنّه يريد عمر بن سعد ، فبعث ولده العُريان إلى ابن سعد يعرّفه ذلك ، فقال ابن سعد : جزى الله أباك خيراً ، كيف يقتلني بعد العهود والمواثيق؟!

ثمّ إنّ عمر بن سعد خرج ليلاً فأتى حمّامه (2) ، وأخبر مولىً له بما كان من أمانه ، وبما بلغه عن المختار.

فقال له مولاه : وأيّ حدث أعظم ممّا صنعت؟! تركت أهلك ورحلك وأتيت إلى هنا ، ارجع ، ولا تجعل للرجل عليك سبيلاً ، فرجع إلى منزله.

وجاء الخبر إلى المختار بخروجه ، فقال : كلاّ ، إنّ في عنقه سلسلة ستردّه. ).

ص: 404


1- هَمَزَه : دفعه وضربه. لسان العرب 5 / 426 مادّة «همز». وفي ذوب النضار : يهمر ؛ وهَمَرَ الفرسُ الأرضَ : ضربها بحوافره شديداً. المعجم الوسيط 2 / 993 مادّة «همر».
2- كذا وجدناه في بعض الكتب ، وسيأتي بعد أسطر : فلمّا كان عند «حمّام عمر» ؛ والظاهر أنّه اسم موضع ، والذي كتب : «حمّامه» ظنّ أنّ المراد بعمر في قولهم : «حمّام عمر» هو عمر بن سعد فأضاف «حمّام» إلى ضميره ، ولكنّا لم نجد مكاناً يسمّى «حمّام عمر» ، ويمكن كونه «حمّام أعين» بالكوفة ، ذكره في الأخبار مشهور منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقّاص. (منه).

وقال المرزباني : إنّ ابن سعد لمّا بلغه قول المختار عزم على الخروج من الكوفة ، فأحضر رجلاً من بني تيم اللات اسمه «مالك» وكان شجاعاً ، فأعطاه أربعمائة ديناراً ، وقال : هذه معك لحوائجنا وخرجا ، فلمّا كانا عند «حمّام عمر» أو «نهر عبد الرحمن» وقف عمر وقال : أتدري لم خرجتُ؟!

قال : لا.

قال : خفتُ المختار.

قال : هو أذلّ من أن يقتلك ، وإن هربت هدم دارك ، وانتهب عيالك ومالك ، وخرّب ضياعك ، وأنت أعزّ العرب ، فاغترّ بكلامه ودخل الكوفة مع الغداة.

وقيل : إنّ عمر نام على الناقة فرجعت به وهو لا يدري حتّى ردّته إلى الكوفة ، فأرسل عمر عند الصبح ابنه حفصاً إلى المختار ليجدّد له الأمان.

فقال له المختار : أين أبوك؟

فقال : في المنزل. - ولم يكن عمر بن سعد وابنه حفص يجتمعان عند المختار ، فإذا حضر أحدهما غاب الآخر ؛ خوفاً أن يجتمعا فيقتلهما -.

فقال حفص : أبي يقول : أتفي لنا بالأمان؟!

قال : اجلس ، وطلب المختار أبا عَمْرة كيسان ، فأقبل رجل قصير يتخشخش في السلاح ، فأسرّ إليه المختار أن يقتل عمر بن سعد ، وبعث معه رجلين آخرين ، وقال له : إذا دخلت ورأيته يقول : «يا غلام! علَيّ بطيلساني» (1) فإنّه يريد السيف ، فبادره واقتله.

فذهب أبو عمرة إلى ابن سعد ، وقال له : أجب الأمير. ».

ص: 405


1- الطَيلسان : ثوب يحيط بالبدن ، ينسج للّبس خال عن التفصيل والخياطة ، وهو من لباس العجم. مجمع البحرين 4 / 82 مادّة «طيلس».

فقام عمر فعثر في جبّة له ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله وقطع رأسه ، وحمله في طرف قبائه حتّى وضعه بين يدي المختار ، وظهر بذلك تصديق قول الحسين عليه السلام لابن سعد : «وسلّط الله عليك من يذبحك بعدي على فراشك» (1).

فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس؟!

فاسترجع ، وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده.

فقال له المختار : صدقت ، وإنّك لا تعيش بعده ، فأمر به فقُتل ، وإذا رأسه مع رأس أبيه ، وقال المختار : هذا بالحسين ، وهذا بعليّ بن الحسين ولا سواء ، والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.

ثمّ بعث المختار برأسي عمر بن سعد وابنه إلى محمد بن الحنفيّة رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنّه قد قتل من قدر عليه ، وأنّه في طلب الباقين ممّن حضر قتل الحسين عليه السلام ،

فبينما محمد بن الحنفيّة جالس مع أصحابه وهو يتعتّب على المختار فما تمّ كلامه إلاّ والرأسان عنده ، فخرّ ساجداً شكراً لله تعالى ، ثمّ رفع رأسه وبسط كفّيه ، وقال : اللّهمّ لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجْزه عن أهل بيت نبيّك محمد خير الجزاء ، فوالله ما على المختار بعد هذا من عتب (2).

ما جرى لمُرّة بن مُنقذ قاتل عليّ بن الحسين عليهما السلام :

وبعث المختار عبد الله بن كامل إلى مرّة بن منقذ قاتل عليّ بن 0.

ص: 406


1- تقدّم تخريجه في مقدّمة المؤلّف ص 325.
2- تاريخ الطبري 6 / 60 - 61 ، الكامل في التاريخ 4 / 241 ، ذوب النضار : 126 - 130 ، بحار الأنوار 45 / 377 - 379 ، عوالم العلوم 17 / 698 - 700.

الحسين عليهما السلام - وكان شجاعاً - ، فأتاه ابن كامل بخيله فأحاط بداره ، فخرج إليهم وبيده الرمح ، وهو على فرس جواد ، فطعن رجلاً من أصحاب المختار فصرعه ولم يضرّه ، وضربه ابن كامل بالسيف فاتّقاها بيده اليسرى فأسرع السيف فيها ، وعدا به الفرس ، فأفلت وهرب إلى البصرة إلى مصعب ابن الزبير ، وشلّت يده بعد ذلك (1).

قتل زيد بن رُقاد قاتل عبد الله بن مسلم :

وبعث المختار عبد الله بن كامل إلى زيد بن رقاد قاتل عبد الله بن مسلم بن عقيل - الذي رماه بسهم وهو واضع كفّه على جبهته ، فسمّرها فلم يستطع تحريكها ، ثمّ رماه بسهم فقتله ، وجاءه وهو ميّت فنزع السهم من جوفه وجعل ينضنض (2) السهم الذي في جبهته حتّى نزعه ، وبقي النصل في جبهته لم يقدر على نزعه - ، فأحاط ابن كامل بداره ، واقتحم الرجال عليه الدار ، فخرج إليهم بالسيف - وكان شجاعاً -.

فقال ابن كامل : لا تضربوه بسيف ، ولا تطعنوه برمح ، ولكن ارموه بالنبل ، وارجموه بالحجارة. ففعلوا ذلك به فسقط ، فأحرقوه حيّاً (3).

قتل بجدل بن سليم الكلبيّ الذي أخذ خاتم الحسين عليه السلام ، وقطع إصبعه مع الخاتم :

وأُتي المختار ببجدل بن سليم الكلبي ، وعرّفوه أنّه أخذ خاتم 0.

ص: 407


1- تاريخ الطبري 6 / 64 ، الكامل في التاريخ 4 / 243 ، ذوب النضار : 119.
2- أي : يحرّك.
3- تاريخ الطبري 6 / 64 ، الكامل في التاريخ 4 / 243 ، ذوب النضار : 120.

الحسين عليه السلام وقطع إصبعه ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، فلم يزل ينزف الدم حتّى مات (1).

قتل الّذين أكلوا من لحوم إبل الحسين عليه السلام :

وكان شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - نهب من الإبل التي كانت مع الحسين عليه السلام ، فلمّا قدم الكوفة نحرها ، وقسّم لحومها على قوم من أهل الكوفة ، فأمر المختار فأحصوا كلّ دار دخلها ذلك اللحم ، فقتل أهلها وهدمها.

ولم يزل المختار يتتبّع قتلة الحسين عليه السلام حتّى قتل منهم خلقاً كثيراً ، وقتلت العبيد مواليها الّذين شركوا في قتل الحسين عليه السلام ، وجاءوا إلى المختار فأعتقهم ؛ وكان العبد يسعى بمولاه أنّه ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام فيقتله المختار ، حتّى أنّ العبد كان يقول لسيّده : «احملني على عنقك» فيحمله ويدلي رجليه على صدره إهانة له لخوفه من سعايته به إلى المختار بأنّه من قتلة الحسين عليه السلام (2).

قتل عمرو بن صُبَيح :

وطلب المختار عمرو بن صبيح ، وكان يقول : لقد طعنت فيهم - يعني في أصحاب الحسين عليه السلام - وجرحت ، وما قتلت منهم أحداً ، فأتوه ليلاً وهو على سطحه بعد ما هدأت العيون وسيفه تحت رأسه ، فأخذوه ، وأخذوا سيفه ، فجيء به إلى المختار فحبسه .. 7.

ص: 408


1- ذوب النضار : 123 ، بحار الأنوار 45 / 376 ، عوالم العلوم 17 / 697.
2- ذوب النضار : 124 ، بحار الأنوار 45 / 377 ، عوالم العلوم 17 / 697.

فلمّا أصبح أذن للناس ، فدخلوا ، وجيء به وهو مقيّد ، فقال المختار : علَيّ بالرماح ، فأُتي بها ، فقال : اطعنوه حتّى يموت. فطعن بالرماح حتّى مات (1).

قتل قيس بن الأشعث بن قيس الذي أخذ قطيفة الحسين عليه السلام :

قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب الأخبار الطوال (2) : إنّ قيس بن الأشعث الذي أخذ قطيفة الحسين عليه السلام حين قتل ، فكان يسمّى : «قيس القطيفة» أنف من أن يأتي البصرة فيشمت به أهلها ، فأتى الكوفة واستجار بعبد الله بن كامل ، وهو من أخصّ أصحاب المختار ، فأقبل ابن كامل إلى المختار وأخبره بأنّه استجار به وأجاره ..

فسكت المختار ، وشغله بالحديث ، ثمّ قال : أرني خاتمك ، فناوله إيّاه ، فجعله في إصبعه ، ثمّ دعا أبا عمرة فدفع إليه الخاتم ، وقال له سرّاً أن ينطلق إلى امرأة عبد الله بن كامل فيقول لها : هذا خاتم بعلك علامة لتدخليني إلى قيس بن الأشعث فإنّي أُريد مناظرته في ما فيه خلاصه من المختار ..

فأدخلته إليه ، فانتضى سيفه ، فضرب عنقه ، وأخذ رأسه فأتى به المختار ، فألقاه بين يديه.

فقال المختار : هذا بقطيفة الحسين عليه السلام.

فاسترجع ابن كامل ، وقال للمختار : قتلت جاري.

فقال له المختار : لله أبوك ، اسكت ، أتستحلّ أن تجير قتلة ابن بنت 2.

ص: 409


1- تاريخ الطبري 6 / 65 ، الكامل في التاريخ 4 / 244 ، ذوب النضار : 122.
2- ص 302.

نبيّك؟!

قتل سنان بن أنس النخعي :

وطلب المختار سنان بن أنس النخعي فوجده قد هرب إلى البصرة ، فهدم داره ، ثمّ خرج من البصرة نحو القادسية ، وكان عليه عيون فأخبروا المختار ، فأرسل إليه فأخذه بين العُذَيب (1) والقادسية ، فقطع أنامله ، ثمّ قطع يديه ورجليه ، وأغلى له زيتاً في قدر ورماه فيها (2).

ذكر الّذين هربوا من المختار فهدم دورهم من قتلة الحسين عليه السلام :

وكان محمد بن الأشعث بن قيس في قرية له إلى جنب القادسية ، فبعث المختار إليه حوشباً في مائة ، فخرج حتّى أتى قصره ، فأحاط به ، وهرب محمد من القصر ، وهم لا يعلمون به ، فلحق بمصعب ، ثمّ دخلوا القصر فوجدوه قد هرب ..

فرجعوا إلى المختار فأخبروه ، فأمر بهدم داره وقصره ، وأخذ ما فيها ، وبنى بلبن داره وطينها دار حجر بن عدي الكندي ، وكان زياد بن سميّة قد هدمها (3).

وطلب المختار أيضاً عبد الله بن عروة الخثعمي ، الذي كان يقول : رميت فيهم - يعني في أصحاب الحسين عليه السلام - باثني عشر سهماً ، فهرب 6.

ص: 410


1- العُذَيب : ماء عن يمين القادسية ، لبني تميم ، بينه وبين القادسية أربعة أميال ، منه إلى مفازة القرون في طريق مكّة. مراصد الاطّلاع 2 / 925.
2- تاريخ الطبري 6 / 65 ، الكامل في التاريخ 4 / 243 ، ذوب النضار : 120 ، بحار الأنوار 45 / 375 ، عوالم العلوم 17 / 695.
3- ذوب النضار : 122 ، بحار الأنوار 45 / 376 ، عوالم العلوم 17 / 696.

ولحق بمصعب بن الزبير ؛ فهدم المختار داره (1).

وطلب المختار عبد الله بن عُقْبة الغَنَوي قاتل أبي بكر بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام فوجده قد هرب إلى الجزيرة ؛ فهدم داره (2).

وبلغ المختار أنّ شبث بن ربعي في أُناس من أشراف الكوفة قد أخذوا طريق البصرة ، فأرسل خيلاً في طلبهم ، فقاتلوها ، ثمّ انهزموا.

وكان أسماء بن خارجة الفزاري ممّن سعى في قتل مسلم بن عقيل ؛ فقال المختار يوماً : أما وربّ السماء ، وربّ الضياء ، لتنزلنّ نار من السماء ، دهماء ، حمراء ، سحماء (3) ، تحرق دار أسماء.

فبلغ ذلك أسماء ، فقال : سجع بي أبو إسحاق ، ليس ها هنا مقام بعد هذا ..

وكان المختار يستعمل السجع في كلامه ، يذهب في ذلك مذهب الكهان ، وخرج أسماء من داره هارباً إلى البادية ؛ فهدم داره ، ودور بني عمّه (4).

وهرب أشراف أهل الكوفة والوجوه فلحقوا بمُصعب بن الزبير بالبصرة (5).7.

ص: 411


1- تاريخ الطبري 6 / 65 ، الكامل في التاريخ 4 / 244 ، ذوب النضار : 122 ، بحار الأنوار 45 / 376 ، عوالم العلوم 17 / 696.
2- تاريخ الطبري 6 / 65 ، الكامل في التاريخ 4 / 243 ، ذوب النضار : 120 ، بحار الأنوار 45 / 375 ، عوالم العلوم 17 / 696.
3- الدُهْمَة : السواد ، والسَحَمُ والسَحْمَة : السواد. القاموس المحيط 4 / 115 مادّة «دهم» ، وج 4 / 127 مادّة «سحم».
4- ذوب النضار : 124 ، بحار الأنوار 45 / 377 ، عوالم العلوم : 17 / 697.
5- تاريخ الطبري 6 / 94 ، الكامل في التاريخ 4 / 267.

قتل عبيد الله بن زياد - لعنهما الله - :

ولمّا فرغ المختار من قتال الّذين خالفوه من أهل الكوفة بعد رجوع إبراهيم بن الأشتر بقي إبراهيم بن الأشتر بعد ذلك يومين ، ثمّ وجّهه المختار لقتال عبيد الله بن زياد وأهل الشام ، فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجّة سنة ستّ وستين ، وبعث معه المختار وجوه أصحابه وفرسانهم ، وذوي البصائر منهم ، ممّن قد شهد الحروب وجرّبها.

قال الشيخ رحمه الله في الأمالي (1) : انّه خرج في تسعة آلاف ، وقيل : في اثني عشر ألفاً. انتهى.

وقال ابن نما (2) : إنّه كان في أقلّ من عشرين ألفاً.

وخرج المختار مع إبراهيم يشيّعه ، وأنشأ المختار يقول :

أمَا ورَبِّ المُرْسَلاتِ عُرْفا

لَنَقْتُلَنّ (3) بَعْدَ

صَفٍّ صَفّا

وبَعْدَ أَلْفٍ قاسِطينَ ألْفا (4)

[الرجز]

وقال ابن نما (5) - رحمه الله تعالى - : إنّ إبراهيم جعل يرتجز ويقول : 1.

ص: 412


1- انظر ص 240 منه ؛ فقد قال : ... في ألفين من مَذْحِج وأسد ، وألفين من تميم وهمدان ، وألف وخمسمائة من قبائل المدينة ، وألف وخمسمائة من كندة وربيعة ، وألفين من الحمراء ، وقال بعضهم : كان ابن الأشتر في أربعة آلاف من القبائل ، وثمانية آلاف من الحمراء.
2- ذوب النضار : 132.
3- لنقتلنّ ، من - خ ل -.
4- تاريخ الطبري 6 / 81.
5- ذوب النضار : 131.

إنّا وحَقِّ المُرسَلاتِ عُرفا

حَقّاً وحَقّ العاصِفاتِ عَصْفا

لَنَعْسِفنَّ مَن بَغانا عَسْفا

حَتّى نَسومَ القَوْمَ مِنّا خَسْفا

زَحْفاً إلَيْهِم لا نَمِلُّ الزَحْفا

حَتّى نُلاقي بَعْدَ صَفٍّ صَفّا

وبَعْدَ ألْفٍ قاسِطينَ ألْفا

نَكشِفُهُم لَدَى الْْهَيْجاءِ (1)

كَشْفا

[الرجز]

ثمّ إنّ المختار ودّع إبراهيم ، وقال له : خذ عنّي ثلاثاً : خِف الله عزّ وجلّ في سرّ أمرك وعلانيتك ، وعجّل السير ، وإذا لقيت عدوّك فعجّل القتال ساعة تلقاهم ليلاً كان أو نهاراً.

ثمّ رجع المختار ، وسار إبراهيم يجدّ السير ليلقى ابن زياد قبل أن يدخل أرض العراق ، وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم من الشام حتّى وصل إلى الموصل وملكها.

فسار إبراهيم حتّى وصل إلى أرض الموصل ، وجعل لا يسير إلاّ على تعبئة حتّى وصل إلى نهر الخازر (2) ، فنزل قرية يقال لها : «باربيثا» بينها وبين الموصل خمسة فراسخ.

وجاء ابن زياد حتّى نزل قريباً منهم على شاطئ نهر الخازر في ثلاثين ألفاً ، على رواية سبط ابن الجوزي (3) ، وعلى رواية ابن نما (4) : إنّهم كانوا ثلاثة وثمانين ألفاً.

وأرسل رجل من رؤساء أصحاب ابن زياد يسمّى : «عمير السلمي» 2.

ص: 413


1- في ذوب النضار : الهِياجِ.
2- نهر بين إربل والموصل. مراصد الاطّلاع 1 / 445.
3- تذكرة الخواصّ : 286.
4- ذوب النضار : 132.

إلى ابن الأشتر : إنّي أُريد ملاقاتك الليلة ..

وكانت عشيرة عمير هذا حاقدة على بني مروان من أجل بعض الوقائع ، فأتى عمير إلى ابن الأشتر ومعه رجل يسمّى «فرات بن سالم» وكانا يمرّان بمسالح أهل الشام فيقولون لهما : ما أنتما؟! فيقولان : طليعة للأمير الحصين بن نمير.

فأتيا إبراهيم وقد أوقد النيران وهو قائم يعبّئ أصحابه ، وعليه قميص أصفر هروي ، وملاءة مورّدة ، متوشّحاً بها ، متقلّداً سيفه ، فدنا منه عمير فصار خلفه ، واحتضنه من ورائه ، فلم يعبأ به إبراهيم ، ولا تحلحل عن موضعه ، غير أنّه أمال رأسه وقال : من هذا؟

قال : أنا عمير.

فقال : اجلس حتّى أفرغ. فجلس.

فقال عمير لصاحبه : هل رأيت رجلاً أربط جأشاً ، وأشدّ قلباً منه؟! تراه تحلحل من مكانه أو اكترث بي وأنا محتضنه من خلفه؟!

فقال صاحبه : ما رأيت مثله.

ثمّ بايعه عمير ، وأخبره انّه على ميسرة ابن زياد ، ووعده أن ينهزم بالناس عند الحرب بعد أن اختبره إبراهيم وعرف نصحه ، ثمّ انصرف عمير.

وبثّ ابن الأشتر الحرس تلك الليلة ولم يدخل عينه النوم ، فلمّا كان وقت السحر الأوّل عبّأ أصحابه ، وكتّب كتائبه ، وأمّر أُمراءه ، فلمّا انفجر الفجر صلّى بأصحابه صلاة الصبح وقت الغلس (1) ، ثمّ خرج بهم فصفّهم ، ة.

ص: 414


1- الغلس : الظلمة.

وألحق كلّ أمير بمكانه ، ونزل هو يمشي ، وقال للناس : ازحفوا. فزحفوا.

وجعل يحرّضهم ويمنّيهم الظفر ، وسار بهم رويداً حتّى أشرف على تلّ عظيم مشرف على أهل الشام ، وإذا هم لم يتحرّك منهم أحد بعد ، فأرسل إبراهيم فارساً من أصحابه يأتيه بخبرهم ، فلم يلبث إلاّ يسيراً حتّى عاد إليه ، وقال له : قد خرج القوم على دهش وفشل ، لقيني رجل منهم وليس له كلام إلاّ : يا شيعة أبي تراب! يا شيعة المختار الكذّاب! فقلت : ما بيننا وبينكم أجلّ من الشتم.

ودعا ابن الأشتر بفرس له فركبه ، ثمّ مرّ بأصحاب الرايات كلّها ، فكلّما مرّ على راية وقف عليها ، ثمّ قال : يا أنصار الدين وشيعة الحقّ! هذا عبيد الله بن مرجانة قاتل الحسين بن عليّ ، ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، حال بينه وبين بناته ونسائه وشيعته وبين ماء الفرات أن يشربوا منه وهم ينظرون إليه ، ومنعه من الذهاب في الأرض العريضة حتّى قتله وقتل أهل بيته ، فوالله ما عمل فرعون بنجباء بني إسرائيل ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ، الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فوالله إنّي لأرجو أن يشفي الله صدوركم بسفك دمه على أيديكم ، فقد علم الله أنّكم خرجتم غضباً لأهل بيت نبيّكم.

فسار في ما بين الميمنة والميسرة ، وسار في الناس كلّهم يرغّبهم في الجهاد ، ويحرّضهم على القتال ، ثمّ رجع إلى موضعه.

وتقابل الجمعان ، فخرج من عسكر ابن زياد رجل يقال له : «ابن ضبعان الكلبي» ونادى : يا شيعة المختار الكذّاب! يا شيعة ابن الأشتر المرتاب! وجعل يرتجز ويقول :

ص: 415

أنا ابْنُ ضَبعانِ الكَريمِ المُفْضِلِ

مِن عُصبَةٍ يَبْرونَ مِن دينِ عَليّ

كَذاكَ كانوا في الزَمانِ الأوّلِ

[الرجز]

فخرج إليه الأحوص بن شدّاد الهمداني ، وهو يقول (1) :

أنا ابْنُ شَدّادٍ عَلى دينِ عَليّ

لَسْتُ لِعُثْمانَ بْنِ أرْوى بِوَلي

لأصْلَيَنَّ اليَوْمَ في مَنْ يَصْطَلي

بِحَرِّ نارِ الحَرْبِ حَتّى تَنْجَلي

[الرجز]

فقال للشامي : ما اسمك؟!

فقال : منازل الأبطال.

قال له الأحوص : وأنا مقرّب الآجال. ثمّ حمل الأحوص عليه وضربه فسقط قتيلاً ، ثمّ نادى : هل من مبارز؟

فخرج إليه داوُد الدمشقي ، وهو يقول :

أنا ابْنُ مَن قاتَلَ في صِفّينا

قِتالَ قَرْنٍ لَمْ يَكُنْ غَبينا (2)

بَلْ كانَ فيها بَطَلاً جَرونا (3)

مُجَرّباً لَدَى الْوَغا مَكينا (4)

[الرجز]

فأجابه الأحوص يقول :

يا ابْنَ الّذي قاتَلَ في صِفّينا

ولَمْ يَكُنْ في دينِهِ غَبيناب.

ص: 416


1- قد تقدّم أنّ رفاعة بن شدّاد ارتجز بهذه الأبيات بعينها سوى قوله في البيت الأخير : «حتّى تنجلي» ، فذكر بدلها : «غير مؤتلي» والله أعلم لأيّهما هي؟! (منه).
2- الغَبين : الضعيف الرأي.
3- جرن جروناً : تعوّد الأمر ومرّن.
4- في ذوب النضار : كَمينا. كأمير القوم يكمنونه في الحرب.

كَذِبْتَ قَدْ كُنْتَ بِها مَغْبونا

مُذَبْذَباً في أمْرِهِ مَفْتونا

لا يَعْرِفُ الحَقَّ ولا اليَقينا

بُؤْساً لهُ لَقَدْ قَضَى مَلْعونا

[الرجز]

ثمّ التقيا فضربه الأحوص فقتله ، ثمّ عاد إلى صفّه.

وزحف ابن زياد إلى ابن الأشتر ، فلمّا تدانى الصفّان حمل الحصين ابن نمير في ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم وعليها عليّ بن مالك الجشمي ، فثبت له هو بنفسه ، فقُتل ، فأخذ رايته ولده قرّة بن عليّ ، فقُتل في رجال من أهل البأس ، وانهزمت ميسرة إبراهيم ، فأخذ الراية عبد الله ابن ورقاء ، فاستقبل أهل الميسرة حين انهزموا ، فقال : إليّ يا شرطة الله! فأقبل إليه أكثرهم ، فقال : هذا أميركم يقاتل ابن زياد ، ارجعوا بنا إليه.

فرجعوا فإذا إبراهيم كاشف عن رأسه ينادي : إليّ يا شرطة الله! أنا ابن الأشتر ، إنّ خير فراركم كراركم ، ليس مسيئاً من أعتب.

فرجع إليه أصحابه ، وحملت ميمنة إبراهيم على ميسرة ابن زياد وهم يرجون أن ينهزم عمير صاحب ميسرة ابن زياد كما وعدهم ، فقاتلهم عمير قتالاً شديداً وأنف من الفرار ، فلمّا رأى ذلك إبراهيم قال لأصحابه : اقصدوا هذا السواد الأعظم ، فوالله لئن هزمناه لانجفل (1) من ترونه يمنة ويسرة انجفال الطير إذا ذعرته.

فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا بالرماح ، ثمّ تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان يسمع ضرب الحديد على الحديد كأصوات القصّار ، وجعل إبراهيم يحمل على عسكر ابن زياد ويضرب فيهم بسيفه وهو يقول : ».

ص: 417


1- انجفل القوم : انقلعوا فمضوا. القاموس المحيط 3 / 349 مادّة «جفل».

قدْ عَلِمَتْ مَذْحِجُ عِلْماً لا خَطَلْ (1)

أني إذا القَرْنُ لَقيني لا وَكَلْ (2)

ولا جَزوعٍ عِنْدَها ولا نَكَلْ

أرْوَعُ مِقْدامٍ إذا النَكْسُ (3)

فَشَلْ

أضْرِبُ في القَوْمِ إذا جاءَ الأجَلْ

وأعْتَلي رَأْسَ الطِرِمّاحَ (4)

الْبَطَلْ

بِالذَكَرِ (5) تس البَتَّارِ حَتى يَنْجَدِلْ

[الرجز]

وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته : انغمس برايتك فيهم ، فيقول : لاأقدر على التقدّم ، فيقول له إبراهيم : بلى ، فيتقدّم فإذا تقدّم شدّ إبراهيم عليهم بسيفه فلا يضرب رجلاً إلاّ صرعه ، وجعل إبراهيم يطرد الرجال بين يديه كالمِعزى ، وحمل أصحابه حملة رجل واحد ، واشتدّ القتال حتّى صلّوا صلاة الظهر بالتكبير والإيماء ، وقتل من الفريقين قتلى كثيرة ، وانهزم أصحاب ابن زياد.

وكان أوّل من انهزم عُمير الذي وعد إبراهيم أن ينهزم - كما تقدّم - وإنّما قاتل أوّلاً حتّى يكون معذوراً ، وحمل إبراهيم على عبيد الله بن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قدّه بها نصفين ، وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، وعجّل الله بروحه إلى النار.

فلمّا انهزم أصحاب ابن زياد قال إبراهيم : إنّي قتلت رجلاً تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر فالتمسوه فإنّي شممت منه رائحة المسك ، شرّقت يداه وغرّبت رجلاه. فطلبوه فإذا هو ابن زياد قتيلاً بضربة إبراهيم ، ه.

ص: 418


1- الخطل : الفاسد المضطرب.
2- الوَكل : العاجز.
3- النكس : الرجل الضعيف.
4- الطرمّاح : العالي النسب المشهور.
5- الذكر : أيبس الحديد وأجوده.

فقد قدّته نصفين ، فذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب كما قال إبراهيم ، فاحتزّوا رأسه وأخذوه وأحرقوا جثّته ، وكانوا قد احتفظوا بجسده طول الليل ، فلمّا أصبحوا عرفه مهران مولى زياد ، فلمّا رآه إبراهيم قال : الحمد لله الذي أجرى قتله على يدي.

وفي رواية : إنّ إبراهيم رحمه الله صلبه منكوساً.

وحمل شريك التغلبي على الحصين بن نمير وهو يظنّه عبيد الله بن زياد ، فاعتنق كلّ واحد منهما صاحبه ، فنادى التغلبي : اقتلوني وابن الزانية ، فقتلوا الحصين ، وكان من قتلة الحسين عليه السلام.

وقيل : إنّ الحصين خرج وهو يقول :

يا قادَةَ الكوفةِ أهْلَ المُنكَرِ

وشيعَةَ المُختارِ وابنَ الأشْتَرِ

هَل فيكُمُ قِرْمٌ (1)

كَريمُ العُنصُرِ

مُهَذّبٌ في قَوْمِهِ بِمَفْخَرِ

يَبرُزُ نَحْوي قاصِداً لا يَمْتري؟!

[الرجز]

فخرج إليه شريك التغلبي ، وهو يقول :

يا قاتِلَ الشَيخ الكَريمِ الأزْهَرِ

بِكَربَلاء يَومَ الْتِقاءِ العَسْكَرِ

أَعْني حُسَيْناً ذَا الثَّنا والمَفْخَرِ

وابْنَ النَّبِيّ الطاهِرِ المُطَهرِ

وابْنَ عَليّ البَطَلِ المُظَفَّرِ

هذا فَخُذْها مِنْ هِزَبْرٍ قَسْوَرِ (2)

ضَرْبَةَ قَرْمٍ رَبِعِيٍّ مُضَريّ

[الرجز]

فالتقيا بضربتين وجندله التغلبي صريعاً. ع.

ص: 419


1- القرم : السيّد.
2- الهزبر : الأسد ، والقسور : القويّ الشجاع.

وقتل شرحبيل بن ذي الكلاع الحميري ، من رؤساء أهل الشام.

ولمّا انهزم أصحاب ابن زياد تبعهم أصحاب إبراهيم ، فكان من غرق منهم أكثر ممّن قتل ، وانتهبوا عسكرهم ، وكان فيه من كلّ شيء ، وأرسل إبراهيم البشارة إلى المختار وهو بالمدائن ، فكاد المختار يطير فرحاً.

وكانت الوقعة يوم عاشوراء سنة سبع وستّين في اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام ، ولم يقتل من أهل الشام بعد صفّين مثلما قتل في هذه الوقعة.

قال ابن نما (1) ؛ : وجعلوا يعدّون القتلى بالقصب ، يضعون عند كلّ قتيل قصبة فكانوا سبعين ألفاً.

وفرّق إبراهيم عمّاله على بلاد الموصل ، وأقام هو بالموصل.

وقال سُراقة بن مِرداس البارقي يمدح إبراهيم بن الأشتر وأصحابه في قتلهم لعبيد الله بن زياد :

أتاكُمْ غُلامٌ مِنْ عَرانينَ مَذْحِجٍ

جَرِيٍّ عَلَى الأعْداءِ غَيْرُ نَكولِ

فَيا ابْنَ زِيادٍ بُوَْ بِأعْظَمِ هالِكٍ (2)

وذُقْ حَدَّ ماضِي الشَفْرَتَيْنِ صَقيلِ

ضَرَبْناكَ بِالعَضْبِ الحُسامِ بِحَدَّةٍ

إذا ما أبانا قاتِلاً بِقَتيلِ

جَزَى اللهُ خَيْراً شُرْطَةَ اللهِ إنَّهُم

شَفَوا مِنْ عُبَيْدِ اللهِ أمْسِ غَليلي

[الطويل]

وقال أبو السفّاح الزبيديّ في ذلك أيضاً (3) : ).

ص: 420


1- ذوب النضار : 142.
2- مالك - خ ل -.
3- هكذا ذكره ابن نما - رحمه الله تعالى - ؛ ولا يخفى أنّ فيها بعض أبيات سراقة ، ولعلّه توهّم من الرواة. (منه).

أتاكُمْ غُلامٌ مِن عَرانينَ مَذْحِجٍ

جَرِيٌّ عَلَى الأَعْداءِ غَيْرُ نَكولِ

أتاهُ عُبَيْدُ اللهِ في شَرّ عُصْبَةٍ

مِنَ الشامِ لَمّا أن رَضوا بِقَليلِ

فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعانِ في حَوْمَةِ الوَغَى

ولِلْمَوتِ فيهمْ ثَمَّ جَرُّ ذُيولِ

فَأصبَحتَ قَد وَدَّعْتَ هِنْداً وأصْبَحَتْ

مولَهَةٍ ما وَجْدُها بِقَليلِ

وأخْلِقْ بِهِنْدٍ أَنْ تُساقَ سَبِيَّةً

لَها مِنْ أَبي إسحاقَ شَرَّ حَليلِ

تَوَلَّى عُبَيْدِ اللهِ خَوْفاً مِنَ الرَّدَى

وَخَشيَةَ ماضِي الشَّفرَتَيْنِ (1)

صَقيلِ

جَزى اللهُ خَيراً شُرطَةَ اللهِ إنَّهُم

شَفَوا بِعُبَيدِ اللهِ كُلَّ غَليلِ

[الطويل]

يعني بقوله هند : بنت أسماء بن خارجة زوجة عبيد الله بن زياد ، وكانت معه ، فلمّا قُتل حملها عتبة أخوها إلى الكوفة ، وأبو إسحاق هو : المختار.

وقال عبد الله بن الزَبِير - بفتح الزاي - الأسدي - وقيل : عبد الله بن عمرو الساعدي - يمدح إبراهيم أيضاً ، ويذكر هذه الوقعة :

اللهُ أعْطاكَ المَهابَةَ والتُقَى

وأحَلَّ بَيتَكَ فِى العَديدِ الأكْثَرِ

وأقَرَّ عَينَكَ يَوْمَ وَقْعَةِ خازِرٍ

والخَيْلُ تعْثُرْ بالقَنا المُتَكَسِّرِ

مِن ظالِمينَ كَفَتهُمُ آثامُهُم

تُرِكوا لِعافِيَةٍ وطَيْرٍ حُسرِ (2)

ما كانَ أجْرَأُهُم جَزاهُمْ رَبُّهُمْ

شَرَّ الجَزاءِ عَلَى ارْتِكابِ المُنْكَرِ

[الكامل] ق.

ص: 421


1- ماضي : قاطع ، والشَفرة : حدّ السيف.
2- لحاجلة وطير أعثر - خ ل - ؛ والحاجلة : الإبل التي ضربت سوقها فمشت على بعض قوائمها ، وحجل الطائر : إذا نزا في مشيته كذلك ، والأعثر : الأغبر ، وأيضاً طائر طويل العنق.

وقال يزيد بن المفرّغ (1) في قتل ابن زياد :

إنَّ المَنايا إذا ما زُرنَ طاغِيَةً

هَتَكنَ أسْتارَ حُجَّابٍ وأبْوابِ (2)

أقولُ بُعداً وسُحْقاً عِندَ مَصرَعِهِ

لابْنِ الخَبيثَةِ وابْنُ الكَوْدَنِ (3) الكابي

لا تَقبَلُ الأرْضُ مَوْتاهُمْ إذا قُبِروا

وكَيْفَ تَقْبَلْ رِجساً بَينَ أثْوابِ

إنَّ الّذي عاشَ غَدّاراً بِذِمَّتِهِ

وماتَ هُزْلاً قَتيلُ اللهِ بِالزَابِ (4)

ما شُقَّ جَيْبٌ ولا ناحَتْكَ نائِحَةٌ

ولا بَكَتْكَ جِيادٌ عِنْدَ أسْلابِ

[البسيط]

وقال عمير السلمي - الّذي كان على ميسرة ابن زياد - يذمّ جيش ابن زياد :

وما كانَ جَيْشٌ يَجمَعُ الخَمْرَ والزِنا

مُحِلاً إذا لاقَى العَدُوَّ لِيُنْصَرا

[الطويل]

وأنفذ إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ورؤوس قوّاده وفيها رأس الحصين بن نمير إلى المختار وفي آذانهم رقاع فيها أسماؤهم ، فقدموا عليه وهو يتغدّى ، فحمد الله على الظفر ، فلمّا فرغ من الغداء قام فوطىَ وجه ابن زياد بنعله ، ثمّ رمى بها إلى غلامه ، وقال : اغسلها فإنّي وضعتها على وجه نجس كافر.

وأُلقيت الرؤوس في القصر بين يديه ، فألقاها في المكان الذي وضع 3.

ص: 422


1- قال الفيروآبادي : يزيد بن ربيعة بن مفرِّغ : شاعر ، جدّه راهن على أن يشرب عسّاً من لبن ففرّغه شرباً. القاموس المحيط 3 / 111 مادّة «فرغ».
2- هتّكن عنه ستوراً بعد أبواب - خ ل -.
3- الكودن : الفرس الهجين ، أي : غير العتيق. (منه).
4- الزاب : نهر بين الموصل وإربل ، وبين بغداد وواسط ، والزاب أيضاً : كورة عظيمة. مراصد الاطّلاع 2 / 652 - 653.

فيه رأس الحسين عليه السلام ورؤوس أصحابه ، ونصب المختار رأس ابن زياد في المكان الذي نصب فيه رأس الحسين عليه السلام ، ثمّ ألقاه في اليوم الثاني في الرُحْبة مع الرؤوس.

ولمّا وضع رأس ابن زياد أمام المختار جاءت حيّة دقيقة فتخلّلت الرؤوس حتّى دخلت في فم عبيد الله بن زياد ، ثمّ خرجت من منخره ودخلت في منخره وخرجت من فيه ، فعلت هذا مراراً ، فقال المختار : دعوها دعوها.

قال ابن الأثير : أخرج هذا الترمذي في جامعه.

وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، قال : وضعت الرؤوس عند السدّة بالكوفة عليها ثوب أبيض فكشفنا عنها الثوب وحية تتغلغل في رأس عبيد الله ، ونصبت الرؤوس في الرحبة ..

قال عامر : ورأيت الحيّة تدخل في منافذ رأسه وهو مصلوب مراراً (1).

قال سبط ابن الجوزي (2) : وفي رواية : فعلت ذلك ثلاثة أيّام.

ثمّ إنّ المختار بعث برأس عبيد الله بن زياد ، ورأس الحصين بن نمير ، ورأس شراحيل بن ذي الكلاع إلى مكّة إلى محمد بن الحنفيّة ومعها ثلاثون ألف دينار ، وكتب إليه : إنّي بعثت أنصاركم وشيعتكم إلى عدوّكم فخرجوا محتسبين أسفين فقتلوهم .. 6.

ص: 423


1- انظر : عقاب الأعمال : 260 ح 9 ، المناقب - لابن شهرآشوب - 4 / 61 ، ذوب النضار : 143.
2- تذكرة الخواصّ : 286.

فالحمد لله الذي أدرك لكم الثأر ، وأهلكهم في كلّ فجّ عميق ، وشفى الله صدور قوم مؤمنين (1).

فلمّا قدمت عليه خرّ ساجداً لله ، ودعا للمختار ، وقال : جزاه الله خير الجزاء ، فقد أدرك لنا ثأرنا ، ووجب حقّه على كلّ من ولده عبد المطّلب بن هاشم ، ودعا لابن الاَشتر أيضاً ، وبعث برأس عبيد الله بن زياد ورأس آخر معه إلى عليّ بن الحسين عليه السلام - وكان يومئذ بمكّة - ، فأُدخل عليه وهو يتغدّى ، فسجد شكراً لله ، وقال : «الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوّي ، وجزى الله المختار خيراً ، أُدخلتُ على عبيد الله بن زياد وهو يتغدّى ورأس أبي بين يديه ، فقلت : اللهمّ لا تُمتني حتّى تريني رأس ابن زياد» (2).

وعن الصادق عليه السلام أنه قال : «ما اكتحلت هاشميّة ، ولا اختضبت ، ولا رُئي في دار هاشميّ دخان خمس سنين حتّى قُتل عبيد الله بن زياد» (3).

وعن فاطمة بنت عليّ أمير المؤمنين عليه السلام أنّها قالت : «ما تحنّأت امرأة منّا ، ولا أجالت في عينها مِرْوَداً (4) ، ولا امتشطت ، حتّى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد».

ووردت أخبار في ذمّ المختار ، والله أعلم بحقيقة أمره ، وعلى كلّ حال فقد شفى النفوس ، وأدرك الثأر ، وانتقم الله به من الطغاة الفجّار. ».

ص: 424


1- اقتباس من الآية 14 من سورة التوبة.
2- المناقب - لابن شهرآشوب - 4 / 144 ، بحار الأنوار 46 / 53 ضمن ح 2 ، عوالم العلوم 18 / 84 ح 3 ، مدينة المعاجز 4 / 326 - 327.
3- بحار الأنوار 45 / 207 ح 13 وص 344 ح 12.
4- المِرود : الميل الذي يكتحل به. النهاية - لابن الأثير - 4 / 321 مادّة «رود».

وروي أنّه قتل في أيّام ولايته وهي ثمانية عشر شهراً (1) ثمانية عشر ألفاً ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام (2) (3).

وقد تمّ - والحمد لله - ما أردنا جمعه من قصة الأخذ بالثأر ، وكان الفراغ من تسويده عصر يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رجب المرجّب سنة إحدى وثلاثين بعد الألف وثلاثمائة من الهجرة النبوية ، على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والسلام والتحية ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على نبيّه وآله ، وخيار أصحابه ، وسلّم تسليماً.

* * * 7.

ص: 425


1- أوّلها أربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ستّ وستّين ، وآخرها النصف من شهر رمضان من سنة سبع وستّين ، وعمره سبع وستّون سنة.
2- ولقد سبق في علم أمير المؤمنين عليه السلام ما يؤول إليه مصير أهل الكوفة الّذين غدروا بريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال لهم : «أما إنّكم ستلقون بعدي ذلاًّ شاملاً ، وسيفاً قاتلاً ، وأثرة يتّخذها الظالمون بعدي عليكم سُنّة ، تفرّق جماعتكم ، وتبكي عيونكم ، وتدخل الفقر بيوتكم ، تمنّون والله عندها أن لو رأيتموني ونصرتموني ، وستعرفون ما أقول لكم عمّا قليل». انظر : تاريخ اليعقوبي 2 / 193 ، الغارات : 333 وص 337 ، الإمامة والسياسة 1 / 130 ، نهج البلاغة : 93 ذيل خطبة 58 ، المسترشد : 162 ، المناقب - لابن شهرآشوب - 2 / 272.
3- تاريخ الطبري 6 / 81 ، ذوب النضار : 130 - 145 ، بحار الأنوار 45 / 379 - 386 ، عوالم العلوم 17 / 700 - 707.

فهرس مصادر التحقيق

1 - القرآن الكريم.

2 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي ، طبع المطبعة العلمية - قم.

3 - أدب الطفّ ، لجواد شبّر ، نشر دار المرتضى - بيروت / 1409 ه.

4 - الإرشاد ، للشيخ المفيد ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1413 ه.

5 - الإصابة في تمييز الصحابة ، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، نشر دار الكتب العلمية - بيروت / 1415 ه.

6 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي ، نشر دار العلم للملايين - بيروت / 1984 م.

7 - أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين العاملي ، نشر دار التعارف للمطبوعات - بيروت / 1403 ه.

8 - أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد ، لسعيد الخوري الشرتوني ، نشر مكتبة المرعشي النجفي - قم / 1403 ه.

9 - الأمالي ، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة - قم / 1417 ه.

10 - الأمالي ، للشيخ الطوسي محمد بن الحسن ، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة - قم / 1414 ه.

11 - الأمالي ، للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي ، نشر دار الكتاب العربي - بيروت / 1387 ه.

12 - الإمامة والسياسة ، لعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، نشر دار المعرفة - بيروت.

13 - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، للشيخ محمد باقر

ص: 426

المجلسي ، نشر مؤسسة الوفاء - بيروت / 1403 ه.

14 - البداية والنهاية ، لأبي الفداء ابن كثير ، نشر دار الفكر - بيروت / 1402 ه.

15 - تاريخ ابن خلدون ، لابن خلدون المغربي ، نشر دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة - بيروت.

16 - تاريخ الإسلام ، لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، نشر دار الكتاب العربي - بيروت / 1410 ه.

17 - تاريخ الأُمم والملوك ، لأبي جعفر بن جرير الطبري ، نشر دار سويدان - بيروت.

18 - تاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر العباسي ، نشر دار صادر ودار بيروت - بيروت / 1379 ه.

19 - تحف العقول عن آل الرسول عليهم السلام ، للشيخ الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني ، نشر جماعة المدرّسين - قم / 1404 ه.

20 - تذكرة الخواصّ ، لسبط ابن الجوزي ، نشر مكتبة نينوى الحديثة - طهران.

21 - ترتيب كتاب العين ، للخليل أحمد الفراهيدي ، تصحيح الأُستاذ أسعد الطيّب ، نشر الأُسوة - قم / 1414 ه.

22 - ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق ، لأبي القاسم علي بن عساكر الشافعي ، نشر مؤسسة المحمودي - بيروت / 1398 ه.

23 - تسلية المجالس وزينة المجالس ، للسيّد محمد بن أبي طالب الحسيني الموسوي الحائري الكركي ، تحقيق فارس حسّون كريم ، نشر مؤسسة المعارف الإسلاميّة - قم / 1418 ه.

24 - تيسير المطالب ، للسيّد يحيى بن الحسين بن هارون ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت / 1395 ه.

25 - جمهرة أنساب العرب ، لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي ، نشر دار الكتب العلميّة - بيروت / 1403 ه.

ص: 427

26 - حكاية المختار في أخذ الثار ، برواية أبي مخنف ، مطبوع في آخر اللهوف لابن طاووس ، طبع المطبعة الحيدرية - النجف / 1385 ه.

27 - خزانة الأدب ، لعبد القادر بن عمر البغدادي ، نشر مكتبة الخانجي - القاهرة.

28 - خصائص الأئمّة عليهم السلام ، للشريف الرضي ، نشر مجمع البحوث الإسلاميّة - مشهد / 1406 ه.

29 - ديوان الإمام عليّ عليه السلام ، نشر مكتبة الأروميّة - قم.

30 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آقا بزرگ الطهراني ، نشر دار الأضواء - بيروت / 1403 ه.

31 - ذوب النضار في شرح الثار ، لابن نما الحلّي ، تحقيق فارس حسّون كريم ، نشر جماعة المدرّسين - قم / 1416 ه.

32 - رجال الطوسي ، للشيخ محمد بن الحسن ، نشر المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف / 1381 ه.

33 - رجال النجاشي ، للشيخ أبي العباس أحمد بن علي ، نشر جماعة المدرّسين - قم / 1407 ه.

34 - رغبة الآمل ، لسيّد بن علي المرصفي ، نشر مكتبة الأسدي - طهران / 1970 م.

35 - سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي ، نشر مؤسسة الرسالة - بيروت / 1405 ه.

36 - عقاب الأعمال ، للشيخ الصدوق ، نشر مكتبة الصدوق - طهران / 1391 ه.

37 - عوالم العلوم ، للشيخ عبد الله بن نور الله البحراني ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم / 1407 ه.

38 - الغارات ، لابن هلال الثقفي ، نشر دار الأضواء - بيروت / 1407 ه.

39 - القاموس المحيط ، للفيروزآبادي ، نشر دار الفكر - بيروت / 1304 ه.

ص: 428

40 - الكامل في التاريخ ، لابن الأثير الشيباني ، نشر دار صادر ودار بيروت - بيروت / 1385 ه.

41 - كشف الغُمّة في معرفة الأئمّة ، لعلي بن عيسى الإربلي ، نشر مكتبة بني هاشم ، طبع المطبعة العلمية - قم / 1381 ه.

42 - كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، للعلاّمة الحلّي ، نشر مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قم / 1413 ه.

43 - لسان العرب ، لابن منظور المصري ، نشر أدب الحوزة - قم / 1405 ه.

44 - مثير الأحزان ، لابن نما الحلّي ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام - قم / 1406 ه.

45 - مجمع البحرين ، للشيخ فخر الدين الطريحي ، نشر المكتبة الرضوية - طهران / 1395 ه.

46 - المحيط في اللغة ، للصاحب إسماعيل بن عبّاد ، نشر عالم الكتب - بيروت / 1414 ه.

47 - مدينة المعاجز ، للسيّد هاشم البحراني ، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية - قم / 1413 - 1416 ه.

48 - مراصد الاطّلاع ، لصفيّ الدين البغدادي ، نشر دار المعرفة - بيروت / 1374 ه.

49 - مروج الذهب ومعادن الجوهر ، لعلي بن الحسين المسعودي ، نشر دار الأندلس - بيروت.

50 - مستدركات علم الرجال ، للشيخ علي النمازي الشاهرودي ، طهران.

51 - المسترشد في إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لابن جرير الطبري ، طبع المطبعة الحيدرية - النجف.

52 - المصباح المنير ، لاَحمد بن محمد بن علي المقري الفيّومي ، نشر دار الهجرة - قم / 1405 ه.

53 - معجم البلدان ، لياقوت الحموي ، نشر دار إحياء التراث العربي -

ص: 429

بيروت / 1399 ه.

54 - معجم رجال الحديث ، للسيّد أبي القاسم الخوئي ، نشر مدينة العلم - قم / 1403 ه.

55 - المعجم الوسيط ، لمجموعة من المؤلّفين ، منشورات ناصر خسرو - طهران.

56 - مقتل الإمام الحسين عليه السلام ، للموفّق بن أحمد الخوارزمي ، نشر مكتبة المفيد - قم.

57 - الملهوف على قتلى الطفوف ، للسيّد علي بن موسى بن جعفر بن طاووس ، نشر دار الأُسوة - قم / 1414 ه.

58 - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب المازندراني ، نشر مكتبة العلاّمة - قم.

59 - النهاية في غريب الحديث والأثر ، لابن الأثير الجزري ، نشر المكتبة الإسلامية.

60 - نهج البلاغة ، جمع الشريف الرضي ، ضبط نصّ وفهرسة الدكتور صبحي الصالح ، نشر دار الهجرة - قم / 1395 ه.

61 - نهج الحقّ وكشف الصدق ، للعلاّمة الحلّي ، نشر دار الهجرة - قم / 1407 ه.

62 - وقعة الطفّ ، لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، نشر جماعة المدرّسين - قم / 1367 ه- ش.

* * *

ص: 430

من أنباء التراث

كتب صدرت محققة

* تنزيه

الأنبياء والأئمة عليهم السلام.

تأليف : الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي

البغدادي (355 - 436 ه).

من كتب العقائد القيّمة ، لعلم من أعلام الطائفة ،

ينفي فيه وقوع الذنب والمعصية من قبل الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ؛ مؤوّلاً

- بتأويلات عقلية ونقلية حسنة - الآيات والأحاديث التي يوحي ظاهرها بارتكابهم

المعاصي ، والتي يستدلّ بها القائلون بنفي العصمة عنهم عليهم السلام ، رادّاً

على الشبهات المفتراة والشكوك المثارة حول الموضوع.

يتعرّض بدايةً لِما نسب إليهم عليهم السلام من

معصية بصورة عامّة ، ثمّ يتعرّض لِما

نسب إلى كلّ نبيّ من الأنبياء عليهم السلام على

ترتيبهم ، وهكذا بالنسبة للأئمّة عليهم السلام.

والكتاب مطبوع سابقاً عدّة مرّات ، في العراق

وإيران ولبنان.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين مخطوطتين وثالثة

مطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : فارس حسون كريم.

نشر : «بوستان كتاب قم» (مركز النشر التابع لمكتب

الإعلام الإسلامي) - قم / 1422 ه.

*

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل ، ج 13 و 14.

تأليف : الفقيه الأُصولي ، السيّد علي بن محمّد علي

الطباطبائي (1161 - 1231 ه).

ص: 431

من كتب فقه الإ ماميّة القيّمة ، استدلالي مبسوط ،

حاوٍ للأبواب الفقهيّة - عدا كتابي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمفلّس

- ، حسن الترتيب ، كثير الفوائد ، مع إحاطةٍ بشتّى جوانب البحث ، ونقلٍ للروايات

والكلمات بعبارات موجزة بليغة ؛ إذ يورد محلّ الشاهد من النصّ الروائي بنحو من

الاختصار والدقّة الرفيعة.

ولمتانة البحث وقوّة الاستدلال فيه ، مع دقّة

عباراته وسهولتها ؛ انتشر انتشاراً واسعاً في الأوساط والحوزات العلميّة.

وهو شرح مزجي دقيق ومتين لكتاب المختصر

النافع للمحقّق الحلّي ، نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي

(602 - 676 ه) ، وهو الشرح الكبير للمصنّف ؛ إذ له شرح ثانٍ صغير مختصر من هذا

الكبير ، مطبوع محقّقاً في 3 مجلّدات.

تمّ تحقيقه اعتماداً على 14 نسخة مخطوطة لكتب الفقه

المتعدّدة ، إضافة إلى المطبوعة على الحجر.

اشتمل الجزء 13 على كتب : العتق ، التدبير ،

المكاتبة ، الاستيلاد ، الإ قرار ، الأيمان ، النذر والعهود ، وكتاب الصيد

والذبائح.

فيما اشتمل الجزء 14 على كتب : الغصب ، الشُفعة ،

إحياء الموات ، اللُقطة ،

وكتاب المواريث.

تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإ حياء

التراث / 1421 و 1422 ه.

* تحفة الطالب

بمعرفة من ينتسب إلى عبدالله وأبي طالب.

تأليف : السيّد محمد بن الحسين بن عبدالله

الحسيني السمرقندي المدني ، المتوفّى سنة 996 ه.

كتاب مختصر في الأنساب والأعقاب ، يشتمل على ذكر

نبذة من حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وذكر أعقاب شيخ الأباطح

أبي طالب بن عبد المطّلب عليه السلام ، عمّه وكافله صغيراً وكبيراً ، وحاميه في

سنين دعوته المباركة إلى ما قبل الهجرة ، وناصره ومعينه على تبليغ رسالته

العظيمة صلى الله عليه وآله وسلم ؛ مبتدئاً بذكر أمير المؤمنين الإ مام عليّ

عليه السلام وأبنائه وأعقابهم ، متعرّضاً - بالخصوص - للمعصومين منهم عليهم

السلام وأعقابهم ، والذي شغل جلّ الكتاب ؛ إذ أفرد لذكر عقب جعفر وعقيل ابنا أبي

طالب - رضي الله عنهم جميعاً - بضعة أوراق فقط.

كما اشتمل على ذكر : شجرة الحسين ابن أبي نمي

محمد بن بركات (932 - 1012 ه) والي مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة

وأعمالهما سنة 961 ه- ، ونسب

ص: 432

الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم

عليه السلام ، والخلفاء من الأنبياء ومدّة خلافتهم ، ثمّ ملوك الدول ومدّة ملكهم

من بعد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وإلى عصر المؤلّف ، الذي أتمّ

كتابه هذا سنة 994 ه.

تحقيق : الشريف أنس الكُتُبي الحسني.

نشر : دار المجتبى - المدينة المنوّرة / 1418 ه.

*

تلخيص المرام في معرفة الأحكام.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي

منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه).

من محكمات الكتب الفقهية ، الشامل لمسائل تمام كتب

الفقه ، من الطهارة إلى الديات ، متعرّضاً لكثير من الفروع مع مراعاة الإ يجاز

والاختصار ؛ إذ اقتصر على ذكر الحكم دون التعرّض لأدلّته ، ومتعرّضاً كذلك لذكر

آراء الفقهاء في المسائل الفقهية بعنوان : «قيل» و : «على رأي».

ولأهمّية الكتاب كتبت له وعليه شروح وتعليقات

وحواشٍ عديدة.

تمّ تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأوّل مرّة -

اعتماداً على أربع نسخ مخطوطة ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : الشيخ هادي القبيسي.

مراجعة : مركز الأبحاث والدراسات الإ سلامية.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإ علام الإ سلامي

- قم / 1421 ه.

*

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء ، ج 1 - 2.

تأليف : العلاّمة الشيخ جعفر بن خضر الجناجي

النجفي (4 / 1156 - 1228 ه) ، المعروف ب- : كاشف الغطاء.

أثر جليل ، جامع لمسائل الاعتقاد والأُصول والفقه ،

حاوي للفروع المرشدة إلى كيفية الاستنباط من الشواهد والدلائل ؛ يجمع بين

متشابهات المسائل المتناثرة ، مستوفياً شروط مشروطاتها ، مكثراً تقسيم منقسماتها

، ذاكراً فروعا لم يسبق إليها ، معتمداً تحكيم المباني الأُصولية في استنباط

الأحكام الشرعية ..

ألّفه في بعض الأسفار ، ولم يكن عنده من كتب الفقه

غير قواعد العلاّمة

الحلّي (ت 726 ه) ، وهو مطبوع في إيران مراراً على الحجر.

مرتّب في ثلاثة فنون :

الأوّل : في ما يتعلّق ببيان الأُصول الإسلامية ،

والعقائد الإيمانية ، استدلّ فيه

ص: 433

بالأدلّة والبراهين المتقنة على توحيد الخالق جلّ

وعلا والعدل والنبوّة والمعاد بإيجاز واختصار ، وبالأدلّة العقلية والنقلية من

الكتاب الكريم والسُنّة القطعية على الإ مامة والولاية بتفصيل وإسهاب.

والثاني : في ما يتعلّق ببيان بعض المطالب

الأُصولية الفرعية ، وما يتبعها من القواعد المشتركة بين المطالب الفقهية ، ذكر

فيه 56 مبحثاً من المباحث الأُصولية الدقيقة ، إضافة إلى القواعد المشتركة بين

الفقه والأُصول.

والثالث : في ما يتعلّق بالفروع الفقهية ، وهو على

أربعة اقسام : عبادات ، عقود ، إيقاعات ، وأحكام.

خرج منه أبواب أُصول الدين وأُصول الفقه ، ومن

الفقه ما تعلّق بالعبادات إلى أواخر أبواب الجهاد ، ثمّ ألحق به كتاب الوقف

وتوابعه.

تمّ التحقيق اعتماداً على أربع نسخ : ثلاث مخطوطة ،

ورابعة مطبوعة على الحجر ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدّمة.

تحقيق : مكتب الإعلام الإسلامي - فرع خراسان.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1422 ه.

* جواهر

الكلام في ثوبه الجديد ، ج 1.

كتاب يشتمل على تحليل تفصيلي لمحتويات السفر القيّم

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ،

لمصنّفه : الفقيه العلاّمة الشيخ محمد حسن النجفي ، المتوفّى سنة 1266 ه- ،

وإعادة عرضها بتنظيم وأُسلوب جديد.

والجواهر

موسوعة فقهية كاملة - في 44 جزءاً ، استغرق تأليفه ما يزيد على 30 سنة - شاملة

لأبواب الفقه وكتبه كلّها ، جامعة لأُمّهات المسائل وفروعها ، محتوية على وجه

الاستدلال مع دقّة النظر ونقل الأقوال ؛ تُعدّ من أجود الشروح وأغناها لكتاب شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام للمحقّق

الحلّي ، الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي (602 - 676 ه).

يشتمل على تفكيك أبحاث الجواهر ؛

للمساعدة في حلّ معضلاته ، ورفع إبهام بعض عباراته ، وتيسير فهم مسائله ، بتقسيم

محتوياته إلى ثلاثة مجاميع رئيسية :

الآراء والمواقف الفقهية المتبنّاة من قبل المصنّف

في كلّ مسألة ، سواء كانت واضحة ومشخّصة في أصل الكتاب ، أو مستلّة من ثنايا

البحث والمناقشة ، جُعلت

ص: 434

كمتنٍ وفُصلت بخطّ متّصل عن ما يليها ..

الأقوال الأُخرى - الموافقة أو المخالفة له - التي

نقلها بخصوص تلك المسألة وضعت بعد الخطّ مميّزة باللون الغامق ..

ثمّ الاستدلالات والمناقشات التفصيلية لكلّ قول أو

نظر تعرّض له 1 ، مرتّبة ومرقّمة وفق ترتيب مباحث المتن.

تمّ التحقيق اعتماداً على دورتين من المطبوعة على

الحجر ، والطبعة الحروفية المتداولة ، المطبوعة بالتصوير مراراً في إيران

والعراق ، ذكرت مواصفات الدورات في المقدّمة.

اشتمل هذا الجزء على الركن الأوّل وقسم من الركن

الثاني من الأركان الأربعة لكتاب الطهارة.

إعداد وتحقيق ونشر : مؤسسة دائرة معارف الفقه

الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام - قم / 1421 ه.

* رياض

العلماء الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين ،

ج

1 و 2.

تأليف : الشيخ علي بن حسن بن علي ابن سليمان

البلادي البحراني (1274 - 1340 ه).

كتاب واحد - بجزءين - يجمع ثلاثة

من مؤلّفات المصنّف ، الأوّل - العنوان - يشتمل على

40 حديثاً في الأُصول والعبادات والمواعظ ، وخاتمة - كملحق - ضمّت 12 حديثاً ؛

مرويّة بأسانيدها ، مع الشرح والبيان لجميعها.

والثاني كتاب الأربعين

في فضائل أمير المؤمنين ، يشتمل على 40 حديثاً في فضائل الإ

مام عليّ عليه السلام والمعصومين من أبنائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ،

كلّها من طرق العامّة فقط ، كتبه المصنّف خاتمةً لكتابه أنوار

البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين.

والثالث رسالة كلامية ، هي : الجوهرة

العزيزة في شرح المسألة الوجيزة ، تكفّلت

بالإجابة على إحدى المسائل العقائدية ، وهي : هل أنّ الخالق لكلّ شيء والفاعل

الحقيقي هو الله تعالى ، أو الحقيقة المحمّدية؟ وبيّنت العقيدة الصحيحة في ذلك ،

متعرّضة لعقائد المفوّضة والسبائية والنصيرية.

تمّ تحقيق الكتاب الأوّل اعتماداً على نسختين

مخطوطتين ، إحداهما بخطّ المؤلّف ، والثاني على نسخة مخطوطة واحدة بخطّ المؤلّف

، والثالث على نسخة مخطوطة واحدة أيضاً اعتمدت نسخة المصنّف ، ذكرت مواصفات

النسخ في

ص: 435

المقدّمة.

تحقيق ونشر : دار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

لإحياء التراث - بيروت / 1422 ه.

* تهذيب

الوصول إلى علم الأُصول.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي

منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه).

كتاب يضمّ جملة من مباحث علم الأُصول ، يسمّى اختصاراً

ب- : «تهذيب الأُصول» ، وقد كتبه العلاّمة باسم ولده فخر المحقّقين ، وهو يشتمل

على رأيه النهائي والأخير في المسائل الأُصولية ؛ إذ أودع فيه عصارة ما في كتابه

الجامع نهاية الوصول إلى علم الأُصول ،

وعليه كثير من الشروح والتعليقات المطوّلة والمختصرة والاعتراضية والتوضيحية ،

وكان من المقرّرات الدراسية لمادّة أُصول الفقه في الحوزات العلمية.

اشتمل على اثني عشر مقصداً في : المقدّمات ، اللغات

، الأمر والنهي ، العامّ والخاصّ ، المجمل والمبيّن ، الأفعال ، النسخ ، الإجماع

، الأخبار ، القياس ، التعادل والترجيح ، والاجتهاد.

تمّ تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأوّل مرّة -

اعتماداً على 5 نسخ مخطوطة

وواحدة مطبوعة على الحجر ، ذكرت مواصفات النسخ

جميعها في المقدّمة.

تحقيق : السيّد محمد حسين الرضوي الكشميري.

نشر : مؤسسة الإمام عليّ عليه السلام - لندن /

1421 ه.

* اللؤلؤة

الغروية في أُصول الفقه ، ج 1 - 3.

تأليف : الشيخ محمد الفاضل القائيني النجفي (1310

- 1405 ه).

كتاب في 3 أجزاء ، يستوعب مباحث علم أُصول الفقه ،

الشاملة لمباحث الألفاظ ومباحث الأُصول العملية ، مرتّب في مقدّمة وتسعة مقاصد

وخاتمة.

يتعرّض المصنّف لذكر آراء المحقّقين مع المناقشة

فيها ، ثمّ بيان ما يختاره من مبنىً في المسألة.

اشتمل الجزء الأوّل على المقدّمة : في بيان أُمور

عامّة تتعلّق بعلم الأُصول ، وعلى مقصدين في : الحقيقة الشرعية (الصحيح والأعمّ

، والمشتق) ، والأوامر.

والجزء الثاني على خمسة مقاصد في : النواهي ، المفاهيم

، العامّ والخاصّ ، المطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ، وفي أحكام الأمارات

والطرق (مباحث القطع).

ص: 436

والجزء الثالث على مقصدين في : الأُصول العملية

(البراءة ، التخيير ، الاحتياط ، والاستصحاب) وقاعدة لا ضرر ولا ضرار ، ومباحث

التعادل والترجيح ، وعلى الخاتمة : في الاجتهاد والتقليد.

تحقيق : الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي.

صدر في قم سنة 1422 ه.

* الطرائف في

معرفة مذاهب الطوائف.

تأليف : رضي الدين أبي القاسم علي ابن موسى بن

جعفر بن طاووس الحسني الحسيني ، المتوفّى سنة 664 ه.

كتاب يشتمل على طرائف عديدة مختلفة من الأحاديث

النبوية الشريفة والروايات التي وردت في الكتب المعتبرة عند العامّة من الصحاح

والمسانيد والسُنن وغيرها.

سلك فيه المصنّف مسلكاً لم يسبق إليه ؛ إذ افترض

نفسه رجلاً كتابياً باسم «عبد المحمود بن داود» قد عرف الإسلام وسمع اختلاف أهل

الملل والنحل والمذاهب في أُصول العقائد والفروع ، ويسعى لاختيار أحد مذاهبه عن

حجّة وبيّنة وبرهان ، ليحصّل السلامة لنفسه عند الله تعالى في الدنيا ويوم

الحساب ويفوز

برضاه جلّ وعلا ، متوصّلاً إلى أحقّية مذهب

الإمامية ؛ لتمسّكهم بالثقلين اللذين لا يفترقان إلى يوم القيامة : القرآن

الكريم والعترة النبوية الطاهرة.

تضمّنت هذه المرويات بيان فضائل ومناقب أمير

المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام الدالّة على أفضليّته على الخلق - من بعد

الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم - دون غيره من باقي الصحابة ، ووصية

الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم بالخلافة والإمامة من بعده له عليه

السلام ، وللمعصومين الأحد عشر من ولده عليهم السلام ، وكذلك فضائل أهل البيت

عليهم السلام ، وفضائل الزهراء 3 ، ووصاياه بمودّتهم ومحبّتهم ، وبعض ما جرى

عليهم من الظلم والأذى بعده صلى الله عليه وآله وسلم.

كما تضمّنت هذه المرويات بيان مخالفات بعض الصحابة

- وخصوصاً الخلفاء الثلاثة - لأوامر ووصايا وسُنّة النبيّ الأكرم ، في حياته

وبعد مماته صلى الله عليه وآله وسلم.

تمّ التحقيق اعتماداً على عدّة نسخ مخطوطة وواحدة

مطبوعة ، إضافة إلى الترجمة الفارسية المطبوعة ، ذكرت مواصفات النسخ - مجملة -

في المقدّمة.

تحقيق : السيّد علي عاشور.

نشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت / 1420

ه.

ص: 437

* كتاب البيع ، ج 1 - 5.

تأليف : السيّد الإمام روح الله الموسوي الخميني

قدِس سرِّه (1320 - 1409 ه).

كتاب مخصّص للبحث في «البيع» ، أحد الأبواب الفقهية

من قسم المعاملات ؛ إذ اشتمل على طائفة من المباحث المتعلّقة به ، مع كثرة

الدقائق والأدلّة ، وتنقيح المباحث ، ونقل الآراء ونقدها ، إضافة إلى مباحث

أُخرى ، فقهية في سائر أبواب الفقه ، وأُصولية لها تأثيرها في الفقه ..

تمّ ترتيب مباحثه طبقاً لترتيبها في كتاب «البيع»

للشيخ الأعظم مرتضى بن محمد الأنصاري (1214 - 1281 ه).

يتضمّن آراء المصنّف قدِس سرِّه في كثير من المسائل

الفقهية والأُصولية ، وقد صنّفه عند تدريسه الدورة الفقهية في حوزتي قم والنجف

، وفرغ منه سنة 1393 ه.

ضمّت الأجزاء ؛ الأوّل مباحث : ماهية البيع ، أقسام

البيع : قسم المعاطاة ، وقسم البيع بالصيغة وما يتعلّق به ، المقبوض بالعقد

الفاسد والأُمور المتفرّعة عليه.

الثاني : شروط المتبايعَين ، بيع الفضولي ، الإجازة

والردّ ، المجيز ، المجاز ، ومسائل : في أحكام الردّ وحكم الأيادي المتعاقبة ،

بيع الفضولي مال نفسه

مع مال غيره ، حكم بيع من له النصف النصفَ ، ولاية

الأب والجد ، ولاية الفقيه وأدلّتها ، ولاية عدول المؤمنين ، وجواز نقل المصحف

إلى الكافر.

الثالث : في شرائط العوضين.

والرابع والخامس : الخيار وأقسامه : خيارات المجلس

، الحيوان ، الشرط ، الغبن ، التأخير ، الرؤية ، ثمّ خيار العيب ، شروط صحّة

العقد ، حكم الشرط الفاسد ، أحكام الخيار ، النقد والنسيئة ، القبض ، وجوب

التسليم ، وفي أحكام القبض.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين ، مخطوطة بخطّ

المصنّف ناقصة ، ومطبوعة في حياته - في 5 أجزاء - في النجف الأشرف ، مصحّحة من

قبله قدِس سرِّه ، ذكرت مواصفات النسختين في المقدّمة.

تحقيق ونشر : مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام

الخميني قدِس سرِّه - قم / 1421 ه.

*

رسائل آل طوق القطيفي ، ج 1 - 4.

تأليف : الشيخ أحمد بن صالح بن سالم آل طوق القطيفي

، من أعلام القرن الثالث عشر الهجري ، المتوفّى بعد سنة 1245 ه.

كشكول يجمع رسائل متنوّعة للمصنّف ، تضمّ جوانب

مختلفة من علوم

ص: 438

أهل البيت عليهم السلام ؛ إذ تضمّنت مواضيع عديدة

في علم الكلام والأُصول والفقه والنحو والتاريخ ، كما تناولت إحداها جملة من

الأُمور الغَيبية.

شمل المجموع 22 رسالة ، مرتّبة في الأجزاء الأربعة

، كالتالي :

الأوّل : ما يكفي المكلّف من أدلّة الأُصول الخمسة

بالدليل العقلي ، موجز في أدلّة الأُصول الخمسة ، الرجعة ، شرح رواية زرارة

الواردة في الكافي :

«من همّ بحسنة ولم يعملها ..» ، رسالة في التيمّم ، مختصر الرسالة

الصلاتية للشيخ محمّد بن عبد علي آل عبد الجبّار ، تحديد

أوّل النهار ، الجهر والإخفات بالقراءة في الصلاة.

الثاني : روح النسيم في أحكام التسليم ، في بيان

حدّ الركعة التي من أدركها أدرك الوقت ، في أحكام العمرة ، مسألة في الرضاع ، في

عدّة المطلّقة الحرّة ، بحث في الحبوة ، صحّة العبادات بقصد نيل الثواب أو

الخلاص من العقاب ، بحث في الواجب الكفائي ، أُجوبة مسائل - سبعة - وردت من

السيّد حسين بن أحمد البحراني.

الثالث : نزهة الألباب ونزل الأحباب.

الرابع : مواليد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم

وآله الهداة

المعصومين عليهم السلام ووفياتهم ، إعراب : «صلّى

الله عليه وآله» ، إعراب : «وآله» من صيغة : «صلّى الله عليه وآله» ، حرمة أُمّ

وأُخت وبنت الملاط به على اللائط.

تمّ تحقيقها اعتماداً على مجموع مخطوط ضمّ 16 رسالة

، ومخطوطات لرسائل متفرّقة بلغت 8 رسائل ، ذكرت مواصفات النسخ جميعها في

المقدّمة.

تحقيق ونشر : دار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

لإحياء التراث - بيروت / 1422 ه.

* المنطق.

تأليف : العلاّمة الشيخ محمد رضا المظفّر ، (1322

- 1383 ه) ، صاحب كتاب عقائد

الإمامية.

كتاب قيّم ، يعرض مباحث علم المنطق بأُسلوبٍ مبسّط

وبيانٍ سهل ، ممّا جعله ركناً أساسياً في المقرّرات الدراسية للحوزات العلمية

منذ صدوره إلى الآن.

في ثلاثة أجزاء ، صدر لأوّل مرّة في النجف ، وأُعيد

طبعه مرّات عديدة في بيروت وإيران ، كما طبع مترجماً إلى الفارسية.

وهو بالأصل مجموعة محاضرات للمؤلّف ، ألقاها في

كلية منتدى النشر في النجف الأشرف ابتداءً من سنة 1357 ه.

ص: 439

يشتمل على تمهيد لتعريف العلم وبيان أقسامه وأقسام

أبحاث المنطق ، وعلى ستّة أبواب - ضمّت أجزائه الثلاثة - تضمّنت : مباحث الألفاظ

، الكلّي ، والمعرِّف - وتلحق به القسمة - ، ثمّ القضايا وأحكامها ، والحجّة

وهيئة تأليفها ، وأخيراً مباحث الصناعات الخمس : البرهان ، الجدل ، الخطابة ،

الشعر ، وصناعة المغالطة.

وصدر هذه المرّة مع تعليقات الشيخ غلام رضا

الفيّاضي ، التي شملت شرح مبهمات النصّ ، وحلّ معضلاته ، ونقد بعض مسائله.

تحقيق وإشراف : الشيخ رحمة الله الرحمتي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرّسين في الحوزة العلمية - قم / 1421 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* أمير

المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

تأليف : جواد جعفر الخليلي (1914 - 1998 م).

مجلّد واحد بقسمين ، يشتمل على

عرض مبسوط لفضائل ومناقب أمير المؤمنين الإمام

عليّ بن أبي طالب عليه السلام وما خصّه الله سبحانه وتعالى به وحده منذ ولادته

وحتّى ساعة وفاته من كرامات جليلة ، وبما ميّزه عن سواه من ميزات رفيعة ؛ جنيناً

ووليداً ورضيعاً ، وطفلاً وصبياً وشابّاً وكهلاً ، إذ هو للمصطفى الأمين صلى

الله عليه وآله وسلم صنواً وصهراً وعوناً ، وأخاً ونفساً ، ووصياً وخليفةً ،

وشبيهاً له إيماناً وسابقةً ، ويقيناً وعلماً ، وتضحيةً وعدلاً وقضاءً ، وفصاحةً

وبلاغةً وطهراً.

اعتمد - أساساً - على العديد من مصادر وكتب وصحاح

العامّة.

سبق أن أصدرت قسمي الكتاب «الإرشاد للطباعة والنشر»

/ بيروت - لندن ، سنة 1401 ه- ..

وأصدرت هذه الطبعة «دار الهدى» سنة 1422 ه.

* أدعية

الإمام عليّ عليه السلام.

أو الصحيفة العلوية.

جمع : الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي ، المتوفّى

سنة 1135 ه.

كتاب يضمّ بين دفتيه ما أمكن جمعه من الأدعية

المأثورة - دون ذكر سندها - عن سيّد الوصيّين ، أمير المؤمنين عليّ بن

ص: 440

أبي طالب عليه السلام ، والتي وردت - بأسانيدها -

متناثرة في عدّة متنوّعة من المصنّفات والأُصول المعتمدة ، المختصة بالحديث

أو بالدعاء أو بغيرهما.

ذُكرت مصادر الأدعية في خطبة الصحيفة المسمّاة : الصحيفة

العلوية والتحفة المرتضوية ، والتي تمّ الفراغ من جمعها

في آخر شوّال سنة 1129 ه.

وهي مطبوعة مستقلّة في إيران سنة 1279 ه- ، وسنة

1325 ه- ، ثمّ في حاشية الصحيفة السجّادية سنة 1320 ه- ، ومستقلّة أيضاً في

بومباي سنة 1319 ه- ..

اشتملت هذه الطبعة التي نشرتها دار المرتضى في

بيروت سنة 1418 ه- على بيانٍ لمعاني بعض مفردات الأدعية لإسماعيل اليوسف.

كتب

صدرت حديثاً

* دائرة

المعارف الحسينية.

* ديوان

الإمام الحسين عليه السلام (من الشعر المنسوب إليه) ، ج 1.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة التي قد

تصل إلى 500 جزء ،

والمشتملة على كلّ ما يتعلّق بالإمام السبط الشهيد

أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، ونهضته المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ،

ودراستها من جميع الجوانب التاريخية والعلميّة والأدبيّة والتراثية والسياسية

وغيرها.

وهو أوّل جزءين تضمّنا ما نسب إنشاؤه وإنشاده إلى

الإمام الحسين عليه السلام من الشعر ، مبوّب على القوافي هجائياً ، مع مراعاة

حركة الروي في القافية الواحدة حسب التصنيف المعهود.

والتعليق على الأبيات تضمّن : تحديد البحر الشعري

وتقويم النصّ عروضياً ، تحديد قافية المقطوعة والروي بما اصطُلح عليه في علم

العروض ، بيان سبب الإنشاء ، التخريج ، عدد الأبيات ، السند ، الراوي ، اختلاف

النسخ ، الإعراب ، بحث لغوي عن بعض المفردات ، التصوير الفنّي المستخدم ، شرح

مجمل النصّ ، الحكمة المستنتَجة من النصّ ، صحّة النسبة إلى الإمام عليه السلام

، الاقتباس ، وأخيراً ما يمكن استفادته من النصّ في الجانب الشرعي.

اشتمل هذا الجزء على 16 مقطوعة شعرية ممّا نُسب

إنشاؤه إلى الإمام عليه السلام ، من الهمزة - الثاء.

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1422 ه.

ص: 441

* خلفاء المدرستين .. قراءة في نصوص أهل

السُنّة.

تأليف : السيد محمد علي الحلو.

دراسة تاريخية مقارنة ، تعرض جانباً من أوضاع

الخلفاء الأُمويّين الّذين ضمّتهم قائمة التفسير المضطرب ومحاولة التأويل

المتعسّف لحديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «يكون بعدي اثنا عشر

أميراً ، كلّهم من قريش» وتطبيقه عليهم على غير حقيقته ومراده ، وتقارن بينها

وبين سيرة الخلفاء المعنيّين حقيقةً بهذا الحديث الشريف ، وهم الأئمّة الاثنا

عشر المعصومين عليهم السلام.

اشتملت على مناقشة مباني مدرستي النصّ والإجماع في

تعيين الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، التي كانت إحدى الإفرازات

والنتائج الخطيرة لأحداث السقيفة ومبايعة الأوّل بالخلافة ؛ من خلال قراءة في

مبتنيات مدرسة الإجماع أو أصحاب الحلّ والعقد : نشوءها ، دوافعها ، ومنهجيّتها ،

واستعراض بعض معالم مدرسة النصّ التي تعتمد على الموروث النبوي الكبير من الأحاديث

الصحيحة المروية بطرق العامّة المعيِّنة للخليفة الشرعي.

نشر : مركز الغدير للدراسات

الإسلامية - قم / 1419 ه.

* محصل

المطالب في تعليقات المكاسب ، ج 1.

تأليف : صادق الطهوري.

كتاب يجمع آراء وتعليقات خمسة من أعلام علماء

الطائفة المتأخّرين بشأن مباحث ومواضيع كتاب المكاسب للشيخ الأعظم مرتضى بن

محمد الأنصاري (1214 - 1281 ه) ، الذي يعدّ من أفضل ما كتب في فقه المعاملات

؛ إذ تناول المسائل الفقهية الخاصّة ببيان أحكام الكسب ، وما يُكتسب به ، وهو

مدار التدريس والبحث في الحوزات العلمية إلى الآن ، مطبوع مراراً ، وفي أماكن

متعدّدة ، ولأهمّيته في موضوعه ، كتبت عليه شروح وحواشٍ كثيرة لعددٍ كبير من

العلماء والفقهاء.

تمّ جمعها واستقصاؤها من حواشيهم على الكتاب

وتقريرات دروسهم لمباحثه ، والتي ذكرت مواصفات نسخها المطبوعة - المعتمدة في

هذا الاستقصاء - في المقدّمة ..

وهو مرتّب بعرض المتن مع التعليق الخاصّ به في صفحة

واحدة قدر الإمكان.

والعلماء هم : الآخوند محمد كاظم

ص: 442

الخراساني (1255 - 1329 ه) ، السيّد محمد كاظم

الطباطبائي اليزدي (1247 - 1337 ه) ، الميرزا علي الإيرواني الغروي (1301 -

1354 ه) ، الميرزا محمد حسين النائيني (1276 - 1355 ه) ، والشيخ محمد حسين

الغروي الأصفهاني (1296 - 1361 ه).

اشتمل هذا الجزء على أوّل كتاب البيع ، المعاطاة ،

عقد البيع ، شروط العقد ، وأحكام المقبوض بالعقد الفاسد.

نشر : منشورات أنوار الهدى - قم / 1419 ه.

* البخاري

وصحيحه.

تأليف : الشيخ حسين غيب غلامي.

كتيّب يشتمل على بحث بشأن محمد ابن إسماعيل

البخاري ، (ت 256 ه) وكتابه المشهور بالصحيح ..

وهو في خمسة أقسام : عناوين الصحيح وأبوابه ورجاله

وأسناده ورواياته ، شخصية البخاري وسيرته الذاتية وموقعه في علم الرجال ومنزلة

مروياته ، معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة والأحناف وتناقضه كمحدّث مع أهل الرأي

، دراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الأوّل والثاني والثالث ، والإسرائيليات في صحيح

البخاري.

والبحث في الأصل محاضرة للمؤلّف - بالفارسية - ،

أُلقيت ضمن ندوات أقامها مركز الأبحاث العقائدية ، وصدر بعد الإجراءات الفنّية

اللازمة ضمن سلسلة الندوات العقائدية.

ترجمة : كمال السيّد.

نشر : مركز الأبحاث العقائدية - قم / 1420 ه.

* دائرة

المعارف الحسينية.

* ديوان

الأبوذيّة ، ج 4.

تأليف : الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة ، التي قد

تصل إلى 500 جزء ، والمشتملة على كلّ ما يتعلّق بالإمام السبط الشهيد أبي عبد

الله الحسين عليه السلام ، ونهضته المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ، ودراستها من

جميع الجوانب التاريخية والعلميّة والأدبيّة والتراثية والسياسية وغيرها.

ويصدر ضمن دواوين - مجلّدات - الموسوعة المفردة

للشعر العربي الدارج.

يختصّ ب- : «الأبوذيّة» التي هي من فنون الأدب

الشعبي باللهجة الدارجة في مناطق جنوب العراق وجنوب غرب إيران.

ص: 443

أبيات الأبوذية ، التي يتكوّن أحدها من أربعة

أشطر ، الثلاثة الأُولى منها يُلتزم فيها الجناس ، والرابع ينتهي بياء مشدّدة مع

هاء ساكنة ، تمّ ترتيبها حسب الحروف الهجائيّة للعناوين المأخوذة من الجناس

المستخدم ومن اليسار - الحرف الأخير للعنوان - إلى اليمين.

اشتملت مقدّمة الكتاب على عدّة مواضيع عن الأبوذيّة

، واشتمل هذا الجزء على حرف اللام.

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1422 ه.

* الأُصول في

ذرّيّة البضعة البتول.

تأليف : الشريف أنس الكُتُبي الحسني.

كتاب مخصّص لذكر أُصول أنساب أبناء الرسول الكريم

صلى الله عليه وآله وسلم ، أبناء سيّدة نساء العالمين ، الزهراء البتول عليها

السلام ؛ إذ استقصى أعقاب الإمامين السبطين الحسن والحسين فقط - عليهما وعلى

أبيهما الصلاة والسلام - دون غيرهم من العلويّين والهاشميّين ، وتضمّن إثبات ما

هو معتمد في الأنساب من أعقابهما والمعروف والمستفيض من ذرّيّتهما ، وهو خلاصة

لِما جاء في كتب الأنساب المتقدّمة ، من مطبوع ومخطوط ومبسوط ومشجّر.

اشتمل على ذكر عقب الإمام الحسن المجتبى عليه

السلام ، الذي كان في اثنين من أبنائه فقط : زيد ، والحسن المثنّى ، فقد أعقب

الأوّل من ولده الحسن الأمير فقط ، وأعقب الثاني من أولاده الخمسة : عبد الله

المحض ، إبراهيم الغمر ، الحسن المثلّث ، داود ، وجعفر.

كما ذكر عقب الإمام الحسين عليه السلام ، الذي كان

في ولده زين العابدين الإمام عليّ السجّاد عليه السلام فقط ، فقد كان عقبه في

ستّة من أبنائه دون البقية منهم : الإمام محمد الباقر عليه السلام ، عبد الله

الباهر ، زيد الشهيد ، عمر الأشرف ، الحسين الأصغر ، وعلي الأصغر.

نشر : دار المجتبى - المدينة المنوّرة / 1420 ه.

* الإمام

الجواد عليه السلام .. سيرة وتاريخ.

تأليف : السيّد عدنان الحسيني.

دراسة موجزة لجوانب من السيرة المباركة للإمام

الجواد أبي جعفر محمد ابن علي بن موسى (195 - 220 ه) ، التاسع من أئمّة أهل

البيت عليهم السلام ؛ لإلقاء بعض الضوء على الدور الكبير لتحرّكه في الأُمّة

الإسلامية في الزمن القصير الذي عاشه صلوات الله وسلامه عليه.

ص: 444

اشتملت فصول الدراسة الأربعة على : ظروف ما قبل

الميلاد ، مولد الإمام عليه السلام ، نسبه الشريف ، التعريف بشخصه المبارك وبعض

سماته ، النصوص الدالّة على إمامته ، ومسألة العمر ومنصب الإمامة ..

الظروف والأحداث السياسية في حياته بعد استشهاد

أبيه الإمام الرضا عليه السلام ، القول بخلق القرآن ، علاقته بالسلطة الحاكمة ،

مراسيم عقد قرانه على ابنة المأمون العبّاسي وأحداث الزواج ، وبعض الثورات في

عهده عليه السلام ..

العطاء الفكري للإمام عليه السلام ، أصحابه والرواة

عنه ، دوره الرسالي والعملي في توجيه الأُمّة نحو المسار الإسلامي الصحيح وإرساء

قواعد التشريع الإسلامي : في الفقه وأحكام الشريعة ، في تفسير القرآن ، في ترسيخ

العقائد الإسلامية ، في الردّ على الأحاديث الموضوعة ، في توظيف المعجزة

والكرامة في الهداية والإرشاد ، في التربية الأخلاقية والاجتماعية ، وشذرات

مقتبسة من أنوار كلمه عليه السلام ..

إشخاص المعتصم العبّاسي للإمام عليه السلام من

المدينة إلى بغداد ، الأسباب والدواعي التي دفعت بمثلّث الاغتيال إلى قتله

بالسمّ وهو في غضارة شبابه ، الإشادة بشخصيته والإقرار بفضله وتقدّمه ، وما قيل

من شعر

المديح والرثاء فيه عليه السلام.

نشر : مركز الرسالة - قم / 1420 ه.

* ما نزل من

القرآن في شأن فاطمة الزهراء عليها السلام.

تأليف : السيّد محمد علي الحلو.

استقصاء وجمع للآيات القرآنية الكريمة النازلة في

حقّ الزهراء البتول عليها السلام سيّدة نساء العالمين ، بضعة المصطفى المختار

صلى الله عليه وآله وسلم ، اعتماداً على ما ورد من النصوص المأثورة عن أئمّة أهل

البيت المعصومين عليهم السلام وأصحابهم ، التي تشير -في تأويل وتفسير هذه الآيات

- إلى أنّها نازلة في شأنها عليها السلام ، مع تذييل لبعض الروايات التي بحاجة

إلى توضيح ببيانٍ مقتضب ..

ولم يشمل هذا الاستقصاء ما ورد من الآيات المفسَّرة

والمأوَّلة بروايات تشير إلى أنّها نازلة في شأن أهل البيت عليهم السلام ، مع

شمولها للسيّدة الزهراء أيضاً ؛ إذ اقتصر على ما ورد بشأنها عليها السلام صراحةً

فقط.

أحصى الكتاب أكثر من 60 آية كريمة في 41 سورة

مباركة من سوَر القرآن الكريم.

نشر : دار الكتاب الإسلامي - قم / 1421 ه.

ص: 445

* الفكر الإمامي من النصّ حتّى المرجعية.

تأليف : الدكتور محمد حسين علي الصغير.

بحث موجز ، تكفّل بمتابعة الفكر الإمامي الإسلامي

الأصيل بمسيرته المثلى عبر أربعة عشر قرناً - المبادئ ، الأركان ، الواقع ،

والمرجعية - بموضوعية ووضوح ، دون الدخول في الجدل الكلامي الفضفاض ، وهو ردٌ

لِما أُثير من شكوك وشبهات في كتاب «تطوّر الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى

ولاية الفقيه» الصادر في لندن سنة 1997 م ، والذي لم يتضمّن إلاّ لغة الطعن

والاتّهام وتزييف الحقائق بشأن هذا الفكر الأصيل ، والتطاول على مقدّسات أهل بيت

النبوّة عليهم السلام تراثاً ورواةً وعلماء ، باعتماد روايات ضعيفة ومراسيل

وأحاديث منحولة ونصوص مقتطعة.

اشتمل على مباحث عديدة في 12 فصلاً ؛ لدفع الشكوك ،

ومناقشة الشبهات وتقويم الشطحات ، ضمن عناوين : مبادئ الفكر الإمامي وشبهات

الكاتب ، لغة الاتّهام والطعن والتحريف عنده ، نظرية الشورى لا يؤمن بها أهل البيت

عليهم السلام ، من الشورى

إلى الحكم الوراثي / ردٌ وتعقيب ، بوادر الفكر

الإمامي / مناقشة وتصويب ، أركان نظرية الإمامة / التأكيد على المبدأ والنصّ ،

مبدأ الإمامة في مواجهة التحدّيات ، الواقع الاثنا عشري .. لا التطوّر ، الإمام

المهدي المنتظر .. حقيقة تاريخية ، النصّ على الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام

واحداً واحداً ، الفكر الإمامي في عصر الغَيْبة ، المرجعية عند الإمامية :

بدايتها الأُولى وواقعها اليوم.

نشر : دار المؤرّخ العربي - بيروت / 1421 ه.

* إمامة بقيّة

الأئمّة عليهم السلام.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتيّب يشتمل على بحث لإثبات إمامة بقيّة أئمّة

المسلمين الأحد عشر المعصومين عليهم السلام اعتماداً على أدلّة النصّ والعصمة

والأفضلية ، إذ ثبتت إمامة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام بهذه الأدلّة

نفسها ؛ استناداً إلى كتب العامّة المشهورة ورواياتهم فقط ، خصوصاً حديث الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «الأئمّة بعدي اثنا عشر» وحديث الثقلين ..

كما تضمّن بيان أفضليّتهم واحداً واحداً ، من

الإمامين السبطين الحسن والحسين إلى آخرهم الإمام المهدي

ص: 446

المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

والبحث في الأصل محاضرة للمؤلّف ، أُلقيت ضمن ندوات

أقامها مركز الأبحاث العقائدية ، وصدر بعد الإجراءات الفنّية اللازمة ضمن سلسلة

الندوات العقائدية.

نشر : مركز الأبحاث العقائدية - قم / 1421 ه.

* نزهة النظر

في غريب النهج والأثر.

تأليف : عادل عبد الرحمن البدري.

معجم لغوي ميسّر ، يشتمل على شرح موجز للمفردات

والألفاظ الغريبة الواردة في نهج البلاغة

للشريف الرضي (406 ه) والكتب الأربعة : الكافي

للشيخ الكليني (329 ه) ومن لا يحضره

الفقيه للشيخ الصدوق (381 ه) وتهذيب

الأحكام والاستبصار للشيخ الطوسي (460 ه) ، وغيرها من

مصادر الحديث المعتبرة.

مرتّب ترتيباً هجائياً وحسب الترتيب الألفبائي

للمعاجم والقواميس ؛ بإرجاع مفردات الحديث والخبر إلى أصلها الثلاثي أو الرباعي

باعتبار الحرف الأوّل ، مع مراعاة ما جرى لها من حذف وإبدال وزيادة.

ويبحث أيضاً في المعاني الاصطلاحية

للمفردة ودلالاتها الفقهية ، مع بيان مختصر

لمعانيها المتعدّدة ضمن موادّها اللغوية.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية - قم / 1421 ه.

* دائرة

المعارف الحسينية.

* ديوان القرن

التاسع الهجري.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة التي قد

تصل إلى 500 جزء ، والمشتملة على كلّ ما يتعلّق بالإمام السبط الشهيد أبي عبد

الله الحسين عليه السلام ، ونهضته المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ، ودراستها من

جميع الجوانب التاريخية والعلميّة والأدبيّة والتراثية والسياسية وغيرها.

وهو ديوان يصدر ضمن سلسلة دواوين - مجلّدات -

الموسوعة المخصّصة للشعر العربي القريض.

اشتمل على ما قيل من شعر في الإمام السبط الشهيد

عليه السلام ، وفي إطار نهضته المباركة خلال هذا القرن ، مع شرح لمفردات الأبيات

، وذكر قائلها ، وبيان الاختلاف في بعض المفردات في نسخ المراجع.

ص: 447

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1422 ه.

* معجم فقه

الجواهر ، ج 4 - 6.

إعداد : مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي طبقاً

لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

معجم فقهي مستخلص من الموسوعة الفقهيّة الكاملة جواهر

الكلام في شرح شرائع الإسلام للمحقّق الشيخ محمد حسن

النجفي ، المتوفّى سنة 1266 ه- ، الشاملة لأبواب وكتب الفقه ، الجامعة لأُمهات

المسائل وفروعها ، التي تعدّ من أجود الشروح وأغناها لكتاب شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام للمحقّق

الحلّي ، الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي (602 - 676 ه).

اشتملت مقدّمة المعجم على : بيان أسباب اختيار هذا

الكتاب ، توضيح طريقة المراجعة ، وطريقة ترقيم المسائل وأرقام العزو ورموز

الإحالة في المعجم ، إضافة إلى شرح منهجه الذي تضمّن : استخراج المصطلحات

الفقهيّة وترتيبها وفق حروف الهجاء ، ربط كلّ مصطلح بما يتعلّق به من مسائل

وبغيره من مصطلحات ، تلخيص تعريفات المصطلحات وفرضيات المسائل والآراء

والإتجاهات الفقهيّة في كلّ مسألة ،

توزيع الخلاصات على المصطلحات المرتبطة بها لضمان

عدم تكرارها ، تصنيف مسائل كلّ مصطلح وترتيبها ضمن محاور وعناوين كلّيّة ، عزو

خلاصات المسائل الموزّعة على المصطلحات إلى مواقعها في الكتاب بذكر رقم الجزء

والصفحة حسب طبعته الحروفيّة الأُولى - المطبوعة في النجف والتي نشرتها دار

الكتب الإسلاميّة في طهران - وكذلك عزو عناوين المسائل المحالة من مصطلح إلى آخر

إلى مواقعها في المعجم.

اشتملت هذه الأجزاء الثلاثة على بقية حرف الصاد -

حرف الياء ، كما تضمّن الجزء السادس جداول بمختصرات أسماء الفقهاء والكتب

الواردة في الكتاب.

صدر الجزءان 4 و 5 سنة 1418 ه- ، والأخير سنة 1419

ه.

نشر : مركز الغدير للدراسات الإسلامية -

بيروت.

* مراحل الأدب

العربي.

تأليف : علاء حسين الكاتب.

دراسة موجزة في 14 فصلاً ، تناولت الأدب العربي من

خلال تقسيم مراحله إلى ستّة فترات ، متعرّضة لذكر الخصائص الشعرية وأنواع الأدب

، مع تعريف ببعض

ص: 448

الشعراء والأُدباء والمؤلّفين لكلّ فترة ، وعرض

نماذج من شعرهم ونتاجهم.

اشتملت الفصول 1 - 4 على الفترة الأُولى / العهد الجاهلي

والمخضرمون ؛ مع ذكر خصائص شبه جزيرة العرب ، وقصائد المعلّقات .. والفصل 5 على

الفترة الثانية / عهد صدر الإسلام والخلفاء الراشدين ؛ مع ذكر نبذة من سيرة

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وأثر القرآن الكريم والسُنّة الشريفة في

الأدب عموماً ، إضافة إلى ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام من

البلاغة والفصاحة ، خصوصاً كلامه وخطبه في نهج

البلاغة .. والفصول صلى الله عليه وآله وسلم - 8 على

الفترة الثالثة / العهد الأُموي ؛ مع التعرّض لأدب الطفّ الخاصّ بواقعة كربلاء

واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام ، وأثرها في الأدب والشعر ، والشعر السياسي

في هذا العهد .. والفصول 9 - 11 على الفترة الرابعة / العهد العباسي ، وذكر

المذاهب والفرق ، وكتب الحديث .. والفصل 12 على الفترة الخامسة / العهد المغولي

والعهد العثماني - الفترة المظلمة - .. والفصل 13 على المرحلة السادسة / العهد

الحديث أو عصر النهضة ، مع ملحق - الفصل 14 - بنبذة عن بعض أُدباء هذه الفترة.

نشر

: مهدى يار - قم / 1422 ه.

كتب

قيد التحقيق

* منهج المقال

في تحقيق أحوال الرجال.

للميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي ،

المتوفّى سنة 1028 ه.

من الكتب الرجالية المهمّة ، معروف ب- : الرجال

الكبير ، في ثلاثة مجلّدات ، فرغ من الأوّل سنة 984 ه- ، والثاني سنة 985 ه- ،

والثالث سنة 986 ه.

مرتّب في مقدّمة وأصل وخاتمة في عشرة فوائد ،

والأصل يشتمل على أسماء الرجال مرتّبة حسب الحروف الهجائية ، ثمّ الكنى ، ثمّ الأنساب

والألقاب ، ثمّ أسماء النساء ، ذاكراً في كلّ ترجمة ما وصل إليه من أقوال

العلماء المتقدّمين والمتأخّرين وحتّى من علماء المخالفين ، مبدياً رأيه عند

اقتضاء الحاجة.

وقد كتب العلاّمة الوحيد البهبهاني محمد باقر بن

محمد أكمل (1117 - 1205 ه) تعليقات على معظم تراجم الكتاب ، مع مقدّمة في

خمسة فوائد رجالية مهمّة ، ضمّنها مبانٍ رجالية ، لم يُسبق إليها ، فصارت مرجعاً

ضرورياً لمن جاء بعده.

ص: 449

تقوم مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث

بتحقيق الكتاب اعتماداً على ستّ مخطوطات ، وتعليقات العلاّمة الوحيد اعتماداً

على ثلاث مخطوطات ، وفوائده الرجالية اعتماداً على ثلاث مخطوطات أيضاً ، إضافة

إلى نسخة مطبوعة على الحجر في إيران سنة 1306 ه- ، ضمّت الكتاب والتعليقات

والفوائد ، ملحقاً بها كتاب أمل الآمل للشيخ محمد بن الحسن الحُرّ العاملي

(1033 - 1104 ه) ..

مخطوطات الكتاب هي :

نسخة المكتبة المركزية لجامعة طهران برقم 1783 ،

وهي في ثلاثة أجزاء ، كتب الأوّل سنة 1023 ه- ، والثاني والثالث سنة 1016 ه.

نسختا مكتبة السيّد المرعشي العامّة في قم ،

إحداهما منقولة عن خطّ المصنّف ، برقم 7044 ، كتبت سنة 1021 ه- ، والثانية برقم

4011 ، كتبت سنة 1054 ه.

نسخة المكتبة الرضوية في مشهد ، قوبلت مرّتين مع

نسخة خطّ المصنّف ، برقم 8021 ، كتبت سنة 1051 ه.

نسخة مكتبة السيّد محمد علي الروضاتي / أصفهان ،

كتبت سنة 1068 ه.

نسخة مكتبة «كاخ گلستان» في طهران ، برقم 779 ، قيل

بأنّها بخطّ المؤلّف ؛ لكن تبيّن أنّها ليست كذلك ، بل لم يذكر كاتبها ولا تاريخ

كتابتها.

أمّا مخطوطات التعليقات فهي :

نسختا مكتبة المدرسة الفيضية في قم ، برقم 1293 ،

كتبت سنة 1210 ه- ، وبرقم 651 ، كتبت سنة 1239 ه.

نسخة مكتبة السيّد المرعشي العامّة في قم ، برقم

431 ، لم يذكر كاتبها ولا تاريخ كتابتها ..

ومخطوطات الفوائد هي :

نسخة مكتبة السيّد المرعشي العامّة في قم ،

برقم 2115 ، لم يذكر كاتبها ولا تاريخ كتابتها.

نسخة مكتبة السيّد محمد علي الروضاتي في

أصفهان ، لم يذكر كاتبها ولا تاريخ كتابتها.

نسخة المكتبة الرضوية في مشهد ، برقم 11497 ، كتبت

سنة 1287 ه.

* * *

ص: 450

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.