تراثنا المجلد 65

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1422 ه.ق

الصفحات: 294

ص: 1

محتويات العدد

*كلمة التحرير :

*العولمة والتراث.

................................................................ هيئة التحرير 7

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (19).

................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 13

*عدالة الصحابة (6).

........................................................... الشيخ محمّد السند 59

*الحاوي في رجال الإمامية - لابن أبي طيّ الحلبي (1).

...................................................... الشيخ رسول جعفريان 106

*دليل المخطوطات (9) - مكتبة العلّامة الجليلي.

........................................................ السيّد أحمد الحسيني 161

ص: 2

*فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (9).

....................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه 174

*مصطلحات نحوية (18).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 207

*من ذخائر التراث :

*نسمات الهدى ونفحات المهديّ - للعلّامة المجاهد الشيخ محمّد جواد البلاغي (1282 - 1352 ه).

.......................................... تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم 217

*من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 275

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة كتاب ضياء العالمين لمصنّفه الشريف أبي الحسن بن محمّد طاهر الفتوني النباطي العاملي الأصفهاني الغروي ، المتوفّى حدود سنة 1140 ه- ، والذي تقوم مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بتحقيقه.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

كلمة العدد :

العولمة والتراث

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتمّ السلام على سيّدنا ونبيّنا محمد وآله الطاهرين.

بعد انهيار المنظومة الشيوعية في مهدها طرح الغربيّون مسألة العولمة السياسية ، وهي تعني توحيد العالم في نظام سياسي واحد ، وقد لقي هذا الكلام معارضة واسعة من دول العالم.

أمّا موضوعنا فهو العولمة الثقافية التي طُرحت في السنوات الأخيرة بشكل جادٍّ ، والتي تهدف إلى توحيد وسائل الثقافة في العالم ، وقد يطمح بعضهم إلى طرح توحيد الثقافة نفسها ..

وقد أبدت العديد من الدول والمنظّمات والجهات الثقافية المعنية معارضتها وتخوّفها من مشاريع العولمة وتقنيّاتها على لغاتها وثقافاتها الوطنية ..

والسؤال المطروح هنا : هل هناك خوف على الثقافة الإسلامية

ص: 7

وتراثها من مشروع العولمة؟!

وجوابه : إنّه ينبغي التمييز في خطر العولمة المتصوّر على الثقافة الإسلامية ، بين خطورة تقنيّاتها ووسائلها ، وبين خطورة الثقافة التي تنقلها ، فتبعد المسلم المعاصر عن كتابه الإسلامي ومصادر ثقافته وتراثه.

أمّا خطر الثقافة الغربية المادّية فهو خطر موجود منذ السابق ، وهو خطر عامّ ولا شكّ أنّه سيزداد على أجيال الأطفال والشباب في العالم أجمع ، بما تنقله تقنيّات العولمة.

وممّا يؤسف له أنّنا نرى الترويج لهذه الثقافة هو الشغل الشاغل لوسائل الإعلام والثقافة الغربية ، وأنّ بعض المؤسّسات الأهلية والحكومية في بلادنا الإسلامية تقع تحت تأثيرها ، وتختار لنفسها أن تكون وسائل دعاية لثقافة مادّية انحلالية تخالف دينها القويم وقيمه الإنسانية!

أمّا تقنيّات العولمة ووسائل نقل الثقافة بذاتها فلا نرى فيها خطراً ... بل هي أدوات فعّالة لنشر التراث الإسلامي وإيصاله إلى عدد أكبر في العالم .. لا سيّما وأنّه تراث مظلوم مضطهد من الغربيّ - ين ، وقد عانى قروناً من الحظر والتعتيم وتشويه السمعة ..

فلو استفاد المسلمون من تقنيّات العولمة وقاموا بالترجمات اللازمة لتعريف ثقافتهم ، لاستطاعت أن تدخل إلى الجامعات والمجتمعات الغربية .. وأن تغيّر كثيراً من الأفكار والتصوّرات المضادّة للاِسلام والمسلمين.

ويصدق هذا الكلام ذاته على تراثنا الشيعي داخل أكثر البلاد الإسلامية أيضاً! فإنّ أكبر مشكلة يعاني منها هذا التراث منذ صدر الإسلام حتّى اليوم ، هي أساليب الحظر والمنع والرقابة التي شملت كلّ أنواع تراث

ص: 8

أهل بيت النبوّة الطاهرين ، ونتاج علماء مذهبهم الأفذاذ!

وهنا يأتي دور المؤسّسات المعنية بخدمة التراث من جميع المذاهب ، ومذهبنا بالأخصّ .. وتبرز مسؤوليّتها الجسيمة في هذا المجال ، وآمالها بالنهوض بها أيضاً.

يقول عبد القادر الكاملي في مقال نشره في مجلّة «پي سي ماغازين» ، عدد حزيران 2000 ، بعنوان «عولمة التقنيّات العربية» :

ظلّت التقنيّات محايدة لغوياً ، حتّى ظهور الكمبيوتر ؛ فالسيّارة الألمانية - مثلاً - يمكن أن يستخدمها الفرنسي أو العربي بدون تأثير يذكر للّغة الألمانية على هذا الاستخدام.

أمّا الكمبيوتر ، فلا فائدة منه بدون برامج ، والبرامج ليست محايدة لغوياً .. فالألماني يرغب في إنجاز أعماله على الكمبيوتر بلغته القومية ، وكذلك الفرنسي والروسي والعربي ، إلى آخره ...

وقد أدّى ذلك إلى ظهور علم جديد هو الحوسبة اللغوية ، يهدف إلى تطوير تقنيّات تمكّن الكمبيوتر من التعامل مع اللغات القومية ، وتمّ فعلاً تطوير تقنيّات خاصّة بكلّ لغة ، لكنّ استخدام التقنيّات الخاصّة بلغة معيّنة اقتصر على الشعوب الناطقة بهذه اللغة.

وعندما بدأت شبكة الإنترنِت بالظهور ، كانت اللغة الإنجليزية تهيمن عليها كليّاً ، لكن مع انتشارها السريع بدأ المشهد يتغيّر ، فالدراسة التي نشرتها مؤسّسة Reach Global للأبحاث ، ذكرت أنّ 85 مليوناً من أصل 200 مليون مستخدم عالمي لشبكة الإنترنِت (نحو 43 بالمئة) ، ينتمون إلى شعوب لغتها الأُمّ ليست الإنجليزية.

وتتوقّع مؤسّسة أُخرى للأبحاث ، هي Computer Electroics ، أن

ص: 9

يزيد عدد هؤلاء عام 2002 م على عدد مستخدمي إنترنِت الناطقين بالإنجليزية ، وانخفضت أيضاً نسبة النصوص الإنجليزية إلى إجمالي النصوص التي تحتويها الشبكة ، فأصبحت تشكّل 72 بالمئة ، تقريباً.

ومع انطلاقة التجارة الإلكترونية ، وإجماع توقّعات الخبراء على إنّها ستشهد ازدهاراً كبيراً خلال السنوات المقبلة ، يُتوقّع أن يزداد الطلب على تقنيّات اللغات القومية ، ومن بينها العربية!

وجاء في مقاله أيضاً :

تشير دراسة نشرتها مؤسّسة Forrester Research للأبحاث ، إلى إنّ 80 بالمئة من مواقع ويب الأُوربيّة ، هي من النوع متعدّد اللغات ، وإنّ هذا يرشّحها لدور عالمي أكبر من الدور الذي تلعبه المواقع الأمريكية أُحادية اللغة ، ما لم تغيّر الأخيرة استراتيجيّتها ، وتتبنّى التعدّدية اللغوية. وإذا كنّا لم نشهد - حتّى الآن - استخداماً ملموساً للّغة العربية ضمن المواقع الأُوربية ، فإنّ هذا يتعلّق فقط بأولويّات تلك المواقع في المرحلة الراهنة ، ولا شكّ أنّ العربية ستدخل لاحقاً إلى المواقع الأُوربية التي تتطلّع إلى التجارة الإلكترونية مع البلدان العربية. انتهى.

وهذا يدلّ بوضوح على إنّ الثقافة الإسلامية يمكن أن تأخذ طريقها في عصر العولمة ... ما دامت لغتها قد فرضت نفسها على وسائل الاتّصال والنشر العالمية ..

كما يعني هذا أنّ على المؤسّسات الإسلامية أن تضيف إلى طريقتها التقليدية في نشر كتب التراث ، نشرها في شبكات الإنترنِت .. وهو ما نشطت فيه عدد من المؤسّسات ، وفي طليعتها مؤسّستنا ، والحمد لله.

تبقى مسألةٌ طرحَها بعضُهم ، هي التخوّف من أن يحلّ الكتاب

ص: 10

الإلكتروني محلّ الكتاب المطبوع ..؟الألكتروني

وفي رأينا أنّه لا مبرّر لمثل هذا التخوّف .. فحتّى لو صحّ ذلك فهو لا يؤثّر على قيمة كتب التراث المطبوعة والمخطوطة .. وستبقى هي الأصل والسند الوثائقي لكلّ ما ينشر من ثقافتنا بالنشر الإلكتروني ، أو بأيّ طريقة أُخرى.

فقد كتب الصحفي المصري الدكتور نبيل شرف الدين في شبكة هجر الثقافية ، مقالاً بعنوان «قضية للمناقشة : عن الصحافة الورقية .. ومستقبلها» ، قال فيه :

هناك عدّة صور للصحافة .. صحافة الخبر .. وأظنّ أنّ الفضائيات حسمت لصالحها هذه المعركة ، فلن ينتظر إنسانٌ الإنترنيت - كما كان يفعل آباؤنا - حتّى الصباح ، أو يدير مؤشّر الراديو صوب «هنا لندن» مثلاً ...

هناك صحافة التحليل والحوار والتحقيق .. وهذه أتت عليها الفضائيات ، فالناس تحبّ مشاهدة المصدر (الضيف) يتحدّث دون تدخّل الصحفي بتنميق أو تشويه ما يقوله. كما يحبّ الناس رؤيته بانفعالاته .. بملامح المكابرة أو الاقتناع أو العدوانية أو الحكمة أو أياً ما كانت ..

وهذه لا تستطيع الصحف الورقية نقلها أساساً ..

هناك أخيراً صحافة الرأي .. وبصراحة فهنا في منتديات الحوار أجمل وأفضل منابر للرأي في تاريخ الإنسانية كلّها ، العلماني أمام الإسلامي وجهاً لوجه .. المُعارِض أمام السلطوي عياناً بياناً .. وكلّ من يظنّ في نفسه كاتباً يقتحم الملعب ، والحكم هو ما نكتبه في النهاية ..

طيّب .. ماذا تبقّى للصحف سوى لفّ الطعمية (الفلافل) فيها؟! انتهى.

ص: 11

وقد أجابه عدد من المناقشين بأنّ الكلمة على الورق يبقى لها مكانتها وطعمها الخاصّان وتأثيرها على الناس ... إلى آخره.

لكن لو صحّ توقّع هذا الكاتب عن الصحافة ، فهو لا ينطبق على كتب التراث ومصادر الثقافة الإسلامية ؛ بسبب صفتها التراثية الوثائقية ..

مضافاً إلى حاجة الملايين إلى القراءة من الكتاب والتوثيق المباشر منه.

ويبقى التراث وما حمل من مصادر ثرّة للمعرفة والفكر هو الأساس المكين لكلّ نهضة علميّة أو ثقافيّة اليوم كما هو أمس وفي مستقبل الأيّام أيضاً ، ذلك لأنّه لا بديل عن الأصيل الثابت يوماً ما.

هيئة التحرير

ص: 12

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (19)

السيد عليّ الحسيني الميلاني

ثالثاً - ضوابط الجرح والتعديل عند أهل السُنّة :

وبعد أنْ عرفنا أصحّ الكتب عند القوم وآراء المحقّقين من علمائهم في اعتبار أخبارها ووثاقة رواتها ، وعرفنا أشهر أئمّتهم في الجرح والتعديل ، ووقفنا على ما جاء في تراجمهم ، رأينا من اللازم أنْ نتعرَّضولو بالإجمالإلى الضوابط والقواعد التي على أساسها جرحوا أو وثّقوا الرجال.

والحقيقة أنّ آراءهم في ضوابط التوثيق والجرح متضاربة جدّاً ، بل قد تجد الواحد منهم يناقض نفسه ، فليس عندهم قواعد مستندة إلى الشرع والعقل ، يرجعون إليها ويعتمدون عليها في قبول الرواية عن الرجال وردّها.

وقد صرّح بهذه الحقيقة بعض المحقّقين المعاصرين حين قال مستدلاًّ بكلامٍ للذهبي : «كلام الإمام الذهبيوهو العارف الخبير بهذه الصنعة -يدل على أنّ التصحيح والتضعيف في غير ما حديثٍ أمر اجتهادي ، تختلف فيه الأنظار ولا يمكن البتُّ فيه» (1).

ص: 13


1- راجع هامش الصفحة 239 من الجزء 14 من سير أعلام النبلاء.

إنّ المحاور الأساسية عندهم لجرح الراوي أو توثيقه ، على اختلاف الأقوال ، هي :

أوّلاً : القول بالأُصول الاعتقادية ، بأنْ يكون الراوي مسلماً صحيح العقيدة غير منحرف عمّا يرونه حقّاً ثابتاً يجب الاعتقاد به.

وثانياً : العدالة ، بأنْ لا يكون الراوي من أصحاب كبيرةٍ من الكبائر الموبقة ، المسقطة للعدالة ، وأنْ يكون صادقاً في نقله ، فلا يكذب ، ولا يزيد أو ينقص من الخبر عن عمدٍ ...

وثالثاً : الضبط ، بأنْ يكون ضابطاً لِما أخذ ، وينقله كما أخذه ، فلو كثر خطؤه وسهوه زال الوثوق به ، وإنْ كان من أهل الصدق والديانة.

لكنّ المشكلة هي اختلافهم الشديد في المسائل الاعتقادية ، وتكفير بعضهم البعض الآخر المخالف له فيها ، فحينئذٍ لا يُدرى ما هي العقيدة الصحيحة عندهم؟! وما هو الحقّ الذي يجب الاعتقاد به ، حتّى يُقبل الراوي أو يُردّ بالنظر إليها؟!

ثمّ إنّ كثيراً منهم يستحلّون شرب المسكر - مثلاً - أو يجوّزون الكذب على خصومهم ، أو يتركون الصلوات ، أو يرتكبون القبائح ... وكلّ ذلك موجود بتراجمهم ... فهل هذه الأُمور كبائر مسقطة للعدالة أو لا؟!

وهناك أُمور أُخرى كان بعض أكابرهم يراها من الكبائر ، فلا يروي عن المرتكب لها ، كالدخول في عمل السلطان ، أو الخروج بالسيف عليه ، فهل هذه من الكبائر الموبقة المسقطة للعدالة أو لا؟! وما هو السبب في هذا التناقض؟!

وهم في حين يشترطون الضبط في الراوي ، قد يضطرّون إلى رفع اليد عن هذا الشرط ، عندما يريدون توثيق من كان فاقداً له ؛ لخصوصيةٍ فيه

ص: 14

توجب القول بوثاقته.

وتبقى قضايا أُخرى ، يبحثون عن مفاهيمها ومصاديقها ، يختلفون في كلتا الجهتين ، مثل ، التدليس ، ورواية المنكَر من الحديث ، وما إلى ذلك ...

هذه هي الحقيقة التي يؤدّي إليها التحقيق في كتبهم في الحديث والرجال ...

ولأجل أن نضع النقاط على الحروف - كما يقال - نستشهد ببعض الموارد ، ونأتي بجملةٍ من نصوص كلماتهم فيها :

* سمع آلة الطرب من بيته فترك الرواية عنه :

ففي ترجمة المنهال بن عمرو الأسدي - من رجال البخاري والأربعة - أنّ شعبة بن الحجّاج (1) كان يروي عنه «ثمّ إنّ شعبة ترك الرواية عنه ، لكونه سمع آلة الطرب من بيته» (2) أو «لأنّه سمع من داره صوت قراءةٍ بالتطريب» (3).

فهكذا كان رأي شعبة ... لكنّ أرباب الصحاح الستّة - عدا مسلم بن الحجّاج - يروون عنه في صحاحهم ...

ثمّ نراهم جميعاً - بما فيهم مسلم - يروون عمّن كان «يعلِّم الغناء» ويرتكب غير ذلك أيضاً!! وهو «الماجشون» الملقّب عندهم ب: «الإمام 4.

ص: 15


1- لقّبه الأئمّة ب: «أمير المؤمنين في الحديث» ، مات سنة 160 ؛ الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستّة 2 / 11 ، تهذيب التهذيب : رقم 2867.
2- سير أعلام النبلاء 5 / 184 رقم 64.
3- الجرح والتعديل 8 / 357 رقم 1634.

المحدِّث» فإنّه «كان يعلّم الغناء ، ويتّخذ القيان ، ظاهرٌ أمرُه» (1).

فكم هو الفرق بين ترك الرواية عمّن سمع صوت آلة الطرب من بيته ، وبين الرواية عمّن يعلّم الناس الغناء - وربّما يأخذ على ذلك الأُجور - ويتّخذ القيان ، وهو بكلّ ذلك مشهور؟!

* كان لا يجيز قول من لا يشرب النبيذ :

وهذا ما حكوه عن ابن أبي ليلى (2) ، مفتي الكوفة وقاضيها ، وهو عجيب جدّاً ، فهبْ أنّه كان يرى حلية النبيذ ، مع رواية الفريقين عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (3) ولكنْ كيف لا يجيز قول من لا يشربه؟!

* الزهري يعمل لبني أُميّة ، والأعمش مجانب للسلطان :

وإذا كان الدخول في أعمال الظلمة وما يحمله من الأوزار والآثام مخلاًّ بالعدالة (4) ، فإنّ محمد بن شهاب الزهري ، الذي يُعدُّ من أكبر أئمّة القوم في الفقه والحديث ، كان من عمّال بني أُميّة ، بل جاء عن خارجة بن مصعب : «قدمت على الزهري وهو صاحب شرط بني أُميّة ، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافركوبات. فقلت : قبّح الله ي.

ص: 16


1- سير أعلام النبلاء 5 / 370 رقم 167.
2- سير أعلام النبلاء 6 / 312.
3- أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ، وهو في وسائل الشيعة.
4- لاحظ : تاريخ بغداد 10 / 294 بترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن المحسن الأسدي القاضي ، ولاحظ : سير أعلام النبلاء 9 / 26 بترجمة حفص بن غياث القاضي.

ذا من عالمٍ ، فلم أسمع منه» (1).

ولذا لمّا سئل ابن معين (2) عن الزهري والأعمش قال : «برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري ، الزهري يرى العرض والإجازة ، ويعمل لبني أُميّة ، والأعمش فقير صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن» (3).

وإذا كان هذا حكم العمل لبني أُميّة ، فكيف يكون الميل على بني أُميّة ذمّاً ، كما هو ظاهر عبارة ابن عساكر في أبي عَرُوبة الحرّاني؟! (4).

بل كيف يكون من شرط أخذ الحديث الترحّم على معاوية؟!! فقد حكى الكتّاني أنّ شيخه عبد الرحمن بن محمد الجوبري قال له : «ما أُحدّثك حتّى أدري مذهبك في معاوية! فقلت : صاحب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] ، وترحّمت عليه. فأخرج إليَّ كتب أبيه جميعها» (5)!

* هو واهٍ من قبل دينه لأنّه كان لا يصلّي :

وهكذا جاء بترجمة «زاهر بن طاهر» الموصوف عندهم ب: «الشيخ العالم ، المحدّث المفيد ، المعمّر ، مسند خراسان» الذي روى الكثير ببغداد وبهراة وأصبهان وهمدان والريّ والحجاز ونيسابور ، وروى عنه المحدِّثون في هذه البلاد ، كأبي موسى المديني والسمعاني وابن عساكر وغيرهم من كبار الأئمّة .. 5.

ص: 17


1- ميزان الاعتدال 1 / 625.
2- لقّبه الأئمّة ب: «إمام المحدِّثين». الكاشف 3 / 255 ، تهذيب التهذيب : رقم 7930.
3- تهذيب التهذيب 4 / 197.
4- سير أعلام النبلاء 14 / 511.
5- سير أعلام النبلاء 17 / 415.

فإذا كان واهياً من قبل دينه ، لأنّه كان لا يصلّي ، والصلاة عماد الدين كما في الحديث عند المسلمين ، وتركها من أكبر الكبائر المخلّة بالعدالة الموجبة للدخول في النار ، فما وجه الرواية عنه؟!

يقول الذهبي : «الشَرَهُ يحمِلُنا على الرواية لمثلِ هذا» (1).

وهل يُقبل هذا العذر؟!

* كان يشرب الخمر وهو من رجال أبي داود وابن ماجة :

«وعمر بن يعلى بن مرّة الثقفي الكوفي» من رجال أبي داود وابن ماجة ، قال الساجي : «حدّثني أحمد بن محمد ، قال : حدّثنا يحيى بن معين ، قال : سمعت جرير بن عبد الحميد يقول : كان عمر بن يعلى بن منبه الثقفي يشرب الخمر».

وقال البخاري : «حدّثنا علي ، قال : قال جرير : كان عمر بن يعلى يحدّث عن أنس ؛ فقال لي زائدةوكان من رهطه -: أيّ شيء حدّثك؟! قلت : عن أنس. قال : أشهد أنّه يشرب كذا وكذا ، فإنْ شئت فاكتب وإنْ شئت فدع» (2).

هل يُقبل الجرح من المتعاصرين؟

ثمّ هل من الضوابط أنْ لا يكون الجارح معاصراً للمجروح ، فلو كانا متعاصرَين لا يقبل جرح أحدهما الآخر؟!

والموارد من هذا القبيل كثيرة جدّاً ... 0.

ص: 18


1- سير أعلام النبلاء 20 / 9 - 12.
2- تهذيب الكمال 21 / 419 - 420.

قالوا : لا يُقبل جرح المعاصر لمعاصره ، لأنّه يكون غالباً عن الحسد والمنافسة على الرئاسة ...!!

ولكنْ ، كيف ذا ، والجارحون من أكابر الزهّاد وأئمّة الورع والاحتياط كما بتراجمهم؟! وإذا كانوا حقّاً كذلك ، فالصحيح هو الاعتماد على الجرح الصادر منهم لمعاصريهم ، لأنّه شهادة عن حسٍّ ، ولا يجوز ردّ شهادة العدل ، سواء كانت بالوثاقة أو بالضعف ...

ولنذكر نماذج من تلك الموارد :

1 - بين أبي نعيم الأصبهاني وابن مندة :

قال الذهبي : «أحمد بن عبدالله الحافظ ، أبو نعيم الأصبهاني ، أحد الأعلام ، صدوق ، تُكلّم فيه بلا حجّة ، ولكنّ هذه عقوبة من الله ، لكلامه في ابن مَندة بهوىً!!

... وكلام ابن مندة في أبي نعيم فظيع ، لا أُحبُّ حكايته ، ولا أقبل قول كلٍّ منهما في الآخر ... كلام الأقران بعضهم في بعضٍ لا يُعبأ به ، لا سيّما إذا لاح لك أنّه لعداوةٍ أو لمذهب أو لحسد ...» (1).

2 - بين مغيرة وأبي إسحاق السبيعي والأعمش :

روى جرير عن مغيرة أنّه قال : «ما أفسد حديث أهل الكوفة غير أبي إسحاق والأعمش».

قال الذهبي : «لا يسمع قول الأقران بعضهم في بعض ، وحديث 1.

ص: 19


1- ميزان الاعتدال 1 / 111.

أبي إسحاق محتجّ به في دواوين الإسلام» (1).

3 - بين أحمد وهشام بن عمّار :

قال أبو بكر المروزي : «ذكر أحمدُ بن حنبل هشامَ بن عمّار فقال : طيّاش خفيف».

قال الذهبي : «كلام الأقران بعضهم في بعضٍ يحتمل ، وطيّه أَوْلى من بثّه» (2).

يعني وإنْ كان المتكلّم أحمد!!

4 - بين الفلاّس والسمين :

وذكر أبو حفص الفلاّس ، محمدَ بن حاتم البغدادي السمين - من رجال مسلم وأبي داود - فقال : «ليس بشيء». فتعقّبه الذهبي قائلاً : «هذا من كلام الأقران ، الذي لا يسمع» (3).

5 - بين عبد المغيث وابن الجوزي :

ووقعت العداوة والفتنة الشديدة بين عبد المغيث بن زهير وبين أبي الفرج ابن الجوزي ، وكلاهما حافظان فقيهان حنبليّان ... كان سببها اللعن على يزيد بن معاوية ، كان عبد المغيث يمنع من لعنه ، وكتب في ذلك كتاباً وأسمعه للناس ، فكتب ابن الجوزي في الردّ عليه كتاباً سمّاه الرد 1.

ص: 20


1- سير أعلام النبلاء 5 / 399.
2- سير أعلام النبلاء 11 / 431.
3- سير أعلام النبلاء 11 / 451.

على المتعصّب العنيد المانع من ذمّ يزيد ... ثمّ تلا ذلك مسائل أُخرى ، وقد مات عبد المغيث وهما متهاجران (1).

6 - بين مطين وابن أبي شيبة :

وذكر الحافظ ابن حجر بترجمة محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي الملقّب ب- : «مطيَّن» حطّ الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة عليه ، وحطّ مطيّن على ابن أبي شيبة ، وأنّ أمرهما آلَ إلى القطيعة. فقال ابن حجر : «ولا نعتدّ - بحمد الله - بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض» (2).

* قدح فيه لأنّه رأى منه جفاءً :

وإذا كان المتعاصرون يقدح بعضهم في بعض عن حسدٍ وعداوةٍ وتنافس على الرئاسة والدنيا ، فقد ذكروا أنّ النسائي قدح في أحمد بن صالح المصري لمجرّد أن رأى منه جفاءً!!

لقد اضطرب القوم في قدح النسائي في هذا الرجل ، وكذا في رمي يحيى بن معين إيّاه بالكذب ، لأنّه من رجال صحيح البخاري.

فأمّا طعن النسائي ؛ فلأنّه نال منه جفاءٌ في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما (3).

فقال الخليلي : كلام النسائي فيه تحامل ، وقال ابن العربي المالكي : 0.

ص: 21


1- الذيل على طبقات الحنابلةلابن رجب - 1 / 299.
2- لسان الميزان 5 / 233.
3- تاريخ بغداد 4 / 200.

هذا يحطّ من النسائي أكثر ممّا يحطّ ابن صالح ، وقال الذهبي : آذى النسائي نفسه بكلامه فيه (1).

وأمّا طعن ابن معين ، فابن حِبّان حاول تنزيه ابن معين وابن صالح معاً ، فادّعى أنّ الذي كذّبه ابن معين هو : أحمد بن صالح المكّي الشمومي وليس أحمد بن صالح المصري (2).

وأمّا الذهبي ، فقد انتقد ابن معين بشدّةٍ ، فقال : «ومن نادر ما شذَّ به ابن معين كلامه في أحمد بن صالح حافظ مصر ، فإنّه تكلَّم فيه باجتهاده ...» (3).

قلت :

بل إنّ القوم كلّهم يتكلّمون في الرجال - قدحاً أو مدحاً - باجتهاداتهم ، وليس عندهم موازين ثابتة في الباب ، وهذا ما نريد التأكيد عليه بما تقدّم ويأتي.

* التوسع في اشتراط الضبط :

ثمّ إنّهم - وإنِ اشترطوا الضبط في الراوي - قد توسّعوا في هذا الشرط متى ما شاءوا توثيق الرجل وقبول روايته ، لكونه من رجال الصحاح ، أو من مشاهير الحفّاظ ، أو لغير ذلك. 3.

ص: 22


1- سير أعلام النبلاء 12 / 161 والهامش ، ميزان الاعتدال 1 / 103.
2- الثقات 8 / 26.
3- سير أعلام النبلاء 11 / 82 - 83.

فهذا حسين المعلّم البصري ، من رجال الصحاح الستّة ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء وقال : هو مضطرب الحديث. فتعقّبه الذهبي قائلاً : «الرجل ثقة ، وقد احتجّ به صاحبا الصحيحين ، ومات في حدود سنة 150 ، وذكر له العقيلي حديثاً واحداً تفرّد بوصله ، وغيرُه من الحفّاظ أرسله ، فكان ماذا؟! فليس من شرط الثقة أن لا يغلط أبداً ، فقد غلط شعبة ومالك ، وناهيك بهما ثقةً ونبلاً» (1).

وقال الذهبي - في مقام الدفاع عن ابن أبي داود ، في كلامٍ له على حديث الطير - : «وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله ، وله على خطئه أجر واحد ، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو ، والرجل فمن كبار علماء الإسلام ومن أوثق الحفّاظ» (2).

وننتقل الآن إلى آرائهم في أصحاب المذاهب من رجال الحديث :

آراؤهم في أصحاب المذاهب

من رجال الحديث

* حكم أحاديث غير أهل السُنة :

والذي يظهر من كلماتهم هو أنّهم يقسّمون الرجال إلى «أهل السُنة» و«أهل البدعة» .. فمن لم يكن من أهل السُنة فهو مبتدع ، وأهل السُنة يؤخذ بحديثهم ، ويترك حديث أهل البدعة.3.

ص: 23


1- سير أعلام النبلاء 6 / 345 رقم 147.
2- سير أعلام النبلاء 13 / 233.

روى الذهبي عن ابن سيرين ، قال : «لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتّى وقعت الفتنة ، فلمّا وقعت نظروا مَن كان من أهل السُنّة أخذوا حديثه ، ومَن كان من أهل البدعة تركوا حديثه» (1).

ولكن ما المراد من السُنة؟! ومَن أهلها؟! وما المراد من البدعة؟! ومن هم أهلها؟! هذه هي المشكلة!

وروى المزّي عن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : «من رأى رأياً ولم يدع إليه احتُمِل ، ومن رأى رأياً دعا إليه فقد استحقّ الترك» (2).

وقد أخذ هذا غير واحدٍ من المتأخّرين ، فقيَّد المبتدع بأنْ لا يكون داعيةً إلى مذهبه ...

وأضاف بعضهم إلى ذلك ، ألاّ يكون الحديث الذي يحدّث به ممّا يعضد بدعته ويشيّدها (3).

ثمّ إنّ الذهبي قسّم البدعة إلى صغرى وكبرى ، بمناسبة وصف «أبان ابن تغلب» ب- : «شيعي جلد ، لكنّه صدوق» ، فقال بأنّ البدعة الصغرى تجتمع مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بيّنة ... وهي كغلوّ التشيّع ، أو كالتشيع بلا غلوّ ولا تحرّف ، والبدعة الكبرى كالرفض الكامل والغلوّ فيه والحطّ على أبي بكر وعمر والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة ، وليس فيه رجل صادق مأمون (4). ة.

ص: 24


1- ميزان الاعتدال 1 / المقدّمة.
2- تهذيب الكمال 1 / 163.
3- لسان الميزان 1 / 104 الطبعة الحديثة.
4- ميزان الاعتدال 1 / المقدّمة.

أقول :

قد خصّصنا الفصل الآتي للبحث عن «التشيّع» و«الرفض» وما يتعلّق بذلك ... والكلام الآن في الرواية عن أهل الفرق الأُخرى ، الخارجين عن أهل السُنة!!

قال الذهبي : «هذه مسألة كبيرة ، وهي : القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي ، إذا عُلم صدقه في الحديث وتقواه ، ولم يكن داعياً إلى بدعته ، فالذي عليه أكثر العلماء قبول روايته ، والعمل بحديثه ، وتردّدوا في الداعية هل يؤخذ عنه؟ فذهب كثير من الحفّاظ إلى تجنّب حديثه وهجرانه ..

وقال بعضهم : إذا علمنا صدقه وكان داعيةً ووجدنا عنده سنة تفرّد بها ، فكيف يسوغ لنا ترك تلك السُنة؟! فجميع تصرّفات أئمّة الحديث تؤذن بأنّ المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الإسلام ، ولم تبح دمه ، فإنّ قبول ما رواه سائغ» ..

قال : «وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي.

والذي اتّضح لي منها أنّ مَن دخل في بدعةٍ ولم يُعدّ من رؤوسها ، ولا أمعن فيها ، يُقبل حديثه» (1).

فانظر ، كيف يضطربون!! وكيف تختلف كلمات الواحد منهم أيضا!!

والسبب في ذلك هو أنّهم إذا رفضوا أحاديث المنتحلين للمذاهب الأُخرى كلّها أدّى ذلك إلى ضياع الأحكام الشرعية وترك السُنن النبويّة ، 4.

ص: 25


1- سير أعلام النبلاء 7 / 154.

وإنْ رووها وقبلوها خافوا من رواج تلك المذاهب وتقوّي أتباعها ...

وأيضاً : ففي رواة كتابَي البخاري ومسلم من أهل البدع كثيرون ، فإذا سقط الاحتجاج بأخبارهم سقط الكتابان عن الصحّة المزعومة لهما ..

* المنتحلون المذاهب من الرواة في الصحاح :

فقد جاء بترجمة «عمر بن ذرّ» - وهو من رجال البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي ، والموصوف بالإمام الزاهد العابد ، وكان رأساً في الإرجاء - ، عن علي بن المديني ، قال : «قل ت ليحيى القطان : إنّ عبد الرحمن قال : أنا أترك من أهل الحديث كلّ رأسٍ في بدعةٍ ؛ فضحك يحيى وقال : كيف تصنع بقتادة؟! كيف تصنع بعمر بن ذرّ؟! كيف تصنع بابن أبي روّاد؟! وعدَّ يحيى قوماً أمسكت عن ذِكرهم ، ثمّ قال يحيى : إنْ تَرَكَ هذا الضرب تَرَكَ حديثاً كثيراً» (1).

وبترجمة «عبدالله بن أبي نجيح» - وهو من رجال الصحاح الستّة - «قال البخاري : كان يُتهم بالاعتزال والقدر ، وقال ابن المديني : كان يرى الاعتزال ، وقال أحمد : أفسدوه بأخرة وكان جالسَ عمرو بن عبيد ، وقال علي : سمعت يحيى بن سعيد يقول : كان ابن أبي نجيح من رؤوس الدعاة» (2).

وبترجمة «شبابة بن سوار» - من رجال الصحاح الستّة - «قال أحمد : كان داعيةً إلى الإرجاء» (3).4.

ص: 26


1- سير أعلام النبلاء 6 / 387.
2- سير أعلام النبلاء 6 / 126.
3- سير أعلام النبلاء 9 / 514.

وبترجمة «عبد المجيد بن أبي روّاد» - من رجال مسلم والأربعة - : «قال أبو داود : كان رأساً في الإرجاء. وقال يعقوب بن سفيان : كان مبتدعاً داعيةً» (1).

وبترجمة «عبّاد بن منصور» - من رجال الأربعة - : «قال ابن حبّان : قدري داعية ...» (2).

وقال الذهبي بترجمة أبي بكر الأزرق - بعد أن حكى طعن بعضهم عليه في اعتقاده - : «قلت : له أُسوة بخلقٍ كثير من الثقات الّذين حديثهم في الصحيحين أو أحدهما ، ممّن له بدعة خفيفة ، بل ثقيلة ، فكيف الحيلة؟! نسأل الله العفو والسماح» (3).

قلت :

قد ذكر السيوطي أسماء جمعٍ منهم حيث قال : «فائدة : أردت أنْ أسرد هنا من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما» ، ومن شاء الوقوف على تلك الأسماء فليراجع (4).

* حكم من توقف في مسألة خلق القرآن :

ومن مشاهد اضطراب القوم واختلاف آرائهم ، قضيّة خلق القرآن ، وذلك لأنّ فريقاً من أئمّة القوم أجابوا ، وآخرين ثبتوا على القول بالعدم ، 8.

ص: 27


1- سير أعلام النبلاء 9 / 435.
2- سير أعلام النبلاء 7 / 105.
3- سير أعلام النبلاء 13 / 395.
4- تدريب الراوي 1 / 278.

وجماعةً توقفوا ...

فمن الناس من حكم بالكفر ، لا على الّذين أجابوا وحسب ، بل حتّى على مَن توقّف ، فقد ذكروا أنّ المحاسبي الزاهد العارف ، شيخ الصوفية ، خلّف له أبوه مالاً كثيراً ، فتركه ، وقال : لا يتوارث أهل ملّتين ، لأنّ أباه كان من المتوقّفين في مسألة خلق القرآن (1).

وأحمد بن حنبل ، قال عن يعقوب بن شيبة ، صاحب المسند الكبير : «مبتدع ، صاحب هوىً» فقال الخطيب : «وصفه أحمد بذلك لأجل الوقف» (2).

وترك الناس كلّهم حديث إسحاق بن أبي إسرائيل - من رجال البخاري وأبي داود والنسائي - لكونه من الواقفة في مسألة خلق القرآن (3).

وأمّا الّذين أجابوا .. فقد حكم عليهم بعضهم بالارتداد ، ودافع عنهم آخرون حاملين ذلك منهم على التقيّة!! حفظاً لماء وجههم ، وكرامةً لصحاحهم ؛ لكونها قد أخرجت أحاديثهم ...

كعليّ بن المديني ، الذي وصفوه بأمير المؤمنين في الحديث ، فإنّه قد أجاب ، وقبل الأموال على ذلك ، فكثر الكلام حوله ، بين طاعنٍ فيه وبين مدافعٍ عنه .. قال إبراهيم بن عب- دالله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين وذُكر عنده علي بن المديني فحملوا عليه ، فقلت : ما هو عند الناس إلاّ مرتدّ ، فقال : ما هو بمرتدّ ، هو على إسلامه ، رجل خاف فقال (4). 7.

ص: 28


1- حلية الأولياء 10 / 75.
2- تاريخ بغداد 14 / 350.
3- سير أعلام النبلاء 11 / 477.
4- سير أعلام النبلاء 11 / 57.

هذا ، وقد ترك مسلم وأبو زرعة الرازي وإبراهيم الحربي الرواية عنه بسبب ذلك (1) ..

أمّا العقيلي فقد أورده في كتابه في الضعفاء (2).

والذهبي من جملة المدافعين عن ابن المديني ، فإنّه قال : «قد كان ابن المديني خوّافاً متاقياً في مسألة القرآن» ، ثمّ شدّد النكير على العقيلي ذِكْره إيّاه في الضعفاء ، وكلّ ذلك من أجل أنّ البخاري قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني ... كما قال (3).

وكأبي معمر الهذلي ، ويحيى بن معين - وكلاهما من رجال الصحيحين - ، قال الذهبي : «روى سعيد بن عمرو البرذعي عن أبي زرعة ، قال : كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمّار ولا أبي معمر ولا يحيى بن معين ، ولا عن أحدٍ ممّن امتُحِن فأجاب».

ثمّ حاول الدفاع فقال : «قلت : هذا أمر ضيّق ، ولا حرج على من أجاب في المحنة ، بل ولا على من أُكره على صريح الكفر عملاً بالآية ، وهذا هو الحقّ. وكان يحيى من أئمّة السُنة ، فخاف من سطوة الدولة وأجاب تقية» (4).

هذا باختصارٍ بالنسبة إلى المرجئة والقدرية والمعتزلة والواقفة في مسألة القرآن ، ونحوهم ..

وقد ظهر اختلافهم الشديد في قبول أو ردّ أحاديث مَن كان من أهل 7.

ص: 29


1- ميزان الاعتدال 3 / 138.
2- الضعفاء الكبير 3 / 235 رقم 1237.
3- ميزان الاعتدال 3 / 140.
4- سير أعلام النبلاء 11 / 87.

هذه الفرق وإنْ كان صادقاً في روايته ، متقناً في نقله ..

ويبقى الكلام في الرواية عن النواصب ونحوهم ، وعن الشيعة ..

* حكم الرواية عن النواصب :

أمّا في الرواية عن النواصب والخوارج ، وأعداء عليٍّ وأهل البيت عليهم السلام .. فقد أسس بعضهم قاعدةً مفادها أنّ هؤلاء لا يكذبون أصلاً ، فبنى على ذلك قبول أحاديثهم مطلقاً ..

يقول ابن تيميّة : «والخوارج أصدق من الرافضة وأدْيَن وأورع! بل الخوارج لا نعرف عنهم يتعمّدون الكذب ، بل هم أصدق!!» (1).

هذا كلامه في الخوارج الّذين حاربوا أمير المؤمنين عليه السلام ..

ويقول الذهبي : إنّ التكلّم في من حارب عليا من الصحابة قبيحٌ يؤدَّب فاعلُه! ..

قال : ولا نذكر أحداً من الصحابة إلاّ بخير ، ونترضّى عنهم ، ونقول : هم طائفة من المؤمنين بَغَت على الإمام عليّ ، وذلك بنصّ قول المصطفى صلوات الله عليه لعمّار : تقتلك الفئة الباغية ... (2).

فهذا رأي مثل الذهبي الذي أصبحت آراؤه وأقواله حجة عند المتأخّرين منهم ، يرجعون إليها ويعتمدون عليها ..!!

وقال ابن حجر : «... وأيضاً ، فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهوراً بصدق اللهجة والتمسّك بأُمور الديانة ، بخلاف من يوصف 9.

ص: 30


1- منهاج السُنّة 7 / 36.
2- سير أعلام النبلاء 8 / 209.

بالرفض فإنّ غالبهم كاذب ولا يتورّع في الأخبار ، والأصل فيه أنّ الناصبة اعتقدوا أنّ عليا رضي الله عنه قتل عثمان أو كان عليه ، فكان بغضهم له ديانةً بزعمهم. ثمّ انضاف إلى ذلك أنّ منهم من قتلت أقاربه في حروب عليّ» (1).

في حين أنّ المناوي - مثلاً - ينقل في شرح الجامع الصغير إجماع فقهاء الحجاز والعراق من أهل الحديث والرأي ، منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي ، وعن الجمهور الأعظم من المتكلّمين والمسلمين أنّ عليا مصيب في قتاله لأهل صِفّين كما هو مصيب في قتاله أهل الجمل ، وأن الّذين قاتلوه بغاة ظالمون له (2).

بل العجيب أنّ بعض الأعلام منهم قال : «كان عمّار بن ياسر فاسقاً»!! وقائل هذا الكلام من رجال أبي داود ، وقد وثّقه أبو زرعة ، وذكره ابن حبّان في الثقات (3) ، وقال ابن حجر : «صدوق يخطئ» (4).

ومن العجيب أيضاً أن القوم أخرجوا في صحاحهم عمّن كان يستغفر للحجّاج بن يوسف الثقفي!! فقد ذكروا بترجمة عب- دالله بن عون - من رجال الصحاح الستّة - : «قال معاذ بن معاذ : ما رأيت رجلاً أعظم رجاءً لأهل الإسلام من ابن عون ، لقد ذُكر عنده الحجّاج وأنا شاهد ، فقيل : يزعمون أنّك تستغفر له؟! فقال : ما لي لا أستغفر للحجّاج من بين الناس ،7.

ص: 31


1- تهذيب التهذيب ، وانتقده بالتفصيل صاحب كتاب العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل فأفاد وأجاد جزاه الله خيراً.
2- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 6 / 366.
3- تهذيب التهذيب 5 / 155.
4- تقريب التهذيب 1 / 407.

وما بيني وبينه؟! وما كنت أُبالي أن أستغفر له الساعة!

قال معاذ : وكان إذا ذُكر عنده الرجل بعيب قال : إنّ الله تعالى رحيم» (1).

وروايتهم في الصحاح عمّن كان «يحمل على عليٍّ» كثيرة جدّاً ..

فقد أخرج أرباب الصحاح الستّة عن مغيرة بن مقسم ، ووثّقه الذهبي ، وكان يحمل على عليٍّ عليه السلام (2) ..

وأخرجوا عن قيس بن أبي حازم ، ووثّقه الذهبي ، وكان يحمل على عليٍّ عليه السلام (3) ..

وعن أبي قلابة الجرمي البصري ، وترجم له الذهبي وذكر له كرامات ومناقب!! وكان يحمل على عليٍّ عليه السلام ولم يرو عنه شيئاً (4) ..

وأخرج مسلم والأربعة عن الفأفاء ، وقد نصَّ الذهبي على كونه ناصبيا (5).

فبالله عليك!! كيف يكون من يتحامل على عليٍّ عليه السلام ثقةً يُنقل بواسطته الحديث عن رسول الله ويُذكر في الكتب الموصوفة بالصحاح؟!

وكيف يكون النواصب عدولاً ، وعداؤه علامة النفاق ؛ للأحاديث الصحيحة المتّفق عليها ، والمنافق فاسق بالإجماع؟! 4.

ص: 32


1- حلية الأولياء 3 / 41.
2- سير أعلام النبلاء 6 / 12.
3- سير أعلام النبلاء 4 / 199.
4- سير أعلام النبلاء 4 / 468.
5- سير أعلام النبلاء 5 / 374.

رابعاً - الشيعة والتشيع :

وما اختلفوا في فرقةٍ بمثل اختلافهم في الشيعة ، وما اختلفوا في أحاديث أهل الفرق بمثل اختلافهم في أحاديث الشيعة ..

وقبل الورود في شرح ذلك ، لا بد من التنبيه على إنّ بعضهم عندما يريدون الطعن على الشيعة يخلطون - عن عمدٍ أو جهلٍ - بينهم وبين الغُلاة - المعتقدين للنبوّة أو الربوبية في أئمّة أهل البيت عليهم السلام - ، هؤلاء الّذين تبرّأت منهم الطائفة منذ اليوم الأوّل ، وطردهم الأئمّة عليهم السلام وحذّروا منهم الأُمة ..

لقد افتتح ابن تيميّة منهاجه بالسبّ والشتم للشيعة .. فنقل - بأسانيد ساقطة - عن الشعبي أنّه قال : «لو كانت الشيعة من البهائم لكانوا حمراً ، ولو كانت من الطير لكانت رخماً» إلى أن قال - بعد صحائف كثيرة شحنها بالافتراءات والأكاذيب - : «لكنْ قد لا يكون هذا كلّه في الإمامية الاثني عشرية ولا في الزيدية ، ولكنْ قد يكون كثير منه في الغالية» (1).

وإذا كان يعترف بأنّ «الغالية» ليسوا من «الشيعة الإمامية الاثني عشرية» فلماذا هذا التخليط والتخبيط؟!

* الشيعة لغة :

والشيعة لغةً : الأتباع والأنصار ، فقد جاء في القاموس وشرحه : «شيعة الرجل أتباعه وأنصاره ، وأصل الشيعة الفرقة من الناس على حدة ، 7.

ص: 33


1- منهاج السُنّة 1 / 57.

وكلّ من عاون إنساناً وتحزّب له فهو له شيعة. قال الكميت :

وما لي إلاّ آل أحمد شيعة

وما لي إلاّ مشعب الحقّ مشعبُ

ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث ، بلفظ واحدٍ ومعنىً واحد.

وقد غلب هذا الاسم على كلّ من يتولّى عليا وأهل بيته رضي الله عنهم أجمعين ، حتّى صار اسماً لهم خاصّاً ، فإذا قيل فلان من الشيعة تعرف أنّه منهم ، وفي مذهب الشيعة كذا أي عندهم. وأصل ذلك من المشايعة ، وهي المطاوعة والمتابعة ...» (1).

وقد كانت غلبة هذا الاسم على كلّ من شايع عليا وتابعه وقدّمه على غيره منذ عصر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بل لعلّ هذه التسمية كانت في بدء أمرها منه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما يستفاد ذلك من الأحاديث ، ونصّ عليه بعض العلماء ؛ فقد ذكر الأُستاذ محمد كرد علي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي حثّ على ولاء عليٍّ وأهل بيته ، وهو أوّل من سمّى أولياءهم بالشيعة.

قال : وفي عهده ظهر التشيع وتسمّى جماعة بالشيعة.

قال : عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة عليٍّ في عصر رسول الله مثل سلمان القائل : بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعليّ ابن أبي طالب والموالاة له ؛ ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول : أُمر الناس بخمسٍ فعملوا بأربع وتركوا واحدةً ، ولمّا سئل عن الأربع قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحجّ. قيل : فما الواحدة التي».

ص: 34


1- تاج العروس في شرح القاموس : مادّة «شيع».

تركوها؟! قال : ولاية عليّ بن أبي طالب. قيل له : وإنّها لمفروضة معهنّ؟! قال : نعم ، هي مفروضة معهنّ ؛ ومثل أبي ذرّ الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت ، وأبي أيّوب الأنصاري ...» في جمع كثيرٍ ذكرهم (1).

أقول :

وقد سبقه إلى ذلك غير واحدٍ من الأئمّة ، كالحافظ ابن عبد البرّ ، فقد ذكر بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام : «روي عن سلمان وأبي ذرّ والمقداد وخبّاب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم : إنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل من أسلم ؛ وفضّله هؤلاء على غيره» (2).

ولا يخفى أنّ معنى «وفضّله هؤلاء على غيره» هو القول بتعيّنه للخلافة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وبطلان تقدّم غيره عليه ، لأنّ تولية المفضول مع وجود الأفضل ظلم ... وقد نصَّ على هذا ابن تيميّة أيضا (3). في جماعةٍ من حفّاظهم ..

أقول :

ومنهم : عامر بن واثلة أبو الطفيل المكّي ، قال ابن حجر العسقلاني : «أثبت مسلم وغيره له الصحبة ، وقال أبو علي ابن السكن : روي عنه رؤيته لرسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من وجوهٍ ثابتة ... وقال ابن عديّ : 8.

ص: 35


1- خطط الشام 5 / 251 - 256.
2- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1090.
3- منهاج السُنّة 6 / 475 وج 8 / 223 و 228.

له صحبة. وكان الخوارج يرمونه باتّصاله بعليٍّ وقوله بفضله وفضل أهل بيته ، وليس بحديثه بأس. وقال ابن المديني : قلت لجرير : أكان مغيرة يكره الرواية عن أبي الطفيل؟ قال : نعم. وقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه : مكّيُّ ثقة ، وكذا قال ابن سعد وزاد : كان متشيعاً.

قلت : أساء أبو محمد ابن حزم فضعّف أحاديث أبي الطفيل وقال : كان صاحب راية المختار الكذّاب ، وأبو الطفيل صحابي لا شكّ فيه ، ولا يؤثّر فيه قول أحدٍ ولا سيّما بالعصبيّة والهوى» (1).

وأمّا التابعون ، الّذين فضّلوا أمير المؤمنين عليه السلام على غيره من الصحابة مطلقاً ، فكثيرون لا يحصون .. ذكر ابن قتيبة منهم جماعة (2).

فهؤلاء هم الشيعة .. والتشيّع هو القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .. فالمعنى الذي أراده رسول الله في هذه التسمية هو المفهوم اللغوي لهذه اللفظة .. كما لا يخفى على من راجع الأحاديث (3).

* التشيع في اصطلاح القوم :

ولكنّ القوم - كما أشرنا من قبلاختلفوا في معنى هذا الاسم اصطلاحاً ، وكذا في مصداقه والمسمّى به .. واضطربت كلماتهم اضطراباً ش - ديداً. 9.

ص: 36


1- مقدّمة فتح الباري : 410.
2- كتاب المعارف : 341.
3- كالأحاديث الواردة بذيل قوله تعالى : (إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أُولئك هم خير البريّة) راجع : الدرّ المنثور 6 / 379.

فالذي يظهر من كلماتهم في بعض المواضع أنّ مرادهم من «التشيّع» هو ما ذكرناه من تقديم عليٍّ عليه السلام وتفضيله على غيره من الصحابة ، ففي ترجمة الشافعي أنّ أحمد بن حنبل سئل عن الشافعي فقال : ما رأينا منه إلاّ كلّ خير ، فقيل له : يا أبا عبدالله! كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه - يشير إلى التشيع ، وأنهما نسباه إلى ذلك - ، فقال أحمد بن حنبل : ما ندري ما يقولان! والله ما رأينا منه إلاّ خيراً.

قال الذهبي - بعد نقله - : «قلت : من زعم أنّ الشافعي يتشيّع فهو مفترٍ لا يدري ما يقول» وقال الذهبي بعد روايته شعر الشافعي :

يا راكبا قف بالمحصب من منى

وآهتف بقاعد خيفنا والناهض

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إنْ كان رفضاً حبُّ آلِ محمد

فليشهد الثقلان أنّي رافضي

قال : «قلت : لو كان شيعياً - وحاشاه من ذلك - لَما قال : الخلفاء الراشدون خمسة ، بدأ بالصدّيق ، وختم بعمر بن عبد العزيز» (1).

فالتشيّع هو القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وليس مجرّد محبّته ، أو القول بأفضليّته مع القول بإمامة الشيخين ، ولو كان بأحد هذين المعنيين أو نحوهما لَما نَزَّه عنه الشافعي ، كما هو واضح.

وعن ابن المبارك في «عوف بن أبي جميلة» - من رجال الصحاح الستّة - : «ما رضي عوف ببدعةٍ حتّى كان فيه بدعتان : قدري وشيعي» .. !!

ص: 37


1- سير أعلام النبلاء 10 / 58 - 59 ، وللشافعي أشعار أُخرى من هذا القبيل مرويّة عنه في المصادر المعتبرة ، وإنْ كان بعض المعاندين لأهل البيت عليهم السلام يحاولون كتمها أو إنكارها أو التقليل من عددها أو التشكيك في نسبتها ...!!

فهو يريد من «التشيع» تقديم أمير المؤمنين على جميع الصحابة ، ولذا جعله «بدعةً» ؛ إذ ليس مجرّد محبّته ببدعة بالإجماع ..

وممّا يشهد بذلك قول بندار في عوفٍ المذكور : «كان قدرياً رافضيا».

وقال الذهبي بعد نقل الكلامين : «قلت : لكنّه ثقة مكثر» (1).

وبما ذكرنا يظهر أنّ قول الذهبي وابن حجر من أنّ : «الشيعي الغالي في زمان السلف وعُرفهم هو من يتكلّم في عثمان والزبير وطلحة وطائفةٍ ممّن حارب عليا رضي الله عنه وتعرّض لسبه» (2) غير صحيح ؛ لأنّ «الشيعي» بلا غلوٍّ - في عُرفهم - هو تقديمه على سائر الصحابة جميعاً.

وأمّا قول ابن حجر : «والتشيّع محبّة عليّ وتقديمه على الصحابة ، فمنْ قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيّعه ، ويطلق عليه رافضي ، وإلاّ فشيعي» (3).

فإن أراد عُرف السلف ، فقد عرفت ما فيه ..

وإنْ أراد عُرف زمانه كما جاء في كلامه - تبعاً للذهبي - : «والغالي في زماننا وعُرفنا هو الذي يكفّر هؤلاء السادة ويتبرّأ من الشيخين أيضاً ، فهذا ضالّ مفتر» (4) ؛ دلّ على نقطتين مهمّتين :

إحداهما : اختلاف العُرف والاصطلاح أو تبدّله ، وهذا ما ينبغي التمحيص عن أسبابه والغرض منه.3.

ص: 38


1- سير أعلام النبلاء 6 / 384.
2- ميزان الاعتدال 1 / 5 ، لسان الميزان 1 / 103 الطبعة الحديثة.
3- مقدّمة فتح الباري : 460.
4- ميزان الاعتدال 1 / 6 ، لسان الميزان 1 / 103.

والأُخرى : الترادف بين «غلوّ التشيع» و«الرفض».

وقال الذهبي بترجمة «الدارقطني» «شيخ الإسلام» المتّهم بالتشيّع :

«جمهور الأُمّة على ترجيح عثمان على الإمام عليّ ، وإليه نذهب ، والخطب في ذلك يسير ، والأفضل منهما بلا شكّ أبو بكر وعمر ، من خالف في ذا فهو شيعي جلد ، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحّة إمامتهما فهو رافضي مقيت ، ومن سبّهما واعتقد أنّهما ليسا بإمامَي هدىً فهو من غلاة الرافضة ، أبعدهم الله» (1).

إلاّ أنّه قال بترجمة «الفأفاء» «الإمام الفقيه» «الناصبي» في كلامٍ له :

«صار اليوم شيعة زماننا يكفّرون الصحابة ، ويبرؤون منهم جهلاً وعدواناً ، ويتعدّون إلى الصدّيق ...» (2).

فتراه لا يصفهم ب- : «الغلوّ» ، ولا يسمّيهم ب- : «الرافضة» .. فيناقض نفسه ، ولا يبقى فرق في العرف بين السلف والخلف.

ثمّ إنّ لهم في «التشيع» اصطلاحات :

منها : «فيه تشيّع يسير» أو «خفيف» كقول الذهبي بترجمة «وكيع بن الجرّاح» - وهو من رجال الصحاح الستّة - بعد نقل وصف بعضهم إيّاه ب- : «الرفض» .. «والظاهر أنّ وكيعاً فيه تشيّع يسير لا يضرّ إن شاء الله!! فإنّه كوفي في الجملة ، وقد صنّف كتاب فضائل الصحابة ، سمعناه ، قدّم فيه باب مناقب عليٍّ على مناقب عثمان» (3).

فتقديم ذِكر مناقب عليٍّ على عثمان «تشيّع يسير» لكنّه «لا يضرّ إن 4.

ص: 39


1- سير أعلام النبلاء 16 / 458.
2- سير أعلام النبلاء 5 / 374.
3- سير أعلام النبلاء 9 / 154.

شاء الله»!!

وقوله بترجمة أبي نعيم الفضل بن دكين - وهو من رجال الصحاح الستّة - : «كان في أبي نعيم تشيّع خفيف» ثمّ روى أنّه قال : «حبّ عليٍّ عبادة ، وخير العبادة ما كتم» (1).

ومنها : «فيه أدنى تشيّع» كقوله في «أبي غسّان النهدي» - وهو من رجال الصحاح الستّة - : «فيه أدني تشيّع ، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف المقرئ ... عن زيد بن أرقم : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال لعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين : أنا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم» ثمّ روى عن الحسين الغازي ، قال :

«سألت البخاري عن أبي غسّان ، قال : وعمّاذا تسأل؟! قلت : التشيع!

فقال : هو على مذهب أهل بلده ، ولو رأيتم عبيدالله بن موسى وأبا نُعيم وجماعة مشايخنا الكوفيّين لَما سألتمونا عن أبي غسّان».

وهنا اضطرّ الذهبي لأنْ يقول : «قلت : وقد كان أبو نعيم وعبيدالله معظّمَين لأبي بكر وعمر ، وإنّما ينالان من معاوية وذويه. رضي الله عن جميع الصحابة» (2).

أقول :

لا شكّ أنّ معاوية وذويه قد حاربوا أهل البيت عليهم السلام ، وإنّما قصد أبو غسّان من رواية هذا الحديث النيل ممّن حاربهم ، فكان فيه «أدنى 2.

ص: 40


1- سير أعلام النبلاء 10 / 151.
2- سير أعلام النبلاء 10 / 432.

تشيّع» .. لكنّ عبيدالله بن موسى وأبا نعيم ومشايخ البخاري الكوفيين كانت عقيدتهم فوق عقيدة أبي غسّان ، وإلاّ لَما قال البخاري كذلك ، فكيف يكونون إنّما ينالون «من معاوية وذويه» فقط؟!

كلاّ! ليس الأمر كذلك ، وممّا يشهد لِما قلناه ، تصريح غير واحدٍ منهم بأنّ محدثي الكوفة كانوا يقدّمون عليا على عثمان ، وقد ذكر الذهبي أيضا ذلك ، وعدد أسماء بعضهم ، وفيهم «عبيدالله بن موسى» و«عبد الرزّاق بن همّام» (1).

وجاء بترجمة «عبد الرزّاق» : «قلت لعبد الرزّاق : ما رأيك أنت؟! - يعني في التفضيل - قال : فأبى أن يخبرني ، وقال : كان سفيان يقول : أب- وبكر وعمر ، ويسكت. ثمّ قال لي سفيان : أُحبّ أن أخلو بأبي عروةيعني مع - مراً - فقل - نا لمعمر فقال : نعم ؛ فخلا به ، فلمّا أصبح ، قلت : يا أبا عروة! كيف رأيته؟ قال : هو رجلٌ ، إلاّ أنه قلما تكاشف كوفياً إلاّ وجدت فيه شيئاً - يريد التشيّع - ثمّ قال عبد الرزّاق : وكان مالك يقول : أبو بكر وعمر ، ويسكت. وكان معمر يقول : أبو بكر وعمر وعثمان ، ويسكت ، ومثله كان يقول هشام بن حسّان» (2).

فمن هذا يُعرف حال عبد الرزّاق بن همّام ، وحال أهل الكوفة ، ومنه يفهم أنّ المعنى الصحيح للتشيع هو ما ذكرناه ، وإلاّ لَما قال ابن عيينة في عبد الرزّاق : «أخاف أنْ يكون من الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا» (3).

وإلاّ لَما قيل بترجمة «اليامي» : «من أهل الكوفة الّذين لا يحمدون 1.

ص: 41


1- ميزان الاعتدال 2 / 588.
2- سير أعلام النبلاء 9 / 569.
3- سير أعلام النبلاء 9 / 571.

على مذاهبهم»!!

كما يفهم ذلك أيضاً من قول الذهبي بترجمة «محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي» - وهو من رجال الصحاح الستّة - : «على تشيّع كان فيه» ، فإنّه وإنْ حاول جعل تشيّعه على حدّ تكلّمه في من حارب أو نازع الأمر عليا ، إلاّ أنّه روى عن يحيى الحماني : «سمعت فضيلاً - او حُدّثت عنه - قال : ضربت ابني البارحة إلى الصباح أنْ يترحّم على عثمان ، فأبى عليَّ» (1).

بل لقد وصفوا «تليد بن سليمان» - وهو من مشايخ أحمد ومن رجال الترمذي - بالتشيّع - كما عن أحمد بن حنبل وغيره - مع أنّه «كان يشتم عثمان» و«يشتم أبا بكر وعمر» (2).

وسيأتي مزيد من الكلام عن هذا الموضوع ...

الرفض في اصطلاح القوم :

لقد تبين من خلال ما تقدّم : أنّ حقيقة التشيع ليس مجرّد محبّة عليٍّ عليه السلام ، أو مجرّد التكلّم في من حاربه كمعاوية وطلحة والزبير وغيرهم ، أو مجرّد التكلّم في عثمان .. بل التشيّع تقديم عليٍّ عليه السلام على جميع الصحابة ، والقول بإمامته بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مباشرةً ، ورفض إمامة من تقدّم عليه ، ولذا وصفوا مثل «أبي الطفيل» الصحابي الجليل ب- : «الرفض» ، كما في كتاب المعارف (3).

لكن القوم اتّخذوا - في علم الرجال والحديث - مصطلح «الرفض» ».

ص: 42


1- سير أعلام النبلاء 9 / 174.
2- تاريخ بغداد 7 / 138.
3- المعارف : 624 ، «أسماء الغالية من الرافضة».

للدلالة على المعنى الأخير ؛ محاولين التفريق بين المصطلحين من أجل التغطية على حال من اتّصف بحقيقة التشيّع ممّن ذكرناهم وغيرهم ..

إنّه مصطلح حادث وضعوه للطعن في الرواة وردّ أحاديثهم ، وقد نصّ على ذلك ابن تيميّة بعد أن حكى السبّ والشتم للشيعة عن الشعبي وغيره ، فقال : «لكن لفظ (الرافضة) إنّما ظهر لمّا رفضوا زيد بن علي بن الحسين ، في خلافة هشام ، وقصّة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين ومائة ... والشعبي توفّي سنة خمس ومائة أو قريباً من ذلك ، فلم يكن لفظ الرافضة معروفاً آنذاك ، وبهذا وغيره يعرف كذب لفظ الأحاديث المرفوعة التي فيها لفظ الرافضة ، ولكنْ كانوا يسمّون بغير ذلك الاسم ...» (1).

ولك - نّهم اختل - فوا في هذا اللفظ أيضا ، مفهوما ومصداقا ، فعن عبد العزيز بن أبي روّاد - وهو من رجال البخاري في التعاليق والأربعة - وقد سُئل مَنْ الرافضي؟! قال : «مَن كره أحداً من أصحاب محمد» ، ووافقه على ذلك مَن حضر من العلماء (2).

وعن الدارقطني : أنّ أوّل عقد يحلُّ في الرفض تفضيل عثمان على عليّ (3).

واعترضه الذهبي قائلاً : «ليس تفضيل عليٍّ برفضٍ ولا هو ببدعة ، بل ذهب إليه خلقٌ من الصحابة والتابعين ... ومن أبغض الشيخين واعتقد 7.

ص: 43


1- منهاج السُنّة 1 / 35 - 36 ، وقد عرفت أنّ واقع الرفض قديم ، وأنّهم يصفون بعض الصحابة بالتشيّع وبالرفض ، فكان معناهما في الحقيقة واحداً ، وهو القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بلا فصل.
2- تهذيب التهذيب 6 / 302.
3- سير أعلام النبلاء 16 / 457.

صحّة إمامتهما فهو رافضي مقيت ، ومن سبّهما واعتقد أنّهما ليسا بإمامَي هدىً فهو من غلاة الرافضة» (1).

أقول :

بل الحقّ مع الدارقطني ، فإنّ أوّل عقدٍ من عقود رفض خلافة المشايخ هو القول بتفضيل عليٍّ عليه السلام على عثمان ، وهذا ما سنؤكّد عليه في ما بعد ، ولكنّ الذهبي يعترف بذهاب خلق من الصحابة والتابعين إلى تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام ..

ثمّ كيف يجتمع بغض الشيخين مع الاعتقاد بصحّة إمامتهما ، ليسمّى صاحبه بالرافضي المقيت؟! وإذا ل - م يكن تفضيله عليه السلام برفض ولا بدعةٍ ، فلماذا قال بعض أئمّتهم في عبد الرزّاق بن همّام الصنعانيلمّا سئل عن رأيه في التفضيل فأبى أن يجيب - : «أخاف أنْ يكون من الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا»؟! (2).

ثمّ إنّ الذهبي عنون في ميزانه ابن عقدة فقال : «أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، الحافظ أبو العباس ، محدّث الكوفة ، شيعي متوسّط» (3) ، مع أنّه بترجمة «أحمد بن الفرات» ذكر ابن عقدة ووصفه ب- : «الرفض والبدعة» (4).

وهذا من تناقضاته بناءً على هذا المصطلح الجديد ، وهو ممّا يؤيّد ما نذهب إليه في معنى التشيّع كما تقدّم وسيأتي تفصيله. 8.

ص: 44


1- سير أعلام النبلاء 16 / 457.
2- سير أعلام النبلاء 9 / 569.
3- ميزان الاعتدال 1 / 136.
4- ميزان الاعتدال 1 / 128.

وأمّا ابن حجر ، فهو يقول بالترادف بين «الرافضي» وبين «الشيعي الغالي» ، والمقصود منهما من قدّم عليّاً على أبي بكر وعمر ، قال : «فإنْ انضاف إلى ذلك السبّ أو التصريح بالبغض فغالٍ في الرفض» (1).

هذا ما أردنا ذكره في هذا الفصل باختصار ، ويتلخّص في أُمور :

الأوّل : إنّ القوم ليس عندهم علماء يقفون عند آرائهم في الجرح والتعديل ، بحيث يكون القول الفصل والميزان العدل في هذا الباب.

والثاني : إنّ القوم ليس عندهم قواعد متقنة يرجعون إليها ، وضوابط محكمة يعتمدون عليها في هذا الباب.

والثالث : إنّ القوم ليس عندهم مصطلحات محدّدة ثابتة متفّق عليها بينهم ، مفهوماً ومصداقاً.

والرابع : إنّ القوم في أكثر أقوالهم في الجرح والتعديل يتّبعون الهوى والعصبية ، وكيف يجوز الأخذ بآراء مَن هذا حاله؟!

والخامس : إنّ «التشيّع» بالمعنى الصحيح هو «الرفض» لخلافة من تقدّم على عليٍّ عليه السلام ، ولذا وصف مثل أبي الطفيل الصحابي بكلا الوصفين ، وكذا كثيرٌ من التابعين والأئمّة الأعلام في مختلف القرون.

حكم الرواية عن الرافضي والشيعي :

وقد اختلفوا في حكم الرواية عن «الرافضي» و«الشيعي» على أثر اختلافهم في العنوانَين مفهوماً وحكماً .. وتحيّروا في ذلك بشدّة ؛ لكثرة الرواة الشيعة من جهةٍ ، ولاعتراف القوم بعدالتهم وأمانتهم وضبطهم في 0.

ص: 45


1- مقدّمة فتح الباري : 460.

النقل من جهةٍ أُخرى ، ولوجود عدد غير قليل منهم في الصحاح وغيرها من الكتب من جهة ثالثة.

فذهب بعضهم إلى جرح الراوي وردّ روايته ، لا لشيء ، إلاّ لتشيّعه (1) :

ففي ترجمة «ثوير بن أبي فاختة» بعد ذكر تكلّم بعضهم فيه : «قال الحاكم في المستدرك : لم ينقم عليه إلاّ التشيّع» (2).

وفي ترجمة «عبيدالله بن موسى» عن أحمد بن حنبل : «إنّه تركه لتشيّعه» (3).

وفي ترجمة «علي بن غراب» قال الخطيب : «أظنّه طعن فيه لأجل مذهبه فإنّه كان يتشيّع» (4).

وفي ترجمة «فطر بن خليفة» عن العجلي : «كان فيه تشيّع قليل» وعن ابن عياش : «تركت الرواية عنه لسوء مذهبه» (5). 4.

ص: 46


1- ولا نذكر آراء الجوزجاني ؛ لأنّه كان ناصبيّاً ، لا يعتبرون بتجريحاته للشيعة ، ثمّ لا عجب من أنْ يتكلّموا في الراوي لأجل تشيّعه ، فإنّ في القوم من تكلّم في أئمّة العترة الطاهرة بكلّ جرأةٍ ووقاحةٍ حتّى انتقده بعض علمائهم ، كقول ابن سعدٍ صاحب الطبقات في الإمام الصادق عليه السلام : «كان كثير الحديث ، ولا يحتّج به ، ويستضعف. سئل مرّةً : هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال : نعم. وسئل مرّةً فقال : إنّما وجدتها في كتبه» ، فاعترضه ابن حجر قائلاً : «يحتمل أنْ يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة ، فذكر في ما سمعه أنّه سمعه ، وفي ما لم يسمعه أنّه وجده ، وهذا يدلّ على تثبته». تهذيب التهذيب 2 / 104. قلت : فإنْ كان ابن سعد لا يفهم هذا فما أجهله ، وإنْ كان يفهمه فما أسوء حاله! وعلى كلّ حالٍ فليس لقوله أيّ اعتبار.
2- تهذيب التهذيب 2 / 33.
3- تهذيب التهذيب 7 / 48.
4- تاريخ بغداد 12 / 45.
5- مقدّمة فتح الباري : 434.

وفي ترجمة «علي بن المنذر» عن الإسماعيلي : «في القلب منه شيء ، لست أخيّره» (1).

وفي ترجمة «عبدالله بن الجهم الرازي» عن أبي زرعة : «رأيته ولم أكتب عنه وكان صدوقاً. وقال أبو حاتم : رأيته ولم أكتب عنه وكان يتشيّع» (2).

وكم من راوٍ كبيرٍ ومحدِّثٍ شهير ، تركوا أحاديثه لأنّ «عامّة ما يرويه في فضائل أهل البيت» (3).

وكم وقع الكلام بينهم بشأن «أحمد بن الأزهر» لأنّه روى بسندٍ صحيح عن ابن عب- اس أنّه قال : «نظر رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى عليّ بن أبي طالب [عليه السلام] ، فقال : أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله ، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ الله ، فالويل لمن أبغضك بعدي» ، فقال الذهبي : «هو ثقة بلا تردّد ، غاية ما نقموا عليه ذاك الحديث في فضل عليّ رضي الله عنه» (4).

وجاء بترجمة «أحمد بن محمد الستيتي» - المتوفّى سنة 417 - انّه : «كان يُتّهم بالتشيّع ، فحلف لنا أنّه بريء من ذلك ، وأنّه من موالي يزيد ، وأنّه قد زار قبر يزيد»!! (5). ع»

ص: 47


1- تهذيب التهذيب 7 / 337.
2- تهذيب التهذيب 5 / 155.
3- انظر مثلاً : تهذيب التهذيب 2 / 41 - ترجمة جابر بن يزيد الجعفي، و ج 3 / 170 و 374 - ترجمة أبي الجحاف داود بن أبي عوف ، وترجمة سالم بن أبي حفصة، وج 5 / 265 - ترجمة عبدالله بن عبد القدّوس.
4- سير أعلام النبلاء 12 / 364.
5- سير أعلام النبلاء 17 / 359 ، ويدلّ هذا على أنّ «التسنّن» المقابل ل: «التشيّع»

لكنّ الأكثر يأخذون برواية الشيعي ، إذا كانوا يرونه ثقة صدوقاً في نقله .. سواء كان ممّن يتكلّم في معاوية وأمثاله ، أو في عثمان وأعوانه ، أو في الشيخين وأصحابهما.

واختلفوا في الاحتجاج برواية الرافضي الصدوق على ثلاثة أقوال :

أحدها : المنع مطلقاً.

والثاني : الترخّص مطلقاً.

والثالث : التفصيل ، فتقبل رواية غير الداعية ، وتردّ رواية الداعية (1).

فإن كان المراد من «الرافضي» هو «الشيعي الغال» : وهو الذي يقدّم عليّاً عليه السلام على أبي بكر وعمر ، كما هو صريح الحافظ ابن حجر ، وتدلّ عليه الشواهد والقرائن الكثيرة ؛ فهو ..

وإنْ كان المراد من «الشيعي» : من يحبُّ عليّاً عليه السلام أو يقدّمه على عثمان أو يتكلّم في معاوية ، ومن «الرافضي» : خصوص من يقدّم عليا عليه السلام على أبي بكر وعمر ؛ ففي الصحاح ممّن يقدّمه عليهما كثيرون ، بل فيها مَن كان يتكلّم فيهما أيضاً.

وعلى كلّ تقدير يصحُّ قول السيد في عنوان المراجعة : «مائة من أسناد الشيعة في أسناد السُنة». م.

ص: 48


1- ميزان الاعتدال 1 / 27 ، علوم الحديث لابن الصلاح ، وقد عزا القول بالتفصيل إلى الكثير أو الأكثر من العلماء ، ونصّ شارحه الزين العراقي على أنّ البخاري ومسلماً احتجّا أيضاً بالدعاة .. انظر : التقييد والإيضاح : 145 - 146. قلت : قد ذكرنا سابقاً أسامي جمعٍ منهم.

خامساً - زيادة توضيح لعنوان المراجعة :

ونقول في تشييد كلام السيد وتوضيح عنوان المراجعة - مضافاً إلى ما تقدم - :

إنّه قد تمثّل التشيّع في القرون الثلاثة الأُولى بالقول بأفضلية عليٍّ عليه السلام من جميع الصحابة ، وتقديمه على أبي بكر وعمر خاصّةً .. إلاّ أنّه قد مرّ بظروفٍ صعبة جدّاً ؛ فقد كانت السلطات تلاحق من عرفت فيه سمة من سمات التشيّع ، حتّى الاسم مثل «علي» و«الحسن» و«الحسين» ... فلم يجد الشيعة بُدّاً من إخفاء عقيدتهم في أهل البيت عليهم السلام ، بل لقد جاء بترجمة بعض المحدِّثين أنّه كان علويّاً ولم يكن يظهر نَسبَه (1) ، وكم من عالمٍ محدِّثٍ عُرض عليه سبُّ أمير المؤمنين والبراءة منه ، فلمّا أبى عن ذلك أُوذي من قِبَل السلطة آنذاك وبكلّ قسوة!! (2).

وفي مثل هذه الظروف يكون التكلّم في عثمان ، بل تفضيل عليٍّ عليه السلام عليه من أجلى آيات التشيّع ، ومن أقوى الأدلّة على القول بإمامة عليٍّ عليه السسلام بلا فصلٍ ؛ ولذا قال الدارقطني : «اختلف قوم من أهل بغداد ، فقال قوم : عثمان أفضل ، وقال قوم : عليّ أفضل ، فتحاكموا إليَّ فأمسكت وقلت : الإمساك خير ، ثمّ لم أرَ لديني السكوت وقلت للّذي استفتاني : ارجع إليهم وقل لهم : أبو الحسن يقول : عثمان أفضل من عليّ باتّفاق جماعة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وهو أوّل م.

ص: 49


1- انظر مثلاً : ترجمة أبي عبدالله ابن المطبقي في تاريخ بغداد 8 / 97.
2- انظر مثلاً : ترجمة عطيّة العوفي في تهذيب التهذيب 7 / 200 ، وترجمة مصدع المعرقب في تهذيب التهذيب 10 / 143 ، ولهما نظائر كثيرون ويصعب حصرهم.

عقدٍ يحلّ في الرفض» (1).

والسبب في ذلك واضح ؛ لأنّ القول بأفضليّة عليّ من عثمان يفضي إلى بطلان خلافة عثمان ، وبذلك تبطل خلافة أبي بكر وعمر ، لأنّ خلافة عثمان منهما وفرع على خلافتهما ، ولذا كان سكوت الدارقطني مضرّاً بدينه!! ولذا أيضاً كان القول بأفضليّة عثمان أوّل عقدٍ يحلّ في الرفض!!

أتصدّق أن يكون الراوي عن أبي سعيد الخدري : «إنّ عثمان أُدخل حفرته وإنّه لكافر بالله» من القائلين بأنّ أبا بكر وعمر إماما هدىً؟!!

إنّه أبو هارون العبدي الشيعي ، وقد روى ذلك عنه ابن عدي في الكامل حيث ترجمه ، وذكر أسماء بعض الأكابر الّذين حدّثوا عنه ، ثمّ قال : «وقد كتب الناس حديثه» (2).

لكن أوّل عقدٍ يحلُّ في الرفض - حسب تعبيره - هو الدفاع عن معاوية والمنع من لعنه ، وطرد من تكلّم فيه (3) وإيذاؤه ، كما فعلوا بغير واحدٍ من أئمّتهم ..

لا أقول : إنّ كلّ من تكلّم في معاوية فهو شيعي إمامي (4).ّد

ص: 50


1- سير أعلام النبلاء 16 / 457.
2- انظر : ترجمة أبي هارون العبديمن رجال الترمذي وابن ماجةفي ميزان الاعتدال 3 / 173 ، والكامللابن عدي - 6 / 146.
3- بل عليهم أنْ يدافعوا عن يزيد!! ولذا قال التفتازاني بعد أن لَعَنَ يزيد بن معاوية وكلّ من حمل ظلماً على أهل البيت عليهم السلام : «فإنْ قيل : فمن علماء المذهب من لم يجوّز اللعن على يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو على ذلك ويزيد. قلنا : تحامياً عن أنْ يُرتقى إلى الأعلى فالأعلى ، كما هو شعار الروافض ...». شرح المقاصد 5 / 311.
4- فالحاكم النيسابوري صاحب المستدرك على الصحيحين لا نعدّه شيعياً إماميّاً لمجرّد

بل أقول : بأنّ ذلك كان أحد الأساليب للاِعلان عن العقيدة ؛ لأنّ التكلّم في معاوية ينتهي إلى التكلّم في عمر فأبي بكر ..

ولذا قال الذهبي في «يحيى بن عبد الحميد الحماني» - بعد قول ابن عدي : لا بأس به - : «قلت : إلاّ أنّه شيعي بغيض ، قال زياد بن أيوب : سمعت يحيى الحماني يقول : كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد : كذب عدوّ الله» (1) ..

ولذا مزّقوا ما كتبوا عمّن روى مثالب معاوية (2).

ولعلّ هذا الذي ذكرناه هو مرادهم من قولهم بترجمة بعض الأعلام : «فيه تشيّع يفضي به إلى الرفض» (3).

وكيف يكون المحدِّث ابن أبي دارم الكوفي «مستقيم الأمر عامّة دهره» «ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب»؟!

إنّ معنى استقامة أمر الرجل أنْ يكون ثقةً صدوقاً في نقله ، وكذلك ي.

ص: 51


1- ميزان الاعتدال 4 / 392.
2- انظر مثلاً : ميزان الاعتدال 1 / 27.
3- سير أعلام النبلاء 17 / 507 ، ترجمة ابن السمسار الدمشقي.

كان ابن أبي دارم - المتوفّى سنة 351 - الاّ أنّه من ناحية العقيدة كان يعيش في تقيّةٍ عامّة دهره ، فلا يتظاهر بما يخالف عقيدة الجمهور ، حتّى آخر أيّام حياته ، فلمّا حضرته الوفاة روى : «إنّه عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت بمحسن» ، وروى في قوله تعالى (وجاء فرعون ...) (1) : «جاء فرعون : عمر ، وقبله : أبو بكر ، والمؤتفكات : عائشة وحفصة» ومن هذا الوقت وصف ب- : «الرافضي الكذّاب» (2).

أقول :

أمّا كونه «رافضياً» فنعم ، وأمّا كونه «كذّاباً» فلماذا وقد شهدتم باستقامته عامّة دهره؟!

إنّ هذا من موارد تناقضات الذهبي أيضاً ؛ إذ نصّ في غير موضعٍ على أنّ الرفض غير مضرٍّ بالوثاقة ، وتبعه على ذلك ابن حجر في مقدّمة فتح الباري حيث يريد الدفاع عن كتاب البخاري ، لكنّههو الآخر - ناقض نفسه في مواضع كثيرة.

ولو أنّك راجعت ميزان الاعتدال والمغني في الضعفاء للذهبي ، لوجدته يجرح ويضعّف - لا سيّما في الثاني - كثيراً من الأعلام ورجال الحديث ، لا لشيء فيهم سوى التشيّع ..

وكذا ابن حجر في تهذيب التهذيب ولسان الميزان.

فما أكثر تناقضات القوم في كلّ باب!!

ولكنّ الله تعالى شاء أنْ يشتمل أصحّ كتب القوم على روايات ثلّةٍ من 9.

ص: 52


1- سورة الحاقّة 69 : 9.
2- ميزان الاعتدال 1 / 139.

الرجال المشاهير ، مع وصفهم لهم ب- : «الغلوّ في التشيّع» أو ب- : «الرفض» ، ومع تصريحهم بتراجم كثيرٍ منهم بأنّه «كان يشتم ...» ونحو ذلك ، ممّا يدلُّ على كونهم من القائلين بإمامة أمير المؤمنين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مباشرةً ، وهو مذهب الشيعة الإمامية (1).

ففي ترجمة (أبان بن تغلب) : «كان مذهبه مذهب الشيعة ، وهو معروف في الكوفيّين» ، و : «كان غالياً في التشيّع».

وفي ترجمة (إبراهيم بن أبي يحيى) : «كذّاب رافضي».

وفي ترجمة (أحمد بن المفضّل) : «كان من رؤساء الشيعة».

وفي ترجمة (إسماعيل الملائي) : «كان شيعيّاً من الغلاة الّذين يكفّرون عثمان».

وفي ترجمة (السدّي) : «يشتم أبا بكر وعمر».

وفي ترجمة (إسماعيل الفزاري) : «يشتم السلف».

وفي ترجمة (تليد بن سليمان) : «رافضي يشتم أبا بكر وعمر».

وفي ترجمة (جابر الجعفي) : «رافضي يشتم».

وفي ترجمة (جعفر بن سليمان) : «البغض ما شئت».

وفي ترجمة (جمع بن عميرة) : «من عتق الشيعة».

وفي ترجمة (أبي النعمان الأزدي) : «من المحترقين في التشيّع».

وفي ترجمة (الحارث الهمداني) : «كان غالياً في التشيّع» «نقم عليه إفراطه في حبّ عليٍّ وتفضيله له على غيره».

وفي ترجمة (الحسن بن حي) : «كان لا يترحّم على عثمان». ر.

ص: 53


1- اقتصرنا على الشخصيّات الّذين استشهد بهم الس -يد ، وإلاّ فهم أكثر وأكثر.

وفي ترجمة (خالد بن مخلد القطواني) : «كان شتّاماً معلناً بسوء مذهبه».

وفي ترجمة (داود بن أبي ع - وفابي الجحاف -) : «شيعي ، عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت».

وفي ترجمة (زبيد اليامي) : «من أهل الكوفة الّذين لا يحمدون على مذاهبهم».

وفي ترجمة (سالم بن أبي حفصة) : «كان من رؤوس مَن ينتقص من أبي بكر وعمر».

وفي ترجمة (سعد بن طريف) : «يفرط في التشيّع».

وفي ترجمة (سلمة بن الفضل) : «كان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه».

وفي ترجمة (سليمان بن قرم) : «كان رافضياً غالياً».

وفي ترجمة (شريك القاضي) : «أنت تنتقص أبا بكر وعمر».

وفي ترجمة (عبّاد بن يعقوب) : «كان داعية إلى الرفض» «يشتم عثمان» و«السلف».

وفي ترجمة (عبدالله بن عمر - مشكدانة -) : «كان غالياً في التشيّع».

وفي ترجمة (عبد الرحمن بن صالح الأزدي) : «ألَّف كتاباً في مثالب الصحابة ، رجل سوء».

وفي ترجمة (عبد الرزّاق بن همّام) : «مذهبه مذهب التشيّع ، و«حدّث بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد ، وبمثالب لغيرهم مناكير».

وفي ترجمة (عبد الملك بن أعين) : «كان رافضياً» و : «من عتق الشيعة».

وفي ترجمة (عبيدالله بن موسى) : «شيعي منحرف».

ص: 54

وفي ترجمة (عثمان بن عمير) : «رديء المذهب ، يؤمن بالرجعة» (1).

وفي ترجمة (عدي بن ثابت) : «رافضي غال».

وفي ترجمة (العلاء بن صالح) : «من عتق الشيعة».

وفي ترجمة (علي بن زيد بن جدعان) : «كان رافضياً».

وفي ترجمة (علي بن صالح) : «هو من سلف الشيعة وعلمائهم».

وفي ترجمة (علي بن غراب) : «كان غالياً في التشيّع».

وفي ترجمة (علي بن هاشم بن البريد) : «كان مفرطاً في التشيّع».

وفي ترجمة (فطر بن خليفة) : «مذهبه مذهب الشيعة» و : «خشبي (2) مفرط».

وفي ترجمة (موسى بن قيس الحضرمي) : «من الغلاة في الرفض». ب.

ص: 55


1- العقيدة بالرجعة من عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، وهي في مجملها : القول بأنّ الله يرجع إلى الدنيا عليّاً والأئمّة والمخلصين من شيعتهم ، في زمن المهدي عليه السلام ، ويرجع أيضاً رؤساء الظلم والنفاق في هذه الأُمّة ، فينتقم أولئك من هؤلاء .. وكأنّ القول بالرجعة عند الجمهور نقص موجبٌ للضعف ، مع أنّ به آيات من القرآن الكريم ؛ قال أبو حريز البصريمن رجال البخاري في التعاليق والأربعة - : هي 72 آية. تهذيب التهذيب 5 / 164. وبه روايات معتبرة كثيرة ، وقد قال به بعض الصحابة كأبي الطفيل - كما في المعارف - وعدّة من الأئمّة من غير الإمامية. كما أنّ في كتب الجمهور أيضاً أحاديث في وقوع ذلك في زمن بعض الأنبياء ، وفي زمن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بل لقد رووا أنّ رسول الله أرجع إلى الدنيا والديه وعرض عليهما الإسلام - في ما يروون - فقبلا ، وعادا فماتا. انظر : شرح المواهب اللدنّية 1 / 166. ولو شئنا التفصيل لفعلنا ، لكنّه خارج عمّا نحن بصدده الآن ، وبما ذكرناه الكفاية.
2- من ألقاب القائلين بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنّ إمامة غيره باطلة ، في كلام النواصب.

وفي ترجمة (نفيع بن الحارث) : «يغلو في الرفض».

وفي ترجمة (هارون بن سعد) : «رافضي بغيض».

وفي ترجمة (يزيد بن أبي زياد) : «من أئمّة الشيعة الكبار».

وتلخص :

إنّ «التشيّع» ليس إلاّ «الرفض» لخلافة من تقدّم على عليٍّ عليه السلام ، وقد كان هذا هو المرتكز في أذهان الناس وعند قدماء علماء الجرح والتعديل ، الّذين تكلّموا في الرواة الموصوفين بالتشيّع ، وضعّفوهم وردّوا أحاديثهم بهذا السبب ..

وأمّا الفصل بين المصطلحين المذكورين ، بتخصيص «التشيّع» بمن يتكلم في معاوية وعائشة وطلحة والزبير ، أو يتكلم فيهم وفي عثمان ، أو يقدّم عليّاً عليه ، وجعل «الرفض» لمن يقدّم عليّاً على أبي بكر وعمر ، كما جاء في كلام الذهبي وابن حجر ، وتبعهما عليه بعض الكتّاب المعاصرين ، فهو على إطلاقه غير صحيح ؛ لأنّ من الموصوفين بالتشيّع بسبب التكلّم في معاوية مَن هو من أهل السُنة يقيناً ، كالنسائي ، الذي لاقى ما لاقى من أهل الشام كما هو معروف ، وفيهم مَن هو من القائلين بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كالرواجني ، الذي وصِف أيضاً بالمبتدع تارةً وبالرافضي أُخرى ..

وأمّا المتكلّمون في عثمان ، فهم قائلون بإمامة عليٍّ عليه السلام كذلك يقيناً ، إلاّ أنّهم كانوا في تقيّة ، وما كان بإمكانهم أنْ يتظاهروا بعقيدتهم إلاّ بهذه الطريقة ، ثمّ إنّ جماعةً كبيرةً منهم باحوا بعقيدتهم ، من رفض خلافة مَن تقدّم على أمير المؤمنين ، والتكلّم فيه ، كما جاء بترجمتهم.

ولا يخفى إنّ هذا التحقيق في أحوال المائة ، الّذين ذكرهم السيد - طاب ثراهانّما جاء على ضوء كلمات القوم ، وبغضّ النظر عمّا في كتب

ص: 56

أصحابنا عنهم ، وإلاّ فإنّ العديد منهم يعدّون من أخصّ أصحاب الأئمّة المعصومين ، عليهم وعلى جدّهم صلوات ربّ العالمين.

قال السيد :

«هذا آخر من أردنا ذكرهم في هذه العجالة ، وهم مائة بطل من رجال الشيعة ، كانوا حجج السُنة وعيبة علوم الأُمّة ، بهم حفظت الآثار النبوية ، وعليهم مدار الصحاح والسُنن والمسانيد ، ذكرناهم بأسمائهم ، وجئنا بنصوص أهل السُنة على تشيّعهم ، والاحتجاج بهم ... وأظنّ المعترضين سيعترفون بخطئهم في ما زعموه من أنّ أهل السُنة لا يحتجّون برجال الشيعة ... في سلف الشيعة ممّن يحتجّ أهل السُنة بهم - غير الّذين ذكرناهماضعاف أضعاف تلك المائة عدداً ، وأعلى منهم سنداً ، وأكثر حديثاً ، وأغزر علماً ، وأسبق زمناً ، وأرسخ في التشيّع قدماً ، ألا وهم رجال الشيعة من الصحابة ... وفي التابعين ... ممّن يستغرق تفصيلهم المجلّدات الضخمة ...».

أقول :

وقد أوضحنا - ولله الحمد - مقاصد السيّد وشيّدنا مطالبه ، بما لا مزيد عليه ، ولا يدع مجالاً للمكابرة ..

ومن المعلوم ، إنّ التشيّع لعليٍّ عليه السلام بمعنى تقديمه على غيره من الصحابة والقول بإمامته وخلافته بعد رسول الله بلا فصل ، إنّما يتحقّق بالاقتداء ب- ه واتّباعه والأخذ منه ، وكذلك بالأئمّة المعصومين من بعده ، عملاً بقول الرسول الأكرم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا ...» ، وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوحٍ ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها

ص: 57

غرق» (1).

فالشيعة في أُصول الدين وما يجب الاعتقاد به من المبدأ وصفاته والمعاد ، وفروعه من الأحكام الشرعية ، من الحلال والحرام وغير ذلك ، تبعٌ للكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولباب مدينة العلم وأهل العصمة ..

فإيمانهم بالرجعة - مثلاً - يرجع إلى الكتاب والسُنة ، وعملهم بالتقيّة - احياناً - امتثالٌ لأمر الله ورسوله - وقد وجدنا إنّ أئمّة العامّة عملوا بها في مسألة خلق القرآن ، كما رأينا إنّ جمعاً من الأعلام منهم يروون حديث الرجعة ويقولون بها - وهكذا في سائر الشؤون.

فالشيعة الإمامية أهل السُنة النبوية حقيقةً ، وهم المسلمون حقّاً ، وهم أهل النجاة في الآخرة ..

وعلى غيرهم إقامة الدليل القطعي على صحّة عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم .. وأنّى لهم ذلك ..

ومن شاء التفصيل فليرجع إلى كتب العقائد ..

والحمد لله ربّ العالمين.

هذا تمام الكلام في هذه المراجعة ، وبه يتمّ الكلام في المبحث الأوّل من كتاب المراجعات.

للبحث صلة ... ة.

ص: 58


1- وقد تقدم البحث عن الحديثين سابقا. وأما الرواية : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي» كما في بعض كتب القوم فقد حققنا في رسالة مفردة أن لا سند لها ولا يتم لها معنى إلا بالرجوع الى أهل بيت الهدى. فراجع : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة.

عدالة الصحابة (6)

الشيخ محمد السند

موقف الصديقة فاطمة عليها السلام تجاه الصحبة والصحابة

ف - قد روي عن المف - ضّ - ل بن عمر ، قال : «قال مولاي جعفر الصادق عليه السلام : لمّا وُلّي أبو بكر بن أبي قحافة ...

ثمّ سرد عليه السلام منعه فاطمة وعليّ وأهل بيته الخمس والفيء وفدكاً ، ومجيء فاطمة لمحاجّة أبي بكر بقوله تعالى : (فآتِ ذا القربى حقّه) (1).

وأنّها ووُلدها أقرب الخلائق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبقوله تعالى : (واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خُمُسَهُ وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (2) وقوله تعالى : (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دُولة بين الأغنياء) (3) وأنّ ما لله فهو لرسوله ،

ص: 59


1- سورة الروم 30 : 38.
2- سورة الأنفال 8 : 41.
3- سورة الحشر 59 : 7.

وما لرسوله فهو لذي القرب- ى ، وأنّها وعلي ووُلدهما ذوو القربى الّذين قال الله ت - عالى فيهم : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى) (1) ..

فنظر أبو بكر بن أبي قحافة إلى عمر بن الخطّاب وقال : ما تقول؟

فقال عمر : ومَن اليتامى والمساكين وأبناء السبيل؟!

قالت فاطمة عليها السلام : اليتامى الّذين يأتمّون بالله وبرسوله وبذي القربى ، والمساكين الّذين أُسكنوا معهم في الدنيا والآخرة ، وابن السبيل الذي يسلك مسلكهم.

قال عمر : فإذاً الخمس والفيء كلّه لكم ولمواليكم وأشياعكم؟!

فقالت فاطمة عليها السلام : أمّا فدك فأوجبها الله لي ولولدي دون موالينا وشيعتنا ، وأمّا الخمس فقسّمه الله لنا ولموالينا وأشياعنا كما يقرأ في كتاب الله.

قال عمر : فما لسائر المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان؟!

قالت فاطمة : إنْ كانوا موالينا ومن أشياعنا فلهم الصدقات التي قسّمها الله وأوجبها في كتابه فقال الله عزّ وجلّ : (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب) (2) ... إلى آخر القصّة.

قال عمر : فدك لكِ خاصّة والفيء لكم ولأوليائكم؟! ما أحسب أصحاب محمد يرضون بهذا!! 0.

ص: 60


1- سورة الشورى 42 : 23.
2- سورة التوبة 9 : 60.

قالت فاطمة : فإنّ الله عزّ وجلّ رضي بذلك ، ورسوله رضي به ، وقسّم على الموالاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة ، ومن عادانا فقد عادى الله ، ومن خالفنا فقد خالف الله ، ومن خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.

فقال عمر : هاتي بيّنة يا بنت محمد على ما تدّعين؟!

فقالت فاطمة عليه السلام : قد صدّقتم جابر بن عبدالله وجرير بن عبدالله ولم تسألوهما البيّنة! وبيّنتي في كتاب الله.

فقال عمر : إنّ جابراً وجريراً ذكرا أمر هيّناً ، وأنت تدّعين أمراً عظيماً يقع به الردّة من المهاجرين والأنصار!

فقالت عليها السلام : إنّ المهاجرين برسول الله وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه ، والأنصار بالإيمان بالله ورسوله وبذي القربى أحسنوا ، فلا هجرة إلاّ إلينا ، ولا نصرة إلاّ لنا ، ولا اتّباع بإحسان إلاّ بنا ، ومن ارتدّ عنّا فإلى الجاهلية» (1).

فها هي بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمحّص عن الضابطة القرآنية في حسن الصحبة وسوئها ، وهي على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته لا المعاداة لهم والمخالفة ، وأنّ الهجرة تحقّقت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسوله وذي القربى ، فلا هجرة إلاّ إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة إلاّ لهم لا عليهم ، ولا اتّباع بإحسان إلاّ باتّباع سبيلهم وصراطهم .. إهدنا الصراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين ، سبيل وصراط المطهّرين من المعصية والذنوب ، ومن الضلالة والجهل ه.

ص: 61


1- الكشكول في ما جرى على آل الرسول : 203 - 205 ، وبحار الأنوار 29 / 194 ح 40 ، نقلاً عنه.

والعمى ..

ودلّلت على ذلك بأن قرن تعالى بين رسوله وبين ذي القربى في مواطن ، كما في اختصاص الخمس والفيءالذي وصفه عمر بأنّه أمراً عظيماً - بالله ورسوله وذي القربى ، لمكان اللام ، دون اليتامى والمساكين وابن السبيل ، والتفرقة للدلالة على أنّ ملكية التصرّف هي شأنه تعالى ورسوله وذي القربى ، وأنّ مودّة ذوي القربى المفترضة في الكتاب كأجر لكلّ الرسالة هو موالاتهم ومجانبة عدائهم ومخالفتهم ، فمدار حسن الصحبة على ذلك وسوئها على خلافه.

ولقد أنصف أحمد بن حنبل ؛ إذ يروي عنه الفقيه الحنبلي ابن قدامة عند قوله : «وأما حمل أبي بكر وعمر (رض) على سهم ذي القربى في سبيل الله ، فقد ذُكر لأحمد فسكت وحرّك رأسه ولم يذهب إليه ، ورأى أنّ قول ابن عباس ومن وافقه أَوْلى ؛ لموافقته كتاب الله وسُنة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، فإنّ ابن عباس لمّا سئل عن سهم ذي القربى فقال : إنّا كنّا نزعم أنّه لنا فأبى ذلك علينا قومنا ؛ ولعلّه أراد بقوله (أبى ذلك علينا قومنا) فِعل أبي بكر وعمر (رض) في حملهما عليه في سبيل الله ومن تبعهما على ذلك ، ومتى اختلف الصحابة وكان قول بعضهم يوافق الكتاب والسُنة كان أَوْلى ، وقول ابن عباس موافق للكتاب والسُنة» (1).

وروى البخاري بسنده عن عائشة ، في كتاب المغازي باب 38 باب غزوة خيبر : إنّ فاطمة عليها السلام بنت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من 1.

ص: 62


1- المغني 7 / 301.

خمس خيبر ..

فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنّا لا نورّث ما تركناه صدقة ، إنّما يأكل آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من هذا المال ، وإنّي والله لا أُغيّر من صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً ، فوجدت فاطمة فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليٌّ ليلاً ، ولم يؤذن بها أبو بكر ، وصلّى عليها (1).

ورواه مسلم في صحيحه بنفس ألفاظه ، وأحمد في مسنده (2).

وفي هذه الرواية التي هي من طرقهم (3) ، ونظيراتها ممّا رووها ، فضلاً عن طرقنا ، ما يدلّ على إنّها عليها السلام كانت ساخطة على أبي بكر وعمر ، منكرة لخلافتهم وإمامتهم إلى أن توفّيت عليها السلام ، مع إنّ من مات ولم يبايع أو لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية وكفر وضلال ، ممّا يدلّ على نفي إمامتهم وخلافتهم ، لكونها مطهّرة في القرآن من كلّ رجس ، وهي سيدة نساء العالمين ، وأنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها.

والغريب في دعوى أبي بكر بكون الخمس والفيء الخاصّ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذي القربى صدقة ، فإنّ الناظر على الصدقة الجارية أيضاً هو الوارث لا الأجنبي ، فإنّ ولاية النظارة على الصدقات الجارية أيضاً 7.

ص: 63


1- صحيح البخاري 5 / 177 ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 493.
2- صحيح مسلم : 1380 ح 1759 ، مسند أحمد 2 / 242 وص 376 وص 463 - 464 ؛ وفيه : عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : «لا تقتسم ورثتي ديناراً ولادرهماً ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة.
3- صحيح ابن حبّان 14 / 573 ح 6607.

هي من نصيب الوارث ، فكيف يمنعها عن الوارث؟!!

وفي موضع آخر (1) قالت عليها السلام في معرض خطبتها المعروفة تجاه المهاجرين :

قالت - بعد الثناء على الله تعالى بأبلغ ثناء ، وذِكر نعمة الرسول صلى الله عليه وآله على هدايته للأُمّة ، وكثرة وشدّة بلاء ابن عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب في إرساء الدين - : وأنتم في بُلَهْنِيَةٍ من العيشاي سعة - وادعون آمنون ، حتّى إذا اختار الله لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم دار أنبيائه ظهرت حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبع خامل الآفلين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخاً بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتموها غير شربكم.

هذا ، والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، بداراً زعمتم خوف الفتنة .. (ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين) (2) ، فهيهات منكم! وأنّى بكم؟! وأنّى تؤفكون؟! وهذا كتاب الله بين أظهركم ، وزواجره بيّنة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة ، أرغبةً عنه تدبرون؟! أم بغيره تحكمون؟! (بئس للظالمين بدلا) (3) ... (ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (4). 0.

ص: 64


1- بلاغات النساء : 12 - 20 ، الاحتجاج 1 / 263 ، بحار الأنوار 29 / 108 ح 2 وص 233 ضمن ح 8 خطبة الزهراء عليها السلام ، وانظر : شرح نهج البلاغة 16 / 212.
2- سورة التوبة 9 : 49.
3- سورة الكهف 18 : 50.

ثمّ لم تريثوا إلاّ ريث أن تسكن نغرتها ، تشربون حسواً ، وتسرون في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المُدى ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا .. (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) (1)؟!

ويهاً معشر المهاجرين! أَأُبتزّ إرث أبي؟! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! لقد جئتَ شيئاً فريّاً .. فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون و (لكلّ نبإٍ مستقرّ وسوف تعلمون) (2).

ثمّ انحرفت إلى قبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهي تقول :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومُك فاشهدهم فقد نكبوا

تجهمتنا رجال واستخفّ بنا

بعد النبيّ وكلّ الخير مغتصب

سيعلم المتولى ظلم حامتنا

يوم القيامة أن سوف ينقلب

فقد لقينا الذي لم يلقه أحد

من البرية لا عجم ولا عرب

وقالت عليها السلام (3) تجاه الأنصار : معشر البقية ، وأعضاد الملّة ، وحصون الإسلام! ما هذه الغميزة في حقّي ، والسِنة عن ظلامتي؟! أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : المرء يُحفظ في ولده؟! سرعان ما أجدبتم فأكديتم ، وعجلان ذا إهانة ، تقولون : مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فخطب جليل استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وبعد وقته ، وأظلمت الأرض لغيبته ، 0.

ص: 65


1- سورة المائدة 5 : 50.
2- سورة الأنعام 6 : 67.
3- بلاغات النساء : 12 - 20.

واكتأبت خيرة الله لمصيبته ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، وأُضيع الحريم ، وأُزيلت الحرمة عند مماته صلى الله عليه وآله وسلم.

وتلك نازلة علنَ بها كتاب الله في أفنيتكم ، في ممساكم ومصبحكم ، يهتف بها في أسماع - كم ، وقبله حلّت بأنبياء الله عزّ وجلّ ورسله : (وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) (1).

إيهاً بني قيلة! أَأُهضم تراث أبيَه وأنتم بمرأىً منه ومسمع؟! تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الحيرة ، وفيكم العدد والعدّة ، ولكم الدار ، وعندكم الجنن ، وأنتم الأُلى نخبة الله التي انتخب لدينه ، وأنصار رسوله وأهل الإسلام والخيرة التي اختار لنا أهل البيت ، فباديتم العرب ، وناهضتم الأُمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح نأمركم وتأتمرون ، حتّى دارت لكم بنا رحا الإسلام ، ودرّ حلب الأنام ، وخضعت نعرة الشرك ، وباخت نيران الحرب ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأسررتم بعد الإعلان ، لقوم نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أوّل مرة .. (أتخشونهم فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين) (2)؟!

ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض ، وركنتم إلى الدعة فعجتم عن الدين ، ومججتم الذي وعيتم ، ودسعتم الذي سوّغتم ف- (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإنّ 3.

ص: 66


1- سورة آل عمران 3 : 144.
2- سورة التوبة 9 : 13.

الله لغنيٌّ حميد) (1).

ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة منّي بالخذلان الذي خامر صدوركم ، واستشعرته قلوبكم ، ولكن قلته فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثّة الصدر ، ومعذرة الحجّة ، فدونكموها فاحتقبوها ، مدبرة الظهر ، ناكبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ، موصولة ب- (نار الله الموقدة * التي تطّلع على الأفئدة) (2) ، فبعين الله ما تفعلون .. (وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون) (3) ، وأنا ابنة (نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد) (4) ف- (اعملوا على مكانتكم إن منتظرون) (5).

ثمّ إنّها عليها السلام تشير في استنهاضها الأنصار إلى بيعتهم ، بيعة العقبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حين عاهدوه على أن يمنعوه وذرّيّته ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم.

وكانت تقول عندما دار بها عليٌّ عليه السلام على أتان والحسنين عليهما السلام معها على بيوت المهاجرين والأنصار : يا معشر المهاجرين والأنصار! انصروا الله فإنّي ابنة نبيّكم وقد بايعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بايعتموه أن تمنعوه وذرّيّته ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ، فَفُوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيعتكم (6). ر.

ص: 67


1- سورة إبراهيم 14 : 8.
2- سورة الهُمَزة 104 : 6 و 7.
3- سورة الشعراء 26 : 227.
4- سورة سبأ 34 : 46.
5- سورة هود 11 : 121 و 122.
6- الاختصاص - للشيخ المفيد -: 183 - 185 ، وانظر : شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 16 / 210 - 213 ، الاحتجاج 1 / 206 وص 209 ، الغدير - للأميني - 7 / 192 ؛ وذكر جملة من المصادر.

وقالت عليها السلام عندما اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! كيف أصبحت عن علّتك؟

فقالت عليها السلام : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد أن عجمتهم ، وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحاً لفلول الحدّ ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و (لبئس ما قدّمت لهم أنفسهُم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) (1) ، لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها ، وشنت عليهم عارها ، فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين.

ويحهم! أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة ، ومهبط الوحي الأمين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزّ وجلّ.

والله لو تكافأوا عن زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه لاعتلقه ، ولسار بهم سيراً سجحاً ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطاناً ، قد تحرّى بهم الريّ غير متحلٍّ منه بطائل إلاّ بغمر الماء وردعه شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون .. (والّذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئاتُ ما كسبوا وما هم بمعجزين) (2).

ألا هلمّ فاستمع! وما عشت أراك الدهر عجباً! وإنْ تعجب فعجب 1.

ص: 68


1- سورة المائدة 5 : 80.
2- سورة الزمر 39 : 51.

قولهم! ليت شعري إلى أيّ سناد استندوا؟! وعلى أيّ عماد اعتمدوا؟! وبأيّة عروة تمسّكوا؟! وعلى أيّة ذرّيّة أقدموا واحتنكوا؟! لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلاً ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قوم (يحسبون أنّهم يحسنون صنعا) (1) ، (ألا إنّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) (2).

ويحهم! (أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلاّ أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (3) ..

أما لعمري لقد لقحت ، فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القعب دماً عبيطاً وزعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسّس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفساً ، واطمئنّوا للفتنة جأشاً ، وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ، فيا حسرة لكم ، وأنّى بكم وقد عُمّيت عليكم؟! (أن لزمكموها وأنتم لها كارهون) (4)؟!» (5).

فتحصّل أنّها عليها السلام لا ترى مجرّد الهجرة والنصرة دليلاً على الاستقامة والصلاح وحسن العاقبة والخاتمة ، بل لا بد من الإقامة على شروط العهد والمواثيق التي أخذها عليهم الله تعالى ورسوله ، من الإقرار بالتوحيد والرسالة والولاية لأهل بيته ومودّتهم ونصرتهم. 0.

ص: 69


1- سورة الكهف 18 : 104.
2- سورة البقرة 2 : 12.
3- سورة يونس 10 : 35.
4- سورة هود 11 : 28.
5- معاني الأخبار : 354 - 356 ، الأمالي - للطوسي - : 374 مج 13 ح 55 ، الاحتجاج 1 / 286 - 292 ، بحار الأنوار 43 / 158 - 160.

وهذا عين ما تقدّم استفادتُه من الآيات العديدة ، والروايات النبويّة التي رواها أهل سنة الجماعة ، نظير روايات العرض على الحوض من أنّ بعض الصحابة يُزوَون عنه إلى جهنّم فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : ربّ أصحابي! فيجاب : إنّهم بدّلوا بعدك وأحدثوا ، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : بُعداً بُعداً سُحقاً سُحقاً.

وروى ابن قتيبة الدينوري في كتابه الإمامة والسياسة : «أنّ عليا عليه السلام خرج يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به ، فيقول عليٌّ كرّم الله وجهه : أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيته لم أدفنه وأخرج أُنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.

وروى - بعدما ذكر هجوم عمر وجماعته على بيت فاطمة لاِخراج عليّ عليه السلام للبيعة - أنّ عمر قال لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليا فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهما السلام ..

فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله! والله إنّ قرابة رسول الله أحب إليّ من قرابتي ، وإنّكِ لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله؟! إلاّ أنّي سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا نورث ما تركناه ، فهو صدقة.

فقالت : أرأيتكما إنْ حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعرفانه

ص: 70

وتفعلان به؟!

قالا : نعم.

فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟!

قالا : نعم ، سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قالت : فإنّي أُشهِد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّ - كما إليه.

فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.

ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أُصليها.

ثمّ خرج باكياً ، فاجتمع إليه الناس فقال لهم : يبيت كلّ رجل منكم معانقا حليلته ، مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي» (1).

* * * 4.

ص: 71


1- الإمامة والسياسة : 13 و 14.

موقف الإمام عليّ عليه السلام تجاه الصحبة والصحابة

ورد في كتاب للاِمام عليّ عليه السلام إلى معاوية - جواباً على كتاب له - ما نصّه : «كان أشدّ الناس عليه [على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] تأليباً وتحريضاً هم أُسرته ، والأدنى فالأدنى من قومه إلاّ قليلاً ممّن عصمه الله منهم ..

وأنّ الله اجتبى لرسول الله من المسلمين أعواناً أيّده بهم ، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام ، فكان أفضلهم في الإسلام - كما زعمت - وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصدّيق ، ومن بعده خليفة الخليفة الفاروق».

ثمّ قال : «وما أنت والصدّيق؟! فالصدّيق من صدّق بحقّنا وأبطل باطل عدوّنا ، وما أنت والفاروق؟! فالفاروق من فرّق بيننا وبين عدوّنا.

وذكرت أنّ عثمان بن عفّان كان في الفضل ثالثاً ، فإن يكن عثمان محسناً فسيجزيه الله بإحسانه ، وإن يك مسيئاً فسيلقى ربّاً غفوراً لا يتعاظمه ذنب أن يغفره.

ولعمر الله ، إنّي لأرجو إذا أعطى الله المؤمنين على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم لله ولرسوله أن يكون نصيبنا أهل البيت في ذلك الأوفر.

إنّ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم لمّا دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد له كنّا أهل البيت أوّل من آمن به وصدّق بما جاء به ، فلبثنا أحوالاً كاملة مُجَرَّمَةً تامّةً وما يَعبد الله في رَبْعٍ ساكنٍ من العرب أحدٌ غيرُنا ، فأراد قومنا قتل نبيّنا ، واجتياح أصلنا ، وهمّوا بنا الهموم ، وفعلوا بنا الأفاعيل ، ومنعونا الميرة ، وأمسكوا عنّا العذْب ، وأحلسونا الخوف ، واضطرونا إلى جبل وعر ، وجعلوا علينا

ص: 72

الأرصاد والعيون ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، وكتبوا علينا بينهم كتاباً : لا يؤاكلوننا ، ولا يشاربوننا ، ولا يناكحوننا ، ولا يبايعوننا ، ولا يكلّموننا ، ولا نأمن فيهم حتّى ندفع إليهم نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقتلوه ويمثّلوا به ؛ فلم نكن نأمن فيهم إلاّ من موسم إلى موسم ..

فعزم الله لنا على منعه ، والذبّ عن حوزته ، والرمي من وراء حرمته ، والقيام بأسيافنا دونه في ساعات الخوف ، وبالليل والنهار ؛ فمؤمننا يبغي بذلك الأجر ، وكافرنا يحامي عن الأصل.

وأمّا من أسلم من قريش بعد ، فإنّه خلوٌّ ممّا نحن فيه بحلْفٍ يمنعه ، أو عشيرة تقوم دونه ، فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف ، فهو من القتل بمكان نجوة وأمن ؛ فكان ذلك ما شاء الله أن يكون.

ثمّ أمر الله تعالى رسوله بالهجرة ، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا احمرّ البأس ، ودعيتْ نزال ، وأحجم الناس قدّم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حرّ السيوف والأسنّة ، فقُتل عبيدة ابن الحارث يوم بدر ، وقُتل حمزة يوم أُحد ، وقُتل جعفر وزيد يوم مؤتة ، وأسلمَ الناسُ نبيَّهم يوم حنين غير العباس عمّه وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ابن عمّه ، وأراد من لو شئت يا معاوية ذكرتُ اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير مرّة ، ولكنّ آجالهم عُجّلت ومنيّته أُجّلت ، والله وليّ الإحسان إليهم ، والمنّان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات.

وأيم الله ما سمعت بأحد ولا رأيت من هو أنصح لله في طاعة رسوله ، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربّه ، ولا أصبر على اللأواء والضرّاء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء النفر من أهل بيته

ص: 73

الّذين سمّيت لك ، وفي المهاجرين خير كثير نعرفه جزاهم الله خيراً بأحسن أعمالهم.

وذكرتَ حسدي على الخلفاء ، وإبطائي عنهم ، وبغيي عليهم ..

فأمّا الحسد والبغي عليهم ، فمعاذ الله أن أكون أسررته أو أعلنته ، بل أنا المحسود المبغي عليه.

وأمّا الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم ، فإنّي لست أعتذر منه إليك ولا إلى الناس ؛ وذلك لأنّ الله جلّ ذِكره لمّا قبض نبيّه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم اختلف الناس ، فقالت قريش : منّا الأمير ، وقالت الأنصار : منّا الأمير ؛ فقالت قريش : منّا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فنحن أحقّ بالأمر منكم ؛ فعرفت ذلك الأنصار فسلّمت لقريش الولاية والسلطان ..

فإذا استحقّوها بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم دون الأنصار ، فإنّ أوْلى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أحقّ بها منهم ، وإلاّ فإنّ الأنصار أعظم العرب فيها نصيباً .. فلا أدري أصحابي سلّموا من أن يكونوا حقّي أخذوا ، أو الأنصار ظلموا؟!

بل عرفت أنّ حقّي هو المأخوذ ...» (1).

ويتّضح من كلامه عليه السلام إنّ الصدق والصدّيقية في الصحبة والصحابة إنّما هي بالإقامة على العدل والوفاء بمواثيق الله ورسوله التي أُخذت في الكتاب والسُنة عليهم ، وهي التسليم لأهل البيت بالولاية والمودّة ، وإنّهم ولاة الفيء والأنفال والخمس ، وإنّهم الثقل الثاني الواجب التمسّك بهم 0.

ص: 74


1- نهج البلاغة : كتاب 49. ط مؤسسة الإمام صاحب الزمان عليه السلام - تحقيق السيد الموسوي - ، وهي الطبعة المعتمدة في التخريجات اللاحقة ؛ وقد ذكر للكتاب ولبعض ما ورد فيه مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين. وانظر : شرح نهج البلاغة 15 / 74 - 78 آخر شرح الكتاب 9 ، ونهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة 4 / 172 - 186 الكتاب 70.

أعدال الكتاب ، فيتولّى أهل البيت ويبرأ من أعدائهم ..

والفاروق من يميّز بين الحقّ الثابت لأهل البيت وبين الباطل الذي عند عدوّهم.

وإنّ أشدّ الناس عناءً وبلاءً وجهداً في الجهاد والذبّ عن حوزة وحومة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هم أهل بيته ، وإنّهم أوّل الناس إيماناً به قبل أن يؤمن به أصحابه من قريش أو الأنصار ، فقد سبق أهل البيت جميع الصحابة سنيناً وأعواماً ، وهم الّذين تحمّلوا أعباء الرسالة في المرتبة الأُولى ، وهم الّذين قدّموا الشهداء في الصفوف الأُولى ، فلا تشهد الحروب لأبي بكر وعمر وعثمان وبقيّة الصحابة من قريش ممّن اجتمع في السقيفة أو الأنصار ثباتاً في حرب ، كيوم حنين وغيرها.

فأهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هم أنصح وأطوع وأصبر لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهم مع ذلك أقرب للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأحقّ الناس بخلافته.

وقال عليه السلام في كتاب آخر له إلى معاوية - جواباً على كتابه الذي ذكر فيه اصطفاء الله تعالى محمد صلى الله عليه وآله وسلم لدينه ، وتأييده إيّاه بمن أيّده من أصحابه - : «فلقد خبّأ لنا الدهر منك عجباً ؛ إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا ، ونعمته علينا في نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر ، أو داعي مُسدّدِه إلى النضال ...

وزعمت أنّ أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان ، فذكرتَ أمراً إنْ تمّ اعتزلك كلّه ، وإنْ نقص لم يلحقك ثلمه.

وما أنت يابن هند والفاضل والمفضول ، والسائس والمسوس؟!

وما للطلقاء وأبناء الطلقاء ، والأحزاب وأبناء الأحزاب ، والتمييز بين المهاجرين الأوّلين وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم؟!

ص: 75

هيهات ، لقد حنّ قدح ليس منها ، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها!

ألا تربعايّها الإنسان - على ظَلْعِك ، وتعرف قصور ذرعك ، وتتأخّر حيث أخّرك القدر؟! فما عليك غلبة المغلوب ، ولا لك ظفر الظافر ، وإنّك لذهّاب في التيه ، روّاغ عن القصد.

ألا ترى - غير مُخبِرٍ لك ، ولكن بنعمة الله أُحدّثانّنا قد فزنا على جميع المهاجرين كفوز نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على سائر النبيّين؟!

أَوَلا ترى أنّ قوماً استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ولكلٍّ فضل ، حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل : سيّد الشهداء ، وخصّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، ووضعه بيده في قبره؟!

أَوَلا ترى أنّ قوماً قُطّعت أيديهم في سبيل الله ولكلٍّ فضل ، حتّى إذا فُعل بواحدنا ما فُعل بواحدهم قيل : الطيّار في الجنّة وذو الجناحين؟!

أَوَلا ترى أنّ مسلمنا قد بان في إسلامه كما بان جاهلنا في جاهليّته ، حتّى قال عمّي العباس بن عبد المطّلب لأبي طالب :

أبا طالب! لا تقبل النَصف منهم

وإنْ أنصفوا حتّى نُعقّ ونُظلما

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت

ْصوارم في أيماننا تقطر الدما

تركناهم لا يستحلّون بعدها

لذي حرمةٍ في سائر الناس مُحْرَما (1)

ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السامعين. ن.

ص: 76


1- أوردها ابن عساكر في تاريخه 26 / 285 وزاد عليها غيرها ، وفي تصحيفات المحدثين : 139 ذكر البيت -ين الأوّلي -ين.

فدع عنك يابن هند من قد مالت به الرمِيّة! فإنّا صنائع ربّنا ، والناس بعد صنائع لنا ، لم يمنعنا قديم عزّنا ، ولا عاديُّ طَوْلنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ، ولستم هناك ..

وأنّى يكون ذلك كذلك؟! ومنّا المشكاة الزيتونة ومنكم الشجرة الملعونة ، ومنّا النبي ومنكم المكذّب ، ومنّا أسد الله ومنكم طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنّا هاشم بن عبد مناف ومنكم أُميّة كلب الأحلاف ، ومنّا الطيّار في الجنّة ومنكم عدوّ الإسلام والسُنة ، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار ، ومنّا خير نساء العالمين بلا كذب ومنكم حمّالة الحطب ، في كثير ممّا لنا وعليكم.

فإسلامنا ما قد سُمع وجاهليّتكم لا تُدفع ، والقرآن يجمع لنا ما شذّ عنّا ، وهو قوله - سبحانه وتعالى - : (وأُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض في كتاب الله) (1) وقوله تعالى : (إنّ أَوْلى الناس بإبراهيم لَلّذين اتّبعوه وهذا النبيّ والّذين آمنوا والله وليّ المؤمنين) (2) فنحن مرّة أَوْلى بالقرابة وتارة أَوْلى بالطاعة.

ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلجوا عليهم ، فإنْ يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإنْ يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.

وزعمتَ أنّي لكلّ الخلفاء حسدت ، وعلى كلّهم بغيت ، فإنْ يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك.

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها 8.

ص: 77


1- سورة الأنفال 8 : 75.
2- سورة آل عمران 3 : 68.

وقلت : إن كنتُ أُقاد كما يُقاد الجمل المخشوش حتّى أُبايع .. ولعَمر الله لقد أردتَ أن تذُمَّ فمدحتَ ، وأن تفضح فافتضحت. وما على المسلم من غضاضة في أنْ يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه ، ولامرتاباً بيقينه ، وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها ، ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذِكرها ...» (1).

فهو عليه السلام يفضّ - ل ذوي القربى الّذين آزروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفادوه بأرواحهم وبكَلِّهِم على جميع المهاجرين والأنصار ، وذلك لكونهم أَوْلى بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رحماً ، وأشدّ الناس متابعة ونصحاً وطاعة ونصرة له ، كما تشير إليه الآيتان اللتان استشهد عليه السلام بهما ، ومن ثمّ قدّم القرآن ذوي القربى مصرّحاً في آية الفيء بقوله تعالى : (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول ولذي القربى و...).

وكذلك في آية الخمس ، قال تعالى : (واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إنْ كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كلّ شيءٍ قديرٌ) فخصّ تعالى ذوي القربى بالمقام بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقرنهم به وبذاته المقدّسة دلالة على تشريفهم ولزوم طاعتهم وأحقّيّتهم بالأمر دون غيرهم ..

فكرّر اللام التي للاختصاص وملكية التصرّف لذاته تعالى ولرسوله ولذي القربى دون غيرهم ، دلالة على منصب ذوي القربى الخاص في الولاية على الأموال والأُمور العامّة. ة.

ص: 78


1- نهج البلاغة : الكتاب 59 ، وقد ذكر للكتاب ولبعض ما ورد فيه مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين. وهو برقم 28 في الطبعة المعروفة.

وقال تعالى مخاطباً نبيّه : (فآت ذا القربى حقّه) .. كما خصّهم بالذِكر في الأمر بالمودّة ، وجعله أجراً لكلّ الرسالة والدين وعدلاً لمجموع الإسلام الحنيف حين قال تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ..).

وقال : (قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلاّ من شاء أن يتّخذ إلى ربه سبيلاً ...) (1).

وقال : (قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم) (2) ..

فبيّن تعالى أنّ مودّة وولاية ذوي القربى هي السبيل إليه تعالى ، وهي لنفع جميع المسلمين وصلاحهم وكمالهم .. فلم يدرجهم تعالى مع سائر المهاجرين والأنصار مع إنّ ذوي القربى هم أوّل الناس هجرة إلى الله ورسوله وأوّلهم نصرة وطاعة ونصحاً وصبراً.

وقال عليه السلام في الخطبة المعروفة بعد النهروان :

«أمّا بعد .. أيّها الناس! أنا الذي فقأت عين الفتنة ، شرقيّها وغربيّها ، ومنافقها ومارقها ، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري ، بعد أن ماج غيهبها ، واشتدّ كلَبها.

وأيم الله ، لو لم أَكُ فيكم لَما قوتل أصحاب الجمل الناكثون ، ولا أهل صِفّين القاسطون ، ولا أهل النهروان المارقون ...

إنّ قريشاً طلبت السعادة فشقيتْ ، وطلبت النجاة فهلكتْ ، وطلبت الهداية فضلّتْ. 7.

ص: 79


1- سورة الفرقان 25 : 57.
2- سورة سبأ 34 : 47.

إنّ قريشاً قد أضلّت أهل دهرها ومن يأتي من بعدها من القرون ؛ ألم يسمعوا - ويحهم - قوله تعالى : (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتُهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم) (1)؟! فأين المعدل والمنزع عن ذرّيّة الرسول ، الّذين شيد الله بنيانَهم فوق بنيانِهم ، وأعلى رؤوسَهم فوق رؤوسِهم ، واختارهم عليهم؟!

أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا وحسداً لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم؟! بنا يستعطى الهدى لا بهم ، وبنا يستجلى العمى لا بهم.

إنّ الأئمّة من قريشٍ ، غُرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم ...

والهجرة قائمة على حدّها الأوّل ما كان لله تعالى في أهل الأرض حاجة من مستسرّ الأُمّة ومعلنها ، ولا يقع اسم الهجرة على أحد إلاّ بمعرفة الحجّة في الأرض ؛ فمن عرفها وأقرّ بها فهو مهاجر ، ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجّة فسمعتها أُذنه ووعاها قلبه ...».

ثمّ ذكر عليه السلام ضلال الخوارج والثواب الخاصّ في مقاتلتهم ، وقال : «أتراني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! والله لأنا أوّل من صدّقه فلا أكون أوّل من كذب عليه.

وأنا الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر ، وصلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يصلّي معه أحد من الناس. 1.

ص: 80


1- سورة الطور 52 : 21.

أنا صفيّ رسول الله وصاحبه ، وأنا وصيّه وخليفته من بعده.

أنا ابن عمّ رسول الله ، وزوج ابنته ، وأبو وُلده.

أنا الحجّة العظمى ، والآية الكبرى ، والمثل الأعلى ، وباب النبيّ المصطفى.

أنا وارث علم الأوّلين ، وحجّة الله على العالمين بعد الأنبياء ومحمد خاتم النبيين ، أهل موالاتي مرحومون ، وأهل عداوتي ملعونون ..

لقد كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول : يا عليّ! حبّك تقوىً وإيمانٌ ، وبغضك كفرٌ ونفاقٌ ، وأنا بيت الحكمة وأنت مفتاحه ، كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ...» (1).

فها هو عليه السلام بعد أن بيّن أفضلية أهل البيت عليهم السلام على سائر قريش يذكر ضابطة الهجرة والمهاجر ، وهي معرفة الشخص الذي هو حجّة الله في أرضه ، وهي الضابطة نفسها المتقدّمة في كلام الصدّيقة الزهراء عليها السلام بأنّ الهجرة إنّما هي بالهجرة إليهم ، إلى أهل البيت عليهم السلام ، لا الابتعاد عنهم ، فالهجرة إلى المدينة - اضافة لكونها مقام النبيّ وآله صلوات الله عليهمهي هجرة إلى نور الله تعالى ومصابيح هدايته ، وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته من بعده ، وإنّ الهجرة تكليف شرعي باقٍ ببقاء الشريعة ؛ لأنّ معرفة حجّة الله تعالى في أرضه مفتاح أبواب الشريعة.

وهذا خلاف ما يزعمه أهل سنة الجماعة من أنّ لا هجرة بعد الفتح ، وسنشير في ما يأتي إلى دلالة الآيات على بقاء الهجرة والنصرة ، وملازمة ذلك ؛ لكون مدار الهجرة والنصرة هو : الهجرة إلى أهل البيت عليهم السلام ن.

ص: 81


1- نهج البلاغة : الخطبة 21 ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.

ومناصرتهم ، لا الهجرة إلى بقعة من الأرض معينة مقدّسة ، وهي المدينة المنوّرة ، والتي تقدّست بوجود النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم ، بخلاف الضابطة التي يذكرها أهل سنة الجماعة من أنّها الانتقال الجسماني من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة ، كسفر بدني ، وقد انتهى ومضى.

وقال عليه السلام في خطبته المعروفة بالطالوتية :

«ألا إنّ مثل آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم كمثل نجوم السماء ، إذا هوى منهم نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون.

فيا عجباً وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها!!! وبؤساً لهذه الأُمة الجائرة في قصدها ، الراغبة عن رشدها ، لا يقتصّون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، يعملون في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم ، كأنّ كلّ امرىٍَ منهم إمام نفسه ، قد أخذ منها في ما يرى بعرىً ثقات ، وأسباب محكمات ؛ فلا يزالون بجورٍ ، لا يألون قصداً ، ولن يزدادوا إلاّ خطأً ، لا ينالون تقرّباً ، ولن يزدادوا إلاّ بعداً من الله عزّ وجلّ ؛ لشدّة أُنس بعضهم ببعض ، وتصديق بعضهم لبعض.

كلّ ذلك حياداً ممّا ورّث الرسول النبيّ الأُمّيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ونفوراً عمّا أدّى إليهم من أخبار فاطر السموات والأرض العليم الخبير ، فهم أهل عشوات ، وكهوف شبهات ، وقادة حيرة وضلالة وريبة.

ص: 82

من وكله الله إلى نفسه ورأيه فاغرورق في الأضاليل فهو مأمون عند من يجهله ، غير متّهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه أُمّة صُدّتْ عن ولاتها بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.

هذا ، وقد ضمن الله قصد السبيل (ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ الله لسميع عليم) (1).

أيّتها الأُمّة المتحيّرة بعد نبيّها في دينها ، التي خُدعت فانخدعت ، وعرفت خديعة من خدعها فأصرّت على ما عرفت ، واتّبعت أهواءها ، وخبطت في عشواء غوايتها ، وقد استبان لها الحقّ فصدعت عنه ، والطريق الواضح فتنكّبته.

أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو كنتم قدّمتم من قدّم الله ، وأخّرتم من أخّر الله ، وجعلتم الولاية والوراثة حيث جعلها الله ، واقتبستم العلم من معدنه ، وشربتم الماء بعذوبته ، وادّخرتم الخير من موضعه ، وأخذتم الطريق من واضحه ، وسلكتم الحقّ من نهجه ؛ لَنَهَجَتْ بكم السبل ، وبدت لكم الأعلام ، وأضاء لكم الإسلام ، فأكلتم رغداً وما عال فيكم عائل ، ولا ظُلم منكم مسلم ولا معاهد ، ولكنّكم سلكتم سبل الظلام ، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها ، وسُدت عليكم أبواب العلم فقلتم بأهوائكم ، واختلفتم في دينكم فأفتيتم في دين الله بغير علم ، واتّبعتم الغواة فأغووكم ، وتركتم الأئمّة فتركوكم ، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ، إذا ذُكر الأمر سألتم أهل الذكر ، فإذا أفتوكم قلتم : هو العلم بعينه ، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟! 2.

ص: 83


1- سورة الأنفال 8 : 42.

فذوقوا وبال أمركم ، وما فرطتم في ما قدّمت أيديكم ، وما الله بظلاّم للعبيد ، رويداً عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم ، وتجدون وخيم ما اجترمتم وما اجتلبتم.

فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لقد علمتم أنّي صاحبكم والذي به أُمرتم ، وأنّي عالم - كم والذي بعلمه نجاتكم ، ووصيّ نبيّكم صلى الله عليه وآله وسلم ، وخيرة ربّكم ، ولسان نوركم ، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وُعدتم وما نزل بالأُمم قبلكم ، وسيسألكم الله عزّ وجلّ عن أئمّتكم ، فمعهم تحشرون ، وإلى الله عزّ وجلّ غداً تصيرون ، (وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون) ...» (1).

ويشير عليه السلام إلى ما يشير إليه قوله تعالى : (وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) فقد تركوا وصية القرآن والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في عليّ عليه السلام - وعترته عليهم السلام - ، من أنّه وليّ الأُمور من بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّه مفزع الأُمّة وملجأُها.

وقد أشارت فاطمة الزهراء عليها السلام إلى ذلك أيضاً كما تقدّم ، وأنّ سبب الاختلاف والفِرَق الحادثة في المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو تركهم التمسّك بالثقلين اللذين هما ضمان عصمتهم من الضلال.

وقال عليه السلام في خطبة أُخرى :

«فأين تذهبون؟! وأنّى تؤفكون؟! والأعلام قائمة ، والآيات ن.

ص: 84


1- نهج البلاغة : الخطبة 20 ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.

واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يُتاه بكم؟!

بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم ، وهم أزمّة الحقّ ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق؟! فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، وردوهم ورود الهيم العطاش.

ألا وإنّ من أعجب العجائب أنّ معاوية بن أبي سفيان الأُموي ، وعمرو بن العاص السهمي ، أصبحا يحرّضان الناس على طلب الدين بزعمهما!!

والله لقد علم المستحفَظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّي لم أردّ على الله سبحانه ولا على رسوله ساعة قطّ ، ولم أعصه في أمر قطّ ، ولقد بذلت في طاعته صلوات الله عليه جهدي ، وجاهدت أعداءه بكلّ طاقتي ، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال ، وترتعد فيها الفرائص ، وتتأخر فيها الأقدام ، نجدةً أكرمني الله بها وله الحمد.

ولقد أفضى إليّ من علمه ما لم يفضِ إلى أحد غيري ، فجعلت أتْبع مأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأطأ ذكره حتّى انتهيت إلى العرج ، ولقد قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ رأسه لعلى صدري ، ولقد سالت نفسه في كفّي فأمررتها على وجهي ، ولقد وليت غسله صلى الله عليه وآله وسلم وحدي والملائكة المقرّبون أعواني ، فضجّت الدار والأفنية ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه ، حتّى واريناه في ضريحه ، فمن ذا أحقّ به منّي حيّاً وميّتاً؟!

وأيم الله ما اختلفت أُمّة قطّ بعد نبيّها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل

ص: 85

حقّها إلاّ ما شاء الله ...» (1).

ويشير عليه السلام إلى أنّ مدار فضيلة الصحبة ومقامها متحقّق فيه عليه السلام بأرفع درجاتها ، بنحو لا يدانيه بقيّة الصحابة ..

وبيان ذلك : إنّه قد اشتهر عند أهل سنة الجماعة الاستدلال لحجية الصحابة وقول الصحابي وفِعله ، لا سيّما من عاشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مدّة مديدة ، لا سيّما جماعة السقيفة ، الّذين وطّدوا الأرضية لبيعة أبي بكر ، ومن ناصرهم على ذلك ، ولا سيّما أبي بكر وعمر ، بأنّ الصحابة هم الّذين حملوا علم الدين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخالطوه ، وهم أعلم بأقوال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله ومراده ، وهم الّذين تربّوا بتربية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واهتدوا على يديه وأطاعوه وتابعوه ، فهم أقرب الخلق إليه ، فهم حملة الدين إلى الناس والقرون اللاحقة ، وحملة سنة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحفّاظها ووعاتها والمؤدّين عنه ، وبما نقلوه كمال الدين ، وثبات حجّة الله عزّ وجلّ على العباد ، فهم الواس - طة بين النبي وأُمّ - ته ، فإنّ الرسول حقّ ، والقرآن حقّ ، وما جاء به حقّ ، وإنّما أدّى إلينا ذلك كلّه الصحابة ؛ لأنّهم الّذين ناصروا النبيّ على عدوّه وآزروه ، فهم المؤتمنين على دينه.

والناظر المتدبّر في هذه الصفات التي أوجبوا بها حجّيّة الصحابة ، أو حجّيّة الشيخين - على إجمال وترديد إبهام ما يرمي إليه أهل سنة الجماعة من معنى الحجّيّة كما أشرنا إليه مراراً في هذه الحلقات من كون الحجّيّة بمعنى العصمة والإمامة الإلهيّة ، أو بمعنى العدالة وحجّيّة فتوى المجتهد والفقيه ، أو بمعنى وثاقة وحجّيّة خبر الراوييلاحظ أنّ هذه الصفات ن.

ص: 86


1- نهج البلاغة : الخطبة 19 ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.

متوفّرة بدرجة رفيعةٍ سابقةٍ في عليٍّ عليه السلام سبقاً شاسعاً لا يمكن لغيره من الصحابة - كأبي بكر وعمر وغيرهما - اللحوق به ، فضلاً عن مقايسته بهم.

ولا أجد نفسي بحاجة إلى تذكير القارئ بتوفّر كلّ تلك الصفات والجهات في عليّ عليه السلام بنحو أسبق وأوفر وأوصل وأنمى وأزكى وأشدّ من بقيّة الصحابة ؛ بعد أن استعرضنا كلامه عليه السلام ممّا تواتر وقوع مضمونه في مواطن شهيرة في تاريخ الإسلام.

وإلى مثل ذلك يشير قوله عليه السلام حين سأله سُليم بن قيس الهلالي بأنّه س - مع من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمع منه عليه السلام تصديق ما سمع منهم ، ورأى في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم يخالفهم فيها عليه السلام هو والصحابة الموالين له ، ويبطلونها ؛ متعجّباً من كون الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟!!

فقال عليه السلام : «قد سألت فافهم الجواب :

إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصا ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كُذِب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده حتّى قام خطيباً فقال : أيّها الناس! قد كثرت علَيَّ الكذّابة ، فمن كذب علَيَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كُذِب عليه من بعده.

وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق ، يُظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام ، لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمّداً ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب ،

ص: 87

لم يقبلوه منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) (1) ، ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئاً ، لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذباً ، فهو في يده ، يقول به ويعمل به ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً أمر به ، ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ، ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.

فإنّ أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، خاصّ وعامّ ، 4.

ص: 88


1- سورة المنافقون 63 : 4.

ومحكم ومتشابه ، قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان : كلام عامّ وكلام خاصّ مثل القرآن ، وقال الله عزّ وجلّ في كتابه : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (1) ، فيشتبه على من لم يعرف ولم يدرِ ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس كلّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يساله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من يساله ولا يستفهمه ، حتّى إنْ كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى يسمعوا.

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلّ يوم دخلة وكلّ ليلة دخ - لة ، فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معه في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بَنيّ.

وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكتّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها علَيّ ، فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله لي بما دعا.

وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي ، كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنسَ حرفاً واحداً. 7.

ص: 89


1- سورة الحشر 59 : 7.

ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبيّ الله! بأبي أنت وأُمّي ، منذ دعوت لم أنسَ شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف علَيّ النسيان في ما بعد؟! فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل» (1).

فعليٌّ عليه السلام بجانب من شدّة الصلة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقربه منه زماناً ومكاناً وبيتاً وصحبة ورحماً وملازمة وأُخوّة ومحبّة ، حتّى نزلت آية وجوب التصدّق قبل نجوى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعمل بها إلاّ هو عليه السلام دون بقيّة الصحابة حتّى نسخت ، وكانت بيوت بعضهم في العوالي قد لا يرون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أيّاماً كما جاء ذلك على لسان بعضهم (2) ، مضافاً إلى شدّة عناية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم به عليه السلام وإزلافه له ، فخصّه بتزويج فاطمة عليها السلام والمؤاخاة معه ، كما في آية المباهلة وغير ذلك من المواطن والمشاهد المذكورة في كتب الفريقين.

والغريب من أهل سنة الجماعة - حين يستدلّون لحجّيّة الصحابيالتغافل عن كلّ ذلك ، وعن تقديم حجّيّة قول عليٍّ عليه السلام وفِعله ومقامه على بقيّة الصحابة.

وكيف يستقيم ذلك مع حجيّة الصحابي ، بأنّه لولاهم لانقطع نقل الدين وثبوته؟!

وكيف يستبدلون حجّيّة الثقلين - كتاب الله وعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم - المنصوص عليها في القرآن وحديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المتواتر بين الفريقين ، ن.

ص: 90


1- أُصول الكافي 1 / 62 - 64 ح 1 ، الخصال : 255 ح 131.
2- انظر مثلاً : صحيح البخاري 1 / 55 - 56 ح 31 باب التناوب في العلم ، سنن الترمذي 5 / 392 ح 3318 كتاب تفسير القرآن.

بحجّيّة الصحابةانْ كان مرادهم من الحجّيّة مقام العصمة والإمامة في الديناو بحجّيّة جميع الصحابة - انْ كان مرادهم حجّيّة الفتوى أو الرواية - مع إنّ فيهم الأقسام الأربعة التي أشار إليها عليه السلام؟!!

وكيف يتعطّل الدين ويبطل مع وجود عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الهادية العاصمة عن ضلال الأُمّة وتحيّرها؟!

وهل تمحيص الصحابي المستقيم على عهد الله وعهد رسوله في حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعد مماته صلى الله عليه وآله وسلم ، عن الصحابي الذي نكث العهد وبدّل وأحدث في الدين ، يوجب تعطيل وبطلان الدين؟! أم إنّه صيانة للدين عن تحريف المبطلين وزيغ المُحْدِثين ، وحياطة للدين عن السنن المحدَثة التي خولفت فيها سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

فها هو عليه السلام يشير إلى مثل ذلك في قوله عليه السلام :

«لقد عملت الولاة قبلي أعمالاً عظيمة خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيّرين لسُنته ، ولو حملتُ الناس على تركها وتحويلها عن مواضعها إلى ما كانت تجري عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لتفرّق عنّي جندي حتّى لا يبقى في عسكري غيري وقليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ ذِكره وسُنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام ، ورددت صاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومُده إلى ما كان ، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأقوام مسمّين لم تمضَ لهم ولم تنفذ ، ورددت دار

ص: 91

جعفر بن أبي طالب إلى ورثته وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضى بها من كان قبلي ، ونزعت نساءً تحت رجالٍ بغير حقّ فرددتهنّ إلى أزواجهنّ ، واستقبلت بهنّ الحكم في الفروج والأحكام ، وسبيت ذراري بني تغلب ، ورددت ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا وأعطيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطي بالسويّة ولم أجعلها دُولة بين الأغنياء ، وألقيت المساحة ، وسوّيت بين المناكح ، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عزّ وجلّ وفرضه ، ورددت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما كان عليه ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب وفتحت ما سدّ منها ، وحرّمت المسح على الخُفّين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأخرجت من أُدخل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده ممّن كان رسول الله أخرجه ، وأدخلت من أُخرج بعد رسول الله ممّن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدخله ، وحملت الناس على حكم القرآن ، وعلى الطلاق على السُنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأُمم إلى كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، إذاً لتفرّقوا عنّي.

والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة ، وأعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل سيفه معي : يا أهل الإسلام! غُيّرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً في جماعة! حتّى خفت أن يثوروا في ناحية عسكري.

بؤسي لِما لقيتُ من هذه الأُمّة بعد نبيّها من الفرقة وطاعة أئمّة

ص: 92

الضلال والدعاة إلى النار!!

وأعظم من ذلك! لو لم أُعط سهم ذوي القربى إلاّ من أمر الله بإعطائه ، الّذين قال الله عزّ وجلّ : (واعلموا أنّما غنتم من شيء فأنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) كلّ هؤلاء منّا خاصّة (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان).

فنحن والله الّذين عنى الله بذي القربى ، الّذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال تعالى : (وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا الله) في ظلم آل محمد (إنّ الله شديد العقاب) لمن ظلمهم ، رحمة منه لنا ، وغنىً أغنانا الله به ووصّى به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنّه لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً ، وأكرم الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ أيدي الناس ، فكذّبوا الله ، وكذّبوا رسوله ، وجحدوا كتاب الله الناطق بحقّنا ، ومنعونا فرضاً فرضه الله لنا.

ما لقي أهل بيت نبيّ من أُمّته ما لقينا بعد نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، والله المستعان على من ظلمنا ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم» (1).

وموقف عليّ عليه السلام يوم الشورى حينما رفض شرط عبد الرحمن بن عوف لمبايعته أن يحكم بسُنة الشيخين ، وحصر الحكم بكتاب الله وسُنة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، موقف مشهود معلن معروف عند الحاضر والبادي. 1.

ص: 93


1- نهج البلاغة : الخطبة 3 ، كتاب سُليم بن قيس : 162 ، روضة الكافي 8 / 58 ح 21.

وقال عليه السلام : «إنه لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأُمّة أحد ، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ، هم أطول الناس أغراساً ، وأفضل الناس أنفاساً ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، وحجّة الله عليكم في حجّة الوداع يوم غدير خمّ ، وبذي الحُليفة ، وبعده المقام الثالث بأحجار الزيت.

تلك فرائض ضيّعتموها ، وحرمات انتهكتموها ، ولو سلّمتم الأمر لأهله سلمتم ، ولو أبصرتم باب الهدى رشدتم - الى أن يقول : - يا أيّها الناس! اعرفوا فضل من فضّل الله ، واختاروا حيث اختار الله ، واعلموا أنّ الله قد فضّلنا أهل البيت بمنّه حيث يقول : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) (1) ، فقد طهّرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ومن كلّ دنيّة وكلّ رجاسة ، فنحن على منهاج الحقّ ، ومن خالفنا فعلى منهاج الباطل ...

وعندنا أهل البيت معاقل العلم ، وأبواب الحُكم ، وأنوار الظُلَم ، وضياء الأمر ، وفصل الخطاب ، فمن أحبّنا ينفعه إيمانه ، ويُتقبّل منه عمله ، ومن لا يحبّنا أهل البيت لا ينفعه إيمانه ، ولا يُتقبّل عمله وإنْ دأب في الليل والنهار قائماً صائماً.

والله لئن خالفتم أهل بيت نبيكم لتخالفنّ الحقّ ، ولقد علم المستحفَظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : إنّي وأهل بيتي مطهّرون ، فلا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تخالفوهم فتجهلوا ، ولا تتخلّفوا عنهم 3.

ص: 94


1- سورة الأحزاب 33 : 33.

فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، هم أحلم الناس كباراً ، وأعلمهم صغاراً ، إنّهم لا يدخلونكم في ردى ، ولا يخرجوكم من باب هدى ، فاتّبعوا الحقّ وأهله حيث كانوا ...

الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله ونقل إلى منتقله ...» (1).

وقال في الخطبة القاصعة المعروفة ، التي أنشأها لبيان أنّ كفر إبليس هو كفر جحود لولاية وليّ الله تعالى ، وهو آدم عليه السلام ، وعدم انقياد له ، وأنّ كلّ أبواب التوحيد وأركان فروع الدين تنتهي إلى ولاية وليّ الله تعالى :

«ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية ، وإنّ الله سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأُمّة ، في ما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي يتنقّلون في ظلّها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ؛ لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر.

واعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ، وبعد الموالاة أحزابا ، ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه» (2).

فقد جعل عليه السلام المدار في الهجرة هو : السير والانتقال مع ولاية وليّ الله تعالى ، وهو الإمام من أهل البيت عليهم السلام ، والإعراض عنه تعرّب ؛ فبالموالاة والنصرة يقع عنوان الهجرة ، وبالتحزّب والتفرّق عن الموالاة يقع عنوان التعرّب ، وكلامه عليه السلام يقضي بأنّ عنوان الهجرة وصف قابل للزوال عن الشخص ، وهذا اللازم قهري بعد عدم كون الهجرة سفر وانتقال من مكان إلى مكان آخر. 1.

ص: 95


1- نهج البلاغة : الخطبة 3.
2- نهج البلاغة : الخطبة 11.

فتحصّل أنّ معنى الهجرة والنصرة عند فاطمة وعليّ عليهما السلام متطابق على هذا المعنى ، وهذا المعنى هو الذي يُستفاد من تعريف الهجرة والنصرة من سورة الحشر ؛ إذ قُيّدت الهجرة ب- (وينصرون الله ورسوله) (1) ، وقُيّدت النصرة ب- (يحبّون من هاجر إليهم) (2) ، فالهجرة هي نصرة وموالاة وليّ الله تعالى ، والنصرة هي محبّة ذلك والمؤازرة عليه.

نتف من كلماته عليه السلام في عدّة من الصحابة بأعيانهم :

1 - قال له ابن الكوّاء : «يا أمير المؤمنين! أخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال عليه السلام : عن أيّ أصحاب رسول الله تسألني؟

قال : يا أمير المؤمنين! أخبرني عن أبي ذرّ الغفاري!

قال : سمعت رسول الله يقول : ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ.

2 - قال : يا أمير المؤمنين! فأخبرني عن سلمان الفارسي.

قال : بخ بخ ، سلمان منّا أهل البيت ، ومن لكم بمثل لقمان الحكيم ، عَلِمَ عِلْمَ الأوّل والآخر.

3 - قال : يا أمير المؤمنين! أخبرني عن حذيفة بن اليمان.

قال : ذاك امرؤٌ علم أسماء المنافقين ، إنْ تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عالماً. 9.

ص: 96


1- سورة الحشر 59 : 8.
2- سورة الحشر 59 : 9.

4 - قال : يا أمير المؤمنين! فأخبرني عن عمّار بن ياسر.

قال : ذاك امرؤٌ حرّم الله لحمه ودمه على النار أن تمسّ شيئاً منها.

5 - قال : يا أمير المؤمنين! فأخبرني عن نفسك.

قال : كنتُ إذا سألتُ أُعطيت ، وإذا سكتُّ ابتُدِئت» (1).

6 - وقال بعد استشهاد محمد بن أبي بكر : «ألاّ وإنّ محمد بن أبي بكر قد استشهد ؛ ، فعند الله نحتسبه ، أمَا والله لقد كان - ما علمتينتظر القضاء ، ويعمل للجزاء ، ويبغض شكل الفاجر ، ويحبّ سَمْت المؤمن ، ولقد كان إليّ حبيباً ، وكان لي ربيباً ، وكان بي برّاً ، وكنت أعدّه ولداً ، فرحم الله محمداً ، فقد أجهد نفسه ، وقضى ما عليه» (2).

7 - وقال عليه السلام : «أمَا والله لقد كنت أردت تولية مصر المرقال هاشم ابن عتبة ، ولو ولّيته إيّاها لَما خلّى لهم العرصة ، ولا انهزهم الفرصة ، ولَما قتل إلاّ وسيفه بيده ، بلا ذمٍّ لمحمد بن أبي بكر» (3).

وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ابن أخي سعد بن أبي وقّاص ، كان نافذ البصيرة ، شديد الولاء لأمير المؤمنين ، وشديد البراءة من أعدائه ، وقد دعا له أمير المؤمنين عليه السلام فقال : «اللّهمّ ارزقه الشهادة في سبيلك ، والمرافقة لنبيك صلى الله عليه وآله وسلم».

8 - وقال عليه السلام لمّا مرّ - وهو عائد من صفّين - على عدّة قبور فيها قبر خبّاب بن الأرتّ : «رحم الله خبّاباً ، فلقد أسلم راغباً ، وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه آخراً ، وقنع بالكفاف ، ورضي عن 6.

ص: 97


1- الاحتجاجللطبرسي - 1 / 387.
2- نهج البلاغة : الخطبة 56.
3- نهج البلاغة : الخطبة 56.

الله تعالى ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً» (1).

9 - وقال بعد مرجعه من صفّين وقد توفّي سهل بن حنيف الأنصاري بالكوفة ، وكان من أحبّ الناس إليه : «لو أحبّني جبل لتهافت» (2).

وسهل بن حنيف صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كان بدرياً ، وشهد مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حروبه كلّها ، وكان من النقباء (3).

10 - وقال لمّا بلغه نعي مالك الأشتر : «لله درّ مالك ، وما مالك! والله لو كان جبلاً لكان فِنداً ، ولو كان حجراً لكان صلداً ، لا يرتقيه الحافر ، ولا يوفي عليه الطائر.

أمَا والله ليهدّنّ موتك عالماً وليفرحنّ عالماً ، فهل مرجوٌّ كمالك؟! وهل قامت النساء عن مثل مالك؟! فعلى مثله فلتبكِ البواكي.

إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين ، اللّهمّ إنّي أحتسبه عندك ، فإنّ موته من مصائب الدهر ، فرحم الله مالكاً ، فقد وفى بعهده ، وقضى نحبه ، ولقي ربّه ، مع إنّا قد وطنّا أنفسنا أن نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنّها أعظم المصيبات» (4).

وقال عنه أيضاً : «لا ينام أيّام الخوف ، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع ، حذّار الدوائر ، أشدّ على الفجّار من حريق النار ، وأبعد الناس من دنسٍ أو عار ، وهو مالك بن الحارث أخو مَذْحِج ... فإنّه سيف من سيوف الله ، لا كليل الظُبَة ، ولا نابي الضريبة» (5). 9.

ص: 98


1- نهج البلاغة : الكلام 131.
2- نهج البلاغة : الكلام 133.
3- وقعة صفّين : 112.
4- نهج البلاغة : الكلام 153.
5- نهج البلاغة : كتاب 69.

11 - وقال في كتاب له إلى عمر بن أبي سلمة المخزوميابن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة ، وهي التي أرسلته لنصرة الأمير في الجملواليه على البحرين : «ولعمري لقد أحسنت الولاية ، وأدّيت الأمانة ، فأقبِل غير ظنين ولا ملوم ، ولا متّهم ولا مأثوم ، فلقد أردتُ المسير إلى ظَلَمة أهل الشام وبقية الأحزاب ، وأحببت أن تشهد معي لقاءهم ، فإنّك ممّن أستظهر به على جهاد العدوّ ونصر الهدى وإقامة عمود الدين إن شاء الله» (1).

12 - ونظيره ما قاله عليه السلام لمخنف بن سليم الأزدي ، عامله على أصبهان (2)صث.

13 - وقال عليه السلام لزيد بن صوحان العبدي : «رحمك الله يا زيد ، قد كنت خفيف المؤونة ، عظيم المعونة» ، كما قد ورد حديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في بشارته بالشهادة على الحقّ (3).

14 - وقال عليه السلام في حُكيم بن جبلة العبدي : «فقتلوهويقصد أصحاب الجمل - في سبعين رجلاً من عبّاد أهل البصرة ومخبتيهم ، يسمّون المثفّنين ، كأنّ راح أكفّهم وجبهاتهم ثفِنات الإبل» (4).

15 - وقال عليه السلام في يزيد بن الحارث اليشكري : «وأبى أن يبايعهم وهو شيخ أهل البصرة يومئذ ، فقال - مخاطباً طلحة والزبير - : اتقيا الله ، إنّ أوّلكم قادنا إلى الجنّة ، فلا يقودنا آخركم إلى النار ، فلا تكلّفونا أنْ نصدّق المدّعي ونقضي على الغائب ، أمّا يميني فقد شغلها عليّ بن أبي طالب 5.

ص: 99


1- نهج البلاغة : كتاب 31.
2- نهج البلاغة : كتاب 32.
3- رجال الكشّي 1 / 284 ، الاختصاص : 29.
4- نهج البلاغة : الكتاب 75.

ببيعتي إيّاه ، وأمّا شمالي فهذه خذاها فارغة إن شئتما ؛ فخُنق حتّى مات رحمه الله» (1).

16 - وقال عليه السلام في عمران بن حصين الخزاعي : «فقام صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الذي جاءت فيه الأحاديث ، وقال : يا هذان! - مخاطباً طلحة والزبير - لا تُخرجانا ببيعتكما من طاعة عليٍّ ، ولا تحملانا على نقض بيعته ، فإنّها لله رضىً.

أمَا وسعتكما بيوتكما حتّى أتيتما بأُمّ المؤمنين؟! فالعجب لاختلافها إيّاكما ومسيرها معكما!!! فكُفّا عنّا أنفسكما وارجعا من حيث جئتما ، فلسنا عبيد من غلب ، ولا أوّل من سبق ؛ فهمّا به ثمّ كفّا عنه» (2).

17 - وقال عليه السلام : «ثمّ أخذوا عاملي عثمان بن حنيف أمير الأنصار غدراً ، فمثّلوا به كلّ المثلة ، ونتفوا كلّ شعرة في رأسه ووجهه» (3).

وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، شهد معه المشاهد ، أُحداً وما بعدها ..

وهو أحد الاثني عشر الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهم ستّة من المهاجرين ، وستّة من الأنصار ، فالمهاجرين هم : سلمان الفارسي ، وأبو ذرّ الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، إضافة إلى :

18 - خالد بن سعيد بن العاص - وكان من بني أُميّة -.

19 - المقداد بن الأسود. 5.

ص: 100


1- نهج البلاغة : الكتاب 75.
2- نهج البلاغة : الكتاب 75.
3- نهج البلاغة : الكتاب 75.

20 - وبريدة الأسلمي.

والأنصار هم - اضافة إلى عثمان بن حنيف - :

21 - ابو الهيثم بن التيّهان.

22 - سهل بن حنيف ، أخي عثمان.

23 - خزيمة بن ثابت ، ذو الشهادتين.

24 - ابيّ بن كعب.

25 - وأبو أيّوب الأنصاري ..

فقد قال لهم عليّ عليه السلام - عندما اتّفقوا على إنزال أبي بكر عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - : «وأيم الله لو فعلتم ذلك لَما كنتم لهم إلاّ حرباً ، ولكنكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين - الى أن قال لهم : - فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرّفوه ما سمعتم من قول نبيّكم ، ليكون ذلك أوكد للحجّة ، وأبلغ للعذر ، وأبعد لهم من رسول الله إذا وردوا عليه».

وقال لهم علي عليه السلام - بعد أن اعترض - وا على أبي بكر - : «اجلس يا خالد فقد عرف الله لك مقامك وشكر لك سعيك ...» ، ثمّ التفت إلى أصحابه فقال : «انصرفوا رحمكم الله» (1).

26 - وقال عليه السلام في العبد الصالح عمرو بن الحمق الخزاعي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بعد تشدّد في موالاته لأمير المؤمنين ، واستبسال في نصرته : «اللّهمّ نوّر قلبه بالتقى ، واهده إلى صراط مستقيم ، ليت أنّ في جندي [شيعتي] مائة مثلك!» (2). 4.

ص: 101


1- الخصال : 461 ح 4 ، الاحتجاج 1 / 186 ح 37 ، اليقين في إمرة أمير المؤمنين - لابن طاووس - : 108 ب 126.
2- وقعة صفّين : 103 ، الاختصاص : 14.

27 - وقال عليه السلام في عديّ بن حاتم بن عبدالله الطائي ، الصحابي المعروف ، مخاطباً بني حِزْمِر : «إنّي أراه رأسكم قبل اليوم ، ولا أرى قومه كلّهم إلاّ مسلمين له غيركم» (1) وكان شديد الذود عن أمير المؤمنين عليه السلام ، متفانياً في ولايته ، وشهد معه مشاهده.

28 - وقال عليه السلام في عبدالله بن كعب المرادي - عندما استشهد في صفّين - : «رحمه الله ، جاهَد معنا عدوّنا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة» وكان قد أبلغ الأسود بن قيس السلام لأمير المؤمنين عليه السلام في آخر رمق له وأوصاه بنصرته عليه السلام (2).

29 - وعامر بن واثلة بن عبدالله الكناني الليثي ، أبو الطفيل ، وهو آخر من مات من الصحابة ، توفّي سنة 100 ه- ، ولم يروِ عنه البخاري ؛ لأنّه كان من شيعة عليّ عليه السلام ، وقد شهد مع عليّ عليه السلام جميع حروبه ، ومادح عليّ عليه السلام بشعره ، ومن ثقاته (3).

30 - وقال عليه السلام في سعد بن مسعود الثقفي ، عمّ المختار بن أبي عبيد : «أمّا بعد ، فإنّك قد أدّيت خراجك ، وأطعت ربك ، وأرضيت إمامك ، فعل المبرّ التقي النجيب ، فغفر الله ذنبك ، وتقبّل سعيك ، وحسّن مآبك» (4). 1.

ص: 102


1- تاريخ الطبري 5 / 9 ، تاريخ ابن الأثير 2 / 369.
2- وقعة صفين : 457 ، تنقيح المقالط الحجرية - 2 / 169 ؛ وفي شرح نهج البلاغة 8 / 93 أنّ هذا القول كان في حقّ عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وكان قد أوصى الأسود بن طهمان الخزاعي بنصرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
3- رجال الشيخ الطوسي : 70 رقم 646 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 307 ، تاريخ دمشق 26 / 128 ، سير أعلام النبلاء 3 / 468 رقم 97.
4- تاريخ اليعقوبي 2 / 201.

31 - وقال عليه السلام في صعصعة بن صوحان بن حجر العبدي ، الذي كان لسانه السيف البتّار دفاعاً عن عليٍّ عليه السلام ، وشهد معه الجمل وبقيّة حروبه : «إنْ كنتَ لِما علمت خفيف المؤونة عظيم المعونة» (1) ، وهو نظير ما قاله عليه السلام لأخيه زيد ..

وقد قتل مع أخيه سيحان (32) يوم الجمل ودفنا في قبر واحد.

33 - امّا سليمان بن صرد بن الجون الخزاعي ، فهو من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن وجوه الشيعة في الكوفة ، شهد مع عليّ عليه السلام صفّين ، وقد أتاه بعد التحكيم في صفّين ووجهه مضروباً بالسيف ، فلمّا نظر إليه عليٌّ عليه السلام قال : «(فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً) (2) فأنت ممّن ينتظر وممّن لم يبدّل» (3).

وقد قاد ثورة التوّابين على ابن زياد في الكوفة بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام.

34 - وقال عليه السلام في حجر بن عديّ بن معاوية الكنديله صحبة - ، الذي كان من خواصّه ، وشهد معه حروبه ، بصيراً بمعرفة عليّ عليه السلام ومقامه في الدين : «لا حرمك الله الشهادة ، فإنّي أعلم أنّك من رجالها» (4).

وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حديثاً في استشهاده على الحقّ ، وأنّ أهل السماء يغضبون لقتله (5). 1.

ص: 103


1- رجال الكشّي 1 / 284 رقم 121 ، الغارات - للثقفي - 2 / 524 ، مقاتل الطالبيّين : 50.
2- سورة الأحزاب 33 : 23.
3- وقعة صفّين : 519.
4- تاريخ اليعقوبي 2 / 196.
5- تاريخ اليعقوبي 2 / 231.

35 - حبّة بن جوين البجلي العرني ، أبو قدامة ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام ، وشهد معه حروبه ، وروى حديث الغدير.

36 - وقال عليه السلام لجندب بن كعب بن عبدالله الأزدي الغامدي ، من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام : «يا جندب! ليس هذا زمان ذاك» (1) ، وذلك عندما أصرّ جندب عليه عليه السلام أن يدعو إليه عندما بويع عثمان لأنّه أحقّ بالخلافة ممّن تقدّم عليه ، وأنّه سيجد من يناصره.

37 - جعدة بن هبيرة بن أبي وهب القرشي المخزومي ، وأُمّه أُمّ هاني بنت أبي طالب ، وكان ممّن يحفيه عليه السلام ويوليه عناية خاصّة (2).

38 - وقال في جارية بن قدامة التميمي السعدي وكان من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام ، ثابتاً صلباً في ولائه له ، شديداً على أعدائه ، من جملة شرطة الخميس.

39 - جابر بن عبدالله الأنصاري ، الصحابي المعروف ، شهد مع الإمام عليه السلام صفّين ، وكان يدور في سكك الأنصار ومجالسهم ويقول : عليّ خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ، يا معشر الأنصار! أدّبوا أولادكم على حبّ عليّ ، فمن أبى فانظروا في شأن أُمه (3).

وعن الصادق عليه السلام أنّه آخر من بقي من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان رجلاً منقطعاً إلى أهل البيت (4). 8.

ص: 104


1- الإرشاد 1 / 241 ، أمالي الطوسي : 234 ح 415 ، شرح نهج البلاغة 9 / 57.
2- وقعة صفّين : 463.
3- علل الشرائع : 142 / 4 ، أمالي الصدوق : 135 ح 134 ، رجال الكشّي 1 / 236 رقم 93.
4- الكافي 1 / 419 ، رجال الكشّي 1 / 217 رقم 88.

40 - ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري ، من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، شهد أُحداً وما بعدها ، وكان له بلاء مع عليّ عليه السلام في حروبه ، واستعمله على المدائن ، وكان معاوية يهابه (1).

41 - ابو قتادة الحارث بن ربعي بن بلدمة الأنصاري الخزرجي ، من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، شهد أُحداً وما بعدها ، وشهد مع عليّ عليه السلام حروبه ، كان شديد الإيمان بعليّ عليه السلام ، وقد ولاّه مكّة.

42 - ابو رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، شهد معه صلى الله عليه وآله وسلم المشاهد ما عدا بدراً ، ولازم عليا عليه السلام ، وكان على بيت المال من قبله (2).

43 - ابو سعيد سعد بن مالك بن شيبان الأنصاري الخدري ، من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان معه في عدة من المشاهد ، ولازم عليا عليه السلام وكان معه في حرب النهروان (3).

44 - ابو الأسود الدؤلي ، ظالم بن عمرو ، وهو من الثابتين على محبّة عليّ عليه السلام ووُلده ، شهد معه حروبه.

وغيرهم ممّن مدحهم أمير المؤمنين عليه السلام.

للبحث صلة ... 8.

ص: 105


1- تاريخ بغداد 1 / 175 - 176 ، الإصابة 1 / 510 رقم 904.
2- رجال النجاشي : 4 رقم 1 ، رجال ابن داود : 31 رقم 12 ، الخلاصة - للشيخ الطوسي - : 47 رقم 2.
3- تاريخ بغداد 1 / 180 ، رجال الكشّي 1 / 183 رقم 78.

الحاوي في رجال الإمامية - لابن أبي طيّ الحلبي (1)

الشيخ رسول جعفريان

مقدّمة في

أحوال ومؤلّفات ابن أبي طي

وتشيّع مدينة حلب

يحيى بن حميد بن ظافر الطائي الحلبي (575 - 630 ه -) (1) :

أحد كبار المؤرّخين الشيعة البارزين من أهل مدينة حلب ، كتب وصنّفاضافة إلى التاريخ - في مجالات العلم والمعرفة الأُخرى.

لكن آثار هذه الشخصية الشيعية الكبيرة قد اندثرت ؛ بسبب سيطرة الحكّام النوريّين والأيوبيّين والمماليك على بلاد الشام ، وحصارهم للشيعة والتشيّع.

والقائمة الطويلة لمصنّفاته تشير إلى اشتمال كلّ واحد منها على عدّة مجلّدات ، كما نقل عنه من أتى بعده من المؤرّخين الشاميين في كتبهم ؛ وهذا دليل على مرتبته العلمية الرفيعة.

ص: 106


1- ذكر الدكتور مصطفى جواد بأنّ وفاته سنة 627 ه، راجع : أعيان الشيعة 10 / 286.

والواقع إنّ هذا العالِم كان استمراراً لحركة القافلة الكبيرة لعلماء الشيعة الّذين تعهّدوا قيادة الطائفةالتي كانت تشكّل غالبية سكّان مدينة حلب - منذ أواخر القرن الثالث وحتّى القرنين السادس والسابع الهجري في هذه المدينة الكبيرة.

ولعلّ النقطة البديعة التي يمكن أن تبين مكانته كعالم شيعي كبير وشعبي في هذه المدينة ، هي ما ذكره ابن شدادالمتوفّى سنة 684 ه- : من بين مساجد حلب ، يوجد مسجد باسم مسجد منتجب الدين يحيى بن أبي طيّ ، الشهير بابن النجار (1).

إنّ انتماء هذا العالِم إلى التشيع والإمامية ظاهر للعيان بكلّ وضوح ؛ فقد نشأ وتربّى على يد عالم شيعي بارز ، هو ابن شهرآشوب المازندراني ، الذي كان زوجاً لابنة عمته ، كما أنّ بعض مصنّفاته ترتبط - بشكل ما - بالثقافة الشيعيّة ، مثل :

المجالس الأربعين في مناقب الأئمة الطاهرين عليهم السلام.

شرح نهج البلاغة «في ستّة مجلّدات».

أخبار شعراء الشيعة.

تضوّع اللطائم في شرح خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام.

ذخر البشر في معرفة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام.

ولعلّ أبرز من كتب عن أحوال ابن أبي طيّ في المصادر الحديثة هو كلود كاهن ؛ إذ كتب المدخل إلى حياة ابن أبي طيّ في دائرة المعارف الإسلامية «النسخة المصحّحة الثانية» التي هي مختصرة جدّاً (2) .. 3.

ص: 107


1- الأعلاق الخطيرة في ذكر أُمراء الشام والجزيرة 1 - ق 1 - / 64.
2- Encyclopaedia of Islam, Vol. 3. P 693.

وكتب السيد فكرت - بالفارسية - تاريخ حياته المفصّلة في دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى (2 / 7 - 676).

ولعل أنسب وأشمل تعريف بحياة وشخصيّة ابن أبي طيّ ، هو عرض ما ورد عنه في النصوص القديمة ..

كتابات القدماء عن ابن أبي طيّ وكتبه.

أقدم من كتب عن حياة ابن أبي طيّ ، ياقوت الحموي ، المتوفّى سنة 626 ه - في حلب ، وأوردها عنه في معجم الأُدباء ، إلاّ أنّها ساقطة من طبعات الكتاب الموجودة ؛ إذ كان قد التقاه في حلب سنة 619 ه- ، وأخذ تاريخ حياته منه مباشرة ، وقد حكم الحمويالمتّهم بأنّه ناصبي (1) - بقسوة على ابن أبي طيّ.

هذا ، وقد نقل ابن حجر في لسان الميزان (2) ترجمة ابن أبي طيّ عن ياقوت الحموي ، والكتبي نقلبدقّة عن ياقوت أيضاً - في فوات الوفيات (3) القسم الثاني من ترجمة ابن أبي طيّ ، الخاصّ بمصنّفاته ، أمّا القسم الأوّل الذي يشمل شؤون حياته الشخصية فقد فات الكتبي أن ينقله ، ورغم ذلك - لحسن الحظ - حُفظ هذا القسم في مكان آخر ..

وهو ما نقله الشهيد الأوّل في بعض فوائده ؛ إذ نقل عين ما أورده الحموي ، عن ابن أبي طيّ ، ما أخبره به عن طفولته وشؤونه الشخصية (4).6.

ص: 108


1- وفيات الأعيان 6 / 126 ، لسان الميزان 7 / 362.
2- لسان الميزان 7 / 409.
3- فوات الوفيات 1 فوات الوفيات ، 3 4 / 072 - 172.
4- وذلك في المجموعة المعروفة باسم «مجموعة الجباعي» ؛ وقد نقل العلاّمة السيّد محسن الأمين نصّ هذه الترجمة عن تلك المجموعة في أعيان الشيعة 10 / 286.

ووقع هذا النصّ بيد عبدالله أفندي ، فنقله في رياض العلماء ، مشتبهاً بأنّ الشهيد الأوّل قد نقله عن معجم البلدان ، بينما هو منقولاً عن معجم الأُدباء ..

فما ذكره الحموي - بموجب نقل الشهيد الأوّل - هو التالي :

يحيى بن أبي طيّ أحمد ابن طائي الحلبي : أحد من يتأدّب ويتفقّه (1) على مذهب الإماميّة وأُصولهم ، وله تصانيف في أنواع العلوم ..

قال : حدّثني والدي رحمه الله : كان لا يعيش لي ولد ، وكنت أُربّيهم إلى سبع أو خمس ثمّ يموتون ، ولقد بُشّرت بخمسة وعشرين ولداً فخفت (2)بهم ، وكنت أُكثر الابتهال إلى الله تعالى في أن يرزقني ولداً ويمنّ علَيّ بحياته.

ثمّ ماتت الزوجة فرأيت في النوم كأنّني قد دخلت إلى مسجد عظيم ، فيه جماعة أعرفهم من الحلبيين ، فسلّمت عليهم ، فقام إليّ رجل منهم ، فأخذ بيدي ، ثمّ أجلسني في زاوية من زوايا المسجد وناولني ريحانة لم أرَ أذكى ريحاً منها ، فلمّا حصلت الريحانة في يدي إذا هي قد أظهرت ورداً ، فجعلت أتعجّب من حسنه وذكاء رائحته ، فذبلت منه وردة وسقطت فحزنت لها ، فقال لي الرجل : ليهنئك أن لن تفقد غيرها.

فقلت للرجل : من أنت أسعدك الله؟!

فقال : سالم.

فاستيقظت وأنا فرح ، فعبّرت المنام ، فقلت : الريحانة : زوجة صالحة ، والورد الذي لها : أولاد ، والوردة التي ذهبت : ابني وأفقد أحدهم ، ّ.

ص: 109


1- في الأعيان : تأدّب وتفقّه.
2- في الأعيان : فجعت. والظاهر أنّها أصحّ.

واسم الرجل سالم : بشارة بسلامة الأولاد الذي يأتوني في ما بعد.

وفي تلك الأيّام تزوّجت ابنة الفقيد المغربي أبي منصور محمد بن أبي عبدالله البختري الطائي ، ورُزِقْتُ منها ولداً سمّيته عليّاً ، فعمّر سنة وأيّاماً ثمّ مات ، فعظم به مصابي ويئست من الولد ، ثمّ لم يبعد الزمان حتّى تبيّن لي حمل الزوجة ، فأشفقت من ذلك واهتممت (1) ، ولازمت الدعاء في كلّ صلاة ، وكان قد بلغني أنّه إذا أراد الإنسان طلب الولد ، قال في جوف الليل في دعاء الوتر قبل الركوع :

«ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، ربّ هب لي من لدنك ذرّيّةً طيبة ، إنّك سميع الدعاء ..

اللّهمّ لا تذرني فرداً وحيداً مستوحشاً فيقصر شكري عند تفكّري ، بل هب لي من لدنك ديناً (2) ، وعقباً ذكوراً وإناثاً ، أسكن إليهم في الوحشة ، وآنس بهم في الوحدة ، وأشكرك عند تمام النعمة ..

يا وهاب! يا عزيز! يا عظيم! اعطني في كلّ عافية منّاً منك ، وارزقني خيراً حتّى أنال منهم (3) رضاك عنّي في صدق الحديث ، وشكر النعمة ، والوفاء بالعهد ، إنّك على كلّ شيء قدير».

وكنت أُلازم ذلك ، فلمّا كان أوائل شوّال ، رأيت بعد أن صلّيت وِرْديوكنت يومئذٍ أنام تحت السماء من القيظ (4) - كأنّ إنساناً خرج من الحائط ، حتى وقف من خلفي من جهة الشمال ، ثمّ استفتح فقرأ : ظ.

ص: 110


1- في الأعيان : فاغتممت.
2- في الأعيان : أنيساً. والظاهر أنّها أصحّ.
3- في الأعيان : منتهى. والظاهر أنّها أصحّ.
4- في الأعيان : السماء لزمن القيظ.

(بسم الله الرحمن الرحيم كَهَيَعَص) (1) إلى قوله : (اسمه يحيى) (2) ثمّ أمسك ، فاستيقظت وقلت : هذه بشارة بولد يكون اسمه يحيى ، قد سمّاه الله بذلك بشارة بحياته ، فشكرت الله ، ثمّ عُدتُ فغلبني النوم ، فرأيته قد جاء حتّى وقف أمامي ، ثمّ استفتح وقرأ : (يا مريم) إلى قوله : (ويرث من آل يعقوب) (3) ثمّ أمسك ، فاستيقظت وقلت : الحمد لله هذه بشارة لي بحياته وإنّه يرثني ، فشكرت الله سبحانه ، وأضاء الصبح ، فقضيت صلاتي.

قال : فلمّا كان الليلة التي ولدتَ يا ولدي فيها ، أخذ عيني النوم فسمعت قارئاً يقرأ السورة بعينها حتّى بلغ إلى قوله تعالى : (وآتيناه الحكم صبياً) (4) ، فاستيقظت والنساء يضحكن : لك البشرى! هذا ولد ذكر ، فشكرت الله تعالى.

قال أبي : واستدعيتك إليّ وأذّنت في أُذنك اليمنى وأقمت في اليسرى ، وحنّكتك بشيء من تربة الحسين عليه السلام في ماءٍ عذب ، وسمّيتك يحيى وكنّيتك أبا الفضل ، وكان مولدك في أوائل شوّال سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، في السنة التي ولي فيها الإمام الناصر رضي الله عنه. انتهى (5) ..

أمّا القسم الآخر الذي كتبه الحموي عن أحوال ابن أبي طيّ وذكر فيه مصنّفاته ، وأورده ابن شاكر الكتبي (ت 764 ه) في فوات الوفيات - كما مرّ ذكره - ، فهو : 0.

ص: 111


1- أوّل سورة مريم.
2- سورة مريم 19 : 7.
3- سورة مريم 19 : 6.
4- سورة مريم 19 : 12.
5- رياض العلماء 5 / 28 رقم 3330.

يحيى بن حميد بن ظافر بن النجّار بن علي بن عبدالله الحلبي ، المعروف بابن أبي طيّ : أحد من تعاطى الأدب والفقه على مذهب الإماميّة وأُصولهم ، وصنّف في أنواع من العلوم ..

قال ياقوت : وقد جعل التصنيف حانوته ، ومنه مكسبه وقوته ، وأكثر تصانيفه قطع فيها الطريق ، وأخاف السبيل ، يأخذ كتاباً قد أتعب العلماء فيه خواطرهم فيقدّم فيه ، أو يؤخّر ، أو يزيد ، أو ينقص قليلاً ، أو يختصر ، ويخلق له اسماً غريباً وينتحله انتحالاً.

وقد طوّل ياقوت ترجمته في معجم الأُدباء.

ومولده بحلب سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، وتوفيّ حدود الثلاثين والستّمائة ، وذكر عنه ياقوت أنّ والده كان لا يعيش له ولد وأنّه لمّا رزقه حملته جارية وصعدت به السطح ليلة الميلاد وكانت شديدة البرد ، فأخذه اضطرام وافحام ، وابيضّت عيناه جميعاً ، ولازمه الرمد إلى أن احتلم ، فتجلّت ممّا كان فيها من البياض ، وكان والده نجّاراً مقدّماً على كلّ نجّار بحلب.

وقرأ يحيى القرآن على والده ، واشتغل بفقه الإماميّة على رشيد الدين المازندراني ، ومن تصانيفه :

1 - كتاب البستان في مجلس الغلمان.

2 - كتاب معادن الذهب في تاريخ حلب.

3 - كتاب ملح البرهان في تفسير القرآن.

4 - كتاب قبسة العجلان في تفسير القرآن.

5 - كتاب البيان في أسباب نزول القرآن.

6 - كتاب غريب القرآن.

ص: 112

7 - تفسير الفاتحة.

8 - المجالس الأربعين في مناقب الأئمّة الطاهرين.

9 - كتاب خلاصة الخلاص في آداب الخواص - عشر مجلّدات -.

10 - كتاب حوادث الزمان على حروف المعجم - خمس مجلّدات -.

11 - كتاب تاريخ العلماء - مجلّد -.

12 - شفاء الغليل في ذمّ الصاحب والخليل - مجلد -.

13 - شرح نهج البلاغة - ست مجلّدات -.

14 - تحفة الطائفة الفقهائية في شرح كلماتهم اللغوية.

15 - التنبيهات في تعبير المنامات.

16 - التنبيهات على صنع النبات.

17 - الكشف والتبيين في محاسن التضمين.

18 - العروس في ادب السائس والمسوس.

19 - مودعة السفيه وموزعة النبيه ، في المأخذ على راجح الحلّي وسرقاته.

20 - التحقيق في أوصاف الرقيق.

21 - الروضات البهيات في محاسن القينات.

22 - اللباب في أسماء الأحباب.

23 - نسيم الأرواح في ما جاء في التفّاح.

24 - الإيجاز في الألغاز.

25 - اخبار شعراء الشيعة (1). 4.

ص: 113


1- ذكر الصفدي هذا العنوان في مقدّمة كتاب الوافي 1 / 54.

26 - الاقتصاد في الفرق بين الظاء والضاد.

27 - كتاب الأضداد.

28 - النكت الشاردة والنادرة والفائدة.

29 - المنتخب في شرح لاميّة العرب.

30 - تضوّع اللطائم ، في شرح خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام.

31 - شرح كلام أُمّ سلمة لعائشة رضي الله عنهما.

32 - نهج البيان في عمل شهر رمضان.

33 - المشكاة في عويص مسائل النحاة.

34 - افراد قراءة أبي عمرو ابن العلاء.

35 - مختصر في اللغة.

36 - افراد مسائل.

37 - الجمع بين زوائد الصحاح وزوائد المجمل.

38 - ذخر البشر في معرفة القضاء والقدر.

39 - كتاب في حكمي كلام الأئمّة الاثني عشر.

40 - الحاوي في المعمول عليه من الفتاوي.

41 - سر السرائر.

42 - فقه أحكام النساء ، في الفقه.

43 - ذخر البشر في معرفة الأئمّة الاثني عشر.

44 - مجموع مسائل فقه وأُصول.

45 - شرح غريب ألفاظ المقامات.

46 - شرح الحماسة.

47 - اخلاق الصوفية.

ص: 114

48 - عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر (1).

49 - كنز الموحّدين في سيرة صلاح الدين.

50 - ذيل التاريخ الكبير الذي سمّاه معادن الذهب.

51 - سلك النظام في تاريخ الشام - اربع مجلّدات -.

52 - مختار تاريخ المغرب.

53 - كتاب تاريخ مصر.

54 - تهذيب الاستيعاب لابن عبد البرّ.

55 - سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه - ثلاث مجلّدات -.

56 - اشتقاق أسماء البلدان.

57 - نكت دُرّة الخواص.

58 - اسماء رواة الشيعة ومصنّفيها.

59 - سيرة ملوك حلب.

60 - كتاب التصحيف والأحاجي.

ومن شعره رحمه الله :

يا أبا جعفر تجاف قليلا

كم تسامى بمفخرٍ منحوس

أنت من معشر كرام ولكن

أنت فيهم قوائم الطاووس

وقال في مديح آل البيت رضي الله عنهم :

أنا في إسار غدائر ونواظر

من كلّ أبيضَ ذي قوامٍ ناضر

ريّان من مَرَح الصِبا فكأنّما

رويتْ معاطفه بغيثٍ باكر

خمريُّ ريقٍ لؤلؤيُّ لواحظ

مسكيُّ صدغٍ صارميُّ محاجر2.

ص: 115


1- الملك الظاهر هذا - والي حلب من سنة 582 إلى سنة 613 - وصفته بعض المصادر بالتشيع. انظر : نسب خلفاء وشهرياران : 152.

لله ليلتنا بكاظمة وقد

سمحتْ به الأيّام بعد تهاجر

للوقد اضطجعنا والنجوم كأنه

من وجهه بادٍ بنورٍ باهر

والشعريان كأنّما أحداقها

أحداق عاذل حبّه المتكاسر

وسهيلٌ الوقّاد يخفق دائبا

خفقان أحشائي عليه وخاطري

والليل يرفل في فضول غلائلٍ

رقّت كشَوْقي أو كدمعي القاطر

والريح ينشر عَرفها بنسيمها

نشرى مديحَ أخي النبيّ الطاهر

خير الأنام ومن يذلّ مهابة

من بأسه قلب الهزبر الخادر

صنو النبيّ وصهره ووزيره

وظهيره في كلّ يوم تشاجرِ (1)

ويمكن القول أنّ كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد ، المعروف بابن الفوطي ، المتوفّى سنة 732 ه- ، هو من نقل بعد ياقوت الحموي - تاريخياً - نصّاً أدبياً قصيراً ويتيماً عن ابن أبي طيّ نفسه ، وهو :

المنتجب نجيب الدين أبو زكريا يحيى بن أبي طيّ حميد بن ظافر الحلبي المؤرّخ ..

قال : كان الاسكندر أحنف ، وأنوشروان أعور ، ويزدجرد أعرج ، وجذيمة الوضّاح أبرص ، وعبد الملك بن مروان أبخر ، ويزيد بن عبدالملك أفقم ، وهشام أحول ، ومروان الحمار أشقر ، وأبو طالب أعرج ، وأبو جهل أحول ، وكذلك أبو لهب وزياد (2).

كتب ابن الفوطي أيضاً في ترجمة موفّق الدين أبو العباس أحمد بن محمّد البغدادي : 7.

ص: 116


1- فوات الوفيات والذيل عليها 4 / 269 - 271.
2- مجمع الآداب في معجم الألقاب 5 / 525 - 527.

ذكره نجيب الدين يحيى بن أبي طيّ حميد بن ظاهر الحلبي النجّار في مشيخته ، وقال : ورد علينا حلب ، وكان حافظاً عالماً بالحديث ، وله تصانيف منها كتاب سمّاه النبذة في مناقب أهل البيت عليهم السلام ..

قال : وسمعنا عليه أجزاء من كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني (1) ..

وكتب أيضاً في ترجمة عفيف الدين أبو جعفر منصور بن أحمد الحُمصّي الأديب :

قرأت في البستان في محاسن الغلمان للشيخ منتجب الدين يحيى بن طيّ الحلبي ؛ قال : أنشدنا العفيف منصور بن الطبيب الحمصّي لنفسه :

غرست قضيباً في كثيبٍ من الرمل

فأثمر بدراً في دجى الشَعر الجثل

وجرّدت نصلاً جفنه جفن مقلة

مواقعها في مهجتي موقع النصل (2)

كما نقل ابن الفوطي أيضاً عدّة أسطر من كتاب ابن أبي طيّ معادن الذهب في تاريخ حلب ، ستذكر لاحقاً.

شمس الدين الذهبي ، المتوفّى سنة 748 ه- ، الذي نقل كثيراً من تاريخ الشيعة لابن أبي طيّ ، قال في كتابه تاريخ الإسلام - عند ذكر المتوفّين بعد سنة 620 ه- - :

يحيى بن أبي طيّ النجّار بن ظافر بن علي بن عبدالله بن أبي الحسن ابن الأمير محمد بن الحسن الغسّاني ، الحلبي ، الشيعي ، الرافضي : مصنّف تاريخ الشيعة ، وهو مسودّة في عدّة مجلّدات ، نقلت منه كثيراً ، مات في 0.

ص: 117


1- مجمع الآداب 5 / 591.
2- مجمع الآداب 1 / 490.

آخر الكهولة ، فينظر في التاريخ العديمي (1) ، إن كان له ذكر (2).

ابن حجر العسقلاني (773 - 852 ه) الذي استفاد كثيراً من كتاب تاريخ الشيعة أو طبقات الإماميّة ، كتب أيضاً في ترجمة ابن أبي طيّ عدّة أُمور ، نقل بعضها عن كتاب ياقوت ، قال :

يحيى بن أبي طيّ بن ظافر بن علي بن الحسين بن علي بن محمد ابن الحسن بن صالح بن علي بن سعيد بن أبي الخير الطائي ، أبو الفضل البخاري الحلبي : ولد بها سنة خمس وسبعين ، وقرأ القرآن ، ثمّ جرّد رواية أبي عمرو وأكثر رواية نافع ، وتعاطى صنعة النجارة مع والده وكان مقدّماً فيها ..

ثمّ نظم الشعر ، ومدح الظاهر بن السلطان صلاح الدين واستقرّ في شعرائه ، وأخذ في غضون ذلك الفقه عن أبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (3) ، وكان بارعاً في الفقه على مذهب الإماميّة ، وله مشاركة في الأُصول والقراءات ، وله تصانيف - تقدّم ذلك في ترجمته- ؛ وأخذ عن غيره ، ثمّ ترك صناعته ولزم تعليم الأطفال في سنة سبع وتسعين إلى ما بعد الستّمائة ، وتشاغل بالتصنيف فاتّخذ رزقه منه.

قال ياقوت : كان يدّعي العلم بالأدب والفقه والأُصول على مذهب الإماميّة ، وجعل التأليف حانوته ، ومنه قوته ومكسبه ، ولكنّه كان يقطع الطريق على تصانيف الناس ، فيأخذ الكتاب الذي أتعب جامِعُه خاطرَه فيه ي.

ص: 118


1- قال محقّق تاريخ الإسلام هنا : لم يصلنا الجزء المتضمّن تراجم حرف الياء من كتاب ابن العديم الحلبي بغية الطلب في تاريخ حلب.
2- تاريخ الإسلام السنوات 621 - 630 / 421.
3- في الأصل المطبوع : المازراني.

فينسخه كما هو ، إلاّ أنّه يقدّم فيه ويؤخّر ، ويزيد وينقص ، ويخترع له اسماً غريباً ، ويكتبه كتابةً فائقةً لمن يشبه عليه ، ورزق من ذلك حظّاً.

وذكراي ياقوت - من تصانيفه : معادن الذهب في تاريخ حلب كبير ، وشرح نهج (1) البلاغة في ستّ مجلّدات ، وفضائل الأئمّة في أربع مجلّدات ، وخلاصة الخواص في آداب الخواص في عشر مجلّدات ، والحاوي في رجال الإماميّة ، وسلك النظام في أخبار الشام ، إلى غير ذلك.

قلت : ووقفت على تصانيفه ، وهو كثير الأوهام والسقط والتصحيف ، وكان سبب ذلك ما ذكره ياقوت من أخذه من الصحف.

قال ياقوت : لقيته سنة تسع عشرة بحلب.

قلت : وتأخّرت وفاته بعد ذلك (2).

جدير بالذكر أنّ ما كتبه ياقوت بحقّ ابن أبي طيّ ، عندما ذكر أنّه جعل التأليف حانوته ، ومنه قوته ومكسبه ، أو أنّ تصانيفه مأخوذة من غيره ، لا يجب أخذه بنظر الاعتبار ؛ لأنّ ما وصلنا ممّا كتبه وصنّفه خير دليل على نقض هذا الكلام ، مع أنّ التسليم - فرضاً - بصحّة كلام ياقوت إلى حد ما ، لا ينقص من قيمة أعمال ابن أبي طيّ ..

إضافة إلى ذلك ، فإنّ ياقوت ، المعروف بأنّه ناصبي ، وهو ما كان السبب في تشرّده في الأقطار - كما ذكر العلاّمة آقا بزرك الطهراني (3) - لا يتوقّع منه أن يكون حكمه بشأن عالم شيعي بارزٍ كبير أفضل من هذا. 5.

ص: 119


1- في الأصل المطبوع : بهجة.
2- لسان الميزان 7 / 409 - 410 رقم 9241.
3- الأنوار الساطعة في المائة السابعة : 205.

وكتب محمد راغب الطبّاخ الحلبي في ترجمة ابن أبي طيّ :

يحيى بن حميدة الشهير بابن أبي طيّ : آية الله الكبرى في العلوم والفنون ، والشعر والتاريخ ، ومعرفة أخبار الصحابة والعرب ، وغير ذلك ..

ومن آثاره البديعة : أخبار شعراء الشيعة ، مرتّب على الحروف الهجائية (1) ، وكتاب تهذيب الاستيعاب في معرفة الأصحاب للقرطبي ، وتاريخ مصر ومختار تاريخ المغرب ، وكتاب حوادث الزمان في خمس مجلّدات ورتّبه على الحروف الهجائية ، وكتاب سلك النظام في تاريخ الشام في أربع مجلّدات ، وكتاب طبقات العلماء وعقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر بيبرس التركي ، وكتاب معادن الذهب في تاريخ حلب وهو كتاب كبير وقد ذيّله ، وكتاب كنز الموحّدين في سيرة صلاح الدين ، وكتاب ذخر البشر في مناقب الأئمّة الاثني عشر (2) ، وكتاب الآل والعذب الزلال ، وبيان المعالم ، وغير ذلك ممّا يطول شرحه. وكانت وفاته سنة ستّمائة وثلاثين. انتهى. (نهر الذهب).

وذكر له في الكشف من المؤلّفات عند ذكره مناقب الأئمّة الاثني عشر : «الذخائر العقبى» ، وذكر أيضاً له كتاباً في السير في ثلاث مجلّدات.

وفي تذكرة العلاّمة الشنقيطي اللغويالتي ذكر فيها المختار من نفائس المخطوطات الباقية في الأندلس «الإسكوريال» - : الكتاب السادس والخمسون المنتخب في شرح لاميّة العرب : صنّفه يحيى بن أبي طيّ بن حميدة بن ظافر بن علي الحلبي الغسّاني ، وهو شرحٌ لا نظير له حقيقة ، !!

ص: 120


1- قال الدجيليفي أعلام العرب في العلوم والفنون 2 / 57 - : منه نسخة ببعض مكتبات لندن.
2- في المصدر : مناقب الأئمّة الاثني عشر وفيها زجر البشر!!

يشفي العليل ويروي الغليل ، يحتاج إلى نسخه وطبعه ؛ لأنّه جمع من الفوائد ما لا يكاد يوجد في غيره. انتهى (1).

وكتب الأُستاذ الدكتور مصطفى جواد أيضاً في ترجمة ابن أبي طيّ عدّة مواضيع ، كان بعضها جديداً ، ولم يتّضح المصدر الذي نقل عنه :

كان أبوه نجّاراً شيعيّاً ، وكذلك كان جدّه ، واشتغل هو بصنعة النجارة مع أبيه برهة من الزمان ، ثمّ تركها وحفظ القرآن الكريم وتعلّم الكتابة.

ومال إلى طلب العلم والأدب ، ولقى العلماء وجالس الفضلاء ، فقرأ فقه الإماميّة على أبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب ، وقرأ علم الخلاف على أبي الثناء محمود بن طارق الحلبي الفقيه الحنفي.

ثمّ انتقل إلى تعليم الصبيان وإقراء القرآن إلى سنة 597 ، ثمّ اختصّ بتعليم ابن لأحد من الوزراء إلى سنة 600 ه- ، ثمّ ترفّع عن التعليم وأنف منه ولزم داره ، وطلب مشايخ الأدب فقرأ عليهم ودرس.

ثمّ أقبل على نظم الشعر ومدح الملك الظاهر الغازي بن صلاح الدين الأيّوبي ، وارتفعت منزلته عنده وولاّه نقابة الفتيان في سنة 609 ه- ، فكان نقيب حضرته في الفتوة.

ثمّ أحبّ التصنيف ، فصنّف كتباً في التاريخ وتفسير القرآن الكريم والآداب والفقه والأُصول كثيرة ، منها «التاريخ الكبير» المسمّى معادن الذهب في تاريخ حلب ، جمع فيه أخبار الملوك والعلماء ، وأخبار الشام التي لا توجد مجموعة في كتاب قديم ، والحديث في عصره ؛ وابتدأ به من أوّل الفتوح إلى سنة 589 ، وواصل فيه الدول وأخبارها القديمة في الإسلام 4.

ص: 121


1- أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4 / 354.

والحديثة ، وهو كتاب نافع مفيد - كما ذكر بعض المؤرّخين -.

وألّف كتاب ... وكتاب الحاوي في رجال الشيعة وعلمائهم وفقهائهم وشعرائهم وأئمتّهم المصنّفين في مذاهبهم ، وهو مرتّب على حروف الهجاء.

وعابه بعض معاصريه (1) ، والفاضل لا يسلم من ألسِنة معاصريه ، وتوفّي بحلب سنة 627 ه- (2).

«شرح لاميّة العرب» وبعض شيوخ ابن أبي طيّ :

وقد تمّ الحصول على معلومات جديدة عن حياة ابن أبي طيّ ؛ اعتماداً على نسخة مصوّرة من كتابه المنتخب - المنتجب - في شرح لاميّة العرب (3) - ، الذي طبع مؤخّراً بالتصوير على نسخة مخطوطة بخطّه ، ومكتوبة سنة 618 ه- ..

أوّلاً : إنّه يبيّن بوضوح القوّة والقدرة العلمية لابن أبي طيّ ، خصوصاً في مجال الأدب العربي ؛ وهو ما يعدّ - نوعاً ما - تكذيباً لأقوال ياقوت الحموي ، الذي حكم بشكل متعصّب في ما يتعلّق بآثار ابن أبي طيّ.

ثانياً : إنّ المؤلّف في مقدّمة هذا الشرح يعرّف بعض شيوخه ، ة.

ص: 122


1- إشارة إلى ياقوت الحموي.
2- أعيان الشيعة 10 / 286 - 287 ، ومجمع الآداب في معجم الألقاب 1 / 490 في الهامش.
3- «لاميّة العرب» : قصيدة فصيحة جدّاً لعمرو بن مالك الشنفري ، المتوفّى سنة 70 قبل الهجرة ، يقول عنها عبد الملك الأصمعي ، المتوفّى سنة 216 ه: علّموا أولادكم لاميّة العرب ؛ فإنّها تطلق الألسن بالفصاحة.

خصوصاً علاقته بابن شهرآشوب المازندراني ، وبيانه لمعلومة جديدة عنه لم تكن معروفة سابقاً.

كذلك ذكر ابن أبي طيّ كتاباً لأبيه بعنوان : مختار فضائل أهل البيت عليهم السلام.

ونحن ننقل نصوصاً ممّا ورد في مقدّمة هذا الشرح :

«حدّثني بالقصيدة الشيخ الأجلّ الأوحد موفّق الدين يعيش بن علي الخطيب الحلبي ، قِراءةً عليه بداره بحلب بباب الجامع الشمالي بدرب الخواتيمي ، في سنة إحدى وستّمائة ...

ورواها لي بهذا الإسناد أيضاً الشيخ الأجلّ الأوحد أحمد بن علي بن الحسن بن زنبور الحلّي إجازةً - وكتب لي بالرواية من الموصل في سنة إحدى وستمائة - عنه ، عن الخطيب الطوسي ، عن الخطيب التبريزي ، عن أبي العلاء أحمد بن سليمان المقرىَ ..

وقرأتها على الشيخ الأجلّ الأوحد رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني تلقيفاً ، في سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وحدّثني بها ..

وبهذا الحديث قال : قدمْتُ في سنة سبع وأربعين وخمسمائة من مازندران طالباً للحجّ بغدادَ ، وكانت إذ ذاك آهلة بالعلماء ، فحضرت مجلس الوزير عون الدين أبي منصور بن هبيرة في يوم الاثنين ، وكان يجلس لسماع الحديث ، فعرض ذكر قصيدة الشنفري ، فقال ناس : إنّها ليست شعر الشنفري الأزدي ، وإنّما شعر خلف الأحمر أُستاذ الأصعمي ، وكذلك أبيات ابن أُخت تأبّط شرّاً التي أوّلها :

ص: 123

إنّ بالشعب الذي دون سلع

..........................

قالوا : وكان خلف شاعراً مجيداً يعمل الشعر الجيّد ، فإذا أنشده اتّهم فيه ، فكان ينظم أبياتاً ويعزوها إلى القدماء.

قال : فقال ابن هبيرة : هذا كِذْب ومحال ...

ثمّ قال : إنّها عندي في أوّل ديوانه ، ثمّ أمر بإحضار ديوان الشنفري فأُحْضر ، فإذا هو بخطّ عبد السلام البصري ، وهو يقول في أوّل الديوان : قرأتُ شعر الشنفري على الشيخ الأجلّ أبي الحسن علي بن عيسى بن علي الرمّاني بمنزله بالجانب الشرقي بباب الميدان في درب أبي المحجن يوم الأربعاء خامس محرّم سنة خمس وستين وثلاثمائة ...

قال المؤلّف [ابن أبي طيّ] : وأخبرني بها الرشيد [يعني ابن شهرآشوب] أيضاً ، وحفظتها من لفظه في سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وكان بصيراً بها جدّاً وبغيرها من أشعار العرب ، وقد ذكرت جميع طرقه الأدبيّة والفقهيّة والأحاديثيّة في كتاب من لقيته من الرجال العلماء عن أبيه ، عن جدّه شهرآشوب ، عن نبهان ، عن جدّه أبي الحسن هلال بن المحسّن ، عن أبي الحسن علي بن عيسى الرمّاني ...

وأخبرني بها هو أيضاً - اعني محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني الملقّب بالرشيد - وذكر لي أنّه سمعها على السيد المنتهى بن كيايلي ، عن أبي الحسن علي بن محمد الكاتب ، عن ابن دريد ، عن أبي حاتم ، عن الأصمعي ؛ وقال الرشيد : بهذا الإسناد أروي جميع كتب ابن دريد إجازةً.

وحدّثني بالقصيدة وخبر مولد الشنفري وخبر مقتله يونس بن سعيد ابن حسن الموصلي الشاعر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ، قال : حدّثني

ص: 124

محمد بن مكرم بن سعيد المصري ، عن هبة الله بن رجاء ، عن الحارث بن إسحاق ، عن عمارة صاحب كتاب اللصوص ...

قال المؤلّف [ابن أبي طيّ] : وحدّثني الرشيد بشعر الشنفري من طريق المفضّل الضبّي : عن الشريف أبي جعفر محمد بن إسحاق الأصفهاني ، عن إسماعيل بن هبة الله ، عن سعيد بن نصر الأصبهاني - شيخ دار الحديث بأصبهان - ، عن أبي القاسم اللغوي ، عن أبي الحسن علي بن هارون بن نصر القرميسيني ، عن أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش البغدادي ، عن أبي جعفر محمد بن الليث الأصبهاني ، عن أبي عكرمة الضبّي ، عن المفضل الضبّي.

قال المؤلّف [ابن أبي طيّ] : ونحن نذكر اختلاف الرواة في خبر مولد الشنفري ومقتله إن شاء الله تعالى ...

حدّثني أبي رحمه الله قراءةً عليه في كتاب مختار فضائل أهل البيت عليهم السلام تأليفه ، قال : حدّثني أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي بداره ببغداد ، في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، وكنت أقرأ عليه ديوان أبي الطيّب المتنبّي ...».

وقد أورد ابن أبي طيّ ما ذكرناه ، إضافة إلى معلومات أُخرى تخصّ ترجمة الشنفري في الصفحات الأُولى من الكتاب ، إلى الورقة رقم 12 ، ثمّ بدأ بعدها - من الورقة رقم 13 - بشرح «لاميّة العرب».

مصير كتاب «معادن الذهب» وكتب المؤلّف الأُخرى :

سبق أن ذكرنا أنّ أغلب المعاصرين - تقريباً - متّفقين على أنّ آثار ابن أبي طيّ في عداد المفقود من التراث ، وأنّ الأثر الوحيد الباقي منها هو

ص: 125

كتاب شرح لاميّة العرب ، المحفوظ في مكتبة الإسكوريال في إسپانيا (1).

ويعدّ كتاب معادن الذهب في تاريخ حلب ، الذي اشتمل على تاريخ هذه المدينة لزمن امتدّ من الفتح الإسلامي لها حتّى سنة 595 ه- ؛ واحداً من آثاره المهمّة (2).

* ذكر الصفدي كتاب معادن الذهب في مقدّمة كتاب الوافي بالوفيات ، عند إحصائه المصادر التاريخيّة المهمّة (3).

* ونقل ابن الفوطي (ت 732 ه) موضوعاً منه في ذيل ترجمة «عمدة الحضرة عدّة الدولة أبو تغلب هبة الله بن ناصر الدولة» صاحب دياربكر (4).

* وأيضاً في ترجمة كمال الدين أبو محمد جعفر بن عبد السلام ابن يحيى الحلبي المطرب (5).

* وفي ترجمة مبارك الدولة أبو نصر الفتح بن عبد الله الحَلَبي الأمير بحلب (6).0.

ص: 126


1- أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4 / 354 .. وقد طبع مؤخّراً بالتصوير مع مقدّمة للأُستاذ السيد محمد حسين الجلالي بعنوان «المنتجب في شرح لاميّة العرب» في شيكاغو في أمريكا. مستظهراً أنّ النسخة كانت بخطّ المؤلّف.
2- سمعت من أحد الإخوة المحقّقينالأُستاذ الس -يد حسين المدرّسي الطباطبائي ، على ما يروي عن مستر نيومن الأُستاذ بجامعة ادينبورج حالياً - بأنّ نسخة من كتاب معادن الذهبْ كانت محفوظة في مكتبة دار الكتب بالقاهرة ، وقد تُلفت في الفترة الأخيرة ولم يبقَ من النسخة إلاّ غلافها.
3- الوافي بالوفيات 1 / 48.
4- مجمع الآداب في معجم الألقاب 2 / 203 رقم 1332.
5- مجمع الآداب في معجم الألقاب 4 / 135 ، رقم 3523.
6- مجمع الآداب في معجم الألقاب 4 / 333 ، رقم 3940.

* ونقل ابن شداد مواضيع منه أيضاً ، تتعلّق بمشهد الدكّة ، ومشهد رأس الإمام الحسين عليه السلام ، ستعرض بعينها لاحقاً ..

* ونقل أيضاً موضوعاً من كتاب آخر له ، هو عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر (1).

والمعلومة التي نقلها عن كريم الدولة مسؤول الجباية بمدينة حلب ، بخصوص واردات هذه المدينة والقائمة التفصيلية الدقيقة لها ، والتي لها أهمّيتها القصوى في تاريخ علم الاقتصاد ، هي معلومة ذات قيمة كبيرة.

* ونقل أيضاً في موردين آخرين - على أقلّ تقدير - بالإشارة إلى كتاب ابن أبي طيّ فقط ، قاصداً أحد كتابيه : معادن الذهب أو عقود الجواهر (2).

* ذكر ابن العديم الحلبي في ذيل ترجمة سالم بن مؤمن المصري ، أنّ بعض أشعاره شاهدها في مجموعة بخطّ يحيى بن ظافر النجّار الحلبي ، الذي كتب بأنّ الشاعر قد دخل حلب في عهد صلاح الدين (3) ؛ ومن الواضح أنّ هذه المجموعة لم يعرف أيّ كتاب كانت من كتب ابن أبي طيّ. 7.

ص: 127


1- الأعلاق الخطيرة 1 - ق 1 - / 150 - 153.
2- الأعلاق الخطيرة 1 - ق 1 - / 34. وقد ذكر هذا الأمر ابن شحنة (ت 890 ه) في كتاب الدرّ المنتخب في تاريخ مملكة حلب : 67 ، نقلاً عن ابن شداد ؛ وكذلك نقل في ص 85 ما أورده ابن شداد - نقلاً عن ابن أبي طيبخصوص مشهد الدكّة. كما نقل ابن العجمي الحلبي (ت 884 ه) في كتاب كنوز الذهب في تاريخ حلب 1 / 220 موضوعاً عن ابن أبي طيّ بواسطة ابن شداد. وأيضاً الأعلاق الخطيرة - تاريخ لبنان والأُردن وفلسطين / 115.
3- بغية الطلب في تاريخ حلب 9 / 4167.

موارد كتاب «السيرة الصلاحية» في «كتاب الروضتين» :

لابن أبي طيّ كتاب بعنوان كنز الموحّدين في تاريخ صلاح الدين ، وقد نقل أبو شامة (1) في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين «النورية والصلاحية» بعض فص - وله (2) ، وعبّر عنه ب- : «السيرة الصلاحية» في موردين ، وفي غيرهما اكتفى باسم ابن أبي طيّ فقط.

هذه الموارد هي على النحو التالي :

الجزء الأوّل ، الصفحات : 129 ، 156 ؛ من كتاب «السيرة الصلاحية» ، 168 ، 173 - 174 ، 197 ، 206 ، 274 ، 304 ، 318 ، 320 ، 345 ، 383 - 384 ، و 390.

الجزء الثاني ، الصفحات : 82 ؛ من كتاب «السيرة الصلاحية» ، 113 ، 114 ، 118 ، 119 ، 120 ، 133 ، 152 ، 184 ؛ وهنا ينقل عن ابن أبي طيّ أنّ صلاح الدين في هذه السنة بدأ بتغيير شعارات الدولة الإسماعيلية ، فحذف من الأذان جملة «حيّ على خير العمل» ، 198 ، 202 ، 209 ، 224 ، 237 ، 245 ، 250 ؛ وهنا ينقل ابن أبي طيّ خبراً سمعه من الملك الظاهر نفسه ، 251 - 252 ، 268 ، 272 ، 274 ، 279 ، 283 - 284 ، 286 ، 329 ، 332 ، 339 ، 343 ، 345 - 352 ، 374 ، 381 ، 388 ، 401 ، 404 ، 406 ، 410 ، 415 ، 422 ، 449 ، 451 ، و 468. ش.

ص: 128


1- شهاب الدين أحمد بن إسماعيل ، المعروف ب: أبو شامة ، وكتاب الروضتين في أخبار الدولتين أصدرته مؤسّسة الرسالة / بيروت في خمسة أجزاء ، بتحقيق إبراهيم الزيبق.
2- كتاب الروضتين 2 / 82 الهامش.

الجزء الثالث ، الصفحات : 26 ، 31 ، 34 ، 54 ، 56 ، 63 ، 66 ، 72 ، 75 ، 94 ، 99 ، 114 ، 127 ، 143 ، 145 ، 156 ، 164 - 165 ، 172 ، 191 ، 192 ؛ هنا ينقل ابن أبي طيّ عن والده ، و 307 ؛ وهنا : حدّثني والدي حميد النجّار.

الموارد الباقية من «الحاوي في رجال الإماميّة» :

هذا الكتاب واحد من الآثار القيّمة لابن أبي طيّ ، لأنّه ضمّنه ذكر وتراجم كبار أعلام الطائفة الإماميّة ، وهو مع الأسف مفقوداً الآن ..

الذهبي وابن حجر كان بحوزتهما نسخة من ذلك الكتاب ، وقد ذكرا بعض فصوله في كتاباتهما بعناوين مختلفة ، مثل : «رجال الشيعة» ، «تاريخ الإماميّة» ، و«طبقات الإماميّة» وأمثال ذلك.

إضافة إلى ذلك ، فقد وردت في ترجمة ابن أبي طي نفسه عناوين مثل : رواة الشيعة ومصنّفيها (1) ، والحاوي في رجال الإمامية (2) ، وتاريخ العلماء (3) ، والاحتمال القويّ أنّ هذه العناوين كلّها هي لكتاب واحد.

كما توجد في مكتبة الأوقاف العامّة في الموصل نسخة مخطوطة لرسالة بعنوان : بيان طبقات العلماء مستلّة من كتاب الطريقة المحمدية ، ذكر مفهرس المكتبة أنّها ليحيى بن حميدة الحلبي (4).

والحموي - المتوفّى في حلب ، والذي كان قد اجتمع بابن أبي طيّ - 3.

ص: 129


1- فوات الوفيات 4 / 270.
2- لسان الميزان 7 / 409.
3- الوافي الوفيات 1 / 53 ؛ وهو هنا ذكر هذا الكتاب كواحد من مصادره.
4- فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامّة في الموصل 4 / 182 رقم 27 / 23.

عنون الكتاب باسم الحاوي في رجال الإماميّة ، على ما نقل عنه ابن حجر.

في حين أنّ صاحب الوفيات ذكر عنوان رواة الشيعة ومصنّفيها ضمن قائمة آثار ابن أبي طيّ المطوّلة التي أثبتها ، ونقلاً عن ياقوت أيضاً.

الذهبي أيضاً أورد الكتاب بعناوين عديدة ، وقد كتب عنه- ضمن ترجمة ابن أبي طيّ - : وهو مسوّدة في عدّة مجلّدات ، نقلت منه كثيراً.

والظاهر أنّ الاسم الذي أورده ياقوت أدقّ من العناوين الأُخرى.

أكثر الموارد التي ذكرناها هنا ، هي الموارد المنقولة صراحة من كتاب ابن أبي طيّ أو من شخصه ، كما نقلنا موارد أُخرى لم يصرّح الذهبي أو ابن حجر بنقلها عن ابن أبي طيّ ، ذكرناها اعتماداً على الظنّ القويّ ؛ المبني على أساس ذكر تراجم بعض الأشخاص الّذين عاشوا في أواخر القرن الخامس أو السادس الهجري ، ولا يمكن أن يرد لهم ذكر في كتاب الشيخ الطوسي رحمه الله أو كتاب النجاشي رحمه الله ، مع إمكان أن يكون في تاريخ بغداد لابن النجّار ..

كما أنّ بعض الموارد تتعلّق بأشخاص هم من مواطني مدينة حلب ؛ فلا بد أن يكون - بناءً على الظنّ القويمصدر ترجمتهم هو كتاب ابن أبي طيّ هذا ، وقد عيّنت هذه الموارد بعلامة النجمة (*).

ابن حجر وكتب رجال الشيعة :

الظاهر - بدايةً - انّ ابن حجر والصَفَدي قد رويا بعض المعلومات من كتاب تاريخ الشيعة ، نقلاً عن تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء للذهبي ..

بخصوص الصفديالذي كان من تلامذة الذهبي - ، لا بُدّ من القول بوجود احتمال بأنّ أصل هذا الكتاب كان في متناول يده ، ولكن بما أنّه لم

ص: 130

يذكر مصادره في أغلب الموارد ، فلا يمكن إبداء وجهة النظر في التراجم التي أوردها في كتابه منقولة عن ابن أبي طيّ ؛ هل أوردها الذهبي أم لا؟!

مع ذلك ، فمن تشابه عباراته- في ما وجد من موارد - مع العبارات التي نقلها الذهبي عن كتاب ابن أبي طيّ ، يمكن الاستنتاج والقطع بأنّ النّص المذكور في الوافي قد نقل من كتاب تاريخ الشيعة.

وأمّا بخصوص ابن حجر ، فلا بُدّ من القول بأنّه كان يملك أصل الكتاب ؛ فهو يذكر تراجم منقولة عن كتاب ابن أبي طيّ ، لم يذكرها الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام ..

إضافة إلى ذلك ، فهو ينقل في كتاب الإصابة عن هذا الكتاب بعنوان تاريخ الشيعة الإماميّة ؛ إذ كتب في ترجمة «سَعْنه» : لكن وجدت بخطّ اب- ن أبي طيّ في «رجال الشيعة الإماميّة» (1).

كما ورد هذا التعبير في لسان الميزان أيضاً ، في ذيل ترجمة السيد الحميري «إسماعيل بن محمد» ، وفي موارد أُخرى ، سنعرضها في ما بعد.

في الحقيقة ، لا مناصّ من القول بأنّ ابن حجر كان يملك أغلب مصادر كتب الرجال الشيعية ، وقد استفاد منها في لسان الميزان ؛ إذ نقل في موارد عديدة عن كتاب رجال علي بن الحكم (2) ، الذي لم نجد له أثراً حتّى اليوم. 3.

ص: 131


1- الإصابة في تمييز الصحابة 3 / 97 وج 6 / 689.
2- انظر - كمثال - : لسان الميزان 1 / 113 ، ص 128 ، وص 581 ، وج 2 / 130 ، ص 147 ، ص 149 ، ص 153 ، ص 154 ، ص 159 ، ص 169 ، ص 173 ، ص 217 ، ص 224 ، ص 250 ، ص 255 ، ص 257 ، ص 290 ، ص 319 ، ص 355 ، ص 412 ، ص 420 ، ص 485 (في موردين) ، ص 491 ، ص 492 ، ص 501 ، ص 529 (في موردين) ، وص 553.

كما ذكر موارد كثيرة من تاريخ الريّ لمنتجب الدين - الذي جمعناه في مقالة أُخرى (1) -.

وكذلك نقل تراجم عديدة عن كتب كانت في حوزته ، مثل : الفهرست للشيخ الطوسي ، رجال الكشّي ، رجال ابن عقدة (2) ، رجال النجاشي ، رجال علي بن فضّال (3) ، والفهرست لابن شهرآشوب (4).

القيمة التاريخية لكتاب «طبقات الإماميّة» في تاريخ التشّيع :

من الجوانب المفيدة لهذا الكتاب المفقود ، دوره المهم في التعرّف على تاريخ الشيعة ، وبالخصوص في منطقة الشام ؛ فالمعلومات الفريدة الرائعة التي خلّفها المؤلّف في هذا السفر القيّم عن التراجم والأحوال ، يمكن أن تكشف لنا عن مدى انتشار التشيّع في حلب وطرابلس ونواحي الشام الأُخرى.

وما ذكره في ترجمة الحسن بن زهرة ، من بيان للدور البارز الذي كان لهذا الفقيه الشيعي الكبير في دولة المماليك ، والتقدير الذي كان يحظى به بين الناس ومنزلته في المجتمع ؛ دليل وشاهد على نفوذ الشيعة في هذه المناطق ، والمنزلة العلمية والاجتماعية والدينية لكثير من رجال الشيعة ، خصوصاً آل بني زهرة.

هذا الأمر لم يقتصر على تشيّع أهل حلب فحسب ، بل إنّ المعلومات ».

ص: 132


1- المقالات التاريخيةالكتاب الثاني ؛ مقالة : الشيعة والآثار الأربعة في التاريخ المحلّي : 199.
2- انظر- كمثال - : لسان الميزان 1 / 547 رقم 1115 ، وص 560 رقم 1157.
3- انظر - كمثال - : لسان الميزان 1 / 59.
4- لسان الميزان 2 / 17 ، ترجمة «بركة بن يحيى الكاشي».

التي قدّمها بشأن الحسين بن روح النوبختي ، والشيخ المفيد ، وكذلك ابن شهرآشوب المازندراني ، تعدّ فريدة وممتازة جدّاً وليس لها نظير ..

ومن المناسب هنا أن نتعرّض بشكل مختصر لتاريخ التشيّع في مدينة حلب.

التشيّع في حلب :

هناك شواهد كثيرة تدلّ على إنّ غالبية سكّان حلب كانوا على مذهب الشيعة الإماميّة إلى عهد الأيوبيّين ، ومن بعده إلى أواخر عهد المماليك ، وإلى اليوم توجد أقليّة شيعيّة في هذه المدينة وبعض القرى المحيطة بها ..

وهناك بعض المعطيات في هذا الموضوع ، وردت في كتاب حلب والتشيّع ، لمؤلّفه الأُستاذ إبراهيم نصر الله ، إضافة إلى ما تمّ من بحوث بشأن آل بني زهرة ؛ الّذين كان لهم دوراً أساسياً في حفظ تشيّع هذه المدينة خلال ألف سنة.

يمكن القول بأنّ ظهور التشيّع في هذه المدينة يعود إلى القرنين الثالث والرابع الهجري ، خصوصاً في عهد الحمدانيّينوعلى رأسهم سيف الدولة (1)» - وبالتالي الأجواء التي سادت بفضل الفاطميين ؛ فقد كان زعماء السلالة الحمدانيّة ملتزمين مذهب الشيعة الإماميّة بشدّةٍ ورغبة ، ومهّدوا السبيل لانتشار التشيع في هذه المنطقة من بلاد الشام.

وبعد ذلك بشكل تدريجي غلب التشيّع على أهل حلب ، وبهمّة علماء شيعة أكملوا دراستهم في العراق وعادوا إلى هذه المدينة ؛ فقد قام 8.

ص: 133


1- كتب الذهبي : كان سيف الدولة شيعيّاً متظاهراً مفضالاً على الشيعة والعلويّين. تاريخ الإسلام السنوات 351 - 380 / 148.

هؤلاء العلماء في ظلّ الدولة الحمدانيّة وبحمايتها بنشر علوم ومعارف أهل البيت عليهم السلام ، ولعلّ من المناسب هنا أن ننقل مورداً بهذا الخصوص ..

كتب الذهبي عن الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ، نقلاً عن قول ابن أُسامة الحلبي ما يلي :

لو لم يكن للحلبيين من الفضيلة إلاّ أبو محمد السبيعي لكفاهم ، كان وجيهاً عند سيف الدولة ، وكان يزوره في داره ، وصنّف له كتاب التبصرة في فضيلة العترة المطهّرة ، وكان في العامّة له سوقٌ ، وهو الذي وق - ف حمام السبيعي على العلويين ، توفّي السبيعي في سابع عشر من ذي الحجة [من سنة 371 ه] (1).

وفي هذه العبارة يمكن ملاحظة خطوات عديدة من أجل نشر وترويج التشيّع في هذه المدينة.

من المحتمل أنّ محلّة سكنى الشيعة الرئيسية في المدينة - ولا تزال إلى اليوم يسكنها الشيعة - هي المحلّة الواقعة على أطراف مشهد الدكة ، أو محل مرقد السيد محسن بن الحسين ابن الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، وهو المكان الذي يبعد 200 متر عن موضع رأس الحسين عليه السلام ، ومن محاسن الصدف أن تكون معلوماتنا الأوليّة عن هذين المشهدين هي ما ثبّته ابن أبي طيّ ، وحفظت بواسطة ابن شداد (ت 684 ه).

ذكر ابن شداد - قبل أن ينقل كلام ابن أبي طيانّ سبب تسمية هذا الموضع بمشهد الدكّة ، هو أنّ سيف الدولة الحمداني كان له على الجبل المشرف على هذا الموضع دكّة يجلس عليها وينظر إلى النهر الجاري تحت 5.

ص: 134


1- تاريخ الإسلام السنوات 351 - 380 / 495.

المشهد (1) ذر ، ونراه مناسباً هنا أن ننقل النصّ الوارد عن ابن أبي طيّ بهذا الخصوص ؛ إذ أنّ الهدف الأساسي لهذا المقال هو استقصاء وجمع النصوص الواردة عن ابن أبي طيّ ، المحفوظة في أماكن متفرّقة ..

قال ابن أبي طيّ في تاريخه : «وفي هذه السنة - يعني : سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة - ظهر مشهد الدكّة ، وكان سبب ظهوره أنّ سيف الدولة علي بن حمدان كان في أحد مناظره بداره التي ظاهر المدينة ، فرأى نوراً ينزل على المكان الذي فيه المشهد عدّة مرّات ، فلمّا أصبح ركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره ، فوجد حجراً عليه كتابة : هذا قبر المحسن بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، فجمع سيف الدولة العلويين وسألهم : هل كان للحسين ولد اسمه المحسن؟

فقال بعضهم : ما بلغنا ذلك ، وإنّما بلغنا إنّ فاطمة عليها السلام كانت حاملاً ، فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : في بطنك محسن ، فلمّا كان يوم البيعة هجموا عليها في بيتها لاِخراج علي عليه السلام ، فأخدجت.

وقال بعضهم : يحتمل أنّ سبي نساء الحسين لمّا وردوا هذا المكان طرح بعض نسائه هذا الولد ، فإنّا نروي عن آبائنا إنّ هذا المكان سمّي بجوشن ؛ لأنّ شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالسبي والرؤوس ، وإنّه كان يعمل فيه الصفر ، وإنّ أهل المعدن فرحوا بالسبي ، فدعت عليهم زينب بنت الحسين ، ففسد المعدن من يومئذٍ.

وقال بعضهم : إنّ هذه الكتابة التي على الحجر قديمة ، وأثر هذا المكان قديم ، وإنّ هذا الطِرح الذي زعموا لم يفسد ، وبقاؤه دليل على إنّه د.

ص: 135


1- للنظر إلى حلبة السباق ؛ فإنّها تجري بين يديه في ذلك الوطاء الذي فيه المشهد.

ابن الحسين.

فشاع بين الناس هذه المفاوضة التي جرت ، وخرجوا إلى هذا المكان وأرادوا عمارته ، فقال سيف الدولة : هذا موضع قد أذن الله تعالى لي في عمارته على اسم أهل البيت عليهم السلام».

قال يحيى بن أبي طيّ : «ولحقت باب هذا المشهد ، وهو باب صغير من حجر أسود ، عليه قنطرة مكتوب عليها بخطّ أهل الكوفة كتابة عريضة : عمّر هذا المشهد المبارك ابتغاء وجه الله تعالى وقربةً إليه ، على اسم مولانا المحسن ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عمّ الأمير الأجلّ سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبدالله بن حمدان ، وذكر التاريخ المتقدّم (1).

ثمّ بعد ذلك في أيّام بني مرداس بُني المصنع الشمالي من المشهد ، ثمّ بُني في أيام قسيم الدولة «آق سنقر» في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة في ظاهر قبلي المشهد مصنع للماء ، وكتب عليه اسمه ، وبنى الحائط القبليوكان قد وقع - ، ووقف على المشهد رحى حنديات وفدّانين بالحاضر السليماني ، وعمل للضريح طوق وعرانيس من فضّة ، وجعل عليه غشاء.

ثمّ في أيّام نور الدين محمود بن الزنگي بُني في صحنه صهريج بأمره ، وميضاة فيها بيوت كثيرة ينتفع بها المقيمون به.

وهدم الرئيس صفّي الدين طارق بن علي بن محمد البالسي رئيس حلب ، المعروف بابن الطُرَيْرة ، بابه الذي بناه سيف الدولة ، ورفعه وحسّنه.

ولمّا مات الرئيس ولي الدين أبو القاسم بن علي رئيس حلب - وهو -.

ص: 136


1- أي : سنة 351 ه.

ابن أخي المقدّم ذكرهدفن إلى جانب المصنع ، ونقض باب المصنع الذي عليه اسم قسيم الدولة ، وبُني وكُتب عليه اسمه ، وذلك في سنة ثلاث عشرة وستّمائة.

ثمّ في أيّام ملك الظاهر غياث الدين غازي بن صلاح الدين يوسف وقع الحائط القبلي ، فأمر ببنائه.

ثمّ في أيّام الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر وقع الحائط الشمالي ، فأمر ببنائه ، وعمل الروشن الدائر بقاعة الصحن.

ولمّا ملك التتر مدينة حلب قصدوا هذا المشهد ، ونهبوا ما كان فيه من الأواني الفضّة والبُسُط ، وأخرجوا الضريح والجدار ونقضوا أبوابه.

فلمّا ملك السلطان الملك الظاهر حلب أمر بإصلاح المشهد ورمّه ، وعمل بابه ، وجعل فيه إمام وقيم ومؤذّن (1)».

وهناك مشهد آخر قرب مشهد الدكّة ، وهو المكان الذي كان رأس الإمام الحسين عليه السلام قد وضع فيه ، وهو من أماكن الزيارة الأُخرى للشيعة في هذه المدينة.

ولابن أبي طيّ بهذا الخصوص أُموراً ، أوردها ابن شداد نقلاً عنه :

ومنها مشهد الحسين ، وهو في سفح جبل جَوْشَنْ ، وكان السبب في إنشائه ما حكاه يحيى بن أبي طيّ في تاريخه : إنّ رجلاً راعياً يسمّى عبدالله يسكن في درب المغاربة ، وكان يخرج كلّ يوم لرعي الغنم ، فنام في يوم الخميس العشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة 0.

ص: 137


1- الأعلاق الخطيرة 1 - ق 1 - / 48 - 50.

بعد صلاة الظهر ، فرأى في نومه في المكان الذي بُني فيه المشهد كأنّ رجلاً أخرج نص - فه من شقيف الجبل المطلّ على المكان ، ومدّ يده إلى أسفل الوادي وأخذ عنزاً ، فقال له : يا مولاي! لأيّ شيء أخذت هذه العنزة وليست لك؟!

فقال : قل لأهل حلب يعمّرون في هذا المكان مشهداً ، ويسمّونه مشهد الحسين عليه السلام.

فقال : لا يرجعون إلى قولي.

فقال : قل لهم يحفرون هناك. ورمى بالعنزة من يده إلى المكان الذي أشار إليه ..

فلمّا استيقظ رأى العنز قد غاصت قوائمها في المكان ، فجذب العنز فظهر الماء من مكان قوائمها ، فدخل حلب ووقف على باب الجامع القبلي وحدّث بما رأى ، فخرج جماعة من أهل البلد إلى المكان الذي ذكره ، فرأوا العلامة على ما وصف ، وكان هذا الموضع الذي ظهرت فيه العين في غاية الصلابة بحيث أنّه لا تعمل فيه المعاول ، به معدن للنحاس قديماً ، فأنبطوا العين فنزّت (1) وغزر ماؤها ..

ثمّ خطّوا في ذلك المكان المشهد المذكور ، وتولّى عمارته الحاجّ أبو نصر بن الطبّاخ ، وأخذ له الجمال يوسف بن الإكليلي طالعاً يوم الشروع فيه ، فكان القمر في الأسد على تثليث المشتري ، وبلغني عنه أنّه قال : قد أخذت لهذا المشهد طالعاً لو أراد أهل حلب أن يبنوه ذهباً لَما عجزوا.

وكان ذلك في أيّام الملك الصالح بن الملك العادل نور الدين ، ت.

ص: 138


1- في الأصل : نَثَرَت.

فأمدّهم بإسراع وعجل ، وشرعوا في البناء ، فبنوا الحائط القبلي واطئاً ..

فلمّا رأى (1) جدي الشيخ إبراهيم بن شدّاد بن خليفة بن شدّاد ، لم يرضه ، وزاد في بنائه من ماله.

وتعاضد الناس في البناء ، فكان أهل الحرف يفرض كلّ واحد منهم على نفسه يوماً يعمل فيه ، وكذا فرض له أهل الأسواق في بياعاتهم دراهم تصرف في المؤن والكلف.

وبنى الإيوان الذي في صدره الحاجّ أبو غانم بن شقويق من ماله.

وهدم بعد ذلك بابهوكان قصيراً - الرئيس صفيّ الدين طارق بن علي البالسي ، رئيس حلب ، ورفع بناءه عمّا كان عليه أوّلاً ، وذلك في سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وفي هذه السنة انتهت عمارته.

ولمّا ملك صلاح الدين يوسف حلب ، زاره في بعض الأيّام وأطلق له عشرة آلاف درهم.

ولمّا ملك ولده الملك الظاهر (2) حلب ، اهتمّ به ، ووقف عليه رحىً تعرف بالكامليّة ، وكان مبلغ خراجها ستّة آلاف درهم في كلّ سنة ، وأرصدها في شراء كعك وحلو في ليالي الجمع لمن يكون به ، وفوّض النظر في ذلك لنقيب الأشراف يوم - ئذٍ السيد الشريف الإمام العالم شمس الدين أبي علي الحسين بن زهرة الحسيني ، والقاضي بهاء الدين أبي محمد الحس - ن بن إبراهيم بن الخشّاب الحلبي.

ولمّا ملك ولده الملك العزيز (3) حلب ، استخرج منه بهاء الدين.

ص: 139


1- كذا في الأصل ، ولعل : «رآه» أصح.
2- الملك الظاهر غياث الدين أبو الفتح غازيالأوّل، حكم من 582 - 613 ه.
3- الملك العزيز غياث الدين أبو المظفّر محمد ، حكم من 613 - 634 ه.

المذكور إذناً في إنشاء حرم إلى جانبه ، فيه بيوت يأوى إليها من انقطع إلى هذا المشهد ، فأذن له ، فشرع في بنائه ، واستولت التتر على حلب قبل أن يتم (1).

وقد نقل ابن شحنة (ت 890 ه) هذه المواضيع نفسها عن ابن شدّاد ، ثمّ كتب- بعد أن أوضح بأنّ ما ذكر من أُمور لا بُدّ أن يخصّ المكان الذي يعرف الآن بمشهد الحسين عليه السلام - : وهو الآن إلى الخراب أقرب في هذه الأيّام (2)….

من الجدير بالذكر إنّ الشيخ إبراهيم نصر الله ، القيّم الحالي لمشهد رأس الحسين عليه السلام ، والذي قام بأعمال كثيرة لصيانة وإعمار المشهد ، قد ألّف كتاباً بعنوان آثار آل محمّد في حلب (3) ، جمع فيه أكثر الكتابات الموجودة والمتبقيّة الخاصّة بالمشهدين ، مشهد المحسن ، ومشهد رأس الإمام الحسين عليه السلام ، ولا حاجة لتكراره هنا.

ذكر ابن شدّاد أمراً آخر أيضاً ، يستدلّ منه على نفوذ الشيعة في هذه -.

ص: 140


1- الأعلاق الخطيرة 1 - ق 1 - / 50 - 52 ؛ وموضع انتهاء عبارة ابن أبي طيّ ليس واضحاً ؛ إذ من المسلّم أنّ هجوم المغول على حلب حدث بعد هذا التاريخ بسنين ، فلا يمكن أن يكون التعرّض له مرتبطاً بابن أبي طيّ ، المتوفّى سنة 630 ه- .. وكذلك نقل ابن شدّاد - قبل عدّة أسطر - امراً عن جدّه ، من المحتمل أنّه نقله عن ابن أبي طيّ نفسه ؛ فقد يكون ذكر ما يتعلّق بدَوْر جدّ ابن شدّاد في بناء مشهد رأس الإمام الحسين عليه السلام ج ، وأدرجه ابن شدّاد ضمن عبارة تضمّنت ذكر قرابته منه .. وعلى أيّ حال ، فإنّ اسم ابن أبي طيّ قد ورد في أوّل العبارة بشكل صريح.
2- الدرّ المنتخب في تاريخ مملكة حلب : 87 ؛ ومع الاستغراب ، جاء استمراراً لهذا النقل ما نصّه : وأمّا المشهد المعروف الآن بمشهد الحسين فعامرٌ آهلٌ مسكون ، وبه قرّاء وأرباب وظائف ، بعضها في يدنا.
3- صدر في حلب سنة 1415 ه.

المدينة ، وامتلاكهم أزمّة الأُمور فيها حتّى القرن السادس الهجري ؛ إذ كتب في بيان تأسيس «المدرسة الزجاجيّة»التي كانت أوّل مدرسة للشافعية في حلب- : وهي أوّل مدرسة بُنيت للشافعية ، وتاريخ بنائها يعود لسنة 513 ه- ، وحين الشروع في أعمال بنائها ، لم يسمح الحلبيّون ببنائها ؛ إذ كان الغالب عليهم التشيّع ، فكلّ ما كان يبنيه الشافعيّون في النهار ، يهدمه الأهالي ليلاً ..

هذا الأمر دفع بحاكم حلب بدر الدولة ابن أُرتق أن يطلب من الشريف زهرة بن علي بن محمد بن علي بن أبي إبراهيم الإسحاقي الحسيني - عالم الشيعة في ذلك الوقتان يتدخّل ويفعل شيئاً بهذا الخصوص ؛ فتدخّل ومنع تخريبها.

وأضاف : إنّ الشريف هذا كان من أكابر الأشراف ، ومن أصحاب الرأي ، أصيلاً ، وجيهاً ، ومرجعاً لأهالي حلب ..

وحين أراد عماد الدين الزنگي أن يذهب إلى الموصل سنة 539 ه- ، أخذ الشريف مرافقاً له ، وأثناء هذا السفر توفّي الشريف سنة 540 ه- (1).

في الحقيقة ، إنّ محاربة الشعائر الشيعية بدأت بعد مجيء نور الدين محمود بن الزنگي سنة 541 هالى حلب ؛ فقد كتب ابن الحنبلي بإنّه قام بتجديد المدارس والخانات ، وجلب أهل العلم إلى حلب ..

وقد عيّن برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسن البلخي الحنفي بصفة مدرّس ، وأصدر أمره بتغيير الأذان ، فصار ممنوعاً على المؤذّنين قول «حيّ على خير العمل» ، وكان نور الدين الزنگي ، وهو جالس - مع من كان برفقته من الفقهاء - تحت منارة المسجد الجامع ، يقول : كلّ مؤذّن لا يقول 2.

ص: 141


1- الأعلاق الخطيرة 1 - ق 1 - / 96 - 97 ؛ وانظر : كنوز الذهب في تاريخ حلب 1 / 271 - 272.

الأذان على الطريقة السُنّية ألْقُوُه من المنارة إلى أسفلها (1).

وواضح إنّه لم يكن القضاء على التشيّع ممكناً بهذه البساطة ؛ إذ بعد مرور ثلاث سنوات ، أي في سنة 544 - طبقاً لما نقله ابن الحنبلي نفسه- ، حاول نصرة الدينالأخ الأصغر لنور الدين الزنگي ، وفي الوقت الذي كان نور الدين مريضاً ، وأوضاع حلب قد اضطربتالتقرّب إلى الشيعة ، وسعى في استمالة قلوبهم ؛ فسمح لهم بإضافة «حيّ على خير العمل» ، و«محمد وعليٌّ خير البشر» في الأذان ، فمال الشيعة إليه ، وحدثت الفتنة بين الشيعة والسنّة في المدينة ، والتي كان على أثرها أن قام الشيعة باقتحام ونهب مدرسة ابن أبي عصرون ، والمدارس الأُخرى.

وقدّر شفاء نور الدين ، وذهاب نصرة الدين إلى حرّان ، وفي هذه الفترة طلب نور الدين من قاضي حلب هبة الله بن أبي جرادة بتولّي أعمال القضاء والإمامة والخطبة ، فأعاد الأذان مرّةً أُخرى على الطريقة السُنّية ، وذهب إلى المسجد بنفسه ، وجلس تحت المنارة ، وطلب من المؤذّنين أن يؤذّنوا طبقاً لفتوى أبو حنيفة ، وقد امتنع المؤذّنون من ذلك بسبب أجواء الخوف السائدة آنذاك ، فقال : أنا حاضرٌ هنا ، وحينما ارتفع صوت الأذان السُنّي ، اجتمعت أعداد غفيرة من الشيعة تحت المنارة ، غير أنّ الأوضاع سرعان ما هدأت (2).

بعد الدولة النورية ، حكمت الدولة الصلاحية أو الأيوبيّة في حلب ، وقبل ذلك ، في سنة 570 ه- كانت المدينة مقسمّة بين طائفتين ، السُنّة 8.

ص: 142


1- الزبد والضرب في تاريخ حلب : 35 - 36.
2- الزبد والضرب في تاريخ حلب : 37 - 38.

والشيعة ، وكان النزاع والخلاف قائماً بينهما (1).

نقل أبو شامة في كتاب الروضتين - في ذيل حوادث سنة 570 ه- - موضوعاً عن ابن أبي طيّ ، قد يساعد - نوعاً ما - على توضيح حال التشيّع في هذه المدينة ..

فقد ذكر ابن أبي طيّ خبر هجوم الملك الناصراي صلاح الدين الأيّوبي - على حلب ، وأنّه استقرّ على جبل الجوشن فوق مشهد الدكّة ، ويقصد به : مشهد المحسّن بن الحسين بن عليّ عليه السلام.

ولمّا كان الملك الصالح (ت 577 ه) ابن نور الدين محمود الزنگي قد وصل إلى الحكم حديثاً وبدعم ونصرة الشيعة (2) ، خشي أن يميل الناس إلى الملك الناصر ؛ فاتّبع سياسة اللين والمداهنة مع الأهالي (3) - شيعة حلب- ، فجمعهم في ساحة البلدة ، وخطب فيهم قائلاً : أنا التجئت إليكم ، وإنّ كهولكم بمنزلة أبي ، وشبابكم بمنزلة إخوتي ، و...

في هذه اللحظات ارتفعت أصوات الناس بالبكاء والعويل ، معلنين إخلاصهم ووفائهم له.

واشترطوا عليه - لنصرته - شروطاً : قولهم «حيّ على خير العمل» في ي.

ص: 143


1- زبدة الحلب من تاريخ حلب 3 / 15 - 17.
2- بخصوص دعم ونصرة قاضي حلب أبو الفضل بن الخشّابالشخصية المعتمدة لدى الشيعة - للملك الصالح ، انظر : زبدة الحلب 3 / 15 - 18 ؛ إذ ورد : وكان أهل حلب من الشيعة يتوالون أبا الفضل بن الخشّاب ، ويقدّمونه عليهم ، فوافقوه على حفظ البلد للملك الصالح. وبخصوص الدور المهمّ لابن الخشّاب في محاربة الصليبيين ، وتحريض الناس على حربهم ، انظر : زبدة الحلب 2 / 188 - 189.
3- مثل العمل الذي رأيناه سابقاً في فترة مرض نور الدين محمود الزنگي.

الأذان ، والإتيان بذكر أسماء الأئمّة الاثني عشر في مقدّمة مواكب جنائزهم ، والتكبير بخمس تكبيرات في الصلاة على موتاهم ، وأن يكون أمر زواجهم بيد الشريف الطاهر أبو المكارم حمزة بن زهرة الحلبي ، والقضاء على العصبيّة ، فقبل الملك الصالح شروطهم.

بعد ذلك - واستناداً إلى ما كتبه ابن أبي طياخذ الناس يذكرون «حيّ على خير العمل» في الأذان ، وحقّقوا عملياً كلّ ما كان قد اشترطوه ..

هذه الأعمال كانت من الأُمور التي أوقفها نور الدين الزنگي (1).

في سنة 570 ه- لم يتمكّن صلاح الدين من فتح حلب ، وانتهى الأمر بعقد الصلح ..

وفي سنة 571 ه- عاد وحاصر حلب مرّة أُخرى ، وكان أهل حلب من السُنة والشيعة - في ذلك الوقتيدافعون عن الملك الصالح ، الذي كان قد وضعانذاكالقسم الشرقي من المسجد الجامع في عهدة الشيعة ، فكانوا يقيمون فيه صلاة الجماعة ، وفي هذه المرّة انتهى الهجوم بعقد الصلح أيضاً (2).

يبدو أنّ الشيعة قد عانت من ضغوط كثيرة خلال عهد الأيّوبيين ، ثمّ عهد المماليك ، وبعد ذلك عهد العثمانيّين ؛ ممّا أدّى في نهاية الأمر إلى اضمحلال مذهب التشيّع في مدينة حلب تدريجياً.

كتب مؤلّف أحياء حلب وأسواقها في ذيل مدخل ابن يعقوب : المنطقة القريبة من بانقوس : لا نعرف شيئاً من ابن يعقوب ، وهذه المنطقة قريبة من سوق الزهر ، يقال لها : «حارة الزغار» ، وكان أصلها «حارة 9.

ص: 144


1- كتاب الروضتين 2 / 352.
2- زبدة الحلب من تاريخ حلب 3 / 29.

الصغار» ، وهي إشارة إلى يتامى الشيعة ، الّذين كانوا يسكنوهم في هذا المكان بعد قتل آبائهم (1)!!

ولجلال الدين المولوي الرومي (604 - 672 ه) شعراً - بالفارسيةيرتبط بأهل حلب وتشيّعهم ، والذي يبيّن أنّ التشيّع كان سائداً ومنتشراً في هذه المدينة في زمانهيعني القرن السابع - ؛ إذ يقولبخصوص مراسم العزاء التي يقيمها الشيعة في حلب إحياءً لذكر مصاب الإمام الحسين عليه السلام في «باب انطاكية» ، إحدى مناطق المدينة - :

روز عاشورا همه اهل حلب

باب انطاكيه اندر تا به شب

گرد آيد مرد وزن جمعى عظيم

ماتم آن خاندان دارد مقيم

ناله ونوحه كنند اندر بكا

بكا شيعه عاشورا براى كربلا

بشمرند آن ظلمها وامتحان

كز يزيد وشمر ديد آن خاندان (2)

ما ترجمته : إنّ كلّ أهل حلب - الشيعة - يحضرون رجالاً ونساءً بجمع عظيم في «باب انطاكية» في يوم عاشوراء ؛ لاِقامة مراسم العزاء والمآتم على أهل البيت عليهم السلام ، ويبقون إلى الليل يبكون وينوحون لِما جرى في كربلاء ، وما عاناه أبناء وبنات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ظلم ومحنة على يد يزيد وشمر.

كانت علاقات الشيعة مستمّرة مع الدولتين النورية والصلاحية ، رغم محاربة الملوك النوريّين والأيّوبيّين للتشيّع والشيعة ، ودعمهم وتقديمهم لفقهاء السُنة ، وكان كثير من شعراء الشيعة قد مدحوا سلاطين حلب في أشعارهم ، وابن أبي طيّ نفسه كان واحداً من هؤلاء ، وقد أفرد بعض كتبه ن.

ص: 145


1- أحياء حلب وأسواقها : 82.
2- مثنوى معنوى : القسم السادس ، رقم 777 - 778 ، ط نيكلسون.

التاريخية لذكر وقائع وأحداث هذا العهد ، والمؤكّد أنّ علاقته كانت وثيقة بالملك الظاهر ، نجل صلاح الدين الأيّوبي ، الذي كان متهّماً بالتشيّع.

ويمكن ملاحظة أمثلة أُخرى من مرافقة ومسايرة بعض شعراء الشيعة للسلاطين الأيّوبيّين ، في ثنايا ما نقله ابن أبي طيّ من تراجم لبعض علماء حلب ..

وعدا هؤلاء ، يمكن الإشارة - كمثالالى أحمد بن علي بن زُنْبُورْ ، المتوفّى سنة 613 ه- ، الذي وصفه الذهبي ب- : «الإمام الأديب» ، وعدّه من «غلاة الرافضة» ، وذكر أنّه مدح صلاح الدين في حلب بقصيدة طويلة (1).

ومثال آخر ، هو الشاعر الكبير علي بن علي ، المعروف بابن نماء الحلّي ، الذي كان شيعيّاً متفانياً ، وقد أورد ترجمته ابن النجّار في ذيل تاريخ بغداد ، ونقلها عنه الصفدي ؛ كان يمدح ملوك الشام أيضاً (2).

ويعدّ سادات بني زهرة من أبرز بيوتات الشيعة في حلب ، وكانت زعامة طائفة الشيعة فيهم ، في هذه المدينة وبعض مدن الشام الأُخرى لقرون عديدة.

وكان لهذا البيت ارتباط بإيران إبّان العهد الصفوي ؛ فقد جاء إلى إيران أحد أبرز شخصيّاتهم ، تاج الدين محمد بن حمزة ... ابن زهرة الإسحاقي الحلبي ، المتوفّى سنة 927 ه- ، وأقام في هذه الناحية لمدّة 17 عاماً ، وكان موضع احترام شديد ، وجمع ثروة طائلة (3).

* * * 9.

ص: 146


1- تاريخ الإسلام السنوات 611 - 621 / 135.
2- الوافي بالوفيات 21 / 335 - 337.
3- دُرّ الحبب في تاريخ أعيان حلب 1 - ق 1 - / 409.

الحاوي في رجال الشيعة الإمامية

1 - ابراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرِفّاء البصري ، أبو البقاء*.

قال ابن حجر : أحد شيوخ الإمامية المصنّفين الدُعاة ، وروى عن أبي طالب محمد بن الحسين بن عتبة ، كان على رأس الخمسمائة (1).

2 - ادريس بن سالم الموصلي.

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : ثقةٌ من رِجال الشيعة وعلمائها ، صنّف المنهاج في الإمامة ، وشرح قصيدة الحميري ، وكان في المائة السادسة (2).

3 - اسامة بن أبي أُسامة أحمد بن محمد بن أبي أُسامة الحَلَبي اللُّغَوي.

قال ابن حجر : أخذ عن أبيه ، وجدّه ، والعين زربي ، وغيرهم. وصنّف كتاباً في الألفاظ ، وكان عالماً بالعربية فاضلاً ، ذكره ابن أبي طيّ في 7.

ص: 147


1- لسان الميزان 1 / 71 رقم 111.
2- لسان الميزان 1 / 506 رقم 1027.

رجال الإمامية ، وقال : مات بعد الثمانين وأربعمائة (1).

4 - الأمير الكبير العلاّمة ، فارس الشام ، مجد الدين ، مؤيّد الدولة ، أبو المظفّر أُسامة ابن الأمير مرشد بن علي بن مقلد بن نصر ابن منقذ الكناني الشَيْزَري.

ولد بشَيْزَرَ سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

قال الذهبي بعد نقل ما ذكره ابن السمعاني والعماد الكاتب حول المترْجَم : وقد ذكره يحيى بن أبي طيّ في تاريخ الشيعة ، فقال : حدّثني أبي ، قال : اجتمعت به دفعات وكان إمامياً حَسَن العقيدة ، إلاّ أنّه كان يداري عن منصبه ويظهر التقيّة ، وكان فيه خير وافر ؛ وكان يرفد الشيعة ، ويصل فقراءهم ويعطي الأشراف ..

وصنّف كتباً منها : تاريخ البدري ، جمع فيه أسماء من شهد بدراً من الفريقين ، وكتاب أخبار البلدان ، في مدّة عمره ، وذيّل على خريدة القصر للباخِرْزي (2) ، وله ديوان كبير ومصنّفات.

تُوُفّي ليلة الثالث والعشرين من رمضان بدمشق ، ودفن بسَفْح قاسيون عن سبع وتسعين سنة (3).

قال الذهبي في السير : قال ابن أبي طيّ في تاريخه كان إمامياً حَسَن 7.

ص: 148


1- لسان الميزان 1 / 518 رقم 1067.
2- هكذا في أصل المؤلّف ؛ وهو سبق قلم منه ؛ إذ أنّ الصحيح : دمية القصر ، أمّا الخريدة فهو للعماد الكاتب.
3- تاريخ الإسلام السنوات 581 - 590 / 176 - 177.

العقيدة ، إلاّ أنّه كان يُداري عن منصبه ، ويتاقي ..

وصنّف كتباً منها : التاريخ البدري ، وله ديوان كبير.

مات بدمشق في رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة (1).

5 - اسحاق بن بريدة الشامي الشاعر.

قال ابن حجر : قرأ عليه الصفْواني ، أخذ عنه جعفر بن مسعود الحَلَبي في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة ، ذكره ابن أبي طيّ في الإمامية (2).

6 - اسحاق بن حسن بن محمد البغدادي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : كان من تلامذة الشيخ المفيد ، ورثاه بقصيدة طويلة نونيّة ، وله كتاب مثالب النواصب (3).

7 - اسحاق بن عبدوس.

قال ابن حجر : من رجال الشيعة ، روى عن مُطَيْن ، روى عنه أحمد ابن محمد الجرجرائي ، ذكره ابن أبي طيّ (4). 6.

ص: 149


1- سير أعلام النبلاء 21 / 166 رقم 83.
2- لسان الميزان 1 / 539 رقم 1108.
3- لسان الميزان 1 / 549 رقم 1120.
4- لسان الميزان 1 / 560 رقم 1156.

8 - اسحاق بن عبد العزيز الكوفي ، أبو السفاتج (1).

قال ابن حجر : ذكره الطوسي في رجال الشيعة ..

وقال أيضاً في قسم الكنى : أبو السفايح ، اسمه إسحاق بن عبد العزيز ، نقلت من خطّ ابن أبي طيّ (2).

قلت : لم يُعلم أنّ ابن حجر أخذ الترج - مة عن الطوسي أو عن ابن أبي طيّ ، والمهمّ أنّ اسم صاحب الترجمة لم يرد في كتاب الفهرست للشيخ في مظانّه.

9 - اسحاق بن وهب بن علي بن محمد بن سالم الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : له تصنيفٌ سمّاه : التحفة من كلام أهل البيت (3).

10 - اسحاق بن يعقوب الكوفي.

قال ابن حجر : من رجال الشيعة. ذكره ابن أبي طيّ ، وحكى أنّه خرج له توقيعٌ من الإمام صاحب الوقت ، يُخْبر فيه عن أشياء ، من جملتها : 6.

ص: 150


1- السفاتج : جمع سفتجة ، وهي : أن تعطي مالاً لرجل فيعطيك خطّاً يمكّنك من استرداد ذلك المال من عميل له في مكان آخر. المنجد : 336 .. قال المفيد في الإرشاد 2 / 362 : عن محمد بن صالح ، قال : لمّا مات أبي وصار الأمرُ إليّ ، كان لأبي على الناس سفاتج من مال الغريم ، يعني صاحب الأمر.
2- لسان الميزان 1 / 560 رقم 1155 وج 7 / 668.
3- لسان الميزان 1 / 580 رقم 1196.

أنّ الخُمْس حلالٌ للشيعة ، روى عنه سعد بن عبدالله القُمّي (1).

11 - اسد بن أيّوب الحلبي.

قال ابن حجر : له فوائد حديثية ورحلة إلى العراق ، وكان فقيهاً نحوياً ، ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : كان إمامياً (2).

12 - اسد بن بكر بن مسلم.

قال ابن حجر : من رجال الشيعة ، وله كتاب في فضائل أهل البيت ، استخرجه من مرويات العامّة ، ذكره ابن أبي طيّ (3).

13 - اسد بن علي بن عبدالله بن أبي الحسن بن محمد بن الحسن الغسّاني ، أبو الفضل الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : كان عمّ أبي ، وُلِد سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، وحفظ القرآن وهو ابن سَبْع ، وقرأ القراءات بالروايات ، وتعلّم الأُصول على مذهب الإماميّة ، وطابَ له العلم فَسافَر ، وصنّف فضائل أهل البيت ، جمع فيه ما في القرآن والحديث ، ونقض كتاب العثمانية للجاحظ ، ومات بقُم سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (4). 6.

ص: 151


1- لسان الميزان 1 / 582 رقم 1202.
2- لسان الميزان 1 / 585 رقم 1213.
3- لسان الميزان 1 / 586 رقم 1214.
4- لسان الميزان 1 / 586 - 587 رقم 1216.

14 - اسعد بن أحمد بن أبي روح القاضي العالم ، أبو الفضل الطرابلسي.

رأس الشيعة بالشام وتلميذ القاضي ابن البرّاج.

قال الذهبي في تاريخه : جلس بعد ابن البرّاج بطرابلس لتدريس الرفْض ، وصنّف التصانيف ، وولاّه ابن عمّار قضاء طرابلس بعد ابن البرّاج.

وله : كتاب عيون الأدلّة في معرفة الله ، كتاب التبصرة في خلاف الشافعي للاِمامية ، كتاب البيان عن حقيقة الإنسان ، كتاب المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بن أنس ، كتاب التبيان في الخلاف بيننا وبين النعمان ، مسألة تحريم الفقاع ، كتاب الفرائض ، كتاب المناسك ، كتاب البراهين ، وأشياء أُخرى ذكرها ابن أبي طيّ في تاريخه ، وأنّه انتقل من طرابلس إلى صيدا وأقام بها ، وكان مرجع الإمامية بها إليه ، فلم يزل بها إلى أن ملكت الفرنج صيدا ..

قال [ابن أبي طيّ] : فأظنّه قتل بصيدا عندما ملكت الفرنج البلاد ، ورأيت من يقول إنّه انتقل إلى دمشق.

قال : وذكره ابن عساكر فقال : كان جليل القدر ، يرجع إليه أهل عقيدته ..

قال : وكان عظيم الصلاة والتهجد ، لا ينام إلاّ بعض الليل. وكان صمته أكثر من كلامه.

قلت [يعني : الذهبي] : لم أره في تاريخ ابن عساكر (1).ق.

ص: 152


1- ولم يرد اسمه في المطبوع من تاريخ دمشق.

[قال ابن أبي طيّ] : وحكى أبو اللطف الداراني ، قال : ما استيقظت من الليل قطّ ألاّ وسمعت حسّه بالصلاة. وبالغ في وصفه ، وحكى له كرامة.

وحكى الراشدي تلميذه ، قال : جمع ابن عمّار بين أبي الفضل وبين مالكيٍّ مناظرةً في تحريم الفقاع ، وكان الشيخ جريئاً فصيحاً ، فنطق بالحجّة ووضح دليله ، فانزعج المالكي وقال : كُلْني كُلْني!!

فقال : ما أنا على مذهبك. أراد أنّ مذهبه جواز أكل الكلب.

وقال له ابن عمّار يوماً : ما الدليل على حَدَث القرآن؟

قال : النس - خ ، والقديم لا يتبدّل ولا يدخل زيادة ولا نقص.

وقال له آخر : ما الدليل على أنّا مخيَّرون في أفعالنا؟

قال : بعْثةُ الرسل.

وقال له أبو الشكر بن عمّار : ما الدليل على مُتْعة؟

قال : قول عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنا أنهى عنهما. فقبلنا روايته ، ولم نقبل قوله في النهي (1).

قال الذهبي في السير : رأس الرفض بالشام ، القاضي أسعد بن أحمد ابن أبي روح الطرابلسي ، صاحب التصانيف. أخذ عن ابن برّاج ، وسكن صيدا إلى أن أخذتها الفرنج ، فَقُتِل بها ، وكان ذا تعبّد وتهجّد وصمت ..

ناظرَ مغربياً في تحريم الفقاع ، فقطعه ، فقال المغربي المالكي : كُلني! قال : ما أنا على مذهبك ، أي جواز أكل الكلب. 1.

ص: 153


1- تاريخ الإسلام السنوات 501 - 520 / 447 - 448. وانظر : الوافي بالوفيات 9 / 40. راجع ترجمته وتفصيل أحواله في : موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلاميلعمر عبد السلام التدْمُري - 6 / 388 - 392 رقم 261.

وقيل له : ماالدليل على حدث القرآن؟

قال : النسخ ، فالقديم لا يتبدّل.

وقيل له : ما الدليل على أنّا مخيَّرون في أفعالنا غير مجبورين؟

قال : بعثة الرسل.

وله : كتاب عيون الأدلّة في معرفة الله ، وكتب في الخلاف ، وكتاب حقيقة الآدمي ، وأشياء ذكرها ابن أبي طيّ في تاريخ الإمامية (1).

15 - اسعد بن عمر بن مسعود الجَبَلي (بفتح الجيم والموحدة).

قال ابن حجر : أخذ عن الذي قبله [أسعد بن أبي الروح] ، وصنَّفَ في الردّ على الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم. قاله ابن أبي طيّ ، قال : وكان من علماء الإمامية (2).

16 - ابو الحسن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبي عيسى الجلي الحَلَبي (المتوفّى 447).

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : إمامٌ فاضلٌ في الحديث وفقه أهل البيت ، روى عن أبيه ، وعن محمد بن جعفر بن أبي الزبير ، وجعفر بن محمد بن الحجّاج. روى عنه ابنه عبدالله ..

تُوفّي سنة سبع وأربعين وأربعمائة ، ولاِسماعيل أسفار في فنون شتّى (3).4.

ص: 154


1- سير أعلام النبلاء 19 / 499 رقم 288 ، لسان الميزان 1 / 593 رقم 1227.
2- لسان الميزان 1 / 594 رقم 1228.
3- لسان الميزان 1 / 604 رقم 604.

قال ابن العديم : حدّث بحلب عن أبيه أحمد بن إسماعيل ، والقاضي أبي الحسن محمد بن جعفر بن أبي الزبير المنبجي قاضيها ، وأبي غانم أحمد بن يحيى قاضي حرّان ، سمعهم بحلب. روى عنه ابنه أبو الفتح عبدالله بن إسماعيل ابن الجلي : أخبرنا الشريف أبو حامد محمد بن عبدالله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي بها ، قال : أخب- رنا عمي أب- والمكارم حمزة بن علي الحسيني الحلبي ... عن علي بن أبي طالب عليه السلام : «نزلت النبوّة يوم الاثنين ، وصلّيت مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الثلاثاء» ..

توفّي أبو الحسن بن الجلي في سنة أحد وأربعين ، أو اثنتين وأربعين وأربعمائة. وجدت ذلك في محضر يتضمّن ذكر أملاكه ووقوفه بحلب (1).

17 - اسماعيل بن عباد بن عباس ، الصاحب.

قال ابن حجر بعد شرح طويل عن ترجمته : قال ابن أبي طيّ : كان إمامي الرأي ، وأخطأ من زعم أنّه معتزلياً ..

وقد قال عبد الجبّار القاضيلمّا تقدّم للصلاة عليه - : ما أدري كيف أصلّي على هذا الرافضي؟!

وإن كانت هذه الكلمة وضعَتْ من قَدْر عبد الجبّار لكونه كان غَرْس نعمة الصاحب.

قال - اي ابن أبي طيّ - : وشهد الشيخ المفيد بأنّ الكتاب الذى نسب إلى الصاحب في الاعتزال وضع على لسانه ، ونُسِب إليه ، وليس هُوَ له (2).1.

ص: 155


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 4 / 1614.
2- لسان الميزان 1 / 641 رقم 1311.

18 - اسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد ، أبو إسحاق الديلمي.

قال ابن حجر : روى عن أبي منصور نصر بن عبد الجبّار القزويني ، روى عنه أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، وكان من رجال الشيعة ، ذكره ابن أبي طيّ (1).

19 - اسماعيل بن مالك البَرْمكي.

قال ابن حجر : شيعي ، روى عن محمد بن سنان. روى عنه ابنه محمد بن إسماعيل ، قال ابن أبي طيّ : كان من رجال الشيعة (2).

20 - اسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة ، السيّد الحميري.

الشاعر المفلّق ، يكنّى أبا هاشم ، كان رافضياً.

قال ابن حجر : قلت : وفي رجال الشيعة لابن أبي طيّ بخطّه : إنّ السيد ذكر عن أبي خالد الكابلي أنّه كان يقول بإمامة ابن الحنفيّة ، فقدم المدينة ، فرأى محمداً يقول لعلي بن الحسين : يا سيدي! فسأله عن ذلك. فقال : إنّه حاكمني إلى الحَجَر الأسود ، وزعم أنّه ينطق ، فسرت معه إليه فسمعت الحجر يقول : يا محمد! سَلّمِ الأمر لابن أخيك فهو أحقّ به ، فصار أبو خالد من يومئذ إماميّاً ، فلمّا بلغ ذلك السيد الحِمْيري ، رجع عن الكَيْسانيّة ، وصار إمامياً (3). 0.

ص: 156


1- لسان الميزان 1 / 661 رقم 1343.
2- لسان الميزان 1 / 664 رقم 1351.
3- لسان الميزان 1 / 674 رقم 1370.

21 - اسماعيل بن يحيى العَبْسي الكوفي.

يكنّى أبا أحمد.

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : ثقة من رجال الشيعة ، روى عن محمد بن جرير بن رستم ، روى عنه الشيخ المفيد (1).

22 - اشرف بن الأغر بن هاشم العلوي النسابة.

من أهل حلب ، ملقّب ب- : تاج العُلى ، الشريف النسّابة الحسني الرمْلي ، الرافضي الذي كان بآمد ، تُوُفّي بحلب.

قال الذهبي : ذكره يحيى بن أبي طيّ في تاريخه ، فقال : هو شيخنا العلاّمة الحافظ النسّابة الواعظ الشاعر ..

قَدِم علينا وصحبته وقرأت عليه نهج البلاغة وكثيراً من شعره ، وأخبرني أنّه وُلد بالرمْلة في غرّة المحرّم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ، وعاش مائة وثمانياً وعشرين سنة.

قال لي : واستهلَّت علَيّ سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بعَسْقلان ، وفيها اجتمعت بالقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الصُوري الكناني ، وسمعْتُ عليه مجمل اللغة وعمره يومئذٍ خمسٌ وتسعون سنة ، قال : قَدِم علينا مدينة صور أبو الفتح سُلَيْم الرازي سنة أربعين وأربعمائة ، ونزل عندنا ، وسمعتُ عليه جميع المجمل بقراءته على مصنّفه ..

قال : واستهلَّ علَيّ هلال المحرّم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة 2.

ص: 157


1- لسان الميزان 1 / 685 رقم 1392.

بالاسكندرية.

ولقي ابنَ الفحّام ، وقرأ عليه بالسبْع بكتابه الذي صنّفه. قال : وكُنْتُ هذه السنة بالبصرة ، وسمعت من لفظ ابن الحريري خطبة المقامات التي صنَّفها.

ثمّ ذكر أنّه دخل المغرب ، وأنّه سمع سنة سبعٍ وأربعين من الكُروخي كتاب الترمذي ، ودخل دمشق والجزيرة ، واستقرّ بحلب في سنة ست وستمائة بعد أن أخذه شيخ السلامية وزير صاحب آمِد ، وبنى في وجهه حائطاً ، ثمّ خُلّص بشفاعة الظاهر صاحب حلب ، لأنّه هجا ابن شيخ السلامية.

وأقام بحلب ، وجعل له صاحبُها كلَّ يوم ديناراً صورياً وفي الشهر عشرة مكاكي حنطة ولحم.

وأخبرني أنّه صنّف كتاب نكت الأنباء في مجلَّدين ، وكتاب جَنَّةُ الناظِر وجُنَّة المناظر خمس مجلّدات في تفسير مائة آية ومائة حديث ، وكتاباً في تحقيق غيبة المنتظر وما جاء فيها عن النبيّ عليه السلام وعن الأئمّة ووجوب الإيمان بها ، وشرح قصيدة البائية للسيد الحميري ، وغير ذلك ، فسألته أن يأذن لي في نسخ هذه الكتب وقراءتها ، فاعتذر بالتقيّة ، وأنّه مسترزق من طائفة النصب ..

قال : وكان هذا الأشرف من نوادر الدهر علماً وحفظاً وأدباً وظرفاً ونادرةً وكرماً ، كان يعطي ويهب ويخلع ، قدح عينيه ثلاث مرّات. وحكى لي : أنّه لا يطيق ترك النكاح. ورزق بنتا في سنة تسع قبل موته بسنة ، ولم يفقد شيئاً من أعضائه ، لكن قلَّ بصره ، وأنشدني لنفسه كثيراً ، مات بحلب في تاسع وعشرين صفر. وقد كانت العامّة تطعن عليه عند السلطان ،

ص: 158

ولايزداد فيه إلاّ رغبة ، فلمّا مات قال : هاتوا مثله ، ولا تجدونه أبداً (1).

قال ابن حجر : قال يحيى بن أبي طيّ : أخبرني هذا الشريف - ولقبه تاج العُلا - ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ..

قال : وقال لي : اجتمعت بالقاضي علي بن عبد العزيز الصُوري ، فسمعْتُ عليه مجمل اللغة لابن فارس وعمره يومئذ خمس وتسعون سنة وهو يفهم ، صحيح السمع والبصر ، مع تضعضع في أعضائه ، قال : وذكر لي - حال القراءة عليهانّ فارس قدم عليهم صور سنة أربع وأربعين ، فأفرد له الشيخ الشافعي أبو الفتح سُليم الرازي داراً وسمع عليه المجمل من أوّله إلى آخره. قال : وقال لي تاج العلا : اجتمعت بالحريري صاحب المقامات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بالبصرة.

قلتيعني : ابن حجر - : وهذه جرأة عظمية وغباوة ، كيف صدّقه ابن أبي طيّ على ذلك؟ والحريري قد مات قبل هذا التاريخ بمدّة.

قال : وصنّف كتباً كثيرة ، منها : كتاب في تحقيق غيبة المنتظر ، وشرح القصيدة التائية للسيد الحميري ، وكان رافضياً ، مات سنة عشر وستّمائة. وهو بزعمه قد بلغ مائة وثمانية وعشرين عاماً (2).

23 - اصبهدوست بن محمد بن حسن بن اسفار بن شيرويه الديلمي ، أبو منصور الشاعر.

قال ابن حجر : كان يتشيّع ويبالغ فيه ، وربّما سلك طريق ابن الحجّاج 8.

ص: 159


1- تاريخ الإسلام السنوات 601 - 610 / 363 - 364. الوافي بالوفيات 10 / 373 ، نكت الهميان في نكت العميان : 120.
2- لسان الميزان 1 / 695 رقم 1418.

في شعره ، قاله أبو سعد ابن السمعاني ..

وقال : مات سنة تسع وستّين وأربعمائة ..

قال : ويقال : إنّه رجع عن ذلك.

وردّ ذلك ابن أبي طيّ في مصنَّفه في الإمامية (1).

24 - ايّوب بن طَهْمان الثقفي.

قال ابن حجر : لا يُدْرى مَن هو ، قال شبابة بن سوار : حدّثنا أيّوب أنّه رأى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حين دخل الإيوان بالمدائن أمر بالتماثيل التي في القبلة فقطع رؤوسها ثمّ صلّى ...

وذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : شهد مع علي رضي الله عنه النهروان (2).

للموضوع صلة ... 1.

ص: 160


1- لسان الميزان 1 / 711 رقم 1439.
2- لسان الميزان 1 / 749 رقم 1501.

دليل المخطوطات (9) - مكتبة العلّامة الجليلي

(كرمانشاه - ايران)

السيد أحمد الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

العلاّمة الجليل الشيخ عبد الجليل الجليلي ، من وجهاء علماء مدينة كرمانشاه بإيران ، له مكتبة عامرة بالمطبوعات والمخطوطات ، وأكثر نسخها المخطوطةالتي تزيد على الخمسمائة نسخةهي ممّا خلّفته له أُسرته التي تعدّ من الأُسر العلمية القديمة ذات الشهرة الواسعة في كرمانشاه وما والاها.

وفي ما يلي قائمة بنسخ قليلة رأيتها في المكتبة ، في زيارة قصيرة جدّاً لها :

ص: 161

(1)

الاستبصار

في ما اختلف من الاخبار

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

*15 ، ثالث جمادى الاولى 1059 ، على النصف الاول من

النسخة تعاليق

(2)

الاستبصار

في ما اختلف من الأخبار

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين العاملي (1030).

* 10 ، سنة 1031 (لعل الصحيح 1021) في خدمة المؤلّف

، يكتب الشيخ حسين بن حسن المشغري العاملي على الورقة الأُولى من النسخة أنّه

صحّحها على أصل المؤلّف مرّات بمكّة المكرمة. المجلّد الثاني.

(3)

تذكرة

الفقهاء

(فقه - عربي)

تأليف : العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (726).

* 35 ، ملاّ أبو الفتح الشيرازي ، 16 ذي الحجّة

1261. كتاب الطهارة إلى الحجّ.

ص: 162

(4)

ترجمة

قطب شاهي

(حديث - فارسي)

ترجمة : الشيخ محمد بن علي ابن خاتون العاملي (ق 11).

* 3 ، صالح بن محمد علي القزويني ، شهر رجب 1333

، صحّحه الناسخ ، وعليه تعليقتان بتوقيع محمد حسين النوري (صاصب كتاب مستدرك

الوسائل) ، وبأوّله فهرس تفصيلي للأحاديث.

(5)

تهذيب

الأحكام

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 29 ، ميرزا محمد بن ملاّ بن محمّد صالح

الشهميرزادي ، ذو القعدة 1083 ، النسخة مصحّحة ، عليها تعاليق من السيّد علي بن

ماجد البحراني وآخرين ، في أوراق قبل الكتاب فوائد مختلفة وإجازة من الشيخ حسين

بن حمد البحراني البارباري للسيّد علي المذكور بتاريخ 13 ربيع المولود 1153 ،

وإجازة أُخرى له كتبها حسين بن محمد بن جعفر البحراني الماحوزي في تاسع شعبان

1152.

(6)

جوامع

الجامع

(تفسير - عربي)

تأليف : أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي (548).

* 27 ، يوم الجمعة 29 رمضان 1117 ، النصف الأوّل من

الكتاب وهو مصحّح.

ص: 163

(7)

جواهر

الكلام في شرح شرائع الإسلام

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ محمد حسن بن الباقر النجفي (1266).

* 5 ، ثاني ذي القعدة 1259. كتاب الرهن إلى السبق

والرماية.

(8)

ذكرى

الشيعة في أحكام الشريعة

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الأوّل محمد بن مكّي العاملي (786).

* 8 ، محمد بن الحسن ، يوم الثلاثاء رابع [...]

954 ، نسخة مجدولة مصحّحة ، قابلها الحاجّ أسد الله الأصبهاني وكتب بلاغاً في آخرها.

(9)

الرجال

(رجال - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 33 ، من القرن الحادي عشر ، وفيه بلاغات.

(10)

روضة

المتّقين في شرح أخبار الأئمّة الطاهرين

(حديث - عربي)

تأليف : المولى محمد تقي بن مقصود علي المجلسي (1070).

* 32 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مجدولة صحّحها

ص: 164

الكاتب.

(11)

شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام

(فقه - عربي)

تأليف : أبي القاسم جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد ، المحقّق الحلّي (676).

* 19 ، يوم الاثنين 19 صفر 1101 ، مصحّح وعليه

تعاليق ، وفي الورقة الأخيرة منه شعر فارسي. النصف الأوّل من الكتاب وهو مخروم

الأوّل.

(12)

شرح

الإيجاز

(فقه - عربي)

تأليف :؟

* 23 ، خضر بن صوفي علي بن حاجي بن علي ، يوم

الخميس من جمادى الأُولى ، (آخر شرح الديباجة) ، النسخة مصحّحة عليها تعاليق ،

مخرومة الأوّل والآخر ، فيها شرح الديباجة وربع العبادات وربع المعاملات.

(13)

شرح

زبدة الاصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : حسام الدين محمد صالح بن أحمد المازندراني (1086).

* 31 ، إسماعيل بن إبراهيم القاري ، سنة 1230 ،

عليه تعاليق المؤلّف.

ص: 165

(14)

شرح

الكافي

(حديث - عربي)

تأليف : حسام الدين محمد صالح بن أحمد المازندراني (1086).

* 1 ، محمد حسين بن ضياء الدين محمد السنجري

الأصبهاني ، العشرة الأُولى من جمادى الأُولى 1067. المجلّد الأوّل.

(15)

شرح

مختصر الاُصول

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (756).

* 25 ، جلال بن محمد علي ، يوم الأربعاء ثامن صفر

1010 ، مصحّح وعلى بعض صحائفه ، تعاليق اثنين منها بتوقيع : محمد هادي بن

عبد الباقي الحسيني.

(16)

شرح

مفاتيح الشرائع

(الفقه - عربي)

تأليف :؟

شرح استدلالي بعناوين «قوله - قوله» ، ولعلّه قطعة من كتاب مصابيح الظلام في شرح مفاتيح شرائع الإسلام للوحيد البهبهاني.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين .. قوله والنصوص ، هو كما قال ولم يتعرّض لذِكر إجماع المسلمين».

* 4 ، من القرن الثالث عشر.

ص: 166

(17)

شرح

مقدٌمة كشف الغطاء

(أُصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ حسن بن جعفر كاشف الغطاء النجفي (1062).

* 28 ، حسن بن علي القفطان ، يوم الجمعة عاشر صفر

1289 ، قابل النسخة مع الأصل محمد الخمايسي.

(18)

شرح

نهج البلاغة

(ادب - عربي)

تأليف : عزّ الدين عبد الحميد بن هبة الله ابن أبي الحديد المعتزلي (655).

* 11 ، أوّل شهر صفر 1231 (آخر الجزء 14) وأوّل ذي

القعدة 1233 (آخر الكتاب) ، صحّح في الهوامش. الجزء الحادي عشر إلى العشرين.

(19)

عيون

أخبار الرضا

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

* 21 ، سنة 1272.

(20)

الفصول

الغروية في الاصول الفقهية

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : الشيخ محمد حسين بن محمد رحيم الأصبهاني (1255).

ص: 167

*6 ، السيّد هاشم بن محمد علي الموسوي اليزدي ،

ثاني جمادى الآخرة 1258.

(21)

القوانين

المحكمة

(اصول الفقه - عربي)

تأليف : ميرزا أبو القاسم بن الحسن الجيلاني القمّي (1231).

* 22 ، نسخة مخرومة الآخر ، مصححّة عليها بعض

التعاليق بتوقيع «عبد الرحيم».

(22)

الكافي

(حديث - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (328).

* 24 ، محمد زمان بن مقرئ سلطان محمد القاري

المشهدي ، قسم الفروع يوم السبت 11 ربيع الأوّل 1090 ، والروضة يوم الأربعاء

ثامن محرّم 1068 في المسجد الجامع بالمشهد الرضوي ، صحّحه الناسخ ، وعليه

تعاليق. كتاب النكاح إلى الديات والروضة.

* 34 ، من القرن الثاني عشر. كتاب الطهارة ، وفيه

تصحيحات.

* 36 ، من القرن الحادي عشر. كتاب المعيشة إلى آخر

الفروع.

ص: 168

(23)

كشف

اللثام والابهام عن كتاب قواعد الأحكام

(فقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسن الأصبهاني ، الفاضل الهندي (1137).

* 2 ، إسماعيل بن إبراهيم القاري ، يوم الثلاثاء

رابع رجب 1230. من كتاب النكاح إلى الوصايا.

* 14 ، إسماعيل بن إبراهيم ، سنة 1231 (آخر كتاب

الميراث) ، يوم الخميس 14 جمادى الأُولى 1264. كتاب القضاء إلى الديات.

(24)

كنز

العرفان في فقه القرآن

(فقه القرآن - عربي)

تأليف : أبي عبدالله المقداد بن عبدالله السيوري الحلّي (826).

* 20 ، من القرن الثالث عشر ، والنسخة مصحّحة.

(25)

كنز

اللغات

(لغة - فارسي)

تأليف : محمد بن عبد الخالق بن معروف (ق 9).

* 39 ، من القرن الحادي عشر ، مخروم الأوّل والآخر.

* * *

ص: 169

(26)

مجمع

البحرين ومطلع النيٌرين

(لغة - عربي)

تأليف : الشيخ فخر الدين بن محمد علي الطريحي النجفي (1087).

* 37 ، قريب من عصر المؤلّف ، بآخر النسخة أُضيف

فهرس بعض الكتب وأشعار وفوائد.

(27)

مجموعة فيها :

1

- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (966).

2

- الخلل في الصلاة

(فقه - عربي)

تأليف :؟

ربّما نسبت الرسالة إلى المحقّق الكركي أو الشهيد الأوّل.

أوّله : «الحمد لله الذي فطر السماوات والأرض».

* 9 ، الكتاب الأوّل بخطّ السيّد علي بن مير محمد

بديع التويسركاني ، يوم السبت أواسط شهر رجب 1127 ، مصححّة عليها تعاليق.

الرسالة الثانية بخطّ علي بن أحمد بن عيسى بن علي ، كتبت لآقا عبدالله بن عبد

الجليل.

ص: 170

(28)

مجموعة فيها :

1

- ابواب الجنان

(أخلاق - عربي)

تأليف : ميرزا رفيع الدين محمد بن فتح الله الواعظ القزويني (1089).

المجلّد الأوّل من الكتاب.

2

- شرح حديثين

(حديث - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

3

- اختيارات أيٌام

(نجوم - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي.

* 38 ، شاه حسن بن ميرزا نيكو ، ذو القعدة 1109

للحاجّ محمد كاظم شالو ، نسخة مجدولة نفيسة ، بأوّل كلّ رسالة لوحة فنّية.

(29)

مسالك

الافهام الى تنقيح شرائع الاسلام

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (966).

* 16 ، من أوّل الطهارة إلى كتاب الوصية.

* 17 ، شهر رجب 1265. كتاب النكاح إلى اللعان.

* 18 ، ملاّ أبو الفتح الشيرازي ، 23 شوّال

1266 (آخر اللقطة) ويوم السبت ثالث شوّال 1267 ، كتب لآقا عبد الرحمن ، في

آخر كتاب العتق بلاغ كتب في سلخ شوّال

ص: 171

1115؟ كتاب العتق إلى الديات.

(30)

المطالع

السعيدة في شرح الفريدة

(نحو - عربي)

تأليف : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (911).

شرح بعناوين «ص - شرح» على ألفية السيوطي نفسه المسمّاة ب- «الفريدة» ، فيه شيء من التفصيل ونُقولٌ عن بعض أعلام النحو والأدب ، تمّ تأليفه يوم السبت 11 جمادى الآخرة سنة 895.

أوّله : «أمّا بعد حمد الله على نعمه المزيدة ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الذي نولي نصره وتأييده».

* 7 ، حسن بن ثابت بن إسماعيل الزمزمي المكّي خادم

بئر زمزم ، يوم الجمعة 19 شعبان 909 في الجامع الأزهر بمصر.

(31)

مقامع

الفضل

(فقه - فارسي)

تأليف : آقا محمد علي بن محمد باقر البهبهاني الكرمانشاهي (1216).

* 30 ، شوّال 1216.

(32)

من

لا يحضره الفقيه

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق محمد بن علي ابن بابويه القمّي (381).

ص: 172

* 12 - 13 ، يوم الثلاثاء رابع جمادى الأُولى 1066

والعشرة الأخيرة من شوّال 1032 (قبل المشيخة) ، مخروم الأوّل والآخر ، الجزءان

الأول والثاني.

* 40 ، محمد يوسف بن محمد شعيب الطالقاني

الجزني ، والثلث الأخير من الكتاب بخطّ محمد نبي بن محمد مقيم الطالقاني ،

يوم الخميس 27 محرّم 1120 ، أوائل النسخة مصحّح عليه تعاليق.

(33)

منتهى

المطلب في تحقيق المذهب

(فقه - عربي)

* 26 ، عزيز الله بن فتح الله السمناني ، سنة 1064

، مصحّح فيه بلاغات. الجزء السادس.

* * *

ص: 173

فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (9)

السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(419)

جداول

لتعيين قبلة البلاد ، وطولها وعرضها ، ودرجة انحرافها.

استخراج : الفلكي المشهور الشيخ محمد باقر اليزدي ، أُستاذ الشيخ البهائي.

نقلاً عن كتابه مطلع الأنوار. [راجع : الذريعة 21 / 143 رقم 4334].

نسخة ضمن مجموعة أكثرها في موضوع القِبلة ، تبدأ من الصفحة 139 إلى الصفحة 172 ، رقم المجموعة 1314.

(420)

الجعفريات

وهي مسائل علي بن الإمام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه.

نسخة ملحقة بكتاب قرب الإسناد للحميري ، كتابة أحد خطّاطي

ص: 174

العهد الصفوي في القرن الحادي عشر ، تسلسل 651.

(421)

الجعفرية

أو : الرسالة الجعفرية في أحكام الصلاة.

للمحقّق الكركي ، الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي ، صاحب جامع المقاصد ، المتوفّى سنة 940.

فرغ من تأليفها في خراسان بتاريخ 10 جمادى الآخرة سنة 917.

نسخة خطّ المؤلّف مع شرحه عليها - بخطّه أيضاً - في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، وعليها شروح وحواشٍ لغيره ، بعضها موجود في المكتبة ، وقد طبع الكتاب في إيران مرّتين. [راجع : الذريعة 5 / 110 رقم 457].

نسخة ضمن مجموعة هي أوّلها ، فرغ منها الكاتب في صفر سنة 1057 ، رقم 1979.

نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتبت في القرن العاشر ، في مجموعة فرغ منها الكاتب سنة 984 ، أوّلها ألفيّة الشهيد ، والجعفرية أيضاً بالخطّ والتاريخ نفسه ، وكانت الورقة الأخيرة ساقطة فأتمّها محمد معصوم بن محمد مقيم الخطيب العبد العظيمي ، من أعلام القرن الثاني عشر ، رقم 2288.

(422)

جلاء الأذهان

هو تفسير گازر.

ص: 175

لأبي المحاسن الجرجاني ، الحسين بن الحسن.

فارسي ، لخّص فيه تفسير أبي الفتوح الرازي. [راجع : الذريعة 5 / 123 رقم 502].

نسخة هي الربع الرابع من الكتاب ، تبتدىَ بسورة يَس وتنتهي بانتهاء الكتاب ، وهي نسخة صحيحة قيّمة ، كتابة القرن العاشر ، والآيات مكتوبة بالشنجرف ، تنقص من آخرها عدّة أسطر ، فليراجع المطبوع ، رقم 703.

(423)

جلاء العيون

تأليف : العلاّمة المجلسي المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي ، المتوفّى سنة 1110 ، مؤلّف بحار الأنوار.

فارسي ، في تاريخ وسيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وآله الأئمّة الهداة المعصومين من عترته عليهم السلام إلى الإمام الثاني عشر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - على حسب الروايات المعتبرة المعتمدة ، طبعت مراراً متعدّدة ، وترجمت إلى العربية ، فرغ منه المؤلّف بتاريخ 16 محرّم سنة 1089.

نسخة بخطّ نستعليق لطيف ، كتبها : «علي مردان قليچي بالقور غلامان خاصّة شريفة» ، وفرغ منها في الأربعاء 16 شوّال سنة 1116 ، ولعلّه كتبه على نسخة خطّ المؤلّف ؛ إذ إنّه كتبه في أصفهان بعد مؤلّفه بخمسة أعوام ، في 303 أوراق ، قياسها 22 x 32 ، تسلسل 1966.

نسخة قيّمة كتبها أحد خطّاطي العهد الصفوي في أوائل القرن الثاني

ص: 176

عشر بخطّ نسخ بديع ، في 461 ورقة ، رقم 1283.

نسخة كتبها أبو القاسم بن محمد علي الصبّاغ ، المشتهر ب- : «زيبا» ، وفرغ منها في 17 ربيع الآخر سنة 1219 ، 399 ورقة ، رقم 1961.

نسخة بخطّ الخطّاط محمد محسن الشيرازي ، كتبها بالخطّ الفارسي الجميل ، وفرغ منها في شهر رمضان سنة 1224 ، في 252 ورقة بالقطع الرحلي ، تسلسل 128.

(424)

جمال الصالحين

تأليف : ميرزا حسن بن الحكيم الفيّاض المولى عبد الرزّاق اللاهيجي القمّي ، المتوفّى سنة 1121.

فارسي ، في الآداب والأدعية والأخلاق ، وهو آخر مؤلّفات المصنّف ؛ لأنّه فرغ منه في هذه السنة ، ذكر ذلك شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة [5 / 129 رقم 536] ، وذكر أيضاً تفاصيل أبوابه.

نسخة بخطّ ملاّ إبراهيم بن گُل محمد ، فرغ منها في رجب سنة 1238 ، وبآخرها قصيدة فارسية في تقريظ الكتاب ، أرّخ فيها سنة تأليفه ، رقم 820.

نسخة بخطّ الخطّاط السيد حسين بن أبي القاسم الخونساري ، كتبها بخطّ نسخ جيّد ، والعناوين بالشنجرف ، لخزانة «آصف جايگاه ميرزا محمد» وبأمره ، وفرغ منها في سلخ ربيع الأوّل سنة 1233 ، في 189

ص: 177

ورقة ، رقم 1239.

(425)

الجمانة البهية في نظم الألفيّة

الألفيّة رسالة تشتمل على ألف واجب في الصلاة ، تصنيف : الشهيد الأوّل ، الشيخ أبي عبدالله محمد بن محمد بن مكّي الشامي العاملي الجزّيني ، الشهيد سنة 786.

نظمها الشيخ تاج الدين الحسن بن محمد بن راشد الحلّي ، من أعلام القرن التاسع ، ومن تلامذة الفاضل المقداد - المتوفّى سنة 826 ه- وسمّاها : الجمانة البهية في نظم الألفيّة ، وقرّظه أُستاذه الفاضل المقداد بتقريظ بليغ.

نظمها في 650 بيتا ، في الحلّة ، بتاريخ 23 ربيع الأوّل سنة 825 ، قبل وفاة المقداد بسنة.

نسخة بأوّل كتاب الوسيلة لابن حمزة ، تسلسل 631 ، وهي بخطّ الشيخ عبد الكريم بن سلطان محمد التبريزي ، كتبها مع تقريظ شيخه الفاضل المقداد عن خطّهما رحمهم الله ، وفرغ منها أواسط جمادى الأُولى سنة 1033 ، وعليها توقيعه وختمه : الفقير عبد الكريم ، يظهر منها أنّ الناظم كان حيّاً سنة 836 ؛ إذ قال : للشيخ تاج الدين ابن راشد الحلّي ؛ ، قاله سنة ست وثلاثين وثمانمائة في إنسان كان بمذهب المالك فمات :

قالوا الوجيه قضى فقلت لقد قضى

شرّ البرية أفجر الفجّارِ

... إلى آخره.

ص: 178

(426)

الجمع بين الأخبار

للأُستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني الأصبهاني الحائري ، المتوفّى سنة 1205.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، بخطّ خليل بن الشيخ إبراهيم الزاهد ، تاريخ بعضها سنة 1220 ، رقم 393.

(427)

الجمل والعقود

لشيخ الطائفة وفقيه الأُمّة ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، المتوفّى سنة 460.

مطبوع في إيران.

نسخة قيّمة ، فرغ منها الكاتب في العشرين من شهر رمضان سنة 828 ، والنسخة مصحّحة ومعها كتاب التبصرة للعلاّمة الحلّي أيضاً بهذا التاريخ وبخطّ هذا الكاتب ، تسلسل 512.

(428)

جنّات الوصال

كتاب كبير ، فارسي منظوم ، أخلاقي عرفاني ، يشبه كتاب المثنوي إلاّ إنّه أكبر منه.

من نظم : العارف محمد علي ، الملقّب «نور علي شاه» ، مؤلّف

ص: 179

جامع الأسرار ، له ترجمة مبسوطة في طرائق الحقائق.

ذكره شيخنا - دام ظلّه - في الذريعة 5 / 152 ، وقال : إنّ الناظم كان ينوي أن ينظم جنّات ثمان ، واخترمته منيّته دون إتمام الثالثة منها ، فتمّم الثالثة خليفته محمد حسين ، الملقّب «رونق علي شاه» ، المتوفّى سنة 1225 ، ثمّ ألحق بالجنّات الثلاث الرابعة والخامسة ، ثمّ أدركه الأجل قبل إتمام الخامسة ، فأتمّها له غيره ..

ثمّ جاء من بعدهم أحمد بن عبد الواحد الكرماني ، الملقّب «نظام علي شاه» ، المتوفّى سنة 1242 ، خليفة «مجذوب علي شاه» فألحق بها الجنّة السادسة ، وهي في ترجمة مصباح الشريعة ، مرتّباً لها على مائة لمعة ، ثمّ نظم الجنّة السابعة أيضاً ، وتاريخ نظمه سنة 1228.

انتهى بتغيير منّي ..

وراجع : فهرس سپهسالار 2 / 489.

نسخة تحتوي ستّة منها ، وتنقصها السابعة ، بخطّ السيد علي رضا الخطّاط ، الملقّب ب- : «چپ نويس» ، كتبها في القرن الثالث عشر ، 374 ورقة ، تسلسل 1369.

قطعة بآخر مجموعة في الكيمياء والصنعة والعلوم الغريبة ، منظومة في هذا الموضوع ، أوّلها :

مرد اكسيرى گرت آيد ببر

گردد از بسحاب لطف اكسير گر

مكتوب عليها أنّه : نسخه شريف در جنّات الوصال نور علي شاه بيان فرموده است.

رقم المجموعة 1750 ، بخطّ حاج ملاّ محمد نعمت اللّهي.

ص: 180

(429)

جناح الصلاح

تأليف : المولى نظر علي بن محمد محس - ن الجيلاني.

وهو في واجبات الصلاة ومندوباتها ، وآدابها ، وتعقيباتها ، وزبدة أعمال السنة الشمسية من أدعية وأذكار ، وسمّاه جناح الصلاح في قبال مفتاح الفلاح للشيخ البهائي ، كما صرّح بذلك كلّه في خطبة الكتاب ..

وهو في عشرة أبواب وخاتمة ، وجعله تحفة لحضرة ... السلطان فتح علي شاه القاجاري.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ، فيها إضافات وشطوب وتعليقات منه وتصحيحات ، وبآخرها أبيات فارسية للمير فندرسكي ، وتقع في 256 ورقة ، رقم 1053.

(430)

جُنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية

للشيخ الكفعمي ، تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد ابن صالح الكفعمي العاملي ، المتوفّى سنة 905.

وهو المشتهر ب- : مصباح الكفعمي ، وهو الكبير ؛ إذ له آخر صغير اسمه الجنّة الواقية ، مرتّب على أربعين فصلاً ، وهذا الكبير مرتّب على خمسين فصلاً ، أوّلها في الوصية ، وأخيرها في آداب الداعي.

أوّله : «الحمد لله الذي جعل الدعاء سلّماً نرتقي به أعلى مراتب

ص: 181

المكارم ...».

فرغ منه في 27 ذي القعدة سنة 875 ، وهو مطبوع في الهند وإيران ، ومترجم عدّة مرّات إلى الفارسية. راجع : الذريعة 5 / 156.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، في 397 ورقة ، رقم 607.

نسخة قيمة ، وعليها تعاليق كثيرة للمؤلّف ، كلّها بخطّ الخطّاط عبد الخضر بن جلال الدين ، كتب المتن بالنسخ الجميل ، والتعاليق بالتعليق الرائع ، والعناوين بالشنجرف ، والأدعية كلّها مشكولة مضبوطة ، وفرغ منه زوال الجمعة ثاني محرّم سنة 1065 ، وتقع في 356 ورقة ، رقم 713.

نسخة تشتمل على الفصل الثاني والأربعين والفصل التاسع والثلاثين منه ، بأوّل المجموعة رقم 1662 ، بخطّ نسخ حديث.

نسخة بخطّ نسخ جيّد خشن جميل ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وعلى هوامشها تعاليق بالخطّ الفارسي الجميل ، والنسخة بخطّ أحد خطّاطي القرن الثاني عشر ، 367 ورقة ، رقم 1861.

(432)

جنّة الخلد

[رسالة عملية ، مرتّبة على مطلبين ، أوّلهما : في أُصول الدين ، وثانيهما : في فروعه من الطهارة إلى آخر الصلاة].

للشيخ خضر بن شلاّل [آل خدّام العفكاوي النجفي ، المتوفّى سنة 1255 ه. راجع : الذريعة 5 / 157 رقم 665].

ص: 182

نسخة ناقصة من كلٍّ من طرفيها ورقة ، بخطّ نسخ جيّد ، في 94 ورقة ، رقم 1679.

(432)

الجُنّة الواقية والجَنّة الباقية

للشيخ الكفعمي ، تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد ابن صالح الكفعمي اللوزي العاملي ، المتوفّى سنة 905.

وهو الجُنّة الصغيرة المشتملة على 40 فصلاً. راجع : الذريعة 5 / 156 وص 161.

نسخة بخطّ السيد إبراهيم بن إسماعيل الحسيني ، فرغ منها في سلخ شعبان سنة 1117 ، في 119 ورقة ، رقم 155.

نسخة قيّمة ، فرغ منها الكاتب في سلخ ربيع الأوّل سنة 1061 ، وبعده معاني الأخبار للشيخ الصدوق بالخطّ نفسه ، وهما في مجلّد ، وبأوّله خطّ محمد طالب بن حاج حيدر الجليلي وختمه ، ولعلّه هو الكاتب للنسخة ، والنسخة بخطّ نسخ مقروء ، والعناوين بالشنجرف ، وعليها بعض التصحيحات ، رقم 269.

نسخة ملحقة بآخر كتاب آداب عباسي ، المكتوب سنة 1076 ، تسلسل 656.

نسخة بخطّ محمود بن محمّد بن يوسف بن محمد القروي ، كتبها بخطّ نسخ جيّد ، وفرغ منها سنة 1111 ، وقبلها عدّة سور ، وبعدها عدّة أدعية ، وبآخرها كتابة بخطّ علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني ،

ص: 183

وأظنّه مؤلّف أنوار البدرين ، رقم 2176.

(433)

الجنّة والنار

لشيخ الإسلام العلاّمة المحدّث المجلسي ، محمّد باقر بن محمّد تقي الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1110.

فارسي ، شرح فيه حديثين غريبين ، أحدهما في الوعد بالجنّة ونعيمها ، والآخر في الوعيد بالنار وحميمها ؛ ولهذا يقال له : «شرح الحديثين» أيضاً ، ويقال له : «الوعد والوعيد» أيضاً.

أوّله : «الحمد لله الذي أعدّ لأوليائه جنّات النعيم ، ولأعدائه نزلاً من حميم ...».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله الفارسية ، كتبها محمد حسين بن محمد أمين بخطّ نسخ جيّد خشن ، فرغ من بعضها سنة 1125 ، وعليها تملّك السيد عبد الباقي الخواتون آبادي سبط المؤلّف ، وهذه الرسالة من الورقة 124 ب إلى الورقة 148 ب ، رقم التسلسل 654.

(434)

جواب ابن تيميّة

عن الجبر والاختيار

نسخة ضمن مجموعة بخطّ سعيد بن قابل النجدي الشافعي ، فرغ من المجموعة سنة 996 ، رقم 840.

ص: 184

(435)

جواب ابن سينا لأبي سعيد ابن أبي الخير

هناك عدّة أسئلة سألها الشيخ أبو سعيد ابن أبي الخير الشيخ الرئيس أبا علي ابن سينا فأجاب عنها.

توجد في المجاميع متفرّقة ، وتوجد في المكتبة الحميدية في إستانبول كلّ الخمسة مع جواباتها مجتمعة ، في مجموعة تحمل رقم 1452 ، كذا ذكر المهدوي في فهرس مصنّفات ابن سينا : 3.

والموجود هنا واحد من تلك الأسئلة ، وهو خامس الأسئلة من تلك المجموعة ، وقد ذكر المهدوي في ص 8 أنّ هذا السؤال مع جوابه مطبوع بالقاهرة سنة 1331.

نسخة ضمن مجموعة من رسائل ابن سينا وغيره ، كتبت بخطّ فارسي جيّد في القرن الحادي عشر ، رقم التسلسل 597.

(436)

جواب ابن سينا للشيخ أبي سعيد

أوّله : «كتب الشيخ العارف أبو سعيد المهني - قدس الله سرّهالى الشيخ أبي علي بن سينا : دلّني على الدليل ، فقال في الرسالة على طريق الجواب ...».

نسخة بخطّ الخطّاط إسماعيل المراغي ، بخطّ نسخ ممتاز ، ضمن مجموعة عرفانية مجدولة باللاجورد والشنجرف ، وبعده في المجموعة شرحه لسعد الدين الكالوني ، رقم المجموعة 1515.

ص: 185

(437)

جواب أبي منصور زيله

للشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا ، المتوفّى سنة 428 ه.

أجاب به كتاب الشيخ أبي منصور الحسين بن طاهر محمد بن عمر زيله.

أوّله : «وصل كتاب الشيخ مخبراً بجميل صنع الله لديه ، وسبوغ نعمه عليه ، واتّصال هدايته به ...».

ولم يذكره المهدوي في فهرس مصنّفات ابن سينا ، وإنّما ذكر في ص 296 «مسائل زيله» سأل عنها الشيخ الرئيس ابن سينا ، وخطّأ أركين وبروكلمن وطلقنواتي في عدّهم جواب هذه المسائل مؤلّفاً برأسه ، وقال : بل هو قسم من كتاب المباحثات ، وقد نشره عبد الرحمن البدوي في كتابه أرسطو عند العرب : 197 ، الفقرة 352.

ولعلّ هذا الجواب هو صدر أجوبته عن تلك المسائل.

نسخة ضمن مجموعة من رسائل ابن سينا وغيره ، كتبت في القرن الحادي عشر بخطّ فارسي جيّد ، رقم التسلسل 597.

(438)

جوابات الشيخ أحمد

الأُولى والثانية والثالثة

وهو الشيخ أحمد بن صالح بن طوق القطيفي.

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفّى سنة 1241.

ص: 186

ذكرها شيخنا في الذريعة 5 / 173 وص 199.

وهي ثلاثة ، الأُولى تبدأ من ص 172 ، والثانية تبدأ من ص 290 ، والثالثة تبدأ من ص 314.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كتبت في حياته ، تبدأ من ص 172 ، تسلسل 693.

(439)

جواب تجلّي

أجاب به وزارة پناه خواجه سلطان محمد وزير نواب إمام قلي خان عن سؤال خان عالم ايلچي ، المتعلّق بتجلّي الربّ تعالى للجبل وتكلّمه مع موسى عليه السلام.

نسخة بآخر نسخة من كتاب تحرير الأحكام للعلاّمة الحلّي ، كتابة القرن العاشر أو الحادي عشر ، وبظهر الورقة الأخيرة أيضاً فوائد كثيرة ، رقم 2263.

(440)

جواب الحرّ العاملي

عن سؤال ورد إليه ، تخيّل فيه السائل تناقضاً بين كلامي الشيخ في أوّل التهذيب.

فأجاب عنها المحدّث الحرّ العاملي - المتوفّى سنة 1104 - بخطّه الشريف.

ص: 187

نسخة بأوّل نسخة من التهذيب كتبت سنة 1058 ، وبآخرها أيضاً خطّ الشيخ الحر بالإجازة لتلميذه مير محمد جعفر السبزواري ، رقم 1991.

(441)

جواب سؤال حول التخليل للصائم

أجاب عنها الشيخ بهاء الدين محمد بن عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي ، المتوفّى سنة 1030.

نسخة ضمن مجموعة بخطّ حسن علي بن عبد الكريم العاملي المجلسي ، كتبها في القرن الثاني عشر ، رقم المجموعة 457 ..

وبآخر النسخة فائدة فلكية ، أظنّها للشيخ البهائي أيضاً ، وبعدها ألغاز وأشعار وفوائد.

(442)

جواب السؤال عن سرّ اختلاف الأحاديث

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي.

نسخة ضمن مجموعة من جوابات مسائل الشيخ وفوائده ، مكتوبة في حياته ، رقم المجموعة 1230.

(443)

جواب سؤال عن النفس والعقل والروح

سئل عنها الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، فأجاب عنها.

ص: 188

نسخة ضمن مجموعة من جوابات مسائله ، مكتوبة في حياته ، رقم المجموعة 1230.

(444)

جواب المحقّق القمّي

هو الميرزا أبو القاسم بن حسن الجيلاني القمّي ، المتوفّى سنة 1231.

وهو جواب عن ما أورده على كتابه القوانين المحكمة بعض أعلام عصره ، فأجاب عنه جملة جملة ..

أوّل الإيرادات : «من العبد الذليل إلى المولى الجليل ...».

وآخر ما أجاب به المحقّق القمّي : «وإنّ مقصودي قد اشتبه على المجيب - دام ظلّه - لقصور كلامي وجلالة نظره - دام ظلّه -».

فانظر إلى النقد النزيه والأدب الإسلامي الرفيع في نقاش علمي بين علمين معاصرين ، رحم الله معشر الماضين.

فرغ منه منتصف محرّم سنة 1220.

نسخة بخطّ العلاّمة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، كتبها في النجف الأشرف سنة 1276 ، ضمن مجموعة بخطّه رقمها 1939.

(445)

جواب المحقّق القمّي

هو الميرزا أبو القاسم بن حسن الجيلاني القمّي ، المتوفّى سنة

ص: 189

1231.

سأله المولى علي أصغر ملاّ باشي عن خطبة البيان ، وعن شرح جملتين فيها ، فأجاب المحقّق بجواب مبسوط.

وهو فارسي طبقاً للسؤال ، ومدرج ضمن جامع الشتات.

أوّله : «سبحان من دانت له السماوات والأرض بالعبودية ...».

فرغ منه المؤلّف في 8 شهر رمضان سنة 1213.

نسخة ضمن جامع الشتات ، رقم 213.

(446)

جواب المحقّق القمّي

هو الميرزا أبو القاسم بن حسن الجيلاني القمّي ، المتوفّى سنة 1231.

وهو جوابه عن سؤال ورد إليه ، يتعلّق بلزوم أخذ الإجازة للأوراد والأذكار والختومات ، ولزوم تصوّر الشيخ المجيز والمراد عند الاشتغال بالذِكر والورد! والسؤال عن جواز هذا الأمر وحرمته ، فكتب الجواب مفصلاً مبسوطاً ، فرغ منه في شوّال سنة 1213.

والجواب فارسي كالسؤال ، وهو مدرج ضمن جامع الشتات له.

أوّله : «الحمد لله الذي فتح لنا إليه من مفاتيح الألباب باباً ، وأوضح لنا في ظلمات الشكوك من مصابيح محكمات الكتاب مآباً ...».

نسخة ضمن جامع الشتات ، رقم 213.

ص: 190

(447)

جواب مسألتَي السيد حسين

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفّى سنة 1241.

كتبه في جواب سؤال السيد حسين بن عبد القاهر عن قصّة موسى والخضر عليهما السلام ، وبيان فضيلة أحدهما على الآخر ، وعن مسألة الرجعة ؛ هل تكون جسمانياً كأجساد أهل الأرض أو كأجساد أهل الجنّة؟! فأجاب بأنّ الرجعة جسمانية بأجساد أهل الأرض.

نسخة ضمن مجموعة من مسائله ورسائله ، كتبت في حياته ، تبدأ من الصفحة 344 إلى 351 ، رقم 693.

(448)

جواب مكتوب الحكيم

في النفس الناطقة

فارسي ، لعلّه للسيد محمد نور بخش.

أوّله : «آفتاب عنايت از فلك ولايت وبرج هدايت بر اراضى قلوب مستعدّان ...».

نسخة كتبها الخطّاط إسماعيل المراغي في القرن الثالث عشر ، ضمن مجموعة عرفانية كلّها بخطّه النسخ الجميل ، مجدولة باللاجورد والشنجرف ، كانت في خزانة صدر السلطنة النوري ، رقم المجموعة 1515.

ص: 191

(449)

جوامع أحكام النجوم

تص - نيف : فريد خراسان ، وهو أبو الحسن علي بن زيد البيهقي ابن فندق.

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على من امتطى غوارب الرسالة ، واعتلى مناكب الهداية من الضلالة ، محمد وآله الأخيار ...» ، ويذكر نسبه إلى خزيمة بن ثابت.

نسخة كتابة القرن العاشر ، مصحّحة مقابلة ، وعليها بلاغات ، رقم 1322 ، وبآخرها «زيج خاقانى» لغياث الدين مسعود الكاشي.

(450)

جوامع التفسير

للشيخ أبي الحسن بن إبراهيم اليزدي ، من تلامذة الشيخ أحمد الأحسائي.

أوّله : «الحمد لله المستشهد بحدوث خلقه على قدمه ...».

قال في الورقة العاشرة : أسميناه ب- : جوامع التفسير ؛ لجمعه من التفاسير والمعاني ، واللطائف والحقائق ، والوجوه الكريمة ، والبطون الحكيمة ، والتأويلات العجيبة ، ما لم يجمعه كتاب.

نسخة انتهت إلى تفسير سورة الحمد بعد مقدّمات كثيرة مبسوطة ، 208 أوراق ، لعلّها بخطّ المؤلّف ، رقم 985.

ص: 192

(451)

جوامع الجامع

هو التفسير الأوسط لأبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المتوفّى سنة 548.

كتبه بعد فراغه من تفسيره الكبير مجمع البيان ، وعثوره على كتاب الكشّاف للزمخشري ..

وللكفعمي اختصار لهذا التفسير.

نسخة بلغت إلى قوله تعالى : (وإنّه لتنزيل ربّ العالمين * نزل به الروح الأمين) [سورة الشعراء 26 : 192 و 193] ، فرغ الكاتب من سورة الكهف في صفر سنة 1109 ، في 229 ورقة ، رقمها 529.

نسخة بخطّ محمد سعيد بن خداويردني الطالقاني ، فرغ منها في 26 شوّال سنة 1114 ، في 334 ورقة ، والنسخة مصحّحة ومقابلة ، عليها بلاغات وتصحيحات ، وعليها حواشٍ ، منها حواشِ العلاّمة السيّد قوام الدين محمد بن مهدي الحسني القزويني ، تلميذ الشيخ جعفر الكمره إي ، المتوفّى سنة 1115 ، كتبت في حياته.

رقم 18.

نسخة بخطّ إسماعيل بن إبراهيم ، كتبها سنة 1103 ، في 473 ورقة ، رقم 974.

نسخة من أوّل الكتاب إلى آخر سورة الكهف ، بخطّ محمد علي ابن شفيع ، فرغ منها في العشر الثاني من رجب سنة 1128 ، في 253

ص: 193

ورقة ، رقم 257.

نسخة من أوّل سورة يونس إلى نهاية سورة فاطر (الملائكة) ، بخطّ نسخ خشن جيّد ، فرغ منها الكاتب في 24 محرّم سنة 1086 ، كتبها معصوم ابن أبي طالب بن نصر الله الفالي ، 282 ورقة ، رقم 2043.

(452)

جوامع العلاج

في الطبّ.

للحاجّ محمد كريم خان بن إبراهيم الكرماني ، المتوفّى سنة 1288.

فرغ منه تاسع جمادى الأُولى سنة 1269 ، وترجمه تلميذه ميرزا حسن بن علي أكبر المحيط الكرماني إلى الفارسية ، ذكره في الذريعة 5 / 251.

نسخة بخطّ محمد كريم بن محمد صادق ، بنسخ جيّد ، مع علاج الأرواح ، وفرغ الكاتب من علاج الأرواح سنة 1305 ، رقم 339.

(453)

جوامع الفوائد

فارسي ، في الطبّ.

تأليف : يوسف بن محمد يوسف الطبيب ، مؤلّف علاج الأمراض.

أوّله : «حمد نامحدود حكيمي را كه بقانون حكمت وكامل الصناعه رحمت را نافع أمراض ...».

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، رقم 1517.

ص: 194

(454)

جوامع الوسائل في

أُجوبة جوامع المسائل

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفّى سنة 1241.

نسخة في 294 ورقة ، رقم 1794.

(455)

جواهر التفسير

لتحفة الأمير

للمولى حسين بن علي الواعظ الكاشفي ، المتوفّى سنة 910.

تفسير فارسي ، ويقال له : «العروس» ، ألّفه باسم الوزير أمير علي شير نوائي الجغنائي ، وزير السلطان حسين ميرزا بايقرا في هراة ، الذي توفّى سنة 906 ..

قدّم له مقدّمات مسهبة في التفسير وعلوم القرآن.

نسخة من أوّله إلى آخر تفسير سورة فاتحة الكتاب ، في 138 ورقة ، فرغ منها الكاتب في صفر سنة 983 ، رقم 842.

(456)

جواهر القرآن

في الأخلاق.

لأبي حامد الغزّالي محمد بن محمد ، المتوفّى سنة 505.

ص: 195

نسخة كتبت في ربيع الآخر سنة 1051 ، في 171 ورقة ، رقم 980.

(457)

جواهر الكلام

[في شرح «شرائع الأسلام»

للفقيه العلاّمة الشيخ محمد حسن النجفي ، المتوفّى سنة 1266 ه.

في الفقه الاستدلالي ، في 44 جزءاً ، شامل لأبواب الفقه وكتبه ، جامع لأُمّهات المسائل وفروعها ، محتوٍ على وجوه الاستدلال مع دقّة النظر ونقل الأقوال ؛ يُعدّ من أجود الشروح وأغناها لكتاب شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام للمحقّق الحلّي ، الشيخ أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى الهذلي (602 - 676 ه) ..

استغرق تأليفه ما يزيد على 30 سنة ، وهو مطبوع مكرّراً].

نسخة من كتاب الحدود والتعزيرات إلى آخر الديات الذي به ينتهي كتاب الجواهر ، فرغ منه مؤلّفه ليلة الثلاثاء ليلة القدر 23 شهر رمضان سنة 1250 ، بخطّ محمد حسين بن عبدالله الخوانساريلعلّه الفصيح الخطيب المترجم في الكرام البررة 1 / 399 ، مؤلّف جواهر الأخبار - ، كتبها في أواخر حياة المؤلّف ، وفرغ منها سنة 1266.

تقع في 307 أوراق ، مقاسها 5 / 13 × 5 / 21 ، تسلسل 74.

نسخة تبدأ من الركن الثالث من كتاب الصلاة : في بقية الصلوات ، إلى آخر كتاب الصلاة ، فرغ المؤلّف من كتاب الصلاة ليلة الخميس غرّة جمادى الأُولى [في دار السلام] ، بخطّ أقلّ الطلاّب الشيخ محمد حسين ابن عبدالله الخوانساري ، فرغ منها في 15 ربيع الآخر سنة 1269.

ص: 196

تقع في 220 ورقة ، مقاسها 21 × 4 / 34 ، تسلسل 64.

نسخة من أوّل كتاب الصلاة أيضاً ، بخطّ الشيخ محمد حسين بن عبدالله الخوانساري ، فرغ منها في حياة المؤلّف ليلة الجمعة 28 رجب سنة 1262.

في 254 ورقة ، مقاسها 21 × 3 / 34 ، تسلسل 63.

نسخة تبدأ من أوّل كتاب الص - لاة إلى آخر أحكام الص - لاة ، بخطّ أبي القاسم ابن الحاجّ حسين عليله ترجمة في الكرام البررة 1 / 56 - ، كتبها في حياة المؤلّف ، فرغ منها يوم الثلاثاء 23 شعبان سنة 1259 ، في بلدة «تس - تر» ، وعليها تص - حيحاً ، وبهوامشها تعاليق للسيد عبد الصمد الموسوي الجزائري.

في 328 ورقة ، مقاسها 22 × 32 ، تسلسل 534.

نسخة تبدأ من أحكام الأموات من كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الطهارة ، أيضاً بخطّ أبي القاسم ابن المرحوم الحاجّ حسين علي الشريف القزويني الغروي ، فرغ منها يوم الجمعة 27 ذي القعدة سنة 1258 في حياة المؤلّف ..

وفي الهوامش تصحيحات مكتوبة على نسخة الأصل ومصحّحة عليها ، ويعيّن انتهاء وابتداء كلّ جزء من الأجزاء الصغار لنسخة الأصل ، وبالهوامش : «كذا في نسخة الأصل» ، وهناك تعليقة : «منه عفي عنه» ، وبعض التعاليق للسيد عبد الصمد الموسوي الجزائري.

في 223 ورقة ، مقاسها 22 × 32 ، تسلسل 533.

نسخة تبدأ من : في بقية الصلوات إلى آخر كتاب الصلاة ، أيضاً بخطّ أبي القاسم ابن الحاجّ حسين علي الشريف القزويني ، كتبها في حياة

ص: 197

المصنّف وعلى نسخة الأصل ، وفرغ منها في 23 شهر رمضان سنة 1258 ..

وهي مصحّحة على نسخة الأصل ، عليها بلاغات ، وعليها بعض تعاليق : «منه حرسه الله» ، وبعض تعاليق العلاّمة السيد عبد الصمد الموسوي الجزائري بخطّه الشريف ، وبعض تعاليق الشيخ حسن قفطان.

تقع في 313 ورقة ، مقاسها 21 × 5 / 31 ، تسلسل 535.

نسخة تبدأ من أوّل الإيقاعات - وهو الطلاق - الى آخر الإيقاعات - وهو النذر - ، أيضاً بخطّ الشيخ أبي القاسم ابن الحاجّ حسين علي الشريف القزويني القاطن في النجف الأشرف ، كتبها على نسخة المصنّف وفي حياته ، وفرغ منها سلخ جمادى الأُولى سنة 1257 ، وهي مصحّحة على نسخة الأصل ، وعليها تصحيحات.

تقع في 275 ورقة ، مقاسها 6 / 21 × 3 / 31 ، تسلسل 536.

نسخة تشتمل على الجزء الأوّل من أوّل الكتاب إلى آخر الأغسال - ثلاثة أجزاء بحسب تجزئة المصنّف سلّمه الله - بخطّ الشيخ أبي القاسم ابن الحاجّ حسين علي الشريف القزويني ، كتبها في حياة المصنّفدام ظلّه - وعلى نسخته ، وفرغ منها في 24 شوّال سنة 1258 ..

نسخة قيّمة ، مصحّحة على نسخة الأصل ، في الهامش بلاغات وتصحيحات ، ثمّ قرأها العلاّمة السيد عبد الصمد الموسوي الجزائري وكتب عليها بخطّه الشريف بعض التعاليق ، وقّع في بعضها ، وكتب في بعضها الآخر : «لمحرّره عفي عنه» ، وعليها تعليقات المصنّف : «منه عفي عنه» ، وحواشي الشيخ حسن قفطان ، وحواشي العلاّمة الجزائري كثيرة.

تقع في 249 ورقة ، مقاسها 22 × 31 ، تسلسل 532.

نسخة تبدأ من كتاب القضاء إلى آخر الديات الذي هو آخر الكتاب ،

ص: 198

بخطّ محمود بن محمد ، كتبها في حياة المصنّف ، فرغ منها في 21 شوّال سنة 1257.

في 275 ورقة ، مقاسها 7 / 20 × 6 / 30 ، تسلسل 65.

نسخة تبدأ من كتاب الحجّ إلى آخر كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بخطّ الشيخ العلاّمة الأديب الشيخ أبي القاسم بن حسين علي الشريف القزويني الغروي ، كتب النسخة في حياة المصنّف - والظاهر أنّه من تلامذتهوعلى نسخته الأصلية ، وكتب بآخر هذا المجلّد : «هذا آخر صورة ما كتبه المصنّف سلّمه الله تعالى» ، وكان هذا المج - لّد آخر ما صنّ - فه- سلّمه الله تعالى - ، فكمل بكماله شرح جميع شرائع الإسلام ..

فرغ منها الكاتب يوم السبت 13 جمادى الأُولى سنة 1265 ، وعليها تصحيحات ، وبآخرها هذه المقطوعة ، وأظنّها من نظم الكاتب :

جواهر في الطرس منثور

وقد نظمتهنّ أقلامنا

ولولا أشعّتها لاستدامت

على الغيّ والجهل أحكامنا

عقود تقلدها العالمون

حُليّاً فأشرقن أيّامنا

وبجانبيها خطّ العلاّمة السيد إسماعيل البهبهانيالمترجم في الكرام البررة 1 / 146 - مؤرّخاً ولادة أولاده : جمال الدين وُلد في طهران 13 رجب سنة 1281 ، فاطمة في النجف 23 ذي القعدة سنة 1275 ، خديجة في رمضان سنة 1277 ، عماد الدين في النجف 4 محرّم سنة 1269.

تقع في 339 ورقة ، 6 / 20 × 31 ، تسلسل 1059.

نسخة تبدأ من كتاب الفرائض إلى آخر الشهادات ، أيضاً بخطّ العلاّمة الأديب الشيخ أبي القاسم بن حسين علي الشريف القزويني النجفي ، كتبها على نسخة الأصل وفي حياة المصنّف ، وهي مصحّحة عليها

ص: 199

أيضاً ، فرغ منها سنة 1257 ..

وفي الهوامش تصحيحات وتعليقات كثيرة للعلاّمة السيّد عبد الصمد الجزائري ، وتعليقات المصنّف : «منه عفي عنه» و : «دام ظلّه» ، وكتب بالهامش : «بلغ المتن قبالاً» ، والمتن مصحّح بالحمرة.

في 180 ورقة ، مقاسها 21 × 3 / 30 ، تسلسل 537.

نسخة من أوّل العقود - وهو كتاب التجارة - ، بخطّ ميرزا عبد الكريم البوشهري ، كتبها على نسخة الأصل ، وبآخر المجلّد : «قوبل على نسخة الأصل مع بذل الجهد والطاقة» ..

عليها تصحيحات كثيرة وبلاغات ، وعليها خطّ العلاّمة السيّد إسماعيل البهبهانيالمترجم في الكرام البررة 1 / 146 -.

تقع في 204 أوراق ، مقاسها 20 × 7 / 29 ، تسلسل 1060.

نسخة من أوّل كتاب الصلاة إلى مباحث القِبلة ، ثمّ من أوّل النكاح إلى آخره ، بخطّ الشيخ محمد بن الحاجّ خضر ، كتبها سنة 1249 في حياة المصنّف ، وعليها ختم العلاّمة الشيخ فضل الله النوري.

تقع في 206 أوراق ، مقاسها 18 × 19 ، تسلسل 227.

نسخة من أوّل النكاح المنقطع إلى آخر كتاب النكاح ، فرغ منها المؤلّف في 14 ربيع الآخر سنة 1247 ..

وهذه النسخة مكتوبة في حياة المؤلّف وعلى نسخة خطّه ، كما هو الظاهر ، وينقل الكاتب صورة ما كتبه المصنّف في آخر هذا المجلّد ، والظاهر أنّه فرغ من الكتابة في ذي الحجّة سنة 1261.

تقع في 159 ورقة ، تسلسل 1071.

نسخة تضم قس - ماً من الكتاب ، يبدأ من الفصل التاسع من كتاب

ص: 200

المتاجر : في بيع الأناسي من الحيوان إلى آخر المتاجر ، ثمّ الرهن والمفلّس والحجْر والمضاربة ، منضمّ إلى قسم كبير من كتاب المناهل للسيّد المجاهد ، بخطّ حسين الگلپايگاني ، فرغ منه في 7 صفر سنة 1261 ، رقم 1921.

نسخة تضمّ المجلّد الثاني من كتاب الصلاة ، يبدأ من صلاة الجمعة إلى آخر كتاب الصلاة ، بخطّ ميرزا عبد الكريم بن عبد النبيّ البوشهري ، كتبه للسيد حسين بن نصر الله البهبهاني بخطّ نسخ جيّد في حياة المؤلّف ، وفرغ منه سنة 1264 ، وبأوّله خطّ السيد إسماعيل البهبهاني ، وتاريخ ولادة ابنه السيّد عماد الدين ، وبآخره : «بلغ المقابلة على نسخة المصنّف قدّس سرّه» ..

وعليها تصحيحات ، وكتبت العناوين بالشنجرف ، والمتن كذلك معلَّم بالشنجرف ، وكذا عناوين الأبحاث مكتوبة بالهامش بالشنجرف.

291 ورقة ، رقم 1086.

(458)

جواهر المسائل

تأليف : المولى محمد مهدي بن محمد باقر المحلاّتي.

فارسي ، في أحكام الطهارة والصلاة من فتاوى حجّة الإسلام الشفتي ، السيد محمد باقر بن محمد تقي الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1260 ه- ، مستخرجاً وملخّصاً لها من كتابه الكبير الموسوم تحفة الأبرار ..

ألّفه المحلاّتي في حياة حجة الإسلام الشفتي تسهيلاً لتناول مقلّديه.

ص: 201

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف والمفتي ، كتبها زين العابدين بن محمد مهدي الإمامي بخطّ نسخ جيّد ، وفرغ منها في 5 شهر صفر سنة 1249 ، رقم 2281 ..

وبعدها منظومة فارسية في منزوحات البئر ، من فتاوى المحقّق القمّي الميرزا أبو القاسم الجيلاني.

(459)

جواهر المصيبة

تأليف : العلاّمة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني.

فارسي ، في بيان مقتل الإمام الحسين عليه السلام ، وأصحاب- ه عليهم السلام وتفاصيل ما جرى عليهم من أعدائهم ، في خمس مقدّمات ، و 19 مجلساً ، وخاتمة.

أوّله : «الحمد لله الذي أعظم رزيّتنا بمصيبة سبط الرسول وقرّة عين البتول ... أمّا بعد ، آرزومند سعادت وتوفيقات ربّانى ...».

فرغ من تأليفه في 6 رجب سنة 1288 ، في مجلّد ضخم.

نسخة الأصل بخطّ المصنّف ، في مجلّد ضخم ، 334 ورقة ، رقم 1931 ، وبأوّله فهرس الكتاب بخطّ المؤلّف.

(460)

جواهر المعارف

في المعارف والأخلاق.

ص: 202

تأليف : السيّد عبد الغفّار بن السيّد محمد حسين الحسيني التويسركاني ، من أعلام القرن الحاضر ، المتتلمذ على المولى حسن علي التويسركاني ، والمشارك مع السيّد محمد باقر في تأليفه الروضات ، فشكره في آخرها ، وله كشكول كبير يسمّى الجراب ..

له ترجمة في الروضات ، ونقباء البشر ، وتذكرة القبور للجزّي ، الذي ذكر أنّه يروي بالإجازة عن المولى حسن علي ، وعن صاحب الروضات.

وكان من أئمّة الجماعة ، وتوفّي سنة 1319.

قال شيخنا في النقباء : إجازة صاحب الروضات مستقلّة ، تاريخها سنة 1279.

رتّب الكتاب على أبواب ، في كلّ باب يورد أحاديث مأثورة عن الأئمّة عليهم السلام ، مترجمة إلى الفارسية ، بذِكره الحديث أوّلاً ثمّ ترجمته.

نسخة بخطّ المؤلّف النستعليق الجميل اللطيف ، فرغ منها خامس صفر سنة 1319 ، وكتب بأوّلها فهرساً لأبوابها مع ترقيم صفحاتها.

تقع في 277 ورقة ، قياسها 5 / 12 × 20 ، تسلسل 201.

(461)

جواهر مكنونه

ولآلى مخزونه

للمولى مصطفى بن محمد الخوئي.

ص: 203

فارسي ، في الختوم والأوراد والأذكار ، مرتّب على عشرة أبواب وخاتمة ، فرغ منه مؤلّفه يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر سنة 1255.

نسخة بخطّ جيّد ، تاريخها 1266 ، ولعلّها بخطّ المؤلّف ، وتقع في 38 ورقة ، تسلسل 426.

[كان يعرف في «خوي» بالشيخ آقا ، وكان من تلاميذ الشيخ محمد هادي الطهراني صاحب المحجّة ، توفّي في حدود سنة 1375 ، وله كتب منها : كشف الحقائق ، وكتاب في الأُصول ، مطبوعان ، وكتاب كشف الأستار في أُصول الفقه ، مطبوع أيضاً].

(462)

جوك باشيت

أصل الكتاب في الوعظ والتصوّف ، من وضع بعض علماء الهند باللغة الهندية السانسكريتية. [لمؤلّفه پندت الكشميري].

والترجمة إلى اللغة الفارسية لنظام الدين الپاني پتي ، ترجمه بأمر الشاه سليمان الصفوي.

نسخة عليها تعليقات وحواشٍ ، جاء في الصفحة الأُولى أنّ أكثر هذه الحواشي من تحقيقات المير الفندرسكي ، وبأوّلها معجم في ترجمة كلمات مفردة إلى الفارسية ، وهي بالنسخ الجيّد ، كتبت سنة 1264 ، في 252 ورقة ، تسلسل 1457.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبت في إسلامبول سنة 1802 ميلادية أو سنة 1082 هجرية ، والأوّل أظهر ، وبأوّلها معجم مفرداته ، 237 ورقة ، رقم 1250.

ص: 204

(463)

جهان گشاى نادرى

[تأليف : الميرزا محمد مهدي خان ، المنشي للسلطان نادر شاه.

مطبوع سنة 1268 ه- ، راجع : الذريعة 3 / 248 رقم 918 وج 5 / 299 رقم 1406].

نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتابة القرن الثاني عشر ، في 277 ورقة وفيها نقص ، رقم 1284.

(464)

چمنستان

هو ديوان فارسي للشاعر المعاصر الأصفهاني ، عبد الوهّاب خان إيران پور ، الملقّب ب- : گلشن.

نسخة أظنّها بخطّ الناظم ؛ فإنّ في آخرها خطّه وتوقيعه بإهداء النسخة لمدير مجلّة «التوفيق» بتاريخ سنة 1348 ، وهو يشبه خطّ النسخة تماماً ، وقد صرح فيه أنّ ما تحويه النسخة أقلّ من ثلث ما نظمه الشاعر ، 84 ورقة ، رقم التسلسل 1448.

(465)

چهار مقاله نظامى

[للنظامي العروضي السمرقندي ، وهو أبو الحسن أحمد بن عمر بن علي.

ص: 205

فارسي ، ألّفه حدود سنة 550 هباسم أبو الحسن حسام الدين علي الغوري ، وذكر فيها تراجم جمع من أُدباء عصره ، وقد طبع في ليدن ، ثمّ مرّتين في إيران. راجع : الذريعة 5 / 314 رقم 1500].

نسخة بخّط نستعليق جيّد ، كتبها إبراهيم المتخلّص ب- : «مشتري الطوسي» باستدعاء من زبدة الشعراء فخر الأُدباء الميرزا محمد حسين بن تقي الطهراني ، كتبها في أُسبوع ، وفرغ منها في 25 رجب سنة 1293 ، ثمّ أهداها الميرزا محمد حسين إلى احتشام الدولة حاكم لواء فارس ، وبآخرها قصيدة للكاتب مقرّظاً ومؤرّخاً ، فليراجع.

تقع في 58 ورقة ، رقم 1288.

نسخة قيّمة بخطّ أحد خطّاطي القرن الثاني عشر ، كتبها بخطّ نستعليق جميل للغاية ، مؤطّرة بالذهب والشنجرف ، وبأوّلها لوحة في غاية الجمال والروعة والفنّ ، مهيّأة لأحد الأُمراء ، وعليها ختم كبير ممحي.

تقع في 87 ورقة ، مقاسها 15 × 23 ، تسلسل 1640.

للموضوع صلة ...

ص: 206

مصطلحات نحوية (18)

السيد عليّ حسن مطر

ثلاث ووثلاثون - مصطلح عطف النَسَق

عطف النسق لغة :

للعطف في اللغة عدّةُ معانٍ ، أهمّها : الانصراف ، والرجوع ، والإشفاق ، والمَيْل.

قال ابن منظور : «عَطَفَ يعطِفُ عطفاً : انصرفَ ... وعطفَ عليه ... رجع عليه بما يكره أو بما يريد ، وعطفتُ عليه : أشفقتُ ... وعطفَ الشيءَ يعطفه عطفاً وعطوفاً ... حناه وأماله» (1).

وأمّا النسقُ ، فمعناه لغةً : «ما كان على طريقةِ نظامٍ واحد» (2).

وأوفق المعاني اللغوية للعطف بالمعنى الاصطلاحي هو : المَيْل ؛ «كأنّه أُمِيلَ به [المعطوف] إلى حيز الأوّل ، وقيل له : نسق ؛ لمساواته

ص: 207


1- لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «عطف».
2- لسان العرب ، مادّة «عطف».

الأوّل في الإعراب» (1).

* عطف النسق اصطلاحاً :

عبّر سيبويه (ت 180 ه) عن عطف النسق بالعناوين التالية : الإشراك (2) ، والحمل (3) ، والعطف (4) ، والإجراء (5) ، والردّ (6).

وعبّر الفرّاء (ت 207 ه) عنه ب- «المردود» و«النسق» (7).

وعبّر عنه ابن السرّاج (ت 316 ه) ب- «العطف بحرف» (8).

ولعلّ ابن معطي أوّل من استعمل عنوان «عطف النسق» (9).

وتجدر الإشارة قبل استعراض حدود عطف النسق ، إلى أنّ هذه الحدود على نوعين ؛ أحدهما يبيّن حقيقة التابع الخاص «المنسوق» ، والآخر يبيّن عطف النسق بمعناه المصدري بوصفه عملاً يمارسه المتكلّم.

وأقدم ما وجدته من حدود عطف النسق قول الرمّاني (ت 384 ه) : 6.

ص: 208


1- شرح المفصّل ، ابن يعيش 3 / 74.
2- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 2 / 377 - 378 و 380 - 382 وج 3 / 51 - 52.
3- الكتاب 3 / 54 - 56 و 90 و 502.
4- الكتاب 1 / 246 و 248 و 278 وج 3 / 501.
5- الكتاب 1 / 66 - 67.
6- الكتاب 3 / 88.
7- معاني القرآن ، الفرّاء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد علي النجار 1 / 17 و 44 و 71 و 181.
8- الأُصول في النحو ، ابن السرَاج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 55.
9- الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : 236.

«النسق تبعٌ للأوّل على طريق الشركة» (1) ، وهو بيان لحقيقة التابع الخاص ، ومراده : أنّ اللفظ المعطوف تابع للمعطوف عليه ؛ بسبب اشتراكهما في العامل.

وحدّه ابن بابشاذ (ت 469 ه) بقوله : «النسق هو الجمع بين الشيئين أو الأشياء بواسطةٍ في اللفظ والمعنى ، أو في اللفظ دون المعنى ... فواسطة اللفظ والمعنى أربعة أحرف : الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتّى ، وواسطة اللفظ دون المعنى ستّة : أو ، وإمّا ، وبل ، وأم ، ولكن ، ولا» (2).

فمثلاً (الواو) في قولنا : قام زيدٌ وبكرٌ ، تُشرّك بين زيدٍ وبكرٍ في الإعراب والمعنى ؛ لأنّها تثبت القيام لهما معاً ، بخلاف (أو) في قولنا : قامَ زيدٌ أو عمروٌ ؛ فإنّه يُشرك بينهما في الإعراب فقط دون المعنى ؛ إذ إنه لا يثبت القيام لهما معاً ، بل لأحدهما غير المعيّن ، دون الآخر ، وكذلك (بل) في قولنا : قام زيدٌ بل بكرٌ ، فإنّها تثبت القيام لبكر ، وتنفيه عن زيدٍ.

وقال الزمخشري (ت 538 ه) في تعريفه : «هو نحو قولك : جاءَني زيدٌ وعمروٌ ، وكذلك إذا نصبت أو جررت ، بتوسّطِ الحرفِ بين الاسمين ، فيشركهما في إعراب واحد» (3).

وهو بظاهره قاصر عن استيعاب جميع أفراد المحدود ؛ لأنّه يقصر المعرَّفَ على عطف الاسم على الاسم ، دون عطف الفعل على الفعل ، والجملة على الجملة ، وإن كنّا نجزمُ بأنّ هذا ليس مراداً للزمخشري واقعاً. 3.

ص: 209


1- الحدود في النحو ، الرمّاني ، ضمن كتاب رسائل في النحو واللغة ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني : 39.
2- شرح المقدّمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم 2 / 429.
3- المفصّل في علم العربية ، الزمخشري : 123.

وحدّه ابن يعيش (ت 643 ه) بقوله : «العطف : الاشتراك في تأثير العامل ... ولا يتبع هذا الضربُ إلاّ بواسطة حرف» (1).

وتقييد مشاركة عطف النسق للمعطوف عليه في الإعراب ، بحصوله بواسطة حرف ، احتراز عن بقية التوابع ، قال : «وإنّما كان هذا الضرب من التوابع لا يتبع إلاّ بتوسّط حرفٍ مِن قِبَلِ أنّ الثانيَ فيه غيرُ الأوّل ، فلم يتّصل إلاّ بحرف ... وأمّا ما كان الثاني فيه الأوّلَ ، فيتّصل بغير حرفٍ كالنعتِ وعطفِ البيان والتأكيد والبدل» (2).

وحدّه ابن الحاجب (ت 646 ه) بأنّه : «تابعٌ يقصد بالنسبة مع متبوعه» (3) ، وقال : «وليس في التوابع ما يشاركه في ذلك» (4).

وممّا ذكره الرضيّ في شرحِ هذا الحدّ : «قوله : (مقصود بالنسبة) يخرجُ الوصف وعطف البيان والتوكيد ... لأنّ المقصود في هذه الثلاثة هو المتبوع ... وذلك لأنّكَ تبيّن بالوصف المتبوعَ بذِكر معنىً فيه ، وتوضّح بعطف البيان المتبوعَ بذِكر أشهر اسمَيه ... وكذا إنّما جيءَ بالتأكيد إمّا لبيان أنّ المنسوبَ اليه مقدَّماً هو المنسوب إليه في الحقيقة لا غيره ، لم يقع فيه غلط ولا مجاز في نسبة الفعلِ إليه ، وإمّا لبيان أنّ المذكور باقٍ على عمومه غير خاصّ ... ويعني ب- (النسبة) نسبةَ الفعلِ إليه فاعلاً كان أو مفعولاً ... قوله : (مع متبوعه) يخرج البدل ؛ لأنّه هو المقصود عندهم دون متبوعه» (5). 2.

ص: 210


1- شرح المفصّل ، ابن يعيش 3 / 74.
2- شرح المفصّل ، ابن يعيش 3 / 74.
3- شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 2 / 331.
4- شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : 259.
5- شرح الرضيّ على الكافية 2 / 331 - 332.

وقد لاحظ الرضيّ على هذا الحدّ : «أنّ الصفات يعطفُ بعضها على بعضٍ ، كقوله :

إلى المَلكِ القَرْمِ وابنِ الهُمامِ

وليثِ الكتيبة في المزدَحَمِ

... فيجوز أن يعترض على حدّه بمثلِ هذهِ الأوصاف ؛ فإنّه يطلق عليها أنّها معطوفة ، إلاّ أن يدّعى أنّها في صورة العطف ، وليست بمعطوفة [حقيقةً] ، وإطلاقُهم العطفَ عليها مجاز» (1).

وأمّا ابن عصفور (ت 669 ه) فقد حدَّ عطف النسق بأنّه : «حمل الاسم على الاسم ، أو الفعل على الفعل ، أو الجملة على الجملة ، بشرط توسّط حرف بينهما من الحروف الموضوعةِ لذلك» (2).

وقال في شرحه : إنّه لا يجوز العطف في ما عدا ذلك ، فإنْ وُجد اسمٌ معطوفاً على فعل ، أو فعل معطوفاً على اسم ، فلا بد أن يكون الاسم في تقدير الفعل ، أو الفعل في تقدير الاسم ، وكذلك إنْ وُجدت جملة معطوفة على مفرد ، أو مفرد معطوفاً على جملة» (3).

وحدّه الإشبيلي (ت 688 ه) بقوله : «العطف : تشريك الثاني مع الأوّل في عامله بحرف من هذه الحروف ، وهي عشرة ... فإذا قلت : قامَ زيدٌ وعمروٌ ، فالعامل في عمرٍو الفعل المتقدّم» (4). 9.

ص: 211


1- شرح الرضيّ على الكافية 2 / 332.
2- أ - شرح جمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق صاحب أبو جناح 1 / 223. ب - المقرِّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوّض : 306.
3- شرح جمل الزجّاجي ، ابن عصفور 1 / 223.
4- البسيط في شرح جمل الزجّاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عيّاد الثبيتي 1 / 329.

وقد وازن ابن الفخار الخولاني بين تعريف ابن عصفور للعطف وبين تعريف الإشبيلي فقال : إنّ «عبارة الأُستاذ (1) أجود ؛ من جهة أنّ فيها تنبيهاً على إنّ العامل المذكور قبلُ عاملٌ في جميع المعطوفات بتوسّط العاطف ، إلاّ أنّه خاصّ بنوع من المعطوف ؛ لأنّه إنّما يتناول ما فيه إعراب يقتضيه العامل لفظاً أو موضعاً ، وعبارة ابن عصفور أجود ، من جهةِ أنّها تعمُّ جميع المعطوفات مطلقاً ، إلاّ أنّها ليس فيها تنبيه على ما نبّه عليه الأُستاذ في عبارته» (2).

ثمّ ذكر الخولاني ما أشكل به أبو الحسن ابن الضائع على عبارة ابن عصفور في حدّ العطف ، «بما فيها من التداخل في ظاهر الأمر ؛ لأنّ قوله : (حملُ اسم على اسم ، أو جملة على جملة) موفٍ بالغَرَض ، وقوله : (أو فعل على فعلٍ) داخل تحت قوله : (أو جملة على جملة) ؛ لأنّ الفعل لا ينفرد بنفسه ؛ إذ لا بد له من فاعلٍ أو نائبٍ عنه ، فقد ظهر التداخل» (3).

ثمّ ردَّ هذا الإشكال بقوله : «والظاهر أنّ هذا تحامل على ابن عصفور ؛ لأنّك إذا قلت : إن يقُمْ زيد ويخرجْ أبوه أُكرِمْهما ، فهذه الواو قد شرّكت بين الفعل الأوّل والفعل الثاني في حرفِ (إنْ) مفردينِ ، دون اعتبار بمرفوعيهما ، لأنّ الجازم إنّما يتعلّق حكمه بالفعل دون توابعه ، ولا حكم له في الجملة أصلاً ؛ إذ كان الجزم من خصائص الأفعال ... فإذن لم يقع 8.

ص: 212


1- يريد الإشبيلي.
2- شرح جمل الزجّاجي ، ابن الفخار الخولاني (مصوّرتي عن مخطوطة الخزانة العامّة بالرباط) : 47 - 48.
3- شرح جمل الزجّاجي ، الخولاني : 47 - 48.

التشريك في العاطف إلاّ بين الفعلين فقط ، وما عدا الفعلين إنّما هو تابع لهما» (1).

وحدّه ابن مالك (ت 672 ه) بأنّه «المجعول تابعاً بأحدِ حروفه» (2) ، أي : بأحدِ حروف العطف ، وهو ما عبّر عنه في أُرجوزته الألفيّة بقوله :

تالٍ بحرفٍ متبعٍ عطفُ النّسَقْ

كَاخْصُصْ بودٍّ وثناءٍ مَن صَدَقْ

وقد وافق ابنُ الناظم (ت 686 ه) والدَه على مضمون هذا الحدّ ، وصاغه بقوله : «إنّه التابع المتوسّط بينه وبين متبوعه أحد [حروف العطف] ... والتالي في قوله : (تالٍ بحرفٍ مُتبعٍ) بمعنى التابع ، وهو جنس للتوابع ، فلمّا قيّده بالحرف المُتبِعِ ، أخرج غير المحدود عنه» (3).

وقال الأشموني (ت 900 ه) في شرح هذا الحدّ : «ومُتبع يُخرجُ نحو : مررتُ بغضنفرٍ ، أي أسدٍ ؛ فإنّ أسداً تابع بحرفٍ ، وليس معطوفا عطف نسق ، بل بيان ؛ لأنّ (أي) ليست بحرفٍ مُتبع على الصحيح ، بل حرف تفسير» (4).

وحدّه أبو حيّان الأندلسي (ت 745 ه) بقوله : «عطف النسق : حملُ مفردٍ أو جملة على نظيره بحرفٍ غير جارٍ للاشتراك في الحكم» (5).

والظاهر من تعبيره ب- (المفرد) أنّه يريد به ما يشمل كلاًّ من الاسم والفعل. ب.

ص: 213


1- شرح جمل الزجّاجي ، الخولاني : 48.
2- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 174.
3- شرح ابن الناظم على الألفيّة : 203.
4- شرح الأشموني على الألفيّة ، تحقيق حسن حمد 2 / 361.
5- غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيّان الأندلسي ، مصوّرتي عن مخطوطة دار الكتب المصرية ، الورقة 9 / ب.

هذا ، وقد فضّل كثير من النحاة الأخذ بصياغة ابن الناظم لحدّ عطف النسق ، ومنهم : ابن هشام (ت 761 ه) (1) ، وابن عقيل (ت 967 ه) (2) ، والفاكهي (ت 972 ه) (3).

* * * 2.

ص: 214


1- أ - أوضح المسالك الى الفيٌة ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمٌد محيي الدين عبد الحميد 3 / 37. ب - شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 301.
2- شرح ابن عقيل على ألفيٌة ابن مالك ، تحقيق محمٌد محيي الدين عبد الحميد 2 / 224.
3- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمٌد الطيب الإبراهيم : 192.

من ذخائر التراث

ص: 215

ص: 216

صورة

ص: 217

ص: 218

مقدمة الإعداد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين ، الإمام الحجّة المنت - ظَر المهديّ ، عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

أما بعد ..

فهذه الرسالة واحدة من الرسائل النفيسة التي نفع بها العلاّمة الحجّة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي قدس سره (1) الأُمّة الإسلامية ؛ قد مَنَّ الله ا.

ص: 219


1- لم أترجم في هذه العجالة للعلاّمة البلاغي قدس سره ، فسموّ منزلته ورفعة مكانته قدس سره أشهر من نار على علم .. وترجمته دانية لمن رام قطافها ، من مظانّها من كتب التراجم ، وممّن حقق له كتبه ورسائله بما لا مزيد عليه ، ومن مقدِّمة تحقيقي وإعدادي لبعض مصنفاته المنشورة سابقاً ، لا س -يما كتابيه «الردّ على الوهابية» و«نصائح الهدى والدين» ، فقد فصّلت هناك كلَّ ما يتعلّق بتلك الحياة المباركة التي قضاها في تحصيل العلم ونشره والجهاد في سبيل رفعة الدين والمذهب الحقّ ، متنقلاً ما بين مدن العراق ، كالنجف الأشرف وسامرّاء والكاظمية ، قارع فيها الاستعمار الإنكليزي ، وناظر اليهود والنصارى ، وحاجج الفرق الضالة المنحرفة .. فكان بحقٍّ أحد الأنوار المضيئة النادرة التي أنارت الدرب .. فانظر ترجمته المفصّلة في : أعيان الشيعة 4 / 255 - 262 ، شعراء الغريّ 2 / 436 - 458 ، نقباء البشر في القرن الرابع عشر 1 / 323 - 326 ، الكنى والألقاب 2 / 94 - 95 ، مقدّمة «الهدى إلى دين المصطفى» 1 / 6 - 20 ، معارف الرجال 1 / 196 - 200 ، ريحانة الأدب 1 / 179 ، ماضي النجف وحاضرها 2 / 61 - 66 رقم 3 ، مقدّمة «الردّ على الوهّابية» : 8 - 32 ، مقدّمة «نصائح الهدى» : 5 - 27 ، مجلّة «رسالة القرآن» / العدد 10 / 1413 : 71 - 104 ، وغيرها.

تعالى علَيَّ بالتوفيق لاِعادة نشرها مُعدةً إعداداً جديداً ، مصحّحة محقّ - قة.

وقد ردّ الشيخ البلاغي قدس سره في رسالته هذه على افتراءات وشبهات الدكتور زكي نجيب محمود المصري التي طعن بها على عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، ولم تك تلك الافتراءات والشبهات إلاّ صدىً لِما تقوّله مَن سبقه مِن المعاندين المكابرين ..

إذ أثار فيها قضية الاعتقاد بالإمام المهديّ عليه السلام ، وسرداب الغَيبة ، وقيام الإمام الحسين عليه السلام بوجه الظلم ، والإمامة عند الشيعة ، وعبدالله بن سبأ ..

فردّها الشيخ البلاغي قدس سره بالأدلّة والبراهين القوية معتمداً في ذلك على ما ورد في أُمّهات مصادر أهل السُنة ، في ما يخصّ الأُمور المشتركة ، كيما تكون الحجج ألزم وأدعى للقبول .. فيما عضّد ذلك بما ورد من طرق الشيعة.

وفي ما عدا ذلك فقد اعتمد - كعادته- على الحوار العقلي بأدبٍ جمٍّ وخُلق رفيع.

هذه الرسالة :

طُبعت هذه الرسالة لأوّل مرّة في مجلة «العرفان» اللبنانية ، المجلّد 18 ، الجزءين الأوّل والثاني ، ربيع الأوّل والآخر 1348 ه- / آب وأيلول

ص: 220

1929 م ، قسم المراسلة والمناظرة ، ص 195 - 202.

وكعادة الشيخ البلاغي قدس سره في تصانيفه فإنّه لم ينهِ الرسالة باسمه الصريح ، وإنّما أنهاها بتوقيع : (ب) ، إشارة إلى لقبه.

أُسلوب العمل في الرسالة :

1 - قمت بتقطيع النصّ وتوزيعه بالاستفادة من علامات الترقيم الحديثة ، كيما يناسب أُسلوب العصر الحاضر ، لاِظهار مطالب الرسالة بشكل واضح ، لكي يسهل على القارى متابعتها.

2 - خرّجت الآيات الكريمة ، وكذا الأحاديث والروايات الشريفة وبقيّة المطالب الواردة في الكتاب اعتماداً على مصادرها الأصلية التي نقل عنها الشيخ البلاغي قدس سره قدر المستطاع ..

ففي كلّ حديث أورده المؤلّف قدس سره من مصادر أهل السُنة قمتُ بتخريجه عن مصادره الأصلية ، فإنْ عُدِمْت المصدر الأصليامّا لعدم عثوري على المصدر ، أو لعدم عثوري على الحديث في المصدر المشار إليه ، أو لأنّ المؤلّف قدس سره كان قد نقل الحديث بالواسطة - ، فإنّي أضفت إلى ذلك المصادرَ التي صرّحت بنقل الحديث عن تلك المصادرِ الأصليةِ ..

وربّما خرّجت على مصادر أُخرى إمعاناً في إقامة الحجّة وتوكيدها ، وكذا إذا تطلّب المقام التوسّع والإكثار في التخريج.

3 - ادرجت في الهامش التعليقات الضرورية ، توضيحاً وشرحاً لبعض مطالب الكتاب وكلمات المتن.

4 - اصلحت الأغلاط الإملائية والطباعية ، ولم أُشر إلى ذلك في الهامش ..

ص: 221

ولم أُعن بالاختلافات البسيطة والطفيفة والجزئية الواردة في نصوص الأحاديث ..

ولم أُشِر في الهامش إلاّ إلى ما كان منها ذا تأثير على المعنى ، أو ما كان منها اختلافاً مهمّاً ضرورياً ، فلم أُشِر إلى تقديم كلمة على أُخرى ، أو جملة على أُختها ، أو ما نقله الشيخ البلاغي قدس سره بالمعنى أو مختصراً.

5 - ولم أُشِر في الهامش لِما وضعته بين القوسين المعقوفتين ج ج ، لوضوح المراد منه ، وإنّما هو أحد ثلاثة :

* إمّا عنوان رئيس وضعته في أوائل فقرات الرسالة زيادة في توضيح مطالبها ، وسهولة تمييزها عن بعضها ..

* أو إضافة من المصدر المنقول عنه تتميماً لنسق المطلب ..

* أو زيادة من عند نفسي يقتضيها السياق.

فجاءت الرسالةبحمد اللهم - عَدةً إعداداً طَويتُ فيها عدّة من مراحل التحقيق بما أنعم علَيَّ فيه ربّي.

وكلمة أخيرة :

هو إسداء الشكر الجزيل إلى كلّ مَن ساهم في إحياء هذا الأثر النفيس ، لا سيّما مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث / فرع دمشق ؛ والإخوة منتسبيها ، لِما بذلوه من جهد طيب محمود.

حيا الله العاملين على إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام وبثّ علومهم ونشر معارفهم ، ووفقهم لِما يحبّ ويرضى.

كما لا يسعني هنا إلاّ إهداء هذا العمل المتواضع إلى مَن كُتبت هذه الرسالة لأجله ، إلى سيّدنا ومولانا الإمام المنتظَر المهديّ عليه السلام ، داعياً الله

ص: 222

تعالى أن يعجّل له النصر والفرج ، وأن يوفّ - قنا لخدمته أيام حياتنا ، ويتقبّل منّا بأحسن قبول.

والله من وراء القصد ، وهو يهدي السبيل.

والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وسلّم تسليماً كثيراً.

ذكرى

مولدَي

الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام جعفر الصادق عليه السلام

17

/ 3 / 1422

دمشق

- السيدة زينب عليها السلام

محمد

علي الحكيم

ص: 223

[تمهيد]

قد وقفنا اتّ - فاقاً على صورة مقالة انتشرت في العدد 96 من مجلّة «السياسة» المصرية ، في سنتها الثانية ، عنوانها : «المهديّ المنتظَر .. نشأته ، وأطواره في التاريخ» بتوقيع : زكي نجيب محم - ود (1) ..

فكان من واجب الحقيقة الدينية والتاريخية أن نعلّق على بعض كلماتها على وجه الإيجاز .. 5.

ص: 224


1- فيلسوف مفكّر ، من دعاة التغريب ، وُلد في إحدى قرى محافظة دمياط بمصر سنة 1323 ه- / 1905 م ، وتوفّي في إحدى مستشفيات القاهرة سنة 1414 ه- / 1993 م ، نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن ، تولّى رئاسة تحرير مجلّة «الفكر المعاصر» منذ إنشائها ، وكذا مجلّة «الثقافة» ، ألّف وترجم كتباً عديدة في الفلسفة والثقافة والأدب ، أدرج في كتبه ومقالاته أفكاره المعادية للدين والشرع الحنيف ، ممّا حدا بالكثيرين للتصدّي له والردّ عليه وتفنيد ادّعاءاته ودحض شبهاته ، كالعلاّمة البلاغيفي الرسالة التي بين يديك، والشيخ محمد متولّي الشعراوي ، وكمال المليجي. انظر : تتمّة الأعلام 1 / 192 ، ذيل الأعلام : 88 ، إتمام الأعلام : 102 ، تكملة معجم المؤلّفين : 195.

[التشكيك بالمهديّ عليه السلام]

* فمن كلماته قوله : «كثيراً ما تعترض الإنسانية أزمنة يكثر فيها الأحزاب والفوضى ، فسرعان ما تسود الفكرة عند الشعوب الساذجة أنّ السماء ستُنزل رجلاً يعيد النظام وينشر الأمن والعدل بين الناس ..

فالعقول البسيطة إذا حلّت كارثة لا تلجأ إلاّ إلى القوّة الإلهية ؛ وقد حدث ذلك عند اليهود والمسيحيين والمسلمين على السواء ..

إلى أن قال : وهذه الفكرة لعبت دوراً كبيراً في الإسلام ، حتّى إنها لا تزالالى اليوم - تستولي على معظم العقول» ؛ انتهى.

يا للعجب!! قد كنّا نسمع من طنين الإلحاد - في رواية تاريخ الأديان - ما اختلقته الأفكار الشاذّة من أوهام الأهواء ، أخذاً عن نزعات المبادىَ المادّية ، وهو :

إنّ البشر لمّا أرعبتهم الأهوال الكونية بصدفة الطبيعة ، اختلقوا لهم ما وراء الطبيعة إلهاً ، افترضوه قادراً على التصرّف بإرادته في العالم ؛ وذلك لكي يلتجئوا إليه ويستغيثوا به عند عروض الأهوال والكوارث ، ليخلّصهم منها.

وعلى نَعْرة (1) هذه الرواية قد طبّل المطبّلون وزمّر المزمّرون ، وإنّ هذا الكاتب لم يحترم الحقائق ، ولا أهل الأديان في مبادئهم ، بل تحمّل ».

ص: 225


1- النعرة : صوت في الخيشوم على الاستعارة هنا ؛ انظر : تاج العروس 7 / 543 - 544 مادّة «نعر».

المسؤولية الكبرى لشرف الحقيقة!

ولكنّا نحترمه فلا نقول : إنّه ضرب على ذلك الوتر ، وترنّم بتلك النغمة ، وترنّح على ذلك الإيقاع! بل ننشد عن لسان حاله :

عيونُ المها بين الرُصافةِ والجسر

ِجَلبنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري (1)

على رِسْلك أيّها الكاتب! إنّ أهل الأديان الّذين يقولون بنحو ما تذكره عنهم ، هم إلهيّون متديّنون ، قد أخذوا قولهم هذا من البشائر الإلهية بواسطة النبوّات ..

ويا ليتما يتّضح لنا أنّ المناقشة معهم في هذا القول - شكا أو جحوداً - هل هي في الإلهية التي هي مركز الحقائق ، أو في صدق النبوّات ، أو في صدور هذا النبأ عنها؟!

أمّا المناقشة في المركز المذكور ، فيلزم فيها المصارحة بتعديل صفوف البحث ، ليجري الكلام على مجاريه.

وكذا الكلام في صدق النبوّات ..

وأمّا صدور هذا النبأ عنها ؛ فإنّ كلّ أُمّة تملي عليك من كتب وحيها وتقاليدها البشرى بذلك شيئاً كثيراً.

وعلينا - معاشر المسلمينان نملي عليك بعض ما جاء في ديننا 0.

ص: 226


1- البيت من شعر علي بن الجهم ، والرصافة هي الجانب الشرقي من بغداد ، وفيها مقابر خلفاء بني العباس. انظر مادّة «رصف» في : معجم البلدان 3 / 53 رقم 5503 ، تاج العروس 12 / 230.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله في شأن المهديّ ، ممّا يَجْبهُ (1) الريبَ والتشكيك ..

* * * ا.

ص: 227


1- جَبَهَهُ جَبْهاً : صَكَّ جَبهتَه ؛ وَجَبَه الرجلَ يَجْبَهُهُ جَبْهاً : رَدَّه عن حاجته واستقبله بما يكره ؛ وجَبَهْتُ فلاناً إذا استقبلته بكلام فيه غِلظة ؛ وجَبَهْتُه بالمكروه إذا استقبلته به. انظر : لسان العرب 2 / 172 - 173 مادّة «جبه». والمعنى : أنّه يردّ الشكوك والشبهات ويدحضها.

[أحاديث أهل السُنة]

فمن طرق أهل السُنة وكتبهم في ما جاء عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من أحاديث آخر الزمان ، وحوادثه ، والمهديّ عليه السلام :

1 - «أَبشِروا بالمهديّ ، رجل من قريش من عترتي ، يخرج في اختلاف من الناس وزلزال ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

أخرجه أحمد ، والباوردي (1) ، مسنداً ؛ عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2).

2 - «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي ، يملأُها عدلاً كما ملئت جوراً».

أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ؛ عن عليٍّ عليه السلام ، 3.

ص: 228


1- هو : أبو منصور الباوردي ، نسبة إلى بلدة بنواحي خراسان يقال لها : أبيوَرْد ، وتخفّف ، ويقال : باوَرْد ، خرج منها جماعة من الفضلاء والمحدّثين. انظر : الأنساب - للسمعاني - 1 / 274 ، معجم البلدان 1 / 396 رقم 1424 ، فيض القدير شرح الجامع الصغير 1 / 87.
2- مسند أحمد 3 / 37 و 52 ، معرفة الصحابة - للباوردي - : مخطوط. وانظر : عقد الدرر : 62 و 156 و 237 ، فرائد السمطين 2 / 310 ح 561 ، مجمع الزوائد 7 / 313 ، العرف الوردي 2 / 58 ، الصواعق المحرقة : 254 ، كنز العمّال 14 / 261 ح 38653. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 92 - 96 ح 53.

عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

3 - «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلاً من أهل بيتي ، يواطىَ اسمه اسمي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

أخرجه أبو داود ، عن ابن مسعود ؛ عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

4 - «ثمّ يخرج رجل من أهل بيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً». ة!

ص: 229


1- مسند أحمد 1 / 99 ، سنن أبي داود 4 / 104 ح 4283 ، سنن الترمذي 4 / 438 ح 2230 عن ابن مسعود وقال : «وفي الباب عن عليٍّ ...» ، سنن ابن ماجة 2 / 928 ح 2779 عن أبي هريرة نحوه. وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 678 ح 194 ، مسند البزّار 2 / 134 ح 493 ، المعجم الكبير 10 / 134 ح 10219 وص 135 ح 10224 وص 136 ح 10227 / 2 كلّها عن ابن مسعود ، الاعتقاد على مذهب السلف - للبيهقي - : 122 ، الصواعق المحرقة : 249. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 119 ح 69.
2- سنن أبي داود 4 / 104 ح 4282. وانظر : المعجم الكبير 10 / 135 ح 10224 ، مسند الشاشي 2 / 109 ح 632 ، الاعتقاد على مذهب السلف : 122 ، مصابيح السُنة 3 / 492 ح 4210 ، عقد الدرر : 27 و 28 و 169 ، الصواعق المحرقة : 249 ، منهاج السُنة 4 / 95 ، مشكاة المصابيح 3 / 170 ح 5452 ، كنز العمّال 14 / 267 ح 38676. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 157 ح 86. أمّا بالنسبة لزيادة جملة «واسم أبيه اسم أبي» الواردة في أحاديث أهل السُنة ، فانظر ما كتبه السيّد ثامر العميدي في فصل «اختلاف الأحاديث في تشخيص اسم والد المهديّ عليه السلام من مقاله «تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث على أحاديث المهديّ عليه السلام بكتب الفريقين» ، المنشور في مجلّة تراثنا ، العدد المزدوج 43 - 44 ، ص 12 - 85 ، إذ استدلّ فيه على بطلان هذه الزيادة بعدّة أدلّة!

أخرجه الطبراني ، عن جابر الصدفي ؛ عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

5 - «لا تقوم الساعة حتّى تُملأ الأرض ظلماً وعدواناً ، ثمّ يخرج من عترتي مَن يملأُها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

أخرجه أحمد ؛ عن عليٍّ عليه السلام (2) ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

6 - «فيبعث الله رجلاً من عترتي وأهل بيتي ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً».

أخرجه الحاكم في «المستدرك» ، عن أبي سعيد ؛ عنه صلى الله عليه وآله وسلم (4).

7 - «المهديّ من عترتي ، يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي». 4.

ص: 230


1- المعجم الكبير 22 / 374 - 375 ح 937. وانظر : معرفة الصحابة - لأبي نعيم - 2 / 554 رقم 1538 ، الاستيعاب 1 / 221 رقم 288 ، تاريخ دمشق 14 / 282 - 283 ح 3561 و 3562 وج 61 / 195 ح 12599 ، أُسد الغابة 1 / 310 رقم 653 ، عقد الدرر : 19 ، مجمع الزوائد 5 / 190 ، كنز العمّال 14 / 265 ح 38667. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 16 ح 2.
2- كذا في الأصل ، ولعلّه سهو ، إذ إنّ الحديث بكلّ ألفاظه وفي جميع المصادر مرويٌّ عن طريق أبي سعيد الخدري ؛ فلاحظ.
3- مسند أحمد 3 / 36. وانظر : مسند أبي يعلى 2 / 274 ح 987 ، تاريخ أصبهان 1 / 115 ذيل رقم 33 ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8 / 290 - 291 ح 6784 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 600 ح 8669 وصحّحه هو والذهبي على شرط الشيخين وص 601 ح 8674 وصحّحه على شرط مسلم ، عقد الدرر : 16. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 104 ح 59.
4- المستدرك على الصحيحين 4 / 512 ح 8438. وانظر : مصنّف عبد الرزّاق 11 / 371 - 372 ح 20770 ، مصابيح السُنة 3 / 493 ح 4215 ، عقد الدرر : 17 و 60 ، كنز العمّال 14 / 275 ح 38708. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 83 ح 44.

أخرجه نعيم بن حمّاد ، عن عائشة ؛ عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

8 - «المهديّ من عترتي ، مِن وُلد فاطمة».

أخرجه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ، والبيهقي ، وصاحب كتاب «المصابيح» ، وصاحب «جواهر العقدين» ، والبغوي ، والسيوطي في «الجامع الصغير» ، والكنجي ؛ ونصّا على صحّته ؛ عن أُمّ سلمة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

9 - «المهديّ رجل من وُلدي ، وجهه كالكوكب الدُرّي».

أخرجه الروياني ، والسيوطي وصحّحه ، والطبراني ، وأبو نعيم ، والديلمي ، والكنجي ؛ عن حذيفة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3). 2.

ص: 231


1- الفتن : 229. وانظر : عقد الدرر : 16 - 17 ، جواهر العقدين : 306 ، العرف الوردي 2 / 74 ، الصواعق المحرقة : 251. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 224 ح 136.
2- مسند أحمد 1 / 84 نحوه ، صحيح مسلمكما في : كنز العمّال 14 / 264 ح 38662 ، والصواعق المحرقة : 249 ، وإسعاف الراغبين : 145 - ، سنن أبي داود 4 / 104 ح 4284 ، سنن النسائيكما في : عقد الدرر : 15 ، وجواهر العقدين : 303 ، وغيرهما - ، سنن ابن ماجة 2 / 1368 ح 4086 ، وأخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيكما في : عقد الدرر ، وجواهر العقدين ، والصواعق المحرقة، مصابيح السُنّة 3 / 492 ح 4211 ، شرح السُنّة 8 / 354 ح 4280 ، الجامع الصغير : 552 ح 9241 ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 486. وانظر : التاريخ الكبير 3 / 346 رقم 1171 ، تاريخ الرقة : 94 - 95 ح 142 ، المعجم الكبير 23 / 267 ح 566 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 600 - 601 ح 8671 و 8672. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 136 ح 74.
3- مسند الرويانيكما في : العرف الوردي 2 / 66 ، وكنز العمّال 14 / 264 ح 38666 ، وغيرهما - ، الجامع الصغير : 553 ح 9245 ، الطبرانيكما في : الصواعق المحرقة : 251 - ، الحافظ أبو نُعيمكما في العرف الوردي 2 / 66 - ، فردوس الأخبار 2 / 359 ح 6940 ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 513. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 130 ح 72.

10 - في خطابه صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة كريمته : «ومنا المهديّ ، وهو من وُلدك».

أخرجه الطبراني في «الأوسط» ، وابن المغازلي ، والكنجي ؛ عن حذيفة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

11 - «نحن وُلد عبد المطّلب سادات أهل الجنّة ، أنا وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين والمهديّ».

أخرجه ابن ماجة ، وأبو نعيم ، [و] الثعلبي ، والحاكم في «المستدرك» ، وصاحب «الأربعين» ، والكنجي ، والديلمي ، والحمويني ؛ عن أنس ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2). =

ص: 232


1- المعجم الأوسط 6 / 409 ح 6540 ، مناقب الإمام عليّ عليه السلام : 129 - 130 ح 144 ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 486 و 502. وانظر : المعجم الكبير 3 / 57 - 58 ح 2675 ، المعجم الصغير 1 / 37 ، عقد الدرر : 153 ، مجمع الزوائد 9 / 165. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 143 - 153 ح 76 - 80.
2- سنن ابن ماجة 2 / 1368 ح 4087 ، الحافظ أبو نُعيمكما في : عقد الدرر : 144 ، والعرف الوردي 2 / 58 - ، أبو إسحاق الثعلبيكما في : المستدرك على الصحيحين 3 / 233 ح 4940 ، مطالب السؤول : 313 - ، الأربعينلأبي نعيم ، كما في : كشف الغمّة 2 / 438 - ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 488 ، فردوس الأخبار 1 / 47 ح 145 ، فرائد السمطين 2 / 32 ح 370. وانظر : تاريخ بغداد 9 / 434 رقم 5050 ، مناقب الإمام عليّ عليه السلام - لابن =

12 - «المهديّ منا ، يختم الدين بنا كما فتح بنا».

أخرجه الطبراني ، عن عليّ عليه السلام ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

ورواه الكنجي ، قال : «هذا حديث حسن عال ، رواه الحفّاظ في كتبهم» .. وذكر رواية الطبراني له في «الأوسط» ، وأبي نعيم في «الحلية» ، وعبد الرحمن بن [أبي] حاتم في «عواليه» (2).

ونحوه في «كنز العمّال» في حديث ذكره نعيم بن حمّاد ، والطبراني ، وأبو نعيم ، والخطيب في «التلخيص» (3).

13 - «ثمّ يخرج رجل منّي يملأُها عدلاً كما ملئت جوراً».

أخرجه الطبراني ، والبزّار ؛ عن قرّة المزني ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (4).

14 - «كيف تهلك أُمّة أنا في أوّلها ، وعيسى بن مريم في آخرها ، والمهديّ من أهل بيتي في وسطها؟!».

أخرجه الحاكم ، وابن عساكر ؛ عن ابن عباس ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (5). =

ص: 233


1- المعجم الأوسط 1 / 98 ح 157.
2- البيان في أخبار صاحب الزمان : 506 - 507.
3- كنز العمّال 14 / 598 ح 39682. وانظر : الفتن : 229 ، عقد الدرر : 142. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 248 ح 154.
4- المعجم الكبير 10 / 136 - 137 ح 10229 وج 19 / 32 ح 68. وانظر : مجمع الزوائد 7 / 314 ، كنز العمّال 14 / 266 ح 38669. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 170 ح 98.
5- المستدرك على الصحيحين 3 / 43 ح 4351 وصحّحه على شرط الشيخين ، تاريخ =

بيان : كون المهديّ في وسطها باعتبار أنّه يظهر أوّلاً ، ثمّ ينزل المسيح ويص - لّي خل - فه ويكون من أع - وانه ، كما ك - ثر ذلك في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم.

15 - «منا الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم».

أخرجه أبو نعيم في كتاب «المهديّ» ، والكنجي ؛ عن أبي سعيد ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

16 - «ومنّا مهديّ الأُمّة الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم» ، ثمّ ضرب على منكب الحسين وقال : «مِن هذا مهديّ الأُمّة».

أخرجه الدارقطني ، والكنجي ؛ عن أبي سعيد ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

17 - «حتّى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي ، يواطىَ اسمه اسمي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

أخرجه الحاكم ، وابن ماجة ، والكنجي ؛ عن ابن مسعود ، 8.

ص: 234


1- البيان في أخبار صاحب الزمان : 500. وانظر : عقد الدرر : 25 و 157 و 230 ، كنز العمّال 14 / 266 ح 38073. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 535 ح 365.
2- البيان في أخبار صاحب الزمان : 502 - 503 وقال : «هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل». وانظر : الفصول المهمّة - لابن الصبّاغ المالكي - : 296. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 147 ح 78.

عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

18 - «لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي».

أخرجه الترمذي ، عن ابن مسعود ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

هذا بعض ما جاء في كتب أهل السُنة من الأحاديث المسندة في شأن المهديّ عليه السلام.

وقال الشيخ عبد الحقّ (3) في «اللمعات» : «قد تظاهرت الأخبار0.

ص: 235


1- المستدرك على الصحيحين 4 / 511 ح 8434 ، سنن ابن ماجة 2 / 1366 ح 4082 ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 491. وانظر : الفتن - لنعيم بن حمّاد - : 188 ، مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 697 ح 74 كتاب الفتن ، الكنى والأسماء - للدولابي - 2 / 26 مختصراً ، مسند الشاشي 1 / 362 ح 351 ، الصواعق المحرقة : 250. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 381 ح 245.
2- سنن الترمذي 4 / 438 ح 2230. وانظر : سنن أبي داود 4 / 104 ح 4282 ، مس - ند أحمد 1 / 376 - 377 و 430 و 448 ، المعجم الكبير 10 / 134 ح 10218 ، مسند الشاشي 2 / 110 ح 634 ، تاريخ أصبهان 1 / 386 رقم 720 ، مصابيح السُنة 3 / 492 ح 4210 ، مشكاة المصابيح 3 / 170 ح 5452 ، عقد الدرر : 29. ولزيادة التفصيل راجع : معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام 1 / 115 ح 68.
3- هو : عبد الحقّ بن س -يف الدين بن سعد الله الدهلوي ، وُلد سنة 959 ه- / 1552 م ، وتوفّي سنة 1052 ه- / 1642 م ، فقيه حنفي ، صوفي ، محدِّث الهند في عصره ، مشارك في بعض العلوم ، جاور في الحرمين الشريفين أربع سنوات ، وأخذ عن علمائهما ، له مصنّفات كثيرة باللغتين العربية والفارسية ، منها : لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح ، رسالة في أقسام الحديث ، مطالع الأنوار البهية في الحلية النبوية ، أخبار الأخيار في أسرار الأبرار. انظر : فهرس الفهارس والأثبات 2 / 725 رقم 383 ، معجم المؤلّفين 2 / 58 رقم 6626 ، الأعلام 3 / 280.

- البالغة حد التواتر معنىً - في كون المهديّ من أهل البيت ، من وُلد فاطمة عليها السلام» (1).

* * * ك.

ص: 236


1- لمعات التنقيح : مخطوط. والأحاديث الثمانية عشر التي أوردها الشيخ البلاغي قدس سره تبين ذلك.

[أحاديث الشيعة]

وأمّا ما جاء من طرق الشيعة ومسانيدهم ، فهو ممّا يضيق عن ذِكره هذا المجال ..

وفي رسالة «نصائح الهدى» لبعض كتبتنا - المطبوعة في بغداد سنة 1330 (1) - ذكر من ذلك - من طرق الشيعة وأهل السُنة ، بالأسانيد المعتبرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن أئمّة أهل البيت عليهم السلام - مائة وسبعة أحاديث ، كلّها تصرّح ، أو تعيّن ، أنّ المهديّ هو ابن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، ذكر ذلك من صفحة 20 إلى 60 (2).

* * * ث.

ص: 237


1- كذا في الأصل المطبوع ، وهو خطأ مطبعي ، والصحيح هو : 1339 ، كما هو مثبت على طبعة الكتاب. وكتاب «نصائح الهدى والدين إلى من كان مسلماً وصار بابياً» هو ممّا جاد به يراع الشيخ البلاغي قدس سره نفسه ، وإنّما نسبه هنا لبعض كتبته تواضعاً ونكراناً للذات ، كما هي عادته ، وكلُّ من ترجم له قد نسب الكتاب إليه. هذا ، وقد قمت بتصحيح كتاب «نصائح الهدى» وإعداده من جديد ، وآمل أن يرى النور عمّا قريب بإذن الله تعالى.
2- انظر الطبعة المحقّقة الجديدة من نصائح الهدى : 64 - 122 ، وقد أحصيتُ الأحاديث ب- 110 بدلاً من 107 بعد إعادة ترقيم الأحاديث.

[نزول المسيح وائتمامه بالمهديّ عليهما السلام]

وأمّا ما جاء عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، وصلاته خلف المهديّ عليه السلام ، ومؤازرته له ، فيكفينا أن نشير هنا إلى ما جاء منه في رواية أهل السُنة ، وهو كثير ، ومنه :

1 - ما أخرجه ابن عساكر ، عن ابن عمر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

2 - وابن ماجة ، وابن خزيمة ، والضياء ، والحاكم ، والطبراني ، وابن حبان ، والكنجي ؛ عن أبي أُمامة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

3 - وأحمد ، وابن خزيمة ، وأبو يعلى ، والحاكم ، والضياء ؛ عن جابر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

4 - وأحمد ، ومسلم ، وابن أبي أُسامة ، وأبو نعيم ، والكنجي ؛ عن جابر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (4). حب

ص: 238


1- انظر : تاريخ دمشق 47 / 500 - 501 ح 10317 - 10321 من عدّة طرق.
2- سنن ابن ماجة 2 / 1361 ذ ح 4077 ، المعجم الأوسط 9 / 174 ح 9203 عن نافع ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8 / 283 ح 6764 عن أبي هريرة وفي ص 289 ح 6780 عن جابر ، البيان في أخبار صاحب الزمان : 499 ح 1255 وقال : «هذا حديث صحيح ثابت» وعن أبي سعيد في ص 500 ح 1256. وانظر : العرف الوردي 2 / 65 عن ابن خزيمة ، كنز العمّال 14 / 294 ح 48742 عن ابن خزيمة والضياء والحاكم.
3- مسند أحمد 3 / 345 و 384 ، مسند أبي يعلى 4 / 59 - 60 ح 2078. وانظر : كنز العمّال 14 / 325 - 326 ح 38819 عن ابن خزيمة والحاكم والضياء المقدسي.
4- مسند أحمد 3 / 345 و 384 ، صحيح مسلم 1 / 95 ، البيان في أخبار صاحب

5 - والبخاري ، ومسلم ؛ عن أبي هريرة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1).

6 - وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن ماجة ؛ عن أبي هريرة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

7 - وإسحاق بن بشر ، وابن عساكر ؛ عن ابن عبّاس ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

8 - وأحمد ، وم - سلم ، والأربعة ؛ عن حذيفة بن أَسِيد ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (4).

9 - وابن جرير ، عن حذيفة بن اليمان ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (5).

10 - وأحمد ، ومسلم ، والترمذي ؛ عن النواس بن سمعان ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (6).

11 - والترمذي ، عن مُجَمِّع بن جارية ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (7).

وقال الترمذي : «وفي الباب : عن عمران بن حصين ، ونافع بن عتبة ، وأبي برزة ، وحذيفة بن أَسِيد (8) ، وأبي هريرة ، وكيسان ، وعثمان بن أبي 8.

ص: 239


1- صحيح البخاري 4 / 325 ح 245 ، صحيح مسلم 1 / 94.
2- مسند أحمد 2 / 272 و 336 ، صحيح البخاري 4 / 325 ح 245 ، صحيح مسلم 1 / 94 ، سنن الترمذي 4 / 439 ح 2233 ، سنن ابن ماجة 2 / 1363 ح 4078.
3- انظر : كنز العمّال 14 / 618 - 619 ح 39726 عن إسحاق وابن عساكر.
4- انظر : عقد الدرر : 327.
5- انظر : عقد الدرر : 229 - 230 و 328.
6- مسند أحمد 4 / 181 - 182 ، صحيح مسلم 8 / 197 - 199 ، سنن الترمذي 4 / 442 - 445 ح 2240.
7- سنن الترمذي 4 / 447 ح 2244.
8- في المصدر : «حذيفة بن أبي أَسِيد» ، وهو سهو ، والصحيح ما في المتن ؛ انظر : تهذيب التهذيب 2 / 197 رقم 1207 ، تهذيب الكمال 4 / 190 رقم 1128.

العاص (1) ، وجابر ، وأبي أُمامة ، وابن مسعود ، وعبدالله بن عمر ، وسمرة [ابن جندب] ، والنوّاس بن سمعان ، وعمر بن عوف ، وحذيفة بن اليمان».

12 - وأحمد ، ومسلم ؛ عن ابن عمر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

13 - وأحمد ، والطبراني ، والروياني ، والضياء ؛ عن سمرة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

14 - والطبراني ، عن عبدالله بن مغفل ، عنه صلى الله عليه وآله (4).ط.

ص: 240


1- كذا في الأصل ، وفي المصدر : «العاصي» ؛ وهو الصحيح في كتابته لغةً ؛ إذ إنّه من الأسماء المنقوصة ، وهي كلّ اسم معرب في آخره ياءٌ ثابتة مكسور ما قبلها ، وحكمه الإعرابي حذف الياء منه في حالتَي الرفع والجرّ ، كقولنا : هذا قاضٍ .. ومررتُ بقاضٍ ، وإثباتها عند الإضافة ودخول «أل» التعريف عليها ، كقولنا : جئتُ من عند قاضي القضاة .. والقاضي العادل أمان للضعفاء ، وثبوتها في حالة النصب أيضاً كقولنا : رأيتُ قاضياً. وقد شاع بين الكتاب والمتأدّبين من العصر الأوّل حتّى يومنا هذا كتابته بحذف الياء ، وهو ليس بصحيح .. قال المبرّد : «هو العاصِي ، بالياء ، لا يجوز حذفها ، وقد لهجتِ العامة بحذفها». انظر : تاج العروس 19 / 682 مادّة «عصي».
2- مسند أحمد 2 / 22 و 39 و 83 و 122 و 126 - 127 و 154 ، صحيح مسلم 1 / 107 - 108.
3- مسند أحمد 5 / 13 ، المعجم الكبير 7 / 221 ح 6919 وص 265 ح 7082 ، مسند الروياني 2 / 38 - 39 ح 828. وانظر : كنز العمّال 14 / 318 ح 38795 عن الضياء.
4- المعجم الأوسط 5 / 86 - 87 ح 4580. وانظر : مجمع الزوائد 7 / 335 - 336 ، كنز العمّال 14 / 321 ح 38808 ، كلاهما عن المعجمين الكبير والأوسط.

15 - وأحمد ، ومسلم ؛ عن عائشة ، عنه صلى الله عليه وآله (1).

* * * 6.

ص: 241


1- مسند أحمد 6 / 75. وانظر : تاريخ دمشق 47 / 497 - 498 ح 10315 و 10316.

[الاِمامة عند الشيعة]

* ثمّ قال الكاتب على أثر مقاله الاَوّل : «ويرجع ذلك إلى أنه حدث في صدر الاِسلام أن نهض جماعة شايعوا عليّ بن أبي طالب في إمامته ، واعتقدوا أنّ الاِمامة لا تخرج من أولاده ؛ وحجّتهم في ذلك أنّ الاِمامة قضية ليست من المصالح العامّة التي تُطرح أمام الجمهور لاِبداء رأيه فيها ، بل هي وصيّة يوصيها القائم بالاَمر إلى من يخلفه ، ويتعيّن أن تخضع هذه الاَُمّة لهذه الوصيّة.

وتلك الجماعةالتي يُطلق عليها اسم (الشيعة) في التاريخ - تقول : إنّ النبيّ (ص) أوصى بإمامة عليٍّ قبل موته ، وقال في ذلك أقوالاً كثيرة ، مثل : (من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه) (1)».م.

ص: 242


1- وحديث الغدير صحيح متواتر ، بل في أعلى درجات التواتر ، قطعيّ الصدور ، واضح الدلالة جليُّها على إمامة أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام بالرغم من محاولات التعتيم عليه ، وطمس معالمه ، وكتم الكاتمين!! فقد قاله النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من مرّة ، وأشهرها وآخرها ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم عند منصرفه من حجّة الوداع ، في 18 ذي الحجّة من السنة العاشرة للهجرة ، ورواه عنه أكثر من مائة صحابيّ؛ ثمّ كانت مناشدات أمير المؤمنين الاِمام عليٍّ عليه السلام الصحابةَ به لاِثبات حقّه بالخلافة مشهورة. وقد روي هذا الحديث في أُمّهات مصادر الجمهور ، فانظر مثلاً : سنن الترمذي 5 / 591 ح 3713 ، السنن الكبرى - للنسائي - 5 / 130 - 132 ح 8464 - 8473 ، سنن ابن ماجة 1 / 43 ح 116 وص 45 ح 121 ، مسند أحمد 1 / 84 وج 4 / 281 ، التاريخ الكبير - للبخاري - 1 / 375 رقم 1191 ، مصنّ - ف عبد الرزّاق 11 / 225 ح 20388 ، مصنّ - ف ابن أبي شيبة 7 / 494 - 496 ح 2 و 9 و 10 ، مسند البزّار 2 / 133 ح 492 وص 235 ح 632 ، مسند أبي يعلى 1 / 428 - 429 ح 567 وج 11 / 307 ح 6423 ، المعجم الكبير 5 / 170 - 172 ح 4983 - 4986 ، المعجم الاَوسط 2 / 10 ح 1115. ولخطورة حديث الغدير وواقعته في تاريخ الاِسلام فقد تناوله المؤلّفون عبر القرون - على اختلاف مذاهبهم وتخصّصاتهم ولغاتهمبتخريج طرقه وألفاظه ، والبحث فيه سنداً ودلالة ، ونظم الواقعة شِعراً. فقد استوفى البحث في ما يتعلّق بذلك كلّه وما يرتبط به من بحوث علمية وتاريخية ورجالية وأدبية ، العلاّمة الشيخ عبد الحسين الاَميني قدس سره في موسوعته «الغدير» ، والعلاّمة السيّد عليّ الحسيني الميلاني - حفظه الله ورعاه- في الاَجزاء 6 - 9 من موسوعته «نفحات الاَزهار». هذا ، وقد أحصى ممّا أُلِّف في الغدير المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره في كتابه : «الغدير في التراث الاِسلامي» ما يقرب من مئ - تَي كتاب ورسالة ، مرتّبة حسب القرون؛ فللّه درّهم وعليه أجرهم.

وغير خفيٍّ من الاَحاديث المتقدّمة ، والمشار إليها ، وأضعافها ممّا لم نذكره ، بل من اتّفاق المسلمين في أمر المهديّ والمسيح ، أنّ أمر المهديّ يرجع إلى تبليغ رسول الله وبشراه في تعاليم دين الاِسلام.

وأما اعتقاد الشيعة في الاِمامة ، فحججهم فيه معروفة عنهم - لمن له معرفة - مدوّنةٌ في كتبهم ، المنتشر مطبوعها ومخطوطها في أطراف العالم ، مجهّزة بالحجج النيّرة الباهرة من الكتاب والسُنة والعقل ..

ومن جملة ذلك : إنّهم يقولون : إنّ نصب الاِمام ، وتعيين الذي هو صالح للاِمامة الدينيةبحسب علمه ، وكماله الظاهر والباطن ، وملَكاته الراقية الزكية الثابتة المستمرّة - انّما يكون من الله تبارك اسمه وجلّت آلاؤه .. ويكون ذلك بعهد متّصل بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، مستند إلى الوحي الاِلهي.

وحجّتهم في ذلك من الكتاب المجيد تؤخذ من قوله تعالى لخليله إبراهيم : (إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذرّيتي قال لا ينال عهدي

ص: 243

الظالمين) (1) (2) ..

فإنّه واضح الدلالة على إنّ الاِمامة الدينية وزعامتها العامّة هي عهد الله وبجعله ، ولا تنال الظالمين ، بل تجري على روح الصلاحية الدينية وحقيقة مصالح البشر ورغائبهم الصالحة بواسطة العهد بأمرها إلى الصالح الكامل المقدّس في الظاهر والباطن ، وهو من يعلم الله أن لا يظلم غيره ولا نفسه بتعدّي الحدود الشرعية والمعقولة ، كما يشير إلى ذلك بفحواه قوله تعالى : (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (3).

وحجّتهم من العقل ما يرشد إلى وجهه المشرق وَحْيُ الآيتين الكريمتين ، وهو : إنّ الاِمامة الشرعية والزعامة العامة الدينية التي تخلف مقام الرسالة وزعامتها ، وتنوب عنها في وظائفها ، إنّما هي زعامة ومصلحة عامّة للبشر ، لا تختصّ بأُمّة ولا قومية ولا بمصلحة قطر خاصّ أو قادة مخصوصة ، بل تسري بصلاحها العامّ مع الدين حيثما سار ، يداً بيد ، وجنباً لجنب ..

ويشترك في أمرها وفائدتها وشؤونها ونفوذها كلٌّ من : الاَرملة ، واليتيم ، والطفل ، والهرم ، والضعيف ، والقويّ ، والعاجز ، والعبد ، والمولى ، والفقير ، والغنيّ ، والصالح ، وغيره؛ وهي أكبر مصلحة عامّة ينتظم بها الصلاح والاِصلاح لاَُمور البشر ، ولا يكون من ذلك على الوجه المطلوب فيها والكامل في الصلاح ، إلاّ ما استند إلى علم الله القدّوس العليم واختياره. 4.

ص: 244


1- سورة البقرة 2 : 134.
2- راجع مثلاً : تقريب المعارف : 191 ، قواعد العقائد : 460.
3- سورة الاَنعام 6 : 124.

فمن الغرائبالتي لا قيمة لها في سوق المعرفة والاَدب والصدق والاَمانة - قول القائل : «وحجّتهم في ذلك أنّ الاِمامة ليست من المصالح العامّة التي تُطرح أمام الجمهور لاِبداء رأيه فيها»! وكأنّه بهذا الكلام يرثي لحقوق الاَُمّة ، ويسكب لها عبرات الرحمة!

كفكف دموعك أيّها الكاتب!! فإنّ مبدأ الشيعة بالوصية بالاِمامة المسنَدة إلى الرسول وإلى الوحي مبنيٌّ ومؤسس على أحسن الوجوه وأصحّها في رعاية الصالح لعامّة البشر في الحال والمستقبل ، ومطابقة الرغائب الصحيحة الصالحة الحرّة لجميع الناس بالنحو الجاري بروح اللطف الاِلهي والعدل والحكمة ، والمنزَّه عن الخطأ ، والخداع ، والاستبداد ، والمحاباة ، وعن تدخّل المدلّسين في الحلّ والعقد وتمثيل الاَُمّة ، والّذين يكمّون أفواه ذوي الحقوق بالضربة القاضية ، وعن تمويه الاستبداد والضغط والاستعباد باسم الحرّية ، وعن ، وعن ، وعن ...

ألا تدري أنّ الشيعة ينسبون هذه الوصيّة من إمام إلى إمام إلى عهد الرسول إلى عهد الله واختياره؟! (1).

أَوَليس الله بأنظر لخلقه منهم لاَنفسهم ، وأحسن رعاية لمصالحهم العامة والخاصة؟! وهو القدّوس الحكيم الذي أحاط بكلّ شيء علماً ، والغنيّ المطلق ، واللطيف الرؤوف الرحيم.

وإنّ اختياره للاِمام هو روح الرعايةِ لعامةِ البشر وصلاح أمرهم ، والنظر إلى المستقبل في شؤون الاِمام والرعية ، وهو الجامع لكلّ حكمة وفائدة تفرض في اجتماع الآراء ، والمنزَّه من نقائص البشرية ، من حيث 4.

ص: 245


1- راجع : أُصول الكافي 1 / 307 - 309 ح 731 - 734.

الجهل والخداع والتدليس والاستبداد والاستئثار والضغط والمحاباة والمَيل وجرّ النار إلى القرص والاستعجال واغتنام الفرص.

إذاً فالاِمامة على مبدأ الشيعة تجري على أرقى وأحسن وجه في صلاح البشر ، والرعاية لحقوقهم ، ومساواة الضعيف بالقوي.

وهل تُنكر بعد هذا - ايّها الكاتب - وجوب خضوع الاَُمّة لهذه الوصية المستندة إلى الرسول وتعيينه واختياره القائم بحقيقة الصلاح العامّ؟!

وقد كتب الشيعة مبدأهم هذا ودوّنوه في كتبهم مدعوماً بالبراهين وموازين المنطق ونواميس المعقول (1) ، فانْ كانت لك مناقشة في ما دوّنوه ، فهلمّ إلى البحث النزيه ، فإنّ الحقيقةَ بِنتُه!

*وأمّا تعرّضك لقول الشيعة بوصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإمامة عليٍّ .. فدع أمر هذه الوصية لِما مضى ، وإنْ كانت رغما عن الكوارث المتتابعة تثبت وجودها ، وتظهر ذاتها بالمظاهر الجلية ، من خصوص روايات أهل السُنة في مسانيدهم وجوامعهم وغير ذلك من كتبهم ، تتجلى منه أحاديث الغدير (2) ، والمنزلة (3) ، وص

ص: 246


1- راجع مثلاً : أوائل المقالات : 64 - 65 ، الذخيرة في علم الكلام : 409 وما بعدها ، تجريد الاعتقاد : 221 وما بعدها.
2- مرّ تخريجه مختصراً في صفحة 242.
3- إشارة إلى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ عليه السلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ من بعدي» ، وقد روي الحديث في أُمّهات مصادر الجمهور ، فانظر مثلاً : صحيح البخاري 5 / 89 - 90 ح 202 وج 6 / 18 ح 408 ، صحيح مسلم 7 / 120 - 121 ، سنن الترمذي 5 / 598 - 599 ح 3730 و 3731 ، سنن ابن ماجة 1 / 45 ح 121 ، السنن الكبرى - للنسائي - 5 / 44 - 45 ح 8138 - 8143 وص

والولاية (1)لاً ، والخلافة (2) ، والوصية (3) ، وال - ث - قلين (4) ، وغير ذل - ك .. من

ص: 247


1- إشارة إلى أحاديث كثيرة ، منها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن عليٍّ عليه السلام : «هو وليّ كلّ مؤمن بعدي» ، انظر مثلاً : سنن الترمذي 5 / 590 ح 3712 ، السنن الكبرى - للنسائي - 5 / 126 ح 8453 ، مسند أحمد 4 / 438 ، المعجم الكبير 18 / 128 ح 265 ، الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 41 - 42 ح 6890 و 6891 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 119 ح 4579 ، تاريخ دمشق 42 / 197 - 199 ح 8662 - 8665. وراجع الجزءين 15 و 16 من موسوعة «نفحات الاَزهار» ففيه كلّ ما يتعلّق بالحديث وما يرتبط به من بحوث علمية.
2- إشارة إلى أحاديث للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة في حقّ عليٍّ عليه السلام ، منها يوم الدار قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا» ، انظر مثلاً : مسند أحمد 1 / 111 ، السنن الكبرىللنسائي - 5 / 126 ح 8451 ، تاريخ الطبري 1 / 542 - 543 ، تاريخ دمشق 42 / 49 - 50 ح 8381 و 8382 ، مجمع الزوائد 9 / 113 ، كنز العمّال 13 / 131 - 133 ح 36419.
3- إشارة إلى أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن عليٍّ عليه السلام ، قالها في مواطن متعدّدة ، منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «لكلّ نبيٍّ وصيٌّ ووارث ، وإنّ علياً وصيّي ووارثي» وفي لفظ : «إنّ وصيّي ووارثي عليّ بن أبي طالب» ، فانظر مثلاً : مناقب الاِمام عليّ عليه السلام - لابن المغازلي - : 192 ح 238 ، فردوس الاَخبار 2 / 192 ح 5047 ، مناقب الاِمام عليّ عليه السلام - للخوارزمي - : 84 - 85 ح 74 ، ذخائر العقبى : 131 - 132 ، تاريخ دمشق 42 / 392 ح 9005 و 9006.
4- وحديث الثقلين من الاَحاديث المتواترة ، وله طرق عديدة وألفاظ مختلفة ، ومن

وإنا بالنسبة للوئام وتوحيد الكلمة أشد احتياجاً منا إلى إيراد الاَدلّة والاِدلاء بالحج - ج على هذه الحقيقة ..

نعم ، قد اعترضت الفترة (1) في نفوذ الاِمامة الشرعية الدينية بأسباب بشرية ، إذ عرقل الناس مساعيها الكريمة ، حيث إنّ الله لا يُلجىَ عبادَه في أفعالهم وتروكهم ، بل يريد منهم الطاعة الاختيارية ، لكي يرتقوا باختيارهمة.

ص: 248


1- الفَتْرَةُ : ما بين كلّ نبيَّ -ين ، وما بين كلّ رسولين من رسل الله عزّ وجلّ من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة؛ انظر : لسان العرب 10 / 174 مادّة «فتر». والمعنى هنا : هو عدم تمكّن الاِمام عليه السلام من تولّي الخلافة بلا فصل وبسط يده على العباد والبلاد ، أو المراد هو زمان الغَيبة.

إلى معارج الكمال وسعادة الحال والمستقبل ، بعد أن أرشدهم إلى سبيل الرشاد ، وأقام لهم علم الهدى بتبليغ الرسول المتكرّر المؤكِّد كما يقتضيه لطفه ورحمته.

وعندئذٍ فالشيعة يقولون - كسائر المتمدّنين - : إنّ الزعامة السياسية الزمنية المدنية ، القائمة بالاَمن العامّ وانتظام المدنية ، والمكافِحة لموبقات الفوضوية ، من شأنها وواجبها أن تُطرح أمام الجمهور وعامّة الرعية لاِبداء رأيهم الحرّ فيها ، من دون تدخّل كيت وكيت في أمرها ، كما تشير إليه احتياطات الحكومة المتمدّنة في الانتخابات للاختيار والتأسيس.

* * *

ص: 249

[قيام الاِمام الحسين عليه السلام]

* وقال الكاتب : «قام الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام مدفوعاً بإغراء الشيعة بأنها (أي الاِمامة) من حقه الطبيعي ، فاعتبره يزيدالخليفة الاَُموي ، القائم بالاَمر وقتئذٍ - ثائراً ، فأرسل إليه جيشا هزمه وقتله في وقعة كربلاء سنة 61 ، فهزّ قتل الحسين بناء الاِسلام هزّاً عنيفا ، كان من نتائجه أن اضطربت الدولة في جميع الاَرجاء.

فمن الطبيعي - والحالة هذهان يلجأ الناس إلى العناية الاِلهية ، وما لبثوا أن ساد الاعتقاد بأنّه لا بد لقمع تلك الفوضى من رجلٍ يرسله الله فيهدي القوم».

لم يقم الحسين عليه السلام لمنصب الاِمامة والطلب بحقّها إلاّ لعلمه بأنّه الاِمام المنصوب من الله ، والمعهود له بالاِمامة بعد أخيه الحسن عليه السلام ..

والمنصوص عليه- مع ذلكبقول الرسول الاَمين صلى الله عليه وآله وسلم : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» (1) ..

والعَلم الشاخص الهادي في وقته ..

وعديل كتاب الله من العترة ، أهل البيت ، المنصوص عليهم في حديث الثقلين أو الخليفتين ، وهو الحديث المروي بالاَسانيد المتعدّدة ».

ص: 250


1- انظر : مناقب آل أبي طالب 3 / 445 وفيه : «واجتمع أهل القِبلة على أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» ، منهاج السُنّة 4 / 6 وفيه : «إمامان بنصّ النبيّ».

الكثيرة العالية ، عن نيف وعشرين صحابياً (1) ..

وهو الخامس من أهل الكساء ، الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، كما روي بطرق متعدّدة متضافرة من كلٍّ من الفريقين (2) ..

وسيّد شباب أهل الجنة ، كما أخرجه أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، 0.

ص: 251


1- تقدّم تخريجه في صفحة 242.
2- من الثابت المسلَّم به بين الفريقين نزول آية التطهير (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهلَ البيت ويطهّركم تطهيرا) [سورة الاَحزاب 33 : 33] في خصوص الرسول الاَكرم وعليٍّ وفاطمة والحسن والحس -ين صلوات الله وسلامه عليهم ، وخروج بقية بني هاشم وأقرباء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته من مراد الآية ، أمّا ما في مصادرنا فنحن في غنىً عن ذِكره لاِثباته ، لاَنّ ذلك من أوضح الواضحات ومن ضروريّات مذهبنا ، وأمّا ما ورد في مصادر الجمهور ، فانظر مثلاً : صحيح مسلم 7 / 130 ، سنن الترمذي 5 / 327 - 328 ح 3205 وص 621 ح 3787 وص 656 - 657 ح 3871 ، السنن الكبرى - للنسائي - 5 / 107 - 108 ح 8399 ، مسند أحمد 1 / 331 وج 3 / 259 ، فضائل الصحابة - لابن حنبل - 2 / 726 - 728 ح 994 - 996 ، مسند الطيالسي : 274 ح 2059 ، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 501 ح 39 - 40 وص 527 ح 4 ، مس - ند عبد بن حميد : 173 ح 475 وص 367 - 368 ح 1223 ، التاريخ الكبير / الكنى 8 / 25 - 26 رقم 205 ، السُنة - لابن أبي عاصم - : 589 ح 1351 ، مسند البزّار 3 / 324 ح 1120 ، مسند أبي يعلى 7 / 59 - 60 ح 1223 و 1224 وج 12 / 313 ح 6888 ، المعجم الكبير 3 / 52 - 56 ح 2662 - 2673 ، المعجم الاَوسط 3 / 39 ح 2281 وج 7 / 369 ح 7614 ، المعجم الصغير 1 / 65 و 135 ، الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 61 ح 6937 ، مشكل الآثار 1 / 227 - 231 ح 770 - 785. وراجع : نفحات الاَزهار 20 / 71 - 111 ففيه كلّ ما يتعلّق بالحديث وما يرتبط به من بحوث علمية .. وكتاب : مع الدكتور السالوس في آية التطهير .. وكذا المبحث الخاصّ بآية التطهير من كتاب : عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية : 130 - 190.

وابن حبان ؛ عن حذيفة ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (1) ..

وأحمد ، وأبو يعلى ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم في «المستدرك» ؛ عن أبي سعيد ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (2) ..

والطبراني ، وأبو نعيم ؛ عن عليّ ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3) ..

والديلمي ، عن أنس ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم (4) ..

ومن سادات أهل الجنّة ، كما مرّ في الحديث الحادي عشر (5).

وهذا كله متواتر النقل وقطعِيه من طرق الشيعة.

وقد رأى عليه السلام أنّ استبداد يزيد - مع أحواله المعلومة - ممّا لا يسوغ له أن يتساهل في أمره ويعجّل بسبب يسير من الاضطرار إلى بيعته الجائرة قبل واجب المدافعة والمماطلة ، إلى أن يرى ما تقتضيه المصالح الوقتية والظروف ، فلعلّما يرجع الحقّ إلى نصابه وتنال الاَُمّةُ حقوقَها المغتصبة .. فتنحّى عن بيعة يزيد الجائرة. 2.

ص: 252


1- مسند أحمد 5 / 391 ، سنن الترمذي 5 / 619 ح 3781 ، السنن الكبرىللنسائي - 5 / 80 - 81 ح 8298 ، الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 55 ح 6921. وانظر : كنز العمّال 12 / 96 ح 34158 وص 102 ح 34192.
2- مسند أحمد 3 / 3 و 62 و 64 و 82 ، مسند أبي يعلى 2 / 395 ح 1169 ، الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 55 ح 6920 ، المعجم الكبير 3 / 38 - 39 ح 2610 - 2615 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 182 ح 4778. وانظر : سنن الترمذي 5 / 614 ح 3768 ، السنن الكبرى - للنسائي - 5 / 50 ح 8169 وص 149 - 150 ح 8525 - 8528.
3- المعجم الكبير 3 / 35 - 36 ح 2599 - 2603 ، المعجم الاَوسط 1 / 173 - 174 ح 368 عن الاِمام الحسين عليه السلام ، حلية الاَولياء 4 / 140.
4- فردوس الاَخبار 1 / 355 ح 2624 عن أبي سعيد.
5- راجع صفحة 232 ه- 2.

ولمّا استغاث به المسلمون ، ووعدوه الطاعة والقيام بالنصرة ، وأعطوه المواثيق ، لم يجد بداً من المطالبة بحقوق الاِسلام والمسلمين ولازمِ الدفاع لطاغوت الظلم والمنكَر ، فقام ولسان حاله يقول ما قاله أبوه أمير المؤمنين : «لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، لاَلقيتُ حبلها على غاربها ، وسقيتُ آخرَها بكأس أوّلها» (1) ..

ودعا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأقام الحجج ، وأنار البراهين ، مع الثبات الهائل والبأس المروّع ، ودافع عن حقوق الدين والمسلمين بأحسن ما يفتخر به التاريخ من صادق الجدّ والتفادي في سبيل الله والاِصلاح ، إلى أن جرى على الاِسلام والمسلمين في يوم الطفّ مثل ما جرى في واقعة أُحد :

ولا مثلَ يومِ الطفِّ يومَ فجيعة

لذِكراه في الاَيّامِ ينقصمُ الظهر

يذيبُ سويدا القلبِ حزناً فعاذِر

إذا سفحت من ذوبها الاَدمعُ الحمرُ (2)رُ

ص: 253


1- نهج البلاغة : 50 الخطبة 3.
2- البيتان من قصيدة للشيخ البلاغي قدس سره نظمها ردّاً على قصيدة أحد علماء بغداد المنكرين لوجود الاِمام الثاني عشر المهديّ المنتظَر عليه السلام ، والتي بعثها إلى علماء النجف الاَشرف عام 1317 ه، التي يقول فيها : أيا علماءَ العصرِ يا مَن لهم خُبْر ُبكلِّ دقيقٍ حارَ في مِثله الفِكرُ لقد حارَ منّي الفِكرُ في القائمِ الذي تنازعَ فيه الناسُ والتَبسَ الاَمرُ فأجابه العلاّمة البلاغي قدس سره بقصيدة طويلةالتي منها البيتان اللذان في المتن - تقع في أكثر من مئة بيت ، وهي من عيون شعره ، ومطلعها : أَطعتُ الهوى فيهم فعاصاني الصبر ُفها أنا ما لي فيه نهيٌ ولا أمرُ

وما كنت أحسب أنّ واحداً من الناس - حتّى ممّن عرقت فيه هند أو سميّة - يجترىَ بكذبه ، ويسوّد وجه المطبوعات بقوله في شأن الحسين عليه السلام : «فاعتبره يزيدالخليفة الاَُموي ، القائم بالاَمر وقتئذٍ - ثائراً ، فوجّه إليه جيشاً هزمه وقتله»!!

ليت الكاتب يقول : إنّ يزيد خليفة مَن؟؟!!

ومتى قام بالاَمر؟!

ومتى طُرحت حكومته أمام الجمهور؟!

ومتى رضي به المسلمون؟!

أليس أوّل ما مات معاوية ، وأراد أن يتسلّق إلى الزعامة الجائرة ، قامت عليه قيامة المسلمين من ها هنا وها هنا ، كما يشهد به التاريخ في أسباب وقعة كربلاء ، ووقعة الحرّة ، ووقعة هدم الكعبة؟!

ألَم يكن الحسين قد حبس يده الكريمة - في جملة الناس - عن البيعة الجائرة ، وخرج من المدينة كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكّة ، وأَمَّ الكوفة كما أَمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة؟!

ولكن لمّا استفحل الجور والاستبداد ، فوهن لذلك المس - تغيثون به ، وغدروا به ، جاشَ عليه الجيش العرمرم (1) في كربلاء ، وهو في ثلّة يسيرة ه.

ص: 254


1- جاشَت القِدر : إذا بدأت تغلي ولم تَغْلِ بعد ، أو إذا غَلَت ، وكذلك الصدر إذا لم يقدر صاحبه على حبس ما فيه .. وكلّ شيء يغلي فهو يجيش ، حتّى الهَمّ والغُصّة في الصدر. وجاشَ البحرُ جيشاً : هاجَ فلم يُسْتَطَع ركوبُه.

من أهل بيته وصفوة صحبه ، فسامه (1) الاَعداء أن يس - تسلم ضارعاً لطاعة يزيد وحكم ابن مرجانة ، ويخضع لبيعة الضلال ..

فأبى أن يعي - شَ إلاّ عزي - زاًأو تُجلّى الكفاح وهو صريعُ (2) فوقف في وجه الحرب وأدار رحاها ثابت الجَنان ، ماضي العزيمة ، على بصيرة من أمره ..

أَقرُّ على الاَرضِ مِن ظهرِها

إذا مَلملَ الرعبُ أقرانَها

تزيدُ الطلاقةُ في وجهه

إذا غَير الروعُ ألوانَها (3)

حتّى قال أحد أعدائه من جيش ابن سعد : «فوالله ما رأيت مكثوراً ع.

ص: 255


1- السوْم : أن تُجَشِّمَ إنساناً مشقّة أو سوءاً أو ظلماً ؛ انظر : لسان العرب 6 / 440 مادّة «سوم».
2- ديوان السيّد حيدر الحلّيالقسم الحسيني: 33. والبيت من قصيدة بعنوان «كلّ عضو في الروع منه جموع» ، مطلعها : قد عهدنا الربوعَ وهي ربيع أينَ لا أينَ أُنسُها المجموعُ
3- ديوان السيّد حيدر الحلّي - القسم الحسيني - : 48. وهذان البيتان والاَبيات الاَربعة الآتية من قصيدة للسيّد حيدر الحلّي بعنوان «فنفس الاَبيّ وما زانها» يرثي بها أبا الاَحرار سيّد الشهداء الاِمام الحسين عليه السلام ، مطلعها : تَركتَ حَشاكَ وسُلوانَها فَخَلِّ حَشايَ وأحزانَها وفي الديوان : «الخوفُ» بدل «الروعُ» من هذا البيت ، و«سابقٍ» بدل «سابحٍ» من البيت الرابع.

قطّ قد قُتل وُلدُه وأهلُ بيتِه وصحبُه أربطَ جأشاً منه» (1).

ولمّا قضى للعُلا حقَّها

وشيد بالسيفِ بُنيانَها

ترجَّلَ للموتِ عن سابح

له أخْلَتِ الخيلُ مَيدانَها

* * *

غريباً أرى يا غريبَ الطُّفوفِ

توسُّدَ خَدِّكَ كُثبانَها

وقتْلَكَ صبراً بأيْدٍ أبوكَ

ثَناها وكَسّرَ أوثانَها

وليت شعري مَن ذا الذي اجترأ وقال قبل هذا الكاتب : «إنّ جيش يزيد هزم الحسين»؟!

من أين هزمه؟! وإلى أين هزمه؟!! ..

ولعمري إنّ قتل الحسين عليه السلام ، وانتهاك حرمة الرسول والاِسلام بقتله ، قد هزّ بناء الاِسلام هزّاً عنيفاً ، ولكنّه رفع الخداع ، وأماط الستار عن الحقيقة ، ومحّص الاَمر ، وأزال التمويه ، وبصّر المرتاب ، ونبه الغافل ، وأثار أهل الدين ، فانجلى بذلك غياهب كانت متراكمة ، وفتح للرشد أبواباً كانت موصدة!

فإن لم يكن الحسين قد فتح بانتصاره ، فقد فتح باب الهدى بقتله ، وأزال عن الدين معاثر التدليس ، وكان من نتائج ذلك أن ثار الناس للتحرّر من الاستبداد القاسي ، وطرح ذلك النير الجائر عن أعناق الاَُمّة المسكينة. ».

ص: 256


1- انظر : تاريخ الطبري 3 / 334 حوادث سنة 61 ه، مقتل الحسينللخوارمي - 2 / 44 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 4 / 152 - 153 مادّة «كثر» وفيه : «ومنه حديث مقتل الحسين رضي الله عنه : (ما رأينا مكثوراً أجرأ مقدماً منه) .. المكثور : المغلوب ، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه ، أي ما رأينا مقهوراً أجرأ إقداماً منه».

ومهما كان من الاَمر ، فإنّ العراقيل من سياسات تلك العصور لم تعرقل روح الحقّ من أن ينتعش في البصائر انتعاشاً جديداً باهراً ، لم يزل ينمو على مرور الاَيام.

* * *

ص: 257

[الاعتقاد بالمهديّ عليه السلام]

* وأمّا قول الكاتب أخيراً : «فمن الطبيعي - والحال هذه - ان يلجأ الناس إلى العناية الاِلهيّة ، وما لبثوا أن ساد الاعتقاد ... إلى آخره».

فقد أوضحنا في صدر الكلام أنّ هذا الاعتقاد إنّما هو من التعاليم الدينية بالبشرى الاِلهية .. مَن ذا الذي يجحدها أو يستهزىَ بها؟!

* ثمّ قال : «أمّا المسلمون فيعتقدون أنّ هذا المهديّ سيظهر بعد اختفائه ، أي إنّه لم تعترِه الوفاة».

لا يخفى أنّ هذا هو اعتقاد الشيعة الاثني عشرية ، وقد وافقهم عليه عدّة من أهل السُنة وعرفائهم ، وذكروه في كتبهم (1) ، أمّا باقي أهل السُنة 1.

ص: 258


1- ومن جملة هؤلاء الّذين قالوا بولادته عليه السلام في 15 شعبان 255 أو 256 ه: 1 - محيي الدين ابن العربي (560 - 638 ه) في «الفتوحات المكّية» باب 366 ، ونُقل ذلك عنه في مشارق الاَنوار - للشيخ حسن العدوي الحمزاوي - : 131 ، وفي اليواقيت والجواهر - للش - عراني - 2 / 144 - 145. 2 - ش - مس الدين التبريزي (582 - 645 ه) ، كما في ينابيع المودّة 3 / 348. 3 - ابن طلحة الشافعي (582 - 652 ه) في مطالب السؤول : 311. 4 - سبط ابن الجوزي (581 - 654 ه) في تذكرة الخواصّ : 325. 5 - الكنجي الشافعي (658 ه) في البيان في أخبار صاحب الزمان : 521 ب 25. 6 - ابن خلّ - كان (608 - 681 ه) في وفيات الاَعيان 4 / 176 رقم 562. 7 - الجويني الخراساني (644 - 730 ه) في فرائد الس - مطين 2 / 336 - 338 ح 590 و 591. 8 - ابن الصبّاغ المالكي (784 - 855 ه) في الفصول المهمّة : 291.

فيقولون : إنّه سيولد (1).

* * * ر!

ص: 259


1- كما هو المشهور المتداول بين الجمهور!

[ابن سبأ والسرداب]

* ثمّ قال الكاتب : «فقد قام رجل يسمّى عبد الله بن سبأ أسلم في خلافة عثمان» ..

وقال : «إنّ الاِمام الثاني عشر من أئمّة الشيعة ، وهو : محمد بن الحسن العسكري ، دخل في سرداب بدارهم في الحلّة وغاب هناك ، وسيخرج في آخر الزمان فيملاَ الاَرض عدلاً ، وقد تبع ذلك الرجل في رأيه جماعة من الشيعة ، وهم الآن ينتظرونه ، ولذا يسمّونه المنتظَر ، ويقفون كلّ ليلة بباب ذلك السرداب الذي يزعمون أنّ الاِمام اختبأ بداخله فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتّى يغشاهم الليل ، فينفضّون ويرجئون الاَمر إلى الليلة الثانية».

وقد ذكرنا هذا الكلام على طوله ، لكي يبتهج بصدقه وأمانته ومعارفه أبناء هذا العصر! وتفتخر المطبوعات بمثل هذه التحريرات الراقية!

بَخٍ بَخٍ (1)! زِهْ زِهْ (2)! فإنّ هذا الكاتب يقول : إنّ عبدالله بن سبأ ، الذي أسلم في أيّام عثمان ، وقتله عليٌّ في أيّامه بالكوفة من أجل إصراره على الغلوّ والكفر ، فإنّه ادّعى ألوهيّة عليٍّ عليه السلام ، وأصرّ على ذلك ..

هذا الرجل الذي أسلم في أيّام عثمان ، وقتله عليٌّ عليه السلام قبل سنة ».

ص: 260


1- بَخٍ : كلمة فَخْر ، وتقال عند تعظيم الاِنسان ، وعند التعجّب من الشيء ، وعند المدح والرضا بالشيء ؛ وقد تستعمل للاِنكار. انظر مادّة «بخخ» في : لسان العرب 1 / 329 - 330 ، تاج العروس 4 / 257.
2- زِهْ : كلمة تقال عند التعجّب والاستحسان بالشيء ؛ انظر : تاج العروس 19 / 41 مادّة «زهه».

الاَربعين من الهجرة ، نهض بعد سنة ستّين ومائتين وقال بالقول المذكور!!

فيا للاَسف على الاِنسانية وشرفها وكرامة العلم والتاريخ!!

ولا ينبغي أن يخفى على أحد أنّه لم يُعهد لاَحد من الاَئمّة الاثني عشر ، ولم يُعرف له مكث في الحلّة ، ولا سكنىً ، ولا دار ، ولا سرداب! بل لم تكن الحلّة في زمانهم موجودة!! (1).

وإنّما مكث الهادي والعسكري عليهما السلام في سرّ من رأى بجلب الملك العباسي وحبسه لهما فيها بحبس النظر ، وفيها وُلد المهديّ سنة مائتين وست وخمسين (2) ، وكان آخر ما ظهر من شؤونه فيها هو أنّ الملك العباسي صار يتتبّع آثار المهديّ بعد أبيه بالطلب الحثيث ، ومن ذلك أنّ شرطته هجموا على المهديّ في السرداب ، فجَرَت له كرامة حجبتهم عنه (3) ، فكانت للسرداب بتلك الكرامة مزية عند الشيعة.

ولا ينبغي أن يجهل أحدٌ أنّ اعتقاد الشيعة هو أنّ المهديّ قاطن على 8.

ص: 261


1- وأوّل من بنى مدينة الحلّة بالجامعين وسكنها هو سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس بن علي بن مزيد الاَسدي ، وذلك في سنة 495 ه، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه ومن قبله في البيوت العربية. انظر : الكامل في التاريخ 9 / 60 حوادث سنة 495 ه.
2- أُصول الكافي 1 / 587 ح 1350.
3- انظر : الخرائج والجرائح 1 / 460 ح 5 ، كشف الغمّة 2 / 499 - 500 ، بحار الاَنوار 52 / 52 ح 37 عن الخرائج ، الفصول المهمّة : 293. وللميرزا النوري رحمه الله شرح وتوضيح لمسألة السرداب وما أُثير حوله من أقاويل جدير بالقراءة ؛ انظر : خاتمة كتابه كشف الاَستار : 209 - 240. وللاَعلام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ محمد جواد البلاغي والسيّد محسن الاَمين رحمهم الله ردود على ما حيك من شبهات حول السرداب فى ما نظموه ردّاً على القصيدة التي وردت النجف الاَشرف من أحد علماء بغداد ، التي أشرنا إليها سابقاً ؛ انظر : كشف الاَستار (ملحق الكتاب) : 241 - 288.

وجه الاَرض ، يتمتّع بحياته بين الناس ، وهو مح - جوب عن معرفتهم له ، إلى أن يأذن الله له بالظهور.

فالشيعة إذا زاروا مرقد الهادي والعسكري عليهما السلام في سرّ من رأى قصدوا السرداب المذكور ، ليلاً أو نهاراً ، لاَجل بركته بتلك المزية المذكورة ، فيصلّون فيه ، ويدعون الله بالفرج وظهور المهديّ ، على جاري عادتهم من اغتنام الدعاء في مظانّ الاِجابة من الاَزمنة الشريفة والاَماكن المباركة.

ولا ينبغي للكاتب- في مثل هذا العصران يبدي قيمة أمانته ومعارفه بمثل هذه التواريخ الكاذبة المتهافتة السخيفة!

ولا عذر له في ذلك ، وإنْ سبقه فيه بعض المصنّفين في الملل والنحل من بعض ذوي الشهرة! (1).

وإنْ كانت لاَحدٍ مناقشة في معارف دين الاِسلام ، أو في أمر المهديّ ، فَليبْدِ للحقّ صفحته ؛ لنورد عليه أدلّتنا من المعقول والمنقول ، والله المعين ، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

وفي شأن الاعتقاد بأمر المهديّ وظهوره ، يقول الكاتب المذكور - في بعض كلامه المشار إليه- : «وكان لهذه العقيدة نتيجة سيئة في الاَُمم الاِسلامية ، إذ ساغ لكثير من الدجّالين أو المعتوهين أن يدّعوا أنّهم ذلك المهديّ المختبىَ».

مهلاً أيّها الكاتب! فإنّ أمثال هذه النتيجة جرت في أمر الاِلهية ، حيث ادّعاها البشر الناقصون أو ادُّعيت لهم .. 5.

ص: 262


1- انظر : الفصل في الملل والاَهواء والنحل 3 / 114 ، منهاج السُنّة 1 / 44 - 45.

وجرت في أمر النبوّة والرسالة ، حيث ادّعاها بعد الاِسلام مسيلمة وسَجاح (1) و.. و.. و..

والعهد القديم والعهد الجديد يتعرّضان لكثرة المدّعين للنبوّة كذبا! (2).

وإنّ مثل هذه النتائج إنّما هي نتائج التدجيل والضلال ، لا نتائج الحقائق!

إذاً فماذا تقول في أمر الاِلهية والنبوّة والرسالة مع ما ذكرناه من نتائج السوء؟!

وسبحان رب- ك ربّ العزّة عمّا يصفون ..

ولنكتفِ بهذا المقدار ، والله الهادي ، وهو المستعان.

النجف

(ب)

* * * 0.

ص: 263


1- انظر مثلاً : تاريخ الطبري 2 / 268 - 271.
2- انظر : سفر التثنية : الاَصحاح 18 / 20 ، سفر أرميا : الاَصحاح 14 / 15 ، سفر أرميا : الاَصحاح 23 / 15 ، إنجيل بطرس : الاَصحاح 1 / 20.

مصادر التوثيق والتعضيد

1 - القرآن الكريم.

2 - الاَئمّة الاثنا عشر ، لمحمد بن طولون (ت 953) ، تحقيق صلاح الدين المنجّد ، نشر منشورات الرضي (بالاَُوفسيت) ، قم.

3 - الاِتحاف بحب الاَشراف ، لعبدالله بن محمد بن عامر الشبراوي (ت 1171) ، نشر المطبعة الاَدبية ، مصر.

4 - اتمام الاَعلام ، لنزار أباظة ومحمد رياض المالح ، نشر دار صادر ، بيروت 1999 م.

5 - الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعلي بن بلبان الفارسي (ت 739) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، نشر دار الفكر ، بيروت 1407.

6 - الاس - تيعاب في معرفة الاَصحاب ، لابن عبد البرّ القرطبي (ت 463) ، تحقيق علي محمد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.

7 - اسد الغابة في معرفة الصحابة ، لابن الاَثير الجزري (ت 630) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1409.

8 - اسعاف الراغبين لمحمد بن علي الصبّان (ت 1206) ، مطبوع بحاشية «نور الاَبصار» للشبلنجي ، نشر دار الفكر.

9 - اصول الكافي ، لثقة الاِسلام محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 9 / 328) ، نشر دار الاَُسوة ، طهران 1418.

10 - الاعتقاد على مذهب السلف ، لاَحمد بن الحسين البيهقي (ت 458) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1406.

11 - الاَعلام ، لخير الدين الزركلي ، نشر دار العلم للملايين ، بيروت 1997 م.

12 - اعيان الشيعة ، للسيّد محسن الاَمين ، تحقيق حسن الاَمين ، نشر دار التعارف ، بيروت 1406.

ص: 264

13 - الاِمام الثاني عشر ، للسيّد محمد سعيد الموسوي آل صاحب العبقات (1333 -؟) ، تحقيق السيّد علي الميلاني ، نشر مكتبة نينوى الحديثة - كربلاء ، مطبعة القضاء ، النجف الاَشرف 1393.

14 - الاَنساب ، لعبد الكريم بن محمد السمعاني (ت 562) ، تحقيق عبدالله عمر البارودي ، نشر دار الجنان ، بيروت 1408.

15 - اوائل المقالات (ضمن سلسلة مؤلّفات المفيد) ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ت 413) ، تحقيق مؤسسة البعثة ، نشر دار المفيد ، بيروت 1414.

16 - بحار الاَنوار ، لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت 1110) ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1403.

17 - البداية والنهاية ، لابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري (ت 771) ، تحقيق مجموعة من الاَساتذة ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

18 - بغية المسترشدين ، لعبد الرحمن بن محمد باعلوي (ت 1320) ، نشر دار الفكر ، بيروت.

19 - البيان في أخبار صاحب الزمان ، لمحمد بن يوسف الگنجي الشافعي (ت 658) ، الملحق بآخر كتابه «كفاية الطالب» ، تحقيق محمد هادي الاَميني ، نشر دار إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام ، طهران 1404.

20 - تاج العروس ، لمحمد بن محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

21 - تاريخ أصبهان ، لاَبي نعيم أحمد بن عبدالله الاَصفهاني (ت 430) ، تحقيق سيّد كسروي حسن ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.

22 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي أحمد بن علي (ت 463) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

23 - تاريخ دمشق ، لابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت 571) ، تحقيق محبّ الدين أبي سعيد ، نشر دار الفكر ، بيروت 1417.

24 - تاريخ الرقّة ، لمحمد بن عبد الرحمن القشيري الحرّاني (ت

ص: 265

334) ، تحقيق إبراهيم صالح ، نشر دار البشائر ، دمشق 1419.

25 - تاريخ الطبري (تاريخ الاَُمم والملوك) ، لمحمد بن جرير الطبري (ت 310) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

26 - التاريخ الكبير ، لمحمد بن إسماعيل البخاري (ت 256) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

27 - تتمّة الاَعلام للزركلي ، لمحمد خير رمضان يوسف ، نشر دار ابن حزم ، بيروت 1418.

28 - تجريد الاعتقاد ، للخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي (ت 672) ، تحقيق محمد جواد الجلالي ، نشر مكتب الاِعلام الاِسلامي ، قم 1407.

29 - تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي يوسف بن فرغلي البغدادي (ت 654) ، نشر منشورات الشريف الرضي ، قم 1418.

30 - تراثنا ، مجلّة فصلية تصدرها مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ، قم وبيروت.

31 - تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث على أحاديث المهديّ عليه السلام بكتب الفريقين ، للسيّد ثامر هاشم حبيب العميدي ، مقال منشور في مجلّة «تراثنا» ، العدد المزدوج 43 - 44 ، السنة 11 ، رجب- ذو الحجّة 1416.

32 - تقريب المعارف ، لاَبي الصلاح تقي بن نجم الحلبي (ت 447) ، تحقيق فارس تبريزيان الحسّون ، إيران 1417.

33 - تكملة معجم المؤلّفين ، لمحمد خير رمضان يوسف ، نشر دار ابن حزم ، بيروت 1418.

34 - تهذيب التهذيب ، لابن حجر العسقلاني (ت 852) ، تحقيق صدقي جميل العطّار ، نشر دار الفكر ، دمشق 1415.

35 - تهذيب الكمال ، ليوسف بن عبد الرحمن المزّي (ت 742) ، تحقيق أحمد علي عبيد وحسن أحمد آغا ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

36 - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ، لعبد الرحمن بن أبي

ص: 266

بكر جلال الدين السيوطي (ت 911) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1410.

37 - جواهر العقدين ، لنور الدين علي بن عبدالله السمهودي (ت 911) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

38 - حديث الثقلين .. تواتره - فقهه ، لعلي الحسيني الميلاني ، قم 1413.

39 - حلية الاَولياء ، لاَبي نعيم أحمد بن عبدالله الاَصفهاني (ت 430) ، تحقيق السعيد بسيوني ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

40 - الخرائج والجرائح ، لقطب الدين سعيد بن عبدالله الراوندي (ت 573) ، تحقيق ونشر مؤسسة الاِمام المهدي عليه السلام ، قم 1409.

41 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لمحبّ الدين الطبري (ت 694) ، تحقيق أكرم البوشي ، نشر مكتبة الصحابة ومكتبة التابعين ، جدّة والقاهرة 1415.

42 - ديوان السيّد حيدر الحلّي ، لحيدر سليمان الحسيني الحلّي (ت 1304) ، نشر منشورات الشريف الرضي ، قم 1415.

43 - الذخيرة في علم الكلام ، للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436) ، تحقيق أحمد الحسيني ، نشر مؤسسة النشر الاِسلامي ، قم 1411.

44 - ذيل الاَعلام ، لاَحمد العلاونة ، نشر دار المنارة ، جدّة 1418.

45 - الردّ على الوهّابية ، لمحمد جواد البلاغي (ت 1352) ، تحقيق محمد علي الحكيم ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ، بيروت 1419.

46 - رسالة القرآن ، مجلّة فصلية تصدرها دار القرآن الكريم ، قم.

47 - رسالة في حديث الوصيّة بالثقلين : الكتاب والسُنة (ضمن «الرسائل العشر في الاَحاديث الموضوعة» ، لعلي الحسيني الميلاني ، مطبعة ياران ، قم 1418.

48 - ريحانة الاَدب ، لمحمد علي التبريزي المدرّس ، چاپخانة شركت سهامي طبع كتاب ، إيران 1335 ه. ش.

ص: 267

49 - سنن الترمذي ، لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

50 - سنن الدارمي ، لعبدالله بن بهرام الدارمي (ت 255) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

51 - سنن أبي داود ، لسليمان بن الاَشعث (ت 275) ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.

52 - سنن ابن ماجة ، لمحمد بن يزيد القزويني (ت 275) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

53 - سنن النسائي ، لاَحمد بن شعيب النسائي (ت 303) ، نشر دار الجيل ، بيروت.

54 - السنن الكبرى ، لاَحمد بن ش - عيب النسائي (ت 303) ، تحقي - ق عبد الغفار سليمان وسيّد كسروي حسن ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1411.

55 - السُنة ، لابن أبي عاصم أحمد بن عمرو الشيباني (ت 287) ، تحقيق محمد ناصر الدين الاَلباني ، نشر المكتب الاِسلامي ، بيروت 1413.

56 - شرح السُنة ، للحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516) ، تحقيق سعيد اللحّام ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.

57 - شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656) ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، نشر دار الجيل ، بيروت 1416.

58 - شعراء الغريّ (النجفيات) ، لعلي الخاقاني ، نشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي المرعشي ، قم 1408.

59 - صحيح ابن خزيمة ، لمحمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت 311) ، تحقيق محمد مصطفى الاَعظمي ، نشر المكتب الاِسلامي ، بيروت 1412.

60 - صحيح البخاري ، لمحمد بن إسماعيل البخاري (ت 256) ، نشر المكتبة الثقافية ، بيروت.

61 - صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج القشيري (ت 261) ، نشر دار

ص: 268

الجيل ، بيروت.

62 - الصواعق المحرقة ، لابن حجر الهيتمي (ت 974) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1414.

63 - العَرف الوردي في أخبار المهدي - ضمن «الحاوي للفتاوي» - ، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.

64 - عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية ، للشيخ جلال الدين علي الصغير ، نشر دار الاَعراف للدراسات ، بيروت 1422.

65 - عقد الدرر في أخبار المنتظر ، ليوسف بن يحيى المقدسي الشافعي (ق 7) ، تحقيق عبد الفتّاح محمّد الحلو ، نشر مكتبة عالم الفكر ، القاهرة 1399.

66 - الغدير في التراث الاِسلامي ، لعبد العزيز الطباطبائي (ت 1417) ، نشر مؤسسة نشر الهادي ، قم 1415.

67 - الغدير في الكتاب والسُنة والاَدب ، لعبد الحسين أحمد الاَميني النجفي (ت 1389) ، نشر مؤسسة الاَعلمي ، بيروت 1414.

68 - الفتن ، لنعيم بن حمّاد المروزي (ت 229) ، تحقيق سهيل زكّار ، نشر المكتبة التجارية ، مكّة المكرّمة.

69 - فرائد السمطين ، لاِبراهيم بن محمد الجويني الخراساني (ت 730) ، تحقيق محمد باقر المحمودي ، نشر مؤسسة المحمودي ، بيروت 1398.

70 - فردوس الاَخبار ، لشيرويه بن شهردار بن شرويه الديلمي (ت 509) ، تحقيق ونشر دار الفكر ، بيروت 1418.

71 - الفصل في الملل والاَهواء والنحل ، لابن حزم علي بن أحمد الظاهري (ت 456) ، تحقيق أحمد شمس الدين ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1416.

72 - الفصول المهمّة في معرفة أحوال الاَئمّة عليهم السلام ، لابن الصبّاغ المالكي علي بن محمد (ت 855) ، نشر مؤسسة الاَعلمي ، طهران ، بالتصوير على طبعة مكتبة دار الكتب التجارية ، النجف الاَشرف.

ص: 269

73 - فضائل الصحابة ، لاَحمد بن حنبل (ت 241) ، تحقيق وصي الله بن محمد عباس ، نشر دار ابن الجوزي ، الدمّام 1420.

74 - فهرس الفهارس والاَثبات ، لعبد الحيّ بن عبد الكبير الكتّاني ، تحقي - ق إحسان عباس ، نشر دار الغرب الاِسلامي ، بيروت 1402.

75 - فيض القدير شرح الجامع الصغير ، لمحمد بن عبد الرؤوف المناوي (ت 1031) ، تحقيق أحمد عبد السلام ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

76 - قاموس الكتاب المقدّس ، لنخبة من الاَساتذة واللاهوتيّين ، نشر دار دار الثقافة ، القاهرة 1995 م.

77 - القاموس المحيط ، لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817) ، نشر دار الجيل ، بيروت.

78 - قصص الاَنبياء (عرائس المجالس) ، لاَحمد بن محمد الثعلبي (ت 427) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1414.

79 - قواعد العقائدالمطبوع مع «تلخيص المحصّل» ، للخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي (ت 672) ، نشر دار الاَضواء ، بيروت 1405.

80 - الكافي (الروضة) ، لثقة الاِسلام محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 9 / 328) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر دار الكتب الاِسلامية ، طهران 1389.

81 - الكامل في التاريخ ، لابن الاَثير علي بن محمد الجزري (ت 630) ، تحقيق محمد يوسف الدقّاق ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

82 - الكتاب المقدّس (العهد القديم والعهد الجديد) ، نشر دار الكتاب المقدّس في الشرق الاَوسط 1989 م.

83 - كشف الاَستار عن وجه الغائب عن الاَبصار ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320) ، نشر دار الكتاب الاِسلامي ، بيروت 1412.

84 - كشف الغمّة في معرفة الاَئمّة ، لعلي بن فخر الدين عيسى الاِربلي (ت 693) ، نشر مكتبة بني هاشم ، قم 1381.

85 - كنز العمّال ، لعلي المتّقي الهندي (ت 975) ، تحقيق بكري حيّاني

ص: 270

وصفوة السقّا ، نشر مؤسسة الرسالة ، بيروت 1413.

86 - الكنى والاَسماء ، لمحمد بن أحمد الدولابي (ت 310) ، نشر دائرة المعارف الاِسلامية ، الهند 1322.

87 - الكنى والاَلقاب ، لعباس بن محمد رضا القمّي (ت 1359) ، تحقيق محمد هادي الاَميني ، نشر مكتبة الصدر ، طهران 1409.

88 - لسان العرب ، لابن منظور محمد بن مكرّم (ت 711) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1408.

89 - لواقح الاَنوار في طبقات الاَخيار (الطبقات الكبرى) ، لعبد الوهّاب ابن علي الشعراني (ت 973) ، نشر دار الفكر ، بيروت ، بالتصوير على طبعة القاهرة 1374.

90 - ماضي النجف وحاضرها ، لجعفر باقر آل محبوبة ، نشر دار الاَضواء ، بيروت 1406.

91 - مجمع الزوائد ، لعلي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (ت 807) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1408.

92 - المستدرك على الصحيحين ، لمحمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (ت 406) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1411.

93 - المسند ، لاَبي داود سليم بن داود الطيالسي (ت 204) ، نشر دار المعرفة ، بيروت.

94 - المسند ، لاَبي يعلى الموصلي أحمد بن علي التميمي (ت 307) ، تحقيق حسين سليم أسد ، نشر دار المأمون للتراث ، دمشق 1410.

95 - مسند أحمد ، لاَحمد بن حنبل (ت 241) ، نشر دار صادر ، بيروت.

96 - مسند البزّار (البحر الزخّار) ، لاَحمد بن عمرو العتكي البزّار (ت 292) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله ، نشر مؤسسة علوم القرآن ، بيروت 1409.

97 - مسند الروياني (مسند الصحابة) ، لمحمد بن هارون الروياني

ص: 271

الرازي (ت 307) ، تحقيق صلاح بن محمد ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1417.

98 - مسند الشاشي ، للهيثم بن كليب (ت 335) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله ، نشر مكتبة العلوم والحكم ، المدينة المنوّرة 1410.

99 - مسند عبد بن حُميد (المنتخب من ...) ، لعبد بن حُميد (ت 249) ، تحقيق صبحي البدري السامرّائي ومحمود محمد خليل الصعيدي ، نشر عالم الكتب ، بيروت 1408.

100 - مشكاة المصابيح ، لمحمد بن عبدالله الخطيب التبريزي ، نشر دار الفكر ، بيروت 1411.

101 - مشكل الآثار ، لاَحمد بن محمد بن سلامة الاَزدي الطحاوي (ت 321) ، تحقيق محمد عبد السلام شاهين ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1415.

102 - مصابيح السُنة ، للحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516) ، تحقيق يوسف عبد الرحمن وآخرين ، نشر دار المعرفة ، بيروت 1407.

103 - المصنف ، لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني (ت 211) ، تحقيق حبيب الرحمن الاعظمي ، نشر المكتب الاِسلامي ، بيروت 1404.

104 - المصنّف في الاَحاديث ، لمحمد بن أبي شيبة الكوفي (ت 235) ، تحقيق سعيد اللحّام ، نشر دار الفكر ، بيروت 1409.

105 - مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، لمحمد بن طلحة النصيبي الشافعي (ت 652) ، تحقيق عبد العزيز الطباطبائي ، نشر مؤسّسة البلاغ ، بيروت 1419.

106 - معارف الرجال ، لمحمد حرز الدين ، نشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم 1405.

107 - معجم أحاديث الاِمام المهديّ عليه السلام ، تأليف ونشر مؤسسة المعارف الاِسلامية ، قم 1411.

108 - المعجم الاَوسط ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، تحقيق

ص: 272

أيمن صالح شعبان وسيّد أحمد إسماعيل ، نشر دار الحديث ، القاهرة 1417.

109 - معجم البلدان ، لياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي (ت 626) ، تحقيق فريد عبد العزيز الجندي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

110 - المعجم الصغير ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1403.

111 - المعجم الكبير ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي ، نشر دار إحياء التراث العربي.

112 - المعجم المفهرس لاَلفاظ القرآن الكريم ، لمحمد فؤاد عبد الباقي ، مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة 1364.

113 - معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحّالة ، نشر مؤسسة الرسالة ، بيروت 1414.

114 - مع الدكتور السالوس في آية التطهير ، لعلي الحسيني الميلاني ، قم.

115 - معرفة الصحابة ، لاَبي نعيم أحمد بن عبدالله الاَصفهاني (ت 430) ، تحقيق عادل بن يوسف العزازي ، نشر دار الوطن ، الرياض 1419.

116 - مقتل الحسين عليه السلام ، لاَبي المؤيّد بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت 568) ، تحقيق الشيخ محمد السماوي ، نشر أنوار الهدى ، قم 1418.

117 - مناقب آل أبي طالب ، لمحمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت 588) ، تحقيق يوسف البقاعي ، نشر دار الاَضواء ، بيروت 1412.

118 - مناقب الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، لابن المغازلي علي بن موسى الشافعي (ت 483) ، نشر دار الاَضواء ، بيروت 1412.

119 - مناقب الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، للموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت 568) ، تحقيق مالك المحمودي ، نشر مؤسسة النشر الاِسلامي ، قم 1411.

120 - منهاج السُنة النبويّة ، لابن تيميّة أحمد بن عبد الحليم الحرّاني (ت 728) ، تحقيق محمد رشاد سالم ، نشر دار أُحد ، الرياض.

121 - نصائح الهدى والدين ، لمحمد جواد البلاغي (ت 1352) ، نشر

ص: 273

عبد الاَمير الحيدري البغدادي ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1339.

وطبعة أُخرى ، بتحقيق محمد علي الحكيم ، لم تنشر بعد.

122 - نفحات الاَزهار ، لعلي الحسيني الميلاني ، نشر دار المؤرّخ العربي ورابطة أهل البيت عليهم السلام الاِسلامية العالمية ، بيروت 1415.

123 - نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة) ، لآقا بزرك الطهراني (ت 1389) ، نشر دار المرتضى ، مشهد 1404.

124 - النهاية في غريب الحديث والاَثر ، للمبارك بن محمد ابن الاَثير الجزري (ت 606) ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي ، نشر المكتبة العلمية ، بيروت.

125 - النهاية في الفتن والملاحم ، لابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري (ت 771) ، تحقيق أحمد عبد الشافي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت 1414.

126 - نهج البلاغة من كلام الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، جمع واختيار الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي (ت 406) ، تحقيق صبحي الصالح ، نشر دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني ، القاهرة وبيروت 1411.

127 - نور الاَبصار في مناقب آل النبيّ المختار ، لمؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي (ت 1308) ، نشر دار الفكر.

128 - الهدى إلى دين المصطفى ، لمحمد جواد البلاغي (ت 1352) ، نشر دار الكتب الاِسلامية ، قم.

129 - وفيات الاَعيان ، لابن خلّكان أحمد بن محمد بن أبي بكر (ت 681) ، تحقيق إحسان عباس ، نشر دار صادر ، بيروت.

130 - ينابيع المودّة ، لسليمان بن إبراهيم القندوزي (ت 1294) ، تحقيق علي جمال أشرف ، نشر دار الاَُسوة ، قم 1416.

131 - اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الاَكابر ، لعبد الوهّاب الشعراني (ت 973) ، نشر مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ، مصر 1378.

* * *

ص: 274

من أنباء التراث

كتب

صدرت محقّقة

* استقصاء

الاعتبار في شرح الاستبصار ج 6 و 7 ..

تأليف : الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن بن زين

الدين العاملي (الشهيد الثاني) (980 - 1030 ه).

والاستبصار في ما اختلف من الأخبار لشيخ الطائفة ،

محمّد بن الحسن الطوسي ، المتوفّى سنة 460 ه- : أحد المجاميع الحديثية الأربعة

المعتمدة عند الإمامية ، التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند فقهائهم

منذ تصنيفه ، يقتصر على الأخبار المختلف فيها والجمع بينها ، شرحه وعلّق عليه -

لأهميته - كثير من علماء وأعلام الطائفة منذ القرن الخامس حتّى اليوم.

وهذا الكتاب من أبرز شروحه وأهمّها ؛ لاشتماله على

ميزات وفوائد غزيرة فريدة ، يعسر وجودها في غيره ، خصوصاً في المسائل الدرائية

والرجالية.

مقدّمته تضمّنت اثنتي عشرة فائدة ،

ومباحثه قد قُسّمت تقسيمات رباعية ؛ إذ تُذكر

الرواية أو الروايات التي في الاستبصار وقول الشيخ في جمعها ، ثمّ الكلام في

السند وما يتعلّق به من شرح أحوال رجاله ؛ للخروج بنتيجة رجالية نافعة ، ومن بعد

ذلك الشروع في بحث النصّ وبيان وجوه الرواية والمعاني التي يمكن أن تحتملها ،

وقد تُشرحاذا دعت الحاجة - معاني الألفاظ اللغوية لبعض الروايات.

تمّ تحقيق ما موجود من أبواب الكتاب

ص: 275

- الذي يصدر لأوّل مرّةاعتماداً على أربع نسخ

مخطوطة ، ثلاث منها إلى نهاية الصلاة ، وواحدة إلى نهاية باب القعود بين الأذان

، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة ، إضافة إلى نسخة الاستبصار التي طبعتها دار الكتب

الإسلامية - محقّقة - في طهران.

اشتمل الجزءان - الأخيران - على تتمّة كتاب

الصلاة.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لاِحياء التراث / 1421 ه.

* الغَيبة.

تأليف : الشيخ الجليل ، أبي عبدالله محمد بن

إبراهيم بن جعفر الكاتب ، المعروف بابن أبي زينب النعماني ، المتوفّى حدود سنة

360 ه.

كتاب قيّم مشهور ، أفرده مؤلّفه لذِكر الإمام

الثاني عشر من أئمّة المسلمين الطاهرين عليهم السلام ، الحجّة المنتظر ، محمد

المهدي بن الإمام الحسن العسكري بن الإمام علي الهادي - عجّل الله تعالى فرجه

الشريف وصلواته عليه وعلى آبائه المنتجبين - .. جامعاً طائفة كبيرة ممّا وفّق

الله لجمعه من الأحاديث والروايات الشريفة المسندة ، التي رواها الشيوخ عن

الإمام أمير المؤمنين والأئمّة الصادقين عليهم السلام

في الغَيبة ، وغيرها ممّا روي فيها ؛ في 26 باباً ،

تشتمل على ذِكر أحوال القائم عليه السلام ، وإمامته ، وغَيبته ، وجملة من علامات

آخر الزمان ، وعلامات أصحابه وأنصاره عند ظهوره.

تضمّنت بعض أبوابه ما روي في : صون سرّ آل محمد

عليهم السلام عمّن ليس من أهله والنهي عن إذاعته لهم ، الإمامة والوصية وأنّهما

من الله عزّ وجلّ وباختياره ، أنّ الأئمّة اثنا عشر إماماً ، من ادّعى الإمامة ،

أنّ الله لا يخلي أرضه بغير حجّة ، ما أُمر به الشيعة من الصبر والكفّ والانتظار

للفرج ، ما يلحقهم من التمحيص والتفرّق والتشتّت عند الغَيبة ، العلامات التي

تكون قبل قيام القائم عليه السلام ، وما يلقاه من جاهلية الناس عند ظهوره ، ذِكر

السفياني وفتنته ، ذكِر جيش الغضب وهم أصحابه عليه السلام وعدّتهم وصفتهم ، ذِكر

أحوال الشيعة عند خروجه عليه السلام وقبله وبعده ، ذِكر عمره عليه السلام ،

ومدّة ملكه بعد قيامه عليه السلام.

كان الكتاب قد طبع حجرياً في طهران سنة 1318 ه- ،

وحروفياً - من غير تحقيق - في تبريز سنة 1382 هوفي بيروت سنة 1403 ه- ، ونشرته

مكتبة الصدوق في طهران سنة 1397 هبتحقيق علي أكبر

ص: 276

الغفّاري.

تمّ التحقيق اعتماداً على النسختين المطبوعة في

بيروت والمطبوعة في طهرانالمحقّقة اعتماداً على ثلاث نسخ : مخطوطتين ومطبوعة -

، إضافة إلى نسخة ثالثة مخطوطة ، ذكرت مواصفات النسخ جميعها في المقدّمة.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

نشر : أنوار الهدى - قم / 1422 ه.

* غاية المراد

في شرح نكت الإرشاد ؛ وحاشية الإرشاد ، ج 4.

كتاب يجمع بين دفتيه ثلاثة من أهمّ الكتب الفقهية

والمصادر المعتمدة في فقه الإمامية الشاملة لجميع أبواب الفقه ، لثلاثة من كبار

فقهائهم ..

غاية المراد للشهيد الأوّل ، الشيخ شمس الدين

محمد بن مكّي العاملي (734 - 786 ه).

وحاشية الإرشاد للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن

علي بن أحمد العاملي الشامي (911 - 965 ه).

وهما شرحان لكتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان

للعلاّمة الحلّي ، الحسن ابن يوسف بن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه) ، الذي

يعدّ من كتب الفقه

الجليلة ؛ موجز خالٍ من الاستدلال ، وهو دورة فقهية

كاملة ، يبدأ من كتاب الطهارة وينتهي بكتاب الديات ، يحتوي على 1500 مسألة ،

وعليه ما يقرب من 50 شرحاً وحاشية ، ولاِتمام الفائدة جُمع مع شرحيه المذكورين.

فالكتاب الأوّل الذي كتب بأُسلوب : (قوله : .. أقول

: ..) ، يعدّ من المتون الفقهية المهمّة ، وهو شرح للموارد المبهمة والمشكلة في

الإرشاد ، يجمع بين التحقيق والتدقيق والتتبّع الواسع ، ونقل آراء كثير من

العلماء الّذين لم تصل آثارهم إلينا ، وهو دورة فقهية كاملة أيضاً ، طبع -

سابقاً - على الحجر مرّة واحدة سنة 1271 ه.

والكتاب الثاني من الآثار الفقهية النافعة ،

البليغة في الأُسلوب ، والخالية من التعقيد ، وغير المطوّلة في الطريقة.

اعتمد في تحقيق إرشاد الأذهان على 9 نس - خ مخطوطة

وواحدة مطبوعة محقّقة ، وغاية المراد على 9 نسخ مخطوطة مع النسخة المطبوعة

حجريّاً ، وحاشية الإرشاد على 5 نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفات جميع النسخ في

مقدّمة التحقيق.

اشتمل هذا الجزء - الأخير - على كتب : القضاء ،

الحدود ، الجنايات ، وكتاب

ص: 277

الديات.

تحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1421 ه.

* تذكرة

الفقهاء ، ج 12.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي

منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (648 - 726 ه).

أهمّ وأوسع كتاب في الفقه الاستدلالي المقارن ،

يوجد منه من أوائل كتاب الطهارة إلى كتاب النكاح ، لخّص فيه مصنّفه قدس سره

فتاوى علماء المذاهب المختلفة وقواعد الفقهاء في استدلالاتهم ، مشيراً في كلّ

مسألة إلى الخلاف الواقع فيها ، ويذكر ما يختاره وفق الطريقة المثلى وهي طريقة

الإمامية ، ويوثّقه بالبرهان الواضح القويّ.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على 15 نسخة مخطوطة ،

منها ما هو مقروء على المصنّف قدس سره ، ومنها ما عليه إجازة مهمّة ، ذكرت

مواصفات النسخ في المقدّمة ، ومن المتوقّع أن يصدر في 20 جزءاً.

صدر منه أحد عشر جزءاً ضمّت كتب : الطهارة ، الصلاة

، الزكاة ، الصوم ،

الحجّ والعمرة ، الجهاد ، البيع ، وهذا الجزء اشتمل

على أربعة مقاصد ، تتمّةً لكتاب البيع : في تفريق الصفقة ، في ما يندرج في

المبيع ، في التحالف ، وفي اللواحق : في أنواع المكاسب ، وفي الشفعة.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لاِحياء التراث - قم / 1422 ه.

* هداية

المسترشدين في شرح أُصول معالم الدين ، ج 2 و 3.

تأليف : الشيخ محمد تقي الرازي النجفي

الأصفهاني ، المت - وفّى سنة 1248 ه.

شرح استدلالي مبسوط على قسم الأُصول من معالم الدين

وملاذ المجتهدين للشيخ أبي منصور الحسن بن زين الدين العاملي (الشهيد الثاني) ،

المتوفّى سنة 1011 ه- ، الذي أصبح مدار التدريس في الحوزات العلميّة منذ تأليفه.

مرتّب بعناوين : «قوله : .. قوله :» ، يشتمل على

تحقيقات عديدة ، ويتعرّض لمختلف الآراء والأدلّة مع المناقشة الطويلة لِما ينقل

عن أعلام العلماء والأُصوليّين ، وخاصّة في مباحث الألفاظ التي نالت عناية أكثر

من المباحث العقلية ، وعليه عدّة حواشٍ وتعليقات.

ص: 278

خرج منه جزءان - الى مبحث مفهوم الوصف ، تمّ الأوّل

منهما سنة 1237 ه- - والثالث جمع موادّه الشيخ محمّد الطهراني النجفي تلميذ

المصنّف من مسوّداته ، أنهاه إلى مباحث الاجتهاد والتقليد.

مخطوطاته كثيرة ، وطبع مراراً على الحجر في طهران

في السنوات 1269 ، 1272 ، 1281 ، 1282 ، و 1310 ه- ، وطبعته مؤسسة آل البيت

عليهم السلام للطباعة والنشربالتصوير - في قم قبل أكثر من 13 سنة ، وطبع سنة

1283 ه- مصحّحاً ومعلّقاً عليه.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسخة الأصل للمجلّد

الأوّل ومخطوطتين للثاني والثالث ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدّمة.

اشتمل الجزءان على مباحث : المرّة والتكرار ، الفور

والتراخي ، مقدّمة الواجب ، الضدّ ، الترتّب ، المفاهيم ، والأوامر ، ثمّ مباحث

: النواهي ، اجتماع الأمر والنهي ، العامّ والخاصّ ، الحجّة ، التسامح في أدلّة

السنن والآداب ، النسخ ، الأدلّة العقلية ، أصالة النفي ، والاجتهاد والتقليد.

تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرّسين في الحوزة

العلمية - قم / 1421 ه.

*

جواهر الأُصول ، ج 1 و 2.

تأليف : السيّد محمّد حسن المرتضوي اللنگرودي.

تقريرات المؤلّف لأبحاث أُستاذه السيّد الإمام

الخميني قدس سره (1320 - 1409 ه) ، في مباحث الألفاظ ، والتي كان قد ألقاها على

طلبته- ضمن مباحث علم الأُصول - في الدورة الثالثة من بحوث الخارج في 10 ربيع

الأوّل سنة 1378 ه- ، وقد حرّرت هذه التقريرات منذ مدّة لا تقلّ عن 39 سنة ، ولم

تنشر سابقاً.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على نسخته الأصلية ؛ بعد

مراجعة وتدقيق المؤلّف لِما ورد فيه من مباحث.

اشتمل الجزء 1 على المقدّمة ، التي كانت في بيان

أُمور - تذكر عادة قبل الورود في مسائل الأُصول - لها نحو ارتباط بالمسائل

المعنونة في علم الأُصول ، وتضمّن أحد عشر أمراً منها.

وكان قد صدر سنة 1418 ه.

فيما اشتمل الجزء 2 على ثلاثة أُمور هي تتمّة

المقدّمة ، إضافة إلى ثلاثة فصول من المقصد الأوّل : في الأوامر : مادّة الأمر ،

صيغة الأمر ، ومسألة الإجزاء.

ص: 279

صدر سنة 1421 ه.

تحقيق ونشر : مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام

الخميني قدس سره - قم.

*

مختصر البصائر.

تأليف : الشيخ الحسن بن سليمان الحلّي ، من أعلام

القرن الثامن الهجري.

كتاب يضمّ 580 رواية من الأحاديث النبوية الشريفة

وما روي منها عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام المسندة ، الواردة في مواضيع شتّى

، منها : في بيان فضلهم وصفاتهم عليهم السلام وما فضّلهم الله عزّ وجلّ به ،

والتسليم لِما جاء - مقطوعاً بصحّته - عنهم عليهم السلام ، وخصوصاً ما ورد في

موضوع «الرجعة» في الحياة الدنيا وقبل أوان الساعة ، كذلك في بيان بعض كراماتهم

ومناقبهم وفضائلهم الكثيرة ، إضافة إلى عدّة مواضيع أُخرى ..

وهو في قسمين ، الأوّل - 311 رواية - ما نقله من

كتاب الشيخ سعد بن عبدالله ابن أبي خلف الأشعري القمّي ، المتوفّى سنة 299 أو

300 أو 301 ه- ، المعروف ب- : بصائر الدرجات ؛ ولهذا اشتهر اسمه ب- : المختصر ،

وهو مرتّب في أبواب على ترتيبه ، والثاني ما نقله من مصادر شتّى ، منها المطبوعة

وبعض منها محقّقة.

اشتملت أبوابه على أحاديث في : علوم أهل البيت

عليهم السلام وشأنهم ، الكرّات وحالاتها وما جاء فيها ، الرجعة ، رجال الأعراف ،

فضل الأئمّة عليهم السلام ، التسليم لِما جاء عنهم ، صفاتهم وما فضّلهم الله عزّ

وجلّ به ، كتمان الحديث وإذاعته ، أنّ حديث أئمّة أهل البيت المعصومين عليهم

السلام صعب مستصعب ، القضاء والقدر ، الإرادة وأنّها من صفات الأفعال ، وأحاديث

في عالم الذرّ.

تمّ التحقيق اعتماداً على ثلاث نسخ مخطوطة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : مشتاق المظفّر.

نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرّسين في الحوزة العلمية - قم / 1421 ه.

*

حاشية فرائد الأُصول.

أو : الفوائد الرضوية على الفرائد المرتضوية.

تأليف : الفقيه الشيخ آقا رضا الهمداني ، المتوفّى

سنة 1322 ه.

حاشية على كتاب فرائد الأُصول ، المعروف ب- :

«الرسائل» ، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري ، المتوفّى سنة 1281 ، والذي يشتمل على

خمس رسائل في

ص: 280

أبحاث الأُصول العملية : القطع ، الظنّ ، البراءة ،

الاستصحاب ، والتعادل والترجيح.

وتعدّ من أبرز ما كتب من شروح وتعليقات على هذا

الكتاب ؛ فهي مع اختصارها مشحونة بالفوائد والتحقيقات الأُصولية والتطبيقات

الفقهية وغيرهما ، وهي بعنوان : (قوله : ... - اقول : ...).

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين مطبوعتين على

الحجر في طهران : المطبوعة لأُوّل مرّة سنة 1318 ه- بالاسم الثاني ، والتي

اشتهرت ب- : «حاشية الرسائل» ، وهي مطبوعة في حياة المؤلّف وبإشرافه ، والمطبوعة

ملحقة بأصل الكتاب- في مجلّدين - سنة 1377 ه.

تحقيق : الشيخ محمد رضا الأنصاري القمّي.

نشر : منشورات المهدي الموعود - عجّل الله

تعالى فرجه الشريف - قم / 1421 ه.

* الفهرست.

تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّد ابن الحسن

الطوسي (385 - 460 ه).

من كتب الأُصول الرجالية الأربعة المعتمدة في علم

رجال الحديث عند الشيعة الإمامية ، خصّصه الشيخ لذِكر مَن

له كتاب أو أصل من المصنّفين وأصحاب الأُصول من

رجال الطائفة ممّن اتّصل إسناده إليهم ، وذِكْر الطرق إليها غالباً ، مع ذِكْر

المؤلّفات وأحوال بعض المؤلّفين استطراداً ، والإشارة إلى مكانتهم من الوثاقة

والاعتماد أحياناً ، مرتّب على حروف المعجم.

قام العلاّمة المحقّق ، السيّد عبد العزيز

الطباطبائي قدس سره باستنساخه بيده ، وقابله على عشر نسخ من أحسن ما يوجد من

مخطوطاته ، وسجّل اختلافاتها بالهامش ، لكنّ الأجل لم يمهله ؛ لاِنجاز تحقيقه

والتعليق على مبهماته إلاّ قليلاً ؛ إذ علّق على بعض الموارد ، وأورد مصادر

ترجمة بعض المترجمين ونقل أقوال الآخرين في جرحهم أو تعديلهم ، كأنّه كتبها

استطراداً .. وتمّ إعداده ونشره كما هو دون أيّ تصرّف أو تعليق ، مع إجراء بعض

التعديلات الضرورية للنشر.

وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة بعنوان : «حياة الشيخ

الطوسي قدس سره ومشايخه» ، وهي ترجمة لبحث علمي كتبه السيّد المحقّق بالفارسية ،

وقدّمه إلى «مؤتمر الذكرى الألفيّة للشيخ الطوسي» الذي عقد في مشهد الإمام الرضا

عليه السلام في محرّم الحرام سنة 1390 ه.

ص: 281

إعداد ونشر : مكتبة المحقّ - ق الطباطبائي - قم

/ 1420 ه.

*

الصحيفة السجّادية الثانية.

تأليف : الشيخ المحدّث محمد بن الحسن الحرّ

العاملي (1033 - 1104 ه).

كتاب يشتمل على مجموعة من أدعية الإمام السجّاد زين

العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، التي لم ترد في

الصحيفة السجّادية الأُولى - الكاملة - المشهورة ، مستخرجة ممّا نقله العلماء

الأعلام في المصادر المعتمدة.

بلغت أدعية هذه الصحيفة 67 دعاءً.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين : مخطوطة ،

ومطبوعة ، ذكرت مواصفاتهما في المقدّمة.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية - قم / 1421

ه.

*

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة.

تأليف : العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين

الموسوي (1290 - 1377).

كتاب يشتمل على ذِكر وقائع ممّا جرى من مصائب

وفجائع على أهل بيت

النبوّة الأطهار في واقعة الطفّ الأليمة ، واستشهاد

سبط المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، الإمام الحسين عليه السلام ، وثلّة من

أهل بيته وأصحابه المخلصين عليهم السلام ، وسبي عياله ؛ تُقرأ في المجالس

العزائية التي يقيمها المحبّون والموالون لأهل البيت عليهم السلام ، إحياءً

لأمرهم ، ومواساةً لمصابهم.

أُلّف الكتاب سنة 1330 ه- ، في مقدّمة ومجالس ، في

أربعة مجلّدات : أوّلها في السيرة المباركة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله

وسلم ، والثاني في أحوال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وسيّدة نساء العالمين

الزهراء عليها السلام والسبط الأكبر الإمام الحسن عليه السلام ، والثالث خاصّ بسيّد

الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، والرابع في سائر الأئمّة التسعة المعصومين

عليهم السلام.

ولم يصدر منه في حينه سوى المقدّمة ، التي طبعت

مستقلّة بعنوان : المقدّمة الزاهرة لكتاب المجالس الفاخرة ، في صيدا سنة 1332 ه-

؛ إذ حالت أحداث الحرب العالمية الأُولى دون إتمام طبعه ، ثمّ فُقد - سنة 1338

ه- - مع ما فُقد من آثار المصنّف ، بعد أن نُهبت داره وأُحرقت مكتبته قدس سره.

تضمّنت المقدّمة الاستدلال بالشواهد النقلية

والفلسفية العقلية على حسن إقامة المآتم الحسينية واستحبابها شرعاً ؛ وذلك

ص: 282

ببيان إباحة البكاء على موتى المؤمنين ، جواز

رثائهم ، تلاوة مناقبهم ومآثرهم ، إقامة المجالس العزائية حزناً عليهم ،

والإنفاق عنهم في وجوه البِرّ ، وهو ما تقوم به الشيعة في مثل هذه المجالس.

تمّ جمع ما حُفظ من مجالس الكتاب من أفواه قرّاء

المآتم ، وأقرّها العلاّمة السيد المصنّف بعد عرضها عليه قدس سره.

تمّ تحقيق المقدّمة اعتماداً على نسختها المطبوعة

سنة 1378 ه- في كربلاء ، والكتاب اعتماداً على نسخته المطبوعة سنة 1386 ه- في

النجف الأشرف.

مراجعة وتحقيق : محمود البدري.

نشر : مؤسّسة المعارف الإسلامية - قم / 1421 ه.

طبعات

جديدة

مطبوعات

سابقة

* دراسة حول

نهج البلاغة.

تأليف : السيد محمد حسين الحسيني الجلالي.

مباحث عدّة تتعلّق بالشريف الرضي ، أبو الحسن

محمد بن الحسين بن موسى الموسوي (359 - 406 ه) ، نقيب

العلويّين في بغداد ، وكتابه نهج

البلاغة ، الذي جمعه خلال 17 عاماً تقريباً .. ويُعدّ

الكتاب الوحيد الذي جمع بأُسلوب فريد روايات منتقاة من بليغ آثار الإمام أمير

المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام من خطب ورسائل وحِكم ، والذي وصف بأنّه

دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين .. والذي حظي - عبر القرون ، استنساخاً

وشرحاً وتعليقاً - بالعناية البالغة من قبل أعلام البلاغة والأدب ، وحملة العلم

والحديث جيلاً بعد جيل .. وتمّ شرحه بشروح عديدة وأُلّفت عنه مؤلّفات كثيرة.

تضمّنت : دراسة عن النهج ،

إلمامة بحياة الشريف الرضي ، الردود والحلول المتينة لشبهات ومحاولات التشكيك في

نسبة الكتاب وجامعهبسبب الصراع المذهبي - ، الأسانيد المتعدّدة إلى الجامع ،

العناية بالنهج منذ عصر الرضي حتّى العصر الحاضر ، وشرح خطبة الكتاب.

وهي القسم الأوّل من كتاب مسند

نهج البلاغة بتحقيق أسانيد أهل البيت عليهم السلام مع الموافقات ،

المخصّص لعرض أسانيد نصوص النهج ؛ إذ

اشتمل قسمه الآخر على ما وقف عليه المؤلّف من أسانيد الروايات والخطب والرسائل

والحِكم الواردة فيه.

فقد تعرّض هذا الكتاب إلى : ذِكر

ص: 283

أسانيد روايات نهج

البلاغة في كتب أُخرى من روايات أهل البيت عليهم السلام ،

على ترتيبها الوارد في النهج ..

ثمّ تعقيبها بما روي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام من وُلد الإمام عليه

السلام بعده مشتملاً على شيء من تراثه ، نسبها بعض الرواة إليهم ؛ لسماعها منهم

عليهم السلام .. وأخيراً ذِكر الموافقات من المصادر من غير أهل البيت عليهم

السلام ، اكتفاءً بالإشارة إلى المصدر الذي وقف عليه المؤلّف ، ومن روايات أهل

البيت عليهم السلام التي رواها العامّة في كتبهم.

وهو مطبوع سنة 1412 ه- ، بتحقيق السيّد محمد جواد

الحسيني الجلالي.

ونشرته المدرسة المفتوحة سنة 1421 في شيكاغو /

أمريكا.

وأعادت نشره - بالتصوير - مؤسسة الأعلمي في بيروت

سنة 1421 ه- ايضاً.

صدرت

حديثاً

*

الإمام المهديّ عليه السلام بين التواتر وحساب الاحتمال.

تأليف : الشيخ محمد باقر الإيرواني.

كتيّب يشتمل على بحث في إثبات ولادة الإمام الثاني

عشر من أئمّة المسلمين الهداة عليهم السلام ، أوصياء الرسول الأمين صلى الله

عليه وآله ،

الحجّة المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريف - من

خلال طريقَي التواتر ، وحساب الاحتمال ، مروراً بنفي التشكيك في أساس فكرة

الإمام المهديّ عليه السلام ؛ استناداً إلى الاستدلال بالآيات القرآنية الكريمة

والروايات الشريفة.

تناول البحث أربع قضايا مهمّة كمقدّمة لتحقيق الغرض

: طرق إثبات المسائل التاريخية ، الخبر المتواتر ، اختلاف الأخبار في الخصوصيات

واشتراكها في مدلول واحد ، والاجتهاد في مقابل النصّ.

ثمّ تعرّض لذِكر ثمانية عوامل لنشوء اليقين بولادته

عليه السلام : الأحاديث المتّفق عليها بين المسلمين ، إخبار النبيّ صلى الله

عليه وآله وسلم والأئمّة المعصومين عليهم السلام بولادته ، رؤية بعض خواصّ

الشيعة للاِمام عليه السلام ، وضوح هذه الفكرة بين الشيعة ، السفراء الأربعة

والتوقيعات ، تصرّف السلطة ، كلمات المؤرّخين ، واتّفاق الشيعة على ولادته

وغَيبته عليه السلام ، منذ زمن ثقة الإسلام الكليني (ت 329 ه) إلى يومنا هذا.

والبحث في الأصل محاضرة للمؤلّف ، أُلقيت ضمن ندوات

أقامها مركز الأبحاث العقائدية ، وصدر بعد الإجراءات الفنّية اللازمة ضمن سلسلة

الندوات العقائدية.

نشر : مركز الأبحاث العقائدية - قم /

ص: 284

1420 ه.

*

مقامات فاطمة الزهراء عليها السلام في الكتاب والسُنة.

بقلم : السيد محمد علي الحلو.

مجموعة محاضرات للشيخ محمد السند ، محورها العامّ

إجابة على تساؤل مفترض مهم : ما هو مقام الزهراء عليها السلام؟ وما هي

حجيتها ، وولايتها الإلهية؟

تكفّلت - من خلال البحث في بعض خصائصها الفريدة

وشخصيّتها الإلهية العظيمةببيان مقاماتها عليها السلام التي شهدت بها آيات

القرآن الكريم ، وأثبتتها أحاديث السُنة النبوية المباركة.

اشتملت هذه المباحث على عشرة مقامات : القرآن

ومقاماتها عليها السلام ، حجيتها على الأئمّة والأنبياء والمرسلين عليهم

السلام ، العذراء مريم عليها السلام مثلٌ ضربه الله سبحانه لفاطمة عليها السلام

وحجيتها لدين الإسلام ، أُمومتها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في مقابل

أُمومة زوجاته للمؤمنين ، رضاها عليها السلام رضا الله وغضبها غضبه جلّ وعلا

، مباهاته تعالى بها لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، دلالة خطبتها على مقامها

وحجيتها ، حجيتها في م - قام الدفاع عن الإمام عليّ عليه السلام ،

شمولها مع أهل البيت عليهم السلام في الآيات ، وولايتها في الأُمور

العامّة - في ثماني جهات - صلوات الله عليها وعلى

آلها المعصومين.

صدر في قم سنة 1421 ه.

*

غريب الحديث في «بحار الأنوار» ، ج 3.

تأليف : حسين الحسني البيرجندي.

جمع للبيانات والشروح التي اشتملت عليها الموسوعة

الحديثية بحار الأنوار ،

للعلاّمة المجلسي ، المتوفّى سنة 1110 ، وهي بيانات لتفسير وشرح الكثير من

المفردات اللغوية والألفاظ الغريبة الواردة في الآيات القرآنية والأحاديث

والروايات ؛ اعتماداً على مصادر اللغة وكتب غريب الحديث ..

وترتيبها حسب مادّة الكلمة وتنسيقها وفق الترتيب

الألفبائي ، باتّباع منهج ابن الأثير الجزري ، المتوفّى سنة 606 ه- ، في كتابه النهاية

في غريب الحديث والأثر ، مع ذِكر المصادر التي اعتمدها

العلاّمة المجلسي في شرح هذه المفردات.

والأساس المعتمد في تحديد كون المفردة غريبة هو شرح

العلاّمة لها ، أو ورودها في كتاب النهاية لابن

الأثير ، كما استخرج من نهج البلاغة ما

كان غريباً وشرحه الدكتور صبحي صالح ، وكذلك

ص: 285

الألفاظ التي شرحها المعصومون عليهم السلام جُعلت

كمداخل وشُرحت أيضاً.

اشتمل هذا الجزء على حروف العينالميم.

تصحيح وإعداد : مركز بحوث دار الحديث.

نشر : مؤسّسة الطباعة والنشر - طهران / 1421 ه.

* الإمامة

الإلهية.

بقلم : السيّد محمد علي بحر العلوم.

مجموعة محاضرات للشيخ محمد السند ، أُلقيت خلال

عامي 17 - 1418 هالدراسيّين ، تناولت من خلال عدّة مباحث مهمّة موضوع الإمامة

الإلهية لأئمّة الهدى المعصومين عليهم السلام ، وبيان منزلتها الرفيعة ومكانتها

الخطيرة في أُصول الاعتقاد الواجب على المسلمين كافة.

اشتمل الكتاب على مدخل ، تضمّن : أولوية البحث في

الإمامة ، توازن قوى الإنسان ، قدسية العقائد ، التوحيد في الطاعة ، والإمامة

والوحدة الإسلامية.

وثلاثة فصول : منهج المعرفة الدينية ، تضمّن

مقدّمتين : تصوير الحكم الشرعي في العقائد ، والميزان في أُصولها ، ثمّ مباحث

حجّية الكتاب ، السُنة ، العقل ،

وحجّية المعارف القلبية.

ونظرية الحكم على ضوء الإمامة الإلهية ، تضمّن :

لمحة تاريخية ، النظريات المختلفة في إدارة شؤون الحكم ، الأدلّة النقلية

والعقلية على نظرية الشورى.

والمقام الغَيبي في الإمامة الإلهية ، والدور

التكويني لها ، تضمّن : تعريفها ، الأدلّة العقلية على ماهيّتها : ضرورة

الارتباط بالغيب ، الفطرة ، برهان الغاية ، معرفة النفس ، برهان العناية ،

الأدلّة الإنية ..

ثمّ الإمامة في القرآن الكريم : آيات استخلاف آدم

عليه السلام ، آيات «الكتاب» ، آيات الهداية ، آيات المُلك ، آيات الاصطفاء

والطهارة ، آيات شهادة الأعمال ، آيات الولاية ..

ثمّ الإمامة في السُنة النبوية : حديث الثقلين ،

«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ، تبليغ سورة «براءة» ، «إنّ الله

يرضى لرضا فاطمة عليها السلام» ، «عليّ منّي وأنا من عليّ» ، «تقاتل على التأويل

كما قاتلت على التنزيل».

وأخيراً

خاتمة تضمّنت بيان الوظيفة الإجمالية في الائتمام ، وما يجب على المكلّف من وجوب

الاعتقاد والموالاة.

نشر : مؤسسة عصر الظهور - قم / 1420 ه.

ص: 286

* موسوعة أدب المحنة.

أو : شعراء المحسن بن عليّ عليه السلام.

تأليف : السيد محمد علي الحلو.

دراسة أدبية تتناول المحن والمصائب التي جرت على

أهل بيت النبوّة عليهم السلام بعد ارتحال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

، وخصوصاً مآسي بضعته الطاهرة سيّدة نساء العالمين الزهراء البتول عليها السلام

، وما جرى عليها من غصبٍ لحقوقها وإسقاطٍ لجنينها الذي سمّاه الرسول صلى الله

عليه وآله وسلم «محسناً» ، إضافة لفجائع واقعة الطفّ ومقتل الإمام السبط أبي

عبدالله الحسين عليه السلام ؛ من خلال استقصاء أشعار مجموعة كبيرة من الشعراء

، وإلقاء نظرة على الأجواء الأدبية والسياسية التي عايشوها ، لفترة زمنية امتدّت

من النصف الثاني من القرن الهجري الثاني وإلى القرن الرابع عشر الهجري.

شملت الدراسة الأشعار التي عبّرت عن تلك المحن

بأساليب متعدّدة ووصفتها بأشكال مختلفة ، وخصوصاً ما تعرّض منها لحادثة إحراق

بيت الزهراء عليها السلام ، وإسقاط المحسن عليه السلام.

كما اشتملت على تمهيد تعرّضت فيه لبيان الحالة

العامّة في المدينة بعد وفاة

الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة ،

وأحداث السقيفة وما نتج عنها ، مع ذكر ما ورد من روايات الهجوم على دار الزهراء

عليها السلام ، عن الخاصّة والعامّة.

نشر : مؤسسة دار الكتاب - قم / 1419 ه.

* الأعلمية في

الحاكم الإسلامي وفي مرجع التقليد.

تأليف : السيد علي الش - فيعي.

بحث استدلالي في مسألة وجوب تحقّق الأعلمية في مرجع

التقليد ، وفي الحاكم الإسلامي ، وبيان الأقسام المتصوّرة في الأعلمية ، مثل

مقام الحكم ومقام الفتوى ، الأحكام الحكومية والأحكام الفردية ، مقام إدارة

الحكومة وتدبيرها.

اشتمل البحث على : لزوم تقليد

الأعلمالأفقهوعدمه ، تفسير لأعلمية المرجعالأفقهية - بستّة وجوه وبيان

المختار منها ، مروراً ببيان معاني الفقه والفقاهة والاجتهاد.

ثمّ بيان أعلمية الحاكم الإسلامي في مقام الاجتهاد

والاستنباط مع ملاحظة ولايته وزعامته ، وفي أمر الدين والدنيا وإدارة شؤون

الأُمة ، والتي تُفسر بمعنىً مغاير لِما يراد منه في مرجع التقليد ،

ص: 287

متعرّضاً لذِكر آراء طائفة من علماء وأعلام الخاصّة

والعامّة في المسألة ، وأخيراً عرض كيفية لتشخيص الأعلم بالحكم والحكومة ، أي

صلاحيّته لولاية الأُمّة ثبوتاً وإثباتاً ، وكذلك طريق تعيينه.

نشر : منشورات خوزستان - الأهواز / 1421 ه.

*

الغَيبة الصغرى والسفراء الأربعة.

تأليف : الشيخ فاضل المالكي.

كتيّب يشتمل على بحث في أصل ومفهوم الغَيبة الصغرى

للاِمام الثاني عشر من أئمة المسلمين الهداة عليهم السلام ، أوصياء الرسول

الأكرم الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ، الإمام المهديّ المنتظر - عجّل الله

تعالى فرجه الشريف - ؛ وفي سفرائه الأربعة في هذه الغَيبة.

استعرض في مقدّمته جهاتٍ عدّة في رواية شريفة واردة

عن الإمام الصادق عليه السلام بخصوص الموضوع ، تضمّنت : الإنباء عن غَيبة صاحب

الأمر عليه السلام ، تقسيم الغَيبة إلى القصيرة والطويلةالصغرى والكبرى - ،

النيابة العامّة ، الخاصّة ، والشخصية ، وغَيبة الإمام هل هي غياب شخصيّته أم

غياب هويّته عليه السلام؟!

وتناول البحث عدّة قضايا مهمّة :

تمهيد الأئمّة عليهم السلام لغَيبة الإمام عليه

السلام ، التوقيع والناحية المقدّسة ، الإجراءات التي اتّخذها الإمام العسكري

عليه السلام لاِثبات ولادة ولده الإمام الحجّة المهدي عليه السلام ، تحديد بداية

الغَيبة الصغرى ، النوّاب الأربعة وثبوت نيابتهم ، وطرق إثبات الإمام عليه

السلام لوجوده الحسّي في الغَيبة الصغرى.

نشر : مركز الأبحاث العقائدية - قم / 1420 ه.

*

علامات الترقيم.

تأليف : الشيخ محمد رضا المامقاني.

دراسة في فصلين - مع 12 فائدة - وخاتمة لِما أمكن

استقصاؤه من العلامات والإشارات - قديماً وحديثاً - التي أملتها الضرورة ؛

لاِخراج النصّ بالشكل اللائق دقة وضبطاً.

الأوّل : لِما تعهّده القدماء من المصنّفين

والنسّاخ من إشارات كتابية ، لأُمور عديدة ، منها : التصحيح ، التضبيب ،

الحيلولة ، اللحق ، الضرب ، الاقتباس ، الهجاء ، التصفيح ، الإبرازات ، النحت ، الإعجام

، الإهمال ، وغيرها .. والثاني : لِما اعتمده المعاصرون من علامات لتقويم النصوص

المطبوعة .. والخاتمة تضمّنت شرحاً لبعض الرموز العامّة المتعارف عليها في

ص: 288

كتابة واستنساخ الكتب المخطوطة.

صدر ضمن سلسلة «إلى التراث ...» برقم 2.

نشر : منشورات مولود الكعبة - قم / 1421 ه.

* دائرة

المعارف الحسينية.

* المدخل إلى

الشعر الحسيني ، ج 1.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة التي قد

تصل إلى 500 جزء ، والمشتملة على كلّ ما يتعلّق بالإمام السبط الشهيد أبي

عبدالله الحسين عليه السلام ، ونهضته المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ،

ودراستها من جميع الجوانب التاريخية والعلمية والأدبية والتراثية والسياسية

وغيرها.

والكتاب يعدّ مقدّمةً لدواويناجزاءالقرون الخمسة

عشر الجامعة للأشعار المنظومة ، الخاصّة بهذه الموسوعةالتي طبع قسم منها - ،

وهو جزء من جزءين وضعا كمدخل إلى الشعر العربي القريض ، المنظوم في الإمام

الحسين عليه السلام.

وكان البحث فيه باتّجاهين : الشعر نفسه ، ومنهجية

العمل ؛ فقد بحث في الحركة الشعرية خلال هذه القرون - مروراً

ببعض الظروف والأحداث التاريخية - وذِكر تاريخ

الشعر وتطوّره ، شرح أوزانه ، بيان المصطلحات العروضية ، الشعر الحسيني

وأهميته ، إضافة إلى شرح بعض الكلمات والمصطلحات ، وتعريف الأدب والشعر ، ثمّ

عرض منهجية العمل في الشعر بهذه الموسوعة.

اشتمل هذا الجزء على عدّة مواضيع منها : تعريف

الأدب ، بيان حقيقته ومنابعه ومجاله ، قيمة الشعر والاختيار الأدبي ، هدف الأدب

والشعر ، أدب النثر وفنونه ، أدب القرآن ، الأدب والشعر ، مرتبة الشعر ، الشاعر

بين العفوية والتكلّف ، الشاعر بين القريحة والعروض ، سرقة الشعر ، الرخص

الشعرية ، الانفتاح الأدبي ، تاريخ الشعر وتطوّره ، مراحل الشعر الحسيني ، معيار

النظم ، عروض الخليل بين الأصالة والتحديث ، البحور الشعرية ، والشعر الحر.

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1421 ه.

*

شعراء «سبع الدُجَيل».

تأليف : حسين البلداوي.

عرض مختصر لسيرة السيد محمد ابن الإمام عليّ بن

محمد الهادي عاشر

ص: 289

أئمّة الهدى المعصومين عليهم السلام ، المتوفّى

مسموماً سنة 254 ه- ، وهو أخو الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، المعروف ب- :

«سبع الدُجيل» ، المتوفّى - قبل سنتين من استشهاد أبيه عليه السلام - نحو سنة

252 ه- ، وعمره لم يتجاوز 34 عاماً.

تضمّن ذِكر : نسبه الشريف ، ولادته ، جملة من

الأحداث التي عاصرها ، ذرّيته ، أخلاقه ومكانته ، وفاته ، زيارة مرقده الطاهر

في مدينة «بلد» من توابع «الدجيل» على مرحلة من سامرّاء ، والعمارات التي جرت

عليه وسدنته ، المؤلّفون في هذا السيد الجليل ، وذِكر مختارات من كراماته

الكثيرة ..

إضافة إلى أبيات من قصائد شعرية لشعراء وأُدباء

عديدين ، نُظمت في حقّه وكراماته ، سواء في القريض أو الشعر الشعبي.

نشر : دار الاعتصام - قم / 1422 ه.

* معجم شعراء

الحسين عليه السلام ، ج 1.

تأليف : الشيخ جعفر الهلالي.

موسوعة أدبية تاريخية ، مرتّبة على الحروف الهجائية

، لاستقصاء أكبر عدد ممكن من شعراء الإمام الحسين عليه السلام ، والقصائد

الحسينية ..

تشتمل على ترجمة من قال شعراً يخصّ به الإمام

الحسين عليه السلام مدحاً أو رثاءً ، أو من ذكره منضمّاً إلى ذكِر أبيه أمير

المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام ، أو أخيه الإمام الحسن عليه السلام ، أو

أُمّه الزهراء عليها السلام ، أو ذِكره لأهل الكساء عليهم السلام ، مضافاً إلى

الشعر الحر ، والتخميس أو التشطير الذي قيل في حقه وإن كان أصل القصيدة في

غيره عليه السلام.

جمعت مادّتها الشعرية بعد تتبّعٍ للكتب والمجموعات

الشعرية والدوريات القديمة والحديثة ، وتنقيبٍ دؤوبٍ في المكتبات العامّة

والخاصّة ، المتناثرة في مدن وبلدان عديدة ، لفترة امتدّت إلى أكثر من 30 عاماً ؛

وقد شملت هذه المادّة جوانب مهمّة من أدب الرثاء عند العرب ، والأدب السياسي

الإسلامي ، إضافة إلى جوانب أُخرى فنّية كالتشطير والتخميس والتمثيل وغيرها.

هذا الجزء ضمّ المقدّمة ، في قسمين ، الأوّل في

ثمانية فصول : سيرة الإمام الحسين عليه السلام وشخصيّته - ولادته ، صفاته ،

نشأته ، أولاده ، سماته - ، عظمته المناقبية في القرآن والسُنة ، أدوار حياته ،

محاولات معاوية لأخذ البيعة ليزيد ، خروجه عليه السلام ونهضته - والإخبار عن

مقتله

ص: 290

قبل وقوعه - ، المواقف المضادّة لثورته ، مصرعه

واستشهاده ، يوم عاشوراء وإدانة الأُمّة والتاريخاحياء ذِكراه ، وزيارة

قبره عليه السلام ، وعمارته -.

والثاني عن الشعر في ستّة فصول : مكانته وأغراضه

في العصر الجاهلي ، موقف الإسلام منه ، الانتكاسة في الأغراض الشعرية ، أهل

البيت عليهم السلام والشعر ، الأدب والشعر عند الشيعة - شعراؤهم عبر

العصور وطبيعة الشعر الشيعي وخصائصه - ، والشعر المنسوب إلى الهواتف والجنّ.

نشر : مؤسسة أُمّ القرى - بيروت / 1421 ه.

*

الدليل العقلي على إمامة عليّ عليه السلام.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتيّب يشتمل على بحث في الشروط والمواصفات التي

اتّفق عليها العامّة - دون غيرها من الصفات والشروط المختلف فيها - وأوجبوا

توفّرها في الشخص حتّى يمكن اختياره للاِمامة ، بناءً على مسلكهم في تعيين

الإمام بالاختيار ، بغضّ النظر عن مسلك الإمامية في أنّ الإمامة بيد الله سبحانه

وتعالى ؛ وهي : العلم ، العدالة ، والشجاعة ...

هذه الشروط والصفات جميعها قد توفّرت في الإمام

عليّ عليه السلام دون غيره من الصحابة.

والبحث في الأصل محاضرة للمؤلّف ، أُلقيت ضمن ندوات

أقامها مركز الأبحاث العقائدية ، وصدر بعد الإجراءات الفنّية اللازمة ضمن سلسلة

الندوات العقائدية.

نشر : مركز الأبحاث العقائدية - قم / 1421 ه.

*

الزيارة والتوسّل.

تأليف : صائب عبد الحميد.

دراسة موجزة ، تشتمل على مباحث تستعرض أدلّة

مشروعية زيارة قبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وقبور الأئمّة

الطاهرين من أهل بيته عليهم السلام والأولياء الصالحين من هذه الأُمّة ، وشد

الرحال إليها ، والتوسّل والاستشفاع بهم ؛ وتثبت أنّ الشريعة الإسلامية السمحاء

قد أباحت التوسّل إلى الله عزّ وجلّ بالأنبياء والصالحين ، وحثّت عليه ؛ إذ هو

ضمن إطارها ويسير باتّجاه تحقيق أغراضها ومقاصدها .. مع مناقشةٍ وردٍّ لِما

أُثير من شبهات حول الموضوع.

والكتاب في قسمين ؛ الزيارة وأدلّتها : مشروعيّتها

في القرآن والسُنة - اهدافها ، وفضيلته - ، زيارة قبر النبيّ الأعظم صلى الله

عليه وآله وسلم

ص: 291

ومراقد أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، الزيارة في

تراث السلف - عهد الصحابة ، وبعدهم - ، آداب الزيارة وردّ الشبهات المثارة

بشأنها.

ثمّ التوسّل .. أقسامه وأدلّته : التوسّل بالله

تبارك وتعالى ، بأسماء الله الحُسنى وصفاته جلّ جلاله ، بالثناء على الله

والصلاة على النبيّ وآله ، بالقرآن الكريم ، بالأيّام المباركة ، بالأعمال

الصالحة ، وبدعاء الغير ، وأخيراً التوسّل بالأنبياء والصالحين ، في حياتهم ،

وبعد مماتهم.

والكتاب صدر ضمن «سلسلة المعارف الإسلامية» ، برقم

38.

نشر : مركز الرسالة - قم / 1421 ه.

*

الفوائد الرجالية.

تأليف : السيد علي الحسيني الصدر.

كتاب يشتمل على دراسات وقواعد نافعة في علم الرجال

، الذي يفيد معرفة عدالة أو وثاقة الرواة في أسانيد الأحاديث والروايات ؛

فيستظهر حجّية السند أو وثاقة صدوره ..

تضمّنت ما يلزم معرفته من الضوابط المقرّرة لأسناد

الأحاديث المباركة في طريق الأحكام الشرعية ، مدرجة ضمن أربعين فائدة رجالية ،

ثمّ عرض قائمة بأسماء المعتمدين من الرواة ؛ نتيجةً لِما

ورد من تحقيقات في هذه الفوائد.

نشر : دار الغدير - قم / 1420 ه.

* دائرة

المعارف الحسينية.

* الرؤيا ..

مشاهدات وتأويل ، ج 1.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة التي قد

تصل إلى 500 جزء ، والمشتملة على كلّ ما يتعلّق بالإمام السبط الشهيد أبي

عبدالله الحسين عليه السلام ، ونهضته المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ، ودراستها

من جميع الجوانب التاريخية والعلمية والأدبية والتراثية والسياسية وغيرها.

وهو جزء من ثلاثة أجزاء مخصصة للرؤى المتعلّقة

بالإمام الحسين عليه السلام ، اشتملت على : مقدّمة وافية ، ما شاهده الإمام

بنفسه من الرؤى ، ما رآه الآخرون في حياته ، وبعد استشهاده عليه السلام ، تعبير

الرؤى ، ثمّ خاتمة تضمّنت استنتاجات لِما تقدّم من الرؤى والتعبير.

تمّ ترتيب ما أمكن الركون إليه من الرؤى المختارة

حسب زمن وقوعها ، مع اختيار عنوان مناسب لكلّ منها ، ثمّ شرح الغامض من مفرداتها

، توثيق ما نقل بذِكر المصادر ، التعليق على ما استحقّ التعليق ،

ص: 292

وترجمة الأعلام.

اشتمل هذا الجزء على المقدّمة التي تضمّنت

استعراضاً وبياناً لحقيقة النوم وحقيقة الرؤيا ، أقسامهما ، النظريات القديمة

والحديثة عنهما ، وكذلك مسائل الوحي ، الروح ، الإرادة ، الإيحاء ، التنويم

المغناطيسي ، وكلّ ما يرتبط بالرؤيا ؛ وعلى الفصلين الأوّل والثاني ، وقسم من

الفصل الثالث ، المتضمّن للفترة الزمنية التي بدأت باستشهاد الإمام عليه السلام

وانتهت بغَيبة الإمام المهديّ المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه الشريفالصغرى عام

260 ه.

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1421 ه.

*

ما نزل من القرآن في شأن فاطمة الزهراء عليها السلام.

تأليف : السيد محمد علي الحلو.

استقصاء وجمع للآيات القرآنية الكريمة النازلة في

حقّ سيّدة نساء العالمين الزهراء البتول عليها السلام ، بضعة المصطفى المختار

صلى الله عليه وآله وسلم ، اعتماداً على ما ورد من النصوص المأثورة عن أئمّة أهل

البيت عليهم السلام وأصحابهم ، التي تشير في تأويل وتفسير هذه الآيات أنّها

نازلة في شأنها عليها السلام ، مع تذييل لبعض الروايات

التي بحاجة إلى توضيح ببيانٍ مقتضب ..

ولم يشمل هذا الاستقصاء ما ورد من الآيات المفسَّرة

والمأوّلة بروايات تشير إلى أنّها نازلة في شأن أهل البيت عليهم السلام ، مع

شمولها للسيّدة الزهراء عليها السلام أيضاً ؛ إذ اقتصر على ما ورد بشأنها عليها

السلام صراحةً فقط.

أحصى الكتاب أكثر من 60 آية كريمة في 41 سورة من

سوَر القرآن الكريم.

نشر : دار الكتاب الإسلامي - قم / 1421 ه.

کتب

قيد التحقيق

* مشكاة

الأنوار في غرر الأخبار.

للشيخ أبي الفضل علي بن الحسن بن الفضل - امين

الإسلام المفسّر ، صاحب مجمع البيانبن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المتوفّى حدود

سنة 610 ه.

كتاب يضمّ مجموعة من الأحاديث والروايات في الآداب

والسنن المختلفة ، المروية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل

بيته المعصومين عليهم السلام ، والخاصّة ببيان مكارم الأخلاق ومحاسنها ، والحثّ

عليها والالتزام بها ؛ اعتماداً على مصادر متعدّدة.

كتبه المصنّف تتميماً لكتاب والده

ص: 293

مكارم الأخلاق ،

الذي أصدرته في جزءين مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة

العلمية في قم ، سنة 1414 ه- ، بتحقيق علاء آل جعفر.

يشتمل على عشرة أبواب - وكلّ باب يضمّ عدّة فصول - بعناوين

: الإيمان والإسلام وما يتعلّق بهما ، ذِكر الشيعة وأحوالهم وعلاماتهم وآدابهم

وما يليق بها ، محاسن الأفعال وشرف الخصال وما يشبهها ، آداب المعاشرة مع

الناس وما يتّصل بها ، مكارم الأخلاق ونظائرها ، ذكر عيوب النفس ومجاهدتها وصفة

العقل ، ذِكر المصائب والشدائد والبلايا وما وعد الله من الثواب وذِكر الموت ،

في ذِكر الخصال المنهيّ عنها وما يناسبها ، في ذِكر المواعظ ، وفي ذِكر

المتفرّقات.

سبق لدار الحديث أن نشرت الكتاب - بجزء واحد - في

قم سنة 1418 ه- ، بتحقيق مهدي خوشمند.

تقوم مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث

بتحقيقه اعتماداً على مخطوطة واحدة مكتوبة سنة 1084 ه- ، محفوظة في مكتبة الإمام

الرضا عليه السلام ، برقم 2920.

إضافة إلى النسخة التي طبعتها المكتبة الحيدرية في

النجف سنة 1385 ه- ،

وكتاب بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي (ت 1110 ه) ؛

إذ يعدّ الكتاب أحد مصادره.

* تنزيه

الأنبياء والأئمة عليهم السلام.

للشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي البغدادي

(355 - 436 ه).

من كتب العقائد القيّمة ، لعلم من أعلام الطائفة ،

ينفي فيه وقوع الذنب والمعصية من قبل الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ؛ مؤوّلاً -

بتأويلات عقلية ونقلية حسنة - الآيات والأحاديث التي يوحي ظاهرها بارتكابهم

المعاصي ، والتي يستدلّ بها القائلون بنفي العصمة عنهم عليهم السلام ، رادّاً

على الشبهات المفتراة والشكوك المثارة حول الموضوع.

يتعرّض في البداية لِما نسب إليهم عليهم السلام من

معصية بصورة عامّة ، ثمّ يتعرض لِما نسب إلى كلّ نبيّ من الأنبياء عليهم

السلام على ترتيبهم ، وهكذا بالنسبة للأئمّة عليهم السلام.

والكتاب مطبوع سابقاً عدّة مرّات ، في العراق

وإيران ولبنان.

يقوم بتحقيقه : فارس حسّون كريم ، معتمداً في عمله

على نسختين مخطوطتين وثالثة مطبوعة.

ص: 294

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.