تراثنا المجلد 57

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1420 ه.ق

الصفحات: 278

ص: 1

محتويات العدد

كلمة التحرير :

التراث والوسائل التقنية الحديثة

.......................................................... هيئة التحرير 7

* تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (13)

............................................. السيد علي الحسيني الميلاني 13

* عدالة الصحابة (1)

..................................................... الشيخ محمد السند 38

* السنة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (3).

................................................. السيد علي الشهرستاني 69

* دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية (4)

............................................. السيد ثامر هاشم العميدي 94

* معجم مؤرخي الشيعة (2).

................................................... صائب عبد الحميد 121

ص: 2

* دليل المخطوطات (5) - مكية مدرسة الإمام الصادق عليه السلام.

....................................... السيد أحمد الحسيني الأشكوري 145

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين / العامة / النجف الأشرف (3).

...................................... السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره 169

* مصطلحات نحوية (12)

............................................... السيد علي حسن مطر 194

*من ذخائر التراث :

* رسالة في شرح حديث حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ، للشيخ علي بن عبد الله البحراني.

............................................. تحقيق : مشتاق المظفر 207

*من أنباء التراث

......................................................... هيئة التحرير 261

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة رسالة في شرح حديث حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب للشيخ علي بن عبدالله البحراني اللنجاوي ، المتوفّى سنة 1319 ه- ، المنشورة في هذا العدد ، ص 207 - 260.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

كلمة العدد :

التراث والوسائل التقنية الحديثة

بسم الله الرحمن الرحيم

تميز عصرنا الحاضر بتطورات كبيرة في وسائل الحياة والثقافة ، وكان من أبرزها ما يطلقون عليه اسم (الثورة المعلوماتية).

وهي تشمل التجديد في وسائل الطباعة والنشر ، وخدمات الجهاز الحاسب المتعددة ، وخدمات شبكات المعلومات العالمية ، وأشهرها شبكة (الإنترنيت) التي تعد تطورا نوعيا في عرض المعلومات ونقلها إلى أنحاء العالم ...

وأمام هذا الواقع يواجه العاملين في حقل التراث العلمي سؤال مهم ، وهو : ما هي آثار الوسائل التقنية الحديثة على التراث؟

ويطرح هذا السؤال عادة من زوايا متعددة .. وبعضها يدخل في نطاق اهتمامنا.

وقبل الدخول فيها نشير إلى أننا نقصد بالتراث العلمي : مصادر الثقافة الإسلامية الموروثة عن علماء المسلمين عبر الأجيال .. وصولا إلى مصدرها

ص: 7

الأصلي : الرسول وآله الطاهرين صلى الله عليه وعليهم.

ومن الواضح أن الكتاب هو محور هذا التراث المبارك.

ونقصد بالوسائل التقنية الحديثة : مجموعة الابتكارات والتطورات المتعلقة بعرض المعلومات وإيصالها ، وتبادلها ، من تطور الطباعة ، والبرمجة الكمبيوترية ، والتلفزيونية ، وشبكات المعلومات ، المحلية والعالمية ...

ومن الواضح فقهيا أن الوسائل الحديثة التي تدخل في عملنا التراثي لا حكم لها في نفسها .. بل حكمها يتبع المادة التي تتضمنها ، والهدف الذي يهدف منها ، وأحيانا تؤثر على حكمها الشرعي الأمور الجانبية التي ترافق استعمالها.

ولهذا لم نجد أحدا من فقهائنا يستشكل في طباعة كتاب إسلامي بأحدث وسائل الطباعة ، ولا بجعله في برنامج كمبيوتري ، أو بتسجيله في شريط صوتي ، أو تلفزيوني ، أو في شبكة معلومات عالمية مثل (الإنترنيت).

لهذا يتركز السؤال على عملية الاستفادة ، وليس على حليتها ..

وأول ما ينبغي هنا ملاحظة حالة المصادر التراثية أولا.

ثم حالة الإنسان المعاصر المقصود بها ، ثانيا.

فالمصادر : قسم منها ما زال مخطوطا لم ير الطباعة ، وقسم مطبوع نادر النسخة ، فهو يشبه المخطوط ، وقسم مطبوع بطبعة رديئة أو غير محققة أو ناقصة أو محرفة ... والقسم الأقل هو المطبوع بطبعات جيدة جامعة الشرائط.

أما نشر الكتاب التراثي فمشكلاته كثيرة ، نذكر أهم ثلاث مشكلات

ص: 8

منها :

*مشكلة تحقيق الكتاب ، بتوفير نسخه وتوفير المحققين من أهل الخبرة والأمانة ، وتوفير المصارف اللازمة لعملهم.

*ثم مشكلة ثمن الكتاب ، التي تصاعدت في السنين الأخيرة ، فسببت تقليل عدد القراء!

*ثم مشكلة سياسة منع الكتاب ، التي ما زالت تتبعها أكثر الدول العربية والإسلامية!

وهنا يأتي السؤال : ما هو تأثير ثورة المعلوماتية على وضع التراث الإسلامي؟

والجواب : إن لذلك تأثيرات إيجابية دون شك ، منها : تيسير التحقيق والطباعة ، وتيسير نشر الكتاب عن طريق شبكات المعلوماتية.

أما نشره عن طريق الكتاب المطبوع فما زال يراوح مكانه ، ويعاني من مشكلة التحقيق والتوزيع وارتفاع الثمن!

وهنا تبرز المفارقة في سياسة وزارات الإعلام في البلاد الإسلامية ، إذ تسمح عمليا بدخول الكتاب المرئي والمسموع ، وتمنع دخول الكتاب المطبوع!!

وفي اعتقادنا أن الزمن يسير لمصلحة نشر التراث الإسلامي ووصوله إلى جميع الناس ، وأن سياسة منع الكتاب والتعتيم على التراث الإسلامي ، في طريقها إلى الزوال.

إن الذين يتخيلون أن باستطاعتهم مواصلة فرض التعتيم العلمي وحرمان الباحثين في الجامعات والمعاهد الدينية من قراءة آراء مذاهب المسلمين من مصادرها الأصلية .. إنما يعيشون في خطأ فكري وعملي!

ص: 9

وجهاز الحاسب وشبكة الإنترنيت شاهدان عليهم ، وسيكشفان للعالم حقائق مثيرة عن التعتيم العلمي الذي هو أسوأ من التعتيم الإعلامي ، ولكنه أقصر منه عمرا!

ونحن على ميعاد من الله تعالى بأن التعتيم والتجهيل سوف ينتهي ويموت قبيل ظهور الإمام المهدي الموعود عليه السلام ..

وقد بدأ طغيان التعتيم العلمي ينكسر ، وإن كان التعتيم الإعلامي ما زال يصول ويجول .. إن هذه الوسائل التي هيئت في عصرنا نعمة كبيرة ..

وإنما يتحقق شكرها بحسن الاستفادة منها ، وعدم الخوف من الحقائق الجديدة التي قد تنكشف بواسطتها .. سواء كان ذلك في مجال التاريخ والسيرة ، أو في مجال الفقه والعقائد .. فطالب الحق ، لا يخاف من انكشاف الحق ، سواء كان عند هذا الفقيه أو ذاك ، وعند هذا المذهب أو ذاك!

أما حالة الإنسان المعاصر المقصود بكتب التراث :

فقد أثرت (الثورة المعلوماتية) على المسلم المعاصر تأثيرات شديدة ، وكانت النتيجة إلى الآن في غير مصلحة الثقافة التراثية.

وقد كان أكبر تأثير سيئ على المسلم : أن هذه الوسائل ساعدت نمط الحياة المعاصرة على سرقة وقت المسلم ، فلم تترك له وقتا كافيا للقراءة والعيش مع مصادر التراث من القرآن والحديث والسيرة والفقه ومسائل الأخلاق الإسلامية ...

إن حركة الحياة المعاصرة ومتطلبات المعيشة تأخذ أكثر وقت الإنسان

ص: 10

في عصرنا .. فإن بقي عنده وقت فإن محطات الإرسال المرئية والمسموعة كامنة لمصادرة ما بقي من وقته .. أما إذا كان من أهل الهوى والفساد ، فإنها تصادر دينه ووقته وماله وصحته!!

من هذا الواقع برزت أمام المراجع والعلماء والمصلحين والوعاظ الإسلاميين ، والعاملين في حقل التراث والتبليغ كافة .. حقائق جديدة صار من اللازم عليهم أن يتعاملوا معها ويجيدوا التعاون على النهوض بمسؤولياتها.

فقد كانت القراءة في الماضي تحتل الدرجة الثانية في هداية الناس وتثقيفهم ، بعد التدريس والخطابة والشعائر الإسلامية ..

أما اليوم ، فإن الإعلام المرئي والمسموع الميسر عن طريق هذه الوسائل الجديدة يتقدم ليحتل مكان القراءة.

ومن هنا صار اللازم على العاملين في نشر التراث الإسلامي بطباعته ، أن ينشروا أيضا في برنامج كمبيوتري ، وفي برامج شبكات المعلوماتية العالمية.

وفي اعتقادنا أن هذا الحقل من النشر سوف يؤثر تأثيرا معنويا إيجابيا على حقل الكتاب المطبوع ، وإن كان له تأثير مادي سلبي في تقليل قرائه!

ومن هنا وجدت مؤسستنا نفسها ملزمة بأن تدخل شبكة الإنترنيت ب : (مؤسسة آل البيت للمعلوماتية) وتبدأ بنشر أهم مصادر التراث الإسلامي في موقع (رافد) الذي يشتمل على أهم نتاجات المؤسسة والمؤسسات المرتبطة بها ..

ص: 11

يبقى السؤال الذي يطرحه بعضهم وهو :

هل تؤثر الوسائل الحديثة على قيمة التراث؟

يطرحه بعضهم وكأنه يتخوف من حدوث تأثيرات سلبية على مصادرنا التراثية .. بينما المسألة بالعكس تماما ، فإن قيمة تراثنا تكمن في ذاته وحقيته وأسلوبه الفريد في مخاطبة العقل البشري ..

وكلما تقدمت وسائل المخاطبة واتسعت وتنوعت ، فإنها ستوفر لملايين جديدة فرصة الاطلاع على جوانب من هذا التراث المبارك ، وستكشف عظمته وأصالته ، وأنه حق منزل من عند الله تعالى .. وبالتالي ستزداد قيمته ولا تنقص ..

إن ما توفره الوسائل الجديدة من سهولة الاطلاع على المخطوطات وتبادلها ، وسهولة الاطلاع على الكتب المطبوعة والصادرة في أنحاء العالم ، والاطلاع على أفكار وآراء مراجع الدين والمتخصصين في المسائل والقضايا الإسلامية .. كلها تحولات تخدم مصادر التراث ، وتساعد في تعميمه على العالم .. وبالتالي سوف ترفع من قيمة المخطوط والمطبوع منه ، وإن قل التداول الحسي في نفس المخطوطات والمطبوعات.

هيئة التحرير

ص: 12

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (13)

السيد علي الحسيني الميلاني

قوله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع) (1)

قال السيد :

«ألم تر كيف فعل ربك يومئذ بمن جحد ولايتهم علانية ، وصادر بها رسول الله صلى الله وآله وسلم جهرة؟! فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو آتنا بعذاب أليم. فرماه الله بحجر من سجيل كما فعل من قبل بأصحاب الفيل ، وأنزل في تلك الحال : (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع)».

قال في الهامش :

«أخرج الإمام الثعلبي في تفسيره الكبير هذه القضية المفصلة ، ونقلها العلامة المصري الشبلنجي في أحوال علي من كتابه نور الأبصار ، فراجع

ص: 13


1- سورة المعارج 70 : 1.

ص 71 ، والقضية مستفيضة ، ذكرها الحلبي في أواخر حجة الوداع من الجزء 3 من سيرته ، وأخرجها الحاكم في تفسير المعارج من المستدرك فراجع ص 502 من جزئه الثاني».

فقيل :

«ما ذكره المؤلف في سبب نزول هاتين الآيتين باطل باتفاق أهل العلم من وجوه كثيرة ، أهمها :

1 - الرافضة تعتقد أن قصة سبب نزول هاتين الآيتين حصلت بعد يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، بعد حجة الوداع ، وهم يتخذون من هذا اليوم عيدا.

وهذه السورة - سورة (سأل سائل) - مكية ، باتفاق أهل العلم ، نزلت بمكة قبل غدير خم بعشر سنين أو أكثر من ذلك ، فكيف نزلت بعده؟!

2 - وأيضا : قوله تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق ...) الآية من سورة الأنفال ، وقد نزلت ببدر بالاتفاق قبل غدير خم بسنين كثيرة ، وأهل التفسير متفقون على أنها نزلت بسبب ما قال المشركون للنبي قبل الهجرة ، كأبي جهل وأمثاله. (منهاج السنة 4 / 13).

وأما قول المؤلف في الحاشية : (القضية مستفيضة ...) ، فقد أخرجها الحاكم ، عن سعيد بن جبير ، أنه سئل ، فقال : (ذي المعارج) : ذي الدرجات. (سأل سائل) : هو النضر بن الحارث بن كلدة ، قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.

وأشار الذهبي إليه ب : (خ). المستدرك 2 / 502.

ص: 14

فأين دلالة هذه الرواية مما ذهب إليه المؤلف وأوهم به؟!».

أقول :

نذكر أولا أسماء طائفة من رواة الخبر من أبناء العامة ، ليظهر بطلان قول القائل - تقليدا لابن تيمية - : «باطل باتفاق أهل العلم» ، فنقول :

لقد وردت الرواية في كتب القوم عن عدة كبيرة من الأعلام ، ورواها الكثيرون من المحدثين والمفسرين المشهورين في كتبهم ، وإليك الأسماء :

1 - أبو بكر السبيعي ، المتوفى سنة 126.

2 - سفيان بن سعيد الثوري ، المتوفى سنة 161.

3 - سفيان بن عيينة ، المتوفى سنة 198.

4 - أبو نعيم الفضل بن دكين ، المتوفى سنة 219.

5 - أبو عبيد الهروي ، المتوفى سنة 223 أو 224.

6 - إبراهيم بن حسين الكسائي ، ابن ديزيل ، المتوفى سنة 281.

7 - أبو بكر النقاش الموصلي ، المتوفى سنة 351.

8 - أبو إسحاق الثعلبي ، المتوفى سنة 427 أو 437.

9 - أبو الحسن الواحدي ، المتوفى سنة 468.

10 - الحاكم الحسكاني النيسابوري ، المتوفى سنة 470.

11 - سبط ابن الجوزي ، المتوفى سنة 654.

12 - أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي ، المتوفى سنة 671.

13 - شيخ الإسلام الحموئي الجويني ، المتوفى سنة 722.

14 - الشيخ محمد الزرندي المدني الحنفي ، المتوفى بعد سنة 750.

15 - ملك العلماء شهاب الدين الدولة آبادي ، المتوفى سنة 849.

ص: 15

16 - نور الدين ابن الصباغ المالكي ، المتوفى سنة 855.

17 - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي ، المتوفى سنة 911.

18 - شمس الدين الخطيب الشربيني القاهري ، المتوفى سنة 977.

19 - أبو السعود محمد بن محمد العمادي ، المتوفى سنة 982.

20 - جمال الدين المحدث الشيرازي ، المتوفى سنة 1000.

21 - زين الدين عبد الرؤوف المناوي ، المتوفى سنة 1031.

22 - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي ، المتوفى سنة 1044.

23 - أحمد بن باكثير المكي ، المتوفى سنة 1047.

24 - شمس الدين الحفني الشافعي ، المتوفى سنة 1181.

25 - أبو عبد الله الزرقاني المالكي ، المتوفى سنة 1122.

26 - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ، المتوفى سنة 1182.

27 - السيد مؤمن الشبلنجي المصري ، المتوفى بعد سنة 1322.

28 - الشيخ محمد عبده ، المتوفى سنة 1323.

القضية كما في الروايات :

والقضية في مجملها كما في الروايات : إنه لما خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبته في غدير خم ، وقال فيها ما شاء الله أن يقول ، وذكر أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام حتى قال : «أيها الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟! قالوا : بلى. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ...» ، وبايع القوم عليا ... ، وطار الخبر في الأقطار ، وشاع في البلاد والأمصار ، فبلغ الناس الذين لم يكونوا مع رسول الله في حجته ...

ص: 16

أتاه رجل (1) على ناقة له ، فأناخها على باب مسجده ، ثم عقلها ، فدخل في المسجد ، ورسول الله جالس وحوله أصحابه ، فجثا بين يديه ، فقال :

يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقبلنا منك ذلك.

وإنك أمرتنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ، ونصوم رمضان ، ونحج البيت ، ونزكي أموالنا ، فقبلنا منك.

ثم لم ترض بهذا ، حتى رفعت بضبعي ابن عمك ، وفضلته على الناس ، وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه!

فهذا شئ منك أو من الله؟!

فقال رسول الله - وقد احمرت عيناه - : والله الذي لا إله إلا هو ، إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثا.

فقام الرجل وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا ، فأرسل علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم.

قال الراوي : فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر ، فوقع على هامته ، فخرج من دبره ، ومات. وأنزل الله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع).

*رواة هذا الخبر من الأئمة عليهم السلام والأصحاب :

وقد جاء هذا الخبر في كتب القوم بأسانيدهم عن : ل.

ص: 17


1- سيأتي الكلام في اسم هذا الرجل.

1 - الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام.

2 - الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.

3 - الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

4 - عبد الله بن العباس.

5 - حذيفة بن اليمان.

6 - سعد بن أبي وقاص.

7 - أبي هريرة.

*من رواته من الأعلام :

ومن رواة الخبر من كبار الأئمة وأعلام القوم :

1 - سفيان بن عيينة :

وهذه نصوص في الثناء الجميل عليه :

قال النووي : «روى عنه : الأعمش ، والثوري ، ومسعر ، وابن جريج ، وشعبة ، وهمام ، ووكيع ، وابن المبارك ، وابن مهدي ، والقطان ، وحماد بن زيد ، وقيس بن الربيع ، والحسن بن صالح ، والشافعي ، وابن وهب ، وأحمد بن حنبل ... واتفقوا على إمامته ، وجلالته ، وعظيم مرتبته. ولد سفيان سنة 107 ، وتوفي يوم السبت غرة رجب سنة 198» (1).

وقال الذهبي : «العلامة الحافظ ، شيخ الإسلام ، كان إماما ، حجة ، وحافظا ، واسع العلم ، كبير القدر» (2). 4.

ص: 18


1- تهذيب الأسماء واللغات 1 / 224 رقم 217.
2- تذكرة الحفاظ 1 / 224.

وقال : «أحد الأعلام ، ثقة ، ثبت ، حافظ ، إمام» (1).

2 - سفيان الثوري :

وهذه نصوص في الثناء الجميل عليه :

قال شعبة ، وسفيان بن عيينة ، وأبو عاصم النبيل ، ويحيى بن معين ، وغير واحد من العلماء : سفيان أمير المؤمنين في الحديث.

وقال سفيان بن عيينة : أصحاب الحديث ثلاثة : ابن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، والثوري في زمانه.

وقال عباس الدوري : رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان في زمانه أحدا في الفقه ، والحديث ، والزهد ، وكل شئ.

وقال شعبة : إن سفيان ساد الناس بالورع والعلم.

وقال الخطيب : كان إماما من أئمة المسلمين ، وعلما من أعلام الدين ، مجمعا على إمامته بحيث يستغنى عن تزكيته ، مع الإتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد.

وهو من رجال الصحاح الستة.

واجتمعوا على أنه توفي بالبصرة سنة 161 (2).

3 - ابن ديزيل :

ومن رواة هذا الخبر من الأعلام :

أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين الهمداني الكسائي ، ويعرف بابن 9.

ص: 19


1- الكاشف عن أسماء رجال الصحاح الستة 1 / 379.
2- تهذيب الكمال 11 / 164 - 169.

ديزيل ، المتوفى سنة 281.

وتوجد ترجمته في : تذكرة الحفاظ 2 / 608 ، الوافي بالوفيات 5 / 346 ، البداية والنهاية 11 / 71 ، طبقات القراء 1 / 11 ، وغيرها ... ونحن نكتفي بموجز ما جاء في سير أعلام النبلاء ، حيث ترجم له الذهبي قائلا :

«ابن ديزيل ، الإمام الحافظ ، الثقة ، العابد ، سمع بالحرمين ومصر والشام والعراق والجبال ، وجمع فأوعى. ولد قبل المئتين بمديدة ، وسمع أبا نعيم ، و ...

حدث عنه : أبو عوانة ، و ...

وكان يصوم يوما ويفطر يوما.

قال الحاكم : هو ثقة ، مأمون.

وقال ابن خراش : صدوق اللهجة.

قلت : إليه المنتهى في الإتقان. روي عنه أنه قال : إذا كان كتابي بيدي وأحمد بن حنبل عن يميني ويحيى بن معين عن شمالي ، ما أبالي. يعني : لضبط كتبه.

قال صالح بن أحمد في تاريخ همدان : سمعت جعفر بن أحمد يقول : سألت أبا حاتم الرازي عن ابن ديزيل ، فقال : ما رأيت ولا بلغني عنه إلا صدق وخير ...»(1).

*نقل القوم عن تفسير الثعلبي واعتمادهم عليه :

وروى كثير من العلماء هذا الخبر عن تفسير الثعلبي مرتضين إياه 4.

ص: 20


1- سير أعلام النبلاء 13 / 184.

ومعتمدين عليه ، في مختلف الكتب ، وإليك بعض عباراتهم :

قال سبط ابن الجوزي : «اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم من حجة الوداع ، في الثامن عشر من ذي الحجة ، جمع الصحابة - وكانوا 120 ألفا - وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه .. الحديث. نص صلى الله عليه [وآله] وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة.

وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده : إن النبي لما قال ذلك ، طار في الأقطار ، وشاع في البلاد والأمصار ، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري ... " (1).

وقال السمهودي : «وروى [الإمام] الثعلبي في تفسيره : إن سفيان ابن عيينة - رحمه الله - سئل عن قول الله عزوجل : (سأل سائل بعذاب واقع) في من نزلت؟ فقال للسائل : سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه : إن رسول الله لما كان بغدير خم ، نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه. فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان ...» (2).

وقال المناوي : بشرح «من كنت مولاه فعلي مولاه» : «وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة : إن النبي لما قال ذلك طار في الآفاق ، فبلغ الحارث بن النعمان ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : 8.

ص: 21


1- تذكرة خواص الأمة : 30.
2- جواهر العقدين - القسم الثاني - 1 / 98.

يا محمد ...»(1).

وقال الزرقاني : «وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة : إن النبي لما

قال ذلك طار في الآفاق ، فبلغ الحرث بن النعمان ، فأتى رسول الله فقال : يا محمد ...» (2).

وقال ابن الصباغ : «ونقل الإمام أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله في تفسيره : إن سفيان بن عيينة سئل عن قول الله عزوجل : (سأل سائل بعذاب واقع) فيمن نزلت؟ فقال للسائل ...» (3).

وقال الزرندي : «ونقل الإمام أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله في تفسيره : إن سفيان بن عيينة سئل عن قول الله : (سأل سائل بعذاب واقع) في من نزلت؟ ...» (4).

*رواية الحموئي الجويني عن الثعلبي بالإسناد :

ورواه شيخ الإسلام الحموئي بالإسناد عن الواحدي عن الثعلبي ، حيث قال : «أخبرني الشيخ عماد الدين عبد الحافظ بن بدران - بمدينة نابلس ، في ما أجاز لي أن أرويه عنه - ، إجازة عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد الأنصاري ، إجازة عن عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي ، إجازة عن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي ، 3.

ص: 22


1- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 6 / 218.
2- شرح المواهب اللدنية 6 / 13.
3- الفصول المهمة في معرفة الأئمة : 42.
4- نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين : 93.

قال : قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره :

إن سفيان بن عيينة سئل عن قوله عزوجل : (سأل سائل بعذاب واقع) في من نزلت؟ ...» (1).

الحموئي شيخ الذهبي :

والحموئي هذا من مشايخ الحافظ الذهبي ، إذ ذكره في معجمه المختص ، وترجم له قائلا :

«إبراهيم بن محمد المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه ، الإمام الكبير ، المحدث ، شيخ المشايخ ، صدر الدين ، أبو المجامع ، الخراساني الجويني الصوفي. ولد سنة 644 ، وسمع بخراسان وبغداد والشام والحجاز ، وكان ذا اعتناء بهذا الشأن ، وعلى يده أسلم الملك غازان. توفي بخراسان في سنة 722.

قرأنا على أبي المجامع إبراهيم بن حمويه سنة 695 ...»(2).

كلمات في الثعلبي وتفسيره :

وهذه كلمات في الثعلبي وتفسيره عن أكابر علماء القوم :

1 - ابن خلكان : «أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري ، المفسر المشهور ، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير ، وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير ... ، وقال أبو القاسم 5.

ص: 23


1- فرائد السمطين 1 / 82.
2- المعجم المختص : 65.

القشيري : رأيت رب العزة عزوجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه ، فكان في ذلك أن قال الرب تعالى اسمه : أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل!

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ

نيسابور وأثنى عليه ، وقال : هو صحيح النقل موثوق به ، حدث عن أبي طاهر ابن خزيمة والإمام أبي بكر ابن مهران المقري ، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ. توفي سنة 427 ، وقال غيره : توفي في محرم سنة 427 ، وقال غيره : توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة 437 رحمه الله تعالى» (1).

2 - الذهبي : «وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي ، وكان حافظا ، واعظا ، رأسا في التفسير والعربية ، متين الديانة» (2).

3 - الصفدي : «كان حافظا ، عالما ، بارعا في العربية ، موثقا» (3).

4 - اليافعي : «المفسر المشهور ، وكان حافظا ، واعظا ، رأسا في التفسير والعربية والدين والديانة ، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير» (4).

5 - ابن قاضي شهبة : «أخذ عنه أبو الحسن الواحدي. روى عن أبي القاسم القشيري. قال الذهبي : كان حافظا ، رأسا في التفسير والعربية ، متين الديانة» (5). 7.

ص: 24


1- وفيات الأعيان 1 / 61.
2- العبر في خبر من غبر : حوادث سنة 427.
3- الوافي بالوفيات 8 / 33.
4- مرآة الجنان : حوادث سنة 427.
5- طبقات الشافعية 1 / 207.

6 - السيوطي : «كان كبيرا إماما ، حافظا للغة ، بارعا في العربية» (1).

أسانيد الخبر في شواهد التنزيل :

وقد روى الحافظ الحاكم الحسكاني - المترجم في البحوث السابقة (2) - هذا الخبر بأسانيد عديدة ، عن بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وعدة من الصحابة ، فرواه قائلا :

1 - «أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي ، أخبرنا أبو بكر الجرجرائي ، حدثنا أبو أحمد البصري ، قال : حدثني محمد بن سهل ، حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصاري ، حدثنا محمد بن أيوب الواسطي ، عن سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ...».

2 - «حدثونا عن أبي بكر السبيعي ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر أبو جعفر الضبعي ، قال : حدثني زيد بن إسماعيل بن سنان ، حدثنا شريح بن النعمان ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ابن الحسين ، قال : نصب رسول الله عليا ...».

3 - «ورواه في التفسير العتيق ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي ، قال : حدثني نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن محمد بن جهل ، قال : أقبل الحارث بن عمرو الفهري إلى النبي ...».

«وفي الباب عن : حذيفة ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة ، وابن 0.

ص: 25


1- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة 1 / 356.
2- أنظر : تراثنا ، العدد 49 ، صفحة 70.

عباس».

4 - «حدثني أبو الحسن الفارسي ، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل الحسيني ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي ، حدثنا إبراهيم.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد البغدادي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي ، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان بن سعيد ، حدثنا منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : لما قال رسول الله لعلي : من كنت مولاه فهذا مولاه ، قام النعمان بن المنذر الفهري ، فقال ...».

5 - «وأخبرنا عثمان ، أخبرنا فرات بن إبراهيم الكوفي ، حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب البجلي ، حدثنا أبو عمارة محمد بن أحمد المهدي ، حدثنا محمد بن أبي معشر المدني ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : أخذ رسول الله بعضد علي بن أبي طالب ...» (1).

أقول :

ولو أردنا تصحيح كل هذه الأسانيد لطال بنا المقام ، لكنا نكتفي ببيان صحة واحد منها ، وهو الطريق الثاني للخبر الرابع ، فنقول :

* أما أبو بكر محمد بن محمد البغدادي ، فقد قال الحافظ 5.

ص: 26


1- شواهد التنزيل 2 / 381 - 385.

عبد الغافر النيسابوري بترجمته : «محمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر العطار الوراق الحنيفي الحيري ، أبو بكر بن أبي سعيد البغدادي ، الفقيه. فاضل ، دين ، ظريف ، قصير القامة ، مليح الشمائل ، حدث عن ... توفي سنة 416» (1).

* وأما عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني النيسابوري ، فقد ترجم له الخطيب البغدادي ، فقال ما ملخصه :

كان له ثروة ظاهرة ، فأنفق أكثرها على العلم وأهل العلم وفي الحج والجهاد وغير ذلك من أعمال البر ، وكان من أكثر أقرانه سماعا للحديث ، كتب الناس عنه ، روى عنه : يوسف بن عمر القواس ، وابن الثلاج ، وإبراهيم بن مخلد بن جعفر ، وأبو الحسن بن رزقويه ، وغيرهم ، وكان ثقة. توفي سنة 372 (2).

* وأما عبد الرحمن بن الحسن الأسدي ، فقد ترجم له الخطيب البغدادي كذلك ، فقال :

«عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد ... الأسدي القاضي. من أهل همدان. حدث عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل الهمداني ، ... وقدم بغداد وحدث بها ، فكتب عن الشيوخ القدماء ، وروى عنه : الدارقطني ، وحدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه بكتاب تفسير ورقاء وغيره ، وحدثنا عنه أيضا أبو الحسن ابن الحمامي المقرئ ، وأبو علي بن شاذان ، وأحمد بن علي البادا ...» (3). 2.

ص: 27


1- السياق في تاريخ نيسابور : 37.
2- تاريخ بغداد 9 / 391.
3- تاريخ بغداد 10 / 292.

وجعله الذهبي من (أعلام النبلاء) وترجم له (1).

ووفاته سنة 352.

وقد ذكروا تكلم بعض معاصريه فيه بسبب روايته عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل ، بدعوى أنه لم يدركه ، ومن هنا أورده الذهبي في ميزان الاعتدال (2) ، وأوضح ذلك الحافظ ابن حجر في لسان الميزان بأن

أبا حفص بن عمر والقاسم بن أبي صالح أنكرا روايته عن إبراهيم ، وقالا : بلغنا أن إبراهيم قرأ كتاب التفسير قبل سنة سبعين ، وادعى هذا - أي : عبد الرحمن بن الحسن الأسدي - أن مولده سنة سبعين ، وبلغنا أن إبراهيم قل أن يمر له شئ فيعيده (3).

أقول :

لقد كان الرجل محدثا جليلا يروي عنه الدارقطني وأمثاله من الأئمة النقدة المتقنين ، وهذا القدر من الكلام فيه لا يضر بوثاقته :

أما أولا : فلأن كلام المعاصر في معاصره غير مسموع ، كما نص عليه الذهبي وابن حجر في غير موضع من كتبهما (4). ».

ص: 28


1- سير أعلام النبلاء 16 / 15.
2- ميزان الاعتدال 2 / 556.
3- لسان الميزان 3 / 411.
4- من ذلك : قول الذهبي في الميزان 1 / 111 : «كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، ما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك ، سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس» ، وقول ابن حجر في اللسان 5 / 234 : «ولا نعتد - بحمد الله - بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض».

وأما ثانيا : فلأن مبنى هذا الكلام هو ولادة عبد الرحمن سنة 270 ، وأن ابن ديزيل قرأ التفسير قبل هذه السنة - كما بلغ القائل - ، وأن ابن ديزيل قل أن يعيد قراءة شئ.

لكن إذا كانت ولادته سنة 270 ، ووفاة ابن ديزيل سنة 281 - كما تقدم - ، فإن من الجائز أن يكون قد سمع منه ما رواه عنه ، أو سمع بعضه وسمعه أبوه البعض الآخر ، وإذ لا جرح في الرجل من ناحية أخرى ، جاز لنا الاعتماد على خبره ، مع رواية الأكابر عنه ، ولا يعارض ذلك كلام بعض معاصريه فيه خاصة إذا كان استنادا إلى «بلغنا» و«بلغنا».

* وأما إبراهيم بن الحسين الكسائي ، فهو «ابن ديزيل» وقد تقدمت ترجمته.

* وأما الفضل بن دكين ، فمن رجال الصحاح الستة. قال ابن حجر الحافظ : «ثقة ، ثبت ، وهو من كبار شيوخ البخاري» (1).

* وأما سفيان بن سعيد ، فهو الثوري ، المتقدمة ترجمته.

* وأما منصور ، فهو منصور بن المعتمر ، وهو من رجال الصحاح

الستة ، قال الحافظ : «ثقة ثبت ، وكان لا يدلس» (2).

* وأما ربعي ، فهو ربعي بن خراش ، من رجال الصحاح الستة ، قال الحافظ : «ثقة ، عابد ، مخضرم» (3).

* وأما حذيفة بن اليمان ، فهو الصحابي الجليل. 3.

ص: 29


1- تقريب التهذيب 2 / 110.
2- تقريب التهذيب 2 / 177.
3- تقريب التهذيب 1 / 243.

دلالة الخبر على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام :

ثم إن هذا الخبر من أوضح الدلائل على أن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمير المؤمنين يوم الغدير : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» ، نص قطعي على إمامته الكبرى وولايته العظمى من بعده بلا فصل .. لأن هذا الكلام من النبي إن كان معناه «الحب» أو «النصرة» أو ما شابه ذلك من المعاني ، لم يكن أي اعتراض من ذلك الأعرابي على رسول الله قائلا : «هذا منك أو من الله؟!».

بل إن كلامه : «أمرتنا ... وأمرتنا ... ، ثم لم ترض بهذا ، حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس ، وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه» صريح في دلالة حديث الغدير على الإمامة والخلافة ..

وإلا .. فلماذا هذا الاعتراض؟! وبهذه الوقاحة؟! حتى يضطر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يحلف قائلا - وقد احمرت

عيناه - : «والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني» ، ويكرر ذلك ثلاثا؟!

وإلا .. فلماذا يناشد علي الناس بحديث الغدير؟!

وإلا .. فلماذا يكون في نفس أبي الطفيل شئ؟!

أخرج أحمد بسند صحيح عن أبي الطفيل ، قال : «جمع علي الناس في الرحبة ، ثم قال لهم : أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول يوم غدير خم ما سمع ، لما قام ، فقام ثلاثون من الناس ...

قال : فخرجت وكأن في نفسي شيئا ، فلقيت زيد بن أرقم ، فقلت له :

ص: 30

إني سمعت عليا يقول كذا وكذا! قال : فما تنكر؟! قد سمعت رسول الله يقول له ذلك» (1).

وإلا .. وإلا .. إلى غير ذلك مما سيأتي بحول الله وقوته في مباحث حديث الغدير.

مع ابن تيمية :

نعم ، لولا دلالة حديث الغدير على إمامة الأمير عليه الصلاة والسلام ، لم يعترض ذاك الأعرابي على الله ورسوله ، فخرج بذلك عن الإسلام ، ولاقى جزاءه في دار الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ...

ولولا دلالته على إمامة الأمير لما تبع ابن تيمية ذاك الأعرابي الجلف الجاف ، وزعم أن أهل المعرفة بالحديث قد اتفقوا على أن هذا الحديث من الكذب الموضوع.

وقد ظهر أن للحديث طرقا كثيرة ، بعضها صحيح ، ورواته كبار الأئمة والحفاظ والأعلام من أبناء العامة ، فهو حديث معتبر مستفيض.

ثم ذكر وجوها في إبطال الحديث ، كشف بها عن جهله المفرط وتعصبه الشديد ، حتى أعرض عنها بعض أتباعه ، وجعل أهمها :

1 - كون السورة مكية.

2 - كون الآية : (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق ...) من سورة الأنفال ، وهي نازلة ببدر ، قبل قضية غدير خم بسنين.

وهذا نص كلام ابن تيمية المشتمل على المطلبين : 0.

ص: 31


1- مسند أحمد بن حنبل 4 / 370.

«فيقال لهؤلاء الكذابين : أجمع الناس كلهم على أن ما قاله النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بغدير خم كان مرجعه من حجة الوداع ، والشيعة تسلم هذا وتجعل ذلك اليوم عيدا ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، والنبي لم يرجع إلى مكة بعد ذلك ، بل رجع من حجة الوداع إلى المدينة ، وعاش تمام ذي الحجة والمحرم وصفر ، وتوفي في أول ربيع الأول.

وفي هذا الحديث أنه بعد أن قال هذا بغدير خم وشاع في البلاد جاء الحرث وهو بالأبطح ، والأبطح بمكة ، فهذا كذب جاهل لم يعلم متى كانت قصة غدير خم ، فإن هذه السورة - سورة (سأل سائل) - مكية باتفاق أهل العلم ، نزلت بمكة قبل الهجرة ، فهذه نزلت قبل غدير خم بعشر سنين أو أكثر من ذلك ، فكيف نزلت بعده؟!

وأيضا : قوله : (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) في سورة الأنفال ، وقد نزلت ببدر بالاتفاق ، قبل غدير خم بسنين كثيرة ، وأهل التفسير متفقون على أنها نزلت بسبب ما قاله المشركون للنبي قبل الهجرة ، كأبي جهل وأمثاله ...»(1).

أقول :

هذا لفظ ابن تيمية ، وقد أسقط منه مقلده بعضه لوضوح بطلانه وسقوطه ، وحذف منه قوله : «أجمع الناس كلهم» ، وبدل لفظ «الشيعة» ب : «الرافضة» ، وغير ذلك من التصرفات. ة.

ص: 32


1- منهاج السنة 4 / 13 ، الطبعة القديمة.

فكان مما أسقط منه : إن الأبطح بمكة ... فإن هذا جهل من ابن تيمية ، لأن الأبطح في اللغة هو : المسيل الواسع فيه دقاق الحصى ، كما لا يخفى على من راجع الكتب اللغوية من الصحاح والقاموس والنهاية

وغيرها في مادة «بطح» ، قالوا : «ومنه بطحاء مكة».

بل ذكر السمهودي في كتابه في تاريخ المدينة المنورة في بقاعها ما يسمى بالبطحاء (1).

*وأما أن سورة المعارج مكية ، فالجواب :

أولا : إن كونها مكية لا يمنع من كون بعضها مدنيا ، حتى الآيات الأولى ، لوجود نظائر لذلك في القرآن الكريم ، كما هو مذكور في كتب هذا الشأن ، بل تكفي مراجعة كتب التفسير في أوائل السور ، حيث يقولون مثلا : مكية إلا كذا من أولها ، أو الآية الفلانية.

وثانيا : إنه لا مانع من تكرر نزول الآية المباركة ، ولهذا أيضا نظائر في القرآن الكريم ، وقد عقد له باب في كتب علوم القرآن ، مثل الإتقان للحافظ السيوطي.

*وأما أن الآية (وإذ قالوا اللهم ...) مدنية نزلت في واقعة بدر ، فالاعتراض به عجيب جدا ، وقد كان على مقلده أن يسقطه أيضا ، إذ ليس في الرواية عن سفيان بن عيينة ذكر لنزول هذه الآية في قضية غدير خم ، وإنما جاء فيها أن الأعرابي خرج وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ... فما هو وجه الإشكال؟!

هذا ، وقد تعرضنا للجواب عن جميع جهات كلام ابن تيمية في 6.

ص: 33


1- خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى : 246.

الآية في كتابنا الكبير (1).

وبقي شئ :

وهو : أنه إذا كانت الآية (وإذ قالوا اللهم ...) من (سورة الأنفال) ، ونازلة في واقعة بدر ، ولا علاقة لها بقضية الأعرابي المعترض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد واقعة غدير خم ، فلماذا ذكر الحاكم النيسابوري الخبر التالي في تفسير (سورة المعارج) من كتاب التفسير من المستدرك؟!

وهذا نص عبارته :

«تفسير سورة (سأل سائل). بسم الله الرحمن الرحيم : أخبرنا محمد بن علي الشيباني بالكوفة ، ثنا أحمد بن حازم الغفاري ، ثنا عبيد الله ابن موسى ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير : (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج) : ذي الدرجات.

(سأل سائل). قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة ، قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».

ووافقه الذهبي على التصحيح (2). 2.

ص: 34


1- نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 8 / 364 - 381.
2- المستدرك على الصحيحين 2 / 502.

بل إذا رجعت إلى المستدرك في سورة الأنفال ، لا تجد الرواية هناك أصلا ..

وبماذا يجيب ابن تيمية وأتباعه عن هذا الذي فعله الحاكم والذهبي وهما الإمامان الحافظان الكبيران؟!

لا سيما وأن راوي هذا الخبر الصحيح هو سفيان الثوري ، وقد وقع في طريق خبر صحيح آخر في القضية - كما تقدم بالتفصيل - ، والمروي عنه هو سعيد بن جبير ، ولا بد وأنه أخذ الخبر من ابن عباس ، وهو أحد رواة خبر نزول آية (سأل سائل) في قضية غدير خم ... مضافا إلى أن أغلب رواته من الشيعة.

الحقيقة : إن هذا الخبر من جملة الأخبار الصحيحة في نزول (سأل سائل) في قضية غدير خم ، ويشهد بذلك كلام بعض المفسرين بتفسير الآية مع ذكر القضية ، حيث يذكر عن ابن عباس أن السائل للعذاب بعد قضية غدير خم هو «النضر بن الحارث بن كلدة».

ففي تفسير الخطيب الشربيني ما نصه : «اختلف في هذا الداعي ، فقال ابن عباس : هو النضر بن الحارث ، وقيل : الحارث بن النعمان. وذلك أنه لما بلغه قول النبي : من كنت مولاه فعلي مولاه ...» (1).

وفي تفسير القرطبي : «وهو النضر بن الحارث ... قال ابن عباس ومجاهد. وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه ...» (2). 8.

ص: 35


1- السراج المنير في تفسير القرآن الكريم 4 / 380.
2- تفسير القرطبي 18 / 278.

فذكرا قولين ، أحدهما مطابق لرواية الحاكم ، والآخر مطابق لرواية الثعلبي.

وعن تفسير أبي عبيدة الهروي أنه : «جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة» (1).

ومنهم من صحف «الحارث بن النعمان» إلى «النعمان بن المنذر» وهو أيضا عن سفيان الثوري ، وسنده صحيح (2).

ومنهم من صحفه إلى «النعمان بن الحارث» (3).

ومنهم من صحفه إلى «الحارث بن عمرو» (4).

ومنهم من قال : «فقام إليه أعرابي» (5).

ومنهم من قال : «بعض الصحابة» (6).

ومنهم من قال غير ذلك ...

والموضوع بحاجة إلى تحقيق أكثر ليس هذا موضعه ...

لكن الأكثر على أنه «الحارث بن النعمان» كما في تفسير الثعلبي.

وهنا اعترض ابن تيمية قائلا :

«هذا الرجل لا يعرف في الصحابة ، بل هو من جنس الأسماء التي تذكرها الطرقية». 7.

ص: 36


1- الغدير 1 / 239.
2- شواهد التنزيل 2 / 384.
3- شواهد التنزيل 2 / 381.
4- شواهد التنزيل 2 / 382.
5- شواهد التنزيل 2 / 385.
6- حاشية الحفني على الجامع الصغير 2 / 387.

وهو مردود بأن هذا الرجل مرتد برده على الله والرسول ، وكتب الصحابة قد اشترط أصحابها أن يذكروا فيها من مات من الصحابة على الإسلام.

وإن كان ابن تيمية يراه - مع ذلك - مسلما ، فإن كتب الصحابة لم تستوعب كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهم على مسلكهم يعدون بعشرات الآلاف.

هذا موجز الكلام حول نزول الآية في قضية يوم غدير خم ، وبالله التوفيق.

للبحث صلة ...

ص: 37

عدالة الصحابة (1)

الشيخ محمد السند

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد :

فالكلام يقع في عدة مفردات ، منها : مؤدى العدالة المقصودة ، ومنها : دائرة الصحابة المتصفين بذلك ، ومنها : ثمرة القول بذلك ، وهي : حجية أقوالهم وأفعالهم ، ووجوب الاعتقاد بفضيلتهم وموالاتهم.

فإن تحرير المقصود من كل مفردة أمر بالغ الأهمية ، كي يتضح أن الأدلة المعتمدة لكل قول هل هي مثبتة له ، أم إن هناك تباين بين الدليل والمدعى؟

فمثلا يقع الترديد في المراد من العدالة التي تسند ويوصف بها الصحابة أو بعضهم ، فإنها تستعمل بمعنى يمانع إمكان صدور الخطأ أو

ص: 38

المعصية منه ، ولا شك أن هذا المعنى يساوق العصمة!

وكذلك يقع الترديد في المراد من الصحابة ، هل هم الذين اتفقوا على بيعة أبي بكر ، وكان هواهم ورأيهم على ذلك ، أم إنه يشمل من خالف بيعته ولم يبايعه إلى نهاية المطاف؟

فهل دائرة البحث هي في الصحابة والصحبة؟! أم هي في شرعية بيعة السقيفة؟!!

وكذا الترديد في معنى الحجية لقول الصحابي وفعله ، هل هي بمعنى حجية قوله كراو من الرواة وأخبار الآحاد ، وكذا فعله من جهة كونه أحد المتشرعة ، الكاشف فعله عن الحكم المتلقى من الشارع ، فلا موضوعية لقوله وفعله في نفسه؟ ..

أم إن حجية قوله وفعله من باب حجية اجتهاده ، ورأيه كمجتهد قد يصيب وقد يخطئ؟!

وإنه هل يحدد اجتهاده بموازين الاجتهاد ، أم لا ينضبط رأيه بقيود الأدلة والموازين؟!

أم إن حجية قوله وفعله - ولو لبعض الصحابة - هي من باب التفويض له في حق التشريع ، وإنه مشرع يخصص إطلاق وعموم الكتاب والسنة ، وقد ينسخ السنة ويحكم بكون ما يراه من حكم يؤخذ به بمنزلة السنة النبوية في ما لم يأت به الكتاب والسنة ، وعلى ذلك فلا تصدق على مخالفته ومباينته للكتاب والسنة أنها مخالفة ، وأنها رد لهما ، بل هي نسخ أو تقييد وتخصيص لهما؟!

والمتصفح لكلمات القوم يلوح له تراوحها بين هذه الاحتمالات ،

ص: 39

وتقلبها بين هذه الوجوه ، وإليك بعض الكلمات المتعلقة بالبحث :

قال الشريف المرتضى في كتابه الذريعة إلى أصول الشريعة عند رده للتصويب ، وتخطئة الصحابة بعضهم لبعض ، قال : «واعلم أننا أسقطنا بهذا الكلام الذي بيناه إلزام المخالفين لنا في خطأ الصحابة أن يكون موجبا للبراءة بذكر الكبير والصغير الذي هو مذهبهم دون مذهبنا فكأننا قلنا لهم : ما ألزمتمونا إياه لا يلزمنا على مذاهبكم في أن الصغائر تقع محبطة من غير أن يستحق بها الذم وقطع الولاية ، وإذا أردنا أن نجيب بما يستمر على أصولنا ومذاهبنا ، فلا يجوز أن نستعير ما ليس هو من أصولنا.

والجواب الصحيح عن هذه المسألة أن الحق في واحد من هذه المسائل المذكورة ، ومن كان عليه ومهتديا إليه من جملة الصحابة كانوا أقل عددا وأضعف قوة وبطشا ممن كان على خلافه مما هو خطأ ، وإنما لم يظهر النكير عليهم والبراءة منهم تقية وخوفا ونكولا وضعفا.

فأما تعلقهم بولاية بعضهم بعضا مع المخالفة في المذهب ، وأن ذلك يدل على التصويب ، فليس على ما ظنوه ، وذلك أنه لم يول أحد منهم واليا لا شريحا ولا زيدا ولا غيرهما إلا على أن يحكموا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أجمع عليه المسلمون ، ولا يتجاوز الحق في الحوادث ولا يتعداه» (1).

قال ابن السبكي في جمع الجوامع : «الصحابي من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم يرو ولم يطل ، بخلاف التابعي مع الصحابي ، وقيل : يشترطان ، وقيل : أحدهما ، وقيل : الغزو أو سنة .... والأكثر على عدالة 9.

ص: 40


1- الذريعة إلى أصول الشريعة 2 / 767 - 769.

الصحابة ، وقيل : كغيرهم ، وقيل : إلى قتل عثمان ، وقيل : إلا من قاتل عليا» (1).

وشرح ابن المحلى - المتن - القول الثاني : «فيبحث عن العدالة فيهم ، في الرواية والشهادة ، إلا من يكون ظاهر العدالة أو مقطوعها ، كالشيخين».

وشرح القول الثالث : «يبحث عن عدالتهم من حين قتله لوقوع الفتن بينهم من حينئذ وفيهم الممسك عن خوضها».

وشرح القول الرابع : «فهم فساق ، لخروجهم على الإمام الحق ، ورد بأنهم مجتهدون في قتالهم له فلا يأثمون وإن أخطأوا ، بل يؤجرون كما سيأتي في العقائد».

وقال ابن السبكي : «قول الصحابي على صحابي غير حجة وفاقا ، وكذا على غيره ، قال الشيخ الإمام : إلا في الحكم التعبدي ، وفي تقليده قولان لارتفاع الثقة بمذهبه إذ لم يدون ، وقيل : حجة في القياس ، فإن اختلف صحابيان فكدليلين ، وقيل : دونه ، وفي تخصيصه العموم قولان ، وقيل : إن انتشر ، وقيل : إن خالف القياس ، وقيل : إن انضم إليه قياس تقريب ، وقيل : قول الشيخين فقط ، وقيل : الخلفاء الأربعة ، وعن الشافعي إلا عليا» (2).

وقال في مسألة الاجتهاد في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «والأصح أن الاجتهاد جائز في عصره ... وثالثها : بإذنه صريحا ، قيل : أو غير صريح ، ورابعها : للبعيد ، وخامسها : للولاة ، وأنه وقع ... وثالثها (3) : لم يقع للحاضر ، د.

ص: 41


1- حاشية العلامة البناني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 167.
2- حاشية العلامة البناني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 354.
3- هذا التعداد بلحاظ وقوع الاجتهاد ، والتعداد السابق بلحاظ حكم الاجتهاد.

ورابعها : الوقف» (1).

وشرح ابن المحلى ذلك : «وقيل : لا للقدرة على اليقين في الحكم بتلقيه منه ، واعترض بأنه لو كان عنده وحي في ذلك لبلغه للناس ، وقد بنى ابن السبكي وغيره من علماء العامة على جواز الاجتهاد في عصره صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى إبداء الرأي وإن لم يرد نص من الكتاب والسنة في القول المزبور على معتقدهم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنبوة ، فقد قدم ابن السبكي وغيره على ذلك بقوله : والصحيح جواز تجزؤ الاجتهاد ، وجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ووقوعه ، وثالثها في الآراء والحروب فقط ، والصواب أن اجتهاده صلى الله عليه وآله وسلم لا يخطئ».

وشرح ابن المحلى ذلك : «لقوله تعالى : (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) (2) (عفا الله عنك لم أذنت لهم) (3) ..

عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء ، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقه في التخلف عن غزوة تبوك ، ولا يكون العتاب في ما صدر عن وحي ، فيكون عن اجتهاد.

وقيل : يمتنع له ، لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بأن ينتظره ، والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد جزما.

ورد بأن إنزال الوحي ليس في قدرته».

وشرح أن اجتهاده صلى الله عليه وآله وسلم لا يخطئ «تنزيها لمنصب النبوة عن الخطأ في الاجتهاد. 3.

ص: 42


1- حاشية العلامة البناني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 387.
2- سورة الأنفال 8 : 67.
3- سورة التوبة 9 : 43.

وقيل : قد يخطئ ولكن ينبه عليه سريعا ، لما تقدم في الآيتين ، ولبشاعة هذا القول عبر المصنف بالصواب».

والمعروف لدى مفسري العامة ومحدثيهم أن الوحي نزل في موارد بتخطئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصويب رأي عمر - والعياذ بالله تعالى! - منها ما جرى في أسرى بدر -.

وقد رووا في أحاديثهم أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم : لو كان من بعدي نبي لكان

عمر.

ومرادهم من اجتهاده صلى الله عليه وآله وسلم اعتماده على الظن والرأي - والعياذ بالله -.

وقال ابن السبكي : «ونعتقد أن خير الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم : أبو بكر خليفته ، فعمر ، فعثمان ، فعلي ، أمراء المؤمنين ... ونمسك عما جرى بين الصحابة ، ونرى الكل مأجورين» (1).

وشرحه ابن المحلى : «ونمسك عما جرى بين الصحابة من المنازعات والمحاربات ، التي قتل بسببها كثير منهم ، فتلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا ، ونرى الكل مأجورين في ذلك ، لأنه مبني على الاجتهاد في مسألة ظنية ، فيها أجران على اجتهاده وإصابته ، وللمخطئ أجر على اجتهاده».

وقال التفتازاني (2) : «يجب تعظيم الصحابة والكف عن مطاعنهم ، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات ، سيما للمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان ، ومن شهد بدرا وأحدا والحديبية ، فقال : انعقد على علو شأنهم الإجماع ، وشهد بذلك الآيات 3.

ص: 43


1- حاشية العلامة البناني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 422.
2- شرح المقاصد - للتفتازاني - 5 / 303.

الصراح ، والأخبار الصحاح ، وتفاصيلها في كتب الحديث والسير

والمناقب ، ولقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعظيمهم وكف اللسان عن الطعن فيهم ، حيث قال : أكرموا أصحابي فإنهم خياركم ...

وتوقف علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر كان للحزن والكآبة ، وعدم الفراغ للنظر والاجتهاد ، وعن نصرة عثمان بعدم رضاه ، لا برضاه ، ولهذا قال : والله ما قتلت عثمان ، ولا مالأت عليه ، وتوقف في قبول البيعة إعظاما للحادثة ، وإنكارا ، وعن قصاص القتلة لشوكتهم ، أو لأنهم عنده بغاة ، والباغي لا يؤاخذ بما أتلف من الدم والمال عند البعض.

قد استقرت آراء المحققين من علماء الدين على أن البحث عن أحوال الصحابة وما جرى بينهم من الموافقة والمخالفة ليس من العقائد الدينية ، والقواعد الكلامية ، وليس له نفع في الدين ، بل ربما يضر باليقين ، إلا أنهم ذكروا نبذا من ذلك لأمرين :

أحدهما : صون الأذهان السليمة عن التدنس بالعقائد الردية التي توقعها حكايات بعض الروافض ورواياتهم.

ثانيها : ابتناء بعض الأحكام الفقهية في باب البغاة عليها ، إذ ليس في ذلك نصوص يرجع إليها».

وقال في شرح المتن - من توقف علي عليه السلام عن نصرة عثمان - : «وكذا طلحة والزبير ، إلا أن من حضر من وجوه المهاجرين والأنصار أقسموا عليه وناشدوه الله في حفظ بقية الأمة وصيانة دار الهجرة ، إذ قتلة عثمان قصدوا الاستيلاء على المدينة ، والفتك بأهلها ، وكانوا جهلة لا سابقة لهم في الإسلام ، ولا علم لهم بأمر الدين ، ولا صحبة مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبل البيعة».

ص: 44

وقال : إن امتناع جماعة من الصحابة ، كسعد بن أبي وقاص ، وسعيد ابن زيد ، وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن عمر ، وغيرهم ، عن نصرة علي رضي الله عنه والخروج معه إلى الحروب لم يكن عن نزاع منهم في إمامته ، ولا عن إباء عما وجب عليهم من طاعته ، بل لأنه تركهم واختيارهم من غير إلزام على الخروج إلى الحروب ، فاختاروا ذلك بناء على أحاديث رووها ...

وأما في حرب الجمل وحرب صفين وحرب الخوارج ، فالمصيب علي ، لما ثبت له من الإمامة وظهر من التفاوت ، لا كلتا الطائفتين على ما هو رأي المصوبة ، ولا إحداهما من غير تعيين على ما هو رأي بعض المعتزلة ، والمخالفون بغاة لخروجهم على الإمام الحق لشبهة ، لا فسقة أو كفرة على ما يزعم الشيعة جهلا بالفرق بين المخالفة والمحاربة بالتأويل وبدونه ، ولهذا نهى علي عن لعن أهل الشام وقال : إخواننا بغوا علينا. وقد صح رجوع أصحاب الجمل. على أن منا من يقول : إن الحرب لم تقع عن عزيمة ، وإن قصد عائشة لم يكن إلا إصلاح ذات البين».

وقال : «قاتل علي رضي الله عنه ثلاث فرق من المسلمين على ما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين :

فالناكثون : هم الذين نكثوا العهد والبيعة ، وخرجوا إلى البصرة ، مقدمهم طلحة والزبير ، وقاتلوا عليا رضي الله عنه بعسكر مقدمهم عائشة في هودج

على جمل ، أخذ بخطامه كعب بن مسعود ، فسمي ذلك الحرب حرب الجمل.

والمارقون : هم الذين نزعوا اليد عن طاعة علي رضي الله عنه بعدما بايعوه ...

ص: 45

والقاسطون : معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه ، وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة علي رضي الله عنه والدخول تحت طاعته ، ذهابا إلى أنه مالأ على قتل عثمان حيث ترك معاونته ، وجعل قتلته خواصه وبطانته ...

والذي اتفق عليه أهل الحق أن المصيب في جميع ذلك علي رضي الله عنه لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحل والعقد ، وظهر من تفاوت إما بينه وبين المخالفين ، سيما معاوية وأحزابه ، وتكاثر من الأخبار في كون الحق معه ، وما وقع عليه الاتفاق - حتى من الأعداء - إلى أنه أفضل زمانه ، وأنه لا أحق بالإمامة منه.

والمخالفون بغاة ، لخروجهم على الإمام الحق بشبهة ، هي تركه القصاص من قتلة عثمان ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار : «تقتلك الفئة الباغية» وقد قتل يوم صفين على يد أهل الشام ، ولقول علي رضي الله عنه : إخواننا بغوا علينا ، وليسوا كفارا ولا فسقة ولا ظلمة ، لما لهم من التأويل.

وإن كان باطلا ، فغاية الأمر أنهم أخطأوا في الاجتهاد ، وذلك لا يوجب التفسيق ، فضلا عن التكفير ، ولهذا منع علي رضي الله عنه أصحابه من لعن أهل الشام ، وقال : إخواننا بغوا علينا.

كيف؟! وقد صح ندم طلحة والزبير ، وانصراف الزبير عن الحرب ، واشتهر ندم عائشة.

والمحقون من أصحابنا على أن حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين ، بل كانت تهييجا من قتلة عثمان ، حيث صاروا فرقتين ، واختلطوا بالعسكرين ، وأقاموا الحرب خوفا من القصاص ، وقصد عائشة لم يكن إلا إصلاح الطائفتين ، وتسكين الفتنة ، فوقعت في الحرب.

وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة ، ومخالفوه فسقة ،

ص: 46

تمسكا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «حربك يا علي حربي» ، وبأن الطاعة واجبة ، وترك الواجب فسق ، فمن اجتراءاتهم وجهالاتهم ، حيث لم يفرقوا بين ما يكون بتأويل واجتهاد ، وبين ما لا يكون.

نعم ، لو قلنا بكفر الخوارج بناء على تكفيرهم عليا رضي الله عنه لم يبعد ، لكنه بحث آخر.

فإن قيل : لا كلام في أن عليا أعلم وأفضل ، وفي باب الاجتهاد أكمل.

لكن من أين لكم أن اجتهاده في هذه المسألة ، وحكمه بعدم القصاص على الباغي ، أو باشتراط زوال المنعة ، صواب ، واجتهاد القائلين بالوجوب خطأ ، ليصح له مقاتلتهم؟!

وهل هذا إلا كما إذا خرج طائفة على الإمام ، وطلبوا منه الاقتصاص ممن قتل مسلما بالمثقل؟!

قلنا : ليس قطعنا بخطئهم في الاجتهاد عائدا إلى حكم المسألة نفسه ، بل إلى اعتقادهم أن عليا رضي الله عنه يعرف القتلة بأعيانهم ، ويقدر على

الاقتصاص منهم ... وبهذا يظهر فساد ما ذهب إليه عمرو بن عبيدة وواصل بن عطاء ، من أن المصيب إحدى الطائفتين ولا نعلمه على التعيين.

وكذا ما ذهب إليه البعض ، من أن كلتا الطائفين على الصواب بناء على تصويب كل مجتهد ، وذلك لأن الخلاف إنما هو فيما إذا كان كل منهما مجتهدا في الدين على الشرائط المذكورة في الاجتهاد ، لا في كل من يتخيل شبهة واهية ، ويتأول تأويلا فاسدا.

ولهذا ذهب الأكثرون إلى أن أول من بغى في الإسلام معاوية ، لأن قتلة عثمان لم يكونوا بغاة ، بل ظلمة وعتاة ، لعدم الاعتداد بشبهتهم ،

ص: 47

ولأنهم بعد كشف الشبهة أصروا إصرارا واستكبروا استكبارا» (1).

وقال : «فإن قيل : يزعمون أن الوقيعة في الصحابة بالطعن واللعن والتفسيق والتضليل بدعة وضلالة ، وخروج عن مذهب الحق ، والصحابة أنفسهم كانوا يتقاتلون بالسنان ، ويتقاولون باللسان بما يكره ، وذلك وقيعة.

قلنا : مقاولتهم ومخاشنتهم في الكلام كانت محض نسبة إلى الخطأ ، وتقرير على قلة التأمل ، وقصد إلى الرجوع إلى الحق ، ومقاتلتهم كانت لارتفاع التباين ، والعود إلى الألفة والاجتماع بعدما لم يكن طريق سواه.

وبالجملة : فلم يقصدوا إلا الخير والصلاح في الدين.

وأما اليوم ، فلا معنى لبسط اللسان فيهم إلا التهاون بنقلة الدين ، الباذلين أنفسهم وأموالهم في نصرته».

ثم قال : «وأما بعدهم فقد جل المصاب ، وعظم الواقع ، واتسع الخرق على الراقع ، إلا أن السلف بالغوا في مجانبة طريق الضلال خوفا من العاقبة ، ونظرا للمآل.

يعني أن ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ ، والمذكور على ألسنة الثقات ، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق ، وبلغ حد الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد ، والحسد واللداد ، وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات ، إذ ليس كل صحابي معصوما ، ولا كل من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخير موسوما.

إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكروا لها 9.

ص: 48


1- شرح المقاصد 5 / 304 - 309.

محامل وتأويلات بها تليق ، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق ، صونا لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة ، سيما المهاجرين منهم والأنصار ، والمبشرين بالثواب في دار القرار.

وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له من في الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال وتنشق الصخور ، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ومر الدهور ، فلعنة الله على من باشر ، أو رضي ، أو سعى ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم يجوز اللعن على يزيد ، مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد.

قلنا : تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى ، كما هو شعار الروافض على ما يروى في أدعيتهم ، ويجري في أنديتهم.

فرأى المعتنون بأمر الدين إلجام العوام بالكلية طريقا إلى الاقتصاد في الاعتقاد ، وبحيث لا تزل الأقدام عن السواء ، ولا تضل الأفهام بالأهواء ، وإلا فمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق؟! وكيف لا يقع عليهما الاتفاق؟!

وهذا هو السر في ما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال ، وسد طريق لا يؤمن أن يجر إلى الغواية في المآل ، مع علمهم بحقيقة الحال وجلية المقال ، وقد انكشف لنا ذلك حين اضطربت الأحوال ،

ص: 49

واشرأبت الأهوال» (1).

تحليل مفاد هذه المقولة والمسألة

أقول :

لقد أطلنا في نقل عينتين مما ذكره ابن السبكي في كتابه في أصول الفقه ، والتفتازاني في شرح المقاصد في علم الكلام ، لأنهما نموذجان لكلمات أكثرهم في كتب أصول الفقه وعلم الكلام والحديث ، كالذي ذكره النووي في شرحه على صحيح مسلم في باب فضائل الصحابة ، أو ابن حجر العسقلاني في شرحه للبخاري في تلك الأبواب ، أو الإيجي والجرجاني في شرح المواقف ، وما يذكروه في كتب الرجال والتراجم والتواريخ ، وكتب التفسير.

وكلماتهم كما ترى تتراوح بين البحث في عدالة الصحابي ، وبين عصمته عن الخطأ والباطل والضلال ، وإن كانت العصمة عند العامة - في النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء - هي في حدود تبليغ الأحكام والدين ، لا مطلقا ، فكذلك ما يثبتوه للصحابة!

كما إن البحث عن دائرة الصحابة تتراوح بين أقوال لديهم ، من كون الصحابي كل من أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآمن ، أو حدث عنه ، أو نصره وآزره وبقي معه مدة طويلة ، أو الثلة التي أعدت لبيعة السقيفة ، لا مطلق 1.

ص: 50


1- شرح المقاصد 5 / 310 - 311.

المهاجرين والأنصار ، أو هم خصوص الثلاثة أو الأربعة من الخلفاء.

والظاهر أن محور الدائرة هم الثلاثة ، وأما الدوائر الأوسع المحيطة فالحديث عنها يتبع الثلاثة ، كي لا يتصاعد الحديث والطعن عليهم إلى الطعن على الثلاثة.

كما أن الغاية من البحث - أي المفردة الثالثة المقدرة في هذا البحث - هي حجية أقوالهم وأفعالهم وسيرتهم وسنتهم ، فقد يتراءى أنه من باب كاشفيته عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن من تجويزهم لاجتهاد الصحابي في حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، أو قبال النص القرآني أو النبوي بالتأول ، أو أن قول أو فعل الصحابي يخصص إطلاق الكتاب وإطلاق السنة ، أو أن للصحابي الاجتهاد إن لم يكن نص يقتضي أن حجيته ليست من باب الرواية ، بل من باب من له التشريع المفوض له.

وأظهر مما تقدم في ذلك ، تعليلهم لحجية سنة خصوص الشيخين بالحديث الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» (1) ، وما ينسبونه إليه صلى الله عليه وآله وسلم أيضا : «خير أمتي أبو بكر ، ثم عمر» و«ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدم عليه عنده» (2).

وما ينسبونه إليه صلى الله عليه وآله وسلم : «لو كان بعدي نبي لكان عمر» ..

فإن هذا النمط من الاستدلال يعطي تفويض التشريع لهما وإمامتهما في الدين - كما أسموا الثلاثة أئمة الدين - لا لصحبتهما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والرواية عنه كراوين ، ولا كمجتهدين كبقية المجتهدين في الفتيا ، بل

ص: 51


1- رواه الترمذي في المناقب، واَبن ماجة في المقدّمة، واَبن حنبل في مسنده.
2- ويشهد لوضع هذه الأحادیث تأمیر النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم عند وفاته لأُسمامة بن زید علیٰ الجیش الذي فیه ابوبکر وعمر، و غیر ذالك من الوقائع.

كإمامين يسنان ويشرعان في الدين ، ويحتذى بهما إلى يوم القيامة.

فحجية قولهما وفعلهما وسيرتهما - على ذلك - ليس من باب حجية الإخبار كما في الرواة ، ولا من باب حجية فتوى المفتي أو المجتهد غير الملزمة لبقية المجتهدين ، بل اجتهادهما - على ذلك - كاجتهاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الذي قالوا بتجويزه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم - اللازم اتباعه على كل الأمة ، المجتهدين منهم والعوام.

ولذلك يستدل علماء العامة كما قال التفتازاني وغيره : «وأما السنة فقوله عليه السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» دخل في الخطاب علي رضي الله عنه فيكون مأمورا بالاقتداء ، ولا يؤمر الأفضل ولا المساوي بالاقتداء ، سيما عند الشيعة» (1).

مع أنهم يختلفون في حجية اجتهاد صحابي على صحابي آخر ، ولذلك يعدونهما وعثمان أئمة في الدين ، لا صحابة كبقية الصحابة.

وبعبارة أخرى : إن حيثية وجهة الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم غاية ما توجب - على تقدير عدم الموانع المضادة - : الشرف والفضيلة والرواية عنه ، وكذلك البيعة والشورى - على ما يقرر في قول العامة - غاية ما توجب : تولي الأمر وولاية الأمور التنفيذية ، لا التفويض في التشريع ، ولا العصمة من الزلل والخطل ، ولا صلاحية السن في الدين سننا تخلد إلى يوم القيامة.

فهذا النمط من الدعوى في الشيخين ، أو في الثلاثة ، هو صياغة للإمامة بالنص ، ولكون الإمامة عهد من الله ورسوله ، فسيتبين أن العامة 2.

ص: 52


1- شرح المقاصد 5 / 292.

ملجأون فطريا ، وباضطرار الحجة المنطقية العقلية ، إلى تنظير الإمامة المنصوصة ، وإنها عهد إلهي ونبوي ، غاية الأمر أنهم يطبقونه على الثلاثة ، ومنضما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كإمام رابع ، وبعضهم يضيف الحسن ابن علي عليه السلام ، وبعضهم يوسع الدائرة إلى رواد العلماء في علم وعلوم الدين ، وإن اجتهاداتهم لا ترد!

بيان تردد العامة في معنى المسألة :

فالحكم بفضائل الصحابة وفضيلة الصحبة عنوان فضفاض عائم يتردد بين أن تعطى الحجية له كإمام منصوص عليه بالاتباع له ، وإن له تفويض التشريع فيما لا نص له ، أو غير ذلك ، أو الحجية له كمجتهد يجوز عليه الخطأ ، أو كحجية راو بجانب الحظوة بشرف الصحبة ، مع فرض الوفاء بعهدتها من دون تبديل ونكث.

قال ابن السبكي في جمع الجوامع وشارحه ابن المحلى في مسألة الإجماع : وهو اتفاق مجتهدو الأمة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في عصر على أي أمر كان ، فعلم اختصاصه بالمجتهدين ... وعدم انعقاده في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن التابعي المجتهد معتبر معهم - فإن نشأ بعد فعلى الخلاف في انقراض العصر ..

وإن إجماع كل من أهل المدينة النبوية ، وأهل البيت النبوي ، وهم : فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، والخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، والشيخين أبي بكر وعمر ، وأهل الحرمين

مكة والمدينة ... وهو الصحيح في الكل ...

وقيل : إنه في ما قبل الأخيرة من الست حجة ..

ص: 53

أما في الأولى : فلحديث الصحيحين : «إنما المدينة كالكير ، تنفي خبثها وينصع طيبها» ، والخطأ خبث ، فيكون منفيا عن أهلها.

وأجيب بصدوره منهم بلا شك ، لانتفاء عصمتهم ، فيحمل الحديث على أنها في نفسها فاضلة مباركة.

وأما في الثانية : فلقوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1) ، والخطأ رجس ، فيكون منفيا عنهم ، وهم من تقدم ، لما روى الترمذي عن عمر بن أبي سلمة ، أنه لما نزلت هذه الآية لف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليهم كساء ، وقال : «هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» (2).

وروى مسلم عن عائشة ، قالت : خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3).

وأجيب : بمنع أن الخطأ رجس ، والرجس قيل : العذاب ، وقيل : الإثم ، وقيل : كل مستقذر ومستنكر.

وأما في الثالثة : فلقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ» رواه الترمذي وغيره ، وصححه وقال : «الخلافة من بعده ثلاثون ، ثم تكون ملكا» أي : تصير.لم

ص: 54


1- سورة الأحزاب 33 : 33.
2- سنن الترمذي
3- صحيح مسلم

أخرجه أبو حاتم وأحمد في المناقب ، وكانت مدة الأربعة هذه المدة إلا ستة أشهر مدة الحسن بن علي ، فقد حث على اتباعهم ، فينتفي عنهم الخطأ.

وأجيب بمنع انتفائه.

وأما في الرابعة : فلقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ، رواه الترمذي وغيره وحسنه.

أمر بالاقتداء بهما ، فينتفي عنهما الخطأ.

وأجيب بمنع انتفائه» (1).

وعلق البناني على قوله : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» : أخذ من هذا علم الخلفاء في الحديث قبله ، ففيه ما ليس في الذي قبله.

واستفيد منه أيضا كون سيدنا الحسن خليفة ، لتكميله الستة الأشهر الباقية من الثلاثين ، ومن ثم قالوا : إنه آخر الخلفاء الراشدين بنص جده صلى الله عليه وآله وسلم ، ولي الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعة أهل الكوفة ، فأقام فيها ستة أشهر وأياما ثم خلع نفسه رضي الله عنه وسلم الأمر لسيدنا معاوية صونا لدماء

المسلمين ، وذلك مصداق قول جده صلى الله عليه وآله وسلم : «إن ابني هذا سيد ، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».

قال الشهاب : «وقضية اعتبار موافقة سيدنا الحسن للأربعة» ، وعلق البناني على قوله : «الثالثة .. والرابعة» : وأجيب بمنع انتفائه.

لقائل أن يقول : لو اقتصر في الاستدلال في الأولى على قوله : «فقد 0.

ص: 55


1- حاشية العلامة البناني على شرح الجلال - لابن المحلى - على متن جمع الجوامع - لابن السبكي - 2 / 179 - 180.

حث على اتباعهم» وذلك يستلزم أن قولهم حجة ، وإلا لم يصح اتباعهم ، وفي الثانية على قوله : أمر بالاقتداء بهما فدل على أن قوله حجة ، وإلا لم يصح الاقتداء بهما ، لتم الاستدلال ولم يلاقه هذا الجواب ، فأي حاجة إلى اعتبار انتفاء الخطأ في الاستدلال حتى توجه هذا الجواب؟!» (1).

وعلق الشربيني على قول ابن المحلى - الذي تقدم التعليق السابق عليه - : «أي : لأن الحث على اتباعهم لا يستلزم أن قولهم حجة ، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : عليكم بسنتي ... ، و: اقتدوا باللذين ... إنما يدلان على أهلية الأربعة والاثنين لتقليد المقلد لهم ، لا على حجية قولهم على المجتهد ..

ولأنه لو كان قولهم حجة لما جاز الأخذ بقول كل صحابي خالفهم ، وإنه جائز لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : خذوا شطر دينكم عن الحميراء (2) ، فوجب الحمل على تقليد المقلد جمعا بين الأدلة.

كذا في العضد وحاشيته السعدية ، فاندفع ما في الحاشية هنا» (3).

أقول :

من البين الجلي أن حجية قول الأول والثاني ، أو بضميمة الثالث عندهم - بحسب هذه المداولة - مرددة في كلماتهم على الاحتمالات الثلاثة السابقة ، وأن ما ذكره البناني من عدم الحاجة في الحجية لاعتبار انتفاء 0.

ص: 56


1- حاشية العلامة البناني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 180 - 181.
2- مع أن تحريضها على قتل عثمان وخروجها على علي عليه السلام ثابت ومقرر عندهم.
3- تعليق (تقرير) الشربيني على شرح ابن المحلى على متن جمع الجوامع 2 / 180.

الخطأ ناشئ من الغفلة عن اختلاف سنخ الحجية بين الإمام المنصوص عليه ، المعصوم من الخطأ ، وأن إمامته كعهد من الله ورسوله المشار إليه في قوله تعالى : (لا ينال عهدي الظالمين) (1) ، وبين الحجية لفتوى المجتهد ، التي هي على نمطين عندهم أيضا ..

فتارة لا يخطئ وإن كان مدركه ظنيا ، كما تقدم نقله قولهم بذلك الذي ذهبوا إليه في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم - والعياذ بالله -.

وأخرى أن المجتهد يخطئ ، وبناء على التخطئة فلا يلزم حجية قوله مطلقا ، كما أنها لا تشمل المجتهد الآخر.

وإذا انفتح باب الخطأ على الثلاثة فلا عصمة في البين ، ويمكن تطرق المخالفة العلمية أو العملية للأحكام الواقعية.

كما إنه على فرض كون أقوالهم من باب الاجتهاد ، فلا بد من أن تنضبط بموازين الاجتهاد ، لا أن يكون مطلق إبداء الرأي أمام النص اجتهادا بذريعة باب التأويل والتأول ، فهناك حد فاصل بين الاجتهاد وبين مخالفة الكتاب والسنة ، وبين إبداء الرأي وبين الرد على الرسول ، وبين الاجتهاد على الموازين وإن أخطأ وبين الشقاق مع الله ورسوله.

ثم إنه يعزز هذا الترديد عند العامة ما اشترطه عبد الرحمن بن عوف على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الشورى ، قال التفتازاني (2) : «ثم جعلوا الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه وقال : تبايعني على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين ، فقال : على كتاب 8.

ص: 57


1- سورة البقرة 2 : 124.
2- شرح المقاصد 5 / 288.

الله وسنة رسول الله وأجتهد برأيي. ثم قال مثل ذلك لعثمان فأجابه إلى ما دعاه ، وكرر عليهما ثلاث مرات ، فأجابا بالجواب الأول ، فبايع عثمان ...

وقول علي رضي الله عنه : (وأجتهد برأيي) ليس خلافا منه في إمامة الشيخين ، بل ذهابا إلى أنه لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر ، بل عليه اتباع اجتهاده ، وكان من مذهب عثمان وعبد الرحمن أنه يجوز إذا كان الآخر أعلم وأبصر بوجوه المقاييس».

أقول :

لو سلم تأويل التفتازاني لإباء علي عليه السلام لسيرة الشيخين ، وأنه من باب عدم حجية اجتهادهما ، إلا أنه أسقط حجية سيرتهما مطلقا ، ولم يحتمل فيها أنها من باب الرواية لاحتمال اطلاعهما على قول أو فعل للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلع عليه غيرهما.

وبعبارة أخرى : مدعى العامة في حجية قولهما وسيرتهما يتردد لديهم كما قدمنا بين ذلك ، فالإعراض عن سيرتهما يعني إسقاط لكل وجوه الحجية المدعاة في سيرة الشيخين ، ولا يفوت الباحث تذكر امتناع علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر مع موقفه يوم الشورى هذا.

ثم إن هذا التوجيه من التفتازاني يناقض ما قدمنا نقله عنه ، من دخول علي عليه السلام في الخطاب المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ، وأنه مأمورا بالاقتداء بهما (1).

فإذا كان حجية قولهما من باب الاجتهاد ، فكيف يجعل الأمر بالاقتداء 2.

ص: 58


1- شرح المقاصد 5 / 292.

بهما دال على إمامتهما للناس؟! بل اللازم أن يكون الأمر المزبور - على تقدير صدق النسبة - محمول على حجية فتوى المجتهد ، لا على كونه عهد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم على إمامتهما.

وإذا حمله على الإمامة ، فكيف يخالف علي عليه السلام ذلك؟! فيدل إسقاطه لحجية قولهما على وضع هذا الحديث ، وتدليس نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونحو هذا الحديث بقية الأحاديث المدعاة من هذا النمط.

الخدشة في أدلة المسألة عند العامة :

ويشهد للوضع - لجملة هذه الأحاديث - أنه لو قدر صدورها فكيف لم يحتج بها أصحاب بيعة السقيفة على علي عليه السلام وجماعته الذين امتنعوا من

البيعة؟!

كما لم يحتج بها عبد الرحمن بن عوف على علي عليه السلام يوم الشورى عندما أبى علي عليه السلام من اتباع سيرة الشيخين ، وأبى مشارطة عبد الرحمن ابن عوف على ذلك؟!

وأحسب أن سبب وقوع التفتازاني وأمثاله في مثل هذه التوجيهات المتدافعة ، إما إلى إبهام تباين معاني الحجية لديهم وعدم تفرقتهم بين الإمامة في الدين كعهد من الله ورسوله ، وبين حجية فتوى المجتهد ، وبين حجية إخبار الراوي ..

ويومئ إلى هذا الاحتمال ذهابهم إلى اجتهاد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في الدين والحكم - مع أنه سيأتي بطلان هذه المزعمة بشهادة الآيات القرآنية - ، فإنه - كما سيتضح - يؤول إلى نقص في معرفة حقيقة النبوة والرسالة ..

ص: 59

وإما إلى تورطهم في شباك مثل هذه الأحاديث الآحاد في قبال الشواهد التاريخية القطعية والأحاديث المتواترة الأخرى ، مضافا إلى الدأب على الجري على معتقد الآباء!

والمهم : التنبيه على عدم تلاءم تعليلاتهم المختلفة لحجية قول الشيخين ، أو الثلاثة ، ولا تفسيراتهم ، لمخالفاتهم لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، سواء في حياته أو بعدها ، إذ كونهما ذوا امتيازات للإمامة العهدية الإلهية ، لا يلتئم مع تعليلهم أنهما مجتهدان بحسب ما توصل إليه ، وأن لهما التأول في خطابات القرآن والسنة ، وأن فعلهما وقولهما حجة لأنه يكشف عن اطلاعهم على قول أو فعل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم نطلع عليه ولم يصل إلينا.

ثم إنه كيف يجمعون بين مسألة حجية قول الصحابة وفعلهم ، وبين مسألة حرمة التفتيش عن أحوال الصحابة والفتن التي وقعت بينهم والمقاتلة وترك الخوض فيها؟!

فإن هذه الحرمة وهذا المنع يتدافع مع الحجية من جهات عديدة ، ويتناقض ويتقاطع معها بأي معنى كان من معاني الحجية بني عليه! ولتبيين هذا التدافع ، تأمل الاعتقاد برسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وقوله تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (1) فإنه قد جهد المسلمون جهدهم في استقصاء أفعاله وأقواله ، وسيرته وغزواته ، وحركاته وسكناته ، وصلحه وحربه ، ومودته مع من ، وعدائه مع من ، ورحمه وأهله وعشيرته وولده وزوجاته ، واحتجاجاته ، وصفاته ، وكل صغيرة وكبيرة مرتبطة بوجوده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم .. كل ذلك لتقام الحجة في أقواله وأفعاله ، 1.

ص: 60


1- سورة الأحزاب 33 : 21.

وتبلغ مسامع المكلفين ، ويأخذوا بهدي شريعته ، وإلا فكيف تبلغ الحجة مع وتبلغ مسامع المكلفين ويأخذوا بهدي شريعته ، وإلا فكيف تبلغ الحجة مع انقطاع وإبهام الحال انقطاع الخبر وإبهام الحال؟!

فالحال في حجية أقوال وأفعال الصحابة وسيرتهم لا بد في تحققها من دراسة سيرتهم وحياتهم وأقوالهم ، لا سيما وأن ما جرى من الفتن بينهم واقع في المسائل الدينية وما يرتبط بالشرع ، سواء في المسائل الفرعية أو الأصولية المرتبطة بالإمامة والحكم وحفظ الدين وإحراز السنة النبوية وتفسير الكتاب ، وبدعية بعض الأفعال من رأس أو ركنيتها في الدين ، والإقامة على العديد من السنن المقترحة وجعلها معالما للدين.

ولقد كان الاختلاف بينهم والتضليل إلى حد المقاتلة ، وهي تعني استباحة كل طرف دم الطرف الآخر ، فكل طرف يرى الطرف الآخر مقيم على أمر وحال يبيح معه دمه ، فإذا كان زعم العامة أنه لا بد من ترك الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة ، حفظا لحرمة الصحابة وتعظيما وتجليلا لصحبتهم ، فهذا الخطب أولى الناس بمراعاته - في ما بينهم - الصحابة أنفسهم ، لا الانتهاء إلى نقيض ذلك من استباحة دم الطرف الآخر.

فليس إلا أن الخطب جليل ، أحبط في نظر الطرف الأول ما للطرف الآخر من أعمال وسابقة ، وانتفت حرمته إلى استباحة دمه!

فمع كل ذلك ، كيف يسوغ لنا الاحتجاج بأقوال وأفعال كل من المصيب والخاطئ ، والمحق والمبطل ، والهادي والضال ، والمستقيم الموفي لما عاهد عليه الله ورسوله ، والمبدل الناكث لما عاهد؟!

وهل هذا إلا جمع بين المتناقضين ، وقلة الحرج في الدين ، وتهوين لأمر الدين؟!

وقول التفتازاني وغيره المتقدم : «إن مقاتلتهم كانت لارتفاع التباين

ص: 61

والعود إلى الألفة والاجتماع بعدما لم يكن طريق سواه. وبالجملة : فلم يقصدوا إلا الخير والصلاح في الدين. وأما اليوم ، فلا معنى لبسط اللسان فيهم إلا التهاون بنقلة الدين ، الباذلين أنفسهم وأموالهم في نصرته».

نعم ، كانت لارتفاع التباين والعود إلى ... ولكنها تقتضي مدافعة الطرف الآخر ولو بإراقة دمه واستباحته ، لإقامته على المنكر والباطل ، فهذا يبرهن على المباينة في سيرتهم وأقوالهم ودعوتهم.

وعلى تقدير وجود قصد الصلاح في الدين في كل من الطرفين ، فهذا لا يبرر اتباع الطرف المقيم على المنكر والباطل ، ومجرد حسن النية - على تقدير التسليم به - لا يدلل على سلامة النهج ، ولا يرفع التباين بين السيرتين والقولين - وقد أقر بذلك - ، فكيف يتصف بالحجية كلا الطرفين المتباينين وهو ممتنع ، فلا بد من الفحص عن المحق الهادي إلى سواء السبيل ، قال تعالى (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (1).

وبعبارة أخرى : إن حجية أقوال وأفعال الصحابة أو الثلة منهم ، إما أن تكون من باب الإمامة المنصوصة من الله ورسوله ، ومن الواضح أنه مع التباين بينهم لا يمكن أن يكون كلا الطرفين منصوص عليه بالإمامة ..

وإما من باب حجية قول المجتهد وفتواه ، لكونه من أهل الخبرة ، فمن الواضح أيضا أنه مع الاختلاف والتقاطع لا بد من اتباع الأعلم والواجد للشرائط المؤهلة - وبنحو الوفور التام - دون غيره ..

وإما من باب حجية المخبر في أخباره ، أي حجية رواية الراوي 5.

ص: 62


1- سورة يونس 10 : 35.

الثقة ، وهذا أيضا يوجب علينا إحراز صفة الوثاقة والعدالة عند أحد المتنازعين ، لا سيما وأن النزاع مستفحل شديد قد وصل إلى استباحة الدم.

الأحاديث النافية للمسألة :

ثم إنه يكفي الباحث نظرة في كتاب الفتن من الصحاح لديهم ، كي يصل إلى هذه النتيجة من لزوم التمحيص والفحص عن الطرف المحق - في الصحابة - من الطرف المبطل ..

* فقد روى البخاري في الباب الأول من كتاب الفتن ، عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن معي رجال منكم ، ثم ليختلجن دوني ، فأقول : يا رب! أصحابي؟! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).

فهذا دال على إحداث من بعض الصحابة بعده ، وظاهر الحديث أن هؤلاء الصحابة ممن كانوا قد استمعوا خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لاستعماله كاف الخطاب.

* وروى البخاري عن سهل بن سعد ، أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إني فرطكم على الحوض ، من مر علي شرب ، ومن شرب منه لم يظمأ أبدا ، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم» ، وزاد أبو سعيد الخدري : «فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول : سحقا سحقا لمن غير بعدي» (2). 3.

ص: 63


1- صحيح البخاري 8 / 214 ح 157 ، وانظر : فتح الباري 11 / 566 ح 6576.
2- صحيح البخاري 8 / 216 ح 164 ، وانظر : فتح الباري 11 / 567 ح 6583.

وهذا الحديث - أيضا - دال على تبديل بعض الصحابة بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، وظاهر الحديث هو كون صحبة هؤلاء الصحابة - المعنيين بالحديث - كانت وثيقة به صلى الله عليه وآله وسلم ، ومعرفته وطيدة بهم ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «أعرفهم ويعرفوني».

أقول :

كيف تلتئم هذه الأحاديث مع ما يزعمونه من حديث «أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم»؟! إلا أن يكون في الحديث سقط أسقط!!

* ويروي في الباب الثاني عن عبد الله ، قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله : إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ...» .. الحديث (1).

وهذا الحديث يدل على وقوع أثرة وحرص على طلب الدنيا ، وكذا وقوع الأمور المنكرة بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، قال تعالى : (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) (2). وستأتي الإشارة في سورة الفتح إلى ذلك ، في من بايع بيعة الرضوان.

* وروى في الباب السادس ، أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل وهو يقول : لا إله إلا الله ، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟! ماذا أنزل من الخزائن؟! من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه -؟! كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة!»(3).2.

ص: 64


1- صحيح البخاري 9 / 84 ح 4 ، وانظر : فتح الباري 13 / 5 ح 7052.
2- سورة آل عمران 3 : 144.
3- صحيح البخاري 7 / 279 ح 62.

ففي شرح ابن حجر العسقلاني على الحديث قال : قال ابن بطال : «قرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزول الخزائن بالفتنة إشارة إلى أنها تسبب عنها ، وإلى أن القصد في الأمر خير من الإكثار وأسلم من الفتنة ...» (1).

أي أن الفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال ، بأن يتنافس فيه فيقع القتال بسببه ، وأن يبخل به فيمنع الحق ، أو يبطر صاحبه فيسرف ، فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحذير أزواجه من ذلك كله.

أقول :

وستأتي الإشارة في سورة الأنفال وغيرها إلى أن غرض وغاية جمع من الصحابة في غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو عرض الحياة الدنيا ومتاعها من الغنائم ، فضلا عن الفتوحات التي وقعت بعده ، ويكفيك لإثبات ذلك رصد ما ترك العديد من الصحابة من أموال وثروات طائلة عند موتهم.

* وروى في الباب الثامن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (2).

* وروى في الباب الثامن عشر عن أبي بكرة ، قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام الجمل ، بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم ، قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى ، قال : «لن يفلح قوم ولوا أمرهم 9.

ص: 65


1- فتح الباري 10 / 372 ح 5844.
2- صحيح البخاري 6 / 14 ذ ح 395 وح 397 ، أنظر : فتح الباري 8 / 135 ح 4405 وج 12 / 235 ح 6869.

امرأة» (1).

* وروى عن الأسدي ، قال : «لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة ، فصعد المنبر ، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه ، وقام عمار أسفل من الحسن ، فاجتمعنا إليه ، فسمعت عمارا يقول : إن عائشة قد سارت إلى البصرة ، ووالله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي؟!» (2).

أقول :

وستأتي الإشارة في سورة الأحزاب إلى أمر نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقر في البيوت.

* وروى في الباب الواحد والعشرين عن حذيفة بن اليمان ، قال : « إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون» (3).

فيا ترى إلى من يشير حذيفة؟! وما هو السبب في حرية الأجواء السياسية للمنافقين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى صاروا يجهرون آمنين على

أنفسهم بينما كانوا في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم متسترين خائفين؟!

* وروى مسلم في صحيحه ، في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، 3.

ص: 66


1- صحيح البخاري 6 / 27 ح 417 وج 9 / 100 ح 47 ، وانظر : فتح الباري 8 / 160 ح 4425 وج 13 / 67 ح 7099.
2- صحيح البخاري 9 / 100 ح 48 ، وانظر : فتح الباري 13 / 67 ح 7100.
3- صحيح البخاري 9 / 104 ح 57 ، وانظر : فتح الباري 13 / 86 ح 7113.

عن قيس ، قال : قلت لعمار : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي ، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : في أصحابي اثنا عشر منافقا ، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة ، وأربعة لم أحفظ» (1).

وعمار رضي الله عنه يشير هنا إلى أن النصوص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام ليست خفية ، خاصة عندنا - أي الصحابة - ، بل هي منتشرة عند الناس ، من حديث الغدير وغيره ، وكان سبب توليه لعلي عليه السلام من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، من يوم السقيفة إلى يوم قتل عثمان - فقد صنف عمار في من دبر ذلك ، كما ذكرت ذلك كتب التواريخ - ، إلى يوم الجمل وصفين.

وصريح الحديث الذي يرويه عمار عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أن في خاصة الصحابة اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ، وأن عمارا رأى هؤلاء الاثني عشر في من ناوأ وعادى عليا عليه السلام.

ثم إن هذا الحديث صريح في أن ما أتى به الصحابة الذين تولوا عليا وناصروه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى استشهاده عليه السلام كان بتصريح ونص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبنفاق مناوئيه وأعدائه ، ولم يكن باجتهاد رأي رأوه كما يقول بذلك علماء العامة في حكمهم بعدالة الصحابة الذين ناوؤا الإمام عليا عليه السلام.

وقد روى مسلم هذا الحديث بطريق آخر فلاحظ (2). 3.

ص: 67


1- صحيح مسلم 8 / 122.
2- صحيح مسلم 8 / 122 - 123.

* وروى عن أبي الطفيل ، قال : كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ قال : فقال له القوم : أخبره إذ سألك! قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر ، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر ، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وعذر ثلاثة قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا علمنا بما أراد القوم ، وقد كان في حرة فمشى فقال : «إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد» فوجد قوما قد سبقوه فلعنهم يومئذ (1).

والمراد بالعقبة عقبة على طريق تبوك التي اجتمعت تلك العدة للغدر والفتك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك ، وقد أشار الله تعالى إليها في سورة التوبة ، ومن الملاحظ أن السائل من تلك العدة التي تقطن المدينة دار الهجرة ، وأنهم لم يكونوا ظاهري النفاق عند الجميع ، ولاحظ كتب التاريخ في معرفة السائل الذي سأل حذيفة عن تلك العدة.

* وروى مسلم - بعد باب خصال المنافق - بابا في أن حب الأنصار وعلي عليه السلام من علامات الإيمان وبغضهم من علامات النفاق ، فعن زر ، قال : قال علي : «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق» (2).

للبحث صلة ... 1.

ص: 68


1- صحيح مسلم 8 / 123.
2- صحيح مسلم 1 / 61.

السنة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (3)

السيد علي الشهرستاني

سبق أن بينا وضع الجزيرة العربية وحالة الحضارات

المجاورة لها ،

وكيفية تعامل العرب مع أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل

البعثة ، حتى وصل بنا

البحث إلى الكلام على المرحلة الثالثة ، وهي «حديث رسول الله في الفترة

من 13 - 40 ه» وقد أشرنا فيه إلى ما جاء عن أبي بكر في منع تدوين

الحديث ، وقد آن الأوان كي نبحث مؤثرات هذا العهد وما أسس فيه من

أصول ومبان فكرية انعكست على الحديث النبوي والتاريخ الإسلامي ، والتي

ظهرت كنصوص حديثية وأصول فقهية وعقائد إسلامية بامتداد الزمان.

المباني الفكرية في هذا العهد

وبما أن بحثنا يدور حول «التأصيل» ، فمن الجدير ذكره هنا أن نرى الخلفيات الثقافية والمباني الارتكازية ، التي كانت بمثابة الأرضية التي سوغت لأبي بكر الإقدام على نشر أفكار وأسس خاصة ، واتخاذ إجراءات لم تكن في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كان من جملتها إقدامه على منع التدوين

ص: 69

والتحديث!!

إذ كيف تمكن من هذا المنع؟!

وكيف استطاع ترسيخ مرتئياته وبثها بين المسلمين؟!

وما هي الأصول التي اعتمدها لإقناع أكبر عدد من المسلمين بذلك؟!

ثم ما هي العقلية التي كان يحملها قبل الإسلام؟! ومدى تأثيرها على بناه الفكرية من بعد؟!

قلنا :

إن الحالة الثقافية لأي مجتمع من المجتمعات لا بد أن تترك بصماتها وآثارها على أفراد المجتمع ، سلبا أو إيجابا ، خصوصا مع ملاحظة تاريخ تلك الشخصية وموقعها في ذلك المجتمع ، وما مرت به من أدوار ، وما كانت تفتخر به أو يفتخر لها به من مميزات في ذلك العصر.

ومن هذا المنطلق فرض البحث علينا أن ندرس المؤثرات التي انجرت من العصر الجاهلي إلى ما بعده ، وكيف تطورت بلباسها الجديد ممتزجة مع الحالة الإسلامية الجديدة التي خلقها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى أصبحت شريحة كبيرة من المجتمع تعيش حالة ازدواجية وارتباك - في هذا العصر - وتأرجح بين الموروث الجاهلي وبين الجديد الإسلامي المحمدي ، وذلك ما ظهر واضحا بعد غياب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة!

إذ وجد هناك منهجان للصحابة :

أحدهما : يتخذ مواقفه من الأصول.

والآخر : يرسم الأصول طبق المواقف.

بمعنى : أن هناك من يعد كلام الله ورسوله أصلين أساسيين في

ص: 70

التشريع ، فهم يأخذون أحكامهم منهما ، ولا يتحركون إلا في الإطار الذي رسماه للمسلمين.

وهناك من صار يضيف إلى سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيرة كبار الصحابة ، ويتخذها أصلا ثالثا يحتذى به - مع الكتاب والسنة - ويسير على طبقه ، وقد كنا سمينا الأول منهما بالمتعبدين ، والثاني بالمجتهدين.

وبتقريب آخر : إن سيرة الإنسان المسلم ومنهجه قد يتخذان ويرسمان من منهج إسلامي محدد ، فيكون المكلف متعبدا بتلك النصوص ، ويمنهج سيرته على طبقه ، ولا يرى لنفسه الاجتهاد قباله ، فهؤلاء هم المطيعون لأوامر الله والرسول ، المنتهون عن نواهيهما ، وهم الذين وصفهم الباري ب : (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (1) وهم الذين قال تعالى عنهم أنهم : (لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (2) ، فأول هؤلاء يقتفي أثره آخرهم ، ولا يلحظ في سيرتهم الاختلاف المبدئي والتضاد في المنهج والموقف ، وذلك لتعبدهم بمنهج محدد مرسوم من قبل الله ورسوله.

وهناك قسم آخر يسمح لنفسه بالاجتهاد قبال النص ، ويذهب إلى شرعية القول بالمصلحة مثلا ، ومن الطبيعي أن يختلف هؤلاء في المواقف والآراء ، طبقا لاختلاف وجهات النظر عندهم.

والأنكى من هذا أنهم - وكما ألمحنا - قد جعلوا هذه المواقف أصولا شرعية لاحقا ، بسبب ذهاب فلان إلى الرأي الفلاني ، مع عدم اعتقادهم بعصمته ، أي أنهم شرعوا تعددية الرأي والأخذ بقول الرجال إلى جانب 5.

ص: 71


1- سورة الأحزاب 33 : 36.
2- سورة النساء 4 : 65.

السنة النبوية ، مع علمهم بعدم أهليتهم للتشريع وأنهم عرضة للخطأ والصواب.

ولنمثل للقسم الأول بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي كان عبدا لله قبل أن يكون رسوله ، لقوله تعالى : (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) (1) ، و (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) (2) ، فكان صلى الله عليه وآله وسلم لا (ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (3) ، ولا يفتي من قبل نفسه ، ولا يرتضى تغيير الأحكام لهوى الناس ، بل كان صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر مجئ الوحي لكي يخبره بجواب القضية المستحدثة ، وقد ظل صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر أو سبعة ينتظر الوحي كي يسمح له أن يحول القبلة إلى المسجد الحرام ، حتى نزل عليه قوله تعالى : (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها) (4).

ومثله الحال بالنسبة إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام ، الذي نهوا عن الرأي ، واتخذوا النصوص منهجا في الحياة ، وكانوا وما زالوا على كلمة واحدة ، يقولون : «إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ، ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما يكنز هؤلاء ذهبهم وورقهم» (5).

وقولهم : «إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا حذو القذة بالقذة» (6). م.

ص: 72


1- سورة مريم 19 : 30.
2- سورة الفرقان 25 : 1.
3- سورة النجم 53 : 3 و 4.
4- سورة البقرة 2 : 144.
5- الاختصاص : 280 عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام.
6- الإرشاد 2 / 276 ، الاختصاص : 279 عن الإمام أبي الحسن علي الرضا عليه السلام.

وقولهم : «حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل» (1) وما شابه ذلك من النصوص.

وأما دعاة المصلحة والاجتهاد ، فكانوا يعدون مواقف الخلفاء - بل كبار الصحابة ، ثم جميعهم - أصولا يحتذى بها مع الكتاب والسنة ، مع الاعتقاد - قولا - بعدم عصمتهم!!

أي إنهم أخذوا يتعاملون - فعلا - مع مواقف هؤلاء كأنها مواقف المعصوم ، بدءا من متابعة بعضهم لأبي بكر في آرائه ومواقفه ، وتطورا مع تشريعهم الأخذ بسيرة الشيخين في يوم الشورى ، وختما بما طرحوه من أصول وأفكار - أقل ما يقال فيها إنها متطرفة - في العصرين الأموي والعباسي ، مثل لزوم اتباع السلطان وإن ضرب ظهرك ، وكصوافي الأمراء ، و ...

نعم ، إنهم لتصحيح ما شرعوه من قبل ، وفي يوم الشورى ، وضعوا - من بعد - أحاديث في ذلك ، كروايتهم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ، وذهبوا إلى جواز خطأ النبي في الموضوعات الخارجية و ... فلو صح حديث «اقتدوا باللذين ...» وأمثاله فلماذا نرى تخلف كثير من الصحابة عما شرعه الشيخان؟! وتخطئتهم لهما في ما اجتهدوا فيه في بعض الأحيان؟!

ولو صح هذا الحديث فكيف لا يأخذ الصحابة بكلام الرسول في 2.

ص: 73


1- الإرشاد 2 / 186 - 187 عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام ، وانظر : الكافي 1 / 73 ح 152.

الاقتداء بأبي بكر وعمر؟!

ولماذا خالف عمر أبا بكر في مواقفه؟!

ولم خطأ أبو بكر عمر؟!

وكيف يسأل الخليفة الصحابة عن الأحكام لو كان هو الإمام المقتدى؟!

وهكذا الحال بالنسبة إلى الأفكار الأخرى ، إذ وضعوا أحاديث جمة لتصحيحها ، فصار الحديث يوضع أحيانا لتصحيح المواقف!!

نعم ، إن سيرة الشيخين (أبي بكر وعمر) أعقبتها سيرة (أبي بكر وعمر وعثمان) ، ثم سيرة (الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ) ، ثم أحاديث العشرة المبشرة بالجنة ، ثم حديث «أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم» وو ... وهكذا إلى ما لا نهاية للامتداد الاجتهادي المتفاقم بتفاقم الأحداث وتجدد الحوادث!

على أن المتجلي من الأمر هو تركيز الأمويين والعباسيين على سيرة الشيخين أكثر من سيرة عثمان والإمام علي عليه السلام ، أو قل على سيرة باقي الصحابة - على اختلاف مشاربهم ومواقعهم الفقهية والسياسية والاجتماعية - وذلك لأسباب جمة ودواع كثيرة ، نستطيع إجمالها بالقول ب- :

من المعلوم إن ميزان القوى كان يتوزع بعد غياب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين أربع قوى ، هي : قريش ، الأمويون ، الأنصار ، العلويون .. - أو قل : الهاشميون وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام - وقد هيمنت القوة القرشية

بمعاضدة القوة الأموية على السلطة ، فانحسر ظل الكفة العلوية والأنصارية ، وتجمدت - أو كادت - تحت تأثير إبعاد الكفتين الحاكمتين لها.

وقد بقيت هذه الموازنة حاكمة على سيرة المسلمين ، إذ ينعم الأمويون وأعيان قريش بمواقعهم في ظل الحكم القرشي المتمثل بالشيخين ، وهذا ما

ص: 74

جعلهما بمنأى عن نزاعات الطموح القرشي الأموي ، وأورث لهما استتباب الأمور بشكل أيسر بكثير ممن لحقهما في الحكم ، إذ ليس هناك معارض إلا العلويين والأنصار المغلوبين.

فما أن تعالت صرخة أبي سفيان : «أغلبكم على هذا الأمر أذل بيت من قريش وأقلها؟!» (1) ، وما أن دعا عليا للمطالبة بالخلافة وتنحية أبي بكر ، حتى عاد وديعا يتحمل إهانة أبي بكر وصرخاته ، وينعم باحتلال أخيه يزيد وابنه معاوية وغيرهما من الأمويين المناصب المرموقة في الخلافة الجديدة ، مما ضمن للجناح الأموي من الكفة القرشية مطامحه ومطامعه في السلطة والسيادة ، وذلك ما أوقف سيل معارضة أبي سفيان.

إلا أن استفحال التكتل الأموي ، أخاف القوة القرشية فقها وسياسة ، فحدا ذلك - من بعد - بالزعيم القريشي عبد الرحمن بن عوف أن يحدد صلاحيات عثمان الفقهية والسياسية والإدارية ب «سيرة الشيخين» ، باعتبارها - في أحد جوانبها - الممثل الأمثل والضامن الأكيد للهيمنة القرشية ، والرادع القوي عن التطاول الأموي والاختراق العلوي والأنصاري.

إلا أن الجناح الأموي بدأ يعلن استقلاله بالسلطة في الست الأواخر من حكم عثمان ، حين أبعد عثمان الشخصيات القرشية عن مراكز الخلافة أيضا ، مضافا إلى المبعدين العلويين والأنصار الذين كانوا من قبل مهملين معزولين عن أداء أدوارهم ، مستبدلا بهم شخصيات أموية بحتة (2).

وهنا انفرد الجناح الأموي - أو حاول الانفراد - بالسلطة ، فخلق أمامه ع.

ص: 75


1- شرح نهج البلاغة 6 / 40 ، وانظر : أنساب الأشراف 2 / 271 ، الإستيعاب 3 / 974 ، تاريخ الطبري 2 / 237 ، شرح نهج البلاغة 1 / 221.
2- قد وضحنا هذا من قبل في كتابنا وضوء النبي / المدخل. فراجع.

ثلاث جبهات معادية : القرشيون غير الأمويين ، والعلويون ، والأنصار ، وهذا ما جعل سيرة عثمان محط طعنات غير الأمويين جميعا ..

فتعالت الأصوات من عبد الرحمن بن عوف ، وابن العاص ، وعائشة ، كما تعالت من علي والعلويين ، والأنصار ، على حد سواء ، وهذا ما جعل سيرة عثمان أقل تأثيرا وأكثر انكماشا من سيرة الشيخين التي لم تمن بمثل هذه المعارضة الهائلة.

وحينما أراد القرشيون إعادة الأمر إلى حوزتهم ، انفلت زمام الأمور من أيديهم وآل الأمر إلى نصابه ، فقد هرعت الجماهير إلى بيعة علي بن أبي طالب ، وذلك ما ساء القرشيين والأمويين وأضر بمصالحهم ومراكزهم القبلية والمستقبلية التي كانوا يتطلعون إليها.

وقد صرح بذلك الاستياء رؤوس الحراب القرشية والأموية ، ك : عائشة ، وعبيد الله بن عمر ، ومعاوية ، وأضرابهم ، وذلك ما أعاد للجبهة القرشية الأموية قوتها واتحادها مقابل القوة العلوية والأنصارية المتابعة لها.

وما حرب الجمل إلا مثال التحزب القرشي ضد علي ، وما حرب صفين إلا مثال التحزب الأموي ضده ، وما كلا الحزبين إلا مثال للاتحاد القرشي الأموي - صاحب المواقع القوية من قبل - ضد الشق العلوي الأنصاري صاحب المواقع الهشة من قبل (1).

وهذا أيضا جعل سيرة علي بن أبي طالب أقل تأثيرا من سيرة الشيخين عند الأمويين والعباسيين ، وأقل تأثيرا من سيرة عثمان عندهما ي.

ص: 76


1- لو أردت معرفة مدى قرب الأنصار من علي وأهل بيته فقها وسياسة ، يمكنك مراجعة المجلد الثاني من كتابنا وضوء النبي - البحث الروائي - وذلك عند بياننا نسبة الخبر إلى عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري.

معا ، وعند العباسيين بشكل أكبر.

وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فقد بقي فقهه يتيما لم يوصله للمسلمين

إلا أبناؤه وأتباعه والأنصار ، وأغلبهم ليسوا ذوي سلطات ولا قدرات في الخلافتين ، بخلاف الشيخين اللذين حظيت سيرتهما بالتأييد الأموي والعباسي ، وسيرة عثمان التي حظيت بالتأييد الأموي خاصة.

وهكذا كانت حصيلة جعل سيرة الشيخين قسيما لكتاب الله وسنة نبيه ، ومن بعدهما كانت سيرة عثمان أقل شأنا ، ومن بعدهم سيرة علي بن أبي طالب الأقل سهما من الجميع لتضافر الخلفاء ضده ..

هذه العلة وغيرها مما يضيق بشرحها المجال ، هي التي جعلت سيرة الشيخين منهجا للخلفاء في العهدين الأموي والعباسي.

ولو لاحظت كلام معاوية ويزيد وغيرهما من خلفاء بني أمية وبني العباس ، لعرفت أنهم مؤكدون على أثرهما ، متبعون لأمرهما ، غير متناسين لسيرة عثمان!! تاركين سيرة علي!!

فقد جاء في جواب معاوية لمحمد بن أبي بكر قوله : " فكان أبوك وفاروقه أول من ابتز حقه [أي حق علي] وخالفه في أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما ، فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم (1) ..

إلى أن يقول : فخذ حذرك يا بن أبي بكر! وقس شبرك بفترك ، يقصر عنه أن توازي وتساوي من يزن الجبال بحلمه ، لا يلين عنه قسر قناته ، ولا يدرك ذو مقال أناته ، أبوك مهد مهاده ، وبنى ملكه وشاده ، فإن يكن ما ة.

ص: 77


1- قد يومئ قوله هذا إلى : إرادتهم قتله ، كما سنوضحه لاحقا في رقم (6) - تقنين أساليب غير مشروعة / الغيلة.

نحن فيه صوابا ، فأبوك استبد به ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، ولسلمنا إليه ، ولكنا أباك فعل ذلك به من قبلنا ، فأخذنا بمثله ، فعب أباك بما بدا لك ، أو دع ذلك ، والسلام على من أناب» (1).

وروى البلاذري ما كتبه يزيد بن معاوية في جواب عبد الله بن عمر ، لما اعترض عليه بقتل الحسين عليه السلام : «أما بعد ، يا أحمق! فإنا جئنا إلى بيوت مجددة ، وفرش ممهدة ، ووسائد منضدة ، فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا ، وإن يكن الحق لغيرنا فأبوك أول من سن هذا واستأثر بالحق على أهله».

وكمثال تطبيقي على ما قلنا ، نرى أن معاوية ينتهج السياسة نفسها التي انتهجها عمر بن الخطاب في الموالي ، فقد جاء في رسالته إلى زياد بن أبيه : «وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم ، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب ، فإن ذلك خزيهم وذلهم ، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحهم ...».

وهكذا أصبحت سيرة الشيخين سنة تتبع في الحديث (2) والفقه (3)0.

ص: 78


1- جمهرة رسائل العرب 1 / 477 عن مروج الذهب 2 / 600 ، شرح نهج البلاغة 3 / 190.
2- إذ حدد عثمان ومعاوية التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «في ما عمل به على عهد عمر». أنظر : الطبقات الكبرى 2 / 336 ، كنز العمال 1 / 291 ، تاريخ دمشق 3 / 160.
3- فمثلا جاء عن مروان بن الحكم قوله : إن عمر بن الخطاب لما طعن استشارهم في الجد ، فقال : إني رأيت في الجد رأيا ، فإن رأيتم أن تتبعوه فاتبعوه ، فقال عثمان : إن نتبع رأيك فهو رشد ، وإن نتبع رأي الشيخ من قبلك فنعم ذو الرأي كان. أنظر : المستدرك على الصحيحين 4 / 340.

والسياسة (1) و ...

قال المسعودي : وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله في حصره بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم ، ويقول : إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة فتكون واحدة كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار (2).

بعد هذا لا غرابة في أن نقول : إن هناك اتجاها قد حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشرع المواقف ويجعلها أصولا يسار عليها في الحياة بجنب الكتاب والسنة ، وقد اتسع هذا الاتجاه شيئا فشيئا حتى وصل بالأمة إلى أن ترجح قول الخلفاء حتى على قول الله ورسوله ، أو تخصيصهما بفعل الصحابي ، بدعوى أنهم عرفوا ملاكات الأحكام وروح التشريع وما شابه ذلك.

والطريف في الأمر هو أن أنصار هذا الاتجاه وإن كانوا يتخذون مواقف الخلفاء أصولا في الحياة والتشريع ، لكنهم في الوقت نفسه يسمحون لأنفسهم بترجيح رأي أحدهم على الآخر وإن كان بين الرأيين تباينا بينا ، اعتقادا منهم بحجية فعل الجميع ، أو أن كل هذه المواقف صحيحة ، أو ما شاكل ذلك مما صرح به في كتب عقائد وفقه هذه الشريحة من المسلمين.

ولتحقيق ما قلنا من تأثر الخلفاء من أتباع الاجتهاد بالموروث القديم ، وانعكاسه سلبا على الحديث النبوي وسنته الشريفة ، كان لا بد لنا من استعراض في بعض الشواهد الشاخصة في هذا المجال ، لمعرفة مدى قربها 7.

ص: 79


1- كما مر في كلام معاوية ويزيد آنفا.
2- مروج الذهب 3 / 86 ط الميمنية ، وانظر : شرح نهج البلاغة 20 / 147.

أو بعدها عن مواقف وثوابت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيفية الجمع والتفريق بينهما ، وأول شاخص يطالعنا في ذلك هو :

1 - الاهتمام بالحفظ والنسب :

المعروف عن عقلية العرب في الجزيرة أنها كانت تعتمد على حافظتها - في حفظ أشعارها وآثارها ومآثرها - وترغب عن التدوين ، ولا تعتمده ، ومن شواهده أنا نرى وصول جمهرة عظيمة من قصائدهم التي تحمل لغتهم وثقافة حروبهم وصلحهم وجميع جوانب حياتهم ، وفي المقابل نلحظ عدم وصول شئ يوازي ذلك من خطبهم و ... ، وما ذلك إلا لأن الشعر سهل الحفظ والتناول ، بعكس الخطب التي يصعب حفظها ، ولما لم تكن مدونة فقد ضاع أغلبها ولم يصل إلينا إلا النزر اليسير.

وفي هذه الفترة نرى أن أبا بكر كان معدودا من العالمين بأنساب العرب ، لما روته عائشة عن أبيها أنه كان أعلم قريش بأنسابها (1) ، وقال ابن إسحاق في السيرة الكبرى : وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلمهم بما كان منها من خير أو شر (2).

ومما يتبع علم النسب هو السباب ، لأنهم كانوا يتعلمون النسب للمفاخرة والمنافرة وبيان مثالب الآخرين.

قال ابن عبد ربه : كان أبو بكر نسابة ، وكان سعيد بن المسيب نسابة ، 9.

ص: 80


1- الأنساب - للسمعاني - 1 / 22.
2- السير والمغازي : 140. وانظر : الأنساب - للسمعاني - 1 / 22 ح 11 ، والتبيين في أنساب القرشيين : 209.

وقال له رجل : أريد أن تعلمني النسب ، قال : إنما تريد أن تساب الناس (1).

ولذلك كانت قريش حين تسمع أهاجي حسان بن ثابت وما فيها من مثالب تظن تارة أن أبا بكر هو منشئ تلك الأشعار ، ولما عرفت أن حسانا هو شاعرها عرفت أن ذلك جاء بمعونة حافظة أبي بكر للأنساب وإحاطته بالأيام.

قال أبو الفرج : لما أنشدت قريش شعر حسان قالت : إن هذا الشتم ما غاب عنه ابن أبي قحافة (2) ،.

وأخرج ابن عساكر ، عن المقدام ، قال : وكان أبو بكر سبابا (3).

وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق : كان أبو بكر سبابا أو نسابا (4).

ولعل من أسباب نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التعمق في تعلم الأنساب هو العراك والتهاتر الذي ينشأ عنها ، وهو يخالف الخلق الإسلامي الإنساني.

فقد مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوم مجتمعين على رجل ، وهم يقولون : إنه لعالم!

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : وما علمه؟!

قالوا : إنه عالم بأنساب العرب.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هذا علم لا يضر من جهله (5). 3.

ص: 81


1- العقد الفريد 3 / 280.
2- الأغاني 4 / 139.
3- عمدة التحقيق : 35 - طبعة دار الندوة الإسلامية.
4- الصواعق المحرقة : 43 ، تاريخ الخلفاء : 37.
5- جامع بيان العلم وفضله 2 / 29 ، إحياء علوم الدين 1 / 43 ، الأنساب - للسمعاني - 1 / 22 ح 12 و 13 ، إتحاف السادة المتقين 1 / 224 ، كنز العمال 10 / 280 ح 29443.

والذي نريد قوله هنا : إن أبا بكر قد تأثر بالموروث حتى بعد مجئ الإسلام.

فقد روى ابن عبد ربه الأندلسي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن علي ، قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعرض نفسه على القبائل ، خرج مرة وأنا معه وأبو بكر ، حتى رفعنا إلى مجلس من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر فسلم ... فقال : ممن القوم؟

قالوا : من ربيعة.

قال : وأي ربيعة أنتم؟ أمن هامتها أم من لهازمها؟

قالوا : من هامتها العظمى.

قال : وأي هامتها العظمى أنتم؟

قالوا : ذهل الأكبر.

قال أبو بكر : فمنكم عوف بن محلم الذي يقال فيه : «لا حر بوادي عوف»؟!

قالوا : لا.

قال : فمنكم جساس بن مرة ، الحامي الذمار ، والمانع الجار؟!

قالوا : لا.

قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة؟!

قالوا : لا.

قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم؟!

قالوا : لا.

قال أبو بكر : فلستم ذهلا الأكبر ، أنتم ذهل الأصغر!

فقام إليه غلام من شيبان حين بقل وجهه يقال له : دغفل ، فقال : ...

ص: 82

يا هذا! إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا ، فممن الرجل؟

قال أبو بكر : من قريش.

قال : بخ بخ ، أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي قريش أنت؟

قال : من ولد تيم بن مرة.

قال : أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة ، أفمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل فسمي مجمعا؟!

قال : لا.

قال : أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟!

قال : لا.

قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب ، مطعم طير السماء ، الذي وجهه كالقمر في الليلة الظلماء؟!

قال : لا.

قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟!

قال : لا.

قال : فمن أهل السقاية أنت؟!

قال : لا.

فاجتذب أبو بكر زمام الناقة ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... (1).

فانظر إلى أبي بكر كيف يتعامل مع القبائل وهو في موطن الدعوة إلى الإسلام!

ألم يكن المفروض به أن يعرض عليهم الشهادتين وأخلاق الإسلام 8.

ص: 83


1- العقد الفريد 3 / 280 - 281 ، الأنساب - للسمعاني - 1 / 37 - 38.

ومفاهيمه برفق ولين ، لا أن يغالبهم في النسب ويقلل من شأنهم بما يجعل نفوسهم بعيدة عن قبول الدين الجديد؟!

ولهذا التأثير العنيف ، كان من الطبيعي أن تظهر هذه النبرة القديمة في سقيفة بني ساعدة ، فقد طرحت فيها الموازين الموروثة لا الموازين التي جاء بها الإسلام على لسان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم!

فقد قال أبو بكر في خطبته يوم السقيفة :

أيها الناس! نحن المهاجرون أول الناس إسلاما ، وأكرمهم أحسابا ، وأوسطهم دارا ، وأحسنهم وجوها ، وأكثر الناس ولادة في العرب ، وأمسهم برسول الله رحما ... (1).

فكرم الأحساب ، ووسطية الدار ، وحسن الوجوه ، وكثرة العدد ، كانت من المفردات التي احتج بها للخلافة ، وهذه كلها لا تمت إلى الخلافة والأحقية بها بصلة!

واستمرت هذه الخصلة عند أبي بكر حتى في أيام خلافته ، فجعل يسأل الصبيان الذين أتى بهم خالد بن الوليد من عين التمر عن أنسابهم ، فيخبره كل واحد بمبلغ معرفته (2).

نحن لسنا بصدد بيان هذه الأمور بقدر ما يعنينا بيان امتداد هذا النهج بعد الخليفة ، وخصوصا في العهد الأموي ، وعناية الخلفاء بالشعر والأنساب مع مخالفتهم لتدوين الحديث والمغازي!!

إن عناية عرب الجزيرة بالحفظ وترك التدوين كان من جملة الدوافع الرئيسية التي حدت بأبي بكر أن يحرق مدونته ، وبالناس أن يقبلوا بحظره 5.

ص: 84


1- العقد الفريد 5 / 12.
2- الأغاني 4 / 5.

على التحديث بحديث رسول الله وتدوينه ، على رغم وقوفهم على أمر القرآن والسنة المباركة بالتحديث والتدوين.

وقد أثر هذا المنع تأثيرا خطيرا على السنة النبوية ، التي ظلت غير مدونة مدة مديدة من الزمن ، فتمهدت الأرضية الخصبة لوضع أحاديث مكذوبة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فيها نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن التدوين لحديثه الشريف!!

كل ذلك تصحيحا لما وقع فيه أبو بكر من خطأ في المنع ، وما حمله هو وآخرون معه من أفكار عن الحفظ وكراهة التدوين ، فجاء عن بعض الصحابة قولهم لبعض التابعين : احفظوا كما كنا نحفظ (1)!!

إن هذه المفردة التي جاهر بها أبو بكر ، كانت من أكبر المؤثرات على السنة النبوية المباركة ، واختلاف النقل فيها ، وضياع كثير من معالمها علينا.

2 - نظرتهم إلى الخلافة والإمامة :

اختلفت النظرة إلى الخلافة والإمامة في صدر الإسلام ، فالتزموها تارة بالبيعة ، وأخرى بالشورى ، وثالثة بالإجماع ، لاغين الوصاية النبوية أو احتمالها من قاموس السقيفة ، مؤكدين على أن الكثرة واتفاق أهل الحل والعقد هما من طرق إثبات شرعية الخلافة ..

وتطور الأمر ونضح الإناء بأخرة فصرح بعضهم بانعقاد الخلافة بمبايعة شخصين ، أو شخص واحد ، مستدلين ببيعة عمر لأبي بكر ، واستفحلت الفكرة حتى صرح بعضهم بانعقاد الخلافة لكل من غلب وتسلط بالسيف والقوة .. 9.

ص: 85


1- قوت القلوب 1 / 159.

إلى غير ذلك من الرؤى التي استلت من بيعة أبي بكر ، وكتابة عثمان خلافة عمر وإقرار أبي بكر لذلك ، واختراع عمر لمبدأ الشورى ..

فكان لا بد من إيجاد المخرج لتصحيح تلك البيعات ، ومن هنا ظهرت الآراء المتضاربة والمتهافتة ، وأثرت حتى اليوم على شرعية وشكلية الحكومة الإسلامية.

لكن الاستدلال بالكثرة غير صحيح عقلا ونقلا ، إذ لو صحت الكثرة دليلا لكان الكفار على حق ، لكونهم أكثر عددا من المؤمنين في صدر الإسلام ، بل في أغلب الأزمان ، حتى صرح القرآن الحكيم بعدم نفع الكثرة قبال القلة المؤمنة ، بقوله : (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) (1) ، وقوله : (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) (2) ، وقوله : (وقليل من عبادي الشكور) (3) ، وقوله : (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (4).

وعليه فمعيار الكثرة والقلة لا يمكن جعله دليلا على المطلوب.

وهكذا الحال بالنسبة إلى اتفاق أهل الحل والعقد ، فهو مردود شرعا وعقلا ، ونحن نترك الجواب عن أمثال هذه رعاية للاختصار.

وعليه : فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إما أن يكون ترك أمر البيعة للناس ، أو أن يكون عين من يخلفه؟!

فإن كان صلى الله عليه وآله وسلم قد تركهم ، فلماذا يعين أبو بكر عمر خلفا له خلافا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! 7.

ص: 86


1- سورة البقرة 2 : 249.
2- سورة الأنعام 6 : 116.
3- سورة سبأ 34 : 13.
4- سورة الأعراف 7 : 187 ، سورة يوسف 12 : 21 ، سورة الروم 30 : 6 ، سورة سبأ 34 : 28 ، سورة غافر 40 : 57.

وإن كان صلى الله عليه وآله وسلم قد عين وصيه ، فكيف يصح أن يقال إنه ترك الأمر

للناس كي ينتخبوا؟!

وهكذا الحال بالنسبة إلى عمر بن الخطاب ، إذ لو كان يؤمن بمبدأ الشورى فلم لا يستجيب لقول الصحابة حينما أشاروا عليه تدوين الحديث (1)؟!

وكيف بعمر يقول : «لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح باقيا استخلفته ووليته ... ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته ... ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته» (2) ، ويقول : «لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته» (3)؟!

بل كيف لنا أن نفهم أبعاد هذا التخليط عند الحكام في صدر الإسلام؟!

فقول عمر : «لو كان سالم مولى أبي حذيفة» لا يتفق مع سياسته نحو الموالي! كما لا يتفق مع احتجاجهم بأن الأئمة من قريش ، وأن قريشا أولى من سائر العرب بقربها من النبي دون سائرهم!!

وهكذا الحال بالنسبة إلى قوله : «لو أدركت معاذ بن جبل» فهو يخالف فكرته وسياسته نحو الأنصار!

وماذا يعني أبو بكر بقوله : «ليتني سألت عن هذا الأمر ، وهل للأنصار فيه نصيب؟» لو لم تكن الخلافة من مهام الرسول؟!

إن المتأمل في كلام الإمام علي وخطبة الزهراء عليهما السلام - وهما من أعلام المتعبدين ، المعارضين للاجتهاد والمصلحة - يعلم بأن الظروف هي التي دعت إلى اختلاف المواقف واختلاق الأصول والمباني عند الصحابة لمصلحة ى.

ص: 87


1- تقييد العلم : 49 ، حجية السنة : 395.
2- الإمامة والسياسة 1 / 42.
3- تاريخ الطبري 2 / 580 حوادث سنة 23 ه - قصة الشورى.

توهموها أو قصر مداها على المصلحة الآنية.

إن الزهراء عليها السلام بخطبتها أرادت التأكيد على إمامة أهل البيت وأحقية علي بن أبي طالب بالخلافة من غيره ، وذلك من خلال طرح المفاهيم والمقاييس الإسلامية الحقة في الخلافة والإمامة ، إذ أنها بعد حمد الله والثناء عليه ، وذكر أبيها محمد بالمجد والجلالة جاءت لتمدح عليا ، وتذكر الناس بمواقفه في الإسلام ، مؤكدة على أن أهل البيت هم الوسيلة في خلقه ، وخاصته ، ومحل قدسه ، وحجته في غيبه ، وورثة أنبيائه ، مذكرة إياهم بحظهم العاثر ، وانقلابهم على أعقابهم ، وإسنادهم الخلافة إلى غير أهلها ، والفتنة التي سقطوا فيها ، والدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب والسنة وتخطي المبادئ الإسلامية في الاستخلاف.

فجاء في جملة كلامها : «وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون ...» فأشارت إلى نفسياتهم ، وأنهم كانوا يرجحون مصالحهم على مصلحة الإسلام والدين ..

ومعنى كلامها عليها السلام أنها أرادت أن تذكر أبا بكر - وغيره - بالتجائه مرة إلى العريش ، وفراره مرة أخرى يوم أحد (1) ، وثالثة بهزيمته - كغيره من

المسلمين - في غزوتي حنين وخيبر (2) ، وتخلفه عن جيش أسامة (3) .. ومثل هذا كان فعل عمر يوم أحد (4) و ...6.

ص: 88


1- أنظر : المستدرك على الصحيحين 3 / 27 ، تفسير ابن كثير 1 / 654 ، شرح نهج البلاغة 13 / 293.
2- أنظر : تاريخ اليعقوبي 2 / 47 ، تاريخ الطبري 3 / 93 - 94 ، الكامل - لابن الأثير - 2 / 219.
3-
4- المغازي - للواقدي - 1 / 237 ، السير والمغازي - لابن إسحاق - : 330 و 332 ، تاريخ الطبري 2 / 66.

وأما قولها عليها السلام : «تتربصون بنا الدوائر تتوكفون الأخبار ...» فهو اتهام صريح لهم بالتآمر على البيت الهاشمي وجعل نصوص الخلافة وراء ظهورهم ، غير معيرين أي أهمية إلا لأفكارهم في إطاعة أولي الأمر منهم لا الذين فرضهم الله ورسوله.

وكذا قولها عليها السلام : «فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شريككم ، هذا ، والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لما يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ...» ، ففيه تأكيد على وقوعهم في الفتنة ، وانقلابهم على الأعقاب ، وأخذهم بالجاهلية الأولى ، وهو تفسير آخر لقوله تعالى : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ...) (1).

وقد كانت الزهراء عليها السلام قد قالت في خطاب آخر لها وجهته في بيتها إلى نساء المهاجرين والأنصار قائلة : «أما لعمر الله ، لقد لقحت ، فنظرة ريثما تحلب ، ثم احتلبوها طلاع القعب دما عبيطا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غب ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة عليكم ...».

ولعل قولها عليها السلام : «يعرف التالون غب ما أسس الأولون» يكاد يكون أصرح من الصريح في ما نحن بصدده من تأصل الأصول من خلال المواقف ، وطرح الأصول الإسلامية جانبا لنفس السبب ، وذلك ما يجر الويلات ويؤثر على الأصعدة كافة ، ومنها حديث الرسول وسنته ، فقد نالهما قسط وافر من الضياع والتغيير ، الذي تأزم فظهر غبه شيئا فشيئا ، وازدادت 4.

ص: 89


1- سورة آل عمران 3 : 144.

وخامة عواقبه إلى حد يصعب معه تدارك الموقف ، واستخلاص الصحيح من السقيم المعوج.

وهو معنى آخر لكلام الإمام علي عليه السلام في خطبته الشقشقية : «فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس ، وتلون واعتراض ...» (1).

فها هم اليوم قد انقلبوا على أعقابهم ، واستولى عليهم منطق الجاهلية ، إذ قال أحدهم : نحن أهل العزة والمنعة ، وأجابه الآخر : من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟! وكانوا قد أسقطوا الكتاب والسنة من مقاييسهم في يوم السقيفة.

نعم ، إن الحزب القرشي قد استفاد من الذهنية الجاهلية لتطبيق الخلافة والحكم ، ولهذا رأينا النزاع يدور حول أولوية الأنصار بالخلافة من المهاجرين أو العكس ، ولم يلحظ في نزاعهم تحكيم معايير الإسلام ، كالعلم والتقوى والجهاد وغيرها من أصول التفاضل القرآني.

إذا فمسألة فدك - في أحد أبعادها - ليست مسألة ميراث ونحلة فقط ، بقدر ما هي مسألة شرعية خلافة أو التشكيك فيها ، لأن قريشا كانت تحلم بهذه الخلافة وكان رؤساؤها يعترضون بين الفينة والأخرى على تنصيب الرسول لهذا أو ذاك ، فجاء عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الذين شككوا في إمارة أسامة : «قد بلغني أن قوما يقولون في إمارة أسامة ، ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله ، وإن كان أبوه لخليقا للإمارة ، وإنه لخليق ، فأنفذوا بعث أسامة» (2).

وقد اعترف عمر بن الخطاب بأن رسول الله أراد أن يصرح - متجاهلا 9.

ص: 90


1- لو أردت المزيد فيمكنك مراجعة كتابنا منع تدوين الحديث : 242 وما بعدها.
2- تاريخ الطبري 2 / 431 ، الطبقات الكبرى 2 / 349.

أنه صرح مرارا - باسم من يخلفه «فمنعته من ذلك» (1).

فالمسألة بنظر الزهراء عليها السلام مسألة إسلام وجاهلية ، ونص وشورى ،

وإيمان ونفاق ، وأخذ بأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطرح لها ، وإن أخذت في ساذج ظاهرها صورة مالية ومذهبا اقتصاديا.

3 - القوة هي المعيار في التولية لا الأهلية والتقوى :

ليس ثمة شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يولي الولاة - الإداريين

والعسكريين - وفق كفاءاتهم في المجال المبعوثين فيه ، مفترضا فيهم النزاهة الدينية والتقوى ، فما أن يظهر من أحد منهم ما يخالف مبادئ الإسلام إلا ويعزله صلى الله عليه وآله وسلم ويتدارك ما فرط فيه من أعمال سلبية ، وهو صلى الله عليه وآله وسلم بذلك قمع الروح العدوانية الجاهلية.

إلا أن ما حصل بعد غياب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان ينبئ عن حقيقة مأساوية ، مختصرها أن «الغاية تبرر الوسيلة» وأن الأولى بالولاية أقدرهم على قمع الخصوم ، ومن ثم تتويجه بألقاب تضفي عليه طابع التقوى والشرعية وإن كان لا يملك شيئا منهما ، لأن المهم هو تثبيت قواعد الخلافة ، والأجدر هو الأقدر على تحقيق النصر في ذلك المضمار.

فقد لقب أبو بكر خالدا ب «سيف الله المسلول» وأحاطه بهالة من القدسية حين منحه منحة الاجتهاد قائلا «اجتهد فأخطأ» رغم تعديه على زوجة مالك بن نويرة وهي في العدة ، ومعرفته بموقفه مع بني جذيمة وبراءة رسول الله من فعله لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «اللهم إني أبرأ إليك مما فعله خالد».

وفي الوقت الذي تتوافر الكفاءة في خالد بن سعيد بن العاص ، لا يطيق أبو بكر - مضافا إلى تحريض عمر - ولايته ، لأنه مال في السقيفة إلى 1.

ص: 91


1- شرح نهج البلاغة 12 / 20 - 21.

علي ، وتخلف عن بيعة أبي بكر شهرين (1).

ونظرا لموقف المغيرة بن شعبة يوم السقيفة ودفاعه عن عمر أيام خلافته وتلقيبه له بالفاروق فقد ولاه عمر البصرة ، ولما زنى المغيرة بأم جميل - ذات البعل الثقفي - وتوقف الرجم على تمامية الشهادة بزياد بن أبي سفيان ، ولما أقبل زياد للشهادة لقنه عمر ، وأسمع الحاضرين بقوله : «إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين» أو : «أرى رجلا أرجو أن لا يفضح الله به رجلا من أصحاب رسول الله» (2) فوسمه بوسام «المهاجر» «الصحابي» ، وليس ذلك إلا لمواقفه المفيدة للخلافة الجديدة ، دون مراعاة للتقوى والإيمان والثقة بالله ..

يدلك على ذلك أن عمر لما أراد أن يوليه الكوفة - بعد حادثة البصرة - قال له : إن وليتك الكوفة أتعود إلى شئ مما قرفت به؟ قال : لا (3).

وقد أفصح المغيرة نفسه عن هذه الموازنة التي قلناها حين قدم رجال على عمر يشكون سعد بن أبي وقاص ، فقال : من يعذرني من أهل الكوفة ، إن وليتهم التقي ضعفوه ، وإن وليتهم القوي فجروه.

فقال المغيرة : إن الضعيف له تقواه وعليك ضعفه ، والقوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره.

قال عمر ، صدقت ، فأنت القوي الفاجر ، فاخرج إليهم ، فلم يزل عليهم أيام عمر (4).

ومن هذا المنطلق نفسه رأينا عمر يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : 2.

ص: 92


1- الكامل في التاريخ 2 / 402.
2- فتوح البلدان - للبلاذري - : 339 - 340 ، الأغاني 16 / 107.
3-
4- أنظر : تاريخ الطبري 2 / 545 ، شرح نهج البلاغة 12 / 22.

«أما والله ليعورن بنو أمية الإسلام ... ثم ليعمينه» (1) ، ثم يولي معاوية الشام ويمنحه لقب «كسرى العرب» (2).

وهذا الكلام نفسه يقال في اعتماد أبي بكر على المثنى بن حارثة الشيباني في حروبه ، مع أن المثنى لا يساوي ولا أقل واحد من أكفاء أصحاب رسول الله ، إيمانا وتقوى وسياسة وشجاعة ، فلماذا التركيز على المثنى دون المقداد والزبير وغيرهما؟!

واضح أن هذا النمط من المنصوبين يخدم أهداف الخلفاء وبالشكل الذي يريدونه ، بعكس أولئك الذين لا يرتضون ما يخالف سيرة النبي وسلوكه في كل الأمور!

بلى ، إن هذه النظرة وأمثالها قد طرحت منذ أيام السقيفة - كما ستقف لاحقا في مكانة الشيخوخة وغيرها عليه - ثم استمرت في العهدين الأموي والعباسي ، إذ جاء في أنساب الأشراف للبلاذري : إن الحسن بن علي كتب إلى معاوية يعلمه أن الناس قد بايعوه بعد أبيه ، ويدعوه إلى طاعته ، فكتب إليه معاوية في جواب ذلك يعلمه أنه لو كان يعلم إنه أقوم بالأمر ، وأحفظ للناس ، وأكيد للعدو ، وأحوط على المسلمين ، وأعلم بالسياسة ، وأقوى على جمع المال منه ، لأجابه إلى ما سأل ، لأنه يراه لكل خير أهلا ..

وقال له في كتابه : إن أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأمركم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3).

للبحث صلة ... 8.

ص: 93


1- الموفقيات : 494 ، شرح نهج البلاغة 12 / 82.
2- أنظر : تاريخ الطبري 6 / 184 ، الإستيعاب 3 / 369 (ط جديدة).
3- أنساب الأشراف 3 / 208.

دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية (4)

السيد ثامر هاشم العميدي

دوره في الحديث الشريف وعلومه

إذا كانت ريادة الشيخ الطوسي في مقام الفقه الإمامي المستنبط واضحة لدى الجميع باعتباره أول من استوعب جميع الطاقات الفقهية السابقة التي تكاد تنحصر بجهود ابن الجنيد ، والمفيد ، والسيد المرتضى رضي الله تعالى عنهم ، وصبها في قالب جديد رائع ، فإن فقهه الروائي لا يقل درجة عن فقهه المستنبط ، فهو رائد الفقهين ، وإن كان الأخير هو السائد قبل عصر الشيخ الطوسي عند جميع فقهاء الإمامية.

ونستطيع أن نتلمس هذا ونحن في دوره في الحديث الشريف وعلومه فضلا عما سيأتي من بيان دوره الفقهي الخالد ، إذ من الواضح أنه لا يمكن الفصل بين الفقه الروائي وما سطره يراع الشيخ في كتابيه التهذيب والاستبصار من آيات الاحتجاج والاستدلال بآلاف الأخبار ، خصوصا في ما يتصل بتأويلاته التي لا زال معظمها معمولا به عند الفقهاء إلى وقتنا الحاضر ، كما تنبئك آثارها الحية الباقية إلى الآن في استدلالات

ص: 94

واحتجاجات الفقهاء المعاصرين.

ولم يكن هذا ليتسنى للشيخ ، لو لم يشبع الأخبار المروية في الفقه الإمامي بحثا وتمحيصا ، بعد أن حصرها - بجميع أقسامها وفروعها الكثيرة - بثلاثة أقسام لا رابع لها ، وهي :

1 - الأخبار المتواترة.

2 - الأخبار المحتفة بالقرائن.

3 - أخبار الآحاد.

وبما أن المتواتر لا نقاش في حجيته ، لكونها ذاتية ، وما كانت حجيته كذلك ، فهو في غنى عن التماس الأدلة على إثبات حجيته ، ولهذا ترى الشيخ قد اكتفى بالقول عن الأخبار المتواترة بأنها موجبة للعلم والعمل ، موليا عنايته بدراسة القسمين الآخرين ، مبينا في ذلك القرائن المحتفة بالخبر بقسميها ، وهما : ما دل منها على صحة الخبر في نفسه ، وما دل منها على صحة متضمنه مفصلا طرق الجمع بين أخبار الآحاد المتعارضة ، وطرق الترجيح أيضا ، وهذا الموقف العلمي النظري إزاء جميع الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة عليهم السلام ، قد بيناه مفصلا في ما تقدم من الحلقات السابقة.

وما نريد التأكيد عليه هنا ، هو أن موقفه العلمي النظري إزاء تلك الأخبار - وهو ما أسسه في مقدمة التهذيب وديباجة الاستبصار ، وأكده في كتابه : العدة في أصول الفقه ، لم يختلف عن موقفه العملي التطبيقي بشأن تلك الأخبار ، لأن ما مهده من سبل الجمع والترجيح وغير ذلك أولا ، سار عليه ثانيا ، ولم يشذ عنه ولو في مورد واحد ، ومن هنا لم يحصل بين الموقفين تهافت أو تناقض ، وإن حاول بعض الأشخاص أن يمسهما معا

ص: 95

بدعوى زائفة وزعم باطل لم يعتضد بأي دليل.

نعم ، فقد اشتبه بعضهم اشتباها كبيرا بشأن ما أسسه الشيخ في موقفه العلمي الأول من القرائن المحتفة بالخبر ، وطرق الجمع بين الخبرين المتعارضين ، وسبل الترجيح بينهما ، معمما نتائج اشتباهه بما فيه من مزاعم باطلة ليمس به كلا الموقفين ، وهو ما نجده - مع الأسف - عند الأستاذ علال الفاسي ، المعروف بين أوساط المثقفين ، وذلك في بحثه الموسوم : «من المدرسة الكلامية» ، إذ تعرض فيه إلى الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار ، قائلا ما نصه :

«إذا تتبعت ظروب القرائن التي نقلناها عن الشيخ ، ووسائل الجمع ، لا يمكن طرح أي حديث ينسب للرسول [صلى الله عليه وآله وسلم] ، أو الأئمة [عليهم السلام] ، لأنه لا بد أن يدخل في واحد منها ، وهذا في الواقع اعتماد على الفكر لتبرير ما روي من الأخبار غير الصحيحة ، ولو كانت ظاهرة الوضع»! (1).

ولا أدري كيف اقتنع الأستاذ علال الفاسي بهذا الكلام ، وهو يعلم بأن موقف علماء المسلمين جميعا إزاء الخبرين المتعارضين ، إنما ينطلق ابتداء من محاولات الجمع بينهما ، فإن أمكن الجمع بينهما بتأويل أحدهما بما يوافق دلالة الآخر ولو بوجه من الوجوه فهو المتعين عندهم بلا خلاف ، وقد صنفوا في ذلك كتبا ، ك : تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة الدينوري ، وغيره.

وأما لو تعذر الجمع ، فلا بد من الرجوع إلى طرق الترجيح بين 4.

ص: 96


1- من المدرسة الكلامية - لعلال الفاسي - ، بحث قدم إلى مؤتمر الشيخ الطوسي في ذكراه الألفية ، المنعقد في مدينة مشهد المقدسة سنة 1385 ه ، منشور في بحوث المؤتمر 2 / 283 - 284.

الخبرين المتعارضين ، وحينئذ إما أن يتساوى الخبران في كل شئ ، لفقدان أية صفة مرجحة لأي منهما ، وهنا لا مناص من أحد القولين ، وهما : التساقط ، أو التخيير ، وإما أن يترجح أحدهما دون الآخر ، وهنا لا بد من العمل بالراجح وطرح الآخر.

والشيخ قدس سره أشار لكل هذا في أول الكتابين ، ومارسه عمليا فيهما ، فكيف يقال إذا بأنه لم يطرح أي حديث في كتابيه التهذيب والاستبصار ،

ولو كان ظاهر الوضع؟!!

وأغلب الظن أن الأستاذ علال الفاسي اشتبه بقول الشيخ الطوسي في ديباجة الاستبصار ، إذ جاء فيها بعد تفصيل القرائن المحتفة بالخبر ، ووسائل الجمع وطرق الترجيح ما هذا نصه : «وأنت إذا فكرت في هذه الجملة وجدت الأخبار كلها لا تخلو من قسم من هذه الأقسام ، ووجدت أيضا ما عملنا عليه في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا في الفتاوى والحلال والحرام ، لا يخلو من واحدة من هذه الأقسام» (1) ..

فحسب الأستاذ المذكور ، أن جميع ما أورده الشيخ من أخبار ، داخل في دائرة الاحتجاج والاستدلال ، لا سيما وأن الكلام المتصل بهذه العبارة مسوق في دائرة الاحتجاج وكيفية الاستدلال بالخبر.

ومع هذا لا يعذر الباحث في اشتباه كهذا ، خصوصا وأن الشيخ قدس سره قد بين قبل هذا نوعية الأخبار التي لا يجوز العمل بها لعدم إمكانية اعتمادها ، كالخبر المعارض للإجماع ، أو ما كانت شهرة الفتوى على خلافه ، وكذلك التصريح بطرح الخبر الراجح والعمل بالأرجح ، كما لو ة.

ص: 97


1- الاستبصار 1 / 5 ، من المقدمة.

حصل التفاوت بينهما من جهة كثرة الرواة ، أو عدالتهم ، ونحو ذلك من الأمور الأخر التي أشبعنا القول فيها في ما تقدم من حلقات هذا الدور.

ثم ماذا يقال عن تصريح الشيخ بالعمل بالخبر الموافق لدلالة الأصل وترك ما خالف تلك الدلالة؟!

وإذا عرفنا أن المقصود بدلالة الأصل عند الشيخ ، هي القواعد الكلية المستنبطة من عمومات الآيات القرآنية ، والأخبار المتواترة ، والصحيحة الثابتة ، والأصول العملية ، كأصل البراءة والاستصحاب ، إلى غير ذلك مما ذكر في محله (1) ، علمنا بخطأ ما ذكره الأستاذ علال الفاسي ، لأن الشيخ الطوسي نفسه لا يرى أن جميع ما رواه من أخبار في التهذيب أو الاستبصار موافق لدلالة الأصل عنده ، ويدل عليه طرحه لجملة من الأخبار المروية فيهما مع تصريحه بضعفها ، لمخالفتها لظاهر القرآن الكريم ، أو السنة الثابتة ، أو الإجماع ، ونحو ذلك من التصريحات الآتية في هذا البحث إن شاء الله تعالى.

على أن الحاصل من كلام الشيخ في مقدمتي التهذيب والاستبصار - فضلا عما في أصل الكتابين - أنه قدس سره لا يعمل بالخبر الشاذ النادر الذي لم يكن معروفا في الأصول المعتبرة ، كما أنه لا يعمل بالخبر المخالف لدلالة الأصل ، ولا بالخبر الضعيف المعارض بما هو أقوى منه ، ولا حتى بالصحيح الذي هذه صفته أيضا ، وأين هذا من القول بأنه لم يطرح أي حديث مروي حتى ولو كان ظاهر الوضع؟!

ثم لا ننسى ما ورد في أصل الكتابين من تصريحات وتطبيقات 9.

ص: 98


1- أنظر : ملاذ الأخيار في شرح الاستبصار 1 / 28 - 29.

تنسف قول الفاسي نسفا ، وتجعله كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف ، وهذا هو ما سنتحدث عنه في الصفحات اللاحقة - إن شاء الله تعالى - وتحت عنوان :

ص: 99

الفصل الثالث

وجوه فساد الخبر عند الشيخ الطوسي

لا شك أن التعرض لبيان وجوه فساد الخبر عند الشيخ الطوسي قدس سره ، يكشف عن نوعية الحديث المعتمد عنده ، لأن قوله - مثلا - بأن هذا الخبر مردود لمخالفته إجماع المسلمين ، يدل بمفهومه على اعتماده على الخبر الموافق لهكذا إجماع.

وعليه ، فالفصل الثالث هذا يجمع بين ما جاء في عنوانه ، وبين جملة وافرة من احتجاجات الشيخ الطوسي واستدلالاته على الحكم الفقهي بأخبار التهذيب والاستبصار المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن أهل بيته الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام.

وسوف يتضح - إن شاء الله - بأن الشيخ قدس سره لم يعتمد على الفكر لتبرير ما روي من الأخبار غير الصحيحة ، وإنما اعتمد الفكر ليرد به عن بصيرة على قول الجهال من أصحاب الحديث - على حد تعبيره - : «أنه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختل المعنى!!» معللا ذلك بقوله : «لأن الله تعالى دعا إلى التدبر والتفقه ، وذلك مناف للتجاهل والتعامي» (1).

وهكذا أصبح الشيخ - بفضل اعتماده على الفكر والتدبر لنصوص الأخبار - من أبعد المحدثين عن الأخبار المزيفة الموضوعة ، وأشد الناس 1.

ص: 100


1- التبيان في تفسير القرآن - للشيخ الطوسي - 9 / 301.

نفرة عنها وتحذيرا منها ، وأكثر العلماء حرصا على تحري الصحيح من الأخبار.

وسوف نتلمس هذه الحقيقة من خلال ما قاله في كتابيه التهذيب والاستبصار وبعض كتبه الأخرى ، لا سيما كتاب العدة في أصول الفقه ،

بشأن الأخبار المردودة عنده ، وعلى النحو الآتي :

أولا : الأخبار الموضوعة :

الخبر الموضوع هو الخبر المكذوب الذي لا أصل له ، ولا خلاف بين المسلمين جميعا في وجوب طرحه ، وعدم اعتماده في شئ البتة ، وموقف الشيخ من الخبر المعلوم وضعه هو موقف الأمناء على الدين ، وهو وإن كان معلوما وواضحا كالشمس ، إلا أننا سنذكره لسببين :

أحدهما : لإثبات أن ما زعمه الأستاذ الفاسي لا أصل له ، مع خلوه عن التحقيق ، فضلا عن النزاهة.

والآخر : تعرض الشيخ لبيان الأمور التي يعرف من خلالها الخبر المكذوب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يخفى ما في الأخير من فوائد.

وعلى أية حال ، فقد قال الشيخ الطوسي قدس سره : " إن في الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذبا ، كما إن فيها صدقا ، فمن قال : إن جميعها صدق ، فقد أبعد القول فيه ، ومن قال : إنها كلها كذب ، فكذلك ، لفقد الدلالة على كلا القولين ، وقد توعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الكذب عليه بقوله : (من كذب

علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) ، وتجنب كثير من أصحابه الرواية ، نحو الزبير ، والبراء بن عازب ، لما تبينوا أنه وقع فيها الكذب ، فروي عن البراء أنه قال : (سمعنا كما سمعوا ، لكنهم رووا ما لم يسمعوا)! وروي عن

ص: 101

شعبة أنه قال : (نصف الحديث كذب).

ولأجل ما قلنا حمل أصحاب الحديث نفوسهم على نقد الحديث ، وتمييز الصحيح منها من الفاسد» (1).

ثم بين بعد ذلك الطرق التي يعلم بها كذب الخبر في كلام طويل شغل عدة صفحات ، نكتفي ببعضها :

فمنها : أن يكون مخبر الخبر - أي المحكوم عليه في الخبر - على خلاف ما تناوله الخبر ، ومنه يعلم أنه كذب.

ومنها : أن لا ينقل الخبر كما ينبغي مع توفر الدواعي على نقله ، فإذا لم ينقل كنقل نظيره ولم يكن هناك أية موانع من خوف أو تقية ، علم كذبه.

ومنها : أن تكون الحاجة في باب الدين إلى نقله ماسة ، فإذا لم ينقل نقل نظيره مع ارتفاع الموانع حكم بكذبه.

ومنها : أن يكون ظاهر الخبر يقتضي الجبر والتشبيه وإن رواه الصحابة ، لجواز الغلط عليهم لعدم عصمتهم ، وأما ما رواه التابعون وغيرهم في ذلك ، فلا يمنع من وقوعهم في الكذب.

ومنها : أن يعلم بأن المحكوم عليه في الخبر لو كان صحيحا لوجب نقله على وجه تقوم به الحجة ، فإذا لم يتحقق ذلك كان كذبا.

ومنها : أن يكون مفاد الخبر مخالفا لما علم بالضرورة ، فإن كان كذلك فيقطع بكذب الخبر.

ومنها : أن يكون المحكوم عليه في الخبر مما لو فتش عنه من يلزمه 1.

ص: 102


1- العدة في أصول الفقه 1 / 89 - 91.

العمل به لوجب أن يعلمه ، فإذا لم تكن هذه حاله علم بكذبه.

ومنها : أن يكون مخالفا لدليل العقل ومقتضاه ، ولا يمكن حمله على وجه مقبول.

ومنها : أن يكون مخالفا للدليل الشرعي الثابت ولا يمكن تأويله بوجه يوافق أدلة الشرع (1).

ومنها : أن لا يكون الخبر متضمنا لشئ من الغلط الفاحش في التاريخ ، كما بينه الشيخ في تفسيره (2).

ومنها : أن لا يكون الخبر منافيا لتنزيه الأنبياء عليهم السلام ، وقد نبه على ذلك في تفسيره أيضا (3).

ومنها : أن يكون في الخبر تعليل ضعيف لا يمكن صدوره عن المعصوم عليه السلام ، نظير ما ورد من التعليل في كون شهر رمضان لا يزيد ولا ينقص عن ثلاثين يوما ، كما نبه عليه الشيخ في التهذيب (4).

ومنها : أن يحصل اعتراف بالوضع أو شبهه ، كاعتراف أحمد بن أبي بشر السراج بخصوص ما انتصر به لمذهبه في الوقف ومنع الشهادة بالنص على الإمام الرضا عليه السلام ، كما نبه عليه الشيخ في كتاب الغيبة (5) ، ومن هنا احترز الشيخ وغيره من علمائنا المتقدمين بترك رواية الثقة المنحرف عن المذهب في ما لو انتصر لمذهبه بخبر اختص هو بروايته. 1.

ص: 103


1- راجع : العدة في أصول الفقه 1 / 67 وص 89 - 96.
2- التبيان 9 / 83 في تفسير الآية 15 من سورة الفتح.
3- التبيان 7 / 260 في تفسير الآيات 61 - 63 من سورة الأنبياء ، وكذلك في 10 / 268 في تفسير قوله تعالى : (عبس وتولى).
4- تهذيب الأحكام 4 / 172 - 175 ح 485 باب 41.
5- الغيبة : 66 - 67 ، تهذيب الأحكام 4 / 172 - 175 ح 485 باب 41.

ومنها : أن يصرح أحد الرواة مثلا ، بأنه ما سمع من فلان من الحديث إلا مقدار كذا من الأحاديث ، ثم يروي عنه بعد ذلك كثيرا ، وهو ما بينه الشيخ الطوسي بحق بعض الرواة الذين صدر عنهم ذلك (1) ، وهو يجري مجرى الاعتراف بالوضع.

ومنها : أن يكون الخبر مرويا من طريق من عرف بالكذب ، أو الوضع واشتهر بذلك.

ومنها : أن يكون الخبر المروي رواه من ورد تكذيبه ولعنه وذمه على لسان الأئمة عليهم السلام ، وهو مما تفرد بروايته (2) ، وواضح أنه لا مانع من الرواية عنه قبل صدور ذلك فيه ، أي جواز الرواية عنه قبل انحرافه وفي حال استقامته ، كما صرح بهذا الشيخ في كتاب العدة (3).

ومنها : أن لا يكون الخبر المسند إلى شخص المعصوم عليه السلام مخالفا لما عرف من مذهبه وتواتر عنه ، ولم تكن ثمة تقية فيه ، كما لو ورد التصريح من المعصوم نفسه عليه السلام بأنه لم يقل مثل ذلك الخبر المكذوب

عليه ، نظير ما كذبه رواة العامة على الإمام الصادق عليه السلام بأنه كان يقول : إني أتولى أبا بكر وعمر وأترحم عليهما ، ونحو ذلك من الأكاذيب ، التي روجوها على لسان الإمام الصادق عليه السلام ، على الرغم من تصريحه بأنه عليه السلام

لم يقلها ، ولم يعرفها ، ولم يحدث بها ، ولا سمعها ، كما أورد ذلك الشيخ الطوسي في ما انتخبه من رجال الكشي (4) ، ولهذا نظائر كثيرة في مرويات 1.

ص: 104


1- الغيبة : 69 ح 73.
2- الغيبة : 351 ح 311 - 313.
3- العدة في أصول الفقه 1 / 151.
4- رجال الكشي 2 / 692 - 699 رقم 741.

العامة ، لا سيما في أكاذيبهم برواياتهم عن أمير المؤمنين عليه السلام في تحريم المتعة ، ونحو ذلك من الأكاذيب التي علم كذبها وانكشف زيفها ودجل رواتها ونفاقهم في ترويج باطلهم.

وهي حتى مع فرض سلامتها لا تفيدهم في ذلك ، لصدورها تقية كما اختاره الشيخ معقبا عليه بقوله : «لأن العلم حاصل لكل من سمع الأخبار أن من دين أئمتنا عليهم السلام إباحة المتعة ، فلا يحتاج إلى الإطناب فيه» (1).

ونظير أخبار المتعة ما وصفوه من أحاديث على لسان أمير المؤمنين عليه السلام بأنه كان يغسل رجليه في الوضوء انتصارا لباطلهم ، كما نبه عليه الشيخ في التهذيب (2).

ثانيا : الأحاديث الضعيفة :

الضعيف لغة : خلاف القوي ، قال تعالى : (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ...) (3) ، والجمع : ضعفاء ، وضعاف (4).

ومن هذا المعنى انبثق تعريف الحديث الضعيف في الاصطلاح ، إذ يفهم من تعاريفهم له ، أنه ما فقد صفة أو أكثر من صفات القوة المشخصة في أدنى مراتب الحديث المعتبر عند الفريقين. ».

ص: 105


1- تهذيب الأحكام 7 / 251 ح 1085 باب 24.
2- تهذيب الأحكام 1 / 93 ح 248 باب 4 ، الاستبصار 1 / 65 - 66 ح 196 باب 37.
3- سورة الروم 20 : 54.
4- لسان العرب 9 / 203 مادة «ضعف».

ومن هنا عرفه ابن الصلاح - من العامة - بأنه : «كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن» (1).

وتابعه على ذلك النووي في التقريب ، بقوله : «وهو ما لم يجمع

صفة الصحيح أو الحسن» (2) ، وهذا ما نجده عند الشريف الجرجاني أيضا ، إذ عرف الحديث الضعيف بقوله : «هو ما لم يجتمع فيه شرط الصحيح والحسن» (3) ، وقد جرى على ذلك الكافيجي (4) والقاسمي (5).

وهذا التعريف ليس دقيقا ، بل اعترض عليه بأنه يوجب رفع الإيجاب الكلي بالنسبة إلى شروط الصحيح ، وشروط الحسن ، ولو أخذ سلبا واحدا بالنسبة إلى مجموع شروطهما ، لصدق تعريف الحديث الضعيف على جميع أفراد الصحيح وأفراد الحسن (6).

ولهذا انتقد ابن حجر تعريف ابن الصلاح للحديث الضعيف ، بأنه لو اختصر على نفي صفات الحسن المستلزم لنفي صفات الصحيح وزيادة لكان أولى ، فقال : «ولو عبر بقوله : كل حديث لم تجتمع فيه صفات القبول 5.

ص: 106


1- علوم الحديث : 41.
2- التقريب - المطبوع مستقلا - : 7 ، والمطبوع مع شرحه تدريب الراوي - للسيوطي - 1 / 91.
3- المختصر في أصول الحديث - للجرجاني - : 47 ، ورسالة في أصول الحديث - له أيضا - : 77 ، والديباج المذهب - له أيضا - : 25 ، والأخير مطبوع مع شرحه بعنوان : شرح الديباج المذهب للملا حنفي التبريزي ، وهذه الكتب الثلاثة (المختصر ، والرسالة ، والديباج) كلها كتاب واحد على اختلاف مسمياته ، إذ لم يختلف أي منها عن الآخرين في شئ يذكر إلا في أرقام الصفحات!! فلاحظ.
4- المختصر في علم الأثر : 117.
5- قواعد التحديث : 108 رقم 24.
6- شرح الديباج المذهب - للملا حنفي التبريزي - : 25.

لكان أسلم من الاعتراض وأخصر» (1).

وقال السيوطي في شرح عبارة النووي المتقدمة : «وهو ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحسن» : «جمعها تبعا لابن الصلاح ، وإن قيل إن الاختصار على الثاني أولى ، لأن ما لم يجمع صفة الحسن ، فهو عن صفات الصحيح أبعد ، ولذلك لم يذكره ابن دقيق العيد» (2).

كما جاء نظم التعريف في ألفية العراقي خلافا لما عليه ابن الصلاح وغيره ، هكذا :

أما الضعيف فهو ما لم يبلغ

مرتبة الحسن وإن بسط بغي (3)

وجاء في فتح المغيث في شرح قول الناظم : «أما الضعيف فهو ما لم يبلغ مرتبة الحسن» قول السخاوي : «ولو بفقد صفة من صفاته ، ولا احتياج لضم الصحيح إليه ، فإنه حيث قصر عن الحسن ، كان عن الصحيح أقصر» (4).

وأما الإمامية ، فقد عرفه الشهيد الثاني ، بقوله : «وهو ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدمة (5) ، بأن يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه ، أو مجهول الحال ، أو ما دون ذلك كالوضاع» (6).!!

ص: 107


1- النكت على كتاب ابن الصلاح - لابن حجر العسقلاني - : 169.
2- تدريب الراوي 1 / 90.
3- ألفية الحديث : 49 البيت رقم 90.
4- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث : 49 - 50 - مطبوع في نهاية الألفية بمجلد واحد - ، والطبعة المحققة بخمس مجلدات 1 / 112 - 113.
5- يعني بالثلاثة : الصحيح ، والحسن ، والموثق.
6- شرح البداية في علم الدراية : 26 ، والرعاية في علم الدراية : 86 ، وكلاهما واحد!!

وعلى هذا التعريف جرى بعضهم أيضا (1).

وصدر التعريف غير دقيق ، إذ يرد عليه ما أورد على تعريف ابن الصلاح ، لأن ما لا تجتمع فيه شروط أحد الثلاثة - وليكن الصحيح مثلا - لا يعني أن يكون بالضرورة ضعيفا ، فالحسن ، والموثق ، والقوي ، كلها لم تجتمع فيها شروط الصحيح أيضا ، ولكن ما ذكر من قيود بعد صدر التعريف كافية في المقام.

ولهذا نرى السيد حسن الصدر اكتفى بتلك القيود في تعريف الحديث الضعيف ، فقال : «وهو ما في سنده مذموم ، أو فاسد العقيدة غير منصوص على ثقته ، أو مجهول ، وإن كان باقي رواته ممدوحين بالعدالة ، لأن الحديث يتبع اعتبار أدنى رجاله ...» (2).

ومن كل ما تقدم يعلم صحة ما ذكرناه آنفا ، بأن الحديث الضعيف ، هو ما فقد صفة أو أكثر من صفات القوة المشخصة في أدنى مراتب الحديث المعتبر ، عند الفريقين.

أنواع الحديث الضعيف وتعاقب درجاته :

للحديث الضعيف أنواع متعددة ، كالمرسل ، والمنقطع ، والمعضل ، والمدلس ، والمعلل ، والمضطرب ، والمقلوب ، والشاذ ، والمنكر ، والمتروك ، والموقوف ، والمضمر ، وغيرها كثير ، فقد أوصلها ابن حبان البستي إلى تسعة وأربعين نوعا ، قال العراقي : 7.

ص: 108


1- راجع : وصول الأخيار - للشيخ حسين بن عبد الصمد - : 98 ، ومقباس الهداية - للمامقاني - 1 / 177 - 178.
2- نهاية الدراية : 266 - 267.

وعده البستي في ما أوعى

لتسعة وأربعين نوعا (1)

وسوف نشير إلى موارد بعض أنواع الضعيف التي وقفنا عليها في كتابي التهذيب والاستبصار في هذا الفصل إن شاء الله تعالى.

ثم إن الحديث الضعيف تتعاقب درجاته بحسب بعده عن الشروط المقبولة في الحديث (2) ، وهذا هو محل اتفاق معظم علماء الدراية عند الفريقين ، وعليه فلو روي الحديث الضعيف بأكثر من طريق فسيكون أقوى مما لو روي بطريق واحد (3) ، كما إن الضعيف يسمى مقبولا إذا اشتهر العمل به ، خصوصا بين القدماء (4).

وبهذا الصدد أورد القاسمي عن النووي قوله بشأن الأحاديث الضعيفة الواردة في معنى واحد وبطرق متعددة : «فمجموعها يقوي بعضه بعضا ، ويصير الحديث حسنا يحتج به» ، ثم قال : «وسبقه البيهقي في تقوية الحديث بكثرة الطرق الضعيفة ، وظاهر كلام أبي الحسن القطان يرشد إليه» ، ثم أورد عن ابن حجر قوله : «بأن الضعف الذي ضعفه ناشئ عن سوء حفظه ، إذا كثرت طرقه ارتقى إلى مرتبة الحسن ، - ثم قال : - وفي عون الباري نقلا عن النووي أنه قال : الحديث الضعيف عند تعدد الطرق 9.

ص: 109


1- ألفية الحديث : 10 رقم البيت 94. أقول : قرأت لابن حجر كلاما لطيفا بخصوص هذا البيت ، ولا يحضرني مصدره الآن ، وهو أنه قال : لو كان العجز : (مستوعبا خمسين إلا نوعا) لكان أحسن أو أولى ، ونحو هذا.
2- شرح البداية : 26 ، مقباس الهداية : 179 ، شرح الديباج المذهب : 25 ، وقواعد التحديث : 109 رقم 25.
3- وصول الأخيار : 98.
4- قوانين الأصول - الميرزا القمي - : 267 ، نهاية الدراية : 267 ، وانظر : مستدركات مقباس الهداية - للشيخ محمد رضا المامقاني - 5 / 141 رقم 49.

يرتقي عن الضعف إلى الحسن ، ويصير مقبولا معمولا به» (1).

كما نقل عن ابن تيمية كلاما مهما في المقام يقطع الطريق على الوهابية ، لا سيما الألباني في تضعيفاته الكثيرة المضحكة لجملة من الأحاديث ، بأنه قال : «قد يكون الرجل عندهم ضعيفا لكثرة الغلط في حديثه ، ويكون حديثه الغالب عليه الصحة ، فيروون عنه لأجل الاعتبار به ، والاعتضاد به ، فإن تعدد الطرق وكثرتها يقوي بعضها بعضا حتى قد يحصل العلم بها ولو كان الناقلون فجارا وفساقا ... وهذه طريقة أحمد بن حنبل وغيره ، لم يرو في مسنده عمن يعرف أنه يتعمد الكذب ، لكن يروي عمن عرف منه الغلط للاعتبار به ، والاعتضاد» (2).

ولهذا نرى تصريح علماء العامة أنفسهم باحتجاج أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد المعتبرة عندهم بالحديث الضعيف ، ويكفي في ذلك اعتراضهم بأن مذهب النسائي هو أن يخرج عن كل ما لم يجمع على تركه. وإن أبا داود كان يأخذ ما أخذه ويخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره ، ويرجحه على الرأي كالقياس والاستحسان (3).

وبالجملة : فإن مذاهب الأخذ بالضعيف عند العامة ثلاثة ، وهي :

الأول : عدم العمل بالضعيف مطلقا ، وقد عزي هذا إلى يحيى بن معين ، وأبي بكر بن العربي ، وهو قول شاذ لم يعتمد عليه أحد منهم.

الثاني : أنه يعمل به في الفضائل ، قال القاسمي : «وهو المعتمد عند الأئمة» ثم أيد كلامه هذا بجملة من الأقوال كقول ابن عبد البر المالكي ، 5.

ص: 110


1- قواعد التحديث - للقاسمي - : 109 - 110 رقم 26.
2- قواعد التحديث - للقاسمي - : 115 رقم 30.
3- شرح الديباج المذهب : 25.

وقول الحاكم النيسابوري ، وقول ابن مهدي ، وقول أحمد بن حنبل ، وغيرهم.

الثالث : أنه يعمل به مطلقا ، قال القاسمي : «قال السيوطي : وعزي ذلك إلى أبي داود ، وأحمد ، لأنهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال» (1).

وجدير بالذكر هنا ، أن ما اشتهر من قاعدة التسامح في أدلة السنن عند العامة : إنما تعني التساهل إزاء الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة في موارد القصص والمواعظ وفضائل الأعمال ، بل وسع بعضهم القول بحجيتها في الأحكام أيضا ، إذ أدخلها في دائرة المستحبات احتياطا ، ومعنى هذا إسقاط شرائط حجية الخبر في باب المستحبات ، مع أن المستحبات من الأحكام بلا خلاف!!

على أن هذه القاعدة وإن عرفت عند الإمامية أيضا ، إلا أن أعاظم علماء الأصول منهم استفرغوا القول في بحثها في الأصول العملية في بحث البراءة ، وقد انتهى البحث عند بعضهم إلى نسف هذه القاعدة كليا وعدم الاعتراف بها أصلا.

هذا ، ومن التنبيهات التي نختتم بها الكلام عن الحديث الضعيف ، هو اتفاق علماء الدراية من الفريقين على أن غير المتضلع بدراية الحديث لا يحق له أن يقول إذا رأى حديثا بإسناد ضعيف : هذا حديث ضعيف ، ما لم يقيده بقوله (بهذا الإسناد) ، لاحتمال وجود إسناد آخر صحيح للحديث أو أسانيد ضعيفة أخرى كثيرة تخرجه عن الضعيف وتجعله مقبولا. 9.

ص: 111


1- أنظر المذاهب المذكورة في : قواعد التحديث : 113 رقم 29.

ولكن المؤسف حقا هو تسرع بعضهم في كثير من الأحيان والحكم بوضع الحديث بمجرد ضعف سنده ، وكثير منهم يحكم بذلك لأنه وجد قولا لأحد العلماء بشأن ذلك الحديث نفسه بأنه (لا يصح) مع أن قولهم عن أي حديث : (لا يصح) ليس أكثر من إخبار بعدم الثبوت ، مع أنه لا يلزم من هكذا إخبار إثبات العدم.

قال الزركشي : «بين قولنا (موضوع) وقولنا (لا يصح) بون كثير ، فإن في الأول إثبات الكذب والاختلاق ، وفي الثاني إخبارا عن عدم الثبوت ولا يلزم فيه إثبات العدم ، وهذا يجئ في كل حديث قال فيه ابن الجوزي (لا يصح ، ونحوه)» (1).

وعلى أية حال فإنا سوف نذكر جملة من الأخبار الضعيفة الإسناد التي نبه الشيخ الطوسي قدس سره على ضعفها سندا لضعف أحد رواتها ولم يحتج بها في كتابيه التهذيب والاستبصار ، وعلى النحو الآتي :

1 - ما جاء في الاستبصار في باب المتصيد يجب عليه التمام أم التقصير : «فهذا خبر ضعيف وراويه السياري ، وقال أبو جعفر بن بابويه رحمه الله في فهرسته حين ذكر كتاب النوادر : استثنى منه ما رواه السياري ، وقال : لا أعمل به ولا أفتي به لضعفه ، وما هذا حكمه لا تعترض به الأخبار التي قدمناها» (2).

2 - وفي باب عدة المتمتع بها إذا مات عنها زوجها : «فهذا الخبر ضعيف جدا ، لأن راويه أحمد بن هلال ، وهو ضعيف على ما تقدم القول 8.

ص: 112


1- قواعد التحديث : 123 رقم 36.
2- الاستبصار 1 / 237 ح 846 باب 138.

فيه» (1) ، وقد سبق مثل هذا التضعيف في التهذيب والاستبصار (2).

3 - وفي باب ما يحل لبني هاشم من الزكاة : «فهذا الخبر لم يروه غير أبي خديجة وإن تكرر في الكتب ، وهو ضعيف عند أصحاب الحديث لما لا احتياج إلى ذكره ...» (3).

4 - وفي أبواب المهور : «فأول ما في هذا الخبر أنه لم يروه غير محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، ومحمد بن سنان مطعون عليه ، ضعيف جدا ، وما يختص بروايته ولا يشاركه فيه غيره لا يعمل عليه» (4).

5 - وفي باب في أنه لا يصح الظهار بيمين : «وأما الخبر الأول ، فراويه أبو سعيد الآدمي ، وهو ضعيف جدا عند نقاد الأخبار ، وقد استثناه أبو جعفر بن بابويه في رجال نوادر الحكمة» (5).

إلى غير هذا من الموارد الأخر التي صرح الشيخ بضعفها بسبب ضعف أحد رواتها ، وسنشير إليها لاحقا عند التعرض إلى بيان موقفه من الأخبار المروية في كتبنا وكان في الطريق إليها أحد رواة الفرق الفاسدة أو المذاهب المنحرفة ..

على أنه يجدر التنبيه هنا على أن الشيخ الطوسي رضي الله عنه قد احتج بروايات من ضعفهم في موارد أخر من كتابيه التهذيب والاستبصار ،

ولا يرد عليه إشكال في ذلك كما سنبينه إن شاء الله في آخر الفصل بعد عرض جملة من أنواع الحديث الضعيف وغيره مما لم يحتج به الشيخ 8.

ص: 113


1- الاستبصار 3 / 351 ح 1253 باب 203.
2- تهذيب الأحكام 9 / 204 ح 812 باب 13 ، والاستبصار 3 / 28 ح 90 باب 17.
3- الاستبصار 2 / 36 ح 110 باب 17.
4- الاستبصار 3 / 224 ح 110 باب 138 ، وهو الثاني من أبواب المهور.
5- الاستبصار 3 / 261 ح 935 باب 158.

الطوسي قدس سره.

ثالثا : الأخبار الموقوفة :

وهي الأخبار المروية عن مصاحب المعصوم عليه السلام - صحابيا كان أو غيره - من قول أو فعل ، متصلا كان أو منفصلا.

وحكمه عند العامة مختلف فيه ، قال في شرح الديباج : «الموقوف وإن اتصل سنده ليس بحجة عند الشافي وطائفة من العلماء ، وحجة عند طائفة» (1).

وقال الجرجاني : «وهو ليس بحجة على الأصح» (2).

وأما الشيخ الطوسي فلم يحتج بالموقوف مطلقا ، سواء كان الموقوف عليه من الصحابة كما يظهر من تصريحه بجواز الغلط على الصحابة (3) ، أو من أصحاب الأئمة عليهم السلام كما في خبر محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن موقوفا عليه ، وهو بخصوص ميراث ولد الزنا.

قال الشيخ : «فهذه رواية موقوفة لم يسندها يونس إلى أحد من الأئمة عليهم السلام ، ويجوز أن يكون ذلك كان اختياره لنفسه لا من جهة الرواية ، بل لضرب من الاعتبار ، وما هذا حكمه لا يعترض به الأخبار الكثيرة التي قدمناها» (4) ، ونظير هذا ما قاله عن خبر آخر : " فأول ما فيه أنه حديث موقوف غير مسند إلى أحد من الأئمة عليهم السلام ، وما هذا حكمه من الأخبار3.

ص: 114


1- شرح الديباج المذهب - للملا حنفي التبريزي - : 35.
2- المختصر في أصول الحديث - للجرجاني - : 53.
3- العدة في أصول الفقه 1 / 94 - 95.
4- تهذيب الأحكام 9 / 344 ح 1238 باب 33.

لا يترك لأجله الأخبار المسندة ، والحديث الأول مسند فالأخذ به أولى» (1).

رابعا : الأخبار المضمرة :

والمراد بها كل خبر يقول فيه أحد أصحاب الأئمة عليهم السلام : «سألته كذا» فقال : «كذا» ، أو «أمرني بكذا» ، أو «قال كذا» وما أشبه ذلك. ولم يسم المسؤول أو الآمر أو القائل ، ولا ذكر ما يدل عليه.

وهذا القسم من الأخبار غير معروف بين العامة ، وكثيرا ما كان يفعله أصحابنا للتقية ، وهو مضعف للحديث ، لاحتمال أن يكون المسؤول غير الإمام عليه السلام (2).

وأما عن موقف الشيخ من الحديث المضمر ، فهو يتضح مما قاله في جملة من الموارد ، نكتفي بذكر اثنين منها ، وهما :

خبر محمد بن إسحاق بن عمار ، قال : «قلت له : رجل تزوج امرأة ... إلخ». وهنا عقب الشيخ عليه بقوله : «.. أنه ليس فيه ذكر المقول له ، لأن محمد بن إسحاق بن عمار قال : قلت له. ولم يذكر من هو ، ويحتمل أن يكون الذي سأله غير الإمام والذي لا يجب العمل بقوله ، وإذا احتمل ذلك سقط الاحتجاج به» (3).

وخبر سماعة بن مهران ، فقد أورد له الشيخ خبرين مضطربين أحدهما مضمرا ، وقال عنه : «وهذا يحتمل أن يكون المسؤول غير من يجب اتباع قوله» ، ثم حكم برد الروايتين لاختلاف رواية سماعة فيهما ، 5.

ص: 115


1- تهذيب الأحكام 5 / 416 ح 1447 باب 26.
2- راجع : وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : 101 - 102 ، ونهاية الدراية : 206.
3- تهذيب الأحكام 7 / 275 ح 1170 باب 25.

نظرا للاضطراب الحاصل فيهما وهو مما يضعف الاحتجاج بهما (1).

خامسا : الأخبار المضطربة :

الاضطراب في اللغة : الاختلاف والاختلال ، يقال : اضطرب الحبل بين القوم ، إذا اختلفت كلمتهم ، واضطرب الأمر ، إذا اختل (2).

وأما في الاصطلاح ، فقد عرفه العامة كما في التقريب بأنه : «هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة ، فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها ، أو كثرة صحبة المروي عنه ، وغير ذلك ، فالحكم للراجحة ولا يكون مضطربا. والاضطراب يوجب ضعف الحديث ، لإشعاره بعدم الضبط. ويقع في السند تارة ، وفي المتن أخرى ، وفيهما من راو أو جماعة» (3).

كما عرفه الشيعة بهذا النحو أيضا (4).

وجدير بالإشارة هنا ، هو أن ما قاله النجاشي بحق بعض الرواة ، من أنه مضطرب الحديث ، أو مضطرب الحديث والمذهب ، فهذا لا ينافي الوثاقة.

أما الاضطراب في المذهب ، فعدم منافاته للوثاقة واضحة من تعريفهم للحديث الموثق ، وهو ما كان أحد رواته أو كلهم من غير الإمامية 4.

ص: 116


1- تهذيب الأحكام 4 / 15 ح 38 باب 4.
2- لسان العرب 1 / 544 مادة «ضرب» ، أقرب الموارد 1 / 68 مادة «ضرب».
3- التقريب - للنووي - : 18 - 19 النوع التاسع عشر ، وقريب منه في شرح الديباج المذهب : 42.
4- أنظر : الرعاية - للشهيد الثاني - : 146 ، وصول الأخيار لأصول الأخبار : 112 - 113 ، مقباس الهداية 1 / 386 ، نهاية الدراية : 224.

مع ثبوت وثاقتهم.

وأما اضطراب الراوي في الحديث ، فمعناه أنه يروي ما يعرف وقد يروي ما ينكر ، وعليه فالاضطراب إذا جاء وصفا للحديث فلا إشكال في رده ، وإن جاء وصفا للراوي فلا يعني رد جميع أخباره ، وإنما رد ما ينكر منها بسبب الاضطراب.

وهذا هو ما تبناه السيد الخوئي قدس سره في معجمه في تراجم بعض الرواة (1) ، وهو صحيح مؤيد باحتجاجات واستدلالات الشيخ الطوسي قدس سره

وغيره ببعض روايات من وصفوا بهذا الوصف دون بعض ، كروايات معلى ابن محمد البصري مثلا.

ومنه يظهر عدم صحة ما ذكره بعض الفضلاء من ضعف ما ذهب إليه السيد الخوئي قدس سره مبنى وبناء.

وأما عن موقف الشيخ من الحديث المضطرب ، فقد وردت منه تصريحات كثيرة تدل على عدم الاحتجاج به سواء كان الاضطراب في إسناد الحديث أو في متنه ، ومما يدل على رده مضطرب المتن :

1 - ما قاله بشأن روايتي أبي همام في بعض أحكام التيمم ، قال : «فهذان الحديثان مختلفا اللفظ والراوي واحد ، أن أبا همام روى عن الرضا عليه السلام في رواية محمد بن علي بن محبوب ، وفي رواية محمد بن أحمد بن يحيى رواه عن محمد بن سعيد بن غزوان ، والحكم واحد.

وهذا مما يضعف الاحتجاج بالخبر» (2). 8.

ص: 117


1- معجم رجال الحديث 18 / 258 رقم 12507.
2- تهذيب الأحكام 1 / 202 ح 584 باب 8.

2 - ما قاله بشأن بعض الأخبار الواردة في حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة ، قال : «ولنا في الكلام على هذه الأخبار طرق ، أحدها : إن هذه الأخبار أخبار آحاد مختلفة الألفاظ ، متضادة المعاني ، لا يمكن العمل على جميعها لتضادها ، ولا على بعضها ، لأنه ليس بعضها بالعمل عليه أولى من بعض ...» (1).

3 - ما جاء في باب وقف الزكاة بشأن بعض الأحاديث التي رواها إسحاق بن عمار ، إذ قال الشيخ قدس سره : «فهذه الأحاديث كلها الأصل فيها

إسحاق بن عمار ، وإذا كان الأصل فيها واحد لا يعترض بها على ما قدمناه من الأحاديث ، ومع أن الأصل فيها واحدا فقد اختلفت ألفاظه» ثم بين الاختلاف الوارد في ألفاظ الحديث ، وقال : «وهذا الاضطراب فيه يدل على أنه رواه وهو غير قاطع به ، وما يجري هذا المجرى لا يجب العمل به» (2).

وأما ما يدل على رده مضطرب الإسناد ، فهناك جملة وافرة من تصريحاته بهذا الخصوص ، نكتفي منها بما جاء في باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الإسلام ، إذ رفض العمل بحديثين من أحاديث الباب ، وردهما معا ، ثم أضاف قائلا : «... وأما الحديث الأول [ف] مضطرب الإسناد ، لأن الأصل فيه جميل وحماد بن عثمان ، وهما تارة يرويانه عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة ، وأخرى يرويانه عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ، ثم إن جميلا يرويه - تارة - مرسلا عن بعض أصحابه عن أحدهما! وهذا الاضطراب في الحديث مما يضعف الاحتجاج به» (3).5.

ص: 118


1- تهذيب الأحكام 1 / 178 ح 511 باب 7.
2- تهذيب الأحكام 4 / 42 ح 107 باب 1.
3- تهذيب الأحكام 7 / 275 ح 1169 باب 25.

سادسا : الأخبار الغريبة :

الغريب لغة : الوحيد البعيد عن وطنه. وفي الحديث الشريف : «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء» ، قال ابن منظور : «أي : أنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده ، لقلة المسلمين يومئذ وسيعود غريبا كما كان» (1).

أقول :

ومن هوان الدنيا أن يكون أعظم الغرباء وأكثرهم غربة فيها هو خامس أصحاب الكساء وسيد الشهداء الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام.

وأما الكلام الغريب ، فهو الغامض والبعيد عن الفهم والاستعمال.

والغرابة في الاصطلاح على نحوين ، إذ تقع تارة في سند الخبر ومتنه ، وحينئذ يعرف الخبر بأنه ما تفرد به راو واحد ، وقد تكون الغرابة في إسناده لا متنه ، كما لو عرف متن حديث عن جماعة من الصحابة ، ولكن انفرد راو واحد بروايته عن صحابي آخر ، ومنه قول الترمذي : غريب من هذا الوجه. ولا يوجد ما هو غريب متنا لا إسنادا بحسب اصطلاح العامة (2). ا.

ص: 119


1- لسان العرب 1 / 638 - 640 مادة «غرب».
2- رسالة في أصول الحديث - للشريف الجرجاني - : 82 ، والمختصر في علم الأثر - للكافيجي - : 122 ، وما ورد في ذيل التعريف لا ينتقض ب : «غريب الحديث» الذي يعنى عادة باللفظ الغريب لغة ، البعيد عن الاستعمال ، فالمقصود بغريب الحديث ليس كالمقصود بالحديث الغريب اصطلاحا.

وعرفه الشهيد الثاني قدس سره ، بأنه ما تفرد به راو واحد في أي موضع وقع التفرد به من السند ، وإن تعددت الطرق إليه أو منه (1).

وجدير بالإشارة ، هو أن الحديث الغريب لا يعني أنه ضعيف مطلقا ، فهناك الصحيح ، وهناك الضعيف ، ومن اصطلاحات الترمذي عند العامة : حديث صحيح غريب ، وحديث صحيح حسن غريب ، وأما ما يرد منها فهو الضعيف ، وربما قد جمع مع ضعفه بعض أسباب الضعف الأخر كالشذوذ أو الانقطاع ونحو ذلك.

وأما عن موقف الشيخ من الأحاديث الغريبة ، فهو لم يحتج بها عند التعارض مع الصحيح الثابت ، خصوصا إذا كان التفرد من جهة عرفت بضعفها ، أو فساد مذهبها ، فحينئذ لا يعول الشيخ على ما تنفرد تلك الجهة بنقله ، ويدل عليه :

قوله عن خبر زرارة في باب بيع الواحد بالاثنين : «وأما خبر زرارة ، فالطريق إليه علي بن حديد ، وهو ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله» (2).

وسيأتي - إن شاء الله - ما له صلة بالحديث الغريب في بيان موقف الشيخ قدس سره من الحديث الموثق بحسب الاصطلاح.

للبحث صلة ... 8.

ص: 120


1- شرح البداية في علم الدراية : 16 ، وانظر : وصول الأخيار لأصول الأخبار : 111 ، نهاية الدراية : 160.
2- تهذيب الأحكام 7 / 101 ح 435 باب 8.

معجم مؤرخي الشيعة (2)

حتى

نهاية القرن السابع الهجري

(2)

صائب عبد الحميد

80 - عبد العزيز بن يحيى الجلودي (ت 332 ه) (1) :

ابن أحمد بن عيسى ، أبو أحمد الأزدي البصري ، شيخ البصرة وأخباريها ، من أكابر الرواة للآثار والسير ، كان جده عيسى الجلودي من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام.

له في التاريخ عشرات الكتب ، منها :

1 - كتاب الجمل.

2 - كتاب صفين.

3 - كتاب الحكمين.

4 - كتاب الغارات.

5 - كتاب الخوارج.

6 - كتاب بني ناجية.

7 - كتاب حروب علي عليه السلام.

ص: 121


1- رجال النجاشي : 240 - 244 رقم 640 ، رجال الطوسي : 435 رقم 67.

8 - كتاب نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

9 - كتاب تزويج فاطمة عليها السلام.

10 - كتاب ذكر علي عليه السلام في حروب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

11 - كتاب خلافة علي عليه السلام.

12 - كتاب عمال علي عليه السلام وولاته.

13 - كتاب ما كان بين علي عليه السلام وعثمان من الكلام.

14 - كتاب من أحب عليا عليه السلام وأبغضه.

15 - كتاب مقتل علي عليه السلام.

والظاهر أن كتبه المذكورة في علي عليه السلام هي فصول من كتاب كبير ، جعل فصوله كتبا ، وقد تضمنت عناوين أخرى كثيرة هي أشبه بأجزاء الكتاب وفصوله ، وهي :

كتاب ضغائن في صدور قوم.

كتاب من سبه من الخلفاء.

كتاب الكناية عن سب علي عليه السلام.

كتاب التفسير عنه عليه السلام.

كتاب القراءات عنه عليه السلام.

كتاب ما نزل فيه عليه السلام من القرآن.

كتاب خطبه عليه السلام.

كتاب شعره عليه السلام.

كتاب قوله عليه السلام في الشورى.

كتاب المرء مع من أحب.

ص: 122

كتاب حال الشيعة بعد علي عليه السلام.

كتاب قضاء علي عليه السلام.

كتاب رسائل علي عليه السلام.

كتاب من روى عنه عليه السلام من الصحابة.

كتاب مواعظه عليه السلام.

كتاب ذكر كلامه عليه السلام في الملاحم.

كتاب ما قيل فيه عليه السلام من شعر ومن مدح.

كتاب علمه عليه السلام.

كتاب الدعاء عنه عليه السلام.

كتاب اللباس عنه عليه السلام.

كتاب الشراب وصفته وذكر شرابه عليه السلام.

كتاب الأدب عنه عليه السلام.

كتاب النكاح عنه عليه السلام.

كتاب الطلاق عنه عليه السلام.

كتاب التجارات عنه عليه السلام.

كتاب الجناية والديات عنه عليه السلام.

كتاب الضحايا والذبائح والصيد والأيمان والخراج.

كتاب الطهارة عنه عليه السلام.

كتاب الصلاة عنه عليه السلام.

كتاب الزكاة عنه عليه السلام.

كتاب الصيام عنه عليه السلام.

ص: 123

فهذه عناوين واسعة قد استوعبت تاريخ الإمام علي عليه السلام والكثير من آثاره.

وله في التاريخ كتب أخرى ، هي :

16 - ذكر خديجة وفضل أهل البيت عليهم السلام.

17 - ذكر فاطمة عليها السلام أبا بكر.

18 - ذكر الحسن والحسين عليهما السلام.

وذكر أيضا : كتاب في أمر الحسن عليه السلام وكتاب في ذكر الحسين عليه السلام.

19 - مقتل الحسين عليه السلام.

20 - كلام ابن عباس في العرب وقريش والصحابة والتابعين.

21 - رسائل ابن عباس وخطبه ، وأول مناظراته ، وذكر نسائه ، وولده ، مع مجموعة كتب أخرى في علوم ابن عباس.

22 - أخبار التوابين و«عين الوردة».

23 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي.

24 - أخبار علي بن الحسين عليه السلام.

25 - أخبار أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.

26 - أخبار زيد بن علي عليه السلام.

27 - أخبار عمر بن عبد العزيز.

28 - أخبار محمد ابن الحنفية.

29 - أخبار العباس.

30 - كتاب أخبار جعفر بن أبي طالب.

31 - أخبار أم هانئ.

ص: 124

32 - أخبار عبد الله بن جعفر.

33 - كتاب أخبار الحسن بن الحسن.

34 - أخبار عبد الله بن الحسن بن الحسن.

35 - أخبار إبراهيم بن عبد الله بن الحسن.

36 - أخبار من عشق من الشعراء.

37 - أخبار لقمان بن عاد.

38 - أخبار لقمان الحكيم.

39 - من خطب على منبر بشعر.

40 - أخبار تأبط شرا.

41 - أخبار الأعراب.

42 - أخبار قريش والأصنام.

43 - قبائل نزار وحرب ثقيف.

44 - طبقات العرب والشعراء.

45 - أخبار السودان.

46 - أخبار عمرو بن معدي كرب.

47 - أخبار أمية بن أبي الصلت.

48 - أخبار أبي الأسود الدؤلي.

49 - أخبار أكثم بن صيفي.

50 - أخبار عبد الرحمن بن حسان.

51 - أخبار خالد بن صفوان.

52 - أخبار أبي نؤاس.

ص: 125

53 - أخبار المدنيين.

54 - أخبار رؤبة بن العجاج.

55 - أخبار الأحنف بن قيس.

56 - أخبار أبي داود.

57 - أخبار قنبر.

58 - أخبار أبي بكر وعمر.

59 - خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

60 - خطب أبي بكر.

61 - خطب عمر.

62 - خطب عثمان.

63 - رسائل أبي بكر.

64 - رسائل عمر.

65 - رسائل عثمان.

66 - قطائع أبي بكر وعمر وعثمان.

67 - مقتل عثمان.

وهذه الكتب السبعة الأخيرة تبدو وكأنها فصول لكتاب واحد يجمع سير أبي بكر وعمر وعثمان.

68 - كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

69 - قطائع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

70 - الوفود على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبي بكر ، وعمر.

71 - أخبار الفرس.

72 - مقتل محمد بن أبي بكر.

ص: 126

73 - أخبار سلمان الفارسي.

74 - أخبار حمزة بن عبد المطلب.

75 - أخبار صعصعة بن صوحان.

76 - أخبار الحجاج.

77 - أخبار الفرزدق.

78 - أخبار جعفر بن محمد عليه السلام.

79 - أخبار موسى بن جعفر عليه السلام.

80 - أخبار عقيل بن أبي طالب.

81 - أخبار السيد الحميري (ابن محمد).

82 - أخبار بني مروان بن محمد.

83 - أخبار العرب والفرس.

وقد تقدم كتابان في أخبار العرب ، وأخبار الفرس ، ولعلهما مجتمعان في هذا الكتاب الواحد.

84 - أخبار البراجم.

85 - أخبار هدبة بن خشرم.

86 - أخبار المحدثين.

86 - أخبار سديف.

87 - أخبار إياس بن معاوية.

88 - أخبار أبي الطفيل.

89 - أخبار حسان.

90 - أخبار دغفل النسابة.

91 - أخبار شريح.

ص: 127

ويظهر من هذه الكتب أنها مجموعة تراجم مفصلة تنتظم في كتاب واحد.

92 - كتاب الألوية والرايات.

ويمكن بعد هذا السرد لعناوين مصنفاته أن تقسم أعماله في التاريخ إلى ثمانية موسوعات تختلف في سعتها وشمولها ، وقد تناولت المواضيع الآتية :

1 - السيرة النبوية ، وشملت :

* كتاب نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* قطائع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* الوفود على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* الألوية والرايات.

2 - في سيرة الإمام علي عليه السلام ، وشملت عشرات الكتب في أول موسوعة شاملة في هذا الموضوع.

3 - في سيرة أهل البيت عليهم السلام ، وقد شملت أخبار خديجة وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم.

4 - سيرة الخلفاء وأخبارهم : أبو بكر ، عمر ، عثمان.

5 - تراجم الرجال ، وقد شملت 41 ترجمة مستوفية لأخبار هؤلاء الأعلام.

6 - في الأمم والقبائل : أخبار العرب والفرس ، البراجم ، الأعراب ،

ص: 128

أخبار الفرس ، قريش والأصنام ، قبائل نزار وحرب ثقيف ، السودان.

7 - الطبقات : طبقات العرب والشعراء - المدنيين - المحدثين ، من عشق من الشعراء ، من خطب على منبر بشعر.

8 - الأحداث التاريخية : التوابين وعين الوردة ، الغارات ، أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، أخبار زيد بن علي.

81 - عبد الله بن إبراهيم العلوي (ق 2) (1) :

ابن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، أبو محمد.

ثقة ، صدوق ، لم تشتهر روايته .. وأبوه روى عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، وروى أخوه جعفر عن الإمام الصادق عليه السلام.

له في التاريخ :

1 - كتاب خروج محمد بن عبد الله (النفس الزكية) ومقتله.

2 - كتاب خروج صاحب فخ ومقتله.

وقد نسب الكتابان إلى بكر بن صالح ، وهو أحد رواتهما.

82 - عبد الله بن أحمد ، ابن الخشاب (567 ه) (2) :

أبو محمد ، النحوي ، أعلم معاصريه بالعربية ، ولد ببغداد سنة 492 ه ، وتوفي فيها. كان عارفا بعلوم الدين ، والفلسفة والحساب والهندسة. قيل : إنه كان في حياته الشخصية مبتذلا في عيشه وملبسه ، كثير 7.

ص: 129


1- رجال النجاشي : 216 رقم 562.
2- وفيات الأعيان 1 / 267 ، شرح نهج البلاغة 1 / 205 ، الذريعة 3 / 217 رقم 805 ، الأعلام 4 / 67.

المزاح ، له كتب كثيرة ، وقفها على أهل العلم قبيل وفاته.

من مؤلفاته في النحو واللغة : شرح مقدمة الوزير أبي هبيرة أربع مجلدات ، والمرتجل في شرح الجمل - للزجاجي - مخطوط ، والرد على التبريزي في تهذيب الإصلاح ، ونقد المقامات الحريرية مطبوع.

وكان تلميذه مصدق بن شبيب - المتوفى 605 ه - وقد سأله عن الخطبة الشقشقية وما قاله بعض من أنها منحولة وضعها الشريف الرضي ، فقال ابن الخشاب : والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة.

له في التاريخ :

تاريخ الأئمة ، وهو كتاب صغير ، أخباره معتبرة ، مقصورة على ولادات الأئمة ووفياتهم ومدة أعمارهم.

اعتمده صاحب كشف الغمة - المتوفى سنة 692 ه - كثيرا وعبر عنه ب : مواليد أهل البيت عليهم السلام. كما نقل عنه السيد ابن طاووس.

توجد نسخة من هذا التاريخ في المكتبة الموقوفة للسيد علي الإيرواني في تبريز.

83 - عبد الله بن أحمد بن حرب بن مهزم ، أبو هفان العبدي (ت 257 ه) (1) :

من أهل البصرة ، من عبد القيس ، راوية ، شاعر ، عالم بالشعر 5.

ص: 130


1- رجال النجاشي : 218 رقم 566 تاريخ بغداد 9 / 370 ، لسان الميزان 3 / 249 ، الأعلام 4 / 65.

والأدب ، سكن بغداد ، وأخذ عن الأصمعي وغيره. كان فقيرا لا تكاد ثيابه تستر جسده!

له في التاريخ :

1 - أخبار الشعراء.

2 - شعر أبي طالب وأخباره.

3 - أشعار عبد القيس وأخبارها.

4 - أخبار أبي نؤاس.

84 - عبد الله بن جعفر الحميري القمي (حدود 310 ه) (1) :

ابن الحسين بن مالك أبو العباس ، فقيه ، شيخ فقهاء قم في زمانه ووجههم ، أتى الكوفة وأخذ عن أهلها ، له كتب في التوحيد والإمامة ، وله كتاب قرب الإسناد إلى الرضا عليه السلام مطبوع ، وعدة كتب أخرى في الحديث

والكلام ، ثقة.

له في التاريخ :

كتاب فضل العرب.

85 - أبو عبد الله الحسني (المتوفى قبل 380 ه) (2) :

ذكره النديم في الفهرست ، له كتب في الحديث وغيره.

وله في التاريخ :

1 - كتاب أخبار معاوية. ن.

ص: 131


1- رجال النجاشي : 219 ، معالم العلماء ، 73 رقم 493 ، الأعلام 4 / 76.
2- الفهرست - للنديم - : 243 الفهرست ، للطوسي - : 189 رقم 850 ، معالم العلماء 133 رقم 902 وفيه : أبو عبد الله الحسين.

2 - أخبار المحدثين.

3 - كتاب الفضائل.

86 - عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي (ق 3) (1) :

أبو محمد الكاتب النحوي. كان من خواص الإمام العسكري عليه السلام الذي توفي سنة 260 ه. قرأ على ثعلب الذي توفي سنة 291 ه وكان من وجوه أهل الأدب.

له في التاريخ :

كتاب التاريخ ، قال عنه المسعودي في أول مروج الذهب : «إن فيه أخبار الخلفاء من بني العباس وغيرهم».

87 - عبد الله بن ميمون بن الأسود القداح (ق 3) (2) :

مولى بني مخزوم ، كان يبري القداح ، فلقب بالقداح.

كان ثقة ، روى عن الإمام الصادق عليه السلام ، وأبوه روى عن الصادق والباقر عليهما السلام ، ذكره الذهبي باسم عبد الله بن ميمون القداح المكي ، وذكره ابن حجر باسم «عبد الله بن ميمون بن داود القداح» ، وقد خلط بعض أصحاب التاريخ بينه وبين عبد الله بن ميمون بن ديصان ، أبي شاكر ، صاحب الأثر في الدعوة الإسماعيلية ، والذي كان أبوه قد اتبع مذهب 4.

ص: 132


1- رجال النجاشي : 230 رقم 608 ، مروج الذهب 1 / 24.
2- رجال النجاشي : 213 رقم 557 الفهرست ، الطوسي - 103 رقم 431 ، ميزان الاعتدال 2 / 512 رقم 4642 ، لسان الميزان 4 / 178 ، قاموس الرجال 6 / 633 رقم 4554.

أبي الخطاب في الغلو ، وصار له أتباع عرفوا بالميمونية ، وهذا غير المحدث والمؤرخ المراد هنا.

له في التاريخ :

كتاب مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخباره.

88 - عبيد الله بن أبي رافع (ق 1) (1) :

واسم أبي رافع : إبراهيم ، وقيل : أسلم ، كان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعتقه ، وكان ولداه عبيد الله وعلي كاتبا أمير المؤمنين عليه السلام ، وألف عبيد الله كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام محفوظ سنده.

وله في التاريخ :

تسمية من شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام الجمل وصفين والنهروان من الصحابة رضي الله عنهم.

89 - عبيد الله بن أبي زيد أحمد الأنباري (ت 356 ه) (2) :

ابن يعقوب بن نصر ، أبو طالب ، من أهل واسط ، وبها توفي ، ثقة في الحديث عالم به ، كان قديما من الواقفة ، حسن العبادة والخشوع.

قال النجاشي : كان أبو القاسم بن سهل الواسطي العدل ، يقول : ما رأيت رجلا كان أحسن عبادة ، ولا أبين زهادة ، ولا أنظف ثوبا ، ولا أكثر تحليا من أبي طالب. وكان يتستر بعبادته ، فينفرد في الخرائب والكنائس 4.

ص: 133


1- الفهرست - للطوسي - : 107 رقم 456 ، معالم العلماء : 76 رقم 524 ، الكامل في التاريخ 2 / 311.
2- رجال النجاشي : 232 رقم 617 ، الفهرست - للطوسي - : 103 رقم 434.

والبيع ، فإذا عثروا به وجدوه على أجمل حال من الصلاة والدعاء ، وكان أصحابنا البغداديين يرمونه بالارتفاع.

له مئة وأربعون كتابا ورسالة.

له في التاريخ :

1 - كتاب الفدك.

2 - كتاب أخبار فاطمة عليها السلام.

3 - أسماء أمير المؤمنين عليه السلام.

90 - عبيد الله بن موسى بن أحمد بن محمد (ق 5) (1) :

ابن أحمد بن موسى بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق عليهم السلام ، أبو الفتح.

ثقة ، ورع ، فاضل ، محدث ، له مصنفات ، منها : الحلال والحرام.

له في التاريخ :

1 - أنساب آل الرسول وأولاد البتول.

2 - الأديان والملل.

91 - علي بن إبراهيم بن محمد العلوي (ق 4) (2) :

ابن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسين عليه السلام ، وهو الشريف أبو الحسن الجواني ، من مشايخ أبي الفرج الأصفهاني.

فقيه ، صالح الحديث. 7.

ص: 134


1- الفهرست - لمنتخب الدين - : 111 رقم 229.
2- رجال النجاشي : 262 رقم 687 ، طبقات أعلام الشيعة (ق 4) : 167.

له في التاريخ :

1 - أخبار صاحب فخ.

2 - أخبار يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى.

3 - أخبار العباس بن عمر بن العباس.

حدث بكتبه هذه أبو الفرج الأصبهاني ، المولود سنة 284 والمتوفى سنة 356 أو 357 ه ، صاحب كتاب الأغاني ، وكتاب مقاتل الطالبيين.

92 - علي بن إبراهيم بن هاشم القمي (ت بعد 307 ه) (1) :

أبو الحسن صاحب التفسير ، من مشايخ ثقة الإسلام الكليني.

قال النجاشي : ثقة في الحديث ، ثبت معتمد ، صحيح المذهب ، سمع فأكثر ، وصنف كتبا ، وأضر في وسط عمره.

له مصنفات في التفسير وعلوم القرآن والفقه.

له في التاريخ :

1 - كتاب المغازي.

2 - كتاب الأنبياء.

3 - كتاب تزويج المأمون أم الفضل.

93 - علي بن أحمد العلوي العقيقي (ق 4) (2) :

أبو الحسن ، من سلالة عبد الله بن الحسن المثنى ، قيل : في أحاديثه شه

ص: 135


1- رجال النجاشي 6 260 رقم 680 ، الفهرست - للطوسي - : 89 رقم 370 ، معالم العلماء ، 62 رقم 424.
2- الفهرست - للطوسي - : 97 رقم 414 ، وهامشه

مناكير.

ورد بغداد سنة 298 على علي بن عيسى بن الجراح ، وهو وزير المقتدر العباسي.

له في التاريخ :

1 - كتاب المدينة.

2 - كتاب النسب.

94 - علي بن بلال المهلبي الأزدي (ق 4) (1) :

أبو الحسن ، قال النجاشي : شيخ أصحابنا بالبصرة ، ثقة ، سمع الحديث فأكثر ، وصفه أبو محمد بن غلام الزهري بأنه كان داعية للمرتضى.

له في التاريخ :

1 - البيان عن خيرة الرحمن ، في إيمان أبي طالب وآباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2 - كتاب الغدير.

95 - علي بن الحسن بن علي ، ابن فضال (ق 3) (2) :

فقيه الشيعة في الكوفة ، ووجههم ، وثقتهم ، وعارفهم بالحديث ، 1.

ص: 136


1- رجال النجاشي : 265 رقم 690 ، معالم العلماء : 67 رقم 457 ميزان الاعتدال 3 / 116 رقم 5794.
2- رجال النجاشي : 257 رقم 676 ، الفهرست - للطوسي - : 92 رقم 381 ، معالم العلماء : 65 رقم 438 الذريعة 84 / 401.

والمسموع قوله فيه.

سمع منه شيئا كثيرا ، ولم يعثر له على زلة فيه ، وقل ما روى عن ضعيف ، كان فطحيا ، ثم صحب الإمام الهادي عليه السلام والإمام الحسن العسكري عليه السلام المتوفى 260 ه.

وقد تقدمت ترجمة والده الحسن بن علي بن فضال.

صنف كتبا كثيرة ، منها ثلاثون كتابا في الفقه.

له في التاريخ :

1 - كتاب صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2 - كتاب وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

3 - كتاب أسماء آلات رسول الله وأسماء سلاحه.

4 - كتاب الأنبياء.

5 - كتاب أخبار بني إسرائيل.

6 - كتاب فضل الكوفة.

7 - إثبات إمامة عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق عليه السلام.

8 - كتاب المثالب.

وهناك كتاب اسمه أصفياء أمير المؤمنين عليه السلام ينسب إليه.

قال النجاشي : يقولون إنه موضوع عليه ، لا أصل له ، والله أعلم.

قالوا : وهذا الكتاب ألصق روايته إلى أبي العباس ابن عقدة وابن الزبير ، ولم نر أحدا ممن روى عن هذين الرجلين يقول : قرأته على الشيخ ، غير أنه يضاف إلى كل رجل منهما بالإجازة حسب.

ص: 137

96 - علي بن الحسين بن علي المسعودي (345 أو 346 ه) (1) :

من ذرية الصحابي عبد الله بن مسعود.

أحد أبرز المؤرخين الكبار ، تميز بالروح العلمية ، والعقلية التاريخية ، إضافة إلى معرفته الواسعة بمختلف العلوم العقلية والآداب واللغات العالمية ، أحاط بمعظم ما كتبه المسلمون قبله في التاريخ وتاريخ الفرق ، واطلع على تواريخ الأمم ومصادر ثقافاتها ، وزاد على ذلك كله مصدرا حيويا آخر ، وهو الترحال الواسع والهادف ، ترحال الباحث المستكشف ، فوفرت له رحلاته ما لم توفره مصادره ، ووضعت بيديه مفاتيح الحكم على قضايا تردد فيها غيره ، أو تكلم فيها بغير علم ، فوجد في ذلك دافعا كبيرا نحو كتابة التاريخ.

ومن هنا عرفه ابن خلدون ب : «إمام المؤرخين» ، ووصفه بعض المستشرقين ب : «هيرودوتس العرب» وهيرودوتس هو مؤرخ اليونان الحائز على لقب : «أبو التاريخ».

لم يعلم تاريخ مولد المسعودي ، ولكن قدره بعضهم بسنة 287 ه ، والظاهر أن مولده قبل هذا التاريخ كما يبدو من تاريخ رحلاته ، إذ ابتدأ سنة 300 ه رحلة طويلة قطع بها بلاد فارس حتى السند والهند ، امتدت حتى سنة 304 ه كما سيأتي. 0.

ص: 138


1- رجال النجاشي : 254 رقم 665 مقدمتي التنبيه والأشراف ومروج الذهب - للمسعودي - ، الأعلام 4 / 277 ، الفهرست - للنديم - : 171 ، معجم البلدان 13 / 90 - 94 سير أعلام النبلاء 15 / 569 ، طبقات الشافعية - للسبكي - 3 / 456 - 457 ، لسان الميزان 4 / 258 ، شذرات الذهب - المجلد - 1 - 2 / 371 ، أعيان الشيعة 8 / 220.

ولد ببابل ونشأ فيها ، ثم انتقل إلى بغداد ، فعد في البغداديين. قال المسعودي معرفا بمسقط رأسه وهو يصف إقليم بابل : «وأوسط الأقاليم الإقليم الذي ولدنا به ، وإن كانت الأيام أنأت بيننا وبينه ، وساحقت مسافتنا عنه ، وولدت في قلوبنا الحنين إليه ، إذ كان موطننا ومسقطنا ، وهو إقليم بابل» (1) ، ثم بسط بعده كلاما جميلا في الحنين إلى الأوطان ، وأقوال الحكماء في ذلك ، استظهر منه بعضهم أن مولده في بغداد التابعة لإقليم بابل.

ونشط المسعودي بالرحلات مبكرا ، فذكر أنه في سنة 303 - 304 ه قد طوف في بلاد السند وهي : بلاد الأفغان ، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى ، ثم الهند ، وجزيرة سرنديب .. وفي سنة 309 ه كان في الحجاز .. وتنقل في سنتي 313 - 314 ه في بلاد الشام : من طبريا في فلسطين إلى أنطاكية المتاخمة للأراضي التركية .. وطاف في أطراف الجزيرة العربية .. وسافر بحرا من عمان إلى جزيرة شرقي الساحل الأفريقي سماها «قنبكو» وتردد بينها وبين عمان عدة مرات ، قيل : إنه أراد بهذه الجزيرة (مدغشقر) ، وقيل : (الزنجبار) .. وركب عدة من البحار كبحر الصين والروم والخزر والقلزم واليمن وبحر الزنج (شرق إفريقيا) ومر في أثناء ذلك كله ببلاد واسعة ومدن يصعب حصرها.

وفي سنة 332 ه كان في البصرة ، وفيها كتب مروج الذهب ، ثم انتقل سنة 334 ه إلى مصر لأسباب غامضة ، فقال بعد وصفه لإقليم بابل ومدينة السلام - بغداد - : «وأشرف هذا الإقليم مدينة السلام ، ويعز علي ما 8.

ص: 139


1- مروج الذهب 2 / 38.

أصارتني إليه الأقدار من فراق هذا المصر الذي عن بقعته فصلنا ... لكنه الزمن الذي من شيمته التشتيت ...»(1).

وهذا القول أظهر في انتسابه إلى بغداد ... وقد تمثل في وصف أسفاره المتواترة بأبيات لأبي تمام ، يقول فيها :

خليفة الخضر من يربع على وطن

في بلدة فظهور العيس أوطاني

وقال :

فغربت حتى لم أجد ذكر مشرق

وشرقت حتى قد نسيت المغاربا (2)

وتمثل أيضا في وصف أسفاره :

تيمم أقطار البلاد فتارة

لدى شرقها الأقصى وطورا إلى الغرب

سرى الشمس لا ينفك تقذفه النوى

إلى أفق ناء يقصر بالركب (3)

وفي فسطاط مصر - القاهرة القديمة - كانت وفاته في سنة 345 أو 346 ه.

وقد اختلف العلماء في مذهبه :

فالسبكي عده شافعيا ، وترجم له في طبقات الشافعية ، بحجة أنه علق على أبي العباس بن سريج - الشافعي - رسالة البيان في أصول 9.

ص: 140


1- مروج الذهب 2 / 39 ، التنبيه والإشراف : 38.
2- التنبيه والإشراف - المقدمة - : 6.
3- مروج الذهب 1 / 19.

الأحكام. غير أن في هذا الكتاب نفسه ما يقلل من أهمية هذه الحجة ، إذ فيه تصريح بأن هذه الرسالة قد كتبت في مجلس جامع عند ابن سريج في مرضه الذي توفي فيه ، وقد ضم المجلس رجالا من جميع أصحاب المذاهب «من الشافعيين والمالكيين والكوفيين والداوديين ، وغيرهم من أصناف المخالفين» (1).

وأيضا : فقد ذكر ابن العماد الحنبلي أن المسعودي المؤرخ هو غير المسعودي الفقيه الشافعي (2).

وقال آخرون : إنه كان معتزليا (3) .. ولم ينسبه ابن العماد الحنبلي إلى مذهب ، فيما رأى ابن حجر العسقلاني أن كتب المسعودي «طافحة بأنه كان شيعيا معتزليا» ثم قدم على تشيعه أدلة ضعيفة ، ولم يأت بما يشير إلى كونه معتزليا (4).

والذي يرجح على ذلك كله كونه شيعيا صريحا ، وليس دليل تشيعه الوحيد هو ترجمة النجاشي له بين مصنفي الشيعة ، بل كتبه الكثيرة في الإمامة دالة على ذلك ، وقد أحصى منها بقلمه : الصفوة في الإمامة والاستبصار في الإمامة ورسالة البيان في أسماء الأئمة عليهم السلام .. هذا غير الكتاب الآخر إثبات الوصية الذي نسبه إليه النجاشي الذي أخذ أخبار المسعودي من أحد تلامذته والحائزين على إجازته برواية كتبه (5).5.

ص: 141


1- طبقات الشافعية 3 / 456.
2- شذرات الذهب - مجلد 1 - 2 / 371.
3- طبقات الشافعية 3 / 456 ، سير أعلام النبلاء 15 / 596.
4- لسان الميزان 4 / 258.
5- رجال النجاشي : 254 رقم 665.

ولكن قد دار كلام حول هذا الكتاب ، إذ لم يذكره المسعودي في أسماء كتبه التي ذكرها في مقدمة التنبيه والإشراف وهو آخر كتبه ، ولاختلاف أسلوبه عن أسلوب المسعودي في مروج الذهب والتنبيه والإشراف ، ولوجود اختلاف في بعض المعلومات بين هذا الكتاب وبين مروج الذهب خصوصا في أسماء بعض الأنبياء وفي تسلسلهم (1).

ومن هذا الاختلاف في تحديد مذهبه يتبين كم كان المسعودي متوازنا في طرحه ، موضوعيا في استعراضه لأحداث التاريخ ومقولات الفرق والمذاهب ، متعاليا على الروح المذهبية ، فإذا تناول المذاهب تحدث عنها جميعا بنفس واحد ، وساق أدلتها بكل احترام ، ويتكلم عن الجميع بضمير الغائب «قالوا ، أجمعوا ...» ولم ينسب نفسه إلى أي منها ولا تعرض لشئ منها بالقدح والتنقيص ، رغم أنه كان ناقدا لا يرحم حين يجد مبررا موضوعيا للنقد ، كما ستأتي الإشارة إليه في نقده لسنان بن ثابت ابن قرة الحراني ، والجاحظ.

وللمسعودي مؤلفات عديدة في أصول الدين والملل والنحل وغيرها ، ذكرها في مقدمتي كتابيه : مروج الذهب والتنبيه والإشراف.

وله في التاريخ :

1 - أخبار الزمان وما أباده الحدثان : وهو أول مصنفاته وأوسعها ، وقد قدر بثلاثين مجلدا ، قيل : يوجد منه جزء واحد ، وقد طبع في مصر ا.

ص: 142


1- هناك : بحث مفصل للدكتور جواد علي انتهى فيه إلى عدم صحة نسبة إثبات الوصية إلى المسعودي المؤرخ ، وقد رافقة على ذلك أكثر الباحثين. ولعل بعض ملاحظاتهم قابلة للرد والنقاش ، وليس هذا محلها.

بالعنوان نفسه ، غير أنه من المستبعد أن يكون هذا الجزء من كتاب المسعودي المذكور ، إلا أن يكون - كما رأى معظم المحققين - مختارات من هذا الكتاب جمعها أحد المتأخرين عن المسعودي في جزء واحد ، ووضع لها عنوان الكتاب الأصل ، ونسبه إلى المسعودي.

وقد اختصر المسعودي أخبار الزمان في كتابه اللاحق الأوسط.

2 - الكتاب الأوسط : اختصر فيه كتابه الأول.

3 - مروج الذهب ومعادن الجوهر : مطبوع في أربعة مجلدات ، وهو التالي للكتاب الأوسط ، اختصر فيه ما ذكره في الكتابين ، وأضاف إليه ما لم يكن فيهما من أنواع المعارف ، وفيه إحالات كثيرة إليهما ، ولا سيما إلى أخبار الزمان ، كافية في إعطاء صورة عن ذينك الكتابين المفقودين ، وقد ابتدأ تأليفه في مدينة البصرة سنة 332 ه وانتهى منه سنة 336 ه بفسطاط مصر ، في خلافة المطيع لله العباسي (1).

4 - فنون المعارف وما جرى في الدهور السوالف.

5 - ذخائر العلوم وما كان في سالف الأعصار.

6 - التنبيه والإشراف : وهو آخر هذه القائمة تصنيفا ، مطبوع في مجلد واحد ، وقد صنفه بالفسطاط سنة 344 ه ، ثم زاد عليه في نسخة أخرى كتبها سنة 345 ه وجعل المعول على هذه النسخة الأخيرة ، وهي النسخة المطبوعة.

ولقد كان يراوده أمل - حين انتهى من تأليف مروج الذهب - في 0.

ص: 143


1- مروج الذهب 4 / 290.

تصنيف كتاب آخر بمنهج جديد ، وقد عنونه مبكرا قبل الشروع به ، وهو : «وصل المجالس بجوامع الأخبار ومختلط الآثار» (1). لكنه لم يذكر هذا

الكتاب في مصنفاته التي ذكرها مرتبة في كتابه الأخير التنبيه والإشراف ، فلعله غير عنوانه بعد تأليفه إلى فنون المعارف الذي جعله تاليا ل : مروج الذهب.

7 - البيان في أسماء الأئمة عليهم السلام.

للموضوع صلة ... 1.

ص: 144


1- مروج الذهب 4 / 291.

دليل

المخطوطات

(5)

مكتبة مدرسة الإمام الصادق عليه السلام

(بروجرد - إيران)

السيد أحمد الحسيني الإشكوري

بسم الله الرحمن الرحيم

مدرسة الإمام الصادق عليه السلام (نور بخش) من المدارس العلمية القديمة بمدينة بروجرد ، أسست مكتبتها في سنة 1368 ه بأمر المرجع الديني الراحل السيد آقا حسين الطباطبائي البروجردي قدس سره ، وفيها نحو أربعمائة وخمسين نسخة مخطوطة ، نقدم في ما يلي فهرس مائتين وخمسين نسخة منها ، فهرسناها في زيارة خاطفة لها :

ص: 145

(1)

اختيارات

بديهي

(طب - فارسي)

تأليف : علي بن الحسين الأنصاري ، المعروف بحاج زين العطار (806).

* 211 ، شمس بن مخلص ... بن مرشد بن سعد

البرغشي الجماني.

(2)

الأربعون

حديثا

(حديث - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

* 246 ، محمد مقيم ، يوم الاثنين 23 صفر 1095.

(3)

إرشاد

الأذهان إلى أحكام الإيمان

(فقه - عربي)

تأليف : العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (726).

*

15 ، يوم الأحد 25 ذي القعدة 1055 في أصبهان.

* 35 ، محمد تقي ، شهر رجب 1270.

(4)

أساس

الأحكام

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : المولى أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني (1245).

ص: 146

* 56 ، محمود ، ليلة الخميس من صفر 1264.

(5)

الاستبصار

في ما اختلف من الأخبار

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 104 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مصححة ، على

بعض مواضيعها تعاليق.

(6)

إكمال

الدين وإتمام النعمة

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي (381).

* 222 ، من القرن الحادي عشر.

(7)

الألفين

الفارق بين الصدق والمين

(عقائد - عربي)

تأليف : العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (726).

* 28 ، من القرن الثاني عشر.

(8)

أنوار

التنزيل وأسرار التأويل

(تفسير - عربي)

تأليف : القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (685).

* 10 ، من القرن الحادي عشر ، نسخة مجدولة ، مخرومة

الأول.

ص: 147

(9)

الأنوار

النعمانية في بيان معرفة النشأة الإنسانية

(متفرقة - عربي)

تأليف : السيد نعمة الله بن عبد الله الموسوي الجزائري (1112).

* 230 ، رحيم بن نصير ، يوم السبت 25 شوال 1271 ،

النصف الثاني من الكتاب.

(10)

بحار

الأنوار

(حديث - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 120 ، علي رضا بن مير عبد الفتاح الحسيني ، صفر

1096 ، عورض على نسخة المجلسي كما كتب ذلك بخطه في

آخر هذه النسخة ، المجلد الأول.

* 121 ، ثامن عشر جمادى الأولى 1124 ، النسخة

مجدولة ، في الصفحة الأولى منها لوحة ، المجلد الثالث.

* 122 ، بدون اسم الناسخ والتاريخ ، المجلد الرابع.

* 123 ، مخروم الأول والآخر ، المجلد الرابع.

* 124 ، قابله أبو الفضل الصادق المدعو بالسيد محمد

الرضوي القمي ، وأتم المقابلة في سابع رجب 1125 ، النصف

الأول من المجلد السابع.

* 125 ، محمد شفيع بن عبد الرحيم الشريف النائيني

الخوراسكاني ، يوم الخميس 16 رجب 1231 ، النصف الثاني

من أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* 126 ، المجلد التاسع.

* 127 ، النصف الثاني من المجلد التاسع.

ص: 148

* 128 ، المجلد الثاني عشر.

* 129 ، علي رضا بن مير عبد الفتاح الحسيني الجوزقي

،

العاشر من صفر 1110 ، المجلد الثالث عشر.

* 130 ، مخروم الأول والآخر ، المجلد الرابع عشر.

* 131 ، المجلد الخامس عشر ، صححه أبو أحمد محمد

ابن عبد النبي بن عبد الصانع العامري النيسابوري الحائري ،

وأتمه في ليلة السبت آخر جمادى الآخرة 1208 في كربلاء

بأمر الحاج محمد جعفر.

* 132 ، المجلد الثامن عشر ، وبآخره إجازة بخط

المجلسي للشيخ محمد باقر المكي ، ثم صورة إجازة مفصلة

من المجلسي بتاريخ العاشر من رمضان 1089 ولم يكتب فيها

اسم المجاز.

* 133 ، قطعة من أول المجلد الثامن عشر.

* 134 ، أبو الحسن ، جمادى الآخرة ، 17؟ المجلد

الثاني

والعشرون.

* 171 ، نسخة مصححة ، مخرومة الأول والآخر ، المجلد

الثامن.

* 172 ، استكتبه محمد مهدي بن الحاج محمود في سنة

1129 ، المجلد الثاني عشر.

(11)

بحر

الحقائق في معرفة الرموز والدقائق

(فقه - عربي)

تأليف : مير محمد إبراهيم بن الحسين الحسيني الحسني.

فقه استدلالي كبير ، فيه نقول ومناقشات كثيرة ، كتبه المؤلف بعد تأليف حاشيته على معالم الأصول : تنقيح المسائل في معرفة الأصول

ص: 149

والدلائل ، ونقل فيه ما استدل به الفقهاء ، ثم عقب في كل مسألة بما استنبطه هو.

أوله : «الحمد لله الذي فجر لنا ينابيع بحر الحقائق بمسالك مدارك شرائع الدين ، ونور لنا سبيل الرشاد وطرق الإرشاد بمصابيح الكتاب الحق المستبين».

* 67 ، محمد بن محمد باقر الخراساني ، سنة 1227

(آخر الجزء الأول) ، نسخة مصححة ، فيها بلاغات الجزء

الأول والثاني ، فيها كتاب الطهارة إلى أحكام التيمم.

(12)

البهجة

المرضية في شرح الألفية

(نحو - عربي)

تأليف : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (911).

* 43 ، محمد علي ، سنة 1203.

(13)

التبيان

في تفسير القرآن

(تفسير - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 32 ، حسين بن محمد بن عبد القاهر بن محمد بن

عبد الله بن يحيى بن الوكيل ، المعروف بابن الشطوي (اسمه

على الورقة الأولى) ، ابتدأ باستنساخه يوم الجمعة السابع من

رمضان 593 وليلة الجمعة الثالث من ربيع الأول 594 ، المجلد

الرابع ، نسخة نفيسة جدا.

ص: 150

(14)

تحرير

القواعد المنطقية في شرح الشمسية

(منطق - عربي)

تأليف : قطب الدين محمد بن محمد البويهي الرازي (766).

* 57 ، حسن بن محمد أمين ، ليلة الجمعة من شهر

رمضان 1112.

(15)

التحفة

الرضية إلى طلاب الإمامية

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ يحيى بن الحسين بن عشرة الأوالي البحراني (ق 10).

شرح استدلالي بعناوين «قوله .. قوله» على رسالة «الجعفرية» للمحقق الكركي ، ألفه الشارح بالتماس بعض الأحبة مستفيدا من فوائد أستاذه مؤلف الرسالة وغيره ، وأتمه سلخ شوال سنة 953.

أوله : «الحمد لله الحليم الغفار ، الكريم الستار ، العزيز القهار ، مكور الليل على النهار ، خالق كل شئ بمقدار ، ومميز الإنسان بالعمل والأفكار».

أنظر أيضا : التحفة الرضوية في شرح الجعفرية في الذريعة 3 / 436.

* 17 ، بخط المؤلف.

(16)

تحفة

الزائر

(زيارة - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 2 ، نسخة مجدولة بدون اسم الناسخ والتاريخ.

ص: 151

(17)

التحفة

السنية في شرح النخبة المحسنية

(فقه - عربي)

تأليف : السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الموسوي الجزائري (1173).

* 78 ، محرم 1250.

(18)

تذكرة

الفقهاء

(فقه - عربي)

تأليف : العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (726).

* 184 ، بدأ الكاتب بالجزء السادس في رمضان 960 ،

النسخة مخرومة الآخر ، الجزء الخامس والسادس.

* 185 ، من القرن الثاني عشر ، كتاب الطهارة

والصلاة.

* 186 ، من القرن الحادي عشر. الجزء السابع.

* 187 ، الجزءان السابع عشر والثامن عشر.

* 189 ، من القرن الثالث عشر وهو مخروم الآخر ،

الجزء

الثامن.

* 190 ، مخروم الأول ، الجزء العاشر.

* 191 ، محمد قاسم بن محمد بن حمزة النجفي ، بدون

تاريخ ، الجزء الرابع عشر.

(19)

ترجمة

قطبشاهي

(حديث - فارسي)

ترجمة : الشيخ محمد بن علي ابن خاتون العاملي (ق 11).

ص: 152

* 82 ، 14 محرم 1061.

(20)

ترجمة

مصباح المتهجد

(دعاء - فارسي)

ترجمة :؟

* 170 ، جمادى الأولى 959 ، النسخة مخرومة الأول.

(21)

تفسير

الإمام العسكري

(تفسير - عربي)

منسوب إلى الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام.

* 236 ، بابا حاجي بن سعد الدين بن علي ، النسخة

غير

تامة في الكتابة.

(22)

تلخيص

الاثني عشرية في المواعظ العددية

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ إسماعيل الگنجي الجابلقي.

مختارات على ترتيب الأصل في اثني عشر بابا ، بإضافة بعض قصار كلمات أمير المؤمنين علي عليه السلام ، مختارة من غرر الحكم للآمدي.

أوله : «من كلماته صلى الله عليه وآله بألف الافتتاح ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ألا منتبه من رقدته قبل حلول منيته».

* 52 ، بخط المؤلف.

ص: 153

(23)

تلخيص

المفتاح

(بلاغة - عربي)

تأليف : جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني ، المعروف بخطيب دمشق (729).

* 30 ، نسخة حديثة ، مخرومة الآخر ، عليها تعاليق.

(24)

تلخيص

الأقوال في تحقيق أحوال الرجال

(رجال - عربي)

تأليف : ميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الحسيني الأسترآبادي (1028).

* 7 ، معين الدين محمد بن بديع الزمان القهبائي ،

يوم

السبت منتصف صفر 1078.

(25)

تهذيب

الأحكام

(حديث - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 62 ، عبد الله بن حسين علي شيخ نرفه إي التوني ،

سنة

1056 ، بآخر كتاب الصلاة بلاغ كتبه المولى محمد باقر

المحقق السبزواري بتاريخ ذي القعدة 1075 ، وبآخره إجازة من

بدر الدين بن أحمد بن فخر الدين الحسيني العاملي للأمير

مرتضى بن مصطفى الأذربيجاني التبريزي بتاريخ 25 محرم

1060 ، وإجازة من علي بن محمد هاشم المشهدي للأمير

مرتضى المذكور بتاريخ 1060 في المشهد الرضوي ، نسخة

ص: 154

مصححة ، عليها تعاليق وبلاغات.

* 65 ، تاسع ذي الحجة 1043 في المشهد الرضوي (آخر

الجزء الأول) ، النسخة مخرومة الآخر.

* 86 ، كتاب الطهارة والصلاة ، مخروم الآخر.

* 90 ، كتاب النكاح ، مخروم الآخر.

(26)

ثواب

الأعمال وعقاب الأعمال

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي (381).

* 250 ، محمود النجفي ، يوم الاثنين ثامن صفر؟

(27)

جامع

الشتات

(متفرقة - عربي فارسي)

تأليف : ميرزا أبو القاسم بن حسن الجيلاني القمي (1231).

* 79 ، أحمد بن محمد هاشم الخوانساري 18 ذي القعدة

1230 ، مخروم الأول.

(28)

جامع

المقاصد في شرح القواعد

(فقه عربي)

تأليف : نور الدين علي عبد العالي الكركي (940).

* 26 ، بدون اسم الناسخ والتاريخ ، المجلد الثاني.

* 34 ، من القرن الثاني عشر ، كتاب الطهارة إلى

الحج ،

مخروم الأول والآخر.

* 49 ، كتاب المتاجر إلى الشفعة ، وهو مخروم الآخر.

ص: 155

* 108 ، من كتاب الطهارة إلى البيع ، مخروم الأول

والآخر.

* 109 ، عبد المحمد بن محمد علي الجابلاتي ، سنة

1246 ، من كتاب المتاجر إلى إحياء الموات.

* 229 ، محسن بن جبر بن عبد اللطيف العبودي النجفي

،

يوم الأحد سادس شعبان 1229 ، النصف الأول.

(29)

جلاء

العيون

(سيرة المعصومين - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 100 ، نسخة حديثة ، مخرومة الآخر.

(30)

جمال

الصالحين

(دعاء - فارسي)

تأليف : ميرزا حسن بن عبد الرزاق اللاهيجي (1121).

* 61 ، يوم الثلاثاء 22 ربيع الأول 1259 ، النسخة

مخرومة

الأول.

(31)

جوامع

الجامع

(تفسير - عربي)

تأليف : أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي (548).

* 98 ، رابع جمادى الآخرة 1074 ، النصف الأول من

الكتاب.

ص: 156

* 99 ، يوم الأربعاء 29 جمادى الأولى 1137 ، النصف

الأول.

(32)

حاشية

معالم الأصول

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : آقا حسين بن محمد جمال الدين الخوانساري (1098).

* 3 ، محسن الجرفادقاني : ذي الحجة 1224 في أصبهان

،

المجلد الأول.

(33)

حاشية

إرشاد الأذهان

(فقه - عربي)

تأليف : ظهير الدين علي بن يوسف النيلي (ق 8).

نسبت الحاشية في النسخة إلى فخر الدين ابن العلامة الحلي وأستاذ النيلي ، وهي نسبة غير صحيحة. أنظر : الذريعة 6 / 16 - 17.

أوله مخروم : «أما بعد كلمة تسمى فصل الخطاب يؤتى بها إذا أريد الانتقال من كلام إلى آخر ومعناه بعد الكلام المتقدم».

* 51 ، الجزء الأول بخط حسين بن محمد بن الحسن

الجوياني العاملي ، يوم الاثنين السابع من شعبان 788 ، بقية

النسخة من القرن الحادي عشر ، على الورقة الأولى من القسم

الثاني يوجد تملك أورنك زيب الملقب بزيب العلماء بتاريخ

العشرة الأولى من ربيع الأول 1262.

ص: 157

(34)

حاشية

شرح التجريد الجديد

(كلام - عربي)

تأليف : جلال الدين محمد بن أسعد الدواني (907).

* 60 ، من القرن الثاني عشر ، وعلى النسخة تعاليق.

(35)

حاشية

الفوائد الضيائية

(نحو - عربي)

تأليف : عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عرب شاه السمرقندي (951).

* 245 ، محمد بن عناية الله الخطيب السلطانيوي ، 21

ربيع الآخر 1035 في مدرسة الشيخ لطف الله بأصبهان.

(36)

حاشية

المطول

(بلاغة - عربي)

تأليف : محيي الدين حسن بن محمد الجلبي الفناري (886).

* 23 ، يوم السبت ثاني ربيع الآخر 1005.

(37)

حاشية

معالم الأصول

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : السيد خليفة سلطان حسين بن محمد المرعشي الآملي (1064).

* 138 ، في النسخة متن الكتاب كله ، وعليها تعاليق

كثيرة.

ص: 158

(38)

الحبل

المتين في إحكام أحكام الدين

(فقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030)

* 33 ، سنة 1069 ، نسخة مجدولة حسنة الخط بأولها

لوحة فنية.

(39)

الحدائق

الناضرة في أحكام العترة الطاهرة

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني (1186).

* 139 ، المجلد الثاني.

* 140 - 141 ، موسى بن عيسى بن يوسف بن كاظم بن

موسى بن عيسى العلوي الحسيني الموسوي الجزائري ،

1206 - 1217 ، كتاب النكاح إلى الظهار وكتاب التجارة إلى

الوصية ، وبآخر هذا المجلد قطعة من أول الوجيزة

في الرجال

للمجلسي.

* 142 ، محمد بن لطف علي الطهراني ، يوم الأربعاء

تاسع رمضان 1268 ، المجلد الأول.

* 143 ، من دون اسم الناسخ والتاريخ ، المجلد الأول.

* 144 ، المجلد الأول.

* 145 ، المجلد الثاني.

* 146 ، علي بن سليم ، يوم الخميس 14 ربيع الآخر

1231.

* 147 ، كتاب النكاح والطلاق.

ص: 159

(40)

حلية

المتقين

(أخلاق - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 66 ، يوم الأحد 17 ربيع الآخر 1236 ، علي أكبر بن

إمام قلي حصار خندابي ، النسخة مخرومة الآخر.

(41)

خلاصة

الأقوال في معرفة الرجال

(رجال - عربي)

تأليف : العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (726).

* 218 ، محمد زكي بن دوريش محمد التويسركاني ، يوم

الأحد ثامن ربيع الأول 1105 ، القسم الأول.

* 244 ، محمد شول بن عبد الله ، يوم السبت 11 رجب

1009 (آخر القسم الأول).

(42)

خلاصة

منهج الصادقين

(تفسير - فارسي)

تأليف : ملا فتح الله بن شكر الله الكاشاني (988).

* 110 ، سراج الدين بن مقصود علي الكندري ، من سورة

الأنعام إلى سورة الكهف.

(43)

خلاصة

الوفا بأخبار دار المصطفى

(تاريخ - عربي)

تأليف : نور الدين علي بن أحمد السمهودي (911).

ص: 160

* 216 ، يوم السبت سادس جمادى الآخرة 1090.

(44)

الخلاف

(فقه - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (460).

* 12 - 14 ، لطف الله بن عبد الله بن زين العابدين

، سابع

رمضان 1360 ، وغرة صفر 1362 ، ويوم الخميس 11 شوال

1366 ، في ثلاثة أجزاء ، وكتب على النسخة التي صححها

الإمام السيد آقا حسين الطباطبائي البروجردي.

(45)

الدرر

السنية على شرح الألفية

(نحو - عربي)

تأليف : أبي يحيى زكريا بن محمد الأنصاري (926).

حاشية توضيحية مختصرة بعنوان «قوله .. قوله» على شرح الألفية لابن الناظم ، تهتم بشرح الشواهد.

أولها : «الحمد لله الذي منحنا علم اللسان ، وغمرنا به من نعم وإحسان ... وبعد .. فهذه حاشية وضعتها على شرح الخلاصة».

* 239 ، أبو القاسم بن علي نقي الطباطبائي ، يوم

الاثنين

عاشر رمضان 1247.

(46)

الدرر

النجفية من الملتقطات اليوسفية

(متفرقة - عربي)

تأليف : الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني (1186).

ص: 161

* 44 ، أبو القاسم بن علي نقي بن محمد جواد

الطباطبائي

البروجردي ، يوم الجمعة 16 شوال 1254.

(47)

الدروس

الشرعية في فقه الإمامية

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي (786).

* 167 ، من القرن الحادي عشر ، قابل النسخة شخص

- محي اسمه - على نسخة ابن المؤلف وعلي بن الحسن بن

محمد الأسترآبادي وغيرهما ، وأتم المقابلة في جمادى الآخرة

1035.

(48)

ذخيرة

المعاد في شرح الإرشاد

(فقه - عربي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد مؤمن المحقق الخوانساري (1090).

* 24 ، المجلد الثاني.

* 72 ، علي بن محمد الخوانساري ، سنة 1247 ، كتاب

الصلاة.

* 87 ، كاظم بن شريف الخوانساري ، يوم الثلاثاء من

ذي

الحجة 1246 ، الجزء الأول.

* 135 ، إسماعيل بن عبد الله الخوانساري ، يوم

الخميس

العشر الأول من صفر 1248 ، كتاب الزكاة والصوم والحج.

ص: 162

(49)

ذكرى

الشيعة في أحكام الشريعة

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي (786).

* 117 ، محمد حسن بن محمد علي ، ثامن جمادى

الأولى 1261 في بروجرد ، المجلد الأول.

* 118 ، عبد المحمد بن محمد علي الجابلاقي ، تاسع

جمادى الأولى 1246 ، قابله على نسختين أبو القاسم بن

علي نقي الطباطبائي ، وأتم المقابلة مع رحيم بن نصير في ليلة

الاثنين 27 جمادى الآخرة 1257.

* 119 ، من القرن الحادي عشر ، والورقة الأخيرة

حديثة

الكتابة.

(50)

الرسالة

النجفية

(أجوبة - فارسي)

تأليف : المولى خليل بن الغازي القزويني (1089).

أسئلة مختلفة مرسلة من بعض علماء النجف الأشرف إلى القزويني ، يسأله عن مواقع من شرحه على الكافي ، فأجاب عليها بأجوبة استدلالية.

أوله : «الحمد لله رب العالمين ... وبعد .. اين رسالهء نجفيه مشتمل است بر مكتوبى متضمن بسؤالات كه از جانب بعض فضلاء».

* 8 ، بدون اسم الناسخ والتاريخ.

ص: 163

(51)

روض

الجنان في شرح إرشاد الأذهان

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (966).

* 39 ، المجلد الأول ، ونسب إلى خط المؤلف خطأ.

(52)

الروضة

البهية في شرح اللمعة الدمشقية

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (966).

* 73 ، رحيم بن نمير ، العشر الأول من ربيع الأول

1256.

* 201 ، مخروم الأول والآخر.

* 202 ، محمد بن حمزة الحسين الطالقاني ، يوم

الجمعة

11 شوال 1092.

* 203 ، يوم الجمعة 20 شوال 1125 ، النسخة مخرومة

الأول.

* 204 ، محمد باقر بن عبد الباقي ، 25 شوال 1171.

* 205 ، رستم بن ندر الميانجي ، شهر رمضان 1244.

* 206 ، من القرن الحادي عشر ، فيه إلى أول كتاب

النكاح ، وهو مخروم الآخر.

* 207 ، نسخة حديثة فيها المجلد الثاني ، مخرومة

الآخر.

(53)

روضة

المتقين في شرح أخبار الأئمة الطاهرين

(حديث - عربي)

تأليف : المولى محمد تقي بن مقصود علي المجلسي (1070).

ص: 164

* 160 ، المجلد الأول ، مخروم الأول والآخر.

(54)

رياض

المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل

(فقه - عربي)

تأليف : السيد علي بن محمد علي الطباطبائي الحائري (1231).

* 293 ، من كتاب النكاح إلى الديات ، مخروم الآخر.

* 192 ، أحمد بن باقر النجفي ، كتابي الطهارة

والصلاة.

* 193 ، عبد المحمد الجابلاقي ، ربيع الأول 1259 ،

كتاب التجارة إلى الطلاق.

* 194 ، بدون اسم الناسخ والتاريخ ، كتاب التجارة

إلى

الوصية.

* 195 ، كتاب العتق إلى الديات.

* 196 ، سنة 1233 ، كتاب الزكاة والحج.

* 197 ، كتاب التجارة.

(55)

زاد

المعاد

(دعاء - فارسي)

تأليف : المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1110).

* 54 ، نسخة حديثة مخرومة الآخر.

(56)

زبدة

الأصول

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (1030).

ص: 165

* 59 ، من القرن الثاني عشر.

(57)

زبدة

الأقوال في خلاصة الرجال

(رجال - عربي)

تأليف : السيد حسين بن كمال الدين الأبزر الحسيني (ق 11).

مختصر في الرواة الثقات من الإمامية وغير الإمامية ، والممدوحين من الإمامية ، وتمييز جملة من المشتركات (الممدوحين عن غيرهم) ، في فصول على عدد حروف المعجم لأوائل الأسماء ثم أبواب ، وفي آخره تسع زوائد في كليات رجالية.

أوله : «الحمد لله الذي هدانا إلى سبيل النجاة ، ووفقنا لأخذ معالم ديننا من الأئمة المعصومين الهداة ، وجعله محروسا في كل زمان بالثقات».

آخره : «عن والده عمدة المجتهدين الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي».

* 45 ، بدون اسم الناسخ والتاريخ.

(58)

السرائر

الحاوي لتحرير الفتاوي

(فقه - عربي)

تأليف : أبي جعفر محمد بن منصور ، المعروف بابن إدريس الحلي (598).

* 115 ، عزيز الله بن مطلب الموسوي الحسيني الجزائري

،

من القرن الثاني عشر.

* 116 ، محمد باقر بن علي أكبر الأصبهاني ، 21

جمادى

الأولى 1212.

ص: 166

(59)

الشافي

في شرح الكافي

(حديث - فارسي)

تأليف : المولى خليل بن الغازي القزويني (1089).

* 21 ، يوم الثلاثاء سابع شوال 1122 ، من كتاب

الإيمان

والكفر إلى آخر قسم الأصول.

(60)

شرائع

الإسلام في الحلال والحرام

(فقه - عربي)

تأليف : المحقق الحلي أبي القاسم جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد (676).

* 166 ، من القرن العاشر.

* 198 ، يوم الثلاثاء تاسع رجب 1104.

* 199 ، محمد صالح بن مظفر الأصبهاني ، يوم

الثلاثاء

عاشر ذي القعدة 1072 في المسجد الجامع ببروجرد ، الأوراق

الأولى حديثة الكتابة.

* 200 ، علي نقي بن محمد البروجردي ، 21 شعبان

1263.

(61)

شرح

الكافي

(حديث - عربي)

تأليف : حسام الدين محمد صالح بن أحمد المازندراني (1086).

* 97 ، علي نقي بن الحسين الهمداني ، جمادى الأولى

1240.

ص: 167

(62)

شرح

ألفية ابن مالك

(نحو - عربي)

تأليف : بدر الدين محمد بن محمد بن مالك الطائي الجياني (686).

* 4 ، محمد بن الحسن يوم الثلاثاء 16 جمادى الأولى

1033.

(63)

شرح

تجريد العقائد

(كلام - عربي)

تأليف : علاء الدين علي بن محمد القوشجي (789).

* 47 ، من القرن الثاني عشر.

* 220 ، فيه المقصد الأول فقط.

للموضوع صلة ...

ص: 168

فهرس

مخطوطات

مكتبة

أمير المؤمنين العامة

النجف

الأشرف

(3)

السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(167)

الباب الحادي عشر

[للعلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الأسدي (648 - 726 ه)].

نسخة بخط يعقوب بن أصيل الأبرقوي ، ولعله من تلامذة المحقق الكركي ، كتبها سنة 940 ه ، ضمن مجموعة من رسائل المحقق الكركي ، رقم 855.

نسخة بخط العلامة الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان بن أحمد بن حاجي البحراني ، مؤلف أنوار البدرين ، فرغ منها 17 شوال 1291 ه ، ضمن مجموعة أكثرها بخطه من رسائله ومنتسخاته ، رقم 2183.

* * *

ص: 169

(177)

البارع

في أحكام النجوم

للشيخ علي بن أبي الرحال الشيباني الكاتب.

قال في كشف الظنون [1 / 217] : هو كتاب كبير مشهور ، قال في مقدمته : «جمعت فيه من معاني علم النجوم وغرائب أسرارها ، واخترته من كثير من كتب علمائها ... وبدأت فيه بالكلام على البروج وطباعها ، والكواكب وأحوالها ، ثم الكلام على المسائل في ثلاثة أجزاء ، المواليد في جزءين ، ثم تحويل سنة العالم ... ثم الاختيارات ... فيكون جميع ذلك ثمانية أجزاء ...».

نسخة بخط فارسي ، فرغ منها الكاتب 16 جمادى الأولى سنة 1184 ه ، في 118 ورقة كبيرة ، رقم 1544.

(178)

البارقة الحيدرية

في نقض ما أبرمته الكشفية

والرد على الطريقة الشيخية

للسيد حيدر بن إبراهيم بن محمد الحسني الحسيني الكاظمي ، المتوفى بها سنة 1265 ه.

رتبه على مقدمة وفصول وخاتمة ، وفرغ منه سنة 1355 ه.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف وبعد سنة من تأليف الكتاب ،

ص: 170

فالظاهر أنها منتسخة عن نسخة الأصل ، بخط محمد حسن بن شيخ جواد ابن الحاج مهدي آغائي ، فرغ منها يوم الجمعة 7 ربيع الأول سنة 1256 ه ، في 65 ورقة ، 7 / 14 × 6 / 20 ، تسلسل 616.

(179)

بازنامه

باز شكارى ومعالجات آن

منظوم فارسي في الصيد والصقر.

يبدأ بذكر أوصاف جياد الصقور ، ومحامدها ثم مذامها ، ثم يبدأ بذكر أمراضها وعلاجاتها وأدويتها واحدا بعد آخر إلى نهاية الكتاب.

نسخة ناقصة الآخر ، فرغ منها الكاتب 14 جمادى الآخرة سنة 1269 ه في شوشتر ، وبآخرها قصيدة يائية فارسية في مدح أحد السادة من ذوي المناصب العالية في العهد السلجوقي ، ثم قصيدة لامية تركية للشاعر الأول نفسه ، ثم قصيدة فارسية في المناجاة ، وقصيدة في الغزل ، وغزل لفروغي ، ثم مسمط في المناجاة والاستغفار ، ثم رباعيات لبابا طاهر وبأسفلها تاريخ 12 ذي الحجة سنة 1224 ه ، في 33 ورقة مقاسها 14 × 22 تسلسل 183.

(180)

بحار الأنوار

[لشيخ الإسلام العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1037 - 1110 ه)].

ص: 171

المجلد الثامن عشر ، قطعة منه ناقصة الطرفين ، نسخة قيمة مكتوبة في حياة المؤلف بنفقات الحمام الذي وقفه السلطان شاه سليمان الصفوي لاستنساخ الكتب ونشرها ، فكتبت الوقفية لهذه النسخة عن لسان المؤلف في حياة الشاه سليمان ، وتاريخ الوقفية ذي الحجة سنة 1094 ه ، ولا تشبه خط المجلسي ولكن بآخرها ختمه ، وتقع في 357 ورقة ، رقم 1523.

المجلد الثاني عشر ، فرغ منه المؤلف في 17 ذي الحجة سنة 1077 ه ، نسخة قيمة بخط الخطاط محمد مقيم بن محمد شفيع ، كتبها في حياة المؤلف وفرغ منها في ربيع الأول سنة 1095 ه ، خطها نسخ جيد جميل ، وهي مؤطرة بالذهب واللاجورد ، وبأولها فهرس أبوابها ورموز الكتاب ، في 174 ورقة ، رقم 1565.

المجلد الثالث عشر ، فرغ منه المؤلف في رجب سنة 1078 ه ، والنسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، كتبها محمد ربيع بن سلطان كمال ، فرغ منها في 19 جمادى الأولى سنة 1106 ه ، والنسخة مقابلة ومصححة ، في 277 ورقة ، رقم 716.

المجلد الثامن عشر ، كتاب الصلاة ، من أول أبواب القصر في الصلاة إلى نهاية هذا المجلد ، وهو آخر كتاب الصلاة ، فرغ منه المؤلف 22 جمادى الآخرة سنة 1106 ه ، وفرغ منها الكاتب 12 رجب سنة 1188 ه ، وعليها خط العلامة الشيخ خلف بن عبد علي البحراني ، في 349 ورقة ، رقم 664.

المجلد الثامن عشر ، كتاب الصلاة ، من أوله إلى آخر باب الأدعية والأذكار عند الصباح والمساء ، ويطابق ص 499 في طبعة الكمپاني ، ويقع

ص: 172

في 387 ورقة ، رقم 663 ، وعليه خط الشيخ جعفر بن خضر ، والظاهر أنه الشيخ الأكبر ، وخط الشيخ إسكندر بن عيسى بن إسكندر الجزائري الأسدي ، عليها بلاغات وتصحيحات.

المجلد الثامن عشر ، قطعة منه ضمن مجموعة رقم 939 ، كتابة القرن الثاني عشر.

المجلد الرابع ، في الاحتجاجات ، فرغ منه المؤلف في ربيع الآخر سنة 1080 ه ، وفرغ منه الكاتب سنة 1234 ه ، رقم 1524 ، أوراقه 136 ورقة.

المجلد الثالث ، فرغ منه المؤلف في 11 محرم سنة 1080 ه ، بخط علي بن محمد القائيني الخراساني ، فرغ منه في 10 شهر رمضان سنة 1243 ه ، في 285 ورقة ، رقم 916 ، ويظهر أن الكاتب كان من العلماء ، إذ له تعليقات على الكتاب.

المجلد الأول ، بخط السيد [ين] محمد وأبو طالب ابني عبد الله الموسويين ، وهما من القرن الثالث عشر ، ويقع في 205 أوراق ، رقم 117.

(181)

بحار العلوم

لبعض العرفاء.

أوله : «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما ...».

منسوب إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

ص: 173

ذكره شيخنا - دام ظله - في الذريعة [3 / 27] ، وأثبت من الكتاب أنه ألف بعد الإمام في القرن الرابع فما بعد.

مرتب على معادن ، كل معدن فيه جواهر.

نسخة بخط فارسي خشن جميل ، في المجموعة رقم 97 ، من الورقة 25 أإلى الورقة 80 ب ، وبهوامشه بعض التعليقات بخط فارسي جميل يشبه خط المتن ولكنه أدق منه ، توقيعها أمير عماد ، فلعله مير عماد الخطاط المعروف ، فرغ منها الكاتب في 13 شعبان سنة 1272 ه.

نسخة كتبت في 4 شعبان سنة 1342 ه ، 39 ورقة ، رقم 542.

(182)

بحر الأسرار

أو السبع المثاني.

منظومة عرفانية ، للطبيب العارف مظفر علي شاه محمد تقي الكرماني.

نسخة الظاهر أنها بخط خاموش ، رقم 2055.

(183)

بحر الأنساب

فارسي مطبوع في إيران ، راجع عنه جنايات تاريخ.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، رقم 1707.

ص: 174

(184)

بحر الجواهر

فارسي وعربي في الطب.

تصنيف : الطبيب أبي محمد بن يوسف الهروي.

نسخة كتبت في سمرقند في شعبان سنة 982 ه في 318 ورقة ، رقمها 1540 ، وعلى الصفحة الأولى بعض الأبيات الفارسية.

(185)

بحر الحقائق

في الفقه ، استدلالي مبسوط للغاية.

تأليف : الشيخ عبد الصمد الهمداني ، كان حيا إلى سنة 1216 ه.

الجزء السادس والسابع ، في مجلد ، ويبدأ بلباس المصلي وينتهي إلى آخر السلام من أفعال الصلاة ، مجلد كبير يقع في 320 ورقة من القطع الرحلي ، تسلسل 695.

(186)

البحر الزاخر

في أصول الأوائل والأواخر

للعلامة الجليل معز الدين السيد مهدي بن الحسن القزويني الحلي ،

ص: 175

المتوفى سنة 1300 ه.

وهو في أصول الفقه.

أوله : «الحمد لله الذي ألهمنا من حقائق التنزيل ، ما يهدي عباده إلى سواء السبيل ، من كل دليل ...».

وهو في استخراج القواعد الأصولية من الآيات القرآنية ، وبيان ما دل عليه الكتاب الكريم من مباحث أصول الفقه.

فرغ منها عشية يوم السبت حادي عشر شهر رمضان سنة 1293 ه.

نسخة بآخر مجموعة من رسائل المؤلف مكتوبة في حياته ، رقم التسلسل 1706.

(187)

بحر العرفان ومعدن الإيمان في تفسير القرآن

(تفسير البرغاني)

للمولى صالح بن آقا محمد البرغاني القزويني الحائري ، المتوفى بها فجأة حدود سنة 1270 ه.

وله تفاسير ثلاثة ، هذا هو الكبير ، ويقع في 17 جزءا ، فرغ منه في رجب 1266 ه.

الجزء الخامس عشر ، من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى سورة الممتحنة ، في 218 ورقة ، 5 / 21 × 7 / 33 ، كتبه محمد إبراهيم بن محمد نصير ، فرغ منه في 15 جمادى الآخرة سنة 1311 ه ، تسلسل 762.

ص: 176

(188)

بحر الفوائد وعقد الفرائد

فارسي ، في خمس مجلدات كبار.

للسيد محمد شفيع الحسيني الأصفهاني ألفه باسم السلطان شاه عباس الثاني الصفوي الذي توفي سنة 1078 ه.

المجلد الثاني في تاريخ حياة نبينا وسيرته صلى الله عليه وآله ، بإسهاب وبسط ، ويتضمن تواريخ جميع الأنبياء السابقين وقصصهم في 445 ورقة بقطع كبير بخط نسخ جيد ، رقم 1606 ، كتابة القرن الثاني عشر.

(189)

بحر اللآلي

في شرح قصيدة : يقول العبد في بدء الأمالي ، وهي لامية في العقائد ، عليها شروح متعددة ، وهذا الشرح فارسي ، آخره : «تمام شد شرح قصيدة امالى از تقارير حضرت مخدوم در ويزه قريشى نيكنهارى قدس الله سره العزيز كه موافقت به بحر لآلى ...».

وأظنه من الهنود فقد أرخ الكاتب فراغه من الكتابة بعام ملوكية أورنگ زيب سنة 1072 ه.

نسخة قديمة بخط فارسي جميل رائع ، وكتب الأبيات بالنسخ بالشنجرف بخط الخطاط محمد نور كتبها للصوفي محمد رضا بيك البدخشي ، وفرغ منها 6 شوال سنة 1072 ه ، في 73 ورقة ، رقم 1481 ، وعليها ختم مكتبة الأستاذ محمد علي تربيت الشخصية.

ص: 177

(190)

بحر المعجزات

للشيخ عبد الجواد بن عبد الرحيم ، نزيل أصفهان ، من أعلام القرن الثالث عشر ، وأدرك القرن الرابع عشر.

له تقريظ على رسالة السيد مهدي بن علي أكبر الحسيني في أصول الدين ، المؤلفة سنة 1304 ه.

وله رياض المناقب أيضا.

وهذا الكتاب في عد معجزات الأئمة عليهم السلام ومناقبهم واحدا واحدا إلى الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ينقل كثيرا عن إثبات الهداة وثاقب المناقب ، وكان يملك نخب المناقب لابن جبير ، والصراط المستقيم للبياضي ، ينقل عنهما كثيرا.

والنسخة مسودة الأصل بخط المصنف ، فيه شئ من التشويه والشطب والتبديل والفراغ ، وكتب عليه بخطه : «من مؤلفات الأقل الأفقر الأحقر» ، وهي كبيرة في 1257 صفحة ، في قطع 17 × 5 / 21 ، تسلسل 634.

(191)

بدائع الأصول

لميرزا حبيب الله الرشتي.

قطعة فرغ منها الكاتب في حياة المؤلف ، في سلخ جمادى الآخرة سنة 1255 ه ، 163 ورقة ، رقم 2172.

ص: 178

(192)

بدائع الصنائع

لأحد الشعراء ، ألفه سنة 898 ه ، وأرخه بقوله في آخره :

پرسيد زعاميان يكى تاريخش

با وى گفتم ده جميد الآخر

وقوله :

اين نسخه كه مثل او يكى از صد نيست

در فن بديع خوبتر زين حد نيست

تحرير نكو يافته زان تاريخش

تحرير بديعيت كه دروى بد نيست

لعله للسيد أمير برهان الدين عطاء الله المشهدي الأديب الشاعر ، المتوفى أواسط شوال سنة 919 ه ، ذكره في الذريعة 11 / 128.

نسخة بخط بهلول بن تاج الدين ، فرغ منها سنة 967 ه ، بخط فارسي جيد ، 140 ورقة ، ناقصة من أولها قليلا ، رقم 1614.

(193)

بداية الدراية

للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي ، المتوفى سنة 966 ه.

طبعت في طهران والنجف الأشرف.

نسخة بآخر أصول الكافي ، كتبها ميرزا ولي بن محمد رضا الحسيني السمناني ، كتبها في شيراز سنة 1096 ه ، تقع في خمسة أوراق ،

ص: 179

تسلسل 811.

(194)

بداية الهداية

في المنصوص من الأحكام الشرعية من واجبات ومحرمات.

للشيخ الحر العاملي محمد بن الحسن المشغري ، المتوفى سنة 1104 ه ، مؤلف وسائل الشيعة.

وأحصى في آخرها فقال : «الواجبات 1535 ، والمحرمات 1448 ، والمجموع 2983» ، وفرغ منها أوائل ذي القعدة سنة 1091 ه.

نسخة تاريخها ذي القعدة سنة 1125 ه ، ضمن مجموعة رقم 862 ، بخط محمد زمان بن زاهد الرازي.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، بخط حسين بن نور حسين ، فرغ [منها] سنة 1097 ه ، إلا أنها ناقصة من الأول وتبتدئ بأواسط كتاب الصيام ، ضمن مجموعة رقمها 768.

(195)

بديع البيان لمعاني القرآن

في تفسير سورة الفاتحة.

للشيخ حسين علي خان ابن الشيخ علي خان زنگنه ، عين في أوله رموز المصادرة ، ووالده الشيخ علي خان زنگنه كان وزيرا للشاه سليمان الصفوي ومات سنة 1101 ه.

ص: 180

هو فارسي بديع ، وإنشاء بليغ ، ويظهر من الكتاب تبحر المؤلف في العلوم ، وتضلعه في شتى الفنون.

نسخة كتابة الخطاط الماهر محمد هاشم الشهير بالطاير ، بخط نسخ غاية في الجودة والجمال ، وفرغ منها في ذي الحجة سنة 1097 ه.

نسخة قيمة ثمينة مؤطرة بالذهب ، بأولها لوحة مزوقة فاخرة ، وأهم ما فيها أنها مصححة ، صححها محمد نصير بن محمد مرضي القمي ، وفرغ من تصحيحه بعد شهر من كتابته في محرم سنة 1097 ه ، وكتب بخطه النسخ الجميل في آخر الكتاب فراغه من التصحيح ، ثم اشتراه المولى لطف الله بن شكر الله اللايولي من قزوين 26 محرم سنة 1165 ه ، وكتب تملكه بخطه الجيد في آخره ، ثم تملكه السيد محمد الحسيني وختمه ، وتاريخ ختمه سنة 1211 ه.

يظهر حياة المؤلف في تاريخ كتابة هذه النسخة ، وأنها منتسخة في حياته ، إذ إن عليها حواش كثيرة من أولها إلى آخرها : منه مد ظله العالي ، 264 ورقة ، في 5 / 16 × 27 ، تسلسل 982.

(196)

بديعية

نظمها أبو المحاسن جمال الدين يوسف ، قاضي زهران وبجيلة.

مطلعها :

سل ما جرى بربى سلمى وبالسلم

وخص طيبة مأوى الطيب بالكرم

134 بيتا.

نسخة بخط نسخ جيد ، والمحسنات البديعية مكتوبة بالشنجرف

ص: 181

بهامش كل بيت ، كتابة القرن الثالث عشر ، بآخر مجموعة من البديعيات ، رقم المجموعة 1183.

(197)

بديعية الباعونية

وهي عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الباعونية الدمشقية الشافعية الصوفية ، المتوفاة سنة 922 ه.

مطلعها :

في حسن مطلع أقمار بذي سلم

أصبحت في زمرة العشاق كالعلم

وهي 131 بيتا ، مطبوعة مع شرحها - المسمى الفتح المبين في مدح الأمين - بهامش خزانة الأدب لابن حجة الحموي.

نسخة ضمن مجموعة من البديعيات وشروحها ، بخط نسخ جيد ، والصناعات البديعية مكتوبة بهامش كل بيت بالشنجرف ، رقم المجموعة 1183.

(198)

بديعية المقري

وهو الشيخ محمد بن خليل المقري الحلي - أو : الحلبي - المتوفى سنة 849 ه.

مطلعها :

عجبي عراني فعج بي نحو ذي سلم

وأجنح لسكانها بالسلم والسلم

وهي 143 بيتا.

ص: 182

نسخة ضمن مجموعة من البديعيات وشروحها ، برقم 1183 ، بخط نسخ جيد ، والصناعات البديعية مكتوبة بهامش كل بيت منها ، كتابة القرن الثالث عشر.

(199)

برء الساعة

لمحمد بن زكريا الرازي [الطبيب ، المتوفى سنة 311 ه].

نسخة ضمن مجموعة طبية كتبت سنة 1074 ه ، رقم 309.

(200)

برهان التطبيق

أوله : «إعلم أن المحقق الدواني حيث بذل المجهود في تقرير برهان التطبيق ، بوجه يندفع عنه بعض الشكوك ، قال في الجواب عن الإيراد : بأنا لا نسلم ...».

نسخة بخط مولانا نور الله الخلخالي ، فرغ منها ثاني جمادى الآخرة سنة 975 ه ، ضمن مجموعة فلسفية قيمة لعل أكثرها بخطه ، رقم 4 / 1500.

(201)

برهان قاطع وضياء لامع

تأليف : ميرزا كريم خان بن إبراهيم ، زعيم الفرقة الشيخية ، في الجواب عن سؤال السيد محمد الشيشهي ، فرغ منها في 9 ربيع الأول سنة

ص: 183

1293 ه.

نسخة بخط محمد إسماعيل الهمداني فرغ منها في 27 ذي الحجة سنة 1319 ه ، 9 أوراق ، بخط فارسي جيد ، برقم 2100.

(202)

البرهان المنصف

للمولى محب الله البهاري ، مؤلف سلم العلوم.

أوله : «برهان سنح لي في بطلان : لا تناهي الأبعاد ، سميته بالبرهان المنصف ...».

نسخة بخط السيد محمد يوسف بن هادي بن سيد محمد جان ، كتبها في القرن الثالث ، بآخر مجموعة منطقية كلها بخطه ، وكلها رسائل البهاري ، رقم 2009.

(203)

بزم ورزم

أو مناظرة بزم ورزم.

أوله : «حمد بي حد ياد شاهي كه بر توقيع قهرمان جلالش ...».

نسخة بخط شرف جهان عبد الرشيد بن عبد الفتاح الخزاعي النطنزي ، فرغ منها في 4 ربيع الآخر سنة 1038 ه ، آخر المجموعة رقم 10 / 1754.

ص: 184

(204)

بستان الحكمة وصلاح الملوك

أوله : «الحمد لله فاطر الخلائق ، والشكر لعالم الحقائق ، شكر وسپاس بى قياس حضرت صمديت آخرين كاري را عز شأنه وظهر برهانه .. وعلى آله وأولاده وأصحابه وسلم تسليما .. أما بعد ، أين رسالة در اختيارات كه جون هر حاجت كه داشته باشند ... قمر تعلق دارد وديگر ستاره ها را تأثير باشد ... واين كتاب را بستان الحكمة وصلاح الملوك نام كرديم وآنرا بر صد وجهار باب نهاديم ...».

وكتب عليه اختيارات القمر.

نسخة بخط خليل بن نصر بن خليل الله ، فرغ منها في 12 شوال سنة 970 ه ، ضمن مجموعة نجومية قيمة ، وبعدها تواريخ أنبياء وملوك في صفحة ، وبعده باب «أدعية كواكب هفتگانه» ، وبعده باب خاتمها وكواكب [كذا] ، رقم المجموعة 470.

(205)

بشارة المصطفى

لشيعة المرتضى

[للشيخ عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم علي بن محمد الطبري الآملي ، من أعلام القرن السادس الهجري. الذريعة 3 / 117].

نسخة كتبت في القرن الحادي عشر ، في إسنادها بعض السقط من

ص: 185

قبل الناسخ فأكمل فيما بعد ، وهذه النسخة تطابق المطبوع في النجف الأشرف بزيادة حديث واحد في آخرها ، وكثير منه بخط حديث أظنه خط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، 225 ورقة ، رقم 830.

(206)

البشر في بشرى النسر

أرجوزة في تعبير الأحلام.

هكذا أسماها ناظمها السيد ضياء الدين عبد الله بن أبي تراب بن عبد الفتاح الحسيني الطباطبائي.

وهي كبيرة تزيد على 760 بيتا.

أولها :

الحمد لله مفيض البر

من بره الفياض كشف السر

نسخة ضمن مجموعة من نظمه ونثره ، أولها ديوانه ، وفيها كتاب تجريد البلاغة وغيره ، ولعلها بخطه ، ولكن التعليقات بالهوامش بخطه جزما ، رقم المجموعة 953.

(207)

بشرى الوصول

إلى أسرار علم الأصول

في أصول الفقه.

تأليف : العلامة الورع التقي ، الشيخ محمد حسن بن عبد الله المامقاني ، المتوفى سنة 1323 ه.

ص: 186

ألف ولده العلامة الفاضل الشيخ عبد الله المامقاني رسالة مفردة في حياة والده سماها : مخزن المعاني في حياة الشيخ المامقاني ، مطبوعة.

وبشرى الوصول يقع في ثماني مجلدات ، فرغ منه سنة 1282 ه ، ذكر تفاصيل مجلداته شيخنا - دام ظله - في الذريعة [3 / 120] ، وذكر أنه كتبه عن تقرير بحث أستاذه السيد حسين الكوهكمري ، ويعبر فيه عنه ب : الأستاذ ، وكان أستاذه السيد يعتمد على هذا الكتاب في تدريسه أخيرا.

الجزء الأول بخط تلميذ المصنف الشيخ إبراهيم السلياني ، المتوفى سنة 1343 ه ، وله عليه حواش كثيرة ، كما إن عليه حواش للمصنف كتبها في حياة أستاذه المصنف ، وفرغ منه في ذي القعدة سنة 1311 ه ، تسلسل 407.

(208)

بصائر الدرجات

في علوم آل محمد عليهم السلام وما خصهم الله تعالى به.

للشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي ، المتوفى سنة 290 ه بقم ، من أصحاب العسكري عليه السلام.

ترجمه الشيخ في الفهرست [: 143 رقم 611] ، وذكر إسناده إليه.

نسخة بخط پير محمد مقيم بن پير نور الدين ، فرغ منه ثاني عشر شوال سنة 1093 ه ، وصححه بعض أعلام القرن الحادي عشر ، وكتب في آخر الكتاب : «الحمد لله على ما وفقني لمقابلة هذا الكتاب من أوله إلى هنا ، بحسب الجهد والطاقة ، في شهر ذي القعدة سنة 1094» وعليه تملك

ص: 187

العلامة محمد إبراهيم القزويني ، في 196 ورقة ، بقطع 15 × 3 / 24 ، تسلسل 635.

(209)

بغية الطالب

في معرفة المفروض والواجب

في مجرد الفقه والفتاوى.

للشيخ الأكبر ، الشيخ جعفر بن خضر الجناجي كاشف الغطاء ، مؤلف كشف الغطاء ، وجد الأسرة الكريمة آل كاشف الغطاء.

وترجمه الشيخ أسد الله الدزفولي - المتوفى سنة 1237 ه - إلى الفارسية وسماه تحفة الراغب.

وشرحه ابن المصنف الشيخ موسى بن جعفر وسماه منية الراغب ،

موجود منه نسخة مخطوطة في المكتبة.

والكتاب على قسمين ، الأول في العقائد ، والثاني في الفقه والأحكام والواجبات ، ولم يخرج غير الطهارة والصلاة ، ثم ألحق به نجل المصنف الشيخ حسن [المتوفى سنة 1262 ه] ملحقا في أحكام الصوم والاعتكاف ، وهذا الملحق أيضا موجود في المكتبة ، نذكره بعنوان تكملة البغية تبعا

لشيخنا - دام ظله - في الذريعة [4 / 412].

نسخة بخط الشيخ محمد بن زين العابدين اللاهيجي ، كتبها في مدرسة «نيم آورد» في أصفهان ، وفرغ منها ثاني عشر محرم سنة 1222 ه

ص: 188

في حياة المصنف ، ومصححة عليها تصحيحات ، وتقع في 47 ورقة ، مقاسها 10 × 7 / 15 ، تسلسل 154.

(210)

البلد الأمين

في الأدعية.

للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن حسن بن صالح الكفعمي العاملي ، المتوفى سنة 905 ه.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، بخط نسخ جيد ، مجدول مؤطر ، بأولها لوحة ناقصة الآخر ، في 209 أوراق ، رقم 1025 ، كانت في مكتبة محمد هاشم خان أمير ديوان خانة.

(211)

البلد الأمين

في أصول الدين

منظومة كلامية من نظم العلامة السيد جعفر بن أبي إسحاق الدرابي الكشفي البروجردي ، المتوفى سنة 1267 ه.

أوله :

بسم القديم الملك العلام

إنا فتحنا عقدة الكلام

....................

....................

بعد فهذا نخبة العقول

وزبدة الكلام في الأصول

ص: 189

حررته في النجف الغري

مشرفا بالمرتضى علي

سميته بالبلد الأمين

في البحث عن علم أصول الدين

نسخة في ضمن مجموعة ، بخط نسخ جيد ، وبعده قصيدة نونية أظنها للناظم أيضا ، أولها :

نادى السماء ببطن الأرض جيحانا

وقت الدبور فقالت هات مرحانا

وبعدها تائية أظنها أيضا للناظم ، أولها :

أيا سائلا عن طريق النجاة

عليك بجامعة المنجيات

رقم 1662 ، وقبله الفصل الثاني والأربعون والفصل التاسع والثلاثون من المصباح الكبير للكفعمي ، وبعدهما دعوات وأعواذ وختومات وغير ذلك.

(212)

بهارستان

لنور الدين عبد الرحمن الجامي ، العارف الأديب الشاعر ، المتوفى سنة 897 ه.

وهو نظير گلستان لسعدي ، صدره باسم السلطان شاه حسين بن بايقرا التيموري ، وفرغ منه سنة 892 ه.

وهو مطبوع.

نسخة تاريخها 15 ربيع الأول سنة 1113 ه ، بخط فارسي جيد تنقص من أولها ورقة ، ضمن مجموعة رقم 1468.

نسخة جميلة بخط أحد الخطاطين ، كتبها بالخط الفارسي الرائع ،

ص: 190

وفرغ منها في شهر رمضان سنة 1114 ، مجدولة بماء الذهب واللاجورد

والعناوين بالشنجرف ، ناقصة من أولها ، لعلها صفحة واحدة ، وظاهر الحال إنها كانت بها لوحة قيمة فقلعت لأجلها ، وهي 84 ورقة ، رقم 1650.

نسخة بخط فارسي جميل ، كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر أو العاشر ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وبآخرها حكايات وأشعار غزل فارسي لخاقاني وغيره.

(213)

البهجة المرضية

في شرح الألفية

للسيوطي [الحافظ جلال الدين (849 - 911 ه)].

نسخة بخط باقر بن علي أكبر ، فرغ منها 15 جمادى الأولى سنة 1265 ه ، في 157 ورقة ، وبآخرها عوامل الجرجاني ، رقم 1906.

نسخة فرغ منها الكاتب في 25 ربيع الآخر سنة 1267 ه ، في 98 ورقة ، رقم 92.

نسخة كتبها محمد تقي ، وفرغ منها في 23 جمادى الآخرة سنة 1279 ه ، في 115 ورقة ، رقم 91 ، وكتب المتن بالشنجرف.

نسخة بخط عبد الله الطهراني ، كتبها سنة 1220 ه ، 139 ورقة ، رقم 895.

نسخة بخط عبد النبي بن الشيخ علي العاملي ، كتبها بخطه النسخ الجيد في مشهد الرضا عليه السلام ، وفرغ منها في 27 ربيع الأول سنة

ص: 191

1074 ، في 100 ورقة ، رقم 90.

(214)

بهرام آقائى

كتاب هزلي ، مكتوب عليه : كتاب بهرام آقائى من كلام قيدار آقاى خلج ، ولكنه اسم مستعار.

وهو تأليف : فوق الدين أحمد اليزدي الملقب ب : فوقي ، وهو من شعراء القرن الحادي عشر.

وهو تركي وفيه كلمات فارسية وهندية ،.

نسخة ضمن مجموعة هزلية ، رقم المجموعة 1634 ، بخط محمد تقي ، فرغ من المجموعة في شوال سنة 1249 ه ، وبآخرها قصيدة هزلية خلاعية لفوقي.

(215)

بهرام نامه

من المنظومات السبع للشيخ نظامي الگنجوي.

نسخة قيمة ، بخط فارسي بديع مجدول بالذهب ، بخط الخطاط الشهير سلطان علي ، وكتب وزير المعارف الإيرانية حسين قلي خان صدر السلطنة النوري أن هذا بخط قبلة الكتاب سلطان علي ، 70 ورقة ، وفي جانبيه أوراق مجدولة كثيرة فارغة ، رقم 1363.

ص: 192

(216)

بوستان نياز

منشآت فارسية وعربية نظما ونثرا في المناجاة وإظهار الخضوع والتضرع لرب العزة عز شأنه ، أنشأها آية الله السيد محمد كاظم بن عبد العظيم الطباطبائي اليزدي ، المتوفى في 27 رجب سنة 1337 ه ، طبع في بغداد.

نسخة بخط فارسي ، في 32 ورقة ، رقم 1855.

للموضوع صلة ...

ص: 193

مصطلحات

نحوية

(12)

السيد علي حسن مطر

أربع وعشرون - مصطلح المفعول له

عبر سيبويه (ت 180 ه) عن المفعول له بأربعة عناوين ، هي : ما ينتصب من المصادر لأنه عذر لوقوع الأمر ، والموقوع له ، والتفسير ، والمفعول له (1).

وعنونه الفراء (ت 207 ه) ب : المنصوب على التفسير (2).

واستعمل الكوفيون لفظ : (المشبه بالمفعول به) عنوانا للمفعول له ، ولبقية المفاعيل باستثناء المفعول به ، الذي هو المفعول الوحيد عندهم (3).

ثم غلب استعمال عنوان : المفعول له لدى النحاة منذ القرن الرابع ، 8.

ص: 194


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 194 ، 230 - 232.
2- معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد النجار 1 / 17.
3- أ- شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 1 / 323. ب - همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد العال سالم مكرم 3 / 8.

إذ نجده لدى ابن السراج (ت 316 ه) (1) ، وأبي علي الفارسي (ت 377 ه) (2) ، وابن جني (ت 392 ه) (3) ، وابن بابشاذ (ت 469 ه) (4) ، والحريري (ت 516 ه) (5) ، والزمخشري (ت 538 ه) (6) وكثير غيرهم.

وعبر ابن عصفور (ت 669 ه) بعنوان : المفعول من أجله (7).

واستعمل الأشموني (ت 900 ه) (8) والأزهري (ت 905 ه) (9)

عنوان : المفعول لأجله إلى جانب المفعول له.

ويستفاد من كلام سيبويه (ت 180 ه) أنه يعرف المفعول له بأنه : المصدر المنتصب «لأنه عذر للأمر ... وذلك قولك : فعلت ذاك حذار الشر» (10).

«وإنما وجب أن يكون [المفعول له] مصدرا ، لأنه علة وسبب لوقوع الفعل وداع له ، والداعي إنما يكون حدثا لا عينا ... والمصادر معان تحدث وتنقضي ، فلذلك كانت علة بخلاف العين الثابتة» (11). يق

ص: 195


1- الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 249.
2- الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن شاذلي فرهود : 197.
3- اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : 58.
4- شرح المقدمة المحسبة ، طاهر بن أحمد بن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم 2 / 308.
5- شرح ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : 34.
6- المفصل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 60.
7- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري 1 / 160.
8- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك 1 / 215.
9- شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : 110.
10- الكتاب 1 / 367.
11- شرح المفصل ، ابن يعيش 2 / 52 ، وانظر أيضا : المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق

وعرفه ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : «المفعول له لا يكون إلا مصدرا ، ولكن العامل فيه فعل غير مشتق منه ، وإنما يذكر لأنه علة لوقوع الأمر ، نحو قولك : ... جئتك مخافة فلان ، ف (جئت) غير مشتق من مخافة» (1).

والجديد في هذا التعريف إشارته إلى كون العامل في المفعول له غير

مشتق منه ، وهذا فارق بينه وبين المفعول المطلق ، فإن ناصبه مشتق منه (2) ، نحو : أكرمته إكراما.

وإنما كان عامل المفعول فيه «من غير لفظه ، لأن الشئ يتوصل به إلى غيره ، ولا يتوصل به إلى نفسه» (3).

ونجد مضمون تعريف ابن السراج في تعاريف كل من ابن جني (ت 392 ه) (4) ، وابن بابشاذ (ت 469 ه) (5) ، وابن الخشاب (567 ه) (6) ، إلا أن تعاريفهم تميزت بشيئين ، أولهما : تفسير (العذر) ب (العلة) ، وثانيهما : إبدال كلمة (الأمر) ب (الفعل).

والملاحظ أن كلمة (العذر) اختفت نهائيا من التعاريف اللاحقة ، لتحل محلها كلمة (العلة) ، فالحريري (ت 516 ه) يعرف المفعول له بأنه : «العلة في الفعل والغرض من إيجاده ، ولا يكون إلا مصدرا ، غير أن 8.

ص: 196


1- الأصول في النحو 1 / 249.
2- الأصول في النحو 1 / 249.
3- المرتجل : 158 ، وانظر أيضا : شرح اللمع 1 / 126 ، شرح المفصل 2 / 52 - 53.
4- اللمع في العربية : 58.
5- شرح المقدمة المحسبة 2 / 308.
6- المرتجل : 158.

العامل فيه لا يكون إلا من غير لفظه» (1).

وعرفه الزمخشري (ت 538 ه) بأنه : «علة الإقدام على الفعل» (2) ، وتابعه على ذلك كل من المطرزي (ت 610 ه) (3) ، والشلوبين (ت 645 ه) (4).

وأورد عليه ابن الحاجب : أن «قياس قوله في المفعول معه (5) أن يقول : هو المنصوب لعلة الإقدام على الفعل ، لأنه إذا لم يقل (المنصوب) دخل تحته كل ما يكون علة ، ومن جملته المخفوض (6) ، ففسد الحد ، لأن كلامنا في المنصوبات» (7).

وعرفه ابن معطي (ت 628 ه) بقوله : المفعول له «مصدر لا من لفظ

العامل فيه ، مقارنا له في الوجود ، أعم منه ، جوابا لقائل يقول : لم؟» (8).

وظاهره : أنه يريد بقوله : (العامل فيه) الفعل ، فيخرج عن الحد ما يكون علة من المصادر حال كونه محفوظا ، كما في نحو : جئت لإكرامك ، لأنه معمول لحرف الجر لا للفعل ، وقوله : إن المفعول له يقع في جواب لم ، تعبير آخر عن كونه مبينا لعلة الفعل. 2.

ص: 197


1- شرح ملحة الإعراب : 34.
2- المفصل في علم العربية : 60.
3- المصباح في علم النحو ، ناصر بن أبي المكارم المطرزي ، تحقيق ياسين محمود الخطيب : 61.
4- التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف المطوع : 310.
5- أي : قوله في تعريف المفعول معه : «هو المنصوب بعد الواو الكائنة بمعنى مع».
6- كما في نحو : جئت لإكرامك.
7- الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي 1 / 324.
8- الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود محمد الطناحي : 192.

والجديد في تعريف ابن معطي إشارته إلى خاصتين من خواص المفعول له ، وهما : كونه مقارنا لعامله في زمان الوجود ، وكونه أعم منه ، فقولك : قصدت زيدا رغبة في عطائه ، تكون الرغبة فيه مقارنة في وجودها للقصد ، وهي أيضا أعم من الفعل ، لأن الرغبة يجوز أن تكون علة للقصد ولغيره (1).

ويلاحظ أن فهم حقيقة المفعول له لا يتوقف على ذكر هاتين الخاصتين.

وقال ابن الحاجب (ت 646 ه) معرفا المفعول له : إنه «ما فعل لأجله فعل مذكور ، مثل : ضربته تأديبا ، وقعدت عن الحرب جبنا» (2).

وقال الجامي في شرحه : «ما فعل لأجله ، أي : لقصد تحصيله ، أو بسبب وجوده ... مثل : (ضربته تأديبا) مثال لما فعل لقصد تحصيله فعل وهو : الضرب ، فإن التأديب إنما يحصل بالضرب ويترتب عليه ، و (قعدت عن الحرب جبنا) مثال لما فعل بسبب وجوده فعل وهو : القعود ، فإن القعود إنما وقع بسبب الجبن» (3).

وقال الرضي : «يعني بقوله : (فعل مذكور) الحدث الذي تضمنه الفعل المذكور ، لا الفعل الذي هو قسيم الاسم والحرف» (4) ، «وقوله : (مذكور) احتراز عن قولك وقد شاهدت ضربا لأجل التأديب : أعجبني التأديب ، فإن التأديب فعل له الضرب ، إلا أنك لم تذكر الضرب في قولك 7.

ص: 198


1- المحصول في شرح الفصول ، ابن إياز ، ورقة 114 ب ، نقلا عن حاشية (الفصول الخمسون) : 192.
2- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 1 / 507.
3- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة طه الرفاعي 1 / 373.
4- شرح الرضي على الكافية 1 / 487.

عاملا فيه» (1).

أقول :

لا أظن أن هناك من يتوهم في مثل جملة : (أعجبني التأديب) دخول كلمة (التأديب) في المفعول له الاصطلاحي لكي نخرجه بقيد (المذكور)!

وأما ابن عصفور (ت 669 ه) فقد عرف المفعول له بأنه «كل فضلة انتصبت بالفعل أو ما جرى مجراه على تقدير لام العلة ... ويشترط فيه أن يكون مصدرا ، وأن يكون مقارنا للفعل الذي ينصبه في الزمان ، وأن يكون فعلا لفاعل الفعل المعلل» (2).

وقوله : (على تقدير لام العلة) بمعنى قول غيره : لعلة الإقدام على الفعل ، وما ذكره من اشتراط مشاركة المفعول له للفعل في الوقت والفاعل تابع فيه ما ذهب إليه «الأعلم [الشنتمري] والمتأخرون ... ولم يشترط ذلك سيبويه ولا أحد من المتقدمين ، فيجوز عندهم : أكرمتك أمس طمعا غدا في معروفك ، وجئت حذر زيد» (3).

وقال الرضي : «وبعض النحاة لا يشترط تشاركهما في الفاعل ، وهو الذي يقوى في ظني ، وإن كان الأغلب هو الأول ، والدليل على جواز عدم التشارك هو قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في نهج البلاغة : (فأعطاه الله النظرة (4) استحقاقا للسخطة ، واستتماما للبلية) والمستحق للسخطة رب

ص: 199


1- شرح الرضي على الكافية 1 / 507.
2- المقرب 1 / 160 - 161.
3- همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد العال سالم مكرم 3 / 132.
4- أي : أعطى الله تعالى إبليس المهلة لطلبه المحكي بقوله تعالى : (قال رب

إبليس ، والمعطي للنظرة هو الله تعالى» (1).

ويمكن المناقشة في الأمثلة التي استدل بها مخالفو الأعلم والمتأخرين ، فإن جملة (أكرمتك أمس طمعا غدا في معروفك) جملة مصنوعة غير متعارفة الاستعمال لدى أبناء اللغة ، والمعقول قولهم : (أكرمتك أمس طمعا في معروفك غدا) وحينئذ يتحد زمان (الطمع) مع زمان (الإكرام) وإنما يتأخر تحقق متعلق الطمع وهو (المعروف).

وأما جملة (جئتك حذر زيد) فإن المتبادر منها عرفا أن فاعل الحذر هو فاعل المجئ ، ولو صحت دعوى كون فاعل الحذر فيها هو زيد ، لزم من ذلك حصول لبس في فهم مراد المتكلم ، لتردده بين صدور الحذر من فاعل المجئ ، وبين صدوره من زيد.

وكذلك قول الإمام علي عليه السلام ، فإن الله تعالى أعطى إبليس النظرة

ليجعله مستحقا لأن يسخط عليه ، ففاعل السخطة هو معطي النظرة ، وأما إبليس فهو مستحق للسخطة - على حد تعبير الرضي - وليس فاعلا لها.

وعرفه ابن مالك (ت 672 ه) بقوله : المفعول له «هو المصدر المعلل به حدث شاركه في الوقت ظاهرا أو مقدرا ، والفاعل تحقيقا أو تقديرا» (2).

وقال السلسيلي في شرحه : «خرج عنه بقيد (المصدر) نحو : جئت لزيد ... وقوله : (المعلل به حدث) احتراز من نحو : قعدت جلوسا ... وقوله : (شاركه في الوقت ظاهرا) أي : ملفوظ به ، نحو : ضربت ابني 0.

ص: 200


1- شرح الرضي على الكافية 1 / 511.
2- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 90.

تأديبا ، فالحدث هنا ملفوظ به ، (أو مقدرا) نحو ما جاء في حديث محمود ابن لبيد الأشهلي : (قالوا : ما جاء بك يا عمرو ، أحدبا على قومك ، أم رغبة في الإسلام؟ «، فالحدث المعلل هنا مقدر ، أي : أجئت حدبا ، قوله : (والفاعل تحقيقا) كالمثال الأول ، (أو تقديرا) كقوله تعالى : (ومن آياته

يريكم البرق خوفا وطمعا) (1) ، أي : يجعلكم ترون ، ففاعل الرؤية هو فاعل الخوف والطمع في التقدير» (2).

ويلاحظ عليه : أنه لا ضرورة لأن يذكر في متن التعريف تقسيم الحدث إلى ظاهر أو مقدر ، وتقسيم الفاعل إلى محقق أو مقدر ، إذ إن ذلك ليس من الذاتيات التي يتوقف عليها بيان حد المفعول له ، ولعله لأجل ذلك حذفه ابن الناظم (ت 686 ه) ، وقال : المفعول له «هو المصدر المذكور

علة لحدث شاركه في الزمان والفاعل» (3).

وقد تابعه على هذا التعريف كل من الأزهري (ت 905 ه) (4) ، وابن عقيل (ت 769 ه) (5) مع اختلاف يسير في عبارة هذا الأخير.

وعرفه الرضي (ت 686 ه) بأنه : «المصدر المقدر باللام المعلل به حدث شاركه في الفاعل والزمان» (6).

ويلاحظ أن إدخاله قيد (المقدر باللام) في متن التعريف إظهار منه 0.

ص: 201


1- سورة الروم 30 : 24.
2- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، محمد بن عيسى السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي 1 / 461.
3- شرح ابن الناظم على الألفية : 106.
4- شرح الأزهرية : 110.
5- شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 574.
6- شرح الرضي على الكافية 1 / 510.

لمخالفته ابن الحاجب في ما ذهب إليه من «أن تقدير اللام شرط في انتصاب المفعول له ، لا شرط كون الاسم مفعولا له ، فنحو : للسمن ، ولإكرامك الزائر ، في قولك : جئت للسمن ولإكرامك الزائر ، عنده مفعول له على ما يدل عليه حده ، وهذا كما قال في المفعول فيه : إن شرط نصبه تقدير (في) ، وما ذهب إليه في الموضعين وإن كان صحيحا من حيث اللغة ، لأن السمن فعل له المجئ ، لكنه خلاف اصطلاح القوم ، فإنهم لا يسمون المفعول له إلا المنصوب الجامع للشرائط» (1).

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بتعريفين :

أولهما : إن المفعول له «هو المصدر الفضلة المعلل لحدث شاركه في الزمان والفاعل» (2).

وثانيهما : «هو كل مصدر معلل لحدث شاركه وقتا وفاعلا» (3).

وفرق التعريف الأول عن الثاني احتواء الأول على قيد (الفضلة) الذي لم يذكر المؤلف وجه تقييد الحد به ، ولعله مجرد قيد توضيحي لا احترازي ، ولأجل ذلك لم يذكره في التعريف الثاني ، إلا أنه يؤخذ عليه عدم تقييد المصدر بكونه منصوبا ، احترازا عن شمول التعريف للمصدر المعلل المخفوض.

وعرفه الفاكهي (ت 972 ه) بقوله : المفعول له هو «المصدر القلبي 6.

ص: 202


1- شرح الرضي على الكافية 1 / 510.
2- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 226.
3- شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 226.

الفضلة ، المعلل لحدث شاركه وقتا وفاعلا» (1).

وقيده بالقلبي ، تبعا لمن اشترط «كونه من أفعال القلب (2) ، قال : لأنه الحامل على إيجاد الفعل ، والحامل على الشئ متقدم عليه ، وأفعال الجوارح - كالضرب والقتل - تتلاشى ولا تبقى حتى تكون حاملة على الفعل ، وأما أفعال الباطن كالعلم والخوف والإرادة ، فإنها تبقى» (3).

وأورد عليه الرضي : «أنه إن أراد وجوب تقدم الحامل وجودا فممنوع ، وإن أراد تقدمه أما وجودا أو تصورا ، فمسلم ، ولا ينفعه ، وينتقض ما قال بجواز نحو : جئتك إصلاحا لأمرك ، وضربته تأديبا ، اتفاقا» (4).

ويلاحظ إن بعض النحاة وإن ذهب إلى اشتراط كون المفعول له مصدرا قلبيا ، إلا إنه يرى أن هذا الشرط مستغنى عنه بشرط اتحاد الزمان ، لأن أفعال الجوارح لا تجتمع في الزمان مع الفعل المعلل " (5).

وختاما تجدر الإشارة إلى أن هذا البحث إنما يجري على مذهب نحاة البصرة ، وأما الكوفيون والزجاج من البصريين فقد ذهبوا إلى اعتبار 5.

ص: 203


1- شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : 161.
2- لعل أول من قيده بكونه فعلا قلبيا ابن الخباز والرندي كما في شرح الحدود النحوية - للفاكهي - : 161 ، وشرح التصريح على التوضيح - للأزهري - 1 / 215 ، وذهب إليه كل من الأشموني في شرحه على الألفية 1 / 215 ، والأزهري في شرح التصريح على التوضيح 1 / 334 ، والسيوطي في همع الهوامع 3 / 131.
3- شرح الرضي على الكافية 1 / 512 ، شرح التصريح على التوضيح 1 / 334.
4- شرح الرضي على الكافية 1 / 512.
5- أ- حاشية الملوي على شرح المكودي : 69. ب - شرح التصريح على التوضيح 1 / 334 - 335.

المفعول له مفعولا مطلقا ، ولأجل ذلك لم يعقدوا له بابا وعنوانا مستقلا ، استغناء عن ذلك بباب المفعول المطلق (1).

* * * 4.

ص: 204


1- شرح المفصل 2 / 54 ، شرح الرضي على الكافية 1 / 508 ، همع الهوامع 3 / 133 ، الفوائد الضيائية 1 / 374 ، شرح التصريح على التوضيح 1 / 337 ، حاشية الصبان على شرح الأشموني 2 / 122 ، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1 / 194.

من ذخائر التراث

ص: 205

ص: 206

صورة

ص: 207

ص: 208

مقدمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الناشر في الخلق فضله ، والباسط فيهم بالجود يده ، نحمده في جميع أموره ، ونصلي على خير خلقه ، وسيد رسله محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ونسأل الله العلي القدير أن يثبتنا على ولاية الرسول الأمين وولاية أهل بيته الأكرمين ، عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم ، والبراءة من أعدائهم الأولين والآخرين ، وأن يميتنا على محبتهم ، وأن يعرف بيننا وبينهم يوم القيامة ، إنه سميع مجيب.

وبعد :

قد وردت أحاديث جمة في تعريف محبتهم عليهم السلام وأهميتها وثوابها ، وعقاب من تركها ، وإليك طائفة منها على الترتيب التالي :

فضل حبهم عليهم السلام :

روى الشيخ الكليني - رضوان الله عليه - في الكافي ، عن الحكم بن عتيبة ، قال : بينا أنا مع أبي جعفر عليه السلام والبيت غاص بأهله ، إذ أقبل شيخ

ص: 209

يتوكأ على عنزة (1) له ، حتى وقف على باب البيت ، فقال : السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم سكت ، فقال أبو جعفر عليه السلام : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال : السلام عليكم ، ثم سكت حتى أجابه القوم جميعا وردوا عليه السلام ، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام ثم قال : يا بن رسول الله! أدنني منك جعلني الله فداك ، فوالله إني لأحبكم وأحب من يحبكم ، ووالله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا ، والله إني لأبغض عدوكم وأبرأ منه ، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه ، والله إني لأحل حلالكم ، وأحرم حرامكم ، وأنتظر أمركم ، فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟!

فقال أبو جعفر عليه السلام : إلي إلي. حتى أقعده إلى جنبه ، ثم قال : أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين عليه السلام أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه ، فقال له أبي عليه السلام : إن تمت ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ويثلج قلبك ، ويبرد فؤادك ، وتقر عينك ، وتستقبل بالروح والريحان ، مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك ، هاهنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك وتكون معنا في السنام الأعلى.

فقال الشيخ : كيف قلت يا أبا جعفر عليه السلام؟! فأعاد عليه الكلام ، فقال

الشيخ : الله أكبر يا أبا جعفر! إن أنا مت أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى ».

ص: 210


1- العنزة : عصا في قدر نصف الرمح أو أكثر ، فيها سنان مثل سنان الرمح ، وقيل : في طرفها الأسفل زج كزج الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير. لسان العرب 5 / 384 مادة «عنز».

علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام ، وتقر عيني ، ويثلج قلبي ، ويبرد فؤادي ، وأستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسي إلى هاهنا ، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني ، فأكون معكم في السنام الأعلى؟

ثم أقبل الشيخ ينتحب ينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشيخ ، وأقبل أبو جعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدموع من حماليق (1) عينيه وينفضها.

ثم رفع الشيخ رأسه ، فقال لأبي جعفر عليه السلام : يا بن رسول الله! ناولني

يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبلها ، ووضعها على عينيه وخده ، ثم حسر عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره ، ثم قام فقال : السلام عليكم.

وأقبل أبو جعفر عليه السلام ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثم أقبل بوجهه على القوم ، فقال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.

فقال الحكم بن عتبة : لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس (2).

حبهم عليهم السلام لا يباع :

تعال معي لنأخذ الدروس والمواقف من السلف الصالح الذين أحبوا 0.

ص: 211


1- الحماليق : واحدها : «حملاق» ، وهي العين ، بالكسر والضم كعصفور ، باطن أجفانها الذي يسود بالكحلة ، أو ما غطته الأجفان من بياض المقلة أو باطن الجفن الأحمر ، الذي إذا قلب للكحل رأيت حمرته ، أو ما لزق بالعين من موضع الكحل من باطن. القاموس المحيط 3 / 224 مادة «حملاق».
2- الكافي 8 / 76 ح 30.

أهل البيت عليهم السلام حبا خالصا من كل دغش ، وليس فيه أية شائبة ومصلحة كي يباع بالصفر والبيض أو بشئ آخر ، وإليك هذا الموقف الذي وقفه أبو الأسود الدؤلي (1) مع معاوية حيث روي أن معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء ، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب علي بن أبي طالب عليه السلام ، فدخلت ابنة صغيرة له - خماسي أو سداسي - عليه ، فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها ، فقال لها أبو الأسود : يا بنتي! ألقيه فإنه سم ، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ويردنا عن محبة أهل البيت ، فقالت الصبية : قبحه الله ، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر ، تبا لمرسله وآكله ، فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلته ، ثم قالت :

أبالشهد المزعفر يا بن

هند نبيع عليك أحسابا ودينا

معاذ الله كيف يكون هذا

ومولانا أمير المؤمنينا (2)

وقال العلامة المجلسي رحمه الله : رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا : روي أنه دخل أبو أمامة الباهلي على معاوية ، فقربه وأدناه ثم دعا بالطعام ، فجعل يطعم أبا أمامة بيده ، ثم أوسع رأسه ولحيته طيبا بيده ، وأمر له ببدرة من دنانير فدفعها إليه ، ثم قال : يا أبا أمامة! بالله أنا خير أم علي بن أبي طالب؟ فقال أبو أمامة : نعم ولا كذب ، ولو بغير الله سألتني لصدقت ، علي والله خير منك ، وأكرم وأقدم إسلاما ، وأقرب إلى رسول الله قرابة ، وأشد في المشركين نكاية ، وأعظم عند الأمة غناء ، أتدري من علي يا معاوية؟! 1.

ص: 212


1- وهو من الشعراء الفصحاء ، ومن الطبقة الأولى من شعراء الإسلام ، وكان من سادات التابعين وأعيانهم ، صحب عليا عليه السلام ، وشهد معه وقعة صفين.
2- أنظر : سفينة البحار 4 / 321.

ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزوج ابنته سيدة نساء العالمين ، وأبو الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وابن أخي حمزة سيد الشهداء ، وأخو جعفر ذي الجناحين ، فأين تقع أنت من هذا يا معاوية؟!

ظننت أني سأخيرك على علي بألطافك وطعامك وعطائك ، فأدخل إليك مؤمنا وأخرج منك كافرا؟! بئس ما سولت لك نفسك يا معاوية ، ثم نهض وخرج من عنده ، فأتبعه بالمال فقال : لا والله ، لا أقبل منك دينارا واحدا (1).

حبهم عليهم السلام ينفع في مواطن كثيرة :

إن لمحبتهم عليهم السلام فوائد جمة ، منها في دار الدنيا ، ومنها في دار القرار ، فإليك بعض ما روي في ذلك :

ذكر الديلمي في أعلام الدين رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام : بشر شيعتك ومحبيك بخصال عشر ، أولها : طيب مولدهم ، وثانيها : حسن إيمانهم ، وثالثها : حب الله لهم ، والرابعة : الفسحة في قبورهم ، والخامسة : نورهم يسعى بين أيديهم ، والسادسة : نزع الفقر من بين أعينهم وغنى قلوبهم ، والسابعة : المقت من الله لأعدائهم ، والثامنة : الأمن من البرص والجذام ، والتاسعة : انحطاط الذنوب والسيئات عنهم ، والعاشرة : هم معي في الجنة وأنا معهم ، فطوبى لهم وحسن مآب (2). 0.

ص: 213


1- بحار الأنوار 42 / 179.
2- أعلام الدين : 450.

وروي عن جابر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : من أحب الأئمة من أهل بيتي ، فقد أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكن أحد أنه في الجنة ، فإن في حب أهل بيتي عشرين خصلة : عشر في الدنيا ، وعشر في الآخرة ..

أما في الدنيا : فالزهد ، والحرص على العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في قيام الليل ، واليأس مما في أيدي الناس ، والحفظ لأمر الله عزوجل ونهيه ، والتاسعة : بغض الدنيا ، والعاشرة : السخاء.

وأما في الآخرة : فلا ينشر له ديوان ، ولا ينصب له ميزان ، ويعطى كتابه بيمينه ، وتكتب له براءة من النار ، ويبيض وجهه ، ويكسى من حلل الجنة ، ويشفع في مائة من أهل بيته ، وينظر الله إليه بالرحمة ، ويتوج من تيجان الجنة ، والعاشرة : دخول الجنة بغير حساب ، فطوبى لمحب أهل بيتي (1).

وذكر الحافظ رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : إن حب أهل بيتي ينفع من أحبهم في سبعة مواطن مهولة : عند الموت وفي القبر ، وعند القيام من الأجداث ، وعند تطاير الصحف ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ، فمن أحب أن يكون آمنا في هذه المواطن فليوال عليا بعدي ، وليتمسك بالحبل المتين ، وهو علي بن أبي طالب وعترته من بعده ، فإنهم خلفائي وأوليائي ، علمهم علمي وحلمهم حلمي ، وأدبهم أدبي ، وحسبهم حسبي ، سادة الأولياء ، وقادة الأتقياء ، وبقية الأنبياء ، حربهم حربي ، وعدوهم 1.

ص: 214


1- أعلام الدين : 451.

عدوي (1).

حبهم عليهم السلام يسأل عنه يوم القيامة :

نقل ابن شهرآشوب عن تفسير الثعلبي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربعة : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

وعن كتاب منقبة المطهرين عن ابن عباس ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالحق لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب عليه السلام (2).

ثواب حبهم عليهم السلام ونصرهم :

ذكر الحميري في قرب الإسناد رواية عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال : إن حبنا أهل البيت ليحط الذنوب عن العباد ، كما تحط الريح الشديدة الورق عن الشجر (3).

وذكر الشيخ الصدوق في كتابه عيون أخبار الرضا عليه السلام رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : أربعة أنا شفيعهم يوم القيامة ولو أتوني بذنوب أهل الأرض : معين أهل بيتي ، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه ، 6.

ص: 215


1- مشارق أنوار اليقين : 59.
2- المناقب - لابن شهرآشوب - 2 / 175.
3- قرب الإسناد : 29 ح 126.

والمحب لهم بقلبه ولسانه ، والدافع عنهم بيده (1).

لا تقبل الأعمال إلا بولايتهم عليهم السلام :

ومهما أفنى المرء عمره في طاعة الله عزوجل وعبادته حتى يكون كالشن البالي ، ولم يأت بولاية أهل البيت عليهم السلام ، والبراءة من أعدائهم ، لم

ينفعه من ذلك شئ .. وإليك ما ذكره الشيخ المفيد في الأمالي ، رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : أيها الناس! الزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله بودنا دخل الجنة بشفاعتنا ، فوالذي نفس محمد بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفتنا وولايتنا (2).

وفي المحاسن للبرقي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : لو أن عبدا عبد الله

ألف عام ، ثم ذبح كما يذبح الكبش ، ثم أتى ببغضنا أهل البيت لرد الله عليه عمله (3).

وفي البصائر للصفار ، عن الثمالي ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله اصطفى محمدا بالرسالة وأنبأه بالوحي ، فأنال في الناس وأنال ، وفينا أهل البيت معاقل العلم ، وأبواب الحكمة ، وضياء الأمر ، فمن يحبنا منكم نفعه إيمانه ويقبل منه عمله ، ومن لم يحبنا منكم لم ينفعه إيمانه ولا يقبل منه عمله (4).2.

ص: 216


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 259 ح 17.
2- الأمالي - للشيخ للمفيد - : 139 ح 4.
3- المحاسن 1 / 27 ح 132.
4- بصائر الدرجات : 385 ح 12.

وفي الأمالي لشيخ الطائفة الطوسي بسنده عن ابن عباس في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبني عمومته فيقول : إني سألت الله عزوجل ثلاثا : أن يثبت قائلكم ، وأن يهدي ضالكم ، وأن يعلم جاهلكم ، وسألت الله عزوجل أن يجعلكم جوداء نجباء رحماء ، فلو أن امرءا صف بين الركن والمقام فصلى وصام ، ثم لقى الله عزوجل وهو لأهل بيت محمد مبغض دخل النار (1).

* * * 7.

ص: 217


1- أمالي الطوسي : 247 ح 27.

ترجمة المؤلف (1)

اسمه ونسبه :

العالم الجليل ، الفاضل النبيل ، جامع المعقول والمنقول ، ومطبق الفروع على الأصول ، الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن الشيخ علي ، الستري أصلا ، البحراني ثم اللنجاوي مسكنا ومدفنا.

مولده :

ولد في قرية «مهزة» من جزيرة «سترة» في بلاد البحرين سنة 1256 ه.

دراسته العلمية :

قرأ على والده في المقدمات العربية من النحو والصرف والمنطق والكلام والمعاني والبيان ، وقرأ الفقه والأصول على والده وعلى الشيخ لطف الله الخطي ، وعند العالم المحدث الشيخ عبد علي العصفوري وتخرج على يده.

وعده الشيخ يوسف بن فرج البحراني من تلامذة العلامة الشيخ -.

ص: 218


1- اعتمدنا في إعداد وكتابة هذه الترجمة على المصادر التالية : أنوار البدرين : 236 رقم 109 ، أعيان الشيعة 8 / 268 ، شهداء الفضيلة : 341 - 342 ، منتظم البدرين - مخطوط - 3 / 94 - 97 ، تاريخ البحرين - مخطوط -.

سليمان بن عبد الله الماحوزي ، وله اليد الطولى في علم الكلام ، والحكمة النظرية ، والطب ، والأنساب ، واللغة ، والرجال ، وكان مجتهدا صرفا ، كاتبا مترسلا ، حسن الخط ، نقي التعبير نظما ونثرا.

انتقل من البحرين وسكن «مطرح» في زمان والده ، وهدى الله به أهل الديار ، لا سيما الطائفة المعروفة بالحيدرآبادية ، فكانوا ببركته ذوي معرفة ودين وثبات ويقين بعد أن كانوا أصحاب جهل وتهاون بالدين ...

وأقام بها مدة مديدة في غاية الإعزاز والإكرام ، مشتغلا بالتصنيف والعبادة والمطالعة والتأليف ... متصديا لأجوبة المسائل وإيضاح الدلائل ، ثم بعد ذلك حدثت قضية أوجبت خروجه منها ... لهذا خرج من مطرح المطلة على الخليج ... وسكن بلدة لنجة من توابع إيران ، وهناك عمل على تصعيد نشاطه حتى شعر الأعداء بخطره المؤكد فدسوا له السم فقتلوه شهيدا مظلوما صابرا غريبا.

قال مصنف تاريخ البحرين : تصدر القضاوة في اللنجة ، وهو من فضلاء المعاصرين ، ومجاز من علماء عصره ، قال ميرزا حبيب الله الرشتي في إجازته له : قد استجازني العالم الجليل ، والفاضل النبيل ، محقق الحقائق ، ومستخرج الدقائق ، ومهذب القواعد المحكمة ، وموضح الإشارات المبهمة.

وفاته :

توفي رحمه الله في بلدة «لنجة» في شهر جمادى الأولى من سنة 1319 ه وقيل : في صفر ، وقال الأميني في شهداء الفضيلة : استشهد بالسم.

ص: 219

مدفنه :

قال الشيخ محمد علي آل نشرة في منتظم الدرين : دفن بمقبرة الحرم جنوبا من قرية «جدعلي».

مصنفاته :

1 - الأجوبة العلية للمسائل المسقطية.

جمعها ابن أخته الشيخ أحمد بن محمد بن سرحان البحراني ، رتبها على ترتيب كتب الفقه مبدوءة ببعض أصول الدين ، فرغ منها في العاشر من رجب سنة 1316 ه ، ثم علق آية الله ميرزا تقي الشيرازي - المتوفى سنة 1338 ه - ما هو مطابق لفتاواه على هامش إحدى النسخ المطبوعة بخطه الشريف ، ثم نقلت تلك الفتاوى عن خطه إلى هامش سائر النسخ.

2 - إعجاز القرآن.

3 - ديوان شعر ، يحتوي على اثني عشر ألف بيتا.

4 - رسالة عملية في الطهارة والصلاة.

5 - رسالة في بعض مسائل التوحيد.

6 - رسالة في التقية.

7 - رسالة في الفرق بين الإسلام والإيمان.

8 - رسالة في تحريم التشبيه.

9 - رسالة في المتعة.

10 - رسالة في نفي الاختيار في الإمامة عقلا ونقلا.

ص: 220

11 - رسالة في وجوب الإخفات بالبسملة في الأخيرتين وثالثة المغرب لمن قرأ الفاتحة ، وفاقا لابن إدريس الحلي على خلاف المشهور ، وهذه الرسالة قد نقضها العلامة الشيخ أحمد بن صالح البحراني.

12 - شرح الحدود ، في النحو.

13 - قامعة أهل الباطل.

في الرد على بعض الحنفيين المحرمين لتعزية الإمام الحسين عليه السلام.

14 - لسان الصدق.

في الرد على كتاب لبعض أحبار النصارى ، وقد ذكر في آخره خاتمة جيدة في الإمامة ، وختمه بقصيدة فريدة متضمنة لما قرره في الكتاب ، وهي :

ظهر الهنا وتوالت الفرحات

وتولت الأسواء والترحات

على الهدى فوق الضلال وأزهرت

أقماره وتجلت الظلمات

جاء البشير محمد بمحجة بيضاء

قد حفت بها البركات

ومنار حق زاهر متوقد

يهدي به في العالمين هداة

ومعاجز بين الورى مشهورة

غر تزول بحقها الشبهات

منها كتاب الله أبلغ ناطق

جاءت مفصلة به الآيات

قد أصبح البلغاء عنه بمعزل

خرست لهم عن مثله الأصوات

سكنت شقاشقهم وحار بليغهم

فكأنها قد نالهم إسكات

وغدا خطيبهم المحبر أبكما

وهم لدى النطق البليغ كفات

15 - منار الهدى في إثبات النص على الأئمة الأمنا.

تعرض فيه لنقض كلام ابن أبي الحديد المعتزلي وأصحابه ، ورد كلام

ص: 221

كلام القوشجي في شرح التجريد وأضرابه من معتزلة وأشاعرة.

وقرظ له صاحب كتاب أنوار البدرين قائلا :

هذا منار الهدى حقا وذا علمه

هذا لسان الهدى حقا وذا قلمه

فالزم محجته واسلك طريقته

تلق النجاة يقينا حين تلتزمه

فالحق نور عليه للهدى علم

من أمة مستنيرا قاده علمه

16 - واسطة العقد الثمين ، في الصلاة.

17 - وله مجلد يشتمل على جملة رسائل ، نحو ثلاثة عشرة رسالة كلها بخط المترجم له.

أقول :

ولعل رسالتنا هذه من ضمن تلك الرسائل ، لأني لم أعثر عليها في مؤلفاته المفهرسة في كتب التراجم.

منهجية التحقيق :

كما هو المتعارف في منهج التحقيق قمنا بالوظائف التالية :

1 - ضبط النص من حيث التقطيع وتصحيح الكلمات ، مع ملاحظة قلة الأخطاء النحوية - إذ النسخة بخط مؤلفها - وعدم وجود التصحيف في مفردات الرسالة.

2 - خرجت الآيات الشريفة مع المحافظة على الرسم القرآني.

3 - أرجعت الأحاديث إلى مصادرها مع ذكر السند.

4 - تعريفات وتوضيحات للكلمات غامضة المعنى.

ص: 222

5 - شروحات كلامية ، منها مبسطة ومنها مختصرة لبعض القواعد الكلامية المذكورة في المتن.

6 - إرجاع ما جاء من معان مجملة - في بعض مطالب المتن - إلى ما ورد فيها من روايات أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام الصريحة والواضحة.

7 - تعريفات للفرق والجماعات.

8 - ترجمة لحياة بعض مشاهير الأعلام.

النسخة المعتمدة في التحقيق :

هي نسخة واحدة بخط المؤلف ، فرغ منها بتاريخ 2 ربيع - ولم يعين أي ربيع - من سنة 1317 ه ، محفوظة في خزانة مركز إحياء التراث الإسلامي التابع لمكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني - دام ظله الوارف - ، ضمن المجموعة رقم 146 ، ولم أعثر على نسخة ثانية في فهارس المخطوطات كي تساعدني أكثر على ضبط نصها.

الفقير

إلى رحمة ربه الغني

مشتاق

المظفر

29

ذي القعدة 1419 ه

ص: 223

صورة

ص: 224

صورة

ص: 225

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي وعد من أطاعه بجزيل الثواب ، وأوعد من عصاه بأليم العقاب ، والصلاة والسلام على من جاء من عند الله سبحانه بأكمل شرع وأبلغ كتاب ، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله الأئمة الأطياب ، أولي البصائر والألباب.

وبعد :

فقد سألني بعض المؤدين عن معنى حديث مروي عن النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : مسألة ...

وأيضا : ذكر الشيخ المذكور في الكتاب المذكور حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ، ويضاعف الحسنات ، وأن الله تعالى يتحمل عن محبنا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد ، إلا ما كان منهم فيها على إصرار ، وظلم المؤمنين ، فيقول للسيئات : كوني حسنات» (1). انتهى.

أرجو من فضلكم تفسير هذا الحديث وتأويله؟ 5.

ص: 226


1- الأمالي - للطوسي - : 164 ح 26 ، وسنده فيه : «عن محمد بن محمد ، عن أبي الحسن علي بن الحسين البصري البزاز ، عن أبي علي أحمد بن علي بن مهدي ، عن أبيه ، عن الرضا علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ...» وعنه في بحار الأنوار 68 / 100 ح 5.

أقول :

أراد السائل بالشيخ : العالم الفاضل الكامل الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي رحمه الله (1) ، وبالكتاب : كتابه المسمى ب : الكتاب المنتخب

في جمع المراثي والخطب المعروف بين الناس.

والجواب عن هذا السؤال يتوقف على بيان أمر من أمور الاعتقاد وها أنا ذا أوضحه :

فأقول :

لا شك ولا ريب أن ولاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته فريضة ثابتة من

الله تعالى على عباده ، بمعنى متابعتهم والائتمام بهم (2) ، وأنها شرط في ال

ص: 227


1- فخر الدين بن طريح النجفي : هو فخر الدين بن محمد بن علي بن أحمد بن طريح (بالتصغير) المسلمي الأسدي الرماحي النجفي ، المعروف بالشيخ الطريحي ، من كبار الفقهاء المجتهدين ، عالم عامل ، محدث رجالي ، أديب لغوي ، متتبع جليل القدر ، ولد في النجف سنة 979 ه وفيها درس وتتلمذ على الشيخ محمد بن حسام المشرقي الجزائري ، والشيخ محمد بن جابر النجفي .. من تآليفه المطبوعة : جامع المقال في ما يتعلق بأحوال الحديث والرجال ، وضوابط الأسماء ، ومجمع البحرين ومطلع النهرين ، ومنتخب المراثي والخطب ، ونزهة الخاطر ، وسرور الناظر وتحفة الحاضر. وله تصانيف مخطوطة كثيرة ، توفي في الرماحية سنة 1085 ه - وقيل : 1087 ه - ونقل إلى النجف. وآل الطريحي من مشاهير الأسر العلمية العريقة في العلم ، طار صيتها وامتد أمدها في الكمال والأدب ، وخدمت العلم والدين أعواما كثيرة وقرونا عدة ، لم يزل ذكرها باقيا ببقاء الأبد يخلدها ما لها من مساع ومؤلفات مشهورة منثورة. أنظر : أعيان الشيعة 8 / 394 ، معجم رجال الفكر والأدب في النجف 2 / 837 ، ماضي النجف وحاضرها 2 / 427. لمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام علامات ، منها الطاعة ، ومنها المتابعة ، كما قال

صحة الأعمال وقبولها (1) ، فلا يصح عمل أحد من المكلفين ، ولا يقبله الله قر

ص: 228


1- ويؤيد هذا ما نقله الصدوق في أماليه : 328 ح 11 ، بسنده عن عمار بن موسى الساباطي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، قال : «إن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله الصلوات المفروضات ، وعن الزكاة المفروضة ، وعن الصيام المفروض ، وعن الحج المفروض ، وعن ولايتنا أهل البيت ، فإن أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وحجه ، وإن لم يقر

إلا بها ، وإنها موجبة لجواز غفران الله سبحانه ذنوب الموالين لهم ، تفضلا منه عليهم ومنا ، وقد وردت أخبار كثيرة جدا مصرحة بأن الله جل وعلا يغفر الذنوب لمحبي أهل البيت عليهم السلام أو شيعتهم (1) كائنة ما كانت ، وبالغة ما بلغت.

ومنها ما رواه شيخنا أبو عبد الله المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ، عطر الله مرقده ، في كتاب الاختصاص بسند متصل عن الأصبغ بن ت.

ص: 229


1- جمع العلامة المجلسي أحاديث عن عدة مصادر في باب : «الصفح عن الشيعة وشفاعة أئمتهم صلوات الله عليهم فيهم» .. نقل الشيخ الطوسي في الأمالي : 72 ح 14 بسنده عن محمد بن مسلم الثقفي ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام عن قول الله عزوجل : (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما). فقال عليه السلام : يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب ، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه ، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس ، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته ، قال الله عزوجل لملائكته : بدلوها حسنات ، وأظهروها للناس ، فيقول الناس حينئذ : ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ، ثم يأمر الله به إلى الجنة ، فهذا تأويل الآية ، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة. وذكر الكليني في الكافي 1 / 443 ح 15 بسنده عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إن الله مثل لي أمتي في الطين ، وعلمني أسماءهم ، كما علم آدم الأسماء كلها ، فمر بي أصحاب الرايات ، فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة .. قيل : يا رسول الله! وما هي؟ قال : المغفرة لمن آمن منهم ، وإن الله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات.

نباتة (1) ، قال : أتيت أمير المؤمنين عليه السلام لأسلم عليه ، فجلست أنتظره ، فخرج إلي فقمت وسلمت عليه ، فضرب على كتفي - أو قال : على كفي - ثم شبك أصابعه بأصابعي ، ثم قال : يا أصبغ بن نباتة! فقلت : لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين.

فقال : إن ولينا ولي الله ، فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الأعلى ، وسقاه الله من نهر أبرد من الثلج ، وأحلى من الشهد ، وألين من الزبد.

فقلت : بأبي أنت وأمي ، وإن كان مذنبا؟!

فقال : «نعم ، وإن كان مذنبا ، أما تقرأ القرآن : (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) (2)؟!

يا أصبغ! إن ولينا لو لقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ، ومثل عدد الرمل ، لغفرها الله له إن شاء الله تعالى (3) .. تمام الخبر. 4.

ص: 230


1- هو : أبو القاسم المجاشعي ، من خواص أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ، والراوي عنه عهده إلى الأشتر ، ووصيته إلى محمد بن الحنفية ، وهو من شرطة الخميس ، وهو الذي أعانه على غسل سلمان المحمدي ، شارك في حرب صفين ، وكان شيخا ناسكا عابدا ، عده البرقي من أصحاب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وزاد الشيخ عليه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، مع وصفهما له بالتميمي الحنظلي. أنظر : رجال النجاشي : 8 رقم 5 ، رجال البرقي : 5 ، رجال الشيخ الطوسي : 34 رقم 2 وص 66 رقم 2 ، مستدركات النمازي 1 / 691 رقم 548.
2- سورة الفرقان 25 : 70.
3- الاختصاص : 65 - 66 ، عن محمد بن الحسن الشحاذ ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن جعفر بن الهيثم الحضرمي ، عن علي بن الحسين الفزاري ، عن آدم التمار الحضرمي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، وعنه بحار الأنوار 34 / 280 ح 1024.

وقاعدة جواز العفو عن ذنوب المؤمن بغير توبة - التي ذكرها المتكلمون من أصحابنا رضي الله عنهم ، وغيرهم - مع دليلها العقلي والسمعي ، تعاضد هذه الأخبار وتقويها (1) .. ا.

ص: 231


1- قال العلامة الحلي في مناهج اليقين - ص 358 - في مسألة العفو : اتفقت المعتزلة على أنه لا يجوز العفو ابتداء عن أصحاب الكبائر سمعا ، واختلفوا في جوازه عقلا ، فذهب البغداديون إلى أنه لا يجوز ، وذهب البصريون إلى جوازه ، وذهبت الإمامية إلى جوازه عقلا وسمعا. أما عقلا ، فلأن العفو إحسان فيكون حسنا ، والمقدمتان قطعيتان ، ولأنه حقه ، وفي استيفائه ضرر على المكلف ، فلا مضرة عليه تعالى في إسقاطه ، فيكون إسقاطه حسنا قطعا. لا يقال : العلم بالعفو إغراء بالقبيح ، فيكون العفو قبيحا. ولأن العفو مع الوعيد كذب. لأنا نقول : العفو ليس بقطعي ، فلا يكون إغراء بالقبيح ، كما إن المكلف يسقط بتوبته العقاب ، مع أن التوبة ليست إغراء بالقبيح ، لأنها ليست متيقنة الحصول. وأما الوعيد ، فمعارض بآيات الوعد. وأما النقل ، فوجوه : أحدها : قوله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك). [سورة النساء 4 : 48 و 116]. فنقول : هذا الغفران إما أن يكون مع التوبة أو بدونها. والأول باطل ، للإجماع بأن الشرك مغفور مع التوبة ، فالثاني حق. ولا يمكن أن يقال : إن عدم غفران الشرك مع عدم التوبة ، وغفران ما دون ذلك بها ، لخروج الكلام عن النظم الصحيح. لا يبقي للفضل معنى. ولأن الغفران مع التوبة واجب فلا يجوز تعلقه بالمشيئة. لا يقال : الغفران هو الستر لا الإسقاط. وتحقيق الغفران في حق صاحب الذنب تأخير عقوبته إلى يوم القيامة ، وتحقيق عدمه في حق الكافر هو تعجيلها. وتحقيق هذا التأويل ما قبل الآية من قوله : (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) [سورة النساء 4 : 47] ، ثم عقب بعد ذلك بقوله : (إن الله لا يغفر أن يشرك به) ، التقدير : إن لم تؤمنوا فعلنا بكم كما فعلنا بأصحاب السبت من طمس الوجوه والمسخ. سلمنا أن المراد السقوط ، لكن يحتمل أن يكون السقوط إشارة إلى بعض أنواع العقاب لا إلى جميع أنواعه. ونحن نقول بذلك ، فإن عقاب الكافر أزيد من عقاب الفاسق ، فيحتمل أن يكون الساقط ذلك القدر الزائد من العقاب. لأنا نجيب عن الأول : بوقوع الإجماع على أن المراد بالغفران ها هنا السقوط ، فإن الوعيدية تأولوا ذلك بالتائب ، أو بمن زاد ثوابه على عقابه ، والتفضيلية حملوا ذلك على المصر. فعلم أنهم اتفقوا على أن المراد بالغفران السقوط. وعن الثاني : إن المراد سقوط جميع أنواع العقاب ، وإلا لما بقي فرق بين الكافر والفاسق ، فإن الكافر لا يمكن أن يعذب بجميع أنواع العذاب. وثانيها : قوله تعالى : (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) [سورة الرعد 13 : 6] ، و (على) تدل على الحال ، فأثبت المغفرة حالة الظلم ، وذلك هو المطلوب ، ترك العمل به في حق الكافر فيبقى الباقي على الأصل. وثالثها : قوله تعالى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) [سورة الزمر 39 : 53] ، ترك العمل به في الكافر للإجماع فيبقى الباقي على عمومه. ورابعها : اتفقت الأمة على وجوب الشفاعة وتأثيرها في إسقاط العقاب على ما يأتي. وخامسها : اتفقت الأمة على أن الله تعالى يعفو عن العباد ، ونطق القرآن بذلك ، ولا شك أن إسقاط العقاب عن أصحاب الصغائر مطلقا ، وعن أصحاب الكبائر بعد التوبة واجب ، فلا يكون عفوا بإسقاط عقابهما ، فوجب أن يكون بإسقاط العقاب عن صاحب الكبيرة قبل التوبة. احتج المخالف بوجوه : الأول : إن العقاب لطف ، فيكون إسقاطه قبيحا. الثاني : قوله تعالى : (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) [سورة النساء 4 : 14]. وقوله : (من يعمل سوءا يجز به) [سورة النساء 4 : 123]. وقوله : (ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا) [سورة الفرقان 25 : 19]. وقوله : (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [سورة الزلزلة 99 : 8]. وقوله : (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) [سورة النساء 4 : 93] ولفظة «من» للعموم. الثالث : قوله تعالى : (إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم) [سورة الانفطار 82 : 23 و 24]. وجه الاستدلال : إن الاسم المحلى باللام إن قلنا بعمومه - كما هو مذهب أبي علي - ثبت المطلوب ، وإن لم نقل - كما هو مذهب أبي هاشم - قلنا : إن هذه الآية خرجت مخرج الزجر عن الفجور ، فيكون هذا الحكم مترتبا على الفجور ، فيكون الفجور علة ، فيلزم العموم أيضا. والجواب عن الأول : ينتقض ما ذكرتم بوجوب إسقاطه بالتوبة. ثم الجواب الحقيقي : إن تجويز العقاب لطف ، وذلك حاصل على تقدير القول بالعفو ، فإن الفاسق لا يقطع بحصول العفو. وعن الوجهين الآخرين : بأن هذه الآيات مشروطة بعدم العفو ، كما أنها مشروطة بعدم التوبة اتفاقا ، وذلك للجمع بين آيات الوعيد والوعد. وأيضا المعارضة بآيات الوعد. وأيضا ، بالمنع من العموم. ولو سلم أنها موضوعة له ، لكنها غير موضوعة له قطعا ، ولو كان كذلك ، لكنها غير مراد منها العموم قطعا.

ص: 232

وقاعدة العدل لا تنافيها إلا من وجه ، تأتي الإشارة إليه عن قريب إن شاء الله.

فالواجب الحكم بصحتها واعتبارها ، لكن وردت أخبار أخرى كثيرة أيضا تعارض هذه الأخبار ، وتنفي عمومها ، وترفع إطلاقها ، وتعين صفة ولي أهل البيت عليهم السلام ، وهي على صنفين :

ص: 233

[الصنف] الأول :

الأخبار الناطقة بتقسيم الذنوب إلى ثلاثة أقسام : إلى ذنب لا يغفره الله ، وذنب يغفره الله ، وذنب لا يتركه الله.

فأما الذنب الذي لا يغفره الله : فهو الشرك بالله ، قال الله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (1).

وأما الذنب الذي يغفره الله : فهو ما سوى الشرك ، ومظالم العباد ، قال تعالى : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (2).

وأما الذنب الذي لا يتركه الله : فهو ظلم المكلفين بعضهم بعضا (3) ، وصريحها : إن الله سبحانه وتعالى لا يغفر لشيعة أهل البيت عليهم السلام ظلمهم لأمثالهم ، بل يقتص من ظالمهم لمظلومهم ، وهي متعددة مروية في الكافي وغيره من كتب الحديث لأصحابنا رضوان الله عليهم (4).

ومنها : الخبر المسؤول عن معناه ، وموضع الدلالة منه على هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيه : «إلا ما كان منهم فيها على إصرار وظلم المؤمنين» فإنه مصر بأن ظلم محبي أهل البيت عليهم السلام للمؤمنين لا يتحمله الله عنهم ، ه.

ص: 234


1- سورة النساء 4 : 48 و 116.
2- سورة النساء 4 : 48 و 116.
3- وقد أورد الصدوق في أماليه : 325 ح 2 رواية في هذا المعنى ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : «الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله ، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يدعه الله ، فأما الظلم الذي لا يغفره الله عزوجل فالشرك بالله ، وأما الظلم الذي يغفره الله عزوجل فظلم الرجل نفسه في ما بينه وبين الله عز وجل ، وأما الظلم الذي لا يدعه الله عزوجل فالمداينة بين العباد».
4- أنظر : الكافي 2 / 443 باب في أن الذنوب ثلاثة ، بحار الأنوار 75 / 308 - 334 باب «الظلم وأنواعه» ، وقد نقلها من المصادر المعتبرة ، إذ لم يفرد علماؤنا - تغمدهم الله برحمته - بابا خاصا له.

وإذا لم يتحمله عنهم لم يغفره لهم ، وإذا لم يغفره لهم كان الواجب أخذ الحق منهم لمن ظلموه ، وهو ظاهر جلي.

وقوله تعالى : (وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون) (1) وأمثالها من الآيات.

وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ليأخذن الله للجماء من القرناء» (2) وأشباهه من الروايات يصححان هذه الأخبار ويثبتان حكمها تمام الإثبات.

وقاعدة العدل - المبينة في الكتب الكلامية ، الحاكمة بوجوب الاقتصاص من الظالم للمظلوم (3) على وجه الإطلاق الذي لا يقبل التقييد - .

ص: 235


1- سورة الزمر 39 : 69.
2- أورده ابن حنبل في مسنده 3 / 50 ح 8538 ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «يقتص الخلق بعضهم من بعض ، حتى الجماء من القرناء ...». وابن عدي في الكامل في الضعفاء 2 / 649 ، عن عثمان ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «يقتص للجماء من القرناء يوم القيامة». والحاكم في المستدرك 2 / 316 ، عن أبي هريرة : «... فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء ...». وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 1 / 300 : إن الله تعالى ليدين الجماء من ذات القرن» ، والجماء : التي لا قرن لها. والبرقي في المحاسن 1 / 68 رقم 18 ، إن أمير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر بالكوفة - إلى أن قال : - قال الله عزوجل : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ... ونطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء. والمجلسي في بحار الأنوار 95 / 462 ، في صحيفة نبي الله إدريس عليه السلام في التوكل - إلى أن يقول : - فورب السماء ليقتصن من القرناء للجماء.
3- قال المقداد السيوري في إرشاد الطالبين - ص 285 - : مسألة : هل العوض واجب على الباري تعالى؟ قال العلامة : هو واجب ، وإلا لزم الظلم. أقول : العوض : إما مستحق عليه تعالى ، فيجب عليه إيصاله إلى مستحقه وإلا لكان ظالما - تعالى الله عنه - ، والظالم بذلك ضروري .. وإما مستحق على العبد ، فيجب عليه تعالى الانتصاف للمظلوم من الظالم ، لأنه لما مكنه من الظلم بإعطاء القدرة ولم يمنعه بالجبر ، وجب عليه الانتصاف ، وهو أن يأخذ من منافع الظالم التي استحقها على الله أو على غيره للمظلوم بقدر ما يوازي ظلمه ، وإلا لكان تعالى بالتمكين ظالما. ولا يلزم من تمكينه الظالم كون العوض عليه تعالى ، لأنه لم يأمره بالظلم ولم يجبره عليه ، بل إنما أعطاه القدرة والتمكين ليستعمل ذلك في الطاعة. ومثاله : إن من أعطى شخصا سيفا ليقتل به كافرا فقتل به مؤمنا ، فكما إن العوض هنا على القتل فكذا هناك. قال : وهل يجوز أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي فعله؟! جوزه أبو هاشم والبلخي. واختلفا : فيجوز البلخي خروجه من الدنيا بغير عوض ، بل يتفضل الله تعالى على الظالم بالعوض ويدفعه إلى المظلوم ، ومنعه أبو هاشم وأوجب التبقية ، لأن الانتصاف واجب ، فلا تعلق بالتفضل الجائز. أقول : قد ذكرنا أن الانتصاف الذي هو نقل المنافع إلى المظلوم واجب عليه تعالى ، والآن نقول : هل يجوز في الحكمة أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له يوازي ما صدر عنه ، أم لا؟! جوز ذلك أبو القاسم البلخي ومحمود الخوارزمي وأبو هاشم ، ومنعه السيد المرتضى - رضوان الله تعالى عليه -. حجة الأولين : أنه لو لم يكن جائزا لما وقع ، لكنه واقع ، فيكون جائزا وهو المطلوب .. أما الملازمة : فظاهرة ، وأما بيان الوقوع : فلأنا نرى الملوك والظلمة يصدر عنهم آلام عظيمة ، ومن المستبعد أن يكون لذلك الظالم القاهر أعواض توازي ما صدر عنه بالنسبة إلى كل واحد واحد من المظلومين. والجواب : غير مستبعد أن يكون قد حصل لذلك الظالم الآلام التي يفعلها الله تعالى به أعواضا كثيرة بحيث ما يوازي ما عليه ، فإن العوض عليه تعالى زائد إلى حد الرضا وعلينا مساوي. ثم اختلف هؤلاء المجوزون في أنه هل يجوز أن يخرج من الدنيا ولا عوض له أم لا؟! فقال أبو القاسم : يجوز ذلك ، لجواز أن يضمن الله تعالى عنه ، ويتفضل عليه بأعواض يوصلها إلى المظلوم. وقال أبو هاشم : لا يجوز ، لأن التفضل جائز والانتصاف واجب ، ولا يعلق الواجب على الجائز. وقال : يجب على الله تعالى تبقيته كي يحصل له أعواض ينقلها عنه. قال السيد المرتضى : الانتصاف واجب ، والتفضل والتبقية جائزان فلا يعلق الواجب بهما.

ص: 236

تشد أركان هذه الأخبار ، وترفع بنيان مفادها ، لمطابقتها لها في الحكم يقينا ، فيجب اعتقاده والحكم به جزما ، ومقتضاه أنه يجب في عدل الله وحكمته أن يقتص للمظلوم من محبي أهل البيت عليهم السلام من ظالم المحب لهم ، ولا يجوز في العدل والحكمة ألا يغفر له ظلمه.

ومفاد هذا كله تخصيص تلك الأخبار والحكم عليها ، والتصريح بأن المغفور من ذنوب أهل الولاية ما سوى مظالمهم لبعضهم لا جميع الذنوب ، وهذا واضح لا خفاء فيه.

الصنف الثاني :

الأخبار المصرحة بأن ولاية أهل البيت عليهم السلام لا تتحقق إلا بطاعة الله ،

ولا تنال إلا بالورع عن محارم الله ، وإن المطيع لله هو الولي لهم ، والعاصي لله ليس لهم بولي.

ومنها : ما رواه الشيخ الجليل الكبير ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني في الكافي بسنده عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «لا تذهب بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عزوجل» (1).ار

ص: 237


1- الكافي 2 / 73 ح 1 ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد أخي عرام ، عن محمد بن مسلم ، وعنه في بحار الأنوار

وبسنده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في حديث طويل ، قال فيه : «يا جابر! والله ما نتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة ، وما معنا براءة من النار ، ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع» (1).

وبالسند عن عمر بن خالد ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «يا معشر الشيعة ، شيعة آل محمد عليهم السلام! كونوا النمرقة الوسطى» (2) ..

إلى أن قال : ثم أقبل علينا فقال : «والله ما معنا من الله براءة ، ولا بيننا ي.

ص: 238


1- الكافي 2 / 74 ح 3 ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ... ، وعنه في بحار الأنوار 70 / 97 ح 4.
2- النمرقة - مثلثة - : الوسادة الصغيرة. القاموس المحيط 3 / 286 مادة «نمرق». وقال الفيض الكاشاني في كتاب الوافي 4 / 32 : وفي الكلام استعارة ، والمراد أنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرجل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لا تصلح للتوسد ، بل لا بد لها من حد من الارتفاع والانخفاض حتى تصلح لذلك ، كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم ، لا تكونوا غالين ، تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها ، وجعلهم أهلا لها وهي الإمامة والوصاية النازلتان عن الألوهية والنبوة ، كالنصارى الغالين في المسيح ، المعتقدين فيه الألوهية أو البنوة للإله. ولا تكونوا أيضا مقصرين فيهم ، تنزلوهم وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل! كاليهود والمقصرين في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد ، يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي.

وبين الله قرابة ، ولا لنا على الله حجة ، ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة ، فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه ولايتنا ، ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم لا تغتروا! ويحكم لا تغتروا!»(1).

وعن علي بن أبي زيد ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه عيسى بن عبد الله القمي فرحب به وقرب مجلسه ، ثم قال : «يا عيسى بن عبد الله! ليس منا - ولا كرامة - من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون ، وكان في ذلك المصر أحد أورع منه» (2) ..

إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المروية في الكتاب المذكور ، وغيره من كتب الحديث والأخبار والآثار.

ويؤيد معناها قوله تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم) (3) ومثلها من الآيات ، ويرشد إليه معنى الولاية ، لأنها بمعنى المتابعة في الأقوال والأفعال ، والعاصي لله ليس بتابع أهل البيت عليهم السلام ، بل هو مخالف لهم ، لأنهم لا يعصون الله تعالى.

ووجه المعارضة بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأولى : إن الأولى مصرحة بأن من محبي أهل البيت عليهم السلام وأوليائهم من هم مذنبون ، وإن ذنوبهم تغفر لهم .. وهذه الأخبار نطقت بأن من كان مذنبا فليس من أوليائهم وشيعتهم ، فأي ذنب يغفر لهم ، والحال أن المذنب ليس منهم؟! 1.

ص: 239


1- الكافي 2 / 75 ح 6 ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن عمرو بن خالد ... ، وعنه في بحار الأنوار 70 / 101 ح 6 ، وفيه : عن عمر بن خالد.
2- الكافي 2 / 78 ح 10 ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أبي زيد ، عن أبيه ، وعنه في بحار الأنوار 70 / 300 ح 9.
3- سورة آل عمران 3 : 31.

فلا بد حينئذ من الجمع بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأولى ، ورفع التعارض الظاهر بينهما ، إذ لا يجوز إسقاط أحدهما ورده مع إمكان التأويل والجمع ، وهو يحصل بوجوه :

الأول : أن يقال : إن العاصي إن يرتكب المعاصي على وجه التهاون بها ، والاستخفاف بها ، وعدم المبالاة بها ، متكلا على غفرانها له لا محالة ، بسبب دعواه ولاية أهل البيت عليهم السلام ، فمثل هذا يكون ادعاؤه ولاية أهل البيت عليهم السلام كذبا ، فلا يستحق من الله تعالى التفضل عليه بغفران ذنوبه من حقيقة الولاية.

ويدل على هذا التأويل قول الصادق عليه السلام : «ما بين المسلم وبين أن

يكفر إلا أن يترك صلاة واحدة ، مستخفا بها ، أو يتهاون بها فلا يصليها» (1).

وقولهم عليهم السلام في عدة أخبار : «اتقوا المحقرات من الذنوب ، فإنها لا تغفر» (2) ، وفسروها بأنها ذنوب صغائر (3) ، يفعلها المكلف ويقول : إن مة

ص: 240


1- أورده البرقي في المحاسن 1 / 160 ح 11 ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ... ، والصدوق في عقاب الأعمال : 274 رقم 1 ، عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ... ، وعنهما في وسائل الشيعة 4 / 42 ح 6 باختلاف يسير.
2- الكافي 2 / 270 ح 10 ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وص 287 ح 1 ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ... ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي أسامة زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وعنه في وسائل الشيعة 15 / 310 ح 1 ، وبحار الأنوار 73 / 345 ح 29.
3- القاموس المحيط 2 / 12 مادة «حقر». والتحقير يوجب الإصرار وترك الندامة

لم يكن علي من الذنوب إلا هذا فلا أبالي ، لأن الكفر وعدم غفران الذنب إذا حصلا بالتهاون بالمعصية وعدم المبالاة بعقابها ، حصل بها الخروج من ولاية أهل البيت عليهم السلام قطعا ، لأن من لم يكن مؤمنا حقيقة ولا أهلا لمغفرة ذنوبه بغير توبة فليس بولي لأهل البيت عليهم السلام.

وهذا حكم جار في كل مستخف بفريضة من فرائض الله ، ومتهاون بمعصية من سائر معاصي الله تعالى ، والأدلة على هذا المعنى كثيرة.

ومنها : الخبر المسؤول عنه ، وموضع ذلك منه قوله عليه السلام فيه : «إلا ما كان منهم فيها على إصرار» فإنه صريح في عدم غفران ذنوب المصر على الذنب.

ومن الواضح البين أن الإصرار على الذنب مسبب عن الاستخفاف والتهاون ، فإن الخائف من عقاب الذنب لا يصر عليه ، كما نبه عليه قوله تعالى : (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) (1).

وينبغي أن تحمل آيات الوعيد على هذا المعنى ، وإن كان العاصي قد ارتكب المعاصي لغلبة شهوة نفسه ، وكان بعد عملها خائفا من عقابها ، مشفقا من المؤاخذة عليها ، راجيا من الله التفضل عليه بغفرانها ، لولايته لأهل البيت عليهم السلام ، فمثل هذا لا يخرج عن حقيقة الولاية ، فهو مستحق من الله سبحانه التفضل عليه بغفران ذنوبه كائنة ما كانت ، وبالغة ما بلغت.

وينبغي أن تحمل آيات الرجاء على هذا المعنى ، مثل قوله تعالى : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، وقوله تعالى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب 5.

ص: 241


1- سورة آل عمران 3 : 135.

جميعا) (1).

وهذا وجه حسن لطيف رافع للتعارض بين الأخبار.

الوجه الثاني : أن يقال : إن ولاية أهل البيت عليهم السلام ليست بموجبة لغفران الذنب على وجه الحتم ، بمعنى أنه لا يجوز في عدل الله وحكمته أن يعذب العاصين من محبي أهل البيت عليهم السلام ، وإنما هي مجوزة لتفضل الله

سبحانه على محبيهم بغفران الذنوب ، فمن اعتقد من مدعي ولاية أهل البيت عليهم السلام غفران ذنوبه حتما لأجلها ، فقد خرج من ولايتهم فلا تغفر له الذنوب ، ولفظ : «لا تغتروا» في الخبر وما قارب معناه يومئ إلى هذا المعنى.

ومن اعتقد منهم جواز تفضل الله عليه بالمغفرة لأجل الولاية ، فهذا لا يخرج منها ، ويستحق غفران ذنوبه تفضلا عليه ، لأن الاغترار لا يصدق في حقه.

وهذا أيضا تأويل حسن يقرب من الأول في الجودة.

الوجه الثالث : أن يقال : إن ولاية أهل البيت عليهم السلام بنفسها - يعني بغير عمل أصلا - لا تكون كافية في إسقاط العقاب وحصول الثواب ، كما إن الإيمان - الذي هو عبارة عن التصديق بوحدانية الله سبحانه ، ورسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - بدون العمل ليس بكاف في ذلك ، فمتى تدين المكلف بولاية أهل البيت عليهم السلام ومحبتهم ، ولم يطع الله تعالى في أمره ونهيه أصلا ، لم يستحق على الله سبحانه بتلك الولاية مثوبة ، ولا تفضلا بإسقاط عقوبة ، لعدم صحة تلك الولاية. 3.

ص: 242


1- سورة الزمر 39 : 53.

كما إن المقر بالشهادتين التارك للعمل بالكلية لا يستحق على الله تعالى ذلك ، لعدم صحة إيمانه والحال هذه.

وعلى هذا تنزل الأخبار القائلة بأن ولاية أهل البيت عليهم السلام بدون عمل لا تنفع ، وأن المطيع لله هو وليهم ، والعاصي لله هو عدوهم ، وأن ولايتهم لا تنال إلا بالعمل والورع.

ويكون المقصود من ذلك إبطال مذهب المرجئة من الشيعة الذاهبين إلى أن ولاية أهل البيت عليهم السلام مغنية عن العمل ، موجبة بنفسها لدخول

الجنة ، والنجاة من النار ، وأصلها مقالة الغلاة (1) لعنهم الله ، وتابعهم فيها غيرهم من أهل التشيع ، فأراد الأئمة عليهم السلام بيان بطلانها ، لبطلان قول

المرجئة من العامة (2) ، وهذه المقالة بعينها موافقة لمقالة النصارى في 2.

ص: 243


1- الغلاة : هم الذين غلوا في حق أئمتهم عليهم السلام حتى أخرجوهم من حدود الخليقة ، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية ، فربما شبهوا واحدا من الأئمة بالإله ، وربما شبهوا إلاله بالخلق ، وهم على طرفي الغلو والتقصير. فرق الشيعة - للنوبختي - : 173. وقال العلامة المجلسي رحمه الله : إعلم أن الغلو في النبي والأئمة إنما يكون بالقول بألوهيتهم ، أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية ، أو في الخلق والرزق ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم ، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو بالقول في الأئمة عليهم السلام أنهم كانوا أنبياء ، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ، ولا تكليف معها بترك المعاصي ، وقد عرفت أن الأئمة عليهم السلام تبرؤوا منهم ، وحكموا بكفرهم ، وأمروا بقتلهم. بحار الأنوار 25 / 336.
2- المرجئة : فرقة من المخالفين ، يعتقدون بأن المعصية لا تضر مع الإيمان ، ولا تنفع مع الكفر طاعة ، وسموا بهذا الاسم لأنهم قالوا : إن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي : أخره. وهم ثلاثة أصناف : صنف منهم قالوا بالإرجاء في الإيمان ، وبالقدر على مذاهب القدرية والمعتزلة. وصنف منهم قالوا بالإرجاء بالإيمان وبالجبر في الأعمال ، على مذهب جهم بن صفوان ، فهم من جملة الجهمية. وصنف منهم خارجون عن الجبرية والقدرية يكفر بعضهم بعضا وهم خمس فرق : أ- اليونسية : وهم أتباع يونس بن عون ، الذي زعم أن الإيمان في القلب واللسان ، وأنه هو المعرفة بالله تعالى ، والمحبة والخضوع له بالقلب ، والإقرار باللسان أنه واحد ليس كمثله شئ ، ما لم تقم حجة الرسل عليهم ، فإن قامت عليهم حجتهم لزمهم التصديق لهم ، ومعرفة ما جاء من عندهم في الجملة من الإيمان ، وليست معرفة تفصيل ما جاء من عندهم إيمانا ولا من جملته. ب - الغسانية : وهم أتباع غسان المرجئ ، الذي زعم أن الإيمان هو الإقرار أو المحبة لله تعالى وتعظيمه وترك الاستكبار عليه. ج - التومنية : وهم أتباع أبي معاذ التومني ، الذي زعم أن الإيمان ما عصم من الكفر ، وهو اسم لخصال من تركها أو ترك خصلة منها كفر ، ومجموع تلك الخصال إيمان ، ولا يقال للخصلة منها : إيمان ، ولا بعض إيمان. د - الثوبانية : وهم أتباع أبي ثوبان المرجئ ، الذي زعم أن الإيمان هو الإقرار والمعرفة بالله وبرسله وبكل ما يجب في العقل فعله ، وما جاز في العقل أن لا يفعل فليست المعرفة من الإيمان. ه - المريسية : وهم أتباع بشر المريسي ، وهؤلاء مرجئة بغداد ، وكان يقول في الإيمان : إنه هو التصديق بالقلب واللسان جميعا ، كما قال ابن الراوندي : إن الكفر هو الجحد والإنكار ، وزعما أن السجود للصنم ليس بكفر ، ولكنه دلالة على الكفر. فهؤلاء الفرق الخمس هم المرجئة الخارجة عن الجبر والقدر. أنظر : الفرق بين الفرق : 202.

دعواهم أن الإيمان بإلهية عيسى عليه السلام ، وأنه ابن الله كاف عن الأعمال البدنية من الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض.

وفي بعض تلك الأخبار ما هو كالصريح في ما ذكرناه :

* كقول أبي جعفر الباقر عليه السلام في رواية جابر التي أوردنا شطرا منها : «يا جابر! لا تذهب بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ، فلو قال : إني أحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير من علي عليه السلام ، ثم لا يتبع سيرته ، ولا يعمل بسنته ،

ص: 244

ما نفعه حبه إياه شيئا ...»(1) إلى آخر الخبر.

ومتى تدين المكلف بولاية أهل البيت عليهم السلام ، وأدى الواجبات ، وتورع عن المحرمات ، فهذا ممن يدخل الجنة بغير حساب ، وعلى مثل هذا تنزل الأخبار الواصفة للشيعة بالأوصاف الجميلة ، وهي كثيرة.

ومتى كان المكلف مواليا لأهل البيت عليهم السلام ، وأطاع في بعض الأعمال ، وعصى في بعض آخر - متهاون ولا مستخف - فهذا ولايته صحيحة ناقصة ، فأمره مردد بين أن يغفر الله له ذنوبه تفضلا منه عليه ..

وبين أن يسقطها عنه بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..

وبين أن يدخله النار ، ثم يخرج منها قبل تمام أخذ الحق منه بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ..

وبين أن يبقى في النار إلى أن يستوفي منه الحق الذي عليه ، ثم يدخل الجنة بإيمانه وولايته ، وباقي أعماله الصالحة ..

* وعلى الأول : تنزل الأخبار الدالة على غفران ذنوب الموالين لأهل البيت عليهم السلام.

* والثاني : مفاد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر

من أمتي» (2) ، وأمثاله من الروايات. .

ص: 245


1- الكافي 2 / 74 ح 3 ، وعنه بحار الأنوار 70 / 97 ح 4.
2- ذكر أخبار أصبهان 1 / 163 بسنده عن الأعمش ، عن أنس بن مالك ، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 282 عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، وأورد الشيخ الصدوق ما يقرب منه في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 136 ح 35 ، والأمالي : 56 ح 4 بسنده عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. والشيخ الطوسي في الأمالي : 380 ح 66 عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لكل نبي شفاعة ، وإني خبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة ...

* والثالث : ينزل عليه قول الأئمة عليهم السلام : «إن من شيعتنا من لا تناله

شفاعتنا إلا بعد عشرة آلاف عام» ، وفي بعضها أكثر من ذلك.

* والرابع : مقتضى القاعدة الكلامية التي اتفق على صحتها علماء الإمامية ، وأيدها من السمع مثل قوله تعالى : (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) (1) ، وقوله جل وعلا : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (2) ..

وهي : إن من كان من المكلفين له ثواب وعليه عقاب ، لم يسقط عنه بمسقط من تفضل من الله أو شفاعة أو غيرهما ، فالواجب الابتداء بمعاقبته .. فإذا انتهى مقدارها أدخل الجنة ليكون الثواب له خالصا من شوائب الكدر ، ولا يحبط عمله ويكون مخلدا في النار ، كما ذهب إليه المعتزلة ومن ضارعهم (3) .. .

ص: 246


1- سورة البقرة 2 : 286.
2- سورة الزلزلة 99 : 7 و 8.
3- الإحباط تعريفه في اللغة : هو من عمل عملا ثم أفسده ، والله أحبطه. لسان العرب 7 / 272 مادة «حبط». قال الحسني : وفي تعريف الفقهاء المتكلمين : أن يكون أحد العملين مسقطا وماحيا لآثار العمل السابق ، فكما يسقط الثواب بالمعاصي ، كذلك يسقط العقاب بما يفعله الإنسان من الطاعات والخيرات ، وهو أن يكون المتأخر ماحيا للمتقدم من خير أو شر ، وهذه المسألة من المسائل التي اختلفت فيها آراء الفرق الإسلامية. فالمعتزلة يدعون أن الإنسان إذا عبد الله طول حياته ، وفعل معصية من المعاصي التي تسمى كبيرة في عرف الفقهاء تبطل جميع أعماله السابقة ، وقد وافقهم على ذلك الخوارج. أما الأشاعرة فقد أنكروا الإحباط ، لأنهم يدعون أنه لا يجب على الله ثواب المطيعين ولا عقاب العاصين ، وله أن يعذب المطيع ويعاقب العاصي. وأما المرجئة فقد وافقوا المعتزلة على مبدأ الإحباط ، ولكن الإيمان بالله عندهم يحبط جميع المعاصي مهما بلغت ، وجميع المعاصي لا تحبط الإيمان ، وذلك عملا بالمبدأ العام الذي ترتكز عليه فكرة الإرجاء : «لا تضر مع الإيمان معصية ، ولا تنفع مع الكفر طاعة». أما الإمامية فقد أنكروا الإحباط ، لقوله تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ، هذا بالإضافة إلى أن الإحباط يؤدي إلى عدم الوفاء بالوعد والوعيد ، لأنه تعالى قد وعد المطيعين بالثواب ، وتوعد العاصين بالعقاب ، ولازم الإحباط عدم الثواب على الطاعات. أنظر : الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : 2143 - 215. قال المعتق في «المعتزلة وأصولهم الخمسة» - ص 249 - : لقد اختلف المعتزلة في الإحباط على أقوال ، أهمها ما يلي : الأول : رأي الجمهور منهم ، الذين يرون أن الإنسان إذا عبد الله طول حياته ثم ارتكب كبيرة من الكبائر ، فإنها تبطل جميع أعماله السابقة. يقول القاضي عبد الجبار : «... إن ما يستحقه المرء على الكبيرة من العقاب يحبط ثواب طاعاته ...». الثاني : رأي أبي علي الجبائي - من متأخري المعتزلة - الذي يرى أن الطاعات السابقة على المعاصي يسقط منها بمقدار المعاصي ، وتبقى المعاصي على حالها ، فمثلا من أطاع عشرين مرة ، وعصى عشر مرات ، يسقط من طاعاته بمقدار معاصيه ، وتبقى معاصيه على حالها ، ولو زادت معاصيه على طاعاته ، فإنها تذهب طاعاته بكاملها وتبقى معاصيه. الثالث : رأي أبي هاشم ، الذي ذهب إلى أن الإحباط يكون من الطرفين ، فكما تحبط الطاعات المعاصي ، كذلك تحبط المعاصي الطاعات ، فمثلا : من أطاع عشرا وعصى عشرين ، فإنه تذهب طاعاته بما يقابلها من المعاصي ، ولا يبقى عليه سوى الزائد من معاصيه. يقول القاضي عبد الجبار : «... لو أتى المكلف بطاعة استحق عليها عشرة أجزاء من الثواب ، وبمعصية استحق عليها عشرين جزءا من العقاب ، فمن مذهب أبي علي أنه يحسن من الله تعالى أن يفعل به في كل وقت عشرين جزءا من العقاب ، ولا يثبت لما كان قد استحقه على الطاعة التي أتى بها تأثير بعدما ازداد عقابه عليه. وقال أبو هاشم : لا ، بل يقبح من الله تعالى ذلك ، ولا يحسن منه أن يفعل به من العقاب إلا عشرة أجزاء ، فأما العشرة الأخرى ، فإنها تسقط بالثواب الذي قد استحقه على ما أتى به من الطاعة ، وهذا هو الصحيح من المذهب ، ولعمري إنه القول اللائق بالله تعالى دون ما يقوله أبو علي ...

ص: 247

وهذا أيضا بسبب ولاية أهل البيت عليهم السلام ، فإن غير مواليهم يبقى مخلدا في النار مع زمر الكفار وأصناف الفجار ، لأنه من جملة من قال الله تعالى فيهم : (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) (1).

وقد جاء في عدة أخبار (2) ، أن من جملة مكفرات الذنوب عن له

ص: 248


1- سورة الفرقان 25 : 23.
2- قد أفرد الشيخ الجليل محمد بن همام الإسكافي كتابا سماه التمحيص نذكر منه روايتين تبركا ، وفيهما دلالة واضحة على هذا الباب إن شاء الله تعالى : أ- عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إن الله إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب ، ابتلاه بالسقم ، فإن لم يفعل ذلك ابتلاه بالحاجة ، فإن لم يفعل ذلك شدد عليه الموت ليكافئه بذلك الذنب. وإذا كان من أمره أن يهين عبدا وله عنده حسنة ، صحح بدنه ، فإن لم يفعل ذلك به وسع له في معاشه ، فإن هو لم يفعل هون عليه الموت ليكافئه بتلك الحسنة». التمحيص : 38 ح 35. ب - عن عمر صاحب السابري ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إني لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة ، فقال لي : «يا عمر! لا تشنع على أولياء الله ، إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى يمحص عنه الذنوب ، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله ، فإن عافاه في ماله

المؤمن ما يصيبه في الدنيا من الآلام ، وما يقع عليه فيها من البلايا والمحن حتى تشديد نزع الروح عليه ، فأسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

هذا ما تبين لي من الوجوه في الجمع بين الأخبار المتخالفة في الظاهر ، واتضح لي في رفع التعارض عنها ، وفيها كفاية لمن تأمل وتدبر ، بل في كل واحد منها مقنع لمن نظر وتبصر إن شاء الله.

إذا عرفت ما أصلناه ، وتبينت ما فصلناه ، فنشرع الآن في الجواب عن الخبر الذي سألت عنه ، والكلام يقع في مواضع :

الموضع الأول :

إن هذا الخبر مروي في كتب أصحابنا السابقين ، رواه الشيخان الجليلان أبو عبد الله المفيد وأبو جعفر الطوسي (1) قدس الله روحيهما ، بسند متصل عن أبي الحسن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ، ويضاعف الحسنات» إلى آخر ما ذكر في المسألة.

وهذا الخبر مع جملة أخبار بمعناه كلها وردت في تأويل قوله تعالى : * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ه.

ص: 249


1- أمالي الطوسي : 164 ح 26 عن الشيخ المفيد بإسناده.

فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) (1).

فإن نزلنا عموم تلك الأخبار على خصوص الآية الكريمة لورودها في تأويلها خصصناها بالتائبين ، لتصريح الآية بذلك ، وحينئذ لا يبقى لأحد ممن يدعي المعرفة الاحتجاج بها على غفران ذنوب الشيعة مطلقا.

وإن أبقيناها على إطلاقها صارت معارضة لصريح الآية التي وردت هي في تأويلها ، وما خالف من الأخبار ونص القرآن أو ظاهره ، فلا سبيل إلى الحكم بصحته بالإجماع.

وأيضا تحصل في الخبر المذكور على هذا الوجه معارضة إطلاق أوله ، لقوله فيه : «إلا ما كان منهم فيها على إصرار ...» إلى آخره ، فإنه نص في عدم غفران ما أصر عليه محبهم من الذنوب ، وإذا كان الكلام يناقض بعضه بعضا سقط اعتباره ، فاللازم في تصحيح الخبر المزبور وما بمعناه حمله على مفاد الآية ، وهو اختصاص الحكم المذكور بالتائبين.

ومتى قيل : فأي مزية لمحبي أهل البيت عليهم السلام إذا كانت ذنوبهم لا تكفر إلا بالتوبة ، وغيرهم في هذا مساو لهم؟!

قلنا : المزية حاصلة من وجهين :

* الأول : إن توبة غيرهم من الذنوب لا تقبل إلا أن يتوب عن أصل اعتقاده الباطل ، ويرجع إلى ولايتهم.

* الثاني : إن غيرهم لو قبلت توبته لم يجعل في موضع سيئاته حسنات ، وهم (2) يكون لهم ذلك بنص الآية الشريفة (3) .. ا.

ص: 250


1- سورة الفرقان 25 : 68 - 70.
2- يعني محبي أهل البيت عليهم السلام.
3- المارة آنفا.

إذا كانت هذه المزية موجودة في تخصيص الحكم بالتائبين ، كان حل الكلام عليه من أصح الصحيح ، ويأتي لهذا زيادة توضيح إن شاء الله تعالى.

الموضع الثاني :

قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «وإن الله تعالى ليتحمل عن محبنا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد ، إلا ما كان فيها على إصرار وظلم المؤمنين» ، والكلام هنا يقع في مقامين :

[المقام] الأول : إن المراد بالإصرار على الذنوب عدم التوبة منها توبة جامعة لشروط صحتها وقبولها ، ولفظه مستثنى من حكم التكفير لا من حكم التحمل ، لعدم صحة المعنى بهذا ، لاستلزامه أن الله سبحانه وتعالى لا يتحمل عن محبي أهل البيت عليهم السلام من مظالم العباد إلا المظالم التي تابوا منها ولم يصروا عليها.

ومن الواضح البين أنهم إذا تابوا من المظلمة وأوصلوا إلى المظلوم حقه في الدنيا ، لم يبق عليهم لأحد مظلمة يطالبهم بها في الآخرة فيحتاجون إلى من يتحملها عنهم ، حينئذ فأي مظلمة يتحملها الله عنهم على هذا الفرض ، وإذا امتنع جعله مستثنى من حكم التحمل ، تعين أنه مستثنى من حكم التكفير ، فيجب أن يخصص به عموم التكفير ألبتة ، فيكون المعنى : حبنا أهل البيت يكفر الذنوب عن محبينا إلا الذنوب التي أصروا عليها فإنها لا تكفر عنهم ، أي لا تغفر لهم بحبنا.

فالكلام يفيد فائدة قطعية أنه لا يغفر لمحبي أهل البيت عليهم السلام لأجل محبتهم خاصة ، إلا الذنوب التي تابوا منها لا ما أصروا عليه منها ، وحكمة ذلك ما ذكرناه في الوجه الأول من وجوه الجمع بين الأخبار المتعارضة ،

ص: 251

من أن الإصرار على الذنوب يستلزم تحقيرها والاستخفاف بها ، وهو لازم لهما ، فيخرج به فاعله عن حقيقة المحبة لهم التي هي سبب لمغفرة الذنوب ، لأن المراد بالمحبة في مثل هذا الخبر المتابعة ، والمزية لهم على هذا مذكورة في الموضع الأول.

المقام الثاني : إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «وظلم المؤمنين» مستثنى من حكم التحمل قطعا ، فالمراد بالعباد الذين يتحمل الله تعالى عن محبي أهل البيت عليهم السلام مظالمهم : إما العباد الذين يجب لهم على الله سبحانه - بقاعدة العدل - الانتصاف من محبي أهل البيت عليهم السلام ، وأولئك هم المؤمنون يقينا ، وإما أن يكون المراد بهم غيرهم من فرق الناس ..

فإن كان المراد : الأول ، لزم التناقض في الكلام ، لأن معناه على هذا الوجه : إن الله يتحمل عن محبي أهل البيت عليهم السلام ما عليهم من مظالم المؤمنين ولا يتحملها ، وهذا تناقض ظاهر ، لا يجوز حمل الكلام على المعنى المستلزم له ، صونا للقول المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن التناقض ، لبطلان القول ..

وإن كان المراد هو الثاني ليكون المعنى : إن الله يتحمل عن محبي أهل البيت عليهم السلام مظالم غير المؤمنين من سائر الفرق ، صح الكلام ووافق بعضه بعضا.

والظاهر أن هذا المعنى هو المراد من الخبر ، بل لا يصح إرادة غيره ، والمزية لمحبي أهل البيت عليهم السلام على هذا الفرض أن الله تعالى يتحمل

عنهم مظالم غير المؤمنين من سائر فرق الناس ، بأن يعوض المظلومين أعواضا تفي بما لهم على محبي أهل البيت عليهم السلام من الحقوق ، أو تربي عليها بحيث يرضون بها عن الاقتصاص لهم من محبي أهل البيت ..

ص: 252

ويزيد المحبين على ذلك أيضا بأن يجعل في موضع الذنوب التي تابوا عنها ، وفي موضع ما تحمله عنهم حسنات ، وهذا بخلاف غيرهم من جميع الناس ، فإن الله يقتص لبعضهم من بعض ، حتى من الكافر لمثله ، بموجب قاعدة العدل ، ولا يجعل لهم في موضع الذنوب التي تابوا عنها حسنات.

وهذه مزية لمحبي أهل البيت عظيمة ، ومنزلة رفيعة اختصوا بها دون غيرهم ، لمحبتهم لأهل البيت عليهم السلام ، وحل الكلام على المعنى الذي تحصل فيه هذه المزية واضح الصحة ، فلا معدل في الكلام عن التأويل المذكور.

الموضع الثالث :

قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «فيقول للسيئات كوني حسنات» وظاهر هذا الكلام إنقلاب أعيان السيئات حسنات عينية ، وهذا الظاهر مستلزم لانقلاب القبيح الذاتي حسنا ، وهذا ظاهر الاستحالة والامتناع عقلا ، لأن ما بالذات لا ينقلب إلى ما بالذات.

فيجب حينئذ تأويل الكلام بما لا يستلزم محالا وامتناعا ، وذلك بأن يحمل كون السيئات حسنات على أن الله سبحانه وتعالى يمحو تلك السيئات من صحائف محبي أهل البيت عليهم السلام ، ويثبت لهم في مواضعها من

صحائفهم حسنات.

ويشير إلى هذا التأويل ، بل يصرح به ما في كتاب البرهان عن تفسير شرف الدين النجفي عن صحيح مسلم ، عن أبي ذر رضي الله عنه (1) ، قال : قال

ص: 253


1- الغفاري : اختلف في اسمه ، قيل : جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار ، وهو الأصح والمشهور ، وقيل : بريد بن عبد الله ، و: برير ابن جنادة ، و: بريرة بن عشرقة ، و: جندب بن عبد الله ، و: جندب بن سكن. صحابي جليل القدر ، يعد من نجباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن الأركان الأربعة ، وقيل : كان خامس خمسة في الإسلام ، وكان يفتي الناس في حكومة أبي بكر وعمر وعثمان. وقيل : كان أبو ذر يتأله في الجاهلية ، ويقول : لا إله إلا الله ، ولا يعبد الأصنام ، وهو الذي قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء ، على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ...». وقال ابن الأثير : قال علي عليه السلام : «وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه». وقد لاقى من عثمان إبان حكمه ما لاقى ، فقد ذكر الشيخ المفيد رواية قال فيها عثمان لأبي ذر : والله لا جمعتني وإياك دار ، قد خرفت وذهب عقلك .. أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ، ثم أنخسوا به الناقة ، وتعتعوه حتى توصلوه الربذة ، فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض. فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي ، فقضى نحبه فيها مظلوما مقهورا ، فرحمة الله عليه ورضوانه. عده البرقي والطوسي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام. رجال البرقي : 1 و 3 ، رجال الطوسي : 13 و 36 رقم 11 و 1 ، أمالي المفيد : 164 ، رجال الكشي : 24 رقم 48 ، طبقات ابن سعد 4 / 222 ، الإستيعاب 4 / 1652 رقم 2944 ، أسد الغابة 5 / 99 رقم 5862 ، تهذيب التهذيب 12 / 98 رقم 401.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، وتخبأ كبارها ، فيقال له : عملت يوم كذا كذا ، وهو مقر لا ينكر ، وهو مشفق من الكبائر ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة» (1) .. الخبر.ر.

ص: 254


1- تفسير البرهان 4 / 153 ح 13 ، عن تأويل الآيات 1 / 382 ح 19 ، عن صحيح مسلم 1 / 177 ح 190 ، عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر. وأورده أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 196 ح 20885 بالسند نفسه ، والترمذي في الصحيح 4 / 713 ح 2596 ، عن هناد ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، وفي الشمائل المحمدية : 187 ح 230 ، عن أبي عمار الحسين بن حريث ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، وأبو عوانة في المسند 1 / 146 ح 435 ، عن ابن أبي الرجاء المصيصي ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر.

فالواجب المصير إلى هذا التأويل ، لدلالة العقل والنقل عليه ، فحاصل معنى الخبر - على ما شرحناه من البيان - أن الله سبحانه وتعالى يغفر لمحبي أهل البيت عليهم السلام الذنوب التي لم يصروا عليها ، ويتحمل عنهم مظالم غير المؤمنين من سائر الناس ، ويمحو من صحائفهم سيئاتهم التي غفرت لهم ، ويثبت لهم في مواضعها من تلك الصحائف حسنات.

لا معنى له في الظاهر غير هذا ، وهذا المعنى مخالف لما يلهج به جهلة الناس الذين يدعون العلم وهم عنه بمعزل ، ويلقونه إلى من هو أجهل منهم من عوام الشيعة من أن محب أهل البيت عليهم السلام لا يؤاخذ بشئ من الذنوب ، ولا يقتص منه لأحد حتى لمثله ، فيذهبون بذلك إلى القول بالرجاء الذي حقيقته الاستخفاف بالذنوب ، وعدم المبالاة بها ، ويغرون عوام أهل مذهبهم باعتقاده ، وهو مذهب قد أبطله القرآن والأحاديث ، وشهد بفساده دليل العقل ، والخبر المذكور حجة عليهم لا لهم.

هذا ما بلغ إليه فهمي في معنى الخبر المذكور بعد النظر في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وأخبار العترة المحمدية ، والقواعد الكلامية ، وأرجو أني وفقت فيه لسلوك منهج الصواب إن شاء الله تعالى.

حرره أقل العلماء علي بن عبد الله البحراني ، في 2 ربيع سنة 1317.

* * *

ص: 255

مصادر المقدمة والتحقيق

1 - الاختصاص : للشيخ المفيد - مؤسسة الأعلمي / بيروت ، 1402 ه.

2 - إرشاد الطالبين : لجمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلي - مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / قم المقدسة ، 1405 ه.

3 - أعلام الدين في صفات المؤمنين : للشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي - مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم المقدسة ، 1408 ه.

4 - أعيان الشيعة : للسيد محسن الأمين - دار التعارف / بيروت ، 1406 ه.

5 - الأمالي : للشيخ الصدوق - مؤسسة البعثة / طهران ، 1417 ه.

6 - الأمالي : للشيخ المفيد - مؤسسة النشر الإسلامي / قم المقدسة ، 1403 ه.

7 - الأمالي : للشيخ الطوسي - مؤسسة البعثة / طهران ، 1414 ه.

8 - أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين : للشيخ علي البلادي البحراني - مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / قم المقدسة ، 1407 ه.

9 - بحار الأنوار : للعلامة محمد باقر المجلسي - مؤسسة الوفاء / بيروت ، 1403 ه.

10 - البرهان في تفسير القرآن : للسيد هاشم البحراني - مؤسسة البعثة / طهران ، 1415 ه.

11 - بصائر الدرجات : لمحمد بن الحسن الصفار ، مؤسسة الأعلمي / طهران 1404 ه.

12 - تاريخ البحرين : للشيخ محمد علي آل عصفور - مخطوط من القطيف.

ص: 256

13 - تأويل الآيات : لشرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي - مدرسة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) / قم المقدسة ، 1407 ه.

14 - تفسير فرات : لفرات بن إبراهيم الكوفي - طهران ، 1410 ه.

15 - التمحيص : لأبي علي محمد بن همام الإسكافي - مدرسة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) / قم المقدسة ، 1404 ه.

16 - تهذيب تاريخ دمشق : للشيخ عبد القادر بدران - دار إحياء التراث العربي / بيروت ، 1407 ه.

17 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للشيخ آقا بزرك الطهراني - دار الأضواء / بيروت ، 1403 ه.

18 - ذكر أخبار أصبهان : لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني - مطبعة بريل / ليدن ، 1931 م.

19 - رجال البرقي : لأبي جعفر أحمد بن محمد البرقي - جامعة طهران ، 1342 ه. ش.

20 - رجال الطوسي : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - المكتبة الحيدرية / قم المقدسة ، 1381 ه.

21 - رجال النجاشي : لأبي العباس أحمد بن علي النجاشي - مؤسسة النشر الإسلامي / قم المقدسة ، 1407 ه.

22 - سفينة البحار : للشيخ عباس القمي - دار الأسوة / قم المقدسة ، 1414 ه.

23 - سنن الترمذي : لمحمد بن عيسى بن سورة - دار إحياء التراث العربي / بيروت.

24 - الشمائل المحمدية : لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي - مؤسسة الكتب الثقافية / بيروت ، 1416 ه.

25 - شهداء الفضيلة : للشيخ عبد الحسين الأميني - دار الشهاب / قم المقدسة.

ص: 257

26 - الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : لهاشم معروف الحسني - دار القلم / بيروت ، 1978 م.

27 - صحيح مسلم : لمسلم بن الحجاج القشيري - دار الفكر / بيروت ، 1398 ه.

28 - عقاب الأعمال : للشيخ الصدوق - مكتبة الصدوق / طهران ، 1391 ه.

29 - عيون أخبار الرضا عليه السلام : للشيخ الصدوق - انتشارات جهان / طهران.

30 - الفرق بين الفرق : لعبد القاهر بن طاهر الاسفرائيني - دار المعرفة / بيروت.

31 - فرق الشيعة : لأبي محمد الحسن بن موسى النوبختي - المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف ، 1355 ه.

32 - القاموس المحيط : لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي - دار الفكر / بيروت ، 1403 ه.

33 - قرب الإسناد : للشيخ عبد الله بن جعفر الحميري - مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم المقدسة ، 1413 ه.

34 - الكافي : لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني - دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1388 ه.

35 - الكامل في الضعفاء : لعبد الله بن عدي الجرجاني - دار الفكر / بيروت ، 1405 ه.

36 - لسان العرب : لابن منظور المصري - أدب الحوزة / قم المقدسة ، 1405 ه.

37 - ماضي النجف وحاضرها : للشيخ محمد باقر آل محبوبة - دار الأضواء / بيروت ، 1406 ه.

38 - مجمع البحرين : لفخر الدين الطريحي - مكتبة مرتضوي / طهران ، 1362 ه. ش. (1983 م).

39 - المحاسن : لأبي جعفر أحمد بن محمد البرقي - المجمع العالمي

ص: 258

لأهل البيت عليهم السلام / قم المقدسة ، 1413 ه.

40 - مرآة العقول : للعلامة محمد باقر المجلسي - دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1363 ه. ش. (1984 م).

41 - المستدرك على الصحيحين : لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري - دار الفكر / بيروت ، 1398 ه.

42 - مستدركات علم رجال الحديث : للشيخ علي النمازي - حسينية عماد زاده / أصفهان ، 1412 ه.

43 - مسند أحمد بن حنبل : لأبي عبد الله الشيباني - دار إحياء التراث العربي / بيروت ، 1414 ه.

44 - مسند أبي عوانة : ليعقوب بن إسحاق الاسفرائني - دار المعرفة / بيروت.

45 - مشارق أنوار اليقين : للحافظ رجب البرسي - مؤسسة الأعلمي / بيروت.

46 - المعتزلة وأصولهم الخمسة : لعواد بن عبد الله المعتق - مكتبة الرشد / الرياض ، 1417 ه.

47 - معجم رجال الفكر والأدب في النجف : للشيخ هادي الأميني - بيروت / 1413 ه.

48 - معجم مؤلفي الشيعة : لعلي الفاضل القائيني - وزارة الإرشاد الإسلامي / طهران ، 1405 ه.

49 - مناقب آل أبي طالب : للشيخ محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني - دار الأضواء / بيروت ، 1412 ه.

50 - مناهج اليقين في أصول الدين : للعلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي - قم المقدسة ، 1416 ه.

51 - منتظم الدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين : للشيخ محمد علي آل نشرة البحراني - مخطوط من القطيف.

ص: 259

52 - نقباء البشر في القرن الرابع عشر : للشيخ آقا بزرك الطهراني - دار المرتضى / مشهد المقدسة ، 1404 ه.

53 - النهاية في غريب الحديث : لابن الأثير المبارك بن محمد الجزري - مؤسسة إسماعيليان / قم المقدسة ، 1364 ه. ش. (1985 م).

54 - الوافي : للفيض الكاشاني - مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام / أصفهان ، 1406 ه.

55 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : للشيخ الحر العاملي محمد بن الحسن - مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم المقدسة ، 1409 ه.

* * *

ص: 260

من أنباء التراث

كتب

صدرت محققة

* سفينة

النجاة.

تأليف : السراب التنكابني ، الشيخ محمد بن عبد

الفتاح المازندراني (1040 - 1124 ه).

كتاب يشتمل على مباحث عديدة - على أساس من البحث والتحليل

العلمي الدقيق - في مسألة الإمامة والخلافة بعد الرسول الأعظمصلى الله عليه وآله وسلم ،

تتناول أبرز ما استدل به الخاصة والعامة على الإمامة ، مع الاكتفاء ببعض أدلة

الإمامية دون استقصائها جميعها ، وإيراد أدلة غيرهم بكل محتملاتها ، إذ مدار الاستدلال

هو القرآن الكريم والأخبار المنقولة عن غير الإمامية.

يركز خلال مباحثه على مسألتين أساسيتين : إثبات

إمامة الإمام أمير المؤمنين

علي بن أبي طالب عليه السلام -

والأئمة الأحد عشر من ولده عليهم السلام من

بعده - وإبطال إمامة من عداه ، مستعرضا ما صدر ممن سبقه من الحكام من متناقضات

ومخالفات لنصوص القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم

الصريحة ، وتعرض أيضا إلى مسائل مهمة أخرى ، مثل

خطبة الزهراء وكشف بيتها عليها السلام ، وشكاية

الإمام علي عليه السلام ممن تقدمه ، وعدم

صحة الروايات المادحة للخلفاء وحديث العشرة المبشرة ، وغيرها.

كما اشتمل على مباحث مختصرة في مسائل إثبات وجود الصانع

تعالى ، وتوحيده وعلمه وقدرته وعدله سبحانه ، ونبوة نبينا

صلى الله عليه وآله وسلم ،

والمعاد الجسماني.

تم التحقيق اعتمادا على نسختين

ص: 261

مخطوطتين ، ذكرت مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

صدر في قم سنة 1419 ه.

* أضواء على

الصحيحين.

تأليف : الشيخ محمد صادق النجمي.

كتاب طبع بالفارسية سنة 1396 ه ، يتناول بيان بعض

ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم من متناقضات ، وأحاديث غير مقبولة ، لمخالفتها

القرآن الكريم والسنة النبوية القطعية والعقل.

يعتمد الآيات القرآنية والشواهد النقلية - بأسلوب

علمي مبسط - في بيان الضعف والبطلان فيهما.

تشتمل فصوله على مباحث تتعلق ب : سير الحديث

وتدوينه في عهود خلفاء صدر الإسلام ، وعهود معاوية وبني أمية ، ترجمة البخاري ومسلم

، موقع صحيحيهما العلمي عند أبناء العامة ، وأدلة ضعف كتابيهما وسقمهما.

ثم الأحاديث الخاصة بمواضيع : توحيد الله سبحانه

وتعالى ، النبوة ، أخلاق الأنبياء عليهم السلام ،

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وبعد

البعثة ، الخلافة والإمامة ، موارد خالف فيها الصحابة أوامر الله سبحانه وسنة

رسوله

الأمين صلى الله عليه وآله وسلم وحرفوها

، وأفتوا فيها - أو اجتهدوا - مقابل نصوصهما الصريحة ، وأخيرا أحاديث أخبر فيها

الرسولصلى الله عليه وآله وسلم عن

الارتداد والانحراف الذي سيحدث لأصحابه بعد وفاته.

نشرته دار العلوم / بيروت 1408 ه بعنوان تأملات

في الصحيحين ،

بتعريب السيد حسن مرتضى القزويني.

تعريب : الشيخ يحيى كمالي البحراني.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية - قم / 1419 ه.

* إبصار العين

في أنصار الحسين عليه السلام.

تأليف : الشيخ محمد بن طاهر السماوي (1293 - 1370 ه).

كتاب يشتمل على ترجمة وعرض لأحوال 113 من أنصار الإمام

الحسين عليه السلام وثورته

المباركة ، ممن استشهد بين يديه يوم الطف

في كربلاء ، وقبله وبعده عليه السلام ، في

البصرة والكوفة والطف.

مرتب على مقدمة لذكر أحوال الإمام أبي الأحرار من

ولادته حتى استشهاده عليه السلام

باختصار ، وسبعة عشر مقصدا ، يتناول في كل واحد منها ذكر قبيلة من القبائل التي

كان منها نصير أو أكثر من أنصار الإمام الحسين عليه السلام ،

وخاتمة تضمنت 20 فائدة ،

ص: 262

ترتبط جميعها بأنصاره عليه السلام.

تم التحقيق اعتمادا على النسخة المطبوعة من الكتاب

، والذي طبع مرارا - بدون تحقيق - في النجف الأشرف وقم ، كان أولها سنة 1341 ه.

تحقيق : الشيخ محمد جعفر الطبسي.

نشر : مركز الدراسات الإسلامية - قم / 1419 ه.

* نهاية

المرام في علم الكلام ، ج 1 - 3.

تأليف : العلامة الحلي ، الحسن بن المطهر الأسدي (648

- 726 ه).

من كتب علم الكلام المهمة ، يشتمل على نظريات

الإمامية في المسائل الكلامية والحكمية تفصيلا ، وعلى استقصاء لآراء المذاهب

والفرق المختلفة ، والمقارنة بينها ، معتمدا - للوصول إلى الرأي الصحيح -

الاستنتاجات العقلية ، والاستدلال بالقضايا البرهانية ، وغيرها ، كالاستدلال بالتمثيل

، والإستقراء والتجربة.

ويسعى إلى الجمع بين القوانين الكلامية وبين

القواعد الحكمية التي اشتمل عليها كتابي الفخر الرازي - المتوفى سنة 606 ه -

المباحث الشرقية ، ونهاية العقول في دراية الأصول.

مرتب على مقدمة وقواعد ، والقواعد كانت في : تقسيم المعلومات

، وتقسيم الموجودات على رأي المتكلمين وعلى رأي الأوائل ، وتقسيم المحدثات على رأي

المتكلمين - في الجوهر والأعراض - كما تضمنت هذه التقسيمات فصولا ومباحث عديدة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على 3 مخطوطات ، اشتملت على القسمين الأولين من الكتاب ، إذ يعد قسمه الثالث

مفقودا ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة.

تحقيق : فاضل العرفان.

نشر : مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام - قم

/ 1419 ه.

* إبطال

العناد في أفعال العباد.

تأليف : القاضي إسحاق بن محمد بن قاسم العبدي (1050

- 1115 ه).

رسالة كلامية ، لأحد علماء الزيدية ، مخصصة للبحث

في موضوع فعل العبد ومنشئه ، هل هو باختياره وقدرته مستقلا مستغنيا عن قدرة

الخالق جل وعلا؟! أم أجبره الباري تعالى وأكرهه عليه؟! أم أمر بينهما؟!

يتناول البحث مسائل عديدة ترتبط

ص: 263

بهذا الموضوع المهم ، مثل : توضيح معاني القدرة

والإرادة والهداية ، الرد على أقوال وشبهات القائلين بالاختيار ، والقائلين

بالجبر ،

وما استدلوا به من ظواهر بعض آيات القرآن الكريم لتأييد مذهبهم ، استنادا على

أدلة الآيات الكريمة التي تبين فساد وبطلان أقوالهم واستدلالاتهم.

تم التحقيق اعتمادا على نسختين مخطوطتين ، ذكرت

مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : حسين مقبل قيلي.

نشر : مكتبة التراث الإسلامي - صعدة / اليمن 1419 ه.

* العقيدة

الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

تأليف : الشيخ جعفر السبحاني.

كتاب يشتمل على عرض لأبرز أصول ديننا الحنيف ، من

خلال بيان كليات مجملة وشاملة للعقائد الإسلامية الكاملة في مجالي العقيدة والشريعة

، وفي ضوء تعاليم مدرسة أئمة أهل البيت عليهم السلام.

تضمنت فصوله العشر عرضا ل : مناهج وطرق المعرفة ،

ونظرة الإسلام إلى الكون والحياة والإنسان ، التوحيد ومراتبه وأبعاده ، صفات

الله سبحانه ، العدل الإلهي -

ومسألة القضاء والقدر والاختيار - ، النبوة العامة

وأهدافها ، معرفة وعصمة الأنبياء ، النبوة الخاصة لنبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم

وخصائصها ، القرآن ، وصيانته من التحريف ، الإمامة والخلافة ، تعيين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولزوم

عصمته ، إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ،

غيبة الإمام الثاني عشر المهدي - عجل الله تعالى فرجه الشريف - وظهوره بعد

الغيبة ، عالم ما بعد الموت ، وعالم الإيمان والكفر ، والحديث والاجتهاد والفقه

، وبعض الأحكام الفقهية المختلف فيها.

تعريب : جعفر الهادي.

نشر : مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام - قم

/ 1419 ه.

* حاشية

المظفر على المكاسب.

تأليف : العلامة الشيخ محمد رضا المظفر (1322 -

1383 ه).

كتاب يضم حاشيتين للمصنفقدس سره على

قسمي البيع والخيارات من كتاب المكاسب

للشيخ الأعظم ، مرتضى الأنصاري (1216 - 1281 ه) ، والذي يعد من الكتب الدراسية

المهمة في الحوزات العلمية في الوقت الحاضر.

تضمنت الحاشية الأولى مواضيع :

ص: 264

تعريف البيع ، المعاطاة ، ضمان القيمي ، عقد الصبي

، اشتراط القصد - من جملة شرائط المتعاقدين - ، شرطية الاختيار ، بيع الوقف ،

بيع أم الولد ، والقدرة على التسليم.

فيما تضمنت الحاشية الثانية مواضيع : تعريف الخيار

، خيار المجلس ، خيار الحيوان ، خيار الغبن ، خيار التأخير ، وخيار الرؤية.

تم تحقيق الحاشيتين اعتمادا على مخطوطة واحدة لكل

منهما ، ذكرت مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : الشيخ جعفر الكوثراني.

نشر : دار حبيب للنشر - قم.

* القواعد

الفقهية ، ج 1.

تأليف : السيد محمد حسن البجنوردي (1316 - 1396 ه).

كتاب يشتمل على شرح ل 64 قاعدة من القواعد الفقهية

المشهورة المتداولة عند الفقهاء ، المعتمدة في استنباط كثير من الأحكام الشرعية في

المسائل الفقهية ، وتوضيح ومناقشة لها دلالة وسندا وموردا ، مع ذكر الأمثلة

التطبيقية لها ، تم

جمعها في كتاب واحد بعد أن كانت متفرقة في أبواب العبادات والمعاملات

والأحكام.

اشتمل هذا الجزء على 13 قاعدة ، هي : من ملك شيئا

ملك الإقرار به ، الإمكان ، الإسلام يجب ما قبله ، القرعة ، لا تعاد الصلاة إلا من

خمس ، اليد ، نفي السبيل للكافرين على المسلمين ، لا ضرر ولا ضرار ، نفي العسر

والحرج ، الغرور ، أصالة الصحة ، قاعدتي الفراغ والتجاوز ، الإعانة على الإثم والعدوان.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - على نسخته

المطبوعة ، إذ طبع سابقا ، بعضه في النجف وبعضه الآخر في إيران.

تحقيق : مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي.

نشر : مكتب الهادي للنشر - قم / 1419 ه.

* الاجتهاد

والتقليد.

تأليف : السيد الإمام روح الله الموسوي الخميني (1320

- 1409 ه).

كتاب يشتمل على مباحث عديدة عن موضوع حيوي مهم في حياة

المسلمين ، وهو الاجتهاد والتقليد ، مرتب في خمسة فصول ، تضمنت : ما يتعلق بشؤون

الفقيه والمجتهد الجامع للشرائط ضمن أمور ،

ص: 265

من له قوة الاستنباط فعلا ، مقدمات الاجتهاد وشروطه

، والعلوم الفاعلة فيه ، مقتصرا على ما هو ضروري منها في إطار الاجتهاد المطلق

الذي هو من شروط الإفتاء ، ما يتعلق بمسألة القضاء والحكومة في زمان الغيبة ،

وهل الاجتهاد المطلق شرط في تسنم منصب القضاء؟ وما يتعلق بمسألة المرجعية ،

تشخيص مرجع التقليد والفتوى ، حكم تقليد غير الأعلم من المجتهدين ، الأقوال في

اشتراط الحياة في المرجع المفتي ، تبدل الاجتهاد ، وتقليد المجتهد الميت.

تم التحقيق اعتمادا على نسخة واحدة مطبوعة ، طبعت

لأول مرة في قم سنة 1370 ه بإعداد الشيخ مجتبى الطهراني.

تحقيق ونشر : مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني

قدس سره - قم

/ 1418 ه.

* العبقات

العنبرية في الطبقات الجعفرية.

تأليف : الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (1294 -

1373 ه).

كتاب رجالي تاريخي ، يشتمل على تراجم لعلماء من

أسرة آل كاشف الغطاء ، ممن تصدى للمرجعية الدينية في زمانه ، مبتدئا بجدهم

الأعلى ، العلامة الشيخ الأكبر

كاشف الغطاء ، جعفر بن خضر الجناجي النجفي (1156 - 1228

ه) ، ويعنى بتسجيل فترة زمنية من تاريخ المرجعية العليا ، وما

رافقها من أحداث ووقائع خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين.

ويسلط الضوء على الوقائع التاريخية المرتبطة

بالنشاط الديني والاجتماعي والسياسي للفقهاء ، من خلال الإشارة إلى الصراع (الوهابي

- الشيعي) في عهده الأول ، و (الأخباري - الأصولي) في مرحلته الثانية ، وعرض

شيئا من تاريخ ظهور فرقة (الشيخية) ومواقف المرجعية منها ، وبيان قصة نشوء طائفتي

(الزقرت) و (الشمرت) في مدينة النجف ، وحوادثهما الدامية.

كما يتضمن رسالة بعنوان نبذة

الغري في أحوال الحسن الجعفري للشيخ عباس كاشف الغطاء -

المتوفى سنة 1323 ه - في ترجمة حياة أبيه الشيخ حسن ، المتوفى سنة 1262 ه.

والكتاب مرتب في أبواب ، كل باب مخصص لذكر طبقة ،

وذكر أحوال ومكانة رجالها ، وما جرى من الأحداث في زمانهم ، وما قيل من أشعار -

مدحا ورثاء - في حقهم.

ص: 266

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على مخطوطة واحدة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدمة.

وألحقت بالكتاب رسالة منهج

الرشاد لمن أراد السداد ، التي كتبها الشيخ جعفر كاشف الغطاء

ردا على الاتهامات والشبهات التي أثارها ونشرها الوهابيون ، وإبانة لوجه الحق في

كل افتراءاتهم ، ودحض حججهم الواهية على آرائهم الفاسدة ، وقد كتبها جوابا على رسالة

أمير الوهابية عبد العزيز بن محمد بن سعود النجدي - المتوفى سنة 1218 ه - محاولا

إقناعه بالرجوع عن تبنيه للمذهب الوهابي.

تم تحقيقها اعتمادا على نسختين : مخطوطة مكتوبة سنة

1210 ه ، ومطبوعة - لأول مرة - في النجف سنة 1343 ه ، كما سبق أن أصدرها - محققة

- المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام في

قم سنة 1413 ه بتحقيق السيد مهدي الرجائي.

تحقيق : جودت القزويني.

صدر في بيروت سنة 1418 ه.

* سماء المقال

في تحقيق علم الرجال.

تأليف : الشيخ أبو الهدى

الكلباسي ، المتوفى سنة 1356 ه.

كتاب رجالي ، يشتمل على تحقيقات ومباحث رجالية

عديدة ، مرتب على أربعة أركان ، يتناول في الأول : المعرفين ، ممن تقدم من المشايخ

الذين يحتج بكلماتهم في مقام الجرح والتعديل وغيرهما : تعيين أشخاصهم ، تحقيق

أحوالهم ، واعتبار أقوالهم ، فيما تناول في

الثاني : المعرفين ، وهم أربعة أصناف من رواة الأخبار ، من ظهر شخصه ووصفه ، أو

أحدهما دون الآخر ، أو جهل كلاهما ، اقتصر البحث على صنفين فقط منهما : من اشتبه

شخصه وحاله ، المسمى ب : «تمييز المشتركات» ، ومن اشتبه حاله دون شخصه ، المسمى

ب : «نقد المشتبهات».

وتناول في الثالث : ما يعرف به الرجال من الألفاظ

المتداولة عند المعنيين بشؤون الرجال والتراجم ، بينما تعرض في الركن الرابع لنبذة

من القواعد المهمة : في من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، نقد الطرق

والمشيخة ، وأقسام الخبر.

صدر الكتاب - بدون تحقيق - في قم سنة 1372 ه.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على النسخة الأصلية بخط

المصنف قدس سره.

تحقيق : السيد محمد الحسيني

ص: 267

القزويني.

نشر : مؤسسة ولي العصر عليه السلام للدراسات

الإسلامية - قم / 1419 ه.

* التحف

النحوية في شرح الآجرومية.

تأليف : الشيخ عبد الله بن أحمد بن صالح آل طعان

البحراني القطيفي ، المتوفى سنة 1298 ه.

أحد الشروح الكثيرة على كتاب الآجرومية ، وهو متن

نحوي عليه مدار الدرس والتدريس للمبتدئين بدراسة النحو وقواعد اللغة العربية في

معاهد الدراسة الدينية ، لمصنفه محمد بن محمد بن داود النحوي الصنهاجي ، المشهور

بابن آجروم (672 - 723 ه).

وهو شرح مبسوط ، يشرح العبارة ، ثم يذكر عليها

أمثلة ، ويقوم بإعرابها ، وأحيانا يعرب أمثلة المصنف نفسه ، ويعتمد في شواهده

على آيات القرآن الكريم ، والشعر العربي القديم ، ويعرض الآراء النحوية المختلفة

في بعض الموارد ويرجح أحدها - وفق ما يرتئيه من دليل -.

اشتمل على : أقسام الكلام ، أنواع وعلامات الإعراب

، مرفوعات الأفعال ومنصوباتها ومجزوماتها ، ومرفوعات الأسماء ومنصوباتها ومخفوضاتها.

تم التحقيق اعتمادا على مخطوطة الأصل ، ذكرت

مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق ونشر : دار المصطفىصلى الله عليه وآله وسلم

لإحياء التراث - قم / 1419 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* الحاشية على

إلهيات الشرح الجديد للتجريد.

تأليف : الشيخ أحمد المقدس الأردبيلي ، المتوفى سنة

993 ه.

حاشية كلامية ، كتبها المصنف للرد على آراء أحد

فقهاء الحنفية ، هو الفاضل القوشجي ، المتوفى سنة 897 ه ، في كتابه شرح

تجريد العقائد المعروف

بالشرح الجديد ، والذي تصدى فيه لدفع ما استدل به المحقق الخواجه نصير الدين الطوسي

(597 - 672 ه) في كتابه تجريد

الاعتقاد لإثبات إمامة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي

طالب عليه السلام ، وأفضليته

على جميع الصحابة ، وإمامة الأئمة الاثني عشر ، وبيان مطاعن الخلفاء الثلاثة

وعدم صلاحيتهم للخلافة.

ويرد أيضا في مباحث التوحيد والرؤية والنبوة على

آراء القاضي عضد الدين

ص: 268

الإيجي ، المتوفى سنة 756 ه ، في كتابه المواقف ،

وشارحه الشريف الجرجاني ، المتوفى سنة 812 ه.

كما يتعرض في مبحث الإمامة - إضافة للقوشجي - لآراء

فخر الدين

الرازي ، المتوفى سنة 606 ه ، في كتابه الأربعين

في أصول الدين ، الذي

حاول - متكلفا - فيه رد بعض أدلة الشيعة في مسألة الإمامة ، مجيبا عن شبهاتهما ،

مبينا صحة استدلالات المحقق الطوسي ، منتصرا للاعتقادات الحقة ، ذابا عن مذهب أهل

البيت عليهم السلام.

أصدره مؤتمر المقدس الأردبيلي ، الذي انعقد في

أردبيل إحياء لذكراه قدس سره سنة

1417 ه - ضمن موسوعة صدرت بالمناسبة - بتحقيق أحمد العابدي معتمدا على 5 مخطوطات.

وأعاد طبعه بالتصوير مركز النشر التابع لمكتب

الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية في قم سنة 1419 ه.

* إصباح

الشيعة بمصباح الشريعة.

تأليف : قطب الدين الكيدري ، محمد ابن الحسين بن

الحسن البيهقي ، من أعلام القرن السادس الهجري.

متن فقهي ، لأحد علماء وأعلام الطائفة -

الذي كان حيا سنة 610 ه - معروف بتنوع تآليفه

وتصانيفه ، يشتمل على فتاوى المصنف المبوبة ضمن كتب الفقه المعروفة ، من كتاب

الطهارة إلى كتاب القضاء.

تم تحقيقه اعتمادا على نسخة مخطوطة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدمة.

سبق أن نشرت مادة الكتاب - لأول مرة بتحقيق علي

أصغر مرواريد - مبضعة موزعة على الكتب الفقهية ، ضمن سلسلة

الينابيع الفقهية التي أصدرتها مؤسسة فقه الشيعة في 25

جزءا سنة 1410 ه في بيروت.

وأعادت نشره - مجتمعا - المؤسسة نفسها سنة 1417 ه.

كما نشرته مؤسسة الإمام الصادقعليه السلام في

قم سنة 1416 ه بتحقيق الشيخ إبراهيم البهادري.

* السيدة رقية

بنت الإمام الحسين عليه السلام ومقامها

في دمشق.

تأليف : السيد عامر الحلو.

كتاب مخصص للحديث عن رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام ،

التي توفيت وهي طفلة صغيرة في خربة دمشق الشام ، محل إقامة سبايا الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم التي

ص: 269

ساقها يزيد من الكوفة إلى الشام بعد مقتل الإمام

الشهيد أبي عبد الله الحسين

عليه السلام في واقعة

الطف سنة 61 ه.

تناول أمورا عدة تعلقت بالسيدةعليها السلام :

سبي نساء أهل البيت عليهم السلام بعد وقعة

كربلاء ، حادثة موتها في الخربة ، موضع دفنها وقبرها والعمارات التي توالت عليه

، فقرات من زيارتها ، ومجموعة أشعار قيلت

في حقها.

أصدر الكتاب - لأول مرة - مركز أهل البيت عليهم السلام

الثقافي والإسلامي في فيينا / النمسا سنة 1994 م ، بعنوان : السيدة

رقية ، قصتها .. مقامها ، وأصدره ثانية المركز نفسه سنة 1419 ه

بعد إضافات أجراها المؤلف.

* العروة

الوثقى.

إعداد : السيد هادي الخسروشاهي.

كتاب يجمع الأعداد الثماني

عشر من جريدة العروة

الوثقى ، الصحيفة الإسلامية التي حققت لنفسها عالمية

الانتشار ، وكان لها تأثيرها العميق الواسع في عقول أبناء عصرها وما بعده ،

والتي أصدرها السيد جمال الدين الأسدآبادي الأفغاني (1254 - 1314 ه) مع تلميذه

الشيخ محمد عبده المصري (1849 - 1905 م) في پاريس

سنة 1884 م / 1301 ه ، واستمرت لما يقرب من ثمانية أشهر

، وتناولت خلال أعدادها موضوعات عدة ، كان أبرزها : المقاومة ضد الإستعمار

الأوروپي وخاصة البريطاني ، الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وترك التعصبات الطائفية

، ومناقشة أسباب تخلف المسلمين والحديث عن بعضها.

تضمنت المقدمة : نبذة صغيرة عن حياة السيد الأفغاني

، وردا على الحملة المسعورة والتهم الكثيرة الموجهة إليه ، لتشويه صورته رحمه الله والتشكيك

في دعوته الإصلاحية.

سبق

أن أصدر الكتاب مركز الثقافة الإسلامية في أورپا ، سنة 1985 م في روما / إيطاليا

، وذلك بمناسبة الذكرى المئوية لصدور الجريدة.

وأصدرته - بصف جديد - مؤسسة الطباعة والنشر التابعة

لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي / طهران سنة 1417 ه.

كتب

صدرت حديثا

* مقتل فاطمة

الزهراء عليها السلام.

تأليف : السيد ياسين الموسوي.

كتاب يروي قصة استشهاد بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ،

البتول الزهراء

عليها السلام ، من

ص: 270

خلال محاولته تسجيل وقائع التاريخ الصحيحة ، وجمعها

في سجل واحد يختص بمقتلهاعليها السلام ،

لتمجيد هذه الصديقة الشهيدة ، وإبراز مصيبتها ، إحياء لأمرها.

يشتمل على طائفة من أخبار وأحداث المصائب والمآسي

التي جرت على سيدة نساء العالمينعليها السلام ،

وعلى بعلها أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ، من

يوم وفاة والدها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم - من

غصب لحقوقها ولحق زوجها عليه السلام ،

ومنع لإرثها الشرعي من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم - لحين

استشهادها متأثرة مما أصابها نتيجة الهجوم على دارها وإحراقه ، وإسقاطها جنينها «المحسن»

في تلك الحملة.

يتضمن كذلك تعريفا بالزهراءعليها السلام ،

وعرضا لبعض مناقبها وفضائلها الشريفة ، وذكرا لجملة من الأشعار التي قيلت في

رثائها ، صلوات الله وسلامه عليها.

صدر في بيروت سنة 1419 ه.

* الأئمة

الاثنا عشر .. دراسة تحليلية في المنهج.

تأليف : راشد الراشد.

دراسة تحليلية لتاريخ مسيرة الإسلام ، منذ النشوء ،

مرورا بالتطورات المتلاحقة التي مرت بها في عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم

وعهد كل معصوم من الأئمة عليهم السلام.

تعتمد المنهج الحي الذي يعطي التاريخ - إضافة للسرد

والتحليل التاريخي - البعد الإيجابي المؤثر في صنع سلوك الإنسان ، ويجعل من مادة

التاريخ حياة نابضة مؤثرة فاعلة.

تتعرض لمجمل الأحداث التي جرت في حياة كل إمام منهم

عليهم السلام ، ومنهجه في

الاستجابة للتحديات التي جابهته في فترة إمامته وقيادته للأمة ، والأسلوب الذي

انتهجه في تنفيذ خطة عمله وتحركه المدروس ، حفاظا على الإسلام المحمدي الأصيل ،

ومواصلة لمسيرته مستوعبا ومواكبا متغيرات الحياة في كل عصر وزمن ، كما تتعرض

لواجب الأمة في عصر غيبة الإمام الثاني عشر ، الحجة المنتظر ، ولحين ظهوره

المقدس - عجل الله تعالى فرجه الشريف -.

نشر : دار محبي الحسين عليه السلام - طهران

/ 1419 ه.

* الصحابة في

القرآن والسنة والتاريخ.

إعداد : مركز الرسالة.

بحث يتناول مسألة عدالة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله ،

وأنهم عدول كلهم ، وفوق معايير الجرح والتعديل ، مستنطقا

ص: 271

القرآن العظيم والسنة النبوية الشريفة وأحداث

التاريخ ، للوصول إلى الرأي النهائي في هذه المسألة - بحيادية وموضوعية - تبعا

للدليل ، ودون التأثر بالمرتكزات الذهنية والأحكام المسبقة.

مبتدئا بالمعنى اللغوي للصحبة ، متتبعا موارد ذكر

الصحابة في آيات

الذكر الحكيم بالمدح والثناء ، وبالذم والتقريع ، وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وآلهفيهم

من روايات مادحة وذامة.

مستعرضا السيرة الذاتية لبعضهم ضمن الحركة

التاريخية لمراحل الدعوة الإسلامية : التخلف عن جيش أسامة والاعتراض على إمرته ،

اتهام الرسول صلى الله عليه وآله

بالهجر ، وحوادث ما بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، حرب

الجمل وصفين وما بعدها ، عهد معاوية ، وما جرى بين الصحابة في بيعة يزيد.

ثم الآراء في تقييم الصحابة : عدالة جميعهم ،

ثبوتها في الواقع الخارجي ، عدالتهم قبل دخولهم في الفتنة ، ضرورة تأويل مواقفهم

بما ينسجم مع القول بعدالتهم ، وأخيرا الرأي المعتدل ، إذ فيهم العادل وغير العادل

والفاسق ، وأن الصحبة ليس لها دور في عدالة الصحابي ما لم يجسد سيرة الرسول صلى الله عليه وآله في

سلوكه

ومواقفه.

صدر ضمن سلسلة المعارف الإسلامية برقم 14.

نشر : مركز الرسالة - قم / 1419 ه.

* الحلقة

الثالثة ، القسم 2.

تأليف : السيد علي حسن مطر.

كتاب يشتمل على مجموعة من الأسئلة والأجوبة ، لشرح

مادة الحلقة الثالثة من كتاب دروس في علم الأصول

للسيد محمد باقر الصدر (1353 - 1400 ه) - وهو من الكتب الدراسية في الحوزات العلمية

- موزعة بترتيب يهدف إلى توضيح المادة العلمية لهذه الحلقة ، وتيسير دراستها ،

عن طريق عرضها بشكل سؤال وجواب.

صدر في قم سنة 1419 ه.

* التاريخ

الأمين لمدينة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.

تأليف : الشيخ عبد العزيز المدني.

بحث وتحقيق عن المدينة المنورة ، يتناول الجوانب

التاريخية ، والحوادث التي مرت بها ، ووصفا للمعالم المختلفة لهذه المدينة المقدسة

، التي تضمنت جسد أشرف الكائنات ، سيدنا المصطفىصلى الله عليه وآله وسلم ،

وأجساد أهل بيته الطاهرين

عليهم السلام ، وغيرهم

ص: 272

من أقربائه وصحبه الطيبين ، وما تمثله كعاصمة ومركز

لحكومة الإسلام في بداية عهده.

البحث مرتب في 10 أبواب ، تناولت : أسماء المدينة ،

مواقعها الجغرافية ، الجبال ، الآبار والأودية ، العيون التاريخية ، ومحاصيلها الزراعية

المهمة ، أشهر قراها ، تاريخ سكان المدينة قديما وحديثا - مع ردود على ما جاء في

كتابي الأنساب ومرآة الحرمين - ،

الحروب التاريخية قبل الإسلام والغزوات الإسلامية فيها وفي ما حولها من المدن

والقرى ، جذورها التاريخية قبل عهد الإسلام وخلاله ، وما بعده في زمن الأمويين

والعباسيين والأتراك العثمانيين والأشراف في الحجاز ، ومواقع الآثار الإسلامية والتاريخية

فيها.

كما تناول البحث نشأة الولاء لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في

الحجاز ، ونشأة الحركة العلمية في المدينة ، وأدلة مشروعية زيارة البقيع ،

والبناء على القبور ، وطلب الشفاعة من

أهلها والتوسل بهم.

مع ملحق بالصور القديمة والحديثة لأماكن عديدة من

المدينة المنورة : الحرم النبوي الشريف ، مقبرة البقيع ، المساجد ، العيون ، الآثار

، الحصون ، الجبال ، والمراقد الشريفة في مكة المكرمة.

صدر في قم سنة 1418 ه.

* مسند فاطمة

الزهراء عليها السلام.

تأليف : السيد حسين شيخ الإسلامي.

كتاب يشتمل على ما أمكن جمعه من الأحاديث والروايات

، المروية عن بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، ابنته

وروحه التي بين جنبيه ، سيدة

نساء العالمين ، الزهراء البتول ، فاطمة ، صلوات الله وسلامه عليها ، باعتماد

كتب الخاصة والعامة ، التي تناثرت بين طياتها هذه المرويات.

كما اشتمل على ما ورد - من أحاديث وروايات - في وفضائلها

ومناقبها الشريفة التي لا تحصى كثرة.

ويتضمن ما ورد عنها في تفسير بعض آيات القرآن

الكريم والأحكام الشرعية والأخلاق والنصائح ، وما ورد من خطبها ، علمها ، زهدها

، إيثارها ، دعائها وتسبيحها ، لوحها وصحيفتها البيضاء ، زواجها ، مهرها ، عملها

في بيتها ، حملها وأولادها.

كما يتضمن ما ورد عنها في بيان مقام أبيها وأمها ،

الإحسان إلى ذريته

صلى الله عليه وآله وسلم ،

منزلة ابنيها الحسنين عليهما السلام ، وفضل

بعلها الإمام علي عليه السلام

وبقية العترة عليهم السلام.

ويذكر بكاءها على أبيها عند احتضاره ،

ص: 273

ندبتها له بعد وفاتهصلى الله عليه وآله وسلم ، ما

جرى عليها بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، دفاعها

عن أبيها وبعلها ، هجرانها لأبي بكر وعمر وسخطها عليهما بعد إغضابهما إياها

ومنعها إرثها وحقها ، وصيتها ، احتضارها واستشهادها عليها السلام ،

وأخيرا ما ورد عن رؤياها ، ومن شاهدها في منامه من محبيها ومن غيرهم.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1419 ه.

* الاجتهاد

والتجديد.

تأليف : إبراهيم العبادي.

عرض ودراسة لدعوة التحديث والتجديد في مفهوم ومناهج

الاجتهاد نحو مزيد من الحيوية والفاعلية ، لاستيعاب كل مجالات الحياة المتنوعة ،

والتي انطلقت من داخل الأوساط والحوزات العلمية للإمامية.

تشتمل أبحاثها المختصرة على توضيح وتحليل رؤية

ثلاثة من أبرز مفكري وعلماء القرن الحالي في هذه المسألة وأطروحتهم في مجال تطوير

البحث الفقهي ، وإعادة بناء العلوم والمعارف الإسلامية : السيد الإمام الخميني (1320

- 1409 ه) والشيخ مرتضى المطهري (1337 - 1399 ه) والسيد محمد باقر

الصدر (1353 - 1400 ه).

وهي محاولة لرسم الحدود الفاصلة بين التجديد

الممسوخ الهجين ، المنطلق من رؤى غير إسلامية ، وبين التجديد الصحيح الذي يستقي

من الأصول الإسلامية المتينة ، لمواجهة تحديات العصر ، وللارتقاء بوظيفة الدين

ليشمل جوانب حياة الإنسان المختلفة.

صدر الكتاب ضمن سلسلة الكتب التي تصدرها مجلة قضايا

إسلامية معاصرة ، برقم 2 ، في قم سنة 1418 ه.

* جريدة النسب

لمعرفة من انتسب إلى خير أب.

تأليف : السيد محمد حسين الحسيني الجلالي.

كتاب يشتمل على ذكر سلسلة النسب النبوي الشريف ،

وفروع السلالة النبوية الطاهرة ، من سادة وأشراف يتصل نسبهم بالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من

ولديه الإمامين السبطين الحسن والحسين عليهما السلام والأئمة

من ولد الإمام الحسين عليهم السلام ، لحفظ

توثيق أنساب تضمنتها مخطوطات قيمة محفوظة عند أصحابها ، تعميما للفائدة وتعريفا بالنسب

الشريف.

وهو - في الأساس - ملخص لكتاب

ص: 274

الرسالة

الأسدية للسيد سراج الدين محمد قاسم المختاري السبزواري

النسابة - من أعلام القرن العاشر الهجري - بعد أن أعيد ترتيبه على 12 فصلا ، كل

فصل مخصص لذكر عقب كل إمام ، من أعقب منهم خاصة ، مع ملحق لكل فصل بزيادات من

فروع السادة الذين وقف - أو اطلع - المؤلف على مشجراتهم.

صدر في عمان / الأردن سنة 1418 ه.

* الاحتكار

وما يلحقه من الأحكام والآثار.

تأليف : السيد علي الشفيعي.

بحث فقهي استدلالي ، في موضوع الاحتكار وأحكامه ،

في ضوء آيات الكتاب الكريم والروايات الشريفة ، وطبقا لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

يتناول جوانب عدة تتعلق بهذه المسألة : الاحتكار في

اللغة ، والقرآن العظيم ، والسنة الشريفة ، وكلمات الفقهاء وآرائهم ، حكمه الشرعي

في الفقه الإسلامي من الحرمة أو الكراهة ، وأدلة القولين ، التحقيق في مورده ،

اختصاص الحكم بالمسلمين فقط أم بالمجتمع عموما ، المدة المحددة للاحتكار المحرم

وعدمها ، عدم اختصاص الحرمة بصورة

الشراء وأدلة الاختصاص ، اتصاف الاحتكار بالأحكام

الخمسة : الحرمة ، الوجوب ، الاستحباب ، الإباحة ، والكراهة ، اشتراط الإبقاء

للزيادة ، وأخيرا إجبار المحتكر على بيع ما احتكره ، وجواز التسعير وعدمه.

نشر : مؤسسة انتشارات خوزستان - الأهواز / 1419 ه.

* إشراقات

الفلسفة السياسية في فكر الإمام الخميني.

تأليف : كامل الهاشمي.

دراسة في مبحث من مباحث الفكر السياسي الإسلامي ،

وهو الفلسفة السياسية في الإسلام ، تبحث جملة مسائل تعبر عن المرتكزات الأساسية

لهذه الفلسفة في فكر السيد الإمام الخميني.

وهي محاولة لاستخلاص رؤيته قدس سره

التفصيلية في موضوع الفلسفة السياسية بما تحتويه من معالجات لشؤون الحكم وكيفية

ممارسة السلطة ، وإعطاء صورة متجانسة عن منهجه في التغيير الاجتماعي والديني ،

وفي الشأن السياسي التغييري ، عبر تسليط الضوء على رؤاه العرفانية والفلسفية

والسياسية.

صدر الكتاب ضمن سلسلة الكتب

ص: 275

التي تصدرها مجلة قضايا إسلامية معاصرة ، برقم 1 ،

في قم سنة 1418 ه.

* المعجم

المجمعي ، مجلد 4.

تأليف : الشيخ عبد الحسين محمد علي البقال.

معجم لغوي ، وضع لتيسير فهم ألفاظ اللغة العربية ،

واستيعاب معانيها ، يشتمل على مواد لغوية مرتبة حسب الحروف الهجائية ، جامعا

لمواد وهيئات كل حرف ضمن عنوان «الجامعة» لذلك الحرف.

يعتمد - كأساس - التعامل مع المكتوب حسب ما ينطق به

، وجعل كل صوت لغوي ينطق به ممثلا بحرف مخصص له ، ويستفيد

بدرجات متفاوتة مما سبقه من المتون اللغوية ، خصوصا المعجم الوسيط إذ هو مركز

الثقل فيه.

منهج المعجم يتضمن : إبراز صفة الكيانية لكل حرف من

خلال مجموعة العناوين الشاملة لأبعاده ، جعل الأساس في توزيع المشتقات هو اعتماد

أفعالها الماضية بصرف النظر عن كونها صحيحة أو معتلة ، تثليث أجنحة المعتل ما

أمكن ذلك ،

توحيد كل ثلاثي ضمن جذره الأساس الذي هو نقطة الانطلاق فيه ، وأخيرا جمع

المضاعفات عند أصولها

وبحسب ما تلفظ تلك الأصول وما لها من موقعية في التسلسل

الألفبائي.

سبق أن صدرت مجلدات المعجم الثلاثة - سنة 1416 ه - مشتملة

على أجزائه الستة ، فيما صدر هذا المجلد حاويا لجزءيه الأخيرين السابع والثامن

مشتملا على الحروف من م - ي.

نشر : مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لجامعة طهران -

طهران / 1418 ه.

* أبو الأسود

الدؤلي في الميزان.

تأليف : الشيخ محمد المنصور.

كتاب عن التابعي المعروف ، الشاعر النحوي ، أبو

الأسود الدؤلي - المتوفى سنة 69 ه عن عمر ناهز ال 85 سنة - واضع أسس علم نحو اللغة

العربية ، بتوجيه وتسديد من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ،

يشتمل على دراسة حياته الشعرية والنحوية واللغوية.

تضمنت الدراسة بحوثا عديدة : أثر الإسلام - فكرا

وعقيدة ومنهجا جديدا - على الشعر في أبوابه المختلفة ، مقدار تأثر الشعر بالدين الجديد

في عهده الأول ، ترجمة الدؤلي : اسمه ، كنيته ، مولده ، وفاته ، تشيعه ، حياته

في المدينة المنورة ، صلته بخلفاء ورجال عصره ، والإشارة إلى

ص: 276

بعض صفاته ومقدرته على إدارة دفة الولاية والقضاء.

ثم مدرسته النحوية وما تعلق بأصل ومنشأ النحو

العربي من دراسات وتحليلات وآراء ، مناقشة خصائص لغة الشعر وشروط النقاد فيها ،

عرض للجوانب الفنية لأغراض وفنون شعره ، بيان مفهوم وروافد الصورة الشعرية في

شعره ، البناء الفني للقصائد : معانيها ، صورها ، أوزانها ، وما جاء به من جديد

، وأخيرا عرض آراء القدماء والمحدثين والمستشرقين في شخصية الدؤلي وبيان الرأي الصحيح

في حقه.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1418 ه.

* فهرس

مخطوطات «مركز أحمد بابا» ، ج 1 - 4.

إعداد : عمر بن علي (ج 1) ، ومجموعة من المكتبيين

بالمركز (ج 2 - 4).

تحرير : جوليان يوهانسن (ج 1) ، عبد المحسن العباس (ج

2 - 4).

فهرس للمخطوطات التي تحتويها مكتبة «مركز أحمد بابا»

للتوثيق والبحوث التاريخية ، الواقع في مدينة «تنبكتو» إحدى مدن جمهورية «مالي»

شمال غرب

أفريقيا ، الذي افتتح أواخر سنة 1973 م ، ويحتوي

على أكثر من 9 آلاف مخطوطة ، مكتوبة بعدة أنواع من الخطوط : الشرقي ، المغربي ، الصحراوي

، السوقي ، والسوداني.

تم تصنيف المخطوطات في الجزء 1 حسب موضوعاتها ، وكل

موضوع رتبت عناوينه حسب حروف الهجاء ، فيما ذكرت المخطوطات في بقية الأجزاء حسب

رقمها في المكتبة ، كما تمت الإشارة إلى عدة معلومات تخص المخطوط : العنوان ،

اسم المؤلف وتاريخ وفاته ، تاريخ الكتابة ، اسم الناسخ ، عدد الأوراق ، عدد

الأسطر ومقاسها ، نوع الخط ، ووصف عام لحاله.

صدرت الأجزاء ضمن : سلسة فهارس المخطوطات الإسلامية

، برقم 5 ، سنة 1416 ، رقم 6 سنة 1417 ، رقم 10 سنة 1418 ، ورقم 11 سنة 1418 ه ،

للأجزاء الأربعة على التوالي.

نشر : مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي - لندن.

* اعرف نفسك.

تأليف : محمد رضا عبد الأمير الأنصاري.

ص: 277

كتاب صغير في حجمه ، نافع في مادته ، يشتمل على

بيان وتوضيح

لما فيه الخير والسعادة للنفس البشرية ، أو الشر والتعاسة لها في الحياة الدنيا

وفي الآخرة ، وهو محاولة للوقوف والاطلاع على مكنونات النفس الإنسانية من خلال عرض

صفات وعلامات الخير والشر ، وصلاح المرء وفساده ، المشار إليها في أحاديث وخطب أئمة

العترة الطاهرة عليهم السلام.

في قسمين : نفوس في ظل الخير ، ونفوس متهاوية في

حبائل الشيطان.

نشر : مؤسسة الإمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه) -

مشهد / 1419 ه.

* الدعاء ..

حقيقته - آدابه - آثاره.

إعداد : مركز الرسالة.

دراسة مبسطة عن «مخ العبادة ، الذي لا يهلك معه أحد»

، تعكس -

بأسلوب بسيط - ما يتعلق بموضوع الدعاء ، الوسيلة التي تتجلى فيها معاني العبودية

لله تعالى والتقرب إليه سبحانه ، وتذلل الإنسان وافتقاره الدائم لرحمته ولطفه جل

وعلا.

تعتمد ما ورد من آيات الذكر الحكيم ، وما جاء من

أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله

وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام.

تضمنت أربعة فصول : مفهوم الدعاء وعلاقته بالعبادة

، آداب الدعاء وشروطه ، العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء وأسباب تأخر الإجابة

، والدعوات المستجابة وغير المستجابة ، وآثار الدعاء العاجلة في الدنيا ،

والآجلة في الآخرة ، وأن الدعاء يرد القضاء المبرم ويدفع البلاء عن الإنسان ،

ولا يتنافى مع الاعتقاد بالقضاء والقدر.

صدر ضمن سلسلة المعارف الإسلامية برقم 15.

نشر : مركز الرسالة - قم / 1419 ه.

* الجديد في

فن التجويد.

تأليف : مصطفى الصراف.

كتاب يشتمل على دروس لشرح وتوضيح قواعد وأحكام فن

تجويد القرآن ، وما يرتبط بها من مقدمات وتنبيهات.

كما اشتمل على جملة من أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام الواردة

في الأمر بتعليم القرآن والحث على تعليمه.

نشر : مؤسسة عاشوراء - قم / 1417 ه.

* * *

ص: 278

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.