تراثنا المجلد 55

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1419 ه.ق

الصفحات: 422

ص: 1

محتويات العدد

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (12).

..................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 7

*السُنّة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله (2).

....................................................... السيّد علي الشهرستاني 61

*دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية (3).

.................................................. السيّد ثامر هاشم العميدي 105

*آفاق جديدة في تاريخ التشيّع.

...................................................... الشيخ رسول جعفريان 156

*معجم مؤرّخي الشيعة (1).

.......................................................... صائب عبدالحميد 214

ص: 2

*فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة/ النجف الأشرف (2).

....................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه 281

*مصطلحات نحوية (11).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 332

*من ذخائر التراث :

*نبذة الباغي - للشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي.

......................................... تحقيق : فارس حسّون كريم 353

*من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 404

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة رسالة نبذة الباغي في ما لابدّ منه من آداب الداعي للشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (757 - 841 ه) ، المنشورة في هذا العدد ، ص 353 - 403.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (12)

السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك ...) (1).

قال السيد :

«ألم يؤمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغها؟! ألم يضيق عليه في ذلك بما يشبه التهديد من الله عزوجل حيث يقول : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)».

ثم قال في الهامش :

«أخرجه غير واحد من أصحاب السنن ، كالإمام الواحدي في سورة

ص: 7


1- سورة المائدة 5 : 67.

المائدة من كتابه أسباب النزول عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.

وأخرجه الإمام الثعلبي في تفسيره بسندين.

ورواه الحمويني الشافعي في فرائده بطرق عن أبي هريرة مرفوعا.

ونقله أبو نعيم في كتابه نزول القرآن بسندين ، أحدهما عن أبي رافع ، والآخر عن الأعمش عن عطية ، مرفوعين.

وفي غاية المرام تسعة أحاديث من طريق أهل السنة ، وثمانية صحاح من طريق الشيعة بهذا المعنى ، فراجع منه باب 37 وباب 38».

فقيل :

«الخبر الذي ساقه الواحدي هو : أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار ، قال : أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي ، قال : أخبرنا محمد بن حمدون ، قال : حدثنا محمد إبراهيم الخلوتي (1) ، قال : حدثنا الحسن بن حماد سجادة ، قال : حدثنا علي بن عابس ، عن الأعمش وأبي حجاب (2) ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أسباب النزول : 135.

وعطية هو العوفي ، قال عنه الإمام أحمد : ضعيف الحديث ، ثم قال : بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير ، وكان يكنيه ف.

ص: 8


1- كذا ، والصحيح : الحلواني.
2- كذا ، والصحيح : جحاف.

بأبي سعيد فيقول : قال أبو سعيد.

وقال أبو حاتم : ضعيف.

وقال ابن عدي : وكان يعد من شيعة الكوفة.

وقال ابن حبان - بعد أن ذكر قصته مع الكلبي - : لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب.

وقال أبو داود : ليس بالذي يعتمد عليه.

وقال الساجي : كان يقدم عليا على الكل.

وقال ابن حجر في التقريب : صدوق ، يخطئ كثيرا ، كان شيعيا مدلسا.

وأما علي بن عابس الأسدي ، فقال عنه ابن معين : كأنه ضعيف ، وفي رواية عنه : ليس بشئ.

وقال ابن حبان : فحش خطؤه فاستحق الترك.

وقال ابن عدي : له أحاديث حسان ، ويروي عن أبان بن تغلب وغيره أحاديث غرائب.

ومن هذا يتبين أن احتفال المؤلف بهذا الحديث لن يغنيه شيئا. وقد عرفت سابقا أن الواحدي وشيخه الثعلبي قد ملآ كتابيهما بالأحاديث الضعيفة والموضوعة فلا يعتد بهما.

وفي عده الواحدي من أصحاب السنن مجازفة ، وهو وشيخه ليسا من أئمة الحديث ولا من علمه في شئ. والله المستعان».

وأقول :

إعلم أن السيد - رحمه الله - قد استدل بهذه الآية المباركة مرة أخرى ،

ص: 9

وذلك في المراجعة رقم 56 ، ونص هناك على أن : «أخبارنا في ذلك متواترة عن أئمة العترة الطاهرة».

أما من أهل السنة فاكتفى في الموضعين بالنقل عن الإمام أبي إسحاق الثعلبي ، المتوفى سنة 427 أو 437 ، والإمام أبي الحسن الواحدي ، المتوفى سنة 468 ، والحافظ أبي نعيم الأصفهاني ، المتوفى سنة 430 ، والإمام الحمويني الشافعي ، المتوفى سنة 722. وقد نص في المراجعة 56 على صحة بعض أسانيد هذه الروايات ..

فأقول - تعقيبا لكلامه وتتميما لمرامه - :

أولا : إنه قد اكتفى بالنقل عن هؤلاء الأئمة لغرض الاختصار ، وإلا فرواة نزول الآية المباركة يوم غدير خم من أعلام أئمة أهل السنة كثيرون ، ومنهم :

1 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة 310.

2 - ابن أبي حاتم : عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ، المتوفى سنة 327.

3 - أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، المتوفى سنة 330.

4 - أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الفارسي الشيرازي ، المتوفى سنة 407 أو 411.

5 - أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني ، المتوفى سنة 410.

6 - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، المتوفى سنة 430.

7 - أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي ، المتوفى سنة 468.

ص: 10

8 - أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني ، المتوفى سنة 477.

9 - أبو القاسم عبد الله بن عبيد الله الحاكم الحسكاني.

10 - أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي ، صاحب كتاب ما نزل في علي وأهل البيت.

11 - أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي ، المتوفى حدود سنة 550.

12 - أبو القاسم علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي ، المتوفى سنة 571.

13 - أبو سالم محمد بن طلحة النصيبي الشافعي ، المتوفى سنة 652.

14 - فخر الدين محمد بن عمر الرازي ، المتوفى سنة 653.

15 - عز الدين عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني الموصلي ، المتوفى سنة 661.

16 - نظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري ، صاحب التفسير.

17 - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني ، المتوفى سنة 786.

18 - نور الدين علي بن محمد ابن الصباغ المالكي ، المتوفى سنة 855.

19 - بدر الدين محمود بن أحمد العيني ، المتوفى سنة 855.

20 - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة 911.

21 - القاضي محمد بن علي الشوكاني ، المتوفى سنة 1250.

22 - السيد شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة 1270.

ص: 11

23 - الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي ، المتوفى سنة 1293.

وقد أوردنا نصوص روايات جمع منهم في قسم حديث الغدير من كتابنا الكبير (1).

وثانيا : الروايات المعتبرة سندا في نزول الآية المباركة يوم غدير خم كثيرة كذلك ، ومنها :

1 - رواية الحبري :

قال : «حدثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) :

نزلت في علي عليه السلام.

أمر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أن يبلغ فيه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بيد علي عليه السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من ولاه ، وعاد من عاداه» (2).

أقول :

وهذا سند معتبر ، وقد بينا ذلك في بحوثنا الماضية فلا نعيد. 2.

ص: 12


1- نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 8 / 195 - 253.
2- تفسير الحبري : 262.

2 - رواية أبي نعيم :

قال : «حدثنا أبو بكر ابن خلاد ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، قال : حدثنا علي بن عابس ، عن أبي الجحاف والأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علي بن أبي طالب عليه السلام : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)» (1).

* أما «أبو بكر ابن خلاد» فهو : أبو بكر أحمد بن يوسف البغدادي ، المتوفى سنة 359 ، ترجم له الخطيب في تاريخه ، والذهبي في سيره ، وغيرهما :

قال الخطيب : «كان لا يعرف شيئا من العلم ، غير أن سماعه صحيح».

وقال أبو نعيم : «كان ثقة».

وكذا وثقة أبو الفتح ابن أبي الفوارس (2).

ووصفه الذهبي ب : «الشيخ الصدوق ، المحدث ، مسند العراق» (3).

* وأما «محمد بن عثمان بن أبي شيبة» ، المتوفى سنة 297 ، فقد 9.

ص: 13


1- خصائص الوحي المبين - للشيخ يحيى بن الحسن الحلي ، المعروف بابن البطريق ، المتوفى سنة 600 - : 53 ، عن كتاب ما نزل من القرآن في علي ، للحافظ أبي نعيم الأصفهاني.
2- تاريخ بغداد 5 / 220 - 221.
3- سير أعلام النبلاء 16 / 69.

ترجم له الذهبي ، ووصفه ب : «الإمام الحافظ المسند» ثم قال : «وجمع وصنف ، وله تاريخ كبير ، ولم يرزق حظا ، بل نالوا منه ، وكان من أوعية العلم».

وقال : «قال صالح جزرة : ثقة».

وقال ابن عدي : «لم أر له حديثا منكرا فأذكره».

ثم نقل تكلم بعض معاصريه فيه ، وهم عبد الله بن أحمد ، المتوفى سنة 290 ، وابن خراش ، المتوفى سنة 283 ، ومطين ، المتوفى سنة 297 ، والظاهر وجود اختلافات بينهم وبينه ، مما أدى إلى أن يذكروه بسوء ، لا سيما ما كان بينه وبين أبي جعفر مطين ، إذ كان كل منهما يذكر الآخر بسوء وينال منه (1).

ومن هنا فقد نص غير واحد من الحفاظ - كالذهبي - على أن كلام الأقران بعضهم في بعض غير مسموع.

* وأما «إبراهيم بن محمد بن ميمون» ، فقد ذكره ابن حبان في الثقات قائلا : «إبراهيم بن محمد بن ميمون الكندي الكوفي ، يروي عن سعيد بن حكيم العبسي وداود بن الزبرقان. روى عنه أحمد بن يحيى الصوفي» (2).

ولم أجد له ذكرا في كتب الضعفاء ...

وقد ينقم عليه روايته لفضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وكم له من نظير! فقد ذكر الذهبي بترجمة أحمد بن الأزهر : «وهو ثقة بلا تردد ، غاية 4.

ص: 14


1- تاريخ بغداد 3 / 43.
2- الثقات 8 / 74.

ما نقموا عليه ذاك الحديث في فضل علي رضي الله عنه» (1).

يعني : ما رواه عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال :

نظر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى علي بن أبي طالب ، فقال : أنت سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ، فالويل لمن أبغضك بعدي».

قال الحاكم : «حدث به ابن الأزهر ببغداد في حياة أحمد وابن المديني وابن معين ، فأنكره من أنكره ، حتى تبين للجماعة أن ابن الأزهر برئ الساحة منه ، فإن محله محل الصادقين» (2).

ولهذا الحديث قصة ، فإنه لأجله ذكر أحمد بن الأزهر في ميزان الاعتدال في نقد الرجال (3) بل ذكر فيه عبد الرزاق بن همام أيضا (4).

لكن أحمد بن الأزهر «ثقة بلا تردد» و «محله محل الصادقين» ، وعبد الرزاق بن همام من رجال الصحاح الستة وشيخ البخاري (5) ... ومع ذلك فالحديث كذب!!

«لما حدث أبو الأزهر بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل ، أخبر يحيى بن معين بذلك ، فبينما هو عند يحيى في جماعة أهل الحديث إذ قال 5.

ص: 15


1- سير أعلام النبلاء 12 / 364.
2- سير أعلام النبلاء 12 / 366.
3- ميزان الاعتدال 1 / 82.
4- ميزان الاعتدال 2 / 609.
5- تقريب التهذيب 1 / 505.

يحيى : من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث بهذا عن عبد

الرزاق؟! فقام أبو الأزهر فقال : هو ذا أنا. فتبسم يحيى بن معين ، وقال : أما إنك لست بكذاب ، وتعجب من سلامته وقال : الذنب لغيرك فيه!»(1).

فرواة الحديث كلهم أئمة ثقات.

ومع ذلك فهو كذب!!

وقال الذهبي : في النفس من آخره شئ (2)!! يعني جملة : «فالويل لمن أبغضك بعدي»!!

ولا يخفى السبب في ذلك!!

فما الحيلة في رده ، مع صحة سنده؟!

قالوا : إن معمرا كان له ابن أخ رافضي ، وكان معمر مكنه من كتبه فأدخل عليه هذا الحديث ، وكان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال والمراجعة ، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر ، وحدث به أبا الأزهر وخصه به دون أصحابه (3)!!

قال الذهبي بعد نقله :

«قلت : ولتشيع عبد الرزاق سر بالحديث وكتبه ، وما راجع معمرا فيه ، ولكنه ما جسر أن يحدث به لمثل أحمد وابن معين وعلي ، بل ولا خرجه في تصانيفه ، وحدث به وهو خائف يترقب» (4). 7.

ص: 16


1- سير أعلام النبلاء 12 / 366.
2- ميزان الاعتدال 2 / 613.
3- تاريخ بغداد 4 / 42.
4- سير أعلام النبلاء 12 / 367.

هذا موجز هذه القصة ... والشاهد من حكايتها أنهم كثيرا ما ينقمون على الرجل - مع اعترافهم بثقته - روايته حديثا في فضل أمير المؤمنين عليه السلام أو الطعن في أعدائه ومبغضيه ، ويضطربون أشد الاضطراب ، فإن أمكنهم التكلم في وثاقته فهو ، وإلا عمدوا إلى تحريف لفظ الحديث ، أو بتره ، وإلا وضعوا شيئا في مقابلته ، وإلا نسبوا وضعه إلى مثل «ابن أخ معمر» و «كان رافضيا» و «كان معمر يمكنه من كتبه» بأنه دس الحديث في الكتاب ، ولم يشعر بذلك لا معمر ، ولا عبد الرزاق ، ولا غيرهما!!

ولكن من هو هذا الشخص؟! وما الدليل على كونه رافضيا؟! وكيف كان يمكنه معمر من كتبه وأن يكتب له؟ مع علمه بكونه رافضيا أو كان جاهلا بذلك؟!

وعلى الجملة ، فإن «إبراهيم بن محمد بن ميمون» ثقة ، بتوثيق ابن حبان من دون معارض ، غير أنه من رواة فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

* وكذلك شيخه «علي بن عابس» فإنه من رجال صحيح الترمذي (1) ، لكنهم تكلموا فيه لا لشئ ، وإنما لروايته هذا الحديث وأمثاله من الفضائل والمناقب ، ومما يشهد بذلك قول ابن عدي : «له أحاديث حسان ، ويروي عن أبان بن تغلب وعن غيره أحاديث غرائب ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه» (2).

وإذا عرفنا أن «أبان بن تغلب» من أعلام الإمامية الاثني عشرية 7.

ص: 17


1- تقريب التهذيب 2 / 39.
2- الكامل في الضعفاء 5 / 190 ذيل رقم 1347.

الثقات (1) عرفنا لماذا تكون رواياته «أحاديث غرائب»! وعرفنا أنهم لا يضعفون «علي بن عابس» إلا لروايته تلك الأحاديث ، وأما في غيرها فهو ثقة في نفسه ولذا «يكتب حديثه»!

أي : عدا الفضائل وهي «أحاديث غرائب» كما وصفها ، ولو كان الرجل كذابا لما جاز قوله : «يكتب حديثه» أصلا!!

* وكذلك شيخه «أبو الجحاف» داود بن أبي عوف ، فهو من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة ، ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث ، وقال النسائي : ليس به بأس (2) ومع ذلك ، فالرجل ممن لا يحتج به عند ابن عدي! وهو يعترف بعدم تكلم أحد فيه!

ولماذا؟! ..

استمع إليه ليذكر لك السبب ، فقد قال : «ولأبي الجحاف أحاديث غير ما ذكرته ، وهو من غالية التشيع ، وعامة حديثه في أهل البيت ، ولم أر لمن تكلم في الرجال فيه كلاما ، وهو عندي ليس بالقوي ، ولا ممن يحتج به في الحديث» (3).

* وأما «الأعمش» فهو من رجال الصحاح الستة (4). 1.

ص: 18


1- هو من رجال مسلم والأربعة ، وثقوه وقالوا : هو من أهل الصدق في الروايات وإن كان مذهبه مذهب الشيعة ، وفي الميزان : شيعي جلد لكنه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته. وهو عند الجوزجاني الناصبي : مذموم المذهب ، مجاهر زائغ! وانظر : الكامل في الضعفاء 1 / 389 - 390 رقم 207 ، أحوال الرجال : 67 رقم 74.
2- ميزان الاعتدال 2 / 18.
3- الكامل في الضعفاء 3 / 82 - 83 ذيل رقم 625.
4- تقريب التهذيب 1 / 331.

وتلخص :

إن حديث أبي نعيم معتبر ، ولا مجال للتكلم في أحد من رجال إسناده ، ولو كان بعضهم من الشيعة فهو ثقة ، وقد تقرر أن التشيع ، بل الرفض عندهم غير مضر بالوثاقة ، وهذا ما كررنا نقله عن الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره.

* وأما «عطية» .. فسيأتي.

3 - رواية ابن عساكر :

قال : «أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو حامد الأزهري ، أنبأنا أبو محمد المخلدي الحلواني ، أنبأنا الحسن بن حماد سجادة ، أنبأنا علي ابن عابس ، عن الأعمش وأبي الجحاف ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم غدير خم في علي ابن أبي طالب» (1).

* أما «وجيه بن طاهر» ، المتوفى سنة 541 :

قال ابن الجوزي : «كان شيخا ، صالحا ، صدوقا ، حسن السيرة ، منور الوجه والشيبة ، سريع الدمعة ، كثير الذكر. ولي منه إجازة بمسموعاته ومجموعاته» (2). 4.

ص: 19


1- ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق 2 / 86.
2- المنتظم 18 / 54.

وقال السمعاني : «كتبت عنه الكثير ، وكان يملي في الجامع الجديد بنيسابور كل جمعة مكان أخيه ، وكان خير الرجال ، متواضعا متوددا ، ألوفا ، دائم الذكر ، كثير التلاوة ، وصولا للرحم ، تفرد في عصره بأشياء ...» (1).

وقال الذهبي : «الشيخ العالم ، العدل ، مسند خراسان» (2).

* وأما «أبو حامد الأزهري» أحمد بن الحسن النيسابوري ، المتوفى سنة 463 :

قال الذهبي : «الأزهري ، العدل ، المسند ، الصدوق ، أبو حامد أحمد ابن الحسن بن محمد بن الحسن بن أزهر ، الأزهري ، النيسابوري ، الشروطي ، من أولاد المحدثين. سمع من أبي محمد المخلدي ... حدث عنه : زاهر ووجيه ابنا طاهر ... توفي في رجب سنة 463» (3).

* أما «أبو محمد المخلدي» الحسن بن أحمد النيسابوري ، المتوفى سنة 389 :

قال الحاكم : «هو صحيح السماع والكتب ، متقن في الرواية ، صاحب الإملاء في دار السنة ، محدث عصره ، توفي في رجب سنة 389» (4).

وقال الذهبي : «المخلدي ، الشيخ الصدوق ، المسند أبو محمد ... العدل ، شيخ العدالة ، وبقية أهل البيوتات ...»(5).

* أما «أبو بكر محمد بن حمدون» النيسابوري ، المتوفى سنة 320 : 9.

ص: 20


1- سير أعلام النبلاء 20 / 110.
2- سير أعلام النبلاء 20 / 109.
3- سير أعلام النبلاء 18 / 254.
4- سير أعلام النبلاء 16 / 540.
5- سير أعلام النبلاء 16 / 539.

قال الحاكم : «كان من الثقات الأثبات الجوالين في الأقطار ، عاش 87 سنة» (1).

وقال الخليلي : «حافظ كبير» (2).

وقال الذهبي : «الحافظ الثبت المجود» (3).

* أما «محمد بن إبراهيم الحلواني» (4) ، المتوفى سنة 276 (5) :

قال الخطيب : «محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد ، أبو بكر الحلواني ، قاضي بلخ ، سكن بغداد ، وحدث بها ... روى عنه : إسماعيل ابن محمد الصفار ، ومحمد بن عمرو الرزاز ، وأبو عمرو ابن السماك ، وحمزة بن محمد الدهقان. وكان ثقة» (6).

وقال ابن الجوزي : «وكان ثقة» (7).

* أما «الحسن بن حماد سجادة» ، المتوفى سنة 241 :

فهو من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة.

وقال أحمد بن حنبل : «صاحب سنة ، ما بلغني عنه إلا خير» (8).

وقال الذهبي : «كان من جلة العلماء وثقاتهم في زمانه» (9).3.

ص: 21


1- سير أعلام النبلاء 15 / 61.
2- سير أعلام النبلاء 15 / 61.
3- سير أعلام النبلاء 15 / 60.
4- قرية من قرى نيسابور. معجم البلدان.
5- المنتظم 12 / 279.
6- تاريخ بغداد 1 / 398.
7- المنتظم 12 / 279.
8- سير أعلام النبلاء 11 / 393.
9- سير أعلام النبلاء 11 / 393.

وقال ابن حجر : «صدوق» (1).

* وأما «علي بن عابس» و «أبو الجحاف» و «الأعمش» فقد تقدم الكلام عليهم.

* وبقي «عطية».

4 - رواية الواحدي :

وبما ذكرنا تظهر صحة إسناد الواحدي في أسباب النزول ، كما أشار السيد رحمه الله ، وذلك لأنه السند المتقدم نفسه ، وشيخه «أبو سعيد محمد بن علي الصفار» الراوي عن «الحسن بن أحمد المخلدي» إلى آخر السند ، ترجم له الحافظ أبو الحسن عبد الغافر الفارسي ، المتوفى سنة 529 ، قال :

«محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب الصفار ، أبو سعيد ، المعروف بالخشاب ، ابن أخت أبي سهل الخشاب اللحياني ، شيخ مشهور بالحديث ، من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان صاحب كتب ، أوصى له الشيخ بعد وفاته وصار بعده بندار كتب الحديث بنيسابور ، وأكثر أقرانه سماعا وأصولا ، وقد رزق الإسناد العالي ، وكتبة الأصول ، وجمع الأبواب ، وإفادة الصبيان ، والرواية إلى آخر عمره ، وبيته بيت الصلاح والحديث.

ولد سنة 381 ، وتوفي في ذي القعدة سنة 456 ...»(2). 3.

ص: 22


1- تقريب التهذيب 1 / 165.
2- تاريخ نيسابور : 54 رقم 103.

وذكره الذهبي وابن العماد في وفيات سنة 456 من العبر وشذرات

الذهب.

* ترجمة عطية :

وأما «عطية العوفي» فقد ترجمنا له بالتفصيل في بعض بحوثنا (1) ، وذكرنا :

أنه من مشاهير التابعين ، وقد قال الحاكم النيسابوري - في كلام له حول التابعين - : «فخير الناس قرنا بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وحفظ عنهم الدين والسنن ، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل» (2).

وأنه من رجال البخاري في كتابه الأدب المفرد.

وأنه من رجال صحيح أبي داود ، الذي قال أبو داود : «ما ذكرت فيه حديثا أجمع الناس على تركه» وقال الخطابي : «لم يصنف في علم الدين مثله ، وهو أحسن وضعا وأكثر فقها من الصحيحين» (3).

وأنه من رجال صحيح الترمذي ، الذي حكوا عن الترمذي قوله فيه : «صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به. ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم».

وأنه من رجال صحيح ابن ماجة ، الذي قال أبو زرعة - بعد أن نظر 2.

ص: 23


1- راجع كتابنا : مع الدكتور السالوس في آية التطهير : 65 - 82.
2- معرفة علوم الحديث : 41.
3- المرقاة في شرح المشكاة 1 / 22.

فيه - : «لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف» (1).

وأنه من رجال مسند أحمد ، وقد قال الحافظ السيوطي عن بعض العلماء : «إن أحمد شرط في مسنده الصحيح» (2).

وأنه قد وثقه ابن سعد ، وقال الدوري عن يحيى بن معين : صالح ، وقال أبو بكر البزار : يعد في التشيع ، روى عنه جلة الناس.

وبعد ، فمن الذي تكلم في عطية؟!

تكلم فيه الجوزجاني ، الذي نص الحافظ ابن حجر العسقلاني على أنه : «كان ناصبيا منحرفا عن علي» ... وتبعه من كان على شاكلته ، وقد نص الحافظ ابن حجر على أنه لا ينبغي أن يسمع قول المبتدع (3).

ولماذا تكلم فيه من تكلم؟!

لأنه كان يقدم أمير المؤمنين عليه السلام على الكل ، وأنه عرض على سب أمير المؤمنين عليه السلام ، فأبى أن يسب ، فضرب أربعمائة سوط وحلقت لحيته ... وكل ذلك بأمر من الحجاج بن يوسف ، لعنه الله ولعن من سلك سبيله وأدخله مدخله ..

أقول :

وهنا نقاط :

1 - حديث نزول الآية المباركة يوم الغدير في أمير المؤمنين وولايته عليه السلام ، أخرجه كبار الأئمة الأعلام من أهل السنة عن عدة من 7.

ص: 24


1- تذكرة الحفاظ 2 / 189.
2- تدريب الراوي 1 / 171 - 172.
3- مقدمة فتح الباري : 387.

الصحابة ، وهم :

1 - عبد الله بن عباس.

2 - أبو سعيد الخدري.

3 - زيد بن أرقم.

4 - جابر بن عبد الله الأنصاري.

5 - البراء بن عازب.

6 - أبو هريرة.

7 - عبد الله بن مسعود.

8 - عبد الله بن أبي أوفى.

2 - قال السيوطي : «وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود ، قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - أن عليا مولى المؤمنين - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)» (1).

3 - إن من رواة هذا الحديث : ابن أبي حاتم الرازي ، قال السيوطي : «وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم غدير خم في علي بن أبي طالب» (2).

و «ابن أبي حاتم» قد نص ابن تيمية وأتباعه على أنه لم يخرج في 8.

ص: 25


1- الدر المنثور 2 / 298.
2- الدر المنثور 2 / 298.

تفسيره حديثا موضوعا ... وقد أوردنا ذلك في بحوثنا الماضية ، كما ستعرفه قريبا أيضا.

وتلخص :

إن القول الحق المتفق عليه بين المسلمين : نزول الآية يوم غدير خم في أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

مع ابن تيمية الحراني :

لقد استدل العلامة الحلي بالآية المباركة والحديث الوارد في ذيلها عند القوم ، فقال :

" البرهان الثاني : قوله تعالى : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). اتفقوا على نزولها في علي.

وروى أبو نعيم الحافظ - من الجمهور - بإسناده عن عطية ، قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في علي بن أبي طالب.

ومن تفسير الثعلبي ، قال : معناه : (بلغ ما أنزل إليك من ربك) في فضل علي ، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ...».

فقال ابن تيمية في الجواب :

«إن هذا أعظم كذبا وفرية من الأول.

وقوله : اتفقوا على نزولها في علي ، أعظم كذبا مما قاله في تلك

ص: 26

الآية ، فلم يقل لا هذا ولا ذاك أحد من العلماء الذين يدرون ما يقولون.

وأما ما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء والنقاش والثعلبي والواحدي ونحوهم في التفسير ، فقد اتفق أهل المعرفة على أن في ما يروونه كثيرا من الكذب الموضوع.

واتفقوا على أن هذا الحديث المذكور الذي رواه الثعلبي في تفسيره هو من الموضوع ...

ولكن المقصود هنا أنا نذكر قاعدة فنقول : المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث ... فلكل علم رجال يعرفون به ، والعلماء بالحديث أجل هؤلاء قدرا ، وأعظمهم صدقا ، وأعلاهم منزلة ، وأكثر دينا ، وهم من أعظم الناس صدقا وأمانة وعلما وخبرة في ما يذكرونه من الجرح والتعديل ...

فالأصل في النقل أن يرجع فيه إلى أئمة النقل وعلمائه ... ومجرد عزوه إلى رواية الثعلبي ونحوه ليس دليلا على صحته باتفاق أهل العلم بالنقل ، لهذا لم يروه أحد من علماء الحديث في شئ من كتبهم ...».

قال : «أنتم ادعيتم أنكم أثبتم إمامته بالقرآن ، والقرآن ليس في ظاهره ما يدل على ذلك أصلا ، فإنه قال : (بلغ ما أنزل إليك من ربك) وهذا اللفظ عام في جميع ما أنزل إليه من ربه ، لا يدل على شئ معين ... فإن ثبت ذلك بالنقل كان ذلك إثباتا بالخبر لا بالقرآن ...

لكن أهل العلم يعلمون بالاضطرار أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لم يبلغ شيئا في إمامة علي ...»(1). 3.

ص: 27


1- منهاج السنة 7 / 33.

أقول :

أما قوله : إن في روايات أبي نعيم والثعلبي والواحدي ، موضوعات كثيرة ، فهذا حق ونحن نوافقه عليه ، إذ ليس هناك - بعد كتاب الله عز وجل - كتاب خال عن الموضوعات ، حتى الكتب المسماة بالصحاح ... ففي صحيح البخاري - الذي يقدمه أكثر القوم على غيره من الكتب مطلقا - أكاذيب وأباطيل ، ذكرنا بعضها في بعض كتبنا استنادا إلى أقوال كبار الحفاظ من شراحه كابن حجر العسقلاني وغيره.

فالمنقولات ، فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز إلى أهل علم الحديث وعلماء الجرح والتعديل ... كما قال.

ولذا فإنا أثبتنا على ضوء كلمات علماء الحديث والرجال صحة أسانيد حديث نزول الآية في الغدير ، وكذلك في غير هذا الحديث مما وقع الاستدلال به من قبل صاحب المراجعات وغيره من علمائنا بتوثيق رجالها واحدا واحدا ... وإذا ثبت صحة الحديث وجب على الكل القبول به ، ومن كذبه حينئذ فقد كذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ما قال وفعل ، وهذا كفر بالله ، نعوذ بالله منه.

وعلى الجملة ، فليس الاستدلال بمجرد عزو الحديث إلى رواية الثعلبي أو غيره ، بل الاستدلال به يكون بعد تصحيحه على القواعد المقررة في علم الحديث والرجال.

وأما قوله : إن هذا الاستدلال ليس بالقرآن بل هو بالحديث ، فهذا تعصب واضح ، لأن ابن تيمية نفسه يستدل بقوله تعالى : (إذ هما في

ص: 28

الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (1) لإثبات فضيلة لأبي بكر ، فيقول : «إن الفضيلة في الغار ظاهرة بنص القرآن ، لقوله تعالى : (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) ... وقد أخرجا في الصحيحين من حديث أنس عن أبي بكر ...» (2).

فجعل الحديث مفسرا للآية ، وجعل فيها فضيلة لصاحبه ...

وكذلك : يدعي نزول قوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى) (3) في أبي بكر مستدلا ببعض رواياتهم فيقول :

«وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنها نزلت في قصة أبي بكر. وكذلك ذكره ابن أبي حاتم والثعلبي أنها نزلت في أبي بكر عن عبد الله بن المسيب. وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن أبي عمر العدني ، حدثنا سفيان ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : أعتق أبو بكر سبعة كلهم يعذب في الله ... قال : وفيه نزلت (وسيجنبها الأتقى) إلى آخر السورة» (4).

وهكذا في مواضع أخرى ...

أما حين يستدل الإمامية بآية : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك ...) على إمامة أمير المؤمنين ، بمعونة أحاديث صحيحة رواها ابن أبي حاتم والثعلبي وأمثالهما من المفسرين والمحدثين من أهل السنة في تفسيرها وبيان سبب نزولها ، يقول : «فمن ادعى أن القرآن يدل على أن ة.

ص: 29


1- سورة التوبة 9 : 40.
2- منهاج السنة 8 / 373 ، الطبعة الحديثة.
3- سورة الليل 92 : 17.
4- منهاج السنة 8 / 495 ، الطبعة الحديثة.

إمامة علي مما أمر بتبليغه فقد افترى على القرآن» (1).

مع أن استدلال الإمامية بأحاديث القوم مطابق للقاعدة المقررة في البحث والمناظرة ، لأنهم ملزمون بما يروونه ، بخلاف استدلالاتهم في مقابلة الإمامية ، لأن أحاديثهم ليست بحجة عند الإمامية حتى لو كانت مخرجة في ما يسمونه بالصحيح.

فانظر من المفتري؟!

محاولات يائسة

وبما ذكرنا يظهر سقوط تمحلات المتعصبين لصرف الآية المباركة عن الدلالة على ولاية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

وهناك محاولات عمدتها :

1 - الأخذ بالسياق.

2 - الأحاديث المروية في قبال حديث نزولها في أمير المؤمنين يوم الغدير.

ولا بد قبل الدخول في البحث من أن نعلم بأن الآية المباركة من سورة المائدة ، وأن هذه السورة هي آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتفاق الفريقين.

فلاحظ : تفسير القرطبي ، وتفسير الخازن ، والإتقان في علوم القرآن 1 / 26 - 52 ، وغيرها من كتب العامة. 7.

ص: 30


1- منهاج السنة 7 / 47.

وفي تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي - بسند صحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنها نزلت قبل أن يقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهرين أو ثلاثة (1).

وقال العياشي في تفسيره : إنها أخر ما نزل من القرآن.

وحينئذ نقول : كما جعل الأولون آية التطهير ضمن آيات زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، واتخذ أتباعهم ذلك أساسا للقول بنزولها في الزوجات ، كذلك الحال في آية التبليغ فقد وضعت في سياق آيات الكلام مع اليهود والنصارى ، ثم جاء اللاحقون واستندوا إلى سياق الآية فرارا من الإذعان للحقيقة :

قال الرازي : «إعلم أن هذه الروايات وإن كثرت ، إلا أن الأولى حمله على أنه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى ، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم ، وذلك لأن ما قبل هذه الآية بكثير وما بعدها بكثير ، لما كان كلاما مع اليهود والنصارى ، امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبية عما قبلها وما بعدها» (2).

وكأن الرازي قد غفل عن أن الآية في سورة المائدة ، وهي إنما نزلت في أخريات حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين لم يكن يهاب اليهود ولا النصارى ولا قريشا ، وأن السياق إنما يكون قرينة إذا لم يكن في مقابله نص معتبر ، وقد صرح الفخر الرازي نفسه بأن نزول الآية في فضل أمير المؤمنين عليه السلام هو قول ابن عباس والبراء بن عازب والإمام

محمد بن علي الباقر عليه السلام ، في حين أنه لم يعضد القول الذي حمل0.

ص: 31


1- تهذيب الأحكام 1 / 361.
2- تفسير الرازي 12 / 50.

الآية عليه - ولا غيره من الأقوال التي ذكرها - بقول أي أحد من الصحابة.

وأما الأحاديث التي يروونها في المقام في مقابلة حديث نزول الآية المباركة في الإمام عليه السلام ، فإن شئت الوقوف عليها فراجع تفسير الطبري والدر المنثور للسيوطي - ولعل الثاني هو أجمع الكتب لها - وستجدها متناقضة فيما بينها ، فضلا عن كونها مردودة بإجماع الفريقين على نزول سورة المائدة في الأيام الأخيرة من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

فمن ذلك ما أخرجه الطبراني وأبو الشيخ وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه وابن عساكر ، عن ابن عباس ، قال : «كان النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يحرس ، وكان يرسل معه عمه أبو طالب كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه.

فقال : يا عم! إن الله قد عصمني ، لا حاجة لي إلى من تبعث».

أورده السيوطي في ذيل الآية المباركة ، وهو - إن كان له علاقة بنزول الآية المباركة - خبر مكذوب ، لأنه يفيد نزولها في مكة ، وهو قول مردود بالإجماع.

وما أخرجه ابن مردويه والضياء في المختارة ، عن ابن عباس ، قال : «سئل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أي آية أنزلت من السماء أشد عليك؟ فقال : كنت بمنى أيام موسم ، واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس في الموسم ، فنزل علي جبرئيل فقال : (پيا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).

ص: 32

قال : فقمت عند العقبة فناديت : يا أيها الناس! من ينصرني على أن أبلغ رسالة ربي ولكم الجنة؟

أيها الناس! قولوا : لا إله إلا الله وأنا رسول الله إليكم ، تنجحوا ولكم الجنة.

قال : فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبي إلا يرمون علي بالتراب والحجارة ، ويبصقون في وجهي ، ويقولون : كذاب صابئ! فعرض علي عارض فقال : يا محمد! إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك.

فقال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك.

فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه.

قال الأعمش : فبذلك تفتخر بنو العباس ، ويقولون : فيهم نزلت (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) هوى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أبا طالب ، وشاء الله عباس بن عبد المطلب ".

قلت :

وآيات الكذب على هذا الحديث لائحة.

ومن الأحاديث المذكورة في ذيل الآية : أحاديث أن أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم كانوا دائما يحرسونه ، حتى نزلت الآية المباركة ففرقهم : أخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير ، قال : «لما نزلت (يا أيها الرسول) إلى قوله : (والله يعصمك من الناس) قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : لا تحرسوني! إن ربي قد عصمني».

ص: 33

وأخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن عبد الله بن شقيق ، قال : «إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كان يتعقبه ناس من أصحابه ، فلما نزلت (والله يعصمك من الناس) فخرج فقال : أيها الناس! الحقوا بملاحقكم ، فإن الله قد عصمني من الناس».

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ ، عن محمد بن كعب القرظي ، أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ما زال يحرس ، يحارسه أصحابه ، حتى أنزل الله (والله يعصمك من الناس) فترك الحرس حين أخبره أنه سيعصمه من الناس.

وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن أبي ذر ، قال : «كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم لا ينام إلا ونحن حوله من مخافة الغوائل ، حتى نزلت آية العصمة : (والله يعصمك من الناس)».

وأخرج الطبراني وابن مردويه ، عن عصمة بن مالك الخطمي ، قال : «كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بالليل حتى نزلت (والله يعصمك من الناس) فترك الحرس».

قلت :

وهذه الأحاديث ليس فيها ذكر سبب نزول الآية ، ولا تعارض حديث نزولها يوم الغدير في علي عليه السلام.

وبهذه الأحاديث يرد ما زعموا من نزولها في أعرابي أراد قتله وهو نائم تحت شجرة ، ورووا فيه حديثا عن محمد بن كعب القرظي ، مع ما هنالك من قرائن الكذب!

ومما ذكره القوم في ذيل الآية ما جاء في تفسير الإمام أبي الحسن

ص: 34

الواحدي : «وقال الأنباري : كان النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة ، ويخفي بعضه إشفاقا على نفسه من شر المشركين إليه وإلى أصحابه» (1).

وهذا كذب بلا شك ولا ريب! لكن العجيب أن ينسب هذا القول إلى الإمامية ، كما في تفسير القرطبي ، حيث قال : «وقبح الله الروافض حيث قالوا : إنه صلى الله عليه [وآله] وسلم كتم شيئا - مما أوحى الله إليه - كان بالناس حاجة إليه» (2) ، وكما في شرح القسطلاني : «قالت الشيعة : إنه قد كتم أشياء على سبيل التقية» (3).

فانظر كيف يفترون على الله والرسول ، ثم لما التفتوا إلى قبحه نسبوه زورا وبهتانا إلى غيرهم .. وكم له من نظير!! وإلى الله المشتكى ، وهو المستعان.

قلت :

وثمة أحاديث يروونها بتفسير الآية المباركة غير منافية للصحيح في سبب نزولها إن لم نقل بجواز الاستدلال بها كذلك ، باحتمال أن الراوي لم تسمح له الظروف بالتصريح بنزولها في يوم الغدير ، أو صرح وحرف لفظه ، كالحديث التالي :

أخرج أبو الشيخ ، عن الحسن : «إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، قال : إن الله بعثني برسالة ، فضقت بها ذرعا وعرفت أن الناس 0.

ص: 35


1- التفسير الوسيط 2 / 208.
2- تفسير القرطبي 6 / 157.
3- إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري 10 / 210.

مكذبي ، فوعدني لأبلغن أو ليعذبني ، فأنزل : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)».

والحديث : أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، قال : «لما نزلت : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) ، قال : يا رب! إنما أنا واحد كيف أصنع؟! يجتمع علي الناس! فنزلت : (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)».

هذا موجز الكلام على هذه الآية ، وبه الكفاية لمن أراد الهداية ، والله ولي التوفيق.

* * *

ص: 36

قوله تعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (1).

قال السيد :

«ألم يصدع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغها عن الله يوم الغدير حيث هضب خطابه ، وعب عبابه ، فأنزل الله يومئذ : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)؟!».

فقال في الهامش :

«نص على ذلك الإمام أبو جعفر الباقر وخلفه الإمام أبو عبد الله الصادق في ما صح عنهما عليهما السلام. وأخرج أهل السنة ستة أحاديث بأسانيدهم المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، صريحة في هذا المعنى ، والتفصيل في الباب 39 والباب 40 من غاية المرام».

فقيل :

«روى أبو نعيم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم دعا الناس إلى غدير خم ، وأمرنا بحت الشجر من الشوك ، فقام فأخذ بضبعي علي فرفعهما حتى نظر الناس إلى باطن إبطي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه 3.

ص: 37


1- سورة المائدة 5 : 3.

الآية : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).

فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي.

ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

وقد ثبت أن الآية نزلت على الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو واقف بعرفة قبل يوم الغدير بسبعة أيام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن هذه الآية ليس فيها دلالة على علي ولا على إمامته بوجه من الوجوه ، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين ، ورضا الإسلام دينا ، فدعوى المدعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر ، وإن قال : الحديث يدل على ذلك ، فيقال : الحديث إن كان صحيحا فتكون الحجة من الحديث لا من الآية ، وإن لم يكن صحيحا فلا حجة في هذا ولا في هذا ، فعلى التقديرين لا دلالة في الآية على ذلك. منهاج السنة 4 / 16.

وقال ابن كثير في تفسيره :

قلت : وقد روى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم غدير خم حين قال لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ثم رواه عن أبي هريرة ، وفيه : أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة. يعني : مرجعه عليه السلام من حجة الوداع.

ولا يصح لا هذا ولا هذا.

ص: 38

بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية ، أنها نزلت يوم عرفة ، وكان يوم جمعة ، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان ، وترجمان القرآن ابن عباس ، وسمرة بن جندب رضي الله عنه ، وأرسله الشعبي وقتادة بن دعامة وشهر بن حوشب وغير واحد من الأئمة والعلماء ، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله».

أقول :

إن رواة حديث نزول هذه الآية المباركة في يوم الغدير - من كبار الأئمة والحفاظ الأعلام من العامة - كثيرون جدا ، نذكر هنا بعضهم :

1 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة 310.

2 - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، المتوفى سنة 385.

3 - أبو حفص ابن شاهين ، المتوفى سنة 385.

4 - أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة 405.

5 - أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني ، المتوفى سنة 410.

6 - أبو نعيم الأصفهاني ، المتوفى سنة 430.

7 - أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، المتوفى سنة 458.

8 - أبو بكر الخطيب البغدادي ، المتوفى سنة 463.

9 - أبو الحسين ابن النقور ، المتوفى سنة 470.

10 - أبو سعيد السجستاني ، المتوفى سنة 477.

11 - أبو الحسن ابن المغازلي الواسطي ، المتوفى سنة 483.

ص: 39

12 - أبو القاسم الحاكم الحسكاني.

13 - الحسن بن أحمد الحداد الأصفهاني ، المتوفى سنة 515.

14 - أبو بكر ابن المزرفي ، المتوفى سنة 527.

15 - أبو الحسن ابن قبيس ، المتوفى سنة 530.

16 - أبو القاسم ابن السمرقندي ، المتوفى سنة 536.

17 - أبو الفتح النطنزي ، المتوفى حدود سنة 550.

18 - أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ، المتوفى سنة 558.

19 - الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي ، المتوفى سنة 568.

20 - أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي ، المتوفى سنة 571.

21 - أبو حامد سعد الدين الصالحاني.

22 - أبو المظفر سبط ابن الجوزي ، المتوفى سنة 654.

23 - عبد الرزاق الرسعني ، المتوفى سنة 661.

24 - شيخ الإسلام الحمويني الجويني ، المتوفى سنة 722.

25 - عماد الدين ابن كثير الدمشقي ، المتوفى سنة 774.

26 - جلال الدين السيوطي ، المتوفى سنة 911.

فهؤلاء أئمة القوم وكبار حفاظهم في مختلف القرون ، قد أخرجوا هذا الحديث في كتبهم ، ورووه بأسانيدهم ... ونحن نذكر عدة من تلك الأسانيد ، ونوضح صحتها :

1 - رواية أبي نعيم الأصفهاني :

قال : «حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، قال : حدثنا

ص: 40

محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثني يحيى الحماني ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم دعا الناس إلى علي عليه السلام في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجر من الشوك فقم ، وذلك يوم الخميس ، فدعا عليا ، فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي.

ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

فقال حسان بن ثابت : ائذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن.

فقال : قل على بركة الله.

فقام حسان فقال : يا معشر مشيخة قريش! أتبعها قولي بشهادة من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في الولاية ماضية.

ثم قال :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم وأسمع بالغدير مناديا

يقول : فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا

فقال له : قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

ص: 41

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذي عادى عليا معاديا» (1).

* أما «محمد بن أحمد بن علي بن مخلد» فهو المعروف بابن محرم ، المتوفى سنة 357 ، من أعيان تلامذة ابن جرير الطبري وملازميه : قال الدارقطني : لا بأس به (2).

وكذا قال أبو بكر البرقاني (3).

ووصفه الذهبي بالإمام المفتي المعمر (4).

وربما تكلم فيه لوجود بعض الأحاديث المناكير في كتبه.

قلت :

لعلهم يقصدون من ذلك هذا الحديث وأمثاله من المناقب.

* وأما «محمد بن عثمان بن أبي شيبة» فقد تقدم.

* وأما «يحيى الحماني» فهو من رجال مسلم في صحيحه ، ومن مشايخ أبي حاتم ومطين وأمثالهما من كبار الأئمة.

وحكى غير واحد منهم عن يحيى بن معين قوله فيه : «صدوق ثقة» وكذا وثقه جماعة من أعلام الجرح والتعديل ، قالوا : وهؤلاء - الذين يتكلمون فيه - يحسدونه ... وأيضا : ذكروا أنه كان لا يحب عثمان ، ويقول عن معاوية : «كان معاوية على غير ملة الإسلام» (5). 8.

ص: 42


1- خصائص الوحي المبين : 61 - 62 ، عن كتاب ما نزل في علي من القرآن - لأبي نعيم الحافظ الأصفهاني -.
2- سير أعلام النبلاء 16 / 61.
3- تاريخ بغداد 1 / 321 ، شذرات الذهب 3 / 26.
4- سير أعلام النبلاء 16 / 60.
5- راجع : تهذيب التهذيب 11 / 213 - 218.

* وأما «قيس بن الربيع» فمن رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة.

قال الحافظ : «صدوق ، تغير لما كبر ...» (1).

* وأما «أبو هارون العبدي» فهو : عمارة بن جوين ، من مشاهير التابعين ، ومن رجال البخاري في خلق أفعال العباد ، والترمذي ، وابن ماجة ، ومن مشايخ الثوري والحمادين وغيرهم من الأئمة ... وقد تكلم فيه بعضهم لتشيعه.

قال ابن عبد البر : «كان فيه تشيع ، وأهل البصرة يفرطون فيمن يتشيع بين أظهرهم لأنهم عثمانيون» ، فقال ابن حجر بعد نقل هذا الكلام : «قلت : كيف لا ينسبونه إلى الكذب ، وقد روى ابن عدي في الكامل عن الحسن بن سفيان ، عن عبد العزيز بن سلام ، عن علي بن مهران ، عن بهز ابن أسد ، قال : أتيت إلى أبي هارون العبدي ، فقلت : أخرج إلي ما سمعت من أبي سعيد.

فأخرج لي كتابا ، فإذا فيه : حدثنا أبو سعيد : إن عثمان أدخل حفرته وإنه لكافر بالله.

قال : قلت : تقر بهذا؟!

قال : هو كما ترى!

قال : فدفعت الكتاب في يده وقمت» (2).

ومن هنا قال الحافظ في التقريب : «متروك ، ومنهم من كذبه ، شيعي» (3). 9.

ص: 43


1- تقريب التهذيب 2 / 128.
2- تهذيب التهذيب 7 / 361 - 362.
3- تقريب التهذيب 2 / 49.

لكن الرجل ليس بمتروك ، فقد ورد حديثه في كتاب من كتب البخاري ، وفي اثنين من الصحاح ، كما إن رميه بالكذب قد عرف السبب فيه ، وهو التشيع ، وهو ليس بضائر بالوثاقة كما تقرر عندهم في كتب رواية الحديث.

تنبيه :

هذا ، وإن المفتري تعرض لرواية أبي نعيم هذه ، فأوردها مبتورة منقوصة ، كما إنه لم يتكلم على سندها بشئ ، مما يدل على إذعانه بصحتها ، ومع ذلك زعم أنه : «قد ثبت أن الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو واقف بعرفة قبل يوم الغدير بسبعة أيام».

لكن لحديث نزولها في يوم الغدير أسانيد معتبرة أخرى أيضا.

2 - رواية الخطيب البغدادي :

قال : «أنبأنا عبد الله بن علي بن محمد بن بشران (1) ، أنبأنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال ، حدثنا علي بن سعيد الرملي ، حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال :

من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير خم ، لما أخذ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بيد علي بن أبي طالب ، فقال : ألست ولي المؤمنين؟! ف.

ص: 44


1- كذا ، والصحيح : علي بن محمد بن عبد الله بن بشران. كما ستعرف.

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم.

فأنزل الله : (اليوم أكملت لكم دينكم).

ومن صام يوم السابع والعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا ، وهو أول يوم نزل جبريل على محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم بالرسالة.

اشتهر هذا الحديث من رواية حبشون ، وكان يقال إنه تفرد به.

وقد تابعه عليه أحمد بن عبد الله ابن النيري ، فرواه عن علي بن سعيد ، أخبرنيه الأزهري ، حدثنا محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن النيري - إملاء - ، حدثنا علي بن سعيد الشامي ، حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة .. وذكر مثل ما تقدم أو نحوه " (1).

الطريق الأول :

* أما «ابن بشران» ، المتوفى سنة 415 ، فقد ترجم له الخطيب نفسه : قال : «علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر بن مهران بن عبد الله. أبو الحسين الأموي المعدل ... كتبنا عنه ، وكان صدوقا 0.

ص: 45


1- تاريخ بغداد 8 / 290.

ثقة ثبتا ، حسن الأخلاق ، تام المروءة ، ظاهر الديانة ... وكانت وفاته ... سنة 415 ...»(1).

وقال الذهبي : «الشيخ العالم المعدل المسند ، أبو الحسين علي بن محمد ...

روى شيئا كثيرا على سداد وصدق وصحة رواية ، كان عدلا وقورا ...» (2).

* وأما «علي بن عمر الحافظ» فهو الدارقطني ، المتوفى سنة 385 : قال الخطيب : «كان فريد عصره ، وقريع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة ، مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب ...

سمعت القاضي أبا الطيب الطبري يقول : كان الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث ...»(3).

وقال ابن الجوزي : «قد اجتمع له مع علم الحديث والمعرفة بالقراءات والنحو والفقه والشعر ، مع الإطاعة والعدالة وصحة العقيدة» (4).

وقال الذهبي : «الدارقطني الإمام الحافظ المجود ، شيخ الإسلام ، علم الجهابذة ... كان من بحور العلم ومن أئمة الدنيا ، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله ...» (5). 9.

ص: 46


1- تاريخ بغداد 12 / 98.
2- سير أعلام النبلاء 17 / 311.
3- تاريخ بغداد 12 / 34.
4- المنتظم 14 / 380.
5- سير أعلام النبلاء 16 / 449.

* وأما «أبو نصر حبشون» ورجال السند إلى آخره ، فسيأتي الكلام عليهم عند البحث مع ابن كثير ...

الطريق الثاني :

* أما «الأزهري» ، أبو القاسم عبيد الله بن أحمد البغدادي ، المتوفى سنة 435 ، فقد ترجم له الخطيب نفسه :

قال : «كان أحد المعنيين بالحديث والجامعين له ، مع صدق واستقامة ودوام تلاوة ، سمعنا منه المصنفات الكبار ، وكمل الثمانين ، ومات في صفر سنة 435» (1).

* وأما «محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي» ، الدقاق ، المتوفى سنة 390 :

قال الخطيب : «كان ثقة مأمونا ، دينا فاضلا» (2).

وقال الذهبي : «الشيخ الصدوق المسند ... أحد الثقات ...» (3).

* وأما «أحمد بن عبد الله ، المعروف بابن النيري» ، المتوفى سنة 320 :

قال الخطيب : «ثقة» (4).

وقال ابن كثير : «صدوق» (5). 4.

ص: 47


1- تاريخ بغداد 10 / 385.
2- تاريخ بغداد 5 / 469.
3- سير أعلام النبلاء 16 / 256.
4- تاريخ بغداد 4 / 227.
5- البداية والنهاية 4 / 214.

* وأما «علي بن سعيد الشامي» وبقية رجال السند ، فسيأتي الكلام عليهم.

تنبيه :

لا يخفى أن الخطيب البغدادي لم يتكلم على سند هذا الحديث ، بل سياق كلامه - حين سكت عن الطعن فيه بشئ ، بل ذكر المتابعة - اعتقاده بصحته ، وتأكيده على ذلك.

والخطيب البغدادي قال الذهبي بترجمته : «الخطيب ، الإمام الأوحد ، العلامة المفتي ، الحافظ الناقد ، محدث الوقت ، وخاتمة الحفاظ ... كتب الكثير ، وتقدم في هذا الشأن ، وبذ الأقران ، وجمع وصنف ، وصحح وعلل ، وجرح وعدل ، وأرخ وأوضح ، وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق» .. ثم ذكر كلمات الأئمة في مدحه وإطرائه والثناء الجميل عليه بما يطول ذكره (1).

3 - رواية ابن عساكر :

رواه بطرق ، فأخرج بسنده عن أبي بكر الخطيب ، كما تقدم عن تاريخ بغداد حرفا بحرف ... ثم قال :

«أخبرناه عاليا أبو بكر ابن المزرفي ، أنبأنا أبو الحسين ابن المهتدي ، أنبأنا عمر بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن أحمد ، أنبأنا علي بن سعيد الرقي ، أنبأنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ...». 7.

ص: 48


1- سير أعلام النبلاء 18 / 270 - 297.

قال : «وأخبرناه أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين ابن النقور ، أنبأنا محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق ، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن أحمد بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن النيري ...» (1).

الطريق الأول :

* أما «أبو بكر ابن المزرفي» ، المتوفى سنة 527 :

قال ابن الجوزي : «سمعت منه الحديث ، وكان ثقة ثبتا عالما ، حسن العقيدة» (2).

وقال الذهبي : «كان ثقة متقنا» (3).

* وأما «أبو الحسين ابن المهتدي» ، المتوفى سنة 465 :

قال الخطيب : «كان ثقة نبيلا».

وقال السمعاني : «كان ثقة حجة ، نبيلا ، مكثرا».

وقال أبي النرسي : «كان ثقة يقرأ للناس».

وقال الذهبي : «الإمام العالم الخطيب ، المحدث ، الحجة ، مسند العراق ، أبو الحسين محمد بن علي بن محمد ... سيد بني هاشم في عصره ...» (4). 1.

ص: 49


1- تاريخ دمشقئ- ترجمة أمير المؤمنين - الجزء الثاني ، الأحاديث رقم : 575 - 578 و 585.
2- المنتظم 17 / 281.
3- سير أعلام النبلاء 19 / 631.
4- هذه الكلمات كلها في سير أعلام النبلاء 18 / 241.

* وأما «عمر بن أحمد» ، فهو ابن شاهين ، المتوفى سنة 385 : قال الخطيب : «كان ثقة أمينا».

وقال ابن ماكولا : «هو الثقة الأمين».

وقال حمزة السهمي عن الدارقطني : «هو ثقة».

وقال أبو الوليد الباجي : «هو ثقة».

وقال الأزهري : «كان ثقة».

وقال الذهبي : «ابن شاهين الشيخ الصدوق ، الحافظ ، العالم ، شيخ العراق ، وصاحب التفسير الكبير ، أبو حفص عمر بن أحمد ...» (1).

* وأما «أحمد بن عبد الله بن أحمد» ، فهو ابن النيري المتقدم.

* وأما سائر رجال السند فسيأتي الكلام عليهم.

الطريق الثاني :

* أما «أبو القاسم ابن السمرقندي» ، المتوفى سنة 536 :

قال ابن عساكر : «كان ثقة مكثرا».

وقال السلفي : «هو ثقة».

وقال الذهبي : «الشيخ الإمام ، المحدث ، المفيد ، المسند ، أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ...» (2).

* وأما «أبو الحسين ابن النقور» ، المتوفى سنة 470 : قال الخطيب : «كان صدوقا». 8.

ص: 50


1- هذه الكلمات كلها في سير أعلام النبلاء 16 / 431.
2- هذه الكلمات كلها في سير أعلام النبلاء 20 / 28.

وقال ابن خيرون : «ثقة».

وقال الذهبي : «ابن النقور ، الشيخ الجليل الصدوق ، مسند العراق ، أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور البغدادي البزاز ...» (1).

* وأما «محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق» ، فهو ابن أخي ميمي المتقدم.

* وأما «أحمد بن عبد الله ... ابن النيري» فقد تقدم أيضا.

* وأما سائر رجال السند فسيأتي الكلام عليهم.

مع ابن تيمية الحراني :

واستدل العلامة الحلي بالآية المباركة ، فقال :

«البرهان الثالث : قوله تعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).

روى أبو نعيم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم دعا الناس إلى غدير خم ...».

فأجاب ابن تيمية مكررا ما قاله في الآية السابقة :

إن مجرد عزوه إلى رواية أبي نعيم لا تفيد الصحة!

وإن هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالموضوعات!

وهذا لا يعرفه أهل العلم بالحديث ، والمرجع إليهم في ذلك. 2.

ص: 51


1- هذه الكلمات كلها في سير أعلام النبلاء 18 / 372.

وإن هذه الآية ليس فيها دلالة على علي ولا إمامته بوجه من الوجوه ، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين ، ورضا الإسلام دينا.

فدعوى المدعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر.

قال : «وإن قال : الحديث يدل على ذلك.

فيقال : الحديث إن كان صحيحا فتكون الحجة من الحديث لا من الآية ، وإن لم يكن صحيحا فلا حجة في هذا ولا في هذا ، فعلى التقديرين لا دلالة في الآية على ذلك ...»(1).

أقول :

إن الاستدلال بالآية المباركة المفسرة بالحديث الصحيح ... فالاستدلال إنما هو بالقرآن لا بالحديث ، والحديث المفسر للآية صحيح وليس بموضوع ... فما ذكره كذب وتعصب وتناقض.

مع ابن كثير الدمشقي في تاريخه :

وأما تلميذه ابن كثير الدمشقي فقد زاد ضغثا على إبالة ، فقال :

«فأما الحديث الذي رواه ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : لما أخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بيد علي قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله عزوجل : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي). قال أبو هريرة : وهو يوم غدير خم ، من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة 5.

ص: 52


1- منهاج السنة 7 / 52 - 55.

كتب له صيام ستين شهرا.

فإنه حديث منكر جدا ، بل كذب ، لمخالفته لما ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ، ورسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم واقف بها كما قدمنا.

وكذا قوله : إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو يوم غدير خم ، يعدل صيام ستين شهرا ، لا يصح ، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر ، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا؟! هذا باطل.

وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي - بعد إيراده هذا الحديث - هذا حديث منكر جدا.

ورواه حبشون الخلال وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرملي ، عن ضمرة.

قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ، ومالك بن الحويرث ، وأنس بن مالك ، وأبي سعيد ، وغيرهم ، بأسانيد واهية.

قال : وصدر الحديث متواتر ، أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قاله.

وأما : اللهم وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد.

وأما هذا الصوم فليس بصحيح.

ولا والله ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة قبل غدير خم بأيام. والله تعالى أعلم» (1). 4.

ص: 53


1- البداية والنهاية 5 / 213 - 214.

أقول :

أولا : هذا الحديث قد عرفت رواته وثقة رجاله ، وبقي منهم : * علي بن سعيد الرملي ، وقد نص الذهبي على ثقته وإنه لم يتكلم فيه أحد ، فقد قال :

«ما علمت به بأسا ، ولا رأيت أحدا إلى الآن تكلم فيه ، وهو صالح الأمر ، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة مع ثقته» (1).

وقال الحافظ ابن حجر متعقبا له : «وإذا كان ثقة ولم يتكلم فيه أحد فكيف تذكره في الضعفاء ... قال البخاري : مات سنة 216» (2).

* ضمرة بن ربيعة ، المتوفى سنة 202 ، وهو من رجال البخاري في الأدب المفرد ، والأربعة :

«قال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه : رجل صالح ، صالح الحديث ، من الثقات المأمونين ، لم يكن بالشام رجل يشبهه ، وهو أحب إلينا من بقية ، بقية كان لا يبالي عن من حدث.

وقال عثمان بن سعيد الدارمي ، عن يحيى بن معين ، والنسائي : ثقة.

وقال أبو حاتم : صالح.

وقال محمد بن سعد : كان ثقة مأمونا خيرا ، لم يكن هناك أفضل منه» (3).

* عبد الله بن شوذب ، المتوفى سنة 156 ، وهو من رجال أبي داود ه.

ص: 54


1- ميزان الاعتدال 4 / 125.
2- لسان الميزان 4 / 227.
3- تهذيب الكمال 13 / 319 - 320 ، ولاحظ سائر الكلمات في هامشه.

والترمذي والنسائي وابن ماجة :

قال الذهبي : «وثقه جماعة ، كان إذا رئي ذكرت الملائكة» (1).

وقال ابن حجر : «صدوق عابد» (2).

وقال أيضا : «قال سفيان : كان ابن شوذب من ثقات مشايخنا.

وقال ابن معين وابن عمار والنسائي : ثقة.

وقال أبو حاتم : لا بأس به.

وذكره ابن حبان في الثقات ...» (3).

* مطر الوراق ، المتوفى سنة 129 ، ويكفي كونه من رجال البخاري في باب التجارة في البحر من الجامع ، ومن رجال مسلم والأربعة (4).

* شهر بن حوشب ، المتوفى سنة 112 أو 111 أو 100 أو 98 ، وهو من رجال البخاري في الأدب المفرد ، ومسلم ، والأربعة. وهذا كاف في ثقته (5).

وثانيا : اعتراف الحافظ الذهبي بتواتر صدر الحديث ، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «من كنت مولاه فعلي مولاه» وكذا بقوة سند قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «اللهم وال من والاه» وتقرير ابن كثير وقبوله له ، رد لتشكيكات المبطلين ، ومكابرات الضالين ، فالحمد لله الذي أجرى الحق على لسانيهما ... 5.

ص: 55


1- الكاشف 1 / 356.
2- تقريب التهذيب 1 / 423.
3- تهذيب التهذيب 5 / 255 - 261.
4- تهذيب الكمال 28 / 551 ، تقريب التهذيب 2 / 252.
5- تهذيب الكمال 12 / 578 ، تقريب التهذيب 1 / 355.

وثالثا : حكمه بالبطلان على رواية صيام الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو يوم غدير خم ، هو الباطل ، وقد أجبنا عنه بالتفصيل في كتابنا الكبير (1).

ويبقى الكلام حول دعوى مخالفة الحديث لما في الصحيحين ، وسنتعرض له عند الكلام ..

مع ابن كثير في تفسيره :

فقد قال في تفسيره : «وقوله : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) هذه أكبر نعم الله تعالى على

هذه الأمة حيث أكمل لهم دينهم ...» ثم روى أحاديث وأقوالا ، منها :

«قال أسباط ، عن السدي : نزلت هذه الآية يوم عرفة ، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام ، ورجع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فمات».

«وقال ابن جرير وغير واحد : مات رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما».

«وقال الإمام أحمد : حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر ابن الخطاب ... ، فقال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله ، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، عشية عرفة في يوم جمعة. 4.

ص: 56


1- نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 8 / 277 - 284.

ورواه البخاري ... ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم ، به.

ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري عن قيس ، عن طارق ، قال : «قالت اليهود لعمر : إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا. فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت؟ وأين أنزلت؟ وأين رسول الله حيث أنزلت ، يوم عرفة ، وأنا - والله - بعرفة.

قال سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا».

«وقال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا : يحيى الحماني ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن إسماعيل بن سليمان ، عن أبي عمر البزار ، عن أبي (1) الحنفية ، عن علي ، قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو قائم عشية عرفة (اليوم أكملت لكم دينكم)».

«فأما ما رواه ابن جرير وابن مردويه والطبراني من طريق ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش بن عبد الله الصغاني ، عن ابن عباس ، قال :

ولد نبيكم يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وفتح بدرا يوم الاثنين ، وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين (اليوم أكملت لكم دينكم) ، ورفع الذكر يوم الاثنين.

فإنه أثر غريب وإسناده ضعيف».

«وقال ابن جرير : وقد قيل : ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس. ن.

ص: 57


1- كذا ، والصحيح : ابن.

ثم روى من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله : (اليوم أكملت لكم دينكم) يقول : ليس بيوم معلوم عند الناس.

قال : وقد قيل : إنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في مسيره إلى حجة الوداع. ثم رواه من طريق أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس».

«قلت : وقد روى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم غدير خم حين قال لعلي : «من كنت مولاه فعلي مولاه». ثم رواه عن أبي هريرة وفيه : إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، يعني مرجعه عليه السلام من حجة الوداع.

ولا يصح لا هذا ولا هذا.

بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية ، أنها أنزلت يوم عرفة ، وكان يوم جمعة ، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب!! وعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان ، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وسمرة بن جندب. وأرسله الشعبي ، وقتادة بن دعامة ، وشهر بن حوشب ، وغير واحد من الأئمة والعلماء ، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله» (1).

أقول :

أولا : إذا كان لم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ، فكيف جاءت 5.

ص: 58


1- تفسير ابن كثير 2 / 14 - 15.

الآية وسط أحكام لا علاقة لها بها ، وبعدها حلال وحرام؟!

إن وضعها في هذا الموضع تمهيد لأن يضع الوضاعون - بعد ذلك - الأحاديث المختلقة في شأن نزول الآية المباركة ، حتى تضيع الحقيقة.

وثانيا : إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما ، وذلك في الثاني عشر من ربيع الأول كما يقولون ، فإن ذلك يتناسب مع نزول الآية يوم غدير خم الثامن عشر من ذي الحجة لا يوم عرفة التاسع منه!

وثالثا : هل نزلت الآية يوم عرفة؟! يوم جمعة؟!

في رواية عن عمر : «عشية عرفة يوم الجمعة».

وفي رواية أخرى عنه ، قال سفيان : «أشك كان يوم جمعة أم لا».

وفي رواية عن علي - لو صحت - : «عشية عرفة» فقط.

وفي رواية عن ابن عباس : «يوم الاثنين» بلا ذكر ل «يوم عرفة».

وفي رواية عن ابن عباس أيضا : «ليس بيوم معلوم عند الناس» فلا عرفة ، ولا جمعة!

وفي رواية عن أنس بن مالك : «في مسيره إلى حجة الوداع» فلا عرفة ، ولا جمعة ، كذلك.

وفي رواية عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة : «اليوم الثامن عشر من ذي الحجة» يوم غدير خم.

وفي رواية أخرى عند البيهقي : «أنها نزلت يوم التروية» (1).8.

ص: 59


1- فتح الباري 8 / 218.

وفي رواية النسائي ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر - وهو سند البخاري نفسه - : «قال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والليلة التي أنزلت ، ليلة الجمعة ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات» (1).

فالأحاديث متعارضة ..

وحتى التي عن عمر بن الخطاب!!

فالحق :

هو ما قاله أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ورواه كبار الحفاظ وأعلام العلماء من أهل السنة عن عدة من الصحابة ، من أنها إنما نزلت يوم غدير خم ، بعدما خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبته التي قال فيها ما شاء الله أن يقول ، وجاء فيها - بعد أن أخذ بيد علي أمير المؤمنين : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ...».

للبحث صلة ... 1.

ص: 60


1- سنن النسائي 5 / 251.

السُنّة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله (2)

السيد علي الشهرستاني

المرحلة الثالثة

حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الفترة (13 - 40 ه)

أ - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهد أبي بكر : يمكن للباحث والمطالع انتزاع وضعية الحديث النبوي في هذا العهد من خلال بيان نصين :

النص الأول :

جاء في تذكرة الحفاظ من مراسيل ابن أبي مليكة : أن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال : إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ،

ص: 61

فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (1).

ونحن في مناقشة هذا النص لا بد لنا من توضيح عدة نقاط :

الأولى : هل إن الاختلاف الواقع بين المسلمين يرجع إلى الاختلاف في الاستنباط والفهم ، أم إن الاختلاف هو في صدور المنقول والنص المروي؟

بمعنى أن الاختلاف تارة يكون في الفهم لمعنى الحديث ، وأخرى للنقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صحة وسقما.

الواقع : أن الاختلاف - في النص المذكور - يعم كليهما وإن كنا سنبين أن مراد أبي بكر هو الاختلاف في النص ..

لأن الاختلاف في فهم معنى الحديث كان أمرا واقعا في زمن أبي بكر وفي زمن غيره ، وأن الخليفة لم يكن يلزم نفسه أو يلزم الآخرين في الأخذ عمن يفترض الأخذ منه ، أي أنه كان يسمح للصحابة بالاختلاف في فهم معنى الحديث ، بل نراه يرجع الناس إلى الأخذ بالقرآن - والذي هو حمال ذو وجوه - ومعنى فعله هذا أنه لا ينهى عن الاختلاف في الفهم القرآني بل يجيزه.

وعليه : فنهي الخليفة لم يكن عن الفهم لمعنى الحديث ، بل إنه صرح في نهيه عن نقل الحديث ، بقوله : «فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا» ، فهو يريد النهي عن الحديث عموما ، لمجئ النكرة بعد النهي ، وهي تفيد العموم حسبما قاله الأصوليون.

ولذلك عد كل من حصر أسباب اختلاف الفقهاء ، الاختلاف في 4.

ص: 62


1- تذكرة الحفاظ 1 / 2 - 3 ، حجية السنة : 394.

الفهم من أسباب الاختلافات ، فقد حصر محمد بن السيد البطليموسي أسباب اختلاف الفقهاء في كتابه الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم بثمانية أسباب.

وحذا حذوه الشاطبي في الموافقات ، إلا أنه فرق بين الخلاف الحقيقي وبين المجازي.

وأرجع ابن رشد الأسباب إلى ستة.

وحاول ابن تيمية إرجاعها إلى ثلاثة أسباب في كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام.

وسار على خطاه الدهلوي في كتابه الإنصاف في بيان سبب الاختلاف

فلم يزد على ما قاله ابن تيمية سوى : الاجتهاد بالرأي ، وذلك بسبب انقسام المسلمين إلى مدرستين فقهيتين ، هما : مدرسة أهل الرأي ومدرسة أهل الحديث.

وعلى ذلك ، الاختلاف في الفهم لم يكن هو مقصود الخليفة في كلامه!

الثانية : هل إن التكذيب والسباب هما وليدا العصور اللاحقة؟ أم أن الصحابة والتابعين كان يسب الواحد منهم الآخر؟

أخرج البيهقي عن البراء : لسنا كلنا كان يسمع حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت لنا ضيعة وأشغال ، ولكن كان الناس لم يكونوا يكذبون ، فيحدث الشاهد الغائب.

وأخرج عن قتادة ، أن أنسا حدث بحديث ، فقال له رجل : أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

قال : نعم - أو : حدثني من لم يكذب - ، والله ما كنا نكذب ، ولا كنا

ص: 63

ندري ما الكذب (1).

ومعنى هذين النصين هو أنهم كانوا محل الثقة فيما بينهم ولا يكذب بعضهم بعضا ، وكل ما كان بينهم هو خلاف فقهي لا يتعدى وجهات النظر في أمر الشريعة.

لكن هذه الرؤية لم تكن صحيحة على إطلاقها ، لأنا نرى وجود الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهده ومن ثم من بعده ، بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (2) ، وقوله : «ستكثر القالة علي من بعدي» (3) و...

وقد كذب الصحابة الواحد منهم الآخر ، فأبو بكر كذب الزهراء عليها السلام عند مطالبتها فدكا.

وكذب عمر أبا موسى الأشعري في حديث : «إذا سلم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع» (4).

وقال هو في معرض تقييمه لأصحاب الشورى : لو وليتها عثمان لحمل آل أبي معيط على رقاب الناس ، والله لو فعلت لفعل ، ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتى يجزوا رأسه.

فقالوا : علي؟

قال : رجل قعدد [أي : الجبان الخامل]. 3.

ص: 64


1- مفتاح الجنة - للسيوطي - : 25.
2- صحيح البخاري 1 / 64 ح 51 ، صحيح مسلم 8 / 229 ، سنن أبي داود 3 / 318 ح 3651.
3- أنظر : المعتبر - للعلامة الحلي - 1 / 29.
4- صحيح البخاري 8 / 98 ح 18 ، صحيح مسلم 6 / 177 - 180 ، سنن الترمذي 5 / 52 ح 2691 ، مصنف عبد الرزاق 10 / 381 ح 19423.

وفي نص البلاذري وغيره : إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق المستقيم.

قالوا : طلحة؟

قال : ذاك رجل فيه بأو [أي : الكبر والتعظيم فيه] ، وفي نص آخر قال : أنفه في السماء واسته في الماء (1).

قالوا : الزبير؟

قال : ليس هناك .. ، وفي نص آخر : قال : لقس ، مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، شحيح (2).

قالوا : سعد؟

قال : صاحب فرس وقوس ، وفي نص البلاذري : صاحب مقنب.

فقالوا : عبد الرحمن بن عوف؟

قال : ذاك فيه إمساك شديد ، ولا يصلح لهذا الأمر إلا معط في غير سرف وممسك في غير تقتير (3).

وقال عمر لأبي بن كعب - حين قرأ : (من الذين استحق عليهم الأوليان) (4) - : كذبت.

فقال له أبي : أنت أكذب!

فقيل له : تكذب أمير المؤمنين؟! (5). 7.

ص: 65


1- أنساب الأشراف 5 / 17.
2- أنساب الأشراف 5 / 16.
3- أخرجه القاضي أبو يوسف في كتابه «الآثار» عن شيخه أبي حنيفة كما في الغدير - للأميني - 7 / 144.
4- سورة المائدة 5 : 107.
5- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 47.

وقول علي لنفر من أهل العراق : كذب [المغيرة بن شعبة] ، أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قثم بن العباس (1).

وجاء عن أبي بكر أنه قال للسائل عن القدر : يا بن اللخناء (2).

وعن عائشة قولها في عثمان : «لحيضة خير من عثمان الدهر» (3) ، حتى إنها جوزت قتله ونسبته إلى الكفر بقولها : «اقتلوا نعثلا فقد كفر» (4).

وقال الزبير عن عثمان : «جيفة على الصراط» (5).

وقال أبو ذر لكعب الأحبار : «يا بن اليهودية» (6) ، وتكذيب عبد الله ابن سلام لكعب الأحبار في خبر طويل (7).

وقال عثمان لعمرو بن العاص : «... وإنك ها هنا يا بن النابغة .. قمل فروك» وفي آخر : «فروتك» (8).

ونقل عن علي بن أبي طالب عليه السلام قوله لخالد بن الوليد لما هدده بالقتل : «من يقتلني أضيق حلقة است منك» (9).

وجاء عن عثمان قوله : «كذب ابن عديس» (10). ه.

ص: 66


1- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 47.
2- تاريخ الخلفاء - للسيوطي - : 65.
3- أنساب الأشراف - للبلاذري - 5 /.
4- الفتوح - لابن أعثم - 1 / 64 ، الكامل في التاريخ 3 / 100 حوادث سنة 36 ه.
5- أنساب الأشراف - للبلاذري - 5 /.
6- تاريخ الطبري 4 / 284 ، الكامل في التاريخ 3 / 115 ، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 3 / 54.
7- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 48.
8- أنظر : تاريخ الطبري 2 / 643 و 658 حوادث سنتي 34 و 35 ه ، الكامل في التاريخ 3 / 42 و 54 حوادث سنتي 34 و 35 ه.
9- الإحتجاج 1 / 233.
10- البداية والنهاية 7 / 145 حوادث سنة 35 ه.

وعن عبادة بن الصامت : «كذب أبو محمد ...» (1).

وكذب أنس بن مالك من أخبر عنه أن القنوت بعد الركوع (2).

وردت عائشة على أبي الدرداء في خبر الوتر (3).

وعن ابن عباس أنه قال : كذب نوف البكالي (4).

هذا ، إلى غيرها من النصوص الكثيرة.

فهذه النصوص تؤكد على تكذيب الصحابة الواحد منهم للآخر ، وأن الفحش والسباب لم يكن بالمستهجن عندهم ، ولم يكن من مختلقات الشيعة والخوارج وغيرها من فرق الضلال كما يزعم بعضهم! بل إنها كانت حالة موجودة عندهم ، فإنهم لم يكونوا بمعصومين في قولهم وفعلهم ، حتى يعسر صدور مثل هذه الأقوال عنهم.

وقد جاء عن أبي بكر أنه كذب من حدثه بعد أن ائتمنه ووثق به ، لقوله : «... عن رجل ائتمنته ووثقته فلم يكن كما حدثني».

وإن طلبه من المغيرة بن شعبة أن يقرن ما سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجدة بشاهد آخر ، دليل آخر على احتمال التخطئة عند الصحابة ، فشهد للمغيرة محمد بن مسلمة فأنفذ أبو بكر كلامه.

وقد طلب عمر بن الخطاب من أبي موسى الأشعري أن يشهد له شخص آخر على ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا سلم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع» فأتى بأبي سعيد الخدري إليه شاهدا فخلى سبيله. 9.

ص: 67


1- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 49 ، واسمه مسعود بن زيد. أنظر : تهذيب التهذيب 12 / 225 ، وجامع بيان العلم 2 / 191.
2- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 49.
3- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 49.
4- الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 49.

نعم ، إن الأعلام حملوا بعض هذه الأمور على التثبت والتأكد ، ولكن : هل كان ذلك حقا هو من التثبت؟! أم أن هناك شيئا آخر؟!

فلو كانت سياسة الشيخين العامة هي التثبت في قبول الأخبار ، ولزوم إشهاد الآخرين على الأخبار ، فلماذا نراهم يقبلون بخبر الآحاد في سيرتهم العملية ، وهي ليست بالقليلة؟!

فمن تلك الأخبار : قبول عمر بن الخطاب برواية عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الوباء ، وذلك حينما بلغ عمر (سرغ) (1) قاصدا إلى الشام ، فقال له عبد الرحمن : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «إذا سمعتم به [أي الوباء] بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» فرجع عمر من (سرغ) إلى محله (2).

ومنها : ما روي عن عمر أنه ذكر المجوس ، فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟

فقال له عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب (3).

وجاء عنه أنه أخذ بقول الضحاك بن سفيان ، من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 0.

ص: 68


1- سرغ - بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ثم غين معجمة - : سروغ الكرم : قضبانه الرطبة ، الواحد سرغ - بالغين - والعين لغة فيه ، وهو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاج الشام. أنظر : معجم البلدان 3 / 239 رقم 6376.
2- صحيح البخاري 7 / 237 - 238 ح 44 ، أنساب الأشراف 10 / 323 - 324 ، البداية والنهاية 7 / 63 حوادث سنة 17 ه.
3- مصنف ابن أبي شيبة 7 / 584 ح 6 و 7 ، كنز العمال 4 / 502 ح 11490.

كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته (1).

فعمر بن الخطاب رجع إلى رواية الضحاك بعد أن كان يقول : «الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا».

وجاء عن عمر أخذه برواية علي بن أبي طالب - لما أراد رجم المجنونة - عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الله رفع القلم عن ثلاثة ...» (2).

.. وغيرها كثير.

كل هذه النصوص تؤكد على أن الشيخين أخذا بأخبار الآحاد ، ولم يشترطا في قبول الرواية الاثنين أو الأكثر كما هو المشهور عنهما ، وأن هذه الروايات ، وحسب تعبير الدكتور الشيخ مصطفى السباعي : «في العدد أكثر من تلك التي روت أنه طلب راويا آخر ، ولا تقل في الصحة والثبوت عنها ، ولما كان عمل الصحابة جميعا الاكتفاء بخبر الصحابي الواحد ، كان لا بد من تأويل ما روي عن عمر مخالفا لعمله في الروايات الأخرى ، ولعمل الصحابة الآخرين ...» (3).

وطريقة جمعنا بين النقلين هو القول : بأن الخليفة كان لا يشترط الإشهاد في القضايا الابتدائية ، بل كان يأخذ بأقوال الصحابة فيها ...

بخلاف الأمور التي أفتى بها الخليفة خلافا لما يذهب إليه الناقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أن الخليفة اعتقد بشئ يخالف نقل الراوي عن 9.

ص: 69


1- مسند أحمد 3 / 452 ، سنن الترمذي 4 / 19 ح 1415 ، السنن الكبرى - للبيهقي - 8 / 134.
2- سنن أبي داود 4 / 137 - 139 ح 4399 - 4403 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 68 ح 2351 وج 4 / 429 ح 8168 ، السنن الكبرى - للبيهقي - 8 / 264.
3- السنة ومكانتها - للدكتور السباعي - : 69.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتراه لا يقنع بنقل الصحابي الواحد فيه بل يطلب شاهدا آخر عليه ، تصحيحا للنقل ، وتأكيدا لما سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولإعذار نفسه في الإفتاء بما خالف حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سابقا ، ولتوقفه في الحكم لاحقا.

والذي يؤكد مدعانا قضية شجار عمار بن ياسر وعمر بن الخطاب في قضية التيمم ، فإن عمر بن الخطاب كان قد نهى السائل الجنب عن الصلاة ، فعارضه عمار بن ياسر في فتواه بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).

فلم يطلب عمر بن الخطاب شاهدا من عمار على كلامه ، لأنه ذكره بواقعة كان قد شاهدها مع الخليفة ، وهو إخبار عن حس لا عن حدس!!

الثالثة : لا بد لنا أن نبحث عن الاختلاف بين الصحابة في أي شئ كان؟! وهل نشأ عن عمد ، أم عن جهل؟! فلو قلنا بالأول فيكون معناه تكذيب الصحابة الواحد منهم للآخر في النقل ، ولو قلنا بالثاني فهو مبرر لمن منع التدوين والتحديث بدعوى الاكتفاء بالقرآن ، ونحن بذكرنا كلام الإمام علي عليه السلام في أسباب اختلاف النقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقف على حقيقة الأمر بإذن الله تعالى.

قال عليه السلام : " إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعاما وخاصا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما. ولقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده ، حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس! قد كثرت علي الكذابة ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .. ثم كذب عليه من بعده. 9.

ص: 70


1- صحيح البخاري 1 / 151 ح 5 ، مسند أحمد 4 / 265 ، سنن النسائي 1 / 168 و 169 ، السنن الكبرى - للبيهقي - 1 / 209.

وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه وأخذ عنه ، وهم لا يعرفون حاله! وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم ، فقال عزوجل : (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) (1).

ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا ، إلا من عصمه الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئا فلم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمد كذبا ، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله ، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئا أمر به ، ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شئ ، ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله ، مبغض للكذب ، خوفا من الله 4.

ص: 71


1- سورة المنافقون 63 : 4.

وتعظيما لرسول الله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص عنه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.

فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، قد كان يكون من رسول الله الكلام له وجهان : كلام عام ، وكلام خاص ، مثل القرآن ، وقال الله عزوجل في كتابه : (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (1) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله.

وليس كل أصحاب رسول الله كان يسأله عن الشئ فيفهم ، ومنهم من يسأله ولا يستفهمه ، حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله حتى يسمعوا!

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم دخلة ، وكل ليلة دخلة ، فيخليني فيها ، أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله أكثر ذلك في بيتي.

وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري.

وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي ، لم تقم عني فاطمة ، ولا أحد من بني ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا ...» (2). 1.

ص: 72


1- سورة الحشر 59 : 7.
2- أنظر : الكافي 1 / 83 ح 189 باب اختلاف العلم ، كتاب سليم 2 / 620 ، الخصال : 255 ح 131.

كان هذا كلام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الأمر ، وقد صنف الأحاديث الموجودة بين الناس وأسباب اختلاف المسلمين في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس في ما قاله ما يعني وجهات النظر الاستنباطية المعمول بها عند الفقهاء ، بل كل ما فيه يرتبط بوجوه النقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقدرة تلقي الصحابي عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهدافهم فيه ، فبعضهم لا يتحرج من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا ، والآخر لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا ، وثالث قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه فلا يعرف الناسخ من المنسوخ ، ورابع جاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص ..

فيفهمنا هذا النص وغيره أن أبا بكر كان يعني اختلافهم في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا اختلافهم في وجوه الاستنباط ، لقوله لهم : «فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا» فمجئ «عن» في الجملة تؤكد ارتباطه بالنقل لا الاستنباط ، ولقوله في نص آخر علل به حرق مدونته : «خشيت أن أموت وهي عندي ، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ، ولم يكن كما حدثني» فجملة «حدثني» تعني النقل لا غير (1).

الرابعة : بعد هذا نتساءل عن المختلف فيه بين الصحابة : هل هو فيما يتعلق بالنصوص الصادرة بأمور الخلافة والإمامة فقط ، أم إنه أعم منها؟! لأننا نرى أن الخليفة نهى عن التحديث عموما بقوله : «لا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا»!!

ذهب غالب كتاب الشيعة (2) وبعض أهل السنة والجماعة إلى القول2.

ص: 73


1- تذكرة الحفاظ 1 / 2 - 3.
2- أنظر : بحثنا بهذا الخصوص في كتابنا منع تدوين الحديث : 57 - 82.

بالأول ، فقال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني في كتابه الأنوار الكاشفة (1) :

«إن كان لمرسلة ابن أبي مليكة أصل ، فكونه عقب الوفاة النبوية يشعر بأنه يتعلق بأمر الخلافة ، كأن الناس عقب البيعة بقوا يختلفون ، يقول أحدهم : أبو بكر أهلها ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : كيت وكيت ، فيقول آخر : وفلان ، قد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : كيت وكيت.

فأحب أبو بكر صرفهم عن الخوض في ذلك وتوجيههم إلى القرآن» (2).

ونحن لا نقبل هذا التعليل منفردا ، لأن النهي فيه عام ، وذلك لقول أبي بكر : «لا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا» ، وقول عمر : «أقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم»!

وقد أمر عمر الصحابة أن يأتوه بكتبهم جميعا بقوله : «فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به» ، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار!

فلو كان المأمور به هو إبادة أدلة الإمامة والخلافة حسب ، فكيف وصلتنا هذه الأدلة الكثيرة الدالة على إمامتهم في المعاجم الحديثية ك : 4.

ص: 74


1- وهو الكتاب الرابع الذي كتب ردا على كتاب أضواء على السنة المحمدية للشيخ محمود أبو رية ، إذ كتب قبله الدكتور مصطفى السباعي بحوثا في السنة ، ثم جمعها وجعلها ردا على الشيخ أبو رية ، وطبعها باسم : السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي. وقد كتب الشيخ محمد أبو زهو كتابا بهذا الصدد سماه : الحديث والمحدثون. ومثله الحال بالنسبة للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة ، فقد كتب كتابا باسم : ظلمات أبي رية أمام أضواء السنة المحمدية.
2- الأنوار الكاشفة : 54.

«علي وصيي ، وخليفتي ، ووارث العلم من بعدي» و «مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هوى وغرق» و «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» و «إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي» و «علي مع القرآن ، والقرآن مع علي» .. وغيرها؟!

فالقول بأن المنع من التحديث عموما جاء لمحو أدلة الفضائل والإمامة فقط ، وأنهم منعوا الكل خوفا من بقاء الجزء - أدلة الإمامة - ، وأن اختلافهم كان في هذا الأمر بالخصوص ولا يتعدى إلى غيره ، هو كلام غير دقيق!

لأن الدليل أخص من المدعى ، فالشيخان نهيا نهيا عاما ، بحيث لو كانا يريدان عدم تناقل أحاديث الإمامة والخلافة ، أو ما يوجب الاختلاف بين الأمة في التنصيب والحكومة ، لأمكنهم حينما أوتوا بالمدونات أن يمحوا ما يدل على إمامة علي ويجعلا الباقي في كتاب ثم يعمموه على الأمصار ، مثلما فعل ذلك عمر بن عبد العزيز في أوائل القرن الثاني الهجري بالأحاديث التي جمعها ابن شهاب الزهري ، فإنه أمره بتدوينها وجعلها في دفاتر ، وأرسلها إلى الأمصار وأمرهم بالأخذ بها.

وعليه : فتفسيرهم وتعليلهم بهذا واختصاص العلة بهذا الوجه فقط ، غير صحيح بنظرنا ، ومن أراد المزيد فليراجع كتابنا منع تدوين الحديث.

هذا ، ولا يفوتنا الإشارة إلى أن خلق الأعذار من قبل الخلفاء ، كقول أبي بكر : «والناس بعدكم أشد اختلافا ، فمن سألكم ...» ، وقول عمر : «إني كنت أردت أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها ، فتركوا كتاب الله تعالى ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ

ص: 75

أبدا» ، وقوله : «أمنية كأمنية أهل الكتاب» ، فيها دلالة على مشروعية التدوين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

لأنا قد قرأنا عن المانعين أنهم قد ذهبوا إلى أن الرسول ما مات إلا وأمر التدوين شائع بين المسلمين ، ومعنى كلامهم هذا : أن المنع ليس له عين ولا أثر في أخريات حياته ، كما لم يكن له في أولياتها.

ومثل ذلك نقوله عن كتابة أبي بكر الأحاديث الخمسمائة ، فهو دليل على الجواز وإلا لما كتبها ، قال المعلمي : لو صح هذا ، لكان حجة على ما قلنا من عدم صحة النهي عن كتابة الحديث ، فلو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كتابة الأحاديث مطلقا لما كتب أبو بكر (1).

وقال بعدها : لم يثبت استدلال أحد منهم بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قريب ولا بعيد.

وقال الشيخ محمد أبو زهو : «إن النهي كان رأيا من عمر - إلى أن يقول : - فأراد عمر بثاقب فكره أن يحبس الناس على القرآن حتى يتمكن حفظه من نفوسهم ، وترسيخ صورته في قلوبهم ...» (2).

وعليه : فالنهي من قبل الشيخين قد شرع لأسباب خاصة بهما ، ولا يرتبط بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قريب ولا بعيد.

وقبله الكلام عن الاختلاف بين المسلمين في النقل ، فإنه لا يختص بنقل فضائل علي عليه السلام وغيره ، أو ما يدل على إمامتهم وخلافتهم فقط ، كما قال أنصار الرأي الأول ، بل الأمر أشمل مما ذكر ، لأن مواقف الخليفة ونقولاته كانت تتعارض مع أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله ، فتحاشيا من 9.

ص: 76


1- الأنوار الكاشفة : 38.
2- الحديث والمحدثون : 126 ، وانظر : منع تدوين الحديث - لنا - : 369.

اصطدام القدرتين وتعارضهما - الرسول والخليفة - نهى أبو بكر من تناقل حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل شئ ، وأرجع الأمة إلى الأخذ بالقرآن فقط ، لقوله : «فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله» ، للوقوف أمام الاختلاف - بنظره - ، وإنا إن شاء الله سنوضح آفاق وأهداف الخليفة في الصفحات المقبلة.

سؤال وجواب :

والآن مع نكتة أخرى في النص ، هي : كيف ينسب إلى أبي بكر المنع من التدوين ، في حين نراه يمنع عن التحديث فقط - في هذا النص - لقوله : «لا تحدثوا»؟!

الجواب :

إن الخليفة حينما منع من التحديث كان يريد المنع من التدوين بطريق أولى ، لأن من يدعو إلى منع التحديث لا يعقل أن لا يقول بمنع التدوين أيضا ، وخصوصا حينما نرى علة الاختلاف والسبب في عدم التحديث هو الاختلاف ، لقوله : «والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا» ، وبما أن الكتابة أبقى للاختلاف المفروض وقوعه ، بل سبب لتداوله وتخليده بين المسلمين ، فالخليفة ينهى عنه بطريق أولى ، هذا أولا.

ثانيا : إن جملة «لا تحدثوا» تشمل الكتابة مثلما شملت التحديث ، لأن التحديث تارة يكون عن كتاب ، وتارة عن مشافهة ، فمثلا : لو عثرت فرقه تنقيب أثرية على لوحة من السومريين أو المعينيين فيها أصول

ص: 77

حضارتهم ، فهم سيتحدثون عن تلك الحضارة بعد فتح رموزها ، وهذا يعني إمكان التحديث عن الكتابة وهو الملاحظ في كتبنا ، فنحن نحدث عن آراء ابن حجر وابن قتيبة والطوسي والمجلسي ، في حين أنا لم نسمع ذلك منهم شفاها ..

وعليه : فلا يستبعد إطلاق التحديث على المكتوب ، ومعناه : أن الخليفة نهى عن التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عموما ، سواء كان عما سمعوه شفاها ، أو ما قرؤه في كتاب!

وثالثا : إن أبا بكر أحرق مدونته ، ذات الخمسمائة حديث ، وعلل ذلك بأنه غير متيقن من تلك النقولات ، وهذه العلة جارية في جميع مدونات الصحابة ، فيكون أبو بكر ناهيا قطعا عن التدوين إضافة إلى نهيه عن التحديث.

مناقشة تعليق الذهبي على مرسلة ابن أبي مليكة :

علق الذهبي بعد نقله مرسلة ابن أبي مليكة ، بقوله : «إن مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري لا سد باب الرواية ... ولم يقل : حسبنا كتاب الله ، كما تقول الخوارج» (1).

فقوله : «إن مراد الصديق التثبت في الأخبار ، والتحري لا سد باب الرواية» لا يطابق إحراقه لمدونته - كما في النص الثاني - ، بل إن المنع الشامل للحديث يؤكد عدم إرادة التثبت ، لأن من يريد التثبت يسعى للإصلاح والانتخاب والتصحيح لا الإبادة ، فكان عليه أن يجمع الصحابة 3.

ص: 78


1- تذكرة الحفاظ 1 / 3.

ليستشيرهم في صحة المنقولات عموما وفي ما سمعه عمن ائتمنه

ووثق به خصوصا (1) ، لا أن يبيد مدونته وأن يأمر بمنع التحديث عموما.

فجملة : «لا تحدثوا شيئا» تفيد النهي الشامل عن كل الأحاديث ، ولا تختص بالنهي عن تناقل أحاديث الإمامة والخلافة فقط ، لأن مجئ النكرة «شيئا» بعد النهي «لا تحدثوا» يفيد العموم ، ومعناه أن الخليفة لا يرتضي التحديث بشئ سوى القرآن.

فلو كان الخليفة يريد التثبت حقا لقال : «تثبتوا في نقلكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكثرة الكذبة عليه» ، أو : «لا تحدثوا بكل شئ سمعتموه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد التثبت» .. وغيرها ، فعدم صدور هكذا نصوص عنه ، بل أمره بالمنع عن التحديث عموما ، وإحراقه لمدونته - كما في الخبر الآتي - يدل على أن الأمر لا يرتبط بالتثبت ، بل وراؤه أمر آخر! لأن منهج المتثبت يدعو إلى الحفظ لا الإبادة!

فإن فعله (الإحراق) ، ودعوته إلى ترك التحديث (لا تحدثوا) ، يؤكدان بما لا يقبل التشكيك حقيقة أن الخليفة بصدد منع التحديث والتدوين معا والاكتفاء بالقرآن ، وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يرتضي هذا الفعل ممن يخلفه ، لقوله : «لا أعرفن» ، و «لا ألفين» ، وقوله : «ألا إن ما حرم رسول الله كما حرم الله» ، وقوله : «ألا إن كلامي هو كلام الله».

فالخليفة - وبإرجاعه الناس إلى القرآن - كان يريد تعبدهم بالقرآن 2.

ص: 79


1- كما روي عنه استشارته للصحابة في خبر ميمون ، أنظر : أعلام الموقعين - لابن قيم - 1 / 62.

دون السنة ، وهذا ما لا يرتضيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مما أخبر به قبل وفاته ، وقد عدت من دلائل صدق نبوته - حسب تعبير البيهقي (1).

أما جملة : «ولم يقل حسبنا كتاب الله كما يقول الخوارج» فهو تحكم في الموازين والأصول ، لأن قول وفعل الخليفة يخبر عن معتقده ، فقوله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «بيننا وبينكم كتاب الله» هو معنى آخر ل : «حسبنا كتاب الله» ، ولا يختص التشكيك بحجية السنة بما نقله الذهبي عن الخوارج.

هذا ، ويؤخذ على كلام الذهبي بأن الخوارج لم يقولوا : «حسبنا كتاب الله» ، بل الذي قالوه : «لا حكم إلا لله» ، وإن جملة : «حسبنا كتاب الله» هي من مقولات عمر عند مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومثلها مقولة أبي بكر : «بيننا وبينكم كتاب الله» ، فإنهما مقولتان متحدتان في معنى واحد ، وهو الإعراض عن السنة وتركها ، بحجة الاكتفاء بالقرآن ، وأين هذا من كلام الخوارج؟!!

وبهذا ، فقد توصلنا إلى أن هذه النظرة إلى السنة المطهرة من السلف هي التي سمحت لمحمد رشيد رضا وتوفيق صدقي من الكتاب الجدد وطائفة من القدماء أن ينكروا حجية السنة ، ويذهبوا إلى لزوم الاكتفاء بالقرآن ، لاعتقادهم بعدم صحة الأحاديث المبيحة للتدوين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي المقابل ثبوت النهي عنه صلى الله عليه وآله وسلم عندهم ، ومن المحبذ أن نقف هنيئة هنا كي نناقش بعض شبهات الدكتور صدقي والشيخ رشيد رضا. 5.

ص: 80


1- دلائل النبوة 1 / 24 - 25.

الإسلام هو القرآن وحده :

هذا عنوان لمقال للدكتور توفيق صدقي ، نشر ضمن عددين من مجلة «المنار» المصرية (1) ، واستدل على ما ذهب إليه من كفاية القرآن بأدلة كثيرة ، أهمها :

الاستدلال بقوله تعالى : (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (2) ، ومعناه : أن ما من صغيرة وكبيرة إلا في القرآن ، وبذلك فلا نحتاج إلى شئ آخر كالسنة ، لأن الاحتياج يعني أن الكتاب كان مفرطا فيه ، ويلزم منه الخلف في خبره تعالى ، وهو محال.

واستدل ثانيا بقوله تعالى : (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) (3) ، يعني : أنه تعالى بين جميع الأمور وفصلها في كتابه ، وهو يرشدنا إلى عدم احتياجنا إلى السنة ، لكون القرآن فيه الكفاية ، (تبيانا لكل شئ).

واستدل ثالثا بقوله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (4) ، يعني : أن الله سبحانه قد تكفل بحفظ القرآن دون السنة ، فلو كانت السنة دليلا وحجة كالقرآن لتكفل سبحانه وتعالى بحفظها.

واستدل رابعا بقوله : لو كانت السنة حجة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتابتها ولعمل الصحابة والتابعون من بعده على جمعها وتدوينها ، ولما لم يأمر 9.

ص: 81


1- مجلة المنار ، العددان السابع والثاني عشر ، من السنة التاسعة.
2- سورة الأنعام 6 : 38.
3- سورة النحل 16 : 89.
4- سورة الحجر 15 : 9.

النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتدوين حديثه ، بل جاء في الخبر الصحيح [المفترض عندهم] أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كتابتها وأمر بمحو ما كتب فيها ، علمنا أنها ليست بحجة.

ومثله الحال بالنسبة إلى الصحابة ، فلو كان التدوين شرعيا لما استقر الأمر عندهم على كراهة التدوين.

واستدل خامسا بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الحديث سيفشو عني ،

فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني ، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس مني» ، فهذا يوضح أن القرآن هو الحجة لا كلام الرسول.

أما جوابنا عن الشبهة الأولى : فإطلاق الآية صحيح ، ومعناه أن الله سبحانه لم يفرط بشئ من الأوامر والنواهي ، فقد أمر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ، ونهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن - كالزنا والخمر وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر - وغيرها من كليات الأحكام ، فكان مما أمر به هو رجوع الأمة إلى الرسول وإطاعته بعد الإقرار والإيمان بالله سبحانه وطاعته ، وهذا الأصل في القرآن جعل للسنة مكانتها التشريعية.

وأما الشبهة الثانية : فيجاب عنها بأن الله صرح في كتابه بأنه تعالى نزل الكتاب على رسوله تبيانا لكل شئ ، ومعناه أن عند الرسول أسرار الأحكام ومغزاها ، فهو المكلف بتبيينها للناس ، لقوله تعالى : (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (1) ، فعن طريق السنة نقف على تفاصيل الأحكام ، فإن الكتاب وحده لا يكفينا في ذلك. 4.

ص: 82


1- سورة النحل 16 : 44.

وأما الشبهة الثالثة : فنجيب عنها بأن «الذكر» في كلامه تعالى أعم من القرآن والسنة ، ومعناه أن مراد الله هو حفظ شرعه ودينه سواء صدر هذا من القرآن أو السنة أو جاء في كلام المجتهدين - حسب ما تذهب إليه المصوبة - وذلك لإرجاع الله عباده للأخذ من العالمين بالشريعة ، لقوله تعالى : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (1).

وقد رد ابن حزم على من زعم أن المراد بالذكر في الآية : القرآن وحده ، فقال : «هذه دعوى كاذبة ، مجردة عن البرهان ، وتخصيص للذكر بلا دليل - إلى أن يقول : - والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه من قرآن وسنة ووحي يبين بها القرآن ، وأيضا فإن الله تعالى يقول : (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فصح أنه عليه السلام مأمور ببيان القرآن للناس ، وفي القرآن مجمل كثير كتفاصيل الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمناه الله فيه بلفظه لكن ببيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا كان بيانه صلى الله عليه وآله وسلم لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه ، فقد بطل الانتفاع بنص القرآن ، فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه ، فإذا لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها ...» (2).

وأما جوابنا عن الشبهة الرابعة فهو : لا يصح القول بأن رسول الله لم يأمر بكتابة حديثه ، بل دللنا سابقا على أن السنة القولية والفعلية عند الرسول كانت التدوين ، ثم إنا قد فندنا أدلة الناهين ، وأكدنا على أن المنع جاء من الشيخين وليس له عين ولا أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن غالب أدلة النهي تتفق مع تعاليل عمر بن الخطاب ، وهي تؤكد بأن الخليفة 1.

ص: 83


1- سورة النحل 16 : 43.
2- الإحكام في أصول الأحكام 1 / 121.

وأنصاره كانوا وراء القول بمنع التدوين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

وأما الشبهة الخامسة فنجيب عنها : بأن أحاديث العرض لا تخالف حجية السنة ، بل (القرآن والسنة) الواحد منها مكمل للآخر ، لاعتقادنا بعدم وجود تعارض بين كلام الرسول مع القرآن ، ولما عرفنا هذه الحقيقة فإننا نقول بحجيتهما معا وعدم جواز الاكتفاء بأحدهما عن الآخر.

وهذه الدعوى مغالطة مفضوحة ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بعرض ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم على كتاب الله ، للتأكد من صدوره عنه أو عدم صدوره ، إذ من المجزوم به أن النبي لا يصدر عنه ما يخالف أوامر الله ونواهيه ، فإذا نسب له مثل ذلك علمنا بأنه من وضع القالة والكذابين وليس من كلامه.

فاتضح - إذا - أن العرض على الكتاب إنما هو أول ميزان لمعرفة الصدور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعدمه ، إذ مع فرض الصدور القطعي لا يبقى مجال للعرض ، بل إن أئمة التحقيق وأساطين العلم - إلا من شذ - ذهبوا إلى إمكان نسخ الكتاب بالسنة النبوية إذا كانت متواترة مقطوعة الصدور عنه صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا ، وقد كان الدكتور صدقي قد تابع الإمام محمد عبده - حسب نقل الشيخ أبو رية عنه - في قوله : إن المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن ، وإن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الأول قبل ظهور الفتن. وقال رحمه الله : لا يمكن لهذه الأمة أن تقوم ما دامت هذه

الكتب فيها - يعني الكتب التي تدرس في الأزهر ، وأمثالها ، كما ذكره في الهامش - ولن تقوم إلا بالروح التي كانت في القرن الأول ، وهو القرآن وكل ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العلم والعمل (1). يث

ص: 84


1- أضواء على السنة المحمدية : 405 - 406 ، وعنه في دراسات في الحديث

موقف صاحب مجلة المنار :

وكتب الشيخ محمد رشيد رضا صاحب مجلة «المنار» مقالا - في الجزء العاشر من المجلد العاشر - في تدوين الحديث في القرن الأول ، رأى فيه أن الأحاديث التي صحت في الإذن بكتابة السنة لا تدل على كتابتها على الإطلاق ، بل هي شرعت لموضوعات خاصة لا تتعداها ، وهي ضعيفة ساقطة عن الاعتبار ، لا يحتج بها ولا ينظر إليها. ثم أتى يذكرها من صفحة 765 إلى 768.

وقد ناقش الشيخ محمد أبو زهو آراء الشيخ محمد رشيد رضا في كتاب الحديث والمحدثون فمن أراد المزيد فليراجعه (1) ، فإنه أغنانا عن الإجابة عن مثل هذه التقولات الملقاة على عواهنها.

الخليفة الأول وإرجاع الأمة إلى القرآن :

بعد كل ما ذكرنا يفترض علينا البحث أن نقف على الظروف التي دعت الخليفة إلى أن يذهب إلى القول بالاكتفاء بالقرآن وحده دون السنة ، ونحن سنوضح ذلك بعد بيان معنى الرأي عند الأصوليين ، لأن الخليفة لم يغلق باب التحديث والتدوين إلا بعد فتحه باب الرأي والاجتهاد.

فقد عرف الباجي الرأي في المنهاج في ترتيب الحجاج بأنه : إدراك 9.

ص: 85


1- الحديث والمحدثون : 224 - 242. وللدكتور مصطفى الأعظمي مناقشة أخرى معه ، راجع : دراسات في الحديث النبوي : 79.

صواب حكم لم ينص عليه.

وقال في كتابه الآخر إحكام الفصول : اعتقاد صواب الحكم الذي لم ينص عليه.

وقال إمام الحرمين في كتابه الكافية في الجدل : الرأي طلب الحق بضرب من التأمل ، وقيل : هو استخراج صواب العاقبة.

وقال الراغب الأصفهاني في المفردات : الرأي اعتقاد النفس أحد

النقيضين من غلبة الظن.

وعلق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة على تعريف الباجي في إحكام الفصول بقوله : «ظن صواب الحكم ورجحانه في ما لا نص فيه» (1).

وهذه النصوص توضح لنا أمرين :

الأول : إن الرأي هو (اعتقاد) أو (إدراك) أو (ظن) صواب الحكم.

الثاني : كون الرأي في ما لا نص فيه.

ونحن نعلم بأن غالبية الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يأخذون الأحكام منه صلى الله عليه وآله وسلم على أنه مشرع (ما ينطق عن الهوى) ، وبعد وفاته كانوا ينظرون إلى الخليفة كمحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يمنحوه دورا تشريعيا ، ولأجله نرى تراجع الخليفة عما أفتى به بعد سماعه لكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي موارد أخرى يطلب من وجوه الصحابة أن يوقفوه على ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وإليك مثلا :

1 - روى ميمون في حديث جاء فيه : ... «وكان أبو بكر إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به ، وإن لم 1.

ص: 86


1- أنظر : أدب الخلاف - لمحمد عوامة - : 11.

يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن وجد فيها ما يقضي به فقضى به ، فإن أعياه ذلك سأل الناس : هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم فيقولون : قضى فيه بكذا وكذا ، فإن لم يجد سنة سنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شئ قضى به» (1).

2 - أخرج مالك وأبو داود وابن ماجة والدارمي وغيرهم : أن جدة جاءت إلى الصديق تسأله ميراثها ، فقال أبو بكر : ما لك في كتاب الله شئ ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، فارجعي حتى أسأل الناس؟ فسأل الناس ، فقال المغيرة : حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها السدس.

فقال أبو بكر : هل معك غيرك؟

فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قاله المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر الصديق (2).

ولما كان الخليفة لم يطلع على جميع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جميع المفردات ، وقع في مآزق متعددة ، فإما أن يفتي عن رأيه للمسلمين ، وإما أن ينتظر الصحابة كي يسألهم عما سئل عنه ، وبما أن الثاني يقلل من شأن الخليفة ، ويقيد حريته في اتخاذ ما يريد من آراء ومواقف ، ذهب إلى تشريع الرأي لنفسه وهو معتقد بأن ما يقوله ليس بشرع.

فجاء عن الشعبي أنه قال : سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : إني سأقول ر.

ص: 87


1- أعلام الموقعين 1 / 42.
2- الموطأ 2 / 513 ح 4 ، سنن أبي داود 3 / 121 ح 2894 ، سنن ابن ماجة 2 / 909 ح 2724 ، سنن الدارمي 2 / 359 بتفاوت يسير.

فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد ، فلما استخلف عمر قال : إني لأستحي الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر.

وعن ابن عباس ، قال : كنت آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول : القول ما قلت.

قلت : وما قلت؟!

قال : قلت : الكلالة ما لا ولد له.

فالخليفة بعمله وتصريحه هذا كان يريد إرجاع الأمة إلى الأخذ بالقرآن - الذي هو حمال ذو وجوه ، حسب تعبير الإمام علي عليه السلام - ومن ثم الالتزام بالآراء.

ومن الطريف أنه يرجع الأمة إلى الأخذ بالقرآن ، ويخالف هو عمومات الذكر كما اتضح ذلك من خلال مناقشة الزهراء سلام الله عليها له بقولها حين طالبت بفدك :

«أعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه من وراء ظهوركم؟! إذ يقول : (وورث سليمان داود) ..

وقال في ما اقتص من خبر زكريا : (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) ..

وقال : (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ..

وقال : (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) ..

وقال : (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين)».

ص: 88

ثم قالت : «أخصكم الله بآية أخرج بها أبي؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! أم تقولون : أهل ملتين لا يتوارثان؟!».

فترى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قد استدلت بالكتاب وعموم آيات فيها (المواريث ، الوصية) ، لكنه أجابها بحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة» .. فأجابها الخليفة بالحديث بعد أن نهى عنه!! وهناك أمر آخر وهو : أنهم قد ادعوا أن أبا بكر كان يتثبت في الأخبار ، فيسأل عنها للتأكد من صحتها ، فنسأله : لماذا لا يتثبت في ما ينقله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هنا ، وخبره من أخبار الآحاد؟! ألم يحتمل خطأه في نقله؟! خصوصا مع علمنا بأن خبر «نحن معاشر الأنبياء» لا يرويه غيره! وإن روي لاحقا فكان تأييدا له!!

نعم ، إن تغيير المفاهيم عند الخليفة وانفراده بأمور لا يختص بهذا المورد ، بل أعقبه بمنعه آل بيت النبي الخمس ، ثم تفسير اللاحقين معنى (الآل) بأنهم كل المسلمين ، ووضعوا أحاديث في هذا المضمار على لسانه صلى الله عليه وآله وسلم.

فالخليفة - وبعد أن تأول آية الخمس ، فأسقط سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذي القربى بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنع بني هاشم الخمس وجعلهم

كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل - قد شرع للأحقين التصرف في عموم الآيات!

وقد أثر هذان الحكمان على التشريع ، فذهبت المالكية إلى أن الخمس بأجمعه للإمام يجعله حيث يشاء من مصالح المسلمين ، ولا حق فيه لذي القربى ولا لليتامى ولا للمسكين ولا لابن سبيل مطلقا.

ص: 89

وأسقط الحنفية سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذي القربى بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم

وقسموا الباقي بين مطلق اليتامى والمساكين وابن السبيل على السواء ، لا يفرقون في ذلك بين الهاشميين وغيرهم من المسلمين.

والشافعية جعلت الخمس خمسة أسهم ، سهما لرسول الله ، يصرف في ما كان يصرفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من الخيل والسلاح والكراع ونحوه ، وسهما لذوي القربى من بني هاشم وبني المطلب - دون بني عبد شمس وبني نوفل - يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، والباقي للفرق الثلاث الأخرى : اليتامى والمساكين وابن السبيل.

وأما الإمامية فقسمت الخمس إلى ستة أقسام طبقا لقوله تعالى : (أنما غنمتم من شئ ...) (1) فجعلت لله تعالى سهما ، ولرسوله سهما ، وسهما لذي القربى ، وهذه الأسهم الثلاثة تعطى للإمام القائم عليه السلام مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة ، لا يشاركهم فيها غيرهم ، لتحريم الله عليهم الصدقات فعوضهم بالخمس ، وهذا ما رواه الطبري عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.

وقد تعدى هذا التحريف لأن يتصرفوا في فرائض الإرث ، حتى قالوا بعدم توريث البنت ، لأنها ليست بولد في العرف الجاهلي ، قال الشاعر :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

حتى وصل الأمر بهم أن قدموا العم على البنت في العصر العباسي ، فقال مروان بن أبي حفصة : 1.

ص: 90


1- سورة الأنفال 8 : 41.

أنى يكون وليس ذاك بكائن

لبني البنات وراثة الأعمام

فأجابه شاعر الشيعة :

لم لا يكون وإن ذاك لكائن

لبني البنات وراثة الأعمام

للبنت نصف كامل من إرثه

والعم متروك بغير سهام

ما للطليق وللتراث وإنما

سجد الطليق مخافة الصمصام

فلم ينته الأمر عند رواية الأول حديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل أعقبته أمور أخرى ، منها إسقاط سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذي القربى ، وتشريع الرأي ، والمصلحة ، والمنع عن التحديث والتدوين ، وحرق الأحاديث ، وتقديم المفضول مع وجود الفاضل ، و...

حتى وصل الأمر بهم أن يمنعوا البنت من الإرث ويقدموا العم عليها لأمور سياسية في العهدين الأموي والعباسي.

فقد أخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي حرب بن الأسود ، قال : أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر ، فقال : بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، تجده في كتاب الله؟! وقد قرأته من أوله إلى آخره؟!

قال : أليس تقرأ الأنعام : (ومن ذريته داود وسليمان ...) - حتى بلغ : - (ويحيى وعيسى) (1)؟!

قال : بلى.

قال : أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟! 4.

ص: 91


1- سورة الأنعام 6 : 84.

قال : صدقت.

فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته ، أو وقف على ذريته ، أو وهبهم ، دخل أولاد البنات فيهم (1).

ونحن لو وقفنا عند سيرة الأول وقفة تدبر وتأمل ، لعرفنا تشريع أصول كثيرة في التشريع الإسلامي ، كان سببها مواقف الخليفة في العهد الأول ، وهذه الأمور هي ما أردنا الإشارة إليه حينما أفردنا للتأصيل بابا من دراستنا ، وباعتقادنا أن شرح مثل هذه الأمور يساعدنا في الوقوف على مكانة الحديث وملابساته في العصور الأولى ، وقيمة تلك النصوص من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

النص الثاني :

هو ما ورد عن عائشة ، أنها قالت : جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيرا.

قالت : فغمني ، فقلت : أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟! فلما أصبح قال : أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها.

قلت : لم أحرقتها؟!

قال : خشيت أن أموت وهي عندي ، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت [به] ولم يكن كما حدثني ، فأكون نقلت ذلك (2).4.

ص: 92


1- تفسير ابن كثير 2 / 155.
2- تذكرة الحفاظ 1 / 5 ، الاعتصام بحبل الله المتين 1 / 30 ، حجية السنة : 394.

ولنا على هذا النص أربعة تساؤلات :

الأول : هل إن الخليفة جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، أم من بعده؟!

الثاني : لماذا بات الخليفة ليلته يتقلب؟! ألعلة كان يشكو منها؟! أو لأمر يتعلق بالغزوات والحروب؟! أم لشئ آخر؟!

الثالث : كيف انقلب المؤتمن الثقة إلى غير مؤتمن؟! وما معنى «فأكون نقلت ذلك»؟!

الرابع : لم أحرق الخليفة ما جمعه؟!

أما جوابنا عن السؤال الأول :

فينتزع من جملة «جمع أبي» ، لأنها تفيد بأن الجمع - من قبل الخليفة - جاء بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه لو كان قد كتب أحاديث الرسول أيام حياته صلى الله عليه وآله وسلم لقالت عائشة : كتب أبي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو : أملى رسول الله على أبي الحديث ، فكتب ، ولم تقل : «جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» ، لأن جملة «جمع أبي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» غير جملة «جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».

فمجئ كلمة «الحديث» و «عن» في كلام عائشة يفهم بأن الخليفة صار إلى هذا الفعل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ويؤكد هذا القول توقف أصحاب السير والتاريخ عن ذكر اسم الخليفة في من دون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده!!

ويضاف إليه : أن جملة «ولم يكن كما حدثني» توحي بأن الجمع كان

ص: 93

بعد حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه لو كان الخليفة قد جمع الأحاديث على عهده صلى الله عليه وآله وسلم لأمكنه عرض المشكوك عليه صلى الله عليه وآله وسلم للتثبت منه ، وحينما لم يفعل هذا - واتخذ سياسة الحرق - علمنا بأنه لم يجمعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل يمكننا القول بأنه جمعها في أخريات حياته ، لقوله : «خشيت أن أموت وهي عندي».

وأما جواب السؤال الثاني ، فنقول فيه :

إن تقلب الخليفة لم يكن لشكوى كان يشكو منها ، ولا لأمر بلغه عن الردة والحروب ، بل لما جاء في تلك الصحيفة من أحاديث وأخبار تخالف فتاواه ، فإنه بات ليلته يتقلب حينما عرف تخالف نقولاته مع نقولات الآخرين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

لأنا نعرف أن الخليفة كان يفتي عن رأي ولا يلزم نفسه الفحص عن الحكم الشرعي كثيرا ، وحينما يتضح له مخالفة قوله مع المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الآخرين تحصل في داخله هزة عنيفة حتى يبيت ليلته يتقلب!

فلو كان الخليفة قد جمع الأحاديث على عهده صلى الله عليه وآله وسلم وأخذها من فمه صلى الله عليه وآله وسلم لما تقلب ليلته تلك ، بل إن قوله لابنته عائشة : «هلمي الأحاديث التي عندك» ، يوضح أن التقلب لم يكن لأمر الحروب والغزوات بل لما في هذه الصحيفة من أحاديث ، لأنها ستكون مدعاة للاختلاف ، وذلك لوجودها عنده مدونة ومحفوظة ، وهي تدل أيضا على أن الخليفة كان قد عرفها ونقلها ، لقوله : «فأكون قد نقلت ذلك».

وبعد هذا نتساءل : أيحتاج أبو بكر أن يكون بينه وبين

ص: 94

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم - واسطة ، وخصوصا عند من يرى أنه أول من أسلم ، وصاحب الرسول في الغار ، و...!!

إن ما يقال من ملازمة أبي بكر للنبي طيلة حياته لا يتلاءم مع احتياجه في النقل عنه إلى واسطة ، وخصوصا احتياجه للجميع بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذا الكلام لا يعني أننا نريد إنكار إمكان نقل الصحابي عن الآخر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل يعني رفضنا الإفراط في تقديس الشيخين ، وهو الذي يجعلنا نقول مثل هذا وغيره!

وعليه : فإن هذه الأحاديث وغيرها ستكون مدعاة للاختلاف لاحقا ، وقد رأينا الخليفة قد منع من التحديث عموما كي لا يخطأ في حديثه ، ولما كانت هذه المدونة هي أشد مدعاة للاختلاف - لكونها ستقع بيد الآخرين ، فيلزمونه بما كتبه - كان الإحراق هو السبيل الأنجح في تصور الخليفة!

وبهذا الإحراق رسم الخليفة منهجا لمن يأتي بعده للسير عليه ، لأن تلك الروايات الدالة على الأخذ بسيرة الشيخين تجعل لهذه المواقف والتصرفات شرعية يجب التعبد بها ، وقد رأينا الصحابة والتابعين قد كرهوا التدوين وانتهجوا نهج الإحراق ، الإماثة ، الدفن .. اتباعا للسلف!!

فالخليفة وبإبادته أحاديثه الخمسمائة لم يكن يريد إبادة تلك الأحاديث فقط ، بل كان يريد إبادة غيرها بعدها ، لأن إبادته أكثر من ثلثي أحاديثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) لم يكن - بنظرنا - بذي أهمية بالنسبة إلى فة

ص: 95


1- جمع ابن كثير أحاديث الخليفة في مسند الصديق فكانت اثنين وسبعين حديثا واستدرك السيوطي في تاريخ الخلفاء على ما جمعه ابن كثير فصار مائة وأربعة ، وقد أوصل ابن حزم في كتابه الصحابة الرواة وما لكل واحد منهم من العدد أحاديث الخليفة

ما رسمه من منهج في كراهية التدوين ، ودعوته إلى عدم التحديث ، ومنح مثل هذه الأفكار الشرعية في حياته ، وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعده.

وأما السؤال الثالث ، فنجيب عنه في نقطتين :

الأولى : كيف ينقلب المؤتمن الثقة إلى غير موثوق ومؤتمن؟!

فلو قبلنا بوثاقة الناقل لقول الخليفة : «ائتمنته ووثقته» فهل يمكن أن نسقط مروياته عن الاعتبار ولا نأخذ بها بمجرد احتمال الكذب والسهو؟!

ألم يكن لازم هذا القول إنكار حجية خبر الثقة وعدم الاعتماد عليه ، لورود احتمال الكذب وعدم التثبت فيه؟!

ولو كان الخليفة يريد التثبت حقا ، لقال مثلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - لمن سمعهم يتحدثون - فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما تحدثون؟

فقالوا : ما سمعنا منك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال : تحدثوا وليتبوأ مقعده - من كذب علي - من جهنم.

ومضى لحاجته ، وسكت القوم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما شأنهم لا يتحدثون؟!

قالوا : الذي سمعناه منك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إني لم أرد ذلك ، إنما أردت من تعمد ذلك.

فتحدثنا (1).3.

ص: 96


1- تقييد العلم : 73.

الثانية : لو صح ما افترضه الخليفة ، من أن احتمال الكذب أو الخطأ يسقط الرواية من الاعتبار ، للزم طرح جميع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصحاح والمسانيد ، لإمكان ورود مثل هذا الاحتمال فيه ، وهذا ما لا يقول به أحد ، لأن القول بذلك من شأنه أن يسقط أصلا من أصول التشريع الإسلامي ، وأن يقضي على السنة النبوية قضاء تاما ، ويلغي الأحكام الشرعية.

ولا أدري هل خفي على الخليفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل مشورة الصحابة في القضايا الخارجية وأمور الحرب؟! فكيف به يقول مثل هذا؟!

إن آية النبأ خير دليل على عمل المسلمين بخبر العدول وتوقفهم عند خبر الفساق ، وكذا السيرة العقلائية فإنها جارية على العمل بأخبار الثقات واعتمادها ، مع ملاحظة أن سيرة العقلاء غير مختصة بالمسلمين ، لأن العقلاء بجميع مشاربهم ، ومذاهبهم المتفرقة ، ونحلهم المتعددة ، قبل الإسلام وبعده قد عملوا بهذا.

وعليه : فإن احتمال الكذب والسهو لا يسقط الرواية عن الأخذ بها ، وبعد هذا يتجلى أن طرح الخليفة لتلك الروايات يرجع لأمور خاصة به لا لما في تلك الأحاديث من عيوب!

ونضيف إلى الأمر شيئا آخر ، وهو : لو سلمنا أن مجرد الشك والاحتمال يسقط الخبر من الحجية عند الشاك ، فلا نسلم سقوط الخبر عند غير الشاك في المرويات ، فكان على الخليفة - لو كان يريد التثبت حقا - أن ينقل المرويات ويشير إلى شكه وأنه في أي قسم يقع ، وللمخبر بالخبر أن يعمل به أو لا يعمل وفقا لما يفرضه عليه الدين ..

ص: 97

أو لكان على الخليفة أن يدعو أعيان الصحابة ويستفتيهم في مسموعاته كي يعينوه على حذف المشكوك وإبقاء الصحيح السالم ، إلى غيرها من أصول التثبت في الأخبار.

إن جمع أبي بكر خمسمائة حديث دليل كاف على شرعية التدوين وعدم وجود نهي نبوي عنه ، إذ لو كان قد صدر نهي لما دون الأحاديث الخمسمائة ، وكذا الحال بالنسبة إلى فعل الثاني عمر بن الخطاب ، إذ لو كان التدوين محظورا لما جمع الصحابة واستشارهم في أمر التدوين ، ولما أرشدوه إلى ذلك ، فلو ثبت هذا فكيف يتخذ هكذا موقف مع السنة النبوية؟!

ولهذا نقول : إن توهم الكذب لا يسد باب الرواية والتحديث ، بل الذي عرفناه من أمر الرسول هو الحذر من تعمد الكذب ، وفي ما نحن فيه لم نر الراوي قد تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لاعتماد الخليفة على كلامه بقوله : «ائتمنته ووثقته» ، واحتمال الكذب والسهو والخطأ مرفوع بأصالة العدم.

وعليه : فلا يصح تعليل الخليفة في المقام ، بل إنه يرجع إلى أمور أخرى ستتضح في ثنايا البحث.

وأما السؤال الرابع ، فنجيب عنه :

بأن الإحراق ليس بالمنهج السليم ، لأن معناه الإبادة والضياع - وإن لم يصرح به الخليفة - ، وإن دعوى ترك التحديث خوفا من الاختلاف ، وترك السنة حفاظا على القرآن ، والتستر بغطاء التثبت في الحديث ، والقول بضعف هذا الحديث أو ذاك ، مع وجود قرائن كثيرة تدل على ذهاب

ص: 98

الخليفة إلى الرأي ، كلها مبررات وضعت لتصحيح فعل الخليفة ، وليس لها رصيد من الصحة ، ولا يخفى هذا على البصير!

لأن من يريد تعمير عجلة مثلا لا يحق له إبادتها بدعوى إرادة إصلاحها ، لأن الإصلاح يبتني على تعمير العجلة وإعدادها للعمل تارة أخرى لا أن يبيدها ..

ومثله قرار الحاكم لمن حكم عليه بالتعزير في المحاكم الشرعية ، فلا يصح قتله بدعوى إصلاحه ، فالتعزير قرر في الشرع لإصلاح الناس وتأديبهم ، ثم إعدادهم مرة أخرى لمواصلة السير إلى الله ، فلو قتل أحد شخصا بدعوى إصلاحه فلا يقبل منه هذا ، لأنها دعوى فارغة ..

فالقتل والحرق يعني الإبادة وحرمان الاستفادة ، وأما التثبت والإصلاح فهو الاستفادة ، وقد مر عليك كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سمعهم يتحدثون عنه ، ثم تركهم للحديث ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لهم : إني لم أرد ذلك ، إنما أردت من تعمد ذلك ، فتحدثنا.

فالخليفة وبعمله (الإحراق) وبقوله : «لا تحدثوا» كان يريد المنع المطلق للحديث ، لقوله : «فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله» ، ويؤيد هذا مواقفه الأخرى في تثبيت الرأي ، فالرأي لا يوافق التعبد بالنص وإن علل اللاحقون المنع والحرق باسم التثبت والتحري والاحتياط وما إلى ذلك ، حتى رأينا بعضهم ينكر تبرعا صدور هكذا نصوص عن الخليفة! لأنها لا تتلاءم مع مكانتهم ومواقفهم.

ثم إن اتحاد هذين الموقفين من الشيخين ، وتبنيهم لسياسة الرأي في الأحكام ، جعلتنا نشكك في نسبة أحاديث المنع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، خصوصا بعدما ثبت لنا أنهما لم يستشهدا بمنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحديث ،

ص: 99

بل أوضحنا في ما تقدم ثبوت التدوين عنه صلى الله عليه وآله وسلم عندهم ، في كل حياته الشريفة ، وحتى أواخرها لما طلب صلى الله عليه وآله وسلم إتيانه بالقلم والدواة كي يكتب كتابا لن يضلوا بعده أبدا عند مرضه.

فلو ثبت هذا فكيف يسمح الخليفة لنفسه بحرق كلام الرسول وأسماء الله والأنبياء والمرسلين؟! مع أنا نعلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن حرق التوراة ، كما في حديث عائشة (1).

ولماذا يتحد الشيخان في موقفهما - الإحراق - من السنة المطهرة؟!

ولماذا يأمر عمر بن الخطاب الصحابة بالإقلال من الحديث ، ويطلب منهم أن يأتوه بمدوناتهم ، ويضرب الصحابة على تحديثهم وتدوينهم؟!

ألم نقرأ في الكتب عن أبي هريرة أنه ترك وعاءين من الحديث خوفا من عمر؟!

إن هذه النصوص كلها تدلنا على حقيقة واحدة ، وهي : أن سياسة الشيخين مع الحديث جعلتنا نفتقد الكثير من التراث الإسلامي ، ونحن لو أبحنا للفرد إتلاف ماله ، فلا يمكننا القول بجوازه في إتلاف مال أو كتاب غيره ، وخصوصا لو ارتبط هذا بتراث أمة حضارية كبيرة كالإسلام.

وبنظرنا : أن الشيخين ملومان في فعلهم - الحرق + المنع من التحديث + الدعوة إلى الإقلال من الحديث + إبادتهما لصحف الآخرين + تشريع الرأي قبال النص + و... -.

وهذه النصوص والمواقف المتعددة عنهم هي التي تؤذي الباحثين 7.

ص: 100


1- الكامل في الضعفاء 1 / 77.

من أتباع مدرسة الخلفاء ، فتراهم يقولون : هذا لا يلائم الخليفة عمر ، و...

لأنهم يعرفون أن دين الإسلام دين المدنية والعلم ، فهؤلاء لا يقبلون بشرعية النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..

وهكذا الحال بالنسبة إلى الرأي ، فالمؤمن بالشرع لا يرتضي الاجتهاد قبال النص ، بل تراه يفسر الرأي بأنه (إدراك) أو (ظن) أو (اعتقاد) صواب الحكم في ما لا نص فيه ، وحينما يرى تخالف سيرة الخليفة مع المصطلح ، لاجتهاد الخليفة قبال النص وظنه بصواب الحكم دون البحث عن النص تحصل في داخله هزة عنيفة ، إذ ماذا يفعل مع النصوص الصادرة من الشيخين وهو يراها تخالف الثوابت الأخرى؟!

فلو ضعف خبر حرق أبي بكر لصحيفته ، لأجيب بما صدر عنه من الرأي قبال النص ، وتبريره لفعل مالك ب «تأول فأخطأ» ، وحرقه الفجاءة ، و...

وإن استبعد صدور النهي عن عمر والقول بأنه لا يتلاءم معه ، فماذا يجيب عما فعله مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الخميس ، ومنعه من الإتيان

بالقلم والدواة ، وقوله : «حسبنا كتاب الله» بمحضره صلى الله عليه وآله وسلم؟! وتمزيقه لكتاب المؤلفة قلوبهم في أوائل خلافة أبي بكر!

نعم ، واجه هؤلاء مشكلة نفسية ، إذ كيف بهم وهم يرون من الصحابة من يكره التدوين ويحبذ الرأي؟! أليس هذه المواقف خلافا للكتاب والسنة؟!

نعم ، إن الخلفاء وأتباعهم كرهوا وكرهوا التدوين ، ثم ألبسوا هذه الكراهة لباسا شرعيا في الزمن اللاحق - بعد أن لم يكن له عين ولا أثر في الزمن الأول - ، إذ لو كان النهي شرعيا في الزمن الأول لتمسك به أبو بكر

ص: 101

وعمر ، ولكنهما لما لم يجدا هذا المنع عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أرجعا المنع إلى علل اخترعوها ، وصرحوا بأن النهي يرجع إليهم ، كقول عمر : «وإني لا ألبس كتاب الله ...» وقول أبي بكر عن الاختلاف : «والناس بعدكم أشد اختلافا» ، وغيره.

وبما أنه لم يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التدوين نهي شرعي ، ولا مجوز في الإتلاف ، بقيت ذمة عمر بن الخطاب مشغولة لإتلافه مال الآخرين وتراث أمة كبيرة ، فإنه لم يصح منع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تدوين حديثه ، ولا أمره بحرق مدونات الآخرين؟! وقد وقفت على النقول الكثيرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم الداعية إلى لزوم تعليم الحاضر للغائب ، وقوله : «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» ، ودعوته إلى حفظ حديثه : «من حفظ أربعين حديثا عني ..» وتأكيده على العلم والتعليم ، وجعله صلى الله عليه وآله وسلم فداء الأسرى تعليم الكتابة ، وغيرها من النصوص الدالة على اكتناز أحاديث الرسول.

نعم ، صار الدفن والحرق والإماثة - في الزمن اللاحق - أصولا شرعية يسير عليها صغار التابعين وبقية المسلمين ، وذلك لما سنه الشيخان من النهي عن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك بعد أن وضعوا أحاديث

على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تؤكد لزوم طاعتهم ، وبعد هذا فلا بد من الأخذ بسيرتهما وإن خالفا النص القرآني والحديث المتواتر! بدعوى أنهما أعلم بالسنة من غيرهما!!

وبهذا فقد اتضح أن هناك نهجين :

الأول : يستقي المواقف من النصوص - قرآنية كانت أم نبوية -.

الثاني : يؤصل أصولا طبق المواقف!!

ونحن قد أطلقنا على الأول اسم (التعبد المحض) وعلى الثاني

ص: 102

(الرأي والاجتهاد) ، وإنك ستقف على تفاصيل هذا الأمر لاحقا بمشيئة الله تعالى.

والعجب من هؤلاء أنهم يسمون أنفسهم ب : «أهل السنة والجماعة» ويرمون الآخرين ب «البدعة والزندقة»! وترى بعضهم يدعو إلى الاكتفاء بالقرآن عن السنة!!

ونحن لا نريد أن نناقش هذه الأقوال أو تلك ، بل نقول : إن أهل السنة هم المدافعون عنها ، المتمسكون بها ، تلك السنة التي لا تخالف القرآن ، ولا تخالف الثابت من أقوال وأفعال وتقريرات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يمكن بعد هذا إطلاق لفظ السنة على جماعة جزافا من دون انطباقه عليهم في الواقع الخارجي!

والآن مع الأقوال الأربعة في سبب تسمية أهل السنة ب : «أهل السنة والجماعة» :

أقوال في التسمية :

هناك أربعة أقوال في سبب تسمية أهل السنة ب : «أهل السنة والجماعة» :

الأول : إنهم سموا بهذا الاسم ، لأن السنة الصحيحة البعيدة عن البدع هي عندهم ، وذلك لما صح طرقه عند المحدثين وعدم أخذهم من الخوارج والشيعة.

الثاني : إنهم سموا بهذا الاسم لاستقرارهم على ما أقره الخلفاء من سنن في الوقائع والأحكام واعتبار غير ذلك بدعة ، أي أنهم ألزموا الآخرين باتباع ما سنه الخلفاء والذهاب إلى كون خلافه بدعة ، وإن كانت لتلك

ص: 103

المذاهب والنحل طرق صحيحة عندهم!!

الثالث : إنهم سموا بهذا الاسم بعد عام الجماعة - سنة 41 ه - عند صلح الإمام الحسن بن علي عليهما السلام مع معاوية بن أبي سفيان ، وفي هذا العام سن لعن الإمام علي عليه السلام على المنابر ، ومنه انتزع اسم أهل السنة لمخالفي الإمام علي عليه السلام وأنصار مدرسة الخلفاء.

الرابع : إنهم سموا بهذا الاسم دفعا لما قيل فيهم من عدم أخذهم بأحاديث الرسول ومنعهم لتدوين حديثه صلى الله عليه وآله وسلم ، أي أن التسمية جاءت من باب تسمية الأعمى بالبصير.

وبعد هذا ، نترك للقارئ الحكم بقرب أي الأقوال الأربعة للواقع ، وتطابقه مع السير الطبيعي للمسألة وتاريخ الحديث النبوي ، أو بعده عنها!

للبحث صلة ...

ص: 104

دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية (3)

السيد ثامر هاشم العميدي

الفصل الثاني

تيسير سبل التأويل والجمع بين الأخبار

عرف الشيخ الطوسي - رضي الله تعالى عنه - أولا بنشاطه المميز في الحديث الشريف وعلومه ، وبرز في هذا الحقل في أوائل حياته العلمية حتى فاق فيه أساطين الحديث في عصره ، وكادت أن تغطي عبقريته أساتذته العظام من أمثال الشيخ المفيد والسيد المرتضى لو لم يبلغا من العلم غايته القصوى.

وهذا الكلام قد يبدو صعبا لأول وهلة ، ولكن الأصعب منه - وهو الواقع - أن يتحقق كل هذا للشيخ - ليكون فلتة من فلتات العباقرة - وهو لم يتجاوز العقدين إلا بقليل ..

وقد عرفنا شيئا عن هذه الحقيقة في الفصل الأول من فصول هذا الدور ، وبقيت أشياء أخرى موزعة على فصول ، نستهلها بما في هذا

ص: 105

الفصل ، فنقول :

حاول الشيخ الطوسي قدس سره في كتابيه التهذيب والاستبصار تيسير فهم التأويل الصحيح للأحاديث المختلفة بسبل شتى ، مع بيان كيفية الجمع بينها لغاية أشرنا لها في ما تقدم.

ومن هنا اضطر إلى رصدها وتتبعها في جميع ما وصل إليه من كتب الحديث وأصوله ومصنفاته ، حتى قال عن جهوده تلك في كتاب العدة في أصول الفقه - في ذكر الخبر الواحد ، وجملة القول في أحكامه - ما هذا نصه :

«وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف ب : الإستبصار ، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث» (1).

وهذا العدد وإن لم يجتمع في كتاب حديثي شيعي قبل كتاب التهذيب قط ، إلا أنه لا يمثل العدد الكلي الذي وقف عليه الشيخ الطوسي من الأخبار المختلفة ، بدليل أنه وصف ما لم يذكره - في موارد عدة من الكتابين - بالكثرة.

ومن الأمثلة الدالة على ذلك ما ذكره الشيخ في باب الأحداث الموجبة للطهارة من التهذيب ، من الأخبار الدالة على كون النوم من الأحداث الموجبة للطهارة ، كخبر سماعة ، وخبر زرارة ، وخبر عبد الحميد ابن عواض ، وخبر محمد بن عبيد الله وعبد الله بن المغيرة ، وخبر إسحاق ابن عبد الله الأشعري (2). 1.

ص: 106


1- العدة في أصول الفقه 1 / 137 - 138 ، الفصل الرابع.
2- تهذيب الأحكام 1 / 6 ح 1 - 5 باب 1.

فقد أورد الشيخ بعد تلك الأخبار خبرين آخرين تضمنا نفي إعادة الوضوء من النوم ، وهما : خبر عمران بن حمران ، وخبر بكر بن أبي بكر الحضرمي (1).

ثم قال : «وكذلك سائر الأخبار التي وردت مما يتضمن نفي إعادة الوضوء من النوم ، لأنها كثيرة» (2).

ثم بين المعنى المراد بالنوم المذكور في الخبرين بما يزيل التنافي الظاهر بينهما وبين ما تقدم عليهما من أخبار.

وهذا يكشف عن أن إعراض الشيخ عما وصفه بالكثرة ، إنما كان بسبب اكتفائه بذكر بعضه ، ولما كان جواب بعضه هو جواب الكل بحكم وحدة الدلالة ، فلا معنى لذكر الجميع سوى التطويل الذي حرص الشيخ على تجنبه في مؤلفاته كافة ، خصوصا وهو لا يعلم - وقتئذ - بما سيؤول إليه مصير التراث الشيعي على أيدي الهمج الرعاع الذين أحالوا معظم تراثنا إلى رماد ، لا سيما في الجامع الأزهر ، ومن قبل في بغداد!

والمهم هنا ، هو أن ما فعله الشيخ يعبر عن جهود علمية مضنية في الحديث ولكنها غير منظورة ، لاختفائها في ما وراء تلك الإشارات.

وأعني بتلك الجهود ، استقصاء الشيخ للحديث المختلف بأكثر مما هو عليه في التهذيب والاستبصار ، ثم تصنيفه بحسب دلالته ، وفرز ما اتحد في الدلالة ، ثم انتقاء بعضه مع الإشارة الطفيفة إلى الآخر في مورده ، إذ لا تعقل إشارته لشئ لم يره. 1.

ص: 107


1- تهذيب الأحكام 1 / 7 ح 6 و 7 باب 1.
2- تهذيب الأحكام 1 / 7 ذ ح 7 باب 1.

كما أن التمعن في أخبار التهذيب يكشف هو الآخر عن استقصاء

الشيخ لأدلة الفقه من الأخبار المتفقة وإن لم يذكرها كلها في التهذيب عند تعرضه لشرح أقوال شيخه المفيد وبيان مستندها ، إذ أقصى الكثير منها واكتفى ببعضها للعلة المذكورة في تركه الكثير من الأحاديث المختلفة.

ونظرة سريعة واحدة إلى أي باب من أبواب الوسائل تشعرك بهذا ، وكم من حديث تجده مخرجا عن الكافي أو الفقيه أو غيرهما من الكتب التي اعتمدها الشيخ وبشكل مطرد ، ولكنك لا تجده لا في التهذيب ولا في الإستبصار ، بل تجد نظيره!

وفي هذا دلالة واضحة على استفراغ الشيخ ما في وسعه لتتبع واستقصاء أدلة الأحكام الفرعية والوقوف عليها عن كثب ، ثم إقصاء ما شاء منها واختيار ما وافق مسلكه في الاختصار.

وكدليل آخر على تلك الجهود المضنية غير المنظورة أيضا ، تنبيهه على ما لم يؤخذ من فتاوى الشيخ المفيد من جهة الأثر ، كقوله مثلا في باب أوقات الصلاة : «فأما ما ذكره رحمه الله من اعتبار الزوال بالأصطرلاب والدائرة الهندسية ، فالمرجع فيه إلى أهل الخبرة ، وليس مأخوذا من جهة الأثر» (1).

ولا يخفى أن فقدان النص المؤيد لتلك الفتيا لا يضر بصحتها ، لأن الرجوع إلى أهل الخبرة في كل فن من المرتكزات العقلية التي لا تنكر ، ومع هذا قد يكون لها مستند من نصوص عامة ، وإن لم يكن في خصوصها ثمة أثر. 4.

ص: 108


1- تهذيب الأحكام 2 / 26 ذ ح 74 باب 4.

وما يعنينا هنا ، هو أن كلام الشيخ قدس سره ينطوي على مراجعته لجميع ما في كتب الحديث وأصوله ومصنفاته الكثيرة الواصلة إليه ، وإلا كيف يقول : «وليس مأخوذا من جهة الأثر» من دون التأكد من مراجعة موارد الأثر؟!

وعلى أية حال ، فإن المهم هنا هو تسجيل ما يدل بصراحة على دوره العظيم في خدمة الحديث الشريف ، لا سيما الحديث المختلف ، وذلك من خلال تيسير سبل تأويله وكيفية الجمع بين مداليل ما اختلف واتفق ، وهو ما سنبينه في الفقرات الآتية :

أولا : بيان معاني الأخبار :

ربما يظن حصول التعارض بين جملة من الأخبار بسبب سوء فهم دلالاتها ، مع أنها في الواقع متفقة غير مختلفة.

ومن هنا نجد الشيخ الطوسي قدس سره قد أولى هذا النوع من الأخبار عناية خاصة ، إذ بين ما يكتنفه من غموض وأزال الالتباس المؤدي إلى الظن باختلاف وتناقض تلك الأخبار.

فغايته إذا من بيان المعنى لجملة من الأخبار إزالة ذلك الالتباس والقضاء عليه ، ولا شك أن فهم الخبر على وجهه يتطلب معرفة واسعة في اللغة ودلالات الألفاظ ، فضلا عن التضلع بالحديث دراية ورواية.

وهناك أمثلة شتى في التهذيبين شاهدة على عناية الشيخ بهذا الجانب ، نذكر منها ما أخرجه في باب وجوب الحج بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال :

ص: 109

«أنزل الله عزوجل فرض الحج على أهل الجدة (1) في كل عام».

ثم أورد حديثين آخرين عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، بهذا المعنى (2).

وبما أن المعروف في فرض الحج عند جميع المسلمين - بلا خلاف - هو مرة واحدة ، وما زاد على المرة فمستحب بالإجماع ، كما بين في أحاديث الباب المذكور نفسه ..

لذا قال الشيخ معقبا على تلك الأحاديث التي توحي بظاهرها وجوب الحج على الأثرياء في كل عام : «فمعنى هذه الأخبار : أنه يجب على أهل الجدة في كل عام على طريق البدل ، لأن من وجب عليه الحج في السنة الأولى فلم يفعل وجب عليه في الثانية ، وكذلك إذا لم يحج في الثانية وجب عليه في الثالثة ، وعلى هذا في كل سنة إلى أن يحج.

ولم يعنوا عليهم السلام وجوب ذلك عليهم في كل عام على طريق الجمع.

ونظير هذا ما نقوله في وجوب الكفارات الثلاث ، من أنه متى لم يفعل واحدة منها ، فإنا نقول : إن كل واحدة منها لها صفة الوجوب ، فإذا فعل واحدة منها خرج الباقي من أن يكون واجبا ، وكذلك القول في ما تضمنت هذه الأخبار» (3).

وهذه الطريقة في توضيح المتون وإن وجدت بذورها في كتب 1.

ص: 110


1- أي : أهل الثراء ، الأغنياء.
2- تهذيب الأحكام 5 / 16 ح 46 - 48 باب 1.
3- تهذيب الأحكام 5 / 16 - 17 ذ ح 48 باب 1.

الحديث المصنفة قبل التهذيب ، كالكافي (1) ، والفقيه (2) ، إلا أنها لم تكن مطردة في جميع ما في تلك الكتب من متون هي بحاجة إلى بيان وتوضيح ، كما هو الحال في التهذيب (3) ، والاستبصار (4).

ثانيا : بيان فقه الحديث :

تعرض الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب إلى بيان فقه الأحاديث ، خصوصا المرددة منها بين عدة وجوه محتملة ، فكان قدس سره يأخذ بأقواها حجة وأبرمها دليلا ، ويوجه فقه الحديث تارة على أساس ذائقته الفقهية مع الفهم الثاقب وإعمال الفكر في فهم الخبر ، وأخرى على أساس تراكم مؤيدات ذلك التبين من الأثر ، والأخير هو المطرد في سائر أجزاء التهذيب ، بل هو المصرح به في ديباجة الكتاب كما أشرنا له من قبل.

ومثال الأول : حديث علي بن مهزيار عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام ، قال : «قيل له : إن رجلا تزوج بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ، ثم أرضعتها امرأة أخرى ، فقال ابن شبرمة : حرمت عليه الجارية ا.

ص: 111


1- أنظر : فروع الكافي 3 / 29 ذ ح 7 باب 11 من كتاب الصلاة.
2- أنظر : من لا يحضره الفقيه 3 / 139 ح 611 باب 69 وج 3 / 196 - 197 ح 892 وح 896 باب 95.
3- أنظر على سبيل المثال تعليق الشيخ قدس سره على أحاديث التهذيب الآتية : 1 / 47 ح 136 باب 3 ، 2 / 757 ح 191 باب 10 ، 3 / 14 ح 48 باب 1 ، 4 / 89 ح 262 باب 27 ، 5 / 378 ح 1318 باب 25 ، 6 / 372 - 373 ح 1080 و 1081 باب 93 ، 7 / 20 - 21 ح 87 باب 2 ، 8 / 194 ح 680 باب 8 ، 9 / 84 ح 21 باب 1 ، 10 / 6 ح 19 باب 1 ، وغيرها.
4- وكذلك على أحاديث الإستبصار الآتية : 1 / 33 ح 87 باب 17 ، 2 / 297 ح 1059 باب 204 ، 3 / 68 ح 227 باب 41 ، 4 / 99 ح 383 باب 62 ، وغيرها.

وامرأتاه (1)!

فقال أبو جعفر عليه السلام : أخطأ ابن شبرمة ، حرمت عليه الجارية وامرأته التي أرضعتها أولا ، فأما الأخيرة لم تحرم عليه ، لأنها أرضعت ابنته» (2).

وهنا قال الشيخ معقبا :

«وفقه هذا الحديث : إن المرأة الأولى إذا رضعت الجارية حرمت الجارية عليه ، لأنها صارت بنته ، وحرمت عليه المرأة الأخرى ، لأنها أم امرأته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فإذا أرضعتها المرأة الأخيرة أرضعتها وهي بنت الرجل لا زوجته ، فلم تحرم عليه لأجل ذلك» (3).

وهذا البيان وإن استدل فيه الشيخ - في جملة ما استدل به - على حديث «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» إلا إنه لا يتنافى مع إعمال الفكر والذائقة الفقهية السليمة ، وإلا فالحديث من المشهورات التي لا تخفى على ابن شبرمة وأمثاله ، ولكن مقام حفظ الحديث أو روايته يختلف جذريا عن مقام تطبيق الحديث على مصاديقه.

ومثال الثاني : حديث معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال : «المفرد عليه طواف بالبيت ، وركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام ، وسعي بين الصفا والمروة ، وطواف الزيارة - وهو طواف النساء - ، وليس عليه هدي 5.

ص: 112


1- الظاهر أن هذه الحكاية كانت مشهورة عن ابن شبرمة ، ولعلها صدرت منه أيام توليه القضاء لأبي جعفر الدوانيقي (المنصور العباسي) على سواد الكوفة ، إذ من الواضح أن ابن مهزيار لم يكن في عصر ابن شبرمة.
2- تهذيب الأحكام 7 / 293 - 294 ح 1232 باب 25.
3- تهذيب الأحكام 7 / 294 ذ ح 1232 باب 25.

ولا أضحية.

قال : وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟

فقال عليه السلام : نعم ما شاء ، ويجدد التلبية بعد الركعتين. والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية» (1).

وهنا عقب الشيخ بقوله :

«قال محمد بن الحسن : فقه هذا الحديث : إنه قد رخص للقارن والمفرد أن يقدما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين. فمتى فعلا ذلك فإن لم يجددا التلبية يصيرا محلين ولا يجوز ذلك ، فلأجله أمرا - المفرد والسائق - بتجديد التلبية عند الطواف ، مع أن السائق لا يحل وإن كان قد طاف لسياقه الهدي. روى ذلك ...» (2).

ثم أيد هذا المعنى بروايتين ، كما أيد الرخصة في تقديم الطواف للمفرد بثلاث روايات ، وأخيرا أيد تجديد التلبية برواية واحدة (3).

وهذه الطريقة المثلى - في فهم السنة الشريفة بالسنة نفسها - قد انعكست بكل وضوح على كتاب التهذيب وكتاب الإستبصار اللذين قلما نجد فيهما فقها تفريعيا مستنبطا ، فكانا بحق محاولة بكر جمعت مع أغراضها التي أشرنا لها سابقا فقها روائيا يكاد يكون بتحليلاته وتأويلاته ومحامله الآتية عديم النظير. 4.

ص: 113


1- تهذيب الأحكام 5 / 44 ح 131 باب 4.
2- تهذيب الأحكام 5 / 44 ذ ح 131 باب 4.
3- أنظر : تهذيب الأحكام 5 / 44 - 46 ح 132 - 137 باب 4.

ثالثا : صفة التأويل بالأثر :

إذا كان المراد بالتأويل ، هو ما لم يكن مقطوعا به لتردده بين عدة وجوه محتملة ، لأنه «اللفظ الذي يراد به المعنى المرجوح من محتملاته» (1) فإنه لا يمكن أبدا وصف تأويلات التهذيب والاستبصار كلها بهذا التعريف ، لأنها لم تكن - في أغلبها - سوى تفسيرا للسنة بما صح من السنة الشريفة نفسها.

وبهذا يعود التأويل تفسيرا ، وتنقلب دلالته الظنية إلى القطع ، لكون المقتضي للحمل على المرجوح قطعيا ، ومن غير المعقول أن يكون مقتضي المحمول قطعيا في دلالته - كما لو كان من الحديث المتواتر - ، ومع هذا يكون المحمول ظنيا!

وهذه الحقيقة بالإمكان تلمسها في أغلب أبواب التهذيب أو الإستبصار ، لأن تراكم المؤيدات الصحيحة الصريحة لكثير من التأويلات ، مع تعدد طرقها إلى أهل البيت عليهم السلام في كتاب التهذيب نفسه ، وفي خارجه أيضا ، لما تقدم من اعتماد الشيخ طريقة الاختصار ، وهو ما يوحيه لفظ تهذيب الأخبار زيادة على ما أثبتناه في صحة تلك الطريقة ، يعني تواتر تلك المؤيدات.

وعليه : يكون العامل على طبق بعض تأويلات الشيخ ، يكون عاملا في الواقع على طبق الفتوى والأثر (الصحيح أو المتواتر) ، وهذا هو ما أشار إليه الشيخ في ديباجة التهذيب كما أوردناه سابقا. 4.

ص: 114


1- مناهج الأخبار في شرح الإستبصار - لأحمد بن زين العابدين العلوي - 1 / 4.

وهذا لا يعني أن جميع ما في التهذيب أو الإستبصار من تأويل هو بهذه المثابة ، كما يعلم من مراجعة فتاوى ابن إدريس الحلي في السرائر ، ولكن الإنصاف اقتضى التنبيه على وجود الكثير من التأويل الذي لم يغادر الوصف المذكور.

هذا ، وجدير بالإشارة هو أن الشيخ الطوسي قدس سره لا يذكر الأخبار المختلفة في أوائل أبواب كتابيه التهذيب والاستبصار أبدا ، وإنما يستفتحها دائما بالأحاديث المتفقة التي هي في الواقع مستند الشيخ المفيد في المقنعة ، ثم يذكر بعد ذلك بعض ما خالفها من الأخبار ، ثم يؤول تلك الأخبار بما يتفق ودلالة ما قدمه قبل ذلك من الأخبار المتفقة.

وعلى هذا فهو لا يحتاج إلى ذكر مؤيدات التأويل من الأثر بعده ، بل تكفي الإحالة في ذلك إلى ما في أوائل الأبواب ، ولكنه مع هذا لم يترك تأويلاته في الغالب بلا شاهد جديد مضاف.

وهذا مما ينبغي الالتفات إليه في مقام معرفة قوة التأويل الموقوفة على معرفة رتبة مؤيداته ، وعليه سيكون تقييم التأويل بالنظر إلى شواهده اللاحقة غير مجز ما لم يتم النظر إلى مؤيداته السابقة.

بل وحتى النظر إلى كلا القسمين غير كاف في المقام ، لاحتمال وجود مؤيدات أخر في باب آخر من التهذيب كما سنبينه بعد قليل.

وإذا لوحظ منهجه في الاختصار كما تقدم علم أيضا بأن ما ذكر من مؤيدات وشواهد لصحة التأويل لا يدل على عدم وجود نظائرها في غير التهذيب ، لما مر من أنه ليس من طريقة الشيخ ذكر جميع ما استقصاه من الأخبار المتفقة.

ص: 115

ومن هنا أصبحت معرفة قوة التأويل بالأثر مضنية حقا ، إذ تتطلب من الباحث الرجوع إلى سائر المؤيدات الخبرية ودراستها سندا ودلالة ، وقد لا يتأتى هذا إلا إلى المتضلعين بعلم الحديث رواية ودراية.

ومنه يتضح عقم الانتقادات التي وجهها بعضهم إلى تأويلات الشيخ من أن شواهدها الخبرية المذكورة بعدها ضعيفة بحسب الاصطلاح ، خصوصا وهو يجد في شروح التهذيب - ك : ملاذ الأخيار - وشروح الإستبصار - ك : مناهج الأخيار - توضيحا شاملا لرتب الأحاديث.

ولهذا ، فإنه حتى لو افترضنا عدم وجود المؤيد الآخر لا في التهذيب ولا في غيره ، فلا يقدح هذا أيضا بصحة التأويل بحجة ضعف مؤيده المذكور بعده بحسب الاصطلاح ، لسببين ، وهما :

الأول : وهو ما أشار إليه الشيخ حسن في منتقى الجمان ، وحاصله : إن الشيخ لم يتوخ في أسانيد التهذيب سوى العلو ، ولهذا فضل بعض

الطرق الضعيفة - بحسب الاصطلاح - على غيرها من الطرق الصحيحة المتوافرة لديه إلى أصحاب الكتب والمصنفات المشهورة ، كما هو واضح في كتابه الفهرست (1).

وبهذا يفسر استئثاره بما رواه عن محمد بن الحسن بن الوليد القمي - وهو من مشايخ الشيخ الصدوق - بتوسط الشيخ ابن أبي جيد القمي ، وهذا العلو في الإسناد لا يتوفر للشيخ بغير هذا الطريق.

على أن ابن أبي جيد ليس ضعيفا ، فهو محل اعتماد مشايخ الشيعة وأشهر المفهرسين لكتب الأصحاب ، وثقة جليل عند طائفة من العلماء وإن ة.

ص: 116


1- راجع : منتقى الجمان 1 / 22 - 23 من الفائدة الثالثة وج 1 / 29 - 30 من الفائدة الخامسة.

ضعفه بعضهم!

الثاني : إمكان تصحيح أكثر طرق الشيخ الضعيفة باستخدام نظرية تعويض الأسانيد التي لم تأخذ دورها كما ينبغي عند جميع الباحثين (1).

فكيف الحال إذا لو كان المؤيد صحيحا ونظائره الكثيرة مثله؟!

ولكي تتضح حقيقة ما ذكرناه نورد المثال التالي :

أورد الشيخ في التهذيب ثلاث روايات في باب زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وكلها تخالف روايات الباب لأنها أوجبت الزكاة في الغلات دون أن تبلغ نصابها ، وهي :

الأولى : عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «لا تجب الصدقة إلا في وسقين ، والوسق ستون صاعا» (2).

الثانية : عن أبي بصير أيضا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «لا يكون في الحب ، ولا في النخل ، ولا في العنب زكاة حتى تبلغ وسقين ، والوسق ستون صاعا» (3).

الثالثة : عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة في كم تجب في الحنطة والشعير؟ فقال عليه السلام : «في وسق» (4).

وهنا قال الشيخ :

«فهذه الأخبار كلها محمولة على أن المراد بها الاستحباب والندب دون الفرض والإيجاب ، وليس لأحد أن يقول : لا يمكن حملها على 4.

ص: 117


1- أفردنا لهذه النظرية دراسة وافية بكتاب مستقل بعنوان : نظرية تعويض الأسانيد للشهيد الصدر وقد يطبع قريبا إن شاء الله تعالى.
2- تهذيب الأحكام 4 / 17 ح 43 باب 4.
3- تهذيب الأحكام 4 / 17 - 18 ح 44 باب 4.
4- تهذيب الأحكام 4 / 18 ح 45 باب 4.

الندب لأنها تتضمن لفظ الوجوب (1) ، لأنها وإن تضمنت لفظ الوجوب فإن المراد بها تأكيد الندب ، لأن ذلك قد يعبر عنه بلفظ الوجوب وقد بيناه في غير موضع من هذا الكتاب.

والذي يدل على أنه لم يرد بها الفرض والإيجاب الذي يستحق بتركه العقاب ما رواه : ... " (2).

ثم أورد جملة من الروايات الدالة على أن النصاب في زكاة هذه الأشياء هو خمسة أوسق ، وهي :

الأولى : محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد [بن محمد] ، عن الحسين [بن سعيد] ، عن النضر [بن سويد] ، عن هشام [بن سالم] ، عن سليمان [بن خالد] ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «ليس في النخل صدقة

حتى تبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيبا» (3).

وجميع من في السند ثقة بالاتفاق ، فهو صحيح بلا خلاف.

الثانية : محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التمر والزبيب ، ما أقل ما تجب فيه الزكاة؟ فقال : خمسة أوساق ...»(4).

وهذا الإسناد صحيح معتبر لجلالة جميع من فيه ، وإن قالوا بحسنه 4.

ص: 118


1- في الأصل : «تتضمن بلفظ الوجوب».
2- تهذيب الأحكام 4 / 18 ذ ح 45 باب 4.
3- تهذيب الأحكام 4 / 18 ح 46 باب 4.
4- تهذيب الأحكام 4 / 18 ح 46 باب 4.

بإبراهيم بن هاشم بحسب الاصطلاح.

الثالثة : سعد [بن عبد الله] ، عن أبي جعفر [ابن عيسى الأشعري] ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «ليس في ما دون خمسة أوساق

شئ ، والوسق ستون صاعا» (1) ، وهذا الإسناد صحيح أيضا بلا خلاف.

الرابعة : علي بن الحسن ، عن القاسم بن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير والحسن بن شهاب ، قالا : قال أبو عبد الله عليه السلام : «ليس في أقل من خمسة أوساق زكاة ، والوسق ستون صاعا» (2).

والرواية ضعيفة سندا بالقاسم بن عامر ، ولكن لا يضر ، فمتنها مخرج من طرق صحيحة كما عرفت.

الخامسة : وعنه [أي : عن علي بن الحسن بن فضال] ، عن محمد ابن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن أذينة ، عن زرارة وبكير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «وأما ما أنبتت الأرض من شئ من الأشياء فليس فيه زكاة إلا في أربعة أشياء : البر ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، وليس في شئ من هذه الأربعة الأشياء شئ حتى يبلغ خمسة أوساق ، والوسق ستون صاعا ...» (3).

وجميع من في السند ثقة ، ومحمد بن إسماعيل هو البرمكي الجليل ، فالرواية موثقة بعلي بن الحسن ، وهي معتبرة على كل حال.

هذا بالنسبة إلى الشواهد والمؤيدات الخبرية المذكورة بعد التأويل 4.

ص: 119


1- تهذيب الأحكام 4 / 18 - 19 ح 45 باب 4.
2- تهذيب الأحكام 4 / 19 ح 49 باب 4.
3- تهذيب الأحكام 4 / 19 ح 50 باب 4.

مباشرة والدالة على صحته وسلامته.

وأما لو تابعنا بقية الشواهد الأخر فستجدها أضعاف هذا العدد ، وإليك خلاصة ما وقفنا عليه منها في التهذيب وفي غيره :

1 - الرواية الأولى في الباب المذكور من التهذيب وهي في أعلى درجات الصحة ، فقد أخرجها عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، والحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام (1).

2 - الرواية الثانية من الباب المذكور مرسلة ، ولا يضر إرسالها لما عرفت (2).

3 - الرواية الثالثة من الباب أيضا موثقة بعلي بن الحسن بن فضال (3).

4 - الرواية الرابعة أخرجها الشيخ في باب الخراج وعمارة الأرضين من التهذيب بسنده عن الإمام الرضا عليه السلام ، وهي في أعلى درجات الصحة (4).

هذا عن المؤيدات في داخل التهذيب فقط ، وأما المؤيدات التي لم يذكرها الشيخ فبالإمكان تلمسها من خلال مراجعة المجاميع الحديثية المتأخرة ، فإنها أوردت الكثير من نظائر ما ذكرناه (5).ت.

ص: 120


1- تهذيب الأحكام 4 / 13 ح 34 باب 4.
2- تهذيب الأحكام 4 / 14 ح 35 باب 4.
3- تهذيب الأحكام 4 / 14 ح 36 باب 4.
4- تهذيب الأحكام 4 / 119 ح 342 باب 34.
5- راجع : وسائل الشيعة 9 / 175 باب 1 من أبواب زكاة الغلات ، ومستدرك الوسائل 7 / 87 باب 1 من أبواب زكاة الغلات ، وجامع أحاديث الشيعة 9 / 119 باب 1 من أبواب زكاة الغلات.

ومن خلال مراجعة الكل يعلم بأن تأويل الشيخ لتلك الأخبار إنما كان يستند في الحقيقة على التواتر ، لا في هذا المثال فقط ، وإنما في أمثلة شتى من التهذيب.

رابعا : بيان وجوه الخبر وتعدد احتمالاته :

الخبر الذي تكون له عدة وجوه محتملة ، ويكون أحدها مرجوحا ، فحمله على الوجه المرجوح بمقتضى ما هو معتبر - كالخبر الصحيح أو المتواتر - يسمى تأويلا.

وهذه طريقة شائعة في فهم الكثير من الأخبار المختلفة عند محاولة جمعها مع الأخبار المتفقة.

وتأويل المختلف بهذه الطريقة ، ليوافق دلالة المتفق - ولو على وجه من الوجوه - تتناسب قوته تناسبا طرديا وقوة المقتضي لذلك التأويل.

فكلما كان المقتضي معتبرا كان التأويل معتبرا ومقبولا.

وهذا لا يعني نفي الوجوه الأخر لكونها محتملة ، ولكن درجة احتمالها تقاس بقوة المقتضي للوجه الراجح ، لأنها تتناسب عكسيا معه ولكن من جهة واحدة ، ونعني بها تضاؤل درجة احتمال بقاء الوجوه الأخر كلما ازدادت قوة المقتضي للوجه الراجح مع بقائها على مستوى الاحتمال عند ضعفه ، إذ الفرض افتقارها إلى أي سبب مرجح سواء كان ضعيفا أو ذا قوة.

ص: 121

وأما لو بلغ المقتضي لما هو راجح درجة لا يمكن معها اعتماد التأويل وبأي نحو ، فحينئذ ستتكافأ جميع وجوه الخبر ويعود متشابها ، ويرجع في تفسيره إلى المحكم إن وجد ، وإلا فالتوقف كما هو مقرر في محله.

وعلى هذا قد يلغي الطرف الراجح بقية الوجوه الأخر - وإن كانت محتملة - في ما لو بلغ مقتضيه درجة التواتر ، لأن درجة احتمالها ستهبط إلى أدنى المستويات إلى أن تتلاشى بفعل قوة الوجه الآخر المؤيد بالتواتر.

وقد مر ما له صلة بهذا في صفة تأويل الخبر عند الشيخ قدس سره ، ونعني به الخبر المختلف الذي لم يترجح من وجوهه المحتملة سوى وجه واحد فقط ، وكان المقتضي للحمل عليه خبر متواتر.

وجدير بالذكر هنا هو أن المقتضي لحمل الخبر المختلف على أحد الوجوه قد لا يكون مقتضيا لذلك في الواقع ، وإنما خفي على صاحب التأويل ذلك ، فأخذ بالمحتمل الضعيف ، أو بما هو ليس بمحتمل أصلا وعده راجحا وترك الراجح بعد أن جعله محتملا ، كما نشاهده في كثير من تأويلات علماء العامة لأخبار النزول مثلا!

ومن هنا يعرف السر وراء رد الشيخ الطوسي قدس سره لجملة كثيرة من تأويلات العامة سواء على مستوى تأويلهم للآيات - كما مر بنا في بيان دور الشيخ في التفسير وعلوم القرآن - ، أو الأخبار كتأويلهم حديث الغدير ، لأنه استطاع وبكل جدارة أن يضع المقتضي لتلك التأويلات على محك النقد ، ويكشف بالدليل عن هزاله وافتقاره لأي رصيد من الواقع.

وسيأتي - إن شاء الله تعالى - المزيد من التوضيح في مجال بيان دور

ص: 122

الشيخ في حقل الردود والنقود.

هذا ، وأما لو كان في الخبر الواحد المختلف عدة وجوه محتملة ، وترجح منها أكثر من وجه واحد ، أو كانت كلها راجحة ، فلا مانع من القول بصحتها جميعا عند اختلاف الحال ، لأنها لم تتوارد في آن واحد على فعل واحد وحال واحدة ، حتى يقال بأنها وجوه متنافية متدافعة لا يصح الحمل عليها!

وأي إشكال في حمل الخبر المختلف على وجه في حال ، وعلى آخر في غيره ، وعلى ثالث في غيرهما ، خصوصا بعد تأييد كل واحد منها بدليل معتبر؟! كما فعله الشيخ الطوسي في موارد كثيرة من التهذيبين ، حتى صار دوره في بيان وجوه الخبر وتعدد احتمالاته دور المؤسس والرائد الذي لم يسبقه إلى ذلك أحد.

وسوف نكتفي بمثال واحد من أمثلة بيان الشيخ لوجوه الخبر المختلف وتعدد احتمالاته ، وعلى النحو الآتي :

أورد الشيخ في باب الهبة المقبوضة ثلاثة من الأخبار الدالة على عدم جواز رجوع الواهب بهبته إذا خرجت إلى صاحبها ، بينما تضمن الباب خبرين آخرين بجواز الرجوع بالهبة بعد حيازتها إلا لذي رحم فإنه لا يرجع فيها.

والشيخ قدس سره بعد أن نفى التنافي بين تلك الأخبار ، بين أن الأخبار الثلاثة الأولى محتملة عدة أشياء ، وهي بحسب ما ذكره الشيخ :

1 - الاحتمال الأول : إنه إنما لم يجز إذا قبضت الرجوع فيها ، إذا كان عين الشئ قد استهلك ولا يكون قائما بعينه.

ثم أيد هذا الاحتمال برواية جميل بن دراج ، والحلبي ، عن

ص: 123

أبي عبد الله عليه السلام بأنه قال : «إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع ، وإلا فليس له» (1).

2 - الاحتمال الثاني : أن تكون بعوض منها ، فإنه إذا كان كذلك لم يجز له أيضا الرجوع فيها.

ثم أيد هذا الاحتمال برواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام بأنه قال : «إذا عوض صاحب الهبة فليس له أن يرجع» (2).

كما أيده برواية أخرى أخرجها عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وعبد الله بن سنان ، قالا : سألنا أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها إن شاء أم لا؟

فقال عليه السلام : «تجوز الهبة لذوي القربى ، والذي يثاب عن هبته ويرجع في غير ذلك إن شاء» (3).

3 - الاحتمال الثالث : أن يكون ذلك مخصوصا بذوي الأرحام البالغين ، لأن ذلك إذا قبضوها لا يجوز له الرجوع فيها.

ثم أحال الشيخ إلى ما تقدم سابقا من مؤيد لهذا الوجه ، كما أيده أيضا برواية سماعة ، قال : «سألته عن رجل تصدق بصدقه على حميم أيصلح له أن يرجع فيها؟

قال : لا ، ولكن إن احتاج فليأخذ من حميمه من غير ما تصدق به عليه» (4). 7.

ص: 124


1- الإستبصار 4 / 108 ح 412 باب 67.
2- الإستبصار 4 / 108 ح 413 باب 67.
3- الإستبصار 4 / 108 - 109 ح 414 باب 67.
4- الإستبصار 4 / 109 ح 415 باب 67.

4 - الاحتمال الرابع : أن يكون ذلك محمولا على الكراهية دون الحظر.

وقد دل عليه برواية إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من يرجع في هبته كالراجع في قيئه» ثم أوردها بعد ذلك من ثلاثة طرق عن الإمام الصادق عليه السلام.

ومن مراجعة الاحتمالات المذكورة وإمعان النظر في أدلتها ، تعلم قوتها وخلوها من أدنى تهافت يذكر ، إذ لا تناقض أو تعارض بينها أصلا.

وعليه : فلا مانع من قبولها لا سيما وأن الشواهد النقلية التي أسندها الشيخ إلى أهل البيت عليهم السلام - وهي صحيحة ومعتبرة - مؤيدة لجميع تلك الاحتمالات.

والشيخ - رضي الله تعالى عنه - لم يقتصر على ما استعرضناه من فقرات في مجال تيسير سبل التأويل الصحيح وكيفية الجمع بين الأخبار المختلفة ، بحملها على وجوه واحتمالات متعددة راعى فيها اختلاف الحال لكي لا تتهافت فيما بينها ، ولكي يكون جذرها - وهو الخبر المختلف أو المحتاج إلى شئ من المحامل الآتية - موافقا لما رواه في بابه من الأخبار المتفقة التي لا تحتاج إلى شئ من ذلك.

بل كانت له قدس سره محامل علمية أخرى طالما استخدمها لأجل تلك الغاية في تمحيص وتحقيق الأخبار التي أوردها في كتابيه : التهذيب والاستبصار ، وهذا ما سنكشفه من خلال الفقرات الآتية.

خامسا : حمل المجمل على المفصل :

المجمل : هو كل ما له دلالة غير واضحة ، وهو إما أن يكون لفظا ،

ص: 125

وحينئذ لا يعرف مراد المتكلم بالضبط ، أو فعلا فيجهل مراد الفاعل ، فالمجمل إذا هو اللفظ أو الفعل الذي لا ظاهر له ، وقد يسمى بالمبهم ، ولا فرق بينهما إلا من جهة التسمية.

وأما المفصل ، وقد يسمى بالمبين أيضا ، ولا فرق بينهما : فهو كل لفظ أو فعل له ظاهر يدل على مراد المتكلم أو قصد الفاعل.

ومن غير شك أن فهم الخبر غير الواضح في حكم ، لا يتم إلا بالرجوع إلى الواضح في ذلك الحكم نفسه. وهذا هو المراد واقعا من حمل المجمل على المفصل.

ولهذا نجد أن الشيخ الطوسي قدس سره قد عني عناية واضحة بجميع الأخبار المجملة ، وذلك بالرجوع إلى الأخبار المفصلة ، ليؤكد بذلك لأنصاف المتعلمين ونظائرهم بأن ما أثاروه حيال الأخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام لا حقيقة له ولا واقع ، لأنها لم تكن في حقيقتها متعارضة ما دام الضابط الكلي في الخبرين تكاذب دليلهما على وجه يمتنع اجتماع صدق أحدهما مع صدق الآخر ، حتى ضرب بذلك أروع الأمثلة الدالة على دوره العظيم في تنقيح الأخبار وتهذيبها مع الكشف عن دلالتها وحقيقتها.

ومن طرائقه في ذلك هو حمل المجمل على المفصل - كما أشرنا إليه - ، وله أمثلة شتى في التهذيبين :

منها : ما أخرجه مضمرا في باب الرجل يشتري المملوكة فيطأها فيجدها حبلى ، بسنده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألته عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى؟ قال : " يردها ويرد معها

ص: 126

شيئا» (1).

وبما أن الشيخ قد أخرج في الباب المذكور أخبارا أخر عن ابن سنان ، وعبد الملك بن عمرو ، وسعيد بن يسار ، وفضيل مولى محمد بن راشد ، وكلها توضح أن الذي يرد مع الجارية في مثل هذه الحالة هو نصف عشر قيمتها ، لنكاحه إياها.

لذا قال : «فالوجه في قوله : (ويرد معها شيئا) : أن يحمل على نصف عشر ثمنها ، لأن (الشئ) منكر ، وهو مجمل يحتاج إلى بيان ، والأخبار الأوله مفصلة ، فينبغي أن يحمل هذا الخبر عليها» (2).

ومنها : حمله إعادة طواف من لم يتوضأ الواردة في روايات زرارة ، وأبي حمزة ، وعلي بن جعفر في باب من طاف على غير طهور ، على طواف الفريضة لا طواف النافلة كما هو مفصل في رواية محمد بن مسلم وروايتي زرارة (3) ، لإجمال الحكم في الطائفة الأولى من الروايات وتفصيله في الثانية.

وهذا هو ما أفتى به في التهذيب بقوله في باب الطواف : «ومن طاف على غير وضوء أو طاف جنبا ، فإن كان طوافه طواف الفريضة فليعده ، وإن كان طواف السنة توضأ أو اغتسل ، فصلى ركعتين ، وليس عليه إعادة الطواف» ، ثم أيد تلك الفتوى بجملة من الأخبار الصحيحة (4). 9.

ص: 127


1- الإستبصار 1 / 81 ح 275 باب 52.
2- الإستبصار 3 / 81 ذ ح 275 باب 52.
3- الإستبصار 2 / 222 - 223 ح 764 و 766 و 767 باب 145.
4- تهذيب الأحكام 5 / 116 ذ ح 377 ، وانظر : ما بعده من باب 9.

وهناك موارد أخرى كثيرة حمل فيها المجمل على المفصل ولا حاجة إلى تفصيلها (1) ، ومنها يظهر ما بذله الشيخ من جهود عظيمة في مراجعة ).

ص: 128


1- أنظر - على سبيل المثال لا الحصر - تعليقات الشيخ على الأحاديث الآتية : 1 - تهذيب الأحكام 3 / 37 ح 131 باب 3 (أحكام الجماعة). 2 - تهذيب الأحكام 7 / 62 ح 272 باب 5 (العيوب الموجبة للرد). 3 - تهذيب الأحكام 7 / 247 ح 1073 باب 4 (ضروب النكاح). 4 - تهذيب الأحكام 7 / 283 ح 1197 باب 25 (فيمن أحل الله نكاحه). 5 - تهذيب الأحكام 7 / 287 ح 1208 باب 25 (فيمن أحل الله نكاحه). 6 - تهذيب الأحكام 8 / 155 ح 537 باب 6 (عدد النساء) وفيه الإشارة إلى مصطلح (الحكومة) الذي ادعى بعضهم اكتشافه من قبل المتأخرين ، وتحديدا من قبل الشيخ الأنصاري قدس سره ، فراجع! 7 - تهذيب الأحكام 10 / 218 ح 858 باب 17 (الاثنان إذا قتلا واحدا). 8 - الإستبصار 2 / 7 ح 16 باب 2 (الزكاة في سبائك الذهب والفضة). 9 - الإستبصار 2 / 26 ح 74 باب 11 (أن الزكاة إنما تجب بعد إخراج مؤنة السلطان). 10 - الإستبصار 2 / 183 ح 607 باب 109 (جواز أكل ما له رائحة طيبة من الفواكه). 11 - الإستبصار 2 / 219 ح 753 باب 142 (من طاف ثمانية أشواط). 12 - الإستبصار 3 / 33 ح 115 باب 18 (ما تجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدعي). 13 - الإستبصار 3 / 103 ح 362 باب 68 (إعطاء الغنم بالضريبة). 14 - الإستبصار 3 / 139 - 140 ح 502 باب 90 (حكم ولد الجارية المحللة). 15 - الإستبصار 3 / 164 ح 598 باب 107 (الرجل يزني بالمرأة هل يحل لأبيه أو ابنه أن يتزوجها ...). 16 - الإستبصار 4 / 9 ح 28 باب 5 (الرجل يعتق عبده عند الموت وعليه دين). 17 - الإستبصار 4 / 115 ح 437 باب (إقرار بعض الورثة لغيره بدين على الميت).

وتدقيق ما أجمل في مكان وفصل في آخر.

سادسا : حمل المطلق على المقيد :

المطلق : هو اللفظ الدال على الماهية لا يقيد ، كقوله تعالى : (فتحرير رقبة) (1) ، والمقيد في مقابله ، كقوله تعالى : (ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة) (2).

والمطلق تارة يكون في المفردات كاسم الجنس ، وعلم الجنس ، والنكرة ، وتارة يكون في الجمل كصيغة (إفعل) ، والجملة الشرطية ، وقد فصل الكلام عنهما في كتب الأصول لدى الفريقين.

وجدير بالذكر هنا قبل بيان أمثلة هذا الحمل من التهذيب ، هو أن هذا الحمل لا يكون مطلقا في جميع الأحوال ، كما هو مقرر في علم الأصول ، إذ ربما عملوا بالمطلق والمقيد معا من دون إلغاء المطلق ، ومن دون أن يترتب على ذلك محذور ، كما لو جاء الخبر مثلا باستحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، ثم جاء خبر آخر باستحباب الزيارة يوم عاشوراء. فهذا لا يعني أنه قيد للزيارة بهذا اليوم ، بل يفيد تأكيد الاستحباب.

وعلى أية حال فإن الشيخ قدس سره قد راعى في الحمل المذكور عدم إمكانية العمل بالمطلق مع وجود المقيد له ، أو المقيدات.

ومثال الأول : ما أورده بسند صحيح عن الحلبي ، عن أبي عبد الله 2.

ص: 129


1- سورة المائدة 5 : 89.
2- سورة النساء 4 : 92.

عليه السلام ، أنه قال : «لا تقبل الأرض بحنطة مسماة ، ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس ، لا بأس به ، وقال : لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس» (1).

وقد روى قبل هذا مباشرة جملة من الأخبار في معناه.

وهنا قيد الشيخ كراهية أجرة الأرض بالحنطة والشعير فيما لو زرعت فيها وأعطى صاحبها منها ، بناء على وجود المقيد لحكم الكراهية المطلق في تلك الأخبار ، فقال : «قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار كلها مطلقة في كراهية إجارة الأرض بالحنطة والشعير ، وينبغي أن نقيدها ، ونقول : إنما يكره ذلك إذا أجرها بحنطة تزرع فيها ويعطي صاحبها منها ، وأما إذا كان من غيرها فلا بأس بذلك ، يدل على ذلك ...» (2).

ثم أخرج ما يؤيد هذا الحمل من الأخبار : وهكذا في كل مورد حمل فيه المطلق على المقيد ، إذ لا بد وأن يبين المقيد ويكثر من طرقه سواء قبل الحمل المذكور أو بعده (3).

ومثال الثاني : ما جاء في باب من استأجر أرضا بشئ معلوم ثم أجرها بأكثر من ذلك .. فقد أورد الشيخ فيه ثلاثة أخبار كلها تدل على جواز إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها ، نكتفي بذكر آخرها ، وهو ما ا.

ص: 130


1- الإستبصار 3 / 128 ح 459 باب 85 (ما يكره به إجارة الأرضين).
2- الإستبصار 3 / 128 ذ ح 459.
3- أنظر على سبيل المثال : الإستبصار 3 / 21 ذ ح 62 باب 15 (شهادة الأجير) ، 3 / 99 ذ ح 342 باب 64 (بيع السيوف المحلاة بالفضة ...) ، 3 / 114 - 115 ذ ح 408 باب 17 (النهي عن الإحتكار) ، 4 / 11 ذ ح 32 باب 6 (من أعتق مملوكا له مال) ، وغيرها.

أخرجه عن أبي المعزا (1) ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في الرجل يستأجر

الأرض ثم يؤجرها بأكثر مما استأجرها؟

فقال عليه السلام : «لا بأس ، إن هذه ليس كالحانوت ولا الأجير ، إن فضل الحانوت والأجير حرام» (2).

وهنا قال الشيخ معقبا على تلك الأخبار :

«قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار مطلقة في جواز إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها ، وينبغي أن نقيدها بأحد أشياء ...».

وإليك هذه الأشياء المقيدة مع أدلتها على التقييد ، وهي باختصار :

الأول : جواز إيجار الأرض بالنصف أو الثلث أو الربع إذا كان قد استأجرها بدراهم أو دنانير معلومة حتى وإن علم بأن إيجارها كان أكثر من ذلك.

وقد أيد هذا برواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام.

الثاني : إذا استأجر الرجل الأرض بالثلث أو الربع جاز له أن يؤجرها بالنصف ، لأن الفضل إنما يحرم إذا كان استأجرها بدراهم وأجرها بأكثر منها ، وعلى هذا الوجه فلا بأس.

وقد أيد هذا برواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ، وبرواية إسحاق بن عمار عنه عليه السلام أيضا. 6.

ص: 131


1- هو حميد بن المثنى : وقد وقع الاختلاف الكثير في ضبط كنيته ، انظر : خاتمة مستدرك الوسائل 5 / 356 هامش رقم 14 من الفائدة الخامسة ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.
2- الإستبصار 3 / 129 ح 464 باب 86.

الثالث : جواز إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها فيما لو أحدث فيها حدثا ، فأما قبل ذلك فلا ينبغي له أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها ، وهو الأحوط في الدين.

وقد أيد هذا برواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي - وهي غير ما تقدم - عن أبي عبد الله عليه السلام.

الرابع : يجوز للرجل أن يؤجر بعضا من الأرض بأكثر من مال إجارة الأرض ، وله أن يتصرف بالباقي.

وقد أيد هذا برواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام (1).

ومن هنا يعلم بأن فائدة ما بينه الشيخ من حكم تلك الأخبار المطلقة بحملها على أحد المقيدات ، تنطوي على فوائد أخر ، ولعل من أهمها غلق منافذ الطعن بأخبار الشيعة بأنها متنافية متضادة.

سابعا : تخصيص العام :

العام والخاص من المباحث الأصولية المهمة ، وهما - كما يقول الشيخ المظفر - من المفاهيم الواضحة البديهية التي لا تحتاج إلى التعريف (2).

وتنبع أهميتهما من خلال معرفتنا بخطورة العمل بالعام وترك الخاص استبدادا برأي ، وجهلا به ، أو تقصيرا في تحصيله.

وإلى هذا يشير كلام أمير المؤمنين الإمام علي صلوات الله وسلامه 9.

ص: 132


1- أنظر كلام الشيخ ومؤيدات كلامه من الأخبار المقيدة في الإستبصار 3 / 129 - 131 ح 465 - 469 باب 86.
2- راجع : أصول الفقه - للشيخ المظفر - 1 / 139.

عليه ، إذ سأله سائل عن أحاديث البدع وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر ، فقال عليه السلام : «إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعاما وخاصا ... وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس.

رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام ... - إلى أن قال عليه السلام : - وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله ... فحفظ الناسخ فعمل به ، وحفظ المنسوخ فجنب عنه ، وعرف الخاص والعام فوضع كل شئ موضعه ...

وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان : فكلام خاص ، وكلام عام فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ، ولا ما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه ، وما قصد به ، وما خرج من أجله ... فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم».

ويستفاد من هذا النص الشريف أمور :

1 - وجود عمومات في الأحاديث الشريفة.

2 - وجود مخصصات لتلك العمومات ، حتى شاع عند الأصوليين بأنه ما من عام إلا وقد خصص.

3 - ضرورة معرفة العام والخاص لتجنب مخالفة الشارع.

4 - ذم من يأخذ بالعام ويدع الخاص عن تقصير.

ومن كل هذه الأمور يعلم أن الفحص عن المخصص لا بد منه قبل العمل بالعام ، لكي يوضع الشئ موضعه.

ومن هنا نجد الشيخ الطوسي قدس سره قد أولى مهمة الفحص عن الخاص

ص: 133

قبل العمل بالعام عناية كبيرة ، إذ أشار إلى موارد العموم والخصوص في الأخبار في مواضع عدة من كتابيه التهذيب والاستبصار.

وجدير بالذكر هنا ، هو أن الشيخ الطوسي قدس سره قد صرح في الإستبصار بأن الأخبار العامة لا يجوز تخصيصها بخبر الواحد (1) ، كما منع تخصيص عام القرآن الكريم بخبر الواحد أيضا (2).

وهذا مع مخالفته للمشهور - إذ ادعي الإجماع على جواز التخصيص بخبر الواحد (3) - إلا أن هذا التصريح يعد في الواقع وثيقة في غاية الأهمية ، لأنها تؤكد صحة ما تقدم سابقا من طريقة الشيخ في الاكتفاء ببعض الأخبار لا جميعها في مقام بيان أدلته على صحة التأويل والجمع بين الأخبار ، مجتنبا بذلك التطويل ومراعيا الاختصار.

ويدل على ما ذكرناه هناك أيضا أنه قدس سره قد خصص بعض الأخبار العامة - في موارد كثيرة من التهذيبين - بأخبار لم تبلغ بعضها - بطرقها المذكورة - حد التواتر أو حد الشهرة في الرواية ، بل هي في الظاهر من أخبار الآحاد ، وفي الواقع ليست منها ، لأن الشيخ قدس سره لم يعن بإيراد سائر طرقها ، كما أنه لم يحشد في كتابيه جميع ما روي في مضمونها ليصبح الخبر أو مضمونه متواترا أو مشهورا ، وإنما جرى على عادته ، ولهذا بدت تلك الأخبار وكأنها من الآحاد ، وهذا لا يستقيم مع تصريحه المذكور.

وعليه : فهي إما أن تكون متواترة لفظا أو معنى ، أو محتفة بقرائن قطعية ألحقتها بالمتواتر من جهة كونها موجبة للعلم والعمل ، وإما أن تكون 9.

ص: 134


1- أنظر : الإستبصار 3 / 118 ذ ح 419 باب 78 (عدد الذين تثبت بينهم الشفعة).
2- العدة في أصول الفقه 1 / 344 ، في بحث العام والخاص.
3- قاله الشيخ المظفر في أصول الفقه 1 / 159.

من الأخبار المشهورة.

وهذه الإشارة لا بد منها ، لكي لا يتسرع أحد فيجزم اعتباطا بأن ما اعتمده الشيخ كمخصص إنما هو من أخبار الآحاد!!

وهذا وإن كان لا يضر بنظر المشهور ، إلا أنه يضر برتبة المخصص عند من لا يعلم ، وربما ينجر الكلام إلى المناقشة في إسناده ، ومن ثم تصنيفه بحسب الاصطلاح!! مع أنه لم يكن في واقعة كذلك ، إذ لا يمكن اجتماع تصريح الشيخ بعدم جواز التخصيص بخبر الواحد مع الجزم بجواز ذلك عنده ولو في مورد واحد ، لأنه من تقابل النقيضين الممنوع اجتماعهما ببديهة العقل.

هذا ، وأما عن موارد تخصيص العام عند الشيخ رحمه الله وأرضاه ، فقد كانت على عدة أنحاء ، نذكر منها :

التخصيص برواية واحدة :

قد يخصص الشيخ الخبر العام أو الأخبار العامة برواية واحدة فقط تعويلا منه على منهجه في اختصار الأدلة ، ويدل عليه ما أخرجه في باب من قتله الحد ، بسنده عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «إيما رجل قتله الحد والقصاص فلا دية له» (1).

ونظيره خبر زيد الشحام ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قتله القصاص ، هل له دية؟

فقال عليه السلام : «لو كان ذلك لم يقتص من أحد ، ومن قتله الحد فلا دية 4.

ص: 135


1- الإستبصار 4 / 278 - 279 ح 1055 باب 164.

له» (1).

وبما أن هذين الخبرين عامان في سقوط دية من قتله الحد ، فقد خصهما الشيخ فيما إذا كان الحد من حدود الله عزوجل دون غيرها ، اعتمادا على رواية واحدة ، فقال قدس سره : «قال محمد بن الحسن : هذان الخبران وردا عامين ، وينبغي أن نخصهما ، بأن نقول :

إذا قتلهما حد من حدود الله فلا دية له من بيت المال ، وإذا مات في شئ من حدود الآدميين كانت ديته على بيت المال ، يدل على ذلك ...» (2).

ثم استدل بعد هذا برواية الحسن بن محبوب الصريحة في هذا المعنى.

ومثل هذا الترخيص ما جاء في باب ما يختص به الولد الأكبر إذا كان ذكرا من الميراث ، فقد أخرج فيه ستة أخبار في معنى عام (3) ولكنه خصها برواية شعيب العقرقوفي فقط (4).

ولا يخفى أنه من غير الممكن أن يقدم الشيخ على تخصيص تلك الأخبار برواية هي من الآحاد مع تصريحه بعدم الجواز ، خصوصا أنه إذا رجعنا إلى الأخبار الستة نجدها مخرجة عن الثقات وصولا إلى أصحاب الأئمة عليهم السلام ، مثل حريز ، وربعي بن عبد الله ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وبكير ، وفضيل بن يسار ، وأبي بصير. 0.

ص: 136


1- الإستبصار 4 / 279 ح 1056 باب 164.
2- الإستبصار 4 / 279 ذ ح 1056 باب 164.
3- الإستبصار 4 / 144 - 145 ح 538 - 543 باب 90.
4- الإستبصار 4 / 145 ح 544 باب 90.

التخصيص بروايتين :

ويدل عليه ما جاء في باب شهادة الأجير ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يجيز شهادة الأجير» (1).

وهذا الخبر عام في عدم جواز شهادة الأجير ، ولكن الشيخ خصه بالأجير الذي يشهد لمن هو أجير له ، وأما بغير ذلك فتقبل شهادته ، مستدلا على ذلك برواية صفوان عن أبي الحسن عليه السلام (2) ، وهما مطابقتان لما ذكره الشيخ قدس سره.

التخصيص بما زاد على روايتين :

قد يتوسع الشيخ أحيانا بذكر بعض المخصصات ، فيذكر منها ثلاث روايات ، أو يحيل على ما تقدم من روايات مخصصة سواء في باب واحد أو بابين ، ويدل عليه ما جاء في باب جواز أن تحج المرأة عن الرجل ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال : «تحج المرأة عن أخيها ، وعن أختها ، وقال : تحج المرأة عن أبيها» (3).

وفي خبر آخر ، عن معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يحج عن المرأة والمرأة تحج عن الرجل؟ ).

ص: 137


1- الإستبصار 3 / 21 ح 62 باب 15.
2- الإستبصار 3 / 21 ذ ح 62 و 63 و 64 باب 15.
3- الإستبصار 2 / 322 ح 1140 باب 220 ، تهذيب الأحكام 5 / 413 ح 1438 باب 36 (الزيادات في فقه الحج).

قال : «لا بأس» (1).

وبما أن هذين الخبرين قد وردا عامين في جواز حج المرأة عن الرجل على كل حال ، فقد خصهما الشيخ بمن حجت حجة الإسلام قبل ذلك ، وأما لو كانت صرورة لم يجز لها أن تحج عن الرجل. وقد أيد هذا المعنى برواية مصادف ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : تحج المرأة عن الرجل؟

قال : «نعم ، إذا كانت فقيهة [أي عارفة بمناسك الحج] مسلمة ، وكانت قد حجت ، رب امرأة خير من رجل» (2).

وكذلك برواية كل من زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام ، وبرواية سليمان بن جعفر عن الإمام الرضا عليه السلام ، وكلاهما في معنى الرواية

الأولى (3).

ومنه أيضا ما جاء في باب ما يحل للمملوك من النساء بالعقد ، إذ أخرج فيه أربعة أخبار تدل على أن المملوك لا يجوز له أن يعقد على أكثر من امرأتين ، نكتفي بذكر أحدها ، وهو ما رواه بسنده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «لا يجمع المملوك من النساء أكثر من امرأتين» (4). 3.

ص: 138


1- الإستبصار 2 / 322 ح 1141 باب 220 ، تهذيب الأحكام 5 / 413 ح 1437 باب 26.
2- الإستبصار 2 / 322 ح 1142 باب 220 ، وتهذيب الأحكام 5 / 413 ح 1436 باب 26.
3- انظرهما : في الإستبصار 2 / 323 ح 1143 و 1144 باب 220 ، تهذيب الأحكام 5 / 414 ح 1439 و 1440 باب 26.
4- الإستبصار 3 / 213 ح 773 ، وانظر كذلك ح 771 و 772 و 774 باب 123.

وهنا قال الشيخ : «قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار عامة في أنه لا يجوز له أن يعقد على أكثر من امرأتين ، وينبغي أن نخصها بأن نقول : لا يجوز له أن يعقد على أكثر من حرتين ، فأما الإماء فإنه يجوز له أن يعقد على أربع منهن ، والذي يدل على ذلك ...» (1).

ثم أيد هذا التخصيص بجملة من الروايات ، كرواية محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : «سألته عن العبد يتزوج أربع حرائر؟

قال : «لا ، ولكن يتزوج حرتين ، وإن شاء تزوج أربعة إماء» ، ثم أورد بعد ذلك أربع روايات أخر مخصصة للعام المذكور في الروايات المتقدمة (2).

ومنه أيضا تخصيصه لعام في باب بما ورد له من مخصص في باب آخر ، ومثاله ما جاء في باب الرجل إذا زوج مملوكته عبده .. عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وعن شعيب العقرقوفي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وكلاهما صريحان بعدم جواز طلاق العبد وإنما ذلك لمولاه (3).

وبما أن هذين الخبرين دلا على أن العبد لا يملك الطلاق على نحو عام ، فقد خصهما الشيخ بما إذا كان العبد متزوجا بأمة مولاه ، وأما لو كان متزوجا بأمة غير مولاه ، أو بحرة فإنه يقع منه الطلاق (4) ، محيلا على ما تقدم على ذلك من أدلة التخصيص في باب سابق (5). ).

ص: 139


1- الإستبصار 3 / 213 ذ ح 774 باب 123.
2- أنظرها جميعا في الباب المذكور من الإستبصار 3 / 213 - 214 ح 775 - 779.
3- الإستبصار 3 / 214 - 215 ح 780 و 781 باب 134.
4- الإستبصار 3 / 215 ذ ح 781 باب 134.
5- أنظر : الإستبصار 3 / 205 ح 740 و 741 باب 128 (أن المملوك إذا كان متزوجا بحرة كان الطلاق بيده).

وإلى غير ذلك من الأدلة الأخرى على تخصيص العام التي تكشف عن عناية الشيخ البالغة في الفحص عن المخصص قبل العمل بالعام ، وفيه ما يكفي على دور الشيخ في دراية الحديث وروايته.

ثامنا : الحمل على الإنكار دون الإخبار :

هناك جملة من الروايات تفيد بظاهرها الإخبار - بكسر الهمزة - عن شئ ببيان حكمه ، وهي في الواقع بخلاف ظاهرها ، لأنها ليست سوى مجرد الإنكار لهذا الحكم والتعجب ممن يقول به ، نظير ما لو قال أب مسلم لولده : يجوز لك ترك الصلاة؟!!

ولو أردنا بيان المراد من العبارة بدون الاعتماد على أية قرينة ، فليس أمامنا سوى معنى واحد لها ، وهو تجويز الأب لولده ترك صلاته.

وأما لو تعاملنا مع العبارة على أساس آخر ، لكان المعنى شيئا آخر تماما ، ومعنى هذا : إنا حملنا العبارة على تنبيه الأب ولده بسوء فعله وتعجبه من ترك صلاته .. وهكذا في كل عبارة يكون ظاهرها الإقرار بشئ وباطنها إنكاره.

وأما عن الروايات الواردة على هذه الشاكلة ، فهي وإن كانت واضحة المراد بالنسبة لمن خوطب بها ، لتوفر القرائن الحالية لديه ، كحركة يد الإمام عليه السلام ، أو ارتفاع حاجبيه ونحو ذلك مما يعرف من خلاله رضا المتكلم أو رفضه لشئ دون آخر ، هذا فضلا عن توفر القرائن المقالية الأخرى لدى أصحاب الأئمة عليهم السلام أكثر من غيرهم ، وهذا بطبيعة الحال

ص: 140

يجعلهم أكثر استعدادا لفهم كلام الأئمة عليهم السلام ، وتوجها إلى مرادهم.

ولكنها قد تكون ليست بتلك الدرجة من الوضوح عند الآخرين ، لا سيما الذين لم ينعموا بعصر النص ، وربما خفيت دلالتها على الكثيرين منهم أو أكثرهم ، وإلا لما احتاج الشيخ إلى التنبيه عليها لو كانت بتلك الدرجة من الوضوح ، بل لما احتاج إلى ذكر الدليل المؤيد لكلامه عنها.

ومن أمثلتها : ما نقله في باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه ، عن الشيخ المفيد في المقنعة ، فقال : «قال الشيخ [أي :

المفيد] رحمه الله : ولا يأكل من صيد البر وإن كان صاده غيره ، محلا كان الصائد أو محرما ، ولا يدل على الصيد» (1) ، ثم بين الشيخ الطوسي مستند هذه الفتيا من الأخبار مكتفيا بذكر ثلاثة منها (2) ، وقال :

«وأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن أبي شجرة ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح محلين؟ قال : لا يشهد. ثم قال : يجوز للمحرم أن يشير بصيد على محل؟!!» (3).

وهنا قد يظن بأن المراد من القول الثاني للإمام عليه السلام هو الإخبار عن إباحة ما ذكر للمحرم ، بينما المراد هو إلفات نظر المخاطب إلى شئ معروف من سنتهم وأخبارهم عليهم السلام على طريقة الإنكار والتعجب ، وجاء

على سبيل تقريب حكم شهادة المحرم على نكاح محلين ، لا على جهة 4.

ص: 141


1- تهذيب الأحكام 5 / 314 ذ ح 1083 باب 24.
2- تهذيب الأحكام 5 / 314 - 315 ح 1084 - 1086 باب 24.
3- تهذيب الأحكام 5 / 315 ح 1087 باب 24.

القياس ، وإنما لوضوح المراد في القول الثاني عند المخاطب بقرينة الحال أو المقال.

وهذا هو ما أكده الشيخ قدس سره ، بقوله : «قوله عليه السلام : يجوز للمحرم أن يشير بصيد على محل» إنكار وتنبيه على أنه : إذا لم يجز ذلك فكذلك لا تجوز الشهادة على عقد المحلين. ولم يرد عليه السلام بذلك الإخبار عن إباحته على كل حال» (1).

وهذا الحمل زيادة على فائدته في تبيين المراد ، فإن فيه فائدة أخرى ، وهي إزالة ما قد يحصل من اشتباه بوجود التنافي بين هذا الخبر والأخبار المتقدمة في بابه والمصرحة بأن المحرم لا يجوز له أن يدل على الصيد ، وإلا فعليه الفداء.

وقد نبه الشيخ على عدم التنافي بينهما في الإستبصار في باب ما يلزم المحرم من الكفارات (2).

ومثل هذه الرواية ، رواية عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن الرجل يصيب خطافا في الصحراء أو يصيده ، أيأكله؟ فقال عليه السلام : «هو مما يؤكل؟!!» (3).

قال الشيخ : «فالوجه في قوله عليه السلام : «هو مما يؤكل» أن نحمله على التعجب من ذلك دون الإخبار عن إباحته ، ويجري ذلك مجرى أحدنا إذا رأى إنسانا يأكل شيئا تعافه الأنفس [فقال له :] هذا شئ يؤكل؟!! وإنما 5.

ص: 142


1- تهذيب الأحكام 5 / 315 ذ ح 1087 باب 24.
2- الإستبصار 2 / 188 ذ ح 630 باب 115.
3- الإستبصار 4 / 66 - 67 ح 240 باب 115.

يريد تهجينه لا إخباره عن جواز ذلك» (1).

وقد جاء هذا الكلام في باب كراهية لحم الخطاف ، وقد أخرج الشيخ في أول الباب عن أهل البيت عليهم السلام ما يدل على ذلك.

تاسعا : الحمل على الرخصة :

ويدل عليه جملة من الأخبار التي جاءت الرخصة فيها بعمل شئ في حال لم يرخص فيه في حال آخر ، نكتفي بمثال واحد منها ، وهو ما جاء في باب أجر المغنية ، فقد أورد الشيخ أربعة أحاديث كلها تدل على حرمة أجر المغنية والتشديد في ذلك إلى أبعد الحدود (2).

ثم أخرج بعد ذلك ثلاثة أخبار تدل على جواز كسب المغنية التي تزف العرائس ، إذ نفي البأس عنه في تلك الأخبار (3). وهنا قال الشيخ :

«والوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا تتكلم بالأباطيل ، ولا تلعب بالملاهي من العيدان وأشباهها ، ولا بالقصب وغيره ، بل يكون ممن تزف العروس وتتكلم عندها بإنشاد الشعر ، والقول البعيد عن الفحش والأباطيل. فأما من عدا هؤلاء ممن يتغنين بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حال ، سواء كان في العرائس أو غيرها» (4).

وهناك موارد أخرى حملها الشيخ على الرخصة ، وهي كلها مضيقة بشروط وقيود باعتبارها استثناءات روعي فيها الزمان والمكان (5).).

ص: 143


1- الإستبصار 4 / 67 ذ ح 240 باب 43.
2- الإستبصار 3 / 61 ح 201 - 204 باب 36.
3- الإستبصار 3 / 62 ح 205 - 207 من الباب السابق.
4- الإستبصار 3 / 62 ذ ح 207 باب 36.
5- أنظر : تهذيب الأحكام 3 / 273 ذ ح 790 باب 25 (فضل المساجد والصلاة فيها وفضل الجماعة وأحكامها) ، الإستبصار 1 / 217 ذ ح 768 باب (النهي عن تجصيص القبر وتطيينه) ، وج 1 / 278 ح 1010 باب 151 (في أول وقت نوافل الليل) ، وج 1 / 281 ح 1023 باب 153 (آخر وقت صلاة الليل) ، وج 2 / 269 ذ ح 953 باب 183 (من اشترى هديا فوجد به عيبا).

عاشرا : الحمل على موارد مخصوصة :

قد يحمل الشيخ الحكم الوارد في بعض الأخبار على قضية معينة ويقصره عليها بحيث لا يتعداها إلى غيرها ، لعدم جواز تعدي الحكم إلى غيرها نظرا لثبوت ذلك عن طريق الأثر.

ولم أجد لهذا الحمل سوى مثال واحد في التهذيب ، وربما فاتني غيره ، وإنما أحببت الإشارة إليه لغرض بيان جملة المحامل والتوجيهات التي أبداها الشيخ في كتابيه والتي تهدف إلى تيسير سبل التأويل وكيفية الجمع بين الأخبار ، لكي تتضح بالنتيجة جهود الشيخ بصورة أقرب إلى الكمال في مجال رفع التناقض والاختلاف والقضاء والتباين في بعض الأخبار ، وبما يؤدي أيضا إلى معرفة دور الشيخ قدس سره في الحديث الشريف وعلومه ، وتقييمه التقييم الصحيح كما ينبغي في هذه الدراسة.

هذا ، وأما عن المثال المشار إليه فهو ما جاء في باب الزيادات في الوصايا ، بسنده عن وصي علي بن السري ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : إن علي بن السري توفي فأوصى إلي ... وإن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له فأمرني أن أحرمه من الميراث؟

قال : فقال لي عليه السلام : «أخرجه ، فإن كنت صادقا فسيصيبه الخبل ...».

ثم ذكر بعد ذلك كيف أن جعفرا قدم الوصي إلى القاضي أبي يوسف

ص: 144

- صاحب أبي حنيفة - طالبا ميراث أبيه ، وكيف أن الوصي على

الميراث أخبر أبا يوسف بما جرى له مع أبي الحسن موسى عليه السلام وأنه عليه السلام أمر بإخراج جعفر من الميراث ، حتى أن أبا يوسف استحلفه ثلاث مرات على ذلك ، فحلف له بأن هذا هو قول الإمام سلام الله عليه ، وكيف أن أبا يوسف لم يتعد هذا القول وأمر به أيضا ، ثم اعتراف الوصي بأن جعفرا أصابه الخبل بعد ذلك ، مع شهادة أبي محمد الحسن بن علي الوشاء برؤية جعفر وقد أصابه الخبل (1).

وبما أن الثابت عدم جواز إخراج ابن الميت من الميراث استنادا إلى قول الموصي ، لذا فالحكم الوارد في هذه القضية هو حكم خاص بها ولا يتعدى به إلى غيرها ، وهو الذي نبه عليه الشيخ بقوله :

«قال محمد بن الحسن : هذا الحكم مقصور على هذه القضية لا يتعدى به إلى غيرها ، لأنه لا يجوز أن يخرج الرجل من الميراث المستحق بنسب شائع بقول الموصي وأمره أن يخرج من الميراث إذا كان نسبه ثابتا ظاهرا وميلاده مشهورا. والذي يدل على ذلك ...» (2).

ثم أخرج بعد ذلك من روايات أهل البيت عليهم السلام ما يدل على صحة قوله قدس سره.

الحادي عشر : الحمل على الضرورة دون الاختيار :

للضرورة أحكام خاصة بنظر الشارع المقدس ، ولهذا فقد تبيح 0.

ص: 145


1- تهذيب الأحكام 9 / 235 ح 917 باب 20.
2- تهذيب الأحكام 9 / 235 ذ ح 917 باب 20.

المحظور في حالة ، وتجعل المباح محظورا في حالة أخرى ، فهي من الأحكام الثانوية الباقية ببقاء أسبابها ، وعند زوال أسبابها يرجع إلى الحكم الأولي بلا خلاف.

ومستند أحكام الضرورة مأخوذ من القرآن الكريم ، والسنة الثابتة.

أما من القرآن الكريم ، فيدل عليه :

قوله تعالى : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (1).

وقوله تعالى : (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) (2).

وقوله تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (3).

وقوله تعالى : (إلا ما اضطررتم إليه) (4).

وقوله تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (5).

وأما من الحديث الشريف ، فيدل عليه :

قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المروي في كتب الفريقين : «رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة» (6). ل.

ص: 146


1- سورة الحج 22 : 78.
2- سورة البقرة 2 : 173.
3- سورة البقرة 2 : 195.
4- سورة الأنعام 6 : 119.
5- سورة البقرة 2 : 185.
6- كتاب التوحيد - للصدوق - : 353 ح 24 باب الاستطاعة ، وانظر : الخصال : 417 ح 9 باب التسعة ، من لا يحضره الفقيه 1 / 36 ح 132 باب 14 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 74 ح 157 ، وأخرجه في وسائل الشيعة عن التوحيد والخصال.

وقد أورد الشيخ جملة من الأحاديث التي تتضمن هذه الحقيقة القرآنية النبوية ، وبما أنه قد يشتبه بمخالفة حكمها للحكم الأولي ، فقد نبه الشيخ على أنها محمولة على حال الضرورة لا الاختيار ..

ومن هذه الأحاديث ما جاء في باب الطيب من أبواب ما يجب على المحرم اجتنابه ، بسنده عن جعفر بن بشير ، عن إسماعيل (1) ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن السعوط للمحرم فيه طيب؟ فقال عليه السلام : «لا بأس» (2).

قال الشيخ : «فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على حال الضرورة دون حال الاختيار ، يدل على ذلك ...» (3).

ثم أورد ما يدل على جواز استعمال الطيب المحرم على المحرم عند الضرورة كما لو كان سعوطا فيه مسك (4). 4.

ص: 147


1- لعله إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، أو الخزاعي ، أو الجعفي.
2- الإستبصار 2 / 179 ح 594 باب 106 ، وانظر : تهذيب الأحكام 5 / 298 ح 1011 باب 24 (ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه) وفيه : «وفيه طيب» ، وهو الأنسب.
3- الإستبصار 2 / 179 ذ ح 564 باب 106.
4- الإستبصار 2 / 179 ح 195 باب 106 ، وانظر : التهذيب 5 / 298 ح 1012 باب 24.

ويظهر من الخبر الثاني بناء الشيخ على أن الطيب المذكور في الخبر الأول هو من الطيب المحرم ، وهو أربعة أنواع كما في روايات أخر في التهذيب (1) ، ولهذا حمله على الضرورة.

وأما لو كان المراد به من غير الأنواع المحرمة فالحمل عليه هو المتعين ، ولهذا قال في الوسائل : «أقول : حمله الشيخ على الضرورة لما مر ، ويمكن حمله على غير الأنواع المحرمة» (2).

أقول :

لعل الشيخ عرف المراد بالطيب من وجه آخر للخبر أو قرينة لم تصل إلينا ، كما لو وجد الخبر مثلا في كتاب وفيه تشخيص الطيب بالمسك ، ولكنه لم يروه لكون الطريق إليها نازلا ، فرواه من الطريق الأعلى غير المشتمل على ذلك التشخيص ، على أنه قدس سره يرى استحباب ترك ما عدا الأنواع الأربعة وإن لم يكن ذلك واجبا على المحرم (3) وهذا ما يصحح الحمل على الضرورة على كل حال.

هذا ، وقد ذكر الشيخ مثل هذا الحمل في موارد أخر لا حاجة إلى تفصيلها (4). ،

ص: 148


1- تهذيب الأحكام 5 / 299 ح 1013 - 1015.
2- وسائل الشيعة 12 / 447 ذ ح 16744 وهو الثاني في الباب 19 من أبواب تروك الإحرام.
3- أنظر : الإستبصار 2 / 180 ذ ح 598 باب 106.
4- أنظر : الإستبصار 1 / 78 ح 241 باب 46 (ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه) ،

الثاني عشر : الحمل على ضرب من الاستحباب دون الغرض والإيجاب :

ويدل عليه ما أورده الشيخ في باب لا تقع يمين بالعتق ، إذ أخرج فيه خبرين دلا على أن اليمين بالعتق لا يلزم منها الكفارة ، ثم أورد خبرا ثالثا دل على أن حلف الرجل بالعتق بغير ضمير على ذلك يكون لازما له فيما بينه وبين الله عزوجل (1).

وبما أن هذا الخبر قد تنافى مع الخبرين الآخرين ، لذا حمله الشيخ على ضرب من الاستحباب ، ليؤكد أن هذا التنافي لا أصل له ، مبينا سبب الحمل ودليله من الأخبار المعتبرة ، فقال : «فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من الاستحباب» (2). موضحا السبب والدليل في التهذيب ، وخلاصته بأن اليمين بالعتق غير لازمة ، وكذلك اليمين التي لا ضمير معها غير واجبة ، لكن الوفاء بها مستحب إذا كان لله تعالى فيها رضا كما هو الحال في الخبر المذكور.

ثم استعرض بعد هذا جملة من الأخبار المعتبرة المؤيدة لما قاله الشيخ رضي الله تعالى عنه (3). ية

ص: 149


1- الإستبصار 4 / 44 ح 149 - 151 باب 25 ، تهذيب الأحكام 8 / 299 ح 1109 باب 4 (الأيمان والأقسام).
2- الإستبصار 4 / 44 ذ ح 151 باب 25.
3- تهذيب الأحكام 8 / 300 ذ ح 1109 باب 4 ، وانظر ما بعده من مؤيدات حديثية

ولهذا الحمل نظائر أخر نكتفي بالإشارة إليها دون تفصيلها (1).

وجدير بالذكر أن الشيخ قدس سره قد حمل جملة من الأخبار أيضا على الاستحباب والندب ، وعلى الفضل والاستحباب ، وعلى الاستحباب المؤكد ، وعلى ضرب من الاحتياط والفضل ، وعلى الكراهية.

وسوف نكتفي بالإشارة السريعة إلى جميع تلك المحامل المتبقية : دون الخوض في تعليقاته وأدلته من الأحاديث الشريفة مراعاة للاختصار ، وعلى النحو الآتي :

1 - الحمل على ضرب من الاستحباب والندب دون الفرض والإيجاب (2).

2 - الحمل على الفضل والاستحباب ، تارة دون الحظر (3) ، وأخرى دون الفرض والإيجاب (4).

3 - الحمل على الاستحباب المؤكد حتى وإن كان الخبر متضمنا لفظ ).

ص: 150


1- الإستبصار 1 / 30 ح 77 باب 15 (الماء يقع فيه شئ ينجسه ..) ، 2 / 12 ح 34 باب 5 (زكاة الخيل) ، 2 / 28 ح 82 باب 12 (المال الغائب والدين ...) ، 4 / 41 ح 141 باب 23 (الرجل يقسم على غيره أن يفعل ...) ، 4 / 48 ح 164 باب 29 (من نذر أن يذبح ولدا) ، تهذيب الأحكام 4 / 189 ح 533 باب 44 (نية الصيام).
2- الإستبصار 2 / 4 ح 8 باب 1 (في ما تجب فيه الزكاة) ، وج 2 / 11 ح 31 باب 4 (الزكاة في أحوال التجارات) ، تهذيب الأحكام 4 / 4 ح 8 باب 1 (ما تجب فيه الزكاة) - وهو المورد الأول المذكور في هذا الهامش - ، وج 4 / 18 ح 45 باب 4 (زكاة الحنطة والشعير ...).
3- الإستبصار 2 / 295 ح 1052 باب 202 (إتيان مكة أيام التشريق).
4- الإستبصار 2 / 296 ح 1057 باب 203 (وقت رمي الجمار أيام التشريق).

(الوجوب) مع بيان الدليل عليه (1).

4 - الحمل على ضرب من الاحتياط والفضل ، ليوافق الخبر بهذا الحمل ودلالة أخبار الباب على الجواز ورفع الحظر (2).

5 - الحمل على الرخصة ، ليوافق ما دل على الفضل (3).

6 - حمل أحد الخبرين على الكراهية دون الحظر ، والآخر على الجواز ورفع الحظر (4).

7 - حمل النهي (5) أو ما ظاهره الحظر على الكراهية (6) أو على ضرب منها (7) دون الحظر (8).

8 - حمل الكراهية نفسها على كراهية الحظر لا كراهية الندب والاستحباب (9). ).

ص: 151


1- تهذيب الأحكام 5 / 11 ح 27 باب 1 (وجوب الحج) ، الإستبصار 2 / 18 ح 51 باب 7 (المقدار الذي يجب فيه الزكاة).
2- الإستبصار 3 / 148 ح 541 باب 96 (يجوز الجمع بين أكثر من أربعة في المتعة).
3- الإستبصار 2 / 284 ح 1005 باب 194 (جواز صوم الثلاثة الأيام في السفر).
4- الإستبصار 3 / 55 ح 178 باب 29 (كراهية أن يواجر الإنسان نفسه) ، وج 3 / 113 ح 403 باب 76 (بيع الزرع الأخضر قبل أن يصير سنبلا).
5- تهذيب الأحكام 3 / 166 ح 362 باب 10 (أحكام فوائت الصلاة).
6- تهذيب الأحكام 9 / 14 ح 52 باب 1 (الصيد والذكاة).
7- الإستبصار 1 / 25 ح 63 باب 11 (في سؤر ما يؤكل لحمه).
8- الإستبصار 1 / 30 ح 79 باب 16 (استعمال الماء الذي تسخنه الشمس) ، وج 1 / 486 ح 1882 باب 301 (في من أحق بالصلاة على المرأة) ، تهذيب الأحكام 6 / 365 ح 1048 باب 93 (في المكاسب).
9- تهذيب الأحكام 9 / 5 ح 14 باب 1 (الصيد والذكاة).

الثالث عشر : الحمل على التقية :

إن كل شئ لا يعلم إلا من جهة المعصوم عليه السلام لا تجوز فيه التقية ، وأما ما يجوز له منها فهو كل ما لا يتنافى ومقام التبليغ والتعليم والهداية إلى الحق ، ويكفي في ذلك انحصار وصول الحق إلى طائفة دون أخرى ، كما لو اتقى المعصوم عليه السلام من شرار الناس تأليفا لقلوبهم ، أو على فئة لحفظهم كما في الاتقاء ، ونحو هذا من المصالح العائدة إلى المتقي أو المتقى عليه ثم بين عليه السلام وجه الحق لأهل بيته ، أو لمن يثق به من أصحابه ، أو على أقل تقدير لمن لا يخشى من مغبة مفاتحته بالحقيقة ، لكي لا يكون ما خالفها تقية هو السنة المتبعة.

وهذا هو ما حصل فعلا في جميع أخبار التقية التي فرضتها الظروف السياسية حينذاك على لسان الأئمة عليهم السلام.

ولكن قد يقال بأن الأخبار التي صدرت تقية كما أفاد محدثو وفقهاء الشيعة لم يصل بشأن الكثير منها إعلام من الأئمة عليهم السلام بأنها صدرت على نحو التقية ، فكيف والحال هذه يتم تمييزها عن غيرها من الأحاديث التي صدرت بنحو الإرادة الجدية؟!

والجواب : إنه ليس من الواجب أن يعلم الإمام عليه السلام من يثق به بأنه اتقى من فلان وفلان في مسألة كذا وكذا ، بل الواجب هو بيان الحكم الواقعي لتلك المسائل التي اتقى فيها ، وبهذا يكون قد أعلم المقربين إليه أو من يأمن بوائقهم بواقع الحال ، وهم عليهم - بعد ذلك - أن يميزوا خبر التقية عن غيره وفق قواعد التمييز التي سنها أهل البيت عليهم السلام أنفسهم في

ص: 152

ذلك ، ومن بين تلك القواعد ملاحظة ما يتعلق بالخبر من الأمور

الخارجية عند التعارض ، إذ يعرف خبر التقية الذي لا بد وأن يكون معارضا لما صدر في قباله في بيان الحكم الواقعي من خلال وجود الترجيح بين الخبرين المتعارضين ، كاعتضاد أحدهما بدليل معتبر دون الآخر ، أو الإجماع على العمل بأحدهما وترك الآخر ، أو شدة العمل بأحدهما ، وشذوذ معارضه وندرته ، أو بموافقة أحدهما للعامة ومخالفة الآخر ، ونحو هذا من المرجحات المنصوصة في جملة من الأخبار العلاجية.

ولا شك أن هذه الوجوه كفيلة بالكشف عن أي من الخبرين قد صدر تقية ، زيادة على أن الرجوع إلى فقهائنا الأقدمين رضي الله تعالى عنهم كافيا في المقام أيضا ، لأن عدم عملهم بجملة من الأخبار المعتبرة سندا دال بطبيعته على أن أخبار التقية هي ضمن المجموعة التي أعرض عنها الفقهاء.

ومعنى هذا انتفاء وجود علم إجمالي بوجود أخبار التقية ضمن الأخبار المعمول بها مثلا في استنباط الأحكام ، إذ لا شك بأن شهرة الإعراض عنها ومخالفتها للإجماع يجعلها غير قابلة للاعتماد أو الاحتجاج بها في مقام الاستنباط ، لأنها - مع فرض سلامة إسنادها - مسوقة في دائرة التقية (1).

ومن هنا نجد الشيخ قدس سره في غنى عن بيان وجه التقية في ما حمله من الأخبار على التقية ، لوضوحه في نفسه ، ولكنه رضي الله تعالى عنه مع هذا الوضوح لم يتركها سدى ، بل بين الوجه في ذلك ، إما بموافقتها لعمل العامة 3.

ص: 153


1- راجع : قواعد الحديث - للسيد محي الدين الموسوي الغريفي - : 152 - 153.

أو بعضهم ، وإما لكون رواتها من العامة مع مخالفتها للأخبار

الصحيحة الواردة في موضوعها ، أو مخالفتها لإجماع الطائفة ، ونحو ذلك من الوجوه الأخر التي لم تزل معتمدة إلى الآن في دراسة وتشخيص أخبار التقية.

لقد بين الشيخ تلك الأخبار - وهي كثيرة نوعا ما (1) - مراعيا في بعضها ما تحتمله من وجوه ومعان أخر على فرض عدم التقية ، منبها عليها ، وموضحا لها ، وكاشفا عما يؤيدها من الأحاديث الشريفة ، كل ذلك لتحقيق غرضه في أن ما ذكره من كثرة الأخبار المختلفة المتضادة في حديث الشيعة لم يكن في واقع الحال كذلك ، وإن اشتبه الأمر فيه على خصوم الشيعة الذين تمرنوا خلفا عن سلف على تقبل الجهل ، وزهدوا في ا.

ص: 154


1- أنظر على سبيل المثال : تهذيب الأحكام 3 / 15 ح 54 باب 1 (العمل في ليلة الجمعة ويومها) ، وج 3 / 37 ح 132 باب 3 (أحكام الجماعة) ، وج 4 / 23 ح 55 باب 5 (زكاة الإبل) ، وج 4 / 82 ح 236 باب 25 (كمية الفطرة) ، وج 8 / 126 - 127 ح 435 و 438 باب 6 (عدد النساء) ، وج 9 / 32 ح 127 باب 1 (الصيد والذكاة) ، وج 10 / 96 ح 370 - 371 باب 7 (الحد في السكر) ، وج 10 / 102 ح 395 باب 7 (الحد في السرقة) ، وج 10 / 260 ح 1029 باب 21 (ديات الأعضاء) ، الإستبصار 1 / 48 ح 134 باب 27 (من أراد الاستنجاء ...) ، وج 1 / 59 ح 174 باب 59 (النهي عن استعمال الماء الجديد لمسح الرأس) ، وج 1 / 66 ح 196 باب 37 (وجوب المسح على الرجلين) ، وج 1 / 318 ح 1187 باب 175 (النهي عن قول آمين بعد الحمد) ، وج 2 / 22 ح 59 باب 8 (زكاة الإبل) ، وج 2 / 48 ح 156 باب 24 (كمية زكاة الفطرة) ، وج 3 / 142 ح 511 باب 92 (تحليل المتعة) ، وج 4 / 43 ح 147 باب 24 (أقسام الأيمان ...) ، وج 4 / 72 ح 263 باب 46 (في أنه لا يؤكل من صيد الفهد) ، وج 4 / 75 ح 276 باب 47 (تحريم أكل لحوم الغنم إذا شربت لبن خنزيرة) ، وج 4 / 89 ح 340 باب 54 (ما يجوز الانتفاع به من الميتة) ، وج 4 / 158 ح 598 باب 95 (في ميراث الجد مع كلالة الأب) ، وج 4 / 191 ح 718 باب 110 (أنه يرث المسلم الكافر ...) ، وغيرها.

تحقيق الأمور على وجهها ، فكانوا وراء كل غبار!

كما إنه رضي الله تعالى عنه نبه على جملة من الأخبار التي حسبت مختلفة متضادة عن جهل ، مع أنها بلغت في رتبتها من الضعف درجة لا يمكن معها أن تنصب للتعارض مع الصحيح بأي وجه من الوجوه.

وهذا هو ما سيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى في الفصل الثالث من فصول دور الشيخ الطوسي في الحديث الشريف وعلومه ، وذلك في بيان وجوه فساد الخبر وأسباب سقوطه بنظر الشيخ قدس سره.

والحمد لله رب العالمين.

للبحث صلة ...

ص: 155

آفاق جديدة في تاريخ التشيّع

قراءات

في كتاب

«معجم

أعلام الشيعة»

للأستاذ

المحقق الطباطبائي

الشيخ رسول جعفريان

بسم الله الرحمن الرحيم

استنادا إلى زاوية معينة ، لا بد من تقسيم المصنفات الرجالية الشيعية إلى قسمين :

الأول : المصنفات التي نالت قصب السبق في التفرد بضبط أعلام أو أحوال أعلام لم يعهد تدوينها من قبل.

الثاني : المصنفات التي اقتفت آثار الماضين ولم تأت بإبداع أو كشف جديد. وهي وإن كانت لا تخلو من فوائد شتى - كاشتمالها وحصرها للآراء الرجالية المتناثرة في المصادر المختلفة ، أو احتوائها لبحوث أدبية رفيعة ، أو تناولها لفئة معينة من العلماء ، كالفلاسفة مثلا ، أو غيرها من الفوائد - إلا أنها لا تقاس بسابقتها بالمرة.

_________

(*) مقال باللغة بالفارسية ، ننشره بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل العلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره المتوفى في 7 رمضان 1416 ه ، ترجمه إلى اللغة العربية السيد مهدي الرباني.

ص: 156

ومن مصاديق القسم الأول ، رجال الكشي ، ورجال النجاشي ، ورجال الطوسي وفهرسته ، وفهرست منتجب الدين ، وغيرها.

هذا ، ولم نقف بعد مصنف منتجب الدين ، المؤلف في أوائل القرن السابع ، على أثر - على صعيد علم الرجال الشيعي - بهذه المميزات ، حتى العصر الصفوي ، وإن كان فلم تقع عليه أيدينا لحد الآن.

وأما التصانيف الرجالية التي ظهرت منذ العصر الصفوي حتى الوقت الحاضر فلم تأت بشئ جديد في بحثها لرجال الأسانيد ، وإن كان بعضها يحتوي على اجتهادات رجالية متينة ك : قاموس الرجال للعلامة التستري.

غاية الأمر ، إنه قد تم العثور في بعض الأحيان من بين أسانيد الحديث على شخصيات جديدة ، الأمر الذي يستدعي العناية بها من هذه الجهة.

وفي العهد الصفوي ، حاول الشيخ عبد الله الأفندي - وهو أحد تلامذة العلامة المجلسي البارزين والأوفياء له - طيلة عدة عقود إعداد أثر رجالي خالد يشتمل على أعلام الشيعة والسنة ، بيد أن محاولته التي استقرت في كتاب رياض العلماء لم تتمخض عن أهمية خاصة من جهة استيعابه ل : رجال النجاشي أو فهرست منتجب الدين وغيرهما ، وإنما تكمن أهميته في ما بذله من جهود شخصية في المكتبات العامة والخاصة الكثيرة التي زارها في مختلف مدن العالم الإسلامي.

وكان نهجه عند الوقوف على مخطوطة : دراستها بدقة وتسجيل المعلومات الرجالية للمصنف ، أو من ذكرهم المصنف وتعرض لحياتهم ، ليدرج في مؤلفه.

وبذلك غدا رياض العلماء أثرا نادرا من حيث استيعابه للمعلومات

ص: 157

التي يعسر على غيره جمعها واحتوائها.

ومن بعد الأفندي .. لا بد من الإشارة إلى العلامة الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله ، الذي قضى حوالي خمسين عاما يجول وينقب في مختلف المكتبات ، مستعينا بجهود ثلة من عشاق الكتاب في تحضير مواد كتابيه الذريعة وطبقات أعلام الشيعة ، فأثمرت تلك الجهود عن هذين الأثرين الخالدين.

ومع إن كتاب الطبقات يشتمل في الكثير من تراجم أعلامه على معلومات جديدة ، إلا إن الملاحظ عدم توسع المصنف بسرد التفاصيل عن العلم إذا كان مشهورا.

مضافا إلى ذلك فقد نهض علماء كثيرون على مدى هذه القرون لترجمة وشرح أحوال علماء بلدانهم أو المعاصرين لهم ، فصنفوا آثارا مهمة في هذا المجال ، أكسبها حفظها لأسماء عدد من العلماء من الاندثار والضياع منزلة ومكانة طيبة.

ومن المناهج التي اختطها عبد الله الأفندي والشيخ آقا بزرك الطهراني للعثور على علماء جدد ، هو البحث في الآثار المخطوطة واستخراج المعلومات الرجالية الموجودة بين طياتها.

وقد سلك هذا المسلك جمع من المفهرسين والمترجمين ، منهم : الأستاذ السيد أحمد الإشكوري حفظه الله ، فقد ذكر في كتابه تراجم الرجال عددا من الذين لم يذكروا في كتب التراجم والرجال ، أو لم ترد عنهم معلومات كافية ، وذلك بالاستعانة بالآثار المخطوطة ، لتأتي الحصيلة في مجلدين ، ويبدو أنه بصدد إصدار هذه المجموعة في خمسة مجلدات بعد سلسلة من الإضافات.

ص: 158

إن مبادرة الشيخ آقا بزرك في تعريفه للشخصيات الشيعية كانت مطابقة لمبادرة النجاشي في تصنيفه القيم لكتابه الرجالي المعروف ، مع التسليم بأن كثيرا من الآثار المخطوطة في زمن الشيخ لم تكن بمتناوله ، مضافا إلى بقاء عدد كبير من المخطوطات مركوما في المكتبات الخاصة - إلى الآن - بدون بطاقة تعريف ، إذ كان بالإمكان أن نحصل من خلالها على معلومات جديدة.

ومن السبل التي تعيننا على معرفة مجهولي رجال الشيعة : هو الوقوف على ما هو مبثوث في هذا المجال في كتب أبناء العامة الرجالية ، الكتب التي بقيت - تحت غبار المكتبات - غير مطبوعة حتى السنوات الأخيرة ، فإلى جانب آلاف التراجم لعلماء أبناء العامة قد يعثر أحيانا على تراجم بعض علماء الشيعة من المناطق المختلفة.

وقد يعسر الحصول - في كثير من الأحيان - على ترجمتهم أو المعلومات المرتبطة بهم إلا في مصدر أو موضع واحد ، وسبب ذلك يعود إلى أن علماء الشيعة نتيجة استقرارهم في البلاد العربية وسط مجتمعات شيعية متفرقة ، لم يرد ذكرهم في الكتب الرجالية الشيعية بالرغم مما كانوا يتحلون به من علم وفضل ، نعم ضبط أسماءهم أصحاب التراجم من أبناء العامة في كتبهم بما يتناسب وما يتمتعون به من مكانة رفيعة.

وقد أشرنا في ما سبق إلى أن حركة تدوين أسماء مؤلفي الشيعة قد انحصرت في القرنين السادس والسابع فقط.

ومبادرة ابن أبي طي في حلب - في القرن السابع أيضا - في تصنيف كتاب طبقات الإمامية لم تحصد ثمارها ، لضياع أصل الكتاب للأسف.

لذا فالمشروع الذي قلما حظي بعناية خاصة لحد الآن ، يتمثل في

ص: 159

العثور على تراجم أعلام الشيعة المتناثرة في مصادر أبناء العامة الرجالية وتراجمهم ، إذ يمكننا بذلك أن نكتشف مكانة الشيعة ، ونكون بالوقت نفسه قد أحطنا بشكل أوسع بتراجم أعلام الشيعة.

والذي كان ينبغي أن يتم في هذا المضمار ، هو ما بادر به وأنجزه - إلى حد ما - العلامة الأستاذ السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله.

فمهد بذلك الطريق لجهود أكبر تبذل على هذا الصعيد.

وكتاب معجم أعلام الشيعة ، الذي يضم 674 ترجمة ، دلل من جهات عدة على أهمية هذه المصادر ، كما أوضح كيفية توظيفها لما يخدم معرفة تاريخ الشيعة على نحو أفضل.

ولا يخفى أن التراجم التي ضمها هذا الكتاب لم يأت الشيخ آقا بزرك على ذكرها في طبقات أعلام الشيعة.

وإن كان الأستاذ قد ترجم في بعض الموارد بزيادة معلومات جديدة - مع كونه مذكورا في الطبقات - فذلك لوقوع الخطأ في ترجمته.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض من ترجم لهم في المعجم هم من علماء ما بعد العصر الصفوي حتى وقتنا الحاضر ، وأمرهم لا يعنينا في هذا البحث.

وعمدة هؤلاء إما تتلمذ الأستاذ عليهم ، أو كانت تربطه بهم نوع من الرفقة كمحمد جواد فضل الله ، أو هم ممن عثر على أسمائهم في النسخ المخطوطة ، أو كانوا ممن ذكر ترجمتهم محمد مهدي الرازي في نهاية كتابه مشكاة المسائل (نسخة رقم 4967 / المكتبة الرضوية) (1) ، الذي لم يكن قد رآه الشيخ آقا بزرك. 0.

ص: 160


1- معجم أعلام الشيعة : 20 و 29 و 30 و 115 و 166 و 172 و 410.

ولكنه يتناول بصورة عامة ترجمة علماء الشيعة من القرن الثالث إلى التاسع ، وبتركيز أكثر لما بين القرنين الخامس والسابع ، ويبدو أن المعجم كان من المفروض أن يتم في مجلدين ، يختص الأول بالعلماء الماضين ، في حين يتناول الثاني تغطية العلماء المعاصرين ، بيد أن هذه التجزئة لم تنجز بالدقة المفروضة.

وهذا الكتاب بمحصله - انطلاقا من زاوية معرفة التاريخ الشيعي - يضم بين ثناياه معلومات قيمة.

إن المطالب التي اكتنفها هذا الكتاب لهي ذات قيمة رفيعة بالنسبة لي ، فقد ألفت من قبل كتاب تاريخ التشيع في إيران ، ولي مقالات متفرقة في تاريخ التشيع في سائر البلدان ، فلهذا سعيت إلى ترتيب هذه المطالب بشكل يفتح أمامي آفاقا جديدة على صعيد البحث عن تاريخ الشيعة.

معايير الانتماء الشيعي :

إن أول سؤال يطرح نفسه - بغض النظر عن الذين وردت أسماؤهم وتم ضبطهم كشيعة في الكتب الرجالية الشيعية - هو أنه : كيف نستطيع أن نثبت أن بعض الأفراد الذين ورد ذكرهم في مصادر الآخرين كانوا شيعة؟! وهذه المشكلة تكتسب جدية أكثر حينما لا يكون هناك تصريح خاص بشأنهم ، حتى في مصادر أبناء العامة ، والنظرة الأولى في كتاب المعجم تطرح هذا الإشكال من أن كثيرا من هؤلاء لا شاهد على تشيعهم.

والأمر الذي يقوي الإشكال أيضا ، هو ما يبديه كثير من الكتاب في مضمار التشيع ودائرة حملة الأقلام الشيعية من ميل للزيادة في أعداد الشيعة ، إلا أن هذه الحالة لم تكن عمدية في كثير من الموارد ، بل كان ذكر

ص: 161

بعض محدثي وعلماء السنة مع علماء الشيعة نتيجة عدم الالتفات

لمفهوم كلمة «الشيعة» واستخدامات هذا المصطلح في القرون الهجرية الأولى ، إذ كان يطلق على كل من يقدم عليا عليه السلام على عثمان.

وترسخت هذه المسألة إلى حد اتهم فيه العلامة القاضي نور الله التستري - الذي عرف بعض أبناء العامة بكونهم شيعة في كتابه مجالس المؤمنين - بأنه ينسب إلى التشيع شخصيات لا صحة لها.

والذي ينبغي أن يقال هنا : إنه لا شك أن هذا الإشكال مسجل على بعض المترجمين من هذه الناحية ، لا سيما من خلال ما ذكروه في كتبهم من أسماء بعض المحدثين الذين اتهموا بالتشيع في القرون الأولى في حين أنهم كانوا من أبناء العامة أساسا.

ولكن هناك أمرا آخر ، وهو أن التفرس في معرفة الانتماء الشيعي ليس أمرا هين الحصول.

إن عناصر الانتماء والانتساب إلى المذهب وعدمها يمكن حصرها بواسطة معرفة سلسلة من المعايير والملاكات الموجودة في الكتب القديمة وآراء مترجمي أبناء العامة حيال العلماء الماضين ، والتي تحكي بنوع ما تشيع بعض الأفراد ، فقد وردت في الكثير من النصوص الإشارة الخاطفة لتشيع أفراد مجهولين لا يشخصها إلا أصحاب البصيرة الثاقبة العارفين بهذه المعايير.

والقاضي نور الله التستري هو من هذا النمط .. وفي الحقيقة لا بد من وصفه بالخبير في الشخصيات الشيعية ، لا كما اتهموه.

وقد حظي بهذه الدقة أيضا العلامة الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله ، والأستاذ السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله.

ص: 162

وبدون شك ، فإن دقتهما - وإن نسبا أحيانا رجالا من أبناء العامة إلى التشيع خطأ - أصبحت عاملا أساسيا في معرفة وإبراز وجوه كانت مجهولة ، لأن مناطقهم كانت شيعية في زمنهم ثم انقلبت الأمور فيها.

وفي ما يلي نتطرق إلى بعض الملاكات التي استند إليها الأستاذ رحمه الله بنحو ما لإثبات تشيع الأفراد ، وكان آخذا بها بنظر الاعتبار :

1 - تصريح الآخرين بكون الشخص المعني شيعيا :

ولكن يجب الانتباه إلى أن هذه النسبة صدرت في أي زمان؟! وبأي تعبير؟! ومن قبل من؟! إذ إن هذه النسبة من دون اقترانها بمفهوم الرفض وأمثاله كانت تطلق في القرنين الثالث والرابع على الذي كان يحمل نوعا من الميول الشيعية ، وذلك إما لرفضه عثمانا ، أو لكونه يرى - لسبب ما - أن منزلة علي بن أبي طالب عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونسبة الرفض كانت تطلق في تلك الفترة غالبا على كل من كان يرفض الشيخين ، وهي قرينة - بحد ذاتها - تدل على التشيع.

وقد يعبر أحيانا عن الرافضي بشيعي غال ، ونماذجه موجودة - عادة - في الآثار الرجالية - لا التراجم - التي يدور محور بحثها الأساسي حول رجال الحديث والشخصيات الشيعية العراقية في القرنين الثالث والرابع.

وكانت كلمة «الشيعة» في القرون التالية ، كالقرنين السادس والسابع ، والقرن الخامس - إلى حد ما - تعني : الرافضي أو الإمامي.

نعم ، لو نقل الذهبي - مثلا - في القرن التاسع نصوصا عن القرن الثالث والرابع في ميزان الاعتدال ، فالكلام المتقدم في الفرق بين التشيع والرفض يعود أيضا.

ص: 163

وأما إذا عد ابن الفوطي - في القرن السابع - أحدهم شيعيا ، فالمحتمل قويا أن يكون مقصوده : الإمامي.

هذا ، وإن كثيرا ممن أوردهم السيد الأستاذ رحمه الله عن لسان الميزان وبعض الكتب الرجالية المماثلة ، هم من جماعة محدثي الشيعة الذين يمكن إطلاق لفظ : «الشيعة العراقيين» عليهم ، إلا إنه لا بد - في كل مورد - من التمعن وتوخي الدقة في التعابير ، فبعض هذه العناوين عبارة عن : كان رافضيا (1) .. كان من شيوخ الشيعة (2) .. كان من غلاة الرافضة (3) .. قيل في أبي محمد بن قيس الحضرمي - الذي كان يلقب عصفور الجنة - : كان من غلاة الرافضة (4).

ومن التعابير الأخرى : رافضي مقيت (5) .. كان يتشيع (6).

وقد أطلقت بعض هذه التعابير على الشيعة الإسماعيلية ، كالحسن ابن إبراهيم بن زولاق ، فقد قيل فيه : كان يظهر التشيع للفاطميين (7) ، وكالحسن بن سليمان الأنطاكي ، الذي كان بمصر وقتله الحاكم الفاطمي لأسباب ما ، إذ وصفوه بأنه كان يظهر الرفض (8).

إذا ، فالملاك الأول لمعرفة الشيعة هو تصريح خاص يدلي به أحد المصنفين بالنسبة إلى الشخص المعني. 6.

ص: 164


1- معجم أعلام الشيعة : 31.
2- معجم أعلام الشيعة : 36.
3- معجم أعلام الشيعة : 55.
4- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 616 ، معجم أعلام الشيعة : 268.
5- معجم أعلام الشيعة : 59.
6- معجم أعلام الشيعة : 103.
7- لسان الميزان 2 / 191 ، معجم أعلام الشيعة : 135.
8- لسان الميزان 2 / 211 ، معجم أعلام الشيعة : 146.

كما إن اتهام شخص ما بتشيعه - الوارد في الكثير من مصادر التراجم التي نقل عنها السيد الأستاذ رحمه الله - يكفي في عده شيعيا.

وإذا كان الاتهام بالتشيع في القرن الثالث - بل وحتى في النصف الأول من القرن الرابع - غير مقترن بكلمة الرفض ، فهو ناظر إلى المحدثين المتشيعين الذين لم يعترفوا بعثمان ، أو - على الأقل - يرون أن عليا عليه السلام مقدم عليه.

قال العماد الكاتب في سعد بن أحمد النيلي : كان مغاليا في التشيع ، متحليا بالورع ، عاليا في الأدب ، معلما في المذهب ، مقدما في التعصب.

كما أضاف أيضا بأن له شعرا ، أكثره مدح في أهل البيت عليهم السلام (1).

2 - النسب العلوي :

يمكن القول بأن ما من علوي بارز ذكره ابن الفوطي أو الصفدي في مصنفيهما إلا وذكره الأستاذ رحمه الله في هذا الكتاب بعنوان أنه أحد كبار الشيعة.

ولقد اشتهر العلويون - إلى حد ما - بانتمائهم إلى مذهب التشيع في القرون السالفة ، لا سيما في القرنين السادس والسابع ، والتصور الذي كان سائدا عند علماء الإمامية هو أن العلويين إن لم يكونوا كلهم فأكثرهم من الشيعة ، وليسوا من أبناء العامة.

قال عبد الجليل القزويني - الذي كان من أعلام القرن السادس - : قيل : إن علويا سنيا ، وآخر شيعيا طلبا إذن الدخول على السلطان مسعود السلجوقي ، فقال : الاتحاد (2) شرطي في القبول ، والعلوي السني منافق ذو ب.

ص: 165


1- خريدة القصر 1 / 203 ، معجم أعلام الشيعة : 224.
2- أي : الاتحاد في النسب والمذهب.

وجوه. فأذن للشيعي ونال المراد ، إذ به كان الاتحاد.

وجاءت هذه الحكاية لتوضح أن العلوي ليس إلا شيعيا خالصا ، إذ التبري من الأب عقوق ، وإنكار المذهب من أشد النفاق (1).

هذا ، مع أن عددا قليلا جدا من العلويين كانوا من النواصب (2).

ومن الطريف أن السيد الأستاذ رحمه الله ذكر عالما شيعيا كان يعيش في حلب ، فاسترسل يوما في النيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لدى النقيب عز الدين مرتضى ، فزبره النقيب ، فلم يجسر أحد من الشيعة أن يعارض النقيب في ذلك (3).

قال القوامي الرازي - في ديوانه ص 115 - في حق السيد فخر الدين العلوي ، الذي كان نقيبا للشيعة في الري في النصف الأول من القرن السادس ما ترجمته :

أنت نقيب الشيعة ، وسيد أشراف العصر ، وبجاهكم نال اليمن الأشراف.

وقد أكب الأستاذ رحمه الله على ذكر النقباء من العلويين أكثر من غيرهم ، وتراجم الذين يحملون منهم لقب : النقيب ، كثيرة جدا ، كما حظي بعض منهم بلقب : الصدر.

وقد ذكر الأستاذ رحمه الله علي بن مرتضى البغدادي العلوي ، وتعجب مما

قاله المنذري في التكملة - ترجمة رقم 169 - من أنه : الأصبهاني الأصل ، 7.

ص: 166


1- كتاب النقض : 224 - 227.
2- عمدة الطالب : 253 و 200 و 71.
3- معجم أعلام الشيعة : 466 - 467.

البغدادي المولد والدار ، الحنفي (1) - بوضع علامة التعجب بعد كلمة : الحنفي - ثم علق عليه قائلا : هو والد ... راوي كتاب الذرية الطاهرة للدولابي ، فمن المحتمل أن تكون دهشته من هذه الناحية.

والذي ينبغي أن نقوله هنا : إنه لا ريب في عدم إمكان وصف كل علوي بالتشيع ، بل وصفه بالإمامي ، إذ من الواضح أن المدن التي كان نسيجها السكاني متألفا من متعصبي أبناء العامة - الذين ما كانوا يطيقون بالمرة أي فكر شيعي - لا يمكن لظروفها أن تسمح للعلويين بفرصة اعتناق المذهب الشيعي أو الانتماء إليه ، لا سيما وأن لقب «النقيب» كان من الألقاب الحكومية ، وهذا مما يفرض وجوب المحافظة على القوانين والأعراف الحكومية.

نعم ، يمكن أن نتصور أنهم كانوا يمارسون التقية ، ولكن هذا غير منطبق على كل مكان وزمان.

وبالطبع أن تشيع العلويين الذين كانوا يقطنون المدن الشيعية يعد أمرا مقبولا وطبيعيا.

وهناك شواهد عديدة تظهر أن بعض العلويين المذكورين في هذا الكتاب - على الأقل - كانوا من الشافعية في الظاهر ، أو أنهم قرأوا النصوص الحديثية لأبناء العامة عند مشايخهم ، كالحسين بن علي الهمداني ، وهو من علويي هذه المدينة في القرن الخامس ، فقد أمضى دراسته الحديثية كاملة لدى علماء العامة (2). 7.

ص: 167


1- معجم أعلام الشيعة : 327.
2- معجم أعلام الشيعة : 177.

وقد كان لعلويي نيسابور في القرنين الرابع والخامس المساهمة الفعالة في مجال الحديث السني (1) ، كما كان لعلويي أصفهان أيضا مراودة على مجالس الحديث السنية (2) ، ولكن مع كل ذلك ، فإننا نقبل المعيار الذي يعد كل علوي شيعيا ، وذلك لكثرة العلويين الشيعة.

نعم ، إذا كان هناك شاهد على خلافه ، ولم تثبت تقيته ، فإن علامة الاستفهام باقية على حالها.

وأما إذا كان هناك شاهد - ولو جزئي - على تشيعه ، فلا مجال للغموض حينئذ ، ونذكر على سبيل المثال : إسماعيل بن علي العلوي ، حيث حكى ابن الفوطي أنه اشتغل على الفقيه نجم الدين أبي القاسم جعفر ابن سعيد الحلي (3).

أو ما قاله في ترجمة تمام بن محمد الإسماعيلي العلوي (ت 708) من أنه : اجتمعت به بشرويان ، وقد قصد حضرة الوزراء ، ورأيته في مخيم المخدوم أصيل الدين أبي محمد الحسن بن مولانا نصير الدين أبي جعفر الطوسي (4) ، فإنه في مثل هذه الموارد لا يشك في تشيع الشخص.

ويمكن إضافة معيار آخر لتشيع العلويين ، وذلك بالالتفات إلى : إن هناك فرقا بين ميول العلويين الذين ينتهي نسبهم إلى الإمام الباقر عليه السلام أو الأئمة من بعده - لا سيما الموسويين منهم - وبين العلويين الذين ينتهي نسبهم إلى ما قبله من الأئمة عليهم السلام ، ويتجلى هذا الفارق في انتماء أغلب 9.

ص: 168


1- راجع - على سبيل المثال - : معجم أعلام الشيعة : 213.
2- معجم أعلام الشيعة : 235.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 826 ، معجم أعلام الشيعة : 99.
4- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 833 ، معجم أعلام الشيعة : 119.

أفراد القسم الأول إلى مذهب الإمامية.

3 - الانتساب إلى أسرة شيعية :

فعلى سبيل المثال : عندما يذكر علم الدين أحمد بن أحمد الأسدي - أخو ابن العلقمي ، الوزير الإمامي للمستعصم العباسي - ، المتوفى بعد الواقعة (1) في شهر ربيع الأول من سنة 656 ، فإنه وإن لم يكن هناك تصريح بتشيعه إلا أنه بملاحظة أسرته يمكن إثبات تشيعه ، خاصة وأنه قد قيل فيه : إنه كان في كل عام يحمل إلى العلويين المقيمين بالحرمين أربعمئة مثقال (2).

ويعد المنتسبون إلى الأسرة البويهية من أكابر الشيعة أيضا ، لذا فإن مجرد الانتساب إليها يعد شاخصا لتشيع الفرد المعني.

ومثال ذلك هو : السلطان أبو الحسين أحمد بن بويه بن فناخسرو الديلمي البويهي (3).

وممن ذكرهم الأستاذ رحمه الله على سبيل المثال : الملك الرحيم (ت 450) (4) ، والملك العزيز (ت 441) (5) ، وأبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة (6) ، ومشرف الدولة (7).5.

ص: 169


1- أي : واقعة سقوط الدولة العباسية سنة 656 ه.
2- معجم أعلام الشيعة : 32 و 33 ، وكذلك في ص 319.
3- معجم أعلام الشيعة : 34.
4- معجم أعلام الشيعة : 203.
5- معجم أعلام الشيعة : 204.
6- معجم أعلام الشيعة : 451.
7- معجم أعلام الشيعة : 455.

والأستاذ رحمه الله قد ذكر شاپور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة في عداد الشيعة (1) ، وهكذا سلطان الدولة البويهي بن بهاء الدولة (2) ، وجلال الدولة البويهي (ت 435) ، الذي قال فيه الذهبي : كان جلال الدولة شيعيا كأهل بيته (3).

ومن الأسر الشيعية التي كانت تقطن بغداد هي أسرة النوبختي ، ويمكن لنا أن نعد كل فرد من أفرادها إذا ورد له اسم في المصادر المختلفة - ولم يصرح بتسننه - فردا شيعيا.

ونذكر على سبيل المثال : الحسن بن الحسين النوبختي - المذكورة ترجمته في الكثير من مصادر أبناء العامة ، المصرح فيها بكونه رافضيا (4) - وعلي بن أحمد النوبختي (ت 351).

ومن الأسر الشيعية أيضا أسرة ابن حمدون ، التي كانت مشهورة بالرئاسة والكتابة (5).

وقد ذكر الأستاذ الطباطبائي رحمه الله : سعد بن محمد البجلي الكوفي ، المولود بالكوفة سنة 525 ، والمتوفى ببغداد سنة 611 ، واستظهر مما قاله المنذري - : «وصلى عليه من الغد ، وحمل إلى مشهد الكوفة فدفن عند أهله» - أن أسرته أسرة شيعية (6) ، وبالطبع ، فإننا على علم بأن أسرة البجيلة أسرة شيعية. 5.

ص: 170


1- معجم أعلام الشيعة : 228.
2- معجم أعلام الشيعة : 349.
3- سير أعلام النبلاء 17 / 577 رقم 382 ، معجم أعلام الشيعة : 350.
4- معجم أعلام الشيعة : 144.
5- معجم أعلام الشيعة : 158.
6- معجم أعلام الشيعة : 225.

4 - الانتساب إلى بلد شيعي :

غير متناسين بالطبع الاستثناءات الموجودة في كل معيار وميزان ، ولكن على أية حال يمكن أن يكون هذا الأمر ملاكا بنفسه.

وقد امتازت بهذا الملاك مدن الحلة وقم ، بل وحتى حلب ، فقد عد الأستاذ رحمه الله : أحمد بن عبد الرحمن الناظر ، شيعيا ، لأنه كان صدر الحلة (1).

وقال الذهبي في أحمد بن علي الحمصي : كبير الرافضة ... أخذ التشيع من الحلة ، وكان قد سكن بعلبك التي كانت من مراكز الشيعة أيضا.

ونقل الأستاذ رحمه الله في ترجمة بغدي بن علي الحكيم (ت 685) : أنه ولد بالحلة سنة 631 ، وهو شاهد على تشيعه .. وقد حمل دبر وفاته ببغداد إلى مشهد الحسين بن علي عليه السلام ، وهو شاهد آخر (2) ، وكذلك حمل ابنه الحسن بن بغدي بعد وفاته ببغداد إلى مشهد الحسين عليه السلام ، وجده قشتمر التركي أيضا مدفون في مشهد الحسين (3).

وهذا الأمر يصدق أيضا على منطقة الكرخ ببغداد ، وعليه عد السيد الأستاذ رحمه الله : أبا القاسم أحمد بن علي بن أحمد الكرخي (ت 600) من الشيعة.

وهناك شيعي باسم أبي عبد الله الحسين بن أحمد البغدادي ، الذي - مع اشتهاره بمسند العراق - قد وصفوه بأنه : عامي ، أمي ، رافضي ، وكان 1.

ص: 171


1- معجم أعلام الشيعة : 44.
2- معجم أعلام الشيعة : 116.
3- معجم أعلام الشيعة : 141.

فقيرا عفيفا يخدم في حمام بالكرخ (1).

وجاء في ترجمة الشيخ الأجل أصيل الدين الحسين بن محمد ، المعروف بابن الشطوي (ت 636) ، الذي كان قاضي منطقة الكرخ ، مضافا إلى أن قضاءه كان في أيام الناصر لدين الله - الخليفة العباسي الشيعي - : حمل بعد وفاته إلى مشهد الحسين عليه السلام ، وهذا يدل على تشيعه (2).

والنموذج الآخر هو تشيع أنوشروان بن خالد بن محمد أبو نصر القاشاني (ت 533) ، وزير المسترشد العباسي ، وبما أنه من أهل كاشان ، ولم يعهد منها أي سابقة سنية وبأي شكل من الأشكال ، فهو بحد ذاته شاهد على تشيعه ، ولا يخفى أنه كان من مواليد الري ، فيشير ذلك إلى أن هذه الأسرة الكاشانية كبعض الأسر القمية هاجرت إلى الري في تلك السنوات ، وقد قال ابن كثير : إنه من قرية «فين» من كاشان (3) .. وقد صرحوا فيه بأنه كان يتشيع .. مضافا إلى ذلك أنه بعد وفاته دفن في داره ، ثم نقل بعد ذلك إلى الكوفة بمشهد علي عليه السلام (4).

وهناك عالم علوي آخر يدعى عز الدين محمد بن الفضل ، ولد بحلب ونشأ بالموصل وقدم بغداد وسكن الكرخ (5).

5 - الدفن في العتبات المقدسة :

وهذا الأمر يكون أكثر وضوحا عندما نلحظ أن فردا يتوفى ببغداد 3.

ص: 172


1- سير أعلام النبلاء 19 / 101 رقم 57 ، معجم أعلام الشيعة : 168.
2- التكملة لوفيات النقلة 3 / 345 رقم 2479 ، معجم أعلام الشيعة : 187.
3- البداية والنهاية 12 / 214.
4- المنتظم 10 / 77 ، معجم أعلام الشيعة : 113.
5- التكملة لوفيات النقلة 2 / 445 رقم 1630 ، معجم أعلام الشيعة : 413.

وينقل جثمانه إلى مشهد الإمام الحسين عليه السلام أو مشهد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام.

والنقل إلى مشهد الإمامين الكاظمين عليهما السلام يمكن أن يكون أيضا شاهدا على ذلك ، وإن كان في ذلك نوع تأمل ، للقرب من بغداد أولا ، وللاحترام الخاص الذي كان يكنه أبناء العامة في القرن السابع لمشهد الكاظمين ، فكانوا يدفنون موتاهم عنده ، وعليه : فإذا لم يكن هناك شاهد آخر سوى دفنه في مشهد الكاظمين - وعلى حد تعبير المؤرخين مشهد باب التبن - فلا يمكن وصفه بالتشيع بسهولة.

والنماذج من هذا القبيل موجودة في كتاب السيد الأستاذ رحمه الله (1) ، قيل في ترجمة الوزير علي بن علي البخاري (ت 593) : إنه دفن في مشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وفي الوقت ذاته جاء في ترجمته أنه تفقه على مذهب الشافعي (2).

وعلى أي حال ، فإن نقل الجثمان والاعتقاد بالتبرك بالدفن في مشاهد الأئمة عليهم السلام ، يعد من الشواهد التي تفيد التشيع ، وقد عد السيد الأستاذ رحمه الله

- مع العناية بهذا الأمر - كثيرا من العلماء الذين نقلوا إلى المشاهد المشرفة من الشيعة.

فحكى في ترجمة علي بن نصر الحلي (ت 615) : توفي ... وحمل من الغد إلى الكوفة ، فدفن هناك.

ثم علق قائلا : مرادهم من الكوفة في أمثال المقام هو النجف ... 2.

ص: 173


1- معجم أعلام الشيعة : 96.
2- التكملة لوفيات النقلة 1 / 281 رقم 391 ، معجم أعلام الشيعة : 312.

وهذا يدل على تشيعه ، زيادة على كونه حليا ، [لأن أهل الحلة كانوا شيعة] (1).

وقد سبق أن تطرقنا إلى أبي نصر القاشاني ، وزير المسترشد ، الذي دفن في داره ثم نقل بعد ذلك إلى الكوفة فدفن في مشهد الإمام علي عليه السلام ، وهذه الأمور تشير بوضوح إلى تشيع الشخص.

أما طاشتكين بن عبد الله المستنجدي - المتوفى سنة 602 بتستر - الذي كان أحد مماليك المستنجد بالله ، وولي إمارة الحلة ، ثم تستر وخوزستان ، فقد حمل إلى الكوفة ودفن في مشهد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، في تربة له هناك (2).

وكذا طبرس بن عبد الله التركي الدواتي ، فقد اشتراه الظاهر بأمر الله وحصل له منه القرب والاختصاص ، ولما بويع المستنصر بالله قربه واجتباه وجعله برسم حمل الدواة .. ثم صاهر بعد ذلك بدر الدين لؤلؤ ، حاكم الموصل الإمامي ، ودفن في مشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام إلى جانب زوجته (3).

وقشتمر بن عبد الله التركي (ت 637) ، كان أولا مملوكا لقطب الدين السنجري ، وانتقل منه إلى الخليفة الناصر لدين الله العباسي (الشيعي) ، وعلامة تشيعه تسليم الحلة إليه ، وحمله إلى مشهد الإمام الحسين عليه السلام ، فدفن هناك في تربه له فيها زوجته وولده (4). 5.

ص: 174


1- معجم أعلام الشيعة : 332.
2- التكملة لوفيات النقلة 2 / 83 رقم 925 ، معجم أعلام الشيعة : 233.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 1480 ، معجم أعلام الشيعة : 235.
4- الحوادث الجامعة : 131 ، معجم أعلام الشيعة : 355.

6 - إقرار الشخص بتشيعه :

وذكر نماذج من هذا الباب لا يخلو من فائدة :

نقل الذهبي في ترجمة أحمد بن علي بن الحسين الغزنوي البغدادي (ت 618) : أنه كان فاسد العقيدة ، يعظ وينال من الصحابة ... وكان ضجورا عسرا ، مبغضا لأهل الحديث (1).

قال ياقوت في ترجمة أحمد بن عمران الأخفش - المتوفى حدود سنة 260 - : له أشعار كثيرة في أهل البيت عليهم السلام ، منها :

إن بني فاطمة الميمونه

الطيبين الأكرمين الطينه (2)

ويلزم التنبيه على أن شعره لا يدل على كونه شيعيا إماميا ، لأنه صنف كتاب غريب الموطأ لشرح الكلمات المبهمة في الموطأ لمالك بن أنس (3).

وتجدر الإشارة إلى أن أباه علي بن الحسين الواعظ - كما قال ابن الجوزي - كان يميل إلى التشيع ، ولما مات السلطان أهين ، وكان بيده قرية فأخذت وطولب بغلتها ، وحبس ثم أخرج ومنع من الوعظ ، لأنه كان لا يعظم الخلافة كما ينبغي ، ثم ذاق ذلا (4).

وعلى أي حال ، فالمهم في كون الشخص شيعيا إماميا : رفضه أبا بكر وعمر ، ومثال ذلك : ما جاء في ترجمة أحمد بن محمد الغزال ، المعروف بابن الوتار (ت 429) ، من أنه إذا مرت به فضيلة لأبي بكر وعمر تركها (5).7.

ص: 175


1- سير أعلام النبلاء 22 / 103 - 104 رقم 75.
2- معجم الأدباء 2 / 5.
3- معجم أعلام الشيعة : 64.
4- سير أعلام النبلاء 20 / 324 رقم 217 ، معجم أعلام الشيعة : 293.
5- ميزان الاعتدال 1 / 130 رقم 527.

وهناك شاعر شيعي آخر يدعى أحمد بن يحيى الأديب ، وصفوه بأنه كان يميل إلى مذهب الشيعة (1) ، وله شعر يفيد اعتقاده بإمامة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام بالنص القرآني :

أحلف بالله وآياته

شهادة صادقة خالده

أن علي بن أبي طالب

إمامنا في سورة المائده

وذكر ابن الفوطي : عنتر بن أبي العسكر ، الذي كان من الأمراء ، وأنه رأى بخطه :

بختام الرسالات

هداني من بني هاشم

بمن صام بمن صلى

بمن صدق بالخاتم

بحق البضعة الزهراء

حواء النسا فاطم

وبالمسموم والمقتول

ظلما لعن الظالم

وبالسجاد والباقر

والصادق والكاظم

وبالمدفون في طوس

علي ولد العالم

بحق العسكريين

وبالمنتظر القائم

وهذه الأبيات تفصح بوضوح عن تشيع الأمير المذكور.

هذا ، ويمكن - بالجملة - عد الشعر ملاكا آخر في معرفة تشيع الشخص.

ومثال ذلك : أبو العباس أحمد بن يحيى الكوفي (ت 559) ، الذي كان من مشايخ السيد فضل الله الراوندي ..

والذي يؤيد تشيعه تذييله على نهج البلاغة. 1.

ص: 176


1- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 31.

نعم ، كل تذييل على نهج البلاغة لا يكون دليلا على التشيع ، ولكن لما تكون خطبة البيان مدرجة فيه فقبول تشيعه سهل.

ونسخة من هذا الكتاب ، بتاريخ 729 ، محفوظة برقم 1860 في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام بمشهد.

وجاء في ترجمة محمد بن أحمد بن الفحام (ت 399) ، نزيل دمشق : كان زاهدا متقشفا ، صنف كتابا في إنكار غسل الرجلين في الوضوء ، وكتابا في الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام (1) ، وهذان التأليفان يفيدان كونه من الشيعة الإمامية.

قال الأستاذ الطباطبائي رحمه الله في ترجمة محمد بن عبد القاهر ابن الشهرزوري ، المولود سنة 698 : عثرت له في مكتبة أيا صوفيا ... على مجموعة أدبية لها قيمة ... كتبها بالقاهرة سنة 790 ... ولا صرح المؤلف باسمه في أوله تقية ... وفيه في مكانين : قال محيي الدين عفا عنه (2).

هذا ، في حين أن المؤلف نفسه لم يشر إلى تشيعه في ترجمته.

والنموذج الآخر من إقرار الشخص بتشيعه هو : إسفنديار البوشنجي (ت 624 أو 625) الذي قيل : إنه قرأ الفقه على مذهب الشافعي ، غير إنه كان متهما بالتشيع ، وقد قال في مجلس له بالكوفة : لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «من كنت مولاه فعلي مولاه» تغير وجه أبي بكر وعمر ، فنزل قوله تعالى : (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) (3) (4)..

ص: 177


1- تاريخ الإسلام - للذهبي - أحداث سنة 399 ، لسان الميزان 2 / 251 ، معجم أعلام الشيعة : 365.
2- معجم أعلام الشيعة : 394.
3- سورة الملك 67 : 27.
4- معجم أعلام الشيعة : 89 ، نقلا عن درة الإكليل - لابن الجوزي -.

قال الصفدي في ترجمة زيد مرزكة ، الشاعر الأديب : كان رافضيا دجالا ، ومن شعره الذي أبان فيه عن سوء مذهبه ، قوله يستطرد بأبي بكر :

وإذا لزمت زمامها قلقت

قلق الخلافة في أبي بكر (1)

7 - معايير أخرى :

* ومن المعايير التي استند إليها السيد الأستاذ رحمه الله في إثبات تشيع الشخص : كون مشايخه من الشيعة ، ومع إن كون مشايخ الشيعي من أبناء العامة ، أو بالعكس ، أمرا عاديا ، إلا إنه يمكن اعتماد هذا المعيار في حالة وجود قرينة خاصة.

قال السيد الأستاذ رحمه الله في ترجمة عبيد الله بن عبد العزيز الرسولي : حيث إنهم لم ينسبوه إلى أحد المذاهب الأربعة ، ومن أنهم أساؤوا إليه ، وتلمذته على مشايخ الشيعة مثل الشريف المرتضى ، وتلميذه البصروي ، وأبي الجوائز ابن باري ، وغيرهم ، علمنا تشيعه (2).

وقال ابن الفوطي في ترجمة محمد بن محمد الموسوي : روى عن ضياء الدين أبي الرضا الراوندي وعن القاضي أبي الفتح القاشاني (3).

* ومنها : إذا لم يذكر لعالم شئ يفيد تشيعه سوى كتاب له في ذلك ، فهو كاف في إثبات تشيعه.

فقد قال السيد الأستاذ رحمه الله في ترجمة مجد الدين علي بن الحسين بن باقي

الحلي : ومن مصنفاته الباقية حتى الآن كتاب اختيار مصباح المتهجد 1.

ص: 178


1- الوافي بالوفيات 15 / 58.
2- معجم أعلام الشيعة : 263.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 614 ، معجم أعلام الشيعة : 421.

للشيخ الطوسي ... فرغ من تأليفه سنة 653 ... ومجموعة في الآداب والحكم والمواعظ ... في المكتبة السليمانية ، برقم 1447 (1).

ومحمد بن محمد بن السلال الكرخي (ت 541) - فبغض النظر عن كونه من الكرخ - ، ذكر له شاهد لطيف على تشيعه ، قال السمعاني : ... وكنا نسمع عليه بجهد ، بيتهم معروف بالتشيع ، قال الحافظ ابن ناصر : كنت أمضي إلى الجمعة وقد قارب الوقت فأرى ابن السلال في دكانه فارغ القلب ليس على خاطره الصلاة (2).

* والأمر الآخر الذي استند إليه الأستاذ رحمه الله لإثبات تشيع الشخص : كون والده شيعيا.

فقد ذكر الأستاذ رحمه الله في الأمير مرهف بن أسامة الشيزري (ت 613) : كان أبوه شيعيا (3).

وهذا وإن كان شاهدا على التشيع إلا أنه من الممكن أن يحدث تغيير في ميول الشخص.

* * * 2.

ص: 179


1- معجم أعلام الشيعة : 295.
2- سير أعلام النبلاء 20 / 75 رقم 46 ، معجم أعلام الشيعة : 416.
3- معجم أعلام الشيعة : 452.

لمحات عن التشيع في المدن والمناطق المختلفة

التشيع في دمشق والشام :

التراجم التي وردت بشأن وجود علماء الشيعة في مدن الشام المختلفة ، وخاصة منطقة الشامات ، تشير إلى وجود التشيع في هذه البلاد بشكل واسع النطاق.

قال الذهبي في ترجمة أبي الحسن علي بن موسى ابن السمسار الدمشقي (ت 433) : قال الكتاني : فيه تشيع ... ، وقال أبو الوليد الباجي : فيه تشيع يفضي به إلى الرفض.

ثم قال الذهبي : ولعل تشيعه كان تقية. [أي : كان سنيا في الباطن].

أقول : سني ويعمل بالتقية! وذلك لأنه من أهل الحديث ، وكان التشيع في زمانه مستوعبا الشام ومصر والمغرب ، لوجود الدولة الفاطمية ، وكذلك لوجود الدولة البويهية في العراق ، وفي هذا الزمان جرى عقد الأخوة بين الرفض والاعتزال ، والناس على دين ملوكهم (1).

وقد سبق أن ذكرنا أن محمد بن أحمد بن الفحام (ت 399) ، نزيل دمشق كان له كتابان ، أحدهما في إنكار غسل الرجلين في الوضوء ، والآخر في الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام (2).

ولقد ظل كثير من شيعة دمشق مجهولين ، ولم يبق إلا اسمهم في التاريخ .. 7.

ص: 180


1- أنظر : سير أعلام النبلاء 17 / 506 رقم 328 ، معجم أعلام الشيعة : 328.
2- راجع ص 177.

وعلى سبيل المثال ذكر ابن عساكر رجلا باسم قاسم بن خليل الدمشقي ، ولم يقل فيه سوى : إنه رافضي (1).

وقال الصفدي في ترجمة محمد بن الجمال الأحواضي ، الذي كان من قرية حراجل من جبل الجرد : رأس الشيعة الغلاة ، وأضاف : أحكم المنطق والفلسفة (2).

ومن هذه النماذج ما ذكره الصفدي في ترجمة إبراهيم بن أبي الغيث البخاري ، حيث قال : الفقيه الشيعي ، المقيم بمجدل سليم ، قرية من بلاد صفد من نواحي النبطية والشقيف ، كان إماما من أئمة الشيعة هو ووالده قبله ، أخذ عن أبي العود وابن مقبل الحمصي ورحل إلى العراق ، وأخذ عن ابن المطهر (العلامة الحلي) ، وكان ذا مجلسين : أحدهما معد للوفود ، وآخر لطلبة العلم .. ، اجتمعت به ... في سنة 722 ودار بيني وبينه بحث في الرؤية وعدمها ، وطال النزاع ، وتجاذبت الأدلة ، وكان ... لطيف الأخلاق ريض النفس.

قال القاضي شهاب الدين : آخر عهدي به في سنة 736 ، وقال : كتبت إليه وقد طالت غيبته بعد كثرة اجتماع به في مجلس شيخنا شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية.

ثم ينقل عنه شعرا - وقد هوجم بيته وأخذت كتبه - منه :

لئن كان حمل الفقه ذنبا فإنني

سأقلع خوف السجن عن ذلك الذنب

وإلا فما ذنب الفقيه إليكم

فيرمى بأنواع المذمة والسب (3)1.

ص: 181


1- لسان الميزان 4 / 459 ، تاريخ دمشق 49 / 56.
2- الوافي بالوفيات 2 / 309 ، معجم أعلام الشيعة : 372.
3- الوافي بالوفيات 6 / 79 ، معجم أعلام الشيعة : 20 - 21.

ومن الواضح أن شعره يكشف عن عظيم ما تجشمه من محن وصعاب ، حتى اضطر أن يمتدح فيه الخلفاء تقية.

وواضح أن العلويين والنقباء الموجودين في المدن الشيعية كان إظهارهم لتشيعهم الإمامي سهل ، ووجود آل حمدان في حلب ودمشق ورسوخ التشيع في هاتين المدينتين لا يبقي مجالا للشك في أن سادة ونقباء المدينتين كانوا من الشيعة .. ومثال ذلك :

أبو محمد الحسن بن محمد العلوي ، الذي تولى القضاء بحلب في أيام سعد الدولة (1).

أبو القاسم أحمد بن الحسين العقيقي (ت 378) ، الذي كان من وجوه الأشراف بدمشق ، وقدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة (2).

وكذلك وفود أبو القاسم أحمد بن الحسين العلوي على الأمير سيف الدولة في سنة 351 (3).

فإن وفود هذين الشخصين على الأمير الحمداني مع كونه شيعيا يفيد تشيعهما.

وقيل : [لما] وصل الأمير المظفر ناصر الدولة ... إلى دمشق واليا عليها في جمادى الآخرة سنة 433 ... وصل معه الشريف فخر الدولة نقيب الطالبيين (4).

وهناك شيعي آخر كان نزيل دمشق ، يدعى الحسن بن محمد الأربلي 2.

ص: 182


1- معجم أعلام الشيعة : 37.
2- معجم أعلام الشيعة : 38.
3- معجم أعلام الشيعة : 39.
4- معجم أعلام الشيعة : 192.

(ت 660) ، قال الذهبي : كان باهرا في علوم الأوائل ، أقرأ في بيته مدة ... وله هيبة وصولة (1).

وفي ترجمة عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي البغدادي (ت 340) ، الأديب البارع ، قال الذهبي : أخرج من دمشق لتشيعه (2).

ومنهم : محمد بن أبي الهيجاء الأربلي (ت 700) ، والي دمشق ، الذي قدم الشام شابا ، وكان بالتشيع والرفض معروفا (3).

ومن المدن الشيعية في هذه المنطقة مدينة بعلبك ، وقد استوطنها كثير من علماء الشيعة ، منهم : أحمد بن علي الحمصي ، الذي أخذ التشيع بالحلة وسكن بعلبك (4).

ومن أعلام القرن الثامن في هذه المنطقة : جعفر بن أبي الغيث البعلبكي (ت 736) ، وقد ترجم له الصفدي ، وقال : شيخ الشيعة (5).

وكان لمدينة حلب وسائر المراكز الشيعية في الشام تأثير أساسي في استقطاب مدينة حمص عددا من الشيعة ، وهي تحتفظ بآثار ذلك إلى اليوم.

ومن أعلام هذه المدينة : الحسن بن إبراهيم الحمصي (ت 540) ، قال ابن أبي طي : كان فقيها إماميا مناظرا (6).

ومن المناطق الشيعية الواقعة في شمال الفرات منطقة «المرافقة» من قرى الرقة ، من أعلامها : الحسن بن عنبس المرافقي (ت 485) ، قال 2.

ص: 183


1- سير أعلام النبلاء 23 / 353 رقم 253.
2- سير أعلام النبلاء 15 / 475 رقم 268.
3- الوافي بالوفيات 5 / 170 ، معجم أعلام الشيعة : 435.
4- معجم أعلام الشيعة : 59.
5- الوافي بالوفيات 11 / 118 ، معجم أعلام الشيعة : 123.
6- لسان الميزان 2 / 192.

الكراجكي - العالم الشيعي المعروف - : رأيت له حلقة عظيمة يقرؤون عليه مذهب الإمامية ، قال ابن حجر : كان شيعيا غاليا ، قرأ على المفيد ، ولقي القاضي عبد الجبار ، وعمر مائة سنة أو أكثر ، وقال الكراجكي أيضا : وكانت له خصوصية بالصاحب ابن عباد (1).

هذا ، وإن العثور على شيعي واحد في المغرب في العصور القديمة أمر له أهمية فائقة ، فمن أعلامها : الحسن بن علي بن وصيد البجلي ، وقد ترجم ابن حجر له نقلا عن ابن حزم ، فقال : كان من كبار الروافض ، فدخل قفصة فأضل أهلها.

قال : وكان ممن افتتن به أميرها أحمد بن إدريس العلوي (2).

ومن أعلام هذه المنطقة أبو المكارم محمد بن يوسف الغرناطي ابن مسدي (ت 663) ، الذي قدم مكة من الأندلس وصار خطيبها وإمام المقام الشريف ، وتشيع ، وحكى الصفدي عن الذهبي أنه قال : رأيت له قصيدة طويلة تدل على التشيع ، وقال الذهبي : وفيه تشيع وبدعة ... ، وينال من معاوية وذويه ... ، وأكثر دلالة على تشيعه أنه كان يتكلم في عائشة ، وقيل : كان يميل إلى الاجتهاد ، وأنه ذكر في كتابه محرر الائتلاف خلاف الزيدية والإمامية.

وعلى أي حال ، شاع عنه التشيع ، والمدهش أنه قتل غيلة وظل دمه (3).5.

ص: 184


1- لسان الميزان 2 / 242.
2- لسان الميزان 2 / 241 ، وراجع في تشيع هذه المنطقة مقالة ل : مادلونغ ، بعنوان : التشيع غير الإسماعيلي في المغرب .. المدارس والفرق في القرون الوسطى : 231 - 239.
3- معجم أعلام الشيعة : 440 - 445.

أقول : ربما كان تشيعه تأثرا بعلماء الزيدية في مكة أو الأشراف أو علماء الإمامية في حلب الذين لقيهم هناك.

التشيع في حلب :

تعد حلب مركز التشيع في منطقة الشامات منذ القرن الخامس حتى القرن الثامن ، ويدين انتشار التشيع في هذه المنطقة إلى حماية الحمدانيين للشيعة ودفاعهم الحثيث عن الأسر الشيعية أكثر من أي شئ آخر.

فقد أخذ هذه المدينة سيف الدولة الحمداني من الكلابي نائب الإخشيدية ، وحكمها لسنوات ، وخاض خلال هذه السنوات حروبا مع الروم.

ولا يخفى أن سيف الدولة يعد مفخرة من مفاخر العالم الإسلامي ، قال الذهبي : وفيه تشيع .. وامتدحه كثيرا (1).

ومما لا شك فيه أنه هو وأسرته كانوا على عقائد الشيعة ، إذ إن ازدهار التشيع كان في ظل حكمهم ..

هذا ، وإن كثيرا من علمائها قد نفر إلى العراق للتفقه ، ومن ثم رجعوا إلى موطنهم وتصدوا لمناصب مهمة ، كالقضاء وغيره.

ولا بد للبحث في تشيع حلب من مقام آخر ، غير أن ما جاء في المعجم يكشف عن مدى تأثير علماء الشيعة في هذه المدينة ، هؤلاء الذين لم يعرفوا في المصادر الشيعية إلى الوقت الحاضر.

وباندراس مصنف ابن أبي طي ظل علماء الشيعة مجهولين ، ولم يبق إلا مجرد ذكر بعضهم في مصادر الآخرين ، وإليك نماذج من هؤلاء في هذا 2.

ص: 185


1- سير أعلام النبلاء 16 / 187 رقم 132.

الكتاب :

أبو طاهر إبراهيم بن سعيد بن خشاب الحلبي (ت 589) ، ووصف بأنه : كان من أجلاء الشيعة (1).

وقد كانت في حلب أسر شيعية كبيرة إلا أنه لم يبق منها أي أثر ، منها أسرة الجلي ، ومن أفرادها أحمد بن إسماعيل وهو من أعلام أيام سيف الدولة الحمداني ، وقد وصفوه بأنه : أحد علماء الشيعة (2).

وابنه أبو الحسن إسماعيل بن أحمد الجلي الحلبي ، فقد قال ابن أبي طي فيه : إمام فاضل في الحديث ، وفقه أهل البيت ، وقد ترجم له ابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب.

وقد ذكر السيد الأستاذ رحمه الله ترجمة لهذه الأسرة ، وقال : يظهر أن بيت الجلي

من بيوت الشيعة في حلب ، علماء ، فقهاء ، ومحدثون ، ولهم تصانيف كثيرة ، مع الأسف لم يذكر شئ منها ... كما أن من تصانيف ابنه : ذيل على نهج البلاغة ، ولولا أن ابن أبي الحديد ذكره في شرحه على النهج ونقل عنه ، لما عرفنا عنه شيئا (3) ، مع أنه لم يترجم له من أصحابنا سوى الأفندي.

وكانت أجواء حلب في القرن السادس أجواء شيعية ، فقد جاء في ترجمة إسفنديار بن الموفق البوشنجي ، الواسطي مولدا : إنه قدم حلب ، وبالرغم من أنه قيل فيه : كان غاليا في التشيع ، فقد قرأ الفقه على مذهب الشافعي ، ونصب بديوان الإنشاء للناصر لدين الله الخليفة العباسي الشيعي (4).9.

ص: 186


1- الوافي بالوفيات 5 / 355 ، معجم أعلام الشيعة : 25.
2- تاج العروس 7 / 262 ، مادة «جلل».
3- شرح نهج البلاغة 18 / 225 ، معجم أعلام الشيعة : 93 و 248.
4- معجم أعلام الشيعة : 88 - 89.

ومن أعلام شيعة حلب : أبو علي الحسن بن أحمد بن علي ابن المعلم الحلبي ، قال ابن العديم : فقيه من فقهاء الشيعة ، أديب ، شاعر ، متكلم ، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي ... وصنف للشيعة كتابين : أحدهما يعرف ب : التاجي ، والآخر يعرف ب : معالم الدين ، وله كتاب في الأصول شرح فيه الملخص ، ولازم المسجد الجامع بحلب ، وقرأ عليه الحلبيون الفقه والأدب ... وكان مولد أبي علي الحلبي بمعرة النعمان ... وانتقل مع أبيه إلى حلب.

ثم قال ابن العديم - بعد تفاصيل أدلى بها - : ولم يكن فقيها فقط لكن كان ذا فضائل ، من جملتها شعر ، وكتابة ، وهو ممن يتجمل به الشيعة (1).

ومن أعلام هذه المدينة : الحسن بن بشار الحلبي (ت 515) ، قال ابن حجر فيه : شيخ الرافضة ، له مصنف في منع رؤية الله تعالى (2).

وبعد استيلاء صلاح الدين الأيوبي على مصر هاجر كثير من السادات والشيعة إلى حلب ، إذ كانت مركزا للشيعة في ذلك الوقت.

فمنهم : الحسين بن أبي الفضل المصري (3).

ومنهم : الحسين بن عقيل بن سنان الحلبي (ت 507) ، وله كتاب المنجي من الضلال في الحرام والحلال ، في الفقه ، بلغ عشرين مجلدا ذكر فيه خلاف الفقهاء (4). 7.

ص: 187


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 5 / 2276.
2- لسان الميزان 2 / 197 ، معجم أعلام الشيعة : 140.
3- معجم أعلام الشيعة : 172.
4- تاريخ الإسلام - للذهبي - وفيات سنة 507.

إن اشتهار حلب بالتشيع كان يجذب الشيعة إليها من كل مكان ، فممن وفد إليها أيضا : الحسين بن علي القمي ، المعروف ب : أميركا (ت 384) ، وهو من العلويين القميين الشيعة ، الذي قدم حلب وافدا في سنة 347 أيام سيف الدولة الحمداني ، قيل فيه : أول من أذن في الليل وقال في أذانه : محمد وعلي خير البشر (1).

ومنهم : أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز الحلبي (ت 431) ، كان نزيل دمشق (2).

وعلي بن أبي العز كمال الدين الحلبي ، المعروف بابن القويقي النيلي (ت 684) ، المنسوب إلى نهر قويق ، وأصلهم من حلب ، وسكن النيل واستوطنها ، ورزق أولادا نجباء كانوا فقهاء وأدباء ، قال ابن الفوطي : فقيه الشيعة ، كان عالما بالفقه والحديث (3).

وعلي بن الحسن ، الفقيه الحلبي ، من «رفد» - قرية كبيرة من نواحي حلب - ومقيم بمصر ، قال ياقوت في مادة «أرفاد» : ينسب إليها قوم ، منهم في عصرنا : أبو الحسن علي بن الحسن الأرفادي ، أحد فقهاء الشيعة في زعمه (4).

ونجيب الدين أبو القاسم بن حسين العود الأسدي الحلي (ت 679 أو 677) ، من مواليد جزين ، وصفوه ب : الفقيه المتكلم ، رئيس الرافضة وشيخ الشيعة (5) ، وقد قدم حلب واسترسل يوما ونال من أصحاب 9.

ص: 188


1- بغية الطلب في تاريخ حلب 4 / 123 ، معجم أعلام الشيعة : 181.
2- سير أعلام النبلاء 17 / 497 رقم 321 ، معجم أعلام الشيعة : 241.
3- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 226 ، معجم أعلام الشيعة : 271.
4- معجم البلدان 1 / 153 ، معجم أعلام الشيعة : 296.
5- تاريخ الإسلام - للذهبي - أحداث سنة 679.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فزبره النقيب ، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : ... جزين مأوى الرافضة (1).

وشهاب الدين أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل الكوفي ، ثم الحلبي الشيعي (ت 635) ، كان أديبا شهيرا ، وقال عنه الذهبي : له ديوان كبير في أربع مجلدات (2).

التشيع في مدن العراق

كان العراق - عموما - وعلى مر التاريخ قطب التشيع ومحوره ، فترى أن الكوفة قد حافظت على هذه الريادة لمدة قرنين أو ثلاثة ، ثم انتقلت إلى بغداد والحلة والنجف.

ولا يخفى أن بغداد كانت - آنذاك - عاصمة الدولة العباسية ومعقل الأحزاب والجماعات ، وقد شغل الشيعة مناطق كثيرة منها ، لا سيما جانب الكرخ الذي تمركزوا فيه بشكل خاص.

كما كانت الحلة وواسط والموصل والمدائن من مدن التشيع المهمة الرئيسية.

أما ما يختص ببغداد ، فقد كان يقطنها - وعلى مدى القرنين الثالث والرابع - عدد كبير من الأسر الشيعية.

هذا ، وإن وضع المحدث الكليني قدس سره الترتيبات النهائية لمؤلفه الشهير الكافي فيها ، وافتخارها بانتساب الشيخ المفيد والسيد المرتضى والسيد 1.

ص: 189


1- معجم أعلام الشيعة : 466.
2- سير أعلام النبلاء 23 / 28 رقم 21.

الرضي قدس سرهم ، وغيرهم لها ، واحتضانها للشيخ الطوسي قدس سره والعشرات من العلماء الكبار ، لخير شاهد على علو كعبها وذروة أهميتها.

وقد انتشر التشيع فيها بشكل واسع خلال القرنين السادس والسابع ، حتى كان أبناء هذا المذهب يشدون الرحال إليها من الحلة والموصل وأربيل وغيرها ، والشواهد على ذلك في كتاب المعجم كثيرة جدا ، ذكرنا منها ما يناسب المقام في موارد مختلفة.

وكان من أكابر الفقهاء وأعيان الأدباء الذين قدموا بغداد واستوطنوا فيها : محمد بن الحسن النيلي ، ويقول ابن الفوطي (1) - بعد مدحه ووصفه بالفقيه الأديب - : كان له معرفة تامة بفقه الشيعة ، وحل في سنة 704 بصحبة النقيب رضي الدين علي بن طاووس على السلطان محمد خدابنده (2).

وكانت الكوفة آنذاك تعج بالكثير من علماء الشيعة ، فمحمد بن الحسن الوكيل ، المعروف بابن داود ، كان من الكوفيين الذين كانوا يترددون على بغداد ، وقيل : إنه كان رافضيا ، وأضاف آخر : إنه كان سيئ المعتقد رافضيا ، كاشفا بالطعن على السلف الصالح (3).

ومحمد بن الحسن البغدادي الموصلي (ت 642) كان من شيعة العراق في القرن السابع ، ووصفوه بأنه كان منقطعا عن السياسة ، غاليا في التشيع ، وقيل : إنه دفن في المشهد الكاظمي (4). 7.

ص: 190


1- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 1194.
2- معجم أعلام الشيعة : 374.
3- لسان الميزان 5 / 135.
4- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 781 ، معجم أعلام الشيعة : 377.

ومحمد بن الحسين القلانسي ، المعروف ب : مقرئ العراق ، له شعر في الخلفاء الأربعة ، واحتمل الذهبي أنه قاله عن تقية (1).

ومحمد بن عبد الله الواعظ البلخي (ت 596) ، كان يعظ بالنظامية ، وهذا أمر عجيب! ولكن لا عجب فقد كان ذلك إبان خلافة الناصر ، وقيل في حقه أنه : كان يميل إلى الرفض ويظاهر به.

ومن الشواهد اللطيفة على ذلك ما ذكره علي بن محمود ، فقد قال : حضرت مرة مجلسه ، فقال : بكت فاطمة يوما من الأيام ، فقال لها علي : يا فاطمة! لم تبكين علي؟! أأخذت منك فيئك؟! أغصبتك حقك؟! أفعلت؟! أفعلت؟! وعد أشياء مما يزعم الروافض أن الشيخين فعلاها في حق فاطمة ، قال : فضج المجلس بالبكاء من الرافضة الحاضرين (2).

ومحمد بن علي الجبلي (3) (ت 439) كان من علماء بغداد ، وقد حكى الخطيب البغدادي في ترجمته أنه : كان رافضيا شديد الترفض (4).

وعماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن علوان (ابن الرفاعي) السورائي ، كان من علماء العراق ، وقد استجازه ابن الفوطي في سنة 706 فكتب له الإجازة نظما ، وقد ورد في البيت الأخير منها :

بعد حمدي لله ثم صلاتي

لنبي وآله الأطهار

وقد ترجم له في موضع آخر ، وقال : ومما أنشدني وهو متوجه إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السلام : 7.

ص: 191


1- لسان الميزان 5 / 144.
2- لسان الميزان 5 / 217 - 218 ، معجم أعلام الشيعة : 395.
3- في تلخيص مجمع الآداب : الحلي.
4- تاريخ بغداد 3 / 101 ، معجم أعلام الشيعة : 407.

يا إماما في الأنام له مثل

ولا للورى سواه إمام

غير أبنائه الهداة أولي الذكر

فإنهم على الإله كرام

وقد أورد له ابن الشهرزوري الموصلي في مصنفه الأدبي - المحفوظة نسخته في مكتبة أيا صوفيا - قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام ضمنها حديث الغدير أيضا (1).

ومحمد بن يوسف الواسطي البغدادي ، الذي كان كاتبا وأديبا ، قد خلف أشعارا - أنشدها في غلام تركي يسمى عثمانا - تنبئ عن تشيعه وإن كان طابعها الفكاهة والهزل.

أأحب عثمانا وأتبع الهوى

فيه وأنت مطالبي بالثار

لا تأخذن بثاره متعديا

حتى تراه محاصرا في الدار

وله فيه :

قالوا تعشقت عثمانا فقلت لهم

ما الحسن في الناس مخصوصا بإنسان

إني وإن كنت شيعيا كما زعموا

فقد تسننت في حبي لعثمان

ونجد لزاما أن نشير إلى ترجمة أحد أدباء الشيعة الذين أهملوا ، ولم يرد لهم ذكر ، فقد قال الباخرزي (2) في عداد شعراء العراق : الفتى عبد الله بن أبي طالب ، الذي كان من الشعراء المعروفين في القرن الخامس ، ويحتمل أنه كان يتردد على مدن منها أصفهان ونيسابور ، إذ إن ولده كان مستوطنا في أصفهان. 5.

ص: 192


1- معجم أعلام الشيعة : 409.
2- دمية القصر وعصرة أهل العصر 1 / 385.

ولعبد الله قصيدة في مدح الأئمة الاثني عشر :

بمحمد وبحب آل محمد

علقت وسائل فارس بن محمد

يا آل أحمد يا مصابيح الدجى

ومنار منهاج السبيل الأقصد

لكم الحطيم وزمزم ولكم منى

وبكم إلى سبل الهداية نهتدي

إني بكم متوسل وبحبكم

متمسك لا تنثني عنه يدي

وعليكم نزل الكتاب مفصلا

من ذي المعارج بالمنير المرشد

إن ابن عنان بكم كبت العدى

وعلا بحبكم رقاب الحسد

ولئن تأخر جسمه لضرورة

فالقلب منه مخيم بالمشهد

يا زائرا أرض الغري مسددا

سلم سلمت على الإمام السيد

وزر الحسين بكربلا وقل له

يا بن الوصي ويا سلالة أحمد

بلغ أمير المؤمنين تحيتي

واذكر له حبي وصدق توددي

ضاموك وانتهكوا حريمك عنوة

ورموك بالأمر الفظيع الأنكد

ولو أنني شاهدت نصرك أولا

رويت منهم ذابلي ومهندي

مني السلام عليك يا بن المصطفى

أبدا يروح مع الزمان ويغتدي

وعلي أبيك وجدك المختار

والثاوين منهم في بقيع الغرقد

وبأرض بغداد علا موسى وفي

طوس علا ذاك الرضي المتفرد

وبسر من رأى فالسلام على الهدى

وعلي التقي وذا الندى والسؤدد

بالعسكريين اعتصامي من لظى

وبقائم بالحق يصدع في غد

يجلو الظلام بنوره ويعيدها

علوية فينا بأمر مرصد

إني سعدت بحبكم أبدا ومن

يحببكم يا آل أحمد يسعد

مستبصرا والله عون بصيرتي

ما ذاك إلا من طهارة مولدي

ص: 193

ونقل الباخرزي أيضا (1) عن ابنه سلمان قصيدة يمدح فيها الصاحب ابن عباد.

كما كان مهذب الدين أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي (ت 622) من العلماء والأدباء المعروفين في النصف الأول من القرن السابع ، والذي وردت ترجمته في كثير من المصادر ، ووصفوه بأنه كان تاليا للقرآن ، مشغوفا بمذهب الإمامية والتعصب لهم ، كثير الميل إلى أهل البيت صلوات الله عليهم (2).

التشيع في الحلة :

تعد الحلة من أركان الشيعة وأعمدتها المهمة في القرن الخامس وما تلاه ، وقد بلغت شهرة الكثير من علمائها حدا طبق الآفاق.

قال الذهبي في ترجمة صدقة بن بهاء الدولة الأسدي ، ملك العرب ، (قتل في سنة 501 ه) أنه : اختط مدينة الحلة ... وسكنها الشيعة (3).

وكانت مدرسة الحلة آنذاك محور الشيعة العلمي ، وقطبهم الأساس ، وتصدى علماؤها لبث الفكر الشيعي في بغداد وشتى المدن الأخرى ، بل هاجر بعضهم إلى سائر الأمصار والأقطار ، فقصدوا الشام ، ونزلوا دمشق (4) ، وبعض - كالعلامة الحلي - سافر إلى إيران.

ومن جهة أخرى فقد ارتاد الحلة العديد من العلماء كي يرتوون من 1.

ص: 194


1- دمية القصر وعصرة أهل العصر 1 / 388.
2- معجم أعلام الشيعة : 482.
3- سير أعلام النبلاء 19 / 264 رقم 165.
4- معجم أعلام الشيعة : 146 و 211.

نمير علومها ومعارفها ، كحسين بن حاجي الأسترآبادي (1).

وقد ذكر المحقق الطباطبائي رحمه الله عددا كبيرا من علماء الحلة الذين لم يرد ذكرهم في المصادر الشيعية ، وضبطهم ابن الفوطي ، أو الصفدي ، أو الآخرين ، وإليك نماذج منهم :

جعفر بن أيوب الحلي (2).

الحسن بن يعقوب الحلي (3) ، توفي في النصف الثاني من القرن الثامن.

الحسين بن عبدوس البغدادي (4) ، الذي كان مساحا بالحلة ، وتوفي فيها

ودفن بمشهد الإمام علي عليه السلام.

عز الدين الحسين بن جعفر بن محمد بن علي الحلي (5) (ت 707).

العباس بن عباس الأديب (6).

الحسين بن علي الأديب ، المعروف بكافي الدين الحلي (ت 618) الذي قدم من الحلة إلى بغداد ، وكان كاتبا لأمراء الجيوش ، ووصفوه بأنه كان رافضيا (7).

هذا ، وهناك نماذج أخرى كلها تشير إلى أن الحلة كانت معقل التشيع ومنبعه الذي روى بغداد خلال القرنين السادس والسابع وما بعدهما. 7.

ص: 195


1- معجم أعلام الشيعة : 171.
2- معجم أعلام الشيعة : 125.
3- معجم أعلام الشيعة : 165.
4- معجم أعلام الشيعة : 174.
5- معجم أعلام الشيعة : 170.
6- معجم أعلام الشيعة : 238.
7- الوافي بالوفيات 12 / 457.

وأسرة آل طاووس - التي كانت من الأسر الشيعية المعروفة في الحلة - قد لعبت دورا بارزا ومشهورا في مضمار نشر فكر وعقيدة أهل البيت عليهم السلام ، وقيمهم الشامخة.

وكان دبيس بن صدقة الحلي - وكذا أخوه وآباؤه - شيعيا ، حكم الحلة سنوات ، وهو أديب جواد ممدوح من نجباء العرب (1).

كما وكان من شعراء وكتاب الحلة البارزين : علي بن علي الحلي ، الذي وصفوه بأنه : كان غاليا في التشيع ، مبالغا في الرفض ، وقد نقل في إنسان العيون في مشاهير سادس القرون قصائد له في مدح أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام (2) ، قال ابن النجار : كانوا [...] الرافضة ينشدوها [...] في المواسم في مشاهد أهل البيت عليهم السلام ، وكان يتردد على الشام (3).

وترجم ابن العماد لمبارك بن حامد ، وقال : كان من كبار علماء الشيعة ، عارفا بمذهبهم ، وله صيت عظيم بالحلة والكوفة ، وعنده دين وأمانة (4).

التشيع في واسط العراق :

واسط مدينة بناها الحجاج في أيام ولايته ، كي يتمكن من إحكام سيطرته على العراق بعيدا عن البصرة والكوفة ، تشيع مستوطنوها تدريجيا ، وهناك شواهد - مذكورة في المعجم - تحكي عن وجود التشيع فيها .. 9.

ص: 196


1- معجم أعلام الشيعة : 210.
2- إنسان العيون في مشاهير سادس القرون : 150.
3- معجم أعلام الشيعة : 307 - 308.
4- شذرات الذهب 5 / 244 ، معجم أعلام الشيعة : 359.

منها : إن الصفدي ترجم لعالم باسم إبراهيم بن سعد ابن الطيب (ت 411) - قدم واسط صبيا ثم أصعد إلى بغداد ... وعاد إلى واسط ثانية - قال : ونزل في الزيدية من واسط وهناك يكون الرافضة والعلويون ، فنسب إلى مذهبهم ، ومقت وجفاه الناس ..

ثم قال : وتوفي ... ولم يكن معه إلا اثنان وكادا يقتلان ، وكان غاية في العلم ، ومن غد ذلك النهار توفي رجل من حشو العامة فأغلقت البلدة من أجله (1)!

ومنها : إن مجير الدين أبا الفضل جعفر ابن أبي فراس النخعي الشيعي (ت 627) أحد أمراء الشيعة ، كان - بعد نزوله بغداد - أميرا على البصرة وواسط.

قالوا : كان شيخا غاليا في التشيع ، وقيل : بعد عزله عن الإمارة وعما كان يتولاه انقطع إلى العبادة ، وأقام ببغداد إلى أن توفي ، وحمل إلى مشهد علي عليه السلام (2).

وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض شيعة بغداد في القرنين السادس والسابع - مع أصالة تشيعهم - لم يكونوا ليظهروا غضبهم على السلف ، بل كانوا يسعون في الثناء على الصحابة ، ولعل الذي كان يدعوهم إلى ذلك : إما جانب التقية والحيطة ، أو مماشاة من كان يبرز الود لأهل البيت عليهم السلام من أهل العامة ..

قيل في الفتح بن عبد الله البغدادي - الذي كان أديبا وصاحب نفوذ __________________

(1) الوافي بالوفيات 5 / 354 ، معجم أعلام الشيعة : 24.

(2) تلخيص مجمع الآداب 5 / 289 رقم 601 ، معجم أعلام الشيعة : 124.

ص: 197

لدى البلاط ، ومع ذلك اتهم بأنه مشتهرا بالتشيع والغلو فيه على مذهب الإمامية - : كان يترحم على الصحابة ويلعن من يسبهم (1).

وأبو المعالي محمد بن عبد السلام بن شانده ، الأصبهاني الأصل ، الواسطي (296 - 385) ، - الذي وصفه الذهبي : بالواسطي الشيعي - كان قد سمع من عمه أبو محمد التلعكبري الرافضي ..

قال السلفي : سألت خميسا الحوزي ، فقال : كان ابن شانده رئيسا محتشما ، ثقة ، مددت يدي إلى كتب يوما فاستلبها من يدي ، وقال : هذا لا يصلح لك. قال : وكان يتظاهر بالسنة (2).

ونقل ابن الأثير : إن الأمير يزدن بن قماج التركي (ت 568) ، وهو من أكابر أمراء بغداد ، وكان يتشيع ، فوقعت بسببه فتنة بين السنة والشيعة بواسط ، لأن الشيعة جلسوا له للعزاء وأظهر السنة الشماتة به فآل الأمر إلى القتال ، فقتل بينهم جماعة (3).

التشيع في الموصل :

كانت الموصل أيضا من المدن التي يقطنها شيعة كثيرون إبان القرن السابع ، بل حتى قبله ..

ففي القرن الخامس كانت عقيدة قرواش بن مقلد حاكم الموصل هي التشيع ، وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي ، ثم ترك وأعاد الخطبة 5.

ص: 198


1- سير أعلام النبلاء 22 / 272 رقم 155 ، معجم أعلام الشيعة : 346.
2- سير أعلام النبلاء 18 / 607 رقم 323.
3- الكامل في التاريخ 11 / 395.

العباسية ، فغضب الحاكم وجهز جيشا لحربه ، وأتوا ونهبوا داره بالموصل ... فاستنجد بدبيس الأسدي ، فانتصر ... فتملك بعده ابنه شرف الدولة

واستولى على الجزيرة وحلب ، وكان يصرف جميع الجزية إلى الطالبيين (1).

وبدر الدين لؤلؤ ، حاكم الموصل في النصف الأول من القرن السابع ، كان من الشيعة المعروفين في هذه المنطقة ، وبنى قبة يحيى بن القاسم ، وهناك لوحة على صندوق قبره بتاريخ 637 كتبت فيها أسامي الأئمة عليهم السلام وآيات من القرآن ، جاء في نهايتها : تطوع بعمله العبد الراجي إلى رحمة ربه لؤلؤ بن عبد الله ، ولي آل محمد (2).

كما ودونت أسامي الأئمة الاثني عشر عليهم السلام في كتيبات مشهد باهر بن محمد الباقر عليه السلام ، التي يعود تاريخها إلى ولاية بدر الدين لؤلؤ (3).

ومن أدباء شيعة الموصل : أحمد بن علي بن حسن ابن أبي زنبور (ت 613) ، فقد وصفوه بأنه : كان من غلاة الرافضة (4) ، وقد عمر دهرا ومات بالموصل.

ومن علماء الموصل في القرن السابع أيضا : علي بن نصر الباسحاقي ، وقد وصفه ابن الفوطي بأنه : شيخ بلد الموصل ، وقال - بعدما أثنى على خصاله - : وكان غاليا في مذهب الشيعة (5).

وترجم ابن النديم لعلي بن وصيف الكاتب البغدادي ، وقال : كان __________________

(1) سير أعلام النبلاء 17 / 633 رقم 427 ، معجم أعلام الشيعة : 354.

(2) القباب المخروطية في العراق : 52 ، طبعة بغداد 1974.

(3) القباب المخروطية في العراق : 77.

(4) الوافي بالوفيات 7 / 200 ، معجم أعلام الشيعة : 55.

(5) تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 454.

ص: 199

أكثر مقامه بالرقة ، ثم انتقل إلى الموصل وتوفي بها ، وقال : ألف عدة كتب ونحلها عبدان صاحب الإسماعيلية ، وأضاف : كان يتشيع (1).

ومن الشيعة : محمد بن أحمد ، المعروف بالخباز البلدي ، و «بلد» مدينة بالجزيرة التي منها الموصل ، قال الثعالبي : كان حافظا للقرآن ... وكان يتشيع ، وله شعر في مدح أهل البيت :

إن كان حبي خمسة

زكت بهم فرائضي

وبغض من ناواهم

رفضا فإني رافضي

وله أشعار أخرى في مدح أهل البيت عليهم السلام مذكورة (2).

التشيع في أربيل :

كانت أربيل أيضا من المدن التي تضم شيعة كثيرين ، منهم : علي بن عيسى الإربلي ، صاحب كتاب كشف الغمة.

وتاج الدين ابن الصلايا ، الذي كان نائب الخليفة بأربل ، قتله هولاكو في سنة 656 ، وصفه الصفدي : نائب أربل الشيعي ، وفي ذلك الوقت كانت مودة بين الحنابلة والشيعة ، فقد كتب عميد الدين ابن عباس الحنبلي لابن الصلايا :

سلام كأنفاس النسيم إذا سرى

سحيرا ورياها له عطر شمأل

إلى أن يقول : 3.

ص: 200


1- معجم أعلام الشيعة : 333.
2- الوافي بالوفيات 2 / 57 ، معجم أعلام الشيعة : 363.

أوالي علاه في التغالي تشيعا

وإن كنت عند الناس أحسن حنبلي

فأجابه تاج الدين بقوله :

أتاني كتاب من كريم أوده

وكان كنشر المسك شيب بمندل

وحقك إني لست أخشى تشيعا

عليك ولكن سوف أدعى بحنبلي

فإن نفترق في مذهبين فإننا

سيجمعنا صدق المحبة في علي (1)

التشيع في المدائن :

المدائن من المدن الشيعية العراقية ، وقد صرحت المصادر بذلك ، منها : آثار البلاد للقزويني ، قال فيه : أهلها فلاحون ، شيعة إمامية ، ومن عادتهم أن نساءهم لا يخرجون نهارا (2).

وقد ذكر المحقق الطباطبائي رحمه الله بعض شيعة المدائن في القرنين السادس والسابع ، منهم : الحسن بن محمد بن حمدون البغدادي - ابن صاحب التذكرة الحمدونية - ، الذي توفي سنة 607 بشرقي المدائن وحمل إلى بغداد فدفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (3).

ومنهم : عبد الحميد بن أبي المعالي محمد الخطيب المدائني ، توفي سنة 598 بالمدائن وحمل إلى مشهد الإمام الحسين عليه السلام (4).3.

ص: 201


1- الوافي بالوفيات 5 / 128 ، معجم أعلام الشيعة : 429.
2- آثار البلاد وأخبار العباد - للقزويني - : 453.
3- التكملة لوفيات النقلة - للمنذري - 2 / 220 - 221 رقم 1182 ، معجم أعلام الشيعة : 157.
4- التكملة لوفيات النقلة 2 / 221 رقم 1183.

ومنهم : علي بن أحمد الإسكندر العلوي المدائني ، ووصفوه : غال في التشيع ، ونقل أنه : كان يدخل على السلاطين والوزراء ومنازل الأمراء (1).

ومنهم : علي بن أحمد العلوي المدائني ، الذي كان نقيب العلويين في كربلاء بأمر من عطا ملك الجويني سنة 674 (2).

ومنهم : عماد الدين القاسم بن علي العلوي المدائني ، نقيب العلويين في سنة 645 بالمدائن ، ومتولي مشهد سلمان الفارسي (3).

ومنهم : محمد بن هبة الله المدائني البغدادي (ت 598) ، قاضي المدائن ، توفي ببغداد وحمل إلى الكاظمية ودفن بها.

التشيع في مدن إيران

ذكرنا في بحث تاريخ التشيع في إيران شواهد على وجود التشيع في المدن الإيرانية منذ القرن الأول إلى القرن التاسع ، ونضيف إليها هنا شواهد أخرى ، من جملتها :

إن عالما شيعيا سنيا بأصفهان كان يدعى أحمد بن محمد بن الحسين فاذشاه (ت 433) ، يروي المعجم الكبير للطبراني من جهة ، ويوصف من جهة أخرى بأنه : شيعي معتزلي (4). 2.

ص: 202


1- معجم أعلام الشيعة : 277.
2- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 220.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 1181.
4- لسان الميزان 1 / 262.

وتاج العلماء النيسابوري (ت 335) ، ذكره ابن منده في تاريخه ، وقال : له كتب حسان في الفقه ... وكان ينتحل مذهب الإمامية ويقول بالرجعة ، ونقل ابن حجر عنه احتجاجا عن حياة الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف (1).

إن مثل هذا التشيع وفي النصف الأول من القرن الرابع لأمر مثير للعجب! وكان هناك سيد جليل يقطن منطقة «رويدشت» يدعى بأبي الرضا حيدر بن محمد بن سراهنگ الرويدشتي (ت 548) (2) ، وبما أنه كان علويا فيمكن استظهار تشيعه.

وقد وصف أحد علويي أصفهان من ذوي المنزلة الرفيعة بأنه : من أجل صدور أصفهان وأعيانها فضلا وعلما وأدبا ورئاسة وتقدما (3) ، له أشعار تفيد تشيعه وتشير إلى هيمنة التشيع على هذه المدينة ، قال ابن الفوطي : له أشعار لطيفة بالفارسية والعربية ، ولم أر أكمل منه في عراق العجم ، وكان ينوب عن السلاطين ، من شعره :

من أعوزته وسيلة فوسائلي

بعد النبي إذ الصحائف تنشر

بنت النبي وزوجها وابناهما

وابن الحسين ومن نماه وجعفر

وكذاك موسى والرضا ومحمد

وبعسكر الشيخان والمتستر

وهناك عالم قمي يدعى بأبي القاسم حمزة بن علي البياري القمي ، 7.

ص: 203


1- لسان الميزان 2 / 70.
2- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 165.
3- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 227.

قدم نيسابور من الري في شعبان سنة 426 (1) ، وبما أنه قمي ومن أهل الري فلا يمكن أن يكون منتحلا غير عقيدة الشيعة.

وأما بخصوص القرن السادس ، فلم نحصل إلا على معلومات محدودة ..

يحكى أن أسد بن علي الحلبي (ت 534) - الذي كان عم أبي ابن أبي طي - قد صنف كتبا في فضائل أهل البيت عليهم السلام والقرآن والحديث ، ومات بقم

سنة 534 (2).

وفخر الأئمة صاعد بن يوسف القمي ، هو من علماء القرن الثامن في قم (3).

أما علي بن أيوب بن الحسن ابن الساربان ، الشيعي القمي ، فمع الأسف لم يذكر شئ عن حياته (4).

ومحمد بن الحسن القمي ، كان من أعلام القرن السابع أو ما بعده ، وله كتاب العقد النضيد والدر الفريد في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، ونسخة منه عند العلامة السيد محمد علي الروضاتي حفظه الله (5).

* أما بالنسبة إلى طبرستان فالشواهد على التشيع كثيرة ، لكن هناك التفاتة جديدة تختص بعالم اسمه بركة بن يحيى الكاتبي ، قال ابن حجر : 2.

ص: 204


1- تاريخ نيسابور : 221 رقم 628 ، معجم أعلام الشيعة : 194.
2- لسان الميزان 1 / 383 ، معجم أعلام الشيعة : 85.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 2122 ، معجم أعلام الشيعة : 230 ، المشتبه : 344 ، تبصير المنتبه 2 / 673.
4- معجم أعلام الشيعة : 287.
5- معجم أعلام الشيعة : 372.

ذكره الرشيد في رجال الشيعة ، وأنه قرأ عليه بطبرستان سنة 543 (1) ، إلا إنه لم يذكر في كتاب معالم العلماء.

* وأما بالنسبة إلى نيسابور ، فهناك شواهد كثيرة على وجود التشيع فيها ، فالحسن بن إبراهيم النيسابوري ، قد ذكره ابن أبي طي في طبقات الإمامية ، وقال : كان أحد علماء الشيعة الفضلاء وأحد وجوه نيسابور (2).

والحسن بن يعقوب النيسابوري (ت 517) ، قال السمعاني : كان أستاذ أهل نيسابور في عصره ، وكان غاليا في الاعتزال ، داعيا إلى الشيعة ..

ثم قال : رأيت كتاب الولاية لأبي سعيد مسعود بن ناصر السجزي وقد جمعه في طرق هذا الحديث - «من كنت مولاه فعلي مولاه» - بخطه (3).

وزيد بن الحسن بن زيد ... ابن موسى بن جعفر عليه السلام النيسابوري ، دخل أصفهان مرتين ، أولاها سنة 463 ، واتهموه بالوضع لأنه روى أحاديث في الصفات لا توافق آراءهم وأهواءهم (4).

ويمكن أن يقال : إنه كان من المخالفين للحشوية وأهل الحديث ، وهذا يدل على انتحاله عقيدة الشيعة المعتزلية.

ومحمد بن أحمد العلوي النيسابوري (ت 465) وصفه في السياق من

تاريخ نيسابور (5) بأنه : كان من دعاة الشيعة ، عارف بطرقهم وعلومهم ، 0.

ص: 205


1- لسان الميزان 2 / 9.
2- لسان الميزان 2 / 191.
3- معجم أعلام الشيعة : 165.
4- معجم أعلام الشيعة : 217.
5- السياق من تاريخ نيسابور : 120.

سمع وروى (1).

ومحمد بن حماد الموسوي (ت 558) ، من أهل مرو ، قدم نيسابور وتوفي بها ، قال السمعاني : كان مختصا بوالدي ، وكان والده من أصحاب الإمام جدي .. ولكن مع هذا قال : وهو غال في التشيع والرفض (2).

* أما بالنسبة لمدينة «آمل» ، فتعد من المراكز الشيعية المهمة ..

فمن علمائها : حسن بن حسن الآملي ، قال ابن الفوطي : من أولاد حمزة بن موسى بن جعفر ، قدم بغداد من آمل لزيارة المشاهد المقدسة سنة 701 واجتمعت به (3).

وعز الدين الحسن بن أبي الحسن علي بن أبي طالب بن علي بن ترجم الواسطي الحائري ، قال ابن الفوطي : وهو من الجماعة الذين أثبتوا ورتبوا في المدرسة التي أنشأها المخدوم خواجة رشيد الدين أبو الفضائل فضل الله بن أبي الخير بن عالي بالغزانية سنة 713 ، ولد بواسط سنة 678.

وحكي أن هؤلاء «بيت ترجم» من علوية مشهد الحسين عليه السلام ، تولى النقابة منهم جماعة (4).

* أما استراباد - جرجان الحالية - فقد كانت مركزا للشيعة من القرن الثامن إلى العاشر ..

من أعلامها : محمد بن أحمد الجرجاني الوراق ، من علماء القرن 9.

ص: 206


1- لسان الميزان 5 / 37 ، معجم أعلام الشيعة : 366.
2- التعبير 2 / 124 ، معجم أعلام الشيعة : 383.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 2041 و 2069 ، معجم أعلام الشيعة : 142.
4- معجم أعلام الشيعة : 149.

الرابع في النصف الأول ، قال المرزباني : كان يتشيع وله أشعار يمدح فيها الطالبيين (1).

وأبو أحمد محمد بن علي بن عبدك الشيعي العبدكي ، من أهل جرجان ، وصفوه : كان مقدم الشيعة ، وإمام أهل التشيع بها ، استوطن بنيسابور ، وتوفي بعد 360 (2).

والحسين بن حاجي الأسترآبادي ، نزيل الحلة ، وبخطه نسخة من أصول الكافي في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، فرغ منها في رجب عام 891 (3).

وينبغي إلفات النظر إلى مسألة تردد العلويين بين نيسابور واسترآباد واستيطانهم هناك.

فإن داعي بن مهدي الأسترآبادي ، وابنه خليفة بن داعي ، كانا من علويي استراباد ، ولكنهما كانا يترددان على نيسابور ، وقد توفي داعي بناحية بيهق سنة 405 (4).

ومحمد بن يحيى بن الداعي العلوي (ت 552) ، من أهل استراباد ، شيخ الإمامية بها ، وهو مقدم طائفته ، وشيخ عشيرته ، من بيت المحدثين (5).

* أما كاشان وقراها فتعد من المدن الشيعية المهمة ..

ومن أعلامها : الحسين بن محمد الراوندي ، محتسب الحلة ، قال 7.

ص: 207


1- معجم الشعراء : 428 ، معجم أعلام الشيعة : 361.
2- الأنساب - للسمعاني - 9 / 185 ، معجم أعلام الشيعة : 405.
3- معجم أعلام الشيعة : 171.
4- معجم أعلام الشيعة : 206.
5- الأنساب - للسمعاني - 9 / 60 ، معجم أعلام الشيعة : 437.

ابن الفوطي : من أكابر السادات ، قدم العراق وولي الحسبة بالحلة ، ورأيته بمحروسة السلطانية سنة 716 ، وهو سيد جليل ، ورأيت بيده نسبا بخط نقباء كاشان (1).

وهبة الله بن سعيد الراوندي ، وصفه ابن الفوطي بالفقيه المتكلم ... وقال : كان من العلماء الأفاضل.

وظن السيد الأستاذ رحمه الله أن يكون هو جد والد قطب الدين الراوندي (ت 573) (2).

* أما مدينة طوس ، فقد كان الشيعة فيها منذ القدم ..

منهم : نصير الدين حمزة الطوسي المشهدي ، من أعلام الشيعة في النصف الثاني من القرن السادس.

حكى السيد الأستاذ رحمه الله عن تاريخ رويان : إن ملوك غور جاؤوا إلى خراسان

واستولوا على نيسابور ، ثم ذهبوا إلى مشهد طوس لزيارة الإمام الرضا عليه السلام ، وكان معهم الفخر الرازي مع بقية علماء غور وغزنين ، فقرؤوا فيها عهد المأمون إلى الإمام الرضا عليه السلام ، وكان الإمام الرضا عليه السلام قد كتب بخطه في العهد : فقبلت منه ولاية عهده إن بقيت بعده ، وأنى يكون هذا؟! وبضد ذلك يدلان الجامع والجفر ..

فسألوا الفخر الرازي عن الجامع والجفر ما هما؟ فقال : لا أدري! ولكن هناك عالم فاضل وهو نصير الدين حمزة - وهو من الشيعة - سلوه عن هذا يخبركم به ، فأحضروه وسألوه ، فشرح لهم معنى ذلك (3).0.

ص: 208


1- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 2072 ، معجم أعلام الشيعة : 183.
2- معجم أعلام الشيعة : 476.
3- معجم أعلام الشيعة : 190.

ومحمد بن إسماعيل المشهدي (ت 541) ، من أهل المشهد الرضوي ، قال السمعاني : ومن جملة ما سمعت منه صحيفة علي بن موسى الرضا (1).

* وكانت مدينة «آوه» من المعاقل الشيعية المعروفة منذ القرن الأول حتى القرن الثامن ..

وقد عد من علمائها البارزين : الرضا بن فخر الدين الآوي ، القاضي العلامة.

قال ابن الفوطي : السيد الكامل ، والعالم العامل ، الفقيه المحقق ، النبيه المدقق ، أكمل السادة الأشراف ، وأكمل بني هاشم وعبد مناف.

قدم مراغة إلى حضرة مولانا السعيد العلامة نصير الدين أبي جعفر وقرأ عليه من تصانيف فخر الدين الرازي ، وسمع عليه ما رواه عن والده وجيه الدين محمد بن الحسن ، وعن خال أبيه نصير الدين عبد الله بن حمزة ، وعن خاله نور الدين علي بن محمد الشيعي ، وغيرهم ، وقرأ عليه صحيفة أهل البيت عليهم السلام ، رأيته بمراغة سنة 665 ، ثم اجتمعت به بسلطانية شروياز في سنة 705 ، وكتب لي الإجازة بجميع مروياته ومسموعاته.

وقدم مدينة السلام لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وأجداده الطاهرين سنة عشرين وسبعمائة ، وكتب عنه جماعة من السادات نسخة الإجازة التي أجازه مولانا نصير الدين (2).

* أما التشيع في الري ، فهناك شواهد كثيرة عليه ، ونذكر هنا بعض 4.

ص: 209


1- التحبير 2 / 96 ، معجم أعلام الشيعة : 369.
2- تلخيص مجمع الآداب 5 / رقم 352 ، معجم أعلام الشيعة : 213 - 214.

أعلامها من القرنين السادس والسابع إضافة إلى ما قلناه في تاريخ التشيع.

فقوام الدين العلوي الرازي ، من أعلام الإمامية في القرن السادس أو السابع ، له تفسير فارسي سماه دقائق التأويل وحقائق التنزيل ، وله أيضا بلابل القلاقل في التفسير ، المطبوع حديثا (1).

ومحمد بن محمد الحسيني ، من أهل الري ، قال الرافعي : كان يعرف طرفا من فقه الشيعة ، ويكتب الوثائق لهم ... وقرأ النهاية لأبي جعفر الطوسي على علي بن الحسن الداعي الحسيني الأسترآبادي بالري سنة 555 (2).

* وأما مدينة همدان ، فلم تكن معروفة بالتشيع ، ولكن برز منها عالم شيعي في القرن السابع هو محمد بن عمر الهمذاني الواعظ (ت 705) ، قال ابن الفوطي : قدم علينا مراغة في أيام مولانا نصير الدين محمد ابن محمد الحسن الطوسي ، ووعظ بين يده ، وذلك في سنة 670 ، وذكر لي أنه سمع الجامع الصحيح من والده ، ومما كتب لي بخطه :

سلالات النبي هم الأئمه

إليهم يصرف العقل الأزمه

ثناؤهم يحلي كل لفظ

وذكرهم يجلي كل غمه

بحبهم نجاة الخلق طرا

بذيلهم تمسك كل أمه

هم نور أضاء الأفق منه

وقد شمل الزمان سنا وعمه

يريد المشركون ليطفئوه

ويأبى الله إلا أن يتمه (3)1.

ص: 210


1- معجم أعلام الشيعة : 356.
2- التدوين 1 / 245 ، معجم أعلام الشيعة : 415.
3- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 1233 ، معجم أعلام الشيعة : 411.

الشيعة إبان خلافة العباسيين :

كانت للشيعة - في الحقيقة - خلال القرن الثالث وما بعده مساهمة فاعلة في الجهاز العباسي الحاكم ، تجلت بأشكال وأطر مختلفة ، ابتداء من المناصب الوزارية والمسؤوليات المهمة إلى سائر أعمال البلاط ومشاغلها ، وقد ساعدت هذه الأجواء على نمو التشيع وتطوره ، ويتضح هذا الأمر أكثر عندما نرى أن أبا نصر الكاشاني الشيعي قد شغل منصب الوزير لدى المسترشد العباسي ، وهكذا الحال في زمان خلافة المقتدر (ت 320) ، وقد كان الناصر لدين الله (ت 622) مشهورا بالتشيع.

هذا ، وقد بلغت مساهمة الشيعة في أجهزة الحكم العباسي ذروتها في القرنين السادس والسابع ، نذكر على سبيل المثال :

فخر الدين بغدي بن علي الحكيم (ت 685) ، الذي كان من بيت الملك والإمارة ، وقد ولد بالحلة سنة 631 ، وصحب الخلفاء والوزراء (1).

ومؤيد الدين العلقمي ، الذي كان آخر وزير للدولة العباسية ، وقد كان آل العلقمي كلهم من الإمامية.

وفي القرنين الثالث والرابع كان لكثير من النوبختية الشيعة نفوذ كبير في الدولة العباسية ، منهم :

الحسين بن علي بن العباس ، الذي كان يتولى الكتابة للأمير أبي بكر محمد بن رائق ، وكان في مرتبة الوزراء ببغداد ، مدبر الأمور ، حاكما على الدولة (2). 5.

ص: 211


1- تلخيص مجمع الآداب 4 / رقم 2019 ، معجم أعلام الشيعة : 116.
2- الوافي بالوفيات 12 / 455.

وقال الذهبي في علي بن عباس النوبختي : رئيس ، ولي وكالة المقتدر (ت 324 ه) (1).

والحسين بن إبراهيم بن الخطير (ت 552) ، صاحب الخبر بديوان الزمام ، قال الذهبي : كان غاليا في الرفض (2).

وأبو علي الحسين بن معد الموسوي ، كان يسكن الكرخ ، تولى نقابة الطالبيين ومهمة الإشراف على المخزن في الدولة العباسية ببغداد على عهد المستنصر بالله (3).

وسعيد بن علي الأنصاري (ت 610) ، كان وزر للناصر لدين الله أشهرا ، وعندما توفي ببغداد حمل ودفن عند مشهد أمير المؤمنين عليه السلام (4).

وعلي بن علي البغدادي (ت 601) ، وزر للسلطان سليمان شاه السلجوقي مدة مقامه بالعراق في أيام المقتضي ، وكتب بخطه كثيرا أيام العطلة من الأدبيات والدواوين ، وكان شيعيا ، وقف كتبه بمشهد موسى بن جعفر عليه السلام (5).

ومحمد بن محمد مؤيد الدين القمي (ت 630) ، قدم بغداد ، فلما مات كاتب السر ابن زيادة رتب القمي مكانه فلم يغير زيه : القميص والشربوش ، على قاعدة العجم ، ثم ناب في الوزارة ولم يزل في ارتقاء حتى إن الناصر كتب بخطه : القمي نائبنا في البلاد والعباد. وكان كاتبا بليغا 9.

ص: 212


1- سير أعلام النبلاء 15 / 326 رقم 161 ، معجم أعلام الشيعة : 299.
2- سير أعلام النبلاء 20 / 295 رقم 199 ، معجم أعلام الشيعة : 166.
3- معجم أعلام الشيعة : 189.
4- معجم أعلام الشيعة : 225.
5- إنسان العيون : 145 ، معجم أعلام الشيعة : 309.

منشئا ، نكب في سنة 629 وسجن ، فهلك سنة 630 (1).

وهبة الله بن علي ابن الصاحب ، أستاذ دار المستضئ بأمر الله العباسي (خلافته 566 - 575) ، أحد من بلغ أعلى الرتب ، قال الذهبي : وأظهر الرفض (2).

* * * 8.

ص: 213


1- سير أعلام النبلاء 22 / 346 رقم 125 ، معجم أعلام الشيعة : 421.
2- سير أعلام النبلاء 21 / 164 رقم 82 ، معجم أعلام الشيعة : 478.

معجم مؤرّخي الشيعة (1)

حتى

نهاية القرن السابع الهجري

(1)

صائب عبد الحميد

المقدّمة

تطور مفهوم التاريخ والتدوين التاريخي عند المسلمين

نبذة مختصرة

الراجح أن لفظة «التأريخ» عربية الأصل ، فهي من : أرخ ، يأرخ أرخا ، بمعنى بين الوقت ، أي وقت (1).

وبهذا المعنى وحده استخدم العرب هذه المفردة ، وهم يعينون أوقات الأحداث لديهم ، وقد كانوا يعتمدون حدثا مهما وكبيرا مبدأ لتواريخ الأحداث الأخرى اللاحقة ، وحتى السابقة القريبة العهد منه ، فيعرف وقتها قياسا إلى ذلك الحدث الكبير ، كحرب البسوس ، وعام الفيل ، ونحو ذلك ، فيقال : حدث كذا قبل حرب البسوس بعامين ، وحدث كذا

ص: 214


1- المعجم الوسيط : «أرخ».

بعد عام الفيل بعشرة أعوام. وقد ثبت دائما أن مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤرخ بعام الفيل.

أما بعد الإسلام فقد تعارف المسلمون على التأريخ قياسا إلى أحداث دينية جديدة ، كالمبعث النبوي ، وعام الحصار في شعب أبي طالب ، والهجرة إلى المدينة المنورة .. واستمر الأمر هكذا حتى أحسوا بالحاجة الماسة إلى تأريخ ثابت ومحدد يكون موضع اعتماد الجميع.

فاعتمدوا التقويم الهجري القمري بالفعل منذ سنة 17 للهجرة ، في حكومة عمر بن الخطاب ، وجعلوا أول محرم الحرام هو مطلع التاريخ الهجري ، وفقا لما أشار به الإمام علي عليه السلام لاعتبارات خاصة ميزوا بها هذا الشهر (1).

ولم تظهر لفظة «التاريخ» بمعنى الكتاب الجامع للأحداث عبر السنين ، حتى النصف الأول من القرن الثاني ، في كتاب عوانة بن الحكم ، المتوفى سنة 147 ه ، والذي أسماه : كتاب التاريخ ، فهو أول كتاب في التاريخ يحمل هذا العنوان ، ثم اعتمد بعد ذلك على نحو واسع ، فكتب تحت العنوان نفسه هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، المتوفى سنة 204 ه ، كتاب : تاريخ أخبار الخلفاء ، وكتب الهيثم بن عدي ، المتوفى سنة 206 ه ، كتاب : التاريخ على السنين ، وكتاب : تاريخ الأشراف الكبير (2).

كما اعتمد لفظ «التاريخ» عنوانا لكتب التراجم كما يوحي به كتاب الهيثم بن عدي تاريخ الأشراف الكبير ، واعتمده أصحاب الحديث في 7.

ص: 215


1- التنبيه والإشراف - للمسعودي - : 252.
2- أنظر : التاريخ العربي والمؤرخون - لشاكر مصطفى - 1 / 51 - 52 ، معجم الأدباء 5 / 597.

تراجم الرجال ، كالبخاري ، المتوفى سنة 256 ه في كتابه : تاريخ البخاري.

أثر الإسلام في وعي التاريخ وحركة التدوين :

لم يكن التاريخ عند العرب قبل الإسلام أكثر من أخبار الأحداث المهمة ، تنقل شفاها ، وربما حدد وقتها بالقياس إلى حادثة أخرى ، ولم يتجاوز الخبر التاريخي هذين البعدين ، الرواية ، وتعيين الوقت التقريبي.

حتى إذا نزل القرآن وأخذت العرب تصغي إليه وتحيطه بكل ما تدركه من معاني الإجلال والتقديس ، وتتطلع في معانيه ، أصبحت تقف على تفاصيل أحداث أكبر في التاريخ ، بدءا بابتداء الخليقة ، وصراع الخير والشر في الجنة ، وهبوط البشر إلى الأرض ، ثم صراع الخير والشر بين هابيل وقابيل ، وسلسلة السير ذات الأثر الحاسم في تاريخ البشرية ، نوح ، إبراهيم ، هود ، صالح ، يونس ، يعقوب ويوسف ، شعيب ، موسى وهارون ، داود وسليمان ، زكريا ويحيى وعيسى بن مريم عليهم السلام ، نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم ، وأحوال الأمم التي عاش بينها هؤلاء ..

فوقفت من خلال ذلك على أنساق تاريخية ، تنتظم تحت معادلات واضحة ، وسنن محددة المعالم ، وقف عليها العقل العربي لأول مرة ، ولأول مرة يقف عليها عقل بشري ، فما زال التاريخ عند سائر الأمم رهن الأساطير وطوعا للحكام ، الآلهة أو أنصاف الآلهة ، كما كانوا يدينون.

لأول مرة يستوقف التاريخ عقل العربي وغير العربي على بطولات وملاحم تصنعها فئات مستضعفة وممتهنة ، وليس هو البطل الذي اعتادوا أن يسمعوا باسمه وكأنه ينحدر عليهم من شاهق ، أو يرسل عليهم جندا من السماء ، فيذهب القارئ في أعماق الوعي بالحياة الاجتماعية والقيم

ص: 216

والمبادئ وهو يتلو أخبار أصحاب الكهف ، فتية مؤمنة استهانت

بجبروت «البطل» واستأنست بالصدق في الإيمان ، حتى كان الخلود لها والموت للبطل الذي شردها إلى ظلمات كهف قصي ، كانت فيه أقرب إلى الله تعالى ، بل كانت تحت رعايته المباشرة تتقلب تقلب الطفل في مهده بين يدي أم حنون.

ويرى كيف تصنع الأمة مجدها بالخلود ، ليكون ذلك المجد لعنة الأبد على أولئك الجبارين الذين منحهم التاريخ الآخر ألقاب الآلهة ، ذلك حين يقف القارئ على مشاهد من قصة أصحاب الأخدود وموقفهم التاريخي الذي يعز أن تجد له بين الأمم نظير.

فالتاريخ إذا تاريخ المجتمعات ، تاريخ الثائرين على الظلم والطغيان ، تاريخ الضحايا والمستضعفين ، تاريخ يقف إلى جانب المعارضة الصامدة المتمردة ، إبراهيم ولوط ، وموسى وهارون ، وزكريا ، وأصحاب الكهف ، وأصحاب الأخدود.

وهكذا أصبح التاريخ ليس فقط علما وفنا ومعرفة وميدانا للفكر والاجتهاد ، بحثا عن القوانين والأنساق والأطر الفاعلة في سير حياة الأمم والمجتمعات ، بل أصبح فوق هذا مدرسة للقيم والمبادئ والتعاليم الراقية .. (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى) (1).

هكذا بعث الإسلام في العقول الوعي في التاريخ والمعرفة التاريخية ، ليكون التاريخ ، شيئا فشيئا ، علما له خصائصه وأهدافه ، وسوف تسهم عوامل متجددة في تنفيذه من خلال أعمال متواصلة ، تتطور مع الزمن حيث 1.

ص: 217


1- سورة يوسف 12 : 111.

تراكم الخبرات وتعدد الاتجاهات.

ثم كانت السيرة النبوية ، بما تحتله من موقع كبير في قلوب المسلمين ، المحفز الأول لقيام عمل تاريخي ، سيبدأ حتما بأبسط أشكاله ، ليتطور فيما بعد إلى أكثر أشكاله تكاملا وتفصيلا وتعقيدا ، وهكذا أصبحت السيرة النبوية هي الميدان التطبيقي الأول لأول الأعمال التاريخية في عمر الإسلام ، واستمرت هكذا عقودا من الزمن ، حتى تطور العمل التاريخي ، وتراكمت أحداث تاريخية حاسمة في حياة المسلمين بدأت تأخذ طريقها إلى اهتمامات المعنيين بالتاريخ ، لتتسع رقعة العمل التاريخي إلى الدوائر السياسية والاجتماعية ، والثقافية في الحياة العامة.

مراحل التدوين التاريخي عند المسلمين :

لا بد لعلم تشكلت معالمه لأول مرة أن يبدأ بأبسط أشكاله ، لتأخذه بعد ذلك الخبرات المتراكمة ، والاتجاهات المتعددة ، إلى جانب الظروف الخارجية المساعدة ، إلى مراتب أكثر تكاملا ، من حيث الاستيعاب ومن حيث العمق ، ليطوي طريقه التكاملي في مراحل ، تمثلت بالنسبة للتدوين التاريخي عند المسلمين بمراحل أربع ، هي :

المرحلة الأولى :

بعد أن كانت الرواية التاريخية تنقل شفاها في الغالب ، شأنها شأن غيرها من السنن ، دخلت في حيز التدوين ، في وقت مبكر ، ولكن إلى جانب غيرها من السنن والآداب ، في مدونات كان يكتبها بعض الصحابة لأنفسهم خاصة لغرض الحفظ والرواية الشفهية للتلاميذ ، ولسائر الناس.

ص: 218

والكتابة من هذا النوع كانت منتشرة بين الصحابة ، حتى في عهد عمر حيث منع منها بشدة ، وجمع كثيرا منها وأحرقه بالنار (1) ، وزاد انتشارها بعده ، حتى بلغ المعروف منها اثنين وخمسين كتابا لاثنين وخمسين صحابيا ، وقد بلغت كتب ابن عباس وحده عند مولاه كريب بن أبي مسلم حمل بعير (2).

ومن رجال هذه المرحلة :

سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجي : وقد كتب شيئا من حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، علما أن أباه سعد بن عبادة كان يحتفظ بصحف كتبها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، له نص واحد في مسند أحمد (3) ، ونص واحد في تاريخ الطبري (4) ..

سهل بن أبي خيثمة الأنصاري : وكانت له عناية خاصة بالسيرة النبوية ومغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كان مولده سنة 3 ه ، ووفاته في أيام معاوية ، وصل كتابه إلى حفيدة محمد بن يحيى بن سهل ، فكان إذا روى منه قال : «وجدت في كتاب آبائي». منه نصوص لدى ابن سعد والبلاذري والطبري (5).

المرحلة الثانية : مرحلة التدوين التاريخي الجزئي المختص :

بعد انتشار عملية التدوين توزعت اهتمامات علماء التابعين على أكثر 1.

ص: 219


1- تذكرة الحفاظ - للذهبي - 1 / 103.
2- تذكرة الحفاظ - للذهبي - 1 / 103.
3- مسند أحمد 5 / 222.
4- تاريخ الطبري 1 / 114.
5- أنظر : التاريخ العربي والمؤرخون - لشاكر مصطفى - 1 / 151.

من واحد من أنواع العلوم ، ففرغ أكثرهم لجمع الحديث بشكل

عام ، وروايته ، وتخصص بعضهم بأحاديث السنن والأحكام التي هي موضع اهتمام الفقهاء بالدرجة الأولى ، فيما انصبت عناية آخرين على ما يتصل بالسيرة النبوية بشكل عام ، وبالمغازي منها بشكل خاص ، فظهرت في هذه المرحلة كتب المغازي والسيرة على مستوى واسع ..

فكتب عروة بن الزبير - المتوفى سنة 93 ه - كتابه المغازي.

وأبو فضالة عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري - المتوفى سنة 97 ه - كتب كتابا صغيرا في المغازي.

وأبان بن عثمان بن عفان - المتوفى سنة 105 ه - كتب أيضا في السيرة والمغازي.

وعاصم بن عمرو بن قتادة الأنصاري ، المتوفى سنة 120 ه.

وشرحبيل بن سعد ، المتوفى سنة 123 ه.

ثم ابن شهاب الزهري - المتوفى سنة 124 ه - صاحب كتاب المغازي ، وهو أكثر الكتب المتقدمة أثرا ، وقد حفظت أجزاء كثيرة منه في المصنف لعبد الرزاق الصنعاني.

وقد اتسمت هذه الكتب جميعا بسمة كتب الحديث ، إذ اقتصرت على إيراد الروايات الخاصة بموضوعها - السيرة والمغازي - بأسانيدها الكاملة.

ومن طبيعة هذه الأعمال أن الحادثة الواحدة تأتي فيها مجزأة وغير منتظمة ، إذ إنها كانت غالبا مؤلفة من عدة روايات قصار تتحدث الواحدة منها عن قطعة صغيرة أو جزئية من الحدث ، لتأتي أخرى بقطعة ثانية ربما لا تكون موصولة بالأولى.

ص: 220

هذا هو الطابع الذي غلب على مدونات هذه المرحلة.

المرحلة الثالثة : مرحلة النسق والنظم :

بعد مرحلة جمع الأخبار ، تنبه المؤرخون اللاحقون إلى ضرورة توحيد صورة الحدث التاريخي ، من أجل تقديم نسق دقيق ومترابط للأحداث ، ميز في النهاية العمل التاريخي عن العمل الحديثي ، الذي يعنى بجمع الأحاديث بأسانيدها ، الأمر الذي دعا المؤرخين إما إلى توحيد الأسانيد في مقدمة الحدث المراد نقله ، أو إلى إسقاط الأسانيد ، الذي أخذ يظهر في المرحلة اللاحقة.

ومن أبرز مؤرخي هذه المرحلة :

عوانة بن الحكم ، المتوفى سنة 147 ه.

محمد بن إسحاق ، المتوفى سنة 151 ه.

لوط بن يحيى ، المتوفى سنة 157 ه.

أبان بن عثمان بن أحمد البجلي ، المتوفى سنة 170 ه.

سيف بن عمر التميمي ، المتوفى سنة 170 ه.

هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، المتوفى سنة 204 ه.

الهيثم بن عدي ، المتوفى سنة 207 ه.

محمد بن عمر الواقدي ، المتوفى سنة 207 ه.

أبو عبيدة معمر بن المثنى ، المتوفى سنة 211 ه.

نصر بن مزاحم ، المتوفى سنة 212 ه.

علي بن محمد المدائني ، المتوفى سنة 225 ه.

الزبير في بكار ، المتوفى سنة 256 ه.

ص: 221

ابن قتيبة الدينوري ، المتوفى سنة 276 ه.

أحمد بن يحيى البلاذري ، المتوفى سنة 279 ه.

وقد غلب على مصنفات هذه المرحلة أنها تواريخ مرحلية ، أو مقطعية ، تخصص الكتاب الواحد بأخبار مرحلة من مراحل التاريخ أو حادثة مهمة من حوادثه ، ككتب السيرة النبوية والمغازي ، وكتب في السقيفة ، وأخرى في الردة ، وأخرى في مقتل عثمان ، ومصنفات في حرب الجمل ، وأخرى في حرب صفين ، وأخرى في النهروان ، وغيرها في أخبار معاوية ، وهكذا ، فكان لبعض المؤرخين عشرات الكتب تناولت عشرات المقاطع التاريخية ، فأبو مخنف مثلا له أكثر من 32 كتابا ، وهشام الكلبي نحو 150 كتابا ، والمدائني 240 كتابا ، وهكذا.

المرحلة الرابعة : مرحلة توحيد التاريخ الإسلامي ، أو العالمي :

فظهرت المدونات الكبيرة الجامعة التي استوعبت تاريخ الإسلام بأكمله بترتيب أحداثه ، وربما استوعبت أيضا تاريخ الأنبياء والأمم السالفة.

وأشهر مؤرخي هذه المرحلة :

أبو حنيفة الدينوري ، المتوفى سنة 281 ه.

وأحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي ، المتوفى نحو سنة 292 ه.

ومحمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة 310 ه.

والمسعودي ، المتوفى سنة 346 ه.

ومسكويه ، المتوفى سنة 421 ه ، الذي قدم أنموذجا جديدا في التاريخ في عمله الكبير الموسوم ب : تجارب الأمم.

ص: 222

لماذا مؤرخو الشيعة؟

كانت لي مطالعات ومتابعات في كتاب الدكتور شاكر مصطفى التاريخ العربي والمؤرخون الذي يمكن عده أهم موسوعة اشتملت على تراجم لأكبر عدد من مؤرخي الإسلام ، ولا تصح نسبته العربية - التاريخ العربي - إلا بلحاظ اللغة التي كتب فيها التاريخ ..

لقد استوعبت هذه الموسوعة مراحل التدوين التاريخي ، وأنواع التواريخ ، لتضيف إلى تراجم المؤرخين تصنيفا مهما للمدونات التاريخية ، لم يخل غالبا من تعريف بمنهج المؤرخ وأسلوبه في كتابه ، مع ذكر بعض معالم الكتاب ، إن لم يكن الكتاب مفقودا ، وإلا اكتفى بذكره مع المتيسر من ترجمة صاحبه.

وهكذا مثل هذا الكتاب عملا موسوعيا مهما هو الأشمل والأوسع من سائر ما كتب في هذا الباب ، من مثل : علم التاريخ عند المسلمين لفراتنز روزنتشال ، والتاريخ والمؤرخون العرب للدكتور سيد عبد العزيز سالم ، وغيرهما.

الجولة نفسها قطعتها مع الأستاذ فؤاد سزگين في تاريخ التراث

العربي (ج 2 : في التدوين التاريخي) ، ويأتي هذا الكتاب في المرتبة الثانية بعد الكتاب الأول من حيث الشمول والاستيعاب ، مع أنه يأتي في المرتبة الأولى من حيث الدقة والتوثيق.

ومما لفت انتباهنا في هذه الأعمال هو إهمالها لطائفة كبيرة من أصحاب التصانيف في التاريخ ، يتوزع رجالها على سائر الطبقات والقرون ، أولئك هم المؤرخون الشيعة!

ص: 223

ونحن لا نرى أن نزعة طائفية تكمن وراء هذه الظاهرة ، ولكن كان وراءها غفلة عن المصادر الشيعية ، نشأت عليها المكتبة السنية بشكل عام ، ولا تزال ، باستثناء فهرست النديم (الشهير بابن النديم) ، لأنه كتاب جامع لم يختص بعلماء الشيعة ومصنفيهم ، فأهملت فهرستات المصنفات الشيعية ككتاب الرجال للنجاشي ، والفهرست للشيخ الطوسي ، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب ..

ولو رجع إليها أولئك الباحثون لكانت أعمالهم أكثر شمولا وموضوعية.

وإنما ترجموا للمؤرخين الشيعة الذين وجدوا تراجمهم في مصادر سنية ، وإذا وجدوا ذلك ربما رجعوا إلى تلك المصادر الشيعية - ك : رجال النجاشي ، وفهرست الطوسي - لذكرها في مصادر الترجمة ، دون بذل شئ من الجهد في البحث في هذه المصادر نفسها عن مؤرخين آخرين ومصنفات تاريخية أخرى بلغت عدة مئات من الكتب الصغيرة والكبيرة.

دفعتنا هذه الملاحظة إلى التنقيب في الفهرستات الشيعية ، بحثا عن مؤرخين من أصحاب التصنيف في التاريخ ، فاستوعب تنقيبنا الفهرستات المعروفة ، وهي :

1 - الفهرست ، للنديم ، المتوفى سنة 380 ه.

2 - الرجال ، للنجاشي ، المتوفى سنة 450 ه.

3 - الفهرست ، للشيخ الطوسي ، المتوفى سنة 460 ه.

4 - معالم العلماء ، لابن شهرآشوب ، المتوفى سنة 588 ه.

5 - الفهرست ، لمنتجب الدين ، المتوفى سنة 700 ه.

ص: 224

فوقفنا من هذه الكتب الخمسة ، التي ينتهي آخرها عند آخر القرن السابع الهجري ، لتستوعب سبعة قرون هي القرون الأغنى في حركة التأليف ، ليس في التاريخ وحده ، بل في شتى العلوم ، وقفنا منها على كم هائل في ما نحن بصدده.

فجمعنا ما وقفنا عليه ليكون مكملا لما أنجزه الباحثون المشار إليهم واستدراكا على كتاباتهم ، وإثراء لساحة البحث العلمي بشكل عام ، والبحث التاريخي بشكل خاص.

ملاحظات في الكتب الخمسة :

هناك نقاط ذات صلة مهمة بهذا العمل ، بعضها يعد من المميزات المنهجية لبعض هذه الكتب ، وبعضها الآخر يكشفه البحث والمقارنة ، ومن بين الملاحظات العديدة أردنا أن نذكر منها هنا ما له صلة مباشرة بموضوع الدراسة :

1 - بعض ما أورده النديم من أسماء المؤرخين الشيعة هو مثبت عند النجاشي أو الطوسي غالبا ، وقد يذكر من المؤرخين ما يفوت الشيخين ذكره.

2 - تميز النديم بذكره تاريخ وفيات الأعلام الذين يترجم لهم ، غالبا ، فيما ندر أن نجد في الكتب الأربعة الأخرى تحديدا لسنة وفاة المترجم له ، حتى بعض ممن مات على عهد المصنف نفسه.

وهذه مشكلة علمية لم يتداركها المتأخر من بين المصنفين الأربعة ، رغم كون غرض ابن شهرآشوب هو الاستدراك على الشيخ الطوسي ، بذكر

ص: 225

المصنفين الذين عاشوا بعده ، وكان غرض الشيخ منتجب الدين هو تتميم فهرست ابن شهرآشوب بذكر من لم يدركه من أصحاب التصانيف ، غير أنهم جميعا لم يلاحظوا هذه المشكلة ، ولم يثبتوا تواريخ الوفيات إلا للقليل النادر.

3 - تميز النديم بذكر أسماء الكتب التي ينسبها إلى أصحابها دائما ، فيما اعتمد النجاشي والطوسي طريقة غريبة في ذكر بعض الكتب ، إذ يذكران اسم المصنف ثم يكتفون بالقول : «له كتاب» دون أن نعرف شيئا عن هذا الكتاب ، وقد وقع هذا في كتابيهما كثيرا.

4 - أدرج الشيخ الطوسي خاصة ، والنجاشي بدرجة أقل ، أسماء بعض المصنفين - ومن بينهم مؤرخين - ليسوا من الشيعة ، لمجرد أنهم صنفوا كتابا في أهل البيت عليهم السلام ، يظهر فيه الحب والنصرة ، فيما أهملا ذكر مؤرخ كبير لا شك في تشيعه ، كاليعقوبي مثلا ، وتفرد النديم بنسبة الواقدي إلى التشيع ، وقد أهمل النجاشي والطوسي ذكره ، والأرجح أن الصواب معهما دون النديم.

5 - معظم الكتب التي ذكرها النجاشي والطوسي ومنتجب الدين ذكروا لها أسانيد كاملة تدل على روايتهم إياها ، أو اطلاعهم عليها ، وهذا أثر توثيقي فائق الأهمية ، فإذا كانت هذه الكتب مفقودة الآن ، فهي - آنذاك - مشهورة عندهم ، وقفوا عليها بأنفسهم ، أو رووها كاملة.

مؤرخون لم يدخلوا في هذا المعجم :

لما اقتصر هذا المعجم على مؤرخي الشيعة ممن له تصنيف في التاريخ ، فقد أسقطنا من الاعتبار عدة أصناف من أصحاب الأثر التاريخي

ص: 226

من الشيعة ، أو ممن انتسب إلى التشيع ، أو نسب إليه ، وهذه

الأصناف هي :

أولا : أصحاب الروايات التاريخية الذين دخلت رواياتهم في مصادر التاريخ المعتبرة لكن لم تعرف لهم مصنفات خاصة في التاريخ ، وهم كثير ، منهم :

1 - حبة بن جوين العرني :

من أصحاب علي عليه السلام ، شهد معه المشاهد كلها ، أرخ وفاته الطبري وابن الأثير في آخر أحداث سنة 76 ه ، عده بعضهم في الصحابة ، واستبعد ذلك آخرون (1).

له روايات تاريخية ، في تاريخ الطبري وتاريخ الإسلام للذهبي ، وغيرهما (2).

2 - إسماعيل بن عبد الرحمن السدي القرشي :

وهو السدي الكبير ، رأى الإمام الحسن عليه السلام وعبد الله بن عمر وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة ، وحدث عن أنس بن مالك ، وخرج أحاديثه مسلم والترمذي وأبو داود.

جرحه الجوزجاني لتشيعه ، ووثقه يحيى بن سعيد القطان ، وأحمد بن حنبل ، وابن عدي ، والذهبي ، توفي سنة 127 ه (3). 6.

ص: 227


1- تاريخ الطبري والكامل في التاريخ : في آخر أحداث سنة 76 ه.
2- تاريخ الطبري 5 / 38 ، الإصابة 1 / 372 ، تهذيب الكمال 5 / 351.
3- تهذيب الكمال 3 / 132 ، ميزان الاعتدال 1 / 236.

أورد له الطبري روايات عديدة في التاريخ (1).

3 - الحارث بن حصيرة الأزدي ، أبو النعمان الكوفي : من تابعي التابعين ، عده الذهبي في الطبقة الخامسة عشرة ، الذين توفوا بين سنتي 141 - 150 ه ، وله في تاريخ الطبري ، والبداية والنهاية لابن كثير ، روايات عديدة (2) (3).

ثانيا : مؤرخون من أصحاب المصنفات ، نسبوا إلى التشيع :

ليس يخفى على أهل التحقيق أن التشيع عند المتقدمين من أهل الجرح والتعديل ، وأهل السنة ، إنما هو تفضيل الإمام علي عليه السلام على عثمان ، أما النيل من بني أمية فهو عندهم تشدد في التشيع.

أما تفضيل الإمام علي عليه السلام على أبي بكر وعمر فهو الرفض ، حسب

تعريفهم ، وأما النيل من أبي بكر وعمر فهو الغلو في الرفض ، حسب هذا التعريف.

وبناء على هذا التقسيم أدخلوا الكثير من أهل العلم في التشيع لمجرد تفضيلهم الإمام علي عليه السلام ، وقدحهم في بني أمية ، فمن الحفاظ عدوا النسائي والحاكم في الشيعة ، لهذا الاعتبار وحده .. 3.

ص: 228


1- في 84 موضعا من تاريخ الطبري ، بواسطة فهارس تاريخ الطبري : 180 ، وفي 23 موضعا من البداية والنهاية ، بواسطة فهارس البداية والنهاية : 528.
2- تاريخ الطبري في عشرة مواضع ، والبداية والنهاية 7 / 392 - طبعة دار إحياء التراث العربي سنة 1408 -.
3- الطبقات الكبرى 6 / 334 ، تهذيب الكمال 5 / 224 ، الثقات - لابن حبان - 6 / 173.

وعلى هذا القياس عدوا جماعة من المؤرخين في رجال الشيعة ، ولم يكونوا كذلك ، على رأسهم محمد بن جرير الطبري - صاحب التاريخ - حتى أدخله الدكتور عبد العزيز محمد نور ولي في كتابه : أثر التشيع على الروايات التاريخية ، وترجم له ترجمة مفصلة (1).

وصنع مثل هذا مع النسائي (2) ، والحاكم النيسابوري (3) ، وعبد الرزاق - صاحب «المصنف» (4) -.

فهؤلاء ومن شاكلهم من المنسوبين إلى التشيع بهذا الاعتبار لم ندخلهم في هذا المعجم.

ثالثا : مؤرخون غلاة انتسبوا إلى التشيع :

لقد مني مذهب أهل البيت عليهم السلام بأصناف الغلاة الذين أسهم الواقع التاريخي كثيرا في تكوين آرائهم الفاسدة ، والغلو الذي نعنيه هو الغلو في الاعتقاد على حقيقته ، والذي يتجلى بادعاء الألوهية للأئمة ، أو نسبة الصفات الإلهية إليهم.

وقد ظهر من أتباع الفرق الغالية مؤرخون كتبوا في الكثير من أبواب التاريخ ، ودخلت أسماؤهم في فهارس مصنفي الشيعة وعلمائهم ، منهم :

1 - أحمد بن محمد بن سيار : 5.

ص: 229


1- أثر التشيع على الروايات التاريخية : 219 - 225.
2- أثر التشيع على الروايات التاريخية : 217 - 219.
3- أثر التشيع على الروايات التاريخية : 225 - 228.
4- أثر التشيع على الروايات التاريخية : 189 - 195.

قال النجاشي : فاسد المذهب ، له في التاريخ كتاب الغارات (1).

2 - جعفر بن محمد بن مالك :

أبو عبد الله ، كوفي ، كان يضع الحديث وضعا ، ويروي عن المجاهيل ، فاسد المذهب والرواية ، له في التاريخ : أخبار الأئمة

ومواليدهم (2).

3 - الحسين بن حمدان الخصيبي ، المتوفى سنة 358 ه أو 346 ه : وهو شيخ الغلاة النصرية في عصره ، فاسد المذهب (3) ، وهو صاحب كتاب الهداية الكبرى الذي حاول أن يتجنب فيه العقائد الغالية لأنه كتبه لسيف الدولة الحمداني ، أيام الحمدانيين ، وهم من الشيعة الإمامية ، وقد التجأ الخصيبي إلى دولتهم وتقرب إليهم بهذا الكتاب وبأمثاله.

4 - علي بن أحمد الكوفي :

صاحب كتاب البدع المحدثة ، وهو من الغلاة المخمسة (4).

فهؤلاء وأمثالهم لم ندرجهم في هذا المعجم ، لأنه أفرد بشكل خاص لمن يصدق عليهم لقب التشيع من المؤرخين أصحاب التصنيف في التاريخ ، في أبوابه المتعددة.

* * * 6.

ص: 230


1- رجال النجاشي : 80 رقم 192.
2- رجال النجاشي : 122 رقم 212.
3- رجال النجاشي : 67 رقم 159.
4- رجال النجاشي : 265 - 266 ، الرجال - لابن داود - : 259 - 260 ، الخلاصة - للعلامة الحلي - : 223 رقم 10 ، معجم رجال الحديث 11 / 246 - 247 رقم 7876.

1 - أبان بن تغلب بن رباح (ت 141 ه) (1) :

أبو سعيد البكري ، صحب علي بن الحسين ، وأبا جعفر الباقر ، وأبا عبد الله الصادق عليهم السلام ، وحدث عنهم ، وكانت له عندهم منزلة وقدم.

وكان من وجوه القراء ، فقيها لغويا ، وله كتاب في تفسير غريب القرآن.

قال له الإمام الباقر عليه السلام : «اجلس في مسجد المدينة وافت الناس ، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك».

وقال الإمام الصادق عليه السلام - لما أتاه نعي أبان - : «أما والله لقد أوجع

قلبي موت أبان».

سئل أبان في مجلسه : يا أبا سعيد! كم شهد مع علي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

فقال للسائل : كأنك تريد أن تعرف فضل علي عليه السلام بمن تبعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

قال : هو ذاك.

قال أبان : والله ما عرفنا فضلهم إلا باتباعهم إياه.

وذكر أحدهم الشيعة في مجلسه ، فقال له : أتدري من الشيعة؟!

الشيعة : الذين إذا اختلف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذوا بقول علي عليه السلام ، وإذا اختلف الناس عن علي أخذوا بقول جعفر بن 3.

ص: 231


1- رجال النجاشي : 10 - 13 رقم 7 ، الفهرست - للطوسي - : 51 رقم 17 ، معالم العلماء : 27 رقم 139 ، سير أعلام النبلاء 6 / 308 رقم 131 ، تهذيب التهذيب 1 / 81 ، معجم الأدباء 1 / 108 رقم 2 ، الذريعة 15 / 52 رقم 333.

محمد عليه السلام.

أخرج له أهل السنة في سننهم نحو مئة حديث ، وقد وثقه أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي والنسائي وابن عدي وابن حبان ، وقال فيه أبو نعيم : كان غاية من الغايات.

له في التاريخ :

1 - كتاب صفين.

2 - كتاب الجمل.

3 - كتاب النهروان.

2 - أبان بن عثمان الأحمر البجلي (حدود 170 ه) (1) :

كوفي الأصل ، توزعت حياته بين الكوفة والبصرة ، وهو من كبار فقهاء أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، من أصحاب الإجماع ، أدرك الإمام

الكاظم عليه السلام وحدث عنه قليلا ..

اشتهر مع ذلك بالتاريخ والأدب ، فحدث عنه بعض مؤرخي عصره وأدبائهم ، منهم : معمر بن المثنى.

وألف في التاريخ كتابا كبيرا يجمع أخبار المبتدأ - بدء الخلق والأمم البائدة - والمغازي - مغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والوفاة والردة -.

بهذا التصنيف الواسع يعد أبان فاتحا لعهد جديد من عهود التدوين التاريخي عند المسلمين ، فكتابه هذا يعد أول كتاب يستوعب عصور ما 2.

ص: 232


1- رجال النجاشي : 13 رقم 8 ، الفهرست - للطوسي - : 18 رقم 52.

قبل الإسلام مع السيرة النبوية وشئ من تاريخ الخلافة الأولى ، إذ كانت التواريخ السابقة عليه لا تتعدى (المغازي) ، إلا ما صنعه أبو مخنف من التاريخ المفصل للأحداث المهمة ابتداء بالسقيفة ، كما يأتي في ترجمته.

وكتاب أبان المهم جدا هذا أصله مفقود ، لكن كثيرا من أخباره محفوظة في المصادر التي أخذت عنه ، ابتداء من تاريخ اليعقوبي والكافي

ثم العديد من مؤلفات الشيخ الصدوق ، ثم تاريخ الطبرسي الموسوم ب : إعلام الورى بأعلام الهدى ، الذي كان كتاب أبان مصدره الرئيس في السيرة النبوية وأحداثها ، لذا يعد الكتاب الأخير أهم المراجع الهادية إلى كتاب أبان.

ولقد أخرج الشيخ رسول جعفريان روايات أبان المبثوثة في هذه المصادر ، مما يتصل بالسيرة النبوية ، وجمعها في كتاب يقع - مع مقدمته - في 140 صفحة ، ولم يجمع فيه ما يتعلق بقسم (المبتدأ) من أخبار الأمم السالفة ، ولو جمعه كاملا لكان عمله أتم.

3 - إبراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي (1) :

كان حيا سنة 269 ه ، وكان ضعيفا في حديثه ، متهما في دينه ، صنف كتبا قريبة من السداد!

له في التاريخ :

1 - كتاب مقتل الحسين. 7.

ص: 233


1- رجال النجاشي : 19 رقم 21 ، الفهرست - للطوسي - : 9 رقم 7 ، معالم العلماء : 7 رقم 27.

2 - كتاب نفي أبي ذرّ.

4 - إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن حيان النهمي (ق 3) (1) :

الهمداني ، أبو إسحاق الخزاز الكوفي ، وجاء اسم جده في بعض المصادر «خالد» بدل «حيان» نسبه في نهم ، وقد سكن في بني تميم حينا فقيل : تميمي ، كان ثقة في الحديث ، روى عنه حميد بن زياد المتوفى سنة 310 ه.

له في التاريخ :

1 - كتاب أخبار ذي القرنين.

2 - كتاب إرم ذات العماد.

3 - كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام.

4 - كتاب أخبار جرهم.

5 - كتاب حديث ابن الحر.

5 - إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدني (ق 2) (2) :

المؤرخ الكبير ، الذي نسبت إليه سائر كتب الواقدي.

قال الطوسي : ذكر بعض ثقات العامة أن كتب الواقدي سائرها إنما هي كتب إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، نقلها الواقدي - المتوفى سنة 1.

ص: 234


1- رجال النجاشي : 20 رقم 18 ، الفهرست - للطوسي - : 6 رقم 8 ، معالم العلماء : 4 رقم 3 ، معجم الأدباء 1 / 161 رقم 13 ، قاموس الرجال 1 / 194 رقم 114.
2- النجاشي : 14 رقم 12 ، الفهرست - للطوسي - : 3 رقم 1.

207 ه - وأوعاها ، قال : ولم نعرف منها شيئا منسوبا إلى إبراهيم.

وله كتاب في الحلال والحرام ، مبوب ، عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، رواه الطوسي بإسناده إلى إبراهيم.

6 - إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي (ت 283 ه) (1) :

كوفي ، سكن أصفهان ، من ذرية سعد بن مسعود الثقفي ، الذي ولاه أمير المؤمنين عليه السلام المدائن ، وهو الذي لجأ إليه الإمام الحسن عليه السلام ، عده النديم من الثقات العلماء المصنفين.

وإبراهيم المؤرخ الذي هاجر بتاريخه تحديا لمخالفيه ، ويقينا بصحة كل ما أورده فيه!

وقد كتب في التاريخ (32) كتابا ، هي :

1 - كتاب المبتدأ.

2 - كتاب السيرة.

3 - كتاب التاريخ.

4 - كتاب معرفة فضل الأفضل.

5 - كتاب أخبار المختار.

6 - كتاب المغازي.

7 - كتاب السقيفة. 1.

ص: 235


1- الفهرست - للنديم - : 279 ، رجال النجاشي : 16 رقم 19 ، الفهرست - للطوسي - : 4 رقم 7 ، معالم العلماء : 3 رقم 1.

8 - كتاب فدك.

9 - كتاب الردة.

10 - كتاب قتل عثمان.

11 - كتاب الشورى.

12 - كتاب بيعة علي.

13 - كتاب الجمل.

14 - كتاب صفين.

15 - كتاب الحكمين.

16 - كتاب النهر.

17 - كتاب الغارات.

18 - كتاب مقتل أمير المؤمنين.

19 - كتاب رسائل أمير المؤمنين وأخباره.

20 - كتاب أخبار الحسن عليه السلام ، أو (قيام الحسن عليه السلام).

21 - كتاب مقتل الحسين عليه السلام.

22 - كتاب التوابين.

23 - كتاب فضل الكوفة ومن نزلها من الصحابة.

24 - كتاب أخبار عمر.

25 - كتاب أخبار عثمان.

26 - كتاب أخبار يزيد.

27 - كتاب أخبار ابن الزبير.

28 - كتاب أخبار زيد.

29 - كتاب أخبار محمد النفس الزكية وإبراهيم.

ص: 236

30 - كتاب أخبار من قتل من آل أبي طالب.

31 - كتاب الأحداث.

أما كتابه الذي تحدى فيه مخالفيه فهو كتاب المعرفة الذي جمع فيه المناقب المشهورة والمثالب ، فاستعظمه الكوفيون وأشاروا عليه بأن يتركه ولا يخرجه ، فقال : أي البلاد أبعد من الشيعة؟ قالوا : أصفهان ، فحلف لا أروي هذا الكتاب إلا بها!

فانتقل إليها ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه ، وقد وفد جماعة من القميين ، منهم : أحمد بن محمد بن خالد ، وأشاروا عليه بالانتقال إلى قم ، فأبى!

والناظر في عناوين كتبه يرى أنه قد استوعب تاريخ ما قبل الإسلام في المبتدأ ، ومعظم التاريخ الإسلامي ، ابتداء بالسيرة والمغازي ، وانتهاء بأخبار محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن المثنى ، المقتولان في زمن المنصور العباسي سنة 145 ه.

7 - أحمد بن أبي طالب الطبرسي (ق 6) (1) :

شيخ الحافظ ابن شهرآشوب المازندراني ، المتوفى سنة 588 ه.

له في التاريخ :

1 - تاريخ الأئمة.

2 - مفاخرة الطالبية. 5.

ص: 237


1- معالم العلماء : 25 رقم 125.

8 - أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الصيمري (ق 4) (1) :

أبو عبد الله ، من ولد عبيد بن عازب ، أخي البراء بن عازب الأنصاري ، الصحابي المعروف.

أصله من الكوفة ، وسكن بغداد ، ثقة في الحديث ، صحيح العقيدة ، عاصر الشيخ المفيد رضي الله عنه ، المتوفى سنة 413 ه - ، وقال عنه الشيخ المفيد : كنا نجتمع ونتذاكر ، فروى عني ، ورويت عنه ، وأجاز لي جميع رواياته.

ومن خبر الإجازة يتبادر أنه كان أسن من الشيخ المفيد رضي الله عنه.

له في التاريخ :

1 - كتاب الكشف : في ما يتعلق بالسقيفة.

2 - كتاب الضياء : في تاريخ الأئمة عليهم السلام ، في بعض النسخ (كتاب الصفاء).

3 - كتاب الفضائل.

4 - كتاب السرائر : في المثالب.

9 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلى بن أسد العمي (ق 4) (2) :

أبو بشر ، بصري ، وكان مستملي أبي أحمد الجلودي ، سمع كتبه كلها 5.

ص: 238


1- رجال النجاشي : 84 رقم 203 ، الفهرست - للطوسي - : 32 رقم 86 ، معالم العلماء : 19 رقم 87.
2- رجال النجاشي : 96 رقم 239. الفهرست - للطوسي - : 30 رقم 80 ، معالم العلماء : 18 رقم 81 ، قاموس الرجال 1 / 368 رقم 265.

ورواها ، ثقة في حديثه ، حسن التصنيف ، أكثر الرواية عن أصحاب الحديث والأخباريين ، كان جده المعلى بن أسد من أصحاب صاحب الزنج والمختصين به ، فروى أحمد أخبار صاحب الزنج ، عن جده المعلى ، وعن عمه أسد بن معلى بن أسد ، وكان معاصرا لأحداث صاحب الزنج (255 - 270 ه).

له في التاريخ :

1 - التاريخ الكبير.

2 - التاريخ الصغير.

3 - أخبار صاحب الزنج.

4 - أخبار السيد الحميري وشعره.

5 - عجائب العالم.

6 - الأنبياء والأوصياء والأولياء.

7 - كتاب المثالب.

8 - كتاب القبائل ، وقيل : إنه حسن كبير لم يصنف مثله.

10 - أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب النديم (ق 3) (1) :

شيخ أهل اللغة ووجههم ، وهو أستاذ أبي العباس ثعلب ، وكان أحمد خصيصا بالإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وبأبيه الإمام علي الهادي عليه السلام قبله.

له مسائل وأخبار وكتب ، منها كتاب في الجغرافية ، وهو كتاب أسماء 4.

ص: 239


1- رجال النجاشي - تحقيق محمد جواد النائيني - 1 / 238 رقم 228 ، الفهرست - للطوسي - : 27 رقم 73 ، معالم العلماء : 15 رقم 74.

الجبال والمياه والأودية.

له في التاريخ والأنساب :

1 - كتاب بني النمر بن قاسط : وهو جد جاهلي له ذرية كبيرة في المدينة المنورة ، ترجم له الزركلي في الأعلام ، وقد أورد كتابان : كتاب بنو النمر (أو النمير) ، وكتاب بنو قاسط ، والراجح أنهما كتاب واحد ، وقد جاء الخطأ من النساخ.

2 - كتاب طي.

3 - بنو مرة بن عوف.

4 - بنو عوف.

5 - بنو عقيل.

6 - بنو عبد الله بن غطفان.

7 - كتاب نوادر الأعراب.

11 - أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح (ت 292 ه) (1) :

اليعقوبي ، الكاتب العباسي.

كان جده واضح من موالي أبي جعفر المنصور ، لذلك عرف بالعباسي ، بالولاء ، وقد عمل الجد واضح حاكما على أرمينية وآذربيجان من ي.

ص: 240


1- معجم الأدباء 5 / 153 رقم 34 ، النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة 2 / 10 رقم 40 ، الأعلام 1 / 95 ، اليعقوبي المؤرخ والجغرافي - لياسين إبراهيم الجعفري - ، تاريخ اليعقوبي.

قبل أبي جعفر المنصور ، وعمل للمهدي العباسي على مصر ، أو على بريد مصر ، وقد عرفت هذه الأسرة بالتشيع منذ الجد واضح الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام ، الذي نجا

من وقعة فخ وفر إلى هناك ، فكان ذلك سببا في قتله من قبل الهادي ابن المنصور ، أو من قبل هارون الرشيد.

كانت ولادة اليعقوبي في بغداد ، وبها نشأ ، ثم رحل في مطلع شبابه إلى أرمينية ، وتنقل في بلدان كثيرة ، فألف كتاب البلدان ، وهو من الكتب المتقدمة في هذا الموضوع ، واطلع على ثقافات مختلفة بشكل مباشر إذ كان يجيد لغات متعددة كالفارسية والأرمنية والآذربيجانية ، بعد العربية.

ويعد اليعقوبي من المؤرخين الكبار ، ومن أول من صنف في التاريخ العالمي ، فجمع تاريخ الأمم إلى تاريخ الإسلام ، كما يعتبر أول من صنف في تاريخ الحضارات من خلال تركيزه الكبير على ثقافات الأمم وحركة العلوم المتنوعة فيها ، ذلك في الجزء الأول من تاريخه المعروف.

ولقد امتازت كتابته بالأسلوب العلمي والمنهج الواضح والمتين ، وهو أقرب ما يكون إلى المنهج الأكاديمي المعاصر.

أما كتابه الموسوم ب : مشاكلة الناس لزمانهم فهو كتاب سابق في بابه ، إذ عدت آراؤه فيه بوادر للفكرة الفلسفية للتاريخ.

ولقد نال اليعقوبي إعجاب أهل المعرفة بالتاريخ والمؤرخين ، وموقعا متقدما بين مؤرخي الإسلام ، كما تعرض من جانب آخر إلى طعون ، لكنها لا تخلو من تطرف وانحياز ظاهرين ، ذلك إنها تركزت حول تشيعه الذي يظهر - كما يرى خصومه - في ظاهرتين :

ص: 241

الأولى : اهتمامه بتراجم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، عند التاريخ لوفياتهم.

والثانية : في فصول الخلافة ، كان يقول : «أيام أبي بكر ، أيام عمر ، أيام عثمان» ثم جاء القسم الخاص بالإمام علي عليه السلام ، فقال : «خلافة علي» وبعدها : «خلافة الحسن» ثم عاد ليقول : «أيام معاوية» ، فجعله بعضهم دليلا على الغلو في التشيع ، وليس هو كذلك ، لأن اليعقوبي كان موضوعيا ، ودقيقا في كل ما نقله ، حتى إن هؤلاء الخصوم لم يجدوا في أخباره ما يستدلون به على دعواهم هذه.

ترك اليعقوبي ثمانية مصنفات ، وتوفي على الأرجح في أواخر سنة 292 ه ، وقد كان حيا في شوال من هذه السنة نفسها ، إذ كتب بخطه ملحقا لكتابه مختصر البلدان مؤرخا لزوال الدولة الطولونية ، جاء فيه : «لما كانت ليلة عيد الفطر من سنة 292 ه تذكرت ما كان فيه آل طولون في مثل هذه الليلة».

له في التاريخ :

1 - كتاب التاريخ ، المعروف ب : تاريخ اليعقوبي : وهو أحد أهم كتب التاريخ المعتبرة ، جمع فيه بين الدقة والاختصار ، فأخرجه في مجلدين :

اختص الأول : بتاريخ الأنبياء والأمم السابقة ، فامتاز عن غيره من الكتب التي أرخت لهذه المراحل بقلة الأساطير ، بل التصريح بتعمد تركها وعدم العناية بها ، لا سيما الأساطير التي نسجت حول ملوك فارس والهند والرومان ، فاكتفى بوصف ما نسجته التواريخ منها بأنه : «مما تدفعه العقول ،

ص: 242

ويجرى فيه مجرى اللعبات والهزل» (1) ، وحدد موقفه منها بقوله : «فتركناها لأن مذهبنا حذف كل مستبشع» (2).

كما امتاز بعنايته الفائقة بالتاريخ الديني والثقافي والعلمي ، أي تاريخ الحضارات ، حتى ليعد الجزء الأول من كتابه هذا أول كتاب في تاريخ الحضارات يكتبه مؤرخ مسلم.

وكانت عمدته في تاريخ الأنبياء والأديان على الكتب السماوية بالدرجة الأولى.

واختص المجلد الثاني : بمادة تاريخ الإسلام ، معتمدا منهجه الأول في الاختصار والدقة في اختيار الأخبار من مصادر عرف بها في مقدمته على هذا الجزء.

ولقد ظهر اليعقوبي في كتابه هذا - بكلا جزئيه - مؤرخا رفيع المستوى ، على درجة متقدمة من الوعي التاريخي ، والحس التاريخي ، ولم يكن روائيا ، أو جماعة للروايات يكتفي بسرد الأخبار دون أن يكون له موقف علمي منها.

2 - أسماء الأمم السالفة.

3 - فتوح المغرب.

4 - فتوح إفريقية.

5 - تاريخ الطاهرين. 9.

ص: 243


1- تاريخ اليعقوبي 1 / 158.
2- تاريخ اليعقوبي 1 / 159.

وهذه الكتب الأربعة كلها مفقودة.

6 - مشاكلة الناس لزمانهم : الذي يعد كتابا متقدما ، يحتوي على بوادر الفكرة الفلسفية للتاريخ.

12 - أحمد بن إسماعيل بن عبد الله (1) :

أبو علي ، بجلي ، عربي من أهل قم ، يلقب ب : سمكة.

كان من أهل الفضل والأدب والعلم ، وعليه قرأ أبو الفضل ابن العميد - المتوفى سنة 360 ه - وله رسالة إلى ابن العميد في القصيدة ، نحو مئتي ورقة.

له في التاريخ :

كتاب العباسي : وهو كتاب عظيم نحو عشرة آلاف ورقة في أخبار الخلفاء والدولة العباسية ، لم يصنف مثله في هذا الفن ، وذكر ابن شهرآشوب أنه نحو عشرين ألف ورقة.

13 - أحمد بن الحسين بن سعيد الأهوازي (ق 3) (2) :

أبو جعفر ، وكان يلقب ب : دندان ، ضعفه القميون ، وقالوا : هو غال ، وحديثه يعرف وينكر. وقد مات بقم ، حدث عنه محمد بن الحسن 9.

ص: 244


1- رجال النجاشي : 97 رقم 242 ، الفهرست - للطوسي - : 31 رقم 83 ، معالم العلماء : 18 رقم 84.
2- رجال النجاشي : 77 رقم 183 ، الفهرست - للطوسي - : 22 رقم 57 ، معالم العلماء : 12 رقم 57 ، الكامل في التاريخ - ط دار الكتب العلمية - 6 / 449.

الصفار ، المتوفى سنة 290 ه.

وأخرج ابن الأثير في الكامل في أحداث سنة 296 ه : إن رجلا كان بنواحي كرج وأصبهان يعرف بمحمد بن الحسين ويلقب ب : دندان يتولى تلك المواضع وله نيابة عظيمة ، وكان يبغض العرب ويجمع مساوئهم ، فاتصل به عبد الله بن ميمون القداح.

ويظهر من هذا الكلام أن المراد هو أحمد بن الحسين نفسه ، بأكثر من قرينة ، منها : لقبه : «دندان» ، والفترة التي عاش فيها ، وموطنه الذي تتوسطه قم ، واهتمامه بالمثالب ، حيث وضع فيها كتابا ، ورمي القميين له بالغلو من اتصال عبد الله القداح به.

له في التاريخ :

1 - كتاب الأنبياء.

2 - كتاب المثالب.

14 - أحمد بن داود بن سعيد الفزاري (ق 3) (1) :

كان من أصحاب الحديث ، ثم اعتنق مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وله تصنيفات كثيرة في الاحتجاجات المذهبية ، أخذه والي خراسان أبو يحيى الجرجاني محمد بن طاهر - المتوفى سنة 298 ه - وأمر بقطع لسانه ويديه ورجليه ، وبضربه ألف سوط ، ويصلب بعد ذلك ، لسعاية سعى بها إليه جماعة ، ينقلها الشيخ الطوسي بتفصيلها. 9.

ص: 245


1- الفهرست - للطوسي - : 33 رقم 90 ، معالم العلماء : 22 رقم 109.

له في التاريخ :

1 - خلاف عمر برواية الحشوية.

2 - مفاخرة البكرية والعمرية.

3 - كتاب الأوائل.

15 - أحمد بن عبد العزيز الجوهري البصري (ت 323 ه) (1) :

عالم ، محدث ، كثير الأدب ، ثقة ، ورع ، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته.

له في التاريخ :

1 - كتاب السقيفة ، وقد اعتمده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ،

فجمعت رواياته من كتاب ابن أبي الحديد في مجلد.

2 - أخبار الشعراء ، اعتمده أبو الفرج الأصفهاني في كتابيه الأغاني ، ومقاتل الطالبيين.

16 - أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز (ق 5) (2) :

أبو عبد الله ، ابن عبدون ، من شيوخ النجاشي ، كان أديبا ، ملازما لشيوخ الأدب.1.

ص: 246


1- شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 16 / 210 ، الفهرست - للطوسي - : 36 رقم 100 ، معالم العلماء : 22 رقم 100 ، مقدمة «السقيفة وفدك - للجوهري» للدكتور محمد هادي الأميني.
2- رجال النجاشي : 87 رقم 211.

له في التاريخ :

1 - كتاب التاريخ.

2 - أخبار السيد الحميري.

17 - أحمد بن علي بن محمد العلوي العقيقي (ق 4) (1) :

ابن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي زين العابدين عليه السلام ، مكي ، سمع من الكوفيين وأكثر منهم ، وصنف كتبا كثيرة ، روى الشيخ الطوسي رضي الله عنه - المتوفى سنة 460 ه - كتبه بثلاث وسائط.

له في التاريخ :

1 - تاريخ الرجال.

2 - مثالب الرجلين والمرأتين.

18 - أحمد بن القاسم (ق 3) (2) :

لم يعرف عنه بالتحديد أكثر من هذا ، وتردد بعضهم في كونه هو أحمد بن القاسم بن طرفان ، الذي ذكره الغضائري ، أم هو أحمد بن القاسم ابن أبي كعب ، الذي روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة 328 وما بعدها ، والمذكور يشترك مع الأخير بالكنية ، فكلاهما يكنى بأبي جعفر.

له في التاريخ :

كتاب إيمان أبي طالب ، رآى النجاشي ذكر هذا الكتاب بخط الحسين ابن عبيد الله الغضائري. 5.

ص: 247


1- الفهرست - للطوسي - : 24 رقم 63 ، معالم العلماء : 13 رقم 63.
2- رجال النجاشي : 95 رقم 234 ، منتهى المقال 1 / 304 - 305.

19 - أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي (ت 314 ه) (1) :

أبو العباس ، المعروف بحمار العزير ، ترجم له الخطيب البغدادي ترجمة سيئة ، فقال : كان وقاعة في الأحرار ، كثير السخط لما تجري به الأقدار ، أحسن إليه الكاتب محمد بن داود الجراح بمرتبات أغناه بها.

له في التاريخ :

1 - المبيضة في أخبار آل أبي طالب ، وهو في ذكر مقاتل الطالبيين ، وقد ذكرته بعض المصادر بعنوان : «مقاتل الطالبيين» ، وقد اعتمده أبو الفرج الأصفهاني في كتابه مقاتل الطالبيين كثيرا.

2 - مثالب معاوية.

3 - أخبار حجر بن عدي.

4 - أخبار عبد الله بن معاوية بن جعفر.

5 - الرسالة في بني أمية.

6 - كتاب صفين.

7 - كتاب الجمل.

20 - أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي (ت 450 ه) (2) :

صاحب كتاب الرجال الشهير. 3.

ص: 248


1- الفهرست - للنديم - : 166 ، تاريخ بغداد 4 / 252 ، معجم الأدباء 3 / 238 - 242 ، الذريعة 21 / 376.
2- رجال النجاشي : 83 رقم 201 ، وص 101 رقم 253.

وكان جده السابع عبد الله بن النجاشي من أصحاب الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام ، وقد كتب له مسائل ، فأجابه الإمام عليه السلام كتابة في رسالة عرفت ب : رسالة عبد الله النجاشي ، قال النجاشي : ولم ير لأبي عبد الله عليه السلام مصنف غيره.

له مصنفات عدة ، أوردها في الترجمة لنفسه.

له في التاريخ :

1 - الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل.

2 - أنساب بني نصر بن قعين وأيامهم وأشعارهم.

3 - أخبار بني سنسن : وهم أسرة أبو غالب الزراري ، ذكر النجاشي هذا الكتاب في ترجمته لأبي غالب الزراري ، ولم يعده عند ترجمته لنفسه.

21 - أحمد بن محمد بن أحمد بن طرخان الكندي (ق 5) (1) :

أبو الحسن الجرجرائي الكاتب ، ثقة ، صحيح السماع.

قال النجاشي : كان صديقنا ، قتله إنسان يعرف بابن أبي العباس يزعم أنه علوي ، لأنه أنكر عليه نكرة ، رحمه الله.

له في التاريخ :

إيمان أبي طالب.

22 - أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة العاصمي (ق 4) (2) :

أبو عبد الله ، ثقة في الحديث ، كوفي الأصل ، سكن بغداد ، روى عنه 2.

ص: 249


1- رجال النجاشي : 87 رقم 210.
2- رجال النجاشي : 93 رقم 232.

النجاشي - المتوفى سنة 450 ه - بواسطتين.

له في التاريخ :

كتاب مواليد الأئمة وأعمارهم.

23 - أحمد بن محمد بن جعفر الصولي (ق 4) (1) :

أبو علي ، بصري ، صحب الجلودي عمره ، وقدم بغداد سنة 353 ه ، وسمع من أهلها ، وقرأ عليه الشيخ المفيد (ت 413 ه) ، ثقة في حديثه ، مسكونا إلى روايته ، وقيل : إنه يروي عن الضعفاء.

له في التاريخ :

أخبار فاطمة عليها السلام ، كتاب كبير.

24 - أحمد بن محمد بن أبي الجهم العدوي (ق 3) (2) :

أبو عبد الله الجهمي ، عاش في عهد المتوكل العباسي ، جلده المتوكل مئة سوط لتفضيله عليا عليه السلام على عثمان في مناظرة نقلت إلى المأمون ..

وهو صاحب كتاب الإنتصار في الرد على الشعوبية.

له في التاريخ :

1 - أنساب قريش وأخبارها.

2 - كتاب المعصومين. 1.

ص: 250


1- رجال النجاشي : 84 رقم 202 ، الفهرست - للطوسي - : 32 رقم 85 ، معالم العلماء : 19 رقم 86.
2- الفهرست - للنديم - : 124 ، الذريعة 2 / 382 رقم 1531.

3 - كتاب المثالب.

4 - كتاب فضائل مضر.

25 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 أو 280 ه) (1) :

أبو جعفر ، أصله كوفي ، سكن برقة - من قرى قم - ، كان جده محمد بن علي قد حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد بن علي عليه السلام ، ثم قتله ، وكان جده خالد صغير السن ، فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قم ، فأقاموا بها.

كان ثقة في نفسه ، غير أنه روى كثيرا عن الضعفاء ، واعتمد المراسيل.

وصنف كتبا كثيرة ، منها : المحاسن ، مطبوع ، وله عشرات المصنفات في الفقه والحديث وغيرها ، وله كتاب البلدان.

له في التاريخ :

1 - كتاب التاريخ.

2 - المآثر والأنساب.

3 - أنساب الأمم.

4 - مغازي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

5 - بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه.

6 - طبقات الرجال. 5.

ص: 251


1- الفهرست - للنديم - : 277 ضمن عنوان «أبي علي بن همام» ، رجال النجاشي : 76 - 77 رقم 182 ، الفهرست - للطوسي - : 20 رقم 55.

7 - الأوائل.

8 - الجمل.

26 - أحمد بن محمد بن سعيد (ت 333 ه) (1) :

ابن عبد الرحمن بن زياد بن عبيد الله بن زياد بن عجلان ، المعروف ب : ابن عقدة ، وعقدة لقب لأبيه النحوي البارع ، لقب بذلك لتعقيده في التصريف. وكانت ولادته سنة 249 ه في الكوفة ، وأرخ بعضهم لولادته بسنة 250 ه ، ووفاته سنة 332 ه.

كان زيديا جاروديا ، وعلى ذلك مات ، كثير الاختلاط بالإمامية ، والرواية عنهم ، والتصنيف وفق مذهبهم.

له كتب كثيرة ، منها : كتاب السنن ، وهو كتاب عظيم ، قيل : إنه حمل بهيمة ، لم يجتمع لأحد ، وقد جمعه هو ، وأكثر كتبه في رجال الحديث ..

وكان يقول : أحفظ مئة ألف حديث بأسانيدها ، وأذاكر بثلاثمئة ألف.

له في التاريخ :

1 - كتاب التاريخ ، وهو في ذكر من روى الحديث من الناس كلهم ، العامة والشيعة ، وأخبارهم ، خرج منه شئ كثير ، ولم يتمه.

2 - فضل الكوفة.

3 - تسمية من شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام حروبه من الصحابة والتابعين.0.

ص: 252


1- رجال النجاشي : 94 رقم 233 ، الفهرست - للطوسي - : 28 رقم 76 ، معالم العلماء : 16 رقم 77 ، تاريخ بغداد 5 / 14 ، سير أعلام النبلاء 15 / 340 رقم 178 ، تذكرة الحفاظ 3 / 839 رقم 820.

4 - يحيى بن الحسين.

5 - أخبار أبي حنيفة ومسنده.

6 - الشورى.

7 - ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصخرة والراهب.

8 - زيد وأخباره.

27 - أحمد بن محمد بن سليمان الزراري (ت 368 ه) (1) :

أبو غالب ، شيخ آل أعين ووجههم ، وهم البكيريون ، نسبة إلى جدهم بكير بن أعين ، وشيخ الطائفة في عصره ، وأستاذهم وثقتهم ، له مصنفات في الفقه وغيره ، وكان مولده سنة 285 ه في الكوفة ، ثم نزل بغداد ..

له في التاريخ :

1 - كتاب التاريخ ، ولم يتمه ، وقد خرج منه نحو ألف ورقة.

2 - رسالة في ذكر آل أعين.

3 - أخبار تهامة.

28 - أحمد بن محمد بن عبيد الله الجوهري (ت 401 ه) (2) :

أبو عبد الله ، سمع الحديث وأكثر ، واضطرب آخر عمره.

وكان جده وأبوه من وجوه أهل بغداد أيام آل حماد والقاضي أبي 0.

ص: 253


1- رجال النجاشي : 83 رقم 201 ، الفهرست - للطوسي - : 31 رقم 84 ، معالم العلماء : 19 رقم 85 ، الذريعة 1 / 325 رقم 1690 ، الأعلام 1 / 209.
2- رجال النجاشي : 85 رقم 207 ، معالم العلماء : 20 رقم 90 ، الأعلام 1 / 210.

عمر ، وأمه سكينة بنت الحسين بن يوسف ، بنت أخي القاضي أبي عمر محمد بن يوسف.

قال النجاشي : رأيت هذا الشيخ ، وكان صديقا لي ولوالدي ، وسمعت منه شيئا كثيرا ، ورأيت شيوخنا يضعفونه ، فلم أرو عنه شيئا وتجنبته ، وكان من أهل العلم والأدب القوي ، وطيب الشعر ، وحسن الخط ، رحمه الله وسامحه.

له في التاريخ :

1 - كتاب أخبار أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، وهو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، الذي صحب الأئمة الخمسة الرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة عليهم السلام.

2 - كتاب أخبار الجعفي.

3 - كتاب أخبار السيد الحميري.

4 - كتاب أخبار وكلاء الأئمة الأربعة ، ذكره الطهراني بعنوان : أخبار الوكلاء الأربعة ، أي وكلاء الإمام الحجة ، وعلى ما ذكره النجاشي يراد به وكلاء الأئمة الأربعة ، الذين عاصرهم قبل الحجة - عجل الله تعالى فرجه الشريف -.

5 - مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر ، مطبوع.

29 - أحمد بن محمد بن عمار الكوفي (ت 346 ه) (1) :

أبو علي ، ثقة ، جليل القدر ، كثير الحديث ، عارفا بالأصول. 9.

ص: 254


1- رجال النجاشي : 95 رقم 236 ، الفهرست - للطوسي - : 29 رقم 78 ، معالم العلماء : 18 رقم 79.

صنف كتبا كثيرة.

له في التاريخ :

1 - كتاب أخبار آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتضمن ذكر فضائلهم وإيمانهم.

2 - كتاب إيمان أبي طالب.

3 - كتاب المبيضة ، وهم الفرقة التي خالفت بني العباس ، فكان شعارها لبس البياض ، خلافا للعباسيين الذين عرفوا بالمسودة للبسهم السواد.

30 - أحمد بن محمد بن نوح السيرافي (ق 5) (1) :

أبو العباس ، نزيل البصرة ، واسع الرواية ، ثقة في روايته ، حكي عنه القول بالرؤية وغيره من الآراء المخالفة.

وكان معاصرا للشيخ الطوسي ، وتوفي في أيامه ، قال الطوسي : ومات عن قرب ، إلا أنه كان بالبصرة ولم يتفق لقائي إياه.

أما النجاشي فقال : هو أستاذنا وشيخنا ، ومن استفدنا منه ، وزاد في الثناء عليه قائلا : كان ثقة في حديثه ، متقنا لما يرويه ، فقيها ، بصيرا بالحديث والرواية.

ولقد وقع اختلاف في تسميته بين الشيخين ، فالذي أثبتناه هو اختيار الطوسي ، أما النجاشي فسماه : أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي.

والذي يظهر لنا أن في اسمه تصحيف ، وليس هما رجلين ، فاسم 7.

ص: 255


1- رجال النجاشي : 86 رقم 209 ، الفهرست - للطوسي - : 37 رقم 107 ، معالم العلماء : 22 رقم 107.

علي ربما صحف عن محمد ، وابن العباس صحف عن أبي العباس ، فيكون نسق النجاشي لاسمه هكذا : أحمد بن محمد أبو العباس بن نوح السيرافي ، وقد يكون العكس.

له في التاريخ :

1 - كتاب المصابيح ، في ذكر من روى عن الأئمة عليهم السلام ، لكل إمام.

2 - كتاب الرجال الذين رووا عن الإمام الصادق عليه السلام ، وقد زاد على ما ذكره ابن عقدة كثيرا.

3 - أخبار الوكلاء الأربعة ، أي وكلاء الإمام المهدي - عجل الله تعالى فرجه الشريف -.

31 - أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه (ت 421 ه) (1) :

أبو علي ، الفيلسوف الذي لقب بالمعلم الثالث ، والطبيب والرياضي والمؤرخ الشهير ، كان مولده في حدود سنة 320 ه فعمر قرنا من الزمن ، عمل قيما على خزانة كتب ابن العميد (ت 360 ه) ثم خزانة كتب عضد الدولة ابن بويه ، فلقب بالخازن ، كان جلساؤه وأقرانه هم أهل الأدب وأهل الفلسفة كأبي حيان التوحيدي والصاحب بن عباد وابن سينا وبديع الزمان الهمداني.

صنف كتبا كثيرة في الفلسفة والأخلاق والطب والكيمياء والمنطق.

وله في التاريخ :

1 - تجارب الأمم ، في ستة أجزاء - لم تصدر كاملة حتى الآن - ي.

ص: 256


1- أعيان الشيعة 3 / 158 ، الأعلام 1 / 211 - 212 ، تجارب الأمم ج 1 مقدمة المحقق الدكتور أبو القاسم إمامي.

تضمن تاريخ الأمم السالفة ، وتاريخ الإسلام حتى سنة 369 ه ، وفق منهج جديد في كتابة التاريخ ، إذ اقتصر على تدوين الأحداث التي تزيد في خبرة الإنسان ، والتي يمكن أن يستفاد منها تجربة في الحياة السياسية والاجتماعية ، وأهمل ما سوى ذلك ، وأهمل من معجزات الأنبياء وأخبارهم التي لا يمكن أن تعتبر تجربة بشرية يستفاد منها خبرة في مسيرة الحياة.

وغالبا ما يذكر - بعد ذكر الأحداث - العبرة التي من أجلها ذكر الحدث ، والتي بها أصبح الحدث تجربة بشرية مفيدة.

انتقى أخباره من أهم المصادر التاريخية ، بعد تمحيصها ، حتى إذا بلغ أحداث سنة 340 ه قال : «أكثر ما أحكيه بعد هذه السنة فهو عن مشاهدة وعيان ، أو خبر محصل يجري مجرى ما عاينته» ، ومثل لذلك بما أخبره به أبو الفضل ابن العميد ، وأبو محمد المهلبي الوزير ، المتوفى سنة 352 ومشايخ عصرها ، مقتصرا من هذه الأخبار على ما يستفاد منه تجربة.

جعل من التاريخ عبرة وعظة بحق ، فقد تمسك بمنهجه الجاد في النظرة إلى التاريخ ، والمتصف بوعي تاريخي كبير ، إضافة إلى رؤيته الفلسفية ، وإلى جديته في الرؤية السياسية والثقافية التي اكتسبها من حياته العلمية ، وحياته السياسية الخاصة قريبا من الملوك والوزراء ، وهو مع هذا لم يظهر ميلا إلى مدحهم والإغضاء عن أخطائهم.

2 - أحوال الحكماء وصفات الأنبياء السلف ، وذكره بعضهم بعنوان : «أحوال الحكماء السلف وصفات بعض الأنبياء السالفين».

3 - كتاب السياسة للملك ، ذكره مسكويه في كتابه تهذيب الأخلاق.

والظاهر أنه هو الكتاب الذي ذكره السيد حسن الصدر في «تأسيس الشيعة لعلوم الشريعة : 384» بعنوان : السياسة السلطانية.

ص: 257

32 - أحمد بن موسى بن طاووس الحلي (ت 673 ه) (1) :

السيد جمال الدين أبو الفضائل.

له في التاريخ :

إيمان أبي طالب ، ذكره في كتابه بناء المقالة العلوية.

33 - أحمد بن يوسف بن إبراهيم (ق 4) (2) :

أبو جعفر الكاتب ، ابن داية ، توفي بعد سنة 330 ه ، من فضلاء أهل مصر ومعروفيهم ، له علوم كثيرة في الأدب والطب والنجوم والحساب ، حسن المجالسة ، حسن الشعر ، عده النديم في البلغاء العشرة ، وأثنى ياقوت الحموي عليه وعلى والده ، وكتب له ترجمة وافية.

له في التاريخ :

1 - سيرة أحمد بن طولون.

2 - سيرة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون.

3 - سيرة هارون بن أبي الجيش وأخبار غلمان بن طولون.

4 - أخبار الأطباء.

5 - أخبار المنجمين. 6.

ص: 258


1- الذريعة 2 / 512 رقم 2011.
2- الفهرست - للنديم - : 140 ، معجم الأدباء 5 / 154 - 160 ، أعيان الشيعة 3 / 206.

6 - أخبار إبراهيم بن المهدي.

34 - إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان النخعي (ق 4) (1) :

ابن قرار بن عبد الله بن الحارث النخعي ، أخو الأشتر النخعي - روى النجاشي كتابه بثلاثة وسائط : المفيد ، عن الجعابي ، عن الجرمي ، عنه.

قال النجاشي : «هو معدن التخليط ، له كتاب في التخليط» ، ثم عد له كتب أخرى ، منها : مجالس هشام ، وكتابه الآتي في التاريخ :

له في التاريخ : أخبار السيد الحميري.

35 - أسد بن المعلى بن أسد العمي (ق 3) (2) :

بصري ، أخباري ، كان معاصرا لأحداث صاحب الزنج (255 - 274).

له في التاريخ :

أخبار صاحب الزنج.

36 - إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسيني (ق 5) (3) :

أبو المعالي ، النقيب بنيسابور ، من المعاصرين للشيخ الطوسي - المتوفى سنة 460 ه -. 3.

ص: 259


1- رجال النجاشي : 73 رقم 177.
2- رجال النجاشي : 106 رقم 266.
3- الفهرست - لمنتجب الدين - : 10 رقم 5 ، الذريعة 2 / 376 رقم 1513.

له في التاريخ :

أنساب آل أبي طالب.

37 - إسماعيل بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن الأطروش (ق 7) (1) :

ابن أحمد بن محمد بن عزيز بن الحسين بن محمد الأطروش بن علي بن الحسين بن محمد الديباج ابن الإمام الصادق عليه السلام.

أبو طالب العلوي المروزي النسابة ، كان مولده سنة 572 ه.

له في التاريخ :

أنساب آل أبي طالب.

38 - إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت (ق 3) (2) :

أبو سهل النوبختي ، شيخ المتكلمين ببغداد ، ووجههم ، ومتقدم النوبختيين في زمانه ، له جلالة في الدنيا والدين ، يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب.

صنف كتبا كثيرة ، في الإمامة والكلام ، منها : كتاب مجالسه مع أبي علي الجبائي بالأهواز ، وكتاب مجالسته مع ثابت بن قرة الحراني الصابئ - المتوفى سنة 288 ه -. 6.

ص: 260


1- الذريعة 2 / 376 رقم 1514.
2- رجال النجاشي : 31 رقم 68 ، الفهرست - للطوسي - : 36 رقم 12 ، معالم العلماء : 8 - 9 رقم 26.

له في التاريخ :

كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة عليهم السلام.

39 - إسماعيل بن علي بن علي بن رزين الخزاعي (ق 3) (1) :

ابن أخي دعبل الخزاعي ، الشاعر الشهير - المتوفى سنة 246 ه - ، مقامه بواسط ، وقد ولي الحسبة فيها ، وكان مختلطا ، يعرف منه وينكر.

له في التاريخ :

كتاب تاريخ الأئمة.

40 - التقي بن دأب (2) :

له في التاريخ :

واقعات العلويين.

41 - ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب الحلبي النحوي (ت حدود 460 ه) (3) :

أبو الحسن ، من كبار النحاة ، ألف كتابه الآتي : العبيديين (الفاطميين) فصلبوه على أثره. 8.

ص: 261


1- رجال النجاشي : 32 رقم 69 ، الفهرست - للطوسي - : 13 رقم 31. معالم العلماء : 9 رقم 27.
2- معالم العلماء : 143 رقم 999.
3- الذريعة 1 / 60 رقم 298.

له في التاريخ :

ابتداء دعوة العبيديين وكشف عوارهم ، ذكره السيوطي في بغية الوعاة.

42 - جابر بن يزيد الجعفي (ت 128 ه) (1) :

صحب أبا جعفر الباقر ، وأبا عبد الله الصادق عليهما السلام ، تابعي ، فقيه ، غزير الرواية ، أثنى عليه جماعة من أهل الجرح والتعديل ، واتهمه آخرون ، كوفي ، توفي بالكوفة.

قال النجاشي : روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا ، منهم : عمرو ابن شمر ، ومفضل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان في نفسه مختلطا ، وكان شيخنا أبو عبد الله المفيد رحمه الله ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدل على الاختلاط ، وقل ما يورد عنه شئ في الحلال والحرام.

له في التاريخ :

1 - كتاب الجمل.

2 - كتاب صفين.

3 - كتاب النهروان.

4 - كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام.

5 - كتاب مقتل الحسين عليه السلام. 5.

ص: 262


1- رجال النجاشي : 128 رقم 332 ، الأعلام 2 / 105.

43 - جعفر بن محمد بن جعفر (ت 308 ه) (1) :

ابن الحسين بن جعفر بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط عليه السلام.

توفي سنة 308 ه ، وكان مولده بسر من رأى سنة 224 ه.

كان وجيها في الطالبيين ، متقدما ، ثقة ، سمع وأكثر ، وعمر ، وعلا إسناده.

له في التاريخ :

التاريخ العلوي.

44 - جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى (ت 368 ه) (2) :

ابن قولويه ، أبو القاسم ، من الثقات الأجلاء في الحديث والفقه ، قال النجاشي : وكل ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه.

له كتب حسان في الفقه وغيره تزيد على العشرين كتابا.

له في التاريخ :

تاريخ الشهور والحوادث فيها.

45 - حبيش بن مبشر (ت حدود 200 ه) (3) :

أبو عبد الله واسمه محمد ، لكن غلب عليه لقبه ، قال النجاشي : كان من أصحابنا ، روى أحاديث العامة فأكثر ، روى عنه محمد بن أبي عمير __________________

(1) رجال النجاشي : 122 رقم 314 ، الأعلام 2 / 128.

(2) رجال النجاشي : 123 رقم 318.

(3) رجال النجاشي : 146 رقم 379.

ص: 263

- المتوفى سنة 217 ه -.

له في التاريخ :

كتاب أخبار السلف ، كبير حسن ، في أخبار الخلفاء الثلاثة : أبي بكر وعمر وعثمان ، والظاهر أنه من صنف كتب المثالب ، إذ وصفه النجاشي بقوله : فيه الطعون على المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام.

46 - الحسن بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني (ت 370 ه) (1) :

أبو عبد الله النحوي ، دخل بغداد في طلب العلم سنة 314 ه ، وقرأ القرآن على ابن مجاهد ، والنحو والأدب على ابن دريد ونفطويه وأبي بكر الأنباري وأبي عمر الزاهد ، ثم سكن حلب ، واختص بسيف الدولة بن حمدان ، ومكث في حلب حتى توفي سنة 370 ه.

له في التاريخ :

كتاب الآل ، قال اليافعي عند ترجمته للمؤلف في حوادث سنة 370 ه من كتابه مرآة الجنان - وقد ذكر كتاب الآل - : «إنه صدره بمعاني الآل ، ثم قسمه خمسة وعشرين قسما ، ثم ذكر الأئمة الاثني عشر من آل محمد ومواليدهم ووفياتهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم».

47 - الحسن بن الحسين ابن بابويه القمي (ق 6) (2) :

شمس الإسلام ، نزيل الري ، المدعو «حسكا». 3.

ص: 264


1- مرآة الجنان : حوادث سنة 370 ه ، الذريعة 1 / 38 رقم 180.
2- الفهرست - لمنتجب الدين - : 72 رقم 42 - 43.

فقيه ، ثقة ، قرأ على الشيخ أبي جعفر (ت 460 ه) جميع تصانيفه بالغري ، وقرأ على الشيخين سلار بن عبد العزيز (ت 463 ه) ، وابن البراج جميع تصانيفهما.

له تصانيف في الفقه ، منها : كتاب العبادات ، وكتاب الأعمال الصالحة.

له في التاريخ :

كتاب سير الأنبياء والأئمة عليهم السلام.

قال الشيخ منتجب الدين : أخبرنا بها الوالد ، عنه ، رحمهما الله.

48 - الحسن بن خرزاد القمي (ق 3) (1) :

محدث ، واسع الحديث ، صنف كتبا ، وغلا في آخر عمره ، بينه وبين النجاشي (ت 450 ه) أربع وسائط ، المفيد (ت 413 ه) ، عن ابن قولويه (ت 368 ه) ، عن محمد بن وارث السمرقندي ، عن الحسن بن علي القمي ، عنه.

له في التاريخ :

كتاب أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

49 - الحسن بن علي بن الحسين بن عمر بن علي بن الحسين عليه السلام (ت 304 ه) (2) :

أبو محمد الأطروش. 5.

ص: 265


1- رجال النجاشي : 44 رقم 87.
2- رجال النجاشي : 57 رقم 135 ، الكامل في التاريخ 8 / 81 و 82 و 105.

الداعية المجاهد الذي فر إلى الديلم - وكان أهلها كفارا - بعد هزيمة محمد بن زيد أمام العباسيين.

ومكث هناك ثلاث عشرة سنة يدعو أهلها إلى الإسلام ، فأسلم منهم خلق كثير وسودوه عليهم ، وبنى في بلادهم مساجد كثيرة ، ثم انتصر بهم على ولاة بني العباس ، فملك طبرستان وآمل وسالوس ، حتى توفي سنة 304 ه ، واستمر الملك بعده للعلويين حتى وفاة الحسن بن القاسم (الداعي) سنة 316 ه.

قال ابن الأثير : كان الحسن بن علي حسن السيرة ، عادلا ، ولم ير الناس مثله في عدله ، وحسن سيرته ، وإقامته الحق.

له في التاريخ :

1 - كتاب فدك.

2 - كتاب أنساب الأئمة ومواليدهم.

50 - الحسن بن علي بن فضال التيملي (ق 3) (1) :

أبو علي ، من ربيعة بن بكر ، مولى تيم بن ثعلبة.

كان من خاصة أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام (ت 203 ه) ، له تفسير للقرآن ، وكتاب في الطب ، كان فطحيا يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ، ورجع إماميا قبل وفاته.

له في التاريخ :

1 - كتاب الابتداء والمبتدأ ، وفي نسخة للنديم : الأنبياء والمبتدأ. 9.

ص: 266


1- الفهرست - للنديم - : 278 ، معالم العلماء 33 رقم 184 وص 42 رقم 269 ، الذريعة 2 / 124 رقم 499.

2 - أصفياء أمير المؤمنين عليه السلام ، ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء.

51 - الحسن بن الفقيه (1) :

له في التاريخ :

كتاب أسامي أمير المؤمنين عليه السلام.

52 - الحسن بن محمد بن سماعة الكوفي (ت 263 ه) (2) :

كان واقفي المذهب ، جيد التصانيف ، نقي الفقه ، حسن الاعتقاد ، له ثلاثون كتابا أكثرها في الفقه.

له في التاريخ :

كتاب وفاة أبي عبد الله عليه السلام ، والراجح أنه يعني الإمام الصادق عليه السلام ، وليس الإمام الحسين عليه السلام ، وإلا لقال : مقتل ، أو : استشهاد ، كما هو شائع في الكتب المختصة بهذا الشأن.

53 - الحسن بن موسى الخشاب (ق 3) (3) :

من وجوه أهل زمانه ، مشهور ، من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام __________________

(1) معالم العلماء : 38 رقم 227.

(2) الفهرست - للطوسي - : 51 رقم 182 ، معالم العلماء : 36 رقم 213.

(3) رجال النجاشي : 42 رقم 85 ، رجال الطوسي : 398 رقم 5840 وص 420 رقم 6068 ، معالم العلماء : 33 رقم 184.

ص: 267

(ت 260 ه) ، كثير العلم والحديث ، وله مصنفات كثيرة.

له في التاريخ :

1 - كتاب الأنبياء.

2 - كتاب المبتدأ.

54 - الحسن بن موسى النوبختي (ت 310 ه) (1) :

أبو محمد ، المتكلم المبرز على نظرائه في زمانه - قبل الثلاثمئة وبعدها - ، له مصنفات كثيرة في الكلام والفلسفة والنجوم والفلك ، ويعد كتابه الآراء والديانات أول الكتب المصنفة في هذا الموضوع ، وقد اعتمده سائر من ألف بعده فيه ، كالمسعودي ، والبغدادي ، والباقلاني ، وابن حزم ، وأبو الفرج ابن الجوزي في تلبيس إبليس ، وغيرهم.

أما كتاب فرق الشيعة المنسوب إليه فهو بعينه كتاب المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعري.

له في التاريخ :

الموضح في حروب أمير المؤمنين عليه السلام.

55 - الحسين بن الفرج أبي قتادة البغدادي (ق 3) (2) :

أبو علي ، حدث عنه أحمد بن خالد البرقي - المتوفى سنة 274 أو 9.

ص: 268


1- رجال النجاشي : 148 رقم 63 ، معالم العلماء : 32 - 33 رقم 181.
2- الفهرست - للطوسي - : 59 رقم 222 ، معالم العلماء : 41 رقم 259.

280 ه.

له في التاريخ :

كتاب صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

56 - الحسين بن عبيد الله الغضائري (ت 411 ه) (1) :

أبو عبد الله ، له مصنفات عديدة ، منها : الرد على الغلاة المفوضة ، وكتب في الفقه والإمامة والرجال ، وهو الخبير المبرز في نقد الرجال ، وقد اعتمده الطوسي والنجاشي في رجالهما.

له في التاريخ :

1 - مواطن أمير المؤمنين عليه السلام.

2 - التسليم على أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين.

3 - فضل بغداد.

57 - الحسين بن علي بن زيد بن عمر بن علي بن الحسين عليه السلام (ق 3) (2) :

الداعي إلى الله ، الناصر للحق ، إمام الزيدية ، واسع العلم ، واسع التصانيف ، قال بعض الزيدية : إن له نحو مئة كتاب.

له في التاريخ :

1 - كتاب السير. 4.

ص: 269


1- رجال النجاشي : 69 رقم 166 ، قاموس الرجال 3 / 476 رقم 2178.
2- الفهرست - للنديم - : 244 ، معالم العلماء : 126 رقم 854.

2 - كتاب الظلامة الفاطمية.

58 - الحسين بن علي بن سفيان البزوفري (ق 4) (1) :

أبو عبد الله ، شيخ ، ثقة ، جليل ، بينه وبين النجاشي (ت 450 ه) واسطة واحدة ، هو ابن عبدون.

له في التاريخ :

سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام في المشركين ، ولعله أول كتاب يصادفنا في فقه السيرة في تاريخ الإسلام.

59 - الحسين بن القاسم بن محمد الكوفي (ق 4) (2) :

ابن أيوب بن شمون ، أبو عبد الله الكاتب ، كان أبوه القاسم من جلة رجال الشيعة.

نقل النجاشي (ت 450 ه) كتبه بواسطتين.

له في التاريخ :

كتاب أسماء أمير المؤمنين عليه السلام.

60 - الحسين بن محمد بن أحمد الحلواني (ق 6) (3) :

الرئيس ، أبو عبد الله ، ترجم له ابن شهرآشوب ، ومنه يظهر أنه من 5.

ص: 270


1- رجال النجاشي : 68 رقم 162.
2- رجال النجاشي : 66 رقم 157 ، معالم العلماء : 42 رقم 271.
3- معالم العلماء : 41 رقم 265.

أعلام القرن السادس.

له في التاريخ :

1 - السقيفة.

2 - الردة.

3 - الجمل.

4 - صفين.

61 - الحسين بن محمد بن علي الأزدي (ق 4) (1) :

أبو عبد الله ، كوفي ، ثقة ، كان الغالب عليه علم السير والآداب والشعر ، بينه وبين النجاشي (ت 450 ه) ثلاثة وسائط ، حدث عنه المنذر ابن محمد بن المنذر.

له في التاريخ :

1 - كتاب الوفود على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2 - أخبار سفيان بن مصعب العبدي وشعره.

3 - أخبار ابن أبي عقب وشعره.

62 - ذو المناقب بن طاهر بن أبي المناقب الحسين الرازي (ق 7) (2) :

علوي ، فاضل ، صالح ، له كتاب المنهج في الحكمة ، وكتاب الرياض. 5.

ص: 271


1- رجال النجاشي : 65 رقم 154.
2- الفهرست - لمنتجب الدين - : 85 رقم 75.

له في التاريخ :

1 - كتاب التواريخ.

2 - كتاب السيرة.

قال منتجب الدين : أخبرنا بها الوالد ، عنه ، رحمهما الله.

63 - راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني (ت 605 ه) (1) :

الشيخ ناصر الدين أبو إبراهيم.

له في التاريخ :

مختصر في تعريف أحوال سادة الأنام ، النبي والاثني عشر إمام عليهم السلام.

قال في آخره : تم ما قصدناه من بيان الأنساب والتواريخ ، ومختصر الأخبار ، على غاية الاختصار.

64 - زكريا بن محمد بن محمود المكموني القزويني (ت 682 ه) (2) :

أبو عبد الله ، صاحب عجائب المخلوقات.

له في التاريخ :

آثار البلاد وأخبار العباد ، ألفه سنة 674 ه ، مرتبا على مقدمة وسبعة أقاليم ، وقد طبع في غوتنغن (جوتنجن) سنة 1848 م. 7.

ص: 272


1- الفهرست - لمنتجب الدين - : 166 رقم 77.
2- الذريعة 1 / 7 رقم 27.

65 - زيد بن إسحاق الجعفري (ق 7) (1) :

السيد أبو القاسم ، عالم محدث ، قرأ على الشيخ الحسن بن الحسين ابن بابويه ، وله كتاب الدعوات عن الإمام زين العابدين عليه السلام.

له في التاريخ :

كتاب المغازي والسير.

قال منتجب الدين : أخبرنا به الوالد ، عنه ، رحمهما الله.

66 - زيد بن وهب (ت بعد 83 ه) (2) :

أبو سليمان الهمداني الجهني ، مخضرم ، وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فتوفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الطريق ، سمع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأبا ذر الغفاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وصحابة آخرين ، وقد صحب الإمام علي عليه السلام وشهد معه النهروان.

توفي زيد في ولاية الحجاج - المتوفى سنة 95 ه - بعد وقعة الجماجم سنة 83 ه ، بحسب رواية ابن سعد صاحب الطبقات ، وفي الإصابة قال : توفي سنة 96 ه.

له في التاريخ :

كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر ، في الجمع والأعياد 0.

ص: 273


1- الفهرست - لمنتجب الدين - : 174 رقم 80.
2- الإستيعاب - بهامش الإصابة - 1 / 564 ، الإصابة 1 / 583 رقم 3001 ، تاريخ بغداد 8 / 440 ، معالم العلماء : 51 رقم 340 ، قاموس الرجال 4 / 590.

وغيرها.

67 - سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي الأشعري (ت 301 أو 299 ه) (1) :

أبو القاسم ، ثقة ، جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، قيل : إنه لقي الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وقد سافر في طلب العلم ولقي من وجوه

علماء الجمهور الكثير ، منهم : أبو حاتم الرازي ، والحسن بن عرفة ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي.

له في التاريخ :

1 - كتاب فضل قم والكوفة.

2 - فضل أبي طالب وعبد المطلب وعبد الله.

3 - المقالات والفرق ، مطبوع ، وهو أول كتاب معروف في بابه ، وقد طبع - واشتهر أيضا - بعنوان : «فرق الشيعة» منسوبا إلى الحسن بن موسى النوبختي.

68 - سعيد بن الحسن الراوندي (ت 573 ه) (2) :

قطب الدين ، أبو الحسين.

فقيه ، عين ، ثقة ، بصير بالأخبار ، شاعر مجيد ، قرأ على الشيخ الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان ، له عشرات المصنفات ، أشهرها : 1.

ص: 274


1- رجال النجاشي : 177 رقم 467 ، معالم العلماء : 54 رقم 358.
2- الفهرست - لمنتجب الدين - : 78 رقم 186 ، معالم العلماء : 55 رقم 368 ، أعيان الشيعة 7 / 239 - 241.

شرح نهج البلاغة ، الموسوم ب : منهاج البراعة ، وفقه القرآن.

وهو من مشايخ الحافظ ابن شهرآشوب.

له في التاريخ :

1 - جنى الجنتين في ولد العسكريين.

2 - ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة.

3 - قصص الأنبياء.

69 - سلمة بن الخطاب البراواستاني الأزدورقاني (ق 4) (1) :

أبو الفضل ، من قرية في سواد الري ، كان ضعيفا في حديثه ، له كتب عديدة في الفقه ، رواها النجاشي (ت 450 ه) بثلاث وسائط.

روى عنه الصفار (ت 270 ه).

له في التاريخ :

1 - كتاب وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2 - كتاب مولد الحسين عليه السلام وقتله.

70 - سليم بن قيس الهلالي العامري (ت حدود 100) (2) :

من أصحاب الإمام علي عليه السلام ، وعده بعضهم من شرطة الخميس ، وهم من خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد أدرك الإمام علي بن 6.

ص: 275


1- رجال النجاشي : 187 رقم 498 ، الفهرست - للطوسي - : 79 رقم 324 ، معالم العلماء : 57 رقم 378.
2- الفهرست - للنديم - : 275 ، رجال النجاشي : 8 رقم 4 ، معالم العلماء : 58 رقم 390 ، ميزان الاعتدال 2 / 187 رقم 3382 ، لسان الميزان 2 / 186 رقم 3378 وص 187 رقم 3382 ، قاموس الرجال 5 / 227 رقم 3356.

الحسين زين العابدين عليه السلام ، وعده الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام محمد الباقر عليه السلام أيضا.

وفي ميزان الاعتدال : «سلم بن قيس العلوي ، البصري ، وثقه ابن معين ، وقال البخاري : يروي عن أنس ، وتكلم فيه شعبة وقال : ذاك الذي يرى الهلال قبل الناس بليلتين».

قال النديم في الفهرست : «هو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان هاربا من الحجاج ، لأنه طلبه ليقتله ، فلجأ إلى أبان بن أبي عياش ، فآواه ، فلما حضرته الوفاة ، قال له : إن لك علي حقا ، وقد حضرتني الوفاة ، يا بن أخي! إنه كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيت وكيت ، وأعطاه كتابا ، وهو كتاب سليم بن قيس المشهور ، رواه عنه أبان بن أبي عياش ، لم يروه عنه غيره».

وقد اختلف النقاد والرجاليون في هذا الكتاب ، فليراجع ذلك في مظانه.

له في التاريخ :

الكتاب المعروف باسمه : كتاب سليم.

71 - سهل بن أحمد الديباجي (ت 380 ه) (1) :

أبو محمد ، نزل بغداد ، سمع منه التلعكبري سنة 370 ه وله منه إجازة ، وسمه الخطيب البغدادي بالغلو ، وكان مولده سنة 286 ه ، ووفاته سنة 380 ه ، وصلى عليه الشيخ المفيد ، قال النجاشي : لا بأس به. 8.

ص: 276


1- رجال النجاشي : 186 رقم 493 ، تاريخ بغداد 9 / 121 ، قاموس الرجال 5 / 351 رقم 3478.

له في التاريخ :

إيمان أبي طالب.

72 - سهل بن عبد الله البخاري (ق 7) (1) :

أبو نصر النسابة.

له في التاريخ :

أنساب آل أبي طالب ، ألفه أيام الناصر بالله الخليفة العباسي - المتوفى سنة 622 ه - في وزارة ناصر بن مهدي ونقابة السيد شرف الدين محمد ابن عز الدين يحيى ، الذي فوضت النقابة إليه سنة 592 ه.

توجد منه في خزانة كتب السيد الحسن صدر الدين نسخة عليها تملك الأمير صدر الدين الدشتكي ، والد غياث الدين منصور.

ينقل عنه في عمدة الطالب ، ويعتمد على أقواله.

73 - صالح بن محمد الصرامي (ق 4) (2) :

كان معاصرا للشيخ الصدوق ، المتوفى سنة 381 ه.

له في التاريخ :

1 - تاريخ الأئمة عليهم السلام.

2 - أخبار السيد الحميري. 8.

ص: 277


1- الذريعة 2 / 377 رقم 1517.
2- رجال النجاشي : 199 رقم 528.

74 - ظفر بن حمدون البادرائي (ق 4) (1) :

أبو منصور ، قرأ عليه أبو القاسم علي بن أسد الوكيل ، الذي قرأ عليه الشيخ الطوسي سنة 410 ه ، ومنه أخذ النجاشي كتاب ظفر.

له في التاريخ :

أخبار أبي ذر - الغفاري رضي الله عنه -.

75 - أبو طالب الزنجاني العلوي (ق 7) (2) :

نقيب الحضرة ، النسابة ، ابن الحسين بن زيد بن محمد بن الحسين ابن محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن جعفر بن عبيد الله بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.

له في التاريخ :

كتاب الأنساب ، ينقل عنه أحمد بن محمد بن المهنى العبيدلي ، المعاصر للعلامة الحلي (648 - 726 ه).

76 - طاهر (غلام أبي الجيش) (ق 4) (3) :

كان متكلما ، وعليه كان ابتداء قراءة الشيخ المفيد (ت 413 ه). 2.

ص: 278


1- رجال النجاشي : 209 رقم 554 ، الذريعة 1 / 216 رقم 1635.
2- الذريعة 2 / 372 رقم 1499.
3- رجال النجاشي : 208 رقم 552.

له في التاريخ :

كتاب فدك.

77 - عبد الرحمن بن كثير الهاشمي (ق 3) (1) :

مولى عباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.

قال النجاشي : كان ضعيفا ، غمز أصحابنا عليه ، وقالوا : كان يضع الحديث .. بينه وبين النجاشي (ت 450 ه) أربع وسائط.

له في التاريخ :

1 - كتاب صلح الحسن عليه السلام.

2 - كتاب فدك.

78 - عبد السلام بن صالح الهروي (ت 236 ه) (2) :

أبو الصلت ، من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، ثقة صالح ، ضعفه جماعة ،

لروايته حديث : «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وقد رد يحيى بن معين هذا التضعيف - كما رده آخرون - وقال في أبي الصلت : إنه ثقة ، صدوق.

ونقل الخطيب البغدادي عن أحمد بن سيار بن أيوب قوله في أبي __________________

(1) رجال النجاشي : 234 رقم 621 ، الفهرست - للطوسي - : 108 رقم 463.

(2) رجال النجاشي : 245 رقم 643 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 126 ، تاريخ بغداد 11 / 46 - 51.

ص: 279

الصلت الهروي إنه : قد لقي وجالس الناس ، ورحل في طلب الحديث ، وكان صاحب قشافة ، وهو من آحاد المعدودين في الزهد ، وكلانا يعرف بكلام الشيعة ، وناظرته في ذلك لأستخرج ما عنده فلم أره يفرق ، إلا أن ثم أحاديث يرويها في المثالب ، وسألت إسحاق بن إبراهيم عن تلك الأحاديث ، وهي أحاديث مروية ، نحو ما جاء في أبي موسى ، وما روي في معاوية ، فقال : هذه أحاديث قد رويت».

وقد وثقه الحاكم في المستدرك أيضا.

له في التاريخ :

وفاة الرضا عليه السلام.

79 - عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البقال (ق 4) (1) :

أبو القاسم الهمداني الكوفي ، كان زيديا ، سمع منه التلعكبري سنة 326 ه.

له في التاريخ :

1 - طبقات الشيعة.

2 - أخبار أبي رافع.

للموضوع صلة ... 4.

ص: 280


1- معالم العلماء : 81 رقم 548 ، معجم رجال الحديث 11 / 33 رقم 6554.

فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة/ النجف الأشرف (2)

السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

(97)

الاستعارة

وبيان أنواع الاستعارة وأقسامها للسيد عبد الحي الرضوي الكاشاني.

أوله : «المجاز المرسل هو ما كانت العلامة غير المشابهة ...».

نسخة بأول كتاب المختلف ، المكتوب سنة 984 ، رقم 1975 ، مكتوب بأسفله : «أمير عبد الحي دام ظله العالي».

وعلى الكتاب تملك أحمد بن عبد العظيم الكاشاني ، المجاور بمشهد الحسين عليه السلام وختمه.

وتملك عبد الغني الثاني بن الحسن الحسيني بن عبد الغني الماضي ، تاريخه سنة 1177 وختمه.

وتملك محمد رضا بن محمد صفي الحسيني الكاشاني وختمه ، وتاريخ ختمه 1185.

ص: 281

والظاهر أنهم كلهم من الأسرة الرضوية الحسينية الكاشانية.

(98)

الاستعارة

رسالة في تحقيق معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها ، عناوينه : العقد الأول ، الفريدة الأولى ... وهكذا.

أوله : «الحمد لواهب العطية ، والصلاة على خير البرية ، وعلى ذوي النفوس الزكية ، أما بعد ...».

نسخة بآخر نسخة مختصر المعاني ، كتابة القرن الثاني عشر ، تقع في ثلاث أوراق ، وبعدها غزل فارسي للمولى صالح التستري.

أوله :

«گفتمش ازمه نكوترچيست گفتاروى من

گفتم ازخورشيد گفتا هم رخ نيكوى من»

رقم 1845.

(99)

الاستغاثة

في بدع الثلاثة

للشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي ، المتوفى سنة

ص: 282

352.

بسط القول حول الكتاب شيخنا الرازي في الذريعة [2 / 28] والعلامة النوري في خاتمة المستدرك [1 (19) / 163].

نسخة غير مؤرخة ترجع إلى القرن التاسع ، عليها ختم حجة الإسلام السيد محمد باقر الشفتي الأصفهاني ، تسلسل 583 ، بقطع 15 × 25 ، معه تحفة النجباء في مناقب آل العباء للسيد عبد الرحيم الحسيني.

(100)

استقصاء الاعتبار

في شرح الإستبصار

[للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن بن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني الشامي العاملي ، المتوفى بمكة سنة 1030. الذريعة 2 / 30].

[نسخة] الجزء الثالث ، يبدأ بأبواب كيفية الصلاة إلى آخر كتاب الصلاة ، فرغ المؤلف من هذا الجزء في كربلاء أواخر صفر سنة 1007 ، وهذا الجزء مكتوب في حياة المؤلف ، كتبه حسن بن أحمد بن سنبغة العاملي وفرغ منه 4 جمادى الأولى سنة 1027.

وفي آخرها : «قد وقع الفراغ من تصحيح هذا الجزء من أوله إلى آخره على نسخة المصنف تغمده الله بغفرانه ... وذلك في اليوم الثاني من شهر جمادى الأولى سنة 1062 في النجف الأشرف ، والحمد لله وحده».

في 221 ورقة ، رقم 686.

ص: 283

(101)

الإستيعاب

[في معرفة الأصحاب]

لابن عبد البر ، [يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي ، المتوفى سنة 463].

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، بخط نسخ جيد ، قد وهبها أحد السلاطين لأحد العلماء ، فكتب العالم على ظهر الورقة الأولى إهداء السلطان إليه ، ولكن اسم كليهما ممحى ، وحيث عبر عن السلطان بقوله : الخاقان بن الخاقان ، يظهر أنه من القاجارية ، ولعل المهدى إليه هو إمام الجمعة في كرمانشاه السيد أسد الله ، الواقف للنسخة سنة 1303 ، فالظاهر أن السلطان هو ناصر الدين شاه القاجاري.

وفي آخر النسخة : «بلغ قبالا بعون الله تعالى» ، 457 ورقة ، رقم 1908 ، وبهامش الورقة 273 / ب خط محمد الفاضل تتمة قصيدة في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، أورد بعضها المصنف في آخر

ترجمته له عليه السلام وأسقط الباقي ، فأثبتها المعلق في الهامش ، وأظنها للسيد الحميري.

(102)

أسرار حج

أوله : «الحمد الله رب العالمين ... وبعد ، نظر بمفاد آية (ولله على

ص: 284

الناس) (1) ... بعد از وجوب تكليف واجبست بر مكلفين معرفت احكام مكلف به ، ومن باب حصول اخلاص در عمل علم بعلل واسرار العمل ...».

نسخة مكتوبة بخط نسخ جيد ، كتابة القرن الثالث عشر ، ضمن مجموعة رقم 1827.

(103)

أسرار شب معراج

وهو ست وثلاثون جملة في النصح والإرشاد ، تبدأ بقول : «يا أحمد!» ، يشبه الأحاديث القدسية.

أوله : «الحمد لله رب ... روى عن جعفر بن محمد ... أما بعد ، اين بيان اسراريست كه در شب اسراى صدر انبيا ... أنه قال : هذا ما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله ربه ليلة المعراج وسمع منه ...».

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، بخط نسخ جيد جميل ، ضمن مجموعة رقم 708 ، وهي مصححة وعليها بلاغات.

(104)

أسرار الشهادة

هي مجالس فارسية في مقتل الحسين عليه السلام ، ألقاها العلامة الحاج 7.

ص: 285


1- سورة آل عمران 3 : 97.

ميرزا محمد باقر في المجلس الذي عقده في داره في أيام عاشوراء

فكتبها بعضهم عن إملائه وكان ذلك في عاشر محرم سنة 1301.

أوله : «الحمد لله الذي أجل رزيتنا وأعظم مصيبتنا بمصيبة سبط الرسول ...».

نسخة الأصل ، بخط نسخ جيد ، في 191 ورقة ، رقم 1790 ، تاريخه محرم سنة 1301.

(105)

أسرار الشهود في معرفة حضرة المعبود

منظومة أخلاقية عرفانية ، من نظم شمس الدين محمد بن محمد بن يحيى بن علي اللاهيجي ، الملقب في شعره (اسيرى) ، والمتوفى سنة 912.

كان خليفة العارف السيد محمد نور بخش ، المتوفى سنة 869 ، وله : مفاتيح الإعجاز شرح گلشن راز.

أول هذه المنظومة :

هست بسم الله الرحمن الرحيم

مصحف آيات اسرار قديم

نام حق سر دفتر هر دفتر است

آنجه بى نام خدا يست ابتر است

نسخة بخط فارسي جيد ، فرغ منها الكاتب - وهو مصطفى عوض - غرة محرم سنة 953 ، وبآخرها مجموعة معميات فارسية وعدة رباعيات ، رقم 2053.

نسخة بخط العارف علي بن الحسين (خاموش) ، فرغ منها 18 شهر رمضان سنة 1342 ، رقم 2052.

ص: 286

(106)

أسرار الصلاة

وحقيقتها

للقاضي سعيد القمي ، [محمد سعيد بن محمد مفيد الشريف ، المتوفى بعد سنة 1103. الذريعة 2 / 48 و 7 / 49].

طبع على هامش شرح الهداية سنة 1313.

أوله : «الحمد لله ، والصلاة على رسوله وأهل بيته ...».

نسخة بأول مجموعة بخط محمد صادق اليزدي ، فرغ منها 6 ذي الحجة سنة 1206 ، رقم 491.

(107)

أسرار النقاط

في علم الرمل.

لم أعرف مؤلفه ، فرغ من تأليفه في ذي الحجة الحرام سنة 1262.

نسخة بخط السيد عبد الرحيم بن محمد تقي الحسيني الشيرازي ، فرغ منها في ربيع الآخر سنة 1273 ، في 80 ورقة ، رقمها 1567.

(108)

الأسطرلاب

لأبي الحسين عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سهل الرازي الصوفي ، المتوفى سنة 374 ، مؤلف كتاب صور الكواكب.

ص: 287

نسخة قيمة ، بخط محمود بن محمد نصير الخادم ، فرغ منها بمكة المكرمة أواخر شوال سنة 1004 ، ناقصة من بعد الورقة الأولى أربع أوراق ، وأوراقه 153 ورقة ، رقم 1563.

(109)

الأسفار الأربعة

في الحكمة المتعالية.

تأليف : صدر الدين الشيرازي ، وهو صدر المتألهين محمد بن إبراهيم ، المشتهر بالمولى صدرا ، المتوفى سنة 1050.

نسخة النصف الأول ، نسخة قيمة ، بخط ابن المؤلف قوام الدين ابن صدر الدين الشيرازي ، كتبه في أصفهان وفرغ منه سنة 1072 ، وصححه ، وعليها تصحيحات ، في 302 ورقة ، رقم 1091.

نسخة النصف الأول ، كتابة القرن الثاني عشر ، في 380 ورقة ، رقم 1090.

(110)

إسكندر نامه

منظومة فارسية في قصص إسكندر ودارا.

من نظم الشاعر ناصري الكرماني ، من شعراء القرن الثالث عشر ، عهد السلطان ناصر الدين شاه ، وكان في أصفهان من شعراء ابنه ظل السلطان حاكم أصفهان ، وله : اندرز خسروان ، ولعله هو هذا ، أو أن هذا

ص: 288

منه أيضا ، ولكن حيث ذكر في الذريعة باسم اسكندر نامه ، تبعناه.

أوله :

دهمين اركيان سكندر بود

كز هز از همه فزونتر بود

نسخة مكتوبة في حياته ولعلها بخطه ، فإن في طرفيها خطه الفارسي الجميل ، وفي آخرها بأسفل خطه توقيعه أيضا ، وبآخره تقاريظ من الشعراء المعاصرين ، كطغرا التفرشي وسها پورهما والحاج ميرزا علي الأنصاري وشمس العلماء الفارسي ، والنسخة بخط نسخ جيد ، مجدولة بالذهب واللازورد ، وبأولها لوحة ، والعناوين مكتوبة بالهوامش بالشنجرف ، ولعلها هي النسخة المهداة إلى خزانة ظل السلطان ، 17 ورقة ، رقم 1438.

(111)

الإسهالية

أو : الرسالة الإسهالية في الطب.

للسيد أحمد بن محمد حسين الحسيني التنكابني الطبيب.

ألفها باسم السلطان فتح علي شاه القاجاري.

أولها : «الحمد لله بجميع محامده حمدا كثيرا ...».

نسخة بخط فارسي جيد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف كتبها عبد الغفار بن ميرزا محمد كاظم الشيرازي ، وحيث إن صاحب النسخة المنتسخ عنها كان مستعجلا في استرجاعها استعان في استنساخها بشخصين آخرين : ميرزا محمد حسين خان وكاتب آخر ، فتعاورها الثلاثة نسخا بدقة ففرغوا من نسخها في جمادى الأولى سنة 1255 في طهران ، وتم نسخها

ص: 289

على يدهم في أربعة أشهر وبعدها فوائد طبية كثيرة ، رقم 1245.

(112)

الإشارات

في أصول الفقه.

للمولى محمد إبراهيم الكلباسي ، المتوفى سنة 1262.

طبع الجزء الأول منه.

نسخة الجزء الثاني ، فرغ منها الكاتب سنة 1263 ، في 204 ورقة ، رقم 422.

نسخة الجزء الثاني ، بخط السيد محمد بن أبي القاسم الموسوي ، فرغ منها سنة 1263 ، بخط نسخ جيد ، في 196 ورقة ، رقم 724.

(113)

أشجار وأثمار

لعلاء المنجم البخاري ، وهو علي شاه بن محمد بن القاسم الخوارزمي ، من منجمي القرن السابع.

أوله : «حمد وثنا آفريدگارى را كه افلاك دواير نجوم ...».

راجع ترجمة المؤلف المنقولة عن كتابه هذا في فهرس دانشگاه 4 / 831.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، بخط نسخ جيد ، 200 ورقة ، رقم 1574.

ص: 290

(114)

إشراق النيرين

لمحمد بن محمود الدهدار.

أوله : «الحمد لله رب العالمين حمدا ينبغي لعظمته وعز جلاله ، والصلاة على رحمته العامة ... بعد از تمهيد اساس شكر وسپاس بى قياس چنين گويد ... سر در ... رهن وام كردار ، گرفتار دام گفتار محمد بن محمود الملقب بدهدار».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، بخط فارسي جميل ، كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر ، من الورقة 74 ب إلى الورقة 85 أ ، رقم 5 / 2005.

(115)

أشعار متفرقة عربية

في عدة أوراق ، بأول مجموعة رقم 1479.

(116)

أشعة اللمعات

للجامي ، [نور الدين عبد الرحمن بن أحمد ، المتوفى سنة 898. كشف الظنون 2 / 1563].

نسخة بخط عبد الرشيد بن عبد الفتاح الخزاعي ، الملقب ب : شرف

ص: 291

جهان النطنزي ، فرغ منها 8 محرم الحرام سنة 1028 ، ضمن

المجموعة رقم 7 / 1754.

(117)

الأشعثيات

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، وبعده كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي ، بخط نسخ معتاد ، رقم 1989 ، وقد أسقطت الأسانيد منها سوى السند الأول ، عليه خط الشيخ محمد صالح بن أحمد بن صالح البحراني. راجع : كتاب الجعفريات. [الذريعة 2 / 109 و 5 / 112 ، خاتمة المستدرك 1 (19) / 15].

(118)

أصالة الطهارة

رسالة وجيزة في أن الأصل طهارة الأشياء.

للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، محمد باقر بن محمد أكمل الحائري ، المتوفى سنة 1306.

نسخة بخط خليل بن الشيخ إبراهيم الزاهد ، ضمن مجموعة أصولية أكثرها للمؤلف ، رقم التسلسل 393.

نسخة ضمن مجموعة أصولية أكثرها للمؤلف ، كتبت بخط نسخ جيد ، رقم 951.

ص: 292

(119)

اصطلاحات الصوفية

للحكيم العارف كمال الدين أبي الغنائم عبد الرزاق بن جمال الدين الكاشاني ، المتوفى سنة 730 أو سنة 735.

وله : شرح منازل السائرين ، وشرح النصوص والتأويلات ، وغيرها ، ثم ألف كتاب لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام في اصطلاحات المتصوفة.

ثم لخصه واختصره في هذا الكتاب ، وقد طبع في إيران مع شرح منازل السائرين سنة 1315 ، ثم جاء بعده السيد حيدر بن علي الآملي العبدلي العارف ، المتوفى سنة 787 ، فلخص هذا المختصر وهذبه ورتبه.

نسخة بخط مهر علي ، كتبها في مشهد الكاظمية سنة 1214 ، ضمن مجموعة فلسفية كلها بخطه ، رقم 835.

(120)

اصطلاحات الصوفية

لمحيي الدين ابن عربي محمد بن علي ، المتوفى سنة 638.

ألفه بملطية سنة 615 ، كما ذكره [صاحب] كشف الظنون [1 / 107].

نسخة كتبها الخطاط إسماعيل المراغي في القرن الثالث عشر ، ضمن مجموعة عرفانية كلها بخطه النسخ الجميل ، مجدولة باللاجورد

ص: 293

والشنجرف ، كانت في خزانة رئيس الوزراء صدر السلطنة النوري ، رقم المجموعة 1515.

(121)

الأصفى

في التفسير.

للمحقق المحدث الفيض الكاشاني ، المتوفى سنة 1091.

اختصره من تفسيره الصافي فسماه : الأصفى.

نسخة قديمة ، كتبها عبد الباقي القائني المناواجي ، وفرغ منه يوم الجمعة من شوال سنة 1118 ظاهرا ، وتبدأ من سورة الكهف إلى آخر الكتاب ، في 174 ورقة ، مقاسها 17 × 24 ، وعليها بلاغات وتصحيحات ، تسلسل 481.

وبظهر الورقة الأولى مناجاة فارسية منثورة ، نسبت إلى المصنف رحمه الله.

نسخة تامة من أول الكتاب إلى آخره ، قيمة ثمينة ، مكتوبة على نسخة الأصل بخط المصنف رحمه الله وفي حياته ، ثم مقابلة معروضة مصححة على نسخة خط المصنف ، وكتب بآخره : «بلغ قبالا بحمد الله تعالى مع نسخة الأصل في أواسط محرم سنة 1082» ، في 337 ورقة ، 19 × 28 ، تسلسل 979.

وعليه حواش منه ، وعليه تملك : «محمد صالح عفي عنه» بخطه ، وختمه : (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) (1) ، وعليه بطاقة مكتبة 0.

ص: 294


1- سورة البقرة 2 : 130.

محمد حسن صنيع الدولة في سنة 1298.

(122)

إصلاح العمل

في الفقه.

تأليف السيد محمد المجاهد ، نجل صاحب الرياض.

وهي فتوائية مبسوطة ، ويقال لها : الإصلاح وفيه الفوز والفلاح ، أو إصلاح العمل ، وترجمه إلى الفارسية بعض تلامذة المؤلف ، وتوجد الترجمة الفارسية أيضا في المكتبة ، وتوفي المؤلف رحمه الله سنة 1242 ، (الذريعة 2 / 170).

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، ومقابلة ومصححة ، وعليها تصحيحات ، كما أن عليها بعض الحواشي : منه دام عمره ، وبعضها : منه عفي عنه ، و : منه دام ظله العالي ، وهي كثيرة ، وتقع في 357 ورقة ، تسلسل 902.

(123)

أصل البراءة

للمولى محمد مهدي ، نجل العلامة محمد إبراهيم الكلباسي.

أوله : «باب أصل البراءة ، مقدمة : للأصل في كلماتهم معان أربع ...».

ص: 295

وقبله مبحث الاستصحاب ، ولعلهما قطعة من كتاب له في الأصول ، والظاهر أنه بخطه.

نسخة ، الظاهر أنها بخطه ، وقبله مبحث الاستصحاب ، في مجموعة رقم 258.

(124)

أصل البراءة والإباحة

هما أصلان من الأصول العملية من مباحث علم أصول الفقه ، ألف فيها رسالة خاصة المحقق الأعرجي ، وهو العلامة السيد محسن الكاظمي الأعرجي.

نسخة ناقصة الطرفين ، ضمن مجموعة رقم 392.

(125)

الأصل المثبت

من مسائل أصول الفقه.

للعلامة الشيخ محمود بن محمد الذهب الظالمي النجفي ، المتوفى سنة 1325.

نسخة لعلها بخط المؤلف ، في آخر مجموعة جمعها العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي في حياة المؤلف في سنة 1324 ، رقم 389.

ص: 296

(126)

أصول الدين

فارسي.

للسيد كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي الحائري ، المتوفى سنة 1259.

نسخة مكتوبة في عصره ، رقمها 1552.

(127)

الأصول على النهج الحديث

وهو متن دراسي بأسلوب خاص.

للعلامة الفقيه ، المشارك في العلوم ، الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني ، المتوفى سنة 1361.

قد حاول تلخيص الأصول وتغيير أبحاثه بالتقديم والتأخير ، فالملازمات العقلية ، كالضد ، واجتماع الأمر والنهي ، ووجوب المقدمة ، وأمثالها تتقدم على مباحث الألفاظ حسب اصطلاحه هو ، فما ذكر كله حسب اصطلاحه وترتيبه يكون من المباحث العقلية ، وتكون مقدمة على مباحث الألفاظ ، كمباحث الوضع والحقيقة والمجاز والحقيقة الشرعية والأوامر والنواهي والعام والخاص والمفاهيم ، ولكن مع الأسف لم يتم تأليفه ، بل بلغ إلى مباحث اجتماع الأمر والنهي.

أوله : «أما بعد حمد الله والصلاة على نبيه وآله الطاهرين فنقول : لكل عالم مسائل ومبادئ وموضوع ...».

ص: 297

طبع بآخر كتاب الاجتهاد والتقليد للمؤلف.

نسخة الأصل ، بخط المصنف النسخ الجيد ، في 38 ورقة ، رقم 2097.

(128)

أطباق الذهب

في الأدب ، في مائة مقالة.

للشيخ شرف الدين عبد المؤمن بن هبة الله المغربي الأصفهاني.

جاري بها أطواق الذهب للزمخشري ، وعليه شرح اسمه : معيار الأدب ، طبع مع الحواشي التي عليه في إيران.

نسخة بخط أقل الطلبة أحمد الطهراني ، الملقب ملا باشي ، فرغ منها في 22 ذي القعدة سنة 1290 ، كتبها في سنندج حسب أمر والي كردستان معتمد الدولة ، والنسخة مشكلة ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وترجمتها الفارسية مكتوبة بالخط الفارسي في خلال السطور ، وأظن أن الترجمة للكاتب ملا باشي ، كما أن عليها تعليقات أظنها له ، وتقع في 138 ورقة ، رقمها 1186.

نسخة فرغ منها الكاتب ثالث شوال سنة 708 ، بآخر مجموعة أدبية قيمة ، رقم 270.

(129)

أطلس آهى

مجموعة خرائط إيران.

ص: 298

رسمها التلميذ جهانگير بن مجيد آهي سنة 1354.

وهذه نسخة الأصل ، رقم 507.

(130)

أطلس ربيعي نوري

مجموعة خرائط الممالك.

رسمها محمد جواد الربيعي النوري.

نسخة الأصل ، بخط يد الراسم ، رقم 1857.

(131)

أطوار ثلاثة

لصاين الدين علي تركه.

أوله : «الحمد لله على دقائق كماله ، وجلائل جماله ، والصلاة والسلام على محمد وآله ...».

نسخة بخط شرف جهان عبد الرشيد بن عبد الفتاح الخزاعي النطنزي ، كتبها سنة 1037 ، ضمن المجموعة رقم 8 / 1754.

(132)

الإعتقادات

للمحقق الطوسي ، سلطان المحققين ، خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن ، المتوفى سنة 672.

ص: 299

أولها : «إعلم - أيدك الله تعالى - أيها الأخ العزيز ، أن أقل ما يجب اعتقاده هو ما يترجمه قول : لا إله إلا الله ...».

وعليها شرح يسمى : التحفة المحمدية في شرح المقدمة النصيرية ، موجود في المكتبة.

نسخة بخط مؤمن بن حيدر المكي ، بآخر المجموعة رقم 3 / 2181 ، كلها بخطه النسخ الجيد ، فرغ من أول ما فيها في جمادى الأولى سنة 1008 ، وهي في ورقتين.

نسخة ناقصة الآخر ، بخط فارسي جيد ، كتب عليها : «هذه صورة عقيدة صدرت عن سلطان العالمين والمحققين ، نصير الملة والدين ، محمد الطوسي طاب ثراه ، أجاب بها بعض إخوانه المتحملين حين سأله أن يجمعه مثل ذلك» ، في المجموعة رقم 2 / 899 ، وقبلها النافع يوم الحشر شرح الباب الحادي عشر للفاضل المقداد ، فرغ منها الكاتب في 11 ربيع الآخر سنة 1089 ، والمجموعة بخط السيد حبيب الله الحسني.

(133)

اعتقادات الإمامية

للشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمي ، المتوفى سنة 381.

نسخة بخط ابن فولاد نظر علي القزويني ، فرغ منها سنة 1060 ، في 41 ورقة ، 5 / 12 × 20 ، تسلسل 49 ، 56 - 223.

نسخة منضمة إلى التنبيهات العلية للشهيد الثاني ، كتابة القرن الحادي عشر ، عليها وقفية تاريخها 1149 ، تسلسل 850.

ص: 300

نسخة بأول مجموعة كتبت بنسخ جيد سنة 1220 ، رقم 852.

نسخة بخط السيد محمد حسن بن محمد مقيم الحسيني ، ضمن المجموعة رقم 1811.

(134)

إعلام الورى

بأعلام الهدى

تأليف : أمين الإسلام ، أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المتوفى سنة 548.

نسخة بخط العالم السيد محمد بن داود الحسيني ، من أعلام القرن الرابع عشر ، ترجم له شيخنا في النقباء ، كتبها بحسب أمر بعض العلماء في المشهد المقدس الرضوي ، وفرغ منها عصر يوم الخميس 24 جمادى الأولى سنة 1310 ، وكتب ذلك العالم الذي استكتب الكتاب بخطه في ظهر الورقة الأولى بخطه النستعليق الجيد ، ولم يصرح باسمه ، وبما أن النسخة مكتوبة في المشهد الرضوي ، فلعلها مكتوبة في المكتبة على نسخة قيمة قديمة. في 377 ورقة ، 5 / 12 × 20 ، تسلسل 99.

(135)

إفحام الأعداء والخصوم

بتكذيب ما افتروه على السيدة أم كلثوم

كتاب استدلالي مبسوط مسهب في تكذيب ما اشتهر من تزويج عمر ابن الخطاب بأم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، فحاول إبطال ذلك ونفيه ،

ص: 301

والتدليل على استحالته وتفنيد هذه المزعمة بشواهد تاريخية ، وتحليل ما يؤثر في ذلك بشتى الطرق.

تأليف : سيدنا الحجة أبي الفضائل السيد ناصر الدين ، نجل صاحب العبقات ، سلام الله على والد وما ولد.

أوله : «الحمد لله الذي نصر أولياءه ، وقهر أعداءه ، وأعز أحباءه ، وأخزى خصماءه ...».

قدم مقدمة في خطبة الشيخين فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وآله ورده لهما.

والفصل الأول في دناءة نسب عمر ، وأنه لم يكن كفوا لها.

نسخة بخط نسخ جيد خشن ، كتبها آغا صاحب بأمر نجل المؤلف وفي مكتبتهم العامرة ، وفي آخرها : «بلغ مقابلة على نسخة مصححة مقروءة على المصنف ... 17 جمادى الآخرة سنة 1380».

203 أوراق ، رقم 1867.

(136)

أفعال العباد

للمحقق الدواني ، جلال الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني الفارسي الكازروني ، المتوفى سنة 908.

وهي رسالة في الجبر والاختيار ، والقدر في أفعال العباد.

مطبوعة في إيران ضمن مجموعة رسائل فلسفية ، وتسمى المجموعة : كلمات المحققين.

نسخة بآخر كتاب الشفاء ، بخط العلامة عبد الحي بن عبد الرزاق الرضوي ، كتبها سنة 1901 ، وبعده تعريب رسالة الوجود للشريف

ص: 302

الجرجاني ، رقم 1096.

(137)

الإقناع

في حل ألفاظ أبي شجاع

أبو شجاع هو الحسين بن أحمد الأصفهاني الشافعي ، المتوفى سنة 488.

وشرحه هذا للخطيب الشربيني.

ذكر في كشف الظنون المتن ، وذكر بعض الشروح عليه ولم يذكر هذا الشرح ، وذكر المؤلف باسم الحسين بن أحمد ، وذكره الشارح الشربيني في الخطبة بالعكس : أحمد بن الحسين.

وفرغ منه 2 شعبان سنة 992.

نسخة فرغ منها الكاتب وهو عبد الرحمن بن درويش بن مبارك بن الشيخ حسين العدساني 28 ربيع الآخر سنة 1214 ، 303 أوراق ، رقم 229.

(138)

الأكر

لثاوذوسيوس.

نسخة بخط ميرزا أحمد الأديب أبو الحسن الكاشاني ، فرغ منها منتصف شهر رمضان سنة 1217 ، بآخر المجموعة رقم 1680 ، كلها بخطه ،

ص: 303

وبأولها خط ابنه ميرزا طاهر الأديب وخط نصير الملك وختمه ، تاريخ خطه 1314.

(139)

إكسير العارفين

لصدر الدين الشيرازي ، وهو الحكيم الشهير صدر المتألهين ، محمد ابن إبراهيم الشيرازي ، المتوفى سنة 1050.

أوله : «سبحانك اللهم يا مبدع العقول والنفوس بأضوائها وأنوارها ...».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كلها بخط محمد رضا بن محمد قديم التبريزي ، كتبها بخط فارسي في أصفهان سنة 1232 ، رقم 1117.

(140)

الإلحاقات العشرة بكتاب «نزهة الحدائق»

لمؤلف الأصل ، وهو غياث الدين جمشيد بن مسعود بن محمود الطبيب الكاشاني ، المتوفى سنة 832 أو 840.

فقد اخترع غياث الدين هذا آلة لمعرفة تقاويم الكواكب وعروضها وأبعادها عن الأرض ، سماها : طبق المناطق ، أو : جام جمشيد.

ثم ألف رسالة لبيان كيفية العمل بهذه الآلة وسماها : نزهة الحدائق ،

فرغ منها سنة 818.

ثم ألحق بنزهة الحدائق إلحاقات عشرة عام 829.

ص: 304

أول الإلحاقات : «الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، أما بعد ...».

مطبوعة مع النزهة سنة 1306.

نسخة ملحقة بنزهة الحدائق ، بخط محمد رضا بن محمد تقي المنجم ، وفرغ من كتابة نزهة الحدائق نفسها سنة 1053 ، رقم 1566.

(141)

إلزام النواصب

ذكره شيخنا - دام ظله - في الذريعة 2 / 290 ، وقال : عده الشيخ الحر من الكتب التي لم يعلم مؤلفها ، وقال في كشف الحجب : إنه ينسبه بعض الناس إلى السيد ابن طاووس.

قال شيخنا : ولكن صرح الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي - المتوفى سنة 1121 - في رسالته المعمولة لذكر تراجم بعض علماء البحرين بأنه للشيخ مفلح بن الحسن الصيمري ، صاحب غاية المرام

وكشف الالتباس.

أقول : الصيمري من أعلام القرن التاسع ، ومن تلامذة ابن فهد الحلي ، وذكر شيخنا أنه كتب إجازة لبعض تلامذته سنة 873 ، ولولده الشيخ حسين بن مفلح كتاب الإيقاظات.

نسخة منضمة إلى كتاب الأنوار البدرية التي بخط القاضي عبد الرحيم ابن عبد اللطيف شهاب ، فرغ منها سنة 1022 ، وهما بخط واحد ، وتقع في عشر أوراق ، مقاسها 4 / 18 × 4 / 27 ، تسلسل 158.

ص: 305

(142)

إلزام النواصب

بإمامة علي بن أبي طالب

للشيخ مفلح بن الحسن الصيمري.

ذكره شيخنا في الذريعة 2 / 290 ، وترجم له الشيخ علي في أنوار البدرين [: 74 رقم 16].

نسخة بخط محمد باقر بن محمد هاشم ، بآخر نسخة من الكشكول في ما جرى على آل الرسول ، بخطه أيضا ، فرغ منها سنة 1265 ، بخط نسخ جيد جميل ، رقم 2136 ، بعده فائدة في أخبار ديك الجن مع الرشيد.

نسخة قيمة جميلة قديمة ، بخط أحد خطاطي العهد الصفوي ، مجدولة مذهبة ، بأولها لوحة منقشة ثمينة ، تقع في 131 ورقة ، مقاسها 5 / 12 × 18 ، تسلسل 587.

وفي المكتبة نسخ أخرى.

(143)

ألف الإنسانية

للدهدار ، وهو محمد بن محمود بن محمد الدهدار العياني الشيرازي اليافاني الخفري ، العارف الفاضل المشهور ، ولد سنة 947 وتوفي سنة 1016.

ص: 306

أوله : «حمد وسپاس وستايش بى قياس حضرت خداوندى راست جل ...».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر ، بخط فارسي جميل ، من الورقة 96 ب إلى الورقة 123 أ ، رقم 7 / 2005.

(144)

الألفية

للشيخ شمس الدين محمد بن مكي الجزيني العاملي ، الشهير بالشهيد الأول ، المستشهد سنة 786.

وهي في واجبات الصلاة ، أنهاها إلى ألف ، فسماها الألفية ، وألف

رسالة أخرى بعدها في مستحبات الصلاة وسماها النفلية ، وكلاهما

مطبوعان.

والألفية مطبوعة مكررا ، عليها شروح كثيرة.

نسخة بخط فارسي جميل ، فرغ منها الكاتب في العشر الأوسط من ذي الحجة سنة 984 ، ثم قابلها وصححها محمد مقيم الخطيب العبد العظيمي في شعبان سنة 1149 ، وبأولها خط ابنه محمد جعفر ، بأول مجموعة رقم 2288.

نسخة بخط نسخ جميل ، فرغ منها الكاتب في جمادى الأولى سنة 1121 ، وبعدها النفلية أيضا ، وبينهما جدول للشكوك وأحكامها بالخط والتاريخ ، وبأولها خط محمد رضا بن ملا محمد مهدي الأصفهاني وخط

ص: 307

السيد محمد بن محمد باقر الحسيني ، وختمه تاريخه 1111 ،

وعلى الألفية حواشي المحقق الكركي ، رمزها ع ل ، رقم 2291.

نسخة بخط گلاب بن ملا علي زيتون الرودباري ، فرغ منها في الحادي عشر من ذي الحجة سنة 1185 ، في 45 ورقة ، مقاسها 13 × 8 / 19 ، تسلسل 199.

نسخة كتبت سنة 1227 ، ضمن مجموعة هو أولها ، رقم 671 ، بخط يوسف بن مهدي أقل الطلاب.

نسخة بخط الشيخ علي بن عيسى بن عبد الله آل سليم البحراني الستري ، فرغ منها 7 شوال سنة 1292 ، ضمن المجموعة رقم 2183.

(145)

الألفية

لابن مالك ، [أبي عبد الله محمد بن عبد الله (600 - 672)].

نسخة بخط محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن علي ابن جمال الدين الدموشري ، فرغ منها في مستهل ربيع الأول سنة 1051 ، وبخطه بآخره رواية الزجاج مسندا عن أبي الأسود الدؤلي حديث وضع أمير المؤمنين عليه السلام علم النحو ، وتقع في 38 ورقة ، رقم 146.

نسخة بخط العلامة الشيخ باقر بن علي أكبر الدامغاني ، فرغ منها ربيع الأول سنة 1243 ، ضمن مجموعة فيها الكبرى وحاشية المولى عبد الله على التهذيب ، وله عليها حواش يظهر منها فضله ، 36 ورقة ، تسلسل 1904.

ص: 308

نسخة بخط نسخ جيد ، فرغ منها الكاتب في شوال سنة 1244 ، في 100 ورقة ، رقم 1172.

نسخة بخط أبو القاسم بن حاجي ملا علي أصغر ، بخط نسخ جيد ، فرغ منها 4 رجب سنة 1268 ، رقم 1368 ، وبعدها الفوائد الصمدية للشيخ

بهاء الدين العاملي ، وتشريح الأفلاك.

نسخة بخط السيد محمد حسن الحسيني اليزدي ، كتبها بخطه النسخ الجميل ، وفرغ منها 6 ذي القعدة سنة 1321 ، في 123 ورقة ، رقم 435.

نسخة بآخر مجموعة رقم 1479.

(146)

ألفية العراقي في غريب القرآن

نظم الحافظ العراقي ، زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (725 - 806).

غريب الحديث لأبي حيان ، وأضاف عليه ورتبه ، كما صرح بذلك كله.

وأظن أن أبا حيان هو معاصره الأندلسي ، المتوفى سنة 745 ، مؤلف إتحاف الأريب بما في القرآن من غريب.

والألفية مطبوعة بهامش التيسير للديريني ، طبعة حجرية.

نسخة بخط السيد محمد جعفر بن علي بن ثابت الحسيني ، فرغ منها 19 محرم سنة 1109 ، ضمن المجموعة رقم 2 / 1330 ، وقبله صراط النجاة للعلامة المجلسي.

ص: 309

(147)

الألفين

للعلامة الحلي ، [أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي ، المتوفى سنة 726].

فرغ من تأليفه في غرة شهر رمضان سنة 712.

نسخة فرغ منها الكاتب 18 شوال سنة 944 ، رقم 1689.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، رقم 77.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، في 197 ورقة ، 5 / 13 × 21 ، تسلسل 495.

(148)

ألواح الجواهر

في خواص الحروف وأنواع الطلسمات.

أوله : «الحمد لله على نعمته الشاملة ، وهدايته الظاهرة والباطنة ...

فإني رأيت للحروف خواصا جزيلة ، ومنافع كثيرة ...».

وهو كتاب كبير.

نسخة ضمن مجموعة في الأحراز والطلسمات وخواص الحروف ، رقم 2215.

ص: 310

(149)

الأمالي

لرئيس المحدثين ، الشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي ، المتوفى سنة 381.

نسخة بخط پير محمد مقيم بن پير نور الدين الأصفهاني ، فرغ منها منتصف ربيع الآخر سنة 1097 ، وعليها بلاغات وتصحيحات وتعاليق ، أوراقها 132 ، رقمها 47.

نسخة بخط أحمد بن كمال بن أحمد ، فرغ منها في شعبان سنة 1099 ، في 211 ورقة ، رقمها 988.

نسخة بخط محمد هادي بن عزيز محمد الأبهري الزنجاني ، فرغ منها في ربيع الآخر سنة 1099 ، وقرأها على شيخه العلامة المولى محمد كافي ، وصححها بقدر الوسع والطاقة ، وفرغ من قراءتها وتصحيحها سنة 1099 ، وبأولها أوراق من الإرشاد للعلامة الحلي ، أوراقها 231 ، رقمها 954.

نسخة بخط نسخ جيد ، تاريخها ذي الحجة سنة 1110 ، وهي مقابلة ومصححة ، وفي آخرها : «بلغ قبالا والحمد لله» ، أوراقها 248 ، رقمها 927 ، عناوينها بالشنجرف.

نسخة بخط أبو القاسم بن محمد المشهدي ، فرغ منها سنة 1245 ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وبآخرها فهرست مواضيع الكتاب ، وتقع في 241 ورقة ، رقم 159.

ص: 311

نسخة بخط محمد بن إبراهيم التبريزي ، وهي إلى المجلس 73 منها ، مقابلة ومصححة ، وعليها بلاغات وتصحيحات وحواش كثيرة «لمجذوب سلمه الله» ، وأما باقي المجالس فلا أثر للتصحيح والمقابلة عليها ، تقع في 258 ورقة ، رقمها 351.

وبأول هذه النسخة والتي قبلها والأولى والثانية إسناد إلى الصدوق في رواية الأمالي عنه.

(150)

الإمامة

لسلطان المحققين ، الخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي ، المتوفى سنة 673.

أوله : «الحمد لله واسع الرحمة وسابغ النعمة ، والصلاة على محمد شافع الأمة ...».

نسخة بخط محمد صادق اليزدي ، ضمن مجموعة رقم 491 ، فرغ منها 6 ذي الحجة سنة 1206.

(151)

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

لجمال السالكين رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن محمد بن طاووس العلوي الفاطمي ، [المتوفى سنة 664].

وللسيد محمود التبريزي تراجم آل طاووس ، طبع [في] مقدمة مهج

ص: 312

الدعوات.

ولزميلنا الشيخ محمد حسن آل يس - حفظه الله - رسالة في ترجمة آل طاووس.

نسخة قيمة ، بخط العلامة شيخ الأدباء ميرزا محمد علي الأردوبادي الغروي ، المتوفى سنة 1380 ، وفرغ منها 29 شعبان سنة 1330 عن نسخة كتبت سنة 1080 ، ثم قابلها وصححها وكتب على الورقة الأخيرة بلاغة وأنه فرغ من تصحيحها 4 شهر رمضان سنة 1330 ، 113 ورقة ، رقم 2156.

ثم أهداه إلى العلامة الشيخ جعفر نقدي - المتوفى سنة 1370 - فكتب تملكه عليها سنة 1333.

ثم اشتراه العلامة السماوي ووهبها للعلامة الأردوبادي سنة 1335 ، فكتب تملكه عليها.

نسخة بخط السيد محمود بن أحمد الحسيني ، غير مؤرخة ، إلا أنها من القرن الثاني عشر ، عليها بلاغات وتصحيحات بالهامش وشطوب بالمتن ، تقع في 130 ورقة ، مقاسها 13 × 22 ، تسلسل 833.

(152)

الأمر بين الأمرين

لمحمد إبراهيم بن محمد علي.

أوله : «الحمد لله الذي أحاط بقدرته الكاملة عامة الموجودات ... طالما سألني بعض إخواني تحرير رسالة موجزة في إبطال مذهبي الجبر والتفويض ، وإثبات أمر بين الأمرين ...».

ص: 313

نسخة ضمن مجموعة مكتوبة بخط نسخ في القرن الثالث عشر ، رقم المجموعة 1132 ، وعليها تعليقات كثيرة للمؤلف بخطه ، توقيعها : منه عفي عنه.

(153)

إملاء الشيخ شهاب الدين السهروردي

في الأخلاق وما يتعلق بالنفس.

أولها : «من تفاريع الحكمة الفطنة وجوه ...».

نسخة ضمن مجموعة فلسفية ، رقم 558 ، مكتوبة في القرن الحادي عشر.

(154)

أمواج البكاء

في تعدد مواضع بكاء الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وذكر مصائبه.

للمولى نوروز علي بن محمد باقر البسطامي ، المتوفى سنة 1309 عن نيف وثمانين سنة.

فارسي ، طبع سنة 1288.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، عليها بعض التعاليق : منه عفي عنه ، بخط محمد باقر ، غير مؤرخة ، إلا أن عليها تملك تاريخه سنة 1267 ، تقع في 104 أوراق ، مقاسها 11 × 16 ، تسلسل 565.

ص: 314

(155)

الإنتصار

للسيد المرتضى ، [علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى ، المتوفى سنة 436].

نسخة بخط العلامة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، كتبها سنة 1276 ، ضمن المجموعة رقم 1939.

(156)

أنساب النواصب

لعلي داود الخادم الأسترآبادي.

فارسي ، أورد فيه أنساب الذين نصبوا العداء لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ألفه عام 1076 باستدعاء جمع من إخوانه.

نسخة كتبت في 18 شوال سنة 1230 عن نسخة بخط محمد علي حسين خان الرودباري ، فرغ منها في 17 ذي الحجة سنة 1083 ، في 254 ورقة ، رقم 1305.

نسخة بخط محمد رفيع بن إبراهيم الندوشني اليزدي ، فرغ منها في ذي الحجة سنة 1240 ، 221 ورقة ، رقم 575.

(157)

الإنشاء

باللغة التركية العثمانية ، في تعليم إنشاء الرسائل والمكاتبات في شتى

ص: 315

المجالات ، وأنواع الأغراض والحاجات ، ثم كتابة القبالات

والمستندات ، وفيه ترجمة جملة من الكلمات المعربة المتداولة ، وبآخرها تعليم حساب السياق.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر ، بآخر المجموعة رقم 2056.

(158)

انشاى عالم آراى

محمد نور بخش ، متخلص ب : سيد.

كتاب كبير ، في تعليم صناعة الإنشاء في شتى المجالات ، وجميع الأنواع والحاجات من المكاتبات والمستندات والصكوك والفرمانات وغير ذلك ، ورتبها على فاتحة ولمعات ثلاث وخاتمة.

الفاتحة : في بيان معنى الإنشاء ، وبيان الصنائع البديعية ، والمحسنات الأدبية ، وآداب الإنشاء ، وفهرس بالكتاب.

واللمعة الثانية مرتبة على ضوئين : الضوء الأول في ما يقتبس منه من الآيات والأحاديث ، الضوء الثاني في غيرهما مما يستشهد به في الإنشاءات.

والخاتمة : في الأمثال والحكم ، والظرائف الأدبية ، وأمثالها.

أوله : «بر راى جهان آراى طوطيان شيرين زبان شكرستان فصاحت ...».

والمؤلف من أعلام القرن الحادي عشر أو قبله ، وآخر من ينقل عنه المير حسين الميبدي.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، ناقصة الآخر ، بآخرها كتابة تاريخها

ص: 316

10 صفر 1062 ، 73 ورقة ، رقم 1463.

(159)

الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية

للشيخ عز الدين الحسن بن شمس الدين محمد بن علي المهلبي الحلي.

رد فيه على شبهات الشيخ يوسف بن مخروم الأعور المقصودي الواسطي ، في حدود سنة 700 ، في كتابه المؤلف في الرد على الإمامية.

وألف الأنوار بأمر الشيخ الأجل الفاضل جمال الدين أبي العباس أحمد ، وفرغ منه بالحلة السيفية يوم السبت 6 جمادى الآخرة سنة 840 ، ولعل الآمر الشيخ أحمد بن فهد الحلي - المتوفى سنة 841 - ذكر ذلك كله شيخنا - دام ظله - في الذريعة 2 / 419.

وذكر أيضا كتاب التوضيح الأنور في الرد على كتاب الأعور.

نسخة بخط القاضي عبد الرحيم بن عبد اللطيف شهاب - ينبغي طبعه - ، فرغ منها 27 رجب سنة 1022 ، تقع في 113 ورقة ، مقاسها 4 / 18 × 4 / 27 ، وبأولها فهرسة ، تسلسل 158 ، ومعها إلزام النواصب وكتاب الكشكول في ما جرى على آل الرسول.

(160)

أنوار التنزيل وأسرار التأويل

للبيضاوي ، هو القاضي ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر البيضاوي الشيرازي ، المتوفى سنة 685 في تبريز ، وقيل سنة 692.

ص: 317

ترجم له السبكي في طبقات الشافعية ، وبسط القول وأطال في كشف الظنون 1 / 186 حول الكتاب ، قال : وصنف محمد بن يوسف الشامي مختصرا سماه : الإتحاف بما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف ، وخرج أحاديثه المناوي ، سماه : الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي ، ومختصر تفسير البيضاوي لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن ، إمام الكاملية الشافعي ، المتوفى سنة 874 ، وعدد من الحواشي عليه 48 تعليقة.

ومع ذلك فقد استدرك عليه إسماعيل باشا في إيضاح المكنون - 1 / 138 - 71 حاشية أخرى.

وذكر شيخنا الرازي - دام ظله - في الذريعة - 6 / 41 - 23 حاشية عليه.

نسخة تحتوي جميع الكتاب ، من أوله إلى آخره ، نسخة قيمة نفيسة ، بخط نسخ جيد جميل ، كتبها الخطاط محمد قاسم بن ضياء الدين محمد الجرجاني الحائري ، كتبها في كربلاء ، وفرغ منها يوم الاثنين 27 جمادى الآخرة سنة 1012 ، وقابلها وصححها بخطه ، وكتب في هوامشها بخطه النستعليق الفاخر حواشي عصام الدين وحواشي الشيخ البهائي ودعا له بمد ظله ، والنسخة مؤطرة بالذهب ، والآيات مكتوبة بالأحمر ، ولها لوحتان بأولها وأوسطها ، لوحتان مزوقتان تداعت فيهما ريشة الفنان ، ويقع المجموع في 583 ورقة ، مقاسها 3 / 14 × 5 / 24 ، تسلسل 467.

نسخة المجلد الثاني ، من أواسط سورة هود إلى آخر القرآن الكريم ، بخط محمد بن محمد القاضي الشافعي ، فرغ منه يوم الرابع من شهر صفر سنة 870 ، يقع في 228 ورقة ، 6 / 17 × 6 / 26 ، تسلسل 356.

نسخة المجلد الأول ، ينقص من أوله تمام تفسير سورة الفاتحة ، ويبتدئ بأول تفسير البقرة وينتهي بانتهاء سورة الأعراف ، يقع في 236

ص: 318

ورقة ، مقاسها 8 / 17 × 4 / 25 ، تسلسل 266 ، مكتوبة في عام 893.

نسخة المجلد الثاني ، يبدأ من سورة الأنفال إلى آخر سورة الكهف ، وقد كان مع الذي قبله في مجلد ثم فصل عند التجليد في المكتبة ، فهما بخط واحد ، وتاريخ الفراغ في هذا المجلد 27 ذي القعدة سنة 893 ، في 168 ورقة ، مقاسها 5 / 17 × 25 ، تسلسل 889.

نسخة المجلد الأول ، إلى آخر سورة الإسراء ، كتابة القرن العاشر ، والآيات مكتوبة بالأحمر ، وحصل نقص في أول ووسط الكتاب وآخره ، فصحفه وكتب [في] آخره مالكه - وهو الشيخ عبد الرحيم بن محمد علي - ، قال : «وقد انتهى ما فقد من هذا الكتاب إلى هنا صبيحة الأربعاء 5 ربيع الأول سنة 1267» ، عليه حواش كثيرة ، ويقع في 363 ورقة ، مقاسها 7 / 16 × 25 ، وبأوله أسماء القراء ورواتهم ورموز كل منهم ، تسلسل 538.

نسخة المجلد الأول ، من أول القرآن إلى انتهاء سورة الكهف ، بخط محمد حسين بن حبيب الله البازواري المازندراني ، فرغ منه يوم الاثنين 6 شهر رمضان سنة 1086 ، عليها حواشي الشيخ البهائي وعصام الدين چلبي وشيخ زاده وغيرهم ، وقد كانت النسخة تنقص من أولها تفسير الفاتحة فتممها بعض الأعلام في القرن الثالث عشر بخطه النستعليق الجيد ، وكتب بخطه بظهر الورقة الأولى : «أحصى على المصنف البيضاوي خمس مناقضات ، بينها وعين مواضعها» ، يقع في 272 ورقة ، مقاسها 7 / 18 × 5 / 24 ، تسلسل 971 ، وبآخرها أشعار فارسية.

نسخة المجلد الأول ، بخط أحد الخطاطين المجيدين في القرن الحادي عشر لم يصرح باسمه ، كتبه بخطه النسخ الجميل ، وكتب بهوامشه تعاليق بخطه النستعليق الجميل ، مقتطفة من حواشي المحشين ومن كتب

ص: 319

التفسير ، وقد كان هذا التفسير تاما في مجلد واحد كبير الحجم فقسم جزءين من أوائل سورة النحل ، وعلى النسخة تصحيحات.

ومن الجزء الرابع ، من أوائل سورة المائدة تغير خط التعاليق إلى أخشن مما كان قبله ، والظاهر أنه بخط آخر ، وإن كان نستعليقا جميلا جيدا أيضا لكنه أخشن ، كما إن الحواشي والتعاليق قد كثرت فيما بعد ، خصوصا في الجزء الثاني منه.

مقاسه 5 / 18 × 6 / 30 ، تسلسل 17 ، مؤطر مذهب ، وبأوله لوحة مزوقة جميلة.

نسخة المجلد الثاني ، تابع للمجلد الذي قبله ، وقد كان في مجلد واحد كبير الحجم فقسم جزءين ، من أوائل سورة النحل إلى آخر القرآن بخط أحد الخطاطين الماهرين في القرن الحادي عشر ، بهوامشه تعاليق كثيرة ، وبآخره تملك عبد القادر البسطامي ، ويلوح من ختمه تاريخ سنة 1110 ، مقاسه 5 / 18 × 6 / 30 ، تسلسل 17.

نسخة المجلد الأول ، إلى آخر سورة النحل ، مكتوبة عام 1117 ، وبالهوامش حواش كثيرة لعصام والتفتازاني وغيرهم ، والآيات مكتوبة بالأحمر ، 496 ورقة ، 18 × 27 ، تسلسل 972.

نسخة المجلد الثاني ، من سورة مريم إلى آخر الكتاب ، بخط محمد مقيم بن موسى الخطيب العبد العظيمي الرازي ، فرغ منه 11 ربيع الأول سنة 1178 ، في 253 ورقة ، 20 × 29 ، تسلسل 892.

وفي المكتبة بخط جده كتاب الكافي ، تسلسل 194.

نسخة الجزء الأول ، إلى أوائل سورة الأنعام ، كتابة القرن الثاني عشر ، في 275 ورقة ، مقاسها 7 / 14 × 3 / 20 ، تسلسل 353 ، وبهوامشه

ص: 320

وأعلى صفحاته تفسير فارسي لبعض العامة.

نسخة المجلد الأول ، إلى آخر سورة الكهف ، بخط نستعليق ، والآيات بخط النسخ ، بخط محمد باقر بن محمد الجرجاني ، كتبه عام 1240 ، 316 ورقة ، 7 / 20 × 29 ، تسلسل 970.

(161)

أنوار الرياض

شرح على كتاب رياض المسائل للمير السيد علي الطباطبائي الحائري ، المتوفى سنة 1231.

وهو للسيد محمد بن عبد الصمد الحسيني الشهشهاني الأصفهاني ، المتوفى سنة 1287.

نسخة الجزء الأول ، بخط السيد محمد إسماعيل بن محمد علي الحسيني الواعظ القارئ ، فرغ منه 3 ذي الحجة سنة 1292 ، في 245 ورقة ، مقاسها 17 × 7 / 25 ، ثم قابله وصححه وكتب بآخره : «بلغ قبالا» ، تسلسل 886.

نسخة الجزء الثالث ، كتاب الزكاة والخمس والصوم والاعتكاف ، أيضا بخط السيد محمد إسماعيل بن محمد علي الحسيني الواعظ القارئ ، ثم قابله وصححه وكتب بآخره : «بلغ قبالا» ، ويقع في 140 ورقة ، مقاسها 16 × 6 / 26 ، تسلسل 887.

نسخة الجزء السابع ، من كتاب العتق إلى المواريث ، أيضا بخط محمد إسماعيل بن محمد علي الحسيني الواعظ ، فرغ المؤلف [منه في] العشر الأول من شوال سنة 1271 ، وفرغ الكاتب في ذي الحجة سنة

ص: 321

1288 ، في 198 ورقة ، مقاسها 17 × 27 ، تسلسل 9006.

(162)

أنوار سليماني

فارسي ، في جمع وترجمة احتجاجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام ومناظرات علمائنا مع سائر الفرق إلى الفارسية.

تأليف : المولى عباس المولوي ، ألفه باسم السلطان شاه سليمان الصفوي ، وفرغ من تأليفه 24 ذي القعدة سنة 1101.

نسخة بخط الخطاط محمد باقر ، كتبها بالنسخ الجميل ، وفرغ منها في ربيع الآخر سنة 1103 ، والنسخة كأنها خزائنية فإنها مؤطرة بالذهب والشنجرف واللاجورد ، وبأولها لوحة مزوقة رائعة إلا أنها تلفت عند التصحيف ، والظاهر أنها مكتوبة على نسخة الأصل بخط المصنف وفي حياته ، وهي في 212 ورقة ، تسلسل 554.

(163)

أنوار سهيلي

فارسي ، هو ترجمة كليلة ودمنة المعربة عن الهندية ، وهو مما وضعه بعض حكماء الهند من النصائح والحكم والآداب على صورة التمثيل والقصص على ألسنة الطيور والحيوان.

وترجم أولا عن الهندية إلى الفارسية الفهلوية على عهد أنوشروان ، ثم نقله ابن المقفع من الفهلوية إلى العربية ، ثم ترجم مرة ثانية من العربية إلى اللغة الفارسية الدارجة في عهد الملوك السامانية وسمي ب : كليلة ودمنة

ص: 322

ثم ترجمه إلى الفارسية الدارجة في هراة ونواحيها في القرن العاشر وهذبه ونقحه المولى حسين بن علي الواعظ الكاشفي البيهقي ، المتوفى سنة 910 ، وسماه ب : أنوار سهيلي ، باسم الأمير أحمد الشهير بالسهيلي ، وطبع مكررا.

نسخة كتابتها صفر سنة 1223 ، في 202 ورقة ، بالخط الفارسي نستعليق ، وبأولها لوحة مزوقة ، تسلسل 1304.

(164)

الأنوار الغروية

في شرح اللمعة الدمشقية

في الفقه.

للشيخ جواد بن الشيخ تقي بن محمد ، الشهير ب : (ملا كتاب) الأحمدي البياتي النجفي ، المتوفى بعد سنة 1267 ، من تلامذة الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

ذكره شيخنا في الذريعة 2 / 435 وفي 14 / 47 ، وذكر أنه يسمى : مطلع الأنوار ، ومطالع الأنوار ، والشريعة النبوية ، والمشكاة الغروية ، وذكر أنه بلغ إلى آخر النكاح في عشرة مجلدات.

نسخة ، وهو كتاب البيع إلى آخر الخيارات ، وانتهى إلى قول المصنف : «الفصل العاشر في الأحكام» ، في 209 ورقة ، تسلسل 403.

(165)

أنيس العشاق

تأليف : شرف الدين الرامي ، وهو ملك الشعراء حسن بن محمد

ص: 323

الرامي التبريزي ، المتوفى سنة 795 ، ألفه باسم السلطان أويس.

فارسي ، كتاب أدبي بديع يصف فيه أعضاء وجه الحبيب ، من عين وحاجب وأنف وشفاه وجيد وما شاكل ذلك ، ويورد ما قيل فيه من شعر وتشبيه واستعارة ، مبوب على 19 بابا لتسعة عشر عضوا.

والكتاب مطبوع.

نسخة بأول مجموعة أدبية بخط محمد علي التنكابني ، فرغ منها في ربيع الأول سنة 1244 ، رقم 1433 ، ناقص من أولها ورقة [واحدة].

نسخة بخط أحد خطاطي القرن الثالث عشر ، كتبها بالنسخ الجيد لبعض الأمراء ، ثم أمر بعض الأدباء - الملقب : ألفت - بتصحيحها ، فكتب بآخر الكتاب بالفارسية ما ملخصه : «إني صححته حسب أمركم حسب الجهد والطاقة ، وحيث لم اعتمد على نسخة مصححة للغاية بقي فيه شئ من الأخطاء. ألفت» ، وتاريخ خطه هذا 3 جمادى الآخرة سنة 1298.

ويقع في 99 ورقة ، مقاسها 11 ×7 / 17 ، تسلسل 1504.

نسخة قيمة بخط أحد خطاطي القرن الثاني عشر ، جميلة مزوقة مؤطرة بالذهب ، وكل عناوينها مكتوبة بماء الذهب ، وبأولها لوحة جميلة كتب عليها اسم الكتاب بالخط الكوفي الجميل ، مقاس أوراقها 8 × 8 / 12 ، تسلسل 1735.

(166)

أنيس المجتهدين

في أصول الفقه.

ص: 324

للمحقق النراقي ، محمد مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني ، المتوفى سنة 1209.

ذكر شيخنا - دام ظله - في الذريعة [2 / 465] أنه رأى نسخة منه كان فراغ المؤلف منها سنة 1186 ، ولكن نسختنا صريحة في أن الكاتب فرغ من كتابتها - وهي ثالث نسخة كتبها من هذا الكتاب - 3 صفر سنة 1181 ، فهي نسخة قيمة مكتوبة في حياة المؤلف بأمر العلامة الجليل السيد أبي القاسم المازندراني ، من معاصري المؤلف ، وهي بخط الخطاط محمد حسين بن علي نقي البزاز الكاتب الكاشاني ، وهو من خطاطي ذلك العصر ، وخطه نسخ جميل ، وكتب العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي - رحمه الله - بظهر الصفحة الأولى من هذه النسخة أن المؤلف جعل هذا الكتاب كالشرح على كتابه تجريد الأصول.

قال : وقد تملك هذه النسخة ولده العلامة أحمد بن محمد مهدي ، صاحب كتاب مستند الشيعة وغيره من الكتب الفقهية والأصولية ، وعليها خطه وخاتمه ... وعليها حاشية بخطه في كثير من المواضع وهي مصححة بغاية الدقة.

أقول : وذكر شيخنا في الذريعة [2 / 465] نسختنا هذه.

وعليها حواشي ميرزا محمد علي الرشتي بخطه ، ولعله الذي ترجمه شيخنا - دام ظله - في الكرام البررة ، ص 827 ، وذكر أنه كان من العلماء الأجلاء في الكاظمية ، ومن ذوي الثروة واليسار ، وكان جماعا للكتب ، يملك كثير منها.

فهذه النسخة كانت ملكا للسيد أبي القاسم المازندراني ، ثم لنجل

ص: 325

المؤلف ، ثم للميرزا محمد علي الرشتي ، ثم للشيخ عبد الحسين

الحلي ، الذي أهداها - ضمن مكتبته كلها - إلى مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام ، وتقع في 206 أوراق ، رقم 408.

(167)

أنيس موحدين وجليس مجردين

رسالة عملية فتوائية فارسية ، للمولى مهدي بن أبي ذر النراقي ، المتوفى سنة 1209.

نسخة فرغ منها الكاتب في جمادى الأولى سنة 1217 ، ومعها رسالة في الرضاع للعلامة المجلسي ، رقم 1595.

(168)

أنيس المؤمنين

لفاضل الدين محمد بن إسحاق بن محمد الحموي ، مؤلف منهج الفاضلين.

فارسي ، في تاريخ الأئمة الاثني عشر عليهم السلام وذكر فضائلهم ومناقبهم ، لخصه بالفارسية من كتابه المبسوط الذي ألفه بالعربية وسماه : منهج النجاة.

أوله : «حمد بى حد ، وثناى بى عدد ، وسپاس فراوان ، وستايش بى پايان حضرت خداوندى را جل جلاله ...».

ص: 326

رتبه على مقدمة وخاتمة ، بينهما اثنا عشر بابا ، وفي آخر الباب السادس نقل صورة استفتاء الناس من المحقق الكركي حول لعن أبي مسلم الخراساني ، وصورة ما أجاب به ، وتجويز لعنه ولزوم البراءة منه ، وفرغ من تأليفه سنة 938 ، وأرخه في آخر أبيات ذكرها في آخر الكتاب بقوله :

تاريخ زعقل خواستم گفت

الحاصل انيس مؤمنين است

نسخة بخط نسخ جيد ، كتبها محمد بن محمد علي ، وفرغ منها في صفر سنة 1118 ، 115 ورقة ، رقم 1829.

(169)

الإهليلجة

حديث أملاه الإمام أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام في إثبات الصانع ، والاستدلال بعجائب صنع الله عزوجل على وجوده تعالى ، والرد على الزنادقة والملحدين.

نسخة بأول مجموعة رقم 1021 ، كتابة القرن الحادي عشر.

نسخة بخط نسخ جميل خشن ، فرغ منها الكاتب 12 شعبان سنة 1244 ، 23 ورقة ، رقم 1661.

(170)

إيساغوجي

أي : الصناعات الخمس في المنطق.

ص: 327

نسخة بخط زامل بن علي الدسبولي ، فرغ منها ثامن عشر شهر رمضان سنة 1091 ، في 16 ورقة ، مقاسها 13 × 20 ، تسلسل 249 ، ضمن مجموعة ، وبهوامشها تعاليق ، وبأول المجموعة أربعة أبيات تتضمن سؤالا فقهيا.

(171)

إيضاح المضامين

في عبارات القوانين

القوانين المحكمة في أصول الفقه ، للمحقق القمي ، وهو الميرزا أبي القاسم بن الحسن الجيلاني ، المتوفى سنة [1231].

وهذه الحاشية عليه للشيخ لطف الله الاسكي اللاريجاني النجفي ، المتوفى سنة 1311.

نسخة ضمن مجموعة بخط محمد بن ملا حسن ، فرغ منها سنة 1280 ، رقم 1995.

(172)

إيضاح المماثلة

بين طريقي الاستدلال على صحة النبوة والإمامة

لأبي الفتح الكراجكي [محمد بن علي ، المتوفى سنة 449].

أوله : «الحمد لله على ما منحنيه من إرشاده وهدايته ، وصلواته على

ص: 328

من بعثه ببرهانه وآياته ...».

افترض فيها مناظرة بين ثلاثة : يهودي ومعتزلي وشيعي ، [يثبت فيها المعتزلي لليهودي صحة النبوة بأدلته ، ويثبت الإمامي للمعتزلي صحة الإمامة بالأدلة ذاتها. أنظر : الذريعة 2 / 501].

[نسخة] كتابة القرن الثاني عشر ، بخط نسخ جيد جميل ، في مجموعة قيمة رقم 2 / 2045 ، من الورقة 24 ب إلى 35 أ.

(173)

الإيقاد

في بيان تاريخ وفيات الأئمة عليهم السلام ومصرعهم مختصرا ، وواقعة الطف ومصرع الحسين عليه السلام على وجه التفصيل.

تأليف : السيد محمد علي الحسيني الشاه عبد العظيمي ، المتوفى سنة 1334.

والكتاب مطبوع.

نسخة بخط فارسي جيد ، بخط جدنا التاجر الصالح الورع الحاج محمد حسن بن إبراهيم بن عبد الغفور اليزدي ، وهو أبو زوجة جدنا آية الله السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ، وكان أخذ على نفسه استنساخ كتب الحديث وغيرها قربة إلى الله تعالى في كل يوم مقدارا معينا ، فكتب ما بلغ الثمانين مجلدا ، وتوفي رحمه الله حدود سنة 1305.

ص: 329

وفرغ من هذه النسخة في ذي القعدة سنة 1300 ، ضمن مجموعة بخطه رقم 786.

(174)

إيقاظ النائمين

وإيعاظ الجاهلين

للسيد ماجد بن إبراهيم الحسيني.

رتبه على مقدمة ومقصدين وخاتمة ، المقدمة قدم فيها مباحث أصولية ، والمقصد الأول في أحاديث الباب ، والمقصد الثاني في الأقوال في المسألة.

ذكر شيخنا - دام ظله - في الذريعة [2 / 505] أن المؤلف متأخر عن السيد ماجد بن هاشم الصادقي الجد حفصي ، أستاذ الفيض الكاشاني ، والمتوفى سنة 1048 ، بل هذا من أعلام عصر نادر شاه في القرن الثاني عشر ، وإن ميرزا إبراهيم بن غياث الدين محمد الأصفهاني الخوزاني ، قاضي أصفهان ، ثم قاضي عسكر السلطان نادر شاه ، ألف رسالة في الغناء في الرد على هذه الرسالة!

نسخة بخط محمود البروجردي ، كتبها في القرن الثالث عشر ، بأول مجموعة فقهية رقم 388 ، بخط نسخ جيد ، وللعلامة الشيخ عبد الحسين الحلي عليها تعاليق بخطه.

* * *

ص: 330

(175)

أيها الولد

رسالة في النصح والتزهيد والترغيب.

كتبها أبو حامد محمد بن محمد الغزالي ، المتوفى سنة 505 لبعض أصدقائه جوابا لرسالته إليه يسأله فيها ذلك.

نسخة مع رسالة صديقه إليه كتابة القرن الثالث عشر ، بخط نسخ جيد ، ضمن مجموعة رقم 708.

للموضوع صلة ...

ص: 331

مصطلحات نحوية (11)

السيد علي حسن مطر

واحد وعشرون - مصطلح الفعل اللازم

* اللازم لغة :

اللازم في اللغة : اسم فاعل من الفعل (لزم) الشئ إذا لم يفارقه.

قال ابن فارس : «اللام والزاء والميم أصل واحد صحيح يدل على مصاحبة الشئ بالشئ دائما» (1).

وقال ابن منظور : «لزم الشئ يلزمه لزما ولزوما ... ورجل لزمة : يلزم الشئ فلا يفارقه» (2).

* اللازم في الاصطلاح.

عبر سيبويه (ت 180 ه) عن الفعل اللازم ب : «الفعل الذي لا يتعدى

ص: 332


1- معجم مقاييس اللغة ، مادة (لزم).
2- لسان العرب ، مادة (لزم).

الفاعل إلى مفعول» (1).

وعبر عنه المبرد (ت 285 ه) وابن السراج (ت 316 ه) وأبو علي الفارسي (ت 377 ه) وغيرهم ب : «الفعل غير المتعدي» (2).

وعبر عنه ابن فارس (ت 395 ه) ب : «الفعل اللازم» (3).

وعبر عنه بعض النحاة ب : «الفعل القاصر وغير الواقع وغير المجاوز» (4).

وأما التعريف الاصطلاحي للفعل اللازم (5) ، فلعل أول من طرحه ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : إنه الفعل الذي «لا يلاقي شيئا ولا يؤثر فيه» (6).

ثم عرفه أبو علي الفارسي (ت 377 ه) بأنه : «ما لا ينصب مفعولا به» (7).

وممن تابعه على هذا التعريف : أبو موسى الجزولي (ت 607 ه) (8) .. 7.

ص: 333


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 33.
2- أ - المقتضب ، محمد بن يزيد المبرد ، تحقيق عبد الخالق عضيمة 4 / 50. ب - الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 202. ج - الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن الشاذلي فرهود 1 / 69.
3- الصاحبي في فقه اللغة ، أحمد بن فارس ، تحقيق مصطفى الشويمي : 223.
4- حاشية الصبان على شرح الأشموني 1 / 195.
5- اقتصر بعض النحاة على تعريف الفعل المتعدي ، وقالوا : إن الفعل اللازم على خلافه ، ولذلك لم نورد تعريفاتهم محصورة بين أقواس ، تنبيها على كونها مفهومة من تعريفهم للفعل المتعدي ، وليست صادرة بألفاظها ممن تنسب إليه.
6- الأصول في النحو 1 / 202.
7- الإيضاح العضدي 1 / 69.
8- شرح المقدمة الجزولية الكبير ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي 2 / 697.

والمطرزي (ت 610 ه) (1) ..

وابن هشام الأنصاري (ت 761 ه) (2).

وعرفه ابن برهان (ت 456 ه) بقوله : هو ما لم ينبئ لفظه عن حلوله في حيز غير الفاعل (3).

وممن أخذ بهذا التعريف مع اختلاف في التعبير ابن يعيش (ت 643 ه) والإشبيلي (ت 688 ه) ، قال الأول : هو ما لا يفتقر وجوده إلى محل غير الفاعل (4) ، وقال الثاني : هو ما لا يطلب بعد فاعله محلا يقع به (5).

وعرفه الحريري (ت 516 ه) بأنه : «ما لا يتجاوز الفاعل» (6) ، ومثله قول الزمخشري (ت 538 ه) : «غير المتعدي ما يختص بالفاعل» (7) ، وأفضل منهما قول ابن الخشاب (ت 567 ه) : هو «ما لزم الفاعل ولم يتجاوزه إلى مفعول به» (8).

وعرفه ابن الحاجب (ت 646 ه) بأنه : ما لا يتوقف تعقله على متعلق (9) ، أو ما لا يتوقف فهمه على متعلق ، أي : على أمر غير الفاعل ، 0.

ص: 334


1- المصباح في علم النحو ، ناصر المطرزي ، تحقيق ياسين الخطيب : 58.
2- شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر 2 / 50.
3- شرح اللمع ، ابن برهان العكبري ، تحقيق فائز فارس 1 / 106.
4- شرح المفصل ، ابن يعيش 7 / 62.
5- البسيط في شرح جمل الزجاجي ، الإشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي 1 / 411.
6- شرح ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : 159.
7- شرح الأنموذج في النحو ، عبد الغني الأردبيلي ، تحقيق حسن عبد الجليل : 145.
8- المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر : 151.
9- شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : 360.

يتعلق به الفعل (1).

وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بأنه : ما لا يبنى منه اسم مفعول (2).

وأضاف ابن مالك (ت 672 ه) قيدا لهذا الحد ، فقال : الفعل اللازم ما لا يصلح أن يصاغ منه اسم مفعول تام (3) ، واحترز بذلك من نحو ذهل

وطمع ، إذ يصاغ من كل منهما اسم مفعول ، فيقال : مذهول عنه ومطموع فيه ، لكنه غير تام ، لافتقاره إلى حرف الجر (4).

ولابن مالك تعريف آخر للفعل اللازم ذكره في ألفيته بقوله :

علامة الفعل المعدى أن تصل

(ها) غير مصدر به نحو عمل

ولازم غير المعدى ...

............................

ومنه يفهم أن الفعل اللازم هو : ما لا يصح اتصال ضمير غير المصدر به ، نحو : خرج ، فإنه لا يقال : زيد خرجه عمرو ، بخلاف الفعل المتعدي ، نحو : ضرب ، فإنه يصح فيه ذلك ، فيقال : زيد ضربه عمرو ، وقد «احترز ب : (هاء) غير المصدر عن هاء المصدر ، فإنها تتصل بالمتعدي واللازم» (5).

ولا نجد بعد هذا تعريفا جديدا يقدمه النحاة المتأخرون للفعل 4.

ص: 335


1- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة الرفاعي 2 / 274.
2- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري 1 / 114.
3- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 83.
4- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي 1 / 433.
5- شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1 / 534.

اللازم ، بل نجد كلا منهم يقتصر على اختيار أحد التعريفات التي طرحها المتقدمون (1).

* * * 3.

ص: 336


1- أنظر مثلا : أ - شرح الأشموني على ألفية ابن مالك 1 / 195. ب - شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 1 / 310. ج - شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : 133.

اثنان وعشرون - مصطلح المفعول المطلق

ورد في كتاب سيبويه (ت 180 ه) التعبير عن (المفعول المطلق)

بأربعة عناوين ، هي : الحدث ، والحدثان ، والمصدر ، والتوكيد (1).

وعبر عنه المبرد (ت 285 ه) وابن خالويه (ت 370 ه) بالمصدر (2).

وسماه الزبيدي (ت 379 ه) بالمفعول (3).

واستعمل الكوفيون لفظ (المشبه بالمفعول) عنوانا للمفعول المطلق وبقية المفاعيل باستثناء المفعول به ، الذي هو المفعول الوحيد عندهم (4).

ولعل أول من استعمل عنوان (المفعول المطلق) هو ابن السراج (ت 316 ه) (5).

وهناك قولان في توجيه تقييد هذا المفعول ب (المطلق) :

أولهما : ما ذكره ابن بابشاذ من أنه : «إنما سمي مفعولا مطلقا ، لأن 4.

ص: 337


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 34 - 35 ، 194 ، 230 - 232.
2- أ - المقتضب ، محمد بن يزيد المبرد ، تحقيق عبد الخالق عضيمة 1 / 73 - 74 ، وج 2 / 233 - 266. ب - إعراب ثلاثين سورة ، الحسين بن أحمد بن خالويه : 53 ، 82.
3- الواضح في علم العربية ، أبو بكر الزبيدي ، تحقيق أمين علي السيد : 52.
4- أ - همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم 3 / 8. ب - شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 1 / 323.
5- الموجز في النحو ، أبو بكر ابن السراج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي : 34.

الفعل أطلق عليه من غير تقييد بحرف ، لا في اللفظ ولا في

المعنى ... لأنه لو قيل لك : من فعل الضرب؟ لقلت : فعله فلان ، بخلاف المفعول به وما عداه من المفعولات ، لأنه يقال في ما عداه : بمن فعل الضرب؟ فتأتي بالباء .. و : في أي زمان فعل الفعل؟ فتأتي بفي .. فتجد هذه المعاني كلها مقيدة بحرف ، خلاف المصدر الذي أطلق الفعل عليه بنفسه ، فلذلك سمي مفعولا مطلقا» (1).

وثانيهما : ما ذكره سائر النحاة من أن الوجه في تسميته بالمفعول المطلق : عدم تقييده بشئ من حروف الجر (2) ، «بخلاف المفاعيل الأربعة

الباقية ، فإنه لا يصح إطلاق صيغة المفعول عليها إلا بعد تقييدها بواحد منها ، فيقال : المفعول به أو فيه أو له أو معه» (3).

وقد اقتصر النحاة في البداية على تعريف المفعول المطلق بأنه : المصدر (4) ، وواضح أن هذا مجرد تعريف لفظي ، وليس حدا مبينا لحقيقة المفعول المطلق ، وقد عقب عليه الأشموني بقوله : " وذلك تفسير للشئ بما هو أعم منه مطلقا ، كتفسير الإنسان بأنه الحيوان ، إذ المصدر أعم مطلقا 1.

ص: 338


1- شرح المقدمة المحسبة ، طاهر بن أحمد بن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم 2 / 301 - 302.
2- أ - المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان 1 / 579 - 580. ب - المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر : 159 - 160. ج - شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 1 / 296.
3- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة الرفاعي 1 / 309.
4- أ - الموجز في النحو : 34. ب - اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : 48. ج - المفصل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 31.

من المفعول المطلق ، لأن المصدر يكون مفعولا مطلقا وفاعلا

ومفعولا به وغير ذلك ، والمفعول المطلق لا يكون إلا مصدرا ، نظرا إلى أن ما يقوم مقامه مما يدل عليه خلف عنه في ذلك ، وأنه الأصل» (1) ، «أي :

والاعتبار ليس إلا بالأصل» (2).

وقال ابن الحاجب في مقام شرحه لقول الزمخشري : «المفعول المطلق هو المصدر» : «ولم يتعرض لحده في ظاهر كلامه ، استغناء عنه بما دل عليه من اسمه في قوله : (المفعول المطلق) ، لأن معنى المفعول المطلق هو الذي فعل على الحقيقة من غير تقييد ، فلما كان الاسم يدل على الحقيقة استغني عنه (3) ، لأنه لو ذكره لم يزد عليه ، ثم قال : (هو المصدر) فذكر اسما من الأسماء التي هي أشهر أسمائه عند النحويين ولا سيما المتأخرون ، فإنهم لا يكادون يقولون إلا المصدر ، ولا نكاد نسمعهم يقولون : المفعول المطلق» (4).

وسيلاحظ ابن الناظم على هذا التعريف شموله «لنحو المصدر المبين للنوع في قولك : ضربك ضرب أليم» (5) ، مع أنه خبر وليس مفعولا

مطلقا.

وطرح ابن الحاجب (ت 646 ه) ثلاثة حدود للمفعول المطلق :

أولها : «هو ما فعله فاعل الفعل المذكور ، فقولنا : (المذكور) احترازا 2.

ص: 339


1- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك 1 / 363.
2- حاشية الصبان على شرح الأشموني 2 / 109.
3- أي : عن الحد.
4- الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي 1 / 218 ، وانظر أيضا : الأمالي النحوية ، لابن الحاجب ، تحقيق هادي حمودي 2 / 135.
5- شرح ابن الناظم على الألفية : 102.

عن مثل قولك : كره زيد الضرب ، فإنه [أي : الضرب] مفعول لفاعل [فعل] ، ولكنه ليس هو المذكور» (1).

وثانيها : «هو اسم ما فعله فاعل الفعل باعتبار المعنى ، ليدخل نحو : قعدت جلوسا ، وقال : (اسم ما فعله) ، لأنه لو قال : الدال على ما فعله فاعل الفعل ، لدخل لفظ الفعل في قولك : ضربت ضربا ونحوه ، لأنه دال على ما فعله فاعل الفعل» (2).

وثالثها : إنه «اسم ما فعله فاعل فعل مذكور بمعناه» (3).

ومما قيل في شرحه : «المراد بفعل الفاعل إياه : قيامه به بحيث يصح إسناده إليه ، لا أن يكون مؤثرا فيه موجدا إياه ، فلا يرد عليه مثل : مات موتا ... وإنما زيد لفظ (الاسم) ، لأن ما فعله الفاعل هو المعنى ، والمفعول المطلق من أقسام اللفظ ... [وقوله] : مذكور ، صفة للفعل ، وهو أعم من أن يكون مذكورا حقيقة ، كما إذا كان مذكورا بعينه ، نحو : ضربت ضربا ، أو [مذكورا] حكما ، كما إذا كان مقدرا ، نحو : فضرب الرقاب ، أو اسما فيه معنى الفعل ، نحو : ضارب ضربا ، وخرج به المصادر التي لم يذكر فعلها لا حقيقة ولا حكما ، نحو : الضرب واقع على زيد ، [وقوله] : بمعناه ، صفة ثانية للفعل ، وليس المراد به أن الفعل كائن بمعنى ذلك الاسم ... بل المراد أن الفعل مشتمل عليه اشتمال الكل على الجزء ، فخرج به مثل (تأديبا) في قولك : ضربته تأديبا ، فإنه وإن كان مما فعله فاعل فعل مذكور ، لكنه ليس 5.

ص: 340


1- الأمالي النحوية 2 / 135.
2- شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : 185.
3- أ - الفوائد الضيائية 1 / 309 - 310. ب - شرح الرضي على الكافية 1 / 295.

مما يشتمل عليه معنى الفعل» (1).

وعرفه ابن الناظم (ت 686 ه) بأنه : «ما ليس خبرا من مصدر مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده ، ف (ما ليس خبرا) مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قولك : ضربك ضرب أليم ، و (من مصدر) مخرج لنحو الحال المؤكدة من قوله تعالى : (ولى مدبرا) (2) ، ومفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك : أمرك سير سير شديد ، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة نحو : عرفت قيامك ، ومدخل لأنواع المفعول المطلق ما كان منها منصوبا لأنه فضلة نحو : ضربت ضربا أو ضربا شديدا أو ضربتين ، أو مرفوعا لأنه نائب عن الفاعل نحو : غضب غضب شديد» (3).

وقد أخذ بهذا التعريف الأشموني (ت 900 ه) (4).

ويلاحظ عليه : إن إدخاله المصدر المرفوع في تعريف المفعول المطلق غريب ، وقد عقب عليه الصبان بقوله : «إنه بعد رفعه لا يسمى - اصطلاحا - مفعولا مطلقا بل نائب فاعل» (5).

وعرفه الإشبيلي (ت 688 ه) بأنه : «المصدر الذي اشتق منه الفعل إذا تعدى إليه فعله» (6). 7.

ص: 341


1- الفوائد الضيائية 1 / 309 - 310.
2- سورة النمل 27 : 10.
3- شرح الألفية لابن الناظم : 102.
4- شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 208.
5- حاشية الصبان على شرح الأشموني 2 / 110.
6- البسيط في شرح جمل الزجاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي 1 / 467.

ويلاحظ عليه : أن المفعول المطلق ليس منحصرا بالمصدر ، بل يشمل غيره ، كما أن نصبه ليس مشروطا بأن يتعدى إليه خصوص الفعل الذي اشتق منه ، فإنه ينصب بتعدي غيره أيضا مما هو بمعناه ، كما في نحو : قعدت جلوسا.

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بثلاثة تعاريف :

الأول : إنه «مصدر فضلة تسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه ، فالأول كقوله تعالى : (وكلم الله موسى تكليما) (1)» ، والثاني نحو قولك : قعدت جلوسا ... واحترزت بذكر (الفضلة) عن نحو : كلامك كلام حسن ، وقول العرب : جد جده ، فكلام الثاني وجده مصدران سلط عليهما عامل من لفظهما ، وهو الفعل في المثال الثاني والمبتدأ في المثال الأول - بناء على قول سيبويه : إن المبتدأ عامل في الخبر - وليسا من باب المفعول المطلق في شئ» (2).

الثاني : إنه «المصدر الفضلة ، المؤكد لعامله أو المبين لنوعه أو عدده ، وقولي : (المؤكد لعامله) مخرج لنحو قولك : كرهت الفجور الفجور ، فإن [الفجور] الثاني مصدر فضلة مفيد للتوكيد ، ولكن المؤكد ليس العامل في المؤكد» (3).

وقد تابعه على هذا التعريف جمال الدين الفاكهي (ت 972 ه) (4).0.

ص: 342


1- سورة النساء 4 : 164.
2- شرح قطر الندى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 224 - 225.
3- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 225 - 226.
4- شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : 159 - 160.

الثالث : إنه «اسم يؤكد عامله أو يبين نوعه أو عدده ، وليس خبرا ولا حالا» (1).

ويلاحظ أنه أخذ (الاسم) في جنس التعريف دون (المصدر) ، ليجعله شاملا للمفعول المطلق الذي ليس بمصدر ، كاسم المصدر وغيره ، بدلالة قوله بعد ذلك : «وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا» (2).

وقال الأزهري في شرحه : «هو اسم يؤكد عامله ، فيفيد ما أفاده العامل من الحدث من غير زيادة على ذلك ، أو يبين ... نوع العامل ، فيفيده زيادة على التوكيد ، أو يبين ... عدد العامل ، فيفيد عدد مرات العامل زيادة على التوكيد ، وليس هو خبرا عن المبتدأ ولا حالا من غيره ...

[يخرج به] نحو : ضربك ضربتان ، وضربك ضرب أليم ، فإنه وإن بين العدد في الأول والنوع في الثاني ، لوصفه بأليم ، فهو خبر عن ضربك ، فلا يكون مفعولا مطلقا ... ونحو : (ولى مدبرا) ، فإنه وإن كان توكيدا لعامله ، فهو حال من الضمير المستتر في عامله فلا يكون مفعولا مطلقا» (3).

وقد عقب بعض الأساتذة المعاصرين على هذا التعريف بأنه : «لا داعي لقوله : (ليس خبرا عن مبتدأ) ، لأن هذا الخبر مرفوع وعمدة ، كما أن خبر النواسخ عمدة ، ولا لقوله : (ليس حالا) ، لأن الحال مشتق في الغالب ، أما المفعول المطلق فليس مرفوعا ولا عمدة ، وليس بمشتق في 4.

ص: 343


1- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 2 / 33.
2- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 2 / 33.
3- شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري 1 / 324.

الغالب ، هذا والحال في المثال مؤكدة لعاملها» (1).

ويمكن مناقشته بأن ابن هشام لم يأخذ في تعريف المفعول المطلق كونه فضلة منصوبا لتنعدم الحاجة إلى قيد (عدم كونه خبرا) ، كما أن قيد (عدم كونه حالا) يفيد في الاحتراز عن الموارد التي يكون فيها المفعول المطلق مشتقا وإن لم تكن غالبة.

وعرفه ابن عقيل (ت 769 ه) بأنه : «المصدر المنتصب توكيدا لعامله أو بيانا لنوعه أو عدده» (2).

وتقييده للمصدر بأنه (منصوب) مخرج لنحو : كلامك كلام حسن ، وقول العرب : جد جده ، فيكون مغنيا عن ذكر قيد (الفضلة) في التعريف.

* * * 7.

ص: 344


1- النحو الوافي ، عباس حسن 2 / 198 (حاشية الصفحة).
2- شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1 / 557.

ثلاث وعشرون - مصطلح المفعول به

عبر النحاة في البداية عن المفعول به بلفظ (المفعول) فقط ، وهذا ما نجده في كتاب سيبويه (ت 180 ه) الذي سجل فيه أقوال ومصطلحات النحاة السابقين عليه (1).

وعزى ابن النديم هذا المصطلح إلى أبي الأسود الدؤلي (ت 69 ه) ، إذ قال : «رأيت ما يدل على النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته ، وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصين ، ترجمتها هذه ، فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمة الله عليه» (2).

ثم عبر عنه الفراء (ت 208 ه) ، والمبرد (ت 285 ه) بلفظ (المفعول به) (3).

ومن الملاحظ أن النحاة لم يطرحوا تعريفا اصطلاحيا للمفعول به حتى القرن الخامس ، إذ وجدت أقدم من عرفه ابن بابشاذ (ت 469 ه) بقوله : هو ما «يذكر للبيان عمن وقع به الفعل» (4).

والباء في قوله : (به) بمعنى : (على) ، فمراده : من وقع عليه فعل 2.

ص: 345


1- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 31 - 45 ، وص 189 - 190.
2- الفهرست - لابن النديم - : 41.
3- أ - معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد النجار 1 / 137. ب - المقتضب ، محمد بن يزيد المبرد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة 1 / 8.
4- شرح المقدمة المحسبة ، طاهر بن أحمد بن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم 2 / 302.

الفاعل ، كما أن قوله : (يذكر للبيان عن) يمكن الاستغناء عنه ، إذ ليس له مدخلية في بيان حقيقة المفعول به.

وعرفه الحريري (ت 516 ه) بأنه : «كل اسم تعدى الفعل إليه» (1) ، ومراده : خصوص ما تعدى إليه الفعل بنفسه ، دون ما تعدى إليه بواسطة الحرف ، نحو : ذهبت بزيد ، فإن زيدا وإن كان هنا مفعولا به في المعنى ، إلا أنه لا يعرب مفعولا به اصطلاحا.

وعرفه الزمخشري (ت 516 ه) بقوله : «هو الذي يقع عليه فعل الفاعل» (2).

وهو أشهر تعاريف المفعول به ، وقد قال الرضي في شرحه : «يريد ما وقع عليه ، أو جرى مجرى الواقع ، ليدخل فيه المنصوب في : ما ضربت زيدا ... فكأنك أوقعت عدم الضرب على زيد» (3).

وقال الجامي في بيانه : إن وقوع الفعل عليه قيد تخرج «به بقية المفاعيل ، إذ لا يقال في واحد منها : إن الفعل واقع عليه ، بل [واقع] فيه ، أو له ، أو معه ، والمفعول المطلق [يخرج] بما يفهم من مغايرته لفعل الفاعل ، فإن المفعول المطلق عين فعله» (4).

وقد أخذ ابن الحاجب (ت 646 ه) بهذا التعريف (5) ، وعقب عليه 4.

ص: 346


1- شرح ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : 159.
2- المفصل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : 34 ، ويلاحظ أن ابن هشام قال - في كتابه شرح قطر الندى : 201 - : «هذا الحد لابن الحاجب» ، وهو اشتباه منه.
3- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 1 / 333.
4- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة الرفاعي 1 / 320.
5- أ - الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي 1 / 244.

بالملاحظات التالية :

أولا : إنه «لا حاجة إلى قولنا : (الفاعل) بل يكفي أن يقال : هو الذي وقع عليه الفعل ، وإنما قلنا : الفاعل ، لرفع وهم من يتوهم في قولهم : زيد ضربته ، أنه مفعول به ، وليس كذلك ، فإن زيدا فيما فرض ليس موضوعا دالا على تعلق الفعل به ، وإنما هو ههنا مخبر عنه ، وإنما الضمير هو الذي تعلق به الفعل ، ولما رأى المتوهم الضمير هو في المعنى لزيد توهم أنه في معنى الحد المذكور ، وليس كذلك ، فإن هذه الدلالة ليست وضعية ، وإنما هي دلالة عقلية ، والكلام في حدود الألفاظ إنما هو باعتبار الوضع اللغوي ، لا باعتبار الدلالة العقلية» (1).

ثانيا : إن المراد «بالوقوع التعلق المعنوي بالمفعول ، لا الأمر الحسي ، إذ ليس كل الأفعال المتعدية واقعة على مفعولها حسا ، كقولك : علمت زيدا وأردته ... والتعلق المعنوي يشمل الجميع ، فوجب حمله عليه» (2).

ثالثا : إن وقوع الفعل على المفعول به بمعنى تعلقه به هو الفارق بين الفعل المتعدي والفعل اللازم ، ذلك لأن الفعل المتعدي هو الذي له متعلق تتوقف عقليته عليه (3) ، ولو قال النحويون في تعريف المفعول به : " هو 1.

ص: 347


1- الأمالي النحوية 3 / 54.
2- الإيضاح في شرح المفصل 1 / 244.
3- أ - الإيضاح في شرح المفصل 1 / 244. ب - شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : 201.

الذي تتوقف عقلية الفعل مع ذكر الفاعل عليه ، لكان جيدا» (1).

وقد عقب الرضي على هذه الملاحظة الأخيرة بأنه يلزم من تفسير «وقوع الفعل بتعلقه بما لا يعقل إلا به ... أن تكون المجرورات في : مررت بزيد ، وقربت من عمرو ... مفعولا بها ، ولا شك أنه يقال : إنها مفعول بها ، ولكن بواسطة حرف جر ، ومطلق لفظ المفعول به لا يقع على هذه الأشياء في اصطلاحهم ، وكلامنا في المطلق.

وأيضا فإن معنى : (اشترك) في قولهم : اشترك زيد وعمرو ، لا يفهم بعد إسنادك إياه إلى زيد إلا بشئ آخر وهو عمرو أو غيره ، وليس بمفعول في الاصطلاح» (2).

وأما الشلوبين (ت 645 ه) فقد عرف المفعول به بأنه : «المحل الذي يوقع فيه الفاعل فعله» (3).

ومثله تعريف الإشبيلي (ت 688 ه) إذ قال : «المفعول به : هو المحل الذي أوقع الفاعل به فعله ، فإذا قلت : ضربت زيدا ، فليس زيد مفعولك ، وإنما مفعولك الضرب ، وزيد إنما هو من وقع به الضرب ، فهو مفعول به» (4).

وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بأنه : " كل فضلة انتصبت عن تمام 3.

ص: 348


1- الأمالي النحوية 3 / 54.
2- شرح الرضي على الكافية 1 / 334.
3- أ - التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف المطوع : 155. ب - شرح المقدمة الجزولية الكبير ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي 1 / 240.
4- البسيط في شرح جمل الزجاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي 1 / 263.

الكلام ، يصلح وقوعها في جواب من قال : بأي شئ وقع الفعل ، أو يكون على طريقة ما يصلح ذلك فيه» (1).

وقوله : (كل فضلة انتصبت بعد تمام الكلام) يشمل جميع المفاعيل ، ولأجل ذلك عقبه بقوله : (يصلح وقوعها في جواب ...) ليكون دالا على خصوص المفعول به.

وأما قوله : (أو يكون على طريقة ما يصلح ذلك فيه) فلعله بمعنى قول الرضي : ما جرى مجرى الواقع عليه الفعل ، ليدخل المنصوب في نحو : ما ضربت زيدا.

وأما الرضي (ت 686 ه) فقد عرف المفعول به بأنه : «ما يصح أن يعبر عنه باسم مفعول غير مقيد ، مصوغ من عامله المثبت أو المجعول مثبتا ، فبقولنا : (اسم مفعول غير مقيد مصوغ من عامله) يخرج عنه جميع المعمولات ، أما المفعول المطلق ، فلأن الضرب في قولك : (ضربت ضربا) ... وإن كان مفعولا للمتكلم ... إلا أنه لا يقال : إن ضربا مضروب ، وأما سائر المفاعيل فيطلق عليها اسم المفعول المصوغ من عامله ، لكن مقيدا بحرف الجر» (2).

وقال في آخر التعريف : (أو المجعول مثبتا) ليشمل التعريف المفعول به للفعل المنفي في نحو : ما ضربت زيدا.

وعرفه ابن الناظم (ت 686 ه) بما يقارب تعريف الرضي ، فقال : هو ما «يصدق عليه اسم مفعول تام من لفظ ما عمل فيه ، كقولك : ركب 4.

ص: 349


1- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري 1 / 113.
2- شرح الرضي على الكافية 1 / 334.

زيد الفرس ، فالفرس مركوب ... وقولي : تام ، احترازا مما يصدق عليه اسم مفعول مفتقر إلى حرف جر ، نحو : سرت يوم الجمعة ، فيوم الجمعة مسير فيه ، وضربت زيدا تأديبا ، فالتأديب مضروب له» (1).

وقد مال أكثر النحاة بعد ذلك إلى الأخذ بتعريف الزمخشري كابن هشام (ت 761 ه) (2) ، والسيوطي (ت 911 ه) (3) ، والفاكهي (ت 972 ه) (4).

* * * 0.

ص: 350


1- شرح ابن الناظم على الألفية : 95.
2- أ - شرح قطر الندى وبل الصدى : 201. ب - شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ص 213.
3- همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد العال سالم مكرم 3 / 7.
4- شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : 150.

من ذخائر التراث

ص: 351

ص: 352

صورة

ص: 353

ص: 354

مقدمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد :

لقد أرسى سيد الكائنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أساس الدعاء لأمته ليبقى تراثا يرتاده الطالبون الحيارى.

وقد رفد هذا التراث من بعده باب مدينة علمه وحكمته سيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام.

وتبعه سبطه الشهيد المظلوم الحسين بن علي عليه السلام.

أما الذي أثرى هذا التراث وأغناه فهو رابع الأئمة ، سيد الساجدين ، وزين العابدين ، الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، وهذه صحيفته الخالدة الصحيفة السجادية سميت زبور آل محمد عليهم السلام وإنجيلهم.

وهكذا يزداد التراث الدعائي متانة في عهد كل إمام حتى عهد الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

ص: 355

ولم يتوقف نمو هذا التراث بعد الأئمة الأطهار عليهم السلام ، فقد استمر العلماء الأعلام من المتقدمين والمتأخرين في إغنائه ..

ولكن لا بإنشاء الأدعية والمناجاة فحسب ، وإنما بتأليف كتب الأدعية والزيارات ، وتصنيفها وتبويبها ، وبيان خصوصياتها وشرحها.

فهذا شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، المتوفى عام 460 ه ، ألف مصباح المتهجد.

والسيد رضي الدين علي بن طاووس ، المتوفى عام 664 ه ، ألف جملة وافرة من كتب الدعاء ، مثل : إقبال الأعمال ومهج الدعوات

وغيرهما.

ومؤلف هذا المختصر : جمال الدين ابن فهد الحلي ، المتوفى عام 841 ه ، ألف عدة الداعي في غاية الجودة ، وقد بلور فيه تهذيب النفس والسير إلى الله تعالى ، والإعراض عن زخارف الدنيا وزينتها.

والشيخ إبراهيم الكفعمي ، المتوفى أواخر القرن التاسع أو أوائل القرن العاشر ، هو الآخر ترك لنا آثارا نفيسة ، مثل : المصباح والبلد الأمين وغيرهما.

وكذا الشيخ البهائي ، المتوفى عام 1030 ه ، والعلامة المجلسي ، المتوفى عام 1110 ه ، والسيد علي خان المدني ، المتوفى عام 1120 ه ، والعلامة محمد إسماعيل المازندراني الخواجوئي ، المتوفى عام 1173 ه ، والشيخ عباس القمي ، المتوفى عام 1359 ه ، والسيد محسن الأمين ، المتوفى عام 1371 ه .. وهكذا حتى يومنا هذا.

* * *

ص: 356

ترجمة المؤلف (1)

اسمه ونسبه :

جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الحلي الأسدي.

ولادته ونشأته :

ولد قدس سره سنة 756 أو 757 ه في الحلة السيفية ، وتتلمذ على يد أكابر __________________

(1) تجد ترجمته في : أمل الآمل 2 / 21 رقم 50 ، رياض العلماء 1 / 64 ، لؤلؤة البحرين : 155 ، الكشكول - للبحراني - 1 / 304 ، رجال السيد بحر العلوم 2 / 107 ، مقابس الأنوار : 14 ، روضات الجنات 1 / 71 رقم 17 ، خاتمة مستدرك الوسائل 2 / 292 ، تنقيح المقال 1 / 92 رقم 529 ، الكنى والألقاب 1 / 368 ، سفينة البحار 7 / 163 ، الفوائد الرضوية : 33 ، هدية الأحباب : 81 ، مراقد المعارف 1 / 76 رقم 21 ، أعيان الشيعة 3 / 147 ، طبقات أعلام الشيعة - أعلام القرن التاسع - : 9 ، هدية العارفين 1 / 125 ، الأعلام - للزركلي - 1 / 227 ، معجم المؤلفين 2 / 144 ، معجم رجال الحديث 2 / 189 رقم 754.

وانظر أيضا ما كتبه المحققون الأفاضل : أحمد الموحدي القمي ، والشيخ مجتبى العراقي ، والسيد محمد عبد الرزاق ، والسيد مهدي الرجائي ، في مقدمات الكتب التي حققوها للمؤلف قدس سره.

ص: 357

العلماء حينها - كما سيأتي ذكرهم - وقد بقي فترة مدرسا في المدرسة الزينية في الحلة ، ثم انتقل إلى كربلاء وبقي فيها ، وأسس حوزتها العلمية ، وازدهرت بانتقاله الحركة العلمية في كربلاء وأصبحت إحدى المراكز العلمية المهمة كالنجف والحلة وبغداد.

الثناء عليه :

1 - أمل الآمل : فاضل ، عالم ، ثقة ، صالح ، زاهد ، عابد ، ورع ، جليل القدر.

2 - رياض العلماء : الفاضل ، العالم ، العلامة ، الفهامة ، الثقة ، الجليل ، الزاهد ، العابد ، الورع ، العظيم القدر.

3 - روضات الجنات : الشيخ العالم ، العارف الملي ، وكاشف أسرار الفضائل بالفهم الجلي ... له من الاشتهار بالفضل والإتقان ، والذوق والعرفان ، والزهد والأخلاق ، والخوف والإشفاق ، وغير أولئك من جميل السياق ، ما يكفينا مؤونة التعريف ، ويغنينا عن مرارة التوصيف ، وقد جمع بين المعقول والمنقول ، والفروع والأصول ، والقشر واللب ، واللفظ والمعنى ، والظاهر والباطن ، والعلم والعمل ، بأحسن ما كان يجمع ويكمل.

مشايخه :

1 - الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني.

2 - جمال الدين بن الأعرج الحميدي.

3 - الشيخ جلال الدين عبد الله بن شرف شاه.

ص: 358

4 - الشيخ زين الدين علي بن الخازن الحائري.

5 - السيد المرتضى بهاء الدين علي بن عبد الحميد ، النسابة الحسيني النجفي.

6 - الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي الحائري.

7 - الشيخ الفقيه ضياء الدين علي بن محمد بن مكي - ابن الشهيد الأول -.

8 - الشيخ ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الحميد النيلي.

9 - الشيخ الفاضل المقداد بن عبد الله السيوري.

إجازات شيوخه له :

1 - إجازة الشيخ علي بن محمد بن عبد الحميد النيلي :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين ، وسلم كثيرا.

وبعد :

فقد استخرت الله وأجزت للشيخ الأجل الأوحد ، العالم العامل ، الفاضل الكامل ، الورع المحقق ، افتخار العلماء ، مرجع الفضلاء ، بقية الصالحين ، زين الحاج والمعتمرين ، جمال الملة والحق والدين ، أحمد بن المرحوم شمس الدين محمد بن فهد ، أدام الله فضله ، وكثر في العلماء مثله ... (1). 5.

ص: 359


1- بحار الأنوار 104 / 215.

2 - إجازة الشيخ علي بن الحسن بن محمد الخازن :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى على سيد المخلوقات ، محمد وآله خير موال وسادات ، وسلم تسليما.

وبعد :

يقول العبد الفقير إلى الله سبحانه ، الملتجئ إلى عفوه وتجاوزه ، والراجي من فضله وكرمه ، علي بن الحسن بن محمد الخازن بالمشهد المقدس الطاهر الإمامي الحسيني الحائري صلوات الله وسلامه ، وأشرف تحياته على ساكنه وآله :

إنه لما شرفني المولى الفقيه ، العالم العامل ، الورع المخلص الكامل ، جامع الفضائل ، مجمع الأفاضل ، الراغب في اقتناء العلوم العقلية والنقلية ، والمجتهد في تحصيل الكمالات النفسانية ، الفائز بالسهم العلي ، أفضل إخوانه ، إمام الحاج والمعتمرين ، جمال الملة ، ونظام الفرقة ، مولانا جمال الملة والحق والدين ، أحمد بن المرحوم شمس الدين محمد بن فهد الحلي ، لطف الله به ، وجعلني أهلا لما التمس مني ولم أكن أهلا له ، بأن أجيز له ما أجاز لي الشيخ الفقيه إمام المذهب ، خاتمة الكل ، مقتدى الطائفة المحقة ، ورئيس الفرقة الناجية ، السعيد المرحوم ، والشهيد المظلوم ، الفائز بالدرجات العلى والمحل الأسنى ، الشيخ أبو عبد الله محمد بن مكي ، أسكنه الله بحبوحة جنته ، وجعله من الفائزين بمحبته ، المعوضين بما عوض أهل محنته ، بمحمد وأطائب عترته.

فأسرعت إلى ملتمسه ، لوجوب طاعته ، وتحتم إرادته ، واستعنت بواهب العقل ومفيض الجود في التوفيق لمقتضى إرادته ، وشرعت في ثبت

ص: 360

ما أجازه لي قدس الله لطيفته ، وحكيت صورة الإجازة حسب ما اختاره الشيخ جمال الدين أحمد بمقتضى إرادته ، وفقه الله وإيانا وكافة المؤمنين لما فيه صلاح دنياه وآخرته ، بمحمد وذريته ، وها هي : ... (1).

وله قدس سره إجازة لأحد تلامذته ، إضافة إلى وقوعه في طرق إجازات عديدة لا يسع المجال لإحصائها هنا.

تلامذته :

1 - الشيخ فخر الدين أحمد بن محمد السبعي.

2 - الشيخ حسن بن حسين الجزائري.

3 - الشيخ عز الدين حسن بن علي ، الشهير ب : ابن العشرة ، الكرواني (الكركي) العاملي.

4 - الشيخ رضي الدين حسين ، الشهير ب : ابن راشد ، القطيفي.

5 - الشيخ عبد السميع بن فياض الأسدي الحلي.

6 - السيد رضي الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق القمي.

7 - الشيخ علي بن فضل بن هيكل الحلي.

8 - الشيخ زين الدين علي بن محمد بن طي العاملي.

9 - الشيخ علي بن هلال الجزائري.

10 - السيد محمد بن فلاح بن محمد الموسوي الحويزي الواسطي المشعشعي.

11 - السيد محمد نور بخش. 7.

ص: 361


1- بحار الأنوار 104 / 217.

12 - الشيخ مفلح بن الحسن الصيمري.

مؤلفاته :

1 - الأدعية والختوم (1).

2 - استخراج الحوادث (2).

3 - بغية الراغبين في ما اشتملت عليه مسألة الكثرة في سهو المصلين (3).

4 - تاريخ الأئمة (4).

5 - التحصين في صفات العارفين (5).

6 - ترجمة الصلاة في بيان معاني أفعالها وأقوالها (6).

7 - التواريخ الشرعية عن الأئمة المهدية (7).

8 - جوابات المسائل البحرانية (8).

9 - جوابات المسائل الشامية الأولى (9). ه.

ص: 362


1- الذريعة 1 / 393 رقم 2039.
2- الذريعة 2 / 21 رقم 67.
3- الذريعة 3 / 131 رقم 445 ، ولعله نفسه رسالة في كثير الشك.
4- الذريعة 3 / 214 رقم 791.
5- طبع بتحقيق مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام ، عام 1406 ه ، قم.
6- الذريعة 4 / 113 رقم 531.
7- الذريعة 4 / 475 رقم 2105.
8- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
9- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.

10 - جوابات المسائل الشامية الثانية (1).

11 - الخلل في الصلاة (2).

12 - الدر الفريد ، في التوحيد (3).

13 - الدر النضيد ، في فقه الصلاة (4).

14 - رسالة وجيزة في واجبات الحج (5).

15 - رسالة في منافيات نية الحج (6).

16 - رسالة إلى أهل الجزائر (7).

17 - رسالة في تحمل العبادة عن الغير ، من الصلاة والصيام وغيرها ، وبيان آداب العمل وكيفية الاستنابة (8).

18 - رسالة في السهو في الصلاة (9).

19 - رسالة في العبادات الخمس (10).

20 - رسالة في فضل الجماعة (11).2.

ص: 363


1- الذريعة 5 / 223 رقم 1064.
2- الذريعة 7 / 247 رقم 1194 ، ولعله نفسه رسالة في السهو في الصلاة.
3- الذريعة 8 / 68 رقم 235.
4- الذريعة 8 / 80 رقم 291.
5- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
6- لؤلؤة البحرين : 157 ، رجال السيد بحر العلوم 2 / 108.
7- الذريعة 11 / 108 رقم 668.
8- الذريعة 11 / 140 رقم 878.
9- الذريعة 12 / 266 رقم 1769 ، ولعله نفسه الخلل في الصلاة.
10- روضات الجنات 1 / 72.
11- الذريعة 16 / 266 رقم 1102.

21 - رسالة في كثير الشك (1).

22 - السؤال والجواب في الفقه (2).

23 - شرح الإرشاد (3).

24 - شرح الألفية للشهيد الأول (4).

25 - عدة الداعي ونجاح الساعي (5).

26 - غاية الإيجاز لخائف الإعواز (6).

27 - فتاوى الشيخ أبي العباس (7).

28 - الفصول في التعقيبات والدعوات (8).

29 - فقه الصلاة (9).

30 - كفاية المحتاج في مناسك الحاج (10).

31 - اللمعة الجلية في معرفة النية (11). ه.

ص: 364


1- الذريعة 17 / 283 رقم 307 ، ولعلة نفسه بغية الراغبين.
2- الذريعة 12 / 242 رقم 1587.
3- رياض العلماء 1 / 65.
4- أمل الآمل 2 / 21 ، رياض العلماء 1 / 65 ، لؤلؤة البحرين : 157.
5- فرغ منه سنة 801 ه ، وقد طبع بتحقيق أحمد الموحدي القمي ، قم.
6- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
7- الذريعة 16 / 101 رقم 110 ، وقد يعبر عنه ب : مسائل ابن فهد.
8- الذريعة 16 / 242 رقم 964.
9- الذريعة 16 / 293 رقم 1286.
10- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
11- طبع في مجلة «تراثنا» / العدد الرابع [9] / السنة الثانية 1407 ه ، وطبع كذلك ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.

32 - اللوامع (1).

33 - مجمع الفوائد ، في الفقه من العبادات (2).

34 - المحرر في الفتوى (3).

35 - مصباح المبتدي وهداية المقتدي (4).

36 - المقتصر من شرح المختصر (5).

37 - المقدمات (6).

38 - المهذب البارع في شرح المختصر النافع (7).

39 - الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي (8).

40 - نبذة الباغي في ما لا بد منه من آداب الداعي - هذه الرسالة (9) -.

41 - الهداية في فقه الصلاة (10).

42 - واجبات الصلاة (11).6.

ص: 365


1- الذريعة 18 / 358 رقم 467.
2- الذريعة 20 / 39 رقم 1829 ، ولعله نفسه المقدمات.
3- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
4- طبع في مجلة «تراثنا» / العدد الثالث [16] / السنة الرابعة 1409 ه ، وطبع كذلك ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
5- الذريعة 22 / 18 - 20.
6- الذريعة 22 / 35 رقم 5927 ، ولعله نفسه مجمع الفوائد آنف الذكر.
7- طبع بتحقيق الشيخ مجتبى العراقي ، قم 1407 - 1413 ه.
8- طبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
9- الذريعة 24 / 36 رقم 173 ، وطبع ضمن الرسائل العشر عام 1409 ه.
10- الذريعة 25 / 164 رقم 71.
11- الذريعة 25 / 2 رقم 6.

وفاته ومدة عمره :

توفي قدس سره سنة 841 ه عن عمر يناهز 84 سنة ، وقيل : توفي وعمره 58 سنة.

مرقده :

قال في مراقد المعارف : مرقده في كربلاء المقدسة ، بداره التي تقع قبلة لمرقد الإمام الحسين عليه السلام قريبة منه ، وقبره مشيد عليه قبة قديمة ، وحول قبره صحن دار تحوطه أسطوانات وغرف كانت مأوى لزائري مرقد أبي الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام.

وفي سنة 1329 ه دخلنا مرقده لقراءة الفاتحة - كما هي عادتنا في كل عام نأتي لزيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان - فوجدناه على سعته مكتظا بالزائرين حتى في بستانه الوقف الذي كانت الزوار تقيم فيه أيام الصيف ، والمعروف والمشهور أنه - رحمه الله تعالى - وقف داره التي فيها جدته على أن تكون قبرا ومزارا له ، ومأوى للزائرين الضيوف.

وكذا البستان المحيطة بداره وقبره ، المعروفة ب : «بستان ابن فهد الحلي» هي وقف عليه.

سميه :

يشترك معه قدس سره «ابن فهد» آخر هو شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس بن فهد المقرئ الأحسائي ، وقد عاصر كل

ص: 366

منهما الآخر ، وبقي الأحسائي بعد وفاة الأسدي الحلي - مؤلف هذا المختصر - حتى دخل القرن التاسع الهجري ، توفي في الحلة السيفية ، والأحسائي هو صاحب خلاصة التنقيح.

ومن العجيب أن لكل منهما شرح على إرشاد الأذهان للعلامة

الحلي.

النسخ المعتمدة ومنهجية التحقيق :

1 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران ، وهي الكتاب الثاني في المجموعة رقم 1879 ، والمذكورة في فهرسها

8 / 485.

أما الكتاب الأول في هذه المجموعة فهو عدة الداعي للمؤلف نفسه ، وكتب في نهاية نسخة عدة الداعي أنها كتبت سنة 813 ه في المدرسة الزينية في الحلة السيفية ، أي في عصر المؤلف قدس سره ، وبما أن النسختين - عدة الداعي ، ونبذة الباغي - مكتوبتان بخط واحد ، فيظن أن نسخة نبذة الباغي - هي كذلك - مكتوبة في عصر المؤلف.

كتبت هذه النسخة في 11 صفحة ، وبخط النسخ ، احتوت كل صفحة 21 سطرا ، بقياس 10 × 14 سم.

ورمزت لها بالحرف «ط».

2 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدس سره بقم ، وهي الكتاب الثاني في المجموعة رقم 35 ، والمذكورة في فهرسها 1 / 47 ، وهي أيضا مع عدة الداعي في هذه المجموعة ، مكتوبة بخط النسخ ، كاتبها محمد مقيم بن محمد شفيع الخوانساري سنة

ص: 367

1083 ه ، وهي في 14 صفحة ، احتوت كل صفحة 15 سطرا ، بقياس 9 × 16 سم.

ورمزت لها بالحرف «ش».

قابلت النسختين مع بعضهما وأثبت نصا ملفقا قدر الوسع والإمكان ، وما وجدت من اختلاف بينهما أشرت له في محله ، وما أثبته من إحداهما أو من المصادر جعلته بين [ ] وأشرت له أيضا.

وبما أن الكتاب هو مختصر عدة الداعي لذا أشرت لمواقع الأحاديث في عدة الداعي.

وأرجعت الأحاديث الشريفة إلى أصولها الحديثية المعتبرة ، وقابلتها معها ، وأشرت للاختلافات الموجودة في الهامش.

وما تجدر الإشارة إليه أن هناك نسخة أخرى لم يتسن لي الحصول عليها ، وهي محفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي قدس سره أيضا ، في المجموعة رقم 2644 ، الكتاب 12 ، ذكرت في فهرس المكتبة 7 / 222 ، مكتوبة في 5 صفحات ، بخط فارسي (نستعليق) ، كاتبها عبد الله بن حسن ابن عبد الله في سنة 1279 ه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فارس

حسون كريم

قم

المقدسة

21

جمادى الأولى 1419 ه

ص: 368

صورة

ص: 369

صورة

ص: 370

صورة

ص: 371

صورة

ص: 372

بسم الله الرحمن الرحيم

[رب يسر وأعن] (1)

الحمد لله موضح الرشاد ، ومرشد العباد ، والصلاة على سيدنا محمد الهادي إلى السداد ، وعلى آله الألباء (2) الأمجاد ، صلاة مترادفة الأمداد ، وباقية إلى يوم الحشر والتناد (3).

وبعد :

فهذه نبذة يسيرة تشتمل على ما لا بد منه من آداب الداعي ، اختصرناها من كتاب العدة ، وفيها أبواب : ة.

ص: 373


1- من «ط».
2- في «ش» : الأولياء.
3- في «ش» : والمعاد. ويوم التناد : يوم القيامة.

[الباب] (1) الأول

في أسباب الإجابة (2)

وهي خمسة أقسام :

الأول : ما يرجع إلى الوقت ، وهو ثلاث وستون :

1 - يوم الجمعة :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «[يوم الجمعة سيد الأيام ، تضاعف فيه الحسنات ، وترفع فيه الدرجات ،] (3) وتستجاب فيه الدعوات ، وتكشف

فيه الكربات ، وتقضى فيه الحوائج العظام ، وهو يوم المزيد ، فيه عتقاء وطلقاء من النار.

ما دعا فيه أحد وعرف حقه وحرمته إلا كان حقا على الله عزوجل أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار ، فإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا وبعث آمنا.

وما استخف أحد بحرمته وضيع حقه إلا كان حقا على الله عزوجل أن يصليه نار جهنم إلا أن يتوب " (4). ضة

ص: 374


1- من «ش».
2- راجع : عدة الداعي : 37.
3- من «ط».
4- الكافي 3 / 414 ح 5 ، المقنعة : 153 ، مصباح المتهجد : 261 - 262 ، روضة

وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «إن الله اختار من كل شئ شيئا ، واختار من الأيام يوم الجمعة» (1).

وقال الباقر عليه السلام : «إذا كان يوم القيامة حين يبعث الله العباد أتى بالأيام يعرفها الخلائق باسمها وحليتها ، يقدمها يوم الجمعة ، له نور ساطع يتبعه الأيام ، كأنه عروس كريمة ذات وقار تهدى إلى ذي حلم ويسار.

ثم يكون يوم الجمعة شاهدا وحافظا لمن يسارع إلى الجمعة من المؤمنين ، يدخل الله المؤمنين [الجنة] (2) على قدر سبقهم إلى الجمعة» (3) (4).

وقال الصادق عليه السلام : «من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله [من] (5) ضغطة القبر» (6). 1.

ص: 375


1- الكافي 3 / 413 ح 3 ، المقنعة : 154 ، تهذيب الأحكام 3 / 4 ح 10 ، روضة الواعظين : 332 ، وسائل الشيعة 7 / 375 ح 1 ، بحار الأنوار 89 / 277 ذ ح 22 وص 286 ذ ح 33 ، وفيها جميعا : عن الصادق عليه السلام.
2- من «ط».
3- أي : إلى صلاة الجمعة ، وفي الأمالي : ثم يدخل المؤمنون إلى الجنة على قدر سبقهم إلى الجمعة.
4- أمالي الصدوق : 324 ح 7 ، العروس : 146 ، روضة الواعظين : 332 ، بحار الأنوار 89 / 184 ح 20 ، مستدرك الوسائل 6 / 69 ح 1.
5- من «ط».
6- ثواب الأعمال : 231 ح 1 ، أمالي الصدوق : 231 ح 11 ، بحار الأنوار 6 / 221 ح 17 ، وج 82 / 174 ح 10 ، وج 89 / 265 ح 1.

وقال عليه السلام : «من مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من ضغطة القبر ، ومن مات يوم الجمعة كتب [الله] (1) له براءة من النار» (2).

2 - والساعة السابعة من الليل ..

3 - والثلث الأخير كله ..

4 - وليلة الجمعة كلها ..

5 - ويتأكد (3) ساعتين من الجمعة ، ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى استواء الصفوف ..

6 - وأخرى من آخره (4) ..

7 - وروي : إذا غاب نصف القرص.

8 - وشهر رمضان ..

9 - 11 - وليالي القدر الثلاث ..

12 - 13 - ويتأكد ليلة الجهني (5) وأيامها ..

14 - وليالي عرفة ..

15 - والمبعث ..

16 - 21 - والأعياد الثلاثة وأيامها ، وهي : الغدير والأضحى والفطر. ن.

ص: 376


1- من «ط».
2- المحاسن 1 / 131 ذ ح 157 ، من لا يحضره الفقيه 1 / 423 ح 1246 - عن أمير المؤمنين عليه السلام - ، بحار الأنوار 6 / 230 ح 36 ، وج 89 / 271 ح 11.
3- عدة الداعي : 38 ، عنه بحار الأنوار 89 / 274.
4- الكافي 3 / 414 ح 4 ، العروس : 166 ، تهذيب الأحكام 3 / 235 ح 619 ، بحار الأنوار 89 / 284 ، مستدرك الوسائل 6 / 41 ح 1.
5- وهي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.

22 - 25 - وليالي الإحياء الأربعة ، وهي : غرة رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلتا (1) العيدين ..

26 - ويوم المولد ..

27 - ويوم النصف من رجب ..

28 - وكل ليلة منه ..

29 - 32 - وأشهر الحرم الأربعة.

وقيل : أحقها منها بالإجابة : رجب وذو القعدة.

33 - 44 - وللنهار (2) اثنتا عشرة ساعة ، يتوجه بكل (3) ساعة منها بإمام من أئمة الهدى عليهم السلام بدعائها (4) الخاص بها ، على ما ذكره شيخنا في المصباح (5).

45 - 51 - ويتوجه في كل يوم من أيام الأسبوع بواحد منهم عليهم السلام ، فيوم السبت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويوم الأحد لعلي عليه السلام ، ويوم الاثنين للحسنين عليهما السلام ، ويوم الثلاثاء لزين العابدين والباقر والصادق عليهم السلام ، ويوم الأربعاء للكاظم والرضا والجواد والهادي عليهم السلام ، ويوم الخميس للحسن العسكري عليه السلام (6) ، ويوم الجمعة للحجة عليه السلام.

52 - وعند زوال الشمس ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إذا زالت م.

ص: 377


1- في «ش» : وليلة.
2- عدة الداعي : 43.
3- في «ش» : في كل.
4- في «ش» : يدعى بها. وهو تصحيف.
5- مصباح المتهجد : 512 - 518 أدعية الساعات.
6- في «ش» : للعسكري عليه السلام.

الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان واستجيب الدعاء ، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح (1).

53 - وإذا بقي من النهار للظهر نحو رمح من كل يوم ..

54 - وعند هبوب الرياح ..

55 - ونزول المطر ..

56 - وعند أول قطرة من دم الشهيد ..

57 - وعند طلوع الفجر ..

58 - ومن السحر إلى طلوع الشمس ..

59 - وعند قراءة الجحد عشر مرات مع طلوع شمس [يوم] (2)

الجمعة ..

60 - وعند قراءة القدر خمسة عشرة مرة ..

61 - وفي الثلث الأخير من ليلة الجمعة ..

62 - وعند الأذان ..

63 - وقراءة القرآن.

الثاني (3) : ما يرجع إلى المكان :

كالمسجد ، والحرم ، والكعبة ، وعرفة ، ومزدلفة ، والحائر. 7.

ص: 378


1- من لا يحضره الفقيه 1 / 209 ح 633 ، أمالي الصدوق : 461 ح 1 ، فلاح السائل : 96 ، الأربعون حديثا - للشهيد الأول - : 42 ح 13 ، وسائل الشيعة 4 / 165 ح 2 ، بحار الأنوار 83 / 26 ح 1 ، وج 87 / 55 ح 8 ، مستدرك الوسائل 3 / 127 ح 2.
2- من «ط».
3- راجع : عدة الداعي : 47.

الثالث (1) : ما يرجع إلى الفعل :

كأعقاب الصلوات ، وتأكيد (2) سؤال الجنة والحور العين ، والاستجارة

من النار ..

وبعد الوتر والفجر ..

و [بعد] (3) الظهر والمغرب ..

وفي سجوده بعد المغرب ..

والمريض لعائده ..

والسائل لمعطيه ..

ودعوة الحاج لمتلقيه (4) ، لقوله عليه السلام : «اغتنموا دعوة الحاج إذا قدم قبل أن تصيبه الذنوب» (5).

الرابع (6) : حالات الداعي :

كالصوم ، فدعاء الصائم لا يرد ..

وكذا المريض .. 7.

ص: 379


1- راجع عدة الداعي : 58.
2- في «ش» : ويتأكد.
3- من «ط».
4- في «ش» : لملتقيه.
5- روى الكليني قدس سره في الكافي 4 / 256 ح 17 بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول : بادروا بالسلام على الحاج والمعتمر ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب». ورواه الصدوق قدس سره في من لا يحضره الفقيه 2 / 228 ح 2265.
6- راجع : عدة الداعي : 115 و 117.

والغازي ..

والحاج ..

والمعتمر ..

ومن صلى صلاة لا يخطر على قلبه [فيها] (1) شئ من أمور الدنيا ، لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه.

ومن اقشعر جلده ودمعت عينه ..

وعند التقاء الصفين ..

ومن تطهر وجلس ينتظر الصلاة ..

ومن في يده خاتم فيروزج (2) ، أو عقيق كله ، أو فضة.

وثلاثة نفر اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه ، ولا يخافون غوائله ، إن دعوا الله أجابهم ، وإن سألوا [أعطاهم] (3) ، وإن سكتوا ابتدأهم ، وما

اجتمع أربعة على أمر إلا تفرقوا عن إجابة.

والأم (4) لولدها إذا كان مريضا ، بعد أن ترقى سطحها وتحسر عن قناعها (5) حتى يبدو شعرها نحو السماء ، وتقول :

اللهم أنت [الذي] (6) أعطيتنيه ، وأنت وهبته [لي] (7) ، اللهم فاجعل ».

ص: 380


1- من «ط».
2- في «ط» : ومن بيده فيروزج.
3- من «ط».
4- راجع : عدة الداعي : 122.
5- أي : تكشف عن رأسها ووجهها.
6- من «ط».
7- من «ط».

هبتك اليوم جديدة ، إنك قادر مقتدر.

الخامس (1) : ما يرجع إلى الدعاء :

وهو ما كان متضمنا للاسم الأعظم ..

والدعاء بالأسماء الحسنى ..

والدعاء بعد : «يا الله يا الله» ، أو : «يا رباه يا رباه» عشرا عشرا ..

أو : «يا رب يا رب» ، أو : «يا سيداه يا سيداه» كذلك ..

أو قال في سجوده : «يا الله يا رباه يا سيداه» ثلاثا.

* * * 9.

ص: 381


1- راجع : عدة الداعي : 49.

الباب الثاني

الداعي

وهو قسمان :

الأول : من يستجاب دعاؤه (1) :

وهو خمسة عشر (2) :

1 - الوالد لولده إذا بره ، وعليه إذا عقه ..

2 - والوالدة ، فإن دعوتها أحد من السيف ..

3 - والمظلوم على ظالمه ، ولمن انتصر له منه ..

4 - والمؤمن المحتاج لأخيه إذا وصله ، وعليه إذا قطعه مع استعياء (3) أخيه وحاجته إلى رفده ..

5 - ومن لا يعتمد في حوائجه على غير الله سبحانه ..

6 - والدعاء ..

7 - [والمتقدم في الدعاء قبل نزول البلاء ..

8 - والإمام المقسط] (4) .. ».

ص: 382


1- راجع : عدة الداعي : 120.
2- في «ط» : وهو عشرة.
3- في «ط» : استغناء.
4- من «ط».

9 - والمعمم (1) بدعائه ..

10 - ومن حسن ظنه بربه في إجابته ..

11 - ومن دعاه (2) منقطعا إليه ، كالغريق ..

12 - والمقسم على الله بمحمد وأهل بيته ، وابتدأ دعاءه (3) بالصلاة وختمه بها ..

13 - ومن طيب كسبه ..

14 - ومن طهر نفسه بالتقوى (4) ..

15 - والداعي بظهر الغيب.

[القسم] (5) الثاني : من لا يستجاب دعاؤه (6) :

وهو ثمانية عشر :

1 - من جلس في بيته فاغرا فاه (7) : رب ارزقني ..

2 - ومن دعا على زوجته وقد جعل الله بيده طلاقها ..

3 - ومن دعا على غريم جحده وقد ترك ما أمر به من الإشهاد عليه ..

4 - ومن رزق مالا فأفسده ، ثم دعا ليرزقه ثانيا .. ه.

ص: 383


1- في «ش» : والمتعمم.
2- في «ش» : دعا.
3- في «ش» : وابتداء دعائه.
4- زاد في «ش» : وفيه دقيقة.
5- من «ط».
6- راجع : عدة الداعي : 126.
7- في «ش» : في بيته فيقول : ... ، وفغر فاه : فتحه وشحاه.

5 - ومن دعا على جار يقدر على التحول عن جواره ..

6 - ومن دعا بقلب قاس أو ساه ..

7 - ومن لم يتقدم في الدعاء حتى نزل به البلاء ..

8 - ومن دعا وهو مصر على المعاصي ، والمتحمل لتبعات المخلوقين ، وأكل الحرام.

9 - والظلمة ، وإن اجتمعوا للدعاء لعنوا ..

10 - ومن دعا وظنه عدم الإجابة ..

11 - ومن دعا على نفسه في حال ضجره ..

12 - ومن دعا على حبيبه ..

13 - ومن دعا على أهل العراق ..

14 - 18 - وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «خمسة لا يستجاب لهم دعوة :

رجل جعل [الله] (1) بيده طلاق امرأته وهي تؤذيه ، وعنده ما يعطيها ولم يخل سبيلها.

ورجل أبق مملوكه ثلاث مرات ولم يبعه.

ورجل مر بحائط مائل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه.

ورجل أقرض رجلا مالا فلم يشهد عليه.

ورجل جلس (2) وقال : اللهم ارزقني ، ولم يطلب» (3).9.

ص: 384


1- من «ط».
2- زاد في الخصال : في بيته.
3- الخصال : 299 ح 71 ، وسائل الشيعة 22 / 11 ح 5 ، بحار الأنوار 5 / 105 ، وج 70 / 151 ، وج 93 / 356 ح 10 ، وج 103 / 128 ح 5 ، وج 104 / 151 ح 49.

الباب الثالث

في كيفية الدعاء

وله آداب تنقسم إلى ثلاثة أقسام :

الأول : ما يتقدم الدعاء (1) :

وهو ستة عشر :

1 - الطهارة ..

2 - وشم الطيب ..

3 - والرواح إلى المسجد ..

4 - والصدقة ..

5 - واستقبال القبلة ..

6 - واعتقاده قدرة الله سبحانه على (2) إجابته ..

7 - وحسن ظنه بالله تعالى في تعجيل إجابته ..

8 - وإقباله بقلبه ..

9 - وأن لا يسأل محرما ..

10 - ولا قطيعة رحم ..

11 و 12 - ولا ما يتضمن قلة الحياء ، وإساءة الأدب .. ى.

ص: 385


1- راجع : عدة الداعي : 131.
2- في «ش» : إلى.

13 - ولا ما لا يقدر عليه ..

14 - ولا يتجاوز الحد في سؤاله (1) كأن يطلب منازل الأنبياء ..

15 - وتنظيف (2) البطن من الحرام بالصوم والجوع ..

16 - وتجديد التوبة.

[القسم] (3) الثاني : ما يقارن حال الدعاء (4) :

وهو ثلاثة عشر :

1 - التلبث بالدعاء ..

2 - وترك الاستعجال فيه ..

3 - وتسمية الحاجة ..

4 - والإسرار بالدعاء ..

5 - والتعميم به ..

6 - والاجتماع فيه - والمؤمن شريك - ..

7 - وإظهار [البصبصة و] (5) الخشوع ، والبكاء ، وإن لم يجب (6) فالتباكي ..

8 - والإقبال بالقلب .. ء.

ص: 386


1- في «ش» : ولا ما يقدر عليه ، ولا ما يتجاوز الحد ، وسؤاله ...
2- في «ش» : وينظف.
3- من «ط».
4- راجع : عدة الداعي : 141.
5- من «ط» ، والبصبصة : هي أن ترفع سبابتيك إلى السماء وتحركهما وتدعو.
6- أي : إن لم يجبك البكاء.

9 - والاعتراف بالذنب ..

10 - وتقديم الإخوان ..

11 - والمدحة والثناء على الله ..

12 - والصلاة على محمد [وآله] (1) صلى الله عليه وآله وسلم ..

قال أمير المؤمنين عليه السلام : «كل دعاء محجوب (2) حتى يصلى على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم» (3).

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ما صلى علي آدمي من قبل نفسه ، صادق بها

قلبه ، إلا صلى [الله] (4) عليه عشر صلوات ، ورفع له عشر درجات ، وكتب له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات» (5).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «من قال : صلى الله على محمد وآل محمد ، أعطاه الله أجر اثنين وسبعين (6) ، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (7).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «من صلى علي ولم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام» (8).9.

ص: 387


1- من «ط».
2- في أغلب المصادر زيادة : عن السماء.
3- الكافي 2 / 493 ح 10 ، ثواب الأعمال : 186 ح 3 ، الدعوات - للراوندي - : 31 ح 67 ، مكارم الأخلاق 2 / 87 ح 3 ، جامع الأخبار : 158 ح 377 ، وسائل الشيعة 7 / 92 ح 1 وص 96 ح 16 ، بحار الأنوار 93 / 310 ح 11 ، وج 94 / 58 ح 35 ، وفي بعض المصادر : عن أبي عبد الله عليه السلام. وأورده السخاوي في القول البديع : 320 ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
4- من «ط».
5- روضة الواعظين : 323.
6- زاد في الروضة والجامع : شهيدا.
7- روضة الواعظين : 323 ، جامع الأخبار : 155 ح 354.
8- أمالي الصدوق : 167 ح 9 ، بحار الأنوار 8 / 186 ح 150 ، وج 94 / 56 ح 29.

وعن الصادق عليه السلام ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم لعلي عليه السلام : ألا أبشرك؟

فقال : بلى [يا رسول الله] (1) بأبي أنت وأمي ، فإنك لم تزل مبشرا بكل خير.

فقال : أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب.

فقال : وما الذي أخبرك يا رسول الله؟!

قال : أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي ، فتحت له أبواب السماء ، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة ، وإنه لمذنب خطاء ، ثم تتحات (2) عنه الذنوب كما يتحات الورق عن الشجر.

ويقول الله تبارك وتعالى : لبيك عبدي وسعديك ، ويقول للملائكة : يا ملائكتي! أنتم تصلون عليه سبعين صلاة ، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة.

وإذا صلى علي ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينه وبين السماء سبعون حجابا ، ويقول الله جل جلاله : لا لبيك ولا سعديك ، يا ملائكتي! لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيي عترته ، فلا تزال محجوبة حتى يلحق بي أهل بيتي» (3). 0.

ص: 388


1- من «ش».
2- أي : تتساقط.
3- أمالي الصدوق : 464 ح 18 ، ثواب الأعمال : 188 ح 1 ، جمال الأسبوع : 157 ، بحار الأنوار 94 / 56 ج 30.

13 - ورفع (1) اليدين [بالدعاء] (2) ، وهو على ستة أوجه :

الرغبة : ويجعل [فيه] (3) باطن الكفين إلى السماء ..

والرهبة : بالعكس ..

والتضرع : يحرك فيه الأصابع يمينا وشمالا وباطنها إلى السماء ..

والتبتل : يرفع إصبعه مرة ويضعها أخرى.

وفي رواية : هي السبابة ، وينبغي أن يكون عند العبرة ..

والابتهال : مد يديه (4) تلقاء وجهه مع رفع ذراعيه (5).

وفي رواية أبي بصير (6) : ترفع يديك ، تجاوز بهما رأسك ..

والاستكانة : أن يضع يديه على منكبيه (7). ا.

ص: 389


1- راجع : عدة الداعي : 184.
2- من «ط».
3- من «ط».
4- في «ط» : يده.
5- في «ش» : ذراعه.
6- راجع : عدة الداعي : 183.
7- في «ش» : منكبه. وقال السيد ابن طاووس قدس سره في فلاح السائل : 34 - بعدما أورد ما تقدم ذكره - : ومما لعله يمكن أن يكون المراد بهذه الإشارات ، أن بسط اليد في الرغبة أقرب إلى حال من يكون رجاؤه لله جل جلاله وحسن ظنه بأفضاله يزيد على خوفه من جلاله ، فالراغب يسأل الأمان فيبسط كفه لما ينزل فيها من الإحسان. وأما الرهبة وكون ظهر الكفين إلى السماء ، فلعل المراد بذلك أن العبد يقول بلسان حال الذلة لمالك دار الفناء ودار البقاء : أنا ما أقدم على بسط كفي إليك ، فقد جعلت وجه كفي إلى الأرض ذلا وخجلا بين يديك. ولعل المراد بتحريك الأصابع يمينا وشمالا في المتضرع ، أنه على عادة الثاكل عند المصاب الهائل تقلب يديها وتنوح بها إدبارا وإقبالا ، ويمينا وشمالا.

فصل

في كيفية الثناء

وفي رواية عثمان بن عيسى : تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ، ثم تشكره ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ، ثم تستغفر الله منها (1).

وفي (2) رواية عيص بن القاسم : إذا (3) طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار ، وامدحوه ، وأثنوا عليه بقول : ..

ص: 390


1- الكافي 2 / 486 ح 8 ، مكارم الأخلاق 2 / 21 ح 12 ، فلاح السائل : 38 - 39 ، وسائل الشيعة 7 / 82 ح 7 ، بحار الأنوار 93 / 317 و 320.
2- راجع : عدة الداعي : 149.
3- بدأ الحديث في الكافي والعدة هكذا : إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه ، فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ، فإذا طلبتم الحاجة ...

يا أجود من أعطى ، ويا خير من سئل ، ويا أرحم من استرحم ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد (1) ، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، يا من يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، ويقضي ما أحب ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من ليس كمثله شئ ، يا سميع يا بصير.

وأكثر من أسماء الله عزوجل ، فإن أسماء الله كثيرة ، وصل على محمد وآل محمد ، وقل :

اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي ، وأؤدي [به] (2) عن أمانتي ، وأصل به رحمي ، وتكون لي عونا على الحج والعمرة (3).

فصل

وروى (4) علي بن حسان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام : " كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر ، إنما التمجيد [ثم] (5) الثناء.

قلت : ما أدنى ما يجزئ من التمجيد؟ ».

ص: 391


1- في الكافي : يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد.
2- من «ط».
3- الكافي 2 / 485 ح 6 ، مكارم الأخلاق 2 / 17 ح 4 ، فلاح السائل : 35 ، وسائل الشيعة 7 / 80 ح 2 ، بحار الأنوار 93 / 315 ح 21 وص 318 ح 22.
4- راجع : عدة الداعي : 245 ، عنه بحار الأنوار 93 / 221 صدر ح 4.
5- من «ط».

قال : تقول :

اللهم أنت الأول فليس قبلك (1) شئ ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ ، وأنت الباطن فليس دونك شئ ، وأنت العزيز الحكيم» (2).

وبهذا الإسناد (3) ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : أدنى ما يجزئ من التمجيد؟

قال : «تقول :

الحمد لله الذي علا فقهر ، [والحمد لله الذي ملك فقدر ،] (4) والحمد لله الذي بطن فخبر ، والحمد لله الذي يحيي الموتى ، [ويميت الأحياء] (5) ، وهو على كل شئ قدير».

فصل

فقد تحصل لك مما عرفت أنه لا بد مع الآداب المتقدمة من المدحة والثناء ، وذلك غير منحصر في لفظ معين ، لإطلاق كثير من الروايات بتقديم المدحة والثناء من غير تعيين ، فيرجع إلى المكلف. ».

ص: 392


1- في «ش» : فوقك. وهو تصحيف.
2- الكافي 2 / 503 ح 6 ، مكارم الأخلاق 2 / 80 ح 3 ، وسائل الشيعة 7 / 82 ح 8 ، بحار الأنوار 93 / 317.
3- راجع : عدة الداعي : 246 ، عنه بحار الأنوار 93 / 221 ذ ح 4.
4- من «ط».
5- من «ش».

وأقله أن يذكر في مدحه وثنائه ما يليق بجلاله ، وأجود ما كان ذلك بذكر شئ من أسمائه الحسنى ، لقوله : (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (1) ، ولقول الصادق عليه السلام : «وأكثر من أسماء الله عزوجل ، فإن أسماء الله كثيرة» ، فإن أردتها فاطلبها من كتاب عدة الداعي (2).

وإن شئت فاذكر من الثناء ما روي عن الصادق عليه السلام (3) [قال : في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام :] (4) إن المسألة بعد المدحة ، فإذا (5) دعوت الله فمجده.

قال : قلت : فكيف نمجده؟

قال : تقول :

يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من ليس كمثله شئ (6).

وإن شئت فمجده بقول :

الحمد لله الذي علا فقهر.

وإن شئت بالتمجيد (7) المتقدم عليه.

* * * د.

ص: 393


1- سورة الأعراف 7 : 180.
2- عدة الداعي : 298 وما بعدها.
3- راجع : عدة الداعي : 148.
4- من «ط» ، وفي الكافي : إن في كتاب ...
5- في «ش» : فإن.
6- الكافي 2 / 484 ح 2 ، فلاح السائل : 35 ، وسائل الشيعة 7 / 80 ح 3 ، بحار الأنوار 93 / 315 ح 22.
7- في «ط» : بالتحميد.

فصل

في كيفية العمل

فإذا أردت ذلك فتطهر ، واستقبل القبلة ، واقرأ ما تيسر من القرآن ، وأحسن ما كان : ما تضمن التمجيد ، وأيسره : سورة الإخلاص ، وأقله : البسملة ، ثم قل ما تختاره من ضروب التمجيد المذكورة.

ثم اذكر ذنوبك على سبيل التفصيل ذنبا ذنبا ، وإن كان الوقت ضيقا عليك أو كنت مستعجلا أو عجزت عن ذكرها ، فاذكر ما تقدر [عليه] (1)

منها.

ثم قل :

يا إلهي! أنا أكثر ذنوبا ، وأعظم عيوبا ، وأقبح أفعالا ، وأشنع آثارا من أن أقدر على إحصاء عيوبي أو تعداد ذنوبي ، وإنما أوبخ بهذا نفسي ، ورحمتك ومغفرتك يا رب أعظم وأوسع منها ، لأنها وسعت كل شئ.

وأنا أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك من كل ما خالف إرادتك أو زال عن محبتك ، توبة من لا يحدث نفسه بمعصية ولا يضمر (2) أن يعود في خطيئة ، فصل على محمد وتب علي ، إنك [أنت] (3) التواب الرحيم ، اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لفلان بن فلان. ».

ص: 394


1- من «ط».
2- في «ش» : ولا يظهر.
3- من «ط».

وتسمي أربعين من إخوتك بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فتدعو إليهم مع المغفرة بما تحب من أمر الدين والدنيا (1) والآخرة.

وإن تعسر عليك معرفة آبائهم ، اقتصرت على أسمائهم ، وإن عجزت عمم بالمؤمنين والمؤمنات ، وإن عممت [بعد المعرفة] (2) كان أحسن ، ثم تطلب ما تريد.

فصل

والأحسن في الترتيب أن تبدأ بالثناء عليه بما (3) هو أهله ، ثم تذكر نعمه عندك وتعددها واحدة واحدة ، الدينية والدنيوية ، فتقول :

يا إلهي! أنت [الذي] (4) أنعمت علي بكذا وهديتني لمعرفة كذا ، وأسبغت علي من نعمك [كذا] (5) ، ودافعت عني من البلاء كذا وكذا ، وسترت [علي] (6) كذا وكذا ، أنت الذي ، أنت الذي ..

وهكذا حتى تأخذ غايتك.

ثم تقول :

[فلك الحمد كثيرا ، ولك المن فاضلا] (7) ، وأنا يا سيدي عبدك ».

ص: 395


1- في «ش» : مع المغفرة من أمر الدنيا.
2- من «ط».
3- في «ط» : إنما.
4- من «ط».
5- من «ط».
6- من «ش».
7- من «ش».

المسرف على نفسه ، المستخف بحرمة ربه ، وأنا الفاعل كذا وكذا [وأنا الفاعل كذا وكذا] (1).

ثم تذكر ذنوبك كبيرها وصغيرها.

ثم تقول :

يا رب ولولا عصمتك إياي وشمول ألطافك لي (2) لكان مني أعظم مما ذكرت ، وأفظع مما عددت ، أنا يا مولاي الذي لم يتجدد لك علي نعمة إلا شهدت علي بمعصية ، وأنت يا سيدي الذي لم تزل نعمك علي في تزايد وترادف ، أوقرتني نعما (3) ، وأوقرت نفسي ذنوبا.

ثم تجتهد على البكاء غاية الجهد ، وإن بلغ قلبك في القساوة والجمود إلى عدم التحريك بذلك ، فذكر نفسك الخبيثة بالنار ، وقل لها : إن لم تسمحي اليوم بالدموع سمحت غدا (4) بالصديد والدم.

أوما سمعت أن العبد يؤمر به إلى النار ، فيمضي مع الملائكة ليدعوه في النار دعا ، فيقول لهم : ملائكة ربي! أمهلوني أبكي على نفسي ، فيبكي دما وصديدا ، فيقولون له : قد كان يكفيك بعض هذا في الدنيا!

ثم تذكر حوائجك ومهماتك ، وإن طاش عقلك (5) في تلك الحال بالبكاء ، وذهل (6) لبك بالخوف عن المسألة والدعاء ، فاستغرق فيه ب.

ص: 396


1- من «ط».
2- في «ش» : بي.
3- في «ش» : بالنعماء.
4- في «ط» : غدا عنه.
5- أي : ذهب عقلك.
6- في «ش» : وذهب.

واغتنمه ، وليتك تشرق في دمعتك فتموت من (1) ساعتك ، فتكون من أسعد الشهداء.

ولقد مات همام (2) صاحب أمير المؤمنين عليه السلام في صعقته (3) عند سماع الموعظة البليغة (4).

وكذا جرى لكثير من الأولياء عند ذكر الجنة والنار وسماع بليغ (5)

المواعظ.

ولا تخف على فوات مسألتك وذهولك عما قصدت له بخلوتك ، فإن الله سبحانه يقضيها لك على أتم ما تريد وإن لم تذكر بلسانك ، وقد ذكرنا سند ذلك في العدة (6).

وإن أرجعت إلى وقارك ، وعاودك الروح والطمأنينة وسألت ، فاسأل ما يقربك منه ويحسن أدبك في حضرته ، واسأله دوام مراقبته والملازمة بخدمته ، ودع الدنيا ، فليست لك ولست لها.

وإن سألت شيئا منها ، فقيده بأن يجعله لك عونا على طاعته ، وبلاغا تنال به شرف كرامته في الدنيا والآخرة.

* * * 9.

ص: 397


1- في «ط» : في.
2- هو : همام بن عبادة بن خثيم ، ابن أخ الربيع بن خثيم أحد الزهاد الثمانية. أنظر : أعيان الشيعة 10 / 271.
3- صعق : أي غشي عليه.
4- أي : خطبة أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة ب : «خطبة المتقين». أنظر : نهج البلاغة : 303 الخطبة 193.
5- في «ط» : كبير.
6- عدة الداعي : 232 - 239.

فصل

وإن كان الوقت عليك ضيقا أو كنت مستعجلا فأقل ما يجزيك أن تقول (1) :

يا الله يا رب (2)! يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من ليس كمثله شئ ، أنت أرحم الراحمين وأجود الأجودين.

وأنا يا إلهي أعظم المسرفين وأفحش المذنبين ، أنا الذي لم أدع شيئا من الذنوب إلا فعلته ، أنا الذي إذا تأملت (3) حسناتي وجدتها سيئات ، وأنا

أستغفرك وأتوب إليك منها.

وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وأن تمن عليهم بمسائلهم ، وأن تجود عليهم بما أنت أهله ، يا أرحم الراحمين ، وتفعل بي كذا وكذا ، وصل على محمد وآله ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

* * * ».

ص: 398


1- في «ش» : أو مستعجلا فقل بسرعتك.
2- في «ش» : يا الله.
3- إلى هنا انتهت نسخة «ط».

القسم الثالث : ما يتأخر عن الدعاء من الآداب (1) :

وهو خمسة :

1 - معاودة الدعاء مع الإجابة وعدمها ..

2 - وأن يختم دعاءه بالصلاة على محمد وآله ..

3 - ثم يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

4 - وأن يكون بعد الدعاء خيرا منه قبله ..

5 - وأن يمسح بيديه وجهه ورأسه - وفي رواية : وجهه وصدره -.

* * *

وليكن هذا آخر ما نورده في هذه النبذة ،

ومن أراد الاستقصاء في هذا الباب فعليه بكتاب عدة الداعي ،

فإنه كاسمه.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ،

والحمد لله رب العالمين.

* * * 6.

ص: 399


1- راجع : عدة الداعي : 186.

مصادر التحقيق

1 - القرآن الكريم.

2 - الأربعون حديثا ، للشهيد الأول محمد بن مكي العاملي ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام - قم / 1407 ه.

3 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي ، نشر دار العلم للملايين - بيروت / 1984 م.

4 - أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين ، نشر دار التعارف للمطبوعات - بيروت / 1403 ه.

5 - الأمالي ، للشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، منشورات الأعلمي للمطبوعات - بيروت / 1400 ه.

6 - أمل الآمل ، للشيخ الحر العاملي ، نشر مكتبة الأندلس - بغداد.

7 - بحار الأنوار ، للشيخ محمد باقر المجلسي ، نشر مؤسسة الوفاء - بيروت / 1403 ه.

8 - تنقيح المقال في علم الرجال ، للشيخ عبد الله المامقاني ، طبع طهران - طبعة حجرية -.

9 - تهذيب الأحكام ، لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي ، نشر دار الكتب الإسلامية - طهران / 1390 ه.

10 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ، للشيخ الصدوق ، نشر مكتبة الصدوق - طهران / 1391 ه.

11 - جامع الأخبار ، للشيخ محمد بن محمد السبزواري ، تحقيق علاء آل جعفر ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1414 ه.

12 - جمال الأسبوع ، للسيد علي بن موسى بن طاووس ، تحقيق جواد القيومي - 1371 ه. ش.

13 - خاتمة مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي ، تحقيق

ص: 400

ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1415 ه.

14 - الخصال ، للشيخ الصدوق ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم / 1403 ه.

15 - الدعوات ، لقطب الدين الراوندي ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام - قم / 1407 ه.

16 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آقا بزرك الطهراني ، نشر دار الأضواء - بيروت / 1403 ه.

17 - رجال السيد بحر العلوم المعروف ب : «الفوائد الرجالية» ، منشورات مكتبة الصادق - طهران / 1363 ه. ش.

18 - روضات الجنات ، للميرزا محمد باقر الخوانساري ، نشر مكتبة إسماعيليان - قم / 1390 ه.

19 - روضة الواعظين ، لمحمد بن الفتال النيسابوري ، منشورات المكتبة الحيدرية - النجف / 1386 ه.

20 - رياض العلماء ، للميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني ، نشر مكتبة المرعشي النجفي - قم / 1401 ه.

21 - سفينة البحار ، للشيخ عباس القمي ، نشر دار الأسوة - قم / 1414 ه.

22 - طبقات أعلام الشيعة ، للشيخ آقا بزرگ الطهراني ، نشر دار الكتاب العربي - بيروت / 1391 ه.

23 - عدة الداعي ، لابن فهد الحلي ، نشر مكتبة الوجداني - قم.

24 - العروس ، للشيخ أبي محمد جعفر بن أحمد القمي ، تحقيق السيد محمد الحسيني النيشابوري ، نشر مجمع البحوث الإسلامية - مشهد / 1413 ه.

25 - فلاح السائل ، للسيد علي بن موسى بن طاووس ، نشر مكتب الإعلام الإسلامي - قم.

26 - الفوائد الرضوية ، للشيخ عباس القمي.

27 - القول البديع ، لشمس الدين السخاوي ، نشر مكتبة المؤيد / الطائف ، ومكتبة دار البيان / دمشق.

ص: 401

28 - الكافي ، لمحمد بن يعقوب الكليني ، نشر دار الكتب الإسلامية - طهران / 1388 ه.

29 - الكشكول ، للشيخ يوسف البحراني ، نشر مكتبة نينوى الحديثة - طهران.

30 - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي ، نشر مكتبة بيدار - قم / 1358 ه.

31 - لؤلؤة البحرين ، للشيخ يوسف البحراني ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام -

قم.

32 - المحاسن ، للشيخ أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، تحقيق السيد مهدي الرجائي ، نشر المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام - قم / 1413 ه.

33 - مراقد المعارف ، للشيخ محمد حرز الدين ، نشر مكتبة سعيد بن جبير - قم / 1992 م.

34 - مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1407 ه.

35 - مصباح المتهجد ، للشيخ الطوسي ، تحقيق علي أصغر مرواريد ، نشر مؤسسة فقه الشيعة - بيروت / 1411 ه.

36 - معجم رجال الحديث ، للسيد أبو القاسم الخوئي ، نشر مدينة العلم - قم / 1403 ه.

37 - معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحالة ، نشر دار إحياء التراث العربي - بيروت.

38 - مقابس الأنوار ، للشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم.

39 - المقنعة ، للشيخ المفيد ، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم / 1410 ه.

40 - مكارم الأخلاق ، للشيخ الطبرسي ، تحقيق علاء آل جعفر ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم / 1414 ه.

ص: 402

41 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.

42 - نهج البلاغة ، جمع الشريف الرضي ، ضبط الدكتور صبحي الصالح ، نشر دار الهجرة - قم / 1395 ه.

43 - هدية الأحباب ، للشيخ عباس القمي ، نشر مكتبة الصدوق - طهران 1362 ه. ش.

44 - هدية العارفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ، نشر دار الفكر - بيروت 1402 ه.

45 - وسائل الشيعة ، للشيخ الحر العاملي ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم / 1409 - 1412 ه.

* * *

ص: 403

من أنباء التراث

كتب

صدرت محققة

* مستند

الشيعة في أحكام الشريعة ، ج 16.

تأليف : العلامة الشيخ أحمد النراقي (1185 - 1245 ه).

من أهم الكتب المصنفة في الفقه الاستدلالي ، لواحد

من كبار علماء الإمامية في تلك الفترة ، يشتمل على جل المسائل الفقهية ، والأحكام

الفرعية المتعلقة بها ، بذكر أدلة كل مسألة ثم إيراد الإشكال والرد على المخالف

منه ، مع بيان تعارض الآراء والأقوال المختلفة للعلماء فيها.

يمتاز الكتاب بالدقة البالغة والأسلوب العميق ،

وكثرة التفريعات إلى غاية ما يمكن لكل مسألة ، بعد تحقيق أصلها ،

وإثبات حجيتها عند المصنف رحمه الله.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على 8 نسخ مخطوطة لأبواب

الكتاب المختلفة ، منها نسخة بخط المصنف ، من أول كتاب المطاعم والمشارب إلى آخر

كتاب

النكاح ، يعود تاريخها إلى سنة 1245 ه ، وأخرى كتبت

عن الأصل في عهده رحمه الله سنة 1235

ه ، واثنتان أخريان لم يدون عليهما تاريخ الكتابة ، احتوت إحداهما على قرائن

تفيد أنها كتبت في عهد المؤلف ، أما باقي النسخ فقد كتبت في السنين 1248 ، 1253

، 1258 ، 1264 ه.

واعتمد أيضا في التحقيق على نسختين مطبوعتين على

الحجر ، طبعت الأولى سنة 1273 ه على نسخة المصنف ، والثانية مصححة في سنة 1335 ه.

اشتمل هذا الجزء على كتاب النكاح

ص: 404

وأحكامه ولواحقه ، والمقصد الأول - : في القضاء -

من كتاب القضاء والشهادات ، ومن المؤمل إصدار الكتاب في 20 جزءا.

تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث - مشهد / 1419 ه.

* القول

المختصر في علامات المهدي المنتظر عليه السلام.

تأليف : الحافظ ابن حجر الهيتمي الشافعي (909 - 973).

رسالة موجزة ، تشتمل على ما وقف عليه المصنف من

الأحاديث النبوية الشريفة والروايات الواردة في بيان علامات وخصوصيات الحجة

المهدي عليه السلام وظهوره

في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، وإيرادها دون ذكر

أسانيدها ورواتها.

والملاحظ أن المصنف لم يذكر أن المهدي الذي بشر به

الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة

المعصومين من أهل بيته عليهم السلام - تبعا

لما ذكرته الروايات الصحيحة الأسانيد - هو الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر ابن

الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام ،

ولا يذكر أنه غائب بإذن الله تعالى ، وأنه موجود حتى يأذن سبحانه بظهوره لأداء

مهمته في آخر الزمان ، وأنه

أمان لأهل الأرض ، ولولاه لساخت بهم.

والكتاب مرتب في مقدمة تضمنت ما يفيد أن المهدي عليه السلام حق ،

وأنه من أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأنه

من عترته من ولد بضعته الزكية فاطمة عليها السلام ،

وأنه من كذب به فقد كفر.

وثلاثة أبواب تضمنت ما ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ،

وعن الصحابة ،

وعن التابعين وتابعيهم في ذكر أوصاف وخصوصيات الإمام الحجة عليه السلام ،

ووصف الأحداث التي تسبق وترافق ظهوره المبارك عجل الله تعالى فرجه الشريف.

وخاتمة تضمنت ذكر أمور متفرقة تتعلق بأحوال آخر

الزمان وعلامات قرب ظهور الإمام عليه السلام.

تم التحقيق اعتمادا على نسخة مخطوطة واحدة ، إضافة

للمطبوعة المحققة في مصر سنة 1987 م ، ذكرت مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : الشيخ عبد الكريم العقيلي.

نشر : مؤسسة بضعة المصطفى عليها السلام - قم

/ 1419 ه.

* نهج

الإيمان.

تأليف : زين الدين علي بن يوسف بن جبر ، من أعلام

القرن السابع الهجري.

ص: 405

كتاب يجمع بين دفتيه مناقب وفضائل ، ودلائل إمامة

الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ،

الواردة في آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ، مع

نماذج من الأشعار المنظومة في هذه الفضائل.

يتعرض عند إيراد بعض الأحاديث إلى ما قيل أو يمكن

أن يقال في دلالتها ، ومناقشته ورده بالأدلة الواضحة الرصينة.

اشتملت مقدمة الكتاب على مباحث

في الإمامة وضرورتها ووجوبها ، ووجوب عصمة الإمام

من غير تعيين ، بإيراد الأدلة

الكلامية والعقلية المقنعة.

فيما اشتملت فصوله الثمانية والأربعين على ما يثبت

أن الخليفة والإمام بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بلا

فصل هو الإمام علي عليه السلام ،

وأنه معصوم ، منصوص عليه من الله تبارك وتعالى ، ومن رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ،

وأن الأئمة من بعده هم الأحد عشر المعصومين من ذريته عليهم السلام ، ذاكرا

فضائله ومناقبه التي لا تحصى كثرة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على نسخة مخطوطة واحدة ،

ذكرت مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق

: السيد أحمد الحسيني.

نشر : مجمع الإمام الهادي عليه السلام -

مشهد / 1418 ه.

* فصل الخطاب

من كتاب الله وحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكلام

العلماء في مذهب ابن عبد الوهاب.

تأليف : الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي

، المتوفى سنة 1210 ه.

كتاب يشتمل على الأدلة القوية والحجج المحكمة

والبراهين الواضحة والاستدلالات بالآيات والروايات والكلام المقنع ، للرد على

عقائد فرقة الوهابية ، وإثبات فساد وبطلان أحكام الوهابيين والتزاماتهم المخالفة

لأبسط قواعد العلم والتوحيد والشريعة المقدسة ، والمخالفة حتى لآراء شيخي

إسلامهم : ابن تيمية وابن القيم.

والكتاب له أهميته إذا علم أنه أول كتاب صنف للرد

على ضلال هذا المذهب في بداية ظهوره ، وأن المصنف هو أخو مؤسسه ، محمد بن عبد

الوهاب (1115 - 1206 ه).

طبع الكتاب لأول مرة في بومباي / الهند سنة 1306 ه

، وثانية في القاهرة / مصر ، وثالثة في استانبول / تركيا سنة 1399 ه.

وتم التحقيق في هذه المرة اعتمادا

ص: 406

على الطبعة الأولى.

تحقيق

: لجنة من العلماء.

صدر

مؤخرا.

* الرسائل

الفقهية.

تأليف : الوحيد البهبهاني ، العلامة محمد باقر بن

محمد أكمل (1117 - 1205 ه).

إحدى عشرة رسالة فقهية في مواضيع متفرقة تخص بعض

المسائل الحيوية والحياتية التي كان يفتقر إليها عصر المصنف قدس سره.

ذكرت في المقدمة أعداد ومواصفات النسخ المخطوطة لكل

رسالة منها ، والتي تم الاعتماد عليها في التحقيق.

والرسائل هي :

1 - عدم جواز تقليد الميت / 4 نسخ.

2 - حكم عبادة الجاهل / 4 نسخ.

3 - أصالة طهارة الأشياء / 5 نسخ.

4 - حكم العصير التمري والزبيبي / نسختين.

5 - رؤية الهلال / 3 نسخة.

6 - الإفادة الإجمالية ، في البحث عن كراهة بعض

العبادات وعدمها / نسخة

واحدة.

7 - صحة الجمع بين الفاطميتين /

نسختين.

8 - حكم متعة الصغيرة / 4 نسخ.

9 - القرض بشرط المعاملة المحاباتية / 3 نسخ.

10 - أصالة عدم صحة المعاملات / 3 نسخ.

11 - أصالة الصحة والفساد في المعاملات / 4 نسخ.

تحقيق ونشر : مؤسسة العلامة الوحيد البهبهاني - قم

/ 1419 ه.

* الجواهر

الثمينة في محاسن المدينة.

تأليف : السيد محمد كبريت الحسيني المدني (1012 -

1070 ه).

كتاب يشتمل على ذكر بعض محاسن مدينة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ،

المدينة المنورة ، والاستشهاد على ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة ، والأشعار

والحكم والأمثال ، وواقع الحال ، وشواهد الأقوال.

إذ اشتمل على تعريف ووصف معالم المدينة المختلفة -

في زمن المؤلف - من

المساجد والمشاهد المشرفة ، والجبال والأودية ، والآبار والعيون ، والنبات والثمار

، وعلى ذكر أحوال المدينة وأهلها في أشهر السنة الهجرية وفي بعض أيامها المباركة.

ص: 407

تم التحقيق اعتمادا على ثلاث نسخ مخطوطة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق : أحمد سعيد بن سلم.

صدر سنة 1417 ه.

*

الإفادة في تاريخ أئمة الزيدية.

تأليف : السيد يحيى بن الحسين بن هارون الهاروني

الحسني (340 - 424 ه).

كتاب يشتمل على ذكر أحوال وسير مختصرة لعدد من أئمة

الزيدية ابتداء من

أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام

وولديه السبطين الحسن والحسين عليهما السلام ،

وانتهاء

بالسيد أبي عبد الله محمد بن الحسن الداعي - المتوفى سنة 360 ه - الذي عاصره

المؤلف.

يتعرض عند ذكر كل إمام إلى : مولده وصفته ، بيعته ،

تاريخ ومدة ظهوره ، أولاده ، مقتله وموضع قبره ، نبذة من سيرته ، نوادر أخباره ،

ومؤلفاته.

تم التحقيق اعتمادا على ثلاث

مخطوطات ، ذكرت مواصفاتها في المقدمة ، التي تضمنت

أيضا ذكر أسانيد المحقق

لرواية الكتاب عن المؤلف إجازة.

تحقيق : محمد يحيى سالم عزان.

نشر : دار الحكمة اليمانية - صنعاء / 1417 ه.

* تحرير

العروة الوثقى.

* تعليقة على

العروة الوثقى.

تأليف : السيد مصطفى الخميني (1351 - 1398 ه).

كتاب يشتمل على تحرير وتهذيب لكتاب العروة

الوثقى ، لفقيه ومرجع الإمامية في عصره ، آية الله العظمى

السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ، المتوفى سنة 1337 ه ، الذي يعد محورا

للأبحاث الاستدلالية في الفقه لمن جاء بعده من مراجع وفقهاء الطائفة.

كما اشتمل على تعليقة المؤلف على الكتاب نفسه.

شمل التحرير كتاب

التقليد والاحتياط ، وكتاب الطهارة ، فيما شملت التعليقة كتاب

الاجتهاد والتقليد ، وكتاب الطهارة ، وكتاب الصوم.

صدر الكتاب بمناسبة الذكرى السنوية العشرين

لاستشهاد المؤلف قدس سره.

تحقيق ونشر : مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني

قدس سره - قم

/ 1418 ه.

* ذكرى الشيعة

في أحكام الشريعة ، ج 4.

تأليف : الشهيد الأول ، الشيخ أبي

ص: 408

عبد الله محمد بن محمد بن مكي العاملي (734 - 786 ه).

كتاب في الفقه الاستدلالي ، خرج منه كتابا الطهارة

والصلاة فقط ، إذ حال استشهاد المصنف دون إتمامه ، فرغ منه في 21 صفر 784 ه.

وضع على أساس أقوى الأدلة - برأي المصنف - من

الكتاب الكريم والروايات ،

ومن الإجماعات ، مع محاولة التعرض للفروع الفقهية وأدلتها بأقل ما يمكن من الألفاظ

، مرتب بأسلوب وترتيب جميل في مقدمة وأقطاب أربعة كما تضمنت

المقدمة بعض المباحث الأصولية القيمة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على :

1 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة

طهران المركزية ، برقم 1906 ، فرغ من كتابتها في 8 ربيع الآخر 784 ه ، تشتمل على

حواش وبلاغات ، ويظهر من تاريخي التصنيف والكتابة أن الناسخ كان يستنسخ كل ما

يخرج من قلم المصنف تدريجيا وإثر انتهائه من كل جزء يتمه.

2 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة

سليمان خان التابعة لمكتبة الإمام الرضا عليه السلام في

مشهد

المقدسة ، برقم 36 ، فرغ من كتابتها في مدينة

دامغان سنة 883 ، مصححة ومقابلة وعليها بلاغات ، ويلاحظ عليها خط الشيخ البهائي

ووالده قدس سرهما.

3 - النسخة المطبوعة على الحجر في طهران سنة 1271 ه

، وفي آخرها كتاب تمهيد القواعد

للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي ، المتوفى سنة 965 ه.

اشتمل هذا الجزء على : الفصل الثالث من أركان

الصلاة الذي كان في أفعال الصلاة وتوابعها ، الركن الثاني : في الخلل الواقع في الصلاة

، الركن الثالث : في بقية الصلوات الواجبة ، الركن الرابع : في نفل الصلوات ،

وفي اللواحق.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث / 1419 ه.

* الوهابيون

والبيوت المرفوعة.

تأليف : الشيخ محمد علي بن حسن الهمداني السنقري

الكردستاني (1293 -

1378 ه).

كتاب يتضمن ردا على أقوال مرجع الوهابيين ، محمد بن

عبد الوهاب

(1115 - 1206 ه) التي جاءت في كتابه كشف الشبهات ، وبيانا لفساد وبطلان

استدلاله ببعض الآيات القرآنية والأحاديث

ص: 409

النبوية ، الخاصة بتحريم الدعاء والطلب من

المخلوقين - أحياء وأمواتا - والاستعانة والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم ،

وعدها شركا بالله سبحانه وتعالى وعبادة لغيره جل وعلا.

موردا - في مقامات ثلاث - الأدلة الواضحة المتينة

على أن مطلق الدعاء ليس عبادة ولا شركا ، وعلى جواز الشفاعة وثبوتها في العقيدة

الإسلامية ، كتابا وسنة وإجماعا عقلا ، حيا كان الشفيع أو ميتا ، وعلى ثبوت

الأمر - من الخالق عزوجل - بالتوسل

والاستغاثة والاستشفاع بعباده المكرمين من الأنبياء والأولياء والصالحين ، والأمر

ببناء الأضرحة والقباب في مشاهدهم المشرفة.

متعرضا لذكر ما فعله الوهابيون في الحرمين والطائف

، من هدم المقامات

الشريفة ، ونهب الأملاك والأموال ، وسفك الدماء ، وهتك حرمات الله وحرمة العقائد.

ذاكرا - أخيرا - الأحاديث النبوية الشريفة المحذرة

من ظهور هذه الفرقة الضالة وفتنتها ، والتي تعد من دلائل النبوة ومعاجزها.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على نسخته المطبوعة سنة 1345 ه باسم : المشاهد

المشرفة

والوهابيون.

تحقيق : لجنة من العلماء.

صدر سنة 1418 ه.

* تهذيب

التفسير الكبير ، ج 1 - 7.

كتاب التفسير

الكبير للفخر الرازي ، محمد بن عمر بن الحسين القرشي

(544 - 606) ، تفسير كامل للقرآن الكريم ، اشتمل على آراء مصنفه في التفسير والتأويل

، بالإضافة إلى ما اعتمده من آراء العلماء في اللغة والنحو ومعاني المفردات

القرآنية وأسباب النزول ، كما اشتمل على الكثير من الأبحاث المختلفة ، الكلامية

والفلسفية والفقهية واللغوية ، مطبوع في 30 جزءا.

وهذا الكتاب هو اختصار وتهذيب لهذا التفسير ، تم

إعداده بحذف المواضيع والآراء التي لا ترتبط بتفسير الآية القرآنية - إذ التركيز

على الأبحاث المتصلة بتفسيرها فقط - ، وحذف الآراء الشاذة والضعيفة وما يتبعها

من مناقشات ، وتقليص في التفريعات ، مع المحافظة على منهجية المصنف في التقسيم

والتفريع بعد الحذف والاختصار.

كما أضيفت تعليقات وبيانات مهمة وضرورية تتعلق

بمذهب الإمامية ، لجعل

ص: 410

التفسير شاملا لآراء جميع المذاهب الإسلامية.

تم الاعتماد في التهذيب على طبعات مختلفة للتفسير.

تهذيب وتعليق : حسين بركة الشامي.

نشر : مؤسسة دار الإسلام - لندن / 1418 ه.

* تحريرات في

الفقه.

تأليف : السيد مصطفى الخميني (1351 - 1398 ه).

كتاب - في تسعة مجلدات - يشتمل على مباحث فقهية

عديدة ، في الطهارة ، الصلاة ، الصوم ، المكاسب المحرمة ، البيع ، الخيارات ،

والإجارة.

فقد الكثير من هذه المباحث في ما فقد من مؤلفات

المصنف قدس سره ، أما ما تم

العثور عليه منها ، فتوزعته مجلدات الكتاب ، التي اشتملت على : كتاب الطهارة (2

مجلد) : المتضمن لمباحث المياه وبعض مباحث النجاسات.

كتاب الواجبات في الصلاة : المتضمن لمباحث النية

وبعض أحكام تكبيرة الإحرام.

كتاب الخلل في الصلاة : المتضمن لعدة بحوث في الخلل.

كتاب الصوم : المتضمن لمباحث نية الصيام وبعض

المفطرات.

كتاب البيع (2 مجلد) : المتضمن أول كتاب البيع إلى

مباحث مسألة تعاقب

الأيدي.

كتاب الخيارات : (2 مجلد) : المتضمن أوائل بحوث

خيار العيب إلى أواخر

أحكام الخيار.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة بمناسبة

الذكرى السنوية العشرين

لاستشهاد المؤلف - اعتمادا على نسخة الأصل بخطه قدس سره.

تحقيق ونشر : مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني

قدس سره - قم

/ 1418 ه.

* شرح البالغ

المدرك.

تأليف : السيد يحيى بن الحسين بن هارون الهاروني

الحسني (340 - 424 ه).

شرح لرسالة : ما

يجب على البالغ المدرك من الاعتقاد والعمل ، لأحد علماء الزيدية

، يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (245 - 298 ه) ، وهي رسالة مختصرة في وجوب

النظر والتفكر لمعرفة الخالق الواحد ، وتنزيهه سبحانه وتعالى ، وإرساله الرسل من

البشر إليهم وتزويدهم بالآيات والحجج على نبوتهم ، والتحذير

ص: 411

من الاختلاف ومخالفة التوحيد وتبديل الأحكام واتباع

الأهواء.

والشرح يتناول بيان بعض المفردات ، إضافة إلى عدة

بحوث في أهمية النظر

والتفكير واستخدام العقل ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كيفية

التعامل مع الأخبار والأحاديث والروايات ، تقييم بعض الرواة وكتب الحديث ، وطرف

من فضائل أهل البيت عليهم السلام ،

وغيرها.

تم التحقيق اعتمادا على ثلاث نسخ مخطوطة ذكرت

مواصفاتها في المقدمة ،

التي تضمنت أيضا ذكر الكتاب متصلا من المحقق إلى مؤلفه رواية.

تحقيق : محمد يحيى سالم عزان.

نشر : مركز بدر العلمي والثقافي - صنعاء / 1417 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* دليل النص

بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

أو : خبر

الغدير.

تأليف : العلامة الكراجكي ، الشيخ أبي الفتح محمد

بن علي ، المتوفى

سنة 449 ه.

رسالة مختصرة اعتمدت واقعة غدير خم ، وخطبة الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيه -

بعد رجوعه من حجة الوداع - لإثبات إمامة وخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ،

وفند فيها المؤلف التأويلات الباطلة لمفردة «المولى» الواردة في الخطبة ، وأثبت

بالدليل أن المراد بها هو : الخليفة والأولى بالتصدي لإمامة المسلمين بعد رسول

الله صلى الله عليه وآله وسلم.

سبق أن صدرت الرسالة مدرجة ضمن كتاب المصنف كنز

الفوائد من قبل دار الأضواء في بيروت ، بتحقيق الشيخ عبد الله نعمة ، معتمدا على

الطبعة الحجرية ، المطبوعة سنة 1322 ه.

كما نشرت مستقلة على صفحات نشرتنا هذه تراثنا في

العدد 21 في شوال 1410 ه ، بتحقيق علاء آل جعفر ، معتمدا مخطوطة نفيسة إضافة

للمطبوعة المحققة.

وأعادت طبعها بالتصوير مستقلة مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في قم سنة 1416 ه ، وصدرت ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم 3 ،

بعد إضافات وتعديلات أجراها المحقق.

ثم أعادت طبعها مستقلة - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في بيروت سنة 1419 ه.

ص: 412

* المقنع في

الغيبة.

تأليف : الشريف المرتضى ، علم الهدى ، السيد أبي

القاسم علي بن الحسين

الموسوي (355 - 436 ه).

كتاب صغير في حجمه ، كبير في محتواه ، يعد من خيرة

ما كتب في موضوع الغيبة ، إذ تعرض فيه المصنف قدس سره

لكثير من التساؤلات والشبهات المطروحة حول غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ،

مجيبا عن ذلك بأسلوب قوي واستدلال متين ، وأثبت غيبته عليه السلام

وعللها وأسبابها والحكمة الإلهية التي اقتضتها.

ثم أتبعه بكتاب آخر مكمل لمطالبه ، بحث فيه عن

علاقة الإمام الغائب عليه السلام

بأوليائه أثناء غيبته وكيفية تعامل شيعته معه

أثناءها.

سبق أن نشر الكتاب محققا على صفحات نشرتنا هذه

تراثنا ، العدد 27 في ربيع الآخر 1412 ه ، بتحنقيق السيد محمد علي الحكيم ،

معتمدا 4 نسخ مخطوطة.

وأعادت طبعه بالتصوير مستقلا مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في قم سنة 1416 ه ، وصدر ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم 4 ، بعد

إضافات

وتعديلات أجراها المحقق.

ثم أعادت طبعه مستقلا - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في

بيروت سنة 1419 ه.

* دور أهل

البيت عليهم السلام في

بناء الجماعة الصالحة ، ج 1.

تأليف : السيد محمد باقر الحكيم.

أبحاث تعنى بعرض ودراسة وتحديد معالم نظرية الإسلام

المتكاملة لبناء المجتمع الإسلامي الأمثل ، وإقامته على أسس محكمة ، تضمن تماسكه

وثبوته ، وتديم سلامته من الخلل أو الضعف ، من خلال بيان دور أئمة أهل البيت عليهم السلام وأطروحتهم

المباركة وحركتهم الشاملة في هذا الإطار.

تعتمد الدراسة - في استنباط معالم النظرية - على

القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة ، والرواية المعتبرة ، والمصادر

والقواعد الصحيحة للاجتهاد. اشتمل هذا الجزء على البحث في أحد الأهداف التي سعى

لتحقيقها أئمة أهل البيت عليهم السلام في

سبيل الحفاظ على الإسلام فكرا وعقيدة وتطبيقا ، إذ تضمن دورهم العملي عليهم السلام في

إنشاء وإعداد الجماعة الصالحة المستعدة لتحمل المسؤوليات

ص: 413

الخاصة ، وتكوين النظرية الإسلامية بشأنها ، وبيان

تفاصيل هذه الجماعة.

كما يشتمل على - ستة أبواب من السبعة التي شملها

الكتاب - : الأهداف

والخصائص العامة للجماعة الصالحة ، القواعد والأسس العامة ، النظام العام ، نظام

أمن الجماعة ، والنظام الاقتصادي والمالي ، ونظام العلاقات الاجتماعية للجماعة.

نشرت بحوث هذا الجزء كمقالات في مجلة رسالة الثقلين

التي يصدرها المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام في

قم ، الأعداد (2) سنة 1413 ه ، وحتى (16) سنة 1416 ه ،

وأصدره المجمع نفسه - بصف جديد - في قم سنة 1418 ه.

* نقض فتاوى

الوهابية.

تأليف : الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (1294 -

1373 ه).

رسالة مختصرة ، أفردت من كتاب المصنف الآيات

البينات في قمع البدع والضلالات ، الذي رد

فيه على عدد من فرق الزيغ والضلال ، ومنها الوهابية.

تضمنت الرسالة الرد على فتوى لعلماء المدينة جوابا

لاستفتاء عبد الله بن بليهد ، قاضي قضاة الوهابيين ، المنشورة في جريدة العراق

الصادرة في 13 ذي القعدة

سنة 1344 ه ، والتي قررت - في ما قررت - بأن البناء

على القبور ممنوع ، ويجب هدمه.

تم - في هذه الرسالة - الاستدلال على مشروعية بناء

القبور ، وبيان فضل زيارتها ،

استنادا على الأحاديث الصحيحة الواردة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ،

وإيراد رأي عدد من علماء العامة في الموضوع.

طبعت الرسالة لأول مرة في النجف - ضمن الكتاب

المذكور - سنة 1345 ه.

ثم نشرت مستقلة على صفحات نشرتنا هذه

تراثنا في العدد 13 في شوال 1408 ه ، بتحقيق السيد غياث

طعمة.

وأعادت طبعها بالتصوير مستقلة مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في قم سنة 1416 ه ، وصدرت ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم 5 ،

بعد إجراء التعديلات اللازمة وإعداد الفهارس الفنية للكتاب.

ثم أعادت طبعها مستقلة - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في

بيروت سنة 1419 ه.

كما ألحق بالكتاب ، معجم

ما ألفه علماء الأمة الإسلامية للرد على خرافات الدعوة الوهابية ،

المعد من قبل السيد عبد الله محمد علي ، والمنشور في تراثنا ،

ص: 414

العدد 17 في شوال 1409 ه.

* الرد على

الوهابية.

تأليف : العلامة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي (1282

- 1352 ه).

رسالة صغيرة الحجم ، كبيرة المحتوى ، شملت جل

المباحث اللازمة للرد على شبهات هذه الفرقة الضالة ، باعتماد الدليل النقلي

القوي من أمهات المصادر المعتمدة

لدى الجمهور - كالبخاري ومسلم .. وغيرها - ، والبرهان العقلي المقنع.

تضمنت : البحث في توحيد الله تعالى في العبادة وفي

الأفعال ، زيارة القبور ،

التبرك بها ، البناء عليها ، الصلاة عندها ، التوسل إلى الله بالأنبياء

والأولياء والاستغاثة

والاستشفاع بهم إليه جل وعلا.

طبعت الرسالة لأول مرة في النجف ، وفيها تاريخ

الفراغ من كتابتها في 14 ربيع الأول سنة 1345 ه ، وليس عليها تاريخ الطبع.

ثم نشرت محققة على صفحات نشرتنا هذه تراثنا ،

العددين 35 - 36 في ربيع الآخر 1414 ه ، بتحقيق السيد محمد علي الحكيم اعتمادا

على النسخة المطبوعة حجريا.

وأعادت طبعها بالتصوير مستقلة

مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في قم سنة 1416 ه ، وصدرت ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا برقم 6 بعد

تعديلات وإضافات أجراها المحقق.

ثم أعادت طبعها مستقلة - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في بيروت سنة 1419 ه.

* ثورة الإمام

الحسين عليه السلام ،

ظروفها الاجتماعية وآثارها الإنسانية.

تأليف : الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

دراسة تتناول بعض جوانب وأبعاد ثورة الإمام الحسين عليه السلام

ونهضته المباركة ، بعيدا عن السرد التاريخي المحض.

تشتمل على تحليل للظروف السياسية والاجتماعية

والنفسية التي أحاطت بالثورة الحسينية ، وتحليل لدوافعها وأسبابها وغاياتها ، من

خلال استعراض الأحداث والمواقف التاريخية الثابتة ، ثم البحث في آثارها ونتائجها

في الحياة الإسلامية ، وعطائها الإنساني لكل زمان ، مع عرض موجز للثورات التي

تلتها مستلهمة منها البواعث والدروس والعبر.

صدر الكتاب لأول مرة في بيروت ، ثم أعيد طبعه في

بغداد ، ثم في بيروت في

ص: 415

السنين 1395 ، 1397 ، 1398 ، 1400 ه.

وأعادت طبعه - بصف جديد مع إضافات - المؤسسة

الدولية للدراسات

والنشر

في بيروت سنة 1417 ه.

* القول

المبين عن وجوب مسح الرجلين.

تأليف : العلامة الكراجكي ، الشيخ أبي الفتح محمد

بن علي بن عثمان ،

المتوفى سنة 449 ه.

رسالة مختصرة ، أفردت من كتاب كنز الفوائد للمصنف ،

تتعلق بالخلاف الفقهي في مسألة مسح أو غسل الرجلين في الوضوء.

أوضحت بأسلوب متين ورصين ، وبالدليل والبرهان المرتكزين

على الأصول الثابتة ، المتفق عليها ، صحة ما تقول به الإمامية من أن الشريعة

جاءت بالمسح دون الغسل.

طبع كتاب كنز

الفوائد في إيران سنة 1322 ه على الحجر - وبضمنه هذه الرسالة

- ، ثم طبع طبعة حديثة بتحقيق الشيخ عبد الله نعمة في بيروت معتمدا على الطبعة

الحجرية.

كما نشرت مستقلة على صفحات نشرتنا هذه تراثنا في

العدد 19 في ربيع

الآخر 1410 ه ، بتحقيق علي موسى

الكعبي ، معتمدا مخطوطة مكتوبة سنة 677 ه ، إضافة إلى المطبوعة حجريا.

وأعادت طبعها بالتصوير مستقلة مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في قم سنة 1417 ه ، وصدرت ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم 7.

ثم أعادت طبعها مستقلة - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في بيروت سنة 1419 ه.

* عجالة

المعرفة في أصول الدين.

تأليف : ظهير الدين الراوندي ، الشيخ محمد بن سعيد

بن هبة الله بن الحسن ، من أعلام القرن السابع الهجري.

من كتب الكلام النادرة ، إذ كان في عداد المفقود من

التراث ، يبحث في أصول الدين الاعتقادية - التوحيد ، النبوة ، الإمامة ، العدل ،

المعاد - بمنهج فريد ، اعتمد - كأساس - الحاجة التي يحسها الإنسان في وجوده ،

وبأسلوب واضح ومحكم في عبارته البليغة المختصرة ، وترتيبه المتناسق في عرض

القواعد الكلامية وربط فصول الكتاب.

سبق أن نشر الكتاب محققا على صفحات نشرتنا هذه

تراثنا في العدد 29

ص: 416

في شوال 1412 ه ، بتحقيق السيد محمد رضا الحسيني

الجلالي ، معتمدا

على مخطوطة واحدة.

وأعادت طبعه بالتصوير مستقلا مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في

قم سنة 1417 ه ، وصدر ضمن : سلسلة

ذخائر تراثنا ، برقم 8 ، بعد إضافات

وتعديلات أجراها المحقق.

ثم أعادت طبعه مستقلا - أيضا - مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث في

بيروت سنة 1419 ه.

كتب

صدرت حديثا

* موسوعة

الإمام الصادق عليه السلام ، ج

2 - 9.

تأليف : السيد محمد كاظم القزويني ، المتوفى سنة

1415 ه.

موسوعة تشتمل على ما تم جمعه من الأحاديث والروايات

المروية عن الإمام الصادق ، جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام (80 -

148 ه) في شتى العلوم والمعارف ، والواردة في أمهات المصادر الحديثية والتفسيرية

والرجالية ، وغيرها من كتب المناقب والتاريخ والمصادر المعتمدة عند الإمامية

وعند غيرهم - بأسانيدها

ودون نظر إلى حكمها - مع بحث ، أو توضيح ، أو تعليق

يرتبط بالموضوع كلما استدعت الحاجة.

تضمن الجزء (2) تتمة ما جاء

في الجزء (1) من كتب العامة التي ورد فيها أحاديث وروايات عن

الإمام عليه السلام ، مع ذكر اليسير

من الجوانب المختلفة لحياته الشريفة المشرقة المعطاءة ، وتضمن الجزء

(3)

الحياة السياسية للإمام عليه السلام

والحكام

الذين عاصرهم من الأمويين والعباسيين ،

والظروف الصعبة التي مرت به عليه السلام.

فيما اشتملت الأجزاء الأخرى على ما

ورد عنه عليه السلام في مواضيع :

العقل والجهل

والعلم والتوحيد والعدل ، النبوة العامةوتاريخ وقصص الأنبياء والمرسلين ، تاريخ

وحياة وسيرة خير خلق الله سبحانه ،

الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، في

موضوع الإمامةوما يرتبط بها من مواضيع ، مع ذكر مناقب

وفضائل أهل البيت عليهم السلام

وكراماتهم

ومآثرهم ، وأخيرا في سيرة وتاريخ سيد

العترة ، أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي

طالب عليه السلام.

صدرت الأجزاء في قم ، الثاني سنة

1415 ه ، والثالث والرابع سنة 1416 ه ، والخامس والسادس سنة 1417 ه ،

والسابع والثامن والتاسع سنة 1418 ه.

ص: 417

* العقائد

الإسلامية ، ج 1 و 2.

إعداد : مركز المصطفى للدراسات الإسلامية.

موسوعة عقائدية مقارنة ، تشتمل على ما تم جمعه

وتبويبه وترتيبه من مسائل

العقيدة الإسلامية ، المبثوثة في مصادر الخاصة والعامة ، وتعرض موادها العلمية الأساسية

عرضا مقارنا ، إذ تعرض ما ورد في مصادر الشيعة عن الموضوع وما يتعلق به ، وما

ورد في مصادر غيرهم عن الموضوع نفسه ، للمقارنة بين الأقوال والآراء المختلفة

فيه.

تستقصي الموسوعة ما اختص بهذه المسائل من الآيات

القرآنية الكريمة ،

والأحاديث والآراء المرتبطة بها من مصادرها الأساسية في التفسير والحديث والفقه

وأصول الفقه ... وغيرها ، والمعتمدة عند المذاهب المختلفة.

اشتمل الجزء الأول على مسائل الباب الأول : الفطرة

والمعرفة ، فطرة السماوات

والأرض ، وفطرة الناس على معرفة الله

سبحانه وتوحيده.

ووجوب

المعرفة والنظر : وجوب معرفة الله تعالى ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وخليفة

النبي في كل زمان ، الحجة المعصوم ،

والآخرة والمعاد والحساب.

فيما اشتمل الجزء الثاني على الباب

الثاني : التوحيد ، ومسائل الرؤية والتشبيه

والتجسيم ، رؤية الباري تعالى بالعين ،

وتشبيهه بخلقه ، وأنه على صورة البشر

وله عينان ويدان ورجلان!! تعالى الله عن

ذلك علوا كبيرا.

نشر : مركز المصطفى للدراسات الإسلامية - قم / 1419

ه.

* الإيمان

والكفر وآثارهما على الفرد

والمجتمع.

إعداد : مركز الرسالة.

بحث يتناول إحدى المسائل المصيرية في حياة الفرد

والمجتمع ، وهي مسألة

الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، الذي

هو مصدر خير للبشرية ، والكفر ، الذي هو

مصدر شر لها ، ويحاول تشخيص معالم

الإيمان والكفر ، وبيان آثارهما في دعم

فطرة الإنسان الأولى وتقويتها وصيانتها والحفاظ عليها من الانزلاق في مسالك

الحياة المادية.

تضمنت فصول البحث : معنى وحقيقة

الإيمان ، مراتب وعوامل زيادته ، أنواعه :

الفطري والمستودع والكسبي ، علامات المؤمن : عبادية ونفسية وأخلاقية

ص: 418

واجتماعية ، ثم معنى وموجبات الكفر ، وجوهه وحدوده

ومنازله ، أصول

الكفر وعلامات الكافر ، عوامل زوال

الإيمان ، وحكم مرتكبي الكبائر.

ثم بيان أثر الإيمان والكفر على الفرد

من خلال الإشارة إلى أبرز معطيات

الإيمان الحضارية عبر آثاره المتعددة :

العلمية والعملية والنفسية وغيرها.

وعلى المجتمع من خلال التعرض لآثارهما في علاقات

الإخاء والاحترام والنصيحة بين الأفراد ، وتغيير الروابط

الاجتماعية ، وأن الإيمان يمنح المجتمع

البركة والقوة.

صدر ضمن سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(13).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1419 ه.

* الشيعة ،

نشأتهم وأصولهم العقائدية.

تأليف : السيد علاء الدين القزويني.

دراسة موجزة ، تعتمد تفاسير القرآن

الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام في

بيان

أصل الشيعة وبداية نشوء التشيع الذي

كان على يد صاحب الشريعة المقدسة

المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

وعرض لأصول عقائد الإمامية في

توحيد الله عزوجل ،

وعدله تعالى ، ونبوة

الأنبياء عليهم السلام ، وإمامة

الأوصياء عليهم السلام ،

والمعاد والحساب في الآخرة.

صدر في قم سنة 1417 ه.

* المقرر في

توضيح منطق المظفر.

تأليف : السيد رائد الحيدري.

كتاب المنطق للعلامة الشيخ محمد رضا

المظفر (1322 - 1383 ه) ، المطبوع

مرارا في بغداد والنجف وإيران ، يعد من

كتب الدراسة المهمة في الحوزات العلمية

إلى الآن ، لاستيعابه جل مسائل المنطق

وقواعده ، بأسلوب جميل وعبارات جزيلة

وحجج قوية.

وهذا الكتاب تعليق وشرح لمقاصده ومعانيه ، وحل

لتمارينه ، مع توضيح لما

أشكل من آراء علماء هذا الفن ، باعتماد

مصنفات الأعلام في الموضوع.

اعتمد في ضبط متن الكتاب على

طبعتيه الثانية في بغداد والثالثة في النجف.

اشتمل الكتاب على مدخل في تعريف

المنطق والعلم وأقسام العلم : التصور

والتصديق ، الضروري والنظري ، ثم

أبحاث المنطق التي توزعت في ستة

أبواب ، تضمنتها أجزاء الكتاب الثلاثة ، إذ

ضم الأول : مباحث الألفاظ ومباحث

ص: 419

الكلي ، والمعرف والقسمة ، والثاني : القضايا

وأحكامها ، والحجة وهيئة تأليفها ،

والثالث : الصناعات الخمس.

نشر : المنتدى الحيدري الثقافي - قم / 1419 ه.

*

الحلقة الثالثة ، القسم 1.

تأليف : السيد علي حسن مطر.

كتاب يشتمل على مجموعة من الأسئلة والأجوبة ،

قوامها مادة الحلقة الثالثة من كتاب دروس

في علم الأصول للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (1353 -

1400 ه) ، وهو من كتب الدراسة في الحوزات العلمية ، موزعة بترتيب يهدف إلى توضيح

مواد هذه الحلقة ، وتيسير دراستها وفهمها للطلاب.

صدر في قم سنة 1418 ه.

* الصفوة من الصحابة

والتابعين ، ج 2.

تأليف : حسين الشاكري.

عرض لسيرة وحياة 50 صحابيا وتابعيا من الذين جاهدوا

في سبيل الله بأموالهم

وأنفسهم وأهلهم وأولادهم ، وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل ترسيخ العقيدة الإسلامية

ونشر تعاليم الدين الإسلامي

الحنيف ، وفضح المنافقين ، المتظاهرين بالإسلام ،

الطامعين في الحكم ، المنحرفين

عن جادة الشريعة الإسلامية السمحاء ، محاولين تشويه الرسالة المحمدية وإعادة الحكم

الإسلامي جاهليا قبليا ، والذين عانوا من ظلم وجور هؤلاء الحكام بسبب ولائهم

اللا محدود لأهل البيت عليهم السلام.

ضم هذا الجزء ، ترجمة 26 صحابيا وتابعيا و 15

صحابية وتابعية.

صدر في قم سنة 1418 ه.

*

السيد حيدر الحلي شاعرا.

تأليف : السيد مدين الموسوي.

دراسة عن حياة شاعر الحسين ، السيد

حيدر الحلي الحسيني (1831 - 1887 م) ، وتسليط الضوء على دوره وموقعه في

الأدب العربي والساحة الثقافية الأدبية العراقية في أواخر القرن التاسع عشر ، وعطائه

الشعري المبدع.

تناولت الدراسة : الحالة العامة وطبيعة الحياة

السياسية والاجتماعية والأدبية ، بيئة الشاعر وعصره ، نسبه ونشأته ، معالم شخصيته

، آثاره الأدبية ، القضايا المعنوية في شعره والأغراض الشعرية المطروقة ، والنواحي

الشكلية في شعره : النص الإبداعي للشاعر من ناحية اللغة الشعرية ،

ص: 420

والصورة الشعرية ، والرمز الذي استخدمه في نتاجه

الفني.

نشر

: دار الثقلين - بيروت / 1418 ه.

* إحراق بيت

فاطمة عليها السلام.

تأليف : الشيخ حسين غيب غلامي.

دراسة لهذه القضية التاريخية العقائدية المهمة ، وتتبع

لها في كتب العامة ، وبيان لصحة أسانيدها ووثاقة رواتها ، بالاستناد إلى المصادر

المعتمدة عند غير الإمامية.

تعنى الدراسة ببيان النصوص والألفاظ الواردة بخصوص

هذا الخبر ، مع بيان

جلالة شأن مصنفي الكتب التي أوردته ، وتوثيقات طرقه ورواته عند كل مصنف ،

وإثبات إقدام الخليفة الثاني - وحلفه - على إحراق بيت الزهراء عليها السلام بمن

فيه إرهابا

وتهديدا لمن فيه ، وتصريح الخليفة الأول في سكرات موته بالندم على كشفه بيت

الزهراء عليها السلام وتمنيه عدم

قيامه بذلك.

كما تضمنت ذكر بعض مناقب وفضائل الزهراء عليها السلام ،

ومنزلتها عند أبيها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ،

وجملة من خصائصها ،

وشرف بيتها ، وغضبها على الأول والثاني

حتى وفاتها صلوات الله وسلامه عليها.

صدر في قم سنة 1417 ه.

* علل الأحكام

في الإسلام.

تأليف : الشيخ طعمة سعد.

جمع وترتيب للأحاديث النبوية الشريفة ، وروايات

أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام ،

الواردة بخصوص بيان علل وأسباب تشريع بعض أحكام الشريعة المقدسة.

اشتمل على بيان علل : الإقرار بالعبودية لله سبحانه

وتعالى ، معاجز الأنبياء ، الإمامة ، الصلاة ، الزكاة ، الصوم ، الحج ، بعض

المحرمات ، وأمور أخرى متفرقة.

كما اشتمل على ما كتبه الإمام الرضا علي بن موسى عليهما السلام

للمأمون في محض الإسلام ، ووصية الإمام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام في

الحقوق.

نشر : منشورات ذوي القربى - قم / 1419 ه.

* * *

ص: 421

كتب

قيد التحقيق

* مختصر بصائر

الدرجات.

للشيخ الحسن بن سليمان الحلي ، من أعلام القرن

التاسع الهجري.

كتاب بصائر

الدرجات للشيخ سعد بن عبد الله الأشعري ، المتوفى سنة 295

أو 301 ه ، وهو غير كتاب بصائر الدرجات للشيخ

الصفار ، المتوفى سنة 290 ه. يشتمل على طائفة - في قسمين - من الأحاديث النبوية

الشريفة وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام

الواردة في مواضيع شتى ، منها : في بيان فضلهم وصفاتهم عليهم السلام وما فضلهم

الله عزوجل به ، والتسليم لما جاء -

مقطوعا بصحته - عنهم عليهم السلام ،

وخصوصا ما ورد عنهم في موضوع «الرجعة» في الحياة الدنيا وقبل أوان الساعة.

كما يشتمل على بيان بعض كراماتهم ومناقبهم وفضائلهم

الكثيرة ، إضافة إلى

عدة مواضيع أخرى.

ومختصره هذا مرتب في أبواب على ترتيب أصله.

يقوم بتحقيقه : مشتاق المظفر معتمدا على ثلاث نسخ

مخطوطة ، محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في

مدينة مشهد المقدسة ، تاريخ استنساخ اثنين منها سنة 1079 ه والثالثة سنة 1089 ه.

* التعازي.

للسيد محمد بن علي بن الحسن الكوفي الشجري ،

المتوفى سنة 445 ه. كتاب يشتمل على الأحاديث والروايات التي تدعو وتحث على

التمسك بالقيم الأخلاقية العالية ، وتبادل مشاعر

العطف والتعاطف الإنساني ، وتعزية الناس بعضهم لبعض حين حلول المصائب بهم ، وما

يقال لأهل المصيبة ، تسهيلا وتهوينا لوقعها عليهم ومواساة لهم.

كما تضمنت بداية الكتاب ذكر طريق الرواية عن مؤلفه

، وذكر أحاديث وفاة

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

وهو يعد من مصادر مستدرك

الوسائل للشيخ النوري (1254 - 1320 ه).

يقوم بتحقيقه : فارس حسون كريم معتمدا على نسخة

مخطوطة واحدة.

* * *

ص: 422

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.