تراثنا المجلد 53

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1419 ه.ق

الصفحات: 466

ص: 1

محتويات العدد

*كلمة التحرير :

*الحداثة والتراث

................................................................. هيئة التحرير 7

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (11).

................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 13

*الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهديّ والمسيح.

................................................ الشيخ محمّد باقر الإلهي القمّي 53

*السُنّة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله (1).

..................................................... السيّد علي الشهرستاني 100

*أحسن الفوائد في أحوال المساعد.

.................................................. السيّد محمّد جواد الشبيري 180

ص: 2

*دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية (2).

.................................................. السيّد ثامر هاشم العميدي 241

*فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (1)

....................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سره 285

*مصطلحات نحوية (10).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 347

*من ذخائر التراث :

*رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان - للسيّد محمّد باقر الشفتي الجيلاني.

..................................... تحقيق : السيّد عبدالكريم محمّد الموسوي 355

*من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 443

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان للسيّد محمّد باقر الشفتي الجيلاني. (1175 - 1260 ه) المنشورة في هذا العدد ، ص 355 - 442.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

كلمة العدد : الحداثة والتراث

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

في الحديث عن ظاهرة مميزة كالتي نبسط الكلام فيها وفي معطياتها وأبعادها ، لا بد لنا أن نتوفر على فكرة أساسية تحمل تصورا شاملا يقودنا إلى تبني مساحة مستقلة من الرأي عما يطرح بصددها من أفكار ورؤى مغايرة أو متطابقة.

ونحن إذ نشهد منذ عقود من الزمن دخول تأثيرات هذه الظاهرة ومثيلاتها إلى عقر دورنا وثقافتنا وسلوكنا ، لا نملك إلا أن نقف حائرين مستسلمين أمام ما تحمل من أضرار فادحة تطال البناء الأخلاقي والاجتماعي والنفسي وغير ذلك ، لا سيما أن الغرب المتسلط عود غيره من سكان المعمورة على تلقي كل نزعاته ، وإفراغات حقده ، ونزواته ، تلقيا

ص: 7

حسنا .. مرة بالتدريج البطئ ، ومرات أخرى بعمليات اختراق سريعة مفاجئة أشبه ما تكون بالصعقات الكهربائية.

إن مفهوما غربيا وافدا - كالحداثة - بصيغته المعاصرة لا يجعل تعاملنا معه منطلقا من حسن النية والحيادية!

ونحن وإن كنا نختزن في ذاكرتنا الحضارية العتيدة ركاما هائلا من التجارب والمخزونات ، هي حصيلة هذا السفر الطويل في رحاب المعرفة الإسلامية الفذة ، وتلاقحها مع غيرها ، حتى تشكلت بها كل وجوه التمدن الإسلامي الغابر .. ولم تعد لدينا مشكلة عالقة في مفاهيم التواصل الواثق مع الآخر - يومذاك - لأن كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.

فمفهوم «التحديث والتجديد» مفهوم إسلامي ضارب في كل جذور المعرفة والثقافة الإسلاميتين ، والتواصل مع القديم والتراث من خلال إبرازه بصورة حسنة جديدة ، ماثل لمن شاء أن يتصفح تاريخنا ..

نحن برغم كل ذلك لا نملك إلا أن نقف حذرين بوجه دخول صرعات الحداثة الغربية البائسة إلى واقعنا وثقافتنا اليومية.

والحداثة الغربية - بالمناسبة - لا تملك هوية ، أو طابعا خاصا ، أو اتجاها محددا ، بل هي مجموعة (حداثات) غير متجانسة ترتدي كل يوم لبوسا مرتبكا مهلهلا ، فهي انعكاس لحال الغرب المعاصر التائه المضطرب!

بل إنها - وللحقيقة المحضة - جملة تراكمات وإسقاطات هائلة متخلفة من العواصف والهزات الكبرى التي زلزلت الغرب في ماضيه وحاضره!

ص: 8

بل هي مجموعة عقده ومشاكله المتأصلة المستعصية!

بل هي داؤه الكبير الذي عجز عن معالجته فهرب عدواه - حانقا حاقدا - إلى الآخرين!

وتقدم (الحداثة) نفسها على أنها إشكالية تستعصي على الحل! ولكنها تقود إلى الإبداع! من خلال التميز والفرادة ، وتأكيد العابر والمؤقت وانبثاق الأشياء بصورة جديدة عشوائية!! معتمدة على التخطي والتجاوز المنفصل عن حركة التاريخ والمجتمع!!

وهي ليست نهائية أو جازمة ، بل هي طور من العلاقات الغامضة والمتداخلة في لعبة خفية!!

وهي استجابة آنية للقفز على الثوابت!! في مراوغة زئبقية متغيرة الوجوه والدلالات!!

ولقد ظهر جليا من كل ذلك أنها - حيث انتشرت في أوروبا قبيل نهاية القرن الميلادي الماضي - كانت تتصدر قائمة صرعات الخواء الروحي ، والعنف الموجه للآخر ، وتكريس العزلة والأنانية ، واندثار المثل والقيم ، حتى وصفها كتاب أوروبا : بالشيطانية ، والمثالية الزائفة ، والهلوسة والعبثية.

كما لا تنكر (الحداثة) أنها ولدت في أحضان الشذوذ والانحطاط ، وأن للحركات الهدامة المشبوهة كالماسونية والصهيونية يدا في تبلورها ..!

ولقد اكتسحت صرعات الحداثة الموقوتة مجمل الواقع الثقافي الأوروبي لنصف قرن قبل أن يبدأ انحسارها ، ناشئة مع صعود (هيراكليت)

ص: 9

و (هيغل) و (ماركس) ، رغم أن الأخير لا يمجد النزعة الفردية .. وسقوط أمثال : (كير كيغارد) و (نيتشه) ، رغم أن الثاني ممن تدين له الحداثة بالولاء .. مارة بقوائم طويلة من منظريها وروادها ، أمثال : (مايا كوفسكي) و (ألكسندر بلوك) و (بريخت) و (ألان تودين) و (هنري لوفيفر) و (ميشيل فوكوه) و (إدغار ألن بو) و (أدموند ولسن) و (كولن ولسون) و (جيمس ماكفارلين) ... وغيرهم ، من أقصى اليمين حتى أقصى اليسار ، شيوعيين ، اشتراكيين أوروبيين ، رأسماليين ، فوضويين ، عبثيين ، سرياليين ، رمزيين ، دادائيين ، لا منتمين ، مهرطقين ... وإلى آخر القائمة ..

لا يجمعهم جامع ، ولا ينتهجون نهجا واضحا سوى النزق ، والخروج عن القيم ، والتمرد عليها ، وحب الظهور ، وتقديس الأنا ، والسعي الحثيث إلى الشهرة الزائفة ، وادعاء الريادة ، والضحك من التاريخ ، والسخرية من المقدس ، وتكريس السوادوية ، حتى عدها بعضهم - الحداثة - : فنا منحطا ، أو : نوعا من الجنون الأبدي المتمرد ، المسقط للقيم في عواصم الغرب الثقافية : لندن وباريس وجنيف وبرلين وموسكو و... ثم نيويورك وسواها في العالم الجديد ..

إن هذه (الحداثة) المجلوبة ، المفروضة بالهيمنة الاستعمارية - كناتج أساسي لها - وفي ظل نظريات مثل : (العالم الثالث) و (منطقة العواصف الثورية) و (أسواق جنوب الأرض) ، هي نوع من (الاستيراد القسري) فيما يدعي (النظام العالمي الجديد) حرية السوق وتوطيد سلطته!

ولو سلمنا أن (الحداثة) قد أنجزت فعلها في الغرب ، فكيف كانت (الحداثة المجلوبة) لنا ، التي أريد لها أن تندمج وتتسلل إلى غير بيئتها وصيروراتها وحيثياتها؟!

ص: 10

نترك جواب ذلك لكل من يتصفح التاريخ المعاصر ..

ولقد كانت مثل هذه الحداثة ، وما زالت فلولها الباقية ، تتقاطع مع «الأصالة» ، بل تجهز عليها بعداء مفضوح ، وقد اختلط على الكثيرين من أتباعها الفرق بينها وبين مفهومي «المعاصرة» و «التأصيل» ، إذ يعني الأول : غرس الجديد الصالح ، وإضافته إلى القديم ، والثاني : استيعاب الوافد الجيد ..

وغير خفي أن ذلك يتم عبر مرجعية فكرية ذات قيمومة متكاملة - كالإسلام العظيم - بمنهجية واثقة ، يصبح التراث من خلالها هو الخصوصية الحضارية الأولى عبر (الإبداع) لا (البدعة) .. مستنيرا بالشعلة الأبدية الوقادة ، المنطلقة من تعاليم الشريعة المقدسة ، بثقليها : القرآن الكريم ، ومذهب أهل بيت العصمة والكمال ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل محمد عليهم السلام ، الطيبين الطاهرين ، اللذين ما تركا شاردة وواردة إلا ولهما حكم فيها ، يستوعب كل احتياجات الفرد الإنساني والمجتمع ، في كل زمان ومكان ، إذ إن الرسالة الإسلامية المجيدة تامة شاملة ، تستقصي أخص خصائص الحياة ومتغيراتها ، بما يمكن البناء على أسسها ، لاتخاذ مواقف وآراء متطابقة تمام التطابق مع الشرع المحمدي الحنيف.

وختاما ، نحن لسنا ضد الجديد الجيد الذي لا يتعارض مع ديننا ، وقيمنا ، وتراثنا الخالد ، بل ضد الوافد الموبوء الذي يجهز على أصالتنا ومعنوياتنا ليحولنا من أسياد إلى أتباع ، ومن حماة حملة للحق واثقين برسالتهم وخط الولاء المقدس لأهل البيت عليهم السلام إلى أذيال مسلوبي التاريخ

والإرادة ، منبهرين بكل زائف قادم من الغرب عبر المارقين من كتاب ومثقفي الانتكاس والارتكاس في حضارة الشيطان المجلب بإعلامه ودعايته

ص: 11

وأدواته الجهنمية الأخرى التي صنعها (الزخرف والزبرج) المادي لا غير ، وضخها في مفاصل الحياة المعاصرة.

فعودة مباركة إلى الثقافة الناصعة في علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفقهائهم ورواة أحاديثهم وتراثهم الثر النفيس ..

هيئة التحرير

ص: 12

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (11)

السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (1).

قال السيد طاب ثراه :

«ألم يجعل لهم الولاية العامة؟! ألم يقصرها بعد الرسول عليهم؟! فاقرأ : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)».

ص: 13


1- سورة المائدة 5 : 55 و 56.

وقال في الهامش :

«أجمع المفسرون - كما اعترف به القوشجي ، وهو من أئمة الأشاعرة ، في مبحث الإمامة من شرح التجريد - على أن هذه الآية إنما نزلت في علي ، حين تصدق راكعا في الصلاة.

وأخرج النسائي في صحيحه نزولها في علي ، عن عبد الله بن سلام.

وأخرج نزولها فيه أيضا صاحب الجمع بين الصحاح الستة ، في تفسير سورة المائدة.

وأخرج الثعلبي في تفسيره الكبير نزولها في أمير المؤمنين ، كما سنوضحه عند إيرادها».

فقيل :

قول المؤلف : «أجمع المفسرون ... على أن هذه الآية إنما نزلت في علي ...» ، من جنس قول سلفه ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة ، والرد عليه هو ما رد به شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن المطهر في منهاج السنة النبوية 4 / 3 - 9 ، فقد قال - رحمه الله - من جملة رده :

قوله : أجمعوا أنها نزلت في علي.

من أعظم الدعاوي الكاذبة ، بل أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي بخصوصه ، وأن عليا لم يتصدق بخاتمه في الصلاة ، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع.

وأما ما ينقله من تفسير الثعلبي ، فقد أجمع أهل العلم بالحديث أن الثعلبي روى طائفة من الأحاديث الموضوعات ، كالحديث الذي يرويه في

ص: 14

أول كل سورة عن أبي أمامة في فضل تلك السورة وكأمثال ذلك ، ولهذا يقولون : هو كحاطب ليل ، وهكذا الواحدي تلميذه ، وأمثالهما من المفسرين ينقلون الصحيح والضعيف ، ولهذا لما كان البغوي عالما بالحديث ، أعلم به من الثعلبي والواحدي ، وكان تفسيره مختصر تفسير الثعلبي ، لم يذكر في تفسيره شيئا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي ، ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي ، مع أن الثعلبي فيه خير ودين ، لكنه لا خبرة له بالصحيح والسقيم من الأحاديث ، ولا يميز بين السنة والبدعة من الأقوال.

وأما أهل العلم الكبار ، أهل التفسير ، مثل تفسير محمد بن جرير الطبري ، وبقي بن مخلد ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، وأمثالهم ، فلم يذكروا بها مثل هذه الموضوعات ، دع من هو أعلم منهم ، مثل تفسير أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، ولا تذكر مثل هذه عن ابن حميد ، ولا عبد الرزاق - مع أن عبد الرزاق كان يميل إلى التشيع ، ويروي كثيرا من فضائل علي ، وإن كانت ضعيفة ، لكنه أجل قدرا من أن يروي مثل هذا الكذب الظاهر -.

وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أن لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد من جنس الثعلبي ، والنقاش ، والواحدي ، وأمثال هؤلاء المفسرين ، لكثرة ما يرويه من الحديث ، ويكون ضعيفا ، بل موضوعا.

وإنما المقصود هنا بيان افتراء هذا المصنف وكثرة جهله حيث قال : قد أجمعوا أنها نزلت في علي ، فيا ليت شعري من نقل هذا الإجماع من أهل العلم العالمين بالإجماع في مثل هذه الأمور؟! فإن نقل الإجماع في مثل هذا لا يقبل من غير أهل العلم بالمنقولات وما فيها من إجماع

ص: 15

واختلاف ، فالمتكلم والمفسر والمؤرخ ونحوهم ، لو ادعى أحدهم نقلا مجردا بلا إسناد ثابت ، لم يعتمد عليه ، فكيف إذا ادعى إجماعا؟! (1).

هذا ، وقد ذكر الواحدي هذا الحديث من رواية محمد بن مروان السدي ، عن محمد بن السائب عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، عن عبد الله بن سلام.

أما أبو صالح باذام أو باذان :

فقد قال ابن معين : ليس به بأس ، وإذا روى عنه الكلبي فليس بشئ.

وقال النسائي : ليس بثقة.

وقال ابن عدي : عامة ما يرويه تفسير ، وما أقل ما له من المسند ، وفي ذلك التفسير ما لم يتابعه عليه أهل التفسير ، ولم أعلم أحدا من المتقدمين رضيه.

وقال ابن حبان : يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه.

وأما محمد بن السائب الكلبي ، فنكتفي هنا بما قاله عنه أبو حاتم الرازي حيث قال : الناس مجمعون على ترك حديثه ، هو ذاهب الحديث ، لا يشتغل به.

وقال النسائي : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.

وقال ابن حبان : وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه ، روى عن أبي صالح التفسير ، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس ، لا يحل الاحتجاج به. 9.

ص: 16


1- منهاج السنة 4 / 3 - 9.

وقال الساجي : متروك الحديث ، وكان ضعيفا جدا ، لفرطه في التشيع ، وقد اتفق ثقات أهل النقل على ذمه وترك الرواية عنه في الأحكام والفروع.

قلت : ومن أراد الاستزادة من الكلام على محمد بن السائب فليراجع تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، فقد جمع فأوعى.

وأما محمد بن مروان السدي ، قال عبد السلام بن حازم عن جرير بن عبد الحميد : كذاب.

وقال ابن معين : ليس بثقة.

وقال ابن نمير : ليس بشئ.

وقال صالح بن محمد : كان ضعيفا ، وكان يضع.

وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث ، متروك الحديث ، لا يكتب حديثه البتة».

أقول :

إعلم أن السيد - رحمه الله - سيتعرض للاستدلال بهذه الآية المباركة في المراجعة رقم 40 فما بعد ، وهو ما أشار إليه بقوله : «كما سنوضحه عند إيرادها».

وقد ذكر هناك أسماء عدة من الأئمة الرواة لحديث نزول الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وبين وجه الاستدلال بها على إمامته

وولايته العامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصورة مفصلة ...

أما هنا ، فاكتفى بما يلي :

ص: 17

أولا : إجماع المفسرين.

وذكر اعتراف القوشجي بقيام الإجماع على نزول الآية في قضية تصدق الإمام في الصلاة ، في كتابه المعروف شرح التجريد.

والقوشجي هو : علاء الدين علي بن محمد الحنفي السمرقندي ، المتوفى سنة 879.

قال قاضي القضاة الشوكاني بترجمته :

«علي بن محمد القوشجي. بفتح القاف وسكون الواو وفتح الشين المعجمة بعدها جيم وياء النسبة ، ومعنى هذا اللفظ بالعربية : حافظ البازي ، وكان أبوه من خدام ملك ما وراء النهر يحفظ البازي.

قرأ على علماء سمرقند ثم رحل إلى الروم ، وقرأ على القاضي زاده الرومي ثم رحل إلى بلاد كرمان فقرأ على علمائها وسود هنالك شرحه للتجريد ... ولما قدم قسطنطينية أول قدمة تلقاه علماؤها ... وله تصانيف منها شرح التجريد الذي تقدمت الإشارة إليه وهو شرح عظيم سائر في الأقطار كثير الفوائد ... وهو من مشاهير العلماء» (1).

وذكر شرحه على التجريد في كشف الظنون ، حيث قال تحت عنوان تجريد الكلام :

«وهو كتاب مشهور اعتنى عليه الفحول ، وتكلموا فيه بالرد والقبول ، له شروح كثيرة وحواش عليها» إلى أن قال : «ثم شرح المولى المحقق علاء الدين علي بن محمد الشهير بقوشجي - المتوفى سنة 879 - شرحا 6.

ص: 18


1- البدر الطالع 1 / 495 - 496.

لطيفا ممزوجا ... وقد اشتهر هذا الشرح بالشرح الجديد " ، ثم ذكر كلامه في ديباجته ، ثم قال : «وإنما أوردته ليعلم قدر المتن والماتن ، وفضل الشرح والشارح» ، ثم ذكر الحواشي على هذا الشرح الجديد ، بما يطول ذكره ، فراجع (1).

وهذه عبارة القوشجي في نزول الآية المباركة :

وبيان دلالتها على الإمامة لأمير المؤمنين :

«بيان ذلك : أنها نزلت باتفاق المفسرين في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته ...» ثم إنه - وإن حاول المناقشة في الاستدلال - لم ينكر اتفاق المفسرين على نزولها في الإمام عليه السلام ، فراجع (2).

أقول :

وممن اعترف من أئمة أهل السنة الأعلام بإجماع المفسرين واتفاقهم على نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام :

1 - القاضي عضد الدين الإيجي (3) ، المتوفى سنة 756 ، في كتابه6.

ص: 19


1- كشف الظنون 1 / 348 - 350.
2- شرح تجريد العقائد : 368.
3- وصفوه بتراجمه بأوصاف ضخمة : «قاضي قضاة الشرق» و «شيخ العلماء» و «شيخ الشافعية» قالوا : «كان إماما في المعقولات ، محققا ، مدققا ، قائما بالأصول والمعاني والعربية ، مشاركا في الفقه وغيره من الفنون» .. «أنجب تلاميذ اشتهروا في الآفاق». الدرر الكامنة 2 / 323 ، البدر الطالع 1 / 326 ، شذرات الذهب 6 / 174 ، طبقات الشافعية - للأسنوي - 2 / 179 ، بغية الوعاة : 296.

المواقف في علم الكلام (1) ، فقد قال في معرض الاستدلال بالآية :

«وأجمع أئمة التفسير أن المراد علي» (2).

2 - الشريف الجرجاني (3) ، المتوفى سنة 816 ، فقد قال بشرح المواقف (4) :

«وقد أجمع أئمة التفسير على أن المراد ب : (الذين يقيمون الصلاة) إلى قوله تعالى : (وهم راكعون) علي ، فإنه كان في الصلاة

راكعا ، فسأله سائل فأعطاه خاتمه ، فنزلت الآية» (5).

3 - سعد الدين التفتازاني (6) المتوفى سنة 793 ، فقد قال في شرح ان

ص: 20


1- قال في كشف الظنون 2 / 1891 : «المواقف في علم الكلام ، وهو كتاب جليل القدر ، رفيع الشأن ، اعتنى به الفضلاء ، فشرحه السيد الشريف ، وشرحه شمس الدين محمد ابن يوسف الكرماني ...» ثم ذكر الشروح والحواشي عليها .. قال : «وهي كثيرة جدا». وقال الشوكاني بترجمة الإيجي : «له : المواقف في علم الكلام ومقدماته ، وهو كتاب يقصر عنه الوصف ، لا يستغني عنه من رام تحقيق الفن». ولاحظ أيضا كلمات الشريف الجرجاني في وصف المواقف في مقدمة شرحه.
2- المواقف في علم الكلام : 405.
3- وصفوه ب : «عالم بلاد الشرق» .. «كان علامة دهره» .. «صار إماما في جميع العلوم العقلية وغيرها ، متفردا بها ، مصنفا في جميع أنواعها ، متبحرا في دقيقها وجليلها ، وطار صيته في الآفاق ، وانتفع الناس بمصنفاته في جميع البلاد ، وهي مشهورة في كل فن ، يحتج بها أكابر العلماء وينقلون منها ، ويوردون ويصدرون عنها» فذكروا فيها شرح المواقف. أنظر : الضوء اللامع 5 / 328 ، البدر الطالع 1 / 488 ، الفوائد البهية : 125 ، بغية الوعاة : 351 ، مفتاح السعادة 1 / 167 ، وغيرها.
4- أنظر : كشف الظنون 2 / 1891.
5- شرح المواقف في علم الكلام 8 / 360.
6- قال الحافظ ابن حجر : «الإمام العلامة ، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان

المقاصد (1) :

«نزلت باتفاق المفسرين ف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين أعطى خاتمه وهو راكع في صلاته» (2).

ثانيا : الأخبار.

فأشار إلى رواية النسائي في صحيحه ، ورواية صاحب الجمع بين الصحاح الستة ، ورواية الثعلبي في تفسيره.

أقول :

رواية النسائي هي - كما في جامع الأصول عن رزين ، وهو صاحب الجمع بين الصحاح الستة - :

«عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورهط من قومي ، فقلنا : إن قومنا حادونا ، لما صدقنا الله 0.

ص: 21


1- ذكره صاحب كشف الظنون 2 ، 1780 فقال : «المقاصد في علم الكلام ... وله عليه شرح جامع» ثم ذكر بعض الحواشي عليه.
2- شرح المقاصد في علم الكلام 5 ، 270.

ورسوله ، وأقسموا لا يكلّمونا ، فأنزل الله تعالى : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا) ، ثمّ أذّن بلال لصلاة الظهر ، فقام الناس يصلّون ، فمن بين ساجد وراكع ، إذا سائل يسأل ، فأعطاه علي خاتمه وهو راكع. فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم - فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون). أخرجه رزين» (1).

و «رزين» هو : رزين بن معاوية العبدري ، المتوفى سنة 535 كما في سير أعلام النبلاء ، وقد وصفه ب : «الإمام المحدث الشهير» (2).

وقال ابن الأثير : «وتلاهم آخرا أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي ، فجمع بين كتب البخاري ومسلم والموطأ لمالك وجامع أبي عيسى الترمذي وسنن أبي داود السجستاني وسنن أبي عبد الرحمن النسائي ، رحمة الله عليهم. ورتب كتابه على الأبواب دون المسانيد».

قال : «وأما الأحاديث التي وجدتها في كتاب رزين - رحمه الله - ولم أجدها في الأصول ، فإنني كتبتها نقلا من كتابه على حالها في مواضعها المختصة بها ، وتركتها بغير علامة ، وأخليت لذكر اسم من أخرجها موضعا ، لعلي أتتبع نسخا أخرى لهذه الأصول وأعثر عليها ، فأثبت اسم من أخرجها» (3).

وأشار السيد إلى رواية الثعلبي في تفسيره. 3.

ص: 22


1- جامع الأصول 9 / 478.
2- سير أعلام النبلاء 20 / 204.
3- جامع الأصول 1 / 19 وص 23.

وقد ترجمنا للثعلبي في البحوث السابقة. وتفسيره فيه الغث والسمين كأي مؤلف آخر ، حتى ما سمي من الكتب بالصحاح!!

* لكن خبر نزول الآية المباركة في شأن أمير المؤمنين عليه السلام لا ينحصر بما عند الثعلبي أو الواحدي أو غيرهما من المفسرين الذين طعن فيهم إمام النواصب ابن تيمية الحراني ، بل جاء بأسانيد معتبرة كثيرة اضطر بعض أتباع ابن تيمية إلى الاعتراف بصحتها ...

* وحتى إن ابن كثير الذي أورد بتفسير الآية جملة من الروايات ، وطعن في بعضها ، قال بعد واحد منها : «هذا إسناد لا يقدح به».

* كما سكت على آخر ، وهو ما أخرجه ابن أبي حاتم :

«حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي ، عن سلمة بن كهيل ، قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع ، فنزلت (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)» (1).

أقول :

«عبد الرحمن بن أبي حاتم» غني عن التعريف (2).

و «أبو سعيد الأشج» هو : عبد الله بن سعيد الكندي ، ثقة ، من رجال الصحاح الستة (3).

و «الفضل بن دكين» من رجالها كذلك ، وهو ثقة ثبت ، من كبار 9.

ص: 23


1- تفسير القرآن العظيم 2 / 64.
2- سير أعلام النبلاء 13 / 247 - 262 رقم 129.
3- تقريب التهذيب 1 / 419.

شيوخ البخاري (1).

و «موسى بن قيس الحضرمي» قال الحافظ : «يلقب : عصفور الجنة ، صدوق ، رمي بالتشيع» (2).

و «سلمة بن كهيل» ثقة ، من رجال الصحاح الستة (3).

* وكان مما طعن فيه ابن كثير الحديث التالي :

«روى ابن مردويه ، من طريق سفيان الثوري ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : كان علي بن أبي طالب قائما يصلي ، فمر سائل وهو راكع ، فأعطاه خاتمه ، فنزلت (إنما وليكم الله ورسوله) الآية».

قال ابن كثير : «الضحاك لم يلق ابن عباس».

قلت :

إذا كان هذا فقط هو المطعن فالأمر سهل :

أما أولا : فإنه - وإن قال بعضهم : «لم يلق ابن عباس» - قد ورد حديثه عنه في ثلاثة من الصحاح (4).

وأما ثانيا : فإنه لو كانت روايته عن ابن عباس مرسلة ، فالواسطة معلومة حتى عند القائل بإرسالها ، فقد رووا عن شعبة ، قال : " حدثني عبد الملك بن ميسرة ، قال : الضحاك لم يلق ابن عباس ، إنما لقي سعيد بن 1.

ص: 24


1- تقريب التهذيب 2 / 110.
2- تقريب التهذيب 2 / 287.
3- تقريب التهذيب 1 / 318.
4- تهذيب الكمال 13 / 291.

جبير بالري ، فأخذ عنه التفسير» (1).

وعليه ، فرواياته عن ابن عباس في التفسير مسندة غير مرسلة ، إذ كلها بواسطة «سعيد بن جبير» الثقة الثبت بالاتفاق ، غير إنه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل تحفظا على سعيد ، لكونه مشردا مطاردا من قبل جلاوزة الحجاج الثقفي ، وتحفظا على نفسه أيضا ، لكونه قصد سعيدا في الري للأخذ عنه ، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين الناس ، لا سيما مثل هذا الخبر الذي يعد من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

هذا ، واعلم أن «ابن سنان» الراوي عن «الضحاك» هو - بقرينة الراوي والمروي عنه - : «سعيد بن سنان البرجمي الكوفي ، نزيل الري» قال الحافظ : «صدوق له أوهام» وعلم عليه علامة : مسلم ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة (2).

ولا أستبعد أن يكون «ابن سنان» هذا أيضا من المشردين اللاجئين إلى الري خوفا من الحجاج ، وأن يكون إسقاط اسم «سعيد بن جبير» منه .. والله العالم.

وكيف كان ، فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب.

فما بال أتباع ابن تيمية يتغافلون عن هذه الأحاديث المعتبرة حتى عند تلميذه ابن كثير الدمشقي؟!

وما بالهم يتغافلون - خاصة - عما رواه ابن أبي حاتم الذي ذكره ابن تيمية - في نفس كلامه الذي اعتمده مقلده المفتري - في عداد «أهل العلم 8.

ص: 25


1- تهذيب الكمال 13 / 293.
2- تقريب التهذيب 1 / 298.

الكبار ، أهل التفسير» الذين «لم يذكروا الموضوعات» في تفاسيرهم؟!

بل لقد عرفت أن المفسرين مجمعون على نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليه السلام ، وأن كبار أئمة القوم معترفون بهذا الإجماع ، وإنكاره من ابن تيمية ومن على شاكلته «من أعظم الدعاوي الكاذبة».

وسيأتي تفصيل الكلام على الآية المباركة ، من الجهات المختلفة ، في المراجعة رقم 40 ، فانتظر ، وبالله التوفيق.

* * *

ص: 26

قوله تعالى : (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) (1)

قال السيد :

«ألم يجعل المغفرة لمن تاب وآمن وعمل صالحا ، مشروطة بالاهتداء إلى ولايتهم ، إذ يقول : (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى)؟!».

فقال في الهامش :

«قال ابن حجر في الفصل الأول من الباب 11 من صواعقه ما هذا لفظه : الآية الثامنة قوله تعالى : (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) قال : قال ثابت البناني : اهتدى إلى ولاية أهل بيته ، صلى الله عليه [وآله] وسلم.

قال : وجاء ذلك عن أبي جعفر الباقر أيضا.

ثم روى ابن حجر أحاديث في نجاة من اهتدى إليهم عليه السلام.

وقد أشار بما نقله عن الباقر إلى قول الباقر عليه السلام للحارث بن يحيى : يا حارث! ألا ترى كيف اشترط الله ، ولم تنفع إنسانا التوبة ولا الإيمان ولا العمل الصالح حتى يهتدي إلى ولايتنا. 2.

ص: 27


1- سورة طه 20 : 82.

ثم روى عليه السلام بسنده إلى جده أمير المؤمنين ، قال : والله لو تاب رجل وآمن وعمل صالحا ولم يهتد إلى ولايتنا ومعرفة حقنا ما أغنى ذلك عنه شيئا. انتهى.

وأخرج أبو نعيم الحافظ ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، عن علي ، نحوه.

وأخرج الحاكم عن كل من الباقر والصادق وثابت البناني وأنس بن مالك ، مثله».

فقيل :

«هذه الآية من سورة طه ، وهي مكية ، نزلت حيث لم يكن علي رضي الله عنه قد تزوج بفاطمة ، ولم ينقل هذا الرأي عن غير ثابت البناني ، وعلى فرض صحة النقل إلى ثابت البناني ، فمن أدرانا أنه يريد ب- «أهل بيته صلى الله عليه [وآله] وسلم» ما تريده الرافضة ، من قصر مدلوله على أبناء علي وفاطمة فحسب.

أما الأحاديث التي رواها ابن حجر في صواعقه ، فقد أشار إليها المؤلف إشارة مجملة ، وهي أحاديث هالكة لا يحتج بها ، ومنها : ما أخرجه الديلمي مرفوعا : إنما سميت ابنتي فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار. قال فيه ابن الجوزي : فيه محمد بن زكريا الفلابي (1) وهو من عمله. وقال ابن عراق : وفيه أيضا : بشر بن إبراهيم الأنصاري. وجاء من حديث علي : قلت : يا رسول الله ، لم سميت فاطمة؟ قال : إن الله فطمها وذريتها عن النار ي.

ص: 28


1- كذا ، والصحيح : الغلابي.

يوم القيامة. أخرجه ابن عساكر ، وفي سنده من ينظر فيه. والله أعلم. تنزيه الشريعة 1 / 413».

أقول :

إن «أهل البيت» بمقتضى الكتاب - كما في آية التطهير - هم : النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وكذا سائر الأئمة الاثني عشر ، بمقتضى حديث الثقلين وحديث السفينة ، ومن هنا صرح غير واحد من حفاظ القوم - بشرح الحديثين - بضرورة وجود من يكون منهم أهلا للتمسك به والاهتداء والنجاة به في كل زمان.

فهذا ما دلت عليه آيات الكتاب وأحاديث السنة النبوية القطعية ، وليس شيئا ترتئيه أو تريده الشيعة ، كما أنه ليس مقصورا على أبناء علي وفاطمة - أي الحسن والحسين - فحسب ، كما جاء في كلام المفتري.

وحينئذ نقول : إن الله تعالى جعل المغفرة لمن تاب وآمن وعمل صالحا مشروطة بالاهتداء إلى ولاية أهل البيت ، سواء كان أهل البيت كلهم أو بعضهم موجودين في عصر المهتدي إلى ولايتهم أو لا ، كما في زماننا إذ لا يوجد منهم إلا المهدي عليه السلام وهو غائب.

إن الاهتداء إلى ولاية أهل البيت كالاهتداء إلى الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، من حيث إن الواجب على كل فرد مسلم هو الإيمان برسالته ، وبكونه الأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والاقتداء به في جميع الأحوال ، سواء كان معاصرا له أو في زمان متأخر .. إلى يوم القيامة .. فكذلك الاهتداء إلى ولاية أهل بيته ، فإن معناه اتخاذهم أئمة من بعده ، وجعلهم القدوة في جميع الأحوال ، وفي كل الأقوال والأفعال ...

ص: 29

على أنه لو فرض ضرورة وجودهم عند نزول الآية المباركة ، فقد كان رسول الله وعلي وفاطمة عليهم الصلاة والسلام موجودين في ذلك الوقت ، ولم يكن الاهتداء إلى ولايتهم مشروطا بتزوج علي من فاطمة ، وبوجود الحسنين ، كما تبين مما ذكرنا.

و «ثابت البناني» لا يريد إلا هذا المعنى ، وهو من رجال الصحاح الستة ، وعن أحمد بن حنبل : «كان محدثا ، من الثقات المأمونين ، صحيح الحديث» (1).

ووصفه الذهبي ب «الإمام القدوة ، شيخ الإسلام» ، قال : «وكان من أئمة العلم والعمل» (2).

وقال الحافظ ابن حجر : «ثقة عابد» (3).

هذا ، والسند إليه صحيح :

قال الحافظ الحاكم الحسكاني : «أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : حدثنا عمر بن شاكر البصري ، عن ثابت البناني ، في قوله : (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) ، قال : إلى ولاية أهل بيته» (4).

* فأما «الحاكم الحسكاني» فقد ترجمنا له في البحوث السابقة.

* وأما «أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه» فهو : أبو بكر التميمي 2.

ص: 30


1- تهذيب الكمال 4 / 346.
2- سير أعلام النبلاء 5 / 220.
3- تقريب التهذيب 1 / 115.
4- شواهد التنزيل 1 / 492.

الأصفهاني النيسابوري ، المتوفى سنة 430 :

1 - قال الحافظ عبد الغافر الفارسي النيسابوري : «أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث ، الإمام أبو بكر التميمي الأصبهاني ، المقرئ ، الأديب ، الفقيه ، المحدث ، الدين ، الزاهد ، الورع ، الثقة ، الإمام بالحقيقة ، فريد عصره في طريقته وعلمه وورعه ، لم يعهد مثله ، ورد من أصبهان سنة 409 ، فحضر مجالس النظر وأعجب الكل حسن بيانه وسكونه وتفننه في العلوم ، وكان عارفا بالحديث ، كثير السماع ، صحيح الأصول ، فأخذ في الرواية إلى آخر عمره مقيما بنيسابور ...

قرأت بخط الحسكاني - وكان من المكثرين عنه ، المختصين بالاستفادة منه - أنه قال : توفي أبو الشيخ بأصبهان سنة 369 وهو ابن 97 سنة» (1).

2 - وقال الذهبي : «أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحرث التميمي ، أبو بكر الأصبهاني ، المقرئ النحوي ، سكن نيسابور ، وتصدر للحديث ولإقراء العربية. وروى عن أبي الشيخ وجماعة ، وروى السنن عن الدارقطني ، توفي في ربيع الأول وله 81 سنة» (2).

3 - وقال ابن العماد كذلك (3).

* وأما «عبد الله بن محمد بن جعفر» فهو : أبو الشيخ الأصبهاني ، المتوفى سنة 369 : 5.

ص: 31


1- تاريخ نيسابور - المنتخب من السياق - : 107.
2- العبر في خبر من غبر - حوادث سنة 430 - 2 / 262.
3- شذرات الذهب 3 / 245.

1 - قال الخطيب البغدادي : «كان أبو الشيخ حافظا ثبتا متقنا» (1).

2 - وقال ابن مردويه : «ثقة مأمون» (2).

3 - وقال أبو نعيم : «كان أحد الأعلام ... وكان ثقة» (3).

4 - وقال الذهبي : «أبو الشيخ : الإمام الحافظ الصادق ...» (4).

* وأما «موسى بن هارون» فهو : موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان الحمال ، المتوفى سنة 294 :

1 - قال الخطيب : «كان ثقة حافظا» (5).

2 - وقال الذهبي : «الإمام الحافظ الكبير الحجة الناقد ، محدث العراق ...» (6).

* وأما «إسماعيل بن موسى الفزاري» الكوفي ، المتوفى سنة 245 :

1 - قال أبو حاتم : «صدوق» (7).

2 - وذكره ابن حبان في الثقات (8).5.

ص: 32


1- سير أعلام النبلاء 16 / 287.
2- سير أعلام النبلاء 16 / 287.
3- سير أعلام النبلاء 16 / 287.
4- سير أعلام النبلاء 16 / 287.
5- تاريخ بغداد 13 / 50.
6- سير أعلام النبلاء 12 / 116.
7- الجرح والتعديل 1 / 1 / 196.
8- الثقات - لابن حبان - 8 / 104 - 105.

3 - وقال الذهبي : «صدوق شيعي» (1).

4 - وقال المزي : «روى عنه : البخاري في كتاب أفعال العباد. وأبو

داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، وأبو يعلى ، و...» (2).

* وأما «عمر بن شاكر البصري» فإنه :

1 - من رجال الترمذي ، وقد قال : «شيخ بصري ، يروي عنه غير واحد من أهل العلم» (3).

2 - وذكره ابن حبان في الثقات (4).

3 - وقال البخاري : «مقارب الحديث» (5).

بقي الكلام حول شواهد تفسير الآية :

هذا ، ويشهد بذلك أحاديث كثيرة ، ومن ذلك :

الأحاديث التي رواها ابن حجر في صواعقه ، وهذا كلامه بطوله :

«الآية الثامنة : قوله تعالى : (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) ، قال ثابت البناني : اهتدى إلى ولاية أهل بيته صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وجاء ذلك عن أبي جعفر الباقر أيضا. 5.

ص: 33


1- الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستة 1 / 129.
2- تهذيب الكمال 3 / 210.
3- صحيح الترمذي 4 / 256.
4- الثقات 5 / 151.
5- هامش تهذيب الكمال 21 / 385.

وأخرج الديلمي مرفوعا : إنما سميت ابنتي فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار.

وأخرج أحمد ، إنه صلى الله عليه [وآله] وسلم أخذ بيد الحسنين ، وقال : من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة. ولفظ الترمذي - وقال : حسن غريب - : وكان معي في الجنة.

ومعنى المعية هنا معية القرب والشهود ، لا معية المكان والمنزل.

وأخرج ابن سعد عن علي : أخبرني رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : إن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين. قلت : يا رسول الله : فمحبونا؟ قال : من ورائكم» (1).

أقول :

فهذه عدة أحاديث أوردها ابن حجر المكي في ذيل الآية المباركة ، لتكون شواهد لقول ثابت البناني.

قال المفتري :

«وهي أحاديث هالكة لا يحتج بها ، ومنها ما أخرجه الديلمي ...».

قلت :

الأحاديث المذكورة ثلاثة ، أحدها : ما أخرجه الديلمي ... والثاني : ما 1.

ص: 34


1- الصواعق المحرقة : 91.

أخرجه أحمد والترمذي .. ، والثالث : ما أخرجه ابن سعد ...

وكلها أحاديث هالكة لا يحتج بها؟!

إن هذا الموضع مما يذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث المتفق عليه - : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت».

ونحن نتكلم باختصار حول الحديث في المسند وصحيح الترمذي ،

ثم نتعرض لما قاله حول ما أخرجه الديلمي :

* لقد جاء في المسند ما نصه : «حدثنا عبد الله ، حدثني نصر بن علي الأزدي ، أخبرني علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ، حدثني أخي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن حسين - رضي الله عنه - ، عن أبيه ، عن جده ، إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] أخذ بيد حسن وحسين - رضي الله عنهما - فقال : من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة» (1).

وجاء في صحيح الترمذي : «حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، أخبرنا علي بن جعفر ...» (2).

أما «عبد الله» فهو الإمام الحافظ الثبت عند جميعهم بلا كلام ، وكذا «الترمذي».

وأما «نصر بن علي» فهو الجهضمي الثقة الثبت بالاتفاق.

وأما «علي بن جعفر» فمقبول عندهم كما نص عليه الحافظ (3) 3.

ص: 35


1- مسند أحمد 1 / 77.
2- صحيح الترمذي 5 / 599 باب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.
3- تقريب التهذيب 2 / 33.

وشارح الترمذي (1).

وهو يرويه عن آبائه الطاهرين أئمة أهل البيت عليه السلام ، الذين لا يتكلم في واحد منهم إلا من خبثت طينته ولم تطب ولادته!!.

* وأما ما أخرجه الديلمي مرفوعا :

فقد رواه الخطيب البغدادي بإسناده عن ابن عباس - في حديث - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «وإنما سماها فاطمة لأن الله تعالى ...» ثم قال :

«في إسناد هذا الحديث من المجهولين غير واحد ، وليس بثابت» (2).

وغاية هذا أن يكون الحديث بهذا الإسناد ضعيفا ، وأما كونه موضوعا وبجميع أسانيده فكذب وزور ، والخطيب لا يقول ذلك ... فما رواه ابن حجر ليس موضوعا.

لكن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات على عادته في التسرع بالحكم بالوضع ، وخاصة في ما يتعلق بأهل البيت عليهم السلام.

ثم ذكر بعده ما رواه بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنما سميت فاطمة لأن الله تعالى فطم محبيها عن النار».

فقال بعد هذا الحديث : «هذا عمل الغلابي ، وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه كان يضع الحديث» (3). 2.

ص: 36


1- تحفة الأحوذي 10 / 163.
2- تاريخ بغداد 12 / 331.
3- الموضوعات 1 / 421 - 422.

قلت :

قد ذكرنا في البحوث السابقة أن «الغلابي» - وهو شيخ الحافظ الطبراني - مؤرخ محدث لا سبيل للطعن فيه ، وإنما تكلم فيه من تكلم لتشيعه لأهل البيت ، وقد ثبت أن التشيع لا يضر بالوثاقة ، كما نص عليه القوم كالحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري.

لكن ابن الجوزي معروف بالتعصب والتعنت ، وقد نص غير واحد من أئمة القوم كابن الصلاح والنووي والسيوطي على أن كتابه الموضوعات اشتمل على ما ليس بموضوع بكثرة ، ولذا تعقبه غير واحد من الحفاظ كالسيوطي في كتابيه اللآلئ المصنوعة والتعقبات على الموضوعات.

وفي هذا الموضع أيضا تعقبه السيوطي في اللآلئ المصنوعة (1) وكذا ابن عراق في تنزيه الشريعة (2) وردا عليه الحكم بوضع هذه الأحاديث ...

لكن المفتري لا يشير إلى شئ من ذلك ، بل يوهم أن ابن عراق موافق لابن الجوزي في الحكم على هذه الأحاديث بالوضع!!

ثم إن من أحاديث الباب ما عن ابن مسعود وغيره ، قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على

النار».

وقد أدرجه أيضا ابن الجوزي في الموضوعات ، بل قال إمام أهل الضلال ابن تيمية في منهاجه : «كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث» (3).ة.

ص: 37


1- اللآلئ المصنوعة 1 / 366 ط دار الكتب العلمية.
2- تنزية الشريعة المرفوعة 1 / 413 ط دار الكتب العلمية.
3- منهاج السنة 2 / 126 الطبعة القديمة.

لكن هذا الحديث مما صححه الحاكم في مستدركه (1).

وأخرجه الجم الغفير من أئمة الحديث ، ونحن نكتفي بما ذكره العلامة المحقق المغفور له السيد عبد العزيز الطباطبائي ، تقديرا لجهده ، وتخليدا لذكره ، فإنه قال :

«حديث : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار.

أخرجه البزار في مسنده 5 / 223 ح 1829 ، وأبو يعلى في مسنده الكبير كما في المطالب العالية 4 / 70 ح 3987 ، والطبراني في المعجم الكبير 22 / 406 ح 1018.

وأخرجه الحافظ ابن شاهين في كتاب فضائل فاطمة بثلاثة طرق : ح 10 وح 11 وح 12 ، وليس في الأخيرين عمر بن غياث ، وأخرجه في كتاب السنة كما يأتي من السيوطي.

وأخرجه الدارقطني في العلل 5 / 65 سؤال 710 ، والحاكم في المستدرك 3 / 152 ، وأخرجه تمام الرازي في فوائده بثلاثة طرق (الروض البسام 4 / 315 - 318 رقم 1492 ، 1493 ، 1494) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 4 / 188 ، والمهرواني في فوائده كما في الروض البسام 4 / 317 و 318.

وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 3 / 54 ، وابن المغازلي في كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام : 353 ح 403 ، والخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام 1 / 55 ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه ج 5 ق 23 / ب وج 17 ق 386 / ب. ة.

ص: 38


1- المستدرك على الصحيحين 3 / 165 ح 4726 ط دار الكتب العلمية.

وأخرجه المزي في تهذيب الكمال 35 / 251 ، والمحب الطبري : 26 و 48 ، والكنجي في كفاية الطالب : 222 من الطبعة الأولى وص 366 من الطبعة الثانية ، والزرندي في نظم درر السمطين : 180 ، والذهبي في تذهيب تهذيب الكمال في ترجمتها عليها السلام ، والخزرجي في خلاصته : 3 / 389 ، والحافظ العسقلاني في زوائد مسند البزار وفي المطالب العالية النسخة المسندة : ق 155 / ب ، والسيوطي في الثغور الباسمة : 46 ، وفي إحياء الميت : ح 38 ، قال : أخرج البزار وأبو يعلى والعقيلي وابن شاهين في السنة ...

والمتقي في كنز العمال : ح 34220 ، والزرقاني في شرح المواهب اللدنية 3 / 203 ، والصبان في إسعاف الراغبين : 120 ، والشبلنجي في نور الأبصار : 41 ، والدوسري في الروض البسام 4 / 315» (1).

شواهد أخرى :

هذا ، وهناك شواهد أخرى كثيرة في الأحاديث النبوية ، وكلها صريحة في أن الله سبحانه جعل المغفرة مشروطة بولاية أهل البيت عليهم السلام ، وأن الله سبحانه يغفر لشيعتهم ، والملائكة تستغفر لمذنبيهم ، وأن الجنة محرمة على من آذاهم وأبغضهم وخالفهم ... ومن ذلك :

* ما أخرجه أحمد والحاكم - وصححه - وجماعة ، عن عمار ، عن رسول الله.

قال الحاكم : «أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبد الله بن أحمد ة.

ص: 39


1- تعليقة الغدير 3 / 249 الطبعة الحديثة.

ابن حنبل ، قال : حدثني أبي ، حدثنا سعيد بن محمد الوراق ، عن علي بن الحزور ، قال : سمعت أبا مريم الثقفي يقول : سمعت عمار بن ياسر - رضي الله عنه - يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي :

يا علي! طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك.

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " (1).

وتكلم في «سعيد بن محمد الوراق» وقد وثقه الحاكم وابن حبان ، وأخرج له الترمذي وابن ماجة ، وهو من مشايخ أحمد بن حنبل.

وفي «علي بن الحزور» وقد بين الحافظ السبب بقوله : «متروك ، شديد التشيع» (2) ، مع أنه قد نص في مقدمة فتح الباري على أن التشيع بل الرفض غير مضر بالوثاقة.

* وروى الحافظ ابن كثير في تاريخه ، قال : «وقال غير واحد عن

أبي الأزهر أحمد بن الأزهر : ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله ابن عبيد الله ، عن ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم نظر إلى علي فقال : أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة ، من أحبك فقد أحبني ، وحبيبك حبيب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، وبغيضك بغيض الله ، وويل لمن أبغضك من بعدي» (3).

رواه ابن كثير ولم يتكلم عليه بشئ بالرغم من تكلمه في كثير غيره. 6.

ص: 40


1- المستدرك على الصحيحين 3 / 145 ح 14657 ط دار الكتب العلمية.
2- تقريب التهذيب 2 / 33.
3- البداية والنهاية 7 / 356.

* وأخرجه الحافظ الهيثمي عن ابن عباس باختلاف ، فقال : «رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات».

لكنه - بعد الشهادة بصحته - لم تطق نفسه فقال : «إلا أن في ترجمة أبي الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري أن معمرا كان له ابن أخ رافضي ، فأدخل هذا الحديث في كتبه ، وكان معمر مهيبا لا يراجع ، وسمعه عبد الرزاق» (1).

فانظر كيف يطعن في عدة من أئمة الحديث ليطعن في حديث من فضائل أمير المؤمنين!!

وهذا أسلوب آخر يتبعونه بعض الأحيان لإسقاط أخبار مناقب الوصي ، أما مناقب غيره المزعومة فلا مجال فيها لمثل هذا الأسلوب!!

ثم إن مما يزيد في التعجب : أن يكون «ابن كثير» هنا أقل من «الهيثمي» في التعصب!!

* وروى الهيثمي «عن عبد الله بن نجي ، أن عليا أتي يوم النضير بذهب وفضة فقال : ابيضي واصفري وغري غيري ، غري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك ، فشق قوله ذلك على الناس ، فذكر ذلك له ، فأذن في الناس ، فدخلوا عليه ، قال : إن خليلي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : يا علي! إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم عليك عدوك غضابا مقمحين ، ثم جمع يده إلى عنقه يريهم الإقماح».

قال الهيثمي : «رواه الطبراني في الأوسط. وفيه جابر الجعفي ، وهو ة.

ص: 41


1- مجمع الزوائد 9 / 133 ، المعجم الأوسط - للطبراني - 5 / 166 ح 4751 ط دار الحديث القاهرة.

ضعيف» (1).

وهذا من التعصب أيضا! فإن جابرا من رجال ثلاثة من الصحاح ، فقد أخرج عنه أبو داود والترمذي وابن ماجة ، وروى عنه من الأئمة الأعلام : إسرائيل بن يونس ، وزهير بن معاوية ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وشريك بن عبد الله ، وشعبة بن الحجاج ، ومعمر بن راشد ، وأبو عوانة ، وآخرون.

ثم رووا عن سفيان : «كان جابر ورعا في الحديث ، ما رأيت أورع في الحديث منه».

وعن شعبة : «جابر صدوق في الحديث».

وعن زهير بن معاوية : «إذا قال سمعت ، أو سألت ، فهو من أصدق الناس».

وعن وكيع : «مهما شككتم في شئ فلا تشكوا في أن جابرا ثقة».

وعن سفيان الثوري أنه قال لشعبة : «لئن تكلمت في جابر الجعفي لأتكلمن فيك» (2).

لكن جابرا من علماء الشيعة ، قال الذهبي : «جابر بن يزيد [د ، ت ، ق] بن الحارث الجعفي الكوفي ، أحد علماء الشيعة» (3) ، وكان يشتم أصحاب النبي (4) وكان يؤمن بالرجعة (5).

إذا ، لا بد من جرحه وإسقاط أحاديثه! 0.

ص: 42


1- مجمع الزوائد 9 / 131.
2- تهذيب الكمال 4 / 466.
3- ميزان الاعتدال 1 / 379.
4- ميزان الاعتدال 1 / 383.
5- ميزان الاعتدال 1 / 380.

قال ابن عدي : «له حديث صالح ، وقد روى عنه الثوري الكثير ، مقدار خمسين حديثا ، وشعبة أقل رواية عنه من الثوري ، وقد احتمله الناس ورووا عنه ، وعامة (1) ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة. ولم يختلف أحد في الرواية عنه ، وهو مع هذا كله أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق» (2).

إلا أنهم وقعوا في مشكلة شديدة ، فإن الرجل لم يختلفوا في الرواية عنه ، والكلمات التي يروونها في حقه كلمات جليلة ، من رجال عظماء ، كسفيان الثوري ، ومعمر ، وشعبة ... حتى إنهم يروون أن بعض الأكابر كسفيان بن عيينة كان من أشدهم قولا فيه ، أو نهى عن السماع منه ، لعقيدته ، ومع ذلك لم يترك الرواية عنه ، وقد حدث عنه الحديث الكثير ...

فابتدعوا هنا أسلوبا آخر ، فقال أحدهم - وهو في معرض جرح الرجل - : «وأما شعبة وغيره من شيوخنا - رحمهم الله تعالى - فإنهم رأوا عنده أشياء لم يصبروا عنها وكتبوها ليعرفوها ، فربما ذكر أحدهم عنه الشئ بعد الشئ على جهة التعجب ، فتداوله الناس بينهم» (3).

فانظر كيف يتلاعبون بالروايات والسنن ...

فتارة يقولون : أن «معمرا» كان له ابن أخ رافضي ، فأدخل الحديث أو الأحاديث في كتب معمر ، فلم يشعر معمر بذلك ولا تلامذته كعبد الرزاق ابن همام ، ولا غيرهم ... حتى وصلت إلينا بأسانيد صحيحة ...!! 0.

ص: 43


1- كذا ، ولعله : وغاية.
2- تهذيب الكمال 4 / 469.
3- كتاب المجروحين لابن حبان 1 / 208 ط دار الوعي / حلب ، عنه في هامش تهذيب الكمال 4 / 470.

وأخرى يقولون : إن شعبة ومعمرا وغيرهما كتبوا أحاديث جابر وهم غير مصدقين بها ، وإنما ليعرفوها! ثم جعلوا يحدثون بها لتلامذتهم على جهة التعجب ، لكن التلامذة كتبوها غير ملتفتين إلى ذلك ، وتداولها الناس بينهم ... حتى وصلت إلينا بأسانيد صحيحة ...!!

ثم يأتي دور القسم ، فإنهم بعدما رأوا أن السند صحيح ، ولا مجال للطعن فيه بشكل من الأشكال ، قالوا : «لا والله» ، ومن ذلك قول الذهبي - بعد حديث في مناقب الصديقة الطاهرة بضعة الرسول ، صححه الحاكم في كتاب المستدرك - : «لا والله بل موضوع» (1).

(فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) (2).

* * * 9.

ص: 44


1- المستدرك على الصحيحين 3 / 153 ذ ح 4727.
2- سورة البقرة 2 : 79.

قوله تعالى : (إنا عرضنا الأمانة ...) (1)

قال السيد طاب ثراه :

«ألم تكن ولايتهم من الأمانة التي قال الله تعالى : (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)».

فقال في الهامش :

«راجع معنى الآية في الصافي وتفسير علي بن إبراهيم وما رواه ابن بابويه في ذلك عن كل من الباقر والصادق والرضا ، وما أورده العلامة البحريني في تفسيرها من حديث أهل السنة ، في الباب 115 من كتابه غاية المرام».

أقول :

كتاب الصافي هو تفسير للقرآن الكريم بالأخبار الواردة عن الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام ، وهو من تأليف الشيخ محمد محسن الفيض الكاشاني ، المتوفى سنة 1091.

وكذا تفسير الشيخ علي بن إبراهيم القمي. 2.

ص: 45


1- سورة الأحزاب 33 : 72.

* وابن بابويه هو : أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين القمي ، المتوفى سنة 381.

ويلقب عند الإمامية ب : (الصدوق) و (رئيس المحدثين).

ترجم له الخطيب في تاريخه إذ قال : «محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، أبو جعفر القمي ، نزل بغداد وحدث بها عن أبيه ، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة ، حدثنا عنه محمد بن طلحة النعالي ...» (1).

وقال الذهبي : «ابن بابويه ، رأس الإمامية ، أبو جعفر محمد بن العلامة علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، صاحب التصانيف السائرة بين الرافضة.

يضرب بحفظه المثل.

يقال : له 300 مصنف ...

وكان أبوه من كبارهم ومصنفيهم.

حدث عن أبي جعفر جماعة ، منهم : ابن النعمان المفيد ، والحسين ابن عبد الله بن الفحام ، وجعفر بن حسنكيه القمي» (2).

قلت :

والنعالي - شيخ الخطيب - هو : محمد بن طلحة بن محمد بن عثمان ، المتوفى سنة 413 :

قال الخطيب : «كتبت عنه ، وكان رافضيا» قال : «حدثني أبو القاسم 3.

ص: 46


1- تاريخ بغداد 3 / 89.
2- سير أعلام النبلاء 16 / 303.

الأزهري ، قال : ذكر ابن طلحة بحضرتي يوما معاوية بن أبي سفيان فلعنه» (1).

* وأما علي بن إبراهيم - صاحب التفسير - فقد ترجم له ابن حجر العسقلاني وقال : «رافضي جلد ، له تفسير فيه مصائب. يروي عن : ابن أبي داود وابن عقدة وجماعة.

وهو علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الإمامية ، وذكره محمد بن إسحاق النديم في الفهرست» (2).

أقول :

المقصود أنهم ترجموا لعلي بن إبراهيم ولابن بابويه ، وهم وإن أوجزوا - كما هي عادتهم عندما يترجمون لعلماء الإمامية - لم يطعنوا فيهما ولم يجرحوا ...

* * * 1.

ص: 47


1- تاريخ بغداد 5 / 384.
2- لسان الميزان 4 / 191.

قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) (1)

قال السيد :

«ألم تكن من السلم الذي أمر الله بالدخول فيه فقال : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان)؟!».

فقال في الهامش :

«أخرج العلامة البحريني في الباب 224 من كتابه غاية المرام اثني

عشر حديثا من صحاحنا في نزولها بولاية علي والأئمة من بنيه ، والنهي عن اتباع غيرهم. وذكر في الباب 223 أن الأصفهاني الأموي روى ذلك عن علي من عدة طرق».

أقول :

«الأصفهاني الأموي» هو : أبو الفرج علي بن الحسين صاحب كتاب الأغاني وكتاب مقاتل الطالبيين المتوفى سنة : 356 ، ينتهي نسبه إلى مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، وكان أديبا فاضلا ، عالما بأيام الناس والأنساب والسير ، روى عنه جماعة من كبار الأئمة ، كالدارقطني ، وصنف كتبا كثيرة ، أشهرها ما ذكرناه ، وهما مطبوعان منتشران ، ومصنفاته 8.

ص: 48


1- سورة البقرة 2 : 208.

الأخرى مخطوطة أو مفقودة ، منها كتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام وهو الكتاب الذي نقل عنه السيد البحراني المتوفى سنة 1107 في كتابه غاية المرام بلا واسطة مما يدل على وجوده عنده ، وقد ذكر هذا الكتاب لأبي الفرج الشيخ أبو جعفر الطوسي ، حيث ترجم له فقال : «له كتاب الأغاني ، كبير. وكتاب مقاتل الطالبيين ، وغير ذلك من الكتب ، وكتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام ، وكتاب فيه كلام فاطمة عليها السلام في فدك. وغير ذلك من الكتب» ثم قال الشيخ أبو جعفر : «أخبرنا عنه جماعة منهم أحمد بن عبدون بجميع كتبه ورواياته. وروى عنه الدوري» (1).

وكذا سماه شيخنا الطهراني في الذريعة (2) وسماه ابن شهرآشوب باسم : كتاب التنزيل في أمير المؤمنين (3) وتبعه بعض المؤلفين في التراجم

كصاحب ريحانة الأدب في المعروفين بالكنية واللقب.

* * * 1.

ص: 49


1- الفهرست : 223 - 224.
2- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 19 / 28.
3- معالم العلماء : 141.

قوله تعالى : (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) (1)

قال السيد :

«أليست هي النعيم الذي قال الله تعالى : (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم)؟!».

فقال في الهامش :

«أخرج العلامة البحريني في الباب 48 من كتابه غاية المرام ثلاثة

أحاديث من طريق أهل السنة في أن النعيم هو ما أنعم الله على الناس بولاية رسول الله وأمير المؤمنين وأهل البيت ، وأخرج في الباب 49 اثني عشر حديثا من صحاحنا في هذا المعنى ، فراجع».

فقيل - بعد الآية التي فيها ذكر «الأمانة» - :

«لم يقل أحد من المفسرين الذين يعتد بأقوالهم أن الولاية - بمفهوم الرافضة - من الأمانة ، ولهذا أحال المؤلف في الحواشي على تفاسير الرافضة وكتبهم ، ومنها : الصافي وبلوغ المرام (2) ، وهي ليست حجة.

وكمثال على ذلك : فإن صاحب الصافي هذا ممن يقول بتحريف القرآن الكريم ، وممن يسب الصحابة سبا مقذعا ، بل ويكفرهم في تفسيره المذكور.م.

ص: 50


1- سورة التكاثر 102 : 8.
2- كذا ، والصحيح : غاية المرام.

راجع : التعليق على هذه المراجعة ، منهج الشيعة في التفسير».

أقول :

هذا كلامه في التعليق على الاستدلال بالآية التي فيها ذكر «الأمانة» ، أما الآية التي فيها الأمر بالدخول في «السلم» والتي فيها السؤال عن «النعيم» فلم يعلق عليهما بشئ ، مع أن السيد لم يرجع فيهما إلى شئ من تفاسير الإمامية.

وأما إرجاع السيد إلى كتاب غاية المرام فإنما هو للوقوف على روايات أهل السنة الموجودة فيه ، فإنه كتاب جامع بين روايات الخاصة والعامة في كل مورد ، ولذا سماه مؤلفه - المحدث الثقة الجليل السيد هاشم ابن سليمان البحراني ، المتوفى سنة 1107 أو 1109 - ب : غاية المرام في حجة الخصام عن طريق الخاص والعام ، وقال في مقدمته : «إني ذاكر في هذا الكتاب ما هو الحجة على الخاص والعام في النص على الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بالنص من الرسول برواية الصحابة والتابعين عن النبي ، بأن الإمام بعده أمير المؤمنين علي ... من طرق العامة والخاصة ، عن المشايخ الثقات عند الفريقين ، مما سطروه في مصنفاتهم المعلومة عند الفئتين ، وكتابي هذا يطلعك على ما ذكرت لك ، مروي من صحاح العامة المتفق على صحتها عندهم ، فهم لا يتهمون في نقل ذلك المروي عن ثقاتهم وفحول رجالهم ...».

إذن ، فإن الإرجاع إلى غاية المرام في الحقيقة إرجاع إلى الكتب السنية المنقولة رواياتها فيه ، إلى جنب روايات الخاصة المنقولة عن الكتب المعتبرة عندهم ... وليس إرجاعا إلى كتاب من كتب الإمامية كي لا يكون

ص: 51

حجة عند الخصم.

على أنه إذا لم تكن كتب الشيعة حجة عند أهل السنة ، فكتب أهل السنة أيضا ليست بحجة عند الشيعة ، فلماذا لا نجد في بحوث هؤلاء المتطفلين إلا الاجترار والتكرار لما جاء في كتب أبناء تيمية وكثير والجوزي؟!!

وعلى الجملة ، فإن تفسير «الأمانة» و «السلم» و «النعيم» ب «ولاية أهل البيت» وارد في كتب الفريقين وبروايات الطرفين ، وهذا هو المقصود إثباته.

ولا يقدح في ذلك كون صاحب الصافي «يسب الصحابة» أو يقول «بتحريف القرآن».

على أن أحدا من الإمامية - لا صاحب الصافي ولا غيره - لا يسب الصحابة ، وإنما هو اللعن للمنافقين منهم ، وهذا أمر واجب كتابا وسنة ، بل هو ضروري من ضروريات الإسلام.

كما إنا قد أشرنا - في موضعه سابقا - إلى مسألة تحريف القرآن ، وإن أهل العلم والفضل من المسلمين يعرفون القائل به من النافي له ، وقد حققنا ذلك في كتاب مستقل منتشر ، أسميناه ب : التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف ، فمن شاء التفصيل فليرجع إليه.

هذا ، ولكن الغرض من التعرض لمثل هذه الأمور في مثل هذا المقام هو التحريف والتغفيل كما هو شأن أهل الغواية والتضليل.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

للبحث صلة ...

ص: 52

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهديّ والمسيح

الشيخ محمد باقر الإلهي القمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي نصب لكل عصر إمام هدى ، فلم يدع أمر الخلق إليهم سدى ، ووعد الصالحين من عباده أن يورثهم الثرى ، بعدما ملئت أطباقها ظلما وجورا ، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين ، وقائد الغر المحجلين ، محمد وعلى آله أولي التقى والطاعة ، لا سيما المنتظر الموعود به قبل قيام الساعة.

وبعد :

فإن كثيرا ممن يدعي اتباع السنة وملازمة الجماعة ، قد دلع لسانه بإرجاف المؤمنين ورميهم بكل شناعة ، منكرا عليهم اعتقادهم خروج المهدي المنتظر الموعود به في آخر الزمان ، عند انفراط الأمر ، وكثرة الهرج والمرج ، وامتلاء الدنيا ظلما وجورا ، وضرب بالأحاديث الصحيحة ، والسنن الصريحة عرض الجدار ، فويل لهم مما عملوا ، وويل لهم مما يصنعون.

ص: 53

وقد ازداد هذا الأمر شدة عند جماعة من المنتمين إلى العلم - وهم خلو منه - حتى تولى كبر ذلك مشايخ سوء (1) فضحهم الله على رؤوس الأشهاد ، وأخزاهم في الدنيا قبل المعاد.

وربما تشبث المنكرون لأمر المهدي عليه الصلاة والسلام بما رواه ابن ماجة والحاكم عن أنس : «لا مهدي إلا عيسى بن مريم».

وهذا من فرط جهلهم وضلالهم ، إذ قد بلغ الفرق بينهما في الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار.

ولما كانت هذه الفتنة يستفحل أمرها زمانا ، وتخمد نار ضلالتها أحيانا ، رأيت أن أجمع في ذلك رسالة تكون وازعة للجاهلين ، ورادعة للضالين عن إنكار ما علم ثبوته بالتواتر ، والخوض في ما لا يبلغه فكرهم القاصر ، عسى الله أن يقطع بذلك دابرهم ، ويكشف عن أهل الحق شرهم ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير.

ورتبتها على ثلاثة أبواب وخاتمة.

* * * ل.

ص: 54


1- كابن خلدون وأضرابه من المتقدمين ، ومحمد رشيد رضا ، ومحمد فريد وجدي ، ومحمد عبد الله السمان ، وعبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية بقطر ، فإنه كتب - بعد وقوع حادثة الحرم المكي الشريف غرة محرم الحرام سنة 1400 ه على يد جهيمان بن سيف العتيبي وأنصاره - رسالة في إنكار المهدي سماها «لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر» وقد استوفى الكلام في الرد عليه الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد. وأمثال هؤلاء الذين يدعون العلم بالسنة ، كثيرون في كل صقع ومكان ، فيقتحمون في ما ليس من شأنهم ، فيخبطون خبط عمياء ، في ليلة ظلماء ، فيفضحون أنفسهم ، ويضلون أقواما آخرين ، ولو سكتوا لكان خيرا لهم وأقوم ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الباب الأول

في الكلام عن حديث : «لا مهدي إلا عيسى بن مريم»

وفيه ثلاثة فصول :

الفصل الأول

في ذكر مخرجيه والتعريف بحال رواته

فنقول وبالله تعالى التوفيق :

أخرج ابن ماجة في سننه ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، حدثني محمد بن خالد الجندي ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدبارا ، ولا الناس إلا شحا ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا المهدي إلا عيسى بن مريم (1).

وفي رواية الحاكم : «ولا الدين» بدل «ولا الدنيا» ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم (2).

قال الحاكم في المستدرك : فذكرت ما انتهى إلي من علة هذا الحديث تعجبا لا محتجا به في المستدرك على الشيخين (3).3.

ص: 55


1- سنن ابن ماجة 2 / 1340 - 1341 ح 4039.
2- المستدرك على الصحيحين 4 / 441 ح 8363.
3- المستدرك على الصحيحين 4 / 442 ضمن ح 8363.

وقد أخرجه ابن مندة في فوائده ، والقضاعي في مسند الشهاب (1) ، وأبو يوسف الميانجي من طريق ابن خزيمة وابن أبي حاتم وزكريا الساجي بطريقهم عن يونس بن عبد الأعلى (2).

والكلام عليه يقع تارة في متن الحديث ، وأخرى في إسناده.

أما متنه :

فإنه ورد من غير طريق محمد بن خالد الجندي ، مجردا عن هذه الزيادة المنكرة ، فقد أخرجه الطبراني والحاكم في المستدرك (3) ، كلاهما من طريق مبارك بن سحيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لن يزداد الزمان إلا شدة ، ولا يزداد الناس إلا شحا ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس» (4).

وهذا اللفظ لم تذكر فيه تلك الزيادة المنكرة الباطلة التي يدركها كل عاقل بالبداهة ، فدل على أنها من صنيع الجندي (5).

قال الإمام المحدث أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الحسني 4.

ص: 56


1- مسند الشهاب 2 / 68 ح 198.
2- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 376 - : 584.
3- أنظر : المعجم الكبير - للطبراني - 19 / 357 ح 835 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 442.
4- ورواه ابن السمعاني - كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 441 - بلفظ : «لا يزداد الأمراء إلا شدة» ، وهو تصحيف ظاهر.
5- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 376 - : 584.

الغماري المغربي في كتابيه إبراز الوهم المكنون وفتح الوهاب (1) : وتلك عادته ، فقد زاد أيضا زيادة باطلة في حديث صحيح متفق عليه ، وذلك مما يدل على القطع بكذبه ، فقد ذكر ابن عبد البر في ترجمة يزيد بن عبد الهاد من التمهيد : أن محمد بن خالد الجندي هذا روى عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : تعمل الرحال إلى أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجدي ، ومسجد الأقصى ، ومسجد الجند.

قال ابن عبد البر - عقب ذكر الحديث - : محمد بن خالد متروك ، والحديث لا يثبت.

قال المحقق الغماري : يعني بهذه الزيادة التي زادها هذا الدجال (محمد بن خالد الجندي) من إعمال الرحلة إلى مسجد بلده الجند.

وأما إسناده :

* ففيه : يونس بن عبد الأعلى الصدفي.

وقد طعن الناس فيه مع كونه من رجال مسلم وابن ماجة والنسائي بسبب تفرده بهذا الحديث عن الشافعي.

فأورده الذهبي في الضعفاء وقال : وثقه أبو حاتم وغيره ونعتوه بالحفظ إلا أنه تفرد عن الشافعي بذاك الحديث «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» وهو منكر جدا (2). 7.

ص: 57


1- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 378 - : 586 ، فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب 2 / 109.
2- ميزان الاعتدال 7 / 317 ح 9917.

وقال أيضا في تذكرة الحفاظ - بعد نقل توثيقه - : قلت : له حديث منكر عن الشافعي (1) ، ثم ساقه بإسناده.

وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (2) : قال مسلمة بن قاسم : كان حافظا ، وقد أنكروا عليه تفرده بروايته عن الشافعي حديث «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» أخرجه ابن ماجة عنه (3) ، وكذا الذهبي يدعي أن يونس دلسه (4).

وذكر الحلواني في رسائله الخمس عن بعضهم : أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول : كذب علي يونس بن عبد الأعلى ، ليس هذا من حديثي (5).

* وفي إسناده أيضا : محمد بن خالد الجندي ، وقد رموه بنكارة الحديث وضعفه.

قال الحافظ شمس الدين الذهبي بترجمته في ميزان الاعتدال : قال الأزدي : منكر الحديث (6). انتهى.

وقال الحاكم وأبو حاتم وأبو الحسين الآبري وابن الصلاح في أماليه والحافظ في التقريب : مجهول (7).6.

ص: 58


1- تذكرة الحفاظ 2 / 527.
2- تهذيب التهذيب 6 / 278.
3- سنن ابن ماجة 2 / 1340 - 1341 ح 4039.
4- سير أعلام النبلاء 12 / 351.
5- ذكره في رسائله الخمس المسماة : منظومة القطر الشهدي في أوصاف المهدي عليه السلام - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام 2 / 118 - : 45.
6- ميزان الاعتدال 3 / 535.
7- تقريب التهذيب 2 / 157 رقم 6.

وقال ابن عبد البر : متروك.

وقال ابن تيمية : لا يحتج به.

وحكى الإمام الحافظ الكنجي في البيان عن الشافعي أنه قال : كان

فيه تساهل في الحديث.

قال : وقد ذكر الشافعي في كتاب الرسالة - وكتابه أصل - قال : اتفقوا

على أن الحديث لا يقبل إذا كان الراوي معروفا بالتساهل في روايته (1). انتهى.

فظهر بذلك أن ما ذكره الحافظ عماد الدين ابن كثير في النهاية (2) من كونه شيخ الشافعي ، وأنه ليس بمجهول - كما زعم الحاكم - بل قد حكي عن ابن معين أنه ثقة ، ليس بشئ ، لأنهم قد ردوا على ابن معين توثيقه ، ولم يقبلوه منه.

قال الآبري : وإن وثقه يحيى فهو غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل ، وقد اختلفوا في إسناد حديثه هذا - كما ذكره المحقق ابن الصديق في الرد على ابن خلدون -.

ومن المعلوم المقرر في محله أن الجرح مقدم على التعديل ، ومن جرحه قد ذكر سبب جرحه - وهو مخالفته وانفراده بما عارض القطعي ، مع جهالته - ، ولم يأت ابن معين - مع انفراده بتوثيقه - بما يثبت عدالته ، ولا بما يرفع جهالته ، فقول من جرحه مقدم على جميع الأقوال - كما أفاده المحقق المذكور -. 2.

ص: 59


1- البيان في أخبار صاحب الزمان : 28 - 29.
2- البداية والنهاية 1 / 32.

هذا ، مع شهادة الأئمة بجهالته وسقوطه ونكارة حديثه ، بل جزم في إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون بأنه : كذاب وضاع.

قلت :

وناهيك بكلام هذا الإمام المتتبع الخريت المتضلع في معرفة الأحاديث وطرقها قولا فصلا وحكما جزما ، والله يؤتي الحكمة من يشاء.

* وفي إسناده أيضا : أبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي ، مولاهم.

قال ابن عبد البر في التمهيد : أبان بن صالح ضعيف.

وقال ابن حزم في المحلى : أبان ليس بالمشهور - كما بترجمته في تهذيب التهذيب -.

وقال العظيم آبادي في عون المعبود : متروك الحديث (1).

قلت :

وسيأتي في كلام الحافظ الذهبي بيان الانقطاع بين يونس بن عبد الأعلى وبين الشافعي ، وكذا بين أبان بن صالح وبين الحسن.

على أنه اختلف عليه - أعني الجندي - في حديث الترجمة ، فتارة 2.

ص: 60


1- عون المعبود شرح سنن أبي داود 11 / 362.

جعله عن أبان بن صالح ، عن الحسن ، عن أنس كما تقدم.

وتارة جعله عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن مرسلا.

قال الحاكم (1) : قال صامت بن معاذ : عدلت إلى الجند - مسيرة يومين من صنعاء - فدخلت على محدث لهم فطلبت هذا الحديث فوجدته عنده ، عن محمد بن خالد الجندي ، عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مثله.

قال البيهقي : فرجع الحديث إلى محمد بن خالد الجندي - وهو مجهول - ، عن أبان بن أبي عياش - وهو متروك - ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو منقطع.

قال : والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة (2).

فانكشف ووهى - كما قال الذهبي في الميزان (3) بعد حكايته هذه العلة عن البيهقي -.

قلت :

وفي إسناده أبان بن أبي عياش ، وهو ضعيف متروك لا يحتج به - كما بترجمته في تهذيب التهذيب (4) -.7.

ص: 61


1- المستدرك على الصحيحين 4 / 441.
2- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 379 - : 578.
3- ميزان الاعتدال 3 / 535.
4- تهذيب التهذيب 1 / 65 - 67.

قال الفلاس وابن سعد : متروك الحديث.

وقال البخاري : كان شعبة سيئ الرأي فيه.

وقال أحمد بن حنبل : متروك الحديث ، ترك الناس حديثه منذ دهر.

وقال أيضا : لا يكتب عنه ، قيل : كان له هوى؟ قال : كان منكر الحديث.

وكذا قال وكيع.

وقال ابن معين : ليس حديثه بشئ ، وقال مرة : ضعيف ، وقال مرة : متروك الحديث.

وكذا قال النسائي والدارقطني وأبو حاتم.

وقال النسائي أيضا : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.

وقال أبو عوانة : لا أستحل أن أروي عنه شيئا.

وقال ابن حبان : لعله حدث عن أنس بأكثر من ألف وخمسمائة حديث ، ما لكثير شئ منها أصل.

وقال شعبة : ردائي وخماري في المساكين صدقة إن لم يكن ابن أبي عياش يكذب في الحديث.

وقال أيضا : لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان.

وفي تلخيص المستدرك (1) : عن الحاكم قال : حدثني به - يعني حديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) - عبد الرحمن بن يزداد المزكي ببخارى من أصله ، ثنا عبد الرحمن بن أحمد الرشديني بمصر ، ثنا المفضل الجندي ، ثنا صامت بن معاذ ، ثنا يحيى بن السكن ، ثنا محمد بن خالد 1.

ص: 62


1- تلخيص المستدرك 4 / 441.

الجندي ، فذكره.

قال الذهبي : يحيى بن السكن ضعفه صالح جزرة وقال : ليس بقوي الحديث (1).

وكذا ضعفه الدارقطني (2).

والله الموفق والمستعان.

* * * 9.

ص: 63


1- ميزان الاعتدال 7 / 183 رقم 9533.
2- لسان الميزان 1 / 29.

الفصل الثاني

في الكلام على أصل الحديث وبيان درجته

إعلم - هدانا الله وإياك إلى صراطه المستقيم ومنهجه القويم - أن الجهابذة النقاد من أئمة الحديث لم يعتمدوا على هذا الحديث المنحول إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقيموا له وزنا ، بل أجمعوا على ضعفه ، وأطبقوا على تركه - وإن تأوله بعضهم بما لا ينجع - فذكره مغن عن بيان رتبته وحاله ، لكن لا بأس بإيراد طرف من كلامهم فيه.

قال أبو بكر بن زياد : هذا الحديث غريب.

وقال القرطبي في التذكرة وكذا الطيبي - كما في المرقاة - : الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد

فاطمة ، ثابتة أصح من هذا الحديث ، فالحكم لها دونه (1). انتهى.

وقال العلامة الحافظ شمس الدين الذهبي بترجمة محمد بن خالد الجندي من ميزان الاعتدال : في حديثه «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجة ، ووقع لنا موافقة من حديث يونس بن عبد الأعلى - وهو ثقة - تفرد به عن الشافعي ، فقال في روايتنا : «عن» هكذا بلفظ «عن الشافعي» (2).

وقال في جزء عتيق بمرة عندي من حديث يونس بن عبد الأعلى 5.

ص: 64


1- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة 2 / 617 ، مرقاة المفاتيح - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 475 - : 5 / 186.
2- ميزان الاعتدال 3 / 535.

قال : «حدثت عن الشافعي» فهو على هذا منقطع.

على أن جماعة رووه عن يونس ، قال : «حدثنا الشافعي» والصحيح أنه لم يسمعه منه.

قال : وأبان بن صالح صدوق وما علمت به بأسا ، لكن قيل : إنه لم يسمع من الحسن ، ذكره ابن الصلاح في أماليه.

وذكر الشيخ تقي الدين ابن تيمية في منهاج السنة : أن هذا الحديث ضعيف (1).

قال : وقد اعتمد أبو محمد ابن الوليد البغدادي وغيره عليه ، وليس مما يعتمد عليه ، ورواه ابن ماجة ، عن يونس ، عن الشافعي ، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد بن خالد الجندي ، وهو ممن لا يحتج به ، وليس في مسند الشافعي ، وقد قيل : إن الشافعي لم يسمعه من الجندي ، وإن يونس لم يسمعه من الشافعي. انتهى.

وقال ابن قيم الجوزية في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف : قد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال :

أحدها : أنه المسيح بن مريم ، وهو المهدي على الحقيقة ، واحتج أصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم ، وقد بينا حاله وأنه لا يصح (2).

وقال الإمام الصغاني : موضوع ، كما في الفوائد المجموعة8.

ص: 65


1- منهاج السنة 4 / 211.
2- المنار المنيف في الصحيح والضعيف - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 289 - 148.

للشوكاني (1).

وقال القاري في مرقاة المفاتيح : إعلم أن حديث «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» ضعيف باتفاق المحدثين كما صرح به الجزري (2).

هذا ، وجزم الإمام المحدث العلامة أبو الفيض شهاب الدين أحمد بن الصديق الحسني الغماري المغربي في كتابه القيم الموسوم ب : إبراز الوهم المكنون بأن الحديث باطل موضوع ، مختلق مصنوع ، لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا من كلام أنس ، ولا من كلام الحسن البصري (3).

ثم خاض في تبيين ذلك وإيضاحه من ثمانية وجوه ، استوفى فيها الكلام على هذا الحديث بأطرافه ، بما لم يتكلم فيه أحد بمثله ، ولا تجده في كتاب كما صرح هو بذلك ، وحق ما قال وقد مر بيان بعضها ، فلنذكر ما بقي منها ، وهو وجهان :

الأول : أن مما يدل على بطلان هذا الخبر معارضته للمتواتر المفيد للقطع ، فقد قرر علماء الأصول أن من شرط قبول الخبر عدم مخالفته للنص القطعي على وجه لا يمكن الجمع بينهما بحال.

وقد ذكروا للجمع بين هذا الخبر وبين أحاديث المهدي أوجها ذكر بعضها الطاعن [يعني ابن خلدون] وبعضها غيره كالقرطبي في التذكرة (4)7.

ص: 66


1- الفوائد المجموعة : 510 - 511.
2- مرقاة المفاتيح - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 457 - 5 / 186.
3- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 376 - : 584.
4- التذكرة : 617.

والآبي في شرح مسلم ، وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة (1) وصاحب ينابيع المودة وغيرهم ، وكلها بعيدة لا حاجة تلجئ إليها مع بطلان الخبر ، إذ لا تعارض بين متواتر وباطل (2). انتهى.

قلت :

وقد عقدنا الفصل الثالث لذكر تلك الوجوه والجواب عنها تحذيرا للقاصر من الاغترار بها والركون إليها ، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.

الثاني : أن مما يوجب القطع ببطلانه أيضا كون ذكر المهدي وخبره لم يرد إلا من جهة الشارع ، فكيف يخبر بأمر أنه سيقع - وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى - ثم ينفيه؟!

والأخبار لا يتصور وقوعها على خلاف ما أخبر به الصادق ، ونفي المهدي يلزم منه وقوع الخبر على خلاف ما أخبر به أولا من وجوده ، واللازم باطل ، وهذا مما قرروا به أن النسخ لا يدخل الأخبار التي هي من هذا القبيل ، وهذا متفق عليه بين علماء الأصول.

قال الزركشي : إن كان مدلول الخبر مما لا يمكن تغيره ، بأن لا يقع إلا على وجه واحد كصفات الله تعالى وخبر ما كان من الأنبياء والأمم وما يكون من الساعة وآياتها كخروج الدجال ، فلا يجوز نسخه بالاتفاق كما قاله أبو إسحاق المروزي وابن برهان في الأوسط ، لأنه يفضي إلى الكذب.8.

ص: 67


1- الصواعق المحرقة : 251.
2- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 380 - : 558.

قال ابن الصديق : والعجب ممن أورد هذا الحديث من العلماء وأجاب عنه بأنواع من طرق الجمع بين مختلف الآثار ، كيف خفي عليه بطلانه من جهة ما قررناه إن خفي عليه ذلك من جهة الإسناد وما فيه من العلل الظاهرة والخفية؟! فإن العقل قاطع ببطلانه كما عرفت مما قررناه لك (1).

وإذا أمعن المنصف في كلام هذا الإمام البحر العلم ، لعلم أنه نطق بالحق وآثر الصدق ، كيف لا؟! وهو الخبير الخريت في هذا العلم الشريف (ولا ينبئك مثل خبير) (2).

وقد حذا شيخ الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين المغربي حذو هذا الإمام فقال (3) : هذا حديث موضوع ، ثم أورد كلام الحاكم وابن عبد البر والأزدي في الجندي المذكور وقال : آخذ في مثل هذا بقول ابن حزم : إذا كان في سند الحديث رجل مجروح بكذب أو غفلة أو مجهول الحال لا يحل عندنا القول به ، ولا تصديقه ، ولا الأخذ بشئ منه.

* * * 6.

ص: 68


1- أنظر : إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 380 - 381 - : 588 - 589.
2- سورة فاطر 35 : 14.
3- في مقال تحت عنوان «نظرة في أحاديث المهدي» ، مجلة الهداية الإسلامية (المحرم سنة 1369) ومجلة التمدن الإسلامي - المطبوعة ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 213 - : الجزء 35 - 36 من المجلد 16.

الفصل الثالث

في إيراد ما ذكروه من وجوه الجمع بين حديث «لا مهدي

إلا عيسى بن مريم» وبين أحاديث المهدي عليه الصلاة والسلام

والجواب عنها

وقد تقدم آنفا أن الحديث موضوع ، وأحاديث المهدي متواترة كما سيأتي إن شاء الله تعالى فلا تعارض بينهما ، فلا وجه حينئذ لتجشم تلك الوجوه التي لا ترجع إلى محصل.

لكن لما ذكرها جماعة في كتبهم وتداولوها آثرنا ذكرها هنا والجواب عنها ليسفر القناع عن وجهها ، ويعلم ما فيها ، فإنه قد يعول عليها ويستأنس بها بعض من لا فطنة له ، وهو غافل عن حقيقتها ، فكان التنبيه على ذلك من المهمات.

فنقول وبالله التوفيق :

قد ذكروا للجمع في هذا المقام ثلاثة أوجه :

الأول : أنه لا مهدي في الحقيقة سوى عيسى بن مريم وإن كان غيره مهديا أيضا ، لحكمه بكتاب الله ، وقتله اليهود والنصارى ، ووضعه الجزية ، وإهلاك أهل الملة في زمانه (1). 8.

ص: 69


1- أنظر : المنار المنيف في الصحيح والضعيف - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 289 - : 148.

وأنت خبير بأنه لو صح هذا فإن المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام يكون أولى بكونه المهدي على الحقيقة كما هو كذلك ، لأنه الذي يملأ الله تعالى به الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، وهذا أعظم أمر يقع في آخر الزمان.

ومعلوم أن عيسى عليه السلام يكون مقتفيا لشرع الإسلام الذي يحيي المهدي معالمه بعدما اندرست ، ويرفع أعلامه بعدما انتكست ، والحكم بكتاب الله تعالى ، وقتل أهل الإلحاد إنما يكون بيد المهدي عليه السلام ، وعيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه يساعده في ذلك ، لا استقلال ابن مريم به كما قد يظهر من كلام بعضهم.

فالمهدي حق ، والمهدي هو من يفعل ذلك ، وليس ذاك إلا المهدي الموعود من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

فظهر أنه أفضل من المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام - كما سيأتي في كلام الحافظ الكنجي أيضا - فضلا عن أبي بكر وعمر ، فقد أخرج نعيم بن حماد عن محمد بن سيرين أنه ذكر فتنة تكون ، فقال : إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر وعمر ، قيل : أفيأتي خير من أبي بكر وعمر؟! قال : قد كان يفضل على بعض.

وفي المصنف لابن أبي شيبة ، عن ابن سيرين ، قال : يكون في هذه الأمة خليفة ، لا يفضل عليه أبو بكر وعمر كما في العرف الوردي (1).3.

ص: 70


1- مصنف ابن أبي شيبة 15 / 198 ح 19496 ، عن أبي أسامة ، عن عوف ، عن محمد - وهو ابن سيرين - ، رسالة العرف الوردي المطبوعة ضمن كتاب الحاوي للفتاوي - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 384 - 1 / 103.

الثاني : أن المراد بذلك أنه لا مهدي كاملا معصوما إلا ابن مريم عليهما السلام.

وفيه : أن المهدي عليه الصلاة والسلام معصوم أيضا كالمسيح بن مريم.

أما على مذهب أهل الحق فظاهر غاية الظهور.

وأما على مذهب مخالفيهم : فإن أريد عصمته في الأحكام فإن ذلك حاصل له.

قال الشيخ محيي الدين ابن عربي في الفتوحات المكية (1) : إنه يحكم بما ألقى إليه ملك الإلهام من الشريعة ، وذلك بأن يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار إليه حديث : «المهدي يقفو أثري لا يخطئ» فعرفنا صلى الله عليه وآله وسلم أنه متبع لا مبتدع ، وأنه معصوم في حكمه ، إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلا أنه لا يخطئ ، وحكم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يخطئ ، فإنه (لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (2) وقد أخبر عن المهدي أنه لا يخطئ ، وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلك الحكم.

قلت :

وقضية كونه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يثبت له ما كان ثابتا له صلى الله عليه وآله وسلم

في الجملة ، ومنه العصمة في الأحكام ، وهذا ظاهر جلي ، فلا وجه لتخصيص العصمة بعيسى بن مريم. 5.

ص: 71


1- الفتوحات المكية - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 111 - ج 3 الباب 366.
2- سورة النجم 53 : 4 و 5.

وقد شرح المعين بن الأمين السندي في كتابه دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب كلام الشيح المتقدم بما لا غنى لذوي الفضل والتحقيق من الوقوف عليه.

هذا ، وإن أريد عصمته عليه الصلاة والسلام في الأفعال ، فإن ذلك حاصل له أيضا.

قال الإمام الحافظ الكنجي في البيان - في ذكر تقدم المهدي عليه السلام في الصلاة والجهاد على عيسى بن مريم عليه السلام - : هما قدوتان نبي وإمام ، وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما - وهو الإمام - يكون قدوة للنبي عليه السلام في تلك الحال ، وليس فيهما من تأخذه في الله لومة لائم ، وهما

أيضا معصومان من ارتكاب القبائح كافة ، والمداهنة والرياء والنفاق ، ولا يدعو الداعي لأحدهما إلى فعل ما يكون خارجا عن حكم الشريعة ولا مخالفا لمراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال : وإذا كان الأمر كذلك ، فالإمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية بذلك بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب

الله ، فإن استووا فأعلمهم ، فإن استووا فأفقههم ، فإن استووا فأقدمهم هجرة ، فإن استووا فأصبحهم وجها».

فلو علم الإمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه لإحكامه علم الشريعة ، ولموضع تنزيه الله تعالى له من ارتكاب كل مكروه.

وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به ، لموضع تنزيه الله تعالى له من الرياء والنفاق والمحاباة ، بل لما تحقق أنه أعلم منه جاز أن يتقدم عليه ، وكذلك قد تحقق عيسى أن الإمام أعلم منه ،

ص: 72

فلذلك قدمه وصلى خلفه ، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام (1).

ثم بين تقدم المهدي في الجهاد ، فراجع ثمة إن شئت.

الثالث : أنه لا قول للمهدي إلا بمشورة عيسى ، بناء على أنه من وزرائه (2).

والجواب : أنه لو سلم - مع ما فيه من مخالفة ظاهر الحديث - فغاية ما يدل عليه : أن المهدي عليه السلام لا يقطع أمرا إلا بمشورة المسيح بن

مريم عليهما السلام - وهذا مبني على القول بأنه من وزرائه ، وهو غير ثابت - وذلك لا ينافي كون مآل الأمر إلى المهدي عليه الصلاة والسلام ، فإنه إذا عزم على أمر توكل على الله تعالى وفعله كما كان ذلك شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه.

مضافا إلى عصمته المطلقة - وقد تقدم الكلام على ذلك آنفا - فلا يحتاج إلى مشورة عيسى عليه السلام بالأصالة ، بحيث لولاها لما نفذ له قول ولا أمر ، لمكان تلك العصمة والتسديد من الله تعالى ، وإنما هي - أعني المشورة على تقدير ثبوتها - سياسة أدبية منه مع عيسى بن مريم عليه السلام ، وهذا لا ضير فيه ، ولا يقدح في شئ من أمر المهدي عليه الصلاة والسلام وإمامته وتقدمه على جميع أهل عصره ، ووجوب طاعته كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم حذو القذة بالقذة ، كما لا يخفى.

* * * 5.

ص: 73


1- البيان : 21.
2- مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 62 - : 115.

الباب الثاني

في حكاية جملة من فتاوى العلماء

في من أنكر المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام

ونقتصر في هذا الباب على ما وقفنا عليه على العجالة ، فعسى الله أن يردع بذلك من صبا إلى القول بإنكاره من أهل الجهالة والضلالة ، ويكون بلاغا ناهيا للزائغين ، إنه الهادي إلى سبيله.

فنقول :

إعلم - رحمك الله - أنه لا ريب في أن أحاديث خروج المهدي عليه الصلاة والسلام متواترة ، بإجماع من يعتد به من أهل العلم وأئمة الحديث ، فإنكار هذا الأمر المتواتر جرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة البالغة إلى حد التواتر ، كما قال القنوجي في الإذاعة (1).

وقد سئل شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر المكي الشافعي عمن أنكر المهدي الموعود به ، فأجاب : أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردته فيقتل.

وإن لم يكن لإنكار السنة وإنما هو محض عناد لأئمة الإسلام فهو 6.

ص: 74


1- راجع : الإذاعة لما كان وما يكون - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 104 - : 146.

يقتضي التعزير البليغ والإهانة بما يراه الحاكم لائقا بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس وضرب وصفع وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح ، ويرجعه إلى الحق راغما على أنفه ، ويرده إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعا عن كفره. انتهى.

وقد ذكر المتقي الهندي في أواخر كتابه البرهان (1) هذه الفتوى بعين ألفاظها ، وأوردها المفتي ابن حجر مختصرة في الفتاوى الحديثية (2) له.

وكذلك أفتى الشيخ العلامة يحيى بن محمد الحنبلي بكفر من أنكر المهدي عليه السلام فقال : وأما من كذب بالمهدي الموعود به فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بكفره (3).

وقد وقفت على فتوى لشيخ الإسلام محمد بهاء الدين العاملي رحمه الله تعالى في هذه المسألة ، قال - في جواب من سأله عن خروج المهدي بقول مطلق ، هل هو من ضروريات الدين فمنكره مرتد ، أم ليس من ضرورياته ، لما يحكى من خلاف بعض المخالفين فيه ، وأن الذي يخرج إنما هو عيسى عليه السلام ، وهل يكون خلافهم مانعا من ضروريته؟ - :

الأظهر أنه من ضروريات الدين ، لأنه مما انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلا شرذمة شاذة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يقدح خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حجيته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم إن لم تكن لهم شبهة محتملة. إنتهى. 2.

ص: 75


1- البرهان : 178 - 179.
2- الفتاوى الحديثية : 37.
3- البرهان : 182.

قلت :

إكفار المنكر عند الفريقين يدور على أحد أمرين :

أولهما : ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن حجر في الفتاوى الحديثية وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه ، عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كذب بالدجال فقد كفر ، ومن كذب بالمهدي فقد كفر (1).

قال ابن حجر في القول المختصر - كما في البرهان - : أي حقيقة ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السنة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها ، فقد قال أئمتنا وغيرهم : لو قيل لإنسان قص أظفارك فإنه من السنة ، فقال : لا أفعله وإن كان سنة رغبة عنها فقد كفر ، فكذا يقال بمثله (2).

قلت :

حديث جابر أخرجه أبو القاسم السهيلي في شرح السيرة له.

وأبو بكر ابن أبي خيثمة في جمعه للأحاديث الواردة في المهدي.

والحافظ السيوطي الشافعي في العرف الوردي (3).7.

ص: 76


1- الفتاوى الحديثية - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 432 - : 37 ، الإشاعة في إشراط الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 505 - : 112.
2- البرهان : 170 - 171.
3- العرف الوردي في أخبار المهدي - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 392 - : 487.

وشيخ الإسلام إبراهيم بن محمد الجويني الشافعي في فرائد السمطين (1).

والحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة (2).

واعتمده بعض أهل العلم كابن حجر الشافعي ، ويحيى بن محمد الحنبلي وأفتيا بمدلوله ، كما مر آنفا.

وكذا الشيخ العلامة محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي في لوائح الأنوار البهية (3) فإنه قال : قد روى الإمام الحافظ ابن الإسكافي بسند مرضي إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى آخره ، وأورده البرزنجي الشافعي في الإشاعة (4).

فظهر بذلك ما في دعوى بعضهم من الحكم بوضع الحديث ورمي ابن الإسكافي به ، والله المستعان.

وثانيهما : إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتفاقهم على مر الأعصار والأعوام على خروج المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام ، حتى عد ذلك من ضروريات الدين - كما صرح به شيخ الإسلام البهائي رحمه الله - وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ولا يعتريه ريب ، اللهم إلا من شذ ، ممن لا يعتد بخلافه ، ولا يلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حجية 2.

ص: 77


1- فرائد السمطين 2 / 334 ح 585.
2- ينابيع المودة 3 / 295 ح 1 وص 383 ح 1 ، وفيه «أنكر» بدل «كذب» ، الحاوي للفتاوي ، المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 392.
3- أنظر : لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الإلهية المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 21.
4- الإشاعة في إشراط الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 505 - : 112.

الإجماع ، ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به ، مضافا إلى تواتر أحاديث المهدي عليه الصلاة والسلام تواترا قطعيا.

وظاهر أن من أنكر المتواتر من أمور الشرع والغيب بعدما - ثبت عنده ثبوتا يقينيا - فإنه كافر ، لرده ما قطع بصدوره وتحقق ثبوته عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا شبهة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأن الراد عليه صلى الله عليه وآله وسلم كالراد على الله تعالى ، والراد على الله كافر باتفاق أهل الملة ، وإجماع أهل القبلة.

ودعوى التواتر صحيحة ثابتة كما صرح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين ، ولا نعلم رادا لها إلا بعض من امتطى مطية الجهل ، واتخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقا بالإعراض عنه.

ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محققي العلماء في تحقق التواتر لتتبين لك جلية الحال.

قال الشيخ أبو الحسين الآبري في كتاب مناقب الشافعي : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى بن مريم خلفه (1). انتهى.

وفي بعض فتاوى شيخ الإسلام ابن حجر المكي ، أن الأحاديث في ذلك مستفيضة متواترة. 5.

ص: 78


1- أنظر : العطر الوردي - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 118 - : 45.

وقال في الصواعق : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة.

وقال الشيخ العلامة محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي في اللوائح (1) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام.

قال : وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها (2).

ومثله في شرح الشرقاوي على ورد البكري كما في مشارق الأنوار للحمزاوي (3).

وقال قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الشوكاني في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح : الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر.

قال : وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول.

قال : وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا ، لها 5.

ص: 79


1- أنظر : لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الإلهية ، المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 20.
2- أنظر : لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الإلهية ، المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 20.
3- أنظر : مشارق الأنوار - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 62 - : 115.

حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك (1).

وقال السويدي البغدادي في كتابه سبائك الذهب : الذي اتفق عليه العلماء أن المهدي هو القائم في آخر الوقت ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، والأحاديث في ظهوره كثيرة (2).

وقال الشيخ أبو عبد الله جعفر بن محمد الإدريسي الحسني الكتاني في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر (3) : قد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة - يعني أحاديث المهدي عليه السلام - ، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث.

قال : وفي تأليف لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسني العراقي في المهدي هذا ، أن أحاديثه متواترة أو كادت ، وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد.

وبالجملة : فإنكار المهدي وإنكار خروجه أمر عظيم لا ينبغي التفوه به ، بل ربما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخروج عن الملة والعياذ بالله تعالى.

وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، شيخ علماء نجد والحجاز في هذا العصر ، ومعتمدهم في علوم الشرع المطهر : أما من أنكر ذلك - يعني نزول عيسى وخروج الدجال والمهدي - وزعم أن نزول المسيح بن مريم ووجود المهدي إشارة إلى ظهور الخير ، وأن وجود 5.

ص: 80


1- راجع : الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 71 - 72 - : 113 - 114.
2- سبائك الذهب : 78.
3- أنظر : نظم المتناثر من الحديث المتواتر - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 194 - : 144 - 145.

الدجال ويأجوج ومأجوج وما أشبه ذلك إشارة إلى ظهور الشر ، فهذه أقوال فاسدة ، بل باطلة في الحقيقة ، لا ينبغي أن تذكر ، فأهلها قد حادوا عن الصواب ، وقالوا أمرا منكرا وأمرا خطيرا لا وجه له في الشرع ، ولا وجه له في الأثر ولا في النظر.

قال : والواجب تلقي ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالقبول ، والإيمان التام به والتسليم ، فمتى صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز لأحد أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم كما قال الله عزوجل : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1) وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الأمر عن الدجال ، وعن المهدي ، وعن عيسى بن مريم ، ووجب تلقي ما قاله بالقبول والإيمان بذلك ، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الأعمى الذي يضر صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة (2).

ولا يسع المقام لاستقصاء كلام الأئمة والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام ، والتحذير من إنكار شأنه ، لكن في ما حكينا لك مقنع وكفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

* * * ه.

ص: 81


1- سورة النساء 4 : 65.
2- مجلة الجامعة الإسلامية - المطبوعة ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 435 - ، العدد الثالث من السنة الأولى ، ذو القعدة 1388 ه.

الباب الثالث

في ذكر طرف من الوجوه الفارقة بين

المهدي المنتظر وبين المسيح بن مريم

عليهما الصلاة والسلام

إعلم - رحمك الله - أن هذا الباب هو المقصود بالأصالة ، والداعي إلى جمع هذه الرسالة ، وأن ما تقدم إنما هو كالتمهيد له ، فنقول وبالله نستعين :

قد مر عليك آنفا قول العلامة السفاريني : إن الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى.

إذا تقرر هذا فاعلم : أن المتأمل في الأحاديث النبوية ، والآثار المروية تظهر له فروق شتى بين خروج المهدي المنتظر آخر الزمان ، وبين المسيح عيسى بن مريم صلى الله على نبينا وآله وعليه وسلم.

1 - فمنها : ما ورد في الأحاديث المستفيضة من كون المهدي من هذه الأمة ، وأنه من ولد فاطمة عليها الصلاة والسلام ، وأنه من ذرية الحسين السبط الشهيد عليه السلام.

ولا ريب أن ابن مريم عليه السلام ليس من هذه الأمة المرحومة ، بل هو من أنبياء بني إسرائيل ، ولا هو من ولد فاطمة صلوات الله وسلامه عليه وعليها ، بل هو ابن مريم العذراء ، ليس له أب فضلا عن كونه من ذرية الحسين عليه الصلاة والسلام ، وهذا مما أطبق عليه بنو آدم أبد الآبدين ، وهو من أعظم

ص: 82

الفوارق وأبينها.

قال : الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات : قد تضافرت الأحاديث البالغة حد التواتر في كون المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة. انتهى.

قلت :

ويدل على ذلك : ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن أبي سعيد الخدري ، قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم ، فيبعث الله رجلا من عترتي من أهل بيتي فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ... الحديث (1).

وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد أيضا ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «يكون في أمتي المهدي» (2).

وأخرج أيضا عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة» (3).

ورواه أحمد وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن (4).

وأخرج أيضا عن عبد الله بن مسعود ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم ، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم «اغرورقت عيناه وتغير لونه ، قال : فقلت : ما نزال نرى في وجهك شيئا 0.

ص: 83


1- المصنف 11 / 371 - 372 ح 20770.
2- سنن ابن ماجة 2 / 1366 ح 4083.
3- سنن ابن ماجة 2 / 1367 ح 4085.
4- الفتن : 254 ح 996 ، مسند أحمد بن حنبل 1 / 84 ، المصنف لابن أبي شيبة 15 / 197 ح 19490.

نكرهه! فقال : «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود ، فيسألون الخير فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا» (1).

وأخرج أيضا عن سعيد بن المسيب ، قال : كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «المهدي من ولد فاطمة» (2).

وفي لفظ أبي داود : «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» (3).

وأخرج أبو نعيم وابن ماجة ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «نحن سبعة من ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا ، وحمزة ، وعلي ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهدي» (4).

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا» (5).

وفي حديث عن ابن مسعود : «لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني ، أو : من أهل بيتي ..» الحديث (6). 6.

ص: 84


1- سنن ابن ماجة 2 / 1366 ح 4082.
2- سنن ابن ماجة 2 / 1368 ح 4086.
3- سنن أبي داود 4 / 107.
4- سنن ابن ماجة 2 / 24.
5- سنن أبي داود 4 / 107 ، المصنف لابن أبي شيبة 8 / 678 ح 194.
6- سنن أبي داود 4 / 106.

وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يملك سبع سنين» (1).

أخرج أحمد وأبو داود والترمذي ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (2).

قال الترمذي : وفي الباب عن علي ، وأبي سعيد ، وأم سلمة ، وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح.

وأخرج الترمذي عن ابن مسعود أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (3).

وأخرج أيضا عن أبي سعيد ، قال : خشينا أن يكون بعد نبينا حدث ، فسألنا نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : «إن في أمتي المهدي ..» الحديث (4).

وأخرج البخاري عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!» (5).

وأخرج نور الدين الهيثمي في موارد الظمآن عن أبي هريرة أيضا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل 5.

ص: 85


1- سنن أبي داود 4 / 107.
2- مسند أحمد 1 / 377 وص 430 ، سنن أبي داود 4 / 107 ، سنن الترمذي 4 / 438 ح 2230 باب ما جاء في المهدي.
3- سنن الترمذي 4 / 438 ح 2231 باب ما جاء في المهدي.
4- سنن الترمذي 4 / 439 ح 2232.
5- صحيح البخاري 4 / 325 ح 245.

من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم» (1).

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود وأبو يعلى والطبراني ، عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يكون اختلاف عند موت خليفة ، يخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ، فيبتعثون إليه جيشا من أهل الشام ، فإذا كانوا بالبيداء خسف بهم ، فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أهل الشام وعصائب من أهل العراق فيبايعونه ، وينشأ رجل من قريش أخواله من كلب فيبتعثون إليهم جيشا فيهزمونهم ويظهرون عليهم فيقسم بين الناس فيؤهم ، ويعمل فيهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ، ويلقي الإسلام بجرانه إلى

الأرض ، يمكث سبع سنين» (2).

وأخرج أحمد والباوردي في المعرفة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «أبشركم بالمهدي ، رجل من قريش [من عترتي] (3) يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا وظلما ، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ..» الحديث (4).

وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق عمر بن علي ، عن علي بن 8.

ص: 86


1- موارد الظمآن : 463 - باب ما جاء في المهدي.
2- سنن أبي داود 4 / 107 - 108 ، مسند أحمد 6 / 316 ، المصنف 11 / 376 ح 20769 ، مسند أبي يعلى 12 / 369 - 370 ح 6940 ، المعجم الكبير - للطبراني - 23 / 39 ح 931.
3- ما بين المعقوفين أثبتناه من العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي.
4- العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 58.

أبي طالب عليه السلام أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال : «بل منا ، بنا يختم الله كما بنا فتح ، وبنا يستنقذون من الشرك ..» الحديث (1).

وأخرج نعيم بن حماد وأبو نعيم من طريق مكحول ، عن علي عليه السلام ، قال : قلت : يا رسول الله! أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال : «لا ، بل منا ..» الحديث (2).

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن سيرين ، قال : «المهدي من هذه الأمة ، وهو الذي يؤم عيسى بن مريم عليه السلام» (3).

وأخرج نعيم بن حماد عن قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : المهدي حق هو؟ قال : نعم. قلت : ممن هو؟ قال : من ولد فاطمة (4).

وأخرج أيضا عن علي عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : «المهدي رجل من عترتي ، يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي» (5).

وبالجملة : فقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه من أهل بيته ، وأنه يملأ الأرض عدلا كما صرح بن الشبلنجي في نور الأبصار (6).7.

ص: 87


1- المعجم الأوسط 1 / 97 - 98 ح 157.
2- كتاب الفتن : 229 ، وانظر : العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 62.
3- المصنف - لابن أبي شيبة - 8 / 679 ح 159.
4- كتاب الفتن : 228.
5- كتاب الفتن : 229.
6- نور الأبصار : 187 - 188 ، وانظر : موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 47.

وقال القنوجي في الإذاعة : قال بعض حفاظ الأمة وأعيان الأئمة : إن كون المهدي من ذريته صلى الله عليه وآله وسلم مما تواتر عنه ، فلا يسوغ العدول والالتفات إلى غيره (1).

2 - ومنها : ما ورد في حليتهما ، فإن بينهما في ذلك اختلافا بينا.

أخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يملك سبع سنين» (2).

وأخرج أبو داود - كما في جامع الأصول لابن الجزري - أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «ليس بيني وبينه - يعني عيسى عليه السلام - نبي ، وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربوع ، إلى الحمرة والبياض ، ينزل بين ممصرتين ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ..» الحديث (3).

وأخرج الحموئي في فرائد السمطين بإسناده عن أبي أمامة الباهلي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : المهدي من ولدي ، ابن أربعين سنة ، كأن وجهه كوكب دري ، في خده خال أسود ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأنه من رجال بني إسرائيل ، يستخرج الكنوز ، ويفتح مدائن الشرك " (4).

وروى نحوه نعيم بن حماد عن عبد الله بن الحارث (5). 5.

ص: 88


1- الإذاعة لما كان وما يكون : 147.
2- المصنف - لابن عبد الرزاق - 11 / 372 ح 20773 ، سنن أبي داود 4 / 107.
3- سنن أبي داود 4 / 115 ح 4324.
4- فرائد السمطين 2 / 314.
5- أنظر : كتاب الفتن : 225.

وأخرج في فرائد السمطين أيضا عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : «المهدي منا أهل البيت ، رجل من أمتي ، أشم الأنف ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا» (1).

ورواه أبو نعيم (2).

وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا ، أعلى الجبهة ، يملأ الأرض عدلا ، يفيض المال فيضا» (3).

وأخرج الروياني في مسنده وأبو نعيم عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المهدي رجل من ولدي ، لونه لون عربي ، وجسمه جسم إسرائيلي ، على خده الأيمن خال ، كأنه كوكب دري ..» الحديث (4).

وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن حذيفة أيضا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كأنما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهدي : تقدم صل بنا ..» الحديث (5).

وفي اللوائح للسفاريني عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : سئل أمير المؤمنين علي عليه السلام عن صفة المهدي ، قال : «هو شاب مربوع ، حسن 9.

ص: 89


1- فرائد السمطين 2 / 330.
2- كتاب الفتن : 232 ، وانظر : العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 58.
3- أنظر : العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 63.
4- أنظر : العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 66 ، موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 368.
5- كتاب الفتن : 348 وص 352 ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 81 ، موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 1 / 389.

الوجه ، يسيل شعره على منكبه ، يعلو نور وجهه ، سواد شعره ولحيته ورأسه».

قال : وفي رواية أخرى عن علي عليه السلام : «أن المهدي كث اللحية ، أكحل العينين ، براق الثنايا ، في وجهه خال ، أقنى ، أجلى ، في كتفه علامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم».

قال : وفي بعض الروايات : «المهدي أزج ، أبلج ، أعين» (1).

3 - ومنها : افتراقهما - عليهما الصلاة والسلام - في الاسم والكنية واللقب.

فالمهدي عليه السلام اسمه : (محمد) وكنيته : (أبو القاسم) على المشهور.

وقيل : اسمه أحمد ، وكنيته : أبو عبد الله ، وليس بشئ.

والمسيح بن مريم عليه السلام اسمه : (عيسى).

ولقب المهدي : الحجة ، والمنتظر ، والقائم ، والموعود ، وغير ذلك.

ولقب عيسى : المسيح ، وروح الله ، وكلمته.

وأخرج أحمد وأبو داود الترمذي عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (2).

قال الترمذي : حديث حسن صحيح. 9.

ص: 90


1- لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الإلهية ، المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 12.
2- مسند أحمد 1 / 377 وص 430 ، سنن أبي داود 4 / 107 ، سنن الترمذي 4 / 438 ح 2230 ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 58 - 59.

وكذلك أخرج الطبراني في المعجم الكبير أحاديث كثيرة في ذلك بألفاظ مختلفة (1).

وأخرج نعيم بن حماد ، عن ابن مسعود أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : اسم المهدي (محمد) (2).

وأخرج أبو داود عن علي عليه السلام أنه نظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسيخرج من صلبه (3) رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق (4).

4 - ومنها : أن مع المهدي عليه الصلاة والسلام راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعلمة - كما أخرجه نعيم بن حماد عن عبد الله بن شريك (5) - مكتوب

عليها : «البيعة لله» - كما أخرجه نعيم عن ابن سيرين (6) - وكذلك أشياء أخر.

فقد أخرج نعيم بن حماد أيضا عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : يظهر المهدي بمكة عند العشاء ، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقميصه ، وسيفه ، 5.

ص: 91


1- المعجم الكبير 10 / 133 - 137 ح 10213 - 10230.
2- كتاب الفتن : 227 ، وانظر : العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 73.
3- قد حققنا في رسالة مفردة كون المهدي المنتظر عليه السلام من ذرية الحسين السبط الشهيد عليه السلام دون الحسن السبط عليه السلام ، والمقصود من إيراد هذا الحديث هنا الدلالة على حقية خروج المهدي عليه السلام فحسب ، فليعلم ذلك.
4- سنن أبي داود 4 / 108.
5- كتاب الفتن : 220 ، وفيه «المغلبة» بدل «المعلمة» ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 75.
6- كتاب الفتن : 220 ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 75.

وعلامات ، ونور ، وبيان ... إلى آخره (1).

وقد جاء في أحاديث أن صاحب راية المهدي رجل يقال له : «شعيب بن صالح التميمي» (2).

وظاهر أنه ليس لعيسى عليه السلام شئ من ذلك.

5 - ومنها : ما رواه الحفاظ من أن عدد أصحاب المهدي عليه الصلاة والسلام عدة أهل بدر.

أخرج الطبراني في المعجم الأوسط والحاكم عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يبايع لرجل بين الركن والمقام عدة أهل بدر ..» الحديث (3).

ومعلوم أن عيسى بن مريم عليهما السلام لا ينزل من السماء بهذا العدد ، ولا تجتمع معه تلك العدة ، بل ينزل بعد خروج المهدي عليه الصلاة والسلام متبعا إياه.

6 - ومنها : ما تواتر من خروج الدجال والسفياني قبل ظهور المهدي المنتظر عليه السلام (4) ، وما ورد من خروج القحطاني بعده (5).

7 - ومنها : مساعدة عيسى على قتل الدجال بباب (لد) كما صرح به 4.

ص: 92


1- كتاب الفتن : 213 ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 71.
2- كتاب الفتن : 190 ، العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 69.
3- المعجم الأوسط 9 / 288 ح 9459 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 431.
4- البدء والتاريخ - للبلخي - 1 / 186 ، العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 71 وص 75.
5- كتاب الفتن : 247 ، البدء والتاريخ - للبلخي - 1 / 184.

الآبري والشبلنجي في نور الأبصار بتواتره (1).

8 - ومنها : ما روي مستفيضا من موت المهدي عليه السلام ببيت المقدس بعد انقضاء مدة ملكه ، وصلاة عيسى بن مريم والمسلمين عليه.

9 - ومنها : ما روي من خروج المهدي عليه السلام ومبايعته بين الركن والمقام (2).

أخرج أبو داود في سننه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : «يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويبعث إليه بعث من الشام ، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام ، وعصائب أهل العراق ، فيبايعونه بين الركن والمقام ..» الحديث (3).

وأخرج نعيم بن حماد عن أبي هريرة ، قال : يبايع المهدي بين الركن والمقام ، لا يوقظ نائما ولا يهريق دما (4).

وأما المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فإنه ينزل من السماء بعد ظهور المهدي ووقوع البيعة له.

وقد دلت السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نزول عيسى بن مريم عليهما السلام على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، وحكمه بكتاب الله تعالى ، وقتله اليهود 6.

ص: 93


1- نور الأبصار : 189 ، وانظر : كتاب الفتن : 341 - 342 ، صحيح مسلم 8 / 198.
2- أنظر : العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 59 وص 61.
3- سنن أبي داود 4 / 107.
4- أنظر : العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 76.

والنصارى ، وإهلاك أهل الملل في زمانه - كما قال ابن قيم الجوزية في المنار المنيف (1) -.

وأخرج الطبراني في الكبير عن أوس بن أوس : ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق - كما في الجامع الصغير للحافظ

السيوطي (2) -.

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث النواس بن سمعان ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «ينزل - يعني المسيح بن مريم عليه السلام - عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين ..» الحديث (3).

10 - ومنها : أن عيسى بن مريم عليه السلام يقتدي بالمهدي عليه السلام في الصلاة ، فيكون المهدي إماما وعيسى مأموما.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة ، وأن عيسى بن مريم سينزل ويصلي خلفه (4).

ويدل على ذلك أيضا :

ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!» (5).

وأخرج أبو نعيم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه» (6). 4.

ص: 94


1- المنار المنيف : 148.
2- المعجم الكبير 1 / 217 ح 590 ، الجامع الصغير : 590 ح 10023.
3- صحيح مسلم - كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب ذكر الدجال 8 / 197 - 198.
4- فتح الباري 6 / 611 باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام.
5- صحيح البخاري 4 / 325 ح 245.
6- العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 64.

وفي صحيح ابن حبان من حديث عطية بن عامر نحوه (1).

وأخرج مسلم وأبو نعيم أيضا - واللفظ له - عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله لهذه الأمة» (2).

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن سيرين ، قال : المهدي ينزل عليه ابن مريم ، ويصلي خلفه عيسى (3).

وأخرج نعيم بن حماد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : المهدي ينزل عليه ابن مريم ويصلي خلفه عيسى (4).

تلك عشرة كاملة من وجوه الفرق بين المهدي المنتظر والمسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، وقد تستنبط وجوه أخرى بالتأمل في ما ورد من الأحاديث في هذا الباب ، لا تكاد تخفى على أولي الألباب.

وفي ما أثبتناه هنا غنية وحجة لمن آتاه الله الحكمة والهداية ، وجنبه سبل الضلالة والغواية ، إنه خير هاد ومعين. 8.

ص: 95


1- الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8 / 283 - 284 رقم 6764.
2- صحيح مسلم 1 / 95 ، جامع الأصول 10 / 329 - 330 ح 7832.
3- المصنف - لابن أبي شيبة - 8 / 679 ، وفيه : «المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم الناس».
4- العرف الوردي في أخبار المهدي ، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 / 78.

«تنبيه»

قال ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة - بعد حكاية كلام الشيخ أبي الحسين الآجري في صلاة المهدي بعيسى بن مريم ، المذكور آنفا - : وما ذكره من أن المهدي يصلي بعيسى هو الذي دلت عليه الأحاديث.

قال : وأما ما صححه السعد التفتازاني من أن عيسى هو الإمام بالمهدي لأنه أفضل فإمامته أولى ، فلا شاهد له في ما علله به ، لأن القصد بإمامة المهدي لعيسى إنما هو إظهار أنه نزل تابعا لنبينا ، حاكما بشريعته ، غير مستقل بشئ من شريعة نفسه (1).

قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص - بعدما نقل كلام السدي في اجتماع المهدي وابن مريم وإمامة المهدي بعيسى - : فلو صلى المهدي خلف عيسى لم يجز لوجهين :

أحدهما : لأنه يخرج عن الإمامة بصلاته مأموما فيصير تبعا.

الثاني : لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لا نبي بعدي» ، وقد نسخ جميع الشرائع ، فلو صلى عيسى بالمهدي لتدنس وجه «لا نبي بعدي» بغبار الشبهة (2).

وقد حكاه الشهاب القسطلاني في إرشاد الساري عن أبي الفرج ابن الجوزي (3). 1.

ص: 96


1- الصواعق المحرقة : 254 - 255.
2- تذكرة الخواص : 325.
3- إرشاد الساري 14 / 491.

قلت :

حديث الشيخين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!» (1).

وحديث مسلم عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ، ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة» (2).

صريحان في تفنيد دعوى التفتازاني ومن قلده في ذلك ، والله المستعان.

وقد أفاد الإمام الحافظ الكنجي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان كلاما في هذا المقام ينقطع دونه دابر المفسدين ، ويذعن بمتانته كل ذي لب وحجى - وقد تقدم شطر منه - فحقيق ببغاة الحق أن يقفوا عليه ، ويتدبروا فيه بإمعان ، والله الموفق والمستعان.

* * * 5.

ص: 97


1- صحيح البخاري 4 / 325 ح 245 ، صحيح مسلم 8 / 94.
2- صحيح مسلم 8 / 95.

الخاتمة

إعلم - رحمك الله - أن القول بوجود المهدي عليه الصلاة والسلام ، وخروجه هو الحق الذي أخبر به نبي الإسلام ، وأجمع عليه الأئمة الأعلام ، على مر العصور والأيام ، فمخالفة هذا الأمر الثابت المقطوع الذي كاد يلحق بالضروريات ، بل هو منها - كما مر عن شيخ الإسلام البهائي رحمه الله - جرأة عظيمة ، ومهلكة سحيقة ، يخشى على مقتحمها الكفر والارتداد عن ملة الإسلام ، والعياذ بالله تعالى.

فليحذر الذين يشككون في أمر المهدي أن تصيبهم بذلك فتنة توجب خسرانهم وهلاكهم في الدارين ، نسأل الله السلامة من الخذلان ، والاستقامة على الهدى ، والثبات على الحق ، آمين.

قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي المكي في القول المختصر - كما في البرهان (1) - : الذي يتعين اعتقاده ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجود المهدي المنتظر الذي يخرج الدجال وعيسى في زمانه ويصلي خلفه ، وأنه المراد حيث أطلق المهدي.

وقال الشيخ العلامة محمد بن أحمد السفاريني في اللوائح : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم. 9.

ص: 98


1- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : 168 - 169.

قال : فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة ، وكذا عند أهل الشيعة أيضا (1).

وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني : إن عقيدة خروج المهدي ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم يجب الإيمان بها ، لأنها من أمور الغيب ، والإيمان بها من صفات المتقين ، كما قال تعالى : (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) (2) وإن إنكارها لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر (3).

وقد صحح القول بخروج المهدي المنتظر عليه السلام في آخر الزمان جماعة من أعلام الحفاظ وأئمة الحديث كالعقيلي والخطابي وابن حبان البستي والقاضي عياض والقرطبي وابن تيمية وابن كثير وابن حجر العسقلاني وغيرهم ، فلا يتجرأ - بعد ذلك كله - على رد الأحاديث وإنكار شأن المهدي عليه الصلاة والسلام إلا جاهل بليد أو مكابر عنيد ، والله المستعان ، وعليه التكلان.

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

* * * 1.

ص: 99


1- أنظر : لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الإلهية ، المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 20 - 21.
2- سورة البقرة 2 : 1 - 3.
3- مجلة التمدن الإسلامي - السنة 22 - المجلد 27 و 28 - ص 646 ، المطبوعة ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2 / 391.

السُنّة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله

السيد علي الشهرستاني

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

إن السنة النبوية المباركة هي المصدر الثاني في التشريع الإسلامي بعد الكتاب العزيز ، وبما أن عماد السنة النبوية هو الحديث النبوي الشريف ، فلا بد من تناوله بشئ من الإيضاح والتفصيل.

فعلم الحديث من العلوم الأساسية والمهمة في فهم الشريعة الإسلامية واستنباط أحكامها.

وقد يتصور بعضهم خطأ حينما يسمع بمصطلح «علم الحديث» أو «حديث رسول الله» أنه يدور حول بيان الفرائض والسنن التي أتى بها

____________

(*) المقال الذي بين يديك وما يلحقه ، هو خلاصة لمحاضرات كان الكاتب قد ألقاها على طلاب الدورة التربوية الأولى لمحققي البحوث القرآنية التابعة لمنظمة الإعلام الإسلامي / مشهد المقدسة حول تاريخ الحديث والملابسات التي واكبت السنة النبوية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مع بيانه لمؤثرات الهوى ، والموروث الجاهلي عليه ، مجريا على محاضراته تلك ، بعض الإضافات والتتميم.

ص: 100

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقط ، لكن الحق أن أمر الحديث هو أسمى بكثير مما نتصوره ، ففيه تفسير الكتاب العزيز ، وتوضيح لغريب لغة العرب ، وفيه الإخبار بالمغيبات والماورائيات وما يتعلق بالكون والحياة ، بالإضافة لما فيه من العبر والقصص والأخلاق ، والأحكام الشرعية والاجتماعية وغيرها.

فمصطلح «علم الحديث» إذا عام وشامل لمجالات شتى ، والبحث عنه يستدعي دراسة عدة جوانب أساسية ، هي :

1 - تاريخ الحديث.

2 - رواة الحديث.

3 - دراية الحديث.

4 - فقه الحديث.

ونعني بتاريخ الحديث : بيان ما مر على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أدوار ، من قبل البعثة إلى تدوينه في العهد المرواني ، مع الإشارة إلى جذور منع التدوين ، والأفكار السائدة عند العرب في الجاهلية وصدر الإسلام.

وبرواة الحديث : البحث عن رواة الحديث ورجاله جرحا وتعديلا ، وهو ما يسمى اليوم ب : «علم رجال الحديث».

وبدراية الحديث : البحث عن الحديث - كوحدة متكاملة - سندا ومتنا ، لمعرفة مكانة الحديث صحة وسقما ، مع معرفة كيفية تحمل الرواية وآداب نقل الحديث ، أي أن البحث عنه يكون كبرويا ، لا صغرويا كما في كتب رجال الحديث ، ويسمى هذا عند بعضهم ب : «مصطلح الحديث» وعند بعضهم الآخر : «أصول الحديث» ، وعند ثالث : «علم الحديث».

وبفقه الحديث : البحث عن وجوه التورية والتأويل في كلام الرسول وأئمة المسلمين ، لقول الصادق عليه السلام : «لا يكون الرجل منكم فقيها حتى

ص: 101

يعرف معاريض كلامنا» (1).

ونحن تركنا دراسة الجانبين الثاني والثالث لكثرة ما كتب فيهما ، وبقي علينا أن ندرس الجانبين الأول والأخير ، فعنايتنا بهما نظرا للحاجة الماسة إليهما ، وقد قدمنا البحث عن تاريخ الحديث لأنه يوضح لنا الملابسات التي واكبت السنة النبوية بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك نظرا للحاجة لها ، وجعلناه في بابين :

الباب الأول : عصر التأصيل.

الباب الثاني : عصر التدوين.

ونعني بعصر التأصيل : هو عصر بناء الأسس والمفاهيم عموما ، وفي المرحلة الانتقالية - من الجاهلية إلى آخر عهد الخلافة الراشدة - على وجه الخصوص كي نقف على رواسب الجاهلية في التراث الإسلامي وما أتت به بعض المدونات الإسلامية من أحاديث طبقا للمصالح والأهواء ، لمعرفتنا بأن بعض العرب كان لا يؤمن بما أتى به النبي ولا يعتقد بمكانته صلى الله عليه وآله وسلم وأنه أرسل من قبل رب العالمين ، أو يؤمن بذلك إيمانا ناقصا على غير الوجه الذي أراده الله ، فترى هؤلاء يتعاملون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصوصه من منطلق أنه بشر عادي يقول في الغضب ما لا يقوله في الرضا!!

وفي المقابل نرى إيمانهم بأصول عرفوها في الجاهلية وراحوا يسعون لتحكيمها من خلال بعض المواقف والمفاهيم الحديثية ، كالقومية العربية والعناية المتزايدة بالأنساب وغيرها من أفكار العصر الجاهلي.

والبحث في هذا الباب يستدعي النظر في خمس مراحل ، هي :

1 - العرب وحديث محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة. 3.

ص: 102


1- معاني الأخبار 2 / 3.

2 - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد البعثة إلى الوفاة (إلى 11 ه).

3 - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فترة الخلافة الراشدة.

أ - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهد أبي بكر 11 - 13 ه.

ب - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله في عهد عمر بن الخطاب 13 - 23 ه.

ج - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهد عثمان بن عفان 23 - 35 ه.

د - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهد علي بن أبي طالب 35 - 40 ه.

4 - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العهد الأموي 40 - 63 ه.

5 - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العهد المرواني 64 - 132 ه.

ولكننا قبل التفصيل في الأمر لا بد لنا من إلقاء الضوء على حالة شبه الجزيرة العربية والعرب قبل الإسلام ، وكيفية تأصيل المفاهيم عندهم ، كما لا بد لنا من بيان حدود شبه الجزيرة العربية جغرافيا ، مع نبذة من تاريخ عرب الجزيرة قبل الإسلام ، إذ أن في معرفة الحالة الاجتماعية والوقوف على العقائد الموروثة ، وما حملته العرب معها إلى العصور اللاحقة من تاريخ المسلمين توضيح الكثير من الحقائق الكامنة ، لأن كل فكر جديد ، يدخل على أمة من الأمم أو شعب من الشعوب لا ينفك في نهاية المطاف بحال من الأحوال عن التأثر - على صعيد التطبيق الخارجي - بما يحمله ذلك الشعب من خلفيات ثقافية وموروث فكري ، فإن شرح وتفسير مثل ذلك الموروث يساعدنا على تفهم جذور حقائق كثيرة في تاريخ الإسلام على نحو العموم ، والتشريع الإسلامي على وجه الخصوص ، ومثله الحال بالنسبة إلى المذاهب والعقائد والآراء والاتجاهات في الأزمان اللاحقة ، فقد أثرت هي الأخرى على الحديث ، فالبحث عن هذه الأمور يساعدنا في فهم مكانة

ص: 103

الحديث ودوره أكثر فأكثر ، لأن التاريخ باعتقادنا حلقات مترابطة يكمل بعضها بعضا ، ولا يمكن فهم مواقف اللاحقين إلا بعد معرفة أفكارهم وعقائدهم في السابق ، وهذا ما نعنيه في ما اصطلحنا عليه من لفظة (عصر التأصيل) ، وهو بعينه ما نتوخاه من بيان هذا الأمر الخطير والمؤثر في تاريخ الحديث ، والملابسات التي واكبت السنة النبوية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإليك مجمل تاريخ شبه الجزيرة :

شبه الجزيرة العربية جغرافيا :

سميت شبه الجزيرة العربية بهذا الاسم ، لإحاطة الماء بها من ثلاث جهات ، من الشرق بمياه الخليج ، ومن الغرب بالبحر الأحمر ، ومن الجنوب بالمحيط الهندي وخليج عدن.

شبه الجزيرة العربية والحضارات المجاورة :

كان السومريون والأكديون والبابليون والآشوريون من الحضارات القديمة التي استقرت في شمال شبه الجزيرة العربية (العراق) ومنذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.

قال جرجي زيدان عن ثقافة البابليين : عثر المنقبون على قرميدة بابلية عليها كتابة مسمارية فيها قائمة بأسماء ملوك بابل منذ أكثر من ستين قرنا ...

إلى أن يقول : ومن جملة أولئك الملوك ملك اسمه (شرجينيا) كان محبا للعلم راغبا في العمارة ، أنشأ مكتبة في «وركاء» ... مملوءة بالكتب اللغوية والفلكية والشرعية والأدبية وغيرها ، ثم نسخت بعد إنشائها بخمسة

ص: 104

عشر قرنا بأمر من أمير آشوري ، وحفظت في دار خاصة بها كما تحفظ المكاتب اليوم ، وعثر المنقبون بالأمس على بقايا هذه المكتبة بين النهرين ونقلوها إلى المتحف البريطاني في لندن (1) ، فهي هناك إلى هذه اللحظة ..

وأما حضارة بلاد الشام ، فكانت هي الأخرى عريقة ترجع إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ، فمما أسسته الدولة الفينيقية في القرن الخامس والعشرين ق. م مدينة جبيل ، كما بنت مدينة بيروت (بيريت) في القرن الثاني والعشرين ق. م.

قال الدكتور محمد أسعد طلس في معرض حديثه عن الدولة الفينيقية : وكانت بلادهم ممتدة ومملكتهم على جانب عظيم من المعرفة والتفوق في العلوم والآداب والصناعة ، أما العلوم والآداب فقد ضربوا فيها بسهم عظيم ووضعوا الحروف الهجائية واختصروها إلى اثنين وعشرين حرفا بعد أن كانت عند البابليين والمصريين تعد بالمئات ...

إلى أن يقول : وقد عرف هؤلاء بفنون التجارة البحرية والحدادة والنجارة وبخاصة نجارة السفن والأساطيل ، وإنهم كانوا يهتدون في أسفارهم بالنجوم والكواكب لبراعتهم في علمي الفلك والنجوم (2).

وأما حضارة جنوب شبه الجزيرة ، فتتمثل بحضارة الدولة المعينية في اليمن ، التي ذهب البروفسور أدوارد كلاسر Glasser إلى أنها كانت في الألف الثالث قبل الميلاد ، وذهب جوزيف هاليفي Halevy ومولر Muller

وشبرنجر Sprenger إلى أنها كانت في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف 1.

ص: 105


1- أنظر : تاريخ آداب اللغة العربية - لجرجي زيدان - 1 / 17 - 18.
2- تاريخ العرب - للدكتور محمد أسعد طلس - : 31.

الأول قبل الميلاد (1) ، وقد كانت لهذه الدولة كتابة ذات ألفباء عرفت بألفباء المسند (2).

ومن الدول التي حكمت جنوب شبه الجزيرة الدولة السبئية والحميرية ، فكانت هذه الدول على جانب عظيم من الرقي الصناعي والزراعي والعمراني والثقافي ، وقد كانت كتاباتهم على الطريقة الحلزونية Boustro Phedon أي أنها تبدأ من اليمين إلى الشمال ، فإذا انتهى الكاتب من السطر الأول وأراد كتابة السطر الثاني كتب من الشمال إلى اليمين ، وهكذا دواليك ، وقد عثر على طائفة من الكتابات الحلزونية المنقوشة على الحجارة والطين أو الجص ، وهي ما تزال موضع دراسة العلماء الأخصائيين ، وأشهر مآثرهم (سد مأرب) الدال على براعتهم بعلم الهندسة وتنظيم الري وحسن الاستفادة من مياه الأمطار (3).

وأما حضارة وادي النيل ، فهي الأخرى من أقدم وأعرق الحضارات المجاورة لشبه الجزيرة العربية ، وقد استقرت هذه الحضارة في وادي النيل من أواسط الألف الخامس قبل الميلاد ، وكانت على جانب عظيم من الرقي والتحضر في العلم والعمران والزراعة ، وقد بقي من مآثرهم العمرانية الأهرامات وأبو الهول وغيره ، وهي حضارة غنية عن التعريف.

كان هذا استعراضا إجماليا للحضارات القديمة التي أحاطت شبه الجزيرة العربية ، جئنا به للتمييز بين الوضع داخل الجزيرة وخارجها ، إذ الثابت جغرافيا أن أرض الجزيرة أرض صحراوية قاحلة ليس فيها ماء ولا 0.

ص: 106


1- تاريخ العرب : 56 ، عن مصادر المستشرقين.
2- تاريخ العرب : 56.
3- تاريخ العرب : 60.

زرع ، وهي كما قال الله تعالى حكاية عن لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام : (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم) (1) ولم يكن فيها حتى نهر واحد (2) ، بل كان غالب اعتماد الساكنين فيها على الأمطار والآبار التي تمتلئ شتاء وتجف صيفا ، وهذا الجفاف واليبس خلق عند سكان الجزيرة حالة التنقل بحثا عن الكلأ والماء ، فهم يجوبون الأرض بحثا عنهما ، فهي ظروف لم تجعل العربي يستقر كي يبدع في مجالات الزراعة والصناعات اليدوية إلا نادرا ، فاعتمدوا على التجارة بشكل أساسي خصوصا قريش التي هي رأس القبائل العربية في الجزيرة ، وقد وصف الله تعالى اشتغالهم التجاري ذلك بقوله : (لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) (3).

وتظهر شدة الجفاف من خلال التنازع على شرف سقاية الحاج ، قال سبحانه : (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر) (4) وهذه البيئة الجغرافية والظروف الاجتماعية ، هي التي جعلت الجزيرة العربية بمأمن من مطامع الدولتين العظيمتين آنذاك (الروم والفرس) ، كما جعلت هذه الأرض أرضا آمنة يلجأ إليها أعداء الروم والفرس ، فقد هاجر إليها أولا يهود فلسطين ، فسكنوا يثرب ، وهاجرت بعدهم قبائل الأوس والخزرج من اليمن فسكنوا فدك وتيماء ، فبدأ الوافدون من الحضارات المجاورة في تطوير الزراعة وإحكام أسسها ، وكيفية تنظيم الري والاستفادة من الأمطار عند عرب شبة الجزيرة ، لما 9.

ص: 107


1- سورة إبراهيم 14 : 37.
2- أنظر : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام - لجواد علي - 1 / 157 وما بعدها.
3- سورة قريش 106 : 2.
4- سورة التوبة 9 : 19.

عرفوه سابقا من أسس في حضاراتهم.

وعلى كل حال فإن حالة الجفاف ، والطبيعة الصحراوية ، كانت من جملة الأسباب التي جعلت سكان الجزيرة في تقاتل وتنازع مستمر ، فكانوا يسفكون الدماء (من غارات مشنونة وأرحام مقطوعة) من أجل توفير العيش الرغيد ، وإذا لم يجدوا النهب المراد عند الأعداء أغاروا على الأصدقاء وحتى على الأخوة ، وقد وصفهم القطامي بشعره ، فقال :

وكن إذا أغرن على قبيل

وأعوزهن نهب حيث كانا

أغرن من الضباب على حلال

وضبة إنه من حان حانا

وأحيانا على بكر أخينا

إذا ما لم نجد إلا أخانا

ووصفهم الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة بقوله :

«... وأطباق جهل من بنات موؤودة ، وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، وغارات مشنونة ...» (1).

وقوله «... وأنتم معشر العرب على شر دين ، وفي شر دار ، منيخون بين حجارة خشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب ، وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة ...» (2).

وقالت الزهراء عنهم في خطبة طويلة ، منها :

«تشربون الطرق (3) وتقتاتون الورق (4) ، أذلة خاسئين (تخافون أن غ.

ص: 108


1- نهج البلاغة 2 / 178 خطبة 187.
2- نهج البلاغة 1 / 62 خطبة رقم 25.
3- الطرق ، بالفتح : ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر.
4- تقتاتون الورق : أي تأكلون ورق الشجر ، وفي آخر : ما يعني الجلد غير المدبوغ.

يتخطفكم الناس) (1) من حولكم فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب ...»(2).

وجاء في كلام جعفر بن أبي طالب وهو يصف العرب قبل الإسلام لملك الحبشة قوله : «... كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسئ الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ...» إلى أن يقول وهو يصف دور الرسول في تغيير هذه الأمة الجاهلية : «... وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ...» (3).

هذه هي حالة شبه الجزيرة ، والقاطنين فيها ، ومن أراد المزيد فليراجع كلمات الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة وخطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، ونصوص كثيرة في تاريخ الإسلام.

من كل هذا نعرف أن عرب الجزيرة لم تكن الظروف مؤاتية لهم ، ولا عندهم دين واحد وقيادة موحدة تؤهلهم لقيادة العالم ، بل كان غالب همهم البحث عن موارد العيش وسد الجوع.

وقد كانت الزعامات متعددة بين القبائل ، إذ كل قبيلة كانت ترئس عليها رئيسا يعتبرونه حاكما مطلقا لا سلطان لغيره عليهم ، فلذلك كثرت النزاعات والحروب وتولد ما يسمى ب (أيام العرب) في الجاهلية. 0.

ص: 109


1- إشارة إلى قوله تعالى : (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم ...) سورة الأنفال 8 : 26.
2- كشف الغمة 1 / 485.
3- الكامل في التاريخ 2 / 80.

وهذه الحالة المتفككة في المجتمع امتزجت بين الزعامة والديانة فولدت حالة تعدد الأصنام المعبودة ، فكانت كلب تتخذ «ودا» ، وكان «سواع» لهذيل ، و «يغوث» لمذحج وقبائل من اليمن ، و «يعوق» لهمدان ، و «نسر» لذي الكلاع بأرض حمير ، وكان «اللات» لثقيف ، و «العزى» لقريش وجميع بني كنانة وقوم من بني سليم ، و «مناة» للأوس والخزرج وغسان ، و «هبل» أعظم الأصنام عندهم ، وكان على ظهر الكعبة ، و «إساف» و «نائلة» على الصفا والمروة ، وكان لبني ملكان من كنانة صنم يقال له : «سعد» و...

وقد صرح القرآن بهذه الحالة منتقدا لها بمثل قوله : (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) (1).

نعم ، إن هذه الحالة هي التي سمحت للقبائل بالاجتهاد في انتخاب الإله وجعل الصنم من خشب أو رخام أو تمر أو طين أو ...

ويتجلى موقف قريش - زعيمة العرب - من خلال المحاورة التي دارت - بطلب من قريش - بين النبي وعمه أبي طالب ، إذ قال له : هؤلاء سروات قومك يسألونك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك.

فقال رسول الله : أي عم ، أو لا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها؟! كلمة يقولونها تدين لهم بها العرب ويملكون رقاب العجم؟!

فقال أبو جهل : ما هي؟ وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها.

قال صلى الله عليه وآله وسلم : تقولون : «لا إله إلا الله» ... فنفروا وتفرقوا وقالوا : سل 3.

ص: 110


1- سورة نوح 71 : 23.

غيرها (1).

أضف إلى ذلك أن خلو الجزيرة من حكومة مركزية مستقلة جعلتهم يعيشون حياة الفوضى وتحكيم القوانين القبلية ومنطق القوة وما تواضعوا عليه من أعراف وتشريعات بدائية ، غير منكرين وجود حالات أخلاقية ومواضعات عرفية سليمة كإكرام الضيف ، والنجدة ، والإقدام ، والدفاع عن المظلوم المتجلي في حلف الفضول بأوضح صورة ، لكن مجمل وضع الجزيرة كان هو عدم المركزية ، وتحكيم المفاهيم والقوانين الجاهلية.

فالأعراف القبلية كانت الحاكمة في حياتهم لا التعاليم الدينية الصحيحة ، ولو لحظنا المجتمع آنذاك واعتقاداته لرأيناها متقسمة بين اليهودية والنصرانية المحرفتين ، وبين عبادة الأصنام ، وسائر ضروب الاعتقادات المغلوطة ، اللهم إلا القلة القليلة التي وصلتها بقايا دين الحنفية.

فنتج من هذا الخليط الفكري والثقافي أن نرى الغالبية الساحقة من سكان الجزيرة أميين لا يقرؤون ولا يكتبون ، إذ لم يدعوا أبناءهم لتعلم العلم والكتابة ، وإن كانوا يعلمون بشرفهما ، حتى أنهم اعتبروا الرجل الكامل في الجاهلية من يعرف الكتابة ويحسن العوم والرمي (2) ، وجاء وصفهم في الكتاب العزيز بقوله تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) (3) ، وقوله تعالى : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه

بيمينك إذا لارتاب المبطلون) (4) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنا أمة أمية 8.

ص: 111


1- الكامل في التاريخ 2 / 65.
2- مصادر الشعر الجاهلي : 52 ، القصد والأمم : 22 كما في الدراسات - للأعظمي - : 44.
3- سورة الجمعة 62 : 2.
4- سورة العنكبوت 29 : 48.

لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا ...»(1).

وقال ابن قتيبة : كان الصحابة أميين لا يكتب منهم إلا الواحد والاثنان ، وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجي (2).

وجاء في المعجم الصغير للطبراني ومجمع الزوائد للهيثمي : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسل رسالة إلى قبيلة بكر بن وائل ، فلم يجدوا قارئا لها في القبيلة كلها ، فأرسلوها إلى رجل من بني ضبيعة ليقرأها ، فهم يسمون بني الكاتب (3) لوجود من قرأ الكتاب فيها.

وعن عيسى بن عمر : قال لي ذو الرمة : ارفع هذا الحرف ، فقلت له : أتكتب؟! فقال بيده على فيه : اكتم علي فإنه عندنا عيب (4).

وقال ابن خلدون : إن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية ، وإن العرب كانوا بعيدين عنها ، لأنهم كانوا بداة بعيدين عن الحضارة غير محبذين لها شأن الصنائع (5).

وقال الشيخ محمد أبو زهو : وأما بادية العرب فلم تكن تخط ، بل كانت ترى الخط وصمة عار ، وسمة عيب ، كما هو شأنها في سائر الصناعات المدنية (6).

وقال بطرس البستاني في أدباء العرب : غلبت الأمية على العرب في جاهليتهم ، ولا سيما عرب البادية ، لأن حياتهم الفطرية في حدودها 9.

ص: 112


1- صحيح البخاري 3 / 35 ، فتح الباري 4 / 101 ، صحيح مسلم 2 / 761 ح 15.
2- تأويل مختلف الحديث : 366 ، توجيه النظر - للجزائري - : 10 ، كما في تدوين السنة الشريفة : 390.
3- المعجم الصغير 1 / 111 ، مجمع الزوائد 5 / 305.
4- الأغاني : ترجمة (ذو الرمة).
5- مقدمة ابن خلدون : 494.
6- الحديث والمحدثون - لأبي زهو - : 119.

السياسية والاجتماعية لم تتسع لصناعة الكتابة التي إنما تنشأ بنشوء الجماعة المنظمة ، وتنمو بنمو القوى المفكرة ، وتعظم بعظم الحاجة إليها ، بيد أن سكان الحواضر من أهل اليمن اصطنعوا الكتابة لما هم عليه من تقدم العمران ، ويعرف خطهم بالمسند الحميري ، حروفه منفصلة ، وفيه شبه بالكتابة الحبشية ، ومنه تفرع الخط الكوفي ، وترك اليمانيون من آثارهم نقوشا حجرية ، يرجع أبعدها عهدا إلى المائة الثامنة قبل المسيح (1) ، كشف عنها المنقبون الأوروبيون من إنكليز وألمان وفرنسيين في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وجعلت أساسا للبحث التاريخي في مدينتي سبأ وحمير.

ولم يحرم عرب الشمال فن الكتابة - على شيوع الأمية فيهم - فإن النصارى في العراق والجزيرة علموا جيرانهم الخط المعروف بالجزم (2) ، وله صلة بالآرامي النبطي ، فكانت الكتابة العربية في الأنبار والحيرة وما جاورهما.

وكذلك النصارى الأنباط في فلسطين الثالثة علموا من جاورهم من عرب الشام الخط النسخي الجليل المتفرع من الجزم.

وتعلم بعض القرشيين خط الجزم من نصارى الحيرة في رحلاتهم التجارية إلى العراق ، فحملوه إلى مكة ، فظهرت فيهم الكتابة قبل الإسلام ، وظهرت أيضا في يثرب ، ولليهود يد في ذلك.

ولبثت الكتابة قاصرة في الجاهلية لا يتعلمها من العرب إلا أفراد من أهل الحواضر ، وإذا تعلموها لا يبلغون فيها حد الإحكام والإتقان ، ولا د.

ص: 113


1- تاريخ الأدب العربي - لنيكلسون - : 1881. (الترجمة العربية لحسن حبشي في مجلة الرسالة سنة 1936).
2- سمى العرب خطهم بالجزم لأنه جزم من الآرامي النبطي ، أي : اقتطع ، لا كما توهم مؤرخو العرب أنه جزم من المسند.

يستعملونها إلا في شؤونهم الاقتصادية ، ولم يخلف الشماليون نقوشا حجرية بلغتهم العدنانية الخالصة ، كما خلف الجنوبيون بلغتهم القحطانية ، إلا ما كان من الآثار التي وجدت في حوران ، مكتوبة بلغة نبطية تغاير أحكام اللسان العربي في كثير من ألفاظها وتراكيبها.

وبقي العرب لأول الإسلام لا يجيدون الكتابة ، ولا يسلمون من الغلط في الإملاء كما تدل المصاحف التي رسمها الصحابة بخطوطهم حتى نزلوا الكوفة والبصرة ، واحتاجت الدولة إلى الكتابة ، فعنوا بإتقانها ، وكتبوا بالخطين النسخي والكوفي ، ثم ترقت الخطوط بعد الفتوح الكثيرة ، وتشعبت فروعها في بغداد وإفريقية والأندلس إلى أن بلغت حالتها الحاضرة (1).

نعم ، إن الكتابة لم تكن بالصورة المطلوبة عند عرب شبه الجزيرة ، بل كانت عند عرب أطراف الجزيرة والذين يساكنون الحضارات المجاورة.

قال الدكتور محمد عجاج الخطيب : ... وأكثر الآثار التي تحمل كتابات العرب كانت في الأطراف الشمالية للجزيرة العربية حيث كان الاتصال وثيقا بالحضارة الفارسية والرومية ، ومما يذكر أن عدي بن زيد العبادي (35 ق. ه) حين نما وأينع طرحه أبوه في الكتاب حتى حذق العربية ، ثم دخل ديوان كسرى وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى (2).

هذا ، ونرى إلى جانب ذاك التفكك الديني والثقافي والقيادي عند العرب ، وحدة الدين والقيادة عند الأمم المجاورة ، والمتحضرة آنذاك ، ففي 0.

ص: 114


1- أدباء العرب 1 / 34 - 36.
2- الأغاني 2 / 100.

فارس تحكم الديانة المجوسية عقائديا وكسرى قائدا ، وفي الروم الديانة المسيحية وقيصر قائدا ، وفي الحبشة الديانة المسيحية أيضا والنجاشي - بناء على أنه اسم للحاكم المطلق لا لشخص معين - قائدا ، وهكذا الأقباط في مصر كانوا مسيحيين ولهم قائد واحد.

ولما جاء الإسلام ، جاء بقول : (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) ، هاتان الشهادتان اللتان كانتا لب اللباب المنجي للعرب من حالتهم اللا متوازنة آنذاك ، إذ أن الشهادة الأولى كانت تعني جمع العرب أولا - ومن ثم العالم - على اعتقاد واحد بوحدانية المعبود ، والشهادة الثانية تعني إنهاء حالة التعددية القيادية والمناحرات القبلية ..

فالشهادتان تمثلان العمودين الأساسيين لتكوين مجتمع راق يخضع لقوانين الله سبحانه وتعالى ، لتوحيدهم فكريا على الله جل جلاله ، وسياسيا واجتماعيا على محمد بن عبد الله.

هذا ، ونحن بإيضاحنا هذه الحالة المعيشية والاجتماعية والثقافية في الجزيرة العربية ، نتوخى إيقاف القارئ على عظمة الإسلام الذي جعل منهم خلال ربع قرن أمة تقود العالم وتحطم أكبر دولتين آنذاك ، كما رجونا أن يتبين لنا خلال الدراسة أثر هذه الرواسب على التاريخ والتشريع الإسلامي ، وخصوصا على تاريخ الحديث وسنة رسول الله من بعده صلى الله عليه وآله وسلم.

تأثير اليهود على عرب الجزيرة :

عرفنا - على ضوء الصفحات السابقة - أن عرب شبه الجزيرة لم تكن لهم مدنية راقية ولا ثقافة عالية ، وأنهم قد تأثروا كثيرا بالوافدين كيهود فلسطين و... ، وكانوا يرجعون إليهم في كثير من الأمور لكونهم قادمين من

ص: 115

حضارات عريقة يحملون معهم أخبار الديانات والمغيبات ، وأنهم أصحاب كتب ومدونات ، فكانوا ينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلمه ، ويعدوهم مصدر الثقافة الدينية والعملية ، فما عرض الإسلام على قبيلة أو عشيرة منهم إلا وهرعوا إلى مناطق اليهود يستفتونهم في قبول هذا الأمر أو رده.

1 - ومما جاء في هذا الأمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا قبيلة كندة إلى الإسلام ، فأبوا قبوله ، فأخبرهم شخص أنه سمع من اليهود أنهم قالوا : إنه سوف يظهر نبي من الحرم قد أظل زمانه (1). وهذا الخبر دعاهم للتثبيت

أكثر في الأمر ، ثم قبوله.

2 - نجد قبيلة بكاملها تذهب إلى يهود فدك لتسألها عن قبول الإسلام أو رده (2).

جاء في الإصابة : أن وفد الحيرة وكعب بن عدي أسلما على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولما توفي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ارتابوا إلا كعبا فإنه استدل

على إسلامه بقوله : إني خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه ... (3)

4 - نقل ابن عباس عن حي من الأنصار كانوا أهل وثن ، أنهم كانوا يرون لليهود المجاورين لهم فضلا عليهم في العلم ، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم (4).

إلى غير ذلك في النصوص الدالة على اعتقاد عرب شبه الجزيرة قبل الإسلام باليهود. وأنهم أهل الفضل والعلم وممن يرجع إليهم في أمر الحياة 9.

ص: 116


1- دلائل النبوة - لأبي نعيم - : 113.
2- البداية والنهاية 3 / 145 ، دلائل النبوة - لأبي نعيم - : 102.
3- الإصابة 3 / 298.
4- الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير : 109.

والدين.

الرسول وتخوفه من اليهود :

حذر الله ورسوله المؤمنين من اليهود في عدة آيات من الذكر الحكيم ، وعدهم القرآن أشد الناس عداوة للذين آمنوا ، فقال تعالى : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ...) (1) ، لأنه سبحانه كان مطلعا على نواياهم وسرائرهم وأنهم هم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، ولا يستقبحون الكذب والافتراء على الله ورسوله ، في حين أنهم (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) (2).

وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية خوفا من اليهود ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم لزيد : إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا فتعلم السريانية (3).

فالرسول الأكرم جد في تعليم المؤمنين ، وسعى لمحو الأمية ، لأن في توعية المؤمنين غاية الرقي والتعلم ، وقد نزل في ذلك قوله : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (4).

وقوله : (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (5). 1.

ص: 117


1- سورة المائدة 5 : 82.
2- سورة البقرة 2 : 146.
3- تاريخ دمشق 6 / 280 ، الطبقات الكبرى 2 / 115.
4- سورة التوبة 9 : 122.
5- سورة المجادلة 58 : 11.

وقوله : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (1) ، وغيرها من الآيات المباركة.

كما دلت على ذلك سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإرساله المبلغين والمنذرين

إلى القبائل ، فقد كانت كلها بوادر في هذا السياق ، وكذا النصوص الصادرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم في محبوبية العلم وذم الجهل وما لطالب العلم من الأجر والثواب ، وتشجيعه صلى الله عليه وآله وسلم لمن يسأل عن العلم ودعوته للتفقه في الدين ، بمثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» (2).

وقوله : «الناس معادن ، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» (3).

وقوله : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» (4).

وقوله : «إذا جاء الموت طالب العلم وهو على حاله مات شهيدا» (5).

وقوله : «من طلب علما فأدركه كتب الله له كفلين من الأجر ، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الأجر» (6) ، وغيرها من الأحاديث الشريفة.

وجاء في الجامع لأخلاق الرواي والسامع : أن وفد عبد قيس أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من الوفد؟ - أو : من القوم؟ -. 3.

ص: 118


1- سورة النحل 16 : 43.
2- مجمع الزوائد 1 / 121 عن أبي هريرة.
3- مجمع الزوائد 1 / 121 ، جامع بيان العلم 1 / 18 ، ومسند أحمد 2 / 513 ح 7490 عن جابر بن عبد الله.
4- سنن ابن ماجة 1 / 81 ح 224.
5- جامع بيان العلم 1 / 31.
6- مجمع الزوائد 1 / 123 ، جامع بيان العلم 1 / 33.

قالوا : من ربيعة.

قال : مرحبا بالقوم غير خزايا ولا ندامى.

قالوا : إنا نأتيك من شقة بعيدة ، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ، ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام ، فمرنا بأمر نخبر من وراءنا ندخل الجنة ، فقال ... (1).

وفي صحيح البخاري وسنن الدارمي أن جماعة من المؤمنين جاؤوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كي يتعلموا الفرائض والسنن ، وبعد فترة قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي ، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، ثم ليؤمكم أكبركم (2).

فترى روح التعلم والتعليم تأخذ مأخذها البالغ من المسلمين ، حتى أنهم أخذوا يضربون آباط الإبل للتعلم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعليم قومهم أمور الدين والدنيا.

وعن أبي هارون العبدي ، قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري قال : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قلنا : وما وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا : إنه سيأتي بعدي قوم يسألونكم الحديث عني ، فإذا جاؤوكم فالطفوا بهم وحدثوهم (3).

وفي آخر : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نوسع لكم في المجلس وأن

نفقهكم ، فإنكم خلوفنا وأصل الحديث بعدنا (4).

وعن عطاء بن أبي رباح أنه سمع ابن عباس يخبر أن رجلا أصابه 4.

ص: 119


1- صحيح البخاري ، كتاب العلم 1 / 32 ، الجامع لأخلاق الراوي والسامع : 71.
2- أنظر : صحيح البخاري 1 / 162.
3- شرف أصحاب الحديث : 72.
4- شرف أصحاب الحديث : 72 ، السنة قبل التدوين : 44.

جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أصابه احتلام ، فسأل الصحابة فأمر بالاغتسال ، فبلغ ذلك النبي ، فقال : قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العي السؤال (1).

فبهذا عرفنا أن الإسلام دعا إلى السؤال وتعلم العلم ولكن بقيت بقية منهم لا يسألونه ، بل كان يعجبهم أن يأتي القادم يستفهمه ليفهموا منه ، وقد أحصى بعض الكتاب الآيات التي فيها كلمة (يسألونك) فرآها لا تتجاوز ثلاثة عشر آية ، لكن الذي وجدناه في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم خمسة عشر آية (2) فيها لفظ (يسألونك).

هذا ، ومما كان يتخوفه الرسول على أمته هو التغني بأمجاد الجاهلية وذكر أيام العرب والعناية المتزايدة بالأنساب وترجيح العربي على غيره لقوميته وعرقه ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى» (3) ، دفعا للروح الجاهلية ، وترسيخا لمفاهيم الإسلام ، ومعايير الدين الحنيف ، وتثقيفا للمجتمع بالثقافة العالية.

* * * 1.

ص: 120


1- مسند أحمد 1 / 330.
2- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن - لمحمد فؤاد عبد الباقي - : 327.
3- مسند أحمد 5 / 411.

الباب الأول

عصر التأصيل

ويقع البحث فيه في خمسة مراحل :

المرحلة الأولى

العرب وحديث محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة

كانت العرب قبل الإسلام تذكر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بالفضل والنبل والعزة والكمال ، وتلقبه بالصادق الأمين ، لما عرفوا في حديثه من الصدق ، وما عاينوا عنده من الأمانة ، حتى نقل ابن برهان الحلبي : أن العرب كانت تتحاكم إليه في الجاهلية لأنه كان لا يداري ولا يماري (1) ، وكانوا لا يستغنون عنه في أحلافهم ، ويحكمونه في نزاعاتهم لما أدركوه فيه من مؤهلات.

فمما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه اشترك في حلف الفضول وعمره لا يتجاوز العشرين عاما ، مناصرة للمظلوم أمام الظالم كائنا من كان ، وقد وصف صلى الله عليه وآله وسلم حضوره في ذلك الحلف بقوله : لقد حضرت في دار عبد الله ابن جذعان حلفا ما سرني به حمر النعم ، ولو دعيت إلى مثله لأجبت (2).

وحكم صلى الله عليه وآله وسلم بين القبائل في وضع الحجر الأسود ، وذلك بعد أن أتمت القبائل تجديد البيت الحرام ، فتنازعوا بينهم في الذي يضع الحجر 0.

ص: 121


1- السيرة الحلبية 1 / 145.
2- شرح نهج البلاغة 14 / 129 ، البداية والنهاية 2 / 293 ، الأغاني 16 / 65 - 70.

الأسود مكانه ، فاقترح أبو أمية بن المغيرة - والد أم سلمة - أن يحكموا أول داخل عليهم من باب السلام ، فإذا بمحمد بن عبد الله دخل ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا.

فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم الخبر ، فبسط إزاره - وفي نص آخر طلب ثوبا - ثم أخذ الحجر فوضعه فيه بيده.

ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم رفعوه جميعا ، فلما حاذى الموضع أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده الشريفة فوضعه في مكانه (1).

نعم ، كانت العرب تعز الرسول وتبجله ، وتقر له بالفضل والكمال ، والنبل والأمانة ، والصدق في الحديث وحسن الإدارة والسياسة ، وأنه كان لو دعاهم إلى أمر استجابوا إليه.

فجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه في بداية دعوته المباركة صعد الصفاء - وهو

موضع بمكة - وجعل ينادي : يا بني فهر ، يا بني عدي ، يا بني عبد المطلب ، وذكر الأقرب فالأقرب حتى اجتمعوا ، ومن لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولا لينظر له ما يريد.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا في سفح هذا الجبل قد طلعت عليكم أكنتم مصدقي؟

فقالوا بلسان واحد : نعم ، أنت عندنا غير متهم ، وما جربنا عليك كذبا قط.

قال صلى الله عليه وآله وسلم : إني نذير لكم من عذاب شديد ، يا بني عبد المطلب ، ويا بني عبد مناف ، ويا بني زهرة ، ويا بني تيم ، ويا بني مخزوم وأسد ، 9.

ص: 122


1- أنظر : السيرة النبوية - لابن هشام 1 / 209 ، البداية والنهاية 2 / 303 ، وشرح نهج البلاغة 14 / 129.

ومضى يعدد جميع قبائل مكة وفروعها ، ثم قال : إن الله أمرني أن أنذركم من عقابه ، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا في الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله ، فنهض أبو لهب - وكان رجلا بدينا سريع الغضب - وصاح به : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعت الناس؟! وتفرقوا عنه يتشاورون في أمره.

نعم ، إن القبائل عارضته وكذبته لا لنفسه ، بل لما جاءهم به من أفكار وآراء عن الكون والحياة ، والتي لم يكن لهم بها عهد من قبل ، فصار شأنه شأن باقي المرسلين المكذبين من قبل أقوامهم ، فكان مثل قومه كمثل قوم نوح وعاد وثمود ولوط وأصحاب الرس ، إذ قال تعالى : (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط) (1) ، ولهذا لم نر ضمن ما رماه به صلى الله عليه وآله وسلم قومه من تهم ، كلمة (كذاب) أو (خائن) أو (ظالم) أو ... بخلاف رميهم إياه ب : (ساحر) - لعدم دركهم كنه الإعجاز - و (مجنون) لما كانوا يرون عليه من ثقل الوحي ، وفي هذا غاية الوضوح في أن العرب كانت تعرف صدق وأمانة ووفاء وحكمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الإسلام.

ولا يخفى عليك أن المراد من حديث محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة هو المعنى اللغوي للحديث ، لا المعنى الاصطلاحي ، إذ أن العرب كانت تعلم قيمة كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم واتصافه بالحكمة والسداد قبل أن يبعث نبيا ، ولم تكن تعرف المعنى الاصطلاحي الذي حدث من بعد عند المسلمين ، والذي يحمل في كنفه الحجية الشرعية والدليل القطعي.

* * * 3.

ص: 123


1- سورة الحج 22 : 42 و 43.

المرحلة الثانية

حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد البعثة

لقد سبق أن قلنا إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء عن الله بشهادتي لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقلنا : إنهما كانتا لب اللباب المنجي للعرب من حالتهم اللا متوازنة آنذاك ، وقد كانت كلتا الشهادتين ثقيلتين على قلوب قريش وطراز الفكر الجاهلي المشبع بحب القيادة والرئاسة ، لكن الواقع هو أن الشهادة الثانية كانت أشد وقعا وثقلا على أنفسهم من الشهادة الأولى ، إذ كيف يقرون للنبي صلى الله عليه وآله بالنبوة والقيادة الواحدة وهم الزعماء المدبرون ، أصحاب الأمر والنهي؟! وهل محمد صلى الله عليه وآله وسلم - من وجهة نظرهم - إلا زعيما قاتل فانتصر؟!

ولذلك نرى نظرتهم إلى النبي بعد البعثة ظلت مشوبة بهذا المنطق المزعوم ، وظلوا على أساسه يفسرون كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه كلام بشر عادي له مؤهلات قيادية وحكمة في النظر والتفكير فقط.

وقد انكشفت هذه الظاهرة بعد استتباب الأمر للنبي في الموقف الحاسم بين النبي والطلقاء في فتح مكة ، حيث روى لنا العباس كيفية إسلام أبي سفيان ، فقال :

غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآه قال : ويحك يا أبا

سفيان!! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟!

قال : بلى بأبي أنت وأمي ، لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا.

ص: 124

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ويحك! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟!

فقال : بأبي أنت وأمي ، أما هذه ففي النفس منها شئ.

قال العباس : فقلت له : ويحك! تشهد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقك.

قال : فتشهد (1).

فهنا يبدو واضحا أن أبا سفيان كان أكثر بطئا في قبول الشهادة الثانية من الأولى ، لأن الثانية تعني تحطيم غروره وجبروته وموقعه السياسي والاجتماعي ، وذلك ما لا تعنيه كثيرا الشهادة الأولى بالنسبة له.

وكان أبو سفيان لما رأى نيران المسلمين وكثرة عددهم ، قد قال للعباس : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقال له العباس : ويحك! إنها النبوة ، فقال : نعم إذن.

وظل منظر الفكر القرشي على هذه الوتيرة حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة الشيخين ، فقد ركل قبر حمزة برجله قائلا : قم يا أبا عمارة! إن هذا الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أصبح بيد غلماننا ، وصرح أخرى عند جمع من بني أمية قائلا : تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان لا جنة ولا نار وإنما هو الملك.

وحمل ابنه معاوية نفس النزعة الفكرية - كما سيأتي توضيحه - فصرح حين سمع الشهادة الثانية بما تكن نفسه قائلا : لقد كنت عالي الهمة يا بن عبد الله ، ما رضيت إلا أن تقرن اسمك باسم رب العالمين.

وعلى كل حال ، فإن هذا التفكير القرشي كان ينظر إلى أقوال النبي 5.

ص: 125


1- الكامل في التاريخ 2 / 245.

وأفعاله وتقريراته بأنها أمور شخصية ، قابلة للخطأ والصواب ، وقد جاء الإسلام ليحطم تلك النظرة الزائفة ، وقد نجح في إنهائها إلى حد كبير ، لكن بقيت لها مخلفات وآثار سلبية على الحديث الشريف والسنة النبوية ، فقد اتفق المسلمون على حجية أقواله صلى الله عليه وآله وسلم ، لكن الموروث سبب النزاع في ما هو الحجة؟ وما هو إطاره؟ فإنه لا ينكر أحد بأن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة من بدء البعثة إلى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن تلك الأحاديث كانت محط أنظار المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما كانت في نفس الأمر والواقع الإلهي كلها حجة بالغة ، وتبيانا لما ورد في كتاب الله ، وتعليما للمسلمين ، وبالتالي فلم يقع النزاع في حجية أقواله صلى الله عليه وآله وسلم إجمالا بين

المسلمين ، لكن النزاع كان في ما هو الحجة من كلامه؟

فقد كان رهط من المسلمين ينظرون إلى أن جميع أحاديث النبي - في الأحكام والموضوعات والأمور الخارجية - حجة لا مناص عنها ، لأنه سبحانه قال : (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (1) وهذا النص عام شامل لجميع أقواله في شتى الأمور ، فكان هؤلاء يستجيبون لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا نقاش ولا مراء ، ويمتثلون أوامره ونواهيه.

وكانت هناك فرق أخرى تنظر إلى أقواله وأفعاله نظرة ناقصة مبتورة ، يجمعها جميعا أنها تفترض إمكان الخطأ في كلامه صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله وتقريراته ، وهذا النمط من الصحابة كان يعترض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أفعاله وحروبه ومصالحاته ، بل كان منهم من يصرح بأنه لو وجد أتباعا لما دخل في صلح الحديبية! 4.

ص: 126


1- سورة النجم 53 : 3 و 4.

وقد تطور هذا التيار المنفلت التفكير ، المهاض الجناح ، فيما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر بأشكال وطروحات شتى ، حتى روى بعضهم أسطورة

الغرانيق (1) ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتبه عليه الوحي بالشيطان (2) - والعياذ بالله -!.

ورووا أنه صلى الله عليه وآله وسلم تزوج السيدة خديجة بنت خويلد بعد أن سقت أباها خمرا ، فأجاب إلى نكاحه صلى الله عليه وآله وسلم وهو سكران (3) ، بعد أن كان لا يزوجه وهو في صحوته! متشبثين بأن ذلك كان قبل بعثته.

ووصل هذا التفكير إلى كثير من مشهوري الصحابة ، حتى إن السيدة عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات مرة : «تكلم ، ولا تقل إلا حقا» (4)! فافترضت فيه الكذب وإمكان قوله بالباطل والعياذ بالله.

وجابهته مرة أخرى قائلة : «أنت الذي تزعم أنك نبي الله» (5) و...

وامتد هذا المسار واستفحل بمرور الزمان حتى قال الخليفة عمر قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الرجل ليهجر» (6) ، ومعناه إمكان احتمال الجزاف وغير الصواب في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وتطور الأمر بأخرة حتى صرح بعضهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجتهد كسائر 3.

ص: 127


1- تفسير الطبري 17 / 131 - 134 ، الدر المنثور 3 / 368 ، الطبقات الكبرى 1 / 154 و 130.
2- أنظر تفسير الطبري 9 / 175 - 178 ح 25327 - 25341. (يلاحظ ويوحد)
3- الطبقات الكبرى 1 / 132.
4- أنظر : دلائل الصدق 3 / 645 ، إحياء علوم الدين 5 / 35.
5- أنظر : إحياء علوم الدين 5 / 35 ، مكاشفة القلوب : 238.
6- صحيح البخاري 1 / 66 ذ ح 55 ، شرح النووي على مسلم 11 / 101 ، مسند أحمد 1 / 355 ، تاريخ الطبري 2 / 193.

المجتهدين ، يخطئ ويصيب (1) ، وقد تخلف عن أوامر الله وضوابط الإنسانية (2) ، وربما لعن أحدا بدون استحقاق (3)!!

وقد سبب أنصار هذه المدرسة وقوع الاختلاف في التدوين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجاز كتابة حديثه صلى الله عليه وآله وسلم أو نهى عنه؟

فذهب قوم إلى الجواز ، وآخرون إلى الحظر ، واستدل كل منهما بأدلة .. 0.

ص: 128


1- أنظر : اجتهاد الرسول ، لنادية العمري.
2- كروايتهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم عبس بوجه عبد الله بن مكتوم الأعمى ، و...
3- صحيح مسلم 4 / 2007 ح 88 وص 2008 ح 90 ، مسند أحمد 2 / 317 و 449 وج 3 / 400.

أما أدلة الناهين عن التدوين

فهي :

أ - ما رواه أبو سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وآله وسلم :

1 - ما رواه همام بن يحيى ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه (1).

2 - وعن سفيان بن عيينة ، عن ابن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري : أنه قال : استأذنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أكتب الحديث ، فأبى أن يأذن لي (2).

وفي روايات أخرى عنه جاءت بصيغة الجمع : «استأذنا ... ، فأبى أن يأذن لنا» (3).

ب - ما رواه زيد بن ثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم :

1 - عن كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، قال : ... فقال له زيد : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه ، فمحاه (4). 3.

ص: 129


1- تقييد العلم : 29 - 30.
2- تقييد العلم : 32 و 36 ، الكامل في الضعفاء 4 / 1583.
3- تقييد العلم : 33 ، سنن الدارمي 1 / 98 ح 457 ، سنن الترمذي 5 / 38 ح 2665.
4- تقييد العلم : 35 ، جامع بيان العلم 1 / 63.

* وفي آخر : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يكتب حديثه (1).

ج - ما رواه أبو هريرة الدوسي عنه صلى الله عليه وآله وسلم :

1 - عن عبد الرحمن بن زيد ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، قال : كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فخرج علينا ، فقال : ما هذا؟! تكتبون؟!

قلنا : ما نسمع.

قال : اكتبوا كتاب الله ، امحضوا كتاب الله ، أكتاب مع كتاب الله؟! امحضوا كتاب الله - أو : خلصوه -.

قال : فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ، ثم أحرقناه بالنار.

قلنا : أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! أنتحدث عنك؟

قال : نعم ، تحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.

قال : فقلنا : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! أنتحدث عن بني إسرائيل؟

قال : نعم ، تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فإنكم لا تحدثون عنهم بشئ إلا وقد كان فيهم أعجب منه (2).

2 - وفي آخر : عن أبي هريرة ، قال : بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ناسا قد كتبوا حديثه ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما هذه الكتب التي بلغني أنكم كتبتم؟! إنما أنا بشر ، من كان عنده منها شئ 3.

ص: 130


1- أنظر مثلا : تقييد العلم : 35.
2- مسند أحمد 2 / 12 - 13 ، تقييد العلم : 33.

فليأت به ، فجمعناها ، فأخرجت.

فقلنا : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! نتحدث عنك؟

قال : تحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.

بعض الصحابة وكراهتهم للتدوين :

* وقد جاءت نصوص عن الصحابة تدل على كراهتهم للتدوين ، كقول أبي بردة : كان لأبي موسى [الأشعري] تابع ، فقذفه في الإسلام ، فقال لي : يوشك أبو موسى أن يذهب ، ولا يحفظ حديثه فأكتب حديثه.

قال : قلت : نعم ما رأيت؟

قال : فجعلت أكتب حديثه.

قال : فحدث حديثا ، فذهبت أكتبه كما كنت أكتب ، فارتاب بي وقال : لعلك تكتب حديثي؟

قال : قلت : نعم.

قال : فأتني بكل شئ كتبته.

قال : أتيته به ، فمحاه ، ثم قال : احفظ كما حفظت (1).

* وفي آخر : كنت كتبت كتابا فدعا بمركن ماء فغسله فيه (2).

* وفي ثالث : كان أبو موسى يحدثنا بأحاديث ، فنقوم - أنا ومولى لي - فنكتبها. 1.

ص: 131


1- الطبقات الكبرى 4 / 112.
2- تقييد العلم : 41.

فقال : أتكتبان ما سمعتما مني؟!

قالا : نعم.

قال : فجيئاني به ، فدعا بماء فغسله (1).

* وقال أبو نضرة : قلنا لأبي سعيد : اكتتبنا حديثا من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال : امحه (2).

* وجاء عن ابن مسعود أنه مسح صحيفة فيها أحاديث حسان ، كانت في أهل البيت ، أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3).

* وعن عبد الرحمن بن أبي مسعود : كنا نسمع الشئ ، فنكتبه ، ففطن لنا عبد الله - يعني ابن مسعود - فدعا أم ولده ودعا بالكتاب وبإجانة من ماء فغسله (4).

وغيرها من النصوص العديدة (5).

فهذه نصوص عن أبي سعيد الخدري ، وزيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونقولات عن الصحابة الكارهين للتدوين ، أتوا بها كي يدللوا على نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تدوين حديثه ، بل سماحه صلى الله عليه وآله وسلم

بالتحديث فقط.

ونحن لا نريد الدخول في مناقشتها سندا ، لأن دراستها سندا يلزمنا 4.

ص: 132


1- تقييد العلم : 40.
2- تقييد العلم : 35 ، جامع بيان العلم 1 / 63.
3- تقييد العلم : 54 و 57 وما بعدها ، انظر : منع تدوين الحديث ، لنا.
4- سنن الدارمي 1 / 102 ، تقييد العلم : 39.
5- راجع : تقييد العلم : 36 - 44.

دراسة ما يقابلها من الأحاديث التي رواها كبار الصحابة ، والتي مفادها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بالتدوين ، كما في أمره بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وغيرهما.

بل نجد جل - إن لم نقل كل - من نسب إليهم رواية المنع ، ثبت عنهم رواية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتدوين!

هذا ، ناهيك عن لزوم دراسة التزام بعض الصحابة بالمنع وبعضهم الآخر بالتدوين ، ومدى حجية هذا الالتزام المانع أو المدون ، لقد تركنا البحث في هذه الأمور ، لأن الإطالة في مناقشة هذه الأسانيد يبعدنا عن الهدف ، فرأينا أن نكتفي بالتعليق على ما ذكرنا منها متنا ، وتركها سندا ، لاعتقادنا بكفايته للبصير المتدبر.

* * *

ص: 133

مناقشة روايات أبي سعيد الخدري :

1 - أما ما رواه همام بن يحيى ، بسنده عن أبي سعيد من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» ، فيرد عليه بسؤال نطرحه ، وهو :

هل إن جملة «لا تكتبوا» و «من كتب عني» هي حكم قطعي ، وقد رفع في الزمن الأخير من عهد الرسول - كما يذهب إليه بعضهم (1) - أم إنه عام وشامل لكل العصور؟

فإن قيل بالقول الأول ، فإننا نتساءل : لماذا نهى الخليفة الثاني عن الكتابة لاحقا؟! (2).

وما هو سر كراهة بعض الصحابة والتابعين للتدوين لو كان استقر الحال على التدوين في أخريات عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! (3).

وإن قيل بالقول الثاني - وهو الظاهر من العبارة - فلم دون الخليفة الأول وغيره من الصحابة الأحاديث؟! (4). 0.

ص: 134


1- مثل الدكتور صبحي الصالح في «علوم الحديث» ، والخطابي البستي في معالم السنن 4 / 184 ، والسمعاني في أدب الإملاء والاستملاء : 146 ، وابن الصلاح في علوم الحديث : 182 ، والبيهقي ، وابن كثير في اختصار علوم الحديث : 87.
2- بل نهى عن التحديث كذلك ، فمنع أبا هريرة - انظر : المحدث الفاصل : 554 ، البداية والنهاية 8 / 106 - ، وابن مسعود - انظر : الكامل لابن عدي 1 / 18 - ، وأبا موسى الأشعري - انظر : البداية والنهاية 8 / 107 ، مستدرك الحاكم 1 / 125 - ووفد الكوفة - كما في حديث قرظة بن كعب -.
3- تقييد العلم : 36 - 60 ، السنة قبل التدوين : 309.
4- تذكرة الحفاظ 1 / 5 ، حجية السنة : 394 ، الاعتصام بحبل الله المتين 1 / 30.

بل لم يستشير الخليفة الثاني الصحابة في تدوين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - المنهي عنه افتراضا -؟! (1).

وكيف بهم يشيرون عليه بذلك لو كانوا قد سمعوا حديث النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! (2).

وما الذي يعنيه قول الخليفة عمر للصحابة : «من كان عنده شئ فليمحه» (3) أو : «لا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به» (4)؟!

ألا يدل ذلك على وجود مدونات عند الصحابة قبل عهده؟!

وكيف يأمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الأحاديث في الزمن المتأخر (5) ، خلافا لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المفترض؟!

وألا يخالف النص السابق ما رواه أبو سعيد الخدري نفسه في قوله : «كنا لا نكتب إلا التشهد» (6)؟!

ومثله ما جاء عن ابن مسعود مع وجود إضافة : «والاستخارة» (7)؟!

وهذان النصان دالان على وجود كتابة سوى القرآن ، وجواز تلك الكتابة للمسلمين.

فمما يحتمل هنا - قويا - هو : أن النص الأول عن أبي سعيد مكذوب 5.

ص: 135


1- تقييد العلم : 49 ، حجية السنة : 395.
2- تقييد العلم : 49 ، حجية السنة : 395.
3- تقييد العلم : 53 ، حجية السنة : 395.
4- الطبقات الكبرى - لابن سعد - 1 / 140.
5- تقييد العلم : 105 و 106 ، سنن الدارمي 1 / 126 ، صحيح البخاري 1 / 36 ، التاريخ الصغير : 105 ، الجرح والتعديل 1 / 21 ، تاريخ دمشق 3 / 175.
6- تقييد العلم : 93.
7- السنة قبل التدوين : 397 عن المصنف - لابن أبي شيبة - 1 / 115.

عليه ، للأدلة التي نقلناها.

بل نحن لو قارنا جملة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب للصحابة «من كان عنده شئ فليمحه» مع المنسوب إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم «فليمحه» لعرفنا أن أنصار الخليفة كانوا وراء هكذا نصوص ، خصوصا وأن عمر لم يمح الأحاديث ، بل أحرقها!!

2 - وأما ما قاله أبو سعيد الخدري عن نفسه «استأذنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أكتب الحديث ، فأبى أن يأذن» فهو بعد فرض ثبوته تنزلا يقال فيه : إن النهي فيه نهي شخصي لأبي سعيد الخدري فقط - بقرينة سماحه صلى الله عليه وآله وسلم بالكتابة للآخرين كأبي شاة اليمني (1) ، والأنصاري الذي شكا سوء

الحفظ (2) ، ودعوته صلى الله عليه وآله وسلم عليا وغيره للكتابة (3).

على أن الظاهر من نسبة أبي سعيد النهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه كان بفهم منه لا بتصريح من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

لأننا بملاحظتنا لأحاديث أبي سعيد الخدري - التي نسب فيها النهي إلى نفسه لا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وجدناها جميعا تذكر تعليل أبي سعيد المنع بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرهم بالحفظ ، وأنهم كانوا يسمعون ويأخذون مشافهة فقط ، ففهم أبو سعيد خطأ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى عن التدوين ، مع أن من الواضح أن الأمر بالحفظ وتدقيق السمع والأخذ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ر.

ص: 136


1- تقييد العلم : 86 ، صحيح البخاري / اللقطة ، صحيح مسلم / الحج ، مسند أحمد 2 / 238 ، سنن أبي داود 5 / 45 ، جامع بيان العلم وفضله 1 / 70.
2- تقييد العلم : 65 ، مجمع الزوائد 1 / 152.
3- أدب الإملاء والاستملاء - للسمعاني - : 12 - 13 ، الإمامة والتبصرة من الحيرة - لابن بابويه - : 174 ، بصائر الدرجات : 163 وص 168 بنحو آخر.

لا يدل بحال من الأحوال على نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن التدوين.

هذا ، مع أن أمره صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة بالحفظ والسماع وتلقي الأحاديث يكون عاما شاملا لحفظ حديثه كتابة أيضا ، لأن حفظ كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يختص بحفظه في الذهن عبر القوة الحافظة ، بل يشمل حفظه بشتى الطرق ، والتي تكون أبلغها الكتابة والتدوين ، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «من حفظ على أمتي أربعين حديثا ...» (1).

فالمحافظة على الحديث النبوي لا يختص بحفظه عن ظهر قلب ، بل يمكن تحققه بتدوينه كتابة ، بل يمكن القول بأن المحافظة عليه بالكتابة هي الأجدر والأنفع ، ولهذا نرى العلماء يؤلفون «الأربعينات الحديثية».

وعليه : فإن الدعوة إلى الحفظ الذهني ، وتخصيص حفظ الحديث بالحفظ عن ظهر قلب ، فيه من المسامحة ما لا خفاء فيه ، إذ جاء عن الصادق عليه السلام : «القلب يتكل على الكتابة» (2) وأصرح منه قوله : «اكتبوا ، فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا» (3).

ولو سلمنا عدم إرادة ذلك كله ، فإن لنا أن نقول : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الصحابة بعدم تدوين كلامه وحديثه ضمن القرآن المجيد ، بل كان يأمر بتدوين القرآن مستقلا ، والحديث مستقلا لئلا يختلطا.

وهذا الذي قلناه يدل عليه ما روي عن أبي هريرة من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الصحابة بجمع الكتب فقال : «من كان عنده منها شئ 7.

ص: 137


1- أنظر مثلا : مشكاة المصابيح 1 / 117 ح 258 ، كنز العمال 10 / 224 - 226 ح 29182 - 29192 ، إتحاف السادة المتقين 1 / 75 و 77.
2- أصول الكافي 1 / 72 ح 146.
3- أصول الكافي 1 / 72 ح 147.

فليأت به ، فجمعناها فأخرجت ...»(1).

إذ لا معنى للإخراج إلا ما ذكرنا من أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج أقواله المدونة من قبل بعض الصحابة مع القرآن ، وهذا أدل على إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتدوين منه على النهي!

هذا كله على فرض تسليم ورود النهي عنه صلى الله عليه وآله وسلم بطريق أبي سعيد ، مع أنه لم يثبت ذلك عنه صلى الله عليه وآله وسلم كما بحث في محله ، بل الثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم هو عكس ذلك.

وبهذا فقد فندنا ما زعمت روايته عن أبي سعيد الخدري ، والآن مع حديث زيد بن ثابت.

مناقشة رواية زيد بن ثابت :

وأما ما جاء عن زيد بن ثابت من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم أن لا يكتبوا حديثه صلى الله عليه وآله وسلم ، فيخالفه ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عمومات الإذن بالتدوين (2) وكتابة الصحابة لحديثه صلى الله عليه وآله وسلم (3) ، حتى جاء عن زيد بن ثابت نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره بتعلم اللغة السريانية نطقا وكتابة ، فتعلمها في حدود ستة عشر يوما (4).

فلو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيز كتابة كتب اليهود خوفا من مكرهم ، 9.

ص: 138


1- تقييد العلم : 35.
2- تقييد العلم : 68.
3- تقييد العلم : 72 - 98.
4- الطبقات الكبرى 2 / 358 ، سنن أبي داود 3 / 318 ح 3645 ، مسند أحمد 5 / 186 ، تهذيب الكمال 10 / 28 - 29.

فبطريق أولى كان يسمح لأمته بكتابة حديثه خوفا من الضياع.

على أن في صدر الرواية عن زيد قول الراوي : دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث ، فأمر إنسانا يكتبه ، فقال له زيد : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه ، فمحاه (1).

وفي نص آخر : إن السائل المريد للكتابة هو مروان بن الحكم (2)

لا معاوية بن أبي سفيان.

ومن الثابت جزما أن معاوية ومروان كانا من أشد المانعين للتدوين ، فكيف أرادا - أو أراد أحدهما - تدوين هذا الحديث؟!!

إن هذا تضارب صريح تخفى وراءه أهداف؟!

مع أن هذه الرواية تدلك على أن الحكام كانوا يريدون إباحة التدوين لأنفسهم دون غيرهم ، أي يريدون تثبيت ما يرتضونه وترك ما لا يرتضونه ، لما فيه من مصلحة لهم.

على أن زيدا ادعى نهي الرسول عن التدوين دون أن ينقل النص الناهي ، إذ لعل زيدا استنتج ذلك خطأ من واقعة ما ، أو حديث ما ، ونحن غير ملزمين بفهم زيد ، وإنما يلزمنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو فعله أو تقريره ، وهو غير مذكور في المقام.

* * * 5.

ص: 139


1- تقييد العلم : 35 ، جامع بيان العلم 1 / 63.
2- جامع بيان العلم 1 / 65 ، الطبقات الكبرى 2 / 117 ، تاريخ دمشق 5 / 449 ، هامش تقييد العلم : 35.

مناقشة روايات أبي هريرة الدوسي :

* النص الأول :

فأما المدعيات التي جاءت فيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله : «أكتاب مع كتاب الله؟!» وقوله : «فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ، ثم أحرقناه بالنار.

فقلنا : أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! أنتحدث عنك؟

قال : نعم ، تحدثوا عني ولا حرج ...».

إلى أن يقول : «فقلنا : أنتحدث عن بني إسرائيل ، قال : تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ...».

فلنا عليها ملاحظات :

الأولى : إن جملة «أكتاب مع كتاب الله؟!» تومئ إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعتقد أن الناس يريدون أن يجعلوا كلامه صلى الله عليه وآله وسلم عديل كتاب الله وقسيمه ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم نهاهم عن ذلك ، لاعتقاده صلى الله عليه وآله وسلم بعدم صحة هذا الفعل منهم ، لأن جمع كلامه صلى الله عليه وآله وسلم في مصحف سيؤثر على كلام الله.

وهذا الكلام باطل صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعدة جهات :

أ - نحن نعلم أن فهم القرآن «الذكر» متوقف على السنة ، فلا يمكن معرفة الأحكام إلا بالسنة ، لقوله تعالى : (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (1) ، وتدوينها أضبط طريق لصيانتها.4.

ص: 140


1- سورة النحل 16 : 44.

ب - إن جملة «أكتاب مع كتاب الله؟!» توحي بأن كلام الله يمكن خلطه مع كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا يعارض قوله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (1).

مضافا إلى ذلك أن الأول - القرآن - قد صدر على نحو الإعجاز البلاغي ، وقد تكررت دعوات القرآن المتحدية للكفار والمشركين بالبلاغة في القرآن بأساليب مختلفة ، منها قوله : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (2).

وقوله : (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) (3).

وقوله : (فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) (4).

بخلاف الثاني - حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - الذي لم يكن في مقام التحدي والإعجاز البلاغي ، بل جاء على سبيل تبيين الأحكام.

ج - إن الكلام السابق يستلزم اتهام الصحابة بفقدانهم القدرة على التمييز بين كلام الله - الذي حفظوه وتناقلوه - وبين كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي صدر في مقام التفسير والشرح.

نعم ، إن هذه المقولة قالها الخليفة الثاني لمن جمعهم عنده 3.

ص: 141


1- سورة الحجر 15 : 9.
2- سورة الإسراء 17 : 88.
3- سورة يونس 10 : 38.
4- سورة البقرة 2 : 23.

يستشيرهم في أمر التدوين بقوله : «وإني ذكرت قوما قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا» (1) ، فلا يستبعد بعد هذا أن يكون أنصار الخليفة وراء نسبة هذا القول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، خصوصا مع ملاحظة كون الراوي هنا هو أبو هريرة الدوسي الذي اتهم صريحا من الصحابة بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثه (2).

الثانية : وهو الكلام في الجملة الثانية من رواية أبي هريرة ، التي تدعي تشريع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحرق الكتب ، لقول الراوي : «فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ، ثم أحرقناه بالنار».

وهذا باطل النسبة إليه صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يجز حرق التوراة والإنجيل المحرفين (3) ، فكيف به يجيز حرق مفسر القرآن ومبينه وما فيه اسم الله وأحكامه؟!

نعم ، إن الحرق هو الآخر من فعل الشيخين ، إذ ثبت عن الخليفة الأول حرقه لأحاديثه الخمسمائة (4) ، وثبت عن عمر حرق مثله (5) ، فلا غرابة أن نقول بأن هذا الحرق المدعى من وضع أتباع الخلفاء ، إذ ترى الشيخين لم ينسبوا فعلهما (الحرق) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذا يؤكد حقيقة أن الإحراق هو من فعل الشيخين لا من سيرة -.

ص: 142


1- تقييد العلم : 49 ، حجية السنة : 395.
2- من عائشة وعلي ، وقد نهاه عمر من التحديث و...
3- أنظر : الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 1 / 177 والخبر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
4- تذكرة الحفاظ 1 / 5 ، حجية السنة : 394 ، الاعتصام بحبل الله المتين 1 / 30.
5- تقييد العلم : 52 ، وقريب منه في الطبقات الكبرى - لابن سعد -.

الرسول ، فلو كان الحرق شرعيا لاستندوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم واحتجوا لفعلهم بفعله ، وحينما لم تكن لهم تلك الحجة الشرعية اضطر اللاحقون لأن يضعوا هذه الفقرة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتصحيح فعل السابقين.

الثالثة : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» فإن لنا

على هذه المقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤاخذتين رئيسيتين :

أولاهما : أن الثابت عند المسلمين أن ترك القرآن والانصراف إلى ما سواه منهي عنه ومحرم شرعا ، لكن الادعاء بأن الاشتغال بغير القرآن يؤدي إلى تركه ثم تطبيق ذلك على السنة النبوية فيه من المسامحة ما لا خفاء فيه ، لأن الثابت أن ما يؤدي إلى ترك القرآن هو ما يكون منافيا له ، كالأخذ بالتوراة والإنجيل وما فيهما من العقائد والآراء ، وأما العناية بمفسر القرآن ومبينه فلا مجال لعده موجبا لترك القرآن وهجرانه.

وثانيتهما : أنه كيف ساغ السماح بالتحديث عن بني إسرائيل بلا حرج ، مع وقوفنا على النواهي النبوية المتكررة عن الأخذ بأقوال أهل الكتاب؟!

فنحن لو تأملنا تحذير الله ورسوله وتخوفه على الدين من دور بني إسرائيل في الشريعة ، وتأثر الناس بهم في صدر الإسلام ، حتى إنهم كانوا يسألون اليهود في أحقية اتباع دين محمد وعدمه ، فلو جمعنا كل هذه الحقائق لعرفنا حقائق أخرى مهمة في التشريع الإسلامي.

ولا أدري كيف يمكن للمطالع أن يصدق سماح الرسول بالتحديث عن بني إسرائيل ، مع حظره المدعى عن حديثه ، وهو الصادق المصدق؟!

بل كيف يجيز حرق حديثه ونراه لا يسمح بحرق التوراة والإنجيل؟!

ص: 143

فلو كان الانكباب على كتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشغل الناس عن الأخذ بالكتاب ، فكذلك هو التحديث بأحاديث الرسول - مع احتمال فرض الانشغال به - فكيف يجوزون التحديث ولا يجوزون الكتابة؟!!

الرابعة : إن مرويات المنع عن أبي هريرة تعارض ما رواه - هو - عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنه كان أكثر حديثا منه لأنه كان يكتب ما يسمع (1).

فلو صح رأيه ونقله الأول (2) لصارت مرويات عبد الله بن عمرو بن

العاص كلها ساقطة عن الحجية وباطلة ، لعدم عمله بأمر الرسول بعدم كتابتها ، بل يلزم علينا وعلى أبي هريرة حرق مدونة عبد الله بن عمرو وغيره لكونها منهي عنها ، وبعد هذا فلا معنى لوجود مدونة لعبد الله بن عمرو وغيره.

وإن صح رأيه ونقله الثاني ، فالخبر الأول سيكون باطلا لمشروعية الكتابة عند المسلمين وسيرتهم العملية فيها ، لكتابة عبد الله بن عمرو وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ومما يؤيد صحة الخبر الثاني ما جاء عن ابن نهيك وإشهاد أبي هريرة على صحة ما نقله من كتابه ، أو ما جاء عن همام بن المنبه من أنه جمع أحاديث أبي هريرة في كتاب وسماه : الصحيفة الصحيحة ، فهذه النصوص تخدش صحة النقل الأول عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وترجح وضعه بأخرة خدمة للحكام وتعليلا لآرائهم وأفعالهم.

* * * ث.

ص: 144


1- تقييد العلم : 82 ، جامع بيان العلم 1 / 70 ، مسند أحمد 2 / 248 و 403.
2- أي المبحوث عنه هنا ، وهو نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكتابة وسماحه بالتحديث.

* النص الثاني :

عن أبي هريرة ، فلنا عليه تعليقتان :

الأولى : إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنما أنا بشر» يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعتقد بأن ليس لكلامه صلى الله عليه وآله وسلم الحجية الشرعية ، بل هو بشر عادي يقول في الغضب ما لا يقوله في الرضا ، وهذا المدعى نفس مدعى قريش ومقولتها لعبد الله بن عمرو بن العاص : «تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر يتكلم في الرضا والغضب؟!».

لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يرتضي مقولة قريش ويقول لعبد الله ابن عمرو : «اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق - وأشار بيده إلى فيه -» (1).

وهذا هو معنى آخر لقوله تعالى : (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) وهو ما وضحناه في معنى الحديث ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- في خبر عبد الله بن عمرو بن العاص - لا يقبل دعوى قريش «إنما أنا بشر» ، بل يصرح بأن كلامه صحيح ، وما خرج منه إلا حق ، بخلاف ما جاء في خبر أبي هريرة من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال بمقولة قريش واعترف بأنه بشر عادي يخطئ ويصيب ، ومعناه أن ليس لكلامه من الحجية شئ!

وهذا كلام باطل لا يقبله أهل التحقيق ولا العقل السليم.

الثانية : إن الدعوة للتحديث وترك التدوين هي من أصول سياسة 2.

ص: 145


1- تقييد العلم : 80 ، جامع بيان العلم 1 / 71 ، مسند أحمد 2 / 162.

الشيخين كما ستعرف لاحقا. فيستنتج من كل هذا أن أنصار الخليفة كانوا وراء هذا الخبر ، كما قلنا سابقا.

هذا ، مع أننا أشرنا - في ما سلف - إلى أن هذا الحديث لو صح صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وهو غير صحيح الصدور - فإن

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر فيه بإخراج الأحاديث المدونة مع كتاب الله في كتاب واحد ، لا نفي جواز ومشروعية تدوينه ، بل فيه إشارة إلى أرجحية تدوين الأحاديث النبوية.

فأما ما جاء عن كراهة بعض الصحابة للتدوين ، فليس هو حجة علينا ، ولا على غيرنا ، بعدما عرفنا من عدم نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنه ، ويضاف إلى هذا ما قاله الدكتور مصطفى الأعظمي : «إن كل من نقل عنه كراهية العلم ، فقد نقل عنه عكس ذلك أيضا ، ما عدا شخص أو شخصين ، وقد ثبتت كتابتهم أو الكتابة عنهم فقط».

* * *

ص: 146

وأما أدلة المجيزين

فهي كثيرة ، يمكن حصرها في قسمين :

1 - السنة القولية.

2 - السنة الفعلية.

فأما السنة القولية :

فهي كثيرة جدا ، إذ صدرت عنه صلى الله عليه وآله وسلم روايات متعددة في محبوبية

العلم والدعوة إلى التفقه ولزوم إيصال ما عرفوه إلى الآخرين ، ومن تلك العمومات ، الأخبار الدالة على جواز الكتابة والتحديث ، وما يشير إلى أدوات الكتابة من قلم وسجل وصحف (1) و...

وقد أحصى الشيخ محمد عزة دروز كلمات الكتابة ، وأدواتها كالصحف والسجل والمداد والأقلام ، وما إليها مما يتعلق بالخط ، في القرآن ، فوجدها أكثر من ثلاثمائة كلمة ، كما أحصى كلمات القراءة ومشتقاتها فوجدها نحو تسعين مرة ونيف (2).

فالبعثة النبوية بدأت ب : (إقرأ باسم ربك الذي خلق) (3) وختمت ب- : «ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا». 1.

ص: 147


1- أنظر : تدوين السنة الشريفة : 97 وما بعده مثلا.
2- تاريخ العرب 1 / 103.
3- سورة العلق 96 : 1.

وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله : قيدوا العلم بالكتاب (1).

وفي آخر : بالكتابة (2).

أو قوله : اكتبوا هذا العلم (3).

أو قوله : من كتب عني علما ... (4).

وغيرها الكثير من النصوص الداعية إلى الكتابة.

ومنها : قول رافع بن خديج : مر علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما ونحن نتحدث ، فقال : ما تحدثون؟

فقلنا : ما سمعنا منك يا رسول الله.

قال : تحدثوا ، وليتبوأ مقعده - من كذب علي - من جهنم.

ومضى لحاجته ، وسكت القوم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما شأنهم لا يتحدثون؟!

قالوا : الذي سمعناه منك ، يا رسول الله!

قال : إني لم أرد ذلك ، إنما أردت من تعمد ذلك.

فتحدثنا.

قال : قلت : يا رسول الله! إنا نسمع منك أشياء ، أفنكتبها؟ قال : اكتبوا ، ولا حرج (5).

وعن أبي هريرة ، قال : كان رجل من الأنصار يجلس إلى 6.

ص: 148


1- تقييد العلم : 69 ، جامع بيان العلم 1 / 73.
2- تاريخ أصفهان 2 / 228 ، كشف الظنون 1 / 26.
3- كنز العمال 10 / 262 ح 29389.
4- شرف أصحاب الحديث : 35 ح 64 ، الكامل 2 / 1100.
5- تقييد العلم : 73 ، الكامل 1 / 36.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحديث ، فيعجبه ولا يحفظه ، فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! إني لأسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : استعن بيمينك ، وأشار بيده إلى الخط (1).

وفي آخر : استعن على حفظك بيمينك ، يعني الكتاب (2).

وعن أبي هريرة ، قال : لما فتح الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله تبارك وتعالى حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي ، وإنما أحلت لي الساعة من النهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، فلا ينفر صيدها ، ولا يختلى شوكها ، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يفدي ، وإما أن يقتل ....

فقام أبو شاة - وكان رجلا من اليمن - فقال : اكتبوا لي يا رسول الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اكتبوا لأبي شاة (3).

وعن ابن عمر ، قال : كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أناس من أصحابه وأنا معهم وأنا أصغر منهم.

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، فلما خرج القوم ، قلت لهم : كيف تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد سمعتم ما قال ، وأنتم تتهكمون في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

قال : فضحكوا ، فقالوا : يا بن أخينا ، إن كل ما سمعناه من 6.

ص: 149


1- تقييد العلم : 66 - 68 ، الكامل 1 / 36.
2- تقييد العلم : 65 ، مجمع الزوائد 1 / 152.
3- تقييد العلم : 86.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو عندنا في كتاب (1).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأريد حفظه ، فنهتني قريش ، وقالوا : تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر يتكلم في الرضا والغضب؟!

قال : فأمسكت ، فذكرت ذلك لرسول الله ، فقال : أكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ، وأشار بيده إلى فيه (2).

السنة الفعلية :

فقد ثبت عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يكاتب الرؤساء والملوك ، ويعقد المواثيق مع القبائل العربية ، فمما كتبه هو كتابين إلى النجاشي ملك الحبشة ، وأرسلهما إليه بيد عمرو بن أمية الضمري.

وكتاب إلى قيصر ملك الروم ، بيد دحية بن خليفة الكلبي.

وكتاب إلى كسرى ملك الفرس ، بيد عبد الله بن حذافة السهمي.

وأرسل حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى المقوقس ، صاحب الإسكندرية عظيم القبط.

وكتاب إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان.

وكتب للعلاء فرائض الإبل والغنم والثمار والأموال. 2.

ص: 150


1- الكامل في الضعفاء 1 / 36 ، وتقييد العلم : 98 عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقريب منه في المحدث الفاصل : 378 ح 361.
2- تقييد العلم : 80 ، جامع بيان العلم 1 / 71 ، مسند أحمد 2 / 162.

وإلى أهل اليمن كتابا يخبرهم فيه بشرائع الإسلام ، وفرائض الصدقة في المواشي والأموال ، ويوصيهم برسله خيرا.

وكتب إلى أشخاص بالخصوص ، مثل الحارث بن أبي شمر الغساني ، وإلى هوذة بن علي الحنفي ، وإلى ذي الكلاع بن ناكور ، وإلى عدة من أهل اليمن ، منهم : الحارث بن عبد كلال ، وشريح بن عبد كلال ، ونعمان ، ومعافر ، وهمدان ، وزرعة بن رعين ، وكتب لخالد بن نمار الأزدي ومن أسلم معه.

وكتب إلى بني معاوية من كندة ، وبني عمرو من حمير يدعوهم إلى الإسلام ، ولبني مرة ، ولبني الضباب ، وبني قنان ، ولبني زياد ، كلهم من بني الحارث ، ولبني جوين وبني معاوية ، وبني معن من الطائيين ، ولبني زرعة ، وبني الربعة ، ولبني جعيل ، ومن أسلم من خزاعة.

وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأسقف بني الحارث ، وأساقفة نجران ، ولمعد بن كرب بن أبرهة ، ولمن أسلم من حدس من لخم وغيرها (1).

وكل هذه النصوص تؤكد مشروعية الكتابة على عهد الرسول.

ومن تلك الأخبار : إجازة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص في كتابة حديثه وقوله له : «أكتب ولا حرج».

وفي آخر ، قال : قلت : يا رسول الله! إنا نسمع منك أشياء ، أفتأذن لنا أن نكتبها؟ قال : نعم ، شبكوها بالكتب.

ومنها : إجازة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لغيره من الصحابة في كتابة حديثه ، ونحن قد دونا في المجلد الثاني من وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسماء 54 0.

ص: 151


1- للمزيد راجع الطبقات الكبرى 1 / 258 - 290.

صحابيا كانت لهم علاقة بتدوين بعض أو كل ما وصلهم من أحاديث

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نكتفي هنا بذكر من لهم مدونة أو صحيفة منهم ، محيلين المطالع إن أراد المزيد على وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجلد الثاني.

1 - علي بن أبي طالب عليه السلام :

أ - عن أم سلمة قالت : دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأديم ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام عنده ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يملي وعلي عليه السلام يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه (1).

ب - وعن عائشة ، قالت : دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام بأديم ودواة ، فأملى عليه وكتب حتى ملأ الأديم (2).

ج - وفي الإمامة والتبصرة من الحيرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام : أكتب ما أملي عليك.

فقال : يا نبي الله! وتخاف علي النسيان؟!

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا ينسيك ، ولكن أكتب لشركائك.

قال : قلت : ومن شركائي ، يا نبي الله؟

قال : الأئمة من ولدك ... (3). 3.

ص: 152


1- أدب الإملاء والاستملاء - للسمعاني - : 12 - 13 ، المحدث الفاصل : 601 و 868 ، وفي الإمامة والتبصرة من الحيرة - لابن بابويه القمي - : 174 ، بصائر الدرجات : 163 و 168 بنحو آخر.
2- محاسن الاصطلاح - للبلقيني - : 300.
3- الإمامة والتبصرة من الحيرة : 183.

ولنا هنا أن نتساءل : هل إن المنسوب إلى الإمام علي عليه السلام : صحيفة علي عليه السلام ، كتاب علي عليه السلام ، الجفر ، الجامعة ، وغيرها ، شئ واحد؟ أم إن

كل واحد منها مدونة مستقلة؟

ففي أصول الحديث - لعجاج - : إن الصحيفة غير الكتاب ، ولم يستبعد بعضهم أن يكونا أمرا واحدا (1) ، فالعبارات التي أطلقت على كتاب علي هي : «فخذ بعير» .. «كتاب غليظ» .. «مدروجا عظيما» .. «طوله سبعون ذراعا» وغيرها من العبارات ، وأما الصحيفة فلم تكن كذلك ، فهي صغيرة ، وكانت في ذؤابة السيف.

وقد اهتم أهل البيت بكتاب علي عليه السلام وجميع المدونات كثيرا ، وأشاروا إلى الأحاديث الموجودة فيها ، ومن ذلك قول الزهراء عليها السلام لجاريتها : «ويحك اطلبيها ، فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا» (2) ، وكأقوال أئمة أهل البيت عليهم السلام الصريحة في نفاسة كتاب علي عليه السلام ، كقولهم : وهذا الكتاب عندنا نتوارثه كابرا عن كابر (3) ، وكإخراجهم هذا الكتاب للمعترضين أو المستفهمين (4) إن دعت الضرورة إلى ذلك.

وقد جمع الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب أحاديث الصحيفة في كتاب صحيفة علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (5) ، ويمكن م.

ص: 153


1- أنظر : تدوين السنة الشريفة : 72.
2- دلائل الإمامة : 1 ، عوالم العلوم 11 / 188 و 620 و 621 وفي هامشه عن مسند الزهراء ، وقريب منه في المعجم الكبير - للطبراني - 22 / 413 ، سفينة البحار 1 / 299 ، مستدرك الوسائل 12 / 81.
3- بصائر الدرجات : 299 ، الكافي 1 / 241.
4- رجال النجاشي : 255.
5- طبع هذا الكتاب عام 1406 ه في حلب / مكتبة دار السلام.

للباحث أن يقوم بدراسة بين المسائل التي انتخبناها في كتابنا منع التدوين عن كتاب علي عليه السلام (1) وما جاء في صحيفة الإمام علي عليه السلام التي جمعها

الدكتور رفعت فوزي ، وبه يمكنه الوقوف على فقه الإمام علي عليه السلام في التراث الإسلامي.

2 - عبد الله بن عمرو بن العاص :

هو أحد العبادلة الأربعة الذين يعتمد عليهم في الحديث عند الجمهور ، له : الصحيفة الصادقة ، التي كان يقول عنها : «ما يرغبني في الحياة إلا خصلتان : الصادقة والوهط ، فأما الصادقة فصحيفة كتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأما الوهط فأرض تصدق بها عمرو بن العاص كنت أقوم عليها» (2).

وشهد أبو هريرة على أن عبد الله أكثر حديثا منه بقوله : «ما من أصحاب النبي أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فإنه كان يكتب ولا أكتب» (3).

وقيل : إن راوي صحيفته هو حفيده عمرو بن شعيب.

وجاء في الأمالي الخميسية عن عبد الرحمن الختلي - أبي عبد الله - قال : كنت أجمع حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، فلما ظننت أني قد فرغت منه ، جلست ليلة في بيتي والسراج بين يدي ، وأمي في صفة 8.

ص: 154


1- أنظر : منع تدوين الحديث - لنا - : 461 - 464.
2- أنظر : منع تدوين الحديث : 461 - 464.
3- تقييد العلم : 82 ، جامع بيان العلم 1 / 70 ، مسند أحمد 2 / 248.

حيال البيت الذي أنا فيه ، وابتدأت أنظم الرقاع وأصفها ، فغلبتني عيني ، فرأيت كأن رجلا أسود ، قد دخل إلي بمهند ذي نار ، فقال : تجمع حديث هذا العدو لله؟! أحرقه وإلا أحرقتك! وأومأ بيده بالنار ، فصحت ، وانتبهت ، فعدت أمي ، فقالت : ما لك؟! ما لك؟! فقلت : مناما رأيته.

وجمعت الرقاع ، ولم أعرض لتمام التصنيف ، وهالني المنام وتعجبت منه.

فلما كان بعد مدة طويلة ، ذكرت المنام لشيخ من أصحاب الحديث كنت آنس به ، فذكر لي أن عمرو بن شعيب هذا لما أسقط عمر بن عبد العزيز - من الخطب على المنابر - لعن أمير المؤمنين عليه السلام قام إليه عمرو بن شعيب - وقد بلغ إلى الموضع الذي كانت بنو أمية تلعن فيه عليا - فقرأ مكانه : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر) (1) ..

فقام إليه عمرو بن شعيب ، فقال : يا أمير المؤمنين! السنة ، السنة ، يحرضه على لعن علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال عمر : اسكت ، قبحك الله ، تلك البدعة لا السنة ، وتمم الخطبة.

قال أبو عبد الله الختلي : فعلمت أن منامي كان عظة من أجل هذه الحال ، ولم أكن علمت من عمرو هذا ، فعدت إلى بيتي وأحرقت الرقاع التي كنت جمعت فيها حديثه (2).

نعم ، أفرد مسلم - صاحب الصحيح - هذا الطريق في كتاب سماه 3.

ص: 155


1- سورة النحل 16 : 90.
2- الأمالي الخميسية 1 / 153.

كتاب عمرو بن شعيب ، وكذا الضياء المقدسي في المختارة (1) .. وجاء عن عبد الله بن عمرو أنه كان يعرف السريانية (2) ، وقد حصل على زاملتين من اليهود يوم يرموك ، وقد كانت صحيفته تسمى أحيانا باليرموكية ، وقد شكك بعضهم في مرويات عبد الله لكونها مروية عن الزاملتين لا عن الصحيفة ، ومرويات عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في مسند أحمد كثيرة يمكن للباحث مراجعتها.

3 - أبو هريرة الدوسي :

حدث ب 5374 حديثا ، وقد جمع أحاديثه في عهده تلميذه همام بن المنبه ، وطبع هذا الكتاب أخيرا بتحقيق حبيب الله الحيدر آبادي ، وليس فيه إلا 138 حديثا ، وقد سميت هذه الصحيفة ب : الصحيفة الصحيحة.

وعن ابن نهيك ، أنه كتب عن كتاب أبي هريرة ، وكان يشهده على ما كتبه من كتبه (3).

4 - جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري :

استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اليمن (نجران) ، وكتب له كتابا فيه الفرائض والزكاة والديات ، وقد أخرج هذا الكتاب أبو داود والنسائي وابن حبان والدارمي وغيرهم ، واشتهر ما كتبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له باسم : 2.

ص: 156


1- وهو كتاب كبير ، لم يتم ، طبع منه ستة مجلدات ، انظر هامش الباعث الحثيث - بتحقيق ناصر الدين الألباني - 1 / 112 والبداية والنهاية 13 / 170.
2- الطبقات الكبرى 2 / 189.
3- الطبقات الكبرى 7 / 227 ، جامع بيان العلم 1 / 72.

«كتاب» و «نسخة» و «صحيفة» ، وفي كل يقال : «كتاب آل عمرو بن حرام».

وعطاء بن أبي رباح قرأ الكتاب في وقت مبكر ، وقد طبع هذا الكتاب مع كتاب ابن طولون إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين.

وقال بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه معرفة النسخ : وقد جمع نصوصها [أي نصوص نسخة عمرو] بعض طلبة العلم في الكويت أخيرا (1).

5 - أنس بن مالك الأنصاري ، خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

خدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمره عشر سنين - أو ثمان سنين - وقد روي عنه قوله : قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين ، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة (2).

وقد كان أنس من دعاة الكتابة ، فقد جاء عنه أنه قال لبنيه : يا بني قيدوا العلم بالكتاب (3).

وكان يقول : كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما (4).

وكتبت عنه عدة صحف ونسخ ، منها :

1 - نسخة أبي الزناد (عبد الله بن ذكوان) ، عنه. 1.

ص: 157


1- معرفة النسخ : 214.
2- تهذيب الكمال 3 / 335.
3- تهذيب الكمال 3 / 371 ، تقييد العلم : 96 ، الطبقات الكبرى 7 / 1401.
4- تقييد العلم : 96 ، شرف أصحاب الحديث : 97 رقم 211.

2 - نسخة ورقاء بن عمر اليشكري ، عنه.

3 - نسخة أبي عمرو هبيرة بن عبد الرحمن ، كما في المحدث الفاصل.

وقد كثر الوضع عليه في صحف ونسخ ، من أشهرها :

1 - نسخة أبان بن أبي عياش.

2 - نسخة إبراهيم بن هدبة.

3 - نسخة الحسن بن أبي الحسن البصري ، يرويها عنه نوح بن ذكوان.

4 - نسخة خالد بن عبيد البصري.

5 - نسخة خراش بن عبد الله.

6 - نسخة دينار بن عبد الله الأهوازي (أبي مكيس).

7 - نسخة الزبير بن عدي ، يرويها عنه بشر بن الحسين.

8 - نسخة عبد الله بن دينار.

9 - نسخة العلاء بن زيد.

10 - نسخة كثير بن سليم ، يرويها عنه جبارة بن المفلس.

11 - نسخة موسى بن عبد الله الطويل.

وخبر هذه النسخ مثبت في كتاب معرفة النسخ (1) لأبي زيد ، فمن أراد المزيد من الاطلاع عليها يمكنه مراجعتها ، كي يعرف منزلة كل نسخة منها.ل.

ص: 158


1- راجع : معرفة النسخ : 100 ، سير أعلام النبلاء 3 / 396 - 397 ، وهامش ترجمة أنس بن مالك في تهذيب الكمال.

ولا يفوتنا أن نذكر بأن أنس بن مالك كان من الذين ختم في أعناقهم الحجاج بن يوسف الثقفي - سفاك العراق - إذلالا لهم!! (1).

تعليق واستنتاج :

اتضح للمطالع - على ضوء الصفحات السابقة - شرعية التدوين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسقم رأي من يذهب إلى حظره من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن الرسالة المحمدية لا يمكن بقاؤها إلا بحفظ السنة وتناقلها ، لكن الظروف دعت الخلفاء بعد الرسول - أصحاب الرأي - أن يمنعوا الصحابة من تناقل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - لأمور رأوها! - فكان مما لا محيص عنه هو نسبة النهي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كي يعذروا الشيخين ومن يسير على نهجهم ، وأن يعطوا لفعلهم الشرعية!!

نعم ، إننا لا ننكر أن اتجاه الرأي كان سائدا على عهد الرسول ، إذ كان بعض الصحابة ينتهج منهج الطاعة والامتثال - لله ولرسوله - وليس لهم الخيرة من أمرهم ، لقوله تعالى : (من يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه أولئك هم الفائزون) (2) ..

وقوله تعالى : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (3) ..

وقوله تعالى : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر 6.

ص: 159


1- أنظر : أسد الغابة 2 / 472 ترجمة سهل الساعدي.
2- سورة النور 24 : 52.
3- سورة الأحزاب 33 : 36.

بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1) ..

وقوله تعالى : (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) (2).

وكان هناك قسم آخر يتعامل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنه بشر غير كامل يخطئ ويصيب ، ويسب ويلعن ، ثم يطلب المغفرة للملعونين!! (3).

فمن هؤلاء من نهى عبد الله بن عمرو بن العاص عن تدوين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

كما كان رهط من غير المسلمين يطلبون من الرسول تغيير شريعة السماء ، فجاء في الذكر الحكيم : (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) (4).

وعمم القرآن نهيه عن اتباع أهواء من لا يعلمون ، فقال : (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) (5). 8.

ص: 160


1- سورة النساء 4 : 65.
2- سورة النور 24 : 51.
3- صحيح مسلم 4 / 2008 ح 88 و 90 ، مسند أحمد 2 / 316 - 317 و 449 ، وج 3 / 400.
4- سورة يونس 10 : 15.
5- سورة الجاثية 45 : 18.

ولم يقتصر هذا النوع من الرجال على المشركين أو المنافقين وأصحاب المصالح من المؤلفة قلوبهم وغيرهم ، بل كان بينهم المسلمون الذين لا يعرفون ما للنبي من مكانة ومنزلة ، فترى هؤلاء يرفعون أصواتهم على صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ، ويعترضون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أعماله ، ويتبعون ما تمليه المصلحة التي يتخيلونها عليهم ، رغم وجود النصوص ، ويفتون بالرأي بحضرته ، وقد نزل الوحي بذلك في آيات كثيرة ، منها :

قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (1).

وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) (2) ..

وقوله سبحانه : (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله) (3) ..

وقوله تعالى : (ومنهم الذين يؤذون النبي) (4).

وعليه : فالصحابة المتعبدون هم الذين أخذوا بكلام الله ورسوله ، ولم يجتهدوا أمام النص ، ولم يطلبوا من الرسول تبديل حكم الله ، وقد جاء وصفهم في الذكر بقوله تعالى : (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (5) ، ففي قوله تعالى ما يشير إلى وجود جمع يحاولون 3.

ص: 161


1- سورة الحجرات 49 : 2.
2- سورة التوبة 9 : 38.
3- سورة الأحزاب 33 : 57.
4- سورة التوبة 9 : 61.
5- سورة الأحزاب 33 : 23.

التبديل والتغيير ، وأن الشهداء لم يكونوا من أولئك الناس المعترضين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل كانوا متعبدين بسنة الرسول وآخذين بها حتى النهاية.

هذا ، وإن دعاة التبديل والتغيير - نهج الاجتهاد والتأويل - لم يكونوا قلة قليلة لا يحسب لها حساب ، فهم قد عارضوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من مشهد وموقف ، فنحن لو أردنا جمع ذلك لصار كتابا مستقلا بنفسه ، لكنا نشير هنا إلى بعض المواقف التي يتضح من خلالها ما نقوله :

فمنها : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى المسلمين عن صوم الدهر مشيرا إلى أن صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صوم الدهر ، فامتثل أمره بعضهم ، وأبى آخرون إلا أن يصوموا الأيام جميعا!

ومنها : نهي الرسول عن الرهبانية ، فلم يمتثل كثير من الناس أمره صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ تركوا لذائذ الدنيا ظنا منهم أن ذلك تقرب إلى الله.

ومثله الحال بالنسبة إلى نحر الإبل وأكل لحومها يوم تبوك ، فمع إجازة النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحرها ، برز هناك من الصحابة من أنكر نحرها.

ومن ذلك ما جاء عن صحابي قبل زوجته وهو صائم ، فوجد من ذلك وجدا شديدا ، فأرسل امرأته تسأل عن ذلك ، فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين فأخبرتها ، فقالت أم سلمة : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل وهو صائم.

فرجعت المرأة إلى زوجها فأخبرته ، فزاده شرا!! وقال : لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يحل الله لرسوله ما يشاء.

فرجعت المرأة إلى أم سلمة ، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما بال هذه المرأة؟

فأخبرته أم سلمة ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟!

ص: 162

فقالت أم سلمة : قد أخبرتها ، فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده ذلك شرا ، وقال : لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يحل الله لرسوله ما شاء.

فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال : والله إني لأتقاكم لله ولأعملكم بحدوده (1).

وقريب منه هذا النص : جاء فتى من قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! إئذن لي في الزنا ، فأقبل القوم عليه وزجروه فقالوا : مه مه!!

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أدن ، فدنا منه قريبا فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أتحبه لأمك؟

قال : لا والله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.

قال صلى الله عليه وآله وسلم : أتحبه لابنتك؟

قال : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم.

ثم ذكر له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخته وعمته وخالته ، وفي كل ذلك يقول الفتى مقالته : «لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك».

قال : فوضع يده صلى الله عليه وآله وسلم عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه.

قال الراوي : فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ (2).

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أيتلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم (3).2.

ص: 163


1- الرسالة - للشافعي - : 404 فقرة 1109 ، وأخرجه مسلم عن عمرو بن أبي سلمة.
2- مجمع الزوائد 1 / 122.
3- صحيح مسلم كتاب الإيمان ، سنن النسائي 6 / 142.

وفي آخر : أبهذا أمرتم؟! ولهذا خلقتم؟! أن تضربوا كتاب الله بعضا ببعض ، انظروا ما أمرتم به فاتبعوه ، وما نهيتم عنه فانتهوا (1).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه غضب حين أمر الصحابة بالحلق والإحلال من الإحرام في صلح الحديبية ، فلم يفعلوا ، إذ شق ذلك عليهم ، فانتظروا حتى أتم صلى الله عليه وآله وسلم مناسكه وأعماله وأحل فأحلوا ، مع أن تكليفهم كان الإحلال من قبل.

وهذه النصوص التي ذكرناها تؤكد وجود اتجاه كبير يرتضي لنفسه التشريع ولا يتعبد بقول الرسول ، وإن استقرار أمثال هؤلاء في صدارة التشريع بعد الرسول يبعث على التثبت أكثر من النصوص الصادرة عنهم ، وهل أنها قد تأثرت بالأفكار السابقة أم لا؟ فإن معرفة هذا الترابط يجعلنا نفهم الحقائق بصورة أخرى.

والآن مع بعض الأحاديث التي كتبها الخليفة الثاني عن كتب التوراة ، ومدى تأثير تلك الواقعة على سلوكه في العصر اللاحق.

مع أحاديث التهوك :

روي عن عمر أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنا نسمع أحاديث من يهود ، تعجبنا ، أفترى أن نكتبها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أمتهوكون أنتم كما تهوكت

اليهود والنصارى ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية (2).

وروى الخطيب بسنده عن عبد الله بن ثابت الأنصاري - خادم 2.

ص: 164


1- كنز العمال 1 / 193 ح 977 ، عن مسند أحمد 2 / 178.
2- النهاية - لابن الأثير - 5 / 282 ، حجية السنة : 317 ، جامع بيان العلم 2 / 42.

النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال : جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جوامع من التوراة ، فقال : مررت على أخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة أفلا أعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال [الأنصاري] : أما ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

فقال عمر : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فذهب ما كان بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : والذي نفسي بيده ، لو أن موسى أصبح فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، أنتم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين (1).

وعلق محقق كتاب الأسماء المبهمة للخطيب البغدادي على الخبر آنف الذكر بقوله : إن الذي قال لعمر هو عبد الله الذي أري الأذان ، قال لعمر : أمسخ الله عقلك؟! ألا ترى الذي بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! (2).

وفي المراسيل لأبي داود : أن عمر بن الخطاب مر بقوم من اليهود فسمعهم يذكرون دعاء من التوراة فاستحسنه ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يقرؤه ووجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتغير.

فقال رجل : يا بن الخطاب! ألا ترى ما في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

فوضع عمر الكتاب.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله بعثني خاتما ، وأعطيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي الحديث اختصارا ، فلا يلهينكم المتهوكون! 5.

ص: 165


1- مجمع الزوائد 1 / 174. المصنف - لعبد الرزاق - 10 / 313 ، وقريب منه في 11 / 111 ، مسند أحمد 3 / 387.
2- الأسماء المبهمة : 189 ح 95.

فقلت لأبي قلابة : ما المتهوكون؟

قال : المتحيرون (1).

وقال أبو عبيدة في تفسير معنى المتهوكين : أمتحيرون في الإسلام حتى تأخذوه من اليهود.

وقيل : التهوك : السقوط في هوة الردى (2).

وقيل : التهوك : كالتهور ، الوقوع في الأمر دون روية (3).

وقبل أن ننهي الحديث عن (حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد البعثة) لا بد من الإشارة إلى أمرين آخرين حدثا في أخريات عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، الأول منهما : حديث الأريكة ، والثاني : حديث الدواة.

فأما حديث الأريكة :

فقد روى ابن حزم بسنده عن العرباص بن سارية : أنه حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس ، وهو يقول : أيحسب أحدكم متكئا ، قد يظن أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في القرآن ، ألا وإني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء ، إنها لمثل القرآن.

قال ابن حزم : صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي مثل القرآن ، ولا فرق في

وجوب كل ذلك علينا ، وقد صدق الله تعالى هذا ، إذ يقول : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (4) ، وهي أيضا مثل القرآن في أن كل ذلك وحي 0.

ص: 166


1- المراسيل 3 / 224.
2- لسان العرب 12 / 400.
3- النهاية - لابن الأثير - 5 / 282.
4- سورة النساء 4 : 80.

من عند الله تعالى ، قال الله عزوجل : (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (1) (2).

وجاء في مسند أحمد ، وسنن ابن ماجة ، وسنن أبي داود ، وسنن الدارمي ، وسنن البيهقي ، وغيرها ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يوشك الرجل متكئ على أريكته ، يحدث بحديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدناه فيه من حلال أحللناه ومن حرام حرمناه (3).

وفي آخر : «يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدري ، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه ...» (4).

وروى الخطيب البغدادي ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لعل أحدكم أن يأتيه حديث من حديثي وهو متكئ على أريكته فيقول : دعونا من هذا! ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه (5).

في النصوص السابقة بعض النكات ..

منها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «يوشك الرجل متكئ على أريكته ، يحدث بحديثي ، فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدناه فيه من حلال أحللناه ومن حرام حرمناه». 0.

ص: 167


1- سورة النجم 53 : 3 و 4.
2- الإحكام - لابن حزم - 1 / 159.
3- أنظر : مسند أحمد 4 / 132 ، سنن ابن ماجة 1 / 6 ح 12 ، سنن أبي داود 4 / 200 ح 4604 ، سنن البيهقي 9 / 331 ، دلائل النبوة 1 / 25 وج 6 / 549 ، الإحكام - لابن حزم - 2 / 161 ، الكفاية في علم الدراية : 9 ، وغيرها.
4- سنن ابن ماجة 1 / 6 ح 13 ، المستدرك على الصحيحين 1 / 108 ، الفقيه والمتفقه 1 / 88.
5- الكفاية - للخطيب البغدادي - : 10.

فالفعل (يوشك) هو من أفعال المقاربة ، ويدل على قرب تحقق العمل ، وفي بعضها ما يؤكد على أن ما يقع هو مما لا يرتضيه صلى الله عليه وآله وسلم ، كقوله : «لا أعرفن» و «لا ألفين» مؤكدا على أن كلامه من كلام الله ولا تنافي بينهما .. «ألا إن كلامي كلام الله».

وجملة : «يحدث بحديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدناه فيه من حلال أحللناه ومن حرام حرمناه» .. يزيدنا عزما للوقوف على القائل به!

ونحن لو طالعنا تاريخ التشريع الإسلامي لوقفنا على نص للخليفة الأول بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله للناس : إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، فمن سألكم عن شئ فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (1).

ولو تأملت في نص الرسول وما جاء عن الخليفة الأول - بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - لرأيت نفحات الوحي ظاهرة على كلامه صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنك سترى أن الشيخين هما أول من سنا المعارضة للتحديث والتدوين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانا الأقرب عهدا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واللذين جلسا على أريكة الخلافة من بعده ، وأن منعهم شرع لعلل ك : «الناس بعدكم أشد اختلافا» ..

و «بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه» ..

و «إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها ، فتركوا كتاب 3.

ص: 168


1- تذكرة الحفاظ 1 / 2 - 3.

الله تعالى ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا» ..

و «أمنية كأمنية أهل الكتاب» .. و...

فإنك لو تأنيت وتدبرت في هذه العلل لرأيتها بنفسها تتحد مع أدلة الناهين عن الحديث عن رسول الله ، فالنصوص هنا جاءت عن الشيخين ، ومن الطبيعي في ظل مثل تلك الظروف أن تصدر نصوص ذامة للتدوين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعما لموقف الشيخين وتحكيما لما دعوا إليه ..

وقد مرت عليك مناقشتنا لمرويات أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهما ، فإنك لو قارنتها بتأمل بعيدا عن العصبية لعرفت اتحاد العلة وكثرة الشبه بينها وبين ما يصدر عن الخليفة ، وهي تدل على أن أنصار الخليفة كانوا وراء أدلة النهي لا محالة ، وأن ما قالوه لا يتفق مع تحريض الإسلام على التعلم والكتابة ، وهو الآخر لا يتفق مع تدوين الصحابة لأحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم ، وإجماع أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم على التدوين ، كل هذه تؤكد

على سقم أدلة القائلين بحظر الرسول على حديثه ، بل تدل على جوازه إلى آخر حياته ، وقد كان ما ادعوه إحدى المؤثرات القبلية والجاهلية بعد الإسلام.

حديث الدواة والقلم :

أخرج الطبراني في الأوسط عن عمر أنه قال : لما مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا.

فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

قال عمر : فقلت : إنكن صويحبات يوسف ، إذا مرض عصرتن

ص: 169

أعينكن ، وإذا صح ركبتن عنقه!

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : دعوهن! فإنهن خير منكم!

وفي رواية أخرى : إن الرسول عندما قال : «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا» ، تنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : دعوني! فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه.

وفي خبر البخاري : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا

بعده.

فقال عمر : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.

فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم : قوموا! (1).

قال عبد الله بن مسعود : فكان ابن عباس يقول : الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

وأخرج مسلم في كتاب الوصية من - ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال : يوم الخميس! وما يوم الخميس! ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ. 0.

ص: 170


1- البخاري 1 / 66 ح 55 كتاب العلم ، وكتاب المرضى 4 / 212 ح 10.

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا».

فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهجر (1).

وفي طريق آخر عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال ابن عباس : يوم الخميس! وما يوم الخميس! ثم بكى حتى بل دمعه الحصى.

فقلت : يا بن عباس! وما يوم الخميس؟! قال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه ، فقال : «ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي» فتنازعوا ، وما ينبغي عند نبي تنازع ، وقالوا : ما شأنه؟! أهجر؟! استفهموه!

قال : «دعوني! فالذي أنا فيه خير ، أوصيكم بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» قال : وسكت عن الثالثة ، أو قالها فأنسيتها (2).

وهذه النصوص توقفنا على واقعة مهمة مفادها انقسام المسلمين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قسمين :

أحدهما : يدعو إلى الأخذ بكلام الرسول ، وهم أهل بيته والمقربون من أصحابه.

والثاني : لا يرتضي التدوين ، تأييدا لمقولة عمر بن الخطاب : «غلبه الوجع» أو : «إن الرجل ليهجر» .. والباحث يعلم بأن هذه المقولة ما هي إلا تشكيك في سلامة عقل الرسول ، والعياذ بالله. 7.

ص: 171


1- صحيح مسلم 3 / 1259.
2- صحيح مسلم 3 / 1257.

نعم ، إن أصحاب نهج الاجتهاد والرأي أرادوا التخلص من هذه المقولة فسعوا لتأويلها بأعذار اخترعوها ، كقولهم : إن كلام الرسول جاء للامتحان والاختبار ولم يلحظ فيه التشريع والعزيمة حتى يلزم فعله ، بل يجوز للمكلف تركه ، لكونه رخصة جائزة الترك ، وإن الله هدى عمر بن الخطاب لمعرفة كون هذا الأمر رخصة فمنعهم من أخطارها ، إشفاقا من أن يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشئ ولا يطاع في أمره ، أو إشفاقا منه على الأمة إذ خشي أن يكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بتركها ، لكونها منصوصة لا سبيل للاجتهاد فيها.

لكن هذه المقولات وما يضارعها باطلة لعدة جهات :

أولها : إن عد فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم - طلب إحضار الدواة - مجرد اختبار لا غيره يلزم منه تجويز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للكذب الواضح ، الذي يجب تنزيه الأنبياء عنه ، ولا سيما في موضع كان ترك إحضار الدواة أولى من إحضارها حسب هذا التقول المزعوم ...

ثانيا : إن الوقت ، لم يكن وقت اختبار وامتحان ، ولو كان كذلك لحصل في طول المدة التي صاحبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها ، بل كان الوقت وقت إنذار وإعذار وإبلاغ وإكمال.

ويمكن أن تفهم هذه الحقيقة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تضلوا بعده» ، فهذه

الجملة تؤكد على أن الطلب لم يكن طلب اختبار - كما يقولون - لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أعقب طلبه بجملة «لا تضلوا» ، وهي تفيد العزيمة لا الرخصة ، وإن السعي في تحقق الأمن من الضلال هو من شرائط الرسالة ومهام الرسول ، وهو مما يجب تحقيقه مع المقدرة عليه.

أضف إلى ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «قوموا عني» ، فهو الآخر يشير إلى أن

ص: 172

الأمر للإيجاب لا للمشورة ، فلو كان المانعون - من إتيان الكتاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم - مصيبين في استنتاجهم لاستحسن صلى الله عليه وآله وسلم ممانعتهم ، وسر من موقفهم هذا ، لإصابتهم الحق ، لكن الحال أننا نراه قد امتعض واستاء من فعلهم وقال غاضبا : «قوموا عني» ، معرضا عن آرائهم وتقولاتهم ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم علم أن هذا القول سيكون بداية استحكام تيار الرأي أمام السنة المطهرة.

والأقوى من هذا كله أن جملة عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «غلبه الوجع» ، أو : «إن الرجل ليهجر» تؤكد على أن عمر عرف من الأمر العزيمة لا الرخصة ، لأنا نراه قد جد في عدم تحقق الكتابة ، فلو كانت رخصة لما ألزم عمر نفسه للقول بما قاله.

وبهذا فقد عرفنا أن هؤلاء قد ابتعدوا عن نهجه ، وعصوه في أمره ، وحكموا تيار الرأي أمام السنة وهو حي!

ثالثا : إن الواقعة واضحة وظاهرة في اختلاف الضوابط بين الاتجاهين ، فالذين نهوا عن الكتابة كانت حجتهم مرض النبي وعدم قدرته صلى الله عليه وآله وسلم على إقرار القرار الصائب ، لقولهم عنه : «غلبه الوجع» و : «إن الرجل ليهجر» ، لكن الآخرين كانوا لا يقبلون هذا التخرص في حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن الطريف أن نرى أتباع نهج الاجتهاد والرأي والداعين إلى ترك الأخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه - لقول عمر عنه : غلبه الوجع - نراهم يأخذون بما أضافه عثمان بن عفان في وصية أبي بكر قبيل موته ، مع علمهم بأن عثمان قد تصرف في وصية أبي بكر وهو مغمى عليه!!

فلم لم يعد إدخال اسم عمر بن الخطاب في وصية أبي بكر هجرا ،

ص: 173

مع علمهم بأنه مغمى عليه ولا يدرك الأمور؟!

وكيف يطلق «الهجر» و «غلبة الوجع» على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! ومن له كمال الوعي في انتخاب المواقف ، وهو صلى الله عليه وآله وسلم يقول لهم : «ائتوني» ، ويقول : «قوموا عني» ، وغيره؟! ولا يمكن إطلاق الهجر على من تتخذ له المواقف وعلى لسانه وهو مغمى عليه لا يدري ماذا يجري من حوله؟!

نعم ، إنهم أخذوا بقول عمر بن الخطاب في تعيين أعضاء الشورى الستة وهو مريض ، ولا يأخذون بكلام سيد الأمة والمرسلين وهو يريد إبعادهم عن الضلالة ، والذي قال عنه الوحي : (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)!!

رابعا : إن اتهام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالهجر وغلبة الوجع ، كان يستبطن دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمهادنة في أوامر الله تعالى ونواهيه ، ومنها دعوته لعدم كتبه للوصية التي أراد كتابتها ، فكأنهم دعوه إلى ترك الأمور سدى ، بترك تعيين الخليفة ، وترك التدوين ، كما دعوه من قبل لأن يمتثل لكثير من طلباتهم التشريعية ، كصوم الدهر ، وعدم الإحلال إلا معه ، و...

وفي مقابل ذلك كانوا يرون أن لا بد من فتح باب الرأي والاجتهاد وأن تختار قريش لأنفسها كما صرح بذلك عمر بن الخطاب من بعد!

فكان جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعا وحاسما ، ذلك بقوله : «دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» فقد دلل صلى الله عليه وآله وسلم على أنه كان بكامل قواه العقلية ، وأنه كان يأمر عن الله وينهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه لا يبدل حكما من تلقاء نفسه ، فهو صلى الله عليه وآله وسلم في وضع خير من الوضع الذي يريدونه له ويدعونه إليه من الإفتاء بالرأي والمساومة في أوامر الله ونواهيه ، فكان صلى الله عليه وآله وسلم حتى آخر حياته متعبدا بأوامر الله تعالى ، غير مفت في

ص: 174

الأحكام إلا بما أراه الله تعالى.

بقي شئ يجب الإشارة إليه ، وهو : لم ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابة كتابه بعد رزية يوم الخميس (24 صفر) إلى يوم وفاته يوم الاثنين (28 صفر) وقد كانت هذه الأيام الأربعة الباقية من عمره الشريف كافية لأن يصدع بما قاله وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يترك التبليغ بسبب مخالفة الكافرين ، فكيف بمخالفة المسلمين؟!!

والجواب :

نحن نعلم أن من وظائف الرسول هو تبليغ أحكام الله للناس ، وليس عليه امتثالهم لتلك الأحكام وعدم امتثالهم لها ، فقال سبحانه : (فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) (1) .. وقوله : (وإن تولوا فإنما عليك البلاغ) (2) .. وقوله : (ما على الرسول إلا البلاغ) (3) .. وقوله : (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) (4) .. وقوله : (فهل على الرسل إلا البلاغ) (5) .. وقوله : (وما علينا إلا البلاغ المبين) (6) و... فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرهم بأنه يريد أن يكتب لهم كتابا لا يضلون بعده أبدا ، فهو صلى الله عليه وآله وسلم قد أدى ما عليه من الأمر في الإبلاغ والإنذار ولا ضرورة بعد هذا للمعاودة وتكرار الكلام ، وخصوصا أنه يعلم بأن المعاودة لا تفيد 7.

ص: 175


1- سورة المائدة 5 : 92.
2- سورة آل عمران 3 : 20.
3- سورة المائدة 5 : 99.
4- سورة النور 24 : 54 ، سورة العنكبوت 29 : 18.
5- سورة النحل 16 : 35.
6- سورة يس 36 : 17.

مع هؤلاء ، وبعد هذا تكون وظيفة المكلف العمل أو الترك .. (إنا هديناه

السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (1).

وعليه : فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أدى ما عليه من واجب اتجاه الأمة ، وبالمعارضة سقط الوجوب عنه ، بعدم امتثالهم لكلامه .. (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ) (2) .. وبقولهم عنه إنه «هجر» و «غلبه الوجع» أفهموا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لو أراد الاستمرار في

تجديد الدعوة لشككوا في مكتوبته ، ولبقي عليها احتمال «الهجر» وبالتالي تصير ساقطة عن الاعتبار بنظر القائلين بهجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم!

وأما القائلون بعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد فهموا مراده صلى الله عليه وآله وسلم.

بل يمكننا القول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو أصر على كتابة الكتاب لحدثت

- ولا شك - محاولات أكبر للتشكيك في أصل رسالته ، ولقالوا عنه أنه هجر في ما آتاهم من أحكام ، وبذلك لضاعت الرسالة المحمدية ، مع الإشارة إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم بأن لا فائدة للمعاودة وتكرار الإخبار ، لمعرفته بقوة تيار الرأي والاجتهاد ، وإخبار الله تعالى له بأن الأمة مختلفة من بعده ، وأنهم كما قال العزيز في كتابه : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (3) وحسبك حديث الحوض دليلا على اختلاف الأمة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

نعم ، إن نهج الاجتهاد والتأويل صور الرسول بصور ينبو اللسان عن ذكرها ، بدءا من تخلفه عن أوامر الله - كصلاته على المنافق - ، وتخلفه عن 4.

ص: 176


1- سورة الإنسان 76 : 3.
2- سورة الشورى 42 : 48.
3- سورة آل عمران 3 : 144.

الإنسانية - كعبوسه بوجه الأعمى عبد الله بن مكتوم - ، ومرورا بسبه صلى الله عليه وآله وسلم من لم يستحق السب واللعنة ، واعتبار هذا الفعل كفارة لذنوب ذلك الشخص الملعون!! ومشاهدته مع زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم لعب الحبشة ، ولهوه في المسجد ، وانتهاء بما لا ينتهي من الدعاوي والجروح!!

فهذه هي اللبنات الأساسية التي ابتنيت عليها الأفكار لاحقا ، ومنها حصل التلاعب بقدسية النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي حاول الأمويون جاهدين على طمسها من خلال مساواة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمن هب ودب بحجة أنه صحابي

وأن النبي مجتهد يخطئ ويصيب و...

ويبدو أن الذين منعوا عبد الله بن عمرو بن العاص ، كانوا من نفس الطراز الذي كمن وراء موقف عمر وأيده في منع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كتابة ما ينجيهم من الضلالة ، وكذلك كانوا وراء منع التحديث في زمن الخليفة الأول وحرقه لمدونته ودعوته إلى الأخذ بكتاب الله فقط!

وبعد هذا فقد عرفت وجود اتجاهين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهما امتدا حتى يومنا الحاضر.

الأول : الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمتعبدون بقوله ، الداعون إلى كتابة سنته ، والناشرون لأحاديثه.

الثاني : قريش وأعلامها الذين اعترضوا عليه في حياته صلى الله عليه وآله وسلم واجتهدوا بالرأي وأعملوه من بعده.

فأهل بيت الرسول - وعلى رأسهم علي بن أبي طالب وابن عباس - استنصروا لكتابه صلى الله عليه وآله وسلم ، واستنصر أصحاب الرأي للكفة المقابلة ، فدعوا إلى ما دعا إليه عمر بن الخطاب.

ص: 177

والذي حدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وحتى في حياته - هو أن أصحاب

الرأي استخدموا الغلظة والعنف في تطبيق سياستهم وفرض آرائهم.

بل يظهر بجلاء أنهم استخدموا الغلظة والعنف حتى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لما عرفت من إمساك عمر بن الخطاب برداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما أراد الصلاة على المنافق ، واعتراضه عليه صلى الله عليه وآله وسلم اعتراضا شديدا في صلح الحديبية و... ، ومنعهم عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وختم عمر بن الخطاب اعتراضاته - في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم - باعتراضه على الكتابة ، عبر قوله بمحضر الرسول : «إن الرجل ليهجر» أو : «غلبه الوجع».

ومعنى هذا الكلام بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم هو : أنه لا حاجة بنا إلى

كلامك ، إذ القرآن كاف شاف ، وفيه تفسير كل شئ ، وهذا ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الأريكة ، وما عمل به منكرو السنة المطهرة ، القائلون بلزوم الاكتفاء بالقرآن.

وكان هذا من التنبوءات الصادقة للصادق الأمين ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأنه سيتسلم هذا الأمر من بعده من يقول : «بيننا وبينكم كتاب الله» و : «حسبنا كتاب الله» ، وهو ما سمعناه بعينه عن أبي بكر بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم وأوائل خلافته : «... إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله».

وهذا هو الذي جرأ أمثال الشيخ محمد رشيد رضا والدكتور توفيق

ص: 178

صدقي ومنكري السنة بالباكستان حديثا (1) ، والقائلين لعمران بن الحصين : يا أبا نجيد! حدثنا بالقرآن ... (2) ، وقول أمية بن خالد لعبد الله بن عمر : إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولا نجد صلاة السفر في القرآن ... (3) قديما.

وهذا هو الذي أعطى الجرأة لطائفة أن ترد الأخبار كلها وتنكر حجية السنة كمصدر للتشريع في نهاية القرن الثاني الهجري (4) والقول بلزوم الاكتفاء بالقرآن عن السنة!

وبهذا ، فقد عرفنا أن ما روي من النهي ليس بأولى مما روي من الجواز ، إذ عرفنا أن كل من روي عنه النهي النبوي فقد روي عنه الجواز النبوي كذلك ، وهم الأكثر عددا ، وقد عملوا بقولهم ، فدونوا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأصروا على المحافظة عليه وإن وضعت الصمصامة على أعناقهم ، وفيهم من هو أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الناهين ، وأعلم بالسنة منهم ، مع التأكيد على أن أحاديث الإذن أوضح دلالة ، وأصح سندا ، وأكثر طرقا ورواة من روايات الحظر.

كل هذه الأمور تجعلنا نميل إلى القول بأن أحاديث النهي قد وضعت لاحقا ، ولتصحيح نهي الشيخين عن التدوين لا غير!

للبحث صلة ... ».

ص: 179


1- سنتعرض لكلامهم لاحقا.
2- المستدرك على الصحيحين 1 / 109 - 110 ، ونحوه مختصرا في الكفاية - للخطيب البغدادي -.
3- المستدرك على الصحيحين 1 / 258.
4- الأم - للشافعي - 7 / 250 وفيه : «باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها».

أحسن الفوائد في أحوال المساعد

السيد محمد جواد الشبيري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، محمد وعترته أئمة الهدى ، واللعن على أعدائهم إلى يوم اللقا.

أما بعد :

فهذه رسالة وضعتها في البحث عن مسعدة ومن يسمى به في الأسناد ، وقد بحثنا فيها عن اتحاد بعض من يسمى بمسعدة مع بعض ، وهذا أمر جدير بالبحث خصوصا مع توثيق بعض هؤلاء - وهو مسعدة بن زياد - صريحا ، وعدم توثيق غيره من العناوين ، فنقول :

المعروف باسم مسعدة في كتب الرجال أربعة : مسعدة بن صدقة ، مسعدة بن زياد ، مسعدة بن اليسع ، ومسعدة بن الفرج ، وقد عدهم البرقي

__________

(*) هذه الرسالة هي إحدى الرسائل التي صنفتها في أحوال الرواة وتوحيد المختلفات وتمييز المشتركات منهم في مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية.

ص: 180

في أصحاب الصادق عليه السلام من رجاله (1).

وقد عد الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من رجاله (2) : مسعدة بن اليسع البصري ، ومسعدة بن صدقة العبسي البصري أبا محمد ، ومسعدة بن زياد الكوفي ، وليس بين عناوينهم ترجمة غيرهم.

وقد عد الشيخ الطوسي مسعدة بن صدقة في أصحاب الباقر عليه السلام قائلا : عامي ، وذكر بعده مسعدة بن زياد (3).

وقد ترجم النجاشي في رجاله لمسعدة بن صدقة العبدي وقال : يكنى أبا محمد ، قاله ابن فضال ، وقيل : يكنى أبا بشر ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، له كتب منها كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم قال : «مسعدة بن زياد الربعي ، ثقة ، عين ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، له كتاب في الحلال والحرام ، مبوب».

ثم ترجم لمسعدة بن اليسع ولمسعدة بن الفرج الربعي (4) ، وقد جعل راوي هؤلاء الأربعة عبد الله بن جعفر - الحميري - ، عن هارون بن مسلم ، عنهم.

وقد ترجم لهم الشيخ الطوسي أيضا في فهرسته ناسبا إلى كل منهم كتابا ، وراوي الجميع هنا أيضا هو عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون ابن مسلم ، عنهم ، وقد وصف مسعدة بن الفرج بالربعي (5).5.

ص: 181


1- رجال البرقي : 38.
2- رجال الشيخ : 306 رقم 4520 - 4522 ، وفي الطبعة القديمة : 314 رقم 545 - 547.
3- رجال الشيخ : 146 رقم 1609 - 1610 ، وفي الطبعة القديمة : 137 رقم 40 - 41.
4- رجال النجاشي : 415 - 416 رقم 1109 - 1011.
5- الفهرست : 167 رقم 732 - 735.

وقد ورد ذكر كتاب مسعدة بن زياد الربعي في رسالة أبي غالب الزراري (1) أيضا ، وراويه هو هارون بن مسلم.

وقد ورد مسعدة بن صدقة في رجال الكشي وقال : بتري (2).

وفي مشيخة الفقيه (3) : وما كان فيه عن مسعدة بن صدقة فقد رويته عن أبي رضي الله عنه ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي.

وقال (4) : وما كان فيه عن مسعدة بن زياد فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن - رضي الله عنهما - ، عن سعد بن عبد الله والحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد.

هذا ما وقفت عليه من عبارات الأصحاب حول هؤلاء الأربعة ، وهناك رجال آخرون من أصحاب الصادق عليه السلام بهذا الاسم ليسوا بأرباب كتب

ولا مشهورين فلم نتعرض لهم.

كما أن مسعدة بن الفرج الربعي غير مذكور في الإسناد في موضع ، فلا نطيل الكلام بالبحث عنه ، ولنقتصر على الثلاثة : مسعدة بن صدقة ، مسعدة بن زياد ، ومسعدة بن اليسع.

وتنقيح الكلام حول هؤلاء يتم ضمن بحوث : 9.

ص: 182


1- رسالة أبي غالب الزراري : 183 رقم 120.
2- رجال الكشي : 390 رقم 733 ، وقد عد فيه جماعة من رجال العامة فقال : فأما مسعدة بن صدقة بتري (فبتري ظ).
3- مشيخة الفقيه : 440.
4- مشيخة الفقيه : 529.

البحث الأول

في أوصافهم

تقدم عن النجاشي ورسالة أبي غالب الزراري وصف مسعدة بن زياد بالربعي ، وهذا الوصف ورد في أمالي الشيخ الطوسي (1) أيضا وفي كتاب محاسبة النفس (2) للسيد ابن طاووس ما نصه : رأيت في كتاب مسعدة بن زياد الربعي من أصول الشيعة.

وقد وصف مسعدة بن زياد بالعبدي في التهذيب 7 / 314 ح 1303 - وفيه كلام سيأتي في البحث السادس - وأمالي الشيخ الطوسي (3) ، وهذا لم يرد في كتب الرجال.

وأما مسعدة بن صدقة فقد وصفته كتب الرجال بالعبسي تارة وبالعبدي أخرى ، إلا أني لم أجد وصف ابن صدقة بالعبسي في سند ، ووجدت وصفه بالعبدي في سند واحد (4) ، والمتكرر في الإسناد وصفهل.

ص: 183


1- أمالي الشيخ : 543 ح 1165 ، مج 20 ح 1.
2- محاسبة النفس : 14.
3- أمالي الشيخ : 203 ح 346 ، مج 7 ح 48.
4- أمالي الشيخ : 572 ح 1185 ، مج 22 ح 11 ، وفيه : رجاء بن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب ، قال : حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى سنة أربعين ومائتين ، قال : حدثنا مسعدة بن صدقة العبدي ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام ... ، لكن رواه في البحار 75 / 467 ح 16 وفيه : رجاء بن يحيى عن هارون بن زياد ، عن الصادق عليه السلام ، وفي السند خلل واضح ، إذ أن ورود كلمة «زياد» في السند محل تدقيق ، فقد يشير إلى أن في أصل نسخة المجلسي من أمالي الشيخ كان بدل مسعدة بن صدقة : مسعدة بن زياد ، فتأمل.

بالربعي (1) ، وهو لم يرد في كتب الرجال إلا في مشيخة الفقيه كما تقدم ، والمشيخة معدودة في كتب الرجال.

فالموصوف بالعبدي اثنان : مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد ، كما إنهما يوصفان بالربعي أيضا كمسعدة بن الفرج ، فلذلك قد يشكل تعيين المراد من مسعدة الربعي في سند في فضائل الأشهر الثلاثة : 107 ح 101 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة الربعي ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه السلام في أول يوم من شهر رمضان في مسجد الكوفة ...

لكن الظاهر كون المراد منه هو مسعدة بن صدقة الربعي ، إذ إن له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام - كما تقدم عن النجاشي - وقد وردت رواياته لخطبه عليه السلام في مصادر كثيرة (2).5.

ص: 184


1- التهذيب 3 / 260 ح 729 ، 9 / 173 ح 706 - وهو مأخوذ من الفقيه 4 / 182 ح 5413 من غير تصريح - ، الفقيه 3 / 560 ح 4924 ، 4 / 186 ح 5427 ، علل الشرائع : 557 ح 1 ، وص 566 ح 2 ، الخصال : 351 ح 27 ، وص 416 ح 7 ، دلائل الإمامة : 530 ح 505 ، قرب الإسناد : 62 ح 198.
2- قد صرح في جملة من الروايات لمسعدة بن صدقة بخطب أمير المؤمنين عليه السلام أو بكونها مما قاله عليه السلام على المنبر أو كان فيها خطابه عليه السلام بصيغة : «أيها الناس» ، فيشهد ذلك على كونها من خطبه عليه السلام ، والظاهر أخذها من كتاب مسعدة بن صدقة في ذلك. لاحظ : الكافي 1 / 60 ح 7 ، 2 / 219 ح 10 ، 5 / 4 ح 6 ، 8 / 63 ح 22 ، الأمالي - للصدوق - : مج 23 ح 5 ، علل الشرائع : 522 ح 6 ، كمال الدين : 302 ح 11 ، التوحيد : 48 ح 13 ، الإرشاد - للمفيد - 1 / 290 - 291 ، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 6 / 398 ، تفسير العياشي 1 / 7 ح 16 ، وص 163 ح 5 ، وص 242 ح 133 ، 2 / 9 ح 127 ، وص 282 ح 22 ، دلائل الإمامة : 530 ح 505 ، قرب الإسناد : 12 ح 38 ، وص 55 ح 180 ، وص 76 ح 245 ، الاحتجاج 1 / 626 ، الرجعة : 195.

وأما مسعدة بن اليسع فلم يذكر لقبه في كتبنا الرجالية ، وقد ترجمت له كتب العامة بعنوان : مسعدة بن اليسع بن قيس الباهلي البصري ، مصرحين بروايته عن الصادق عليه السلام (1) ، وقد وردت رواية هارون بن مسلم عن مسعدة بن اليسع الباهلي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قرب الإسناد : 159 ح 581.

ومما ذكرنا يظهر وقوع سهو في طبعة الكافي 6 / 524 ح 2 ففيه : بسنده عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن أخت 1.

ص: 185


1- التاريخ الكبير - للبخاري - 8 / 2029 ، الكامل في الضعفاء - لابن عدي - 6 / 390 ح 254 = 1875 ، الجرح والتعديل - للرازي - 8 / 370 ح 1693 ، كتاب المجروحين - لابن حبان - 3 / 35 وقد صرحت هذه الثلاثة بروايته عن جعفر بن محمد عليه السلام ، أنظر : هامش لسان الميزان 6 / 691.

الأوزاعي ، عن مسعدة بن اليسع ، عن قيس الباهلي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب أن يستعط بدهن السمسم.

و «عن» قبل قيس مصحف «بن» كما ورد في بعض مخطوطاته ونقله عنه كذلك في الوسائل (1).

ومما يؤكد تصحيف المطبوعة أن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قد روى في مواضع من المحاسن عن بعض أصحابنا ، عن ابن أخت الأوزاعي ، عن مسعدة بن اليسع ، عن أبي عبد الله عليه السلام (2) ، وقد صرح في موضع منها بمسعدة بن اليسع الباهلي (3).

وقد وصفت بعض كتب العامة مسعدة بن اليسع باليشكري كما سيأتي في البحث الآتي.

وقبل أن نشرع في أدلة اتحاد بعض هؤلاء الثلاثة يجب أن نبحث عن إمكان الاتحاد وهو موقوف على البحث في أنه هل يمكن اجتماع العبدي مع الربعي مثلا في النسب؟! وهكذا في سائر الأوصاف ، فقد عقدنا لتحقيق ذلك البحث الآتي.

* * * 9.

ص: 186


1- وسائل الشيعة 2 / 169 ح 1843 وقد نقله مصحفا كما في بحار الأنوار 16 / 290 ح 154.
2- المحاسن : 459 ح 399 ، وص 476 ، وص 570 ح 4 بزيادة : «رفعه» بعد «بعض أصحابنا» ، وص 576 ح 30.
3- المحاسن : 491 ح 579.

البحث الثاني

في اجتماع هذه الأوصاف بعضها مع بعض

قال السمعاني في الأنساب 4 / 135 : العبدي : ... هذه النسبة إلى عبد القيس في ربيعة بن نزار ، والمنتسب إليه مخير بين أن يقول : عبدي أو عبقسي (1).

وقال في 3 / 43 : الربعي : ... هذه النسبة إلى ربيعة بن نزار ، وقلما يستعمل ذلك ، لأن ربيعة بن نزار شعب واسع فيه قبائل عظام وبطون وأفخاذ استغني بالنسب إليها عن النسب إلى ربيعة (2) ...

فاجتماع العبدي والربعي واضح.

وأما العبسي ، فهو منسوب إلى عبس بن بغيض من قيس عيلان ، أو إلى بهثه بن سليم من قيس عيلان أيضا (3) ، أو إلى عبس بن هوازن من

الأزد (4) ، فهذه النسب لا تجتمع مع الربعي.

أما الأولان فلأن قيس عيلان من ولد مضر - أخي ربيعة بن نزار -.

وأما الأخير فلأن الأزد من قحطان ، وربيعة من عدنان. ظ.

ص: 187


1- جمهرة النسب : 582 ، كتاب النسب - للقاسم بن سلام - : 346 ، المعارف : 92 ، الاشتقاق : 17 ، جمهرة أنساب العرب : 297.
2- أنظر ما ورد في الهامش السابق.
3- نهاية الإرب : 312 - 313 رقم 1241 - 1242 ، النسب - للقاسم بن سلام - : 253 - 258 (وعنوان العباس بن مرداس في ص 255) ، الطبقات - لخليفة بن خياط - : 100 رقم 335 ، وص 308 رقم 1407.
4- الأنساب - للسمعاني - 4 / 140 ، وفيه : «جماعة ينسبون إلى عبس مراد» ولم أتحقق من نسب هؤلاء ، فلاحظ.

لكن ذكر أبو عبيد في كتابه النسب (1) في عداد نسب بني عبس : فمن قطيعة بن عبس : حذيفة بن حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن اليمان.

وذكر أيضا : ومنهم بنو رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة.

فقد يوهم ذلك اجتماع العبسي والربعي بكون الربعي منسوبا إلى ربيعة بن عمرو بن اليمان أو ربيعة بن مازن.

لكن قد نبه في مقدمة قاموس الرجال - الفصل السادس - بأنه «ليس كل مسمى باسم من العرب قبيلة أو بطنا ينسب إليه» ولا تعلم القبائل والبطون إلا من الكتب المختصة بها وتصريح أرباب الفن بذلك ، ولم نجد من ذكر الربعي منسوبا إلى أحد هذين.

فالظاهر عدم اجتماع العبسي والربعي في النسب ، ووقوع تصحيف في عنوان مسعدة بن صدقة العبسي في رجال الشيخ ، والصواب إما العبدي ، أو العبقسي ، وكلاهما منسوب إلى عبد القيس في ربيعة - كما تقدم - ، واللفظان - خصوصا العبقسي - شبيهان بالعبسي كثيرا ، فلا بعد في تصحيف أحدهما إلى العبسي.

هذا ، وقد ورد في تفسير فرات : 364 رقم 494 مسعدة بن صدقة العيسي ، والعيسي لم أجده في كتب الأنساب ، وهو أيضا مصحف العبقسي أو العبدي.

أما الباهلي ، فهو منسوب إلى باهلة من أعصر من قيس عيلان (2) ، فلا 5.

ص: 188


1- النسب : 249.
2- جمهرة النسب : 479 ، النسب - للقاسم بن سلام - : 251 ، المعارف : 80 ، الاشتقاق : 269 وص 271 ، الطبقات - لخليفة بن خياط - : 94 رقم 302 ، نهاية الإرب : 161 رقم 565 ، الأنساب - للسمعاني - 1 / 275 ، جمهرة أنساب العرب : 244 وص 245.

يجتمع مع الربعي في النسب ، لكن عنون في الجرح والتعديل مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي بصري (1) ، ويشكر من ولد بكر بن وائل بن قاسط بن هنب - وهذا أخو عبد القيس - وهم من بني ربيعة بن نزار (2) ، فاليشكري يجتمع في النسب مع الربعي ولا يجتمع مع العبدي.

وأما اجتماع اليشكري والباهلي في عنوان مسعدة بن اليسع ، فلعل أحدهما بولاء العتق أو النزول أو سائر وجوه النسب.

فتحصل من مجموع ما ذكرنا أنه لا إشكال من جهة اللقب في إمكان اتحاد مسعدة بن زياد العبدي - أو الربعي - مع مسعدة بن صدقة الربعي - أو العبدي - ، كما لا إشكال في اتحاد مسعدة بن اليسع مع من وصف بالربعي وإن كان اجتماع ابن اليسع مع من وصف بالعبدي في النسب مشكل.

* * * 1.

ص: 189


1- الجرح والتعديل 8 / 370 رقم 1693.
2- جمهرة النسب : 486 ، النسب - للقاسم بن سلام - : 346 ، المعارف : 96 ، الاشتقاق : 339 ، الطبقات - لخليفة بن خياط - : 112 ، وص 309 ، وص 343 ، وص 358 رقم 1711.

البحث الثالث

في وحدة المسمى بمسعدة بن صدقة ، وتعدده

قد مر مسعدة بن صدقة الذي هو من أصحاب الصادق عليه السلام ويروي عنه هارون بن مسلم ، وقد ذكر الشيخ في أصحاب الباقر عليه السلام في رجاله : 146 رقم 1609 = 40 ، مسعدة بن صدقة وقال : عامي ، وقد جعله في معجم الرجال 18 / 139 غير المتقدم واستند في ذلك إلى وجوه :

الأول : لم يذكر في رجال الشيخ في باب أصحاب الصادق عليه السلام وفهرسته ورجال النجاشي كون مسعدة بن صدقة عاميا.

الثاني : إن النجاشي ذكر مسعدة بن صدقة - شيخ هارون بن مسلم - وقال : «روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام» واقتصاره على ذلك يدل على أنه لم يرو عن الباقر عليه السلام.

الثالث : إن هارون بن مسلم روى عنه سعد بن عبد الله - المتوفى حدود 300 ه - وعبد الله بن جعفر الحميري الذي هو في طبقة سعد وتبعد روايتهما عن أصحاب الباقر عليه السلام بواسطة واحدة.

لكن هذه الوجوه غير تامة.

إذ يرد على الوجه الأول ، أن عدم ذكر جميع خصوصيات الرجال في ترجمتهم غير عزيز خصوصا في رجال الشيخ فقد كثرت ترجمته لرجل واحد في بابين أو أكثر وعدم ذكر جميع الخصوصيات في بعض التراجم (1)3.

ص: 190


1- كما في سهل بن زياد ، فوثقه في باب أصحاب الهادي عليه السلام من رجاله ، وسكت عنه في باب أصحاب الجواد وباب أصحاب العسكري عليهما السلام ، بل ضعفه في الفهرست : 80 رقم 329 ، وص 145 رقم 612 ، والاستبصار 3 / 261 ح 13.

ومنشأ ذلك اختلاف مصادر الكتاب في المواضع كما حققناه في محله.

وأما الوجهان الأخيران فلهما بحث مشترك ، ولكل منهما بحث مستقل.

أما البحث المشترك ، فيرد عليهما :

أولا - نقضا - : إن الشيخ الطوسي ذكر في أصحاب الباقر عليه السلام مسعدة ابن زياد - بعد مسعدة بن صدقة ، فعليه يجب أن يتعدد مسعدة بن زياد أيضا ، فإن النجاشي لم يذكر في ترجمة مسعدة بن زياد إلا أنه روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، فاقتصاره دليل على عدم كونه من أصحاب الباقر عليه السلام ، وراوي مسعدة بن زياد في الكتب هو هارون بن مسلم أيضا - كما تقدم - مع أنه قدس سره لا يقول بتعدد مسعدة بن زياد.

وثانيا - حلا - : إن هذين الوجهين لو تما وأغمضنا عما سيجئ من الإشكال فيهما لما كان دليلا على التعدد ، بل دلالتهما على سهو الشيخ في جعل مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد من أصحاب الباقر عليه السلام أقرب لرؤيته - مثلا - في الأسانيد المصحفة ولم يلتفت إلى تصحيفها - كما سيجئ إن شاء الله -.

إن قلت :

يجري أصالة عدم الخطأ في عد الشيخ إياهما في أصحاب الباقر عليه السلام فيتم المطلوب.

قلت :

هذا الأصل غير جار ، إذ يلزم منه القول بتعدد مسعدة بن صدقة

ص: 191

ومسعدة بن زياد - على الفرض - مع أن لازم تعدد العنوانين وقوع خطأ آخر في عدم ذكر أوصافهما في بابي أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام بما يرفع الإبهام عنهما.

فأصل الخطأ - على الإجمال - مسلم إما في عدم ذكر المميزات ، أو في عدهما من أصحاب الباقر عليهما السلام ، فلا يجري الأصل مع هذا العلم الإجمالي.

هذا ، مع أن مبنى جريان أصالة عدم الخطأ هو ندرة الخطأ ، فلا يجري في ما استلزم وقوع أمر نادر آخر مثله بل أندر ، وتعدد مسعدة بن صدقة أو مسعدة بن زياد في عصرين متقاربين في أصحاب الحديث من رواة الأئمة مع غرابة الاسم واسمي الأبوين لو لم يكن أندر من خطأ الشيخ قدس سره في عد رجل من أصحاب الباقر عليه السلام لم يكن أكثر احتمالا فلا مجال لأصالة عدم الخطأ أصلا.

أما البحث المستقل للوجه الثاني ، فيرد عليه أن عدم ذكر النجاشي لكون مسعدة بن صدقة من أصحاب الباقر عليه السلام يمكن أن يكون لعدم عثوره على ذلك فإنه نادر جزما (1) ، فغاية ما في النجاشي عدم حكمه بكونه من أصحابه عليه السلام لا حكمه بعدمه.

مع أنه يمكن أن يكون قد عثر على بعض الأسانيد في ذلك ، لكنه رآها مصحفة (2) ، فالخلاف بينه وبين الشيخ إذا إنما يكون في استناد الشيخ إلى أسانيد يراها النجاشي مصحفة ، فلا شهادة في ذلك على التعدد أصلا. ا.

ص: 192


1- لم أجد ذلك في ما بأيدينا إلا في تفسير العياشي 1 / 13 ح 7 ، وص 384 ح 127.
2- فإن المورد الثاني المتقدم عن تفسير العياشي 1 / 384 ح 127 ، وفيه : عن أبي جعفر محمد بن علي ، رواه في بحار الأنوار 6 / 312 ح 12 عن التفسير وفيه : عن جعفر بن محمد ، فيمكن وقوع هذا التصحيف في ما أشبهه أيضا.

وأما الوجه الثالث ، فيرد عليه أن صاحب معجم الرجال كان يقول في ترجمة هارون بن مسلم بأنه : روى عن بريد بن معاوية ، وبريد هو من أصحاب الباقر عليه السلام قطعا وروايته عنه عليه السلام كثيرة ، بخلاف مسعدة بن صدقة

الذي لو كان من أصحابه ورواته عليه السلام لكانت روايته عنه عليه السلام نادرة ، فإذا قبل رواية هارون بن مسلم عن بريد ، فروايته عن مسعدة بن صدقة - وهو من أصحاب الباقر عليه السلام - أولى بالقبول.

وينبغي هنا أن نشير إلى أن الفاصل الزمني بين وفاة سعد بن عبد الله وبين وفاة الباقر عليه السلام هو 186 سنة تقريبا ، فإذا كان بينهما ثلاث وسائط فلا يحتاج كل منهم إلى عمر أكثر من 82 سنة.

توضيحه : أنه لو كان عمر سعد بن عبد الله 82 سنة لكانت ولادته في سنة 218 ، فلو كان سنه عند وفاة هارون بن مسلم عشرين سنة - وهذه السن مما يصح أن يأخذ الرجل الحديث قبلها كاملا - لكانت وفاة هارون ابن مسلم سنة 238 ، ولو كان عمره أيضا 82 سنة لكانت ولادته في سنة 156 ، ولو كان سنه عند وفاة مسعدة بن صدقة عشرين سنة لكانت وفاة مسعدة بن صدقة في سنة 176 ، فهو يصح أن يأخذ عن الباقر عليه السلام وسنه عشرون مع كون عمره أيضا 82 سنة فقط.

فرواية سعد بن عبد الله عن أصحاب الباقر عليه السلام ليست مستحيلة أو ملحقة به.

نعم ، لا ننكر بعدها بالنظر إلى المعهود في الإسناد ، لكن لو قلنا بكون واحد من السلسلة من المعمرين لارتفع الاستبعاد بالمرة.

إذا عرفت ذلك قلنا : قد اختار في معجم الرجال 19 / 230 في ترجمة هارون بن مسلم كونه من المعمرين ، واستدل عليه بما حاصله : أن هارون

ص: 193

ابن مسلم يروي مكاتبة عن صاحب الدار عليه السلام ، وروى عن بريد بن معاوية في الكافي 5 / 336 ح 1 ، 6 / 440 ح 5 ، 8 / 79 ح 35 ، وبريد بن معاوية مات في حياة الصادق عليه السلام ، فلا بد أن يكون عمر هارون بن مسلم قريبا من مائة وثلاثين سنة ، والله العالم. انتهى.

فلو صحت رواية هارون بن مسلم عن بريد - المتوفى في حياة الصادق عليه السلام - لكانت ولادة هارون بن مسلم في حدود سنة 130 أو ما قبلها فروايته عن أصحاب الباقر عليه السلام - المتوفى سنة 114 - في غاية السهولة.

والتحقيق : إن جميع ما ذكرنا مبني على ما تسلمه في معجم الرجال من رواية هارون بن مسلم عن بريد العجلي ، وهي غير تامة ، فإنها لم ترد إلا في ثلاثة موارد أشار إليها في معجم الرجال وفي البصائر : 371 ح 11 ، والجميع مصحفة.

توضيحه : أن في الكافي 5 / 336 ح 1 : علي بن محمد ، عن صالح ابن أبي حماد ، عن هارون بن مسلم ، عن بريد بن معاوية ...

وقد ورد في بعض النسخ - حكاه عنها سيدنا (1) دام ظله - : مروان بن مسلم ، وهو الظاهر ، فقد روى مروان بن مسلم عن بريد بن معاوية في جملة من الأسانيد (2).

لكن يشكل ذلك بأن طبقة صالح بن أبي حماد لا تتناسب مع الرواية عن مروان بن مسلم مباشرة ، وحل الإشكال : أن الظاهر وقوع سقط في السند 1.

ص: 194


1- المراد من «سيدنا» هنا وفي جميع الموارد : سماحة آية الله الوالد مد ظله.
2- الكافي 1 / 177 ح 4 ، التهذيب 7 / 399 ح 1596 ، كامل الزيارات : 19 ح 3 ، الرجعة : 177 ، رجال الكشي : 314 رقم 568 ، التنزيل والتحريف - للسياري - (مخطوط) سورة الجن 72 : 16 ، لاحظ أيضا : الكافي 7 / 235 ح 7 - عنه التهذيب 10 / 27 ح 86 من غير تصريح - ومثله في الفقيه 4 / 44 ح 5051 وعلل الشرائع : 546 ح 1.

بينهما ، ولا يبعد كونه ابن فضال ، فقد روى صالح بن أبي حماد عن ابن فضال في نفس المجلد من الكافي 5 / 99 ح 2 ، وص 383 ح 1 و 2 وفي الكافي 2 / 350 ح 3 ، ورواية ابن فضال عن مروان بن مسلم كثيرة جدا ، وقد أشار الشيخ في الفهرست في ترجمة مروان بن مسلم إلى رواية الحسن ابن علي بن فضال عنه بكتابه (1).

فمما ذكرنا يظهر أن في سند الكافي 8 / 79 ح 35 : «الحسن بن علي ابن فضال ، عن علي بن عقبة وثعلبة بن ميمون وغالب بن عثمان وهارون ابن مسلم ، عن بريد بن معاوية» تصحيفا ، والصواب : مروان بن مسلم.

يبقى مورد واحد مما مر عن معجم الرجال وهو ما في الكافي 6 / 440 ح 5 : «محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن أسلم ، عن هارون بن مسلم ، عن بريد بن معاوية» ، فقد حكى سيدنا - دام ظله - هنا أيضا عن بعض النسخ : «مروان بن مسلم» ، وهو الأظهر ، فإنه يشهد عليه - مضافا إلى ما مر - أن الكليني روى عن هارون بن مسلم بواسطة واحدة - وهو علي بن إبراهيم - في الأغلب ، فروايته عنه هنا بثلاث وسائط غريبة جدا ، وهارون بن مسلم في طبقة محمد بن الحسين (بن أبي الخطاب) فروايته عنه بتوسط محمد بن أسلم غريبة.

نعم ، لم نجد رواية محمد بن أسلم عن مروان بن مسلم في غير هذا السند ، كما لم نجد روايته عن هارون بن مسلم في غيره ، لكن روايته عن مروان بن مسلم تساعدها الطبقة بخلاف روايته عن هارون بن مسلم.

وأما ما أشرنا إليه من سند البصائر : 371 ح 11 - وهو ما ورد بسنده 0.

ص: 195


1- فهرست الشيخ : 169 رقم 740.

عن علي بن يعقوب الهاشمي ، عن هارون بن مسلم ، عن بريد - فهو أيضا مصحف ، والصواب : مروان بن مسلم ، كما نقله عنه في بحار الأنوار 26 / 76 ح 31 ، وقد أورده في الكافي 1 / 177 ح 4 بسنده عن علي بن يعقوب الهاشمي ، عن مروان بن مسلم ، ويؤكده أن علي بن يعقوب الهاشمي يروي كتاب مروان بن مسلم ، كما أشار إليه في رجال النجاشي : 419 رقم 1120 ، وقد روى عنه في مشيخة الفقيه 4 / 477.

فتحصل أن هارون بن مسلم في جميع هذه الأسانيد مصحف مروان ابن مسلم ، وتشابه هارون ومروان بعد حذف ألفهما كما كان مرسوما في الخطوط القديمة لا تخفى على ذي مسكة ، فليس هارون بن مسلم من رواة بريد ، ولم يثبت كونه راويا عن أصحاب الباقر عليه السلام.

ولذلك نقول : إن في صحة ما ذكره الشيخ من عد مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد في أصحاب الباقر عليه السلام تأملا ، خصوصا مع ندرة رواية

مسعدة بن صدقة عن الباقر عليه السلام ، وكون بعضها مصحفة ظاهرا ، ويحتمل

ذلك في الباقي - كما تقدم -.

وأما مسعدة بن زياد فلم نجد روايته عن الباقر عليه السلام في ما بأيدينا من الكتب أصلا ، ولا يناسبها الطبقة أيضا.

فلا يبعد القول بوقوع خلل في مصدر كلام الشيخ رضي الله عنه ، بأن يكون - مثلا - مسعدة بن زياد عن جعفر ، في بعض المواضع ، فحيث كان الغالب التعبير عن الصادق عليه السلام بكنية أبي عبد الله فالناسخ إذا رأى كلمة «جعفر» سها وكتب بدله «أبي جعفر» فصار مسعدة بن زياد راويا عن الباقر عليه السلام فأخذه أرباب الرجال فعدوه من أصحابه عليه السلام ، وسرى ذلك إلى رجال الشيخ الطوسي ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسعدة بن صدقة.

ص: 196

وكيف كان ، فلا دليل على تعدد مسعدة بن صدقة ، بل هو واحد.

وفي الختام ينبغي الإشارة إلى نكتة وهي أن مسعدة بن صدقة قد وصفه الشيخ في أصحاب الباقر عليه السلام بالعامية ، لكن الكشي قد ذكر في رجاله أن مسعدة بن صدقة بتري (1) والبتري في كلامه مقابل العامي فقد عد جماعة في نفس الموضع وذكر أنهم عاميون ومع ذلك وصف مسعدة بن صدقة بالبترية ، فقد يوهم ذلك تغاير مسعدة بن صدقة في رجال الشيخ (باب أصحاب الباقر عليه السلام) ورجال الكشي.

لكن البترية كانت من فرق العامة إذ صححوا خلافة المتقدمين على علي عليه السلام ، لكن كان اعتقادهم أن الإمامة كانت في الأصل لعلي عليه السلام وهي من الحقوق القابلة للتفويض! وقد فوضها عليه السلام إلى من تقدمه فصحت خلافة الثلاثة المتقدمين عليه ، فباعتبار قولهم بأن الإمامة كانت لعلي عليه السلام في أصل الشرع صح عدهم في قبال العامة أيضا.

مع أن أصل دلالة التقابل على التباين محل إشكال ، بل يصح ذلك إذا كان بين العنوانين عموم وخصوص أيضا ، فافهم.

إذا عرفت ذلك نقول : كلمات علماء الرجال كالصريح في جعلهم مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد ومسعدة بن اليسع متغايرين ، لكن هناك وجوه ذكرت أو يمكن أن تذكر لاتحاد هؤلاء أو بعضهم مع بعض ، سنذكرها تباعا ونبحث أنها هل تقاوم كلمات أئمة الرجال أم لا؟

* * * 3.

ص: 197


1- رجال الكشي : 390 رقم 733.

البحث الرابع

في اتحاد مسعدة بن صدقة مع مسعدة بن اليسع

قد يقال بأن مسعدة بن صدقة هو مسعدة بن صدقة بن اليسع ، فيصح اتحاده مع مسعدة بن اليسع بوقوع اختصار في هذا العنوان والنسبة إلى الجد فيه (1).

وأما كون اليسع هو جد مسعدة بن صدقة فقد استدل عليه بما ورد في الكافي 6 / 323 ح 5 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ابن اليسع ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا تدمنوا أكل السمك ، فإنه يذيب الجسد.

ولعله متحد في الأصل مع ما ورد في المحاسن : 476 ح 487 عن بعض أصحابنا ، عن ابن أخت الأوزاعي ، عن مسعدة بن اليسع ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : السمك الطري يذيب اللحم.

فبالمقارنة بينه وبين نقل الكافي يظهر اتحاد مسعدة بن صدقة مع مسعدة بن اليسع ، ويؤيد اتحادهما ما ورد في الكافي 2 / 652 ح 2 بسنده عن مسعدة بن اليسع ، قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام : إني والله لأحبك ... فقال : صدقت يا أبا بشر ...

وقد تقدم عن النجاشي في ترجمة مسعدة بن صدقة قولا بتكنيته بأبي 1.

ص: 198


1- لاحظ : معجم رجال الحديث 18 / 141.

بشر.

وهناك قرينة ثالثة على اتحادهما ، وهي وجود جهات مشتركة كثيرة بينهما ، كالرواية عن الصادق عليه السلام معبرا عنه بجعفر بن محمد (1) والرواية عنه عليه السلام كراو يروي عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أمير المؤمنين عليه السلام (2)

ورواية هارون بن مسلم عن كليهما.

هذه غاية الوجوه لاتحاد ابن اليسع وابن صدقة.

وقد اعترض في معجم الرجال 18 / 141 على الوجه الأول بأنه لو صحت الرواية [أي ما في الكافي 6 / 323 ح 5] استكشف منها أن اليسع جد مسعدة بن صدقة ولكنها لا تنافي أن يكون له عم يسمى بمسعدة ، فمسعدة بن صدقة يكون مغايرا لمسعدة بن اليسع.

والذي يهون الخطب أن الرواية لم تثبت صحتها كما ذكرنا ، ففي بعض نسخ الكافي : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن ابن اليسع ، عن أبي عبد الله عليه السلام.

أقول :

احتمال وجود رجلين في عصر واحد في أصحاب الصادق عليه السلام يصح أن يطلق عليهما عنوان مسعدة بن اليسع - مع غرابة مسعدة واليسع - ك.

ص: 199


1- المحاسن : 491 ح 579 ، وسنذكر روايات مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام بلفظ : جعفر بن محمد ، أو جعفر.
2- وردت رواية مسعدة بن اليسع عن أبي عبد الله عليه السلام منهيا السند إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أو أمير المؤمنين عليه السلام في المحاسن : 459 ح 399 ، وح 476 ، وص 491 ح 579 ، وص 570 ح 4 ، وص 576 ح 30 ، قرب الإسناد : 159 ح 581 ، الكافي 6 / 524 ح 2 ، لاحظ أيضا : 323 ح 5 ، وستأتي موارد مسعدة بن صدقة كذلك.

بعيد جدا جزما ، فما ذكره في معجم الرجال في صدر كلامه غير تام.

هذا ، مع أن هذا الكلام بملاحظة سند الكافي 6 / 323 ح 5 فقط ، وأما لو أضفنا إليه سند المحاسن : 476 ح 478 - كما تقدم في تقريب الاستدلال للاتحاد - فلا يكون هذا الكلام جوابا له كما هو واضح.

وأما ما نقله قدس سره عن بعض نسخ الكافي : «مسعدة بن صدقة عن ابن اليسع» كالمطبوعة ، فلا ريب في كونه مصحفا ، إذ لم نجد عبارة «ابن اليسع» في موضع أصلا غير هذا السند على بعض النسخ ، وهي عبارة غريبة غير مشتملة على اسم الراوي ، ولا تذكر - عادة - العبارات المبهمة إما اعتمادا على تقدم ذكرها موضحة ، أو لاشتهار رجل معين بالعنوان في عصره ، وهذان الوجهان لا يجريان في المقام بعد انحصار التعبير به في هذا المورد.

وبتقريب آخر : مسعدة بن صدقة يروي عن الصادق عليه السلام في جل رواياته مباشرة (1) فتوسط عنوان غريب كابن اليسع بينهما في هذا السند في غاية الغرابة ، ففي النسخة المطبوعة تصحيف قطعا ، والأظهر ما نقله في الوسائل 25 / 77 ح 31234 عن الكافي بلفظ مسعدة بن صدقة بن اليسع

- لولا ما سيأتي -.

فهذه القرائن في نفسها جيدة لولا القرائن الكثيرة على تغاير الرجلين :

الأولى : عبارات أرباب الرجال التي هي كالمصرحة في تغاير العنوانين.د.

ص: 200


1- وردت روايته عنه عليه السلام بواسطة «رجل» في علل الشرائع 1 / 577 ، وفي دلائل الإمامة : مسعدة بن صدقة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ، وفي الكافي 1 / 383 ح 4 : مسعدة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ، وقد توسط عمار بين مسعدة بن صدقة وجعفر عليه السلام في التهذيب 1 / 331 ح 968 ، لكن رواه في 3 / 332 ح 1041 من دون توسط «عمار» في السند.

الثانية : إن مسعدة بن صدقة عبدي ، ومسعدة بن اليسع باهلي يشكري ، واتحاد الباهلي واليشكري مع العبدي في النسب غير صحيح كما تقدم ، واحتمال كون أحدهما بالولاء وإن صحح إمكان الاتحاد لكن لا ينفي قرينيته للتغاير بعد عدم الإشارة إلى ذلك في شئ من كتب الرجال من العامة والخاصة.

الثالثة : إن صدقة اسم غريب ، فحذفه من النسب خلاف قانون الاختصار في الأنساب ، من حذف الأسماء المشهورة وإبقاء الأسماء الغريبة.

الرابعة : إن كتب العامة ذكرت جد مسعدة بن اليسع - أي قيس - ومع ذلك لم يذكروا أن نسبة مسعدة إلى اليسع من النسبة إلى الجد ، ولم يذكر ذلك في كتبنا الرجالية والأسانيد أيضا ، فمن المعلوم أن أئمة الرجال كانوا يرون اليسع والدا لمسعدة لا جدا له ، فإن الاختصار في النسب في ترجمة الرواة خلاف المتعارف ، وإن تعارف ذلك في إطلاقات الأسانيد.

فلا يصح بقبال هذه القرائن القوية الاعتماد على سند واحد - أي سند الكافي 6 / 323 ح 5 - فمن القريب وقوع تصحيف فيه.

فيحتمل أن يكون الأصل في السند : مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام ، فرأى ذلك بعض النساخ فذكر في هامشه «عن ابن اليسع» أو «ابن اليسع» إشارة إلى ورود مضمون الخبر في المحاسن عن طريق

مسعدة بن اليسع فأدرج ذلك في المتن بتوهم سقوطه منه.

ويحتمل أن يكون الأصل : مسعدة عن أبي عبد الله عليه السلام ، ففسر بعض النساخ مسعدة بابن صدقة ، لكثرة رواية هارون بن مسلم عنه ، وفسره بعض آخر بابن اليسع ، نظرا إلى ورود الخبر في المحاسن عنه ، فجمع بينهما في المتن من قبل النساخ المتأخرين ، فصار السند مشتملا عليهما معا.

ص: 201

لا يقال :

هذان الاحتمالان مخالفان للظاهر ويدفعهما الأصل.

فإنه يقال :

هذا صحيح ، لكن بعد وجود قرائن كثيرة على التغاير لا محيص عن الالتزام بأحدهما أو احتمال ثالث مثلهما كي لا نتورط في مخالفة للأظهر أي القرائن على التعدد.

فعليه : فلا مجال هنا للأصل كما هو واضح.

وأما تكنية ابن صدقة بأبي بشر - على قول في رجال النجاشي (1) -

فلعله من باب الخلط بينه وبين ابن اليسع ، وقد حكاها النجاشي بصيغة «قيل» إشارة إلى ضعفها (2).

ووجود ذاك القدر من الجهات المشتركة بينهما لا يكفي لاتحادهما في قبال القرائن القوية على التعدد ، فالأظهر تغاير مسعدة بن صدقة ومسعدة بن اليسع.

* * * ل.

ص: 202


1- رجال النجاشي : 415 رقم 1109.
2- يمكن جعل ذلك من قرائن التغاير بأن يقال : مسعدة بن صدقة كان يكنى بأبي محمد ومسعدة بن اليسع كان يكنى بأبي بشر فيؤيد ذلك تغايرهما بعد ندرة تعدد الكنية للرجل الواحد ، فتأمل.

البحث الخامس

في اتحاد مسعدة بن زياد مع مسعدة بن اليسع

لا ينبغي التأمل في تغاير هذين العنوانين إذ لم نجد ما يوهم شهادته على اتحادهما إلا روايتهما في مدح الرمان والهندباء ، فقد ورد في المحاسن : 509 ح 669 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الهندباء سيد البقول ، ورواه في الكافي - كما سيأتي -.

وقد ورد في المحاسن : 509 ح 669 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : الفاكهة عشرون ومائة لون ، سيدها الرمان.

ورواه في الكافي 6 / 352 ح 2 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : الفاكهة .. الخبر.

وقد ورد في المحاسن : 545 ح 855 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : الرمان سيد الفاكهة ، ومن أكل رمانة أغضب شيطانه أربعين صباحا.

هذا ، وقد ترجم في لسان الميزان 6 / 691 رقم 8393 لمسعدة بن اليسع الباهلي وقال : أبو الحجاج النضر بن طاهر ، ثنا مسعدة بن اليسع ، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، قال : ما من رمانة إلا فيها حبة من رمان الجنة ، فإذا أكل أحدكم رمانة فلا يسقط منها شيئا ، وما من ورقة من الهندباء إلا وفيها قطرة من ماء الجنة.

ص: 203

لكن هذا القدر من المشابهة غير كاف لإثبات الاتحاد جزما ، خصوصا مع كثرة الروايات في مدح الرمان (1) والهندباء (2) وكثير منها أشبه برواية مسعدة بن اليسع من روايات مسعدة بن زياد ، فلا وجه معتد به في اتحادهما فلا إشكال في تغايرهما.

* * * 1.

ص: 204


1- لاحظ : المحاسن : 541 ح 830 - 835 ، الكافي 6 / 353 ح 5 - 7 ، الخصال : 636 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 43 ح 151 ، مكارم الأخلاق 1 / 369 ح 1215 ، دعائم الإسلام 2 / 112 ح 371 ، تحف العقول : 124 ، طب الأئمة : 134.
2- المحاسن : 508 ح 656 - 661 ، وص 510 ح 677 ، وص 513 ح 692 وح 693 ، الكافي 6 / 363 ح 4 وح 8 ، وص 366 ح 7 ، الخصال : 636 ، مكارم الأخلاق 1 / 384 ح 1290 ، دعائم الإسلام 2 / 113 ح 376 ، وص 149 ح 531 ، تحف العقول : 124 ، طب الأئمة : 137 ، طب النبي : 30 ، كفاية الأثر : 241.

البحث السادس

في اتحاد مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد

الظاهر من كلمات أئمة الرجال أنهم يعتقدون تغاير مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد ، لكن قد يقال باتحادهما وكون زياد جد مسعدة بن صدقة ، فقد ورد في الكافي 6 / 363 ح 5 رواية هارون بن مسلم عن مسعدة ابن صدقة ، عن زياد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «الهندباء سيد البقول».

وقد علق في ترتيب أسانيد الكافي على السند : الظاهر أن صوابه : مسعدة بن صدقة بن زياد ، إذ مسعدة بن صدقة روى أخبار كثيرة عنه عليه السلام بدون توسط أحد ، وزياد لم يتوسط إلا هنا ، وعادتهم ذكر الواسطة النادرة بأوصاف دافعة لجهالته ، ولم يوصف هنا بشئ وحينئذ يشهد هذا على وحدة مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد في روايات هارون بن مسلم وأن الثاني نسبة إلى جده (1). انتهى.

قلت :

وقوع التحريف في هذا السند مسلم كما أفيد ، لكن القول بكون مسعدة بن زياد نسبة إلى الجد لا دليل عليه ، فإنه - مضافا إلى استبعاد ذلك في نفسه ، إذ المعهود حذف الأسماء المشهورة كمحمد وعلي والحسن من النسب ، لا حذف الأسماء الغريبة كصدقة - إنما يصار إليه إذا كان وجه التحريف في سند الكافي منحصرا في ذلك ، مع أن الأمر ليس كذلك إذ في 5.

ص: 205


1- تجريد الأسانيد 1 / 242 رقم 55.

السند وجوه أخرى أقرب مما أفيد.

منها : القول بزيادة «عن زياد» ، فقد نقله في الوسائل 25 / 179 ح 31585 عن الكافي بدونه ، وقد جعل في مطبوعة الكافي مع مرآة العقول 14 / 205 ح 5 هذه العبارة بين المعقوفتين إشارة إلى خلو بعض النسخ عنه.

منها : زيادة «صدقة عن» في السند كما حكاه سيدنا - دام ظله - عن بعض النسخ ، وهذا الاحتمال هو الظاهر لما تقدم في البحث الخامس من رواية الخبر في المحاسن : 509 ح 669 بسنده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد.

ويمكن أن يكون الوجه في زيادة «صدقة عن» في السند كثرة رواية هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة ، فقد يوجب ذلك خطأ الذهن فتزاد سهوا هذه العبارة بعد كتابة «هارون بن مسلم عن مسعدة بن».

منها : زيادة «بن صدقة» و «عن زياد» معا ، وكون الجمع بينهما من باب الجمع بين التفسيرين المختلفين لعنوان مجمل ك «مسعدة» وقد مر نظير ذلك في البحث الخامس أيضا.

فمع هذه الاحتمالات لا يصح التمسك بمجرد هذا السند لإثبات كون زياد جد مسعدة بن صدقة حتى يصح الحكم باتحاد مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد.

نعم ، هناك قرائن أخرى قد توجب الحكم بذلك ، وتلزم رفع اليد عن كلمات أئمة الرجال ، فلنبحث عن هذه القرائن وصلاحية مقاومتها لقرائن التغاير.

الأولى : ورود جملة من الروايات تارة عن مسعدة بن صدقة ، وأخرى عن مسعدة بن زياد.

ص: 206

الثانية : ورود روايات متحدة الأسلوب في رواياتهما.

الثالثة : كثرة الجهات المشتركة بينهما.

الرابعة : إنهما يرويان كثيرا عن أبي عبد الله عليه السلام غير مقتصرين عليه ، بل يوصلان السند إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو إلى أمير المؤمنين عليه السلام.

الخامسة : اتحادهما في التلقب بلقبي الربعي والعبدي (1).

السادسة : ما يظهر منه عدم تعدد مسعدة الربعي ، فبعد تلقب كلا العنوانين بلقب الربعي يثبت اتحادهما.

وتفصيل الكلام حول هذه القرائن على الاتحاد في ما يلي :

القرينة الأولى :

ورود جملة من الروايات تارة عن مسعدة بن صدقة وأخرى عن مسعدة بن زياد.

قد وجدنا سبع روايات بهذا الوصف :

الأولى : ورد في الكافي 5 / 298 ح 1 - عنه التهذيب 7 / 232 ح 1011 - من غير تصريح بسنده عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ليس لك أن تتهم من ائتمنته ، ولا تأتمن الخائن وقد جربته.

وفي قرب الإسناد : 72 ح 231 بسنده عن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ليس لك أن تأتمن من غشك ولا تتهم من ائتمنت.

وقد ورد في قرب الإسناد : 84 ح 276 بسنده عن مسعدة بن زياد ، قال : وحدثني جعفر ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ليس لك أن ا.

ص: 207


1- هذه القرينة والقرينة التي قبلها من مصاديق القرينة الثالثة ، وقد أفردناهما بالذكر لكثرة البحوث الراجعة إليهما.

تتهم من قد ائتمنته ، ولا تأمن الخائن وقد جربته (1).

الثانية : ورد في قرب الإسناد : 46 ح 150 - في عداد روايات مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه - : قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحياء على وجهين ، فمنه الضعف ، ومنه قوة وإسلام وإيمان.

وقد ورد في الخصال : 55 ح 76 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحياء على وجهين ، فمنه ضعف ، ومنه قوة وإسلام وإيمان.

الثالثة : ورد في العلل : 392 ح 3 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : تاركوا الترك ما تركوكم فإن كلبهم شديد ، وكلبهم (2) خسيس.

وفي ص 603 ح 68 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اتركوا اللص ما ترككم ، فإن كلبهم شديد وسلبهم خسيس.

وفي قرب الإسناد : 82 ح 268 بسنده عن مسعدة بن زياد ، قال : وحدثني جعفر ، عن آبائه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : تاركوا الحبشة ما تاركوكم ، فوالذي نفسي بيده لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين.

الرابعة : ورد في الكافي 5 / 439 ح 10 (3) - بسنده عن مسعدة [بن ة.

ص: 208


1- نقل مسعدة بن زياد للخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، ونقل مسعدة بن صدقة له عن جعفر بن محمد عليه السلام ربما يضعف الاتحاد ، لكن من القريب وقوع زيادة أو نقيصة في أحد النقلين ، فتأمل.
2- كذا ، والظاهر : سلبهم.
3- رواه عنه في التهذيب 7 / 313 ح 1297 ، الإستبصار 3 / 194 ح 702 بدون مسعدة بن صدقة في السند ، لكن أضيف في الطبعة الجديدة من التهذيب «عن مسعدة بن صدقة» إلى السند ، والظاهر كونه من تصرف المصحح بدون استناد إلى نسخة ، لخلو المخطوطات منها ، ففي نسخة الكافي التي كانت لدى الشيخ قدس سره وقع سقط لا محالة.

صدقة] ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما قد شد العظم وأنبت اللحم ، وأما الرضعة والرضعتان والثلاث حتى يبلغ عشرا ، إذا كن متفرقات فلا بأس.

وقد روى في التهذيب 7 / 314 ح 1303 بسند آخر عن مسعدة بن زياد العبدي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا يحرم الرضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم ، فأما الرضعة والثنتان والثلاث حتى بلغ العشر إذا كن متفرقات فلا بأس.

الخامسة : ورد في المحاسن : 579 ح 47 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستشفاء بالعيون الحارة التي تكون في الجبال ، التي يوجد منها رائحة الكبريت ، فإنها من فوح جهنم.

وبعده (رقم 48) بنفس الإسناد عن هارون ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، قال : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يستشفى بالحمات التي توجد في الجبال.

وفي المطبوعة : هارون بن مسعدة ، وهو تصحيف واضح ، وقد نقله عن المحاسن على الصواب في الوسائل 1 / 221 ح 564.

وفي الكافي

6 / 389 ح 1 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستشفاء

ص: 209

بالحميات ، وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال ، التي توجد فيها رائحة الكبريت ، وقيل (1) : إنها من فيح جهنم.

السادسة : ورد في الكافي 6 / 430 ح 6 في ذيل رواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من أدخل عرقا واحدا من عروقه قليل ما أسكر كثيره عذب الله ذلك العرق بثلاثمائة وستين نوعا من أنواع العذاب.

والخبر رواه في عقاب الأعمال : 291 ح 13 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أدخل عرقا من عروقه شيئا مما يسكر كثيره عذب الله عزوجل ذلك العرق بستين وثلاثمائة نوع من العذاب.

السابعة : ورد في الكافي 5 / 65 ح 1 في ضمن رواية طويلة رواها بسنده عن مسعدة بن صدقة ، قال : دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليه السلام ...

وفي ص 67 : لا يعطي جميع ما عنده ، ثم يدعو الله أن يرزقه ، فلا يستجيب له ، للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم :

رجل يدعو على والديه.

ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه.م.

ص: 210


1- لعله مصحف «قال» ، فقد ورد في الفقيه 1 / 19 ح 25 : وأما ماء الحمات فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما نهى أن يستشفى بها ، ولم ينه عن التوضؤ بها ، وهي المياه الحارة التي تكون في الجبال يشم منها رائحة الكبريت ، وقال عليه السلام : إنها من فيح جهنم.

ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عزوجل تخلية سبيلها بيده.

ورجل يقعد في بيته ويقول : رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق ، فيقول الله عزوجل له : عبدي! ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة؟! فتكون قد أعذرت في ما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ، ولكي لا تكون كلا على أهلك ، فإن شئت رزقتك ، وإن شئت قترت عليك وأنت غير معذور عندي.

ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو : يا رب ارزقني ، فيقول الله عزوجل : ألم أرزقك رزقا واسعا؟! فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك عن الإسراف.

ورجل يدعو في قطيعة رحم.

وفي قرب الإسناد : 79 ح 258 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أصناف لا يستجاب لهم : منهم من أدان رجلا دينا إلى أجل فلم يكتب عليه كتابا ، ولم يشهد عليه شهودا.

ورجل يدعو على ذي رحم.

ورجل تؤذيه امرأته بكل ما تقدر عليه ، وهو في ذلك يدعو الله عليها ويقول : اللهم أرحني منها ، فهذا يقول الله له : يا عبدي! أوما قلدتك أمرها؟! فإن شئت خليتها ، وإن شئت أمسكتها.

ورجل رزقه الله تبارك وتعالى مالا ثم أنفقه في البر والتقوى ، فلم يبق له منه شئ ، وهو في ذلك يدعو الله أن يرزقه ، فهذا يقول له الرب تبارك وتعالى : أولم أرزقك وأغنيك ، أفلا اقتصدت ولم تسرف؟! إني لا أحب المسرفين.

ص: 211

ورجل قاعد في بيته وهو يدعو الله أن يرزقه ، لا يخرج ولا يطلب من فضل الله كما أمره الله ، هذا يقول الله له : عبدي! إني لم أحظر عليك الدنيا ، ولم أرمك في جوارحك ، وأرضي واسعة ، فلا تخرج وتطلب الرزق؟! فإن حرمتك عذرتك ، وإن رزقتك فهو الذي تريد.

أما القرينة الثانية :

فقد ورد في روايات كلا المسعدتين ما يبدو كونها قطعات من خبر واحد ، لوحدة الأسلوب فيها ، وكونها من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، وإن ناقشنا في ذلك ، فنفس وحدة الأسلوب في هذه الروايات تعد من قرائن الاتحاد وإن لم تكن في القوة كما أثبتنا وحدة الروايات في الأصل.

فقد ورد في الكافي 2 / 300 ح 1 بسنده عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إياكم والمراء والخصومة ، فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان ، وينبت عليهما النفاق.

وفي الكافي 5 / 352 ح 1 بسنده عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إياكم ونكاح الزنج فإنه

خلق مشوه ، ونقله عنه في التهذيب 7 / 405 ح 1620 وفيه : مسعدة بن صدقة.

وفي الفقيه 3 / 292 ح 4048 : وفي رواية مسعدة بن زياد أن عليا صلوات الله وسلامه عليه قال : إياكم واللقطة ، فإنها ضالة المؤمن ، وهي حريق من حريق جهنم (1). ا.

ص: 212


1- لاحظ : قرب الإسناد : 29 ح 94 ، وص 69 ح 221 ، وص 70 ح 226 أيضا.

أما القرينة الثالثة :

التي هي كثرة الجهات المشتركة بينهما ، وهي : الاتحاد في الاسم ، والطبقة ، وكونهما من أصحاب الصادق عليه السلام ، والراوي عن كليهما هو هارون بن مسلم ، وتشابه تعبير كليهما عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام كثيرا فهما يرويان عنه بلفظ جعفر أو جعفر بن محمد (1). .

ص: 213


1- وردت رواية مسعدة بن صدقة عن جعفر (بن محمد) في الكافي 1 / 57 ح 17 (حدثني جعفر) ، 4 / 39 ح 3 ، وص 44 ح 1 ، وص 45 ح 5 ، 5 / 89 ح 3 (في بعض النسخ : عن أبي جعفر) ، التهذيب 3 / 260 ح 729 ، وص 332 ح 1041 - والخبر رواه بزيادة : «عن عمار» بعد مسعدة بن صدقة في 1 / 331 ح 968 وهو سهو - 4 / 329 ح 1028 ، 6 / 147 ح 295 ، وص 198 ح 440 (سمعت جعفر بن محمد) ، 9 / 162 ح 665 ، وص 173 ح 706 وهو مأخوذ من الفقيه 4 / 182 ح 5413 ، الفقيه 1 / 383 ح 1127 (وروى مسعدة بن صدقة أن قائلا قال لجعفر بن محمد عليهما السلام : جعلت فداك ... قال جعفر بن محمد عليهما السلام) ، 3 / 560 ح 4924 ، 4 / 184 ح 5419 وح 5420 ، وص 186 ح 5427 ، الأمالي - للصدوق - مج 45 ح 11 ، علل الشرائع : 392 ح 3 ، وص 463 ح 8 ، وص 522 ح 3 وح 6 ، وص 523 ح 2 ، وص 557 ح 1 ، وص 566 ح 2 ، الخصال : 6 ح 16 (قال : سئل جعفر بن محمد) وص 26 ح 93 ، وص 60 ح 82 ، وص 156 ح 197 ، وص 228 ح 65 ، وص 351 ح 27 ، وص 416 ح 7 ، وص 439 ح 31 ، وص 442 ح 34 ، وص 484 ح 57 ، وص 538 ح 5 ، معاني الأخبار : 203 ح 1 ، وص 344 ح 1 ، ثواب الأعمال : 44 ح 1 و 1 ، وص 211 ح 1 ، عقاب الأعمال : 310 ح 2 ، التوحيد : 460 ح 33 ، الأمالي - للمفيد - مج 28 ح 2 (جعفر بن محمد) ، الإختصاص : 73 ، تفسير القمي 1 / 153 ، تفسير العياشي 1 / 102 ح 300 ، وص 163 ح 5 ، وص 242 ح 133 ، وص 262 ح 217 (سئل جعفر ابن محمد) ، 2 / 17 ح 42 ، وص 166 ح 2 (قال جعفر بن محمد) ، وص 203 ح 5 ، وص 223 ح 7 ، وص 282 ح 22 ، وص 294 ح 84 ، وص 339 ح 68 ، الإحتجاج 1 / 626 ، بصائر الدرجات : 25 ح 21 ، المحاسن : 477 ح 492 (حدثني جعفر بن محمد) وح 493 ، وص 599 ح 9 (سمعت جعفر بن محمد) - عنه مكارم الأخلاق 2 / 107 ح 2303 - ، قرب الإسناد : 1 ح 1 وح 2 (فيهما : حدثني جعفر) وص 2 ح 3 - 5 (كذلك) ، وص 3 ح 6 وح 8 (كذلك) ، وح 7 (وسمعت جعفرا) ، وص 5 ح 16 (حدثني جعفر) ، وص 6 ح 17 (وقال لجعفر عليه السلام قائل) ، وص 7 ح 23 (سمعت جعفر بن محمد) ، وص 9 ح 28 (سئل جعفر بن محمد) وح 29 وح 30 (فيهما : حدثني جعفر بن محمد) ، وص 10 ح 32 ، وص 11 ح 35 (كذلك) ، وص 12 ح 36 (قال لي جعفر بن محمد) ، وح 37 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 13 ح 39 (كذلك) ، وص 45 ح 147 وح 148 ، وص 46 ح 151 (قال جعفر) ، وح 152 وح 153 ، وص 48 ح 157 وح 158 (سمعت جعفر بن محمد) ، وص 49 ح 160 ، وص 50 ح 163 ، وص 54 ح 178 ، وص 55 ح 181 ، وص 62 ح 198 ، وص 63 ح 199 وح 200 وح 201 (وفيهما : حدثني جعفر بن محمد) ، وص 64 ح 202 - 204 ، وص 65 ح 205 وح 206 (سمعت جعفر بن محمد) ، وح 207 (سمعته) ، وح 208 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 66 ح 209 وح 211 وح 212 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 67 ح 213 وح 214 (حدثني جعفر) وح 215 (حدثنا جعفر بن محمد) وح 216 وح 217 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 68 ح 218 وح 219 (وفيه : حدثني جعفر بن محمد) ، وص 69 ح 220 (قال جعفر بن محمد) وح 221 - 223 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 70 ح 224 وح 225 (حدثني جعفر) وح 226 ، وح 227 ، وص 71 ح 228 (حدثني جعفر بن محمد) وح 229 ، وص 72 ح 230 (حدثني جعفر بن محمد) ، وح 232 (حدثني جعفر) ، وح 233 ، وص 74 ح 237 ، وح 238 (سمعت جعفرا يقول وسئل) ، وح 239 ، وح 240 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 75 ح 241 (حدثني جعفر) ، وح 243 (حدثني جعفر بن محمد) ، وص 76 ح 244 - 246 وح 248 (كذلك) وح 247 ، وص 77 ح 249 وح 250 (فيهما : حدثنا جعفر بن محمد) ، وص 78 ح 254 ، وص 82 ح 272 ، مستطرفات السرائر 3 / 624 وص 625 (حدثني جعفر بن محمد) ، الأمالي - للطوسي - مج 1 ص 14 ح 18 (حدثني جعفر ابن محمد) ، مج 29 ح 4 = ص 613 ح 1268 ، الغايات : 191 ، الرجعة : 195. وأما مسعدة بن زياد فقد روى عن جعفر (بن محمد) في التهذيب 1 / 44 ح 125 ، 7 / 184 ح 813 ، وص 474 ح 1904 ، 10 / 206 ح 812 ، الفقيه 3 / 386 ح 4357 ، علل الشرائع : 603 ح 68 ، الخصال : 55 ح 76 ، وص 85 ح 13 ، وص 113 ح 89 ، وص 114 ح 92 ، وص 296 ح 65 ، معاني الأخبار : 341 ح 1 ، ثواب الأعمال : 221 ح 1 ، عقاب الأعمال : 290 ح 4 ، وص 302 ح 1 ، وص 303 ح 1 ، الأمالي - للمفيد - مج 26 ح 6 ، مج 35 ح 1 (وفيهما : سمعت جعفر بن محمد) ، تفسير العياشي 1 / 283 ح 295 ، بصائر الدرجات : 8 ح 8 ، المحاسن : 539 ح 821 ، وص 545 ح 855 ، كامل الزيارات ب 105 ح 7 ، قرب الأسناد : 28 ح 92 ، وص 29 ح 95 (فيها : حدثني جعفر [بن محمد]) ، وص 79 ح 256 (سمعت جعفرا) وح 257 (حدثني جعفر بن محمد) ، وح 258 ، وص 80 ح 259 (حدثنا جعفر بن محمد) ، وح 260 ، ح 261 ، وص 81 ح 262 (حدثني جعفر) ، وح 263 - 266 ، وص 82 ح 267 وح 268 (فيهما : وحدثني جعفر) ، وح 269 (حدثني جعفر) ، وح 270 (وسمعت جعفرا وسئل) ، وص 83 ح 274 (كذلك) ، وص 84 ح 275 ، وص 85 ح 280 (فيها : وحدثني جعفر) ، وص 86 ح 281 ، الأمالي - للطوسي - مج 1 ص 9 ح 1 (سمعت جعفر بن محمد) وكذا في أواخر المجلس السابع وفيه : سعد بن زياد العبدي ، قال : حدثني جعفر بن محمد ... وسعد مصحف مسعدة.

ص: 214

وهذا التعبير يكشف عن كون الرجل من العامة ، أو مرتبطا معهم متكلما بلسانهم وأسلوب كلامهم ، وهذا الأمر لم يكن منحصرا في ما يروي هارون بن مسلم عن مسعدة حتى يحتمل كونه من الراوي (1) - لا من مسعدة - بل قد ورد أيضا في روايات غير هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة (2)..

ص: 215


1- قد وردت عبارة جعفر (بن محمد) في روايات إسحاق بن عمار أيضا متكررة ، فقد يوهم ذلك كونه عاميا ، لكن فيه - مع الغض عن الإشكال في أصل المبنى - أن جميع ما ورد عن إسحاق بن عمار يروي عن الصادق عليه السلام باسمه الشريف كان الراوي هو غياث بن كلوب العامي ، ولم يرد ذلك في روايات غيره عن إسحاق بن عمار إلا في موردين في كتب غير مشهورة (كفاية الأثر : 166 ، طب الأئمة : 61 ، ولاحظ أيضا : نزهة الناظر : 82) فالظاهر كون التعبير عنه عليه السلام بجعفر (بن محمد) من كلام غياث لا من إسحاق.
2- تفسير فرات : 364 ح 494 ، الرجعة : 195 (الراوي فيهما فرج بن فروة) ، رجال الكشي : 17 رقم 40 ، وص 72 رقم 127 ، وص 158 رقم 263 ، والراوي عن مسعدة فيها هو محمد بن علي الحداد ، وأما مسعدة بن زياد فلم نجد راويا له غير هارون بن مسلم.

وهنا نكتة دقيقة لا ينبغي الذهول عنها ، وهي اختلاف تعبير الكافي وغيره عند نقل روايات مسعدة بن زياد ومسعدة بن صدقة ، فقد عبر في الكافي عنه عليه السلام بلفظ «أبي عبد الله عليه السلام» في الأغلب ، والتعبير عنه عليه السلام

باسمه الشريف نادر فيه ، بينما انعكس الأمر في غيره خصوصا في قرب الإسناد ، وسنبحث عن ذلك في الخاتمة ، ونثبت كون التعبير الأصلي لمسعدة في الأغلب - أو دائما - هو ذكر اسمه عليه السلام وإنما بدله الكليني أو غيره بكنيته : أبي عبد الله ، أو لقبه : الصادق عليه السلام.

وهنا ينبغي أن نشير إلى إشكال ربما يخطر بالبال هو أن من المحتمل كون تعبير الرواة في الأغلب عنه عليه السلام كان باسمه وإنما بدل بالكنية من قبل المصنفين المتأخرين.

فعليه : فلا يكون في اتحاد تعبير مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد قرينة يعتد بها على الاتحاد.

ويرد الإشكال أن هذا الاحتمال خلاف ما صرح به الكشي (1) في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد الصنعاني فقال : قد كان يذكر في الأحاديث التي يرويها عن أبي عبد الله عليه السلام في مسجد الكوفة - وكان يجلس فيه - ويقول : أخبرني أبو إسحاق كذا ، وقال أبو إسحاق كذا ، وفعل أبو إسحاق كذا ، يعني بأبي إسحاق أبا عبد الله ، كما كان غيره يقول : حدثني الصادق ، وسمعت الصادق عليه السلام ، وحدثني العالم ، وسمعت العالم ، وقال العالم ، 9.

ص: 216


1- رجال الكشي : 447 رقم 839.

وحدثني الشيخ ، وقال الشيخ ، وحدثني أبو عبد الله ، وقال أبو عبد الله ، وحدثني جعفر بن محمد ، وقال جعفر بن محمد ، وكان في مسجد الكوفة خلق كثير من أهل الكوفة من أصحابنا ، فكل واحد منهم يكني عن أبي عبد الله عليه السلام باسم ، فبعضهم يسميه (باسمه) ويكنيه بكنيته.

وأما القرينة الرابعة :

فقد أكثر مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد من الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام كراو يروي بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أمير المؤمنين عليه السلام (1) ، .

ص: 217


1- روى مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام منهيا الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في الكافي 2 / 117 ح 5 ، وص 258 ح 26 ، وص 567 ح 17 ، وص 653 ح 2 ، وص 656 ح 19 ، 3 / 121 ح 10 ، 4 / 39 ح 3 ، وص 45 ح 5 ، وص 88 ح 5 ، 5 / 8 ح 12 ، وص 29 ح 8 ، وص 59 ح 14 ، وص 101 ح 4 ، 6 / 302 ح 2 ، وص 389 ح 1 ، 8 / 148 ح 127 وح 129 ، وص 149 ح 130 ، وص 150 ح 131 ، وص 240 ذيل ح 326 ، التهذيب 3 / 62 ح 213 ، 6 / 38 ح 232 ، وص 177 ح 359 ، 9 / 101 ح 441 ، الفقيه 4 / 398 ح 5850 ، الأمالي - للصدوق - مج 9 ح 2 ، ومج 36 ح 8 ، ومج 45 ح 11 ، ومج 50 ح 1 ، معاني الأخبار : 203 ح 1 ، وص 344 ح 1 ، علل الشرائع : 246 ح 1 ، وص 392 ح 3 ، وص 522 ح 3 ، وص 523 ح 2 ، وص 566 ح 2 ، الخصال : 26 ح 93 ، وص 60 ح 82 ، وص 156 ح 197 ، وص 228 ح 65 ، وص 416 ح 7 ، وص 442 ح 32 ، وص 538 ح 5 ، ثواب الأعمال : 44 ح 1 و 1 ، وص 50 ح 1 ، وص 197 ح 5 ، وص 310 ح 2 ، التوحيد : 460 ح 33 ، الأمالي - للمفيد - مج 28 ح 2 ، تفسير العياشي 2 / 339 ح 68 ، المحاسن : 759 ح 47 وح 48 ، قرب الإسناد : 5 ح 16 ، وص 45 ح 148 ، وص 46 ح 150 وح 152 وح 153 ، وص 54 ح 178 ، وص 55 ح 179 ، وص 63 ح 200 ، وص 64 ح 203 ، وص 65 ح 205 وح 208 ، وص 67 ح 213 ، وح 215 ، وص 68 ح 218 ، وص 70 ح 227 ، وص 71 ح 229 ، وص 74 ح 240 ، وص 76 ح 244 وح 248 ، وص 77 ح 250 ، وص 78 ح 254 ، جامع الأحاديث : 91 ، وقد تقدمت رواياته عن أمير المؤمنين عليه السلام. وأما مسعدة بن زياد فقد روى عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أميرالمؤمنين عليه السلام في الكافي 3 / 18 ح 12 ، 5 / 352 ح 1 ، التهذيب 1 / 44 ح 125 ، 7 / 474 ح 1904 ، علل الشرائع : 286 ح 2 ، وص 603 ح 68 ، الخصال : 55 ح 76 ، وص 85 ح 13 ، وص 113 ح 89 ، وص 114 ح 92 ، وص 296 ح 65 ، معاني الأخبار : 132 ح 1 ، وص 340 ح 1 ، ثواب الأعمال : 221 ح 1 ، عقاب الأعمال : 290 ح 4 ، وص 291 ح 13 ، وص 302 ح 1 ، الأمالي - للصدوق - مج 23 ح 3 ، ومج 48 ح 5 ، ومج 85 ح 22 ، الفقيه 3 / 292 ح 4048 ، تفسير العياشي 1 / 283 ح 295 ، بصائر الدرجات : 8 ح 8 ، المحاسن : 509 ح 669 ، وص 545 ح 855 ، وص 579 ح 48 ، كامل الزيارات ب 105 ح 7 ، قرب الإسناد : 28 ح 92 ، وص 29 ح 94 وح 95 ، وص 79 ح 258 ، وص 80 ح 260 ، وص 81 ح 266 ، وص 82 ح 268 ، وص 84 ح 275 ، وص 86 ح 281.

فقد كثر في روايتهما نقل الخبر عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل ورد في روايات ابن صدقة عبارة «رفعه» أو «يرفعه» في بعض الموارد (1).

وهذا يشهد بكون كلا المسعدتين من العامة ، أو مرتبطين بهم ، متأثرين بكلامهم وأسلوب عباراتهم ، فيقوى الاتحاد.

أما القرينة الخامسة :

وهي اتحادهما في اللقب ، فتلقبهما بالربعي قد ورد في جملة من المصادر - كما مر في البحث الأول - فلا ينبغي التأمل فيه.

وأما «العبدي» فقد وصف به النجاشي - في رجاله : 415 رقم 1109 - مسعدة بن صدقة ، وكذا وصف به مسعدة بن زياد في أمالي الشيخ : 203 ).

ص: 218


1- تفسير العياشي 2 / 10 ح 10 (مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قرب الإسناد : 62 ح 198 (مسعدة بن صدقة الربعي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه يرفعه ، قال : الحيف في الوصية ...) وص 74 ح 237 (مسعدة بن صدقة عن جعفر ، عن أبيه يرفعه ، قال : الطاعم الشاكر ...).

رقم 346 (مج 7 ح 48) وكذا التهذيب 7 / 314 ح 1303 ، لكن هذا المورد ورد في الكافي 5 / 439 ح 10 عن طريق مسعدة بن صدقة ، فيحتمل كون الأصل : مسعدة ، ففسر في المصادر بتفسيرين مختلفين ، لكن مع ذلك فنفس تفسير مسعدة بمسعدة بن زياد العبدي يكشف عن وصفه به ، فافهم.

وكيف كان ، فلا ينبغي التأمل في تلقب مسعدة بن صدقة بالعبدي = العبقسي ، وقد قلنا بأن المحتمل قويا كون العبسي المذكور في رجال الشيخ : 306 رقم 4521 = 546 مصحفا منه ، والعبدي والعبقسي واحد ينسب إلى عبد القيس من ربيعة) وكذا مسعدة بن زياد ، واتحادهما في هذين اللقبين من قرائن الاتحاد.

أما القرينة السادسة :

فتفصيلها أنه ورد في فضائل الأشهر الثلاثة : 107 ح 101 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة الربعي ، عن الصادق جعفر بن محمد ، فيكشف ذلك عن وحدة الموصوف بالربعي ممن اسمه مسعدة في مشايخ هارون بن مسلم ، فلما أثبتنا تلقب مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد كليهما بالربعي كشف عن اتحادهما (1). ق.

ص: 219


1- وأما وصف مسعدة بن الفرج في الفهرست : 167 رقم 735 بالربعي ، فلو سلمناه - ولم نحتمل كونه لابن صدقة أو ابن زياد ورد في عنوان ابن الفرج سهوا - لم يضر بما ذكرنا ، إذ أن مسعدة بن الفرج لم يكن رجلا معروفا حتى تحتمل إرادته من مسعدة الربعي عند إطلاقه ، ويشهد على عدم معروفيته عدم وجداننا لروايته في شئ من الأسانيد مع الفحص الدقيق.

لا يقال :

لعل عدم ذكر والد مسعدة لم يكن للاشتهار ، بل للاعتماد على سند تقدم في مصدر كتاب الصدوق ، فإذا لم ينقل ذاك السند المتقدم حصل الإبهام.

فإنه يقال :

الأنسب - حينئذ - أن يقال : مسعدة ، بدون ذكر لقبه بالربعي ، فافهم.

هذا ما حصلنا عليه من قرائن اتحادهما ، والإنصاف أنها من حيث المجموع قرائن قوية.

وأما قرائن التغاير فأمران :

الأمر الأول :

إن الظاهر أن صدقة وزياد كلاهما اسم رجل ، وليسا بلقب ، وليس صدقة اسم امرأة ، فحينئذ لا يصح اتحاد مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد إلا بأن يكون أحدهما من باب النسبة إلى الجد والاختصار في النسب ، وهذا بعيد ، إذ إن حذف صدقة أو زياد - وهما من الأسماء الغريبة - من النسب خلاف قاعدة الاختصار.

أضف إليه ما ذكره في مقدمة قاموس الرجال : 14 (الفصل الثالث) أن «النسبة إلى جد مثل بابويه إنما يصح في التعبير عنه دون عنوانه لبيان نسبه ، لئلا يحصل الالتباس» ، فلا يصح النسبة إلى الجد في الكتب الرجالية ، وإنما يصح في الإسناد.

ص: 220

قلت :

ما ذكره في قاموس الرجال بالنسبة إلى عدم جواز الاختصار في عناوين كتب الرجال ، فيرد عليه أن هذا صحيح لو كان مؤلف كتاب الرجال عارفا بنسبه ومع ذلك تعمد الاختصار في النسب ، أما لو لم يكن عارفا بنسبه الكامل - لعدم التفاته إلى وقوع اختصار فيه ، أو لعدم علمه بنسبه مع التفاته إلى أصل الاختصار - بأن أخذ العنوان من الأسناد أو مما اشتهر على الألسن مما حذف فيه بعض آباء الراوي ، فلا جرم يكون العنوان في كتاب الرجال مشتملا على الاختصار ولا ضير فيه.

مثاله : عنوان «جعفر بن محمد بن قولويه» في فهرست الشيخ : 42 رقم 30 ورجاله : 458 رقم 5 مع كون نسبه الكامل : جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه كما في رجال النجاشي : 123 رقم 318 ، فإن الظاهر عدم معرفة الشيخ الطوسي بهذا النسب التام ، إذ لم يرد ذلك في شئ من الأسانيد والطرق ، وإنما أورده النجاشي في خصوص ترجمة جعفر بن قولويه ، وفي طرق النجاشي أيضا لم يرد نسبه الكامل ، فما تكرر من صاحب قاموس الرجال من الاعتراض على نظير ذلك في غير محله.

وأما أصل استبعاد الاختصار في عنوان مسعدة بن صدقة أو مسعدة ابن زياد فلا ننكره ، لكن نحتمل كون صدقة أو زياد من الرجال المعروفين في عصره بحيث صح نسبة حفيده إليه ، وفي مثل ذلك يصح حذف بعض الآباء من النسب وإن كانت أسماؤهم غريبة ، فافهم.

وكيف كان ، فقرينية هذا الأمر على التغاير مقبولة ، لكن الظاهر عدم مقاومتها لما ذكرنا من قرائن الاتحاد.

ص: 221

الأمر الثاني :

كلمات أئمة الرجال ، فالمستفاد منها أنهم كانوا يعدونهما اثنين لا واحدا ، بل يظهر منهم أن مسعدة بن صدقة كان عاميا بتريا ، ومسعدة بن زياد كان إماميا ، إذ ورد في رجال النجاشي في ترجمة مسعدة بن زياد : ثقة عين - من غير إشارة إلى فساد مذهبه - وقد أثبتنا في محله أن إطلاق لفظة «ثقة» يدل على صحة مذهب الراوي ، خصوصا في رجال النجاشي الذي

يتعرض لذكر مذهب الرواة أكثر من غيره.

وفي محاسبة النفس لابن طاووس : 14 «رأيت في كتاب مسعدة بن زياد من أصول الشيعة ...» .. فتأمل.

ويؤيد صحة مذهب مسعدة بن زياد ما ورد في الكافي 1 / 531 ح 8 بسنده عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين ... عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر ، أقبل يهودي من عظماء يثرب ... حتى رفع إلى عمر فقال له : يا عمر! إني جئتك أريد الإسلام ، فإن أخبرتني عما أسألك عنه ، فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه.

قال : فقال له عمر : إني لست هناك ، لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك - فأومأ إلى علي عليه السلام -.

فقال له اليهودي : يا عمر! إن كان هذا كما تقول ، فما لك ولبيعة الناس؟! وإنما ذاك أعلمكم ، فزبره!

ص: 222

ثم إن اليهودي قام إلى علي فقال له : أنت كما ذكر عمر؟

فقال : وما قال عمر؟ فأخبره ...

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : نعم ، أنا كما ذكر لك عمر ، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله.

قال : أخبرني عن ثلاث ، وثلاث ، وواحدة ... فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الأرض وأفضلهم وأولى الناس بالناس ...

ثم قال له اليهودي : أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها ، وهم مني ، وأما منزل نبينا ففي أفضلها وأشرفها ، جنة عدن ، وأما من معه في منزله فيها ، فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد. انتهى.

ولا يخفى أن التمسك بهذا الخبر ليس لمجرد رواية إمامة الاثني عشر حتى يقال بأن روايات العامة في كون الأئمة اثنا عشر نقلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرة جدا (1).

بل الوجه في نقل هذا الخبر ما يستفاد منه كون الأئمة من ولد أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وكون الإمامة حق أعلم الناس

ولا حق لغيره فيها ، وكون خلافة عمر في غير محلها .. إلى غير ذلك من ر.

ص: 223


1- أنظر : العمدة - لابن بطريق - : 416 - 423 ، نقلا عن الصحاح الستة ، ولاحظ أيضا : الغيبة - للنعماني - : 102 ، وص 116 - 127 «والروايات في هذا المعنى من طرق العامة كثيرة تدل على أن رسول الله يذكر الاثني عشر وأنهم خلفاؤه» ، كمال الدين : 270 ح 12 ، وص 273 ح 24 ، وص 279 ح 26 ، وص 280 ح 27 وح 29 ، وغير ذلك من المصادر.

وجوه الدلالة على المذهب الحق ، ويبعد جدا رواية راو لهذا الخبر مع عاميته ، فافهم.

وأما مسعدة بن صدقة ، فقد ورد في رواياته ما يفوح منه رائحة التقية فتؤيد عاميته ، ففي التهذيب 9 / 162 ح 665 بسنده عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : قال علي عليه السلام : لا وصية لوارث ، ولا إقرار

بدين ...

قال الشيخ في ذيله : ... فهذا الخبر ورد مورد التقية.

وفي التهذيب 6 / 168 ح 322 ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، قال : حدثني شيخ من ولد عدي ابن حاتم ، عن أبيه ، عن جده عدي بن حاتم - وكان مع علي عليه السلام في حروبه - أن عليا عليه السلام لم يغسل عمار بن ياسر رحمة الله عليه ولا هاشم بن عتبة - وهو المرقال - ، دفنهما في ثيابهما ، ولم يصل عليهما.

قال محمد بن الحسن : ما تضمن هذا الخبر في آخره أن عليا عليه السلام لم يصل عليهما وهم ... على أن هذا الخبر طريقه رجال العامة ، وفيهم من يذهب إلى هذا المذهب ، وما هذا حكمه لا يجب العمل به لأنه يجوز أن يكون ورد للتقية. انتهى.

والخبر أورده في التهذيب 1 / 331 ح 968 و 3 / 332 ح 1041 أيضا عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر (1) ، عن أبيه (آبائه) ، أن عليا ... وذكر الشيخ في ذيله أن قوله : «ولم يصل عليهما» وهم من الراوي ، وقد ذكر في المورد الثاني : ويجوز أن يكون الوجه فيه أن العامة يروون عن أمير ظ.

ص: 224


1- من المحتمل أن يكون الأصل في رواية مسعدة بن صدقة تلك الرواية المرسلة ، فوقع السهو ، فنسب ذلك إلى الصادق عليه السلام نظرا إلى كثرة روايته عنه عليه السلام ، فلاحظ.

المؤمنين عليه السلام ذلك فخرج هذا موافقا لهم (1).

والظاهر من قوله قدس سره : «وهذا الخبر طريقه طريق العامة» كون مسعدة ابن صدقة عاميا ، إذ ليس في السند من يمكن القول بعاميته - ممن يتضح حاله ولم يكن راويا مبهما - غيره ، فتأمل.

هذا غاية التقريب لهذا الوجه ، لكن الظاهر إمكان الجواب عنه ..

أما ورود رواية واحدة أو روايات قليلة عن مسعدة بن صدقة مورد التقية ، فلا شهادة له على عاميته ، خصوصا مع كونه في محيط العامة ، محشورا معهم ، ولذلك يعبر عن الصادق عليه السلام باسمه ، ويوصل السند منه إلى النبي صلى الله عليه وآله أو أمير المؤمنين عليه السلام ، فيمكن أن تكون التقية ممن كان محشورا لمسعدة بن صدقة من العامة لا نفسه.

وقد يظهر من جملة من روايات مسعدة بن صدقة كونه صحيح المذهب ، إذ روى ما يشهد بصحة مذهبنا مما يبعد نقل العامة له.

ففي شواهد التنزيل 1 / 356 ح 368 - نقلا عن تفسير العياشي - بسنده عن مسعدة بن صدقة ، بسنده عن زيد بن أرقم ، قال : إن جبرئيل الروح الأمين نزل على رسول الله بولاية علي بن أبي طالب عشية عرفة ، فضاق بذلك رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق ...

فقال له جبرئيل : أجزعت من أمر الله؟!

فقال : كلا يا جبرئيل ، لكن قد علم ربي ما لقيت من قريش ، إذ لم ق.

ص: 225


1- أورد الخبر في الإستبصار 1 / 469 ح 1811 وقد ذكر قدس سره في ذيله : ويجوز أن يكون الوجه فيه حكاية ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، فكأنه عليه السلام قال : إنهم يروون عن علي عليه السلام أنه لم يصل عليهما وذلك خلاف الحق.

يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني ، فكيف يقرون لعلي من بعدي؟! فانصرف عنه جبرئيل ، فنزل عليه : (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) (1).

وفي خبر آخر لمسعدة (بن صدقة) (2) يرويه بسنده عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : إن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيدي يوم غدير خم فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهل رأيت (3) احتملوا ذلك إلا من عصمهم الله منهم؟! ألا فأبشروا ثم أبشروا ، فإن الله قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمؤمنين بما احتملتم من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله.

وفي قرب الإسناد : 9 ح 30 بسنده عن مسعدة بن صدقة ، قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن إبليس عدو الله رن أربع رنات : يوم لعن ، ويوم أهبط إلى الأرض ، ويوم بعث النبي صلى الله عليه وآله ، ويوم الغدير.

وفي ص 78 ح 254 وح 255 (4) بسنده عن مسعدة بن صدقة ، قال : حدثنا جعفر ، عن آبائه ، أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (5) قام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا ، فهل 3.

ص: 226


1- سورة هود 11 : 12.
2- تفسير فرات : 55 ح 14 ، بشارة المصطفى : 148 ، مصرحا بمسعدة بن صدقة ، والمراد من مسعدة هو ابن صدقة ، إذ رواه عنه فرج بن فروة أيضا (أنظر : تفسير فرات : 364 ح 494 ، وص 425 ح 561 ، التوحيد : 48 ح 13 ، الكافي 5 / 4 ح 6 ، - عنه التهذيب 6 / 123 ح 216 - 8 / 63 ح 22 بزيادة في السند).
3- أضاف في تفسير فرات بعده : المؤمنون ، والظاهر : المؤمنين ، بالنصب.
4- هو ذيل لما قبله ، فلا يحسن جعل رقم مستقل له.
5- سورة الشورى 42 : 23.

أنتم مؤدوه ... فقالوا : أما هذه فنعم.

فقال أبو عبد الله : فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر : سلمان ، وأبو ذر ، وعمار ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، ومولى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له : ثبيت ، وزيد بن أرقم.

وفي ص 77 ح 250 بسنده عن مسعدة بن صدقة ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن آبائه ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وإن أئمتكم وفدكم إلى الله ، فانظروا من توفدوا (1) في دينكم وصلاتكم.

وفي كمال الدين : 302 ح 11 بسنده عن هارون بن مسلم عن (2)

سعدان ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، أنه قال في خطبة له على منبر الكوفة : اللهم لا بد لأرضك من حجة لك على خلقك ، يهديهم إلى دينك ، ويعلمهم علمك ، لئلا تبطل حجتك ، ولا يضل أتباع أوليائك بعد إذ هديتهم به ، إما ظاهر ليس بالمطاع ، أو مكتتم مترقب ، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم ، فإن علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة ، فهم بها عاملون.

وهناك بعض الروايات في شأن أهل البيت عليهم السلام وعظم منزلتهم عن مسعدة يمكن جعلها مؤيدة لعدم عاميته.

ففي تفسير العياشي 1 / 5 ح 9 عن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن ، وقطب جميع -.

ص: 227


1- كذا.
2- الظاهر : بن - بدل عن -.

الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن ، وبها نوهت الكتب ويستبين الإيمان ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتدى بالقرآن وآل محمد ، وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها : إني تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر ، والثقل الأصغر ، فأما الأكبر فكتاب ربي ، وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي ، فاحفظوني فيهما ، فلن تضلوا ما تمسكتم بهما (1).

وفي بعض روايات مسعدة بن صدقة بعض التعابير عن الشيعة قد يظهر منها كونه منهم.

ففي تفسير العياشي 2 / 263 ح 43 : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قوله : (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشو) إلى : (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) (2) ، ف (النحل) : الأئمة ، و (الجبال) : العرب ، و (الشجر) : الموالي عتاقه ، و (مما يعرشون) يعني : الأولاد والعبيد ممن لم يعتق ، وهو يتولى الله ورسوله والأئمة ، والثمرات المختلف ألوانه : فنون العلم الذي قد يعلم الأئمة شيعتهم ... وإنما الشفاء في علم القرآن ... وأهله : الأئمة الهدى الذين قال الله : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (3) (4).

فعليه : فمن القريب القول بكون مسعدة بن صدقة من الخاصة لكن كان يستعمل التقية فنسبوه إلى العامة ، وقد أشير في جملة من رواياته إلى 9.

ص: 228


1- أنظر أيضا : الغيبة - للنعماني - : 314 ح 6 ، تفسير فرات : 425 ح 561 ، بشارة المصطفى : 93 (عنه بحار الأنوار 39 / 280).
2- سورة النحل 16 : 68 و 79.
3- سورة فاطر 35 : 32 ، وانظر أيضا : تفسير القمي 1 / 176.
4- كذا في التفسير ، والظاهر أن فيه خلطا ، إذ أن التفسير يتعلق بالآية 69 وليس 79.

لزوم التقية.

ففي قرب الإسناد : 78 ح 253 - في جملة روايات مسعدة بن صدقة - قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها ، وإلى أسرارنا كيف حفظهم لها عن عدونا ...

وفي الكافي 1 / 401 ح 2 بسنده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة ابن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام (1) فقال : والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما ، فما ظنكم بسائر الناس؟! وإن علم العلماء صعب مستصعب ، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه إلى الإيمان (2).

تبقى كلمات أئمة الرجال ، إذ يظهر منها تغاير المسعدتين ، لكن يمكن القول بأنهم لم يقفوا على قرائن الاتحاد وإلا لما حكموا بتغايرهما ، خصوصا مع استعمال ابن صدقة للتقية فحسبوه عاميا فيكون مغايرا لابن زياد الإمامي لا محالة.

هذا جميع ما حصلت عليه من قرائن الاتحاد وعدمه ، والإنصاف أن قرائن الاتحاد أقوى ، فلا يبعد القول بذلك وإن كان الجزم به مشكل أيضا ، والله أعلم بحقائق الأمور.

* * * 1.

ص: 229


1- أورد صدر الخبر في رجال الكشي : 17 رقم 40 بسنده عن محمد بن علي الحداد ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : ذكرت التقية يوما عند علي عليه السلام فقال : إن علم أبو ذر ... الخبر.
2- أنظر : الكافي 2 / 168 ح 1.

الخاتمة

ينبغي التنبيه على أمرين :

الأول :

ورد في جملة من الأسانيد : مسعدة - مطلقا - من غير قيد ، فيجب تعيين المراد منه ، والأمر واضح لو بنينا على اتحاد مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد ، إذ إرادة غير هذين العنوانين من مسعدة بعيدة جدا لعدم اشتهار غيرهما ، بل لم نجد موردا ثبت التعبير عن غيرهما بعنوان مسعدة ولو اعتمادا على سند متقدم.

وأما بناء على التغاير فيشكل الأمر لاتحادهما في الراوي - وهو هارون بن مسلم - والمروي عنه - وهو الصادق عليه السلام - في أكثر الأسانيد ، فحينئذ لو كان اسم والد مسعدة مذكورا في سند متقدم وكان حذفه اعتمادا عليه فالأمر سهل ، وإلا لو وجدنا هذه الرواية في موضع آخر عن مسعدة مع ذكر والده فيمكن القول بإرادته من مسعدة المطلق.

مثلا : ورد في الكافي 4 / 64 ح 11 (1) رواية عن مسعدة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وبعده في ص 12 : وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام ، والخبران رواهما في المحاسن : 72 ح 148 وح 149 وقد صرح في أوله باسم مسعدة بن صدقة (2). .

ص: 230


1- وكذا في فضائل الأشهر الثلاثة : 121 ح 123 وهو مأخوذ من الكافي.
2- لاحظ : الفقيه 2 / 10 ح 1586 (قسه مع الكافي 3 / 505 ح 13) ، المحاسن : 585 ح 81 (قسه مع الكافي 6 / 302 ح 2) ، تفسير فرات : 55 ح 14 (قسه مع بشارة المصطفى : 148) ، أعلام الدين : 235 (قسه مع الكافي 8 / 149 ح 130 ، وص 150 ح 132 ، وقرب الإسناد : 64 ح 208 ، وص 66 ح 210).

ثم إنه ورد في الكافي 1 / 383 ح 4 رواية يعقوب بن يزيد ، عن مصعب (1) ، عن مسعدة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام. ل.

ص: 231


1- الظاهر أن المراد من مصعب : هو مصعب بن يزيد ، وقد روى يعقوب بن يزيد عنه في الخصال : 424 ح 26 عن مصعب بن يزيد ، عن العوام بن الزبير ، قال : قال أبو عبد الله : يقبل القائم في خمسة وأربعين رجلا ... وهو كخبر الدلائل في ظهوره عجل الله تعالى فرجه وعدد أصحابه. ثم إنه ينبغي التنبيه هنا على أن مصعب بن يزيد هذا هو الذي ترجم له النجاشي في رجاله : 419 رقم 1122 مع لقب الأنصاري ونسب إليه كتابا ، وقد رواه بطريقه عن أحمد بن محمد بن سعيد [وهو ابن عقدة ، المولود 249 ، والمتوفى 332 كما في تاريخ بغداد 5 / 22 وص 23] قال : حدثنا محمد بن أحمد القلانسي ، قال : حدثنا علي بن الحسن الطويل ، عن مصعب بن يزيد بكتابه. وقد ورد في الكافي 2 / 106 ح 3 رواية محمد بن أحمد النهدي ، عن مصعب ابن يزيد ، عن العوام بن الزبير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من رق وجهه رق علمه ، (ومحمد بن أحمد النهدي متحد مع محمد بن أحمد القلانسي ، فيحتمل وقوع سقط فيه ، وقد روى محمد بن أحمد النهدي عن يعقوب بن يزيد في الكافي 4 / 532 ح 5 ، 5 / 92 ح 5 ، وص 124 ح 10 فلاحظ) وفي قصص الأنبياء - للراوندي - : 83 ح 70 بسنده عن ابن أورمة [وهو محمد بن أورمة والراوي عنه الحسين بن الحسن بن أبان : 76 ح 59] ، حدثنا مصعب بن يزيد ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : جاء نوح عليه السلام إلى الحمار ... ومصعب بن يزيد هذا غير من وردت روايته في كتاب الزكاة من التهذيب 4 / 120 ح 343 ، والاستبصار 2 / 53 ح 178 ، والفقيه 2 / 48 ح 1667 ، وفي مشيخة الفقيه 4 رقم 480 قال : وما كان فيه عن مصعب بن يزيد الأنصاري - عامل أمير المؤمنين عليه السلام - فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ، عن سعد بن عبد الله [ومنه يبتدئ سند التهذيبين ، والظاهر أخذه فيهما وفي الفقيه عن كتاب سعد] عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن إبراهيم بن عمران الشيباني ، عن يونس بن إبراهيم ، عن يحيى بن أبي الأشعث الكندي ، عن مصعب بن يزيد الأنصاري ، قال : استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على أربع رساتيق المدائن ... وجه تغاير الرجلين : أن مصعب بن يزيد - المذكور في الإسناد ، والمترجم في النجاشي - هو في طبقة علي بن الحكم ، كما يظهر من روايته عن الصادق عليه السلام بواسطة أو واسطتين - وعلي بن الحكم كذلك في أكثر الإسناد - ومن طبقة رواته - ومنهم يعقوب بن يزيد الراوي عن علي بن الحكم في الغيبة للطوسي : 422 (أنظر : الخرائج : 795) - ويلزم بناء على اتحاد عنواني مصعب بن يزيد رواية علي بن الحكم عن معاصره بثلاث وسائط ، وهو بعيد جدا. ولا يفرق الحال بين أن نقول بكون مصعب بن يزيد هو عامل أمير المؤمنين عليه السلام أو بكون عامله عليه السلام والد مصعب بن يزيد كما هو الصحيح ، وقد نبه عليه في مجلة الفقه - بالفارسية - (أنظر : العدد 13 ص 207 مقال «دور التاريخ في علم الرجال»). وهناك وجوه أخرى لإثبات التغاير ، لا نطيل الكلام بذكرها ، ونشير إلى واحد منها ، وهو أن راوي مصعب بن يزيد المذكور في المشيخة - أي يحيى بن أبي الأشعث - هو من كبار أصحاب الصادق عليه السلام يروي عنه محمد بن إسحاق ، المتوفى 150 وطبقته (الجرح والتعديل 9 / 129 رقم 548) فهو متأخر عن رواة مصعب بن يزيد المذكور في النجاشي كيعقوب بن يزيد بطبقتين - على الأقل - فلو كان مصعب ابن يزيد هذا حفيد مصعب بن يزيد ذاك ، لم يكن ببعيد. وكيف كان ، فقد علق سيدنا - دام ظله - على المشيخة تعليقة مبسوطة ، أثبت فيها كون يونس بن إبراهيم - المكتوب «أرقم» - مصحفا من يونس بن أرقم المذكور في كتب رجال العامة والأسانيد ، ولا مجال لذكرها في هذا المقال.

وقد ورد خبر آخر في دلائل الإمامة بسند آخر عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، ومضمون الخبرين في حالات الأئمة عليهم السلام فلا يبعد كون المراد من مسعدة في الكافي أيضا هو مسعدة بن صدقة.

الثاني :

قد تقدم أن في روايات مسعدة بن صدقة ومسعدة بن زياد وقع التعبير عن أبي عبد الله عليه السلام بلفظ جعفر (بن محمد) غالبا في أكثر

ص: 232

المصادر ك : قرب الإسناد وغيره ، لكن لم يرد كذلك في الكافي إذ ورد في

روايتهما فيه لفظ أبي عبد الله عليه السلام.

والتعبير بلفظ «جعفر» نادر ، لم يرد في روايات مسعدة بن صدقة - مثلا - إلا في خمسة موارد (1) ، فيما وردت رواياته عن أبي عبد الله عليه السلام بكنيته الشريفة في 64 موردا (2) ، بينما انعكس الأمر في قرب الإسناد - مثلا - فورد «جعفر بن محمد» في 85 موردا ولم يرد التعبير عنه عليه السلام بأبي عبد الله إلا في 16 موردا (3).

والظاهر كون العبارة المذكورة في كلام مسعدة بن صدقة في الأغلب هو اسمه الشريف ، وتغييره بالكنية كان من قبل الكليني ، إذ لا يوجد وجه لتغيير الكنية إلى الاسم ، وأما العكس فوجهه معلوم إذ التعبير بالاسم في زمن صدور الروايات لم يكن مذموما ، خصوصا في أماكن العامة ، وأما في زمن الكليني فصار هذا التعبير موهنا ، فلم ير الكليني بدا من تغييره.

وهذا الأمر ليس مقصورا في روايات مسعدة بن صدقة ، بل الأمر كذلك في روايات غيره أيضا ، فالسكوني - مثلا - يعبر عن الصادق عليه السلام باسمه في المصادر ، بينما وردت رواياته في الكافي - في الأغلب - بلفظ أبي عبد الله عليه السلام.

والسر ما عرفت من كون التعبير عنه عليه السلام بلفظ «جعفر» موهنا في 3.

ص: 233


1- الكافي 1 / 57 ح 1 ، 4 / 39 ح 3 ، وص 44 ح 1 ، وص 45 ح 5 ، 5 / 89 ح 3 وفي المطبوعة : «عن أبي جعفر» وهو سهو.
2- أنظر : سائر موارد روايات مسعدة بن صدقة في معجم الرجال 18 / 414 و 415.
3- قرب الإسناد : 4 ح 9 وح 10 ، وص 6 ح 18 ، وص 7 ح 20 وح 21 ، وص 10 ح 31 ، وص 47 - 48 ح 154 - 156 ، وص 72 - 73 ح 231 وح 234 - 236 ، وص 77 - 78 ح 251 - 253.

زمن الكليني ، ولهذه العلة أيضا ترى أن الصدوق يعبر عنه عليه السلام بلقبه الصادق - مجردا أو مع اسمه أو كنيته -.

فقد ورد في الفقيه هذا اللقب الشريف في ما يقرب من 670 موردا بينما لم يرد هذا اللقب في الكافي - مثلا - إلا في 5 موارد (1).

وقد ورد هذا اللقب في روايات مسعدة بن صدقة أو مسعدة بن زياد أو مسعدة في كتب الصدوق كثيرا (2) ، ولم يرد في غيرها إلا نادرا (3) ، فلا ينبغي التأمل في كون التعبير عنه عليه السلام بلقبه الصادق في جل الموارد من قبل الصدوق قدس سره.

والحاصل : إن للعثور على العبارة الأصلية للرواة عنه عليه السلام يجب الرجوع إلى غير الكافي وكتب الصدوق ، فإن الكليني والصدوق قدس سرهما يبدلان العبارة - أيما كانت - بالكنية أو اللقب.

والآن ، حان الوقت لأن نختم الكلام في هذه الرسالة حامدين لله ، مصلين على نبيه وآله ، وقد وقع الفراغ من تبييض هذه الرسالة في ليلة السابع من شهر محرم الحرام في سنة 1419 ه بيد كاتبها العبد الفقير إلى الله الغني السيد محمد جواد الشبيري. د.

ص: 234


1- الكافي 1 / 474 ح 5 ، 2 / 18 ح 4 ، 3 / 552 ح 10 ، 6 / 186 ح 4 ، وص 538 ح 6.
2- الفقيه 2 / 10 ح 1586 ، وص 71 ح 1762 ، 3 / 292 ح 4048 ، الأمالي - للصدوق - مج 9 ح 2 ، ومج 23 ح 3 وح 5 ، ومج 36 ح 8 ، ومج 48 ح 5 ، ومج 49 ح 7 ، ومج 50 ح 1 ، ومج 85 ح 22 ، علل الشرائع : 232 ح 1 ، وص 246 ح 1 ، معاني الأخبار : 299 ح 56 ، ثواب الأعمال : 50 ح 1 ، وص 197 ح 5 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 107 ح 101 ، صفات الشيعة : 30 ح 42.
3- كما في الإرشاد 1 / 291 ، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 6 / 398 ، كفاية الأثر : 264 ، إرشاد القلوب : 405 - والخبر فيهما واحد - ، محاسبة النفس : 14 ، ووقوع التغيير في هذه الموارد من قبل الرواة والمصنفين أيضا في التعبير عنه عليه السلام غير بعيد.

المصادر والمراجع

1 - الإحتجاج ، لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (القرن السادس) ، انتشارات أسوة / قم ، 1413.

2 - الإختصاص ، المنسوب إلى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (336 - 413) ، مكتبة الصدوق / طهران ، 1379.

3 - اختيار الرجال [المطبوع باسم اختيار معرفة الرجال ، وهو اختيار الشيخ الطوسي (385 - 460) من رجال أبي عمرو الكشي وهو المراد من رجال الكشي في البحث] ، جامعة الإلهيات والمعارف الإسلامية / مشهد ، 1348 ه. ش.

4 - الإرشاد ، للشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان (336 - 413) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1413.

5 - إرشاد القلوب ، للحسن بن أبي الحسن الديلمي (القرن الثامن) ، منشورات الرضي / قم ، 1398.

6 - الإستبصار ، للشيخ الطوسي محمد بن الحسن (385 - 460) ، دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1390.

7 - الاشتقاق ، لمحمد بن الحسن بن دريد (223 - - 321) ، مكتبة المثنى / بغداد ، 1399.

8 - أعلام الدين ، للحسن بن أبي الحسن الديلمي (القرن الثامن) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1408.

9 - الأمالي ، للشيخ الطوسي ، مؤسسة البعثة ، دار الثقافة / قم ، 1414.

10 - الأمالي ، للشيخ الصدوق ، محمد بن علي بن بابويه (حدود 306 - 381).

11 - الأمالي ، للشيخ المفيد ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1403.

12 - الأنساب ، للسمعاني عبد الكريم بن محمد (506 - 562) ، دار الكتب العلمية / بيروت ، 1408.

ص: 235

13 - بحار الأنوار ، للمولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1037 - 1110) ، دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1380.

14 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، لمحمد بن أبي القاسم الطبري (القرن السادس) ، المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف ، 1383.

15 - بصائر الدرجات ، لمحمد بن الحسن الصفار (ت 290) ، نشره الحاج محمود الرسيمانچي الصادقي / تبريز ، 1381. (اعتمدنا على مخطوطاته).

16 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت (392 - 463) ، دار الكتاب العربي / بيروت ، أوفست على طبعة مطبعة السعادة / القاهرة ، 1350.

17 - التاريخ الكبير ، للبخاري محمد بن إسماعيل (194 - 256) ، دار الكتب العملية / بيروت ، 1407.

18 - تجريد أسانيد الكافي ، لآية الله العظمى البروجردي (1292 - 1380) ، باهتمام الحاج الميرزا مهدي الصادقي / قم ، 1409.

19 - تحف العقول ، لابن شعبة الحسن بن علي (القرن الرابع) مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1404.

20 - ترتيب أسانيد الكافي ، لآية الله العظمى البروجردي (1292 - 1380) ، مجمع البحوث الإسلامية / مشهد ، 1414.

21 - تفسير العياشي ، لمحمد بن مسعود (القرن الرابع) ، المكتبة العلمية الإسلامية / طهران ، 1381.

22 - تفسير فرات الكوفي ، مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي / طهران ، 1410.

23 - تفسير القمي ، المنسوب إلى علي بن إبراهيم القمي (كان حيا سنة 307) - والظاهر أنه لعلي بن حاتم القزويني - ، مؤسسة دار الكتاب / قم ، 1404.

24 - التنزيل والتحريف (القراءات) ، للسياري أحمد بن محمد (مخطوط).

25 - تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي ، دار الكتب الإسلامية / النجف الأشرف ، 1379.

26 - التوحيد ، للشيخ الصدوق ، مكتبة الصدوق / طهران ، 1391.

ص: 236

27 - جامع الأحاديث ، لجعفر بن أحمد القمي (القرن الرابع) ، مجمع البحوث الإسلامية / مشهد ، 1413.

28 - الجرح والتعديل ، لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (240 - 327) ، دار إحياء التراث العربي / بيروت ، (من مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية / حيدرآباد الدكن ، 1371).

29 - جمهرة أنساب العرب ، لابن حزم الأندلسي علي بن أحمد (384 - 456) ، دار الكتب العلمية / بيروت ، 1403.

30 - جمهرة النسب ، لهشام بن محمد الكلبي (ت 204) ، عالم الكتب / بيروت ، 1407.

31 - الحجة على إيمان أبي طالب ،

32 - الخرائج والجرائح ، لقطب الدين الراوندي سعيد بن هبة الله (ت 573) ، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام / قم ، 1409.

33 - الخصال ، للشيخ الصدوق ، مكتبة الصدوق / طهرن ، 1389.

34 - دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي (ت 363) ، دار المعارف / القاهرة ، 1383.

35 - دلائل الإمامة ، المنسوب إلى محمد بن جرير الطبري الإمامي (القرن الخامس) ، مؤسسة البعثة / قم ، 1413.

36 - رجال البرقي ، المنسوب إلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي والنسبة غير صحيحة والظاهر أنه لحفيده أحمد بن عبد الله البرقي ، مطبعة جامعة طهران ، 1383.

37 - الرجال ، للشيخ الطوسي ، المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف ، 1381 ، وطبعة مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1415.

38 - رجال الكشي = اختيار الرجال.

39 - رجال النجاشي ، لأبي العباس أحمد بن علي (372 - 450) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1407.

40 - الرجعة ، مطبوع باسم «مختصر البصائر» ، وهو كتاب في موضوع الرجعة

ص: 237

وغيرها ألفه الحسن بن سليمان الحلي (كان حيا سنة 802) ، وقد أخذ أوائلها عن «مختصر البصائر» لسعد بن عبد الله.

41 - رسالة أبي غالب الزراري وأحمد بن محمد (285 - - 368) ، مركز البحوث والتحقيقات الإسلامية / قم ، 1411.

42 - السرائر ، لمحمد بن إدريس (ت 598) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1411.

43 - شرح نهج البلاغة ، لعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني (586 - 656) ، إسماعيليان / طهران (من نشر دار إحياء الكتاب العربي / بيروت 1378).

44 - شواهد التنزيل ، للحاكم الحسكاني عبيد الله بن عبد الله (القرن الخامس) ، مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي / طهران ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية / قم ، 1411.

45 - صفات الشيعة ، للشيخ الصدوق.

46 - طب الأئمة عليهم السلام ، لابنا بسطام بن سابور الحسين وعبد الله ، (القرن الثالث) ، المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف ، 1385.

47 - طب النبي صلى الله عليه وآله ، لجعفر بن محمد المستغفري (350 - 432) ، المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف ، 1385.

48 - الطبقات ، لخليفة بن خياط (160 - 240) ، دار الفكر / بيروت ، 1414.

49 - عقاب الأعمال (المطبوع مع ثواب الأعمال).

50 - علل الشرائع ، للشيخ الصدوق ، دار البلاغة (من مطبعة النجف الأشرف ، 1386).

51 - عمدة صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ، ليحيى بن الحسن الأسدي الحلي المعروف بابن البطريق (533 - 600) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1407.

52 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق.

53 - الغايات ، لجعفر بن أحمد القمي (القرن الرابع) ، طبع مع «جامع

ص: 238

الأحاديث».

54 - الغيبة ، للشيخ الطوسي ، مؤسسة المعارف الإسلامية / قم ، 1411.

55 - الغيبة ، للنعماني محمد بن إبراهيم (ت بعد 342) ، مكتبة الصدوق / طهران.

56 - فضائل الأشهر الثلاثة ، للشيخ الصدوق ، مطبعة الآداب / النجف ، 1396.

57 - الفقيه = كتاب «من لا يحضره الفقيه».

58 - الفهرست ، للشيخ الطوسي ، المكتبة المرتضوية / النجف ، 1356.

59 - قاموس الرجال ، لآية الله الشيخ محمد تقي التستري (1320 -) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1410.

60 - قرب الأسناد ، لعبد الله بن جعفر الحميري (القرن الثالث) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لأحياء التراث / قم ، 1413.

61 - قصص الأنبياء ، لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573) ، مجمع البحوث الإسلامية / مشهد ، 1409.

62 - الكافي ، لمحمد بن يعقوب الكليني (ت 328 أو 329) ، دار الكتب الإسلامية / طهرن ، 1375.

63 - الكامل في الضعفاء ، لعبد الله بن عدي الجرجاني (277 - 365) ، دار الفكر / بيروت ، 1409.

64 - كامل الزيارات ، لجعفر بن محمد بن قولويه (ت 369).

65 - كتاب المجروحين ، لمحمد بن حبان التميمي (ت 354) ، دار المعرفة / بيروت ، 1412.

66 - كفاية الأثر ، لعلي بن محمد بن علي الخزاز الرازي (أواخر القرن الرابع) ، منشورات بيدار / قم ، 1401.

67 - كمال الدين ، للشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1405.

68 - لسان الميزان ، لابن حجر العسقلاني أحمد بن علي (773 - 852) ، دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي / بيروت ، 1416.

69 - مجلة الفقه ، يصدرها مكتب الإعلام الإسلامي بقم ، الرقم 13 ، 1376.

ص: 239

70 - محاسبة النفس ، للسيد علي بن طاووس (589 - 664) ، المكتبة المرتضوية / النجف الأشرف ، 1392.

71 - المحاسن ، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 374 أو 380) ، دار الكتب الإسلامية / طهران ، 1370.

72 - مستطرفات السرائر = السرائر.

73 - المعارف ، لعبد الله بن مسلم المعروف بابن قتيبة (213 - 276) ، مطبعة دار الكتب ، 1960 م.

74 - معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق ، مكتبة الصدوق / طهران ، 1379.

75 - معجم رجال الحديث ، لآية الله العظمى الخوئي (1332 - 1413) ، منشورات مدينة العلم / قم ، (الطبع في بيروت ، 1403).

76 - مكارم الأخلاق ، للحسن بن الفضل الطبرسي (القرن السادس) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1414.

77 - من لا يحضره الفقيه (ومشيخته) ، للشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم ، 1404.

78 - نزهة الناظر ، للحسين بن محمد الحلواني (القرن الخامس) ، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام / قم.

79 - النسب ، لأبي عبيد القاسم بن سلام (154 - 224) ، دار الفكر / بيروت ، 1410.

80 - نهاية الإرب ، لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري (677 - 733) نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب.

81 - وسائل الشيعة (= تفصيل وسائل الشيعة) ، للشيخ الحر العاملي ، محمد ابن الحسن ، (1033 - 1104) ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم ، 1409 - 1412.

ص: 240

دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الإسلامية

السيد ثامر هاشم العميدي

دوره في الحديث الشريف وعلومه

الكلام عن دور الشيخ الطوسي قدس سره في الحديث الشريف وعلومه يقتضي التذكير بما في تاريخه.

فنقول :

في تاريخ رواية الحديث وتدوينه موقفان متعارضان ، خلاصتهما : الحظر الرسمي على تدوين الحديث وروايته من قبل السلطة الحاكمة بعد غياب الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة.

ومقاومة هذا الحظر بكل قوة وصلابة من قبل أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم وجملة من الصحابة ، والعمل بجد وإخلاص على تقويضه.

وقد كتب الكثير عن هذين الموقفين ، كما ظهرت دراسات علمية قيمة حول الموضوع أشبعته بحثا وتمحيصا ، حتى صار تناوله من جديد مكررا ومملا.

ص: 241

وقبل طي صفحاته ، نود الإشارة السريعة إلى خطأ ما قد يتصور من انتهاء سلبية الموقف الحكومي الشاذ بعد عهد عمر بن عبد العزيز الأموي (ت 101 ه) ، الذي أوعز - في فترة سلطته - إلى أبي بكر محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري الخزرجي (ت 120 ه) بكتابة الحديث خوفا من اندراسه ، لما رأى تعسف آبائه وقادته وأسلافه ، وسعيهم الجاد في محاولة انطماسه ، وذلك ببقاء سلبية الموقف الرسمي وتحكم شذوذه واستمرار أهدافه وأغراضه حتى بعد رفعه ، وبصورة جلية ، وشكل علني واضح وصريح.

وغاية ما حصل هو أن تحول الحظر العام - لأجل نمط معين من الأحاديث ، أو لتمرير الأخطاء الفاحشة في الإفتاء على المسلمين دون رقيب وحافظ للسنة ، لكي لا يلوح بها في وجه السلطة ويصحح أخطاءها بما عنده من حديث ، أو لكليهما معا - إلى حظر خاص استهدف ذلك النمط من الأحاديث بعينه.

وهكذا أصبحت النظرية السياسية في الحكم التي جاءت بها السقيفة ، وثقف الحظر عقول الناس بها مؤصلة في الحظر الخاص بتدوين ما يخدم أصولها ، ويضفي عليها الشرعية ، ويمنحها القدسية ، ويرفع من شأن قادتها إلى مستوى الاعتقاد بحجية أقوالهم! مع عدم الاكتراث بما عند أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من مدونات حديثية سبقت انفتاحهم على التدوين ، إذ لم تشهد قط فترة انقطاع تفصلها عن مصدر ومعين الحديث الثر ، كل ذلك لتشتيت مبدأ النص والتعيين ، تارة بتطويق أنصاره ، وأخرى بإخراج أخبارهم من فلك التدوين.

بينما كان المنطق والعقل السليم يفرضان على مدوني تلك الفترة أن

ص: 242

يزهدوا في ند الحديث ويتركوه ، ويسعوا إلى الأمين الحريص على السنة المطهرة فيتبعوه ، لكنهم - مع الأسف - قلبوا المعادلة رأسا على عقب! فلم يحفظوا عن أهل بيت نبيهم إلا القليل ، بينما حفظوا عن غيرهم الشئ الكثير ، وكأنهم أمروا بذلك فاقتدوا.

لقد دونوا لأبي هريرة وحده 5374 حديثا ، بينما دونوا من أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام 536 حديثا فقط ، ثم ضعفوا منها 486 حديثا ، واعترفوا بصحة 50 حديثا ، وعلى هذا يكون ما سمعه الوصي من النبي صلى الله عليهما في ثلاث وعشرين سنة أقل من عشر ما سمعه أبو هريرة في ثلاث سنين!! وأين (شيخ المضيرة) من علي؟!

ودونوا لصاحبة الجمل الأدب 2210 أحاديث ، بينما دونوا لبضعة النبي ومهجته صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، ولسبطي الرحمة وإمامي الهدى الحسن والحسين عليهما السلام 39 حديثا فقط!! منها 18 حديثا

للزهراء عليها السلام - اعترفوا بصحة تسعها وضعفوا الباقي - و 13 حديثا للإمام الحسن عليه السلام ، و 8 أحاديث للإمام الحسين عليه السلام (1).

وليتهم ساووا في التدوين بينهم وبين عدوهم ، ففي المعجم الكبير للطبراني أحصيت لمعاوية بن أبي سفيان 253 حديثا مع المكرر (2) ، هذا مع أن معاوية الباغي من مسلمة الفتح ، وفاطمة عليها السلام كانت - على حد تعبيرهم - راشدة مع أبيها صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين!! ي.

ص: 243


1- ما ذكرناه من استقراءات تجده في الكثير من تراجمهم بكتب العامة ، وقد جمعها واحد من فضلائهم ، وهو الأستاذ مروان خليفات الأردني بعد ركوبه سفينة النجاة. أنظر : كتابه وركبت السفينة الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان : ضياع السنة.
2- أنظر : المعجم الكبير ، الأحاديث من 679 إلى 932 فكلها من رواية الباغي.

وأين الباغي الحقير من أهل الكساء وآية التطهير؟!

وهكذا تراهم قد أساؤوا أبلغ الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، لأن صنيعهم هذا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرجع أمته إلى من ضيعوا سنته ولم يحفظوا منها إلا القليل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع!!

وبهذا يتأكد لكل منصف بأن ما يسمى بعصر الانفتاح عند العامة بعد عهد عمر بن عبد العزيز عاد انغلاقا ، وصار رفع الحظر على التدوين قيدا جديدا على تدوين الحديث ، حتى انفرط بذلك عقده ، وضاعت عليهم جواهره ، بعد هجرهم الأمين الحريص عليه وترك أخباره ، وتكذيب أنصاره ، وطمس آثاره.

وهذا هو الواقع المر الذي مارسه مدونوا تلك الفترة - وقد أشرنا لليسير الدال عليه - وكان من نتائج تدوينهم العليل - زيادة على ما مر - أن تورمت دواوينهم الحديثية بكل غث وهزيل ، وابتليت بكمه الهائل أجيال من الأمة ، ولا زالت النفوس المريضة والعقول المتحجرة - على ما يقوله أحد قادة الفكر الأحرار من علماء الحديث عند العامة - ترزح تحت وطأته وهي تحسبه أصح من الصحيح مع أن فيه من الأضغاث الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان ما يحير الألباب ويدهش العقول (1).

ولعل السبب المعقول وراء بقاء ذلك الموقف الشاذ من السنة الشريفة على الرغم من سلبيته وأخطاره ، هو اختلاف المسلمين في تفسير أحداث السقيفة ، لأنهم بين مناصر لها ومخطط لنتائجها ، وهم من ظهر الحظر على ع.

ص: 244


1- وهذا الكلام هو ما صرح به الأستاذ محمود أبو رية المصري في جميع كتبه ومقالاته ، لا سيما كتابه الشهير عن أبي هريرة المعروف ب : شيخ المضيرة ، فراجع.

أيديهم أول مرة ، وبين من فاجأته بأحداثها السريعة الخاطفة ، فسخر منها ونفى شرعيتها ، وهو من قاوم الحظر وقاد التدوين المباشر للحديث ودعا إليه.

ولا شك أن أنصار الأول وأتباعه من الرواة والمدونين في كل عصر وجيل إزاء ما دونه الثاني من الحديث على قسمين :

أما القسم الأول : فهم من دعاة التعصب والطائفية ، وعلامتهم أنهم لا ينظرون إلا إلى أخبارهم ، ولا يطيقون النظر إلى غيرها ، بل يطرحونها البتة من غير نقد ولا فحص ولا دراسة.

وأما القسم الثاني : فهم ينظرون إلى أخبار مخالفيهم ، ويتأملون فيها ، وهم على أصناف أربعة :

الصنف الأول : وهم ممن جهل الحقيقة ، ومنعه اعتقاده الموروث عن اعتقاد صحة أخبار من خالفه في اعتقاده ، وربما وقف موقف الشاك من صحة أخبار مخالفه التي لم تتقاطع أصلا مع بعض مبتنياته ، نتيجة للتضبيب حول تلك الأخبار.

الصنف الثاني : وهم من يرون صحة الصحيح عند مخالفهم ، ولكنهم مع هذا يجهرون بخلافه ، ويختلفون عن دعاة القسم الأول بكونهم مذعنين للصحيح عند المخالف في باطنهم ، مكابرين في ظاهرهم ، طلبا لحطام زائل ، وتوصلا إلى مقصد عاجل.

الصنف الثالث : وهم من عرف الحقيقة عند غيره ، ولم يجادل فيها ، أو يظهر خلافها ، ولكنه - مع ذلك - لم يجهر بها خوفا وهلعا ، فتراه قد ستر أمره ، ولم يبد صفحته لقومه.

ولا يخفى أن هذه الأصناف الثلاثة سواء كانوا رواة أو مدونين ،

ص: 245

لا يتوقع منهم رواية الحديث الإمامي ، أو تدوينه ، لما مر من أحوالهم.

الصنف الرابع : وهم الذين لم يكبلوا أنفسهم بمذهب في الرواية ، أو التدوين ، فهم زيادة على ما يروون في تأييد آرائهم في اعتقادهم وأحكامهم ، يروون أيضا ما خالفها وناقضها إذا ما اطمأنوا إليه ، وكذلك حال المدونين منهم ، (وقليل ما هم) (1).

وهذا الصنف الأخير يعد السبب المباشر في وجود بعض الأخبار المؤيدة للشيعة الإمامية في عقائدهم وأحكامهم في مصنفات الحديث العامية ، نظير الأخبار المصرحة بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنه أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن أهل البيت عليهم السلام ، هم الأئمة المنصوص عليهم ، ونحو ذلك من الأخبار التي لم تلق في فضاء الأصناف المتقدمة غير الآذان الصم.

وهذا الصنف ينبغي أن لا يكون موضع تهمة بخصوص ما رواه مخالفا لعقيدته إذا ما صحت نسبته إليه ، لما مر من أنه منصف في رواية ما له وما عليه.

ومع هذه الحقيقة ، فإنك إذا ما رجعت إلى تراجم رواة الصنف الأخير عند العامة ، تشعر وكأن من ترجم لهم قد أسف على وجود مروياتهم ضمن أخبار العامة ، ولهذا فقد تابعوهم بكل تضعيف وتوهين ، موحين لك أو مصرحين بتشيعهم ، مع أنك لا تجد لمعظمهم عينا ولا أثرا في معاجم رواة الشيعة ، وأما من وجد منهم فمصرح بمخالفته في المذهب ، ومن هنا وصلت الأحاديث الصحيحة عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتب العامة إلى 4.

ص: 246


1- سورة ص 38 : 24.

خمسين حديثا من مجموع ما دونوه عنه عليه السلام.

ويبدو أن هذا الصنف نفسه لم تمنعه عاميته من استماع أحاديث أهل البيت عليهم السلام وروايتها عنهم مباشرة ، أو بالواسطة.

ويدل عليه وجود مروياتهم عن أهل البيت عليهم السلام كما في كتب شيعتهم وهي كثيرا ما تكون سببا لاختلاف الروايات وتناقضها في مدونات الشيعة ، وذلك لموضع التقية فيها ، أو الاتقاء.

تقية منهم ، لخوف الضرر المحتمل من وصول الخبر إلى المخالفين ، لكون الراوي منهم ، وفيهم من فيهم.

أو اتقاء عليهم ، بمعنى الخوف عليهم من لحوق الضرر بهم لعلم المخالف بقربهم من الأئمة الأطهار عليهم السلام.

ومن هنا كان مرد الكثير من الأخبار المختلفة في التراث الإمامي إلى تلك النكتة ، على أن هذا النمط من الاختلاف والتعارض لم يترك سدى ، وهو ما اضطلع الشيخ الطوسي قدس سره بإزالته وبيان وجهه ، وقضى بذلك على ما يثيره بعض من عرفت تاريخ الحديث عنده ، من شبهة اختلاف وتضاد أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، حتى أسفرت جهود الشيخ في باب تعارض

الخبرين واختلافهما عن دور عظيم في دراية الحديث فضلا عن روايته وتدوينه.

نعم ، واصل الشيخ الطوسي قدس سره السير الحثيث على الطريق الحديثي الواسع الذي شقه عميد أهل البيت عليهم السلام في جفره المشهور ، وصحيفته

المعروفة ، وكتابه الموسوم ب : كتاب علي عليه السلام ، وتابعه على ذلك أولاده الأطهار عليهم السلام ، وكذلك حملة علومهم قبل زمان شيخ الطائفة بنحو أربعة

ص: 247

قرون (1).

فالشيخ إذا لم يتعامل مع تراث حديثي مفصول عن معينه ، أو غض طري لا تعرف أصوله ودواوينه ، بل مع مدونات حديثية بلغت في الكثرة إلى زمان الإمام العسكري عليه السلام (ت 260 ه) أكثر من ستة آلاف وستمائة كتاب في ما أحصاها الشيخ الحر العاملي (2) ، وكان من جملتها الأصول الأربعمائة المشهورة - عند الشيخ يوم ذاك - شهرة كتبه الكثيرة في زماننا ، وقد أورد الشيخ نفسه الكثير من أسمائها وأسماء مؤلفيها في كتابه الفهرست.

ولضخامة ذلك التراث ، وطول امتداد عصر النص عند الإمامية ، وما رافق ذلك الامتداد من ظروف قاسية أوجبت على أهل البيت عليهم السلام الحفاظ على قيم الإسلام ومبادئه ببقاء مهجهم الشريفة ، مع اختلاف رواة الحديث إليهم ، وتباين الرواة في عقائدهم وأفكارهم ، وتعدد مذاهبهم وفرقهم ، وتفاوت ضبطهم ووثاقتهم ، ووجود المغرضين والمنافقين والكذابين بينهم ، كانت مهمة من سبق الشيخ إلى تصفية ذلك التراث وتنقيته شاقة وعسيرة ، اضطلع بها جيل من الفقهاء وعلماء الرجال ، حتى وصل الأمر إلى ثقة الإسلام الكليني ، والشيخ الصدوق من بعده وكلاهما من الفقهاء والمحدثين وعلماء الرجال ، وكذلك نظرائهم من القميين كالمحدث والفقيه الرجالي ، الشديد في التضعيف والتوثيق ، الشيخ محمد بن الحسن بن الوليد القمي. ة.

ص: 248


1- راجع : بحثنا المنشور في تراثنا العددان 47 - 48 السنة الثانية عشرة / رجب - ذو الحجة 1417 ه ، بعنوان : «تاريخ الحديث وعلومه» ، فقد أوردنا فيه مراحل تدوين الحديث عند الشيعة الإمامية ، ابتداء من عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وانتهاء بعصر الشيخ الطوسي قدس سره.
2- كما في خاتمة وسائل الشيعة 30 / 165 ، الفائدة الرابعة من الخاتمة.

ولقد جاءت محاولات الجميع في غربلة ذلك التراث بنتائج طيبة إذ أبعدوا الحديث الموضوع والمكذوب على أهل البيت عليهم السلام ، واقتصروا على تدوين الحديث الصحيح أو ما رأوه قريبا من الصحة ، يساعدهم على ذلك تضلعهم في علمي الحديث والرجال ، مع تراكم الأعمال الرجالية السابقة ووصولها إليهم ، وهو ما عبر عنه الشيخ الطوسي نفسه ، بقوله :

«إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، ووثقت الثقات منهم ، وضعفت الضعفاء ، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذموا المذموم ، وقالوا : فلان متهم في حديثه ، وفلان كذاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنفوا في ذلك الكتب» (1).

ويظهر من تعامل الشيخ مع الأخبار في كتابيه العظيمين : التهذيب ،

والاستبصار ، أن الجهود السابقة لم تنصب بشكل مباشر إلا على فرز الحديث المكذوب عن غيره ، وأنه لم يتحقق اشتغالهم برفع الاختلاف وحل التناقض بين الأخبار ، ولا إهمال الشاذ النادر ، ولكنهم أفردوه بأبواب خاصة ، تشعر بشذوذه وندرته ، كما أنهم لم يهملوا الضعيف بالإرسال أو الانقطاع ونحو ذلك في مدوناتهم ، بل أوردوه مع المسند من قبيل الشواهد والمتابعات ، وإن كان ظاهر الكافي والفقيه الاحتجاج به عند عدم المعارض مع وجود ما يدل على صدقه.

نعم ، كانت جل عنايتهم ما ذكرناه مع إهمال ما سواه ، اللهم ، إلا إذا ة.

ص: 249


1- العدة في أصول الفقه - للشيخ الطوسي - 1 / 141 ، من الطبعة المحققة.

استثنينا بعض ممارساتهم العلمية التي برز بها القميون خاصة ، كما نجدها أيضا عند الشيخ الصدوق في علاج بعض الأخبار المتعارضة وبيان وجهها في كتابه الفقيه (1) ، مع أنه مصنف لغرض الإفتاء على طبق النصوص ، وهذا يعني عدم الحاجة إلى تتبع موارد الاختلاف والتضاد والاكتفاء بما يراه صحيحا فقط.

ومن هنا اضطلع الشيخ الطوسي بتهذيب ما تركوه ، فقفز الحديث على يديه إلى مستوى طموحه في التجديد ، وقابليته الفذة على الإبداع في بحوث العلوم الشرعية بأسرها ، من تفسير وحديث وفقه وأصول وغيرها.

أما التفسير ، فقد مر دوره فيه في الحلقة السابقة ، وقد اتضح هناك كيف تهيأت للتفسير وعلى يديه وسائل النهوض والارتقاء به حتى وصل إلى رتبة عالية من النضج والكمال.

وأما الحديث ، فالحديث عنه في فصول : ».

ص: 250


1- وقد بينا نماذج كثيرة من الأخبار المختلفة مع موقف الشيخ الصدوق منها في البحث المنشور في مجلة علوم الحديث العدد 2 السنة الأولى ، بعنوان : «مع الصدوق وكتابه الفقيه».

الفصل الأول

لمحات في التراث الحديثي للشيخ الطوسي

في تراث الشيخ الطوسي - البالغ أكثر من خمسين مصنفا - مجموعة كبيرة جدا من الأحاديث الشريفة ، ولو قدر لها أن تجمع في كتاب واحد بعد تصنيفها موضوعيا وتحقيقها علميا ، لأصبحت بأيدينا موسوعة حديثية عظيمة تزيد على الوسائل حجما ، ويدرك من خلالها بيسر وسهولة طاقات الشيخ الطوسي وإسهاماته الجادة في تغذية سائر العلوم الإسلامية بالحديث الشريف ، زيادة على ما تسديه من خدمة جليلة وبالغة في الدراسات الحديثية.

ومن تتبعنا لما ذكره من الأحاديث الشريفة في سائر مصنفاته المطبوعة ، وجدناها كالآتي :

1 - الأحاديث التفسيرية ، وهي كثيرة جدا ، اتصفت بروح المقارنة ، وربما وصلت بمجموعها عدد أحاديث كتابه التهذيب.

2 - الأحاديث الخاصة بالعقائد الإسلامية.

3 - الأحاديث الواردة في دراية الحديث وروايته.

4 - الأحاديث الخاصة بعلم الرجال ، وهي المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في تشخيص أصحابهم الفقهاء العدول والثقات ، وأعدائهم من النواصب والكذابين والغلاة.

5 - الأحاديث المستفادة في علم الأصول.

6 - الأحاديث الخاصة في الفلسفة والكلام.

ص: 251

7 - أحاديث الأذكار والأدعية.

8 - الأحاديث الأخلاقية.

9 - أحاديث الوعظ والإرشاد.

10 - الأحاديث الخاصة بحياة أهل البيت عليهم السلام وتاريخهم.

11 - الأحاديث الخاصة بوقائع وأحداث التاريخ الإسلامي ، سواء في العهد النبوي أو في عهد الصحابة.

هذا فضلا عما صنفه من كتب خاصة في أحاديث الأحكام ، وقد أخذت تلك الأحاديث حيزا كبيرا في مؤلفاته ورسائله الفقهية أيضا.

وأما عن مصنفات الشيخ التي يمكن أن تكون أساسا لمعرفة هذه الأصناف ، فهي : التهذيب ، والاستبصار ، والأمالي ، والغيبة ، والخلاف ، ومصباح المتهجد ، والتبيان ، وتلخيص الشافي ، والعدة في أصول الفقه.

كما يمكن الاستفادة أيضا من كتبه الأخرى ورسائله المتعددة لاشتمالها على جملة من الأحاديث ، كالمسائل الكلامية ، والاعتقادات ، والمسائل الحائرية ، ورسالة في تحريم الفقاع ، وغيرها.

ولما لم يكن الهدف من هذا البحث هو دراسة تلك الأصناف لتوزيعها من قبل الشيخ على علوم الشريعة التي سيأتي بيان دوره فيها ، لذا سنقتصر على ما صنفه في الحديث خاصة ، لأجل بيان دوره فيه ، وإن كان استجلاء ذلك الدور خليقا بتتبع ودراسة سائر موارده المبثوثة في دراسات الشيخ الطوسي وبحوثه ، وهو ما قد نكتفي بالإشارة السريعة إليه في هذه الدراسة.

وعلى أية حال ، فإن الشيخ قدس سره قد صنف في الحديث الشريف كتبا أربعة اشتملت على أكثر من خمسة عشر ألف حديث ، وهي :

ص: 252

1 - تهذيب الأحكام.

2 - الإستبصار في ما اختلف من الأخبار.

3 - الغيبة.

4 - الأمالي ، أو المجالس في الأخبار.

وسوف نذكر تعريفا موجزا بهذه الكتب ، وعلى النحو الآتي :

أما «التهذيب» :

فهو ثالث الأصول الأربعة في الحديث عند الشيعة الإمامية ، المتواترة النسبة إلى مؤلفيها بنحو القطع ، وهو مشتمل على عدة من كتب الفقه كما صرح بذلك الشيخ نفسه في كتابه الفهرست ، إذ ترجم لنفسه ، وعد مصنفاته بقوله : «.. له مصنفات ، منها : كتاب تهذيب الأحكام وهو مشتمل على عدة كتب من كتب الفقه» (1).

ثم ذكرها ابتداء بكتاب الطهارة ، وانتهاء بكتاب الديات ، فكانت ثلاثة وعشرين كتابا ، وهي في المطبوع كذلك.

وقد أحصى العلامة النوري في كتابه خاتمة المستدرك عدة أبواب وأحاديث التهذيب ، فبلغت 393 بابا ، و 13590 حديثا (2) ، وهناك بعض التفاوت اليسير بين هذا الإحصاء ، وبين ما في المطبوع ، وقد وقع نظيره في عدة أبواب وأحاديث الإستبصار ، كما سيأتي بيانه وتبريره في محله.

وهذا الكتاب المعبر عنه بالرمز (يب) لأجل الاختصار ، يعد أول مؤلفات الشيخ قاطبة ، لأنه أرجع في أغلب كتبه إليه ، ولم يرجع فيه إلى أي ة.

ص: 253


1- الفهرست : 159 - 160 رقم 699.
2- خاتمة مستدرك الوسائل 6 / 415 ، من الفائدة السادسة.

منها ، كما أنه ابتدأ به عند عد مؤلفاته في الفهرست ، زيادة على أنه شرع بتأليفه في حياة أستاذه الشيخ المفيد أبان فترة تلمذته عليه كما هو ظاهر من نقل عبارات الشيخ المفيد في كتابه المقنعة مقرونة بالدعاء له والتأييد ، كما في سائر العبارات المنقولة عنه في الجزء الأول وبداية الثاني من التهذيب ، ثم بدأ بالترحم على روح شيخه المفيد قدس سره في باب فرض الصلاة في السفر (1) ، وهكذا إلى آخر الكتاب ، وهذا يعني وفاة الأستاذ والشيخ بعد لم يتم كتاب الصلاة.

وبما أن عمره يوم وفاة أستاذه المفيد ثمانية وعشرون عاما - وهو لا يكفي لأكثر من التهذيب مع التلمذة - ، فيعلم منه أنه شرع في تأليف التهذيب وهو دون هذا السن ، ولكن لا يعلم بالضبط في أية سنة من السنوات الخمس التي قضاها تحت رعاية الشيخ المفيد ، ولعل احتمال السنة الأولى ، أو الثانية هو الأرجح من السنوات الثلاث الأخر ، بلحاظ ما يتقدم - عادة - على التصنيف من وقت كثير لجمع مادته ، وهو غالبا ما يستنزف الجهد الكثير لتتبع المصادر ، لا سيما إذا كان مشروع البحث الحديث ، لكثرة موارده وشوارده ، فكيف لو كان الأمر متعلقا بكتاب مثل التهذيب ، الذي لم يكن مجرد شرح لمتن فقهي ، وإنما كان لأغراض وأهداف كبيرة ، لم يتصد لها أحد من علماء الشيعة قبل زمان الشيخ قط؟!

وعلى هذا يمكن القول : بأن الشيخ انطلق نحو أفق التأليف ليحلق عاليا جدا في سمائه ، وهو دون الخامسة والعشرين ، وكان التهذيب بداية الانطلاق.ب.

ص: 254


1- أنظر : تهذيب الأحكام 2 / 12 باب رقم 2 ، أول الباب.

وإذا ما نظرنا إلى ما في تهذيب الأحكام من «دقائق نفيسة ، وآراء ناضجة ، وترجيحات مستقيمة ، ومحاسن لا تقدر بقيمة» (1) ، زيادة على ما فيه من لفتات الاستدلال البارعة مع التفنن بطرق الجمع والترجيح المتعددة ، وتتبع آلاف الروايات المتفقة والمختلفة ، وروايتها عن عشرات المشايخ وربط حديثهم بمصادره عبر سلاسل الرواة ، تعلم عبقرية الشيخ الطوسي وهو في هذه المرحلة المبكرة من العمر.

وغرضنا من التعرض لمثل هذه الأمور ونظائرها التي قد تبدو قليلة الأهمية في بيان دور شيخ الطائفة في الحديث وعلومه ، إنما هو لأجل اكتمال الصورة حول توجهه الكامل إلى خدمة الحديث الشريف في حياته العلمية كلها ، ابتداء من الشروع بتأليف التهذيب في سن التلمذة على يد الشيخ المفيد ، ثم الإبداع النادر في الإستبصار في عهد السيد المرتضى.

مع الالتفات إلى حاجة الأمة إلى حقيقة الإمام المهدي عليه السلام ، وغيبته على ضوء ما ورد فيها من أخبار قبل ولادته عليه السلام ، كما يتضح من تأليفه كتاب الغيبة أثناء زعامته الدينية المطلقة ببغداد ، ولم تتعبه السنوات العجاف التي ساد فيها ليل السلاجقة ، فهاجر إلى النجف ليواصل عطاؤه العلمي ، فترك لنا من الحديث - بعد أن قارب السبعين خريفا - كتابه الأمالي أو المجالس في الأخبار.

وقد كانت وراء كل هذه المؤلفات وغيرها أهداف وغايات سامية ، ففي أماليه مثلا حاول بيان وجه الحق الذي طالما حاولت بعض الجهات 9.

ص: 255


1- مقال للشيخ المظفر عن الشيخ الطوسي ، منشور في مجلة النجف العددان 6 - 7 السنة الثانية ص 4 ، نقلناه عن كتاب الشيخ الطوسي للأستاذ الدكتور حسن عيسى علي الحكيم : 349.

المتطرفة إماتته بشتى الوسائل ، تارة بالحظر ، وأخرى بالتدوين ، ولهذا نجد فيه التركيز المستمر على بيان النص المتواتر على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام ، وفضح محاولات الالتفات عليه بشتى الروايات.

وفي الغيبة أراد إيضاح حقيقة الفرق المخالفة وتفنيد مزاعمها بخصوص من انتحلوا له صفة المهدوية كذبا وزورا وجهلا ، مع إيضاح حقيقة الحال وبيان من هو الإمام المنقذ الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، مع تأكيد غيبته عليه السلام بمئات الروايات المنقولة بالإسناد عن آبائه الأطهار قبل ولادته المباركة بعشرات السنين.

وفي الإستبصار رأى أن يجمع الأخبار المختلفة والمتعارضة ليبين حقيقتها وواقعها بطريقة لم يسبقه إليها سابق ولم يلحق به أو يجاره عليها - على طول الزمان - لاحق ، حتى أصبح الإستبصار فريدا في بابه ، بشهادة أهل الحديث وأربابه.

وأما التهذيب ، فقد رام فيه القضاء المبرم على الإثارات التي كانت تصدر بين حين وآخر من قبل خصوم أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم بخصوص تباين أخبار الشيعة وتضادها وتناقضها ، وغلق المنافذ التي يتسلل منها الخصوم ، لا سيما بعد أن وجدت شبهاتهم في بعض النفوس المتخاذلة مكانا ، إذ لم يتعمقوا في حقيقة المذهب الحق.

ومن هنا نجد الشيخ في التهذيب قد تابع تلك الشبهات والإثارات

وفندها بالدليل تلو الآخر ، ولم يكتف بذلك ، إذ وجد الطريق مناسبا للرد والنقض ، فسلكه وسار عليه بخطوات ثابتة لم تزل عن مكانها ولو مرة واحدة ، حتى جاء التهذيب بأروع ما يكون في بيان تناقض الخصم وتهافت آرائه وبطلان حججه ، وفي أماكن شتى في أبوابه ، ابتداء من مسائل

ص: 256

الوضوء (1) ، وانتهاء بمسائل الميراث (2).

وقد أشار الشيخ إلى غرضه هذا في مقدمة الكتاب ، ومنه يعلم غيرته العظمى على الدين ، وتزييف رأي من خالفه ، وبيان تناقضه وجهله بالأحكام.

فالتهذيب إذا مع كونه كتابا حديثيا ، إلا إنه ضم بين دفتيه دفاعا محكما عن مبتنيات أهل الحق في سائر الفروع الفقهية ، ابتداء من الطهارة وانتهاء بالديات ، وذلك بجمع أدلتها من الحديث الصحيح المسند مع تضعيف ما خالفها أو تأويله بكل دقة وتفصيل.

ومن هنا وقف فحول العلماء إزاء التهذيب والاستبصار معا موقف الإعجاب الشديد ، ولا بأس بنقل ما قاله واحد منهم ، وإن لم يكن الغرض تفصيل أقوالهم.

قال السيد بحر العلوم قدس سره في الفوائد الرجالية عن دور الشيخ الطوسي في الحديث : «وأما الحديث ، فإليه تشد الرحال ، وبه تبلغ غاية الآمال ، وله فيه من الكتب الأربعة - التي هي أعظم كتب الحديث منزلة ، وأكثرها منفعة - : كتاب التهذيب وكتاب الإستبصار ، ولهما المزية الظاهرة باستقصاء

ما يتعلق بالفروع من الأخبار ، خصوصا التهذيب ، فإنه كاف (3) للفقيه في ما يبتغيه من روايات الأحكام مغنيا عما سواه في الغالب ، ولا يغني عنه غيره ظ.

ص: 257


1- أنظر : ما قاله الشيخ في التهذيب 1 / 52 - 103 باب 4 في صفة الوضوء.
2- أنظر كذلك : ما بينه من تناقضهم في إبطال العول والعصبة في التهذيب 9 / 247 - 268 باب 21.
3- في الأصل : «كان» ، والتصويب من العلامة النوري في خاتمة المستدرك 6 / 13 من الفائدة السادسة ، والسيد حسن الخرسان في مقدمة تحقيقه لكتاب التهذيب 1 / 46 ، فلاحظ.

في هذا المرام ، مضافا إلى ما اشتمل عليه الكتابان من الفقه والاستدلال ، والتنبيه على الأصول والرجال ، والتوفيق بين الأخبار ، والجمع بينها بشاهد النقل أو الاعتبار» (1).

ومن هنا اعتمد التهذيب بشكل مباشر فطاحل الفقهاء ، قال السيد محسن الأمين العاملي عن هذه الظاهرة : «وكفى أن العلامة الحلي جعله موضع اعتماده وحده في نقل الأحاديث في كتاب التذكرة إلا ما شذ» (2). 1.

ص: 258


1- الفوائد الرجالية 3 / 229.
2- أعيان الشيعة 9 / 161.

طريقة الشيخ في التعامل مع الأخبار في

كتاب «التهذيب»

لأجل معرفة دور الشيخ في الحديث الشريف وعلومه من خلال هذه اللمحات في تراثه الحديثي فضلا عما سيأتي في فصول البحث اللاحقة ، كان من الضروري الوقوف على الطريقة التي سلكها في هذا الكتاب ، الذي جعله شرحا لكتاب المقنعة في الفقه لأستاذه الشيخ المفيد ، والكيفية التي تعامل بها مع ما جمعه فيه من الأخبار الكثيرة ، وذلك بحسب الخطوات التالية :

1 - الاقتصار على إيراد شرح ما تضمنه كتاب المقنعة من المسائل الفقهية ، باعتبار أنه شاف كاف في بابه مع خلوه من الحشو والإطالة.

2 - ترك ما ورد في أول المقنعة من المباحث الاعتقادية ، كالتوحيد

والعدل والنبوة والإمامة ، والدخول بكتاب الطهارة مباشرة ، تحقيقا لغرضه المذكور سابقا وهو رفع التضاد والاختلاف والتباين الحاصل في جملة من أحاديث الفروع ، وأما بالنسبة إلى الأصول فهو لا يحتاج إليها أصلا لثبوت أدلتها على نحو التواتر.

3 - أن يعنون أبواب التهذيب وفق ما عنونه الشيخ المفيد من أبواب في المقنعة.

4 - أن يورد مسائل المقنعة مسألة بعد أخرى.

5 - أن يستدل على كل مسألة بالظواهر والأدلة المفضية إلى العلم ، كالآتي :

ص: 259

أ - الاستدلال بالقرآن الكريم ، ويكون من وجوه خمسة ، هي :

1 - من ظاهره.

2 - أو صريحه.

3 - أو فحواه.

4 - أو دليله.

5 - أو معناه.

ب - الاستدلال بالسنة المطهرة المقطوع بها ، ويكون من وجهين ، هما :

1 - من الأخبار المتواترة.

2 - أو المقترنة بالقرائن الدالة على صحتها.

ج - الاستدلال بالإجماع ، ويكون من وجهين :

1 - إما بإجماع المسلمين.

2 - أو بإجماع الشيعة.

وهذان الوجهان يرجعان في الحقيقة إلى وجه واحد ، كما سنبينه في الحديث عن الإستبصار.

6 - أن يذكر طائفة من أحاديث الإمامية المتفقة الواردة في حكم المسألة المبحوثة.

7 - أن يذكر طائفة أخرى من أحاديث الإمامية المضادة أو المختلفة مع أحاديث الطائفة الأولى ، أي : إيراد المتفق من روايات الشيعة أولا ، ثم المختلف فيه ثانيا.

8 - ذكر بعض الأخبار العامية الواردة في المسألة المبحوثة ذاتها مع بيان قيمة تلك الأخبار وحقيقتها.

ص: 260

9 - التصدي لبيان وجه التعارض والتنافي ، والتضاد والتباين بين ما أورده من مجموع الأخبار في كل مسألة ، وذلك :

أ - إما بتأويل يجمع بينها ، مع تأييد ذلك التأويل بما يناسبه من الأحاديث بحيث تتضمن الأحاديث المؤيدة للتأويل ، إما صريح معناه ، أو فحواه ، وبهذا يكون الشيخ عاملا على الفتيا والتأويل بالأثر.

ب - وإما بحمل ذلك التعارض والتنافي ، والتضاد والتباين على الظاهر لا الحقيقة والواقع ، لعدم تكافؤ الأخبار الموصوفة بذلك ، وبالتالي تمكن الشيخ من إزالة الوصف المذكور بذكر وجه الفساد فيها ، إما من ضعف إسنادها ، أو من عمل الفقهاء المتقدمين بخلاف متضمنها.

10 - اللجوء إلى دلالة الأصل ، والعمل بالخبر الموافق لتلك الدلالة ، وترك العمل بما خالفها من الأخبار ، وذلك في حالتين ، هما :

أ - في حالة اتفاق الخبرين على وجه لا ترجيح لأحدهما على الآخر.

ب - إذا كان حكم المسألة المبحوثة لا نص فيه على التعيين.

وهذه الخطوات التي أشار إليها الشيخ في أول التهذيب (1) ، قد وفى بها في أكثر ما يحتوي عليه كتاب الطهارة ، كما صرح بذلك في مشيخته (2).

لكنه عدل عن بعض تلك الخطوات في ما بعد كتاب الطهارة ، وذلك بالاقتصار على إيراد أحاديث الإمامية المتفق عليها والمختلف فيها في كل مسألة ، والتوفيق بينها بنحو ما تقدم من شروط ، وترك إيراد أخبار العامة إلا لمناسبة يقتضيها الحال - كما سنبينه في الفصول اللاحقة - مع الاحتفاظ بكامل الخطوات السابقة ، إلا إنه لم يتقيد بما تضمنه كتاب المقنعة. ة.

ص: 261


1- تهذيب الأحكام 1 / 3 - 4 ، من المقدمة.
2- تهذيب الأحكام 10 / 2 ، من المشيخة.

ثم أضاف لهذه الخطوة الجديدة ، خطوة أخرى ، وهي إيراد جملة من الأحاديث التي لم يوردها عند التعرض لمسائل المقنعة في الأبواب التي فرغ منها ، فألحقها بها في أبواب خاصة تعرف بأبواب الزيادات ، وهذا هو ما صرح به الشيخ ، فقال بعد وصف الخطوة الجديدة الأولى : «ثم رأينا أن استيفاء ما يتعلق بهذا المنهاج أولى من الإطناب في غيره ، فرجعنا وأوردنا من الزيادات ما كنا أخللنا به» (1).

ومن هنا قال السيد محسن الأمين بعد نقله عبارة المشيخة : «فهو إذن قد عدل عن منهاج بحثه في الأساسين معا ، فلم يتقيد بما تضمنته المقنعة ، واقتصر على أحاديث أصحابنا ، والدافع له إلى هذا العدول - حسب تصريحه - هو تلك الغاية الكلامية.

وفي الحقيقة إن هذه الغاية هي التي تحكمت في هذا الكتاب وجعلته الوحيد من نوعه في أسلوبه ومنهاجه ، فجاء بآراء في الجمع والتأويل لا يزال أكثرها معمولا بها عند المجتهدين» (2).

وفي اختتام هذه اللمحة بخصوص التهذيب نود الإشارة السريعة إلى مسلك الشيخ فيه - وفي الإستبصار كذلك - من جهة الإسناد ، لما في ذلك من إشكال متهافت قد أثاره بعضهم كما سيوافيك ، فنقول :

سلك الشيخ الطوسي في منهجه السندي في كتابيه التهذيب والاستبصار تارة مسلك ثقة الإسلام الكليني في الكافي بذكر سلسلة السند كاملة كما في الأجزاء الأولى من التهذيب ، وأخرى مسلك الشيخ الصدوق

في كتابه الفقيه ، وذلك بحذف صدر السند والابتداء بمن نقل الحديث من 2.

ص: 262


1- تهذيب الأحكام 10 / 4 ، من المشيخة.
2- أعيان الشيعة 9 / 162.

كتابه أو أصله ، مع الاستدراك في آخر الكتابين بمشيخة تبين طرقه إلى أولئك المصنفين ، وعلى غرار ما فعله الشيخ الصدوق في آخر الفقيه.

هذا ، وقد أورد صاحب كتاب الكليني والكافي إشكالا في المقام ، فقال عن طريقة الشيخ في المشيخة ، بأن الشيخ : «في موارد كثيرة يجمل في القول مما لا يقضي [بما لا يقتضي] الحصر ولا يفيده ، فقد عبر عن ذلك بقوله : (ومن جملة ما رويته أو ذكرته عن فلان ... فقد رويته عن ...).

فإن كلمة : (جملة) في بعض المرويات مما لا يفيد الحصر» (1).

ولازم هذا الإشكال ، هو حصول الجهل بالطريق إلى مرويات الشيخ عمن ذكر له طريقا مجملا ، ولهذا تراه قدم حلولا لرفع الجهل المذكور ، كمراجعة فهرست الشيخ ، أو رجال الشيخ ، أو مشيخة الصدوق ، أو أسانيد الكافي (2)!

ولولا مساس هذا الإشكال بدور الشيخ في الحديث الشريف وبراعته في بيان طرقه إلى مروياته ، لما تعرضنا لجوابه أصلا ، وما نقوله في جوابه :

إنه بغض النظر عما في حلوله المقترحة لدفع لوازم الإشكال من أخطاء (3) ، فإن الإشكال ذاته مبالغ فيه ، زيادة على خطئه في نفسه. ب.

ص: 263


1- الكليني والكافي - للشيخ عبد الرسول الغفار - : 425.
2- الكليني والكافي : 425.
3- لاقتباسه تلك الحلول من فكرة تعويض الأسانيد ، التي لم تكن فكرة واضحة الأبعاد أو منتظمة الخطوات في دائرة التطبيق ، إلى أن اضطلع السيد الشهيد الصدر قدس سره بصياغة تلك الفكرة وتحويلها إلى نظرية قائمة على أصول مدروسة ومنقحة في معظم وجوهها تقريبا ، فوفر قدس سره بنظريته تلك سبل تفادي الأخطاء في التطبيقات السابقة لفكرة التعويض ، ومن تلك الأخطاء الإحالة - كيفما اتفق - إلى الكتب المذكورة. وقد فصلنا القول في دراسة تلك النظرية في كتاب نظرية الشهيد الصدر في تعويض الأسانيد ، الذي سيشق طريقه بإذنه تعالى إلى إحدى المطابع عما قريب.

أما وجه المبالغة فيه ، فواضح لمن تتبع المشيختين ، إذ لم ترد فيهما كلمة : (جملة) في موارد كثيرة كما قال ، وإنما ذكرها الشيخ في بعض طرقه إلى خمسة أشخاص فقط ولا سادس لهم أبدا ، كما سنوضحه بعد قليل.

وأما وجه الخطأ ، فيتبين من خلال عدم اكتفاء الشيخ بما ذكره من الطرق المجملة إلى مروياته عن الأشخاص الخمسة الذين سنذكرهم ، وإنما أضاف إليها طرقا مفصلة إليهم جميعا ، وبلفظ صريح دال على دخول مروياتهم في التهذيب والاستبصار كافة في عموم قوله : «وما ذكرته عن فلان ...» المذكور في سائر طرقه الجديدة إليهم.

وفي ما يأتي إشارة سريعة إلى طرقه إليهم في الطائفتين المذكورتين :

1 - قال الشيخ : «ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمد بن عيسى ...» (1).

وفي مورد آخر : «وما ذكرته عن أحمد بن محمد بن عيسى الذي أخذته من نوادره ...» (2).

ولا يضر تخصيص الطريق بكتاب النوادر بمعرفة طريق الشيخ إلى ما

رواه عنه من غير الكتاب المذكور ، لما سيأتي قريبا ومن المشيخة نفسها.

2 - وقال الشيخ : «ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمد بن خالد ...» (3). ي.

ص: 264


1- مشيخة التهذيب 10 / 42 وص 72 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 305 وص 316.
2- مشيخة التهذيب 10 / 74 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 319.
3- مشيخة التهذيب 10 / 43 - 44 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 305 - 306 ، مع وصفه بالبرقي.

وفي مورد آخر : «وما ذكرته عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ...» (1).

وأحمد بن محمد بن خالد هو نفسه أحمد بن أبي عبد الله البرقي بلا خلاف.

هذا ، وقد قال الشيخ أيضا : «ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمد ...» (2).

وقال في مورد آخر : «ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمد ...» (3).

ومن مراجعة الطريقين بدقة يعلم بأن المراد بالأول هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، وبالثاني هو البرقي ، وذلك بالنظر إلى الطرق الأخرى التي وقع فيها الأشعري والبرقي ومقارنتها مع هذين الطريقين ، ولولا خشية الإطالة لبينا ذلك تفصيلا.

وبالجملة ، فإن للشيخ أكثر من طريق واحد إلى روايات الأشعري والبرقي وإن ذكرنا بعضها ، لأنه إذا ما أجمل الطريق إلى أي منها عطف عليه مباشرة طريقا آخر يأخذ حكم الإجمال أيضا لقوله بعد نهاية الطريق بما يشعر بالإجمال ، كعطفه - مثلا - على الطريق عبارة : وأخبرني به أيضا فلان عن فلان ، وهكذا.

ومن كل هذا يتبين أن الشيخ لم يدع جملة من رواياته عن الأشعري بلا طريق ، إلا أنه أحب أن يذكر أكثرها لاختصاص كل منها بطائفة من الروايات ، ولهذا ورد التعبير عنها مجملا. 9.

ص: 265


1- مشيخة التهذيب 10 / 85 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 331.
2- مشيخة التهذيب 10 / 73 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 317.
3- مشيخة التهذيب 10 / 74 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 318 - 319.

بل حتى لو احتمل تخلف شئ منها على الرغم من تراكم عبارات الإجمال في طرقه إلى الأشعري في المشيخة ، فإن في نظرية التعويض ما يقضي على مثل هذا الاحتمال قضاء مبرما كما فصلناه في محله.

وأما عن البرقي فقد ذكرنا طريق الشيخ العام إلى جميع رواياته.

3 - وقال الشيخ : «ومن جملة ما ذكرناه عن الفضل بن شاذان ...» (1).

وفي مورد آخر : «وما ذكرته عن الفضل بن شاذان ...» (2).

4 - وقال الشيخ : «ومن جملة ما ذكرته عن الحسن بن محبوب ...» (3).

وفي مورد آخر : «وما ذكرته عن الحسن بن محبوب ما أخذته من كتبه ومصنفاته ، فقد أخبرني بها ...» (4).

5 - وقال الشيخ : «ومن جملة ما رويته عن الحسين بن سعيد والحسن بن محبوب ...» (5).

وفي مورد آخر : «وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسين بن سعيد ...» (6).

وعبر عن هذا المورد في الإستبصار بلفظ : «وما ذكرته عن الحسين بن سعيد ...» (7) ، وقد ذكرنا آنفا طريقه العام إلى روايات الحسن بن محبوب. 2.

ص: 266


1- مشيخة التهذيب 10 / 47 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 306 - 307.
2- مشيخة التهذيب 10 / 86 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 333.
3- مشيخة التهذيب 10 / 52 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 307.
4- مشيخة التهذيب 10 / 56 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 310.
5- مشيخة التهذيب 10 / 73 ، ومشيخة الإستبصار 4 / 319.
6- مشيخة التهذيب 10 / 63.
7- مشيخة الإستبصار 4 / 312.

هذا هو مجموع ما عبر عنه الشيخ من الطرق بلفظ مجمل في مشيختي الكتابين ، وقد اتضح للعيان أنه لا جهل بمعرفة طرقه إلى المذكورين ، وأن التسرع في الاقتباس وعدم تتبع ما في المشيختين هو السبب وراء ذلك الإشكال العقيم.

وأما «الإستبصار» :

فهو من كتب الحديث المشهورة عند الإمامية ، ورابع الأصول الأربعة المتميزة في ضبط الحديث وصحته عندهم ، ورمزه المشهور في كتب الحديث والفقه وغيرها (بص) ، ألفه الشيخ الطوسي قدس سره بعد كتابيه تهذيب الأحكام والنهاية ، وذكره الشيخ نفسه في قائمة مؤلفاته في كتابه الفهرست ، فقال : «... وله - يعني نفسه الشريفة - كتاب الإستبصار في ما اختلف من الأخبار ، وهو يشتمل على عدة كتب تهذيب الأحكام ...» (1).

وهذا الكلام محمول على التغليب ، إذ لا وجود لكتاب الزيارات ضمن كتب الإستبصار التي ابتدأت - ككتب التهذيب - بكتاب الطهارة ، وانتهت بكتاب الديات ، وبهذا يكون مجموع كتب الإستبصار اثنين وعشرين كتابا ، بفارق كتاب واحد عن كتب التهذيب ، وهو كتاب الزيارات الذي لم يتعرض الشيخ إلى أي باب من أبوابه في الإستبصار.

وأما عن عدة أبواب وأحاديث الإستبصار فقد حصرها الشيخ بتسعمائة وخمسة وعشرين بابا ، وخمسة آلاف وخمسمائة وأحد عشر حديثا ، ثم قال : «حصرتها لئلا تقع فيها زيادة أو نقصان» (2).ب.

ص: 267


1- الفهرست : 160 رقم 699.
2- الإستبصار في ما اختلف من الأخبار 4 / 335 ، في آخر مشيخة الكتاب.

ولكن في المطبوع بتحقيق السيد حسن الخرسان تسعمائة وثلاثين بابا ، وخمسة آلاف وخمسمائة وثمانية وخمسين حديثا ، وهذا يزيد على ما ذكره الشيخ بخمسة أبواب وسبعة وأربعين حديثا.

وقد برر السيد المحقق زيادة الأحاديث بالمكررات سندا ومتنا ، أو بسند آخر ، ولكنه لم يلتفت إلى تفاوت الأبواب ، ولعله من جهة جعل النساخ الباب الواحد بابين ، كما لو افترضنا مثلا كون باب كراهية لحم الغراب ، وباب كراهية لحم الخطاف ، كانا في الأصل واحدا بعنوان : باب كراهية لحم الغراب ولحم الخطاف. وهكذا.

على أنه لا أثر لهذا التفاوت بعد تطابق عدد الأحاديث الموجودة مع إحصاء الشيخ لها عند حذف المكرر منها.

وجدير بالذكر ، أن أغلب أحاديث الإستبصار قد أخذها الشيخ من كتابه التهذيب ، لا جميعها ، لذا فإن القول : بأنه قطعة من التهذيب لا غير ، اقتطعها منه مجردا بها أخباره المختلفة والمتعارضة وترتيبها على أبواب الفقه في الإستبصار ، محمول على التغليب ، لأنا وجدنا جملة يسيرة من الأحاديث في الإستبصار لم يذكرها الشيخ في التهذيب أصلا.

وكيف يكون قطعة لا غير من التهذيب مع اختلاف منهج الشيخ في الكتابين ، وحصول التفاوت اليسير بينهما في صياغة التأويل لجملة من أخبارهما المشتركة ، مع الفرق الضئيل بينهما في المشيختين؟!

ومع هذا سوف لن نقف عنده طويلا إلا بمقدار ما لم نقدر على ذكره في دراسة التهذيب الذي يعد في الواقع أصلا لكتاب الإستبصار.

لقد امتاز كتاب الإستبصار عن غيره من كتب الحديث الإمامية بانفراده بجملة من المميزات ، لم يشركه في أغلبها كتاب آخر سوى التهذيب.

ص: 268

ومن بين تلك المميزات الظاهرة ابتداء من مقدمته : امتزاج علم رواية الحديث مع علم درايته ، وكذلك تخصصه بجمع الأحاديث المختلفة والمتعارضة مع صب كل الطاقات العلمية في سبيل إيضاح حقيقة تلك الأخبار ، ومقدار صحتها ، عبر دراستها ونقدها ، وبيان الوجه في اختلافها وتعارضها ، وكيفية الجمع بينها ، وترجيح بعضها على بعض بشاهد النقل أو الاعتبار.

إذا هو ليس من قبيل أكثر كتب الحديث عند الفريقين التي اقتصرت على رواية الحديث وتصنيفه وتدوينه.

وهذا لا يعني سلب الإسهامات الكبيرة التي قدمها المحدثون الكبار لخدمة الحديث الشريف من أمثال ثقة الإسلام الكليني (ت 329 ه) الذي استطاع - بعد عشرين عاما من العمل الدؤوب - أن ينقل الحديث الصحيح وما رآه مقاربا إليه من دور اختلاطه بآلاف الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى دور الفصل والتنسيق والتصنيف والترتيب على أبواب أصول الشريعة وأحكامها كافة.

ومن هنا ، كانت فتاوى الصدوق المنتزعة من نصوص الأخبار التي كان يراها صحيحة وحجة بينه وبين الله عزوجل - كما في كتابه الفقيه - موجودة بالنص أو المضمون في كتاب الكافي.

وما نعنيه هو أن الشيخ الطوسي كان الحد الفاصل بين طور النظرية في مجال الحديث المختلف والمتعارض وبين طور التطبيق ، كما كان ثقة الإسلام من قبل حدا فاصلا بين بعثرة الصحيح وبين جمعه بحسب وسعه وطاقته.

وهذا هو ما صرح به الشيخ الطوسي في مقدمة الإستبصار ، فقال معبرا

ص: 269

عما بذله من جهد فيه : «لم يسبق إلى هذا المعنى أحد من شيوخ أصحابنا المصنفين في الأخبار والفقه في الحلال والحرام» (1).

وسوف نسلط الضوء على هذه الحقيقة تحت عنوان :

كيفية التعامل مع الأخبار في «الإستبصار» :

تعامل الشيخ مع ما جمعه من أخبار كتابه الإستبصار على أساس الابتداء في كل باب من أبوابه بما يعتمده من الحديث في الفتيا ، ومن ثم التعقيب على تلك الأحاديث المعتمدة بما يخالفها أو يناقضها من الأخبار ، مميزا بينهما بعبارة واضحة جلية.

ثم بيان وجه الجمع بين ما اعتمده وما اختلف أو تناقض معه (2) ، مع العناية الفائقة بوجوه ترجيح الأحاديث بعضها على بعض ، مما حمله ذلك على النظر في الأخبار الكثيرة على أساس حصرها بثلاثة أصناف (3).

أصناف الخبر عند الشيخ :

الخبر عند الشيخ الطوسي - كما ذكرنا - على ثلاثة أصناف ، هي :

الصنف الأول : الأخبار المتواترة.

وهي ما بلغت رواتها في الكثرة مبلغا أحالت العادة اتفاقهم على ».

ص: 270


1- الإستبصار 1 / 3 ، من المقدمة.
2- عقدنا فصلا في هذا البحث بعنوان : «طرق الجمع بين الأخبار» وسيأتي بعد الحديث عن كتابي الغيبة والأمالي.
3- سيأتي الكثير من تطبيقات ما سنذكره من تلك الأصناف في فصول البحث ، لا سيما الرابع منها وهو بعنوان : «الاستدلالات والاحتجاجات».

الكذب ، بحيث تتحقق تلك الكثرة في جميع طبقات السند وصولا إلى المعصوم عليه السلام.

وهي تكون موجبة للعلم القطعي بالصدور ، وموجبة للعمل أيضا من غير إضافة شئ إليها ، لكونها حجة في نفسها ، والأساس المتين المعتمد في أصول الشريعة وأحكامها.

ونظرة واحدة إلى ما ذكره الشيخ في أوائل كتاب الإستبصار تعطي انطباعا كافيا على اعتماد الشيخ في فتاويه على هذا الصنف من الأخبار أولا بأول ، وتزداد تلك القناعة عند مقارنة ما ذكره الشيخ من الأخبار المعتمدة في الفتوى مع أحاديث أبواب الكافي التي تضمنت نص أو مضمون ما ذكره الشيخ ، إذ سيجد في تلك الأبواب ما يقطع العذر حيث اشتبكت الطرق وتعددت ، وبلغ الرواة من الكثرة مبلغ التواتر في نقل مضامين أغلب الأبواب.

الصنف الثاني : الأخبار المحتفة بقرينة قطعية توجب العلم.

والقرائن القطعية على نحوين :

إذ تارة تكون دالة على القطع بصدور الخبر عن المعصوم عليه السلام ، فيكون الخبر صحيحا في نفسه.

وأخرى دالة على صحة مضمون الخبر ، وإن احتمل عدم الصدور.

والشيخ لم يذكر شيئا عن النحو الأول ، لكنه ذكره في كتابه العدة في

أصول الفقه - كما سيأتي في محله - ، لانحصار العلم بتلك القرائن بأصحاب المعصوم عليه السلام غالبا ، بل اكتفى ببيان أنواع النحو الثاني من القرائن القطعية

الدالة على صحة متضمن الخبر.

ص: 271

على أن بعض تلك القرائن - كموافقة الخبر للإجماع - كاشفة عن احتمال كون الأصل هو القطع بالصدور ، ولكن لسبب ما ، لم يصل العلم بهذا القطع إلى الشيخ ، بل وصلت آثاره إليه أعني الإجماع على العمل بمضمون ذلك الخبر ، والإجماع يكشف - بدوره - عن صحة ما تضمنه الخبر ، وإن احتمل عدم صدوره.

فهاهنا أمران : خبر ، وإجماع ، وبما أن مضمون الخبر متطابق مع الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام ، فإنه إذا احتملنا كون الأصل في الإجماع هو ذلك الخبر بعينه ، وقوي ذلك الاحتمال بقرينة ما ، فسيكون الخبر قطعي الصدور.

وإذا احتملنا كون الأصل غيره ، فسيكون ظني الصدور ، ولكن لنكتة الموافقة وجب العمل بالمضمون ، وهذا لا يضر حتى مع احتمال كون الخبر موضوعا ، لأن العمل في الواقع إنما هو عمل بالقرينة - وهي الإجماع - وليس بالخبر.

وقد نبه الشيخ على هذا في كتاب العدة في أصول الفقه ، فقال : «... إن كانت هناك قرينة تدل على صحة ذلك - يعني : صحة ما تضمنه الخبر - كان الاعتبار بالقرينة» (1).

وعلى أية حال ، فإن النحو الثاني من القرائن القطعية الموجبة للعلم ، تخرج الخبر - غير المتواتر - المطابق لها عن خبر الآحاد ، وتلحقه من جهة العمل بالمتواتر ، وعلى هذا تكون موجبة للعمل به كما أوجبت العلم بمضمونه.ع.

ص: 272


1- العدة في أصول الفقه 1 / 126 ، من الفصل الرابع.

وهذه القرائن على خمسة أنواع ، هي :

القرينة الأولى : المطابقة مع القرآن الكريم.

والتطابق في هذه القرينة يكون من أربعة وجوه ، وهي :

الوجه الأول : مطابقة الخبر مع ظاهر القرآن الكريم ، وهذا الوجه من المطابقة دال عند الشيخ بالأولوية على سلامة الاحتجاج بظواهر القرآن الكريم في مجال الحكم الشرعي مطلقا ، ما لم يرد دليل قاطع على العمل بخلاف ذلك الظاهر ، خلافا لما قد يزعم من أن احتجاج الشيخ بذلك كان في ما دون الوجوب ، ونحو هذا من الكلام الذي صرح الشيخ بخلافه.

الوجه الثاني : المطابقة مع عموم القرآن الكريم.

الوجه الثالث : المطابقة مع دليل خطابه.

الوجه الرابع : المطابقة مع فحواه.

القرينة الثانية : المطابقة مع السنة المقطوع بها.

والتطابق في هذه القرينة يكون من أربعة وجوه أيضا ، وهي :

الوجه الأول : مطابقة الخبر مع صريح السنة المقطوع بها.

الوجه الثاني : المطابقة مع عمومها.

الوجه الثالث : المطابقة مع دليلها.

الوجه الرابع : المطابقة مع فحواها.

ص: 273

القرينة الثالثة : مطابقة الخبر مع إجماع المسلمين.

القرينة الرابعة : مطابقة الخبر مع إجماع الإمامية.

وبذكر هذه القرينة يعلم أن المراد بالقرينة الثالثة هي هذه لا غير لدخول الإمامية في هكذا إجماع حتما ، إذ لا عبرة بإجماع المخالف قطعا ، لا سيما بعد ثبوت إجماعهم على مخالفة القرآن الكريم والسنة الثابتة ، كإجماعهم مثلا على تحريم المتعة ، ووجوب غسل الرجلين في الوضوء لأجل الحفاظ على سنة زيد أو عمرو لا غير.

القرينة الخامسة : المطابقة مع العقل.

وتكون هذه المطابقة من وجهين ، وهما :

الوجه الأول : مطابقة الخبر مع الدليل العقلي.

الوجه الثاني : مطابقة الخبر مع مقتضى العقل.

الصنف الثالث : أخبار الآحاد.

وهي الأخبار التي لم تصل إلى حد التواتر ولم تكن محتفة بقرينة قطعية أو ظنية سواء كان الراوي واحدا أو أكثر ، وسواء كانت مسندة أو لا.

ويقسم هذا الصنف من الأخبار - من جهة العمل بها أو عدمه - على نحوين من أخبار الآحاد ، وهما :

النحو الأول : أخبار الآحاد التي لم تعارض بغيرها.

وهذا النحو يجوز العمل به عند الشيخ ، لأنه من الباب الذي عليه

ص: 274

الإجماع في النقل ، إلا أن تعرف فتاواهم بخلافه ، فيترك لأجلها العمل به ، على حد تعبيره قدس سره (1).

ويجدر التنبيه على أن مراد الشيخ بهذا النحو من الأخبار هي الأخبار الواردة من طريق رواة الإمامية الاثني عشرية دون سواهم من الرواة ، وبشرط ثبوت وثاقتهم وضبطهم وعدم الطعن في روايتهم (2).

ومن هنا يعلم بأن خبر الواحد الذي رفضه الشيخ إنما هو الخبر الذي لم يتصف بما ذكرناه ، كما لو كان طريقه عاميا ، أو إماميا ولكن لم تثبت لديه وثاقة رواته ، أو ثبتت ولكن له معارض أقوى ، أو كانت الشهرة الفتوائية على خلافه ، وغير ذلك من الأمور الأخرى.

النحو الثاني : أخبار الآحاد المتعارضة مع غيرها.

وجواز العمل أو عدمه بهذا النحو من الأخبار ، خاضع عند الشيخ لقواعد الترجيح بين المتعارضين ، فإذا ما ثبتت بتلك القواعد رجاحة أحد الخبرين المتعارضين جوز الشيخ العمل به دون الخبر الآخر.

وفي ما يأتي خلاصة لقواعد الترجيح التي صرح بها في مقدمة الإستبصار ، وطبقها على ما تعارض من أحاديث التهذيب والاستبصار :ع.

ص: 275


1- راجع : الإستبصار 1 / 4 ، من المقدمة.
2- راجع : العدة في أصول الفقه 1 / 126 ، من الفصل الرابع.

قواعد الترجيح بين الأخبار المتعارضة عند

الشيخ الطوسي قدس سره

ذكر الشيخ الطوسي في مقدمة الإستبصار جملة من القواعد التي اعتمدها في الترجيح بين الأخبار المتعارضة في كتاب الإستبصار ، كما اعتمدها أيضا في كتابه التهذيب ، كما سيأتي في تطبيقاتها بفصل مستقل.

ومن خلال تلك القواعد يعلم دور الشيخ الطوسي في دراية الحديث ، بل وسبقه إلى إدخالها حيز التطبيق بشكل لم يسبقه إليه أحد.

وسوف نبسط تلك القواعد على النحو الآتي :

أولا : الترجيح بقاعدة «عدالة الرواة».

هناك ثلاثة أحوال للخبرين المتعارضين عند الترجيح بينهما بموجب هذه القاعدة ، وهي :

إما أن يكون رواة أحد الخبرين عدولا والثاني أعدل ، أو العكس ، أو يتساويان في العدالة ، وهنا جوز الشيخ العمل برواية الأعدل ، لكون الترجيح معه دون العدل.

وأما لو تحقق التساوي في العدالة بين رواة الخبرين ، فإن الترجيح سيكون بموجب القاعدة الثانية ، وهي :

ثانيا : الترجيح بقاعدة «كثرة الرواة».

للخبرين المتعارضين المتساويين في عدالة رواتهما ثلاثة أحوال

ص: 276

بموجب هذه القاعدة ، لأنهما : إما أن يكون أحدهما كثير الرواة والثاني أكثر ، أو العكس ، أو يتساويان في الكثرة ، وهنا جوز الشيخ العمل برواية الأكثر دون الكثير ، للعلة السابقة.

وأما مع التساوي فقد نقل الترجيح بينهما إلى القاعدة الثالثة ، وهي :

ثالثا : الترجيح بقاعدة «العدالة والكثرة».

ومن استخدام الطريقة نفسها في الترجيح ، يعلم بالنتيجة أن للخبرين المتعارضين ثلاثة أحوال أيضا ، وهي :

إما أن يكون أحدهما راجحا والآخر مرجوحا ، أو العكس ، أو يتساويان ، والعمل هنا يكون بأرجح الخبرين.

وأما عند تساويهما ، فقد عمل الشيخ بالقاعدة الرابعة ، وهي :

رابعا : قاعدة «الجمع أولى من الطرح».

إذا تساوى الخبران المتعارضان عند الشيخ في عدالة الرواة وكثرتهم فيرجح بينهما بموجب هذه القاعدة على النحو الآتي :

1 - إذا عمل بالخبر (أ) ، أمكن العمل بالخبر (ب) ولكن على وجه من الوجوه وضرب من التأويل.

2 - وإذا عمل بالخبر (ب) ، وجب طرح الخبر (أ).

فهنا يرجح الشيخ العمل بالخبر (أ) دون (ب) ، لأن العمل بالخبر (ب) موجبا لطرح الخبر (أ) ، بينما العمل بالخبر (أ) جامعا للعمل بين الخبرين (أ) و (ب) ، وهذا هو معنى القاعدة.

ص: 277

خامسا : الترجيح ب «شاهد الأخبار لتأويل المتعارضين».

وأسلوب الترجيح وفق هذه القاعدة يكون بالصورة الأولى من القاعدة السابقة مع عكسها ، وإن اختلف عنه في طريقة الترجيح ، وسوف نذكر الصورتين معا ، وهما :

1 - إذا عمل بالخبر (أ) ، أمكن العمل بالخبر (ب) ولكن على وجه من الوجوه وضرب من التأويل.

2 - وإذا عمل بالخبر (ب) ، أمكن العمل بالخبر (أ) ، ولكن على وجه من الوجوه وضرب من التأويل.

فهنا صورتان ، وفي كل منهما عمل بخبر وتأويل آخر ، والصورتان متعارضتان بالفرض ، وطريقة الترجيح بينهما تكون على أساس النظر إلى ما يشهد من الأخبار الأخر لتأويل (ب) و (أ) في الصورتين ، أو لأحدهما.

وبهذا الأسلوب يتم ترجيح العمل بالصورة التي يكون شاهد التأويل فيها أقوى من شاهد التأويل في الصورة الأخرى ، وكذا ترجيح ما شهد لأحدهما على ما لم يشهد ، وبما أن الاحتمالات متعددة في الشواهد الخبرية للتأويل ، إذ ربما يتساوى الشاهدان في القوة ، وربما لم يكن شاهد أصلا لأي منهما ، وهنا يلجأ إلى القاعدة السادسة في مسألة الخبرين المتعارضين ، وهي :

سادسا : قاعدة «التخيير أولى من التساقط».

هذه القاعدة ليست من قواعد الترجيح بين الأخبار ، وإنما يلجأ إليها عند تحكم التعارض بين الخبرين حين يفقد كل منهما الصفات المرجحة

ص: 278

على الآخر ، وفيها اختلاف واسع بسبب ورود أخبار صحيحة أخرى تفيد إرجاء الخبرين المتعارضين مع تعليل الإرجاء المذكور بأن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (1).

وبهذا اختلفت كلمات الأعلام في تطبيق قاعدتي التخيير والإرجاء في خصوص الخبرين المتعارضين ، والأصل في القاعدتين هو الأخبار ، ومن أخبار الأولى خبر : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» (2).

وللعلامة المجلسي رضي الله عنه كلام مختصر مهم بشأن القاعدتين (3) ، ومما يهون الأمر ، هو أن طرق الترجيح السابقة غالبا ما تؤدي إلى رفع الاختلاف والتعارض بين الأخبار ، ونادرا ما يصل الدور إلى التخيير أو الإرجاء.

ومهما يكن فإن خلاصة هذه القاعدة ، منوط بالنظر إلى التأويلين المذكورين في صورتي القاعدة السابقة.

فإذا لم يشهد لهما أي خبر ، وكان التأويلان متقاربين ، فالعمل يكون بالتخيير بينهما ، وإن كانا متباعدان من كل وجه وكان العمل بأحدهما موجبا لإسقاط الآخر عمل بالتخيير من باب التسليم.

وقد بين الشيخ قدس سره بأن العامل بأحد الخبرين تخييرا ، وإن خالفه

العامل الآخر بالخبر المضاد ، إلا إنهما غير مخطئين ، وإنهما لم يتجاوزا حد الصواب.

أما أولا : فللأخبار الواردة في التخيير.

وأما ثانيا : فلأنه «إذا ورد الخبران المتعارضان وليس بين الطائفة ث.

ص: 279


1- أصول الكافي 1 / 67 - 68 ح 10 باب اختلاف الحديث ، من كتاب فضل العلم.
2- أصول الكافي 1 / 66 ذيل ح 7 ، باب اختلاف الحديث ، من كتاب فضل العلم.
3- أنظر : مرآة العقول 1 / 218 في شرح الحديث السابع من باب اختلاف الحديث.

إجماع على صحة أحد الخبرين ، ولا على إبطال الخبر الآخر ، فكأنه إجماع على صحة الخبرين ، وإذا كان الإجماع على صحتهما ، كان العمل بهما جائزا سائغا» (1).

وفي ما يأتي مخطط شامل لما ذكرناه من أصناف الخبر عند الشيخ مع طريقته في علاج الأخبار المتعارضة : ة.

ص: 280


1- الإستبصار 1 / 5 ، من المقدمة.

صورة

ص: 281

وأما «الغيبة» :

فهو من كتب الحديث الجليلة التي قل نظيرها بين مؤلفات الإمامية وهو ، وإن كان موضوعه عقائديا إلا أنه اعتمد فيه الحديث بشكل مباشر في جميع أبوابه ، ومن هنا صح عده من كتب الحديث أيضا.

وهذا الكتاب ألفه الشيخ قدس سره في أواخر زعامته الدينية المطلقة ببغداد ،

وذلك عند أفول نجم البويهيين وحلول ظلام السلاجقة الذين أحالوا دور العلم خرابا في عهده ، وسوف يأتي الكلام عن هذا الكتاب في بيان دور الشيخ الطوسي قدس سره في المجال العقائدي إن شاء الله تعالى.

أما «الأمالي» :

فهو كتاب حديثي ذكره الشيخ ضمن مؤلفاته في الفهرست ، فقال : «... وله كتاب المجالس في الأخبار (1)» ، وفي هذا الكتاب - المعبر عنه أحيانا بالرمز (ما) لأجل الاختصار - ستة وأربعون مجلسا من مجالس التحديث ، أملاها الشيخ - في مدة ثلاث سنوات - على تلاميذه في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، وقد ابتدأها في شهر ربيع الأول من سنة 455 ه ، وختمها في يوم الجمعة السادس من شهر صفر سنة 458 ه ، وفي تلك المجالس 1537 حديثا ، رواها عن خمسة عشر شيخا تقريبا ، كابن الغضائري ، وابن الصلت الأهوازي ، وابن عبدون ، وغيرهم ، إلا أن أكثر من روى له في تلك المجالس هو الشيخ المفيد ، إذ أورد له 9.

ص: 282


1- الفهرست : 161 رقم 699.

ما يزيد على أربعمائة حديث ، زيادة على مشاركته في جميع ما رواه الشيخ بلفظ : «عن جماعة» ، لتحديد مراده بهذا اللفظ في كتابه الفهرست (1).

وتعد أمالي الشيخ تحفة حديثية نادرة ، لما فيها من عيون الحكم ، ونفائس المواعظ ، وجواهر الإرشاد ، ومكارم الأخلاق ، اختارها من بين ثروته الحديثية الواسعة ، لتكون خريدة فريدة في بابها ، ومرآة صافية لما عليه نفس صاحبها.

كما اشتملت أيضا على بعض القصص والأحداث التاريخية المهمة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وعهد الصحابة ، وكان هدفه منها تثبيت القلوب على الإيمان والتقوى ، ومعرفة الحق الذي جوبه بالحظر والتدوين الرسميين.

ولأجل تحقيق هذه الغاية أكثر فأكثر فقد عني عناية واضحة في إيراد ما له صلة بحياة أهل البيت عليهم السلام ومكانتهم ومنزلتهم من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ أورد بعض خطبهم عليهم السلام ، ووصاياهم ، مع شئ من تاريخهم ، وعطائهم

الثر ، مع التركيز على فضائلهم ومناقبهم وتواتر النص عليهم وتعينهم في المكان الذي اختارهم الله تعالى إليه ، وجعله إليهم ، وقد حظي أمير المؤمنين عليه السلام بالقسط الأوفر من تلك الأحاديث ، ولعل في هذا ما يكشف محاولة الشيخ الجادة في تطويق الباطل وتضييق الخناق عليه ، بعد أن تفشى وباؤه في جسد الأمة حتى شل قدرتها على التفكير الصحيح ، ولم يلبث 4.

ص: 283


1- أنظر : الفهرست ، ترجمة : إبراهيم بن هاشم ص 4 رقم 6 ، وأحمد بن الحسن الأسفراييني ص 27 رقم 74 ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ص 19 رقم 53 ، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي ص 21 رقم 55 ، وأحمد بن محمد بن سيار ص 23 رقم 60 ، وجعفر بن محمد بن قولويه ص 42 رقم 130 ، وعمر بن محمد بن سالم البراء ص 114 رقم 494.

الأمر هكذا ، إلى أن سرى ذلك الداء الوخيم في عروق السلاجقة فحولوا بغداد إلى ظلام لا يطاق ، حتى اضطر الشيخ إلى مغادرتها متوجها إلى النجف الأشرف ، ليجعل من تلامذته هناك مشاعل نور تضئ الطريق.

هذا ، وزيادة على ما في تلك الأمالي من قيمة حديثية عالية ، فإنها

تعد ذات قيمة تفسيرية مهمة ، إذ كشفت بطريق الرواية عن مضامين ووجوه وأهداف وتفسير مائتين وسبع وثمانين آية من آيات القرآن الكريم فيما تتبعناه.

وجدير بالذكر ، أن الشيخ أخرج جملة وافرة من أحاديث أماليه عن

رواة العامة ، وتحديدا : عن الصنف الرابع من رواتهم ، وقد سبقت الإشارة إلى تحليل موقفهم من نظائر تلك الروايات.

وبالجملة ، فإن شيخنا الطوسي قد وفق في كتابه الأمالي ، إذ استطاع أن يرصد نوع الثقافة التي يحتاج إليها الناس وقتئذ ، فغذاها بالحديث الشريف ، واستطاع بكل جدارة أن يضرب على الوتر الحساس الذي تجنبه الكثير من المحدثين في ذلك الحين.

للبحث صلة ...

ص: 284

فهرس مخطوطات مكتبة أميرالمؤمنين العامّة / النجف الأشرف (1)

السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق ، محمد وآله الأطيبين الأطهرين.

إن من الحقائق المهمة التي استطاع الفرد البشري استيعابها وإدراكها حقيقة أن الزمان متصرم لا محال.

فمنذ البدء جعل هذا المفهوم الحي محورا أساسيا من محاور البناء التي صاغها لأجل البقاء والمواصلة والتطور ، كيف؟! والنظام الكوني عموما مرتكز على هذه القضية أيما ارتكاز ، فهي من صفاته ولوازمه التي لا تنفك عنه أبدا.

والمشاهد أن مكادحة الإنسان لعامل الزمن قد جسدت فيه الإرادة الصلبة والمقاومة المثيرة والجهد الدؤوب بأرفع صورها وأجمل معانيها حتى أسفرت عن قدرة كبيرة في المبادرة وإبداع مدهش في اتخاذ القرار بما يتناسب والحاجة الملحة ، فكانت الحصيلة ارتقاء على مستوى الابتكار

ص: 285

والاكتشاف والاختراع.

إن هذه الكبرى لم تتمثل في مصداق أو بعض مصاديق معينة ، بل سرت في مختلف جوانب الحياة بأدق جزئياتها وصغرياتها بحيث عاد من المستحيل تصور المسيرة البشرية بدونها.

ولقد أدى العلم دورا فاعلا ومتميزا في بلورة وتهذيب وتنقيح المساعي البشرية الطامحة للاستفادة من عامل الزمن على أحسن وجه ، وأفضل كيفية ، فكان ولا زال هو الرائد في التوجيه والبرمجة بشكل مطلق.

وعلم الفهرسة هو واحد من العلوم التي شيدت أساسا لغرض اختزال العديد من الخطوات والمراحل التي تعترض بلوغ المرام ونيل المقصود ، وإن كان بعض أهل اللغة قد عرف الفهرسة بأنها : «كتاب تجمع فيه أسماء الكتب ، أو دفتر في أول الكتاب أو آخره يتضمن ذكر ما فيه من الفصول والأبواب» ، فهو - على ضوء ما نلمسه منه في عصرنا الحاضر من شمولية واستيعاب لشتى المحاور العلمية والثقافية وأساليب البرمجة والتقنية الحديثة وسائر الجوانب الحياتية - تعريف أخص من المدعى وغير جامع بالمرة ، أضف إلى ذلك أن الفهرسة غدت علما من العلوم التي لا تغادرها الضرورة الشديدة والحاجة الملحة في أي وقت من الأوقات ، وبات من الضروري تعلم أسسها ومناهجها التي ينبغي توفر مقدمات لدركها والاستفادة الصحيحة منها.

ولا يعد خافيا ما لهذا العلم من خدمات جليلة أسداها بحق إلى العلوم الأخرى حتى انفتحت به أبواب واسعة وآفاق رحبة ، قطفت معها أطيب النتائج والثمار.

ولقد تلألأت في سمائه رجال أفذاذ وأعلام كبار ، تمكنت بفضل

ص: 286

جهودها المباركة وخطواتها الجليلة وابتكاراتها الفريدة أن ترفد سوح الفكر والمعرفة بروائع نتاجاتها ونفيس آثارها.

والمحقق العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره - الذي ثنيت له الوسادة في العديد من صنوف العلم وألوانه - كان العالم الخبير ، والمبدع القدير ، والأستاذ الماهر في علم الفهرسة ، العلم الذي تمرس فيه منذ الصبا حيث مكتبة جده رضوان الله تعالى عليهما ، إلى تلك الآثار التي تنم عن غاية في الدقة وعمق في البحث وإصرار في المتابعة ومتانة في التحقيق ، حتى أزيل - بفضل مساعيه القيمة - الغبار عن العديد من الآثار الفريدة والمؤلفات النفيسة.

لقد مارس السيد الطباطبائي قدس سره هذا العلم على ضوء منهجية وأسلوب خاص ، ضمنها ذلك العرض الرشيق والضبط الرفيع ، كيف لا؟! وهو الرجالي الكبير والخبير الشهير في علم المخطوطات ، هذين العلمين اللذين أعاناه على إضفاء خصائص وامتيازات على آثاره قلما توفرت لدى الآخرين.

وهذا الأثر القيم «فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف الأشرف» هو واحد من تلك الآثار التي تعبر بالدليل القاطع عن صدق المدعى بأجلى صوره ، ولا نروم التكرار في ذكر المواصفات التي امتازت بها مؤلفاته قدس سره في هذا الصنف من العلوم.

وينبغي الإشارة إلى أن هذا الفهرس كان قد كتبه المؤلف قدس سره وأستاذه الشهير آقا بزرك الطهراني على قيد الحياة ، بدليل تعبيره عنه ب : دام ظله.

وتراثنا إذ تنشر هذا الأثر الجليل على صفحاتها ، وكما هو عليه في مسودات السيد المحقق التي كتبها في ذلك الوقت ، فهي تذكر قراءها الكرام

ص: 287

بأنها قد قامت بإجراء بعض التصحيحات الضرورية على متنه.

كما استعانت لرفع بعض الإشكالات التي واجهتها في إعداده ببعض من وأكبوا المؤلف قدس سره في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف الأشرف.

سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا الجهد المتواضع بوافر منه وكرمه.

وصلى الله على رسولنا محمد ، وآله الطيبين الطاهرين.

هيئة التحرير

ص: 288

(1)

الآثار الأحمدية في بيان الأدلة الشرعية

للعلامة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني.

أوله : «الحمد لله الذي جعلنا من أمة محمد ... أما بعد ، فإني لما فرغت من كتاب الألفين من أحاديث سيد الثقلين أحببت أن أفرد رسالة أجمع فيها الأدلة الشرعية ... وسميتها بالآثار الأحمدية في بيان الأدلة الشرعية ورتبتها على أربعة أقسام : عبادات ، وعقود ، وإيقاعات ، وأحكام ...».

اقتصر فيه على متون الأحاديث بحذف أسانيدها نظير بداية الهداية للحر العاملي.

نسخة إلى أواسط كتاب الحج ، بخط المصنف ، ضمن مجموعة من مؤلفاته ، ورسائله كلها بخطه ، رقم المجموعة 1936.

(2)

آداب البحث

في علم الخلاف والجدل والمناظرة.

لمحمد بن أشرف الحسيني السمرقندي ، المتوفى حدود سنة 600 ه.

نسخة قيمة قديمة ، جميلة الخط ، من نسخ القرن التاسع ، بأول مجموعة كتبت سنة 870 ، وبعدها عدة من شروحها ، وهي من الورقة 1 إلى

ص: 289

6 أ ، رقم 1832.

نسخة أخرى في هذه المجموعة أيضا ، من الورقة 76 ب إلى الورقة 79 ب ، رقم 1832.

(3)

آداب المتعلمين

ينسب إلى المحقق الطوسي ، وشكك فيه محمد تقي دانش پژوه ، ونسبه إلى [غيره].

وهو مطبوع مرارا.

نسخة بخط فارسي خشن جميل ، بآخر مجموعة 3 / 2303.

نسخة ضمن مجموعة ، هو أولها ، وتاريخ المجموعة 1125 ، رقمها 862.

نسخة كتبها السيد علي بن مرتضى الطباطبائي بنسخ جيد إلا الورقة الأخيرة منها فإنها بخطه الفارسي ، وفرغ منها سنة 1132 ، ضمن مجموعة بخطه ، رقم 864.

نسخة ناقصة الطرفين ، كتابة القرن الثاني عشر ، ملحق بكتاب مفتاح الفلاح للشيخ بهاء الدين العاملي ، رقم 1658.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، ضمن المجموعة رقم 2183.

(4)

آداب النكاح

أوله : «فصل في آداب المناكحة والمباشرة وما يتعلق بها إذا أردت

ص: 290

عقد التزويج ..».

نسخة ضمن المجموعة رقم 2183 ، في سبع أوراق.

(5)

إبانة المختار

في إرث الزوجة من ثمن العقار بعد الأخذ بالخيار

للعلامة الفقيه الشيخ فتح الله بن محمد جواد النمازي الشيرازي الأصفهاني النجفي ، الشهير بشيخ الشريعة ، المولود سنة 1266 ، والمتوفى في النجف الأشرف 8 ربيع الآخر سنة 1339.

وهذه المسألة قد سئل المؤلف عنها فأجاب فيها ، ثم ظهر له أن بعض مشاهير عصره (وهو الفقيه النبيه المحقق السيد محمد كاظم الطباطبائي) (1) يخالفه في رأيه ، فكتب المؤلف هذه الرسالة انتصارا لما ارتآه ، وإثباتا لما ادعاه ، وفرغ منها في شهر رمضان سنة 1319 ، إلا أن خطبة نسختنا تخالف الخطبة المذكورة في الذريعة.

ثم علق على هذه الرسالة شيخ محققي ذلك العصر وهو العلامة الخراساني ، صاحب الكفاية ، قيودا وتعاليق رد بها رأي المؤلف وأدلته ، وأيد رأي سميه صاحب العروة ، فكتب المؤلف في رده كتاب أسماه : صيانة الإبانة عن وصمة الرطانة.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، وعلى نسخة الأصل بخطه ، ولعل الكاتب من تلامذته إلى ما دون الورقة الأخيرة ، وأما الورقة الأخيرة فهي ).

ص: 291


1- هكذا كتب المؤلف بخطه في هامش نسختنا. (منه قدس سره).

بخط المؤلف نفسه ، عرفه وميزه بمجرد ما رآه تلميذه شيخنا الحجة الرازي دام ظله ، وهي ضمن مجموعة جمعها تلميذ المؤلف العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي عام 1324 ، رقم المجموعة 389.

والمسألة هي : لو أن رجلا اشترى أرضا وجعل الخيار للبائع ، ثم مات المشتري ، وفسخ البائع ، فهل ترث زوجته حصتها من تمام الثمن أو لا ترث إلا ما قابل الأعيان ، وأما ما قابل الأرض فإنها لا ترث منه شيئا كما لا ترث من الأرض.

واختار شيخ الشريعة الشق الثاني ، واختيار جماعة معاصريه هو الشق الأول وأنها ترث.

وممن كتب بهذا الصدد العلامة الحجة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في تعليقته على المكاسب في مباحث الخيار ، فإنه أسهب في هذا المقام واختار مختار أستاذه صاحب العروة.

وكذا المحقق الخراساني.

وكذا العلامة الشيخ محمد علي الرشتي ، في ما أفرد لهذه المسألة من رسالة توجد بخطه في هذه المجموعة نفسها.

وكذا الشيخ عبد الله المازندراني ، وهذه الرسالة كتبها تلميذه تقريرا لبحثه.

وهذا السؤال أرسل من مدينة رشت سئل عنها جمع من أعلام النجف فلما أجاب شيخ الشريعة بخلاف ما اختاره الباقون طلب عالم رشت يوم ذاك - وهو الحاج محمد الرشتي - الاستدلال من الأعلام على آرائهم ، فكتب شيخ الشريعة وغيره رسائل مفردة.

ص: 292

(6)

أبكار الأفكار

هو تخميس القصيدة الطرائفية ، التي هي من نظم أبي عبد الله عبد الكريم بن ضرغام ، المعروف بالطرائفي ، المتوفى حدود سنة 853.

ويظهر من الدكتور عزة حسن في فهرس الظاهرية ص 67 أن اسم القصيدة زبد الأفكار وهي في مدح النبي المختار صلى الله عليه وآله ، وهي تسع وعشرين قصيدة ، قافية كل منها أحد الحروف الهجائية مرتبة من الألف إلى الياء ، بعد اللام مع الألف (لا) حرفا منها ، وأبيات كل قصيدة تبدأ بحرف قافيتها ، فالقصيدة الأولى أوائل أبياتها الهمزة وقافيتها أيضا الهمزة ، والأخيرة قافيتها الياء وأوائل أبياتها الياء.

وكل قصيدة عشرون بيتا ، عشرة منها في الغزل وعشرة في المديح.

ثم القصيدة لها تخميس ، أول القصيدة قوله :

أحبة قلبي عللوني بنظرة

فدائي جفاكم والوصال دوائي

وأول التخميس :

أذوب اشتياقا والفؤاد بحسرة

وفي طي أحشائي توقد جمرة

ويظهر من فهرس الأزهرية 5 / 3 أن التخميس أيضا للطرائفي ، ناظم القصائد نفسه.

ويظهر من فهرس الظاهرية ص 68 أن التخميس للفيومي مخمس البردة ، وأنه يغلب على الظن أنه الشيخ ناصر الدين بن عبد الصمد ، معيد المدرسة المالكية في الفيوم ، لأنه ممن خمس قصيدة البردة.

ص: 293

وبما أن نسختنا مكتوبة سنة 997 ، قريبة من عهد الناظم ، [فهو مما] يؤيد كون التخميس له أيضا.

نسخة منضمة إلى تخميس القصيدة الوترية ، فرغ الكاتب منها 29 شهر رمضان سنة 997 ، رقم 207.

(7)

الإتقان

في مباحث الألفاظ من أصول الفقه إلى مباحث المشتق.

تصنيف العلامة المحقق الشيخ هادي بن محمد أمين الطهراني النجفي.

نسخة بخط حسين الكروسي ، فرغ منها 27 جمادى الآخرة سنة 1328 ، ضمن مجموعة من رسائل المؤلف ، رقم 472.

نسخة أخرى للكتاب فرغ منها الكاتب - وهو من تلامذته - 6 ربيع الآخر سنة 1324 ، بأول مجموعة رقم 134.

(8)

إثبات حدوث العالم

للشيخ حسين بن إبراهيم التنكابني تلميذ صدر الدين الشيرازي.

أوله : «الحمد لله المتفرد بوجوب وجوده عن كل عين ...».

نسخة بخط السيد حسن الموسوي الأخوي التقوي الطهراني الشيرازي ، كتبها بخطه الفارسي الجميل في خمس أوراق سنة 1284 ،

ص: 294

ضمن مجموعة فلسفية عرفانية كلها بخطه ، رقم 5 / 1547.

(9)

إثبات الصانع

هو كتاب موجز في العقائد ، وخاصة في التوحيد.

أوله : «الحمد لله الذي نصب لنا دليلا بإظهار صفات كماله على توحيد ذاته وتمجيد صفاته ... وعلى آله وأصحابه بأبلغ تحياته. أما بعد ، فهذه رسالة تشتمل من درر العقائد فرائدها ، ومن غرر الفرائد معاقدها ... تحفة ... أبو المظفر غازي ... أما بعد ، فإن هذا المختصر مرتب على ثلاثة فصول : الفصل الأول في إثبات الصانع ، الفصل الثاني في تنزيهاته ... الفصل الثالث في إثبات صفاته الثبوتية ...».

ولم أعرف المؤلف ولا اسم الكتاب ، فهو : إثبات الصانع ، أو إثبات الواجب ، أو التوحيد أو عقائد أو عقيدة ، وما أشبه ذلك ، ولم أجده في كشف الظنون في شئ من هذه العناوين.

نعم ، ذكر في عنوان (المختصر) في الكلام لمؤلفين : إسماعيل بن يحيى الرازي ، وشمس الدين محمد ، ولم ينقل شيئا من خطبتهما لتطبق.

نسخة القرن التاسع ، ناقصة الآخر ، بل ناقصة من آخر الفصل الأول أيضا ، ضمن المجموعة 1832 ، من الورقة 48 ب إلى 50 ب.

(10)

إثبات المبدأ الأول

للشيخ الرئيس ابن سينا ، وهو أبو علي الحسين بن علي بن سينا ،

ص: 295

المتوفى سنة 428 ه.

نسخة ناقصة الآخر ، وبآخرها أوراق بيض كثيرة ، كتبها السيد حسن الأخوي الموسوي التقوي الشيرازي الطهراني ، بآخر مجموعة فلسفية كتبها سنة 1284 رقم 7 / 1547.

(11)

إثبات الواجب

للدواني ، وهو المولى جلال الدين محمد بن أسعد الدواني ، المتوفى 9 ربيع الآخر سنة 908.

استظهر شيخنا دام ظله في الذريعة 1 / 106 أن ولادته حدود سنة 830.

وله كتابان بهذا الاسم أحدهما عرف ب : إثبات الواجب القديم وقد

ألفه أوان شبابه باسم السلطان محمد الفاتح - المتوفى سنة 886 - والثاني عرف ب : إثبات الواجب الجديد لأنه ألفه متأخرا ، وهذه النسخة هي القديمة.

أولها : «سبحانك سبحانك ما أعظم شأنك وأظهر برهانك ...».

رتبه على مقصدين ، في كل منهما طرق وخاتمة ، قال : وقد كتبتها في يومين من أقصر أيام الصيف.

نسخة القرن الحادي عشر بأول المجموعة رقم 2266 ، وبعدها في المجموعة حاشيتان عليه للمحقق الشيرواني والباغنوي ، من الورقة 1 إلى الورقة 20 أ ، وعليها حواش منه.

ص: 296

(12)

إثبات الواجب

الظاهر أنه للمولى رجب علي التبريزي الأصفهاني ، المقدر عند السلطان شاه عباس الثاني الصفوي ، وهو أستاذ القاضي سعيد القمي الحكيم العارف المشهور.

فارسي ، مرتب على مقدمة وخمسة مطالب وخاتمة ، المقدمة في اشتراك الوجود اشتراكا لفظيا في الواجب والممكن ، وذكره شيخنا في الذريعة.

أوله : «الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ، بدانكه اين نوشته مشتمل است بر مقدمه وپنج مطلب وخاتمه ...».

نسخة ضمن مجموعة فلسفية كتبت بخط فارسي جيد في القرن الحادي عشر ، تاريخ بعض رسائلها سنة 1079 ، رقم التسلسل 597.

(13)

الاثنا عشرية الصلاتية

للشيخ البهائي.

نسخة فرغ منها الكاتب سنة 1034 ، في المجموعة 3 / 2288 ، وهي بخط محمد مقيم بن معصوم علي الذي صرح باسمه في آخر الاثني عشرية الصومية الموجودة بعد هذه الاثني عشرية مباشرة في هذه المجموعة

ص: 297

وبنفس الخط ، وفرغ منها 15 شعبان سنة 1034 ، ولعله من تلامذة المؤلف.

نسخة بخط محمد نظام بن علي خان ، كتبها في حياة المؤلف ، وأظنه من تلامذته ، وعليها حواش منه مد ظله ، وفرغ المؤلف 17 ربيع الأول سنة 1012 ، وفرغ هذا الكاتب سنة 1020 ، في 44 ورقة ، مقاسها 10 × 7 ، تسلسل 1981.

نسخة بخط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، ضمن مجموعة ، فيها الاثني عشريات الخمس وغيرها ، كلها بخطه وهذه الرسالة فرغ منها 3 ذي الحجة سنة 1322 ، في 14 ورقة ، رقم المجموعة 385.

(14)

الاثنا عشرية الصومية

للشيخ البهائي.

نسخة بخط فارسي جيد ، كتبها محمد مقيم بن معصوم علي ، وفرغ منها 15 شعبان سنة 1034 ، وأظنه من تلاميذ المؤلف ، وكتب قبله بالخط وفي السنة نفسها الاثني عشرية الصلاتية ، وكلاهما في المجموعة رقم 4 / 2288.

نسخة بخط علي بن حسين ، ضمن مجموعة كتابة القرن الحادي عشر ، وعليها حواش كثيرة للمؤلف منه رحمه الله ، رقم المجموعة 768.

نسخة بخط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، ضمن مجموعة كلها بخطه ، فيها الاثني عشريات الخمس للشيخ البهائي ، فرغ منها 5 ذي الحجة سنة 1322 ، في 9 أوراق ، رقم 385.

ص: 298

نسخة كتبت بخط نسخ جيد وقبلها كتاب التنبيهات العلية للشهيد

الثاني ، تاريخه صفر سنة 1082 ، وهما بخط وتاريخ واحد ، وعليه حواش كثيرة في أوائله ، والنسخة ناقصة الآخر ، رقم 1914.

(15)

الاثنا عشرية في الحج

للشيخ البهائي.

نسخة بآخر مجموعة كتابتها في القرن الحادي عشر ، رقم المجموعة 768 ، وعليها تعليقات كثيرة للمؤلف منه رحمه الله ، وبآخرها فائدة في تعداد

مسائل بعض الكتب الفقهية.

نسخة بخط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، ضمن مجموعة كلها بخطه ، فيها الاثني عشريات الخمس للشيخ البهائي ، فرغ من هذه في 6 ذي الحجة سنة 1322 ، في 7 أوراق ، رقم المجموعة 385.

(16)

الاثنا عشرية في الزكاة والخمس

للشيخ البهائي.

نسخة بخط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، ضمن مجموعة كلها بخطه ، فيها الاثني عشريات الخمس للشيخ البهائي ورسائل غيرها ، فرغ من هذه 4 ذي الحجة سنة 1322 ، وهي في 7 أوراق ، رقم 385.

ص: 299

(17)

الاثنا عشرية في الطهارة

للشيخ البهائي.

نسخة بخط العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي ، في مجموعة من رسائل الشيخ البهائي وغيره منها الاثني عشريات الخمس ، وهذه أول كتب المجموعة ، فرغ منها غرة ذي الحجة سنة 1322 ، في 15 ورقة ، رقم المجموعة 385.

(18)

الإجارة

للعلامة الفقيه ، الحكيم الأديب ، المشارك في العلوم ، آية الله الشيخ محمد حسين بن محمد حسن الغروي الأصفهاني ، المتوفى سنة 1361.

وقد طبع في النجف.

نسخة الأصل بخط المصنف النسخ الجيد ، فرغ منه 6 جمادى الآخرة سنة 1358 ، رقم 2095.

(19)

إجازة المحقق الداماد

للسيد أحمد بن زين العابدين ، كان من تلامذته ومن تلامذة الشيخ بهاء الدين العاملي.

ص: 300

والمجيز هو المحقق الداماد ، سيد المحققين ، السيد محمد باقر المشتهر بالداماد ، المتوفى سنة 1040.

وتاريخ الإجازة منتصف جمادى الأولى سنة 1017.

نسخة بخط نظام الدين علي الأنصاري ، فرغ منها 13 ربيع الآخر سنة 1120 ، بآخر مجموعة رقم 457.

(20)

اجتماع الأمر والنهي

للعلامة الجليل ، الفقيه الأصولي ، السيد علي بن محمد علي ، المشتهر بصاحب الرياض ، الطباطبائي ، المتوفى سنة 1236.

أوله بعد خطبة يسيرة : «وبعد ، فهذا أصله يتضمن تحقيق القول باستحالة اجتماع الأمر والنهي في شئ مطلقا ، تساوى متعلقهما أو اختلفا ...».

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، كتبها السيد محمد آل السيد عطية لأجل العلامة الحجة السيد رضا نجل العلامة السيد بحر العلوم ، وفرغ منها 10 ذي الحجة سنة 1230 ، وهي ثاني كتاب في مجموعة رقم 414 ، تبدأ من ورقة 40 ب إلى 53 ب.

(21)

الاجتهاد والأخبار

للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني محمد باقر بن محمد أكمل

ص: 301

الأصفهاني البهبهاني الحائري ، المتوفى سنة 1206.

رد فيه على الأخباريين ، وأثبت هو صحة طريقة المجتهدين ، وقد طبع على الحجر بإيران بآخر عدة الأصول للشيخ الطوسي عام 1315.

وفرغ منه المؤلف 13 رجب سنة 1155.

نسخة مكتوبة بخط نسخ جيد ، ضمن مجموعة أصولية أكثرها للمؤلف ، رقم 951.

(22)

الاجتهاد والتقليد

هو آخر المباحث الأصولية ، يبحث عنها في أصول الفقه ، كتب فيها جماعة من المحققين رسالة خاصة ، ومنها هذه الرسالة للشيخ الفقيه عبد الله بن نصير الدين المازندراني.

وهي رسالة مبسوطة قدم فيها مباحث التقليد على مباحث الاجتهاد لشدة حاجة الناس إليها على العكس من المتعاهد من غيره.

نسخة الأصل بخط المؤلف ، ضمن مجموعة من رسائله كلها بخطه ، رقم 394.

(23)

الاجتهاد والتقليد

للعلامة الفقيه ، آية الله الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني ،

ص: 302

المتوفى سنة 1361.

وقد طبع في النجف.

نسخة الأصل بخط المصنف ، 48 ورقة ، وعليها بعض التعاليق للمؤلف وبخطه أيضا ، رقم 2098.

(24)

الاجتهاد والتقليد

وإثبات اشتراط الحياة في المفتي ، والمنع عن تقليد الميت ، وإثبات عدم جوازه.

أوله : «الحمد لله رب العالمين ... وبعد ، فقد اختلف العلماء قدس سرهم بعد اتفاقهم على جواز التقليد عند تعذر العلم عدا بعض من فقهاء حلب كابن زهرة وجماعة من المعتزلة في اشتراط حياة المفتي في الاستفتاء والتقليد ...».

وهي رسالة كبيرة لم أعرف مؤلفها ، وإنما هو متأخر عن صاحب القوانين لنقله فيها عنه.

نسخة بخط العلامة السيد محمد تقي الطالقاني ، بآخر مجموعة من الرسائل بخطه ، تاريخ بعضها سنة 1274 ، رقم 1708.

(25)

الإجزاء

الظاهر أنه للشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، إذ إنه بخطه.

ص: 303

أوله : «الحمد لله رب ... أما بعد ، فقد اختلفوا في كون الأمر مقتضيا للإجزاء على قولين ...».

نسخة بخط العلامة الشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، 14 ورقة ، في مجموعة كلها بخطه ، رقم 1939.

(26)

الإجماع

للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني محمد باقر بن محمد أكمل الأصبهاني الحائري ، المتوفى سنة 1260.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، بخط خليل بن الشيخ إبراهيم الزاهد ، تاريخ بعضها سنة 1220 ، رقم 393.

(27)

أجوبة الشيخ الأحسائي

هو الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي.

أجاب بها عن مسائل وردت إليه من بعض الأخوان حول حقيقة الرؤيا ، الصادقة منها والكاذبة وعلة ذلك.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، تبدأ بصفحة 56 إلى ص 65 ، تسلسل 693.

(28)

أجوبة الشيخ أحمد الأحسائي

هو الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

ص: 304

أجاب فيها عن مسائل بعض السادة الأجلاء من أهل الحكمة حول أن الشيطان لا يتمثل في عالم الرؤيا بالأنبياء.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، تبدأ بصفحة 49 منها إلى ص 56 ، تسلسل 693.

(29)

أجوبة مسائل

أظنها للشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني.

مؤلف أنوار البدرين ، أجاب بها عن أسئلة الشيخ علي بن عيسى آل سليم.

أوله : «الحمد لمستحقه ، والصلاة والسلام على خيرته من خلقه ، محمد رسوله وآله ...».

والمسائل أكثرها أدبية ، وهي اثنا عشر مسألة ، فرغ من جوابها 24 شوال سنة 1293.

نسخة الأصل بخط المؤلف ، الورقة الأولى منها ساقطة ، ضمن مجموعة من رسائله ومؤلفاته ومنتسخاته ، أكثرها بخطه ، رقم 2183.

(30)

أجوبة مسائل

للعلامة المحدث ، الورع التقي ، عز الدين المولى عبد الله بن الحسين التستري ، المتوفى سنة 1021.

ص: 305

وهي مسائل فقهية من موارد غامضة أو عبارات مشكلة في بعض الكتب الفقهية ، كالقواعد وشرحه للمحقق الكركي والدروس وأمثالها ، وأجاب عنها ببيان مختصر ، وهي بضع مسائل.

نسخة بخط مؤمن بن حيدر ، كتبها بخط نسخ جيد بآخر حاشية المؤلف على ألفية الشهيد بخط الكاتب نفسه ، فرغ من الحاشية في جمادى الأولى سنة 1008 في حياة المؤلف ، وهي في المجموعة رقم 2 / 2181 ، من الورقة 44 ب إلى الورقة 47 أ.

(31)

أجوبة مسائل

سئل عنها السيد كاظم الرشتي بالفارسية ، فأجاب عنها بالعربية ، قال : وأجعل السؤال كالمتن والجواب كالشرح عليه ، وأول الأسئلة حول عصمة الأنبياء.

نسخة ناقصة الآخر ، ضمن مجموعة من كتبه ، رقم 1552.

(32)

أجوبة مسائل

لشيخ الإسلام بهاء الدين محمد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي الجبعي ، المتوفى سنة 1031.

وهي مسائل مختلفة سأله عنها الشيخ صالح بن حسن الجزائري ، ومن مسائله أبيات لبعض النواصب يقول فيها :

ص: 306

أهوى عليا أمير المؤمنين ولا

أرضى بسب أبي بكر ولا عمرا

فسأله الإجابة عنها نظما فأجاب عنها باثني عشر بيتا على الوزن والروي.

نسخة بخط نسخ جيد ، كتبها في مكة المكرمة محمد علي بن محمد صالح بن علي الشيباني ثم الشيرازي ثم المكي ، وفرغ منها بعد صلاة الجمعة يوم العشرين من شهر رمضان سنة 1073 ، على هامش المجموعة رقم 37.

(33)

أجوبة مسائل الأحسائي

هو الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، أجاب فيها عن مسألتين سئل عنهما ، أولاهما عن دوام عذاب أهل النار وعدمه ، ثانيتهما عمن يقول بإيمان فرعون ، وقد أجاب بكفر القائل حيث أنكر نص القرآن.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، تبدأ من ص 27 من المجموعة إلى ص 48 ، تسلسل 693.

(34)

أجوبة مسائل بعض سادة البلاد

للشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

عبر عن السائل ببعض سادة البلاد والأجلاء الفضلاء ، وأول مسائله عن قولنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وبسيط الحقيقة كل الأشياء.

ص: 307

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كتبت في حياته ، تبدأ بصفحة 448 إلى ص 455 ، تسلسل 693.

(35)

أجوبة مسائل حول الخلقة

وهي سبعة أسئلة ، أولها : عن قوله تعالى : كنت كنز مخفيا ... كان مخفيا عن نفسه أو عن غيره ...

فارسية ، لبعض العرفاء القدماء.

نسخة قديمة ، بخط السيد محمود بن يوسف بن مقصود الخوافي ، كتبها ضمن مجموعة سنة 966 ، تسلسل 694.

وبآخرها وصية عربية تنسب إلى المولى جلال الدين الرومي.

وعدة عوذات ورقى وطلسمات جاء في أسفلها : من مختصر مولانا حسام الدين العبدي رحمه الله.

(36)

أجوبة مسائل السلطان فتح علي شاه القاجاري

سأل عنها الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم الأحسائي ، المتوفى سنة 1241 ، فأجاب عنها في أوائل شهر رمضان سنة 1223.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، كتبت في حياته ، تبدأ من صفحة 424 إلى ص 448 ، تسلسل 693.

ص: 308

(37)

أجوبة مسائل السيد محمد

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

جعل المسائل متنا وأجاب عليها شرحا ب : قال : ... أقول : ...

أول أسئلته : «قال : بين لي حقيقة سورة التوحيد من أولها إلى آخرها؟ أقول : ...».

نسخة ضمن مجموعة من رسائل المؤلف ، كتبت في حياته بخط نسخ جيد سنة 1236 ، رقم 1663.

(38)

أجوبة مسائل للشيخ الأحسائي

عن الجسم والجسد والجسد الهورقليائي ، سئل عنها الشيخ أحمد الأحسائي فأجاب ، وفرغ من الجواب آخر جمادى الأولى سنة 1232.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله وأجوبة مسائله ، كتبت في حياته ، رقم المجموعة 1230.

(39)

أجوبة مسائل الشيخ جابر

أو الشيخ محمد بن جابر النجفي ، سأل عنها الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري ، المتوفى سنة 1021 ، فأجاب عنها ، وهي ثلاث مسائل.

ص: 309

أوله : «أما ما سألت من كون الأصحاب يعملون بالأخبار الضعيفة ...».

والمسألة الثانية عن جواز الصلاة في جلود الخز ، والمسألة الثالثة عن جواز صلاة النساء في الحرير ، فأجاب عنها كلها الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري ، وذكرها شيخنا دام ظله في الذريعة 5 / 203.

نسخة بخط الحاج مفضل بن حاج حسب الله ، كتبها بآخر مجموعة بخطه ، فرغ منها سنة 1098 ، رقم 401.

(40)

أجوبة مسائل الشيخ صالح الجزائري

للشيخ بهاء الدين محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد العاملي ، المتوفى سنة 1031.

وهي 22 مسألة في مواضيع شتى ، سأله عنها تلميذه المجاز منه الشيخ صالح بن الحسن الجزائري ، وصفه شيخه فيها بقوله : الشيخ الجليل الصالح الورع الزاهد.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلف وعن خطه سنة 1014 ، بآخرها : هذا كتب من خطب المجيب دام ظله البهي ، وبالهامش : فرغ ثانيا سنة 1096 ، ضمن مجموعة رقم 768.

(41)

أجوبة مسائل الشيخ عبد الله

بل هي رسالة في القدر والأمر بين الأمرين والمنزلة بين المنزلتين ،

ص: 310

كتبها بالتماس ابن الشيخ مبارك بن علي الجاوردي القطيفي.

للشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

كتبها سنة 1208.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته ، تبدأ بصفحة 335 إلى ص 338 ، تسلسل 693.

(42)

أجوبة مسائل الشيخ عبد الله

ابن محمد بن أحمد بن غدير.

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

سأله عن نسبة المعاصي إلى المعصومين ، وعن الإحباط ، وعن الكراهة في العبادة ، وعن أحكام السفر.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته ، تبدأ بصفحة 354 إلى ص 373 ، تسلسل 693.

(43)

أجوبة مسائل الشيخ عبد علي

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241 ه.

سأله عنها الشيخ عبد علي بن محمد بن علي بن أحمد الخطيب القولي.

ص: 311

فرغ منها 22 شعبان 1211.

نسخة فرغ منها الكاتب محمد حسين بن محمد باقر ، في سلك طلاب العلوم الدينية ، في شوال سنة 1226 ، في 103 ورقة ، ومعها أجوبة المسائل القطيفية للشيخ الأحسائي أيضا ، رقم 1068.

(44)

أجوبة مسائل الشيخ محمد بن عبد علي بن عبد الجبار

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي.

نسخة ضمن مجموعة من مسائله كتبت في حياته ، تبدأ بصفحة 470 إلى ص 486 ، تسلسل 693.

(45)

أجوبة مسائل الشيخ محمد بن عبد علي بن عبد الجبار

القطيفي

للشيخ أحمد الأحسائي.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، تبدأ بصفحة 486 إلى آخر المجموعة ، تسلسل 693.

(46)

أجوبة المسائل العشر

هي أجوبة عن عشر مسائل فلسفية أجاب عنها الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا ، المتوفى سنة 428.

ص: 312

ذكره المهدوي في : فهرس مصنفات ابن سينا ص 15 ، وذكر أن النسخة المخطوطة الموجودة في مكتبة المجلس في طهران من كتب مكتبة الطباطبائي وتحمل رقم 9 / 1367 ، كتب عليها أن السائل هو أبو القاسم الجرجاني أو الكرماني ، ثم ناقش القنواتي في نسبة هذه الأسئلة إلى أبي ريحان البيروني وخطأه في ذلك ، إذ إن مسائل البيروني هي ثماني عشرة لا عشر.

وحيث إن للشيخ أجوبة عن مسائل عشر أخرى ذكرت أيضا في فهرس المهدوي ، نذكر أول هذه الموجودة نسختها عندنا لتتميز عن تلك.

أوله : «المسألة الأولى : حكايتها : العلة الأولى لما فارقت العلل ، ألنفسها فارقت أم لغيرها؟ جواب هذا السؤال يفهم على وجهين ...».

نسخة ضمن مجموعة فلسفية من رسائل ابن سينا وغيره ، كتبت في القرن الحادي عشر بخط فارسي جيد ، رقم 597.

(47)

أجوبة المسائل القطيفية

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

مطبوعة ضمن جوامع الكلم.

نسخة بخط أقل الطلبة أبو القاسم بن حسن البفروئي اليزدي ، فرغ منها سلخ ذي الحجة سنة 1226 ، في 59 ورقة ، في حياة المؤلف ، ومعها أجوبة مسائل الشيخ أحمد للشيخ عبد علي ، رقم 1068.

ص: 313

(48)

أجوبة المسائل المدنيات

هي إحدى عشر مسألة كلامية وفقهية ، سأل عنها السيد زين الدين علي بن الحسن بن علي ابن شدقم الحسيني المدني ، سأل عنها الشيخ بهاء الدين محمد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي ، المتوفى سنة 1031 ، فأجاب عنها على هوامش تلك المسائل أجوبة موجزة ، فالمسائل في المتن وأجوبتها كالتعليق بالهوامش ، وتاريخها محرم سنة 1013 ، وأطرى الشيخ بهاء الدين في نهاية الأجوبة على السائل إطراء بليغا افتتحه بقوله : «سيدنا الأجل الأفضل ، ومخدومنا الأمجد الأوحد الأكمل ، شمس سماء الفضائل والمعالي ...».

أورده شيخنا دام ظله في الذريعة 5 / 204 ، لكن بعنوان (بدر الدين حسن بن علي) والموجود في نسختنا في السؤال والجواب كليهما زين الدين علي بن حسن.

نسخة مكتوبة سنة 1096 عن نسخة الأصل ، ضمن مجموعة رقم 768.

(49)

أجوبة مسائل الملا رشيد

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي.

ص: 314

نسخة ضمن مجموعة من رسائله مكتوبة في حياته ، تبدأ بهامش صفحة 472 - 478 ، تسلسل 693.

(50)

أجوبة مسائل الملا علي

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي.

أول المسائل حول الصوفية ، وقد حكم في الجواب بكفرهم وزندقتهم ، وبقية مسائله أيضا حول التصوف والمريد والمراد والشيخ وأمثالها ، ذكرها شيخنا في الذريعة 5 / 188.

نسخة ضمن مجموعة من رسائله ، تبدأ بصفحة 98 ، تسلسل 693.

(51)

أجوبة مسائل الملا كاظم بن علي نقي السمناني

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

وقد سأله عن مسائل ثلاث ، الأولى عن الثقل الأصغر والثقل الأكبر ، الثانية عن شرح حديث الحقيقة ، وهو سؤال كميل : ما الحقيقة؟! فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام عنه : «ما لك والحقيقة ...» ، والثالثة عن الفرق بين القلب والصدر ، والنفس والوهم ، والخيال والفكر ، والعقل والعلم.

نسخة ضمن مجموعة من رسائل المؤلف ، كتبت بخط نسخ جيد سنة 1236 في حياة المؤلف ، رقم 1663.

ص: 315

(52)

أجوبة مسائل ميرزا جعفر بن ميرزا أحمد النواب

للشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفى سنة 1241.

وفي آخرها : «فرغ من هذه العجالة ... في البلد المحروسة يزد سنة 1222».

نسخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته ، تبدأ من صفحة 455 - 470 ، تسلسل 693.

(53)

الأحاديث القدسية

هي أربعون سورة من سور التوراة ، ذكرها شيخنا دام ظله بهذا العنوان فتبعناه على ذلك ، وذكر أنه نقلها أمير المؤمنين عليه السلام من العبرانية إلى العربية برواية ابن عباس عنه عليه السلام.

وطبعت مع الترجمة الفارسية مكررا ، ويقال لها : الصحائف الأربعون.

نسخة ضمن مجموعة فرغ الكاتب منها 7 جمادى الأولى سنة 1086 ، رقمها 1543.

نسخة مكتوبة سنة 1125 ، ضمن مجموعة هي آخرها ، رقم المجموعة 862.

نسخة بخط نسخ جيد جميل ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، ضمن مجموعة أخلاقية كتابة القرن الثالث عشر ، رقم 708.

ص: 316

نسخة بخط نسخ جميل ، والترجمة الفارسية مكتوبة بالخط الفارسي الجميل بالشنجرف في خلال السطور ، ضمن مجموعة كتبت في القرن الثالث عشر ، رقم التسلسل 1688.

(54)

الإحتجاج

على أهل اللجاج

تصنيف : أحمد بن أبي طالب الطبرسي [من أعلام القرن السادس].

نسخة فرغ منها الكاتب 17 ربيع الأول سنة 1089 ، نسخة مقروءة ، مقابلة مصححة ، عليها بلاغات بلغت قراءة ، وتصحيحات وتعاليق نافعة ، وبآخرها بخط كاتب النسخة : «بلغت قراءته مع الأخ الأعز أصلح الصلحا مولانا طالبا غفر الله ذنوبه ، في غرة شهر صفر» والظاهر أنها في تلك السنة نفسها ، في 202 ورقة ، 6 / 18 × 25 ، تسلسل 497.

(55)

إحقاق الحق

وإزهاق الباطل

تأليف : القاضي نور الله بن شريف المرعشي ، الشهيد سنة 1019.

نسخة فرغ منها الكاتب 24 جمادى الأولى سنة 1171 ، وهي من أول الكتاب إلى آخر مباحث النبوة ، وعليه حواش منه وحواش من غيره لغوية ، في 301 ورقة ، 21 × 29 ، تسلسل 196 ، وبأوله فوائد متفرقة بخطوط العلماء ، وفهرس لمباحث الكتاب.

ص: 317

(56)

أحكام الأموات

للشهيد الأول الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني.

نسخة كتابة القرن الثالث عشر ، بأول مجموعة جمعها العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي وكتب عليها تملكه سنة 1322 ، رقم 627.

(57)

أحكام طوالع المواليد

تأليف : محيي الدين يحيى بن محمد بن أبي الشكر المغربي ، المنجم الكبير ، المشتهر بالراصد الكامل.

ألفه في مراغة ، وفرغ منه 17 جمادى الأولى سنة 678.

وهناك في المكتبة أحكام تحاويل السنة له ، ولا أدري أهو هذا ، أم هو كتاب آخر؟

نسخة كتابة القرن الحادي عشر ، في 206 أوراق ، عليها تصحيحات وتعليقات كثيرة ، رقم التسلسل 215.

(58)

الإحكام في أصول الأحكام

للآمدي ، وهو أبو الحسن علي بن محمد ، المتوفى 3 صفر سنة 631.

ص: 318

نسخة بخط نسخ جيد ، كتبها أقل الطلاب السيد محمد جعفر بن محمد مهدي الحسيني الدهكردي الأصفهاني ، وفرغ منها 11 رجب سنة 1234 ، 222 ورقة ، رقم 2273.

(59)

أحكام النساء

لمعلم الأمة ، وزعيم الطائفة ، الشيخ المفيد ، أبي عبد الله محمد بن النعمان العكبري البغدادي ، المتوفى سنة 413.

أوله : «الحمد لله الذي هدى العباد إلى معرفته ، ويسر لهم سبيل عبادته ... وبعد ، فإني لما عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة ، أدام الله إعزازها ...».

استظهر العلامة النوري أن هذه السيدة هي أم الشريفين الرضي والمرتضى ، وهي فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الحسن ، الناصر الكبير ، أبي محمد الأطروش ، الشهيد بآمل طبرستان سنة 304.

نسخة بخط السيد محمود الحسيني ، ضمن مجموعة من رسائل الشيخ المفيد كلها بخطه ، كتابة القرن الحادي عشر ، رقم 410 ، وهي نسخة الشيخ عبد الحسين الحلي المذكورة في الذريعة.

(60)

أحكام الوقف

والحكم ببطلان الوقف على النفس

رسالة مبسوطة للعلامة الفقيه السيد محمد باقر بن محمد نقي ،

ص: 319

المشتهر بحجة الإسلام الشفتي ، المتوفى سنة 1260.

ذكرها صاحب الروضات ، وقال : هي مدرجة في كتابه الكبير سؤال وجواب.

نسخة من السؤال والجواب مكتوبة في حياة المؤلف ، توجد الرسالة في ضمنها ، في صدر كتاب الوقوف والصدقات ، رقم 516.

(61)

إحياء علوم الدين

[لأبي حامد الغزالي ، محمد بن محمد ، المتوفى سنة 505 ه].

النصف الأول وهو الجزءان الأول والثاني ويشتمل على ربع العبادات وربع العادات من الكتاب ، كتابة القرن الحادي عشر ، وعليه تصحيحات ، في 314 ورقة ، رقم 1143.

(62)

أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي

لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، المتوفى سنة 157.

طبع مع قصة السفاح وسديف في آخر المجلد العاشر من كتاب بحار الأنوار ، وطبع مع مهيج الأحزان ، وطبع مستقلا.

نسخة - ومعها قصة السفاح أيضا وأشياء أخر - ملحقة بآخر كتاب المنتخب للطريحي ، تسلسل 867.

وبآخرها - قبل قصة السفاح - قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام للشافعي

ص: 320

منقولة من جواهر العقدين ، أولها :

يا رب همي والفؤاد كئيب

وأرق عيني والرقاد غريب

وهي تسعة أبيات.

(63)

الاختيارات

رسالة في الاختيارات وسعد الأيام ونحسها لبعض المتأخرين ، استخرجها من كتاب بحار الأنوار وغيره.

أولها : «الحمد لله الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ... أما بعد ، فهذا مستخرج من بحار الأنوار ، أقول : روي عن الصادق عليه السلام ...».

وهو على حسب أيام الشهر ، من الأول إلى الثلاثين ، وكل رواياته مرسلة قد حذفت أسانيدها.

نسخة بخط نسخ جيد كتابة القرن الثالث عشر ، بآخر المجموعة رقم 1838 ، من الورقة 116 للنهاية.

(64)

الأخلاق

تأليف : عضد الدين شبانكاري ، وهو غياث الدين منصور بن عماد الدين حسن بن إبراهيم الأيجي ، من أعلام القرن العاشر.

له : صفات الحيوان ، فارسي ، ألفه سنة 930.

أوله : «الحمد لله على نواله ، والصلاة على نبيه محمد وآله ، وبعد ..

ص: 321

فهذا مختصر في علم الأخلاق رتبته على أربع مقالات ...».

المقالة الأولى : في النظري منه.

المقالة الثانية : في حفظ الأخلاق واكتسابها.

المقالة الثالثة : في سياسة المنزل.

المقالة الرابعة : في تدبير المدن.

نسخة بخط يعقوب بن أصيل الابرقوي ، كتبها سنة 940 ، في عهد المؤلف ، بأول مجموعة بخطه رقم 885 ، وبعده دعاء العديلة ودعوات أخر في التعقيب وغيره ، مشكولة مضبوطة ، وهي أقدم نسخ العديلة ظاهرا.

(65)

أداء الذمة

في ما بدا من عصمة الأئمة

رسالة لطيفة في الكلام على العصمة وإثبات العصمة للأئمة من أهل البيت عليهم السلام بالكتاب والسنة ، كآية التطهير وحديث الثقلين ، مبسوطا مشروحا.

تأليف : محمد معين بن محمد أمين.

أوله : «حامدا مصليا ، أما بعد ، فقد قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه في الفتوحات المكية : وإذا عمى الله الحكم على المهدي عليه السلام في بعض النوازل ... فإنه معصوم عن الرأي والقياس ...».

نسخة لعلها الأصل بخط المصنف ، وهو نسخ جيد خشن ، وعلى ظهر الورقة الأولى خطه أيضا كتب اسمه واسم الكتاب ، بخط جيد يشبه

ص: 322

خطوط القرن الحادي عشر كخط الشيخ البهائي ، لكن النسخة ناقصة الآخر ، بآخر المجموعة رقم 2046.

(66)

أدعية السر

للسيد أبي الرضا ضياء الدين فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي الكاشاني ، من أعلام القرن السادس ، ومن مشايخ ابن شهرآشوب.

ذكر شيخنا دام ظله في الذريعة أن بأوله إسنادين ، وأن الكفعمي أورده بتمامه في كتابه البلد الأمين وكذلك الحر العاملي أورده بتمامه في الجواهر السنية ، وهما مطبوعان.

نسخة ثمينة بخط الخطاط ميرزا محمود المنشي ابن ميرزا محمد علي الگرگاني ، فرغ منها سنة 1295 ، بخط نسخ بديع جميل ، والنسخة مجدولة بماء الذهب واللاجورد والشنجرف ، وبأولها لوحة ، وهي خزائنية ، رقم 1038.

(67)

أدعية شهر رمضان

جمعها بعض تلامذة العلامة المحدث المجلسي في النجف الأشرف ، ناقلا لها عن نسخة من كتاب الإقبال لابن طاووس ، وجدها في النجف وفيها هذه الزيادات على سائر النسخ ، فجمعها في هذا الكتاب ، وذكر أن هذه الأدعية مدرجة في هذه النسخة برواية السيد ابن باقي ومن مجموعة

ص: 323

سيدنا زين العابدين عليه السلام.

ثم ذكر أن هذه الدعوات قد زيدت في الكتاب من قبل الناسخين ، وإلا فابن باقي متأخر بكثير عن السيد ابن طاووس ، وكذا دعوات الإمام زين العابدين عليه السلام لا توجد في الصحيفة المشهورة المتداولة التي رواها العلماء بطرق كثيرة.

ثم قال : ولكن جمعتها للتسامح في شأن الدعاء ، وبرجاء أن تكون صادرة من أهل بيت الوحي.

نسخة في 52 ورقة ، وهي النسخة الأصلية ، المجموعة بيد بعض تلامذة العلامة المجلسي ، عبر عنه بقوله : مولانا ومقتدانا وأستادنا ، وهذا الجمع بعد وفاة العلامة المجلسي المتوفى سنة 1111 ، وعلى النسخة تصحيحات ، تسلسل 727.

(68)

الأربعون حديثا

للشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ حسن بن الشيخ سليمان البلادي البحراني ، المعاصر.

ألفه بعد تأليف منية المرتاد ليوم التناد وهو خامس الأربعينات له ، فقد ألف أربعة أربعينات قبل هذا كما صرح بذلك كله في خطبة هذا الكتاب ، ويروي فيه عن شيخنا العلامة الرازي دام ظله ، وأبوه الشيخ علي مؤلف أنوار البدرين في تراجم علماء البحرين المطبوع.

أوله : «الحمد لله على نعمه الوافرة كما يحب ويرضى كثيرا ...».

ص: 324

فرغ منه 9 ربيع الأول سنة 1359.

نسخة الأصل بخط المؤلف ، أهداها إلى المكتبة في جملة من المخطوطات ، ومع هذا الكتاب رسالة للمؤلف في الشك والسهو ، 26 ورقة ، رقم 793.

(69)

الأربعون حديثا

للشيخ الشهيد الأول ، أبي عبد الله محمد بن مكي العاملي الجزيني ، الشهيد سنة 786.

طبع مع الغيبة للنعماني بإيران سنة 1318.

نسخة بخط المولى جلال الدين محمد بن مراد ، من تلامذة الشيخ البهائي ، كتبه بخطه الشريف ، ضمن مجموعة أولها مفتاح الفلاح ، وفرغ من المفتاح 17 شوال سنة 1036 ، تسلسل 345.

نسخة كتابة القرن العاشر ، مشكولة مضبوطة ، إلا أنها ناقصة ، والموجود إلى الحديث الثاني عشر ، ضمن مجموعة رقم 1021 ، وعليها تملك العلامة المجلسي بخطه ، وعليها تصحيحات وبلاغات.

(70)

الأربعون حديثا

للشيخ منتجب الدين.

نسخة ألحق بآخرها حكايات أربع عشرة ، فرغ منها الكاتب في ربيع الأول سنة 1061 ، والنسخة مقابلة ومصححة كما صرح بذلك في آخرها ،

ص: 325

وهي في 34 ورقة ، رقم 1019.

(71)

الأربعون حديثا

للنووي.

نسخة كتابة القرن الثاني عشر بخط نسخ جيد ، 36 ورقة ، رقم 456.

(72)

الأربعون حديثا

في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، مع ترجمة مختصرة إلى الفارسية خلال السطور.

أول أحاديثه حديث المنزلة ، والثاني حديث أنا مدينة العلم ، والثالث النظر إلى وجه علي عبادة ، والرابع حديث الغدير ...

كتب عليه : هذه أربعين حديث المصطفوية في فضائل المرتضوية.

والنسخة عتيقة ترجع إلى القرن الحادي عشر ، فليس هذا تأليف المولى محمد كاظم بن محمد شفيع الهزارجريبي الحائري ، ولا الشيخ محمد جعفر شريعتمدار الأسترآبادي ، المتوفى سنة 1263.

نسخة ضمن مجموعة رقم 1021.

(73)

الأربعون حديثا

في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، مرسلة.

ص: 326

أوله : «الحمد لله الفرد القديم ، والصلاة على رسوله الكريم ، محمد وآله الصراط المستقيم ، وبعد ، فهذه أربعين (كذا) حديثا في فضائل أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وأولاده المعصومين ، صلوات الله عليهم أجمعين ...».

نسخة ضمن مجموعة مكتوبة في القرن الحادي عشر ، عليها تملك العلامة المجلسي ، وهي بخط فارسي ، مشكول ، وبعد حرز الإمام الرضا عليه السلام وعدة أحاديث ، رقم المجموعة 1021.

(74)

الأربعون سورة

منتخبة من التوراة ، منقولة إلى العربية ، ويقال لها : الأحاديث القدسية ، ويقال لها : الصحائف.

نسخة بأول مجموعة ، كتبت بخط فارسي خشن جميل ، تاريخ المجموعة 1272 ، ورقمها 97.

نسخة ضمن المجموعة رقم 2183 ، كتبت في القرن الثالث عشر ، وهي ستة منها ، كتبها الشيخ علي بن عيسى بن عبد الله بن سليم آل سليم الستري البحراني ، وفرغ منها 10 ربيع الآخر سنة 1292.

(75)

أربعون مسألة

في أصول الدين

تأليف : محمد بن خليل الله.

ص: 327

نسخة كتبها سعيد بن قابل النجدي سنة 995 ، ضمن مجموعة رقم 840.

(76)

الأربعين

في أصول الدين

لأبي حامد الغزالي ، محمد بن محمد الطوسي ، المتوفى سنة 505.

في الأخلاق ، منضم إلى كتابه جواهر القرآن في الأخلاق.

نسخة منضمة إلى جواهر القرآن له أيضا ، كتبت سنة 1051 ، رقم 980.

(77)

الأربعين

في أصول الدين

للفخر الرازي.

نسخة القرن التاسع ، وعليها ختم محمد صالح بن إسماعيل بن محمد علي نجل الوحيد البهبهاني ، في 291 ورقة ، رقم 2469.

(78)

إرث الزوجة من ثمن العقار المردود بالخيار

للعلامة الشيخ محمد علي الرشتي الصومعة مرائي.

ص: 328

اختار فيها ما اختاره السيد الطباطبائي وأستاذ المؤلف الشيخ عبد الله المازندراني ، وكتب هذه الرسالة تقريرا لدراسات شيخه الشيخ عبد الله حول المسألة.

وراجع المسألة وتفاصيل حولها في إبانة المختار.

نسخة بخط المؤلف ضمن مجموعة فيها إبانة المختار أيضا ، رقم 389.

(79)

أرجوزة الزكاة

للمحدث الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن ، المتوفى سنة 1104.

أولها :

الحمد لله على أفضاله

ثم على محمد وآله

أسنى السلام والصلاة الزاكي

ما سبح الأملاك في الأفلاك

نسخة بخط نسخ جيد ، ضمن مجموعة أراجيز فقهية ، رقمها 1088.

(80)

أرجوزة

في أصالة البراءة

أولها :

من جملة الأدلة العقلية

قاعدة البراءة الأصلية

ص: 329

وأظنها للشيخ محمد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، إذ هو في مجموعة من مؤلفاته ، وعلى هذه الأرجوزة تعليقات وشروح ، رمزها ب : ر ، يظهر أن المتن والتعليق كلاهما له.

نسخة في مجموعة من الورقة 212 أإلى 217 أ ، رقم 1940.

(81)

أرجوزة في أصول الدين

للشيخ علي بن الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي ، المتوفى سنة 1287.

له ثلاث منظومات في أصول الدين ، كبيرة ومتوسطة وصغيرة ، والظاهر أن هذه هي الصغيرة ، لأنها في 44 بيتا.

أولها :

الحمد لله وصلى أبدا

على محمد وأبواب الهدى

نسخة بخط الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان ، أظنه مؤلف أنوار البدرين ، فرغ منه 20 شعبان سنة 1263 في حياة الناظم ، ضمن مجموعة أكثرها بخطه ، رقم 2183.

(82)

أرجوزة في أصول الفقه

للشيخ علي بن محمد حسن الآراني الكاشاني.

أولها :

ص: 330

يقول راجي الرب ذي الإحسان

علي بن الحسن الآراني

ذكرها شيخنا في الذريعة 1 / 459 ، وقال : إن اسمها «الدرة البهية» وإن الناظم شرحها بنفسه أيضا ، وأظن أن شيخنا قد استظهر اسم هذه الأرجوزة من قول الناظم :

وبعد هذه درة بهيه

للطالبين بهجة مرضيه

وأنا أظن أن اسمها «البهجة المرضية» بقرينة قوله في آخر الأرجوزة :

فها ختمت (بهجتي) بالخير

نسخة بآخر زبدة الأصول للشيخ البهائي ، بخط نسخ جيد ، وكلاهما بخط واحد ، ولا يبعد كونهما بخط الناظم ، وتبدأ الأرجوزة بالورقة 82 ب إلى نهاية 91 ب ، رقم 1536.

(83)

أرجوزة في الرضاع

للعلامة السيد صدر الدين محمد بن صالح الموسوي الشحوري الشدغيثي الأصفهاني ، المتوفى سنة 1263.

أولها : «الحمد لله الذي أدر أخلاف طوله بعموم فضله وخصوص عدله ...».

وأول الأرجوزة :

إن أحرز الرضاع شرطه نشر

تحريم تزويج وتحليل نظر

قال شيخنا دام ظله في الذريعة [1 / 476] : شرحها شيخنا الحجة ميرزا محمد تقي الشيرازي.

نسخة بخط نسخ جيد ضمن مجموعة أراجيز فقهية ، رقم 1088.

ص: 331

مكتوب بأولها :

موقوف هشت شرط بود صحت رضاع

بر مذهب درست تو اين جمله يادگير

قدر ومحل ووحدت فحل وحياة زن

وطى صحيح ووقت وتوانى خلوص شير

(84)

أرجوزة في صلاة المسافر

للشيخ عبد الهادي البغدادي النجفي.

أولها : القول في صلاة المسافر :

فرض لمن سافر أن يقصرا

إن كان مختارا له ويفطرا

ولعله جزء من أرجوزة فقهية فراجع.

نسخة بخط نسخ جيد ، ضمن المجموعة رقم 627.

(85)

أرجوزة في الصوم

هي أرجوزة في تعيين ما يستحب فيه الصوم من أيام السنة.

أولها :

الحمد لله الذي هداني

إلى طريق الرشد والإيمان

....................

....................

سميتها بمنهج السلامة

في ما روى مؤكدا صيامه

وهي من نظم العلامة الكفعمي ، نظمها باستدعاء عز الدين الحسين

ص: 332

ابن موسى العاملي.

نسخة بخط نسخ جيد ، ضمن مجموعة أراجيز فقهية ، رقمها 1088 ، وبآخرها أبيات في سعد الأيام ونحسها منسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام.

(86)

أرجوزة في الميراث

من نظم الشيخ موسى بن الشيخ أمين شرارة العاملي ، المتوفى سنة 1304.

نسخة منه في ثماني أوراق ، بخط السيد مصطفى بن محمد حسين العاملي ، فرغ منها في النجف 18 ربيع الأول سنة 1399 ، ملحقة بالجزء الخامس والسادس من ديوان الشريف المرتضى بخط السيد مصطفى أيضا ، ثم يلحق الأرجوزة رسالة ابن زيدون ، رقم 412.

(87)

إرشاد الأذهان

إلى أحكام الإيمان

للعلامة الحلي ، آية الله جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي ، المتوفى سنة 726.

عليه شروح وحواش كثيرة ، ويحتوي على خمس عشرة ألف مسألة ، فرغ منه 11 شوال سنة 696.

نسخة قيمة صحيحة مصححة على نسخة الأصل بخط المصنف ، وبآخرها : عورض الأصل بحسب الجهد ... ، 180 ورقة ، رقم 9897.

ص: 333

نسخة بخط نسخ جيد كتبها لنفسه السيد نظام الدين محمد ... بن علي بن الحسن وفرغ منها في بغداد 12 شعبان سنة 757 ، ثم قرأه على شيخه وأستاذه فخر المحققين ابن المصنف ، وكتب له إجازة بظهر الورقة الأولى ، وهي : قرأ علي مولانا السيد الفقيه ، الطاهر الأعظم ... صاحب النفس القدسية ، والأخلاق المرضية ، جامع المعقول والمنقول ، نظام الحق والدين ، محمد بن ... جميع هذا الكتاب ، من أوله إلى آخره ، قراءة بحث وتحقيق ، وأجزت له روايته عني ، عن والدي المصنف ... في رابع عشر ذي الحجة سنة 757 الهلالية في الحلة.

وكذلك في آخرها بخط فخر المحققين : أنهاه أيده الله قراءة وبحثا ، وفهما وضبطا ، وكتب محمد بن الحسن بن المطهر في رابع عشر ذي الحجة سنة 757.

ثم قابلها الكاتب مرة ثانية بخط المصنف وصححها عليه ، وكتب في آخرها : قوبل بنسخة الأصل وصح بقدر الإمكان في مجالس متفرقة آخرها سلخ ذي القعدة سنة 757.

وعلى الهوامش تعليقات فخر المحققين على الكتاب ، وهي التي أملاها على تلامذته ، وتوقيعها : من إملاء شيخنا دام ظله ، من إملائه مد ظله ... وفي طرفيها أوراق مملوءة فوائد فقهية وأصولية وحديثية وأدبية وتاريخية بعضها من إملاء فخر المحققين مد ظله ، كما أن منها أشعار لطيفة منها من إملاء السيد الإمام العالم الفاضل ، الكامل العامل ، الزاهد العابد الورع ، التقي النقي ... أمير حسن ابن الإمام الأعظم العلامة خاتمة المجتهدين ... نصرة الدين ، إسماعيل الرازي.

وعليها تملك عبد الوحيد بن نعمت الله الجيلاني في لاهور سنة

ص: 334

1048 ، وتملك محمد بن يوسف بن الأعسم الكرداني.

ومن الأشعار قوله :

نقل الأراك بأن ريقة ثغره

من خمرة مزجت بماء الكوثر

قد صح ما نقل الأراك لأنه

يرويه نقلا عن صحاح الجوهر

166 ورقة ، رقم 2276.

نسخة بخط نسخ جيد ، بخط السيد محمد بن مرتضى الحسيني الأسترآبادي النجفي ، كتبها في النجف الأشرف على نسخة الأصل ، وفرغ منها عصر يوم الأربعاء غرة ربيع الأول سنة 928.

نسخة فرغ الكاتب منها في هراة 15 صفر سنة 961 ، وعليها تملك السيد محمد مهدي بن مرتضى الحسيني الآملي وختمه ، وتاريخ ختمه سنة 980 ، ثم تملك ولده محمد يوسف بن محمد مهدي الحسيني الآملي بخطه وختمه ، وعليها خط محمد مكي بن محمد بن شمس الدين - من نسل الشهيد الأول - وعليها حواش فخر الدين ، وملء هوامشه حواش وتعاليق حتى إنه لم يبق مجال لكتابة شئ حتى أضيف إليها أوراق في طيها لبعض التعاليق ، وأكثر التعاليق منه ، وتقع في 134 ورقة ، مقاسها 6 / 18 × 25 ، تسلسل 1772.

نسخة فرغ منها الكاتب 3 شعبان سنة 988 في أصفهان ، في 195 ورقة ، وعليها تعليقات كثيرة ملء هوامشها ، وبأولها تملك العلامة السيد فضل الله الطباطبائي وختمه ، وسؤال فقهي منظوم أوله :

ألا يا مخبرا قاري الدروسا

أزال الهم عنه والنحوسا

فأين يحل أكل الكلب ميتا

لغير ضرورة ولغير بؤسا!

وأين فريضة تؤدى بأربع

بتكبيرات إحرام هجوسا

ص: 335

وأين طهارة تؤدى فروضا

بلا غسل ولا غسل لموسا

ولا أيضا التيمم بالصعيد

فافتوا أيها الجمع الجلوسا

... إلى آخره ..

رقم 644.

نسخة بخط أمين الدين الشريف بن فتح الله ، فرغ منها 17 جمادى الأولى سنة 992 ، في 169 ورقة ، وبأوله خط العلامة السيد كمال الدين بن محمد الحسيني وهبه لقرة عينه محمد مهدي في رجب سنة 1077 ، رقم 544.

نسخة القرن التاسع ناقصة من آخرها ورقة ، وبظهر الورقة الأولى تاريخ ولادة الشيخ أحمد بن الشيخ صالح في أول ليلة من شهر رمضان سنة 903 ، وعليها خط السيد محمد نصير الحسيني الموسوي وخط محمد هاشم ابن محمد الخادم الحائري ، وعليها تصحيحات وتعليقات كثيرة.

وبظهر الورقة الأولى أيضا هذين البيتين :

ذهب العمر في المدارس ماذا

استفدنا من قالها والقيل؟

ما استفدنا منها سوى أن هذا

يوم درس وآخر تعطيل!

174 ورقة ، رقم 2255.

نسخة كتبها أخي خان بن ميرزا جان السادوني ، بأمر السيد جلال الدين ، وفرغ منها 23 جمادى الأولى سنة 1003 ، وبأولها تملكها بالشراء بتاريخ سنة 1011 ، وعليها بلاغات وتصحيحات وتعليقات كثيرة ، رقم 2021.

نسخة القرن الحادي عشر ، عليها تملك كامران بن ... التبريزي في 1034 ، وهي إلى أواخر الحدود ، وملء هوامشها تعليقات وحواش ، وعليها

ص: 336

بلاغات وتصحيحات.

وسجل عليه أن التبصرة 4000 مسألة والمختصر النافع 6000 مسألة ، 191 ورقة ، رقم 2293.

نسخة بخط ... قطب الدين بن لطف علي ... الكنكاري ، فرغ منها في صفر سنة 1044 ، عليها تصحيحات وتعليقات كثيرة منها حواشي المحقق الكركي ، وتقع في 180 ورقة ، رقم 715 ، وبأولها فوائد متفرقة ، منها هذا السؤال الفقهي :

ولي خالة وأنا خالها

ولي عمة وأنا عمها

فأما التي أنا عم لها

فإن أبي أمه أمها

أبوها أخي وأخوها أبي

ولي خالة هكذا حكمها

فأين الفقيه الذي عنده

فنون الدراية أو علمها

يبين لنا نسبا خالصا

ويكشف للنفس ما همها

فلسنا مجوسا ولا مشركين

شريعة أحمد نأتمها

ثم بأسفله توضيحه وجوابه ، إلى غير ذلك من شعر ونثر.

نسخة بخط الخطاط محمد حسين بن حاج جمال الدين المعلم الشيرازي ، كتبها بأمر العلامة الفهامة مولانا داود بيكا ، وفرغ منها يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجة سنة 1051 ، ثم وقفها مولانا داود آقا وعليه ختمه ، وكتب بخطه السيد عبد الرزاق الموسوي ، وتاريخ ختمه سنة 1209 ، وتقع في 190 ورقة ، مقاسها 6 / 17 × 4 / 28 ، تسلسل 584.

نسخة فرغ الكاتب منها في غرة محرم سنة 1073 ، واسم الكاتب ممحى ، نسخة مصححة عليها بلاغات وتصحيحات ، وبهوامشها تعاليق

ص: 337

كثيرة ، وتقع في 198 ورقة ، مقاسها 13 × 24 ، تسلسل 271.

نسخة بخط رئيس الشعري الكاشاني ، فرغ منها 10 ذي القعدة سنة 1064 ، في 267 ورقة ، وعليها تعليقات وتصحيحات ، رقم 1771.

نسخة كتبت بخط نسخ جيد ، فرغ منها الكاتب 12 جمادى الأولى سنة 1082 ، وعليها تصحيحات وتعليقات كثيرة منقولة من كتب الفقه ، وبأولها فوائد فقهية كثيرة وأشعار فارسية لفائض المازندراني وميرزا داود المتولي ، وبأولها تملك عبد الله بن هادي الزنجاني سنة 1178 وختمه ، وبأولها فائدة في موارد تحريم المرأة على زوجها وهي 13 موردا ، 182 ورقة ، رقم 1972.

نسخة بخط محمد قاسم بن شيخ شاه محمد الرستم آباذي الأصل الجابري الأنصاري ، فرغ منها في ذي القعدة سنة 1091 بخطه الجيد ، وصرح في آخرها أنه كتب المتن والتعاليق بخط أخيه محمد معصوم بن شيخ شاه محمد مشايخ البري ، وملء هوامشه تعاليق ح ك ، وهي أكثرها [له] ، ولغيره أيضا ، وتقع في 186 ورقة ، مقاسها 20 × 6 / 32 ، تسلسل 1087 ، وبجانبيه فوائد متفرقة كثيرة.

نسخة القرن الحادي عشر ، بخط محمد نصير بن مظفر علي ، بخط نسخ جيد ، 241 ورقة ، رقم 2115.

(88)

الإرشاد

في معرفة حجج الله على العباد

[للشيخ المفيد ، المتوفى سنة 413 ه].

ص: 338

نسخة بخط نسخ ، كتبها بهاء الدين محمد بن محمد القاري في مكة المعظمة ، وفرغ منها 16 ربيع الآخر سنة 1073 ، وعلى النسخة خط السيد عبد الحي بن عبد الرزاق الرضوي الكاشاني ، والنسخة صحيحة ، مقروءة مصححة ، عليها تصحيحات وبلاغات ، رقم 37.

(89)

إرشاد القلوب

في المواعظ

للديلمي.

نسخة الجزء الأول والثاني ، كتبت في القرن الثالث عشر بخط فارسي جيد ، رقم 340.

وبنهاية الجزء الأول تتمة في ورقتين.

وفي آخر الجزء الثاني مطاعن أعداء آل محمد ، لم أجدها في بعض طبعات الكتاب ، وهي 31 ورقة من آخر الكتاب ، قال : «والأخبار في هذا المعنى كثيرة لا نطول بذكرها الكتاب - إلى هنا ينتهي المطبوع - وأما صفات أعدائه وما نسب إليهم من المثالب ...».

نسخة الجزء الأول فقط بخط الخطيب البارع الشيخ جواد بن جلال الدين العراقي ، انتسخها في كرمانشاه ، وفرغ منها في جمادى الآخرة سنة 1313 ، وعمل لها بآخرها فهرسا لأبوابها وكتب في آخرها قصيدة البوصيري المسماة بالبردة ، رقم 108 ، 95 ورقة.

نسخة تحوي المجلد الأول في الأخلاق والمجلد الثاني في الفضائل ،

ص: 339

بخط نسخ جيد ، بخط أبو القاسم الشريف ، فرغ منها في رجب سنة 1271 ، 253 ورقة ، رقم 38.

نسخة الجزء الأول والثاني ، ناقص من آخر الثاني بضع أوراق ، وللجزء الأول تتمة ورقتين بظهر الرقم 340 وقد مر ، والنسخة حديثة ، رقم 1831.

(90)

إزاحة العلة

في معرفة القبلة

للشيخ سديد الدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمي ، نزيل المدينة المنورة ، ألفه سنة 558 ، وأدرجه العلامة المجلسي كله في كتاب الصلاة من كتابه بحار الأنوار.

نسخة قيمة مكتوبة بخط نسخ جيد في القرن العاشر ، وبعدها تحفة أهل الإيمان في تحقيق قبلة عراق العجم وخراسان للشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والد الشيخ البهائي ، رقم 1709.

(91)

أساس الأحكام

في تنقيح عمد مسائل الأصول بالأحكام

للعلامة الجليل المولى أحمد بن المولى محمد مهدي النراقي الكاشاني ، المتوفى سنة 1245.

في أصول الفقه ، في مجلد ، فرغ منه ليلة السبت 8 شعبان سنة 1217.

ص: 340

أوله : «الحمد لله الذي أضاء قلوبنا بأنوار الكتاب والسنة لمعرفة أحكام الدين ...».

يبحث فيه عن حجية الظن المطلق والظنون الخاصة ، وحجية الظواهر ، وأخبار الآحاد ، وينتهي إلى التعارض والتعادل والترجيح.

نسخة منتسخة في حياة المؤلف وبعد تأليف الكتاب بثمانية أشهر ، فقد فرغ الكاتب منها 3 ربيع الأول سنة 1218 ، والظاهر أنه من كتاب المؤلف وقد كتبها عن نسخة الأصل للمؤلف ، وهي مقابلة مصححة ، والمؤلف أهداها إلى تلميذه المجاز منه سنة 1215 ، وهو الشيخ علي الآراني الكاشاني ، وكتب هذا التلميذ على هذه النسخة تعاليق كثيرة مسهبة بخطه ، ولعله قرأها على شيخه المؤلف ، وختمه على الكتاب : علي مع الحق والحق مع علي ، إلا أن هذه النسخة تنقص بعد الصفحة الأولى ورقة واحدة ، وتقع في 153 ورقة ، تسلسل 720.

نعم ، في المكتبة نسخة أخرى تامة.

نسخة في 145 ورقة ، بقطع 3 / 15 × 3 / 21 ، تسلسل 903 ، لم يذكر فيه الكاتب ولا تاريخ الكتابة.

(92)

أساس الإيجاد

في علم الاستعداد

للعلامة الجليل معز الدين السيد مهدي بن الحسن القزويني الحلي ، المتوفى سنة 1300.

أوله : «الحمد لله الذي جعل أفئدة أوليائه محال معرفته ...».

ص: 341

ألفه في معرفة ملكة الاجتهاد في الفقه وسماه : «علم استعداد بلوغ المراد إلى تحصيل ملكة الاجتهاد» صنفه بالتماس ميرزا محمد الهمداني في المشهد المقدس الكاظمي عشية يوم الثلاثاء عاشر صفر سنة 1295.

نسخة ضمن مجموعة من رسائل المؤلف مكتوبة في حياته ، رقم التسلسل 1706.

(93)

أسامي الأنبياء والمرسلين

أوله : «أسامي أسماء المرسلين ثلاثمائة وثلاث عشر صلوات الله عليهم أجمعين.

بلغنا عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله عزوجل أرسلها إلى الخلائق».

نسخة بخط فارسي جميل ، كتابة القرن العاشر أو الحادي عشر ، بآخر المجموعة رقم 183.

(94)

الإستبصار

في ما اختلف من الأخبار

تصنيف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، المتوفى سنة 460.

أحد الكتب الأربعة المعول عليها عند الشيعة ، طبعت مرارا ، ولأصحابنا - رضوان الله عليهم - عليه شروح وحواش كثيرة.

ص: 342

نسخة من أول الكتاب إلى آخر الحج ، بخط السيد علي بن عواد الحسيني البغدادي ، فرغ منها 20 ربيع الأول سنة 1010 ، نسخة صحيحة قيمة ، صححها وقابلها ودرس فيها العلامة المحقق جمال الدين الخوانساري ، وكتب البلاغات بخطه ، والأبواب والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وعليه حواش لجمع ممن قرأ ، والكتاب 275 ورقة ، رقم 577.

نسخة فرغ منها الكاتب في صفر سنة 1050 ، وهي مصححة ومقابلة عدة مرات ، عليها بلاغات بخطوط مختلفة ، وفي آخرها : «بلغ مقابلة بعون الله تعالى» وفي بعضها : «بلغ عرضا» وإلى جنبها «بلغ» وعليها في أوائلها تعليقات لرضي الدين القزويني بخطه ، وتعليقات س م د ، وحواشي ب ه ، وحاشية إمضاؤها : آقا حسين ، ولعل إحدى المقابلات تولاها رضي الدين القزويني ، الذي كان مهتما بالتصحيح والمقابلة ، وفي المكتبة هداية الأمة للحر العاملي ، قابلها مرتين ، وعليها خطه ، وتقع في 365 ورقة ، رقم 519.

نسخة كتبها علي بن قاسم المازندراني في المدرسة الباقرية في أصفهان ، بخط نسخ جيد ، وفرغ منها 12 صفر سنة 1064 ، والنسخة مصححة عليها تصحيحات ، 379 ورقة ، رقم 1693.

نسخة بخط نسخ جميل ، كتبها الشيخ محمد سعيد بن مظفر المازندراني ، وفرغ منها في المدرسة الفخرية في أصفهان 3 شوال سنة 1088 ، وهي تامة من أول الكتاب إلى نهاية المشيخة ، في 284 ورقة ، رقم 2258 ، وعليها تعليقات كثيرة بالخط الفارسي بخط كاتب النسخة بعضها لزين الدين ، وبعضها م ت ق رحمه الله ، وبعضها م ق ر دام ظله ، كما أن عليها فوائد كثيرة منقولة عن الكتب الفقهية ، يظهر أن الكاتب للنسخة من العلماء.

ص: 343

نسخة بخط نسخ جيد ، ناقصة من أولها قليلا ، فرغ الكاتب من الجزء الثاني 3 شعبان سنة 1092 ، وهي من الآخر تامة إلى آخر المشيخة ، وعليها تعليقات كثيرة ، ولا سيما تعليقات العلامة المولى محمد باقر المجلسي فإنها كثيرة ، رمزها م ق ر مد ظله العالي ، ينبغي أن تدون فتكون حاشية مستقلة ، فإنها كثيرة ، والنسخة مقروءة عليه ، والبلاغات بخطه الشريف ، ومن الطبيعي أن يكون على النسخة إجازة بخطه الشريف لمن قرأها عليه ، لكني لم أعثر عليها.

وعلى النسخة تعليقات كثيرة لغيره أيضا ، وعلى الهوامش بلاغات أخر بخط دقيق ، فالنسخة مقروءة على عدد من المشايخ أكثر من مرة ، 336 ورقة ، رقم 2248.

نسخة من أول الكتاب إلى آخر الزكاة ، فرغ منها الكاتب في صفر سنة 1098 ، بخط نسخ جيد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، أوراقها 156 ، رقمها 999.

نسخة بخط نسخ جيد ، كتبها السيد محسن بن الولي الحافظ الحسيني ، من أهل القرن الحادي عشر ، وفرغ منها 10 جمادى الأولى سنة 1099 ، وعليها ختم العلامة الشيخ محمد صالح بن إسماعيل بن محمد علي نجل الوحيد البهبهاني ، وبظهر الورقة الأولى تملك محمد مؤمن بن محمد علي بن خلف السفرجي سنة 1100 ، وعلى النسخة تصحيحات ، وبأوائلها تعليقات ، أوراقها 153 ، رقم 2426.

نسخة من أوله إلى آخر الحج ، ليس فيها ذكر للكاتب ولا تاريخ الكتابة ، إلا أنها من كتابة القرن العاشر والحادي عشر ، عليها تملك العلامة أبي جعفر السيد مير محمد الحسيني المازندراني تاريخه شهر صفر

ص: 344

سنة 1090 ، وفي تلك السنة كتب له العلامة المجلسي إجازة في آخر هذه النسخة ، وقد قرأها وصححها على العلامة المجلسي وعين أسانيدها بالهامش بالأحمر من صحيح وموثق وحسن وغير ذلك ، وكتب العلامة بخطه في آخر الكتاب : أنهاه السيد الأيد الوفي الأمير محمد المازندراني وفقه الله تعالى ، سماعا وتصحيحا في مجالس عديدة ... إلى آخره.

تاريخ الإجازة شهر شعبان سنة 1090 ، 192 ورقة ، 25 × 37 ، تسلسل 239.

نسخة بخط أمير بن علي بن تاج الدين ، من أوائل القرن الحادي عشر ، في 403 ورقة ، رقمها 1000 ، وعليها بلاغات وتصحيحات.

نسخة قيمة بخط جميل ، كتابة أوائل القرن الحادي عشر ، عليها تعليقات كثيرة منقولة عن الكتب وخصوصا كتب الشيخ بهاء الدين العاملي ، وعليها تعليقات العلامة المجلسي ، م ق ر مد ظله العالي ، وبآخرها خط الشيخ عباس بن الشيخ حسن البلاغي وخط محمد مكي بن ضياء الدين من نسل الشهيد الثاني ، وبنهاية الجزء الأول ص 174 خطه أيضا وخط ابنه ، وصورته : «إلى آخر هذا الكتاب المبارك كانت قراءتنا على شيخنا الأمجد الفاضل التقي ، وكتب بيده مكي بن محمد بن شمس الدين ...».

وبآخر النسخة في ورقة مفردة خط شيخنا الأميني دام ظله ، وعلى النسخة بلاغات وتصحيحات ، وعليها رموز درجات أسانيد الحديث ، والنسخة إلى أواخر الحج ، 142 ورقة ، رقم 2254.

نسخة من أول الديون إلى نهاية الكتاب ، بخط محمد أمين بن حسن ابن علي الطالقاني ، كتابة القرن الحادي عشر ، في 226 ورقة ، رقم 1001.

ص: 345

نسخة مكتوبة بخط نسخ جيد كبير والعناوين والراوي الأول في كل حديث وأول كل كلام مكتوب بالشنجرف ، وهي في 513 ورقة ، رقم 569.

(95)

الاستصحاب

للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، محمد باقر بن محمد أكمل الأصبهاني الحائري ، المتوفى سنة 1206.

نسخة بخط خليل بن الشيخ إبراهيم الزاهد ، كتبها سنة 1220 ، ضمن مجموعة أصولية أكثرها للمؤلف ، رقم 393.

نسخة بخط فارسي جيد ، ضمن مجموعة أصولية أكثرها للمؤلف ، تاريخ بعضها سنة 1222 ، رقم المجموعة 951.

(96)

الاستصحاب

للمولى محمد مهدي ، نجل العلامة محمد إبراهيم الكلباسي.

أوله : «باب من كان على يقين فشك ، أطبقت كلمات الأصحاب ...».

ولعله قسم من كتاب له ، والظاهر أنه بخطه ، وعليه خطه وختمه : من مصنفاتي بعون ربي ، وبعده باب أصل البراءة.

نسخة ، الظاهر أنها بخط المؤلف ، بأول مجموعة رقم 258.

للموضوع صلة ...

ص: 346

مصطلحات نحوية (10)

السيد علي حسن مطر

عشرون - مصطلح المتعدي

المتعدي لغة :

المتعدي في اللغة : اسم فاعل من الفعل «تعدى» بمعنى «تجاوز».

قال ابن منظور : عدا الأمر يعدوه وتعداه كلاهما : تجاوزه .. وقوله [تعالى] : (فلا تعتدوها) (1) ، أي : فلا تجاوزوها إلى غيرها (2).

المتعدي اصطلاحا :

قبل أن يستقر استعمال لفظ (المتعدي) عنوانا للمعنى الاصطلاحي النحوي ، عبر سيبويه (ت 180 ه) والمبرد (ت 285 ه) عنه ب : «الفعل الذي يتعدى الفاعل إلى المفعول» (3) ، واستعمل المبرد أيضا عنوان

ص: 347


1- سورة البقرة 2 : 229.
2- لسان العرب : مادة «عدا».
3- أ - الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ، 1 / 24. ب - المقتضب ، المبرد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة ، 3 / 91.

(المتعدي) (1).

واستعمل الفراء (ت 207 ه) وابن خالويه (ت 370 ه) عنوان (الواقع) (2).

واستعمل ابن السراج (ت 316 ه) عنوان (المتعدي) (3) وعنوان (الواصل) (4).

واستعمل بعض النحاة عنوان (المجاوز) (5).

ولعل أول من عرف المتعدي هو ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : إنه الفعل الذي «يلاقي شيئا ويؤثر فيه» (6).

ثم عرفه أبو علي الفارسي (ت 377 ه) بأنه : «ما نصب مفعولا به» (7).

وممن تابعه على هذا التعريف أبو موسى الجزولي (ت 607 ه) (8) ، ،

ص: 348


1- المقتضب 2 / 104 ، 3 / 187 - 188.
2- أ - معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد النجار ، 1 / 16 ، 17 ، 21 ، 40. ب - الحجة في القراءات السبع ، ابن خالويه ، تحقيق عبد العال سالم مكرم ، ص 159 ، 240.
3- الموجز في النحو ، ابن السراج ، تحقيق مصطفى الشويمي وابن سالم دامرجي ، ص 34 - 35 ، 130.
4- الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ، 1 / 202.
5- أ - تسهيل الفوائد ، ابن مالك ، تحقيق يوسف بركات ، ص 83. ب - شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر ، 2 / 50. ج - شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، 1 / 534.
6- الأصول في النحو 1 / 202.
7- الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن الشاذلي فرهود ، 1 / 69.
8- شرح المقدمة الجزولية الكبير ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ،

والمطرزي (ت 610 ه) (1) ، وابن هشام الأنصاري (ت 761 ه) (2).

ومما قيل في شرحه : «أن الذي يقال فيه متعد بإطلاق هو ما اجتمع فيه في الاسم المتعدى إليه شيئان : أن يكون منصوبا ، وأن يكون مفعولا به ، فإن كان منصوبا ولم يكن مفعولا به ، نحو : قام زيد قياما ... لم يقل فيه متعد بإطلاق ولكن بتقييد ، فيقال : متعد إلى المصدر ... وكذلك إذا كان الاسم المتعدى إليه مفعولا ولم يكن منصوبا ، نحو : مررت بزيد ... لم يقل فيه متعد بإطلاق ، ولكن يقال فيه متعد بتقييد ، فيقال : متعد بحرف جر» (3).

وإنما قيد المفعول بأنه مفعول به لإخراج بقية المفاعيل ، فإنها تنتصب بكل من المتعدي واللازم ، فلا يكون انتصابها بالفعل دليلا على تعديه ، قال الجرجاني : «فالمفعول به خاص ، لأنه لا يكون للفعل اللازم ، نحو : خرج زيد ، وإنما يكون للفعل المتعدي ، نحو : ضربت زيدا» (4).

وعرفه ابن الخشاب (ت 516 ه) بأنه : «ما تجاوز الفاعل إلى المفعول به» (5) مصرحا بأنه يريد بذلك تعريف الفعل المتعدي بنفسه (بلا واسطة) ، لئلا يشكل عليه بأن الأفعال اللازمة تتجاوز فاعلها إلى المفعول به بواسطة الحرف.

وعرفه الزمخشري (ت 538 ه) بقوله : الفعل «المتعدي ما كان له 1.

ص: 349


1- المصباح في علم النحو ، ناصر بن أبي المكارم المطرزي ، تحقيق ياسين الخطيب ، ص 58.
2- شرح اللمحة البدرية 2 / 50.
3- شرح المقدمة الجزولية الكبير 2 / 697.
4- الجمل ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر ، ص 14 - 15.
5- المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر ، ص 151.

مفعول به» (1) ، مستغنيا عن تقييد الفعل بكونه متعديا بنفسه ، بكون ما يقال فيه متعد بإطلاق هو خصوص المتعدي بنفسه ، وهذا كاف في دفع الإشكال على تعريفه بشموله الأفعال اللازمة التي تتجاوز الفاعل إلى المفعول به بواسطة الحرف.

وعرفه ابن عقيل (ت 672 ه) بأنه : الفعل «الذي يصل إلى مفعوله بغير حرف الجر» (2) ، محترزا بعبارة «بغير حرف الجر» من دخول ما يتعدى من الأفعال اللازمة إلى المفعول بواسطة الحرف ، نحو : ذهب به ، وغضب عليه.

وقال الشلوبين (ت 645 ه) في تعريفه : «المتعدي ما نصب مفعولا به ، أو اقتضاه بواسطة ، إلا أن ما نصب مفعولا به يقال فيه : متعد مطلقا ، وما اقتضاه بواسطة لا يقال فيه : متعد مطلقا ، وإنما يقال فيه مقيدا ، فيقال : متعد بحرف جر» (3).

ويلاحظ عليه : أن كلامه ظاهر في قسمة المتعدي إلى متعد بنفسه ومتعد بواسطة ، وهذا مخالف لما استقر عليه رأي النحاة من أن المتعدي بإطلاق يختص بما نصب المفعول به بنفسه وبلا واسطة.

وعرفه ابن برهان العكبري (ت 456 ه) بأنه : «ما أنبأ لفظه عن حلوله في حيز غير الفاعل» (4). جر

ص: 350


1- شرح الأنموذج في النحو ، جمال الدين الأردبيلي ، تحقيق حسني عبد الجليل يوسف ، ص 145.
2- شرح ابن عقيل 1 / 533.
3- التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف المطوع ، ص 193.
4- شرح اللمع ، ابن برهان ، تحقيق فائز فارس ، 1 / 106. المبرد الجر

وتابعه عليه ابن يعيش (ت 643 ه) وابن أبي الربيع الأشبيلي (ت 668 ه) مع اختلاف في العبارة ، إذ قال الأول : إنه «ما يفتقر وجوده إلى محل غير الفاعل» (1) ، وقال الثاني : «ما يطلب بعد فاعله محلا يقع به» (2).

وعرفه ابن الحاجب (ت 646 ه) بأنه : «الذي لا يعقل إلا بمتعلق» (3) ، أو «ما توقف فهمه على متعلق ، أي : على أمر غير الفاعل ... فإن كل فعل لا بد له من فاعل ... لكن نسبة الفعل إلى الفاعل بطريق الصدور ... ولا يقال في الاصطلاح : إنه متعلق به ، فإن التعلق : نسبة الفعل إلى غير الفاعل ... ك (ضرب) ، فإن فهمه موقوف على تعقل المضروب ... بخلاف الزمان والمكان والغاية ... فإن مفهوم الفعل وتعقله بدون هذه الأمور ممكن» (4).

وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بعلامته ، فقال : «هو ما يصلح أن يبنى منه اسم مفعول ، ويصلح السؤال عنه بأي شئ وقع» (5).

وكذلك فعل ابن مالك (ت 672 ه) ، إذ قال : هو ما اقتضى اسما مصوغا له باطراد اسم مفعول تام (6) ، وقوله : «باطراد ، احترز به من ممرور ونحوه ، فإنه إن قيل ، فللضرورة وليس مطردا ، [وقوله] : تام احترز به من نحو مذهول عنه ومطموع فيه ، فإن كلا منهما اسم مفعول ، لكنه غير تام ، 3.

ص: 351


1- شرح المفصل ، ابن يعيش ، 7 / 62.
2- التبسيط في شرح جمل الزجاجي ، ابن أبي الربيع الأشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي ، 1 / 411.
3- شرح الوافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى بناي العليلي ، ص 360.
4- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة الرفاعي ، 2 / 274.
5- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري ، 1 / 114.
6- تسهيل الفوائد ، ابن مالك ، تحقيق يوسف بركات ، ص 83.

لافتقاره إلى حرف الجر» (1).

وهناك تعريف آخر بالعلامة لابن مالك أيضا ذكره في ألفيته ، وهو : «ما جاز أن تتصل به (هاء) ضمير لغير مصدر» (2) ، وذلك في قوله :

علامة الفعل المعدى أن تصل

ها غير مصدر به نحو عمل

«واحترز بهاء غير المصدر عن هاء المصدر ، فإنها تتصل بالمتعدي واللازم» (3).

ولم يأت النحاة المتأخرون بتعريف جديد للفعل (المتعدي) ، بل كان كل منهم يأخذ بأحد هذه التعريفات التي عرضناها للمتقدمين (4).

* * * 4.

ص: 352


1- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، محمد بن عيسى السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ، 1 / 433.
2- شرح ابن الناظم على الألفية : 95.
3- شرح ابن عقيل على الألفية 1 / 534.
4- أنظر على سبيل المثال : أ - شرح الألفية ، الأشموني (ت 900 ه) ، 1 / 195. ب - شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري (ت 905 ه) ، 1 / 309. ج - شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي (ت 972 ه) ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم ، ص 134.

من ذخائر التراث

ص: 353

ص: 354

صورة

ص: 355

ص: 356

مقدمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الأول بلا أول كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين ، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، وحبيب إله العالمين ، البشير النذير ، والسراج المنير ، أبي القاسم محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

إن علم الرجال علم اقتضته الظروف الطارئة على الأمة الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ، فقد كان أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمنافقين والمستسلمة منهم يتربصون للانقضاض على الإسلام وتفتيته من الداخل ، بعد أن فشلوا في مواجهته وجها لوجه في ساحات الحرب وأرض الواقع.

وقد مهدت لهم الأحداث بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله الفرصة لذلك ، ولأسباب عديدة ، منها توسع رقعة العالم الإسلامي ليشمل شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد فارس وبلاد الأندلس والسند إلى حدود الصين وأجزاء أخرى ، إضافة إلى أن اختلاف الأمة الإسلامية حول قضايا كثيرة أدى إلى نشوء طائفة من المنتفعين ووعاظ السلاطين ، الذين كانوا لا يألون

ص: 357

جهدا ، ولا يدخرون وسعا لتحريف وتزوير كلام وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله لأغراض دنيوية ، ومنافع فردية.

كما إن منع كتابة أحاديث الرسول قرابة قرن ونصف ، ثم اندفاع العالم الإسلامي فجأة على كتابتها ، أوجد أرضية ملائمة لهؤلاء إلى بث سمومهم في جسد الأمة الإسلامية عن طريق الوضع والكذب والدس ، وفسح المجال للأحبار والرهبان للتحدث عن خرافات وبدع وأساطير لا يصدق بها إلا السذج من الناس.

إن من يراجع تاريخ البعثة النبوية ، ويدقق النظر في حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته منذ بعثته إلى وفاته ، والتي كانت مليئة بالجهاد والغزوات والحروب ، وعقد المواثيق مع القبائل ورؤساء البلاد ، إضافة إلى الدعوة للإسلام ، وتبليغ الأحكام الشرعية ، والقيام بأعباء الرسالة ، يقف على أن الزمن الذي عاشه النبي صلى الله عليه وآله وتحدث فيه هو أقل بكثير من أن يسعه للتحدث بهذه الأراجيف والأباطيل ، بل لا يبلغ لبيان معشارها.

وقد أدركت كل المذاهب والفرق الإسلامية هذه الحقيقة المرة ، ألا وهي الكذب والدس والوضع على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فشمر علماؤهم عن ساعد الجد والعمل لتصحيح ما ارتكبته الأيدي الأثيمة ، وتنقية أحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله من شوائب الوضع والدس والكذب من بين آلاف ، بل عشرات الآلاف من الأحاديث.

إن أصحاب الصحاح والسنن - وهي الكتب المعتبرة عند أبناء العامة - صرحوا بأنهم انتقوا أحاديثهم من بين آلاف الأحاديث الموجودة.

فهذا صحيح البخاري يحتوي على ألفين وسبعمائة وواحد وستين

ص: 358

حديثا خالصا غير مكرر ، اختارها من زهاء ستمائة ألف حديث (1).

وفي صحيح مسلم أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات ، صنفه من بين ثلاثمائة ألف حديث (2).

وفي سنن أبي داود أربعة آلاف وثمانمائة حديث ، انتخبها من بين خمسمائة ألف حديث (3).

وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين ألف حديث ، انتخبها من بين سبعمائة وخمسين ألف حديث ، وكان يحفظ ألف ألف حديث (4).

هذا بحسب مبانيهم ومسالكهم في انتقاء الحديث وانتخابه ، إلا أنه - مع ذلك كله - لم تخل الكتب الموصوفة بالصحة من الأباطيل والموضوعات والأكاذيب ، لكن تفصيل ذلك وشرحه موكول إلى محله.

وقد دون العلامة الأميني - قدس الله نفسه الزكية - فصلا مطولا ، ذكر فيه سلسلة الكذابين والوضاعين ، والذين وضعوا الحديث حسبة ، والنسخ الموضوعة للكذابين ، وسلسلة الموضوعات عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وسلسلة الموضوعات في الخلافة وغيرها إذ أعطى الموضوع حقه - ولم يكن بصدد استيعابه وتحقيقه بصورة كاملة - فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء (5).

أما بالنسبة إلى الشيعة فقد عنوا بعلم الرجال عناية بالغة ، حتى عد من العلوم الرئيسية لكل من أراد الاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية ، إذ 8.

ص: 359


1- إرشاد الساري 1 / 28 ، صفة الصفوة 4 / 143.
2- المنتظم 5 / 32 ، طبقات الحفاظ 2 / 151 - 157 ، شرح صحيح مسلم 1 / 32.
3- المنتظم 5 / 97 ، طبقات الحفاظ 2 / 154 ، تاريخ بغداد 9 / 57.
4- طبقات الحفاظ 2 / 17.
5- الغدير 5 / 208 - 378.

يجب على كل مجتهد الإلمام الكامل والتبحر في هذا العلم ليتمكن من تمييز الرواية الصحيحة من الرواية السقيمة عن طريق دراسة أحوال رجال سند الحديث واحدا واحدا ليعطي حكمه النهائي بعد هذه الدراسة المعمقة حول الحديث من ناحية قبوله أو رفضه.

إن شدة الحاجة إلى هذا العلم ، حدا بعلماء الشيعة إلى تدوين المؤلفات الكثيرة حول هذا العلم - يمتد تاريخها من القرن الأول الهجري حتى يومنا هذا - فقد دونوا في القرون الأربعة الأولى : رجال عبيد الله بن أبي رافع ورجال ابن جبيلة ورجال ابن فضال ورجال ابن محبوب ، ولكن هذه المدونات قد فقدت - مع الأسف الشديد - لتحرم الأمة من تراث ثمين هي بأمس الحاجة إليه.

وفي أوائل القرن الخامس دونت الأصول الرجالية الأربعة المعتمدة عند الشيعة وهي : اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) والفهرست والرجال للشيخ الطوسي وكتاب الرجال للنجاشي.

وفي القرن السادس ألف فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم

للشيخ منتجب الدين ومعالم العلماء لابن شهرآشوب.

وفي القرن السابع ألف السيد ابن طاووس الحلي كتابه حل الإشكال وقد تبعه تلميذاه العلامة الحلي في الخلاصة ، وابن داود في الرجال.

وهكذا استمر المتأخرون على نهج أسلافهم ، وهكذا فعل الشيخ الشهيد الأول المتوفى سنة 786 ه ومن بعده السيد علي بن عبد الحميد النيلي المتوفى سنة 841 ه في رجاله ، ثم صاحب المعالم في التحرير الطاووسي ، فقد أضاف كل منهم أسماء علماء عصره إلى قائمة الرواة السابقين ، حتى وصلت جهودهم الحثيثة ودأبهم المتواصل إلى علمائنا في

ص: 360

الوقت الحاضر ليكملوا مسيرة سلفهم الصالح ، فكانوا خير خلف لخير سلف ، فجزى الله علماءنا الأبرار الماضين منهم والحاضرين العاملين خير الجزاء وأفضل الجزاء على خدمتهم الكبيرة لمذهب أهل البيت عليهم السلام إذ كانوا بحق الحاملين لعلوم أهل البيت عليهم السلام ، المتحملين لأحاديثهم ، والمدافعين عنهم أمام الهجمات الصفراء لذوي النفوس الضعيفة الذين يحملون حقد أجدادهم منذ صدر الإسلام جيلا بعد جيل وحتى يومنا هذا على الإسلام المحمدي الأصيل وعلى حملته الأوفياء.

* * *

ص: 361

ترجمة المؤلف (1)

نسبه :

هو السيد محمد باقر - الشهير بحجة الإسلام - ابن السيد محمد نقي (2)

ابن محمد زكي بن محمد تقي بن شاه قاسم بن أمير أشرف بن شاه قاسم ابن شاه هدايت بن أمير هاشم بن السلطان السيد علي القاضي بن السيد علي بن محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن حمزة بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام (3) ، من فحول علماء الإمامية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر ، ومن كبار زعماء الدين وأعلام الطائفة. ».

ص: 362


1- اعتمدنا في إعداد وكتابة هذه الترجمة على المصادر التالية : طبقات أعلام الشيعة المسمى الكرام البررة في أعلام القرن الثالث بعد العشرة - للعلامة آقا بزرك الطهراني - 2 / 192 - 196 من القسم الأول ، روضات الجنات 2 / 96 - 102 ، نجوم السماء 1 / 63 ، الفوائد الرضوية : 426 - 429 ، أعيان الشيعة 9 / 188 ، الروضة البهية : 20. ترجم له قدس سره أيضا في المصادر التالية : تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر ، قصص العلماء لمحمد بن سليمان التنكابني ، تاريخ أصفهان لحسن خان الجابري ، مظاهر الآثار لمحمد حسن شريعتمدار ، ومعارف الرجال ، فمن أراد التوسع فليرجع إليها.
2- في هامش الكرام البررة : «صرح في بعض المؤلفات أنه ابن محمد تقي - بالتاء - والصحيح نقي - بالنون -».
3- في هامش الكرام البررة : «وجدت نسبه كذلك بخطه الشريف على نسخة الأصل من كتابه مطالع الأنوار وعليه أيضا تقريظ أستاذه الشيخ الأكبر كاشف الغطاء بخطه».

ولادته ونشأته :

«ولد في سنة 1175 ه في قرية من قرى رشت من نواحي طارم العليا ، يقال لها : (چزره) ، بينها وبين شفت - بشين معجمة مفتوحة وفاء ساكنة ومثناة فوقية - قرب عشرة فراسخ ، وانتقل إلى» شفت «وهو ابن سبع سنين كما ذكره الشيخ جواد الطارمي» (1).

«شفت» قرية من قرى رشت ، ورشت قصبة من قصبات جيلان ، وجيلان اسم للقطر.

قال الحموي في معجم البلدان : «جيلان - بالكسر - اسم لبلاد كثيرة من وراء بلاد طبرستان ، والعجم يقولون : گيلان ، وقد نسب إليها من لا يحصى من أهل العلم في كل فن ، وعلى الخصوص في الفقه ...» (2).

وقد ذكر الجابري حسن خان في تاريخ أصفهان : «إن ولادته كانت سنة 1180 ه» (3).

ويؤيد ذلك ما ذكره السيد الخوانساري في روضات الجنات : «من أنه ورد أرض العراق في حدود سبع وتسعين ومائة أو قريبا من ذلك وهو ابن ست أو سبع عشرة سنة» (4).

ولكن العلامة الطهراني قال : «رأيت في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني بكربلاء مجموعة من إجازاته الصادرة إلى تلاميذه فاستفدت منها 2.

ص: 363


1- الكرام البررة 2 / 193 من القسم الأول.
2- معجم البلدان 2 / 201.
3- حكاه عنه العلامة آقا بزرك في الكرام البررة 2 / 193 من القسم الأول.
4- روضات الجنات 2 / 96 - 102.

بعض تواريخه ، منها أنه هاجر إلى العراق لطلب العلم في سنة 1192 ه وهو ابن سبع عشرة سنة ، فتكون ولادته كما ذكرناه - 1175 ه - لا في 1180 ه كما ذكره الجابري في تاريخ أصفهان» (1).

هجرته وسيرته وزعامته الدينية :

«هاجر إلى العراق لطلب العلم في سنة 1192 ه وهو ابن سبع عشرة سنة ، فحضر في كربلاء على الأستاذ الأكبر محمد باقر البهبهاني أولا ، ثم على السيد علي صاحب الرياض.

ثم تشرف إلى النجف ، وكان وروده إليها في سنة تشرف المير عبد الباقي إلى النجف ، في سفرته التي استجازه بحر العلوم فيها ، وتاريخ تلك الإجازة شعبان 1193 ه.

حضر المترجم على [أشهر علماء عصره ، منهم :] السيد مهدي بحر العلوم ، والشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء.

ثم سافر إلى الكاظمية فحضر على السيد محسن الأعرجي ، إذ قرأ عليه القضاء والشهادات.

ولما حلت سنة 1200 ه - وقد تم بها على المترجم في العراق ثمان سنين بلغ فيها درجة سامية ومكانة عالية - سافر إلى قم أيام زعامة العلم المحقق الميرزا أبي القاسم القمي ، مؤلف القوانين فتتلمذ عليه مدة.

ثم سافر إلى كاشان فحضر على عالمها الفذ [الفقيه] الأخلاقي الشهير المولى مهدي النراقي ، مؤلف جامع السعادات. ل.

ص: 364


1- الكرام البررة 2 / 193 من القسم الأول.

وفي سنة 1206 ه نزل أصفهان وعزم على السكنى بها ، فاجتمع عليه طلاب العلم الأفاضل حتى عرف في وسطه ، وتألق نجمه ، وطبق ذكره نوادي العلم بها - وما أكثرها وأعظمها يومذاك - ولم يزل اسمه على مر الزمن يزداد ذيوعا وشيوعا حتى احتل مركزا عظيما وحصل رئاسة عامة ، ومرجعية كبرى ، وزعامة عظمى» (1).

وكان فقيرا لا يملك شروى نقير ، ولم يكن لديه من الكتب إلا مجلدا واحدا من المدارك ، وليس له شئ من الأموال إلا منديلا واحدا لمحل الخبز ، وسكن في مدرسة السلطان المفتوح بابه إلى چهارباغ العباسي المعروفة في أصفهان بمدرسة «چهارباغ» ، واجتمع الطلاب والمشتغلون عنده للتحصيل والتعلم ، حتى عرف في الأوساط العلمية.

«وكانت بينه وبين العالم الزعيم الحاج محمد إبراهيم الكلباسي (2)

صلة متينة ، وصداقة تامة من بدء أمرهما ، فقد كانا زميلين كريمين في النجف تجمع بينهما معاهد العلم ، وشاء الله أن تنمو هذه المودة شيئا ل.

ص: 365


1- الكرام البررة 2 / 193 - 194 من القسم الأول.
2- «هو الشيخ الحاج محمد إبراهيم بن محمد حسن الخراساني الكاخي الأصفهاني الكلباسي ، من أعاظم علماء عصره المشاهير ، ولد في ربيع الآخر 1180 ه ، هاجر إلى العراق ، فأدرك الوحيد البهبهاني والسيد مهدي بحر العلوم والشيخ كاشف الغطاء ومؤلف الرياض والمقدس الكاظمي ، وحضر عليهم مدة طويلة. ثم رجع إلى إيران ، فحل في بلدة قم ، واشتغل بها على المحقق القمي ، ثم سافر إلى كاشان ، فحضر على عالمها الشهير النراقي ، ثم عاد إلى أصفهان ، فحفت به طبقاتها ، وألقت إليه الرئاسة أزمتها ... وكان يؤم الناس في مسجد الحكيم ، ويرقى المنبر بعد الصلاة ويعظ الحضور ، وكان في غاية التواضع ، وحسن الخلق ، وسلامة النفس ، وكانت بينه وبين الحجة الكبير (المترجم) صلة وثيقة لم تخل بها زعامة كل منهما ومرجعيته ، توفي - عليه الرحمة - في 8 جمادى الأولى سنة 1261 ه ". الكرام البررة 2 / 14 من القسم الأول.

فشيئا ، ويبلغ كل منهما في الزعامة مبلغا لم يكن يحدث له في البال ، وأن يسكنا معا بلدة أصفهان ، ويتزعما بها في وقت واحد ، ولم تكن الرئاسة لتكدر صفو ذلك الود الخالص ، أو تؤثر مثقال ذرة ، فكلما زادت سطوة أحدهما زاد اتصالا ورغبة بصاحبه ، وقد بلغت زعامة المترجم مبلغا عظيما ، فكان يقيم الحدود الشرعية ويجريها بيده أو يد من يأمره بلا خشية ولا خوف ، وقد أحصى بعضهم عدد المجرمين الذي لاقوا حتفهم على يديه طبقا للآداب الشرعية ...» (1).

عبادته وخشوعه :

قال الشيخ عباس القمي نقلا عن كتاب تكملة أمل الآمل : «حجة الإسلام السيد محمد باقر كان عالما ربانيا روحانيا ممن عرف حلال آل محمد صلى الله عليه وآله وحرامهم وسيد أحكامهم ، وخالف هواه ، واتبع أمر مولاه ، كان دائم المراقبة لربه ، لا يشغله شئ عن الحضور والمراقبة» (2).

وقال : «حدثني والدي رحمه الله أن آماق عين السيد كانت مجروحة من كثرة بكائه في تهجده.

وحدثني بعض خواصه ، قال : خرجت معه إلى بعض قراه فبتنا في الطريق ، فقال لي : ألا تنام؟! فأخذت مضجعي فظن أني نمت ، فقام يصلي ، فوالله إني رأيت فرائصه وأعضاءه ترتعد بحيث كان يكرر الكلمة مرارا من شدة حركة فكيه وأعضائه حتى ينطق بها صحيحة.

وحدثني بعض الأجلة الثقات ، قال : كان من شدة حضور قلبه بين 9.

ص: 366


1- الكرام البررة 2 / 194 من القسم الأول.
2- الفوائد الرضوية : 429.

يدي ربه ترتعد فرائصه ، وتجري دموعه بمجرد أن يخلو مجلسه من الناس ، قال : حتى أني رأيت جريان دموعه مقارنة لآخر خارج من المجلس بلا فاصلة» (1).

جملة من أحواله ومكارم أخلاقه :

كان أزهد أهل زمانه وأعبدهم وأسخاهم ، فلذا أقبلت إليه الدنيا حتى انتهت إليه الرئاسة الدينية والدنيوية ، وملك أموالا كثيرة من النقود والعروض والعقار والقرى والدور الكثيرة في محلة «بيدآباد».

وكانت له أموال كثيرة جناها من التجارة بين مدينتي رشت وأصفهان.

وكان يساعد الطلاب ويعطي كل واحد منهم بقدر مؤنته بل أزيد ، ويعطي الفقراء بل الأغنياء والرؤساء كثيرا ، ويقرض أبناء السلطان ووزرائهم.

وبالجملة : صار من المتمولين والأغنياء ، بل لم يوجد في زمانه أحد بسعته وغناه وتموله ، وكل المحتاجين يرجعون إليه ولا يحرمهم ، بل يعطي كلا منهم على حسب حاجته وقل من يخيب عن بابه.

وفي عيد الغدير كان تجار أصفهان يأتون لتهنئته محملين بالهدايا والأموال ، فكان يوزعها على الفقراء والمحتاجين.

وكان للمترجم دكانان خاصان للفقراء ، واحد للخبز والآخر للحم ، وكانت جماعة كبيرة تعمل عند هذا العالم الجليل.

أما في الصلاة فكان يصلي خلفه الآلاف من المصلين.

وكان له في كل أسبوع يوم للمرافعة والمحاكمة والبت في الدعاوي المقدمة إليه في مجلس مهيب ، يحضره عامة الناس من جميع الطبقات ، 9.

ص: 367


1- الفوائد الرضوية : 429.

وكان من العظمة والأبهة أنه يستمر من الصباح إلى المساء بدون انقطاع ما عدا أوقات الصلاة.

آثاره الخالدة :

ومن آثاره الخالدة تحديداته للمطاف بمكة المعظمة لما حج سنة 1230 ه.

كما أن له آثارا عمرانية فخمة ، فقد بنى مسجدا في محلة بيدآباد التي كان يسكنها - وهي من محال أصفهان - أنفق عليه ما يقرب من مائة ألف دينار شرعي من أمواله الخاصة ، وذلك في سنة 1245 ه ، ومال بقبلته إلى يمين قبلة سائر المساجد يسيرا ، وجعل له مدارس وحجرات للطلبة ، وأسس أساسا لم يعهد مثله من أحد من العلماء والمجتهدين ، وبنى بجنبه مقبرة لنفسه ، واتفق أن حقق الله تعالى رجاه فدفن بعد ثلاثة أيام من وفاته في تلك المقبرة ، وهي موجودة إلى الآن.

مشايخه وأساتذته :

قرأ على جم غفير من علماء عصره وعظمائهم ، ندرجهم في ما يلي مع ترجمة مختصرة لكل واحد منهم :

1 - الأستاذ الأكبر محمد باقر البهبهاني - الشهير بالوحيد - ابن المولى محمد أكمل الأصفهاني.

مجاهد كبير ، ومؤسس محقق ، وأشهر مشاهير علماء الإمامية وأجلهم في عصره.

ولد بأصفهان في سنة 1118 ه أو 1117 أو 1116 ، ونشأ بها ، ثم

ص: 368

انتقل إلى بهبهان مع والده ، واشتغل بها ردحا من الزمن ، ثم هاجر إلى كربلاء فجاورها وحضر على أركان الملة ، وأقطاب الشريعة ، وفحول العلماء ، منهم السيد صدر الدين الرضوي ووالده.

توفي الشيخ في الحائر الشريف في سنة 1205 ه ، ودفن في رواق حرم الإمام الحسين عليه السلام مما يلي أرجل الشهداء.

له تصانيف جليلة قاربت الستين كتابا ورسالة منها : شرح المفاتيح ، وحاشية المدارك وتعليقة على الرجال الكبير للميرزا محمد ، والفوائد الحائرية ، ورسائل في : القياس والأصول الخمسة والمعاملات ... (1).

2 - السيد علي بن السيد محمد علي بن أبي المعالي الصغير بن أبي المعالي الكبير - أخ السيد عبد الكريم جد بحر العلوم - الطباطبائي الحائري.

ولد في الكاظمية في 12 ربيع الأول من سنة 1161 ه ، وتوفي سنة 1231 ه ، وجاء في تاريخ وفاته : «بموت علي مات علم محمد» ، ودفن في الرواق الشريف مما يلي مقابر الشهداء مع الآقا البهبهاني في صندوق واحد يزار.

تخرج عليه علماء أعلام ، وفقهاء عظام ، صاروا من أكابر المراجع في الإسلام ، كصاحب المقاييس وصاحب المطالع - المترجم - وصاحب مفتاح الكرامة وغيرهم.

من تصانيفه : رياض المسائل ، رسالة حجية الشهرة ، شرح صلاة المفاتيح ... (2). 4.

ص: 369


1- الكرام البررة 2 / 171 رقم 360 من القسم الأول.
2- أعيان الشيعة 8 / 314.

3 - السيد مهدي بحر العلوم ، ويقال محمد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني البروجردي المعروف ببحر العلوم الطباطبائي ، من نسل إبراهيم الملقب «طباطبا» من ذرية الحسن المثنى.

وهو الإمام العلامة ، رئيس الإمامية ، وشيخ مشايخهم في عصره.

ولد بكربلاء ليلة الجمعة في شوال سنة 1155 ه ، وتوفي بالنجف الغروي سنة 1212 ه ، ودفن قريبا من قبر الشيخ الطوسي ، وقبره مشهور.

من تصانيفه : المصابيح في الفقه ، ثلاثة مجلدات ، الفوائد في

الأصول ، مشكاة الهداية ، الرجال ، الدرة النجفية وهي أرجوزة مشهورة في الفقه ، رسالة في العصير العنبي ، وغيرها (1).

4 - الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ، وهو شيخ الطائفة وزعيم الإمامية ، ومرجعها الأعلى في عصره ، ومن فطاحل فقهاء الشيعة.

ولد في النجف الأشرف سنة 1156 ه ، ونشأ مجبولا على حب العلم والفضل ، حضر برهة من الزمن على والده ، ثم الشيخ محمد تقي الدورقي والسيد صادق الفحام والشيخ محمد مهدي الفتوني والآقا محمد الوحيد البهبهاني ، وحضر على السيد مهدي بحر العلوم ما يقرب من ستة أشهر لأجل اليمن والبركة ..

من تصانيفه : كشف الغطاء عن خفيات مبهمات الشريعة الغراء ، وهو الذي اشتهر به ، ولقبت بعده ذريته به ، مناسك الحج ، غاية المأمول في علم الأصول ، رسالته العملية بغية الطالب ، والحق المبين.

توفي الشيخ الأكبر في النجف الأشرف يوم الأربعاء 22 رجب من 8.

ص: 370


1- أعيان الشيعة 10 / 158.

سنة 1228 ه ، ودفن بمقبرته الخاصة الشهيرة قرب داره (1).

5 - السيد محسن الأعرجي ابن الحسن بن مرتضى الكاظمي ، المعروف بالمحقق البغدادي ، صاحب المحصول والوسائل (1130 - 1227 ه).

عالم فقيه أصولي محقق مدقق ، مؤلفاته مشهورة ، وعباراته في غاية الفصاحة والبلاغة ... تتلمذ على بحر العلوم ، وشارك كاشف الغطاء في الدرس.

اشتغل بالتجارة إلى حدود الأربعين من عمره ، ثم هاجر إلى النجف للتحصيل إلى زمان الطاعون الجارف ، وتفرق أهل النجف سنة 1186 ه ، ثم عاد إلى النجف (2).

6 - المحقق الميرزا أبو القاسم القمي الجيلاني الشفتي ، من أركان الدين وكبار المؤسسين ومن مشاهير محققي الإمامية.

ولد في مدينة جابلاق من أعمال رشت في سنة 1151 ه ، فاشتغل على أبيه في علوم الأدب ، ثم انتقل إلى خوانسار ، فدرس بها الفقه والأصول على العلامة السيد حسين الخوانساري - جد مؤلف روضات الجنات - ثم هاجر إلى العراق ، ونزل كربلاء ، ودرس على الوحيد البهبهاني ، والشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي ، والشيخ محمد باقر الهزارجريبي ، ثم عاد إلى بلاده ، وانتقل بين مدن جابلاق وقلعة بانو وأصفهان وشيراز ، ثم استقر في مدينة قم المقدسة ، وعكف على التدريس والتصنيف حتى أصبح من كبار المحققين ، وأعاظم الفقهاء المتبحرين. 6.

ص: 371


1- الكرام البررة 2 / 248 رقم 506 من القسم الأول.
2- أعيان الشيعة 9 / 46.

له مصنفات قيمة منها : القوانين المحكمة في الأصول ، جامع الشتات

في أجوبة السؤالات ، الغنائم ، المناهج ، وغيرها.

توفي قدس سره في سنة 1231 ه في مدينة قم المقدسة ودفن في مقبرتها المشهورة ب : «شيخون» (1).

7 - الشيخ مهدي النراقي.

العالم الورع ، والفاضل الجامع ، قدوة خير أهل العلم بفهمه الإشراقي ، مولانا مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي ، نسبة إلى مسقط رأسه نراق - التي هي على وزن عراق - من أتباع بلدة كاشان ، كان من أركان علمائنا المتأخرين ، وأعيان فضلائنا المتبحرين ، مصنفا في أكثر فنون العلم ، مسلما له في الفقه والحكمة والأصول.

وفي الروضة البهية في الطرق الشفيعية : وبعد فراغه من التحصيل توطن كاشان ، وكانت خالية من العلماء ، وببركة أنفاسه صارت مملوءة بالعلماء الفضلاء ، وصار مرجعا ، وبرز في مجلس درسه جمع من العلماء الأعلام ، توفي سنة 1209 ه.

من تصانيفه : جامع السعادات في الأخلاق ، معتمد الشيعة في أحكام الشريعة ، لوامع الأحكام في فقه شريعة الإسلام ، التحفة الرضوية في المسائل الدينية ، وغيرها (2).

8 - الشيخ سليمان بن معتوق العاملي الكاظمي ، المتوفى سنة 1227 ه.

كان في جبل عامل ، من تلاميذ السيد محمد بن إبراهيم الموسوي 3.

ص: 372


1- الكرام البررة 2 / 52 رقم 113 من القسم الأول.
2- أعيان الشيعة 10 / 143.

- جد آل شرف الدين - والمجازين منه في الرواية ، ولما حدثت فتنة أحمد الجزار في سنة 1197 ه هرب إلى العراق مع السيد صالح ابن أستاذه ، وسكن الكاظمية ، ولاقى المحدث يوسف البحراني في كربلاء ، فاستجازه وتحمل عنه طرقا ، وله الرواية من غيره كالميرزا أبي القاسم القمي صاحب القوانين وغيره.

برز ذكره في الكاظمية ، وصار من أجلاء فقهائها ، وأفاضل مراجعها ، وتخرج عليه جماعة من الأعاظم ، منهم السيد عبد الله شبر ، والسيد صدر الدين الموسوي ، والسيد محسن الأعرجي ، وغيرهم (1).

تلامذته :

تتلمذ على يده وروى عنه إجازة جماعة كبيرة جدا ، منهم :

1 - الحاج محمد باقر الخوانساري ، صاحب روضات الجنات.

2 - الحاج محمد إبراهيم الأصفهاني القزويني.

3 - الميرزا محمد الرضوي.

4 - السيد فضل الأسترآبادي.

5 - المولى محمد علي المحلاتي.

6 - المولى محمد صالح الأسترآبادي.

7 - المولى محمد صالح النخجواني.

7 - الشيخ علي النخجواني.

8 - السيد محمد تقي الزنجاني.

9 - الحاج عبد الباقي الكاشاني. ل.

ص: 373


1- الكرام البررة 2 / 612 من القسم الأول.

10 - السيد محمد علي الأبرقوئي.

11 - المولى مرتضى قلي.

12 - المولى محمد رفيع الكيلاني ، المعروف بشريعتمدار.

13 - المولى عبد الوهاب.

14 - الآقا محمد المجتهد.

كما تتلمذ عليه العشرات من الأعلام لم نذكرهم روما للاختصار.

مؤلفاته العلمية :

له مؤلفات قيمة ، ومصنفات رائعة ، وآثار جليلة خالدة ، نذكر منها :

1 - مطالع الأنوار في شرح شرائع الإسلام :

لم يخرج منه غير مقاصد كتاب الصلاة إلى آخر أحكام الأموات في خمسة مجلدات ، إلا أنه مشتمل على أغلب قواعد الفقه وضوابطه الكليات ، بل محتو على معظم المسائل المتفرقة من الطهارة إلى الديات ، وأما تفصيله المقاصد في غاية التدقيق ، وتذييله المطالب مع رعاية التحقيق ، فهو مما بلغ مبلغا ليس يصل إليه أفئدة أولي الألباب.

2 - تحفة الأبرار :

في آداب صلاة الليل - باللغة الفارسية - على غرار كتابه السابق فيما يقرب من عشرين ألف بيت بلغ فيه إلى أبواب التعقيب مشتملا على فوائد مهمة وفروع نادرة قلما يوجد في شئ من كتب العمل للمقلدين.

3 - القضاء والشهادات :

ألفه أيام اشتغاله على السيد الأعرجي في الكاظمية.

ص: 374

4 - الزهرة البارقة في أحوال المجاز والحقيقة :

تشتمل على جم غفير من المسائل الأصولية والعربية ومباحث الألفاظ والمبادئ اللغوية في نحو من ثمانية آلاف بيت.

5 - جوابات المسائل :

في مجلدين كبيرين تشتمل على رسائل متعددة في مسائل متبددة.

6 - رسالة في الأوقاف :

وتحقيق بطلان الوقف على النفس خاصة ، أو في ضمن غيره.

7 - رسالة في حكم إقامة الحدود في زمن الغيبة :

وكان يذهب إلى وجوب ذلك على المجتهدين ويقوم بإجرائه بالمباشرة أو الأمر ، وقد قدر عدد من قتلهم في سبيل ربه تبارك وتعالى زمن رئاسته للدين بثمانين أو تسعين ، وقيل : 120 ، دفنوا في المقبرة الواقعة قرب بيته ، المعروفة بقبلة الدعاء.

8 - رسالة في حكم زيارة عاشوراء :

وأن صلاتها ركعتان لا أكثر ، تفعلهما بعد الفراغ من اللعن والسلام والدعاء والسجدة.

9 - رسالة في أحكام الشك والسهو في الصلاة :

وهي رسالة كبيرة جدا ، حسنة الوضع والتفريع ، جعلها تتمة لكتابه تحفة الأبرار.

10 - رسالة في مناسك الحج وآدابها الواجبة والمستحبة :

وهي أيضا من أحسن ما كتب في هذا الشأن ، وكان عليها عمل معظم حجاج هذه الأزمان.

ص: 375

11 - حاشية على شرح السيوطي على ألفية ابن مالك :

قال السيد الأمين العاملي : «رأيتها في النجف الأشرف سنة 1352 ه ، فرغ من الجزء الأول منها في رجب 1204 ه ، ألفها في الكاظمية وهو مريض باحتراق البول».

وقال العلامة الطهراني : «ألفها في بداية اشتغاله بطلب العلم ، وصل فيها إلى باب التمييز ، وقد سماها ب : «الحلية اللامعة».

12 - في العقد على أخت الزوجة المطلقة.

13 - في قبول المرأة قول المرأة في عدم المانع لها من النكاح.

14 - في أنه للولي أن يهب المدة في العقد المنقطع.

15 - السؤال والجواب.

16 - رسالة في شرح بعض جوابات المسائل الصادرة عن أستاذه القمي :

ألفها بأمر أستاذه.

17 - الرسائل الرجالية :

طبعت في عام 1314 ه ، تشتمل على اثنتين وعشرين رسالة في أحوال عشرين رجلا من الرواة ، كما يلي :

أ - رسالة في «تحقيق حال أبان بن عثمان» وتحقيق أحواله ، وتحقيق أحوال أصحاب الإجماع أيضا ، وهي رسالتنا هذه.

ب - رسالة في «تحقيق حال أبي بصير».

ج - رسالة في «تحقيق حال أحمد بن محمد بن عيسى».

د - رسالة في «تحقيق حال حسين بن خالد».

ص: 376

ه - رسالة في «تحقيق حال سهل بن زياد».

و - رسالة في «تحقيق حال عبد الحميد العطار».

ز - رسالة في «تحقيق حال عمر بن يزيد».

ح - رسالة في «تحقيق حال محمد بن أحمد» الراوي عن العمركي.

ط - رسالة في «تحقيق حال محمد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي».

ي - رسالة في «تحقيق حال محمد بن عيسى اليقطيني».

ك - رسالة في «تحقيق حال معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة وبيان اتحادهما».

ل - رسالة في «تحقيق حال إبراهيم بن هاشم» والد المفسر الشيخ الجليل علي بن إبراهيم الذي هو أستاذ الشيخ الكليني.

م - رسالة في «تحقيق حال أحمد بن أبي عبد الله بن خالد البرقي».

ن - رسالة في «تحقيق حال حماد بن عيسى».

س - رسالة في «تحقيق حال شهاب بن عبد ربه».

ع - رسالة في «المقصودين من عدة الكليني».

ف - رسالة في «تحقيق حال ماجيلويه».

ص - رسالة في «تحقيق حال محمد بن إسماعيل» الواقع في صدر بعض أسانيد الكافي ، فرغ منها سنة 1206 ه ، ثم كتب عليها حاشية سنة 1232 ه.

ق - رسالة في «تحقيق حال محمد بن سنان».

ر - رسالة في «تحقيق حال محمد بن الفضيل».

ص: 377

ش - رسالة في «تحقيق حال إسحاق بن عمار».

ت - «جواب مسألة في المنطق».

وفاته :

توفي يوم الأحد الثاني من ربيع الأول - بمرض الاستسقاء - سنة ستين بعد المائتين والألف ، لكن العلامة الطهراني قال : «إنه توفي في الثاني من شهر ربيع الآخر سنة 1260 ه كما رأيته بخط تلميذه العلامة السيد محمد هاشم الچهارسوقي».

ولم ير مثل يوم وفاته يوم عظيم ، إذ امتلأت أزقة البلد بأفواج الأنام رجالا ونساء يبكون عليه بكاء الفاقد والده الرحيم ، ومشفقه الكريم ، وصلى عليه في المسجد ولده الأرشد ، السيد أسد الله.

وقد أغلقت أبواب أسواق البلد أياما متوالية بعد وفاته ، ثم انتشر نعيه إلى سائر بلاد الإسلام ، فأقيم حق عزائه في جميع الأطراف والأكناف ، ودارت نائحة مصيبته في أطراف العالم قريبا من سنة كاملة ، وذلك لعظيم منته وجزيل حقه على قاطبة أهل الزمان.

وقد أنشد صاحب روضات الجنات قصيدة طويلة في رثائه ، مطلعها :

لمن العزاء وهذه الزفرات ما هي في الزمر

تبكي السماء وفي الأرض الفاسد به ظهر

إلى تمام ثمانين بيتا تقريبا ، ويقول في آخرها مؤرخا لوفاته :

وسألت طبعي القزم عن تاريخ رحلته

فجر ذيلا وقال : الله أنزله كريم المستقر

كما رثاه الميرزا عبد الرحيم الفسائي ، الذي كان من الشعراء اللامعين

ص: 378

البارزين ، بقصيدة - بالفارسية - مطلعها :

كهف عالم حجة الإسلام محمد

باقر علم وامام خاص وعام

وقد رثاه أيضا البروجردي بأرجوزة مطلعها :

سيدنا السيد محمد باقر

كهف الأنام وله مفاخر

أولاده :

1 - السيد أسد الله (1227 - 1290 ه).

2 - السيد محمد مهدي.

3 - السيد جعفر.

4 - السيد مؤمن.

5 - السيد أبو القاسم.

6 - السيد محمد علي.

7 - السيد زين العابدين.

وكلهم علماء أجلاء ، وسادة فضلاء ، انتهت إليهم الرئاسة العلمية بعد أبيهم في أصفهان ، وقد تركنا الترجمة لهم دفعا للإطالة ، ومن أراد ذلك فليراجع الكرام البررة في أعلام القرن الثالث بعد العشرة ونقباء البشر في أعلام القرن الرابع عشر.

مكانته العلمية ، وإطراء العلماء عليه :

قال العلامة المؤرخ الطبيب الميرزا محمد مهدي اللكهنوي الكشميري في كتابه نجوم السماء :

ص: 379

«... من المشايخ الكبار والمعروفين ، كان صاحب قوة قدسية ، ومالك ملكات ملكية.

قال صاحب التذكرة : عرف بالفضل ، والكمال ، والاجتهاد ، وعلو المنزلة ، وجلالة القدر عن سائر المجتهدين العرب والعجم ، نزل أصفهان وكان حاملا للمعقول والمنقول ، وجامعا للفروع والأصول ، ومرجعا للعلماء الفحول ، أذعن له سائر العلماء والمجتهدين في زمانه بالعلم والفضل والكمال ...

وفضائله لا تعد ولا تحصى ، إذ لم تحظ مرجعية أحد من علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين بمثل ما حظيت مرجعيته ... وكان مهابا من السلاطين حتى لا يجرؤ أحدهم على مخالفته ، كانت له الزعامة الدينية والدنيوية.

كان معينا للفقراء والمساكين ، وقاضي حاجات المؤمنين ، له أموال كثيرة موقوفة قربة إلى الله تعالى ...» (1).

قال تلميذه السيد محمد باقر الخوانساري في روضات الجنات :

«العجب العجاب ، وأنجب الأنجاب ... اجتمعت فيه مكارم أخلاق الأنبياء العشرة الكاملة ، وانتزع عنه من يوم خلقه الله سائر صفات الخلق غير العادلة ، رأيته في العقل أفضل جميع أهل زمانه ... ووجدته في الدين دانت له قاطبة حفاظه وديانه وخزانه ، بل إيمان الخلائق جزءا من إيمانه ، واعتقدته في العلم أفقه من تكلم على حقيقة شئ من برهانه ، وتفطن إلى دقيقة فرع من أغصانه ، ولقيته في الحلم أحلم من كظم الغيظ على الجاهلين 3.

ص: 380


1- نجوم السماء 1 / 63.

بمنزلته ومكانه ، وأحمل من حمل أعباء الخلائق بحسن خلقه وطيب لسانه ، وألفيته في الجود معترفا كل موجود بأنه من رهائن إحسانه ، بنفسه أو بماله أو بعلمه أو بشأنه ...»(1).

وقال السيد عبد الكريم الجزي في تذكرة القبور :

«من أعاظم المجتهدين ، وأكابر الفقهاء الأصوليين ، عالم زاهد ، وفقيه جامع ، ترجم حال هذا العلامة الكبير في كتب الرجال من الخاصة والعامة ، في جلالة القدر ، وارتفاع المقام ، وعلو الهمة ، وسعة الصدر ، والكرم والسخاء ، والتصلب في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر لا يصل إليه أحد من العلماء ، كان يجري الحدود الشرعية بدون خوف من السلطات الحاكمة ...» (2).

وقال المحدث الشيخ عباس القمي في هدية الأحباب :

«حجة الإسلام يطلق بصورة خاصة على السيد الأجل ، وحيد الأيام ، ومقتدى الأنام ، سيد العلماء العظام ... جلالة شأنه أكبر وأعظم من أن يعبر عنها بهذه العبارات المختصرة ، وذكروا كثيرا عن عبادته وخشوعه ومناجاته ...» (3).

وقال أيضا في الفوائد الرضوية :

«سيد العلماء الأعلام ، المدعو بحجة الإسلام ، كان - عطر الله مرقده - في جمعه الدنيا والآخرة مصداقا لكلام جده الصادق عليه السلام : وقد يجمعها الله لأقوام ، وقد جمع الله فيه من الخصال النفسانية من العلم والفضل والتقوى 3.

ص: 381


1- روضات الجنات 2 / 96 - 102.
2- تذكرة القبور - الطبعة الحجرية - : 193.
3- هدية الأحباب - الطبعة الحجرية - : 123.

والخشية والقوة في الدين والسخاء والاهتمام بأمور المسلمين والجاه العظيم ، ونشر الشرائع والأحكام ، وتعظيم شعائر الإسلام ، وإجراء الحدود الإلهية في الأنام ، والهيبة من قلوب السلاطين والحكام ، ما لم يجتمع في أحد من أقرانه ، وكان يساعد الفقراء والمساكين وطلاب العلوم الدينية» (1).

وقال أيضا في الكنى والألقاب :

«... كان أمره في العلم والتحقيق والتدقيق والديانة والجلالة ومكارم الأخلاق أشهر من أن يذكر ، وأجل من أن يسطر ...» (2).

قال الميرزا محمد علي المدرس في ريحانة الأدب :

«من عظماء علماء الإمامية المتأخرين ، فقيه ، أصولي ، أديب ، نحوي ، رجالي ، كان من مشاهير زمانه في الفقه والأصول والرجال والدراية والعلوم الأدبية وفنون العربية.

كان في الأخلاق وحيد دهره ، وعرف عنه حسن العبادة والمناجاة والسخاء والكرم ، وإقامة الحدود ، وأداء النوافل والمستحبات» (3).

وقال العلامة في الكرام البررة في أعلام القرن الثالث بعد العشرة :

«من فحول علماء الإمامية في هذا القرن - القرن الثالث عشر - ومن كبار زعماء الدين وأعلام الطائفة ... وكان كثير الاهتمام لقضاء حوائج الناس ، وإنجاز طلباتهم ، ومساعدة أهل العلم والفقراء من الناس ...» (4).

وقال العلامة السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة :4.

ص: 382


1- الفوائد الرضوية : 426 - 429.
2- الكنى والألقاب 2 / 155.
3- ريحانة الأدب 2 / 26.
4- الكرام البررة 2 / 193 - 194.

«اجتمعت فيه من الخصال الحميدة من العلم والفضل والتقوى والسخاء والاهتمام بأمور المسلمين والجاه العظيم ، والسعي في نشر الشرائع والأحكام ، وتعظيم شعائر الإسلام ، وإقامة الحدود ، والهيبة في قلوب السلاطين والحكام ، ما لم يجتمع في أحد من أقرانه» (1).

وقال إسماعيل باشا في هدية العارفين :

«السيد محمد باقر بن السيد محمد نقي ... مجتهد الشيعة الإمامية بأصبهان ، سكن بلدة بيدآباد ، وتوفي بها سنة 1260 ه» (2).

وقال الزركلي في الأعلام :

«أصولي من فقهاء إيران ، ينعت ب : حجة الإسلام ، مولده في إحدى قرى رشت ، ووفاته بأصفهان ، وأكثر إقامته في النجف» (3).

وقال عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين :

«فقيه ، أصولي ، نحوي ، مشارك في بعض العلوم ، ولد في إحدى قرى رشت ...» (4).

التعريف بنسخ الرسالة :

اعتمدنا في تحقيق هذه الرسالة على ثلاث نسخ مخطوطة ، هي :

1 - النسخة الأولى : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ضمن الرقم 2880 وهي تتكون من 24 صفحة ، 6.

ص: 383


1- أعيان الشيعة 9 / 188.
2- هدية العارفين 6 / 371.
3- الأعلام 6 / 49.
4- معجم المؤلفين 9 / 96.

كتبت ضمن مجموعة رسائل في الرجال للمؤلف قدس سره متكونة من 411 صفحة ، وكل صفحة تحتوي على 17 سطرا.

كتبها الشيخ محمد باقر الگلپايگاني ، ومؤرخة بتاريخ 1297 ه ، وقد كتبها نقلا عن نسخة كتبت في حياة المؤلف ، وتحتوي على أخطاء وسقوطات كثيرة.

وقد رمزت لها بالحرف «س».

2 - النسخة الثانية : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة مجلس الشورى الإسلامي أيضا ضمن الرقم 64515 ، وهي تتكون من 15 صفحة من النوع الصغير ، وكل صفحة تحتوي على 23 سطرا.

وقد رمزت لها بالحرف «م».

3 - النسخة الثالثة : وهي النسخة الحجرية المتداولة ، وعدد صفحاتها 8 صفحات من الحجم الكبير.

وقد رمزت لها بالحرف «ج».

منهج التحقيق :

بعد استنساخ الرسالة قمت بمقابلتها مع جميع النسخ المذكورة ، مع الاعتماد في مراجعة النصوص والروايات على مصادرها ، وقد اعتمدت طريقة التلفيق بين نسخ الرسالة ، آخذا الصحيح الراجح في المتن مع الإشارة في الهامش إلى الكلمات التي تفيد تغيير المعنى ، وقد أعرضت عن الإشارة إلى بعض الأخطاء الإملائية وما كان محرفا دفعا للإطالة.

علما أن كل ما بين قوسين () بدون إشارة هو من بعض النسخ ،

ص: 384

وما بين معقوفين [] هو إضافة من عندنا ، لضرورة يقتضيها سياق العبارة.

وقد ذكرت في الهامش مصادر الروايات ، مع الإشارة إلى بعض التوضيحات اللازمة والمهمة.

كلمة أخيرة :

وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت في تحقيق هذه الرسالة القيمة ، وأرجو من العلماء والفضلاء وأساتذة التحقيق والباحثين والناقدين أن لا يبخلوا علي بملاحظاتهم القيمة ، ونقدهم البناء ، واستدراكاتهم المفيدة ، لما لها من أثر كبير في إظهار التحقيق بحلة قشيبة زاهية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عبد

الكريم محمد الموسوي

12

ذي الحجة الحرام / 1414 ه

قم

المقدسة

ص: 385

صورة

ص: 386

صورة

ص: 387

صورة

ص: 388

صورة

ص: 389

صورة

ص: 390

صورة

ص: 391

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي (1)

الحمد لله الذي لو حمدته دوام خلود ربوبيته بكل شعرة في كل طرفة عين (2) بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين ، لكنت وجلاله مقصرا عن بلوغ شكر أخفى نعمة من نعمه علي ، والصلاة والسلام على أكمل خليقته ، وأخلص بريته ، وسيد رسله محمد وآله أجمعين (3).

وبعد :

يقول العبد الملتجئ إلى باب سيده الغافر ، ابن الواصل إلى رحمة ربه الساتر ، محمد نقي الموسوي محمد باقر ، وقاه الله تعالى من سوء الباطن والظاهر :

هذه مقالة في تحقيق حال أبان بن عثمان ، وبيان الأشخاص الذين ادعي أنهم (ممن) أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، وتنقيح المقام (في إبراز) (4) المرام من هذا الكلام. ».

ص: 392


1- عبارة : «وبه ثقتي» ليست في «ج» ، وفي «م» : «وبه نستعين».
2- في «س» : «سرمد الأبد» بعد «عين».
3- في «م» و «ج» : «وأصحابه أجمعين».
4- في «ج» : «وإبراز».

فنقول : إنه اختلف علماؤنا الأعلام - نور الله تعالى مراقدهم - في أبان بن عثمان على أقوال ستقف عليها.

وتحقيق الحال فيه يستدعي التكلم في مقامات :

ص: 393

المقام الأول

في ما يدل على قدحه مع الجواب عنه

فأقول : هو أمور :

الأول :

ما حكاه الكشي عن ابن فضال ، قال : قال محمد بن مسعود : حدثني علي بن الحسن ، قال : كان أبان من أهل البصرة ، وكان مولى بجيلة ، وكان يسكن الكوفة ، وكان من الناووسية (1) (2).

وحكي عن فخر المحققين ، أنه حكى عن والده (العلامة) ، قال : سألت والدي رحمه الله عن أبان ، فقال : الأقرب عندي عدم قبول روايته لقوله 7.

ص: 394


1- قال النوبختي : «الناووسية : هم أتباع رجل من أهل البصرة يقال له : فلان بن فلان الناووس ، وهم يعتقدون بإمامة جعفر الصادق عليه السلام ، غير أنهم زعموا أنه لم يمت وأنه المهدي ، ورووا عنه عليه السلام أنه قال : إن جاءكم من يخبركم عني أنه غسلني وكفنني فلا تصدقوه ، فإني صاحبكم صاحب السيف». وقال الأشعري : «إن هؤلاء يعتقدون أن جعفر بن محمد حي لم يمت ، ولا يموت حتى يظهر أمره ، وهو القائم المهدي ، وهذه الفرقة تسمى الناووسية ، لقبوا برئيس لهم يقال له : عجلان بن ناووس من أهل البصرة». وقال الحميري : «إنهم نسبوا إلى قرية ناووس». أنظر : فرق الشيعة : 67 ، مقالات الإسلاميين : 25 ، الفرق بين الفرق : 61 ، الحور العين : 162.
2- رجال الكشي : 300 رقم 200 ، وفيه : «وكان من القادسية الناووسية» والظاهر أنه تصحيف ، والصحيح : «من القادسية». راجع : تنقيح المقال 1 / 6 ، معجم رجال الحديث 1 / 160 رقم 37.

تعالى : (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (1) ولا فسق أعظم من عدم الإيمان (2).

وأعترض عليه بوجهين :

الأول : لا نسلم صدق الفسق في حقه ، إذ هو خروج عن طاعة الله مع اعتقاده أنه خروج ، ولا شبهة أن من يجعل مثل هذه مذهبا ، إنما يعده من أعظم الطاعات.

والثاني : إن فساد العقيدة لو كان موجبا لعدم قبول الخبر والرواية لما يمكن الحكم بناووسية أبان ، إذ مخبره - وهو علي بن الحسن - فطحي (3) ، والمفروض أنها مقبولة من علي بن الحسن ، فلا يكون فساد العقيدة موجبا لانتفاء القبول.

فعلى هذا نقول : كما يقبل قول علي بن الحسن وخبره ينبغي أن يقبل قول أبان وخبره أيضا ، لانتفاء التفرقة بينهما.

وبالجملة : المقتضي لقبول الرواية من أبان موجود ، والمانع عنه 9.

ص: 395


1- سورة الحجرات 49 : 46.
2- جامع الرواة 1 / 12 ، باب الألف ، تنقيح المقال - الطبعة الحجرية - 1 / 6.
3- قال النوبختي : «الفطحية : وهم القائلون بإمامة الأئمة الاثني عشر مع عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق عليه السلام يدخلونه بين أبيه وأخيه (الإمام الكاظم) وعن الشهيد رحمه الله : إنهم يدخلونه بين الكاظم والرضا عليهما السلام ، وقد كان أفطح الرأس ، وقيل أفطح الرجلين ، وإنما دخلت عليهم الشبهة لما رووا عن الأئمة : الإمامة في الأكبر من ولد الإمام ، ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنوه بمسائل من الحلال والحرام ولم يكن عنده جواب ، ولما ظهرت منه الأشياء التي لا تنبغي أن تظهر من الإمام ، ثم إن عبد الله مات بعد أبيه بسبعين يوما ، فرجع الباقون - إلا شذاذا منهم - عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى عليه السلام وبقي شذاذ منهم على القول بإمامته ، وبعد أن مات قالوا بإمامة أبي الحسن موسى». فرق الشيعة : 88 - 89.

مفقود.

أما الأول : فلما ستقف عليه.

وأما الثاني : فلأن فساد العقيدة (في حقه) لو كان مانعا عن القبول لم يقبل قول علي بن الحسن في أبان ، فلم يثبت فساد العقيدة في حقه ، فتقبل روايته ، ولو لم يكن مانعا لم يتحقق المانع ، وعلى التقديرين تقبل روايته.

وفيهما نظر.

أما في الأول (1) : فلأن ذلك إما مختص بالفسق أو لا ، بل يجري

بالإضافة إلى فساد العقيدة أيضا.

والثاني بين الفساد ، ضروري البطلان ، إذ حينئذ لا يمكن الحكم بفساد عقيدة أحد ، إذ لا يصدق ذلك إلا في حق من يعتقده مع العلم بفساده ، (وهو) غير متحقق في شئ من أرباب المذاهب الفاسدة ، ضرورة أن كل ذي مذهب إنما يصير إليه لاعتقاده حقيته ، بل انحصار الحق فيه.

فعلى هذا يلزم القول بإصابة كل ذي مذهب فاسد بالحق لاعتقاده حقيته ، فيلزم انتفاء اللوم والعتاب (2) في المسائل الاعتقادية مع عدم إصابته للواقع ، ولو كان في حق من أنكر الألوهية أو (3) الرسالة كما لا يخفى ، وهو

مما لا يكاد يتفوه به أحد ، وإجماع المسلمين (منعقد) على خلافه ، لإطباق العامة والخاصة على تعذيب الكفار بمخالفة الأصول ، وإنما الخلاف في ترك الفروع. ».

ص: 396


1- في «س» : «أما الأول» ، وفي «ج» : «أما من الأول».
2- في «س» : «انتفاءه والعتاب».
3- في «ج» : «و».

وإن اختص ذلك بالفسق بأن يقال : إن خصوص الفسق لا يصدق إلا مع الخروج عن طاعة الله (تعالى) مع اعتقاد أنه خروج ، فهو وإن كان كلاما صحيحا - كما يشهد به التبادر ، وانتفاء صدق الفسق على من زاول المعصية مع اعتقاده أنها طاعة - لكنه لا يجدي في قبول الرواية لعموم التعليل المستفاد من ذيل الآية.

إن قلت : لو كان الأمر كذلك ينبغي أن لا يصدق الفاسق على الكفرة وأرباب المذاهب الفاسدة.

قلنا : أولا : سلمنا ذلك ، ولا محذور فيه ، فإنهم كفار لا فساق.

وثانيا : لا نسلم الملازمة ، لإمكان تحقق ما ذكر في تعريف الفسق في كل مذهب ، ولو كان فاسدا (كما لا يخفى.

وأما (في) الثاني : فلأن ذلك إنما يتوجه إذا انحصر الجارح في ابن فضال ، وليس) (1) كذلك ، لما عرفت من قول العلامة إنه : لا فسق أعظم من عدم الإيمان.

وقال في الخلاصة : والأقوى (2) عندي قبول روايته ، وإن كان مذهبه

فاسدا (3).

وقال الفاضل الحسن بن داود في رجاله : وذكر أصحابنا إنه كان ناووسيا (4).

وقال المحقق في المعتبر في تعين غسل مخرج البول بالماء : وفي ة.

ص: 397


1- ما بين القوسين سقط من نسخة «ج».
2- في المصدر : «فالأقرب».
3- الخلاصة : 21 ، الباب الثامن من الفصل الأول.
4- رجال ابن داود 1 / 30 رقم 6 ، باب الهمزة.

سند هذه الرواية أبان بن عثمان ، وهو ضعيف (1).

وقال أيضا في مباحث صلاة الميت بعد إيراد روايتين : والرواية الأخرى (2) أرجح لوجهين (3) ، أحدهما : ضعف أبان (4).

والمراد به : أبان بن عثمان.

وقال أيضا في أوصاف المستحقين للزكاة ، بعد أن أورد الرواية الدالة على جواز دفع الزكاة بعد فقد المؤمن إلى المستضعف : وفي طريقها أبان ابن عثمان ، وفيه ضعف (5).

وقال في كتاب القصاص من النافع (6) : إذا ضرب الولي [الجاني] (7)

وتركه ظنا أنه مات فبرئ ، ففي رواية : يقتص من الولي ، ثم يقتله الولي أو يتتاركا ، والراوي أبان بن عثمان ، وفيه ضعف (8).

وفي الشرائع في المسألة المذكورة : ولو ضرب ولي الدم الجاني قصاصا ، وتركه ظنا أنه قتله (9) ، وكان به رمق فعالج نفسه وبرئ لم يكن للولي القصاص في النفس حتى يقتص منه بالجراحة أولا ، قال : وهذه رواية أبان بن عثمان عمن أخبره ، وفي أبان ضعف مع إرساله (10) السند. ».

ص: 398


1- المعتبر في شرح المختصر 1 / 125.
2- في المصدر : «الأولى».
3- في «س» : «من وجهين».
4- المعتبر في شرح المختصر : 2 / 346.
5- المعتبر في شرح المختصر 2 / 580.
6- وهو كتاب المختصر النافع ، ملخص لكتابه شرائع الإسلام.
7- من المصدر.
8- المختصر النافع : 300.
9- في المصدر : «قتل».
10- في «ج» : «إرسال».

والأقرب أنه إن ضربه الولي بما (ليس) له (1) الاقتصاص به (2) ، وإلا كان له قتله (3) ، كما لو ظن بأنه أبان عنقه (4) ، ثم تبين خلاف ظنه بعد انصلاحه ، فهذا له قتله ، ولا يقتص من الولي ، لأنه فعل (سائغ) (5) (6).

ووافقه العلامة ، فقال في المنتهى ، بعد ذكر الرواية المذكورة الدالة على جواز دفع الزكاة بعد فقد المؤمن إلى المستضعف ، ما هذا لفظه :

وفي طريقها أبان بن عثمان ، وهو ضعيف (7).

وقال في مباحث صلاة الميت بعد أن أورد روايتين ، (أولاهما) تقتضي أحقية الزوج بالصلاة على الزوجة عند اجتماعه مع أخيها ، والأخرى تقتضي عكسه ، ما هذا حاصله :

والرواية الأولى أرجح لوجهين ، أحدهما : ضعف أبان (8).

والمراد : أبان بن عثمان.

وفي مبحث صلاة الميت أيضا بعد الحكم بإتيان صلاة الميت في كل وقت : روى الشيخ ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام (9) ، قال : «يكره الصلاة على الجنائز حين تصفر الشمس ر.

ص: 399


1- في شرح الشرائع : أي كالضرب بالعصا ونحوه.
2- في المصدر : «بما ليس له الاقتصاص به ، اقتص منه».
3- في شرح الشرائع : قتله : ثانيا.
4- في شرح الشرائع : أبان عنقه : أي قطعها.
5- في «س» : «سابق» ، وفي شرح الشرائع : السائغ : الجائز.
6- شرائع الإسلام 4 / 1006 ، المسألة الثانية عشرة ، كتاب القصاص ، في مسائل استيفاء القصاص.
7- منتهى المطلب - الطبعة الحجرية - 1 / 523 ، كتاب الزكاة ، باب المستحقين للزكاة.
8- المعتبر في شرح المختصر : 2 / 346 ، كتاب الصلاة ، باب صلاة الميت.
9- في «س» : «عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام» ، وفيه سقط ظاهر.

وحين تطلع» [وهو خبر شاذ] (1) ، وفي طريقه أبان ، وفيه قول (2).

وفي المنتهى أيضا في بيان أن الاستحاضة المتوسطة وجب عليها تغيير القطنة ، والغسل لصلاة الغداة ، والوضوء لكل صلاة ، ما هذا لفظه :

ورواية (إسماعيل) في طريقها القاسم بن محمد ، وهو واقفي (3) ، وأبان بن عثمان ، وهو ضعيف ، ذكره الكشي (4).

وفي المختلف : في كفارة إفطار شهر رمضان :

لا يقال : لا يصح التمسك بهذا الحديث لوجهين ، الأول : من حيث السند ، فإن في طريقه أبان بن عثمان (5) ، وكان ناووسيا.

- إلى أن قال : - لأنا نجيب عن الأول : إن أبان وإن كان ناووسيا ، إلا ».

ص: 400


1- من المصدر.
2- منتهى المطلب 1 / 458 ، كتاب الصلاة ، باب صلاة الجنائز.
3- الواقفية : هم الذين وقفوا على الإمام الكاظم عليه السلام ، وربما يطلق عليهم الممطورة. قال النوبختي : «إن وجوه أصحاب أبي عبد الله ثبتوا على إمامة موسى بن جعفر ، حتى رجع إلى مقالتهم عامة من كان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر (الفطحية) ، فاجتمعوا جميعا على إمامة موسى بن جعفر ، ثم إن جماعة من المؤمنين بموسى بن جعفر بعدما مات في حبس الرشيد صاروا خمس فرق ، فمن قال : مات ورفعه إليه وأنه يرده عند قيامه ، فسموا هؤلاء : الواقفية». وقال الأشعري : «هذا الصنف يدعون الواقفة ، لأنهم وقفوا على موسى بن جعفر ولم يجاوزوه إلى غيره ، وبعض مخالفي هذه الفرقة يدعوهم بالممطورة ، وذلك أن رجلا منهم ناظر يونس بن عبد الرحمن ، فقال له يونس : أنتم أهون علي من الكلاب الممطورة ، فلزمهم هذا النبز. وربما يطلق عليهم : الموسوية». أنظر : فرق الشيعة : 89 - 91 ، مقالات الإسلاميين : 28 - 29 ، الفرق بين الفرق : 63.
4- منتهى المطلب 1 / 120 ، كتاب الطهارة ، باب بيان أحكام المستحاضة.
5- في المصدر : «أبان بن عثمان الأحمر».

أنه كان ثقة (1).

وهكذا شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد : فإنه قال بعد الإشارة إلى الرواية المذكورة الدالة على كراهة الصلاة على الجنائز حين اصفرار الشمس ، ما هذا لفظه :

وفي الطريق أبان بن عثمان ، وفيه ضعف (2).

والجواب عنه : الظاهر أن كل ذلك مستند إلى قول ابن فضال ، وما يظهر من ابن داود من نسبة ذلك إلى الأصحاب ، ففيه ما لا يخفى ، لعدم مطابقته للواقع.

والثاني :

الصحيح المروي في رجال الكشي عن إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : كنت أقود أبي - وقد كان كف بصره - حتى صرنا إلى حلقة فيها أبان الأحمر ، فقال لي : عمن تحدث؟

قلت : عن أبي عبد الله عليه السلام.

فقال : ويحه ، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أما إن منكم الكذابين ، ومن غيركم المكذبين (3).

وجه الدلالة على القدح : أن الضمير في «قال» يعود إلى إبراهيم ، وفي «ويحه» إلى أبان ، ويكون إبراهيم قال ذلك مخاطبا إلى أهل الحلقة : منكم الكذابين ، أي من أهل الكوفة ، ويكون المراد من الكذابين : أرباب 0.

ص: 401


1- مختلف الشيعة 3 / 440 ، كتاب الصوم ، الفصل الثالث في الكفارة.
2- لم نعثر عليه في شرح الإرشاد.
3- رجال الكشي : 300 رقم 200.

المذاهب الفاسدة من الغلاة (1) ، والناووسية ، وغيرهما ، ومن المكذبين : الخوارج (2) ، والمنحرفين عن الأئمة عليهم السلام ، فيكون ذلك من إبراهيم إشارة 5.

ص: 402


1- قال الشهرستاني : «الغلاة : وهم الذين غلوا في حق النبي وآله وأخرجوهم من حدود الخليقة ، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية ، فربما شبهوا واحدا من الأئمة بالإله ، وربما شبهوا الإله بالخلق ... وهم أحد عشر صنفا ، منهم : السبئية ، والكاملية ، والعلبائية ، والمغيرية ، والمنصورية ، والخطابية ، والكيالية ، والهشامية ، والنعمانية ، واليونسية ، والنصيرية». الملل والنحل 1 / 174 - 190.
2- قال الشهرستاني : «كل من خرج على الإمام الحق يسمى خارجيا ، سواء أكان الخروج في أيام الصحابة أم كان بعدهم ، وقد غلبت هذه التسمية على الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليه السلام أثناء حرب صفين بعد مسألة التحكيم ، حينما رأوا أن جيش معاوية رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح ، ودعوا عليا عليه السلام وأنصاره إلى حكومة القرآن ، قالوا لعلي عليه السلام : القوم يدعوننا إلى كتاب الله ، وأنت تدعونا إلى السيف! لترجعن الأشتر عن قتالهم ، وإلا فعلنا بك مثل ما فعلنا بعثمان ، فاضطر إلى رد الأشتر عن ساحة القتال بعد أن شارف جيش معاوية على الهزيمة ولم يبق منهم إلا شرذمة قليلة فيهم حشاشة ، فامتثل الأشتر أمره. إن الخوارج حملوا الإمام على قبول التحكيم بأن يبعث رجلا من أصحابه ويبعث معاوية مثله من أصحابه حتى يتحاكموا إلى القرآن ويعملوا بحكمه وأمره ، وعندما أراد الإمام أن يبعث عبد الله بن عباس منعوه عن اختياره ، وقالوا : هو منك ، وحملوه على بعث أبي موسى الأشعري ، فجرى الأمر على خلاف ما رضي به. ثم إن هؤلاء الذين أصروا على التحكيم ، خرجوا عليه ثانيا بحجة أن الإمام حكم الرجال ولا حكم إلا لله ، وهم المارقة الذين اجتمعوا بالنهروان ويقال لهم : الحرورية. ومن فرق الخوارج : المحكمة ، الأزارقة ، النجدات ، البيهسية ، العجاردة ، الثعالبة ، الصفرية ، الأباضية ، ولم يبق من هذه الفرق الآن سوى الفرقة الأخيرة ، وهم المعتدلة من بين فرق الخوارج ، وهم في هذه الأعوام يتبرؤون من تسميتهم بالخوارج ، ويدعون أنهم ليسوا منهم ، وأنهم من أتباع عبد الله بن أباض. ويجمع الفرق : القول بالتبري من عثمان وعلي ويقدمون ذلك على كل طاعة ، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك ، ويكفرون أصحاب الكبائر ، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقا واجبا». الملل والنحل 1 / 114 - 115.

إلى أن أبان من الأول ، وهو قدح عظيم منه فيه.

والجواب عنه : أما أولا : فلأن الكذاب لا يستلزم أن يكون فاسد العقيدة.

وأما ثانيا : فهو أن الضمير في «قال» كما يحتمل أن يعود (1) إلى إبراهيم وفي «ويحه» إلى أبان ، كذا يحتمل العكس بأن يكون في الأول إلى أبان ، وفي الثاني إلى إبراهيم ، فإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال.

مضافا إلى أنه يمكن أن يقال : الظاهر من سياقه الثاني ، بل ربما يمكن تعينه ، إذ الحاكي هو إبراهيم ، فلو كان القائل ذلك ينبغي أن يقول : قلت.

إن قلت : إن هذا الاحتمال لا يناسبه النقل من إبراهيم لبعد حكاية الرجل مذمة نفسه (2).

قلنا : كلمة «ويح» كما تقال في المذمة ، تقال في مقام الترحم ، فليكن ما نحن فيه من الثاني ، فيكون المراد إظهار التأسف في كون إبراهيم وتوقفه في جملة الكذابين ، فتأمل.

والثالث :

ما ذكره العلامة في الخلاصة والمنتهى من الحكم بفطحية أبان في الأول ، وواقفيته في الثاني.

قال في أواخر الخلاصة : وطريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري ».

ص: 403


1- في «م» : «يكون».
2- في «ج» : «مذمته».

صحيح ، وإن كان فيه (1) أبان بن عثمان ، وهو فطحي (2).

ووافقه على ذلك شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله في شرحه على الدراية حيث قال ما هذا لفظه :

ونقلوا الإجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيا (3). انتهى كلامه.

ووافقه نجله السعيد الجليل ، قال في المنتقى (4) : وفي باب الحلق والتقصير من المنتهى بعد الحكم بتخيير الحاج بينهما ، قال الشيخ رحمه الله : إن كان صرورة وجب الحلق ، وبه قال المفيد.

ثم استدل لهما بجملة من النصوص ، ثم قال في مقام الجواب عنها بما هذا كلامه : وعن الثالث أن في طريقه أبان بن عثمان ، وهو واقفي (5).

(وفي مسألة التسليم في الصلاة ما هذا لفظه : وعن الثالث بأن في طريقها أبان بن عثمان وهو واقفي لا تعويل على روايته) (6) (7).

والجواب عنه : الظاهر أن ذلك من باب المسامحة ، والظاهر القريب من القطع - كما يظهر للمتأمل في الرجال - أن المرجع في ذلك قول ابن فضال ، فإطلاق الواقفي حينئذ ، إما لأجل أن هذا اللفظ يطلق نادرا على م.

ص: 404


1- في المصدر : «في طريقه».
2- الخلاصة : 277 ، الفائدة الثامنة.
3- شرح البداية في علم الدراية : 82 ، الباب الأول ، في أقسام الحديث.
4- في «م» و «س» : «المنتهى».
5- منتقى الجمان 1 / 13 الفائدة الأولى ، منتهى المطلب - الطبعة الحجرية - 2 / 763 ، الفصل السادس في الحلق والتقصير.
6- ما بين القوسين سقط من نسخة «س».
7- منتهى المطلب - الطبعة الحجرية - 1 / 296 ، كتاب الصلاة ، باب التسليم.

الناووسية ، وهذا منه ، أو من باب التسامح ، بناء على أن الكل مشترك في فساد العقيدة ، فلا يهمه التعيين ، ولم يراجع حين الكتابة ، فاكتفى بما في نظره حال الكتابة ، فعبر تارة بالفطحي ، وأخرى بالواقفي ، والدليل عليه هو أنه لم يذكر في الخلاصة في ترجمته إلا حكاية ناووسيته.

* * *

ص: 405

المقام الثاني

في ما يدل على مدحه وقبول الرواية عنه

فنقول : هو وجوه أيضا :

الأول :

إن ابن أبي عمير مع جلالة قدره ، وعلو مرتبته ، جعل أبان بن عثمان من جملة مشايخنا ، كما يظهر مما ذكره شيخنا الصدوق في باب الأربعة من الخصال ، وفي المجلس الثاني من أماليه ، قال :

حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، قال : حدثني (1) جماعة من مشايخنا ، منهم : أبان بن عثمان ، وهشام بن سالم ، ومحمد بن حمران ، عن الصادق عليه السلام ، قال : «عجبت لمن فزع من

أربع ، كيف لا يفزع إلى (2) أربع؟!

عجبت لمن خاف العدو ، كيف لا يفزع إلى قوله : (حسبنا الله ونعم الوكيل)؟! فإني سمعت الله عزوجل يقول عقيبها : (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) (3).

وعجبت لمن اغتم ، كيف لا يفزع إلى قوله : (لا إله إلا أنت 4.

ص: 406


1- في الخصال : «حدثنا».
2- فزع منه : خاف ، فزع إليه : لجأ واستغاث. راجع : لسان العرب : مادة «فزع».
3- سورة آل عمران 2 : 173 - 174.

سبحانك إني كنت من الظالمين)؟! فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) (1).

وعجبت لمن مكر به ، كيف لا يفزع إلى قوله تعالى : (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)؟! فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (فوقاه الله سيئات ما مكروا) (2).

وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها ، كيف لا يفزع إلى قوله : (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)؟! فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا * فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) (3)»(4).

ولا يخفى أن في قوله : «من مشايخنا ... إلى آخره» وجوها من الدلالة على مدح هذا الرجل ، لكونه من مشايخ مثل ابن أبي عمير ، وإضافة المشايخ إلى ضمير المتكلم مع الغير ، المستفاد منه كونه من الشيعة ، بل من مشايخهم ، وتقديمه في الذكر على مثل هشام بن سالم الثقة الجليل (القدر).

والثاني :

ما ذكره النجاشي والشيخ في الفهرست (5) : من أن أبان بن عثمان أصله كوفي ، (وكان) يسكنها تارة ، والبصرة أخرى ، وقد أخذ عنه أهلها (6) ، ن.

ص: 407


1- سورة الأنبياء 21 : 87 - 88.
2- سورة غافر 40 : 44 - 45.
3- سورة الكهف 18 : 38 - 39.
4- الخصال : 218 ح 43 ، الأمالي - للصدوق - : 15 ح 2 ، وفيهما : «وعسى موجبة». قال في حاشية الخصال : يعني كلمة «عسى» في الآية للإيجاب والإثبات لا للترجي أو الإشفاق ، والظاهر أنه من كلام المصنف.
5- في «ج» : «الفهرستان».
6- رجال النجاشي 1 / 80 رقم 7 ، الفهرست : 18 رقم 2 ، باب أبان.

ودلالته على المدح مما لا يخفى.

والثالث :

دعوة الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح من هذا الرجل (1).

تحقيق المقام في إيضاح المرام من هذا الكلام يستدعي بسط الكلام في مباحث : م.

ص: 408


1- رجال الكشي : 322 ، باب تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام.

(المبحث) الأول

في من ادعي هذا الإجماع في حقهم

فنقول :

جعل الفاضل أبو عمرو الكشي رحمه الله هؤلاء العظام ثلاث طبقات :

الأولى : جعلها من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام.

قال في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام : أجمعت (1) العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، وانقادوا إليهم بالفقه ، فقالوا : أفقه الأولين ستة : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم الطائفي.

قالوا : وأفقه الستة زرارة.

وقال بعضهم : مكان أبي بصير الأسدي ، أبو بصير المرادي وهو ليث ابن البختري (2).

والطبقة الثانية : جعلهم من أصحاب مولانا الصادق عليه السلام.

قال (قدس الله روحه) : تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء ، وتصديقهم لما يقولون ، وأقروا لهم بالفقه من دون أولئك الستة الذين عددناهم وسميناهم ، ستة نفر : جميل بن دراج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحماد بن م.

ص: 409


1- في المصدر : «اجتمعت».
2- رجال الكشي : 206 ، باب تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

عيسى ، وحماد بن عثمان ، وأبان بن عثمان.

قالوا (1) : وزعم أبو إسحاق الفقيه - يعني (2) ثعلبة بن ميمون - أن أفقه هؤلاء جميل بن دراج ، وهم أحداث (3) أصحاب أبي عبد الله عليه السلام (4).

والطبقة الثالثة : جعلها من أصحاب سيدينا الكاظم والرضا - عليهم آلاف التحية والثناء والسلام -.

قال : في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم ، وأبي الحسن الرضا عليهما السلام : أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ، وتصديقهم ، وأقروا لهم بالفقه والعلم ، وهم ستة نفر أخر دون الستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ، منهم : يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان

ابن يحيى بياع السابري ، ومحمد بن أبي عمير ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر.

وقال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب ، الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيوب ، وقال بعضهم : مكان فضالة ، عثمان بن عيسى.

وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى (5). انتهى كلامه - رفع مقامه -.

ولا يخفى عليك أن عنوان كلامه وإن دل على أن الذين ادعي الإجماع فيهم ثمانية عشر ، لكن يظهر من انضمام بعض كلامه إلى آخر م.

ص: 410


1- في «س» : «قال».
2- في المصدر : «وهو».
3- أحداث : جمع حدث كناية عن الشباب وأول العمر. لسان العرب : مادة «حدث».
4- رجال الكشي : 322 ، باب تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام.
5- رجال الكشي : 466 ، باب تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن عليهما السلام.

أنهم اثنان وعشرون ، لقوله في الطبقة الأولى : «وقال بعضهم : مكان أبي بصير الأسدي ، أبو بصير المرادي».

وفي الثالثة : «(وقال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب ، الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيوب) (1) ، وقال بعضهم : مكان فضالة ، عثمان ابن عيسى».

فيكون عدد من في الطبقة الأولى سبعة ، خمسة ممن أطبقوا على دعوى الإجماع فيهم ، واثنان ممن اختص بتلك الدعوى بعضهم على ما يظهر من كلامه ، وهما أبو بصير الأسدي وليث المرادي البختري.

ويكون عدد (من) في الطبقة الثالثة تسعة ، خمسة مما (2) أطبقوا على تلك الدعوى في حقهم ، بخلاف الأربعة وهم : الحسن بن محبوب ، وابن فضال ، وفضالة ، وعثمان بن عيسى.

وقوله : «وفضالة بن أيوب» فيه احتمالان :

أحدهما : أن يكون عطفا على الحسن بن علي بن فضال ، وعليه يحتمل معنيين :

الأول : أن يكون المراد قال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب ، الحسن بن علي بن فضال ، وقال بعض آخر : مكانه (أي الحسن بن محبوب) فضالة بن أيوب.

والثاني : أن يكون في العبارة حذف ، والتقدير : قال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، الحسن بن علي بن فضال وفضالة ، بأن يكون الأول في مكان الأول ، والثاني في مكان الثاني. ».

ص: 411


1- ما بين القوسين سقط من نسخة «س».
2- كذا في النسخ ، ولعل الأصوب : «ممن».

وثانيهما : أن يكون عطفا على «مكان» في قوله : «وقال بعضهم : مكان الحسن» ، أي قال بعضهم : فضالة ، أي أنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، أي زاده ذلك البعض على الستة المذكورة ، وهو يصح على تقدير ذكر ابن محبوب وابن فضال ، وإن كان الأول لا يخلو من ظهور ، وهذا الاحتمال هو الأظهر ، لقوله : «وقال بعضهم : مكان فضالة ، عثمان بن عيسى».

إن قيل : الظاهر من كلام الكشي في المواضع الثلاثة المذكورة أن أصحاب الإجماع ثمانية عشر ، ولما حصل الاختلاف في اثنين منهم ، حيث اختلف في أن أبا بصير هل هو الأسدي أو البختري؟ والحسن هل هو ابن محبوب أو ابن فضال؟ لم يعلم أنهما من أيهم ، فالمتيقن ستة عشر لا اثنان وعشرون ولا ثمانية عشر.

قلنا : لا منافاة في ذلك ، إذ مفاده أن بعضا من الأصحاب يدعي الإجماع في بعض ، وآخر في آخر ، ولما كان الحق حجية الإجماع يكون كلاهما حجة في كليهما.

والحاصل : أن المنافاة إنما تتحقق إذا كان المدعي للإجماع في أحدهما نافيا للآخر.

والظاهر أن الأمر ليس كذلك ، بل واحد منهم ادعى الإجماع (1) في بعض ، والآخر في آخر ، فتأمل.

فعلى هذا يكون المتحصل مما ذكره أن أكثر هؤلاء الأماجد مما (2)

أطبق الأصحاب والمشايخ على دعوى الإجماع فيهم دون غيره ، بل مدعيه ».

ص: 412


1- في «م» زيادة : «فيهم دون غيره ، بل مدعيه في حقه بعضهم وهو غير مضر».
2- كذا في النسخ ، ولعل الأصوب : «ممن».

في حقه بعضهم ، وهو غير مضر ، لما عرفت.

نعم ، هنا شئ آخر ، وهو أن التعويل على الإجماع إنما يتبع التعويل على مدعيه ، وهو متوقف على معرفته ، وهي غير متحققة في ما نحن فيه ، إذ البعض غير معلوم.

ويمكن أن يقال : إن الضمير في «بعضهم» في قوله : «وقال بعضهم» يعود إلى أصحابنا في قوله : «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنه» وهذا البعض الذي هو من أصحابنا ، إما من مشايخ الكشي (أو لا) ، وعلى التقديرين يظهر من نقل الكشي تعويله عليه ووثوقه به.

وكذلك الحال في «قال بعضهم» في الطبقة الأولى ، فإن الضمير فيه يعود إلى «العصابة» في قوله : «أجمعت العصابة» ، ولعل هذا القدر يكفي في المقام ونحوه.

* * *

ص: 413

المبحث الثاني

في معنى هذه العبارة وتوضيحها

فنقول : قد وقع الخلاف في أن المراد بالموصول في قولهم : «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه» ما هو؟ فالأكثر على أن المراد منه : المروي (1).

حاصله : أنه إذا صحت سلسلة السند (2) بينهم وبين أحد هؤلاء العظام

اتفقوا على الحكم بصحة ذلك الحديث وقبوله ، أو إذا صح وظهر لهم صدور الحديث من أحدهم أطبقوا على الحكم بصحته ، وهذا أنسب باصطلاح القدماء.

وهذا هو المتبادر من الكلام ، ولهذا بنى الأمر عليه كثير من العلماء الأعلام ، كالعلامة ، والفاضل الحسن بن داود ، وشيخنا الشهيد ، والمدقق السمي الداماد (3) ، والفاضلين المجلسيين (4) ، والفاضل السمي اء

ص: 414


1- في «س» زيادة : «عنه».
2- في «س» زيادة : «به».
3- المدقق الداماد هو : «محمد باقر بن المير الحسيني الأسترآبادي (م 1041 ه) من علماء الإمامية من أهل أصفهان ، أصله من استرآباد. له مصنفات ، منها : القبسات في الفلسفة ، وتقويم الإيمان في الكلام ، وشارع النجاة في الفقه ، وسدرة المنتهى في التفسير ، وكتب أخرى ، ورسائل متعددة ، وشعر. توفي ودفن في النجف». الأعلام - للزركلي - 6 / 48.
4- المجلسيان هما : «محمد تقي بن مقصود علي الأصفهاني المجلسي (م 1070 ه) فقيه إمامي ، له اشتغال بإحياء آثار أهل البيت ، من تلاميذ الشيخ البهائي (صاحب الكشكول) ، مولده ووفاته في أصفهان ، له تآليف ، منها : روضة المتقين ، وإحياء

الخراساني (1) ، وغيرهم - عطر الله تعالى مراقدهم -.

وذهب الفاضل المحدث القاساني إلى أن المراد منه : الرواية.

قال في أوائل وافيه : قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله : «أجمعت العصابة - أو : الأصحاب - على تصحيح ما يصح عن هؤلاء» الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم ، ونسبته إلى أهل البيت عليهم السلام بمجرد صحته عنهم من دون اعتبار العدالة في من يروون عنه حتى لو رووا عن معروف بالفسق أو بالوضع فضلا عما لو أرسلوا الحديث ، كان ما نقلوه صحيحا محكوما على نسبته إلى أهل العصمة عليهم السلام.

وأنت خبير بأن هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة (2) ، فإن ما يصح عنهم إنما هو الرواية لا المروي ، بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم بخلاف (غيرهم) ممن لم ينقل الإجماع على عدالته (3). انتهى كلامه رفع مقامه.

والفرق بين المعنيين (4) ظاهر ، فإن متعلق التصحيح في الأول».

ص: 415


1- هو محمد باقر صاحب الذخيرة وشرح الإرشاد.
2- في المصدر : «ولا ظاهرة فيه».
3- الوافي 1 / 27 ، المقدمة الثانية.
4- في نسخة «س» : «المقامين».

الحديث ، وفي الثاني الرواية بالمعنى المصدري ، أي قول أحدهم : أخبرني ، أو : حدثني ، أو : سمعت من فلان ، ونحوها.

والمختار الأول ، وهو المتبادر ، إذ لو كان المراد المعنى الثاني اكتفى بقوله : أجمعت العصابة على تصديقهم ، فلا افتقار إلى تصحيح ما يصح عنهم ، بل ولا حسن لذلك ، كما لا يخفى على المتأمل.

فالعدول عنه إلى ما ذكر دليل على أن المراد : صحة المروي ، لظهوره فيه ، لا الإخبار والرواية.

إن قلت : إن هذا إنما يتم فيما ذكر في الطبقة الثانية والثالثة ، وأما في الطبقة الأولى فلا ، إذ المذكور فيها تصديقهم لا تصحيح ما يصح عنه (1) ، فكما يكون هذا (ظاهرا) في صحة المروي ، يكون ذلك ظاهرا في الإخبار والرواية ، فكما يمكن إرجاعه إليه ، يمكن العكس ، وإلا فما الوجه في الاختلاف؟!

قلت : الظاهر أن هذا الاختلاف دليل على المعنى الذي اخترناه.

توضيح المرام : أن نشر الأحاديث لما كان في زمن الصادقين عليهما السلام ، وكان المذكور في الطبقة الأولى من أصحابهما كانت روايتهم غالبا عنهما عليهما السلام من غير واسطة ، فيكفي للحكم بصحة الحديث (2) تصديقهم كما لا يخفى.

وأما المذكور في الطبقة الثانية والثالثة فعلى ما ذكره ، لما كان من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، وكانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر عليه السلام على ما ذكره مع الواسطة ، والطبقة الثالثة كذلك بالنسبة إلى ».

ص: 416


1- كذا في النسخ ، والظاهر : «عنهم».
2- في «ج» زيادة : «ما اكتفى بذلك».

الصادق عليه السلام أيضا ، ولم يكن الحكم بتصديقهم كافيا في الحكم بصحة الحديث ، ما اكتفى بذلك ، ولذا قال : «أجمعت العصابة - أو : أصحابنا - على تصحيح ما يصح عنهم».

ولما تحقق رواية كل من في الطبقة الثانية عن مولانا الصادق عليه السلام من غير واسطة ، وكذلك الطبقة الثالثة بالنسبة إلى سيدينا الكاظم والرضا عليهما السلام ، أتى بتصديقهم أيضا.

والحاصل : أن التصديق فيما إذا كانت الرواية عن الأئمة من غير واسطة ، والتصحيح فيما إذا كانت معها ، فلا تغفل.

فالظاهر أن الإجماع في صحة أحاديثهم وحجيتها ، فلو كانت الوسائط بيننا وبينهم مقبولة ، يكون الحديث حجة سواء كانت الواسطة بينهم وبين المعصوم مطروحة أو مذكورة ، وسواء كانت معلوم الفسق أو العدالة ، أو مجهول الحال.

وبالجملة : إن مسانيدهم ومراسيلهم ومقاطيعهم بأسرها مقبولة.

* * *

ص: 417

والمبحث (1) الثالث

في أن الإجماع المذكور هل يكفي في الحكم بتوثيق هؤلاء العظام وتعديلهم وكل من كان قبلهم إلى المعصوم عليه السلام ، أو لا مطلقا ، أو التفصيل

بين هؤلاء فنعم ، ومن قبلهم فلا؟

احتمالات وجه الأول : هو أن هذا الإجماع على قبول الحديث بمحض صدوره عن هؤلاء ، وعدم الالتفات إلى حال الرواة الذين قبلهم مطلقا ، ليس إلا لأجل أنه يظهر عليهم من حالهم أنهم لا يروون إلا عن الثقات ، ولا يعولون إلا على العدول ، ومن عول عليهم ، فمن ثبوت الرواية من هؤلاء عن أشخاص يحكم بتعديلهم وتوثيقهم.

فعلى هذا يكون رواية هؤلاء من أسباب التعديل.

ويظهر هذا الاحتمال من شيخنا الشهيد رحمه الله في غاية المراد في مسألة عدم جواز بيع الثمرة قبل ظهورها ، حيث قال بعد أن أورد الحديث الذي اشتمل سنده على الحسن بن محبوب ، عن خالد بن الجرير ، عن أبي الربيع الشامي ، ما هذا لفظه :

وقد قال الكشي : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن الحسن ابن محبوب. ثم قال : قلت : وفي هذا توثيق ما لأبي الربيع الشامي (2). انتهى.

والمشار إليه لاسم الإشارة في كلامه الإجماع المذكور ، فقد استدل ر.

ص: 418


1- في «م» : «والمقام».
2- غاية المراد 2 / 41 ، المطلب الأول : في بيع الثمار.

بهذا الإجماع الذي ادعي في حق الحسن بن محبوب على وثاقة من يروي عنه بواسطة ، ومنه يظهر أن وثاقة ابن جرير عنده ثابتة. ولهذا تصدى لوثاقة من يروي عنه.

وتظهر الثمرة فيما إذا وقعوا في أسانيد أحاديث أخر ، أي : فيما إذا لم يكن الراوي أحد هؤلاء العظام ، فحينئذ يحكم بصحة تلك الأحاديث لو لم يكن هناك مانع آخر ، ولو لم يوجد لهم موثق أصلا ، وفيما إذا وجد لهم جارح ، فيقع التعارض ، فلا بد من الرجوع إلى التراجيح بناء على هذا الوجه وفي غيرهما مما لا يخفى على العارف.

هذا في المروي عنه ، وأما في الراوي فلما ستقف عليه.

ووجه الثاني : هو أن الإجماع المذكور موجود في كلام الفاضل أبي عمرو الكشي ، وهو من قدماء الأصحاب رحمهم الله ، والصحة في اصطلاحهم مغايرة لاصطلاح المتأخرين ، إذ الحديث الصحيح عندهم ما ثبت صدوره من المعصوم ، سواء كان ذلك من جهة مخبره ، أو من القرائن الخارجة والآثار المعتبرة.

ومن هنا ظهر الجواب عما ذكر في الأول ، إذ يكفي في الاعتماد بالحديث ونقله ثبوت صدوره من الحجة ، سواء كان (ذلك) من جهة الاعتماد بالمخبر (1) أو لا ، بل من وجه آخر ، وهو ظاهر ، ومعلوم أن العام لا دلالة له على الخاص.

لا يقال : إن ذكر الواسطة دليل على الأول ، لظهور فساده ، إذ الظاهر أن ذلك من جهة اتصال السند بأهل العصمة عليهم السلام ، ولو كانت الواسطة ممن ».

ص: 419


1- في «م» : «بالخبر».

لا يعول عليه ، كما لا يخفى على المطلع الخبير بأحوال المشايخ والرواة.

والمختار الثالث ، فيكفي الإجماع المذكور في الحكم بتوثيق هؤلاء الأماجد دون من قبلهم.

أما الثاني ، فلما ذكر في الثاني ، ويؤيده (1) ما ذكره شيخ الطائفة في حق صفوان بن يحيى وابن أبي عمير من أنهما لا يرويان إلا عن ثقة (2) ، إذ لو كان الأمر على ما ذكر لما [كان] وجه لاختصاص ذلك بهما ، فتأمل.

وأما الأول ، فلوضوح أن اتفاق الأصحاب على تصحيح حديث شخص وقبوله بمحض صدوره منه من غير تثبت والتفات إلى من قبله ، ليس إلا من جهة شدة اعتماده عليه ، كما لا يخفى على من سلك مسلك الإنصاف ، وعدل عن منهج الجور والاعتساف.

بل الظاهر من الإجماع المذكور كونهم في أعلى مراتب الوثاقة ، وأسنى مدارج العدالة ، وهذا هو الداعي لاختصاص الإجماع بهم دون غيرهم من الثقات والعدول.

إن قلت : المراد من الوثاقة المستفادة من الإجماع ، إما معناها الأخص ، أي الإمامي العادل الضابط ، أو الأعم ، وعلى التقديرين لا نسلم دلالة الإجماع عليها.

أما الأول : فلظهور أن جماعة ممن ادعي الإجماع في حقهم ، حكم في الرجال بفساد عقيدتهم ، كعبد الله بن بكير ، والحسن بن علي بن فضال ، فقد حكم شيخ الطائفة وغيره بفطحيتهما (3). 3.

ص: 420


1- في «ج» : «ويؤيد».
2- عدة الأصول 1 / 386.
3- الفهرست : 106 رقم 452 وص 47 رقم 153.

وحكى الكشي عن محمد بن مسعود ذلك ، قال : قال محمد بن مسعود : عبد الله بن بكير وجماعة (1) من الفطحية هم فقهاء أصحابنا ، منهم ابن فضال (2) - يعني الحسن بن علي - (3).

وكذا أبان بن عثمان ، فقد تقدمت حكاية ناووسيته.

وعثمان بن عيسى ، فقد حكم شيخ الطائفة بوقفه (4) ، ودلت عليه جملة من الروايات.

وأما الثاني : فلأنه لو دل عليه ، لزم توثيقهم لكل من ادعي الإجماع في حقه ، وهو باطل ، لعدم توثيقهم لأبان بن عثمان وعثمان بن عيسى.

ومنه يظهر أن التوثيق في من وثقوه ليس لأجل الإجماع ، بل من غيره.

ومنه يظهر عدم دلالة الإجماع عليه.

قلنا : نختار الأول ، فنقول : لا إشكال في المذكورين في الطبقة الأولى كما لا يخفى ، وكذلك في المذكورين في الثالثة ، بناء على اعتقاد المدعي للإجماع ، وهو الكشي ، وإنما ذكر ابن فضال وعثمان بن عيسى حاكيا عن البعض.

وأما من ذكر في الطبقة الثانية ، فكذلك في غير ابن بكير وأبان بن عثمان كما لا يخفى ، وأما فيهما فيجاب بمثل ما ذكر ، إذ لم يظهر من الكشي الاعتراف بفساد عقيدتهما ، بل إنما حكاه عن ابن مسعود وابن د.

ص: 421


1- في «ج» زيادة : «والحسن بن علي جماعة».
2- كذا في المصدر ، وفي جميع النسخ : «ابن بكير وابن فضال».
3- رجال الكشي : 294 رقم 189.
4- الفهرست : 120 رقم 534 ، باب الواحد.

فضال ، بل هو التحقيق بالإضافة إلى أبان بن عثمان كما ستقف عليه ، وحكم غيره بذلك لا يضر في ما نحن بصدده في دلالة كلامه عليه.

وعلى فرض التسليم نقول : إن المدعي ظهور العبارة في ما ذكر ، وثبوت خلافه في بعض المواضع لدلالة الأقوى ، غير مضر ، وهذا كما يقال : إن لفظة «ثقة» تدل على كون الممدوح به إماميا عادلا ، ومع ذلك كثيرا ما يوصف من فسدت عقيدته بذلك كما لا يخفى.

فالتحقيق : دلالته على الوثاقة ، بل على أعلى مراتبها.

وتظهر الثمرة في معروف بن خربوذ ، فإنه لم يوثق في كتب الرجال صريحا ، وإن ذكروا له مدحا ، فإنه على المختار من دلالة الإجماع على الوثاقة يكون حديثه معدودا في الصحاح بخلافه على غيره (1) ، فيكون حسنا.

وكذلك الحال في أبان بن عثمان وعثمان بن عيسى ، فإنه يعد حديثهما على المختار موثقا أو صحيحا بخلافه على غيره ، فلا يكون مندرجا تحت الأقسام الثلاثة المذكورة.

وأنت إذا تصفحت كلمات المحققين من المتأخرين السالكين إلى مراعاة هذا الاصطلاح في الأحاديث وجدتهم مطبقين في الحكم بكون حديث معروف بن خربوذ صحيحا ، وأبان بن عثمان وعثمان بن عيسى صحيحا أو موثقا ، وهو يرشدك إلى ما اخترناه من دلالة الإجماع على الوثاقة ، فلا تغفل.

* * * ».

ص: 422


1- في «ج» زيادة : «فلا».

(المبحث الرابع) (1)

في ما يتوهم وروده على المباحث السابقة

فنقول : إن هنا إيرادان :

الأول : إن الإجماع الذي أقيم البرهان على حجيته ، هو الإجماع بالمعنى المصطلح عليه ، أي الكاشف عن قول المعصوم عليه السلام ، وهو غير مراد في المقام كما لا يخفى ، وغيره ليس بحجة.

والجواب عنه ظاهر مما قررنا ، إذ مدلول الإجماع المذكور بالدلالة الالتزامية كونهم في أعلى درجات الوثاقة ، فكما يكتفى بنقل عدل عن النجاشي مثلا توثيق راو في توثيقه ، فليكتف في ذلك بنقل الكشي ، بل هنا أولى لنقله (ذلك) عن كل الأصحاب ، بل يحتمل القبول هنا ولو على القول بعدم جواز الاجتزاء في التزكية بقول المزكي الواحد كما يظهر وجهه للمتأمل ، مضافا إلى أنه يمكن أن يقال : الظاهر من نقل الكشي ذلك اعترافه بذلك فيكون هو من المزكين لهؤلاء الأماجد أيضا.

الثاني : إن مقتضى جعلهم ثلاث طبقات : أن الطبقة الثانية ليست في مرتبة الطبقة الأولى ، وكذا الثالثة ليست في مرتبة الثانية.

وكذلك العكس ، أي الثانية ليست في مرتبة الثالثة ، وكذلك أن الطبقة الأولى ليست في مرتبة الثالثة (2).

ونحن أجرينا المقال عليه في بعض المباحث السالفة ، وهو غير ».

ص: 423


1- في «م» : «المقام الرابع».
2- كذا في جميع النسخ ، والظاهر أن الأصوب : «الثانية».

صحيح ، إذ المراد من كون رجل من أصحاب إمام : إما أصحاب الرواية عنه ، أو أصحاب اللقاء ، وهو أعم من الأول ، والثاني ليس بمراد في المقام جزما ، مضافا إلى أنه غير مضر بما نحن بصدده ، بل الإيراد عليه أقوى ، فتعين الأول.

فنقول : الذي يظهر من تتبع الرجال أن انتفاء كون الطبقة الثانية في مرتبة الطبقة الأولى وإن كان صحيحا ، لكن عدم كونها في مرتبة الطبقة الثالثة غير صحيح ، إذ من جملتها جميل بن دراج.

وقد صرح النجاشي و [صاحب] الخلاصة بأنه يروي عن الصادق والكاظم عليهما السلام ، وأنه مات في أيام الرضا عليه السلام (1).

وكذا (شيخ الطائفة في رجاله حيث ذكره في أصحاب الصادق

والكاظم عليهما السلام (2).

وأما حماد بن عثمان فقد جعله الشيخ من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، أي ممن يروي عنهم (3).

وفي الخلاصة جعله من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام (4).

وأما حماد بن عيسى فقد جعله) (5) شيخ الطائفة أيضا من أصحاب

الصادق والكاظم عليهما السلام (6).1.

ص: 424


1- رجال النجاشي 1 / 310 رقم 326 ، الخلاصة : 34 ، الباب الثاني من الفصل الخامس.
2- رجال الطوسي : 163 رقم 39 ، وص 346 رقم 4.
3- رجال الطوسي : 173 رقم 139 ، وص 346 رقم 2 ، وص 371 رقم 1.
4- الخلاصة : 56 رقم 3.
5- ما بين القوسين سقط من نسخة «س».
6- رجال الطوسي : 174 رقم 152 ، وص 346 رقم 1.

وفي الخلاصة : أنه روى عن أبي عبد الله (1) وأبي الحسن والرضا عليهم السلام ، ومات في حياة أبي جعفر الثاني عليه السلام ، لكن قال : ولم يحفظ عنه رواية عن الرضا عليه السلام ، ولا عن أبي جعفر عليه السلام (2).

وأما أبان بن عثمان ففي [رجال] النجاشي والفهرست أنه يروي عن الصادق والكاظم عليهما السلام (3).

وما ذكره ابن داود من أنه (ممن) لم يرو (4) ، فغير صحيح.

وأما عبد الله بن مسكان ، فقد أنكر النجاشي روايته عن الصادق عليه السلام وقال : إنه روى عن أبي الحسن عليه السلام (5).

وفي [رجال] الكشي : أنه لم يسمع من أبي عبد الله عليه السلام إلا حديث : «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج» (6).

ولم يبق في تلك الطبقة على ما يقتضيه ذلك الجعل إلا ابن بكير ، إذ هو غير مذكور في (كتب) الرجال إلا في أصحاب الصادق عليه السلام (7).

وغيره : إما من أصحاب الأئمة الثلاثة ، أي الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، كحماد بن عيسى (8) وحماد بن عثمان (9) ، أو من أصحاب 46

ص: 425


1- في المصدر : «عن أبي عبد الله عليه السلام عشرين حديثا».
2- الخلاصة : 56 رقم 2 ، الباب الخامس من الفصل السادس ، رجال النجاشي 1 / 337 رقم 368.
3- رجال النجاشي 1 / 80 رقم 7 ، الفهرست : 18 رقم 2 ، باب أبان.
4- رجال ابن داود : 30 رقم 6.
5- رجال النجاشي 2 / 9 رقم 557.
6- رجال الكشي : 327 ، رقم 243.
7- راجع : رجال الطوسي : 265 رقم 265 ، رجال النجاشي 2 / 23 رقم 579.
8- رجال النجاشي 1 / 337 رقم 368 ، رجال الطوسي : 174 رقم 152 وص 346 رقم 1.
9- رجال النجاشي 1 / 339 رقم 369 ، رجال الطوسي : 173 رقم 139 وص 346

الصادق والكاظم عليهما السلام ، كجميل بن دراج وأبان بن عثمان وعبد الله بن مسكان ، بناء على عدم تسليم ما ذكره النجاشي كما هو الظاهر. وإلا لما [كان] وجه لجعله في المرتبة الثانية ، كما لا يخفى.

وأما المذكورون في الطبقة الأولى : فثلاثة منها على مقتضى ذلك الجعل ، وهم : معروف بن خربوذ ، وبريد بن معاوية ، وفضيل بن يسار.

وأما الثلاثة الباقية - أي زرارة (1) وأبو بصير الأسدي (2) ومحمد ابن مسلم (3) - فقد عدها شيخ الطائفة من أصحاب الباقر والصادق

والكاظم عليهم السلام.

وأما من في الطبقة الثالثة : فثلاثة منهم على ما يقتضيه (ظاهر) ذلك الجعل ، وهم : يونس بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وواحد منهم من أصحاب الصادق عليه السلام والإمامين عليهما السلام ، وهو ابن أبي عمير (4) ، والباقيان وهما : صفوان (5) والبزنطي (6) من أصحاب جل

ص: 426


1- رجال الطوسي : 123 رقم 16 ، وص 201 رقم 90 ، وص 350 رقم 1 ، باب زرارة.
2- رجال الطوسي : 129 رقم 26.
3- رجال الطوسي : 135 رقم 1 ، وص 300 رقم 317 ، وص 358 رقم 1 ، باب محمد.
4- رجال ابن داود 1 / 159 رقم 1272 ، باب الميم.
5- رجال الطوسي : 352 رقم 3 وص 378 رقم 4 وص 402 رقم 1 ، الفهرست : 83 رقم 346 ، باب صفوان.
6- رجال الطوسي : 344 رقم 34 وص 366 رقم 2 وص 397 رقم 5. البزنطي هو أحمد بن محمد بن أبي نصر. قال العلامة المامقاني - في تنقيح المقال 1 / 77 - : «البزنطي - بالباء الموحدة من تحت والزاي المعجمة المفتوحة أيضا والنون الساكنة والطاء والياء - نسبة إلى البزنط ، ولقد أتعبت نفسي في الكشف عن هذه النسبة فلم يتحقق عندي شئ سوى قول الحلي في أوائل مستطرفات السرائر : البزنط موضع إليه ينسب الرجل ومنه الثياب البزنطية. انتهى. ولكنه لم يتبين لي ذلك الموضع ، وعليك بالتتبع فإن من جد وجد ، ثم إني بعد أشهر عثرت في كتب التاريخ على ذكر الدول القديمة كالرومان والسريان واليونان ، وعد منها الدولة البزنطية وإن مساكنها شمالي دمشق ، ويشبه أن تكون البلاد البزنطية هي أرمينية وأهلها هم البزنطيون ، وقد غزاهم المسلمون سنة 29 ه وصالحوهم على أداء خراج معلوم ، فكانوا يؤدون خراجين ، خراج للمسلمين وخراج للروم ملوك القسطنطينية ...».

الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام.

فعلى هذا ينبغي جعلهم سبع طبقات :

الأولى : من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ، وهم : معروف بن خربوذ ، وبريد بن معاوية ، وفضيل بن يسار.

والثانية : من أصحاب الصادق عليه السلام ، وهو عبد الله بن بكير.

والثالثة : من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ، وهم : زرارة ، وأبو بصير الأسدي ، ومحمد بن مسلم.

والرابعة : من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ، وهم : جميل بن دراج ، وأبان بن عثمان ، وعبد الله بن مسكان.

والخامسة : من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، وهم : حماد بن عيسى ، وحماد بن عثمان ، وابن أبي عمير.

والسادسة : من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام ، وهم : يونس بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب.

والسابعة : من أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام ، وهما : صفوان بن يحيى ، والبزنطي.

ويمكن الجواب عنه بوجوه :

ص: 427

الأول : أن الكلام المذكور في كتاب الكشي منساق على اعتقاده ، فيمكن أن يكون اعتقاده ما يقتضيه كلامه من عدم كون المذكور في طبقة في مرتبة أخرى (1) ، ولا يلزم مطابقته للواقع ، ولا استبعاد في ذلك ، بل ذلك لا يدل على قصور قائله ، كما لا يخفى على المنصف.

والثاني : يمكن أن يكون الوجه في ذلك أكثرية الرواية ، بأن يكون اعتقاده أن المذكور في الطبقة الثالثة - مثلا - أكثر رواياتهم عن الإمامين عليهما السلام ، ولا يلزم منه انتفاء الرواية عن غيرهما مطلقا.

لكن يتوجه عليه أنه كيف يمكن أن يكون المراد ذلك؟! مع أن من جملة المذكورين في الثانية (عبد الله بن مسكان ، وقد أنكر النجاشي روايته عن الصادق عليه السلام ، وحكى الكشي عن يونس أنه قال : إن) (2) عبد الله بن مسكان لم يسمع من أبي عبد الله عليه السلام إلا حديث «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج».

ويمكن الجواب عنه : بأن النجاشي وإن أنكر ذلك ، لكنه غير مسلم ، بل الذي يظهر من كتب الأحاديث أن روايته عنه عليه السلام كثيرة ، وإن أردت الاطلاع ، فأدلك على عدة مواضع ، فنقول :

منها : ما في باب الأحداث الموجبة للطهارة (من كتاب الطهارة) من التهذيب : عن صفوان ، عن عبد الله بن مسكان (3) ، عن أبي عبد الله عليه السلام (4). 8.

ص: 428


1- في «س» : «مرتبته أقوى».
2- ما بين القوسين سقط من «م» و «س».
3- في المصدر : «عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام».
4- التهذيب 1 / 23 ح 58.

ومنها : ما في باب كيفية الصلاة من أصل التهذيب عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال في الرجل يرفع يديه

كلما أهوى للركوع والسجود ، وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود ، قال : «هي العبودية» (1).

ومنها : ما رواه في باب الأذان والإقامة من زيادات التهذيب عن

عبد الله بن مسكان ، قال : رأيت أبا عبد الله عليه السلام أذن وأقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس (2).

ومنها : ما في باب الشكر من أصول الكافي : عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في سفر .. الحديث (3).

ومنها : ما رواه في باب «إنه لا يكون شئ في السماء والأرض إلا بسبعة» من أصوله حيث روى عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : «لا يكون شئ في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع : بمشيئة وإرادة وقدر وقضاء وإذن وكتاب وأجل ، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر» (4).

ومنها : ما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره في سورة آل عمران عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «ما بعث الله نبيا من لدن آدم فهلم جرا إلا ويرجع إلى الدنيا وينصر 1.

ص: 429


1- التهذيب 2 / 75 ح 48.
2- التهذيب 2 / 285 ح 40.
3- الكافي 2 / 98 ح 24.
4- الكافي 1 / 149 ح 1.

أمير المؤمنين عليه السلام» .. الحديث (1).

ومنها : ما رواه أيضا في تفسير سورة البقرة ، في تفسير آية (يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير) (2) : عن أبيه ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : لما نزلت : (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) (3) أخرج كل من كان عنده يتيم ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله في إخراجهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير) (4).

ومنها : ما رواه ثقة الإسلام في باب الحمام من كتاب الزي والتجمل من الكافي : عن عبد الله بن مسكان ، قال : كنا جماعة من أصحابنا دخلنا (5) الحمام ، فلما خرجنا لقينا أبا عبد الله عليه السلام فقال لنا : «من أين أقبلتم؟» ، فقلنا له : من الحمام ، فقال : «أنقى الله غسلكم» ، فقلنا له : جعلنا فداك.

وإنا جئنا معه حتى دخل الحمام ، فجلسنا له حتى خرج ، فقلنا له : أنقى الله غسلك ، فقال : «طهركم الله» (6).

أقول : يمكن أن يقال في معناه أن الغسل - بفتح الغين - مصدر 0.

ص: 430


1- تفسير علي بن إبراهيم القمي 1 / 106 في تفسير الآية (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ...) (سورة آل عمران 3 : 81) ، عنه مختصر بصائر الدرجات : 42 ، والرجعة - للأسترآبادي - : 77 ح 49 ، وبحار الأنوار 53 / 61 ح 50.
2- سورة البقرة 2 : 220.
3- سورة النساء 4 : 10.
4- تفسير علي بن إبراهيم القمي 1 / 72.
5- في «ج» : «وصلنا».
6- الكافي 6 / 500 ح 20.

بمعنى المفعول ، والمعنى : أنقى الله مغسولكم ، أي طهره من الأدناس والأرجاس والخبائث والآلام.

وغير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع.

وأما ما في الكشي من أنه لم يسمع من أبي عبد الله عليه السلام ... إلى آخره ، فإنما حكاه عن يونس (1) ولا يلزم أن يكون ذلك اعتقاده ، فتأمل.

والثالث : يمكن أن يكون المراد مزيد الاختصاص ، فمن جعله من الطبقة الأولى يعتقد أن له مزيد اختصاص بالإمامين عليهما السلام.

وهكذا بالإضافة إلى المذكور في الطبقة الثانية والثالثة. (فتأمل).

ثم إن زمام الكلام وإن خرج عن حد الاعتدال ، لكن المقام لما كان حريا بالاهتمام ، ينبغي تحقيق الحال للتنبيه على المرام.

* * * 2.

ص: 431


1- رجال الكشي : 327 رقم 242.

المقام الثالث

في العود إلى ما كنا بصدده

فنقول :

قد تحقق في شأن هذا الرجل وهو أبان بن عثمان كل من الوجوه (القادحة والمادحة ، لكن الوجوه القادحة غير صالحة لمعارضة الوجوه) (1)

المادحة.

أما الثاني والثالث (منها) فلما قدمناه فيهما.

وأما الأول فيمكن الجواب عنه بما ذكره المولى الأردبيلي في كتاب «الكفالة» من شرحه على الإرشاد ، في شرح قول العلامة : «ولو قال : إن لم أحضره كان علي كذا» ، حيث قال : وفي الكشي الذي عندي ، قيل : كان قادسيا - أي من القادسية - ثم قال : وكأنه تصحيف (2). انتهى.

فمع اختلاف النسخ لا يمكن رفع اليد عما تقتضيه ظواهر الوجوه المادحة ، وعلى فرض التسليم والتصحيف في تلك النسخة كما هو الظاهر.

نقول : إن قول ابن فضال الفطحي لا يصلح لمعارضة قول ابن أبي عمير الثقة ، وقول الكشي العدل.

إن قلت : إن ذلك إنما هو إذا كان التعارض بينهما من تعارض النصين أو الظاهرين ، بل هو من تعارض النص ، والظاهر بأن قول ابن فضال نص في فساد عقيدته ، وقول ابن أبي عمير والكشي ظاهر في عدمه ، وقد 3.

ص: 432


1- ما بين القوسين سقط من «س» ، ومن «م» سقطت عبارة «غير صالحة».
2- مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 9 / 323.

تقدم أن محمد بن مسعود العياشي مع اعترافه بفطحية عبد الله بن بكير وابن فضال ، صرح بأنهما من فقهاء أصحابنا (1) فليكن كلام ابن أبي عمير في أبان : «أنه من مشايخنا» من هذا القبيل ، وكذلك حكاية الإجماع من الكشي.

قلنا : هذا وإن كان ممكنا في نفسه ، لكن في المقام مستبعد إرادة هذا المعنى جدا ، إذ تقديمه على مثل هشام بن سالم الثقة ، الجليل القدر يؤكد إرادة الظهور من مشايخنا ، وأيضا إنا نقطع بأن المراد من مشايخنا بالإضافة إلى هشام بن سالم ، هو المعنى الخاص ، وهو مؤيد آخر لإرادة هذا المعنى بالنسبة إلى أبان.

وبالجملة : إن الظن الحاصل من قول ابن أبي عمير - المحكي في كتابين من الكتب المعتبرة للصدوق بطريق صحيح - بصحة عقيدة أبان ، وجلالة قدره أقوى من الظن الحاصل بفساد عقيدته من قول ابن فضال - المحكي عنه في رجال الكشي الذي حكم جمع من فحول (العلماء) الأعلام ، كالنجاشي والعلامة ، وغيرهما (نور الله مراقدهم) بأن فيه أغلاطا كثيرة - المطابق للوجدان.

وبالجملة : الترجيح لجانب المدح باعتبار المادح والحاكي عنه والمحكي فيه ، فالظاهر صحة عقيدته (ووثاقته ، مضافا إلى أن الظاهر من قوله : «إنه كان من الناووسية» ، أنه كان وعدل عنه ، فتأمل.

ومما يدل على صحة عقيدته) (2) وانتفاء كونه من الناووسية ، روايته

عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام أن الأئمة اثنا عشر ، ففي باب «ما جاء في ».

ص: 433


1- تقدم في ص 421.
2- ما بين القوسين سقط من نسخة «م».

الاثني عشر» من أصول الكافي عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نحن اثنا عشر إماما ، منهم : حسن وحسين ، ثم الأئمة من ولد الحسين عليه السلام (1).

إن قلت : إن الجارح ليس بمنحصر في ابن فضال ، لقول العلامة في الخلاصة : والأقوى عندي قبول روايته ، وإن كان فاسد المذهب (2) ، وهو شهادة منه بفساد مذهبه.

قلنا : قد ذكرنا في ما سلف أن المرجع فيه قول ابن فضال ، والدليل عليه أنه حكى في الخلاصة كلام الكشي المشتمل على حكم ابن فضال بناووسيته أولا ، ثم ذكر ذلك من غير فاصلة ، ومنه يظهر أنه المأخوذ منه ، مضافا إلى أنه معارض بما ذكره في آخر الخلاصة من تصحيحه طريق الصدوق إلى العلاء بن سيابة ، وفيه أبان بن عثمان (3).

(قال [الصدوق] : وما كان فيه عن العلاء بن سيابة ، فقد رويته عن أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن العلاء بن سيابة) (4) (5).

وذكر المولى المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد في مباحث ما يصح السجود عليه : أن المصنف - أي : العلامة - كثيرا ما يسمي الخبر الواقع هو 2.

ص: 434


1- الكافي 1 / 533 ح 16 ، كتاب الحجة ، وفي «م» : «عن معلى بن محمد الوشاء».
2- تقدم في ص 397.
3- الخلاصة : 280 ، الفائدة الثامنة.
4- ما بين القوسين سقط من «م» و «ج».
5- من لا يحضره الفقيه 4 / 126 ، شرح مشيخة الصدوق ، معجم رجال الحديث 11 / 172.

فيه بالصحيح (1).

فقد تحقق بما تقرر أن للعلامة في هذا الرجل ثلاثة أقوال :

الأول : تضعيفه وعدم قبول روايته ، وهو الذي حكى عنه فخر المحققين كما تقدم (2).

والثاني : قبولها مع الحكم بفساد عقيدته ، وهو الذي بنى عليه في الخلاصة في ترجمته (3).

وفي آخرها في تصحيح طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري ، قال : وعن أبي مريم الأنصاري صحيح ، وإن كان في طريقه أبان بن عثمان ، وهو فطحي ، لكن الكشي قال : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه (4) ، فيكون حديثه حينئذ موثقا.

والثالث : الحكم بصحة حديثه كما تقدم ، فيكون ذلك مبنيا على صحة عقيدته ووثاقته.

وهذا هو المختار وفاقا لجماعة من فحول المحققين من المتأخرين ، كالمولى الأردبيلي ، والسيد السند صاحب المدارك (5) ، وشيخنا 8.

ص: 435


1- مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 2 / 114 ، باب مكان المصلي.
2- تقدم في ص 394.
3- تقدم في ص 397.
4- تقدم في ص 403 - 404.
5- «شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي (946 - 1009 ه) كان فاضلا ، متبحرا ... قرأ على أبيه وعلى مولانا الأردبيلي وتلامذة جده لأمه الشهيد الثاني ... له كتب ، منها : مدارك الأحكام ، وحاشية التهذيب والاستبصار ، وكتب أخرى». راجع : أمل الآمل 1 / 167 رقم 170 ، رياض العلماء 5 / 132 ، روضات الجنات 7 / 44 رقم 598.

البهائي (1) وغيرهم.

قال المولى المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد : في مباحث ما يصح السجود عليه : أبان بن عثمان ثقة ، ولا يضر القول بأنه (2) ناووسي لعدم ثبوته (3).

والحكم بصحة الحديث في المدارك مع اشتمال سنده على أبان - الذي كلامنا فيه - أكثر من أن يحصى (4).

ومنه : ما في (مباحث) صلاة العيدين قال : ويؤيده صحيحة زرارة عن أحدهما عليهما السلام ، قال : «إنما صلاة العيدين على المقيم ولا صلاة إلا بإمام» (5) وفي سنده (6) أبان ، وهو ابن عثمان (7) (8).

ومما يؤيد ذلك عدم تعرض النجاشي وشيخ الطائفة في كتبهما 6.

ص: 436


1- «محمد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي الهمداني ، بهاء الدين : عالم ، أديب إمامي ، من الشعراء ، ولد ببعلبك (953 ه) وانتقل به أبوه إلى إيران ، ورحل رحلة واسعة ، ونزل بأصفهان فولاه سلطانها - شاه عباس - رئاسة العلماء ، فأقام مدة ، ثم تحول إلى مصر ، وزار القدس ودمشق وحلب ، وعاد إلى أصفهان فتوفي فيها (1031 ه) أشهر كتبه : الكشكول ، والمخلاة في الأدب ... وغيرها». الأعلام - للزركلي - 6 / 102 ، وراجع : أمل الآمل 1 / 155 رقم 158 ، رياض العلماء 5 / 88.
2- كذا في المصدر ، وفي جميع النسخ زيادة : «قيل».
3- مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 2 / 114 ، باب مكان المصلي.
4- مدارك الأحكام 3 / 226.
5- وسائل الشيعة 5 / 103 ح 2 ، الباب 8 من أبواب صلاة العيد ، عن التهذيب 1 / 334.
6- كذا في جميع النسخ ، والأنسب : «سندها».
7- في المصدر : «فيها أبان فلا يضر ، وأظنه ابن عثمان».
8- مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 2 / 406.

الرجالية الموضوعة لبيان أحوال الرجال إلى فساد عقيدته أصلا ، وهو أمارة ظاهرة على عدم تسليمها ذلك كما لا يخفى.

ومما يرشد إلى فساد القول بناووسيته مضافا إلى ما مر ، روايته عن مولانا الكاظم عليه السلام.

قال النجاشي : روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى عليهما السلام (1).

وبمثله قال شيخ الطائفة في الفهرست (2).

* * * ن.

ص: 437


1- رجال النجاشي 1 / 80 رقم 7.
2- الفهرست : 18 رقم 2 ، باب أبان.

مصادر التحقيق

نبدأ تبركا بالقرآن الكريم.

1 - إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ، لأبي العباس أحمد بن محمد (851 - 923 ه) دار إحياء التراث العربي / بيروت.

2 - الأعلام ، لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين / بيروت 1990 م ، الطبعة التاسعة.

3 - أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين العاملي (م 1371 ه) دار التعارف / بيروت 1403 ه.

4 - الأمالي ، للشيخ الصدوق ، محمد بن علي بن بابويه القمي (م 381 ه) مؤسسة الأعلمي / بيروت 1400 ه.

5 - أمل الآمل ، للشيخ الحر العاملي ، محمد بن الحسن (1033 - 1104 ه) مكتبة الأندلس / بغداد 1385 ه.

6 - بحار الأنوار ، للعلامة محمد باقر المجلسي (م 1110 ه) مؤسسة الوفاء / بيروت 1403 ه.

7 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ، أحمد بن علي (م 463 ه) دار الكتاب العربي / بيروت.

8 - تذكرة القبور ، لعبد الكريم بن المولى مهدي بن محمد باقر بن علي الجزي (م 1339 ه) مكتبة الشفتي / أصفهان ، الطبعة الثانية.

9 - تفسير القمي ، علي بن إبراهيم (من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري) منشورات مكتبة الهدى / النجف الأشرف.

10 - تنقيح المقال ، لعبد الله المامقاني (1290 - 1351 ه) الطبعة الحجرية.

11 - تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن (385 - 460 ه) دار الكتب الإسلامية / طهران 1390 ه.

12 - جامع الرواة ، لمحمد بن علي الأردبيلي الغروي الحائري ، مكتبة

ص: 438

المحمدي / إيران.

13 - الحور العين ، لسعيد بن نشوان الحميري (م 573 ه) ، طهران 1394 ه.

14 - الخصال ، للشيخ الصدوق ، محمد بن علي بن بابويه القمي (م 381 ه) مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين / قم المقدسة 1403 ه.

15 - الخلاصة ، للعلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن مطهر (648 - 726 ه) منشورات المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف 1381.

16 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للعلامة آقا بزرك الطهراني (1293 - 1389 ه) دار الأضواء / بيروت 1403 ه ، الطبعة الثانية.

17 - الرجال ، للحلي ، الحسن بن علي بن داود (647 - 707 ه) منشورات المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف 1392 ه.

18 - الرجال ، للشيخ الطوسي ، منشورات المكتبة والمطبعة الحيدرية / النجف الأشرف 1381 ه.

19 - الرجال ، للكشي ، محمد بن عمر بن عبد العزيز 0 من علماء القرن الرابع الهجري) مؤسسة الأعلمي / كربلاء المقدسة - العراق.

20 - الرجال ، للنجاشي ، أحمد بن علي الكوفي الأسدي (372 - 450 ه) دار الأضواء / بيروت 1408 ه.

21 - الرجعة ، للميرزا محمد مؤمن الأسترآبادي ، المتوفى سنة 1088 ه ، دار الاعتصام / قم 1415 ه.

22 - روضات الجنات ، لمحمد باقر الخوانساري (1226 - 1313 ه) ، الدار الإسلامية / بيروت 1411 ه.

23 - الروضة البهية ، للسيد محمد شفيع الجابلقي (م 1280 ه) الطبعة الحجرية.

24 - رياض العلماء ، للميرزا عبد الله أفندي الأصفهاني (من أعلام القرن الثاني عشر) من مخطوطات مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي ، تحقيق : السيد أحمد الحسيني ، مطبعة الخيام / قم المقدسة 1401 ه.

25 - ريحانة الأدب في ترجمة المعروفين بالكنية واللقب (فارسي) ، للعلامة

ص: 439

الميرزا محمد علي مدرس (1298 - 1373 ه) مكتبة الخيام / قم المقدسة.

26 - شرائع الإسلام ، للمحقق الحلي ، جعفر بن الحسن (602 - 676 ه) منشورات استقلال / طهران 1403 ه.

27 - شرح البداية في الدراية ، للشهيد الثاني ، زين الدين العاملي (911 - 965 ه) تحقيق : عبد الحسين محمد علي البقال / طهران 1402 ه.

28 - شرح صحيح مسلم ، للنووي ، يحيى بن شرف الشافعي (631 - 676 ه) دار القلم / بيروت 1407 ه.

29 - صفة الصفوة ، أبو الفرج ابن الجوزي (510 - 597 ه) دار المعرفة / بيروت 1406 ه.

30 - طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة) ، للعلامة آقا بزرك الطهراني ، منشورات دار المرتضى / مشهد 1404 ه.

31 - طبقات الحفاظ ، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (849 - 911 ه) دار الكتب العلمية / بيروت 1403 ه.

32 - عدة الأصول ، للشيخ الطوسي ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم 1403 ه.

33 - الغدير ، للعلامة عبد الحسين أحمد الأميني (1320 - 1390 ه) دار الكتاب العربي / بيروت 1387 ه.

34 - الفرق بين الفرق ، للبغدادي ، عبد القاهر (م 429 ه) دار المعرفة / بيروت ، تحقيق : محمد الزين.

35 - فرق الشيعة ، للنوبختي ، الحسن بن موسى (م 310 ه) دار الأضواء / بيروت 1404 ه.

36 - الفوائد الرضوية ، للشيخ عباس القمي (1294 - 1359 ه) المكتبة المركزية / طهران.

37 - الفهرست ، للشيخ الطوسي ، تحقيق : السيد محمد صادق آل بحر العلوم ، منشورات المكتبة المرتضوية / النجف الأشرف.

38 - مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان ، للمولى الأردبيلي ، أحمد بن محمد (م 993 ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم المقدسة 1403 ه.

ص: 440

39 - مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي ، (كان حيا سنة 757 ه) ، طبعة النجف 1370 ه.

40 - المختصر النافع ، للمحقق الحلي ، دار الكتاب العربي / مصر 1376 ه.

41 - مختلف الشيعة ، للعلامة الحلي ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم 1412 ه.

42 - مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ، للسيد محمد بن علي الموسوي العاملي (946 - 1009 ه) تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم 1410 ه.

43 - المعتبر في شرح المختصر ، للمحقق الحلي ، مؤسسة سيد الشهداء / قم 1407 ه.

44 - معجم البلدان ، للحموي ، ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي (م 626 ه) دار صادر ودار بيروت / بيروت 1404 ه.

45 - معجم الرجال الحديث ، للسيد الخوئي ، أبو القاسم الموسوي (1317 - 1413 ه) ، بيروت 1403 ه.

46 - معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحالة ، دار إحياء التراث العربي / بيروت.

47 - مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ، لأبي الحسن الأشعري (260 - 324 ه) ، ألمانيا 1400 ه.

48 - الملل والنحل ، للشهرستاني ، محمد بن عبد الكريم (479 - 549 ه) دار المعرفة / بيروت 1402 ه.

49 - المنتظم ، لابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي بن محمد (م 597 ه) دار الكتب العلمية / بيروت 1412 ه.

50 - منتهى المطلب ، للعلامة الحلي ، الطبعة الحجرية.

51 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق ، دار الأضواء / بيروت 1405 ه.

52 - الكافي ، للكليني ، محمد بن يعقوب (م 329 ه) دار الكتب الإسلامية / طهران 1388 ه.

53 - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي (1294 - 1359 ه) منشورات بيدار / قم.

54 - لسان العرب ، لابن منظور الأفريقي المصري ، محمد بن مكرم 0 630 -

ص: 441

711 ه) نشر أدب الحوزة / قم 1405 ه.

55 - نجوم السماء (فارسي) ، للميرزا محمد مهدي اللكهنوي الكشميري (1260 - 1309 ه) منشورات مكتبة بصيرتي / قم.

56 - هدية الأحباب (فارسي) ، الشيخ عباس القمي ، منشورات مكتبة الصدوق / طهران 1362 ه.

57 - هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ، أوفسيت دار إحياء التراث العربي / بيروت.

58 - الوافي ، لمحمد محسن الفيض الكاشاني (الفاضل القاساني) (1007 - 1091 ه) ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام / أصفهان 1406 ه.

59 - وسائل الشيعة ، للشيخ الحر العاملي ، دار إحياء التراث العربي / بيروت 1403 ه.

ص: 442

من أنباء التراث

كتب

صدرت محققة

* مستند

الشيعة في أحكام الشريعة ، ج 15.

تأليف : العلامة الشيخ أحمد النراقي (1185 - 1245 ه).

من أهم الكتب المصنفة في الفقه الاستدلالي ، لواحد

من كبار علماء الإمامية في تلك الفترة ، يشتمل على أمهات المسائل الفقهية ، وأهم

الأحكام الفرعية ، بذكر أدلة كل مسألة ثم إيراد الإشكال والرد على المخالف منه ،

مع بيان تعارض الآراء والأقوال المختلفة للعلماء فيها.

يمتاز الكتاب بالدقة البالغة والأسلوب العميق ،

وكثرة التفريعات إلى غاية ما

يمكن لكل مسألة ، بعد تحقيق أصلها ، وإثبات حجيتها عند المصنف رحمه الله.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على 8 نسخ

مخطوطة لأبواب الكتاب المختلفة ، منها نسخة بخط المصنف ، من أول كتاب المطاعم

والمشارب إلى آخر كتاب النكاح ، يعود تاريخها إلى سنة 1245 ه ، وأخرى كتبت عن

الأصل في عهده رحمه الله سنة 1235

ه ، واثنتان أخريان لم يدون عليهما تاريخ الكتابة ، احتوت إحداهما على قرائن

تفيد أنها كتبت في عهد المؤلف ، أما باقي النسخ فقد كتبت في السنين 1248 ، 1253

، 1258 ، 1264 ه.

واعتمد أيضا في التحقيق على نسختين مطبوعتين على

الحجر ، طبعت الأولى سنة

1273 ه على نسخة المصنف ، والثانية مصححة في سنة 1335 ه.

اشتمل هذا الجزء على كتاب الأطعمة

ص: 443

والأشربة وكتاب الصيد والذباحة ، ومن المؤمل أن

يصدر الكتاب في 20 جزءا.

تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث - مشهد / 1418 ه.

* حاشية كتاب

المكاسب ، ج 1 - 3.

تأليف : آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني

(1296 - 1361 ه).

حاشية مهمة وتعليقة ضافية على ما ورد من أقوال

وآراء الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (1214 - 1281 ه) في كتابه المكاسب ، الذي يعد

من أفضل ما كتب

في فقه المعاملات ، إذ يعنى ببيان المسائل الفقهية المتعلقة بأحكام الكسب وما يكتسب

به ، مطبوع مرارا ، وعليه شروح وحواش كثيرة لأهمية موضوعه ، وهو مدار التدريس

والبحث في الحوزات العلمية إلى الآن.

اشتملت أجزاء الكتاب على تعليقات تناولت : تعريف

البيع - مع رسالة مستقلة في تحقيق الحق والحكم - المعاطاة ،

ألفاظ عقد البيع ، حكم المقبوض بالعقد الفاسد ، حكم المنافع المستوفاة ، والغير

مستوفاة ، شروط المتعاقدين ، بيع الفضولي ، الإجازة ، شروط المجيز والمجاز ،

الرد وأحكامه ، أولياء العقد

، وأخيرا شرائط العوضين : أن يكون متمولا ، كونهما

طلقين ، القدرة على

التسليم ، العلم بالثمن ، وبقدر المثمن.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا على

نسخته المطبوعة على الحجر ، إضافة إلى نسخة المؤلف قدس سره المخطوطة

التي تلف معظمها ، ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.

تحقيق : الشيخ عباس محمد آل سباع القطيفي.

صدر في قم سنة 1418 ه.

* مرآة الكتب

، ج 2.

تأليف : الشيخ علي بن موسى بن محمد شفيع ، المشتهر

بثقة الإسلام التبريزي (1277 - 1330 ه).

كتاب مهم في فهرسة الكتب الشيعية ، مرتب على مقصدين

، وكل منهما مرتب وفق الحروف الهجائية.

اشتمل المقصد الأول على تراجم علماء الإمامية الذين

عاشوا بعد عصر شيخ الطائفة الطوسي - المتوفى سنة 460 ه - إلى عصر المؤلف ، وقد

ذكر مؤلفات هؤلاء في المقصد الثاني من كتابه.

ولم يذكر من ليس له مؤلف وإن كان مذكورا في كتب

الرجال إلا نادرا ، كما قدم

ص: 444

المؤلف لكتابه مقدمة ذكر فيها مطالب مهمة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على نسخة فريدة بخط

المؤلف رحمه الله ناقصة الأول

، محفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي العامة في قم.

اشتمل هذا الجزء على بقية حرف الحاء ولغاية قسم من

حرف الشين.

تحقيق : الشيخ محمد علي الحائري.

نشر : مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي العامة -

قم / 1418 ه.

* ذكرى الشيعة

في أحكام الشريعة ، ج 3.

تأليف : الشهيد الأول ، الشيخ أبي عبد الله محمد بن

محمد بن مكي العاملي (734 - 786 ه).

كتاب في الفقه الاستدلالي ، خرج منه كتابا الطهارة

والصلاة فقط ، إذ حال استشهاد المصنف دون إتمامه ، فرغ منه في 21 صفر 784 ه.

وضع على أساس أقوى الأدلة - برأي المصنف - من

الكتاب الكريم والروايات ،

ومن الإجماعات ، مع محاولة التعرض للفروع الفقهية وأدلتها بأقل ما يمكن من

الألفاظ ، مرتب بأسلوب وترتيب جميل في مقدمة وأقطاب

أربعة كما تضمنت

المقدمة بعض المباحث الأصولية القيمة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على :

1 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة

طهران المركزية ، برقم 1906 ، فرغ من كتابتها في 8 ربيع الآخر 784 ه ، تشتمل على

حواش وبلاغات ، ويظهر من تاريخي

التصنيف والكتابة أن الناسخ كان يستنسخ كل ما يخرج من قلم المصنف تدريجيا

وإثر انتهائه من كل جزء يتمه.

2 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة

سليمان خان التابعة لمكتبة الإمام الرضا عليه السلام في

مشهد المقدسة ، برقم 36 ، فرغ من كتابتها في مدينة دامغان سنة 883 ، مصححة

ومقابلة وعليها بلاغات ، ويلاحظ عليها خط الشيخ البهائي ووالده قدس سرهما.

3 - النسخة المطبوعة على الحجر في طهران سنة 1271 ه

، وفي آخرها كتاب تمهيد القواعد للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي ،

المتوفى سنة 965 ه.

اشتمل هذا الجزء على الأبواب من الرابع إلى السابع

من مقدمات كتاب

ص: 445

الصلاة ، والتي تضمنت فروعا ومسائل عديدة في لباس

ومكان المصلي والألبسة والمواضع التي تكره أو تستحب الصلاة فيها ، مع مباحث

المساجد وما يسجد

عليه ، ثم القبلة والأذان والإقامة.

كما اشتمل على فصلين من الفصول الأربعة للركن الأول

من أركان الصلاة

- الأربعة - الذي كان في أفعال الصلاة وتوابعها.

ومن المؤمل إصداره في أربعة أجزاء.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث / 1419 ه.

* نور البراهين

في بيان أخبار السادة الطاهرين.

أو أنيس

الوحيد في شرح التوحيد ، ج 1 - 2.

تأليف : السيد نعمة الله الموسوي الجزائري (1050 -

1112 ه).

شرح لكتاب

التوحيد للشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه

القمي المتوفى سنة 381 ه ، الذي يجمع الأخبار المتضمنة لبراهين وقواعد التوحيد

القويمة ، التي اشتملت على ما روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله من

أحاديث نبوية شريفة ،

وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام من

مرويات في

توحيد الله سبحانه وتعالى في ذاته وصفاته

وأفعاله ، وما ورد عنهم عليهم السلام في

تفسير آيات الكتاب الحكيم التي تدل ظواهرها على التشبيه والتجسيم.

وهذا الشرح يكشف عن بعض المعاني الواردة في الكتاب

، ويوضح ما يحتاج إلى

الإيضاح من مبانيه.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على مخطوطتين بعنواني

الكتاب ، ذكرت مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرسين في الحوزة العلمية -

قم / 1417 ه.

* الملاحم.

تأليف : ابن المنادي ، الحافظ أحمد بن جعفر بن محمد.

أثر قديم ، يشتمل على الأحاديث والروايات والأخبار

الواردة في الفتن

والملاحم التي ستقع في آخر الزمان ، يعد من المصادر

المعتمدة لمن كتب بعده في هذا الموضوع ، إذ لم ينقل عن مصادر سبقته إلا ما ندر ،

كما يورد المصنف هذه الروايات مسندة ، ويتفرد بنقل بعضها.

مرتب على ثلاثة أقسام : يتضمن الأول

ص: 446

ذكر الآيات القرآنية الخاصة بالموضوع وما روي في

تفسيرها ، وحديثا طويلا منسوبا

للإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام ،

وما مذكور في آخر كتاب النبي دانيال عليه السلام ، وجملة

من الأخبار المروية في الفتن ، وتضمن الثاني ذكر الأخبار الواردة في الملاحم

الكائنة بين الناس ، وخروج الدجال آخر الزمان ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من

السماء ، وظهور الإمام الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، فيما كان

الثالث مخصصا للزيادات - التي وصلت إليها يد المصنف - في الفتن والملاحم

الطارقات.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على مخطوطة واحدة ذكرت مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق : الشيخ عبد الكريم العقيلي.

نشر : دار السيرة - قم / 1418 ه.

* غاية المراد

في شرح نكت الإرشاد ، وحاشية الإرشاد ، ج 2.

كتاب يجمع بين دفتيه ثلاثة من أهم الكتب الفقهية ،

والمصادر المعتمدة في فقه الإمامية الشاملة لجميع أبواب الفقه ، لثلاثة من كبار

الفقهاء.

غاية المراد

للشهيد الأول ، الشيخ

شمس الدين محمد بن مكي العاملي (734 - 786 ه).

وحاشية

الإرشاد للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد

العاملي

الشامي (911 - 965 ه).

وهما شرحان لكتاب إرشاد

الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلامة الحلي ، الحسن ابن

يوسف بن المطهر الأسدي (648 - 726 ه) ، الذي يعد من كتب الفقه الجليلة ، موجز

خال من الاستدلال ، وهو دورة فقهية كاملة ، يبدأ من كتاب الطهارة وينتهي بالديات

، يحتوي على 1500 مسألة ، وعليه ما يقرب من 50 شرحا وحاشية ، ولإتمام الفائدة

جمع مع شرحيه المذكورين.

فالكتاب الأول الذي كتب بأسلوب : (قوله ... أقول ...)

، يعد من المتون الفقهية المهمة ، وهو شرح للموارد المبهمة والمشكلة في الإرشاد

، يجمع بين التحقيق والتدقيق والتتبع الواسع ، ونقل آراء كثير من العلماء الذين

لم تصل آثارهم إلينا ، وهو دورة فقهية كاملة أيضا ، طبع - سابقا - على الحجر مرة

واحدة سنة 1271 ه.

والثاني من الآثار الفقهية النافعة ، البليغة في

الأسلوب ، والخالية من التعقيد ، وغير المطولة في الطريقة.

ص: 447

اعتمد في تحقيق إرشاد

الأذهان على 9 نسخ مخطوطة وواحدة مطبوعة محققة ،

وغاية المراد على 9 نسخ مخطوطة مع النسخة المطبوعة حجريا ، وحاشية

الإرشاد

على 5 نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفات النسخ في مقدمة التحقيق ، ومن المؤمل أن يصدر

الكتاب في 4 أجزاء.

اشتمل هذا الجزء على كتب : المتاجر ، الديون وتوابعه

، الإجارة وتوابعها ، وكتاب العطايا.

تحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1418 ه.

* نهاية

الحكمة.

تأليف : العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ، صاحب

تفسير الميزان ، المتوفى

سنة 1402 ه.

من كتب الفلسفة المتداولة للدراسة في الحوزات ،

مطبوع مرارا ، يعد تمهيدا لطلاب الحكمة قبل الدخول في المراحل المتقدمة من

أسفارها.

يشتمل على مباحث في الفلسفة والحكمة المتعالية

المشرفة ، بتعالي موضوعها ومسائلها ، وبشرف غايتها

وأغراضها ، وهي معرفة الحق جل وعلا ، وصفاته

وأسمائه الحسنى ، وأفعاله في

خلقه ، وأسرار المبدأ والمعاد ، وشؤون الإنسان وأطواره.

مرتب في 12 مرحلة وكل مرحلة في فصول عديدة ، تضمنت

مباحث في : أحكام الوجود الكلية ، الوجود المستقل والرابط ، انقسام الوجود إلى

ذهني وخارجي ، مواد القضايا ، الماهية وأحكامها ، المقولات العشر ، الواحد والكثير

، العلة والمعلول ، القوة والفعل ، السبق واللحوق والقدم والحدوث ، العقل والعاقل

والمعقول ، وأخيرا ما يتعلق بواجب الوجود من المباحث.

تصحيح وتعليق : الشيخ عباس علي الزارعي السبزواري.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرسين في الحوزة العلمية - قم / 1417 ه.

* خاتمة

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، ج 25.

تأليف : الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي (1254 -

1320 ه).

تحتوي هذه الخاتمة - للموسوعة الحديثية الجامعة

الصادرة في 18 جزءا -

ص: 448

على 12 فائدة رجالية ، شاملة الكثير من البحوث

الرجالية العالية ، والمباحث المرتبطة بعلم الحديث ، مع مناقشة المباني العلمية

للتوثيقات الرجالية العامة ، وبيان

أحوال بعض رواة الحديث الشريف ، كما شملت تحقيقات حول الكتب المعتمدة في التأليف.

تم تحقيق الخاتمة اعتمادا على 3 نسخ مخطوطة ،

أولاها شاملة للفوائد 1 - 3 ، محفوظة في مكتبة فخر الدين النصيري بطهران ، وأخرى

شاملة للفوائد 6 - 12 وهي بخط المصنف تاريخها سنة 1319 ه محفوظة في مكتبة الإمام

الرضا عليه السلام في المشهد

الرضوي الشريف ، والأخيرة مطبوعة على الحجر محفوظة في مكتبة العلامة المحقق

السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سره.

ومن المؤمل أن تصدر في 9 أجزاء.

اشتمل هذا الجزء - السابع - على الفوائد من 7 - 10

، والتي تضمنت ذكر :

أصحاب الإجماع وعدتهم ، أمارة عامة لوثاقة جميع المجاهيل في أصحاب الإمام

الصادق عليه السلام من رجال

الشيخ ، في بيان دخول كثير من الأخبار الحسان في عداد الصحاح

، واستدراك بعض ما فات الشيخ صاحب الوسائل في الفائدة الثانية عشر من

فوائد خاتمته ، متضمنة عناوين الرواة في هذه

الفائدة من حرف (أ) إلى حرف (ز).

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث - قم / 1417 ه.

* الهداية.

تأليف : الشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمد بن علي بن

الحسين بن بابويه القمي المتوفى سنة 381 ه.

كتاب يضم أحكام وفتاوى الشيخ الصدوق في ما تعارف من

أبواب الفقه ، كما يضم بحوثا عقائدية موجزة في بدايته ،

إضافة إلى ما تضمنه من دورة فقهية مختصرة.

يعد الكتاب من المصادر الفقهية والروائية المعتبرة

، لأن أعلام الطائفة يتلقون مضمونه ومضمون غيره من كتب القدماء على أنه حديث أو

بمعنى الحديث ، لقربهم من عصر الأئمة المعصومين عليهم السلام ،

ولتوفر أصول من سبقهم - وعاصر الأئمة عليهم السلام - بين

أيديهم ، وأن فقهاء ومجتهدي الإمامية على عهد المعصومين عليهم السلام وفي

مرحلة الغيبة الصغرى ، وبداية الغيبة الكبرى ، قد اتبعوا - في تدوين كتبهم

الفقهية - أسلوبا لم يتجاوزوا فيه ما ورد من ألفاظ الروايات ،

ص: 449

وكانوا يبينون آراءهم الفقهية بما هو مأثور من

الأحاديث.

طبع سابقا ضمن الجوامع

الفقهية في سنة 1376 ه ، ومع

المقنع للصدوق أيضا ، في سنة 1377 ه وسنة 1414 ه في إيران

وبيروت.

تم التحقيق اعتمادا على 4 مخطوطات أساسية ، و 8 نسخ

مخطوطة ثانوية ، ذكرت

مواصفات النسخ في مقدمة التحقيق ، التي تضمنت كذلك بحثا في ترجمة الشيخ الصدوق قدس سره

وبيان أحواله ، مع عرض تاريخي موجز لوضع البلاد الإسلامية في

عصره ، والأجواء السائدة حينذاك.

تحقيق ونشر : مؤسسة الإمام الهادي عليه السلام - قم

/ 1418 ه.

* الدر

المنضود في معرفة صيغ النيات والإيقاعات والعقود.

تأليف : زين الدين علي بن علي بن محمد بن طي

الفقعاني ، المتوفى سنة

855 ه.

رسالة موجزة ، مرتبة حسب الكتب الفقهية من الطهارة

إلى الديات ، تتضمن

بيان ألفاظ النيات المتعلقة بالأعمال العبادية ، والصيغ والألفاظ التي تتم بها العقود

والإيقاعات في معاملات المسلمين

في ما بينهم ، إذ يشترط لإتمام العقد القبول والإيجاب

من طرفي المعاملة ، ولا يشترط

ذلك في الإيقاعات.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على 4 نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

تحقيق : محمد بركت.

نشر : مكتبة مدرسة إمام العصر - عج - العلمية -

شيراز / 1418 ه.

* سفينة

البحار ومدينة الحكم والآثار ، ج 1 - 3.

تأليف : المحدث الشيخ عباس القمي (1294 - 1359 ه).

فهرس وترتيب لمقاصد ومطالب آثار

وأخبار الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل

بيته الأطهار عليهم السلام الواردة في

كتاب بحار الأنوار

للعلامة محمد باقر المجلسي ، المتوفى سنة 1110 ه ، مرتب هجائيا وفق الحرفين الأول

والثاني من كل مادة ، مع ذكر الحديث ، أو مضمونه ، وخلاصة لمطلبه إن كان مهما.

وقد أضاف المؤلف رحمه الله

مطالب جديدة وكثيرة في التفسير والتاريخ والرجال والأخلاق ، وتراجم لمشاهير

الصحابة وأئمة الدين ، ونبذا من أحوال بعض علماء

ص: 450

الخاصة والعامة ، وبعض الشعراء والأدباء المعروفين

، مستخدما الحروف الأبجدية بدل الأرقام في نهاية كل مطلب للدلالة على أرقام مجلدات

البحار وأبوابها بطبعته الحجرية القديمة (طبعة الكمباني في 25 مجلدا كبيرا) ،

والتي أشير في هذا التحقيق إلى ما يقابلها في الطبعة الحروفية الصادرة في 110

أجزاء.

تم التحقيق اعتمادا على 3 نسخ مطبوعة ، اشتملت

إحداها على تعليقات وإضافات وتصويبات المصنف رحمه الله ،

ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

اشتملت الأجزاء الثلاثة على الحروف من أ - ح ، ومن

خ - ش ، ومن ص - ف.

تحقيق ونشر : مجمع البحوث الإسلامية التابع

للآستانة الرضوية المقدسة - مشهد / 1416 و 1418 ه.

* منية الطالب

في شرح المكاسب ، ج 1.

تأليف : الشيخ موسى بن محمد النجفي الخوانساري (1296

- 1363 ه).

من التقريرات المهمة والجيدة لمباحث وآراء الفقيه

المحقق الميرزا محمد حسين النائيني ، المتوفى سنة 1355 ه ، في فقه المتاجر

والمكاسب ، من خلال شرحه

لكتاب المكاسب

للشيخ مرتضى الأنصاري (1216 - 1281 ه) ، الذي يتناول المسائل الفقهية المتعلقة

ببيان أحكام الكسب وما يكتسب به.

اشتمل الكتاب على مباحث متعددة في كتابي المكاسب

والبيع ، منها : مباحث الاكتساب بالأعيان النجسة ، وبالأعيان المحرمة ، أو بما

قصد منه المنفعة المحرمة ، ثم مباحث في بيان حقيقة البيع ، الأقوال في المعاطاة

، أقسام العقود وما يرتبط بها ، شروط العقد وأحكامها ، وغيرها ، مع تنبيهات

ومسائل وفروع عديدة تتعلق بكل مبحث.

طبع الكتاب لأول مرة سنة 1357 ه.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة

المدرسين في الحوزة العلمية - قم / 1418 ه.

* اللمعة

البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها السلام.

تأليف : الشيخ محمد علي بن أحمد القراچه داغي

التبريزي الأنصاري ، المتوفى

سنة 1310 ه.

كتاب يشتمل على شرح لخطبة بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله

الزهراء البتول عليها السلام التي

خطبتها في المسجد النبوي في المدينة بعد

ص: 451

وفاة أبيها المختار صلى الله عليه وآله ،

محتجة على الخليفة الأول ومطالبة له بما غصبه من ميراثها من أبيها الرسول الأكرم

صلى الله عليه وآله وحقها في فدك

والعوالي ، كما يشتمل على عرض لكثير من فضائلها ومناقبها عليها السلام ، وفضائل

أمها السيدة خديجة الكبرى عليها السلام وفضائل

الأئمة المعصومين عليهم السلام.

تشتمل فصول الكتاب - الذي اعتمد في ما أورده من

الآثار والأخبار على مصادر الخاصة والعامة - على ذكر أسماء الزهراء عليها السلام ،

ولادتها ومدة عمرها ، خطبتها وتزويجها وأولادها ، وأدعيتها ، ثم بحثا مفصلا عن

غصب فدك ، مع الرد على شبه وشكوك المبطلين ، وأخيرا ذكر وفاتها وتظلمها يوم

القيامة وكيفية مجيئها إلى المحشر صلوات الله وسلامه عليها.

تم تحقيق الكتاب على نسخة واحدة مطبوعة على الحجر

في تبريز ، بتصحيح

المؤلف سنة 1298 ه.

تحقيق : دار فاطمة عليها السلام

للتحقيق - السيد هاشم الميلاني.

نشر : منشورات الهادي - قم / 1418 ه.

* شرح

القبسات.

تأليف : السيد أحمد العلوي العاملي ، من أعلام

القرن 11 الهجري.

شرح لكتاب القبسات

للميرداماد الأصفهاني ، السيد محمد باقر بن محمد الحسيني الأسترآبادي ، المتوفى

سنة 1040 ه - الذي يعد رائد مدرسة أصفهان الفلسفية - المشتمل على مباحث مهمة في الفلسفة

الإسلامية والحكمة المتعالية في تبيان المعارف العقلية ، وإثبات وجود الخالق جل

وعلا ، ووحدانيته وأزليته ،

وحدوث العالم مما سواه تعالى ، من خلال ما تعتمده من أسس ومبان تتضمن

الكثير من المباحث الكلامية والعقلية.

والشرح هذا يسعى لبيان وتوضيح صعوبة وتعقيد عبارات القبسات ،

وبشكل غير متسلسل ، إذ اشتمل على حواش وتعليقات تقصر تارة ، وتطول أخرى ، ويتطرق

لبيان معاني المفردات حينا ، ويتناول شرح العبارة حينا آخر ، كما استعان بحواشي

وتعليقات مصنف القبسات والتي

ذكرت بعنوان «أفيد».

تم التحقيق اعتمادا على 3 نسخ مخطوطة ، ذكرت

مواصفاتها في مقدمة التحقيق ، كما تمت الإشارة إلى عبارات القبسات الواردة في

الشرح برقم الصفحة والسطر من النسخة المطبوعة لمؤسسة الدراسات الإسلامية.

تحقيق : حامد ناجي الأصفهاني.

ص: 452

نشر : مؤسسة الدراسات الإسلامية التابعة لجامعة

طهران - طهران / 1418 ه.

* ولاية

الفقيه.

* العوائد

والفوائد.

* دروس

الأعلام ونقدها.

تأليف : السيد مصطفى الخميني (1351 - 1398 ه).

ثلاث رسائل للمؤلف ، مجموعة في مجلد واحد ، الأولى

تشتمل على مباحث

في شؤون الفقيه وولايته ، مدرجة ضمن كتاب البيع من تحريرات المؤلف الفقهية ،

تم تحقيقها مستقلة اعتمادا على نسخة مستنسخة عن نسخة الأصل.

والثانية تشتمل على مجموعة من فوائد وعوائد في

مواضيع متفرقة.

والثالثة تتضمن رأي المؤلف في مباحث ومسائل بحثت في

محاضرات ودروس لأساتذة أعلام في الحوزة العلمية ، كان قد حضرها أيام إقامته في النجف

الأشرف ، تناولت هذه المحاضرات مباحث أصولية عديدة.

صدر الكتاب بمناسبة الذكرى السنوية العشرين

لاستشهاد المؤلف قدس سره.

تحقيق ونشر : مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني

قدس سره - قم

/ 1418 ه.

* دفع الشبه

عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والرسالة.

تأليف : تقي الدين أبي بكر بن محمد ابن عبد المؤمن

الحمصي الدمشقي الشافعي (752 - 829 ه).

كتاب يتضمن ردا على من قال بالتشبيه والتجسيم في

ذات الله تعالى وصفاته

وأفعاله ، ووقف على ظواهر الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة الدالة

على ذلك ، ثم نسب ذلك القول إلى الإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 ه) مظهرا

انتمائه إلى مذهبه.

وتضمن أيضا ذكر أحوال ابن تيمية الحراني ، وتاريخه

الأسود ، وآرائه الفاسدة ومعتقداته الباطلة ، وضلاله وانحرافه عن سبيل المسلمين

، والرد على أقواله وفتاواه في فناء النار ، وقدم العالم ، والتشبيه والتجسيم ،

وتحريم التوسل والاستغاثة

بالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ،

وشد الرحال لزيارة مرقده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم في

المدينة ، وقبور الأولياء والصالحين ، وأن زيارته

صلى الله عليه وآله وسلم في

قبره معصية.

كما تضمن عدة فوائد في تقديس وتنزيه الله سبحانه

وتعالى ، وحقيقة التوحيد في الذات والأفعال.

ص: 453

تم التحقيق اعتمادا على مخطوطة مكتوبة سنة 830 ه ،

ومطبوعة في القاهرة سنة 1350 ه بعنوان دفع

شبه من شبه

وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد مع تعليقات

الشيخ محمد زاهد الكوثري على

النسخة المخطوطة التي كانت بحوزته ، ذكرت مواصفات النسختين في المقدمة.

تحقيق : لجنة من العلماء.

صدر سنة 1418 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* الوهابية

وأصول الاعتقاد.

تأليف : العلامة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي (1282

- 1352 ه).

رسالة صغيرة الحجم ، كبيرة المحتوى ، شملت جل

المباحث اللازمة للرد على شبهات هذه الفرقة الضالة ، باعتماد الدليل النقلي القوي

من أمهات المصادر المعتمدة لدى الجمهور - كالبخاري ومسلم .. وغيرها - ، والبرهان

العقلي المقنع.

تضمنت : البحث في توحيد الله تعالى في العبادة وفي

الأفعال ، زيارة القبور ،

التبرك بها ، البناء عليها ، الصلاة عندها ، التوسل إلى الله بالأنبياء

والأولياء والاستغاثة

والاستشفاع بهم إليه جل وعلا.

طبعت الرسالة لأول مرة في النجف ، وفيها : تاريخ

الفراغ من كتابتها في 14 ربيع الأول سنة 1345 ه ، وليس عليها تاريخ الطبع.

ثم نشرت محققة على صفحات نشرتنا هذه تراثنا في

العدد 35 - 36 في ربيع الآخر 1414 ه ، بتحقيق السيد محمد علي الحكيم اعتمادا على

النسخة المطبوعة حجريا.

وأعادت طبعها بالتصوير مستقلة مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث فيقم سنة 1416 ه ، وصدرت ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا برقم 6 بعد

تعديلات وإضافات أجراها المحقق.

وصدرت مؤخرا - مستقلة أيضا وبصف جديد - ضمن سلسلة :

«على مائدة الكتاب والسنة» برقم 17.

*

تهذيب الأصول ج 1 و 2.

تأليف : آية الله العظمى السيد عبد الأعلى

السبزواري ، المتوفى سنة 1414 ه.

كتاب يشتمل على مباحث في علم الأصول ، خالية من الزوائد

، مشتملة على

كثير من التنبيهات والفوائد ، مرتب في مقدمة - في أمور عامة - ومقاصد ثلاثة ،

ص: 454

الأول في مباحث الألفاظ ، التي تضمنت : مباحث الأوامر

، النواهي ، المفاهيم ، العام والخاص ، المطلق والمقيد ، المجمل والمبين ، ومبحث

التعارض.

فيما كان المقصد الثاني في الملازمات العقلية

المستقلة ، وغير المستقلة التي عمدتها : الإجزاء ، مقدمة الواجب ، مسألة الضد ،

مبحث الترتب ، والنهي في العبادات وفي المعاملات.

وكان الثالث في ما يصح الاعتذار به ، وهو إما القطع

أو الظن أو الشك ، إذ تضمن عدة مباحث ، منها في القطع وأقسامه ، العلم والامتثال

الإجمالي ، الأمارات الخاصة ، ومطلق الظن ، ثم مباحث الأصول العملية : البراءة ،

التخيير ، الاحتياط ، الاستصحاب ، وبعض الفوائد الفقهية.

نشر : مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السبزواري قدس سره قم /

1417 ه.

*

بحوث في علم الرجال.

تأليف : الشيخ محمد آصف المحسني.

مباحث - 46 بحثا - في علم الرجال تعنى بمناقشة

وبيان حال أسانيد الروايات ، وتشتمل على قواعد كلية ومعايير لإحراز وثاقة وصدق

الراوي ، وضوابط للتصديق

والتضعيف ، وأمارات للتوثيق والجرح ، كما تشتمل على

مناقشة وثاقة مشايخ الرواية والإجازة وتوثيقاتهم ، وتوثيقات

بعض أعلام الطائفة لما جاء من طرق في مصنفاتهم.

هذه البحوث خاصة ببيان التوثيقات العامة وما يتعلق

بالأسانيد بشكل عام ، دون بيان وثاقة أو ضعف أو جهالة الأشخاص أنفسهم.

طبع الكتاب سنة 1399 ه في مشهد باسم الفوائد

الرجالية ثم طبع في قم سنة

1402 ه - مع تصحيح وتكميل - باسمه الحالي ، وصدر مجددا في إسلام آباد / الباكستان

- مع عدالة الصحابة

للمؤلف - سنة 1417 ه بعد إضافات وتغييرات للمؤلف.

*

تاريخ السنة النبوية.

تأليف : صائب عبد الحميد.

بحث تحليلي لمرحلة تاريخية خطيرة مرت بها السنة

النبوية الشريفة ، وهي الفترة الممتدة إلى 30 سنة بعد وفاة الرسول الأمين صلى الله عليه وآله سنة

11 ه ، ومحاولة لإعطاء صورة كاملة وواضحة لتاريخ السنة في تلك المرحلة ، من خلال

التتبع التاريخي لأحداثها وشواهدها الثابتة.

ص: 455

شمل البحث فترتين تختلفان كليا في منهج التعامل مع

السنة المطهرة رواية وتدوينا وتطبيقا ، الأولى كانت في زمن الخلفاء الثلاثة ،

والثانية في زمن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام.

يتناول وضع السنة في الفترة الأولى (11 - 35 ه) في

مبحثين : منع تدوينها وروايتها بحجج عديدة - منها اختلاطها بالقرآن الكريم -

وموقعها التشريعي الثانوي ، إذ الاجتهاد في قبالها للمصلحة التي يراها الخليفة.

ثم وضعها في عهد الإمام علي عليه السلام ، وما

قام به من إجراءات لكتابة الحديث وروايته وحفظ السنة وإحيائها ، إذ استعادت في

أيامه عليه السلام روحها ودورها

حاكمة للمصلحة لا محكومة لها ، وحفظت مكانتها في التشريع.

كما يرد على أقوال ثلاثة - متضمنة لغيرها - منع

تدوين السنة ينسب إلى إجماع الصحابة ، انصياعهم لأمر النهي الثابت ، واختلافهم

في فهم النص إلى فريقين.

سبق أن نشر البحث على صفحات نشرتنا هذه تراثنا

العددان 45 - 46 لسنة 1417 ه ، وأعاد طبعه مستقلا - بصف جديد - مركز الغدير

للدراسات الإسلامية

في قم سنة 1418 ه.

* واقعة

كربلاء في الوجدان الشعبي.

تأليف : الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

دراسة لموقعية ووجود ثورة الإمام السبط الشهيد أبي

عبد الله الحسين عليه السلام في

الوجدان الشعبي للمسلمين - التاريخ الحي للأمة الإسلامية - وللشيعة منهم بوجه

خاص ، من خلال دراسة مظاهر تعبير هذا الوجدان عن انفعاله بالثورة الحسينية ،

وتطورها - عبر الزمن - كما

ونوعا ، وهي محاولة لاستقصاء انعكاسات الثورة في سلوك ومواقف الناس من أحداثها ،

ونوعية ممارستهم لإحيائها ، وكيفية صلتهم بها.

اشتمل البحث على دراسة مظاهر زيارة الإمام عليه السلام :

مشروعيتها ، تاريخها ، أهدافها ، ونماذج منها ، ثم الشعر والأدب الرثائي الحسيني

: خلفيته العقيدية ، موقف السلطات المضاد ، المحتوى الشعري والموقف النفسي

للإنسان ، مقاصد الشعر الحسيني ، وقيمته ، ثم مجالس الذكرى أو المآتم الحسينية -

العائلية والعامة - والأدوار التي مرت بها لتصل إلى ما هي عليه الآن ، وأخيرا

ظاهرة الحزن والبكاء

ص: 456

لمصاب الإمام عليه السلام ،

والنصوص الواردة في شرعيته والحث عليه.

أصدرت

الكتاب لأول مرة الجمعية الخيرية الثقافية في بيروت سنة 1386 ه ، بعنوان «ثورة

الحسين عليه السلام في الوجدان الشعبي».

وأعادت

طبعه - بصف جديد - المؤسسة الدولية للدراسات والنشر في بيروت سنة 1417 ه.

* تعليقة

النابغة البحراني على العروة الوثقى.

تأليف : السيد عدنان الغريفي الموسوي البحراني.

تعليقات المؤلف على المسائل الفقهية لكتاب العروة

الوثقى ، للفقيه المحقق السيد محمد كاظم اليزدي قدس سره ،

المتوفى 1338 ه ، الذي يعد مدارا للكثير من الأبحاث العلمية في أوساط الحوزات

العلمية ، وعليه شروح وتعليقات عديدة.

مرتب وفق أبواب الكتب الفقهية المعروفة مع الإشارة

إلى موضع التعليقة ورقم المسألة.

طبعت التعليقات سابقا في حاشية العروة

الوثقى المطبوعة على الحجر في

بومباي سنة 1339 ه ، وأعادت دار حفظ

التراث البحراني في مشهد طبعها مستقلة

بصف وترتيب جديد سنة 1418 ه.

*

حلية المتقين.

تأليف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المتوفى

سنة 1110 ه.

كتاب يشتمل على محاسن الآداب الشرعية المأثورة عن

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآلهوعن

أئمة أهل البيت عليهم السلام بالأسانيد المعتبرة

، إذ جمع طائفة كبيرة من الأحاديث والروايات الواردة عنهم عليهم السلام في الآداب

والأخلاق السامية ، التي تكفل للإنسان باتباعها الوصول إلى درجات الكمال

والسعادة في الدنيا والآخرة.

مرتب في 14 بابا ، وكل باب في 12 فصلا ، اشتملت على

آداب : لبس الثياب

والنعل ، التختم والتزين والتكحل ، الطعام والشراب ، الزواج والنكاح وتربية

الأولاد ،

السواك وتسريح الشعر والتقليم والحلق ، الطيب وفضله وماء الورد ، الحمام وتنظيف البدن

والرأس ، السهر والنوم والذهاب إلى بيت الخلاء ، الحجامة وذكر بعض الأدوية ومعالجة

الأمراض ، العشرة وحقوق الناس ، السلام وفضله والمصافحة والمزاح والضحك ، الدخول

والخروج من البيت ، المشي والركوب والذهاب إلى السوق

ص: 457

والتجارة والزراعة ، وأخيرا آداب السفر ، وتشييع

واستقبال المسافر.

سبق أن نشرته دار الأمير في بيروت سنة 1994 م ،

بتحقيق وترجمة - عن الفارسية - الشيخ خليل رزق العاملي ، وأعادت نشره ثانية سنة

1996 م.

كتب

صدرت حديثا

* الرفق في

المنظور الإسلامي.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث يتناول ركن من أركان النظام الأخلاقي المتكامل

في الإسلام ، الذي

أولى العناية التامة لصلاح بعدي هذا النظام : الفرد والمجتمع ، إذ أن صلاح أحدهما

يرتبط ويكتمل بصلاح الآخر.

يهدف البحث إلى إعطاء فكرة مبسطة عن مفهوم «الرفق»

وواقعه ودوره المهم

في المنظور الإسلامي ، من خلال بيانات بعض الآيات القرآنية الكريمة وأحاديث الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته

الهداة المهديين عليهم السلام ،

التي تدعو إلى اللطف واللين والرأفة في حركة الفرد والمجتمع ، وتحث على التزام

المسلمين بالرفق والشفقة والرحمة كخلق أساسي في نهج الدعوة إلى الإسلام مع من

يمكن أن يثمر

فيه هذا الخلق.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(10).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

* فهرس أحاديث

كتب الصدوق ، وجداول إحصائية.

إعداد : قسم الكمبيوتر في مجمع البحوث الإسلامية.

كتاب يشتمل على ما ورد في كتب الشيخ الصدوق ، أبي

جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، المتوفى سنة 381 ه ، من أحاديث

نبوية شريفة وروايات أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام ،

وأحاديث قدسية ، والمروي عن الزهراء عليهما السلام ،

وعن غير المعصومين ، مفهرسة ومرتبة وفق حروف الهجاء ، استوعب هذا العمل 15 كتابا

من مصنفات هذا الشيخ الجليل طاب ثراه.

منهج الكتاب هو اعتماد صدر الحديث بمفرداته أساسا

في الترتيب الألفبائي ، وفق

حاله وبحروفه جميعا ، إضافة إلى قواعد أخرى تم توضيحها في المقدمة ، التي

اشتملت كذلك على عرض بأسماء طائفة من الفهارس القرآنية وفق النظام اللفظي

والنظام الموضوعي ، وعرض لما أنجز من

ص: 458

أعمال في فهرسة الأحاديث الشريفة.

كما اشتمل الكتاب - في آخره - على ملحق بأسماء رواة

الحديث الواحد عن المعصوم بلا واسطة ، مرتبة وفق الإشارة إلى رقم الجزء والصفحة

والحديث في مؤلفات الشيخ الصدوق ، وملاحق تضمنت خلاصات إحصائية للأحاديث الأصلية

في هذا الفهرس تتعلق بعدد الأحاديث ، وعدد ما روي عن كل معصوم ، وما رواه كل راو

مباشرة أو رفعه أو أرسله ، إضافة إلى مسانيد المعصومين عليهم السلام ،

ومسانيد الرواة.

سبق أن أصدر مجمع البحوث الإسلامية التابع للآستانة

الرضوية المقدسة في مشهد فهارس أحاديث هذه الكتب مستقلة سنة 1408 ه ، عدا كتابي

المقنع والهداية ، إذ صدرا - في مجلد واحد - عام 1409 ه ، وتصدر الآن مجتمعة

ومرتبة في مجلد واحد.

نشر : مجمع البحوث الإسلامية - مشهد / 1418 ه.

*

معجم فقه الجواهر ، ج 1 - 3.

إعداد : مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي طبقا

لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

معجم فقهي مستخلص من الموسوعة

الفقهية الكاملة جواهر الكلام في شرح

شرائع الإسلام

للمحقق الشيخ محمد حسن النجفي ، المتوفى سنة 1266 ه ، الشاملة لأبواب وكتب الفقه

، الجامعة لأمهات المسائل وفروعها ، التي تعد من أجود الشروح وأغناها لكتاب شرائع

الإسلام في مسائل الحلال والحرام للمحقق الحلي ، الشيخ نجم

الدين جعفر بن الحسن الهذلي (602 - 676 ه).

اشتملت مقدمة المعجم على : بيان أسباب اختيار هذا

الكتاب ، توضيح طريقة المراجعة ، وطريقة ترقيم المسائل وأرقام العزو ورموز

الإحالة في المعجم ، إضافة إلى شرح منهجه الذي تضمن : استخراج المصطلحات الفقهية

وترتيبها وفق حروف الهجاء ، ربط كل مصطلح بما يتعلق به من مسائل وبغيره من

مصطلحات ، تلخيص تعريفات المصطلحات وفرضيات المسائل والآراء والاتجاهات الفقهية

في كل مسألة ، توزيع الخلاصات على المصطلحات المرتبطة بها لضمان عدم تكرارها ، تصنيف

مسائل كل مصطلح وترتيبها ضمن محاور وعناوين كلية ، عزو خلاصات المسائل الموزعة

على المصطلحات إلى مواقعها في الكتاب بذكر رقم الجزء والصفحة حسب طبعته الحروفية

الأولى - المطبوعة في النجف والتي نشرتها دار

ص: 459

الكتب الإسلامية في طهران - وكذلك عزو عناوين

المسائل المحالة من مصطلح إلى

آخر إلى مواقعها في المعجم.

تضمن المعجم جداول بمختصرات أسماء الفقهاء والكتب

الواردة في الكتاب.

شملت الأجزاء الثلاثة حروف أ - ص.

نشر : الغدير - بيروت / 1417 ه.

* علوم القرآن

عند المفسرين ، ج 1 - 3.

تأليف : مركز الثقافة والمعارف القرآنية.

جمع وترتيب لما تم انتخابه من أقوال مفسري القرآن

من مختلف المذاهب الإسلامية ، الواردة في مقدمة مصنفاتهم التفسيرية - عدا

الميزان إذ كانت في المتن - الخاصة بمباحث علوم القرآن الكريم ، العلوم التي

تشمل ما يخص القرآن من مباحث - تسبق وتمهد لتفسيره عادة - باستثناء معانيه

وتفسير آياته ، والتي لا غنى للمفسر عن الإحاطة بها ومعرفة القدر الكافي منها.

أعدت هذه المجموعة ، التي استقصت زهاء 55 كتابا ،

لتسهيل الاطلاع على

نظريات المفكرين والمفسرين في جميع

مباحث علوم القرآن ، ووضعها في متناول الباحثين

والمحققين بشكل ميسر ، ولتقديم صورة واضحة عن سير تحول هذه

المباحث وكيفية تطورها منذ عصر صدر الإسلام ، إذ أن

عرض مطالب أي موضوع يكون حسب تاريخ وفاة المصنف.

اشتملت أجزاء الكتاب على مباحث : كليات عن القرآن

الكريم ، مراحل وأسرار

نزوله ، جمعه وترتيب سوره وآياته ، سلامته من التحريف ، ثم القراءات والقراء المشهورين

، حديث الأحرف السبعة ، تلاوة القرآن وتعليمه وحفظه ، إعجازه ، الناسخ والمنسوخ

، ثم المحكم والمتشابه ، والتفسير والمفسرون.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1416 و 1417 ه.

* طهارة

الكتابي.

تأليف : الشيخ محمد مهدي التسخيري.

بحث فقهي استدلالي يتناول جوانب مسألة مهمة ، هي

حكم طهارة أو نجاسة أهل الكتاب ، يعتمد آراء وأقوال الأعلام من فقهاء مدرسة أهل

البيت عليهم السلام ، ومناقشة

وإعادة قراءة الأدلة الخاصة بالمسألة ومحاكمتها في ضوء زمن صدورها.

يشتمل البحث على التحقيق في معنى النجاسة وأقسامها

، وفي معنى الكافر

وأسباب الكفر ، ثم استعراض أدلة القائلين

ص: 460

بنجاسة مطلق الكافر ، والمشركين ، وأهل الكتاب ،

وأدلة القائلين بطهارة أهل الكتاب بوجه خاص ، وأخيرا بيان حال الرواة المذكورين

في أسانيد الروايات الواردة في البحث ، بالاعتماد على الأصول الرجالية المعروفة

، وخاتمة البحث تضمنت ذكر الأسانيد الكاملة لهذه الروايات.

نشر : دار الحق - بيروت / 1418 ه.

* فاطمة ، صوت

الحق الإلهي.

تأليف : محسن المعلم.

كتاب يشتمل على شرح لخطبتي بضعة النبي المختار صلى الله عليه وآله

الزهراء عليها السلام ، وتوضيح

لمعانيها العميقة ، وعرض لأحداث وخطوب تلك الفترة الحرجة في صدر تاريخ المسلمين

، والمآسي التي مرت على الزهراء عليها السلام ،

ودعتها لإلقاء خطبتها الأولى ثم الثانية.

الأولى كانت في المسجد النبوي في المدينة بعد وفاة

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، بعشرة

أيام تقريبا ، طالبت فيها الخليفة الأول بحقوقها التي غصبها في فدك ،

وسهم ذوي القربى ، وميراثها من أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله ،

مستدلة بالآيات القرآنية

الكريمة التي تثبت حقها في ذلك.

فيما كانت الثانية عندما دخلت عليها

نساء المهاجرين والأنصار يعدنها في مرضها الذي

توفيت فيه ، بعد إيراد كلامها

عليها السلام مع بعلها

الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إثر رجوعها

من المسجد وإلقاء خطبتها الأولى.

نشر : دار الهادي - بيروت / 1418 ه.

* المعجم

المجمعي ، ج 1 - 3.

تأليف : عبد الحسين محمد علي البقال.

معجم لغوي ، وضع لتيسير فهم ألفاظ اللغة العربية ،

واستيعاب معانيها ، يشتمل

على مادة لغوية مرتبة حسب الحروف الهجائية جامعا لمواد وهيئات كل حرف

ضمن عنوان «الجامعة» لذلك الحرف.

يعتمد - كأساس - التعامل مع المكتوب حسب ما ينطق به

، وجعل كل صوت لغوي ينطق به ممثلا بحرف مخصص له ، ويستفيد بدرجات متفاوتة مما

سبقه من المتون اللغوية ، خصوصا المعجم

الوسيط إذ هو مركز الثقل فيه.

منهج المعجم يتضمن : إبراز صفة الكيانية لكل حرف من

خلال مجموعة

العناوين الشاملة لأبعاده ، جعل الأساس في توزيع المشتقات هو اعتماد أفعالها الماضية

بصرف النظر عن كونها صحيحة

ص: 461

أو معتلة ، تثليث أجنحة المعتل ما أمكن ذلك ، توحيد

كل ثلاثي ضمن جذره الأساس الذي هو نقطة الانطلاق فيه ، وأخيرا جمع المضاعفات عند

أصولها وبحسب ما تلفظ تلك الأصول وما لها من موقعية في التسلسل الألفبائي.

ضم الجزء الأول الحروف من أ - ح ، والثاني من ح - ش

، والثالث من ص - ل.

نشر : مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لجامعة طهران -

طهران / 1416 ه.

* عدالة

الصحابة.

تأليف : الشيخ محمد آصف المحسني.

بحث في 15 فصلا ، مخصص لمناقشة الرأي القائل بعدالة

صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وأنهم

ثقات كلهم ولا يجوز الجرح في حق أي شخص منهم.

يثبت البحث بطلان هذا الرأي في ضوء آيات القرآن

الكريم وأحاديث السنة النبوية المطهرة - المثبتة في الصحاح والمسانيد - ووقائع

التاريخ ، كما يثبت من خلالها أن الصحابة - كغيرهم من الناس - على درجات مختلفة

متفاوتة من الإيمان والعمل ، وأن فيهم المنافقين وضعفاء الإيمان والمؤلفة قلوبهم

والمرتدين والمنحرفين وطلاب الجاه والسلطة ، لذلك

ليس هناك ما يدعو الشيعة إلى تكفير

الصحابة قاطبة كما يدعى عليهم ، بل الرأي عندهم أن لا أفراط ولا تفريط بحق

الصحابة ولا بد من التحقيق في حال كل صحابي لاستبيان وثاقته أو ضعفه وبالتالي اعتبار

روايته أو عدمها.

صدر الكتاب في إسلام آباد - مع كتاب المؤلف بحوث في

علم الرجال - سنة

1417 ه.

* الرجعة ، أو

العودة إلى الحياة بعد الموت.

إصدار : مركز الرسالة.

دراسة في ستة فصول ، لإحدى مسائل الاعتقاد التي تعد

من ضروريات مذهب

الإمامية ، ويعد الاعتقاد بها من مظاهر الإيمان بالقدرة الإلهية المطلقة ،

ملخصها أن الخالق جل وعلا يعيد في آخر الزمان وقبل يوم القيامة طائفة من الأموات

إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، ممن محضوا الإيمان محضا وعلت درجتهم فيه

، أو ممن محضوا الكفر محضا وبلغوا الغاية في الفساد والطغيان ، فينتصر لأهل الحق

من أهل الباطل.

اشتملت على : تعريف الرجعة ، إمكان وقوعها ، الأدلة

القوية لإثبات صحة الاعتقاد

ص: 462

بها في ضوء الآيات القرآنية والروايات الشريفة ،

أحكامها وحكم منكريها والهدف

منها ، الرجعة وإحياء الموتى عند أبناء العامة وموقفهم منها ، بعض المناظرات والاحتجاجات

الواردة عن الأئمة عليهم السلام وأعلام

الطائفة للدفاع عن عقيدة الرجعة ، إجابة وتصحيحا وشرحا لشبهات وآراء ومفاهيم

متعلقة بها ، وأخيرا الجواب على شبهات وإشكالات آثارها منكري الرجعة.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم (12).

نشر

: مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

* زينب

والظالمون.

تأليف : محسن المعلم.

كتاب مرتب في دروس : يستعرض باختصار جملة من

المواقف البطولية الرائعة وشؤون الحياة لعقيلة بني هاشم الحوراء زينب سلام الله عليها

، في أحداث

كربلاء ووقائع الطف الخالدة ، وما سبقها وما تلاها من أحداث ، وعند مسير سبايا

آل محمد صلى الله عليه وآله إلى الكوفة

ثم إلى الشام.

ويتناول خطبها عليها السلام في

الكوفة والشام ومواجهتها لابن زياد ويزيد في مجلسيهما ، مع شرح موجز لكلماتها

وعباراتها ، وتوضيح لمعاني المضامين التي اشتملت

عليها.

نشر : دار الهادي - بيروت / 1418 ه.

* عقائد

الشيعة وأهل السنة في أصول الدين.

تأليف : السيد علاء الدين أمير محمد القزويني.

كتاب يعرض عقائد المسلمين في أصول الدين ويقارن بين

ما تؤمن به الشيعة الإمامية وما يؤمن به أبناء العامة من اعتقادات في وجوب النظر

واكتساب المعرفة ، توحيد الله ورؤيته سبحانه وتعالى وصفاته ، وعدله عزوجل ،

نبوة الأنبياء وعصمتهم عليهم السلام ،

الإمامة والخلافة العامة لكل من ينوب عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم باختيار

ونص من الله سبحانه وبتعيين منه صلى الله عليه وآله وسلم بأمر

العزيز الحكيم.

اعتمد الكتاب نصوصا وردت في كتب الفريقين الخاصة

بالموضوع.

صدر في قم سنة 1996 م.

* ما رواه

الحواريون ج 4.

تأليف : كاظم جعفر المصباح.

كتاب جامع للروايات والأحاديث الواردة عن طريق

حواريي الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام

المقربين منهما ، الذين

ص: 463

وردت في مدحهم وتوثيقهم عدة أحاديث وروايات بينت

اعتماد الإمامين عليهما السلام

عليهم في إيصال أحاديثهم وأفكارهم إلى الناس دون زيف أو تشويه ، والذين نقلوا

عنهما

- بدون واسطة - أكثر الأحاديث المعتمدة من قبل فقهاء المسلمين في استنباط الأحكام

الشرعية.

اشتمل الكتاب على قسمين : ترجمة حياة هذه الصفوة ،

وتدوين كل الأحاديث المروية عنها في شتى أبواب الفقه والمعارف الإسلامية.

صدرت الأجزاء السابقة بعنوان مسند

محمد بن مسلم الثقفي ، مشتملة على مروياته في أبواب

العبادات والمعاملات والعقائد.

وصدر هذا الجزء بعنوان مسند

زرارة ابن أعين ، لاشتماله على ما رواه هذا الحواري

الجليل ، في أبواب العبادات.

نشر : منشورات استقلال - قم / 1418 ه.

* الإمامة

والحكم في الإسلام.

تأليف : الشيخ محمد حسين الأنصاري.

بحث في مسألة عقائدية مهمة ، في قسمين : الحكومة

والإمامة ، يشتمل الأول

على مناقشة وتحليل الأطروحتين المتبناة

في المسألة ، وهل أن الإمامة بتعيين من صاحب السلطة

المطلقة الباري عزوجل ، أم متروكة

للأمة فهي التي تختار ، فيما يشتمل الثاني على : ما يدل - من القرآن والسنة

المطهرة - على أن الإمامة من أصول الدين وليست من فروعه ، كيفية تعيين الإمام

ووجوب عصمته ، ودفع بعض التوهمات الواردة في كتاب نظرية

الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية.

يبين البحث عدم التوافق بين أطروحة اختيار الأمة

للإمام وبين ما ورد من آيات كريمة وأوامر نبوية شريفة ، بعد أن بين بطلان وضعف

أدلتها وركائزها : الإجماع ، الشورى ، البيعة ، واتفاق أهل الحل والعقد ، كما

يبين متانة أدلة الأطروحة الثانية التي تنص على أن الإمامة لا تثبت إلا بالتعيين

، وأن الله سبحانه وتعالى قد أمر رسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم

بتعيين الخليفة والإمام بعده ، وأنه صلى الله عليه وآله لم

يخالف أوامره عزوجل قط ، ويوضح

كذلك أضرار وإشكالات عدم التعيين ، ودواعي التعيين وضرورته.

نشر : مكتبة النجاح - طهران / 1418 ه.

* دور العقيدة

في بناء الإنسان.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث يتناول دور العقيدة الإسلامية في

ص: 464

بناء الإنسان الفكري والاجتماعي والنفسي والأخلاقي

، وانعكاساتها على أخلاق المسلمين وسلوكهم ، بما يضمن تحقق حاجات الفرد بكرامته

وشخصيته ليكون صالحا لمجتمعه الإسلامي ولأمته ، إذ إن العقيدة الإسلامية نظام

متكامل للحياة البشرية ، وصالح - بمعطياته الحضارية - لجميع العصور.

مع تسليط الضوء على الدور الكبير الذي قامت به

مدرسة أهل البيت عليهم السلام من

أجل صيانة العقيدة الإسلامية الصحيحة من الانحراف والضياع.

يعتمد البحث التحليل الفكري الواضح والعرض العلمي

المبسط ، متبعا المنهج النقلي باعتماد المصادر والمراجع التراثية.

يشتمل على : دور العقيدة في تحرير وبناء فكر

الإنسان ، إثارة الشعور

الاجتماعي ، تغيير نظم الروابط الاجتماعية ، الحث على التعاون والتعارف ، تغيير العادات

والتقاليد الجاهلية ، طمأنينة النفس وتحريرها ومعرفتها والسيطرة عليها ، وأخيرا

أساليب العقيدة في بناء الإنسان أخلاقيا.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(11).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

* أسئلة الناس

وأجوبة الباقر عليه السلام.

تأليف : الشيخ أحمد القاضي الزاهدي الگلپايگاني.

استقصاء وجمع لما ورد عن الإمام الباقر ، محمد بن

علي بن الحسين عليهم السلام

(ت 114 ه) من مرويات وأخبار في شتى العلوم والمعارف ، والتي جاءت كردود وأجوبة

لاستفسارات وأسئلة وجهت إليه عليه السلام.

تم ترتيب الروايات في عشرة فصول لمواضيع : التوحيد

، العدل ، النبوة ، الإمامة ، المعاد ، القرآن ، الأخلاق الإسلامية ، العبادة والفرائض

، الطب والصحة والمتفرقات.

نشر : مؤسسة السيدة المعصومة عليها السلام - قم

/ 1418 ه.

* دراسات في

علم الأصول ، ج 1.

تأليف : الشيخ أسد الله بيات الزنجاني.

مجموعة محاضرات في علم الأصول ، ألقيت على طلاب

المرحلة العالية في

الحوزة العلمية - البحث الخارج - في مدينة قم.

تضمن هذا الجزء عدة أبحاث أصولية ، منها : في بيان

موضوعات العلوم ، تقسيم

العلوم إلى الحقيقية والاعتبارية ، تعريف

ص: 465

علم الأصول ، الوضع وتعريفه وتقسيماته ، علائم

الحقيقة والمجاز ، تعارض الأحوال ،

البحث في ألفاظ المعاملات ... وغيرها.

صدر مؤخرا في قم.

*

فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام ، ج 1.

تأليف : السيد محمد حسين الحسيني الجلالي.

كتاب يشتمل على ذكر عناوين الكتب والآثار من

المطبوعات والمخطوطات التي تحتويها مكتبة المؤلف ، أو ما وقف عليه بنفسه ، مرتبة

هجائيا ، مع ترجمة لأصحاب

الآثار حسب تواريخ وفياتهم.

تضمن هذا الجزء المقدمة التي اشتملت على التعريف

بكتب الفهارس والأثبات ، وخزائن الكتب القديمة والمكتبات العامة الحديثة ،

والفهارس العامة للمخطوطات.

كذلك ذكر آثار القرن الأول الهجري من الخطب

والأدعية والأشعار والعهود ،

المأثورة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل

بيته الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

نشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت / 1418 ه.

* * *

ص: 466

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.