تراثنا المجلد 52

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1418 ه.ق

الصفحات: 262

ص: 1

محتويات العدد

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (10).

..................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني 7

*دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الاسلامية (1).

.................................................... السيّد ثامر هاشم العميدي 36

*إتمام النعمة بتصحيح حديث : عليٌّ باب دار الحكمة

...................................... السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي 44

*فهرس مخطوطات مكتبة القائيني (3).

......................................... الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي 105

ص: 2

*مصطلحات نحوية (9).

..................................................... السيّد علي حسن مطر 144

*من ذخائر التراث :

*تنزيه القمّيّين - للشريف أبي الحسن الفتوني العاملي.

............................ تحقيق : كاظم الشيخ محمّد تقي الجواهري 163

*من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 243

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة تنزيه القمّيّين للشريف أبي الحسن الفتوني العاملي (1017 - 1138 ه) المنشورة في هذا العدد ، ص 163 - 242.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (10)

السيد علي الحسيني الميلاني

الفصل الرابع

في الجواب عن المعارضة

وقد عقدنا هذا الفصل للتحقيق حول أحاديث يروونها في فضل أبي بكر ، أو الشيخين ، أو الصحابة قاطبة ، فحاول بعضهم أن يعارض بها الأحاديث الواردة في الآية المباركة (1) ونظائرها.

1 - حديث الاقتداء بالشيخين :

ذكر هذا الحديث في هذا المقام : الآلوسي في تفسيره روح المعاني.

وقد سبقه في الاستدلال به في مباحث الإمامة عدة من أعلام القوم : كالقاضي عضد الدين الإيجي في المواقف ، وشارحه الشريف الجرجاني في شرح المواقف ، والسعد التفتازاني في شرح المقاصد ، وابن تيمية في منهاج السنة ، وابن حجر المكي في الصواعق المحرقة ، وولي الله الدهلوي في

ص: 7


1- سورة الرعد 13 : 7.

قرة العينين في تفضيل الشيخين ، وابنه عبد العزيز صاحب التحفة الاثنا

عشرية ، وغيرهم.

كما تجد الاستدلال به في مسألة انعقاد الإجماع بأبي بكر وعمر ، في كثير من كتب علم أصول الفقه ، نذكر منها : المختصر لابن الحاجب وشرحه ، والمنهاج للبيضاوي وشروحه ، ومسلم الثبوت للقاضي البهاري وشرحه ...

هذا ، وقد ظهر لنا - لدى التحقيق - أن الشهاب الآلوسي إنما ينتحل في هذه المباحث مطالب عبد العزيز الدهلوي في كتاب التحفة الاثنا

عشرية (1) ، الذي اختصر ترجمته محمود شكري الآلوسي ، ونشره بعنوان مختصر التحفة الاثني عشرية.

التحقيق في أسانيده :

وعلى كل حال ، فقد اقتضى استدلال بعضهم بهذا الحديث في هذا المقام لغرض المعارضة ، أن نتكلم حوله ببعض التفصيل ، ليتبين حاله فلا يعارض به شئ من أدلة أصحابنا في مختلف المجالات ، فنقول :

هذا الحديث مما أعرض عنه البخاري ومسلم ، ولم يخرجه من أرباب السنن سوى الترمذي وابن ماجة ، وأخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك ، ولم يرووه إلا عن حذيفة وابن مسعود.

* فرووه عن حذيفة بن اليمان لكن بأسانيد ينتهي جلها إلى : «عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة» (2).كر

ص: 8


1- كما ظهر لدى التحقيق أن كتاب «التحفة» منتحل من كتاب «الصواقع الموبقة» لنصر الله الكابلي.
2- مسند أحمد بن حنبل 5 / 382 و 385 ، صحيح الترمذي ، باب مناقب أبي بكر

* و «عبد الملك بن عمير» رجل مدلس ، ضعيف جدا ، كثير الغلط ، مضطرب الحديث جدا ، كما في كتب الرجال :

فقد قال أحمد : «مضطرب الحديث جدا مع قلة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث وقد غلط في كثير منها».

وقال إسحاق بن منصور : «ضعفه أحمد جدا» وعن أحمد أيضا : «ضعيف يغلط».

وقال ابن معين : «مخلط».

وقال أبو حاتم : «ليس بحافظ ، تغير حفظه» وقال : «لم يوصف بالحفظ».

وقال ابن خراش : «كان شعبة لا يرضاه».

وقال الذهبي : «وأما ابن الجوزي ، فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق».

وقال السمعاني وابن حجر : «كان مدلسا» (1).

ومن مساوئ هذا الرجل : أنه ذبح رسول الإمام الحسين السبط الشهيد عليه السلام إلى أهل الكوفة ، فإنه لما رمي بأمر من ابن زياد من فوق القصر وبقي به رمق ، أتاه عبد الملك بن عمير فذبحه ، فلما عيب عليه ذلك قال : إنما أردت أن أريحه (2).

* ثم إن «عبد الملك بن عمير» لم يسمع الحديث من «ربعي بن 5.

ص: 9


1- الأنساب «القبطي» ، تهذيب التهذيب 6 / 411 ، ميزان الاعتدال 2 / 660 ، تقريبالتهذيب 6 / 521 ، المغني في الضعفاء2 / 407.
2- تلخيص الشافي 3 / 53 ، روضة الواعظين : 177 ، مقتل الحسين : 185.

حراش» و «ربعي» لم يسمع من «حذيفة بن اليمان». ذكر ذلك المناوي حيث قال : «قال ابن حجر : اختلف فيه على عبد الملك ، وأعله أبو حاتم ، وقال البزار كابن حزم : لا يصح ، لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمع من حذيفة» (1).

* ثم قال المناوي «لكن له شاهد».

قلت :

إن أريد حديث ابن مسعود ، كما هو صريح الحاكم والمناوي ، فستعرف ما فيه. وإن أريد حديث حذيفة بسند آخر عن ربعي ، فهو ما رواه الترمذي عن «سالم بن العلاء المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ..» (2).

قلت :

مداره على «سالم بن العلاء المرادي» وقد ضعفه ابن معين والنسائي وابن الجارود وابن حزم والذهبي وابن حجر وغيرهم (3).

* وعن عبد الله بن مسعود عند الترمذي والحاكم ، وهو بسند واحد ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله بن مسعود (4). 5.

ص: 10


1- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 2 / 56.
2- صحيح الترمذي ، باب مناقب أبي بكر وعمر.
3- ميزان الاعتدال 2 / 112 ، الكاشف 1 / 344 ، تهذيب التهذيب 3 / 440 ، لسانالميزان 3 / 7.
4- صحيح الترمذي 5 / 630 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 75.

وإبراهيم ، وأبوه ، وجده ، مقدوحون مجروحون جدا :

* أما «إبراهيم» :

فقد قال الذهبي : «لينه أبو زرعة ، وتركه أبو حاتم» (1).

وحكى ابن حجر ذلك عن ابن أبي حاتم وأقره (2).

وقال العقيلي : «عن مطين : كان ابن نمير لا يرضاه ويضعفه ، وقال : روى أحاديث مناكير» ، قال العقيلي : «ولم يكن إبراهيم هذا بقيم الحديث» (3).

* وأما «إسماعيل».

فقد قال الدارقطني والأزدي وغيرهما : «متروك» (4).

* وأما «يحيى بن سلمة» فقد كان أسوأ حالا منهما :

فقد قال الترمذي : «يضعف في الحديث» (5).

وقال المقدسي : «ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، وقال البخاري : في حديثه مناكير ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الترمذي : ضعيف» (6).

وقال الذهبي : «ضعيف» (7).

وقال ابن حجر : «ذكره ابن حبان أيضا في الضعفاء فقال : منكر 1.

ص: 11


1- ميزان الاعتدال 1 / 20 ، المغني في الضعفاء1 / 10.
2- تهذيب التهذيب 1 / 106.
3- تهذيب التهذيب 1 / 106.
4- ميزان الاعتدال 1 / 254 ، المغني في الضعفاء1 / 89 ، تهذيب التهذيب 1 / 336.
5- صحيح الترمذي 5 / 630.
6- الكمال في أسماء الرجال - مخطوط.
7- الكاشف 3 / 251.

الحديث جدا ، لا يحتج به ، وقال النسائي في الكنى : متروك الحديث ، وقال ابن نمير : ليس ممن يكتب حديثه ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال مرة : ضعيف ، وقال العجلي : ضعيف» (1).

أقول :

هذه عمدة أسانيد هذا الحديث.

وقد روي في بعض الكتب عن غير حذيفة وابن مسعود ، مع التنصيص على ضعفه وسقوطه ، فرواه الهيثمي عن الطبراني ، عن أبي الدرداء ، فقال : «وفيه من لم أعرفهم» (2).

ورواه الذهبي عن عبد الله بن عمر ونص على سقوطه بما لا حاجة إلى نقله ، فراجع (3).

كلمات الأئمة في بطلانه :

ولهذا ... فقد نص كبار الأئمة الأعلام على سقوط هذا الحديث :

فقد أعله أبو حاتم الرازي ، المتوفى سنة 277 ، كما ذكر المناوي (4) ، وأبو حاتم إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث ، وهو من أقران البخاري ومسلم .. كما ذكروا بترجمته.

وقال الترمذي - بعد أن أخرجه من حديث ابن مسعود - : «هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلا من حديث 6.

ص: 12


1- تهذيب التهذيب 11 / 225.
2- مجمع الزوائد 9 / 53.
3- ميزان الاعتدال 1 / 105 وص 142 ،3 / 610.
4- فيض القدير 2 / 56.

يحيى بن سلمة بن كهيل ، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث» (1).

وقال الإمام الحافظ الكبير أبو بكر البزار ، المتوفى سنة 279 : «لا يصح» ، كما ذكر المناوي (2).

وقال أبو جعفر العقيلي ، المتوفى سنة 322 ، وهو الإمام الكبير في الجرح والتعديل : «حديث منكر لا أصل له من حديث مالك» (3).

وقال الحافظ الشهير ابن حزم الأندلسي ، المتوفى سنة 475 : «أما الرواية : اقتدوا باللذين من بعدي ... فحديث لا يصح ..» (4).

وقال أيضا : «ولو أننا نستجيز التدليس ... لاحتججنا بما روي : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. ولكنه لم يصح ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح» (5).

وقال الإمام العلامة قاضي القضاة برهان الدين العبري الفرغاني ، المتوفى سنة 743 : «إن الحديث موضوع» (6).

وقال الحافظ الذهبي ، المتوفى سنة 748 ، ببطلانه وسقوطه في مواضع من كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، كما أنه تعقب الحاكم في تصحيحه وقال : «قلت : سنده واه جدا» (7).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة 852 ، في لسان 5.

ص: 13


1- صحيح الترمذي 5 / 630.
2- فيض القدير 2 / 56.
3- الضعفاء الكبير 4 / 95.
4- الإحكام في أصول الأحكام - المجلد 2 - 6 / 242 - 243.
5- الفصل في الملل والنحل 4 / 88.
6- شرح المنهاج - مخطوط.
7- تلخيص المستدرك 3 / 75.

الميزان بما قاله الذهبي في ميزان الاعتدال في هذا الحديث (1).

هذا ، وقد عرفت تضعيف الحافظ الهيثمي الحديث برواية الطبراني ، وأن العلامة المناوي ضعفه في فيض القدير.

وأورده ابن درويش الحوت ، المتوفى سنة 1276 في كتاب أسنى المطالب فذكر أن : أبا حاتم أعله ، وقال البزار - كابن حزم - : لا يصح ... ، وقال الهيثمي : سندها واه (2).

أقول :

ولنكتف بهذا المقدار للدلالة على سقوط هذا الحديث الذي وضعوه في فضل الشيخين ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى رسالتنا فيه (3) ... وبالله التوفيق.

2 - حديث الاقتداء بالصحابة :

وهو المعروف بحديث : «أصحابي كالنجوم ...».

وقد ذكره في هذا المقام للمعارضة : ابن تيمية ، وابن روزبهان ، كلاهما في الرد على استدلال العلامة الحلي بحديثنا في كتابيه منهاج الكرامة ونهج الحق ، وقد تقدم كلامهما (4). 51

ص: 14


1- لسان الميزان 1 / 188 وص 272 ،5 / 237.
2- أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب : 48.
3- الرسالة الثانية من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، المطبوع سنة 1418 ه ، والمنشورة في مجلة «تراثنا» العدد 20 لسنة 1410 ه ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة رقم 2.
4- في الصفحات 70 - 74 من المقال السابق المنشور في «تراثنا» العددان 50 - 51

كما أن الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية عارض به حديث «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي» في مباحث الإمامة في تعليقته على كتابه المذكور (1).

وقد ذكر الأصوليون حديث النجوم في مباحث سنة الصحابي ، ومباحث الإجماع ، من كتبهم في أصول الفقه ، في مقابلة حديث : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وحديث : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (2).

التحقيق في أسانيده :

والحقيقة : إن كل تلك الأحاديث ساقطة ، سندا.

أما الحديث : اقتدوا باللذين ... فقد عرفت حاله.

وأما الحديث : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... فراجع رسالتنا فيه (3).

والكلام الآن في حديث : أصحابي كالنجوم ...

وهو حديث غير مخرج في شئ من الصحاح والسنن والمسانيد 6.

ص: 15


1- كذا في عبقات الأنوار 4 / 519 ، طبعة إيران.
2- شرح المختصر - لابن الحاجب - 2 / 36 ، الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 367 ، التقرير والتحبير في شرح التحرير 3 / 243 ، فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت 2 / 241 ، وغيرها.
3- وهي الرسالة الثالثة من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، والمنشورة في نشرة «تراثنا» العدد 26 لسنة 1412 ه ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة برقم 6.

المشهورة ... وإنما رواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء ، والدارقطني في غرائب مالك ، والقضاعي في مسند الشهاب ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ، والبيهقي في المدخل ...

وإليك كلام الحافظ ابن حجر في هذا الحديث :

«حديث : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.

الدارقطني في المؤتلف من رواية سلام بن سليم ، عن الحارث بن غصين ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، مرفوعا.

وسلام ضعيف.

وأخرجه في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد ، عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر - في أثناء حديث - وفيه : فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم ، إنما مثل أصحابي مثل النجوم ، من أخذ بنجم منها اهتدى.

قال : لا يثبت عن مالك ، ورواته دون مالك مجهولون.

ورواه عبد بن حميد ، والدارقطني في الفضائل من حديث حمزة الجزري ، عن نافع ، عن ابن عمر.

وحمزة اتهموه بالوضع.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة.

وفيه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، وقد كذبوه.

ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسن ، عن الزبيري ، عن أنس.

وبشر كان متهما أيضا.

وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس.

ص: 16

وجويبر متروك.

ومن رواية جويبر عن جواب بن عبيد الله ، مرفوعا.

وهو مرسل.

قال البيهقي : هذا المتن مشهور ، وأسانيده كلها ضعيفة.

وروى في المدخل أيضا عن ابن عمر ...

وفي إسناده : عبد الرحيم بن زيد العمي ، وهو متروك» (1).

وقال المناوي في فيض القدير بشرحه :

«السجزي في الإبانة عن أصول الديانة ، وابن عساكر في التاريخ عن عمر بن الخطاب.

قال ابن الجوزي في العلل : هذا لا يصح.

وفي الميزان : هذا الحديث باطل.

وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث غريب ، سئل عنه البزار فقال : لا يصح هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم.

وقال الكمال ابن أبي شريف : كلام شيخنا - يعني ابن حجر - يقتضي أنه مضطرب.

وأقول : ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه ساكتا عليه ، والأمر بخلافه ، فإنه تعقبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري ، كان ضعيفا في الحديث ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء.

ورواه عن عمر أيضا البيهقي ، قال الذهبي : وإسناده واه» (2).6.

ص: 17


1- الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف - المطبوع مع الكشاف - 2 / 628.
2- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 76.

كلمات الأئمة في بطلانه :

ولما كانت طرق هذا الحديث كلها ساقطة ، فقد اتفق الأئمة على بطلانه ، ومنهم من نص على كونه موضوعا ، فبالإضافة إلى الأئمة الأعلام المنقولة آراؤهم فيه :

فقد نص أحمد بن حنبل على أنه حديث غير صحيح (1).

وقال ابن حزم الأندلسي : «هذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط» (2).

وقال ابن عبد البر بعد أن رواه ببعض الطرق : «هذا إسناد لا يصح» (3).

وقال أبو حيان : «حديث موضوع ، لا يصح بوجه عن رسول الله» (4).

وقال ابن قيم الجوزية - بعد أن رواه بطرق - : «لا يثبت شئ منها» (5).

وقال ابن الهمام الحنفي : «حديث لم يعرف» (6).

ونص الشهاب الخفاجي والقاضي البهاري على ضعفه (7).

وقال الشوكاني : «فيه مقال معروف» (8).

وأورده الألباني المعاصر في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (9). 8.

ص: 18


1- التقرير والتحبير في شرح التحرير ، وكذلك التيسير في شرح التحرير 3 / 243.
2- ذكره أبو حيان في البحر المحيط 5 / 528 عن رسالة ابن حزم في إبطال القياس.
3- جامع بيان العلم 2 / 90.
4- البحر المحيط 5 / 527 - 528.
5- أعلام الموقعين 2 / 223.
6- التحرير في أصول الفقه - لابن الهمام ، بشرح أمير بادشاه - 3 / 243.
7- نسيم الرياض 4 / 423 - 424 ، مسلم الثبوت - بشرح الأنصاري - 2 / 241.
8- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : 83.
9- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 / 78.

ومن أراد المزيد فليرجع إلى رسالتنا فيه (1).

3 - لا أوتين بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري :

وكما وضعوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديث : «اقتدوا باللذين من بعدي ...» وحديث : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» وحديث : «أصحابي كالنجوم ...» وأمثالها ، فقد وضعوا على الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أشياء في حق الأصحاب وفي خصوص الشيخين ، منها هذا الكلام الذي استند إليه ابن تيمية في غير موضع من منهاج السنة من غير سند ولا نقل عن كتاب معتبر عندهم ، وإنما قال : «فروي عنه أنه قال : لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري» (2).

«وعنه أنه كان يقول : لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري» (3).

وقد أضاف هذه المرة : «كان يقول» الظاهر في تكرر هذا القول من الإمام عليه السلام واستمراره عليه.

التحقيق في سنده ومدلوله :

ولكننا لم نسمع أنه جلد أحدا لتفضيله عليهما بالرغم من وجود 8.

ص: 19


1- الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، الرسالة الأولى.
2- منهاج السنة 1 / 308.
3- منهاج السنة 6 / 138.

كثير من الصحابة والتابعين كانوا يجاهرون بذلك ، حتى اعترف به غير واحد من أئمة القوم ، ففي الإستيعاب :

«وروي عن سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم : أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أول من أسلم ، وفضله هؤلاء على غيره» (1).

وفي الفصل :

«اختلف المسلمون في من هو أفضل الناس بعد الأنبياء ، فذهب بعض أهل السنة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة : إلى أن أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

وقد روينا هذا القول نصا عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - وعن جماعة من التابعين والفقهاء».

قال : «وروينا عن نحو عشرين من الصحابة : أن أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام» (2).

وقال الذهبي :

«ليس تفضيل علي برفض ولا هو ببدعة ، بل قد ذهب إليه خلق من الصحابة والتابعين» (3).

هذا ، وقد جاء في هامش منهاج السنة ما نصه : «وجاء الأثر - مع 7.

ص: 20


1- الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1090.
2- الفصل في الملل والنحل 4 / 181.
3- سير أعلام النبلاء 16 / 457.

اختلاف في اللفظ - في فضائل الصحابة 1 / 83 رقم 49 ، وضعف المحقق إسناده» (1).

أقول :

وهذا نص ما جاء في الكتاب المذكور :

«حدثنا عبد الله ، قال : حدثني هدية بن عبد الوهاب ، قال : ثنا أحمد ابن إدريس ، قال : ثنا محمد بن طلحة ، عن أبي عبيدة بن الحكم ، عن الحكم بن جحل ، قال : سمعت عليا يقول : لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري» (2).

وهو من زيادات عبد الله بن أحمد.

قال محققه في الهامش «إسناده ضعيف لأجل أبي عبيدة بن الحكم».

قال : «ومحمد بن طلحة لم يتبين لي من هو؟ ...».

قلت :

وما ذكرناه حول سنده ومعناه كاف في سقوطه ، وأنه موضوع قطعا.

* * * 9.

ص: 21


1- منهاج السنة 6 / 138.
2- فضائل الصحابة 1 / 83 رقم 49.

قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم) (1).

قال السيد رحمه الله :

«أليسوا من الذين أنعم الله عليهم ، وأشار في السبع المثاني والقرآن العظيم إليهم فقال : (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم)؟!».

فقال في الهامش :

«أخرج الثعلبي في تفسير الفاتحة من تفسيره الكبير ، عن أبي بريدة : إن الصراط المستقيم هو صراط محمد وآله.

وعن تفسير وكيع بن الجراح ، عن سفيان الثوري ، عن السدي ، عن أسباط ومجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : (اهدنا الصراط المستقيم) قال : قولوا : أرشدنا إلى حب محمد وأهل بيته».

أقول :

وأخرج الحافظ الحاكم الحسكاني كلا الخبرين بإسناده ، حيث قال : «أخبرنا الحاكم الوالد أبو محمد عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ ببغداد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني حامد بن سهل ، قال : حدثني عبد الله بن محمد العجلي ، قال : 7.

ص: 22


1- سورة الفاتحة 1 : 6 و 7.

حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا أبو جابر ، عن مسلم بن حيان :

عن أبي بريدة ، في قول الله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم)

قال : صراط محمد وآله.

أخبرنا عقيل بن الحسين النسوي ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن فيدة الفسوي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن عبيد ببغداد ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن السدي ، عن أسباط ومجاهد :

عن ابن عباس ، في قول الله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم)

قال : يقول : قولوا معاشر العباد : أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته» (1).

وكذلك رواه غير واحد من أصحابنا ، قال الحافظ ابن شهرآشوب السروي ، المتوفى سنة 588 : «ومن تفسير وكيع بن الجراح ، عن سفيان الثوري ، عن السدي ، عن أسباط ومجاهد ، عن عبد الله بن عباس ، في قوله : (اهدنا الصراط المستقيم) قال : قولوا معاشر العباد : أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته.

تفسير الثعلبي ، وكتاب ابن شاهين : عن رجاله ، عن مسلم بن حيان ، عن بريدة ، في قول الله (اهدنا الصراط المستقيم) قال : صراط محمد وآله» (2).

وهذا تفسير أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام (3). 6.

ص: 23


1- شواهد التنزيل إلى قواعد التفضيل 1 / 74 - 75.
2- مناقب آل أبي طالب 3 / 73 ، ط إيران ، وفيه : «عن بريدة» والظاهر أنه الصحيح.
3- وهو في شواهد التنزيل 1 / 76.

وإلى هنا ، فالتفسير عن أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، وابن عباس وبريدة بن الحصيب.

وروى الحافظ الحسكاني عن عدة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن عليا هو «الصراط المستقيم» ، ومن ذلك ما رواه بسنده عن الحافظ ابن أبي حاتم ، قال : «حدثنا هارون بن إسحاق ، قال : حدثني عبدة بن سليمان ، قال : حدثنا كامل بن العلاء ، قال : حدثنا حبيب ابن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير :

عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب : أنت الطريق الواضح ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت يعسوب المؤمنين» (1).

هذا ، ولا يخفى أن «عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي» من كبار أئمة القوم في الحديث والتفسير والرجال ، قال الذهبي : «قال أبو يعلى الخليلي : أخذ أبو محمد علم أبيه وأبي زرعة ، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال ، صنف في الفقه ، وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار ، قال : وكان زاهدا ، يعد من الأبدال».

وذكر الذهبي عن أبي الحسن الرازي الخطيب : «سمعت عباس بن أحمد يقول : بلغني أن أبا حاتم قال : ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن! لا أعرف لعبد الرحمن ذنبا».

وقال الذهبي - في ذكر كتبه - : «وله تفسير كبير ، في عدة مجلدات ، عامته آثار بأسانيده ، من أحسن التفاسير» (2). 5.

ص: 24


1- شواهد التنزيل 1 / 75 - 76.
2- سير أعلام النبلاء 13 / 264 و 265.

قلت :

وقد أثنى ابن تيمية على تفسير ابن أبي حاتم ، حيث ذكره في عداد التفاسير المعتبرة المقبولة فقال :

«أهل العلم الكبار أهل التفسير ، مثل الطبري ، وبقي بن مخلد ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأمثالهم ، لم يذكروا الموضوعات».

وقال عن الطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر وجماعة : «الذين لهم في الإسلام لسان صدق ، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير» (1).

وروى الحافظ الحسكاني بأسانيد فيها جمع من الأئمة الأعلام - كعبد الرزاق بن همام ، والثوري ، والمطين ، والحاكم النيسابوري - عن حذيفة بن اليمان ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : «وإن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم».

وقال الحاكم الحسكاني الحافظ :

«حدثني أبو عثمان الزعفراني ، قال : أخبرنا أبو عمرو السناني ، قال : أخبرنا أبو الحسن المخلدي ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم :

عن أبيه ، في قول الله تعالى : (صراط الذين أنعمت عليهم) قال : النبي ومن معه ، وعلي بن أبي طالب وشيعته» (2).

وهذا صحيح على أصولهم : 5.

ص: 25


1- منهاج السنة 7 / 13 وص 178 - 179.
2- شواهد التنزيل 1 / 85.

فأما «أبو عثمان الزعفراني» فهو : سعيد بن محمد بن أحمد البحيري ، ذكره الحافظ السمعاني - بعد أن ترجم لأبيه وجده - فقال : «كان شيخا ، جليلا ، ثقة ، صدوقا ، من بيت التزكية ، رحل إلى العراق والحجاز ، وأدرك الأسانيد العالية ، وعمر العمر الطويل ، حتى حدث بالكثير وأملى. سمع بنيسابور أبا عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري ... ووفاته في ربيع الآخر سنة 451» (1).

وترجم له أبو الحسن عبد الغافر النيسابوري فقال : «أبو عثمان البحيري ، سعيد بن محمد ... شيخ كبير ثقة ، من بيت التزكية والعدالة ، وقد ذكر الحاكم بيته وأسلافه في التاريخ. وهذا أبو عثمان من وجوه أهل البيت ، من جملة المتصوفة ، سمع الكثير بخراسان والعراق ...

قال أبو الحسن : ولدت بعد وفاته بخمسة أيام ، ليلة الثامن من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين» (2).

وأما «أبو عمرو السناني» فقد ترجم له الحافظ السمعاني كذلك ، حيث قال :

«أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري ، من الثقات الأثبات ، سمع أبا يعلى الموصلي والحسن بن سفيان والبغوي والباغندي ، وغيرهم. روى عنه : الحاكم أبو عبد الله الحافظ ، وأبو نعيم الأصبهاني. وآخر من روى عنه : أبو سعد الكنجرودي ، توفي في سنة 380» (3). ».

ص: 26


1- الأنساب 1 / 290 «البحيري».
2- المنتخب من السياق في تاريخ نيسابور : 729.
3- الأنساب 2 / 298 «الحيري».

وقال الذهبي بترجمته : «الإمام المحدث الثقة ، النحوي البارع ، الزاهد العابد ، مسند خراسان : أبو عمرو محمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري ... ومناقبه جمة. رحمه الله»

ثم ذكر مشايخه والرواة عنه ، وطرفا من ترجمة الحاكم له ، وتنصيصه على أن سماعاته صحيحة ... ثم قال الذهبي : «وقال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي : كان يتشيع. قلت : تشيعه خفيف كالحاكم. وقع لي جملة من عواليه ، وخرجت من طريقه كثيرا» (1).

وأما «أبو الحسن المخلدي» فهو : محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد الهروي المخلدي النيسابوري ، ذكره الحافظ السمعاني فقال : «يروي عن أبي طاهر ابن السراج ، وأبي الربيع ابن أخي رشدين ، وأحمد بن سعيد الهمذاني ، وطبقتهم. روى عنه : أبو عمرو الحيري ، وأبو بكر بن علي ، وأبو حفص ابن حمدان ، وغيرهم» (2).

وأما «يونس بن عبد الأعلى» فمن رجال مسلم والنسائي وابن ماجة. وممن حدث عنه من الأعلام : أبو حاتم ، وأبو زرعة ، وابن خزيمة ، وأبو عوانة ، والطحاوي ...

وصفه الذهبي ب : «الإمام ، شيخ الإسلام» وقال : «كان كبير المعدلين والعلماء في زمانه بمصر» فنقل ثقته عن النسائي وأبي حاتم وغيرهما. وقال : «بين مشايخنا وبينه خمسة أنفس ولقد كان قرة عين ، مقدما في العلم والخير والثقة» (3).8.

ص: 27


1- سير أعلام النبلاء 16 / 356 - 358 ، وأرخ وفاته نقلا عن الحاكم بسنة 376.
2- الأنساب 5 / 227 «المخلدي».
3- سير أعلام النبلاء 12 / 348.

وقال الحافظ : «ثقة» (1).

وأما «ابن وهب» فهو : عبد الله بن وهب ، من رجال الصحاح الستة ، وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : «صدوق ، صالح الحديث» ، وأطنب الذهبي في ترجمته من السير (2).

وأما «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم» فهو - وإن ضعفه بعضهم - من رجال كتابي الترمذي وابن ماجة ، وهما من الصحاح الستة.

وأما «زيد بن أسلم» فهو من رجال الصحاح الستة ، وقال الذهبي : «لزيد تفسير ، رواه عنه ابنه عبد الرحمن ، وكان من العلماء العاملين. أرخ ابنه وفاته في ذي الحجة سنة 136» (3).

تنبيه :

إنه يكفي دليلا على صحة هذه الأحاديث وتمامية استدلال السيد بها سكوت بعض المفترين على ذلك ، وعليه فلا مناص له من الإقرار بالضلال ، والعودة إلى طريق النبي والآل ، والله الهادي في المبدأ والمآل.

* * * 6.

ص: 28


1- تقريب التهذيب 2 / 385.
2- سير أعلام النبلاء 9 / 223 - 234.
3- سير أعلام النبلاء 5 / 316.

قوله تعالى : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين

أنعم الله عليهم ...) (1).

قال السيد رحمه الله :

«وقال : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)».

فقال في الهامش :

«أئمة أهل البيت من سادات الصديقين والشهداء والصالحين بلا كلام».

فقيل :

«لا نزاع في أن أئمة أهل البيت من الذين أنعم الله عليهم ، ولا في أنهم من سادات الصديقين والشهداء والصالحين ، فقد يكون الإنسان متصفا بكل هذه الصفات وليس من أهل الولاية العامة.

والذين أنعم الله عليهم ليسوا أهل البيت فقط ، بل كل من أطاع الله ورسوله ، والله تعالى يقول : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا).9.

ص: 29


1- سورة النساء 4 : 69.

أما قول المؤلف : أئمة أهل البيت من سادات الصديقين والشهداء والصالحين بلا كلام ، فنحن - أعني أهل السنة - مع احترامنا وحبنا لآل البيت وتنزيلنا لهم منزلتهم ، نعتبر الكلام العاري عن الدليل دعوى تحتاج إلى إثبات.

ولعله يريد أن يقابل ما استقر في عقول وقلوب الكافة من كون الصديق هو أبو بكر - رضي الله عنه - فأردف هذه الجملة بالعبارة السوقية (بلا كلام) ، فهل هذا منطق علماء أو منطق أدعياء؟!».

أقول :

هنا نقاط :

1 - إنه لم يدع السيد رحمه الله لأهل البيت عليهم السلام منزلة هي فوق ما هم عليه ، وإنما قال : «أئمة أهل البيت من سادات الصديقين ...» مع أن اعتقادنا هو أنهم هم «سادات الصديقين ...» وليس غيرهم على الإطلاق ، وقد جاء كلامه مسايرة ومجاراة للقوم ، ولكن النواصب لا يعترفون لهم عليهم السلام حتى بهذا القدر ...!!

2 - ولعل مسايرة السيد رحمه الله كانت بالنظر إلى ما جاء في روايات القوم بتفسير الآية المباركة ، كالخبر الذي رواه الحافظ الحاكم الحسكاني بإسناده عن أبي مسلم الكجي (1) ، عن القعنبي (2) ، عن مالك (3) ، 9.

ص: 30


1- إبراهيم بن عبد الله ، الشيخ الإمام الحافظ المعمر ، شيخ العصر ، المتوفى سنة 292.
2- عبد الله بن مسلمة ، الإمام الثبت القدوة ، شيخ الإسلام ، المتوفى سنة 221.
3- مالك بن أنس ، صاحب المذهب ، المتوفى سنة 179.

عن سمي (1) ، عن أبي صالح (2) ، عن عبد الله بن عباس :

«في قوله تعالى : (ومن يطع الله) يعني في فرائضه (والرسول) في سننه ، (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) يعني محمدا (والصديقين) يعني علي بن أبي طالب - وكان أول من صدق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - (والشهداء) يعني علي بن أبي طالب وجعفرا

الطيار وحمزة بن عبد المطلب والحسن والحسين ، هؤلاء سادات الشهداء (والصالحين) يعني سلمان وأبا ذر وصهيبا وبلالا وخبابا وعمارا ...» (3).

إلا أن من الواضح عدم منافاة هذا الخبر وأمثاله لكون «أئمة أهل البيت» هم «سادات الصديقين ...» ، لأن الجماعة المذكورين فيه هم من شيعة أئمة أهل البيت عليهم السلام ، كما هو معلوم ومعروف.

3 - قد ذكر المفسرون أن (الذين أنعم الله) هم الأقسام الأربعة أنفسهم ، فتكون (من) بيانية (4) ، فالذين أنعم الله - كما في الروايات المفسرة للآية - هم : رسول الله ، وعلي ، والحسنان عليهم الصلاة والسلام ، ومن ذكر فيها من شيعتهم الأبرار ... وكل (من يطع الله ورسوله) في الفرائض والسنن فيكون من شيعتهم وفي رفقتهم (وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) (5).

4 - وعلي وسائر أئمة أهل البيت عليهم السلام أصحاب الولاية 0.

ص: 31


1- مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، من رجال الستة. تقريب التهذيب 1 / 333.
2- ميزان البصري ، مقبول. تقريب التهذيب 2 / 291.
3- شواهد التنزيل 1 / 196.
4- لاحظ منها : تفسير البيضاوي : 117 ، وتفسير الآلوسي 5 / 75.
5- سورة النساء 4 : 69 - 70.

العامة ، لأن الله جعل عاقبة (من يطع الله ورسوله) أن يكون معهم ، فالكون معهم هو رمز الهداية والفلاح ، والفوز والنجاح. فهذا وجه لدلالة الآية على الولاية العامة لأئمة أهل البيت.

ووجه آخر ، هو : أن هذه الآية تفسير لقوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم) كما نص عليه القرطبي (1) ، وقد تقدم دلالة تلك الآية على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

ووجه ثالث ، هو : إن الله تعالى لما ذكر مراتب أوليائه في كتابه بدأ بالأعلى منهم وهم النبيون ، ثم ثنى بالصديقين ، ثم ذكر الشهداء ، فالصالحين ، وهذه الصفات الثلاثة مجتمعة في أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، ولا ريب في أن من اجتمعت فيه تلك الصفات مقدم على الذين وجدت فيهم وتفرقت بينهم.

بل قال بعضهم : إن المراد في هذه الآية هو الشخص الواحد الموصوف بها (2) ، وليس إلا أمير المؤمنين ، فهو المتعين للخلافة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

5 - ولعل ما تقدم هو المقصود من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري» (3). ة.

ص: 32


1- تفسير القرطبي 5 / 271.
2- تفسير الرازي 10 / 171.
3- أخرجه الحاكم وصححه على شرطهما في المستدرك على الصحيحين 3 / 112 ، وهو بسند صحيح عند ابن ماجة في سننه 1 / 44 ، وفي الخصائص - للنسائي - : 46 ، وله مصادر كثيرة.

وقال ابن تيمية في معنى «الصديق» : «قد يراد به الكامل في الصدق ، وقد يراد به الكامل في التصديق» (1).

قلت :

وسواء كان المراد هذا أو ذاك فليس إلا أمير المؤمنين عليه السلام.

ولولا أن أبا ذر الغفاري - رضي الله عنه - من شيعته لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه : «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر» (2) ، ولما حسده عمر بن الخطاب على ذلك (3).

6 - ومع ذلك كله ، فلم يسم الجمهور ب «الصديق» عليا ولا أبا ذر!! وجعلوه لقبا لأبي بكر ، مع اعترافهم بعدم ورود ذلك عن رسول الله فيه بسند معتبر ، فخالفوه صلى الله عليه وآله وسلم مرتين!!

ثم حاول بعضهم توجيه ذلك بأنه لكون أبي بكر أول من آمن وصدق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا أول الكلام ، فقد ثبت وتحقق في محله أن أول من أسلم وصدق هو : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وأما أبو بكر فقد جاء في الرواية الصحيحة عن محمد بن سعد بن أبي وقاص : «قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أولكم إسلاما؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين» (4). 6.

ص: 33


1- منهاج السنة 4 / 266.
2- سنن الترمذي 5 / 628 ، مسند أحمد 1 / 163 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 342 وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي ، سنن ابن ماجة 1 / 55.
3- سنن الترمذي 5 / 628.
4- تاريخ الطبري 2 / 316.

7 - والكلام في أن الذين يسمون أنفسهم «أهل السنة» يحبون ويحترمون آل البيت عليهم السلام طويل ، وليس هذا موضعه ، غير أنا نقول

لصاحب هذا الكلام :

أولا : إن حب النبي والآل يقتضي الإطاعة والاتباع ، قال الله تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (1).

وثانيا : كيف يمكن الجمع بين حب أهل البيت واحترامهم ، وبين حب واحترام من ظلمهم بشتى أنواع الظلم؟!

وثالثا : هل من الحب والاحترام قول بعضهم في استشهاد الإمام السبط عليه السلام : «إن الحسين قتل بسيف جده» (2)؟!

وهل من الحب والاحترام قول بعضهم في الإمام الصادق عليه السلام : «في نفسي منه شئ» (3)؟!

وكذا قول بعضهم نحو ذلك في غيره من أئمة أهل البيت!!

وهل من الحب والاحترام ما تفوه به ابن تيمية في أمير المؤمنين وأهل البيت أجمعين ، مما لا يطاق نقله؟!

أترى أن كتابه هو منهاج السنة كما سماه أو لا؟!!

الحقيقة : إن «السنة» التي عليها هؤلاء القوم هي السنة الأموية لا السنة المحمدية! ن.

ص: 34


1- سورة آل عمران 3 / 31.
2- أنظر : فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1 / 205 حيث أورد هذا الكلام عن ابن العربي المالكي ، والضوء اللامع 4 / 147 بترجمة ابن خلدون ، حيث أورد هذا الكلام عنه بترجمته.
3- الكاشف - للذهبي - 1 / 186 عن القطان.

وهذا حال كل من ينكر مناقب أهل البيت ومقاماتهم ، ومنهم هذا المتقول على السيد ، والذي قال في بعض البحوث المتقدمة : «من أين الدليل على أن قول الباقر والصادق هنا صحيح»!!

8 - وأما ما في كلامه من سوء الأدب مع السيد ، فلا نقابله بالمثل ، ونوكل أمره إلى الله ، وهو الحكم العدل.

للبحث صلة ...

ص: 35

دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الاسلامية (1)

السيد ثامر هاشم العميدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا لا يحصى بعد ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين قادة أهل الحل والعقد ، وصحبه الأخيار المخلصين الموفين بالعهد ، ومن اتبعهم بإحسان إلى الأبد.

وبعد :

ليست الغاية من الحديث عن دور العظماء والعباقرة في تاريخ الثقافة الإسلامية ، اكتشاف نبوغهم ، أو بيان منزلتهم ، أو تثقيف العقول برصيدهم الفكري وعطائهم الثر ، فحسب.

ولا الهدف من إقامة المؤتمرات والندوات العلمية في ذكراهم موقوفا على إظهار ما لهم ، والتغني بآثارهم وأمجادهم وإن كان كل ذلك مقصودا ، بل الغاية أبعد ، والهدف أعمق من ذلك بكثير ، وتحقيقهما لا يكون إلا عن

ص: 36

طريق تحويل تلك الأدوار الزاخرة بالعلم والمعرفة إلى قوة جديدة وطاقة محركة للحياة ، مع تشخيص ما في ذلك العطاء القيم من نقاط انطلاق لم تبلها سعة المسافات الزمنية الفاصلة بيننا وبين عصور أولئك العباقرة العظام.

وليس هناك ذرة شك بأن على رأس العباقرة العظام الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (ت 148 ه) ، ذلك الإمام العظيم الفذ ، والعبقري الفرد ، عديم النظير في عصره شرفا وعلما وأدبا وأخلاقا وفضلا ونبلا وسموا.

فقد استطاع وبكل جدارة أن يعيد للإسلام قوته ، ويرسي قواعد الفكر الصحيح على أسسه ، فاضطلع عليه السلام بمهمة التغيير الكبرى على أوسع

نطاق ، خصوصا وقد شاهد خطورة الموقف الإسلامي إزاء تلوث المجتمع بالمفاهيم الدخيلة الوافدة إليه عن طريق الفلسفات الأجنبية التي تسللت رويدا إلى ساحته عبر القنوات الكثيرة التي شقتها فتوحات العصر الأموي (40 - 132 ه) وأوائل العصر العباسي (132 - 234 ه) ، وما نتج عن ذلك من نشوء التيارات الفكرية الخطيرة ، مع بروز حركة الزندقة بفعل تلك الرواسب الثقافية الدخيلة ، فضلا عن استشراء الفساد الخلقي في عاصمة الخلافة - دمشق ثم بغداد - على أثر تصدير الانحراف إلى شرائح المجتمع من قصور الخلفاء أنفسهم ، ويشهد على ذلك الكثير مما وصل إلينا من أدب البلاط في ذينك العصرين.

وقف الإمام الصادق عليه السلام كالطود الأشم بوجه تلك العواصف الكثيرة

التي كادت أن تعصف بالإسلام ، وجاهد جهادا علميا عظيما حتى استطاع بحكمته وعطائه وإخلاصه لله عز شأنه أن يصبغ الساحة الفكرية والثقافية

ص: 37

- التي تدنت بها القيم والأخلاق - بمعارف الإسلام العظيم ومفاهيمه الراقية ، وتمكن من تحويل تلك المفاهيم إلى غذاء روحي يومي ، فنقلها من الواقع النظري إلى حيز التطبيق الفعلي ابتداء بمدرسته العظيمة التي كانت تضم ما يزيد على أربعة آلاف رجل وكلهم من تلامذته ورواد مدرسته عليه السلام ، فكانوا مشاعل نور أضاءت لكل ذي عينين من أفراد الأمة ما أظلم عليه.

ونتيجة لهذا الجهاد العلمي المتواصل فقد اكتسب الواقع الثقافي الإسلامي بفضل مدرسته المباركة مناعة قوية ضد وباء الانحراف.

لقد استمرت مدرسة الإمام الصادق عليه السلام في أداء رسالتها ، يغذيها

الأئمة من ولده عليهم السلام من بعده بفيض من علم النبوة ونور الولاية ، ولم يخب ضوؤها بتعاقب الزمان وتجدد الملوان ، ويشهد لذلك : أنك واجد في كل عصر قطبا من أقطابها يشار له بالبنان ، وتشد إليه الرحال من كل فج عميق.

وما الشيخ الطوسي رحمه الله إلا واحد من أولئك الأقطاب الذين كان دورهم مميزا فيها على صعيد العلوم الإسلامية بأسرها. وهو كما يقول أحد أبرز علماء العصر واصفا جانبا من دوره العظيم :

«إن الشيخ الطوسي لم يكن وجوده ودوره على الخط العلمي تعبيرا عن مجرد إضافة عددية إلى العلماء الذين سبقوه ، وإنما كان منطلق رحلة جديدة من تطور الفكر الفقهي والأصولي في الإطار الشيعي. وبالرغم من أن طاقات علمية تدريجية - مهدت لهذا المنطلق - اندمجت فيه من قبيل العطاءات العلمية التي تعاقبت من ابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى قدس الله أرواحهم ، فإن نبوغ الشيخ الطوسي هو الذي استطاع أن يصب كل تلك الطاقات في بناء علمي واحد ، ويضيف إليها من عطائه وإبداعه ما هيأ للعلم أسباب الانتقال إلى مرحلة جديدة من

ص: 38

مراحل النمو والتطور» (1).

ومن هنا يعلم أن الإحاطة التامة بدور الشيخ الطوسي رحمه الله في العلوم الإسلامية غير ممكنة في بحث سريع كهذا ، لسعة تلك العلوم أولا ، وكثرة جهود الشيخ الطوسي رحمه الله المبذولة حولها ثانيا.

وكلنا نعلم أن الشيخ رضي الله عنه كان إماما من أئمة المفسرين لكتاب الله العزيز ، ومعنى هذا أن بيان دور الشيخ في هذا الحقل بنحو التفصيل لا يتم ما لم نعلم أن القرآن الكريم قد أثار جملة كثيرة من المسائل لم تزل مورد اختلاف المسلمين إلى اليوم ، فضلا عما أثاره من جوانب علمية أخرى انضوت تحت عنوان «علوم القرآن الكريم» ، والتي تعد من أهم الأدوات اللازم توفرها لمن يخوض لجج التفسير.

ترى فما هو دور الشيخ الطوسي رحمه الله في علاج ما بينه القرآن من تلك المسائل ، خصوصا وهو قد تعرض إلى تفسير القرآن الكريم آية بعد أخرى؟!

كما نعلم أيضا أن الشيخ من أساطين المحدثين ، والثابت أن العناية بالحديث الشريف وتنقيته مما لحق به على أيدي الوضاعين قد أفرزت جملة واسعة من العلوم المرتبطة به ارتباطا وثيقا بحيث يؤدي إهمالها إلى التخبط في فهم النص على وجهه ، إذ الباب موصدة أمام الوصول إلى غاياته ومعرفة مراميه ، وتشخيص أهدافه ، والوقوف على مقاصده. ولا يمكن أن يكون المحدث محدثا ما لم يلم بأطراف تلك العلوم ، خصوصا الشيخ قدس سره ، ر.

ص: 39


1- من رسالة السيد الخوئي قدس سره إلى المؤتمر الألفي الذي عقد في مشهد المقدسة سنة 1385 ه ، بمناسبة الذكرى الألفية لولادة الشيخ الطوسي قدس سره ، والرسالة مطبوعة في بداية الجزء الثاني من أعمال المؤتمر.

لاتباعه منهجا في الحديث لم يسلكه أحد قبله ، هذا فضلا عما في جمع الحديث ، وتدوينه ، وتبويبه ، وإفراد كل موضوع بعنوان ، وإعطاء كل مسألة فقهية أو أخلاقية أو عقائدية حقها لا يتأتى لكل أحد.

وهكذا الحال إذا رجعنا إلى العلوم الإسلامية الأخرى كالفقه ، والأصول ، والعقائد ، والفلسفة ، والكلام ، والأخلاق ، والتاريخ ، وغيرها.

وإذا أدركنا أن حاجة تلك العلوم إلى اللغة العربية أمر لا بد منه باعتبارها الأداة المعبرة عن ذلك ولا شئ سواها في مؤلفات الشيخ قاطبة ، اتضح لنا تضلع الشيخ بفروعها المتعددة كالنحو ، والصرف ، والبلاغة ، والأدب ، ونحوها.

وهذا يعني أن بيان دور الشيخ في العلوم الإسلامية تفصيلا يتطلب - زيادة على ما تقدم - بيان كيفية توظيفه للغة العربية وفروعها لخدمة أغراضه العلمية من جهة الاستدلال بها على صحة المطلوب.

وعليه ، فما ذكرناه من تعذر الإحاطة التامة بدور الشيخ الطوسي رحمه الله في جميع تلك الميادين لا يبرر الإعراض عنه تماما ، وما لا يدرك كله لا يترك جله ، ولهذا سوف نبدأ بتعريف موجز عن حياة الشيخ الطوسي ، ثم نعقب بلمحات في دوره الكبير في علوم الشريعة الإسلامية ، وربما قد نعرض بعض النكات العلمية في منهجه في تناول تلك العلوم حيثما تتطلب الحاجة إلى إبراز دوره فيها ، والله الموفق للصواب.

* * *

ص: 40

الشيخ الطوسي في سطور :

هو الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه ، أكبر من أن يقال بحقه : (ثقة) ، وفوق أن يبجل ب : (عين) ، وكيف لا يكون أكبر من جمل الثناء وهو إمام التفسير ، والفقه ، والفقه المقارن ، والحديث ، والرجال ، والفهرسة ، والفلسفة ، والكلام ، والعقائد ، والأخلاق ، والآداب العامة ، والتاريخ؟!

وأي معنى يبقى في سرد جمل الثناء بعد إجماع الشيعة على أنه : (شيخ الطائفة) ، ووصف غيرهم له بأنه : (شمس العلماء)؟! (1).

وكمثال آخر على عظمته ، شغف العلماء والباحثين قديما وحديثا من المسلمين والمستشرقين بالشيخ الطوسي وآثاره العلمية ، ويكفي في ذلك أن بلغت مصادر الدراسة عنه أكثر من ثلاثمائة مصدر (2) ما بين كتاب كبير ، أو بحث متوسط ، أو مقال صغير ، أو رسالة مفردة ، أو ترجمة مطولة أو مختصرة ، كما أعدت بشأنه بعض الرسائل الجامعية ونوقشت ببغداد (3)

والقاهرة (4). ين

ص: 41


1- وصفه بذلك العلامة الشيخ محمود أبو رية المصري الشافعي ، في رسالة بعثها إلى المؤتمر الألفي لولادة الشيخ الطوسي. راجع : بحوث المؤتمر 2 / 802 ، ستجد نص الرسالة.
2- راجع : مصادر الدراسة عن الشيخ الطوسي - للدكتور محمد هادي الأميني - فقد ذكر فيه مائتين وتسعة مصادر ، وقد فاته أكثر من أربعين بحثا عن الشيخ الطوسي - في ما أحصيته - ومنها رسائل جامعية.
3- كرسالة الماجستير «الشيخ الطوسي» - لأستاذنا الدكتور حسن عيسى علي الحكيم - نوقشت بجامعة بغداد سنة 1394 ه.
4- كرسالة الدكتوراه «منهج الشيخ الطوسي في التفسير» - للدكتور گاصد ياسر حسين

ولد رضي الله عنه في شهر رمضان سنة 385 ه (1) في مدينة طوس على الأرجح ، وهي من مدن خراسان الشهيرة ، التابعة إلى نيسابور قديما.

ويدل على ولادته في طوس ، أنه نسب إليها ، مع أخذه العلم في أوان شبابه عن بعض مشايخ نيسابور قبل قدومه إلى العراق (2).

وبعد مرور ثلاث وعشرين سنة على ولادته هاجر إلى بغداد (3) ، ومكث فيها أربعين سنة ، الخمس الأولى منها قضاها تحت كنف الشيخ المفيد قدس سره ، تلتها ثلاث وعشرون سنة تحت رعاية السيد المرتضى قدس سره ، ثم أعقبتها اثنتا عشرة سنة أخرى كان فيها الشيخ الطوسي رحمه الله زعيم الشيعة الديني ببغداد ، ثم هاجر بعد ذلك إلى النجف الأشرف ، وبقي فيها إلى أن وافاه أجله المحتوم في ليلة الاثنين 22 محرم الحرام 460 ه ، ودفن في داره الذي صار مسجدا فيما بعد ، ويعرف بمسجد الطوسي ، ولا زال قبره رضي الله عنه مشيدا في مسجده ، وهو على مقربة من مرقد أمير المؤمنين عليه السلام في مدينة النجف الأشرف.

وأما عن دوره في علوم الشريعة الإسلامية ، فيقتضي التطرق إلى مؤلفاته ، فنقول :

للشيخ الطوسي رضي الله عنه مؤلفات ضخمة نوعا وكما ، ولا زال بعضها مرجعا للكل ، بعد أن كان الأول من نوعه في تاريخ مؤلفات الشيعة مما 5.

ص: 42


1- الخلاصة - للعلامة الحلي - : 249 رقم 845.
2- راجع : «شخصيت علمي ومشايخ شيخ طوسي» مقال بالفارسية - للسيد المحقق عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله نشر في مجموعة «ميراث إسلامي إيران».
3- الخلاصة : 249 رقم 845.

أحدث - في وقته - نقلة جديدة في المسار الفكري ، وتطورا واسعا في بابه لا سيما في حقول التفسير ، والحديث ، والفقه ، والأصول ، والرجال.

وبالجملة ، فإن مؤلفاته رضي الله عنه لم تفقد أهميتها العلمية إلى الآن على الرغم من مرور أكثر من عشرة قرون على تأليفها ، وقد وصفها السيد محسن الأمين رحمه الله بقوله : «هي من عيون المؤلفات النادرة التي من شأنها أن توضع في أعلى رف من المكتبة العربية ، إذا وضعنا مؤلفات الناس في رفوف متصاعدة حسب قيمتها العلمية» (1).

هذا ، ويمكن توزيع مؤلفات الشيخ الطوسي رضي الله عنه على أربع مراحل من مراحل حياته الشريفة ، وهي المراحل التي امتدت من فترة دخوله إلى بغداد سنة 408 ه إلى حين وفاته في النجف الأشرف سنة 460 ه.

وأما السنوات التي أمضاها من عمره قبل وصوله إلى بغداد ، فلم يعرف له تأليف فيها ، والمتيقن أنه - بعد سن الطفولة - اشتغل في غضون تلك السنوات بتحصيل علوم الشريعة الإسلامية ، ويؤيد ذلك أنه ما أن وصل بغداد إلا وقد التحق - وهو في سن الثالثة والعشرين من العمر - بمدرسة الشيخ المفيد رحمه الله ، الذي كان زعيما للشيعة وقطبهم في وقته ، وهذه السن لا تكفي لتحصيل سائر العلوم الإسلامية والنبوغ فيها باستثناء القلة القليلة من النابغين ، كالمحمدين الثلاثة ونظرائهم رضي الله تعالى عنهم.

نعم ، كان وصوله إلى بغداد بداية لتلك المراحل التي ألمحنا إليها آنفا ، وهي :

المرحلة الأولى : ابتدأت من دخوله إلى بغداد سنة 408 ه ، وانتهت ي.

ص: 43


1- أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين - 9 / 161 في ترجمة الشيخ الطوسي.

بوفاة شيخه المفيد سنة 413 ه ، ودامت خمس سنوات ، وهي المدة التي قضاها مع الشيخ المفيد قدس سره في زعامته.

إتمام النعمة بتصحيح حديث : عليٌّ باب دار الحكمة

المرحلة الثانية : ابتدأت من سنة 413 ه إلى سنة 436 ه ، ودامت ثلاث وعشرين سنة ، وهي مدة زعامة السيد المرتضى (ت 436 ه).

المرحلة الثالثة : ابتدأت من سنة 436 ه إلى سنة 448 ه ، ودامت اثنتي عشرة سنة ، وهي المدة التي استقل بها الشيخ الطوسي رضي الله عنه بالزعامة الدينية المطلقة للشيعة ببغداد.

المرحلة الرابعة : ابتدأت من سنة 448 ه إلى سنة 460 ه ، ودامت اثنتي عشرة سنة ، وهي المدة المتبقاة من زعامته الدينية والتي انطوت في آخرها صفحة حياته الشريفة في النجف الأشرف بعد أن حل بها مهاجرا من بغداد في بداية هذه المرحلة.

وبعد وضوح تلك المراحل التي احتوت على جميع مؤلفات الشيخ زمانا ومكانا ، لا بد من التعرف على ما تناولته من العلوم الإسلامية بعيدا عن توزيعها على تلك المراحل أو بيان فائدة ذلك التوزيع وأهميته من الناحية العلمية لما بيناه في بحث آخر عن الشيخ الطوسي رضي الله عنه وكتابيه التهذيب والاستبصار (1).

ولأجل تلافي التكرار نكتفي بتقسيم مؤلفات الشيخ رضي الله عنه على العلوم الإسلامية ، ومن ثم بيان دوره في تلك العلوم ما أمكن ، فنقول :

من استقراء مؤلفات الشيخ رضي الله عنه وتصنيفها بحسب العلوم ، نجد أنفسنا

أمام حقيقة ثابتة ، وهي أن الشيخ الطوسي رضي الله عنه قد تناول جميع العلوم

ص: 44


1- قد يجد طريقه إلى النشر قريبا إن شاء الله تعالى.

الإسلامية الأساسية والثانوية ، وهي :

1 - التفسير وعلوم القرآن الكريم.

2 - الحديث الشريف وعلومه.

3 - الرجال والترجمة والفهرسة.

4 - الفقه الإسلامي : الروائي ، والمستنبط ، والمقارن.

5 - أصول الفقه.

6 - الفلسفة والكلام والعقائد.

7 - الأخلاق وتهذيب السلوك.

8 - التاريخ.

9 - علوم مختلفة تناولها في أجوبة المسائل والرسائل.

10 - اللغة العربية وما يتصل بها ، كالنحو ، والإعراب ، والبلاغة ، والشعر ، وبمقدار ما يتصل منها بتوضيح النص وتيسير فهمه ، قرآنا كان أو سنة شريفة.

11 - النقود والردود.

وفي ما يأتي بيان موجز عن دوره في تلك العلوم ، نبدؤها ب :

دوره في التفسير وعلوم القرآن الكريم :

لأجل التعرف على دور الشيخ الطوسي في ذلك ، لا بد من التعرض السريع إلى تاريخ التفسير عند الشيعة الإمامية ، فنقول :

ابتدأ نشاط الشيعة التفسيري بشكل ملحوظ في عصر الصحابة ، بعد أن تأثر حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه (ت 68 ه) بتلميذ النبوة الأوحد وأستاذ الكل في التفسير الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ،

ص: 45

إذ الثابت أن الوصي عليه السلام هو أعلم بالقرآن من كل أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أثبتت بعض الدراسات الأكاديمية ذلك ، وبرهنت عليه بدقة ، منطلقة من الأحاديث الواردة بحقه عليه السلام ، كالتي بينت علمه بالقرآن وصلته الوثقى به حتى عدا قرينين ، وكذلك من مصحفه الشريف المعروف بمصحف علي أو كتاب علي ، الذي اشتمل على فنون التفسير وعلوم القرآن الكريم (1).

ويعلم ذلك أيضا من تتبع ما نقل عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام في التفسير وعلوم القرآن الكريم في كتب الحديث والتفسير التي اختص أهلها بالذود عن تراث أهل البيت عليهم السلام والتفاني في حفظه وتدوينه.

وإلى ذلك المصحف أشار ابن النديم في الفهرست (2) ، وقال عنه ابن سيرين : «لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم» (3).

نعم ، تأثر حبر الأمة بأستاذه العظيم ، فصنف في التفسير ، وقد صرح بعضهم - كابن حجر - بأن ابن عباس أخذ علمه في التفسير عن علي عليه السلام (4).

وأما في عصر التابعين ، فقد كان ميثم التمار (ت 60 ه) أول مفسري التابعين قاطبة ، لا في تاريخ التشيع فحسب ، بل في تاريخ ذلك العصر كله بما ضم من مدارس وتيارات فكرية ، ثم صنف بعده التابعي الشهيد سعيد بن جبير (ت 94 ه) ، وجابر الجعفي (ت 128 ه) ، وأبان بن تغلب الكوفي (ت 141 ه). 6.

ص: 46


1- راجع : المنهج الأثري في تفسير القرآن الكريم - لهدى جاسم محمد أبو طبرة - : 39 وما بعدها من الفصل الأول.
2- فهرست ابن النديم : 50.
3- فهرست ابن النديم : 41.
4- الصواعق المحرقة : 76.

وفي أوائل عصر أتباع التابعين كان الإمام الصادق عليه السلام (ت 148 ه) القطب الذي تدور حول محوره علوم الإسلام برمتها بما في ذلك التفسير ، وقد عد عليه السلام من المصنفين فيه أيضا ، كما صنف فيه تلامذته أيضا ، كمحمد بن أبي سارة المعروف بأبي جعفر الرؤاسي ، وأبي حمزة الثمالي (ت 150 ه).

ثم صنف فيما بعد في التفسير : علي بن أسباط ، ويونس بن عبد الرحمن (ت 208 ه) ، وابن فضال (ت 224 ه) وغيرهم.

وفي أواسط المائة الثالثة حمل لواء التفسير الإمام الزكي الحسن العسكري عليه السلام (ت 260 ه) ولدينا تفسير منسوب إليه عليه السلام ، وهو مطبوع متداول.

كما صنف في التفسير - بعد الإمام العسكري عليه السلام - محمد بن خالد أبو عبد الله البرقي ، وعبد الله بن الصلت ، والحسين بن الحكم الحبري (ت 286 ه) ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم (ت بعد سنة 307 ه) ، والصدوق الأول (ت 329 ه) ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (ت 343 ه) ، ومحمد بن إبراهيم النعماني (من أعلام القرن الرابع) والشيخ المفيد (ت 413 ه) ، والسيد المرتضى (ت 436 ه) رضي الله عنهم أجمعين (1).

وللأسف الشديد فإن معظم هذه الجهود التفسيرية لا يزال في عداد المفقود من كتب الشيعة ، إذ لم يصل إلينا من تلك الجهود إلا القليل ، ر.

ص: 47


1- أنظر : المنهج الأثري في تفسير القرآن الكريم : 45 - 46 و 50 - 60 ، وانظر فيه التوثيق المنقول من مصادر الفريقين بشأن ما ذكرناه من أسماء المفسرين الشيعة الذين صنفوا في التفسير.

ك- : تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المنسوب إليه ، وكذلك التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام ، وتفسير الحبري ، وتفسير العياشي ، وتفسير علي بن إبراهيم ، وتفسير فرات الكوفي ، وتفسير النعماني.

ومن هنا يعلم أن كتاب التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي رحمه الله

قد سبق بجهود تفسيرية شيعية كثيرة ، اشترك في رفدها تصنيفا عدد من الأئمة الأطهار عليهم السلام ، بيد أن تلك الجهود كانت تجري على امتداد واحد ، ونمط واحد ، يتحكم فيها المنهج الأثري في أغلب الأحيان ، مع وجود بعض المحاولات الطفيفة النادرة التي تروم توسعة دائرة التفسير ، كما نجده في المأثور التفسيري عن ابن عباس الذي استخدم لغة العرب وآدابها لبعض الأغراض التفسيرية.

وكذلك الحال في اعتماد الشيخ المفيد والسيد المرتضى على الدليل العقلي في التفسير كما يظهر من بعض تراثهما ، وإن لم يصل إلينا ما ألفاه في التفسير خاصة.

ومع هذا بقي الطابع الأثري لتلك المصنفات هو السمة البارزة فيها قبل زمان التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة لما قلناه من محدودية تلك المحاولات وندرتها.

وأما السمة الأخرى التي لازمت جميع ما تراكم من تلك الجهود التفسيرية قبل زمان التبيان ، فهي سمة التفسير التجزيئي ، أو المنتخب من التفسير - إن صح التعبير - لعدم وجود تفسير شامل لجميع آي القرآن ، ولعل السبب في ذلك حاجة المفسرين - في ذلك العصر - إلى تفسير آيات الأحكام ، وتفسير الآيات الواردة في أهل البيت عليهم السلام أكثر من غيرها فأفردوها بالتصنيف وتركوا ما عدا ذلك مبثوثا في كتب الحديث الشيعية ، إذ

ص: 48

لم يتصد أحد منهم إلى جمع المأثور التفسيري عن أهل البيت عليهم السلام ، ويصبه في كتاب واحد ليكون تفسيرا شاملا ، كما فعل بعض المفسرين المتأخرين عن عصر الشيخ الطوسي كالسيد البحراني في تفسيره البرهان مثلا.

وهناك سمة ثالثة لتلك الجهود أيضا ، وهي أنها لم تتعرض إلى علوم القرآن الكريم بالصورة التي تناولها الشيخ الطوسي في التبيان (1).

والواقع أن هذه السمات هي التي حملته على تصنيف التبيان ، وقد عبر عن ذلك في ديباجته قائلا :

«.. أما بعد ، فإن الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب ، أني لم أجد أحدا من أصحابنا - قديما وحديثا - من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه. وإنما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المروية في الحديث ، ولم يتعرض أحد منهم لاستيفاء ذلك أو تفسير ما يحتاج إليه» (2).

لقد أعطى الشيخ بهذا الكلام وصفا دقيقا لكتب التفسير الشيعية السابقة ، وأما كتب التفسير لدى العامة ، فقد تعرض لنقدها أيضا وبين طرائق مفسريها ، وما يرد على كل مفسر منهم ، بعد أن وزعهم على أصناف.

صنف أطال في تفسيره ، واستوعب ما قيل فيه من الفنون ، كالطبري.

وصنف آخر مقصر في تفسيره ، إذ اقتصر على ذكر غريب القرآن ومعاني ألفاظه. ة.

ص: 49


1- بعض التفاسير الشيعية السابقة - ك- : تفسير القمي مثلا - وإن تناولت شيئا من علوم القرآن إلا أنها لم تبلغ في ذلك شأو التبيان.
2- التبيان في تفسير القرآن 1 / 1 ، من المقدمة.

وصنف ثالث توسط بين الأمرين ، واختص بجانب معين في التفسير وترك ما لا معرفة له به ، كمن عني بالإعراب والتصريف ، مثل الزجاج والفراء ، أو استكثر من علم اللغة واشتقاق الألفاظ مثل المفضل بن سلمة ، أو صرف همته إلى ما يتعلق بالمعاني الكلامية كأبي علي الجبائي ، أو أدخل في التفسير ما لا يليق به من بسط فروع الفقه واختلاف الفقهاء مثل البلخي.

وصنف رابع سلك في تفسيره مسلكا جميلا مقتصدا فكان أحسن بكثير من غيره ، إلا أنه أطال الخطب فيه وأورد فيه كثير مما لا يحتاج إليه مثل أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني ، وعلي بن عيسى الرماني (1).

وبهذا نستطيع القول بأن التبيان كان فتحا جديدا في عالم التفسير ، إذ سلك الشيخ رحمه الله فيه مسلكا معتدلا ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، مع مراعاة الروح العلمية المقارنة في التفسير.

وللأسف الشديد أن هذه الخصلة الطيبة والصفة الحميدة - صفة التفسير المقارن - لم يحتذ بها أحد من المفسرين بعد عصر الشيخ رحمه الله إلا الشيعة أنفسهم كما نجده واضحا عند الشيخ الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان.

وبهذا يكون الشيخ الطوسي رحمه الله رائد علم التفسير المقارن في الإسلام بلا منازع ، ولو لم يكن غير هذا الفتح في تفسيره لكفى به مؤشرا على دوره المميز في تاريخ التفسير.

وثمة أمور أخر في تفسير التبيان تكشف عن دور الشيخ رحمه الله في هذا الحقل ، نوجزها بما يأتي : ة.

ص: 50


1- التبيان في تفسير القرآن 1 / 1 ، من المقدمة.

نقد التفسير بالرأي والحكم بعدم جوازه :

لا شك أن من الإفرازات الخطيرة التي أفرزها الابتعاد عن خط أهل البيت عليهم السلام هو منهج التفسير بالرأي الذي يعتمد بالدرجة الأساس على الاستحسان في الشرع ، والظن المحض المجرد عن الدليل ، مع الميل النفسي لاتباع الهوى ، والسير وراء الشهوات.

ومن هنا ورد التحذير الشديد والوعيد بالنار لمن فسر القرآن برأيه.

فعن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» (1).

وعنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : «اتقوا الحديث إلا ما علمتم ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» (2).

كما عد المفسر بالرأي مخطئا حتى مع إصابته الواقع في تفسيره ، ففي حديث جندب بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : «من قال في القرآن

برأيه فأصاب ، فقد أخطأ» (3).

ومن هنا صرح الشيخ رحمه الله في مقدمة التبيان بقوله : «واعلم أن الرواية7.

ص: 51


1- مسند أحمد 1 / 385 ح 2070 ، 1 / 444 - 445 ح 2425 من الطبعة المرقمة ، 1 / 233 و 1 / 269 من الطبعة القديمة ، سنن الترمذي 5 / 199 ح 2950 باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه ، وقال : حديث حسن صحيح ، المعجم الكبير - للطبراني - 12 / 28 ح 12392 بلفظ «من قال في كتاب الله ...» إلى آخره.
2- سنن الترمذي 5 / 199 ح 2951.
3- سنن الترمذي 5 / 200 ح 2952 ، المعجم الكبير - للطبراني - 2 / 163 ح 1672 ، المعجم الأوسط - له أيضا - 6 / 47 ح 5097.

ظاهرة في أخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن الأئمة عليهم السلام الذين قولهم حجة كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن القول فيه بالرأي لا يجوز» (1).

ويلاحظ هنا ، أن الشيخ الطوسي رضي الله عنه ، وإن سبق إلى هذا المنهج ، أعني الابتعاد عن التفسير بالرأي والاعتماد على المأثور التفسيري دون غيره من مصادر التفسير الأخر ، كما هو حال أغلب المفسرين من الفريقين ، إلا أنه امتاز عن جميع من سبقه إلى ذلك بثلاث ميزات تكشف عن دور الشيخ في هذا الجانب ، هي :

الأولى : إن حصر الاستدلال - في جانب الأثر - في تفسير التبيان ، لم يكن مطلقا في أي أثر كالذي كان مألوفا عند من سبقه ، وإنما كان مقتصرا على الأخبار المتواترة ، والمشهورة ، والمؤيدة بالإجماع ، والمحتفة بقرائن قوية متصلة أو منفصلة ، حالية أو مقالية تكشف عن صحة ما تضمنه الخبر تارة ، وأخرى عن صحته في نفسه ، وهو ما عبر عنه بالأثر الصحيح.

وأما خبر الواحد الذي كان اعتماده في التفسير شائعا ، فلم يعتمد عليه الشيخ رضي الله عنه أصلا في تفسير التبيان ، ولم يستدل به على نقض شئ

أو إثباته ، مصرحا في أكثر من مورد - ومنها ما في تفسير الآية السادسة من سورة الحجرات المباركة - بأنه لا يوجب العلم ولا العمل حتى وإن كان راويه عدلا ، وأنه لا يجوز العمل به إلا بدليل (2).

وهذه الميزة لا تكاد تجدها في أي تفسير أثري قبل عصر الشيخ الطوسي رحمه الله.3.

ص: 52


1- التبيان 1 / 4 ، من المقدمة.
2- التبيان 9 / 343.

الثانية : حصر حجية الخبر بخبر من قولهم حجة عقلا وشرعا ، وهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ، مع الاستئناس بما ورد عن

الصحابة في التفسير موقوفا عليهم ، أو بمراسيل التابعين لا بنحو الاحتجاج بالموقوف أو المرسل ، وإنما لنكتة ستأتي قريبا.

وهذه الميزة مهمة جدا على المستويين العامي والإمامي معا.

أما على الأول ، فإنه من الواضح أنه لم يلتزم أحد من مفسري العامة بحصر حجية الخبر بما حصره الشيخ رضي الله عنه.

وأما على الثاني ، فإن تفاسير الشيعة الإمامية قبل تفسير التبيان وإن حصرت ذلك بذلك ، إلا أنها لم تتعرض إلى ما عند القوم من روايات - مرفوعة ، أو موقوفة ، أو مرسلة - لكي يكتشف من خلالها قوة الفكر الإمامي ، وسلامة متبنياته التفسيرية المستمدة من مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

والواقع أن هذه الميزة الفريدة كشفت لنا بوضوح عما يؤيد مذهبنا من روايات العامة الواردة في تفسيرهم القرآن العظيم.

الثالثة : لم يكتف الشيخ رضي الله عنه بالتصريح المتقدم حول عدم جواز التفسير بالرأي ، وإنما حذر منه ، وكشف عن أخطاء المفسرين الذين اعتمدوه بعينات كثيرة جدا في التبيان ، لكي لا يغتر أحد بها فيحمل كتاب الله تعالى على تلك الآراء الباطلة البعيدة عن الحقيقة والواقع.

وبهذا يكون الشيخ رضي الله عنه قد أسدى خدمة جليلة للقرآن الكريم ، لم يسبقه إليها سابق بتلك الصورة من الشمول والاستيعاب ، إذ رد على كثير من الآراء كما سنبينه - بإذنه تعالى - في الكشف عن دوره في مجال النقود والردود ، مستغلا في ذلك ثقافته الموسوعية في التفسير وعلومه ، كمعرفة

ص: 53

المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والمطلق والمقيد ، والخاص والعام ، وأسباب النزول ، ونحو ذلك من الأمور الأخر ، مع تسخيره طاقات اللغة العربية وآدابها لخدمة نقوده وردوده ، ولكل مما ذكرنا شواهد جمة في تفسيره ، ولا حاجة إلى تتبع موارد التفسير بالرأي التي نبه عليها الشيخ رضي الله عنه في هذا الموضع ، وسنكتفي بواحد منها اختصارا.

قال قدس سره : «فأما قولهم : إن معنى قوله تعالى : (كذلكم قال الله من قبل) (1) هو أنه أراد قوله تعالى : (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ..) (2) مملوء بالغلط الفاحش في التاريخ ، لأنا قد بينا أن هذه الآية - التي في التوبة - نزلت بتبوك سنة تسع ، وآية سورة الفتح نزلت سنة ست ، فكيف تكون قبلها؟!!

وينبغي لمن تكلم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ ، ويراعي أسباب نزول الآية على ما روي ، ولا يقول على الآراء والشهوات» (3).

أقول :

الذي دعاهم إلى هذا القول الباطل ، إنما هو التعصب الأعمى لأجل تصحيح خلافة الشيخين ، ولو على حساب التاريخ وأسباب النزول!

وقد بين الشيخ قدس سره وجه استدلالهم بالآية المذكورة أحسن التبيين ، فراجع.ح.

ص: 54


1- سورة الفتح 48 : 15.
2- سورة التوبة 9 : 83.
3- التبيان 9 / 325 - 326 في تفسير الآية المذكورة من سورة الفتح.

التمييز بين التفسير بالرأي والاجتهاد في التفسير :

سبق أن التفسير بالرأي ، هو ما خضع للاستحسان وما شاكله ، وأما إعمال الرأي بحسب القرائن الحالية والمقالية ، المتصلة والمنفصلة ، وإخضاعها إلى المتبادر العرفي من دلالة الألفاظ ، فهو اجتهاد واستنباط يقوم على أساس من الكتاب والسنة ، بل هو من المأثور على وجه من الوجوه (1).

وقد استدل الشيخ الطوسي قدس سره على صحة الاستنباط التفسيري من القرآن الكريم نفسه.

فقال في تفسير قوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (2) : «معناه : أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به ، أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك؟! تنبيها له على أن الأمر بخلافه وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر ، والتدبر في النظر في موجب الأمر وعاقبته ، وعلى هذا دعاهم إلى تدبر القرآن».

ثم قال : «وفي ذلك حجة على بطلان قول من يقول : لا يجوز تفسير شئ من ظاهر القرآن إلا بخبر وسمع ، وفيه تنبيه على بطلان قول الجهال من أصحاب الحديث : إنه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختلا في المعنى!! لأن الله دعا إلى التدبر والتفقه ، وذلك مناف للتجاهل والتعامي» (3). 1.

ص: 55


1- راجع ما كتبه أستاذنا الدكتور محمد حسين علي الصغير في كتابه الرائع : المبادئ العامة لتفسير القرآن العظيم : 90.
2- سورة محمد 47 : 24.
3- التبيان 9 / 301.

وفي هذا الكلام فائدة جليلة تضفي لونا آخر من الاستدلال - زيادة على ما مر في حصر الاستدلال بالخبر الصحيح -.

وخلاصة تلك الفائدة : حرص الشيخ الطوسي قدس سره على نقاوة تفسيره وصفائه وعدم تعكيره بالأخبار المعلولة متنا ، لا سيما التي تمس المبادئ الإسلامية الثابتة عقلا وشرعا ، وأنه لا بد من ضربها عرض الجدار وإن صح سندها عند بعضهم ، وتناقلها المحدثون في كتبهم.

ومن ذلك حديث أبي هريرة الذي لا نشك بأخذه عن كعب الأحبار ، ذلك اليهودي الخبيث الداهية الصلف ، وإن ورد مرفوعا إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بكتب الحديث ، وقد طعن فيه أبو هريرة بصدق إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام من أنه كذب ثلاث كذبات ، في ما أخرجه عنه البخاري ومسلم وغيرهما (1).

وخبر أبي هريرة هذا قد طعن فيه الفخر الرازي صراحة ، واتهم رواته بالكذب ، فقال عنه في تفسيره ما هذا نصه :

«قلت لبعضهم : هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل ، لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم عليه السلام لا تجوز. !!

ص: 56


1- أنظر : صحيح البخاري 4 / 598 ح 1515 باب قوله تعالى : (واتخذ الله إبراهيم خليلا) من كتاب الأنبياء ، صحيح البخاري بشرح الكرماني 14 / 15 ح 3141 و 3142 الباب السابق من كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم 4 / 1468 ح 2371 باب من فضائل إبراهيم عليه السلام من كتاب الفضائل!! صحيح مسلم بشرح النووي 15 / 133 ح 2371 من الباب والكتاب السابقين ، الجمع بين الصحيحين - للموصلي - 2 / 395 ح 2450 باب ما يجوز من الكذب ، سنن الترمذي المسمى بالجامع الصحيح 5 / 321 ح 3166 باب سورة الأنبياء من كتاب تفسير القرآن ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح!!

فقال ذلك الرجل : فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟!

فقلت : لما وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل عليه السلام ، كان من المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى الراوي أولى» (1).

وقد سبقه الشيخ الطوسي قدس سره إلى ذلك فقال في الرد على هذا الخبر : «فإنه خبر لا أصل له ، ولو حسن الكذب على وجه - كما يتوهم بعض الجهال - لجاز من القديم تعالى ذلك» (2).

هذا ، ولم أجد عند مفسري القرآن الكريم بالأثر - من العامة سوى الفخر الرازي كما تقدم - من كذب هذا الأثر!! ومنه يعلم دور مفسري الشيعة - وعلى رأسهم الشيخ الطوسي قدس سره - في تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن كل قبيح.

وفي مورد التمييز بين التفسير بالرأي والاجتهاد في التفسير يجب التنبيه على أنه ليست كل آية في القرآن الكريم قابلة للاجتهاد والاستنباط ، وإنما يتم ذلك في ما لم يكن مما اختص الله تعالى بعلمه كعلم الساعة مثلا ، ولا مما يتوقف بيانه على المعصوم عليه السلام كما لو كان معنى الآية مجملا

لا ينبئ ظاهره عن المراد فيه تفصيلا ، أو كان اللفظ مشتركا بين معنيين أو أكثر ولم يترجح أحدها.

إذن مجالات الاجتهاد والاستنباط التفسيري تكون في ما وراء ذلك ، كما لو فسر شيئا من القرآن الكريم بآية أخرى محكمة ، ظاهرها مطابق لمعناها ، أو أول شيئا من القرآن بشاهد معتبر متفق عليه ، أو استخدم اللغة وآدابها اتساعا للعلم وقطعا للشغب وإزاحة للعلة لتوضيح ما هو مشتبه على ء.

ص: 57


1- التفسير الكبير - للفخر الرازي - 6 / 148.
2- التبيان 7 / 260 في تفسير الآيات 61 - 63 من سورة الأنبياء.

حد تعبير الشيخ قدس سره في مقدمة التبيان (1) ، مع مراعاة أن يكون شاهد اللغة والأدب معروفا شائعا ، وأما لو كان شاذا نادرا فلا يصح كدليل على صحة التأويل.

التأويل الصحيح والنهي عن التقليد :

لا شك أن التحريف المعنوي للقرآن الكريم عن طريق تأويله بحمل لفظه المقدس على معنى بعيد عنه ، مع مخالفة ذلك للمشهور يعد كارثة في الفكر الديني ، لما يتركه ذلك التأويل الخاطئ من آثار سلبية خطيرة على بناء عقيدة الفرد وثقافة المجتمع.

ويمكن إرجاع ظاهرة التحريف المعنوي في كتب التفسير إلى واحد - أو أكثر - من الأمور الآتية :

1 - التقليد الأعمى للمفسرين السابقين في تأويلاتهم للقرآن الكريم. كتقليد مفسري العامة للأخفش (ت 207 ه) في حمله قراءة (وأرجلكم) بالكسر - في آية الوضوء - على الجر بالمجاورة (2) ، ليبرر بذلك غسلها ، ولم

يلتفتوا إلى ضعف هذا التأويل الذي لا يكون إلا في ضرورات الشعر ونحوها ، وهو مما يتنزه عنه كتاب الله عزوجل (3).ه.

ص: 58


1- التبيان / ، من المقدمة.
2- بمعنى أن تكون لفظة (وأرجلكم) في سورة المائدة 5 : 6 مجرورة عطفا على «الرؤوس» في الإعراب لمجاورتها لها ، وعلى «الوجوه» في المعنى لكي تكون الأرجل مغسولة على كل حال. أنظر : معاني القرآن - للأخفش - 2 / 465.
3- وقد بين هذا مفصلا في تحقيق رسالة : نهاية الإقدام في وجوب المسح على الأقدام - للشهيد الثالث - : 410 هامش رقم 4 ، وقد نشرت الرسالة في نشرة «تراثنا» في العددين 47 - 48 لسنة 1417 ه.

2 - التعصب ونصرة المذهب ، وذلك بتأويل اللفظ الكريم على ما يطابق أصل المذهب.

ومثاله : ما جاء في كتاب الفكر الأصولي للدكتور أبي سليمان ، إذ نقل في الصفحة 122 عن الكرخي أنه قال : «الأصل : أن كل آية تخالف قول أصحابنا فإنها تحمل على النسخ ، أو على الترجيح ، والأولى أن تحمل على التأويل من جهة التوفيق» (1).

ونظيره ما حكاه الشهيد الثالث عن بعضهم فقال : «.. كما روي عن بعضهم أنه أورد عليه في بعض المسائل : بأن ما قلته رد للكتاب المجيد ، قال : أيش أصنع إذا كان هذا هو المذهب» (2)!

3 - اتباع السبل غير الصحيحة في التأويل ، كاعتمادهم الشاذ النادر من شواهد اللغة وأشعار العرب التي لم تشتهر بين أهلها ، وهذا ما نبه عليه الشيخ قدس سره في مقدمة التبيان ، أو عدم الرجوع إلى الأدلة الصحيحة ، كرجوعهم - مثلا - إلى خبر عكرمة الخارجي عن ابن عباس في بيان المراد بأهل البيت في آية التطهير ، وزعمه بأن المراد بالآية أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3) ، مع أن حديث الكساء المتواتر يؤكد على حصر مراد الآية بالخمسة أهل الكساء عليهم السلام ، وإخراج من عداهم عنها (4).ه.

ص: 59


1- راجع : رسالة نهاية الإقدام : 462 ، وص 463 هامش رقم 1.
2- راجع : رسالة نهاية الإقدام : 462 ، وص 463 هامش رقم 1.
3- أورد خبره أبو حيان في تفسير البحر المحيط 7 / 231 ، والسيوطي في الدر المنثور 6 / 603.
4- راجع تفصيل ذلك في رسالة : السحاب المطير في تفسير آية التطهير - للشهيد الثالث - ، الصفحات : 418 و 420 - 421 ، مع الهوامش المرقمة 8 و 11 و 18 ، وقد نشرت الرسالة في نشرة «تراثنا» في العددين 38 - 39 لسنة 1415 ه.

ومن هنا يتضح دور الشيخ الطوسي قدس سره في الحفاظ على نقاء التأويل والنهي عما يعكر صفاءه ، بتأكيده على ضرورة الابتعاد عن التقليد ، والرجوع إلى الأدلة الصحيحة ، وتجنب الشواهد اللغوية الشاذة النادرة ، وهذا نص كلامه :

قال رضي الله عنه : «ولا ينبغي لأحد أن ينظر في تفسير آية لا ينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا ، أو يقلد أحدا من المفسرين ، إلا أن يكون التأويل مجمعا عليه فيجب اتباعه لمكان الإجماع ، لأن من المفسرين من حمدت طرائقه ، ومدحت مذاهبه ، كابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد وغيرهم ، ومنهم من ذمت مذاهبه كأبي صالح ، والسدي ، والكلبي وغيرهم ، هذا في الطبقة الأولى.

وأما المتأخرون فكل واحد منهم نصر مذهبه ، وتأول على ما يطابق أصله ، ولا يجوز لأحد أن يقلد أحدا منهم ، بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة : إما العقلية ، أو الشرعية ، من إجماع عليه ، أو نقل متواتر به عمن يجب اتباع قوله ، ولا يقبل في ذلك خبر واحد ، خاصة إذا كان مما طريقه العلم.

ومتى كان التأويل يحتاج إلى شاهد من اللغة فلا يقبل من الشاهد إلا ما كان معلوما بين أهل اللغة شائعا بينهم.

وأما طريقة الآحاد من الروايات الشاردة والألفاظ النادرة ، فإنه لا يقطع بذلك ، ولا يجعل شاهدا على كتاب الله ، وينبغي أن يتوقف فيه ويذكر ما يحتمله ، ولا يقطع على المراد منه بعينه ، فإنه متى قطع بالمراد كان مخطئا وإن أصاب الحق كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه قال تخمينا وحدسا ، ولم يصدر ذلك عن حجة قاطعة ، وذلك باطل

ص: 60

بالاتفاق» (1).

ونحن إذ نقلنا هذا الكلام بطوله ، إنما لأجل ما فيه من دقة نظر الشيخ الطوسي رضي الله عنه للمهمة التفسيرية التي يضطلع بها المفسرون لكتاب الله تعالى ، وكيف أنه وجه طاقاتهم لخدمة الكتاب العزيز.

دوره في علوم القرآن الكريم :

تقدمت الإشارة إلى خلو تفاسير الشيعة من علوم القرآن الكريم ، إلا النزر اليسير في بعضها ، لاكتفائهم بالمأثور التفسيري ، واقتصارهم عليه ، وربما ذكروا شيئا من تلك العلوم اعتمادا على ما ورد منه في الأثر ، من دون أن يفردوا ذلك عن التفسير.

وأما الشيخ قدس سره فقد أملى عليه منهجه الدقيق في التبيان أن لا يذكر شيئا في تفسير الآية أو تأويلها إلا وله صلة وثقى بذلك ، ولهذا أفرد الكلام عن علوم القرآن الكريم في مقدمة تفسيره على فصول ، تناول فيها :

أسماء القرآن الكريم وصفاته ، وسلامته من التحريف ، ونزاهته من طعن الطاعنين وأقوال الملحدين ، مع بيان المراد من ظهر القرآن وبطنه ، متعرضا إلى مسألة جواز التفسير ، وشروط التأويل الصحيح ، ونقد التفسير بالرأي ، والحكم عليه بعدم الجواز ، موضحا المراد بالسورة ، وعدد السور ، وأسماءها ، وتمييز مكيها عن مدنيها ، والإشارة إلى القراءات القرآنية ، والأحرف السبعة ، وإعجاز القرآن الكريم ، ومعنى النسخ في القرآن ، وإمكان وقوعه ، وتوضيح أقسامه ، وحكمة وجود المتشابه ، والفرق بينه وبين ف.

ص: 61


1- التبيان 1 / 6 - 7 ، من مقدمة المؤلف.

المحكم ، وتقسيم معاني القرآن الكريم ، والإشارة إلى قصص القرآن وسر تكرارها ، والوجه في استخدام المنهج اللغوي في التفسير ، مع الدليل العقلي ، مستهلا مقدمة التبيان بنقد كتب التفسير ، وبيان مناهجهم في التفسير ، وتقييمها علميا.

وهو في جميع ذلك تحاشى التطويل ، بل ألمح إلى بعض العلوم تلميحا ، وأحال إلى تفصيلاتها في كتبة الأخرى.

وأما في مظان التبيان فقد تناول في تفسير الآيات أو تأويلها ما يتصل بها من تلك العلوم بحسب الحاجة لا سيما أسباب النزول ، والقراءات القرآنية التي لم تفارق تفسيره في جميع الأحوال تقريبا ، ومنه يعلم دوره المتميز بين علماء الإمامية في علوم القرآن الكريم.

تسخير طاقات اللغة العربية وآدابها لخدمة التفسير :

سخر الشيخ الطوسي قدس سره طاقات اللغة العربية وآدابها وفروعها لخدمة

القرآن الكريم في تفسيره التبيان.

فقد تناول فيه فروع الكلمة وأصولها وما قاربها أو شابهها من الألفاظ والمشتقات ، وعني بالإعراب عناية واضحة ، كما أولى اهتماما لفقه اللغة العربية وبيان أصل اللفظ ، هل هو عربي أو لا ، مؤيدا ما اختاره في ذلك بأقوال اللغويين وأشعار الجاهليين.

لقد استهدى الشيخ بأشعار الجاهليين وغيرهم ممن احتج النحاة بأشعارهم انطلاقا من كون القرآن يمثل أعظم نص عربي على الإطلاق ، ولما كان نازلا بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم ، فلا مفر إذن من استعمال تلك اللغة وآدابها لفهم المفردات القرآنية وبيان المقصود منها.

ص: 62

كما عني عناية كبيرة بالقراءات القرآنية ورجح بعضها على بعض ونقد قسما كبيرا منها.

وأما نظائر الألفاظ فقد أخذت حيزا واسعا في تفسيره وأمثلتها كثيرة جدا ، منها :

قوله : «والبر - في أصول اللغة - والصلة والإحسان نظائر» (1).

وقوله : «فالنسيان والغفلة والسهو نظائر» (2).

وقوله : «فالتلاوة والقراءة والدراسة نظائر» (3).

وقوله : «النبذ والطرح والإلقاء نظائر» (4).

وقوله : «البيت في اللغة والمنزل والمأوى نظائر» (5) وهكذا.

ولا يخفى أن الغرض من وراء بيان نظائر الألفاظ القرآنية إنما هو لبيان دقة التعبير القرآني وإدراك روعة اختيار هذا اللفظ دون ذاك ، لصلته بالغرض الفني والبلاغي أكثر من غيره ، خصوصا بعد ملاحظة ما فيه من نغم صوتي يحفز على الإصغاء ، فتأكيد الشيخ قدس سره إذا على النظائر ، إنما هو لتحبيب القرآن الكريم إلى نفس كل من تذوق بلاغة العرب وأدبهم ، وعرف ما في التصوير الفني من حلاوة البيان.

لقد انعكس هذا الغرض الشريف على أسلوب الشيخ قدس سره نفسه في كتابه العظيم التبيان ، إذ امتاز عن غيره من التفاسير المتقدمة بالعبارات 0.

ص: 63


1- التبيان 1 / 197.
2- التبيان 1 / 198.
3- التبيان 1 / 199.
4- التبيان 1 / 367.
5- التبيان 1 / 450.

المليئة بالمعاني الدقيقة والأسلوب الأدبي الرفيع ، مع الإنشاء الذي يسمو به إلى درجات البلغاء ، وأسلوبه القوي المتين الذي اشتبكت جمله ، واتصلت فقره ، وامتزجت كلماته ، وسلم من الحشو ، وبرئ من الفضول ، حتى أسلست له الكتابة ، وبلغ حيث أراد من فنون البيان (1).

النظريات العلمية في «التبيان» :

القرآن الكريم على الرغم من كونه كتاب هداية وإرشاد ، ودستورا سماويا للآداب والأخلاق الفاضلة ، ونظاما متكاملا يكفل لمن استمسك به سعادة الدارين ، إلا أنه في الوقت ذاته تعرض إلى بعض المسائل والظواهر العلمية الدقيقة بنحو الإشارات حينا والتنبيهات حينا آخر ، وقد أدرك بعض العلماء - بفضل القرآن الكريم - جزءا منها بوقت متقدم على عصر الاكتشافات العلمية التي حصلت أبان النهضة العلمية في أوروبا.

وفي النماذج الآتية ما يدل على عبقرية الشيخ قدس سره ونبوغه الذهني في فهم القرآن الكريم وتدبر ما في تلك الإشارات والتنبيهات ، وهي مما أشار إليه السيد حسن الأمين في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية في أثناء حديثه عن التبيان :

1 - عدم رفضه لفكرة كروية الأرض في تفسير الآية 24 من سورة البقرة ، ورده على أبي علي الجبائي الذي ذهب إلى القول بأن الأرض مبسوطة.4.

ص: 64


1- راجع : موسوعة العتبات المقدسة 10 / 201 عن مقال لأستاذنا العلامة الدكتور حسين علي محفوظ ، نشر في مجلة الإيمان ، العددان 3 و 4 السنة الثالثة ، ص 124.

2 - عدم استبعاده أن تكون الغيوم والسحب ناتجة بفعل البخار المتصاعد من المسطحات المائية.

3 - قوله بحركة السماوات حول مركز ثابت ردا بذلك على الرماني الذي قال في تفسيره : إن السماوات لا تتحرك ولا تدور لقوله تعالى : (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) (1) وقد فهم الشيخ الطوسي قدس سره من الآية ، أنها لا تزول عن مراكزها التي تدور عليها (2).

وبالجملة ، فإن التبيان يعد خلاصة ثقافة الشيخ الطوسي رحمه الله ، ففيه صورة الطوسي المحدث والفقيه والأصولي والمفسر والكلامي واللغوي والنحوي والأديب ، والعالم بجميع فنون وعلوم الشريعة الغراء.

للبحث صلة ... 0.

ص: 65


1- سورة فاطر 35 : 41.
2- دائرة المعارف الإسلامية الشيعية - للسيد حسن الأمين - 3 / 60.

إتمام

النعمة

بتصحيح

حديث

«علي

باب دار الحكمة»

السيد حسن الحسيني

آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ولي الفضل والنعمة ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد نبي الرحمة ، وعلى آله الطيبين الطاهرين أهل العصمة ، لا سيما ابن عمه علي باب دار الحكمة ، وعلى أعدائهم الناصبين من الله النكال والنقمة.

أما بعد :

فهذا جزء سميته «إتمام النعمة بتصحيح حديث : علي باب دار الحكمة» جمعت فيه طرق هذا الحديث وقررت صحته ، وزيفت دعوى من زعم وضعه أو نكارته - كما اتفق لبعض المقصرين والقاصرين ، من الغابرين والمعاصرين -.

والله نسأل أن يهدينا للحق ويرزقنا اتباعه ، وأن ينفع به أنصاره وأشياعه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه.

اعلم - رحمك الله - أن هذا الحديث رواه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.

ص: 66

فصل

فأما حديث علي عليه السلام فقد ورد عنه من طريق الصنابحي ، وعبيد الله ابن أبي رافع ، والشعبي.

1 - فأما طريق الصنابحي ، فقد أخرجه الترمذي في سننه (1)

وابن جرير في تهذيب الآثار (2) عن إسماعيل بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن عمر الرومي ، حدثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

قال ابن جرير : هذا خبر صحيح سنده.

قلت :

والحق كما قال ، فإن هذا الحديث بمفرده على شرط الصحيح ، ورجاله كلهم ثقات.

* أما إسماعيل بن موسى الفزاري ، فقد روى عنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وجماعة.

قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه ، فقال : صدوق.

وقال مطين : كان صدوقا. 4.

ص: 67


1- سنن الترمذي 5 / 637 ح 3723 كتاب المناقب ، باب مناقب علي عليه السلام.
2- تهذيب الآثار 4 / 104.

وقال النسائي : ليس به بأس.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال أبو داود : صدوق في الحديث ، وكان يتشيع.

وقال ابن عدي : إنما أنكروا عليه الغلو في التشيع (1).

على أنه لم ينفرد بهذا الحديث عن ابن الرومي بل تابعه عليه أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري.

وقد أخرج متابعته هذه ابن بطة في الإبانة (2) ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن أحمد الصواف ، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، حدثنا محمد بن عمر الرومي ، حدثنا شريك به.

وأخرجها العاصمي أيضا في زين الفتى (3) ، قال : أخبرنا محمد بن أبي زكريا ، قال : أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الواعظ - قراءة عليه بنيسابور - ، قال : أخبرنا أبو بكر هلال بن محمد بالبصرة ، قال : حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا شريك ، عن سلمة ، عن الصنابحي ، عن علي عليه السلام - وذكر الحديث -.

وأخرجها الأنماطي في تاريخ الصحابة (4) ، قال : حدثنا أبو بكر بن خلاد وفاروق الخطابي ، قالا : أخبرنا أبو مسلم الكجي عن محمد بن عمر الرومي به. 1.

ص: 68


1- تهذيب التهذيب 1 / 212 - 213.
2- نفحات الأزهار 10 / 327.
3- نفحات الأزهار 10 / 330.
4- نفحات الأزهار 10 / 351.

وقال الحافظ صلاح الدين العلائي : تابعه - يعني الفزاري - أبو مسلم الكجي وغيره على روايته عن محمد بن عمر الرومي (1).

* وأما محمد بن عمر بن عبد الله الرومي ، فقد روى عنه البخاري في غير الجامع ، وذكره ابن حبان في الثقات (2) ، وقال أبو حاتم : صدوق قديم ، روى عن شريك حديثا منكرا.

قلت :

يعني حديث الباب ، وإنما أنكره - كما أنكره البخاري - جريا على قاعدة النواصب في إنكار فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى.

ثم إن تصحيح ابن جرير لهذا الحديث دال على توثيقه لابن الرومي - كما لا يخفى -.

فقول أبي زرعة فيه : شيخ فيه لين ، وقول أبي داود : محمد بن الرومي ضعيف (3) ، وقول ابن حبان - على ما حكاه عنه ابن الجوزي (4) - : كان يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم ، لا يجوز الاحتجاج به بحال ، ليس بشئ.

لأن ابن حبان قد ذكره في الثقات كما مر ، مضافا إلى أنه من

المتعنتين المتشددين في الجرح ، كما بينا ذلك في الإبادة (5) ، وغاية رة

ص: 69


1- النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح : 85.
2- الثقات 9 / 71.
3- تهذيب التهذيب 1 / 231.
4- الموضوعات 1 / 353.
5- الإبادة لحكم الوضع على حديث : «ذكر علي عليه السلام عبادة» ، مقال منشور في نشرة

ما يمكن للخصم أن يدعيه أنه لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، فأما إذا توبع ، فإن حديثه يكون ثابتا محفوظا ، وسيأتي إن شاء الله بيان من تابعه على هذا الحديث.

وأما قول أبي زرعة ، فتليين مبهم ، ولا ينزل حديثه عن درجة الصحيح ، وتضعيف أبي داود إياه جرح غير مفسر ، فيرد عليه ولا كرامة.

بل قد دل قول الذهبي في ميزان الاعتدال (1) - بعد إيراده الحديث من طريقه - : ما أدري من وضعه؟ على عدم اعتداده بتضعيف أبي داود له - مع ذكره آنفا - إذ لو كان في ابن الرومي أدنى غمز لما تقاعد عن إلصاق الحديث به.

ثم يقال للذهبي : أليس من خبث السريرة وعمى البصيرة الطعن في هذا الحديث ، وأنت تذعن لجودة سنده ونقاوته؟!

بل ما لك تحتار فلا تدري من وضعه ، لا دريت ولا ائتليت ، وما أحق أن ينشد فيك قول أبي الطيب :

سميت بالذهبي اليوم تسمية

مشتقة من ذهاب العقل لا الذهب

ولعمر الله إن أحدا لم يضع هذا الحديث ، بل قد نطق به الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (2) بيد أن معشر الناصبة - قبحهم الله وأخزاهم - لا يطيقون صبرا على سماع هذه المنقبة الشريفة وأضرابها ، فيقدمون على ردها دفعا بالصدر (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم 4.

ص: 70


1- ميزان الاعتدال 3 / 668.
2- سورة النجم 53 : 3 و 4.

الظالمين) (1).

هذا ، ومن الفضول اعتراض بعضهم (2) على قول أبي حاتم في ابن الرومي : (صدوق) ، بقوله : لعله حكم عليه بما ظهر له من حاله ولم يتبين ضعفه بما وقع له من مروياته.

فيقال له : يا هذا! إن أبا حاتم من أئمة الجرح والتعديل ، وبينك وبينه من البون ألف ألف ميل ، فكيف تبين لك ما لم يتبين له؟!

وهو الذي يقول الذهبي في شأن توثيقاته : إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله ، فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث (3).

هذا كله مضافا إلى عدم تفرد ابن الرومي بحديث الباب ، بل قد تابعه عليه محمد بن عبد الله الرقاشي ، وهو ثقة ثبت احتج به الشيخان والنسائي وابن ماجة ، وقد أخرج متابعته عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على كتاب الفضائل لأبيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله الكجي ، عن محمد بن عبد الله الرقاشي ، قال : حدثنا شريك بن عبد الله ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي عن علي عليه السلام ، مرفوعا : أنا دار الحكمة

وعلي بابها (4).

وهذا إسناد متصل لا مطعن فيه لأحد ولا مغمز ، لصحته وثقة نقلته.

وتابعه أيضا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، وكان ثقة م.

ص: 71


1- سورة القصص 28 : 50.
2- النقد الصريح لأجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المصابيح : 104.
3- سير أعلام النبلاء 13 / 247.
4- كما في صحيفة 52 من «دفع الارتياب» ، وفي نسخة من الفضائل : 138 ح 203 عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابحي ، وستعرف في الأصل إن شاء الله تعالى أن الاتصال هو الصواب ، والله أعلم.

صدوقا ، أخرج متابعته ابن المغازلي في المناقب (1) ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج ، قال : أخبرنا محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ - إجازة - ، حدثنا الباغندي محمد بن محمد بن سليمان ، حدثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد ، عن الصنابحي ، عن علي عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : أنا دار الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأتها.

قلت :

فقول الترمذي في العلل الكبير (2) : إن هذا الحديث لم يرو عن أحد من الثقات من أصحاب شريك ، ناش عن قصر في الباع ، وقصور في الاطلاع.

وكذا دعوى المعلمي ، حيث زعم أن هذا الخبر غير ثابت عن شريك (3) ، وأن قول الترمذي في سننه (4) : روى بعضهم هذا الحديث عن شريك .. إلى آخره ، لا ينفي تفرد ابن الرومي - خلافا لما ظنه العلائي - لأن كلمة (بعضهم) تصدق بمن لا يعتد بمتابعته ، إذ قد عرفت أن الحديث ثابت عن شريك بلا نزاع ، وأن (بعضهم) ممن يعتد بمتابعته ، بل ممن يحتج به بانفراده على رغم أنف المعلمي ومن تبعه.

وممن تابع ابن الرومي أيضا على حديثه هذا عن شريك : عبد الحميد 3.

ص: 72


1- مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام : 87.
2- العلل الكبير 2 / 942 ، وقد ورد هذا المضمون في بعض نسخ «الجامع الصحيح» للترمذي بلفظ : ولا نعرف هذا الحديث عن واحد من الثقات عن شريك.
3- أنظر : هامش «الفوائد المجموعة» : 350 - 351.
4- سنن الترمذي 5 / 637 - 638 ح 3723.

ابن بحر البصري ، وقد أخرج متابعته أبو نعيم في الحلية (1) ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا عبد الحميد بن بحر ، حدثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابحي ، عن علي عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

قال الحافظ الكنجي - بعد إخراجه الحديث من هذا الطريق - : هذا حديث حسن عال (2).

وقد تبين بهذا بطلان دعوى بعض المتكلفين للحديث انحصار رواية شريك برواية محمد بن عمر الرومي وعبد الحميد بن بحر البصري عنه (3) ، إذ قد عرفت أن الرقاشي والباغندي أيضا قد رويا هذا الحديث عنه.

* وأما شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، فقد وثقه ابن معين وأبو داود وإبراهيم الحربي ، وقال العجلي : كوفي ثقة ، وكان حسن الحديث ، وقال يعقوب بن شيبة : شريك صدوق ثقة ، وقال ابن سعد : كان ثقة مأمونا ، كثير الحديث (4).

وقال الحافظ العلائي (5) : شريك احتج به مسلم وعلق له البخاري ، ووثقه يحيى بن معين والعجلي ، وزاد : حسن الحديث ، وقال عيسى بن يونس : ما رأيت أحدا قط أورع في علمه من شريك ، قال العلائي : فعلى هذا يكون تفرده حسنا. انتهى. 8.

ص: 73


1- حلية الأولياء 1 / 64 ، الموضوعات : 349 - 350.
2- كفاية الطالب : 119.
3- أنظر : هامش «مختصر استدراك الذهبي على مستدرك الحاكم» 3 / 1385.
4- تهذيب التهذيب 2 / 496 - 497.
5- النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح : 88.

وقد تشبث بعض الأغمار (1) للطعن في حديث شريك هذا بأمور :

الأول : اختلاط شريك وسوء حفظه.

وجوابه : أن ذلك إنما عرض له في آخر أمره ، فسماع المتقدمين منه ليس فيه تخليط كما قال ابن حبان في الثقات ، وقال العجلي : من سمع منه قديما فحديثه صحيح (2). انتهى.

ولا نعلم أحدا ادعى أن ابن الرومي سمع من شريك بعد اختلاطه ، فالأصل عدمه ، والله أعلم.

على أن الغالب على حديث شريك الصحة والاستواء - كما قال ابن عدي (3) - والاختلاط إنما وقع في بعض حديثه ، بل لو كان قد انفرد بحديث الباب لما كان ذلك بضارنا شيئا ، إذ ليس انفراد الراوي وشذوذه - إذا كان ثقة - من أسباب ضعفه ولا ضعف ما يرويه - كما تقرر في محله - بل قد قرر الحافظ العلائي أن تفرد شريك ، حسن - كما مر آنفا -.

قلت :

وربما صحح الترمذي حديثه أو حسنه إذا انفرد ، فكيف إذا توبع في حديثه عن سلمة بن كهيل ، وقد تابعه على هذا الحديث يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي (4).7.

ص: 74


1- النقد الصريح لأجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المصابيح : 104 - 105.
2- تهذيب التهذيب 2 / 497.
3- تهذيب التهذيب 2 / 496.
4- العلل - للدارقطني - 3 / 247.

فإن قيل :

إن يحيى بن سلمة بن كهيل ضعيف.

قلنا :

هو من رجال الترمذي ، وتضعيفه في الحديث لا يضره ، لأنه إن ثبت ذلك في حقه كان ضعفه محتملا ، غير موجب لترك حديثه ، فيجوز إيراد حديثه في المتابعات ، على أن ذلك معارض بتوثيقه ، فقد ذكره ابن حبان في الثقات (1) وقواه الحاكم - كما في الميزان (2) -.

وقال في المستدرك : هؤلاء الذين ذكرتهم في هذا الكتاب ثبت عندي حديثهم ، لأني لا أستحل الجرح إلا مبينا ، ولا أجيزه تقليدا.

قال : والذي أختاره لطالب العلم أن يكتب حديث هؤلاء أصلا. انتهى (3).

فالذي يظهر من كلام الحاكم أنه لم يعول على ما قيل في يحيى بن سلمة ، فيكون حديثه ثابتا عنده ، بل قد صحح حديثه في المستدرك (4) ، وقال : ترك حديث يحيى بن سلمة ، عن أبيه من المحالات التي يردها العقل ، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة ، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه. انتهى. 7.

ص: 75


1- الثقات 7 / 595.
2- ميزان الاعتدال في نقد الرجال 4 / 382 رقم 9527.
3- الإفادة بطرق حديث : «النظر إلى علي عليه السلام عبادة» ، للسيد عبد العزيز بن الصديق الغماري المغربي ، نقلا عن «مستدرك» الحاكم.
4- المستدرك على الصحيحين 4 / 607.

وقد صحح حديثه الذهبي أيضا في تلخيص المستدرك (1) ، وقال : ترك حديث يحيى بن سلمة من المحالات التي يردها العقل. انتهى.

قلت :

وفي هذا الكلام شهادة بثقته وصحة حديثه إذا انفرد عن أبيه ، فكيف إذا توبع على حديثه من طريق صحيح - كما هنا -؟! فتنبه.

وقد بان لك - بما ذكرنا - ما في قول الترمذي في العلل الكبير (2) : لا نعرف هذا من حديث سلمة بن كهيل من غير حديث شريك ، من الغفلة والذهول.

هذا ، مضافا إلى ما قرروه في علم الحديث من تصحيح حديث الراوي - الذي ليس له متابعون - بالشواهد المعنوية ، وجروا على ذلك في تصحيح أحاديث في الصحيحين والموطأ ومسند أحمد وغيرها ، وقد صحح ابن عبد البر وابن سيد الناس حديث عبد الكريم بن أبي المخارق المجمع على ضعفه لوجود الشواهد المعنوية لحديثه.

وكذلك حديث الباب ، فإن له شواهد كثيرة يجزم الواقف عليها بصحته ، ودونك حديث ابن مسعود قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسئل عن علي عليه السلام ، فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء ، والناس جزءا واحدا. رواه أبو نعيم في الحلية (3).

الثاني : تدليس شريك. 4.

ص: 76


1- المستدرك على الصحيحين 4 / 607.
2- العلل الكبير 2 / 942.
3- حلية الأولياء 1 / 64.

والطعن في سند الحديث من هذا الوجه جهد العاجز ، فلو اعتبر هذا وأخذ به لوجب طرح حديث الأعمش وسفيان الثوري وهشيم وغيرهم من أئمة أهل الحديث وحفاظه ، بل قد قال شعبة : ما رأيت أحدا من أصحاب الحديث إلا يدلس ، إلا ابن عون وعمرو بن مرة (1).

الثالث : تشيع شريك.

وجواب هذه الشبهة : أنها تهمة لا يعمل بها النقاد من أهل الحديث ، وإنما هي نفثة مصدور ناصبي ضاق ذرعا بما ورد في علي عليه السلام ، فلم يجد طريقا لردها إلا بهذه الخرافة - كما قال شيخنا أبو اليسر جمال الدين عبد العزيز بن الصديق فسح الله تعالى في عمره -.

على أن هذه النسبة لم تثبت في حق شريك ، بل قال معاوية بن صالح : سألت أحمد بن حنبل عنه؟

فقال : كان عاقلا صدوقا محدثا شديدا على أهل الريب والبدع.

وقال الساجي : كان ينسب إلى التشيع المفرط ، وقد حكي عنه خلاف ذلك.

وقال يحيى بن معين : قال شريك : ليس يقدم عليا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير (2).

وأين هذا من التشيع ، فضلا عن الغلو والإفراط؟!

وللنواصب في هذا الباب قاعدة بائدة وشبهة فاسدة ، وهي رد رواية المبتدعة - بزعمهم - إذا رووا ما يؤيد مذهبهم ، وقد بينا زيفها في الإبادة (3)98

ص: 77


1- تهذيب التهذيب 4 / 382.
2- تهذيب التهذيب 2 / 497.
3- الإبادة لحكم الوضع على حديث : «ذكر علي عليه السلام عبادة» ، أنظر : صفحة 94 - 98

فمن شاء فليقف عليها ، والله المستعان.

* وأما سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي الكوفي ، فمتفق على توثيقه ، وقد أخرج له الجماعة.

* وأما سويد بن غفلة الجعفي الكوفي ، فقد احتج به الستة ، وقال ابن معين والعجلي : ثقة (1).

* وأما عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي ، فهو ثقة من كبار التابعين احتج به الجماعة ، ووثقه ابن سعد والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات.

وقد ثبت بما حققنا أن هذا الحديث بمفرده على شرط الصحيح كما حكم به ابن جرير ، فإن رجاله كلهم موثقون - كما عرفت - بل لو فرض ضعفه أيضا ، فإنه غير قادح لما تقرر عند أهل هذا الشأن : من أن الضعيف إذا تعددت طرقه وكثرت شواهده مع تباين مخارجها غلب الظن بصدق خبر المجموع وإن كان ذلك لا يحصل بخبر كل واحد على انفراده.

هذا ، ولكن الترمذي قال - عقب إخراجه حديث الباب - : هذا حديث غريب منكر ، وروى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكروا فيه عن الصنابحي ، ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك ، وفي الباب عن ابن عباس (2). انتهى.

قلت :

هذا هو الذي وقفنا عليه من عبارة الترمذي في نسخ سننه المتداولة ، 3.

ص: 78


1- تهذيب التهذيب 2 / 460.
2- سنن الترمذي : كتاب المناقب - باب مناقب علي عليه السلام 5 / 637 - 638 ح 3723.

ولكن في كون جميع ذلك من كلامه نظر.

أما قوله : «غريب» فالظاهر - والله أعلم - أنه من كلامه ، إذ قد حكاه عنه جماعة من المتقدمين والمتأخرين كالمحب الطبري في الرياض النضرة ، والبغوي في مصابيح السنة ، والعلائي في النقد الصحيح ،

والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح ، وابن الأثير الجزري في أسنى المطالب ، وابن كثير في النهاية ، والمناوي في فيض القدير ، وآخرون غيرهم (1).

لكنك خبير بأن الغريب يجامع الصحيح ، كما هو الحال في أكثر الأحاديث الصحيحة.

وأما قوله : «منكر» فقد مر عن أبي حاتم أنه رمى حديث الباب بالنكارة ، وقال أبو عيسى في العلل الكبير (2) : سألت محمدا - يعني البخاري - عنه فلم يعرفه ، وأنكر هذا الحديث.

قلت :

ما أنكر البخاري ولا غيره هذا الحديث إلا بناء على أصلهم الفاسد الذي أسسوه في إبطال كل ما ورد في فضل أمير المؤمنين علي عليه السلام ، أو أكثره ، بالحكم على من روى شيئا منه بالتشيع والضعف والنكارة ، أو رده بما يعارضه ويناقضه من الأحاديث الموضوعة ، كما فعل الجوزجاني وغيره من ألداء النواصب - قبحهم الله وأخزاهم -. 2.

ص: 79


1- الرياض النضرة 2 / 159 ، مصابيح السنة 4 / 174 ح 4772 ، النقد الصحيح : 85 ، مشكاة المصابيح - المطبوع بهامش مرقاة المفاتيح - 5 / 571 ، أسنى المطالب : 70 ، البداية والنهاية - المجلد الرابع - 7 / 358 ، فيض القدير 3 / 46.
2- العلل الكبير 2 / 942.

وقال الحافظ أبو سعيد العلائي في النقد الصحيح (1) : ليس هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول ، بل هو مثال قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أرأف أمتي بأمتي أبو بكر ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وقد حسنه الترمذي وصححه غيره.

وقال الحافظ الكنجي في الكفاية (2) - عقب هذا الحديث - : قد فسرت الحكمة بالسنة ، لقوله عزوجل (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) (3)

يدل على ذلك صحة هذا التأويل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله تعالى أنزل علي الكتاب ومثله معه ، أراد بالكتاب القرآن ، ومثله معه ما علمه الله تعالى من الحكمة ، وبين له من الأمر والنهي والحلال والحرام.

فالحكمة هي السنة ، فلهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. انتهى.

وقال المناوي في فيض القدير (4) في شرح حديث الترمذي : أي علي بن أبي طالب عليه السلام هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة ، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها ، وهذه المنقبة ما أعلاها. انتهى.

هذا ، والذي يشهد لعدم كون هذه اللفظة من كلام أبي عيسى الترمذي وإنما هي من زيادات بعض محرفي الكلم عن مواضعه أن البغوي أورد هذا الحديث في كتابه مصابيح السنة ، وقد قال في أوله : وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه ، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرا أو موضوعا (5).0.

ص: 80


1- النقد الصحيح : 83.
2- كفاية الطالب : 119.
3- سورة النساء 4 : 113.
4- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 46.
5- مصابيح السنة 1 / 110.

انتهى.

فعلم من هذا أن لفظة «منكر» زيادة منكرة ليست من كلام الترمذي ، وإلا لما كان هذا الحديث من شرط كتاب البغوي ، بل حكى فيه عن أبي عيسى أنه قال : غريب ، وزاد عليه هو قوله : إن إسناده مضطرب.

ويشهد لما ذكرنا أيضا أن الفيروزآبادي حكى عن الترمذي أنه قد حسن هذا الحديث (1).

وحكى المحب الطبري في ذخائر العقبى (2) عن الترمذي أنه قال : حديث حسن ، وفي الرياض النضرة (3) : حسن غريب.

ثم إنك لو تأملت إسناد حديث الباب لوجدته على شرط الحسن عند الترمذي ، فيترجح بذلك أن صاحب الجامع الصحيح قد حكم بحسنه.

قال في العلل الصغير (4) : كل حديث يروى ، لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذا ، ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن. انتهى.

فإن قال قائل :

إن الترمذي لا يعتمد على تصحيحه وتحسينه.

قيل له :

هذا فيما إذا تفرد بالتصحيح أو التحسين ، أما إذا وافقه في ذلك غيره 8.

ص: 81


1- أشعة اللمعات 4 / 666 ، نفحات الأزهار 10 / 198 و 264.
2- ذخائر العقبى : 77.
3- الرياض النضرة 2 / 159.
4- سنن الترمذي (الجامع الصحيح) 5 / 758.

من أئمة الحديث فلا (1).

وستعرف إن شاء الله تعالى أن من الأئمة من حكم بصحة هذا الحديث ومنهم من حسنه ، والله أعلم.

وأما قول الترمذي : «روى بعضهم هذا الحديث عن شريك ، ولم يذكروا فيه عن الصنابحي».

فقد أجاب عنه الحافظ صلاح الدين العلائي في النقد الصحيح (2) : بأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم ، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسمع منهم ، فيكون ذكر الصنابحي فيه من باب المزيد في متصل الأسانيد. انتهى.

ثم إن هذا التعليق من الترمذي لا يعارض حديثه المتصل الإسناد الذي أورده في أول الباب ، لما علم بأن من عادته - غالبا - من تعقيب الأحاديث الصحيحة والحسنة بالأحاديث التي وقع فيها وقف أو إرسال ، والأسانيد المعلقة لا محل لها عند أهل الحديث.

بل قد قرروا أن الحديث إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلا وبعضهم مرسلا ، أو بعضهم موقوفا وبعضهم مرفوعا ، أو وصله هو أو رفعه في وقت ، وأرسله أو وقفه في وقت فالصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر وأحفظ ، لأنه زيادة ثقة وهي مقبولة ، وهي طريقة الأصوليين والفقهاء والبخاري ومسلم ومحققي المحدثين ، وصححه الخطيب البغدادي - كما قال النووي - (3).7.

ص: 82


1- تحفة الأحوذي 1 / 275.
2- النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح : 88.
3- شرح صحيح مسلم 1 / 47 و 4 / 147.

ومن هنا ظهر بطلان تعلق بعضهم (1) بإعلال الدارقطني لحديث الباب

حيث تكلم عليه في العلل ، فقال : هو حديث يرويه سلمة بن كهيل ، واختلف عنه فرواه شريك عن سلمة ، عن الصنابحي ، عن علي عليه السلام ، واختلف عن شريك فقيل : عنه ، عن سلمة ، عن رجل ، عن الصنابحي ، ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي ولم يسنده ، قال : والحديث مضطرب غير ثابت ، وسلمة لم يسمع من الصنابحي (2). انتهى.

فإنه لا مانع - من حيث الطبقة - أن يروي سلمة بن كهيل عن الصنابحي ، فإن ثبت عدم سماعه منه - كما زعم الدارقطني - فإن المحذوف من سلسلة الإسناد هو سويد بن غفلة ، كما أنه هو الذي ورد مبهما في الطريق الآخر الذي ساقه الدارقطني - كما علم من الأسانيد المتقدمة - فلا يعد ذلك اضطرابا في السند للعلم بالواسطة المحذوفة.

وقد تحصل من ذلك أن الحديث متصل الإسناد ، وأن ما وقع فيه من الانقطاع والاضطراب الحادث فإنما هو من وهم بعض الرواة ، وأن حكم الدارقطني باضطراب الحديث وعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبني على مذهبه من أنه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع ، أو إرسال واتصال حكم بالوقف والإرسال ، وهذه قاعدة ضعيفة ممنوعة عند المحققين (3) ، وقد عرفت مذهبهم الصحيح في ذلك. 7.

ص: 83


1- النقد الصريح : 106 ، هامش «مختصر استدراك الذهبي على مستدرك الحاكم» 3 / 1386.
2- العلل - للدارقطني - 3 / 247 - 248.
3- شرح صحيح مسلم 4 / 146 - 147.

ولعل في قول الترمذي : «وفي الباب عن ابن عباس» ، إشارة إلى أن الحديث وإن كان في سنده مقال - عند بعضهم - إلا أن وروده من طريق آخر عن ابن عباس يجبر ذلك ، فتأمل.

وبالجملة ، فلم يأت أبو الفرج ابن الجوزي ولا غيره ممن رد هذا الحديث وأبطله بعلة قادحة في حديث شريك سوى دعوى الوضع دفعا بالصدر - كما قال الحافظ أبو سعيد صلاح الدين العلائي (1) -.

هذا كله في ما يتعلق بحديث أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الصنابحي.

2 - وأما حديثه عليه السلام من طريق كاتبه عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد أخرجه الإمام الشريف محمد بن علي الحسني في كتاب من روى عن زيد بن علي الشهيد من التابعين (2) عن الحسن بن زيد ، عن زيد بن الحسن السبط ، عن زيد بن علي الشهيد ، عن علي بن الحسين ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي عليه السلام.

والحسني هذا أثنى عليه الذهبي في سير أعلام النبلاء (3) ، وحكى عن شيرويه أنه قال : ثقة صدوق.

والحسن بن زيد من رجال النسائي ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (4) ووثقه العجلي وابن سعد (5). 0.

ص: 84


1- اللآلئ المصنوعة 1 / 334.
2- دفع الارتياب عن حديث الباب : 57.
3- سير أعلام النبلاء 17 / 77 - 78 رقم 43.
4- الثقات 6 / 160.
5- تهذيب التهذيب 1 / 489 - 490.

وأبوه زيد بن الحسن ذكره ابن حبان في الثقات (1) وكان من سادات بني هاشم ، وقال ابن حجر في التقريب : ثقة جليل (2).

وزيد بن علي الشهيد أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي عليه السلام وابن ماجة ، وذكره ابن حبان في الثقات (3).

وعلي بن الحسين زين العابدين عليه السلام احتج به الجماعة ، واتفق الأئمة على توثيقه.

وعبيد الله بن أبي رافع أخرج له الستة ، وقال أبو حاتم والخطيب : ثقة.

وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث ، وذكره ابن حبان في الثقات (4).

وقال ابن تيمية في الفرقان (5) : إنه من الصادقين كالحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية وعبيدة السلماني.

3 - وأما حديث الشعبي عن علي عليه السلام ، فقد أخرجه أبو بكر بن مردويه في المناقب من حديث الحسن بن محمد ، عن جرير ، عن محمد ابن قيس ، عن الشعبي ، عن علي عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها (6).

قال ابن الجوزي (7) : محمد بن قيس مجهول. 3.

ص: 85


1- الثقات 4 / 245.
2- تهذيب التهذيب 2 / 237 ، تقريب التهذيب 1 / 274.
3- تهذيب التهذيب 2 / 244 ، الثقات 4 / 251.
4- الثقات 5 / 68.
5- الفرقان : 26.
6- الموضوعات 1 / 350 ، اللآلئ المصنوعة 1 / 329.
7- الموضوعات 1 / 353.

قلت :

هذا جهل من ابن الجوزي وظلمة فوق ظلماته ، فإن محمد بن قيس هذا ، هو الأسدي الوالبي الذي روى عن سلمة بن كهيل وعامر الشعبي وجماعة ، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي.

قال أحمد بن حنبل : كان وكيع إذا حدثنا عن محمد بن قيس الأسدي قال : وكان من الثقات.

وقال عبد الله بن أحمد : سئل أبي عن محمد بن قيس الأسدي ، فقال : ثقة لا يشك فيه.

وقال ابن معين وابن المديني وأبو داود والنسائي وابن سعد ويعقوب ابن سفيان : ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات (1). انتهى.

بل لو كان ابن قيس مجهولا - كما زعم ابن الجوزي - لما ساغ له إيراد حديثه في الموضوعات ، لأن جهالة حال الراوي لا تقتضي وضع حديثه ، ولكن أبا الفرج حاطب ليل لا يميز بين الغث والسمين ، ولا يدري ما يخرج من رأسه (2) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فلم يبق في سند هذا الحديث مطعن ولا مغمز سوى دعوى الإرسال ، فإن الشعبي لم يسمع عليا عليه السلام - كما قيل (3) -.

وتحقيق الحق في المقام يستدعي الكلام على ذلك بما يحتمله هذا الجزء.9.

ص: 86


1- تهذيب الكمال 26 / 318 - 320 ، تهذيب التهذيب 5 / 264 ، الثقات 7 / 427.
2- فتح الملك العلي : 160.
3- لسان الميزان 6 / 509.

فنقول - وبالله تعالى التوفيق - :

إن رواية الشعبي عن علي عليه السلام ثابتة عند القوم بلا ريب ، كما في

حديث رجم شراحة الهمدانية الذي أخرجه البخاري في صحيحه (1) ، وقد جزموا باتصاله لثبوت اللقاء ، وكونه على عهد علي عليه السلام قد ناهز العشرين سنة ، فجاز أن يكون قد سمع حديث الباب أيضا من علي عليه السلام فيحمل على الاتصال ، ويبطل قول الدارقطني : إنه لم يسمع من علي عليه السلام غير الحديث المذكور (2).

ومما يعكر على دعوى الدارقطني ، أن الشعبي روى عن خلائق من الصحابة - كما يعلم ذلك من ترجمته في تهذيب الكمال - بل قد حكي عنه

أنه قال : أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولون : علي وطلحة والزبير في الجنة (3).

فيبعد حينئذ أن لا يكون قد سمع من علي عليه السلام سوى حديثه في الرجم ، مع ثبوت لقائه وسماعه ، وكونه في سن التحمل ، فتأمل.

ولو تنزلنا ، فإن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحته - كما هو مختار الشافعي (4) - وقد عرفت أن هذا الحديث مخرج من وجه آخر بإسناد متصل صحيح.

بل إن حديث الشعبي لو لم يسند من وجه آخر ، لكان صحيحا 7.

ص: 87


1- صحيح البخاري 8 / 204 ، فتح الباري 23 / 290 ح 11 ، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة - باب رجم المحصن. التبيان 1 / 16 - 17 من المقدمة.
2- فتح الباري 12 / 121 ، تهذيب التهذيب 3 / 48.
3- تهذيب الكمال 14 / 34 ، تهذيب التهذيب 3 / 47.
4- جامع التحصيل في أحكام المراسيل : 37.

مقبولا أيضا ، فإن منهم من قبل مراسيل التابعين على اختلاف طبقاتهم ، وهذا هو الذي يقول به مالك وجمهور أصحابه وأحمد وكل من يقبل المرسل من أهل الحديث (1).

ومنهم : من خص القبول بمراسيل كبار التابعين دون صغارهم الذين تقل روايتهم عن الصحابة - كما حكاه ابن عبد البر (2) -.

ومنهم : من فرق بين من عرف من عادته أنه لا يروي إلا عن ثقة فيقبل مرسله ، وبين من عرف أنه يرسل عن كل أحد سواء كان ثقة أو ضعيفا فلا يقبل مرسله ، وهذا اختيار جماعة كثيرين من أئمة الجرح والتعديل كيحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني وغيرهما (3) ، واختاره العلائي في جامع التحصيل (4).

قلت :

فعلى كل واحد من هذه الأقوال يتعين الأخذ بمراسيل الشعبي ، بل إن مراسيله قد اتصفت - عند العلماء - بالصحة ، وامتازت بالقبول مطلقا.

قال العجلي : مرسل الشعبي صحيح ، لا يرسل إلا صحيحا (5).

وأخرج الشيخ الإمام أبو جعفر الطوسي رحمه الله حديث الباب في 8.

ص: 88


1- جامع التحصيل في أحكام المراسيل : 28.
2- جامع التحصيل في أحكام المراسيل : 28.
3- جامع التحصيل في أحكام المراسيل : 33.
4- جامع التحصيل في أحكام المراسيل : 96.
5- تاريخ الثقات : 244 ، تهذيب التهذيب 3 / 48.

أماليه (1) من طريق أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام ، عن أبيه عليه السلام ، قال أبو جعفر رحمه الله : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ، قال : أخبرنا محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني ، قال : حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد ، حدثنا أحمد بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، عن علي بن الحسين عليه السلام ، عن الحسين بن علي عليه السلام ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وأنت يا علي بابها .. الحديث.

وقد تبين مما ذكرنا أن حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام ثابت بلا ريب ولا شبهة ، فالمنازع في ذلك مكابر متعنت ، لا ينبغي الإصغاء إلى هذيانه ، ولا إلقاء السمع إلى زخرف قوله وبيانه.

وإذا لم تر الهلال فسلم

لأناس رأوه بالأبصار

* * * 4.

ص: 89


1- أمالي الطوسي : 431 ح 964.

فصل

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه ، فقد أخرجه الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

وقد رواه عن الأعمش أبو معاوية الضرير ، وعيسى بن يونس.

ورواه عن أبي معاوية عمر بن إسماعيل بن مجالد ، وموسى بن محمد الأنصاري الكوفي ، ومحمد بن الطفيل.

أما رواية عمر بن إسماعيل ، فأخرجها الخطيب في تاريخ بغداد (1) ، قال : أخبرنا علي بن أبي علي المعدل ، وعبيد الله بن محمد بن عبيد الله النجار ، قالا : حدثنا محمد بن المظفر ، حدثنا أحمد بن عبيد الله بن سابور ، حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد ، حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب.

وأخرجها العقيلي أيضا في ترجمته ، قال : حدثنا محمد بن هشام ، حدثنا عمر بن إسماعيل به.

وأما رواية موسى بن محمد الأنصاري ، فأخرجها خيثمة بن سليمان في الفضائل ، قال : حدثنا ابن عوف ، حدثنا محفوظ بن بحر ، حدثنا موسى ابن محمد الأنصاري الكوفي ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها.4.

ص: 90


1- تاريخ بغداد 11 / 204.

وأما رواية ابن الطفيل ، فأخرجها ابن المغازلي في المناقب (1) ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن لؤلؤ ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا محمد بن جعفر الكوفي ، عن محمد بن الطفيل ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب.

وأما رواية عيسى بن يونس عن الأعمش ، فقد أخرجها ابن عدي في الكامل (2) ، قال : حدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا ، حدثنا عثمان بن عبد الله الأموي ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها.

قلت :

حديث ابن عباس رضي الله عنه قد روي عنه أيضا بلفظ : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وهو بمعنى حديث الباب ، وقد جمع طرقه وصححه وبسط القول فيه بما لا مزيد عليه خاتمة الحفاظ والمحدثين الإمام شهاب الدين أبو الفيض أحمد بن الصديق الحسني الغماري المغربي في جزء حافل سماه فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي عليه السلام أرغم به آناف النواصب ، وأذاقهم ببديع تحقيقاته العذاب الواصب ، فلله تعالى دره وعليه أجره (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل 7.

ص: 91


1- المناقب : 86.
2- الكامل 5 / 177.

العظيم) (1).

هذا ، وقد قال الحافظ صلاح الدين العلائي في آخر كلامه على الحديث في النقد الصحيح (2) : والحاصل أن الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به ، ولا يكون ضعيفا فضلا عن أن يكون موضوعا.

قال : ولم أجد لمن ذكره في الموضوعات طعنا مؤثرا في هذين السندين ، وبالله التوفيق. انتهى.

(فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) (3).

* * * 5.

ص: 92


1- سورة الجمعة 62 : 4.
2- النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح : 88.
3- سورة الأنعام 6 : 45.

فصل

وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه ، فقد أخرجه أبو الحسن ابن شاذان في فضائل علي عليه السلام ، قال : أنبأنا محمد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي ، أنبأنا الحسين بن عبد الله التميمي ، أنبأنا حبيب بن النعمان ، عن جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت إلى بابها (1).

وأخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه (2) من طريق الدارقطني : حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي به.

وابن عساكر في تاريخ دمشق (3) من طريق الدارقطني أيضا : أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني به.

ولحديث جابر طريق آخر أخرجه العاصمي في زين الفتى (4) ، قال : أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن نصر ، قال : أخبرنا الشيخ إبراهيم بن أحمد الحلواني ، عن محمود بن محمد بن رجاء ، عن المأمون بن أحمد وعمار بن عبد الحميد وسليمان بن خميرويه ، عن 0.

ص: 93


1- فتح الملك العلي : 59.
2- تلخيص المتشابه 1 / 162.
3- تاريخ دمشق - ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - 2 / 476.
4- نفحات الأزهار 10 / 330.

محمد بن كرام ، عن أحمد بن محمد بن فضيل ، عن زياد بن زياد ، عن عبيد بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أنا دار الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب.

وبالجملة : فإن تعدد مخارج حديث الباب وكثرة طرقه مما يوجب القطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث ، والله تعالى أعلم.

* * *

ص: 94

فصل

إذا تقرر لديك ما ذكرنا ، وتحققت أن حديث الباب من أصح الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعلم أن النقاد من أهل الحديث

قد اختلفوا فيه ، فمنهم من صححه ومنهم من حسنه.

فممن صححه الإمام الحافظ محمد بن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1) حيث قال : هذا خبر صحيح سنده.

وقال الحافظ جلال الدين السيوطي في الجامع الكبير (2) : كنت أجبت دهرا عن هذا الحديث - يعني حديث : أنا مدينة العلم وعلي بابها - بأنه حسن إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي عليه السلام في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس ، فاستخرت الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحيح. انتهى.

وصححه أبو الفيض شهاب الدين أحمد بن الصديق الغماري - من الحفاظ المتأخرين - في فتح الملك العلي (3).

وحكى جماعة عن أبي عيسى الترمذي تحسينه - كما مر - وبذلك جزم الحافظ أبو سعيد العلائي أيضا.

وأورده الإمام الحافظ أبو الخير شمس الدين ابن الجزري في أسنى6.

ص: 95


1- تهذيب الآثار 4 / 104.
2- فتح الملك العلي : 164.
3- فتح الملك العلي : 55 - 56.

المطالب (1) وقد ذكر في خطبة كتابه أنه جمع فيه ما تواتر وصح وحسن من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (2) ، فأقل أحوال هذا الحديث أن يكون حسنا عنده ، بمقتضى ما ذكر.

وقال الحافظ ابن حجر في أجوبته عما اعترض عليه من أحاديث المصابيح (3) : إن هذا الحديث ضعيف ويجوز أن يحسن ، ثم ذكر في آخر أجوبته : أن تلك الأحاديث التي ادعي وضعها - ومنها حديث الباب - لم يتبين أن فيها حديثا واحدا يتأتى الحكم عليه بالوضع. انتهى.

ونقل العزيزي في السراج المنير (4) عن شيخه محمد حجازي الشعراني الواعظ أنه حسن هذا الحديث في شرحه على الجامع الصغير الموسوم ب : فتح المولى البصير.

وقال السندروسي في الكشف الإلهي (5) : زعم ابن الجوزي وضعه ، وليس كما زعم ، بل حديث حسن ، إذ ليس في سنده كذاب ولا متهم - كما بين في محله -. انتهى.

هذا ، وقد أغرب محدث الأوراق والصحف محمد ناصر الدين بن نوح الألباني ، وأعرب عن قصوره وجهله الفاضح حيث ضعف حديث الترمذي في ضعيف سنن الترمذي (6) وحكم بوضعه في ضعيف الجامع 1.

ص: 96


1- أسنى المطالب : 70.
2- أسنى المطالب : 45.
3- أجوبة ابن حجر عن أحاديث المصابيح ، المطبوع ضمن مشكاة المصابيح - ط دار الأرقم / بيروت - 2 / 555.
4- السراج المنير 2 / 68.
5- الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي 1 / 222.
6- ضعيف سنن الترمذي : 501.

الصغير (1) مع أن السيوطي لم يعزه في الجامع إلا للترمذي ، وهذا من فرط جهله المطبق ، وكم له في حكمه على الأحاديث من تناقضات بينة ، ومجازفات غير هينة ، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، والله المستعان.

وكأنه قلد في ذلك أبا العباس ابن تيمية الحراني - عليه من الله ما يستحق - إذ قال في حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها ..» : هذا حديث ضعيف بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث ، لكن قد رواه الترمذي وغيره ، ومع هذا فكذب (2). انتهى.

قلت :

فانظر - يرحمك الله - إلى هذا الشقي المخذول كيف ضعف الحديث أولا ، ثم ترقى إلى إبطاله والحكم بوضعه ، وجل نواصب العصر عيال على هذا الشيخ الضال ، يتعبدون ببواطيله ، ويتشبثون بأضاليله ، ويحسبونها وحيا منزلا (ألا ساء ما يزرون) (3).

وما هذه إلا نزعة ناصبية مقيتة درج عليها أولياء الشيطان إلى هذا العهد ، فلا تراهم يتوقفون في إبطال ما ورد في فضل أمير المؤمنين عليه السلام ولو بلغ الحديث مبلغ التواتر ، ومن تتبع صنيعهم في ذلك رأى العجب العجاب ، وقد مر عليك قول الذهبي في حديث الباب - إذ لم يجد في سنده مغمزا ولله الحمد - : «ما أدري من وضعه؟!» ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي 5.

ص: 97


1- ضعيف الجامع الصغير : 189.
2- الأحاديث الموضوعة : 40.
3- سورة النحل 16 : 25.

العظيم (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) (1).

وليت شعري ، من هم أهل المعرفة بالحديث الذين حكموا على هذا الحديث بالوضع؟! هل يعني بهم من كان بجهته من نواصب الشام؟! فإن هؤلاء لا يعدون شيئا عند أهل هذا الشأن لا سيما في مثل هذه الأحاديث.

أم يريد ابن الجوزي وأضرابه من جهلة المحدثين؟! وهؤلاء عذرهم نصبهم أو جهلهم.

على أن يحيى بن معين - إمام أهل الجرح والتعديل - والحاكم النيسابوري وأبو محمد السمرقندي وغيرهم من أهل المعرفة بالحديث قد حكموا بصحة حديث : أنا مدينة العلم وعلي بابها ... ، الذي زعم ابن تيمية - زورا وبهتانا - حكم أهل الحديث عليه بالوضع.

ثم إنه لم يبد أي علة قادحة في حديث الترمذي سوى أنه كذب ، وهذه دعوى يهون على كل معتوه التفوه بها ، لكن هل يقام لها وزن عند نياقدة الحديث وصيارفته؟! اللهم لا.

وقد عرفت في ما سبق أن هؤلاء الضلال لما حجب عنهم نور الإيمان ، واستولى على قلوبهم القاسية سلطان الشيطان ، استنكروا هذا الحديث وعدوه كذبا ، وما علموا أنهم برده إنما كذبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإلى الله المشتكى من صنيع هؤلاء ..

وأما قوله : «لكن قد رواه الترمذي وغيره» ، فهو مما تقوم به الحجة عليه ، وذلك أن أبا عيسى قال : صنفت كتابي هذا فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على 8.

ص: 98


1- سورة آل عمران 3 : 118.

علماء خراسان فرضوا به ، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم (1). انتهى.

وقال الترمذي أيضا : جميع ما في هذا الكتاب من الحديث هو معمول به ، وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين : حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة ، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر ، وحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه (2). انتهى.

فكيف ساغ لابن تيمية أن ينسب الحكم بالوضع والاختلاق لأهل المعرفة بالحديث ، وكأنه يريد اتفاقهم على ذلك؟!!

أليس هؤلاء العلماء الذين عرض عليهم كتاب الترمذي أهل معرفة بالحديث؟!! (سبحانك هذا بهتان عظيم) (3).

هذا ، مع أن الحاكم والخطيب البغدادي والحافظين قد أطلقوا الصحة على جميع أحاديث جامع الترمذي (4) ، فينبغي - على هذا - أن يكون حديث الباب صحيحا عندهم.

وقال ابن الأثير في شأن جامع الترمذي : كتابه الصحيح أحسن الكتب وأكثرها فائدة (5). 4.

ص: 99


1- تذكرة الحفاظ 2 / 634 ترجمة الترمذي.
2- الجامع الصحيح 5 / 736 كتاب العلل.
3- سورة النور 24 : 16.
4- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ، راجع : الإمام المهدي عند أهل السنة 2 / 242.
5- جامع الأصول 1 / 114.

فانظر - يرحمك الله - إلى وصف كتابه بالصحة ، ثم أعجب من ابن تيمية وأشياعه ، وحثالات أنصاره وأتباعه.

وقال أبو العلى المباركفوري في تحفة الأحوذي (1) : الأحاديث الضعاف موجودة في جامع الترمذي ، وقد بين الترمذي نفسه ضعفها ، وأبان علتها ، وأما وجود الموضوع فيه فكلا ثم كلا. انتهى.

* * *

هذا آخر ما يسر الله تعالى لنا إيراده في هذا المختصر.

و (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق) (2).

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد أشرف الخلق ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، الأئمة الهادين ، وخيار أصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وقد حصل الفراغ من تسويده قبيل عشاء ليلة الاثنين رابع عشر شهر ربيع الآخر من شهور سنة ثماني عشرة وأربع مئة وألف بدار العلم والإيمان (قم) صانها الله عن طوارق الحدثان ونوائب الزمان ، على يد العبد الفقير الآثم الحسن بن صادق بن هاشم الحسيني آل المجدد الشيرازي ، عفا الله تعالى عنه وغفر له ولوالديه ولمشايخه وللمؤمنين ، حامدا مصليا مسلما. 3.

ص: 100


1- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1 / 290 من المقدمة.
2- سورة الأعراف 7 : 43.

المصادر

1 - إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ، للعلامة المحدث السيد أحمد بن محمد بن الصديق الغماري - ط مطبعة الترقي / دمشق سنة 1347 ه.

2 - الأحاديث الموضوعة ، لأحمد بن تيمية - تحقيق محمود الأرناؤوط - ط مكتبة دار العروبة / الكويت ، الطبعة الأولى ، سنة 1408 ه.

3 - أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، لشمس الدين محمد الجزري - تحقيق محمد هادي الأميني - ط مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام / أصبهان.

4 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي - ط مطبعة السعادة / مصر ، سنة 1349 ه.

5 - تاريخ الثقات ، لأحمد بن عبد الله العجلي - ط دار الكتب العلمية / بيروت ، سنة 1405 ه.

6 - تاريخ دمشق ، للحافظ ابن عساكر - تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي - ط دار التعارف / بيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1395 ه.

7 - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ، لأبي العلى المباركفوري - ط دار الكتب العلمية / بيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1410 ه.

8 - تذكرة الحفاظ ، لشمس الدين الذهبي - ط حيدرآباد سنة 1377 ه.

9 - تقريب التهذيب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني.

10 - تلخيص المتشابه في الرسم ، للخطيب البغدادي - تحقيق سكينة الشهابي.

11 - تهذيب الآثار ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري - تحقيق محمود

ص: 101

محمد شاكر - ط مطبعة المدني.

12 - تهذيب التهذيب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني - ط دار إحياء التراث العربي / بيروت ، سنة 1412 ه.

13 - تهذيب الكمال ، لجمال الدين أبي الحجاج المزي - تحقيق بشار عواد معروف - ط مؤسسة الرسالة ، سنة 1405 ه.

14 - جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لابن الأثير الجزري - تحقيق محمد حامد الفقي - الطبعة الأولى ، سنة 1370 ه.

15 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل ، لصلاح الدين العلائي - تحقيق حمدي السلفي - عالم الكتب / بيروت ، سنة 1407 ه.

16 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأبي نعيم الأصبهاني - ط مطبعة السعادة / مصر ، سنة 1351 ه.

17 - دفع الارتياب عن حديث الباب ، لعلي بن محمد بن طاهر العلوي - ط دار القرآن الكريم / قم.

18 - السراج المنير في شرح الجامع الصغير ، للعزيزي - ط مطبعة البابي الحلبي / مصر ، الطبعة الثالثة ، سنة 1377 ه.

19 - سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي.

20 - سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي.

21 - شرح صحيح مسلم ، لمحيي الدين النووي.

22 - ضعيف الجامع الصغير ، لمحمد ناصر الدين الألباني - ط المكتب الإسلامي / بيروت ، الطبعة الثالثة ، سنة 1410 ه.

23 - ضعيف سنن الترمذي ، للألباني ، الطبعة الأولى ، سنة 1411 ه.

ص: 102

24 - العلل ، للدارقطني - تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السلفي - ط دار طيبة / الرياض ، الطبعة الأولى ، سنة 1405 ه.

25 - العلل الكبير ، لمحمد بن عيسى الترمذي.

26 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لشهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني - ط دار الريان للتراث / مصر ، سنة 1407 ه.

27 - فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي عليه السلام ، للعلامة المحدث السيد أحمد بن الصديق الغماري - ط النجف.

28 - الفرقان ، لأحمد بن تيمية - مطبعة الإمام / مصر ، أوفسيت منشورات مكتبة بسام / الموصل ، سنة 1990 م.

29 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ، للشوكاني - تحقيق عبد الرحمن المعلمي - ط مطبعة السنة المحمدية ، أوفسيت دار الكتب العلمية / بيروت.

30 - الكامل في ضعفاء الرجال ، لابن عدي ، دار الفكر / بيروت - الطبعة الثالثة ، سنة 1409 ه.

31 - الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي ، لمحمد بن محمد الطرابلسي السندروسي - ط مكتبة الطالب الجامعي / مكة المكرمة - تحقيق محمد محمود أحمد بكار.

32 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، للحافظ الكنجي - تحقيق محمد هادي الأميني - ط المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف ، الطبعة الثانية ، سنة 1390 ه.

33 - اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، للحافظ جلال الدين السيوطي ، أوفسيت دار المعرفة / بيروت ، سنة 1403 ه.

ص: 103

34 - لسان الميزان ، للحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني - ط حيدرآباد ، سنة 1331 ه.

35 - مختصر استدراك الذهبي على مستدرك الحاكم ، لابن الملقن - تحقيق سعد آل حميد -.

36 - المستدرك على الصحيحين ، للحاكم النيسابوري - ط حيدرآباد ، سنة 1344 ه.

37 - مشكاة المصابيح ، للخطيب التبريزي - ط المكتب الإسلامي / دمشق ، سنة 1382 ه - تحقيق محمد ناصر الدين الألباني.

38 - مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، للفقيه ابن المغازلي الشافعي - ط دار الأضواء / بيروت ، الطبعة الثانية ، سنة 1412 ه.

39 - مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، للإمام أحمد بن حنبل.

40 - الموضوعات ، لأبي الفرج ابن الجوزي - تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان - ط دار الفكر / بيروت ، الطبعة الثانية ، سنة 1403 ه.

41 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، لشمس الدين الذهبي - تحقيق علي محمد البجاوي - ط دار المعرفة / بيروت.

42 - نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ، للسيد علي الحسيني الميلاني ط قم سنة 1414 ه.

43 - النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح ، للحافظ صلاح الدين العلائي - تحقيق محمود سعيد ممدوح - ط دار الإمام مسلم ، الطبعة الأولى ، سنة 1410 ه.

44 - النقد الصريح لأجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المصابيح ، لعمرو بن عبد المنعم ، الطبعة الأولى ، سنة 1414 ه.

ص: 104

فهرس مخطوطات مكتبة القائيني (3)

الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي

(247)

قصص

الأنبياء

(تاريخ - فارسي)

تأليف :؟

تشتمل النسخة على قصة إبليس والسجود لآدم ، وأول ما خلق الله تعالى ، خلق القمر والنجوم ، خلق الأرض ، أول من سكن الأرض ، خلق آدم وحواء ، تزويجهما ، مجئ إبليس عند آدم ، قصة آدم وحواء في الجنة ، خروجهما منها ، قصة قتل قابيل هابيل ، قصة شيث ، إدريس ، نوح ، هود ، ذكر شداد وعاد ، قصة صالح ، هلاك ثمود ، قصة إبراهيم ، هجرة إبراهيم وسارة ، مولد إسماعيل ، ذبح إسماعيل ، قصة إسكان إسماعيل وهاجر عند البيت ، بناء البيت.

* الناسخ :؟ ، الخط يرجع إلى النصف الأول من القرن

التاسع ، العناوين كتبت بالخط الأسود المخلوط بالأخضر ،

الآيات بالخط الأحمر ، وبعضها بالأخضر وينقل المؤلف عن

محمد بن علي البزاز ، ابن أعثم ، كتاب سبعيات

شعراني ، سفينة

الشاشي ، تكملة اللطائف ، كتاب العجائب

، أوصاف الأنبياء ،

ص: 105

أنصاف

الأوصاف.

(248)

القصيدة

الطنطرانية

(شعر - عربي)

نظم : معين الدين أبي نصر أحمد بن عبد الرزاق الطنطراني (ت قبل 485).

القصيدة في مدح نظام الملك الوزير.

أولها : يا خلي البال قد بلبلت بالبال بال.

آخرها : دولة غراء فيها أدوم الألطاف طاف.

* تاريخ الكتابة :؟

(249)

قصيدة

(شعر - فارسي)

تأليف : السيد زيرك حسين النقوي المتخلص ب : «رضي» ، الملقب ب : «ضياء الإسلام».

القصيدة في مدح السلطان محمد علي شاه القاجار.

أولها :

هست طهران اين زمان چون روضه خلدبرين

از ورود خسرو باذل شه دنيا ودين

آخرها : در دو عالم برسرت دست أمير المؤمنين.

* النسخة بخط المؤلف ، وعليها صورة تمثال ، وخطها

نستعليق جيد.

ص: 106

(250)

قطر

الندى

(نحو - عربي)

تأليف : أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام النحوي (ت 762).

مقدمة في علم النحو.

أوله : الحمد لله رافع الدرجات لمن انخفض ...

* الناسخ : محمد كريم بن قاسم علي ، سنة 1183.

(251)

* نسخة ثانية ، تاريخ كتابتها : سنة 1118.

(252)

قواعد

الأحكام

(فقه - عربي)

تأليف : العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن المطهر (ت 726).

قيل إن عدد مسائل القواعد ستمائة وستين في الفقه ، لخص فيها فتاواه ، وبين قواعد الأحكام بالتماس ولده فخر المحققين.

أوله : الحمد لله على سوابغ النعماء ، وترادف الآلاء ، المتفضل بإرسال الأنبياء ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، تشتمل على المجلد الثاني ،

عليها آثار

البلاغ والمقابلة ، على الصفحة الأولى ذكر موضوع الاستخارة

وأنه كان حاضرا في مجلس الشيخ البهائي ، عليها حواش كثيرة ،

وتملك محمد جعفر البيدكلي.

ص: 107

(253)

* نسخة ثانية ، ناسخها : وفادار علي بن ظهير الدين

التبريزي الأنصاري ، سنة 1047.

(254)

* نسخة ثالثة ، ناسخها : محمد المدعو ب : محسن بن

بهاء الدين ، سنة 1086 ، تشتمل على المجلد الأول ، عليها آثار

البلاغ ، وهي كثيرة الحواشي.

(255)

الكافي

(حديث - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام الشيخ الكليني ، محمد بن يعقوب (ت 328).

وهو من أجل الكتب الأربعة والأصول المعتمدة ، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول عليهم السلام.

* الناسخ : قاسم بن حافظ پير حسين الكمره إي ، سنة

984 ، عليها تملك شاه مرتضى وابنه الملا محسن الفيض

الكاشاني مؤلف الوافي ، وعليها آثار البلاغ والمقابلة.

(256)

* نسخة ثانية تشتمل على كتاب المعيشة إلى آخر

الروضة ،

ناسخها : محمد المشتهر ب : إبراهيم بن محمد بن ضمير

الجرفادقاني ، سنة 1071 ، عليها تملك محمد بن الحسن

ص: 108

المراغي سنة 1271 ، والسيد علي بن محمد كاظم

المراغي

سنة 1139.

(257)

* نسخة ثالثة ، تشتمل على الروضة من أصول الكافي ،

ناسخها : محمد حسين بن السيد فتاح الحسيني النطنزي

الأصفهاني ، وميز فيها الحديث الصحيح من الضعيف.

(258)

* نسخة رابعة ، تشتمل على باب الحجة والعشرة ،

ناسخها : محمد خضر بن محمد حسين الشوشتري المتخلص

ب : المخلص الخضري ، سنة 1134 ، له ترجمة في طبقات

أعلام الشيعة - ق 12 - : 240 ، عليها تملك محمد الجزائري.

(259)

* نسخة خامسة ، ناسخها : أبو القاسم بن جعفر بن

علاء الدين الحسيني الواعظ اليزدي سنة 1253 ، وكان

الاستنساخ في مجلس أستاذ الحكماء أحمد بن يحيى المتطبب.

(260)

* نسخة سادسة ، تشتمل على كتب الإيمان والكفر ،

الدعاء ، فضل القرآن ، الطهارة ، الحيض ، الجنائز ، العشرة.

ناسخها : أبو المفاخر الشهير خير الله بن علي بن

عبد الله ،

سنة 1078 ، والنسخة عليها حواش ، وآثار البلاغ والتصحيح.

ص: 109

(261)

كبرى

(منطق - فارسي)

تأليف : السيد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (ت 816).

في مسائل المنطق.

أوله : بدانكه آدمي را قوه ايست دراكه ...

* الناسخ : علي الذورقي ، سنة 1218.

(262)

* نسخة ثانية ، تاريخ كتابتها : سنة 1205.

(263)

كشف

اللثام

(فقه - عربي)

تأليف : بهاء الدين محمد بن الحسن الفاضل الهندي الأصفهاني (ت 1135).

شرح على قواعد الأحكام للعلامة الحلي ، تشتمل على كتاب النكاح وكتاب القضاء.

* الناسخ : علي بن فلاح الأصفهاني ، ذكر أنها نقلت

من

خط المؤلف سنة 1237.

(264)

كفاية

المقتصد

(فقه - عربي)

تأليف : المحقق محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري (ت 1090).

ص: 110

تتميم لكتاب الذخيرة ، حيث أجمل في أبواب العبادات اقتصارا على ما في الذخيرة ، وفصل أبواب المعاملات التي لم يكتب منها شيئا في الذخيرة.

يشتمل الكتاب على أول الطهارة إلى آخر المواريث.

* الناسخ :؟ ، عليها تملك محمد جمال الدين الكلائي

،

وخطه يشبه خط الكتاب.

(265)

كلمات

أمير المؤمنين عليه السلام

(أخبار - فارسي)

تأليف : حسين الگرگاني (كان حيا 1318).

رسالة تشتمل على نصائح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المنتخبة من التوراة ، ونصائح لقمان لابنه ، ومدائح النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة.

* النسخة بخط المؤلف حسين الگرگاني ، سنة 1318 ،

بخط جيد.

(266)

كنز

العرفان

(فقه القرآن - عربي)

تأليف : أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826).

تفسير لآيات الأحكام ، رتبه على مقدمة وجميع أبواب الفقه وخاتمة.

أوله : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، يظهر أن النسخة كانت في طائفة

الدشتكي ، عليها حواشي غياث الدين (ت 948) وابنه محمد

وحواشي آقا جمال ، وعليها آثار البلاغ وتاريخ 1120 و 1197.

ص: 111

(267)

كنوز

اللغات

(لغة - فارسي)

تأليف : محمد بن عبد الخالق بن معروف (ت 883).

في بيان اللغة العربية وترجمتها بالفارسية.

أوله : ابتداى هر سخن آن خوبتر در هر مقام ...

* تاريخ الكتابة : سنة 1046 ، في آخرها تملك محمد

حسن

الموسوي الشيرازي.

(268)

گلستان

(شعر - فارسي)

تأليف : مصلح الدين بن عبد الله السعدي الشيرازي (ت 691).

مرتب على ثمانية أبواب.

أوله : منت خداى را ...

* تاريخ الكتابة : سنة 979.

(269)

اللؤلؤة

الغرية في شرح الكفاية

(أصول - عربي)

تأليف : الشيخ محمد بن عبد الكريم الفاضل القائيني النجفي (ت 1405).

مرتب على مقدمة ومقاصد وخاتمة ، يقع في أربعة مجلدات ، وهو دورة كاملة في علم الأصول ، والشرح ليس مزجيا بل البحث مرتب على

ص: 112

نهج الكفاية.

أوله : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأولين ..

* النسخة بخط المؤلف ، فرغ منها سنة 1355 في النجف.

(270)

لب

اللباب

(تجويد - فارسي)

تأليف : محمد مؤمن بن عبد الرضا البفروئي الخطيب الموسوي اليزدي (كان حيا سنة 1060).

مرتبة على مقدمة و 25 فائدة وخاتمة ، وأكثر مسائل التجويد المذكورة فيها منقولة من قصيدة حرز الأماني للشاطبي ، ومن كتاب تلخيص النشر في القراءات العشر للجزري.

أولها : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبشيرا للمؤمنين ...

* النسخة بخط المؤلف ، سنة 1036 ، قرأها عليه سميه

محمد مؤمن البيدكلي ، وأنهاها بخطه.

(271)

اللوامع

القدسية

(حديث - فارسي)

تأليف : المولى محمد تقي المجلسي (1003 - 1070).

شرح على كتاب من لا يحضره الفقيه ، تشتمل على كتاب الزكاة والخمس والصوم.

أوله : الحمد لله رب العالمين .. جميع محامد واثنيه ..

آخره : كه در آن وقت دعاء كنند واگر دعاهاى منقول باشد بهتر است.

ص: 113

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملك آقا رضي الحسيني

سنة

1199 ، وتملك عبد الباقي الحسيني سنة 1219.

(272)

المبدأ

والمعاد

(فلسفة - عربي)

تأليف : المولى صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي (ت 1050).

مرتب على فنين ، أولهما : المبدأ والربوبيات في مقالات ، أولها في مبدأ الوجود ، والفن الثاني : المعاد في مقالات ، رابعها النبوات.

أوله : سبحانك اللهم يا مبدع المبادي والعلل ، وغاية الثواني والأول ..

* الناسخ : محسن التنكابني ، سنة 1238.

(273)

مجمع

البيان

(تفسير - عربي)

تأليف : أمين الإسلام ، الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548).

من فوائده تعيين كل سورة أنها مكية أو مدنية ، ثم ذكر مواضع الاختلاف في القراءة ، ثم يذكر اللغة ، ثم الإعراب ، ثم أسباب النزول ، ثم المعنى والتأويل والأحكام والقصص ، ثم يذكر انتظام الآيات.

أوله : الحمد لله الذي ارتفعت عن مطارح الفكر جلالته ، وجلت عن مطامح الهمم عزته ...

* الناسخ : عناية الله بن محمد زمان ، سنة 1057 ،

تشتمل

ص: 114

النسخة على سورة الرعد إلى أواسط سورة المؤمن ،

كتبت

الآيات بالخط الأحمر والتفسير بالخط الأسود.

(274)

مجمع

المعارف ومخزن العوارف

(حديث - فارسي)

تأليف : المولى محمد شفيع بن محمد صالح.

في أهوال يوم القيامة ، في خمسين موقفا ، مرتبا على اثني عشر عينا.

أوله : الحمد لله الجواد الكريم .. إنه بعد تأليف مفتاح الجنان رأى

النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وكأنه أشار بكتابة ما يتعلق بتلك العقبات فكتب هذا وجعله آخر روضات كتابه مفتاح الجنان.

* الناسخ : ميرزا حسن الكرمي ، سنة 1274.

(275)

مجمع

النوافل

(فقه - فارسي)

تأليف : محمد مؤمن بن عبد الرضا الخطيب البفروئي الموسوي اليزدي (كان حيا سنة 1060).

رسالة في كيفية نوافل الليالي والأيام ، وذكر بعض التعقيبات المأثورة ، مرتبة على مقدمة وخمسة أبواب وخاتمة.

أولها : الحمد لله الذي دلنا على جادة النجاة ...

آخرها : قد اتفق الفراغ من تأليف هذه النسخة المدعوة ب : مجمع النوافل في اليوم الثاني من الشهر الثاني من السنة السادسة من العشر الثالث من القرن الأول من المائة الحادية عشر من هجر العروض.

ص: 115

* النسخة بخط المؤلف سنة 1036.

(276)

مجموعة

(شعر - عربي / فارسي)

تشتمل على القصيدة الطنطرانية ، وقصيدة فتح علي خان ملك الشعراء ، جناب قائم مقام ، ساقى نامه عالي جناب ميرزا عبد الرسول ، بهاريات ، رزم وبزم ، مثنوى پير وجوان ميرزا نصير طبيب ، فراقنامه خواجو ، مثنوى آقا صادق تفرشي ، بيمار طبيب شيخ شريف اصفهاني ، وهدايت التقويم كتبت لأجل سليم خان ، تأليف : محمد باقر بن الحاج محمد الواعظ ، غديرية. عالى جناب آخوند مهر علي في مدح أمير المؤمنين منها :

أيها الخصم تذكر سندا

متنه صح بنص وخبر

إذ أتى أحمد في خم غدير

بعلي وعلى الرحل نبر

قال : من كنت أنا مولاه

فعلي له مولى ومفر

حرص الله بعينه ملكا

فض أفواه عداكم وكسر

سيما مالك ملك الإيران

شاهنا فتح علي شاه قجر

* الناسخ :؟ ، عليها تاريخ تولد سنة 1249 ، والنسخة

كتبت بخط نستعليق جيد.

(277)

مجموعة

(فقه - عربي)

تأليف :؟

ص: 116

تشتمل على كتاب الغصب ، الربا ، الوقف ، القضاء.

وفي موارد من كتاب الغصب يذكر المحقق الأنصاري ويعبر عنه ب : «دام ظله».

* النسخة بخط المؤلف ، والخط جيد.

(278)

المحاكمات

بين شرحي الإشارات

(فلسفة - عربي)

تأليف : قطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي (ت 766).

محاكمة بين شرحي الإشارات لابن سينا ، لفخر الدين الرازي والخواجة نصير الدين الطوسي في المنطق والإلهيات والطبيعيات.

* تاريخ الكتابة :؟ ، تشتمل على مباحث الإلهيات

ومسائل

الوجود ، والنسخة مجدولة ومذهبة ، عليها حواش لأحمد ،

ومير حيدر.

(279)

محرق

القلوب

(مقتل - فارسي)

تأليف : المولى مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني (ت 1209).

مقتل في ذكر مصاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأصحابه يوم الطف ، مرتب على مقدمة وعشرين مجلسا.

أوله : حمد وسپاس بى نهايت تحفهء بارگاه حكيمى است ...

* تاريخ الكتابة : سنة 1238.

ص: 117

(280)

مختصر

عدة الداعي

(أدعية - عربي)

تأليف : أحمد بن فهد الحلي (ت 841).

في آداب الداعي ، يشتمل على ثلاثة أبواب :

الأول في أسباب الإجابة ، الثاني الداعي ، الثالث في كيفية الدعاء.

أوله : الحمد لله موضح الرشاد ومرشد العباد ...

* الناسخ : محمد بن عبد الله الخوانساري الأصفهاني

، سنة

952.

(281)

المختصر

النافع

(فقه - عربي)

تأليف : المحقق الحلي ، الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن (ت 676).

مختصر حاو لمسائل الفقه ، العبادات : وتشمل الطهارة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، العقود : وتشمل أحكام المكاسب إلى النكاح ، الإيقاعات : وتشمل الطلاق إلى النذر ، الأحكام : وتشمل الصيد والذباحة إلى الديات.

أوله : الحمد لله الذي صغرت في عظمته عبادة العابدين ...

* الناسخ : حسن بن محمد بن عبد الله بن حلفايه ،

سنة

835 ، عليها آثار البلاغ.

ص: 118

(282)

* نسخة ثانية ، تاريخ كتابتها : سنة 1027 ، في

آخرها

رسالة في الفقه لإمام الحرمين.

(283)

* نسخة ثالثة ، تاريخ كتابتها : سنة 1122 ، عليها

تملك

محمد قاسم بن محمد مؤمن ، وأحمد البيدكلي.

(284)

* نسخة رابعة ، عليها حواشي (ح ل) من إملائه مد ظله

على العالمين.

(285)

مدارك

الأحكام

(فقه - عربي)

تأليف : السيد محمد بن علي الموسوي العاملي (ت 1009).

في شرح عبارات شرائع الإسلام ، خرج منه : العبادات إلى آخر كتاب الحج.

* تاريخ الكتابة :؟ ، تشتمل على كتاب الحج ، وفي

آخرها :

وكان الفراغ سنة 998.

ص: 119

(286)

المراسم

العلوية

(فقه - عربي)

تأليف : الشيخ أبي يعلى حمزة سلار (سالار) بن عبد العزيز الديلمي (ت 463).

كتاب مختصر لأحكام الشريعة التي يلزم معرفتها ، من كتاب الطهارة إلى كتاب الحدود.

أوله : الحمد لذي القدرة والسلطان والكرم ...

* الناسخ :؟ ، عليها آثار البلاغ والمقابلة.

(287)

مرآت

الرجال

(القافة - فارسي)

تأليف : المير السيد علي الهمداني (ت 786).

في علم القافة وعلامات ذلك ، وبيان أن كل عضو يدل على صفة في الإنسان.

أوله : حمد وسپاس بى قياس صانع حكيمى را سزاست كه ...

آخره : ودر سلك إنسان مخروط شود ونام آدميت برو صادق آيد.

* تاريخ الكتابة :؟

(288)

مرشد

العوام

(فقه - فارسي)

تأليف : الميرزا أبو القاسم القمي (ت 1231).

ص: 120

رسالة فارسية ، في أحكام الصلاة ، تشتمل على قواعد ، وكل قاعدة تشتمل على مناهج أولها في بيان مقدمات الصلاة ، والخاتمة في أحكام الجنائز.

* تاريخ الكتابة :؟

(289)

مزار

الشهيد

(أدعية - عربي)

تأليف : الشهيد السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي (ت 786).

يشتمل على بابين : الأول في الزيارات ، والثاني في أعمال الأمكنة والمشاهد المشرفة ، وخاتمة.

أوله : يا من جعل الحضور في مشاهد أصفيائه ، ذريعة إلى الفوز بدرجات أحبائه .. فهذا المنتخب موضوع لبيان ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، النسخة بخط جيد وقديمة.

(290)

المسائل

الناصرية

(فقه - عربي)

تأليف : الشريف المرتضى ، أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي (ت 436).

وهي سبع ومائتا مسألة منتزعة من فقه الناصرية ، تصنيف جد الشريف المرتضى لأمه ، وقد شرحها المرتضى وصححها واستدل على صحتها من الكتاب والسنة والإجماع.

ص: 121

أوله : الحمد لله على ما خص وعم من نعمة ...

* الناسخ :؟ ، عليها آثار البلاغ والمقابلة.

(291)

مسالك

الأفهام

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي العاملي (ت 965).

في شرح شرائع الإسلام ، على سبيل الحاشية في العبادات ، ثم بسط البحث في المعاملات.

أوله : الحمد لله الذي أوضح مسالك الأفهام ، إلى تنقيح شرائع الإسلام ...

* تاريخ الكتابة : سنة 971 ، تشتمل على كتاب النكاح.

(292)

* نسخة ثانية ، ناسخها : محمد بن زين الدين بن

معتوق ،

سنة 988 ، تشتمل على كتاب الصيد إلى الديات.

(293)

* نسخة ثالثة ، ناسخها : محمد مقيم بن محمد باقر

الأصفهاني ، سنة 1071 ، وهو تلميذ المجلسي الأول ، وله

تأليفات مذكورة في الذريعة ، وترجمة في طبقات أعلام

الشيعة - ق 11 - : 580.

ص: 122

(294)

مشيخة

من لا يحضره الفقيه

(رجال - عربي)

تأليف : محمد مؤمن بن عبد الرضا البفروئي اليزدي الخطيب الموسوي (كان حيا سنة 1060).

لما بنى الشيخ الصدوق ، أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي (ت 381) ، في الفقيه على اختصار الأسانيد وحذف أوائلها ، ذكر في «المشيخة» طريقه إلى من روى عنه.

والمولى البفروئي رتب هذه المشيخة على حروف المعجم.

* النسخة بخط المؤلف سنة 1060.

(295)

المصابيح

(فقه - عربي)

تأليف : السيد محمد ابن الأمير السيد علي الطباطبائي الحائري (ت 1242).

في الفقه ، يشتمل على كتاب الطهارة ، الصلاة ، البيع ، القرض والدين ، الرهن ، الحجر ، الضمان ، العارية ، الإجارة ، الجعالة ، الوكالة.

* تاريخ الكتابة :؟ ، كتابتها جيدة جدا.

(296)

مصابيح

القلوب

(أخلاق - فارسي)

تأليف : أبي سعيد الحسن بن الحسين الشيعي السبزواري (كان حيا

ص: 123

سنة 759).

ترجمة وشرح لثلاث وخمسين رواية نبوية في المواعظ ونوادر الحكم ، مع ذكر ما يناسب في ذلك الحديث ، في ثلاثة وخمسين فصلا.

أوله : شكر وثنا وحمد بي منتهى خداى را كه منزه است از ادراك أوهام ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها خط سنة 1260.

(297)

مصباح

الكفعمي

(أدعية - عربي)

تأليف : الشيخ الكفعمي ، تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن العاملي (ت 905).

ذكر في رقم 86 بعنوان : جنة الأمان الواقية ، وقد اختصر الشيخ الكفعمي كتابه هذا - في أربعين فصلا - وسمى مختصره : الجنة الواقية

والجنة الباقية.

* جاء في آخر النسخة : قد فرغ من تسويد هذه النسخة

العزيزة يوم الثلاثاء سادس شهر ربيع الثاني سنة 1101 ، وأنا

الفقير الحقير تقي بن محمد أمين خادم عفا الله عنهما.

(298)

مصباح

المتهجد

(أدعية - عربي)

تأليف : شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن الطوسي (ت 460).

في أعمال السنة ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية وما لا يتكرر ، وذكر

ص: 124

فصولا في أقسام العبادات ، وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقف ، وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف.

أوله : الحمد لله ولي الحمد ومستحقه ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، النسخة قديمة ، وهناك عبارة

في

وسط الكتاب جاء فيها : «إن الحواشي بخط الكفعمي».

(299)

مطالع

الأنوار

(فقه - عربي)

تأليف : السيد محمد باقر الشفتي الأصفهاني (ت 1260).

شرح شرائع الإسلام للمحقق الحلي (ت 676) ، خرج منه إلى آخر صلاة الأموات في خمسة مجلدات.

النسخة تشتمل على مبحث النية في الصلاة إلى تعقيبات الصلاة وتسبيح الزهراء عليها السلام.

* تاريخ الكتابة : سنة 1249.

(300)

مطلع

العرفان

(تفسير - عربي)

تأليف : غياث الدين منصور الدشتكي (ت 948).

تفسير آية من سورة بني إسرائيل (الإسراء) : (سبحان الذي أسرى بعبده ..) فيها إبانة لحقيقة المعراج الجسماني ، وأنه في اليقظة بلا تأويل ، تشتمل على مقدمة وأربعة أبواب : الأول في بيان الإمكان ، الثاني رد شبهة المنكرين وإزالة استبعاد المستبعدين ، الثالث تقرير الوقوع وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرج وصعد إلى فوق السماوات السبع بجسمه وبدنه الطاهر ، الرابع في

ص: 125

أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ما رأى بالرؤيا الظاهرة وأدرك ما أدرك من الحقائق العقلية بالرؤية الباطنة.

أوله : بعد حمد الله الذي بعث عبده رسولا ...

* تاريخ الكتابة : سنة 1060.

(301)

معالم

الأصول

(أصول - عربي)

تأليف : الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين - الشهيد الثاني - العاملي (ت 1011).

تشتمل على مقدمة ذات خطبة نفيسة ، ومقصدين وخاتمة.

أما المقصد الأول فهو في فضل العلم والعلماء ، والمقصد الثاني فهو في تسعة مطالب أصولية ضمنها آراءه الخاصة في معظم فصوله وأصوله ، بالإضافة إلى عرض مجموعة من الآراء لأساطين هذا الفن ، وأما الخاتمة فهي في التعادل والترجيح.

أوله : الحمد لله المتعالي في عز جلاله عن مطارح ...

* تاريخ الكتابة : سنة 1247 ، جيدة الخط ، عليها

تملك

عبد الرحيم بن محمد الحسيني سنة 1256.

(302)

معراج

نامه

(حديث - فارسي)

تأليف :؟

في معراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيان الأدلة التي تثبت أن المعراج كان

ص: 126

جسمانيا.

أوله : الحمد لله الذي خلق الأفلاك والأبراج ، وقدر فيها الشمس والقمر مثل السراج ...

* النسخة بخط المؤلف ، سنة 1258 مع رسالة له في

الصلاة والزكاة.

(303)

معرفة

التقويم

(تقويم - فارسي)

تأليف : نظام الدين عبد القادر بن حسن الروياني اللاهيجي (كان حيا سنة 925).

مرتبة على مقدمة وبابين ، المقدمة في علامات التقويم ، الباب الأول في علامات حروف الجمل في أربعة فصول. الباب الثاني في علامات الجمل في الكواكب في فصلين. والخاتمة في ما هو مدار الأحكام فيها في سبعة فصول.

أولها : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على نبيه محمد وآله أجمعين ، أما بعد : أين مختصريست در معرفة تقويم ...

آخرها : وخالي النسير خاصة كه از نجس منصرف بود هيچ كارى را نشايد والله أعلم.

* النسخة : مع مجموعة تاريخ كتابتها سنة 926.

(304)

* نسخة ثانية ، تاريخ كتابتها : سنة 1250.

ص: 127

(305)

مفاتيح

الشرائع

(فقه - عربي)

تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت 1091).

في العبادات والسياسات ، والعادات والمعاملات ، وهو يقع في مجلدين كل منهما يشتمل على ستة كتب وخاتمة ، وفي كل كتاب مقدمة وأبواب ، وفي كل باب مفاتيح.

أوله : الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام ...

* الناسخ : محمد تقي بن محمد قاسم الدماوندي ، سنة

1096 في المدرسة الفيضية بقم ، وهو المذكور في طبقات

أعلام الشيعة - ق 12 - : 114 ، وذكر أنه صهر الآقا محمد

هادي المترجم (ت 1120) ابن محمد صالح المازندراني صهر

التقي المجلسي الأول ، طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 805.

وعليها صيغة الوقف بخط محمد صالح بن عبد الواسع

الحسيني سنة 1118 ، وهو صهر العلامة المجلسي وتلميذه ،

ترجمته في طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 368.

(306)

* نسخة ثانية من أول الكتاب إلى آخر فن العبادات

والسياسات ، ناسخها : محمد رضا بن محمد الكاء قراجه داغي.

ص: 128

(307)

مفتاح

الفلاح

(أدعية - عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين العاملي (ت 1031).

في الأعمال والأدعية اللابدية في اليوم والليلة ، مرتب على أبواب ستة بحسب تقسيم أعمال اليوم والليلة ، بما يعمل بين الطلوعين ، وما يعمل من طلوع الشمس إلى الزوال ، ومنه إلى الغروب ، ومنه إلى وقت النوم ، ومنه إلى انتصاف الليل ، ومنه إلى طلوع الفجر.

أوله : الحمد لله الذي دلنا على جادة النجاة ، وهدانا إلى ما يوجب ...

* الناسخ : أحمد بن شكر الله الأصفهاني في بلدة

مراغة

سنة 1037 ، عليها تملك محمد جعفر البيدكلي ، ومحمد شفيع

المحسني.

(308)

* نسخة ثانية ، ناسخها : عبد الله محمد رضا

الأصفهاني ،

سنة 1280 ، أحد الخطاطين.

(309)

مفتاح

الكرامة

(فقه - عربي)

تأليف : السيد محمد جواد بن محمد الحسيني العاملي (ت 1226).

كتاب مبسوط في شرح قواعد العلامة ، يتعرض لآراء وأقوال الفقهاء في كل مسألة ، وهو فريد في نوعه.

ص: 129

* تاريخ الكتابة : سنة 1246 ، تشتمل على مبحث القصر

والسفر.

(310)

مفتاح

اللباب

(كلام - عربي)

تأليف : المير أبي الفتح ابن ميرزا مخدوم الحسيني العربشاهي (كان حيا سنة 976).

في شرح الباب الحادي عشر ، ألفه باسم الشاه طهماسب الصفوي (930 - 984).

أوله : فاتحة كل باب عظيم وديباجة كل كتاب كريم بحمدك يا من دل على ذاته بذاته ...

* الناسخ : مقصود فضل الله الموسوي ، سنة 955 ،

عليها

حواش للمؤلف ، والنسخة كتبت في عصر المؤلف.

(311)

مقامات

الحريري

(أدب - عربي)

تأليف : أبي القاسم محمد بن علي الحريري (ت 516).

ذكر خمسين مقالة أدبية ، تبع فيها بديع الزمان الهمداني.

أوله : اللهم إنا نحمدك على ما علمت من البيان ، وألهمت من التبيان ، كما نحمدك على ما أسبغت من العطاء ، وأسبلت من الغطاء ...

آخره : بالعفو إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة.

* تاريخ الكتابة : سنة 1249 ، عليها تملك فرهاد

ميرزا سنة

ص: 130

1250.

(312)

مقدمة

قصيدة البردة

(شعر - عربي)

تأليف : شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد البوصيري (ت 696).

قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مولده وبركة دعائه ومعجزة القرآن العظيم ، والإسراء الشريف ، وفي غزواته.

أولها : قال الشيخ الإمام العالم الزاهد شرف الدين ...

آخرها : قائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

* الناسخ : محمد بن أحمد بن حاجي ، سنة 901.

(313)

مكارم

الأخلاق

(حديث - عربي)

تأليف : أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (ق 6).

في الآداب الدينية ، مرتب على 12 بابا.

أوله : الحمد لله الواحد الأحد الصمد ...

* الناسخ : الواعظ اليزدي ، سنة 1254.

(314)

منشآت

(أدب - فارسي)

تأليف : فرهاد ميرزا بن عباس ميرزا بن فتح علي شاه القاجار

ص: 131

(ت 1305).

مجموعة لمكاتيب أدباء عصر المؤلف ، ناقصة الأول.

آخرها : كه أين نامه بپايان برسد وبطهران برسد زياده چه مزاحمت نمايد.

* تاريخ الكتابة : سنة 1299 ، بخط جيد وفي الحواشي

شرح الألفاظ المشكلة.

(315)

من

لا يحضره الفقيه

(حديث - عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، محمد بن علي ابن بابويه القمي (ت 381).

أحد المجاميع الروائية الأربعة التي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية عند الإمامية.

* تاريخ الكتابة : سنة 1049 ، عليها تملك السيد

مصطفى

الخوانساري ، تشتمل على النصف الأول من الكتاب.

(316)

* نسخة ثانية ، ناسخها : ملك علي بن ملا مرزا علي

القمي

سنة 1050 ، والمذكور في طبقات أعلام الشيعة - ق 11 - :

586 ، عليها آثار البلاغ والمقابلة ، وتملك محسن بن محمد

شفيع سنة 1092 ، ومحمد جعفر البيدكلي.

ص: 132

(317)

* نسخة ثالثة ، تاريخ كتابتها : سنة 1073 ، تشتمل

على أول

الكتاب إلى أبواب الحج ، عليها تملك السيد مصطفى

الخوانساري.

(318)

* نسخة رابعة تشتمل على المجلد الثاني ، عليها تملك

هادي التويسركاني سنة 1265 ، ومحمد كاظم الحسيني.

(319)

* نسخة خامسة ، ناسخها : محمد شفيع بن درويش علي

المشهدي سنة 1063 ، وفي صفحة 622 ذكر أنه : بلغ سماعا

من أبواب النكاح إلى هنا وفقه الله لمرضاته في مجالس ، آخرها

عاشر صفر سنة 1064 ، كتبه محمد علي الأسترآبادي (1010 -

1094) صهر المجلسي الأول وتلميذه ، وله كتاب المشتركات

في الرجال ، جاء ذكره في الذريعة 21 / 40 ، وترجمته في

طبقات أعلام الشيعة - ق 11 - : 371.

(320)

منهج

الرشاد

(فقه - فارسي)

تأليف : محمد باقر بن محمد نقي الموسوي الشفتي (ت 1260).

مناسك الحج ذكر فيه واجبات الحج ومستحباته ، ورتبه على مقدمة وثلاثة مقاصد وخاتمة.

ص: 133

أوله : الحمد لله رب العالمين .. أما بعد : مقصر درگاه رب العالمين ، وخادم آثار الأئمة الطاهرين ...

آخره : ومختار در مسألة آن كه طواف باطل واستيناف آن لازم است.

* تاريخ الكتابة : سنة 1270 ، عليها تملك محمد علي

بن

إسماعيل القاضي.

(321)

منهج

الصادقين

(تفسير - فارسي)

تأليف : ملا فتح الله بن شكر الله الكاشاني (ت 997).

تفسير فارسي ، يشير لأقوال المفسرين والمسائل الأدبية ، وذكر في خطبته أنه أورد كثيرا من أخبار العامة إلزاما لهم.

أوله : حمدي كه چون كلمات رباني بي غايست شايستهء لطفى است ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، والنسخة تبدأ من سورة مريم

إلى آخر

سورة الملائكة (فاطر) ، والنسخة قريبة لعصر المؤلف.

(322)

الموجز

في الطب

(طب - عربي)

تأليف : علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي ، المعروف ب : «ابن النفيس» (ت 678).

تلخيص لكتاب القانون لابن سينا مع إضافات ، في أربعة فنون : الفن الأول في قواعد جزأي الطب ، أعني : العلمي والعملي ، الفن الثاني في

ص: 134

الأدوية والأغذية المفردة والمركبة ، الفن الثالث في الأمراض المختصة بكل عضو وأسبابها وعلاماتها ومعالجاتها ، الفن الرابع في الأمراض التي لا تختص بعضو دون آخر وأسبابها وعلاماتها ومعالجاتها.

أوله : قال الشيخ الإمام ، العالم النحرير ، قدوة العلماء ، رئيس الحكماء ، فريد دهره ووحيد عصره ، أبو الحسن ...

* الناسخ :؟ والنسخة تشتمل على الجزء النظري وأول

قواعد الجزء العملي من الطب.

(323)

ميزان

القيامة

(عقائد - عربي)

تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت 1091).

في تحقيق الميزان في يوم القيامة ، مرتب على ستة أبواب ، سادسها في شرح بعض أخبار الموضوع.

أوله : الحمد لله الذي رفع السماء ، ووضع الميزان (ألا تطغوا في الميزان) ..

* تاريخ الكتابة : سنة 1065.

(324)

ميزان

المقادير

(فقه - عربي)

تأليف : العلامة المجلسي ، محمد باقر بن محمد تقي (ت 1111 أو 1110).

ص: 135

في حكم الرطل والصاع والكر والدرهم والدينار.

أوله : الحمد لله الذي ارتفع عن مطارح الأفهام ، فلا توزن صفات عظمته بميزان العقول ومكيال الأوهام ...

* الناسخ : محمد بن محمد صادق الحسيني القزويني ،

سنة 1109 ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 381.

(325)

النافع

يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر

(كلام - عربي)

تأليف : الفاضل المقداد ، أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826).

الباب الحادي عشر في علم الكلام ، للعلامة الحلي (ت 726) في ما يجب على عامة المكلفين من معرفة أصول الدين.

والشرح هذا متضمن للمتن ب : قال : .. أقول : ..

أوله : الحمد لله الذي دل على وجوب وجوده ، افتقار الممكنات ...

* الناسخ : محمد محسن بن بهاء الدين سنة 1110 ،

المذكور في طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 633.

(326)

* نسخة ثانية ، ناسخها : مقصود علي بن فضل الله سنة

955.

(327)

* نسخة ثالثة ، تاريخ كتابتها : سنة 1204.

ص: 136

(328)

نتائج

الأفكار

(أصول - عربي)

تأليف : السيد إبراهيم بن باقر الموسوي القزويني (ت 1262).

لخصه في 150 فصلا أيام زيارته للعسكريين ب «سامراء» ، وفرغ منه سنة 1253.

أوله : الحمد لله الذي هدانا بترتيب عوائد موائد الأيادي إلى نهاية معارج الأفهام ...

* الناسخ : چراغ علي بن علي أكبر ، سنة 1260 في

حياة

المؤلف.

(329)

نخبة

الأحكام

(فقه - فارسي)

تأليف : محمد إبراهيم بن محمد حسن الكلباسي (ت 1261).

في العبادات غير الحج والجهاد ، لعمل المقلدين ، وهو منتخب من كتابه إرشاد المسترشدين ، تشتمل النسخة على كتاب الطهارة والخمس والصوم.

* الناسخ : محمد قاسم ابن ملا محمد هاشم مير يانجي

،

سنة 1255 ، كتبت في حياة المؤلف.

* * *

ص: 137

(330)

نخبة

الأحكام

(فقه - عربي)

تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت 1091).

في لباب فقه الطهارة والصلاة والصوم ، وقد يسمى النخبة الصغرى ، أو نخبة العلوم.

أوله : الحمد لله الذي أغنانا بآثار أهل البيت عليهم السلام عن القول بالرأي الجزاف ...

* النسخة : مع مجموعة تاريخ كتابتها سنة 1060.

(331)

نخبة

الأصول

(أصول - عربي)

تأليف : محمد علي بن محمد إسماعيل النوري (كان حيا سنة 1220).

في أصول الفقه ، يشبه المعالم ، مرتب على مقدمة ومباحث وخاتمة.

أوله : نحمدك اللهم يا من هدانا لإعلاء معالم الدين وتهذيب أصول الأحكام ...

ذكره في الذريعة 24 / 93.

* الناسخ : محسن بن عبد الكريم التنكابني ، سنة

1238

في أصفهان.

ص: 138

(332)

نظم

اللآلي

(تجويد - فارسي)

تأليف : السيد مير أبو القاسم المشهدي الخراساني القاري ، نزيل شيراز (كان حيا سنة 1083).

في بيان قواعد التجويد نظما.

أولها : اى كلام از انتظام نام ذاتت در نظام ...

* الناسخ : محمد رضا بن محمد جعفر ، سنة 1217.

(333)

النفلية

(فقه - عربي)

تأليف : الشهيد الأول ، محمد بن مكي العاملي (ت 786).

في نوافل الصلوات ، مرتبة على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.

أولها : الحمد لله الذي ضم النشر لجمع الشتات ، وأرسل خير البشر بالبينات ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملك محمد شفيان خاك ،

ومحمد رضا زرين.

(334)

نقد

كلام ملا خليل القزويني

(حديث - عربي)

تأليف : صدر الدين محمد بن محمد صادق الحسيني القزويني (كان حيا سنة 1103).

ص: 139

انتقد فيه كلام المولى خليل القزويني في الصافي في شرح الكافي عند شرحه : من ترك أخا لأم وابن أخ لأب وأم ...

أوله : اين چند كلمه در بحث فرايض از صافى شرح كافى بخاطر رسيده ، ودر اين وقت بعنوان شرح الشرح نگاشته كذلك بيان گرديد ...

* النسخة بخط المؤلف سنة 1109 ، وهو المترجم في

طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 381.

(335)

النكت

الاعتقادية

(عقائد - عربي)

تأليف : الشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان البغدادي (ت 413).

في مقدمات الأصول ، مرتب على خمسة فصول : الأول في معرفة الله.

أوله - بعد الحمد - : فهذه عقيدة قادني الدليل إليها ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملك السيد محمود

البروجردي

مؤلف مسلي المصابين (ت

1300) ، وتملك السيد محمد حسين

العلوي البروجردي.

(336)

نهاية

المرام في شرح مفاتيح الأحكام

(فقه - عربي)

تأليف : السيد المجاهد محمد بن علي الطباطبائي (ت 1242).

شرح مفاتيح الأحكام للفيض الكاشاني (ت 1091) في فن العبادات والسياسات ، والعادات والمعاملات.

* الناسخ : عبد الله بن صفر علي القمي ، سنة 1239 ،

عليها

ص: 140

آثار البلاغ والمقابلة ، وفي آخر كتاب الصلاة قال :

قوبل كتاب

الصلاة من الأكمل مع نسخة الأصل ، والنسخة تشتمل على

كتاب الطهارة والصلاة والزكاة.

(337)

نهج

المسترشدين

(كلام - عربي)

تأليف : العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن المطهر (ت 726).

في أصول الدين ، كتبه بالتماس ولده فخر المحققين ، مرتبا على 13 فصلا ، لخص فيها المباحث الكلامية.

أوله : الحمد لله المنقذ من الحيرة والضلال ، والمرشد إلى سبيل الصواب في المعاش والمآل ...

* الناسخ : محمد محسن بن بهاء الدين ، سنة 1110 ،

المترجم في طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 633.

(338)

هداية

الطالبين

(فقه - فارسي)

تأليف : السيد حسن بن علي الحسيني (ق 13).

في بيان عدد الصلوات الواجبة ، وبيان جملة من الصلوات المسنونة.

أولها : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، ذكرت نسخة من الكتاب في فهرس

مكتبة المرعشي 2 / 341.

ص: 141

(339)

الوافي

(حديث - عربي)

تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت 1091).

في جمع أحاديث الكتب الأربعة ، مرتب على مقدمة و 14 كتابا وخاتمة.

* الناسخ : عبد الله الطالقاني ، سنة 1073 ، من

تلامذة

المؤلف ، والنسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، فيها ثلاث

لوحات مذهبة ، وهي مجدولة بالذهب.

(340)

الوجيز

(رجال - عربي)

تأليف : محمد بن علي بن إبراهيم الحسيني الأسترآبادي (ت 1028).

في الرجال ، وهو ثالث ثلاثة ، كبيرها يسمى منهج المقال ، وأوسطها تلخيص الأقوال ، والوجيز هذا أصغر منهما.

أوله : أدنى تتبع والتنبيه عليه في كل موضع موجب لتطويل الكلام ، فلم نتعرض لهذا النوع من الخلل إلا على سبيل الندرة ...

* الناسخ :؟ ، عليها خط السيد الحجة الكوهكمري محمد

ابن علي الحسيني ، اشتملت النسخة من إبراهيم بن عبيد إلى

سليم بن قيس الهلالي.

ص: 142

(341)

الوجيزة

(دراية - عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين العاملي (ت 1030).

في علم الدراية ، ألفه ليكون كالمقدمة لكتابه الحبل المتين.

أوله : الحمد لله على نعمائه المتواترة ، وآلائه المستفيضة المتكاثرة ...

* الناسخ : محمد خضر بن محمد حسين الشوشتري ، سنة

1134 ، المترجم في طبقات أعلام الشيعة - ق 12 - : 240.

(342)

الولاية

على البكر

(فقه - عربي)

تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت 1091).

في بيان أن الأب والجد لهم الولاية على البكر في التزويج.

أوله : الحمد لله وسلامه على عباده .. اعلم أنه اختلف علماؤنا الإماميون رحمهم الله في ثبوت الولاية للأب والجد للأب على البكر البالغة الرشيدة في عقد النكاح.

* النسخة : مع مجموعة تاريخ كتابتها سنة 1060.

* * *

ص: 143

مصطلحات نحوية (9)

السيد علي حسن مطر

ثامن عشر - مصطلح المبتدأ

المبتدأ لغة : اسم مفعول من ابتدأ الشئ وابتدأ به ، بمعنى بدأه وبدأ به ابتداء وبدءا (1).

قال ابن فارس : «الباء والدال والهمزة من افتتاح الشئ ، يقال : بدأت بالأمر وابتدأت» (2).

وقد استعمل النحاة الأوائل كلمة (الابتداء) و (المسند إليه) إلى جانب كلمة (المبتدأ) للتعبير عن المعنى الاصطلاحي النحوي (3) قبل أن تنفرد

ص: 144


1- لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (بدأ).
2- معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، مادة (بدأ).
3- أ - الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 23 ، 2 / 126. ب - المقتضب ، المبرد ، تحقيق عبد الخالق عضيمة 4 / 126. ج - الإيضاح العضدي ، الفارسي ، تحقيق حسن شاذلي فرهود 1 / 43. د - الواضح في علم العربية ، الزبيدي ، تحقيق أمين علي السيد : 30. ه - الحدود في النحو ، الرماني ، ضمن كتاب رسائل في النحو واللغة ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني : 44.

الأخيرة بعنوانه.

وأقدم محاولة لتحديد المعنى الاصطلاحي للمبتدأ هي قول سيبويه (ت 180 ه) : «المبتدأ كل اسم ابتدئ به ليبنى عليه كلام» (1) ، أي : ليخبر عنه أو يسند إليه.

ثم عرفه ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : «المبتدأ ما جردته من عوامل الأسماء من الأفعال والحروف ، وكان القصد فيه أن تجعله أولا لثان ... يكون ثانيه خبره» (2) ، فأضاف قيد التجرد من العوامل التي يريدون بها نواسخ المبتدأ وهي : كان وإن وظن وأخواتها ، وما ولا.

وعرفه الفارسي (ت 377 ه) بأنه : اسم «معرى من العوامل الظاهرة ومسند إليه شئ» (3) ، فقيد العوامل في المبتدأ بالظاهرة ، احترازا من العامل المعنوي ، أي : الابتداء الرافع للمبتدأ.

ومما قاله الجرجاني في شرح التعريف : «إن العوامل ضربان : لفظي ومعنوي ، والثاني منحصر في شيئين : أولهما ارتفاع المضارع لوقوعه موقع الاسم ، نحو : (يضرب) في قولنا : مررت برجل يضرب ، فإنه مرفوع لوقوعه موقع (ضارب) ، وثانيهما : ارتفاع المبتدأ بتعريه من العوامل الظاهرة ، إذ ليس الوقوع موقع الاسم بلفظ ، وكذلك التعري من العوامل اللفظية» (4).

هذا ، ولكن الذي استقر عليه الرأي أخيرا أن الرافع للفعل المضارع 4.

ص: 145


1- الكتاب ، سيبويه 2 / 126.
2- الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 62 - 63.
3- الإيضاح العضدي 1 / 43.
4- المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان 1 / 213 - 214.

تجرده عن الناصب والجازم ، فينحصر العامل المعنوي بالتجرد من العوامل.

وعرفه ابن جني (ت 392 ه) بأنه : «اسم ابتدأته وعريته من العوامل اللفظية ، وعرضته لها ، وجعلته أولا لثان ، يكون الثاني خبرا عن الأول ومسندا إليه» (1).

ويلاحظ عليه :

أولا : قوله : (ابتدأته) لا داعي له ، إذ لا يشترط في الصورة اللفظية لجملة المبتدأ والخبر تقدم لفظ المبتدأ.

ثانيا : قوله : (وعرضته لها) ليس من ذاتيات المبتدأ ، فلا يحسن ذكره في الحد.

وأما عبد القاهر الجرجاني (ت 471 ه) فالمستفاد من كلامه تعريفه المبتدأ بأنه : «اسم مجرد من العوامل اللفظية مسند إليه خبر» (2).

وعرفه الحريري (ت 516 ه) بأنه : «اسم ابتدأته وعريته من العوامل اللفظية ، وهو يأتلف مع خبره جملة تحصل الفائدة بها ويحسن السكوت عليها» (3).

وفيه شئ من الإطالة ، وكان الأولى إبدال قوله : (وهو يأتلف ... إلى آخره) بعبارة (وأسندت إليه) ، هذا مضافا إلى ما يرد على قوله : (ابتدأته) من الإشكال المتقدم.

ويستفاد من كلام الزمخشري (ت 538 ه) والمطرزي (ت 610 ه) أنهما يعرفان المبتدأ بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية 5.

ص: 146


1- اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : 25.
2- الجمل ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : 11.
3- شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري : 25.

للإسناد» (1) ، وإنما اشترط في التجريد أن يكون من أجل الإسناد ، لأنه لو جرد لا للإسناد ، لكان في حكم الأصوات التي ينعق بها غير معربة (2) ، وعليه يكون حاصل مراده أن المبتدأ : اسم مجرد من العوامل اللفظية مسند إليه ، وإلى هذا ذهب ابن يعيش (ت 643 ه) أيضا ، لولا أنه أثبت في حده كلمة (ابتدأته) ، وأبدل قوله (للإسناد) بعبارة (للإخبار عنه) (3).

وعرفه ابن الأنباري (ت 577 ه) بأنه : «اسم عريته من العوامل اللفظية لفظا وتقديرا» (4).

ونقطة الضعف فيه عدم تقييده المبتدأ بكونه مسندا إليه ، مما يوجب دخول «الأسماء التي لا تركب مع عاملها نحو : واحد ، اثنان» (5) ، ودخول «حروف الهجاء ، فإنها مجردة عن العوامل اللفظية ، لكنها غير معربة لفقدان سبب الإعراب ، وهو التركيب الإسنادي» (6).

لكنه أشار إلى تقسيم العوامل إلى لفظية وتقديرية ، محترزا بالثانية «من تقدير الفعل في نحو قوله تعالى : (إذا السماء انشقت) (7)» (8) ، فكلمة (السماء) ليست مرفوعة لكونها مبتدأ ، وإنما هي فاعل مرفوع بفعل مقدر يفسره الظاهر ، وإن كان الأفضل تأجيل بيان أقسام العوامل إلى شرح 6.

ص: 147


1- أ - المفصل في علم العربية ، الزمخشري : 23. ب - المصباح في علم النحو ، المطرزي ، تحقيق عبد الحميد السيد طلب : 121.
2- المفصل في علم العربية : 24.
3- شرح المفصل ، ابن يعيش 1 / 83.
4- أسرار العربية ، ابن الأنباري ، تحقيق محمد بهجة البيطار : 66.
5- شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر 1 / 225.
6- شرح الكافية ، ابن الحاجب : 23 ، نقلا عن حاشية : الفوائد الضيائية 1 / 275.
7- سورة الانشقاق 84 : 1.
8- أسرار العربية : 66.

التعريف.

وعرفه أبو البقاء العكبري (ت 616 ه) بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية ، لفظا وتقديرا ، المسند إليه خبر أو ما يسد مسده» (1).

ومما قال في شرحه : «وإنما وجب أن يكون اسما ، لأنه مخبر عنه ، ولا يصح الإخبار عن غير الاسم ، وأما قولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فتقديره : أن تسمع ، فلم يخبر عن الفعل إذن.

وإنما شرط فيه التجرد من العامل اللفظي ، لأن العامل اللفظي إذا تقدم عليه عمل فيه ، ينسب إليه ، أكان فاعلا أو ما أشبهه.

وأما قولهم : بحسبك قول السوء ، فالباء زائدة ، وقد عملت في لفظ الاسم ، والموضع مرفوع ، وشرط فيه الإسناد لتحصل الفائدة» (2).

وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بأنه : الاسم - أو ما هو في تقديره - المجعول أول الكلام لفظا أو نية ، معرى من العوامل اللفظية غير الزائدة ، المخبر عنه (3).

والجديد في هذه الصياغة شيئان :

أولهما : بيانه أن المبتدأ كما يكون اسما صريحا ، يكون اسما مؤولا ، وقد أشار لهذا بقوله : (الاسم - أو ما هو في تقديره -) وإن كان الأفضل ترك بيانه إلى شرح التعريف.

وثانيهما : أنه قيد العوامل اللفظية بكونها (غير زائدة) ليشمل التعريف أمثال : ما في الدار من أحد ، وبحسبك درهم. 2.

ص: 148


1- اللباب في علل البناء والإعراب ، العكبري ، تحقيق غازي مختار طليمات 1 / 124.
2- اللباب في علل البناء والإعراب 1 / 125.
3- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري 1 / 82.

ويلاحظ أن الرضي لم يستحسن تقييد العوامل اللفظية بغير الزائدة ، وقال : «الأولى أن نطلق ولا نخص عاملا دون عامل ، صونا للحد عن اللفظ المجمل ، ونجيب عن قولهم : بحسبك زيد ، وما في الدار من أحد ، بزيادة الباء ومن ، فكأنهما معدومان» (1).

وتجدر الإشارة إلى أن قوله : (المجعول في أول الكلام لفظا أو نية) تكرار لما ذكره الجزولي في تعريفه الآتي من قسمة التقديم إلى تحقيقي وتقديري ، وواضح أن عبارة (المجعول في أول الكلام) مناظرة لقولهم المتقدم : (اسم ابتدأته) ، وأما تقسيم التقديم إلى تحقيقي وتقديري فهو إضافة جديدة.

وعرفه الجزولي (ت 607 ه) بأنه : «الاسم المجعول في صدر الكلام تحقيقا أو تقديرا ، للإسناد إليه ، أو لإسناده» (2).

ويؤخذ عليه عدم ذكره تجرد المبتدأ من العوامل اللفظية ، ولكن يسجل له أنه أدخل صياغة التعريف مرحلة جديدة ، بإشارته إلى أن المبتدأ كما يكون اسما مجردا من العوامل ، يكون وصفا مكتفى بمرفوعه في إتمام المعنى ، وقد تابعه على ذلك جميع من تأخر عنه ، وسوف يتضح مراده باستعراض التعريفات التالية.

وقال ابن الحاجب (ت 646 ه) : المبتدأ «الاسم المجرد عن العوامل اللفظية مسندا إليه ، أو الصفة الواقعة بعد حرف النفي وألف الاستفهام رافعة لظاهر ، مثل : زيد قائم ، وما قائم الزيدان ، وأقائم الزيدان» (3).3.

ص: 149


1- شرح الرضي على الكافية 1 / 224.
2- شرح الرضي على الكافية 1 / 227.
3- شرح الرضي على الكافية 1 / 223.

وعلق الرضي على تعريف ابن الحاجب بما يتضمن بيان الدافع لطرح هذه الصياغة ، وأنه ما تكشف للنحاة من «أن المبتدأ اسم مشترك بين ماهيتين ، فلا يمكن جمعهما في حد ، لأن الحد مبين للماهية بجميع أجزائها ، فإذا اختلف الشيئان في الماهية لم يجتمعا في حد ، فأفرد المصنف لكل منهما حدا ، وقدم منهما ما هو الأكثر في كلامهم» (1) وهو الاسم المسند إليه ، المجرد من العوامل اللفظية ، وأخر عنه الصفة الرافعة للظاهر ، «ويعني بالصفة اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة» (2) باسم الفاعل.

وأما قوله : (رافعة لظاهر) فقد عقب عليه الجامي بأن المراد الاسم الظاهر «أو ما يجري مجراه - وهو الضمير المنفصل - لئلا يخرج عنه نحو قوله تعالى : (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) (3) ، واحترز به عن نحو : أقائمان الزيدان ، لأن (أقائمان) رافع لمضمر عائد على (الزيدان) ولو كان رافعا لهذا الظاهر لم يجز تثنيته» (4) ، أي : لم يجز تثنية الوصف ، وعليه يعرب الضمير المتصل فاعلا ، و (الزيدان) مبتدأ مؤخر ، والصفة وفاعلها خبر مقدم.

وليس صحيحا ما ذكره الرضي هنا من أن مراده «بالظاهر ما كان بارزا غير مستتر» (5) ، لأنه شامل للضمير البارز المتصل في نحو : أقائمان الزيدان ، وأقائمون الزيدون ، وقد اتضح أنه غير داخل في الحد.

بقيت نقطة أخيرة تتعلق بما ذكر في التعريف من قوله : (الصفة 5.

ص: 150


1- شرح الرضي على الكافية 1 / 223.
2- شرح الرضي على الكافية 1 / 225.
3- سورة مريم 19 : 46.
4- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة طه الرفاعي 1 / 277.
5- شرح الرضي على الكافية 1 / 225.

الواقعة بعد حرف النفي أو ألف الاستفهام) ، فإنه لا خصوصية لتقدم ألف الاستفهام وحدها ، إذ المورد شامل لغيرها من أدوات الاستفهام ، نحو : هل وما ومن (1).

وعرف ابن مالك (ت 672 ه) المبتدأ بأنه : «ما عدم حقيقة أو حكما عاملا لفظيا ، من مخبر عنه ، أو وصف سابق رافع ما انفصل وأغنى» (2).

وقد احترز بقوله : (من مخبر عنه) من المضارع المرفوع لتجرده من الناصب والجازم ، فإنه عدم عاملا لفظيا ، لكنه ليس مخبرا عنه (3).

أقول : لو أن ابن مالك أخذ (الاسم) جنسا في التعريف بدلا من (ما) ، لما كانت هناك حاجة للاحتراز من دخول المضارع ، ولكن يبقى القيد المذكور ضروريا لإخراج ما تقدم من الأسماء التي لا تركب مع عاملها ، ولإخراج النوع الثاني من المبتدأ ، أي : الوصف المكتفى بمرفوعه.

ويلاحظ أنه لم يقيد الوصف المبتدأ به بكونه مسبوقا بنفي أو استفهام ، ذهابا منه إلى أن هذا القيد ليس شرطا في صحة الاستعمال وجوازه ، وإنما هو شرط في حسنه واطراده (4) ، ولذا ذكر في أرجوزته : «يجوز نحو فائز أولو الرشد» (5). وقال ابن الناظم : إن الوصف " قد استغنى بمرفوعه عن الخبر لشدة شبهه بالفعل ، ولذا لا يحسن استعماله ولا يطرد ء.

ص: 151


1- أ - الفوائد الضيائية 1 / 275 - 276. ب - حاشية الصبان على شرح الأشموني 1 / 190.
2- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : 44.
3- شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي 1 / 271.
4- أ - تسهيل الفوائد : 44. ب - الفوائد الضيائية 1 / 276.
5- ألفية ابن مالك وشروحها ، باب الابتداء.

في الكلام حتى يعتمد على ما يقربه من الفعل وهو النفي والاستفهام ... [وإلا] كان الابتداء به قبيحا ، وهو جائز على قبحه» (1).

ومما قاله السلسيلي في شرح تعريف ابن مالك أنه احترز بتقييد الوصف ب (سابق) من نحو : أخواك خارج أبواهما ، وبقوله : (ما انفصل) من الضمير المتصل في نحو : أقائم زيد وقاعد ، فالضمير في (قاعد) ليس فاعلا ليسد مسد الخبر ، وبقوله : (أغنى) مما لا يغني عن الخبر ، نحو : أقائم أبواه زيد ، فإن (أبواه) وإن كان مرتفعا ب (قائم) إلا أنه لا يؤلف معه كلاما يحسن السكوت عليه (2).

وينبغي التعقيب على ما ذكره من أن مراد ابن مالك بقوله : (ما انفصل) الاحتراز عن نحو (قاعد) في المثال المذكور ، بأنه لو كان مراده ذلك ، لكان محترزا عنه بقوله (رافع) ، لأنه مبتدأ مرفوع بعامل معنوي ، وليس عامله لفظيا ليكون الوصف رافعا له ، وإنما أراد ابن مالك الاحتراز عما تقدم من الضمير المتصل في نحو : أقائمان الزيدان ، وأقائمون الزيدون.

وعرفه ابن الناظم (ت 686 ه) بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية غير المزيدة ، مخبرا عنه ، أو وصفا رافعا لمكتفى به» (3).

ويلاحظ عليه :

أولا : أنه لم يذكر انقسام الاسم إلى صريح ومؤول ، ولا انقسام التجرد من العوامل إلى حقيقي وحكمي ، التفاتا منه إلى أن الموضع 0.

ص: 152


1- شرح ابن الناظم على الألفية : 41.
2- شفاء العليل في إيضاح التسهيل 1 / 271 - 272.
3- شرح ابن الناظم على الألفية : 40.

المناسب لبيانها هو شرح التعريف.

ثانيا : أنه لم يقيد المرفوع المكتفى به بكونه منفصلا ، ولعله لما ذكرناه قريبا في التعقيب على كلام السلسيلي من الاحتراز عن المتصل بقيد كون الرافع هو الوصف ، لأن المتصل المراد الاحتراز منه مرفوع بعامل معنوي هو الابتداء.

وعرفه أبو حيان (ت 745 ه) بقوله : «المبتدأ هو المحكوم عليه ، أو الوصف المحكوم به المنتظم منه مع اسم مرفوع كلام» (1).

ويلاحظ عليه :

أولا : أنه لم يقيد المبتدأ بالتجرد عن العوامل اللفظية.

ثانيا : أن تحديده للوصف الواقع مبتدأ شامل للوصف الرافع للمبتدأ ، لتألف الكلام منهما ، مع كونه خبرا لا مبتدأ.

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بأربعة تعريفات :

الأول : «المبتدأ : اسم أو بمنزلته ، مجرد من العوامل اللفظية أو بمنزلته ، مخبر عنه ، أو وصف رافع لمكتفى به» (2).

الثاني : «المبتدأ : اسم أو ما في تأويله ، معرى من العوامل اللفظية غير الزائدة ، مخبرا عنه ، أو وصفا في قوة الفعل» (3).

وهما متشابهان مضمونا ، إذ المراد بالوصف الذي هو في قوة الفعل ، ما يرفع فاعلا مستغنى به عن الخبر (4). 2.

ص: 153


1- غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيان ، مخطوط مصورته لدي ، الورقة 3 / ب.
2- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1 / 131.
3- شرح اللمحة البدرية في علم العربية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر 1 / 157 - 162.
4- شرح اللمحة البدرية في علم العربية 1 / 157 - 162.

الثالث : «المبتدأ هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية للإسناد» (1).

وهو مطابق لفظا للتعريف الذي طرحه الزمخشري ، لولا أن ابن هشام فسر قوله : (للإسناد) بما يجعل الحد شاملا للوصف الرافع لمكتفى به ، إذ قال : «ودخل تحت قولنا : (للإسناد) ما إذا كان المبتدأ مسندا إليه ما بعده ، نحو : زيد قائم ، وما إذا كان المبتدأ مسندا لما بعده ، نحو : أقائم الزيدان» (2).

الرابع : «المبتدأ هو المجرد عن العوامل اللفظية ، مخبرا عنه ، أو وصفا رافعا لمكتفى به» (3).

وبهذا يتخذ التعريف صيغته النهائية ، وهو مطابق لتعريف ابن الناظم ، إلا أنه يفضله في عدم تقييده للعوامل اللفظية بكونها غير مزيدة ، إذ لا ضرورة لذلك ما دام يمكن بيانه في الشرح بتقسيم التجرد إلى حقيقي وحكمي.

وعرفه الأزهري (ت 905 ه) بأنه : «الاسم المرفوع المجرد من العوامل اللفظية الزائدة للإسناد» (4).

وهو مشابه لتعريف ابن هشام الثالث ، لولا أنه قيد العوامل بالزائدة ، وأثبت رفع المبتدأ ، وهو من أحكامه التي ينبغي بيانها في شرحه.

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن السيوطي نسب إلى النحاة تعريفهم للمبتدأ بأنه : «المجرد من عامل لفظي غير زائد ونحوه ، مخبرا عنه ... 0.

ص: 154


1- شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 160 - 161.
2- شرح قطر الندى وبل الصدى : 160 - 161.
3- شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : 179 - 180.
4- شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : 80.

إلى آخره» وأشكل عليه بأنه شامل للفعل المضارع (1).

والكلام أولا : في صحة إطلاق هذه النسبة ، فإن معظم النحاة ، خاصة المعاصرين منهم للسيوطي ، عبروا عن المبتدأ بأنه (اسم) ، كما يتضح من مراجعة الحدود الواردة في هذا البحث.

وثانيا : على فرض أنهم أخذوا في جنس التعريف (ما) أو (هو) ، فهذا لا يعني شموله للفعل المضارع ، إذ هو ممنوع من الدخول بقيد (المسند إليه) أو (المخبر عنه).

* * * 5.

ص: 155


1- همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم 2 / 4 - 5.

تاسع عشر - مصطلح الخبر

الخبر في اللغة : «النبأ ، والجمع أخبار ... وخبره بكذا وأخبره : نبأه» (1).

وقد استعملت كلمة (الخبر) في كتاب سيبويه بمعناها الاصطلاحي إلى جانب (المسند) و (المبني على المبتدأ) (2) ، وعبر ابن السراج عن الخبر

أيضا بالمبني على المبتدأ (3) ، قبل أن ينفرد لفظ (الخبر) بعنوان المعنى الاصطلاحي.

وأقدم ما عثرت عليه من تعريفات (الخبر) ما ذكره ابن السراج (ت 316 ه) بقوله : «والاسم الذي هو خبر المبتدأ هو الذي يستفيده السامع ، ويصير المبتدأ به كلاما» (4).

ويلاحظ عليه أن ما يصير به المبتدأ كلاما شامل للجملة بنوعيها ، فلا يحسن حصره بخصوص الاسم ، وكأن ابن الحاجب قد اعتذر عن ذلك بقوله : «وخبر المبتدأ وإن كان يكون فعلا وجارا ومجرورا أو جملة اسمية ، راجع إلى كونه اسما في التقدير ، ولذلك اغتفر قولهم فيه : إنه اسم» (5).

وعرفه ابن جني (ت 392 ه) بأنه : «كل ما أسندته إلى المبتدأ 0.

ص: 156


1- لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (خبر).
2- الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون 1 / 22 و 2 / 126.
3- الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1 / 55.
4- الأصول في النحو ، ابن السراج 1 / 67.
5- الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى بناي العليلي 1 / 180.

وحدثت به عنه» (1).

وقوله : (ما) في جنس التعريف يجعله شاملا لنوعي الخبر : المفرد والجملة.

وعرفه ابن يعيش (ت 643 ه) بقوله : «خبر المبتدأ هو الجزء المستفاد الذي يستفيده السامع ، ويصير مع المبتدأ كلاما تاما» (2).

وهو مقارب لتعريف ابن السراج ، وإن كان يفضله بأخذه (الجزء) بدلا عن (الاسم) في جنس التعريف ، لأنه أنسب بقسمة الخبر - بعدئذ - إلى مفرد وجملة ، وأما قوله : (المستفاد) ، فيمكن الاستغناء عنه بما بعده.

وعرفه ابن الحاجب (ت 646 ه) بأنه : «المجرد المسند المغاير للوصف الرافع لمكتفى به» (3).

وقوله : (المجرد) يريد به المجرد من العوامل اللفظية ، بناء منه على أن العامل في الخبر معنوي وهو الابتداء ، وقوله : (المسند) مخرج للمبتدأ ، وقوله : (المغاير للوصف ... إلى آخره) مخرج للنوع الثاني من المبتدأ ، ذلك أن المبتدأ نوعان : مبتدأ له خبر ، ومبتدأ له فاعل أو نائب فاعل يسد مسد الخبر في إتمام معنى الكلام ، وهو : اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل (4) ، فقولنا : (قائم) في جملة : (أقائم زيد) وإن ماثل الخبر في كونه مجردا مسندا ، إلا أنه لا يعرب خبرا ، بل هو مبتدأ 5.

ص: 157


1- اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : 26.
2- شرح المفصل ، ابن يعيش 1 / 87.
3- شرح الرضي على الكافية 1 / 223 - 228 ، ونص عبارة ابن الحاجب : «المجرد المسند المغاير للصفة المذكورة» ، ومراده المذكورة في تعريفه للمبتدأ ، وهي : الرافعة لمكتفى به.
4- شرح الرضي على الكافية 1 / 225.

أسند إلى فاعل يسد مسد الخبر.

وعقب عليه الجامي بأن : المراد بالمسند هو خصوص المسند إلى المبتدأ ، فيخرج به النوع الثاني للمبتدأ ، [لأنه مسند إلى الفاعل] بلا حاجة لقيد جديد ، فيكون قوله : (المغاير للوصف ... إلى آخره) تأكيدا (1) ، وليس قيدا احترازيا.

وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بأنه : «الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية» (2) ، أي : هو الجزء الذي تتم به فائدة الجملة المؤلفة من المبتدأ والخبر.

ويلاحظ أنه لم يقيد الخبر بالتجرد من العوامل اللفظية ، ولعله بناء منه على أن الرافع للخبر عامل لفظي هو المبتدأ ، ولم يحترز من دخول الوصف المذكور ، إذ لا تتم به الفائدة مع المبتدأ ، بل هو نفسه مبتدأ يحتاج لإتمام فائدته إلى مرفوع يسد مسد الخبر.

وعرفه ابن مالك (ت 672 ه) بأنه : «الجزء المتم الفائدة» (3) مع المبتدأ.

وعرفه ابن الناظم (ت 686 ه) بنفس المضمون ، وأنه : «ما تحصل به الفائدة مع المبتدأ» (4).

ويلاحظ على التعريفات الثلاثة الأخيرة أنها غير مانعة من دخول مرفوع النوع الثاني للمبتدأ ، مع أنه لا يعرب خبرا ، بل سادا مسده. 2.

ص: 158


1- الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة طه الرفاعي 1 / 278.
2- المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري 1 / 82.
3- ألفية ابن مالك ، باب الابتداء.
4- شرح ابن الناظم على الألفية : 42.

أما أبو حيان (ت 745 ه) فقد عرف الخبر بأنه : «التابع اللازم رفعه المستقل به فائدة الإسناد» (1).

ويلاحظ عليه أن كون الخبر تابعا لما قبله في إعرابه ، وأنه ملازم للرفع ، هو من أحكام الخبر ، لا من ذاتياته لكي تذكر في حده.

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بأنه : «الجزء الذي حصلت به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور» (2) ، وتابعه عليه الأشموني (ت 900) (3).

وقوله : (غير الوصف المذكور) احتراز من دخول المرفوع الذي يسد مسد الخبر في النوع الثاني للمبتدأ (4).

وعرفه الأزهري (ت 905 ه) بأنه : «الاسم المسند إلى المبتدأ» (5).

وهي أخصر صياغة لحد الخبر ، وليست بحاجة إلى قيد احترازي عن دخول مرفوع الوصف الواقع مبتدأ ، لأنه ليس مسندا للوصف ، بل الوصف هو المسند إلى المرفوع.

ولو أنه قال : هو المسند إلى المبتدأ ، لكان أولى وأنسب لتقسيم الخبر إلى مفرد وجملة.

* * * 1.

ص: 159


1- غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيان النحوي ، مخطوط ، 3 / ب.
2- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1 / 137.
3- شرح الأشموني على الألفية 1 / 90.
4- حاشية الصبان على شرح الأشموني 1 / 194.
5- شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : 81.

ص: 160

من ذخائر التراث

ص: 161

ص: 162

صورة

ص: 163

ص: 164

مقدمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الأطيبين الأطهرين.

رغم أن التاريخ الفقهي الشيعي لم يدون بأسلوب علمي متكامل ، ولم يخضع لمنهجية متبلورة الأركان ، مما حال دون سبر الغور في أعماقه وخصائصه - ذات المضامين الرفيعة والمفاهيم الجليلة - بالكيفية الملائمة والطرح المرموق.

إلا أن هذا لم يقف حائلا ولم يشكل عائقا نحو إمكان تمييز مراتب الرقي ومراحل التطور التي أصابته منذ عصر ظهور الإسلام إلى يومنا هذا.

ولقد تنوعت الآراء واختلفت الأقوال في تصنيف عوامل تطوره ونهضته ، فمن مذهب قائل بإرجاعها إلى أشخاص الفقهاء الأعاظم ، وآخر إلى عناوين خاصة - مثل : مرحلة النشوء ، النمو ، التكامل ... - وثالث إلى المدارس والمعاهد ، إلى غير ذلك.

ولعل المذهب الأخير أقرب إلى الدرك وأنسب للقبول ، لما فيه من العمومية والشمولية للقولين الأولين.

ص: 165

ولو استقصينا الجدول الزمني والمسيرة التاريخية للفقه الشيعي ، لوجدنا أن المدارس التي قامت ونشأت في هذه الفترة وتلك ، في هذا البلد وذاك ، كانت ولا زالت هي المحاور الرئيسية في إكسابه ما وصل إليه من منزلة سامية ومكانة شامخة ، فاق بها طرا سائر الفرق والمذاهب ، من حيث سعة المحتوى وعمق المطالب ومتانة الاستدلال ورفعة الطرح وتنوع الأساليب ، المنصبة جميعا في قناة إثبات المدعى ونقض المخالف.

ومدرسة قم - التي ازدهرت في الربع الأول من القرن الرابع حتى منتصف القرن الخامس - وبعد انتقال حركة التدريس والتأليف إليها من المدينة والكوفة ، استطاعت أن تظهر فاعلية كبيرة ودورا مؤثرا في تطوير الفقه الإمامي وإرساء قواعده المتينة وأطره الرصينة.

ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في منح هذه المدرسة مكانتها المذكورة : هو ولاء قم - ومشهورية انتمائها - لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، حيث كانت ولا زالت تعد حصنا من حصون الشيعة المنيعة وثغرا من ثغورها الشامخة ، والروايات الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام في عظم منزلتها وشرفها كثيرة ومعروفة.

كما كانت تعد آنذاك الركن الآمن الذي اطمئن إليه فقهاء آل البيت عليهم السلام بعد ما لاقوه من شتى صنوف القسوة والإرهاب من بني العباس وسوء معاملتهم لهم.

مضافا إلى ذلك ، فقد كانت قم مركزا فقهيا كبيرا ، لا سيما في عهد النواب الأربعة ، إذ حفلت بالكثير من أعاظم الفقهاء وأجلتهم ، أمثال : الكليني والصدوق ووالده وابن قولويه وابن الجنيد وعلي بن إبراهيم وغيرهم.

وقد ساعد وجود الدولة البويهية حينذاك على نمو المدرسة الفقهية

ص: 166

الشيعية في قم والري ، لما كانت تمتاز به من الولاء والانقياد لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

أما أهم ملامح مدرسة قم وأبرز خصائصها التي امتازت بها عن أقرانها فيمكن الإشارة إلى جانبين منها :

الجانب الأول : تدوين الحديث وتبويبه وتجميعه وتنظيمه ، وقد تجلى ذلك في موسوعة الشيخ الصدوق (ت 381 ه) الحديثية الشهيرة من لا يحضره الفقيه.

الجانب الثاني : فاعلية ونشاط حركة الرسائل الفقهية الجوابية حينذاك ، فكانت الأسئلة ترد على الفقهاء فيكتبون أجوبتها على هيئة رسائل فقهية ، وهذا ما كان له أعمق الأثر في تطوير البحث الفقهي وإنمائه ، بالرغم من محدودية هذه الرسائل من حيث عرضها لما صح من الروايات والأحاديث فقط.

إن هذا المختصر الذي استعرضناه عن قم ومدرستها الفقهية ما هو إلا زاوية صغيرة توخينا منها بيان مصداقية من مصاديق الحقيقة الكلية التي احتضنها التاريخ بكل قطع وثبات ، حقيقة أن قم ومدرستها كانت محورا أثرى الجبهة الفقهية الشيعية بأفضل مؤن التطور والازدهار على يد أجل الفقهاء والعلماء الكبار.

وبالتأمل الدقيق في ما أوردناه آنفا يظهر أن ما ذهب إليه السيد المرتضى (ت 406 ه) - من وصف القميين باستثناء الصدوق بالمجبرة والمشبهة ، وأن يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان كانا يقولان بالقياس ويعملان به - ما كان إلا لمجرد التباس الأمر عليه - إن صح التعبير - وليس عنادا منه عليهم.

ص: 167

وإلا فماذا يعني كون الكثير الكثير من القميين من خواص الأئمة عليهم السلام وأعيان شيعتهم وثقاتهم ، بالنص القطعي الوارد عنهم عليهم السلام ، مضافا إلى شهادة ذوي الفضل والجلالة من كبار علماء الرجال وأشياخهم ، كالنجاشي والكشي والعلامة وابن داود ، المدونة في أسفارهم ومصنفاتهم ، التي أثبتوا فيها بصريح العبارة : أن الكثير من فضلاء الطائفة وجهابذتها كانوا من أهل قم وأنهم أهل علم وفقاهة وصحة حديث ، على طبق أمتن المباني الرجالية والقواعد الاستدلالية القطعية التي لا تقبل النقض بأي حال من الأحوال ، فكانت مورد الاتفاق والإجماع.

وهذه الرسالة تنزيه القميين قد شيدها العلامة ، المحقق ، الرجالي ، المدقق ، الثقة الثقة ، البحاثة ، الفقيه ، أبو الحسن الشريف العاملي النجفي ، جد شيخنا صاحب الجواهر ، لبيان حال القميين ورد ما نسبه إليهم زعيم الطائفة ورئيسها السيد المرتضى علم الهدى قدس سره.

وقد رتبها رحمه الله على مقدمة وفصلين وخاتمة :

المقدمة كانت : في بيان أن نسبة القميين إلى المجبرة والمشبهة كان منشؤها المخالفين ، تهمة منهم للعلماء المكرمين وافتراء على الأئمة المعصومين عليهم السلام ، وأن نقلهم - أي القميين - الأخبار المتضمنة للجبر والتشبيه في كتبهم لا لأجل اعتقادهم بها وتدينهم بظواهرها ، بل لغرض وصولهم إلى محامل وتأويلات صحيحة لها ، أو لتورعهم عن رد خبر منقول عن الأئمة عليهم السلام لمجرد عدم فهم المعنى.

والفصل الأول : في ذكر المعتبرين من أشاعرة قم.

والفصل الثاني : في ذكر المعتبرين من سائر القميين.

والخاتمة : في ذكر بعض الأخبار المروية عن يونس بن عبد الرحمن

ص: 168

والفضل بن شاذان في إبطال القياس وعدم جواز العمل به ، ردا لما نسبه إليهما السيد المرتضى قدس سره من استعمالهما القياس.

سلك المصنف في رسالته الجليلة هذه - وعلى طول محاورها الأربعة - مسلك التحقيق الدقيق والاستدلال القويم ، على أساس النص الروائي الجلي ، والقرينة الواضحة ، والشاهد المبين ، والمؤيد المتين ، بأرقى القواعد وأوثقها ، وأرسخ المباني وأتمها ، على نحو لا يدع للريبة والشك أي مجال.

* * *

ص: 169

ترجمة المؤلف

اسمه : الشريف (1) ، كنيته : أبو الحسن ، وهو ليس من السادة الأشراف كما قد يتبادر من اسمه ، يوصف في بعض التراجم بالعدل ، وعشيرته «آل الفتوني» كثيرون في جبل عامل (2).

اسم أبيه : الشيخ محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن محمد بن معتوق بن عبد الحميد.

وأمه : العلوية أخت الشريف المير محمد صالح بن عبد الواسع الحسيني الخاتون آبادي ، جد صاحب الجواهر لأم والده الشيخ باقر ، التي

اسمها آمنة بنت فاطمة بنت المولى أبي الحسن الفتوني.

وقيل : إن أم الشيخ باقر والد صاحب الجواهر هي بنت الشيخ الفتوني ، فيكون الفتوني جد صاحب الجواهر ، أو جد والده الشيخ باقر.

ولادته :

قال في الذريعة : كانت ولادته بأصفهان ، لأن والده تزوج في - أوان إقامته بأصفهان - السيدة أخت الأمير محمد صالح الخاتون آبادي ، فرزق منها الشريف ، وكان يسكن محلة «درب إمام» بأصبهان ، ولذا يقال له الشريف الإمام ، ولم نعثر على تاريخ ولادته معينا ، ولعلها كانت حدود سنة 3.

ص: 170


1- ذكر صاحب الروضات 7 / 142 ، وصاحب ريحانة الأدب 2 / 321 أن : الشريف صفته لأن والدته علوية النسب.
2- أعيان الشيعة 7 / 343.

1070 كما يظهر من تواريخ إجازات مشايخه له من سنة 1096 إلى سنة 1107 ه.

ويظهر من الإجازة الثانية له من العلامة المجلسي في سنة 1107 أنه كان في ذلك التاريخ مجاورا للغري ، وأيضا يظهر من تلك الإجازات أن آباءه كلهم علماء أجلاء ، ترجمهم سيدنا الحسن الصدر في تكملة الأمل (1).

مشايخه :

يروي بالإجازة عن العلامة محمد باقر المجلسي صاحب البحار.

وعن المحدث الحر العاملي صاحب الوسائل.

وعن الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف البحراني.

وعن خاله السيد الأمير محمد صالح الحسيني الخاتون آبادي.

وعن المحدث السيد نعمة الله الجزائري.

وعن المولى الفيض الكاشاني صاحب الوافي والصافي والشافي.

وعن المحقق آقا حسين الخوانساري.

وعن الشيخ محمد حسين بن الحسن بن إبراهيم بن عبد العالي الميسي.

وعن الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي.

وعن الحاج محمود بن علي الميبدي المشهدي.

وعن الشيخ قاسم بن محمد الكاظمي. 1.

ص: 171


1- الذريعة 2 / 371.

وعن الشيخ عبد الواحد بن محمد بن أحمد البوراني.

تلامذته والراوون عنه :

تلمذ عليه وروى عنه الكثير من أجلة الطائفة وفضلائها ، نذكر منهم :

1 - الشيخ أبو صالح محمد مهدي العاملي الفتوني.

2 - السيد محمد بن علي بن حيدر العاملي.

3 - الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري.

4 - المولى محمد إبراهيم بن غياث الدين الحويزاوي.

5 - السيد نصر الله الموسوي الحائري.

6 - السيد حسين القزويني ، أحد مشايخ العلامة بحر العلوم.

7 - السيد محمد بن أمير الحاج شارح قصيدة أبي فراس.

8 - الشيخ أحمد بن الشيخ حسن النحوي.

قال صاحب التكملة إنه استقصى في كتابه : بغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات مشايخه وتلامذته (1).

بعض أقوال العلماء فيه :

قال الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق : كان محققا مدققا ، ثقة صالحا ، عدلا (2).

وقال السيد بحر العلوم في إجازته للشيخ محمد اللاهيجي : الشيخ 0.

ص: 172


1- تكملة أمل الآمل : 443.
2- لؤلؤة البحرين : 107 رقم 40.

الأعظم ، رئيس المحدثين في زمانه ، وقدوة الفقهاء في أوانه (1).

وقال صاحب الروضات رحمه الله : الفاضل العريف ، الباذل جهده في سبيل التكليف ... من أعظم فقهائنا المتأخرين وأفاخم نبلائنا المتبحرين ... (2).

أما صاحب الجواهر فقد قال فيه : جدي الفاضل المتبحر الآخوند الملا أبو الحسن الشريف (3).

وأثنى عليه المحدث النوري واصفا إياه ب : أفقه المحدثين ، وأكمل الربانيين ، الشريف العدل ... أفضل أهل عصره وأطولهم باعا (4).

وقال السيد عبد الله آل السيد نعمة الله الجزائري : سئل والدي يوما : أيهما أفضل ، الشريف أبو الحسن أو الشيخ سليمان؟ فقال : أما الشريف أبو الحسن فقد مارسته كثيرا في أصبهان وفي المشهد وفي بلادنا لما قدم إلينا وأقام عندنا مدة مديدة فرأيته في غاية الفضل والإحاطة وسعة النظر ، وأما الشيخ سليمان فلم أره ... (5).

مؤلفاته :

1 - الفوائد الغروية والدرر النجفية :

مرتب على مقصدين في مجلدين : أحدهما في أصول الدين والآخر في أصول الفقه ، وهو كتاب حسن فيه ما يستفاد من الأحاديث من القواعد الفقهية والمسائل الأصولية - أي أصول الفقه - وفيه تحقيقات رائقة وفوائد 7.

ص: 173


1- حكاه عنه في أعيان الشيعة 7 / 342.
2- روضات الجنات 7 / 142 - 144.
3- جواهر الكلام 29 / 313 و 323.
4- خاتمة مستدرك الوسائل 2 / 54.
5- الإجازة الكبيرة : 207.

فائقة تدل على مهارته في العلوم العقلية والنقلية ، فرغ منه سنة 1112 ه (1).

2 - رسالة في الرضاع (الرضاعية) :

مسهبة غراء ، اختار فيها القول بالتنزيل (أي نزل ما يحرم بالمصاهرة ما يحرم بالنسب) فرغ منها في النجف 25 المحرم سنة 1111 ه ، وقيل : سنة 1109 ه ، ذكر فيها : أنه ألفها بعد استخارات عديدة عند رأس الأمير عليه السلام (2).

3 - شرح على كفاية المقتصد للمحقق السبزواري :

من أول كتاب المتاجر ... والظاهر أنه لم يخرج منه إلا شرح المتاجر هذا ، واعتمد في بقية الكتب على ما فصله السبزواري في ذخيرته كما استظهر ذلك صاحب لؤلؤة البحرين (3).

4 - ضياء العالمين في بيان إمامة الأئمة المصطفين :

قال السيد محسن الأمين في الأعيان : رأيت منه نسخة مخطوطة في

النجف الأشرف في مكتبة الحسينية الشوشترية في ثلاث مجلدات كبار سنة 1352 وكتب المؤلف في بعض فصوله ما يقرب من ثلاثين صفحة في إيمان أبي طالب (4).

وقال صاحب الذريعة : ضياء العالمين في مجلدين ، في أكثر من 65000 بيت يوجد في مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة بالنجف ، والمكتبة الجعفرية في كربلاء ، ومكتبة كاشف الغطاء والمكتبة التسترية ، وهو مرتب 3.

ص: 174


1- الذريعة 16 / 353.
2- الذريعة 11 / 188.
3- الذريعة 14 / 35 ، لؤلؤة البحرين : 109.
4- أعيان الشيعة 7 / 343.

على مقدمة ومقصدين وخاتمة (1).

وتوجد نسخة منه في مكتبة مؤسسة آل البيت عليهم السلام العامرة مصورة من مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف.

5 - شريعة الشيعة ودلائل الشريعة :

قال آقا بزرك في الذريعة : شرح ل : مفاتيح الشرائع ، خرج منه شرح الباب الأول منه في سنة 1129 ه ، ويتلوه الباب الثاني في مقدمات الصلاة.

وقال الشيخ يوسف البحراني في اللؤلؤة : وهو يشهد بفضله وتحقيقه ، ودورانه مدار الأخبار المأمونة عن العثار في جليله ودقيقه ، ولا أعلم هل برز منه غير هذا أم لا (2).

6 - كتاب الأنساب :

ذكر في أوله بعد خطبة مختصرة أنه : رأى في كربلاء كتاب حدائق الألباب في معرفة الأنساب وفيه مشجرات الملوك والمشاهير والسادات على طرز غريب يعسر الوصول منه على المراد ، وطلب منه بعض السادات أن يؤلف فيه كتابا يسهل الوصول إلى ذخائر كنوزه ويكشف النقاب عن وجوه رموزه ، فألف هذا الكتاب ، ورتبه على جملتين : الأولى منهما في آباء السبطين ، والثانية في أبنائهما (3).

وذكر آقا بزرك رحمه الله أنه : لم يسم المؤلف الكتاب باسم خاص ، لكن رأيت بعض الفضلاء عبر عنه ب : «حديقة النسب» ولو سماه ب : «كشف النقاب» عن وجه رموز حدائق الألباب - كما وصفه المؤلف به - لكان أولى. 1.

ص: 175


1- الذريعة 15 / 124.
2- الذريعة 14 / 187 ، لؤلؤة البحرين : 109.
3- الذريعة 2 / 371.

ولما رأيت حسن ترتيبه وهو مسطر جعلته بهذا الترتيب مشجرا بخط دقيق في خريطة طويلة إذا نشر طيها يرى فيها الأسماء متصلة بآبائها إلى آدم بسهولة ، وسميته : شجرة السبطين وشرعة الشطين (1).

7 - مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار :

تفسير جليل للقرآن ، مقتصرا على ما ورد في متون الأخبار ، لم يخرج منه إلا شئ يسير من أوائل سورة البقرة (2) بعد مجلده الأول الكبير الذي هو في مقدمات التفسير والعلوم المتعلقة بالقرآن ، لم يعمل مثله ، طبع المجلد الأول منه وحده في إيران سنة 1303 ، ونسبته إلى الشيخ الكازروني - على ما كتب عليه - غلط وافتراء ، هكذا ذكر السيد محسن الأمين في الأعيان (3).

وقال المحدث النوري رحمه الله في حاشية الخاتمة : ومن الحوادث الطريفة والسرقات اللطيفة أن مجلد مقدمات تفسير هذا المولى الجليل المسمى : مرآة الأنوار ، موجود الآن بخط مؤلفه في خزانة كتب حفيده شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام طاب ثراه ، واستنسخناه بتعب ومشقة وكانت النسخة معي في بعض أسفاري إلى طهران ، فأخذها مني بعض أركان الدولة وكان عازما على طبع تفسير البرهان للعالم السيد هاشم البحراني ، وقال لي : إن تفسيره خال عن البيان ، فيناسب أن تلحق به هذه النسخة ليتم المقصود بها فاستنسخها ، ورجعت إلى العراق ، وتوفي هذا الباني قبل إتمام 3.

ص: 176


1- الذريعة 14 / 372.
2- قال آقا بزرك الطهراني : وهو في نسخة شيخنا العلامة النوري من أول سورة الفاتحة إلى أواسط سورة البقرة في مجلد كبير ، وفي نسخة أخرى إلى الآية الرابعة من سورة النساء ، (مثنى وثلاث ورباع). الذريعة 20 / 264.
3- الذريعة 20 / 264 ، أعيان الشيعة 7 / 343.

الطبع ، فاشترى ما طبع من التفسير ، ونسخة المرآة من ورثته بعض أرباب الطبع ، فأكمل الناقص وطبع المرآة في مجلد.

ولما عثرت عليه في المشهد الغروي رأيت مكتوبا على ظهر الورقة الأولى منه : كتاب مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ، وهو مصباح لأنظار الأبرار ، ومقدمة للتفسير الذي صنفه الشيخ الأجل ، والنحرير الأنبل ، العالم العلامة ، والفاضل الفهامة ، الشيخ عبد اللطيف الكازروني مولدا والنجفي سكنا ... إلى آخره.

فتحيرت وتعجبت من هذه السرقة فكتبت إلى باني الطبع ما معناه :

إن هذا التفسير للمولى الجليل أبي الحسن الشريف ، وأما عبد اللطيف فلم أسمع بذكره ، ولم نره في كتاب ، ولعل الكاتب السارق المطفئ لنور الله اشتبه عليه ما في صدر الكتاب بعد الخطبة من قوله : يقول العبد الضعيف ، الراجي لطف ربه اللطيف ، خادم كلام الله الشريف ... إلى آخره ، فظن أنه أشار إلى اسمه في ضمن هذه العبارة ، ولكن النسبة إلى كازرون لا أدري ما منشؤها؟!

فوعدني في الجواب أن يتدارك ويغير ويبدل الصفحة الأولى ، ويكتب على ظهرها اسم مؤلفه وشرح حاله الذي كتبته سالفا على ظهر نسختي من التفسير ، وإلى الآن ما وفى بعهده ، وأعد نفسه لمؤاخذة المولى الشريف في غده.

فليبلغ الناظر الغائب أن هذا التفسير المطبوع في سنة 1295 ه في طهران - المكتوب في ظهره ما تقدم - للمولى أبي الحسن الشريف ، الذي يعبر عنه في الجواهر بجدي العلامة ، لا لعبد اللطيف الكازروني ، الذي لم

ص: 177

يتولد بعد ، وإلى الله المشتكى وهو المستعان (1).

8 - حقيقة مذهب الإمامية :

وبيان أساسه الذي من ضل عنه ضل.

أوله : الحمد لله الذي لم يخلق الخلق إلا ليعبدون ...

فرغ منه يوم الجمعة آخر شعبان 1138 ه ، ويظهر من تاريخ وفاته أنه آخر تصانيفه (2).

9 - شرح الصحيفة :

ذكرها الشيخ آقا بزرك في الذريعة (3).

10 - نصائح الملوك وآداب السلوك :

في شرح العهد المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام الذي كتبه لمالك الأشتر حين ولاه مصر ، ألفه بالفارسية باسم السلطان حسين الصفوي المتوفى سنة 1135 ، ومعلوم من آخر النسخة أنه أنهاه في سنة 1118 ، والذي يحتوي على حدود 3250 بيت (4).

11 - الكشكول :

يحتوي على 540 صفحة ، وهو موجود في مكتبة كاشف الغطاء بالنجف ، والظاهر أن النسخة بخطه الشريف (5). 0.

ص: 178


1- خاتمة مستدرك الوسائل 2 / 55.
2- الذريعة 7 / 49.
3- الذريعة 13 / 346.
4- الذريعة 24 / 171 ، أنظر : فهرس النسخ المخطوطة لمكتبة سپهسالار 2 / 33 و 5 / 715 رقم النسخة 766.
5- الذريعة 18 / 70.

12 - معراج الكمال :

ذكره آقا بزرك رحمه الله ، وقال : إن النسخة كانت عند الحاج مولى علي محمد النجف آبادي - قدس الله سره - كما يظهر من فهرست كتبه (1).

13 - تنزية القميين :

وهو الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم ، أشرنا إليه في صدر البحث.

وفاته ومدفنه :

قال صاحب الأعيان : إنه توفي سنة 1139. وقيل سنة 1138 كما أرخه بعض أحفاده بخطه على ظهر الفوائد الغروية (2) ، وفي تتمة أمل

الآمل توفي في أواخر العشر الأربعين بعد المائة والألف (3).

قال صاحب نجوم السماء : دفن بالنجف الأشرف (4).

النسخ المعتمدة في التحقيق :

اعتمدنا في تحقيقنا هذه الرسالة الشريفة على مصورتي النسختين التاليتين :

1 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي قدس سره بقم المشرفة برقم 5459 ، كتبها عبد الله الموسوي الاشتهاردي سنة 1357 ه ، تحتوي على 16 ورقة في 17 سطرا بحجم 22 × 17 سم. 8.

ص: 179


1- الذريعة 21 / 232.
2- وكذا في نسخة «ضياء العالمين» بخط الشيخ محمد حسين الجواهري.
3- أعيان الشيعة 7 / 342.
4- نجوم السماء : 218.

أشرنا إليها في الهامش بلفظة : المخطوط.

2 - النسخة المطبوعة بقم المشرفة سنة 1368 ه ، بتصحيح الشيخ محمد علي الرازي القاساني.

أشرنا لها في الهامش بلفظة : المطبوع.

منهجية التحقيق :

أجرينا مقابلة بين المخطوط والمطبوع ، وثبتنا الاختلافات الموجودة بينهما.

ثم قمنا باستخراج الآيات والنصوص الروائية والأقوال من مصادرها.

واتبعنا منهج التلفيق بين المخطوط والمطبوع والمصدر لغرض الحصول على المتن الأنسب والأقرب إلى الصواب واستفدنا من اختلافات النسختين مع المصادر فثبتنا الراجح في المتن ، وأشرنا إلى المرجوح في الهامش.

وقمنا كذلك بتصحيح بعض الاختلافات الرجالية التي واجهتنا أثناء العمل.

وترجمنا أيضا للطوائف والفرق التي أوردها المصنف في المتن.

سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتقبله بأحسن قبوله.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الغر الميامين.

* * *

ص: 180

صورة

ص: 181

صورة

ص: 182

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم على ما هديتنا إلى فصيح المقال ، لإفادة صحيح الأحوال ، ونشكرك على ما حفظتنا من تفضيح حال الرجال ، بإشاعة قبيح الأقوال.

ونصلي على حبيبك النبي الذي قبلت لمحبته ضعيف الأعمال ، وعدلت بشريعته عوج الأديان غاية الاعتدال ، وعلى آله الجارين على ذلك المنوال ، في جميع الأقوال والأفعال ، صلاة مترادفة متواردة على الاتصال.

وبعد :

فإني لما رأيت كلام الفاضل الشريف المجتبى ، والسيد المنيف المرتضى ، أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي ، الملقب ب : علم الهدى ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة مقره ومأواه ، في بعض فوائده المكتوبة لبيان عدم جواز الاعتماد على أكثر ما يستفاد من الروايات.

أعني قوله : إن أعظم الفقه وجمهوره ، بل جميعه ، لا يخلو سنده ممن

ص: 183

يذهب مذهب الواقفة (1) وإلى غلاة (2) وخطابية (3) وإلى قمي مشبه مجبر ، وإن القميين كلهم أجمعين ، من غير استثناء لأحد منهم - إلا أبا جعفر بن بابويه رحمه الله - بالأمس كانوا مشبهة مجبرة ، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك ... إلى آخره (4).

التزمت على نفسي تفتيش حال هؤلاء الأعلام ، لتحقيق هذا الكلام ، لظهور كونه من الأمور العظام ، فشرعت في تفحص أحوالهم من كتب علمائنا المعتمدين ، وتتبع مروياتهم في أصول الدين ، إذ كان ذلك أدل دليل على الرشد والقبول ، وأوضح سبيل إلى ما هو المأمول.

فرأيت - في ما رأيت - صحة عقائد كثير منهم ، سيما رواة الأخبار ، ودريت - في ما دريت - كمال الوثوق بغفير منهم ، بحسب أخبار الأئمة الأخيار ، كما سيظهر على من اجتنب الاعتساف ، ولزم الإنصاف. 0.

ص: 184


1- الواقفة : هم الواقفون على الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنه الإمام القائم ، ولم يأتموا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره ، وقد قال بعضهم ممن ذكر أنه حي : إن الرضا عليه السلام ومن قام بعده ليسوا بأئمة ، ولكنهم خلفاؤه واحدا بعد واحد إلى أوان خروجه ، وأن على الناس القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم. أنظر : فرق الشيعة : 81.
2- الغلاة : هم الذين قالوا : إن الأئمة عليهم السلام آلهة وإنهم أنبياء وإنهم رسل وإنهم ملائكة ، وهم الذين تكلموا بالأظلة وفي التناسخ في الأرواح ، وهم أهل القول بالدور في هذه الدار وإبطال القيامة والبعث والحساب. أنظر : فرق الشيعة : 36.
3- الخطابية : هم أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي ، الذي ادعى النبوة ثم الرسالة ثم ادعى أنه من الملائكة وأنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم. أنظر : فرق الشيعة : 42.
4- رسائل الشريف المرتضى 3 / 310.

فحينئذ عزمت على بيان ما ظهر لي من تلك الأحوال ، حتى يتورع المتورع عن أن ينسب إليهم مثل ذلك المقال ، وإلا فكلام من مطلبه العناد والجدال ، لا يخلو أصلا من القيل والقال ، وكذا من لا يعرف الرجال بالحق بل ينظر دائما إلى من قال.

وإني بعد أن جزمت بوجوب هذا الأمر ، اجترأت بتحريره في ما أسطر ، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (1).

فهاهنا مقدمة وفصلان ، ومن الله التوفيق وعليه التكلان : 9.

ص: 185


1- سورة الكهف 18 : 29.

أما المقدمة :

ففي بيان ما يدل على أن نسبة ذلك المذهب إليهم إنما نشأ من المخالفين ، تهمة على العلماء المكرمين ، وافتراء على الأئمة المعصومين عليهم السلام.

وأن نقلهم تلك الأخبار المتضمنة - ظاهرا - لذلك المذهب في كتبهم ليس لكونهم معتقدين بها ومتدينين بظواهرها ، بل إما لوصولهم إلى محامل وتأويلات صحيحة لها ، أو لتورعهم عن رد خبر منقول عن الأئمة عليهم السلام بمحض عدم فهم المعنى.

قال الصدوق أبو جعفر بن بابويه رحمه الله في ديباجة كتاب توحيده : إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا ، أني وجدت قوما من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر ، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ، ولم يعرفوا معانيها ، ووضعوها في غير موضعها ، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن ، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا ، ولبسوا عليهم طريقتنا ، وصدوا الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله ، فتقربت إلى الله تعالى بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر (1).

وقال في مبحث إبطال الرؤية وتأويل آياتها وطلب موسى إياها : وأما الأخبار التي رويت في هذا المعنى ، وأخرجها مشايخنا - رضي الله عنهم - في مصنفاتهم ، عندي صحيحة ، وإنما تركت إيرادها في هذا الباب خشية 7.

ص: 186


1- التوحيد : 17.

أن يقرأها جاهل بمعانيها فيكذب بها ، فيكفر بالله عزوجل وهو لا يعلم.

وكذا الأخبار التي ذكرها أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره ، والتي أوردها محمد بن أحمد بن يحيى في جامعه في معنى الرؤية ، صحيحة ،

لا يردها إلا مكذب بالحق أو جاهل به ، وألفاظها ألفاظ القرآن ، ولكل خبر منها معنى ينفي التشبيه والتعطيل ويثبت التوحيد ، وقد أمرنا الأئمة صلوات الله عليهم أن لا نكلم الناس إلا على قدر عقولهم (1).

ثم قال : ومعنى الرؤية الواردة في الأخبار : العلم (2).

أقول :

وسيرشدك إلى صدق ما ذكره - رحمة الله عليه - ما سنشير إليه عند ترجمة الأسامي من الأخبار التي رواها هؤلاء في رد الجبر والتشبيه ، ورؤية الذات ، وكفر قائلها ، إذ معلوم أن كل من اطلع على هذه الروايات لا يعتريه شك ولا تبقى له شبهة أصلا ، فضلا عن الاعتقاد بضدها.

وظاهر أن ذكرهم تلك الأخبار المتشابهة غير مضر بعد ظهور كونهم راوين لخلافها ومعتقدين له.

ألا ترى إلى الكليني - رحمة الله عليه - كيف روى أيضا بعضها مع حسن عقيدته جزما ، فهكذا غيره من أرباب الحديث.

وقد روى الصدوق عن جمع منهم - أيضا - ما يدل على المقصود ك : ما رواه عن أحمد بن هارون الفامي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري القمي ، عن أبيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن علي 0.

ص: 187


1- التوحيد : 119.
2- التوحيد : 120.

ابن معبد ، عن الحسين بن خالد (1) ، عن أبي الحسن بن موسى الرضا عليه السلام ، قال : قلت له : يا بن رسول الله! إن الناس ينسبوننا إلى القول بالتشبيه والجبر ، لما روي من الأخبار التي رويت عن آبائك الأئمة عليهم السلام.

فقال عليه السلام : «يا بن خالد! أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائي الأئمة عليهم السلام في التشبيه والجبر أكثر أم الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك؟».

فقلت : بل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في ذلك أكثر.

قال : «فليقولوا : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول بالتشبيه والجبر إذن».

فقلت له : إنهم يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقل من ذلك شيئا ، وإنما روي عليه. 9.

ص: 188


1- في المخطوط والمطبوع : الحسن بن خالد البرقي ، وفي المصدر : الحسين بن خالد - بدون تقييد بالبرقي - وهو مردد بين الحسين بن خالد الخفاف ، والحسين بن خالد الصيرفي. قال الوحيد البهبهاني في ترجمة الحسين بن خالد الصيرفي : الظاهر أن الحسين ابن خالد الذي يظهر من رواياته في التوحيد فضله ، هو هذا الرجل. تعليقة الوحيد : 155. وقال حجة الإسلام العلامة الشفتي - بعد ذكر روايات الحسين بن خالد من غير تقييد ، عن الرضا عليه السلام ، وذكر رواية التوحيد ضمن هذه الروايات - : إن الراوي عن الحسين بن خالد المقيد بالصيرفي الراوي عن مولانا الرضا عليه السلام ، هو الراوي عن الحسين بن خالد المطلق الراوي عن مولانا الرضا عليه السلام ، وكذا الحال في الراوي عن الراوي ، فيظهر منه أن الحسين بن خالد في المقامين واحد. والحاصل أن الطريق إلى الحسين بن خالد المقيد بالصيرفي الراوي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، هو الطريق إلى الحسين بن خالد المطلق الراوي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وهو دليل على أن الحسين بن خالد المطلق الراوي عنه عليه السلام هو المقيد المذكور. الرسائل الرجالية : 389.

قال : «فليقولوا في آبائي عليهم السلام أيضا : إنهم لم يقولوا من ذلك شيئا ، وإنما روي عليهم».

ثم قال عليه السلام : «من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ، ونحن منه براء في الدنيا والآخرة.

يا بن خالد! إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة الذين صغروا عظمة الله ، فمن أحبهم فقد أبغضنا ومن أبغضهم فقد أحبنا ، ومن والاهم فقد عادانا ومن عاداهم فقد والانا ، ومن وصلهم فقد قطعنا ومن قطعهم فقد وصلنا ، [ومن جفاهم فقد برنا ومن برهم فقد جفانا ، ومن أكرمهم فقد أهاننا ومن أهانهم فقد أكرمنا ، ومن قبلهم فقد ردنا ومن ردهم فقد قبلنا ، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا] ومن صدقهم فقد كذبنا ومن كذبهم فقد صدقنا ، [ومن أعطاهم فقد حرمنا ومن حرمهم فقد أعطانا].

يا بن خالد! من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا ولا نصيرا» (1).

ولا يخفى أن هذا الخبر كالصريح في أن انتسابهم إلى ذلك المذهب تهمة من العامة ، وهم كانوا يتبرؤون منه.

لا يقال :

إذا كان حالهم على ما ذكرتم فلم لم يسقطوا ذكر تلك الأخبار من كتبهم ، حتى لا يقع الناس فيهم ، سيما مع دلالة هذا الخبر على كونها موضوعة؟!ر.

ص: 189


1- التوحيد : 363 ح 12 ، وما بين المعقوفين غير موجود في المخطوط والمطبوع ، أضفناه من المصدر.

لأنا نقول :

لو كان جميع تلك الأخبار موضوعة لكان كما تقول ، لكنه ليس الأمر هكذا ، إذ كثير منها كانت مروية عن الأئمة عليهم السلام بطرق لم يكن لهم طريق إلى

ردها ، فلم يمكنهم إلا ذكرها ، وإن لم يكن لهم علم بتأويلها ، كما أشار إليه الصدوق (1) ، وورد في الأخبار الكثيرة من لزوم قبول الأحاديث المنسوبة إلى الأئمة عليهم السلام ، وترك تأويلها إليهم حين لم يعلم ، وأنهم عليهم السلام كانوا يتكلمون على سبعين وجها ، وأن حديثهم صعب مستصعب لا يحتمله كل أحد.

على أن ذلك ليس مختصا بهم ، بل جار في كلام جميع المحدثين كما أشرنا. فتدبر.

وقد ورد مجملا في بعض الأخبار أيضا ما يشعر بحسن حال القميين ، وكون الأئمة عنهم راضين :

كقول الصادق عليه السلام ليونس بن يعقوب - حين سأله عن عمران بن عبد الله الأشعري القمي - : «هذا نجيب قوم نجباء ، ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله» (2) يعني أهل قم ، والأشاعرة منهم.

وكقول أبي جعفر الثاني عليه السلام لعلي بن مهزيار في توقيعه إليه : «قد

فهمت ما ذكرت من أمر القميين - خلصهم الله وفرج عنهم - وسررتني بما ذكرت من ذلك» (3) ... الخبر.

وغير ذلك مما لا يسع المقام ذكره. 0.

ص: 190


1- كما مر في صفحة 186.
2- رجال الكشي : 333 رقم 609.
3- رجال الكشي : 550 رقم 1040.

الفصل الأول

في ذكر المعتبرين من أشاعرة قم

أعني من انتسب إلى سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك ابن عامر بن أبي عامر عبيد بن ذخران بن عوف بن الجماهر بن الأشعر.

إذ سعد هو أول من تحول من الكوفة وسكن بقم بعد أن كان جده سائب بن مالك تحول من الحجاز إلى الكوفة ، وقد نقل : أن أبا عامر كان صحابيا.

قال النجاشي : روي أنه لما هزم هوازن يوم حنين عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي عامر الأشعري على خيل فقتل ، فدعا له ، فقال : «اللهم اعط عبيدك عبيدا أبا عامر واجعله في الأكثرين يوم القيامة» (1).

* فمن هؤلاء : عيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي ، وهو بالاتفاق من خواص أصحاب الصادق عليه السلام.

قال علي بن أحمد العقيقي في رجاله - على ما نقل عنه العلامة في الخلاصة - : إن عيسى بن عبد الله كان يشبه أباه ، وكان وجها عند أبي عبد الله عليه السلام مختصا به (2).

وقال النجاشي : عيسى بن عبد الله الأشعري : روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام وله مسائل عن الرضا عليه السلام (3).5.

ص: 191


1- رجال النجاشي : 82 رقم 198.
2- رجال العلامة الحلي : 123 رقم 7.
3- رجال النجاشي : 296 رقم 805.

وروى الكشي عن محمد بن مسعود العياشي ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي محمد أخي يونس ابن يعقوب ، عنه ، قال : كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمد عليه السلام في أزقتها ، فقال : «اذهب يا يونس! فإن بالباب رجلا منا أهل البيت».

قال : فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله القمي جالس ، قال : فقلت له : من أنت؟

قال : أنا رجل من أهل قم. قال : فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد الله عليه السلام فدخل على الحمار الدار ، ثم التفت إلينا فقال : «ادخلا» ، ثم قال : «يا يونس بن يعقوب! أحسبك أنكرت قولي لك : إن عيسى بن عبد الله منا أهل البيت؟!».

قال : قلت : إي والله جعلت فداك ، إن عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم.

فقال : «يا يونس! عيسى بن عبد الله هو منا حي ، وهو منا ميت» (1).

وقد روى أيضا عن يونس بن يعقوب بسند صحيح واضح ، أنه قال : دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد الله عليه السلام فأوصاه بأشياء ، ثم ودعه وخرج عنه ، فقال لخادمه : «ادعه» فانصرف إليه فأوصاه بأشياء ، ثم قال له : «يا عيسى بن عبد الله! إن الله عزوجل يقول : (وأمر أهلك بالصلاة) (2) وإنك منا أهل البيت ، فإذا كانت الشمس من هاهنا من العصر فصل ست ركعات». قال : ثم ودعه ، وقبل ما بين عيني عيسى فانصرف.

قال يونس : فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبد الله عليه السلام 2.

ص: 192


1- رجال الكشي : 332 رقم 607.
2- سورة طه 20 : 132.

يقول ذلك لعيسى بن عبد الله (1).

لكنه قليل الرواية.

* وكذا ابنه ، وهو : محمد بن عيسى الذي هو من أجلة شيوخ قم ، ومدحه كل العلماء ، ودخل على الرضا عليه السلام وسمع منه ، وروى عن الجواد عليه السلام ، والأخبار الدالة على كونه بريئا مما ذكره السيد متعددة ، سنذكر

بعضها في سعد بن عبد الله ، وبعضها في ابنه الذي كثرت رواياتنا عنه :

* وهو : أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى ، ولقد وثقه أهل الرجال ومدحه كلهم بكونه : وجيها ، فقيها ، من أكابر شيوخ أهل قم ، وإنه كان غير مدافع ، وكان الرئيس الذي يلقى السلطان ، ولقي الرضا ، والجواد ، والهادي عليهم السلام ، وصنف كتبا كثيرة ، منها كتاب التوحيد ، وقد أخرج بعض أخباره علماؤنا في كتبهم ، ولنذكر منها بعض ما يدل على برئه مما ذكره السيد.

روى الصدوق في التوحيد عن أحمد بن هارون ، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي عبد الله عليه السلام.

وبالإسناد المتقدم عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن مفضل بن عمر ، عنه عليه السلام ، قال : «من شبه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن أنكر قدرته فهو كافر ، إن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئا ، ولا يشبهه شئ ، وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه» (2).

وروى عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن [أحمد بن محمد بن 6.

ص: 193


1- رجال الكشي : 333 رقم 610.
2- التوحيد : 76 ح 31 وص 80 ح 36.

أبي نصر] (1) ، عن أبي الحسن الموصلي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «جاء حبر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين! هل رأيت ربك حين عبدته؟!

فقال عليه السلام : ويلك ، ما كنت أعبد ربا لم أره.

قال : وكيف رأيته؟!

قال : ويلك ، لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان» (2).

وروى عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه والحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، فقال لي : «أتنعت الله؟».

فقلت : نعم.

فقال : «هات».

فقلت : هو السميع البصير.

قال : «هذه صفة يشترك فيها المخلوق».

قلت : فكيف تنعته؟

فقال : «هو نور لا ظلمة فيه ، وحياة لا موت فيه ، وعلم لا جهل فيه ، وحق لا باطل فيه». 6.

ص: 194


1- في المخطوط : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي نصر. والظاهر أنه تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه بين المعقوفين ، من المصدر وكتب طبقات الرجال.
2- التوحيد : 109 ح 6.

فخرجت من عنده ، وأنا أعلم الناس بالتوحيد (1).

وعن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن جميع بن عمير ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «أي شئ من الله أكبر؟».

فقلت : الله أكبر من كل شئ.

فقال : «وكان ثم شئ فيكون الله أكبر منه؟!».

فقلت : فما هو؟

قال : «الله أكبر من أن يوصف» (2).

وروى عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن محمد ابن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «ما أمر الله العباد إلا بدون سعتهم ، وكل شئ أمر الناس بأخذه فهم متسعون له ، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم ، ولكن الناس لا خير فيهم» (3).

وروى عن علي بن عبد الله الوراق ، عن محمد بن جعفر بن بطة ، عن محمد بن الحسن الصفار ومحمد بن علي بن محبوب ومحمد بن الحسين بن عبد العزيز المهتدي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى الجهني ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : " إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل 6.

ص: 195


1- التوحيد : 146 ح 14.
2- التوحيد : 313 ح 2 ، الكافي 1 / 91 ح 9.
3- التوحيد : 347 ح 6.

يزعم أن الله عزوجل أجبر الناس على المعاصي ، فهذا قد ظلم الله في حكمه ، فهو كافر.

ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم ، فهذا قد أوهن الله في سلطانه ، فهو كافر.

ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون ، وإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ» (1).

والأخبار من هذا القبيل عنه كثيرة سيما في توحيد الصدوق ، والكافي ، وربما نشير إلى بعضها فيما بعد أيضا ، فتأمل فيها حتى يظهر لك حسن عقيدة الرجل ، وأبيه ، وأنه في غاية الرفعة عن انتساب تلك الأباطيل إليه.

على أنه كيف يجوز العقل أن يكون مثل هؤلاء الرجال ، الذين لقوا غير واحد من الأئمة ، حتى صاروا من خواصهم وناشري أحكامهم ، معتقدين لأمر باطل مخرج عن الإسلام فضلا عن الإيمان؟! والإمام يتغافل ويسكت مع علمه بأنهم يطيعونه في كل ما يقول من أمور الدنيا والدين ، ويسألونه عن الحق واليقين ، ويوصلون عنه إلى سائر المؤمنين.

هذا ، مع أن الأئمة كانوا في كمال الشفقة على شيعتهم ، خصوصا على أصحابهم ، ولم يرضوا لهم أدنى رزية.

وقد نقل أيضا أن أحمد هذا كان في غاية التدين ، حتى أخرج جمعا من قم لأجل فساد مذاهبهم ، وضعف فتاويهم ورواياتهم ، وكان يسأل الأئمة عن أمثال هذه العقائد ويعمل بأوامرهم. 5.

ص: 196


1- التوحيد : 360 ح 5.

روى الكشي عن العياشي : أنه كتب أحمد بن محمد بن عيسى إليه - يعني الهادي عليه السلام - في قوم يتكلمون ويقرؤون أحاديث وينسبونها إليك وإلى آبائك ، فيها ما تشمئز منها القلوب ، ولا يجوز لنا ردها إذ كانوا يروونها عن آبائك ، ولا قبولها لما فيها .. الخبر ..

إلى أن كتب : فإن رأيت أن تبين لنا وتمن علينا بما فيه السلامة لمواليك ونجاتهم من هذه الأقاويل التي تخرجهم إلى الهلاك.

فوقع عليه السلام : «ليس هذا ديننا فاعتزله» (1).

وإشعار الخبر وتأييده لما نحن فيه أيضا غير خفي.

* ومن هؤلاء : أبو يحيى زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري ، الذي كان من خواص أصحاب الرضا عليه السلام ، حتى إنه جعله زميله سنة في طريق الحج ، ولقي أبا جعفر عليه السلام أيضا ، وكان يتولى أمورهما ، وقد وثقه علماء الرجال ، وذكروه بأحمد الأحوال ، ورووا فيه مدائح عظيمة كثيرة.

منها : ما رواه الكشي عن محمد بن قولويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن الوليد ، عن علي بن المسيب ، قال : قلت للرضا عليه السلام : شقتي بعيدة ، ولست أصل إليك في كل وقت ، فممن آخذ معالم ديني؟

فقال عليه السلام : «من زكريا بن آدم القمي ، المأمون على الدين والدنيا».

قال علي بن المسيب : فلما انصرفت قدمت إلى زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه (2). 2.

ص: 197


1- رجال الكشي : 516 رقم 994.
2- رجال الكشي : 594 رقم 1112.

وما رواه عنه ، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف ، عن محمد بن حمزة ، عن زكريا بن آدم ، قال : قلت للرضا عليه السلام : إني أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم.

فقال : «لا تفعل! فإن أهل بيتك يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظم عليه السلام» (1).

وما رواه عن أبي طالب بن الصلت القمي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام في آخر عمره ، فسمعته يقول : «جزى الله صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سنان ، وزكريا بن آدم ، وسعد بن سعد ، عني خيرا فقد وفوا لي» (2).

ومنها ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة ، والكشي أيضا ، إنه لما مات

زكريا بن آدم خرج محمد بن إسحاق والحسن بن محمد بن عمران نحو الحج ، وكان ذلك بعد موته بثلاثة أشهر ، فتلقاهما كتابه عليه السلام في بعض الطريق ، فإذا فيه : «ذكرت ما جرى من قضاء الله تعالى في الرجل المتوفى رحمة الله عليه يوم ولد ، ويوم قبض ، ويوم يبعث حيا ، فقد عاش أيام حياته عارفا بالحق ، قائلا به ، صابرا ، محتسبا للحق ، قائما بما يجب لله ولرسوله ، ومضى رحمة الله عليه غير ناكث ولا مبدل ، جزاه الله أجر نيته ، وأعطاه خيرا ينفعه (3)» (4) .. الخبر.

وسيجئ خبر آخر أيضا في زكريا بن إدريس. 4.

ص: 198


1- رجال الكشي : 594 رقم 1111.
2- رجال الكشي : 503 رقم 964.
3- في الغيبة : «جزاء سعيه» ، وفي رجال الكشي : «خير أمنيته».
4- الغيبة - للشيخ الطوسي - : 348 ذيل ح 303 ، رجال الكشي : 595 رقم 1114.

وقد كان له كتاب معتبر أيضا ، ورواه عنه جماعة من أصحابنا ، منهم ابن عمه ، الذي هو - باتفاق أهل الرجال - من ثقات أهل قم ، وعيونهم ، وشيوخهم ، ومصنفيهم :

أعني : سعد بن سعد بن سعد الأشعري ، وهو أيضا من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وروى روايات كثيرة ، وقد مر آنفا ما يدل على حسن حاله.

وروى الصدوق أيضا في توحيده عنه أنه قال : سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد ، فقال : «هو الذي أنتم عليه» (1).

* ومن هؤلاء : أبو جرير زكريا بن إدريس بن عبد الله الأشعري ،

الذي وثقه وأباه كل علماء الرجال ، وروى عن الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام بقول جمع كثير.

ولقد كفى في حسن حاله ، وصحة عقائده ، ما رواه الكشي عن محمد بن قولويه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد ابن حمزة بن اليسع ، عن زكريا بن آدم ، قال : دخلت على الرضا عليه السلام من أول الليل في حدثان موت أبي جرير ، فسألني عنه ، وترحم عليه ، ولم يزل يحدثني وأحدثه حتى طلع الفجر ، فقام عليه السلام فصلى الفجر (2).

* ومن هؤلاء : أبو علي أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد الأشعري ، الذي وثقه وأباه كل علماء الرجال ، وكان وافد القميين وكبيرهم ، وروى روايات عن الجواد والهادي عليهما السلام ، وكان من خاصة أبي محمد عليه السلام ورأى صاحب الزمان ، وصار وكيله ، ومن خواصه ، وسفرائه ، واستمر على 0.

ص: 199


1- التوحيد : 46 ح 6.
2- رجال الكشي : 616 رقم 1150.

هذه الحال حتى مات رحمه الله.

قال في ربيع الشيعة : إنه من الوكلاء ، وإنه من السفراء ، والأبواب المعروفين ، الذين لا يختلف الشيعة القائلون بإمامة الحسن بن علي عليهما السلام فيهم (1).

وروى الكشي عن محمد بن مسعود العياشي ، عن علي بن محمد ، وروى الشيخ في كتاب الغيبة عن أحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي محمد الرازي ، قال : كنت أنا وأحمد بن أبي عبد الله البرقي بالعسكر ، فورد علينا رسول من الرجل ، فقال لنا : الغائب العليل ثقة ، وأيوب بن نوح ، وإبراهيم بن محمد الهمداني ، وأحمد بن حمزة بن اليسع ، وأحمد بن إسحاق ثقات جميعا (2).

وروى الكشي عن محمد بن علي ، عن أحمد بن الحسين بن أبي القاسم القمي ، قال : كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي إلى الدار كتابا ، ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته ، وأنه يريد الحج ، واحتاج إلى ألف دينار ، فإن رأى سيدي أن يأمر بإقراضه إياه ويسترجع منه في البلد إذا رجعنا.

فوقع صلوات الله عليه : «هي له منا صلة ، وإذا رجع فله عندنا سواها» (3) .. الخبر.

وروى أيضا عن جعفر بن معروف الكشي ، قال : كتب أبو عبد الله البلخي إلي يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه 1.

ص: 200


1- إعلام الورى بأعلام الهدى (ربيع الشيعة) 2 / 259.
2- رجال الكشي : 557 رقم 1053 ، الغيبة : 417 ح 395.
3- رجال الكشي : 556 رقم 1051.

- أي الصاحب عليه السلام - يستأذنه في الحج ، فأذن له وبعث إليه بثوب ، فقال أحمد بن إسحاق : نعى إلي نفسي. فانصرف من الحج ، فمات بحلوان (1).

فانظر أيها اللبيب المنصف! هل يمكن نسبة مثل هذا الرجل إلى تلك العقائد الفاسدة بعد هذه الدلالات؟!

فكيف ترد الروايات وهذا من أعاظم الرواة؟!

* ومن هؤلاء : أحمد بن حمزة بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري ، الذي وثقه وكذا أخاه محمد بن حمزة أبا طاهر كل أهل الرجال ، وكان هذا من أصحاب الهادي عليه السلام ، وبقي إلى زمان الصاحب عليه السلام ، وهو الذي خرج فيه التوقيع الذي مر في أحمد بن إسحاق (2) ، وكفى ذلك.

مع أنه لم يرو كثيرا ، وروى أبوه عن الرضا عليه السلام ، ووجدنا في باب صيد الحرم من الكافي روايته عن أبي عبد الله عليه السلام أيضا (3).

* ومن هؤلاء : أبو جعفر محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري ، الذي وثقه كل علماء الرجال ، وصرحوا بأن

ليس عليه مطعن في نفسه بشئ ، غير أنه كان يروي في بعض الأوقات عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل ، وهو راوي روايات كثيرة ، ومصنف كتب كبيرة ، منها : كتاب نوادر الحكمة ، المعروف عند القميين ب : دبة شبيب ،

المعمول ما فيه عندهم ، سوى ما استثناه منه ابن الوليد.

وقد كان جده عمران بن عبد الله من أصحاب الصادق عليه السلام حتى روي أنه دخل يوما عليه عليه السلام فبره وبشه وقربه وسأله عنه وعن ولده وأهل 8.

ص: 201


1- رجال الكشي : 557 رقم 1052.
2- راجع ص 200.
3- الكافي 4 / 238 ح 28.

بيته وبني أعمامه وحدثه مليا ، فلما خرج سأل الأصحاب عنه ، فقال : «هذا نجيب قوم نجباء ، ما نصب لهم أحد إلا قصمه الله» (1).

وفي رواية : أنه أهدى له عليه السلام في منى مضارب وخياما ، فقبض عليه السلام على يده ، ثم قال : «أسأل الله أن يصلي على محمد وآل محمد ، وأن يظلك وعترتك يوم لا ظل إلا ظله» (2).

لكنه هو.

وكذا ولده مرزبان بن عمران ، الذي روى الكشي عنه أنه قال للرضا عليه السلام : أمن شيعتكم أنا؟ فقال : «نعم» ، قال : (3) اسمي مكتوب عندكم؟ قال : «نعم» (4).

وكذا سبطه عمران بن محمد بن عمران ، الثقة الراوي عن الرضا والجواد عليهما السلام (5).

كلهم (6) قليل الرواية جدا ، والذي كثرت روايته من هؤلاء هو أبو جعفر محمد بن أحمد المذكور ، ولنذكر بعض ما يدل على كونه بريئا مما توهم في هؤلاء.

روى الصدوق في توحيده عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد ابن عيسى ، عن هشام بن إبراهيم ، قال : قال العباسي : قلت له - يعني د.

ص: 202


1- رجال الكشي : 333 رقم 608 و 609.
2- رجال الكشي : 331 رقم 606.
3- في المصدر زيادة : «قلت :».
4- رجال الكشي : 505 رقم 971.
5- رجال الشيخ : 381 رقم 21 ، جامع الرواة 1 / 643.
6- أي : عمران بن عبد الله ، وولده مرزبان ، وسبطه عمران بن محمد.

أبا الحسن عليه السلام - : جعلت فداك ، أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة.

قال : «ومن هو؟».

قلت : الحسن بن سهل.

قال : «في أي شئ المسألة؟».

قال : قلت : في التوحيد.

قال : «وأي شئ من التوحيد؟».

قال : يسألك عن الله جسم أو لا جسم؟

قال : فقال لي : «إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : مذهب إثبات بتشبيه ، ومذهب النفي ، ومذهب إثبات بلا تشبيه ، فمذهب الإثبات بتشبيه لا يجوز ، ومذهب النفي لا يجوز ، والطريق في المذهب الثالث : إثبات بلا تشبيه» (1).

وروى عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن ابن سنان ، عن مهزم ، قال : [قال أبو عبد الله عليه السلام : «أخبرني عما اختلف فيه من خلفت من موالينا؟».

قال : قلت : في الجبر والتفويض.

قال : «فسلني»] (2).

قلت : أجبر الله العباد على المعاصي؟!

قال : «الله أقهر لهم من ذلك».

قال : قلت : ففوض إليهم؟ ر.

ص: 203


1- التوحيد : 100 ح 10.
2- ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

قال : «الله أقدر عليهم من ذلك».

قال : قلت : فأي شئ هذا أصلحك الله؟

قال : فقلب يده مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : «لو أجبتك فيه لكفرت» (1).

وروى عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «كما إن بادئ النعم من الله عزوجل ، وقد نحلكموه ، فكذلك الشر من أنفسكم ، وإن جرى به قدره» (2).

* ومن هؤلاء : عبد العزيز بن المهتدي بن محمد بن عبد العزيز الأشعري ، الذي هو من خواص أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وكان وكيلا لهما ، موثوقا به ، معتمدا عليه عندهما ، معدلا عند كل علماء الرجال.

قال الفضل بن شاذان : ما رأيت قميا يشبهه في زمانه (3).

وقال الشيخ : خرج له توقيع بغفران الذنب (4).

وروى الكشي عن العياشي ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد العزيز أو عن (5) من رواه عنه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كتبت إليه : إن لك معي شيئا ، فمرني بأمرك فيه ، إلى من أدفعه؟ فكتب إلي (6) : «قبضت ما في هذه الرقعة ، والحمد لله ، وغفر الله ذنبك ، ورحمنا ».

ص: 204


1- التوحيد : 363 ح 11.
2- التوحيد : 368 ح 6.
3- رجال الكشي : 506 رقم 974.
4- أنظر : الغيبة : 211.
5- «عن» ليست في المصدر.
6- في المصدر : «إني».

وإياك ، ورضى عنك برضاي عنك» (1).

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنه كتب إلى الرضا عليه السلام : عمن آخذ معالم ديني؟ فكتب إليه : «خذ معالم دينك من يونس بن عبد الرحمن» (2).

ولا يخفى أنه لم يكن مشبها ولا مجبرا ، على أنه لو كان هكذا كيف جاز الإرشاد إليه؟!

لكنه أيضا ليس كثير الرواية ، فلا ضرورة إلى زيادة كلام فيه.

وكذا في سبطه محمد بن الحسين بن عبد العزيز ، وقد مر في أخبار أحمد بن محمد بن عيسى ما هو من رواته.

* ومن هؤلاء : أبو القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، الذي هو من أجلة شيوخ أصحابنا القميين وغيرهم ، وقد صرح بتوثيقه ، وفقاهته ، وجلالة حاله ، وصحة إيمانه ، كل أهل الرجال ، وقيل : لقي أبا محمد عليه السلام أيضا.

وقد روى من كتبه أخبارا كثيرة كبار أصحابنا ، ولنشر إلى بعض ما يؤيد مطلبنا منها.

فمن ذلك : الخبر الثاني ، والثالث ، والخامس من الأخبار التي رويناها بوساطة أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري (3).

ومن ذلك : ما رواه الصدوق في توحيده ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري ، عمن ذكره ، قال : سئل أبو جعفر عليه السلام : أيجوز أن يقال : إن الله5.

ص: 205


1- رجال الكشي : 506 رقم 976.
2- رجال الكشي : 483 رقم 910 ، وص 490 رقم 935 ، وص 491 رقم 938.
3- راجع ص 193 وص 194 وص 195.

شئ؟

قال : «نعم ، يخرجه من الحدين : حد التعطيل ، وحد التشبيه» (1).

وما رواه أيضا عن علي بن عبد الله الوراق ، عن سعد بن عبد الله ، عن إسماعيل بن سهل ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمد بن عجلان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : فوض الله الأمر إلى العباد؟

فقال : «الله أكرم من أن يفوض إليهم».

قلت : فأجبر الله العباد على أفعالهم؟

فقال : «الله أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثم يعذبه عليه» (2).

وما رواه عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن الرضا عليه السلام ، قال : ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : «ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ، ولا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه؟!».

قلنا : إن رأيت ذلك.

فقال : «إن الله عزوجل لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل

العباد في ملكه ، هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد [بطاعته لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا ، وإن ائتمروا] بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل فعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه» ، ثم قال عليه السلام : «من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه» (3). ر.

ص: 206


1- التوحيد : 104 ح 1.
2- التوحيد : 361 ح 6.
3- التوحيد : 361 ح 7 ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

ولقد روى أصحابنا سيما الصدوق والكليني بواسطته أخبارا متعددة في هذا المعنى ، اكتفينا نحن بما فيه الكفاية لمن يطلب الهداية.

* ومن هؤلاء : أبو علي أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعري ، الذي وثقه كل علماء الرجال ، وصرحوا بفقاهته ، وعلمه ، وصحة أحاديثه ، وكثرتها ، وهو شيخ كثير من أصحابنا ، وروي عنه أخبار كثيرة ، وله كتب معتبرة.

ولنذكر نبذا مما يدل على حسن عقيدته ، وكونه بريئا مما نسب إلى هؤلاء.

فمنها : الخبران الأخيران مما مر في محمد بن أحمد بن يحيى (1).

ومنها : ما رواه الصدوق في توحيده عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم : إن الله عزوجل جسم ، صمدي ، نوري ، معرفته ضرورة يمن بها على من يشاء من خلقه.

فقال عليه السلام : «سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، لا يحد ، ولا يحس ، ولا يجس ، ولا يمس ، لا تدركه الحواس ولا يحيط به شئ ، لا جسم ، ولا صورة ، ولا تخطيط ، ولا تحديد» (2).

وما رواه عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه - أحمد - ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن بشر بن بشار النيشابوري ، قال : كتبت إلى 4.

ص: 207


1- راجع ص 203 وص 204.
2- التوحيد : 98 ح 4.

أبي الحسن عليه السلام : أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد ، منهم من يقول : جسم ، ومنهم من يقول : صورة.

فكتب عليه السلام : «سبحان من لا يحد ، ولا يوصف ، ولا يشبهه شئ ، وليس كمثله شئ ، وهو السميع البصير» (1).

والأخبار المروية عنه في هذا الباب كثيرة موجودة في الكافي وغيره ، وقد مر في ما ذكرنا آنفا ما يدل على حسن عقيدة ابنه أيضا ، وهو :

أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن إدريس ، الذي هو شيخ الصدوق ، وما ذكره إلا مقرونا بالرحمة والرضوان ، وقد ذكر في توحيده أخبارا بواسطته دالة على حسن عقيدته ، تركناها مخافة الإطناب ، مع كونه قليل الرواية.

ثم من هؤلاء الأشاعرة جماعة كثيرة صرح علماء الرجال بتوثيقهم أو مدحهم وحسن عقيدتهم ، وربما يظهر ذلك من بعض رواياتهم في نفي الجبر والتشبيه أيضا ، لكن تركنا ذكرهم مفصلا لما مر ، وكفاية ما ذكر وعدم كونهم لما نحن فيه بمثابة ما زبر ، ولنذكر بعضهم مجملا :

فمنهم : أبو قتادة علي بن محمد بن حفص الأشعري ، الذي وثقه أهل الرجال كلهم ، وقالوا : روى عن الصادق عليه السلام ، وعمر حتى روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى (2).

ومنهم : أبو علي الريان بن الصلت الأشعري ، الخراساني الأصل ، البغدادي ، القمي ، الذي صرح أهل الرجال بكونه ثقة صدوقا ، روى عن 0.

ص: 208


1- التوحيد : 101 ح 13.
2- رجال النجاشي : 272 رقم 713 ، ورواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه في التهذيب 5 / 202 ح 673 ، والاستبصار 2 / 264 ح 930.

الرضا عليه السلام ، وقال فيه : «إن المؤمن موفق» (1) وأذن له في الدخول عليه ، وأعطاه من ثيابه ودراهمه ابتداء منه عليه السلام ، وقد كان الريان تمنى ذلك.

وكذا كان ابناه علي ومحمد ، من الثقات ، والرواة عظيمي الشأن.

قيل : كان علي وكيلا لأبي محمد عليه السلام (2).

ومنهم : حمزة بن يعلى الأشعري ، أبو علي القمي ، الثقة عند كل علماء الرجال ، وروى عن الرضا والجواد عليهما السلام (3).

ومنهم : أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة بن سعد الأشعري ، الذي له نسخة عن الجواد عليه السلام ، ووثقه كل أهل الرجال (4).

ومنهم : أبو جعفر محمد بن علي بن محبوب الأشعري ، المشهور ، الذي روى عنه أكابر القميين ، وصرح علماء الرجال بكونه : ثقة ، عينا ، فقيها ، صحيح المذهب (5).

وقد مر في أحمد بن محمد بن عيسى ما يدل على حسن حاله أيضا (6).

ومنهم : أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عامر بن عمران بن أبي عمير الأشعري ، الذي وثقه كل أهل الرجال ، وله كتاب (7) ، روى عنه 3.

ص: 209


1- رجال الكشي : 546 رقم 1035 وص 547 رقم 1036.
2- الخلاصة - القسم الأول - : 99 رقم 37 ، رجال ابن داود : 138 رقم 1051 ، التحرير الطاووسي : 380.
3- رجال النجاشي : 141 رقم 366.
4- رجال النجاشي : 101 رقم 252.
5- رجال النجاشي : 349 رقم 940.
6- راجع ص 195.
7- رجال النجاشي : 66 رقم 156 ، وانظر : معجم رجال الحديث 7 / 83.

الكليني بلا واسطة كثيرا ، وقد ينسب إلى جده أيضا ، فيقال : حسين بن محمد بن عمران.

وقد روى الصدوق في التوحيد عنه خبرا في رد الجبر والتفويض (1).

وروايات الكليني في هذا الباب أيضا موجودة.

وهو يروي عن عمه الذي كان من وجوه أهل قم وثقاتهم ، أعني : عبد الله بن عامر.

هذا مجمل أحوال هؤلاء ، ولو حاول أحد ذكر جميع ما ورد فيهم وتتبع غيرهم أيضا ممن انتسب إلى هؤلاء لطال الكلام ، وزاد عن إفادة المرام ، فلنختم بذلك في هذا المقام.

* * * 0.

ص: 210


1- التوحيد : 362 ح 10.

الفصل الثاني

في ذكر المعتبرين من سائر القميين

* فمنهم : أبو طالب عبد الله بن الصلت القمي ، مولى تيم الله بن ثعلبة ، الذي وثقه كل علماء الرجال ، ومدحوه بأحسن مدائح ، وكان من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وجيها عندهما.

وروى الكشي عن علي بن محمد ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي طالب القمي ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أبيات شعر ، وذكرت فيها أباه عليه السلام وسألته أن يأذن لي في أن أقول فيه ، فقطع الشعر ، وحبسه ، وكتب

في صدر ما بقي من القرطاس : «قد أحسنت ، فجزاك الله خيرا» (1).

وعن العياشي ، عن حمدان بن أحمد النهدي ، عن أبي طالب ، قال : كتبت إلى أبي جعفر بن الرضا عليهما السلام يأذن لي أن أرثي أبا الحسن عليه السلام

- أعني أباه - قال : فكتب إلي : «اندبني وأندب أبي» (2).

ومن الأخبار الدالة على برئه مما نسب إلى أهل بلده :

رواية الصدوق عن علي بن الحسين بن الصلت ، عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عمه أبي طالب عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : لأي علة عرج الله بنبيه صلى الله عليه وآله إلى السماء ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وخاطبه وناجاه هناك ، والله لا يوصف بمكان؟ 4.

ص: 211


1- رجال الكشي : 245 رقم 45 وص 568 رقم 1075.
2- رجال الكشي : 567 رقم 1074.

فقال عليه السلام : «إن الله عزوجل لا يشبهه شئ ، ولا يوصف بمكان ، ولا يجري عليه زمان ، ولكنه عزوجل أراد أن يشرف به ملائكته ، وسكان سماواته ، ويكرمهم بمشاهدته ، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقول المشبهون ، سبحان الله عما يشركون» (1).

ورواية الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن الحسن زعلان ، عن أبي طالب القمي ، عن رجل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أجبر الله العباد على المعاصي؟

قال : «لا».

قلت : ففوض إليهم الأمر؟

قال : «لا».

قلت : فماذا؟

قال : «لطف من ربك بين ذلك» (2).

وقد ظهر من الخبر الأول حسن حال أخيه علي ، وكذا ابن أخيه محمد بن أحمد أيضا ، وقد مر في أحمد بن إسحاق ما يدل على كون محمد من الوكلاء والسفراء (3) ، فتأمل.

* ومنهم : أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمي ، الذي هو ثقة بالاتفاق ، ومن أكابر شيوخ قم ، وروى أحاديث كثيرة سمعها من علماء الكوفة ، وصنف كتبا ، روى منها أصحابنا ، وكان من أصحاب الرضا والجواد والهادي والعسكري 0.

ص: 212


1- التوحيد : 175 ح 5.
2- الكافي 1 / 121 ح 8.
3- راجع ص 200.

والصاحب عليهم السلام ، وله مسائل وتوقيعات لأبي محمد عليه السلام على يد محمد

ابن عثمان العمري (1).

وقد كثرت أيضا مروياته الدالة على برئه مما قيل في أهل بلده كما ذكرناه في المقدمة من الخبر الصريح في المقصود (2) ، وكالخبر الأول والخامس مما ذكرناه في أحمد بن محمد بن عيسى (3).

ولما رواه الصدوق عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل الإنسان ، وقال آخر : إنه في صورة أمرد جعد قطط.

فخر أبو عبد الله عليه السلام ساجدا ، ثم رفع رأسه ، فقال : «سبحان الله

الذي ليس كمثله شئ ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يحيط به علم ، لم يلد لأن الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن له من خلقه كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه علوا كبيرا» (4).

وبالجملة : الأخبار الدالة على حسن حاله كثيرة ، وكذا في براءة ابنه أيضا.

أعني : محمد بن عبد الله الحميري ، الذي وثقه كل علماء الرجال ، وصرحوا بكونه كاتبا للصاحب عليه السلام ، وأن له مسائل عنه في الشريعة.

قال بعض الأصحاب : وقعت إلي تلك المسائل بأصلها ، والتوقيعات 9.

ص: 213


1- رجال النجاشي : 219 رقم 573.
2- راجع ص 187.
3- راجع ص 193 وص 195.
4- التوحيد : 103 ح 19.

بين سطورها (1).

وله كتب كبيرة ، وروايات كثيرة ، ومما يدل على ما نحن فيه : خبر المقدمة (2) والأول (3) مما ذكرناه في أحمد بن محمد بن عيسى ، وكفى ذلك للمنصف.

* ومنهم : أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم القمي ، الذي نشر أحاديث أهل الكوفة في قم ، حين انتقل منها إليها ، وهو من أعيان أصحابنا ، ووجوه أهل قم ، ومن أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، ممدوح عند علماء الرجال

كمال المدح ، راوي روايات كثيرة سيما في نفي التشبيه والجبر وأمثالها ، وقد مر أصرحها في المقدمة (4) ، وخبر في محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري (5) ، وسيجئ بعضها في ابنه :

أبي الحسن علي بن إبراهيم ، الذي هو من مشاهير أصحابنا القميين وغيرهم ، وصرح جميع أهل الرجال بتوثيقه ، وكونه ثبتا معتمدا صحيح المذهب (6) ، ولقي الهادي عليه السلام (7) ، وروى روايات كثيرة ، وصنف كتبا ، منها : التفسير المشهور.

والأخبار المروية عنه الدالة على كونه بريئا مما نسب إلى أهل قم 2.

ص: 214


1- رجال النجاشي : 354 رقم 949 ، وبعض الأصحاب هو : أحمد بن الحسين.
2- راجع ص 187 - 188.
3- راجع ص 193.
4- راجع ص 187 ، وانظر ترجمته في : رجال النجاشي : 16 رقم 19 ، والفهرست : 4 رقم 6.
5- راجع ص 204.
6- رجال النجاشي : 260 رقم 680.
7- أنظر : مجمع الرجال 4 / 152.

كادت أن تبلغ حد التواتر ، مع أنه صرح في أول تفسيره عند تقسيم الآيات بأن بعضها في رد المجبرة ، وبعضها في رد القدرية ، وبعضها في رد المعتزلة ، وذكر ما يدل على هذا من الآيات.

ثم قال : إن بعض الآيات التي استند إلى ظاهرها المجبرون وأمثالهم مؤولة ولها معاني صحيحة ، لكنهم لم يعرفوا.

وذكر أيضا عند تفسير الآيات الموهمة للتشبيه ظاهرا - [و] كذا آيات الرؤية - معاني وروايات في تأويلها (1).

ولنذكر بعضا منها ، ومما رواه علماؤنا عنه ، وعن أبيه في هذا الباب ، حتى تتضح براءته عما توهم فيه على أولي الألباب ، ويصح أن بعض [ال] - كلمات الموهمة للخلاف أيضا مؤول [- ة] كعبارات سائر الأصحاب.

قال في أول تفسيره - عند ذكر بعض الآيات في الرؤية - :

حدثني أبي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، قال : قال لي : «يا أحمد! ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟».

فقال : قلت : جعلت فداك ، قلنا نحن بالصورة ، للحديث الذي روي : أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى ربه في صورة شاب ، وقال هشام بالنفي للجسم.

فقال : «يا أحمد! إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء ، وبلغ عند سدرة المنتهى ، خرق له في الحجب مثل سم الأبرة ، فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى ، وأردتم أنتم التشبيه. دع هذا يا أحمد! لا ينفتح عليك أمر عظيم» (2). 0.

ص: 215


1- تفسير القمي - المقدمة - : 5.
2- تفسير القمي - المقدمة - : 20.

وقال عند تفسير قوله : (ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى) (1) :

أخبرني أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن العباس ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : (ما ضل صاحبكم) (2) .. الخبر ..

إلى أن قال : «(فكان قاب قوسين أو أدنى) كان بين لفظه وبين سماع محمد صلى الله عليه وآله كما بين وتر القوس وعودها» (3).

وقال في قوله تعالى : (ولقد رآه نزلة أخرى) : «قال الرسول : رأيت الوحي نزلة أخرى (عند سدرة المنتهى)» ، وفي قوله تعالى : (إذ يغشى السدرة ما يغشى) : «يعني من حجب النور» ، وفي (ما زاغ البصر وما طغى) يقول : «ما عمي البصر عن تلك الحجب ، وما طغى

القلب بزيادة في ما أوحي إليه» (4).

قال : وفي قوله تعالى : (وأن إلى ربك المنتهى) (5) : «إذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا» (6).

وقال في قوله تعالى : (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) (7) : 3.

ص: 216


1- سورة النجم 53 : 8 و 9.
2- سورة النجم 53 : 2.
3- تفسير القمي 2 / 334 ، وفيه «الحسين بن العباس» بدل «الحسن بن العباس».
4- تفسير القمي 2 / 335 ، والآيات هي 13 و 14 و 16 و 17 من سورة النجم.
5- سورة النجم 53 : 42.
6- تفسير القمي 2 / 338.
7- سورة القيامة 75 : 22 و 23.

«أي وجوه مشرقة ، ينظرون إلى وجه الله أي رحمة الله تعالى» (1).

وقال في تفسير قوله تعالى : (الرحمن على العرش استوى) (2) : حدثنا محمد بن أبي عبد الله ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد ، أن أبا عبد الله عليه السلام سئل عن تفسير ذلك فقال : «أي استوى عن كل شئ ، فليس شئ أقرب إليه من شئ» (3).

وقال رضي الله عنه في رد التوصيف ، ما رواه الكليني عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن عبد الرحمن بن عتيك القصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من الصفة ، فرفع يده إلى السماء ، ثم قال : «تعالى الجبار ، تعالى الجبار ، من تعاطى ما ثم هلك ، (فلا يوصف الله عزوجل إلا بما وصف نفسه عزوجل)» (4).

وقد روى الكليني أيضا عن العباس بن معروف ، عن ابن أبي نجران ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحيم بن عتيك القصير ، قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليه السلام : أن قوما بالعراق يصفون الله بالصورة وبالتخطيط ، فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد.

فكتب إلي : «سألت - رحمك الله - عن التوحيد ، وما ذهب إليه من قبلك ، فتعالى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، تعالى عما يصفه الواصفون [المشبهون الله بخلقه ، المفترون على الله. ع.

ص: 217


1- تفسير القمي 2 / 397 ، وفيه : «ونعمته» بدل «تعالى».
2- سورة طه 20 : 5.
3- تفسير القمي 2 / 59.
4- الكافي 1 / 74 ح 10 ، وما بين القوسين لم يرد في المصدر المطبوع.

فاعلم - رحمك الله - أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز ، فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه ، فلا نفي ولا تشبيه ، هو الله الثابت الموجود ، تعالى الله عما يصفه الواصفون] ، ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان» (1).

وروى الصدوق في توحيده عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، عن علي بن موسى عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه [عليهم السلام] ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «قال الله جل جلاله : ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني» (2).

وروى عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم. والكليني عن علي بلا واسطة ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن حكيم ، قال : وصفت لأبي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق ووصفت له قول هشام بن الحكم ، فقال : «إن الله عزوجل لا يشبهه شئ» (3).

وروى عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه ، عن الصقر بن أبي دلف ، قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام عن التوحيد ، وقلت له : إني أقول بقول هشام بن الحكم.

فغضب عليه السلام ثم قال : «ما لكم ولقول هشام ، ليس منا من زعم أن الله عزوجل جسم ، نحن منه براء في الدنيا والآخرة. 8.

ص: 218


1- الكافي 1 / 78 ح 1 ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- التوحيد : 68 ح 23.
3- التوحيد : 97 ح 1 ، الكافي 1 / 82 ح 8.

يا بن أبي دلف! إن الجسم محدث ، والله محدثه ومجسمه» (1).

وروى الكليني عن علي ، عن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهم

شيئا؟

فقال : «نعم ، غير معقول ، ولا محدود ، فما وقع عليه وهمك من شئ فهو خلافه ، لا يشبهه شئ ، ولا تدركه الأوهام ، وكيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام؟! إنما يتوهم شئ غير معقول ولا محدود» (2).

وروى الصدوق عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه. والكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن الهشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال للزنديق حين سأله : ما هو؟

قال : «هو شئ بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي شئ إلى إثبات معنى ، وأنه شئ بحقيقة الشيئية ، غير أنه لا جسم ، ولا صورة ، ولا يحس ، ولا يجس ، ولا يدرك بالحواس الخمس ، ولا تدركه الأوهام» (3).

والخبر طويل صريح في المذهب الحق ، وإبطال النفي والتشبيه ، وأمثال ذلك من أراده فليرجع إلى الكافي.

وروى الصدوق عن حمزة بن محمد العلوي ومحمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم.

والكليني عن علي بغير واسطة ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن 5.

ص: 219


1- التوحيد : 104 ح 20.
2- الكافي 1 / 64 ح 1.
3- التوحيد : 104 ح 2 ، الكافي 1 / 63 - 64 ضمن ح 5.

علي بن عطية ، عن خيثمة ، عن أبي جعفر عليه السلام.

وعن علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي المغري ، رفعه عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه ، وخلقه خلو منه ، وكل ما وقع عليه اسم شئ ما خلا الله فهو مخلوق ، والله خالق كل شئ» (1).

وروى الصدوق أيضا عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه.

والكليني عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبيه ، قال : حضرت أبا جعفر عليه السلام فدخل عليه رجل من الخوارج ، فقال له : يا أبا جعفر! أي شئ تعبد؟

قال : «الله تعالى».

قال : رأيته؟

قال : «لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يشبه بالناس ، موصوف بالآيات ، معروف بالعلامات ، لا يجور في حكمه ، ذلك الله ، لا إله إلا هو».

قال : فخرج الرجل وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته (2).

وروى الصدوق عن حمزة بن محمد ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل : (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو 5.

ص: 220


1- التوحيد : 105 ح 4 و 5 ، الكافي 1 / 65 ح 3 و 5.
2- التوحيد : 108 ح 5 ، الكافي 1 / 75 ح 5.

سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا) (1).

فقال : «هو واحد أحدي الذات ، بائن من خلقه ، وبذاك وصف نفسه ، وهو بكل شئ محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات ، لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة ، فإذا كان بالذات لزمه الحواية» (2).

وروى أيضا عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن حماد بن عمرو ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «كذب من زعم أن الله عز وجل في شئ ، أو من شئ ، أو على شئ» (3).

وروى هو أيضا عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي.

والكليني عن علي ، عن مختار بن محمد بن المختار الهمداني ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن أدنى المعرفة؟ فقال : «الإقرار بأنه لا إله غيره ، ولا شبه له ، ولا نظير ، وأنه قديم مثبت ، موجود غير فقيد ، وأنه ليس كمثله شئ» (4).

وروى الكليني عن علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، قالا : «إن الله أرحم بخلقه من أن يجبرهم على الذنوب ثم يعذبهم عليها ، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون». 1.

ص: 221


1- سورة المجادلة 58 : 7.
2- التوحيد : 131 ح 13.
3- التوحيد : 178 ح 10.
4- التوحيد : 283 ح 1 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 133 ح 2 ، الكافي 1 / 67 ح 1.

قالا : فسئلا عليهما السلام : هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا : «نعم ، أوسع مما بين السماء والأرض» (1).

وفي رواية أخرى بعد قوله : «يعذبهم عليها» قلت : جعلت فداك ، ففوض الله إلى العباد؟ فقال : «لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي» قلت : فبينهما منزلة (2) .. الخبر ..

وبالجملة : الأخبار المروية بوساطة هذا الرجل ، في هذا الباب ، أزيد من أربعين مذكورة في كتب الأصحاب ، سيما تفسيره ، والكافي ، وتوحيد الصدوق ، سوى عباراته في تفسيره ، فإنها أكثر من أن تحصى ، لكن في هذا القدر كفاية لمن طلب الحق ، بل أقل من هذا أيضا ، وإنما أطلقنا عنان القلم في هذا المقام ، لكون هذا الرجل - من بينهم - أشد قربا إلى تلك الظنون عند بعض الأعلام ، بسبب ما أشرنا إليه في أول الكلام.

* ومن هؤلاء : أبو جعفر محمد بن يحيى العطار القمي ، شيخ الكليني ، وهو من أجلة شيوخ قم ، ووثقه كل علماء الرجال ، وذكروه بأحمد الأحوال ، وروى روايات كثيرة ، غاية الكثرة في تأليفاته ، وقد ذكر أكثرها أصحابنا ، ولنشر إلى بعض ما يدل منها على المقصود.

فمنها : الخبر الرابع مما ذكرناه في أحمد بن محمد بن عيسى (3) ، والخبر الأول والأخير مما ذكرناه في محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري (4)

والخبر الأخير في عبد الله بن الصلت (5). 2.

ص: 222


1- الكافي 1 / 121 ح 9.
2- الكافي 1 / 122 ح 11.
3- راجع ص 195.
4- راجع ص 202 وص 204.
5- راجع ص 212.

ومنها : رواية الصدوق عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أرومة ، عن إبراهيم بن الحكم ، عن عبد الله بن جون (1) ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه كان يقول : «الحمد لله الذي لا يحس ، ولا يجس ، ولا يمس ، ولا يدرك بالحواس الخمس ، ولا يقع عليه الوهم ، ولا تصفه الألسن ، وكل شئ حسته الحواس ، أو لمسته الأيدي ، فهو مخلوق ، الحمد لله الذي كان إذ لم يكن شئ غيره ، وكون الأشياء فكانت كما كونها ، وعلم ما كان وما هو كائن» (2).

ومنها : روايته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابه.

وبهذا الإسناد عن سهل ، عن حمزة بن محمد ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة ، فكتب : «سبحان من ليس كمثله شئ ، لا جسم ولا صورة» (3).

والأخبار في هذا المعنى منه كثيرة ، لكن يكفي ما ذكرناه لمن طلب البصيرة.

ويعلم مما ذكرنا آنفا حسن عقيدة ابنه أيضا.

أعني : أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، الذي هو شيخ الصدوق أبي جعفر ، وقد ذكره في مواضع من كتبه مقرونا بالرحمة والرضوان ، 7.

ص: 223


1- كذا في المخطوط والمطبوع ، وفي المصدر : عبد الله بن جرير العبدي ، وفي نسخة التوحيد عند العلامة المجلسي : عبد الله بن جوين العبدي. أنظر : بحار الأنوار 3 / 300 ح 31 الهامش ، ولم أجد له ذكر في كتب الرجال.
2- التوحيد : 75 ح 29 ، وص 59 ح 17 بسند آخر عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير.
3- التوحيد : 102 ح 16 وح 17.

وروى عنه روايات في رد التشبيه وأمثاله (1) ، لا نطيل الكلام بذكرها.

* ومن هؤلاء أيضا : أبو جعفر الأعرج ، الملقب ب : مملولة ، محمد ابن الحسن بن فروخ الصفار القمي ، الذي وثقه علماء الرجال ، وروى عنه شيوخ أصحابنا ، صاحب روايات كثيرة ، وكتب كبيرة ، وله مسائل كتب بها إلى أبي محمد عليه السلام.

وبالجملة : هو ممدوح الصغير والكبير ، ومما روي عنه في نفي الجبر والتشبيه : الخبر الثالث ، والسادس ، مما مر في أحمد بن محمد بن عيسى (2).

ومن ذلك : رواية الصدوق عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سيف بن عميرة ، عن محمد بن عبيد ، قال : دخلت على الرضا عليه السلام ، فقال لي : «قل للعباسي يكف عن الكلام في التوحيد وغيره ، ويكلم الناس بما يعرفون ، ويكف عما ينكرون.

وإذا سألوك عن التوحيد ، فقل كما قال الله عزوجل : (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) (3).

وإذا سألوك عن الكيفية فقل كما قال الله عزوجل : (ليس كمثله شئ) (4). 1.

ص: 224


1- أنظر التوحيد على سبيل المثال لا الحصر.
2- راجع ص 194 وص 195.
3- سورة الإخلاص.
4- سورة الشورى 42 : 11.

[وإذا سألوك عن السمع فقل كما قال الله عزوجل : (وهو السميع العليم) (1) ، فكلم الناس بما يعرفون]» (2).

ومنه : روايته أيضا عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهم شيئا؟ فقال : «نعم ، غير معقول ، ولا محدود ، فما وقع عليه وهمك من شئ فهو بخلافه ، ولا يشبهه شئ» (3) .. الخبر.

ومنه : روايته أيضا عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن الفضيل ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام : هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه عزوجل؟ فقال : «نعم ، رآه بقلبه ، أما سمعت الله عزوجل يقول : (ما كذب الفؤاد ما رأى) (4) أي لم يره بالبصر ، ولكن رآه بالفؤاد» (5).

والأخبار عنه في هذا المعنى كثيرة ، لا نطول الكلام بذكرها.

* ومنهم : أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي ، شيخ الصدوق أبي جعفر وسائر القميين ، وفقيههم ، ومتقدمهم ، ووجههم ، وقد صرح كل أهل الرجال بأنه : ثقة ، ثقة ، عين ، مسكون إليه ، بصير بالفقه ، عظيم القدر ، صاحب كتب وروايات كثيرة (6).2.

ص: 225


1- سورة البقرة 2 : 137 ، والآية واردة في عدة مواضع من الكتاب الكريم.
2- التوحيد : 95 ح 14 ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3- التوحيد : 106 ح 6.
4- سورة النجم 53 : 11.
5- التوحيد : 116 ح 17.
6- أنظر مثلا : رجال النجاشي : 383 رقم 1042.

وقد روى عنه الصدوق أخبارا في رد التشبيه والجبر وأمثالهما ، كادت [أن] تبلغ خمسين ، أسلفنا منها ما فيه الكفاية ، كالخبر الثالث والرابع والخامس مما مر في أحمد بن محمد بن عيسى (1).

والأول والأخير مما ذكر في محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري (2).

والأول مما مر في محمد بن يحيى العطار (3).

والأربعة الأخبار التي رويناها في الصفار (4).

* ومنهم : أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، والد أبي جعفر محمد بن علي ، وأبي عبد الله الحسين بن علي ، وهو الذي اعترف بتوثيقه وتوثيق ولديه وفضلهم وفقاهتهم كل علماء الرجال.

وقد خرج إليه - كما نص أصحابنا عليه - توقيع من أبي محمد عليه السلام في كمال العزة ، وفيه : «أوصيك يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن علي بن الحسين القمي ، وفقك الله لمرضاته ، وجعل من صلبك أولادا صالحين برحمته» .. التوقيع.

وفي آخره أيضا : «فاصبر يا شيخي ومعتمدي ، وأمر جميع شيعتي بالصبر ، ف- (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) (5) والسلام عليك ورحمة الله وبركاته» (6). 1.

ص: 226


1- راجع ص 194 وص 195.
2- راجع ص 202 وص 204.
3- راجع ص 222 - 223.
4- راجع ص 224 وص 225.
5- سورة الأعراف 7 : 128.
6- مناقب ابن شهرآشوب 4 : 426 ، بحار الأنوار عنه 50 / 317 ذيل ح 14 ، جامع المقال : 195 ، وانظر مقدمة كتاب الإمامة والتبصرة : 21.

ثم إنه قدم إلى بغداد في زمان الغيبة الصغرى ، واجتمع مع الحسين ابن روح ، وسأله مسائل ، ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الأسود ، وسأله أن يوصل له رقعته إلى الصاحب عليه السلام ، ويسأله فيها الولد ، فخرج إليه التوقيع : «قد دعونا الله لك بذلك ، وسترزق ولدين ذكرين خيرين» (1) فولد له الولدان اللذان ذكرناهما.

والثاني منهما (2) : هو شيخ السيد المرتضى رضي الله عنه (3) ، ولقد لاحظ فيه حقه حيث نسبه إلى ما نسبه مع أن له كتابا في نفي التشبيه على ما ذكره الشيخ وغيره من علماء الرجال (4).

وروى الكشي : أن جماعة من أصحابنا قالوا : سمعنا جمعا من أصحابنا يقولون : كنا عند أبي الحسن علي بن محمد السمري رحمه الله (5) ، كر

ص: 227


1- رجال النجاشي : 261 رقم 684.
2- أي من أولاد أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتقدم في ص 226 ، وهو أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.
3- رجال الشيخ الطوسي : 484 رقم 52 باب من لم يرو عنهم ، حاوي الأقوال 1 / 309 رقم 197.
4- لم نعثر على ذكر الشيخ في رجاله : أن للحسين بن علي بن بابويه كتابا في نفي التشبيه ، بل ذكر - في باب من لم يرو عنهم : 466 رقم 28 - الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، كثير الرواية ، يروي عن جماعة ، وعن أبيه ، وعن أخيه محمد بن علي ، ثقة. نعم الشيخ النجاشي ذكر في رجاله : 68 رقم 163 أن له كتب منها : كتاب التوحيد ونفي التشبيه ، ولعله هو المقصود من لفظ : «الشيخ» في المتن ، أو هو من سهو القلم والله العالم.
5- في المخطوط : «السيمري» ، والظاهر أن الصحيح : «علي بن محمد السمري» ، كما في غيبة الشيخ الطوسي ، والاحتجاج ، وبحار الأنوار. وهو آخر النواب الأربعة للحجة - عجل الله تعالى فرجه الشريف - والسفير بعد أبي القاسم ابن روح ، وكان يكنى بأبي الحسن ، وثقته وجلالته أشهر من أن يذكر

فقال : رحم الله علي بن بابويه. فقيل : هو حي. فقال : إنه مات في يومنا هذا. فكتب اليوم ، فجاء الخبر بأنه مات فيه (1).

هذا ، مع أن ما روي عنه في رد الجبر والتشبيه وأمثالهما لا يحصى.

روى ابنه نصف كتاب التوحيد عنه ، وقد ذكرنا نبذا منها أيضا : كالخبر الثاني والخامس مما مر في أحمد بن محمد بن عيسى (2).

والثاني مما ذكرنا في محمد بن أحمد بن يحيى (3).

والأول والثالث مما ذكر في سعد بن عبد الله (4).

والأول مما مر في أحمد بن إدريس (5).

وثلاثة أخبار مما ذكرنا في علي بن إبراهيم (6).

ثم إن من هؤلاء أيضا جماعة معتمدة ، عظيم شأنهم ، وجليل مرتبتهم ، لا نطيل الكلام بذكرهم وتفصيل حالهم ومروياتهم.

* فمنهم : البرقيان المشهوران ، أعني أبا عبد الله محمد بن خالد ، 1.

ص: 228


1- لم نعثر عليه في رجال الكشي ، نعم وجدناه في رجال النجاشي : 262 رقم 684.
2- راجع ص 193 وص 195.
3- راجع ص 203.
4- راجع ص 205 وص 206.
5- راجع ص 207.
6- راجع ص 219 وص 220 وص 221.

وابنه أحمد بن محمد ، اللذين سكنا برقة قم ، وما يدل على كونهما بريئين مما نحن فيه ، من مروياتهما كثير سيما في الكافي ، وتوحيد الصدوق ، وقد مر بعضها في ما رويناه هاهنا.

ويستفاد من خبر المقدمة حسن اعتقاد حسين بن خالد (1) أيضا ، لكنه قليل الرواية.

* ومنهم : محمد بن عبد الجبار ، وقد يقال له : محمد بن

الصهبان ، وهو شيخ موثوق به ، معتمد عليه عند الأصحاب ، كثير الرواية ، من رجال الهادي والعسكري عليهما السلام (2) ، وفي ما روى عنه الصدوق ، والكليني ، في نفي التشبيه وشبههم كفاية في دلالة حسن حاله ، وقد ذكرنا قليل منها في ما مر (3).

* ومنهم : محمد بن أحمد بن جعفر القمي العطار ، الذي أدرك الهادي عليه السلام ، وصار وكيلا لأبي محمد عليه السلام ، ومن خواصه (4) ، والأكثر على أنه بقي إلى زمان الصاحب ، وصار وكيلا له في كمال القرب ، حتى روى الكشي عن أبي حامد : أنه لم يكن له ثالث في القرب من الأصل (5).

* ومنهم : أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القمي ، الذي هو من أبواب الصاحب ، ونوابه ، وخواصه ، وعيون سفرائه.

وبالجملة : جلالته كالشمس في رائعة النهار ، والشاك فيه من أهل 9.

ص: 229


1- في المخطوط والمطبوع : «حسن بن خالد» ، والصحيح ما أثبتناه في ص 188.
2- رجال الشيخ : 423 رقم 17 ، وص 435 رقم 5 ، وكذا أنه من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام في رجال الشيخ : 407 رقم 25.
3- راجع ص 207 وص 211.
4- رجال الشيخ : 436 رقم 17.
5- رجال الكشي : 534 رقم 1019.

النار.

* ومنهم : محمد بن علي ماجيلويه القمي ، الذي هو من شيوخ الصدوق ، وما ذكره إلا مقرونا بالرحمة والرضوان (1) ، وروى في توحيده عنه أخبارا في ما نحن فيه ، ذكرنا بعضها سابقا (2).

* ومنهم : أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي ، الذي هو من شيوخ أصحابنا ، موثوق به ، معتمد عليه عند كل علماء الرجال (3).

* ومنهم : أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، شيخ المفيد ، الفاضل الجليل (4).

* ومنهم : محمد بن أحمد بن داود ، شيخ المفيد والقميين أيضا ، صاحب الفضل والعلم والكتب الكثيرة (5).

* ومنهم : أحمد بن جعفر بن بطة القمي ، الذي روى عنه الصدوق أخبارا في رد الجبر والتشبيه ، وقد مر واحد منها في أحمد بن محمد بن عيسى (6).

* ومنهم : أبو الحسن علي بن عبد الله العطار القمي ، الثقة ، الذي نقل النجاشي : أن له كتاب الاستطاعة على مذهب أهل العدل ، رواه عن أحمد بن محمد بن عيسى (7). 6.

ص: 230


1- الوجيزة : 310 رقم 1740.
2- راجع ص 219 وص 221.
3- رجال النجاشي : 123 رقم 318 ، الفهرست - للشيخ الطوسي - : 42 رقم 141.
4- الوجيزة : 153 رقم 120.
5- رجال النجاشي : 384 رقم 1045 ، فهرست الشيخ : 136 رقم 603.
6- راجع ص 195. والصحيح : «محمد بن جعفر بن بطة القمي».
7- رجال النجاشي : 254 رقم 666.

* ومنهم : جعفر بن علي بن أحمد القمي ، المعروف ب : ابن الرازي ، الثقة الجليل (1) ، الذي روى عنه الصدوق (2) أخبارا ، منها في التوحيد ورد التشبيه (3).

وغير هؤلاء أيضا كثير ، يطول الكلام بذكرهم جميعا ، فلنكتف بهذا.

* * * 1.

ص: 231


1- رجال الشيخ : 457 رقم 1 باب من لم يرو عنهم ، وكلمة «ثقة» ساقطة من رجال الشيخ المطبوع وقد ذكرها القهپائي في مجمع الرجال 2 / 31 ، رجال ابن داود : 64 رقم 316.
2- تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال : 83 ، وفيها : وربما يوصفه - يعني الصدوق - بالإيلاقي أيضا بعد وصفه بالقمي ، والظاهر منه ومن المامقاني في التنقيح 1 / 219 اتحاد الرجل الذي ذهب السيد الخوئي رضي الله عنه في معجمه 5 / 51 إلى تعدده.
3- التوحيد : 417 ح 1 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 / 154 ح 1.

[الخاتمة]

ولنختم الرسالة بذكر بعض الأخبار التي رويت عن يونس بن

عبد الرحمن ، بل الفضل بن شاذان أيضا ، في إبطال القياس ، وعدم جواز العمل به ، حتى يظهر أن ما قاله أيضا السيد المرتضى علم الهدى رضي الله عنه - بعد قدح القميين - : من أن يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان كانا يستعملان القياس (1) ، ليس كما ينبغي ، إذ لا يعقل أن رجلا عارفا - سيما مثل يونس - روى أخبارا في بطلان شئ ومع ذلك يجوز العمل به ، فضلا عن أن يعمل به.

روى الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول ، وإن كانت تقية» (2).

وبهذا السند عن يونس ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «إياك وخصلتين ، ففيهما هلك من هلك : إياك أن تفتي الناس برأيك ، أو تدين بما لا تعلم» (3).

وبالإسناد السابق عن يونس ، عن داود بن فرقد ، عمن حدثه ، عن ابن شبرمة ، قال : ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد 2.

ص: 232


1- رسائل الشريف المرتضى 3 / 311.
2- الكافي 1 / 31 ح 4.
3- الكافي 1 / 33 ح 2.

أن يتصدع قلبي ، قال : «حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله».

قال ابن شبرمة : وأقسم بالله ما كذب أبوه على جده ، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من عمل بالمقاييس فقد هلك

وأهلك ، ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه ، فقد هلك وأهلك» (1).

وروى عن محمد بن أبي عبد الله رفعه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : بما أوحد الله؟ فقال : «يا يونس! لا تكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ضل ، ومن ترك كتاب الله ، وقول نبيه ، كفر» (2).

وعن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، قال : قلت : أصلحك الله ، إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فما يرد علينا شئ إلا وعندنا فيه شئ مسطر ، وذلك مما أنعم الله به علينا بكم ، ثم يرد علينا الشئ الصغير وليس عندنا فيه شئ ، فينظر بعضنا إلى بعض ، وعندنا ما يشبهه ، أفنقيس على أحسنه؟ فقال : «وما لكم والقياس ، إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس».

ثم قال : «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به ، وإن جاءكم ما لا تعلمون فها» ، وأهوى بيده إلى فيه.

ثم قال : «لعن الله أبا حنيفة ، كان يقول : قال علي وقلت أنا ، وقالت الصحابة وقلت». 0.

ص: 233


1- الكافي 1 / 34 ح 9.
2- الكافي 1 / 45 ح 10.

ثم قال : «أكنت تجلس إليه؟».

فقلت : لا ، ولكن هذا كلامه.

فقلت : أصلحك الله أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به في عهده؟

قال : «نعم ، وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة».

فقلت : ضاع من ذلك شئ؟

فقال : «لا ، هو عند أهله» (1).

وعنه ، عن محمد ، عن يونس ، عن أبان ، عن أبي شيبة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : .. - وذكر الخبر إلى أن قال : - قال عليه السلام : «إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس ، فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا ، إن دين الله لا يصاب بالقياس» (2).

وروى عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «إن السنة لا تقاس ، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؟ يا أبان! إن السنة إذا قيست محق الدين» (3).

وعن علي ، عن محمد ، عن يونس ، عن قتيبة ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة ، فأجابه فيها ، فقال الرجل : أرأيت إن كان كذا وكذا ما كان يكون القول فيها؟! فقال له : «مه ، ما أجبتك فيه من شئ فهو 5.

ص: 234


1- الكافي 1 / 46 ح 13.
2- الكافي 1 / 46 ح 14.
3- الكافي 1 / 46 ح 15.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، لسنا من (أرأيت) في شئ» (1).

وقد روى هذا الخبر الصفار في البصائر عن إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن عنبسة (2).

وروى الكليني عن علي ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس رفعه ، قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام : «إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل» (3).

وعن علي ، عن محمد ، عن يونس ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام ، فقال : «حلال محمد صلى الله عليه وآله

حلال أبدا إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ، لا يكون غيره ، ولا يجئ غيره».

وقال : «قال علي عليه السلام : ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة» (4).

أقول :

لا يخفى أن هذه الأخبار مع ما أشرنا إليه في ترجمة عبد العزيز المهتدي (5) ، ما كان متضمنا لأمر الإمام عليه السلام إياه بأخذ معالم دينه عن يونس

ابن عبد الرحمن (6).

وما روي في كتب الأصحاب مكررا من أن الإمام نظر إلى كتاب 0.

ص: 235


1- الكافي 1 / 47 ح 21.
2- بصائر الدرجات : 320 ح 8.
3- الكافي 1 / 56 ح 7.
4- الكافي 1 / 47 ح 19.
5- راجع ص 205.
6- رجال الكشي : 483 رقم 910.

يونس ، وصدق جميع ما كان فيه (1).

وغير ذلك مما روى علماء الرجال في ترجمة يونس ، يعطي خلاف ما نسب إليه السيد.

على أن جرحه إياه - وكذا القميين - شهادة عادل واحد ، معارض بأقوى منه كثيرا ، من شهادات من عمل بأقوالهم ، وشهد بصحة أحوالهم من سائر علمائنا العدول المحدثين ، والمتكلمين ، كالصدوق والشيخين وأمثالهم ، وكالكشي والنجاشي ، وابن الغضائري وابن داود والعياشي وغيرهم ، حيث إن كلهم شهدوا بحسن حالهم ، وصحة مقالهم ، ولم يذكروا شيئا من ذلك مع الاقتران بما ذكرناه من القرائن ، وتقديم الجارح - على تقدير تسليمه - إنما هو حين انتفاء المرجح ، وقيام التعارض.

على أن لنا أن نحكم في كل أحد ممن لم نلقه ، ولم نر شخصه بما اشتهر عنه عند الثقات من أحواله ، وما يصل إلينا من أفعاله وأقواله ، وليس علينا ، بل لا يمكننا تحصيل العلم بباطن كل شخص كما هو الواقع ، وقد وصل إلينا من منقولات هؤلاء ما يدل على خلاف ما نسب إليهم السيد ، وهو ليس بمعصوم ، ويجوز عليه الخطأ والاشتباه ، فكيف يمكن لنا تصديق قوله ، والعمل برأيه؟!

مع أنا نرى أن قوله موافق لقول أعادي الدين ، المفترين على أصحاب الأئمة المعصومين عليهم السلام ، ومعارض لأقوال سائر علماء الدين ، ونرى أيضا أن بين هؤلاء الجماعة رجال لا يمكن انتسابهم إلى أدنى زلل ، فضلا عما هو الكفر ، بل لا يمكن للسيد أيضا أن ينسبهم إلى ذلك. 5.

ص: 236


1- رجال الكشي : 484 رقم 915.

هذا ، وقد روى الكشي خبرا يحل بعض هذه الأمور ، يعجبني أن أذكر شيئا منه :

روى الكشي عن حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا أبو جعفر محمد ابن عيسى العبيدي ، قال : سمعت هشام بن إبراهيم الجبلي وهو المشرقي ، يقول : استأذنت لجماعة على الرضا عليه السلام في سنة تسع وتسعين ومائة ،

فحضروا ، وحضرنا ستة عشر رجلا على باب أبي الحسن عليه السلام ، فخرج مسافر ، فقال : يدخل آل يقطين ، ويونس بن عبد الرحمن ، ويدخل الباقون رجلا رجلا فلما دخلوا وخرجوا ، خرج مسافر ودعاني ، وموسى بن صالح ، وجعفر بن عيسى ، ويونس ، فأدخلنا جميعا عليه ، والعباس قائم ناحية بلا حذاء ولا رداء ، وذلك في سنة أبي الصرايا ، فسلمنا ، ثم أمرنا بالجلوس ، فلما جلسنا ، قال له جعفر بن عيسى : يا سيدي! نشكو إلى الله وإليك ما نحن فيه من أصحابنا.

فقال : «وما أنتم فيه منهم؟!».

فقال جعفر : هم والله يا سيدي يزندقونا ، ويكفرونا ، ويبرؤون منا.

فقال : «هكذا كان أصحاب علي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وأصحاب جعفر ، وموسى صلوات الله عليهم ، ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم ، وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم» .. الخبر.

إلى أن قال : فقال يونس : جعلت فداك ، إنهم يزعمون أنا زنادقة.

فقال : «أرأيتك لو كنت زنديقا فقال لك : هو مؤمن ، ما كان ينفعك من ذلك؟! ولو كنت مؤمنا فقالوا : هو زنديق ، ما كان يضرك منه؟!».

فقال المشرقي له : والله ما نقول إلا ما يقول آباؤك عليهم السلام ، عندنا كتاب سميناه كتاب الجوامع ، فيه جميع ما يتكلم الناس فيه ، عن آبائك صلوات

ص: 237

الله عليهم ، وإنما نتكلم عليه!

وقال جعفر شبيها بهذا الكلام.

فأقبل على جعفر ، فقال : «فإذا كنتم لا تتكلمون بكلام آبائي فبكلام أبي بكر وعمر تريدون أن تتكلموا؟!» (1).

وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا المقام ، والحمد لله رب العالمين كثيرا ، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.

* * *

وقد فرغ من تسويده مؤلفه العبد الضعيف ، الراجي لطف ربه اللطيف ، أبو الحسن العاملي الشريف ، في المشهد المشرف ، أعني : النجف الأشرف ، في الشهر الثاني من السنة الخامسة من العشر الأول من المائة الثانية من الألف الثاني [صفر 1205 ه] من الهجرة النبوية ، على صادعها وآله ألف ألف صلاة وسلام وتحية.

* * *

تمت الرسالة

* * *

وفي آخرها : كتبه عبد الله الموسوي الاشتهاردي في سنة 1357. 6.

ص: 238


1- رجال الكشي : 498 رقم 956.

مصادر التحقيق

1 - القرآن الكريم.

2 - الإجازة الكبيرة ، لعبد الله الجزائري التستري ، مكتبة المرعشي / قم - الطبعة الأولى 1409 ه.

3 - الاحتجاج ، لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ، نشر المرتضى / مشهد 1403 ه.

4 - الاستبصار ، للشيخ الطوسي ، دار الكتب الإسلامية / طهران - الطبعة الثالثة 1390 ه.

5 - إعلام الورى بأعلام الهدى ، للفضل بن الحسن الطبرسي ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم - الطبعة الأولى 1417 ه.

6 - أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين ، دار التعارف / بيروت 1406 ه.

7 - الإمامة والتبصرة ، لعلي بن الحسين بن بابويه القمي ، مؤسسة الإمام المهدي (عج) / قم - الطبعة الأولى 1404 ه.

8 - بحار الأنوار ، لمحمد باقر المجلسي ، مؤسسة الوفاء / بيروت - الطبعة الثالثة 1403 ه.

9 - بصائر الدرجات ، لمحمد بن الحسن الصفار ، مؤسسة الأعلمي / طهران 1404 ه.

10 - التحرير الطاووسي ، لأحمد بن موسى آل طاووس ، مكتبة المرعشي / قم - الطبعة الأولى 1411 ه.

11 - تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال ، لمحمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني - طبعة حجرية.

12 - تفسير القمي ، لعلي بن إبراهيم القمي ، دار الكتاب / قم - الطبعة

ص: 239

الثالثة 1404 ه.

13 - تكملة أمل الآمل ، للسيد حسن الصدر ، مكتبة المرعشي / قم 1406 ه.

14 - التوحيد ، للشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم - الطبعة الأولى 1398 ه.

15 - تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي ، دار الكتب الإسلامية / طهران - الطبعة الثالثة 1390 ه.

16 - جامع الرواة ، لمحمد بن علي الأردبيلي ، مكتبة المرعشي / قم - الطبعة الأولى 1403 ه.

17 - جامع المقال ، لفخر الدين الطريحي ، مكتبة جعفري تبريزي / طهران.

18 - جواهر الكلام ، للشيخ محمد حسن النجفي ، دار إحياء التراث العربي / بيروت 1981 م.

19 - حاوي الأقوال ، لعبد النبي الجزائري ، مؤسسة الهداية لإحياء التراث / قم - الطبعة الأولى 1418 ه.

20 - خاتمة مستدرك الوسائل ، للشيخ حسين النوري الطبرسي ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم - الطبعة الأولى 1415 ه.

21 - الخلاصة (رجال العلامة الحلي) ، للحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي الحلي ، مكتبة الشريف الرضي / قم 1402 ه.

22 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، لآقا بزرك الطهراني ، دار الأضواء / بيروت - الطبعة الثالثة 1403 ه.

23 - رجال ابن داود ، للحسن بن علي بن داود الحلي ، مكتبة الشريف الرضي / قم.

24 - رجال الشيخ الطوسي ، للشيخ الطوسي ، المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف - الطبعة الأولى 1381 ه.

ص: 240

25 - رجال الكشي ، للشيخ الطوسي ، جامعة مشهد 1348 ه. ش.

26 - رجال المامقاني (تنقيح المقال) ، للشيخ عبد الله المامقاني - حجرية.

27 - رجال النجاشي ، لأحمد بن علي النجاشي ، مؤسسة النشر الإسلامي / قم - الطبعة الأولى 1407 ه.

28 - الرسائل الرجالية ، للسيد محمد باقر الشفتي ، مكتبة مسجد السيد / أصفهان - الطبعة الأولى 1417 ه.

29 - رسائل الشريف المرتضى ، لعلي بن الحسين بن موسى ، دار القرآن الكريم / قم 1405 ه.

30 - روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات ، لمحمد باقر الخوانساري ، مكتبة إسماعيليان / قم 1390 ه.

31 - ريحانة الأدب ، لمحمد علي التبريزي المدرس ، مطبعة شركة سهابي / طهران - الطبعة الثانية.

32 - عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق ، منشورات جهان / طهران.

33 - الغيبة ، للشيخ الطوسي ، مؤسسة المعارف الإسلامية / قم - الطبعة الأولى 1411 ه.

34 - فرق الشيعة ، للحسن بن محمد النوبختي ، المكتبة المرتضوية / النجف الأشرف 1355 ه.

35 - فهرس النسخ المخطوطة لمكتبة سپهسالار ، لابن يوسف الشيرازي ، طهران 1315 ه. ش.

36 - الفهرست ، للشيخ الطوسي ، مكتبة الشريف الرضي / قم.

37 - الكافي ، للشيخ الكليني ، المكتبة الإسلامية / طهران 1388 ه.

38 - لؤلؤة البحرين ، ليوسف بن أحمد البحراني ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / قم - الطبعة الثانية.

39 - مجمع الرجال ، لعناية الله بن علي القهپائي ، مؤسسة إسماعيليان.

ص: 241

40 - معجم رجال الحديث ، للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، الطبعة الخامسة 1413 ه.

41 - المناقب ، لمحمد بن علي بن شهرآشوب ، منشورات علامة / قم.

42 - نجوم السماء ، لمحمد مهدي اللكهنوي ، مكتبة بصيرتي / قم.

43 - الوجيزة ، لمحمد باقر المجلسي ، مؤسسة الأعلمي / بيروت - الطبعة الأولى 1415 ه.

ص: 242

من أنباء التراث

كتب

صدرت محققة

* نقد الرجال

، ج 1 - 5.

تأليف : السيد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي ،

من أعلام القرن

الحادي عشر الهجري.

من الكتب الرجالية ذات الشأن المهم في علم الرجال ،

يشتمل على جميع

أسماء الرجال - الرواة - من الممدوحين والمذمومين والمهملين ، مرتبة على الحروف

الهجائية ، ويتفرد بخصائص وإبداعات ميزته عما سبقه من مصنفات رجالية ، أشير إلى

جملة منها في مقدمة التحقيق.

منهج الكتاب هو النقد والتحقيق لأقوال وآراء من

سبقه من مصنفي الإمامية في كتبهم الرجالية ، إذ هو جامع لها بكلمات

وجيزة وترتيب حسن.

والكتاب عليه شروح وتعليقات وحواش عديدة ، إحداها

للمولى محمد تقي المجلسي الأول (1003 - 1070 ه) تضمنتها اثنتان من النسخ

المخطوطة المعتمدة في التحقيق ، تم إدراجها ضمن هذا السفر الجليل لما حوته من

فوائد

وتصحيحات لها أهميتها في علم الرجال.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على النسخ التالية :

1 - نسخة مخطوطة محفوظة في مكتبة مجلس الشورى

الإسلامي في طهران برقم 39388 / 7290 ، وهي بخط المصنف قدس سره ، خالية

من التعليقات والحواشي ، فرغ منها سنة 1015 ه.

2 - مخطوطتين محفوظتين في مكتبة

ص: 243

السيد المرعشي قدس سره في

قم ، إحداها برقم 219 مكتوبة سنة 1063 ه ، والأخرى

برقم 1813 مكتوبة سنة 1102 ه.

3 - نسخة مطبوعة على الحجر في طهران سنة 1318 ه.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث / 1418 ه.

* النجاة في

القيامة في تحقيق أمر الإمامة.

تأليف : ميثم بن علي البحراني ، المتوفى سنة 699 ه.

كتاب يشتمل على أبرز المسائل المتعلقة بموضوع

الإمامة وشؤونها المختلفة ، في مقدمة وثلاثة أبواب ، تضمنت تعريف الإمامة ومذاهب

الناس فيها ، الشرائط المعتبرة في الإمامة ، تعيين الإمام بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وهو

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

والأئمةالأحد عشر من ولده عليهم السلام ،

الرد على شبهات طوائف من غير الشيعة ومن الشيعة المنكرين لإمامة أحد الأئمة الاثني

عشر عليهم السلام.

يتعرض للآراء المتضاربة في كل مسألة ويناقش المخالف

استدلاليا ، بعرض الوجوه المحتملة فيها ، وتعيين الصحيح

منها وتعزيزه بالبراهين والبيانات العقلية والنقلية

وإيراد الأدلة المقامة لإثبات ما تراه الإمامية الاثني عشرية في مختلف مسائل الإمامة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على مخطوطتين ذكرت مواصفاتهما في المقدمة.

تحقيق : الشيخ محمد هادي الغروي.

نشر : مجمع الفكر الإسلامي - قم / 1417 ه.

* الفصول

المهمة في أصول الأئمة ، ج 1 - 3.

تأليف : المحدث الجليل ، الشيخ محمد بن الحسن الحر

العاملي (1033 -

1104 ه).

سفر روائي ، يشتمل على القواعد الكلية المنصوصة في

أصول الاعتقاد وأصول الفقه وفروعه والطب والنوادر ، المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ،

والتي تتفرع عليها الأحكام الشرعية الجزئية ، ينقلها المصنف عن 57 كتابا إضافة

إلى الكتب الحديثية الأربعة.

يشتمل على 3194 رواية مع أسانيدها ، تتعلق ب : أصول

الدين من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد وما يناسبها من

ص: 244

سائر مسائل الاعتقاد ، أصول الفقه ، فروع الفقه

المتضمنة لأبواب كتب الفقه من الطهارة إلى الديات ، والتي ينقلها المصنف -

اختصارا وبدون أسانيد - من كتابه الكبير تفصيل

وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، الطب

والعلاج وما يناسبه من التداوي للشفاء من الأمراض والعلل المختلفة ومن كل داء ،

نوادر الكليات المتضمنة لمطالب متفرقة وعلوم شتى فقهية وتاريخية وما يناسب

الآداب والسنن والمعارف.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على 5 نسخ مخطوطة ، إضافة إلى المطبوعة على الحجر في إيران سنة 1304 ه ، والطبعة

الحروفية المطبوعة في النجف الأشرف ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة.

تحقيق : محمد بن محمد الحسين القائيني.

الناشر : مؤسسة الإمام الرضا عليه السلام للمعارف

الإسلامية - قم / 1418 ه.

* منية الراغب

في إيمان أبي طالب.

تأليف : الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي (1322 - 1405

ه).

كتاب يشتمل على عرض وترجمة

حياة أبي طالب بن عبد المطلب عليه السلام شيخ الأباطح

، عم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله

وكافله صغيرا وكبيرا ، وحاميه في سنين دعوته المباركة إلى ما قبل الهجرة ،

وناصره ومعينة على تبليغ رسالته العظيمة ، وذكر ما ورد من الأخبار والروايات

المصرحة بإيمانه ورفعة شأنه ومنزلته.

يتضمن أقوال الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله ، والأئمة

الحجج عليهم السلام ، وأقوال

الصحابة ، وأقوال طائفة من أعلام الإمامية وعلماء العامة في شأنه عليه السلام.

كذلك خطبه وأشعاره الحاوية على الشواهد الكثيرة

الدالة على إيمانه بالله ودينه العظيم ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله ،

والتي يحث فيها ولده وإخوته وأهل بيته على التصديق بدعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

ونصرته والدفاع عنه.

ويتعرض لبعض الأحاديث الموضوعة والشبهات المثارة عن

إسلامه وإيمانه رضوان الله تعالى عليه.

صدر الكتاب لأول مرة سنة 1394 ه ، ثم ثانية بتصحيح

الشيخ محمد جواد الطبسي سنة 1395 ه ، وتم التحقيق في هذه الطبعة اعتمادا على

الطبعة الثانية المصححة.

تحقيق : محمد جعفر الطبسي.

ص: 245

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1417 ه.

* تعيين

الفرقة الناجية.

رسالة صغيرة الحجم كبيرة المحتوى ، تنسب إلى الشيخ

إبراهيم بن سليمان القطيفي البحراني (من أعلام القرن العاشر الهجري) يبحث المصنف

فيها عن الفرقة الوحيدة الناجية - في الآخرة - من بين فرق الأمة الإسلامية ،

التي أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وآله إلى

افتراقها إلى ثلاث وسبعين فرقة.

يستدل الباحث على أن أصل الخلاف بين أهل المذاهب هو

الإمامة ، وأنها في

من تكون ، ومن هو الإمام والخليفة الذي يقوم مقام الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم

يتحرى الإجابة مسترشدا بآيات القرآن

الكريم وبالأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله ، وبأدلة

أخرى ، وبأسلوب بسيط خال من التعقيد ليصل إلى النتيجة الحقة والقول الفصل ، وهو

أن أتباع منهج الأئمة من

آل الرسول ، المعصومين الاثني عشر عليهم السلام هم

الفرقة الناجية.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على مخطوطة واحدة ، ذكرت

مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق وإعداد : السيد محمود الغريفي.

نشر : دار حفظ التراث البحراني - مشهد / 1418 ه.

* إقناع

اللائم على إقامة المآتم.

تأليف السيد محسن الأمين العاملي (1284 - 1371 ه).

كتاب يشتمل على بيان مشروعية وفضل إقامة المآتم

الحسينية ، ومراسم العزاء التي تقام لإحياء ذكر الإمام السبط

الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ،

وذكرى ثورته المباركة واستشهاده عليه السلام في

واقعة

الطف التاريخية سنة 61 ه ، وبيان حسن إقامة هذه المآتم وعدم المانع منها عقلا ونقلا.

تضمنت فصوله : عرض الأدلة على جواز الحزن والبكاء

على قتل الإمام

الحسين عليه السلام من خلال

استعراض ما ورد في هذا الشأن من الوقائع والمواقف التاريخية الثابتة للرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وأئمة أهل

البيت المعصومين عليهم السلام ،

والصحابة الأجلاء.

ونقل الأحاديث والروايات المشتملة

على جواز رثاء الأموات وتأبينهم - بذكر مدائحهم

وفضائلهم - بالنثر والشعر ،

واستنشاده وتهييج الحزن به ، والاستشهاد

ص: 246

على ذلك بذكر جملة من مراثي النبي صلى الله عليه وآله والزهراء

عليها السلام ومراثي

الصحابة وأقوال أئمةالهدى ، ثم بيان محاسن الجلوس لإقامة المآتم ، والإنفاق

والتصدق عن الميت بقصد إهداء ثواب ذلك إليه ، والإشارة إلى الفوائد الدينية

والدنيوية للمآتم الحسينية ، ورد ما يعيب به العائبون على إقامتها.

طبع الكتاب سنة 1343 ه في ذيل الجزء الرابع من كتاب

المصنف المجالس السنية في ذكرى مصائب العترة

النبوية.

تحقيق

: محمود البدري.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية - قم / 1418 ه.

* ذكرى الشيعة

في أحكام الشريعة ، ج 1 و 2.

تأليف : الشهيد الأول ، الشيخ أبي عبد الله محمد بن

محمد بن مكي

العاملي (734 - 786 ه).

كتاب في الفقه الاستدلالي ، خرج منه كتابي الطهارة

والصلاة فقط ، إذ حال

استشهاد المصنف دون إتمامه ، فرغ منه في 21 صفر 784 ه.

وضع على أساس أقوى الأدلة - برأي المصنف - من

الكتاب الكريم والروايات ، ومن الإجماعات ، مع محاولة التعرض

للفروع الفقهية وأدلتها بأقل ما يمكن من الألفاظ ،

مرتب بأسلوب وترتيب جميل في مقدمة وأقطاب أربعة كما تضمنت المقدمة بعض المباحث

الأصولية القيمة.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على :

1 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة

طهران المركزية ، برقم 1906 ، فرغ من كتابتها في 8 ربيع الآخر 784 ه ، تشتمل على

حواشي وبلاغات ، ويظهر من تاريخي التصنيف والكتابة أن الناسخ كان يستنسخ كل ما

يخرج من قلم المصنف تدريجيا وإثر انتهائه من كل جزء يتمه.

2 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة

سليمان خان التابعة لمكتبة الإمام الرضا عليه السلام في

مشهد المقدسة ، برقم 36 ، فرغ من كتابتها في مدينة دامغان سنة 883 ، مصححة

ومقابلة وعليها بلاغات ، ويلاحظ عليها خط الشيخ البهائي ووالده قدس سرهما.

3 - النسخة المطبوعة على الحجر في طهران سنة 1271 ه

، وفي آخرها كتاب تمهيد القواعد

للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي ، المتوفى سنة 965 ه.

اشتمل الجزء 1 على مقدمة الكتاب ،

ص: 247

وفصول ثلاثة من الباب الأول : الطهارة من كتاب الصلاة

، فيما اشتمل الجزء 2 على تتمة الفصل الثالث والفصل الرابع من الطهارة ، والباب

الثاني والثالث : في معرفة أعداد الصلاة ومواقيتها.

تحقيق

ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / 1419 ه.

* كامل

الزيارات.

تأليف : الشيخ الجليل الثقة ، أبي القاسم جعفر بن

محمد بن قولويه ، المتوفى سنة

367 ه.

كتاب

مخصص لذكر زيارة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وزيارة الإمام أمير

المؤمنين عليه السلام وزيارة الأئمة المعصومين عليهم السلام.

يشتمل على مجموعة كبيرة من نصوص هذه الزيارات ،

وفضلها وثوابها ، مما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فقط

، مرتب في 108 أبواب لكل منها موضوعا خاصا يدل على معنى بذاته ، مع عدم الاختلاط

والتداخل في الموضوعات رغم تقارب معانيها في كثير من الجوانب.

خصص أكثر من ثمانين بابا لذكر الأخبار بمقتل سيد

الشهداء الإمام السبط أبي عبد الله الحسين عليه السلام ،

وزياراته - في أوقات معينة ، وفي غيرها من الأوقات -

وما ورد في فضلها الكبير ، والثواب الجزيل لزائريه

العارفين بحقه عليه السلام.

كما اشتمل على بعض الزيارات لغير المعصومين عليهم السلام من

الأولياء الصالحين.

تم التحقيق اعتمادا على نسختين مخطوطتين ، ونسخة

مطبوعة على الحجر سنة 1356 ه ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة.

تحقيق : بهراد الجعفري.

نشر : مكتبة الصدوق - طهران / 1417 ه.

* الأصفى في

تفسير القرآن ، ج 1.

تأليف : الفيض الكاشاني ، المولى محمد بن المرتضى ،

المدعو ب : المحسن

(1007 - 1091 ه).

تفسير للقرآن الكريم ، قوامه ما أثر عن رسول الرحمة

صلى الله عليه وآله وسلم وعن

أهل بيته

المعصومين عليهم السلام في تفسير آي

القرآن العظيم ، بالنصوص والألفاظ أو بالمعنى والمضمون ، هذه المأثورات وردت من طرق

الخاصة والعامة.

وهو منتخب من التفسير الكبير للمؤلف الموسوم ب : الصافي -

المطبوع مرارا - مع مراعاة الإيجاز والتلخيص مع التنقيح والتوضيح.

ص: 248

طبع الكتاب سابقا ثلاث مرات في السنين 1274 ه ، 1310

ه في حاشية

الصافي ، و

1354 ه على الحجر.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على نسختين مخطوطتين ،

إضافة إلى المطبوعة على الحجر ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة.

اشتمل هذا الجزء على تفسير 15 جزءا من أجزاء القرآن

الكريم ، ابتداء من سورة الفاتحة حتى نهاية سورة الإسراء (بني إسرائيل).

تحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية.

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -

قم / 1418 ه.

* الصلاة في

المشكوك.

تأليف : الميرزا محمد حسين الغروي النائيني (1276 -

1355 ه).

رسالة علمية استدلالية ، تشتمل على المباني المهمة

لمسألة الصلاة في اللباس

المشكوك.

طبعت سابقا طبعة حجرية مع كتاب المصنف منية

الطالب ، وتصدر هذه المرة

مع شرح لبيان مقاصدها وإيضاح مطالبها وحل معضلاتها.

شرح : الشيخ جعفر الغروي النائيني.

نشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث - قم / 1418 ه.

* الاستصحاب.

تأليف : السيد الإمام روح الله الموسوي الخميني (1320

- 1409 ه).

كتاب مخصص للبحث في إحدى الركائز والدعائم المهمة

في البناء الفقهي الأصيل ، وقاعدة أساسية لكثير من الأحكام الشرعية والفقهية ،

إذ يعد الاستصحاب من الأصول العملية الأربعة أو من الأمارات ، ومفاده العام :

البناء على اليقين السابق في زمان الشك اللاحق مع وحدة الموضوع.

يشتمل على فصول تضمنت : تعريف الاستصحاب ، حال

جريانه في الأحكام الشرعية المعتمدة على الدليل العقلي ، التفصيل بين الشك في

الرافع والشك في المقتضي ، والأحكام الوضعية وتحقيق ماهيتها ، وتنبيهات تضمنت

مباحث عديدة عن الاستصحاب وما يتعلق به من أمور ، وخاتمة في الأمور الواجب

توفرها لجريان الاستصحاب.

كما اشتمل على مباحث لتحديد وبيان تعارض أدلة

الاستصحاب مع سائر الأدلة ، وتعارضه مع سائر القواعد : قاعدة اليد ،

ص: 249

التجاوز ، الفراغ ، أصالة الصحة ، والقرعة.

يثبت المصنف قدس سره رأيه

الخاص في بعض مسائل الموضوع المهمة بعد ذكر

رأي بعض أعلام العلماء فيها ومناقشة الإشكالات الواردة عليه.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول مرة - اعتمادا

على نسخة الأصل بخط المصنف قدس سره.

تحقيق ونشر : مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني

قدس سره - قم

/ 1417 ه.

* تذكرة

الفقهاء ، ج 8.

تأليف : العلامة الحلي ، الشيخ جمال الدين أبي

منصور الحسن بن يوسف بن

المطهر الأسدي (648 - 726 ه).

أهم وأوسع كتاب في الفقه الاستدلالي المقارن ، يوجد

منه من أوائل كتاب

الطهارة إلى كتاب النكاح ، لخص فيه مصنفه قدس سره

فتاوى علماء المذاهب المختلفة

وقواعد الفقهاء في استدلالاتهم ، مشيرا في كل مسألة إلى الخلاف الواقع فيها ، ويذكر

ما يختاره وفق الطريقة المثلى وهي طريقة الإمامية ، ويوثقه بالبرهان الواضح القوي.

صدر منه سبعة أجزاء ضمت كتب : الطهارة ، الصلاة ،

الزكاة ، الصوم ، الحج

والعمرة ، وهذا الجزء يشتمل على تتمة كتاب الحج

والعمرة.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على 15 نسخة مخطوطة ، منها

ما هو مقروء على المصنف قدس سره ،

ومنها ما عليه إجازة مهمة ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة ، ومن المتوقع أن

يصدر في 20 جزءا.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء

التراث - قم / 1417 ه.

* التنبيه

بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان.

تأليف : المحدث الجليل ، الشيخ محمد بن الحسن الحر

العاملي (1033 -

1104 ه).

رسالة في نفي السهو أو النسيان عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

وأئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام ،

بإيراد الأدلة النقلية والعقلية على ذلك ، مرتبة في 12 فصلا.

تشتمل على ذكر : عبارات بعض علماء الإمامية المصرحة

بنفي السهو عن نبينا

المعصوم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام في

العبادات وغيرها ، عبارة من جوز السهو على خاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلم في

العبادة دون التبليغ - وهو الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 ه - ومجموعة من الآيات

القرآنية الكريمة

ص: 250

والأحاديث والروايات المعتمدة والوجوه العقلية

الدالة على نفي السهو عنهم عليهم السلام.

ثم عرض بعض المفاسد المترتبة على تجويز السهو على

المعصوم ، بيان ضعف شبهة التجويز ، اضطرابها وبطلانها ، الجواب على استدلال

الصدوق قدس سره ، بيان بعض وجوه

تأويل أحاديث السهو ، وإيراد نظائرها وأشباهها التي يجب تأويلها ، ولا يجوز

حملها على ظاهرها.

سبق أن طبع الكتاب بتصحيح السيد مهدي اللاجوردي

الحسيني.

تم التحقيق - في هذه الطبعة - اعتمادا على ثلاث نسخ

مخطوطة ، إضافة إلى المطبوعة ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدمة.

تحقيق : محمود البدري.

نشر

: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي - قم / 1418 ه.

* التفسير

الوجيز.

تأليف : السيد محمد التبريزي ، المعروف ب : مولانا (1294

- 1363 ه).

تفسير موجز ، وشرح مبسط لآيات القرآن الكريم ،

مطبوع في هامش

المصحف الشريف ، يتسم بوجازة اللفظ ووضوح البيان.

صدر الكتاب سنة 1310 ه - بالقطع الجيبي - وفي هذه

الطبعة يصدر - لأول

مرة - محققا ومصححا.

تم التحقيق اعتمادا على نسخة واحدة محفوظة عند حفيد

المؤلف.

تحقيق : مالك المحمودي.

نشر : مؤسسة الإمام المنتظر عليه السلام - قم

/ 1418 ه.

* الرسائل

الرجالية.

تأليف : السيد محمد باقر الشفتي الأصفهاني (1175 -

1260 ه).

كتاب يشتمل على 21 رسالة في ذكر 20 من الرواة ،

إضافة إلى المقصودين من «العدة» الذين يروي عنهم ثقة الإسلام الكليني ، المتوفى

سنة 329 ه ، في كتابه الكافي ،

والتحقيق في أحوالهم.

يعتمد إيراد آراء وأقوال الأعلام في هؤلاء الرجال ،

ومناقشتها للوصول إلى الرأي الراجح بحقهم.

والرواة هم : أبان بن عثمان ، إبراهيم ابن هاشم ،

أبو بصير ، أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وأبوه محمد ، أحمد بن محمد بن عيسى ،

إسحاق بن عمار ، حسين بن خالد ، حماد بن عيسى ، سهل ابن زياد ، شهاب بن عبد ربه

، عبد الحميد

ص: 251

العطار وابنه محمد ، عمر بن يزيد ، ماجيلويه ، محمد

بن أحمد ، محمد بن

إسماعيل ، محمد بن سنان ، محمد بن عيسى اليقطيني ، محمد بن الفضيل ،

ومعاوية بن شريح.

تم التحقيق اعتمادا على عدة نسخ مخطوطة للرسائل ،

وعلى نسخة الكتاب المطبوعة على الحجر سنة 1314 ه ، ذكرت أرقام النسخ فقط في

المقدمة.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مكتبة مسجد السيد الشفتي - أصفهان / 1417 ه.

* الهداية في

الأصول ، ج 4.

تأليف : الشيخ حسن الصافي الأصفهاني ، المتوفى سنة

1416 ه.

تقريرات المصنف لأبحاث أستاذه آية الله العظمى

السيد أبو القاسم الخوئي ومحاضراته في علم أصول الفقه ، التي اشتملت على جميع

مباحث الأصول.

يشتمل هذا الجزء على : مباحث الاستصحاب ، أقسام

استصحاب الكلي ، قاعدة الفراغ والتجاوز ، ومسائلهما ، أصالة الصحة ، قاعدة اليد

، تعارض الأدلة ، والاجتهاد والتقليد.

تم تحقيق الكتاب - الذي يصدر لأول

مرة - اعتمادا على نسخة الأصل بخط المصنف.

تحقيق ونشر : مؤسسة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه

الشريف - قم / 1418 ه.

* مستند

الشيعة في أحكام الشريعة ، ج 14.

تأليف : العلامة الشيخ أحمد النراقي (1185 - 1245 ه).

من أهم الكتب المصنفة في الفقه الاستدلالي ، لواحد

من كبار علماء الإمامية

في تلك الفترة ، يشتمل على أمهات المسائل الفقهية ، وأهم الأحكام الفرعية ، بذكر

أدلة كل مسألة ثم إيراد الإشكال والرد على المخالف منه ، مع بيان تعارض الآراء

والأقوال المختلفة للعلماء فيها.

يمتاز الكتاب بالدقة البالغة والأسلوب العميق ،

وكثرة التفريعات إلى غاية ما يمكن لكل مسألة ، بعد تحقيق أصلها ، وإثبات حجيتها

عند المصنف رحمه الله.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على 8 نسخ مخطوطة لأبواب

الكتاب المختلفة ، منها نسخة بخط المصنف ، من أول كتاب المطاعم والمشارب إلى آخر

كتاب

ص: 252

النكاح ، يعود تاريخها إلى سنة 1245 ه ، وأخرى كتبت

عن الأصل في عهده رحمه الله

سنة 1235 ه ، واثنتان أخريان لم يدون عليهما تاريخ الكتابة ، احتوت إحداهما على

قرائن تفيد أنها كتبت في عهد المؤلف ، أما باقي النسخ فقد كتبت في السنين 1248 ،

1253 ، 1258 ، 1264 ه.

واعتمد أيضا في التحقيق على نسختين مطبوعتين على

الحجر ، طبعت الأولى سنة

1273 ه على نسخة المصنف ، والثانية مصححة في سنة 1335 ه.

اشتمل هذا الجزء على كتاب مطلق الكسب والاقتناء

وكتاب البيع ، ومن المؤمل أن يصدر الكتاب في 20 جزءا.

تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث - مشهد / 1418 ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

* مقتطفات

ولائية.

تأليف

: الشيخ الوحيد الخراساني.

مجموعة محاضرات - 12 محاضرة - ألقيت في أوقات

مختلفة ومناسبات معينة ، كانت قد انتشرت على الأشرطة المسجلة ،

شاملة عدة مواضيع متعلقة ب :

ماهية عاشوراء ومكانة سيد الشهداء

أبي عبد الله عليه السلام ،

واختصاصه ب «قتيل الله وابن قتيله» ، التعريف بصاحب العصر الحجة ابن الحسن - عجل

الله تعالى فرجه الشريف - ومقامه السامي ، صبره الذي يعتصر قلبه ، مولده المبارك

، فضله ، ظلامة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ،

مقام الإمام الرضا عليه السلام ،

معرفة البتول الزهراء فاطمة عليها السلام ،

قدرها ، منزلتها ، وغضبها ، وأخيرا عظمة القرآن الكريم.

قام بتدوينها عن الأشرطة السيد حسنين النقوي وصحح

ترجمتها السيد هاشم الهاشمي.

سبق أن أصدرتها مؤسسة الإمام للنشر والتوزيع في

الكويت سنة 1416 ه ، من

إعداد عباس بن نخي ، وهذه الطبعة أصدرتها - بصف جديد - المؤسسة نفسها سنة 1418 ه

، بعد التصحيح والتنقيح.

*

التحف شرح الزلف.

تأليف : مجد الدين بن محمد منصور المؤيدي.

كتاب يشتمل على تراجم لطائفة من أئمة الزيدية ،

ذكرهم المصنف بالاسم أو

ص: 253

اللقب أو الصفة في منظومته التي سماها

«الزلف الإمامية» ثم في شرح أبياتها الذي

سماه «التحف الفاطمية» ذكر بعد كل بيت

أحوال من ذكر فيه من الأئمة ، نسبه

وتاريخه ومؤلفاته وأولاده ، ولمعة من

أخباره وسيرته ، كما يشتمل على فوائد

عديدة في التاريخ والسيرة والحديث ،

وعلى نبذة من سيرة وصفات الرسول

الأكرم صلى الله عليه وآله وأمير

المؤمنين الإمام علي عليه السلام

والسبطين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.

يذكر المصنف في مقدمة الكتابالمصادر التي اعتمدها

في التصنيف ، كما

يذكر في نهايته طرقه ومشايخه في الرواية

سماعا وإجازة.

سبق أن طبع الكتاب مرتين ، كما أشير

إلى ذلك في مقدمته ، وأصدرته هذه المرة

مكتبة بدر للطباعة والنشر والتوزيع في

صنعاء ، اليمن سنة 1417 ه.

* حياة الإمام

محمد الجواد عليه السلام.

تأليف : باقر شريف القرشي.

دراسة وبحث في سيرة وأحوال وشؤون الإمام التاسع من

أئمة الهدى

المعصومين الاثني عشر عليهم السلام ،

أبي جعفر

الثاني محمد بن علي بن موسى عليهم السلام

(195 - 220 ه) وبيان جملة من فضائله

وعلومه وزهده وتقواه ، وما أثر عنه عليه السلام

من العلوم والمعارف والحكم والآداب ،

بعد التعرض لولادته ونشأته في ظل أبيه ،

وبيان بعض ملامح شخصيته عليه السلام.

أعطت الدراسة صورة عن معالم عصر

الإمام عليه السلام الحضارية والاجتماعية

والسياسية

والاقتصادية ، وحياة الملوك الذين عاصرهم ، وخصوصا المأمون العباسي الذي قضى

الإمام أكثر أيام حياته عليه السلام في

عهده ، والمعتصم العباسي الذي قاسى

الإمام في عهده أشد ألوان الاضطهاد

والمعاناة فأرغمه على مغادرة المدينة والإقامة الجبرية في بغداد إلى أن قتل

مسموما شهيدا سلام الله عليه.

تتعرض الدراسة أيضا إلى ترجمةبعض أصحابه ورواة

حديثه عليه السلام.

سبق أن طبع الكتاب سنة 1400 ه ،

وهذه الطبعة صدرت منقحة في قم سنة

1418 ه.

* أنصار

الإمام الحسين عليه السلام ، الرجال والدلالات.

تأليف : الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

دراسة عن شهداء الثورة الحسينية ورجالها من

الهاشميين وغيرهم ، ممن

ص: 254

استشهد في الكوفة أو في البصرة ، أو في واقعة الطف

في كربلاء مع الإمام السبط

الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، والتعريف

بهم وبيان ما يتعلق بالوضع

الشخصي لكل واحد منهم ، انتمائهم القبلي ، موطنهم الجغرافي ، والوضع

الاجتماعي وغير ذلك.

اشتملت الدراسة على مقدمة للتعريف بأغراض البحث

ومصادره من كتب المقاتل والرجال والتاريخ ، وغيرها من المصادر الثانوية.

واستعراض وتحليل ومناقشة للروايات الواردة لتحديد

ومعرفة العدد الحقيقي لأصحاب الإمام عليه السلام ممن

استشهد منهم ، وممن لم يرزق الشهادة ، واستعراض أسماء الشهداء التي حفظها

التاريخ ، والتعرف على شخصياتهم ، ومواقع قبورهم.

وملحق

يتضمن نصي الزيارة المنسوبة للناحية المقدسة ، والزيارة المعروفة ب- : «الرجبية»

ودراستهما والتحقيق في حالهما.

كما

اشتملت الدراسة على الدلالات المستفادة من المعلومات المتعلقة بشخصيات الشهداء

ومواقعهم الاجتماعية ، وعلاقة الموالي بالثورة ، ووضع المجتمع

والدولة ، وظروف المعركة وما سبقها

وما تلاها.

صدر الكتاب لأول مرة من قبل دار

الفكر في بيروت سنة 1395 ه ، ثم صدر

ثانيا في بيروت أيضا ، سنة 1401 ه.

وأعادت طبعه - بصف جديد -

المؤسسة الدولية للدراسات والنشر في بيروت سنة 1417 ه.

صدر

حديثا

* مطارحات في

الفكر والعقيدة.

إصدار : مركز الرسالة.

دراسة تشتمل على عدة بحوث للرد

على أبرز الشبهات والأوهام والافتراءات التي يطلقها ويرددها أعداء وخصوم أهل

البيت عليهم السلام بحق أتباعهم

، تبريرا للواقع

التاريخي الذي أبعد الذرية الطاهرة عن

المرجعية السياسية في المجتمع الإسلامي.

تضمن مدخل الدراسة تحليلا لخطبة من خطب أمير

المؤمنين الإمام علي عليه السلام

وتوضيحا للأبعاد التاريخية العقيدية والفكرية التي حوتها كلماته عليه السلام في

تلك

الخطبة ، فيما تضمنت فصولها مواضيع :

الإمامة والخلافة وقضية النص المتواتر على تعيين الخليفة : منهج النبي صلى الله عليه وآله في

ص: 255

إعداد الإمام علي عليه السلام

للخلافة وإعداد الأمة وتهيئتها لتقبلها بعده مباشرة ، الإشكالات المثارة عن هذه

القضية وجوابها ، وتهافت واضطراب أبناء العامة فيها.

مناقشة افتراءات وأكاذيب نسبت إلى الإمامية في

مسألتي تحريف القرآن والبداء.

إعطاء فكرة عن تاريخ السنة النبوية الشريفة ، وما

تعرضت له من منع وحصار

وتضييق في الصدر الأول من تاريخ المسلمين ، والنتائج الخطيرة التي ترتبت

على ذلك في الفكر الإسلامي وعقائد المسلمين.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(6).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

* براهين أصول

المعارف الإلهية والعقائد الحقة للإمامية.

تأليف : أبو طالب التجليل.

كتاب يضم مباحث في المعارف الإلهية وأصول العقائد

الحقة للإمامية ، وبراهين إثباتها من القرآن العظيم وأحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم

وروايات الأئمة المعصومين عليهم السلام ،

وكتب الفلسفة والكلام والتفسير والتاريخ وغيرها.

يقدم البراهين على : إثبات واجب

الوجود ومعرفة الله سبحانه ، مبدع الكون

وخالق العالم جلت عظمته ، توحيده ، نفي التركب والجسمية عنه جل وعلا ، عموم

قدرته تعالى ، فساد القول بتفويضه عز وجل خلقة العالم إلى غيره ، وصفاته الثبوتية

والسلبية.

ويشتمل على الكلام في : عدله ونفي الظلم عنه تعالى

في الدنيا والآخرة ، ونفي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين ، نبوة

الأنبياء والرسل عليهم السلام وعرض

معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ،

إثبات إمامة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة

الأحد عشر من ولده عليهم السلام على الأمة

من قبل الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعصمتهم

وطهارتهم ، وأخيرا في مباحث المعاد وبراهين إثباته.

ويتعرض في الختام إلى اعتقادات الوهابيين الفاسدة ،

وبيان بطلانها وضلال أصحابها.

صدر في قم سنة 1418 ه.

* نظرة عابرة

إلى الصحاح الستة.

تأليف : عبد الصمد شاكر.

كتاب يجمع بين دفتيه على نحو الإجمال - وبعد البحث

والتحقيق - بعض مما ورد في الكتب المسماة بالصحاح

ص: 256

الستة - صحيح

البخاري ، صحيح مسلم ، سنن أبي داود ، جامع الترمذي ، سنن

النسائي ، وسنن ابن ماجة - من أحاديث نبوية

متضاربة ومتناقضة في نصوصها ومداليلها ، ولا تخلو من الخلل والنقص والضعف الموجب

لسقوطها عن درجة الصحة والحجية ، والتي لا يمكن عدها من الصحيح الذي لا يرقى

إليه الشك والبطلان ، والوضع والجعل.

كما تضمن الكتاب الإشارة إلى مثل هذه الأحاديث في موطأ

مالك ومسند

أحمد ومستدرك الحاكم ، وغيرها.

صدر مؤخرا في قم.

* مسائل

عقائدية.

تأليف : السيد علاء الدين أمير محمد القزويني.

بحث يشتمل على بيان وتوضيح بعض المسائل العقائدية

والآراء المتعلقة بالغلو ،

وحكم الإسلام فيها ، على ضوء الآيات القرآنية الكريمة وروايات أهل البيت المعصومين

عليهم السلام.

إذ يذكر بعض أفعال الخالق عزوجل التي

يختص بها وحده سبحانه ، وينسبها الغلاة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى

أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام وإلى

الأئمة عليهم السلام ،

مثل تفويض أمر التكوين والتشريع ، الخلق والرزق ، الإماتة

والإحياء ، والعلم بالغيب إليهم عليهم السلام.

كما يبين فساد الاعتقاد ب : «الحقيقة المحمدية»

التي يعتقد أصحابها أن للنبي

الكريم صلى الله عليه وآله وللأئمة عليهم السلام

حقائق تختلف عن حقيقة البشر.

وكذلك بطلان مقولات : الولاية الكلية المطلقة للنبي

المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم

وآله الأطهار عليهم السلام ،

وخلقهم قبل جميع الموجودات ، علمهم المطلق بالمغيبات والعلوم الخمسة التي استأثر

الله سبحانه وحده بها ، وأن علمهم هو علم إحاطة

وحضور لا علم إخبار وحصول وتعليم.

صدر في قم سنة 1997 م.

* تاريخ

الإسلام الثقافي والسياسي.

تأليف : صائب عبد الحميد.

دراسة تحليلية لمرحلة مهمة من تاريخ الإسلام والمسلمين

السياسي والثقافي ، التي ابتدأت بوفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله

وانتهت بظهور وتمايز الفرق والمذاهب الرئيسية ، تعتمد الدراسة القرآن الكريم

والسنة النبوية المطهرة كميزان تقاس عليه أحداث التاريخ ورجاله.

اشتملت أبواب الكتاب الخمسة على :

ص: 257

إثارات وشواهد تدل على الاضطراب والتناقض في مصادر

المسلمين ومراجعهم التاريخية ، البحث في أساس نظام الحكم الإسلامي بين الواقع

والتشريع ، وأثر الواقع التاريخي على صياغة النظرية السياسية عند المسلمين

وتطورها ، من خلال استعراض واقع مرحلة ما بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

وبيان معالم مسار التاريخ في هذه المرحلة

سياسيا ودينيا وثقافيا ، ثم معالم مرحلة

ما بعد سنة 35 ه ، وما قام به الإمام أمير

المؤمنين علي عليه السلام -

أيام خلافته - من

تصحيح وإصلاح لما حدث من الانحراف

عن الإسلام المحمدي الأصيل في عهود

من سبقه ، والمعوقات التي كانت تواجهه

في هذا السبيل.

وأخيرا معالم وآثار مرحلة ما بعد سنة

41 ه ، وحركات التصحيح والثورات ضد

الحكم القائم ، والعوامل الأساسية لحدوث

الانقسامات ونشوء الفرق والمذاهب ، مع

التعريف المركز بهذه الفرق المنشعبة استنادا لهذه العوامل.

كما اشتمل الكتاب على مقدمة تضمنت عرض أسس منهج

المؤلف في

نقد وقراءة التاريخ الإسلامي.

نشر : مركز الغدير للدراسات الإسلامية - قم / 1417

ه.

* الحقيقة

المظلومة.

تأليف : محمد علي المعلم.

كتاب مخصص للرد على مزاعم وافتراءات وأباطيل وردت

في كتاب صادر عن جماعة سمت نفسها : «جمعية الشباب الأوغندي» ، يتجنى كاتبه على

الشيعة ومعتقداتهم ، ويرميهم بكل عظيمة زورا وبهتانا ، اجترارا وتكرارا لما كتبه

وقاله

خصوم الشيعة وأعداء الإسلام على مر

التاريخ ، جهلا - أو تجاهلا - بحقيقة الشيعة

والتشيع.

تناول البحث مفتريات وشبهات عن عدة مسائل عقائدية ،

مثل المتعة ، التقية ، عصمة ومقامات وكرامات الأئمة عليهم السلام ،

البداء ، تحريف القرآن ، وتقييم الصحابة

في ضوء آيات القرآن الكريم وأحاديث

الرسول الأمين صلى الله عليه وآله

ووقائع التاريخ الثابتة.

ويحاول الكتاب توضيح الغرض من حملة الكاتب - ومن

يقف وراءه - على

الشيعة ، وهو إثارة الفتنة وتأجيج الأحقاد

والدعوة إلى الاقتتال بين الناس ، إذ يورد

بعض الأحكام الظالمة والفتاوى الجائرة بحق الشيعة ، ويهدد من يتبنى محاولات الإصلاح

والتقريب بين المسلمين.

صدر في قم سنة 1418 ه.

ص: 258

*

دائرة المعارف الحسينية.

*

ديوان الأبوذية ، ج 1.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة التي قد

تصل إلى 500 جزء ،

والمشتملة على كل ما يتعلق بالإمام السبط

الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ،

ونهضته

المباركة وسيرته وأنصاره الكرام ، ودراستها

من جميع الجوانب التاريخية والعلمية والأدبية والتراثية والسياسية وغيرها.

ويصدر ضمن دواوين - مجلدات - الموسوعة المفردة

للشعر العربي الدارج.

يختص ب : «الأبوذية» التي هي من

فنون الأدب الشعبي باللهجة الدارجة في

مناطق جنوب العراق وجنوب غرب إيران.

أبيات الأبوذية ، التي يتكون أحدها من

أربعة أشطر ، الثلاثة الأولى منها يلتزم فيها

الجناس ، والرابع ينتهي بياء مشددة مع هاء

ساكنة ، تم ترتيبها حسب الحروف الهجائية

للعناوين المأخوذة من الجناس المستخدم ومن اليسار - الحرف الأخير للعنوان - إلى اليمين.

اشتمل هذا الجزء على الحروف من الهمزة إلى الخاء ،

كما اشتملت مقدمته

على عدة مواضيع عن الأبوذية.

نشر : المركز الحسيني للدراسات -

لندن / 1418 ه.

* تدوين

القرآن.

تأليف : الشيخ علي الكوراني العاملي.

بحث في مرحلة حرجة وصعبة واجه

فيها المسلمون تهديدا جديا وخطيرا لكتاب الله العزيز ، وهي الفترة التي تلت

وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وإلى

زمن جمع

الناس على مصحف واحد في عهد الخليفة الثالث.

يتعرض إلى المحاولات الفاشلة لمن أراد - في تلك

الفترة ومن موقع مسؤوليته - فرض آراء وقراءات ونظريات تتعلق بمعاني وألفاظ

الكتاب الكريم ، على أمة المسلمين ، لو لم يقفوا في وجهها لتمكن هؤلاء من تحريف

وتشويه معجزة خاتم الرسل صلى الله عليه وآله

ودستور المسلمين.

كما يتعرض البحث لمواضيع : اتهام الشيعة بالقول

بتحريف القرآن وردود علمائهم على هذه التهمة ، نقص القرآن وزيادته في رأي

الخليفة الثاني وموقفه من

السنة ، التوسع في نص القرآن وتحريم البحث العلمي فيه ، قصة الأحرف السبعة

ومشكلة جمع القرآن والمسؤول عن هذا

ص: 259

الجمع ، قرارات النهي عن تدوين سنة وأحاديث النبي

الأكرم صلى الله عليه وآله ومنع التحديث

ببعضها ، ومحاولات الدفاع عن هذه القرارات ، صفات القرآن الكريم من

كلمات النبي صلى الله عليه وآله

والإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأئمة

أهل البيت عليهم السلام ، وكلمات

الصحابة.

نشر : دار القرآن الكريم - قم / 1418 ه.

* تربية الطفل

في الإسلام.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث يعنى بتحديد ملامح ومعالم المنهج التربوي الإسلامي

في كيفية إعداد

الطفل جسديا وعقليا وسلوكيا ، وبيان

أوضح السبل لتنشئته نشأة صالحة قويمة ، ليتمكن - فيما بعد - من أداء دوره

المنشود

في المستقبل.

اعتمد البحث آيات القرآن الكريم ،

والمأثور عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وعن

أهل بيته المعصومين عليهم السلام ، والدراسات

العلمية الحديثة الخاصة بالموضوع.

تناول عبر فصوله : المنهج التربوي

العام في العلاقات الأسرية ، مرحلة ما قبل

الاقتران ومرحلة الحمل ، مرحلة ما بعد

الولادة ومرحلة الرضاعة - إلى عمر الفطام -

مرحلة الطفولة المبكرة إلى نهاية العام

السادس أو السابع ، وأخيرا مرحلة الصبا

والفتوة إلى نهاية العام الرابع عشر.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(8).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

* العسس في

تفسير سورة «عبس».

تأليف : السيد مصطفى الموسوي الأصفهاني.

كتاب مخصص لتفسير سورة «عبس»

المباركة ، والتحقيق والبحث في معاني

ومداليل آياتها الكريمة ، وتحديد وبيان من هو المعني والمقصود بالعتاب واللوم في

هذه الآيات ، هل هو الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أم

شخصا آخر غيره؟!

يشتمل على ذكر أقوال علماء الإمامية في سبب نزول

السورة وتفسيرها ، والروايات الواردة في ذلك عن طريق الخاصة والعامة ، ويعرض

الآيات على أحداث التاريخ الثابتة لبيان وكشف العبوس من بين الأبرياء ، ويتضمن

الإجابة على عثرات وزلات بعض الكتاب المعاصرين في تفسير آيات هذه السورة

المباركة.

كما يشتمل على بحث موسع في مسألة العصمة ومعناها

وبيان حقيقتها ،

وعصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام ،

وعصمة

ص: 260

بعض الأشخاص دون نبوة أو رسالة أو إمامة ، مثل

السيدة العذراء مريم عليها السلام

وسيدة

نساء العالمين الزهراء عليها السلام

وآخرين.

وأخيرا توضيح نظم آيات السورة وأهدافها.

نشر : دار التفسير (إسماعيليان) - قم / 1417 ه.

* البدعة ،

مفهومها وحدودها.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث مختصر في مسألة البدعة ، وبيان الموارد الصحيحة

والمصاديق الحقيقية لها وفقا لما جاء في كتاب الله العزيز وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وآله وهدي

أئمة الهدى المعصومين عليهم السلام.

اشتمل البحث على : تعريف البدعة والإشارة إلى

تحريمها في ما ورد من آيات

القرآن الكريم وروايات السنة النبوية المطهرة ، تحديد مفهومها وتوضيح شروطها

وحدودها ، عرض أدلة عدم جواز تقسيمها إلى حسنة وسيئة ، الأسباب المؤدية إلى نشوء

البدع وانتشارها ، دور أئمة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام في

مواجهة ومحاربة البدع والمقولات المحدثة ، وأقوالهم في : الجبر والتفويض ،

القياس والرأي ، التصوف والرهبنة ، عقيدتي التشبيه

والتجسيم ، والغلو والغلاة.

وأخيرا التعرض لذكر أمثلة ونماذج للبدع المحدثة في

الدين : وهي النهي عن متعة الحج ، إقامة صلاة التراويح جماعة ، وصلاة الضحى.

ومناقشة بعض الممارسات التي تنسب للبدعة وهي ليست

كذلك ، فضلا عن كونها من السنة ، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وشد الرحال

لزيارة قبر النبي الكريم صلى الله عليه وآله

وقبور الأولياء والصالحين.

صدر ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم

(9).

نشر : مركز الرسالة - قم / 1418 ه.

*

فلسفتنا الميسرة.

تأليف : السيد علي حسن مطر الهاشمي.

كتاب يشتمل على بحوث فلسفية مختصرة ، مع خلاصة في

خاتمة كل بحث تضمنت أبرز الأفكار الواردة فيه وأسئلة لاختبار مدى استيعاب مطالبه.

انتخبت هذه البحوث من كتاب فلسفتنا لآية

الله العظمى السيد محمد باقر الصدر قدس سره (1353

- 1400 ه) عدا موضوع الدليل الفلسفي على وجود الله تعالى ، إذ انتخب من كتابه الرسول

والمرسل والرسالة.

ص: 261

من الأبحاث التي شملها الكتاب : حقيقة المعرفة

ومصدرها ، مبدأ العلية ،

حقيقة الإدراك ، تطور المعرفة ، بطلان القول بالتناقض ، والعلة المادية والعلة

الفاعلية ، وغيرها.

صدر في قم سنة 1418 ه.

* دائرة

المعارف الحسينية.

* ديوان القرن

الرابع الهجري ، ج 1 و 2.

تأليف : محمد صادق محمد الكرباسي.

أحد أجزاء هذه الموسوعة الحسينية الضخمة ، التي قد

تصل إلى 500 جزء ، وهو ديوان يصدر ضمن سلسلة دواوين

- مجلدات - الموسوعة المفردة للشعر العربي القريض.

يشتمل على ما قيل من شعر في الإمام السبط الشهيد عليه السلام ،

وفي إطار نهضته المباركة خلال هذا القرن ، مع شرح لمفردات الأبيات ، وذكر قائلها

، وبيان الاختلاف في بعض المفردات في نسخ المراجع.

نشر : المركز الحسيني للدراسات - لندن / 1418 ه.

كتب

قيد التحقيق

* القول

المختصر في علامات المهدي المنتظر عليه السلام.

تأليف : الحافظ ابن حجر المكي الهيتمي ، المتوفى

سنة 974 ه.

كتاب مخصص لذكر بعض علامات وخصوصيات الإمام الحجة

المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، الواردة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم

والصحابة والتابعين.

تضمنت مقدمة الكتاب وخاتمته أمورا متفرقة تخص البحث

، فيما تضمنت أبوابه الثلاثة : 62 علامة وردت عن النبي صلى الله عليه وآله ، و

39 علامة وردت عن الصحابة ، و 56 علامة وردت عن التابعين وتابعيهم.

يقوم بتحقيقه : الشيخ عبد الكريم العقيلي ، معتمدا

على نسختين ، مخطوطة كتبت سنة 1380 ه عن مصورة محفوظة في مكتبة الإمام أمير

المؤمنين العامة في النجف ، وهي مصورة عن مخطوطة في مكتبة الأوقاف في حلب ،

ومطبوعة بتحقيق مصطفى عاشور وصادرة عن مكتبة القرآن في القاهرة.

* * *

ص: 262

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.