تراثنا المجلد 41

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: ستاره

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1416 ه.ق

الصفحات: 454

ص: 1

محتویات العدد

* کلمة التحریر :

سنوات العطاء.

................................................................. هیئة التحریر 7

* الصحف المنشرة فی بطلان حدیث العشرة المبشرة.

................................... السید حسن الحسینی آل المجدد الشیرازی 13

* تشیید المراجعات وتفنید المکابرات (4).

................................................. السید علی الحسینی المیلانی 65

* أساس نظام الحکم فی الإسلام : بین الواقع والتشریع (1).

......................................................... صائب عبد الحمید 105

* البردة ، والأعمال التی دارت حولها (2).

............................................................... أسعد الطیب 158

* إحیاء التراث .. لمحة تاریخیة سریعة حول تحقیق التراث ونشره ، وإسهام إیران فی ذلک (4).

......................................................... عبد الجبار الرفاعی 229

ص: 2

* من التراث الأدبی المنسی فی الأحساء (15) :

* الشیخ محمد حسین السبعی.

................................................ السید هاشم محمد الشخص 255

* مصطلحات نحویة (3).

...................................................... السید علی حسن مطر 263

* من ذخائر التراث :

* الشهاب الثاقب (منظومة) - للسید محمد باقر الحجة الطباطبائی الحائری.

.................................................. تحقیق : إحسان الجواهری 279

* وصیة العلامة الحلی إلی ولده فخر المحققین.

...................................................... تحقیق : حامد الطائی 405

* من أنباء التراث.

................................................................ هیئة التحریر 430

====

1 صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة منظومة «الشهاب الثاقب» فی الإمامة للسید محمد باقر الحجة الطباطبائی الحائری ، المنشورة فی هذا العدد ، ص 279 - 430.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

کلمة العدد

سنوات العطاء

بمناسبة مرور 10 سنوات علی إصدار «تراثنا»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی محمد وعلی أهل بیته الطیبین الطاهرین.

وبعد :

فإن التراث الفکری لمدرسة أهل البیت علیهم السلام بمعطیاته المتعددة ، وأبعاده المختلفة یشغل - بلا أدنی ریب - مساحة واسعة - لا تناظر - من العمق العقائدی للمکتبة الإسلامیة التی تمثل بمجموعها المتجزئ خلاصة نموذجیة أو ترجمة واقعیة للفهم المتعلق بأصول الشریعة الثابتة والخاص بالجماعات الإسلامیة المرتکزة فی تعاملها معها علی القواعد الفکریة الخاصة بها ، والمتبنی من قبلها ، وهذا ما یشیر إلیه مغزی التفسیر المتفاوت للواقعة

هیئة التحریر

ص: 7

الواحدة من قبل منظری تلک المدارس کل علی حدة.

ودراسة هذا الفهم بامتداداته المتعددة یظهر بلا شک مدی العمق العقائدی الذی ترتکز علیه تلک الأطروحات المتفاوتة ، أو القاعدة المستقرة علیها أقدامها فی طبقات التواصل الفکری - بغض النظر عن واقعیة ذلک التواصل أو عدمها - بینها وبین مصدر التشریع وأصله ، وما یترتب علیها من إدراک حقیقی یقود إلی الثقة والتسلیم بصواب منهجها أو عدمه.

ومدرسة أهل البیت علیهم السلام بما تمتلکه من شواهد ثابتة لم یختلف فیها أحد - إلا مغالطة وجفاء للحق - علی کون روادها علیهم السلام یمثلون الامتداد الواقعی والحقیقی للمصدر التشریعی الرئیسی للشریعة الإسلامیة - والمتمثل بالرسول الأکرم محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله وسلم - والوعاء المقدس الذی احتوی وکنتیجة بدیهیة للإرادة السماویة المبارکة جمیع الأسس التشریعیة المتعلقة بالعقیدة الإسلامیة ، وبأبعادها المترامیة الأطراف ، والواسعة الأکناف ، کل ذلک یمنح خریجی هذه المدرسة القدرة الفکریة المرنة فی التعامل مع الأصول الشرعیة بوعی وواقعیة بعیدا عن المؤثرات الغریبة عنها ، والدخیلة علیها.

ومن هنا ، فلا یعد بمستغرب قطعا - واعتمادا علی توفر هذه الأرضیة الصلبة المتاحة لأولئک المنتمین لهذه المدرسة الکبیرة - أن یکون نتاجهم الفکری غزیرا وواسعا ومتنوعا ، یحیط بردائه الواسع الفضفاض جمیع المفردات التی تقف أمام بعضها المدارس الفکریة الأخری موقف المتحیر العاجز ، بل ولا نغالی إن قلنا بأن أولئک الأعلام لم یترکوا بابا إلا وطرقوه ، ولا حجة إلا أقاموها ، ولا مبحثا إلا وخاضوا غماره ومخروا بیسر عبابه.

ص: 8

بید أن ما سلف من المصادرة المعلنة للحق الشرعی المختص بأهل بیت النبوة علیهم السلام والثابت بالدلیلین العقلی والنقلی ، والمحاولات الخبیثة المقصودة بإقصاء أصحابه عن ساحة الأحداث الفکریة والعقائدیة ، ودفعهم إلی زوایا الظل والعتمة ، والعمل المدبر علی استحداث البدیل وطرحه مدعوما بالترغیب والترهیب قبالة تلک العقیدة التی قدر لها ورغم حدود الأسر التی طوقت بها أن تمتد وتنفذ بعیدا فی الکیان الإسلامی الواسع البنیان تألیفا وتصنیفا ، وبشکل قل نظیره لدی غیرها من الطوائف والفرق الأخری.

نعم ، کل ذلک کان له کبیر الأثر فی حجب الجم الوفیر من النتاجات المتنوعة لعلماء هذه الطائفة المغلوبة علی أمرها ، وإبقائها - علی کثرتها - رهینة القیود المفروضة علیها ، وعلی نشرها ، فخفی علی البعض أن یکون لهذه الطائفة مثل هذه الآثار التی یجد بصماتها وآثارها واضحة جلیة علی صفحات کتب التأریخ وتراجم السیر.

أجل ، ولعل المرء ینتابه الاستغراب ، ویعتریه الاستهجان وهو یطالع بین دفات هذه الکتب عن مؤلفات جمة لأعلام الشیعة الإمامیة - تواضع أمام ما تزخر به من علوم باهرة ، مفکرو الطوائف الإسلامیة ، وأقروا مذعنین بمتانتها وقوة أدلتها - لا وجود لها فی رفوف المکتبة الإسلامیة التی تسرب إلیها - وذلک مما یؤسف له - ما لا یمت إلی الفکر الإسلامی بصلة ، ولا یستند إلی حقیقته بدلیل ، حین یزداد هذا الاستغراب والاستهجان مع ما یعاینه من الجهل المطبق لدی البعض بوجود هذه المصنفات وانتسابها إلی مصنفونا.

ص: 9

والغریب أن تبدو هذه الظاهرة السلبیة فی عصرنا الحاضر الذی یشهد نهضة کبیرة فی مجال الطباعة والنشر ، فکان ینبغی المبادرة الجادة - الواعیة والمدروسة - لرفع هذا الحیف الذی أحاط بهذا التراث الضخم من جانب ، والتعریف ببعض جوانب العقیدة والفکر الشیعی من جانب آخر ، وهی مهمة مقدسة تستلزم جهدا کبیرا وأسلوبا متقنا ، یتجاوز التقلیدیة فی البناء والعمل.

وإذا کانت مؤسستنا قد خطت خطوتها الأولی الموفقة ببرکة أهل بیت النبوة علیهم السلام فی عالم التحقیق والنشر ، التی شرعت فی عام 1404 ه ، فإن الخطوة اللاحقة الواسعة فی المیدان المقدس الذی أشرنا إلیه کان فی إصدارها لمجلة «تراثنا» الفصلیة فی صیف عام 1405 ه - والتی تعنی بشؤون التراث الغنی لمدرسة أهل البیت علیهم السلام لما أنیطت بها المسؤولیة الکبیرة التی أشرنا إلیها آنفا.

والحق یقال : إن هذه النشرة الفصلیة بصفحاتها المحدودة ، وإمکانیات صدورها المتواضعة آنذاک قد وفقت فی أداء الدور المناط بها ، واستقطبت أنظار الباحثین والدارسین ، واهتمام المؤسسات العلمیة المنتشرة فی دول العالم المختلفة ، تحقیقیة کانت هذه المؤسسات أم أکادیمیة ، والتی تتجاوز المائتین مرکزا علمیا ، وبشکل قل نظیره لدی غیرها من النشرات المتخصصة الأخری ، وهذا ما یبدو واضحا من خلال استقراء ومطالعة الرسائل والمکاتبات التی تصل المجلة ، سواء من تلک المراکز العلمیة التی أشرنا إلیها ، أو من الأساتذة والباحثین.

ف «تراثنا» قد عنیت من خلال صفحاتها هذه بتعریف الکثیر من

ص: 10

مؤلفات علماء الطائفة ، ومواضیعها ، والتعریف أیضا بنشاط عملیة إحیاء هذا التراث الإمامی الکبیر - المدفوع قسرا إلی زوایا النسیان - ونشر الکثیر من الرسائل المحققة والبحوث القیمة لجملة من الفضلاء والأساتذة والباحثین الذین ساهموا بجهودهم المبدعة فی رفد عمل هذه المجلة وإغنائه.

والیوم ، إذ تتجاوز المجلة عامها العاشر ، وتخطو بتوفیق من الله تعالی أولی خطواتها فی عامها الحادی عشر ، فإنها خلال هذه الأعوام العشرة قد وفقت إلی إصدار أربعین عددا من أعدادها الغنیة بالعطاء والخیر المتعلق بشؤون التراث ومختصاته ، واستطاعت النفوذ إلی أکثر من ستین دولة من دول العالم المختلفة ، توثقت من خلالها صلاتها التراثیة مع الکثیر من المؤسسات العلمیة المتناثرة فی تلک الدول ، والتی حازت علی احترامها وتقدیرها ، وکثرة الثناء علی أسلوبها ومنهجیتها.

وتراثنا إذ تتجاوز عامها العاشر فإنها تجعل محطتها الأخیرة من هذا العام عددا مختصا بالفهارس الفنیة لمجموع أعدادها السابقة ، لإدراکها بمقدار الکم الهائل من المفردات المختلفة التی احتوتها تلک الأعداد ، والتی قد یعسر علی الباحثین اقتناصها بسهولة ویسر ، کما هو واضح ومعلوم.

وأخیرا :

فإن الذی تأمله إدارة هذه النشرة أن تکون خطواتها المتلاحقة فی هذا المضمار المبارک والمترامی الأبعاد قد قربتها من الغایة المقدسة التی من أجلها أنشئت ، ولغرضها أقیمت ، وهی فی عین الوقت شادة العزم علی أن

ص: 11

تجد السیر قدما نحو هدفها ، مستمدة العون من البارئ جل اسمه ، ومستعینة ببرکة أهل بیت النبوة علیهم السلام.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی محمد وعلی أهل بیته الطیبین الطاهرین.

هیئة التحریر

ص: 12

الصحف المنشرة

فی بطلان حدیث العشرة المبشرة

السید حسن الحسینی

آل المجدد الشیرازی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی یدخل من یشاء من عباده الجنة بغیر حساب ، والصلاة والسلام علی نبینا محمد المؤتی جوامع الکلم وفصل الخطاب ، وعلی آله السادة الأطهار ، وخلص صحبه وتابعیهم ما لاح نجم وهطل سحاب.

أما بعد ، فقد شاع وذاع ، وملأ الأطباق والأسماع عن عصابة المخالفین تسمیة جماعة من أصحاب سیدنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالعشرة المبشرین بالجنة ، وأجمعوا (1) علی أنهم أفضل الناس بعده صلوات الله وسلامه علیه وعلی آله ، متشبثین فی ذلک بما عزاه الحشویة إلیه علیه وآله الصلاة والسلام من تبشیر أولئک الرهط والشهادة لهم بالجنة.

ونحن قد حدقنا النظر وأمعنا الفکر فی ذاک الخبر ، فألفیناه - ویشهد الله -

السید حسن الحسینی آل المجدد الشیرازی

ص: 13


1- 1. هکذا حکی الإجماع علیه أبو منصور البغدادی - کما فی تاریخ الخلفاء للسیوطی ، ص 44 - وانظر : إتمام الدرایة - له أیضا - ص 18 ، وعد الإمام أحمد القول به من الاعتقاد اللازم کما فی کتابه إلی مسدد به مسرهد ، فراجع : جلاء العینین فی محاکمة الأحمدین - لابن الآلوسی - ص 118 لتقف علیه.

أنه لا یصح مطلقا ، لا متنا ولا إسنادا ، بل هو مما عملته أیدی الوضاعین المقبوحین - أخزاهم الله تعالی -.

ولیت شعری ، کیف تغافل أئمة الحدیث وجهابذة النقاد من أهل السنة والجماعة عن التنبیه علی اختلاق هذا الحدیث الباطل ، وهم یعرفون هذا الأمر ( کما یعرفون أبناءهم وإن فریقا منهم لیکتمون الحق وهم یعلمون الحق من ربک فلا تکونن ) .

ولعل التحفظ علی کرامة هؤلاء العشرة حجزهم علی التصریح بذلک ، فأغروا العامة باعتقاد لا أصل له ، وهذا من الخیانة ، وإنها لبئست البطانة ( أولئک الذین اشتروا الضلالة بالهدی والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم علی النار ) .

والمقصود فی هذه الرسالة الإبانة عما فی هذا الحدیث ، والکلام علیه بما یقتضیه الحق والإنصاف ، متنکبا سبیل التعنت والاعتساف إن شاء الله تعالی.

فإن قال قائل : ما أنکرتم من حدیث العشرة المبشرة ، وقد وقعت البشارة بالجنة علی لسان النبی صلی الله علیه وآله وسلم لآحاد من الصحابة أیضا من غیر العشرة ، کعمار بن یاسر وسلمان الفارسی والمقداد بن الأسود وزید بن صوحان وبلال الحبشی وعبد الله بن سلام وغیرهم رضی الله عنهم ، بل روی التبشیر لبعض التابعین کأویس القرنی رحمه الله تعالی.

قلنا : لسنا نجحد شیئا من ذلک البتة ، بل نقطع بالجنة لکل من ثبتت له شهادة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم بها ، وإنما الشأن کله فی تبشیر أولئک النفر علی السیاق المذکور فی الحدیث.

علی أنه لم ترد البشارة لأکثرهم فی غیر حدیث الباب الذی سنزیح لک عنه غبار الشبهة ، لتقف علی جلیة حاله وتستبین کنهه ، فتنبه.

إذا تقرر هذا لدیک فینبغی أولا التنبیه علی شناعة صنیع الوضاعین ،

ص: 14

وفظاعة فعل الکذابین المتقولین علی الصادق المصدوق صلی الله علیه وآله وسلم ما لم یقل ، وبیان حکم من تعمد ذلک لتعلم أن هؤلاء القوم - قاتلهم الله - أی مقعد من النار تبوؤا بوضع حدیث تبشیر العشرة بالجنة وغیره مما هو فی معناه ، وحسبک فی ذلک الحدیث المتفق علی صحته بین أهل الإسلام - حتی ادعی ابن الصلاح تواتره - أعنی قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «من کذب علی متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار» (1) وفی لفظ أبی هریرة وأبی قتادة : «من تقول علی ما لم أقل فلیتبوأ مقعده من النار» (2).

وقد رواه من الصحابة خلق کثیر ، قیل : اثنان وستون (3) ، منهم ابن مسعود وأنس بن مالک وجابر والزبیر بن العوام وأبو سعید ، وغیرهم.

وأخرج ابن ماجة عن ربعی بن حراش ، عن علی علیه السلام ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «لا تکذبوا علی ، فإن الکذب علی یولج النار» (4).

وأخرج أیضا عن علی علیه السلام وسمرة بن جندب والمغیرة بن شعبة ، أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال : «من حدث عنی حدیثا وهو یری أنه کذب فهو أحد الکاذبین» (5).

وغیر ذلک مما جاء من النهی الأکید والوعید الشدید والتحذیر البلیغ من تعمد الکذب علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

====

6. سنن ابن ماجة 1 / 14 - 15.

ص: 15


1- 1. سنن ابن ماجة 1 / 13 - 14.
2- 2. سنن ابن ماجة 1 / 13 - 14.
3- 3. وقال ابن الجوزی رواه من الصحابة ثمانیة وتسعون نفسا ، وذکر النووی فی مقدمة شرح صحیح مسلم عن بعضهم أن عدة من رواه من الصحابة مائتان ، قال الحافظ العراقی : وأنا أستبعد وقوع ذلک ، وقد جمع الحافظ أبو الحجاج الدمشقی طرقه فبلغ بها مائة واثنین. انتهی.
4- أنظر ، تنزیه الشریعة المرفوعة 1 /4. 10.
5- 5. سنن ابن ماجة 1 / 13.

وقال الحافظ جلال الدین السیوطی الشافعی فی «تحذیر الخواص» (1) : لا أعلم شیئا من الکبائر قال أحد من أهل السنة بتکفیر مرتکبه إلا الکذب علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، فإن الشیخ أبا محمد الجوینی من أصحابنا - وهو والد إمام الحرمین : - قال : إن من تعمد الکذب علیه صلی الله علیه وآله وسلم یکفر کفرا یخرجه عن الملة ، وتبعه علی ذلک طائفة منهم الإمام ناصر الدین ابن المنیر من أئمة المالکیة.

قال : وهذا یدل علی أنه أکبر الکبائر ، لأنه لا شئ من الکبائر یقتضی الکفر عند أحد من أهل السنة. انتهی.

وقال أیضا فی «الخصائص الکبری» (2) : قال النووی وغیره : الکذب علیه صلی الله علیه وآله وسلم من الکبائر ، ولا یکفر فاعله علی الصحیح وقول الجمهور.

وقال الجوینی : هو کفر ، فإن تاب منه فذهب جماعة منهم الإمام أحمد والصیرفی وخلائق إلی أنه لا تقبل له روایة أبدا - وإن حسنت حاله - بخلاف التائب من الکذب علی غیره صلی الله علیه وآله وسلم ومن سائر أنواع الفسوق ، وهذا مما خالف فیه الکذب علی غیره.

قال السیوطی : وهذا القول هو المعتمد فی فن الحدیث - کما بینته فی شرح التقریب وشرح ألفیة الحدیث - وإن رجح النووی خلافه. انتهی.

قلت : ونقل الحافظ عماد الدین ابن کثیر عن أبی الفضل الهمذانی - شیخ ابن عقیل من الحنابلة - أنه وافق الجوینی علی هذه المقالة (3).

وقال الحافظ شمس الدین الذهبی فی کتاب «الکبائر» : لا ریب أن تعمد الکذب علی الله تعالی ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم فی تحریم حلال أو

ص: 16


1- 1. تحذیر الخواص : 21.
2- 2. الخصائص الکبری 2 / 254.
3- 3. تنزیه الشریعة المرفوعة - لابن عراق - 1 / 12.

تحلیل حرام کفر محض ، وإنما الشأن فی الکذب علیهما فی ما سوی ذلک (1). انتهی.

وهذا أوان الخوض فی أصل المراد ، فنقول - مستعینین برب العباد - : إعلم أن حدیث تبشیر العشرة بالجنة ینتهی إسناده إلی عبد الرحمن بن عوف الزهری وسعید بن زید بن عمرو بن نفیل وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، ونحن نستوفی الکلام فی هذه الألوکة علی روایة کل فی فصل مفرد ، والله الموفق والمستعان

ص: 17


1- 1. تنزیه الشریعة المرفوعة - لابن عراق - 1 / 12.

فصل

فی روایة عبد الرحمن بن عوف

أخرج الإمام أحمد فی مسنده (1) والترمذی فی سننه (2) والنسائی فی «فضائل الصحابة» (3) ، قالوا : حدثنا قتیبة بن سعید ، حدثنا عبد العزیز بن محمد الدراوردی ، عن عبد الرحمن بن حمید ، عن أبیه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : أبو بکر فی الجنة ، وعمر فی الجنة ، وعثمان فی الجنة ، وعلی فی الجنة ، وطلحة فی الجنة ، والزبیر فی الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف فی الجنة ، وسعد فی الجنة ، وسعید فی الجنة ، وأبو عبیدة بن الجراح فی الجنة.

قال الترمذی : أخبرنا مصعب (4) قراءة ، عن عبد العزیز بن محمد ، عن عبد الرحمن بن حمید ، عن أبیه ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم نحوه ، ولم یذکر فیه : عن عبد الرحمن بن عوف ، انتهی.

قلت : ورواه یحیی بن عبد الحمید الحمانی الکوفی عن الدراوردی (5) لکن قال فیه أحمد : کان یکذب جهارا ، وقال أیضا : ما زلنا نعرفه أنه یسرق الأحادیث أو یلتقطها أو ینقلها (6) ، وقال النسائی : ضعیف ، وقال فی موضع آخر : لیس بثقة ، وقال الذهلی : ما أستحل الروایة عنه (7).

ص: 18


1- 1. مسند أحمد 1 / 193.
2- 2. سنن الترمذی 5 / 647 - کتاب المناقب - باب مناقب عبد الرحمن بن عوف.
3- 3. فضائل الصحابة : 28 ، وأبو نعیم فی «المعرفة» کما فی فیض القدیر 1 / 92.
4- 4. کذا فی الترمذی ، لکن فی المعاجم : أبو مصعب الزهری المدنی.
5- 5. کتاب الأربعین البلدانیة : 107 ، أسد الغابة 2 / 388.
6- 6. تهذیب التهذیب 6 / 156.
7- 7. تهذیب التهذیب 6 / 157.

* وأما الحدیث من طریق أبی مصعب فإنه مرسل بلا ریب ، لأن حمید ابن عبد الرحمن بن عوف لم یدرک النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وکذلک من الطریق الآخر فإنه مرسل أیضا ، لأن حمیدا توفی سنة خمس ومائة - وهو قول الفلاس وأحمد بن حنبل وأبی إسحاق الحربی وابن أبی عاصم وخلیفة بن خیاط ویعقوب بن سفیان وابن معین (1) - وهو ابن ثلاث وسبعین سنة فیکون قد ولد سنة اثنتین وثلاثین - وهی سنة وفاة أبیه عبد الرحمن بن عوف - أو بعد ذلک بسنة ، فکیف تحمل الحدیث عن أبیه وهو لم یره إلا أیاما معدودات علی أکثر تقدیر؟!! فروایته عن عمر منقطعة قطعا ، وکذا عن عثمان وأبیه - کما قال ابن حجر فی تهذیب التهذیب (2) -.

ولمکان هذه العلة لا یصح هذا الإسناد ولا یتم - وقد نبه علی ذلک شیخنا الأمینی رحمه الله من قبل (3) - ومن ثم ذهب البخاری إلی أن حدیث حمید بن عبد الرحمن بن عوف عن سعید بن زید أصح من حدیثه عن أبیه (4) ، فتنبه!

علی أن حمید بن عبد الرحمن بن عوف لا تندفع عنه التهمة فی هذا الحدیث وأضرابه ، فإنه ممن صنعوا علی عین معاویة لحمل أمثال هذا الحدیث ، وللرئاء بالعبادة والتقشف ، وللولوع بالسماع من أعداء علی علیه السلام (5) - کما قال الإمام شرف الدین العاملی رحمه الله تعالی (6) - وهو الذی روی عن أبی هریرة ذلک الإفک البین ، أعنی حدیث تأمیر أبی بکر علی

ص: 19


1- 1. تهذیب التهذیب 2 / 30.
2- 2. تهذیب التهذیب 2 / 30.
3- 3. الغدیر فی الکتاب والسنة والأدب 10 / 112.
4- 4. سنن الترمذی 5 / 647 ، کتاب الأربعین البلدانیة : 107.
5- (22) سمع معاویة وحدیثه عنه فی صحیح البخاری ، وسمع النعمان بن بشیر وحدیثه عنه فی صحیح مسلم ، وله عن المغیرة بن شعبة وابن الزبیر ومروان وغیرهم من أمثالهم
6- 6. أبو هریرة : 117.

الحج سنة تسع وبعثه ببراءة - کما أخرجه الشیخان عنه فی الصحیحین (1) -.

هذا ، مضافا إلی أن حدیث ابن عوف قد انفرد الدراوردی بروایته عن عبد الرحمن بن حمید عن أبیه عن جده ، ولم یرو من وجه آخر.

وقال الحافظ ابن عساکر - بعد تخریجه الحدیث فی «الأربعین البلدانیة» (2) - : هذا حدیث غریب من حدیث عبد الرحمن بن عوف ، تفرد به عنه ابنه حمید بن عبد الرحمن. انتهی.

* وأما عبد العزیز بن محمد بن عبید الدراوردی فقد تکلموا فیه.

قال أحمد بن حنبل : إذا حدث من کتابه فهو صحیح وإذا حدث من کتب الناس وهم ، وکان یقرأ من کتبهم فیخطئ.

وقال أبو زرعة : سیئ الحفظ ، فربما حدث من حفظه السیئ فیخطئ.

وقال النسائی : لیس بالقوی (3).

وقال أبو حاتم : لا یحتج به (4).

وقال الحافظ ابن حجر فی «هدی الساری» (5) : لم یخرج له البخاری فی صحیحه سوی حدیثین قرنه فیهما بعبد العزیز بن أبی حازم وغیره ، وأحادیث یسیرة أفرده لکنه أوردها بصیغة التعلیق فی المتابعات. انتهی.

ص: 20


1- 1. صحیح البخاری - کتاب الحج - باب لا یطوف بالبیت عریان ، صحیح مسلم - کتاب الحج - باب لا یحج بالبیت مشرک ولا یطوف بالبیت عریان.
2- 2. کتاب الأربعین البلدانیة : 107.
3- 3. تهذیب التهذیب 3 / 471.
4- 4. میزان الاعتدال 2 / 634.
5- 5. هدی الساری : 441.

فصل

فی روایة سعید بن زید

إعلم أن أکثر طرق حدیث التبشیر تنتهی إلی سعید بن زید بن عمرو بن نفیل العدوی ، فلنذکرها هنا ولنبین ما فیها من قوادح العلل فنقول : روی حدیث الباب عنه عبد الله بن ظالم المازنی ، وعبد الرحمن بن الأخنس ، وحمید بن عبد الرحمن بن عوف ، وریاح بن الحارث وأبو الطفیل عامر بن واثلة اللیثی.

* أما حدیث عبد الله بن ظالم التمیمی المازنی عن سعید بن زید فقد قال العقیلی : لا یصح حدیثه ، وکذا ذکره ابن عدی عن البخاری (1).

وقال الحافظ فی (التقریب) : لینه البخاری ، وقال الحاکم فی «المستدرک علی الصحیحین» (2) : لم یحتجا - یعنی البخاری ومسلما - بعبد الله بن ظالم ، وقال الذهبی فی «تلخیص المستدرک» : ذکر البخاری عبد الله بن ظالم فقال : لم یصح حدیثه (3). انتهی.

قلت : ناهیک بشهادة هذین الإمامین المقدمین فی صناعة الحدیث بعدم صحة حدیث تبشیر العشرة بالجنة ، ولو کان ثبت عند البخاری بطریق من طرقه لخرجه فی صحیحه وبوب علیه ، لتوفر الدواعی علی ذلک وموافقته لمذهبه ، ولما اقتصر فی جامعه علی ما هو دون هذا الحدیث من مناقب العشرة ، فلیس إعراضه عنه إلا لتفطنه لما فیه ، وذلک أنه لم یروه عن ابن ظالم سوی ابن حیان وهلال بن یساف.

ص: 21


1- (29) تهذیب التهذیب 3 / 176 ، میزان الاعتدال
2- 2. المستدرک علی الصحیحین 3 / 316 - 317.
3- 3. تلخیص المستدرک بهامش المستدرک 3 / 317.

* فأما ابن حیان ، فقد أخرج أبو داود حدیثه فی سننه (1) فقال : رواه الأشجعی عن سفیان ، عن منصور ، عن هلال بن یساف ، عن ابن حیان ، عن عبد الله بن ظالم بإسناده.

قال الحافظ ابن حجر فی «تهذیب التهذیب» (2) : ابن حیان ، عن عبد الله ابن ظالم ، عن سعید بن زید : عشرة فی الجنة ، وعنه هلال بن یساف ، واختلف علیه فیه.

وقال فی (التقریب) و (اللسان) : لا یعرف ولم یسم (3).

* وأما هلال بن یساف ، فإن النسائی صرح فی موضعین من کتابه «فضائل الصحابة» (4) بأنه لم یسمع حدیث التبشیر من عبد الله بن ظالم ، ولا یظن أن الواسطة غیر ابن حیان ، وقد عرفت ما فی روایته.

ولم یروه عن ابن یساف - فیما أعلم - إلا منصور بن المعتمر والحصین ابن عبد الرحمن السلمی (5) الذی حکی الخزرجی فی (الخلاصة) عن أبی حاتم أنه قال فیه : ساء حفظه فی آخره ، وقال النسائی : تغیر ، وقال یزید بن هارون : نسی (6).

وقد رواه عنهما سفیان بن سعید بن مسروق الثوری (7) وکان یدلس عن

ص: 22


1- 1. سنن أبی داود 4 / 211 ، وکذا النسائی فی فضائل الصحابة : 28 عن إسحاق بن إبراهیم ، قال : أنا عبید الله بن سعید ، قال : أنا سفیان ...
2- 2. تهذیب التهذیب 6 / 502.
3- 3. لسان المیزان 7 / 492.
4- 4. فضائل الصحابة : 27 و 31.
5- 5. مسند أحمد 1 / 188 ، سنن الترمذی 5 / 651 ، سنن أبی داود 4 / 211 ، سنن ابن ماجة 1 / 48 ، فضائل الصحابة - للنسائی - : 27 و 31.
6- 6. تهذیب التهذیب 1 / 548.
7- (38) مسند أحمد 1 / 187 - 188 ، وأما ما ذکره أحمد فی سند الحدیث حیث قال : ثنا وکیع ، ثنا سفیان ، عن حصین ومنصور ، عن هلال بن یساف ، عن سعید بن زید ، قال وکیع مرة : قال

الضعفاء.

قال الذهبی بترجمة الصلت بن دینار الأزدی البصری (1) : قال ابن حبان : کان الثوری إذا حدث عنه یقول : ثنا أبو شعیب ولا یسمیه ، وکان أبو شعیب ینتقص علیا علیه السلام وینال منه علی کثرة المناکیر فی روایة.

وفی «تهذیب التهذیب» (2) : قال ابن المبارک : حدث سفیان بحدیث فجئته وهو یدلسه ، فلما رآنی استحیی وقال : نرویه عنک.

وقال الخطیب : کان الأعمش وسفیان الثوری یدلسان تدلیس التسویة وهو شر أنواع التدلیس وأقبحه - کما قال الحافظ العلائی (3) -.

وقال العراقی : هو قادح فیمن تعمد فعله.

وقال الحافظ ابن حجر : لا شک أنه جرح ، وإن وصف به الثوری والأعمش فلا اعتذار.

وقال البقاعی : سألت شیخنا هل تدلیس التسویة جرح؟ فقال : لا شک أنه جرح ، فإنه خیانة لمن ینقل إلیهم وغرور (4).

وقال شعبة : إذا حدثکم سفیان عن رجل لا تعرفونه فلا تقبلوا منه ، فإنما یحدثکم عن مثل أبی شعیب المجنون (5).

وقال ابن معین : مرسلاته شبه الریح ، وکذا قال أبو داود.

====

6. میزان الاعتدال 2 / 318 رقم 3906.

ص: 23


1- منصور عن سعید بن زید ، وقال مرة : حصین عن ابن ظالم عن سعید بن زید ، فإنه منقطع من الوجوه الثلاثة ، إذ لم یسمع هلال بن یساف من سعید بن زید ، ولا منصور منه ، ولا الحصین من ابن ظالم ، فتنبه.
2- 2. میزان الاعتدال ، تهذیب التهذیب 2 / 559.
3- 3. تهذیب التهذیب 2 / 355.
4- 4. تدریب الراوی 1 / 226.
5- 5. فتح المغیث بشرح ألفیة الحدیث - للحافظ العراقی - : 82.

قال : ولو کان عنده شئ لصاح به (1).

وبالجملة : فإن اشتهار الرجل بالتدلیس قد بلغ الغایة ، وکأنه خلق لذلک ویسر له (وکل میسر لما خلق له).

لکن ما أصلف وجوه القوم إذ لم یفتروا عن نعته بأمیر المؤمنین فی الحدیث (2) وهم یعترفون بصنیعه الشنیع ویحکون عنه قوله : لو أردنا أن نحدثکم بالحدیث کما سمعناه ما حدثناکم بحدیث واحد (3)!

لیس تعمی العیون لکنما تعمی

القلوب التی انطوت فی الصدور

علی أن سفیان عنعن فی حدیثه ولم یذکر سماعا ، والمدلس لا یقبل من حدیثه إلا ما صرح فیه بالسماع.

هذا ، وقد رواه عنه وکیع (4) وأبو حذیفة النهدی البصری (5).

* أما وکیع بن الجراح بن ملیح الرؤاسی فقد اشتهر عنه شرب النبیذ وملازمته له - کما حکاه الذهبی فی المیزان والتذکرة (6) -.

وروی الخطیب فی «تاریخ بغداد» (7) بإسناده عن نعیم بن حماد ، قال : تعشینا عند وکیع - أو قال : تغدینا - فقال : أی شئ أجیئکم به؟ نبیذ الشیوخ أو نبیذ الفتیان؟ قال : قلت : تتکلم بهذا؟! قال : هو عندی أحل من ماء الفرات.

وفی «تهذیب التهذیب» (8) : قال یعقوب بن سفیان : سئل أحمد إذا اختلف وکیع وعبد الرحمن ، بقول من نأخذ؟ فقال : عبد الرحمن موافق ویسلم

ص: 24


1- 1. تهذیب التهذیب 2 / 355.
2- 2. تذکرة الحفاظ 1 / 204.
3- 3. تذکرة الحفاظ 1 / 205.
4- 4. مسند أحمد 1 / 187 - 188.
5- 5. المستدرک علی الصحیحین 3 / 316 - 317.
6- 6. میزان الاعتدال 4 / 336 ، تذکرة الحفاظ 1 / 308.
7- 7. تاریخ بغداد 13 / 472.
8- 8. تهذیب التهذیب 6 / 82.

علیه السلف ویجتنب شرب النبیذ. انتهی.

یشیر بذلک إلی أمر وکیع فی شرب النبیذ.

وهو مع ذلک یخطئ فی الحدیث کثیرا.

حکی عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبیه ، قال : ابن مهدی أکثر تصحیفا من وکیع ، ووکیع أکثر خطأ منه.

وقال أیضا : أخطأ وکیع فی خمسمائة حدیث - کما فی التهذیب (1) -.

وقال محمد بن نصر المروزی : کان یحدث بآخره من حفظه فیغیر ألفاظ الحدیث.

* وأما موسی بن مسعود أبو حذیفة النهدی البصری ، فقد قال الترمذی : یضعف فی الحدیث ، وقال ابن حبان : یخطئ.

وقال عمرو بن علی الفلاس : لا یحدث عنه من یبصر الحدیث.

وقال ابن خزیمة : لا یحتج به.

وقال أبو أحمد الحاکم : لیس بالقوی عندهم.

وقال ابن قانع : فیه ضعف.

وقال الحاکم أبو عبد الله : کثیر الوهم سیئ الحفظ.

وقال الساجی : کان یصحف ، وهو لین الحدیث.

وقال الدارقطنی : قد أخرج له البخاری ، وهو کثیر الوهم تکلموا فیه.

قال الحافظ ابن حجر : ما له عند البخاری عن سفیان سوی ثلاثة أحادیث متابعة ، وله عنده آخر عن زائدة متابعة أیضا (2). انتهی.

ورواه عن الحصین بن عبد الرحمن السلمی شعبة بن الحجاج ، وعنه غندر وابن أبی عدی (3).

ص: 25


1- 1. تهذیب التهذیب 6 / 82.
2- 2. تهذیب التهذیب 5 / 580.
3- 3. مسند أحمد 1 / 188 ، سنن ابن ماجة 1 / 48.

* أما محمد بن جعفر الهذلی ، المعروف بغندر ، فقد حکی الحافظ شیخ الإسلام ابن حجر فی «هدی الساری» (1) عن أبی حاتم ، أنه قال : یکتب حدیثه عن غیر شعبة ولا یحتج به. انتهی.

وهذا ینبئ عن أمر ما فی روایته عنه ، ومنه حدیثه هذا فی تبشیر العشرة عند أحمد (2) فإنه رواه عن شعبة.

وفی (التهذیب) (3) : قال ابن المدینی : کنت إذا ذکرت غندرا لیحیی بن سعید عوج فمه ، کأنه یضعفه.

ومن خفة عقله وطیشه ما رواه العقیلی عن ابن معین ، قال : قدمنا علی غندر ، فقال : لا أحدثکم حتی تمشوا خلفی فیراکم أهل السوق فیکرمونی (4).

* وأما محمد بن إبراهیم بن أبی عدی ، فقد قال الذهبی فی (المیزان) (5) : قال أبو حاتم مرة : لا یحتج به.

ورواه عن الحصین أیضا جریر بن حازم بن عبد الله بن شجاع ، وهشیم ابن بشیر بن القاسم السلمی (6).

* فأما جریر فکان کثیر الغلط وکان یخطئ ، وقد حدث بالوهم بمصر ، ولم یکن یحفظ ، وخرج بها أحادیث مقلوبة ، واختلط فی آخر عمره ، ونسبه یحیی الحمانی إلی التدلیس - کما بترجمته فی تهذیب التهذیب (7) -.

* وأما هشیم - وما أدراک من هشیم!! - فقد اتفقوا علی أنه کان مدلسا کثیر

ص: 26


1- 1. هدی الساری : 460.
2- 2. مسند أحمد 1 / 188.
3- 3. تهذیب التهذیب 5 / 65.
4- 4. تهذیب التهذیب 5 / 65.
5- 5. میزان الاعتدال 3 / 647 رقم 7939 ، تهذیب التهذیب 5 / 12.
6- 6. فضائل الصحابة - للنسائی - : 27 ، سنن الترمذی 5 / 651.
7- 7. تهذیب التهذیب 1 / 366 - 367.

التدلیس ، قال ابن حبان : کان مدلسا (1).

وقال الحافظ ابن حجر فی (التقریب) : کان کثیر التدلیس والإرسال الخفی.

وقال الذهبی فی «تذکرة الحفاظ» (2) : إنه کثیر التدلیس ، روی عن جماعة لم یسمع منهم - ثم سماهم -.

وفی (التهذیب) (3) : قال عبد الرزاق عن ابن المبارک : قلت لهشیم : لم تدلس وأنت کثیر الحدیث؟! فقال : کبیراک قد دلسا ، الأعمش وسفیان.

وقال ابن سعد : یدلس کثیرا ، فما قال فی حدیثه (أنا) فهو حجة وما لم یقل فلیس بشئ (4).

قلت : لفظه عند الترمذی (5) فی سند حدیث الباب (أخبرنا) لکن لا تطمئن النفس إلی ذلک لا سیما إذا تأملت ما حکاه الحافظ شمس الدین الذهبی بترجمته من «میزان الاعتدال» (6) حیث قال : قال ابن القطان : لهشیم صنعة محذورة فی التدلیس ، فإن الحاکم أبا عبد الله ذکر : أن أصحاب هشیم اتفقوا علی أن لا یأخذوا عنه تدلیسا ، ففطن لذلک فجعل یقول فی کل حدیث یذکره (حدثنا) حصین ومغیرة بن إبراهیم ، فلما فرغ قال : هل دلست لکم الیوم؟ قالوا : لا ، فقال لهم : لم أسمع من مغیرة مما ذکرته حرفا ، إن ما قلت (حدثنی حصین ومغیرة) غیر مسموع لی. انتهی.

وقال الثوری : لا تکتبوا حدیثه - کما فی المیزان -.

وقال أبو داود : قیل لیحیی بن معین فی تساهل هشیم ، فقال : ما أدراه

ص: 27


1- 1. تهذیب التهذیب 6 / 43.
2- 2. تذکرة الحفاظ 1 / 249 ، وراجع ترجمته فی تهذیب التهذیب 6 / 42 - 43.
3- 3. تهذیب التهذیب 6 / 42.
4- 4. تهذیب التهذیب 6 / 42.
5- 5. سنن الترمذی 5 / 651.
6- 6. میزان الاعتدال 4 / 308 ، تهذیب التهذیب 6 / 42 - 43.

ما یخرج من رأسه (1).

هذا ، وأما حدیث عبد الرحمن بن الأخنس عن سعید بن زید فقد انفرد الحر بن الصیاح (2) بروایته عنه ، وعبد الرحمن مستور من الثالثة - کما فی تقریب التهذیب (3) - والمستور من لم ینقل فیه جرح ولا تعدیل ، وکذا إذا نقلا ولم یترجح أحدهما - کما قال الحافظ السخاوی - وقد اشترطوا فی الصحیح أن یکون بنقل عدل مشهور العدالة لا مستورها ، احترازا عمن عرف ضعفه أو جهل عینه أو حاله.

ولم یروه عن الحر سوی الولید بن قیس السکونی - کما فی الأوسط (4) - وشعبة بن الحجاج (5) ، وقد ذکر الحافظ الطبرانی فی «المعجم الأوسط» (6) أنه لم یرو هذا الحدیث عن الولید بن قیس إلا محمد بن طلحة. انتهی.

قلت : محمد بن طلحة بن مصرف الیامی الکوفی ، قال النسائی فی الضعفاء : لیس بالقوی.

وقال عبد الله بن أحمد : سمعت یحیی بن معین یقول : ثلاثة یتقی حدیثهم محمد بن طلحة بن مصرف وأیوب بن عتبة وفلیح بن سلیمان ، فقلت لیحیی : ممن سمعت هذا؟ قال : من أبی کامل مطفر بن مدرک.

وعن ابن معین قال : ضعیف.

وقال الحافظ فی (التقریب) : له أوهام.

وقال ابن سعد : کانت له أحادیث منکرة ..

ص: 28


1- 1. تهذیب التهذیب 6 / 43.
2- 2. کما فی التاریخ الکبیر والکاشف ، وفی بعض کتب الحدیث والتراجم : الصباح.
3- 3. تقریب التهذیب 1 / 472 رقم 858.
4- 4. المعجم الأوسط - للطبرانی - 10 / 480.
5- 5. مسند أحمد 1 / 188 ، سنن الترمذی 5 / 652 ، سنن أبی داود 4 / 211 - 212 ، فضائل الصحابة - للنسائی - : 32.
6- 6. المعجم الأوسط 1 / 480.

وفی «تهذیب التهذیب» (1) و «هدی الساری» (2) قال عفان : کان یروی عن أبیه وأبوه قدیم الموت ، وکان الناس کأنهم یکذبونه ولکن من یجترئ أن یقول له : أنت تکذب.

وقال أبو داود : کان یخطئ. انتهی.

ورواه حجاج بن محمد الأعور المصیصی عن شعبة - کما فی الترمذی (3) - وکذا وکیع (4) وقد قضینا الوطر من الکلام علیه.

* فأما المصیصی ، فقد قال الحافظ فی (التقریب) : اختلط آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته ، ولذا ذکره أبو العرب الصقلی فی الضعفاء - کما فی الهدی والتهذیب (5) -.

تنبیه : قال الترمذی - عقب تخریجه الحدیث - : هذا حدیث حسن ، وسیأتی الکلام علی ذلک إن شاء الله تعالی.

وأما حدیث حمید بن عبد الرحمن بن عوف عن سعید بن زید ، فلم یروه عنه غیر ولده عبد الرحمن بن حمید ، وانفرد بروایته عنه عمر بن سعید بن شریح المدنی (6) وعنه موسی بن یعقوب الزمعی حسب ، وانفرد به عن الزمعی محمد ابن إسماعیل بن أبی فدیک (7).

هذا مضافا إلی ما تقدم من الکلام علی حمید بن عبد الرحمن فیما سلف.

ص: 29


1- 1. تهذیب التهذیب 5 / 155.
2- 2. هدی الساری : 461.
3- 3. سنن الترمذی 5 / 652 ، وفی مسند أحمد 1 / 188 شعبة وحجاج عن شعبة.
4- (77) مسند أحمد 1 / 188 ، فضائل الصحابة - للنسائی - : 32
5- 5. هدی الساری : 415 ، تهذیب التهذیب 1 / 446.
6- 6. کما فی الأربعین البلدانیة : 107 ، وفی تهذیب التهذیب 4 / 284 : عمر بن سعید بن أبی حسین النوفلی المکی.
7- 7. سنن الترمذی 5 / 648 ، فضائل الصحابة : 28.

* وأما موسی بن یعقوب ، فقد قال علی بن المدینی : ضعیف الحدیث ، منکر الحدیث ، وقال النسائی : لیس بالقوی؟ وقال الأثرم : سألت أحمد عنه فکأنه لم یعجبه ، وقال الساجی : اختلف أحمد ویحیی فیه ، قال أحمد : لا یعجبنی حدیثه - کما فی تهذیب التهذیب (1) -.

* وأما ابن أبی فدیک فلیس بحجة - قاله ابن سعد (2) -.

ص: 30


1- 1. تهذیب التهذیب 5 / 585.
2- 2. تهذیب التهذیب 5 / 42.

تنبیه

حکی الترمذی وابن عساکر (1) عن البخاری أنه قال : هذا - یعنی حدیث حمید عن سعید - أصح - یعنی من حدیثه المتقدم عن أبیه عبد الرحمن -.

قلت : لا یذهب علیک أن هذه الأصحیة المدعاة - علی تقدیر تسلیمها جدلا - نسبیة ، کیف لا؟! ولو کانت علی الإطلاق لخرجه البخاری نفسه فی صحیحه ، إذ احتج بحمید وولده وعمر بن سعید وابن أبی فدیک فی جامعه ، وأخرج لموسی بن یعقوب الزمعی فی «الأدب المفرد».

واعلم أن الترمذی وابن عساکر اقتصرا علی حکایة کلام أبی عبد الله البخاری ولم یتعقباه بشئ ، فکان ذلک تقریرا منهما له ، ومشی علی التصحیح جماعة ، منهم : الحافظ جلال الدین السیوطی فی «الجامع الصغیر» إذ رمز إلی صحة الحدیث من طریق عبد الرحمن بن عوف وسعید بن زید (2)!

ولیت شعری کیف صحح روایة عبد الرحمن وهو یری ما فی إسنادها من الضعف والانفراد والانقطاع؟! وقد صرح الحافظ ابن حجر فی «نخبة الفکر» بأن خبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل غیر معلل ولا شاذ هو الصحیح لذاته. انتهی.

فخرج بقوله : «بنقل عدل» من عرف ضعفه أو جهلت عینه أو حاله.

وخرج بقوله : «متصل ... إلی آخره» المرسل والمنقطع والمعضل ، والمراد بالمتصل ما سلم إسناده من سقوط راو فیه ، بحیث یکون کل من رجاله سمع ذلک المروی من شیخه ، وقد بینا لک حال حمید بن عبد الرحمن فی

ص: 31


1- 1. سنن الترمذی 5 / 647 ، کتاب الأربعین البلدانیة : 107.
2- 2. الجامع الصغیر من أحادیث البشیر النذیر صلی الله علیه وآله وسلم 1 / 6 و 2 / 60 ، ط. أحمد حنفی.

ذلک ، وکذا الشأن بالنسبة إلی روایة هلال بن یساف عن عبد الله بن ظالم ، وإن کان نعته الحدیث بالصحة باعتبار بعض الشواهد فسیأتی الکلام علی ذلک إن شاء الله تعالی.

واعلم أنه لا ینبغی التعویل علی الترمذی فی تصحیح الأحادیث وتحسینها ، لتساهله فی ذلک ، فکم له فی هذا الباب من زلة قدم! وکم قلده أهل الحدیث من غیر بصیرة اغترارا به ورکونا إلی شهرته وذیوع صیته ، فی الحکم علی الأحادیث! ولیس هذا من دأب أهل العلم ، وإنما هو شأن المقلدة.

قال الشیخ أبو العلی محمد بن عبد الرحمن المبارکفوری فی مقدمة کتابه «تحفة الأحوذی - شرح جامع الترمذی» (1) : إعلم أن الإمام أبا عیسی الترمذی مع إمامته وجلالته فی علوم الحدیث وکونه من أئمة هذا الشأن متساهل فی تصحیح الأحادیث وتحسینها.

قال الذهبی فی «میزان الاعتدال» فی ترجمة کثیر بن عبد الله بن عمرو بن عوف المدنی : قال ابن معین : لیس بشئ ، وقال الشافعی وأبو داود : رکن من أرکان الکذب ، وضرب أحمد علی حدیثه ، وقال الدارقطنی وغیره ، متروک ، وقال أبو حاتم : لیس بالمتین ، وقال النسائی : لیس بثقة ، وقال مطرف بن عبد الله المدنی : رأیته وکان کثیر الخصومة ، ولم یکن أحد من أصحابنا یأخذ عنه (2) - إلی أن قال - :

وأما الترمذی فروی من حدیثه «الصلح جائز بین المسلمین» وصححه ، فلهذا لا یعتمد العلماء علی تصحیح الترمذی. انتهی.

وقال فی ترجمة یحیی بن یمان - بعد ذکر حدیث ابن عباس أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم دخل قبرا لیلا فأسرج له سراج - حسنه الترمذی مع

ص: 32


1- 1. تحفة الأحوذی 1 / 171 - 172.
2- 2. وانظر تمام کلامهم فیه فی تهذیب التهذیب 4 / 584.

ضعف ثلاثة فیه ، فلا یغتر بتحصین الترمذی فعند المحاقة غالبها ضعاف انتهی.

وقال فی ترجمة محمد بن الحسن بن أبی یزید الهمدانی الکوفی : قال ابن معین : قد سمعنا منه ولم یکن بثقة ، وقال مرة : کان یکذب ، وقال أحمد : ما أراه یسوی شیئا ، وقال النسائی : متروک ، وقال أبو داود : ضعیف ، وقال مرة : کذاب ، ثم قال - بعدما ذکر حدیث أبی سعید ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : یقول الرب تبارک وتعالی من شغله القرآن عن ذکری ومسألتی أعطیته أفضل ما أعطی السائلین (الحدیث) - : حدیث حسن ، وأنکر علیه ، لأن مداره علی الحجاج بن أرطأة ، وهو مدلس ولم یذکر سماعا. انتهی کلام شارح الترمذی.

وقال الذهبی : حسن الترمذی حدیثه فلم یحسن (1).

وقال فی ترجمة إسماعیل بن رافع المدنی : ضعفه أحمد ویحیی وجماعة ، وقال الدارقطنی وغیره : متروک ، ومن تلبیس الترمذی أنه قال : ضعفه بعض أهل العلم.

قلت : هذا شأن إمام من أجل أئمتهم ، وحجة من أکابر حججهم ، فما ظنک بمن هو دونه بمراحل؟! لکن الذی یهون الخطب أن له فی ذلک أسلافا ، بل لم یکد یسلم أحد من رواتهم من التدلیس حتی قال شعبة : ما رأیت أحدا من أصحاب الحدیث إلا یدلس إلا ابن عون وعمرو بن مرة (2) ، بل لم یسلم الشیخان فی صحیحیهما منه.

قال الذهبی بترجمة عبد الله بن صالح بن محمد الجهنی المصری فی «میزان الاعتدال» (3) : روی عنه البخاری فی الصحیح ، ولکنه یدلس فیقول :

ص: 33


1- 1. تهذیب التهذیب 5 / 80.
2- 2. تهذیب التهذیب 4 / 382.
3- 3. میزان الاعتدال 2 / 442 رقم 4383.

حدثنی عبد الله ولا ینسبه. انتهی.

وکذا دلس محمد بن سعید المصلوب الشامی فی صحیحه تبعا لمن سبقه فی ذلک من أئمة الحدیث ، قال فی (المیزان) (1) : وقد غیروا اسمه علی وجوه سترا له وتدلیسا لضعفه - إلی أن قال : - قال عبد الله بن أحمد بن سواد : قلبوا اسمه علی مائة اسم وزیادة ، قد جمعتها فی کتاب. انتهی

لکن الذهبی اعتذر عن تخریج البخاری حدیثه فی مواضع من صحیحه بأنه ظنه جماعة ، وقد زاد بذلک الطین بلة إذ کیف یخفی حال مثله علی مثل البخاری؟! ولو سلم فهو جهل کبیر منه ، وعیب عظیم فی صحیحه - کما قال العلامة ابن المظفر رحمه الله (2) -.

ونقل ابن حجر فی «تعریف أهل التقدیس» (3) عن ابن مندة أنه قال فی کلام له : أخرج البخاری قال فلان وقال لنا فلان ، وهو تدلیس.

ونقل عنه أیضا أنه قال فی حق مسلم : کان یقول فیما لم یسمعه من مشایخه : قال لنا فلان ، وهو تدلیس (4).

هذا ، وأما حدیث ریاح بن الحارث النخعی أبی المثنی الکوفی عن سعید بن زید ، فقد انفرد به عنه حفیده صدقة بن المثنی بن ریاح ، ورواه عن صدقه یحیی بن سعید القطان - کما فی مسند الإمام أحمد (5) - وعیسی بن یونس ، وعنه هشام بن عمار - کما فی سنن ابن ماجة (6) - وعبد الواحد بن زیاد ، وعنه أبو کامل مظفر بن مدرک - کما فی سنن أبی داود (7) -.

ص: 34


1- 1. میزان الاعتدال 3 / 561 رقم 7592.
2- 2. دلائل الصدق 1 / 61.
3- 3. تعریف أهل التقدیس بمراتب الموصوفین بالتدلیس : 6.
4- 4. تعریف أهل التقدیس : 7.
5- 5. مسند أحمد 1 / 187.
6- 6. سنن ابن ماجة 1 / 48.
7- 7. سنن أبی داود 4 / 212.

* فأما هشام بن عمار ، أبو الولید السلمی الدمشقی ، خطیب المسجد الجامع بها ، فقد قال أبو داود : حدث بأربعة حدیث مسندة لیس لها أصل ، کان فضلک یدور علی أحادیث أبی مسهر وغیرها یلقنها هشاما فیحدث بها ، وکنت أخشی أن تفتق فی الإسلام فتقا.

وقال ابن أبی حاتم عن أبیه : لما کبر هشام تغیر ، فکل ما دفع إلیه قرأه ، وکل ما لقن تلقن.

وقال الإسماعیلی عن عبد الله بن محمد بن سیار : کان هشام یلقن ، وکان یلقن کل شئ ما کان من حدیثه ، وکان یقول : أنا قد خرجت هذه الأحادیث صحاحا.

وقال أحمد : هشام طیاش خفیف (1)

قلت : وقد روی عنه البخاری وأبو داود والنسائی ، والترمذی عن البخاری عنه ، وابن ماجة فی کتابه فی السنن - الذی اشتمل علی أحادیث ضعیفة جدا وأخبار کثیرة منکرة) (2)- وجعلوه حجة بینهم وبین ربهم ، ولبئس الصنیع صنیعهم ( وتحسبونه هینا وهو عند الله عظیم ) بل الذی یقصم الظهر ویرعد الفرائص أن ینعت مثل هذا الدجال الدمشقی بشیخ الإسلام (3) ویقول قائلهم : ما فاته هشام بن عمار یحتاج أن ینزل فی عشرة آلاف حدیث! ویقول الآخر : ما کان فی الدنیا مثله (4)!!

قلت : إی والله فی الکذب والاختلاق.

* وأما عبد الواحد بن زیاد العبدی البصری ، فقد أخرج عنه أبو داود

ص: 35


1- تهذیب التهذیب 6 / 37 ، هدی الساری : 741.
2- تهذیب التهذیب 5 / 340 ، ولاحظ ترجمة ابن ماجة فی معاجم التراجم.
3- تذکرة الحفاظ 2 / 451. یا ناعی الإسلام قم فانعه قد مات عرف وبدا منکر
4- تذکرة الحفاظ 2 / 451 ، تهذیب التهذیب 6 / 37 - 38.

حدیث الباب بواسطة أبی کامل (1) لکن قال فیه : عمد إلی أحادیث کان یرسلها الأعمش فوصلها (2).

قلت : لیس ببدع من أبی داود أن یستضعف رجلا ثم یحتج به ، فقد کذب نعیم بن حماد الخزاعی والولید بن مسلم مولی بنی أمیة وهشام بن عمار السلمی وروی عنهم فی سننه ، وقال فی حق صالح بن بشیر : لا یکتب حدیثه ، وکذا قال فی شأن عاصم بن عبید الله ثم خرج لهما فی کتابه ، هذا مع زعمه أنه لا یروی إلا عن ثقة - کما بترجمة داود بن أمیة من تهذیب التهذیب -.

وقال الذهبی فی ترجمة عبد الواحد بن زیاد من (المیزان) (3) : قال یحیی : لیس بشئ ، وقد أشار یحیی بن القطان إلی لینه فروی ابن المدینی عنه أنه قال : ما رأیته طلب حدیثا قط بالبصرة ولا بالکوفة ، وکنت أذاکره بحدیث الأعمش فلا یعرف منه حرفا (4).

وقال ابن حبان : لیس بشئ ، وقال الذهبی : له أوهام (5).

* وأما حدیث أبی الطفیل عامر بن واثلة اللیثی المکی عن سعید بن زید ، فقد انفرد به الولید بن عبد الله بن جمیع القرشی ، ولم یروه عنه سوی ولده ثابت ، ولم یحدث به عن ثابت غیر محمد بن بکیر الحضرمی.

قال الطبرانی فی (الأوسط) (6) : لم یروه إلا محمد بن بکیر الحضرمی.

قلت : وهو صاحب غرائب - کما قال أبو نعیم الحافظ (7) -.

* وأما الولید بن عبد الله بن جمیع الزهری المکی الکوفی ، فإن ابن حبان

ص: 36


1- 1. سنن أبی داود 4 / 212.
2- 2. تهذیب التهذیب 3 / 521.
3- 3. میزان الاعتدال 2 / 672 رقم 5187.
4- 4. تهذیب التهذیب 3 / 521 ، هدی الساری : 443.
5- 5. تذکرة الحفاظ 1 / 258.
6- 6. المعجم الأوسط 3 / 21.
7- 7. تهذیب التهذیب 5 / 54.

ذکره فی الضعفاء وقال : ینفرد عن الأثبات بما لا یشبه حدیث الثقات ، فلما فحش ذلک منه بطل الاحتجاج به.

وقال العقیلی : فی حدیثه اضطراب.

وقال الحاکم : لو لم یخرج له مسلم لکان أولی (1).

* وأما ولده ثابت فلم أقف علی حاله ، والله المستعان.

هذا ، ومما ینبغی التنبه له أنه ورد فی سند هذا الحدیث - عند الطبرانی - أن سعید بن زید کان بدریا (2) ، وهو کما تری.

فقد ذکر ابن عبد البر فی «الإستیعاب» وابن الجزری فی «أسد الغابة» وابن حجر فی «الإصابة» (3) أنه لم یشهد بدرا وإنما شهد ما بعدها من المشاهد.

ص: 37


1- 1. تهذیب التهذیب 6 / 90.
2- 2. المعجم الأوسط 3 / 21.
3- 3. الإستیعاب 2 / 2 ، أسد الغابة 2 / 387 ، الإصابة 2 / 46.

تنبیهات

الأول : أن أحادیث سعید بن زید - مضافا إلی ما تقدم من الکلام علی أسانیدها ، وأنها روایة آحاد غیر مقطوع بها - مضطربة المتن ، ففی بعضها (1) عد أبو عبیدة ابن الجراح من جملة العشرة المبشرین بالجنة ، وفی بعضها - وهی الأکثر - ذکر النبی صلی الله علیه وآله وسلم عاشر العشرة (2) ، وفی بعضها (3) إثبات البشارة لابن مسعود.

قال ابن عبد البر بترجمة أبی عبیدة عامر بن عبد الله بن الجراح فی «الإستیعاب» (4) : وهو أحد العشرة الذین شهد لهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالجنة ، جاء ذکره فیهم فی بعض الروایات ، وفی بعضها ابن مسعود ، وفی بعضها النبی صلی الله علیه وآله وسلم.

قال : ولم تختلف تلک الآثار فی التسعة. انتهی.

قلت : أجمع أولیاء العشرة المبشرة علی عد أبی عبیدة منهم (5) - مع ما تبین لک من حال الروایة الواردة بذلک - ولا یکاد ینقضی العجب من أمرهم هذا إذ یجزمون بدخلوه فی جملة المبشرین وهم یعترفون باختلاف الأحادیث فیه! وقد قال شیخ السنة الإمام أحمد بن حنبل (6) : ولا تتأتی أن تقول : فلان فی الجنة وفلان فی النار إلا العشرة الذین شهد لهم النبی صلی الله علیه وآله

ص: 38


1- 1. وهی روایة الترمذی.
2- 2. وقد ورد ذکره أیضا فی جملتهم فی روایة عبد الرحمن بن عوف.
3- 3. وهی روایة الحاکم فی المستدرک علی الصحیحین 3 / 316 - 317 قال الحاکم : هذا حدیث تفرد بذکر ابن مسعود.
4- 4. الإستیعاب 3 / 2.
5- 5. جلاء العینین فی محاکمة الأحمدین : 118.
6- 6. جلاء العینین : 118.

وسلم بالجنة. انتهی.

وأبو عبیدة وابن مسعود مختلف فیهما ، فلا یتأتی لأحد أن یقطع لهما بالبشارة بالجنة ، والله المستعان علی ما یصفون.

الثانی : أن سعید بن زید مزک لنفسه مع تزکیته لغیره ، ودخوله فی جملة من تضمنه الخبر شبهة وطریق إلی التهمة ، وقد ثبت أن من زکی غیره بتزکیة نفسه لم تثبت تزکیته لذلک فی شریعة الإسلام ، ومن شهد لغیره بشهادة له فیها نصیب لم تقبل شهادته باتفاق (1) ، ویجری الکلام بحذافیره فی روایة عبد الرحمن بن عوف المتقدمة.

وقال الشریف رضی الدین ابن طاووس - رحمه الله تعالی - فی کتابه «الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف» (2) : ومن طریف هذه الروایة أن سعید ابن زید راوی هذه الروایة - وهو من جملة العشرة - روی هذه الروایة لتزکیة نفسه ، ولم تسقط شهادته بالتهمة ، وشهود فاطمة علیها السلام بنت نبیهم جارون النفع إلی أنفسهم ومتهمون فی شهادتهم!! مع أنه لم یکن لهم نفع فیما شهدوا به ، وهذه من المتناقضات. انتهی.

الثالث : أن مما یحمل الناظر فی دقائق الأمور علی القطع باختلاق الخبر ، أن سعیدا - فضلا عن بقیة العشرة - لم یحدث به أیام خلافة الشیخین وعثمان وهم أحوج إلیه فی تشیید خلافتهم وتثبیت ولایتهم من أی وقت آخر ، بل ولم یبح به یوم نقم الناس علی عثمان وحصروه فی داره ولم ینبس ببنت شفة ، ولکن کتمه إلی عهد معاویة (3) إذ صدع به آنذاک علی رؤوس الأشهاد ،

ص: 39


1- 1. الإفصاح فی الإمامة : 71 ، تلخیص الشافی 3 / 241.
2- 2. الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف : 523.
3- 3. ولشیخنا العلامة الأمینی - رحمه الله - کلمة غراء فی الکشف عن مغزی هذه الحقیقة ، یجدر بطلاب الحق ورواده الوقوف علیها فی ج 10 / 122 - 123 من کتاب القیم «الغدیر فی الکتاب والسنة والأدب».

وبهذا یقوی أن یکون حدیثه مما صنع فی دولة ابن آکلة الأکباد.

الرابع : أن حدیث الباب لم یروه من العشرة الذین بشرهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم وشهد لهم بالجنة - بزعمهم - سوی عبد الرحمن بن عوف وسعید بن زید ، ولم تؤثر روایته عن غیرهما ، ولا احتج به أحد منهم فی موطن من المواطن التی احتاجوا فیها إلی مثل هذه الشهادة والبشارة.

فمن انفراد هذین بالروایة ، وإعراض البقیة یکون الریب فی أمر هذا الحدیث.

الخامس : ورد فی روایة سعید بن زید - عند أحمد والترمذی وابن ماجة والطبرانی (1) - قول النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی حقه وحق أصحابه المبشرین : أثبت - وفی روایة : اسکن - حراء! فما علیک إلا نبی أو صدیق أو شهید ، فیریدون بالصدیق أبا بکر - کما اشتهر عندهم تلقیبه بذلک - وأما الشهادة فقد ادعوا أن عمر وعثمان وعلیا وطلحة والزبیر نالوها ، لأنهم قتلوا ظلما ، وقد ثبت أن من قتل مظلوما فهو شهید.

ولو سلمنا لهم ذلک جدلا فأین موضع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبی وقاص وسعید بن زید من هؤلاء؟! فلا هم صدیقین ولا شهداء!

نعم ، ذکر القاضی عیاض أن سعدا إنما سمی شهیدا لأنه مشهود له بالجنة - کما حکاه النووی (2) - لکنک خبیر بأن هذا التأویل مردود لابتنائه علی القول باستعمال اللفظ الوارد فی الحدیث فی أکثر من معنی وقد بینوا بطلانه فی الأصول ، مضافا إلی أن الشهادة بالجنة لا تختص بسعد - کما لا یخفی -.

ص: 40


1- 1. مسند أحمد 1 / 187 - 188 ، سنن الترمذی 5 / 651 ، سنن ابن ماجة 1 / 48 ، المعجم الأوسط. للطبرانی - 3 / 21.
2- 2. شرح صحیح مسلم 9 / 296.

فصل

ویحظر التمسک بهذا الحدیث أمور نذکر طرفا منها :

الأول : أن دلیل العقل یمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال ، ومن لیس بمعصوم من الزلل والضلال ، فلا یجوز أن یعلم الله تعالی مکلفا کهذا بأن عاقبته الجنة ، لأن ذلک یغریه بالقبیح ، ولا خلاف أن التسعة لم یکونوا معصومین من الذنوب ، وقد واقع بعضهم - علی مذهب أکثر مخالفینا - کبائر - وإن ادعوا أنهم تابوا منها - فثبت أن الحدیث باطل مختلق ، مضاف إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم (1).

الثانی : أن مما یبین بطلان الخبر أن أبا بکر لم یحتج به لنفسه ، ولا احتج به له فی مواطن دفع فیها إلی الاحتجاج کالسقیفة وغیرها ، وکذلک عمر ، وعثمان أیضا کیف ذهب عنه الاحتجاج به - إن کان حقا - لما حوصر وطولب بخلع نفسه وهموا بقتله ، وما منعه من التعلق به لدفعهم عن نفسه؟! بل تشبث بأشیاء تجری مجری الفضائل والمناقب ، وذکر القطع بالجنة أولی منها وأحری.

فلو کان الأمر علی ما ظنه القوم من صحة هذا الحدیث عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، أو روایته فی وقت عثمان لاحتج به علی حاصریه فی یوم الدار فی استحلال دمه ، وقد ثبت فی الشرع حظر دماء أهل الجنان (2).

ثم ما الذی ثبط سعید بن زید - راوی الحدیث - والطلحتین الناکثین وسائر الأحیاء من العشرة یومذاک عن نجدة ولیهم بحدیث التبشیر بالجنة؟! ولم

ص: 41


1- 1. الإفصاح فی الإمامة : 71 - 72 ، تلخیص الشافی 3 / 241.
2- 2. الإفصاح : 73 ، تلخیص الشافی 3 / 241.

ضن به أولئک الرهط - لو کان - علی صاحبهم ، مع أنه من أنجع ما یدرأ به الشر وتحسم به مادة النزاع؟!

وعلام نبذوا ابن عفان بعد مقتله ثلاثة أیام ملقی علی المزبلة حتی خرج به ناس یسیر من أهله إلی حائط بالمدینة یقال له : «حش کوکب» کانت الیهود تدفن فیه موتاهم ، فرجم المسلمون سریره ومنعوا الصلاة علیه ، إلی غیر ذلک مما هو مسطور فی کتب السیر والتواریخ فی قصة قتل عثمان (1).

بل روی ابن عبد ربه الأندلسی فی «العقد الفرید» (2) عن العتبی ، قال : قال رجل من بنی سلیم : قدمت المدینة فلقیت سعد بن أبی وقاص فقلت : یا أبا إسحاق ، من الذی قتل عثمان؟ قال : قتله سیف عائشة وشحذه طلحة وسمه علی ، قلت : فما حال الزبیر؟ قال : أشار بیده وصمت بلسانه. انتهی.

فلو أن شیئا من تبشیر عثمان بالجنة کان قد ثبت عند الصحابة لما ألبوا علیه ولا کتبوا إلی الناس یستدعونهم لجهاده ، والمنصف المتأمل لذلک یجزم بأن حدیث التبشیر لم یکن له إذ ذاک عین ولا أثر ، وإنما اختلق فی دولة بنی أمیة.

الثالث : قد علم البر والفاجر ، والمؤمن والکافر ، ما وقع من أکثر هؤلاء المبشرین من المخالفات للإمام علی علیه السلام ، وظهور العداوة بینهم ، وما جری بین أمیر المؤمنین علیه السلام وبین طلحة والزبیر من المباینة فی الدین والتخطئة من بعضهم لبعض والتضلیل والحرب وسفک الدم علی الاستحلال به دون التحریم ، وخروج الجمیع من الدنیا علی ظاهر التدین بذلک دون الرجوع عنه بما یوجب العلم والیقین ، فکیف یکون کل من الفریقین علی الحق والصواب - مع ما ذکرناه (3) -؟! وکیف یحکم للجمیع بالأمان من عذاب

ص: 42


1- 1. تاریخ الطبری 5 / 143 - 144 ، الإستیعاب - ترجمة عثمان.
2- 2. العقد الفرید 3 / 84.
3- 3. الإفصاح : 73 - 74 ، الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف : 522.

الجحیم والفوز بجنات النعیم ، والحق مع علی یدور معه حیث دار (1)؟!

الرابع : لو کان الحدیث صحیحا - کما زعموا - لکان الأمان من عذاب الله لأبی بکر وعمر وعثمان به حاصلا ، ولما جزعوا عند احتضارهم من لقاء الله تعالی واضطربوا من قدومهم علی أعمالهم مع اعتقادهم أنها مرضیة لله سبحانه ، ولا شکوا بالظفر بثواب الله عزوجل ، ولجروا فی الطمأنینة لعفو الله تعالی - لثقتهم بخبر الرسول صلی الله علیه وآله وسلم - مجری أمیر المؤمنین علیه السلام فی التضرع إلی الله عزوجل فی حیاته أن یقبضه الله تعالی إلیه ویعجل له السعادة بما وعده من الشهادة ، وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم واستبشاره بالقدوم علی الله عزوجل لمعرفته بمکانه ومحله من ثوابه ، کیف؟! ومن أطاع الله أحب لقاءه ومن عصاه کره لقاءه.

قال المفید رحمه الله تعالی فی «الإفصاح» (2) : والخبر الظاهر أن أبا بکر جعل یدعو بالویل والثبور عند احتضاره ، وأن عمر تمنی أن یکون ترابا عند وفاته ، وود لو أن أمه لم تلده ، وأنه نجا من أعماله کفافا ، لا له ولا علیه ، وما ظهر من جزع عثمان بن عفان عند حصر القوم له ، وتیقنه بهلاکه (3) دلیل علی أن القوم لم یعرفوا من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما تضمنه الخبر من استحقاقهم الجنة علی کل حال ، ولا أمنوا من عذاب الله سبحانه لقبیح ما وقع منهم من الأعمال. انتهی.

ص: 43


1- 1. إشارة إلی قوله صلی الله علیه وآله وسلم : رحم الله علیا ، اللهم أدر الحق معه حیث دار ، أخرجه الترمذی فی سننه ، وراجع ج 2 / 122 - 126 من کتاب «فضائل الخمسة من الصحاح الستة» تجد الحدیث بألفاظه المختلفة.
2- 2. الإفصاح : 73.
3- 3. راجع کتاب «السبعة من السلف من الصحاح الستة» : 16 ، 17 ، 43 ، 114.

فصل

فی روایة عبد الله بن عمر

أخرج الطبرانی فی الکبیر والأوسط (1) قال : حدثنا أحمد بن الحسین بن عبد الملک القصری المؤدب ، قال : حدثنا حامد بن یحیی ، قال : حدثنا سفیان ، عن سفیان بن الخمس ، عن حبیب بن أبی ثابت ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : عشرة من قریش فی الجنة : أبو بکر فی الجنة ، وعمر فی الجنة ، وعثمان فی الجنة ، وعلی فی الجنة ، وطلحة فی الجنة ، والزبیر فی الجنة ، وسعد فی الجنة ، وسعید فی الجنة ، وعبد الرحمن ابن عوف فی الجنة.

قال الطبرانی : لم یروه عن سفیان إلا حامد بن یحیی ، ولا یروی عن ابن عمر إلا من هذا الوجه. انتهی.

قلت : قد سقط من الحدیث ذکر عاشر العشرة ، وفی إسناده : سفیان بن عیینة ، وهو یدلس - کما فی المیزان (2) - وصرح الترمذی فی سننه (3) بتدلیسه فی حدیث : اقتدوا باللذین من بعدی أبی بکر وعمر.

وقد عنعن هنا ولم یبین السماع ، فلا یقبل حدیثه ما لم یصرح به.

هذا ، مع انفراد حامد بن یحیی به عن سفیان ، بل انحصار الطریق فی روایة ابن عمر بهذا الإسناد - کما نبه علیه الطبرانی - وهو قدح ظاهر فی الروایة.

* وفی إسناده أیضا : حبیب بن أبی ثابت.

ص: 44


1- 1. المعجم الأوسط 3 / 108 ، وکذا أخرجه ابن عساکر کما فی کنز العمال 11 / 645.
2- 2. میزان الاعتدال 2 / 170 رقم 3327.
3- 3. الجامع الصحیح 5 / 609.

قال الحافظ فی «تهذیب التهذیب» (1) : قال ابن خزیمة وابن حبان : کان مدلسا.

وقال فی (التقریب) : کان کثیر الإرسال والتدلیس.

ص: 45


1- 1. تهذیب التهذیب 1 / 431.

تنبیه

أرسل المحب الطبری فی «الریاض النضرة» (1) عن أبی ذر رضوان الله علیه أنه قال : دخل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منزل عائشة فقال : یا عائشة ألا أبشرک؟ قالت : بلی یا رسول الله ، قال : أبوک فی الجنة ورفیقه إبراهیم ، وساق الحدیث هکذا إلی تمام العشرة ، قد قرن کل منهم بنبی من أنبیاء الله تعالی ، ثم قال : أخرجه الملا فی سیرته. انتهی.

قلت : لا یرتاب ذو لب فی أن هذا الحدیث موضوع مختلق ، بل ظهور أمره أجلی من انبلاج الفلق ، وحاشا الذی ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علی ذی لهجة أصدق منه أن یتفوه بهذا وما ضارعه من الترهات المعلوم بطلانها بالضرورة ( والله المستعان علی ما یصفون ) .

ص: 46


1- 1. الریاض النضرة 1 / 20.

فصل

ومما یثبت القول ببطلان حدیث تبشیر العشرة بالجنة ما رواه الشیخان والنسائی عن سعد بن أبی وقاص ، قال : ما سمعت النبی صلی الله علیه وآله وسلم یقول لأحد یمشی علی وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن. سلام.

قلت : فهذا سعد - وهو أحد العشرة المذکورین فی حدیث التبشیر - قد شهد بأنه لم یسمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم یبشر أحدا بالجنة سوی عبد الله بن سلام ، لکنا نعلم أن قوله هذا لا یصح علی إطلاقه ، إذ قد استفاضت النقول بتبشیر جماعة من خیار الصحابة بالجنة - کما تقدم طرف من ذلک فی أوائل هذا الإملاء - إلا أن القدر المتیقن من کلامه أنه لم تقع البشارة من النبی صلی الله علیه وآله وسلم لجمیع أولئک العشرة لا سیما علی النحو المذکور فی حدیث الترجمة ، وإن قطعنا بوقوعه لبعضهم فی موطن آخر کتبشیره علیه وآله الصلاة والسلام أمیر المؤمنین علیا علیه السلام وأهل بیته الکرام بالجنة ، وإخباره بأنه ساقی الحوض وصاحبه علیه وغیر ذلک مما دل علی هذا الأمر بالمطابقة أو الالتزام ، فتبین أن حدیث العشرة المبشرة والشهادة لهم بالجنة لم یکن یعلم به أحد من المبشرین أنفسهم ، وإنما هو من الموضوعات المختلقة علی عهد بنی أمیة ، وضعوه علی لسان بعض الصحابة.

ومن ثم أحرج المتعبدون به وأشکل الأمر علیهم ، فاضطروا إلی تأویله بوجوه باردة ، وحمله علی محامل فاسدة.

منها : أن سعدا کره تزکیة نفسه لأنه أحد العشرة المبشرة بالجنة.

قال الحافظ ابن حجر فی «فتح الباری» (1) : وتعقب بأنه لا یستلزم ذلک

ص: 47


1- 1. فتح الباری 7 / 161.

أن ینفی سماعه مثل ذلک فی حق غیره. انتهی.

ومنها : ما اختاره النووی فی (شرح صحیح مسلم) (1) من أن سعدا قال : «ما سمعت» ونفی سماعه ذلک لا یدل علی نفی البشارة للغیر. انتهی.

وفیه : أنه قد وقع التصریح فی حدیث سعید بن زید المخرج فی مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة وجامع الترمذی (2) بأن البشارة - علی تقدیر تسلیم ثبوتها ، ولا نسلم - وقعت علی حراء ، وکل حدیث من أحادیث الباب لم یذکر فیه الموضع ، فالمراد به ذلک ، لأن تبشیر هؤلاء العشرة لم یتفق وقوعه إلا مرة واحدة البتة ، فلا بد أن یکون سعد قد سمع البشارة - لو کانت - کما سمعها سعید ، فتحصل من مجموع ما سلف أن حدیثه فی تبشیر عبد الله بن سلام بالجنة ینفی وقوع البشارة له ولغیره من العشرة جزما.

فما ذکره النووی لا یتم فی هذا المقام لما بینا ، وبه یظهر أن ما استروح إلیه المناوی فی «فیض القدیر» (3) فی دفع المنافاة بین الحدیثین من احتمال أن یکون حدیث تبشیر العشرة لم یسمعه سعد وسمعه غیره ، غیر جید.

وکذا ما ذکره فی حدیث : عبد الله بن سلام عاشر عشرة فی الجنة - الذی أخرجه أحمد والطبرانی والترمذی والنسائی والحاکم عن معاذ ، والبخاری فی تاریخه عن یزید بن عمیرة الزبیدی - من أن هذه العشرة غیر العشرة المشهود لهم بالجنة (4) وأن هؤلاء خصوا بأنهم بشروا بها دفعة واحدة وغیرهم وقع مفرقا (5) لا یمت إلی الصواب بسبب.

ص: 48


1- 1. شرح صحیح مسلم 6 / 164.
2- 2. مسند الإمام أحمد 1 / 187 - 188 وج 1 / 188 ، سنن ابن ماجة 1 / 48 ، الجامع الصحیح 5 / 651.
3- 3. فیض القدیر 1 / 92.
4- 4. فیض القدیر 4 / 300.
5- 5. فیض القدیر 1 / 92.

ومنها : ما تمحله القاری فی «مرقاة المفاتیح» (1) من أنه یمکن أن یراد بقوله : «یمشی» أنه وقعت بشارته صلی الله علیه وآله وسلم لعبد الله حین کان یمشی علی وجه الأرض بمعنی أنه یسیر بخلاف بشارات غیره.

وظن القاری أن الإشکال یزول بذلک ، مع أنه أسخف الوجوه المذکورة فی هذا المقام وأوهنها ، إذ لا یکاد یخفی علی ذی دریة أن قوله «یمشی علی وجه الأرض» لا یراد به معناه الحقیقی من السیر ، بل هو وارد مورد الکنایة عن الحیاة - کما اختاره الحافظ ابن حجر وغیره (2) - وهو نظیر ما رواه الترمذی فی سننه (3) عن جابر بن عبد الله ، قال سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول : من سره أن ینظر إلی شهید یمشی علی وجه الأرض فلینظر إلی طلحة بن عبید الله.

ثم من أین دری القاری أن البشارة لعبد الله بن سلام وقعت حین کان یمشی علی وجه الأرض حتی حمل الحدیث علیه؟! وأی مرمی قصده سعد بن أبی وقاص بهذا النحو من کلامه؟! وأی خصوصیة تعقل للمشی علی وجه الأرض فی وقوع التبشیر وصدوره؟! ولذلک قیل (4) : إن قوله «یمشی علی وجه الأرض» صفة مؤکدة لأحد کما فی قوله تعالی : ( وما من دابة فی الأرض ) لمزید التعمیم والإحاطة. انتهی.

هذا ، وقد تقرر فی الأصول أن وقوع النکرة فی سیاق النفی یفید العموم ، فقول سعد یفید عموم نفی البشارة إلا لابن سلام ، ویخصص أیضا بمن ثبتت له البشارة بالجنة بدلیل قاطع وبرهان ساطع.

ص: 49


1- 1. مرقاة المفاتیح 5 / 622.
2- 2. فتح الباری 7 / 162 ، مرقاة المفاتیح 5 / 622.
3- 3. سنن الترمذی 5 / 644 - کتاب المناقب - باب مناقب طلحة بن عبید الله ، وکذا ابن ماجة عن جابر أیضا ، وابن عساکر عن أبی هریرة وأبی سعید کما فی «الجامع الصغیر».
4- 4. إرشاد الساری 6 / 164 ، مرقاة المفاتیح 5 / 622.

* وأما حدیث تبشیر العشرة ، فإنه مع کونه غیر قابل لتخصیص هذا العموم ، لما عرفت من حقیقة أمره ، وظهر لک من مکنون سره ، فهو داخل فی عموم النفی دخولا أولیا ، إذ لا قرینة علی إخراجه عن العموم ، مضافا إلی أن مدعی النفی علی وجه العموم - أعنی سعدا - لم یستثن أحدا منه - ولا نفسه علی الأقل - سوی عبد الله بن سلام ، واستثنینا نحن بعض المبشرین بدلیل قطعی ، فیبقی الباقی علی عمومه ، والله الموفق والمعین ، وهو المرشد للصواب.

ومنها : ما استظهره شیخ الإسلام الحافظ أبو الفضل شهاب الدین ابن حجر العسقلانی فی «فتح الباری» (1) : من أن سعدا قال ذلک بعد موت المبشرین ، لأن ابن سلام عاش بعدهم ولم یتأخر معه من العشرة غیر سعد وسعید.

قال : ویؤخذ هذا من قوله : «یمشی علی وجه الأرض». انتهی.

قلت : وهذا أیضا لا یزیل من الإشکال شیئا ، بل یزیده قوة إلی قوته ، فلو سلمنا له أن ابن أبی وقاص قال ذلک بعد موت أکثر المبشرین فلقد کان هو وسعید بن زید حیین یمشیان علی وجه الأرض ، کما اعترف بذلک - وهما من جملة المبشرین العشرة بزعمهم - فکیف ساغ لسعد أن ینفی تبشیر النبی صلی الله علیه وآله وسلم لأحد من الصحابة ممن کان حیا فی زمانه إلا لعبد الله ابن سلام؟! فما ذکره فی التأویل تخرص ومجازفة بلا دلیل ، والله الهادی إلی سواء السبیل.

ومما قررنا ینکشف لک أن حدیث تبشیر العشرة بالجنة زخرف من القول ، لیس له أصل ، فلا تغرنک کثرة طرقه ، ولا تهولنک وفرة أسانیده وشهرته ، فلرب مشهور لا أصل له ، فعلیک - یرحمک الله - بسبر غور الأحادیث لا سیما ما کان منها من هذا النمط - والتنقیب عن حقیقتها وکنهها ، والوقوف علی

ص: 50


1- 1. فتح الباری 7 / 161 - 162.

عللها ، خفیها وجلیها ، فإنه أصل عظیم فی هذا الباب - کما لا یخفی علی أولی الألباب -.

ص: 51

فصل

وإذ فرغنا بحول الله تعالی وقوته من کشف الحال عما افتعله أهل الحیرة والضلال ، وبینا ما فیه من المقال ، فلا بأس بصرف عنان الکلام إلی التعرض لنبذة مما رواه القوم من الأحادیث المتضمنة لتبشیر بعض العشرة بالجنة ، وبیان وهنها وبطلانها ، لئلا یتشبث بها الجهلة فیجعلونها شاهدة بصحة حدیث الباب ، فنقول وبالله تعالی التوفیق :

* أخرج مسلم فی صحیحه (1) من طریقین عن سهیل بن أبی صالح ، عن أبیه ، عن أبی هریرة ، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کان علی جبل حراء فتحرک فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : اسکن حراء ، فما علیک إلا نبی أو صدیق أو شهید ، وعلیه النبی صلی الله علیه وآله وسلم وأبو بکر وعمر وعثمان وعلی وطلحة والزبیر وسعد بن أبی وقاص.

وفی إسناده سهیل بن أبی صالح ، قال ابن معین : لیس حدیثه بحجة ، وقال أبو حاتم : یکتب حدیثه ولا یحتج به ، وذکر ابن أبی خیثمة فی تاریخه عن یحیی ، قال : لم یزل أهل الحدیث یتقون حدیثه ، وذکر العقیلی عن یحیی أیضا أنه قال : هو صویلح ، وفیه لین کما بترجمته فی «تهذیب التهذیب» (2).

* وأخرج البخاری فی مواضع من صحیحه (3) عن قتادة ، عن أنس بن مالک ، قال : صعد النبی صلی الله علیه وآله وسلم أحدا ومعه أبو بکر وعمر وعثمان ، فرجف بهم ، فضربه برجله وقال : أثبت أحد ، فما علیک

ص: 52


1- 1. صحیح مسلم - کتاب الفضائل - باب من فضائل طلحة والزبیر.
2- 2. تهذیب التهذیب 2 / 450 ، هدی الساری : 428.
3- 3. صحیح البخاری - کتاب فضائل الصحابة - باب قول النبی صلی الله علیه وآله وسلم : (لو کنت متخذا خلیلا) - باب مناقب عمر بن الخطاب - باب مناقب عثمان بن عفان.

إلا نبی أو صدیق أو شهیدان.

وقد انفرد به قتادة بن دعامة السدوسی ، وکان رأسا فی بدعة القدر ، قال علی بن المدینی : قلت لیحیی بن سعید : إن عبد الرحمن یقول : اترک من کان رأسا فی بدعة یدعو إلیها ، قال : کیف تصنع بقتادة وابن أبی داود وعمر بن ذر ، وذکر قوما.

وقال معتمر بن سلیمان ، عن أبی عمرو بن العلاء : کان قتادة وعمرو بن شعیب لا یغث علیهما شئ ، یأخذان عن کل أحد.

وقال ابن حبان : کان مدلسا علی قدر فیه (1) ، وقال الذهبی فی «تذکرة الحفاظ» (2) : کان قتادة معروفا بالتدلیس.

وقال أبو داود : حدث قتادة عن ثلاثین رجلا لم یسمع منهم (3).

* وأخرج ابن عساکر - فی ترجمة عثمان عن ابن مسعود - عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، قال : القائم بعدی فی الجنة ، والذی یقوم بعده فی الجنة ، والثالث والرابع فی الجنة (4).

قال المناوی : وفیه عبد الله بن سلمة بن عبیدة ، قال الذهبی : ضعفه الدارقطنی. انتهی.

قلت : وقال البخاری : لا یتابع فی حدیثه ، وقال أبو حاتم : یعرف وینکر.

وعن أنس بن مالک ، قال : جاء النبی صلی الله علیه وآله وسلم فدخل إلی بستان فأتی آت فدق الباب ، فقال : یا أنس ، قم فافتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة - ثم ساق نحو ذلک فی شأن عمر وعثمان -.

ص: 53


1- 1. تهذیب التهذیب 4 / 541 - 542.
2- 2. تذکرة الحفاظ 1 / 123.
3- 3. تهذیب التهذیب 4 / 543.
4- 4. الجامع الصغیر - بشرح المناوی 4 / 532.

وقد حکی الحافظ ابن حجر فی «لسان المیزان» (1) عن علی بن المدینی أنه سئل عن هذا الحدیث فقال : کذب ، هذا موضوع.

وقال فی «لسان المیزان» (2) أیضا : رواه ابن أبی خیثمة فی تاریخه عن سعید بن سلیمان ، عن عبد الأعلی ابن أبی المساور ، عن المختار بن فلفل مثله ، لکن ابن أبی المساور واه ، فالظاهر أن الصقر - یعنی ابن عبد الرحمن ابن بنت مالک بن مغول - سمعه من عبد الأعلی أو بکر - یعنی ابن المختار بن فلفل - فجعله عن عبد الله بن إدریس لیروج له أو سها ، وإلا لو صح هذا لما جعل عمر الخلافة فی أهل الشوری وکان یعهد إلی عثمان بلا نزاع. انتهی.

قلت : ابن أبی المساور وبکر بن المختار والصقر بن عبد الرحمن کلهم مطعونون فی حدیثهم - کما لا یخفی علی من سبر أحوالهم فی کتب الرجال -.

* وأخرج أحمد فی «المسند» (3) عن عبد الله بن محمد بن عقیل بن أبی طالب ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : یطلع علیکم من تحت هذا السور رجل من أهل الجنة ، قال : فطلع علیهم أبو بکر ، فهنأناه بما قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ثم لبث هنیهة ثم قال : یطلع علیکم من تحت هذا السور رجل من أهل الجنة ، قال : فطلع عمر ، قال : فهنأناه بما قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، قال : ثم قال : یطلع علیکم من تحت هذا السور رجل من أهل الجنة ، اللهم إن شئت جعلته علیا - ثلاث مرات - فطلع علی.

قلت : ابن عقیل لیس ممن یحتج به ، فقد ذکره ابن سعد فی الطبقة الرابعة من أهل المدینة وقال : کان منکر الحدیث لا یحتجون بحدیثه.

ص: 54


1- 1. لسان المیزان 3 / 192 - تاریخ بغداد 9 / 339 ، میزان الاعتدال.
2- 2. لسان المیزان 3 / 193.
3- 3. مسند أحمد 3 / 356 و 380 ، ورواه الحاکم فی المستدرک علی الصحیحین 3 / 73 ، مقتصرا علی ذکر أبی بکر وصححه ، ووافقه الذهبی فی التلخیص.

وقال بشر بن عمر : کان مالک لا یروی عنه ، وکذا یحیی بن سعید کما حکاه عنه علی بن المدینی ، وقال یعقوب بن شیبة : فی حدیثه ضعف شدید جدا ، وکان سفیان بن عیینة یقول : أربعة من قریش یترک حدیثهم ، فذکره منهم.

وقال ابن المدینی : کان ضعیفا.

وقال أحمد بن حنبل : منکر الحدیث

وقال الدوری عن ابن معین : ابن عقیل لا یحتج بحدیثه ، وقال أیضا : لیس بذاک ، وقال أبو حاتم : لین الحدیث ، لیس بالقوی ، ولا ممن یحتج بحدیثه ، وقال النسائی : ضعیف .. إلی غیر ذلک مما قیل فی جرحه وقدحه (1).

وذکر الحافظ ابن عساکر فی «الأربعین البلدانیة» (2) أن ابن عقیل تفرد به عن جابر بن عبد الله رضی الله عنه.

وروی الترمذی قریبا منه فی (سننه) (3) عن ابن مسعود ، وقال : هذا حدیث غریب من حدیث ابن مسعود.

* وأخرج الترمذی وابن ماجة (4) من طرق حدیث : أبو بکر وعمر سیدا کهول أهل الجنة ، وقد بین أصحابنا بطلانه إسنادا ومتنا ، فمن شاء فلیقف علی کلامهم فیه.

* وأخرج أبو داود فی (سننه) (5) عن أبی هریرة ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : أما إنک یا أبا بکر أول من یدخل الجنة من أمتی.

ص: 55


1- 1. تهذیب التهذیب 3 / 295 - 260.
2- 2. کتاب الأربعین البلدانیة : 66.
3- 3. سنن الترمذی 5 / 622 - 623.
4- 4. سنن الترمذی 5 / 610 - 611 ، سنن ابن ماجة 1 / 36 - 38.
5- 5. سنن أبی داود 4 / 213.

وفی إسناده : عبد الرحمن بن محمد المحاربی ، وعبد السلام بن حرب الملائی ، وأبو خالد الدالانی ، وهؤلاء مضعفون فی الحدیث.

* وروی البزار عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : عمر سراج أهل الجنة.

قال الهیثمی (1) : وفیه عبد الله بن إبراهیم بن أبی عمرو الغفاری ، وهو ضعیف. انتهی.

قال أبو داود : شیخ منکر الحدیث ، وقال ابن عدی : عامة ما یرویه لا یتابعه علیه الثقات ، وقال الدارقطنی : حدیثه منکر ، ونسبه ابن حبان إلی أنه یضع الحدیث ، وقال الحاکم : روی عن جماعة من الضعفاء أحادیث موضوعة لا یرویها غیره (2).

* وأخرج الترمذی فی (سننه) (3) عن طلحة بن عبید الله ، قال : قال النبی صلی الله علیه وآله وسلم : لکل نبی رفیق ، ورفیقی - یعنی فی الجنة - عثمان.

قال الترمذی (4) : هذا حدیث غریب ، لیس إسناده بالقوی ، وهو منقطع.

ورواه ابن ماجة فی (سننه) (5) عن أبی هریرة ، قال الهیثمی : إسناده ضعیف ، فیه عثمان بن خالد وهو ضعیف باتفاقهم. انتهی.

وفی «تهذیب التهذیب» (6) : حدث بأحادیث موضوعة ویروی

ص: 56


1- 1. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9 / 74 ، ورواه بعض الکذابین عن شیخهم أبی هریرة کما فی لسان المیزان 1 / 328.
2- 2. تهذیب التهذیب 3 / 93.
3- 3. سنن الترمذی 5 / 624.
4- 4. سنن الترمذی 5 / 625.
5- 5. سنن ابن ماجة 1 / 40.
6- 6. تهذیب التهذیب 7 / 114.

المقلوبات.

وفی إسناده أیضا عبد الرحمن بن أبی الزناد المدنی ، قال ابن معین : لیس ممن یحتج به أصحاب الحدیث ، لیس بشئ ، وقال أیضا : ضعیف ، وقال ابن المدینی : کان عند أصحابنا ضعیفا ، وقال النسائی : لا یحتج بحدیثه ، وقال ابن سعد : کان یضعف لروایته عن أبیه (1).

قلت : وهذا الحدیث رواه عن أبیه!

ورواه الطبرانی فی «المعجم الکبیر» وابن عساکر عن عبد الله ابن أبی أوفی ، قال المتقی فی «منتخب کنز العمال» (2) : وفیه : عبد الرحمن بن محمد المحاربی عن عمار بن سیف یرویان المناکیر. انتهی.

* وعن جابر بن عبد الله ، قال سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول : عثمان فی الجنة.

قال الهیثمی فی «مجمع الزوائد» (3) : رواه الطبرانی فی الأوسط ، وفیه إسماعیل بن یحیی التیمی وهو کذاب.

* وأخرج البخاری فی صحیحه (4) عن أبی إسحاق السبیعی ، عن أبی عبد الرحمن السلمی : أن عثمان حیث حوصر أشرف علیهم وقال : أنشدکم الله ، ولا أنشد إلا أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ألستم تعلمون أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال : من حفر بئر رومة فله الجنة ، فحفرتها؟! ألستم تعلمون أنه قال : من جهز جیش العسرة فله الجنة ، فجهزته؟! قال : فصدقوه بما قال.

ص: 57


1- 1. تهذیب التهذیب 3 / 359 - 360.
2- 2. منتخب کنز العمال - المطبوع بهامش مسند أحمد - 5 / 80.
3- 3. مجمع الزوائد 9 / 88.
4- 4. صحیح البخاری - کتاب الوصایا - باب إذا وقف أرضا أو بئرا أو اشترط لنفسه مثل دلاء المسلمین.

وقد انفرد به أبو إسحاق عن السلمی ، وذکر ابن حبان أن أبا إسحاق کان مدلسا ، وکذا ذکره فی المدلسین حسین الکرابیسی وأبو جعفر الطبری.

وقال ابن المدینی فی «العلل» : قال شعبة : سمعت أبا إسحاق یحدث عن الحارث بن الأزمع بحدیث ، فقلت له : سمعت منه؟ فقال : حدثنی مجالد عن الشعبی عنه ، قال شعبة : وکان أبو إسحاق إذا أخبرنی عن رجل قلت له : هذا أکبر منک؟ فإن قال : نعم ، علمت أنه لقی ، وإن قال : أنا أکبر منه ، ترکته ، وقال معن : أفسد حدیث أهل الکوفة الأعمش وأبو إسحاق - یعنی للتدلیس (1) -.

* وأما أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبیب السلمی القاری ، فلم یسمع من عثمان ، قال شعبة : لم یسمع من ابن مسعود ولا من عثمان.

وقال ابن أبی حاتم عن أبیه : لیس تثبت روایته عن علی : فقیل له : سمع من عثمان؟ قال : روی عنه ولم یذکر سماعا.

هذا ، مع أنه متهم فی روایته ، إذ کان عثمانیا کما بترجمته فی تهذیب التهذیب (2).

* وأخرج الحاکم فی «المستدرک علی الصحیحین» (173) عن الحسین ابن عبید الله العجلی ، عن عبد العزیز بن أبی حازم ، عن أبیه ، عن سهل بن سعد ، مرفوعا : إن عثمان لیتحول من منزل إلی منزل فتبرق له الجنة.

قال الحاکم : صحیح علی شرط الشیخین ، وتعقبه الذهبی فی تلخیص المستدرک فقال : بل موضوع ، والحسین یروی عن مالک وغیره من الموضوعات ، ثم قال : أفیحتج عاقل بمثله فضلا عن أن یورد له فی الصحاح. انتهی.

ص: 58


1- 1. تهذیب التهذیب 4 / 358 - 359.
2- 2. تهذیب التهذیب 3 / 121 - 122.

وقال فی المیزان : هذا کذب.

وقال الدارقطنی : کان یضع الحدیث ، وقال ابن عدی : یشبه أن یکون ممن یضع الحدیث (1).

ومن هذا ونظائره یتبین لک تساهل الحاکم ، حتی أن ذلک أعدم النفع بکتابه - کما قال الحافظ ابن حجر (2) - والله المستعان.

* وأخرج الترمذی والحاکم (3) عن عقبة بن علقمة الیشکری ، قال : سمعت علی بن أبی طالب قال : سمعت أذنای من فی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وهو یقول : طلحة والزبیر جارای فی الجنة.

قال الترمذی : هذا حدیث غریب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقال الحاکم : صحیح ، فرده الذهبی فقال : لا. انتهی.

وذلک أنفیه عقبة بن علقمة ، قال أبو حاتم : ضعیف الحدیث بین الضعف (4).

وقال الحافظ ابن حجر فی «تهذیب التهذیب» (5) : وروی موقوفا ، وهم أشبه. انتهی.

والعجب من السیوطی کیف حسنه فی «الجامع الصغیر»! ولیست هذه أول زلة منه ، فقد صحح حدیث تبشیر العشرة بالجنة - کما تقدم -.

هذا بعض ما أردنا سرده فی هذه العجالة ، ولو تصفحت الکتب وتدبرت الزبر لاطلعت علی جملة وافرة من الأحادیث التی تنادی بوضعها ، وما زال طائفة من الحفاظ المحدثین من العامة یلهجون بها علی صهوات المنابر من

ص: 59


1- 1. لسان المیزان 2 / 296 ، تنزیه الشریعة المرفوعة 1 / 52 و 349.
2- 2. مقدمة کتاب تنزیه الشریعة المرفوعة ج 1 ص (م) - بقلم عبد الوهاب عبد اللطیف.
3- 3. سنن الترمذی 5 / 644 - 645 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 364.
4- 4. تهذیب التهذیب 4 / 157.
5- 5. تهذیب التهذیب 4 / 157.

دون بیان اختلاقها ، وهذا محظور بالاتفاق ، ومن لطف اللطیف بعباده أن قیض فی کل عصر من نیاقدة السنة وصیارفة الحدیث من یحمی حمی السنة المطهرة ، ویبین إفک المفترین ، ولله الحمد والمنة ( أولئک الذین هدی الله فبهداهم اقتده ) .

وإن من اطلع علی أحوال جل المبشرین العشرة لم یسعه إلا الإذعان باختلاق حدیث الترجمة ، وإنهم لیسوا من أهل هذه البشارة ، لما صدر عنهم من هنوات ، ومن رام الوقوف علی تفاصیل ذلک فلیرجع إلیه فی مظانه (1).

والحمد لله رب العالمین ، وصلی الله وسلم علی خاتم النبیین ، وعترته الطیبین الطاهرین.

ص: 60


1- 1. راجع : الاستغاثة فی بدع الثلاثة 2 / 60 - 67 ، الغدیر 10 / 123 - 128 ، تجد الکلام فی ذلک مبسوطا.

المصادر

1 - أبو هریرة ، للإمام السید عبد الحسین شرف الدین العاملی - ط. المطبعة الحیدریة - النجف الأشرف - سنة 1384 ه.

2 - إتمام الدرایة لقراء النقایة ، لجلال الدین السیوطی ، المطبوع بهامش مفتاح العلوم للسکاکی - ط. مطبعة التقدم العلمیة بمصر. سنة 1348 ه.

3 - الأربعون البلدانیة ، للحافظ ابن عساکر الدمشقی - ط. مرکز جمعة الماجد بدبی.

4 - إرشاد الساری لشرح صحیح البخاری ، لشهاب الدین العسقلانی - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1306 ه.

5 - الاستغاثة فی بدع الثلاثة ، لأبی القاسم علی بن أحمد الکوفی.

6 - الإستیعاب فی معرفة الأصحاب ، لابن عبد البر النمری القرطبی ، المطبوع بهامش الإصابة - الطبعة الأولی ، سنة 1328 ه.

7 - أسد الغابة فی معرفة الصحابة ، لعز الدین ابن الأثیر - ط. دار الشعب ، سنة 1393 ه.

8 - الإصابة فی تمییز الصحابة ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - الطبعة الأولی ، سنة 1328 ه.

9 - الإفصاح فی الإمامة ، للشیخ الإمام محمد بن النعمان المفید - الطبعة الثانیة ، سنة 1413 ه.

10 - تاریخ بغداد ، للخطیب البغدادی - ط. مطبعة السعادة بمصر ، سنة 1349 ه.

11 - تاریخ الخلفاء ، لجلال الدین السیوطی - بتحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید ، ط. مطبعة السعادة ، سنة 1371 ه.

12 - تاریخ الطبری ، لأبی جعفر محمد بن جریر الطبری - ط. مصر.

13 - تحفة الأحوذی بشرح جامع الترمذی ، للمبارکفوری - ط. الهند.

14 - تذکرة الحفاظ ، للحافظ شمس الدین الذهبی - ط. حیدر آباد ، سنة 1377 ه.

ص: 61

15 - تعریف أهل التقدیس بمراتب الموصوفین بالتدلیس ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. مصر ، سنة 1322 ه.

16 - تلخیص الشافی فی الإمامة ، للشیخ الإمام أبی جعفر الطوسی.

17 - تلخیص المستدرک علی الصحیحین ، للذهبی ، بهامش المستدرک.

18 - تنزیه الشریعة المرفوعة عن الأخبار الشنیعة الموضوعة ، لابن عراق الکنانی - تحقیق عبد الوهاب عبد اللطیف - ط. دار الکتب ، بیروت.

19 - تهذیب التهذیب ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. دار إحیاء التراث العربی ، سنة 1412 ه.

20 - الجامع الصغیر من أحادیث البشیر النذیر ، للحافظ جلال الدین السیوطی - ط. عبد الحمید أحمد حنفی.

21 - جلاء العینین فی محاکمة الأحمدین ، لنعمان بن محمود الآلوسی - ط. دار الطباعة المصریة ببولاق ، سنة 1298 ه.

22 - الخصائص الکبری ، لجلال الدین السیوطی - ط. حیدر آباد ، سنة 1320 ه.

23 - الریاض النضرة فی مناقب العشرة ، للمحب الطبری - ط. مطبعة الاتحاد - الطبعة الأولی.

24 - السبعة من السلف من الصحاح الستة ، للعلامة الفیروزآبادی - الطبعة الأولی - بیروت ، سنة 1398 ه.

25 - سنن ابن ماجة ، لمحمد بن یزید بن ماجة القزوینی ، تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی - ط. دار الفکر - بیروت.

26 - سنن أبی دود ، لأبی داود السجستانی - تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید - دار إحیاء السنة النبویة - القاهرة.

27 - سنن الترمذی (الجامع الصحیح) ، لمحمد بن عیسی بن سورة الترمذی ، بتحقیق إبراهیم عطوة عوض - ط. البابی الحلبی.

28 - شرح صحیح مسلم للنووی ، المطبوع بهامش إرشاد الساری - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1306 ه.

29 - صحیح البخاری ، لأبی عبد الله محمد بن إسماعیل البخاری.

ص: 62

30 - صحیح مسلم ، لأبی الحسین مسلم بن الحجاج النیسابوری.

31 - الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف ، لابن طاووس - ط. مطبعة الخیام ، قم سنة 1399 ه.

32 - العقد الفرید للملک السعید ، لابن عبد ربه الأندلسی.

33 - الغدیر فی الکتاب والسنة والأدب ، للعلامة الأمینی - ط. دار إحیاء التراث العربی.

34 - فتح الباری بشرح صحیح البخاری ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. دار الریان للتراث - مصر ، سنة 1407 ه.

35 - فتح المغیث بشرح ألفیة الحدیث ، للحافظ زین الدین العراقی - تحقیق محمود ربیع - عالم الکتب ، بیروت ، الطبعة الثانیة ، سنة 1408 ه.

36 - فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، للعلامة الفیروزآبادی - ط. مؤسسة الأعلمی ، بیروت - سنة 1402 ه.

37 - فضائل الصحابة ، لأحمد بن شعیب النسائی - ط. دار الکتب العلمیة - بیروت.

38 - فیض القدیر - شرح الجامع الصغیر ، لعبد الرؤوف المناوی - ط. مصر ، سنة 1357 ه.

39 - کنز العمال فی سنن الأقوال والأفعال ، لحسان الدین المتقی الهندی.

40 - لسان المیزان ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. حیدر آباد ، سنة 1331 ه.

41 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للحافظ نور الدین الهیثمی - ط. حسام الدین القدسی ، سنة 1342 ه.

42 - مرقاة المفاتیح لمشکاة المصابیح ، لعلی بن سلطان محمد الهروی القاری - ط. المیمنیة ، سنة 1309 ه.

43 - المستدرک علی الصحیحین ، للحاکم النیسابوری - ط. حیدر آباد ، سنة 1344 ه.

44 - مسند الإمام أحمد بن حنبل - ط. المیمنیة ، سنة 1313 ه.

45 - المعجم الأوسط ، للحافظ الطبرانی.

ص: 63

46 - منتخب کنز العمال - المطبوع بهامش مسند أحمد - للمتقی الهندی.

47 - میزان الاعتدال فی نقد الرجال ، للحافظ شمس الدین الذهبی - تحقیق محمد علی البجاوی - ط. عیسی البابی الحلبی ، سنة 1382 ه.

48 - هدی الساری - مقدمة فتح الباری ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. دار الریان للتراث - مصر ، سنة 1407 ه.

ص: 64

تشیید المراجعات

وتفنید المکابرات

(4)

السید علی الحسینی المیلانی

المراجعة - 10

* قال السید رحمة الله تعالی علیه

مجیبا علی طلب المزید من النصوص النبویة :

1 (1) - أخرج الطبرانی فی الکبیر ، والرافعی فی مسنده ، بالإسناد إلی ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «من سره أن یحیا حیاتی ، ویموت مماتی ، ویسکن جنة عدن غرسها ربی ، فلیوال علیا من بعدی ، ولیوال ولیه ، ولیقتد بأهل بیتی من بعدی ، فإنهم عترتی ، خلقوا من طینتی ، ورزقوا فهمی وعلمی ، فویل للمکذبین بفضلهم من أمتی ، القاطعین فیهم صلتی ، لا أنالهم الله شفاعتی».

قال فی الهامش : «هذا الحدیث بعین لفظه هو الحدیث 3819 من أحادیث الکنز ، فی آخر ص 217 من جزئه 6. وقد أورده فی منتخب الکنز أیضا ، فراجع من المنتخب ما هو فی أوائل هامش ص 94 من الجزء 5 من مسند أحمد ، غیر أنه قال : ورزقوا فهمی» ولم یقل : «وعلمی» ولعله غلط من

السید علی الحسینی المیلانی

ص: 65


1- 1. هذا الترقیم منا ، اقتضته ضرورة البحوث الآتیة هنا کما سیتضح.

الناسخ. وأخرجه الحافظ أبو نعیم فی حلیته ، ونقله عنه علامة المعتزلة فی ص 450 من المجلد الثانی من شرح النهج طبع مصر ، ونقل نحوه فی ص 449 عن أبی عبد الله أحمد بن حنبل فی کل من مسنده وکتاب فضائل علی بن أبی طالب».

2 - وأخرج مطین ، والباوردی ، وابن جریر ، وابن شاهین ، وابن مندة ، من طریق أبی إسحاق ، عن زیاد بن مطرف ، قال : «سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول : من أحب أن یحیا حیاتی ، ویموت میتتی ، ویدخل الجنة التی وعدنی ربی - وهی جنة الخلد - فلیتول علیا وذریته من بعده ، فإنهم لن یخرجوکم من باب هدی ، ولن یدخلوکم باب ضلالة».

قال فی الهامش : «وهذا الحدیث هو الحدیث 2578 من أحادیث الکنز فی ص 155 من جزئه 6 ، وأورده فی المنتخب أیضا فراجع من المنتخب ما هو فی السطر الأخیر من هامش ص 32 من الجزء 5 من مسند أحمد. وأورده ابن حجر العسقلانی مختصرا فی ترجمة زیاد بن مطرف ، فی القسم الأول من إصابته ، ثم قال : قلت : فی إسناده (یحیی بن یعلی المحاربی) وهو واهی.

أقول : هذا غریب من مثل العسقلانی ، فإن (یحیی بن یعلی المحاربی) ثقة بالاتفاق ، وقد أخرج له البخاری فی عمرة الحدیبیة من صحیحه ، وأخرج له مسلم فی الحدود من صحیحه أیضا ، سمع أباه عند البخاری ، وسمع عند مسلم غیلان بن جامع ، وأرسل الذهبی فی المیزان توثیقه إرسال المسلمات ، وعده الإمام القیسرانی وغیره ممن احتج بهم الشیخان وغیرهما .

3 - ومثله حدیث زید بن أرقم ، قال قال : رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «من یرید أن یحیا حیاتی ، ویموت موتی ، ویسکن جنة الخلد التی وعدنی ربی ، فلیتول علی بن أبی طالب ، فإنه لن یخرجکم من هدی ، ولن یدخلکم فی ضلالة».

ص: 66

قال فی الهامش : «أخرجه الحاکم فی آخر ص 128 من الجزء 3 من صحیحه المستدرک ، ثم قال : هذا حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه ، وأخرجه الطبرانی فی الکبیر ، وأبو نعیم فی فضائل الصحابة ، وهو الحدیث 2577 من أحادیث الکنز فی ص 155 من جزئه 6 ، وأورده فی منتخب الکنز أیضا ، فراجع هامش ص 32 من الجزء 5 من المسند».

4 - وکذلک حدیث عمار بن یاسر ، قال : «قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : أوصی من آمن بی وصدقنی بولایة علی بن أبی طالب ، فمن تولاه فقد تولانی ، ومن تولانی فقد تولی الله ، ومن أحبه فقد أحبنی ، ومن أحبنی فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضنی ، ومن أبغضنی فقد أبغض الله عزوجل».

قال فی الهامش : «أخرجه الطبرانی فی الکبیر ، وابن عساکر فی تاریخه ، وهو الحدیث 2571 من أحادیث الکنز ، فی آخر ص 154 من جزئه 6».

5 - وعن عمار أیضا ، مرفوعا : «اللهم من آمن بی وصدقنی ، فلیتول علی ابن أبی طالب ، فإن ولایته ولایتی ، وولایتی ولایة الله تعالی».

قال فی الهامش : «أخرجه الطبرانی فی الکبیر عن محمد بن أبی عبیدة ابن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، عن جده ، عن عمار ، وهو الحدیث 2576 من أحادیث الکنز ص 155 من جزئه 6 ، وأورده فی المنتخب أیضا».

تحقیق أسانید هذه الأحادیث

أقول : ولا بد من تحقیق أسانید هذه الأحادیث ، والنظر فیما قیل فی ذلک من السابقین واللاحقین ، فنقول وبالله نستعین :

* أما الحدیث الأول وهو الذی نقله السید عن کنز العمال عن الطبرانی والرافعی ، فهذا سنده عند الرافعی :

«الحسن بن حمزة العلوی الرازی ، أبو طاهر ، قدم قزوین وحدث بها عن

ص: 67

سلیمان بن أحمد ، روی عنه : أبو مضر ربیعة بن علی العجلی ، فقال :

ثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوی - قدم علینا قزوین سنة 344 - ، ثنا سلیمان بن أحمد ، ثنا عمر بن حفص السدوسی ، ثنا إسحاق بن بشر الکاهلی ، ثنا یعقوب بن المغیرة الهاشمی ، عن ابن أبی رواد ، عن إسماعیل بن أمیة ، عن عکرمة ، عن ابن عباس» (1).

وبه یتبین سند الطبرانی ، وهو سلیمان بن أحمد.

قال السید فی الهامش : «وأخرجه الحافظ أبو نعیم فی حلیته ، ونقله عنه ...».

أقول :

هذا نص عبارة الحافظ أبی نعیم :

«حدثنا فهد بن إبراهیم بن فهد ، ثنا محمد بن زکریا الغلابی ، ثنا بشر بن مهران ، ثنا شریک ، عن الأعمش ، عن زید بن وهب ، عن حذیفة ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من سره أن یحیا حیاتی ، ویموت میتتی ، ویتمسک بالقصبة الیاقوتة التی خلقها الله بیده ثم قال لها : کونی فکانت ، فلیتول علی بن أبی طالب من بعدی.

رواه شریک أیضا : عن الأعمش ، عن حبیب بن أبی ثابت ، عن أبی الطفیل ، عن زید بن أرقم.

ورواه السدی عن زید بن أرقم.

ورواه ابن عباس ، وهو غریب.

حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن جعفر بن عبد الرحیم ، ثنا أحمد ابن محمد بن یزید بن سلیم ، ثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبی لیلی - أخو

ص: 68


1- 1. نفحات الأزهار فی خلاصة عبقات الأنوار 4 / 334 عن مسند الرافعی - مخطوط.

محمد بن عمران - ثنا یعقوب بن موسی الهاشمی ، عن ابن أبی رواد ، عن إسماعیل بن أمیة ، عن عکرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من سره أن یحیا حیاتی ...» (1).

فأبو نعیم أخرجه بعدة طرق عن جماعة من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من دون طعن فی شئ منها ، کما سنری.

وأخرجه الحافظان ابن عساکر والکنجی من طریق أبی نعیم ، ثم قال الأول : «هذا حدیث منکر ، وفیه غیر واحد من المجهولین» (2).

وأیضا : أخرجه ابن عساکر بإسناد له عن : زید بن وهب ، عن حذیفة ، عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم (3).

وبإسناد آخر من طریق الحافظ الخطیب البغدادی ، عن أبی الطفیل ، عن سیدنا أبی ذر ، عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم (4).

فهذا الحدیث مروی عندهم عن جماعة من الأصحاب ، وهم :

1 - عبد الله بن العباس.

2 - أبو ذر الغفاری.

3 - حذیفة بن الیمان.

4 - زید بن أرقم.

تحقیق السند :

أما طریقه عن أبی ذر وزید بن أرقم فلا نجد من هؤلاء الرواة عنهما طعنا

ص: 69


1- 1. حلیة الأولیاء 1 / 86.
2- 2. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 95 رقم 596 ، کفایة الطالب فی مناقب علی ابن أبی طالب : 214.
3- 3. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 99.
4- 4. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 98.

فی شیء من الأسانید ... ولو کان لأفصحوا به ، کما وجدنا بالنسبة إلی حدیث غیرهما :

فحدیث ابن عباس ... قال ابن عساکر بعد إخراجه من طریق أبی نعیم : «هذا حدیث منکر ، وفیه غیر واحد من المجهولین» وقال أبو نعیم : «غریب».

وحدیث حذیفة ... وإن سکت عنه أبو نعیم وابن عساکر ... فقد طعن الذهبی فی سنده ...

أما قول ابن عساکر : «فیه غیر واحد من المجهولین» فیرده :

أولا : سکوت الطبرانی والرافعی والمتقی الراوی عنهما ، مع طعنه فی بعض الأحادیث کما سیأتی.

وثانیا : کلام أبی نعیم ، إذ لم یقل إلا : «غریب» وسیأتی بیان معناه

وثالثا : إن الراوی عن «ابن أبی رواد» عند الطبرانی والرافعی هو : «یعقوب بن المغیرة الهاشمی» وعند أبی نعیم وابن عساکر والکنجی هو : «یعقوب بن موسی الهاشمی» ، ولا أستبعد أن تکون الجهالة علی أثر اختلاف النسخ والاشتباه فی اسم الراوی.

وأما قوله : «منکر» فلا یضر باعتبار الحدیث ، لأن الحافظ النووی یقول فی «معرفة المنکر» : «قال الحافظ البردیجی : هو الفرد الذی لا یعرف متنه عن غیر راویه ، وکذا أطلقه کثیرون ...» (1).

وأما قول أبی نعیم : «وهو غریب» فلا یضر کذلک ، لأن «الغرابة» تجتمع مع «الصحة» السندیة ، ولذا نری کثیرا ما یقولون : «غریب صحیح».

وقال الحافظ النووی : «الغریب والعزیز : إذا انفرد عن الزهری وشبهه ممن یجمع حدیثه رجل بحدیث سمی : غریبا ، فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمی :

ص: 70


1- 1. تدریب الراوی - شرح تقریب النواوی 2 / 163.

عزیزا ، فإن رواه جماعة سمی : مشهورا.

ویدخل فی الغریب ما انفرد راو بروایته أو بزیادة فی متنه أو إسناده ...

وینقسم إلی صحیح وغیره وهو الغالب» (1).

وأما طعن الذهبی فی سند الحدیث عن «حذیفة بن الیمان» فقد جاء بترجمة : «بشر بن مهران» إذ قال :

«بشر بن مهران الخصاف ، عن شریک. قال ابن أبی حاتم : ترک أبی حدیثه. ویقال : بشیر.

قلت : قد روی عنه محمد بن زکریا الغلابی - لکن الغلابی متهم - قال : حدثنا شریک ، عن الأعمش عن زید بن وهب ، عن حذیفة ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من سره أن یحیا حیاتی ، ویموت میتتی ، ویتمسک بالقضیب الیاقوت ، فلیتول علی بن أبی طالب من بعدی» (2).

أقول :

أما ترک أبی حاتم حدیث بشر فلا یعبأ به ، لقول الذهبی نفسه بترجمة أبی حاتم :

«إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسک بقوله : فإنه لا یوثق إلا رجلا صحیح الحدیث. وإذا لین رجلا أو قال فیه : لا یحتج به ، فلا ، توقف حتی تری ما قال غیره فیه ، وإن وثقه أحد فلا تبن علی تجریح أبی حاتم ، فإنه متعنت فی الرجال ، قد قال فی طائفة من رجال الصحاح : لیس بحجة ، لیس بقوی ، أو نحو ذلک» (3).

وقال بترجمة أبی زرعة الرازی : «یعجبنی کثیرا کلام أبی زرعة فی الجرح

ص: 71


1- 1. تدریب الراوی - شرح تقریب النواوی 1 / 199.
2- 2. میزان الاعتدال 1 / 325.
3- 3. سیر أعلام النبلاء - ترجمة أبی حاتم 13 / 247.

والتعدیل ، یبین علیه الورع والخبرة ، بخلاف رفیقه أبی حاتم ، فإنه جراح (1).

وأما اتهامه «الغلابی» فمردود :

أولا : بأنه قد تابعه غیره فی هذا الحدیث عن بشر ، وهو : «أبو عبد الله الحسین بن إسماعیل» فی روایة ابن عساکر (2).

وثانیا : فإن کلمة «متهم» بحاجة إلی بیان ، فلماذا الإجمال؟!

أما فی «تذکرة الحفاظ» (3) و «سیر أعلام النبلاء» (4) فذکره فیمن توفی سنة 290 ه ولم یزد علی ذلک شیا.

وأما فی «العبر» فقد ترجم له بقوله : «وفیها : محمد بن زکریا الغلابی الأخباری ، أبو جعفر ، بالبصرة. روی عن : عبد الله بن رجاء الغدانی ، وطبقته. قال ابن حبان : یعتبر بحدیثه إذا روی عن الثقات» انتهی (5).

أما فی «میزان الاعتدال» فقد غلبه التعصب فقال : «محمد بن زکریا الغلابی البصری الأخباری ، أبو جعفر ، عن : عبد الله بن رجاء الغدانی ، وأبی الولید ، والطبقة. وعنه : أبو القاسم الطبرانی وطائفة ، وهو ضعیف. وقد ذکره ابن حبان فی کتاب (الثقات) وقال : یعتبر بحدیثه إذا روی عن ثقة. وقال ابن مندة : تکلم فیه. وقال الدارقطنی : یضع الحدیث.

الصولی ، حدثنا الغلابی : حدثنا إبراهیم بن بشار ، عن سفیان ، عن أبی الزبیر ، قال : کنا عند جابر ، فدخل علی بن الحسین ، فقال جابر : دخل الحسین فضمه النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم إلیه وقال : یولد لابنی هذا ابن یقال له علی : إذا کان یوم القیامة نادی مناد ، لیقم سید العابدین ، فیقوم

ص: 72


1- 1. سیر أعلام النبلاء - ترجمة أبی زرعة 13 / 65.
2- 2. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 98.
3- 3. تذکرة الحفاظ 2 / 639.
4- 4. سیر أعلام النبلاء 13 / 534.
5- 5. العبر فی خبر من غبر 1 / 418.

هذا. ویولد له ولد یقال له : محمد ، إذا رأیته - یا جابر - فاقرأ علیه منی السلام.

فهذا کذب من الغلابی ...» (1).

والآن ، عرف وجه الاتهام!!

لکن الأمر أکثر من ذلک : فإن الرجل أخباری مؤرخ ، وجل مؤلفاته فی أهل البیت علیهم السلام ... بل الرجل من أصحابنا الإمامیة ، قال الشیخ النجاشی :

«محمد بن زکریا بن دینار مولی بنی غلاب ، أبو عبد الله - وبنو غلاب قبیلة بالبصرة من بنی نضر بن معاویة ، وقیل : إنه لیس بغیر البصرة منهم أحد - وکان هذا الرجل وجها من وجوه أصحابنا بالبصرة ، وکان أخباریا واسع العلم ، صنف کتبا کثیرة ، وقال لی أبو العباس ابن نوح : إننی أروی عن عشرة رجال عنه. له کتب منها : الجمل الکبیر ، والجمل المختصر ، وکتاب صفین الکبیر ، وکتاب صفین المختصر ، مقتل الحسین علیه السلام ، کتاب النهر ، کتاب الأجواد ، کتاب الوافدین ، مقتل أمیر المؤمنین علیه السلام ، أخبار زید علیه السلام ، أخبار فاطمة ومنشأها ومولدها علیها السلام ، کتاب الحیل.

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علی بن نوح ، قال : حدثنا أبو الحسن علی ابن یحیی بن جعفر السلمی الحذاء ، وأبو علی أحمد بن الحسین بن إسحاق ابن شعبة الحافظ ، وعبد الجبار بن شیران الساکن بنهر خطی ، فی آخرین ، قالوا : حدثنا محمد بن دینار الغلابی بجمیع کتبه.

ومات محمد بن زکریا سنة 298.» (2).

إذن ، لا بد أن یتهمه الذهبی ، وأمثاله ...!!

لکن لا یخفی أن هذا الجرح ساقط ، لما قررنا فی مقدمات البحث

ص: 73


1- 1. میزان الاعتدال 3 / 550.
2- 2. رجال النجاشی : 244.

- وعلی ضوء کلمات أعلام القوم (من أن الجرح المستند إلی الاختلاف فی العقیدة غیر مسموع ، وأن التشیع لیس بضائر ... مضافا إلی ما ذکرنا فی التعریف بالذهبی وطریقته فی الجرح ...

وعلی هذا کله ، فإنه یبقی توثیق ابن حبان للغلابی بلا معارض.

فالحدیث معتبر ، ویؤیده کثرة طرقه وسکوت أبی نعیم وابن عساکر وغیرهما عن الطعن فیه.

تنبیه :

الخبر المذکور - الذی لأجله کذب الذهبی الغلابی - تلقاه غیر واحد من الأعلام بالقبول ، ممن تقدم علی الذهبی أو تأخر ، فأخرجه ابن عساکر بإسناده عن أبی بکر محمد بن یحیی الصولی ، عن الغلابی ، عن إبراهیم بن بشار ، عن سفیان بن عیینة ، عن الزهری ...

وعن ابن عساکر : الکنجی الشافعی ، قال : «هذا حدیث ذکره محدث الشام فی مناقبه کما أخرجناه ، وسنده معروف عند أهل النقل» (1).

وأرسله ابن حجر المکی إرسال المسلم فقال : «وکفاه شرفا أن ابن المدینی روی عن جابر ...» (2) فلو لم یکن الخبر صحیحا عنده لما أرسله ، ولما جعله مما «کفاه شرفا»!

ورواه کمال الدین محمد بن طلحة ، وهو من المتقدمین علی الذهبی (3) وهو من الأئمة الفقهاء الأعلام ، ترجم له الذهبی نفسه فی غیر واحد من کتبه وأثنی علیه ، وکذلک غیره فی کثیر من المصادر ، لا سیما الکتب المؤلفة فی طبقات فقهاء الشافعیة.

ص: 74


1- 1. کفایة الطالب : 448.
2- 2. الصواعق المحرقة : 120.
3- 3. مطالب السؤول فی مناقب آل الرسول : 43.

أقول :

إن هذا الخبر إنما هو فضیلة من فضائل أئمة أهل البیت علیهم السلام ، وتکذیب الذهبی - برمی الغلابی بالکذب - جری علی عادته فی رد فضائلهم علیهم السلام حتی نسب إلی النصب.

ولکنی رأیت بعضهم (1) یرد خبر إبلاغ جابر الإمام الباقر السلام عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، لأن فرقة من الشیعة - اخترعها وسماها بالباقریة - استدلت به علی أن الباقر علیه السلام هو «المهدی المنتظر» فقالت هذه الطائفة : «ما أقرأه السلام إلا وهو المنتظر المهدی» قال : «یقال لهم بعد صحة الخبر : ینبغی أن یکون أویس القرنی مهدیا منتظرا ، لأنه صح ...».

ألا سائل یسأل الصفدی : من هذه الفرقة؟! وأین کانت؟! ومن أسسها؟! ومن أین نقلت هذا الاستدلال؟! ...

ثم یقال له : إن فی ذیل الخبر - عند ابن عساکر - : «یا جابر ، إعلم أن المهدی من ولده ، واعلم - یا جابر - أن بقاءک بعده قلیل».

فلماذا کل هذا السعی وراء رد فضیلة من فضائل العترة حتی بالافتراء والتزویر؟!

وثالثا : أنا لو تنزلنا عن جمیع ما ذکر ، وسلمنا ضعف طریق حدیث حذیفة ، ففی الاحتجاج بحدیث غیره کفایة ، فقد رأینا أن ابن عساکر - الذی طعن فی حدیث ابن عباس - لم یطعن فی حدیث زید بن أرقم ، وحدیث أبی ذر ، کما لم یطعن فی حدیث حذیفة.

ورابعا : لو سلمنا ضعف أسانید جمیع هذه الأحادیث ، فقد تقرر عندهم أن هکذا حدیث - حتی لو کان کل طرقه ضعیفة - حجة :

ص: 75


1- 1. هو الصفدی ، أنظر : الوافی بالوفیات 4 / 102 - 103.

قال المناوی - بعد الکلام علی بعض الأخبار ردا علی ابن تیمیة - : «وهذه الأخبار وإن فرض ضعفها جمیعا ، لکن لا ینکر تقوی الحدیث الضعیف - بکثرة طرقه وتعدد مخرجیه - إلا جاهل بالصناعة الحدیثیة أو معاند متعصب ، والظن به أنه من القبیل الثانی» (1).

قلت :

بل هو الیقین فی مثل ابن تیمیة والذهبی! بالنظر إلی ما أسلفنا باختصار من ذکر ترجمتهما وتصریح غیر واحد من الأعلام بکونهما معاندین یتکلمان بالتعصب والهوی.

* وقد قلدهما فی الطعن فی الأحادیث بهذه الطریقة بعض المعاصرین ، ثم أصبح - بدوره - قدوة لبعض الناشئة من الکتاب ... وهو الشیخ ناصر الدین الألبانی ، قال :

«894 - من سره أن یحیا حیاتی ...

موضوع ، أخرجه أبو نعیم

1 / 86 من طریق ... وقال : وهو غریب.

قلت : وهذا إسناد مظلم ، کل من دون ابن أبی رواد مجهولون ، لم أجد من ذکرهم ، غیر أنه یترجح عندی أن أحمد بن محمد بن یزید بن سلیم إنما هو : ابن مسلم الأنصاری الأطرابلسی المعروف بابن أبی الحناجر ، قال ابن أبی حاتم 1 / 1 / 73 : کتبنا عنه وهو صدوق ، وله ترجمة فی تاریخ ابن عساکر 2 / ق 113 - 114 / 1.

وأما سائرهم فلم أعرفهم ، فأحدهم هو الذی اختلق هذا الحدیث الظاهر البطلان والترکیب. وفضل علی - رضی الله عنه - أشهر من أن یستدل علیه بمثل هذه الموضوعات التی یتشبث الشیعة بها ، ویسودون کتبهم بالعشرات من

ص: 76


1- 1. فیض القدیر - شرح الجامع الصغیر 3 / 170.

أمثالها ، مجادلین بها فی إثبات حقیقة لم یبق الیوم أحد یجحدها ، وهی فضیلة علی رضی الله عنه.

ثم الحدیث عزاه فی الجامع الکبیر 2 / 253 / 1 للرافعی أیضا عن ابن عباس. ثم رأیت ابن عساکر أخرجه فی تاریخ دمشق 12 / 130 / 2 من طریق أبی نعیم ثم قال عقبه : هذا حدیث منکر ، وفیه غیر واحد من المجهولین.

قلت : وکیف لا یکون منکرا ، وفیه مثل ذاک الدعاء : لا أنالهم الله شفاعتی ، الذی لا یعهد مثله عن النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم ، ولا یتناسب مع خلقه صلی الله علیه [وآله] وسلم ورأفته ورحمته بأمته.

وهذا الحدیث من الأحادیث التی أوردها صاحب المراجعات ، عبد الحسین الموسوی ، نقلا عن کنز العمال 6 / 155 و 217 - 218 ، موهما أنه فی مسند الإمام أحمد ، معرضا عن تضعیف صاحب الکنز إیاه تبعا للسیوطی .

أقول :

هذه عبارته حول هذا الحدیث ، وهی قطعة من کلام طویل له ، تعرض فیه بالنقد لبعض الأحادیث التی احتج بها السید فی هذه المراجعة ... وقد أورد الدکتور السالوس کلام هذا الشیخ بطولة فی هامش کتیبه حول حدیث الثقلین (1). وفیه مواقع للنظر :

أولها : فی حکمه بوضع هذا الحدیث استنادا إلی أن «کل من دون ابن أبی رواد مجهولون ... فلم أعرفهم ، فأحدهم هو الذی اختلق هذا الحدیث» إذ إنه باطل ومردود بوجوه :

1 - إن الذی أخرج الحدیث فی کتابه بواسطة مشایخه ، وکان أقرب عهدا

ص: 77


1- 1. حدیث الثقلین وفقهه ، هامش ص : 28 عن سلسلة الأحادیث الضعیفة والموضوعة ، الجزء الثانی.

وأکثر معرفة برواته - وهو الحافظ أبو نعیم - لم یرم الحدیث بالضعف فضلا عن الوضع ، بل غایة ما هنا لک أنه قال : «وهو غریب».

وقد بینا المراد من «الغریب» فی اصطلاح علم الحدیث ، والشیخ غیر جاهل بذلک قطعا.

2 - إنه قد نبه الحافظ ابن عساکر من قبل علی أن : «فیه غیر واحد من المجهولین» ولم یحکم علی الحدیث إلا بأنه «منکر» ، وقد عرفنا معنی هذه الکلمة اصطلاحا ، فهل انکشف للشیخ ما خفی علی ابن عساکر فأضاف أنه «موضوع»؟!

3 - إن لنا أن نسأل الشیخ عن المبرر لنسبة «الاختلاق» إلی «من لا یعرفه» وأنه هل وصل إلی مرحلة من «المعرفة»!! تجوز له إلحاق من لم یعرفه بمن یعرفه بالاختلاق؟!

وثانیها : فی قوله - فی الحدیث - : «الظاهر البطلان والترکیب ، وفضل علی - رضی الله عنه - أشهر من أن یستدل علیه بمثل هذه الموضوعات التی یتشبث الشیعة بها ، ویسودون کتبهم بالعشرات من أمثالها ...» فإن هذا الحدیث واحد من عشرات الأحادیث المتفق علیها ، ومن النصوص الدالة علی إمامة أمیر المؤمنین وأئمة أهل البیت علیهم السلام بعد النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، کما لا یخفی علی من تأمل فی ألفاظها ، ولذا یعد عند هذا الشیخ النجیب! وأمثاله من أتباع ابن الجوزی «ظاهر البطلان والترکیب»!!

ثم الأجدر بنا أن نمر علی سائر ما فی هذه العبارة «کراما» ولا نقول إلا «سلاما».

وثالثها : فی قوله : «وکیف لا یکون منکرا؟ وفیه مثل ذاک الدعاء ... ولا یتناسب مع خلقه ...» فإنه غفل أو تغافل عن المراد من «منکر» وقد ذکرنا أنه اصطلاح فی علم الحدیث وبینا معناه ... وأما أن مثل هذا الدعاء لا یتناسب مع خلق النبی صلی الله علیه وآله وسلم فکلام بارد جدا ، لأن من

ص: 78

کذب بفضل العترة النبویة الهادیة ولم یقتد بها فهو ضال ، و ( ماذا بعد الحق إلا الضلال ) (1) ، ومن قطع فیهم صلة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کان من الذین ( یقطعون ما أمر الله به أن یوصل ویفسدون فی الأرض أولئک لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) (2) ، وحینئذ ( فما تنفعهم شفاعة الشافعین ) (3) وکیف تنال شفاعة النبی صلی الله علیه وآله وسلم من أعرض عن أهل بیته الطاهرین وهو قائل فی حق الثقلین : «ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا»؟!

وأما دعاؤه صلی الله علیه وآله وسلم علی بعض الناس ، ولعنته البعض الآخر ... فموارده فی سیرته المبارکة غیر قلیلة ، ومن الیسیر الوقوف علیه بأدنی مراجعة.

ورابعها : قوله أخیرا : «وهذا الحدیث من الأحادیث التی أوردها صاحب المراجعات ... موهما ...» فإنه فریة واضحة ، إذ لیس فی کلام السید أی إیهام بکون الحدیث فی مسند أحمد ، کما أنا راجعنا «کنز العمال» ونقلنا عبارته سابقا ولم نجد فی ذاک الموضع تضعیفا منه للحدیث!!

* وأما الحدیث الثانی فقد أخرجه عدا من ذکر من الأعلام :

الإمام أبو جعفر الطبری - فی منتخب ذیل المذیل : 589 ، فی ذکر من روی عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من همدان - : «حدثنی زکریا بن یحیی بن أبان المصری ، قال : حدثنا أحمد بن أشکاب ، قال : حدثنا یحیی بن یعلی المحاربی ، عن عمار بن زریق الضبی ، عن أبی إسحاق الهمدانی ، عن زیاد بن مطرف ، قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم یقول :

ص: 79


1- 1. سورة یونس 10 : 32.
2- 2. سورة الرعد 13 : 25.
3- 3. سورة المدثر 74 : 48.

من أحب أن یحیا حیاتی ویموت میتتی ویدخل الجنة التی وعدنی ربی ، قضبانا من قضبانها غرسها فی جنة الخلد ، فلیتول علی بن أبی طالب وذریته من بعده ، فإنهم لن یخرجوهم من باب هدی ، ولن یدخلوهم فی باب ضلالة .

والحافظ الطبرانی ، فقد قال الهیثمی : «وعن زیاد بن مطرف ، عن زید بن أرقم ، وربما لم یذکر زید بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من أحب ...

رواه الطبرانی ، وفیه : یحیی بن یعلی الأسلمی ، وهو ضعیف (1).

والمتقی الهندی ، عن مطین ، والباوردی ، وابن شاهین ، وابن مندة ، عن زیاد بن مطرف. قال : «وهو واه» (2).

فهؤلاء کلهم رووا هذا الحدیث عن (زیاد بن مطرف) عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ولم نعرف تضعیفا منهم لسنده إلا من الهیثمی والمتقی ، ولیس إلا ل «یحیی بن یعلی الأسلمی».

فظهر :

1 - إن هذا الحدیث غیر الحدیث الآتی.

2 - إن مخرجی هذا الحدیث جماعة من الأعلام ، ولم یطعن أحد منهم فی سنده.

3 - إنه لم یضعف أحد من رجاله إلا «یحیی بن یعلی الأسلمی» ، وسیأتی تحقیق الحال فی ذلک.

* وأما الحدیث الثالث فیختلف عن الثانی من وجوه :

ص: 80


1- 1. مجمع الزوائد 9 / 108.
2- 2. کنز العمال 11 / 611 رقم 32960 ، منتخب کنز العمال هامش مسند أحمد 5 / 32.

أحدها : المتن ، کما لا یخفی علی من قارن بین لفظیهما.

والثانی : الصحابی الراوی.

والثالث : الأعلام المخرجون ، فذاک لم یکن الحاکم وأبو نعیم من رواته ، وهذا لم یروه الأئمة الرواة لذاک.

والرابع : التنصیص من بعض المخرجین علی صحة هذا ، دون ذاک.

ولهذه الأمور وغیرها أفرد المتقی فی کتابیه روایة کل منهما عن الآخر ، واختلف تعبیره عنهما.

وهذا الحدیث - کما ذکر السید رحمه الله - أخرجه الحاکم وصححه حیث قال : «حدثنا بکر بن محمد الصیرفی بمرو ، ثنا إسحاق ، ثنا القاسم بن أبی شیبة ، ثنا یحیی بن یعلی الأسلمی ، ثنا عمار بن زریق ، عن أبی إسحاق ، عن زیاد بن مطرف ، عن زید بن أرقم - رضی الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : من یرید أن یحیی حیاتی ، ویموت موتی ، ویسکن جنة الخلد التی وعدنی ربی ، فلیتول علی بن أبی طالب فإنه لن یخرجکم من هدی ، ولن یدخلکم فی ضلالة.

هذا حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه» (1).

وأخرجه الحافظ أبو نعیم ، قال : «حدثنا محمد بن أحمد بن علی ، قال : ثنا محمد بن عثمان بن أبی شیبة ، قال : ثنا إبراهیم بن الحسن التغلبی ، قال : ثنا یحیی بن یعلی الأسلمی ، قال : ثنا عمار بن زریق ، عن أبی إسحاق ، عن زیاد بن مطرف ، عن زید بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ...

غریب من حدیث أبی إسحاق تفرد به یحیی عن عمار.

وحدث به أبو حاتم الرازی ، عن أبی بکر الأعین ، عن یحیی الحمانی ،

ص: 81


1- 1. المستدرک علی الصحیحین 3 / 128.

عن یحیی بن یعلی.

وحدثناه محمد بن أحمد بن إبراهیم ، قال : نا الولید بن أبان ، قال : نا أبو حاتم به» (1).

وأخرجه الحافظ ابن عساکر بإسناده عن : «یحیی بن عبد الحمید الحمانی : أنبأنا یحیی بن یعلی ، عن عمار بن زریق ، عن أبی إسحاق ، عن زیاد بن مطرف ، عن زید بن أرقم ، قال : قال النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم ...» (2).

وأخرجه الطبرانی ، وعنه المتقی الهندی ، فإنه بعد أن رواه قال : «طب ، ک وتعقب ، وأبو نعیم فی فضائل الصحابة ، عن زید بن أرقم» (3).

تحقیق السند :

أقول : والمراد من «تعقب» ما ذکره الذهبی فی (تلخیصه) : «قلت : أنی له الصحة؟ والقاسم متروک ، وشیخه ضعیف ، واللفظ رکیک ، فهو إلی الوضع أقرب» (4).

و «القاسم» هو «القاسم بن أبی شیبة». و «شیخه» هو : «یحیی بن یعلی الأسلمی».

أقول :

لکن «القاسم» - سواء کان متروکا أو غیر متروک - غیر موجود فی غیر

ص: 82


1- 1. حلیة الأولیاء 4 / 349 - 350.
2- 2. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 99 حدیث رقم 602 وفیه : عمار بن مطرف ، وهو غلط.
3- 3. کنز العمال 11 / 611 الحدیث رقم 32959 ، منتخبه علی هامش مسند أحمد 5 / 32.
4- 4. تلخیص المستدرک - علی هامشه - 3 / 128.

الحاکم من طرق الحدیث ، ولذا کان الإشکال من ناحیة «یحیی بن یعلی الأسلمی» فقط.

لکن هذا الإشکال مندفع کذلک لوجوه.

الأول : إن الحافظین أبا نعیم وابن عساکر لم یتکلما فی سند هذا الحدیث أصلا ، وقد رأینا ابن عساکر کیف نبه - فی الحدیث الأول - علی أن «فیه غیر واحد من المجهولین» فلو کان «یحیی» هذا ضعیفا لکان أولی بالتنبیه علیه. ورأینا أیضا کیف یذکر أبو نعیم للحدیث طرقا عدة ، عن جماعة من الأعلام ، ولا یتعرض لشئ قادح فی سنده. أما قوله : «غریب من حدیث أبی إسحاق» فقد عرفت معناه ، علی أن «أبا إسحاق» وهو السبیعی غیر موجود فی بعض الطرق الأخری.

والثانی : إن تضعیف «یحیی بن یعلی الأسلمی» معارض بتصحیح الحاکم للحدیث ، الدال علی ثقته.

والثالث : إن الرجل من رجال البخاری فی «الأدب المفرد» والترمذی فی (صحیحه) ومن مشایخ کثیر من الأعلام کأبی بکر ابن أبی شیبة وأقرانه (1).

والرابع : إن غایة ما هناک تعارض الجرح والتعدیل فی حق الرجل ، لکن الجارح هو «أبو حاتم» القائل : «ضعیف الحدیث ، لیس بالقوی» وابن حبان القائل فی «الضعفاء» : «یروی عن الثقات المقلوبات ، فلا أدری ممن وقع ذلک ، منه أو من الراوی عنه أبی ضرار بن صرد ، فیجب التنکب عما رویا» والبزار القائل : «یغلط فی الأسانید» والبخاری القائل : «مضطرب الحدیث» (2).

ص: 83


1- 1. تهذیب التهذیب 11 / 266.
2- 2. تهذیب التهذیب 11 / 266.

قلت :

أما کلام البخاری والبزار فلیس بقدح فی الرجل نفسه.

وأما کلام ابن حبان فیعارضه أنه أخرج له حدیثا فی صحیحه کما ذکر ابن حجر ، علی أن کلامه فی الرجل یشبه کلامه فی «محمد بن الفضل السدوسی ، أبو النعمان ، عارم» إذ قال فی حقه : «اختلط فی آخر عمره وتغیر حتی کان لا یدری ما یحدث به ، فوقع فی حدیثه المناکیر الکثیرة ، فیجب التنکب عن حدیثه فیما رواه المتأخرون ، فإذا لم یعلم هذا من هذا ترک الکل ، ولا یحتج بشئ منها» فقال الذهبی فی مقام ترجیح تعدیل الدارقطنی علی هذا الکلام : «فأین هذا القول من قول ابن حبان الخساف المتهور فی عارم فقال : اختلط ...» (1).

وأما قدح أبی حاتم فمردود بکلام الذهبی أیضا ، وقد تقدم.

والخامس : إن السبب الأصلی للطعن فی الرجل هو التشیع ، وهذا ما أفصح عنه ابن عدی ، إذ إنه لم یقل فیه إلا : «کوفی ، من الشیعة» (2) ... کما سیأتی التصریح بذلک من الألبانی .. فهذا ذنب هذا الرجل!!

وتلخص : أنه لا موجب للطعن والقدح فی الرجل ، وإن الذین تکلموا فیه لا یعبأ بکلامهم ، لا سیما فی مقابل اعتماد الترمذی والحاکم وکبار الأئمة السابقین واللاحقین علیه ...

وأما طعن الهیثمی والمتقی وأمثالهما فیسقط عن الاعتبار ، بعد الوقوف علی العلة الأصلیة لما قاله المتقدمون فیه ...

ثم إنه - وبعد الفراغ عن إثبات اعتبار هذا الحدیث سندا - لولا قوة دلالته

ص: 84


1- 1. میزان الاعتدال 4 / 8.
2- 2. تهذیب التهذیب 11 / 266.

علی مطلوب أهل الحق لما قال الذهبی : «واللفظ رکیک ، فهو إلی الوضع أقرب» فلا تغفل!!

* وهنا أیضا یعترض الشیخ ناصر الدین الألبانی علی السید رحمه الله ، فیقول :

«موضوع ، رواه أبو نعیم فی الحلیة 4 / 349 - 350 و 350 ، والحاکم 3 / 128 ، وکذا الطبرانی فی الکبیر ، وابن شاهین فی شرح السنة 18 / 65 / 2 من طرق عن زید بن أرقم - زاد الطبرانی : وربما لم یذکر زید بن أرقم - قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ، فذکره. وقال أبو نعیم : غریب من حدیث أبی إسحاق ، تفرد به یحیی.

قلت : وهو شیعی ضعیف ، قال ابن معین : لیس بشئ. وقال البخاری : مضطرب الحدیث ، وقال ابن أبی حاتم 4 / 2 / 196 عن أبیه : لیس بالقوی ، ضعیف الحدیث ، والحدیث قال الهیثمی فی المجمع 9 / 108 : رواه الطبرانی وفیه : یحیی بن یعلی الأسلمی ، وهو ضعیف. قلت. وأما الحاکم فقال : صحیح الإسناد. فرده الذهبی بقوله : قلت : أنی له الصحة؟ والقاسم متروک ، وشیخه (یعنی الأسلمی) ضعیف ، واللفظ رکیک ، فهو إلی الوضع أقرب.

وأقول : القاسم - وهو ابن أبی شیبة - لم یتفرد به ، بل تابعه راویان آخران عند أبی نعیم. فالحمل فیه علی الأسلمی وحده دونه. نعم ، للحدیث عندی علتان أخریان :

الأولی : أبو إسحاق ، وهو السبیعی ، فقد کان اختلط مع تدلیسه ، وقد عنعنه.

الأخری : الاضطراب فی إسناده منه أو من الأسلمی ، فإنه تارة یجعله من مسند زید بن أرقم ، وتارة من مسند زیاد بن مطرف ، وقد رواه عن مطین والباوردی وابن جریر وابن شاهین فی الصحابة. کما ذکر الحافظ ابن حجر فی الإصابة وقال : قال ابن مندة : لا یصح. قلت : فی إسناده یحیی بن یعلی

ص: 85

المحاربی وهو واه.

قلت : وقوله (المحاربی) سبق قلم منه ، وإنما هو (الأسلمی) کما سبق ویأتی.

تنبیه : لقد کان الباعث علی تخریج هذا الحدیث ونقده ، والکشف عن علته ، أسباب عدة ، منها : أننی رأیت الشیخ المدعو بعبد الحسین الموسوی الشیعی قد خرج الحدیث فی مراجعاته ص 27 تخریجا أوهم به القراء أنه صحیح کعادته فی أمثاله. واستغل فی سبیل ذلک خطأ قلمیا وقع للحافظ ابن حجر رحمه الله ، فبادرت إلی الکشف عن إسناده وبیان ضعفه ، ثم الرد علی الإیهام المشار إلیه ، وکان ذلک منه علی وجهین ، فأنا أذکرهما معقبا علی کل منهما ببیان ما فیه فأقول :

الأول : إنه ساق الحدیث من روایة مطین ومن ذکرنا معه نقلا عن الحافظ من روایة زیاد بن مطرف ، وصدره برقم 38. ثم قال : ومثله حدیث زید بن أرقم ... فذکره ورقم له ب 39. ثم علق علیهما مبینا مصادر کل منهما ، فأوهم بذلک أنهما حدیثان متغایران إسنادا ، والحقیقة خلاف ذلک ...

والآخر : إنه حکی تصحیح الحاکم للحدیث دون أن یتبعه ببیان علته ، أو علی الأقل دون أن ینقل کلام الذهبی فی نقده ، وزاد فی إیهام صحته أنه نقل عن الحافظ قوله فی الإصابة : قلت : فی إسناده : یحیی بن یعلی المحاربی ، وهو واه ، فتعقبه عبد الحسین بقوله : أقول : هذا غریب من مثل العسقلانی ... فأقول : أغرب من هذا الغریب أن یدیر عبد الحسین کلامه فی توهیمه الحافظ فی توهینه للمحاربی ، وهو یعلم أن المقصود بهذا التوهین إنما هو الأسلمی ولیس المحاربی ...» (1).

ص: 86


1- 1. حدیث الثقلین وفقهه ، هامش ص 30 عن سلسلة الأحادیث للألبانی.

أقول :

وفیه مواقع للنظر :

أما أولا : فقد سبق أن أبا نعیم لم یقل فی هذا الحدیث إلا «غریب ..» وقد بینا المراد من «الغریب فی الاصطلاح. کما سبق أن ابن عساکر روی الحدیث من دون طعن فی سنده. ونحن نعتمد علی کلام هؤلاء ، لکونهم أئمة فی الحدیث وأقرب عهدا وأکثر معرفة برواته ، ولا نعبأ بتضعیف المتأخرین عنهم فضلا عن الحکم بالوضع!

وأما ثانیا : فإن «یحیی بن یعلی الأسلمی» لا ذنب له إلا التشیع ، کما سبق ، وکما اعترف هذا الشیخ ... وقد حققنا حاله علی ضوء کلمات أعلام القوم.

وأما ثالثا : فإن أبا إسحاق السبیعی مع أنه قد اختلط فی آخر عمره ، وکان یدلس ... من رجال الصحیحین ، فقد ذکر الحافظ ابن القیسرانی تحت عنوان : «من اسمه عمرو عندهما» : «1393 : عمرو بن عبد الله بن ذی یحمد ، ویقال : ابن عبد الله ، بن علی ، الهمدانی السبیعی الکوفی ...» ثم ذکر مشایخه عند البخاری ومسلم ، ثم قال : «قال شریک : سمعت أبا إسحاق یقول : ولدت فی سنتین من إمارة عثمان. وقال أبو بکر ابن عیاش. دفنا أبا إسحاق سنة ست أو سبع وعشرین ومائة» (1).

بل فی تهذیب التهذیب : «ع (الستة) : عمرو بن عبد الله ... أبو إسحاق السبیعی الکوفی ...» (2).

فهو من رجال الصحاح الستة عندهم .. والطعن فیه طعن فیها ... لکن الشیخ یتکلم وکأنه أفهم ، وأعلم ، وأبصر ، وأخبر ... من أصحابها ...!!

ص: 87


1- 1. رجال الصحیحین 2 / 366.
2- 2. تهذیب التهذیب 8 / 56.

وأما رابعا : فإنا قد بینا أن هنا حدیثین متغایرین متنا وإسنادا ...

وحتی لو فرضنا - جدلا - اتحاد الحدیث ووحدته ، فلماذا یتجاهل الشیخ أن الشک فی اسم الصحابی الراوی للحدیث لا یضر باعتباره عندهم ... وکم لهذا المطلب من نظیر فی أحادیثهم ...!!

فالتعبیر بالاضطراب ، وجعل ذلک علة للحدیث ... باطل ... علی کل تقدیر ...

وأما خامسا : فإن السید لم یکن فی شئ من هذه المواضع بصدد تصحیح ما یحتج به سندا ، کی یحتاج إلی استغلال خطأ قلمی وقع للحافظ ابن حجر العسقلانی ... وإنما نبه علی السهو الواقع منه مستغربا منه ... لا أکثر ...

فلماذا هذه الحملة الظالمة؟! ألیس المقصود منها تضییع الحقوق وإنکار الحقائق؟!

* وأما الحدیث الرابع فقد قال المتقی الهندی بعد روایته : «طب وابن عساکر - عن أبی عبیدة بن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، عن جده» (1).

تحقیق السند :

أقول :

أما روایة الطبرانی فقد قال الهیثمی بعد الحدیث :

«رواه الطبرانی بإسنادین ، أحسب فیهما جماعة ضعفاء ، وقد وثقوا» (2).

وفی هذه العبارة مطالب :

ص: 88


1- 1. کنز العمال 11 / 610 ح 32953.
2- 2. مجمع الزوائد 9 / 109.

الأول : إن الطبرانی روی الحدیث بإسنادین لا بإسناد واحد.

والثانی : إن الطبرانی لم یطعن فی شئ من الإسنادین.

والثالث : إن رجال الإسنادین قد وثقوا ، ویکفینا إخباره بذلک عن النظر فی توهمه!! أن فیهما جماعة ضعفاء.

وأما روایة ابن عساکر فهی بإسنادین کذلک (1) ، والملاحظ :

1 - إن فی الإسنادین غیر واحد من أعلام الحفاظ.

2 - إن ابن عساکر لم یطعن فی شئ منهما.

إذن ، یکفینا شهادة الهیثمی ، وسکوت کل من ابن عساکر والمتقی ، إذ لو کان موضع للقدح لأفصحا به.

وروی أبو عبد الله الکنجی الشافعی الحافظ هذا الحدیث فی المناقب بإسناد له وقال : «حدیث عال حسن مشهور أسند عند أهل النقل» (2).

* وأما الحدیث الخامس فقال المتقی الهندی بعد أن رواه :

«طب - عن محمد بن أبی عبیدة بن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، عن جده ، عن عمار» (3).

أقول :

وأخرجه ابن عساکر من طریق الطبرانی حیث قال :

«أخبرنا أبو علی الحداد ، أنبأنا أبو بکر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ریدة ، أنبأنا سلیمان بن أحمد الطبرانی ، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبی شیبة ،

ص: 89


1- 1. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 93 - 94.
2- 2. کفایة الطالب فی مناقب علی بن أبی طالب : 74.
3- 3. کنز العمال 11 / 611 ح 32958.

أنبأنا أحمد بن طارق الوابشی ، أنبأنا عمرو بن ثابت ، عن محمد بن أبی عبیدة ابن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه أبی عبید ، عن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، قال :

قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من آمن بی وصدقنی فلیتول علی بن أبی طالب ، فإن ولایته ولایتی ، وولایتی ولایة الله (1).

ثم رواه بطریقین آخرین فقال :

«أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندی ، أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن یوسف ، أنبأنا أبو أحمد ابن عدی ، أنبأنا محمد بن عبید الله بن فضیل ، أنبأنا عبد الوهاب بن الضحاک ، أنبأنا ابن عیاش ، عن محمد بن عبید الله بن أبی رافع ، عن أبی عبیدة بن محمد بن عمار بن یاسر ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ...

قال : وأنبأنا أبو أحمد ، أنبأنا جعفر بن أحمد بن علی بن بیان ، أنبأنا یحیی بن عبد الله بن بکیر ، حدثنی ابن لهیعة ، حدثنی محمد بن عبد الله ، عن أبی عبیدة ...» (2).

تحقیق السند :

أقول :

ولا یخفی أن أکثر رجال هذه الأسانید أئمة حفاظ أعلام ، ولولا خوف الإطالة لترجمنا لهم ، کی یزداد شأن هذه الأحادیث ، والمضمون الذی اشتملت علیه وضوحا وتبیانا.

* وقد قیل - فی الرد علی الحدیث الرابع - ما هذا نصه :

ص: 90


1- 1. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 91 ح 591.
2- 2. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 91 - 92 ح 592 و 593.

«هذا الحدیث رواه الطبرانی بإسنادین ، أحسب فیهما جماعة ضعفاء :

عن أبی عبیدة بن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، عن جده - المنتخب : 32).

عن محمد بن أبی عبیدة بن محمد بن عمار بن یاسر ، عن أبیه ، عن جده عمار (المراجعات : 49).

لم یثبت أن لأبی عبیدة بن محمد بن عمار ولدا اسمه (محمد) روی عنه ، کما أنه قد اختلف فی أبی عبیدة هذا ، هل هو سلمة بن محمد بن عمار؟ أم أخ له؟

وقد اختلف فی توثیقه أیضا ، فقال ابن معین : ثقة. وقال ابن أبی حاتم عن أبیه : منکر الحدیث ولا یسمی. وقال فی موضع آخر : صحیح الحدیث. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : أبو عبیدة هذا ثقة.

أما محمد بن عمار ، فقد أورد ابن حجر فی تهذیب التهذیب : أنه کان یرسل الحدیث فیرفعه إلی النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم دون ذکر أبیه عمار.

وعلی هذا ، فإن الحدیث مضطرب السند ، ولم یخرجه أحد من أصحاب الصحاح والمسانید المعتبرة».

أقول :

ولا یخفی فساد هذا النقد :

أما أولا : فإن جملة : «رواه الطبرانی بإسنادین ...» هی کلام الحافظ الهیثمی ، وقد نقلناها آنفا ، إلا أن هذا المفتری حرفها وأسقط منها اعترافه بأن رجال الحدیث «وثقوا» وأبقی جملة : «أحسب فیهما جماعة ضعفاء» لکنه حذف اسم الحافظ الهیثمی لیوهم أن الکلام له دونه.

وأما ثانیا : إن هذه الأحادیث من أدلة ثبوت «محمد بن أبی عبیدة» ولم

ص: 91

أجد فی رواة أحادیث الباب من یطعن فیها من هذه الناحیة ، ویکفینا قول الهیثمی : «وثقوا» إذ التوثیق فرع الثبوت کما هو واضح.

وأما ثالثا : فالاختلاف فی اسم أبی عبیدة بعد توثیقه غیر مضر.

وأما رابعا : فإن الرجل لم یورد طعنا فی وثاقة أبی عبیدة. أما یحیی بن معین وعبد الله فقد وثقاه. وأما أبو حاتم - وبعد غض النظر عما ذکر الذهبی فی تجریحاته - فکلامه متعارض ... فأین الجرح؟!

وأما خامسا : فما نقله عن «تهذیب التهذیب» لا یضر بوثاقة الرجل ، وقد کتم هذا الرجل ما أورده ابن حجر مما یدل علی وثاقته (1) ، وأن ابن حبان ذکره فی الثقات ، ولهذا کله قال ابن حجر نفسه بترجمته : «مقبول» (2).

تحقیق سند حدیث أحمد :

* قال السید رحمه الله - فی آخر هامش الحدیث الأول - :

«ونقل نحوه فی ص 449 عن أبی عبد الله أحمد بن حنبل فی کل من مسنده وکتاب فضائل علی بن أبی طالب».

أقول :

أما الحدیث فی «الفضائل» لأحمد (3) فهذا نصه :

«حدثنا الحسن ، قال : ثنا الحسن بن علی بن راشد ، نا شریک ، قال : ثنا الأعمش ، عن حبیب بن أبی ثابت ، عن أبی الطفیل ، عن زید بن أرقم ،

ص: 92


1- 1. تهذیب التهذیب 9 / 319.
2- 2. تقریب التهذیب 2 / 193.
3- (50) فی مراجعة سریعة لکتاب «المعجم المفهرس لألفاظ الحدیث النبوی» لم نهتد إلی موضع الحدیث فی مسند أحمد ، ولا ندری ما إذا کان موجودا فیه ولم نعثر علیه ، أو أسقط فیما أسقط من أحادیث المسند!!

قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : من أحب أن یستمسک بالقضیب الأحمر الذی غرسه الله عزوجل فی جنة عدن بیمینه ، فلیتمسک بحب علی بن أبی طالب» (1).

ورواه عن أحمد غیر واحد من الأعلام (2).

وهذا الحدیث أخرجه : الدارقطنی ، قال السیوطی : «الدارقطنی : حدثنا الحسن بن علی بن زکریا ، حدثنا الحسین (3) بن راشد ، حدثنا شریک ... الحسن هو العدوی الوضاع ، سرقه من إسحاق» (4).

وابن عساکر ... قال : «أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو محمد الجوهری ، أنبأنا محمد بن العباس بن حیویه الخزاز ، أنبأنا الحسن بن علی بن زکریا ، أنبأنا الحسن بن علی بن راشد ...» (5).

قال أبو نعیم : ورواه السدی عن زید بن أرقم (6).

قلت :

روایة السدی أخرجها ابن عساکر بطریقین عن زید بن أرقم وأبی هریرة ... قال :

«أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن المسلم الرحبی ، أنبأنا خال أبی سعد الله ابن صاعد ، أنبأنا مسدد بن علی ، أنبأنا إسماعیل بن القاسم ، أنبأنا یحیی بن

ص: 93


1- 1. فضائل علی بن أبی طالب ، رقم الحدیث 1132.
2- 2. کسبط ابن الجوزی فی التذکرة ، وابن أبی الحدید فی الشرح ، والقندوزی فی الینابیع : 126.
3- 3. کذا ، والصحیح هو : «الحسن».
4- 4. اللآلئ المصنوعة 1 / 369.
5- 5. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 102.
6- 6. حلیة الأولیاء 1 / 86.

علی ، أنبأنا أبو عبد الرحمن ، أنبأنا أبی ، عن السدی ، عن زید بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ...

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودی ، أنبأنا أبو الحسن علی بن أحمد الجیرفتی [ظ] أنبأنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس الدهقان ببغداد ، أنبأنا محمد بن مندة بن أبی الهیثم الأصبهانی ، أنبأنا محمد بن بکیر الحضرمی ، أنبأنا عبد الله بن عمر البلخی ، عن الفضل بن یحیی المکی ، عن السدی ، عن أبیه ، عن أبی هریرة ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ...» (1).

وأخرجها السیوطی عن زید بطریق آخر ، فإنه قال بعد روایة الدارقطنی المتقدمة :

«قلت : له طریق آخر ، قال الشیرازی فی الألقاب : أنبأنا أبو الحسن أحمد بن أبی عمران الجرجانی ، أنبأنا کرد بن جعفر بن أحمد بن محمد البغدادی - إملاء - حدثنا أحمد بن أبی فروة الرهاوی ، حدثنا إبراهیم بن عبد السلام الرهاوی ، حدثنا عبد الملک بن دلیل ، حدثنی أبی دلیل ، عن السدی ، عن زید بن أرقم - مرفوعا - : من أحب ...

قال ابن حبان : دلیل عن السدی عن زید بن أرقم ، روی عنه ابنه عبد الملک نسخة موضوعة لا یحل ذکرها فی الکتب. قال الذهبی فی المیزان : منها هذا الحدیث» (2).

وهذا الحدیث أخرجه السیوطی عن البراء بن عازب ، قال :

«الأزدی : أنبأنا عمرو بن سعید بن سفیان ، حدثنا إسحاق بن إبراهیم النحوی ، حدثنا یزید بن هارون ، حدثنا شعبة ، عن أبی إسحاق ، عن البراء

ص: 94


1- 1. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 100 - 101.
2- 2. الآلی المصنوعة 1 / 369.

- مرفوعا - : من أحب ...

إسحاق یضع. قلت : قال فی المیزان : هو : إسحاق بن إبراهیم بن یعقوب بن عباد بن العوام الواسطی ، رآه ابن عدی وکذبه لوضعه الحدیث ، وکذبه الأزدی أیضا وقال : فیه النحوی. والله أعلم» (1).

والفقیه الحافظ ابن المغازلی الشافعی ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال :

«أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار - بقراءتی علیه فأقر به سنة 434 - قلت له : أخبرکم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطی - رحمه الله - أخبرنا أبو بکر ابن أبی داود - وأنا سألته - حدثنا إسحاق بن إبراهیم بن شاذان ، حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال :

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : من أحب أن یتمسک بالقضیب الیاقوت الأحمر الذی غرسه الله فی جنة عدن ، فلیتمسک بحب علی ابن أبی طالب».

وعن السدی ، عن ابن عباس :

«أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج ، أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حیویه الخزاز - إذنا - حدثنا أبو الحسن الدیباجی أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن غالب ، قال : حدثنی عبد العزیز بن عبد الله ، عن إسماعیل بن عیاش الحمصی ، عن السدی ، عن ابن عباس ، عن النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم ...».

وعن علی بن الحسین علیهما السلام ، عن ابن عباس :

«أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو عبد الله محمد

ص: 95


1- 1. الآلی المصنوعة 1 / 368.

ابن زید بن علی بن جعفر بن مروان الکوفی - قراءة علیه فی ذی الحجة سنة 372 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن علی بن شاذان ، قال : حدثنی محمد بن إسماعیل ، قال : حدثنی إسحاق بن موسی ، عن أبیه ، عن جده ، عن أبیه ، عن علی بن الحسین ، عن ابن عباس ...» (1).

أقول :

فهذا الحدیث مروی عندهم فی کتب کثیرة معتبرة بالأسانید والطرق العدیدة المتضافرة ، عن غیر واحد من الأصحاب ، وهم :

1 - عبد الله بن عباس.

2 - البراء بن عازب.

3 - زید بن أرقم.

4 - أبو هریرة.

فهل وضعه کل هؤلاء؟! أو بعضهم ووافقه علیه غیره؟!

ولو سلمنا ضعف جمیع طرقه وأسانیده ... فقد تقدم کلام العلامة المناوی - وله نظائر من غیره من الأعلام - ینص علی بلوغ هکذا حدیث مرتبة الحجیة ، وأن من ینکر هذا المعنی فهو إما جاهل بالصناعة ، أو معاند مکابر متعصب ...

لکنا لا نسلم .. وللنظر فیما ذکر فی غیر واحد من الطرق مجال ...

* لأن حدیث «دلیل عن السدی عن زید» لم یطعن فیه إلا من جهة کلام ابن حبان : «روی عنه ابنه عبد الملک نسخة موضوعة لا یحل ذکرها فی الکتب» وتطبیق الذهبی - باجتهاده المنبعث من طریقته فی رد فضائل أهل البیت علیهم السلام - هذه الکبری علی ما نحن فیه بقوله : «منها هذا الحدیث»!!

ص: 96


1- 1. مناقب علی بن أبی طالب : 216 - 217.

* ولأن حدیث «الأزدی عن البراء» استند فی رده إلی أمرین :

أحدهما : رآه ابن عدی وکذبه.

والثانی : کذبه الأزدی.

قلت :

أما الأول ففیه : أن «ابن عدی» علی هذا من أقران «إسحاق» المذکور ، وقد نص الذهبی علی أن کلام الأقران بعضهم فی بعض لا یعبأ به ، وهذه عبارته :

«قلت : کلام الأقران بعضهم فی بعض لا یعبأ به ، لا سیما إذا لاح لک أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، ما ینجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلک ، سوی الأنبیاء والصدیقین ...» (1).

وعلیه فلیتوقف عن قبول رمی ابن عدی إسحاق بما سمعت!

وأما الثانی ، فقد نص الذهبی أیضا بسقوط جرح الأزدی ، قال : «لا یلتفت إلی قول الأزدی ، فإن فی لسانه فی الجرح رهقا» (2).

إذن ، لم یثبت جرح إسحاق.

علی أنه قد تابعه فی الحدیث غیره : أخرج ابن عساکر قال :

«أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو محمد الجوهری ، أنبأنا أبو الحسین ابن المظفر ، أنبأنا محمد بن محمد بن سلیمان ، حدثنی محمد بن أبی یعقوب الدینوری ، أنبأنا أبو میمون جعفر بن نصر ، أنبأنا یزید بن هارون الواسطی ...» (3).

ص: 97


1- 1. میزان الاعتدال 1 / 111.
2- 2. میزان الاعتدال 1 / 61.
3- 3. ترجمة علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق 2 / 101.

و «أبو میمون» وإن تکلم فیه ، إلا أن سکوت ابن عساکر ومشایخه الذین فی طریق هذا الحدیث - وهم حفاظ کبار - عن الطعن یکفی فی مقام الاحتجاج.

* ولأن حدیث الدارقطنی لم یطعن فیه إلا من ناحیة «الحسن» قال الحافظ ابن الجوزی : «هو العدوی الکذاب الوضاع ، ولعله سرقه من النحوی» (1). وقال السیوطی : «هو العدوی الوضاع ، سرقه من إسحاق» (2).

* وکذا الحدیث فی «الفضائل» ، إذ لم یطعن فی إسناده إلا من ناحیة «الحسن» فی أوله.

قلت :

إعلم أن القوم قد تناقضت کلماتهم واضطربت أقوالهم تجاه هذا الحدیث ، بالسند الذی جاء فی (الفضائل) ورواه الدارقطنی الحافظ ، ونحن ننقل کلماتهم .. وعلیک بالتأمل ، ولک أن تستنتج ما حکم به عقلک وإنصافک ..

لقد جاء فی (الفضائل) : «حدثنا الحسن ، قال : ثنا الحسن بن علی بن راشد ، قال : ثنا الأعمش ، عن حبیب بن أبی ثابت ، عن أبی الطفیل ، عن زید ابن أرقم ...».

وقال الدارقطنی : حدثنا الحسن بن علی بن زکریا ، حدثنا الحسن بن راشد ، حدثنا شریک ...».

أما «ابن راشد» فهو : «الحسن بن علی بن راشد الواسطی» قال الحافظ ابن حجر : «صدوق ، رمی بشئ من التدلیس ، من العاشرة ، مات سنة 37»

ص: 98


1- 1. الموضوعات 1 / 387.
2- 2. اللآلئ المصنوعة 1 / 369.

ووضع علیه علامة : أبی داود والنسائی (1).

وأما «الأعمش» فهو من رجال الکتب الستة (2).

وأما «حبیب» فهو من رجال الکتب الستة کذلک (3).

وأما «أبو الطفیل» و «زید بن أرقم» فصحابیان.

إذن : لا إشکال إلا من ناحیة «الحسن» فی أول السند.

أما الدارقطنی فقال : «حدثنا الحسن بن علی بن زکریا ...».

وأما (الفضائل) فإنه وإن لم یقل فی حدیثنا - وحدیثین قبله - إلا «حدثنا الحسن» لکنه صرح فی الحدیث السابق علی الأحادیث الثلاثة بقوله : «حدثنا الحسن بن علی البصری».

ثم إن الدارقطنی لم یتکلم فی الحدیث بشئ غیر أنه قال : «ما کتبته إلا عنه» فلم یضعف شیخه «الحسن» وهو یدل علی کون الحدیث صحیحا عنده.

لکن القوم المتعصبین یشق علیهم ذلک!! فیقول ابن الجوزی عقب کلام الدارقطنی : «قلت : وهو العدوی الکذاب الوضاع ، ولعله سرقه من النحوی».

ثم جاء السیوطی فأسقط کلام الدارقطنی ، کاتما شهادته الضمنیة بوثاقة شیخه «الحسن»!! وأسقط کلمة «لعل» من عبارة ابن الجوزی ، لیرمی الرجل بالسرقة عن یقین!! فقال : «الحسن هو العدوی الوضاع ، سرقه من إسحاق».

فنقول :

أولا : الدارقطنی یشهد بوثاقة شیخه ، وهذه الشهادة لا تعارضها تلک الکلمات المضطربة الصادرة من الحاقدین علی أهل البیت الطاهرین!

ص: 99


1- 1. تقریب التهذیب 1 / 168.
2- 2. تقریب التهذیب 1 / 331.
3- 3. تقریب التهذیب 1 / 148.

وثانیا : إن الأوصاف والألقاب التی یذکرونها بتراجم الدارقطنی لتکذب أن یتخذ «کذابا ، وضاعا ، سارقا» شیخا له ، فیروی عنه الأحادیث النبویة والأحکام الشرعیة!!

یقولون بترجمة الدارقطنی ووصفه :

الإمام الحافظ المجود ، شیخ الإسلام ، علم الجهابذة ... من بحور العلم ومن أئمة الدنیا ، انتهی إلیه الحفظ ومعرفة علل الحدیث ورجاله ... صار واحد عصره فی الحفظ والفهم والورع ... فرید عصره وقریع دهره ونسیج وحده وإمام وقته ، انتهی إلیه علو الأثر والمعرفة بعلل الحدیث وأسماء الرجال ، مع الصدق والثقة ... لم یأت بعد النسائی مثله ... أمیر المؤمنین فی الحدیث ... (1).

وثالثا : إن قول ابن الجوزی والسیوطی «هو العدوی الوضاع» اجتهاد فی مقابلة نص الدارقطنی علی أنه غیره کما ستعرف.

ورابعا : إن ابن الجوزی - المتوفی سنة 597 ه - غیر جازم بسرقة الحدیث من «إسحاق» .. وهل ترد الأحادیث المعتبرة الثابتة ب «لعل»؟! ثم یأتی السیوطی - المتوفی سنة 911 ه - وکأنه جازم ، فیسقط کلمة «لعل»!

وخامسا : قد عرفت أن «إسحاق بن إبراهیم» إنما تکلم فیه الأزدی ، ومن هنا لم یطعن ابن الجوزی فی الحدیث عن البراء إلا اعتمادا علیه حیث قال : «قال الأزدی : کان إسحاق بن إبراهیم یضع الحدیث» وقد قدمنا عن الحافظ الذهبی أن الأزدی لا یعتد بقوله ... حتی أنه قال فیه فی موضع آخر بترجمة أحد الرجال : «وقال أبو الفتح الأزدی : هو ضعیف ، لم أر فی شیوخنا من یحدث عنه. قلت : هذه مجازفة ، لیت الأزدی عرف ضعف نفسه!» (2). وقال

ص: 100


1- 1. هذه کلمات من : الحاکم ، الخطیب ، الذهبی ... أنظر : تاریخ بغداد 12 / 1. سیر أعلام النبلاء 16 / 449 و 10 / 167 ، میزان الاعتدال 4 / 8 عند نقل کلام عنه.
2- 2. سیر أعلام النبلاء 13 / 389.

بترجمة الأزدی :

«قال أبو بکر الخطیب : کان حافظا ، صنف فی علوم الحدیث. وسألت البرقانی عنه فضعفه. وحدثنی أبو النجیب عبد الغفار الأرموی قال : رأیت أهل الموصل یوهنون أبا الفتح ولا یعدونه شیئا : قال الخطیب : فی حدیثه مناکیر.

قلت : وعلیه فی کتابه فی الضعفاء مؤاخذات ، فإنه قد ضعف جماعة بلا دلیل ، بل قد یکون غیره قد وثقهم» (1).

وتحصل : صحة الحدیث بروایة الدارقطنی.

وأما روایة (الفضائل) فالحسن فیها هو «الحسن بن علی البصری» .. قال محققه : «موضوع ، وآفته الحسن بن علی البصری».

فمن هو؟!

لقد نقل الذهبی وابن حجر العسقلانی عن الدارقطنی أن شیخه «الحسن ابن علی بن زکریا» غیر «العدوی» وأن «العدوی» متروک ، فقالا : «الحسن بن علی بن زکریا بن صالح ، أبو سعید العدوی البصری ، الملقب بالذئب. قال الدارقطنی : متروک ، وفرق بینه وبین سمیه العدوی» (2).

وهذا وجه آخر یدل علی أن شیخه ثقة.

فهذا من جهة.

ومن جهة أخری : فقد أورد الذهبی وابن حجر عن الحافظ السهمی - المتوفی سنة 428 ه - کلاما هو نص فی المغایرة بین «الحسن بن علی البصری» و «العدوی» ... فقالا : «وقال حمزة السهمی : سمعت أبا محمد الحسن بن علی البصری یقول. أبو سعید العدوی کذاب علی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ، یقول علیه ما لم یقل ...» (3).

ص: 101


1- 1. سیر أعلام النبلاء 16 / 348.
2- 2. میزان الاعتدال 1 / 506 ، لسان المیزان 2 / 228.
3- 3. میزان الاعتدال 1 / 508 ، لسان المیزان 2 / 230.

فالحق أن «الحسن بن علی البصری» شیخ القطیعی ، و «الحسن بن علی ابن زکریا» شیخ الدارقطنی ... واحد ... فهو حدیث اتفق «الدارقطنی» و «القطیعی» علی روایته ، وبسند واحد ، وهو صحیح.

وقول محقق کتاب «الفضائل» : «موضوع» باطل ، لأن «الحسن بن علی البصری» غیر «العدوی الوضاع» ولیس إلا «شیخ الدارقطنی» إذ لم نجد فی الکتب رجلا بعنوان «الحسن بن علی البصری» أصلا.

کما أن قول ابن الجوزی والسیوطی بعد حدیث الدارقطنی : «هو العدوی الوضاع» خلط ، إن لم نقل بأنهما تعمدا ذلک لغرض طرح الحدیث!

تنبیه :

لقد أثبتنا صحة الأحادیث المذکورة وتمامیة الاحتجاج بها ، وإن من ینظر فیما ذکرناه وینصف لا یتردد فی صدور المضمون الذی تدل علیه عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، کما لا یتردد فی وجوب الأخذ بذاک المضمون اعتقادا وعملا ...

وقد رأینا من المناسب أن نؤکد صدور المضمون ، بحدیث بنفس المعنی أخرجه کبار الأئمة الأعلام فی المسانید المعتبرة والکتب المشتهرة ، وبأسانید صحیحة ، کما نص علی صحته غیر واحد منهم ، وهو قوله صلی الله علیه وآله وسلم لعلی علیه السلام :

«أنت ولی کل مؤمن من بعدی».

أخرجه :

ابن أبی شیبة فی «المصنف» وصححه ، ووافقه علی التصحیح : السیوطی (1) والقاری (2).

ص: 102


1- 1. القول الجلی فی مناقب علی : الحدیث 40.
2- 2. کنز العمال 15 / 124 ط حیدر آباد.

وأبو داود الطیالسی فی (مسنده) بسند نص علی صحته : ابن عبد البر (1) والمزی (2) وأحمد بن حنبل فی (مسنده) بسند صحیح (3).

والترمذی فی (صحیحه) (4) والنسائی فی (الخصائص) (5).

وابن جریر الطبری وصححه (6).

وابن حبان فی (صحیحه) (7).

والحاکم ، وصححه علی شرط مسلم (8).

وابن حجر ، قال : «أخرج الترمذی بسند قوی ...» (9).

وسندلل بالتفصیل علی صحته حیث یذکره السید ، فانتظر.

أقول :

ثم إن السید - رحمه الله - أورد نصوصا أخری ، وتعرض خلالها - بالمناسبة - إلی أشیاء من غیر النصوص النبویة ...

وحیث تکلمنا بالتفصیل فی تشیید عمدة نصوص المراجعة ، ودفع شبهات السابقین واللاحقین عنها ، ولم یبق مجال للریب فی تمامیة ما قصده.

ص: 103


1- 1. الإستیعاب فی معرفة الأصحاب ، ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام 3 / 1091.
2- 2. تهذیب الکمال - ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام 20 / 481.
3- 3. مسند أحمد بن حنبل 5 / 25.
4- 4. صحیح الترمذی 5 / 296.
5- 5. خصائص أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب : 97.
6- 6. کنز العمال 15 / 124 ط حیدر آباد.
7- 7. الریاض النضرة 2 / 225.
8- 8. المستدرک علی الصحیحین 3 / 111.
9- 9. الإصابة فی معرفة الصحابة - ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام 2 / 509.

السید - رحمه الله - فی هذه المراجعة ... کما لم نجد شبهة تستحق التعلیق حول الأحادیث والشواهد الأخری المذکورة فیها ... ننتقل إلی المراجعة التالیة ، وموضوعها «حجج الکتاب».

للبحث صلة ...

ص: 104

أساس نظام الحکم فی الإسلام

بین الواقع والتشریع

رؤیة فی التراث الفکری

(1)

صائب عبد الحمید

( وأن هذا صراطی مستقیما فاتبعوه ..

ولا تتبعوا السبل فتفرق بکم عن سبیله ..

ذلکم وصیکم به لعلکم تتقون ) (1).

الذی یعرفه علماء الاجتماع ومتکلمو المسلمین أن وجود النظام ضرورة لازمة لحفظ الاجتماع ، وعدمه یعنی الفوضی التامة.

وقد عبر ابن خلدون عن هذا النظام بأنه : قوانین سیاسیة مفروضة یسلمها الکافة وینقادون إلی أحکامها ، فإذا خلت الدولة من مثل هذه السیاسة لم یستتب أمرها ولم یتم استیلاؤها ( سنة الله فی الذین خلوا من قبل ) (2).

ورأی ابن حزم أن ذلک معلوما بضرورة العقل وبدیهته ، وأن قیام الدین ممتنع غیر ممکن إلا بالإسناد إلی واحد - (إمام) (خلیفة) - یکون علی رأس هذا النظام (3).

صائب عبد الحمید

ص: 105


1- 1. سورة الأنعام 6 / 153.
2- 2. مقدمة ابن خلدون : 210 ، فصل 25.
3- 3. الفصل 4 / 87.

فما هو موقف الإسلام من هذه الضرورة؟

إنها لمن دواعی الاستغراب أن تکون (الضرورة) و (سنة الله فی خلقه) هی مفترق الطرق بین المسلمین!

هل تفاعل الإسلام - کدین ومنهج للحیاة - مع هذه الضرورة ، سنة الله فی خلقه؟!

الإسلام الذی تشعبت أحکامه وتشریعاته حتی استوعبت الجزئیات الصغیرة فی حیاة الإنسان ، هل نتوقع أنه أهمل أول الضرورات وأهمها ، ضرورة حفظ المجتمع وحفظ الدین وإقامة حدوده وأحکامه؟!

إن فریقا کبیرا منا یقول : نعم ، أهمل الإسلام ذلک.

عندئذ أوقف هذا الفریق نفسه أمام الحاجة الملحة إلی ملء هذا الفرغ الکبیر فی النظام الإسلامی.

فالإسلام الذی أخذ علی عاتقه تنظیم حیاة بنی الإنسان کافة إلی یوم القیامة سیأتی بفراغ کبیر حین لا یقدم جوابا محددا لأول أسئلة الحیاة والمجتمع والشریعة (1).

وأمام هذه الحاجة الملحة قالوا : نعم ، إن الإسلام قد ترک هذا الأمر للأمة ، تختار لنفسها ما تراه الأصلح لحفظ نظامها وحفظ الشریعة ، فعندئذ لا یعد هذا إهمالا.

وهنا یتصدر سؤال جدید ، یقول : ما هی الضوابط اللازم توفرها لضمان شرعیة ما تختاره الأمة؟!

فمن البدیهی أن «نظام الحکم» موضوع مشترک بین الإسلام وغیره من الأنظمة ، سماویة کانت أو أرضیة ، إنما الذی یمیزه عن غیره هو هذه النسبة

ص: 106


1- 1. وهذا الفراغ هو الذی دفع الشیخ علی عبد الرزاق أن ینفی أی صلة للدین الإسلامی بالسیاسة والدولة المدنیة. علی عبد الرزاق / الإسلام وأصول الحکم : الکتاب الثالث.

الملحقة به .. (إسلامی).

فکونه إسلامی یعنی بالضرورة أن یکون محددا بمبادئ الإسلام وأحکامه ، فمن هنا فقط یستمد إسلامیته ، لا من هویة الشخص الحاکم.

أمام هذا السؤال برز أفق جدید ، حین أسند الأمر هنا بالکامل إلی الواقع التاریخی للأمة فی عصر الصحابة ، ورغم أن الکلام هنا سیدور علی نفسه ، إذ یصبح اختیار بعض الأمة هو الدلیل علی شرعیة ما اختاروه ، رغم ذلک فهو قول لا مناص منه!

وبهذا أصبح الواقع التاریخی للأمة جزءا من الدین ، ومصدرا من مصادر العقیدة.

وأصبح الواقع الذی یسود فی الأمة ، والقرار النافذ الذی یتخذه الخلیفة ، جزءا من الشریعة یجب أن ننظر إلیه کما ننظر إلی السنة النبویة.

وهذا المبدأ هو الذی شکل السبب المباشر - ولو ظاهرا - فی إقصاء علی ابن أبی طالب علیه السلام عن الخلافة یوم الشوری ، إذ عرض علته عبد الرحمن بن عوف البیعة علی کتاب الله وسند رسوله وسیرة الشیخین أبی بکر وعمر ، فلما أظهر علی علیه السلام اعتقاده بالالتزام بکتاب الله وسنة رسوله وحسب ، وبأنه غیر ملزم باتباع سیرة الشیخین لأنها لیست من مصادر الشریعة ، عندئذ رأی ذلک الفریق أن هذا الاعتقاد یعد مبررا کافیا فی إقصاء صاحبه عن الخلافة وإسنادها إلی رجل آخر یتعهد بالتزام ذلک الشرط مصدرا ثالثا مع الکتاب والسنة (1).

====

تعقیب : أری علی دعاة السلفیة أن یقفوا أمام هذه المسألة بجد ، فإنها تناقض أصل دعوتهم التی ترفض الالتزام التام بأی مصدر آخر غیر الکتاب والسنة ، فدخول هذا الشرط الجدید فی البیعة باطل إذن ، فإما أن تکون هذه البیعة باطلة ، أو أن یکون أصل دعوتهم بحاجة إلی إعادة

ص: 107


1- 1. راجع : تاریخ الیعقوبی 2 / 162 ، تاریخ الطبری 4 / 238 ، الکامل فی التاریخ 3 / 71 ، البدایة والنهایة 7 / 146 - 147.

إذن دخلت سیاسة الأمر الواقع فی التقسیم العملی لمصادر التشریع ، وبالخصوص فی مجال النظام السیاسی الإسلامی ، کما فی المثال السابق ، وکما فی الأعم الأغلب من تفاصیل هذا النظام کما سنری ...

فحین جعل اختیار الإمام - رأس النظام السیاسی وفاتحة مساره المقبل - منوطا بالأمة ، فلا بد من مزید بیان وتحدید ، فما معنی أن الأمر منوط بالأمة؟!

هل یعنی أن تجتمع الأمة بکامل أفرادها علی رجل واحد فی وقت واحد لتتم له البیعة فتصح خلافته؟!

* ذهب إلی هذا بعض المعتزلة - کأبی بکر الأصم والهشامیة - ولکن لم یوافقهم علیه أحد ، لأنه أمر لم یتحقق قط ، ولا یمکن تحققه فی الواقع بحال من الأحوال ، فهو تکلیف ما لا یطاق.

* لذا خفف آخرون من شدة ذلک ، فقالوا : إن المراد بالأمة هنا فضلاؤها من کل بلد ومدینة ، لا سائر أفرادها.

* لکن هذا الرأی هو الآخر لم یحظ بالقبول ، لأنه لم یکن له فی الواقع مصداق ، بل رأی البعض فساد هذا الرأی ، لأنه لا بد من ضیاع أمور المسلمین قبل أن یجمع جزء من مئة جزء من فضلاء أهل البلاد الإسلامیة المتعددة الأطراف (1).

وإلی هنا لم یکن لهذه الآراء دلیل من الشرع ولا من الواقع

* أما الجمهور فذهبوا إلی أن الإمامة تنعقد باختیار أهل الحل والعقد فقط ، لا جمیع الأمة ولا جمیع فضلائها.

====

2. الفصل 4 / 168.

ص: 108


1- نظر .. إن علیهم وفق مبدئهم أن ینضموا إلی شیعة علی ، أو أن یذعنوا للشیعة بأنهم هم السلفیون حقا!

من هم أهل الحل والعقد؟

سؤال کبیر یواجه النظریة الأخیرة ، تتفرع منه أسئلة أخری :

فمن هم أهل الحل والعقد؟

ما هی مواصفاتهم؟ ومن الذی یتولی اختیارهم؟ وکیف یتم اختیارهم؟ وکم یکون عددهم؟ وما هی حدود صلاحیاتهم؟ وما هو الأسلوب الذی سیعتمدونه فی انتخاب الخلیفة؟

لیس هناک نص من الشرع ولا شئ من السیرة النبویة یمکن الرجوع إلیه فی الإجابة عن شئ من هذه الأسئلة. من هنا تعددت الإجابات وتناقضت ، ومع ذلک فإن أیا منها لم یقدم حلا شافیا لتلک الأسئلة ..

* فبعضهم قال : لا تنعقد الإمامة إلا بجمهور أهل الحل والعقد من کل بلد ، لیکون الرضا بهم عاما ، والتسلیم لإمامته إجماعا.

* ورده الآخرون ، فقالوا : هذا مذهب مدفوع ببیعة أبی بکر علی الخلافة باختیار من حضرها ، ولم ینتظر قدوم غائب عنها.

* ومن هؤلاء من قال : أقل ما تنعقد به الإمامة خمسة من أهل الحل والعقد یجتمعون علی عقدها ، أو یعقدها أحدهم برضا الأربعة. واستدلوا لذلک بأمرین :

الأول : أن بیعة أبی بکر انعقدت بخمسة اجتمعوا علیها ثم تابعهم الناس فیها. والخمسة هم : عمر بن الخطاب ، وأبو عبیدة بن الجراح ، وسالم مولی أبی حذیفة ، وأسید بن حضیر. وبشیر بن سعد.

والثانی : أن عمر بن الخطاب جعل الشوری فی ستة لیعقد لأحدهم برضا الخمسة.

* ومنهم من قال : بل تنعقد بثلاثة ، یتولاها أحدهم برضا الاثنین ، لیکونوا حاکما وشاهدین ، کما یصح عقد النکاح بولی وشاهدین.

ص: 109

* ومنهم من قال : بل تنعقد بواحد ، لأن العباس قال لعلی علیه السلام : امدد یدک أبایعک ، فیقول الناس : عم رسول الله بایع ابن عمه ، فلا یختلف علیک اثنان. ولأنه حکم ، وحکم واحد نافذ (1).

والاضطراب واضح فی هذه الإجابات ، ومصدره رجوعها إلی الأمر الواقع فی وجوهه المختلفة ، وإلی أقیسة غیر صحیحة ، لاختلاف الموضوع بین عقد الخلافة وعقد النکاح أو حکم الواحد.

* وقد کشف ابن حزم عن فساد هذه الآراء فی أثناء عرضه لها ، وقال : کل قول فی الدین عری عن دلیل من القرآن أو من سنة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أو من إجماع الأمة المتیقن فهو باطل بیقین ، قال تعالی : ( قل هاتوا برهانکم إن کنتم صادقین ) (2) فصح أن من لا برهان له علی صحة قوله فلیس صادقا فیه (3).

ثم قال : فإذ قد بطلت هذه الأقوال کلها فالواجب النظر فی ذلک علی ما أوجبه الله تعالی فی القرآن والسنة وإجماع المسلمین ، کما افترض علینا عزوجل إذ یقول : ( وأطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم فإن تنازعتم فی شئ فردوه إلی الله والرسول إن کنتم تؤمنون بالله والیوم الآخر ) (4).

ولکن ابن حزم حین أبطل هذه الآراء کلها لأنها کانت عریة عن الدلیل الشرعی ، لم یفلح فی إیجاد البدیل المتماسک کما سنری ذلک فی محله من هذا البحث.

ص: 110


1- 1. راجع : الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 6 - 7.
2- 2. سورة النمل 27 : 64.
3- 3. الفصل 4 / 168.
4- 4. الفصل 4 / 169 ، والآیة من سورة النساء 4 : 59.

وجوه تعیین الخلیفة :

هذه المسألة الکبری فی نظام الدین والدنیا کیف تجد لها حلا حین یغفلها التشریع بمصدریة الرئیسین - القرآن والسنة - ویفوض أمرها إلی الأمة؟!

هل هناک قاعدة ثابتة تستند إلیها الأمة فی تعیین الخلیفة؟!

وما مدی شرعیة هذه القاعدة؟!

الحق أننا لم نقف فی إطار هذه النظریة علی قاعدة واحدة محددة المعالم اعتمدتها الأمة فی اختیار الإمام لتکتسب شرعیتها من الإجماع. وإنما وجدنا أسالیب مختلفة لا یترجح أحدها علی الآخر بدلیل شرعی.

عندئذ وجدنا أنفسنا مضطرین إلی قبول تلک الأسالیب کلها ، لا لکونها مؤیدة بدلیل من الشرع ، بل لأنها قد حصلت فی الفترة المتقدمة من تاریخ الأمة ، أی فی عهد الصحابة ، مع أنها کانت عریة عن دلیل الإجماع أیضا ..

فقالوا : هناک ثلاثة وجوه لتعیین الخلیفة :

الوجه الأول : اختیار أهل الحل والعقد ، ویطلق علیه (نظام الشوری) أیضا.

لکن نظام الشوری هذا لم یتخذ شکلا واحدا عند الصحابة ، لذا فقد فصلوا فیه تبعا لذلک الاختلاف ، فقالوا : الشوری علی شکلین :

الأول : نظام الشوری ابتداء ، کما حدث فی بیعة أبی بکر وعلی بن أبی طالب.

والثانی : نظام الشوری بین عدد یعینهم الخلیفة السابق ، کما صنع عمر.

الوجه الثانی : العهد.

وهو أن ینص الخلیفة قبل موته علی من یخلفه. وقد اتخذ هذا العهد أشکالا ثلاثة :

ص: 111

الأول : أن یعهد الخلیفة إلی واحد ، کما صنع أبو بکر فی عهده إلی عمر.

الثانی : أن یعهد إلی جماعة یکون الخلیفة واحد منهم ، کما صنع عمر فی عهده إلی ستة نفر ینتخبوا الخلیفة القادم من بینهم.

الثالث : أن یعهد إلی اثنین فأکثر ویرتب الخلافة فیهم بأن یقول : الخلیفة بعدی فلان ، فإذا مات فالخلیفة بعده فلان. وفی هذا النظام تنتقل الخلافة بعده علی الترتیب الذی رتبه ، کما عهد سلیمان بن عبد الملک إلی عمر بن عبد العزیز بعده ثم إلی یزید بن عبد الملک ، وکذلک رتبها هارون الرشید فی ثلاثة من بنیه : الأمین ، ثم المأمون ، ثم المؤتمن (1).

الوجه الثالث : القهر والاستیلاء ، أو الغلبة بالسیف (2).

قال الإمام أحمد : «ومن غلبهم بالسیف حتی صار خلیفة وسمی أمیر المؤمنین فلا یحل لأحد یؤمن بالله والیوم الآخر أن یبیت ولا یراه إماما ، برا کان أو فاجرا».

وعند وجود إمام مستقر ثم یخرج علیه آخر طلبا للملک ، فقد قال الإمام أحمد : «الإمامة لمن غلب» واحتج لذلک بأن ابن عمر صلی بأهل المدینة فی زمن الحرة وقال : «نحن مع من غلب» (3).

والأمر مطرد ، فلو ثبتت الإمامة لواحد بالقهر والاستیلاء ، فیجئ آخر ویقهره ویستولی علی الأمر ، ینعزل الأول ویصیر الإمام هو الثانی (4).

وظاهر جدا أن هذه النظریة إنما هی نظریة تبریر ، لا نظریة تشریع.

ص: 112


1- 1. راجع الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 6 - 14 ، الأحکام السلطانیة - للفراء - : 23 ، مآثر الإنافة 1 / 39 - 58.
2- 2. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20 ، مآثر الإنافة 1 / 58 ، شرح المقاصد 5 / 233.
3- 3. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20 و 22 و 23.
4- 4. مآثر الإنافة 1 / 71.

إنها نظریة تبریر الأمر الواقع وإضفاء الشرعیة علیه ، والدافع الوحید إلی هذا التبریر هو إعفاء الصحابة من تهمة العمل فی هذا الأمر الخطیر بدون دلیل من الشرع ، وإعفاؤهم مما ترتب علی ذلک من نتائج.

لأجل هذا ظهر فی هذه النظریة من التکلف والتعسف ما لا یخفی ، ومن ذلک :

1 - إن أیا من هذه الوجوه الثلاثة لا یستند إلی دلیل شرعی البتة ، ولم یکن یعرفه حتی فقهاء الصحابة قبل ظهوره علی الواقع. ومن هنا طعن ابن حزم هذه الوجوه کلها کما تقدم.

2 - إن مبدأ الشوری المذکور فی الوجه الأول والمأخوذ من بیعة أبی بکر لم یکن قد تحقق فی تلک البیعة ، ولیس لأحد أن یدعی ذلک بعد أن وصفها عمر - فی خطبته التی رواها البخاری وغیره وأصحاب السیر - بأنها کانت فلتة ، عن غیر مشورة!

ولم یکن هذا قول عمر وحده ، بل کان یقینا فی أذهان الصحابة وعلی ألسنتهم ، لذا قال بعضهم : لئن مات عمر لأبایعن لفلان ، فما کانت بیعة أبی بکر إلا فلتة.

فلما بلغ عمر ذلک لم ینکره بل أکده ، فقال : «لا یغترن امرؤ أن یقول إنما کانت بیعة أبی بکر فلتة وتمت ، ألا إنها قد کانت کذلک ، ولکن وقی الله شرها» (1)!

وشتان بین الشوری والفلتة!

والغریب أن عمر قد نهی عن تکرار مثل تلک البیعة ، وحذر من العودة لمثلها تحذیرا شدیدا خشیة أن یکون عاقبتها القتل ، «فمن بایع رجلا من غیر مشورة من المسلمین فلا یبایع هو ولا الذی بایعه تغرة أن یقتلا».

ص: 113


1- 1. صحیح البخاری - کتاب الحدود 8 / 302 ح 25 ، مسند أحمد 1 / 56 ، سیرة ابن هشام 4 / 308 ، تاریخ الطبری 3 / 200.

إنه یقول : «من عاد لمثلها فاقتلوه»!! (1).

وفی هذا وحده دلیل کاف علی إلغاء صفة الشرعیة عن تلک البیعة ، فإنما هی بیعة ساقتهم إلیها الأحداث ، فلا یصح العودة لمثلها بحال.

وهکذا دافع عنها أبو علی الجبائی والقاضی عبد الجبار ، فقالا : إن الفلتة لیست هی الذلة والخطیئة ، وإنما تعنی البغتة من غیر رؤیة أو مشاورة ، ویقصد عمر بقوله «من عاد إلی مثلها فاقتلوه» أن من عاد إلی الطریقة التی تمت بها البیعة لأبی بکر من غیر مشاورة أو عذر ولا ضرورة ، ثم طلب من المسلمین البیعة ، فینبغی قتله (2).

هذا ما کان یعرفه الصحابة وکثیر غیرهم عن تلک البیعة إذن ...

أما عامة المتأخرین فکأنهم قد عز علیهم أن ینظروا إلیها بتلک النظرة ، فأضفوا علیها صبغة الشوری لیجعلوا منها - فی ثوبها الجدید - الوجه الشرعی الأول فی اختیار الخلیفة.

ولم یکتف بعضهم بهذا القدر حتی أضفی علیها صبغة الإجماع ابتداء ، کما فعل ابن تیمیة! (3).

غیر أنها دعوی لا یؤیدها شئ من النقل الصحیح ، بل حتی غیر الصحیح ، فلیس فی شئ من أخبار تلک البیعة ما یشیر إلی ذلک الإجماع من قریب أو بعید.

والذی دعا ابن تیمیة إلی هذا هو عقیدته فی شرط صحة البیعة ، إذا کان یری - وفقا للمذهب الحنبلی - أنه یشترط لصحة البیعة اجتماع جمهور أهل

ص: 114


1- 1. الملل والنحل 1 / 30 ، شرح المواقف 8 / 358.
2- 2. المغنی 20 / 340 ، وعنه الدکتور مصطفی حلمی / نظام الخلافة بین أهل السنة والشیعة : 46.
3- 3. أنظر : منهاج السنة - لابن تیمیة - 3 / 215 و 217 و 218.

الحل والعقد فی بلد الخلیفة (1).

لکن الآخرین ردوا هذا الشرط تصحیحا لبیعة أبی بکر خاصة ، فقالوا : هذا مذهب مدفوع ببیعة أبی بکر ، فقد تمت بعقد رجل واحد ورضا أربعة ، ولم ینتظر فیها حضور من لم یحضرها (2).

وهذا الکلام الأخیر هو الموافق لما صح عن عمر فی خطبته المتقدمة ، والموافق لسائر ما ورد من النقل فی أخبار السقیفة.

3 - الخوف من وقوع الفتنة ، کان هو العذر المنتخب فی تبریر أول بیعة لأول خلیفة حین تمت عن غیر مشورة ، ولم ینتظر فیها حضور الکثیر من کبار المهاجرین والأنصار ممن ینبغی أن یکون فی طلیعة أهل الحل والعقد.

فالعذر فی هذا التعجل هو خوف الاختلاف والفتنة ، وهذا ظاهر أیضا فی نص خطبة عمر.

لکن الغریب أن (الفتنة) قد عادت لتصبح طریقا شرعیا من طرق تعیین الخلیفة!

ففی الوجه الثالث یرون القهر والاستیلاء والتغلب بالسیف طریقا إلی الخلافة ، والمتغلب دائما هو الخلیفة الشرعی الواجب الطاعة! وما یزال الطریق مفتوحا أمام کل طامح!

وهل الفتنة شئ غیر هذا؟!

ثم کیف یقول بهذا من یعتقد بمبدأ الشوری ، واختیار أهل الحل والعقد؟!

إن المضی علی طریقة تبریر الأمر الواقع هو الذی أدی إلی ظهور هذا التناقض وأمثاله.

4 - هل یستدعی قبول الأمر الواقع کل هذا القدر من التنظیر والتبریر؟!

ص: 115


1- 1. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 23.
2- 2. الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 6 - 7.

ألیس من الأولی أن تکون هناک نظریة ثابتة محددة المعالم تبنی باعتماد نصوص الشریعة ومفاهیم الإسلام وروح الإسلام ، ثم بعد ذلک توزن علیها عقود الخلافة التی تمت بالفعل ، فکل عقد وافق هذه النظریة وانسجم معها فهو عقد شرعی صحیح ، یکون عنده الخلیفة الذی تمت له البیعة إماما وأمیرا للمؤمنین وخلیفة من خلفاء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بحق ، وکل عقد لم یوافق تلک النظریة فهو عقد غیر صحیح؟

وعندئذ یکون قبول الأمر الواقع المخالف للشروط الصحیحة حالة من حالات الضرورة ما دامت الأمة عاجزة عن إصلاحه.

وهذا القول هو الذی تؤیده السنة ، إذا أطلقت علی هذا النوع من الحکم اسم «الملک العضوض» أی الذی فیه عسف وظلم ، فکأنهم یعضون فیه عضا! وروی أیضا «ملوک عضوض» وهی صیغة جمع ، مفردها : ملک عض ، وهو الخبیث الشرس (1).

فکیف یجتمع هذا مع الخلافة الشرعیة؟!

إمامة المفضول :

هل تعد الأفضلیة شرطا فی الإمامة؟

قالوا : نعم. ثم قالوا : لا. وفی کلا القولین غاب الدلیل الشرعی.

والأمر الذی جاء ب (لا) محل (نعم) هو القبول بشرعیة التغلب بالسیف طریقا إلی الخلافة ، بعد أن کان طریقها الشوری والعهد!

فحین کان لزاما تبریر خلافة معاویة بن أبی سفیان وتقدیمه علی سائر الصحابة ، کان لزاما أن یلغی القول باشتراط الأفضلیة فی الإمامة!

هذا ، فیما کان الرأی أن الإمامة لا تکون إلا للأفضل (2) ، حتی اشتد

ص: 116


1- 1. لسان العرب - مادة (عضض).
2- 2. شرح المقاصد - للتفتازانی - 5 / 291.

النزاع وطال فی تفضیل بعض الصحابة علی بعض تثبیتا لهذا المبدأ ، وحتی ظهرت العقیدة بأن الخلفاء الراشدین هم أفضل الأمة ، وأن ترتیبهم فی الفضل موافق لترتیبهم فی الخلافة ، فأفضل الأمة : أبو بکر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علی (1).

وشدد بعضهم فی التزام هذه القاعدة حتی قال : من فضل علیا علی عثمان فقد أزری علی المهاجرین والأنصار! (2) لیصور فی ذلک أن المهاجرین والأنصار لم یقدموا عثمان فی الخلافة إلا لاعتقادهم أنه أفضل من علی علیه السلام.

لکن لما أرید تبریر قبول خلافة معاویة ومن بعده ، کان لا بد من ظهور قول آخر ..

* قال الجوینی إمام الحرمین : والذی صار إلیه معظم أهل السنة أنه یتعین للإمامة أفضل أهل العصر ، إلا أن یکون فی نصبه هرج وهیجان فتن ، فیجوز نصب المفضول إذ ذاک!

وقال : مسألة امتناع إمامة المفضول لیست بقطعیة.

ثم علل ذلک بأن الشرع لا یمنع منه ، کیف؟! ولو تقدم المفضول فی إمامة الصلاة لصحت الصلاة وإن ترک الأولی (3)؟

* وبرر الرازی ذلک بأن دخول الفاضل تحت إمامة المفضول مما یسهل علی من هو أنقص فضلا من الأمیر الدخول تحت طاعته ، ففی إمامة المفضول ریاضة للفاضل وکسر ما فیه من نخوة!! (4).

ص: 117


1- 1. شرح المقاصد - للتفتازانی - 5 / 290 ، العقیدة - لأحمد بن حنبل - : 123 ، الاقتصاد فی الاعتقاد - للغزالی - : 153.
2- 2. العقود الدریة : 209 عن ابن تیمیة.
3- 3. الإرشاد - للجوینی - : 363.
4- 4. الرازی / نهایة العقول ، عنه نظریة الإمامة : 159.

* ودافع ابن حزم عن إمامة المفضول من عدة وجوه :

الأول : أنه لا یمکن معرفة الأفضل إلا بالظن ، والظن لا یعنی من الحق شیئا.

الثانی : أن قریشا قد کثرت وطبقت الأرض من أقصی الشرق إلی الغرب ، ولا سبیل إلی معرفة الأفضل من قوم هذا مبلغ عددهم.

والثالث : إجماع الأمة علی بطلان شرط الأفضلیة فی الإمامة ، فإن جمیع الصحابة ممن أدرک ذلک العصر أجمعوا علی صحة إمامة الحسن أو معاویة ، وقد کان فی الناس أفضل منهما ، کسعد بن أبی وقاص وسعید بن زید وابن عمر! فلو کان ما قاله الباقلانی - فی وجوب إمامة الأفضل - حقا ، لکانت إمامة الحسن ومعاویة باطلة! (1).

ملاحظات :

ألا یظهر أن الموضوعیة قد غابت بالکامل عن هذه النظریة؟!

أنظر فی الملاحظات التالیة :

1 - إن الخوف من وقوع الهرج وهیجان الفتن الذی کان مبررا لقبول خلافة معاویة وفی الناس من هو أفضل منه ، هذا العذر نفسه قد جری علی لسان عمر بن الخطاب فی تقدیم أبی بکر علی علی علیه السلام!

* قال عمر فی حدیث له مع ابن عباس یذکر فیه أمر الخلافة وحق علی. علیه السلام فیها ، قال : لقد کان فی رسول الله من أمره ذرو من قول (2) .. ولقد

ص: 118


1- 1. الفصل 4 / 11. ونقله عنه الدکتور أحمد محمود صبحی ثم عقب علیه فقال : وهکذا ینکر ابن حزم أن معاویة قد استولی علی أمر هذه الأمة قهرا وبالسیف ، أما إمامة الحسن فهذا هو رأیه الشخصی فی الحسن ، وإن لم یکن رأی جمیع من بایعوه حیث اعتقدوا بأفضلیته بعد علی. (نظریة الإمامة : 259).
2- 2. أی : طرف من قول.

أراد فی مرضه أن یصرح باسمه فمنعت من ذلک إشفاقا وحیطة علی الإسلام! ورب هذه البنیة لا تجتمع علیه قریش أبدا! (1).

* ومرة أخری قال عمر لابن عباس : أتدری ما منع الناس منکم؟.

قال : لا.

قال عمر : لکنی أدری .. کرهت قریش أن نجتمع فیکم النبوة والخلافة فتجخفوا جخفا (2) ، فنظرت قریش لنفسها فاختارت (3).

* وفی ثالثة قال : ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه (4).

* وفی رابعة قال فیه : والله ولولا سیفه لما قام عمود الإسلام ، وهو بعد أقضی الأمة ، وذو سابقتها ، وذو شرفها.

فقیل له : فما منعکم عنه یا أمیر المؤمنین؟!

* قال : حداثة السن ، وحبه بنی عبد المطلب (5).

* وفی خامسة قال : استصغرناه ، وخشینا ألا تجتمع علیه العرب وقریش لما قد وترها (6).

* وفی سادسة .. فی خطبته التاریخیة فی وصف قصة السقیفة ، إذ قال فی ختامها : «فارتفعت الأصوات ، وکثر اللغط ، فلما أشفقت الاختلاف قلت لأبی بکر : ابسط یدک أبایعک ، فبسط یده ، فبایعته وبایعه المهاجرون وبایعه الأنصار ، ... خشینا إن فارقنا القوم ولم تکن بیعة أن یحدثوا بعدنا بیعة ، فإما

ص: 119


1- 1. شرح ابن أبی الحدید 12 / 21.
2- 2. الجخف : التکبر.
3- 3. تاریخ الطبری 5 / 31 ، الکامل فی التاریخ 3 / 63 - 65. شرح ابن أبی الحدید 12 /3. 54.
4- 4. الموفقیات - للزبیر بن بکار - ، عنه شرح ابن أبی الحدید 6 / 45 و 12 / 46.
5- 5. أمالی أبی بکر الأنباری ، عنه شرح ابن أبی الحدید 12 / 82.
6- 6. محاضرات الأدباء - للراغب الأصبهانی - 2 / 428.

أن نتابعهم علی ما لا نرضی ، أو نخالفهم فیکون فساد!! (1).

إذن لماذا لا یقال : إن تقدیم أبی بکر کان لهذه الأعذار أو بعضها ، ولیس علی أساس التفضیل؟!

إن الإغضاء عن کل هذه النصوص ، وعن غیرها مما ثبت عن کثیر من الصحابة فی تفضیلهم علیا علیه السلام علی غیره أمر لا یقره البحث الموضوعی.

2 - أغرب من ذلک أنهم استدلوا علی جواز إمامة المفضول بجواز إمامته فی الصلاة ، فکما تصح إمامة المفضول فی الصلاة تصح إمامته علی الأمة! هذا ، مع أن الإمامة فی الصلاة کانت هی الدلیل الأول علی تفضیل أبی بکر وعلی إمامته ، فحین قلنا بتفضیل أبی بکر وأحقیته فی الخلافة ، قلنا : إن أول الأدلة علی ذلک تقدمه فی الصلاة!

فلماذا لا یقال : إنه قدم فی الصلاة لجواز تقدیم المفضول علی الفاضل؟!

إنه تناقض ظاهر ...

3 - إن طریقة انتخاب أبی بکر کانت صریحة تماما بغیاب مبدأ التفضیل ، وکلمة عمر المتفق علی صحتها : «إن بیعة أبی بکر کانت فلتة ، ولکن وقی الله شرها» من أهم الأدلة علی ذلک.

فلا یستطیع أحد أن یدعی إذن أن الصحابة قد أجمعوا علی أن الإمام لا یکون إلا الأفضل ، ثم أجمعوا علی تفضیل أبی بکر فبایعوه علی هذا الأساس!

إن أی دعوی من هذا القبیل تنهار أمام کلمة عمر المتقدمة ، کما تنهار أمام تفاصیل أحداث السقیفة والبیعة.

ص: 120


1- 1. صحیح البخاری - کتاب المحاربین باب 16 ح 6442.

4 - قول أبی بکر فی أول خطبة له : «ولیتکم ولست بخیرکم» إنما کان - کما رأی الباقلانی - لکی یدلهم علی جواز إمامة المفضول عند عارض یمنع من نصب الفاضل» (1).

إذن لماذا لا نذهب إلی أن المفضول هنا هو أبو بکر ، مع تصریحه بذلک ، ثم نجتهد فی تبریر العارض الذی منع من نصب الفاضل؟!

نتیجة :

ألا یظهر من هذه الملاحظات أمران مهمان :

الأول : أن هذه النظریة قد تقلبت مع تقلب الأحداث متابعة للأمر الواقع ، وأنها لم تستند علی دلیل شرعی ثابت لتکتسب منه الثبات؟!

والثانی : أن هذه العقیدة فی ترتیب الخلفاء فی الفضل بحسب ترتیبهم فی الخلافة إنما هی عقیدة ظهرت متأخرة عن عهد الخلفاء من أجل تثبیت طرق البیعة وإضفاء الشرعیة علیها؟!

وإلی مثل هذا خلص الدکتور أحمد محمود صبحی ، حیث قال : الواقع أن متکلمی أهل السنة وفقهاءهم لم یسلموا بجواز إمامة المفضول مستندین إلی أصل من أصول الدین ، ولکنهم جوزوا ذلک إما تبریرا لسلطان الخلفاء ولخلع الصفة الشرعیة علی خلافتهم ، وإما علی سبیل معارضة آراء خصومهم من الشیعة (2).

والأمران معا - تبریر الواقع ، ومعارضة الخصوم - کانا أصلا فی ولادة مبدأ جدید رافق هذه النظریة ، ألا وهو مبدأ «إعذار السلف».

ص: 121


1- 1. التمهید - للباقلانی - : 195 ، عنه : نظام الخلافة بین أهل السنة والشیعة : 46.
2- 2. نظریة الإمامة : 158.

إعذار السلف :

لا شک أنه مبدأ حسن وجذاب ، فمن الجمیل المستحسن أن نذکر سلفنا المتقدم بکل بخیر ، ونعرف لهم حقوقهم ، ونذب عنهم ما وجدنا إلی ذلک سبیلا.

لکن الحق أن الناظر إلی هذا المبدأ بتجرد لا یراه إلا مبدأ متهافتا قد صیغ أصلا لتبریر الواقع ومعارضة الخصوم ..

فمثلا : حین کان ینبغی لهذا المبدأ أن یتسع للسلف الصالح قاطبة ، نراه قد توجه توجها منحازا إلی الفئة المتنفذة وصاحبة القرار السیاسی ... فلا یتردد أصحاب هذا المبدأ فی صب اللوم علی رجال من کبار الصحابة حین أظهروا خلافا ، أو أبدوا رأیا معارضا للخلافة فی بعض عهودها ، دون أن یراعی فیهم مبدأ «إعذار السلف».

فیقع اللوم علی المقداد وعمار حین تکلما فی أمر الخلافة بحجة أنهما لیسا من قریش فلا یحق لهما التدخل فی اختیار الخلیفة ، فهذا الأمر من حق قریش وحدها!

ولکن حین تدخل فیه سالم مولی أبی حذیفة أصبح سالم معدودا فی أهل الحل والعقد الذین تنعقد بهم البیعة!

هذا ، ولم یکن سالم قرشیا! بل لم یکن عربیا أیضا!!

والسر فی هذا التناقض أن سالما کان أحد الخمسة الذین انعقدت بهم البیعة لأبی بکر ، بینما کان المقداد وعمار یدعوان إلی حق علی علیه السلام فی الخلافة.

ولما نجمت الخلافات أیام عثمان ، کان ینصب اللوم علی عبد الله بن مسعود وأبی ذر وعمار وعبادة بن الصامت ومحمد بن أبی حذیفة وعمرو بن الحمق الخزاعی دون خصومهم.

ص: 122

لکن هذا المجری لم یمض مطردا ، بل توقف عن دورته هذه مرة ، وفی مرحلة واحدة من مراحل الخلافة .. فلم یکن الصحابة الذین أظهروا خلافا علی علی علیه السلام - فی عهد خلافته - محل لوم وتعنیف ، بل ولا محل عتاب!

ففی هذا العهد وحده فتح مبدأ إعذار السلف بابه علی مصراعیه ، فخصوم علی علیه السلام کانوا دائما مجتهدین مأجورین علی خلافهم ذاک حین أخطأوا فی الاجتهاد! وکل ما ثبت عنهم من الخلاف فلا بد أن «یستنبط له تأویلا ، فما تعذر علیک تأویله ، فقل : لعل له تأویلا وعذرا لم أطلع علیه»!! (1).

وهکذا مع من قاتل علیا علیه السلام من الصحابة جمیعا ..

فمعاویة ومن معه مخطئون ، مجتهدون ، مأجورون أجرا واحدا (2) ، حتی وإن تواتر الحدیث «من کنت مولاه فعلی مولاه»!

وحتی مع أبی الغادیة قاتل عمار ، رغم أنه قد صح الحدیث فی عمار «قاتله وسالبه فی النار»! (3).

یقول ابن حزم : «فأبو الغادیة رضی الله عنه متأول مجتهد مخطئ فیه ، باغ علیه ، مأجور أجرا واحدا»!! (4).

لکن الأمر مع خصوم عثمان مختلف تماما!! یقول ابن حزم : «ولیس هذا کقتله عثمان ، لأنه لا مجال للاجتهاد فی قتله»!! (5).

ص: 123


1- 1. النص للإمام الغزالی فی کتابه : الاقتصاد فی الاعتقاد : 153.
2- 2. الفصل 4 / 161 و 163 ، الاقتصاد فی الاعتقاد : 153 ، البدایة والنهایة 7 / 290.
3- 3. الطبقات الکبری 3 / 361 ، أسد الغابة 4 / 74 ، سیر أعلام النبلاء 1 / 420 و 425 و 426. مجمع الزوائد 9 / 279 وقال : رجاله رجال الصحیح.
4- 4. الفصل 4 / 161.
5- 5. الفصل 4 / 161.

وجاوز بعضهم الحد فعکس اتجاه دوران هذا المبدأ «إعذار السلف» فی عهد علی علیه السلام بمقدار مئة وثمانین درجة عن اتجاهه فی العهود السابقة ، فصار اللوم یقع هنا علی الخلیفة الحاکم ، لا علی مخالفیه! فابن تیمیة یری أن علیا علیه السلام لم یکن علی شئ! لأنه إنما کان یقاتل علی الملک ، ولأجل أن یطاع هو ، ولم یکن یقاتل لله! (1).

حتی إذا انقضی عهد علی علیه السلام عاد مبدأ إعذار السلف یستأنف دورته الأولی ، فکل من أظهر خلافا علی الخلفاء فهو صاحب فتنة! فلا الحسین السبط کان معذورا ، ولا مئات المهاجرین والأنصار من أهل المدینة المنورة کانوا معذورین فی خلافهم لیزید! (2).

هذا هو مبدأ إعذار السلف ، یظهر مرة ، ویختفی مرة ، وینتقل من موقع إلی موقع ، دفاعا عن الواقع التاریخی النافذ ، لا دفاعا عن السلف.

وهکذا یبدو بما لا یدع مجالا للشک أن هذه النظریات إنما استمدت أصولها وتفاصیلها من الواقع التاریخی للنظام السیاسی الذی ظهر بعد وفاة الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم وحتی بدایات العهد الأموی.

لقد أقصی التشریع الإسلامی هنا عن رسم مسار الإسلام بعد الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، فیما أسند هذا الأمر کلیا إلی الواقع التاریخی.

فهل کان التشریع الإسلامی مفتقرا للمبادئ التی تساهم فی تحدید مسار الإسلام؟!

الإسلام وضرورة النظام :

یتفق المسلمون علی أن الإسلام لم یکن مجرد طقوس عبادیة ومآثر أخلاقیة یتعاطاها الأفراد ، بل هو نظام حیاة شامل قد استوعب أحکام

ص: 124


1- 1. منهاج السنة 2 / 202 - 205 و 232 - 233.
2- 2. منهاج السنة 2 / 241 - 242 و 253.

المعاملات کما استوعب أحکام العبادات ومآثر الأخلاق .. استوعب نظام حقوق الإنسان ، ونظام الأسرة ، ونظام المجتمع ، وأسس للقضاء نظامه وأرسی قواعده ، بل تعدی ذلک إلی حفظ حقوق الحیوان وحفظ البیئة .. کل هذا متفق علیه ، لکن السؤال هو :

هل یمکن لهذه النظم أن تحیا بعیدا عن نظام سیاسی یحقق للمجتمع الإسلامی وجوده المستقل؟

المسلمون یتفقون علی ضرورة وجود النظام السیاسی الذی یحفظ للأمة کیانها ، متفقون علی ضرورة وجود إمام علی رأس هذا النظام.

إن أحدا لا یستطیع أن یتصور أمة تحیا بلا نظام ، ونظاما یسود بلا قیادة.

الإمام أحمد یعرف الفتنة بأنها : حال الأمة إذا لم یکن إمام یقوم بأمر الناس (1).

ویوجز الإمام الغزالی حجته بکلمة یقطع بها النزاع ، فیقول : إن نظام الدین لا یحصل إلا بنظام الدنیا ، ونظام الدنیا لا یحصل إلا بإمام مطاع ، فهاتان مقدمتان ، ففی أیهما نزاع؟! (2).

إذن أین کان موقع هاتین المقدمتین فی التشریع الإسلامی؟!

یقول ابن خلدون : إن نصب الإمام واجب ، وقد عرف وجوبه فی الشرع بإجماع الصحابة والتابعین ، لأن أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله عند وفاته بادروا إلی بیعة أبی بکر وتسلیم النظر إلیه فی أمورهم ، وکذا فی کل عصر بعد ذلک ، ولم تترک الناس فوضی فی عصر من الأعصار ، واستقر ذلک إجماعا دالا علی وجوب نصب الإمام (3).

فالأمر إذن من إبداع المسلمین وصیاغتهم حین وجدوا أنفسهم أمام الأمر

ص: 125


1- 1. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 19.
2- 2. الاقتصاد فی الاعتقاد : 148.
3- 3. مقدمة ابن خلدون : 212.

الواقع بعد غیاب الرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ولا شئ من الکتاب والسنة!

لکن هذا الرأی یواجه سؤالا شدید الإحراج : فهل یصح لهذه الشریعة أن تغفل أولی ضرورات النظام وحفظ المجتمع ، ثم تکون هی شریعة الإنسان إلی یوم الدین؟!

لقد أظهر الغزالی بعبارة واضحة رده للرأی المتقدم ، فقال : لسنا نکتفی بما فیه من إجماع الأمة ، بل ننبه علی مستند الإجماع ، ونقول : نظام أمر الدین مقصود لصاحب الشرع علیه السلام قطعا ، وهذه مقدمة قطعیة لا یتصور النزاع فیها ، ونضیف إلیها مقدمة أخری : وهو أنه لا یحصل نظام الدین إلا بإمام مطاع. فیحصل من المقدمتین صحة الدعوی ، وهو وجوب نصب الإمام (1).

وهنا یبدو السؤال أکثر وضوحا ، فإذا کان نظام أمر الدین مقصود صاحب الشریعة صلی الله علیه وآله وسلم قطعا ، وهذا النظام لا یحصل إلا بإمام مطاع ، فکیف نظن بصاحب الشریعة صلی الله علیه وآله وسلم أن یترک مقصوده عرضة للضیاع؟!

لقد رأی بعضهم أن هذا الإجماع علی وجوب نصب الإمام لم یکن مؤیدا بمقصد صاحب الشریعة وحسب ، بل بنصوص من القرآن والسنة أیضا ، فقالوا : الإمامة واجبة سمعا ، لقوله تعالی : ( أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم ) (2) وطاعة أولی الأمر تقتضی وجوب نصبهم وإقامتهم ، فأولی الأمر هم الأئمة المتأمرون (3).

وزاد ابن حزم علی ذکر الآیة الشریفة فقال : مع أحادیث کثیرة فی طاعة

ص: 126


1- 1. الاقتصاد فی الاعتقاد : 147.
2- 2. سورة النساء 4 : 59.
3- 3. الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 5.

الأئمة ، وإیجاب الإمامة أیضا (1).

إذن حین أسند وجوب نصب الإمام إلی الشریعة ، فهل هناک ما نلتمس منه أن الشریعة قد تقدمت خطوة أخری لأجل التفصیل فی هذا الوجوب ، کتعیین شرائط الإمامة وفی من تکون ، أم ترکت ذلک للأمة تختار لنفسها؟! إن النظریة التی نعیش معها تقول بأن الأمر متروک للأمة! وهنا وقع اضطراب کبیر عند البحث عن الدلیل الشرعی فی تفویض هذا الأمر إلی الأمة ، وعند محاولة إثبات شرعیة الأسلوب الذی سوف تسلکه الأمة فی الاختیار.

لقد رأوا فی قوله تعالی : ( وأمرهم شوری بینهم ) (2) أفضل دلیل شرعی یدعم هذه النظریة ، ومن هنا قالوا : إن أول وجوه انتخاب الخلیفة هو الشوری.

لکن ستأتی الصدمة لأول وهلة حین نری أن مبدأ الشوری هذا لم یطرق أذهان الصحابة آنذاک ..

فانتخاب أول الخلفاء کان بمعزل عن هذا المبدأ تماما ، فإنما کان «فلتة» کما وصفه عمر ، وهو الذی ابتدأه وقاد الناس إلیه!

ثم کان انتخاب ثانی الخلفاء بمعزل أیضا عن هذا المبدأ!

نعم ، ظهر هذا المبدأ لأول مرة علی لسان عمر فی خطبته الشهیرة التی ذکر فیها السقیفة وبیعة أبی بکر فحذر من العودة إلی مثلها ، فقال : «فمن بایع رجلا من غیر مشورة من المسلمین فلا یبایع هو ولا الذی بایعه ، تغرة أن

ص: 127


1- 1. الفصل 4 / 87 - 88 - وقد علق السنهوری علی هذا قائلا : ومنهم من یضیف إلی إجماع الصحابة والأجیال اللاحقة مصادر أخری لوجوب الخلافة ، کبعض الآیات القرآنیة والأحادیث النبویة التی یفسرها البعض علی وجوب الخلافة ، وإن کان الظاهر أن هذا الرأی لیس هو الراجح من مذهب أهل السنة. (فقه الخلافة وتطورها : 68).
2- 2. سورة الشوری 42 : 38.

یقتلا» (1).

لکنه حین أدرکته الوفاة أصبح یبحث عن رجل یرتضیه فیعهد إلیه بالخلافة بنص قاطع بعیدا عن الشوری!

فقال : لو کان أبو عبیدة حیا لولیته (2).

ثم قال : لو کان سالم مولی أبی حذیفة حیا لولیته (3).

ثم قال : لو کان معاذ بن جبل حیا لولیته (4).

إذن لم یکن عمر یری أن الأصل فی هذا الأمر هو الشوری ، وإن کان قد قال بالشوری فی خطبته الأخیرة إلا أنه لم یعمل بها إلا اضطرارا حین لم یجد من یعهد إلیه!

لقد أوضح عن عقیدته التامة فی هذا الأمر حین قال قبیل نهایة المطاف : «لو کان سالم حیا ما جعلتها شوری»!! (5).

ثم کانت الشوری ..

وأی شوری!!

إنها شوری محاطة بشرائط عجیبة لا مجال للمناقشة فیها! وجملتها :

1 - إنها شوری بین ستة نفر ، وحسب ، یعینهم الخلیفة وحده دون الأمة!

2 - أن یکون الخلیفة المنتخب واحدا من هؤلاء الستة ، لا من غیرهم!

3 - إذا اتفق أکثر الستة علی رجل وعارض الباقون ، ضربت أعناقهم!

4 - إذا اتفق اثنان علی رجل ، واثنان علی آخر ، رجحت الکفة التی فیها عبد الرحمن بن عوف - أحد الستة - وإن لم یسلم الباقون ضربت أعناقهم!

ص: 128


1- 1. صحیح البخاری - کتاب المحاربین 6 ح 6442 ، مسند أحمد 1 / 56 ، سیرة ابن هشام 4 / 308.
2- 2. الکامل فی التاریخ 3 / 65 ، صفة الصفوة 1 / 367.
3- 3. الکامل فی التاریخ 3 / 65 ، صفة الصفوة 1 / 383 ، طبقات ابن سعد 3 / 343.
4- 4. صفة الصفوة 1 / 494.
5- 5. طبقات ابن سعد 3 / 248.

5 - ألا تزید مدة التشاور علی ثلاثة أیام ، وإلا ضربت أعناق الستة أهل الشوری بأجمعهم.

6 - یتولی صهیب الرومی مراقبة ذلک فی خمسین رجلا من حملة السیوف ، علی رأسهم أبو طلحة الأنصاری (1)!

فالحق أن هذا النظام لم یترک الأمر إلی الأمة لتنظر وتعمل بمبدأ الشوری ، بل هو نظام حدده الخلیفة ، ومنحه سمة الأمر النافذ الذی لا محید عنه ، ولا تغییر فیه ، ولا یمکن لصورة کهذه أن تسمی شوری بین المسلمین ، ولا بین أهل الحل والعقل.

ولقد کان فریق من کبار الصحابة یقدر نتائج تلک الشوری قبل انعقادها ویعلم أنها ستنتهی إلی ما انتهت إلیه .. لقد استشفوا ذلک من تلک القیود التی أحیطت بتلک الشوری!

أدرک ذلک علی بن أبی طالب علیه السلام والعباس رضی الله عنه ..

* فأشار العباس علی علی أن لا یدخل فی هذه الشوری (2).

وقال علی لجماعة من بنی هاشم : عدلت عنا!

قالوا له : وما علمک؟!

قال : قرن بی عثمان ، وقال : کونوا مع الأکثر ، فإن رضی رجلان رجلا ورجلان رجلا ، فکونوا مع الذین فیهم عبد الرحمن بن عوف .. فسعد لا یخالف ابن عمه (3) ، وعبد الرحمن صهر عثمان لا یختلفون ، فلو کان الآخران معی لم ینفعانی! (4).

لقد کانت تلک الظروف إذن کفیلة بتعطیل أول شوری فی تاریخ الإسلام

ص: 129


1- 1. الکامل فی التاریخ 3 / 66 - 67.
2- 2. الکامل فی التاریخ 3 / 66.
3- 3. سعد بن أبی وقاص ، وابن عمه عبد الرحمن بن عوف ، فهما من بنی زهرة.
4- 4. تاریخ الطبری 4 / 229 - 230 ، الکامل فی التاریخ 3 / 67.

عن محتواها ، فطعنت إذن فی تلک القاعدة الأساسیة المفترضة «قاعدة الشوری».

والحق أن هذه القاعدة معطلة من قبل .. فلم یکن أبو بکر مؤمنا بمبدأ الشوری قاعدة للنظام السیاسی وأصلا فی انتخاب الخلیفة ، ولا مارس ذلک بنفسه ، بل غلق دونها الأبواب حین سلب الأمة حق الاختیار وممارسة الشوری إذ نص علی عمر خلیفة له ، ولم یصغ إلی ما سمعه من اعتراضات بعض کبار الصحابة علی هذا الاختیار.

علما أن هؤلاء الصحابة المعترضین لم یعترضوا علی طریقة اختیار الخلیفة التی مارسها أبو بکر ، ولا قالوا : إن الأمر ینبغی أن یکون شوری بین الأمة ، ولا احتج أحدهم بقوله تعالی : ( وأمرهم شوری بینهم ) ، وإنما کان اعتراضهم علی اختیاره عمر بالذات ، فقالوا له : استخلفت علی الناس عمر ، وقد رأیت ما یلقی الناس منه وأنت معه ، فکیف به إذا خلا بهم؟! وأنت لاق ربک فسائلک عن رعیتک! (1).

فلا کانت خلافة أبی بکر فقد تمت وفق مبدأ الشوری ، ولا خلافة عمر ، ولا خلافة عثمان کما رأینا تفاصیلها ، ولا کان الصحابة قد احتجوا بهذا المبدأ فی عهد من العهود.

فإذا تجاوزنا عن خلافة أبی بکر وقلنا ما قاله عمر فیها : «إنها فلتة وقی الله شرها» فماذا یقال فی خلافة عمر؟!

لو کان الخلیفتان یعتقدان بأن مبدأ الشوری هو الأصل فی انتخاب الخلیفة لما حصل من ذلک شئ ، ولدعوا الصحابة للتشاور فی الأمر تشاورا حرا ، لکن الذی حصل من نص أبی بکر علی عمر ، وقبول عمر بذلک ، ثم تمنیه فی عهده أن لو کان أبو عبیدة ، أو سالم ، أو معاذ حیا ، کل ذلک لیدل

ص: 130


1- 1. الکامل فی التاریخ 2 / 425.

بوضوح علی عدم اعتقادهما بصلاحیة الشوری لحل هذا الأمر ، فی ذلک الزمان علی الأقل.

بل کان عمر صریحا کل الصراحة فی ذلک حین قال : «لو کان سالم حیا لما جعلتها شوری»!! (1).

إن عهدا کهذا لیلغی رأی الأمة بالکامل ، وحتی الجماعة التی یطلق علیها (هل الحل والعقد)!

* قالوا : إذا عهد الخلیفة إلی آخر بالخلافة بعده ، فهل یشترط فی ذلک رضی الأمة؟

فأجابوا : إن بیعته منعقدة ، وإن رضی الأمة بها غیر معتبر ، ودلیل ذلک : أن بیعة الصدیق لعمر لم تتوقف علی رضی بقیة الصحابة! (2).

لم یکن إذن لقاعدة الشوری أثر فی تعیین الخلیفة.

نعم ، کان للشوری أثر فی ما هو دون ذلک ، فربما لجأ الخلیفة إلی الشوری فی بعض ما ینتابه من أمور طارئة لا یملک لها حلا عاجلا أو تاما ، أما أن تکون الشوری علی رأس النظام السیاسی وقد اتفق المسلمون علی اعتمادها فی تعیین الخلیفة ، فهذا ما لم یتحقق فی عهود الخلافة الأولی ولا بعدها ، إلا ما کان بعد مقتل عثمان ، إذ حصل شبه الإجماع لدی أهل المدینة المنورة بالبیعة لعلی علیه السلام ، ولکن حتی هذا لم یأخذ أول الأمر شکل الشوری ، ثم هو لم یدم آخر الأمر غیر لیال حتی خرج علیه کبار الداعین إلیه ، طلحة والزبیر.

لعل هذه الملاحظات هی التی دفعت ابن حزم إلی تأخیر مبدأ الشوری وتقدیم النص والتعیین الصریح من قبل الخلیفة السابق ، فقال : «وجدنا عقد

ص: 131


1- 1. طبقات ابن سعد 3 / 248.
2- 2. مآثر الإنافة 1 / 52 ، الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 10 ، الأحکام السلطانیة - للفراء - : 25 و 26.

الإمامة یصح بوجوه ، أولها وأصحها وأفضلها : أن یعهد الإمام المیت إلی إنسان یختاره إماما بعد موته» (1).

إبرام ونقض :

لقد أدرکنا جیدا هبوط مبدأ الشوری فی الواقع عن المرتبة التی احتلها فی النظریة ، فتنازلنا عنه تنازلا صریحا - بعد إقراره - حین ذهبنا إلی تصحیح واعتماد کل ما حدث فی الواقع رغم منافاته الصریحة لمبدأ الشوری.

ولم نکتف بهذا ، بل ذهبنا إلی تبریر تلک الوجوه المتناقضة بلا استثناء ، وبدون الرجوع إلی أی دلیل من الشرع ، ودلیلنا الوحید کان دائما : «فعل الصحابة» رغم أننا نعلم علم الیقین أن الصحابة لم یجتمعوا علی رأی واحد من تلک الآراء والوجوه.

کما أننا نعلم علم الیقین أیضا أن خلاف المخالفین منهم وإنکار المنکرین کان ینهار أمام الحکم الغالب.

ورغم ذلک فقد عمدنا إلی القرار الغالب والنافذ فی الواقع ، فمنحناه صبغة الإجماع ، بحجة أنه لم یکن لینفذ فی عهدهم إلا بإجماعهم علیه ، أو إقرارهم إیاه.

وبهذا تنکرنا لحقیقة أن القرار النافذ کان یبتلع کل ما صادفه من أصوات المخالفین والمنکرین ، ولا یلقی لها بالا ، وهذا هو الغالب علی کل ما یتصل بالخلافة والمواقف السیاسیة الکبری ..

فماذا أغنی اعتراض بنی هاشم ومن معهم من المهاجرین والأنصار علی نتائج السقیفة؟!

وما أغنی إنکار الصحابة علی أبی بکر یوم استخلف عمر؟!

ص: 132


1- 1. الفصل 4 / 169.

وما أغنی إنکار الصحابة سیاسة عثمان فی تقدیمه بنی أمیة علی خیار الصحابة مع ما کان علیه أولئک من حرص علی الدنیا وبعد عن الدین؟! ثم لم یشتد هذا الإنکار ویعلو صداه حتی تغلب علی شؤون الأمة والخلیفة غلمان بنی أمیة ممن لم یکن معه کثیر دین وورع ، کمروان بن الحکم وعبد الله بن سعد بن أبی سرح والولید بن عقبة ، وعمرو بن العاص ، ومعاویة.

ومع هذا فلم یکن إنکارهم عندنا حجة ، بل کانوا به ملومین!

فمتی إذن کان إنکار الصحابة حجة ، لیکون سکوتهم إقرارا؟!

فإذا کانت الخطوة الأولی فی التراجع عن مبدأ الشوری هی القبول بتسلیم الأمر إلی الخلیفة القائم لیستخلف بعده من یشاء ، فإن الخطوة الثانیة کانت خطوة مرة حقا.

فلما تجنب الخلفاء مبدأ الشوری ومبدأ النص والاستخلاف معا ، واختاروا مبدأ القهر والاستیلاء والتغلب بالسیف ، قبلنا به واحدا من طرق الخلافة!

فکم بین الشوری ، والتغلب بالسیف؟!

إن إقرار مبدأ التغلب بالسیف لیعد أکبر انتکاسة لمبدأ الشوری!

وإذا کانت الشوری مستمدة من القرآن ، فمن أین استمدت قاعدة التغلب بالسیف؟!

وثم سؤال أشد إحراجا من هذا :

فإذا کانت الشوری هی القاعدة الشرعیة المستمدة من القرآن ، فماذا عن عهود الخلافة التی لم تتم وفق هذه القاعدة؟!

وحین لم یتوفر الجواب الذی ینقذ هذه النظریة من هذا المأزق الکبیر ، رأینا أن المهرب الوحید هو أن نبرر جمیع صور الخلافة التی تحققت فی الواقع : فمرة بعقد رجل واحد ومتابعة أربعة ، ومرة بنص من الخلیفة السابق ، ومرة فی ستة یجتمعون لانتخاب أحدهم ، ومرة بالقهر والاستیلاء ، حتی أدی

ص: 133

هذا المبدأ الأخیر إلی أن تصبح الخلافة وراثة بحتة لا أثر للدین فیها.

مصیر شروط الإمامة :

یقول الشیخ محمد رشید رضا : بنو أمیة هم الذین زحزحوا بناء السلطة الإسلامیة عن أساس الشوری ، إذ کونوا لأنفسهم عصبیة بالشام هدموا بها سلطة أولی الأمر بالحیلة والقوة (1).

لکن هذه الطریقة لم تسقط الشوری وحدها ، بل أسقطت معها أهم شروط الإمامة الواجبة لصحة عقدها ، والتی منها :

1 - العدالة : إذ قالوا أولا فی بناء نظریة الخلافة : لا تنعقد إمامة الفاسق ، لأن المراد من الإمام مراعاة النظر للمسلمین ، والفاسق لم ینظر لنفسه فی أمر دینه ، فکیف ینظر فی مصلحة غیره؟! (2).

وقالوا : إن هذا الفسق یمنع من انعقاد الإمامة ، ومن استدامتها ، فإذا طرأ علی من انعقدت إمامته خرج منها (3).

2 - الاجتهاد : إذ عدوا فی شروط الإمام : أن یکون من أفضلهم فی العلم والدین ، والمراد بالعلم هو العلم المؤدی إلی الاجتهاد فی النوازل والأحکام ، فلا تنعقد إمامة غیر العالم بذلک ، لأنه محتاج لأن یصرف الأمور علی النهج القویم ویجریها علی السراط المستقیم ، ولأن یعلم الحدود ویستوفی الحقوق ویفصل الخصومات بین الناس ، وإذا لم یکن عالما مجتهدا لم یقدر علی ذلک (4).

ص: 134


1- 1. تفسیر المنار 5 / 198.
2- 2. مآثر الإنافة 1 / 36 ، الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 6 ، الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20.
3- 3. الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 17.
4- 4. مآثر الإنافة 1 / 37 ، الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20.

لکن سرعان ما انهارت هذه الشروط حین تغلب علی الخلافة رجال لم یکن فیهم شئ منها ، لا العدالة ، ولا العلم المؤدی إلی الاجتهاد ..

قال الفراء : قد روی عن الإمام أحمد ألفاظ تقتضی إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل ، فقال : «ومن غلبهم بالسیف حتی صار خلیفة وسمی أمیر المؤمنین ، فلا یحل لأحد یؤمن بالله والیوم الآخر أن یبیت ولا یراه إماما علیه ، برا کان أو فاجرا ، فهو أمیر المؤمنین»! (1).

وقال القلقشندی : إن لم یکن الخلیفة المتغلب بالقهر والاستیلاء جامعا لشرائط الخلافة ، بأن کان فاسقا أو جاهلا ، فوجهان لأصحابنا الشافعیة ، أصحهما : انعقاد إمامته أیضا! (2).

التبریر :

إن مثل هذا الرأی الذی ینقض شرائط الخلافة بعد أن نقض أساسها ، لا بد له من تبریر مقبول.

والتبریر الذی قدمته نظریتنا هنا هو : «الاضطرار»!

لأنا لو قلنا : لا تنعقد إمامته ، لزم ذلک بطلان أحکامه کلها المالیة والمدنیة ، فیتعین علی الخلیفة الذی یأتی بعده وفق الشروط الشرعیة أن یقیم الحدود ثانیا ، ویستوفی الزکاة والجزیة ثانیا ، وهکذا (3).

والضرورة أیضا تقتضی صحة خلافته : لحفظ نظام الشریعة ، وتنفیذ أحکامها (4) ، ولأنه لا بد للمسلمین من حاکم (5).

ص: 135


1- 1. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20.
2- 2. مآثر الإنافة 1 / 58.
3- 3. أنظر : مآثر الإنافة 1 / 58.
4- 4. مآثر الإنافة 1 / 71.
5- 5. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 24.

إذن قبولها علی هذه الصورة ألا یستدعی السعی الدائم لإزاحتها وإرجاع الأمر إلی صیغته الشرعیة؟

هذا ما ذهب إلیه الشیخ محمد رشید رضا وقد استعرض هذه الآراء ، فقال : معنی هذا أن سلطة التغلب کأکل المیتة ولحم الخنزیر عند الضرورة ، تنفذ بالقهر ، وتکون أدنی من الفوضی!

ومقتضاه أنه یجب السعی دائما لإزالتها عند الإمکان ، ولا یجوز أن توطن الأنفس علی دوامها ، ولا أن تجعل کالکرة بین المتغلبین یتقاذفونها ، ویتلقفونها کما فعلت الأمم التی کانت مظلومة وراضیة بالظلم (1).

لکن الواقع کان علی العکس من ذلک ، فقد حرموا دائما الخروج علی السلطان الجائر والفاسق ، وعدوا أی محاولة من هذا القبیل من الفتن التی نهی عنها الدین وحرم الدخول فیها ..

یقول الزرقانی : أما أهل السنة فقالوا : الاختیار أن یکون الإمام فاضلا عادلا محسنا ، فإن لم یکن فالصبر علی طاعة الجائر أولی من الخروج علیه ، لما فیه من استبدال الخوف بالأمن ، وإهراق الدماء ، وشن الغارات ، والفساد ، وذلک أعظم من الصبر علی جوره وفسقه! (2).

کما ثبت عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال : «الصبر تحت لواء السلطان علی ما کان منه من عدل أو جور ، ولا یخرج علی الأمراء بالسیف وإن جاروا» (3).

استعرض الشیخ أبو زهرة هذین القولین ، ثم قال : وهذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة ، مالک ، والشافعی ، وأحمد (4).

ص: 136


1- 1. الخلافة : 45 ، عنه : نظام الحکم والإدارة فی الإسلام : 126.
2- 2. شرح الموطأ 2 / 292 ، عنه : المذاهب الإسلامیة : 155.
3- 3. المذاهب الإسلامیة : 155.
4- 4. المذاهب الإسلامیة : 155.

فهل ینسجم هذا الاعتقاد مع أحکام الاضطرار والإکراه؟!

لقط طعن الشیخ محمد رشید رضا هذه العقیدة فی الصمیم حین قال بوضوح وبکل یقین : إن توسید الأمة الإسلامیة أمرها إلی غیر أهله لا یمکن أن یکون باختیارها وهی عالمة بحقوقها قادرة علی جعلها حیث جعلها کتاب الله تعالی ، وإنما یسلبها المتغلبون هذا الحق بجهلها وعصبیتهم التی یعلو نفوذها نفوذ أولی الأمر حتی لا یجرؤ أحد منهم علی أمر ولا نهی ، أو یعرض نفسه للسجن أو النفی أو القتل ..

هذا ما کان ، وهذا هو سبب سقوط تلک الممالک الواسعة وذهاب تلک الدولة العظیمة.

وقد عنی الملوک المستبدون بجذب العلماء إلیهم بسلاسل الذهب والفضة والرتب والمناصب ، وکان غیرهم أشد انجذابا ، ووضع هؤلاء العلماء الرسمیون قاعدة لأمرائهم ولأنفسهم هدموا بها القواعد التی قام بها أمر الدین والدنیا فی الإسلام ، وهی : أنه یجوز أن یکون أولیاء الأمور فاقدین للشروط الشرعیة التی دل علی وجوبها واشتراطها الکتاب والسنة ، وإن صرح بها أئمة الأصول والفقه ، فقالوا : یجوز ، إذ فقد الحائزون لتلک الشروط.

مثال ذلک : إنه یشترط فیهم العلم المعبر عنه بالاجتهاد ، وقد صرح هؤلاء بجواز تقلید الجاهل ، وعدوه من الضرورة ، وأطلق الکثیرون هذا القول ، وجری علیه العمل. وذلک من توسید الأمر إلی غیر أهله الذی یقرب خطوات ساعة هلاک الأمة ، ومن علاماتها : ذهاب الأمانة ، وظهور الخیانة .. ولا خیانة أشد من توسید الأمر إلی الجاهلین ..

روی مسلم وأبو داود حدیث ابن عباس : «من استعمل عاملا من المسلمین وهو یعلم أن فیهم أولی بذلک منه وأعلم بکتاب الله وسنة نبیه ، فقد

ص: 137

خان الله ورسوله وجمیع المسلمین» (1).

وطعنها أیضا فی قوله : ما أفسد علی هذه الأمة أمرها وأضاع علیها ملکها إلا جعل طاعة هؤلاء الجبارین الباغین واجبة شرعا علی الإطلاق ، وجعل التغلب أمرا شرعیا کمبایعة أهل الحل والعقد للإمام الحق ، وجعل عهد کل متغلب باغ إلی ولده أو غیره من عصبته حقا شرعیا وأصلا مرعیا لذاته! (2).

وهذه حقیقة تاریخیة ، ولیست دعوی مجازف أو متهاون.

صور ثلاثة :

صور نقف عندها یسیرا بعد هذا الشوط المضنی ، لنواصل بعدها المشوار ..

الصورة الأولی : لماذا أسقط مذهب أبی حنیفة؟!

حین نقل أبو زهرة کلمات بعض الأئمة فی وجوب إطاعة الخلیفة الفاسق والجاهل والجائر ، قال : هذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة ، مالک ، والشافعی ، وأحمد (3).

فأسقط ذکر أبی حنیفة ، وهکذا فعل سائر المتکلمین فی هذه المسألة ، وکأن أبا حنیفة لیس من أئمة أهل السنة!

وعلة ذلک أن أبا حنیفة کان علی خلاف هذه العقیدة ، فهو لا یری صحة الخلافة للمتغلب الفاقد للشرائط ، بل کان یسمیهم : «اللصوص»!

وکان یحرم إطاعتهم حتی فی المعروف ، فکان یقول : «لو أرادوا بناء مسجد ، وأرادونی علی عد آجره ، لما فعلت»!

ص: 138


1- 1. تفسیر المنار 5 / 215 - 216 باختصار.
2- (80) الخلافة : 51 ، عنه : نظریة الحکم والإدارة فی الإسلام : 126
3- 3. المذاهب الإسلامیة : 155 ، وقد تقدم آنفا.

وکان یری وجوب الثورة علیهم ، فناصر ثورة زید الشهید بکل ما یستطیع ، حتی أصدر فیه فتواه الشهیرة : «لقد ضاهی خروجه رسول الله فی بدر».

وبعد استشهاد زید ونهوض محمد ذی النفس الزکیة بایعه أبو حنیفة وناصره سرا وعلانیة ، وبقی علی بیعته حتی مات فی سجن المنصور (1).

لأجل هذا أسقطت رؤیة أبی حنیفة بالکامل عن نظریة أهل السنة ، وکأن هذه النظریة قد قامت علی أساس قبول إمامة الفاسق والجائر والجاهل ، وکل قول لا ینسجم مع هذا فلا یحسب علی أهل السنة ، ولا یعد قائله فی أئمة أهل السنة الذین یرجع إلیهم فی مثل هذه المسألة!

الصورة الثانیة : ومذهب عظماء السلف؟!

لم یکن هذا شأن أبی حنیفة وحده. بل هو شأن عظماء السلف أیضا ، فلا یذکر لهم اسم ، ولا یشرک لهم قول فی هذه النظریة.

فلا ذکر للسبط الشهید الإمام الحسین بن علی وثورته (2) .. ولا لمئات المهاجرین والأنصار وبقیة الصحابة فی مدینة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ونهضتهم علی یزید بن معاویة (3) .. ولا عبد الله بن الزبیر .. ولا الإمام الشهید زید بن علی بن الحسین .. ولا الصحابی سلیمان بن صرد الخزاعی

ص: 139


1- 1. أنظر : الملل والنحل 1 / 140 ، الکشاف - للزمخشری - : تفسیر الآیة 124 من سورة البقرة : ( لا ینال عهدی الظالمین ) .
2- 2. قتل الإمام الحسین علیه السلام مع نیف وسبعین من أهل البیت والتابعین وفیهم الصحابی أنس بن الحارث الذی روی حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «إن ابنی هذا - یعنی الحسین - یقتل بأرض یقال لها کربلاء ، فمن شهد منکم ذلک فلینصره» البدایة والنهایة 8 / 201 ، أسد الغابة ، والإصابة / ترجمة أنس بن الحارث.
3- (84) قتل منهم ثمانون صحابیا ولم یبق بدری بعد ذلک ، وقتل من قریش والأنصار سبع مئة ، ومن التابعین والعرب والموالی عشرة آلاف ، وأبیحت المدینة ثلاثة أیام وانتهکت الأعراض حتی ولدت الأبکار لا یعرف من أولدهن!

ومن معه أصحاب ثورة التوابین .. ولا القراء فی الکوفة وثورتهم!

کل أولئک أسقطوا من هذه النظریة ، فأخرجوا عن دائرة أهل السنة!!

لقد بالغ بعض کبار المتکلمین باسم أهل السنة فی النیل من أولئک العظماء الأشراف ، ووجوه القوم وکبارهم ، ولعل من أشهرهم ابن تیمیة الذی وصف نهضة سید شباب أهل الجنة سبط الرسول وریحانته بأنها فساد کبیر! ولا یرضی بها الله ورسوله! وکذا وصف نهضة بقیة المهاجرین والأنصار فی المدینة المنورة ، ثم بالغ فی إعذار یزید فی التصدی لهم وقتلهم جمیعا لأجل حفظ ملکه ، ولم ینکر علی یزید إلا أنه أباح المدینة ثلاثة أیام! (1) ولم یقل عنه : إنه قاتل الناس لیطاع هو لا الله!

وقال فی هذا الأمر أیضا : مما یتعلق بهذا الباب أن یعلم أن الرجل العظیم فی العلم والدین من الصحابة والتابعین ومن بعدهم إلی یوم القیامة ، أهل البیت وغیرهم ، قد یحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوی الخفی ، فیحصل بسبب ذلک ما لا ینبغی اتباعه فیه وإن کان من أولیاء الله المتیقن ، ومثل هذا إذا وقع صار فتنة!! (2).

تری لماذا کان ابن تیمیة أعلم بمداخل الفتنة وأبعد عن الهوی الخفی من أولئک العظماء من الصحابة وأهل البیت؟! هل لأنه رضی إمامة الفاجر والجاهل ، ورفضها أولئک؟!

هکذا تلقی هذه النظریة بنفسها فی مأزق حرج حین تعرض عن ذلک الأثر الضخم من آثار عظماء السلف وأئمتهم.

الصورة الثالثة : الخارج المأجور :

ما زال إظهار الخلاف للإمام محرما ، والخروج علیه فتنة وفسادا کبیرا ،

ص: 140


1- 1. أنظر : منهاج السنة 2 / 241 - 243 و 253 ، الوصیة الکبری : 54.
2- 2. منهاج السنة 2 / 245.

ما زال هذا الحکم ثابتا لا یتزحزح ..

إذن لماذا أصبح الخارج علی الإمام ، مرة واحدة فقط فی تاریخ الإمامة مأجورا؟!

حین کان الإمام هو علی بن أبی طالب ، أخص الناس برسول الله وأکثرهم علما وجهادا وأولادهم بالعدل ، عندئذ فقط حق الناس أن یخرجوا علی الإمام!

وسوف لا یکون خروجهم - هذه المرة - فتنة وفسادا ، بل هو اجتهاد ، وهم مأجورون علیه ، مثابون لأجله وإن أخطأوا!!

إنها صور لو عرضت أیا منها علی تلک النظریة لوجدت فتقا لا یرتق إلا بتکلف ظاهر ، والتواء سافر.

ولنعد الآن إلی دعائم هذه النظریة ..

ضرورة النص بین الخلیفة والنبی :

لا نزاع فی ثبوت حق الخلیفة فی النص علی من یخلفه ، ولا فی نفوذ هذا النص ، لأن الإمام أحق بالخلافة ، فکان اختیاره فیها أمضی ، ولا یتوقف ذلک علی رضا أهل الحل والعقد (1).

وإنما صار ذلک للخلیفة خوفا من وقوع الفتنة واضطراب الأمة (2).

فمن أجل ذلک کان بعض الصحابة یراجع عمر ویسأله أن ینص علی من یخلفه (3).

هذا کله حق ، ولکن ألیس النبی صلی الله علیه وآله وسلم أولی بالتفکیر فی ذلک ، وبرعایة هذه المصلحة؟!

ص: 141


1- 1. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 10 ، الأحکام السلطانیة - للبغوی - : 25 و 26.
2- 2. الفصل 4 / 169 ، تاریخ الأمم الإسلامیة - للخضری - 1 / 196.
3- 3. الکامل فی التاریخ 3 / 65.

إنه الرحمة المهداة ، بلا شک .. ألیس من تمام الرحمة وجمالها أن یجنب أمته المحذور من الاختلاف بعده؟!

لقد أحب أمته وحرص علیها ( عزیز علیه ما عنتم حریص علیکم بالمؤمنین رؤوف رحیم ) (1).

وأیضا : فقد کان صلی الله علیه وآله وسلم یعلم أننا سوف لا ننتظر بعده نبیا یعید نظم أمرنا!

لقد بصر ابن حزم بذلک ، فحاول أن یتدارکه ، فقال : وجدنا عقد الإمامة یصح بوجوه : أولها وأصحها وأفضلها أن یعهد الإمام المیت إلی إنسان یختاره إماما بعد موته ، سواء جعل ذلک فی صحته أو عند موته ، کما فعل رسول الله صلی الله علیه وآله بأبی بکر ، وکما فعل أبو بکر لعمر ، وکما فعل سلیمان بن عبد الملک بعمر بن عبد العزیز.

قال : وهذا هو الوجه الذی نختاره ، ونکره غیره ، لما فی هذا الوجه من اتصال الإمامة ، وانتظام أمر الإسلام وأهله ، ورفع ما یتخوف من الاختلاف والشغب مما یتوقع فی غیره من بقاء الأمة فوضی ، ومن انتشار الأمر وحدوث الأطماع (2).

لقد لحظ ابن حزم أکثر من ثغرة فی تلک النظریة ، فأظهر مهارة فی محاولة رتقها ، بأن جمع بین الضرورات الدینیة والعقلیة والاجتماعیة وبین الأمر الواقع ، لیخرج بصیغة أکثر تماسکا.

* فترک الأمة دون تعیین ولی الأمر الذی یخلف زعیمها یعنی بقاء الأمة فوضی ، وتشتت أمرها ، وظهور الأطماع فی الخلافة لا محالة .. وهذا مما ینبغی أن یدرکه النبی صلی الله علیه وآله وسلم فیبادر إلا تلافیه ، ولو فی مرضه الذی توفی فیه.

ص: 142


1- 1. سورة التوبة 9 : 128.
2- 2. الفصل 4 / 169.

* وتعیین الخلیفة بهذه الطریقة سیضمن اتصال الإمامة ، وانتظام أمر الإسلام.

* وإذا کان أبو بکر قد أدرک ذلک فنض علی من یخلفه ، وأدرکه أیضا عمر ، وأدرکه سلیمان بن عبد الملک ، فکیف نظن بالنبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه قد أغفل ذلک؟!

إنها إثارات جادة دفعته إلی حل وحید یمکنه أن ینقذ هذه النظریة ، کما ینقذ الأمر الواقع بعد الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، وتمثل هذا الحل عنده بنص النبی علی أبی بکر بالخلافة!

إذن فلا النبی صلی الله علیه وآله وسلم قد ترک هذا الأمر للأمة ، أو ترکها فوضی ، ولا کانت بیعة أبی بکر فلتة!

إنها أطروحة متینة ، کفیلة بقطع النزاع ، لو تمت ..!

ولکنها - للأسف - لم تکن سوی مجازفة ، فمن البدیهی عندئذ أن تکون عاجزة عن تحقیق الأمل المنشود منها!

فلا هی تدارکت تلک النظریة وعالجت ثغراتها ، ولا هی أنقذت الأمر الواقع!

وذلک لسبب بسیط ، وهو أن النص علی أبی بکر لم یثبت ، بل لم یدع وجوده أحد ، بل تسالمت الأئمة علی عدمه.

فمن أراد أن یثبت مثل هذا النص علی أبی بکر بالخصوص ، فعلیه أن ینفی حادثة السقیفة جملة وتفصیلا.

علیه أن یکذب بکل ما ثبت نقله فی الصحاح من کلام أبی بکر وعمر وعلی والعباس والزبیر فی الخلافة ..

علیه أن یهدم بعد ذلک کل ما قامت علیه نظریة أهل السنة فی الإمامة ، فلم تبن هذه النظریة أولا إلا علی أصل واحد ، وهو البیعة لأبی بکر بتلک الطریقة التی تمت فی السقیفة وبعدها!!

ص: 143

فمن تلک الواقعة أولا جاءت نظریة الشوری بین أهل الحل والعقد.

علیه أن ینفی «الإجماع علی أن النص منتف فی حق أبی بکر» (1)! لقد ساق الغزالی کلاما موافقا لهذا الإجماع قوض فیه ما بنی علیه ابن حزم قوله ..

قال الغزالی متسائلا : فهلا قلتم : إن التنصیص واجب من النبی والخلیفة ، کی یقطع ذلک دابر الاختلاف؟!

ثم أجاب قائلا : قلنا إنه لو کان واجبا لنص علیه الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، ولم ینص هو ، ولم ینص عمر أیضا (2).

وحین یواصل ابن حزم عرض نظریته تراه یلغی بالکامل مبدأ الشوری واختیار أهل الحل والعقد ، ویسند أمر اختیار الخلیفة إلی النص!

ولم یکن هذا الطرح منسجما مع هذه المدرسة ومبادئها ، وإنما هو محاولة لسد ثغراتها ، ومقابلة للإلحاح الذی تقدمه النظریة الأخری القائمة علی أساس النص ، ولقطع دابر النزاع ، کما ذکر هو ، وکما أشار الغزالی فی تساؤله.

أنه کان مقتنعا بضرورة النص ، ولکنه أراد نصا منسجما مع الأمر الواقع ، وإن لم یسعفه الدلیل!!

إقرار بقدر من النص :

لم یختف النص إلی الأبد فی هذه النظریة ، والشوری هنا لیست مطلقة العنان ، فلیس لأهل الحل والعقد أن ینتخبوا من شاءوا بلا قید.

إن هناک حدا تلتزمه الشوری ، وهذا الحد إنما رسمه النص الثابت.

قالوا : إن من شرط الإمامة : النسب القرشی ، فلا تنعقد الإمامة بدونه ..

وعللوا ذلک بالنص الثابت فیه ، فقد ثبت عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم

ص: 144


1- 1. شرح المقاصد 5 / 255.
2- 2. الاقتصاد فی الاعتقاد : 151.

أنه قال : «الأئمة من القریش».

وقال : «قدموا قریشا ولا تتقدموها». ولیس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع ، ولا قول لمخالف (1).

واشترطوا لهذا القرشی أن یکون قرشیا من الصمیم ، من بنی النضر بن کنانة ، تصدیقا للنص (2).

وقال الإمام أحمد : «لا یکون من غیر قریش خلیفة» (3).

واستدلوا علی تواتر هذا النص بتراجع الأنصار وتسلیمهم الخلافة للمهاجرین القرشیین حین احتجوا علیهم بهذا النص فی السقیفة (4).

وقال ابن خلدون : بقی الجمهور علی القول باشتراطها - أی القریشیة - وصحة الخلافة للقرشی ولو کان عاجزا عن القیام بأمور المسلمین (5).

وهکذا ثبت النص الشرعی ، وثبت تواتره ، وثبت الإجماع علیه.

وحین تراجع بعضهم عن الالتزام بهذا النص - کأبی بکر الباقلانی - فسر ابن خلدون سر تراجعه ، ورد علیه ، فقال : لما ضعف أمر قریش ، وتلاشت عصبیتهم بما نالهم من الترف والنعیم ، وبما أنفقتهم الدولة فی سائر أقطار الأرض ، عجزوا بذلک عن أمر الخلافة وتغلبت علیهم الأعاجم ، فاشتبه ذلک علی کثیر من المحققین حتی ذهبوا إلی نفی اشتراط القرشیة ، وعولوا علی ظواهر فی ذلک مثل قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «اسمعوا وأطیعوا وإن ولی علیکم عبد حبشی» (6).

ص: 145


1- 1. الأحکام السلطانیة - للماوردی - : 6.
2- 2. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20 ، الفصل 4 / 89 ، مآثر الإنافة 1 / 37 ، مقدمة ابن خلدون : 214 فصل 26.
3- 3. الأحکام السلطانیة - للفراء - : 20.
4- 4. الفصل 4 / 89.
5- 5. المقدمة : 215.
6- (99) والخوارج أیضا احتجوا بهذا حین لم یجدوا بینهم قرشیا یسندون إلیه الزعامة فیهم!

قال : وهذا لا تقوم به حجة فی ذلک ، لأنه خرج مخرج التمثیل ، للمبالغة فی إیجاب السمع والطاعة (1).

وثبت النص واستقر ، ولا غرابة ، فهو نص صحیح ، بل متواتر.

وهو فوق ذاک ینطوی علی فائدة أخری ، فهو النص الذی یعزز أرکان هذه النظریة ، إذ یضفی الشرعیة علی الخلافة فی کافة عهودها ، ابتداء من أول عهود الخلافة الراشدة! وانتهاء بآخر خلفاء بنی العباس ، فهذا کل ما یتسع له لفظ القرشیة هنا.

لما تغلب معاویة بالسیف بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص یحدث أنه سیکون ملک من قحطان ، فهب معاویة غضبا فجمع الناس وخطبهم قائلا : أما بعد ، فإنه بلغنی أن رجالا منکم یحدثون أحادیث لیست فی کتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله ، أولئک جهالکم! فإیاکم والأمانی التی تضل أهلها ، فإنی سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول : «إن هذا الأمر فی قریش. لا یعادیهم أحد إلا کبه الله فی النار علی وجهه» (2).

وقفة مع هذا النص :

عرف المهاجرون القرشیون الثلاثة - أبو بکر وعمر وأبو عبیدة - هذا النص فاحتجوا به علی الأنصار فی السقیفة ، فأذن الأنصار ، وعاد القرشیون بالخلافة ، أبو بکر ، ثم عمر ، ثم مالت عن عبیدة ، لا لعدم کفاءته وهو القرشی المهاجر ، بل لأنه قد توفی فی خلافة عمر ، فلما حضرت عمر الوفاة تأسف علیه ، وقال : «لو کان أبو عبیدة ، حیا لولیته» (3) .. والأمر ماض مع

ص: 146


1- 1. مقدمة ابن خلدون : 214 - 215 فصل 26.
2- 2. صحیح البخاری - کتاب الأحکام - باب 2 ح 6720.
3- 3. مسند أحمد 1 / 18 ، الکامل فی التاریخ 3 / 65 ، صفة الصفوة 1 / 367 ، سیر أعلام النبلاء 1 / 10.

النص.

ولکن حین لم یکن أبو عبیدة حیا کاد ذلک المبدأ - النص - أن ینهار ، وکاد ذلک النص المتواتر أن ینسی ، کل ذلک علی ید الرجل الذی کان من أول المحتجین به علی الأنصار ، عمر بن الخطاب! إنه لما لم یجد أبا عبیدة حیا ، قال : «لو کان سالم مولی أبی حذیفة حیا لولیته» (1).

ولما لم یکن سالم حیا ، قال : «لو کان معاذ بن جبل حیا لولیته» (2) ..

فهل کان سالم قرشیا؟! أم کان معاذ کذلک؟!

أما سالم : فأصله من إصطخر ، من بلاد فارس ، وکان مولی لأبی حذیفة! (3).

وأما معاذ : فهو رجل من الأنصار!

هذا فی وقت تزدحم فیه المدینة بشیوخ المهاجرین القرشیین ، وفیهم من هو أفضل من هذین الرجلین بالإجماع.

ورغم أن ابن خلدون قد دافع عن النظریة القائمة علی هذا النص «الأئمة من قریش» ورد قول عمر هذا بأنه قول صحابی واحد ، ومذهب الصاحبی لیس بحجة (4) ، إلا أن هذا لا یقطع دابر الأسئلة التی یثیرها هذا الموقف ..

فلو قدر لأحد الرجلین أن یکون حیا لتولی الخلافة ، ولعطل النص الذی کان حجة فی انتزاع الخلافة من غیر القرشی!

ومما یدعم هذا الفرض أن أحدا من الصحابة لم یرد علی عمر ، ویذکره

ص: 147


1- 1. الکامل فی التاریخ 3 / 65 ، صفة الصفوة 1 / 283 ، طبقات ابن سعد 3 / 343.
2- 2. مسند أحمد 1 / 18 ، صفة الصفوة 1 / 494 ، طبقات ابن سعد 3 / 590 ، سیر أعلام النبلاء 1 / 10.
3- 3. سیر أعلام النبلاء 1 / 167.
4- 4. مقدمة ابن خلدون : 215 فصل 26.

بأن الإمامة فی قریش دون سواهم ، بذلک النص الذی أجمعوا علیه من قبل ، وبشرط السقیفة أیضا!!

* فیما أن یکون سکوتهم إقرارا بعدم اشتراط القرشیة ، وهذا مخالف للنص الذی أجمعوا علیه من قبل!

* أو أنهم سکتوا هیبة للخلیفة ، وهذا لا ینبغی أن یکون مع وجود النص!

* أو أنهم سکتوا حین لم یجدوا هناک حاجة للتسرع فی بحث الموضوع ما دام الرجلان قد ماتا ، وما دام الخلیفة لم یبت بالأمر بعد ، ثم رأوا أن الحاجة إلی ذلک قد انتفت حین أسند الأمر إلی ستة کلهم من قریش ، وهذا أحسن الأعذار لو یتم!

وأیا کان ، فإن هذه الوجوه جمیعا تثیر الشکوک حول قیمة الاحتجاج بسکوت الصحابة علی أنه دائما یمثل الإجماع الإقراری!

أما حین یتوجه السؤال إلی عقیدة عمر نفسه فی هذه النظریة فإنه یحتاج إلی توجیه آخر ، وقد حاول ذلک ابن خلدون ، فقال : «إن مولی القوم منهم ، وعصبیة الولاء حاصلة لسالم مولی أبی حذیفة فی قریش ، وهی الفائدة فی اشتراط النسب! ولما استعظم عمر أمر الخلافة ورأی شروطها کأنها مفقودة فی ظنه عدل إلی سالم لتوفر شروط الخلافة عنده فیه حتی من النسب المفید للعصبیة ، ولم یبق إلا صراحة النسب ، فرآه غیر محتاج إلیه ، إذ الفائدة فی النسب إنما هی العصبیة ، وهی حاصلة من الولاء ، فکان ذلک حرصا من عمر علی النظر للمسلمین»! (1).

ولا یعدوا هذا الکلام أن یکون اجتهادا فی مقابلة النص ، أما تأویل النسب بالعصبیة فهو من صیاغة ابن خلدون ، ومن خصوصیات نظریته فی السیاسة ، ولیس من الضروری أن یکون هو المراد من النص علی قریش ، فثمة

ص: 148


1- 1. مقدمة ابن خلدون : 215.

أحادیث صحیحة میزت قریشا بمنزلة لیست لغیرها ، کحدیث : «إن الله اصطفی کنانة من ولد إسماعیل ، واصطفی قریشا من کنانة ...» الحدیث (1).

وذهب آخرون إلی تبریر آخر ، فاحتجوا بالحدیث : «مولی القوم منهم ، ومن أنفسهم ، وابن أخت القوم منهم» فاعتمدوا نصا جدیدا فی توسیع دائرة النص الأول ، بدلا من اللجوء إلی التأویل والاجتهاد فی مقابلة النص.

لکن هذا أیضا لم یقع موقع الرضا لدی الجمهور ، إذ هو مخالف للإجماع .. قال ابن حزم : إن الإجماع قد تیقن وصح علی أن حکم الحلیف والمولی وابن الأخت کحکم من لیس له حلیف ولا مولی ولا ابن أخت. فإذا صح البرهان بأن لا تکون - الخلافة - إلا فی قریش ، لا فی من لیس قرشیا ، صح بالإجماع أن حلیف قریش ومولاهم وابن أختهم کحکم من لیس قرشیا (2).

هذا کله عن سالم مولی أبی حذیفة ، ولکن لیس ثم جواب عن اختیار معاذ ، وهو من الأنصار الذین أغار علیهم القرشیون الثلاثة فی السقیفة ، وفیهم عمر ، واحتجوا علیهم بأن الأئمة من قریش ، وهیهات أن ترضی العرب بغیر قریش! هذا الکلام قاله عمر فی خطابه للأنصار فی السقیفة ، ثم واصل خطابه قائلا : «ولنا بذلک الحجة الظاهرة ، من نازعنا سلطان محمد ونحن أولیاؤه وعشیرته ، إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط فی هلکة؟!» (3).

إن تعدد هذه المواقف المختلفة أضفی کثیرا من الغموض علی عقیدة عمر فی الخلافة ، مما یزید فی إرباک نظریة الخلافة والإمامة إذا ما أرادت أن تسایر جمیع المواقف ، من هنا اضطروا إلی الضرب علی اختلافات عمر حفاظا علی صورة أکثر تماسکا لهذه النظریة ، کل ذلک لأجل تثبیت هذا المبدأ القائم

ص: 149


1- 1. صحیح مسلم - کتاب الفضائل ح 1.
2- 2. الفصل 4 / 89 - 90.
3- 3. راجع : الکامل فی التاریخ 2 / 329 - 330 ، الإمامة والسیاسة : 12 - 16.

علی النص الشرعی : «الأئمة من قریش».

واضح إذن کیف تم الانتصار للنص علی الرأی المخالف!

وواضح أیضا کیف کان قد تم الانتصار لمبدأ النص علی مبدأ الشوری. وذلک حین رأی الخلیفة ضرورة النص علی من یخلفه.

فدخل النص إذن فی قمة النظام السیاسی ، رغم أنه یلغی قاعدة الشوری بالکامل.

ومرة أخری ، تمشیا مع النص النبوی الشریف «الأئمة من قریش» ینهزم مبدأ الشوری أمام السیف! فمن تغلب علی الأمة وانتزع الخلافة بالسیف وکان قرشیا ، صحت خلافته ، لأنها لا تخرج عن النص المتقدم!

بل أمام هذا النص قد انهارت جمیع الشروط الواجب توفرها فی الخلیفة ، کالاجتهاد والعدل والتقوی ، فإذا کان الخلیفة قرشیا صحت خلافته وإن کان ظالما جاهلا فاسقا ، بل عاجزا عن أمر الخلافة!

هذه هی حقیقة موقع النص ، أما النظریة فما زالت تتنکر له ، وتتبنی مبدأ الشوری ابتداء فی المرتبة الأولی ، ولکن ینبغی لهذه الشوری ألا تخرج عن دائرة هذا النص ، فلا تنتخب إلا قرشیا من الصمیم.

أما ابن حزم فقد تبنی مبدأ النص أولا ، ثم ادعی نص النبی صلی الله علیه وآله وسلم علی أبی بکر ، قطعا للنزاع ، لکنه لم یفلح حین خالف حقیقة معلومة بالإجماع وبشواهد التاریخ.

إذن ، ثبت لدینا نص صریح صحیح وفاعل فی هذه النظریة ، وهو الحدیث الشریف «الأئمة من قریش» وقد أخرجه البخاری ومسلم وأصحاب السنن والسیر بألفاظ مختلفة ، وهذا هو محصلها.

ضرورة التخصیص فی النص :

1 - إن قراءة سریعة فی تاریخنا السیاسی والاجتماعی توقفنا علی حقیقة

ص: 150

أن النص المتقدم «الأئمة من قریش» بمفرده لا یحقق للإمامة الأمل المنشود منها فی حراسة الدین والمجتمع.

وأول من لمس هذه الحقیقة هم الصحابة أنفسهم منذ انتهاء الخلافة الراشدة ، ثم أصبحت الحقیقة أکثر وضوحا لدی من أدرک ثانی خلفاء بنی أمیة - یزید بن معاویة - ومن بعده.

ففی صحیح البخاری : لما کان النزاع دائرا بین مروان بن الحکم وهو بالشام ، وعبد الله بن الزبیر وهو بمکة ، انطلق جماعة إلی الصحابی أبی برزة الأسلمی - رضی الله عنه - فقالوا له : یا أبا برزة ، ألا تری ما وقع فیه الناس؟! فقال : إنی أحتسب عند الله أنی أصبحت ساخطا علی أحیاء قریش ، إن ذاک الذی بالشام والله إن یقاتل إلا علی الدنیا ، وإن الذی بمکة والله إن یقاتل إلا علی الدنیا!! (1).

2 - وأهم من هذا أنه ثمة نصوص صحیحة توجب تضییق دائرة النص المتقدم ..

لقد حذر النبی صلی الله علیه وآله وسلم من الاغترار بالنسب القرشی وحسب ، وأنذر بأن ذلک سیؤدی إلی هلاک الأمة وتشتت أمرها!

ففی صحیح البخاری عنه صلی الله علیه وآله وسلم أنه قال : «هلکة أمتی علی یدی غلمة من قریش» (2).

ص: 151


1- 1. صحیح البخاری - الفتن - باب 20 ح 6695.
2- 2. صحیح البخاری - الفتن باب 3 ح 6649 ، فتح الباری بشرح صحیح البخاری 13 / 7 - 8. ومما یثیر الدهشة أن تجد هذه الأحادیث وأکثر منها فی آل أبی سفیان وآل مروان ، تجدها فی کتاب «البدایة والنهایة» لابن کثیر تحت عنوان «إخباره صلی الله علیه وآله وسلم لما وقع من الفتن من بنی هاشم بعد موته»!! ج 6 /2. ط. دار التراث العربی - سنة 2. وج 6 / 227 - ط. مکتبة المعارف - سنة 1988. علما أنه وضعها وفق ترتیبه التاریخی فی أحداث العهد الأموی!!

کیف إذن سیتم التوفیق بین النصین : «الأئمة من قریش» و «هلکة أمتی علی یدی غلمة من قریش»؟!

ألیس لقائل أن یقول : ما هو ذنب الأمة؟! إنها التزمت نص النبی صلی الله علیه وآله وسلم «الأئمة من قریش» فقادها هذا النص إلی هذا المصیر حین ذبح خیار الأمة بسیوف قریش أنفسهم!

ألیس النص هو المسؤول؟!

حاشا لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن یضع أمته علی حافة هاویة ، وهو الذی کان قد استنقذها من الهاویة.

إنهم أرادوا أن یحفظوا الرسول بحفظ جمیع الصحابة وإضفاء الشرعیة حتی علی المواقف المتناقضة تجاه القضیة الواحدة ، فوقعوا فی ما فروا منه!

بل وقعوا فی ما هو أکبر منه حین صار النص النبوی هو المسؤول عما آل إلیه أمر الأمة من فتن ، ثم هلکة!

إن العقیدة التی تؤکد علی تبرئة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، وتصفه دائما بالعصمة والکمال وأداء الأمانة ، ینبغی لها أن لا تنزلق فی هذا المنزلق الخطیر.

إنه ینبغی لها وفق هذه العقیدة فی الدفاع عن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم أولا ، ومما بین أیدیها من السنة الصحیحة ثانیا ، ومن شواهد الواقع ثالثا ، ینبغی لها أن تلتزم بأن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم لا یمکن أن یکتفی بهذا القدر من النص ، فیقول : «الأئمة من قریش» ویقف عند هذا القدر ، ثم یقول مرة أخری : «هلکة أمتی علی یدی غلمة من قریش»!

فهؤلاء الغلمة إنما یکون هلاک الأمة علی أیدیهم عندما یملکون أمر

====

ولعل المتهم فی هذا ناسخ أموی الهوی غاظه ذکر بنی أمیة فی هذا العنوان فقلبه علی بنی هاشم!.

ص: 152

الأمة ، لکن الأمة لم ترض بهم إلا اتباعا للنص الأول «الأئمة من قریش» فهل یکون هذا إلا إغراء؟!

حاشا لرسول الله أن یکون ذلک منه ، وإنما هو من علامات التهافت فی هذه النظریة التی أغضت عن کل ما ورد فی السنة مما یفید تخصیص ما ورد فی حق قریش.

نوعان من التخصیص :

ورد فی السنة نوعان من التخصیص فی أمر قریش ، تخصیص سلب ، وتخصیص إیجاب.

1 - تخصیص السلب : ثمة نصوص صریحة تستثنی قوما من قریش ، فتبعدهم عن دائرة التکریم ، ناهیک عن التقدیم : قال ابن حجر الهیتمی : فی الحدیث المروی بسند حسن أنه صلی الله علیه وآله وسلم : «شر قبائل العرب : بنو أمیة وبنو حنیفة وثقیف».

قال : وفی الحدیث الصحیح - قال الحاکم - علی شرط الشیخین - عن أبی برزة - رضی الله عنه - أنه قال : کان أبغض الأحیاء - أو الناس إلی رسول الله بنو أمیة (1).

والذی ورد فی ذم آل الحکم - أبو مروان - خاصة کثیر ومشهور.

فهل یصح أن تسند الإمامة إلی شر قبائل العرب ، وأبغض الناس إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؟!

ومن دقائق النص الأول إقرانه بنی أمیة ببنی حنیفة ، وبنو حنیفة هم قوم مسیلمة الکذاب!!

فإذا أصبح هؤلاء هم الحکام فی الواقع فعلینا أن نشهد أن هذا الواقع

ص: 153


1- 1. تطهیر الجنان واللسان : 30.

منحرف عن النص ، بدلا من أن نسعی لتبریره وإخضاعه للنص.

2 - تخصیص الإیجاب : الحدیث الذی میز قریشا بالاصطفاء علی سائر القبائل لم یقف عند دائرة قریش الکبری ، بل خص منها طائفة بعینها ، فقال : «إن الله اصطفی کنانة من ولد إسماعیل ، واصطفی قریشا من کنانة ، واصطفی من قریش بنی هاشم ، واصطفانی من بنی هاشم» (1).

وهذا تقدیم لبنی هاشم علی سائر قریش ...

ساق ابن تیمیة هذا الحدیث الصحیح ، وأضاف قائلا :

«وفی السنن أنه شکا إلیه العباس أنه بعض قریش یحقرونهم! فقال صلی الله علیه وآله : «والذی نفسی بیده لا یدخلون الجنة حتی یحبوکم لله ولقرابتی» وإذا کانوا أفضل الخلائق ، فلا ریب أن أعمالهم أفضل الأعمال .. ففاضلهم أفضل من کل فاضل من سائر قبائل قریش والعرب ، بل وبنی إسرائیل وغیرهم» (2).

ولیس المقام مقام تفضیل وحسب ، بل إن قریشا لا یصح لها إیمان ما لم تحب بنی هاشم حبین : لله ، ولقرابة الرسول!

فهل یصح أن تکون قریش کلها سواء فی حق التقدم والإمامة ، وفیها بنو هاشم الذین رفعهم النص إلی أعلی منزلة ، وفیها بنو أمیة الذین خفضهم النص إلی أردی الرتب؟!

إذا کان الواقع قد آل إلی هذه الحال ، فعلینا أن نشهد أنه واقع منحرف عن النص ، لا أن نسعی إلی تبریره.

نتیجة البحث :

مما تقدم یبدوا بکل وضوح أننا هنا قد أخفقنا فی تحقیق نظریة منسجمة

ص: 154


1- 1. صحیح مسلم - کتاب الفضائل - ح 1.
2- 2. ابن تیمیة / رأس الحسین : 200 - 201 مطبوع مع استشهاد الحسین - للطبری -.

متماسکة فی موضوع الإمامة ، وأن السبب الحقیقی لهذا الإخفاق هو متابعة الأمر الواقع والسعی لتبریره وجعله مصدرا رئیسا فی وصف النظام السیاسی.

إن تناقضات الأمر الواقع فی أدواره المتعددة قد ظهرت جمیعها فی هذه النظریة ، مما أفقدها قیمتها کنظریة إسلامیة فی معالجة واحدة من قضایا الإسلام الکبری ..

* فالقول بالنص الشرعی لم یقف عند جوهر النص ، ولا التزام شروطه وحدوده.

* والقول بالشوری تقهقر أمام نص الخلیفة السابق ، وصلاحیات الشوری ، والقهر والاستیلاء ، والتغلب بالسیف.

* أما نظام أهل الحل والعقد فهو أشد غموضا.

فمرة یکون أهل الحل والعقد رجلا واحدا نصب نفسه فتابعه اثنان کما فی عقد الزواج ، أو تابعه أربعة أو یکونوا ستة یعینهم الخلیفة السابق دون الأمة ، بل «تطور» الأمر عن هذا کثیرا ، حتی «إن فیلسوفا مدققا کابن خلدون قد جعل حاشیة الخلیفة وبطانته وأقاربه - بصرف النظر عن مدی علمهم واجتهادهم وتقواهم - هم أهل الحل والعقد الذین عارضوا الخلیفة المأمون أن ینقل الخلافة إلی علی الرضا من بعده»! (1)

والحقیقة التی نرجو أن لا تصدم أحدا أن هذا قد ظهر من قبل ، فی النصف الثانی من خلافة عثمان ، حیث برز علی رأس أصحاب الرأی والمشورة رجال من قرابته - بنی أمیة - خاصة ، لم یکونوا من أولی الفضل والاجتهاد والسابقة فی الدین ، مع کثرة من اجتمعت فیهم هذه الخصال فی ذلک الوقت!

وکان أهل الحل والعقد هؤلاء هم : عبد الله بن عامر ، وعبد الله بن سعد ابن أبی سرح (2) ، وسعید بن العاص ، ومعاویة بن أبی سفیان ، ومروان بن

ص: 155


1- 1. نظریة الإمامة - الدکتور أحمد محمود صبحی - : 26.
2- 2. وهو الذی ارتد مشرکا فی عهد الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، فهدر الرسول دمه یوم فتح مکة ، وأمر بقتله ولو وجد تحت أستار الکعبة! راجع ترجمته فی : الإستیعاب ، وأسد الغابة ، والإصابة.

الحکم!

نقل الطبری من طریقین : أن عثمان أرسل إلی معاویة وعبد الله بن سعد ابن أبی سرح وسعید بن العاص وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر ، فجمعهم لیشاورهم فی أمره ، فقال لهم : إن لکل امرئ وزراء ونصحاء ، وإنکم وزرائی ونصحائی وأهل ثقتی .. وقد صنع لناس ما قد رأیتم ، وطلبوا إلی أن أعزل عمالی ، وأن أرجع عن جمیع ما یکرهون إلی ما یحبون ، فاجتهدوا رأیکم وأشیروا علی.

فلما أشاروا علیه عمل بما رآه من مجموع مشوراتهم ، فردهم علی أعمالهم ، وأمرهم بالتضییق علی من قبلهم ، وأمرهم بتجمیر الناس فی البعوث (1) ، وعزم علی تحریم أعطیاتهم لیطیعوه ویحتاجوا إلیه (2).

هذه الوجوه المتناقضة کلها من المستحیل أن تجتمع فی نظریة واحدة ، فتکون نظریة منسجمة وذات تصور واضح ومحدد ومفهوم.

هذا کله ، وبقدر ما یثیره من شکوک حول صلاحیة هذه النظریة ، فإنه یرجح الرأی الآخر الذی یذهب إلی اعتماد النص الشرعی فی تعیین خلیفة الرسول.

إلی هذه النتیجة أیضا خلص الدکتور أحمد محمود صبحی وهو یدرس نظریة الإمامة ، إذ قال : «أما من الناحیة الفکریة فلم یقدم أهل السنة نظریة متماسکة فی السیاسة تحدد مفاهیم البیعة والشوری وأهل الحل والعقد ، فضلا عن هوة ساحقة تفصل بین النظر والتطبیق ، أو بین ما هو شرعی وبین ما یجری فی الواقع.

ص: 156


1- 1. أی إرسالهم إلی أطراف البلاد بحجة حمایة الحدود ، ومنعهم عن العودة إلی أهلیهم.
2- 2. تاریخ الطبری - أحداث سنة 34 ه - 4 / 333 - 335.

لقد ظهرت نظریات أهل السنة فی السیاسة فی عصر متأخر بعد أن استقر قیام الدولة الإسلامیة علی الغلبة .. کما جاء أکثرها لمجرد الرد علی الشیعة .. والتمس بعضها استنباط حکم شرعی من أسلوب تولی الخلفاء الثلاثة الأوائل.

وإن الهوة الساحقة بین تشریع الفقهاء وبین واقع الخلفاء ، فضلا عن تهافت کثیر من هذه الآراء وإخفاقها فی استنباط قاعدة شرعیة ، هو ما مکن للرأی المعارض - القول بالنص - ممثلا فی حزب الشیعة (1).

للبحث صلة ...

ص: 157


1- 1. الزیدیة : 35 - 37.

البردة

والأعمال التی دارت حولها

«فهرسة»

(2)

أسعد الطیب

الفصل الرابع

الشروح

أ - الشروح مرتبة حسب أسماء مؤلفیها

1 - شرح

إبراهیم بن صالح التازوالتی السوسی المالکی (- 1353).

معجم المؤلفین (المستدرک) : 18 ، الأعلام 1 / 44.

2 - حاشیة

إبراهیم بن محمد بن أحمد الباجوری الشافعی (1198 - 1277).

طبعت عدة طبعات. انظرها فی معجم المطبوعات : 509 ، ومشار :

أسعد الطیب

ص: 158

3 - مختصر حاشیة الزرکشی

إبراهیم بن محمد الخطیب الشافعی.

فرغ منه 869.

نسخة منه فی دار الکتب ، برقم 4411 أدب طلعت ، فی 53 ورقة ، کتبت سنة 869 بخط المؤلف.

المورد مج 6 ع 1 (1977 م) ص 277 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 3 / 193 رقم 7020.

4 - شرح

إبراهیم بن محمد الیلواجی.

اسمه : «الحجة الکبری من الفضائل الفخری فی حق نبینا محمد البشری».

طبع فی الآستانة 1315 ، فی 72 صفحة.

معجم المطبوعات : 1952.

وفی معجم المؤلفین 1 / 56 ذکر أن اسم والد المؤلف عبد الله ، وأن وفاته فی 1293 ، وأن کتابه حاشیة علی شرح قصیدة البردة.

ومصدره فی ذلک هدیة العارفین 1 / 43.

5 - شرح

أحمد بن إسماعیل بن أبی بکر بن عمر الأبشیطی القاهری ، الشافعی ثم الحنبلی ، شهاب الدین (810 - 883).

الضوء اللامع 1 / 235 - 237 ، البدر الطالع 1 / 37 - 39 ، معجم المؤلفین 1 / 163.

ص: 159

6 - شرح

أحمد بن أمین الدین البسطامی ، مفتی الشافعیة بنابلس (- 1157).

سلک الدرر 1 / 82 ، معجم المؤلفین 1 / 171.

7 - شرح

أحمد بن جعفر بن إدریس ، أبی العباس الکتانی (- 1340).

اسمه : «المنهل الفسیح علی بردة المدیح».

الأعلام 1 / 108.

8 - شرح

أحمد بن سلیمان بن کمال باشا.

مخطوط فی دار الکتب ، برقم 13816 ز.

معجم ما ألف عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : 328.

9 - شرح

أحمد بن عبد الباقی ، شهاب الدین ، ابن العماد الأقفهسی.

أوله : «الحمد لله الذی رتق وفتق ، وبدأ وخلق ...».

إیضاح المکنون 2 / 229 - 230.

10 - شرح

أحمد بن عبد الوهاب ، الوزیر ، الغسانی الأندلسی (- 1146).

الأعلام 1 / 165.

ص: 160

11 - شرح

أحمد بن محمد ، شهاب الدین بن شمس الدین ، القسطلانی ، شارح البخاری (- 923).

اسمه : «مشارق الأنوار المضیة فی شرح الکواکب الدریة».

أوله : «الحمد لله الذی شرح بمدح نبینا محمد صلی الله علیه وآله وسلم قلوب أولیائه ...».

منه نسخة فی مکتبة کوبریلی ، برقم 1 / 1304 مجموعة ، وصفت فی فهرسها 2 / 62 ، کتبت فی 977.

کشف الظنون 2 / 1335 ، الأعلام 1 / 232 ، معجم المؤلفین 2 / 85 ومستدرکه : 90 و 95.

12 - شرح

أحمد بن محمد بن أبی بکر بن محمد الشیرازی ، فخر الدین.

مختصر اقتصر فیه علی حل ألفاظها ، وأتمه فی محرم 797.

کشف الظنون 2 / 1333.

13 - شرح

له أیضا.

وهو شرح مبسوط فیه أبحاث کثیرة ، بناه علی خمس قواعد : مبادئ ، ومقاصد ، وتراجم ، وتقطیعات ، وإعراب.

أوله : «الحمد لله نحمده ونستعینه ونتوکل علیه ...».

اسمه : «نزهة الطالبین وتحفة الراغبین».

ذکر فیه أنه روی البردة عن شیوخه ومنهم صاحب «القاموس المحیط».

ص: 161

کتبه فی شعبان 809.

کشف الظنون 2 / 1335.

14 - شرح

أحمد بن محمد بن الحسن بنانی الرباطی ، أبی العباس (1260 - 1340).

اسمه : «إتحاف أهل المودة» لم یکمل.

معجم المؤلفین 2 / 90.

15 - شرح

أحمد بن محمد بن عبد الرحمان الأزدی التونسی ، المعروف ب : القصار (کان حیا بعد 790).

وهو من شیوخ ابن خلدون صاحب التاریخ.

کشف الظنون 2 / 1334 ، معجم المؤلفین 2 / 117.

16 - شرح

أحمد بن محمد بن عثمان بن یعقوب بن سعید ، ابن الحاج.

لم یکمل.

معجم المؤلفین 2 / 151.

17 - شرح

أحمد بن محمد بن علی ، شهاب الدین ، أبی العباس ، ابن حجر الهیتمی المصری ، السعدی الشافعی (909 - 974).

طبع بمصر فی 1307 ، فی 168 صفحة ، وفی المطبعة المیمنیة

ص: 162

1322.

معجم المطبوعات : 83 ، وترجمة المؤلف فی شذرات الذهب 4 / 806.

18 - شرح

أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان ، المعروف بابن الحاج ، البیدری التلمسانی.

لم یکمل.

معجم أعلام الجزائر : 67 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 246 رقم 4451.

19 - شرح

أحمد بن محمد بن محمد الخجندی الأخوی ، أبی الطاهر ، جلال الدین (- 802).

اسمه : «طیب الحبیب هدیة إلی کل محب لبیب».

أوله : «الحمد لله الذی أکرمنا بدین الإسلام ...».

جمعه بعض تلامذته من إملائه فی الحرم النبوی الشریف.

کشف الظنون 2 / 1336 ، الضوء اللامع 2 / 194 ، 201 ، معجم المؤلفین 2 / 153 ، الأعلام 1 / 225.

20 - شرح

البردة.

أحمد بن محمد بن المهدی بن عجیبة ، أبی العباس ، اللنجری التطوانی (1161 -؟؟؟).

ص: 163

فهرس الفهارس والأثبات : 854 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 249 رقم 4464.

21 - شرح

أحمد بن مصطفی ، المعروف ب (لالی).

أوله : «الحمد لمن جعل النظم لحسن الکلام ..».

أتمه فی 1001.

کشف الظنون 2 / 1333 و 1361 ، معجم المؤلفین 1 / 178.

22 - شرح

أحمد بن هلال ، شهاب الدین (- 892).

شرح لبیت واحد من البردة.

نسخة منه فی المکتبة الرضویة فی مشهد ، برقم 7902.

الذریعة 13 / 128.

23 - شرح

إسماعیل بن الأحمر.

أنظر : اختصار شرح ... ، لعبد الرحمان بن محمد.

24 - شرح

إسماعیل مفید أفندی.

مخطوط فی المدرسة العمریة فی الظاهریة بدمشق ، ضمن مجموع رقمه (3881 عام ، مجامیع 148) فی الأوراق 1 - 26.

فهرس المدرسة العمریة 734 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله

ص: 164

صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 277 رقم 4629.

25 - شرح

أمین بن عمر الدمشقی الحنفی ، الشبیب (- 1323).

معجم المؤلفین 3 / 10.

26 - شرح

أیوب بن موسی الحسینی القریمی الکفوی الحنفی القاضی ، أبی البقاء ، صاحب الکتاب المشهور ب : کلیات أبی البقاء (1028 - 1094).

معجم المؤلفین 3 / 31 ، الأعلام 1 / 183.

27 - شرح

بحر بن رئیس بن صلاح بن خلیفة بن علی الهارونی المالکی ، القاضی.

اسمه : ارتشاف الشهدة فی شرح قصیدة البردة .

أوله : «الحمد لله کاشف الکروب والآلام ..».

قال فیه : إننی قدمت فی الأبیات وأخرت لأجل الشرح ، ولم یکن أحد تقدمنی بمثل هذا الشرح إلا من احتوی علی کتب کثیرة وعلوم جمة غزیرة.

کشف الظنون 2 / 1332.

منه نسخة فی مکتبة شستربتی ، برقم 4236 ، فی 253 ورقة ، کتبت 758 ، وعنها صورة فی معهد المخطوطات ، برقم 2044 ، فی 252 ورقة.

وهی خزائنیة ، خطها نسخ جید مشکول ، کتبت برسم محمد بن السیفی طرغای الناصری فی 17 صفر 758.

ص: 165

فهرست المخطوطات المصورة - الأدب 1 / 18.

28 - شرح

جان محمد اللاهوری.

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 269 رقم 4581.

29 - شرح

جلال بن قوام بن الحکم.

أوله : «الحمد لله الذی علم بالقلم ...».

قال فیه : قد اطلعت علی القصیدة الموسوعة بالکواکب الدریة فی مناقب أشرف البریة ، وتعرف بالبردة النبویة ، التی نظمها البوصیری فی فضائل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وترشیح شئ من معجزاته الباهرة ..

أتمه فی جمادی الآخرة 792.

کشف الظنون 2 / 1335.

منه نسخة فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، فی مجموع برقم 854 ، وهی تقع فی الورقة 1 - 42 ، وصفت فی فهرسها 2 / 715 - 721 ، سقط جزء من المقدمة وآخرها کامل ، کتبت فی 813 فی مدرسة سلطانیة بسمرقند.

ونسخة أخری فی مکتبة المرعشی العامة ، برقم 110 ، کتبت فی 924 ، وصفت فی فهرسها 1 / 134.

30 - شرح

حسن العدوی الحمزاوی المصری (- 1303).

اسمه : «النفحات الشاذلیة فی شرح البردة البوصیریة».

ص: 166

أوله : «الحمد لله الذی أبرز من نور جماله نور ..».

إیضاح المکنون 4 / 229 - 230.

31 - شرح

حسن بن حسین التالشی.

أوله : «الحمد لله المحمود الذی خلق نور محمد صلی الله علیه وآله وسلم ...».

أنشأه فی القاهرة للوزیر علی باشا.

کشف الظنون 2 / 1334.

منه نسخة فی مکتبة سبهسالار ، برقم 7080 ، فی 66 ورقة ، کتبت فی 1214 ، وصفت فی فهرسها 5 / 155.

32 - شرح

حسن بن عبد الله العباسی الهاشمی الصفدی (کان حیا قبل 716).

کشف الظنون 2 / 1332 ، معجم المؤلفین 3 / 240.

33 - شرح

حسن بن محمد بن حسن الحنفی النخعی.

أوله : «إن أول ما لویت إلیه أعنة الأقلام فی دیوان التحمید ...».

ذکر فیه لغاتها وإعرابها ومعناها مبسوطا.

رأی منه صاحب «کشف الظنون» نسخة کتبت فی 1076.

کشف الظنون 2 / 1335.

ص: 167

34 - شرح

حسین الخوارزمی ، کمال الدین (- 840).

کشف الظنون 2 / 1332.

35 - شرح

حسین النقاش العجمی ، حسام الدین ، مدرس.

ولد بتبریز وتوفی فی الآستانة (- 964).

معجم المؤلفین 4 / 66.

36 - شرح

حیدر بن عبد الله الحیدری الإربلی الداغستانی ، ضیاء الدین (- 1307).

اسمه : «غایة المرام فی شرح برأة الإمام».

معجم المؤلفین 4 / 91 ، هدیة العارفین 1 / 342 ، إیضاح المکنون 2 / 141.

37 - شرح

خالد بن عبد الله الأزهری ، زین الدین (- 905).

اسمه : «الزبدة فی شرح قصیدة البردة».

أوله : «أما بعد حمد الله مستحق الحمد والتهلیل والتکبیر والتسبیح ، والصلاة علی سیدنا محمد صاحب الوجه الملیح ...».

وآخره : «فرغت من تألیف هذا الشرح یوم الأربعاء العشرین من رجب من شهور سنة ثلاث وتسعمائة ، حامدا لله علی ما أنعم ، ومصلیا علی رسوله

ص: 168

المعظم».

وهو شرح مفصل ، ثم اختصره.

کشف الظنون 1 / 952 و 2 / 1332.

منه نسختان فی مکتبة کوبریلی ، برقم 1 / 1593 و 3 / 458 ، وصفتا فی فهرسها 2 / 289 و 3 / 206.

وفی مکتبة لوس أنجلس برقم A 611.

ونسخة منه فی المکتبة المرعشیة فی قم ، فی مجموع برقم 110 ، والشرح هو الکتاب التاسع ، ویقع بین 147 ظ - 178 و ، کتبت فی 20 شهر رمضان سنة 924 ، وصفت فی فهرسها 1 / 134.

وفی مکتبة مجلس الشوری ، برقم : الدفتر 14184 والفهرس 1664 ، کتبت فی 981 ، فی 90 صفحة ، وصفت فی فهرسها 4 / 382.

وطبع فی مطبعة جمعیة المعارف بمصر فی 1286.

وفی المطبعة المیمنیة فی 1308 وغیرها.

وفی بغداد بتحقیق محمد علی حسن ، ومراجعة إبراهیم الوائلی ، سنة 1386.

معجم المطبوعات : 509 ، معجم المؤلفین 4 / 96 ومستدرکه : 227 ، الضوء اللامع 3 / 171.

38 - شرح

خضر بن عمر العطوفی (- 948).

معجم المؤلفین 4 / 101.

39 - شرح

الحاج الداوودی التلمسانی ، أبو محمد (- 1271).

ص: 169

معجم المؤلفین 3 / 173 ، تعریف الخلف 2 / 107.

40 - حاشیة

الزرکشی.

أنظر : إبراهیم بن محمد الخطیب الشافعی.

41 - شرح

زکریا بن محمد الأنصاری القاضی (- 926).

اسمه : «الزبدة الرائقة فی شرح البردة الفائقة».

أوله : «الحمد لله الملک الوهاب ...».

مختصر ، فرغ منه فی صفر 923.

منه نسخة فی دار الکتب ، برقم 9228.

کشف الظنون 2 / 1336 ، معجم المؤلفین 4 / 182 ومستدرکه : 259 ، الأعلام 3 / 46.

42 - شرح

سعید بن سلیمان الکرامی السملالی (- 882).

الأعلام 3 / 95.

43 - شرح

سعید بن محمد بن مصطفی بن عثمان الخادمی الرومی الحنفی (- 1213).

معجم المؤلفین 4 / 231.

ص: 170

44 - شرح

سلیم بن أبی فراج البشری المالکی ، شیخ الأزهر (1248 - 1335).

وهو شرح علی «نهج البردة» لأحمد شوقی.

اسمه : «وضح النهج».

طبع فی القاهرة ، مکتبة الآداب ، 1987 م ، 103 ص.

معجم المؤلفین 4 / 249.

45 - شرح

الشطیبی

مخطوطة فی خزانة المنتصر الریسونی فی تطوان.

نشرة أخبار التراث العربی ، ع 28 (11 - 12 / 1986 م) ص 14 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 247 رقم 4454.

46 - شرح

شعبان بن محمد ، شرف الدین ، الآثاری القرشی المصری (- 828).

اسمه : «حل العقدة فی شرح البردة».

هدیة العارفین 1 / 147.

47 - شرح

شهاب الدین الدولت آبادی ، القاضی (- 849).

مخطوط فی ندوة العلماء بلکهنو فی الهند ، برقم 1448 ، فی 154 صفحة.

ص: 171

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 278 رقم 4635.

48 - شرح

طاهر بن حسن الحلبی ، المعروف ب : ابن حبیب (- 808).

اسمه : «وشی البردة».

کشف الظنون 2 / 1333 ، الضوء اللامع 4 / 3 ، الأعلام 3 / 221.

49 - شرح

عبد الحق بن عبد الفتاح (کان حیا 1119).

اسمه : «الجوهرة الیتیمة الفردة فی شرح المدیحة المنظومة المسماة بالبردة».

فرغ منه فی 12 صفر 1119.

معجم المؤلفین 5 / 92.

50 - شرح

عبد الرحمان بن أحمد الصنادیقی الدمشقی الشافعی (- 1164).

سلک الدرر 2 / 81 ، معجم المؤلفین 5 / 118.

51 - شرح

عبد الرحمان بن إسماعیل ، القدسی الشافعی المقرئ المؤرخ النحوی أبی شامة (- 965).

أوله : «سبحان من أخفی سبحات وجهه بأنوار جلال ذاته ...».

نسخة منه فی مکتبة ملی (المکتبة الوطنیة) بطهران ، تامة ، آخرها :

ص: 172

«والحمد لله علی الإتمام» کتبت احتمالا فی القرن العاشر ، فی 78 ورقة ، وصفت فی فهرسها 7 / 26.

وفیها نسخة أخری فی مجموعة ، وصفت فی فهرسها 10 / 356.

ونسخة منه فی مکتبة لوس أنجلس برقم A 750 ، کتبت فی 1002.

کشف الظنون 2 / 1334 ، معجم المؤلفین 5 / 125 ، ومستدرکه : 348 ، نسخه های خطی 11 و 12 / 245.

52 - شرح

عبد الرحمان بن سعید بن طریفة (- 1227).

وهو شرح مطول.

الأعلام 3 / 307.

53 - شرح

عبد الرحمان بن محمد ، ابن خلدون (- 808).

هدیة العارفین : 529.

54 - اختصار شرح إسماعیل بن الأحمر

عبد الرحمان بن محمد بن عطیة المدیونی الجادری (777 - 818).

مخطوط فی الصبیحیة بسلا ، ضمن مجموع برقم 210 ، فی 44 ورقة.

أنظر : فهرسها : 222 - 223 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 1 / 141 رقم 292.

ص: 173

55 - شرح

عبد الرحمان ، نفسه.

فهرس الفهارس والأثبات : 295 - 296 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 265 رقم 4558.

56 - شرح

عبد الرزاق الکاشانی ، کمال الدین (- 730).

وهو شرح لتخمیس محمد بن عبد الصمد الفیومی.

نسخة منه فی کوبریلی ، 1 / 1352 ، مجموعة الکتاب الثانی ، من 40 ب - 113 ب ، کتبت فی القرن الحادی عشر ، وصفت فی فهرسها 2 / 86.

57 - شرح

عبد الغنی النابلسی (- الأحد 24 شعبان 1126).

اسمه : «العقد النظیم فی القدر العظیم».

وهو شرح لبیت من البردة.

سلک الدرر 3 / 34.

58 - بین «البردة» للبوصیری و «نهج البردة» لأحمد شوقی.

عبد القادر الصحراوی.

دعوة الحق (المغربیة) س 12 ع 7 (ربیع الأول 1389) ص 84 - 91 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 4 / 222 رقم 9840.

ص: 174

59 - شرح

عبد الله الأفیونی (- 1154).

اسمه : «الفتوحات الأحمدیة علی الکواکب الدریة».

منه نسخة فی المکتبة الخدیویة فی دار الکتب.

ونسخة أخری فی مکتبة الأوقاف ببغداد.

سلک الدرر 3 / 93 - 104 ، معجم المؤلفین 6 / 97 ، فهرس الخدیویة 7 / 1 : 271 ، الکشاف - لطلس - : 291.

60 - شرح

عبد الله الطرابلسی (- 1154).

اسمه : «الفیوضات المحمدیة علی الکواکب الدریة».

سلک الدرر 3 / 93.

61 - شرح

عبد الله بن إسماعیل القدسی ، الشهیر بأبی شامة (- 665).

نسخة منه فی دار الکتب المصریة ، برقم 4467 أدب طلعت.

المورد مج 6 ع 1 (1977 م) ص 275 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 288 رقم 4696.

62 - شرح

عبد الله بن فخر الدین بن یحیی الموصلی.

منه نسخة فی مکتبة الآستانة بقم ، برقم 4 / 114 - 5813 ، فی 51 ورقة.

ص: 175

63 - شرح

عبد الله بن محمد المغنیساوی ، فردی (- 1274).

هدیة العارفین 1 / 491 ، معجم المؤلفین 6 / 137.

64 - شرح

عبد الله یوسف ، جمال الدین ، ابن هشام النحوی (- 761).

کشف الظنون 2 / 1332 ، معجم المؤلفین 6 / 163 ومستدرکه : 443.

ومن المعروف أن لابن هشام شرحا علی بردة کعب بن زهیر ، ولکن ذکر حاجی خلیفة لهذا الشرح تحت عنوان قصیدة البردة - المخصص لبردة البوصیری - یشعر بأن له شرحا علی بردة البوصیری.

65 - شرح

عبد الواحد بن أحمد بن علی بن عاشر (- 1040).

الأعلام 4 / 175 ، خلاصة الأثر 3 / 96.

66 - شرح

عبید الله (محمد) بن یعقوب الرومی الحنفی الفناری (- 936).

اسمه : «إغاثة اللهفان».

قال صاحب الشقائق النعمانیة : «وهو من أحسن شروحها».

کشف الظنون 2 / 1332 ، معجم المؤلفین 6 / 247 و 10 / 279 ، الکواکب السائرة 2 / 188 - 189 ، شذرات الذهب 8 / 216 - 217.

ص: 176

67 - شرح

علی الکردی.

منه نسخة فی مکتبة جامعة مک کیل ، برقم 215 ، وصفت فی فهرسها 1 / 192.

68 - شرح

علی الیزدی ، المعمائی ، شرف الدین (- 850).

کشف الظنون 2 / 1332 ، هدیة العارفین 1 / 733 ، معجم المؤلفین 7 / 262 ، الذریعة 14 / 6 ووصفه بالمعاصر للأمیر تیمور کورکان ، وجعل وفاته سنة 830.

69 - شرح

علی بن ثابت بن سعید بن علی بن محمد القرشی الأموی التلمسانی (772 - 829).

له ثلاثة شروح علی البردة : کبیر ، ووسط ، وصغیر.

معجم المؤلفین 7 / 50 ، الأعلام 5 / 75 ، تعریف الخلف 2 / 259.

70 - شرح

علی بن جابر بن علی ، الهاشمی الشافعی المکی الیمنی ، نور الدین.

منه نسخة فی مکتبة جلال الدین المحدث الأرموی ، کتبت فی 1087.

شرح قصیدة برده - فارسی ، تصحیح علی محدث - : 14.

ص: 177

71 - شرح

علی بن حسام الدین الهندی.

طبع فی مکة المکرمة ، المطبعة المیریة ، 1314 ، بهامش «مصباح الظلم علی المنهج الأتم فی تبویب الحکم» للمؤلف.

معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 247 رقم 4457.

72 - شرح

علی بن سلطان محمد ، نور الدین ، الهروی ، القارئ (- 1014).

اسمه : «الزبدة فی شرح البردة».

وهو من أحسن شروحها.

کشف الظنون 2 / 1335 ، إیضاح المکنون 1 / 612 ، الأعلام 5 / 13.

ومنه نسخ فی : المکتبة الرضویة فی مشهد ، برقم 4815 ، وصفت فی فهرسها م 7 ج 2 ص 570.

وفی مکتبة قلیج علی ، برقم 826.

وفی مکتبة الختنی ، المکتبة العامة فی المدینة المنورة ، برقم 443 / 8 سیرة.

73 - شرح

علی بن علی الکوندی التونسی (کان حیا 1089).

مخطوط فی مکتبة حسن حسنی عبد الوهاب ، برقم 18594.

معجم ما ألف عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : 329.

ص: 178

74 - شرح

علی بن محمد البسطامی الشاهرودی ، مجد الدین ، المعروف ب : مصنفک (- 875).

أوله : «الحمد لله الذی جعل مقادیر العلماء مع علوها متباینة ...».

آخره : «.. تم بقصبة بسطان لثمانی عشرة مضین من رمضان سنة 836 وکان الافتتاح فیه بجامع هراة فی جمادی الأولی سنة 835».

فی دار الکتب ، برقم 4375 أدب طلعت ، کتبت 982 ، وقوبلت علی نسخة المؤلف.

وفی مکتبة جامعة لوس أنجلس برقم A 157 ، کتبت فی 1029.

وفیها أیضا برقم F 125 ، ناقصة الآخر.

کشف الظنون 2 / 1332 ، معجم المؤلفین 7 / 240 وفیه : «علی بن محمود بن محمد الشاهرودی البسطامی الهروی الرازی الفخری البکری الحنفی الشهیر ب (مصنفک) علاء الدین».

نسخه های خطی : 11 و 12 / 245 ، المورد مج 6 ع 1 (1977 م) ص 275.

75 - إعراب بیت من قصیدة البردة.

علی بن محمد بن الحسن بن زین الدین الجبعی العاملی (- 1103).

فی «الدر المنثور من المأثور وغیر المأثور» له - طبع مکتبة المرعشی العامة - رقم 4 - فی 1398 - مجلدان ، والإعراب فی 2 / 263 - 264.

ص: 179

76 - شرح

علی بن محمد بن علی ، أبی الحسن ، القرشی البسطی ، الشهیر ب : القلصادی (815 - 891).

فهرس الفهارس والأثبات : 963 ، تراجم المؤلفین التونسیین 4 / 111 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 247 رقم 4458.

77 - شرح

عمر بن أحمد بن محمد سعید ، الخربوتی الحنفی ، نعیمی (- 1299).

اسمه : «عصیدة الشهدة فی شرح قصیدة البردة».

أوله : «الحمد لله الذی ملأ قلوب الشاعرین بحکمته ...».

طبع فی بولاق فی 1260 ، فی 183 صفحة ، وفی غیرها مرارا.

معجم المؤلفین 7 / 275 ، هدیة العارفین 1 / 801 ، معجم المطبوعات : 819.

78 - شرح

البردة للبوصیری ، ونهج البردة لشوقی.

فتحی عثمان.

طبع فی القاهرة - دار المعرفة - 1975 م.

ص: 180

79 - شرح

محمد المصری (کان حیا 1084).

اسمه : «جامع الکنوز».

فرغ من تسویده فی ربیع الآخر سنة 1084.

طبع بمصر علی الحجر سنة 1286.

أنظر : مشار : 245 ، معجم المؤلفین 12 / 24.

80 - شرح

محمد بن أحمد البسطامی المصری (- 842).

هدیة العارفین 2 / 192 ، معجم ما ألف عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : 328.

81 - شرح

محمد بن أحمد الخربوطلی.

اسمه : «عصیدة الشهدة شرح قصیدة البردة».

ألفه سنة 1242.

طبع عدة طبعات.

أنظر : معجم المطبوعات : 819.

وطبع فی الآستانة ، بدون تاریخ ، وسمی مؤلفه عمر بن أحمد خربوتی ، وبهامشه شرح محمد بن مصطفی شیخ زاده.

ص: 181

82 - شرح

محمد بن أحمد المحلی الشافعی ، جلال الدین (- 864).

اسمه : «الأنوار المضیة فی مدح خیر البریة».

وهو شرح مختصر.

منه نسخة فی مکتبة بلدیة الإسکندریة ، برقم 3812.

وذکر صاحب الذریعة فی ذیل کشف الظنون ص 77 أن منه نسخة فی کتب محمد علی الخوانساری.

ومنه نسخة أخری فی الجامع الکبیر بصنعاء ، برقم 22 مجامیع ، من 181 ، 195 ورقة ، کتبت فی 976.

ونسخة أخری فیه أیضا ، برقم 286 فی مجموع ، الشرح فیه من 168 - 176 ورقة ، کتبت فی 1313.

کشف الظنون 2 / 1332 ، الأعلام 5 / 333.

83 - شرح

محمد بن أحمد بن عرفة السوقی (- 1230).

وهی حاشیة علی شرح البردة لمحمد بن أحمد المحلی.

معجم المؤلفین 8 / 292.

84 - شرح

محمد بن أحمد بن مرزوق العجیسی التلمسانی ، أبی عبد الله ، شمس الدین الحفید (781 - 842).

سمع قصیدة البردة من عز الدین عبد العزیز بن بدر الدین عبد الله محمد إبراهیم (کذا) بن سعد بن جماعة الکنانی المصری ، فی الخمیس 27

ص: 182

من ربیع الآخر سنة 767 فی الروضة المطهرة فی المدینة المنورة.

وسمعها أیضا من عفیف الدین أبی السعادة عبد الله بن محمد بن أحمد ابن خلف بن عیسی السعدی العبادی الخزرجی المدنی الیقطری ، یوم 7 من المحرم سنة 764 تحت أسطوانة التوبة فی المدینة المنورة ، وأجازه بها وأمره بشرحها.

اسم هذا الشرح : «طیب الحبیب بإظهار صدق المودة فی شرح قصیدة البردة».

أوله : «الحمد لله الذی خلع علی نبیه محمد صلی الله علیه وآله وسلم بردة عنایته السابغة الکبری ...».

منه نسخة فی لوس أنجلس ، برقم A 532 ، کتبها محمد أمین بخط النستعلیق فی 6 رمضان سنة 1266.

ومنه نسخة أخری فی کوبریلی ، برقم 1 / 1306 ، کاملة ، کتبت فی القرن الحادی عشر وبلغت مقابلة وتصحیحا ، وصفت فی فهرسها 2 / 64.

کشف الظنون 2 / 1333 ، نسخه های خطی : 11 و 12 / 287.

85 - شرح

آخر ، للتلمسانی نفسه.

اسمه : «الإستیعاب لما فی البردة من البیان والإعراب».

وصفه حاجی خلیفة بأنه شرح عظیم.

کشف الظنون 2 / 1333.

86 - شرح

آخر ، للتلمسانی نفسه.

اسمه : «تلخیص صدق المودة فی شرح البردة».

ص: 183

ثبت أبی جعفر البلوی : 217 - 317 ، الأعلام 5 / 331 ، وذکر أن له ثلاثة شروع علی البردة.

87 - شرح

محمد ارتضاء علی بن مصطفی علی خان ، أبی علی ، القاضی الکوباموی (- 1270).

حرکة التألیف بالعربیة فی الإقلیم الشمالی الهندی : 305 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، بوساطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 279 رقم 4648.

88 - شرح

محمد أمین ، المعروف ب : ابن شبیب (ق 14).

اسمه : «المنح الوفیة شرح البردة المحمدیة».

طبع فی بیروت 1319.

معجم المطبوعات : 134.

89 - شرح

محمد بن منلا أبی بکر بن محمد بن منلا سلیمان الکردی السهرانی الحنفی.

اسمه : «الدرة المضیة فی شرح الکواکب الدریة».

أوله : «الحمد لله الذی أوجد الموجدات من کتم العدم ...».

ألفه فی الجامع الأزهر سنة 1048.

وذکر بعد شرح کل بیت من البردة التسبیع العجیب المبدوء کل بیت منه بلفظ الجلالة (وهو تسبیع أحمد بن عبد الله المکی).

ص: 184

معجم المؤلفین 9 / 110 و 117 والعلمان المترجمان فی هاتین الصفحتین هما علم واحد ، کشف الظنون 2 / 1335 وهامش 1331.

90 - شرح

محمد بن بهادر الزرکشی ، بدر الدین (- 794).

منه نسخة فی خذا بخش بتنه ، برقم 1759.

کشف الظنون 2 / 1334.

91 - شرح

محمد بن حسن بن سعد بن فرج التهامی (1240 - 1306).

ولد فی بیت الفقیه فی الیمن ، وتصدی للإفتاء والتدریس.

اسمه : «المنهج الفسیح فی شرح بردة المدیح».

مصادر الفکر العربی الإسلامی فی الیمن : 88 و 248.

92 - شرح

محمد بن حسن القدسی البرمونی ، أبی عبد الله ، شمس الدین (- بعد 990)

اسمه : «النبذة فی طی العدة لنشر معانی البردة».

أوله : «الحمد لله الذی أظهر من مکنون سره ...».

شرحه بمدینة قسطنطینیة بالزاویة البایزیدیة.

جمعه من شروح البردة سنة 990.

کشف الظنون 2 / 1334 ، هدیة العارفین 2 / 257 ، معجم المؤلفین 9 / 209 و 235 وهما لعلم واحد.

ص: 185

93 - شرح

محمد بن حسن بن محمد ولی بیک الأفشار البکشلولی الأرومی (کان حیا سنة 1260).

معجم المؤلفین 9 / 220 ، أعلام الشیعة 2 / 360.

94 - شرح

محمد بن حسین بن عبد الصمد الحارثی العاملی ، المعروف ب : البهائی (953 - 1030).

ذکر فی آخره أن قوله :

رب بحق أبی بکر وصاحبه

 ....................

لیس من قول الناظم ، بل هو ملحق به.

قال هبة الدین الشهرستانی : رأیته فی بعلبک عند بعض آل مرتضی.

وهو شرح کبیر مبسوط.

الذریعة 14 / 6.

95 - شرح

محمد بن خلیل بن أبی بکر بن محمد القباقبی الحلبی ، ثم المقدسی ، الشافعی ، شمس الدین ، أبی عبد الله (- 849).

اسمه : «الکواکب الدریة فی مدح خیر البریة».

کشف الظنون : 209 و 1054 و 1333 ، إیضاح المکنون 2 / 434 ، هدیة العارفین 2 / 196 ، معجم المؤلفین 9 / 288 ، الأنس الجلیل : 519 و 520 ، نظم العقیان - للسیوطی - : 148.

ص: 186

96 - شرح

محمد بن داوود العنانی القاهری الشافعی ، شمس الدین (- 1098).

اسمه : «الدرة الفریدة فی شرح البردة القصیدة».

هدیة العارفین 2 / 300 ، معجم المؤلفین 9 / 297 و 10 / 61 وهما لعلم واحد ، الأعلام 6 / 121 ، فهرس الخدیویة 3 / 222 ، المکتبة البلدیة بالإسکندریة (فهرس الأدب) : 42.

97 - شرح

محمد زعیتر النابلسی (کان حیا 1302).

اسمه : «کشف البردة عن معانی البراءة».

طبع فی بیروت 1302.

معجم المؤلفین 9 / 37.

98 - شرح

محمد بن سعد بن یوسف الألانی.

نسخة منه فی مکتبة سبهسالار ، برقم 3322 مجموع ، 27 ظ - 84 و ، کتبت فی 1204 ، وصفت فی فهرسها 5 / 154.

99 - شرح

محمد بن عبد الحق بن إسماعیل بن أحمد الأنصاری السبتی المغربی المالکی (- 838).

معجم المؤلفین 10 / 128 ، الضوء اللامع 7 / 279 - 280.

ص: 187

100 - شرح

محمد بن عبد الرحمان بن علی ، المعروف ب (ابن الصائغ) ، شمس الدین الحنفی الزمردی (- 776).

أوله : «أما بعد حمد الله الذی من حمده مدح أنبیائه ...».

اسمه : «الرقم علی البردة».

کشف الظنون 2 / 1332 ، الأعلام 6 / 192.

101 - شرح

محمد بن عبد القادر ، الواسطی الشافعی ، نجم الدین (- 838).

إیضاح المکنون 4 / 229 - 230.

102 - شرح

محمد بن عبد الله الأسکیشهری الرومی الحنفی ، الشهیر ب : عین أکبر (- 1135).

اسمه : «الفوائد الزمردیة فی شرح تسبیع الکواکب الدریة فی مدح خیر البریة».

هدیة العارفین 2 / 317 ، معجم المؤلفین 10 / 200.

103 - شرح

محمد بن عبد الله الطرابلسی الحنفی أبی النصر (- 1218).

إیضاح المکنون 1 / 183 ، هدیة العارفین 2 / 354 ، معجم المؤلفین 10 / 200.

ص: 188

104 - شرح

محمد بن عبد الله المحمود.

اسمه : «طیب الحبیب».

أوله : «حامدا لله العلی العظیم ، ومستغنیا بالله العزیز العلیم».

کتبه فی 882.

منه نسخة فی مکتبة المدرسة الفیضیة بقم ، برقم 1845 ، الکتاب الثانی من مجموعة ، من ص 105 - 176 ، کتبت فی 955 ، وصفت فی فهرسها 2 / 139.

کشف الظنون - ذکر أوله ولم ینسبه إلی مؤلف.

105 - شرح

محمد بن عبد الله النیکده وی القونوی ، الملقب ب : وصالی (- 1056 ه).

هدیة العارفین 2 / 282 ، معجم المؤلفین 10 / 251.

106 - شرح

محمد بن علی علاء الدین بن الفصة ، الشافعی ، خطیب بعلبک (- 1024).

اسمه : «الخلاص من الشدة فی شرح البردة».

إیضاح المکنون 1 / 432.

107 - حاشیة

محمد بن القاسم بن محمد بن عبد الحفیظ الهاشمی الفاسی ،

ص: 189

أبی عبد الله (- 1331).

وهی حاشیة علی شرح خالد الأزهری.

معجم المؤلفین 11 / 144.

108 - شرح

محمد بن المبارک الهشتوکی (- 1313).

فی مجلدین.

الأعلام 7 / 18.

109 - شرح

محمد بن محمد البخشی الخلوتی البکفالونی الحلبی الشافعی (- 1098 ه).

الأعلام 7 / 65.

110 - شرح

محمد بن محمد بن عبد السلام جنون.

طبع فی فاس 1296 ، فی 389 صفحة.

معجم المطبوعات : 717.

111 - شرح

محمد بن محمد ، بدر الدین الغزی الدمشقی (- 984).

اسمه : «الزبدة فی شرح البردة».

هدیة العارفین 2 / 254 ، کشف الظنون 2 / 1332.

ص: 190

112 - شرح

المولی محمد بن محمود بدر الدین ، الشهیر بابن بدر الدین ، المنشی الرومی الصاروخانی الآقحصاری الحنفی ، شیخ الحرم بالمدینة المنورة (- 1001).

اسمه : «طراز البردة».

أوله : «أفصح ما أفصح عنه بلابل البلاغة ...».

تأریخه : تم شرحی = 958.

وقد نظمه فی بیت شعر هو :

ولما تم ما املأت بالشام

أتی تاریخ رشحی تم شرحی

کشف الظنون 2 / 1333 ، إیضاح المکنون 2 / 648 ، معجم المؤلفین 9 / 99 ، خلاصة الأثر 3 / 400 و 401 ، کشف الظنون : 459 و 803 و 854.

منه نسخة فی التیموریة ، فهرسها 3 / 291.

ونسخة أخری فی لوس أنجلس ، برقم A 729 ، کتبت فی ق 12.

نسخه های خطی : 11 و 12 / 287 ، دائرة المعارف الإسلامیة الکبری 1 / 369 مادة (الآق حصاری).

113 - شرح

محمد بن مصطفی دواتی زاده ، الرومی الجلوتی ، الملقب بطالب الأسکداری (- 1097).

معجم المؤلفین 12 / 28 ، إیضاح المکنون 2 / 429 ، هدیة العارفین 2 / 300.

ص: 191

114 - شرح

محمد بن مصطفی ، محیی الدین بن شمس الدین ، المعروف بشیخ زاده (- 951).

اسمه : «راحة الأرواح».

أوله : «الحمد لله المحتجب عن درک العیون بکمال فردانیته ...».

منه عدة نسخ :

فی دار الکتب ، برقم 4409 أدب طلعت ، کتبت فی سنة 1000 ، فی 121 ورقة.

وفی لوس أنجلس ، برقم A 264 ، کتبت فی 1026.

وفی دار الکتب أیضا ، برقم 4370 أدب طلعت ، کتبت فی 1043 فی 146 ورقة.

وفی کوبریلی ، برقم 2 / 282 مجموعة ، الکتاب الأول ، من 1 ظ - 87 و ، وصفت فی فهرسها 2 / 548.

وطبع فی الآستانة ، بدون تاریخ فی هامش شرح آخر لها ، أنظر : محمد ابن أحمد الخربوطلی.

کشف الظنون 2 / 1332 ، نسخه های خطی : 11 ، 12 / 245.

115 - شرح

محمد بن مصطفی المدرنی الرومی (کان حیا 1136).

اسمه : «وردة الملیح فی شرح بردة المدیح».

فرغ من تبییضه فی 1136.

معجم المؤلفین 12 / 36 ، فهرس دار الکتب 3 / 432.

ص: 192

116 - شرح

محمد معروف البرزنجی.

اسمه : «الدرة الفریدة فی مهمات القصیدة ، أعنی البردة».

إیضاح المکنون 1 / 460.

117 - شرح

محمد بن المعطی بن أحمد المراکشی ، المعروف ب (حدو السرغینی) أبو عبد الله (- 1296).

معجم المؤلفین 12 / 42 ، الأعلام 7 / 106.

118 - شرح

محمد بن یعقوب الفیروزآبادی ، مجد الدین ، أبی الطاهر ، صاحب «القاموس المحیط» (729 - 817).

اسمه : «نزهة الطالبین وتحفة الراغبین».

کشف الظنون 2 / 1331.

119 - شرح

محمد بن یعقوب الفناری (- 936).

کشف الظنون : 1332.

120 - شرح

محمد بن یوسف بن أبی اللطف ، رضی الدین ، المقدسی الشافعی (- 1028).

ص: 193

منه نسخة فی الجامع الکبیر بصنعاء ، برقم 1930 ، فی 214 ورقة ، کتبت فی 1016.

الأعلام 7 / 155.

121 - شرح

محمد شاکر بن عصمة الله اللکهنوی (- 1133).

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، حرکة التألیف فی الإقلیم الشمالی الهندی : 318 ، معجم ما ألف عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : 329 ، کلها بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 280 رقم 4651.

122 - شرح

محمد صالح بن أحمد بن شمس الدین ، السروی المازندرانی ، صهر محمد تقی المجلسی ، حسام الدین (- 1081 أو 1086).

ذکره صاحب روضات الجنات ، وشک صاحب الذریعة فیه واحتمل کونه شرحا للمقصورة الدریدیة.

وفی المکتبة المرعشیة بقم نسخة منه ، برقم 887 ، تؤکد أن للمازندرانی شرحا للبردة ، حیث فی النسخة المذکورة شرح عدة أبیات من البردة من ناحیة لغویة وأدبیة ، ثم اختصر الشارح الشرح مقتصرا علی بیان المعانی الخفیة ، وصرح فی آخره باسم المازندرانی المذکور.

أوله : «الحمد لله الذی خلق نور محمد صلی الله علیه وآله وسلم قبل خلق الأرض والسماء ...».

والنسخة کاملة فی 87 ورقة ، بقلم النستعلیق ، وصفت فی فهرسها 3 / 83.

ص: 194

ونسخة أخری وصفت فی مخطوطات أصفهان : 388 رقم 80.

الذریعة 14 / 6.

123 - شرح

محمد الصالح بن سلیمان بن محمد بن محمد بن الطالب العیسوی الرحمونی الزواوی (1152 - 1242).

معجم المؤلفین 10 / 83 ، الأعلام 6 / 163.

124 - شرح

محمد الطاهر بن محمد ، ابن عاشور ، الشریف التونسی (- 1284).

اسمه : «شفاء القلب الجریح بشرح بردة المدیح».

طبع فی القاهرة ، المطبعة الوهبیة 1296.

إیضاح المکنون 2 / 52 ، معجم المطبوعات : 156 ، الأعلام 6 / 173 ، معجم المؤلفین 5 / 37 و 10 / 101.

125 - شرح

محمد فوزی بن عبد الله الرومی ، الشهیر بمفتی أدرنة (- 1318).

اسمه : «فتح الوردة فی شرح قصیدة البردة».

هدیة العارفین 2 / 396 ، معجم المؤلفین 11 / 134.

126 - شرح

مسعود بن محمود بن یحیی الحسینی.

اسمه : «نزهة الطالبین وتحفة الراغبین».

أوله : «الحمد لله نحمده ونستعینه ...».

ص: 195

ذکر فیه بحر القصیدة وعروضها ، رأی صاحب کشف الظنون نسخة منه کتبت فی 865.

کشف الظنون 2 / 1334.

127 - شرح

منور بن عبد المجید اللاهوری.

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 281 رقم 4657.

128 - شرح

مهدی بن أحمد الفاسی.

إیضاح المکنون 4 / 229 - 230.

129 - شرح

مهذب بن حسین بن برکات.

منه نسخة فی مکتبة سبهسالار فی طهران ، برقم 2888 ، وصفت فی فهرسها 5 / 155.

130 - شرح

نجف علی بن عظیم الدین ، القاضی ، الجهجری.

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 - 57 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 281 رقم 4659.

ص: 196

131 - شرح

نظام الدین اللاهوری.

صنفه 1094.

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 56 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 2 / 281 رقم 4662.

132 - شرح

یحیی بن منصور الحسنی الحسینی.

اسمه : «نتائج الأفکار فی شرح مدائح سید الأبرار».

أوله : «أحمد الله ذا العظمة والسلطان ...».

ذکر فی دیباجته اسم السلطان رستم بهادر خان ، وهو فی مجلد کبیر.

کشف الظنون 2 / 1334 ، إیضاح المکنون 2 / 620.

133 - شرح

یوسف بن خالد بن نعیم بن مقدم بن محمد بن حسن الطائی البساطی القاهری المالکی ، أبی المحاسن جمال الدین (- 829).

معجم المؤلفین 3 / 295 ، الضوء اللامع 10 / 312 و 313 ، نیل الابتهاج : 353 و 354.

134 - شرح

یوسف علی بن یعقوب علی الکوباموی.

اسمه : «الجواهر الفریدة فی شرح القصیدة».

الثقافة الإسلامیة فی الهند : 57 ، بواسطة معجم ما کتب عن رسول الله

ص: 197

صلی الله علیه وآله وسلم 1 / 451 رقم 2125.

135 - شرح

یوسف بن أبی اللطف ، رضی الدین القدسی الشافعی (- بعد 1006).

اسمه : «الروضة المغردة لحل قصیدة البردة».

أوله : «الحمد لله الذی أرسل محمدا رحمة ...».

وهو فی مجلد أطال فیه وأطنب.

منه نسخة فی دار الکتب ، برقم 8768.

کشف الظنون 2 / 1334.

136 - شرح

لبعض الشیعة.

أوله : «سبحان من أخفی سبحات وجهه بأنوار جلاله ...».

طبع سنة 1273 ، ثم 1302 مع شرح المعلقات السبعة.

الذریعة 14 / 7.

137 - شرح

لمجهول.

أوله : «لک الحمد والشکر یا ذا النعم ...».

ألفه صاحبه للوزیر محمود باشا.

کشف الظنون 2 / 1335.

138 - شرح

لمجهول.

ص: 198

أوله : «حامدا لله العلی العظیم ...».

فرغ منه 882.

کشف الظنون 2 / 1335.

139 - شرح

لمجهول.

ألفه باسم السلطان غیاث الدین محمد.

شرح فیه اللغات ثم الترکیب ثم المعانی.

أوله : «الحمد لله رب ...».

منه نسخة فی الرضویة.

الذریعة 14 / 7.

140 - إعراب

لمجهول.

تحقیق : عبد الله أحمد جاجه.

حققه علی نسخة واحدة من المکتبة الظاهریة بدمشق.

أخبار التراث العربی ع 8 (7 و 8 / 1983 م) ص 17.

141 - شرح

الإمام المدنی.

ذکره الحسین الواعظ فی «تحفة الصلوات».

کشف الظنون 2 / 1336.

ص: 199

142 - شرح

لبعض المدنیین (المدرسین).

بعد القراءة علی الشیخ عفیف الدین عبد الله بن محمد بن أحمد بن خلف بن عیسی السعدی المطری (المطرزی) فی محرم 760 فی الروضة المطهرة.

وأشار هو إلیه بتعلیق حواش کالشرح له.

کشف الظنون 2 / 1336.

ص: 200

ب - الشروح المسماة

1 - إتحاف أهل المودة.

أحمد بن محمد بن الحسن الرباطی.

2 - ارتشاف الشهدة فی شرح قصیدة البردة.

بحر بن رئیس.

3 - الإستیعاب لما فی البردة من البیان والإعراب.

محمد بن أحمد بن مرزوق.

4 - إغاثة اللهفان.

عبید الله (محمد) بن یعقوب.

5 - الأنوار المضیة فی مدح خیر البریة.

محمد بن أحمد المحلی.

6 - تلخیص صدق المودة فی شرح البردة.

محمد بن أحمد بن مرزوق.

7 - جامع الکنوز.

محمد المصری.

ص: 201

8 - الجواهر الفریدة فی شرح القصیدة.

یوسف علی بن یعقوب علی.

9 - الجوهرة الیتیمة الفردة فی شرح المدیحة المنظومة المسماة بالبردة.

عبد الحق بن عبد الفتاح.

10 - الحجة الکبری من الفضائل الفخری فی حق نبینا محمد البشری.

إبراهیم بن محمد الیلواجی.

11 - حل العقدة فی شرح البردة.

شعبان بن محمد الآثاری.

12 - الخلاص من الشدة فی شرح البردة.

محمد بن علی علاء الدین ابن الفصة.

13 - الدرة الفریدة فی شرح البردة القصیدة.

محمد بن داوود العنانی.

14 - الدرة الفریدة فی مهمات القصیدة ، أعنی البردة.

محمد معروف البرزنجی.

ص: 202

15 - الدرة المضیة فی شرح الکواکب الدریة.

محمد بن منلا أبی بکر بن محمد.

16 - راحة الأرواح.

محمد بن مصطفی ، شیخ زاده.

17 - الرقم علی البردة.

محمد بن عبد الرحمان بن علی.

18 - الروضة المغردة لحل قصیدة البردة.

یوسف بن أبی اللطف.

19 - الزبدة فی شرح قصیدة البردة.

خالد بن عبد الله الأزهری.

20 - الزبدة فی شرح البردة.

علی بن سلطان محمد القارئ.

21 - الزبدة فی شرح البردة.

محمد بن محمد ، بدر الدین الغزی.

22 - الزبدة الرائقة فی شرح البردة الفائقة.

زکریا بن محمد الأنصاری.

ص: 203

23 - شفاء القلب الجریح بشرح بردة المدیح.

محمد الطاهر ابن عاشور.

24 - طراز البردة.

محمد بن محمود ، ابن بدر الدین المنشئ.

25 - طیب الحبیب.

محمد بن عبد الله المحمود.

26 - طیب الحبیب بإظهار صدق المودة فی شرح قصیدة البردة.

محمد بن أحمد بن مرزوق.

27 - طیب الحبیب هدیة إلی کل محب لبیب.

أحمد بن محمد بن محمد الخجندی.

28 - عصیدة الشهدة فی شرح قصیدة البردة.

محمد بن أحمد الخربوطلی.

29 - عصیدة الشهدة فی شرح قصیدة البردة.

عمر بن أحمد بن محمد سعید.

30 - العقد النظیم فی القدر العظیم.

عبد الغنی النابلسی.

ص: 204

31 - غایة المرام فی شرح برأة الإمام.

حیدر بن عبد الله الحیدری.

32 - فتح الوردة فی شرح قصیدة البردة.

محمد فوزی بن عبد الله الرومی.

33 - الفتوحات الأحمدیة علی الکواکب الدریة.

عبد الله الأفیونی.

34 - الفیوضات المحمدیة علی الکواکب الدریة.

عبد الله الطرابلسی.

35 - الفوائد الزمردیة فی شرح تسبیع الکواکب الدریة فی مدح خیر البریة.

محمد بن عبد الله الأسکیشهری.

36 - کشف البردة عن معانی البراءة.

محمد زعیتر النابلسی.

37 - الکواکب الدریة فی مدح خیر البریة.

محمد بن خلیل بن أبی بکر القباقبی.

ص: 205

38 - مشارق الأنوار المضیة فی شرح الکواکب الدریة.

أحمد بن محمد القسطلانی.

39 - المنح الوفیة فی شرح البردة المحمدیة.

محمد أمین ابن شبیب

40 - المنهج الفسیح فی شرح بردة المدیح.

محمد بن حسن بن سعد.

41 - المنهل الفسیح علی بردة المدیح.

أحمد بن جعفر بن إدریس.

42 - النبذة فی طی العدة لنشر معانی البردة.

محمد بن حسن القدسی.

43 - نتائج الأفکار فی شرح مدائح سید الأبرار.

یحیی بن منصور.

44 - نزهة الطالبین وتحفة الراغبین.

أحمد بن محمد بن أبی بکر الشیرازی.

45 - نزهة الطالبین وتحفة الراغبین.

محمد بن یعقوب الفیروزآبادی.

ص: 206

46 - نزهة الطالبین وتحفة الراغبین.

مسعود بن محمود بن یحیی.

47 - النفحات الشاذلیة فی شرح البردة البوصیریة.

حسن العدوی الحمزاوی.

48 - وردة الملیح فی شرح بردة المدیح.

محمد بن مصطفی المدرنی.

49 - وشی البردة.

طاهر بن حسن ، ابن حبیب.

50 - وضح النهج.

سلیم بن أبی فراج البشری.

ص: 207

الفصل الخامس

ترجمات البردة

1 - الأردو

قام محمد عزیز الدین - المتوطن فی بهاولبور ، وکان حیا فی 1301 - بترجمة تخمیس للبردة إلی الأردو والبنجابی والفارسی وسماه : «نظم الورع» - وطبعه فی بومبی - مطبعة حسینی 1301.

فهرست کتابهای فارسی جاب سنکی وکمیاب کتابخانه کنج بخش (فهرس الکتب الفارسیة المطبوعة حجریا والنادرة فی مکتبة کنج بخش) بقلم عارف نوشاهی 1 / 748 - 749.

2 - الألبانیة (بالحرف العربی)

ترجمها محمد تشامی Muhammet Cami المولود فی سنة 1784 م فی مدینة Konispol فی أقصی جنوب ألبانیا.

درس فی الأظهر 11 سنة ثم عاد إلی مدینته وسکنها إلی حین وفاته فی سنة 1844 م.

ذکر منها الدکتور محمد موفاکو مخطوطة فی 40 ص کتبت فی 1884 م.

الثقافة الألبانیة فی الأبجدیة العربیة : 136 - 138.

ص: 208

3 - الألمانیة

ترجمها روزنزفیج Von Rosenzweig فی کتابه : Funkelnde Wandelsterne Zum Lobe des Bestender Geschopfe وطبعت فی فینا سنة 1824 م مع تعلیقات.

وأحسن طبعات البردة - کما تقول دائرة المعارف الإسلامیة - هی الطبعة التی قام بها رلفز Rolfs ونشرها بهرنور Behrnauer بعد وفاته بعنوان : einlobgedicht auf Muhammed , Die Burda.

وطبعت فی فینا سنة 1860 م مع ترجمات ألمانیة وفارسیة وترکیة.

ولم تذکر فی هذه الطبعة الأبیات المنحولة التی ذکره روزنزفیج.

دائرة المعارف الإسلامیة (البردة).

4 - الإنجلیزیة

ترجمها رد هوس Red house تحت عنوان : The Burda وهی موجودة فی کتاب : Arabian Poetry fir English Readers ل : Clouton. A. W ، ص 322 و 341 - طبع جلاسجو 1881 م.

دائرة المعارف الإسلامیة (البردة).

5 - الإیطالیة

قام بالترجمة جبریلی Gabrieli تحت عنوان Burdation - AL وطبعت فی فلورنسه سنة 1901 م ، وترجمة بردة البوصیری فی ص 30 - 85.

ص: 209

دائرة المعارف الإسلامیة (البردة).

6 - البنجابیة

أنظر : الأردو.

7 - التاتاریة

نشرت مع طبعة البردة فی مدینة قازان سنة 1849 م ، بین السطور.

معجم المطبوعات : 604 - 605.

8 - الترکیة (بالحرف العربی)

ترجم البردة شعرا إلی الترکیة من أدباء الأتراک.

1 - کمال باشا زاده ، وقافیته میمیة.

2 - شمس الدین سیواسی ، وقافیته نونیة.

3 - عبد الرحیم حصاری ، وقافیته رائیة.

4 - سید أحمد لالی ، وقافیته یائیة.

وهذه الترجمات موجودة فی مجموعة برقم B 708 ، فی مکتبة جامعة لوس أنجلس فی أمریکا ، کتبت فی ق 13 ه ، نسخة ملونة أسود وأحمر وأصفر - جمعها حسن بن علی أماسی.

ونسخة أخری فی مجموعة B 279 ، فیها ترجمة أحمد لالی فی نفس المکتبة أیضا.

5 - عبد الله القاضی بدورکی (- 850 ه).

ص: 210

ذکرها مفهرس مکتبة کوبریلی ، وهی فی مجموعة برقم 3 / 724 ، کتبت فی ق 12 ه.

فهرس کوبریلی 3 / 372.

6 - مستقیم زاده.

وهی فی لوس أنجلس ، برقم D 587 ، کتبت فی 19 شعبان 1173 ه.

وطبعت ترجمة ترکیة ، فی طبعة البردة فی فینا سنة 1860 م.

أنظر : الترجمة الألمانیة.

9 - الجاویة

شرح لکلمات البردة ، نشرت بین سطور البردة من طبعة المطبعة الوهبیة بالقاهرة سنة 1313 ه.

10 - الفارسیة

ترجم البردة شعرا إلی الفارسیة.

1 - عادل بن علی بن عادل ، ق 10 ه.

توجد نسخة منه فی مکتبة کلیة إلهیات ومعارف إسلامی مشهد (کتابخانه دانشکده إلهیات ومعارف إسلامی مشهد) رقم 68 مجموعة ، أنظر فهرسها 1 / 364.

وهی بخط الناظم فی ربیع الآخر سنة 900 ه.

2 - محمد المشهور ب (حافظ شرف) ترجمها شعرا سنة 810 ه.

ذکره فی کشف الظنون 2 / 1331 ، وفهرست مشترک مجلد 7 قسم 1 ص 483 ، وعدد لها 17 نسخة ، ومنزوی 4 / 2723 و 2963 ، فهرست کتابخانه

ص: 211

کنج بخش فی باکستان 3 / 1694 وذکر لها 5 نسخ ، لوس أنجلس A 404.

3 - محیی الدین محمد ، ترجمها نظما فی 779 ه.

ومنها نسخة فی المکتبة الرضویة ، برقم 8188 ، وصفت فی فهرسها م 7 ج 1 ص 248.

4 - شاه عیسی جند الله برهانبوری سندی (- 1031) ترجم البیت منظوما فی رباعی فارسی ضمن شرحه الفارسی لقصیدة البردة.

فهرس مشترک : 807.

5 - فضل الله أبو الخیر بن روزبهان بن فضل الله الخنجی الأصبهانی الشیرازی ، المعروف ب (خواجة ملا) قیل : إنه توفی 921.

فهرس مشترک : 640 ، منزوی 5 / 3484.

6 - نور الدین عبد الرحمان الجامی (817 - 897).

فهرس مشترک : 602 ، وذکر لها 6 نسخ.

وتوجد ترجمة فارسیة مع الترجمة الألمانیة المطبوعة فی سنة 1860 م فی فیینا.

وهناک ترجمات فارسیة أخری لسنا فی صدد استقصائها.

11 - الفرنسیة

ترجمة ده ساسی ، وهی مذکورة فی آخر کتاب : Exposltion de la fol Musulmane.

لبیر علی برکوی - باریس 1822 م.

ترجمة باسیه Basset , Rene ومعها تعلیقات - باریس 1894 م.

دائرة المعارف الإسلامیة (البردة).

ص: 212

12 - الکردیة

ترجمها الحاج الملا رسول بن الملا مصطفی صفوت (- 1388).

منه نسخة فی المکتبة المرکزیة بجامعة صلاح الدین ، برقم 432 ، وصفت فی فهرسها ص 444 رقم تسلسل 470.

14 - اللاتینیة

ترجمها أوری Uri ونشرها فی لیدن سنة 1761 م بعنوان : CarmenMysticum Borda Dictum.

دائرة المعارف الإسلامیة (البردة).

ص: 213

الفصل السادس

نشر البردة

کان نشر البردة یعتمد علی النساخ والخطاطین والحفاظ والشراح و... ، فالنسخ الباقیة إلی الآن - والتی سلمت من نوائب الزمان - کثیرة جدا موزعة فی مکتبات العالم ، والنسخ المکتوبة بالخط المنسوب لو تصدی لفهرستها أو جمع صورها أحد الهواة لکانت متحفا فنیا یعرض جمال الخط العربی لمتذوقیه ودارسیه ، وأما الحفاظ فلا زال فی البلاد الإسلامیة من یحفظ البردة أو أبیاتا منها من المنشدین للمدائح وقراء التعزیة.

ویکفینا مثالا أن أحد الخطاطین الموجدین والذین کتبوا الخط المنسوب ، ذکر مترجموه أنه کان جید الکتابة سریع فیها ومما کتب بخطه ما یزید علی خمسمائة نسخة بالبردة غالبها مخمس (1). وهو محمد بن إسماعیل بن یوسف ، شمس الدین الحلبی ، المقرئ الناسخ ، نزیل مکة ، والمتوفی سنة 814 ه.

ولا ننسی أثر جامعی التخامیس فی نشرها ، وتکفی نظرة عجلی علی فصل مجموعات التخامیس - علی اختصاره - لنری أحدهم یجمع ما ینیف علی ستین تخمیسا ، وآخرین یجمعون ما قدروا علیه.

هذا کله قبل ظهور الطباعة.

وأما بعد أن اخترعت هذه الآلة التی أدت إلی کثرة الکتب کثرة عظیمة ، فقد تأخر نشر البردة - عندنا - بواسطتها ، لأن الید التی أوجدت المطبعة ید غیر عربیة ولا مسلمة ، فلا غرو أن نبقی نعتمد علی کتابة الید فی نشر ما نرید مدة

ص: 214


1- 1. الضوء اللامع 7 / 144.

طویلة بعد اختراع المطبعة.

وأقدم ما نعلمه من نشر للبردة بالطباعة هو نشر أوری Uri لها ، ألحقها بترجمة لاتینیة للبردة ، وذلک فی سنة 1761 م فی مدینة لیدن (أنظر : ترجمة البردة).

ثم توالت الطبعات وکثرت مع ترجمة أو تخمیس أو فی مجموع أو مفردة ، وقد نقل الشیخ محمد بهجة الأثری والدکتور عمر فروخ عن الدکتور زکی مبارک أنه ذکر فی کتابه «المدائح النبویة» أن البردة طبعت فی القاهرة فقط نحو خمسین مرة إلی أیامه (1).

وأما فی خارج الکنانة فقد طبعت البردة فی :

مکة المکرمة - المطبعة الأمیریة - سنة 1317 فی مجموعة.

الآستانة - بدون تاریخ ، طبعة حجریة.

وقد رأیت لها عدة طبعات فیها ملحقة بکتاب «دلائل الخیرات» الذائع الصیت.

قازان - مع ترجمتها باللغة التتریة - سنة 1849 م.

کلکته - 1825 م.

مدراس - 1845 م.

وین (فینا) - 1824 و 1860 م.

وانظر : فصل ترجمة البردة.

====

3 /2. 680.

ص: 215


1- (2) الخطاط البغدادی - قسم التعلیقات - : 35 ، وتاریخ الأدب العربی

الفصل السابع

أثر البردة فی البدیعیات

کل قارئ للبردة ولبدیعیة واحدة - أو أکثر - یحس فی نفسه الصلة بین الاثنتین ، وقد فصل القول فی هذا الموضوع الأستاذ علی أبو زید فی کتابه القیم «البدیعیات فی الأدب العربی» (1) فلننقل نص کلامه فی هذا الفصل ، قال :

2 - المدائح النبویة والبدیعیات :

إن تلک الرغبة المنشودة بتألیف کتاب یضم أنواع البدیع عند الصفی الحلی لم یستطع تنفیذها لما أصابه - کما أشرنا - وإذا أوردنا نصه هنا فإنما نفعل ذلک لنأخذ منه دلیل العلاقة القائمة بین (البدیعیات) والمدائح النبویة ، فقد قال ، بعد أن صرح بعزمه علی تألیف کتاب : «فعرضت لی علة ، طالت مدتها ، وامتدت شدتها ، واتفق لی أنی رأیت فی المنام رسالة من النبی ، علیه السلام ، تتقاضانی المدح وتدنی البرء من الأسقام ، فعدلت عن الکتاب إلی نظم قصیدة تجمع شتات البدیع ، وتتطرز بمدح مجده الرفیع ، فنظمت مئة وخمسة وأربعین بیتا من بحر البسیط ، تشتمل علی مئة وواحد وخمسین نوعا من محاسنه ... وجعلت کل بیت منها شاهدا ومثالا لذلک النوع».

وبعد ذا ، ألم تقترن هذه الحادثة فی ذاکرتک بتلک التی جرت مع البوصیری صاحب :

ص: 216


1- 1. ومن الطریف أن الأستاذ کون عنوان کتابه من دائرتین ، الصغری کتب فیها کلمة «البدیعیات» ، والکبری کتب فیها مطلع البردة ; وهذا کاشف عن اعتقاده الارتباط بینهما ، فجاء العنوان کالإشارة إلی التفصیل الذی سجله فی کتابه.

أمن تذکر جیران بذی سلم

مزجت دمعا جری من مقلة بدم

ألیس المرض متقاربا؟ ورؤیة النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی الحلم متشابهة؟ والفرق الوحید هو أن البوصیری لم تکن عنده الرغبة فی التألیف البدیعی کتلک التی کانت عند الصفی الحلی.

ومما تدخره ذاکرتنا أنه منذ بعثة النبی صلی الله علیه وآله وسلم عرف المدیح له وأفرد من بین المدیح بتسمیته خاصة به : (المدیح النبوی) ، واستمر رکبه منطلقا بعد أن قضی علیه السلام ، وإلی یوم الناس هذا ، وما أکثر هذه المدائح!

ولسنا بصدد تأریخ تلک المدائح ، فمن المعروف أن دالیة الأعشی - إن صحت نسبتها إلیه - والتی مطلعها :

ألم تغتمض عیناک لیلة أرمدا

وعادک ما عاد السلیم المسهدا

کانت أول قصیدة مدح بها علیه السلام ، وإن لم تتضمن شروط المدیح النبوی کلها ، ثم توالت المدائح النبویة ، فکان لأبی طالب عبد مناف بن عبد المطلب غیر قصیدة فی ذلک نسبت إلیه ، ثم کانت مدائح حسان بن ثابت ، وبردة کعب بن زهیر :

بانت سعاد فقلبی الیوم متبول

متیم عندها لم یجز مکبول

وغیر ذلک من هذه القصائد التی استمرت تحبو إلی أن قیض لها أن تصبح خلقا سویا یسر الناظرین ، ویتمایل لسماعه السامعون ، ویتداعی الشعراء إلی التقلید والمحاکاة والمعارضة بعده ، علی ید البوصیری فی بردته ذات مطلع :

أمن تذکر جیران بذی سلم

مزجت دمعا جری من مقلة بدم

ولما کان للبردة ذلک الأثر الذی لا یخفی عن کل ذی لب فی (البدیعیات) ، أنست فی نفسی هوی للتعریج قلیلا علیها وعلی قائلها ، وإن کثر هذا الحدیث فی غیر ما موضع.

ص: 217

البوصیری والبردة :

فی السنة الثامنة بعد المئة السادسة لهجرة الممدوح صلی الله علیه وآله وسلم وفی قریة اختلفوا فی تسمیتها ، کانت ولادة محمد بن سعید بن حماد البوصیری ، الذی نشأ ، کما یبدو ، «فی أسرة فقیرة ، ولذلک اضطر إلی السعی لطلب الرزق منذ صغره ، فزاول کتابة الألواح التی توضع شواهد علی القبور».

ویبدو أنه بحث عن أسباب الثقافة فی صغره ، «ثم أقبل علی التصوف. فدرس آدابه وأسراره. وقد تلقی ذلک عن أبی العباس المرسی الذی خلف أبا الحسن الشاذلی فی طریقته. وکان بین البوصیری وشیخه علاقة حب. وقد تأثر البوصیری بهذه التعالیم ، وظهر أثر ذلک فی شعره واضحا».

وقد کان شاعرا ظریفا «من شعراء القرن السابع ، تجری فی شعره النکت المستملحة ، وله فی شکوی حاله ، والتذمر من الموظفین قصائد لا تخلو من ذکاء. وفی شعره وصف للحالة الاجتماعیة فی عصره».

هذا الشاعر الاجتماعی الصوفی ، تحقق علی یده فتح کبیر فی باب المدائح النبویة ، أقبل علیه الجم الغفیر من الشعراء بعده وولجوه من خلال قصیدته المیمیة (البراءة) والتی لا یکاد یخفی مطلعها علی أحد :

أمن تذکر جیران بذی سلم

مزجت دمعا جری من مقلة بدم

إذ أصبحت هذه القصیدة المثل الکامل الذی یحتذی للمدحة النبویة ، وعلی نهجها یسیر المادحون ، وبمقوماتها یهتدون.

وإن کان سبب نظمها معروفا عند بعضهم - إن لم نقل کلهم - ومنتشرا فی الکتب ، فإنه لا مندوحة لنا عن التذکیر به من جدید ، لما له من مسیس الصلة بالبدیعیات ، فالبوصیری یحدثنا عن ذلک بقوله : «کنت قد نظمت قصائد فی مدح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منها ما کان اقترحه علی الصاحب زین الدین یعقوب ابن الزبیر ، ثم اتقف بعد ذلک أن أصابنی فالج أبطل نصفی ،

ص: 218

ففکرت فی عمل قصیدتی هذه ، فعملتها ، واستشفعت بها إلی الله تعالی فی أن یعافینی ، وکررت إنشادها ، ودعوت ، وتوسلت ، ونمت ، فرأیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم فمسح وجهی بیده المبارکة ، وألقی علی بردة ، فانتبهت ووجدت فی نهضة ، فقمت وخرجت من بیتی ... .

فالفالج یبطل نصفه ، ولا شک أنه عمل بأسباب الشفاء ولم یفلح ، وطالت علته وأیس من الطب فی شفائها ، وشفت روح المریض الصوفی ، وتطلعت إلی ملاذها الأخیر إلی الجانب الروحی الإیمانی ، إلی الله الذی أنزل الداء وجعل له الدواء ، فالتجأ الصوفی إلی ربه ، متوسلا بنبیه الذی کان طبیبا لهذه الأمة ومخلصا لها ، عسی أن یحظی بما عجز الحکماء عنه ، فنظم مدحته النبویة ، وأنشدها علی کبیر اعتقاد بالقبول والشفاء ، ورأی فی المنام ما رأی ، وتحقق له ما أمل ..

ثم انطلقت قصیدته (البراءة) هذه تجوب الآفاق ، وتنتشر بین الناس أیما انتشار ویتدافع حولها الشارحون والمقلدون والمعارضون والمشطرو والمخمسون ... بحیث لم تحظ قصیدة عربیة قط بما کان للبراءة من مکانة وشهرة بین الناس ، حتی أصبحت مجالس معظم الصوفیة وحلقاتهم لا تفتتح وتختتم إلا بها ، وربما وصفت أبیاتها للتداوی بها ، «فبعضها أمان من الفقر ، وبعضها أمان من الطاعون». والقصیدة هذه ، التی ربما سمیت : البردة ، للبردة التی ألقاها النبی صلی الله علیه وآله وسلم علی ناظمها فی نومه ، وربما وسمت بالبراءة ، لأن البوصیری بسببها برئ من علته ، هذه القصیدة کانت عدتها مئة وستین بیتا ، کما وردت فی (الدیوان) ، علی البحر البسیط ، وروی المیم المکسورة.

بعد هذه الاستطرادة التی لا بد منها ، یستطیع المرء أن یقارن وبسهولة بین (البردة) ، وبین أول بدیعیة نظمت علی ید الصفی الحلی ، ثم یقارن بین دوافع کل من القصیدتین ، ویخرج بعد ذلک ودون کبیر عناء ، إلی ما وصلنا إلیه

ص: 219

من تأکید وجود علاقة تأثیر وتأثر بین المدائح النبویة عامة ، و (البردة) خاصة وبین (البدیعیات).

فالبوصیری - ممثل المدائح النبویة - ، والصفی الحلی - ممثل البدیعیات - کل منهما قد تعرض لمرض عضال طالت مدته ، وامتدت شدته ، قبل أن ینظم قصیدته ، وقد ألجأ صاحبه إلی الله تعالی ، متوسلا بنبیه ، آملا الشفاء.

وکلاهما سلک سبیل الشعر فی توسله.

وکلاهما جاءت قصیدته علی بحر البسیط ، وروی المیم المکسورة ، باختلاف الزیادة البدیعیة التی جاء بها الصفی الحلی ، وقد أشار إلی وجه الشبه هذا عبد الغنی النابلسی فی معرض حدیثه عمن ألف فی البدیع فوصل إلی ابن أبی الإصبع ، وقال : «حتی جاء بعده الشیخ عبد العزیز الحلی الملقب بالصفی - رحمه الله تعالی - فنظم قصیدة من بحر البسیط علی قافیة المیم ، مدح فیها النبی - علیه الصلاة والسلام - مثل قصیدة الأبو صیری التی سماها البردة ...».

وکلاهما قد برئ من مرضه بعد نظم القصیدة ، وصرح بذلک کله.

هذه الاتفاقات کلها بین القصیدتین ، تحملنا علی التأکید بوجود الوشائج المتینة بین المدائح النبویة و (البدیعیات) ، تلک الوشائج التی لا یجوز لنا بحال من الأحوال إغفالها وغض الطرف عنها ، ونحن نبحث فی نشأة (البدیعیات) وربما زعم بعضهم أن قصة المرض عند کلا الشاعرین - أو أحدهما - مختلقة لا أصل لها ، وهنا فإن لنا موقفا من هذا الزعم (1).

وقال :

وتجدر الإشارة هنا ، وقبل مغادرة هذا البحث إلی أن بعض أصحاب

ص: 220


1- 1. البدیعیات : 17 - 22.

(البدیعیات) الذین جاؤوا بعد الصفی الحلی قد أشار إلی رؤیة النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی المنام ، واتخذ من تلک الرؤیة دافعا ومحرضا قویا علی نظم بدیعیته ، تماما کما حصل للصفی الحلی ، والبوصیری قبلهم ، علی خلاف فی الحالة المرضیة فقط ، ولعل هذا یوضح لنا استمرار اقتران (البدیعیات) بالنبی - علیه الصلاة والسلام - وبمدیحه. فشعبان الآثاری مثلا فی مقدمة بدیعیته «العقد البدیع» وهی کبری بدیعیاته یقول : «فلما أردت الشروع فی نظم هذا العقد البدیع ، وجدت الفکر غیر قابل أن یطیع ، فصرت أستشکل أمرا وأستسهل أمرا ، وأقدم رجلا وأؤخر أخری ، لأن هذا مقام لا یناله إلا من حصلت له إشارة ، وکان من أهل البراعة والعبادة ، فأقمت قرب السنة ولم أظفر بمطلع یبرز إلی الظاهر منی ، ولا ببیت یأخذه بعض الأصحاب عنی ، فجرت لذلک عبرة العین ، ولم أعرف السبب فی ذلک الحجاب من أین. فوقفت علی باب الله تعالی خاشعا باکیا متضرعا داعیا راجیا من فضله العمیم تیسیر هذه المسالک ، وسألت النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی المساعدة علی ما هنالک ... ونمت فرأیت فی المنام خیر الأنام وقد جعل لی ساعدا أبیض غیر ساعدی الیمین الأول ، وحین انتبهت قیل لی : إنه لک بالمساعدة مؤول ، فأصبحت فرحا مسرورا ، وعلی جیش القوافی مؤیدا منصورا».

وقریبا من هذا أشارت إلیه الباعونیة فی مقدمة بدیعیتها وفیه ما فیه من دلالة علی المدد النبوی الذی کان یختلج فی ذهن ناظمی (البدیعیات) (1).

وقد أحسن بهذه الصلة بین البدیعیات والبردة أصحاب البدیعیات أنفسهم :

فهذا ابن حجة الحموی - أحد متقدمی ناظمی البدیعیات - یقول :

«فهذه البدیعیة التی نسجتها بمدحه صلی الله علیه وآله وسلم علی

ص: 221


1- 1. البدیعیات : 30 - 31.

منوال طراز البردة» (1).

وهذا عبد الغنی النابلسی فی معرض حدیثه عمن ألف فی البدیع فوصل إلی ابن أبی الإصبع ، یقول : «حتی جاء بعده الشیخ عبد العزیز الحلی الملقب بالصفی - رحمه الله تعالی - فنظم قصیدة من بحر البسیط علی قافیة المیم ، مدح فیها النبی - علیه الصلاة السلام - مثل قصیدة الأبوصیری التی سماها البردة ...» (2).

وقد أحس بهذه الصلة بین البدیعیات والبردة أصحاب البدیعیات أنفسهم.

وقال :

فالدکتور زکی مبارک یتعرض لوضع تعریف للبدیعیات ، وهو یتحدث عن أثر (البردة) فیقول : إن ابن جابر «قد شغل نفسه بمعارضة البردة ، ولکن أی معارضة؟ لقد ابتکر فنا جدیدا هو (البدیعیات) ، وذلک أن تکون القصیدة فی مدح الرسول ، ولکن کل بیت من أبیاتها یشیر إلی فن من فنون البدیع» (3).

وقال :

أما د. محمد زغلول سلام فیری شیئا یضارع مفهوم د. مبارک إذ یقول ، فی سیاق حدیثه عن (البردة) : «وسار کثیر من شعراء العصر علی أثر البردة ، فاحتذاها وعارضها جماعة من الشعراء ، وتناول معانیها وأسلوبها جملة ممن اهتموا بالمدیح من بعد کالخیمی ، وصفی الدین الحلی ، وابن جابر الأندلسی الضریر ، وابن حجة الحموی. ولکن صفی الدین الحلی ومن تبعه انتهجوا

ص: 222


1- 1. البدیعیات : 37.
2- 2. البدیعیات : 22 وقد مر قبل صفحات.
3- 3. البدیعیات : 42.

نهجا جدیدا فی مدائحهم إذ طرزوها بالبدیع ، وأسموها : البدیعیات ، ضمنوا کل بیت فیها نوعا من البدیع ، فجعلوها مدیحا ومتنا فی علم البدیع معا».

ولهلال ناجی مفهوم أیضا (للبدیعیات) عبر عنه وهو یقدم ل «بدیعیات الآثاری» بقوله : «کانت بردة البوصیری فی مدح الرسول صلی الله علیه وآله وسلم منعطفا ضخما فی تاریخ الشعر العربی ، وقد اندفع إلی محاکاتها وزنا ورویا وغرضا عدد کبیر من شعراء العربیة عبر العصور ، مع احتفالهم بالبدیع ، فأطلق علی قصائدهم هذه اسم : البدیعیات» (1).

ولو جئنا بهذه الأقوال ، وعرضنا علیها ما بین أیدینا من (البدیعیات) ، محاولین المطابقة بین التعریف والمعرف به ، لوجدنا هذا التعریف یضیق تارة ، ویتسع تارة أخری ، وفیما بین هذا وذاک یشذ عدد من البدیعیات ویحرج عنه.

وقال :

وکان للدکتور محمود الربداوی وقفة مع الصفات التی تتمتع بها جمیع (البدیعیات) فوجد «أنها تتمتع بصفات أربع رئیسیة :

1 - نظمت فی مدح الرسول ، صلی الله علیه وآله وسلم.

2 - اختار الشاعر لها البحر البسیط.

3 - جعل القافیة میمیة.

4 - ضمن کل بیت فیها نوعا من أنواع البدیع ، وقد یصرح باسم هذا النوع أحیانا وقد لا یصرح فی الأحیان الأخری» (2).

ومن البین أن الصفات الثلاث الأولی هی صفات البردة ، وتنفرد البدیعیات بالصفة الرابعة فقط.

ص: 223


1- 1. البدیعیات : 44.
2- 2. البدیعیات : 43.

المصادر (1)

1 - الأعلام ، خیر الدین الزرکلی (- 1396) - دار العلم للملایین ، بیروت الطبعة السادسة ، 1984 م - 8 مجلدات.

* أعلام المغرب والأندلس - نثیر الجمان.

2 - إعلام النبلاء بتأریخ حلب الشهباء ، محمد راغب الطباخ الحلبی - دار القلم العربی ، حلب - الطبعة الثانیة ، 1408.

3 - أعیان الشیعة ، السید محسن الأمین - دار التعارف للمطبوعات ، بیروت - 1406 - 10 مجلدات.

4 - الأنس الجلیل بتأریخ القدس والخلیل ، عبد الرحمن بن محمد المقدسی مجیر الدین الحنبلی - المکتبة الحیدریة ومطبعتها فی النجف ، 1386 - مجلدان.

5 - إیضاح المکنون فی الذیل علی کشف الظنون ، إسماعیل باشا البغدادی - أوفست دار الفکر ، بیروت - 1402.

6 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، محمد بن علی الشوکانی (- 1250) - أوفست دار المعرفة ، بیروت ، بدون تاریخ.

7 - البدیعیات فی الأدب العربی (نشأتها - تطورها - أثرها) ، علی أبو زید - عالم الکتب ، بیروت - ط أولی 1403.

8 - البیوتات العلویة فی کربلاء - بواسطة معجم قبائل العرب.

9 - تاریخ الأدب العربی ، عمر فروخ - دار العلم للملایین ، بیروت - ط 5 سنة 1984 م - 6 مجلدات.

10 - تخمیس البردة ، سلیمان بن عبد الرحمن نحیفی - تخمیس ترکی - مخطوط فی المکتبة الرضویة فی مشهد ، برقم 13272.

11 - تعریف الخلف برجال السلف ، محمد الحفناوی آل إبراهیم الغول - مؤسسة

ص: 224


1- 1. لطول مدة جمع هذه المقالة فقد ضاعت خصوصیات بعض المصادر.

الرسالة والمکتبة العتیقة - ط 2 ، 1405 - مجلدان.

12 - ثبت أبی جعفر أحمد بن علی البلوی الوادی آشی (- 938) ، دراسة وتحقیق الدکتور عبد الله العمرانی - دار الغرب الإسلامی ، بیروت - ط أولی 1403.

13 - حیاة الشیخ محمد عیاد الطنطاوی.

* مشار = فهرست کتابها جابی عربی.

14 - الخطاط البغدادی علی بن هلال ، الدکتور سهیل أنور - ترجمة محمد بهجت الأثری وعزیز سامی - وتعلیقات محمد بهجت الأثری - مطبوعات المجمع العلمی العراقی.

15 - خلاصة الأثر فی أعیان القرن الحادی عشر ، محمد المحبی - طبع فی المطبعة الوهبیة ، مصر ، 1284 - 4 مجلدات.

16 - دائرة المعارف الإسلامیة ، جماعة المستشرقین - ترجمة أحمد الشنتناوی وإبراهیم زکی وعبد الحمید یونس - طبع مصر - 15 مجلدا.

17 - دائرة المعارف الإسلامیة الکبری ، الترجمة العربیة - طهران 1370 ش = 1991 م.

18 - دلائل الخیرات ، وهو من أشهر الکتب فی صیغ الصلاة علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، مقسم علی أیام الأسبوع ، وفی صبای ما یکاد یخلو منه بیت فیه من یقرأ ویکتب - عدة طبعات.

19 - دیوان البارودی.

20 - الشوقیات.

21 - ذخائر القصر ، لابن طولون - مخطوط -.

22 - الذریعة إلی تصانیف الشیعة ، محسن الطهرانی - أوفست دار الأضواء - الطبعة الثالثة 1403.

23 - ریاض البردة - بواسطة فهرس المکتبة السلفیة.

24 - سلافة العصر فی محاسن الشعراء بکل مصر ، علی بن أحمد ، ابن معصوم - أوفست المرتضویة بطهران عن الطبعة الأولی التی نشرها الکتبی المعروف محمد أمین الخانجی سنة 1324.

ص: 225

25 - سلک الدرر فی أعیان القرن الثانی عشر ، محمد خلیل المرادی (- 1206) - بولاق 1301.

26 - شذرات الذهب فی أخبار من ذهب ، عبد الحی بن العماد الحنبلی (- 1089) - أوفست دار الآفاق الجدیدة عن طبعة حسام الدین القدسی.

27 - شعراء الغری ، علی الخاقانی - طبع الحیدریة 1373.

28 - الصلات والبشر فی الصلاة علی خیر البشر ، محمد بن یعقوب الفیروزآبادی (- 817) صاحب القاموس المحیط - طبع دار الکتب العلمیة - بیروت 1405.

29 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ، محمد بن عبد الرحمن السخاوی - أوفست دار مکتبة الحیاة عن طبعة حسام الدین القدسی.

30 - طبقات أعلام الشیعة (الکرام البررة فی القرن الثالث بعد العشرة) ، محسن الطهرانی - أوفست دار المرتضی فی مشهد - ط 2 ، 1404.

31 - فهرست دار الکتب المصریة ، نشر 1926 م - الجزء الثالث فیه 69 تخمیسا فرقتها فی فصل التخامیس.

32 - فهرس مخطوطات الأدب المصورة لمعهد المخطوطات ، إعداد عصام الشنطی ، مراجعة الدکتور خالد عبد الکریم جمعة - منشورات معهد المخطوطات العربیة - ط الکویت 1406.

33 - فهرس مخطوطات مکتبة کوبریلی ، إعداد الدکتور رمضان ششن ، وجواد إیزکی ، وجمیل آقبار - طبع إستانبول 1406 - 3 مجلدات.

34 - فهرس المکتبة الرضویة المرتب علی حروف الألفباء ، آصف فکرت.

35 - فهرس المکتبة السلفیة ، فی القاهرة لسنة 1352.

36 - فهرس المکتبة المرعشیة ، (فارسی) ، السید أحمد الحسینی - بدأ بنشره سنة 1395.

37 - فهرست کتابخانه دانشکاه تهران ، (فارسی) ، م 1 - 7 کتبها علی منزوی ، 8 فما مد کتبها دانش بزوه - طبعة جامعة طهران.

38 - فهرست کتابخانه مجلس شورای ملی ، (فارسی) ، عبد الحسین حائری - مطبعة مجلس شورای ملی.

ص: 226

39 - فهرس کتابخانه ملی تبریز ، (فارسی) ، میر ودود - ط تبریز 1354 ش.

40 - فهرس کتابهای خطی کتابخانه مجلس سنا ، (فارسی) ، دانش بزوه وبهاء الدین أنواری - ط مجلس شورای إسلامی 1359 ش.

41 - فهرس کتابهای خطی کتابخانه ملی ، (فارسی) ، عبد الله أنوار - ط طهران - ج 7 - 10 خاص بالمخطوطات العربیة.

42 - فهرس کتابهای کتابخانه ملی ملک ، (فارسی) ، ج 1 خاص بالکتب العربیة والترکیة - إیرج أفشار ودانش بزوه - طهران 1361 ش.

43 - فهرس کتابهای فارسی جاب سنکی وکمیاب کتابخانه کنج بخش ، عارف نوشاهی - ط لاهور ، باکستان 1406.

44 - فهرس کتابهای جابی عربی ، خانبابا مشار - 1344 ش.

45 - فهرس مشترک نسخهای خطی فارسی باکستان ، أحمد منزوی - ط لاهور ، باکستان 1405.

46 - فهرس کتب خطی کتابخانه های أصفهان ، أصفهان 1382.

47 - فهرس منتخباتی أز نسخه های خطی عربی بانزده کتابخانه در باکستان ، محمود یزدی مطلق (فاضل) - ط مشهد 1370 ش.

48 - فهرس نسخ خطی کتابخانه آستانه مقدسه قم ، محمد تقی دانش بزوه.

49 - فهرس نسخه های خطی کتابخانه جامع کوهر شاد فی مشهد ، محمود فاضل - 1363 ش.

50 - فهرس نسخه های خطی کتابخانه دانشکده إلهیات ومعارف إسلامی مشهد ، محمود فاضل - 1376 ه.

51 - کشف الظنون ، حاج خلیفة - أوفست دار الفکر ، 1402.

52 - مجلة مجمع اللغة العربیة بدمشق.

53 - مجلة الموسم.

54 - المخطوطات العربیة فی مکتبة متحف مولانا فی قونیه ، نشر عالم الکتب - ط أولی 1407.

55 - المستدرک علی معجم المؤلفین ، عمر رضا کحالة - مؤسسة الرسالة ، بیروت

ص: 227

1406.

56 - معادن الجواهر ونزهة النواظر.

57 - معجم قبائل العرب القدیمة والحدیثة ، عمر رضا کحالة - ط مؤسسة الرسالة ، بیروت - الطبعة الثالثة ، 1402.

58 - معجم ما کتب عن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بیته علیهم السلام ، عبد الجبار الرفاعی - وزارة الإرشاد ، طهران - بدون تاریخ.

59 - معجم المؤلفین ، عمر رضا کحالة - دار إحیاء التراث العربی - بدون تأریخ.

60 معجم المطبوعات العربیة والمعربة ، یوسف إلیان سرکیس - أوفست المکتبة المرعشیة بقم - 1410.

61 - المنتخب من المخطوطات العربیة فی حلب ، نشر عالم الکتب - ط أولی 1407.

62 - نثیر الجمان ، أبو الولید إسماعیل ابن الأحمر (- 807) - تحقیق الدکتور محمد رضوان الدایة - مؤسسة الرسالة - الطبعة الثانیة 1407.

63 - نسخه های خطی ، نشریة مکتبة جامعة طهران - دفتر 11 ، 12 - 1362 ش.

64 - النور السافر فی أعیان القرن العاشر ، عبد القادر العیدروسی - أوفست دار الکتب العلمیة - ط 1 ، 1405.

65 - هدیة العارفین ، إسماعیل باشا البغدادی - أوفست دار الفکر - بیروت ، 1402.

66 - Arabic Manuscripts in the Library of McGill . Adam Gacek , University

ط مونتریال ، کندا ، 1991 م.

ص: 228

إحیاء التراث

لمحة تاریخیة سریعة حول تحقیق التراث ونشره

وإسهام إیران فی ذلک

(4)

الشیخ عبد الجبار الرفاعی

457 - رسالة فی شرح حدیث : «من أحبنا أهل البیت فلیعد للفقر جلبابا».

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 2 : 433 - 451).

458 - رسالة فی شرح حدیث : «النظر إلی وجه العالم عبادة».

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 2 : 93 -

101).

459 - رسالة فی شرح حدیث : «الدنیا مزرعة الآخرة».

الشهید الثانی (911 - 965 ه).

تحقیق : أسامة آل جعفر.

تراثنا (قم) ، س 4 ، ع 4 [17] ، 1409 ه ، ص 211 - 230.

460 - رسالة فی شرح ما أشکل من مصادرات کتاب إقلیدس.

عمر الخیام ، غیاث الدین عمر ابن إبراهیم النیشابوری.

باهتمام : تقی الأرانی.

طهران : 1314 ه. ش ، 47 ص ، 24 سم.

عبد الجبار الرفاعی

ص: 229

461 - رسالة فی الشیاع.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 : 195 - 198).

462 - رسالة فی صلاة الجمعة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 1 : 457 - 543).

463 - رسالة فی صلاة الجمعة.

محمد حسین الغروی الأصفهانی (ت 1361 ه).

تحقیق : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة فی قم.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، 1409 ه (بضمن : بحوث فی الفقه ،

للمؤلف).

464 - رسالة فی صلاة المسافر.

محمد حسین الغروی الأصفهانی (ت 1361 ه).

تحقیق : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة فی قم.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، 1409 ه (بضمن : بحوث فی الفقه ، للمؤلف).

465 - رسالة فی صلاة وصوم المسافر.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 : 83 - 87).

466 - رسالة فی طلاق الغائب.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی

ص: 230

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 : 207 - 215).

467 - رسالة فی العدالة.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 : 43 - 49).

468 - رسالة فی العشق.

الحسین بن عبد الله بن سینا.

باهتمام : ضیاء الدین الدری.

طهران : المکتبة المرکزیة لجامعة

طهران (مع رسائل ابن سینا).

469 - رسالة فی العصیر العنبی.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 :

67 - 71).

470 - رسالة فی العلل والمعلولات.

نصیر الدین الطوسی (597 - 672 ه).

باهتمام : عبد الله نورانی.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامی جامعة مک کیل وجامعة طهران ، 1980 م (مع «تلخیص المحصل» وغیره للمؤلف ، ص 509 - 516).

471 - رسالة فی عمل الیوم واللیلة.

الشیخ الطوسی (ت 460 ه).

تصحیح : رضا الأستادی.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی (الرسائل العشر : 139 - 152).

472 - رسالة فی الفرق بین النبی والإمام.

الشیخ الطوسی (ت 460 ه).

تصحیح : رضا الأستادی.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی (الرسائل العشر : 109 - 114).

473 - رسالة فی لغة أبی علی بن سینا.

منتخب من کتاب «لسان العرب».

تصحیح : یارشاطر.

ص: 231

طهران : 1332 ه. ش ، 21 سم (ضمن مجموعة خمس رسائل ، انتشارات أنجمن آثار ملی ، 27).

474 - رسالة فی المسائل الفقهیة المتفرقة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 2 : 199 - 281).

475 - رسالة فی المشتق.

المیرزا الشیرازی.

تقریر : فضل الله النوری.

تحقیق : عباس الحاجیانی.

قم : مکتبة المفید ، 1404 ه (مجموعة رسائل فقهیة وأصولیة ، ص 115 - 130).

476 - رسالة فی المشتق.

أبو القاسم الکلانتر النوری.

تحقیق : عباس الحاجیانی.

قم : مکتبة المفید ، 1404 ه (مجموعة رسائل فقهیة وأصولیة ، ص 133 - 200).

477 - رسالة فی معرفة أحوال الصحابة.

الحر العاملی (ت 1104 ه).

تصحیح : کاظم الموسوی.

طهران : منشورات جامعة طهران ، 1344 ه. ش ، 63 ص (مع : ثلاث رسائل فی علم الرجال).

478 - رسالة فی معنی المولی.

الشیخ المفید (ت 413 ه).

تحقیق : محمد مهدی نجف.

لندن : دار زید ، 1410 ه (مع : رسالة فی أقسام المولی ، للمؤلف).

قم : المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید ، 1413 ه ، 48 ص (مصنفات الشیخ المفید ، 8).

479 - رسالة فی ملاقی الشبهة المحصورة.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 2 : 57 - 65).

ص: 232

480 - رسالة فی من أدرک الإمام فی أثناء الصلاة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 2 : 305 - 313).

481 - رسالة فی من زنی بامرأة ثم تزوج بابنتها.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 2 : 447 - 469).

482 - رسالة فی منجزات المریض.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 2 : 493 - 504).

483 - رسالة فی المهر.

الشیخ المفید (ت 413 ه).

تحقیق : محمد مهدی نجف.

قم : المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید ، ط 1 ، 1413 ه ، 32 ص (مصنفات الشیخ المفید ، 9).

484 - رسالة فی النفس وبقائها ومعادها.

الحسین بن عبد الله بن سینا.

طهران : 1315 ه. ش ، 33 + 46 ص ، 21 سم (تصحیح : محمود الشهابی).

طهران : 1331 ه. ش ، 44 + 115 ص ، 21 سم (تصحیح : موسی عمید).

485 - رسالة فی نقض فتاوی الوهابیة.

محمد حسین کاشف الغطاء (1294 - 1373 ه).

تحقیق : غیاث طعمة.

تراثنا (قم) ، س 3 ، ع 4 [13] ، 1408 ه ، ص 165 - 194.

486 - رسالة فی نوم الملائکة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی

ص: 233

(ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 2 : 277 - 281).

487 - رسالة فی الهدایة والضلالة.

الصاحب بن عباد (ت 385 ه).

تحقیق : حسین علی محفوظ.

طهران : مطبعة الحیدری ، 1955 م ، 54 ص ، 24 سم.

488 - رسالة فی وجوب الزکاة بعد إخراج المؤونة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 1 : 405 - 455).

489 - رسالة قصد السبیل.

میرزا أحمد الآشتیانی (ت 1395 ه).

تصحیح : رضا الأستادی.

نور علم (قم) ، ع 8 ، 1405 ه ، ص 99 - 118.

490 - رسالة قضاء الفوائت من الصلوات.

حسن المدرس.

تحقیق : أبو الفضل شکوری.

إیران : لجنة تکریم الذکری السنویة الخمسین لشهادة آیة الله السید حسن المدرس ، ط 1 ، 1408 ه (الرسائل الفقهیة ص 89 - 102).

491 - الرسالة الکمالیة فی الحقائق الإلهیة.

فخر الدین الرازی.

تصحیح : محمد باقر السبزواری.

طهران : جامعة طهران : 1335 ه. ش ، نو + 128 ص ، 24 سم ، (منشورات جامعة طهران ، 362).

492 - الرسالة المحیطة.

بتشکیکات فی القواعد المنطقیة مع تحقیقاتها.

عبد الله الجیلانی.

باهتمام : علی شیخ الإسلامی.

طهران : منشورات جامعة طهران ، 1370 ه. ش (مع : منطق ومباحث ألفاظ ، ص 357 - 395).

ص: 234

493 - رسالة المراتب الخمس.

محمد هاشم بن محسن الإشکوری (ت 1332 ه).

تحقیق : صلاح الصاوی.

تحقیقات إسلامی (طهران) ، س 1، ع 2، 1365 ه. ش ، ص 113 - 126.

494 - رسالة مشارکة الحد والبرهان.

ملا هادی سبزواری.

تصحیح : جلال الدین آشتیانی.

إیران : سازمان أوقاف وأمور خیریة ، 1370 ه. ش (رسائل حکیم سبزواری ، ص 611 - 615).

495 - رسالة میزة الفرقة الناجیة عن غیرهم.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 1 : 375 - 425).

496 - الرسالة النجمیة.

علی بن الحسین الکرکی

(ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی 1 : 59 - 74).

497 - رسالة نزهة الألباب فی شرح حدیث ابن طاب.

مهدی القزوینی (ت 1300 ه).

تحقیق : جواد الروحانی.

تراثنا (قم) ، س 1 ، ع 2 ، خریف 1406 ه ، ص 161 - 175.

498 - الرسالة النصیریة.

نصیر الدین الطوسی (597 - 672 ه).

باهتمام : عبد الله نورانی.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامی

جامعة مک کیل وجامعة طهران ، 1980 م (مع «تلخیص المحصل» وغیره للمؤلف ، ص 501 - 506).

499 - رسالة نقد النقود فی معرفة الوجود.

حیدر بن علی الحسینی الآملی (ت بعد 782 ه).

ص: 235

عنایة : هنری کوربن ، وعثمان إسماعیل یحیی.

طهران : مؤسسة النشر ، 1969 م ، 92 ص (مع : جامع الأسرار ومنبع الأنوار ، للمؤلف).

500 - الرسالة الهلالیة.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الفقهیة 2 : 315 - 383).

501 - رسالة وجیزة فی واجبات الحج.

أحمد بن محمد بن فهد الحلی (757 - 841 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (الرسائل العشر ، ص 331 - 337).

502 - رسالة الولایة.

میرزا أحمد الآشتیانی (ت 1395 ه).

تصحیح : رضا الأستادی.

نور علم (قم) ، ع 7 ، 1405 ه ، ص 129 - 142.

503 - رشحات عین الحیاة.

فخر الدین علی بن حسین واعظ کاشفی.

مقدمة وتصحیح وحواشی وتعلیقات : علی أصغر معینان.

طهران : 1977 م ، ج 1 : 361 ص ، ج 2 : 365 ص.

504 - الرعایة فی علم الدرایة.

الشهید الثانی ، زین الدین بن علی بن أحمد الجبعی العاملی(911 - 965 ه).

تحقیق : عبد الحسین محمد علی بقال.

إشراف : السید محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی النجفی ، ط 1 ، 1408 ه ، 406 ص ، 24 سم.

505 - روایة الطف.

شعر.

محمد رضا الخالصی.

تصحیح وتقدیم : محمد هادی الأمینی.

النجف : مطبعة الغری الحدیثة ،

ص: 236

1955 م ، 48 ص.

506 - روضات الجنات فی أحوال العلماء والسادات.

محمد باقر الموسوی الخوانساری (ت 1313 ه).

قم : مکتبة إسماعیلیان ، 1391 ه ، 8 ج (تحقیق : أسد الله إسماعیلیان).

طهران : دار الکتب الإسلامیة ، 1382 ه ، ج 1 : 352 ص (تحقیق : محمد علی الروضاتی).

507 - روضات الجنات فی أوصاف مدینة هرات.

معین الدین محمد زمجی اسفرازی.

تصحیح : محمد کاظم إمام.

طهران : جامعة طهران ، 1338 ه. ش ، (منشورات جامعة طهران مج 1 ، 535 ، مج 2 ، 574).

508 - الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة.

الشهید الثانی ، زین الدین بن علی بن أحمد الجبعی العاملی (911 - 965 ه).

صححه وعلق علیه : محمد کلانتر.

تقدیم : محمد مهدی الآصفی.

النجف : منشورات جامعة النجف الدینیة ، ط 1 ، 1386 - 1389 ه ، 10 ج.

509 - روضة المتقین.

فی شرح : کتاب من لا یحضره الفقیه.

محمد تقی المجلسی.

تحقیق : حسین الموسوی الکرمانی ، وعلی بناه الأشتهاردی.

طهران : 1975 - 1977 م ، 8 ج.

510 - الروضة النضرة فی علماء المائة الحادیة عشرة.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

تحقیق : علی نقی منزوی.

طهران : مؤسسة فقه الشیعة ، 1411 ه = 1990 م ، 723 ص ، 24 سم ، (طبقات أعلام الشیعة ، القرن الحادی عشر).

511 - ریاض الجنة.

محمد حسن الحسینی الزنوزی (1172 - 1218 ه).

تحقیق : علی الرفیعی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1412 ه ، ج 1.

ص: 237

512 - ریاض السالکین فی شرح صحیفة سید الساجدین.

علی خان المدنی ، علی بن أحمد بن معصوم الحسینی (ت 1120 ه).

تحقیق : محسن الحسینی الأمینی.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، 1409 ه.

513 - ریاض العلماء وحیاض الفضلاء.

میرزا عبد الله أفندی الأصبهانی (ق 12 ه).

تحقیق : أحمد الحسینی.

اهتمام : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1401 ه = 1981 م ، 5 ج.

514 - زبدة البیان.

فی آیات الأحکام.

أحمد بن محمد المقدس الأردبیلی (ت 993 ه).

تحقیق : محمد باقر البهبودی.

طهران : المرتضویة ، 704 ص.

515 - زبدة الحقائق.

عین القضاة الهمذانی المیانجی ،

عبد الله بن محمد (ت 525 ه).

تحقیق : عفیف عسیران.

طهران : جامعة طهران ، ط 1 ، 1963 م ، 203 ص.

516 - زواهر الحکم.

میرزا حسن لاهیجی (ت 1121 ه).

تصحیح : جلال الدین آشتیانی.

مشهد : أنجمن حکمت وفلسفه ، 1976 م (منتخباتی أز آثار حکمای إلهی إیران 3 : 317 - 358).

517 - زهرة الریاض.

ابن طاووس ، جمال الدین أحمد بن موسی بن جعفر الحسنی الحلی (ت 673 ه).

تحقیق : أسد مولوی.

تراثنا (قم) ، س 5 ، ع 1 [18] ، 1410 ه ، ص 139 - 238.

518 - زینب الکبری.

جعفر بن محمد الربعی النقدی (1303 - 1370 ه).

ص: 238

تحقیق : فارس الحسون.

قم : مؤسسة الإمام الحسین علیه السلام ، 1411 ه.

519 - سر السعادة.

رسالة مختصرة فی معنی الصلاة علی النبی وآله علیهم أفضل الصلاة والسلام ، وآثارها وأحکامها.

أحمد بن محمد صادق الروحانی الحسینی (ت 1300 ه).

تحقیق : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة.

طهران : مؤسسة البعثة ، 1409 ه.

520 - السرائر الحاوی لتحریر الفتاوی.

ابن إدریس ، محمد بن منصور بن أحمد بن إدریس الحلی (543 - 598 ه).

تحقیق : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة ، 1410 ه ، 3 ج.

521 - السقیفة.

سلیم بن قیس الهلالی.

طبع عدة مرات باسم : کتاب سلیم بن قیس الهلالی.

تحقیق : علاء الموسوی.

طهران : مؤسسة البعثة ، 1408 ه.

522 - کتاب السقیفة وفدک.

أبو بکر أحمد بن عبد العزیز الجوهری (ت 323 ه).

روایة : عز الدین عبد الحمید بن أبی الحدید المعتزلی (ت 656 ه).

تقدیم وجمع وتحقیق : محمد هادی الأمینی.

طهران : مکتبة نینوی الحدیثة ، د. ت ، 152 ص ، 24 سم.

523 - سلسلة الینابیع الفقهیة.

موسوعة فقهیة جمعت بین دفتیها أبواب کتب الفقه ، مستلة من 24 کتابا من أهم المتون فی التراث الفقهی الجعفری.

جمع وترتیب : علی أصغر مروارید.

بیروت : مؤسسة فقه الشیعة والدار الإسلامیة ، 1410 ه ، 25 ج.

524 - السیرة الفلسفیة.

شرح حال أبو بکر محمد بن زکریا الرازی.

ص: 239

باهتمام : عباس إقبال الآشتیانی.

طهران : 18 ص ، 24 سم.

525 - الشافی فی الإمامة.

الشریف المرتضی (355 - 436 ه).

تحقیق : عبد الزهراء الخطیب (ت 1414 ه).

مراجعة : فاضل المیلانی.

بیروت : 1407 ه ، 4 ج ، ج 1 : 335 ص، ج 2 ، 328 ص، ج 3: 279 ص، ج 4: 368 ص، 24 سم.

526 - الشامل فی أصول الدین.

عبد الملک بن عبد الله ، أبو المعالی الجوینی.

تصحیح : جلال الدین المجتبوی.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامی جامعة طهران ، 1360 ه. ش ، 113 ، 7 ص.

527 - الشجرة فی أنساب الطالبیة.

فخر الدین الرازی ، محمد بن عمر ابن الحسین القرشی الطبرستانی (ت 606 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : مکتبة السید المرعشی ،

1409 ه.

528 - شد الأزرار فی حط الأوزار عن زوار المزار.

فی مراقد أعلام شیراز.

معین الدین أبو القاسم جنید الشیرازی.

ألفه سنة 791 ه.

تصحیح : محمد قزوینی ، وعباس إقبال.

طهران : مطبعة المجلس ، 1328 ه. ش ، 621 ص ، 24 سم.

طهران : انتشارات نوید ، 1366 ه. ش ، 621 ص ، 24 سم (أوفسیت).

529 - شرح الأخبار.

الجزء الثالث عشر : فی من قتل مع الحسین من أهل بیته.

القاضی النعمان بن محمد بن منصور (ت 365 ه).

تحقیق : محمد الحسینی الجلالی.

قم : مطبعة سید الشهداء ، ط 1 ، 1404 ه ، 148 ص ، 24 سم.

ص: 240

530 - شرح الأخبار فی فضائل الأئمة الأطهار.

یحتوی علی النقاط الهامة فی حیاة أئمة أهل البیت علیهم السلام إلی الإمام الصادق علیه السلام ، ویتوسع فی ما یتعلق بفضائل أمیر المؤمنین الإمام علی علیه السلام ، وقد انفرد بإیراد روایات لم ترو فی المصادر الأخری ، وهو مرتب علی 16 جزءا.

تألیف : القاضی أبی حنیفة النعمان بن محمد بن حیون التمیمی المغربی المصری (ت 363 ه).

تحقیق : محمد الحسینی الجلالی.

تقدیم : محمد حسین الحسینی الجلالی.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، 1409 ه.

531 - شرح أصول الکافی.

ملا صدرا ، محمد بن إبراهیم الشیرازی.

تصحیح : محمد خواجوی.

طهران : مؤسسة المطالعات والبحوث الثقافیة ، 3 ج.

532 - شرح الإلهیات من کتاب «الشفاء» لابن سینا.

محمد مهدی بن أبی ذر النراقی (ت 1209 ه).

تحقیق : مهدی محقق.

طهران : معهد الدراسات الإسلامیة

بجامعة مک جیل ، 1407 ه ، 388 ص.

533 - شرح البدایة فی علم الدرایة.

زین الدین بن علی بن أحمد العاملی.

إخراج وتعلیق وتحقیق : عبد الحسین محمد علی بقال.

طهران : مکتبة جهل ستون العامة ، 1402 ه ، 168 ص.

534 - شرح تبصرة المتعلمین.

ضیاء الدین العراقی.

تحقیق وتعلیق : محمد هادی معرفة.

قم : مطبعة مهر ، 3 ج.

535 - شرح تقدمة تقویم الإیمان.

محمد باقر الحسینی الأسترآبادی ، المحقق الداماد (ت 1040 ه).

إعداد : غلام علی النجفی ، وحامد ناجی.

ص: 241

أصفهان : مهدیة المیرداماد ، 1412 ه.

536 - شرح جمل العلم والعمل.

ابن البراج الطرابلسی ، عبد العزیز بن نحریر (ت 481 ه).

تحقیق : کاظم مدیر شانه جی.

مشهد : جامعة مشهد ، 1974 م ، 288 ص (منشورات جامعة مشهد ، 42).

537 - شرح حدیث علوی : «معرفتی بالنورانیة معرفة الله».

ملا هادی سبزواری.

تصحیح : جلال الدین آشتیانی.

إیران : سازمان أوقاف وأمور خیریة ، 1370 ه. ش (رسائل حکیم سبزواری ، ص 675 - 763).

538 - شرح حکمة الإشراق.

شمس الدین محمد شهرزوری.

تصحیح وتحقیق ومقدمة : حسین ضیائی تربتی.

طهران : مؤسسة مطالعات وتحقیقات فرهنکی ، ط 1 ، 1993 م ، 646 ص.

539 - شرح حکمة العین.

قطب الدین محمود بن مسعود ، وشمس الدین محمد بن مبارک شاه المیرک البخاری.

باهتمام : محمد مشکاة البیرجندی.

طهران : 1338 ه. ش ، 24 سم.

540 - الخطبة الشقشقیة.

السید المرتضی علم الهدی أبو القاسم علی بن الحسین الموسوی (ت 436 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1405 ه (رسائل الشریف المرتضی 2 / 107 - 114).

541 - شرح رسالة ابن سینا فی أن لکل حیوان ونبات أصلا ثابتا.

نصیر الدین الطوسی (597 - 672 ه).

باهتمام : عبد الله نورانی.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامی

جامعة مک کیل وجامعة طهران ، 1980 م (مع : «تلخیص المحصل» وغیره للمؤلف ، ص 491 - 496).

ص: 242

542 - شرح الرسالة الصلاتیة.

یوسف آل عصفور البحرانی.

إعداد : محمد بن عبد الحمید.

بوشهر : ط 1 ، 1363 ه. ش ، 470 ص ، 24 سم.

543 - شرح شواهد مجمع البیان.

محمد حسین بن المیرزا طاهر القزوینی.

تصحیح وتعلیق : کاظم الموسوی.

طهران : مطبعة الحیدری ، 1338 ه. ش ، 2 ج : 807 ص.

544 - شرح الصحیفة السجادیة.

محمد باقر المشتهر بالداماد (ت 1041 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

أصفهان : مهدیة المیرداماد ، ط 1 ، 1366 ه. ش ، 454 ص ، 24 سم.

545 - الشرح الصغیر فی شرح المختصر النافع.

علی الطباطبائی الحائری.

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : مکتبة المرعشی العامة ،

1368 ه. ش ، ج 1 : 536 ص ، ج 2 : 504 ص ، ج 3 : 542 ص.

546 - شرح عینیة ابن سینا.

نعمة الله الجزائری.

تحقیق : حسین علی محفوظ.

طهران : مطبعة الحیدری ، 1954 م ، 27 ص.

547 - شرح غرر الفوائد.

ملا هادی السبزواری (ت 1212 ه).

تحقیق : مهدی محقق ، وتوشی هیکو إیزوتشو.

طهران - مونتریال ، جامعة مک جیل ، معهد الدراسات الإسلامیة ، 1969 م.

548 - شرح القصیدة المذهبة للسید الحمیری.

الشریف المرتضی (355 - 436 ه).

إعداد : أحمد الحسینی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1410 ه (بضمن : رسائل الشریف المرتضی 4 : 51 - 139).

549 - شرح الکافی : الأصول والروضة.

محمد صالح المازندرانی (ت 1081

ص: 243

أو 1086 ه).

تعلیق : أبو الحسین الشعرانی.

تصحیح وتخریج : علی أکبر الغفاری.

طهران: المکتبة الإسلامیة، 12 ج.

550 - شرح المائة کلمة لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب.

عبد الوهاب.

تحقیق : میر جلال الدین الحسینی الأرموی المحدث.

طهران : 1349 ه. ش = 1390 ه.

قم : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، د. ت ، 75 ص ، 24 سم (مع : شرح ابن میثم والوطواط علی تلک الکلمات).

551 - شرح المائة کلمة لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام.

کمال الدین میثم بن علی بن میثم البحرانی (ت 679 ه).

تحقیق : میر جلال الدین الحسینی الأرموی المحدث.

طهران : 1390 ه ، 272 ص ، 24 سم.

قم : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، د. ت ، 272 ص ، 24 سم ،

(یلیه شرحان علی تلک الکلمات لعبد الوهاب ، والوطواط).

552 - شرح المختصر النافع.

علی بن محمد علی الطباطبائی الحائری (1161 - 1231 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1409 ه.

553 - شرح مسألة العلم.

نصیر الدین محمد بن محمد الطوسی (ت 672 ه).

تحقیق : عبد الله نورانی.

مشهد : مطبعة جامعة مشهد ، ط 1 ، 1385 ه ، 48 ص.

554 - شرح المنام.

الشیخ المفید (ت 413 ه).

تحقیق : محمد مهدی نجف.

قم : المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید ، ط 1 ، 1413 ه ، 32 ص (مصنفات الشیخ المفید ، 8).

555 - شرح المنظومة.

ملا هادی السبزواری.

ص: 244

مع حواش مختارة من الشیخ محمد تقی الآملی.

نقح النص وحرره وعلق علیه : فاضل الحسینی المیلانی.

مشهد : دار المرتضی للنشر : 399 ص ، 24 سم.

556 - شرح نهج البلاغة.

لمؤلف مجهول من أعلام القرن الثامن ، وینسب إلی العلامة الحلی (ت 726 ه).

تحقیق : عزیز الله العطاردی.

حیدر آباد : 1404 ه.

557 - شرعة التسمیة.

المیرداماد ، محمد باقر بن محمد الحسینی (ت 1041 ه).

إعداد : رضا الأستادی.

أصفهان : مهدیة المیرداماد ، 1409 ه ، 160 ص ، 24 سم.

558 - الشهاب الثاقب فی وجوب صلاة الجمعة العینی.

الفیض الکاشانی (1006 - 1091 ه).

باهتمام : جمال الدین.

قم : 1401 ه ، 107 ص (مع : منبع الحیاة ، لنعمة الله الجزائری).

559 - الشهاب فی الشیب والشباب.

الشریف المرتضی (355 - 436 ه).

إعداد : أحمد الحسینی.

قم : دار القرآن الکریم ، ط 1 ، 1410 ه (بضمن : رسائل الشریف المرتضی 4 : 141 - 275).

560 - شواکل الحور فی شرح هیاکل النور.

جلال الدین محمد بن أسعد الدوانی (830 - 908 ه).

تحقیق : أحمد تویسرکانی.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامیة ، ط 1 ، 1411 ه (ثلاث رسائل ، ص 99 - 256).

561 - شواهد التنزیل لقواعد التفضیل.

عبید الله بن عبد الله الحذاء الحنفی النیسابوری ، المعروف بالحاکم الحسکانی (ق 5 ه).

تحقیق : محمد باقر المحمودی.

طهران : مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة ومؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة

ص: 245

والإرشاد الإسلامی ، 1411 ه ، 511 ص.

562 - الشواهد الربوبیة.

ملا صدرا ، محمد بن إبراهیم الشیرازی (ت 1050 ه).

مع حواشی : ملا هادی السبزواری (ت 1212 ه).

تصحیح وتعلیق : جلال الدین آشتیانی.

مشهد : منشورات جامعة مشهد ، 1967 م.

563 - صحیفة الإمام الرضا علیه السلام.

طهران : 1377 ه (تحقیق : حسین علی محفوظ).

مشهد : المؤتمر العالمی للإمام الرضا علیه السلام ، 1406 ه (تحقیق : محمد مهدی نجف).

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1408 ه (تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام).

564 - الصحیفة السجادیة.

من إنشاء الإمام السجاد زین العابدین علی بن الحسین بن علی

علیهم السلام.

عن نسخة عتیقة کتبت عام 416 ه.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامیة ، ط 11 ، 14113 ه ، 187 ص ، 24 سم ، (تقدیم وتحقیق : کاظم مدیر شانه جی ، مراجعة : محمد علی فارابی).

دمشق : المستشاریة الثقافیة للجمهوریة الإسلامیة فی إیران (تحقیق : علی أنصاریان).

565 - الصحیفة السجادیة الجامعة.

جمع فیها ما ورد عن الإمام السجاد علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام (36 - 94 ه) من أدعیة ومناجاة رویت فی الصحائف السجادیة الست وغیرها من کتب الأدعیة.

جمع وتحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1411 ه.

566 - الصراط المستقیم إلی مستحقی التقدیم.

علی بن یونس النباطی العاملی (ت 877 ه).

تحقیق : محمد باقر البهبودی.

ص: 246

طهران : المکتبة المرتضویة ، ط 1 ، 1384 ه.

567 - صفات الشیعة.

الشیخ الصدوق (ت 381 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1410 ه ، (مع : فضائل الشیعة، ومصادقة الإخوان ، للمؤلف).

568 - الصوارم المهرقة.

نور الله بن شریف المرعشی التستری ، الشهید سنة 1019 ه.

تحقیق : جلال الدین المحدث الأرموی.

طهران : 1367 ه ، 340 ص.

569 - صوان الحکمة.

أبو سلیمان المنطقی السجستانی.

طهران : بنیاد فرهنک إیران ، 1353 ه. ش ، 397 ص.

570 - کتاب الصوم.

مرتضی الأنصاری (1214 - 1281 ه).

مجلد ضم بین دفتیه ثلاثة مصنفات للمؤلف حول الصوم وأحکامه ، هی :

1 - شرح «إرشاد الأذهان» : شرح مزجی لقسم من کتاب الصوم من کتاب «إرشاد الأذهان» للعلامة الحلی (ت 726 ه).

2 - شرح «قواعد الأحکام» : شرح لقسم من کتاب الصوم من کتاب «قواعد الأحکام» للعلامة الحلی أیضا.

3 - مسائل متفرقة : وهی 24 مسألة فی أحکام الصوم المختلفة.

إعداد : لجنة تحقیق تراث الشیخ الأعظم.

قم : الأمانة العامة للمؤتمر العالمی بمناسبة الذکری المئویة الثانیة لمیلاد الشیخ الأنصاری ، 1413 ه.

571 - صیانة الإبانة.

إبانة المختار فی إرث الزوجة من ثمن العقار بعد الأخذ بالخیار.

شیخ الشریعة الأصفهانی (1266 - 1339 ه).

تحقیق : علی الفاضل القائنی.

قم : دار القرآن الکریم.

572 - ضوابط الأسماء واللواحق.

فخر الدین الطریحی.

ص: 247

تحقیق : محمد کاظم الطریحی.

طهران : 1956 م ، 94 ص ، 21 سم.

573 - ضیافة الإخوان وهدیة الخلان.

رضی الدین محمد بن الحسن القزوینی (ت 1396 ه).

تحقیق : أحمد الحسینی.

قم : مجمع الذخائر الإسلامیة ، 1397 ه ، 387 ص (المختار من التراث ، 5).

574 - طب الإمام الرضا علیه السلام.

تحقیق : مرتضی العسکری.

بغداد : 1954 م.

575 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن الثامن : الحقائق الراهنة فی المائة الثامنة.

أقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

نشره : علی نقی منزوی.

بیروت : دار الکتاب العربی ، ط 1 ، 1975 م ، 269 ص ، 24 سم.

576 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن الخامس : النابس فی القرن الخامس.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

نشره : علی نقی منزوی.

بیروت : دار الکتاب العربی ، ط 1 ، 1972 م ، 229 ص ، 24 سم.

577 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن الرابع : نوابغ الرواة فی رابع المئات.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

نشره : علی نقی منزوی.

بیروت : دار الکتاب العربی ، ط 1 ، 1971 م ، 363 ص ، 24 سم.

578 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن السابع : الأنوار الساطعة فی المائة السابعة.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

نشره : علی نقی منزوی.

بیروت : دار الکتاب العربی ، ط 1 ، 1972 م ، 230 ص ، 24 سم.

579 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن السادس : الثقات العیون فی سادس القرون.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

نشره : علی نقی منزوی.

ص: 248

بیروت : دار الکتاب العربی ، ط 1 ، 1972 م ، 361 ص ، 24 سم.

580 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن التاسع : الضیاء اللامع فی القرن التاسع.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

تحقیق : علی نقی منزوی.

طهران : جامعة طهران ، 1362 ه. ش ، 226 ص (منشورات جامعة طهران ، 1833).

581 - طبقات أعلام الشیعة.

القرن العاشر : إحیاء الداثر من القرن العاشر.

آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه).

تحقیق : علی نقی منزوی.

طهران : جامعة طهران ، 1366 ه. ش ، 306 ص ، 24 سم (منشورات جامعة طهران ، 1904).

582 - طرائف المقال فی معرفة طبقات الرجال.

علی أصغر بن محمد شفیع الموسوی الجابلقی البروجردی (ت 1313 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

تقدیم : السید المرعشی النجفی (ت 1411 ه).

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1410 ه = 1369 ه. ش = 1990 م ، 2 ج، ج 1: 656 ص، ج 2: 688 ص.

583 - طریق الإرشاد إلی فساد إمامة أهل الفساد.

محمد إسماعیل المازندرانی الخاجوئی (ت 1173 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : دار الکتاب الإسلامی ، ط 1 ، 1411 ه (الرسائل الاعتقادیة 1 : 437 - 505).

584 - الطلب والإرادة.

محمد حسین الغروی الأصفهانی (1296 - 1361 ه).

تحقیق : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة ، 1409 ه (بضمن : بحوث فی الأصول : للمؤلف).

ص: 249

585 - عجالة المعرفة فی أصول الدین.

ظهیر الدین محمد بن سعید بن هبة الله ابن الحسن الراوندی (ق 6 ه).

تحقیق : محمد رضا الحسینی الجلالی.

تراثنا (قم) ، س 7 ، ع 4 [29] ، 1412 ه ، ص 199 - 240.

586 - العدد القویة لدفع المخاوف الیومیة.

رضی الدین علی بن یوسف بن علی بن المطهر الحلی (ق 8 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1408 ه ، (صدر المجلد الأول منه فیما لا تزال مخطوطة المجلد الثانی مفقودة).

587 - عدم تخطئة العامل بخبر الواحد.

الشریف المرتضی (ت 436 ه).

إعداد : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1405 ه (رسائل الشریف المرتضی مج 3 : ص 267 - 271).

588 - عدم سهو النبی صلی الله علیه وآله وسلم.

الشیخ المفید (ت 413 ه).

تحقیق : محمد مهدی نجف.

قم : المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید ، ط 1 ، 1413 ه ، 32 ص (مصنفات الشیخ المفید ، 10).

589 - عدم وجوب غسل الرجلین فی الطهارة.

الشریف المرتضی (ت 436 ه).

إعداد : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1405 ه ، (رسائل الشریف المرتضی 3 : 159 - 173).

590 - العدة فی أصول الفقه.

محمد بن الحسن الطوسی (ت 460 ه).

تحقیق : محمد مهدی نجف.

قم : مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، 1407 ه، ج 1.

ص: 250

591 - العروة الوثقی : تفسیر سورة الحمد.

الشیخ البهائی ، محمد بهاء الدین العاملی (953 - 1031 ه).

صححه وحققه وعلق علیه : أکبر إیرانی قمی.

قم : دار القرآن الکریم : 1412 ه ، 171 ص ، 24 سم.

592 - العقود الاثنا عشر فی رثاء سادات البشر.

مهدی بن مرتضی الطباطبائی البروجردی النجفی ، المعروف ببحر العلوم (ت 1212 ه).

تحقیق : عبد العزیز الطباطبائی.

تراثنا (قم) ، س 3 ، ع 1 [10] ، 1408 ه ، ص 207 - 216.

593 - علماء الأسرة.

محمد باقر الموسوی الخوانساری

الأصفهانی (1226 - 1313 ه).

تحقیق : أحمد الروضاتی.

طهران : مکتب القرآن ، 1412 ه ، ج 1.

594 - علة امتناع علی عن محاربة الغاصبین.

الشریف المرتضی (ت 436 ه).

إعداد : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1405 ه (رسائل الشریف المرتضی مج 3 : ص 315 - 321).

595 - علة خذلان أهل البیت علیهم السلام.

الشریف المرتضی (ت 436 ه).

إعداد : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 1405 ه (رسائل الشریف المرتضی ، 3 : 207 - 219).

596 - علة مبایعة علی علیه السلام.

الشریف المرتضی (ت 436 ه).

إعداد : مهدی الرجائی.

قم : دار القرآن الکریم ، 14305 ه (رسائل الشریف المرتضی مج 3 : 241 - 247).

597 - علی ولید الکعبة.

محمد علی الأردوبادی (1312 -

ص: 251

1380 ه).

تحقیق : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة.

قم : مؤسسة البعثة ، 1412 ه.

598 - العمدة فی عیون صحاح الأخبار فی مناقب إمام الأبرار.

ابن البطریق ، یحیی بن الحسن بن الحسین الأسدی الحلی (ت 600 ه).

تحقیق : إبراهیم البهادری ، ومالک المحمودی.

تقدیم : جعفر السبحانی.

قم : جماعة المدرسین فی الحوزة ، ط 1، 1407 ه، 524 ص، 24 سم.

599 - عمدة الکتاب وعدة ذوی الألباب.

فیه صفة الخط والأقلام والمداد واللیق والحبر والأصباغ وآلة التجلید.

المعز بن بادیس التمیمی الصنهاجی (398 - 454 ه).

تحقیق : نجیب مایل هروی ، وعصام مکیة.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامیة ، 1409 ه ، 146 ص ، 24 سم.

600 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

أحوال الزهراء علیها السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی. (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1405 ه.

601 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

حیاة الإمام السجاد علیه السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، ط 1 ، 1407 ه ، 352 ص ، 24 سم.

602 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

ج 15 ، الخاص بأحوال إمام المشارق والمغارب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب

ص: 252

علیه السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1412 ه.

603 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

ج 19 ، خاص بحیاة الإمام محمد بن علی الباقر علیهما السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1412 ه.

604 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

حیاة الإمام موسی ابن جعفر علیه السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه

السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1367 ه. ش ، ط 1 ، 560 ص ، 24 سم.

605 - عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآیات والأخبار والأقوال.

ج 15 / 3 ، فی النصوص علی الأئمة الاثنی عشر علیهم السلام.

عبد الله بن نور الله البحرانی الأصفهانی (ق 11 ه).

تحقیق : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام.

قم : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، 1408 ه ، ط 1 ، 400 ص ، 24 سم.

606 - عون إخوان الصفا علی فهم کتاب الشفا.

محمد بن محمد حسن الأصفهانی ، المعروف بالفاضل الهندی (1062 - 1137 ه).

تصحیح : جلال الدین آشتیانی.

مشهد : أنجمن حکمت وفلسفه ، 1976 م (منتخباتی أز آثار حکمای إلهی إیران 3 : 543 - 573).

ص: 253

607 - فتاوی خاتم المجتهدین.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه) رسائل المحقق الکرکی ، 2 / 315 - 320).

608 - فتاوی وأجوبة ومسائل.

علی بن الحسین الکرکی (ت 940 ه).

تحقیق : محمد الحسون.

إشراف : محمود المرعشی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، ط 1 ، 1409 ه (رسائل المحقق الکرکی ، 2 / 245 - 254).

609 - فتح الأبواب بین ذوی الألباب وبین رب الألباب.

رضی الدین علی بن موسی بن طاووس الحسنی (589 - 664 ه).

تحقیق : حامد الخفاف.

بیروت : مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، 1409 ه.

610 - فتح الملک العلی بصحة حدیث : باب مدینة العلم علی.

أحمد بن محمد بن الصدیق الحسینی المغربی (ت 1380 ه).

تحقیق وتقدیم : محمد هادی الأمینی.

النجف : المکتبة الحیدریة ، 1968 م ، 176 ص.

طهران : 1403 ه.

611 - الفخری فی أنساب الطالبیین.

إسماعیل بن الحسین بن محمد المروزی الأزورقانی (572 - بعد 614 ه).

تحقیق : مهدی الرجائی.

قم : مکتبة السید المرعشی ، 1409 ه ، 30 ، 384 ص ، 24 سم.

612 - فرائد الأصول.

مرتضی الأنصاری(ت 1281 ه).

تحقیق : عبد الله النورانی.

قم : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین ، 1406 ه.

للبحث صلة ...

ص: 254

من التراث الأدبی المنسی فی الأحساء (15) :

الشیخ محمد حسین السبعی

(... - 1011 ه)

السید هاشم محمد الشخص

هو الشیخ محمد بن حسین السبعی البحرانی الأحسائی القاری.

علامة فقیه ، جلیل القدر ، وأدیب شاعر.

نبذة عنه :

هو من أحفاد العلامة الشیخ محمد بن عبد الله السبعی - المتقدم ذکره فی الحلقة السابقة ، المنشورة فی العددین 38 - 39 ، والمظنون قویا أن نسبه إلی جده المذکور یکون هکذا : الشیخ محمد بن حسین ابن الشیخ علی ابن الشیخ حسین ابن الشیخ علی ابن الشیخ محمد بن عبد الله السبعی.

وعلی أی حال ف (آل السبعی) أسرة علمیة عریقة ، تحدثنا عنها فی ترجمة الشیخ أحمد بن الشیخ محمد بن عبد الله السبعی فی الجزء الأول من «أعلام هجر» ، وموطنها منذ القدیم قریة (القارة) فی الأحساء ، والمترجم له من أهل هذه القریة (والقاری) نسبة إلیها.

وفاته :

توفی - قدس سره - سنة 1011 ه ، کما فی کتاب «الذخائر».

السید هاشم محمد الشخص

ص: 255

الثناء علیه :

قال فی شأنه الشیخ محمد علی آل عصفور البحرانی فی کتابه «الذخائر» : «الشیخ محمد بن حسین السبعی البحرانی ، ذکره العلامة الشیخ یاسین البحرانی فی کشکوله فعظمه وأثنی علیه ، ونظمه فی سلک العلماء ، وأما الشیخ سلیمان الماحوزی فذکره فی رسالته المعمولة فی وجوب الجمعة ، ونظمه فی سلک الشعراء ، وبالجملة : کان - قدس سره - فاضلا مدققا ، له کتاب فی وجوب الجمعة تخییرا بل استحبابا ...».

وقال عنه فی موضع آخر من الکتاب : «الشیخ محمد بن حسین السبعی البحرانی ، هو أفضل شعراء المولدین ، جمع مع الشعر بعض العلوم الأدبیة ... وله کتاب فی المسائل المتفرقة ، وهذه الرسالة تدل علی طول باعه وکثرة اطلاعه ...».

مؤلفاته :

1 - رسالة فی شرح الأحادیث النبویة.

2 - رسالة فی العروض.

3 - رسالة فی غرائب اللغات.

4 - رسالة فی قبلة البحرین.

5 - رسالة فی وجوب الجمعة تخییرا.

6 - کتاب فی المسائل المتفرقة.

7 - کتاب فی القصائد.

8 - دیوان شعر کبیر ، مشتمل علی خطب وأشعار منه - قدس سره - ، کذا جاء فی کتاب «الذخائر».

ص: 256

شعره :

قال - قدس سره - فی رثاء سید الشهداء الإمام الحسین علیه السلام :

أهاجک فی جنح من اللیل فاحم

حمام بکی فوق الغصون النواعم

تذکر إلفا نازحا فبکی له

وأسهر جفنا وهو لیس بنائم

بکی شجوه فوق الغصون وإنما

بکیت لشجوی لا لشجو الحمائم

ومولعة باللوم تلحی لمولع

بإهراقه ماء الدموع السواجم

تلوم وما تدری بأن ملامها

یهیج غرامی ما اغتدت فی اللوائم

عذیری من لاح علی الحزن لائم

ولیس ملام العاذلین ملائمی

حنانیک أقصر عن ملامی لأننی

علمتک بی یا لائمی غیر عالم

کأنک لم تسمع بأم العظائم

جرت للهداة الطیبین الأعاظم

ولم تدر أنی قد أقمت مآتما

لرزئهم أنست جمیع المآتم

ص: 257

سأبکی علیهم والبکا جهد مغرم

تأخر عن عصر لهم متقادم

أقول لخلی البکا ومساعدی

بإهراق دمع العین ضربة لازم

أعنی علی فرط الصبابة والجوی

فقد جاءنی ناع نعی آل هاشم

وذکرنی یوم الطفوف وما جری

لهم فیه من أم الدواهی العظائم

عشیة ألقی سبط أحمد رحله

بساحة أشقی عربها والأعاجم

وقد طالبوه بالنزول إلیهم

علی حکم رجس قد غدا شر حاکم

أبی الله والمجد الأشم لسادة

تطیع لغاو فی الأنام وغاشم

وفی آخرها یقول :

بنی صفوة الباری نظار (1) لأمرکم

فقد آن للمهدی وثبة قائم

نظار لیوم یذهب النحس عنکم

مطالع سعد فی الطوالع ناجم

ص: 258


1- 1. نطار : اسم فعل للأمر بمعنی : انتظر ، وأراد هنا : لننتظر لأمرکم ، أی : نحن فی حالة انتظار.

نظار بأن تشفی القلوب من الظما

وأکباد طاو ما اهتنت بالمطاعم

وما عاد إلا أن ینادی من السما

بمهدیکم فی کل جیل وعالم

ویخرج بالأنصار أنصار جده

ویقدم بالرایات أیمن قادم

ویملأ أرض الله قسطا بعدله

کما ملئت من جور أهل المآثم

أیا سیدی برد صدا قلب هائم

بخیر قدوم منک لیس بهائم

فقد عن لی فی النوم منک مبشر

ولیس الذی عاینت أضغاث حالم

وإنی لراج منک إنعام منعم

وإقبال مولی واصل غیر صارم

فلست لأخشی فی هواک وإننی

لأرغم من یمسی علی ذاک راغمی

* * *

وسمعا بنی طه نظام فریدة

یدین لها فی سبکها کل ناظم

ولا عیب فیها غیر أنی لم أجد

لها من ذوی الأفهام إصغاء فاهم

ص: 259

ولو شاهد الفحل (الفرزدق) نظمها

لعاف الذی قد قال فی مدح (دارم)

وأنست (جریرا) فی النقائض قوله

(ألا حی ربع المنزل المتقادم)

یحاکمی بها (السبعی) ما قال جده (1)

(سلیم الحشا من لدغة غیر سالم)

وصلی إله العرش ما لاح بارق

علیکم وما سحت عیون الغمائم

ومهما سری الساری وما راح واغتدی

یحث قلاصا فی بطون التهائم (2)

* * *

وله أیضا هذه الأبیات :

تقضی غرامی بالخلیط المزایل

وأقصرت عن شأوی فأقصر عاذلی

إلی أن یقول :

وقد آن ترحالی وطی مراحلی

وما هذه الأیام غیر مراحل

وما الناس إلا راحل إثر راحل

وباک یسح الدمع فی إثر راحل

أجیراننا أعنی الذین تحملوا

إلی منزل بین الثری والجنادل

ترحلتم عنا إلی کل منزل

بعید ، وقید الرمح من متناول

ص: 260


1- 1. أراد بجده هنا : الشیخ محمد بن عبد الله السبعی المتقدم ذکره فی الحلقة السابقة.
2- 2. القصیدة تبلغ 105 أبیات ، نقلنا هذه الأبیات منها عن «معجم شعراء الحسین علیه السلام» للشیخ جعفر الهلالی.

نسائلکم فیه وقد حکم البلی

علیکم فما تبدون رجعا لسائل

ومعشوقة یصبو إلی وصلها الفتی

وکم صرمت حبلا لخل مواصل

ویقول فی آخرها :

ودرة فکر ألبست من جمیلکم

جمالا ف (قس) عندها مثل (بأقل) (1)

ص: 261


1- 1. القصیدة طویلة ، لکن - مع الأسف - لم یصل بأیدینا منها إلا هذه الأبیات ، إذ اقتصر علی ذکرها فقط الشیخ محمد علی آل عصفور فی کتابه «الذخائر».

المصادر

1 - الذخائر فی تاریخ الجزائر والبنادر ، للشیخ محمد علی آل عصفور البحرانی ، مخطوط.

2 - معجم شعراء الحسین علیه السلام ، للشیخ جعفر الهلالی ، مخطوط.

3 - أعلام هجر ، لهاشم محمد الشخص ، القسم المخطوط.

ص: 262

مصطلحات نحویة

(3)

السید علی حسن مطر

رابعا : مصطلح الحرف

1 - الحرف لغة (1) :

أبرز معانی الحرف لغة هو : الطرف ، فحرف کل شئ طرفة وجانبه وحده وشفیره وناحیته. والجمع : أحرف وحروف وحرفة.

وجاء فی التنزیل : ( ومن الناس من یعبد الله علی حرف ) (2) ، «أی : علی طرف وجانب من الدین ، أی : لا یدخل فیه علی ثبات وتمکن. فهو إن أصابه خیر - من صحة وکثرة مال ونحوهما - اطمأن به ، وإن أصابته فتنة - أی : شر ، من مرض أو فقر ونحوهما - انقلب علی وجهه عنه» (3).

ویستعمل الحرف أیضا فی المعانی اللغویة التالیة :

1 - الواحد من حروف الهجاء.

====

4. شرح شذور الذهب ، لابن هشام ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید ، ص 14.

ص: 263


1- 1. أ - لسان العرب لابن منظور ، مارة (حرف).
2- ب - معجم مقاییس اللغة ، لابن فار�2. تحقیق عبد السلام هارون ، مادة (حرف).
3- 3. سورة الحج - من الآیة 11.

2 - اللغة ، وقد جاء فی الحدیث قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «نزل القرآن علی سبعة أحرف ، کلها شاف کاف» ، أراد بالحرف : اللغة.

3 - العدول ، یقال : حرف عن الشئ یحرف حرفا وانحرف وتحرف واحرورف : عدل عن الشئ ومال عنه.

4 - الناقة الضامرة أو المهزولة ، قال ابن الأعرابی : ولا یقال : جمل حرف ، بل تخص به الناقة.

2 - الحرف اصطلاحا :

استعمل الحرف بمعناه الاصطلاحی منذ نشوء الدراسة النحویة ، ویذکر الرواة أن أبا الأسود الدؤلی (ت 69 ه) تلقی من الإمام علی علیه السلام صحیفة فیها : «الکلام کله اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمی ، والفعل ما أنبأ عن حرکة المسمی ، والحرف ما أنبأ عن معنی لیس باسم ولا فعل» (1).

وقد سجل سیبویه (ت 180 ه) فی کتابه ما یقارب التعریف المذکور فی الروایة المتقدمة فقال : الحرف «ما جاء لمعنی لیس باسم ولا فعل» أو «ولیس باسم ولا فعل» (2) ، وتابعه علیه أبو علی الفارسی (3). وظاهره أن الحرف کلمة تدل علی معنی ، ولکنها لیست اسما ولا فعلا ، وغنی عن البیان أن هذا التعریف لا یوضح حقیقة المعنی الاصطلاحی للحرف.

====

4. الکتاب ، سیبویه ، تحقیق عبد السلام هارون 1 / 12.

5. الإیضاح العضدی ، أبو علی الفارسی ، تحقیق حسن الشاذلی فرهود 1 / 8.

ص: 264


1- 1. أ - إنباه الرواة علی أنباه النحاة ، علی بن یوسف القفطی ، تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم 1 / 39.
2- ب - معجم الأدباء ، لیاقوت ، 14 / 49.
3- ج - الأشباه والنظائر فی النحو ، السیوطی ، تحقیق عبد العال سالم مکرم 1 /3. 13.

وقال الجرجانی (ت 471 ه) : الحرف ما جاء لمعنی لیس فیه معنی اسم ولا فعل» (1).

ومثله قول المطرزی (ت 610 ه) : الحرف ما جاء لمعنی لیس بمعنی الاسم ولا بمعنی الفعل» (2).

وظاهر التعریفین أن الحرف موضوع لمعنی مختلف عن معنی الاسم والفعل ، وهما کسابقیهما فی عدم تحدید المعنی الاصطلاحی للحرف.

وعرفه الأخفش الأوسط (ت 215 ه) بذکر علاماته ، فقال : الحرف «ما لم یحسن له الفعل ولا الصفة ولا التثنیة ولا الجمع ولم یجز أن یتصرف» (3).

وتابعه علی هذه الطریقة ابن السراج (ت 316 ه) فقال : «الحرف ما لا یجوز أن یکون خبرا ولا یخبر عنه» (4).

وقد أشکل علیه أبو علی الفارسی بأنه یؤدی إلی دخول بعض الأسماء کضمائر الجر، وضمائر النصب متصلة ومنفصلة ، وضمیر الفصل ; إذ إنها جمیعا لا یخبر بها ولا عنها (5).

وانبری ابن یعیش (ت 643 ه) لرد هذا الإشکال بقوله : إن امتناع الإخبار عن الضمائر المذکورة لم یکن لأمر راجع إلی معنی الاسم ، وإنما ذلک لأنها صیغ موضوعة بإزاء اسم مخفوض أو منصوب ، فلو أخبر عنها وجب أن ینفصل الضمیر المجرور ویصیر عوضه ضمیر مرفوع الموضع ، نحو : (أنت)

====

6. شرح المفصل ، لابن یعیش 8 / 4.

ص: 265


1- 1. الجمل ، عبد القاهر الجرجانی ، تحقیق علی حیدر ، ص 6.
2- 2. المصباح فی علم النحو ، المطرزی ، تحقیق الدکتور عبد الحمید السید طلب ، ص 61.
3- 3. الصاحبی ، لابن فارس ، تحقیق مصطفی الشویمی ، ص 86.
4- 4. أ - الأصول فی النحو ، لابن السراج ، تحقیق عبد الحسن الفتلی ، 1 / 43.
5- ب - الموجز فی النحو ، لابن السراج ، تحقیق مصطفی الشویمی وابن سالم دامرجی ، ص 27.

وشبهه ، وکذلک الضمیر المنصوب لو أخبر به أو عنه ، لتغیر إعرابه ، ووجب تغییر صیغة الإعراب ، فامتناع الإخبار عن هذه الأشیاء لم یکن إلا من جهة الإعراب وأما ضمائر الفصل «فهی أسماء قد سلبت دلالتها علی الاسمیة ، وسلک بها مذهب الحروف بأن ألغیت ، ومعنی إلغاء الکلمة : أن تأتی لا موضع لها من الإعراب ، وأنها متی أسقطت من الکلام ، لم یختل الکلام ولم یتغیر معناه» (1).

ومع ذلک کله یبقی التعریف غیر مانع من دخول أفعال الأمر وأسمائها ; لعدم الإخبار بها ولا عنها.

وعرفه ابن مالک (ت 672 ه) بالعلامة أیضا ، فقال : «الحرف : کلمة لا تقبل إسنادا وضعیا بنفسها ولا بنظیر» (2).

وقد احترز بقوله : (وضعیا) «من الإسناد اللفظی ; فإنها تقبله ، نحو : من حرف جر ، وهل حرف استفهام» (3).

وبقوله : (ولا بنظیر) «احترز من الأسماء الملازمة للنداء ، نحو : یا فل ، فإنها لا تقبل إسنادا وضعیا بنفسها ، لکن لها نظیر یقبله ، نحو : رجل ، فیقال : فی الدار رجل ، والحرف لا نظیر له یقبله» (4).

وطرح الزجاجی (ت 337 ه) أول مرة تعریفا حدیا للحرف بقوله : «الحرف ما دل علی معنی فی غیره» (5).

وتابعه علی هذا الحد جمع من النحاة ، کأبی علی الفارسی

====

ب - شرح جمل الزجاجی ، ابن هشام ، تحقیق علی محسن مال الله ، ص 86

ص: 266


1- 1. شرح المفصل 8 / 5.
2- 2. تسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد ، ابن مالک ، تحقیق محمد کامل برکات ، ص 3.
3- 3. شفاء العلیل فی إیضاح التسهیل ، السلسیلی ، تحقیق عبد الله البرکاتی 1 / 97 - 98.
4- 4. تسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد ، حاشیة ص 3.
5- 5. أ - الإیضاح فی علل النحو الزجاجی ، تحقیق مازن المبارک ، ص 54.

(ت 377 ه) (1) وجار الله الزمخشری (ت 538 ه) (2) ، وابن الحاجب (ت 646 ه) (3) ، وابن هشام (ت 761 ه) (4) ، والسیوطی (ت 911 ه) (5).

وعمد بعضهم إلی إصلاحه بإبدال جنسه البعید (ما) ب (اللفظ) کما فعل ابن عصفور (ت 669 ه) (6) ، أو (الکلمة) کما فعل ابن معطی (ت 668 ه) (7) والشلوبینی (ت 645 ه) (8) ، وابن یعیش (ت 643 ه) (9) ، والرضی الأسترآبادی (ت 688 ه) (10).

وقد فضل ابن یعیش عبارة الزجاجی علی قول بعض النحاة : «الحرف ما جاء لمعنی فی غیره» (11) ; لأن فی عبارتهم «إشارة إلی العلة ، والمراد من الحد الدلالة علی الذات ، لا علی العلة التی وضع لأجلها ; إذ علة الشئ غیره» (12).

====

ب - شرح ملحة الإعراب ، الحریری ، ص 3.

ج - المرتحل ، ابن الخشاب ، تحقیق علی حیدر ، ص 23.

د - أسرار العربیة ، ابن الأنباری ، ص 12.

16. شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 2.

ص: 267


1- 1. المسائل العسکریات ، أو علی الفارسی ، تحقیق علی جابر المنصوری ، ص 81.
2- 2. المفصل فی علم العربیة ، الزمخشری ، ص 283.
3- 3. أ - شرح الرضی علی الکافیة ، تحقیق یوسف حسن عمر 1 / 36.
4- ب - الأمالی النحویة ، ابن الحاجب ، تحقیق هادی حسن حمودی 3 / 101.
5- 5. شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید ، ص 14.
6- 6. همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع ، السیوطی ، تحقیق عبد السلام هارون ، وعبد العال مکرم 1 / 7.
7- 7. المقرب ، ابن عصفور ، تحقیق الجواری والجبوری 1 / 46.
8- 8. الفصول الخمسون ، ابن معطی ، تحقیق محمود الطناحی ، ص 153.
9- 9. التوطئة ، الشلوبینی ، تحقیق یوسف المطوع ، ص 113.
10- 10. شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 2.
11- 11. شرح الرضی علی الکافیة ، تحقیق یوسف حسن عمر 1 / 36.
12- 12. أ - اللمع فی العربیة ، لابن جنی ، تحقیق فائز فارس ، ص 8.

وذکر ابن الحاجب أنه قد یشکل علی هذا التعریف «بالأسماء المشترکة ; فإنها لا یفهم مدلولها إلا بالقرینة ، وکذلک الحرف لا یفهم معناه إلا بذکر متعلقه» ، ثم أجاب عنه ب «أن الأسماء المشترکة لیس من شرط استعمالها لفظ آخر یقترن بها ، بل قد یکون قصد المتکلم الإبهام ، ومن ثم یجئ کثیر من المشترکات یجوز فیها الأمران ، أعنی کل واحد من مدلولیها ، کقوله تعالی : ( ثلاثة قروء ) ، ولیس کذلک الحرف ; فإنه لا یستقیم أن تقول : خرجت من» (1).

وهناک جواب آخر ، وهو : أن معانی اللفظ المشترک کلها مفهومة منه ، وإن أثر القرینة تحدید المعنی الخاص المراد من تلک المعانی ، بینما ذکر متعلق الحرف ضروری لحصول أصل دلالته علی معناه.

وأشکل علی التعریف «بأین وکیف ونحوهما من أسماء الاستفهام ، ومن وما ونحوهما من أسماء الجزاء ; فإن هذه الأسماء تفید الاستفهام فی ما بعدها ، وتفید الجزاء ، فتعلق وجود الفعل بعدها علی وجود غیره ، وهذا معنی الحروف» (2).

والنحاة أمام هذا الإشکال فریقان :

أما الأول منهما فقد عمد إلی التخلص منه بإضافة قید احترازی إلی التعریف ، فقال بعض : «الحرف ما أبان عن معنی فی غیره ، ولم یکن أحد جزأی الجملة» (3) ، وإن الأسماء المذکورة «وإن دلت علی معنی فی غیرها ... [لکنها] تکون أحد جزأی الجملة ... نحو : أین زید وکیف

====

ب - شرح المفصل 8 / 3.

ص: 268


1- 1. الأمالی النحویة ، ابن الحاجب ، تحقیق هادی حسن حمودی 3 / 101 - 102.
2- 2. شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 2.
3- 3. أ - شرح المقدمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقیق خالد عبد الکریم ، ص 215.

عمرو ... ولیس کذلک الحروف ، فإنه لا یخبر بها ولا عنها» (1).

واحترز بعض آخر بقوله : «الحرف ما دل معنی فی غیره فقط» (2) ، أو «ما لا یدل إلا علی معنی فی غیره» (3) ، أو «کلمة لا تدل علی معنی إلا مع غیرها مما معناه فی نفسه» (4).

وبهذا یفصل بین الحروف والأسماء التی أشکل بها ; «إذ هذه الأسماء دلت دلالتین : دلالة الأسماء ودلالة الحروف» (5).

وأما الفریق الثانی ، فقد عمد إلی الرد علی الإشکال «بما قال سیبویه : إن حرفی الاستفهام والشرط ، أعنی : الهمزة وإن ، حذفتا وجوبا قبل مثل هذا الاسم ; لکثرة الاستعمال ، فکان الأصل ، أأیهم ضربت؟ وإن أیهم تضرب أضرب ، ثم تضمن (أی) معنی الاستفهام والشرط ، فالمعنیان عارضان ، وإن کانا لازمین ، وکذا ما سوی (أی) من أسماء الاستفهام والشرط» (6).

وعلی الرغم من أن أبا علی الفارسی قد أثبت تعریف الزجاجی فی کتابه «المسائل العسکریات» ، فإنه أثار علیه جملة من الإشکالات ، سجلها ابن یعیش فی شرحه علی مفصل الزمخشری ، وعقب علیها قائلا : «وکأن أبا علی أورد هذه التشکیکات للبحث ، وإذا أنعم النظر کانت غیر لازمة» (7) ، ثم شرع

====

8. أ - شرح الرضی علی الکافیة 1 / 41.

ب - شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 3.

10. شرح المفصل 8 / 3 - 4.

ص: 269


1- 1. شرح المفصل 8 / 3.
2- 2. أ - الجنی الدانی فی حروف المعانی ، المرادی ، ص 20.
3- ب - شرح المفصل 8 / 3.
4- 4. أ - الفصول الخمسون ، ابن معطی ، ص 153.
5- ب - شرح الرضی علی الکافیة 1 / 42.
6- 6. الحدود فی النحو ، الرمانی ، ضمن کتاب «رسائل فی النحو واللغة» تحقیق مصطفی جواد ویوسف مسکونی ، ص 38.
7- 7. شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 3.

بردها جمیعا.

والمهم فی هذا التعریف بیان مضمونه وتحدید المراد به ، فقد ذهب جمهور النحاة إلی أن دلالة الحرف علی معناه متوقفة علی ارتباطه بغیره من أجزاء الکلام ، وأرجعوا ضمیری (نفسه ، وغیره) الواردین فی تعریف الاسم والحرف إلی (ما) التی یراد بها الکلمة ، فیکون المعنی : أن الاسم کلمة تدل بنفسها علی معناها دون حاجة إلی کلمة أخری ، بخلاف الحرف ، قال المرادی (ت 749 ه) : «إن دلالة الحرف علی معناه الأفرادی متوقفة علی ذکر متعلق ، بخلاف الاسم والفعل ; فإن دلالة کل منهما علی معناه الأفرادی غیر متوقفة علی ذکر متعلق ، ألا تری أنک إذا قلت : (الغلام) فهم منه التعریف ، ولو قلت : (أل) مفردة لم یفهم منه معنی» (1).

وهذا فی الواقع بیان للفرق بین الحرف وبین قسیمیه (الاسم والفعل) فی مرحلة الدلالة علی المعنی ، وأن الحرف «مشروط فی إفادته معناه الذی وضع له انضمامه إلی غیره» (2) ، ولکنه لا یوضح حقیقة المعنی الذی وضع له الحرف.

وذهب ابن الحاجب إلی إرجاع الضمیرین فی (نفسه ، وغیره) إلی (المعنی) ، وقال : إن مدلول کل من الاسم والفعل معنی ثابت بنفسه ، وأما الحرف فیدل علی معنی متعلق بغیره من المعانی المستقلة بذاتها ، المدلولة للأسماء والأفعال.

أی أنه فرق بین الحرف وقسیمیه بلحاظ المعنی الموضوع له کل من القبیلین ، لا بلحاظ دلالة کل منهما علی معناه.

وقد صرح ابن الحاجب برأیه هذا فی کتابیه : الإیضاح فی شرح

====

3. همع الهوامع ، السیوطی 1 / 7.

ص: 270


1- 1. أ - الجنی الدانی فی حروف المعانی ، المرادی 7 ص 22.
2- ب - شرح المفصل ، ابن یعیش 8 / 2.

المفصل (1) ، والأمالی النحویة (2) ، وأیده الشریف الجرجانی ودفع عنه إشکال الرضی الأسترآبادی (3).

واعترض علیه السیوطی بقوله : «ومن جعل الضمیر المتصل ب (نفس) و (غیر) راجعا للمعنی کابن الحاجب فقد أبعد ; إذ لا معنی لقولنا : (ما دل علی معنی) ... ثابت فیه أو فی غیره ... لأنه لا یصح أن یکون الشئ ظرفا لنفسه» (4).

ویلاحظ علیه :

أولا : إن هذا الإشکال إذا صح وروده علی تعریف الاسم والفعل ، فإنه لا یرد علی تعریف الحرف ; لصحة کون الشئ ظرفا لغیره.

ثانیا : إنه لا یرد حتی علی تعریف الاسم ; إذ لیس مراد ابن الحاجب من تعریف الاسم بأنه (ما دل علی معنی فی نفسه) الذهاب إلی ظرفیة الشئ لنفسه ، وإنما مراده أن معنی الاسم معقول فی نفسه ملحوظ فی ذاته ، بخلاف الحرف ، فإن معناه ملحوظ فی غیره من المعانی قائم بها (5).

وقد ذکر السیوطی عند شرحه التعریف أن کلمة (فی) الواردة فیه دالة علی السببیة ، وقیل بدلالتها علی الظرفیة (6).

أقول :

بناء علی رأی جمهور النحاة من أن دلالة الحرف علی معناه مشروطة

ص: 271


1- 1. شرح الرضی علی الکافیة ، تحقیق یوسف حسن عمر 1 / 36.
2- 2. الأمالی النحویة ، تحقیق هادی حسن حمودی 3 / 59.
3- 3. تعلیقات الشریف الجرجانی علی شرح الرضی - طبعة شرکة الصحافة العثمانیة 1 / 9.
4- 4. همع الهوامع ، السیوطی 1 / 7.
5- 5. تعلیقات الشریف الجرجانی علی شرح الرضی 1 / 9.
6- 6. همع الهوامع ، السیوطی 1 / 7.

بانضمامه إلی غیره یتعین حمل (فی) علی السببیة ، وأن دلالة الحرف علی معناه مسببة عن انضمامه إلی غیره. وأما بناء علی رأی ابن الحاجب من أن معنی الحرف یتقوم بغیره من المعانی القائمة بذاتها المدلولة للأسماء والأفعال ، فیجب حمل (فی) علی الظرفیة ، وأن معنی الحرف ثابت ضمن غیره من المعانی.

ویتضح مما تقدم أن أوفق المعانی اللغویة للحرف بمعناه الاصطلاحی ، هو المعنی الأول ، أی : الطرف ; لأن الحرف فی مرتبة دلالته علی معناه یکون طرفا فی الکلام مرتبطا بغیره ، ولأن معناه لا یتقوم بذاته ، بل هو دائما متعلق بغیره ، مرتبط بالمعانی الاستقلالیة المدلولة للأسماء والأفعال.

ص: 272

خامسا : مصطلح البناء

1 - البناء لغة :

«البناء فی اللغة : وضع شئ علی شئ علی صفة یراد بها الثبوت» (1).

قال ابن فارس : «الباء والنون والیاء أصل واحد ، وهو بناء الشئ بضم بعضه إلی بعض» (2).

وقال ابن جنی فی بیان وجه المناسبة بین المعنیین اللغوی والاصطلاحی للبناء : «وکأنهم إنما سموه بناء ; لأنه لما لزم ضربا واحدا ، فلم یتغیر تغیر الإعراب سمی بناء ، من حیث کان البناء لازما موضعه لا یزول من مکان إلی غیره» (3).

2 - البناء اصطلاحا :

احتوی کتاب سیبویه علی أولیات هذا المصطلح ومحاولة لتعریفه ; فإنه بعد أن عدد علامات الإعراب والبناء قال : إنما ذکرت ذلک ; لأفرق بین ما یدخل ضرب من تلک العلامات «لما یحدث فیه العامل ... وبین ما یبنی علیه الحرف بناء لا یزول عنه لغیر شئ أحدث ذلک فیه من العوامل» (4).

وعرف المبرد (ت 285 ه) المبنی بأنه «ما لا یزول من حرکة إلی أخری» (5).

ص: 273


1- 1. شرح الأشمونی علی الألفیة 1 / 49.
2- 2. معجم مقاییس اللغة ، ابن فارس ، تحقیق عبد السلام هارون ، مادة ((بنی).
3- 3. الخصائص ، ابن جنی ، تحقیق محمد علی النجار 1 / 37.
4- 4. الکتاب ، سیبویه ، تحقیق عبد السلام هارون 1 / 13.
5- 5. المقتضب ، محمد بن یزید المبرد ، تحقیق محمد عبد الخالق عضیمه 1 / 4.

ولاحظ ابن السراج (ت 316 ه) أن هذه العبارة لا تنطبق علی واقع البناء بنحو دقیق ; لأنها لم تنص علی أن محل علامة البناء هو آخر الکمة ، ولا تشمل ما یبنی من الکلمات علی السکون ، فأصلحها بقوله : البناء «أن یبنی آخر الکلمة علی حرکه غیر مفارقة أو سکون غیر مفارق» (1).

وعرفه الفارسی (ت 377 ه) بقوله : «البناء أن لا یختلف الآخر باختلاف العوامل» (2).

وفیه نوع تسامح ; إذ المراد اختلاف حال آخر الکلمة وعلامتها ، ویؤخذ علیه تعریفه البناء بأمر عدمی هو (عدم اختلاف الآخر) مع إمکان تعریفه بأمر وجودی.

وقریب منه تعریف السرمری (ت 776 ه) : «أن لا یتغیر آخر الکلام بتغیر العوامل علیه» (3) ، مع ملاحظة تعبیره ب (الکلام) بدلا من (الکلمة).

وقام الرمانی (ت 384 ه) باختصار التعریب المتقدم لابن السراج وقال : «البناء لزوم آخر الکلمة بسکون أو حرکة» (4).

وتابعه علیه ابن الأنباری (ت 577 ه). (5).

وقال ابن جنی (ت 392 ه) : البناء «لزوم آخر الکلمة ضربا واحدا من السکون أو الحرکة ، لا لشئ أحدث ذلک فیه من العوامل» (6).

فأضاف قید (لا لشئ ...) احترازا من شمول التعریف لبعض

ص: 274


1- 1. الموجز فی النحو : ابن السراج ، تحقیق مصطفی الشویمی وبن سالم دامرجی ، ص 28.
2- 2. الإیضاح العضدی ، أبو علی الفارسی ، تحقیق حسن الشاذلی فرهود 1 / 15.
3- 3. شرح اللؤلؤة ، السرمری (مخطوط بحوزتی) الورقة 60 الوجه ب.
4- 4. الحدود فی النحو ، الرمانی (ضمن کتاب رسائل فی النحو واللغة) تحقیق مصطفی جواد ویوسف مسکونی ، ص 38.
5- 5. أسرار العربیة ، ابن الأنباری ، تحقیق محمد بهجة البیطار ، ص 19.
6- 6. الخصائص ، ابن جنی ، تحقیق محمد علی النجار ، 1 / 37.

الکلمات المعربة «نحو : سبحان ، والظرف غیر المتصرف ک (لدی) بناء علی إعرابها ... والاسم الواقع بعد (لولا) الامتناعیة ; فإن لزومها حالة واحدة للعامل ، وهو (أسبح) فی الأول ، ومتعلق الظرف فی الثانی ، والابتداء فی الثالث» (1).

وتابعه علیه مع تغییر یسیر فی الألفاظ ابن الخشاب (ت 567 ه) (2) ، وأورده بنصه ابن یعیش (ت 643 ه) فی شرحه علی مفصل الزمخشری (3) ، والسیوطی (ت 911 ه) فی کتابه همع الهوامع (4).

وعرفه ابن معطی (ت 668 ه) بأنه «لزوم أواخر الکلم حرکة أو سکونا من غیر عامل ولا اعتلال» (5) ، فاختصر قید ابن جنی ، وأضاف إلیه قیدا آخر (ولا اعتلال) ; للاحتراز به من دخول نحو : (الفتی) فی التعریف (6) ; فإنه معرب رغم ملازمة آخره للسکون بسبب کونه حرف علة.

ویلاحظ علی تعریف ابن السراج وما بعده ، عدم ذکر الحرف والحذف بوصفهما من علامات البناء ، کما فی نحو : (لا رجلین) و (إرم) (7).

وقال ابن عصفور (ت 669 ه) : «البناء أن لا یتغیر آخر الکلمة لعامل عما کانت علیه قبل ذلک لفظا ولا تقدیرا» (8).

واحترز بقوله : (ولا تقدیرا) عن دخول نحو (الفتی) فی الحد ، وتبقی علیه الملاحظة المتقدمة من التعریف بالأمر العدمی.

ص: 275


1- 1. حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 50.
2- 2. المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقیق علی حیدر ، ص 25.
3- 3. 3 / 80.
4- 4. تحقیق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مکرم 1 / 45.
5- 5. الفصول الخمسون ، ابن معطی ، تحقیق محمود الطناحی ، ص 154.
6- 6. حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 50.
7- 7. حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 49 - 50.
8- 8. المقرب ، ابن عصفور ، تحقیق أحمد الجواری وعبد الله الجبوری 1 / 289.

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بأنه : «لزوم آخر الکلمة حالة واحدة لفظا أو تقدیرا» (1).

ویلاحظ فی تعریف ابن هشام وابن عصفور عدم ذکرهما لعلامات البناء فیه ، ولعلهما آثرا ذکرها فی شرح التعریف ، وهو الأولی ، وکذلک الأمر فی قولهم : (من غیر عامل ولا اعتلال) وقولهم : (لفظا أو تقدیرا) ، فینبغی ذکره فی الشرح ، والاقتصار فی الحد علی القول : البناء ملازمة آخر الکلمة لحال واحدة.

ولا بد من الإشارة إلی أن صیاغة التعریف علی النحو المتقدم تقوم علی اعتبار البناء أمرا معنویا ، وأما علی اعتباره أمرا لفظیا ، فهناک تعریف واحد تقدم به ابن مالک (ت 672 ه) فقال : البناء ما جئ به لا لبیان مقتضی العامل من شبه الإعراب ، ولیس حکایة أو اتباعا أو نقلا أو تخلصا من سکونین» (2).

وقال السلسیلی فی شرحه : «مثال الحکایة (من زید؟) لمن قال : مررت بزید ، ومثال الاتباع (الحمد لله) ، ومثال النقل (قد أفلح) ، ومثال التخلص من سکونین (من یشأ الله یضلله). أی : ما خالف حرکة الإعراب وحرکة الحکایة وحرکة الاتباع وحرکة التخلص من السکونین ، فهو بناء» (3).

وقد أخذ به بعض من جاء بعده کالسیوطی (4) ، والأشمونی (5) ، والأزهری (6).

للبحث صلة ...

ص: 276


1- 1. شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید ، ص 68.
2- 2. تسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد ، ابن مالک ، تحقیق محمد کامل برکات ، ص 10.
3- 3. شفاء العلیل فی شرح التسهیل ، السلسیلی ، تحقیق عبد الله البرکاتی 1 / 126.
4- 4. همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع ، السیوطی 1 / 45.
5- 5. شرح الإشمونی علی الألفیة 1 / 19.
6- 6. شرح الأزهریة فی علم العربیة ، خالد الأزهری ، ص 48.

من ذخائر التراث

ص: 277

ص: 278

صورة

تحقیق : إحسان الجواهری

ص: 279

ص: 280

المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی أنعم علی عباده بنعم لا تحصی ، وبأفضال لا تعد ، وبآلاء لا تحد ، والصلاة والسلام علی الصادق الأمین ، الذی بعثه الله رحمة للعالمین ، وطریقا یسلکه الصالحون ، ومعینا یلوذ به الظامئون إلی قیام یوم الدین ، وعلی أهل بیته المعصومین ، سفن النجاة ، وسبل الهدایة ، ومعدن الحکمة والتنزیل ، الذین أذهب الله تعالی عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا.

أما بعد : فلعله لا یخفی علی أحد أن السجال الفکری والجدال العقائدی یشکل المرتکز الأساسی المهم الذی تتبلور وتتحدد من خلاله الهویة الذاتیة والبنیة العقائدیة الأفکار المحتدمة.

والحق یقال : إن هذه المحاورات کانت تشکل المسامحة الأوسع فی ذهنیة دعاة کل عقیدة من تلک العقائد ، وخصوصا فی الفترة التی شهدت نشوء وتطور علم الکلام فی المدرسة الإسلامیة بمذاهبها المتعددة ، وکان من أبرز ثمارها ما نراه من الأسفار القیمة والمؤلفات الرائعة التی تزدان بها المکتبة الإسلامیة فی یومنا هذا.

بید أن هذا الأمر ، ورغم ما یشکله أحد بعدیه من جدال فکری یبتنی علی قاعدة إثبات الأصلح ، وتصحیح ما وقع به بعض الأطراف من الاشتباهات

ص: 281

الفکریة ، إلا أنه فی طرفه الآخر کان لا یشکل إلا حالة من العداء المبیت والمدروس القائم علی محاولة النیل والتهشیم لعقائد الآخرین ، دون أی رکائز علمیة سلیمة یمکن أن ینطلق من خلالها.

وعقائد الشیعة الإمامیة ، کانت ولا زالت - وذلک مما یؤسف لها - عرضة للعدید من هذه الهجمات السلبیة والباهتة ، والتی تتشکل بعدة أشکال ، وتتجلبب بعدة جلابیب ، لا ترید إلا الإساءة إلی هذه العقائد التی أثبتت الأدلة العقلیة والنقلیة علی صوابها وصحتها ، ... إلا أن هذا البعض لم یلتفت أبدا إلی هذه الحقیقة ، ولذا فلا عجب أن تجد هذا الکم المتراکم من الردود المکررة والمعادة والأطروحات التی سبق أن أثبت صحتها السابقون قبل مئات السنین ، ولکن یبدو أن البعض لا یجید القراءة ، وإلا لاکتفی بها عن إعادة المحاورة والمناورة التی لا تجدیه شیئا.

فعقیدة الإمامیة فی أئمتهم أنهم یؤمنون إیمانا لا یشوبه ریب بأنه لا شریک لله فی خلقه ، ولا فی علم الغیب ، ولا شبیه له فی عظمته ، وأنه - جل وعلا - لا یحل بأحد أو یتحد به ، وأنه لا نبی ولا وحی بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

ففی الوقت الذی تعبد الشیعة الله سبحانه وتعالی ویقدسونه ، تراهم بنفس الروحیة یدینون حبا وولاء لآل الرسول علیهم السلام ، فضلا عن أنهم العباد والزهاد والمضحین والمتفانین لخدمة الدین الإسلامی الحنیف ، بل لأنهم نفس النبی وروحه ، وهم ورثة علم النبوة ، وهم موضع الرسالة المحمدیة السمحاء ، کما أشار الکتاب العزیز إلی هذا المعنی وبصریح العبارة وذلک فی آیة المباهلة ، کما هو مشار إلیه فی المنظومة.

فهذه المنظومة التی بین یدیک - عزیزی القارئ الکریم - ما هی إلا رد علی بعض أولئک الذین تأبی نفوسهم الإذعان إلی جادة الصواب وسبیل الهدایة.

وقد جادت بهذه المنظومة الرائعة قریحة المولی الجلیل السید محمد باقر

ص: 282

الحجة الطباطبائی ، طیب الله ثراه.

إذ جاءت بأسلوب شیق ، وعبارات جزلة ، وأدلة دامغة ، وحجج وبراهین ساطعة مستمدة من کتاب الله والسنة المطهرة ، حیث کان الاعتماد بالدرجة الأساس علی بعض من آیات الذکر الحکیم ، وبعض الأحادیث الواردة فی فضل أهل البیت صلوات الله علیهم أجمعین ، والمخرجة من کتب الصحاح وبإقرار وشهادة من أئمة الحدیث جمیعا من السنة والشیعة بصحتها ، وکما أشرنا إلی ذلک فی عملنا التحقیقی.

وإلیک - عزیزی القارئ الکریم - هذه الروایة المرویة عن أبی محمد علیه السلام ، قال : قال الحسن بن علی بن أبی طالب علیهما السلام ، وقد حمل إلیه رجل هدیة ، فقال له : أیما أحب إلیک ، أن أرد علیک بدلها عشرین ضعفا - یعنی عشرین ألف درهم - أو أفتح لک بابا من العلم تقهر فلانا الناصبی فی قریتک وتنقذ به ضعفاء أهل قریتک؟ إن أحسنت الاختیار ، جمعت لک الأمرین ، وإن أسأت الاختیار خیرتک لتأخذ أیهما شئت.

فقال : یا بن رسول الله ، فثوابی فی قهری ذلک الناصبی واستنقاذی لأولئک الضعفاء من یده قدره عشرون ألف درهم؟!

قال علیه السلام : أکثر من الدنیا عشرین ألف مرة.

قال الرجل : یا بن رسول الله ، فکیف أختار الأدون ، بل الأفضل الکلمة التی أقهر بها عدو الله وأذوده عن أولیائه.

فقال الحسن بن علی علیهما السلام : قد أحسنت الاختیار ; وعلمه الکلمة ، وأعطاه عشرین ألف درهم.

فذهب فأفحم الرحل ، فاتصل خبره به ، فقال له حین حضر معه : یا عبد الله ، ما ربح أحد مثل ربحک ، ولا اکتسب أحد من الأوداء مثل ما اکتسبت مودة الله أولا ، ومودة محمد وعلی ثانیا ، ومودة الطیبین من آلهما ثالثا ، ومودة ملائکة الله تعالی المقربین رابعا ، وإخوانک المؤمنین خامسا ، واکتسب بعدد

ص: 283

کل مؤمن وکافر ما هو أفضل من الدنیا ألف مرة ، فهنیئا لک هنیئا.

وفی النهایة مطافی هذا ، إن کان لا بد لی من کلمة أن أقولها فهی الدعاء للناظم والشارح ، سائلا المولی أن یتغمدهما الفسیح من جنته ، ویجزیهما عن عملهما هذا فی یوم لا ینفع مال ولا بنون أفضل وأکمل وأوفی جزاء.

ترجمة الناظم :

هو السید محمد باقر ابن الحجة المیرزا أبی القاسم ابن العلامة السید حسن ابن المجاهد الکبیر المیر السید محمد ابن الزعیم الأکبر المیر السید علی - صاحب الریاض - ابن السید علی ابن السید أبی المعالی الصغیر ابن السید أبی المعالی الکبیر ابن السید عبد الکریم الطباطبائی.

کان - عطر الله ثراه - إماما فی العلم ، هماما ، بذل فی استنباط الأحکام همة عالیة حتی أوصلته إلی ذروة الاجتهاد ، مجدا تمام الجد ، لم یصرف أوقاته إلا فی درس أو تدریس أو نظم فی فنون العلم.

درس علی فطاحل عصره وعلماء زمانه أمثال : والده الحجة أبو القاسم ، والمیرزا حبیب الله الرشتی ، والأردکانی ، رحمهم الله تعالی جمیعا ، فشهد له الجمیع بتفوقه وعلو همته ، سلک مسلک أسلافه الکرام فی التألیف والکتابة ، فقد نظم الأراجیز وکتب فی بعض الأحکام الشرعیة.

فمن مؤلفاته :

قطعة فی الزکاة ، ورسالة فی الحجر ، ورسالة فی منجزات المریض.

ومن منظوماته :

منظومة فی علم الکلام ، وأخری فی باقی الصلاة من منظومة جده لأمه العلامة الأکبر السید بحر العلوم - طیب الله ثراه - ، ومنظومة فی الأخلاق ، ومنظومة فی الأطعمة والأشربة ، وهذه المنظومة المسماة «بالشهاب الثاقب» فی الإمامة والولایة.

ص: 284

ومما تجدر الإشارة إلیه من أن السبب الحقیقی لنظم هذه الأرجوزة هو :

إن السید - رحمه الله تعالی - سافر مع والده الحجة - قدس الله سره - للتشرف بزیارة الإمامین الکاظمین علیهما السلام ، فاجتمعت عندهما جماعة من العلماء والوجهاء والأعیان من بلدتی الکاظمیة وبغداد ، فکان حدیثهم حول أحد علماء العامة الذی تعرض بالطعن والتهجم علی عقائد الشیعة الإمامیة ، دون حجة ولا دلیل ، فکان أن طلبوا من سماحة السید الحجة - رحمه الله تعالی - تولی مسؤولیة الرد علی هذا الرجل ، فأمر السید الحجة ولده بالرد علیه ، فرد علیه بهذه الأبیات الرائعة ، فکان نتاجه هذه الدرة الثمینة فی إثبات الإمامة والولایة لأهل البیت سلام الله علیهم أجمعین.

ترجمة الشارح :

هو الشیخ محسن ابن الشیخ شریف ابن الشیخ عبد الحسین ابن شیخ الطائفة الشیخ محمد حسن - صاحب «جواهر الکلام» - عطر الله مراقدهم الزکیة.

ولد - قدس الله سره - فی النجف الأشرف فی اللیلة الخامسة من شهر رمضان المبارک لسنة 1295 ه.

نشأ وترعرع رهن رعایة والده العلامة - رحمه الله تعالی - حیث بانت علی محیاه طلائع الفطنة والذکاء ، وصفاء الذهن والقریحة منذ نعومة أظفاره ، فقد کان - رحمه الله تعالی - عالی الهمة ، مجدا مثابرا علی مواصلة الدرس والتحصیل ، فأصبح مضرب المثل لعصره فی إحراز فضیلتی الذکاء والجد فی مواصلة الدراسة ، حتی أشیر إلیه بالبنان من بین أولی الفضل والعلم بالتفوق والتقدم.

وبعد انتهائه من المقدمات التمهیدیة درس فی أول أمره علی العلامة الشیخ عبد الحسین آل الشیخ أسد الله الکاظمی ، ثم درس بعد ذلک علی

ص: 285

الحجة السید علی الشرع ، والشیخ علی ابن الشیخ باقر آل صاحب الجواهر. کما حضر دروس الحکمة والکلام علی أحد العلماء الأتراک ، وأخیرا حضر علی علماء عصره ، أمثال : الحجة العلم شیخ الشریعة الأصفهانی ، والمیرزا النائینی رحمهما الله تعالی ، حتی حاز علی مرتبة الاجتهاد وبشهادة علماء عصره.

لم یقف - قدس الله سره - عند علمی الفقه والأصول کما هو متعارف عند طلبة العلوم الدینیة ، بل تجاوزهما بعد أن حصل علی بغیته المنشودة منهما إلی بقیة المجالات العلمیة والأدبیة من : الحکمة ، والکلام ، والأدب ، والتأریخ ، والنقد ، والعقیدة ، وغیر ذلک من العلوم.

کان - رحمه الله تعالی - واسع الصدر ، حسن الخلق ، رؤوفا بالضعیف ، ناصرا للمظلوم ، شدیدا علی الظالم ، لا یجامل ولا یداهن ، فی غایة الترسل والتواضع فی کافة مجالات حیاته ، مبغضا للشهرة ، والدلیل علی ذلک عندما شرح هذه المنظومة - الشهاب الثاقب - أبی أن یوضع اسمه مقترنا بما یشیر إلیه بالفضیلة والعلم ، وإلیک - عزیزی القارئ الکریم - نص العبارة التی وضعت علی شرح هذه الأرجوزة : «شرح بعض ألفاظها أقل الطلاب محسن» راجع الصفحة الأخیرة من شرح المنظومة.

کان - رحمه الله تعالی - شدید البأس حازما قویا علی کل من یتعرض للإسلام بأی تعریض ، فعندما اندلعت الحرب العالمیة الأولی ، کان من الرعیل الأول الذی لبی نداء الحق للدفاع عن الإسلام ، فغادر النجف بمن أطاعه من المسلمین نحو قاعدة الجیش الإسلامی - الشعیبة - وهناک التقی بالقائد الأعلی سماحة آیة الله السید الحبوبی - طاب ثراه - فانظم إلیه واستظل بلوائه ، فظهرت له فی ذلک الموقف آراء وآثار أعربت عن کفاءته وبسالته وتفانیه فی نصرة الدین الإسلامی الحنیف.

توفی - رحمه الله تعالی - لیلة الخمیس الخامس عشر من ذی القعدة الحرام لسنة 1355 ه فی مدینة البصرة ، أثناء رجوعه من الأهواز إلی النجف ،

ص: 286

فعطلت فی ذلک الیوم الأسواق ، ومشی فی تشییعه سائر الناس ومن شتی الطبقات إلی خارج البلد ، وعرفت بوفاته سائر المدن العراقیة کالسماوة ، والرمیثة ، والحمزة ، والدیوانیة ، فاستفبلت جثمانه الزکی بالأعلام ومواکب العزاء ، کما استقبلته مدینة النجف الأشرف بعلمائها وساداتها وعلی عدة کیلومترات بالحزن والأسی. وهکذا ثوی الجثمان الزکی یعلوه الإجلال والإکبار حتی حل مثواه الأخیر فی مقبرة الشیخ صاحب الجواهر - طیب الله ثراه -.

آثاره العلمیة :

کان - رحمه الله تعالی - شغوفا وولوعا بالکتابة والتألیف والبحث ، ولذا فقد کان نتاجه کثیرا ، ازدانت به المکتبة الإسلامیة ، وأصبح طلبة الدارسین والقراء ، ومن تلک المؤلفات :

1 - نهج السداد فی شرح نجاة العباد.

لشیخ الطائفة صاحب الجواهر - طاب ثراه - ببسط وتفصیل واستیفاء للأدلة والأقوال واختیار المختار ، وبأسلوب فی غایة المتانة وقوة الحجة ، اطلع علیه آیة الله العظمی النائینی - قدس الله سره - فأعاده إلیه مرفقا بشهادته القیمة.

2 - الفرائد الغوالی علی شواهد الأمالی للسید المرتضی.

هو موسوعة کبری استوفت مختلف العلوم من التفسیر واللغة والأدب والتاریخ والنقد ، تقع فی أکثر من عشرین جزءا ، طبع منها ثمانیة أجزاء والبقیة لا تزال مخطوطة.

3 - فرائد الغرر.

فی إثبات الأئمة الاثنی عشر صلوات الله علیهم أجمعین من طریق النص والأثر ، علی نهج فرید من نوعه ، ویقع فی أربعة أجزاء.

ص: 287

4 - شرح منظومة الشهاب الثاقب.

للسید العلامة الحجة الطباطبائی - رحمه الله - فی الإمامة ، وإثبات الولایة لأهل البیت علیهم السلام ، وهی الرسالة الماثلة بین یدی القارئ الکریم.

5 - رسالة فی علم الکلام وما یجب اعتقاده علی الأنام.

6 - شرح دیوان ابن الخیاط الدمشقی.

7 - منظومة فی المواریث وشرحها.

8 - منظومة فی علم الکلام.

9 - منظومة فی علم التجوید والقراءة وشرحها.

10 - الدر الحسان فی أنباء أبناء الزمان.

وهی رحلته - رحمه الله تعالی - التی استهلها من النجف الأشرف إلی البحرین بذکر مشاهداته فی تلک المراحل ، وقد أحسن فیها - قدس سره - ما شاء له الإحسان.

11 - کتاب الأدعیة والأحراز وآثاراها.

12 - تعلیقة علی شرح النهج فی الرد علی ابن أبی الحدید المعتزلی.

13 - تعلیقة علی الکفایة.

14 - تعلیقة علی الفصول المختارة.

15 - نقض إرشاد العوام لکریم خان.

شرع فیه قبل وفاته بقلیل ، ولم یمهله الأجل لإتمامه.

16 - دیوان شعره.

منهجیة التحقیق :

عندما عزمت علی تحقیق هذا الأثر النفیس ، والسفر الخالد ، حاولت استکمال ما أمکننی من الحلقات الخاصة بإنجاز هذا العمل بالصورة اللائقة به.

ص: 288

فبعد أن توفر لدی الأصل المطبوع لهذه المنظومة ، مع المخطوطة الوحیدة المتوفرة له ، والتی تم الحصول علیها من مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، وهی من مخطوطات مکتبة الروضة الرضویة المقدسة ، والمرقمة برقم 5435 ، حیث تفضلت هذه المؤسسة المعطاءة مشکورة جزیل الشکر بتزویدنا بالمخطوطة.

وبعد أن علم السید محمد رضا الحسینی الجلالی - حفظه الله ورعاه - بأن شارح هذه المنظومة الشیخ محسن آل صاحب الجواهر هو جدی لأبی ، بادر سماحته مشکورا بتزویدنا بهذا الشرح فکان ذلک من العوامل المهمة التی حفزتنی علی المثابرة والجد فی إتمام هذا العمل.

أقول :

بعد أن توفرت بحوزتی هذه النسخ ، عمدت بعد التوکل والاستعانة بالله تبارک وتعالی علی إنجاز هذا العمل ، وتقدیمه بالشکل الذی یتناسب ومکانته العلمیة الکبیرة ، فکانت الأعمال التی أنجزت علیها لإخراجها بهذه الصورة - سائلا المولی العلی القدیر أن تنال استحسان الجمیع - هی :

1 - مقابلة الأصل المطبوع - والذی رمزنا له بالحرم «م» - مع النسخة المخطوطة ، وهی النسخة الوحیدة التی حصلت علیها إذ لم أوفق فی الحصول علی غیرها رغم بحثی واستقصائی المستمرین فی المکتبات العامة والخاصة التی استطعت الوصول إلیها ، وقد رمزنا لها بالحرف «ن».

2 - حاولت قدر الإمکان ضبط الأبیات الشعریة وتفسیر المفردات اللغویة التی قد یصعب علی البعض تفسیرها.

3 - قمت بترقیم جمیع أبیات المنظومة تسهیلا للقارئ والباحث ، ووسیلة للربط بینها وبین الشرح الملحق بها ، علما أن الشرح المستحصل قد سقطت منه الصفحتان الأولیان وشرع من البیت التاسع کما هو واضح للقارئ.

4 - عمدت إلی تخریج الآیات والروایات والأخبار وبعض التراجم التی أشار إلیها الناظم من خلال أبیات منظومته الشعریة.

ص: 289

5 - رتبت الشرح الخاص بالمنظومة حسب تسلسل الأبیات الشعریة المشروحة.

6 - قمت بضبط نص الشرح وتصحیح الأخطاء المطبعیة ، وضبط الآیات القرآنیة الواردة فی الشرح وإعرابها.

وفی الختام لا بد من کلمة تقال بأن الجهد الذی بذلته فی إنجاز هذا العمل هو ما مکننی الله تعالی علیه ، إلا أنی لا أبرئ عملی من الخطأ والسهو والنسیان ، لأن التمام والکمال لله تبارک وتعالی وحده ، ولذا فإنی أستمیح سادتی وأساتذتی وإخوانی الکرام العفو والعذر عند الزلات ، والمسامحة عند العثرات ، والله تعالی هو الموفق للصواب.

المحطة الأخیرة :

وأخیرا فإنی أجد لزاما علی واعترافا منی بالجمیل أن أتقدم بوافر شکری وعظیم امتنانی إلی مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، المعین المعطاء الذی لا ینضب ، فقد کان لهذه المؤسسة الفضل الأکبر فی إنجاز هذا العمل وإخراجه بهذه الحلة القشیبة ، حیث کانت أبواب مکتبتها العامرة مشرعة أمامی حتی فی أیام العطل الرسمیة ، کما وأشکرها لإتاحتها لی هذه الفرصة لأن أخوض هذه التجربة فی میدان العمل التحقیقی ، وأخص بالذکر عمیدها سماحة السید جواد الشهرستانی - حفظه الله ورعاه - الذی شجعنی لأن أسلک هذا الطریق الذی کانت ثمرته هذا النتاج المتواضع.

کما وأشکر کلا من سماحة السید محمد رضا الحسینی الجلالی ، وأخی وزمیلی سماحة الشیخ کاظم الجواهری - حفظهما الله ورعاهما - علی ما بذلاه معی من جهد مخلص فی تصویر واستحصال النسخ المطبوعة والشرح المتعلق بعملی هذا.

ص: 290

ولا یفوتنی أن أتقدم بشکری الجزیل وثنائی الجمیل إلی الأستاذ المحقق الفاضل الأخ علاء آل جعفر وذلک لإشرافه المباشر علی عملی هذا ، ولما أسدی إلی من التوجیهات القیمة ، متمنیا للجمیع التوفیق والسؤدد والعمل الدائب فی خدمة تراث أهل البیت صلوات الله علیهم أجمعین.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی محمد وعلی آله الطیبین الطاهرین.

إحسان الجواهری

مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث

عید الغدیر الأغر

18 ذی الحجة 1414 ه

ص: 291

صورة

ص: 292

صورة

ص: 293

[الشهاب الثاقب]

بسم الله الرحمن الرحیم

[1] أحمد من أنطقنی بحمده

وألهم الجنان شکر رفده

[2] أحمد من وفقنی بحمده

وقادنی إلی سبیل رشده (1)

[3] شکرا وأنی لی بلوغ ما وجب

من شکره والشکر للشکر سبب

[4] مصلیا علی النبی المرسل

مدینة العلم وبابها علی (2)

[5] وأهل بیت الوحی والتنزیل

ومعدن الحکمة والتأویل (3)

[6] وبعد فالشریف أما وأبا

الفاطمی من بنی طباطبا

[7] یتلو علیک ما عن المختار

مضمون ما شاع (4) من الأخبار

[8] تفترق الأمة بعد ما ضحی

ظل النبی فرقا لن تبرحا

====

5. فی نسخة «م» : ما ذاع.

ص: 294


1- 1. لم یرد البیت فی نسخة «ن».
2- 2. إشارة إلی حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «أنا مدینة العلم وعلی بابها ، فمن أراد العلم فلیأت الباب».
3- أنظر : مستدرک الصحیحین 3 / 3. تاریخ بغداد 4 / 384 ، تاریخ دمشق - ترجمة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام 2 / 464 ، أسد الغابة 4 / 22 ، البدایة والنهایة 7 / 358 ، کفایة الطالب : 220 ، الریاض النضرة 3 / 159 ، تذکرة الخواص : 15 ، مجمع الزوائد 9 / 114 ، کنز العمال 11 / 600 ح 32980 ، ذخائر العقبی : 77 ، الصواعق المحرقة : 189 ح 9.
4- 4. الخصال : 432 ح 14 ، بصائر الدرجات : 76 - 78 ، الریاض النضرة 3 / 169 ، المناقب - لابن المغازلی - : 288.

[9] واحدة ناجیة والباقیه

هالکة وفی الجحیم هاویه (1)

______________________________________________________

[9] ... ابن سلیمان ، وتفسیر ابن جریج ، وتفسیر قتادة وتفسیر أبی عبیدة القاسم بن سلام ، وتفسیر علی بن حرب ، وتفسیر السدی ، وتفسیر مجاهد ، وتفسیر مقاتل بن حیان ، وتفسیر أبی صالح ، وکلهم من أعلام أهل السنة والجماعة ، کما نقله المحدث الشیخ یوسف - قدس سره - ، أنهم رووا جمیعا فی هذه التفاسیر عن أنس ابن مالک قال : کنا جلوسا عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فتذاکرنا رجلا یصلی ویصوم ، ویتصدق ویزکی ، فقال لنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : لا أعرفه.

فقلنا : یا رسول الله ، إنه یعبد الله ویسبحه ، ویقدسه ویهلله!

فقال : لا أعرفه.

فبینما نحن فی ذکر الرجل إذ طلع علینا ، فقلنا : یا رسول الله! هو ذا ، فنظر إلیه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقال لأبی بکر : خذ سیفی هذا وامض إلی هذا الرجل واضرب عنقه ، فإنه یجئ فی حزب الشیطان.

فدخل أبو بکر المسجد فرآه راکعا فقال : والله لا أقتله ، فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم نهانا عن قتل المصلین.

فرجع إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال : یا رسول الله ، إنی وجدت الرجل راکعا ، وأنت نهیتنا عن قتل المصلین الراکعین.

فقال : رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : اجلس ، فلست بصاحبه.

ثم قال : قم یا عمر ، فخذ سیفی من ید أبی بکر وادخل المسجد واضرب

ص: 295


1- 1. الخصال : 585 ح 10 ، أمالی الطوسی 2 / 137 ، معانی الأخبار : 323 باختلاف یسیر ، مسند أحمد 3 / 145 ، سنن ابن ماجة 2 / 1322 ح 3992 و 3993 ، سنن أبی داود 4 / 198 ح 4597 ، صحیح الترمذی 5 / 26 ح 2641.

........................................................................

______________________________________________________

عنقه.

قال عمر : فأخذت السیف من ید أبی بکر ودخلت المسجد ، فرأیت الرجل ساجدا ، فقلت : والله لا أقتله ، فقد استأذنه من هو خیر منی ، فرجعت إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقلت : یا رسول الله ، إنی وجدت الرجل ساجدا.

فقال : اجلس ، فلست بصاحبه. قم یا علی ، فإنک قاتله ، فإن وجدته فاقتله ، فإنک إن قتلته لم یبق بین أمتی اختلاف أبدا.

قال علی علیه السلام : فأخذت السیف ودخلت المسجد فلم أره ، فرجعت إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقلت : یا رسول الله ، ما رأیته.

فقال : یا أبا الحسن ، إن أمة موسی علیه السلام افترقت علی أحد وسبعین فرقة ، فرقة ناجیة والباقون فی النار ، وإن أمة عیسی علیه السلام افترقت علی اثنین وسبعین فرقة ، فرقة ناجیة والباقون فی النار ، وستفترق أمة محمد علی ثلاث وسبعین فرقة ، فرقة ناجیة والباقون فی النار.

فقلت : یا رسول الله فمن الفرقة الناجیة؟

قال : المتمسک بها أنت وأصحابک ... إلی آخره.

وقد رواه أصحابنا أیضا بعدة أسانید هکذا :

قال صلی الله علیه وآله : افترقت أمة موسی علیه السلام علی أحد وسبعین فرقة ، کلها فی النار إلا واحدة ، وهی التی اتبعت خلیفته یوشع بن نون ، وافترقت أمة عیسی علیه السلام علی اثنین وسبعین فرقة ، کلها فی النار إلا واحدة ، وهی التی اتبعت وصیه شمعون ، وستفترق أمتی علی ثلاث وسبعین فرقة ، کلها فی النار إلا واحدة ، وهی التی تتبع وصیی علیا.

ص: 296

........................................................................

______________________________________________________

وقد استشکلت دلالة الخبر من وجوه :

أحدها : استعمال (السین) الدالة علی قرب وقوع مدخولها ، والخلاف والتفرق إنما حصل بعد مدة طویلة.

وهذا لیس بشئ ، لأن کل ما هو آت قریب إذا کان محقق الحصول ، علی أن من نظر بعین البصیرة إلی العالم الدنیوی ، وقاسه إلی العالم الأخروی ، لم یکن جمیع عمر الدنیا من أوله إلی آخره إلا بمنزلة اللحظة أو أقصر.

وثانیها : من حیث العدد ، لأنه إن حمل علی أصول المذاهب فهی أقل من العدد ، وإن حمل علی فروعها فهی أکثر منه.

وتدفعه إرادة افتراقها فی العقائد ، فإنها تزید علی العدد المذکور ، کما ضبطه کثیر ممن عنی بذلک ، وبعد رد بعضها إلی بعض یتم العدد المذکور ، إذ لا شبهة فی أن معتقد بعض الفرق لا یوجب الخروج عن مذهب الأخری ، وإن خالفت عقائدها بخلاف بعض الفرق الأخر ، فإنها توجب الخروج عنها ، علی أنه یجوز أن یکون بین الأصول مخالفة تبلغ هذا العدد ، أو أنها بلغت فی وقت من الأوقات ذلک ثم زادت أو نقصت ، أو أن البعض أخفی أصل مذهبه لقیام الضرورة من الدین علی خلافه.

وثالثها : ما یقال من أن المراد إن کان الخلود فیها ، فهو خلاف الإجماع لأن المؤمن لا یخلد ، وإن أرید مجرد الدخول ، فهو مشترک لوجود العصاة فی الکل.

وفیه : إن إجماع أهل البیت علیهم السلام علی خلافه ، لجواز کون معصیة الناجیة مغفورة ، بل الروایات عن أهل البیت علیهم السلام فی هذا کثیرة.

ص: 297

[10] سمعا لما أقول یا عمرو فما

تقول فی آل النبی الکرما

[11] هل هلکوا؟! أستغفر الله وقد

قام لفسطاط الهدی بهم عمد

[12] لا بل نجوا فمن عداهم هلکوا

وقد نجا الأولی بهم تمسکوا

[13] ونحن ممن بهم تمسکا

ولم یزل بحبلهم مستمسکا

[14] وقد أخذنا قولهم ففزنا

وعن سوی آل النبی جزنا

[15] متخذین مذهب الأطائب

من آله لا سائر المذاهب

[16] فمذهب الصادق خیر مذهب

وهو وبیت الله أولی بالنبی

(1)وأسقط الخصم السقیط فی یده

واستهدف السهم صمیم کبده

[18] عند انضمام ما أتی من الأثر

ضمن حدیث الثقلین المعتبر (2)

[19] ما إن تمسکتم بعترة الهدی

وبالکتاب لن تضلوا أبدا

[20] فمن تراه ترک التمسکا

بهم ففی نهج الضلال سلکا

______________________________________________________

[17] یقال : سقط فی یده ، وأسقط فی یده - بالبناء للمجهول - ، ومنع أبو عمرو الثانی. وعلی أی حال فمعناه : تحیر وتوقف لاحتیاج خروجه عن دلالة هذا الخبر المتواتر إلی تعسف وتکلف کما لا یخفی علی من راجع کلماتهم.

وقد صرح التفتازانی بأنه لا معنی للتمسک بالکتاب إلا الأخذ بما فیه ، وکذا العترة علیهم السلام ... إلی آخره.

ص: 298


1- یقال : سقط فی یده ، وأسقط فی یده - بالبناء للمجهول - ، ومنع أبو عمرو الثانی. وعلی أی حال فمعناه : تحیر وتوقف لاحتیاج خروجه عن دلالة هذا الخبر المتواتر إلی تعسف وتکلف کما لا یخفی علی من راجع کلماتهم. وقد صرح التفتازانی بأنه لا معنی للتمسک بالکتاب إلا الأخذ بما فیه ، وکذا العترة علیهم السلام ... إلی آخره.
2- 1. أنظر : مسند أحمد 4 / 367 ، 3 / 17 و 26 و 59. صحیح مسلم 4 / 1873 ح 1. صحیح الترمذی 5 / 663 ح 3788 ، المعجم الکبیر للطبرانی - 5 / ح 4921 و 4923 و 4980 - 4982 ، سنن البیهقی 2 / 148 ، سنن الدارمی 2 / 431 - 432 ، مسند أبی یعلی 2 / 297 ، مشکل الآثار 4 / 368 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 148 ، حلیة الأولیاء 1 / 355 ، تاریخ بغداد 8 / 448 ، أسد الغابة 2 / 12 ، فیض القدیر 3 / 14 ، فضائل الخمسة 2 / 61.

[21] وشیعة الطهر أبی السبطین

مولای بعد سید الکونین (1)

[22] تمسکوا بآله الأطیاب

تمسک الأمة بالکتاب

[23] فاتخذوهم کالکتاب حججا

ومن رآهم حججا فقد نجا

[24] وهو التمسک الذی به أمر

فی الخبر المذکور سید البشر (2)

[25] إذ هو فعل واحد أضیفا

إلیهما معا فلا تحیفا

(3)وإن فی التمثیل بالسفینه

دلالة واضحة مبینه (4)

______________________________________________________

[26] الحدیث المذکور رواه مسلم فی صحیحه ، وأحمد فی مسنده ، والحاکم فی مستدرکه ، والسیوطی عن أبی ذر والبزاز عن ابن عباس وابن الزبیر ، وابن المغازلی عن أبی ذر وابن عباس والأکوع وسعید بن المسیب ، وصاحب کتاب «شرف النبی» ، والسیوطی أیضا عن ابن عباس ، وابن عدی ، وابن عساکر عن أبی الطفیل : أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال : «مثل أهل بیتی فیکم مثل سفینة نوح ، من رکبها نجا ، ومن تخلف عنها هلک».

====

4. إشارة إلی حدیث رسول صلی الله علیه وآله وسلم : «مثل أهل بیتی کمثل سفینة نوح من رکبها نجا ...».

أنظر : تاریخ بغداد 12 / 5. حلیة الأولیاء 4 / 306 ، المستدرک علی الصحیحین 2 / 343 ، ذخائر العقبی : 20 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، الخصائص الکبری - للسیوطی - 2 / 266 ، المناقب - لابن المغازلی - : 132 - 134.

ص: 299


1- 1. أنظر : المستدرک علی الصحیحین 3 / 125 ، خصائص النسائی : 28 ، أسد الغابة 3 / 589 - 590 ، فضائل الخمسة 3 / 125.
2- 2. أکدت الأحادیث الواردة فی الصحاح وکتب العامة علی أن أمیر المؤمنین علیه السلام هو سید العرب وسید المسلمین ، حیث وردت هذه الأحادیث عن لسان النبی الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم : «أنا سید ولد آدم ، وعلی سید العرب» ، «إنه سید المسلمین ، وإمام المتقین ، وقائد الغر المحجلین» وغیرها.
3- الحدیث المذکور رواه مسلم فی صحیحه ، وأحمد فی مسنده ، والحاکم فی مستدرکه ، والسیوطی عن أبی ذر والبزاز عن ابن عباس وابن الزبیر ، وابن المغازلی عن أبی ذر وابن عباس والأکوع وسعید بن المسیب ، وصاحب کتاب «شرف النبی» ، والسیوطی أیضا عن ابن عباس ، وابن عدی ، وابن عساکر عن أبی الطفیل : أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال : «مثل أهل بیتی فیکم مثل سفینة نوح ، من رکبها نجا ، ومن تخلف عنها هلک».
4- أنظر : المستدرک علی الصحیحین 3 / 124 و 3. حلیة الأولیاء 1 / 63 و 66 ، وج 5 / 48 ، تاریخ بغداد 1 / 89 ، مجمع الزوائد 9 / 116.

[27] وهل تری یزعم من تخلفا

أنی تمسکت بآل المصطفی

[28] وهم تآمروا علیهم بلا

أمر من الله وأنکروا الولا

[29] وقیل : بل هم ظلموا واغتصبوا

تراثهم وللخلاف ارتکبوا

[30] فانقلبوا به علی أعقابهم

والذکر قد أخبر بانقلابهم (1)

[31] وأغضبوا البتول فیما صنعوا

کأنهم نص الأذی لم یسمعوا (2)

[32] وظلم حرب بعدهم آل النبی

أبدی الذی أخفوه تحت الحجب

(3)فذلک الظلم ورب الحرم

شنشنة أعرفها من أخزم

______________________________________________________

وفی روایة : «غرق».

وقال الطیبی فی شرح المشکاة : شبه الدنیا بما فیها من الکفر والضلالات والبدع والأهواء الزائغة ببحر لجی ، یغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ، ظلمات بعضها فوق بعض ، وقد أحاط بأکناف الأرض کلها ، ولیس منها خلاص ولا مناص إلا بتلک السفینة.

[33] هذا مثل قاله أبو أخزم الطائی جد حاتم أو جد جده ، مات ابنه أخزم وترک بنین فوثب ولده علی جدهم فأدموه ، فقال :

====

أنظر / مسند أحمد 4 / 3. صحیح البخاری 7 / 47 ، صحیح مسلم 4 / 1903 ، سنن ابن ماجة 1 / 643 ح 1998 ، سنن البیهقی 7 / 307 ، المعجم الکبیر - للطبرانی - 22 / 404 ح 1010 - 1013 ، خصائص النسائی : 146 ، تهذیب التهذیب 12 / 441 - 442 ، أسد الغابة 5 / 522 ، ذخائر العقبی : 39 ، المناقب - لابن المغازلی - : 132 ، فیض القدیر 4 / 421 ح 5833 - 5835.

ص: 300


1- 1. إشارة إلی قوله تعالی : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علی أعقابکم ومن ینقلب علی عقبیه فلن یضر الله شیئا وسیجزی الله الشاکرین ) سورة آل عمران ، الآیة 144.
2- 2. إشارة إلی قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «فاطمة بضعة منی ، یریبنی ما رابها ، ویؤذینی ما آذاها».
3- هذا مثل قاله أبو أخزم الطائی جد حاتم أو جد جده ، مات ابنه أخزم وترک بنین فوثب ولده علی جدهم فأدموه ، فقال :

[34] قد أخذوه خلفا عن سلف (1)

لیطفئوا نور الذی لا ینطفی

[35] لکننی لم أذکرن ما ذکروا

وکم معی غیری ممن أنکروا

[36] فإنهم أصحاب سید البشر

وفیهم الإسلام شید واعتمر (2)

[37] هم صدقوا طه بما جاء به

ومن تری أصدق من أصحابه

[38] وهم لهم مواقف لم تنکر

فی أحد بدر حنین خیبر

[39] فمن بعهد الله منهم وفی

نال الرضا منه وحاز الشرفا

(3)وما لنا داع لأن نخوض فی

حدیثهم غیر حدیث الشرف

______________________________________________________

إن بنی زملونی بالدم

من یلق آساد الرجال یکلم

ومن یکن درء به یقوم

شنشنة أعرفهما من أخزم

والشنشنة : الطبیعة والعادة ، أی أنهم أشبهوا أباهم فی طبعه وخلقه.

[40] هذا الذی ذکره - قدس سره - صرح به جماعة من أهل السنة ، وجعلوا السبب الوحید فی الإعراض عن البحث والتنقیب فی باقی الأحادیث تأدیته إلی سوء الظن بالمهاجرین والأنصار ، وقد ذکر ابن حجر فیما نسب إلیه من أبیات بعض ذلک فی خصوص أمر فدک ، فقال :

إنی أحب أمیر المؤمنین ولا

أرضی بسب أبی بکر ولا عمرا

ولا أقول إذا لم یعطیا فدکا

بنت النبی رسول الله : قد کفرا

الله أعلم ماذا یأتیان به

یوم القیامة من عذر إذا اعتذرا.

وقال : محمد بن جبیر الکنانی :

أحب النبی المصطفی وابن عمه

علیا وسبطیه وفاطمة الزهرا

ص: 301


1- 1. فی نسخة «م» : خلف.
2- 2. فی نسخة «م» : واعتبر.
3- هذا الذی ذکره - قدس سره - صرح به جماعة من أهل السنة ، وجعلوا السبب الوحید فی الإعراض عن البحث والتنقیب فی باقی الأحادیث تأدیته إلی سوء الظن بالمهاجرین والأنصار ، وقد ذکر ابن حجر فیما نسب إلیه من أبیات بعض ذلک فی خصوص أمر فدک ، فقال : إنی أحب أمیر المؤمنین ولا أرضی بسب أبی بکر ولا عمرا ولا أقول إذا لم یعطیا فدکا بنت النبی رسول الله : قد کفرا الله أعلم ماذا یأتیان به یوم القیامة من عذر إذا اعتذرا. وقال : محمد بن جبیر الکنانی : أحب النبی المصطفی وابن عمه علیا وسبطیه وفاطمة الزهرا

[41] فمن جفا آل النبی واعتدی

کفاه خزیا ما یلاقیه غد

[42] وأنتم خالفتم أبا الحسن

وآله بعد النبی المؤتمن

[43] وما أخذتم منهم وعنهم

بل اتبعتم من هم دونهم

[44] حتی انتهی الأمر إلی التقلید فی

شرائع الدین القویم الحنفی

[45] قلدتم النعمان (1) أو محمد (2)

أو مالک بن أنس (3) أو أحمدا (4)

______________________________________________________

هم أهل بیت أذهب الرجس عنهم

وأطلعهم أفق الهدی أنجما زهرا

موالاتهم فرض علی کل مسلم

وحبهم أسنی الذخائر للأخری

وما أنا للصحب الکرام بمبغض

فإنی أری البغضاء فی حقهم کفرا

هم جاهدوا فی الله حق جهاده

وهم نصروا دین الهدی بالضبا نصرا.

====

5. أحمد : وهو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدریس بن عبد الله بن حیان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شیبان بن ذهل بن ثعلبة بن عکابة بن صعب ابن علی بن بکر بن وائل الذهلی الشیبانی المروزی ، ویکنی أبا عبد الله ، وحسب ما ذکر صاحب سیر أعلام النبلاء أنه ولد فی ربیع الأول سنة 164 ه.

ص: 302


1- 1. النعمان : هو أبو حنیفة النعمان بن ثابت بن زوطی التمیمی الکوفی ، مولی بنی تیم الله بن ثعلبة یقال إنه من أبناء فارس ... وهو صاحب المذهب الحنفی ، ولد سنة 80 ه ، وتوفی سنة 150 ه فی بغداد ودفن هناک.
2- 2. محمد : هو محمد بن إدریس بن العباس بن عثمان بن شافع بن سائب بن عبید بن عبد یزید ابن هاشم بن عبد المطلب بن مناف بن قصی بن کلاب بن مرة ... ، وهو صاحب المذهب الشافعی ، ویکنی أبا عبد الله ، ولد فی شهر رجب من سنة 150 ه = 767 م ، وتوفی فی مصر سنة 204 ه علی أثر مرض أصابه.
3- 3. مالک : هو مالک بن أنس بن مالک بن أبی عامر بن عمر بن الحارث بن غیمان بن خثیل بن عمرو بن الحارث ، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالک بن زید بن شداد بن زرعة ، وهو حمیر الأصغر الحمیری ثم الأصبحی المدنی ، حلیف بنی تیم من قریش ، ویکنی أبا عبد الله ، وهو صاحب المذهب المالکی.
4- وکان مولده علی الأصح وحسب ما ذکره صاحب أعلام النبلاء سنة 93 ه.

[46] فهل أتی الذکر به أو أوصی

به النبی أو وجدتم نصا

(1)قیل : فتحتم باب الاجتهاد

فی الدین من بعد النبی الهادی

[48] لکی تنالوا منه ما قد نلتم

وتفعلوا فی الدین ما فعلتم

(2) حتی رأیتم بلغ السیل الزبی (3)

جعلتم التقلید فیه مذهبا

______________________________________________________

إلا أنه لا یخفی علیک أن هذا لا ینفع فی مقام تعیین الفرقة الناجیة من بین الفرق لمن أهمه أمر ذلک ، ولا یکفی الجواب یوم السؤال : أنی لم أبحث عن الحال خوفا من سوء الظن بالصحابة والمهاجرین والأنصار.

[47] هذا القول ذکره صاحب «ضیاء العالمین» فی کتابه ، ولا یسع المقام نقل عبارته.

[49] بلغ السیل الزبی : هذا بعض مثل ، وتمامه : وجاوز الحزام الطبیین.

والزبی - کمدی - : جمع زبیة کمدیة ، والطبیین - بضم الطاء وسکون المفردة - یحتمل کونه مثنی طبی ، وهو حلمة الضرع من ذوات الخف والحافر والظلف ، وقد یفرق بینهما ، فتخص الأطباء بالکلبة ، والأخلاف بالناقة ، والضرع بذی الظلف.

وعلی أی حال : فیضرب عند تفاقم الأمر واشتداده کأن المرکوبة لشدة عدوها وخوفها یتجاوز حزامها إلی ما لا یجوز التجاوز إلیه ، ولشدة ضیق الأمر علی الراکب لا یلتفت إلیه ولا یصلحه.

====

أنظر : مجمع الأمثال 1 / 91.

ص: 303


1- هذا القول ذکره صاحب «ضیاء العالمین» فی کتابه ، ولا یسع المقام نقل عبارته.
2- بلغ السیل الزبی : هذا بعض مثل ، وتمامه : وجاوز الحزام الطبیین. والزبی - کمدی - : جمع زبیة کمدیة ، والطبیین - بضم الطاء وسکون المفردة - یحتمل کونه مثنی طبی ، وهو حلمة الضرع من ذوات الخف والحافر والظلف ، وقد یفرق بینهما ، فتخص الأطباء بالکلبة ، والأخلاف بالناقة ، والضرع بذی الظلف. وعلی أی حال : فیضرب عند تفاقم الأمر واشتداده کأن المرکوبة لشدة عدوها وخوفها یتجاوز حزامها إلی ما لا یجوز التجاوز إلیه ، ولشدة ضیق الأمر علی الراکب لا یلتفت إلیه ولا یصلحه.
3- 1. الزبی - جمع زبیة - : هی حفرة تحفر للأسد إذا أرید صیده ، وأصلها الرابیة لا یعلوها الماء ، فإذا بلغها السیل کان جارفا مجحفا ، وهو مثل یضرب لما جاوز الحد.

[50] ثم زعمتم أنه لن یخلدا

فی النار إلا من یلاقی أحمدا

[51] موالیا لآله الکرام

ومعرضا عن سائر الأنام

[52] وقد بنیتم فی الجنان غرفا

لما خلا شیعة آل المصطفی

[53] ففرقة هالکة والباقیة

لهم قصور فی الجنان عالیه (1)

[54] لقد نطقتم بعکس ما نطق

به النبی فی حدیث قد سبق

[55] ففاز من عند افتراق الأمة

تمسکوا بأهل بیت العصمة

(2)وإن أردت أن یبین الحال

فانظر إلی حدیث : لا تزال

[57] طائفة منهم علی الحق ولا

یضرهم خذلان من قد خذلا

______________________________________________________

[56] الحدیث المذکور رواه جماعة من علماء أهل السنة : کابن حجر وغیره ، وإن اختلفت عباراتهم ، ففی بعضها : إن لله تعالی عند کل بدعة کید بها الإسلام وأهله ولیا صالحا یذب عنه ویتکلم بعلاماته.

وفی بعضها : إن عند کل بدعة تکون من بعدی یکاد بها الإیمان ولیا من أهل بیتی موکلا به یذب عنه ، ینطق بإلهام من الله ، ویعلن الحق وینوره ، ویرد کید الکائدین ، یعبر عن الضعفاء.

وفی بعضها : فی کل خلف من أمتی عدول من أهل بیتی ینفون عن هذا الدین تحریف الغالین ، وانتحال المبطلین ، وتأویل الجاهلین ، ألا وإن أئمتکم وفدکم إلی الله عزوجل ، فانظروا من تأخذون وهذه الصفات کلها لا تنطبق إلا علی أئمتنا الاثنی عشر علیهم السلام الذین قلنا بإمامتهم ، لجمعهم صفات الکمال من العلم ، والفضل ، والزهد ، والعدالة ، کما نقلها عنهم کل من عنی بجمع أخبار الأولین ، وسلم من شائبة العصبیة والعناد ، والله ولی العباد.

ص: 304


1- 1. سبقت الإشارة إلیه فی هامش البیت رقم 9 ، فراجع.
2- الحدیث المذکور رواه جماعة من علماء أهل السنة : کابن حجر وغیره ، وإن اختلفت عباراتهم ، ففی بعضها : إن لله تعالی عند کل بدعة کید بها الإسلام وأهله ولیا صالحا یذب عنه ویتکلم بعلاماته. وفی بعضها : إن عند کل بدعة تکون من بعدی یکاد بها الإیمان ولیا من أهل بیتی موکلا به یذب عنه ، ینطق بإلهام من الله ، ویعلن الحق وینوره ، ویرد کید الکائدین ، یعبر عن الضعفاء. وفی بعضها : فی کل خلف من أمتی عدول من أهل بیتی ینفون عن هذا الدین تحریف الغالین ، وانتحال المبطلین ، وتأویل الجاهلین ، ألا وإن أئمتکم وفدکم إلی الله عزوجل ، فانظروا من تأخذون وهذه الصفات کلها لا تنطبق إلا علی أئمتنا الاثنی عشر علیهم السلام الذین قلنا بإمامتهم ، لجمعهم صفات الکمال من العلم ، والفضل ، والزهد ، والعدالة ، کما نقلها عنهم کل من عنی بجمع أخبار الأولین ، وسلم من شائبة العصبیة والعناد ، والله ولی العباد.

[58] إذ هو فی عصمة تلک الطائفه

واف فجانب ساحة المخالفه

[59] هم العباد المخلصون من بهم

قد شنف الأسماع وحی ربهم

[60] هم الأولی وفوا بعهده ولا

نعهد ذنبا منهم أو زللا

[61] وهل تری یغویهم الشیطان

وما له علیهم سلطان

[62] یا عمرو قل لمن بکفرنا حکم

أهل کفرنا نحن بالرحمن أم؟!

فصل

(1)نصب الإمام حافظ الزمام

لطف من الله علی الأنام

[64] فإنه مقرب للطاعه

وقائد الناس إلی الإطاعه

[65] واللطف واجب وإلا لانتقض

ما عاد لا لنفسه من الغرض

(2)وعن معاصیه مبعد ولا

ینهض ما سواه عنه بدلا

______________________________________________________

[63] تفصیل الدلیل المذکور : إن نصب الإمام علی الرعیة لطف ، لأن مع وجوده یکون الناس أقرب إلی فعل الواجبات ، والامتناع عن المحرمات.

ضرورة أن وجود الرئیس المهیب الملتزم بالقوانین الشرعیة موجب لالتزام أکثر الناس بطریقته وجریهم علیها ، وعند عدمه أو عدم التزامه بالشریعة یکونون أقرب إلی الفساد.

وأیضا : وجوده یمنع تعدی الناس بعضهم علی بعض ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبیع وصلوات ومساجد یذکر فیها اسم الله).

[66] حاصل هذا البیت : أنه إذا کان الناس مع وجود هذا الرئیس أقرب إلی الصلاح ، ومع عدمه هم أقرب إلی الفساد ، وجب علیه نصبه ، کما هو فی صورة الحاجة إلی وجود الآلة والقدرة والعلم ، فإنه یجب علیه إیجادها لتوقف

ص: 305


1- تفصیل الدلیل المذکور : إن نصب الإمام علی الرعیة لطف ، لأن مع وجوده یکون الناس أقرب إلی فعل الواجبات ، والامتناع عن المحرمات. ضرورة أن وجود الرئیس المهیب الملتزم بالقوانین الشرعیة موجب لالتزام أکثر الناس بطریقته وجریهم علیها ، وعند عدمه أو عدم التزامه بالشریعة یکونون أقرب إلی الفساد. وأیضا : وجوده یمنع تعدی الناس بعضهم علی بعض ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبیع وصلوات ومساجد یذکر فیها اسم الله). [66] حاصل هذا البیت : أنه إذا کان الناس مع وجود هذا الرئیس أقرب إلی الصلاح ، ومع عدمه هم أقرب إلی الفساد ، وجب علیه نصبه ، کما هو فی صورة الحاجة إلی وجود الآلة والقدرة والعلم ، فإنه یجب علیه إیجادها لتوقف
2- حاصل هذا البیت : أنه إذا کان الناس مع وجود هذا الرئیس أقرب إلی الصلاح ، ومع عدمه هم أقرب إلی الفساد ، وجب علیه نصبه ، کما هو فی صورة الحاجة إلی وجود الآلة والقدرة والعلم ، فإنه یجب علیه إیجادها لتوقف

[67] ومن نفی عن الإله الغرضا

قضی بعکس ما به الذکر قضی

[68] وحار فی تصدیق أمر الرسل

ونفی تعذیب النبی المرسل

[69] ولیک معصوما وإلا لزما

إطاعة الولی فیما حرما

______________________________________________________

غرض المکلف علیها ، لأن امتثال أوامر المکلف ونواهیه لا یکون إلا بوجودها ، فلو ترکها عد عند العقلاء ناقضا لغرضه.

واختبر نفسک فی تکالیف الموالی والعبید ، فإنه إذا کلفه وعلم أنه لا یمتثل تکلیفه إلا بفعل یفعله المکلف لا مشقة فیه علیه ، فإنه إذا لو لم یفعل ذلک عد ناقضا لغرضه ، وهو قبیح عقلا.

[69] تفصیل الکلام فی وجوب العصمة ، أن الغرض من نصب الرئیس عدم عصمة الناس وجواز صدور ما ینافی الشرع منهم ، من ترک المأمور به ، وفعل المنهی عنه ، وارتکاب القبیح ، وقمع التعدی.

ولو لم یکن معصوما ، جاز علیه جمیع ما جاز علیهم ، وتلزم مع هذا طاعته فیما یأمر به أو ینهی عنه ، وإن کان منکرا أو معروفا ، وللزم کونه أقل رعیته رتبة ، ویلزم عدم الوثوق بما أتی به من أمور الدنیا والآخرة من الأحکام ، ویجوز علیه موافقة الرعیة علی ما یأتونه من قبیح أو تعد ، فیحتاج هو أیضا إلی رئیس ، والکلام فیه کالکلام فی الأول ، فإما أن ینتهی إلی معصوم وهو المطلوب ، أو یتسلسل وهو باطل.

وقد قلت فی المنظومة فی هذا المقام :

وانف عن النبی والإمام

فی أن تمسهم ید الآثام

لأنه یوجب بعث الخلق

علی الفساد واتساع الخرق

ویلزم الناس اتباع الکاذب

إذا أتاهم بضد الواجب

أو عدم الوثوق فیما یدعی

بل کل ناقص دعا لم یسمع

ص: 306

[70] إذ لازم انتفائها نقض الغرض

فهو علی العصمة حجة نهض

[71] هذا ولو لم تحرز السلامه

فیه انتفت فوائد الإمامه

[72] والإثم لو جاز علی الإمام

لانحط رتبة عن العوام

[73] وإنه لمنکر فالمفترض

إنکاره وهو مناف للغرض

(1)وما سوی الشارع کیف یعلم

من لیس یعصی ربه ویظلم

[75] فلیس للأمة فیه ملتمس

وضل من علیهم الأمر التبس

______________________________________________________

سواءً کان ناقصاً فی خلقته

أو ناقصاً فی خلقه ونسبته

لنفرة الطباع عمّن ذکرا

وتنتفی الاغراض من خلق الوری

من قطع عذر الکافر المعاند

والعقل لا یأبی امتناع الجاحد

من لم یفکّر فی عواقب الرّدی

کیف یکون قائداً إلی الهدی؟!

(لا تنه عن خلق وتأتی مثله

إذا النبیُّ والامام قبله

ومن لم یصلح خلائقه ، لم ترض الناس طرائقه ، وکان حثّه علی الطاعة مع ارتکاب خلافها بمنزلة من رام استقامة ظلّ العود قبل أن یستقیم العود.

[74] المراد بالبیت : أنّه إذا ثبت وجوب عصمة الامام لزم تعیینه من الله سبحانه وتعالی ، لأنه العالم بالسرائر ، المطلع علی مکنونات الضمائر.

ولقد أجاد من قال :

ویکفیک من قوم شواهد أمرهم

فخذ صفوهم قبل امتحان الضمائر

فإن امتحان الناس یوحش منهم

وما لک إلا ما تری فی الظواهر

وإنک إن کشفت لم تر مخلصا

وأبدی لک التجریب خبث السرائر

ومثل الإنسان کالبطیخة ، ظاهرها مونق ، وقد یکون فی بطنها الدود والعیب ، وفی تقلبات الأحوال علم جواهر الرجال.

ص: 307


1- المراد بالبیت : أنّه إذا ثبت وجوب عصمة الامام لزم تعیینه من الله سبحانه وتعالی ، لأنه العالم بالسرائر ، المطلع علی مکنونات الضمائر. ولقد أجاد من قال : ویکفیک من قوم شواهد أمرهم فخذ صفوهم قبل امتحان الضمائر فإن امتحان الناس یوحش منهم وما لک إلا ما تری فی الظواهر وإنک إن کشفت لم تر مخلصا وأبدی لک التجریب خبث السرائر ومثل الإنسان کالبطیخة ، ظاهرها مونق ، وقد یکون فی بطنها الدود والعیب ، وفی تقلبات الأحوال علم جواهر الرجال.

...................................................................

______________________________________________________

وقد قلت فی مثل المقام فی المنظومة :

الناس شتی وهم معادن

فمنه رائن ومنه زائن

ولیست العقول بالأجسام

کلا ولا الأفهام بالأجرام

ولا الجمیل حائز للفخر

ولا القبیح فی الفجور یجری

کم ریق المنظر فی شبابه

وکامل المفخر فی انتسابه

یلف فی ثوب من الإعظام

بکفی الإجلال والإکرام

تحسبه الکامل من کل جهه

مواکب الفخر له متجهه

إذا کشفت عنه ثوبا خبرا

رأیت منه کل أمر نکرا

ومنهم الضعیف بین الخلق

المکثر الحزن القلیل الرزق

لیس له فی الناس من صدیق

یرفل فی ثوبی أسی وضیق

لیس بذی مال ولا جمال

ولا ألیف الفرش والحجال

متعه الدهر بشؤم ونکد

مرتحل من بلد إلی بلد

کأنه یذرع ساحة الفضا

ما حط إلا ساعة وقوضا

إن قرضت لحربه سن الزمن

أرهف سیف عزمه لها وسن

وضاع إن مس الخبیر خبره

کأنه فتیق مسک نشره

إلی قوله :

ولیس للناس بهذا معرفه

بحیث کانت حاله منکشفه

لذا اقتضی تعیینه للباری

لأنه العلام بالأسرار

ولو إلیهم وکلنا ذا النبأ

لاقتتلوا وافترقوا أیدی سبا

کلا تراه أخذا دلیلا

فالفیل لا یألف إلا فیلا

ص: 308

[76] فآل أمرهم إلی یزیدا

من حارب الکتاب والتوحیدا (1)

(2)بقتل سبط سید الأنام

وآله وحزبه الکرام (3)

______________________________________________________

[77] وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی قاتله : لعن الله قاتلک ، ولعن سالبک ، وأهلک الله المتآزرین علیک ، وحکم الله بینی وبین من أعان علیک.

کما رواه فرات بن إبراهیم معنعنا عن أبی عبد الله علیه السلام : وقال فیه وفی قاتل الحسن علیه السلام أیضا : «لعن الله قاتلکما ، ولعن الله من غصبکما حقکما ، ولعن الله المتآزرین علیکما».

کما فی المنتخب عن ابن عباس.

وعن أمیر المؤمنین علیه السلام ، قال : دخلت علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وعیناه تفیضان دموعا ، فقلت : یا رسول الله ، بأبی أنت وأمی ، ما لعینیک تفیض ، أأغضبک أحد؟!

قال : لا ، بل کان عندی جبرئیل علیه السلام فأخبرنی : أن الحسین یقتل بشاطئ الفرات ، وهذه قبضة من تربته أشمنیها ، فلم أملک عینی أن فاضتا ، واسم الأرض کربلا بشط الفرات التی یقتل فیها ، وکأنی أنظر إلیه وإلی مصرعه ومدفنه ، وکأنی أنظر إلی السبایا علی أقتاب المطایا ، ویهدی رأسه إلی یزید.

ثم صعد المنبر مغموما مهموما ، حزینا کئیبا باکیا ، وأصعد معه الحسن

====

راجع : تاریخ الإسلام : حوادث ووفیات سنة3. 80 ، تاریخ ابن الأثیر 4 / 46 ، کتب مقتل الحسین بن علی علیه السلام لأبی محنف ، الخوارزمی ، وغیرها من کتب التاریخ.

ص: 309


1- 1. لیس بخاف علی أحد من هو یزید بن معاویة لعنه الله وأخزاه ، وکیف کانت حیاته سلسلة متصلة من الکفر والفجور واقتراف المعاصی.
2- وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی قاتله : لعن الله قاتلک ، ولعن سالبک ، وأهلک الله المتآزرین علیک ، وحکم الله بینی وبین من أعان علیک. کما رواه فرات بن إبراهیم معنعنا عن أبی عبد الله علیه السلام : وقال فیه وفی قاتل الحسن علیه السلام أیضا : «لعن الله قاتلکما ، ولعن الله من غصبکما حقکما ، ولعن الله المتآزرین علیکما». کما فی المنتخب عن ابن عباس. وعن أمیر المؤمنین علیه السلام ، قال : دخلت علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وعیناه تفیضان دموعا ، فقلت : یا رسول الله ، بأبی أنت وأمی ، ما لعینیک تفیض ، أأغضبک أحد؟! قال : لا ، بل کان عندی جبرئیل علیه السلام فأخبرنی : أن الحسین یقتل بشاطئ الفرات ، وهذه قبضة من تربته أشمنیها ، فلم أملک عینی أن فاضتا ، واسم الأرض کربلا بشط الفرات التی یقتل فیها ، وکأنی أنظر إلیه وإلی مصرعه ومدفنه ، وکأنی أنظر إلی السبایا علی أقتاب المطایا ، ویهدی رأسه إلی یزید. ثم صعد المنبر مغموما مهموما ، حزینا کئیبا باکیا ، وأصعد معه الحسن
3- 2. إشارة إلی استشهاد الإمام الحسین بن علی بن أبی طالب علیهما السلام فی واقعة الطف سنة 61 ه وسبی عیاله وأطفاله.

[78] وهتک أهل البیت بعده فقد

سباهم من بلد إلی بلد

(1) وهتکه الدین القویم جهره

بفعله الشنیع یوم الحره (2)

______________________________________________________

والحسین ، ووضع یده الیمنی علی رأس الحسن والیسری علی رأس الحسین ، وقال : اللهم إن محمدا عبدک ورسولک ، وهذان أطائب عترتی ، وخیار أرومتی ، وأفضل ذریتی ، ومن أخلفهما فی أمتی ، وقد أخبرنی جبرئیل أن ولدی هذا مخذول مقتول بالسم ، والآخر شهید مضرج بالدم ، اللهم فبارک له فی قتله ، واجعله من سادات الشهداء ، اللهم ولا تبارک فی قاتله وخاذله وأصله حر نارک واحشره فی أسفل درک الجحیم».

قال : «فضج الناس بالبکاء والعویل ، فقال لهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم : أتبکونه ولا تنصرونه؟! اللهم فکن أنت له ولیا وناصرا.

ثم قال : یا قوم إنی مخلف فیکم الثقلین : کتاب الله ، وعترتی أهل بیتی ، ومزاج مائی ، وثمرة فؤادی ومهجتی ، لن یفترقا حتی یردا علی الحوض» ... إلی آخره.

[79] کان ذلک عند خلع أهل المدینة یزید بن معاویة ، وکان أمیر جند الشام مسلم بن عقبة المری ، أوصاه لما وجهه إلیهم : ادع القوم ثلاثا ، فإن هم أجابوک وإلا فقاتلهم ، فإذا ظهرت علیهم فأبحها ثلاثا ، فما کان فیها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام فهو للجند. ولما ظفر بهم فعل علی ما أمره.

ولما دخل المدینة أخذ البیعة علی الناس علی أنهم خول لیزید بن معاویة ، یحکم فی دمائهم وأموالهم وأهلیهم ما شاء ، وکان ذلک یوم الأربعاء سنة 63.

والحرة : أرض ذات حجارة سود نخرة ، هی بظاهر المدینة تحت واقم ، بها کانت الواقعة.

ص: 310


1- ان ذلک عند خلع أهل المدینة یزید بن معاویة ، وکان أمیر جند الشام مسلم بن عقبة المری ، أوصاه لما وجهه إلیهم : ادع القوم ثلاثا ، فإن هم أجابوک وإلا فقاتلهم ، فإذا ظهرت علیهم فأبحها ثلاثا ، فما کان فیها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام فهو للجند. ولما ظفر بهم فعل علی ما أمره. ولما دخل المدینة أخذ البیعة علی الناس علی أنهم خول لیزید بن معاویة ، یحکم فی دمائهم وأموالهم وأهلیهم ما شاء ، وکان ذلک یوم الأربعاء سنة 63. والحرة : أرض ذات حجارة سود نخرة ، هی بظاهر المدینة تحت واقم ، بها کانت الواقعة.
2- (22) حدثت وقعة الحرة یوم الأربعاء - وقیل : یوم الجمعة - لثلاث بقین من ذی الحجة من سنة 63 ه ،

(1)

.ومذ أراد الرجس هدم الکعبه

قضی برغم الأنف منه نحبه

______________________________________________________

[80] کان توجیه الجند إلی الکعبة بعد وقعة الحرة ، توجه إلیها مسلم بجنده لحرب ابن الزبیر ، وکان مسلم مریضا فمات بالمشلل قبل وصوله إلی مکة المعظمة ، واستخلف علی الجند الحصین بن نمیر ، ودامت الحرب بینهم

__________________

زمن خلافة الأمویین ، وعلی وجه التحدید فی زمن یزید بن معاویة ، حیث کانت بقیادة مسلم ابن عقبة ، وفیها انتهکت الأعراض واستبیحت الحرمات علی مرأی ومسمع من الجمیع ، فقد أبیحت المدینة المنورة لمدة ثلاثة أیام حتی افتضت فیها ألف بنت باکر من بنات المهاجرین والأنصار ، وقتل أیضا الکثیر من المهاجرین والأنصار وأبنائهم وسائر المسلمین ، ویقدر عدد الذین قتلوا ظلما وعدوانا بزهاء العشرة آلاف وسبعمائة وثمانون رجلا ، حیث لم یبق فی المدینة أی من الذین شارکوا فی وقعة بدر ، بالإضافة إلی کل هذه التعدیات والانتهاکات ، فقد کان قتل النساء والأطفال مروعا وما لا یتحمله العقل وما جاوز الحد ، بحیث کان الجندی الأموی یأخذ الطفل من محالب أمه ویرمی به نحو الحائط فینتثر دماغه وأمه تنظر إلیه.

وأمرهم المجرم بالبیعة إلی یزید علی أنهم خول وعبید ، إن شاء استرق وإن شاء أعتق ، فبایعوا یزید علی إکراه وأموالهم مسلوبة وحرماتهم مهتوکة ورحالهم منهوبة ودماؤهم مسفوکة.

وبعث المجرم ابن عقبة برؤوس أهل المدینة إلی طاغیته یزید بن معاویة ، فلما وضعت بین یدیه استشهد بالأبیات المشهورة لابن الزبعری وهو أحد شعراء العصر الجاهلی (أنظر : شعر ابن الزبعری : 42) :

لیت أشیاخی ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرن من سادتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

ثم بعد ذلک توجه المجرم ابن عقبة لقتال ابن الزبیر - وقد کان فی مکة - فهلک لعنه الله وهو فی طریقه إلیها.

وتأمر بعده الحصن بن نمیر بعهد من یزید ، فتوجه نحو مکة المکرمة ، ونصب علیها المجانیق ، وفرض علی جیشه أن یرموا عشرة آلاف صخرة فی یوم واحد علی البیت الحرام ، فحاصر الکعبة عدة أشهر ، وهی محرم الحرام وصفر وشهری ربیع الأول والثانی ، فمات الطاغیة یزید وکانت المجانیق قد أصابت الکعبة فهدمت البیت وشب فیها الحریق.

أنظر : النص والاجتهاد : 319 ، تاریخ ابن الأثیر 4 / 111 ، تاریخ الطبری 5 / 482 ، أنساب الأشراف ج 1 ق 4 ص 333.

ص: 311


1- کان توجیه الجند إلی الکعبة بعد وقعة الحرة ، توجه إلیها مسلم بجنده لحرب ابن الزبیر ، وکان مسلم مریضا فمات بالمشلل قبل وصوله إلی مکة المعظمة ، واستخلف علی الجند الحصین بن نمیر ، ودامت الحرب بینهم

[81] وکفره مذ نعب الغراب

بان وعنه انکشف الحجاب (1)

[82] وکیف لا یکفر من تمثلا

فی لعبت هاشم بالملک فلا؟! (2)

(3)ویحک هل هذا ولی الأمر

من وجبت طاعته فی الذکر

______________________________________________________

بقیة محرم وصفر من سنة 64 ، حتی إذا مضت ثلاثة أیام من ربیع الأول رموا البیت الحرام بالمجانیق وأحرقوه بالنار وهم یقولون :

خطارة مثل الفنیق المزبد

نرمی به أعواد هذا المسجد

حتی إذا أهل ربیع الثانی هلک یزید وتوادعوا ، فکان من فعله - لعنه الله - فی السنة الأولی أنه قتل الحسین علیه السلام ، وفی الثانیة أوقع وقعة الحرة ، وفی الثالثة هدم البیت.

وسیأتی إن شاء الله تعالی عند التعرض لروایة «الخلفاء بعدی اثنا عشر» ما یدلک علی أنموذج من أفعال غیره.

[83] هذا الذی ذکره السید مضمون ما ورد فی بعض الروایات عن

ص: 312


1- وهما بیتان من الشعر قالهما یزید بن معاویة لعنه الله عند وضع رأس الحسین علیه السلام ورؤوس الأصحاب من آل بیت الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، وعند دخول السبایا علیه ، فقال هذین البیتین لإظهار الشماتة والتشفی بهم : لما بدت تلک الحمول وأشرقت تلک الشموس علی ربی جیرونی نعب الغراب فقل : نح أو لا تنح فلقد قضیت من الغریم دیونی أنظر : وقعة الطف - لأبی مخنف - فی هامش الصفحة 268 ، وغیره من کتب التاریخ.
2- وهما بیتان من الشعر تمثل بهما یزید بن معاویة عند دخول السبایا إلی مجلسه ، وذلک لإظهار حقده علی بنی هاشم ، وما فعل فی ذریة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم : لعبت هاشم بالملک فلا خبر جاء ولا وحی نزل لست من خندف إن لم أنتقم من بنی أحمد ما کان فعل أنظر : وقعة الطف - لأبی محنف - فی هامش الصفحة 268 ، وغیرها من کتب التاریخ والمقاتل الحسینیة علی اختلاف طبعاتها.
3- هذا الذی ذکره السید مضمون ما ورد فی بعض الروایات عن

..............................................................................

______________________________________________________

سفیان الثوری ، أنّه قال لرجل من أهل مکّة : اذهب بنا إلی جعفر بن محمّد علیه السلام.

قال الرجل : فذهبت معه إلیه فوجدناه قد رکب دابّته.

فقال له سفیان : یا أباعبدالله ، حدّثنا بحدیث خطبة رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم فی مسجد الخیف.

قال علیه السلام : دعنی حتّی أذهب فی حاجتی فإنّی قد رکبت ، فإذا جئت حدّثتک.

فقال : أسألک بقرابتک من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما حدثتنی.

قال : فنزل ، فقال : سفیان مر لی بدواة وقرطاس حتی أثبته. فدعا به.

ثم قال : اکتب :

بسم الله الرحمن الرحیم

خطبة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی مسجد الخیف

نضر لله عبدا سمع مقالتی فوعاها ، وبلغها من لم تبلغه ، ...

ثم مر فیها إلی أن ذکر منها :

ثلاثة لا یغل علیهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصیحة لأئمة المسلمین ، واللزوم لجماعتهم.

ثم أتمها.

قال الرجل : فلما کنا فی بعض الطریق قلت لسفیان : إنه ألزمک شیئا لا ینفک من رقبتک.

قال : وما ذاک؟!

قلت : من هؤلاء الأئمة الذین یجب نصحهم ، معاویة وابنه ومروان وکل

ص: 313

[84] مقرونة بطاعة الله ومن

قام بتبلیغ الفروض والسنن

[85] وکم تولی الأمر غیر اللائق

من ملحد منافق وفاسق

[86] فانظر إلی ولیدهم کیف اعترف

بالکفر لما نصب الذکر هدف (1)

[87] یقول : قل مزقنی الولید

مستهزئا فلیخسأ العنید

______________________________________________________

من لا تجوز شهادته عندنا؟! وأی الجماعة المراد الذی أمرنا بلزومها؟!

مرجی یقول : من لم یصل ، لم یصم ، ولم یغتسل من جنابة ، وهدم الکعبة ، ونکح أمه ، فهو علی إیمان جبرئیل؟!

أو قدری یقول : لا یکون ما شاء الله ، ویکون ما شاء إبلیس؟!

أو حروری یبرأ من علی علیه السلام ویشهد علیه بالکفر.

أو جهمی یقول : إنما هی معرفة الله وحده؟!

قال سفیان : وأی شئ یقولون؟!

قلت : یقولون : علی بن أبی طالب الإمام ، والجماعة أهل بیته.

قال الرجل : خرق الکتاب وقال : اکتمها علی!

__________________

(25) إشارة إلی الولید بن یزید بن عبد الملک بن مروان بن الحکم بن أبی العاص بن أمیة بن عبد شمس بن عبد مناف.

یکنی أبا العباس ، وهو أحد الخلفاء الأمویین ، حیث بویع بالخلافة سنة خمس وعشرین ومائة ، وذلک بعد موت عمه هشام بن عبد الملک ، وقد اشتهر الولید باللهو وشرب الخمر والفسق والفجور والنساء الغانیات ، وروی عنه فی أکثر من مصدر أنه ذات یوم دعا الولید بن یزید بمصحف فلما فتحه وافق ورقة فیها الآیة الکریمة : (واستفتحوا وخاب کل جبار عنید * من ورائه جهنم ویسقی من ماء صدید). فقال لعنه الله : اسجعا سجعا! علقوه. ثم أخذ القوس والنبل فرماه حتی مزقه ، ثم قال هذین البیتین الذین استشهد بهما السید الطباطبائی - رحمه الله - علی کفره وفسوق الأمویین :

أتوعد کل جبار عنید

فها أنا ذاک جبار عنید

إذا لاقیت ربک یوم حشر

فقل لله مزقنی الولید

ومما تجدر الإشارة إلیه أنه کان یخاطب فی هذین البیتین القرآن الکریم بکل وقاحة وصلافة ،

ص: 314


1- إشارة إلی الولید بن یزید بن عبد الملک بن مروان بن الحکم بن أبی العاص بن أمیة بن عبد شمس بن عبد مناف. یکنی أبا العباس ، وهو أحد الخلفاء الأمویین ، حیث بویع بالخلافة سنة خمس وعشرین ومائة ، وذلک بعد موت عمه هشام بن عبد الملک ، وقد اشتهر الولید باللهو وشرب الخمر والفسق والفجور والنساء الغانیات ، وروی عنه فی أکثر من مصدر أنه ذات یوم دعا الولید بن یزید بمصحف فلما فتحه وافق ورقة فیها الآیة الکریمة : (واستفتحوا وخاب کل جبار عنید * من ورائه جهنم ویسقی من ماء صدید). فقال لعنه الله : اسجعا سجعا! علقوه. ثم أخذ القوس والنبل فرماه حتی مزقه ، ثم قال هذین البیتین الذین استشهد بهما السید الطباطبائی - رحمه الله - علی کفره وفسوق الأمویین : أتوعد کل جبار عنید فها أنا ذاک جبار عنید إذا لاقیت ربک یوم حشر فقل لله مزقنی الولید ومما تجدر الإشارة إلیه أنه کان یخاطب فی هذین البیتین القرآن الکریم بکل وقاحة وصلافة ،

[88] فلا وأیم الله لا یلیق

من قام للفسوق فیه سوق

[89] وقد کفانا حجة فی الرد

نص الکتاب (لا ینال عهدی) (1)

(2)فالنص فرض لازم ولیس من

فیه ادعوا نصا سوی أبی الحسن (3)

______________________________________________________

[90] البیت تفریع علی ما تقدم ، فإنه لما ثبت وجوب نصب إمام ، وأنه لا بد أن یکون معصوما ، وأن معرفة عصمته لا تکون إلا من قبل الله تعالی ، فطریق بیانه حینئذ منحصر بالنص أو بالمعجزة ، وحیث إن المعجز - ونحوه من أسباب البیان - مما یدخله الوهم ، ویحتاج ثبوته إلی تکلف ومشقة ، لأنها حینئذ تکون کابتداء نبوة ، فانحصر الطریق بالنص ، ولذا لم یتعرض - قدس سره - لغیره ، ولما سبرنا أحوال الأمة بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم وجدناهم مختلفین فی الإمام بعده :

ویبطل القول بإمامة العباس : أنه لم یدعها بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ولا ادعاها أحد له ، ولا کان لذلک فی بدء الأمر عین ولا أثر ، وإنما هو قول حدث فی أیام خلافة بنیه.

ویبطل دعوی أبی بکر : عدم الاستدلال به فی یوم السقیفة ، واستند هو

====

3. إشارة إلی قوله تعالی : (قال لا ینال عهدی الظالمین) (سورة البقرة ، آیة 124).

4. إشارة إلی حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «من کنت مولاه فعلی مولاه ...».

أنظر : مسند أحمد 4 / 5. سنن الترمذی 5 / 633 ح 3713 ، سنن ابن ماجة 1 / 45 ح 121 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 109 ، حلیة الأولیاء 4 / 23 ، البدایة والنهایة 7 / 346 - 349 ، ذخائر العقبی : 67 ، الریاض النضرة 3 / 126 ، مجمع الزوائد 9 / 103 ، خصائص النسائی : 99 ح 81 و 82 و 83 ، مصنف ابن أبی شیبة 12 / 83 ، المناقب للخوارزمی - : 99 ، المعجم الکبیر - للطبرانی - 5 / 229 ، أخبار أصبهان 1 / 107 ، الصواعق المحرقة : 188 ح 4.

ص: 315


1- وما لبث بعد هذه الحادثة إلا یسیرا إذ قتل لعنه الله سنة ست وعشرون ومائة.
2- البیت تفریع علی ما تقدم ، فإنه لما ثبت وجوب نصب إمام ، وأنه لا بد أن یکون معصوما ، وأن معرفة عصمته لا تکون إلا من قبل الله تعالی ، فطریق بیانه حینئذ منحصر بالنص أو بالمعجزة ، وحیث إن المعجز - ونحوه من أسباب البیان - مما یدخله الوهم ، ویحتاج ثبوته إلی تکلف ومشقة ، لأنها حینئذ تکون کابتداء نبوة ، فانحصر الطریق بالنص ، ولذا لم یتعرض - قدس سره - لغیره ، ولما سبرنا أحوال الأمة بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم وجدناهم مختلفین فی الإمام بعده : ویبطل القول بإمامة العباس : أنه لم یدعها بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ولا ادعاها أحد له ، ولا کان لذلک فی بدء الأمر عین ولا أثر ، وإنما هو قول حدث فی أیام خلافة بنیه. ویبطل دعوی أبی بکر : عدم الاستدلال به فی یوم السقیفة ، واستند هو
3- أنظر : الأغانی 7 / 2. أمالی المرتضی 1 / 130 ، خزانة الأدب 2 / 228.

[91] وابن أبی قحافة لکن بطل

ثبوته فیه وإلا لاستدل

[92] به وما احتاج لما لا ینجع

ولا رووا حدیث : لا تجتمع (1)

(2)وهل تری معنی للاستقالة

لو تم نص خاتم الرسالة

______________________________________________________

وأصحابه إلی قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «الخلافة فی قریش» وما یتمسک به بعضهم علی النص علیه موهون سندا ودلالة ، إذ لو کان شئ منه صادرا لکان فی استدلالهم به غنی عن ذلک الکلام ، ولکان مستندا لمن رام إثبات حق لهم فیها ، ممن تجنب العناد والعصبیة من علماء أهل السنة ، ولم یحتاجوا إلی تصحیح ذلک بالاستناد إلی الاجماع الذی لم یتم ولا یتم فی زمن من الأزمان علی أحد من الخلفاء.

والاکتفاء باجتماع کل فرقة من فرق الإسلام لا مستند لها إلا خبر واحد نقله بعضهم محرفا عن أصل الحدیث الدال علی صحة إجماع کافة فرق الإسلام فی عصر من الأعصار علی أمر من الأمور الدینیة الذی هو عندنا لأجل دخول الإمام فیهم.

[93] المراد : أنه لو کان منصوصا علیه لم یجز أن یرقی المنبر بمحضر من المسلمین ویقول : أقیلونی فلست بخیرکم وعلی فیکم ، لأن المنصوب بأمر الله عزوجل أو بأمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم لا ینخلع إلا بأمرهما وإن رضی الناس ، ولرد علیه أحد ممن حضر فقال : وما تثمر إقالتنا وأنت منصوب النبی صلی الله علیه وآله وسلم؟!

ص: 316


1- 1. إشارة إلی ما نسب إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم من الحدیث القائل : «لا تجتمع أمتی علی ضلال» ، وذلک لتبریر موقفهم من خلافة أبی بکر ، علی أن الأمة لا تجتمع علی الضلالة.
2- المراد : أنه لو کان منصوصا علیه لم یجز أن یرقی المنبر بمحضر من المسلمین ویقول : أقیلونی فلست بخیرکم وعلی فیکم ، لأن المنصوب بأمر الله عزوجل أو بأمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم لا ینخلع إلا بأمرهما وإن رضی الناس ، ولرد علیه أحد ممن حضر فقال : وما تثمر إقالتنا وأنت منصوب النبی صلی الله علیه وآله وسلم؟!

(1)أو ما رووه عن أبی حفص عمر

فی بیعة الأول فاتبع الأثر

[95] قد قال فیها : إنها لفلته (2)

لا ترجعوا لمثلها البته

[96] هذا ولیس باتفاق الأمه

صدیقهم من أهل بیت العصمه

(3)فاختص نص المصطفی خیر البشر(4)

بالمرتضی قسم طوبی وسقر (5)

______________________________________________________

[94] المراد : أنه لو کان منصوصا علیه لم یصح لعمر أن یقول فی بیعته : إن بیعة أبی بکر کانت فلتة ، أی أنها بغیر ترو ولا مشورة.

ولو کان منصوصا علیه لرد علیه المسلمون وقالوا له : إن ذلک لم یکن منا لنشاور فیه ، وإنما هو من النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، لأنه نص علیه.

[97] المراد : أنه إذا بطلت الدعاوی المذکورة ، کان النص المدعی وروده مخصوصا بأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام دون غیره إجماعا ممن قال بالنص.

فإن قال قائل : إن جمیع ما ذکرت أولا جاز هنا أیضا ، لأنه لم ینقل عنه

====

أنظر : تاریخ بغداد 7 / 4. 9 / 391 ، تاریخ دمشق / ترجمة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام 2 / 444 - 449 ، الریاض النضرة 3 / 198 ، ذخائر العقبی : 96 ، فضائل الخمسة 2 / 100 ، مائة منقبة - لابن شاذان - : 123 ، کفایة الطالب : 245.

5. إشارة إلی حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «یا علی ، أنت قسیم الجنة والنار یوم القیامة».

أنظر : المناقب - لابن شاذان - : 6. تاریخ دمشق / ترجمة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام 2 / 244 ، المناقب - لابن المغازلی - : 67 ، المناقب - للخوارزمی - : 209 ، الصواعق المحرقة : 195.

ص: 317


1- المراد : أنه لو کان منصوصا علیه لم یصح لعمر أن یقول فی بیعته : إن بیعة أبی بکر کانت فلتة ، أی أنها بغیر ترو ولا مشورة. ولو کان منصوصا علیه لرد علیه المسلمون وقالوا له : إن ذلک لم یکن منا لنشاور فیه ، وإنما هو من النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، لأنه نص علیه.
2- 1. إشارة إلی قول عمر بن الخطاب من أن بیعة أبی بکر کانت فلتة.
3- المراد : أنه إذا بطلت الدعاوی المذکورة ، کان النص المدعی وروده مخصوصا بأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام دون غیره إجماعا ممن قال بالنص. فإن قال قائل : إن جمیع ما ذکرت أولا جاز هنا أیضا ، لأنه لم ینقل عنه
4- أنظر : السیرة النبویة لابن هشام - 4 / 2. السیرة النبویة - لابن کثیر - 4 / 487 ، تاریخ الإسلام / عهد الخلفاء الراشدین : 6 ، تاریخ الطبری 3 / 205 ، تاریخ ابن الأثیر 2 / 327 وفیه «فتنة» بدل «فلتة».
5- 3. إشارة إلی قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «علی خیر البشر فمن أبی فقد کفر».

[98] صهر الرسول أزهد الأنام (1)

وأشجع الوری بلا کلام

(2)أحب مخلوق إلی الله وفی

روایة الطائر شاهد وفی (3)

______________________________________________________

أنه استدل به فی ذلک الیوم ، ولا استدل له به أحد ممن تأخر معه ، ولأنه لما أرادوه علی البیعة بعد من تقدمه أبی وصرح فی کثیر من خطبه بأنه أبی علیهم وامتنع.

قلنا : إن دعوی عدم استدلاله واستدلال أصحابه له ممنوعة کیف؟! وقد استفاض نقله فی أخبارنا عنه ، وعن عدة من المهاجرین والأنصار ، وأنهم خاطبوا أبا بکر بذلک وهو یخطب علی المنبر ، ثم إنهم هددوا فسکتوا ، علی أن السکوت عن إظهار الحجة للعلم بعدم تأثیرها لعلمهم بها وإقدامهم علی مخالفتها ، وعدم السامع الناصر ، بخلاف ما تم لأبی بکر من قیام أکثر الناس معه ، فکان الواجب علیه ذکر حجته ، خصوصا وقد التوی علیه جماعة قلیلون یکون إیراد الحجة علیهم مسموعا.

وأما خبر استقالته علیه السلام فقد أوضح وجهه ، وبینه فی کثیر من خطبه وکلماته ، وهو عدم استقامة من بایعه علی البیعة ، ونکثهم ، کما هو ظاهر لکل من راجع التاریخ والسیرة.

[99] رواه من أهل السنة جماعة : کالترمذی ، ورزین ، والخوارزمی ، وابن مردویه ، والحاکم ، وابن عبد البر ، وابن الأثیر ، والبغوی ، وصاحب (المشکاة).

====

أنظر : سنن الترمذی 5 / 737 ح 3721 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 130 ، المعجم

ص: 318


1- 1. فی بیان زهد أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام ، أنظر : مسند أحمد 1 / 87 ، حلیة الأولیاء 1 / 80 و 81 ، مجمع الزوائد 9 / 131 ، الریاض النضرة 3 / 210 - 211 ، کفایة الطالب : 191.
2- رواه من أهل السنة جماعة : کالترمذی ، ورزین ، والخوارزمی ، وابن مردویه ، والحاکم ، وابن عبد البر ، وابن الأثیر ، والبغوی ، وصاحب (المشکاة).
3- 2. إشارة إلی «حدیث الطیر» المشهور.

[100] وأعلم الناس بلا تأمل

فقد روی الجمهور أقضاکم علی (1)

[101] قد رجعوا إلیه فی الوقائع

وهو إلی سواه غیر راجع

[102] هل غیره قال : سلونی قبل أن

وهل لها أهل سوی أبی الحسن (2)

[103] وأفضل الأنام بعد من صدع

بالشرع ناهضا وضل من منع

[104] کم نطقت بفضله الأخبار

وصدقت أخباره الآثار

______________________________________________________

وقال صاحب کتاب «فتح المطالب» منهم : رواه عن أنس أکثر من ثلاثین نفسا.

وخلاصة مضمون الکل : أن أنسا قال : أهدی لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم طیر مشوی ، فقال صلی الله علیه وآله وسلم : «اللهم ائتنی بأحب خلقک إلیک یأکل معی هذا الطیر» فجاء علی علیه السلام فأکله معه.

====

3. إشارة إلی خطبة له علیه السلام یستشهد بها الجمیع علی فضله ، وغزارة علمه ، یقول فی مطلعها : «أما بعد حمد الله والثناء علیه ، أیها الناس ، فإنی فقأت عین الفتنة ، ولم یکن لیجترئ علیها أحد غیری بعد أن ماج غیهبها ، واشتد کلبها ، فاسألونی قبل أن تفقدونی ، فوالذی نفسی بیده لا تسألونی عن شئ فیما بینکم وبین الساعة ...».

أنظر : المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة : 36 خطبة 4. ذخائر العقبی : 83 ، الریاض النضرة 3 / 166.

ص: 319


1- . الکبیر - للطبرانی - 1 / 1. أنساب الأشراف 1 / 323 ، حلیة الأولیاء 6 / 339 ، تاریخ بغداد 8 / 382 ، تاریخ دمشق / ترجمة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام 2 / 105 ح 609 ، البدایة والنهایة 7 / 350 - 353 ، تذکرة الحفاظ 3 / 1112 ، لسان المیزان 5 / 69 ، تاریخ الإسلام 2 / 197 ، تهذیب التهذیب 12 / 268 ، أسد الغابة 4 / 30 ، مجمع الزوائد 9 / 125 ، المناقب - لابن المغازلی - : 156 ، الریاض النضرة 3 / 114 ، تاریخ جرجان : 169.
2- 2. وفی قضاء أمیر المؤمنین علیه السلام ، أنظر : مسند أحمد 1 / 77 ، 4 / 372 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 135 - 136 ، سنن البیهقی 8 / 111 ، المناقب - للخوارزمی - : 38 - 56 ، الریاض النضرة 3 / 167 - 169 ، ذخائر العقبی : 84 ، الصواعق المحرقة : 189 ح 10.

(1) ولنکتفی بالخبر المحقق

فی ضربة الوصی یوم الخندق (2)

[106] وسبق مفضول علی ذی الفضل

مما أباه النقل بعد العقل

(3)یا عمرو کیف یترک الأمر سدی

خیر نبی شارع نهج الهدی

[108] فیترک الناس علی الجهاله

منغمرین فی دجی الضلاله

[109] ویهمل الدین الذی به صدع

بترکه نصب إمام متبع

[110] ویحک ما أتعس من قد نطقا

بکفر قوم لبسوا ثوب التقی (4)

______________________________________________________

[105] فإنّه صلّی الله علیه وآله وسلّم قال فیها : «لمبارزة علیٍّ لعمرو ابن عبد ودّ أفضل من أعمال اُمّتی إلی یوم القیامة» بل فی بعضها : «ضربة علیٍّ یوم الخندق تعدل عبادة الثقلین» بل قال فی أمیر المؤمنین علیه السلام : «خرج الإیمان کله إلی الکفر کله» وناهیک فی هذا من الجلالة والرفعة التی لا تضاهی ، والدلالة علی الأفضلیة.

[107] وقد جاء هو بذلک کما فی صحیح مسلم بعدة طرق عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، أنه قال : «ما حق امرئ مسلم أن یبیت إلا ووصیته عنده مکتوبة».

ورواه البخاری أیضا ، مضافا إلی تصریح القرآن ، واتفاق الأخبار علی لزوم الوصیة ، فکیف یجوز فی العقل أن یأتی شخص حکیم بأمر یحث علیه ویلزم به ویترک هو الالتزام به فی وقت الحاجة إلیه ، مع إفضاء ترکه إلی فساد ذریته أو أصحابه ، مع کونه شفیقا علیهم رؤوفا بهم؟!

ص: 320


1- فإنّه صلّی الله علیه وآله وسلّم قال فیها : «لمبارزة علیٍّ لعمرو ابن عبد ودّ أفضل من أعمال اُمّتی إلی یوم القیامة» بل فی بعضها : «ضربة علیٍّ یوم الخندق تعدل عبادة الثقلین» بل قال فی أمیر المؤمنین علیه السلام : «خرج الإیمان کله إلی الکفر کله» وناهیک فی هذا من الجلالة والرفعة التی لا تضاهی ، والدلالة علی الأفضلیة.
2- 1. راجع المغازی - للواقدی - 2 / 470 ، سیرة ابن هشام 3 / 235 - 236 ، دلائل النبوة - للبیهقی - 3 / 436 ، المستدرک علی الصحیحین 3 / 32 - 33 ، تاریخ بغداد 13 / 19 ، المناقب - للخوارزمی - : 104 ، نور الأبصار : 97 - 98.
3- وقد جاء هو بذلک کما فی صحیح مسلم بعدة طرق عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، أنه قال : «ما حق امرئ مسلم أن یبیت إلا ووصیته عنده مکتوبة». ورواه البخاری أیضا ، مضافا إلی تصریح القرآن ، واتفاق الأخبار علی لزوم الوصیة ، فکیف یجوز فی العقل أن یأتی شخص حکیم بأمر یحث علیه ویلزم به ویترک هو الالتزام به فی وقت الحاجة إلیه ، مع إفضاء ترکه إلی فساد ذریته أو أصحابه ، مع کونه شفیقا علیهم رؤوفا بهم؟!
4- 2. لم یرد البیت فی نسخة «ن».

(1)فقل له والجرح لما یندمل

ما هکذا تورد یا سعد الإبل (2) (3).

______________________________________________________

[111] ما هکذا تورد یا سعد الإبل ، مثل قاله مالک بن زید بن تمیم ، فی حق أخیه سعد ، وکان مالک أحسن الناس قیاما علی الإبل ، إلا أنه کان من أحمق الناس ، فزوجه أخوه سعد بامرأة من قومه ، فأدخله علیها ، فظل واقفا علی الباب ، فلما رأی سعد ذلک قال : لج لا ولجت الرجم.

فدخل وقعد فی الحجرة ، ثم التفت إلی امرأته وعلیها برد فقال : لمن هذا البرد؟

فقالت : هو لک بما فیه.

فقال : لا أرید ما فیه ، ولکن البرد هاتیه.

فقالت له : ضع شملتک.

قال : ظهری أحفظ لها.

فقالت ضع العصا.

فقال : یدی أحفظ لها.

فقالت : اخلع نعلیک.

فقال : رجلی أولی بهما.

فلما رأت حمقه وثبت فجلست إلی جنبه ، فلما شم الطیب قضی حاجته منها.

فأعطته من طیبها فطلی به استه ، فقالت : دونک لحیتک ، فقال : استی أخبث.

ص: 321


1- ما هکذا تورد یا سعد الإبل ، مثل قاله مالک بن زید بن تمیم ، فی حق أخیه سعد ، وکان مالک أحسن الناس قیاما علی الإبل ، إلا أنه کان من أحمق الناس ، فزوجه أخوه سعد بامرأة من قومه ، فأدخله علیها ، فظل واقفا علی الباب ، فلما رأی سعد ذلک قال : لج لا ولجت الرجم. فدخل وقعد فی الحجرة ، ثم التفت إلی امرأته وعلیها برد فقال : لمن هذا البرد؟ فقالت : هو لک بما فیه. فقال : لا أرید ما فیه ، ولکن البرد هاتیه. فقالت له : ضع شملتک. قال : ظهری أحفظ لها. فقالت ضع العصا. فقال : یدی أحفظ لها. فقالت : اخلع نعلیک. فقال : رجلی أولی بهما. فلما رأت حمقه وثبت فجلست إلی جنبه ، فلما شم الطیب قضی حاجته منها. فأعطته من طیبها فطلی به استه ، فقالت : دونک لحیتک ، فقال : استی أخبث.
2- 1. کما هو مشار إلیه فی شرح المنظومة برقم 111 ، وانظر تفصیل ذلک فی : العقد الفرید 3 / 108 ، جمهرة الأمثال 1 / 93.
3- (39) لم یرد البیت فی نسخة «ن»

فصل

[112] یا عمرو هل یکفر من قد اقتفی

بعد النبی بالهداة الشرفا؟!

[113] ومن سفینة النجاة رکبا

واتخذ الدین الحنیف مذهبا (1)

(2)ومن بحبل الله فی الدین اعتصم

موالیا عترة سید الأمم

(3)ومن هداه الله آخذا غدا

بحجزة الآل مصابیح الهدی (4)

______________________________________________________

وکان أخوه یقوم علی الإبل فی أیام عرسه ، فلما قضی مدة العرس خرج یوما فرأی سعدا وقد أورد الإبل مشتملا فقال :

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هکذا تورد یا سعد الإبل

فصار کلامه مثلا لکل من أورد حجة یعلم بطلانها وعدم فائدتها فی المورد.

[114] المراد بحبل الله هو علی علیه السلام کما جاءت الروایة به منا ومن علماء أهل السنة : کالطبرانی ، والحافظ أبی نعیم ، والعز الحنبلی ، وابن حجر عن الثعلبی ، ورواها العنبری عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وکأنه لما رأی أن العالم بالنسبة إلی الله تعالی کالهوة بالنسبة إلی أعلاها ، ولا شک أن من وقع فی هوة یحتاج فی خروجه منها وارتقائه إلی أعلاها إلی الحبل ، ولما کان علی والأئمة علیهم السلام من ولده هم المنقذون بعد النبی من هوة الضلال والکفر ، استعار لهم لفظ الحبل ، لأن الارتقاء إلی أعلی درجات الکرامة لا یحصل إلا بهم.

[115] أشار بالبیت إلی المروی عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه

ص: 322


1- 1. سبقت الإشارة إلیه فی البیت رقم 26 ، فراجع.
2- المراد بحبل الله هو علی علیه السلام کما جاءت الروایة به منا ومن علماء أهل السنة : کالطبرانی ، والحافظ أبی نعیم ، والعز الحنبلی ، وابن حجر عن الثعلبی ، ورواها العنبری عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وکأنه لما رأی أن العالم بالنسبة إلی الله تعالی کالهوة بالنسبة إلی أعلاها ، ولا شک أن من وقع فی هوة یحتاج فی خروجه منها وارتقائه إلی أعلاها إلی الحبل ، ولما کان علی والأئمة علیهم السلام من ولده هم المنقذون بعد النبی من هوة الضلال والکفر ، استعار لهم لفظ الحبل ، لأن الارتقاء إلی أعلی درجات الکرامة لا یحصل إلا بهم.
3- أشار بالبیت إلی المروی عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه
4- 2. فی نسخة «م» : الدجی.

(1)ومن تولی بعلی من أتی

فی شأنه التنزیل فاقرأ (هل أتی) (2)

(3)وقد کفی فیه حدیث المنزله

فما لهارون جمیعا فهو له (4)

______________________________________________________

قال : یا علی ، إذا کان یوم القیامة أخذت بحجزة الله ، وأخذت أنت بحجزتی ، وأخذ ولدک بحجزتک ، وأخذ شیعة ولدک بحجزتهم ، فتری أین یؤخذ بنا!

رواه الزمخشری فی ربیع الأبرار ، والدیلمی فی الفردوس.

والحجزة - بالضم - : مقعد الأزرار ، ومن السراویل موضع شده ، ووجه الاستعارة للاستجارة بالله وبالنبی وآله ظاهر ، ویمکن أن یکون المراد به الکنایة عن ذلک.

[116] وقد روی الجم الغفیر من المفسرین ، کأبی صالح ، ومجاهد ، والضحاک ، والحسن البصری ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل ، واللیث ، والنقاش ، والقشری ، والثعلبی ، والواحدی ، والبغوی ، والزمخشری ، والبیضاوی ، والشیرازی ، والنیسابوری ، والمزنی ، والغزالی ، والخوارزمی ، والمکی ، والسیوطی ، وابن مردویه : أن نزول هذه السورة کان فی حق علی وفاطمة والحسن والحسین علیهم السلام ، ویکفی ما فیها من التنصیص علی فضلهم ، وأنهم قد استجمعوا صفات الجلال والکمال ، وأنهم خالصون عن شوب النقص ، وأن ذلک دائم لهم فی الأخری کما هو صریح الآیة.

[117] عبارة الخبر عن سعد : سمعت النبی صلی الله علیه وآله وسلم

====

3. إشارة إلی قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «علی منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی».

ص: 323


1- وقد روی الجم الغفیر من المفسرین ، کأبی صالح ، ومجاهد ، والضحاک ، والحسن البصری ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل ، واللیث ، والنقاش ، والقشری ، والثعلبی ، والواحدی ، والبغوی ، والزمخشری ، والبیضاوی ، والشیرازی ، والنیسابوری ، والمزنی ، والغزالی ، والخوارزمی ، والمکی ، والسیوطی ، وابن مردویه : أن نزول هذه السورة کان فی حق علی وفاطمة والحسن والحسین علیهم السلام ، ویکفی ما فیها من التنصیص علی فضلهم ، وأنهم قد استجمعوا صفات الجلال والکمال ، وأنهم خالصون عن شوب النقص ، وأن ذلک دائم لهم فی الأخری کما هو صریح الآیة.
2- 1. إشارة إلی قوله تعالی : ( هل أتی علی الإنسان حین من الدهر لم یکن شیئا مذکورا ) سورة الإنسان ، آیة : 1.
3- عبارة الخبر عن سعد : سمعت النبی صلی الله علیه وآله وسلم
4- أنظر : کفایة الطالب :2. 348 ، المناقب للخوارزمی - : 188 - 192 ، المناقب - لابن المغازلی - : 272 ، أسد الغابة 5 / 530 ، الریاض النضرة 3 / 208.

............................................................................

______________________________________________________

یقول لعلی علیه السلام : أنت منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی.

وفی بعض الأخبار: عن سعد عنه صلی الله علیه وآله وسلم: إلا أنه لا نبوة بعدی.

وجه الاستدلال بهذا الخبر : أنه صلی الله علیه وآله وسلم أثبت لعلی علیه السلام منزلة هارون من موسی ، ومنزلة هارون من موسی الشرکة معه فی النبوة ، فیثبت له جمیع لوازمها کما تثبت هی له لولا الاستثناء.

وکما إذا قیل : زید مثل عمرو إلا فی الشجاعة ، فإن المماثلة بینهما یلزمها الاشتراک فی جمیع اللوازم إلا المستثنی منها.

وهنا وجه ثان لإثبات دلالة الخبر علی إمامته : أن یقال : إنه صلی الله علیه وآله وسلم جعل علیا بمنزلة نبی من أنبیاء الله تعالی ، فیکون جامعا لجمیع صفات النبوة ، بحیث لو ساغت النبوة بعده صلی الله علیه وآله وسلم لکان علی علیه السلام هو المتعین لها ، وحیث کانت النبوة ممتنعة بحکم الاستثناء علمنا أنه هو القابل للإمامة وفرض الطاعة دون غیره ، لأن لکل نبی إمام ، ووجود العلة فیه قاض بذلک ، وهذا أحد أنواع التعیین.

ولم نجد لأحد ممن دفع دلالة الخبر علی الإمامة وجها یستند إلیه سوی

====

سنن الترمذی 5 / 638 ح 1. فضائل أحمد : 110 ، سنن ابن ماجة 1 / 45 ح 121 ، تاریخ بغداد 3 / 406 ، تاریخ دمشق / ترجمة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام 1 / 123 ، حلیة الأولیاء 7 / 149 ، فرائد السمطین 1 / 377 ، کفایة الطالب : 281 ، المناقب - للخوارزمی - : 83 ، المناقب - لابن المغازلی - : 27 - 36 ، الریاض النضرة 3 / 117 ، ذخائر العقبی : 63 ، خصائص النسائی : 77 - 79 ، الإستیعاب 3 / 34 ، مجمع الزوائد 9 / 110 ، الصواعق لمحرقة : 187 ح 1.

ص: 324

.........................................................................

______________________________________________________

ما یحکی عن بعض من جعل الاستثناء منقطعاً ، ویراد به رفع توهّم ثبوت النبوّة لعلیٍّ علیه السلام.

ویردّه : أنّه لا یکاد أن یتوهّم أحدٌ ذلک لعلیٍّ علیه السلام مع وضوح کون النبیّ صلّی الله علیه وآله وسلّم خاتم الانبیاء ، علی أنّ الاستثناء المنقطع شرطه مخالفة ما بعد إلّا لما قبلها ، لأنّه علی ما عرّفوه ما لا یکون المستثنی بعضاً من المستثنی منه ، أو ما لا یکون من جنسه ، أو ما کان مخرّجاً من دلالة المفهوم ، بخلاف المتّصل ، فإنّه مخرّج من دلالة المنطوق.

وعلی جمیع التقادیر لا یتمّ ذلک هنا کما هو واضح ، وممّا یؤیّد اتّصاله ما ورد فی بعض الروایات عن سعد أیضاً ، قال : خرج علیٌّ علیه السلام مع النبی صلی الله علیه وآله وسلم حتی جاء ثنیة الوداع وهو یبکی ویقول : تخلفنی مع الخوالف؟! فقال : أما ترضی أن تکون منی بمنزلة هارون من موسی إلا النبوة؟! فإن ظاهره بل الصریح منه : إنک تفارق هارون فی هذه الجهة خاصة دون غیرها.

ویؤیده أیضا قوله علیه السلام فی بعضها : «إلا إنک لست بنبی» علی أن قطع الاستثناء مع کونه علی خلاف الأصل لا یضر فیما نحن بصدده ، لأن رفع هذا التوهم یقضی بکون علی علیه السلام حاو لمرتبتها ، فیکون أحق من غیره بالإمامة ، إذ لا تکون النبوة إلا لمن جمع الصفات المقتضیة لها ، فکأنه بهذا ذکر العلة وأراد معلولها ، وهذا أحد طرق التعیین کما لا یخفی.

والحاصل : إن دلالة الخبر علی العموم مما لا ریب فیه ، ولذا قال ابن أبی الحدید : قال النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی الخبر المجمع علی روایته بین سائر فرق المسلمین : أنت منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی. فثبت له جمیع مراتب هارون ومنازله من موسی.

ص: 325

[118] إلا النبوة التی استثناها

عنه النبی فهو منتهاها

[119] وآیة العموم الاستثناء

ولیس فی اتصاله خفاء

[120] حملا علی المعنی بوجه سالم

من ذکر ملزوم وقصد اللازم

[121] وکم لهذا الحمل من نظائر

فانظر إلی الأشباه والنظائر

[122] واجعله وصلا إن أبیت حمله

بحذف معلول وذکر العله

[123] وقیل : الاستثناء راجع إلی

مبتدأ الکلام کی یتصلا

[124] والانقطاع شرطه المخالفه

ولیس من وجه هنا مخالفه

[125] فدعوی الانقطاع من أهل الأدب

فیه وما ضاهاه تورث العجب

[126] وشاهد الوصل الروایات التی

أضافت الأداة للنبوة

[127] بل قطع الاستثناء غیر قادح

لما استفدناه بوجه واضح

[128] ومجمل القول العموم ظاهر

منه ومن أنکر مکابر

[129] بل الحدیث لو خلا عن إلا

وتلوها علی العموم دلا

(1)وهو حدیث قاله بین الملا

مکررا خیر نبی أرسلا

______________________________________________________

فإذن هو وزیر النبی صلی الله علیه وآله وسلم وشاد أزره ، ولولا أنه خاتم النبیین لکان شریکا فی أمره.

[130] روی عن سعد أنه سمعه من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا مرة ولا مرتین ، وقد عینت جملة من الروایات موارده ، ففی بعضها ذکرت قوله صلی الله علیه وآله وسلم ذلک فی قصة تبوک ، وفی بعضها عند سد الأبواب ، وفی ثالثة عند النهی عن النوم فی المسجد ، وفی رابعة یوم فتح خیبر ، وفی خامسة أنه قاله فی منی ، وفی سادسة عند ولادة الحسن علیه السلام ، وفی سابعة عند المؤاخاة بین الصحابة وعقد المؤاخاة بینه وبین أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب علیه السلام ، وفی ثامنة عند سؤال صخر بن حرب عن الأمر

ص: 326


1- روی عن سعد أنه سمعه من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا مرة ولا مرتین ، وقد عینت جملة من الروایات موارده ، ففی بعضها ذکرت قوله صلی الله علیه وآله وسلم ذلک فی قصة تبوک ، وفی بعضها عند سد الأبواب ، وفی ثالثة عند النهی عن النوم فی المسجد ، وفی رابعة یوم فتح خیبر ، وفی خامسة أنه قاله فی منی ، وفی سادسة عند ولادة الحسن علیه السلام ، وفی سابعة عند المؤاخاة بین الصحابة وعقد المؤاخاة بینه وبین