تراثنا المجلد 36

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: ستاره

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1414 ه.ق

الصفحات: 478

ص: 1

الفهرس

*تدوین السنّة أم تزییف الشریعة؟!

.............................................. السیّد محمّدرضا الحسینی الجلالی 7

*حکم الجمع بین الصلاتین علی ضوء المذاهب الفقهیة.

................................... السیّد حسن الحسینی آل المجدّد الشیرازی 75

*تشیید المراجعات وتفنید المکابرات (1).

............................................... السیّد علیّ الحسینی المیلانی 128

*فی رحاب «نهج البلاغة» (5) :

*«نهج البلاغة» عبر القرون.

................................................. السیّد عبدالعزیز الطباطبائی 154

ص: 2

*إحیاء التراث (1).

................................................... الشیخ عبدالجبّار الرفاعی 189

*مصطلحات نحویة (1).

...................................................... السیّد علیّ حسن مطر 263

*دیوان الاجازات المنظومة.

.................................. صنعة : السیّد محمّد رضا الحسینی الجلالی 270

*من ذخائر التراث :

*الردّ علی الوهابیة - للشیخ محمّد جواد البلاغی.

............................................ تحقیق : السیّد محمّد علیّ الحکیم 375

*من أنباء التراث.

................................................................ هیئة التحریر 458

====

1صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة کتاب الرجال لشیخ الطائفة أبی جعفر الطوسی (385 - 460 ه) تاریخها سنة 533 ه- ، محفوظة فی المتحف البریطانی ، برقم 7965. OR

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تدوین السنة

أم تزییف الشریعة؟! (1)

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی أشرف المرسلین سیدنا محمد خاتم النبیین ، وعلی الأئمة الصادقین من آله الطیبین ، وعلی الأخیار من الصحابة ، والتابعین.

تجتاح البلاد الإسلامیة موجة من الصحوة والوعی والتحرک ، تکونها الجماهیر المسلمة ، المؤمنة بدینها ، المحبة لأوطانها ، والتی تیقظت من سباتها الطویل ، بعد غیاب وذهول عن ما یملکه الإسلام من مقومات حضاریة ، وبعد أن ثبت لها بالعیان وبالتجربة الحیة ، والمعاناة الطویلة القاسیة ، فشل کل النظم والقوانین وأسالیب الحیاة غیر الإسلامیة - سواء الشرقیة منها أم الغربیة - وإخفاق کل دعاة العلمنة والهلوسة الغربیة ، والتحضر الأوربی ، من تقدیم أیة خدمة تنجد الأمة أو تقلل من مآسیها.

السیّد محمّدرضا الحسینی الجلالی

ص: 7


1- 1. قراءة نقدیة لکتاب (تدوین السنة) تألیف (إبراهیم فوزی) نشر : ریاض الریس للکتب والنشر - الطبعة الأولی - کانون الثانی / ینایر 1994 - لندن.

وکانت عودة الجماهیر إلی الحضارة الإسلامیة ، عودة حمیدة مجیدة ، تحتوی علی قوة العزیمة والتصمیم والجد والوعی والمعرفة التامة.

ولقد ذهل الاستعمار بهذه العودة ، بعد أن دأب قرنا من الزمان فی العمل علی إبعاد الأمة الإسلامیة عن دینها ، وبث روح اللهو واللعب والتفاخر والتکاسل بین جیل الشباب إلی حد الارتماء فی أحضان الرذیلة والفساد والعبثیة.

وقد أثارت هذه العودة إلی الإسلام سخط الاستعمار - شرقیه وغربیه - فجند أجهزته الظاهریة والسریة ، ولجأ إلی القمع والاتهام ، والضغط السیاسی والاقتصادی ، ومن خلال عملائه الحاکمین علی بلدان المنطقة ، وبأجهزة الأمن والاستخبارات والمباحث فی داخل البلاد وخارجها ، لإیقاف المد الإسلامی الظافر ، وإخماد نور الصحوة الإسلامیة المجیدة.

ومن الأسالیب التی ینفذها هو (بعث) شراذمة من أولاد البلاد الإسلامیة والمنتمین إلی لغاتها ، من الجیل المتعلم فی مدارس الغربیین ، أو علی مناهجهم الدراسیة ، والمتربین علی الثقافة الغربیة المادیة ، والذین غسل المستشرقون أدمغتهم ، وفرغوها عن کل ما هو إسلامی ، ولقنوهم حب الغرب والانبهار بکل ما فیه ، فدفعوهم فی هذه الفترة بالذات لیکونوا أدوات تحریف لأفکار الشباب المعاصر فی البلاد الإسلامیة ، لصدهم عن اللحوق بهذه الصحوة ، وحذرا من أن ینتبهوا إلی ما یملکه الإسلام من قدرات خارقة عظیمة فی الفکر والتشریع والأخلاق ، والحضارة.

فراح أولئک العملاء الجدد یشوهون سمعة هذا الدین ویزیفون ما یمت إلیه من خلال کتابات تهریجیة ومزورة ، ملؤها الکذب علی الإسلام وأهله والقذف للجیل المتحرک لإعلاء کلمته ، ولا تخلو صفحة من کتاباتهم من الاتهام والهراء ضد مقدسات الأمة ، والتعدی علی أصوله وفروعه ، وتراثه وتاریخه ، بعقلیة تزییفیة ، وبصورة بشعة ، إلا أن أعمالهم تحمل عناوین غارة

ص: 8

من قبیل (التحقیق) و (البحث) و (الدراسة) و (النقد) وما إلی ذلک من عناوین جذابة ومغریة للشباب المشتاق للمعرفة والمحب للاطلاع.

وقد صدرت فی هذه الفترة بالذات کتابات تستهدف السنة الشریفة لکونها من مصادر المعرفة فی الإسلام ، بأقلام تستهدف تزییف السنة وتعطیل أثرها الهام فی التعریف بالإسلام وتحدید قضایاه وأحکامه.

ومما صدر أخیرا کتاب (تدوین السنة) لإبراهیم فوزی.

ولما فی عنوانه من الإثارة ، وما یحتویه من تحریف وتزییف ، وما قام به مؤلفه من تخط وتعد علی أعراف العلم وموازین الکتابة ، فقد عرضنا ما لاحظناه علیه خلال الفصول التالیة :

1 - مع موازین الکتابة.

2 - مع مؤدی العنوان.

3 - مع مؤشرات الهدف.

ص: 9

1 - مع موازین الکتابة

* موازین الکتابة :

إن من الأمور المتفق علیها ضمنیا فی فن الکتابة العلمیة هی تلک الموازین المقررة ، والملتزم بها عملیا ، والمنادی بها ولو بالشفاه المطبقة ، والتی تعد (عرفا) للکتاب ، وقد أملتها الحاجة إلی نظام فی ما یقرأ ، قبل أن یکتب ، وإن کان الکاتب - فی عصر الطغیان علی الموازین - لا یری نفسه ملزما بکل ما هو (إجماعی) أو (عرف) حتی لو کان معلنا ، فکیف إذا لم یحاول أصحاب (المصلحة) أن یعلنوه ، أو یسجلوه؟!

ولکن ضرورات من قبیل (تصنیف الکتاب) فی المکتبة ، لیأخذ موضعه المناسب ، حتی یتناول بیسر وسرعة ، أمر لا یمکن تجاوزه ، لأی غرض کان لأنه - فعلا - من الثوابت التی لا خلاف فیها ، إذا أرید للکتاب أن یکون متداولا علمیا ، وبالخصوص إذا تناول ظاهرة بالدرس والتحلیل ، خارجا عن أطر الإعلام والخطابة! وإذا أراد الکاتب أن یکون باحثا منهجیا ، بعیدا عن وهدة (الارهاب الفکری) و (العبث بالفکر) التی ابتلیت بها التیارات العلمانیة فی العالم العربی خاصة ، إذ تسیطر هی علی قطاع کبیر من قرائه المثقفین ، بهدف تزییف ما یمت إلی شعوب المتکلمین بالعربیة ، أو الذین یفکرون علی أساس مصادرها الثقافیة والفکریة ، والذین یشکل المسلمون غالبیتهم العظمی! مع أن من أوضح ما یمیز الکتاب الذی یتناول موضوعا فکریا أو تراثیا ، ویراد له أن یکون خارجا عن إطار (الارهاب) أن یتخذ أسلوب (التوثیق المرجعی) والالتزام بالموضوعیة ، علی طول الخط ، من أول جرة قلم ، وحتی نهایة المطاف.

ص: 10

* بین الأهداف المعلنة ، والنیات المبطنة :

ثم إن تحدید المؤلف لغرضه الذی تعنی من أجله للکتابة ، لا أنه یدخل فی تلک الموازین ، فحسب ، بل هو ضرورة للإسراع فی تفاعل القارئ مع الکتاب ، ودرک الکلمة المکتوبة ، فی سیاق موضعها من جملة المؤلف ، وفی سطور الصفحة ، وصفحات دفتی الکتاب ، تفاعلا لا بد أن یرغب المؤلفون فیه ، فیقدمونه أمام کتبهم.

ولیست صفحات الکتاب الذی یعالج مشکلة مستفحلة علمیة أو تراثیة ، مجالا للبهلوانیات ، حتی تکون السرعة - وکذا الاقتحام - فیها مطلوبة ، إلا فی صورتها الشائعة فی الکتابات المعاصرة.

والکاتب الذی یقدم مادته (بکل حیاد وتجرد) لا یتخوف من قرائه ، تماما کالطبیب الحاذق الذی لا یخاف من عدوی المرضی الذین یباشر علاجهم ، وهم یراجعونه ، لیجدوا الشفاء علی یدیه ، مهما کان نوع المرض ، ومهما کان خطرا.

وإذا کان الطبیب یتوجس خیفة فی نفسه ، من مرضاه ، فخیر له أن یغلق (المطب) ولا یکلف نفسه عناء الإعلانات الفضفاضة حول مهارته فی العلاج ، خصوصا إذا لم تکن عنده الخبرة الکافیة ، ولا التخصص ، بل ولا عارفا ب (جس النبض) ، بل جاهلا بأصول العلم ، وبمصطلحات الأطباء ، وأسماء الأدویة!! أما إذا کانت اللافتة التی ینصبها علی باب (العیادة الطبیة) تحمل عنوانا ضخما ، مغریا للمرضی ، بینما هو یعنی بتخصص آخر ، ویبطن من إعلانه المزور هدفا غیر طبی ، فإنما یعد فی عرف المهن (دجالا) ولیس عمله إلا (ابتزاز) و (خیانة)!

ص: 11

* عناوین الکتب مفاتیح لتصنیفها :

إن عناوین الکتب - سواء الکبیرة ، أم الثانویة التی توضح أبعادا أوسع - إنما هی الأبواب التی یدخل القراء من خلالها إلی أعماق المدینة المؤلفة من الکلمات والسطور والصفحات ، فیحدد موقفه منها خلال نظره ، فمن (الابتزاز) أن یحاول المؤلف الایحاء بالعنوان إلی غیر ما یحتویه الکتاب ، وإغراء القارئ بشرائه أو قراءاته ، فهذه طریقة مقبوحة ومستهجنة ، تحتوی علی استهلاک الکلمة التی تشکل العنوان ، وعلی حساب الفکر ، وتوتر القراء ، وهو نوع من (الدجل الفکری والثقافی).

فلو قیس عنوان (تدوین السنة) الذی وضعه المؤلف إبراهیم فوزی علی کتابه ، إلی الغرض الذی تابعه من (المقدمة) وحتی آخر صفحة بعنوان (الخاتمة) والتی صرح فیها بالغرض واضحا ، یجد أنه (لا یشی عنوانه بأهمیته) عند البعض ، إن اعتبر ذلک (إحدی حسناته) إلا أنه تجاوز لما ذکرنا من موازین الکتابة العلمیة ، مهما أحسنا الظن به!

فإن العلوم الإسلامیة ، والمعارف التی تتمحور حولها ، قد تضخمت ، وتوسعت علی مدی المدة الفاضلة بیننا وبین المصادر الأساسیة ، و (السنة) لکونها عند المسلمین واحدا من تلک المصادر ، بل أوسعها ، لم تخرج من دائرة هذه الحقیقة ، بل تکثفت الجهود حولها ، وشکلت لمعالجة قضایاها وجمع خصوصیاتها علوم عدیدة هی : (علم الحدیث) و (علم المصطلح) و (علم الرجال) مضافا إلی ما یتفرع عن کل من مباحث ، وتخصصات ، استغرقت جهودا مبثوثة ، وأخری منتشرة بشکل استطرادی فی علوم أخری.

ومن أهم البحوث المصیریة المطروحة حول (السنة) هو البحث عن حجیتها ، ومدی تأثیرها فی إثبات المعارف الدینیة ، وقد قام منذ القدیم حول ذلک جدل کبیر ، لما یترتب علی نتیجته من آثار عملیة مباشرة فی حیاة

ص: 12

المسلمین وتحدید المعارف عقیدة وتشریعا وتاریخا.

وإذا کانت (حجة) فإن بحوثا أخری تستتبع فی الثقافة الإسلامیة ، واستتبعت - ولا تزال - جهودا کبیرة من قبیل : ما هی السنة؟ وتحدید مداها؟ وتاریخها ، لتحدید نصها؟ ویدخل فی هذه الناحیة تاریخ (تدوین السنة).

فمن هنا یمکن أن نری عنوان (تدوین السنة) بارزا عندما تکون (حجیة السنة) أمرا مفروغا عنه ، وإلا فیکون البحث عن التدوین ، ترفا فکریا ، إذ لا یترتب علیه أثر علمی ولا عملی ، ولا یدعو إلی الاهتمام به فی المأزق الثقافی الراهن.

ولقد کان علماء المسلمین علی قدر کاف من الدقة إذ عنونوا لحجیة الحدیث والسنة فی مجال (الحجج الشرعیة) ووسائل إثبات الحکم الشرعی من بحوث علم أصول الفقه ، وعنونوا لبحث (تدوین السنة) فی مجال تاریخ الحدیث ، وفی بحوث علم مصطلح الحدیث ، إلا أن سعة مباحثه ، وأهمیته ، لکونه الأرضیة الموطدة لما یبنی علیها من عناوین وبحوث ، استدعت المؤلفین إلی الاستقلال بالبحث عنه منذ القدم ، فأقدم ما فی المتناول من المؤلفات حول تدوین السنة ، کتاب الخطیب البغدادی (ت 463) بأسم (تقیید العلم) المطبوع محققا مع مقدمة واسعة وافیة من عمل الدکتور یوسف العش ، السوری ، وأحدث عمل تکاملت فیه النظریات المطروحة علی طاولة البحث وهو کتاب (تدوین السنة الشریفة) الصادر فی قم سنة 1413 من تألیف کاتب هذه السطور.

أما کتاب (تدوین السنة) لإبراهیم فوزی ، الذی نقدم قراءة عنه ، فهو آخر ما صدر یحمل هذا العنوان ، علی الرغم من أنه لا یعنیه مباشرة ، إلا بصورة جزئیة ، مما یثیر إرباکا لدی القارئ ، فإذا صدق قول أبی الفتح البستی (وأول مقروء من الکتب عنوان) فأن عنوان کتاب فوزی یوحی أن یکون خاصا بالبحث عن الموضوع ، بینهما المهمة الأساسیة التی یتصدی لها الکتاب هی غیر ذلک ،

ص: 13

بل هی : نفی الاعتماد علی السنة مصدرا للتشریع ، وأن اعتمادها سبب  - حسب اعتقاد المؤلف - إرباکا فی الفقه الإسلامی ، أدی إلی وجوه المذاهب المتعددة ، والطوائف المتفرقة.

ومع قناعتنا بحریة الکاتب فی اتخاذ هدف معین لعمله ، من دون أن یکون لأحد حق فی تحدیده ، إلا أن تقنعه بقناع (تدوین السنة) للوصول إلی هدف یبتعد عن هذا العنوان ، أمر لا یبتعد عن الریب والإثارة ، شاء الکاتب أم أبی!

فمن ناحیة حضاریة ، فإن الإصدارات التی تستعمل هذا الأسلوب ، تؤدی إلی فقدان الشخصیة الثقافیة ، بین المجتمع العلمی ، حیث إنه إسقاط لقیم العناوین ، وتلاعب باستخدامها ، فی الوقت الذی تستدعی موضوعیة البحث الذی یراد له أن یکون هادفا وعلمیا ، کونه مجردا عن (الدجل وبعیدا عن (العبثیة).

فالمطلوب : الدقة الکاملة فی انتخاب العناوین ، واستخدامها ، بدلالات واضحة علی المحتویات ، وإیصالها إلی الأهداف ، بصدق وأمانة ، وإلا کانت نماذج من (التضلیل الثقافی) المنبوذ.

أما من الناحیة الأدبیة ، فإن تفویت الفرص علی القراء والمراجعین ، وجرهم إلی قراءة ما یرغب فیه الکاتب ، وبطریقة الاغراء من خلال عنوان الکتاب ، أمر یعتبر استهتارا مفضوحا.

إن ما یرتبط بعنوان (تدوین السنة) إنما هو القسم الأول من الکتاب ، ذی الأقسام الثلاثة ، بینما القسم الثانی یبحث عن (علوم الحدیث) والثالث یترکز فیه البحث عن الأحکام الشرعیة المتعددة علی السنة ، بعنوان (السنة بعد التدوین).

ومجموع ما یحتوی علی القسم الأول هی الصفحات من 27 - 141 ، وفصوله ستة ، وما یرتبط منها بالتدوین ، الثانی ، ص 37 - 48 ، بعنوان (النهی

ص: 14

عن تدوین السنة) ، والثالث ص 48 - 56 ، بعنوان (إمساک الصحابة عن تدوین السنة) والرابع ، ص 57 - 64 بعنوان (إباحة تدوین السنة) ومجموع صفحات هذه الفصول 27 صفحة فقط!!

أما الفصل الأول فهو بعنوان (تعریف السنة) والخامس بعنوان (الکذب علی النبی (ص) وأسبابه) والسادس بعنوان (الاجتهاد فی الفقه الإسلامی) وارتباط هذه الفصول ، بتدوین السنة ، فهو برابط القسم الأول بالأقسام الأخری من الکتاب ، وهو وحدة الغرض الجامع بین الأقسام وفصوله ، والذین أشرنا إلیه ، وسنتحدث عنه بتفصیل.

فالبحث عن (تدوین السنة) الذی یشغل فقط 27 صفحة من أصل 384 صفحة هی عدد صفحات الکتاب ، لا یمثل لوحده محتوی الکتاب ، إذ تبقی 357 صفحة من الکتاب بعیدة عن العنوان!

فهل یخلو مثل هذا العمل من محاسبة؟! أو یتطابق مع عرف الکتابة العلمیة؟! أو یخدم القراء بصدق؟! وهل روح (المنهج النقدی) الذی التزمه الکاتب تسمح بهذا التصرف؟!

* بین مؤدی العنوان ، ومؤشرات الهدف :

وتعقیبنا هذا علی کتاب (تدوین السنة) یدور علی طرفی : العنوان ، والهدف ، فی فصلین :

1 - فقد فصلنا بین الملاحظات التی تجمعت حول الکتاب فیما یخص (تدوین السنة) من بحوثه ، بما فی ذلک منهج المؤلف فی التوثیق ، واستخدام المصادر ، وما أثاره فی هذا المجال ، فذکرناها تحت عنوان : (مع مؤدی العنوان).

2 - وجمعنا الملاحظات حول ما أثاره فی مجال غرضه من تألیف الکتاب والإشکالیات التی تابعها فی مصدریة السنة لأحکام الشریعة ، وتزییف ما أخذ اعتمادا علیها ، فذکرناها تحت عنوان (مع مؤشرات الهدف).

ص: 15

2 - مع مؤدی العنوان

* حیاد أو انحیاز؟

إن الکاتب ، وعلی الرغم من دعواه عرض البحث بکل حیاد ، وتجرد ، لم یکن حیادیا فی عرضه ما یرتبط بمسألة (تدوین الحدیث) بالذات.

فمثلا ، نجد انحیازه واضحا عندما یعرض أدلة الطرفین حول (تدوین السنة) إثباتا ونفیا ، فیذکر فی ص 42 بعض أدلة إباحة التدوین ، ویحاول فی الهامشین 14 و 15 إیراد تضعیفها أو إسقاط رواتها ، ولکنه لما یذکر أدلة المنع  - وقد بادر بذکرها فی الأسبق - فی بدایة الفضل الثانی الذی عقده للبحث عن (التدوین) فهو لا یشیر إلی أیة نقطة ضعف فی أدلة المنع ، ولا خدشة فی رواتها!

ونفس عمله فی عنوان الفصل الثانی ، المعقود لجمع أدلة الطرفین ، لکنه عنونه ب (النهی عن تدوین السنة) یتم عن روح الانحیاز والتطرف إلی جهة المنع ، وکذلک عنوان الفصل الثالث الذی یلیه وهو (إمساک الصحابة عن تدوین السنة) وأما الفصل الرابع المعنون (إباحة تدوین السنة) فهو یعنی بفترة ما بعد القرن الأول ، مع أنه قد بدأه بقوله :

(مضی القرن الأول للهجرة ولم یدون من السنة شئ ، کما جمع القرآن ، ولم یعرف عن أحد من الصحابة والتابعین أنه دون صحیفة أو کتب کتابا یحوی أحادیث النبی (ص) وسننه ، سوی ما روی عن بعضهم أنهم کتبوا لأنفسهم أحادیث عن الرسول لکی یحفظوها ، ثم أتلفوها ...).

إن هذه البدایة تکشف بمنتهی الوضوح عن انحیاز الکاتب إلی ما یهواه من إثبات عدم التدوین.

ص: 16

* حدیث النهی لا یحتج به :

إن عمدة ما استدل به القائلون بأن السنة لم تدون فی العصر الأول هو حدیث أبی سعید الخدری ، الذی ذکره مسلم فی صحیحه - دون البخاری - وافتتح به المؤلف الفصل الثانی - ص 37 - وظلت صورته عالقة بقلمه إلی آخر البحث ، لا یصح الاحتجاج به لإثبات شئ ، وهو ما یدور النص فیه بین أن یکون من کلام النبی صلی الله علیه وآله وسلم فیسمی (المرفوع) وهو حینئذ حجة ، وبین أن یکون من کلام أبی سعید نفسه ، فیسمی (الموقوف) فلا یکون حجة! لأنه حینئذ یدخل کطرف فی النزاع بین الصحابة المجوزین والمانعین ، فی أمر التدوین ، فلا یشکل حجة علی الطرف المعارض للمنع.

وتعلیل الحدیث - المسقط له عن الاحتجاج - بدورانه بین الوقف والرفع مذکور فی مصطلح الحدیث وفی الکتب الخاصة ب (علل الحدیث).

والمؤلف إبراهیم فوزی نفسه ، واقف علی الفرق بین مصطلحی (المرفوع) و (الموقوف) وقد أید معارضة القول بأن (الموقوف الذی لا مجال للرأی فیه له حکم المرفوع) وأن ذلک لیس کلاما یوجب الاغترار به ، کما فی ص 176 هامش 6.

إذن ، فلماذا یغتر هو بهذا الحدیث ، ویغرر قراءه ، فیکرر الاستناد إلیه ، ولا یشیر إلی هذه العلة القادحة فی حجیته ، لا من قریب ولا من بعید؟!

ثم إن موقفه من رأی أهل البیت علیهم السلام وموقفهم من مسألة تدوین الحدیث لا یخلو من تقصیر ، إذ لا نجد فی کتابه إیعازا إلی ذلک ، سوی ما رواه من خطبة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، أنه خطب مرة فقال : (أعزم علی کل من کان عنده کتابة عن رسول الله ، إلا رجع محاها ، فإنما هلک الناس حیث اتبعوا أحادیث علمائهم وترکوا کتاب ربهم) ومصدره : سنن الدارمی

ص: 17

ج 1.

ذکر ذلک فی تدوین السنة ، ص 53 - 54 ، والهامش 16.

وقیل أن نناقش فی سند الحدیث ودلالته ، فإن ما نقله عن سنن الدارمی لم نعثر علیه ، وإنما الموجود هو فی مصنف ابن أبی شیبة 9 / 52 ، ورواه القرطبی فی جامع بیان العلم 1 / 63 وجاء بالنص الآتی : (أعزم علی کل من کان عنده کتاب ، إلا رجع فمحاه ، ...) إلی آخر الحدیث ، فلیس فیه (کتابة عن رسول الله).

فهل تعدی الانحیاز عند الکاتب إلی الخیانة؟!

ولم ینحصر المنقول عن الإمام علی علیه السلام بهذا الحدیث ، بل إن مجموعة کبیرة من الروایات الدالة علی تأکیده علی الکتابة وحثه علیها مشهورة ومنقولة فی جمیع المصادر ، وکلها تدل علی أنه علیه السلام کان رائد المبیحین لتدوین الحدیث ، ولم ینقل عنه خلاف ذلک سوی هذا الحدیث ، فإهمال الکاتب لکل تلک المجموعة ، وذکره هذا الحدیث فقط ، یدل علی ماذا؟! أما هذا الحدیث فقد ثبت بطلانه وفساده ، سندا ودلالة من أوجه کثیرة أثبتناها فی دراستنا علی الموضوع (1).

* الإیحاءات المحرفة :

ویتبلور انحیاز المؤلف إلی طرف المنع عن التدوین ، فی تأکیده بشتی العبارات علی الایحاء بأن النهی عن التدوین هی الحقیقة الثابتة ، وأن إباحة التدوین جاءت متأخرة ، فمثلا یفتتح الفصل الثالث المعنون (إمساک الصحابة عن تدوین السنة) فیقول فی ص 49 :

(تمسک الصحابة بعد وفاة النبی (ص) بحدیثه الذی نهی فیه عن

ص: 18

کتابة السنة ، فأمسکوا عن تدوینها ، وتشددوا ضد الذین کانوا یکتبونها ، وکانوا یتلفون ما کتب منها ، ولم یرد علی لسان أحد من الصحابة أن النبی (ص) نسخ حدیث النهی عن کتابتها) ..

والمفارقات الواضحة فی هذا الکلام نوجزها فی ما یلی :

أولا : الذین کتبوا ما کتب من السنة ، وکانوا یکتبونها - حسب تعبیره - لم یکونوا - قطعا - إلا من الصحابة الذین اتصلوا بالنبی مباشرة ، ولم یکونوا غرباء خلقوا فجأة فی مجتمع الصحابة!

ومع هذه الحقیقة الضمنیة فی کلامه ، فإن عنوان (إمساک الصحابة عن تدوین السنة) متهافت لا یناسب هذه الحقیقة علی الأقل ، لأن هؤلاء لم یمسکوا عن التدوین!

وماذا کان یضر المؤلف لو عنون للفصل ب (إمساک بعض الصحابة عن تدوین السنة)؟! لکن لیس لهذا العنوان ، وقع قوی مثل ما للعنوان الأول ، علی طریق ما بیته المؤلف؟!

وثانیا : قوله : (تمسک الصحابة بالحدیث الذی نهی فیه النبی (ص) عن تدوین السنة) یوحی أن (حدیث النهی) ثابت لا ریب فیه ، وقد عرفت - قریبا - أنه لم یثبت لتردده بین أن یکون موقوفا علی أبی سعید ومن کلامه هو ، لا من کلامه النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وبین أن یکون مرفوعا إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، فکیف یوحی خلاف ذلک؟!

مع أنه لم یثبت مورد واحد جاء فیه (تمسک الصحابة) بما نسب إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم من حدیث النهی ، وقد تتبعنا جمیع ما ورد فی الباب ، فلم نقف علی مثل ذلک ثابتا فی حدیث صحیح لا علة فیه ، وقد اعترف الباحثون عن مسألة التدوین بنفی استناد الصحابة إلی حدیث فی النهی ، حتی أولئک الذین تشددوا من الصحابة فی أمر التدوین ، لم یجسروا علی نسبة المنع إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، لعلهم لم یفعلوا ذلک لأنهم لم یلتزموا

ص: 19

منهجا نقدیا یبتنی علی الجسارة والشجاعة المتوفرة فی کتابة عصریة ، کالتی فی (تدوین السنة) لإبراهیم فوزی.

وأما نسبة التمسک بحدیث النهی إلی الصحابة - بلفظ العموم - فهو أمر ینافیه المنقول عن أکثرهم أنهم کانوا یقولون بإباحة التدوین ، وقد أشاروا بذلک علی عمر أیضا ، لکن المؤلف لم یشر إلی ذلک ، بل یظهر من عبارته خلاف ذلک تماما!

وثالثا : وکذلک قوله :

(لم یرد علی لسان أحد من الصحابة أن النبی (ص) نسخ حدیث النهی).

یوهم أن حدیث النهی ثابت عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم بصورة قطعیة ، ولا بد فی رفعه من ناسخ یروی عنه صلی الله علیه وآله وسلم ، وبما أنه لم یرد عن الصحابة نقل النسخ ، فالنهی مستمر.

مع وضوح أن النسخ فرع ثبوت النهی ، ومع الشک فی ثبوت النهی کاف فی نفی العلم بوجوده ما لم یقم علیه دلیل قاطع ، ولا معنی لنسخ ما لم یثبت.

ویمکن إلی عملهم ، إذ کانوا یکتبون السنة ، فی إعلان النسخ - لو ثبت النهی - فإن العمل أقوی دلالة من مجرد النقل فی مثل هذا ، لأنه غیر قابل للتأویل ولا ترد فیه الاحتمالات الآتیة فی الکلام المنقول.

ورابعا : لو سلم - جدلا - ثبوت نهی عن التدوین ، فلا أثر لتمسک الصحابة - الذین منعوا عن التدوین - بمثل ذلک ، إذ مع وجود النهی الصریح من رسول الشریعة ، فلیس عمل بعض دلیلا آخر مستقلا ، وإنما هو تطبیق منهم له مستند إلی مقدار ما أدرکوه من مدلول النهی ، وقد یکونون مخطئین فی ذلک - لعدم عصمتهم - کما قد اعترف المؤلف بأن عملهم کان أشد مما قام به النبی نفسه صلی الله علیه وآله وسلم حیث قال فی ص 55 :

ص: 20

(إن الصحف التی کتبت فی عهد رسول الله تدل علی أن التشدد ضد کتابة السنة فی عهد رسول الله أخف بکثیر مما آل إلیه الحال فی عهد الصحابة).

فأیة قیمة تبقی لعمل بعض الصحابة بزعم (التمسک بنهی النبی)؟! هذا ، مع أن المجموعة الأکبر من الصحابة ، لم یأبهوا بحدیث النهی المزعوم ، بل کانوا مع إباحة التدوین قولا وعملا.

* الدلالات الأخری :

وظاهرة خطرة فی تصرف المؤلف ، تؤکد بعده عن الحیاد العلمی ، هی تعامله مع النصوص المنقولة بشکل مبتور ، فیحذف منها المقاطع التی تدل علی خلاف هدفه ، أو یزید علیها ما یفیده!

مثلا : حدیث رواه الأسود ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : جاء علقمة بکتاب ، فیه أحادیث عن رسول الله ، فدخلنا علی عبد الله بن مسعود ، ودفعنا إلیه الصحیفة ، قال : فدعا بطست فیه ماء ...) إلی آخر الحدیث الذی نقله فی ص 54 ، وخرجه فی الهامش 10 عن تقیید العلم ، ص 54 ، وجامع بیان العلم.

لکن الموجود فی تقیید العلم ص 54 : (جاء علقمة بکتاب من مکة أو الیمن ، صحیفة فیها أحادیث فی أهل البیت - بین النبی صلی الله علیه وآله وسلم - فاستأذنا علی عبد الله ، فدخلنا علیه ، قال : فدفعنا إلیه الصحیفة ، قال : فدعا الجاریة ، ثم دعا بطست فیها ماء ...) إلی آخر الحدیث.

لکن فیلاحظ أنه حذف بعد کلمة (أحادیث) جملة (فی أهل البیت ، بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم) التی تعبر بوضوح عن محتوی (أحادیث الصحیفة) لکنه أضاف بعد کلمة (أحادیث) جملة (عن رسول الله)!! فعلی ماذا یدل ذلک الحذف؟! وماذا تعنی هذه الإضافة؟!

ص: 21

لا ریب أن الإضافة تؤدی إلی قلب المعنی إلی الوجهة التی یرغب فیها المؤلف ، وهی المنع من الحدیث النبوی المکتوب.

لکن ماذا یسمی هذا التصرف فی قانون (الأمانة العلمیة)؟!

وإذا کان محتوی الصحیفة أحادیث حول أهل البیت النبوی ، وجاءت من مکة أو الیمن ، ولیست - بالذات - من المدینة التی هی مرکز الحدیث ومعدنه ، فهل الاستناد إلی هذه الروایة یفید الدلالة التی یبتغیها المؤلف؟!

وإذا کان محتوی الصحیفة الحدیث حول أهل البیت النبوی ، بالتأکید الذی أعتمده الراوی للحدیث ، فماذا تعنی إماثة ابن مسعود لتلک الصحیفة وإتلافها؟! وماذا یعنی حذف إبراهیم فوزی لهذا الجملة؟!

إن ذلک یدل بلا ریب علی أن ابن مسعود وفوزی یجریا فی تیار هوی واحد ، وهو المنع من تدوین السنة ، علی حساب أهل البیت!

ومثل آخر من الدلالات التی أهملها الکاتب : فی حدیث استشارة عمر ابن الخطاب للصحابة حول کتابة السنة حیث جاء فیه : (فأشاروا علیه بکتابتها) کما نقله فی ص 40 ، لکن المؤلف لم یتحمس لهذه الجملة التی تعبر عن رأی الصحابة المستشارین ، عامة ، وهو إباحة التدوین ، وعدم التحرج منه أبدا ، ولیس (النهی عن التدوین) کما عنونه المؤلف لهذا الفصل الثانی بالذات ، کما تدل هذه الجملة علی ضد عنوان الفصل الثالث : (إمساک الصحابة عن تدوین السنة).

وعلی الرغم من وضوح دلالة هذه الجملة علی موقف الصحابة - عدا البعض - فإن المؤلف أهمل هذه الدلالة ، فلا نجد فی کل الکتاب أدنی إشارة إلیها!

ولا نظن أن هذا التصرف یدل علی الحیاد فی البحث!

ص: 22

* تناقضات!

ونجد فی الکتاب نتائج یناور علیها المؤلف بقوة ، بینما یناقضها بنفسه فی مواضع أخری من کتابه.

مثلا یقول فی ص 6 - 167 :

(إن الحدیث عن رسول الله له یدون فی عصر الصحابة ، ولا التابعین ، وإنما دون فی عصر متأخر نقلا عن الذاکر عن لسان الحفاظ).

ومعنی هذا الکلام أن الحدیث - فی عصر غیاب التدوین - کان یعتمد ضبطه علی عنصر الذاکرة ، التی اعتمدت بدورها الأخذ عن لسان (الحفاظ).

والمراد بالحفظ ، هو حفظ نص الحدیث علی الذاکرة ، وهو الطریقة البدائیة ، والطبیعیة ، والمتعارفة للنصوص ما قبل مرحلة التدوین ، وإذا کان التدوین نقلا عن هذه الطریقة فإذن کان معتمدا علی الذاکرة عن الحافظة - حسب ما قرره المؤلف -.

ولکنه یقول - بعد سطر! - :

(ومن البدیهی - بعد أن طال الزمن - من أن یدون الحدیث بالمعنی ، بعد أن أسدل النسیان علی اللفظ).

فکیف کان التدوین هناک نقلا عن الذاکرة عن الحفاظ؟! بینما هنا یدون بعد طول الزمن ، وبالمعنی ، وقد نسی اللفظ؟! فما الذی قلب الذاکرة عن الحافظة ، إلی ناسیة ، وقلب اللفظ إلی المعنی؟! ویقول فی ص 190 :

(جری تقویم الحدیث لاعتبارات تتعلق بأخلاق الراوی ، ولم یجر تقویم الفکر والعقل لدی رجال الإسناد ، فقد یکون الراوی ممن یتمتع بالشروط التی وصفوها ... لکنه لا یتمتع بمستوی فکری

ص: 23

وعقلی یؤهله لتقویم الحدیث من جهة المعنی).

فیری أن المستوی العقلی غیر معتبر فی الراوی ، بینما هو یعترف فی ص 191 بأنهم :

(اکتفوا بأن تتوافر فی روایة الحدیث الشروط التالیة : أولا : أن یکون الراوی عاقلا وممیزا ...).

فإذا اشترط فی الراوی أن یکون عاقلا ، فما معنی قبول روایة من لا یتمتع بمستوی عقلی؟!

* دعاوی ، وانفراد بالموقف!

ورغم أن المؤلف یحاول - أو یدعی له - اتباع (منهج نقدی علی درجة عالیة من الجسارة والشجاعة) إلا أن وجود عدد غیر قلیل من الدعاوی الفارغة من کل دلیل ، بل مستندة إلی مجرة الظن والتخمین ، لا یناسب هذه الدعوی ولا تلک المحاولة.

1 - یقول فی ص 38 عن مرحلة مکة :

(لم تکن کتابة ما یتحدث به [النبی] فی هذه المرحلة ، موضع تفکیر أحد من المسلمین الذین کانوا قلة وجلهم من المستضعفین المضطهدین الذین کانوا یجهلون القراءة والکتابة ، فالنهی عن تدوین السنة وقع فی المدینة بعد الهجرة ، ولیس فی مکة).

فهو یوهم - هنا أیضا - أن هناک نهیا - محتوما - قد وقع ، وأن البحث إنما هو فی وقوعه فی مکة أو المدینة!

وبدعوی أن المسلمین کانوا یجهلون القراءة والکتابة ، ینفی أن یکون ذلک فی مکة ، مع أن یجد القرآن قد کتب فی مکة ، وعلی ید أولئک القلة من المستضعفین والمضطهدین؟!

ومن أین عرف المؤلف أن المضطهدین لا بد أن یجهلوا القراءة

ص: 24

والکتابة؟!

مع أن نهی قریش لعبد الله بن عمرو ، عن کتابة کل شئ عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم یقتضی أن یکون ذلک فی مکة ، لأن قریشا لم تکن لها تلک الجرأة لکی یتکلموا بذلک الکلام الثقیل فی المدینة ، مرکز ثقل النبی صلی الله علیه وآله وسلم وحکومته!

2 - وفی ص 45 ، بعد نقل حدیث عن أحمد ، نصه : (أفضل الصوم صوم أخی داود ...) یقول :

(وما نظنه إلا من وضع أولئک الصالحین الذین کانوا یضعون الأحادیث).

وأی منهج نقدی یجیز له هذا التظنی؟!

3 - وفی (ص 44) عن صحیفة عبد الله بن مسعود بن عمرو ، یقول :

(لم یأخذ أحمد بن حنبل فی مسنده عن صحیفة مکتوبة ، إذ أن علماء الحدیث کانوا لا یجیزون أخذ الحدیث عن الصحف المکتوبة إلا إذا رویت بطریق السماع عن ثقة عن ثقة عن ثقات حتی ینتهی إلی الصحابی الذی سمعها من النبی ، کانوا یطلقون علی الأحادیث المکتوبة فی صحیفة اسم (الوجادة) وقد احتج الفقهاء علی عدم الأخذ بها ، ولو علم کاتبها ، إلا إذا أخذت بالسماع والروایة).

فمع أن الکلام مؤلف من دعاو متعددة ، عن أی مصدر أو مرجع ، فهو مخالف للواقع فی عدة مواقع :

فدعواه (أن أحمد لم یأخذ من صحیفة مکتوبة) لم یدل علیه الدلیل ، فالحاجة إلی السماع لا تنافی کون الحدیث مکتوبا ، فیسمعه أیضا.

مع أن حصر طرق الروایة بالسماع فقط ، مخالف لإجماع العلماء علی أن طرق التحمل والأداء عدیدة.

ص: 25

علی أن الوجادة المقررة کآخر الطرق الثمان لتحمل الحدیث وأداته هی أن یعتمد الراوی علی وجود الحدیث فی نسخة مکتوبة ، بشرط أن یکون خط الکاتب معروفا ، وموثوقا به من حیث الضبط والصحة ، لکن الراوی الواجد لم یحصل علی الکتاب بطریق السماع والقراءة أو غیرها من الطرق ، غیر هذه الوجادة.

وأما العثور علی کتاب لا یعرف صاحبه ولا کاتبه ولم یوثق بصحته وضبطه ، فلا یدخل فی البحث عن (الوجادة) المصطلح علیها.

والوجادة - مع شروطها المقررة - عدها البعض کآخر الطرق لبلوغ الحدیث إلی الواجد ، فیکون متحملا له لوصوله إلیه ، وأنه خیر من التزام الرأی.

إذن ، فالکتابة الموجودة بخط معروف ، لیس من المختلف فیه ، أو هو معتمد علیه عند الأکثر ، وبهذا یعرف وجه المهاترة فی قوله : (حتی لو علم کاتبها) إذ لو لم یکن لذلک أثر ، فما هو الذی دفعه إلی فرضه؟!

4 - وفی ص 47 - 48 ، یقول - بعد نقل أحادیث إباحة التدوین - :

(هذه تثبت أنه (ص) رخص بکتابة أحادیثه لبعض أصحابه ، ممن کانوا یعرفون القراءة والکتابة ، وهذا القول - وإن کان صحیحا - کتابا یقرؤه الناس ، کالقرآن ، وأن کل الأدلة تشیر إلی أنه رخص لبعض أصحابه ممن کانوا یحسنون القراءة والکتابة ، بکتابة أحادیثه من أجل حفظها ، وکان الناس الذین یکتبونها یتلفونها إذا حفظوها ، ولو صح أن النبی (ص) أباح کتابة السنة لیجعل منها کتاب ککتاب الله یقرؤه الناس علی نحو ما حدث فی القرن الثالث الهجری ، لما بدر من جانب الصحابة هذا التشدد فی منع کتابتها ، والذی وصل درجة التحریم ، وقد قضت السنة قرابة القرن من الزمن والمسلمون یحرمون کتابتها ، أما الصحف فلم یصل شئ منها إلی الرجال

ص: 26

الذین قاموا بتدوین الحدیث فی القرن الثالث ، ولم یقل أحد منهم أنه اعتمد فی جمع السنة علی صحیفة من هذه الصحف).

فمالصادرة - کما یقول أهل المنطق - واضحة فی دعواه الأولی ودلیلها بفارق واحد ، وهو أن الدعوی هی کون الترخیص لبعض من یعرفون الکتابة والقراءة ، وأما الدلیل فهو کون الترخیص لبعض من یحسنون ذلک؟! فهل یرید المؤلف أن یفرق بین من (یعرفون) وبین من (یحسنون)؟!

وأما تصحیحه للدعوی ، فهل یأمن أن یقول له المعارضون : إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم إنما منع بعض الصحابة ممن لم یعرفوا - أو لم یحسنوا - الکتابة والقراءة؟!

وإذا لم تشکل أدلة الإباحة دلیلا علی الجواز العام ، فلماذا شکلت أدلة النهی دلیلا علی المنع المطلق والعام؟!

وأما دعواه (أن الناس کانوا یتلفون ما یکتبون) فهل وجد له مصدرا دل علی ذلک ، مما اتصل بعصر النبوة ، حتی یمکن نسبة ذلک إلی الشریعة؟!

وإذا کان النبی صلی الله علیه وآله وسلم قد أجاز للبعض - ممن یعرف أو یحسن - فلماذا لم یرد أن یکون کتابا یقرأ؟! فهل الکتاب یسجل إلا لیقرأ؟! وهل إتلاف الکتاب - بعد کتابته - یوافق المنطق والعقل السلیم؟!

فلماذا لا ینقد المؤلف متن ما جاء بذلک من الأحادیث - لو وردت - وهو من دعاة النقد العقلی للحدیث؟!

وأما استناده إلی ما بدر من الصحابة من التشدد فی منع الکتابة ، فهو استدلال باجتهاداتهم مقابل نص النبی صلی الله علیه وآله وسلم وأمره بالکتابة.

وهل عمل الخلفاء فی القرن الأول ، یشکل دلیلا ، فی مقابل نص النبی صلی الله علیه وآله وسلم حتی یستند إلیه ، فیدعی أن السنة قضت قرنا من الزمن غیر مکتوبة؟!

ص: 27

نعم ، إن الحدیث طیلة القرن الأول قد حورب ومنع من کتابته ، ولکن ذلک لا یشکل دلیلا شرعیا علی صحة ما فعلوا ، ما دام الحدیث حجة بنص القرآن ، وتأکید الرسول صلی الله علیه وآله وسلم علی المحافظة علیه ، ونشره وتبلیغه.

مع أن المتشددین ضد تدوین السنة لم کونوا إلا القلة - من الحکام ومؤیدیهم - ، وأما عامة الصحابة فکانوا مع التدوین ، وقائمین به ، ومؤکدین علیه من خلال أعمالهم ومؤلفاتهم ، وأقوالهم وتصریحاتهم.

وأما دعواه بالنسبة إلی من جمع الحدیث فی القرن الثالث ، فهی فارغة من کل دلیل ، بل اعتمادهم علی الصحف والکتب والکتابات ، فهو أمر معروف لا یحتاج إلی تصریح ، بعد کل حرصهم وتأکیدهم علی التدوین والتألیف.

والمؤلف یعید بعض هذه الدعاوی فی ص 57 ، ویقول فی ص 145 :

(وعندما أمر الخلیفة عمر بن عبد العزیز بتدوین السنة ، فی بدایة القرن الثانی للهجرة ، لم یکن فی أیدی المسلمین أی کتاب ، أو صحیفة ، أو وثیقة تحوی شیئا من أحادیث النبی (ص) ... أما ما قیل عن بعض الصحف التی کتبت فی عهد رسول الله ، فهی قد اندرست ، ولم یعرف شئ منها ، ولذلک اعتمد رجال الحدیث فی جمعه علی الروایة والذاکرة ممن کانوا یحفظونه).

وهل فی اعتماد الروایة والذاکرة ممن کانوا یحفظونه ما یقتضی اندراس الکتب السابعة؟! أو فی ذلک دلالة علی عدم الحاجة إلی الکتابة؟! وهل الکتابة تنافی الحفظ علی الذاکرة؟! کیف ، وهو قد افترض أن الکتب إنما کتبت کی تحفظ فإذا حفظت أتلفت - کما زعم -؟!

ومن أین کل هذه الدعاوی الطویلة العریضة ، علی التاریخ وحوادثه ، وعلی الحدیث ، وعلی المحدثین؟! هل (المنهج النقدی) یسمح بمثل هذه الدعاوی من دون دلیل؟! والبحث إنما هو عن أمر یحتاج فی معرفته إلی النقل

ص: 28

والروایة ، إن نترک المنهج إلی التزام الجسارة والتعدی والتجاوز علی التراث وذخائره!

5 - وفی ص 168 ، یقول :

(بعد أن انتشرت الکتابة وکثر الذین یکتبون وظهرت الکتب وفیها الأحادیث المکتوبة ، صار یجوز الأخذ بها إذا أجازها قائلها ، وقد أطلقوا علیها اسم (الإجازة) وهذه المرحلة التی مر بها الحدیث والمسماة بمرحلة الإجازة جاءت بعد مضی قرن من الزمن کانت کتابة الحدیث فیه محرمة).

فإن صح الربط بین وجود الکتب ، وبین ما یسمی بالإجازة ، فإن ذلک ینسف دعواه تحریم کتابة الحدیث فی القرن الأول وعدم تحققها فیه ، لأنا قد أثبتنا فی بحث مفصل وجود (إجازات) صادرة فی بدایة النصف الثانی من القرن الأول (1) ، فتکون الکتب متداولة منذ ذلک الحین ، وتکون مرحلة الإجازة متقدمة علی ما فرضه.

وأما قوله بعد ذلک فی ص 169 :

(ثم تلت هذه المرحلة مرحلة جدیدة وهی جواز نقل الحدیث وتدوینه فی الکتب من دون إجازة من أحد).

فیدل علی ضحالة معرفته بتاریخ التراث الإسلامی ، ومناهج رجاله فی ضبطه وتداوله ، فإن الرجوع إلی الکتب من دون سماع أو إجازة ، أو سائر طرق التحمل سوی وجود الکتاب ، إنما تسمی (الوجادة) لکنها لم تکن عنده معتبرة کما ذکر فی ص 44 أن الفقهاء احتجوا علی عدم الأخذ بها.

أما (الإجازة) فقد ظلت ضروریة ومتداولة حتی عهد متأخر ، ولا تزال مهمة لأداء آثارها التراثیة.

ص: 29


1- 1. فی کتابنا (إجازة الحدیث) الذی نعده للنشر بعون الله تعالی.

6 - ویقول فی ص : 167

(وفی کتب الحدیث أحادیث رکیکة فی ترکیبها وبنائها ولا یتصور أن تصدر من النبی (ص) وهو أفصح الفصحاء ، وقد نزل القرآن علی لسانه ، وکان فی غایة الفصاحة).

وهذه نغمة سبق أن ضرب علی وترها محمود أبو ریة ، وهی دعوی خاویة علی عروشها ، ولقد فندناها فی دراستنا عن (تدوین السنة الشریفة).

7 - ویقول فی ص 5 - 146 عن علوم الحدیث :

(هی مجموعة الأبحاث التی ظهرت فی القرنین الثانی والثالث الهجریین لحل الاشکالات التی نجمت عن تدوین السنة فی العصر الإسلامی الأول).

فمع أن تأخر ظهور علوم الحدیث لا یدل علی تأخر تدوین الحدیث فإن کلامه هذا یدل علی عدم معرفته بالمعنی الصحیح لهذه العلوم ، إذ غالب أنواها إنما یرتبط بنفس الحدیث بقطع النظر عن کونه مدونا أو غیر مدون.

مع أن ظهور العلم بشکل منظم ومدون ، لا ینافی وجوده فی الواقع ، وإن لم یدون ، وعدم تدوینه لا یدل علی عدم وجوده ، فالمتأخر هو جمع قواعده واقتناصها وتنظیمها وتألیفها بشکل علم مستقل ، فالنحو - مثلا - وإن کان إبرازه وإظهاره کعلم مستقل له قواعده وأصوله ومؤلفاته ، إلا أنه موجود فی صمیم اللغة العربیة یتداوله العرب فی لغتهم ، ولا ینکره أحد منهم.

فکیف یدعی کون الاشکالات الناتجة من التدوین هی السبب فی ظهور علوم الحدیث؟!

* منهج التوثیق :

إن الطریقة المعروفة فی توثیق المعلومات ، هی الاعتماد علی نقل النصوص بالرجوع إلی المصادر التی تشکل موارد ثقة وإقناع ، والهدف قطع

ص: 30

الطریق علی المعارضین والتأکد من المحتویات ، وإضفاء الاطمئنان بالنتائج.

ویحاول أن تحدد النصوص بشکل مضبوط ، وفی أطر ممیزة بالأقواس ، مع الإشارة الواضحة إلی الکلمات الناقصة أو المبدلة ، والإرجاع إلی المصادر المحددة کذلک ، وتعیین مواضع النص فیها بالجزء والصفحة غالبا ، والفصل والباب أحیانا.

کل ذلک ، وصولا إلی الهدف والمذکور بدقة وافیة وسرعة أکثر.

وتتأکد هذه الطریقة لو کانت الدراسة تبحث عن موضوع علمی أو تراثی ، لا بد فیه من الاستشهاد بالمنقولات ومتابعتها.

وهذا ما یفتقده الکتاب الذی یعالج القصص والروایات ، أو عرض الأفکار للتسلیة ، أو لبث المعلومات ولیس بصدد المناقشة والبحث.

وموضوع تاریخی تراثی مثل (تدوین السنة) لا بد وأن تکون طریقة التوثیق فیه هی الطریقة المتداولة عند العلماء والمحققین ، إذ یعتمد أساسا علی النصوص والروایات التی هی بحاجة إلی توثیق وضبط ، ومصادر ومراجع.

أما الدخول فی هذا الموضوع ، وتجاوز أعراف الطریقة المتعارفة فهو مؤذ إلی عدم الثقة بالعمل ، وسقوطه علمیا.

وهکذا اتبع مؤلف (تدوین السنة) وهو علی قدر کبیر من الجسارة ، منهجا ، یفتقد کثیرا من عناصر البحث العلمی الرصین ، فلا مصادر ممیزة ، ولا مواضع محددة ، ولا نصوص مضبوطة.

أما ذکر المصادر بلا ذکر المؤلفین ، وخاصة فی غیر المصادر المعروفة ، وکذا نسبة بعض المصادر إلی مؤلفین آخرین ، وکذلک ذکر المؤلف من دون اسم الکتاب ، وذکر اسم الکتاب بصورة مغلوطة ، فأمور تجعل القارئ یدور فی فراغات ومتاهات.

ونذکر فیما یلی مجموعة من المفارقات التی سجلناها ، وملاحظتنا علیها :

ص: 31

1 - فی ص 272 : (رواه الدارقطنی فی کتاب نصب الرایة).

ویلاحظ أن (نصب الرایة) إنما هو للزیلعی ، ولم یعرف للدارقطنی کتاب بهذا الاسم.

2 - ینقل فی ص 33 عن : (المناقب : المکی) وفی ص 318 الهامش 27 : (المکی) فقط وکذلک ص 243 هامش 2 وص 244 هامش 6.

أما فی ص 196 فنجد (المکی : محمد بن علی المکی المتوفی سنة 386 ه) ولم یذکر الکتاب لا متنا ولا هامشا ، کما لیس لهذا المکی ذکر فی فهرس الأعلام - المهزوز الذی وضعه فی آخر الکتاب - حتی یجمع موارد ذکره ویوحدها!

3 - یذکر فی ص 232 هامش 83 مصدرا باسم (أعلام النبلاء) من دون مؤلف ، وکذا فی ص 257 هامش 48 ، أما فی هذه الصفحة هامش 49 فهو یقول : (سیر أعلام النبلاء : الذهبی)!

4 - فی ص 272 هامش 4 (الجصاص ، الطحاوی) من دون ذکر کتبهم وفی ص 272 الهامش 4 : (السیوطی) من دون ذکر کتاب له ، مع أن السیوطی له عشرات المؤلفات.

5 - یقول فی ص 294 هامش 55 : (المغنی) من دون ذکر للمؤلف.

6 - وإهمال ذکر الجزء ، أو الصفحة ، أو کلاهما ، فهو أمر لم تخل منه صفحة من صفحات الکتاب.

7 - ونسبة الکتب إلی غیر مؤلفیها ففی ص 59 هامش 2 : جامع بیان العلم ، لابن عبد الله ، بینما مؤلفه : ابن عبد البر.

وفی ص 203 هامش 8 وقع فی خلط غریب ، حیث حاول أن یترجم لابن عبد البر صاحب (الاستیعاب) فقال : (ابن عبد البر ، هو الإمام عبد الله بن عبد الکریم بن فروخ المتوفی سنة 264 ه یقول عنه ابن حنبل : إنه کان یحفظ سبعمائة ألف حدیث عن رسول الله).

ص: 32

بینما صاحب (الاستیعاب) هو یوسف القرطبی ، المتوفی 463 ه.

وفی ص 229 هامش 72 یقول : (جاء فی الإصابة لابن عبد البر) وکذا الهامش 74.

بینما قد نقل عن (الإصابة ، لابن حجر) مکررا ، ولیس لابن عبد البر کتاب بأسم (الإصابة).

8 - وفی ص 203 یقول ما نصه : (یقول شارح مسلم : الثبوت (ان ...)».

ویدل تنقیطه علی أنه یجهل أن مصدره هو شرح (مسلم الثبوت) وهو کتاب فی الأصول ، معروف متداول! ولکن من أین وکیف نقل المؤلف هذا النص ، وهو لا یعرف اسم المصدر؟!

9 - وفی 43 یروی عن ابن الأثیر فی (أسد الغابة) لکنه فی الهامش 20 یخرج عن (المستدرک للحاکم ، وتقیید العلم ، وجامع بیان العلم).

ومؤلّفو کل هذه الکتب یسبقون ابن الأثیر بقرون من الزمن!

ومثل هذه التصرفات توجب الریب لدی القارئ ، فی صحة ما ینقله المؤلف ، ولو کان اتخذ ذلک منهجا خاصا به لأنه علی قدر کبیر من الجسارة ، فهو استهتار بأصول التوثیق العلمی فی استخدام المصادر ، ذلک الأمر الذی عده حتی الغربیون ضروریا فی الدراسة عن موضوع هام مثل تدوین السنة.

ولا تدل هذه التصرفات إلا علی بعد المؤلف عن المصادر التی یدعی النقل منها ، ولا تبقی ثقة بالآراء التی فرعها علی مثل هذه التصرفات الضحلة ، الساقطة علمیا.

وهناک تصرفات تعد جنایة وخیانة! من قبیل : أنه یحاول أن ینقل عن المذهب الإمامی الاثنی عشری ، فی مواضع عدیدة من کتابه ، ویستشهد بفقههم ، ویبدو وکأنه واقف علی تراثهم ومتصل بهم ، لکنه لم یراجع من مصادرهم إلا (4) کتب هی :

ص: 33

کتاب (أمالی المرتضی) حیث نقل عنه فی ص 68 أمرا من أخبار الجاهلیة ، وهو کتاب معروف فی الأدب والمحاضرات.

وکتاب (مروج الذهب ، للمسعودی) وهو کتاب تاریخ قدیم لا یتسم بصبغة مذهبیة معینة.

ویذکر فی ص 160 هامش 4 ، وص 129 - 130 کتاب (الکافی : للکلینی).

وآخر ما ینقل عنه کتاب (الوصایا والمواریث ، للکرباسی).

فهل المصادر عن المذهب الإمامی تنحصر فی هذه؟! وهل هذه هی أهم مصادر الفقه الإمامی؟! وهی تملأ المکتبات والأعین کثرة وانتشارا!

والموقف عینه یلتزمه مع المذهب الزیدی ، فعلی الرغم من ذکره لکتاب (المجموع) للإمام زید الشهید ، لکنه لم یعتمد شیئا من مصادر الزیدیة فی الفقه ، علی کثرتها ، وأکثرها مطبوع متداول!

إن موقف المؤلف من المصادر والمؤلفین ، وطریقة ذکرها ، یوحی بعدم وقوفه علیها مباشرة ، بل إنما ینقل بواسطة مصادر أخری ، ولهذا وقع فی هذه المجموعة من المفارقات ، فکیف یبقی وثوق بما ینقله ، حتی النصوص المحددة؟!

إما الأخطاء المطبعیة ، فلا یحاسب علیها ، لأنها ضرورة فی الطباعة العربیة ، من قبیل لزوم ما لا یلزم فی القافیة الشعریة ، لکن لا بأس بإیراد ما سجلناه ، إسهاما فی التنبیه علیها ، وقد وضعنا التصحیح بین قوسین.

ص 42 : راجع (رافع) ص 44 : عمر (عمرو) ص 53 : جبر (جبیر) ص 63 : میم (نعیم) ص 107 : یشوع (یوشع) ص 129 : نجران (حران) ص 166 هامش 56 : الفاضل (الفاصل).

أما الأغلاط التی وقع فیها علی أثر بعده عن الثقافة الإسلامیة وتراثها ، فقد سجلنا منها :

ص: 34

1 - ص 88 و 89 عند ذکر (آسیة) امرأة فرعون التی ورد اسمها فی قصة موسی ، یحاول التندید بالحدیث ، فیقول :

(ألیست هی التی قال عنها القرآن أنها راودت (یوسف) عن نفسه فی الآیتین 23 و 24 من سورة یوسف).

فیلاحظ أنه قد اختلط علیه فرعون موسی ، وفرعون یوسف ، لا یهتم المؤلف لبعد العصرین - عصر موسی وعصر یوسف - ما دام یجد فی تشابه الأسماء منفذا یوصله إلی الطعن فی الحدیث ، إن لم یستهدف القرآن أیضا!!

2 - فی ص 104 یقول :

(قتل مع الحسین 72 رجلا من بنی هاشم ، بینهم 17 رجلا من أولاد فاطمة).

وأعاد الکلام فی ص 75 فقال :

(قتل فیها 72 رجلا من بنی هاشم - أسرة النبی (ص) بینهم 16 رجلا من أولاد فاطمة).

والملاحظ : أن الشهداء فی کربلاء 72 رجلا لم یکونوا من بنی هاشم ، بل من سائر القبائل العربیة ، والموالی ، أما من کان من بنی هاشم فهم العدد الآخر 17 وفیهم عدد من أولاد فاطمة علیها السلام ، ولیس کلهم من أولادها!

ص: 35

3 - مع مؤشرات الهدف

* عقلیة تزییفیة!

یحاول العلمانیون أن یزیفوا (حضارة الإسلام) وما یمت إلیها من عقائد وشرائع ومصادر وتراث وتاریخ ماض وحاضر ، وأن یرسموا لها مستقبلا مظلما موحشا ، لماذا کل هذا؟!

إن المتعلمین فی جامعات (الغرب) (1) وجدوا أنفسهم أمام حضارة ملیئة بالمغریات وأسباب الرفاهیة واللهو ، وجدیدة فی فکرها ، وخیالها وتقالیدها حتّی فی المأکل والملبس ...

والحضارة الغربیة ، مهما کانت قائمة علی اُسس وقواعد ، أو لا قواعد ، ومهما کانت أهدافها شریفة أو مغرضة لئیمة ، وطرق تنفیذها صحیحة أو خاطئة ، فقد سار علیها الغربیون ، وتربوا علیها.

وقد وجد الشرقیون - والشباب المتعلم فی الغرب وعلی أسسه وطریقته - لذة فی هذا الجدید ، کما فی کل جدید ، فاعتقدوا أن هذه الحضارة هی السبب فی تقدم الغرب علمیا وتکنولوجیا ، وازدهار العمارة والاقتصاد فی الغرب ، وسر القوة العسکریة الهائلة التی توصل إلیها ، ومن وراء ذلک کل التراتیب الإداریة والأمنیة ، والنظام ...

وعاد الشرقیون إلی أرض الشرق - وخاصة الأوسط الذی تقطنه الغالبیة المسلمة - لیروا کل المظاهر علی خلاف ما فی أرض الغرب ، ولیجدوا التخلف والغوغائیة ، واللانظام فی کل شئ ، فلم یشکوا فی أن سبب هذا التخلف إنما

ص: 36


1- 1. لا نخص بهذه الکلمة المؤسسات فی العالم الغربی ، بل تعم الجامعات فی البلدان الإسلامیة ، والعربیة خاصة - فی مجملها - لکون مناهج دراساتها ومفردات فصولها موافقة للغرب ، حتی لو اختلفت فی السبل والأدوات ، کاللغة - مثلا -.

هو فی (الحضارة الإسلامیة) التی یلتزمها المسلمون والدیانة التی یعتقدون بها.

وبدلا من أن یفکروا فی أسباب هذا الاختلاف بین الغرب والشرق ، بقراءة أصول الفوارق بین الحضارتین (الشرقیة والغربیة) وبهدوء العلماء ، وحیاد المفکرین ، وإرادة صادقة یلزم توفرها فی الحاکمین علی قضایا هامة تمس تاریخ الشعوب ، فإنهم قرأوا کل شئ بنظارات مصنوعة فی (الغرب) وبموازین وزوایا وضعتها الجامعات الغربیة التی تعلموا فیها مناهج التفکیر والدرس والتحقیق.

وفی قفزة نوعیة أهملوا المواد الجاهزة للدراسة عن الحالة المتردیة فی الأمة العربیة بالذات ، والمسببة عن ما یجری الیوم وفی الأمس القریب فی البلاد الإسلامیة وعلی أیدی الغربیین وعملائهم من انتهاکات صارخة ضد الحضارة والفکر والتراث ، وضد (الإنسان) المفکر أو ضد نواة کل ازدهار وتقدم علی أرض الشرق ، وعند أهل الشرق!

هذه المادة التی نعیشها ، بمصادرها وینابیعها وأسبابها ومسبباتها ومکوناتها ونتائجها ، بحیث یتیسر لکل باحث ودارس أن یتوصل بأیسر طریق وأسرع ، إلی معرفة أسباب التردی الحضاری الذی ابتلیت به الأمة.

فبدلا من هذا ، فإن العلمانیین وجهوا فوهات دراساتهم وأسلحة تحقیقاتهم وجهودهم النقدیة إلی (الإسلام) وتاریخه وتراثه ومصادر فکره ، وأصول عقیدته ، وفروع أحکامه وتشریعاته ، وأنظمة إدارته وقضائه وحکمه.

زاعمین أنهم یبحثون عن (سر تأخر الأمة) فی (وجود الإسلام) وتراثه ، وأنه هو السبب فی هذا التردی الحضاری عند المسلمین ، وعند العرب خاصة ، والتدهور الخطر فی عقلهم وعملهم وحیاتهم وتاریخهم ، وأن السبب الأصلی فی تأخرهم عن رکب الحضارة الهادر - المتمثل فی الحضارة الغربیة المعاصرة - هو التزامهم بهذا الدین ومصادره وطریقة تفکیره وتشریعاته! وفی بحوثهم ودراساتهم ، بدلا من أن یکون لهم وجدان العالم المحقق

ص: 37

والناقد الحیادی ، فإنهم أسسوها علی إساءة الظن بکل ما هو شرقی أو یمت إلی هذا الدین بصلة ، فهم یقلبون کل ما فیه من حسنات إلی سیئات ، أو ینسبون حسناته إلی جهات أخری ، بل یحاولون أن یتهموه بما هو برئ منه ، من السیئات والقبائح ، توصلا إلی النتائج التی رسموها وقررها واتفقوا علیها مسبقا ، لتلک البحوث والدراسات.

وفی انتهاج النقد ، بعقلیة تزییفیة لکل شئ إسلامی ، تابعوا مواضع أقدام أساتذتهم فی الجامعات الغربیة ، من المستشرقین الذین بدأوا قبل أکثر من نصف قرن هذا المنهج ، حاملین عقلیة التزییف لکل ما هو إسلامی من فکر وشریعة ، حتی التقالید والطباع.

والفارق بین المؤسسات الاستشراقیة ، والتیارات العلمانیة ، أن الأولی کان أفرادها یکتبون بلغات أجنبیة بعیدة عن متناول الادراک ، ومتناول الأیدی فی الأرض الإسلامیة ، إلا بعد ترجمة التلامذة لها إلی العربیة.

أما هؤلاء العلمانیون فهم فخورون بأنهم (عرب الألسن) یکتبون بلغة أمتهم! ویؤدون الواجب بسهولة وسرعة ، وبکل صراحة ، وجسارة وشجاعة! لأنهم یعتبرون أن لهم الحق فی التعبیر والتدخل فی شؤون تمس حضارة أمتهم ، وإن کانوا یقومون مقام (البدلاء) عن المستشرقین والغربیین ، وینتهجون مناهجهم فی التزییف لکل ما یمت إلی هذه من حضارة وتقالید.

وبینما کانت الأمة تنظر إلی ما یصدره الغربیون من دراسات متهجمة علی الإسلام وتراثه ، بعین الریبة والنقد ، فإن العلمانیین یحاولون أن یعتبروا کل نقد موجه إلیهم (إرهابا) ویتهموا کل مفکر یعارضهم بالأصولیة ، وامتلاک (العقلیة التکفیریة).

وأما غوصهم فی مستنقع (العقلیة التزییفیة) وقیامهم بعبادة الغرب ، وانبهارهم بالحضارة الغربیة ، وهجومهم علی الأمة الإسلامیة ودینها وحضارتها وتراثها وتقالیدها ، وبأسالیب ساقطة وطرق تزویریة منحطة ، فإن ذلک عندهم

ص: 38

(حریة فکریة) و (منهج نقدی شجاع) و (حداثة) و (انفتاح)!

ولسنا بصدد منعهم من انتهاج طریقة تفکیر معینة ، حتی لا نتهم بمصادرة حریة التفکیر ، ولا باحتکار المعرفة ، ولکنا نتساءل : عن السبب فی محاولتهم احتکار المعرفة ، وتزییفهم لکل قراءة لا تتفق ورؤاهم ، حتی لو کانت تمثل الحقیقة المرة فی أذواقهم؟!

مع أن الغربیین أنفسهم قد رسموا للبحث العلمی طرقا ومناهج فی التوثیق واستخدام المصادر ، وهی تعتبر أولیة ضروریة لکل دراسة یراد لها القبول والرواج ، ویحاول فیها التوصل إلی النتائج السلیمة ، فلا بد من أن تسایر الأسالیب الوضعیة المعترف بها ، والأعراف المقبولة ، ولیس من الشجاعة ، ولا الحریة تقتضی أن یتجاوز الباحث هذه الطرق والمناهج ، ولو بدعوی القراءة للإسلام وتراثه ، ولیس ذلک مدعاة للفخر ولا للزهو حتی فی مرأی الأسیاد الغربیین!

إن تحکم الروح الغربیة وسیطرة العقلیة التزییفیة علی العلمانیین ، سببا فی أن یحاولوا دائما إملاء النتائج المعینة - مسبقا - علی (الأدلة) وتوجیه الأدلة إلی النتائج المرسومة تلک ، ولیس اتباع الدلیل حیثما یتوجه ، وقبول ما یرشد ، أو یتوصل إلیه.

إن هذا الانقیاد للمدلول علی حساب الأدلة ودلالتها القاطعة ، مرفوض عند کل من یفکر بطریقة حیادیة ومجردة عن الأهواء.

ولم تخل المؤلفات التی تصدرها التیارات العلمانیة من الوقوع فی وهدات من هذا القبیل ، ومن أمثلتها الحدیثة کتاب (تدوین السنة) لفوزی.

* الغرض : تزییف الشریعة!

إن المحاولة الجادة للدراسات العلمانیة هی تطبیع الحضارة الإسلامیة لأنماط الحادثة الغربیة ، ولیس هو العکس ، وهذا سبب الاعوجاج فی المناهج

ص: 39

التی تسیر علیها محاولات العلمانیة العربیة بقناع البحث فی الإسلام ، وقراءة مصادره ، وخطابه بصورة حدیثة.

وقد أعرب فوزی فی مقدمته عن غرضه : تزییف الدعوة إلی تطبیق الشریعة الإسلامیة ، باعتبارها غیر قابلة للتطبیق ، وهذا الغرض رافقه علی طول الکتاب ، وفی جمیع أقسامه وفصوله حتی الخاتمة فی النهایة الأخیرة.

وقد عده بعض النقاد : (جسورا وشجاعا) و (ناقدا منهجیا) لأنه لم یحاول أن یقدم ما یبرر هذا الغرض ، أو یحدد أهدافه ، بل لأنه (دخل بالقارئ مباشرة فی قلب المشکل الذی یتصدی له) فهو یقول فی أول صفحة من مقدمته ، ص 11 :

(یعیش العالم الإسلامی فی ضیاع وقلق فکری ، وتمزق اجتماعی ، وانقسام فی صفوف الشعب الواحد ، بینما ینعم العالم الغربی - الذی سلک طریق العلم والحضارة والحریة الکفریة ، وتخلص من رواسب الماضی - باستقرار فکری ، وازدهار اقتصادی ، وتقدم علمی ، فی جمیع الحیاة).

إن افتخار العلمانیة بما حققه الغرب من تقدم ، وما یسمونه (نعمة) علی فرض صدق المقولة ، إنما هو من قبیل افتخار العنین بذکر أبیه ، أو العاقر بولد ضرتها.

وهنا نجد الخلط المتعمد بین (العلم) و (الحریة الفکریة) و (التقدم العلمی) أما قوله : (فی جمیع مجالات الحیاة) فهل یعلم أن الغربیین أنفسهم یرفضون هذه الدعوی ، ویصرحون بأن تقدمهم العلمی والتکنولوجی إنما کان علی حساب الإنسانیة والأخلاق والقیم!

ثم ما المراد من (العالم الغربی)؟! هل هی النخبة الحاکمة فی البلدان الغربیة - سواء من بیدهم السلطان وأصحاب الکارتیلات ، ورؤوس الأموال والأسهم والبنوک والمصانع والشرکات ، أولئک المتمتعون بکل مزایا الحیاة

ص: 40

المرفهة؟!

أو عامة الشعوب الکادحة والأعداد الملیونیة العاطلة عن العمل ، أو الطبقة المحرومة من أبسط مستلزمات العیش ، کالسکن؟!

إن الحکم المطلق علی الحیاة فی العالم الغربی بالحریة والتقدم ... ، إنما هو تمهید لما یریده من الحکم علی العالم الإسلامی بتزییف کل شئ!

ومن دون أن یفرق فی حکمه علی العالم الغربی بین الأغنیاء والفقراء ، فإنه فی العالم الإسلامی - المنتمی إلی الإسلام کشریعة - یفرق بین الأصولیین ، الذین ینادون بتطبیق الشریعة الإسلامیة ، وبین الجماهیر الإسلامیة ، فیعتبرهم (لیس لدیها مفهوم واضح وجلی عن الشریعة الإسلامیة).

فهل جماهیر الشعوب الغربیة لدیها مفهوم واضح عن التشریعات الغربیة ، أو المعطیات العلمیة التی تقوم علیها؟! وبینما یوحی أن التشریعات الحدیثة تقوم علی (المعطیات العلمیة) وعلی (المبادئ والأسس) فهو یحاول أن یشوه الأسس التی تبنی علیها الشریعة الإسلامیة ، ویزیفها ، ویجعلها مشتتة ، وبعیدة عن أعین الجماهیر المسلمة!

فهل الأسس والمبادئ - المدعاة للتشریع الغربی أنه یقوم علیها - معروضة أمام أعین الجماهیر الغربیة؟!

وبینما هو یطلق عنان التمجید والتخلید للشریعة الغربیة ، یقول :

(لقد وضعت الشریعة الإسلامیة عن النطاق التأریخی للعصر الذی ظهرت فیه ، وهو عصر قبلی ، ومن البدیهی أن یحمل فی طیاتها کثیرا من سمات ذلک العصر ، لتتلاءم أحکامها مع حاجات الناس - القلیلة والبدائیة آنذاک ، ومع قدراتهم الفکریة والأخلاقیة علی استیعابها والأخذ بها).

ص: 41

وهذا الکلام یوهم أن الشریعة الغربیة خالفة ، ولم تنشأ فی عصر معین. ولا بیئة خاصة ، ولم تسق فی النطاق التأریخی للعصر الذی وضعت فیه!

مع أنا لو لاحظنا سرعة (التقدم العلمی) الفائق فی هذا العصر ، لرأینا أن کل یوم یمضی علی أهله فهو بمنزلة عقد (10 سنوات) من الزمن الماضی ، فإذا کانت الإشکالیة علی الشریعة الإسلامیة إنما هی تقیدنا بنطاق تاریخی محدد ، فکل ما یسنه الغرب من شرائع فهو کذلک مقید بنطاقه الزمنی ، ویصبح بعد فترة وجیزة تاریخیا بائدا ، بل إن التقدم العلمی السریع یکشف عن أخطاء التشریعات ، بنفس الدرجة التی یتقدم بها العلم والتکنولوجیا ، وبذلک لا تبقی الثقة مستمرة بالتشریعات الغربیة! فلماذا الدعوة الجادة هذه إلی التزام التشریع الغربی ، علی حساب الشریعة الإسلامیة؟!

أما إذ کانت ملاکات التشریع فی الغرب ، هی (المصالح والمفاسد) البشریة ، فهی لا بد أن تستقر ولا تکون عرضة للأهواء ، ولا تتأرجح بإرادات سلطویة ، تشرع ما یحب أن یتغیر ، لأن المصالح البشریة ثابتة ومستقرة وهی عامة لکل البشر لا تفرق بین عنصر وعنصر ، ولا شعب وشعب ، ولا زمان وزمان ، ولا طائفة وطائفة ، وهذا هو ما ابتنیت الشریعة الإسلامیة علیه ، لأنها تتبع إرادة السماء ، بعد الاعتقاد بوجود (الله) العالم بمصالح عباده وما یفسد وجودهم ، ولذلک فإن شریعة الإسلام ، هی (إلهیة) قبل أن تکون (أرضیة) و (دین الله لا یقاس بالعقول) و (حلال محمد حلال إلی یوم القیامة ، وحرامه حرام إلی یوم القیامة).

هکذا یفکر المسلمون ، ویلتزمون بشریعة الإسلام ، بعد أن وجدوا فی هذا الدین الطریق الصالحة للحیاة ، والشریعة الموافقة للعقل والعدل والوجدان ، والبعیدة عن الظلم والعدوان ، وبعد أن جربت الجماهیر - طوال القرن الماضی وما سبقه - حضور الأنظمة المختلفة المستبدة والقبلیة والملکیة والجمهوریة الغربیة ، وذاقت الأمرین من النظم المدعیة للحریة والتابعة

ص: 42

للغرب ، ووضح لها فشل القوانین والدساتیر المستلهمة من الغرب ، والتی طبقت حرفیا فی جمیع الأرض الإسلامیة ، فلم تجن الشعوب منها إلا البلاء والتخلف الحضاری المشهود ، وقد وجدت الجماهیر هذه النظم الغربیة وتشریعاتها فارغة من کل عدل وخیر ومصلحة ، فلجأوا إلی الدعوة إلی تطبیق الإسلام الذی میزوا بکل وجودهم ما فیه من خیر وبر وعدل.

وإذا اعترف المؤلف (فوزی) بأن الدعوة إلی تطبیق الشریعة الإسلامیة فی عصرنا تلقی الاستجابة من الطبقات الشعبیة الإسلامیة ، لأن هذه الدعوة قائمة علی استغلال (المشاعر) ص 25.

فهل فکر : لماذا عادت هذه المشاعر المتروکة منذ مجئ الاستعمار إلی الأرض الإسلامیة ، عادت إلی الحیاة ، لتستغل من جدید؟!

ولماذا یحاول العلمانیون أن یفرغوا الملایین من شعوب الأمة الإسلامیة من (إرادتهم) و (رغبتهم) و (فکرهم) ویفرضونهم مستغلین من قبل الآخرین ، والأصولیین - مثلا -؟!

ولم لا یفرض مثل ذلک فی الشعوب الأوربیة التی تتلاعب بعقولها تلة من ذوی الأطماع الفاسدة من الیهود والسیاسیین؟!

* تطبیق الشریعة یقظة حضاریة :

إن الملایین الشعبیة التی صوتت إلی جانب تطبیق الشریعة الإسلامیة لیس هم الأصولیون - کما تحلو للعلمانیة تسمیتهم - وحدهم ، وإنما هم الجماهیر التی تسحق تحت أقدامها المعسکر العمیل للغرب ، بل جنود الغرب ، وذیولهم الذین یحملون أقلاما مزیفة یشوهون صورة شعب کامل ، ویزیفون عقله وإرادته.

وإذا اعترف المؤلف فی ص 14 بأن :

(الحضارة الإسلامیة قامت عندما کانت الشریعة قریبة من

ص: 43

مفاهیم الناس ومدارکهم ، وکافیة لاستیعاب النمو الاجتماعی).

فإن الناس هم الیوم - فی کل الأرض الإسلامیة والعربیة - یقتربون من الإسلام - بعد فصل الاستعمار لهم عنه - ویعودون إلیه ، لأنهم وجدوه الأوفق بمدارکهم ، والمؤمن لحاجاتهم الاجتماعیة ، ویطالبون الحکام العملاء بتطبیق الشریعة الإسلامیة ، بعد أن ذاقوا الأمرین بالابتعاد عنها من القوانین والنظم المقررة فی الغرب ، والتی فرضتها الدول الاستعماریة ، فلم تجن الشعوب والأرض الإسلامیة منها إلا الخیبة والدمار والتخلف فی مجالات الحیاة کلها.

ویوم دخل الاستعمار أرض الإسلام ، کان رتله الخامس المتخفی هو الذی یدعو إلی رفض الإسلام وشریعته ، ویتهمه بالتأخر الجمود ویتبجح بالتقدم الغربی ، وقد تمکن من ذلک بالقوة العسکریة والتزویر من فرض إرادته وعملائه علی الحکم فی البلاد الإسلامیة ، وإزواء الإسلام وتزییف عقیدة الناس به.

والیوم ، وبعد أن عرف الناس زیف ادعاءات الغرب ، وزیف نظمه وتشریعاته ، جاء رتل العلمانیین ، لیعیدوا الکرة علی الإسلام وتشریعاته ، بأسلوب (البحث والدراسة) وقد غفلوا من أن الناس - هذه المرة - قد تسلحوا بالتجربة المرة من الغرب وتشریعاته ، ولن ینخدعوا بهذه الدعایات المغرضة ، وعملیات التزویر والتشویه لسمعة الدین والشریعة.

إن الجماهیر من الناس تعلم أن الحضارة الإسلامیة ما انهارت إلا عندما ترک العمل بشریعة الإسلام ، واتهمت بالقدم والتأریخیة ، ولجأ المقننون العرب إلی الغرب یقتبسون من تشریعاته ، لیدسوه فی دساتیر البلدان الإسلامیة والعربیة ، ویکفی إلقاء نظرة إلی قوانین البلدان العربیة لیجد بعدها عن الشریعة الإسلامیة واعتمادها علی القوانین الفرنسیة والإنکلیزیة والأمریکیة! فلماذا لم تفلح الدول العربیة ، لو کان فی النظم الغربیة وتشریعاتها ، خیر ، وعلم؟!

ص: 44

إن التخلف والدمار اللذین باءت بهما المجتمعات الإسلامیة ، إنما هو من جراء الالتزام بالنظم العمیلة للغرب والقوانین الوضعیة الغربیة الساریة المفعول فی البلاد الإسلامیة والعربیة منذ أکثر من قرن.

ولن تعود الأمة ثانیة إلی تلک التجربة المرة (فإن المؤمن لن یلدغ من جحر مرتین).

* شریعة الغرب ، والمبادئ والقیم!؟

لکن کل هذا ، ولا بعضه ، لا یحلو للعلمانیین ، ومؤلف کتاب (تدوین السنة) یحاول أیضا عرض (إشکالیات) عدیدة علی الشریعة الإسلامیة ، فبعد ما نقلناه من مقدمته ، یقول فی خاتمته ص 375 :

(هذه هی الشریعة الإسلامیة ، بسطناها بکل حیاد وتجرد [!!] فما الذی یصلح منها للتطبیق فی عصرنا؟).

ثم یدعو المسلمین الحریصین علی التمسک بالمبادئ الأساسیة التی جاءت فی القرآن الکریم إلی :

(طرح المسائل الشکلیة التی سقطت بتقدم الإنسان فی عصرنا ، والتقریب بینها وبین المبادئ التی نصت علی شریعة حقوق الإنسان ، والقائمة علی المساواة فی الحقوق بین المرأة والرجل ، والتی تنبع جمیعا من قیم إنسانیة وأخلاقیة ، ولیس فی هذه المساواة ما یتنافی مع المبادئ الأساسیة للشریعة الإسلامیة).

وهذه الخاتمة الموجزة (صفحة واحدة فقط!) تجمع (کل الصید فی جوف الفرا) حیث أعطی غرضه بوضوح ، وهو الذی لم ینفک عنه فی کل صفحات الکتاب ، ویتلخص فی : (إن التشریعات الغربیة الحدیثة - جمیعا - تعتمد القیم الإنسانیة والأخلاقیة ، فیجب إسقاط ما یتنافی من التشریعات الإسلامیة مع التشریعات الحدیثة)!

ص: 45

إنه یفرق بین التشریعات الغربیة - فهی عنده تعتمد علی القیم الإنسانیة والأخلاقیة - وبین التشریعات الإسلامیة فیقول إنها مقیدة بالنطاق التاریخی فی العصر الذی وضعت فیه!

وقد عرفت زیف هذه التفرقة!

أما عن (القیم) المزعومة ، التی یدعی اعتماد التشریعات الغربیة علیها : فهل یعترف الغرب - والعلمانیون - بشئ اسمه (القیم)؟! فمن أمثلة ذلک ما ذکره المؤلف فی ص 51 ، أن الحضارة الحدیثة :

(ألغت الرق فی العالم ، واعتبرته جریمة إنسانیة ، وأعلنت المساواة فی الحقوق بین الناس ، وتتمثل هذه المساواة بالإعلان العالمی لحقوق الإنسان الذی ألقی التمییز بین البشر ، وساوی فی الحقوق بین المرأة والرجل).

نعم ، فإن هذه هو (الاعلان) لکن أین العمل والتطبیق؟! فلو أن الحضارة الغربیة الغت الرق فی الاعلان ، فهل ألغی الرق فعلا ، أم أن الأحرار أصبحوا هم رقیقا للقوة والثروة المکدسة ، وعصابات المافیا ، وتجار المخدرات ، وهیمنة أجهزة الاستخبارات العالمیة؟!

وإذا اعتبروا الرق جریمة إنسانیة ، یهابونها ، فلماذا لا یقلعون عن الأکبر منها من الجرائم المروعة ضد البشر فی العالم ، بل ضد الموجودات الکونیة الأخری؟!

وإذا کان (الاعلان العالمی لحقوق الإنسان) - مجرد (إعلان) فقط طبعا - قد ألغی التمییز بین البشر ، فلماذا التمییز العنصری بین السود والبیض فی کل العالم الغربی ، وخاصة أمریکا؟!

وفی مقر الأمم المتحدة بالذات!!؟

وما هو موقف العلمانیین ، لو علموا أن (البشر) فی مصطلح أهل الاعلان العالمی ، هم الأوربیون ، فقط؟!

ص: 46

وماذا لو قال الغربیون إن (حقوق الإنسان) تعم (الحیوان) الأوربی ، ولا تشمل الشرقیین لأنهم (وحوش)؟!

وأما المساواة بین الرجل والمرأة ، فهل کان فی صالح الرجل؟! أو فی صالح المرأة؟! أو فی صالح الشهوات الأوربیة التی أرادت تعریة (المرأة) من کل الحقوق ، حتی اللباس والحجاب؟!

وألف سؤال وسؤال ، تظل بلا جواب ، عن تلک الحقوق المزیفة!

إن العلمانیین یتغافلون عن کل هذه الحقائق التی تعیشها البشریة ، وبالإمکان الإجابة عنها بوضوح وبسهولة ، ووجدان الأجوبة فی ما تسیر إلیه البشریة من الوحشیة والفقر والظلم ، فی ظل (الاعلان العالمی لحقوق الإنسان) الذی یستغله الغرب لصالحه ، وضد کل من یرید التخلص من هیمنته وسطوته وجبروته.

إن العلمانیین ، یتعامون عما یجری فی العالم - فی هذا العصر - ویحاولون أن یبحثوا عن (إشکالیات الشریعة الإسلامیة) بغرض تزییفها فی أنظار الجماهیر الإسلامیة ، ودعوتهم إلی (التشریعات الغربیة) لکن الجماهیر المسلمة أبصر بالحیاة من هؤلاء المنبهرین بتعالیم الغرب.

وأما دعاواهم باعتماد الشریعة الغربیة علی القیم الإنسانیة والأخلاقیة ، فلا نرید الدخول فی مناقشته تفصیلا ، ولا یخفی زیفها علی أی إنسان فی هذا العالم المفتوح علی الجمیع ، فإلقاء نظرة علی الحیاة العابثة التی تجری فی شواطئ أوروبا وأمریکا ، والعواصم السائرة فی رکب حضارة الغرب ، وفی نوادیه ، وباراته ، وحتی فی حدائقه العامة ، وأمام أعین الناس جمیعا ، من انتهاک لأدنی المبادئ الإنسانیة ، والکرامة البشریة ، وتجاوز لأولیات القیم الأخلاقیة ، کاف لإثبات ذلک.

ومصادقة أسقف کنتربری - فی إنکلترا - علی قانون (اللواط) وزواج الذکور من الذکور ، حتی أصبح قانونا وشریعة فی الغرب ، فی الستینات ، ولا

ص: 47

یزال یروج ویتسع نطاق العمل به بصورة بشعة ومقرفة فی الغرب المتحضر ، هو واحد من مآسی التشریعات الغربیة ، المبتنیة علی القیم!

وهذا فی صالح المرأة ، طبعا!

ولقد عرضت الأقمار الصناعیة - هذه الأیام - صورة الزنجی الأمریکی الذی أمر الحاکم فی محکمة أمریکیة ، بتکمیم فمه فی المحکمة بشریط لاصق!

وهذا أیضا یمثل واحدا آخر من حقوق الإنسان ، والمساواة بین الأبیض الحاکم ، والأسود المحکوم ، وواحد من القیم التی یبتنی علیها التشریع الغربی!

وأما قصف هیروشیما وناکازاکی بالقنبلة الذریة ، وفجائع حروب فیتنام ، وتدمیر العراق فی حرب النفط ، ودعم الصرب المسیحیین فی البوسنة ضد المسلمین - علی الرغم من کونهم أوروبیین أیضا - وحمایة إسرائیل المعتدیة علی العرب والسکوت عن جرائمها البشعة ، فهی صور أخری من (قیم الغرب الأخلاقیة ومبادئه الإنسانیة) وتطبیقه لحقوق الإنسان ، والمساواة بین البشر!

إن الجماهیر الإسلامیة والشعوب الشرقیة أعرف بأخلاق الغرب وأهدافه وتشریعاته ، التی جرت الویلات علی العالم ، وقد ذاقوا الأمرین من هذا الغرب المتحضر وأسلحته وجنوده وعملائه ، هم أعرف من هؤلاء المستأجرین الذین یحملون الأقلام الغربیة ، وینظرون إلی الأمور بالنظارات الغربیة ، ویحاولون الخداع والمکر بالأمة ، بعنوان (الدراسات المعاصرة) و (النقد الحر) وما إلی ذلک من العناوین المزیفة ، والملیئة بالدجل.

إن محاولات العلمانیین العابثة إنما تغر أولئک الذین یبتعدون عن الشارع وعن السوق وعن میادین اجتماع الجماهیر ، بل یحصرون حضورهم فی نوادی اللهو ، ومؤتمرات الخیانة ، واللقاءات السیاسیة العامة والخاصة ، والتی تفصلها عن الجماهیر الحراب والأسنة ، وأشکال تسریحاتهم ، وملابسهم ، ومآکلهم

ص: 48

ومشاربهم ، وسیرتهم وأخلاقهم!

وهم ما داموا یلبسون علی أعینهم النظارات التی صنعتها لهم الجامعات الغربیة ، التی تعلموا فیها أسالیب البحث والدرس علی المنهج الغربی ، والتی تریهم الجماهیر والشعوب بالمنظار والفکر الغربی ، فلا یمکنهم الحضور فی ساحات عمل هذه الجماهیر ، وما داموا لم یحضروا فإنهم بعیدون عن کل حقیقة وواقع ، فلا یقتربون بدراساتهم وبحوثهم ونقدهم خطوة منها ، لأنها إلا نتاجات تملی علیهم من أساتذتهم من خیالات وأوهام وتزییفات غربیة ، ملیئة بالحقد والدجل ، والعلمانیون یعیدون کتابة تلک باللغة العربیة ، فهم لیسوا إلا أبواقا مصطنعة لنداءات الغرب ، ینعقون بنهیقه وضمن محاولاته السیاسیة لصد الصحوة الإسلامیة المتنامیة.

* إشکالیات الشریعة الإسلامیة :

وبینما کان الغربیون یذکرون ما یتصورونه (إشکالات) فی الإسلام شریعة وعقیدة ومصادر وتراثا وتاریخیا ، ولا یبتون بشئ ، بل یدافع بعضهم آراء بعض فی متاهات تناقض مفضوح ، فإن (البدلاء) العلمانیین ، الذین یزعمون أنهم (عرب) التزموا بتلک الاحتمالات والفرضیات ، کنظریات قطعیة یروجون لها ، ویؤکدون علیها.

وقد جمعنا فیما یلی جاء منها فی کتاب (تدوین السنة) لنجد مفارقاتها وملاحظاتنا علیها.

* موقف العلمانیة من السنة النبویة :

یعترف المؤلف فی ص 24 :

(أن هذه الشریعة تستمد معظم أحکامها من السنة).

ص: 49

لکنه یقول :

(إن الملابسات التی تعرضت لها فی العصر الإسلامی الأول ، والخلافات التی قامت حول تدوینها ، وحول ما دون منها ، أضعفت من قیمتها التشریعیة ، وقدرتها علی جمع کلمة المسلمین حول شریعة واحدة غیر مختلف علیها مضافا إلی السلبیات الأخری التی ذکرناها ، والتی تجعلها واهیة عن الوفاء بالحاجات الاجتماعیة لعصرنا).

إذا کانت (السنة) حجة معترفا بها علی الأحکام ، فی مجملها ، فلن تکون الخلافات فی الخصوصیات موجبة لرفع الید عن حجیتها بقول مطلق ، ومحاولة إسقاطها وحذف مهمتها الأساسیة ، بل إن وجود الخلافات یدعو إلی اتخاذ أدوات وقائیة بدقة أکبر لتحدید ما یجب توافره للتأکد من (السنة).

فلیس وجود الخلافات مؤدیا إلی تضعیف قیمة السنة ، بل مؤد إلی التثبت والتأکد من وجودها.

وأما الجمع بین کلمة المسلمین ، فلم تتخلف إلا من فعل المسلمین وترکهم للعمل بالشریعة ، وبعدهم عن مصادر الإسلام وفکره ، وکذا العوامل الخارجیة التی عرضت فی تاریخهم ، وفعل الاستعمار البغیض والغرب الحاقد ، ببث بذور الفرقة والخلاف بینهم ، ولیس من فعل هذا المصدر أو ذاک حتی یشکک فی حجیته ، وهذا القرآن - وهو لا ریب فیه - ولا یمکن حتی للمؤلف التشکیک فی حجیته وقیمته التشریعیة ، فهل یقال فی حقه إنه لم یکن قادرا علی جمع کلمة المسلمین علی شریعة واحدة ، فالعجز لیس فی السنة کما لیس هو فی القرآن ، وإنما فی المسلمین الذین یدعون الانتماء إلی هذا الدین.

إن تخلف أمة ما عن العمل بالقانون ، أو التکاسل عن تطبیقه ، أو القصور فی فهمه ، أو التقصیر فی العمل به ، لیس من عیب القانون نفسه ، کما أن عدم معرفة سیاقة السیارة المجهزة ، لیس من عیب السیارة ، بل من جهل السائق.

ص: 50

إن عرض مثل هذه الاشکالات یدل علی مرض فی قلب المؤلف یرید أن یبثه بأی شکل!

* بین القرآن والسنة :

یحاول المؤلف أن یکون (قرآنیا) یحافظ علی اتباع القرآن فی تشریعاته ، ولکنه یؤکد علی ضرب السنة بسیف القرآن ، تلک المحاولة التی بدأها أول القرآنیین بمقولة (حسبنا کتاب الله) واستمرت علیها سیاسة الخلافة الأمویة ، وأبرزتها فی (صفین) برفع المصاحف علی رؤوس الرماح ، وروجها رواد الرتل الخامس للاستعمار الغربی ، فی الهند ، وباکستان ، وفی مصر بدعوة : (الإسلام هو القرآن وحده).

فیقول فی ص 20 عن أحادیث الآحاد :

(ولم یأمر النبی (ص) بکتابتها مثلما کتب القرآن من قبل کتاب الوحی ، ولم یعلن النبی (ص) هذا القسم من الشریعة علی عامة المسلمین مثلما کانت تعلن آیات القرآن.

فالقرآن عندما کانت تنزل آیاته کان النبی (ص) یتلوها فی المسجد أو فی مکان عام علی ملأ من المسلمین ، فکان الصحابة یتلقونها ویکتبونها ویحفظونها ویتلونها فی صلواتهم ، أما السنة فإنها لم تلق مثل هذه العنایة وذلک الاهتمام).

لکن هل ترضی العلمانیة عن (إبراهیم فوزی) ما لم یتبع ملتهم فی نفی کل المقدسات ، سواءا کانت قرآنا أم سنة؟ وهل یقنعون منه أن ینفی صفة (الوحی) عن السنة فقط وتبقی الصفة للقرآن؟

إذن کیف یفعلون مع قول القرآن عن النبی ( ما ینطق عن الهوی * إن هو إلا وحی یوحی ) ؟! فلذلک لا یرضون إلا بنفی وجود (الوحی).

إن الالتفاف علی السنة ، ولو بسلاح (القرآن) لا یرضی (العقلیة

ص: 51

التزییفیة) المسیطرة علی التیارات العلمانیة أبدا.

فهذا حامد نصر أبو زید ، علی الرغم من تثمینه لکتاب فوزی ، ونفخه فی جلده ، إلا أنه یعارض تقدیسه لتشریعات القرآن ، فیقول (مجلة الناقد ، العدد 73 ، ص 11) : (ماذا عن النصوص التشریعیة فی النص القرآنی ، هل هی نصوص تأریخیة قابلة للانفتاح ، أم أنها نصوص قطعیة الدلالة أبدیة لا یجوز الخروج عن منطوقها الحرفی؟ هذا المفهوم الأخیر غائب تماما فی تحالیل المؤلف ، ومن ثم غابت عنه مسألة : الإشکالیات الکامنة فی النصوص التشریعیة الغربیة)!!

* السنة الفعلیة وحجیتها علی حساب القولیة :

أطلق (السنة) فی المصطلح الإسلامی علی ما جاء عن النبی صلی علیه وآله وسلم خارج النص القرآنی ، وقد عبر عن کل تشریع کان مصدره الرسول بالسنة ، وعمم هذا المصطلح علی ما قاله الرسول ، وما فعله ، وما قرر علیه الآخرین بسکوته الکاشف عن رضاه ، وأجمع المسلمون أن ما قاله صلی الله علیه وآله وسلم هو سنة ، وعارض بعض فی کون ما فعله کذلک ، باعتبار أنه بشر تصدر منه الأفعال العادیة من دون أن تکون لها صفة التشریع!

لکن ذلک غیر صحیح ، فمضافا إلی أن اسم (السنة) یطلق علی الطریقة التی توضع للاقتداء والاتباع ، وما أتی به الرسول صلی الله علیه وآله وسلم من فعل لا یکون إلا حسنا قابلا لذلک ، فإن الفعل والعمل أقوی دلالة علی الإرادة من مجرد القول ، فإذا فعل شیئا فإنه قد أحبه لنفسه ، ونسبته إلیه أوضح من مجرد القول من دون العمل ، فالسنة الفعلیة أیضا حجة ، یجب اتباعها والاستنان بها.

أما المؤلف فقد أبدی رأیا غریبا حین جعل السنة الفعلیة حجة قطعیة ، وشکک فی القولیة ، حیث قال فی ص 20 :

(أما العبادات فقد تعلمها الناس من النبی (ص) حال حیاته

ص: 52

وتناقلوها عنه بالتواتر جیلا بعد جیل ، ولم یتعلموها من الکتب ، ولم یکن فی بدایة الإسلام ثمة حاجة لتدوینها ، فقد کانت الممارسة الفعلیة تقوم مقام کتابتها ، ولذلک لم یقع الکذب فیها ، ولم یقع خلاف علی صحتها إلا ما ندر).

وأضاف :

(أما المعاملات فقد جاءت علی لسان النبی (ص) بشکل أحادیث أفرادیة أطلقوا علیها اسم (أحادیث الآحاد)».

وهکذا حاول فوزی التأکید علی السنة الفعلیة وحجیتها علی حساب السنة القولیة.

* أخبار الآحاد :

ویؤکد المؤلف علی أن التشریعات المعاملاتیة تبتنی علی (أحادیث الآحاد) وهی غیر قابلة لإثبات التشریع بها فیقول فی ص 23 :

(إن أحادیث الآحاد .. لا تشکل من وجهة القواعد التشریعیة تشریعا عاما لجمیع المسلمین ، لأن من أبسط الشروط فی کل تشریع - قدیما وحدیثا - هو إعلانه علی الناس لکی یلتزموا به ویعملوا بأحکامه ، وإن الأسرار به إلی شخص أو شخصین علی انفراد لا یعطیه صفة التشریع العام الملزم لجمیع الناس ، ولذلک کانت أحادیث الآحاد ، وحول جواز الأخذ بها منذ عهد الصحابة موضع خلاف بین الفقهاء ، وتعتبر أحادیث (الآحاد) عند أغلب الفقهاء أحادیث ظنیة ، وهی لا ترقی إلی مرتبة الیقین بصحتها).

إن البحث عن حجیة أحادیث الآحاد قد وقع فی علم أصول الفقه  - المعد للبحث عن مصادر التشریع - بشکل واسع ومستوعب لکل جوانبه ، ولیس فی ما أورده جدید یذکر ، وقد التزم الشیعة منذ القدم بعدم حجیة الخبر

ص: 53

الواحد ، وأنه لا یفید علما ولا یوجب عملا ، والمحققون من أعلام الشیعة الأصولیون إنما یلتزمون بالأخبار المتواترة ، ثم المعتضدة بالشهرة العلمیة علی طبقها ، وبهذا تخرج أخبار الآحاد إلی مرحلة الاعلان العام الذی هو ضروری فی کل تشریع.

وأما الأخبار الواردة حول التشریعات - سواء فی العبادات أو المعاملات - فلم تخرج عن هذا الأصل إلا نادرا ، فلم یدون فی المصادر الحدیثیة إلا ما کان علیها العمل العاضد لکون مصدرا للتشریع ، بعکس ما یرید أن یصوره المؤلف تماما.

* نقد المتن :

ومما ذکره المؤلف من السلبیات علی السنة هو (نقد الحدیث من جهة المتن) ففی ص 241 أورد ما أثاره أحمد أمین المصری فی (فجر الإسلام) من :

(أن العلماء اعتنوا بنقد الإسناد أکثر مما عنوا بنقد المتن ، فقل [حسب تعبیره] أن تظفر بنقد من ناحیة ما نسب إلی النبی (ص) ... ولم نظفر منهم فی هذا الباب بعشر معشار ما عنوا به فی جرح الرجال وتعدیلهم).

وعلی الرغم من إشارة أحمد أمین إلی وجود نقد المتن عند علماء الحدیث - ولو أنه قلل من شأنه - إلا أن المؤلف لم یحاول أن یبحث عن قواعد ذل ، بل رکز علی تشویه صورة السنة باعتبار توجه هذا النقد إلیها ، وسرد أمثلة للنقد العقلی لمتون أحادیث ، ولیس هو منفردا فی ذکرها ونقدها ، بل قد نقد العلماء هذه المجموعة وأخری أکبر منها عند بحثهم عن نقد المتن ، ولکن هذه المجموعة لا تشکل عقبة أمام الحدیث ، ولا تؤدی إلی تضعیف موقع السنة فی الحجیة والمصدریة للتشریع کما یحاول أو یوحی المؤلف.

وأما نقد المتن فقد تعرض له العلماء فی علوم عدیدة وتحت عناوین منها

ص: 54

علم الدرایة ومصطلح الحدیث بعنوان (الحدیث المعلل) وفی (علم الحدیث) بعنوان (اختلاف الحدیث) وفی علم أصول الفقه بعنوان (تعارض الأدلة والحدیثین المتعارضین).

ویبذل الفقهاء جهودا واسعة فی الجمع بین الأخبار المختلفة الدلالة ، للتخلص من التنافی بینها ، أو الترجیح حسب الطرق المقررة فی أصول الفقه ، ومن خلال هذه البحوث یمکن استخلاص القواعد المضبوطة لنقد المتن ، والتوثیق الداخلی للأحادیث ، بعد الفراغ من البحوث السندیة.

فأین أحمد أمین ومن لف لفه من هذه الذخیرة العلمیة ، وهذه الجهود الجبارة المبذولة من أجل صیانة السنة مما یشینها؟! حتی یخوضوا فی تیارها الزاخر ، ویحاولوا بدراساتهم الضحلة ، القدح فیها؟!!

* بین العبادات والمعاملات :

ومما أثاره فی إطار السلبیات التی ذکرها للشریعة ، وکرره فی مناسبات عدیدة قوله فی ص 16 :

(إن رجال الفقه الإسلامی جمعوا بین العبادات والمعاملات ، وکونوا منهما شریعة واحدة ، هی الشریعة الإسلامیة ، وصبغوها بصبغة دینیة ضیقة ، ذات أبعاد محدودة ، غیر قابلة لتغییر والتبدیل حسب مقتضی تطور المجتمع ونموه).

وجعل السبب فی اختلاف التشریع بین المذاهب :

(إن السنة شملت العبادات والمعاملات علی حد سواء).

وأضاف :

(أما العبادات فقد تعلمها الناس من النبی (ص) حال حیاته ، وتناقلوها عنه بالتواتر ، جیلا بعد جیل ، ولم یتعلموها من الکتب ، ولم تکن فی بدایة الإسلام ثمة حاجة لتدوینها ، فقد کانت الممارسة

ص: 55

الفعلیة تقوم مقام کتابتها ، ولذلک لم یقع الکذب فیها ، ولم یقع خلاف علی صحتها إلا ما ندر).

وأضاف :

(أما المعاملات فقد جاءت علی لسان النبی (ص) بشکل أحادیث أفرادیة أطلقوا علیها أحادیث الآحاد ، وهی التی رواها صحابی واحد ، قال إنه سمعها من النبی (ص) علی انفراد ، ولم یرو علی لسان صحابی آخر إلا القلیل منها ، ولم یأمر النبی (ص) بکتابتها مثلما کتب القرآن من قبل کتاب الوحی ، ولم یعلن النبی (ص) هذا القسم من الشریعة علی عامة المسلمین مثلما کانت تعلن آیات القرآن).

ویقول فی ص 21 :

(ولم تنشر هذه الأحادیث بین الناس فی حیاته ، فقد رویت معظم أحکام المعاملات بعد وفاته ، وبعضها روی بعد وفاة الصحابی الذی سمعها من النبی (ص)).

ویقول فی ص 124 :

(المعاملات هی الأحکام أو التشریعات التی تنظم العلاقات بین الناس وهی علاقات متغیرة ومتبدلة تبعا لتغیر المجتمع وتبدل المصالح).

ومع وضوح خطئه فی أصل دعواه بالنسبة إلی العبادات ، وعدم وقوع الخلاف فی صحة أحکامها ، وعدم وقوع الکذب فی أخبارها ، فإن وقوع الخلاف فی العبادات بین المذاهب ، بل بین المذهب الواحد أمر لا ینکر ، فهذه (البسملة) قد وقع النزاع فی قرآنیتها ، وجزئیتها للسور کلها ، أو للحمد فقط ، وجواز قراءتها فی الصلاة أو وجوبها ، وفی جهریتها أو إخفاتها ، مع وضوح کتابتها فی المصحف وإجماع المسلمین علی تلاوتها.

ص: 56

وهذا الوضوء ، مع أنه عمل یقام به فی الیوم أکثر من مرة ، فقد اختلفوا فی کیفیته ، وفی المسح للأرجل أو غسلها ، وفی مقدار مسح الرأس ، وللأحادیث المختلفة والمختلقة دور کبیر فی وقوع ذلک.

فإن مجمل ما ذکره المؤلف فی التفرقة بین العبادة والمعاملة ، وما ذکره من أمثلة الأحکام المعاملیة والإشکالیات التی تصورها فیها ، یدل علی أنه بعید کل البعد عن مصادر الفقه الإسلامی ، وبالأخص الفقه الشیعی ، فلیس من الفقهاء المسلمین من لم یفرق بین العبادات والمعاملات ، فالشهید الأول من علماء الشیعة الاثنی عشریة ، فرق بینهما بأن الغرض من العبادة هی الآخرة ، بینما الغرض من المعاملة هی الدنیا.

لکن الشرع قد حدد لکل منهما أصولا وقواعد وتراتیب وشروطا ، ومعرفة کل ذلک متوقف علی البلوغ بالطرق الشرعیة المعتمدة المقررة کأدلة فی أصول الفقه ، ولا فرق بین العبادة والمعاملة فی ذلک ، إلا أن الأحکام والأمور المتعلقة بالعبادة کلها تعبدیة محضة ، لکن ما یرتبط بالمعاملات فقد علقها الشارع علی مصالح العباد ومفاسدهم ، ولکن تدخل فی تحدید بعض المصالح والمفاسد بالتعبدیات ، فما کان حلالا شرعا فلا بد أن یکون للخلق فیه مصلحة ، وما کان حراما ففیه مفسدة ، وإن لم یدرک الناس ذلک.

أما ما سوی ذلک مما لم یرد من الشرع الکریم فیه حکم بالحرمة ، فهو علی أصالة الحلیة شرعا ، فیبقی شرط أن یکون فیه منفعة مقصودة للعقلاء ومما یبذلون بإزائه مالا ، وإلا فأکل المال بین الناس بالطرق الملتویة ، سواء کانت بعقود مزیفة أو عهود ظالمة ، أو بدفع ما لا قیمة له ولا مالیة ، فهو منهی عنه شرعا ، فتداول الثروة وانتقالها لا بد أن یبتنی علی هذه الأسس الشرعیة ، وهذا لا یتنافی أن تکون المصالح والمفاسد تتغیر ، وتتبعها الأحکام فعندما لم یتقدم الطب ، لم یمن للدم النجس أیة منفعة متصورة ، وبما أن تناوله وشربه حرام ، فإن الفقهاء حرموا بیعه ، وأما فی العصر الحدیث فبما أن الانتفاع به أصبح شیئا

ص: 57

متعارفا بل وضروریا للحیاة أحیانا ، فبیعه حلال ولیس دفع الثمن علیه بطریقة الباطل ، وإن کانت الاستفادة فی الأکل منه لا تزال حراما.

وهکذا یدخل (القصد العقلائی) فی شرعیة المعاملة فی الإسلام ، فأین المؤلف من هذه الحقائق التی هی أولیة فی الفقه الإسلامی ، حتی راح یهرج ویناور بما ذکره من الأمثلة التی قد أنهکها فقهاء الإسلام فی کتبهم المفصلة وموسوعاتهم الفقهیة بحثا وتنقیبا ، إلا أنه تتبع بعض المذاهب الشاذة والأقوال النادرة وجمع منها مجموعة ضئیلة ، وراح یهرج ویزمر ، زاعما أنه قد توصل إلی شئ جدید ، مع أنه قد ترک الآراء السدیدة ، والمناهج القیمة فی نفس هذه المسائل التی ذکرها ، ولیس ذلک إلا قصورا منه لتناول الفقه ، أو تعمدا منه للتوصل إلی غرضه فی (تزییف الشریعة)!

ولذلک ، فإننا أعرضنا عن متابعة ما جاء فی القسم الثالث من کتابه والذی شحنه بمثل هذه الترهات حول بعض المسائل الفقهیة ، اعتمادا علی ما جاء فی المصادر الأساسیة ، مع أن أکثر ما ذکره من الاشکالات إنما تعتمد علی آرائه التی عدها انتقادا للسنة ، وقد أفصحنا عن وجوه تناقضها ، فلا تبقی لما أورده أهمیة تحتاج إلی صرف الجهد فی تفنیدها.

* نظام الحکم فی الإسلام :

یؤکد المؤلف علی أن الدین الإسلامی خال من أی تشریع یحدد النظام لإدارة البلاد وحکم العباد ، ویحاول أن یوحی بأن الحکم الذی کان فی البلاد الإسلامیة طیلة القرون ، إنما هو حکم إسلامی.

فهو یقول فی ص 14 :

(لقد کان الحکم فی الإسلام - علی توالی العصور - یقوم علی الحکم الفردی الاستبدادی المطلق ، القائم علی إدارة فرد واحد هو الخلیفة ، أو الإمام ، أو السلطان ، والذی لا یعلو علیه إمام ولا

ص: 58

سلطان ، ولا تقوم إلی جانبه هیئة أو جماعة لها صفة شرعیة تقاسمه الحکم أو تسدی إلیه المشورة والنصح فی إدارة شؤون الدولة ، ولم یعرف المسلمون الحکم الشعبی.

وقد خلت الشریعة الإسلامیة من أی تشریع یتعلق بنظام الحکم فی الإسلام سوی آیة الشوری ، وقد تجنب رجال الفقه الإسلامی البحث فی هذه الشوری ، وفی أی بحث یتعلق بنظام الحکم فی الإسلام ، لما له من مساس بسلطة الخلیفة (المطلقة).

إن هذه الإشکالیة تعتمد علی ثلاثة أسس :

الأول : الخلط بین الحکم فی الإسلام کدین وشریعة ، والحکم فی تاریخ المسلمین کواقع.

الثانی : التغاضی عن وجود معارضة مستمرة لأنظمة الحکم التی کانت سائدة فی البلاد الإسلامیة ، منذ وفاة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وحتی عصرنا الحاضر ، علی طول التاریخ.

الثالث : الجهل بالتراث الإسلامی الضخم الذی خص بالبحث والدراسة موضوع (نظام الحکم والإدارة فی الإسلام).

أما فی الناحیة الأولی : فإن الاعتماد علی مجریات تاریخ المسلمین ، وما حدث فی القرون التالیة ، وحمل کل ذلک علی دین الإسلام وشریعته ، فهذا من أبشع أنواع التحریف المتعمد فی الدراسات التی تکتبها العلمانیة ، ویشیعها الغرب ، بحیث تحمل مسؤولیة ما فی هذه الأدوار کلها علی الإسلام ، ویحاسب بذلک المسلمون المتدینون به.

بینما التفریق بین السلطة التی تفرضها السلطة الإسلامیة ، وبین السلطة التی سیطرت بأسم الدین ، أمر لا یخفی علی أی دارس فی الحضارة الإسلامیة ، وعارف بالتاریخ الإسلامی ، فإذا کان للدین سلطة علیا یجب علی المسلمین طاعتها ، فهذا شئ ، أما أن تکون هذه السلطة بید الحکام الذین

ص: 59

حکموا - فعلا - البلاد الإسلامیة ، فهذا شئ آخر ، والتاریخ الماثل لا یقوم إلا علی أساس ضبط ما هو الحادث من تسلط مجموعة من الناس بأسم الدین ، وأما السلطة التی یفرضها الدین ، وقررت لها الشریعة الإسلامیة أصولا ، وطرفا وأحکاما ، فلها وقع آخر غیر ما حدث وکان.

ویحاول العلمانیون أن یوحوا بأن الموجود والمقروء من التاریخ هو الذی یمثل حقیقة سلطان الدین ، إذ بعد تفریغهم للدین من أی نظام صالح للإدارة والحکم ، تبقی هذه السلطة بید المسیطرین علی دفة الحکم فهم المستفید الوحید من کل صلاحیات سلطة الدین ، والأنظمة الحاکمة هی تقلب الأمور إلی (دین وتشریع) وتستفید منها ، وتبلور کل شئ حسب حاجاتها ورغباتها ، فقد تثیر حقا لتستغله ، وقد تحیی بدعة لتفرضها فتکون حقا ثابتا فی الشریعة ، وحتی لو فرض وجود سلطة للدین ، فإنها فی هذا الإطار لا یمکن تحققها ، بل تفقد حیویتها ومصداقیتها للنظام الصحیح ، عند الجماهیر.

وهذا الایحاء فیه تعمد إلی إلغاء وعی الجماهیر ، وفصلها عن کل من الدین وفهمه ، ومن السلطة والإدارة.

ولکن لو کان للدین سلطة ، ولو فی بطون الکتب ، وواقع المعرفة الدینیة ، وما دام وعی الجماهیر کافیا للوقوف أمام کل سبل التأطیر للدین واستغلال سلطته ، وتوظیف اسمه وأفکاره فی سبیل الأطماع السلطویة ، فهذا واقع ودلیل حی علی إمکان إحیاء سلطة الدین؟!

فلماذا یحاول العلمانیون ، أن یغمضوا أعینهم عن ذلک الأمر الواقع ، ویحاول إنکاره وتزییفه؟! ولماذا یریدون أن یفرغوا الجماهیر من کل وعی ومعرفة وإدراک للإسلام ، ویفرضوا علیه حتمیات دبرت بلیل من قبل الغرب وعملائه؟!

ولماذا یصطفون الیوم إلی جانب النظم السیاسیة الراهنة ، فی مواجهة المد الإسلامی ، والصحوة الدینیة لدی الجماهیر المنادیة بتطبیق الشریعة

ص: 60

الإسلامیة؟! ووصفها ب (الأصولیة) کاتهام وقذف؟!

مع أن الجماهیر المقذوفة - من قبل العلمانیة - بالجهل والقصور عن درک مفهوم السلطة فی الإسلام ، هم یعلمون بأن النظم الحاکمة فی بلاد الإسلام لا تعترف بأیة خطوة أصولیة ، بل هی فی محاربة مستمرة لها بکل أشکال القمع والإرهاب ، بدعم من الحضارة الغربیة ، ومساعدة من العلمانیة وتزییفها وعبثها بالتراث وأصوله ومصادره.

وأما الناحیة الثانیة : فإن المؤلف أغفل المعارضة التی قامت ضد أنظمة الحکم فی التاریخ الإسلامی منذ البدایة وحتی الیوم ، فإن المعارضة السیاسیة لکل حاکم أو خلیفة أو سلطان أو ملک أو رئیس أو أمیر ، لم تزل تشکل جزءا مهما من تاریخ المسلمین ، ولها آراؤها ، وتراثها ، وثوراتها ، وحتی الدول التی أقاموها علی أساس من نظام الحکم فیها ، فکیف یتغاضی المؤلف عن الثورات العلویة العدیدة ، ووجهات نظرها التی بسطوها فی عهودهم إلی المسلمین ، والتی تعد کل واحدة منها نظاما جاهزا متکاملا لأشکال الحکومة فی الإسلام؟!

وهل یتجاهل المؤلف (عهد الإمام علی علیه السلام لمالک الأشتر) الذی یعد وثیقة غنیة وقیمة لهذا النوع من الإدارة؟! وهو النص الموجود أمام المؤلف فوزی ، لأنه یراجع (نهج البلاغة) فی کتابه مکررا ، فهو من مصادره؟!

إن حرکات المعارضة التی عاصرت الحکومات الإسلامیة ، أثبتت وجود نظام للإسلام فی الحکم والإدارة ، غیر الذی جری ویجری علی أرض الإسلام ، وقد أعلنوها ثورات دمویة لم تجف دماؤها ، وأوضحوا أطروحاتهم فی عهودهم التی نشروها وأظهروها للمسلمین.

ولئن تمکنت السلطات من القضاء علیها ، وإخماد ثوراتهم فی زمنها وخنق أصواتهم ، وإبادة تراثهم ، فإنهم لم یتمکنوا من محو آثارهم وذکرهم ، بل بقیت دلالات فی صفحات التاریخ تدل علی عظمة الأعمال التی قاموا بها

ص: 61

والنظریة التی بنوا علیها جهادهم.

کما إن العلمانیة الیوم ، ورغم تناسیها وتغافلها عن کل تلک الجهود ، فإنها لا تتمکن من طمس آثارها ، وتجاهلها.

وأما موقفه من التراث ، فیکفی لإثبات ذلک کلامه السابق ، حیث نفی فیه وجود ما یدل علی أن للإسلام نظاما فی الحکم والإدارة ، بینما مئات المؤلفات والبحوث والدراسات ، قد کتبت وألفت حول هذا الموضوع ، وقد احتوت علی عشرات الأدلة الشرعیة الخاصة به ، کما استوعبت هذه المادة صفحات عدیدة من کتب الفقه الإسلامی قدیما وحدیثا ، وقد رصد صدیقنا الأستاذ الشیخ عبد الجبار الرفاعی قائمة لهذا الموضوع الهام فی موسوعة (مصادر النظام الإسلامی) وقد طبع بأسم : مصادر الدراسة عن الدولة والسیاسة فی الإسلام ، یحتوی علی أکثر من 3000 عنوان بحث ودراسة عن وکتاب حول الموضوع.

فهل یعقل جهل المؤلف فوزی بکل هذا؟! مع أنه یتظاهر بالمعرفة لأنه دخل فی معمعة بحث (تدوین السنة) الحساس؟!

* السلطة التشریعیة فی الإسلام :

ویؤکد المؤلف فی عرض سلبیات الحضارة الإسلامیة ، علی :

(أن المجتمع الإسلامی کان - علی توالی العصور - خالیا من السلطة التشریعیة اللازمة).

فیکرر التأکید فی ص 12 علی :

(غیاب السلطة التشریعیة فی المجتمع الإسلامی).

وعلی الرغم من التفاته إلی وجود عنصر تشریعی هام فی الحضارة الإسلامیة ، وهو (الاجتهاد) فإنه یحاول الالتفات علی هذا العنصر فیقول فی ص 15 :

(لقد نشأ عن غیاب السلطة التشریعیة فی المجتمع الإسلامی أن

ص: 62

حل الاجتهاد محل هذه السلطة ، لاستنباط أحکام للمسائل التی لم تنص علیها الشریعة).

وحاول تزییف الاجتهاد بدعواه أن :

(رجال الفقه الإسلامی لم یحصروا حق الاجتهاد بفرد أو جماعة ، وإنما أعطوا لکل مسلم حق الاجتهاد ، دون أن یکون لاجتهاد أحد صفة الالزام لأحد آخر).

وجعل الاجتهاد سببا للاختلاف فی قوله :

(قد اختلفت الاجتهادات وتشرذم الناس حولها بسبب الصفة الدینیة التی أعطیت لها ، ونشأ من اختلافها قیام المذاهب الفقهیة التی تحولت إلی مذاهب دینیة طائفیة).

إن هذا الاشکال یعتمد علی :

1 - عدم تحدید (الاجتهاد) فإذا کان هو (بذل الجهد واستفراغه للوصول إلی الحجة علی ما یجب علی المسلم فعله ، من خلال الأدلة والمثبتات الشرعیة) فمعنی ذلک أن (المجتهدین) هم یشکلون هیئة المشرعین ، الذین یحددون القوانین التی تعتبر تشریعا فی المجتمع الإسلامی.

فالاجتهاد إنما هو طریقة عمل السلطة التشریعیة ، لا أنه ینشأ من غیاب السلطة التشریعة کما یوحیه ..

ألیست السلطة التشریعیة فی بلاد الغرب لا تتکون إلا من مجموعة من العارفین بالقانون والدستور ، یتداولون الأمور ، ویقررون التشریع النهائی اللازم العمل به؟!

إن (العقلیة التزییفیة) المسیطرة علی (التیارات العلمانیة) تمنعها من رؤیة الحقیقة ، کما هی ، وتبعثها علی تشویه ما یمت إلی الإسلام حتی لو کان (جیدا) فالاجتهاد فی الحضارة الإسلامیة یعد من أرقی المناهج المتبعة فی التشریع ومبنی علی أقوی أسس المنطق السلیم ، لکن یأبی المؤلف إلا أن

ص: 63

یجعل منه أمرا سیئا ، فیحاول أن یجعل (عدم حصر الاجتهاد بفرد أو أفراد) نقطة ضعف ، بینما هی أکبر نقطة قوة فی نظام التشریع الإسلامی ، إذ تعنی أن لکل فرد من أفراد المجتمع الإمکانیة فی التطلع إلی هذا المقام ، إذا أمکن أن یحقق لنفسه قابلیة الاجتهاد وتمکن من أن یتوصل بالجد والدراسة إلی مرتبة علمیة تؤهله لذلک ، فلیس الاجتهاد (تمرا) أو (سندویجا) یأکله الفرد ، وإنما هو بحاجة إلی متابعة ومثابرة حتی تحصل ملکته فی عقله ونفسه.

فهل القانون الغربی یمنع أی فرد أن یدرس القانون ویترقی فی مدارج المدارس القانونیة ، حتی یترشح إلی المجلس التشریعی ویصیر مشرعا؟! أو أن السلطة التشریعیة - مثل أیة سلطة أخری - محصورة فی الغرب علی أفراد معینین من طبقة معینة موصوفة لا تتعداها؟!

نعم ، الإسلام لم یحصر الاجتهاد فی شخص أو جماعة ، وهذه مفخرة فی النظام الإسلامی ، فلا تتکون سلته التشریعیة من ثلة من المتحزبین فی إطار وضعی معین ، ولا یتبعون أهواءا خاصة ، بل جعل صفة (الاجتهاد) ومعرفة الأحکام من أدلتها ملاکا لقابلیة الدخول ضمن السلطة التشریعیة ، فهل هذا نقص حتی یعرضه المؤلف ضمن ما یتصوره علی الحضارة الإسلامیة من (سلبیات)؟!

وأما أن الاجتهاد لیست له صفة الالزام ، فهذا جهل ببحوث هذا الموضوع الهام فی علم التشریع الإسلامی ، فالاجتهاد إلیه ملزم لنفس المجتهد بلا نزاع ، ولمن یری ذلک المجتهد أعلم من المجتهدین الآخرین ، وبالنسبة إلی الموضوعات العامة التی ترتبط بإدارة الشؤون الحکومیة ، فإن الالزام حتمی فیما إذا کان المجتهد الحاکم قائما بالأمر ، بعد موافقة أهل الخبرة من المجتهدین - أصحاب السلطة التشریعیة - وتعینه (ولیا للأمر) ویکون حکمه نافذا ، بعد ثبوت اجتهاده ، وموافقته للأصول المقررة وعدم مخالفته للدستور الأساسی للشریعة ، ولا یجوز الرد علیه حتی من مجتهد آخر.

ص: 64

إن إغضاء المؤلف عن کل هذه الحقائق ، وطرحه للاجتهاد کأن تمر یؤکل ، لیس إلا مبتنیا علی غرضه فی تزییفه وتهوین أمره.

وأما أن الاجتهادات اختلفت ، وتشرذم الناس ، فهل أن البرلمانات فی البلدان الغربیة - ذات الحضارة الواحدة - لم تختلف ، ولم تختلف شعوبها ، فی کل بلد حول برلمانه ، ولم تختلف تشریعاتها حسب تعدد برلماناتها؟!

وهل لهم (تشریع) واحد؟!

ثم أن الاختلاف فی المذهب الفقهی ، إنما هو ناشئ من اختلاف فی وجهة النظر والفهم للمصادر ، وهو یتبع اختلاف المنهج المذهبی فی تحدید تلک المصادر ومدی حجیتها ، ولیس العکس کما یرید المؤلف.

فلو اتحدت الکلمة ، واتفقت الرویة إلی أصول الدین ، وأصول الفقه ، لما تعددت المذاهب الفقهیة أصلا ، إلا بصورة ضئیلة.

فلیس الاجتهاد سببا فی وجود المذاهب الطائفیة ، بل المذاهب الطائفیة والرؤی الفکریة المتعددة هی السبب فی اختلاف المذاهب الفقهیة حسب مصادر الاجتهاد عندها.

* البدیل الثقافی :

لیست أیة حضارة معصومة من الأخطاء والعقبات التی تعترض طریقها مهما کانت الأسس والنظریات المبنیة علیها رصینة ومحکمة ، وحتی تلک المستلهمة من السنن والشرائع الإلهیة ، لما هو واضح من عدم عصمة الناس القائمین علی عملیة التطبیق ، ما یدخل فی خلال ذلک من أهواء ورغبات ، أو أخطاء وتصرفات تستند إلی السهو ، لکن الهجوم علی حضارة ما - مهما کانت - وتخطئتها بالجملة ، وبصورة مطلقة ، والترکیز علی سلبیاتها ، والتغاضی عن إیجابیاتها أمر مخالف لأبسط قواعد العدل والحکمة ، ومناف للنظرة الحیادیة التی یجب أن یتمتع بهما الباحث الحیادی.

ص: 65

لکن الذین استهدفوا الإسلام فی عصرنا لم ینصفوه فی أی جانب ، لا فی ماضیه ولا حاضره ، ولا فی عقیدته ولا شریعته ، ولا فی تاریخه ولا ثقافته ولا تراثه ، بل تراهم یشنون الغارة تلو الأخری علی کل ما یمت إلیه ، وهذا هو دلیل واضع علی (العقلیة التزییفیة) التی تسیطر علیهم ، وقد جعلت غشاوة علی سمعهم وعلی أبصارهم ، وفی قلوبهم مرضا هو التشکیک فی کل شئ إسلامی!

ومع أن المؤرخین الغربیین یشهدون بأن الإسلام إنما جاء فی عصر الظلم والظلمات الجاهلیة ، لیهب الأرض العدل والنور ، وینقذ البشریة من ورطات الوحشیة والجهل والرذیلة ، فوهب لها الرحمة والعلم والفضیلة ، حتی أصبح الشعب المسلم یحمل مشاعل الهدی والخیر والعلم ولقرون عدیدة ، ومع هذا فإن العلمانیین الجدد یتجاوزون هذه الحقیقة ، وبکل جسارة ووقاحة ، ویرکزون علی السلبیات التی ابتلیت بها الأمة الإسلامیة وعلی ید شراذم ممن دخلوا التاریخ بالتزویر ، فلا یمثلون الإسلامی فی أی عنصر من إیجابیاته ، ولکن العلمانیة ترکز علی هذه الأمثلة المشوهة لتشویه صورة الإسلام والأمة الإسلامیة ، وتسکت عن الأمثلة الرائعة التی تزخر بها الحضارة الإسلامی فی الحکم والعلم والأخلاق.

ومن أطوار تزییفهم مقارنتهم بین (التقدم التکنولوجی) و (الثقافة الإسلامیة) مع أنهما من مقولتین ، لا یمکن المقارنة بینهما ، فالثقافة الإسلامیة لا بد أن تقاس بالثقافة الغربیة المعاصرة ، حتی یتبین ما بینهما من التفاوت ، أما التقدم العلمی والتکنولوجی فلا یکون دلیلا علی التفوق الثقافی والفکری ، بقدر ما هو دلیل علی المثابرة علی العمل واستغلال الظروف والإمکانات ، بینما ظلت الأمة الإسلامیة ، وبفعل الغربیین المستعمرین وعملائهم الحکام فی المنطقة ، بعیدة عن کل إمکانات العمل الجاد ، بل سد أبواب الابداع والاختراع علی الشعب المسلم ، ومواجهة المبتکرین بالاستهانة ، وحتی

ص: 66

التحقیر والقتل والتشرید ، مما اضطر العقول الشرقیة إلی الهجرة إلی الغرب لتوفر الإمکانات هناک ، وتقدیرهم لکل عقل متتبع مبدع ، واحتضانه إلی حد قطع ولائه عن أهله ووطنه وانتمائه إلی شعبه ودینه!

أما بعد الحریة النسبیة التی حصلت علیها البلدان الإسلامیة ، فإن التقدم العلمی والتکنولوجی یتحقق بسرعة فائقة علی أیدی أبناء المسلمین ، وإن إبداعاتهم تزهو ، وصناعتهم تزدهر بشکل فائق ، ولکن هل تسمح الدول الاستعماریة لها بمثل ذلک ، کلا ، فإنها تحاول بشتی الصور والاتهامات صدها وإیقاف کل محاولة من هذا القبیل ، ولو بشن الحرب ، وقصف المعامل والمصانع بأطنان القنابل ، کما حدث بالنسبة إلی العراق ، أو تسعی لفرض الحصار الاقتصادی أو العزلة السیاسیة لقطع السبل عن وصل البلدان الإسلامیة إلی هذا الهدف ، کما تقوم بالنسبة إلی الجمهوریة الإسلامیة فی إیران.

إن محاولة المؤلف تعتمد أساس تضحیل الثقافة الإسلامیة والاستهانة بها ، وتشویه صورة التاریخ الإسلامی ، مقدمة للطعن فی السنة ، التی هی عماد التشریع الإسلامی ، فسرد مجموعة مما تصوره (سلبیات) و (إشکالیات) لکنها ضحلة لا تعتمد علی المنطق السلیم ، ولا النقل الصحیح ، ولا الاستنتاج الصائب ، ومع ذلک فقد حشد فی کتابه - بمناسبة ولا مناسبة - قضایا ووقائع تاریخیة ، وتحدث عنها بشکل یبدو (صائبا) فیها.

إن وجود فجوات عمیقة فی التاریخ الإسلامی ، تخدش فی الموروث الإسلامی العزیز ، وتنجر سلبیاته علی سمعة الدین والعقیدة والشریعة ، مما لا یمکن إنکاره ، ولکن علی ماذا تدل؟ وبماذا تعالج؟ وکیف تغرض؟! ولماذا تعرض؟!

إن المسلمین - عامة - یعتقدون بالدین الإسلامی وأصوله الأساسیة وهی

ص: 67

التوحید ، والنبوة ، والمعاد ، علی أساس الاستلهام من القرآن والنبی ، ولهم مشترکات تجمعهم هی الکعبة ، وصوم شهر رمضان ، والصلاة الیومیة ، والزکاة ، ولم یختلف اثنان من المسلمین فی شئ من هذه (الثوابت) المسلمة وقد اختلفوا فی معرفة أشیاء أخری من الإسلام ومعارفه مما یشکل الفروع العلمیة ، وإن ذلک نشأ من اختلافهم فی طرق الإثبات - کما وکیفا - بما لا یشکل أبدا عقبة فی وحدتهم وانتمائهم الدینی ، ولا فی أخوتهم الإسلامیة.

فطائفة کبیرة من المسلمین التزمت بأهل بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم مرشدین لهم ، وأئمة یعرفونهم أحکام الدین ، ویهتدون بهدیهم فی السیرة والخلق والعمل ، لأنهم خلفاء الرسول الذین نصبهم أئمة للأمة ، وأمر بالتمسک بهم للنجاة من الضلال ، والتخلص من الانحراف عن الإسلام.

وطائفة أخری تمسکت بسنة الصحابة لفرضهم مرشدین أمنا علی هذا الدین ، وقد کانت هذه الطائفة الأکثر عددا ، والأقوی یدا ، وقد کانت السلطة علی طول التاریخ بأیدیهم وأیدی من وقف معهم فی هذا الطریق.

ومع أن الصحابة ، لم یقل أحد بعصمتهم من الأخطاء والانحرافات ، لا عقیدیا ولا فکریا ولا عملیا ، فإنهم أصبحوا فی نظر الطائفة المتمسکة بهم طرقا إلی الدین ، ومن خلالهم تصل أحکامه وتفسر آیاته وتعرف سیرته ، فلا بد أن یوثقوا ویلتزم برأیهم - أیا کانوا ومهما کان فعلهم - ولأنهم یمثلون المسلمین الأولین القائمین بأمر الإسلام ، فلا بد أن نلتزم بهم ، فإن التشکیک فی هؤلاء یعنی التشکیک فی نفس الإسلام ومسلماته ، وإن رفض الصحابة ، والتجاسر علیهم ، والاعتراض علی سیرة أحدهم یساوی رفض الدین کله ، والکفر بالإسلام من أصله والمساس بالمعتقدات الأساسیة الثابتة کلها.

ومهما کانت أسباب هذه الفکرة ودوافعها ، ومنشأ وجودها فی أنظار هذه الطائفة ، ولماذا یسوون بین الصحابة والإسلام ، فإن ثمارها واضحة ، فإن

ص: 68

الحکام الذین حکموا التاریخ الإسلامی قد استغلوا هذه الفکرة لتبریر کل ما یصدر منهم من مخالفات ، وحصنوا أنفسهم ضد کل خارج أو معترض ، وضد کل محاسبة أو مسألة ، فلذلک بقیت الطبقة الحاکمة مطمئنة من أن یثور علیهم عامة المسلمین.

أما الشیعة ، الذین لم یلتزموا بهذه الفکرة ، ولم یلتزموا بما فرعوا علیها ، فإنهم التزموا بالأصول الإسلامیة الثابتة ، واعتمدوا علی أهل البیت النبوی طریقا إلی معرفة أحکام الإسلام ، ولم یسکتوا عن التصرفات التی کان الحکام والأمراء والولاة یقومون بها متجاوزین أحکاما ثابتة فی الدین ، ولم یعترفوا لهم بحق فی التعدی علی حقوق الله وحقوق الناس ، وکان فی مقدمة هؤلاء أئمة أهل البیت أنفسهم الذین تولوا أمر الدین ، وهم : فاطمة الزهراء ، وعلی أمیر المؤمنین والحسن والحسین سبطا رسول الله ، والأئمة الآخرون ، وکذلک العلویون الذین نذروا أنفسهم للتصدی للمخالفات والخروج عن أحکام الدین.

بینما عامة الناس من الطائفة الأخری تحافظ علی عقائدهم الأساسیة بالإسلام ، وإنما یجدون هم فی الالتزام بسنة الصحابة طریقا لتلک المحافظة ، ویعدون تصرفات الخلفاء - الذین یمثلون الحکومة الإسلامیة - أمورا وقتیة ، وتصرفات خاصة ، تزول وتفنی ، ولا یبقی سوی الإسلام بأصوله وشموخه وعظمته ، وقد دأب المنظرون التابعون للسلطات فی توجیه تلک التصرفات بغرز أفکار انحرافیة مثل : الإرجاء ، والجبر ، والتذرع بالاجتهاد والرأی ، وغیر ذلک من الأفکار الانحرافیة التی تقنع الناس ، وتمنعهم من التحرک للإصلاح ، ومن أخطر ما بثوه : کفر المعارضة ، وخروجها عن الدین ووجوب التصدی لها بأسم الإسلام.

وفی نفس الوقت کان المؤمنون بالإسلام فی أصوله الثابتة ومسلماته الأساسیة یعارضون کل التصرفات ویفندون الأفکار الموجهة لها ، لکنهم

ص: 69

یعرض البدیل الحق والمتین والصادق ، وهم أئمة أهل البیت وتوجیهاتهم الرائعة ، وفقههم الناصح العادل ، وسیرتهم المجیدة وبذلک کانت تتبخر جهود المضللین بتکفیر المعارضة ، وکیف تکفر طائفة یقودها أئمة أهل البیت النبوی؟! وتسوقها إرشاداتهم القیمة العادلة؟!

إن الشیعة لما عارضوا ما لم یوافق الحق من التصرفات المریبة والخارجة عن حدود الشریعة ومسلماتها ، والسیرة الفاسدة التی قام بها أناس بأسم الخلافة والحکومة الإسلامیة ، لم یزیفوا إلا أعمال هؤلاء ، وکانت معارضتهم من أجل المحافظة علی الإسلام وأصوله ، وجاؤا ببدیل أوثق وأتقی وهم أهل البیت علیهم السلام.

فإذا عرضوا إشکالات التاریخ الإسلامی ، ومخالفات الخلفاء والأمراء ، فإنما هو بهدف توجیه العامة من الناس إلی الحق الصحیح مما جاء به الإسلام فی أحکامه وفروعه وسیرته وتشریعه ، وتنبیههم إلی أن الصحبة للنبی صلی الله علیه وآله وسلم إنما تکون فضیلة - وما أعظمها - إذا لم تقترن بمخالفته فیما جاء به من أصول وفروع وسیرة ، وأن الصحابة الطیبین الذین لم یخالفوا النبی فی شئ من ذلک وبقوا إلی آخر الخط علی هدیه وسیرته کثیرون ، لکن من خرج منهم عن السیرة الإسلامیة والنبویة العادلة فلا أبقی لنفسه کرامة ، ولیس له عند الله ورسوله والمؤمنین حرمة.

ولا یجوز أن یعتدی علی أحد منهم ما لم یثبت تعدیه هو علی الإسلام.

فالمهم لکل مسلم الحفاظ علی الإسلام وأصوله وهدیه ، ولیس لأحد حق علی حساب کرامة الإسلام مهما کان ، خلیفة أو صحابیا أو سلطانا أو أمیرا.

وأما العلمانیون - ومنهم المؤلف - فإنهم یستغلون السلبیات التی وقعت فی التاریخ الإسلامی وعلی أیدی رجال من الصحابة وغیرهم ، لضرب أصل

ص: 70

الإسلام وتشویه صورته وتزییف تشریعاته ، ووسیلة إلی ضرب السنة التی هی مصدرها.

واستخدامهم لهذا إنما هو من قبیل (کلمة حق یراد بها باطل) فوقوع تلک المخالفات أمر ثابت ، لکن المسؤول عنها إنما هم القائمون بها ، لا الإسلام ولا السنة ولا التشریعات المعتمدة علیها.

فلیست المخالفات سببا للهجوم علی الدین بقدر ما هی وسیلة لتوجیه عامة المسلمین وتصحیح مسارهم ، وهدیهم إلی الإسلام الحق والصحیح.

إن محاولة ضرب الدین بتصرفات السلاطین ، إنما هو الهدف الذی أراده السلاطین الفاسدون أنفسهم ، أمثال معاویة والحجاج وخلفاء بنی أمیة وبنی العباس وآل عثمان ، ومن تلاهم من قواد وملوک ورؤساء الدول الإسلامیة فی هذا العصر.

ثم إن العلمانیة التی تستهدف ضرب الإسلام بعرض هذه القضایا ، فإنما تفرغ ساحة العالم الإسلامی من أیة ثقافة أو حضارة ، لتدعو إلی استبدالها بالحضارة الغربیة الحدیثة ، فإذا زیفت الشریعة الإسلامیة ، فلا بد من تبنی الشریعة الغربیة ، وبذلک تتحقق مآرب عملاء الغرب فی تضحیل الحضارة الإسلامیة ، وتعظیم حضارة الغرب المادیة محلها.

وفی نفس الوقت فإن العلمانیة تکون - بعملها اللئیم هذا - قد أسقطت الأوراق التاریخیة من أیدی الباحثین الذین یعرضون مآسی التاریخ الإسلامی ، لدعوة الناس إلی الإسلام ، فإن عملهم - وهم یحاولون تزییف الإسلام به - یجعلهم فی نظر عامة الناس ، من المعارضین للإسلام.

ویجرون معهم ، کل من یحاول فهم التاریخ بصورة صحیحة إلی قفص الاتهام بالمعارضة الإسلامیة وتزییف شریعته!

وهذا فی نفسه مکسب للعلمانیة ، أن تبدد مساعی الاصلاح فی العالم الإسلامی ، إن لم تحظ بمأربها الأول علی الأقل.

ص: 71

ولکن إذا کانت العلمانیة فاشلة فی أسالیبها لتزییف الشریعة ، فهی فی هذه المحاولة أکثر فشلا.

ص: 72

* کلمة الختام :

فهذا کتاب (تدوین السنة) لإبراهیم فوزی ، فی (عنوانه) ومؤداه ، وفی (غرضه) ومؤشراته ، قد بسطنا ما علیه من الملاحظات حیث لم یلتزم باستخدام العنوان بشکل صحیح ، ولا أدی حق العنوان بصورة علمیة حیادیة مجردة ، بل عرض له منحازا وبصورة غیر موضوعیة ، مما یثیر التساؤل حول صحة النتائج التی توصل إلیها ، کما إنه لم یتبع منهج التوثیق المعترف به علمیا ، فکانت معاملته مع المصادر بشکل قلق یثیر الریبة فی صحة منقولاته وتمامیتها.

وأما هدفه فقد تلخص فی (تزییف الشریعة الإسلامیة) والسعی فی إیحاء عدم إمکان تطبیقها ، وقد استولت هذه الروح التزییفیة علی عقل المؤلف وقلمه ، فی کل صفحات الکتاب ، فراح یتابع الإشکالیات علی السنة التی تعتمد علیها الشریعة الإسلامیة ، وبینما نجده یعمم بعض هذه الإشکالیات علی السنة ، لکنه یخص قسم المعاملات من الشریعة بالاستهداف ، فجعلها مرکزا للإشکالیات ، وتبلورت عندها النتیجة التی طلبها من کتابه کله ، وهی تزییف الشریعة وإبعادها عن حیز التطبیق ، وداعیا إلی استبدالها بالشریعة الغربیة الحدیثة ، حیث راح یمجد بها ویزمر لها بأنها تتفق والمبادئ الإنسانیة والقیم الأخلاقیة.

ونحن فی القسم الآخر من قراءتنا هذه تصدینا لإشکالیاته علی السنة ، ففندناها وأثبتنا خلوها من الصحة والدقة ، وعدم مطابقتها لواقع الحال فی ما تصوره عن السنة المعتمدة فی الفقه ، وإنما خلطه فی الهجوم علی الإسلام بین أصوله وأحکامه وبین ما توصل إلیه الناس وجعلوه إسلاما أو تصوروه أصلا أو حکما ، وأن المفارقات التی قرأها وعددها لا تحمل إلا علی تاریخ المسلمین ولیس هو یمس الإسلام بشئ ، وإنما هو صرة خاطئة فی أذهان أولئک الناس کما هو فی ذهن المؤلف ومن لف لفه من العلمانیین.

ص: 73

ثم إن البدیل الثقافی الذی اقترحه المؤلف لا یمکن أن یکون هو الشریعة الجاریة فی الحضارة الغربیة المعاصرة ، لفراغها وتنافیها من أبسط القیم والمبادئ البشریة وسقوطها وخروجها عن أبسط قواعد المنطق والعدل ، وإن تظاهر الغربیین بدعوی حقوق الإنسان ، والحریة ، والمساواة بین البشر ، وبین المرأة والرجل ، لیس إلا إعلانا یستخدمونه ضد الأدیان والشعوب الشرقیة ، لتضحیل ثقافاتهم ، وتفریغهم من شرائعهم وأصول حضاراتهم المبتنیة علی التقالید والأعراف الخاصة بهم ، ودفعهم إلی التبعیة الحضاریة للغرب المستهتر بالقیم والمبادئ ، وحقوق الإنسان والرجل والمرأة ، والمعتمد علی القوة والإکراه والسطو والقهر.

إن العلمانیین - بمثل ما قام به المؤلف - لیسوا إلا أبواقا مزیفة مأجورة للدعایة الغربیة ، وأید عملیة للحضارة الغربیة فی تزییف الإسلام وعقیدته وشریعته ، یقومون بما قام به المستشرقون من قبل بأسم الدراسات العلمیة والجامعیة ، وما قام به الرتل الخامس من أعمال تخریبیة ضد الشعوب الأخری ، ولکن بلسان عربی ، وبأقلام عربیة ، بدعوی صلته بالإسلام من خلال دراسة مصادره وتراثه وفکره وشریعته ، وما هم إلا أجانب بعداء عن هذا الشعب وهذا الدین وهذا التراث.

إن قراءتنا هذه أثبتت زیف کل هذه الدعاوی الباطلة ، بالحیاد والتجرد ومعرفة التراث الإسلامی ، بهدف تزییفه ونقده ودراسته! إن عنوان (تدوین السنة) لیس إلا قناعا یراد به السیطرة علی قول القراء ، ولیس محتواه إلا (تزییف الشریعة) وقطع أصولها وتسخیف أحکامها ، ولکن أخفق المؤلف فی مسعاه ، لأنه لم یعرف (من أین تؤکل الکتف) کما یقول المثل المشهور.

( والله المستعان علی ما یصفون ) .

ص: 74

حکم الجمع بین الصلاتین

علی ضوء المذاهب الفقهیة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله العلی الحکیم المالک ، الذی هدانا إلی أکمل الأدیان وأقوم المسالک ، وصلی الله وسلم علی سیدنا ونبینا محمد المبعوث بالشریعة السمحة التی لا یزیغ عنها إلا هالک ، وعلی آله وأصحابه والتابعین لهم نجوم الاهتداء وأنوار الحوالک.

أما بعد :

فما زالت طوائف من أهل الخلاف ، وعصائب من ذوی التعصب والاعتساف ، یشنعون علی أصحابنا الشیعة الإمامیة - أعزهم الله تعالی - تجویز الجمع بین الصلاتین فی الحضر من غیر علة ویستعظمون ذلک منهم! مع کونه من الأمور القطعیة الثابتة عن صاحب الشریعة صلی الله علیه وآله وسلم - کما سیتبین لک ذلک إن شاء الله تعالی -.

علی أنا - شهد الله ، وکفی به شهیدا - لن نتعبد فی هذه المسألة إلا بما ثبت لدینا من أدلة الشرع الشریف من الکتاب والسنة ، بما لا مبرر معه لذلک

السیّد حسن الحسینی آل المجدّد الشیرازی

ص: 75

التهویل والتشنیع والإرجاف!

فحدانی ذلک إلی جمع هذه الرسالة الموسومة ب : (إعلام أهل الملة بجواز الجمع بین الصلاتین فی الحضر من غیر علة) ، وقد أودعتها من البراهین الجلیة ما تثبت به الحجة علی الخصم ، وضمنتها الجواب عن الشبه الواهیة التی تشبثوا بها لمنع من الجمع.

ولا بد - أولا - من تحریر محل النزاع فنقول :

إعلم - رحمک الله - أنا معاشر الإمامیة مطبقون علی استحباب تفریق الصلوات الخمس فی الحضر علی المواقیت المعهودة ، وإتیان کل منها فی وقت فضیلتها ، وکتبهم شاهدة بذلک ، وأحادیثهم فی ذا الباب مستفیضة (1) ، وأن الجمع عندهم رخصة لا غیر ، إلا فی عصری یوم عرفة وعشاءی لیلة المزدلفة ، فإن الجمع عندهم سنة کما علیه سائر أهل الإسلام ، وإلا فی عصر الجمعة ، فإن السنة عندهم جمعها مع الأولی لقیام الدلیل علی ذلک.

وقد خالفت فیه العامة :

فقالت : الحنفیة : لا یجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة والمزدلفة.

وأجازه الشافعی لعذر المطر لیلا کان أو نهارا.

ومنعه مالک فی النهار وأجازه فی اللیل ، وأجازه أیضا فی الطین دون المطر فی اللیل.

واختلفوا فی عذر المرض ، فالمشهور من مذهب الشافعی والأکثرین أنه

====

وقال صاحب (العروة الوثقی) - من أئمتنا المتأخرین - : یستحب التفریق بین الصلاتین المشترکتین فی الوقت کالظهرین والعشاءین. (کتاب الصلاة - فصل أوقات الیومیة ونوافلها - مسألة 7).

ص: 76


1- 1. قال شیخنا الشهید - رحمه الله - فی (الذکری) : 119 - : بعد کلام له فی استحباب التفریق - : وبالجملة کما علم من مذهب الإمامیة جواز الجمع بین الصلاتین مطلقا ، علم منه استحباب التفریق بینهما بشهادة النصوص والمصنفات بذلک. انتهی.

لا یجوز ، وجوزه أحمد وجماعة من أصحاب الشافعی ، وکذا أباحه مالک إذا خاف أن یغمی علیه أو کان به بطن.

ومن رام الوقوف علی أسباب الجمع وشروطه عندهم فعلیه بکتب فروعهم.

وقد دلت السنة الصحیحة الصریحة عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه جمع بین الصلاتین فی الحضر دون عذر ، وما أراد بذلک إلا التوسع علی أمته رفع الحرج عنهم ، وهذا مما اتفق أهل الإسلام علی صحته ، وقد رواه الفریقان بأسانید متعددة وطرق مختلفة.

لکن المنکرین لإباحة الجمع تأولوا تلک النصوص علی غیر ظواهرها  - کما ستعرف إن شاء الله - وطعنوا علی أهل الحق باختیارهم جواز الجمع مطلقا.

إذا تقرر ذلک ، فاعلم أن الکتاب والسنة یدلان علی حقیة مذهب أصحابنا الإمامیة فی مسألة الجمع بین الصلاتین بقول مطلق وصحته ، وهما المرجع عند الاختلاف کما قال الله تعالی : ( فإن تنازعتم فی شئ فردوه إلی الله والرسول إن کنتم تؤمنون بالله والیوم الآخر ذلک خیر وأحسن تأویلا ) [سورة النساء 4 : 59].

دلیل جواز الجمع بین الصلاتین من القرآن الکریم :

أما الکتاب العزیز فقوله عز من قائل : ( أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر کان مشهودا ) (1).

تقریب الاستدلال بالآیة : أن الله سبحانه وتعالی قد افترض علی عباده فی الیوم خمس صلوات ، أربعا منها من دلوک الشمس - وهو الزوال علی

ص: 77


1- 1. الإسراء 17 : 78.

الصحیح - إلی غسق اللیل - وهو انتصافه - ، فالظهر والعصر من زوال الشمس عن کبد السماء إلی غروبها ، وتشترکان فی الوقت إلا أن الأولی قبل الثانیة ، وکذا المغرب والعشاء تشترکان فی الوقت من الغروب إلی غسق اللیل إلا أن المغرب قبل العشاء ، وأفرد تبارک وتعالی صلاة الفجر بالذکر فی قوله جل ثناؤه : ( وقرآن الفجر ) .

فالآیة دالة علی وجوب الصلوات الخمس ومتضمنة لبیان أوقاتها علی ما هو المعروف من مذهب أصحابنا الإمامیة ، ولازم اتساع الوقت جواز الجمع کما لا یخفی علی ذی دریة.

وقد رووا ذلک عن باقر العلم من آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم فی الحدیث الصحیح.

قال علیه الصلاة والسلام : قال الله تعالی لنبیه صلی الله علیه وآله وسلم : ( أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل ) أربع صلوات سماهن الله وبینهن ووقتهن ، وغسق اللیل هو انتصافه ، ثم قال تبارک وتعالی : ( وقرآن الفجر أن قرآن الفجر کان مشهودا ) فهذه الخامسة.

وعن أبی عبد الله جعفر بن محمد الصادق علیهما الصلاة والسلام فی قوله تعالی : ( أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل ) قال : منها صلاتان أول وقتهما من زوال الشمس إلا أن هذه قبل هذه ، ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلی انتصاف اللیل إلا أن هذه قبل هذه.

وهذا مذهبه ومذهب آبائه وأبنائه الطاهرین الکرام صلوات الله تعالی وسلامه علیهم أجمعین ، وهم عیبة علم النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وسفن نجاة الأمة ، وعدل القرآن ، وأمناء الوحی ، فمن ذا الذی ینکر فقه هؤلاء الأمجاد؟ أم أی منصف یعرض عن مذهب أولئک الأسیاد؟! فالمتعین علی المسلم الانقطاع إلیهم فی الأصول والفروع ، لأنهم أدری بمقاصد القرآن العظیم والذکر الحکیم ، کیف لا؟! وقد نزل الکتاب فی بیوتهم ، فهم أولی

ص: 78

بالاتباع من الأئمة الأربعة وغیرهم من أهل المذاهب الفقهیة ، لأن هؤلاء أیضا ینتهون فی العلم إلیهم علیهم السلام ، وقد أخذ الإمامان أبو حنیفة ومالک عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام ، وقوله : (لولا السنتان لهلک النعمان) یشهد بها الخافقان.

ولنعم القول قول شیخ الإسلام العلامة الشیخ سلیم البشری المالکی : إن الأئمة الاثنی عشر أولی بالاتباع من الأئمة الأربعة وغیرهم ، لأن الأئمة الاثنی عشر کلهم علی مذهب واحد قد محصوه وقرروه بإجماعهم بخلاف الأربعة ، فإن الاختلاف بینهم شائع فی أبواب الفقه کلها فلا تحاط موارده ولا تضبط.

قال : ومن المعلوم أن ما یمحصه الشخص الواحد لا یکافئ فی الضبط ما یمحصه اثنا عشر إماما ، هذا کله مما لم تبق فیه وقفة لمنصف ، ولا وجهة لمتعسف. انتهی (1).

أخرج الصدوق ابن بابویه رحمه الله فی (الفقیه) بإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق علیه السلام ، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الظهر والعصر بأذان وإقامتین ، وجمع بن المغرب والعشاء فی الحضر من غیر علة بأذان واحد وإقامتین.

وأخرجه الشیخ رحمه الله فی (التهذیب) بإسناده عن عمر بن أذینة ، عن رهط منهم الفضیل بن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام.

وأخرج فی (العلل) عنه علیه السلام قال : إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم صلی الظهر والعصر فی مکان واحد من غیر علة ولا سبب ، فقال له عمر - وکان أجرأ القوم علیه - : أحدث فی الصلاة شئ؟ قال : لا ، ولکن أردت أن أوسع علی أمتی.

ص: 79


1- (3) المراجعات - للإمام شرف الدین العاملی رحمه الله - : 129

وأخرج فی (العلل) أیضا بإسناده عن عبد الملک القمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : أجمع بین الصلاتین من غیر علة؟ قال : قد فعل ذلک رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، أراد التخفیف عن أمته.

وأخرج ثقة الإسلام الکلینی - رحمه الله تعالی - فی (الکافی) بإسناده عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالناس الظهر والعصر حین زالت الشمس فی جماعة من غیر علة ، وصلی بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غیر علة فی جماعة ، وإنما فعل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لیتسع الوقت علی أمته.

وأخرج الشیخ رحمه الله فی (تهذیب الأحکام) و (الاستبصار) بإسناده عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام : نجمع بین المغرب والعشاء فی الحضر قبل أن یغیب الشفق من غیر علة؟ قال : لا بأس (1).

ولنرجع إلی ما کنا فیه فنقول :

ذکر الإمام فخر الرازی فی (مفاتیح الغیب) (2) کلاما شافیا فی تفسیر الآیة آنفة الذکر ، قال : فإن فسرنا الغسق بظهور أول الظلمة - وحکاه عن ابن عباس وعطاء والنضر بن شمیل - کان الغسق عبارة عن أول المغرب ، وعلی هذا التقدیر یکون المذکور فی الآیة ثلاثة أوقات : وقت الزوال ، ووقت أول المغرب ، ووقت الفجر.

قال : وهذا یقتضی أن یکون الزوال وقتا للظهر والعصر فیکون هذا الوقت مشترکا بین هاتین الصلاتین ، وأن یکون أول المغرب وقتا للمغرب والعشاء فیکون هذا الوقت مشترکا أیضا بین هاتین الصلاتین ، فهذا یقتضی جواز الجمع بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء مطلقا ، إلا أنه دل الدلیل علی أن الجمع

ص: 80


1- 1. تفصیل وسائل الشیعة 4 / 220 - 223.
2- 2. مفاتح الغیب (التفسیر الکبیر) 21 / 26 - 27.

فی الحضر من غیر عذر لا یجوز ، فیوجب أن یکون الجمع جائزا لعذر السفر وعند المطر وغیره. انتهی.

قلت : ما أحسن ما استنبطه هذا الإمام الجهد من الآیة الشریفة ، إلا أنه مال باستدراکه عن الحق وحاد عن الصواب ، وسیأتی إن شاء الله تعالی علی ما ظنه مانعا من جواز الجمع فی الحضر مطلقا.

فإن قیل : إن الآیة مخصوصة بفعل الرسول أو بقوله صلی الله علیه وآله وسلم : صلوا کما رأیتمونی أصلی - کما ذکره النیسابوری فی تفسیره (1).

قلنا : أما فعل الرسول صلی الله علیه وآله وسلم فلا دلالة فیه علی التخصیص فی المقام ، لأنه أعم من مورد النزاع ، لما سیأتی إن شاء الله تعالی من أن مواظبته علیه وآله الصلاة والسلام علی التوقیت فی غالب الأحوال لا یدل علی تعینه ووجوبه ، وإن دل علی أفضلیته واستحبابه.

وأما قوله صلی الله علیه وآله وسلم : (صلوا کما رأیتمونی أصلی) فلا یقتضی عدم جواز الجمع بین الصلاتین.

إذ غایة ما یدل علیه هذا الحدیث وجوب متابعته صلی الله علیه وآله وسلم فی هیئة الصلاة وأفعالها ، وإلا فقد أدعی أنه لا یدل - فی نفسه - علی الوجوب والاستحباب ، وغیرها ، ضرورة اشتمال صلاته علیه وآله الصلاة والسلام علی بعض المندوبات والمباحات ، والتمییز محتاج إلی قرینة کانت موجودة وقت الخطاب غیر ظاهرة لدینا.

علی أن السنة قد بینت أنه صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الصلاتین فی وقت واحد من غیر عذر ولا علة ، فلا مجال للتوهم المذکور.

ولعمری إن من نظر بعین الإنصاف ، ونزع عنه جلباب التعنت والاعتساف ، أذعن بدلالة الآیة علی مذهب أصحابنا الإمامیة - نصر الله بهم

====

15 / 74.

ص: 81


1- (6) غرائب القرآن ورغائب الفرقان - المطبوع بهامش تفسیر الطبری -

الحق - من جواز الجمع بین الصلاتین فی الحضر مطلقا ، والله یهدی من یشاء إلی صراط المستقیم.

أدلة جواز الجمع بین الصلاتین من السنة :

وأما السنة : فمستفیضة بین الفریقین ، صریحة فی جواز الجمع فی الحضر ، لا یرتاب فی ذلک ذو تحصیل ، حتی قال إمام الحرمین الجوینی الشافعی : ثبت فی الجمع أحادیث نصوص لا یتطرق إلیها التأویل - کما حکاه الزرقانی فی شرح الموطأ (1) - ونحن ورد منها هاهنا ما یتم به المقصود إن شاء الله تعالی فنقول :

أخرج أحمد والبخاری ومسلم (2) عن عمرو بن دینار ، عن أبی الشعثاء جابر بن زید ، عن ابن عباس ، قال : صلیت مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثمانیا جمیعا وسبعا جمیعا ، قال عمرو بن دینار : قلت : یا أبا الشعثاء ، أظنه أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء ، قال : وأنا أظن ذلک.

وأخرجوا أیضا (3) عن ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی المدینة مقیما غیر مسافر سبعا وثمانیا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

وأخرج أحمد ، عن جابر بن زید ومسلم والترمذی (10) عن حبیب بن أبی ثابت ، عن سعید بن جبیر ، عن ابن عباس ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدینة فی غیر

ص: 82


1- 1. شرح الموطأ 1 / 295.
2- 2. مسند أحمد 1 / 221 ، صحیح البخاری 2 / 72 ، صحیح مسلم 2 / 152.
3- 3. مسند أحمد 1 / 223 ، صحیح مسلم 2 / 152 ، سنن الترمذی 1 / 354.

خوف ولا مطر.

ورواه ذلک مالک فی (الموطأ) (1) ومسلم فی صحیحه بلفظ : فی غیر خوف ولا سفر ، قال مالک : أری ذلک کان فی مطر ، انتهی.

قال مسلم : وفی حدیث وکیع قال : قلت لابن عباس : لم فعل ذلک؟ قال : کی لا یحرج أمته ، وفی حدیث أبی معاویة : قیل لابن عباس : ما أراد إلی ذلک؟ قال : أراد أن لا یحرج أمته.

وأخرج أحمد ومسلم أیضا (2) عن عبد الله بن شقیق العقلی ، قال : خطبنا ابن عباس یوما بعد العصر حتی غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس یقولون : الصلاة الصلاة ، قال : فجاءه رجل من بنی تمیم لا یفتر ولا ینثنی یقول : الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلمنی بالسنة لا أم لک؟! ثم قال : رأیت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قال عبد الله بن شقیق : فحاک فی صدری من ذلک شئ ، فأتیت أبا هریرة فسألته فصدق مقالته.

وقد علق سیدنا الإمام شرف الدین العاملی - رحمه الله ورضی عنه وأرضاه - علی ذلک فقال (3) : من هوان الدنیا علی الله تعالی وهوان آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم علی هؤلاء أن یحوک فی صدورهم شئ من ابن عباس فیسألوا أبا هریرة ، ولیتهم بعد تصدیق أبی هریرة عملوا بالحدیث. انتهی.

وأخرج مسلم (4) عن عبد الله بن شقیق أیضا ، قال : قال رجال لابن

ص: 83


1- 1. الموطأ 1 / 144 ح 4 ، صحیح مسلم 2 / 151.
2- 2. مسند أحمد 1 / 251 ، صحیح مسلم 2 / 152 - 153 ، وکذا رواه الطحاوی فی شرح معانی الآثار وأبو داود الطیالسی فی مسنده 11 / 355.
3- 3. مسائل فقهیة خلافیة - مبحث الجمع بین الصلاتین.
4- 4. صحیح مسلم 2 / 153.

عباس : الصلاة ، فسکت ، ثم قال : الصلاة ، فسکت ، ثم قال : الصلاة ، فسکت ، ثم قال : لا أم لک ، أتعلمنا بالصلاة وکنا نجمع علی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؟!

وأخرج البخاری (1) عن جابر بن زید ، عن ابن عباس : أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم صلی بالمدینة سبعا وثمانیا الظهر والعصر والغرب والعشاء ، فقال أیوب : لعله فی لیلة مطیرة؟ قال : عسی.

قلت : سیأتی الکلام علی ذلک إن شاء الله تعالی.

وأرسل البخاری أیضا (2) عن ابن عمر وأبی أیوب وابن عباس ، أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم صلی المغرب والعشاء ، یعنی جمعهما فی وقت إحداهما دون الأخری.

وأخرج مسلم (3) عن أبی الزبیر ، عن سعید بن جبیر ، عن ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الظهر والعصر جمیعا بالمدینة فی غیر خوف ولا سفر ، قال أبو الزبیر : فسألت سعیدا لم فعل ذلک؟ فقال : سألت ابن عباس کما سألتنی ، فقال : أراد أن لا یحرج أحدا من أمته.

وأخرج أیضا فی (باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر) من صحیحه (4) عن سعید بن جبیر ، قال : حدثنا ابن عباس : أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الصلاة فی سفرة سافرها فی غزوة تبوک ، فجمع بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قال سعید : فقلت لابن عباس : ما حمله علی ذلک؟ قال : أراد أن لا یحرج أمته.

ص: 84


1- 1. صحیح البخاری 1 / 143 - 144.
2- 2. صحیح البخاری 1 / 148.
3- 3. صحیح مسلم 2 / 15.
4- 4. صحیح مسلم 2 / 151.

وأخرج فی الباب المذکور (1) حدیثین عن أبی الطفیل عامر بن وائلة ، قال : حدثنا معاذ بن جبل ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی غزوة تبوک بین الظهر والعصر وبین المغرب والعشاء ، قال : فقلت : ما حمله علی ذلک؟ قال : فقال : أراد أن لا یحرج أمته.

واعلم أن حدیث ابن عباس ومعاذ بن جبل فی جمعه صلی الله علیه وآله وسلم فی غزوة تبوک لا یختص بمورده - أعنی السفر - إذ علة الجمع فیه مطلقة لا دخل فیها للسفر من حیث کونه سفرا ، ولا للمرض والمطر والطین والخوف من حیث هی هی ، وإنما هی کالعام یرد فی مورد خاص فلا یتخصص به ، بل یطرد فی جمیع مصادیقه إذ العبرة بعموم الوارد دون المورد ، ولذا تری الإمام مسلما لم یورده فی باب الجمع فی السفر ، إذ لا یختص به ، وإنما أورده فی باب الجمع فی الحضر ، لیکون من أدلة جواز الجمع بقول مطلق ، وهذا من فهمه وعلمه وإنصافه - کما قال الإمام ابن شرف الدین رحمه الله (2) -.

وأخرج أبو داود فی سننه (3) عن ابن عباس ، قال : جمع رسول الله بین الظهر والعصر والغرب والعشاء بالمدینة من غیر خوف ولا مطر ، فقیل لابن عباس ما أراد إلی ذلک؟ قال : أراد أن لا یحرج أمته.

وأخرج عنه أیضا (4) عن ابن عباس ، قال : صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة ثمانیا وسبعا ، الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

وأخرج النسائی فی سننه (5) عن ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الظهر والعصر جمیعا ، والمغرب والعشاء جمیعا ، من

ص: 85


1- 1. صحیح مسلم 2 / 152.
2- 2. مسائل فقهیة خلافیة - مبحث الجمع بین الصلاتین.
3- 3. سنن أبی داود 2 / 6 ح 1211.
4- 4. سنن أبی داود 2 / 6 ح 1214.
5- 5. سنن النسائی 1 / 290.

غیر خوف ولا سفر.

وأخرج عنه أیضا (1) قال : صلیت وراء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثمانیا جمیعا وسبعا جمیعا.

وأخرج عنه أیضا (2) أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم کان یصلی بالمدینة یجمع بین الصلاتین ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، من غیر خوف ولا مطر ، قیل له : لم؟ قال : لئلا یکون علی أمته حرج.

وأخرج النسائی فی سننه وأبو نعیم فی الحلیة (3) عن جابر بن زید ، عن ابن عباس ، أنه صلی بالبصرة الأولی والعصر لیس بینهما شئ ، والمغرب والعشاء لیس بینهما شئ ، فعل ذلک من شغل ، وزعم ابن عباس أنه صلی مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة الأولی والعصر ثمانی سجدات لیس بینهما شئ.

وأخرج عبد الرزاق بن همام فی جامعه ، قال : أنبأنا ابن جریح ، عن عمرو بن شعیب ، قال : قال عبد الله بن عمر : جمع لنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مقیما غیر مسافر بین الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، فقال رجل لابن عمر : لم تری النبی صلی الله علیه وآله وسلم فعل ذلک؟ قال : لئلا یحرج أمته إن جمع رجل (4).

وأخرج أبو نعیم فی الحلیة (5) عن ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثمان رکعات جمیعا ، وسبع رکعات جمیعا ، من غیر

ص: 86


1- 1. سنن النسائی 1 / 290.
2- 2. سنن النسائی 1 / 290.
3- 3. سنن النسائی 1 / 286 ، حلیة الأولیاء 3 / 90 ، مسند أبی داود الطیالسی 10 / 341 ح 2613.
4- 4. مصنف عبد الرزاق 2 / 556 ح 4437 ، کنز العمال 2 / 242 ح 5078.
5- 5. حلیة الأولیاء 3 / 90.

مرض ولا علة.

وأخرج الطبرانی فی الصغیر ، عن ابن عباس ، أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء.

وأخرج أیضا فی الأوسط (1) والکبیر ، بسنده عن عبد الله بن مسعود ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم - یعنی بالمدینة - بین الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، فقیل له فی ذلک ، فقال : صنعت ذلک لئلا تحرج أمتی.

وأخرج الطحاوی فی : معانی الآثار [1 / 161] بسنده عن جابر بن عبد الله ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدینة للرخص من غیر خوف ولا علة.

وأخرج البزار فی مسنده ، عن أبی هریرة ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بین الصلاتین بالمدینة من غیر خوف.

وغیر ذلک من السنن المستفیضة الواردة فی هذا الباب.

علی أن فی هذا القدر غنیة وکفایة لأولی البصائر والألباب.

وهذه الأحادیث صریحة فی أن جمعه صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة من غیر خوف ولا مطر إنما هو لبیان جواز الجمع ومشروعیته ، لئلا یتوهم حظره من مداومته صلوات الله وسلامه علیه علی التفریق ، ومواظبته علی التوقیت فی غالب الأحوال.

وهی روایات صحیحة أخرجها أصحاب الصحاح وأرباب السنن والمسانید ، فترک الجمهور العمل بها لا یقدح فی صحتها ، ولا یوجب سقوط الاستدلال بها - کما صرح بذلک الشوکانی فی نیل الأوطار (2) -.

ص: 87


1- 1. المعجم الأوسط ، المعجم الصغیر 2 / 94 ، المعجم الکبیر 10 / 269 ح 10525.
2- 2. نیل الأوطار 3 / 248.

وبه یظهر ما فی دعوی الترمذی والشیخ تقی الدین السبکی الشافعی (1) إجماع أهل العلم علی ترک العمل بحدیث ابن عباس ، فإنها دعوی باطلة مردودة بعدم ثبوت الاجماع ، فقد قال به ابن عباس وعمل به ، ووافقه أبو هریرة ، وذهب إلیه جماعة من الفقهاء - کما سیأتی إن شاء الله تعالی - وعلیه انعقد إجماع الإمامیة.

وقال الإمام النووی فی شرح صحیح مسلم (2) : وأما حدیث ابن عباس فلم یجمعوا علی ترک العمل به ، بل لهم أقوال. انتهی.

وقال الآلوسی فی تفسیره (3) - فی رد کلام الترمذی - : إنه ناشئ من عدم التتبع.

ولیت شعری لم ترکوا العمل به مع أنه من الأحادیث الصحیحة والنصوص الصریحة فی الباب؟! وأی وزن یقام لإجماعهم - علی تقدیر ثبوته ، وقد عرفت ما فیه - فی مقابل النصوص المستفیضة؟!

فلا محید من الاذعان بها والبخوع لها ، والله المستعان.

ومنه یعلم أیضا ما فی قول القاضی شرف الدین الحسین بن محمد المغربی فی (البدر التمام فی شرح بلوغ المرام) (4) : إن حدیث ابن عباس عند مسلم (أنه صلی الله علیه وآله وسلم جمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدینة من غیر خوف ولا مطر ، قیل لابن عباس : ما أراد إلی ذلک؟ قال : أراد أن لا یحرج أمته) لا یصح الاحتجاج به ، لأنه غیر معین لجمع التقدیم والتأخیر

ص: 88


1- 1. سنن الترمذی - کتاب العلل - 5 / 736 ، وکلام السبکی تجده فی صفحة 22 من رسالة الاجتماع والافتراق المطبوع مع رسالتین أخریین فی مجموعة بعنوان : (الدرة المضیئة).
2- 2. شرح صحیح مسلم 3 / 410.
3- 3. روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم والسبع المثانی 15 / 134.
4- 4. کما حکاه عنه الأمیر الصنعانی فی سبل السلام 2 / 43 ، والشیخ صدیق بن حسن القنوجی البخاری فی فتح العلام 1 / 195.

- کما هو ظاهر فی روایة مسلم - وتعیین واحد منهما تحکم ، فیوجب العدول منه إلی ما هو واجب من البقاء علی العموم فی حدیث الأوقات للمعذور وغیره ، وتخصیص المسافر لثبوت المخصص. انتهی.

وزعم أن هذا هو الجواب الحاسم.

قلت : بناؤه عدم الاحتجاج بحدیث ابن عباس عند مسلم علی عدم تعیین الحدیث لجمع التقدیم والتأخیر - مع کونه مخالفا لما أجمع علیه أهل السنة والجماعة من الاحتجاج بأحادیث الصحیحین - بناء علی أصل فاسد ، وما یبنی علی الفاسد فاسد ، إذ لیس النزاع فی جواز الجمع قدیما وتأخیرا حتی یقال إن الحدیث مجمل غیر مبین لأحد الأمرین ، وإنما الکلام فی ثبوت أصل مشروعیة الجمع فی الحضر ، وحدیث مسلم وغیره نص فیه کما هو ظاهر جلی.

وأما دعواه بقاء العموم فی حدیث الأوقات للمعذور وغیره ، فهی مردودة بمخالفتها للنص المعلل بسماحة الشریعة وسهولتها.

مع أن فی الکتاب والسنة ما هو صریح فی إعذار ذوی الأعذار حتی اشتهر وذاع أن الضرورات تبیح المحظورات ، وهذا لا یکاد یخفی علی من اغترف من منهل الشریعة وألم بطرف من الفقه والأحکام.

علی أنه لا تنافی - فی نفس الأمر - بین حدیث الأوقات وأحادیث الجمع ، إذ أن أحادیث الجمع تقتضی حمل حدیث الأوقات علی الفضیلة ، وتبین أن المراد من التوقیت فی الواقع هو ذلک دون التعین والوجوب ، فلا ینعقد حینئذ عموم من أول الأمر ، فأفهم.

وأما قوله - فی رد التمسک بأحادیث الجمع فی الحضر - : إن ما یروی عن الصحابة والتابعین فغیر حجة ، إذ للاجتهاد فی ذلک مسرح ، فمدفوع بأنه مضافا إلی أن الحجة فی المقام لیست خصوص فعل ابن عباس - رضوان الله

ص: 89

علیه - وتصدیق أبی هریرة إیاه وموافقته له فی مقالته - کما أخرجه مسلم - فإن قول الصحابة وفعلهم مستند إلی ما استفاض من جمعه صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة ، وکانوا هم حاضریه وفاعلیه مع النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، فلیس هو من اجتهاداتهم ، ولا أقل من احتمال ذلک ، کیف وقد رواه جماعة منهم ، کجابر بن عبد الله الأنصاری وعبد الله بن مسعود وابن عمر وأبی هریرة فضلا عن ابن عباس - کما تقدم آنفا - ، وحاشا الصحابة الکرام أن شرعوا فی الدین ما لم یعلموا وروده فی الشرع من التعبدیات التی لا تعرف إلا من قبله ، فضلا عن أن تقولوا علی الرسول صلوات الله وسلامه علیه وعلی آله ویعزوا إلی ما لم یفعله.

تنبیه :

قال الخطابی فی (معالم السنن) (1) - فی حدیث حبیب بن أبی ثابت الذی أخرجه مسلم والترمذی - : هذا حدیث لا یقول به أکثر الفقهاء ، وإسناده جید إلا ما تکلموا من أمر حبیب. انتهی.

قلت : حبیب بن أبی ثابت الأسدی الکاهلی الکوفی قد وثقوه.

قال الذهبی فی (میزان الاعتدال) (2) : احتج به کل من أفراد الصحاح بلا تردد ، وقال : وثقه یحیی بن معین وجماعة. انتهی.

وقال العجلی : کوفی تابعی ثقة ، وقال أیضا : کان ثقة ثبتا فی الحدیث.

وقال ابن معین والنسائی : ثقة.

وقال ابن أبی مریم عن ابن معین : ثقة حجة ، قیل له : ثبت؟ قال : نعم.

وقال أبو حاتم وابن عدی : صدوق ثقة.

ص: 90


1- 1. معالم السنن 2 / 55 رقم 1167 ، وحکاه عنه فی عون المعبود 1 / 469.
2- 2. میزان الاعتدال 1 / 451 رقم 1690.

وقال ابن عدی أیضا : هو أشهر وأکثر حدیثا من أن أحتاج أذکر من حدیثه شیئا ، وقد حدث عن الأئمة ، وهو ثقة حجة - کما قال ابن معین (1) -.

قلت : وکأن الخطابی أراد تکلم الدولابی فیه ، وعده من المضعفین لتشیعه ، وهو غیر ضائر ، إذ لیس بقدح معتد به - عند القوم - ما لم یجاوز الحد المعتبر ، ولم ینقل عنه ذلک ، بل وثقوه واحتجوا به - کما عرفت.

وهذه الصحاح وغیرها من کتب السنة قد ملئت إلی مشاشتها برجال الشیعة ورواتهم ، فلو رد حدیث المتشیعین مطلقا لذهبت جملة من الآثار النبویة  - کما أعترف بذلک الحافظ الذهبی بترجمة أبان بن تغلب من (میزان الاعتدال) (2) -.

أو أن الخطابی أراد رمی بعضهم إیاه بالتدلیس ، ولیس بشئ لا سیما مع هذه التوثیقات الأکیدة.

وأما دعوی ابن الهمام الحنفی أن حدیث ابن عباس معارض بما فی صحیح مسلم من حیث لیلة التعریس ، أنه صلی الله علیه وآله وسلم قال : لیس فی النوم تفریط ، إنما التفریط فی الیقظة أن یؤخر الصلاة حتی یدخل وقت صلاة أخری.

فهی کما تری ، وللبحث فی ذلک مجال - کما قال الآلوسی الحنفی فی - روح المعانی) (3) - ، فإن حدیث التعریس لا یعارض جمع التقدیم البتة ، وقد یتوهم معارضة ظاهرة لجمع التأخیر ، ولیس کذلک ، إذ أن فعل ابن عباس رضی الله عنه - أعنی جمعه بین المغرب والعشاء - وتصدیق أبی هریرة له - کما أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقیق العقیلی - حجة فی جمع التأخیر ، فإن الفعل والتصدیق إنما کانا بالإضافة إلیه.

ص: 91


1- 1. تهذیب التهذیب 1 / 430 - 431.
2- 2. میزان الاعتدال 1 / 5 رقم 2.
3- 3. روح المعانی 15 / 134.

وفی احتجاجه - رضی الله عنه - بجمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم إیحاء إلی نفی خصوصیة التقدیم والتأخیر فی الجمع ، ولولا ذلک لما صح الاحتجاج به.

هذا ، مع أنا قد بینا آنفا وسیأتی إن شاء الله أن حدیث الأوقات محمول علی الفضیلة ، فلیس حینئذ فی تأخیر إحدی الصلاتین إلی وقت فضیلة الأخری والجمع بینهما تفریط یستوجب الإثم والعقاب ، فالظاهر إثبات التفریط فی تأخیر الصلاة عن وقتها المضیق ، کتأخیر العصر حتی یدخل وقت العشاءین ، وتأخیرهما إلی ما بعد انتصاف اللیل - عند بعضهم - ، وتأخیر الفجر حتی تطلع الشمس.

ثم إن المانعین من الجمع تأولوا تلک النصوص ، - بعد الاقرار بثبوتها - علی وجوه شتی!

مع أن التأویل والصرف عن الظاهر لا یرتکب إلا مع معارضة الحدیث لأمر ثابت مقطوع ، ولیس فی المقام ما یعارض ظاهر أحادیث الباب ، حتی یلزم تأویلها لأجله ، فمن تلک الوجوه :

الأول : ما ذکره الشیخ ولی الله الدهلوی الحنفی فی (فی شرح تراجم أبواب البخاری) (1) حیث قال : ولیعلم أن ما وقع فی الحدیث من قوله (صلی بالمدینة) وهم من الراوی ، بل کان ذلک فی سفر انتهی.

قلت : بل الوهم منه ، فقد وقع التصریح فی جملة من أحادیث الصحیحین وغیرهما - کما تقدم فی أوائل هذا الاملاء - بأن الجمع کان بالمدینة ، فلم یبق إلا تعمد التحریف - والعیاذ بالله -.

وأخرج الطبرانی فی (الأوسط) (2) بإسناده عن سعید بن جبیر ، عن

ص: 92


1- 1. شرح تراجم أبواب البخاری : 12 ط. کراتشی.
2- 2. المعجم الأوسط 3 / 176.

ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثمانیا جمیعا ، وسبعا جمیعا ، مقیما فی غیر سفر ، فقلت : أین کان؟ قال : بالمدینة.

هذا ، مع انعقاد الاجماع علی أنه صلی الله علیه وآله وسلم لم یتم فی السفر ولم یرد علی رکعتین - کما حکاه ابن قیم الجوزیة فی (زاد المعاد) (1) - ومن ثم لم یتشبث المانعون بما ذکره الدهلوی لوضوح فساده.

الثانی : أن الجمع کان لعذر المطر ، وهذا مشهور عن جماعة من کبار المتقدمین.

قال النووی (2) : وهو ضعیف بالروایة الأخری (من غیر خوف ولا مطر). انتهی.

علی أنه بعید عن اللفظ غایة البعد ولا قرینة علیه - کما قال الإمام شرف الدین العاملی رحمه الله (3) -.

وقد تقدم قول أیوب السختیانی لأبی الشعثاء جابر بن زید - عقب تحدیثه بحدیث ابن عباس : صلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة سبعا وثمانیا الظهر والعصر والمغرب والعشاء - : لعله فی لیلة مطیرة ، وقول جابر : عسی.

وهب أن تأویله هذا بالنسبة إلی الجمع بین المغرب والعشاء مقبول ، فما قوله بالإضافة إلی الجمع بین الظهر والعصر؟!

وقال القاضی شرف الدین المغربی فی (البدر التمام) (4) - فی رد قول ابن سید الناس : إن راوی الحدیث أدری بالمراد منه من غیره وإن لم یجزم أبو الشعثاء بذلک - إنما هو ظن من الراوی ، والذی یقال فیه : (أدری بما روی)

ص: 93


1- 1. زاد المعاد 1 / 128.
2- 2. شرح صحیح مسلم 3 / 404.
3- 3. مسائل فقهیة خلافیة - مبحث الجمع بین الصلاتین.
4- 4. کما حکاه عنه الصنعانی فی سبل السلام 2 / 43 ، والقنوجی فی فتح العلام 1 / 195.

إنما یجری فی تفسیره للفظ (1) مثلا ، علی أن فی هذه الدعوی نظرا ، فإن قوله صلی الله علیه وآله وسلم : (فرب حامل فقه إلی من هو أفقه منه) یرد عمومها. انتهی.

وقال شیخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر فی (فتح الباری) (2) : احتمال المطر قال به أیضا مالک عقب إخراجه لهذا الحدیث - یعنی حدیث جابر بن زید عن ابن عباس - عن أبی الزبیر ، عن سعید بن جبیر ، عن ابن عباس نحوه ، وقال بدل قوله : (بالمدینة من غیر خوف ولا سفر) : قال مالک : لعله کان فی مطر (3) ، لکن رواه مسلم وأصحاب السنن من طریق حبیب بن أبی ثابت عن سعید بن جبیر بلفظ : (من غیر خوف ولا مطر) فانتفی أن یکون الجمع المذکور للخوف أو السفر أو المطر. انتهی.

وذکر المحقق ابن الصدیق فی رد هذا التأویل کلاما متینا ، قال : إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم صرح بأنه فعل ذلک لیرفع الحرج عن أمته وبین لهم جواز الجمع إذا احتاجوا إلیه (4) ، فحمله علی المطر بعد هذا التصریح من النبی صلی الله علیه وآله وسلم والصحابة الذین رووه تعسف ظاهر ، بل تکذیب للرواة ومعارضة لله والرسول ، لأنه لو فعل ذلک للمطر لما صرح النبی صلی الله علیه وآله وسلم بخلافه ، ولما عدل الرواة عن التعلیل به إلی التعلیل ینفی الحرج ، کما رووا عنه صلی الله علیه وآله وسلم أنه کان یأمر المنادی أن ینادی فی اللیلة المطیرة : (ألا صلوا فی الرحال) ، ولم یذکروا ذلک فی الجمع ، فکیف وقد صرحوا بنفی المطر؟!

ثم فند التأویل بالمطر من وجه آخر فقال : إن ابن عباس الراوی لهذا *

ص: 94


1- 1. أی : وهنا لیس کذلک.
2- 2. فتح الباری 2 / 30.
3- 3. الموطأ 1 / 144 ذ ح 4.
4- 4. بل ولو لم یحتاجوا إلیه کما ستعرف إن شاء الله تعالی.

الحدیث آخر الصلاة وجمع لأجل انشغاله بالخطبة ، ثم احتج بجمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ولا یجوز أن یحتج بجمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم للمطر - وهو عذر بین ظاهر - علی الجمع لمجرد الخطبة أو الدرس الذی فی إمکانه أن یقطعه للصلاة ثم یعود إلیه أو ینتهی منه عند وقت الصلاة ولا یلحقه فیه ضرر ولا مشقة کما یلحق الإنسان فی الخروج فی حالة المطر والوحل. انتهی (1).

الثالث : أنه کان فی غیم ، فصلی الظهر ، ثم انکشف الغیم وبان أن وقت العصر قد دخل فصلاها.

وهذا مع کونه حرصا ومجازفة ورجما بالغیب ، إذ لا دلیل علیه البتة ، فإنه باطل أیضا ، لأنه وإن کان فیه أدنی احتمال فی الظهر والعصر لا احتمال فیه فی المغرب والعشاء - کما قال النووی فی شرح صحیح مسلم (2) -.

وقال المازری : وهذا یضعفه جمعه باللیل ، لأنه لا یخفی دخول اللیل حتی یلتبس دخول المغرب بوقت العشاء ولو کان الغیم.

الرابع : أن ذلک کان بعذر المرض أو نحوه مما هو فی معناه من الأعذار.

قال الشیخ محیی الدین النووی الشافعی فی (شرح صحیح مسلم) (3) : وهذا قول أحمد بن حنبل ، والقاضی حسین من أصحابنا ، واختاره الخطابی والمتولی والرویانی من أصحابنا ، وهو المختار فی تأویله ، لظاهر الحدیث ولفعل ابن عباس وموافقة أبی هریرة ، ولأن المشقة فیه أشد من المطر. انتهی.

وأنت خبیر بأنه لا ظهور فی الأحادیث ولا دلالة فیها علیه بشئ من الدوال ، بل قد تعقب بأنه مخالف لظاهر الحدیث ، وتقییده به ترجیح بلا مرجح

ص: 95


1- 1. إزالة الخطر عمن جمع بین الصلاتین فی الحضر : 116 - 120.
2- 2. شرح صحیح مسلم 3 / 410.
3- 3. شرح صحیح مسلم 3 / 410.

وتخصیص بلا مخصص - کما فی إرشاد الساری (1) -.

واعترضه العلامة الحافظ ابن حجر العسقلانی الشافعی فی (الفتح (2) فقال : فیه نظر ، لأنه لو کان جمعه صلی الله علیه وآله وسلم بین الصلاتین لعارض المرض لما صلی معه إلا من به نحو ذلک العذر ، والظاهر أنه صلی بأصحابه ، وقد صرح بذلک ابن عباس فی روایته. انتهی.

وهذا الجواب ذکره الزرقانی أیضا فی (شرح الموطأ) (3).

هذا ، مع أن المشهور عن الشافعی وأصحابه عدم جواز الجمع للمریض  - کما فی فتح الباری (4) - فبطل هذا التأویل علی مذهب الشافعیة.

بل ادعی إمام الحرمین الاجماع علی امتناعه بالمرض ، وادعی الترمذی إجماع الأمة علی ذلک (5) ، وقال فی سننه (6) : ولم یر الشافعی للمریض أن یجمع بین الصلاتین. انتهی.

ولیت شعری من أین استنبط من هذا الحدیث أن علة الجمع هی المرض ، مع أنه لیس فی ظاهره ولا مکنونه من عذر المرض أو نحوه مما فی معناه عین ولا أثر ، بل أخرج أبو نعیم فی (حلیة الأولیاء) (7) عن ابن عباس ، قال : صلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثمان رکعات جمیعا وسبع رکعات جمیعا من غیر مرض ولا علة. فنفی وجود المرض خاصة ، وأکده بعدم العلة عامة.

وأما تمسکه بفعل ابن عباس فلیس فیه دلالة علی ما اختاره ، لأن حدیث

ص: 96


1- 1. إرشاد الساری 1 / 491.
2- 2. فتح الباری 2 / 30.
3- 3. شرح الموطأ 1 / 263.
4- 4. (فتح الباری) 2 / 50.
5- 5. کما فی کفایة الأخبار للحصنی : 89.
6- 6. سنن الترمذی 1 / 357.
7- 7. حلیة الأولیاء 3 / 90 ط. مطبعة السعادة.

أبی الشعثاء صریح فی أن ابن عباس - رضوان الله علیه - قد شغل بالخطبة من بعد صلاة العصر إلی أن بدت النجوم ، ثم جمع بین المغرب والعشاء ، ومن المعلوم أنه لو کان جمع لأجل المرض لما أمکنه القیام بخطبته التی هی أطول من مجرد صلاة!

وتصدیق أبی هریرة إنما هو بالإضافة إلی أصل تحقق الجمع من النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة دون عذر من الأعذار ، وهذا هو القدر المتیقن الذی یؤخذ من ظاهر الحدیث ، وما زاد علیه یحتاج إلی الدلیل. ولا دلیل علیه ، بل الدلیل ناهض علی خلافه.

وأما کون المشقة فی المرض أشد منها فی المطر ، فهذا أیضا لا یقتضی تعین الحمل علی عذر المرض - کما لا یخفی -.

ومما یفند هذا التأویل : ما ورد فی بعض أحادیث الباب من أنه صلی الله علیه وآله وسلم جمع من غیر خوف ولا سفر ولا مطر ، وظاهر أن نفی کون الجمع لأجل هذه الأمور لا یدل بوجه علی أن الجمع کان بعذر المرض ونحوه مما هو فی معناة ، إذ لا یلزم من نفی هذه إثبات غیرها کما تقرر فی علم أصول الفقه.

کیف ، وأن من عرف أسالیب الخطابات یعلم أن ابن عباس - رضوان الله علیه - لم یکن فی مقام نفی الأمور المذکورة فحسب ، بل مراده أنه لم یقع الجمع لعذر من الأعذار ، وإنما المذکورات من باب الفرض والمثال ، کما کشف عنه بتعلیله (أراد أن لا یحرج أمته) فذیل کلامه قرینة علی المراد من صدره کما لا یخفی علی من آتاه الله نصیبا من العلم ورزقه حظا من الفهم.

ولعل الاقتصار علی ذکر هذه الثلاثة لکونها أمورا تعم بها البلوی ، وأنها أدعی للجمع ، وإلا فلا خصوصیة لنفیها دون سائر الأعذار ، والله أعلم.

الخامس : أن الجمع کان لمشقة عارضة ذلک الیوم ، من مرض غالب أو برد شدید أو وحل ونحو ذلک ، ویدل علی ذلک قول ابن عباس - لما سئل عن

ص: 97

علة هذا الجمع - قال : (لئلا یحرج أمته).

وهذا التأویل ذکره الشیخ عبد العزیز بن عبد الله بن باز الحنبلی فی حاشیة فتح الباری بشرح صحیح البخاری (1) وقال متبجحا : وهو جواب عظیم ، سدید شاف. انتهی.

نعوذ بالله من العجب والغرور!

الجواب : أن الأمر لو کان کذلک لکان ینبغی لابن عباس - رضوان الله علیه - وبیان تلک العلة والتنبیه علیها ، لاشتمالها علی سبب الجمع فیقتصر علیها ، لأن فی الاطلاق إغراء بتوهم العموم وعدم التقید فی الحکم إذا کان غیر مراد ، ولزوم ذلک لا یخفی علی من له أدنی بصیرة فضلا عن حبر الأمة وابن عم نبیها صلی الله علیه وآله وسلم.

لکنه - رضوان الله علیه - أخبر بجمعه صلوات الله وسلامه علیه وعلی آله من دون ذکر موجبه وسببه ، وکذا غیره من الصحابة ممن روی حدیث جمعه علیه وآله الصلاة والسلام بالمدینة.

فإطلاق کلام ابن عباس وغیره ممن روی حدیث الجمع یقتضی أنه صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الصلاتین من دون عذر مطلقا ، وهو حجة لا مجد عنها.

ویشهد لذلک تصدیق أبی هریرة له فی إخباره بجمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم من دون ذکر علته ، وکذا فعل ابن عباس ، إذ لم یکن جمعه لمرض غالب أو برد شدید أو حل ونحو ذلک ، بل کان لمجرد الخطبة.

علی أنه لا إشارة فی الحدیث إلی أن تحقق الجمع منه علیه وآله الصلاة والسلام کان لمشقة عارضة ذلک الیوم ، وما ذلک إلا تخرصا ومجازفة ورجما بالغیب.

ص: 98


1- 1. شرح صحیح البخاری 2 / 30.

ولو کان ما ذکره ابن باز حقا لما ساغ لابن عباس - رضوان الله علیه - ارتکاب الجمع - کما فی حدیث مسلم - معتذرا بمجرد وقوع مثل ذلک من النبی صلی الله علیه وآله وسلم وصدروه عنه من دون ابتلاء ابن عباس نفسه بمرض ، بل کان یلزمه الاقتصار فی موارد الجمع علی مثل تلک الأعذار التی ذکرها ابن باز ، فجمیع ما ذکره مدفوع ، وجملة ما تمحله ممنوع.

والحق أن فی التفریق بین الصلاتین - مع قطع النظر عن أفضلیته - ضرب من المشقة لیس فی الجمع ، فصح لذلک تعلیل تشریع الجمع برفع الحرج ، وانتفی تجشم تلک الأعذار والعلل والعلیلة التی لا تسمن ولا تغنی من جوع.

وبالجملة : فإن التعلیل المحکی فی الأحادیث یفید عموم نفی الحرج من جهة التفریق دائما ، فدفع الحرج إنما هو بعین تشریع الجمع مطلقا ، لا بکونه فی مقام عروض العذر والمشقة العارضة ، فبطل ذلک تشبثه بتعلیل ابن عباس - رضوان الله علیه - ، بل دلالته علی نفی العذر فی غایة الظهور ، إذ کیف یعقل أن یعدل ابن عباس - وهو حبر الأمة - عن ذکر العلة الموجبة للجمع إلی ذکر رفع الحرج عن الأمة؟!

ولنعم قول الإمام ابن المنذر : إنه لا معنی لحمل الأمر فیه علی عذر من الأعذار ، لأن ابن عباس قد أخبر بالعلة فیه وهو قوله : (أراد أن لا یحرج أمته) (1). انتهی.

السادس : أن الجمع مختص بمسجد النبی صلی الله علیه وآله وسلم لفضله.

وهو ظاهر الوهن ، بین الفساد ، إذ قد ورد فی أکثر أحادیث الباب أنه صلی الله علیه وآله وسلم إنما جمع بین الصلاتین لئلا تحرج أمته ، فالعلة المطلقة لا تختص بمسجده علیه وآله الصلاة والسلام ، وأی مشقة فی التفریق

ص: 99


1- 1. معالم السنن 2 / 55 د ح 1167 : الجوهر النقی - ضمن سنن البیهقی - 3 / 167 - 168.

بالمسجد النبوی الشریف دون سائر المساجد حتی یرتفع الحرج بتشریع الجمع فیه؟! وأی تعلق لفضل البقعة بالجمع؟! ولو کان کذلک لکان المسجد الحرام أولی بذلک!

ورده العلامة المحقق الشیخ أحمد بن محمد بن الصدیق الحسنی الغماری المغربی من وجه آخر فقال (1) : یکفی فی إبطاله أن دعوی الخصوصیة لا تثبت إلا بدلیل ، وأن مثل هذه الدعوی لا یعجز عنها أحد فی کل شئ أراد نفیه من أنواع التشریعات ، فأی فرق بین ادعاء الخصوصیة فی الجمع بین الصلاتین وادعائها فی الجماعة مثلا ، وأنها خاصة بمسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لفضله؟! وکذلک فی الجمعة وأنها خاصة بمسجده وبزمانه واستماع خطبته وکلامه؟! وما عدا مسجده وزمانه فلا تشرع جمعة ولا جماعة ، وهکذا سائر أفعاله التی قام الدلیل علی وجوب التأسی به فیها أو استحبابه ، ولأنه یجوز ادعاء الخصوصیة به أو بمکانه أو زمانه إلا بدلیل یدل علی ذلک ، فیکف وقد جمع بعرفة ، ومزدلفة ، ومنی ، وتبوک ، وکثیر من البقاع فی أسفاره وغزواته؟! وجمع بعده أصحابه فی أسفارهم وأوقات ضروراتهم ، فهو دلیل قاطع علی بطلان هذا التأویل. انتهی.

السابع : أن الجمع المذکور صوری! وهو الذی اعتمده الحنفیة فی تأویل أحادیث الجمع ، وما إلیه بعض أهل العلم ممن سواهم (2).

وقد أبطله المحقق ابن الصدیق فی رسالته (إزالة الخطر عمن جمع بین الصلاتین فی الحضر) من عشرین وجها ، فراجع إن شئت.

ص: 100


1- 1. إزالة الخطر : 111.
2- 2. ونصره الطحاوی فی (شرح معانی الآثار) بما فیه تکلف وتعسف یتحاشی عن مثله أهل العلم علی قاعدته فی نصر مذهب أبی حنیفة ، وأختار هذه القول أیضا ابن الماجشون والمازری وعیاض والقرطبی وإمام الحرمین وابن سید الناس والحافظ فی الفتح مع اعترافه بضعف دلیله ومسنده کما فی (إزالة الخطر) : 91.

وتحقیق الحق فی هذا المقام تقدیم الکلام فی بیان معنی الجمع ، فنقول :

اعلم - أرشدک الله - أن الجمع ضربان :

حقیقی : وهو أن یجمع بین الصلاتین فی وقت إحداهما ، کجمع الصلاتین یوم عرفة ولیلة مزدلفة.

وصوری : وهو تأخیر الأولی إلی آخر وقتها وتعجیل الأخری فی أول وقتها کجمع المستحاضة بین الصلاتین ، وهو توقیت فی الحقیقة.

إذا تقرر هذا فاعلم : أن لفظ الجمع حقیقة فی الجمع الحقیقی وما سواه مجاز ، لأنه المتبادر إلی الذهن عند الاطلاق ، وقد تقرر فی محله أن التبادر والانسباق إلی الذهن من دون قرینة من أمارات الحقیقة ، فإرادة الجمع الصوری من اللفظ مجاز لعدم تبادره من اللفظ إلا مع القرینة.

وکذا ذکروا أن صحة السلب من علامات المجاز ، فیصح أن یقال : إن الجمع الصوری لیس بجمع حقیقة لوقوع کل من الصلاتین فی وقتها ، ولو شک فی إرادة المعنی الحقیقی أو المجازی من لفظ الجمع فإن أصالة الحقیقة فی الکلام محکمة بلا ریب.

ثم إن الخطابی ذکر فی تحقیق معنی الجمع کلاما لا بأس بإیراده هنا إتماما للفائدة وتکمیلا للعائدة.

قال (1) : ظاهر اسم الجمع عرفا لا یقع علی من أخر الظهر حتی صلاها فی آخر وقتها ، وعجل العصر فصلاها فی أول وقتها ، لأن هذا قد صلی کل صلاة منهما فی وقتها الخاص بها.

قال : وإنما الجمع المعروف بینهما أن تکون الصلاتان معا فی وقت إحداهما ، ألا تری أن الجمع بعرفة بینهما ومزدلفة کذلک. انتهی.

ص: 101


1- 1. معالم السنن 2 / 52 ح 1163 ، عون المعبود 1 / 468.

وإذا أحطت خبرا بما ذکرناه فاعلم أنهم قد احتجوا لتعین حمل أحادیث الباب علی الجمع الصوری بوجوه :

الأول : ما أخرجه النسائی عن جابر بن زید ، عن ابن عباس ، قال : صلیت مع النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة ثمانیا جمیعا وسبعا جمیعا ، أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء.

قال الشوکانی فی (نیل الأوطار) (1) : فهذا ابن عباس راوی الحدیث قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذکور هو الجمع الصوری. انتهی.

قلت : قد ذهل الشوکانی عن أن التأخیر والتعجیل المذکورین فی هذا الحدیث إنما هو من کلام الراوی عن ابن عباس ، أعنی أبا الشعثاء جابر بن زید ، فالحدیث مدرج ، أدرج فیه أبو الشعثاء تلک الزیادة بحیث یظن أنها من کلام ابن عباس - رضوان الله تعالی علیه - ، وهذا تدلیس منکر ، ولو تفطن الشوکانی لذلک لأحجم عن الاحتجاج به لما اختاره ونافح عنه.

ویشهد لما ذکرنا ما أخرجه الشیخان فی صحیحهما عن عمرو بن دینار ، أنه قال - بعد ما حدثه أبو الشعثاء بحدیث الجمع - : یا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء ، قال أبو الشعثاء : وأنا أظن ذلک.

ثم وقفت علی قول ابن شاکر فی تعلیقه علی مسند أحمد (2) : إن هذا الجمع الصوری من تأویل أبی الشعثاء ولا حجة فیه. انتهی.

وهو متین ، فلا ینبغی بعد هذا أن یکون فی النفس شئ مما ذکرنا.

وظن ذینک لا عبرة به فی نفسه ، فکیف إذا خالف صریح السنن ( إن یتبعون إلا الظن وإن الظن لا یغنی من الحق شیئا ) ولو کان سمعه من

ص: 102


1- 1. نیل الأوطار 3 / 246.
2- 2. تعلیق ابن شاکر علی مسند أحمد 3 / 280 ح 1918 ، ط. دار المعارف بمصر.

ابن عباس لحکاه عنه من دون أن یسنده إلی ظنه ، فهذه أمارة أخری علی أن التعجیل والتأخیر لم یحکیا من فعل النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وإنما احتمله بعضهم توهما.

فبان بذلک أن لیس نسبة حدیث أبی الشعثاء إلی سائر أحادیث الباب نسبة المقید إلی المطلق ، خلافا لما زعمه المغربی - علی ما حکاه عنه الصنعانی فی (سبل الإسلام) (1) -.

الثانی : ما أخرجه مالک فی الموطأ والبخاری وأبو داود والنسائی ، عن ابن مسعود ، قال : ما رأیت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم صلی صلاة لغیر میقاتها إلا صلاتین ، جمع المغرب والعشاء بالمزدلفة ، وصلی الفجر یومئذ قبل وقتها.

فنفی ابن مسعود مطلق الجمع وحصره فی جمع المزدلفة ، مع أنه ممن روی حدیث الجمع بالمدینة (2) ، وهو یدل علی أن الجمع الواقع بالمدینة صوری ، ولو کان جمعا حقیقیا لتعارضت روایتاه ، والجمع ما أمکن المصیر إلیه هو الواجب ، کذا قرره الشوکانی فی (نیل الأوطار) (3).

والجواب : أن حدیث ابن مسعود لا یؤخذ به ، لحصره الجمع فی جمع المزدلفة ، وهذا مما لا یلتزم به الخصم فضلا عن غیره ، وکأنه ما اطلع علی جمع عرفة ولا علی جمع السفر - کما قال السندی الحنفی فی حاشیة النسائی (4).

وقال الإمام النووی فی شرح صحیح مسلم (5) : هو متروک الظاهر

ص: 103


1- 1. سبل السلام - للصنعانی - 2 / 43.
2- 2. فتح الباری 2 / 31 ، نیل الأوطار 3 / 245.
3- 3. نیل الأوطار 3 / 246.
4- 4. حاشیة النسائی - للسندی الحنفی - 1 / 292.
5- 5. شرح صحیح مسلم - للنووی - 5 / 413.

بالإجماع فی صلاتی الظهر والعصر بعرفات. انتهی.

هذا ، مع أن حدیث ابن عباس وغیره ، بل حدیث ابن مسعود نفسه فی الجمع بالمدینة حجة علیه ، فلا یصح بوجه - فضلا عن أن یتعین - حمله علی الجمع الصوری بتوهم أنه قرینة معینة للمراد من الجمع هنا ، إذ هو کسائر أحادیث الباب فی ظهوره فی الجمع الحقیقی وعدم إبائه الحمل علیه.

وما ذکره من نفیه مطلق الجمع وحصره فی جمع المزدلفة - علی تقدیر الأخذ به ، وقد عرفت ما فیه - مفهوم ، وقد عارضه منطوق فیقدم علیه ، وقد تظاهرت الأحادیث الصحیحة بجواز الجمع ، والله تعالی أعلم.

هذا ، وما فی (مرقاة المفاتیح) (1) - نقلا عن ابن الهمام الحنفی - من أنه علی تقدیر التنزل فی ثبوت المعارض ، یترجح حدیث ابن مسعود بزیادة فقه الراوی ، وبأنه أحفظ ، مردود بأنه لا تعارض بین حدیث ابن مسعود فی جمع المزدلفة وبین أحادیث الجمع فی الحضر ، لأنه فرع التکافؤ ولا تکافؤ.

ولو سلمناه ، فإن حدیث الجمع بالمدینة مروی عن حبر الأمة ابن عباس - رضوان الله علیه - وثلة من الصحابة - کما مر - وهو أفقه وأحفظ من ابن مسعود قولا واحدا ، لا سیما وقد اقترن فعله بقوله ، وحسبک تقریر أبی هریرة وتصدیقه له عاضدا ومرجحا ، فضلا عما رواه هو أیضا من الجمع بالمدینة کما تقدم عن مسند البزار ، فالترجیح فی هذا الجانب دون ذاک.

مضافا إلی أن ابن مسعود أیضا روی حدیث الجمع بالمدینة - کما عرفت فترجیح أحادیث الجمع بالمدینة متعین بلا شبهة ولا ریب ، والله المستعان.

ولو فرض العموم فی أحادیث المواقیت ، فإن فعل الصحابی العادل العالم بخلاف العموم بعد العلم به مخصص عند الحنفیة والحنابلة - کما صرح

ص: 104


1- 1. مرقاة المفاتیح 2 / 199.

به فی (مسلم الثبوت) (1) - وقد ثبت الجمع من فعل ابن عباس - رضوان الله علیه - بالبصرة کما تقدم فی روایة مسلم والنسائی عن جابر بن زید.

الثالث : ما أخرجه ابن جریر ، عن ابن عمر ، قال : خرج علینا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکان یؤخذ الظهر ویعجل العصر فیجمع بینهما ، ویؤخر المغرب ویعجل العشاء فیجمع بینهما.

قال الشوکانی فی (شرح المنتقی) (2) : وهذا هو الجمع الصوری ، وابن عمر هو ممن روی جمعه صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة ، کما أخرج ذلک عبد الرزاق عنه. انتهی.

والجواب : أن حدیث ابن عمر هذا مجمل لم یبین کون الجمع فی الحضر أو السفر.

أما الحضر : فقد مر مرارا أنه صلی الله علیه وآله وسلم جمع فیه جمعا حقیقیا ، کما روی ابن عمر ذلک أیضا.

أخرج عبد الرزاق فی جامعه ، قال : أنبأنا ابن جریح ، عن عمرو بن شعیب ، قال : قال عبد الله بن عمر : جمع لنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مقیما غیر مسافر بین الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، فقال رجل لابن عمر : لم تری النبی صلی الله علیه وآله وسلم فعل ذلک؟ قال : لئلا یحرج أمته إن جمع رجل.

وهذا الحدیث صریح ، وذاک مبهم فیجب حمله علی هذا ، لأنه لا خلاف فی أنه حکایة فعل واحد.

وأما السفر : فإن النبی صلی الله علیه وآله وسلم کان یجمع فیه جمعا حقیقیا أیضا ، تقدیما وتأخیرا ، وبه قال الشافعی والأکثرون ، کما أخرج البخاری

ص: 105


1- ) 73) مسلم الثبوت 1 / 355.
2- 2. شرح المنتقی 3 / 246 - 247.

فی صحیحه (1) عن زید بن أسلم ، عن أبیه ، قال : کنت مع عبد الله بن عمر بطریق مکة فبلغه عن صفیة بنت أبی عبیدة شدة وجع ، فأسرع السیر حتی کان بعد غروب الشفق نزل فصلی المغرب والعتمة جمع بینهما ، ثم قال : إنی رأیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذا جد به السیر أخر المغرب وجمع بینهما.

وأخرج مسلم فی صحیحه ، عن أنس بن مالک ، قال : کان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إذا ارتحل قبل أن تزیغ الشمس أخر الظهر إلی وقت العصر ثم نزل فجمع بینهما ، الحدیث.

قال النووی (2) : وهو صریح فی الجمع فی وقت الثانیة.

وأخرج عنه أیضا ، قال : کان النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذا أراد أن یجمع بین الصلاتین فی السفر أخر الظهر حتی یدخل أول وقت العصر ثم یجمع بینهما.

وأخرج أیضا عن ابن شهاب ، عن أنس ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذا عجل علیه السفر یؤخر الظهر إلی أول وقت العصر فیجمع بینهما ، ویؤخر المغرب حتی یجمع بینهما وبین العشاء حتی یغیب الشفق.

ودونک حدیث ابن عباس ومعاذ بن جبل فی جمعه صلی الله علیه وآله وسلم فی غزوة تبوک - کما أخرجه مسلم فی صحیحه -.

وکذلک کان صنیع ابن عمر فی السفر ، فقد أخرج مسلم عن نافع أن ابن عمر کان إذا جد به السیر جمع بین المغرب والعشاء بعد أن یغیب الشفق ویقول : إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کان إذا جد به السیر جمع بین المغرب والعشاء.

وأخرج النسائی ، عن سالم بن عبد الله ، أن أباه عبد الله بن عمر أخر الظهر حتی إذا کان بین الصلاتین نزل فصلی.

ص: 106


1- 1. صحیح البخاری - کتاب العمرة - باب المسافر إذا جد به السیر یعجل إلی أهله.
2- 2. شرح صحیح مسلم - للنووی - 3 / 406.

قال السندی الحنفی : ظاهره أنه جمع جمع تقدیم فی آخر وقت الظهر (1). انتهی.

وروی أبو داود أن جمع ابن عمر بین العشاءین کان بعد غیوب الشفق.

وحکی صاحب (عون المعبود) (2) عن الشیخ أبی الطیب محمد شمس الحق العظیم آبادی کلاما طویلا فی شرحه علی أبی داود الموسوم ب : (غایة المقصود) بین فیه أن کون الجمع من ابن عمر بعد غیوب الشفق هو الصحیح المشهور من فعله ، فراجع إن شئت.

ولو تنزلنا فإنه یجوز أن یکون حدیث ابن عمر هذا - الذی احتج به الشوکانی - واردا فی جمع السفر.

وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ، ولیس هو محل الکلام ، ولا یجوز أن یکون مبینا لجمع الحضر - کما لا یخفی -.

وقد علم مما تقدم أن الجمع المذکور فی کلام ابن عمر لیس إلا الجمع الحقیقی لدلالة سائر أحادیثه علیه.

مضافا إلی أن الجمع الصوری لم یکن معهودا عندهم ولا ثبت أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم فعله ، فوجب حمله علی ما حملنا علیه سائر أحادیث الباب ، والله سبحانه وتعالی أعلم.

هذا ، وقد یقرر بطلان التأویل بالجمع الصوری بأمور :

الأول : ما ذکره النووی فی شرح صحیح مسلم (3) ، قال : وهذا - یعنی التأویل بالجمع الصوری - ضعیف أو باطل ، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ، وفعل ابن عباس الذی ذکرناه حین خطب واستدلاله بالحدیث لتصویب فعله ، وتصدیق أبی هریرة وعدم إنکاره ، صریح فی رد هذا التأویل.

ص: 107


1- 1. حاشیة النسائی 1 / 285 - 286.
2- 2. عون المعبود 1 / 471.
3- 3. شرح صحیح مسلم - للنووی - 3 / 410.

انتهی.

الثانی : أن الجمع بین الصلاتین من الرخصة العامة لجمیع الناس عامهم وخاصهم ، ومعرفة أوائل الأوقات وأواخرها مما لا یدرکه أکثر الخاصة فضلا عن العامة ، وإذا کان کذلک کان فی اعتبار الساعات علی الوجه الذی ذهبوا إلیه مما یبطل أن تکون هذه الرخصة عامة علی ما فیه من المشقة المترتبة علی تفریق الصلوات فی أوقاتها المؤقتة - کما قال الخطابی فی معالم السنن (1) -.

وتعقبه الشوکانی فی (نیل الأوطار) (2) بأن الشارع قد عرف أمته أوائل الأوقات وأواخرها ، وبالغ فی التعریف والبیان ، حتی أنه عینها بعلامات حسیة لا تکاد تلتبس علی العامة فضلا عن الخاصة ، والتخفیف فی تأخیر إحدی الصلاتین إلی آخر وقتها وفعل الأولی فی أول وقتها متحقق بالنسبة إلی فعل کل واحدة منهما فی أول وقتها.

قال : وبهذا یندفع ما قاله الحافظ فی الفتح : إن قوله صلی الله علیه وآله وسلم (لئلا تحرج أمتی) یقدح فی حمله علی الجمع الصوری ، لأن القصد إلیه لا یخلو عن حرج. انتهی.

قلت : لا یخفی أن تعقب الشوکانی مکابرة ظاهرة ، إذ أن تأخیر الأولی إلی آخر وقتها لتجمع مع الثانیة فی أول وقتها مما لا یکاد ینفک عن المشقة غالبا ، بل قد یشتد العذر عند التأخیر إذا کان الجمع لأجله ، فیکون ذلک من أظهر مصادیق الحرج الذی شرع الجمع لنفیه.

والذی یستفاد من کلام الخطابی - بعد التدبر فیه - أن إدراک أوائل الأوقات وأواخرها علی نحو الحقیقة والدقة أو قریبا من ذلک متعسر جدا إن لم یکن متعذرا ، ولا یعلم إلا بعد مضی مدة لا سیما إذا کان تعیین ذلک بمثل

ص: 108


1- 1. معالم السنن 2 / 52 ح 1163 ، عون المعبود 1 / 468.
2- 2. نیل الأوطار 3 / 247.

الشاخص ، کما فی الظهر والعصر ، وکذا فی أیام الغیم ، فحمل الجمع الوارد فی الأحادیث علی الجمع الصوری مشکل بالنسبة إلی المکلفین ، لأنه یوشک أن لا یعلم آخر الظهر وأول العصر مثلا ، بحیث إذا صلی الأولی فی آخر وقتها وفرغ منها دخلت الثانیة فیصلیها ، فتکون صلاته صورة جمع.

هذا بالنسبة إلی زمن الشارع صلی الله تعالی علیه وآله وسلم وقرون بعد ذلک کثیرة ، وأما العصور المتأخرة فإن تعیین المواقیت فیها قد صار أضبط وأدق ، حتی أن یمکن ضبطها بالدقائق والثوانی الزمانیة ، فإن کان مراد الشوکانی هذه العصور وما قاربها فهو حق ، لکن الشأن کله فی تحقق مثل ذلک بالإضافة إلی أهل العصور الماضیة والأزمنة الغابرة ، ومعلوم بالضرورة أن ذلک لم یکن متحققا لا سیما زمن صاحب الشریعة الغراء صلی الله علی الصادع بها وعلی آله وسلم.

ومجرد تعریفه الأمة بأوائل الأوقات وأواخرها لا یزیل من مشقة الجمع الصوری شیئا ، فلا یمکن حمل الأحادیث علی تشریع الجمع الصوری لاستلزامه إثبات المشقة المنفیة بمنطوق النصوص.

فظهر أنه لم یکن هذا الموضوع متحققا فی زمن التشریع الجمع البتة ، فلا یجوز أن یکون حکم الجمع المنجز واردا علی مثل ذلک الموضوع ، إذ أن الحکم علی الشئ منجزا فرع وجوده محققا ، وإذا کان الأمر کذلک فإن القصد إلیه لا یخلو من المشقة والحرج النوعیین المنفیین بأصل الشرع ، والجمع الحقیقی أیسر من الجمع الصوری وأسهل بلا کلام ، وهو اللائق بقواعد الشریعة المطهرة ، وقد قال صلی الله علیه وآله وسلم : إن الله تعالی رضی لهذه الأمة الیسر ، وکره لها العسر.

وقال علیه وآله الصلاة والسلام : إن الدین یسر ، ولن یغالب الدین أحد إلا غلبه.

وبما قررنا یندفع ما دفعه من کلام الحافظ ابن حجر فی الفتح.

ص: 109

وأما جواب القاضی المغربی فی (البدر التمام) (1) عن کلام ابن حجر المتقدم آنفا : بأن الجمع الصوری أیسر من التوقیت ، إذ یکفی للصلاتین تأهب واحد وقصد واحد إلی المسجد ووضوء واحد بحسب الأغلب بخلاف الوقتین ، فالحرج فی هذا الجمع لا شک أخف. انتهی.

فإنه غریب جدا ، لأن ابن حجر أراد أن الجمع الحقیقی أخف من الجمع الصوری کما هو کذلک فی نفس الأمر ، ویعضده ما مر من کلام الخطابی وتعلیل ابن عباس ، وأما هذا الکلام فإنما یصلح جوابا لمن قد یزعم أن التفریق والتوقیت أیسر من الجمع الصوری - ولا أعلم أحدا یقول به - والحافظ ابن حجر ما قصد شیئا من ذلک.

وهذا ناشئ من عدم الوقوف علی حقیقة کلامه.

الثالث : ما دل علیه تعلیل ابن عباس - رضوان الله علیه - لجمعه صلی الله علیه وآله وسلم ، وکذا تعلیله علیه وآله الصلاة والسلام - فیما أخرجه الطبرانی فی الأوسط والکبیر عنه - بقوله : (أراد أن لا یحرج أمته) فنفی الحرج وإرادته التوسعة دلیل - وأی دلیل؟! - علی أن المراد بالجمع هنا الجمع الحقیقی دون الصوری.

بیان ذلک : أنه لا یتم التعلیل مع الجمع الصوری ، إذ أن الحرج  - حینئذ - لا یرتفع والتوسعة لا تتحقق ، بل إن أوائل الأوقات وأواخرها قد لا یدرکها الخاصة فضلا عن العامة ، ولما کان انتفاء رفع الحرج علی هذا التقدیر معلوما لم یکن ذلک متوقفا علی فعل النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، لأن الصلاة إذا أدیت فی وقتها فلا فرق حینئذ - من حیث الإجزاء - بین إتیانها فی أول الوقت وآخره - وإن کان أول الوقت أفضل بلا خلاف - ولا أقتضی تناقل الصحابة له.

ص: 110


1- 1. کما نقله عنه الأمیر الصنعانی فی سبل السلام 2 / 43 ، والقنوجی فی فتح العلام 1 / 195.

فلولا کون الجمع الحقیقی أمرا غیر مألوف عندهم ، لما کان للخوض فیه وجه ، ولا حاک فی صدر ابن شقیق العقیلی شئ من فعل ابن عباس ومقالته ، ولما سأل أبا هریرة عن ذلک.

وإلی هذا أشار الحافظ شیخ الإسلام ابن حجر فی (فتح الباری) (1) بقوله : وإرادة نفی الحرج یقدح فی حمله علی الجمع الصوری ، لأن القصد إلیه لا یخلو عن حرج. انتهی.

وأیضا : فإن تشریع الجمع امتنان علی الأمة المرحومة - کما یرشد إلیه تعلیل ابن عباس - ولا یتم ذلک إلا بتشریع الجمع الحقیقی وتسویغه ، وإلا فالجمع الصوری لا یحتاج إلی أمر وراء بیان المواقیت ، وذلک حاصل قبل الجمع بالمدینة ، فتنبه.

الرابع : أن جمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة لا یخلو إما أن یکون لمجرد تشریع الجمع الصوری ، وإما أن یکون لعذر.

أما الأول : فإن البیان کاف فی تشریعه - لو احتیج إلیه - ومغن عن إیقاعه فی الخارج - کما لا یخفی -.

وأما الثانی : فإما أن یکون الجمع لعذر المطر - کما عن جماعة - وأصحاب هذا المذهب یبیحون العصر مع الظهر فی أول وقتها ، والعشاء مع المغرب کذلک.

وإما أن یکون لعذر المرض وما فی معناه - کما عن آخرین - فإن الجمع المذکور جائز عندهم أیضا من دون إیجاب تأخیر الظهر إلی آخر وقتها لتجمع مع العصر ، وکذلک العشاءان ، وإلا فالمشقة کبیرة ، بل قد لا یزول العذر المبیح للجمع - عندهم - إلی آخر الوقت ، فالتأخیر حرج منفی بنص الکتاب العزیز.

====

2 / 31.

ص: 111


1- (83) فتح الباری

ولا أظن أن هناک فقیها لا یبیح الجمع فی أول الوقت فی مثل تلک الأحوال ، وإن أوجبوا التأخیر حینئذ فإن ذلک مما یأباه الله ورسوله والمؤمنون ، ومن خرج عن الکتاب والسنة رد إلیها راغما.

ومما یرشدک أیضا إلی أن الجمع المذکور فی تلک الأحادیث هو الجمع الحقیقی بإتیان إحدی الصلاتین فی وقت الأخری تقدیما أو تأخیرا : ما فهمه بعض أهل العلم - ممن رد حدیث ابن عباس فی الجمع کما سیأتی فی کلام الترمذی - من معنی الجمع فی الحدیث ، فلو کان المراد به الجمع الصوری لما کان وجه لرد الحدیث ، لأن جوازه مفروغ منه ، لکنما رده ذلک البعض لمخالفة مدلوله لمذهبه ، لکون الجمع الحقیقی هو المتبادر منه هنا.

وبالجملة : فإنه یتعین حمل الجمع فی الحضر - المذکور فی أحادیث الباب - علی ما فهموه من جمع السفر والموطنین عرفة والمزدلفة ، أعنی الجمع الحقیقی دون الصوری ، لأنه المنسبق منه إلی الذهن عند الاطلاق - بلا قرینة - ولعدم الصارف عن ذلک - کما تقدم بیانه آنفا -.

وحیث أسفر لک الحق إسفار الصبح لذی عینین بأن جمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة لم یکن لعذر من الأعذار البتة ، خلافا لما یزعمه العامة ، نصرة لمذهبهم ، وتقلیدا لأئمتهم ، وتعصبا بغیر حق.

فکتاب الله تعالی وسنة رسوله المصطفی صلی الله علیه وآله وسلم أحق أن یتبعا ، وأحری أن یقتفیا ، إذ کل یؤخذ من قوله ویرد حاشا من عصمه الله تعالی.

هذا ، وقد ذهب جماعة من الأئمة والفقهاء من أهل السنة والجماعة وغیرهم إلی ما ذهب إلیه أصحابنا الإمامیة - أعلی الله کلمتهم - من جواز الجمع بین الصلاتین فی الحضر مطلقا فضلا عن السفر ، انقیادا للدلیل وبخوعا للحجة ، إلا أن بعضهم اشترط فیه عدم اتخاذه خلقا وعادة!!

قال شیخ الإسلام الحافظ أبو الفضل ابن حجر العسقلانی فی (فتح

ص: 112

الباری) (1) : وممن قال به ابن سیرین وربیعة وأشهب من أصحاب مالک ، وابن المنذر والقفال الکبیر ، وحکاه الخطابی عن جماعة من أصحاب الحدیث. انتهی.

قلت : وحکاه أیضا عن أبی إسحاق المروزی.

وأجازه جماعة من أهل الظاهر - کما قال ابن رشد فی (بدایة المجتهد) (2) -.

وحکی إسماعیل القاضی وابن یونس وغیرهما عن أشهب وابن القصار وغیرهما اشتراک وقتی الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء - کما هو مذهب الإمامیة -.

وقال محیی الدین النووی (3) : ویؤیده ظاهر قول ابن عباس : (أراد أن لا یحرج أمته) فلم یعلله بمرض ولا غیره. انتهی.

وکلامه هذا ناقض لتأویله الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو فی معناه من الأعذار ، وقد أبطلناه فیما سلف.

وقال شهاب الدین ابن حجر فی (فتح الباری) (4) : ما ذکره ابن عباس من التعلیل بنفی الحرج ظاهر فی مطلق الجمع. انتهی.

وهو ینافی ما ذکره قبل ذلک (5) من أن الجمع الصوری أولی! قد صرح بعده (6) بأن إرادة نفی الحرج یقدح فی حمله علی الجمع الصوری ، لأن القصد إلیه لا یخلو عن حرج - کما تقدم آنفا -.

ص: 113


1- 1. فتح الباری 2 / 31.
2- 2. بدایة المجتهد 1 / 177.
3- 3. شرح صحیح مسلم - للنووی - 3 / 410.
4- 4. فتح الباری 2 / 31.
5- 5. فتح الباری 2 / 30.
6- 6. فتح الباری 2 / 31).

وروی جواز الجمع بغیر عذر عن عبد الله بن الحسن ، وزید بن علی ، والناصر والحسین بن یحیی بن زید ، والمتوکل علی الله أحمد بن سلیمان ، والمهدی أحمد بن الحسین ، والمنصور بالله عبد الله بن حمزة ، والمتوکل المطهر بن یحیی ، وولده المهدی محمد ، وأختاره الناصر الحسن بن علی بن داود ، والمنصور بالله القاسم بن محمد ، وولده المؤید بالله ، والمفتی ، والنخعی ، وغیرهم ، ورواه ابن مظفر فی البیان عن علی علیه السلام (1).

قلت : والعجب من الشوکانی فإنه مع اتباعه مذهب الإمام زید بن علی علیهما السلام لا یری جواز الجمع! مع أن مذهب العترة الطاهرة علیهم السلام فی ذلک متواتر ، وقد بالغ فی الانکار علی من أباح الجمع فی الحضر حتی أنه صنف فی الرد علی بعض أهل مذهبه من یری جواز الجمع فی الحضر مطلقا رسالته الموسومة ب : (تشنیف السمع بإبطال أدلة الجمع) کما ذکر ذلک فی شرح المنتقی (2) ، واجتهد فی تأویل الأحادیث وحملها علی الجمع الصوری ، وقد بینا بطلان ذلک وفساده کما مر مبسوطا ولله الحمد والمنة.

وأفرد الشیخ العلامة المحدث أحمد بن محمد بن الصدیق الحسنی الغماری المغربی المسألة بتصنیف منیف (3) سماه : (إزالة الخطر عمن جمع

====

وتکلم علیها الإمامان الجلیلان الشریفان محمد الهادی الخراسانی - رحمه الله - فی رسالته (المسائل النفیسة) :4. 25 ط. مطبعة النجاح ببغداد ، وابن شرف الدین العاملی - رحمه الله - فی رسالته (مسائل فقهیة خلافیة) وجماعة من المتقدمین والمتأخرین.

وألف الشیخ حامد بن حسن بن شاکر الیمنی الصنعانی - من علماء الزیدیة - رسالة سماها : (قرة العین فی الجمع بین الصلاتین) وهی الرسالة الخامسة من مجموعة الرسائل الیمنیة ، وکذا العلامة الشیخ إبراهیم بن خالد العلفی.

ص: 114


1- 1. قرة العین فی الجمع بین الصلاتین : 3 - 4 ، نیل الأوطار 3 / 245.
2- 2. نیل الأوطار شرح منتقی الأخبار 3 / 248.
3- 3. کما أفردها بالتألیف جماعة من أصحابنا کسیدنا الإمام أبی محمد الحسن ابن الهادی الصدر الکاظمی رحمه الله ، والشیخ حسن بن یوسف بن مکی العاملی ، والخطیب الشیخ عبد اللطیف البغدادی من المعاصرین.

بین الصلاتین فی الحضر) أجاد فی وأفاد ، بید أنه قید جواز الجمع بعدم اتخاذه عادة ، کما نبه علی ذلک فی مواضع من رسالته.

وقال الشیخ العلامة القاضی أحمد بن محمد بن شاکر الشافعی فی الجمع - : هذا هو الصحیح الذی یؤخذ من الحدیث ، وأما التأویل بالمرض أو العذر أو غیره فإنه تکلف لا دلیل علیه.

قال : وفی الأخذ بها رفع کثیر من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم أو ظروف قاهرة إلی الجمع بین الصلاتین ، ویتأثمون بذلک ، ففی هذه ترفیه لهم وإعانة علی الطاعة ما لم یتخذه عادة - کما قال ابن سیرین -. انتهی.

قلت : إن هذین الفاضلین وإن أصابا الحق فی تجویزهما الجمع فی الحضر ، إلا أنهما قلدا ابن سیرین فیما اشترطه من عدم اتخاذ الجمع عادة ، مع أن أدلة الجمع بین الصلاتین فی الحضر مطلقة کعلته ، لم تقید بشئ ، کما لا یخفی ، فأنی لهم إثبات هذا الشرط الذی لم یأت به کتاب منزل ، ولا نبی مرسل؟!

نعم ، لا ریب فی استحباب التفریق ، إلا أنه لا ینهض مانعا من الجمع إذا اتخذ عادة ، قصاری الأمر أن فی اعتیاد الجمع ترک للمستحب الأفضل لا غیر ، وهو لا یفید اشتراط عدم اتخاذ الجمع عادة ، فافهم.

وذکر سیدنا الإمام شرف الدین العاملی - رحمه الله تعالی - فی بعض رسائله (1) : أن غیر واحد من محققی علماء الجمهور من أهل عصره ذهبوا إلی جواز الجمع ، بید أنهم لا یجرؤون علی مبادهة العامة بذلک ، وربما یمنعهم الاحتیاط ، فإن التفریق بین الصلوات مما لا خلاف فیه ، وهو أفضل ، بخلاف الجمع.

====

2. مسائل فقهیة خلافیة - مبحث الجمع بین الصلاتین.

ص: 115


1- 1. التعلیق علی سنن الترمذی - لابن شاکر - 1 / 358.

قال رحمه الله : لکن فاتهم أن التفریق قد أدی بکثیر من أهل الأشغال إلی ترک الصلاة کما شاهدناه عیانا ، بخلاف الجمع فإنه أقرب إلی المحافظة علی أدائها.

وقال رحمه الله : وبهذا یکون الأحوط للفقهاء أن یفتوا العامة بالجمع ، وأن ییسروا ولا یعسروا ( یرید الله بکم الیسر ولا یرید بکم العسر ) . انتهی.

فالجمع رخصة من الشارع ینبغی الأخذ بها ، لا سیما إذا اضطر المکلف إلیه.

أخرج البیهقی ، عن ابن عمر والبزار والطبرانی وابن حبان ، عن ابن عباس ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم : إن الله یحب أن تؤتی رخصه کما یحب أن تؤتی عزائمه.

وأخرج أحمد والبزار وابن خزیمة وابن حبان والطبرانی - فی الأوسط - والبیهقی ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : إن الله یحب أن تؤتی رخصه کما لا یحب أن تؤتی معصیته.

وأخرج الطبرانی ، عن عبد الله بن یزید بن أدیم ، قال : حدثنی أبو الدرداء ووائلة بن الأسقع وأبو أمامة وأنس بن مالک ، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال : إن الله یحب أن تقبل رخصه کما یحب العبد مغفرة ربه.

وأخرج الطبرانی ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول : من لم یقبل رخصة الله کان علیه من الإثم مثل جبال عرفة (1).

ثم إن طائفة من جمهور العامة عمدوا إلی تلکم السنن الواردة فی الجمع فی الحضر ، المتفق علی صحتها ، فردوها دفعا بالصدر ، وقد یتعلقون فی ذلک بأمور واهیة ، فکان مثلهم ( کمثل العنکبوت اتخذت بیتا وإن أوهن البیوت لبیت العنکبوت لو کان یعلمون ) .

ص: 116


1- 1. الدر المنثور - للسیوطی - 1 / 193.

* منها : أن السنة ثابتة صریحة فی بیان أوقات الصلوات ، وقد تواتر عنه صلی الله علیه وآله وسلم محافظته علی أوقاتها ، حتی قال ابن مسعود : ما رأیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم صلی صلاة لغیر میقاتها إلا صلاتین : جمع بین المغرب والعشاء بجمع ، وصلی الفجر یومئذ قبل میقاتها - کما فی فتح العلام (1).

قلت : جواب هذا علم مما مر ، ونزیده هنا إیضاحا فنقول - وبالله تعالی التوفیق - :

إن بیان السنة محمول علی الاستحباب والفضیلة ، ومواظبته صلی الله علیه وآله وسلم علی التفریق فی غالب الأحوال لا یدل علی الوجوب ، لأنه قد تقرر فی محله أن فعل النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذا جهل وجهه حمل علی الندب عند الشافعی والإباحة عند أکثر الحنفیة ، هذا مع أنه علیه وآله الصلاة والسلام داوم علی مندوبات فلم یلزم من ذلک وجوبها.

قال الأنصاری فی (فواتح الرحموت) (2) : مداومته صلی الله علیه وآله وسلم علی فعل لا یدل علی الوجوب ، کیف لا؟! وإن الجماعة سنة مؤکدة مع أنه لم یترکها أصلا ، وکذا الأذان والإقامة ، والخطبة الثانیة فی الجمعة ، والاعتکاف ، والترتیب والموالاة فی الوضوء ، وکذا المضمضة والاستنشاق ، وغیر ذلک مما ثبت فیه المواظبة من غیر ترک ، مع أنها سنة ، وقد استدل هو صلی الله علیه وآله وسلم بنفسه علی سنیة أکثرها بالمواظبة مع عدم تبیین ترکها ، بل ثبت عدم الترک. انتهی.

وبه یتبین أن المواظبة لیس دلیل الوجوب عندهم.

قلت : فإذا کانت المواظبة علی السنن لا تصیرها واجبة ، فکیف إذا ترک

ص: 117


1- 1. فتح العلام 1 / 195.
2- 2. فواتح الرحموت 2 / 181.

الفعل أحیانا؟ فإن ذلک یکون کاشفا قطعیا من عدم وجوبه بلا ریب ولا شبهة ، بل یکون ترکه شاهدا علی سنیته ومؤکدا لها ، کما فی ما نحن فیه من إیثاره صلی الله علیه وآله وسلم الجمع بین الصلاتین وترکه التفریق المعلوم من غالب أحواله علیه وآله الصلاة والسلام دفعا لتوهم الوجوب ، والله أعلم.

وقد مر علیک أنه لا تعارض بین أحادیث الجمع وأحادیث المواقیت.

وبه تعرف ما فی دعوی نسخ أحادیث الباب بأحادیث المواقیت ، فإن من زعم ذلک فقد قال الکذب وادعی ما لا علم له به ولا برهان له علیه ، فإن النسخ لا یثبت بمجرد الدعوی والنقول علی النصوص الشرعیة بلا دلیل ولا برهان ، ولو ولو کان ذلک کذلک لادعی کل من شاء إبطال نص ورد العمل به أنه منسوخ ، ولعارضه خصمه بأنه ناسخ وأن دلیله هو المنسوخ ، فتصیر الأدلة الشرعیة کلها منسوخة وناسخة ، وفی هذا من التناقض والفساد ما یکفی فی الزجر عن ادعاء النسخ بغیر دلیل ولا برهان - کما قال المحقق ابن الصدیق (1) -.

ومم یدفع هذه الدعوی أن الناسخ متأخر عن المنسوخ بالضرورة ، وبیان الأوقات إنما کان بمکة قبل الهجرة ، والجمع کان بعدها بالمدینة ، فالصحیح - بناءا علی ذلک - أن أحادیث الجمع ناسخة لأحادیث المواقیت لا العکس ، فتنبه.

وأما حدیث ابن مسعود فقد تقدم الجواب عنه ، فراجع إن شئت.

هذا ، مع أن دعوی عدم اشتراک الصلاتین فی وقت واحد منقوضة بجمع السفر عند غیر الحنفیة (2) وجمعی عرفة والمزدلفة عندهم وعند غیرهم ، وغیر ذلک من موارد الجمع ، کالجمع بعذر النصوص والمطر ونحوهما - کما عرفت

ص: 118


1- 1. إزالة الخطر : 95.
2- 2. قال فی المسوی : أکثر أهل العلم علی جواز الجمع فی السفر بین الظهر والعصر ، وبین المغرب والعشاء ، فی وقت إحداهما ، کما فی الروضة الندیة شرح الدرر البهیة ، لصدیق بن حسن القنوجی البخاری 1 / 156.

آنفا -.

وبالجملة : فإن أحادیث الجمع مطلقا تدل برمتها علی أن الوقت متسع یصلح للجمع بین الصلاتین فی وقت إحداهما ، ولولا ذلک لما أمکن الجمع الحقیقی کما لا یمکن فی العصر والمغرب.

نعم ، دلت السنة علی رجحان التوقیت ، وإتیان کل صلاة فی وقت فضیلتها المؤقت لها ، ولیس فی ذلک دلیل علی المنع من الجمع ، غایة الأمر وحماداه فوات الفضیلة بذلک - عدا المواطن التی ثبت فیها استحباب الجمع - کما مر.

* ومنها : ما رواه الترمذی فی سننه ، والحاکم فی المستدرک (1) عن حنش ، عن عکرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : من جمع بین الصلاتین من غیر عذر فقد أتی بابا من أبواب الکبائر.

قال الحاکم : وهذا الحدیث قاعدة فی الزجر عن الجمع بلا عذر ، ولم یخرجاه. انتهی.

قلت : حنش : لقب الحسین بن قیس الرحبی أبی علی الواسطی ، ترکوه ولم یحتجوا به.

قال أحمد : لیس حدیثه بشئ ، لا أروی عنه شیئا ، وقال أیضا : متروک الحدیث ، ضعیف الحدیث ، ونقل ابن الجوزی عن أحمد أنه کذبه.

وقال ابن معین وأبو زرعة : ضعیف ، وقال ابن معین أیضا : لیس بشئ.

وقال أبو حاتم : ضعیف الحدیث ، منکر الحدیث.

وقال البخاری : أحادیثه منکرة جدا ولا یکتب حدیثه ، وقال أیضا : ترک أحمد حدیثه.

وقال النسائی : متروک الحدیث ، وقال فی موضع آخر : لیس بثقة.

ص: 119


1- 1. سنن الترمذی 1 / 356 ح 188 ، المستدرک علی الصحیحین 1 / 275.

وقال الجوزجانی : أحادیثه منکرة جدا فلا تکتب.

وقال مسلم فی الکنی : منکر الحدیث ، وقال الدارقطنی : متروک.

وقال الساجی : ضعیف الحدیث ، متروک ، یحدث بأحادیث بواطیل  - کما بترجمته فی تهذیب التهذیب (1) -.

ولا نعلم أحدا وثقه غیر حصین بن نمیر ، والحاکم فی المستدرک ، وقد تعقبه الذهبی فی تلخیصه بأنهم ضعفوه.

وقال العقیلی فی حدیثه هذا : لا یتابع علیه ، ولا یعرف إلا به ولا أصل له ، وقد صح عن ابن عباس أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الظهر والعصر .. الحدیث (2).

وقال المناوی فی (فیض القدیر) (3) قال ابن حجر : خرجه الترمذی وفیه حنش وهو واه جدا ، وحکم ابن الجوزی بوضعه ، ونوزع بما هو تعسف للمنصف ، فإن سلم عدم وضعه فهو واه جدا. انتهی.

وذکر البیهقی فی سنده اضطرابا فی موضعین ، فراجع إن شئت.

فانظر إلی مبلغ علم الحاکم وزلته کیف جعل هذا الحدیث الموضوع أصلا ثابتا فی الزجر عن الجمع بلا عذر ، وترک صحاح السنن نسیا منسیا ، ونبذها وراءه ظهریا (فإنها لا تعمی الأبصار ولکن تعمی القلوب التی فی الصدور).

علی أن فی الأخذ بهذا الحدیث المفتری طعنا فیما ثبت من فعل النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة من غیر عذر ، وکیف یرویه ابن عباس  - رضوان الله علیه - ثم یعمد إلی مخالفته بالجمع بین الصلاتین ویحتج بفعله علیه وآله الصلاة والسلام! إن هذا مما لا یقع من حبر الأمة وابن عم نبیها

ص: 120


1- 1. تهذیب التهذیب 1 / 538.
2- 2. تهذیب التهذیب 1 / 538.
3- 3. فیض القدیر 6 / 113.

صلی الله علیه وآله وسلم!

ولا یکاد ینقضی العجب من الترمذی إذ أعل حدیث ابن عباس بحدیث حنش! فقال فی کتاب العلل من الجامع الصحیح (1) : جمع ما فی هذا الکتاب - یعنی سننه - فهو معمول به ، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حدیثین : حدیث ابن عباس أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم جمع بین الظهر والعصر بالمدینة ، والمغرب والعشاء من غیر خوف ولا سفر ولا مطر ، وحدیث النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه قال : إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فی الرابعة فاقتلوه.

قال : وقد بینا علة الحدیثین جمیعا فی الکتاب. انتهی.

لکنه لم یبین فی کتاب الصلاة علة لحدیث ابن عباس - رضوان الله علیه - بل ذکر حدیثا یعارضه من طریق حنش وضعفه من أجله ، مع أن حدیث الجمع صحیح ، وحدیث المنع ممنوع - کما أقر بذلک - فلا معارضة بین الحدیثین مع صحة أحدهما وضعف الآخر - کما قال المعین بن الأمین السندی الحنفی فی (دراسات اللبیب) (2) -.

* ومنها : ما رواه البیهقی فی (السنن الکبری) (3) عن أبی العالیة : أن عمر کتب إلی أبی موسی الأشعری : وأعلم أن جمع ما بین الصلاتین من الکبائر إلا من عذر. انتهی.

قال البیهقی : مرسل ، أبو العالیة لم یسمع من عمر ، وتعقبه ابن الترکمانی الحنفی فی (الجوهر النقی) (4) بأنه صلی خلف عمر.

ص: 121


1- 1. سنن الترمذی 5 / 736 کتاب العلل.
2- 2. دراسات اللبیب : 276 ط. کراتشی.
3- 3. السنن الکبری 3 / 169.
4- 4. الجوهر النقی 3 / 169.

قلت : وذکر الحافظ ابن حجر فی (لسان المیزان) (1) أنه دخل علی أبی بکر ، لکن شیئا من ذلک لا یقتضی السماع - کما لا یخفی - ولقد کان فی الصحابة من لقی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ولم یسمع منه ، فلیس تعقب ابن الترکمانی بشئ.

علی أن عمر لم یرفعه ، بل روی موقوفا علیه ، فجاز أن یکون من اجتهاده ، ولیس یحتفل به ولا یعول علیه فی مقابل النصوص المستفیضة الصریحة فی فعله وترخیصه صلی الله علیه وآله وسلم فی الجمع فی الحضر.

فکیف یکون من الکبائر؟!! معاذ الله!

بل فعله الحجة ، وهو القدوة ، ولنا به أسوة ، کما قال الله عزوجل :

( لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة لمن کان یرجو الله والیوم الآخر وذکر الله کثیرا ) .

ولو تنزلنا ، فالظن بعمر أنه لم یشهد جمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالمدینة ولا سمع به ، وابن عباس - رضوان الله علیه - وغیره من الصحابة قد شهدوا به وأثبتوه ، والمثبت مقدم علی النافی.

مع أن قول الصحابی لیس حجة علی من سواه إذا عارضه نقل من هو أفقه منه وأضبط فضلا عن فعله ، وما نحن فیه من هذا القبیل ، والله یحق الحق ویهدی السبیل.

وهذا ، ومع قطع النظر عما دل علی جواز الجمع بین الصلاتین من الکتاب والسنة ، فإن الأصل یقتضی جوازه ، ولا مانع من جریانه إلا ما قد یتخیل فی الحضر ولو من دون عذر ، ومن حظر ذلک لم یبغ الأمة إلا العسر والعنت.

ص: 122


1- 1. لسان المیزان 7 / 471.

والنجاة فی اتباع هدی النبی صلی الله علیه وآله وسلم والتمسک بسنته والعض علیها بالنواجذ ( لقد جاءکم رسول من أنفسکم عزیز علیه ما عنتم حریض علیکم بالمؤمنین رؤوف رحیم ) .

فالدین یسر لا مشقة فیه ولا حرج ، وقد ثبت فی السنة الحث علی التیسیر والنهی عن التشدید جدا.

أخرج الإمام أحمد ، عن الأعرج ، أنه سمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم یقول : إن خیر دینکم أیسره ، إن خیر دینکم أیسره.

وأخرج البزار ، عن أنس ، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال : یسروا ولا تعسروا ، وسکنوا ولا تنفروا.

وأخرج أیضا ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : إن هذا الدین متین ، فأوغل فیه برفق ، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقی.

وأخرج أحمد ، عن أبی ذر ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، قال : الإسلام ذلول لا یرکب إلا ذلولا.

وأخرج الطبرانی والبیهقی ، عن سهل بن أبی أمامة بن سهل بن حنیف ، عن أبیه ، عن جده ، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، قال : لا تشددوا علی أنفسکم ، فإنما هلک من کان قبلکم بتشدیدهم علی أنفسهم ، وستجدون بقایاهم فی الصوامع والدیارات (1).

( ربنا افتح بیننا وبین قومنا بالحق وأنت خیر الفاتحین )

والحمد لله تعالی حق حمده ،

وصلی الله وسلم علی من لا نبی بعد ،

محمد وعلی آله ،

وخیرة صحبه وجنده.

ص: 123


1- 1. الدر المنثور 1 / 192 - 193.

المصادر

1 - إرشاد الساری لشرح صحیح البخاری ، لشهاب الدین القسطلانی - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1305 ه.

2 - إزالة الخطر عمن جمع بین الصلاتین فی الحضر ، للعلامة الشیخ أحمد بن محمد بن الصدیق الغماری المغربی - ط. دار النشر والتألیف - مصر ، سنة 1369 ه.

3 - بدایة المجتهد ونهایة المقتصد ، لابن رشد القرطبی - ط. مصر - أوفسیت منشورات الشریف الرضی - قم.

4 - تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة ، للعلامة الإمام المحدث محمد بن الحسن الحر العاملی - تحقیق مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم.

5 - تلخیص المستدرک ، للحافظ شمس الدین الذهبی - بهامش المستدرک -.

6 - تهذیب التهذیب ، للحافظ ابن حجر العسقلانی ، ط. دار إحیاء التراث العربی ، سنة 1412 ه.

7 - الجوهر النقی فی الرد علی البیهقی ، لعلی بن عثمان الماردینی الشهیر بابن الترکمانی - مطبوع بهامش سنن البیهقی - ط. حیدر آباد ، سنة 1344 ه.

8 - حاشیة السندی علی النسائی - بهامش سنن النسائی.

9 - حلیة الأولیاء ، لأبی نعیم الأصبهانی - ط. مطبعة السعادة بمصر ، سنة 1351 ه.

10 - دراسات اللبیب فی الأسوة الحسنة بالحبیب ، لمحمد معین السندی - ط. کراتشی.

11 - الدر المنثور فی التفسیر بالمأثور ، للحافظ جلال الدین السیوطی - ط. المیمنیة ، سنة 1314 ه.

12 - ذکری الشیعة فی أحکام الشریعة ، للإمام الفقیه الشهید محمد بن مکی العاملی - الطبعة الحجریة.

ص: 124

13 - رسالة الاجتماع والافتراق ، لتقی الدین علی بن عبد الکافی السبکی ، بتحقیق محمد زاهد الکوثری - ط. مطبعة الترقی ، دمشق ، سنة 1347 ه.

14 - روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم والسبع المثانی (تفسیر الآلوسی) ، لشهاب الدین الآلوسی - دار إحیاء التراث العربی - بیروت.

15 - الروضة الندیة فی شرح الدرر البهیة ، لصدیق بن حسن بن علی القنوجی البخاری.

16 - زاد المعاد فی هدی خیر العباد ، لشمس الدین ابن قیم الجوزیة - ط.

17 - سبل السلام - شرح بلوغ المرام ، لمحمد بن إسماعیل الأمیر الصنعانی الیمنی - ط. دار المعرفة بیروت.

18 - سنن أبی داود السجستانی - تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید - دار إحیاء السنة النبویة - القاهرة.

19 - سنن الترمذی (الجامع الصحیح) ، لمحمد بن سورة الترمذی ، ط. مصر ، بتحقیق أحمد بن شاکر.

20 - السنن الکبری ، للبیهقی ، ط. حیدر آباد سنة 1344 ه.

21 - سنن النسائی - ط. دار إحیاء التراث العربی - بیروت.

22 - شرح تراجم أبواب البخاری ، لولی الله الدهلوی ، ط. کراتشی.

23 - شرح صحیح مسلم ، للنووی ، المطبوع بهامش إرشاد الساری - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1305 ه.

24 - شرح معانی الآثار ، لأبی جعفر الطحاوی - ط.

25 - شرح الموطأ ، للزرقانی ، ط.

26 - صحیح البخاری ، - ط. دار الجیل - بیروت ، بتحقیق أحمد محمد شاکر.

27 - صحیح مسلم ، ط. مطبعة محمد علی صبیح - القاهرة.

28 - العروة الوثقی ، للفقیه السید محمد کاظم الطباطبائی الیزدی.

29 - عون المعبود ، شرح سنن أبی داود ، لأبی الطیب محمد شمس الحق العظیم آبادی - ط. الهند.

30 - غرائب القرآن ورغائب الفرقان (تفسیر النیسابوری) المطبوع بهامش تفسیر

ص: 125

الطبری ، للحسن بن محمد النیسابوری - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1328 ه.

31 - فتح الباری بشرح صحیح البخاری ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. دار الریان للتراث - مصر ، سنة 1407 ه.

32 - فتح العلام - شرح بلوغ المرام ، لصدیق بن حسن بن علی القنوجی البخاری - ط. المطبعة الأمیریة بمصر.

33 - فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت ، لمحمد بن نظام الدین الأنصاری - المطبوع بهامش المستصفی - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1325 ه.

34 - فیض القدیر ، شرح الجامع الصغیر ، لعبد الرؤوف المناوی - ط. مصر ، سند 1357 ه.

35 - قرة العین فی الجمع بین الصلاتین ، لحامد بن حسن شاکر الصنعانی - ط. القاهر ، سنة 1348 ه.

36 - کفایة الأخبار فی حل غایة الاختصار ، لأبی بکر بن محمد الحصنی الدمشقی الشافعی - أوفسیت دار الذخائر للمطبوعات - قم.

37 - کنز العمال فی سنن الأقوال والأفعال ، لعلی بن حسام الدین المتقی الهندی - ط. حیدر آباد ، سنة 1312 ه.

38 - لسان المیزان ، للحافظ ابن حجر العسقلانی - ط. حیدر آباد ، سنة 1331 ه.

39 - المراجعات ، للسید عبد الحسین شرف الدین العاملی - ط. مؤسسة الأعلمی - بیروت.

40 - مرقاة المفاتیح لمشکاة المصابیح ، لعلی بن سلطان محمد الهروی القاری - ط. المیمنیة ، سنة 1309 ه.

41 - میزان الاعتدال فی نقد الرجال ، للحافظ شمس الدین الذهبی.

42 - المستدرک علی الصحیحین ، للحاکم النیسابوری - ط. حیدر آباد ، سنة 1344 ه.

43 - مسلم الثبوت ، لمحب الله بن عبد الشکور البهاری - المطبوع مع شرحه بهامش المستصفی - ط. المطبعة الأمیریة بمصر ، سنة 1325 ه.

44 - مسائل فقهیة خلافیة ، للسید عبد الحسین شرف الدین العاملی - ط.

ص: 126

45 - المسائل النفیسة ، للسید محمد هادی الخراسانی الحائری - ط. مطبعة النجاح - بغداد.

46 - مسند الإمام أحمد بن حنبل - ط. المیمنیة ، سنة 1313 ه.

47 - مسند أبی داود الطیالسی - ط. حیدر آباد ، سنة 1321 ه.

48 - معالم السنن - شرح سنن أبی داود ، للخطابی - ط. المطبعة العلمیة - حلب.

49 - المعجم الأوسط ، للطبرانی - ط.

50 - مفاتیح الغیب (تفسیر الرازی) لفخر الدین الرازی - ط.

51 - الموطأ - لمالک بن أنس الأصبحی - ط.

52 - نیل الأوطار ، شرح منتقی الأخبار ، لمحمد بن علی الشوکانی ، ط. مکتبة مصطفی البابی الحلبی ، سنة 1391 ه.

ص: 127

تشیید المراجعات

وتفنید المکابرات

(1)

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد وآله الطاهرین ، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین من الأولین والآخرین.

وبعد :

فهذه بحوث وضعتها تشییدا للمراجعات ، بتوضیح أو تعلیق أو تذییل ، وتفنیدا لما یکون حولها من مکابرات ، عن تعصب أو جهل أو تضلیل ، والله أسأل أن ینفع بها کما نفع بأصلها ، وأن یجعلها وسیلة لهدایة من کان أهلا لها ، إنه سمیع مجیب.

السید علی الحسینی المیلانی

ص: 128

تمهید :

لا ریب فی أن البحث وتبادل الآراء خیر طریق لتبیین الواقع ، وکشف الحقیقة ، وتنویر الفکر ، ونشر العقیدة ... وقد کان السنة الجاریة لدی الأنبیاء والأولیاء وسائر المصلحین والعقلاء ... وله أصول وقواعد وآداب ، کانوا ولا یزالون یلتزمون بها ویمشون علیها فی کافة مجالات المناظرة والجدل.

وإن من أولی تلک القواعد والأصول - بعد رعایة الأدب واجتناب الهوی والتعصب - هو التکلم علی ضوء الأدلة المقبولة عند الطرفین ، واستدلال کل منهما بما ورد عند الطرف المقابل وما جاء عن طریقه وکان مقبولا لدیه ... لأن هذا أقوی حجة علی الخصم ، وأمتن استدلالا فی العقل السلیم والمنطق الصحیح.

ولقد دأب علماؤنا الأعلام منذ قدیم الأیام علی اتباع هذا الأسلوب فی مؤلفاتهم ومناظراتهم ، کما لا یخفی علی الباحث الخبیر ، وکان ذلک من أهم عوامل تقدم المذهب الحق وإقبال الأمم علیه ، کما کان من أهم أسباب عجز الآخرین عن الجواب والرد ، فما کان منهم إلا التسلیم والإذعان ، أو الکذب والشتم والبهتان.

لینظر المنصف إلی استدلالات مشایخ الطائفة وأساطین المذهب ، کالشیخ المفید البغدادی ، والسید المرتضی الموسوی ، والشیخ الطوسی ، والعلامة الحلی ... ونظرائهم ... لیجد صدق النیة ، ونزاهة البحث ، ومتانة الاحتجاج القائم علی الأسس القویمة من الکتاب العزیز ، والسنة الثابتة ، والعقل السلیم ...

وکانت هذه طریقة السید شرف الدین فی آثاره الخالدة ...

ص: 129

شخصیة السید شرف الدین :

وهو - کما هو معروف - علم من أعلام الأمة ، ومن کبار المجتهدین الأفذاذ ، کما تشهد بذلک آثاره فی الفقه والأصول وغیرهما.

وبطل من أبطال العلم ، المرجوع إلیهم فی المسائل المختلفة فی شتی العلوم الإسلامیة ... من الفقه والأصول والتفسیر والحدیث والکلام ...

وزعم من زعماء الاصلاح فی المجتمع الإسلامی ، کما تشهد بذلک مشاریعه الثقافیة ومؤسساته الاجتماعیة ، من مدارس وجوامع ...

وقائد من قواد النضال والکفاح ضد الاستعمار الأجنبی ، حتی أنه شرد عن وطنه بأهله وذویه ، ثم تفرقوا فی البلدان ، ونزل هو دمشق ففلسطین فمصر ، وصودر ثقله ، وأحرقت مکتبته ، فی قضایا مفصلة سجلها له التاریخ.

وأما آثاره فکثیرة ... لها المکانة المرموقة بین آثار علمائنا الأعلام فی العصر الحاضر ، جمعت الدقة فی البیان إلی المتانة فی الأسلوب والاستیعاب الشامل ، فما تطرق إلی مسألة إلا وأشبعها بحثا وتحقیقا ، وما تعرض لمشکلة إلا وعالجها العلاج الناجع التام.

وتتجلی عظمته وإحاطته فی مؤلفاته فی المسائل الخلافیة ، وفی تحقیقاته التاریخیة والرجالیة ، وفی ما کتبه فی الدفاع عن الإسلام ومذهب أهل البیت علیهم السلام.

وقد وقوبل هذا المحقق العظیم بما قوبل به أسلافه ، فأکثر المسلمین یقدرون جهوده ، ویقرأون کتبه ، ویشکرون أیادیه ، ویثمنون مساعیه ، حتی طبعت کتبه عشرات المرات ، وترجمت إلی شتی اللغات ... وأقبلت علیها الجماهیر من جمیع الجهات. ومن الناس من لا یتحمل رواج تلک الکتب غیر القابلة للرد ، وتأثیرها فی القلوب المستعدة للهدایة والرشاد ، فحاولوا إطفاء ذلک النور بالسب والشتم والکذب والزور ...

ص: 130

أشهر مؤلفاته :

ومن أشهر کتبه القیمة الجامعة بین الموضوعیة والدقة ، والأناقة والرقة ، والعمق والرفعة :

کتاب أبو هریرة : وهو کتاب فرید فی بابه ، تناول أبا هریرة الدوسی وأحادیثه الکثیرة المرویة فی کتابی البخاری ومسلم وغیرهما من أسفار أهل السنة ، بالبحث والتحقیق الموضوعی. وقد أثار بعض کتاب القوم ضجة شدیدة حوله ، لأنه فی الحقیقة ینسف أهم أسسهم فی الأصول والفروع ، أعنی الأمرین المشهورین للذین لا أصل لهما - وکم من مشهور لا أصل له - وهما : مسألة عدالة الصحابة أجمعین ، ومسألة صحة أحادیث کتابی البخاری ومسلم ، الموسومین بالصحیحین.

وکتاب النص والاجتهاد : وهو کتاب فقهی ، أصولی ، حدیثی ، کلامی ، تاریخی ... جمع فیه موارد کثیرة من مفارقات ومعارضات جماعة من الصحابة - الذین یقتدی بهم أهل السنة فی الأصول والفروع - للکتاب والسنة الثابتة ، معتمدا علی أوثق کتب القوم وأهم مصادرهم.

وکتاب الفصول المهمة فی تألیف الأمة : وهو کتاب جلیل من أحسن الکتب الکلامیة ، استعرض فیه بعض المسائل الخلافیة بین الشیعة والسنة ، موضحا أن السنة هم الذین خالفوا فی معتقداتهم ما تقتضیه الأدلة ویقرره الکتاب والسنة ، وأنه إذا ما رجعوا إلی الله والرسول ، ونبذوا أتباع غیر من أمروا بأتباعه ، عادت الأمة إلی الوئام واتفقت کلمة أهل الإسلام.

وکتاب المراجعات : فقد کانت للسید - رحمه الله - فی سنة 1329 ه رحلة علمیة إلی مصر ، اجتمع خلالها برجالات العلم ، وأصحاب الفضیلة فی تلک الدیار ، وعقدت بینه وبین شیخ الأزهر یومذاک الشیخ سلیم البشری المالکی اجتماعات متوالیة ، تداولا فیها جوانب الحدیث فی أمهات المسائل

ص: 131

الدینیة ، وکان من نتاجها (المراجعات) وطبعت سنة 1355 ه.

کلام السید فی مقدمة المراجعات :

ویقول السید فی مقدمة هذا الکتاب :

(هذه صحف لم تکتب الیوم ، وفکر لم تولد حدیثا ، وإنما هی صحف انتظمت منذ زمن یربو علی ربع قرن ، وکادت یومئذ أن تبرز بروزها الیوم ، لکن الحوادث والکوارث کانت حواجز قویة عرقلت خطاها ...

أما فکرة الکتاب فقد سبقت مراجعاته سبقا بعیدا ، إذ کانت تلتمع فی صدری منذ شرخ الشباب ، التماع البرق فی طیات السحاب ، وتغلی فی دمی غلیان الغیرة ، تتطلع إلی سبیل سوی یوقف المسلمین علی حد یقطع دابر الشغب بینهم ...

ضقت ذرعا بهذا ، وامتلأت بحمله هما ، فهبطت مصر أواخر سنة 1329 مؤملا فی (نیله) نیل الأمنیة التی أنشدها ، وکنت ألهمت أنی موفق لبعض ما أرید ...

وهناک - علی نعمی الحال ، ورخاء البال ، وابتهاج النفس - جمعنی الحظ السعید بعلم من أعلامها البارزین ، بعقل واسع ، وخلق وادع ، وفؤاد حی ، وعلم عیلم ، ومنزل رفیع ، یتبوأه بزعامته الدینیة ، بحق وأهلیة ...

فکان مما اتفقنا علیه ... أن أعظم وقع بین الأمة : اختلافهم فی الإمامة ...

ولو أن کلا من الطائفتین نظرت فی بینات الأخری - نظر المتفاهم لا نظر الساخط المخاصم - لحصحص الحق وظهر الصبح لذی عینین.

وقد فرضنا علی أنفسنا أن نعالج هذا المسألة ، بالنظر فی أدلة الطائفتین ، فنفهمها فهما صحیحا ، من حیث لا نحس إحساسنا المجلوب من المحیط والعادة والتقلید ، بل نتعری من کل ما یحوطنا من العواطف والعصبیات ، ونقصد الحقیقة من طریقها المجمع علی صحته ، فنلمسها لمسا ، فلعل ذلک یلفت

ص: 132

أذهان المسلمین ، ویبعث الطمأنینة فی نفوسهم بما یتحرر ویتقرر عندنا من الحق ، فیکون حدا ینتهی إلیه إن شاء الله تعالی.

لذلک قررنا أن یتقدم هو بالسؤال خطا عما یرید ، فأقدم له الجواب بخطی ، علی الشروط الصحیحة ، مؤیدا بالعقل أو بالنقل الصحیح عند الفریقین.

وجرت بتوفیق الله عزوجل علی هذا مراجعاتنا کلها ، وکنا أردنا یومئذ طبعها لنتمتع بنتیجة عملنا الخالص لوجه الله عزوجل ، لکن الأیام الجائرة ، والأقدار الغالبة اجتاحت العزم علی ذلک ، ولعل الذی أبطأ عنی هو خیر لی.

وأنا لا أدعی أن هذه الصحف تقتصر علی النصوص التی تألفت یومئذ بیننا ، ولا أن شیئا من ألفاظ هذه المراجعات خطه غیر قلمی ، فإن الحوادث التی أخرت طبعها فرقت وضعها أیضا کما قلنا.

غیر أن المحاکمات فی المسائل التی جرت بیننا موجودة بین هاتین الدفتین بحذافیرها ، مع زیادات اقتضتها الحال ، ودعا إلیها النصح والإرشاد ، وربما جر إلیها السیاق علی نحو لا یخل بما کان بیننا من الاتفاق).

أقول :

والنقاط الأساسیة فی هذه المقدمة هی :

1 - إن هذه المراجعات وقعت بین السید والشیخ ، وأنهما قررا أن یتقدم الشیخ بالسؤال خطا عما یرید ، فیقدم له السید الجواب بخطه ، علی الشروط الصحیحة المقررة بینهما.

2 - إن هذه المراجعات کانت معدة للطبع یومذاک ، وکادت أن تبرز بروزها الیوم ، لکن الحوادث والکوارث هی التی حجزت عن ذلک.

3 - إن الحوادث التی أخرت طبع هذه المراجعات فرقت وضعها أیضا ، فألفاظها کلها بقلم السید ، حاکیة للمحاکمات التی جرت بینه وبین الشیخ

ص: 133

بحذافیرها.

وذکر قدس سره سفره إلی مصر بترجمته لنفسه حین شرح أسفاره : (فی مصر :

... کنت أحب - فیما أحب - أن أزور مصر وأقف علی أعلامها لأخذ العلم عنهم ، ولأبلو ما یبلغنی عن الجامع الأزهر ذلک المعهد الجلیل. وظلت هذه الأمنیة کامنة فی نفسی حتی حفزها خالی المرحوم السید محمد حسین فی أواخر سنة 1329 ، حین زارنا فی عاملة ...

وقد بدأت هذه الجولة بالحضور فی دورة الشیخ سلیم البشری المالکی - شیخ الأزهر یومذاک - وکان یشرف علی طلابه من منبره وهو منطلق فی درسه انطلاقا یلحظ فیه توفره وضلاعته فیما هو فیه. وکان یلقی درسا فی مسند الإمام الشافعی ... حضرت درسه لأول مرة ... وعرض لی أثناء الدرس ما یوجب المناقشة فناقشته ، ثم علمت بعدئذ أن المناقشة وقت المحاضرة لیست من الدراسة الأزهریة ، فکنت بعدها أفضی إلیه بعد الدرس بما عندی من المسائل الجدیرة بالبحث والمذاکرة.

وقد کانت مناقشتی الأولی - فی کل حال - سببا فی اتصال المودة بینی وبینه ، وسبیلا إلی الاحترام المتبادل ، ثم طالت الاجتماعات بیننا ، وتشاجنت الأحادیث وتشعب البحث بما سجلناه فی کتابنا : المراجعات. ولو لم یکن من آثار هذه الزیارة إلا هذا الکتاب لکانت جدیرة بأن تکون خالدة الأثر فی حیاتی علی الأقل.

ولعل الکتاب یصور بعض الأجواء العلمیة التی تفیأناها یومئذ مطلقین فی آفاقها ، منطلقین من القیود الکثیرة التی کانت توثق الأفکار آنذاک برجعیات یضیق صدرها حتی بالمناقشة البریئة والتفکیر الصحیح.

ومهما یکن من أمر ، فقد نعمنا بمصر فی خدمة هذا الشیخ ، واتصلنا بغیره من أعلام مصر المبرزین ، إذ زارونا وزرناهم ، أخص منهم العلامتین :

ص: 134

الشیخ محمد السملوطی والشیخ محمد بخیت. وقد نجمت هذه الاجتماعات الکریمة عن فوائد جمة ...

وعلی کل حال ، فقد غادرت مصر وأنا أحن إلیها ، وأتزید من اللبث فیها ، ولم أغادرها قبل أن یتحفنی أعلامها الثلاثة - البشری بخیت والسملوطی - بإجازات مفصلة عامة عن مشایخهم أجمع ، بطرقهم کلها المتصلة بجمیع أرباب الکتب والمصنفات من أهل المذاهب الأربعة وغیرهم ، فی جمیع العلوم ، عقلیة ونقلیة ، ولا سیما الصحاح الستة وموطأ مالک ومسند أحمد ومستدرک الحاکم ، وسائر المسانید ، وکتب تفسیر والکلام والفقه ، وبقیة العلوم الإسلامیة مطلقا.

وممن نعمنا بخدمته فی مصر ، وتبادلنا معه الزیارات ، وکانت بیننا وبینه محاضرات ومناظرات ، فی مسائل فقهیة وأصولیة وکلامیة ، دلت علی غزارة فضله ورسوخ قدمه فی العلم والفضیلة : شیخنا الشیخ محمد عبد الحی ابن الشیخ عبد الکریم الکتانی الإدریسی الفاسی. وقد أجازنی أیضا إجازة عامة وسعت طرقی فی الروایة والحدیث.

واطردت المراسلة بعد العودة إلی البلاد بینی وبین شیخنا البشری زمنا ، ثم طغت علیها الشواغل وکوارث الحرب العامة الأولی (1).

وکان رجوعنا من مصر فی جمادی الأولی سنة 1330) (2).

وقال شارحا قصة (المراجعات) حین ذکر مؤلفاته :

(کتاب المراجعات ، أو : المناظرات الأزهریة والمباحثات المصریة. مجلد واحد ، یثبت رأی الإمامیة فی الإمامة والخلافة بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ألفناه فی مصر ، إذ أتیناها سنة 1329 ، فجمعنا الحظ السعید

ص: 135


1- 1. أعلنت الحرب العالمیة الأولی سنة 1332 ه ، أی بعد رجوعه بسنتین فقط.
2- 2. بغیة الراغبین 2 / 199.

بإمامها الوحید : الشیخ سلیم البشری المالکی ، شیخ الجامع الأزهر فی ذلک العهد ، حضرت درسه ، وأخذت عنه علما جما ، وکان عیلم علم ، وعلم حلم ، وکنت أختلف إلی منزله أخلو به فی البحث عما لا یسعنا البحث عنه إلا فی الخلوات ، وکان جل بحثنا هذا فی الإمامة ، التی ما سل سیف فی الإسلام علی قاعدة دینیة مثل ما سل علیها ، وقد فرضنا علی أنفسنا أن نمعن النظر فی البحث عن أدلتها ، متجردین من کل عاطفة سوی انتجاع الحقیقة والوصول إلی من طریقها المجمع علی صحته.

وعلی هذا جرت مناظراتنا ومراجعاتنا ، وکانت خطیة تبادلنا بها المراسلة إبراما ونقضا ، فجئته بالحجج الساطعة لا تترک خلیجة ولا تدع ولیجة ، فقابلها بالذود عن حیاضها ، لا یألو فی ذلک جهدا ولا یدخر وسعا. لکن الله عزوجل بهدایته وتوفیقه یسر لی - وله الحمد - درء کل شبهة ودحض کل إشکال ، حتی ظهر الصبح لذی عینین ...

وکنت أردت یومئذ طبع تلک المراجعات ، وهی 112 مراجعة ، لکن الأقدار الغالبة أرجأت ذلک ، فلما نکبنا فی حوادث سنة 1338 - کما سنفصله فی محله - انتهبت مع سائر مؤلفاتی یوم صیح نهبا فی دورنا.

وما أن فرج الله تعالی عنا - بفضله وکرمه - حتی استأنفت مضامینها بجمیع مباحثاتها التی دارت بیننا ، فإذا هی بحذافیرها مدونة بین دفتی الکتاب ، مع زیادات لا تخل بما کان بیننا من المحاکمات ، علی ما أوضحناه فی مقدمة الکتاب ، والحمد لله - باعث من فی القبور - علی بعث هذا السفر النافع ونشره) (1).

ص: 136


1- 1. بغیة الراغبین فی سلسة آل شرف الدین 2 / 98. فی ذکر مؤلفاته.

إهداء السید کتاب المراجعات :

ثم إن السید - رحمه الله - یهدی کتابه قائلا :

(وإنی لأهدی کتابی هذا إلی أولی الألباب ، من کل علامة محقق ، وبحاثة مدقق ، لابس الحیاة العلمیة فمحص حقائقها ، ومن کل حافظ محدث جهبذ حجة فی السنن والآثار ، وکل فیلسوف متضلع فی علم الکلام ، وکل شاب حی مثقف حر قد تحلل من القیود وتملص من الأغلال ، ممن نؤملهم للحیاة الجدیدة والحرة.

فإن تقبله کل هؤلاء واستشعروا منه فائدة فی أنفسهم ، فإنی علی خیر وسعادة).

رجاء السید من القراء :

وذکر السید کتاب (المراجعات) فی المورد الأول من کتاب (النص والاجتهاد) فقال :

(ومن أراد التفصیل فعلیه بکتابنا (المراجعات) إذ استقصینا البحث ثمة عن تلک النصوص ، وعن کل ما هو حولها مما یقوله الفریقان فی هذا الموضوع ، تبادلنا ذلک مع شیخنا شیخ الإسلام ، ومربی العلماء الأعلام ، الشیخ سلیم البشری المالکی ، شیخ الجامع الأزهر یومئذ ، رحمه الله تعالی ، أیام کنا فی خدمته ، وکان إذ ذاک شیخ الأزهر ، فعنی بی عنایته بحملة العلم عنه ، وجرت بیننا وبینه حول الخلافة عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ونصوصها مناظرات ومراجعات خطیة ، بذلنا الوسع فیها إیغالا فی البحث والتمحیص ، وإمعانا فیما یوجبه الإنصاف والاعتراف بالحق ، فکانت تلک المراجعات - بیمن نقیبة الشیخ - سفرا من أنفع أسفار الحق ، یتجلی فیها الهدی بأجلی مظاهره ، والحمد لله علی التوفیق.

ص: 137

وها هی تلک منتشرة فی طول البلاد وعرضها ، تدعو إلی المناظرة بصدر شرحه الله للبحث ، وقلب واع لما یقوله الفریقان ، ورأی جمیع ، ولب رصین ، فلا تفوتنکم أیها الباحثون.

نعم ، لی رجاء أنیطه بکم فلا تخیبوه ، أمعنوا فی أهداف النبی صلی الله علیه وآله وسلم ومرامیه فی أقواله وأفعاله ، التی هی محل البحث بیننا وبین الجمهور ، ولا تغلبنکم العاطفة علی أفهامکم وعقولکم ، کالذین عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول ، لا یأبهون بشئ من صحتها ، ولا من صراحتها ، والله تعالی یقول : ( إنه لقول رسول کریم * ذی قوة عند ذی العرش مکین * مطاع ثم أمین * وما صاحبکم بمجنون ) ( فأین تذهبون ) أیها المسلمون ( إن هو إلا وحی یوحی علمه شدید القوی ) » (1).

أقول :

لقد حقق أبناء الأمة الإسلامیة رجاء السید رحمه الله ، وتقبله الذین أهدی إلیهم المراجعات بقبول حسن ، وأقبلوا علیها خیر إقبال ، واستضاء بنورها الکثیر منهم ، ورجعوا ببرکتها إلی الأصل الدینی المفروض علیهم.

وها هی - ولا تزال - منتشرة فی طول البلاد وعرضها ، تدعو إلی المناظرة بصدر رحب شرحه الله للبحث ، کل طالب للحق ، باحث عن الحقیقة ، یرید الخیر والصلاح والفلاح لنفسه وللأمة.

لکن (السنة) التی رسمها ابن تیمیة فی (منهاجه) لها أتباع فی کل زمان ، تعلموا منه منطق السب والشتم والبهتان - وإن خالفوها فی بعض الجهات ، وفی بعض الأحیان - (2) ولم نجد فی کلامهم - هنا - کلمة تستحق الاصغاء والذکر ،

ص: 138


1- 1. النص والاجتهاد - الطبعة الثانیة - : 54.
2- (5) أعتقد أنه لو کان ابن تیمیة فی هذا العصر ، وانبری للجواب عن (المراجعات) لأنکر قبل کل شئ سفر السید إلی مصر! والتقائه بالشیخ هناک! بل أنکر وجود السید والشیخ فی هذا العالم!

إلا کلمة واحدة ، وهی : ما هی الحوادث والکوارث التی حالت دون نشر المراجعات فی حیاة الشیخ؟ لماذا لم یذکر السید منها ولو واحدة؟ وهذا سؤال وجیه ، ولکن لیتهم طرحوه بأدب ووقار ...

قال قائل منهم :

یقول قائلهم مفتتحا ما کتبه بعد البسملة والحمدلة :

(وبعد ، یعتبر کتاب المراجعات من أهم کتب الرافضة التی عرض فیها مؤلفه : عبد الحسین الموسوی ، مذهبه مذهب الرفض ، بصورة توهم الکثیر من أهل السنة بصدق ما جاء فیها ، لا سیما أولئک الذین لم یسبق لهم معرفة عقیدة الرافضة وأصولهم ، وأسالیبهم الخبیثة الماکرة ، والتی ترتکز علی الأدلة الکاذبة الموضوعة ، والتلاعب بالأدلة الصحیحة ، سواء بالزیادة فیها أو الانقاص منها ، أو بتحمیلها من المعانی ما لا تحتمله ، کل هذا یفعلون نصرة لمذهبهم ، وتأییدا لباطلهم. وهذا ما درج علیه الموسوی فی کتابه (المراجعات).

ولما کانت هذه المراجعات لا أصل لها من الصحة ، بل هی محض کذب وافتراء ، ولما مر علی ظهور هذا الکتاب قرابة الثلاثین عاما (1) ، ولم نجد أحدا من علماء السنة قد رد علی هذه المراجعات المکذوبة جملة وتفصیلا.

ولما کان هذا الکتاب قد أثر فی بسطاء المسلمین وعامتهم ، جهلا منهم بعقیدة الرافضة وأصولهم المخالفة لأصول الإسلام الثابتة فی الکتاب والسنة الصحیحة ، وظنا منهم بصدق هذه المراجعات ، غیر مدرکین تدلیس وکذب صاحبها ، حیث أظهر موافقة شیخ الأزهر علی کل ما عرضه من أدلة مکذوبة ، وفی الوقت نفسه لم یجدوا من یکشف لهم کذب هذه المراجعات ، ویبین لهم

====

2. المراجعات طبعت عام 1355 ه ، فقد مر علی ظهورها حتی تاریخ ما کتبه هذا الرجل - وهو سنة 1406 ه - قرابة الخمسین عاما.

ص: 139


1- ووجود مصر علی وجه الأرض!

ما اشتملت علیه من زیغ وضلال.

ولما کان تحذیر المسلمین من عدوهم ، وفضح کل الطوائف والفرق الخارجة علی الإسلام أمرا واجبا علی کل داعیة ، بل هو من أعظم القربات إلی الله حتی یمیزوا الخبیث من الطیب ، ویبینوا سبیل المجرمین.

لهذا کله نری أنفسنا مضطرین لرد علی کتاب المراجعات ، سائلین الله أن یجعل هذا خالصا لوجهه ، ودفاعا عن أولیائه ، ونصرة لدینه ، وغیرة علی سنة نبیه).

أقول :

أولا : إننا عندما ننقل هذه المراجعات نرجو المعذرة من کل مسلم غیور متأدب بآداب الإسلام ، بل من کل إنسان متخلق بالأخلاق الفاضلة ، وخاصة من سیدنا (شرف الدین) قدس الله نفسه ، فإننا إنما أوردناها :

1 - لیتضح أن الذین یعادون الشیعة ، والتشیع إنما یعادون المسلمین والإسلام ، ولا یفرقون فی الطعن بین أهل السنة وبین الشیعة ، وذلک لأن هذا الأسلوب من الکلام یشوه سمعة الدین والإسلام ، لدی أبناء الأدیان الأخری ، إذ یتوقعون أن هذا هو الخلق الإسلامی المحمدی ، وأن المسلمین - سواء الشیعة أو السنة - بمعزل عن الآداب الإنسانیة والأخلاق الفاضلة.

علی أنه - فی نفس الوقت الذی یتهجم فیه علی الشیعة - یطعن فی علماء مذهبه ، وینسبهم إلی التهاون فی أمر الدین والدفاع عن أولیاء الله وسنة الرسول ، إذ لم یردوا علی هذا الکتاب الذی أثر فی بسطاء المسلمین وعامتهم - علی حد تعبیره - ولم یکشفوا لهم کذب هذه المراجعات! کما قال ...

فهؤلاء - فی الواقع - أناس یریدون الوقیعة بین المسلمین ، وإیجاد التباغض بینهم ، وضرب بعضهم ببعض ، حتی یکون الأعداء فی راحة ... فکونوا علی حذر من هؤلاء ، وانتبهوا أیها المسلمون!!

ص: 140

2 - للاستشهاد علی ما ذکرنا ممن قبل ، من أن فی الناس من لا یروقه قول الحق وبیان الحقیقة ، وحین لا یمکنه الرد المتین المستند إلی العقل والدین ، یتفوه بهذه الکلمات ، اقتداء بشیخ إسلامه ابن تیمیة المشحون منهاجه بالأباطیل والافتراءات.

3 - للعلم بأن فیمن ینسب نفسه إلی السنة المحمدیة ، ویزعم کونه (داعیة) إلیها (مدافعا) عنها (غیورا) علیها ... أناسا غیر منصفین بأدنی شئ من آدابها ، ولیقارن بین کتابات هؤلاء وبین کتابات الشیعة.

4 - للتنبیه علی أن من یفتتح ما کتبه بالتکفیر والشتم والتضلیل وغیر ذلک لطائفة من المسلمین ... لا یستبعد منه الکذب والخیانة والتدلیس فی أثناء ما کتبه وخلال البحوث.

5 - ولأنا سوف نعرض عن التعرض بشئ لأمثال هذه العبارات - وما أکثرها - فی الکتاب.

وثانیا : إن السید من کبار فقهاء الأمة الإسلامیة ، ومن أعاظم علماء الطائفة الشیعیة ، وکتابه (المراجعات) من المصادر المعتبرة لدی المسلمین حتی أن بعض علماء السنة المحققین ینقلون عنه ویعتمدون علیه ، قال العلامة الشیخ محمود أبو ریة - من کبار علماء الأزهر المشاهیر المحققین - فی کلام له حول بعض الروایات : (وإذا أردت الوقوف علی هذه الروایات فأرجع إلی کتاب المراجعات التی جرت بین العلامة شرف الدین الموسوی - رحمه الله - وبین الأستاذ الکبیر الشیخ سلیم البشری شیخ الأزهر سابق) (1).

وقد وصف الأستاذ عمر رضا کحالة السید ومؤلفه بقوله :

(عبد الحسین شرف الدین الموسوی العاملی. عالم فقیه مجتهد. ولد بالمشهد الکاظمی مستهل جمادی الآخرة ، وأخذ عن طائفة من علماء العراق ،

ص: 141


1- 1. أضواء علی السنة المحمدیة ، 404.

وقدم لبنان ، ورحل إلی الحجاز ومصر ودمشق وإیران ، وعاد إلی لبنان ، فکان مرجع الطائفة الشیعیة ، وأسس الکلیة الجعفریة بصور ، وتوفی ببیروت فی 8 جمادی الآخرة سنة 1377 ، ونقل جثمانه إلی العراق فدفن بالنجف.

من آثاره : المراجعات ، وهی أسئلة وجهها سلیم البشری إلی المترجم فأجاب عنها. أبو هریرة. الشیعة والمنار. إلی المجمع العلمی العربی بدمشق. والفصول المهمة فی تألیف الأمة) (1).

وثالثا : قد اعترف هذا القائل فی کلامه بأن أحدا من أهل السنة لم یرد علی المراجعات ، فلماذا لم یردوا؟! أما کانوا یرون وجوب (تحذیر المسلمین من عدوهم) علی کل (داعیة)؟! أو لم یکونوا دعاة کما کان هذا القائل؟!

ورابعا : قد اعترف هذا القائل فی کلامه بأن هذا الکتاب قد أثر فی المسلمین ، لکن قال : فی بسطاء المسلمین وعامتهم!

وقال آخر : (وفی عصرنا أیضا نجد کتابا یسعی جادا للدخول إلی کل بیت (2). رأیت طبعته العشرین فی عام 1402 ، ویوزع علی سبیل الهدیة فی الغالب الأعم ، واسم الکتاب المراجعات. ذکر مؤلفه شرف الدین هذا الحدیث بالمتن الذی بینا ضعف أسانیده (3) وقال : بأنه حدیث متواتر. ثم نسب للشیخ سلیم البشری رحمه الله ، شیخ الأزهر والمالکیة أنه تلقی هذا القول بالقبول وأنه طلب المزید ...) (4).

ص: 142


1- 1. معجم المؤلفین 5 / 87.
2- 2. بل إن أبناء (البیوت) یقبلون علیه ویسعون وراء الحصول علیه وجلبه إلی البیوت. ولا یخفی ما تدل علیه کلمة أبناء (البیوت) من معنی ، منطوقا ومفهوما!
3- 3. یعنی : حدیث الثقلین .. وقد بینا فی رده صحة قول السید وغیره بتواتره ، فراجع کتابنا : (حدیث الثقلین : تواتره .. فقه) کما سنبین ذلک هنا باختصار حین یأتی التعرض له إن شاء الله ، وقد بلغنی وقوف الدکتور علی الکتاب المذکور ، ولکن لم یصلنی حتی الآن أی اعتراض علیه ، لا منه ولا من غیره.
4- 4. حدیث الثقلین وفقه - للدکتور علی أحمد السالوس - : 28.

وقال فی کتیب أسماه : (عقیدة الإمامة عند الشیعة الإمامیة .. دراسة فی ضوء الکتاب والسنة. هل کان شیخ الأزهر البشری شیعیا؟!) (1).

قال فی مقدمته : (وقبل أن أختم البحث رأیت أن أشیر إلی الفریة الکبری التی جاء بها الکاتب الشیعی شرف الدین الموسوی فی کتابه (المراجعات) وأن أنبه إلی براءة الشیخ سلیم البشری شیخ الأزهر مما نسبه إلیه هذا المؤلف).

ثم قال فی الصفحة 170 : (مما رزئنا به فی عصرنا کتاب یسعی جادا للدخول إلی کل بیت ، رأیت طبعته العشرین فی عام 1402 ...).

وقال فی الخاتمة : (ومن أکبر هذه المفتریات الکتاب المسمی (المراجعات) الذی لم یکتف مؤلفه بجعل الأحادیث الموضوعة المکذوبة أحادیث ثابتة متواترة ، بل نسب لشیخ الأزهر الشیخ سلیم البشری رحمه الله أنه سلم بهذا وأیده. بل سلم بعقیدة الشیعة الجعفریة ، ورأی أن أتباع المذهب الشیعی الجعفری أولی بالاتباع من أی مذهب من المذاهب الأربعة).

وقال ثالث : (وأما کتاب المراجعات فقد استحوذ علی اهتمام دعاة التشیع ، وجعلوه أکبر وسائلهم التی یخدعون بها الناس. أو بعبارة أدق : یخدعون به أتباعهم وشیعتهم ، لأن أهل السنة لا یعلمون عن هذا الکتاب

ص: 143


1- 1. اسم ضخم! ولکنه فی 180 صفحة من القطع الصغیر! وقد جعل علیه عنوان (هل کان شیخ الأزهر البشری شیعیا؟) لیوهم أنه سیحقق عن هذا الموضوع ، ولکن عندما تراجعه لا تجد إلا الاستبعاد! إلا أن تشیع شیخ الأزهر دلیل علی تحقیقه وإنصافه ، وهکذا یکون حال کل مسلم إن حقق وأنصف! کما دعا إلی ذلک السید شرف الدین فی کل ما حقق وصنف! بخلاف حضرة الدکتور وأمثاله ، المدافعین عن بنی أمیة اقتداء بابن تیمیة! ولسان حالهم ( إنا وجدنا آباءنا علی أمة وإنا علی آثارهم مقتدون) والذی یؤکد ما ذکرنا فی خصوص السالوس أنه یحاول إیجاد ضجة علی الشیعة وأهل السنة المحققین المنصفین - من علماء الأزهر وغیرهم - الدعاء إلی التقریب بین المسلمین ، وذلک بإصدار کراریس ، أحدها فی آیة التطهیر ، والآخر فی حدیث الثقلین ، وثالث فی عقیدة الإمامة عند الشیعة ... والحال أن کلا منها فصل من فصول کتابته الکبیر الذی أسماه ب : (أثر الإمامة فی الفقه الجعفری وأصوله) فلاحظ وتأمل!

ولا غیره من عشرات الکتب التی تخرجها مطابع الروافض ، اللهم إلا من له عنایة واهتمام خاص بمذهب الشیعة. وقد طبع هذا الکتاب أکثر من مائة مرة ، کما زعم ذلک بعض الروافض. والکتاب فی زعم مؤلفه واقعة من وقائع التقارب بین أهل السنة والشیعة ، وهو عبارة عن مراسلات بین شیخ الأزهر سلیم البشری ، وبین عبد الحسین هذا ، انتهت بإقرار شیخ الأزهر بصحة مذهب الروافض وبطلان مذهب أهل السنة.

والکتاب - لا شک - موضوع مکذوب علی شیخ الأزهر ، وبراهین الکذب والوضع له کثیرة تعرض لبعض منها ، وقبل ذلک نشیر إلی أن الروافض من دأبهم وضع بعض المؤلفین ونسبتها لبعض مشاهیر أهل السنة ، کما وضعوا کتاب (سر العالمین) ونسبوه إلی حجة الإسلام محمد الغزالی.

أما مظاهر وأمارات الکتاب والوضع فی هذا الکتاب فمنها :

أولا : الکتاب عبارة عن مراسلات خطیة بین شیخ الأزهر سلیم البشری وبین هذا الرافضی ، ومع ذلک جاء نشر الکتاب من جهة الرافضی وحده ، ولم یصدر عن البشری أی شئ یثبت ذلک.

وثانیا : أن هذا الکتاب لم ینشره واضعه إلا بعد عشرین سنة من وفاة البشری ، فالبشری توفی سنة 1335 ، وأول طبعة لکتاب (المراجعات) هی سنة 1355 فی صیدا.

وثالثا : أن أسلوب هذه الرسائل واحد هو أسلوب الرافضی ، ولا تحمل رسالة واحدة أسلوب البشری.

ورابعا : أما نصوص الکتاب فتحمل فی طیاتها الکثیر والکثیر من أمارات الوضع والکذب.

والحقیقة المفجعة : أن هذا الافتراء یطبع عشرات المرات بأسم

ص: 144

التقریب ، ولا أحد من أهل السنة ینتبه بهذا الأمر الخطیر) (1).

أقول :

أولا : إن کتاب (سر العالمین وکشف ما فی الدارین) لأبی حامد محمد الغزالی ، صاحب إحیاء العلوم. وقد نسبه - فیمن نسبه - إلیه کبیر الحفاظ والمؤرخین المعتمدین من أهل السنة ، ألا وهو شمس الدین الذهبی - المتوفی سنة 748 ه - فی کتابه المعروف (میزان الاعتدال) واعتمد علیه ونقل منه ، فلاحظ الکتاب المذکور (2).

وعلی هذا الأساس نسبته الشیعة إلیه ، فلماذا الافتراء؟! ولماذا الانکار من هؤلاء الطلبة الأصاغر المتأخرین لما یقر به أکابر أئمتهم المعتمدین؟!

وثانیا : إن هذا الذی یعترف به - متفجعا - من أقوی أدلة صحة المراجعات ، واعتبار ما تحتویه من استدلالات ، وإلا فعلماء قومه مقصرون أمام الله والرسول ومشایخ الصحابة المقتدی بهم فی مذهبهم! رغم طبعها عشرات المرات کما ذکره ، ورغم أنها تدعو إلی المناظرة بصدر رحب ... کما ذکر السید رحمه الله.

====

وممن نسب الکتاب إلی الغزالی : الحافظ الواعظ سبط ابن الجوزی الحنفی - المتوفی سنة 581 ه - صاحب التاریخ الشهیر (مرآة الزمان) وغیره من المصنفات ، وله : (تذکرة خواص الأمة) الذی أورد فیه بعض ما یتعلق بأئمة أهل البیت علیهم السلام ، بأسانیده إلی النبی علیه وآله الصلاة والسلام ، ولأجله رموه بالترفض مع الثناء علیه ووصفه بالحفظ والفقه کما لا یخفی علی من لاحظ ترجمته فی (الجواهر المضیة فی طبقات الحنفیة) و (الفوائد البهیة فی طبقات الحنفیة) وغیرهما.

ص: 145


1- 1. مسألة التقریب بین أهل السنة والشیعة 2 / 213 - 217 للدکتور ناصر بن عبد الله الغفاری ، وهو رسالة لنیل درجة الماجستیر ، أجیزت بتقدیر ممتاز! نشر : (دار طیبة فی الریاض سنة 1413 ه فی جزءین کبیرین.
2- 2. میزان الاعتدال ، ترجمة الحسن بن الصباح 1 / 500.

وثالثا : ما ذکره بعنوان (وبعبارة أدق ...) بکذبه قول زمیله القائل : (قد أثر فی بسطاء المسلمین وعامتهم) وقول الآخر : (یسعی جادا للدخول إلی کل بیت ...) علی حد تعبیرهما.

ورابعا : المراجعات لیس موضوعة ، کما مر وسیأتی.

وخامسا : إن الأمارات التی ذکرها ، تعود الثلاثة الأولی منها إلی مطلب واحد سنجیب عنه فی الجواب عن السؤال عن الکوارث التی منعت طبع الکتاب وضیعت نسخته. والرابعة یظهر بطلانها من خلال ما سنوضحه حول نصوص الکتاب.

السبب فی تأخیر طبع الکتاب :

ثم إنه قد اعترض علی کلام السید فی المقدمة بأنه :

(ماذا یعنی الموسوی بالحوادث والکوارث التی أخرت طبع هذه المراجعات أکثر من ربع قرن من الزمن؟ إنه سؤال لا جواب علیه ، لأن الموسوی لم یقدم لنا حادثة أو کارثة واحدة من هذه الحوادث والکوارث ، وإذا عدنا إلی کتب التاریخ التی أرخت لهذه الحقبة من الزمن التی تمت فیها هذه المراجعات المزعومة نقلب صفحاتها فلا نجد فیها ما یمنع من نشرها).

أقول :

وهذا جهل أو تجاهل. لقد أشرنا من قبل إلی أن السید - رحمه الله - کان فی طلیعة الشخصیات الإسلامیة التی قاومت الاحتلال الفرنسی للبنان ، فقد قاد شعبه فی مواجهة الاحتلال ، واستخدام کافة الأسالیب لها ، ووقف بصرامة یطالب خروج الفرنسیین من بلاده ، ویدعو إلی الوحدة السوریة المستقلة ، فأوعز المحتلون إلی عملائهم بالتخلص من هذا القائد ، واستغلوا عمیلا عربیا یدعی : (ابن الحلاج جبران) من أهالی مدینة صور ، واقتحموا دار السید ،

ص: 146

وشهر العمیل مسدسه فی وجه السید ، فرکله برجله فوقع علی ظهره وسقط المسدس من یده ، وتعالت الأصوات وصیحات النساء ، ففر الفرنسیون من الدار ، وتوافدت الجموع إلیها من کل جانب تشتاط غضبا فأمرهم السید القائد بالهدوء.

قال رحمه الله فی کلام له :

(وکان من ذلک أن عزم الفرنسیون ، وعزمت ذیولهم ، أن یتخلصوا منی عن طریق الاغتیال ، لتنهار هذه الجبهة إذا خلوت من المیدان ، وفی ضحی یوم الثلاثاء 12 ربیع الثانی سنة 1337 ه ، الموافق 14 کانون الثانی سنة 1919 م ، والدار خالیة من الرجال ، أقبل فتی من رجال الأمن العام الذین أملی لهم الفرنسیون أن یشتطوا علی المسلمین والأحرار من أهل الدین ، وأقبل معه رجلان من الجند الفرنسی ، وکانوا جمیعا مسلحین ، فاقتحموا الباب ، ثم أحکموا أرتاجها ، ودنا الفتی العربی ابن الحلاج شاهرا مسدسه ، وهو یطلب أن أعطیه التفویض الذی کنا أخذناه من وجوه البلاد وثائق تخول الملک فیصل أن یتکلم باسمنا فی عصبة الأمم.

وحین أصبح علی خطوة منی رکلته برجلی ألقته علی ظهره فسقط المسدس من یده ، وأتبعت الرکلة بضربات عنیفة بالحذاء علی رأسه ووجهه ، وعلت صیحة نسائنا فی الدار ، فملئت الطریق خلف الطریق خلف الباب ، فإذا الرهبة تتولی هزیمة الجندیین وصاحبهما مخفقین ، وقد کادت الأیدی والأرجل أن تقضی علیهم ...) (1).

ثم إن السید دعا إلی مؤتمر للتحاور مع رجالات السیاسة والفکر ، لاتخاذ القرارات المناسبة للاستمرار بالمواجهة والسیطرة علی الموقف حتی الوصول إلی الهدف ، فعقد المؤتمر فی منطقة (الحجیر) ومثل المؤتمرین فی وفد إلی

ص: 147


1- 1. بغیة الراغبین 2 / 150.

سوریا للاجتماع مع الملک فیصل ، حتی إذا رجع وثب الفرنسیون بجیش جرار إلی جبل عامل توجه نحو قریة (شحور) لإلقاء القبض علی السید وقتله ، ...

قال رحمه الله :

(ومهما یکن فقد کان نصیبنا من هذه الجیوش حملة جرارة قدرت بألف فارس مجهزین بالمدافع الثقیلة والدبابات والمدرعات ، زحفت بقیادة الکولونیل (دنجیر) إلی (شحور) وما کاد الفجر یتضوأ بأضوائه الندیة حتی کانت المدافع الثقیلة منصوبة علی جبلی (الطور) و (سلطان) المشرفین علی القریة ، وهبط الجیش یتدفق بین کروم التین ، ویلتف حول القریة ، فی رهبة أوحشت سکینة الفجر المستیقظ لذکر الله تعالی فی مستهل شهر رمضان المبارک سنة 1338 ، وکنت أهوم بعد صلاة الفجر بنعاس بعد تعب السفر وتعب السهر ، وکانت وصیفتنا (السعیدة) تتهیأ لصلاتها ، فأشرفت علی مدخل القریة - وهی تتبین الصبح - فراعها أن تری أن آذان الخیل تنتشر بین أشجار التین فی مثل هذا البکور ، فأجفلت مذعورة ، ورجعت توقظنی من نومی.

نهضت مسرعا إلی أردیتی ، وانسللت أتخطی الأزقة والمضایق ، ثم خرجت من بین العسکر وهم لی منکرون ، وترکتهم یتظننون ، وانسحبت أهبط الوادی إلی غار علی شاطئ اللیطانی ، کان لجأ إلیه جدنا السید صالح فی محنة الجزار.

أما الجند فطفق یسأل عنی ، واستوقف الصغار من أفراخی مع عمهم السید محمد وخالهم السید حسن ، حتی یستنطقهم والسیف مصلت فوق رؤوسهم ، ولکنهم أجمعوا علی أنی فی دمشق ، ولما استیأسوا من العثور علی تفرقوا فی القریة یأکلون ویشربون ویحطمون ، ولم یغادروا (شحورا) قبل أن یحرقوا الدار ... فحکم علی بالنفی المؤبد مع مصادرة ما أملک. وقد احتلوا دارنا فی صور بعد أن صیح نهبا فی حجراتها ، فعظمت المصیبة وجلت الرزیة بنهب المکتبة الحافلة بکتبها القیمة ، وفیها من نفائس الکتب المخطوطة

ص: 148

ما لا یکاد یوجد فی غیرها. وکان لی فیها کتب استفرغت فی تألیفها زهرة حیاتی وأشرف أوقاتی ، فإنا لله وإنا إلیه راجعون) (1).

ثم إنه شرد به - طاب ثراه - مع أهل وذویه إلی دمشق ، فبقی بها مدة وانتقل منها إلی فلسطین ، ومنها إلی مصر ، وهو فی جمیع هذه الأحوال متنکر وراء کوفیة وعقال علی نسق المألوف من الملابس الصحراویة الیوم ، حتی إذا قصد الهجرة إلی العراق أرسل إلیه بأمان وطلب منه العدة إلی وطنه ، وکان العودة یوم الجمة 18 شوال سنة 1339 ه.

والخلاصة : إنه لما یئست قوات الاحتلال من القبض علیه ، عادت فسلطت النار علی داره فی (شحور) فترکتها هشیما تذروه الریاح ، ثم احتلت داره الکبری الواقعة فی (صور) بعد أن أباحتها للأیدی الأثیمة تعیث فیها سلبا ونهبا ، حتی لم تترک فیها غالیا ولا رخیصا ، وکان أوجع ما فی هذه النکبة تحریقهم مکتبته العامر بکل ما فیها من نفائس الکتب وأعلاقها ، ومنها مؤلفاته الکثیرة القیمة التی کانت خطیة فی ذلک الوقت ، والمکاتیب والمراجعات.

فهذا موجز تلک الحوادث والکوارث ، کما فی مقدمته (المراجعات) وغیرها من المؤلفات ، وفی کتاب (الإمام السید عبد الحسین شرف الدین مصلحا ومفکرا وأدیبا) وغیره مما کتب بترجمة السید ، وإن شئت التفصیل فراجع (البغیة) بقلمه الشریف ، فقد ذکر فیها جمیع تلک الکوارث والحوادث بما فیها من خصوصیات وجزئیات ... وإلیها أشار - رحمه الله - فی مقدمة (المراجعات) ثم صرح بأن الصحف التی ینشرها الآن کلها بلفظه وخطه ...

لکن البعض لا یصدقون السید - الصادق المصدق - فیما یقول أو لا یرون ما لاقاه وقاساه - مع شعبه - کوارث! أو یریدون إنکار تلک الجهود ، أو استنکار ذلک الجهاد ضد الاستعمار! فیذکرون للتأخیر سببا من عندهم ، بوحی من

====

2 / 163.

ص: 149


1- (16) بغیة الراغبین

ظنونهم السیئة الفاسدة ، وأغراضهم الباطلة الکاسدة ، فیقول قائل منهم :

(والذی دفع الموسوی إلی تأخیر نشر وطباعة (المراجعات) إنما هو حاجة فی نفسه ، إذ أن الفترة التی کانت فیها المراجعات ، والتی اعتبرها فترة غیر ملائمة لمثل هذا الأمر ، إنما تعنی أواخر الخلافة العثمانیة التی مهما قیل فیها فإنها تظل خلافة تدین بالإسلام وتدفع عنه أعداءه وخصومه ، وتناهض کل الفرق الضالة التی اتخذت من الإسلام ستارا لضرب الإسلام والکید للمسلمین کالرافضة وغیرهم ، والموسوی خشی علی نفسه من نشر هذه المراجعات فی ظل هذه الخلافة ، لما فیها من مخالفة للکتاب والسنة وعقیدة الأمة ، الأمر الذی قد لا تسمح الخلافة العثمانیة بنشره ، لذا فإنه کان ینتظر فرصة مناسبة ومؤاتیة لنشره هذه الأباطیل ...

والأمر الثانی الذی دفعه إلی تأخیر نشر مراجعاته : أنها مراجعات لا أصل لها ، فلا بد له من تأخیرها ، إذ لو نشرها فی الوقت الذی تمت فیه هذه المراجعات لتصدی إلی تکذیبه العدید من العلماء ، لا سیما شیخ الأزهر الذی کذب علیه وقوله ما لم یقل ، فلما مات شیخ الأزهر ومات بعض أقرانه ، ونسی الأحیاء منهم أمر هذه المراجعات ، وما کان فیها من وقائع وتفصیلات ، ولما اطمأن الموسوی لهذا کله سارع عندئذ لنشر أباطیله).

أقول :

لقد ذکر أمرین هما السبب - بزعمه - فی تأخیر نشر (المراجعات) :

أما الأول : فلا یتفوه به عاقل ، إذ الخلافة العثمانیة کانت فی تلک الأیام علی وشک الانهیار والاضمحلال ، ولم تعد قادرة علی حفظ کیانها ، علی أنه کان بالإمکان طبع الکتاب - لولا الحوادث والکوارث - فی غیر بلاد الخلافة العثمانیة ...

وعلی الجملة ، فهذا الأمر مما لا یصغی إلیه ، وتضحک الثکلی به ،

ص: 150

ولعله لذا لم نجده عند غیر هذا المتقول.

وأما الأمر الثانی : فقد أشار إلیه غیره أیضا ، وهو مردود بما ذکرناه فی بیان واقع الحال.

علی أنا نسأل هؤلاء عن السبب للحقیقة المفجعة ، وهی عدم رد أحد من علماء السنة علی هذه المراجعات ، لا سیما ممن نشأ فی ظل الخلافة العثمانیة التی کانت تناهض کل الفرق الضالة علی حد زعمه؟! وعن السبب لنشر مثل هذه التشکیکات والتکذیبات ، فی مثل هذه الظروف وبعد نحو الخمسین عاما علی طبع المراجعات؟! وعن السبب فی تأخیر طبع رد أحدهم علی کتاب (أبو هریرة) مدة 18 سنة ، أی بعد وفاة السید بسنین (1)؟! ثم تبعه غیره ، یأخذ اللاحق من السابق ، فیکررون المکرر (2).

السبیل لتوحید المسلمین :

وهنا یقول القائل : (إن ما یسعی إلیه الموسوی إنما هو ضرب من المستحیل ، إذ أنه ، لو افترضنا الصدق فیها ، فهی محاولة للتوفیق بین الحق والباطل وبین الإسلام والکفر!

إن السبیل الوحید لتوحید المسلمین ولم شتاتهم ، وإزالة الفرقة بینهم إنما یکون بالعودة إلی الکتاب والسنة ، وفهم السلف الصالح لهما ، کما أوضح ذلک الحق سبحانه وتعالی حیث قال : ( فإن تنازعتم فی شئ فردوه إلی الله والرسول إن کنتم تؤمنون بالله والیوم الآخر ذلک خیر وأحسن تأویلا ) وکنا أوضح النبی

ص: 151


1- 1. کتاب : أبو هریرة راویة الإسلام ، لمحمد عجاج الخطیب ، ألفه ردا علی کتاب : (أبو هریرة) للسید شرف الدین ، فرد علیه الشیخ عبد الله السبیتی بکتاب : (أبو هریرة فی التیار).
2- 2. لاحظ : دفاع عن أبی هریرة ، لعبد المنعم صالح العلی ، ثم : أبو هریرة وأقلام الحاقدین ، لعبد الرحمن عبد الله الزرعی ، وهکذا ...

صلی الله علیه [وآله] وسلم حیث قال : ترکت فیکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا : کتاب الله وسنتی. (أخرجه الإمام مالک والترمذی وأحمد). فهل یستجیب الرافضة لله وللرسول؟ هیهات هیهات).

ویقول آخر : (مفهوم التقریب عند هذا الموسوی هو أخذ المسلمین بعقیدة الروافض ، وهو فی سبیل ذلک یضع وقائع وهمیة وحوادث لا حقیقة لها ، ویزعم أنها وقائع تقارب بین السنة والشیعة لتصفیة الخلاف ، ولکن لم یکن لهذه المؤامرات من أثر إلا عند طائفته) (1).

أقول :

إن مفهوم التقریب لدی السید وطائفته هو التعریف بالشیعة ، وبیان عقیدتها فی مسألة الإمامة - التی هی أعظم خلاف بین الأمة - وذکر شواهدها وأدلتها فی کتب السنة ، والبحث والتحقیق حولها عن طریق الجدل الحق ، ثم الأخذ بما اتفق الکل علی روایته ونقله فی الکتب المشهورة بین المسلمین ، وعلی هذا الأساس استند السید فی (المراجعات) وغیرها من کتبه إلی ما جاء فی کتب السنة من الأحادیث من طرقهم ، ومن هذا المنطلق یمکن التوقیف بین الطائفتین ، ... ولا استحالة ... وبذلک یکون قد تحقق ما أمر سبحانه وتعالی بقوله : ( فإن تنازعتم فی شئ فردوه إلی الله والرسول ... ) وإلا فإن کل طائفة تری الحق فیما ترویه وتعتقده ، وتحکم ببطلان ما تذهب إلیه الطائفة الأخری.

فالمراد من (الرد إلی الرسول) فی الآیة الکریمة ، ومن (السنة) فی الأحادیث الآمرة بالرجوع إلیها هو : الأخذ بما ثبت صدوره عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وهو ما اتفق الکل علی روایته بأسانیدهم.

وأما خصوص : (ترکت فیکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا : کتاب الله

ص: 152


1- 1. مسألة التقریب 2 / 217.

وسنتی) فلیس بحدیث صادر عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ونسبة روایته إلی أحمد والترمذی کذب ، إذ هو لیس من أحادیث مسند أحمد وجامع الترمذی قطعا.

نعم ، رواه مالک فی (الموطأ) لکن بسند منقطع! کما نص علی ذلک شراحه ، کالجلال السیوطی فی (تنویر الحوالک) وقد أوصله ابن عبد البر القرطبی ، لکن بسند ضعیف! وقد حققنا حال هذا الحدیث المزعوم فی رسالة مفردة مطبوعة (1)

والخلاصة : إن السید یدعو إلی الوئام بین المسلمین عن طریق البحث الصحیح والجدل الحق ، فی الحدیث والسیرة والتاریخ وغیر ذلک ، لا عن طریق تناسی الماضی ، لأن هذا لو أفاد فی برهة من الزمن فلا یکاد یجدی علی المدی البعید ، ولا یعطی النتیجة المطلوبة ، بل إن معنی ذلک بقاء الانطباعات عن القضایا فی النفوس والأذهان ، وهذا ما یؤدی - بطبیعة الحال - إلی مضاعفات لا تکاد تقبل العلاج من أی طرف کان.

وقد عرفت السید إلی من أهدی کتابه! وأی شئ ترجی منه!

هذا تمام الکلام حول المکابرات ، المتعلقة بمقدمة المراجعات.

للبحث صلة ....

ص: 153


1- 1. مجلة (تراثنا) العدد 29 ، شوال 1412 ه ، ص 171 - 187.

فی رحاب نهج البلاغة

(5)

نهج البلاغة عبر القرون

شروحه حسب التسلسل الزمنی

السید عبد العزیز

الطباطبائی لقد حظی نهج البلاغة من أول یوم بعنایة العلماء والأدباء ، فجلب أنظارهم واستقطب جهودهم ، فبادروا إلی روایته وقراءته وإجازته واستنساخه ومقابلته والتعلیق علیه ، فلم نر فی تراثنا الخالد ما یوازیه فی کثرة المخطوطات القدیمة ، ولا ما یدانیه أو یبلغ نصف ذلک کما تقدم الایعاز إلیه.

وکذلک تناوله العلماء والأدباء بالشرح منذ القرن السادس وحتی یومنا هذا ، بحیث یتعذر أو یتعسر إحصاء شروحه جمیعها ، وأول من تناولها بالإحصاء :

1 - المحدث النوری - المتوفی سنة 1320 ه - فسردها فی خاتمة المستدرک ، ص 513 ، فبلغت 26 شرحا.

2 - الحجة المجاهد السید محسن الأمین العاملی رحمه الله - المتوفی سنة 1371 ه - أحصاها فی أعیان الشیعة 8 / 245 ، فعد 31 شرحا.

3 - وتطرق لها السید هبة الدین الشهرستانی - المتوفی سنة 1386 ه - فی کتابه (ما هو نهج البلاغة؟) المطبوع سنة 1352 ه فنقل ما ذکره المحدث النوری وزاد علیه فبلغ بها إلی 45 شرحا.

4 - ثم عبد العزیز الجواهری النجفی ، نزیل طهران - المتوفی بها سنة

السیّد عبدالعزیز الطباطبائی

ص: 154

ه - عدها فی (فهرست کتابخانه عمومی معارف) المطبوع سنة 1353 ه ، فی ج 1 ص 141 - 147 ، فلغت 51 شرحا.

5 - ثم الشیخ ضیاء الدین ابن یوسف الحدائقی الشیرازی - المتوفی أول رجب سنة 1408 ه ، فی ج 2 ص 124 - 139 ، فأنهاها إلی 66 شرحا.

6 - وشیخنا الحجة الأمینی قدس الله روحه - المتوفی سنة 1390 ه - فی کتابه المنقطع النظیر : (الغدیر) فی ترجمة الشریف الرضی ، فی المجلد الرابع منه ، فأنهاها إلی 89 شرحا.

7 - وزمیلنا العلامة الشیخ عزیز الله العطاردی دام مؤیدا ، سردها فی مقدمته لطبع (شرح نهج البلاغة) لشارح من القرن الثامن ، وأنهاها إلی 83 254 ، وأنهاها إلی 101 شرحا.

9 - وشیخنا الحجة ، کبیر الباحثین الشیخ آقا بزرک الطهرانی ، قدس الله روحه - المتوفی سنة 1389 ه - منحها - کالمعتاد - دراسة شاملة فی موسوعته الخالدة (الذریعة إلی تصانیف الشیعة) فی ج 14 ص 111 - 161 ، المطبوع سنة 1381 ه ، فأنهاها إلی 148 شرحا.

10 - الشیخ حسین جمعة ، المعاصر ، أفرد کتابا لدراسة الشروح ، طبع فی بیروت سنة 1403 ه وسنة 1413 ه فی 172 صفحة بأسم (شروح نهج البلاغة) وأنهاها إلی 210 شرحا.

11 - الشاب العراقی النبیل عبد الله المنتفکی ، له : (معجم شروح نهج البلاغة) لم یطبع بعد.

هذا ما وفقنا علیه من إحصائیات الشروح ، والمکثرون منهم ربما حصل

ص: 155

لهم بعض التکرار ، وربما عدوا بعض الترجمات المحضة شروحا ، ثم إنهم عدوا شرح خطبة واحدة کالشقشقیة وخطبة همام ونحوهما من شروح نهج البلاغة ، وکذا شرح کلام واحد کشروح عهده علیه السلام إلی الأشتر ، أو شروح بعض الحکم وقصار الکلم عدوها من شروح (نهج البلاغة).

علی أن کلا من العهد ، والحکم ، له عشرات الشروح ، ربما تبلغ المائة شرح ، وأنا لا أعد هذه کلها من شروح النهج ، وإنما اقتصر علی شرح نهج البلاغة نفسه ، سواء أتمه الشارح أو لم یقدر له أن یتمه ، مبسوطا کان أو علی نحو التعلیق والشروح الموجزة ، وأما شرح الخطبة الواحدة ونحوها فلا أعده من الشروح.

وأنا أذکر شروح (نهج البلاغة) بشئ من البسط والتفصیل فی ترجمة الشارح ، مستوعبا جوانب البحث عسی أن یکون فیه بعض المعلومات المستجدة ، ولا یکون تکرارا واجترارا ، ونظمت الشروح حسب التسلسل الزمنی ، فأقول : إنهم کما اختلفوا فی عدد الشروح اختلفوا فی أقدمها وفی :

أول من شرح (نهج البلاغة)؟

1 - فقالوا : هو علی بن ناصر ، مؤلف : أعلام نهج البلاغة - وهو شرحه علیه - وهو معاصر الشریف الرضی ، فهو أول من شرحه (1).

2 - وقالوا : هو الشریف المرتضی. علم الهدی ، أخو الرضی ، لما شرح الخطبة الشقشقیة (2).

3 - وقالوا : بل هو الشریف الرضی نفسه ، هو أول من شرح (نهج

ص: 156


1- 1. کشف الحجب : 53 ، الذریعة 2 / 240 و 14 / 139 ، الغدیر 4 / 186 ، أعیان الشیعة 8 / 245 و 363 وفی الطبعة السابقة 41 / 266 و 267 ، مصادر نهج البلاغة 1 / 203 ، طبقات أعلام الشیعة / القرن الخامس : 132 ، فهرست المکتبة المرکزیة لجامعة طهران 5 / 1606.
2- 2. الذریعة 14 / 139.

البلاغة) ، حین شرح بعض الفقر خلال الخطب وفسر بعض المواد اللغویة ، فهو أول الشراح (1).

4 - وقالوا : هو قطب الدین الراوندی - المتوفی سنة 573 ه - مؤلف : منهاج البراعة (2).

5 - وقالوا : هو ظهیر الدین البیهقی ، علی بن زید ، فرید خراسان - المتوفی سنة 565 ه - مؤلف : معاج نهج البلاغة (3).

6 - وقالوا : هو الإمام الوبری ، أحمد بن محمد الخوارزمی ، من أعلام القرن السادس (4).

والأول لا یصح.

لأن المؤلف من أعلام القرن السابع! فقد أرخ فی کتابه (زبدة التواریخ) وفاة الأتابک أوزبک فی سنة 622 ه ، والله العالم کم عاش بعدها.

وأول من صدر منه هذا الوهم ، فزعم أن علی بن ناصر کان أول من شرح (نهج البلاغة) هو السید إعجاز حسین الکنتوری - رحمه الله - ذکر ذلک فی کتابه (کشف الحجب) ثم تبعه من بعده ، کصاحب الذریعة ، وصاحب الغدیر ، وصاحب أعیان الشیعة اعتمادا علیه.

====

5. ابن یوسف الشیرازی فی فهرست مکتبة سبهسالار 2 / 123 ، عبد العزیز الجواهری فی فهرست مکتبة المعارف الإیرانیة 1 / 144.

ص: 157


1- 1. الذریعة 14 / 137 و 139 و 146 ، الأستاذ دانش بزوه فی مقدمته لشرح البیهقی علی نهج البلاغة : 48 ، والعطاردی فی مقاله عن الشراح القدامی - فی (کاوشی در نهج البلاغة - : 277 وعد ثانیهم المرتضی فی : 278.
2- 2. ابن أبی الحدید فی مقدمة شرحه علی نهج البلاغة 1 / 6 ، ریاض العلماء 2 / 421 ، والعطاردی فی مقدمته علی شرح الکیدری 1 / 13.
3- 3. البیهقی نفسه قال فی مقدمة شرحه ، ص 4 : ولم یشرح قبلی من کان من الفضلاء السابقین هذا الکتاب ...
4- والمحدث النوری فی خاتمة المستدرک 3 / 489 و 4. والخیابانی فی وقائع الأیام ، والشهرستانی فی : ما هو نهج البلاغة ، والمحدث القمی فی الکنی والألقاب 3 / 28.

وإنما نشأ هذا الوهم علی أثر جملة وردت فی بدایة الکتاب ، وذلک أن السید علی بن ناصر - رحمه الله - کان قد نظم أبیات فی تقریظ (نهج البلاغة) ، فأملاها علی بعض تلامذته ، ضمن شرحه نهج البلاغة فکتب : قال السید دام علوه .. وأورد الأبیات ، وحین رأی الکنتوری عند تصفحه للکتاب فی نظرة خاطفة جملة (قال السید دام علوه) توهم أنه کلام الشارح ، ویرید به الشریف الرضی ، فبنی علی أنه شرح النهج فی حیاة الرضی ، فهو أول شراحه وهو معاصر الرضی!

ولم یتصفح الکتاب أکثر فیری أنه یحکی فیه عن الوبری ویحکی عن الراوندی - المتوفی سنة 573 ه - فی عدة مواضع معبرا عنه بقوله : قال بعض الشارحین ...

والنص الذی یحکیه هو لقطب الدین الراوندی موجود فی شرحه حرفیا ، ولربما کان علی بن ناصر أول شراح (نهج البلاغة) فی القرن السابع ، فإن الوبری والبیهقی والراوندیین والکیدری والماهابادی والفخر الرازی کلهم شراح (نهج البلاغة) فی القرن السادس.

والثانی أیضا لا یصح.

فإن الشریف المرتضی وإن کان قد شرح الخطبة الشقشقیة إلا أنه لم یثبت أنه أخذها من (نهج البلاغة) وشرح الخطبة التی فی النهج ، بل هو بنفسه کأخیه کان له طرق وأسانید إلی روایة خطب أمیر المؤمنین علیه السلام ، ورسائله وحکمه وشعره وغیر ذلک ، وکان له طرق وأسانید إلی روایة کتب الأقدمین ممن ألف کتبا مفردة فی جمع خطب أمیر المؤمنین ورسائله علیه السلام ، کالکلبی والواقدی وأبی مخنف والمدائنی وابن المدینی والسید عبد العظیم الحسنی وإبراهیم الثقفی والجلودی وغیرهم (1) فکان یرویها عن مشایخه کالشیخ المفید مثلا بطرقه

ص: 158


1- 1. راجع : تراثنا ، العدد الخامس ، ص 27 - 41.

وأسانیده إلی مؤلفیها کما کان یرویها أخوه الرضی وکما یرویها الشیخ الطوسی والنجاشی فی فهرستیهما (1).

والثالث أیضا خطأ.

فإن الشریف الرضی وإن کان تکلم علی بعض الفقر ، وفسر بعض الجمل ، إلا أن ذلک لا یعد شرحا علی (نهج البلاغة) ، بل (نهج البلاغة) اسم لهذا الکتاب المجموع ما احتواه من خطب ورسائل ونصوص وما یتبعه من تفسیر وشروح لغویة.

وهذا الوهم نشأ من تخیل أن (نهج البلاغة) اسم لخطب أمیر المؤمنین علیه السلام ، کما حدث مثله لابن تغری بردی فی النجوم الزاهرة ، حیث ترجم لابن نباتة فقال : وکان بارعا فی الأدب وکان یحفظ (نهج البلاغة) وعامة خطبه بألفاظها ومعانیها (2).

وابن نباتة توفی سنة 374 ه قبل أن یؤلف الرضی (نهج البلاغة) بستة وعشرین سنة ، فإنه فرغ من تألیفه فی رجب سنة 400 ه ، وتقدیره أنه حفظ (نهج البلاغة) قبل تألیفه بخمسین سنة ، وهذا یتوجه بتخیل أن (نهج البلاغة) اسم لخطب أمیر المؤمنین علیه السلام فیرید أنه کان یحفظ خطبه علیه السلام فعبر عنها ب (نهج البلاغة).

والرابع أیضا لا یصح.

فإن القطب الراوندی قد فرغ من شرحه علی (نهج البلاغة) أواخر شعبان

====

ترجم له الذهبی فی سیر أعلام النبلاء 16 / 321 وقال : الإمام البلیغ الأوحد ، خطیب زمانه ... صاحب الدیوان الفائق فی الحمد والوعظ ، وکان خطیبا بحلب للملک سیف الدولة ، وکان خطیبا مفوها ، بدیع المعانی ، جزل العبارة ، رزق سعادة تامة فی خطبه ...

أقول : والفضل کله یعود إلی حفظه لخطب أمیر المؤمنین علیه السلام ومواعظه.

ص: 159


1- 1. راجع تراجم هؤلاء المؤلفین فی فهرستی الشیخین الطوسی والنجاشی.
2- 2. النجوم الزاهرة 4 / 146 ، وابن نباتة هو عبد الرحیم بن محمد الفارقی ، ولد سنة 335 ، وتوفی سنة 374 ه.

سنة 556 ه ، والسید فضل الله الراوندی والإمام الوبری وظهیر الدین البیهقی فرید خراسان قد سبقوه إلی ذلک ، فقد فرغ البیهقی من شرح النهج سنة 552 ه ، وقد شرحه بعد السید فضل الله الراوندی والوبری ، فالراوندی - علی هذا - رابع الشراح لا أولهم.

والخامس ، وهو البیهقی أیضا لا یصح.

کما عرفت ، فالوبری کان قد شرح (نهج البلاغة) قبل البیهقی ، وهو ینقل فیه عن الوبری فی شرحه فی مواضع کثیرة.

والسادس أقربها إلی الصواب.

وهو أن یکون الوبری أول من شرح (نهج البلاغة) کما ظهر مما تقدم.

وأل من ذهب إلی هذا القول ونبه علیه ، هو العلامة الشیخ ضیاء الدین ابن یوسف الحدائقی الشیرازی (1).

وأنا أقول : ربما یکون أقدم الشراح وأولهم ، هو السید فضل الله الراوندی ، إذ نعلم أنه - رحمه الله - رحل من کاشان إلی بغداد لطلب العلم فی سن مبکرة ، وقرأ هناک علی أعلامها ، ووجد بها نسخة الأصل من (نهج البلاغة) بخط المؤلف الرضی - رحمه الله - فنسخ علیها نسخة لنفسه وفرغ منها فی ربیع الأول سنة 511 ه.

ثم أخذ یعلق علیه القیود والشروح ویفسر غریبه ویوضح مبهمه ، فکان أحد الشروح المذکورة فی الذریعة وغیره.

وعلی هذا یکون هذا الکتاب أقدم الشروح وأولها ، والسید أبو الرضا الراوندی أول الشراح ، فلنبدأ به قبل الوبری

ص: 160


1- 1. هو من نسل صاحب الحدائق ، توفی - رحمه الله - فی شیراز بعد عناء وبلاء أول شهر رجب سند 1408 ذکره فی : فهرست کتابخانه مدرسة عالی سبهسالار 2 / 123 ، المطبوع سنة 1358.

القرن السادس

(1)

شرح السید فضل الله الراوندی

هو السید الإمام ضیاء الدین تاج الإسلام علم الهدی أبو الرضا فضل الله ابن علی بن عبید الله بن محمد بن عبید الله بن محمد بن عبید الله بن الحسن ابن علی بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علی ابن أبی طالب (1) علیهم السلام الکاشانی الراوندی ، وراوند من قری کاشان (2).

من ألمع أعلام القرن السادس أستاذ أئمة عصره ، ترجم له معاصروه مع الاطراء الکثیر ، قال السمعانی فی الأنساب (القاسانی) : هذه النسبة إلی قاسان وهی بلدة عند قم ... دخلتها وأقمت بها یومین وأهلها من الشیعة ، وکان بها جماعة من أهل العلم والفضل .. وأدرکت بها السید الفاضل أبا الرضا فضل الله بن علی العلوی الحسنی القاسانی ، وکتبت عنه أحادیث وأقطاعا من شعره ، ولما وصلت إلی باب داره قرعت الحلقة وقعدت علی الدکة أنتظر خروجه ، فنظرت إلی الباب فرأیت مکتوبا فوقه بالجص : ( إنما یرید الله لیذهب

ص: 161


1- 1. کتب هذا بخطه بأول مخطوطة أمالی المرتضی سنة 568 ه ، الموجودة فی الإسکوریال ، رقم 145 ، المطبوعة صورتها بأول (الأمالی) طبعة أبو الفضل إبراهیم بالقاهرة ، وقد أجاز روایة الکتاب للحسین بن أبی عبد الله الخومجانی ، ووقع بأسفل الإجازة ، وسرد نسبه کله.
2- 2. قال یاقوت فی معجم البلدان : قاشان - بالشین المعجم وآخره نون - مدینة قرب أصبهان - وأهلها کلهم شیعة.

عنکم الرجس أهل البیت ویطهرکم تطهیرا ) ... (1).

وترجم له تلمیذه الآخر وهو الشیخ منتجب الدین ابن بابویه الرازی فی الفهرست ، رقم 334 ، وقال : علامة زمانه ، جمع مع علو النسب کمال الفضل والحسب ، وکان أستاذ أئمة عصره ، وله تصانیف ... شاهدته وقرأت بعضها علیه.

وأطراه معاصره نصیر الملة عبد الجلیل القزوینی فی کتاب النقض ، ص 198 ، عند کلامه علی کاشان ومدارسها العامرة ، ما معربه : کیف ومدرسها السید الإمام ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علی الحسنی. منقطع النظیر فی بلاد العالم فی علمه وزهده.

وترجم له العماد الکاتب فی خریدة القصر (قسم شعراء إیران) وقال : الشریف النسب ، المنیف الأدب ، الکریم السلف ، القدیم الشرف ، العالم العامل ، المفضل الفاضل ، قبلة القبول ، وعقلة العقول ، ذو الأبهة والجمال ، والبدیهة والارتحال ، الرائق اللفظ ، الرائع الوعظ ، متقن علم الشرع فی الأصل والفرع ، الحسن الخط والحظ ، السعید الجد ، السدید الجد ، له تصانیف کثیرة

====

قال أبو سعد السمعانی فی کتاب (الأنساب) : لما وصلت إلی کاشان ، قصدت زیارة السید أبی الرضا (المذکور) فلما انتهیت إلی داره وقفت علی الباب هنیئة أنتظر خروجه ، فرأیت مکتوبا بأعلی طراز الباب هذه الآیة المشعرة بطهارته وتقواه : (إنما یرید الله ...) فلما اجتمعت به رأیت منه فوق ما کنت أسمع عنه ، وسمعت منه جملة من الأحادیث ، وکتبت عنه مقاطیع من شعره.

أقول : وهکذا نقله السید الأمین فی أعیان الشیعة 8 / 3. وترجم له السمعانی فی ذیله علی تاریخ بغداد أیضا ، کما ذکر العماد الکاتب فی (الخریدة) ، قال : وذکره السمعانی فی مذیل تاریخ بغداد ، ونقلت من خطه ...

ص: 162


1- 1. والنص محرف فی المطبوع من الأنساب ، ونقل عنه قبل تحریفه السید علی خان المدنی ، ابن معصوم - المتوفی سنة 1120 ه - فی ترجمة الراوندی هذا من (الدرجات الرفیعة) فقال فی ص 506.

فی الفنون والعیون ، واعظ قد رزق قبل الخلق ، وفاضل أوتی سعة فی الرزق ، مقلی الکتابة ، صابی الإصابة ، عمیدی الاعتماد فی الرسائل ، صاحبی الصحبة لأهل الفضل.

حصلنا إبان النکبة بقاشان ... سنة 533 وأنا فی حجر الصغر ...

وأقمنا سنة نتردد إلی المدرسة المجدیة إلی المکتب ، وکنت أری هذا السید - أعنی أبا الرضا - وهو یعظ فی المدرسة والناس یقصدونه ویترددون إلیه ویستفیدون منه ... (1).

وممن ترجم له من غیر معاصریه : السید علی خان المدنی ابن معصوم ، فی الدرجات الرفیعة ، ص 506 ، قال : الإمام الراوندی علامة زمانه ، وعمد أقرانه ، جمع إلی علو النسب کمال الفضل والحسب ، وکان أستاذ أئمة عصره ، ورئیس علماء دهره ، له تصانیف تشهد بفضله وأدبه ، وجمعه بین موروث المجد ومکتسبه ...

أقول : کان - رحمه الله - علامة مشارکا فی جملة من العلوم ، أدیبا شاعرا ، فقیها ، محدثا ، رحل فی طلب العلم ولقی المشایخ الکبار فی بغداد وغیرها من البلاد ، وإلیک أسماء ..

شیوخه :

1 - أبو نصر الغازی ، أحمد بن عمر بن محمد الأصفهانی (448 - 532 ه).

2 - أبو العباس أحمد بن یحیی بن أحمد بن زید بن ناقة المسلی الکوفی

ص: 163


1- 1. نقله السید الأمین - رحمه الله - فی أعیان الشیعة ، عن مخطوطة (الخریدة) رآها فی بغداد ، ونقله المحدث الأرموی فی مقدمة دیوان الراوندی عن مخطوطة سبهسالار ، و (خریدة القصر) قسم شعراء إیران ، لم یطبع بعد ، ومنه مخطوطة فی مکتبة مدرسة سبهسالار (مطهری) فی طهران.

(477 - 559 ه).

3 - أبو الفتح ، وأبو الأسعد الإخشیدی ، إسماعیل بن الفضل بن أحمد ابن محمد بن علی ابن الإخشید الأصفهانی السراج ، المتوفی سنة 524 ه.

4 - الشیخ أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوریستی.

5 - الحسن بن أحمد بن الحسن ، أبو علی الحداد الأصفهانی (419 - 515 ه).

6 - المفید الثانی ، الشیخ أبو علی الحسن ابن شیخ الطائفة أبی جعفر محمد بن الحسن الطوسی.

7 - القاضی عماد الدین أبو محمد الحسن بن محمد الأسترآبادی ، قاضی الری.

8 - الشیخ أبو القاسم الحسن بن محمد الحدیقی.

9 - أبو عبد الله الحسین بن عبد الملک الخلال الأصفهانی الأثری الأدیب (443 - 532 ه).

10 - أبو عبد الله البارع الحسین بن محمد بن عبد الوهاب الحارثی ، ابن الدباس البغدادی الأدیب المقری (- 524 ه).

11 - أبو عبد الله الحسین بن المؤدب القمی.

12 - السید نجم الدین حمزة بن أبی الأغر علی بن الحسین العلوی الحسینی ، نقیب کربلاء.

13 - السید عماد الدین أبو الصمصام ذو الفقار النیسابوری الشحامی الشروطی المستملی (446 - 533 ه).

15 - السید ظفر بن الحسین ابن المظفر ، یروی عن الحسن بن جعفر الدوریستی.

ص: 164

16 - المفید أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله بن علی المقری الرازی ، فقیه الأصحاب بالری ، قرأ علیه قاطبة المتعلمین من السادة والعلماء.

17 - القاضی رکن الدین عبد الجبار بن علی بن عبد الجبار الطوسی ، نزیل کاشان.

18 - القاضی الإمام السعید زین الدین أبو علی عبد الجبار بن محمد ابن الحسن الطوسی - المتوفی فی شوال سنة 529 ه من تلامذة الشیخ الطوسی ، وکان قاضیا بکاشان ، وللسید أبی رضا قصیدة فی رثائه مثبتة فی دیوانه ، ص 43.

20 - أبو المحاسن الرویانی عبد الواحد بن إسماعیل بن أحمد الطبری (415 - 501 ه).

21 - أبو المظفر عبد الواحد بن حمد بن محمد بن شیدة السکری الأصفهانی.

22 - علی بن أبی طالب السیلقی الحسنی.

23 - علی بن الحسین بن محمد.

24 - الشیخ رکن الدین أبو الحسین علی بن علی بن عبد الصمد بن محمد التمیمی النیسابوری السبزواری ، أجاز له ولولدیه سنة 529 ه.

25 - أبو الحسین علی بن محمد بن عبد الرحیم بن دینار.

26 - أمین الإسلام أبو علی الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی ، المفسر ، مؤلف : مجمع البیان ، المتوفی سنة 548 ه.

27 - شیخ السادة أبو الحارث المجتبی بن الداعی بن القاسم الحسنی الرازی.

ص: 165

28 - أبو الفتح ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد النطنزی الکاشانی ، مؤلف کتاب : الخصائص العلویة علی سائر البریة (480 - 550 ه).

29 - أبو البرکات المشهدی ، ناصح الدین محمد بن إسماعیل الحسینی (457 - 451 ه).

30 - قطب الدین أبو جعفر محمد بن علی بن الحسن المقرئ النیشابوری.

31 - أبو الحسن (أبو جعفر) محمد بن علی بن عبد الصمد التمیمی النیسابوری.

32 - أبو جعفر محمد بن علی بن المحسن الحلبی.

33 - أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدی الفراوی النیسابوری (441 - 530 ه).

34 - أبو الفتح محمد بن محمد ابن الجعفریة الحائری.

35 - السید صفی الدین ، مقدم السادة ، أبو تراب المرتضی بن الداعی ابن القاسم الحسنی الرازی ، مؤلف : تبصرة العوام ، وغیره.

36 - أمین الدین أبو القاسم مرزبان بن الحسین بن محمد ، ابن کمیح.

37 - مکی بن أحمد المخلطی.

38 - هبة الله بن دعویدار القمی.

39 - أبو السعادات ابن الشجری ، هبة الله بن علی الحسنی البغدادی (450 - 542 ه).

40 - أبو جعفر ابن حسین بن محمد ، ابن کمیح ، أخو أبی القاسم المتقدم.

41 - أبو الحسین النحوی.

ص: 166

تلامذته والراوون عنه :

1 - ابنه السید کمال الدین أبو المحاسن أحمد.

2 - القاضی سدید الدین أبو محمد الحسن بن الحسین بن علی الدوریستی ، نزیل کاشان.

3 - أفضل الدین الحسن بن أبی عبد الله بن إبراهیم الخومجانی.

قرأ علیه أمالی المرتضی فأجاز له روایته فی رجب سنة 568 ه ، فی مخطوطة الإسکوریال الموجودة صورتها فی مقدمة أمالی المرتضی طبعة أبو الفضل إبراهیم.

4 - أبو علی الحسن بن طارق بن الحسن بن عوف الحلبی ، التاجر الشاعر ، الأدیب ، المعروف بابن الوحش. بغیة الطلب فی تاریخ حلب 5 / 2405.

5 - نصیر (ناصر) الدین أبو إبراهیم راشد بن إبراهیم بن إسحاق بن إبراهیم بن محمد البحرانی ، المتوفی سنة 605 ه.

6 - أبو حفص زید بن علی بن محمد بن قشام الحلبی. بغیة الطلب 2406.

7 - وجیه الدین فخر العلماء أبو علی عبد الجبار بن الحسین بن أبی القاسم.

قرأ علیه (خصائص الأئمة) للشریف الرضی ، فأجاز له روایته فی ذی القعدة سنة 555 ه ، کما فی مخطوطه رامبور.

8 - أبو سعد السمعانی عبد الکریم بن محمد بن منصور المروزی ، صاحب (الأنساب) المتوفی سنة 563 ه.

9 - نجم الدین عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسی بن جعفر الدوریستی ، ترجم له الصفدی فی الوافی بالوفیات 17 / 102.

ص: 167

10 - نصیر الدین أبو طالب عبد الله بن حمزة بن عبد الله بن حمزة بن الحسن بن علی الشارحی الطوسی.

11 - أبو نصر علی بن أبی سعد بن الحسن بن أبی سعد الطبیب.

12 - عماد الدین أبو الفرج علی بن قطب الدین سعید بن هبة الله الراوندی.

13 - السید تاج الدین أبو تراب علی بن عبد الله بن علی بن عبد الله بن أحمد بن حمزة الجعفری الزینبی القزوینی.

والجعفریون أسرة شیعیة علمیة فی قزوین من ذریة جعفر الطیار علیه السلام ، ذکرهم الرافعی فی (التدوین) وترجم الشیخ منتجب الدین فی (الفهرست) لتاج الدین هذا ولأبیه ، ولجده ولجد أبیه ولجد جده ، وقال عنه : قرأ سنین علی السید الإمام ضیاء الدین ...

15 - السید عز الدین أبو الفضائل علی بن فضل الله الراوندی. ابن السید أبی الرضا.

16 - زین الدین أبو جعفر محمد بن أبی نصر بن محمد بن علی القمی.

وصفه أستاذه الراوندی فی خطبة شرح الحماسة بقوله : فتای وربیبی وسیدی وحبیبی ...

17 - وجیه الدین محمد بن الحسن الطوسی ، والد المحقق نصیر الدین الطوسی ، وابن أخت نصیر الدین عبد الله بن حمزة الطوسی الشارحی ، المتقدم برقم 9.

18 - السید ناصر الدین أبو المعالی محمد بن عز الدین أبی عبد الله الحسین بن المنتهی ابن الحسین الحسینی المرعشی ، أجاز له علی أمالی المرتضی کما فی خاتمة المستدرک.

19 - ناصر الدین محمد بن الحسین الحمدانی.

ص: 168

20 - القاضی فخر الدین محمد بن خالد الحنفی الأبهری.

21 - رشید الدین أبو جعفر محمد بن علی بن شهرآشوب السروی المازندرانی ، المتوفی سنة 588 ه.

22 - برهان الدین محمد بن محمد بن حمدان الحمدانی القزوینی ، نزیل الری.

23 - قوام الدین محمد بن محمد البحرانی.

24 - تاج الدین محمد بن محمد الشعیری.

المدرسة المجدیة :

وبنی - رحمه الله - فی کاشان مدرسة عظیمة ، ضخمة فخمة ، بذل نفقاتها ، وأنفق علی طلابها وساکنیها الوجیه الخیر مجد الدین أبو القاسم عبید الله بن الفضل بن محمد ، فسمیت المدرسة المجدیة باسمه ، وقال معاصروه عبد الجلیل الرازی فی کتاب النقض ، ص 198 ، فی حدیثه عن کاشان ومدارسها العامرة وبهجتها ، کالمدرسة المجدیة والصفویة والشرفیة والعزیزیة ، قال ما معربه : کیف ومدرسها السید الإمام ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علی الحسینی ، عدیم النظیر فی البلاد فی علمه وزهده وغیره من الأئمة والقضاة وکثرة الفقهاء والمقرئین.

وقال السید علی خان المدنی فی الدرجات الرفیعة - ص : 506 - : له مدرسة عظیمة بکاشان لیس لها نظیر علی وجه الأرض ، یسکنها من العلماء والفضلاء والزهاد والحجاج خلق کثیر ، وفیها یقول ارتجالا [علی المنبر] :

ومدرسة أرضها کالسماء

تجلت علینا بآفاقها

کواکبها عز أصحابها

وأبراجها عز أطباقها

وصاحبها الشمس ما بینهم

تضئ الظلام بإشراقها

فلو أن بلقیس مرت بها

لاهوت لتکشف عن ساقها

ص: 169

وظنته صرح سلیمان إذ

یمرد بالجن حذاقها (1)

ونقل الراوندی إلیها دروسه ومجالس وعظه وتذکیره ، فکان یؤمها الطلبة وغیرهم من کل وجه ، فکانت عامرة صورة ومعنی بوجوده وإفاداته ودروسه ومواعظه.

قال العماد فی (الخریدة) - وکان فی صغره فترة فی کاشان هو وأخوه - : وأقمنا سنة نتردد إلی المدرسة المجدیة إلی المکتب ، وکنت أری هذا السید - أعنی أبا الرضا - وهو یعظ فی المدرسة ، والناس یقصدونه ، ویردون إلیه ، ویستفیدون منه ...

مؤلفاته :

قال المحدث النوری فی ترجمة الراوندی فی خاتمة المستدرک 3 / 324 : وله تصانیف تشهد بفضله وأدبه ، وجمعه بین موروث المجد ومکتسبه ....

فأولها :

شرح نهج البلاغة

تقدم أنه - رحمه الله - وقف فی بغداد علی نسخة الأصل من (نهج البلاغة) بخط مؤلف الشریف الرضی ، فنسخ علیها نسخة لنفسه ، وفرغ منها فی ربیع الأول سنة 511 ه ، ثم بدأ یقرأه ویقرأ علیه ویقابل ویروی ویجیز ویعلق التعالیق ویشرح الکلمات والجمل ویفسر غریبه ویوضح مشکله ، دائبا علی ذلک أکثر من نصف قرن ، حتی أصبحت التعالیق شرحا من شروح نهج البلاغة ، وعدت من شروحه ، وربما کان أولها وأقدمها.

قال بعض (2) تلامذة العلامة المجلسی فی کتابه إلیه : (وشرحا النهج

ص: 170


1- 1. دیوان الراوندی : 198.
2- (16) هو ملا ذو الفقار الأصفهانی ، وکتابه هذا الذی أرسله إلی العلامة المجلسی - رحمه الله -

للراوندیین ...) والراوندی الثانی ، هو القطب الراوندی له : (منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة) یأتی برقم 4.

وذکره شیخنا - رحمه الله - فی شروح النهج ، فقال فی الذریعة 14 / 143 : شرح النهج للسید الإمام ضیاء الدین أبی الرضا فضل الله بن علی ...

ونسخ علیه منذ عهد المؤلف عدة نسخ وبقی حتی القرن الثامن ، حین اعتمده ابن العتایقی فی شرحه علی نهج البلاغة.

وظفر به أحمد بن أبی طالب بلکو - من تلامذة العلامة الحلی - فنسخ علیه نسخة لنفسه سنة 723 ه ، وکتب محمد صادق بن محمد شفیع الیزدی علی نسخة ابن بلکو نسخة لنفسه فی سنة 1132 ه ، وهذه النسخة هی الآن فی مکتبة السید المرعشی العامة فی قم ، رقم 273.

2 - نسخة کتبت سنة 1059 ه ، فی مکتبة المتحف العراقی ، من کتب الدکتور محفوظ.

وإلیک سائر مؤلفاته :

1 - الکافی فی التفسیر ، رواه العلامة الحلی فی إجازته لبنی زهرة عن والده عن السید صفی الدین [ابن] معد (1) عن المؤلف ، مما یبدو أنه کان موجودا فی القرن الثامن.

2 - الأربعین فی الأحادیث ، وسماه السید ابن طاوس : سنة الأربعین.

3 - الموجز الکافی فی العروض والقوافی.

====

2. روایة ابن معد - المولود سنة 573 - عن السید فضل الله الراوندی تعد مرسلة قد سقط الواسطة بینهما.

3. وفی مکتبة الوزیری العامة فی مدینة یزد رسالة فی العروض لملک العلماء والفضلاء ..

ص: 171


1- أدرجه المجلسی فی آخر کتابه (بحار الأنوار) فطبع فیه فی ج 110 / 168.

4 - نظم العروض للقلب المروض.

5 - ترجمة العلوی للطب الرضوی ، هو ترجمة فارسیة للرسالة الذهبیة فی التعلیمات الطبیة المرویة عن الإمام الرضا علیه السلام ، والنص العربی مطبوع غیر مرة ، والترجمة لم نعثر علیها.

6 - مقاربة الطیة إلی مقارنة النیة.

7 - رمل یبرین.

ذکره العماد الکاتب فی (خریدة القصر) فی ترجمة المؤلف وأنه رآه بخطه عند ابنه السید کمال الدین أحمد فی أصفهان ، قال : یشتمل علی مجلدات کثیرة ، وفوائد غزیرة ، جمعها بخطه ...

8 - المدائح المجدیة.

هو مجموعة شعریة فی عدة مجلدات ، وهی ما قیل فی مدح مجد الدین (1) أبی القاسم عبید الله بن الفضل بن محمود الکاشانی - المتوفی

====

کثیرا من المدن ، وزوج بنات کثیرة ربما بلغت الألفین ، وجهزها من ماله ، وبیته من وجوه بیوت الشیعة ، فیهم النعمة والثروة والتقدم والوجاهة ، وقصده الشعراء الفرس والعرب ومدحوه بقصائدهم ، منهم : الأرجانی وأبو المظفر الأبیوردی ، وللسید أبی الرضا فیه مدائح کثیرة وقصائد عدة مثبتة فی (المدائح المجدیة) وبعضها فی دیوانه المطبو�2. ونقل فیه - ص 111 - بعض قصائده من المجلد الخامس من (المدائح المجدیة) مما یبدو أنه خمس مجلدات أو أکثر ، ولا ندری هل جمع فیه السید ما قاله هو وحده فی مدح مجد الدین ، أو أدرج فیه قصائد لغیره أیضا.

(19) وکان من أثریاء عصره ، آتاه الله ثروة طائلة ، وحبب إلیه فعل الخیرات ووفقه لها ، فبنی لکاشان سورا یصد عنها هجمات العدو ، وحفر لها نهرا یکفیها ویکفی مزارعها ، بنی للسید أبی الرضا مدرسة عامرة ضخمة فخمة سمیت بالمدرسة المجدیة ، وبذل علیها أموالا طائلة ، وأعان الفقراء والسادات والعلماء والطلبة ، وبنی مساجد وقناطر وخانات ، وحفر أنهارا ، وعم أفضاله کثیرا من المدن ، وزوج بنات کثیرة ربما بلغت الأربعین الألفین ، وجهزها من ماله ، وبیته من وجوه بیوت

ص: 172


1- أفضل الدین فضل الله الکاشانی رقم 1200 ذکرت فی فهرسها 3 / 894 وأظنها هی الموجز الکافی هذا.

6 جمادی الآخرة سنة 535 ه صاحب المدرسة المجدیة والمتفق علیها - من قصائد.

9 - کتاب النوادر.

هو کتاب صغیر فی الحدیث ، ذکره شیخنا - رحمه الله - فی الذریعة 24 / 337 ووصف له عدة نسخ ، وطبع فی النجف الأشرف ، فی المطبعة الحیدریة سنة 1370 ه.

10 - أدعیة السر.

وهی 31 دعاء لمختلف الحاجات ، أکثر نسخها تبدأ روایتها بالسید أبی الرضا فنسبت إلیه ، وبعض نسخها روایة شیخه الشیخ أبی علی ابن الشیخ الطوسی بإسناد آخر ، کما ذکره شیخنا فی الذریعة 1 / 397 ، وفیه أن الکفعمی أدرجها فی کتابه (البلد الأمین) والعلامة المجلسی فی (بحار الأنوار) والمحدث الحر فی (الجواهر السنیة فی الأحادیث القدسیة) فهی مطبوعة ضمن هذه الکتب ، وقال : فی أمل الآمل 2 / 217 : عندنا لها نسخة.

ومن مخطوطاتها نسخة خزائنیة فی مکتبة أمیر المؤمنین علیه السلام فی النجف الأشرف ، رقم 1038 ، وأخری فی مکتبة المرعشی ، رقم 499 ، وثانیة فیها فی المجموعة رقم 2644 ذکر لها السید محمد صالح الحسینی أسانید ثلاثة.

ونسخة مترجمة خلال السطور فی مکتبة المسجد الأعظم فی قم ، فی

====

الشیعة ، فهیم النعمة والثروة والتقدم والوجاهة ، وقصده الشعراء الفرس والعرب ومدحوه بقصائدهم ، منهم : الأرجانی وأبو المظفر الأبیوردی ، وللسید أبی الرضا فیه مدائح کثیرة وقصائد عدة مثبتة فی (المدائح المجدیة) وبعضها فی دیوانه المطبو�1. ونقل فیه - ص 111 - بعض قصائده من المجلد الخامس من (المدائح المجدیة) مما یبدو أنه خمس مجلدات أو أکثر ولا ندری هل جمع فیه السید ما قاله هو وحده فی مدح مجد الدین ، أو أدرج فیه قصائد لغیره أیضا.

ص: 173

المجموعة رقم 3952 / 4 ، ذکرت فی فهرسها ص 648 ، ونسخة فی مکتبة المجلس - رقم 2 (مجلس سنا) فی المجموعة رقم 603 / 13 ذکرت فی فهرسها 1 / 391.

11 - الحماسة ذات الحواشی.

بهذا العنوان ذکره الشیخ منتجب الدین تلمیذ المؤلف فی الفهرست ، فی ترجمة المؤلف برقم 334 ، وقال : شاهدته وقرأت بعضها علیه) ، وهو شرحه علی حماسة أبی تمام ، وکان علق علیها بهوامش نسخته تعلیقات وشروح (1).

منها مخطوطة فریدة من القرن السابع ، فی المتحف البریطانی رقم OR 19 ، فی 294 ورقة ، ناقصة من أولها ورقة ، صورت علیها فی رحلتی الأولی سنة 1404 ه.

12 - الحاشیة علی أمالی المرتضی.

ذکرها شیخنا - رحمه الله - فی الذریعة 6 / 151 ، وقال : قال فی الریاض : له تعلیقات کثیرة علی الغرر والدرر ، رأیتها بخطه ، وعلی ظهر النسخة أیضا بخطه المتوسط [فی الجودة] إجازة للسید ناصر الدین بن أبی المعالی محمد (2).

13 - کتاب الدعوات.

منه مخطوطة فی مکتبة المجلس ، فی طهران منضمة إلی (ضوء

ص: 174


1- 1. قال فی دیباجتها : بحواش علقتها علی نسخة منه بخطی من شرح أبوی علی المرزوقی والأسترآبادی وأبی الحسن البیاری وأبی عبد الله النمری وأبی الفتح ابن جنی ، ونسخة الأمیر أبی الفضل المیکالی ، ومن مواضع أخر ، وإن لاح فیه لائح کتبت ، غیر مستبعد أن یکون الأول قد ترک للآخر شیئا ، فلمحها فی یدی فتای وربیبی وسیدی وحبیبی الشیخ الأدیب الأریب أبو جعفر محمد بن أبی نصر بن محمد المکتب القمی .. وقال : أنقل حواشیها لتکون شرحا یحصل منه المقصود ...
2- 2. ریاض العلماء 4 / 371.

الشهاب) ، رقم 1240 ، کتبت سنة 1319 ه.

وطبع فی قم من منشورات مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، سنة 1407 ه.

14 - ضوء الشهاب.

هو شرح (شهاب الأخبار) للقاضی القضاعی - المتوفی سنة 454 ه - ذکره الشیخ منتجب الدین فی الفهرست ، وذکره المحدث النوری فی خاتمة المستدرک - ص 324 - وقال فی کلامه عن الراوندی : وهو صاحب (ضوء الشهاب) الذی أکثر النقل عنه فی البحار ، ویظهر منه کثرة تبحره فی اللغة والأدب ، وعلو مقامه فی فهم معانی الأخبار ، وطول باعه فی استخراج مآخذها.

وذکره شیخنا - رحمه الله - فی الذریعة 15 - 120 ، قال إن منه نسخة فی مکتبة حالت أفندی بإسلامبول. وحکی عن العلامة المجلسی قوله : إنه کتاب شریف مشتمل علی فوائد جمة خلت منها کتب الخاصة والعامة.

أقول : ومنه مخطوطة فی مکتبة عاطف أفندی فی إستانبول ، رقم 593.

وأخری ناقصة فی مکتبة ملک العامة فی طهران ، رقم 5696 ، فی 230 ورقة ، کتبت فی القرن الثالث عشر عن مخطوطة کتبت سنة 560 ، ذکرت فی فهرسها 1 / 488.

ونسخة رابعة فی مکتبة المجلس ، رقم 1240 ، کتبت سنة 1319 ه ، ذکرت فی فهرسها 4 / 43 ، وعنها مصورة فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم الفلم 2273 ، ذکرت فی فهرس مصوراتها 1 / 351.

دیوانه :

یبدو أن شعره مجموع فی حیاته ، فکثیر من قصائده أدرجها فی کتابه (المدائح المجدیة) وقد تحدثنا عنه.

وله دیوان آخر عمله هو بنفسه ، رآه العماد الکاتب الأصفهانی فی

ص: 175

أصفهان بخطه عند ابنه السید کمال الدین أبی المحاسن أحمد.

قال فی (خریدة القصر) فی ترجمة سیدنا الناظم : وبعد عودی إلی أصفهان بسنتین اجتمعت بولده السید کمال الدین أحمد ... ووجدت معه دیوانه بخطه ...

وأثنی علیه السید علی خان المدنی ، ابن معصوم ، فی (الدرجات الرفیعة) ص 507 ثناء بلیغا یأتی نصه بعد أسطر.

والذی یبدو أن له - رحمه الله - أکثر من دیوان ، وأن ما نظمه فی المناسبات المذهبیة والأغراض الدینیة ، وقصائده فی أهل البیت علیهم السلام مدحا ورثاء مجموع فی دیوان خاص لم یصلنا ، وهذا الذی وصل إلینا جمع فیه ما نظمه فی غیرهم ، ولم یستوعب هذا النوع أیضا ، وربما لم یدرج فیه بعض القصائد کاملة کما هو لائح علی الدیوان المطبوع.

مخطوطة الدیوان :

هناک مخطوطة فریدة للدیوان مکتوبة فی القرن الثامن ، تحتفظ بها المکتبة الوطنیة (کتابخانه ملی) فی طهران ، برقم 109 ، ومعه (درر النحور) للصفی الحلی ، ذکرت فی فهرسها 7 / 99.

طبعته :

وعلی هذه المخطوطة الفریدة ، حققه الباحث الفاضل السید جلال الدین المحدث الأرموی وعلق تعالیق قیمة ، وقدم له مقدمة ضافیة ، ونشره فی طهران سنة 1374 ه.

نماذج من نظمه :

کان - رحمه الله - أدیبا متضلعا فی الأدب ، بلیغا متمکنا من البلاغة ،

ص: 176

شاعر قویا فی النظم ، له دیوان مطبوع.

أطراه الأدیب الکبیر السید علی خان المدنی ابن معصوم - وناهیک به - فی (الدرجات الرفیعة) ص 507 ، فقال : ولقد وفقت علی دیوان هذا السید الشریف ، فرأیت ما هو أبهی من هرات الربیع ، وثمرات الخریف ، فاخترت منه ما یروق سماعه لأولی الألباب ، ویدخل إلی المحاسن من کل باب ، فمن ذلک قوله :

سفرت لنا فی طلعة البدر

إحدی الخرائد من بنی بدر

فأجل قدر اللیل مطلعها

حتی تراءت لیلة القدر

لو أنها کشفت لآلئها

من قولها والعقد والثغر

لأضاءت الدنیا لساکنها

واللیل فی باکورة العمر

حتی یظن الناس أنهم

هجم العشاء بهم علی الفجر

وحدیثها سحر إذا نطقت

لو کان طعم الشهد للسحر

وجبینها بدر التمام إذا

حاذاک لولا کلفة البدر

وشمیمها المسک الفتیق وما

للمسک فغمة ذلک العطر

ومنها :

یا لائمی کف الملام فقد

غلب الغرام بها علی الصبر

فوحق فاحمها الأثیث وهل

فی ذلکم قسم لذی حجر

إنی إلی معسول ربقتها

أظما من الصادی إلی القطر

عهدی بنا والوصل یجمعنا

کاللوز توأمتین فی قشر

إلی آخر القصیدة ، وهی مثبتة فی دیوانه : 92 : 94.

وقد أورده السید علی خان المدنی - رحمه الله - فی باب الانسجام من کتابه أنوار الربیع 4 / 159 معجبا بها ، وقال فی ص 160 عن البیت الأخیر

ص: 177

- کاللوز توأمتین فی قشر - : هذا تشبیه لیس له فی اللطف شبیه ، وهو معنی بکر ، لم یفتضه قبل فکر ...

ومن قوله - رحمه الله - من قصیدة علی قافیة الضاد ، وهی أصعب القوافی :

آه لبرق أومضا

هاج غرامی ومضی

کأنه لما بدا

لمع سیوف تنتضی

أو التواء حیة

قتلته فنضنضا

ویا لریح نسمت

من ساکنی ذات الاضا

مریضة لم تستطع

من ضعفها أن تنهضا

فاحتبت علی الربی

وکل نبت روضا

حتی غدت لطیمة

مفضوضة علی الفضا

یا برق یا ریح معا

ترکتمانی حرضا

ما لکما أوقدتما

علی الحشا جمر الغضا

وا أسفا علی الصبا

أکان دینا یقتضی

عاد برغم معطسی

ذاک الغداف أبیضا

وعاد حقی باطلا

وعاد جسمی غرضا

لهفی علی عهد الصبا

أفلت عنی وانقضی

جاز علیه الشیب لما

أن قضی فلا قضی

أظلمت الدنیا علی

عینی لما أن أضا

من الذی أشکو إذا

صار الطبیب ممرضا

آه علی شبیبة

بنیانها تقوضا

لأقصرن خاطری

إذا شدا أو قرضا

علی مراثیها فقد

أبقت بقلبی مرضا

ص: 178

إلی تمام 34 بیتا مثبتة فی دیوان ص 40 - 42 ، وأورد منها السید علی خان هذه الأبیات فی الدرجات الرفیعة : 508 ، وفی أنوار الربیع 4 / 160.

وله وقد رمدت عینه :

یا ناظری إلیکما

واستبقیا دمعیکما

أما الشؤون فقد وهت

والشأن فی شانیکما

أعزز علی بأننی

بکما بکیت علیکما

وقال ابن شهرآشوب فی کتابه مناقب آل أبی طالب 1 / 386 : وأنشد [نی] أبو الرضا الحسنی لنفسه :

یا رب مالی شفیع یوم منقلبی

إلا الذین إلیهم ینتهی نسبی

المصطفی وهو جدی ثم فاطمة

أمی وشیخی علی الخیر فهو أبی

والمجتبی الحسن المیمون غرته

ثم الحسین أخوه سید العرب

ثم ابنه سید العباد قاطبة

وباقر العلم مکشوف عن الحجب

والصادق البر فی شئ یفوه به

والکاظم الغیظ فی مستوقد الغضب

ثم الرضا المرتضی فی الخلق سیرته

ثم التقی نقیا غیر ما کذب

ثم النقی ابنه والعسکری وما

لی فی شفاعة غیر القوم من إرب

ثم الذی یملأ الدنیا بأجمعها

عدلا وقسطا بإذن الله عن کثب

وتشرق الأرض من لألاء غرته

کالبدر یطلع من داج من السحب

وله - رحمه الله - شعر أورده ابن شهرآشوب فی ص 387 :

ألا یا آل أحمد یا هدایتی

لقد کنتم أئمة خیر أمه

أرادکم الحسود بکید سوء

فأصبح ما أراد علیه غمه

ص: 179

یرید لیطفئ النور المصفی

ویأبی الله إلا أن یتمه (1)کذا فی أعیان الشیعة ، وفی دیوان الشاعر ، ص 64 :

بنی الزهراء إنکم الأئمة

وفی أیدیکم منا الأزمة

البیت الأول ، ولعلها کانت الأبیات أربعة ، وأورد ابن شهرآشوب فی کتاب مناقب آل أبی طالب 4 / 334 منها البیتین الأخیرین. (2)

وله أیضا - رحمه الله - :

محمد خیر مبعوث وأفضل من

مشی علی الأرض من حاف ومنتعل

من دینه نسخ الأدیان أجمعها

ودور ملته عفا علی الملل

ثم الإمامة مهداة مرتبة

من بعده لأمیر المؤمنین علی

من بعده ابناه وابنا بنت سیدنا

محمد ثم زین العابدین علی

والباقر العلم عن أسرار حکمته

والصادق البر لم یکذب ولم یحل

والکاظم الغیظ لم ینقض مروته

ثم الرضا لم یفه والله بالزلل

ثم التقی متی عاف الأنام معا

قولا وفعلا فلم یفعل ولم یقل

ثم التقی ابنه والعسکری ومن

یطهر الأرض من رجس ومن دخل

القائم العدل والحاکی بطلعته

طلوع بدر الدجی فی دامس الطفل

تنشق ظلمة ظلم الأرض من قمر

إشراق دولته یأتی علی الدول

ومن أعلام أسرته :

أبوه :

توفی أبوه السید علی یوم الأربعاء 28 رجب سنة 531 ه ، فرثاه بقصیدة بائیة مثبتة فی دیوانه ص 67 ، أولها :

هو الدهر لا عتب علیه ولا عتبی

فدعه عن العتبی وإیاک والعتبا

ومات عمه السید أبو المحاسن أحمد فی یوم الجمعة 13 شوال سنة

ص: 180


1-
2-

524 ه ، فرثاه بقصیدة رائیة مثبتة فی دیوانه ص 21 ، أولها :

أما والرزق تخطر وهی سمر

وبیض الهند تقطر وهی حمر

أبناؤه :

وکان له ثلاثة أولاد علماء ، فضلاء ، فقهاء ، أدباء ، شعراء ، قضاة ، وهم : 1 - السید تاج الدین أبو الفضل محمد.

ترجم له معاصره الشیخ منتجب الدین فی الفهرست ، برقم 453 ، وقال عنه : فقیه : فاضل.

2 - السید عز الدین أبو الحسن علی.

ترجم له الشیخ منتجب الدین فی الفهرست ، برقم 278 ، وقال : فقیه ، فاضل ، ثقة ، له کتاب (حسیب النسیب للحسیب النسیب) ، کتاب (غنیة المتمنی ومنیة المتهنی) ،

کتاب (مزن الحزن) ، کتاب (غمام الغموم) ، کتاب (نثر اللآلی لفخر المعالی) ، کتاب (مجمع اللطائف ومنبع الظرائف) ، کتاب (الطراز المذهب فی إبراز المذهب) ، تفسیر القرآن ، لم یتمه.

أقول : کتابه (الحسیب النسیب) هو ألف بیت فی الغزل والنسیب مما نظمه السید عز الدین أبو القاسم یحیی بن محمد علی بن المطهر ، نقیب الطالبیین بالعراق.

منه نسخة کتبت سنة 656 ه ، فی المجموعة رقم 4047 ، فی مکتبة المرعشی فی قم ، ذکرت فی فهرسها التراث العربی 2 / 403.

وللمؤلف کتاب (إرشاد المسلمین فی شرح کلمات أمیر المؤمنین علیه السلام) وهو شرح (نثر اللآلی).

منه مخطوطة فی مکتبة خدا بخش ، فی بتنه بالهند ، رقم 2037.

ومن مؤلفاته مجموعة شعریة مما نظمه هو ، رآها ابن الفوطی بخطه الرائق من شعره الفائق ، وربما تعد دیوان شعره.

ص: 181

فقد ترجم له ابن الفوطی فی تلخیص مجمع الآداب 1 / 255 بلقبه عز الدین ، ووصفه بالکاتب ، وقال : من سلالة السادات النجباء وأولاد النقباء ، رأیت له مجموعة قد کتبها بخطه الرائق من شعره الفائق ، کتب إلی بعض إخوانه :

بأی لسان أم بأی بیان

یبین بنانی ما یجن جنانی

لعمری بقلبی أنتم غیر أنکم

جفوتم وقلبی عندکم فجفانی

وترجم له السید علی خان المدنی ، ابن معصوم ، فی (الدرجات الرفیعة) عقیب ترجمة أبیه ، ص 511 ، فقال : ابنه السید الإمام أبو الحسن علی ... هو شبل ذلک الأسد ، وسالک نهجه الأسد ، والعلم ابن العلم ، ومن یشابه أبه فما ظلم ، کان سیدا عالما ، فاضلا ، فقیها ، ثقة ، أدیبا ، شاعرا ، ألف وصنف ، وقرط بفوائده الأسماع وشنف ، ونظم ونثر ، وحمد منه العین والأثر ، فوائده فی فنون العلم صنوف ، وفرائده فی آذان الدهر شنوف ، ومن تصانیفه تفسیر کلام الله المجید ... ومن نظمه المزری بعقود الجواهر ... فذکر 10 أبیات وقوله أیضا :

ذکرتکم والشهب رزحی من السری

وکف الثریا للغروب تشیر

وقد نشرت صدغ الظلام ید الدجی

فلم یبق من صدغ الظلام ضفیر

فقلت لندمانی قوما فعالجا

فؤادا یسیر الوجد حیث یسیر

إلی تمام سبعة أبیات ...

وقوله أیضا :

سلام عذبات رامة بل رباها

سلاها لا عدمتکما سلاها

أنازحة فراجعة سلمی

إلیک أم استقر بها نواها

ص: 182

وهی ثمانیة أبیات ، وبعدها مقطوعتان کل منهما خمسة أبیات ، ثم قال : وشعره کله علی هذا الأسلوب الذی یملک المسامع ویسترق القلوب.

أقول : ومن شعره ما نظمه فی إطراء (نهج البلاغة) وقد تقدم فی العدد السابق ص 66 ، وفی العدد الخامس ص 21.

3 - الثالث من أبناء الراوندی ، هو السید کمال الدین أبو المحاسن أحمد ابن فضل الله الحسنی ، کان عالما فاضلا ، أدیبا شاعرا ، تولی القضاء بکاشان ، وسکن فترة فی أصفهان ، ترجم له معاصره منتجب الدین ابن بابویه فی الفهرست برقم 37 ، ووصفه بالعلم والفضل ، وترجم له معاصره الآخر وصدیقه وجاره فی أصفهان العماد الأصفهانی فی (خریدة القصر) (1) فی ترجمة أبیه الإمام الراوندی ، فقال : وبعد عودی إلی أصفهان بسنتین اجتمعت بولده السید کمال الدین أحمد وحصلت بیننا مودة وطیدة ، وصداقة وکیدة ، وأنسة بسبب الفضل الجامع ، ومحاورة لأجل الجوار الواقع ...

وقال : کان شابا یتوقد ذکاء ، محبوب الشکل ، عزیز المثل ، غزیر الفضل ، طالما أنسنا بفوائده ، واقتبسنا من فرائده ، وتجارینا فی حلبة الأدب ، وتجاذبنا أعنة الإرب ، وأجلنا قداح الآراء ، وجلونا أقداح الآلاء ، وهو شریف الفطرة ، کریم النشأة ، لطیف العشرة ، متقد الفطنة ، حلو الفکاهة ، خلو من السفاهة ، وهو یتردد فی کل سنة إلی أصبهان من قاشان ، مرة أو مرتین ، ویتحفنا من رؤیته وروایته بکل مرة للقلب وقرة للعین ، ومضی شیخنا عبد الرحیم ابن الأخوة فی بعض السنین إلی قاشان فکتب إلیه أو إلی والده :

قد جئت مرات إلی جینا

فقاسنا یوما بقاسان

====

2. جی : اسم قدیم لأصفهان.

ص: 183


1- (23) فی ترجمة أبیه السید فضل الله الراوندی ، من قسم شعراء إیران ، وهذا القسم لا زال مخطوطا لم ینشر!

إلی أن قال :

وإنی أذکر یوما وقد تناشدنا رباعیة عجمیة یتکلف کل منا الفکر فی تعریبها ، وسبکها علی ترتیبها ، وستعرف معناها بما نلمحه من الأبیات ، فممن عربها السید کمال الدین أحمد بن فضل الله بقوله :

إنی لأحسد فیه المشط والمنشفة

لذاک فاضت دموع العین مختلفه

هذا یعلق فی صد غیه أنمله

وذی تقبل رجلیه بألف شفه

إلی آخر الترجمة.

وترجم له ابن الفوطی فی (تلخیص مجمع الآداب) فی حرف الکاف ، بلقبه کمال الدین ، رقم 250 ، وحکی موجز کلام العماد وأورد له هذه الرباعیة.

ویبدو أن الراوندی کان شدید الحب لأنه هذا وإیاه خاطب فی قوله :

أقرة عینی إننی لک ناصح

وإن سبیل الرشد دونک واضح

أقرة عینی لا تغرنک المنی

فما هن إلا قاصمات جوامح

إلی تمام العشرة أبیات المثبتة فی دیوانه ص 188 ، وفی الدیوان أیضا ص 183 : وکتب إلی ولده أبی المحاسن أحمد بأصفهان وهی خمسة عشر بیتا :

البین فرق بین جفنی والکری

والبین أبکانی نجیعا أحمرا

دمعی دم مذ صعدته حرقتی

سلبته حمرته فسال مقطرا

کالورد أحمر ثم إن قطرته

خلع الرداء وعاد أبیض أزهرا

وفیه فی ص 194 : وکتب إلی ولده أحمد فی جواب کتاب له ، وهی خمسة أبیات :

وصل الکتاب وکان أکرم واصل

وقبلته فی الحال أفرح قابل

ص: 184

وفیها أیضا :

وحیاة رأسک أیها الولد

لا أستطیع أبث ما أجد

فارقتنی فأقام فی جسدی

کمد تقطع دونه الکبد

فارجع فدیتک مسرعا عجلا

رحل العزاء وأعوز الجلد

والیوم موعده القریب فإن

لم یتجه إنجازه فغد

وقال ملغزا فی أحمد :

أقبل کالبدر فی مدارعه

یشرق فی السعد من مطالعه

أوله ربع عشر ثالثه

وربع ثانیه جذر رابعه

ومن أعلام الأسرة سبطه الجعفری ، وهو :

الحسن بن محمد بن عبد الله بن علی الجعفری ، سبط الإمام أبی الرضا الراوندی ، هکذا کتب اسمه ونسبه ونسبته علی ظهر کتاب (نهج البلاغة) کتبه بخطه الجید ، وفرغ منه فی ذی القعدة سنة 631 ه ، وکانت المخطوطة فی مکتبة العلامة المحدث النوری ، ذکرها فی خاتمة المستدرک ، ص 494.

وترجم شیخنا - رحمه الله - للجعفری هذا فی طبقات أعلام الشیعة ، فی أعلام القرن السابع ، ص 43 ، وقال : الجعفری نسبة إلی جعفر بن الحسن المثنی ، من أجداد السید ضیاء الدین [فضل الله الراوندی].

مولده ووفاته :

والسید الراوندی علی تفوقه العلمی ، ومکانته المرموقة ، وعظمته الاجتماعیة ، وجاهه العریض ، وزعامته العامة وشعبیته القویة ، فیما وصفه لنا شاهد عیان ، وهو العماد الکاتب فی (خریدة القصر) فی ترجمة ابنه السید کمال الدین أحمد ، قال : سافر وفی آخر سنة 549 ، إلی بغداد وهو والده

ص: 185

بقاشان فی بهرة القبول ، وعرض الجاه والطول ، وروض الاقبال المطلول ، وربع الفکاهة المأهول ...

وعلی ذلک کله ، لم یضبط لنا التاریخ ولادته ولا وفاته! نعم ، أرخ سماحة السید شهاب الدین المرعشی - رحمه الله - فی کتابه الخاص عن حیاة السید الراوندی (لمعة النور والضیا) ولادته بسنة 483 ه ، بالاستناد إلی بعض المشجرات القدیمة.

وحتی لو لم نعتمد هذا المشجر ، فإن مولده عند هذه الحدود ، فی الثمانین أو قبله بقلیل أو بعده بیسیر ، فإن من مشایخه أبو المحاسن الرویانی ، المستشهد سنة 501 ه ، فلا بد وأن یکون رحل إلیه وله حدود العشرین عاما.

وأما وفاته - رحمه الله - فلم تکن قبل سنة 572 ه ، ولا هی متأخرة عنها بکثیر ، ففی المتحف العراقی فی بغداد مخطوطة لنهج البلاغة ، برقم 3784 ، مکتوبة سنة 556 ه ، ومقابلة فیما بعد علی نسخة قرأها الراوندی سنة 571 ه.

وفی مکتبة رضا ، فی رامبور بالهند ، مخطوطة (خصائص الأئمة) للشریف الرضی (1) برقم 1190 ، کتبت سنة 553 ه ، ذکرت فی فهرسها 1 / 631 ، علیها خط الراوندی بقراءة عبد الجبار بن الحسین علیه وروایته له بإسناده عن مؤلفه الرضی وبأسفله توقیعه : (وکتب فضل الله بن علی الحسنی أبو الرضا الراوندی).

وإلی جنب (الراوندی) سجل بعض القدماء : (توفی رحمه الله یوم عرفة ...) وبقیة التاریخ بقی خارج التصویر ، أو أتلف بالقص عند تجلید النسخة.

ص: 186


1- 1. وعنها مصورة فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم الفیلم 5046 ، ذکرت فی فهرس مصوراتها 3 / 126.

وعلمنا من الأمرین أنه کان حیا إلی یوم 8 ذی الحجة سنة 571 ه ، وهو آخر شهور السنة ، فوفاته فی یوم عرفة من هذه السنة أو التی بعدها ، فیکون قد عمر نحو التسعین عاما.

مقبرته :

توفی أبو الرضا الراوندی - رحمه الله - فی کاشان ، وقبره بها فی الزاویة الجنوبیة من مقابر (بنجه شاه) فی شمال المسجد الجامع القدیم ، ولا زالت مقبرته عامرة باسم : مقبرة سید أبو الرضا ، فی شارع بابا أفضل ، مطل علی الشارع ، فی قلب البلد ، ولا زال مزارا لأهل البلد والواردین إلیه .. قال المولی حبیب الله الکاشانی - المتوفی سنة 1340 ه - فی : لباب الألقاب ، ص 64 : السید فضل الله بن علی العلوی الحسنی الکاشانی ، المعروف بالسید أبی الرضا ، کان عالما ، فاضلا ، زاهدا ، یحکی منه الکرامات ، ومقبرته بکاشان معروفة یزورها ذوو الحاجات.

ومن مصادر ترجمته :

فهرست منتجب الدین / رقم 334 ، أنساب السمعانی (الراوندی) و (القاشانی) ، خریدة القصر / قسم شعراء إیران (خ) ، اللباب - لابن الأثیر - 3 / 7 ، عمدة الطالب : 185 ، أمل الآمل 2 / 217 ، ریاض العلماء 4 / 364 - 374 ، الدرجات الرفیعة : 506 ، منتهی المقال : 242 ، لؤلؤة البحرین : 301 ، تاج العروس (رود) ، روضات الجنات 5 / 365 ، خاتمة المستدرک : 324 و 493 ، لباب الألقاب : 64 ، هدیة العارفین 1 / 821 ، طرائف المقال 1 / 112 ، بهجة الآمال 6 / 50 ، الکنی والألقاب 2 / 425 ، الفوائد الرضویة : 354 ، تنقیح المقال / رقم 9494 ، أعیان الشیعة 8 / 408 ، طبقات أعلام الشیعة / القرن السادس : 217 ، الأعلام - للزرکلی - 5 / 152 ، معجم

ص: 187

المؤلفین 8 / 75 ، رجال تاج العروس 3 / 336 ، معجم رجال الحدیث 13 / 319 ، مقدمة طبعة البحار : 142 ، مقدمة طبع دیوان الراوندی.

هذا ، ولسیدنا المغفور له سماحة الحجة آیة الله السید شهاب الدین النجفی المرعشی - المتوفی 7 صفر سنة 1411 - رسالة مفردة عن حیاة السید أبی الرضا الراوندی ، سماها : (لمعة النور والضیا فی ترجمة السید أبی الرضا) طبعت فی طهران سنة 1383 ه.

للبحث صلة ...

ص: 188

إحیاء التراث

لمحة تاریخیة سریعة حول تحقیق التراث ونشره

وإسهام إیران فی ذلک

(1)

یختزن التراث إمکانات النهوض والإبداع فی حیاة الأمة ، لأن لکل أمة شروط نهضتها الخاصة المعبرة عن نسقها التاریخی الخاص ، ومقومات شخصیتها التی تأتلف فی إطار مسیرتها التاریخیة المحددة.

ویعبر تراثنا عن أمتنا وهویتها ، بل هو خیر معبر عنها ، لأنه جزء منها ، وهکذا کل تراث هو جزء من الأمة التی أنجزته ، فلا یمکن أن نؤسس النهضة علی تراث آخر غیر تراث الأمة ، فالنهضة یحتضنها هذا التراث ، وتصبح فیما بعد أحد مکتسبات الأمة فی حرکتها التاریخیة ، وتصیر واحدة من الإنجازات الکبری ، والقفزات المتمیزة فی سعی الأمة نحو التقدم والتکامل.

وللتراث وظیفة أساسیة فی تجلیة الهویة الحضاریة للأمة ، وتأکید ذاتها ، وحمایة هذه الذات من الذوبان والانکسار ، باعتبار أن التراث یستوعب مجموعة الرؤی والأفکار والخبرات والابتکارات ، مما أنتجته الأمة فی طول تجاربها الحیاتیة الشاقة ، فی حالات الانتصار والهزیمة ، وفی حالات الازدهار والرکود ، وفی حالات التقدم والانحطاط ، ولذا فهو یجسد الذاکرة التاریخیة للأمة ، ویمثل الزمن المتحرک المحیط بکل فعالیات الأمة ومکتسباتها.

الشیخ عبدالجبّار الرفاعی

ص: 189

فالتراث لیس أمرا ساکنا میتا أفرزته هزائم الأمة ، وإنما هو تلک الحیویة المتدفقة فی وجدان الأمة ، فتارة تتکشف فعالیته فی روح المقاومة العنیدة ، حین یتعرض المجتمع الإسلامی لعدوان غادر من الکفر ، وتارة أخری فی تیارات التجدید والإصلاح ، وثالثة فی ما یبرز من مواقف وإبداعات ، عندما یسعی المجتمع لمواکبة العصر ، ویحاول الاستجابة للتحدیات الکبری ، فلا یجد سبیل أمامه للتغلب علی هذه التحدیات ، سوی العودة إلی الذات ، والذات لا تتحق إلا بالتراث ، به تتحقق ، وبه تتکشف ، وبه تظل قادرة علی مقاومة محاولات التذویب ، والتشویه ، والتدجین ، والتهجین.

من هنا یتبین أن النهضة تتقوم باکتشاف الذات وتحقیق الهویة أولا وقبل کل شئ ، لکی تتحدد المعالم الممیزة لشخصیة الأمة ، فتتلقی ما ینسجم وبنیتها الخاصة ، فیما تلفظ وتطرد کل ما من شأنه أن یفتت هذه البنیة ویزعزع أرکانها.

إن ما تنفرد به الأمة وتفتخر به کإرث حضاری تتفوق به علی أمم أخری ، هو تلک العناصر الحیة الفاعلة الممتدة زمانیا ، من ما أنجزته من تراث ، فی مراحلها التاریخیة المختلفة ، ولیس ما أنجز لحاجات زمنیة خاصة ، وأفرزته دواع تاریخیة معینة ، ولم یقو علی الامتداد الزمنی والحیاة فی عصور أخری ، فما ولد فی أروقة قصور السلاطین من أدب مبتذل منحل ، وما کتب فی أفیاء البلاط من فقه سلطانی یمجد الظلم وینفی الحق ، لا یعبر عن هویة الأمة ، ولا یعکس حقیقة شخصیتها.

وربما یتوهم البعض فیحسب أن هذا الکلام یعنی الانغلاق والتقوقع علی الذات ، وعدم الاستفادة من معطیات وتجارب الأمم الأخری ، خصوصا فی هذا العصر ، الذی خطا فیه الإنسان الغربی خطوات کبیرة ، بل حقق قفزات نوعیة فی التقنیة ، واکتشاف قوانین الطبیعة ، ولم یعد بإمکان أی مجتمع أن یستغنی عن هذه المکتشفات ، ویعیش لوحده.

ص: 190

إن ما نعنیه هو أن أیة نهضة نریدها للأمة المسلمة ، لا یمکن أن تتحقق من خلال تراث غیر تراثها ، فلا بد أن تنتظم الأمة فی داخل تراثها الخاص ، ومن ثم تسعی لإغناء مسیرتها ، باستیعاب ما هو إنجاز إنسانی عام ، من معطیات العلوم والمکتشفات الطبیعیة للأمم الأخری ، لأن العلم إرث إنسانی عام لا یخص أمة دون أخری ، ولا یملکه مجتمع ملکیة خاصة ، فالعلم لا یرتبط بشعب معین ، ولا یعبر عن مرحلة تاریخیة خاصة ، ولعل مراجعة سریعة لتاریخ العلم ، ترینا کیف أن البشریة بمجموعها کان لکل شعب فیها مساهماته الکبیرة فی تطویر حرکة العلوم والاکتشافات.

تأسیسا علی ما سبق یتضح أن أیة نهضة لا تتحقق إلا باحتضان الأمة لتراثها واکتشافها لذاتها ، ومحاولة التواصل مع الآخر ، واستیعاب ما هو إنجاز بشری عام ، لم تأطر بإطار قومی أو إقلیمی خاص.

أما کیف یتاح للأمة أن تکتشف ذاتها وتحتضن تراثها؟ فإن ذلک لن یتم إلا بأن تتعامل الأمة بشکل مباشر مع تراثها ، عبر إحیاء هذا التراث ، ونفض الغبار الذی تراکم علیه سنوات مدیدة ، ولا بد أن تتجنب أیة محاولة للعبور إلی التراث بواسطة أطراف وأدوات أخری غریبة عنه ، کما ربما یحاول البعض من المنبهرین بالغرب ، بتعاطی مقولات ونظریات التراث فی ضوء أدوات غریبة عنه.

لقد تخلت أوروبا منذ عصر النهضة عن التعامل مع أرسطو من خلال ابن رشد ، وانفتحت علی تراثها الیونانی القدیم مباشرة ، وسعت سعیا حثیثا لاکتشاف الأصول الیونانیة لکل ما لم یصلها مباشرة من التراث الیونانی ، أی ما وصلها بواسطة المسلمین ، وتلقت هذا التراث من دون وسیط ، وتخلت عن ابن رشد وغیره من المفکرین المسلمین کوسطاء فی تلقی تراثها.

إن علامة ابن رشد الأمة ، وتوازن حرکتها التاریخیة ، هو قدرتها علی قراءة تراثها ، واکتشافه ، واستنطاقه ، واستلهام منابع القوة والفعالیة فیه ، بشکل مباشر

ص: 191

من دون وصی أو دلیل یقودها إلی تراثها ، أو یدلها علیه ، لأن تراث الأمة - کما ألمحنا - هو ذاتها وهویتها ، ولا تحتاج الذات لکی تعی وتکتشف ذاتها إلی وسیط ، فکل ذات حاضرة لذاتها ، وإدراکها لذاتها أمر وجدانی ، وربما تسبب الاعتماد علی أی وسیط فی وعی الذات لذاتها إلی التباس صورة الذات ، وتشوهها ، وتغییب المقومات الرئیسیة لها ، کما یتجلی ذلک فی الصورة التی غالبا ما یستعیرها بعض الکتاب المتغربین من الباحثین الغربیین المهتمین بالشرق والمجتمعات الشرقیة ، فیعاینون أمتهم بواسطة ما رسمه الاستشراق التقلیدی من صورة مشوهة للأمة المسلمة وتراثها ، فیغدو التراث وما یحفل به من عناصر فعالة فی دفع مسیرة الأمة نحو التطور والکمال ، معیقا لا بد من الافلات منه ، فیما یضحی تاریخ الأمة ورموزها ترکة ثقیلة ، أو بتعبیر أحد هؤلاء (کومة أحجار)! ویستنسخ کل شئ من التراث الغربی ، حتی الأساطیر الیونانیة القدیمة! فی محاولة لتدمیر هویتنا من خلال محاولة حذف تراثنا واستبداله بتراث غریب.

وعلی هذا تصیر عملیة إحیاء تراثنا ونشره من المهام الحضاریة العظمی التی تتوقف علیها نهضة الأمة ، وتحررها ، واستقلالها ، لأن النهضة تتقوم بالتراث ، وإحیاء التراث هو الوسیلة الوحیدة لتقدیم هذا التراث بین أیدی الناس ، وتحریره من الغرف المغلقة فی خزائن المخطوطات ، ووضعه فی متناول الجمیع ، وتیسیر الانتفاع به ، واستلهام ما یشتمل علیه من إرث حضاری کبیر ، یقی الأمة من عملیات مسخ هویتها وتفتیت شخصیتها.

دور القدماء فی صیانة التراث وحفظه :

لقد بذل العلماء المسلمون منذ عصر التدوین الأول جهودا کبیرة فی کراسة التراث ، وصیانته ، والمحافظة علیه ، ولولا تلک الجهود الرائدة المبذولة فی هذا السبیل لتعرض هذا التراث للاضطراب ، والتبعثر ، والضیاع التام ، کما

ص: 192

حصل مع تراث بعض الأمم.

وحین نلقی نظرة سریعة علی آداب المتعلمین ورواة الحدیث ... وغیرهم من العلماء والباحثین فی التاریخ الإسلامی ، نجد لدیهم جملة تقالید علمیة تعارفوا علیها واشتهرت فیما بینهم ، کلها تعبر عن حرص واهتمام شدیدین علی الدقة فی تلقی العلوم الإسلامیة ، وبالذات الحدیث الشریف ، والإتقان والضبط فی نسخها ونقلها ، وتداولها ، فمثلا اشتهرت بینهم (الرحلة فی طلب الحدیث) ، حین یرحل الراوی من الکوفة إلی المدینة المنورة مثلا لأجل ذلک ، (وإجازة الروایة) وغیرها من طرق تحمل الحدیث ، تلک الطرق التی تشیر إلی الاهتمام الواسع بالحدیث الشریف ، والعنایة فی نقله وروایته.

وقد بلغت الدقة فی النقل درجة دأب معها هؤلاء الرواة علی تفحص نسخ الکتب ، وتمییزها ما بین نسخ الکتاب الواحد من اختلاف ، وإن کان طفیفا ، کما یؤکد ذلک الشیخ النجاشی (372 - 450 ه) فی حدیثه عن نسختی (کتاب السنن والأحکام والقضایا) قائلا : (وذکر شیخنا أن بین النسختین اختلافا قلیلا ...) (1).

وینقل الشیخ النجاشی قولا من ما کتبه له أبو العباس أحمد بن علی بن نوح السیرافی حول سؤاله عن الطرق إلی کتب الحسین بن سعید الأهوازی ، بعد بیان هذه الطرق ، مشددا علی الحذر من أی تصرف - مهما کان - فی النسخ :

(فیجب أن تروی عن کل نسخة من هذا بما رواه صاحبها فقط ، ولا تحمل روایة علی روایة ، ولا نسخة علی نسخة ، لئلا یقع فیه اختلاف) (2).

ص: 193


1- 1. النجاشی ، أبو العباس أحمد بن علی فهرست أسماء مصنفی الشیعة ، المشتهر برجال النجاشی ، تحقیق : السید موسی الشبیری الزنجانی ، قم : مؤسسة النشر الإسلامی ، 1407 ه ، ص 6.
2- 2. ن. م : ص 60.

وحینما نقرأ کتاب (رجال النجاشی) مثلا ، نلاحظ وفاء صارما لمنهج علمی أصیل سبق فیه العلماء المسلمون غیرهم بقرون عدیدة ، فی أسلوب تدوین البیانات حول نسخ الکتب التی یرویها ، فهو یصرح غیر مرة عندما لم یر تلک الکتب بقوله مثلا :

(له کتب ذکرها بعض أصحابنا فی الفهرستات لم أر منها شیئا) (1).

وقوله :

(له کتاب ... ما رأیت هذا الکتاب ، بل ذکره أصحابنا ولیس بمشهور أیضا (2).

أو قوله :

(وإن له کتابا ... لم أر هذا الکتاب) (3).

بینما نجده فی موارد أخری یتحدث لنا عن کیفیة وصول نسخة الکتاب له ، وطبعة هذه النسخة ، وصحة نسبتها إلی المؤلف ، کما فی قوله :

(رفع إلی هذه النسخ نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائی أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسی الجندی ، شیخنا ، رحمه الله ، قرأتها علیه ، حدثکم أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدثنا أبی ، قال : حدثنا الرضا علی ابن موسی علیه السلام. والنسخة حسنة) (4).

وهکذا یوضح فی مورد آخر بشکل صریح أن نسخة الکتاب الذی بیده مقروءة ، فیقول :

(رأیت أبا الحسین محمد بن علی الشجاعی الکاتب یقرأ علیه (کتاب الغیبة) تصنیف محمد بن إبراهیم النعمانی بمشهد العتیقة ، لأنه کان قرأه علیه ،

ص: 194


1- 1. ن. م : ص 15.
2- 2. ن. م : ص 48.
3- 3. ن. م : ص 87.
4- 4. ن. م : ص 100.

ووصی لی ابنه أبو عبد الله الحسین بن محمد الشجاعی بهذا الکتاب وبسائر کتبه ، والنسخة المقروءة (المقروة) عندی) (1).

وربما صرح باسم ناسخ الکتاب أحیانا ، فی محاولة للتأکید علی سلامة النسخة ، والوثوق من صحة نسبة الکتاب إلی صاحبه ، وأنه تلقاه مباشرة من خط فلان ، فهو یقول عن نسخة لکتاب وصله للحسین بن عبید الله السعدی : (هذه أبواب الکتاب نقلتها من خط أبی العباس أحمد بن علی بن نوح) (2).

ویمکن القول : إن هذا المنهج المعتمد لدی القدماء فی تثبیت صحة نسبة الکتاب إلی صاحبه ، من المناهج الدقیقة التی یقطع فیها الطریق علی محاولات المنتحلین والوضاعین ، فإن النجاشی مثلا لم یکتف بذکر طریقه أو طرقه للکتاب التی تنتهی بمؤلفه ، وبیان وسائط وصول الکتاب إلیه ، وإنما سعی فی مرات کثیرة لوصف نوع النسخة أو النسخ ، وناسخها ، ومدی إمکانیة الاعتماد علیها ، والاختلاف فیها الناشئ من اختلاف نسخها ، بل حاول أن یکشف لنا أحیانا ما إذا کان الاختلاف یرجع إلی أمر کاختلاف الرواة مثلا ، کما فی قوله عن کتاب بکر بن صالح الرازی :

(وهذا الکتاب یختلف باختلاف الرواة عنه) (3).

وهذا المنهج الذی التزم به النجاشی فی تدوین کتابه ، هو نموذج تطبیقی لما تبناه العلماء المسلمون فی تدوین مصنفاتهم ، وقد یحسب البعض خطأ أن التقالید العلمیة الحدیثة المستخدمة فی تحقیق ونشر النصوص التراثیة لم تکن معروفة فیما مضی ، ولکن الخبیر بالتراث الإسلامی یعرف أن الکثیر من الأسالیب العلمیة فی تقویم النصوص وضبطها ، کانت شائعة لدی القدماء ، فقد

ص: 195


1- 1. ن. م : ص 383.
2- 2. ن. م : ص 44.
3- 3. ن. م : ص 109.

لاحظنا کیف أن القدماء لا یکتفون بذکر طرقهم المباشرة إلی مؤلفی الکتب ، وإنما یهتمون أیضا بذکر أحوال نسخ الکتب التی وصلتهم ، وأسماء نساخها.

کذلک اهتموا باحترام النصوص ، وعدم العبث فیها ، والحذر من أی تصرف فیها ، ونقلها بالشکل الذی وصلتهم ، وأضحت الأمانة العلمیة من أوضح سماتهم فی النقل ممن تقدموا علیهم.

یقول القاضی عیاض :

(الذی استمر علیه عمل أکثر الأشیاخ نقل الروایة ، کما وصلت إلیهم وسمعوها ، ولا یغیرونها فی کتبهم ، حتی طردوا تلک فی کلمات من القرآن ، استمرت الروایة فی الکتب علیها ، بخلاف التلاوة المجمع علیها ... لکن أهل المعرفة منهم ینبهون علی خطئها عند السماع والقراءة ، وفی حواشی الکتب ، ویقرأون ما فی الأصول علی ما بلغهم ، ومنهم من یجسر علی الاصلاح) (1).

وقد تجلت أمانتهم العلمیة ، وصیانتهم لآثار من سبقهم ، فی حرصهم علی مقابلة ما وصلهم أو ما نسخوه من کتب بالأصل الذی سمعوه ، وکتاب الشیخ الذی یرویه ، وأکدوا علی أن یکون هذا الأصل المنقول عنه صحیحا متقنا ، کما نص علی ذلک القاضی عیاض بقوله :

(فلیقابل نسخته من الأصل بنفسه حرفا حرفا ، حتی یکون علی ثقة ویقین من معارضتها به ، ومطابقتها له ، ولا ینخدع فی الاعتماد علی نسخ الثفة العارف دون مقابلة ، نعم ، ولا علی نسخ نفسه بیده ما لم یقابل ویصحح ، فإن الفکر یذهب ، والقلب یسهو ، والنظر یزیغ ، والقلم یطغی) (2).

کما یؤکد العلموی علی أن یقابل طالب العلم کتاب (بأصل صحیح

ص: 196


1- 1. القاضی عیاض. الإلماع إلی معرفة أصول الروایة وتقیید السما�1. تحقیق : السید أحمد صقر. القاهرة : 1970 م ، ص1. 186.
2- 2. ن. م : 159.

موثوق به ، فالمقابلة متعینة للکتاب الذی یرام النفع به) (1).

وهکذا یشیر إلی ضرورة مقابلة النسخة مع الأصل ، والتدقیق فی ذلک ، ابن الصلاح الشهرزوری ، حین یقول :

(علی الطالب مقابلة کتابه بأصل سماعه وکتاب شیخه الذی یرویه عنه وإن کان إجازة. روینا عن عروة بن الزبیر - رضی الله عنهما - أنه قال لابنه هشام : کتبت؟

قال : نعم.

قال : عرضت کتابک؟

قال : لا.

قال : لم تکتب!

وروینا عن الشافعی الإمام ، وعن یحیی بن أبی کثیر ، قال :

(من کتب ولم یعارض کمن دخل الخلاء ولم یستنج).

وعن الأخفش ، قال :

(إذا نسخ الکتاب ولم یعارض ، ثم نسخ ولم یعارض خرج أعجمیا) (2).

أما فی صورة اختلاف النسخ ، فیحاول القدماء أن ینتخبوا نسخة مقاربة لأصل المؤلف ، وهو أسلوب ربما لا یختلف کثیرا عن الأسلوب المتعارف عند المهتمین بنشر النصوص الیوم ، حین یعتبرون النسخة ذات المواصفات الجیدة هی النسخة الأم ، ویختارون نصا للمؤلف بالاستضاءة بالنسخ الأخری ، کما یقول القاضی عیاض ذلک فی مسألة ضبط اختلاف الروایات :

(وأولی ذلک أن تکون [النسخة] الأم علی روایة مختصة ، ثم ما کانت

ص: 197


1- 1. العلموی ، عبد الباسط بن موسی بن محمد. المعید فی أدب المفید والمستفید. دمشق : 1349 ه ، ص 135.
2- 2. ابن الصلاح ، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوری. علوم الحدیث : تحقیق وشرح : نور الدین عتر. دمشق : دار الفکر ، 1406 ه / 1986 م ، ص2. ص 191.

من زیادة الأخری ألحقت ، أو من نقص أعلم علیها ، أو من خلاف خرج فی الحواشی ، وأعلم علی ذلک کله بعلامة صاحبه ، من أسمه أو حرف منه للاختصار ، لا سیما مع کثرة الخلاف والعلامات) (1).

ویبدو أن النسخة الأصح ، التی تکون بمثابة الأم کثیرا ما تکون معروفة ، إذا ما تعددت روایات نسخ الکتاب الواحد ، فمثلا یقول یاقوت عن کتاب (المفضلیات) للمفضل بن محمد الضبی :

(المفضلیات : وهی أشعار مختارة جمعها للمهدی ، وفی بعض نسخها زیادة ونقص ، وأصحها التی رواها عنه أبو عبد الله بن الأعرابی) (2).

ولم یقتصر الأمر علی الاهتمام بنسخ الکتاب ، وانتقاء الأصح منها ، وإنما حاول القدماء معالجة بعض المشکلات التی یتعرض لها النساخ عندما ینسخون الکتاب ، فقد یغفل الناسخ ویحصل سقط من الکتاب المنسوخ ، أو قد یکون العکس فیدخل فی الکتاب ما لیس فیه ، وربما التبس علیه الأمر فی کتابة الحروف المتشابهة ، فماذا یعمل إزاء مثل هذه الحالات؟

لقد ترک القدماء قواعد هامة تحدد ما ینبغی من مواقف فی أمثال هذه الحالات ، فمثلا حینما یسقط من الکتاب شئ ، قرروا بأن (المختار فی کیفیة تخریج الساقط فی الحواشی ، ویسمی اللحق - بفتح الحاء - وهو : أن یخط من موضع سقوطه من السطر خطا صاعدا إلی فوق ، ثم یعطفه بین السطرین عطفة یسیرة إلی جهة الحاشیة التی یکتب فیها اللحق ، ویبدأ فی الحاشیة بکتبة اللحق مقابلا للخط المنعطف ، ولیکن ذلک فی حاشیة ذات الیمین ، وإن کانت تلی وسط الورقة إن اتسعت له ، ولیکتبه صاعدا إلی أعلی الورقة لا نازلا به إلی

ص: 198


1- 1. القاضی عیاض. مصدر سابق : ص 189.
2- 2. یاقوت الحموی. معجم الأدباء. تحقیق : مرجلیوث. القاهرة : مطبوعات دار المأمون ، 19 / 167.

أسفل) (1).

أما فی حالة الزیادة ، فقد قرروا بأنه (إذا وقع فی الکتاب ما لیس منه ، فإنه ینفی عنه بالضرب ، أو الحک ، أو المحو ، أو غیر ذلک ، والضرب خیر من الحک والمحو) (2) والمعروف بینهم أن (أجود الضرب أن لا یطمس المضروب علیه ، بل یخط من فوقه خطا جیدا بینا یدل علی إبطاله ، ویقرأ من تحته ما خط علیه) (3).

وفی مورد الحروف المتشابهة ، وغیرها من الموارد التی توجب الالتباس حین قراءة النص ، أکد القدماء علی أن یعجم المعجم من الحروف ، ویضبط اللفظ ویشکل بعلامات الشکل المعروفة ، کما نص علی ذلک العلموی بقوله : (وإذا صحح الکتاب بالمقابلة علی أصل صحیح ، أو علی شیخ ، فینبغی أن یعجم المعجم ، ویشکل المشکل ، ویضبط الملتبس ، ویتفقد مواضع التصحیف) (4).

وخشیة وقوع التصحیف والإبهام دأب القدماء فی بعض مصنفاتهم علی ضبط الأحرف المتشابهة بالکلمات ، فتجدهم یثبتون الفرق بین الحاء والجیم والخاء مثلا ، بقولهم عن الأولی ب (المهملة) ، والثانیة ب (المنقوطة من تحت) ، والثالثة ب (المنقوطة من فوق) وهو یمثل درجة عالیة من الاحتراز عن الغموض والإبهام فی قراءة النص.

وربما لجأ بعضهم إلی أسالیب أخری لتجنب أی شکل من أشکال عدم وضوح الکتابة ، فقد أفاد القاضی عیاض ، بأنه ینبغی للناسخ أن یحدد برمز خاص الحرف المهمل أیضا ، باعتبار أن غیر المهمل یتحدد من خلال النقاط

ص: 199


1- 1. ابن الصلاح. مصدر سابق : ص1. 194.
2- 2. ن. م : 198.
3- 3. ن. م : 199.
4- 4. العلموی. مصدر سابق : ص 135.

من فوق أو تحت ، إذ یقول :

(وکما نأمره بنقط ما ینقط للبیان ، کذلک نأمره بتبیین المهمل ، بجعل علامة الاهمال تحته ، فیجعل تحت الحاء حاء صغیرة ، وکذلک تحت العین عینا صغیرة ، وکذلک الصاد والطاء والدال والراء ، وهو عمل بعض أهل المشرق والأندلس ... ومنهم من یقلب النقط فی المهملات ، فیجعله أسفل ، علامة لإهماله) (1).

تلک إشارات سریعة أفصحت عن بعض الملامح من منهج القدماء فی صیانة التراث والحفاظ علیه ، والدقة والأمانة فی نقله وتداوله ، وهذا المنهج الذی ولد فی أحضان التراث ، استجاب فی عصر الکتاب المخطوط وقبل ظهور الطباعة ، لحاجة ماسة فی نفی التصحیف عن المخطوطات ، وتطابقها مع الأصل الذی کتبه المؤلف ، وحمایتها من أیة محاولات غادرة للسطو ، أو التشویه ، أو لانتحال.

ومما لا شک فیه أن وصول عدد جید من الکتب المخطوطة من تراث العصر الإسلامی الأول ، بصورة سالمة وصحیحة ، ما کان له أن یتم لولا العنایة الفائقة المستندة إلی قواعد وتقالید علمیة دقیقة ، فی نسخ الکتاب ، ومقابلته علی الأصل ، والأمانة فی تلقیه ونقله للآخرین.

بدایة نشر التراث العربی الإسلامی

وصلنا عدد وفیر من المخطوطات العربیة ، قدرة البعض بنحو ثلاثة ملایین نسخة ، منتشرة فی خزائن المخطوطات فی مختلف أنحاء العالم ، وتشتمل هذه المخطوطات علی مؤلفات فی التفسیر وعلوم القرآن ، والحدیث

ص: 200


1- 1. القاضی عیاض. مصدر سابق : ص 157.

وعلومه ، والتاریخ ، والتراجم ، واللغة العربیة وآدابها ، والکلام ، والفلسفة ، والمنطق ، والریاضیات ، والهیئة والفلک ، والعلوم الطبیعیة الأخری ، ففی کل حقل من حقول المعرفة نجد عددا غیر قلیل من النسخ الخطیة ، وقد حاول الباحثون الغربیون منذ القرن العاشر المیلادی الاستفادة من هذا التراث الهائل ، فعملوا علی جمعه وملاحقة مظان وجوده ، بواسطة قنوات الاتصال بینهم وبین الحضارة الإسلامیة ، من خلال صقلیة ، والأندلس ، والحروب الصلیبیة ، والرحالة الأوربیین فی المشرق الإسلامی ، وأخیرا المستشرقین وسماسرتهم فی العالم الإسلامی ، فتراکمت لدیهم ثروة واسعة من المخطوطات العربیة النفیسة ، توزعت فی مکتبات أوروبا (1) ، وأضحت فیما بعد ترسانة معرفیة ، شکلت أساسا لاستلهام وتکوین صورة الإسلام والشرق فی الوعی الغربی ، إذ عمل الباحثون الغربیون علی التقاط ما أرادوه من هذا التراث ، بعد أن اقتطعوه من جسمه العام ، وأعادوا ترکیبه ، لتأتلف منه صورة للإسلام وتراثه وإنسانه ، تتطابق مع حقد الإنسان الأوروبی التاریخی إزاء الإسلام.

وتمثلت المحاولات الأولی فی عمل الأوروبیین علی هذا التراث المخطوط ، بترجمة مختارات منه ، من أجل الاستفادة من ما اکتنزه من إبداع وابتکار ، فی الریاضیات ، والهیئة ، والطب ، والمنطق ، والفلسفة ، کما حاولوا الاتصال بما لم یصلهم من التراث الیونانی ، بواسطة ما نقل منه إلی العربیة ، وما اکتسبه من تنقیح وتطویر وتکمیل علی ید الفلاسفة المسلمین ، حتی إذا حصلوا علی أصوله الیونانیة أو اللاتینیة القدیمة ، تعاملوا معه مباشرة - کما ألمحنا أول الکلام -.

ص: 201


1- 1. راجع بشأن ذلک فصل : (انتقال التراث العربی المخطوط إلی دیار الغرب) من کتاب : رحلة الکتاب العربی إلی دیار الغرب فکرا ومادة : 257 - 319 ، لمحمد ماهر حمادة. بیروت : مؤسسة الرسالة.

ولم تتوقف الترجمات عند هذه الکتب ، وإنما شملت فی مرحلة لاحقة لونا آخر من هذا التراث ، وهو ما تقدمت الإشارة له قبل قلیل ، من قبیل (قصص ألف لیلة ولیلة) وغیرها من موروث فلکلوری ، أو ما یرتبط بالشخصیات الماجنة والقلقة فی تاریخنا مثلا ، لکی تتشکل صورة الإسلام والمسلمین فی إطار هذه القصص والشخصیات ، وتعمم هذه الصورة للأجیال الآتیة من الأوروبیین ، فیظل هذا الإنسان یشعر بالتفوق ، ویسوغ هیمنته وتسلطه واستعماره للمجتمعات الشرقیة.

وتمثلت الخطوة اللاحقة فی تعامل الغربیین مع التراث العربی المخطوط الذی وقع بأیدیهم ، بالسعی لطباعة ونشر مختارات منه ، علی أساس لا یبتعد عن هدفهم فی ترجمة بعض مفرداته.

من هنا یمکن القول بوضوح ، إن سعی الأوروبیین قبل قرون عدیدة لانتزاع المخطوطات العربیة من أیدی أهلها والاستحواذ علیها ، واستهلاک جهود جبارة فی تجمیعها والاحتفاظ بها ، وترجمة بعضها ، وأخیرا نشر بعضها الآخر ، إنما یعود جزء کبیر من هذا العمل الدؤوب ، إلی محاولة الهیمنة علی الإنسان الذی أعطی هذا العطاء الکبیر للإنسانیة ، لأن أفضل وسیلة لاکتشاف أیة أمة ومعرفتها بجلاء ، هی تفحص تراثها ودراسته وتحلیله ، والعلم بعناصر القوة والضعف فیه ، فیجری طمس وإقصاء لعناصر القوة هذه ، فیما یجری فی الوقت نفسه تأکید لإثارة مکامن الضعف ، لتدمیر شخصیة الأمة وتشویه تاریخها ، وإثارات النعرات والفتن المنسیة فی ذلک التاریخ.

وهذا ما عمله بعض المستشرقین ، عندما اجتزأوا مفردات محددة من تراثنا ، وترجموها ونشروها ، بعد أن اقتطعوها من سیاقها العام وظروفها الزمنیة الخاصة ، وحاولوا الایحاء بأن هذه المفردات تعبر عن هویة الأمة المسلمة ، وتجسد تجربتها الحضاریة.

ومما ینبغی التنویه به ، أن جماعة من المستشرقین بذلوا جهودا علمیة

ص: 202

هائلة فی نبش التراث الإسلامی وتحقیقه ونشره ، وتکشیفه وفهرسته ، ولکن عددا غیر قلیل منهم کانوا ضحیة مناهجهم الخاصة ، التی أملتها النظرة المرکزیة الأوروبیة ، وروح السیطرة الاستعماریة ، فکان عملهم فی تحقیق التراث ونشره ، وترجمته ، یستمد مرجعیته من تلک النظرة ، ولذا لم یستطع هؤلاء أن یخفوا هذه الروح ، التی تجلت بشکل واضح فی معظم أعمالهم.

* * *

فی هذا الضوء یمکن أن نعرف السبب الذی دعا بعض الأوروبیین للاهتمام بنشر التراث العربی الإسلامی فی وقت مبکر ، فقد تم طبع القرآن الکریم فی مطبعة باغانینی بالبندقیة ، ویبدو من بعض القرائن أنه طبع سنة 1499 م ، بینما یذکر آخرون أنه ربما طبع سنة 1509 م ، أو بعد ذلک (1) ، إذ رجح البعض أن یکون تاریخ طبعه سنة 1530 م تقریبا ، إلا أن جمیع النسخ التی طبعت أحرقت ، وکانت هذا الطبعة کاملة لکل القرآن ، ولم یعثر لها علی أثر حتی الآن ، وأقدم من ذکرها هو أربنیوس فی کتابه (مبادئ اللغة العربیة ، لیدن 1620 م) (2).

ومنذ لک التاریخ ، نلاحظ اهتماما متنامیا فی طبع الکتاب العربی ونشره ، مع العلم أنه لم تمض بعد سنوات طویلة علی ظهور الطباعة فی أوروبا ، فقد ظهرت نحو منتصف القرن الخامس عشر المیلادی ، وقد تتابع نشر بعض الکتب ببطء فی بدایة الأمر ، ثم ما لبث أن أزداد بنحو تدریجی بعد قرن من الزمان ، حتی أضحت حرکة نشر التراث العربی الإسلامی فی أوروبا واسعة جدا مع مرور الأیام ، لتبلغ ذروتها فی القرن التاسع عشر ، عصر تعاظم نفوذ الاستعمار الغربی ، وتسلطه علی الکثیر من أقالیم العالم الإسلامی.

ص: 203


1- 1. ن. م ، ق 1 : ص 246.
2- 2. بدوی ، د. عبد الرحمن. موسوعة المستشرقین : بیروت : دار العلم للملایین ، ط 3 (طبعة جدیدة منقحة ومزیدة) ، 1993 م ، ص 438.

وسنحاول فیما یلی أن نرصد حرکة نشر التراث العربی الإسلامی فی أوروبا علی عجل ، بالتعرف علی أبرز المؤلفات التی عمل علی نشرها المستشرقون منذ القرن السادس عشر.

یعد کتاب (البستان فی عجائب الأرض والبلدان) لمؤلفه سلامیش بن کند غدی الصالحی ، أقدم کتاب عربی نشر فی روما عام 1585 م ، علی ید الطباع البندقی بازا ، وکان هذا الکتاب هو الکتاب العربی الأول المطبوع هناک ، بعد أن کانت المطبوعات العربیة الأولی مقتصرة علی المنشورات الکنسیة (1).

وکانت (أول مطبعة عربیة فی أوروبا هی تلک التی أمر بإنشائها الکردینال فرنندودی مدتشی ، کبیر دوقات توسکانا ، وکان یرئس هذه المطبعة ، التی کان مقرها فی روما ، شاب إیطالی من بلدة کریمونا ، یدعی جیوفنی بتستا رایموندی ، الذی أقام فی المشرق فترة طویلة ، ویحتمل أنه تعلم العربیة ، وعلی کل حال ، فإنه اهتم بالخطوط العربیة ، والحروف العربیة وخصائصها ، فاستطاع أن یصنع حروفا عربیة مختلفة الأوضاع : مفردة ، متصلة بما قبلها ، متصلة بما بعدها ، فی آخر الکلمة ، وأتم حفر وتقطیع هذه الحروف العربیة المتحرکة المرسومة رسما جمیلا ، وابتداء من 6 سبتمبر 1586 اشتغلت المطبعة فی جمع وطبع أول إنتاج لها ، وهو کتاب (القانون) لابن سینا ، ومعه (کتاب النجاة) الذی هو مختصر (الشفاء) ، وتم إنجاز طبع (القانون) ومعه (النجاة) فی 1593) (2) ، وقد حمل غلاف الکتاب المطبوع هذا العنوان : (کتب القانون فی الطب ، لأبی علی الشیخ الرئیس ابن سینا ، مع بعض تألیفه وهو : علم المنطق وعلم الطبیعی وعلم الکلام).

ص: 204


1- 1. حمادة ، محمد ماهر ، مصدر سابق. ق 1 : ص 248.
2- 2. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق. ص 551.

وفی عام 1592 م طبعت مطبعة مدتشی فی روما کتاب (الکافیة) لابن الحاجب ، وکتاب (الأجرومیة) لابن آجروم ، کما طبعت فی نفس هذا العام 1592 م کتاب (نزهة المشتاق فی ذکر الأمصار والأقطار والبلدان والجزر والمدائن والآفاق) للشریف الإدریسی ، وفی عام 1594 م طبع فیها کتاب (تحریر أصول أوقلیدس) للخواجه نصیر الدین الطوسی ، بعد أن حصلت علی امتیاز ونشر هذا الکتاب من السلطان مراد الثالث ، ثم توقفت عن العمل حتی عام 1610 م ، وفی هذا العام طبعت (کتاب التصریف) للعزی ، وکان هذا الکتاب آخر کتاب تولت طباعته هذه المطبعة العربیة الأولی فی أوروبا ، فقد توفی رایموندی عام 1614 م (1).

تحقیق التراث فی القرن السابع عشر المیلادی

لقد شهد القرن السابع عشر تطورا وازدیادا فی حرکة نشر الکتاب العربی فی المطابع الأوروبیة ، وأکبه اهتمام خاص من طلائع المستشرقین الأولی فی الإشراف علی نشر هذه الکتب ، ومحاولة تصحیحها ، ولذا یمکن أن نعبر أن هذه الفترة تمثل التجارب الأولی لتعاطی المستشرقین للأسلوب الحدیث فی تصحیح النصوص التراثیة العربیة ، ثم تکاملت ونضجت هذه التجارب فی وقت لاحق.

ففی بدایة هذا القرن شرع المستشرق الهولندی إربنیوس (1584 - 1624 م) بنشر مجموعة من الأمثال العربیة تتألف من 200 مثل - مجهولة المؤلف - ، مع ترجمة لاتینیة ، وظهرت هذه النشرة فی عام 1615 م ، تحت العنوان العربی التالی :

ص: 205


1- 1. ن. م.1. 552.

(کتاب الأمثال) ، وعنوان لاتینی ترجمته :

(کتاب الأمثال : أو مائتان من الأمثال العربیة ، جمعها مؤلف عربی مجهول وشرحها ، مع ترجمة لاتینیة وتعلیقات قام بها اسکالیجر وتوماس إربنیوس) ، وأعید طبع هذا الکتاب ، طبعة ثانیة أصح من الأولی - کما ورد فی العنوان - فی عام 1623 م (1).

وفی عام 1617 م نشر إربنیوس سورة یوسف ، مطبوعة بالشکل الکامل ، فی لیدن (هولندة) ، بعنوان عربی ، هو : (سورة یوسف وتهجی العرب) ، وعنوان لاتینی ترجمته : (سورة یوسف وتهجی العرب : تاریخ یوسف النبی ، مأخوذة من القرآن بالأصل العربی ، مع ثلاث ترجمات لاتینیة وتعلیقات ، بقلم توماس إربنیوس ، وفی أوله الحروف العربیة ، لیدن ، مطبعة إربنیوس للغات الشرقیة ، 1617 م) (2).

کما نشر إربنیوس فی نفس العام 1617 م ، النص العربی لکتاب (الآجرومیة) لابن أجروم المغربی ، وکتاب (المائة عامل) للجرجانی مضبوطة بالشکل ، مع ترجمة لاتینیة وشروح ، وعنوان هذه النشرة بالعربیة : (کتاب الجرمیة ومأیة العامل).

وکان قد نشر قبل ذلک فی روما النص العربی لکتاب (الآجرومیة) دون ضبط بالشکل ، أما إربنیوس فقد استعان بأربع مخطوطات عربیة لتحقیق نص کتاب (الآجرومیة) ، وترجمه إلی اللاتینیة ترجمة صحیحة جیدة ، وأعان علی فهم النص بما زوده به من تعلیقات وشروح (3).

وفی عام 1622 م نشر الإیطالی جوا دانیولی (الخزرجیة) (4) ، کما قام

ص: 206


1- 1. ن. م :1. 17.
2- 2. ن. م : 18.
3- 3. ن. م : 19.
4- 4. العقیقی ، نجیب. المستشرقون. القاهرة : دار المعارف ، طبعة رابعة موسعة ، 3 / 400.

إربنیوس بتحقیق الجزء الثانی من (تاریخ العالم) تألیف المؤرخ المصری جورجیوس ابن العمید المعروف ب (المکین) المتوفی سنة 672 ه / 1273 م ، ویشمل تاریخ الحوادث من عهد النبی صلی الله علیه وآله وسلم حتی عام 568 ه ، وبعد تحقیق النص قام بترجمته إلی اللاتینیة ، لکنه توفی قبل نشره ، فعهده بنشره إلی تلمیذه یاکوبوس (یعقوب) جولیوس ، فقام بمهمة الإشراف علی الطبع ، وظهرت النشرة مع الترجمة اللاتینیة فی لیدن سنة 1625 م ، بعد وفاة إربنیوس بعام ، وعنوانها :

(تاریخ المسلمین : من صاحب شریعة الإسلام أبی القاسم محمد إلی الدولة الأتابکیة ، تألیف الشیخ المکین جرجی بن العمید أبو إلیاس بن أبی المکارم بن أبی الطیب) (1).

وفی عام 1629 م نشر المستشرق الهولندی جولیوس (1596 - 1667 م) کتاب (شذرات الأدب من کلام العرب) ، وهو یشتمل علی نصوص مختارة ومضبوطة بالشکل الکامل ، منها 165 قولا منسوبا إلی أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، وقصیدة (لامیة العجم) للطغرائی ، ثم خطبة غیر مشکولة لابن سینا ، وختمه بأبیات قلیلة غیر مشکولة (2).

وفی عام 1631 م نشر المستشرق الإیطالی أوبتشینی ، کتاب (الآجرومیة) فی روما ، وزوده بترجمة لاتینیة وتعلیقات مستفیضة وکان الکتاب (الآجرومیة) قد نشر ثلاث مرات فی أوروبا قبل هذه النشرة (3).

کذلک نشر جولیوس فی سنة 1636 م کتاب (عجائب المقدور) لابن عربشاه ، تحت عنوان : (کتاب عجائب المقدور فی أخبار تیمور ، تألیف أحمد

ص: 207


1- 1. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق :1. 20.
2- 2. ن. م :2. 205.
3- 3. ن. م : 55.

ابن عربشاه) (1).

ونشر إبراهیم المارونی الحقلانی فی سنة 1641 م ، مقتطفات من کتاب (مقاصد حکمة فلاسفة العرب) للقاضی میر حسین المیبودی ، تحت عنوان : (مختصر مقاصد حکمة فلاسفة العرب) ، نشرها فی نصها العربی ، وزودها بالشکل الملئ بالأغلاط (2).

وفی سنة 1642 م نشر المستشرق الإنجلیزی بوکوک الأب بمعاونة سلدن کتاب (نظم الجوهر) لابن البطریق ، المتن العربی مع ترجمة لاتینیة (3).

وفی سنة 1650 م نشر المستشرق الإنجلیزی جریفز کتاب (جغرافیة أبی الفداء) ، المتن العربی وترجمة لاتینیة ، و (الزیج السلطانی) لأولغ بک و (علم الفلک) (4).

وفی العام نفسه 1650 م نشر بوکوک الأب (المختار من تاریخ العرب) وهو مجتزأ من تاریخ أبی الفرج ابن العبری ، المتن العربی وترجمة لاتینیة ، وکان أول نص عربی طبع فی أکسفورد (5).

وکان إبراهیم المارونی الحقلانی قد نشر فی سنة 1651 م ، النص العربی ل (تاریخ العالم) للمؤرخ المصری ابن الراهب ، وهو تاریخ یصل إلی عام 1259 م (6).

کما نشر بوکوک الأب (أقوال علی) فی سنة 1661 م ، و (لامیة العجم) للطغرائی وترجمها إلی اللاتینیة ، مع تعلیقات شافیة فی نفس العام السابق (7).

ص: 208


1- 1. ن. م : 205.
2- 2. ن. م : 227.
3- 3. العقیقی ، نجیب. مصدر سابق ، 3 / 402.
4- 4. ن. م : 3 / 402.
5- 5. ن. م : 3 / 402.
6- 6. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق : 228.
7- 7. العقیقی ، نجیب. مصدر سابق 3 / 402.

وعمل جولیوس لمدة طویلة علی إعداد نشرة للنص العربی لکتاب (الفصول الثلاثین) ، ویعرف أیضا باسم : (جوامع علم النجوم والحرکات السماویة) ، وباسم : (أصول علم النجوم) ، وباسم : (المدخل إلی علم هیئة الأفلاک) ، للفرغانی ، فنشره جولیوس بعنوان عربی هو :

(کتاب محمد بن کثیر الفرغانی فی الحرکات السماویة وجوامع علم النجوم ، بتفسیر الشیخ الفاضل یعقوب غولیوس) ، وصدر الکتاب فی أمستردام فی سنة 1669 م ، بعد وفاة جولیوس بعامین ، وزوده بترجمة لاتینیة وشروح مستفیضة (1).

ونشر بوکوک الابن رسالة (حی بن یقظان) لابن الطفیل ، المتن وترجمة لاتینیة ، فی أکسفورد عام 1671 م (2).

تحقیق التراث فی القرن الثامن عشر

تواصلت عملیة تحقیق ونشر التراث العربی الإسلامی فی أوروبا فی هذا القرن ، بنمو یتفوق قلیلا علی ما شهدته هذه العملیة فی القرن السابق.

فقد نشر المستشرق الإنجلیزی هاید کتاب (الإفادة والاعتبار) لعبد اللطیف البغدادی ، فی سنة 1702 م ، المتن العربی مع ترجمة لاتینیة (3) ، فیما نشر المستشرق الهولندی ریلاندوس کتاب (تعلیم المتعلم) للزرنوجی ، فی سنة 1707 م (4).

کما نشر الإنجلیزی سیمون أوکلی رسالة (حی بن یقظان) لابن الطفیل

ص: 209


1- 1. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق : 205.
2- 2. ن. م :2. 141.
3- 3. العقیقی ، نجیب. مصدر سابق 3 / 02.
4- 4. ن. م : 3 / 397.

بعنوان : (تطور العقل الإنسانی فی حی بن یقظان) ، متنا وترجمة إنجلیزیة ، فی سنة 1708 م.

کذلک نشر الإنجلیزی جانیه ، سیرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم من (المختصر فی أخبار البشر) ، لأبی الفداء ، متنا وترجمة لاتینیة ، فی سنة 1722 م ، ثم نشر (المختصر) بکامله ، متنا وترجمة فرنسیة ، فی سنة 1723 م (1).

وفی عام 1731 م نشر الهولندی البرت سخولتنس (مقامات الحریری) ، و (سیرة صلاح الدین) لابن شداد (2).

کما أن الألمانی رایسکه قام بنشر المقامة 26 من مقامات الحریری ، متنا وترجمة ألمانیة ، فی سنة 1737 م (3).

ونشر جانیه ذکر دیار مصر من (تقویم البلدان) لأبی الفداء ، فی سنة 1740 م (4).

وفی عم 1742 م ، نشر رایسکه (معلقة طرفة بن العبد) مع مقارنتها بدیوان الهذلیین ، وحماستی البحتری وأبی تمام ، وشعر المتنبی ، وأبی العلاء.

وفی سنة 1745 م ، نشر الجزء الأول من (المختصر فی أخبار البشر) لأبی الفداء ، متنا وترجمة.

وفی سنة 1755 م ، نشر کتاب (نزهة الناظرین فیمن ولی مصر من الخلفاء والسلاطین) لمرعی بن یوسف ، وبضع (رسائل) لأبی فراس ، وابن زیدون (5).

ص: 210


1- 1. ن. م : 3 / 402.
2- 2. ن. م 3 / 379.
3- 3. ن. م 3 / 410.
4- 4. ن. م 3 / 402.
5- 5. ن. م 3 / 410.

وکان الهولندی کویبرس قد نشر (دیوان الإمام علی علیه السلام) بشروح لاتینیة ، فی سنة 1745 م. (1).

وفی 1765 م نشر رایسکه (رسائل) الولیدی ، و (منتخبات من أشعار المتنبی).

وفی سنة 1773 م نشر الهولندی هنری ألبرت (مختارات من أمثال المیدانی) فی لندن ، وکان بوکوک قد أعدها للطبع (2).

وفی سنة 1774 م نشر کویبرس (غرر الحکم ودرر الکلم) (3).

وفی سنة 1776 م نشر الألمانی میخائیلیس ، ذکر دیار مصر من (تقویم البلدان) لأبی الفداء (4).

وفی سنة 1783 م نشر الإنجلیزی السیر ولیم جونز (بغیة الباحث فی جمل الموارث) لابن الملقن ، متنا وترجمة.

ونشر أیضا فی سنة 1783 م (المعلقات السبع) ، متنا وترجمة (5).

وفی سنة 1786 م نشر الإیطالی الأب مارتینی (تاریخ فخر الدین بن معز) للخالدی الصغیر (6).

وفی الفترة ما بین 1789 - 1794 م نشر الدانمارکی أدلر (تاریخ أبی الفداء) ، فی خمسة مجلدات ، عن المخطوطات والأوراق التی ترکها

====

7. العقیقی ، نجیب. مصدر سابق 3 / 400.

ص: 211


1- 1. ن. م : 3 / 397.
2- 2. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق : 24.
3- 3. العقیقی ، نجیب. مصدر سابق 3 / 397.
4- 4. ن. م : 3 / 410.
5- 5. ن. م : 3 / 402.
6- 6. بدوی ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق : 24.

المستشرق الألمانی رایسکه عند موته (1).

وفی سنة 1792 م نشر ولیم جونز (السراجیة فی علم الفرائض والمواریث الإسلامیة) لسراج الدین السجاوندی.

وفی العام نفسه نشر کارلیل جزء من (مورد اللطافة فیمن ولی السلطنة والخلافة) لابن تغری بردی ، متنا وترجمة لاتینیة (2).

وفی سنة 1793 م نشر الإیطالی فیلا کتاب (دیوان مصر) ، متنا وترجمة إیطالیة ، فی جزءین ، ولم یتم الثانی (3).

ونشر النمساوی دی دومبای (أنیس المطرب فی أخبار المغرب) لابن أبی زرع الفاسی فی سنة 1797 م ، متنا وترجمة ألمانیة.

کما نشر مواطنه دینک (الالمام بمعرفة ملوک الحبشة فی الإسلام) ، فی سنة 1798 م.

وفی سنة 1799 م نشر الإسبانی کونده جزء من (نزهة المشتاق) للإدریسی ، متنا وترجمة إسبانیة (4).

تحقیق التراث فی أوروبا فی القرن التاسع عشر

شهد القرن التاسع عشر توسعا کبیرا فی حرکة تحقیق ونشر التراث العربی الإسلامی فی أوروبا ، وقد تزامن ذلک مع تعاظم نشاط الاستعمار وهیمنته علی بلدان العالم الإسلامی ، وانتهابه لثرواتها ، ومحاولاته الحثیثة لتحطیم هویتها الإسلامیة ، واستئصال ثقافتها ، والقضاء علی لغاتها ، کما حصل فی الجزائر

ص: 212


1- 1. ن. م : 3 / 418.
2- 2. ن. م : 3 /2. 403.
3- 3. ن. م : 3 / 400.
4- 4. ن. م : 3 /4. 420.

حینما سعی المستعمر الفرنسی إلی استبدال اللغة العربیة بالفرنسیة ، بل القضاء علی الأبجدیة التی تکتب بها لغاب الشعوب الإسلامیة ، کما جری فی ترکیا ، عندما أقصیت الأبجدیة الترکیة العثمانیة ، واستبدلت باللاتینیة.

لقد سخر المستعمر لتنفیذ هذه المهام أفواجا عدیدة من الباحثین فی أوروبا ، ووجههم للتخصص بالتراث الإسلامی ، وأمن لهم إمکانات مادیة وبشریة ضخمة ، من أجل دراسة هذا التراث ، واکتشاف الشعوب الإسلامیة ، لبسط سیطرته علیها ، فأسست مراکز للبحث والتحقیق ، ودور نشر ، ودوریات ، وکلیات ، ومؤسسات متنوعة ، تخصصت بتراثنا ، ومجتمعاتنا ، وتاریخنا ، وعاداتنا ، کانت تؤمن خدمات هائلة لوزارات المستعمرات فی الدول الاستعماریة (1) ، حتی أن تزاید الاهتمام بالتراث الإسلامی ، وتحقیقه ونشره ، وفهرسته ، وترجمته ، کان یتناسب طردیا بشکل ملحوظ ، مع تفاقم ظاهرة الاستعمار فی دیارنا ، فیما کان یتراجع هذا الاهتمام فی حالات انکفاء الاستعمار وتراجعه وانحساره.

وعلی هذا الأساس یمکن أن نعرف السبب فی اشتداد حرکة تحقیق ونشر تراثنا فی أوروبا فی القرن التاسع عشر ، وهو عصر غلبة أوروبا ، وبسط نفوذها علی معظم دیارنا عسکریا ، وتغلبها علی مجتمعاتنا بأسرها سیاسیا.

ومن هنا یمکن القول بأن تحقیق ونشر التراث الإسلامی فی أوروبا ، کان یمثل فی بعد من أبعاده الأساسیة ، إحدی الآلیات التی یعتمدها الاستعمار فی سیطرته علی المسلمین ، وتدمیر المقومات الحیویة والفطریة لمجتمعاتهم ، فکلما توسعت حرکة الاستعمار فی العالم الإسلامی ، تنامت بموازاتها حرکة تحقیق ونشر التراث الإسلامی فی أوروبا.

وإن کنا لا نعدم ظهور بعض النماذج من الباحثین الغربیین فی تراثنا ،

ص: 213


1- 1. عمل بعض أساطین حرکة الاستشراق کمستشارین فی وزارة المستعمرات فی بلدانهم.

ممن أنار الله بصیرتهم ، فهداهم للتی هی أقوم ، وکانوا استثناء من هذه الحالة ، مثل المرحوم عبد الکریم جرمانوس ، والمرحوم محمد أسد ، ... وغیرهم.

فیما یلی تقص لأبرز الکتب العربیة التی حققت ونشرت فی الغرب ، فی القرن التاسع عشر ، حاولنا ترتیبها حسب تاریخ النشر ، مع ذکر الباحث الذی اضطلع بنشرها.

وقد اعتمدنا علی المراجع التالیة فی التعرف علی هذه الکتب :

1 - اکتفاء القنوع بما هو مطبوع ، لإدوارد فندیک ، صححه : السید محمد علی الببلاوی وزاد فیه : قم : مکتبة آیة الله المرعشی النجفی ، 1409 ه (أوفسیت).

2 - معجم المطبوعات العربیة والمعربة ، لیوسف إلیان سرکیس. مطبعة سرکیس بمصر ، 1346 ه - 1928 م ، 2 ج.

3 - رحلة الکتاب العربی إلی دیار الغرب فکرا ومادة ، لمحمد ماهر حمادة. بیروت : مؤسسة الرسالة ، 2 ق.

4 - المتشرقون ، لنجیب العقیقی. القاهرة : دار المعارف ، طبعة رابعة موسعة ،3 ج.

5 - موسوعة المستشرقین ، لعبد الرحمن بدوی. بیروت : دار العلم للملایین ، ط. 3 ، 1993 م ، طبعة جدیدة منقحة ومزیدة.

ص: 214

أبرز الکتب العربیة المحققة والمشورة

فی أوروبا فی القرن التاسع عشر

1 - الإفادة والاعتبار بما فی مصر من الآثار.

تألیف : موفق الدین عبد اللطیف البغدادی.

نشره : الفرنسی دی ساسی ، 1810 م (مع ترجمة فرنسیة وتعلیقات مستفیضة).

2 - مقامات الحریری

نشرها : دی ساسی ، 1812 م (زودها بشرح بالعربیة).

3 - کلیلة ودمنة.

نشره : دی ساسی ، 1816 م.

4 - رحلة محمد ابن بطوطة (الرحالة العربی الطنجی).

نشرها : الألمانی کوزجارتن ، 1818 م.

5 - معلقة عمرو بن کلثوم التغلبی ، بشرح الزوزنی.

نشرها : کوزجارتن ، 1819 م (بحسب

مخطوطات باریس).

6 - معلقة الحارث بن حلزة ، بشرح الزوزنی.

نشرها : الألمانی فولرز ، 1827 م (بحسب مخطوطات باریس ، مع قصیدتین لأبی العلاء بحسب مخطوط بطرسبرج ، مع ترجمة لاتینیة وشرح).

7 - معلقة طرفة (ابن العبد) ، بشرح الزوزنی.

نشرها : فولرز ، 1827 م (بحسب مخطوطات باریس ، مع ترجمة لاتینیة ، وترجمة لحیاة الشاعر ، مع إضافات مختارات من تعلیقات ریسکه).

8 - مختارات عربیة.

منشورة عن مخطوطات باریس وجوتا

وبرلین ، مع معجم وتعلیقات.

نشرها : کوزجارتن ، 1828 م.

ص: 215

9 - تاریخ الطبری.

نشره : کوزجارتن ، ج 1 : 1831 م ، ج 2 : 1838. ج 4 : 1853 (مع ترجمة لاتینیة).

10 - کتاب طبقات الحفاظ.

تألیف : أبی عبد الله الذهبی.

نشره : الألمانی فستنفلد ، 1833 م ، 3 ج.

11 - أشعار الهذلیین.

نشرها : کوزجارتن ، 1834 م ، مج 1.

12 - مقتطفات من کتاب : (حسن المحاضرة فی أخبار مصر والقاهرة).

لجلال الدین السیوطی.

نشرها : السویدی تورنبرج : ج 1 - 4 ، 1834 - 1835 م.

13 - اللوحات الجغرافیة.

لأبی الفداء.

نشرها : فستنفلد ، 1835 م.

14 - لباب الأنساب.

لأبی سعد السمعانی.

اختصره وأصلحه ابن الأثیر.

نشره : فستنفلد ، 1835 م.

15 - وفیات الأعیان.

لابن خلکان.

نشره : فستنفلد ، الکراسات 1 - 13 ، 1835 - 1850 م ، ونشر له إضافات واختلافات قراءة، ج 1 وج 2 ، 1837 م.

16 - أطواق الذهب.

للزمخشری.

نشره : النمساوی همر ، 1835 م.

17 - کشف الظنون عن أسامی الکتب والفنون.

لکاتب جلبی مصطفی بن عبد الله ، الملقب بحاجی خلفا أو خلیفة.

نشره : الألمانی فلوجل ، 1835 - 1858 م ، 7 مج (مع ترجمة لاتینیة فی أسفل الصفحات).

18 - رسائل فلسفیة.

للشیخ أبی نصر الفارابی ، وللشیخ الرئیس أبی علی ابن سینا.

نشرها : الألمانی اشمیلدرز ، 1836 م

ص: 216

19 - السلوک لمعرفة دول الملوک.

للمقریزی.

نشره : الفرنسی کاترمیر ، 1837 - 1845 م ، القسم الثانی فی مجلدین (مع ترجمة بالفرنسیة ، وتعلیقات).

20 - کتاب الأغانی الکبیر.

للأصفهانی.

نشره : کوزجارتن ، 1840 م ، الجزء الأول (مع ترجمة لاتینیة وتعلیقات).

21 - تاریخ سلاطین خوارزم.

لمیرخوند.

نشره : الفرنسی دفرمری ، 1842 م.

22 - الملل والنحل.

للشهرستانی.

نشره : الإنجلیزی کیورتن ، 1842 - 1846 م ، 2 ج.

23 - کتاب تهذیب الأسماء.

لأبی زکریا یحیی النووی.

نشره : فستنفلد ، 1842 - 1847 م ، (وکان فستنفلد قد نشر قسما منه فی 1832 م).

24 - العقائد النسفیة.

لمعین الدین النسفی.

نشره : کیورتن ، 1843 م.

25 - روض القرطاس ، أو : أخبار ملوک المغرب.

وهو فی تاریخ المغرب خلال خمسة قرون ، من 788 إلی 1325 م.

لابن أبی زرع.

نشره : تورنبرج ، 1843 + 1846 م ، ج 1 وج 2.

26 - التعریفات.

للسید الشریف علی بن محمد

الجرجانی.

نشره : فلوجل ، 1845 م.

27 - رسالة فی تعریف الاصطلاحات الصوفیة.

لابن عربی.

نشرها : فلوجل ، 1845 م (ملحقة بکتاب التعریفات السابق).

28 - المشترک وضعا والمختلف صقعا.

لیاقوت الحموی.

ص: 217

نشره : فستنفلد : 1846 م.

29 - شرح تاریخی علی قصیدة ابن عبدون.

لابن بدرون.

نشره : الهولندی دوزی ، 1846 - 1848 م.

30 - الحلة السیراء.

لابن الأبار.

نشر فصولا مستخلصة منه : دوزی ، فی کتاب : تعلیقات علی بعض المخطوطات العربیة، 1847 - 1851 م.

31 - تاریخ الموحدین.

لعبد الواحد المراکشی.

نشره : دوزی ، 1847 م.

32 - البیان المغرب.

لابن عذاری.

نشره : دوزی ، 1848 - 1851 م ، 2 ج (مع مقدمة وتعلیقات ومعجم).

33 - عجائب المخلوقات، وآثار البلاد.

کتابان لزکریا بن محمود القزوینی.

نشرهما : فستنفلد معا ، لأنه یعتقد أنهما

یؤلفان کتابا واحدا فی ذهب القزوینی ، 1848 - 1849 م ، 2 مج.

34 - مقتطفات من الجغرافیین والمؤرخین العرب والفرس.

نشرها : دفرمری ، 1849 م.

35 - المعارف.

لابن قتیبة.

نشره : فستنفلد ، 1850 م.

36 - رسالة محمد بن حبیب عن اتفاق وافتراق أسماء القبائل العربیة.

نشرها : فستنفلد ، 1850 م.

37 - مراصد الاطلاع.

وهو مختصر من کتاب : معجم البلدان.

لیاقوت الحموی.

نشره : الهولندی یونبول ، 1850 - 1854 م ، 3 مج.

38 - ألفیة ابن مالک ، مع شرح ابن عقیل.

نشرها : الألمانی دیتریصی، 1851 م.

ص: 218

39 - جبر عمر الخیام.

نشره : الألمانی فیبکه ، 1851 م (مع ترجمة بالفرنسیة ، ومستخرجات من مخطوطات غیر منشورة).

40 - رحلة ابن جبیر.

نشرها : الإنجلیزی رأیت ، 1852 م.

41 - النجوم الزاهرة فی أخبار مصر والقاهرة.

لأبی المحاسن ابن تغری بردی.

نشره : یونبول ، 1852 - 1861 م ، أربعة أقسام فی مجلدین.

42 - الاشتقاق.

لابن درید.

نشره : فستنفلد : 1854 م.

43 - نفح الطیب فی غصن الأندلس الرطیب.

للمقری.

نشره : الفرنسی دجا ، 1855 - 1861 م ، 2 مج (بعض المجلد الأول والمجلد الثانی).

44 - السیرة.

لابن إسحاق ، بروایة عبد الملک بن هشام.

نشرها : فستنفلد ، 1857 - 1860 م ، 2 مج (مع مقدمة وتعلیقات).

45 - أخبار مکة : نصوص عربیة.

نشرها : فستنفلد ، 1857 - 1961 م ، 4 مج (جمع فیها مؤلفات خمسة مؤرخین حول تاریخ مکة ، وهم : الأزرقی ، وابنه ، الفاکهی ، وابن ظهیرة ، وقطب الدین).

46 - دیوان المتنبی ، مع شرح الواحدی.

نشره : دیتریصی ، 1858 - 1861 م.

47 - رسائل عربیة.

نشرها : رأیت.

48 - البلدان.

للیعقوبی.

نشر : الهولندی دی خویه ، وصف المغرب منه ، 1860 م (مع ترجمة لاتینیة).

ص: 219

49 - البلدان.

للیعقوبی.

نشر : یونبول الابن (ابن أستاذ دی خویه) باقی کتاب (البلدان) للیعقوبی ، 1861 م.

50 - تاج التراجم فی طبقات الحنفیة.

لزین الدین قاسم بن قطلبغا.

نشره : فلوجل ، 1862 م.

51 - مروج الذهب.

نشره : الفرنسی باربییه دی مینار ، 1861 - 1877 م ، 9 مج (تعاون معه فی المجلدات الثلاثة الأولی : بافیه دی کورتای).

قام شارل بلا بطبعة جدیة لهذه النشرة.

52 - کامل التواریخ.

لابن الأثیر.

نشره : السویدی تورنبرج ، وصدر علی الترتیب التالی :

الجزء الحادی عشر : ویشمل الحوادث من عام 527 - 583 ه ، فی سنة

1862 م.

الجزء التاسع : ویشمل الحوادث من عام 370 - 450 ، فی 1863 م.

الجزء العاشر : ویشمل الحوادث من عام 228 - 298 ه ، فی 1865 م.

الجزء الأول : ویشمل تاریخ ما قبل الإسلام ، فی 1867 م.

53 - فتوح البلدان.

للبلاذری.

نشره : دی خویه ، 1863 - 1866 م ، 2 ج.

54 - الکامل.

للمبرد.

نشره : رأیت ، 1864 - 1882 م.

55 - روایة ابن الأثیر عن فتح العرب لإسبانیا.

نشرها : تورنبرج ، 1865 م.

56 - تلخیص أعمال الحساب.

لابن البنا المراکشی.

نشره : مار ، 1865 م.

ص: 220

57 - کتاب روجار.

للإدریسی.

نشره : دی خویه ، ورینهرت دوزی ، 1866 م (مع ترجمة فرنسیة ، وتعلیقات ، ومعجم).

58 - معجم البلدان.

لیاقوت الحموی.

نشره : فستنفلد ، 1866 - 1873 م ، 6 مج.

59 - الآجرومیة.

لابن آجروم.

نشره: الفرنسی برنییه، 1886 م.

60 - دیوان عنترة.

نشره : توربکه ، 1867 م.

61 - دیوان النابغة الذبیانی ، مع تتمة.

نشره : دارنبور ، 1869 م.

62 - العیون والحدائق فی أخبار الحقائق.

نشر ما تبقی منه : دی خویه ، 1869 م.

63 - مکتبة الجغرافیین العرب.

مجموعة فریدة من کتب الجغرافیا.

نشرها : دی جویه ، 1870 - 1894 م ، 8 مج.

وتتکون مجلدات هذه المجموعة من : المجلد الأول : المسالک والممالک ، للاصطخری ، 1870 م.

المجلد الثانی : المسالک والممالک ، لابن حوقل ، 1873 م.

المجلد الثالث : أحسن التقاسیم فی معرفة الأقالیم ، للمقدسی ، 1877 م.

المجلد الرابع : یحتوی علی

الفهارس ، ومعجم ، وإضافات عدیدة ، وتصحیحات للمجلدات السابقة.

المجلد الخامس : کتاب البلدان ، لابن الفقیه الهمدانی ، 1885 م.

المجلد السادس : یحتوی علی

کتابین ، هما :

1 - المسالک والممالک، لابن خرداذبه.

2 - مختصر کتاب الخراج ، لقدامة بن جعفر.

نشره هذا المجلد فی سنة 1889 م.

المجلد السابع : یحتوی علی کتابین أیضا ، هما :

ص: 221

1 - کتاب الأعلاق النفیسة ، لأبی علی أحمد بن عمر بن رسته.

2 - کتاب البلدان ، للیعقوبی.

نشر هذا المجلد فی سنة 1892 م.

المجلد الثامن : کتاب التنبیه

والإشراف ، للمسعودی (مع فهارس ، ومعجم للمجلدین السابع والثامن).

64 - شرح جمال الدین ابن هشام علی قصیدة (بانت سعاد) لکعب بن زهیر.

نشره : الإیطالی جویدی ، 1871 - 1874 م.

65 - درة الغواص فی أوهام الخواص.

للحریری ، صاحب المقامات.

نشره : توربکه ، 1871 م.

66 - الفهرست.

لابن الندیم.

حققه : فلوجل ، وطبعه بعد وفاته : أوجست ملر ، وبهان ریدجر ، 1971 - 1872 م ، 2 ج.

67 - فصل المقال فیما بین الشریعة والحکمة من اتصال.

لابن رشد.

نشره : ملر ، 1875 م (بضمن کتابه : الفلسفة والکلام عند ابن رشد).

68 - کشف مناهج الأدلة عن عقائد الملة.

لابن رشد.

نشره : ملر ، 1875 م (بضمن کتابه : الفلسفة والکلام عند ابن رشد).

69 - کتاب فیما یلحن فیه العامة.

نشره : الفرنسی هرتفج دارنبور ، 1875 م.

70 - المنقذ من الضلال.

للغزالی.

نشره : باربییه دی مینار ، 1876 م.

71 - کتاب الفصیح.

لثعلب.

نشره : الألمانی جاکوب بارت ، 1876 م.

72 - معجم ما استعجم.

للبکری.

نشره : فستنفلد ، 1876 م.

ص: 222

73 - دیوان البهاء زهیر.

نشر الجزء الأول منه : بالمر ، 1876 م.

74 - أسرة الزبیر.

للدمشقی.

نشره : فستنفلد ، 1878 م.

75 - الأخطل مادح الأمویین.

(هو تحقیق لبعض قصائد الأخطل).

نشره : الهولندی هوتسما ، 1878 م.

76 - تاریخ الطبری.

وضع خطة تحقیقه وأشرف علیه بعد أن وزع العمل بین مجموعة من المستشرقین : المستشرق الهولندی دی خویه ، 1879 - 1901 م ، 13 مج.

77 - رسائل أبی الولید مروان بن جناح القرطبی.

نشرها : الألمانی جوزیف دارنبور ، بالاشتراک مع ابنه ، 1880 م.

78 - کتاب الأضداد.

لابن الأنباری.

نشره : هوتسما ، 1881 م.

79 - المکتبة العربیة الإسبانیة.

نشرها : کودیرا ، بالاشتراک مع ربیرا ، 1882 - 1893 م ، 10 مج.

وهی تشتمل علی مجموعة کتب مهمة فی تاریخ المسلمین فی الأندلس ، وتراجم علمائهم ، وهذه الکتب هی :

1 - الصلة.

لابن بشکوال.

2 مج ، 1882 - 1883 م.

2 - بغیة الملتمس فی تاریخ رجال الأندلس.

للضبی. 1885 م.

3 - معجم تلامیذ أبی علی الصدفی

لابن الأبار. 1886 م.

4 - تکملة الصلة.

لابن الأبار.

1887 - 189 م ، 2 مج.

5 - تاریخ علماء الأندلس.

لابن الفرضی.

1891 م.

80 - الکتاب.

لسیبویه.

ص: 223

نشره : هرتفج دارنبور ، 1883 م.

81 - تاریخ الیعقوبی.

نشره : هوتسما ، 1883 م.

82 - مختارات من : (رسائل إخوان الصفا).

نشرها : دیترصی ، 1884 - 1886 م.

83 - المفضلیات.

للمفضل الضبی.

نشرها : توربکه ، 1885 م ، الکراسة الأولی.

84 - المواعظ والاعتبار.

لأسامة بن منقذ.

نشره : هرتفج دارنبور ، 1886 م.

85 - الفتح القسی فی الفتح القدسی.

لعماد الدین الأصفهانی.

نشره : السویدی لاندبرج ، 1888 م.

86 - مختارات من قصائد أسامة بن منقذ.

نشرها : هرتفج دارنبور ، 1889 - 1893 م.

87 - الثمرة المرضیة من الرسائل الفارابیة.

وهی مجموعة من رسائل الفارابی المهمة.

نشرها : دیترصی ، 1890 - 1892 م (مع دراسة عن الفلسفة العربیة).

88 - کتاب الاستدراک.

لأبی بکر الزبیدی.

نشره : جویدی ، 1890 م.

89 - کتاب الکامل.

للمبرد.

نشر المجلد الثانی عشر منه : دی خویه ، 1892 م ، لان ولیم رأیت کان قد نشر مجلداته السابقة لکنه توفی قبل أن یتمه.

90 - مجموعة مؤلفات ربی سعدیا بن یوسف الفیومی.

(وهی مؤلفات سعدیا العربیة).

نشرها : حوزیف دارنبور ، بالاشتراک مع ابنه ، 1893 - 1899 م ، 5 مج.

ص: 224

91 - کتاب الأفعال.

لأبی بکر محمد بن عمر ابن القوطیة.

نشره : جویدی ، 1894 م.

92 - الفخری فی الآداب السلطانیة.

لابن الطقطقی.

نشره : هرتفج دارنبور ، 1895 م.

93 - آراء أهل المدینة الفاضلة.

للفارابی.

نشره : دیترصی ، 1895 م.

94 - مفاتیح العلوم.

للخوارزمی.

نشره : الهولندی فان فلوتن ، 1895 م.

95 - نبذة من کتاب الدرة الألفیة فی علم العربیة.

لیحیی بن عبد المعطی الزواوی.

نشرها : السویدی زترستین ، 1895 م (نشر النص العربی لقطعة من هذه الألفیة ، مع ترجمة للسویدیة ، وشرح).

96 - الخراج.

لیحیی بن آدم.

نشره : الهولندی یونبول ، 1896 م.

97 - دیوان حاتم بن عبد الله بن الطائی ، مع شذرات.

نشره : السویدی شولتهس ، 1897 م (مع ترجمة للألمانیة).

98 - مختصر تاریخ الطبری.

لعریب بن سعد الکاتب القرطبی.

نشره : دی خویه ، 1897 م.

99 - تاریخ السودان.

لعبد الرحمن بن عبد الله بن عمران بن عامر السعدی.

نشره : الفرنسی هودا ، بالاشتراک مع بنوا ، 1898 - 1900 م (مع ترجمة بالفرنسیة).

100 - رسائل أبی العلاء المعری.

نشرها : الإنجلیزی مرجولیوث ، 1898 م.

101 - کتاب المعمرین.

لأبی حاتم السجستانی.

نشره : المجری جولد تسیهر ، 1899 م.

ص: 225

تحقیق التراث فی أوروبا مطلع القرن العشرین

تراجع الاهتمام بتحقیق التراث الإسلامی فی الغرب ، بعد مضی السنوات الأولی من القرن العشرین ، وتقلصت عملیة نشره کثیرا عما کانت علیه فی القرن السابق.

وبدا هذا الضمور بصورة واضحة فیما بعد الحرب العالمیة الثانیة ، وغیاب دور الاستعمار الأوروبی القدیم فی العالم الإسلامی ، منذ ذلک التاریخ ، وإن غیر الاستعمار أسالیبه واعتمد أسالیب جدیدة فی السیطرة عبر وکلائه.

وکانت حرکة تحقیق ونشر التراث الإسلامی فی الغرب ، قد تواصلت فی الثلاثین سنة الأولی من القرن العشرین ، ولکنها بدأت بالضمور بعد ذلک تدریجا ، تبعا لتقلص نفوذ الاستعمار التقلیدی فی البلاد الإسلامیة.

وفیما یلی قائمة بأبرز ما صدر محققا من الکتب العربیة فی أوروبا ، فی هذه الفترة ، أی للفترة من 1900 إلی 1930 ، تم ترتیبها بحسب تاریخ الصدور :

1 - کتاب البخلاء.

للجاحظ.

نشره : فان فلوتن ، 1900 م.

2 - الدرة الألفیة فی علم العربیة.

لابن عبد المعطی الزواوی.

نشرها : وترستین ، 1900 م (النص الکامل).

3 - عیون الأخبار.

لابن قتیبة.

نشره : بروکلمان ، 1900 (1908 م ، 4 ج.

4 - مجموع أشعار العرب.

نشرها : الألمانی فلهم ألفرت (ولیم الورد) ، 1902 - 1903 م ، 3 ج.

ص: 226

5 - دیوان العجاج.

(دیوان رؤیة بن العجاج).

نشره : فلهم ألفرت ، 1903 م.

6 - رسائل صغیرة.

للجاحظ.

نشرها : فان فلوتن ، 1903 م.

7 - الطبقات الکبری.

لابن سعد.

نشرها : جماعة من المستشرقین

الألمان ، وهم : هورفتس ، ومتوخ ، وبروکلمان ، وشوالی ، ولبرت ، ومیسنر ، وزترستین ، بإشراف : سخاو ، فی 1903 - 1928 م ، 9 مج.

8 - من : کتاب التاریخ.

لهلال الصابی.

نشره : الإنجلیزی أمدروز ، 1904 م (نشر قطعة باقیة من هذا الکتاب ، تشتمل علی حوادث السنوات 389 - 393 ه).

9 - من : کتاب الوزراء.

لهلال الصابی.

نشره : أمدروز ، 1904 م (نشر قطعة

باقیة من بدایة الکتاب ، مع قطعة الکتاب السابق).

10 - الهاشمیات.

للکمیت بن زید الأسدی.

نشرها : هوروفتس ، 1904 م.

11 - رحلة ابن جبیر.

نشرها : دی خویه ، 1907 م (بالاعتماد علی طبعة ولیم رأیت لهذا الکتاب ، فی 1852 م.

12 - نقائض جریر والفرزدق.

نشره : بیفان ، 1905 - 1912 م ، 3 مج.

13 - مختارات من کتب الجغرافیا العربیة.

نشرها : دی خویه ، 1907 م.

14 - معجم الأدباء.

لیاقوت الحموی.

نشره : مرجولیوث ، 1907 - 1916 م ، 7 ج.

ص: 227

15 - قصائد عمر بن قمیثة.

نشرها : الإنجلیزی لیال ، 1910 م (مع ترجمة).

16 - قصیدة کعب بن زهیر فی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وشرحها.

لأبی زکریا یحیی بن علی ، الخطیب التبریزی.

نشرها : الألمانی کرنکوف ، فی ZDMG ج 65 (1911 م) ص 241 - 279 (مع تعلیقات نقدیة).

17 - کتاب المواعظ والاعتبار فی ذکر الخطط والآثار.

لتقی الدین المقریزی.

نشره : الفرنسی فییت ، 1911 - 1927 م ، ج 1 - 3 وج 5.

18 - دواوین عبید بن الأبرص الأسدی ، وعامر بن الطفیل ، وعامر بن صعصعة.

نشرها : لیال ، 1913 م (مع ترجمة وتعلیقات).

19 - فواتح الجمال.

لنجم الدین الکبری.

نشره : السویسری مارتز ، 1913 م.

20 - تذکرة النسیان فی أخبار ملوک السودان.

نشره : هودا ، 1913 - 1914 م (مع ترجمة بالفرنسیة).

21 - تاریخ الفتاش فی أخبار البلدان والجیوش وأکابر الناس.

لمحمود کاتی.

نشره : هودا ، 1913 - 1914 م.

22 - مختصر فی الجبر.

لابن بدر.

نشره : الإسبانی بیرث ، 1916 م (مع ترجمة بالإسبانیة ، ودراسة).

23 - طبقات الشعراء.

لابن سلام الجمحی.

نشره : الألمانی هل ، 1916 م.

ص: 228

24 - فصول من کتاب : المستظهری فی الرد علی الباطنیة.

للغزالی.

نشرها : جولد تسیهر ، 1916 م.

25 - دیوان مزاحم العقیلی.

نشره : کرنکوف ، 1920 م (مع ترجمة إنجلیزیة).

26 - دیوان عبید الله بن قیس الرقیات.

نشره : النمساوی رودوکاناکس ،

1920 م (مع ترجمة ألمانیة ، وتعلیقات).

27 - نشوار المحاضرة.

للتنوخی.

نشره : مرجولیوث ، 1921 م.

28 - کتاب الحیل والمخارج.

للخصاف.

نشره : شاخت ، 1923 م.

29 - کتاب الحیل فی الفقه.

لأبی حاتم القزوینی.

نشره : شاخت ، 1924 م.

30 - کتاب اللامات.

لأحمد بن فارس.

نشره : برجشتریسر ، 1924 م.

31 - دواوین الهذلیین الجدیدة.

نشرها : هل ، 1926 - 1933 م ، 2 ج.

32 - کتاب إذکار الحقوق والرهون.

نشره: شاخت ، 1926 - 1927 م.

33 - قطعة من : دیوان التدبیج.

لأبی الفضل عبد المنعم الغسانی

الأندلسی الجلیانی.

نشرها : زترستین ، 1927 م.

34 - النزاع بین الإسلام والمانویة.

کتاب لابن المقفع ضد القرآن الکریم رد علیه القاسم بن إبراهیم الزیدی.

نشره : جودیی ، 1927 م.

35 - وثائق غیر منشورة عن تاریخ الموحدین.

نشرها : لیفی بروفنصال ، 1928 م (مع ترجمة فرنسیة وتعلیقات).

ص: 229

36 - کتاب الشفعة.

للطحاوی.

نشره : شاخت ، 1929 - 1930 م.

تجدر الإشارة إلی أن ما نشر محققا من التراث العربی الإسلامی فی أوروبا ، منذ مطلع القرن السابع عشر حتی عام 1930 م ، أی من فی طول الفترة من 1600 إلی 1930 م ، لم یتجاوز (200) مائتی عنوان کتاب ، بحسب ما عثرنا علیه (1) ، من خلال تتبعنا فی المراجع المتخصصة.

ومع علمنا بأن الاستقراء التام فی مثل هذه الموارد متعذر ، ولکن یمکن أن نطمئن إلی أن قائمة الکتب العربیة المحققة فی الغرب فی تلک الفترة ، لا تزید علی الرقم المذکور کثیرا ، لأن الغربیین اهتموا منذ وقت مبکر فی توثیق ما تنشره مطابعهم ، خصوصا ما یتولون تحقیقه وضبط نصه من مؤلفات عربیة.

فقد قام الألمانی اشنورر (1742 - 1822 م) مثلا بتسجیل الکتب العربیة المطبوعة فی أوروبا ، للتفرة من 1588 إلی 1810 م ، فی کتاب (المکتبة العربیة) ، ثم أکمل عمله زنکر ، وکارل فریدریصی ، وأوجست ملر ، وفکتور شوفان الذی نشر ثبتا ببلیوغرافیا لما طبع هناک بعنوان (فهرست للمؤلفات العربیة والمتعلقة بالعرب التی نشرت فی أوروبا المسیحیة من 1810 إلی 1885 م).

لقد تم انتقاء بعض الکتب العربیة وتحقیقها ، فیما جری تجاهل لآلاف الکتب العربیة المخطوطة ، والمکدسة فی رفوف المکتبات الأوروبیة ، ففی القائمة السابقة نلاحظ تغییبا تاما لروح التراث الإسلامی ، وکنوزه المتمثلة بالتفسیر وعلوم القرآن الکریم ، والسنة الشریفة وعلومها ، إذ لا نجد کتابا مرجعیا واحدا مما حققه الغربیون فی ذلک!

کذلک نری تجاهلا لتراث السیرة الشریفة ، فلم ینشر فی أوروبا طیلة تلک المدة سوی کتاب واحد فی السیرة (السیرة ، لابن إسحاق ، بروایة ابن هشام ،

ص: 230


1- 1. یتجاوز عدد الکتب العربیة المنشورة فی أوروبا - غیر المحققة - ، فی هذه الفترة ، هذا العدد بکثیر.

نشره : فستنفلد ، فی 1857 - 1860 م) ، ومقتطفات محدودة فی السیرة من بعض کتب التاریخ الأخری!

وهکذا الحال بالنسبة لتراث الفقه الإسلامی وأصوله العظیم ، الذی یقع فی مئات المجلدات ، والذی عبر عن عظمة الشریعة ، وقدرة الإسلام الفائقة فی تنظیم المجتمع وإدارته ، لکن المستشرقین لم ینشروا سوی بضع رسائل ثانویة منه ، فی مطلع هذا القرن ، نشرها الألمانی شاخت ، فی التفرة من 1923 - 1933 م.

إن التفسیر وعلوم القرآن الکریم ، والسنة الشریفة وعلومها ، والسیرة الطاهرة ، الفقه ، إن هذه العلوم تمثل الروح الحقیقیة لتراثنا المجید ، وتجسد المعالم الأصیلة لشخصیة الأمة المسلمة ، وتکشف عن منابع القوة فی هذه الشخصیة ، وتبرز رصیدها الهائل من منجزات حضاریة عظمی ، وما تمتاز به علی سائر الأمم من عقیدة نقیة قائمة علی الفطرة ، ومن قیم وأخلاق کریمة تفوقت بها علی سائر المجتمعات البشریة علی طول التاریخ ، وقضت بها علی نزعة البربریة والظلم والعدوان ، التی کانت وراء کل الانتهاکات لحقوق الإنسان فی التاریخ.

إن المستشرقین حین یتجاهلون هذا التراث الخالد ، مع توفره بکثافة فی خزائن الکتب لدیهم ، ویعمدون إلی تحقیق وترجمة ونشر الکتب العربیة الأخری ، إنما یقومون بذلک ، وهم علی وعی تام بطبیعة الدور الخطیر الذی یضطلعون بأدائه ، فی تشکیل صورة مزیفة للقرآن ، والنبی الکریم صلی الله علیه وآله وسلم ، ومن ثم الإسلام ، فی العقل الغربی ، عندما یستلهمون هذه الصورة من بعض کتب التاریخ ، وتاریخ الفرق الإسلامیة ، ودواوین الشعر ، ویرکزون علی انتزاع بعض الشطحات ، والمواقف الماجنة الشاذة ، والسلوکیات المنفرة ، والأساطیر ، والإسرائیلیات ، فیسلطون علیها الأضواء ، ویکثرون الحدیث عنها ویسعون لتعمیمها ، والتأکید علی أنها تعکس طبیعة الإسلام

ص: 231

والمسلمین ، بینا یحجبون یعمد الإنسان الغربی عن التعرف علی الإسلام ، والقرآن ، والنبی الکریم صلی الله علیه وآله وسلم ، من خلال تراث الإسلام الأصیل فی التفسیر ، والسنة ، والسیرة الشریفة ، والفقه.

کما یجری طمس وتجاهل للتراث العلمی الذی أنجزه العلماء المسلمون ، وما حققوا فیه من سبق فی تأسیس بعض العلوم ، کالجبر ، والکیمیاء ، والبصریات ، ... وغیرها ، أو تطویر وتقدم لعلوم أخری ، کالهیئة ، والطب ، والفلاحة ... وغیرها ، هذه العلوم التی أسست علی معطیاتها النهضة الأوروبیة الحدیثة ، فإنا لا نجد مسعی من المستشرقین لنفض الغبار عن مخطوطاتها ، سوی بعض الحالات القلیلة ، والتی منا ما ذکرناها فیما سبق.

ولعل تجاهل هؤلاء الباحثین للتراث العلمی الإسلامی ، یعبر عن الدعاوی التی أطلقها بعضهم ، فی أن الإنسان الشرقی میتا فیزیقی ، لا عقلانی ، خامل ... وغیر ذلک ، من شتائم ، لأن تحقیق ونشر المؤلفات العربیة فی الریاضیات ، والطب والکیمیاء ، والهیئة ، والفلاحة ، ... وغیرها من تراث علمی وفیر ، من شأنه أن یزیف عملیا تلک الدعاوی ، ویبرهن علی أن الإنسان الذی أبدع هذه العلوم ، إنسان عقلانی ، علمی ، دقیق ، وإلا فکیف یتسنی له خلق وابتکار کل هذه العلوم وهو خرافی ، لا عقلانی ، خامل؟! ومما ینبغی التنویه به ، أن بعض الباحثین یشیعون بأن للمستشرقین الفضل الأول فی تحقیق ونشر تراثنا!! ولولاهم لم یتحقق لهذا التراث أن یخرج من غرف المخطوطات المغلقة ، ولظل حبیسا فی خزائن المخطوطات حتی الیوم!

ولکن مع عدم إنکارنا للخدمات التی أسهم بها الکثیر من المستشرقین فی تصحیح ونشر بعض المخطوطات العربیة ، وإعداد الکشافات والمعاجم لها ، إلا أن جهد هؤلاء تمحور حول بعض دواوین الشعر وکتب الأدب ، ومقتطفات اقتبسوها من المؤلفات التاریخیة ، بینما أعرضوا عن الینابیع الأساسیة

ص: 232

والأصیلة للتراث الإسلامی - کما أشرنا قبل قلیل -.

هذا من جهة ، ومن جهة أخری ، فإن عدد الکتب التی حقهها ونشرها هؤلاء فی مدة ثلاثة قرون ونصف تقریبا ، کان نحو (200) مائتی کتاب ، فی عموم البلاد الأوروبیة ، بینما حقق ونشر فی بلد واحد من بلدان العالم الإسلامی ، وهو إیران ، ما لا یقل عن (1000) ألف کتاب ورسالة باللغة العربیة حتی الیوم - کما سنلاحظ ذلک فی القائمة الملحقة بهذا البحث - ، مع أن منهج التحقیق الحدیث للتراث العربی الإسلامی ، عرف فی إیران منذ فترة لا تزید علی خمسین عاما فقط ، وإن کان نشر الکتاب العربی فی المطابع الإیرانیة قد ظهر منذ فترة طویلة (1).

لقد بلغ إسهام بلد إسلامی واحد فی تحقیق ونشر التراث العربی الإسلامی فی مدة لا تزید علی خمسین عاما ، ما یفوق إسهام أوروبا بمجموعها ، أی نحو خمسة أضعاف ما حققه ونشره الأوروبیون ، فی مدة تقارب ثلاثة قرون ونصف ، وهی نسبة ذات دلالة غیر عادیة ، لا سیما إذا عرفنا أن ما نشر فی بلدان إسلامیة أخری محققا لا یقل عن ذلک ، بل یفوقه فی بعض البلاد العربیة کمصر مثلا.

فلماذا یصر البعض علی أن فضل أوروبا والباحثین من أبنائها فی تحقیق ونشر تراثنا لا یماثله شئ؟! ، فیخیل إلینا أن هؤلاء أولی إحسان ، لا بد أن یشکروا ویکرموا علی ما أسدوه من خدمات فی هذا السبیل ، فیما یتم تناسی عملیات السطو والإغارة ، التی کان یتولاها هؤلاء منذ عدة قرون علی هذا التراث وأهله ، حتی صار جزء کبیر منه ومن أنفس نفائسه ونوادره فی خزائنهم.

وکذلک تخفی الأهداف الحقیقیة التی دفعت الکثیر منهم لتصحیح ونشر هذا التراث ، کما لا تکشف طریقتهم الاصطفائیة فی انتخاب ما یریدونه لرسم

ص: 233


1- 1. بلغ عدد الکتب العربیة المنشورة فی إیران منذ ظهور الطباعة حتی ، أکثر من خمسة آلاف عنوان.

صورة مشوهة للإسلام والمسلمین ، باقتطاع أجزاء خاصة من تاریخ الفرق ، والشعر ، والأدب ، والإسرائیلیات ، ونشرها ، بعد تسلیط العدسات المکبرة علیها.

تحقیق ونشر التراث فی الهند

عرفت الهند الطباعة العربیة منذ القرن الثامن عشر ، وکان (تفسیر الجلالین) أهم کتاب أصدرته مطابع الهند آنذاک ، فقد طبع فی دهلی ، سنة 1796 م.

وصدرت فیها مجموعة من الکتب العربیة المصححة ، فی مطلع القرن التاسع عشر ، وتواصل نشر التراث العربی الإسلامی فیها حتی الیوم ، وکانت (دائرة المعارف العثمانیة) من أنشط مراکز إحیاء التراث وأعرقها فی الهند ، منذ تأسیسها سنة 1888 م ، ولم تزل بعد ما یزید علی قرن من الزمان ، مستمرة فی مهمتها العلمیة ، وربما لا نعدو الحقیقة إذا قلنا بأنها أعرق مؤسسة لإحیاء التراث الإسلامی ، یدوم عطاؤها کل هذه المدة ، وتساهم فی تحقیق ونشر عدد وفیر من المصنفات الإسلامیة فی : التفسیر وعلوم القرآن ، والحدیث الشریف وعلومه ، والفقه ، والتراث العلمی ... وغیرها.

ولذا أعادت دور نشر الکتاب فی بیروت طباعة الکثیر من إصداراتها بالتصویر (الأوفسیت) ، من دون تغییر أو إضافة ، وهی متداولة الیوم فی المکتبات.

لقد عنی بتصحیح الکتب العربیة ونشرها فی المطابع العربیة ، فی : دهلی ، وکلکتا ، وبمبای ، وحیدر آباد ، مجموعة من العلماء المسلمین الهنود ، وعدد قلیل من المستشرقین ، ممن استقدمتهم (شرکة الهند الشرقیة) ، إبان الاستعمار الإنجلیزی للهند ، ومن هؤلاء :

ص: 234

الإنجلیزی ماثیولمسدن ، الذی عهدت إلیه إدارة مطبعة کلکتا ، ثم خلفه الایرلندی ولیم ناسولیس ، والنمساوی اشبرنجر التیرولی.

أما العلماء الهنود ، فمن أبرزهم :

المولوی عبد الحق غلام قادر ، والمولوی کبیر الدین ، والمولوی سدید الدین خان ، والمولوی بشیر ، ومولوی الله راود ، ومولوی جان علی ، وأحمد بن محمد الشروانی الیمانی - المتوفی سنة 1840 م - وولیم عبد الرحیم ابن عبد الکریم - المتوفی سنة 1851 م - ومحمد بدر الدین العلوی ، والشیخ عبد العزیز المیمنی الراجکوتی.

وفیما یلی أبرز الکتب العربیة المحققة والمنشورة فی الهند إلی سنة 1930 م ، مرتبة بحسب تاریخ صدورها :

1 - هذه مجموعة الکتب المتداولة لدرس النحو ، وقد تعمدت تصحیحها وصونها عن الغلط والسهو.

تصحیح ولیم کاری.

کلکتا : 1802 - 1805 م.

(هکذا ورد عنوان هذه المجموعة ، من قبل مصححها) وهی تشتمل علی الکتب التالیة :

1 - المائة عامل، للشریف الجرجانی.

2 - شرح المائة عامل.

3 - المصباح ، للمطرزی.

4 - هدایة النحو ، للغزنوی.

5 - الکافیة ، لابن الحاجب.

2 - المقامات الحریریة.

نشرها : مولوی الله راود ، ومولوی جان علی.

کلکتا : 1809 - 1812 م ، 2 مج.

3 - عجائب المقدور فی أخبار تیمور.

لابن عربشاه.

نشره : أحمد بن محمد الشروانی الیمانی ، المتوفی 1840 م.

کلکتا : 1812 م.

4 - رسائل إخوان الصفا.

نشرها : أحمد بن محمد الشروانی الیمانی.

ص: 235

کلکتا : 1812 م (شرع فی نشرها لکنه لم یتمها).

5 - خلاصة الحساب.

للشیخ البهائی.

نشره : استراتشی.

کلکتا : 1812 م.

6 - القاموس المحیط.

للفیروز آبادی.

نشره : أحمد بن محمد الشروانی الیمانی.

کلکتا : 1817 م.

7 - المعلقات.

مع شرح مستمد کله من شرح الزوزنی.

نشرها : ولیم عبد الرحیم بن عبد الکریم ، المتوفی 1851 م.

کلکتا : 1823 م.

8 - ألف لیلة ولیلة.

نشرها : الصاغ تیرنر ما کان.

کلکتا : 1839 - 1842 م ، 4 مج (نشرة کاملة).

9 - اصطلاحات الصوفیة.

لعبد الرزاق الکاشانی.

نشره : اشبرنجر.

کلکتا : 1844 م.

10 - مختارات من المؤلفین العرب.

نشرها : اشبرنجر.

کلکتا : 1845 م.

11 - مختصر المعانی.

للتفتازانی.

نشره : مولوی جان علی.

کلکتا : 1846 م.

12 - فهرست کتب الشیعة.

للشیخ الطوسی.

نشره : اشبرنجر ، ومولوی عبد الحق ، ومولوی غلام قادر.

کلکتا : 1853 م (بذیله : نضد الإیضاح).

13 - نضد الایضاح.

وهو ترتیب کتاب (إیضاح الاشتباه) للعلامة الحلی.

لمحمد بن محسن الفیض الکاشانی ،

ص: 236

المعروف بعلم الهدی.

نشره : اشبرنجر ، ومولوی عبد الحق ، ومولوی غلام قادر.

کلکتا : 1853 م (بذیل : فهرست الطوسی).

14 - کتاب المغازی.

للواقدی.

نشره : فون کریمر.

کلکتا : 1855 م.

15 - دیوان الحماسة.

لأبی تمام.

نشرها : کبیر الدین أحمد ، ومولوی غلام ربانی.

کلکتا : 1856 م.

16 - الإصابة فی تمییز أسماء الصحابة.

لابن حجر العسقلانی.

نشره : المولوی عبد الحی.

کلکتا : ابتداء من سنة 1856 م فصاعدا.

17 - الکشاف عن حقائق التنزیل.

للزمخشری.

نشره : لی.

کلکتا : 1856 م.

18 - کشاف اصطلاحات الفنون.

للتهانوی.

نشره : مولوی محمد وجیه ، ومولوی عبد الحق ، ومولوی غلام قادر ، واشبرنجر.

کلکتا : 1862 م ، 2 ج.

19 - شرح الخطیب أبی زکریا یحیی التبریزی علی القصائد العشر الجاهلیة.

وهی المعلقات السبع ، وقصیدة

للأعشی ، وأخری للنابغة ، وثالثة لعبید بن الأبرص.

نشره : لیال.

کلکتا : 1894 م.

20 - تجرید أسماء الصحابة.

(مختصر أسد الغابة).

لشمس الدین الذهبی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1895 م ، 2 ج.

21 - الجوهر النقی.

لابن الترکمانی ، المتوفی 745 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف

ص: 237

العثمانیة ، 1898 م ، 2 ج.

22 - الخصائص الکبری ،

لجلال الدین السیوطی ، المتوفی 911 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1900 - 1901 م ، 2 ج.

23 - الروضة البهیة.

لأبی عذبة ، المتوفی 1225 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1902 م.

24 - مناقب الإمام الأعظم.

لأبی المؤید المکی ، المتوفی 568 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1903 م ، 2 ج.

25 - الجمع بین رجال الصحیحین.

لابن القیسزانی ، المتوفی 507 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1903 م ، 2 ج

26 - مسند أبی داود الطیالسی.

لأبی داود ، المتوفی 204 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف

العثمانیة ، 1903 م.

27 - کتاب الکنی والأسماء.

لأبی بشر الدولابی ، المتوفی 310 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1904 م.

28 - تعجیل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة.

لابن حجر العسقلانی ، المتوفی 852 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1904 م.

29 - قرة العین.

عبد الغنی البحرانی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1905 م.

30 - تهذیب التهذیب.

لابن حجر العسقلانی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1905 - 1907 م ، 12 ج.

31 - الفائق فی غریب الحدیث.

للزمخشری ، المتوفی 538 ه.

ص: 238

حیدرآباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1905 م ، 2 ج.

32 - مصدق الفضل.

شرح قصیدة بانت سعاد لکعب بن زهیر.

لشهاب الدین الدولة آبادی ، المتوفی 848 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1905 م.

33 - الاستیعاب فی معرفة الأصحاب.

لابن عبد البر القرطبی ، المتوفی 463 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1907 - 1916 م ، 2 ج.

34 - السمط المجید.

لصفی الدین القشاشی ، المتوفی 1071 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1907 م.

35 - المغرب فی ترتیب المعرب.

لأبی الفتح المطرزی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1908 م ، 2 ج.

36 - لسان المیزان.

لابن حجر العسقلانی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1909 - 1912 م ، 2 ج.

37 - الأمم لإیقاظ الهمم.

(فی أصول الحدیث).

لبرهان الدین الکورانی ، المتوفی 1102 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1910 م (رسائل خمسة أسانید).

38 - بغیة الطالبین.

(فی أصول الحدیث).

لأحمد النخلی ، المتوفی 1114 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1910 م (رسائل خمسة أسانید).

39 - الإمداد.

(فی أصول الحدیث).

لعبد الله البصری ، المتوفی 1134 ه.

ص: 239

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1910 م (رسائل خمسة أسانید).

40 - قطف الثمر.

(فی أصول الحدیث).

لصالح العمری ، المتوفی 1218 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1910 م (رسائل خمسة أسانید).

41 - إتحاف الأکابر.

(فی أصول الحدیث).

لأبی علی الشوکانی ، المتوفی 1255 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1910 م (رسائل خمسة أسانید).

42 - الجواهر المضیئة.

لعبد القادر الحنفی ، المتوفی 775 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1913 م ، 2 ج.

43 - الأزمة والأمکنة.

لأبی علی المرزوق ، المتوفی 435 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1913 م ، 2 ج.

44 - جامع مسانید الإمام الأعظم أبی حنیفة.

لأبی المؤید الخوارزمی ، المتوفی 665 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1913 م ، 2 ج.

45 - فتح المتعال.

لأحمد المغربی ، المتوفی 1041 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1915 م.

46 - شرح السیر الکبیر.

للسرخسی ، المتوفی 483 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1916 - 1917 م ، 4 ج.

47 - المستدرک (مع التلخیص للذهبی).

للحاکم النیسابوری ، المتوفی 405 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1334 - 1342 ه ، 4 ج.

ص: 240

48 - الکهف والرقیم فی شرح بسم الله الرحمن الرحیم.

لعبد الکریم الجیلی ، المتوفی 826 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1917 م.

49 - مرآة الجنان وعبرة الیقظان.

للیافعی ، المتوفی 768 ه.

حیدرآباد الدکن : دائرة المعارف

العثمانیة ، 1918 - 1920 م ، 4 ج.

50 - التحفة النظامیة فی الفروق الاصطلاحیة.

لعلی أکبر النجفی ، المتوفی 1302 ه.

حیدر آباد الدکن ، دائرة المعارف العثمانیة ، 1921 م.

51 - المباحث المشرقیة فی علم الإلهیات والطبیعیات.

لفخر الدین الرازی ، المتوفی 606 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1924 م ، 2 ج.

52 - رسالة فی مسائل متفرقة.

لأبی نصر الفارابی ، المتوفی 339 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1925.

53 - کتاب الفلاحة.

لعلاء الدین الطوسی، المتوفی 887 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1925 م.

55 - جمهرة اللغة.

لابن درید ، المتوفی 521 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1925 - 1932 م ، 4 ج.

56 - السنن الکبری ، وفی ذیلها : الجوهر النقی.

لأبی بکر البیهقی ، المتوفی 458 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف

ص: 241

العثمانیة ، 1925 - 1936 م ، 10 ج.

57 - کتاب تحصیل السعادة.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن ، دائرة المعارف العثمانیة ، 1926 م.

58 - کتاب الفصوص.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1926 م.

59 - رسالة فی إثبات المفارقات.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1926 م.

60 - کتاب الحماسة.

لابن الشجری ، المتوفی 542 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1926 م.

61 - التعلیقات.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1927 م.

62 - کتاب التنبیه علی سبیل السعادة.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1927 م.

63 - کتاب السیاسات المدنیة.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة. 1927 م.

64 - کتاب التیجان فی ملوک حمیر.

لابن هشام ، المتوفی 218 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1928 م.

65 - تنقیح المناظر.

(فی علم المناظر).

لکمال الدین الفاسی ، المتوفی 720 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1928 م.

66 - تجرید رسالة الدعاوی القلبیة.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1930 م.

ص: 242

67 - شرح رسالة زیتون الکبیر.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1930 م.

68 - مقالة فی أعراض ما بعد الطبیعة.

لأبی نصر الفارابی.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة ، 1930 م.

69 - الأمالی الشجریة.

لابن الشجری ، المتوفی 542 ه.

حیدر آباد الدکن : دائرة المعارف العثمانیة 1930 م.

تجدر الإشارة إلی أن هذه الکتب التی نشرتها مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانیة بحیدر آباد الدکن ، قام علی تصحیحها وضبط نصوصها مجموعة من المحققین من علماء الهند ، من أمثال عبد الرحمن بن یحیی المعلمی ، وقطب الدین محمود بن غیاث الدین علی الحیدرآبادی ، ومحمد بدر الدین العلوی ، ... وغیرهم ، کما أسهم فی تصحیح بعض إصداراتها أحد المستشرقین ، وهو الألمانی فریتس کرنکو ، الذی صحح (الجمهرة) لابن درید ، و (الدرر الکامنة) لابن حجر ، .... وغیرها.

من هنا أتینا علی ذکر هذه المنشورات ، باعتبارها من جملة الکتب التی عملت دائرة المعارف العثمانیة علی تحقیقها وضبط متونها ، ومن ثم نشرها.

تحقیق التراث فی مصر.

فی سنة 1798 م باشرت أول مطبعة فی مصر عملها ، وکانت الحملة الفرنسیة بقیادة بونابرت هی التی جلبت معها هذه المطبعة من فرنسا ، لکی تطبع بها منشوراتها وأوامرها الموجهة إلی المصریین ، وقد استمرت هذه المطبعة بالعمل إلی یونیو سنة 1801 م ، عندما انسحب الفرنسیون من مصر.

ص: 243

وبعد ذلک ظلت مصر فترة عشرین سنة بلا مطبعة ، أی حتی سنة 1821 م ، حینما أنشئت (المطبعة الأهلیة) ، التی عرفت بمطبعة (بولاق) ، لأنها وضعت أخیرا فی بولاق ، وعهد بإدارتها إلی نقولا مسابکی السوری ، الذی تمرس فی فن الطباعة فی روما.

ثم أنشئت (المطبعة الأهلیة القبطیة) سنة 1860 م ، وبعدها (مطبعة وادی النیل) سنة 1866 م ، التی کانت تطبع فیها صحیفة (وادی النیل) لصاحبها أبی السعود أفندی ، وتکاثرت المطابع فیما بعد فی زمن الخدیوی إسماعیل (1).

ولکن أعظم المطابع إنتاجا ، وأکثرها إسهاما فی إحیاء التراث ، هی مطبعة بولاق ، التی واصلت عملها لما یربو علی تسعین عاما ، وأصدرت عددا کبیرا من کتب التراث وموسوعاته ، بطبعات مصححة ، تولی الإشراف علی ضبطها وتقویمها ونشرها جماعة من المشایخ المحققین الخبراء ، ومن أشهرهم :

الشیخ نصر الهورینی ، والشیخ قطة العدوی ، والشیخ محمد الحسینی ، والشیخ طه محمود ، والشیخ محمد عبد الرسول.

فقد کان لهؤلاء وغیرهم من المصححین الأوائل فی بولاق أعظم الأثر ، فی تشیید أرکان مدرسة علمیة فنیة خاصة لتصحیح ونشر التراث ، تخرجت فیها فیما بعد الأجیال اللاحقة من أبرز محققی التراث فی هذا العصر ، من أمثال : أحمد زکی باشا ، وأحمد محمد شاکر ، وعبد السلام هارون ، ومحمد مصطفی زیادة ، ومصطفی السقا ، وإبراهیم الأبیاری ، وعبد الحفیظ شلبی ، ومحمد أبو الفضل إبراهیم ، والسید أحمد صقر ، وعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ، ومحمد محیی الدین عبد الحمید ... وعشرات غیرهم.

ص: 244


1- 1. زیدان ، جرجی. تاریخ آداب اللغة العربیة. بیروت : دار مکتبة الحیاة ، 1. 4 / 407 - 409.

وبفضل جهود هؤلاء نفض الغبار عن مئات المخطوطات العربیة ، وازدهرت حرکة إحیاء التراث فی مصر وبقیة أرجاء العالم العربی ، وشاع فن تحقیق ونشر التراث بشکل واسع.

ولأجل معرفة مستوی مساهمة مصر المبکرة فی إحیاء التراث ، نذکر فیما یلی أهم الکتب التراثیة المصححة التی صدرت عن مطابعها ، مرتبة بحسب تاریخ صدورها :

1 - الدر المختار.

للحصفکی ، مع شرح محمد أمین بن عابدین.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1855 م.

2 - دیوان محمد بن هانی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1858 م.

3 - حلبة الکمیت.

للنواجی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1858 م.

4 - وفیات الأعیان.

لابن خلکان.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1859 م.

5 - شرح المعلقات.

للزوزنی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1860 م.

6 - المصباح المنیر.

للفیومی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1861 م.

7 - شفاء الغلیل.

للخفاجی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1862 م.

8 - الإتقان فی علوم القرآن.

للسیوطی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1863 م.

ص: 245

9 - مختصر تذکرة الإمام السویدی.

للشعرانی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1863 م.

10 - شرح الزقاق علی صحیح الموطأ.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1863 م.

12 - القاموس المحیط.

للفیروز آبادی : تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1863 م ، 1872 م ، 1884 م.

13 - صحیح سنن المصطفی.

لسلیمان بن الأشعث السجستانی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1863 م.

14 - حاشیة حسن العطار علی شرح الأزهریة.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1864 م.

15 - حاشیة محمد مجاهد علی مقدمة ابن آجروم : تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1864 م.

16 - فتح القریب المجیب.

للغزی ، مع شرح الباجوری.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1864 م.

17 - تعبیر الرؤیا.

لابن سیرین.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1864 م.

18 - تنزیل الآیات علی شرح شواهد الأبیات.

. لمحب الدین أفندی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1864 م.

ص: 246

19 - الوشاح وتثقیف الرماح فی رد توهیم المجد الصحاح.

لعبد الرحمن المغربی التادلی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م.

20 - کشف الغمة.

للشعرانی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م.

21 - المزهر فی علوم اللغة.

للسیوطی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م.

22 - حاشیة الکفراوی علی مقدمة ابن آجروم.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م.

23 - الفتاوی العالمکیریة.

لنظام الدین.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م.

24 - تاج اللغة وصحاح العربیة ، ویعرف بالصحاح.

للجوهری.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1865 م ، 2 ج (فی أول مقدمة للهورینی فی تاریخ المعجمات العربیة).

25 - فوات الوفیات.

لابن شاکر الکتبی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1866 م.

27 - فقه اللغة.

للثعالبی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1867 م.

28 - الأغانی.

للأصفهانی.

تصحیح : نصر الهورینی.

ص: 247

بولاق : 1868 م (اقتصر علی بعض الکتاب).

29 - فضائل شهر رمضان.

للأجهوری.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1868 م.

30 - الدرة المضیئة.

لابن عبد الهادی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1868 م.

31 - کفایة المتحفظ.

لابن الأجدابی.

تصحیح : نصر الهورینی.

بولاق : 1870 م.

32 - المفصل.

للزمخشری.

باعتناء : حمزة فتح الله ، المفتش بدیوان المعارف المصریة.

الإسکندریة : 1291 ه / 1874 م.

33 - أساس البلاغة.

للزمخشری.

باعتناء : محمد البلبیسی ، ومصطفی وهبی.

القاهرة : 1881 م ، 2 ج.

34 - لسان العرب.

لابن منظور.

بولاق : 1881 - 190 م ، 20 ج (وهی من أحسن طبعات لسان العرب حتی الیوم).

35 - المخصص.

لابن سیدة.

تصحیح : محمد محمود ابن التلامیذ الشنقیطی ، بالتعاون مع لجنة لنشر (المخصص) من أبرز أعضائها : محمد عبده ، وحسن عاصم ، وعبد الخالق ثروت ، ومحمد البخاری.

بولاق : 1321 ه / 1902 م ، 17 ج فی 9 مج.

36 - صبح الأعشی فی کتابة الإنشا.

للقلقشندی.

القاهرة : المطبعة الأمیریة ، 1903 - 1919 م ، 14 ج.

ص: 248

37 - کتاب نکث الهمیان فی نکت العمیان.

للصفدی.

تصحیح : أحمد زکی باشا.

مصر : 1910 م.

38 - تجارب الأمم.

لأبی علی مسکویه.

باعتناء : أمدروز ، بالتعاون مع مرجولیوث.

القاهرة : 1913 - 1914 م ، 2 ج.

39 - الأصنام. لابن الکلبی.

تحقیق : أحمد زکی باشا.

القاهرة : المطبعة الأمیریة ، 1914 م.

40 - أنساب الخیل.

لابن الکلبی.

تحقیق : أحمد زکی باشا.

القاهرة : المطبعة الأمیریة ، 1914 م.

41 - تاریخ مصر.

لمحمد بن المیسر.

باعتناء : ماسیه.

القاهرة : منشورات المعهد الفرنسی ، 1919 م.

42 - مفاتیح العلوم.

للخوارزمی.

تصحیح : محمد منیر الدمشقی.

القاهرة : المطبعة المنیریة ، 1923 م.

43 - الدین والدولة.

لعلی بن ربن الطبری.

نشره : أحد المستشرقین الإنجلیز.

القاهرة : مطبعة المقطم ، 1923 م.

44 - مسالک الأبصار فی ممالک الأمصار.

لابن فضل الله العمری.

تحقیق : أحمد زکی باشا.

مصر : 1924 م ، ج 1.

45 - مختصر کتاب (الفرق بین الفرق) للبغدادی.

اختصره : الرسعنی.

باعتناء : فیلیب حتی.

القاهرة : مطبعة الهلال ، 1924 م.

46 - تفسیر ابن کثیر والبغوی.

باعتناء : محمد رشید رضا.

ص: 249

مصر : 1924 م ، 2 ج.

47 - الإشارة إلی من نال الوزارة.

لابن الصیرفی المصری.

باعتناء : عبد الله أفندی مخلص.

القاهرة : المعهد الفرنسی ، 1924 م.

48 - شرح القصائد العشر.

لأبی زکریا یحیی التبریزی.

باعتناء : محمد منیر الدمشقی.

مصر : 1924 م.

49 - سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحکام.

للأمیر الیمنی الصنعانی.

تصحیح : محمد عبد العزیز الخولی.

مصر : 1925 م.

50 - بلوغ الأرب فی معرفة أحوال العرب.

لمحمود شکری الآلوسی.

تصحیح : محمد بهجت الأثری.

القاهرة : المطبعة الرحمانیة ، 1925 م ، 3 ج.

51 - دیوان مهیار الدیلمی.

باعتناء وشرح : أحمد نسیم.

القاهرة : مطبعة دار الکتب المصریة ، 1926 م ، 2 ج.

52 - نهایة الأرب فی فنون الأدب.

للنویری.

باعتناء : دار الکتب.

القاهرة : دار الکتب المصریة ، 1923 - 1926 م ، 5 ج.

53 - الأمالی.

لأبی علی القالی.

باعتناء : إسماعیل بن یوسف دباب.

القاهرة : دار الکتب المصریة ، 1926 م.

54 - أدب الکاتب.

لابن قتیبة.

باعتناء : محب الدین الخطیب.

القاهرة : المکتبة السلفیة ، 1927 م.

55 - الأغانی.

للأصفهانی.

باعتناء : القسم الأدبی فی دار الکتب.

ص: 250

برئاسة أحمد زکی العدوی.

القاهرة : دار الکتب المصریة ، 1927 م ، ج 1.

56 - الذخیرة.

فی علم الطب.

لثابت بن قرة.

تحقیق : جورجی صبحی.

جامعة القاهرة : 1928 م.

57 - عشر مقالات فی العین.

لحنین بن إسحاق.

تحقیق : ماکس مایرهوف.

القاهرة : 1928 م.

تحقیق التراث فی البلدان الأخری

ظهرت الطباعة فی بعض المدن الإسلامیة فی وقت أسبق من ظهورها فی القاهرة ، فمثلا أنشئت أول مطبعة فی بیروت سنة 1610 م فی دیر مار قزحیا ، وکانت الآستانة أول مدینة فی العالم الإسلامی تعرف الطباعة ، فقد أنشئت فیها أول مطبعة فی منتصف القرن السادس عشر ، وکان أول کتاب یطبع فیها هو (التوراة) سنة 1551 م ، کما طبعت فیها بعض الکتب العربیة ، ولکن بحروف عبرانیة.

أما الطباعة بالأحرف العربیة فلم تدخل الآستانة إلا فی وقت متأخر کثیرا عن هذا التاریخ ، وهو الثلث الأول من القرن الثامن عشر ، فقد طبع فیها کتاب (صحاح الجوهری) سنة 1728 م ، کما طبع فیها فی السنة ذاتها کتاب (تحفة الکبار فی أسفار البحار) وهو المعروف بتاریخ الحاج خلیفة (1).

وعرفت إیران الطباعة منذ سنة 1636 م ، عندما أنشئت أول مطبعة فی منطقة جلفا بأصفهان ، وإن کانت الطباعة العربیة لم تظهر فی إیران إلا فی

ص: 251


1- 1. ن. م :1. 405. ومجلة المشرق مج 4 : 1. ومج 3 : 257.

الثلث الأول من القرن التاسع عشر - ستأتی الإشارة إلی ذلک - (1).

وأسست أول مطبعة فی حلب سنة 1702 م ، وکان کتاب (الإنجیل) أول کتاب یطبع فیها بالعربیة سنة 1706 م (2).

بید أن بیروت کانت أسبق هذه المدن ، التی أصدرت طبعات محققة لبعض کتب التراث ، وکانت مطابعها سباقة - بعد القاهرة - ، لطبع بعض الکتب المصححة بالأسلوب الحدیث ، منذ نحو 130 عاما ، أی فی نفس الفترة التی بدأ فیها مصححو بولاق فی القاهرة بتصحیح وطبع الکتب التراثیة تقریبا ، ولکن ما صدر فیها کان ضئیلا بالقیاس إلی القاهرة.

ومن أهم ما صدر عن مطابعها آنذاک ، الکتب التالیة :

1 - دیوان أبی الطیب المتنبی.

ضبطه وعلق حواشیه : بطرس

البستانی.

بیروت : المطبعة السوریة ، 1860 م.

2 - دیوان ابن القارض.

ضبطه : لویس الصابونجی.

بیروت : 1868 م.

3 - الألفاظ الکتابیة.

لعبد الرحمن بن عیسی الهمذانی.

باعتناء : لویس شیخو.

بیروت : 1885 م (طبعت تحت اسم : کتاب الکلام).

4 - نهج البلاغة.

وهو ما جمعه : الشریف الرضی من کلام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام.

باعتناء : محمد عبده.

بیروت : 1885 م ، 2 ج.

5 - کلیلة ودمنة.

باعتناء : خلیل بن ناصیف الیازجی.

ص: 252


1- 1. الرفاعی ، عبد الجبار ، (موجز تاریخ الطباعة). تراثنا ع 32 و 33 1. : 152 - 158.
2- 2. لغة العرب مج 2 : ص 462.

بیروت : 1888 م.

6 - دیوان الخنساء.

باعتناء : لویس شیخو.

بیروت : 1888 م.

7 - کتاب النوادر فی اللغة.

لأبی زید سعید بن أوس بن ثابت الأنصاری.

باعتناء : سعید الشرتونی.

بیروت : 1894 م.

8 - تهذیب الألفاظ.

تهذیب لکتاب (الألفاظ) لابن السکیت.

هذبه : أبو زکریا یحیی بن علی ، الخطیب التبریزی.

باعتناء : لویس شیخو.

بیروت : 1896 - 1898 م ، 3 ج (سماه شیخو : کنز الحفاظ فی کتاب

تهذیب الألفاظ).

9 - القلب والإبدال.

لابن السکیت.

باعتناء : أوغست هفنر.

بیروت : 1903 م.

10 - الأضداد.

للأصمعی ، ولأبی حاتم السجستانی ، ولابن السکیت ، وللصغانی.

باعتناء : أوغست هفنر.

بیروت : 1912 م.

11 - نخب الذخائر فی أحوال الجواهر.

لأبی عبد الله محمد بن إبراهیم بن ساعد الأنصاری الأکفانی.

باعتناء : لویس شیخو.

مجلة المشرق (بیروت) س 11 : ص 751.

ص: 253

تحقیق التراث فی العراق

أقیمت أول مطبعة حجریة فی العراق سنة 1861 م ، وباشرت عملها بطبع کتاب (سبائک الذهب فی معرفة قبائل العرب) لأبی الفوز محمد أمین البغدادی ، الشهیر بالسویدی ، سنة 1863 م. (1).

ولکن حرکة إحیاء وتحقیق التراث لم تبدأ فی العراق إلا فی مطلع القرن العشرین بنحو محدود ، وظل العراق مدة طویلة یعتمد فی الکتاب التراثی. المحقق ، علی ما تقدمه مطابع مصر.

ولکن یمکن أن نعثر علی عناوین کتب أسهم الباحثون العراقیون فی تصحیحها ونشرها منذ العقد الأول للقرن العشرین ، ومن أبرزها :

1 - تمام المتون فی شرح رسالة ابن زیدون.

لصلاح الدین الصفدی.

باعتناء : محمد رشید الصفار.

بغداد : مطبعة الولایة ، 1327 ه / 1909 م.

2 - الشهاب فی الحکم والآداب.

لابن حکمون القضاعی.

نشره : محمود الشابندر.

بغداد : مطبعة الشابندر ، 1327 ه / 1909 م.

3 - عنوان المجد فی تاریخ نجد.

لعثمان بن بشر الحنبلی.

تصحیح : محمد بن عبد العزیز بن نافع النجدی ، وسلیمان الدخیل.

بغداد : مطبعة الشابندر ، 1328 ه / 1910 م.

4 - الرحلة الحسینیة.

للشیخ محمد حسین الحلی.

نشرها : کاتب الطریحی.

النجف : مطبعة حبل المتین ، 1329 ه / 1911 م.

ص: 254


1- 1. الرفاعی ، عبد الجبار. مصدر سابق : 144.

5 - تصریف الزنجانی.

شرح : بیر خضر ، المعروف بالشاهوی.

نشره : عبد الله فوزی أحمد نامی.

کرکوک : مطبعة الولایة ، 1330 / 1912 م.

6 - نهایة الأرب فی أنساب العرب.

للقلقشندی.

تحقیق : سلیمان الدخیل.

بغداد : مطبعة الریاض ، 1332 ه / 1913 م.

7 - کتاب العین.

للفراهیدی.

تحقیق : الأب أنستاس الکرملی.

بغداد : مطبعة دار الأیتام ، 1914 م. (طبعت قطعة منه فی 144 صفحة).

8 - مناقب بغداد.

لأبی الفرج عبد الرحمن ابن الجوزی.

نشره : محمد بهجت الأثری.

بغداد : مطبعة دار السلام ، 1342 ه / 1923 م.

لقد ظهر بعد هذه الفترة جیل من المحققین العراقیین ، أنجزوا أعمالا کبیرة فی تحقیق ونشر التراث ، وتلمذ علی أیدیهم عدد غیر قلیل من الباحثین ، الذین واصلوا مهمة شیوخهم فی تحقیق التراث.

ومن أبرز أولئک المحققین :

الدکتور مصطفی جواد ، والسید محمد صادق بحر العلوم ، والدکتور حسین علی محفوظ ، ومحمد بهجة الأثری ، والشیخ محمد حسن آل یاسین ، والسید حسن الموسوی الخرسان ، وکورکیس عواد ، ومیخائیل عواد .... وغیرهم.

ص: 255

تحقیق التراث فی ترکیا

کانت ترکیا - کما أشرنا سابقا - أقدم البلدان التی عرفت الطباعة ، وبدأ نشر التراث العربی الإسلامی فیها منذ سنة 1728 م ، وصدرت عن مطابعها بعض الکتب المعروفة ، مثل کتاب (الکافیة) لابن الحاجب ، الذی طبع سنة 1819 ، وأسس فیها أحمد فارس الشدیاق (مطبعة الجوائب) ، فی منتصف القرن التاسع عشر ، وکان یطبع فیها جریدته (الجوائب) ، وطبع فیها کتبا مهمة ، منها :

(کتاب الموازنة بین الطائیین) للآمدی ، سنة 1287 ه / 1870 م.

و (کتاب نثار الأزهار) لابن منظور ، سنة 1298 ه.

و (أدب الدنیا والدین) للماوردی ، سنة 1299 ه.

و (دیوان البحتری) ، سنة 1300 ه.

وأربع رسائل منتخبة من مؤلفات أبی منصور الثعالبی ، وهی : (منتخبات من کتاب التمثیل والمحاضرة) ، و (منتخبات من کتاب المبهج) ، و (منتخبات من کتاب سحر البلاغة) ، و (منتخبات من کتاب النهایة فی الکنایة) ، سنة 1301 ه.

ویبدو أن الحرکة المنتظمة لتحقیق ونشر التراث بالأسلوب الحدیث لم تشهدها ترکیا آنذاک ، کما حصل فی الهند ومصر.

وفی فترة لاحقة أصدرت (الجمعیة الشرقیة الألمانیة) بإشراف هلموت ریتر سلسة (النشرات الإسلامیة) ، فی إستانبول ، وهی فیما یظهر أولی المطبوعات العربیة التی تصدر فی ترکیا محققة علی النهج الحدیث.

ومن هذه النشرات :

ص: 256

1 - مقالات الإسلامیین.

لأبی الحسن الأشعری.

تحقیق : هلموت ریتر.

إستانبول : 1929 - 1933 م ، 2 ج (النشرات الإسلامیة ، 1).

2 - کتاب التیسیر فی القراءات السبع.

لأبی عمرو عثمان بن سعید الدانی.

تحقیق : أوتو برتسل.

إستانبول : 1930 م (النشرات الإسلامیة ، 2).

3 - کتاب المقنع فی رسم المصاحف.

للدانی أیضا.

تحقیق : أوتو برتسل.

إستانبول : 1930 م (النشرات الإسلامیة ، 3).

4 - فرق الشیعة.

للحسن بن موسی النوبختی.

تحقیق : هلموت ریتر.

إستانبول : 1931 م (النشرات الإسلامیة ، 4).

5 - الوافی بالوفیات.

للصفدی.

تحقیق : هلموت ریتر.

إستانبول : 1931 م ، ج 1 (النشرات الإسلامیة ، 6).

ثم تواصل تحقیق کتب تراثیة أخری ، وإصدارها فی سلسلة (النشرات الإسلامیة).

کما عنیت جامعة إستانبول ، وجامعة أنقرة بتحقیق ونشر التراث العربی بعد ذلک ، فصدر عن المعهد الشرقی فی جامعة إستانبول مثلا ، کتاب (المکاثرة عند المذاکرة) للطیالسی ، وکتاب (شفاء السائل لتهذیب المسائل) ، عن کلیة الإلهیات بجامعة أنقرة ، .... وغیرها من کتب التراث ، حین قام بتحقیقها مجموعة من العلماء المسلمین ، من أبرزهم : محمد بن تاویت الطنجی ، وإبراهیم آکاه جوبوفجی ، وحسین آتای.

ص: 257

تحقیق التراث فی إیران

باشرت المطابع الإیرانیة طبع الکتب العربیة منذ بدایة القرن التاسع عشر ، وأصدرت آنئذ العدید من المصنفات ، شملت جوانب متنوعة من التراث ، واستمر عطاء هذه المطابع ، وتطورت الأسالیب الفنیة لعملها تدریجیا مع تنامی تجربتها وتراکم خبرتها ، فأضحت مطبوعاتها هذا الیوم تضاهی فی جودتها أفضل المطبوعات العربیة فی بیروت.

وأسهمت مطابع إیران مساهمة کبیرة فی خدمة القارئ العربی فی القرن العشرین ، عندما کان قاسم محمد الرجب صاحب مکتبة المثنی فی بغداد ، یعید طباعة الکتب العربیة - المطبوعة فی أوروبا - فی طهران لحساب مکتبة المثنی بالتصویر (أوفسیت) بالتعاون مع ناشرین فی طهران ، کان أشهرهم (جعفری تبریزی) ، ثم یقوم الرجب بتسویق هذه الکتب فی مختلف أنحاء البلاد العربیة والعالم.

وقد تجاوز عدد عناوین الکتب العربیة المطبوعة فی إیران منذ ظهور الطباعة فیها إلی الیوم خمسة آلاف کتاب ورسالة ، مع العلم أن الکثیر من هذه الکتب أعید نشرها غیر مرة ، وربما انفردت مطابع إیران بالنسبة إلی معظم البلدان العربیة ، فی إصدارها لموسوعات ضخمة ، فی فترة مبکرة ، مثل (بحار الأنوار) ، الذی وقع فی مائة وعشر مجلدات فی طبعته المصححة الحدیثة.

بید أن من المؤسف أن یهمل غیر واحد ممن أرخوا للطباعة العربیة وإحیاء التراث العربی ، الدور العظیم الذی اضطلعت به إیران فی إحیاء هذا التراث ، بینما یبالغ بعضهم فی دور أوروبا ومطابعها فی تحقیق ونشر التراث العربی الإسلامی.

ومن أجل تجلیة هذه الحقیقة ، عملنا علی إعداد (معجم المطبوعات

ص: 258

العربیة فی إیران) ودفعناه للطبع منذ فترة ، کما تتبعنا فی هذا البحث دور إیران فی تحقیق ونشر التراث العربی الإسلامی ، فی طول الفترة التی انتشر فیها الأسلوب الحدیث فی تحقیق التراث فی إیران حتی سنة 1413 ه / 1993 م ، وهی فترة محدودة قد لا تتجاوز الخمسین عاما ، ولکن إنتاج المحققین فیها کان وفیرا ، بنحو ملفت للنظر ، لا سیما فی السنوات الأخیرة ، بعد انتصار الثورة الإسلامیة وقیام الجمهوریة الإسلامیة ، إذ نجد فی مدینة واحدة من إیران مثلا ، وهی قم ، أکثر من سبعین مؤسسة تعنی بالتحقیق والنشر ، فیما تزدحم هذه المدینة بمئات المحققین.

لکن الحصار الثقافی المفروض علی إیران ، حجب الباحثین والقراء فی البلاد العربیة عن مواکبة الخطوات الرائدة ، والقفزات السریعة التی أنجزتها إیران فی تحقیق ونشر التراث العربی.

وهذه القائمة تشتمل علی نحو (1000) ألف عنوان کتاب ورسالة عربیة حققت ونشرت فی إیران لأول مرة ، من قبل باحثین إیرانیین ، أو غیر إیرانیین مقیمین فی إیران ، کما حاولت هذه القائمة أن ترصد ما حققه ونشره الباحثون الإیرانیون ، أو ساهموا بشکل ما بتحقیقه ونشره خارج إیران ، ولم ترصد القائمة ما طرحته المطابع الإیرانیة ونشرته تصویرا (أوفسیت) ، علی طبعات محققة من قبل غیر الإیرانیین خارج إیران.

وتهدف هذه القائمة إلی بیان دور إیران المتمیز ، والکشف عن الخدمات الواسعة التی قدمها الباحثون الإیرانیون فی خدمة التراث العربی الإسلامی ، وتعریف الباحثین والقراء فی البلاد العربیة ، خصوصا العاملین منهم فی حقل تحقیق التراث ونشره ، بهذا المنجز الکبیر ، الذی أخفی عنهم علی عمد ، فی عصر تزداد فیه أهمیة التواصل الثقافی ، والتضامن بین الشعوب الإسلامیة ، والسعی لاستلهام ووعی الرکائز العقائدیة والفکریة المشترکة ، مما یکنزه التراث المشترک ، والوقوف صفا واحد فی الصبر علی ضراوة المواجهة بین

ص: 259

الإسلام والکفر.

إن التراث یوحد ولا یفرق ، وهو الإطار الأمثل الذی یمکن أن تنتظم من خلاله الوحدة ، وتتکتل الصفوف ، حیث یقف المسلمون جمیعا فیه علی أرض واحدة ، وینهلون من منهل واحد ، ویرتبطون بواسطته فی تاریخ واحد ، وإذا اتحد تاریخهم ، وکانت جذورهم واحدة ، فسیتوحد حتما حاضرهم ، فلماذا إذن یسعی البعض لنفی جزء واسع من تراثنا المشترک ، علی أساس طائفی أو غیره؟! ویتجاهل حضور هذا التراث ، فیضحی حینئذ بدعامة أساسیة تتقوم بها هویتها ، ویعتمد علی الوعی بها حاضرنا ومستقبلنا.

لقد حاولنا أن نتوسع فی استقراء المؤلفات المحققة ، الصادرة فی إیران وعن الإیرانیین ، خلافا لما عملناه فیما سبق ، بالنسبة إلی البلدان العربیة ، وترکیا ، والهند حین اکتفیا بذکر أهم المطبوعات المحققة الصادرة هناک حتی سنة 1930 م تقریبا ، وذلک لأننا لاحظنا تغافلا مؤلما لدور إیران الکبیر فی نفض الغبار عن جزء مهم وکبیر من التراث العربی ، فأردنا لهذه المحاولة أن تکون محاولة شاملة تخدم الباحثین فی التراث العربی الإسلامی.

مع العلم أن البلدان العربیة کانت قد سعت لتوثیق وتسجیل مطبوعاتها فی حولیات ، ودوریات فصلیة ، ونشرات ببلیوغرافیة خاصة برصد الانتاج الفکری ، تتیح للباحث معلومات أساسیة حول المطبوعات فی أی وقت شاء مراجعتها ، بینما یفتقد الباحث العربی مثل هذه الأدلة بالنسبة إلی التراث العربی الإسلامی المحقق فی إیران ، ولذا نأمل أن نؤمن هذه القائمة مثل هذه الحاجة للباحثین.

ومما ینبغی التنویه به أننا لا ندعی استیفاء هذه القائمة لتمام البیانات حول کل کتاب أو رسالة ، فضلا عن أننا لا نزعم استیعابها وشمولها لکل ما صدر فی هذه الفترة من تراث عربی إسلامی محقق عن إیران ، لأن بعض الکتب الصادرة فی إیران فیما سبق ، طبعت بکمیات محدودة فنفدت منذ حین ،

ص: 260

ولیس بالسهل أن نظفر بها جمیعا ، کما أنه لم یتوفر ضبط ببلیوغرافی للإنتاج الفکری الصادر باللغة العربیة فی إیران ، کی یمکن الاعتماد علیه فی مثل هذا العمل ، ولذا نؤکد أن هذه خطوة علی الطریق نرجو أن تتممها خطوات أخری ، وقدیما قیل : مسافة الألف میل تبدأ بخطوة.

رتبت القائمة ألفبائیا ، تبعا لعنوان الکتاب أو الرسالة المحققة ، ثم ذکرت البیانات الأخری بعد ذلک ، من المؤلف ، والمحقق ، والمراجع ، والمشرف ، وبیانات الناشر ، وفی حالة تعدد مرات تحقیق الکتاب من أکثر من محقق ، ذکرنا اسم کل محقق بین هلالین ، بعد الناشر وبیانات الطبعة.

واستوعبت عملیة الاستقراء ما نشر من رسائل تراثیة محققة فی بعض الدوریات التی دأبت علی نشرها مثل : (تراثنا) التی تصدرها مؤسسة آل البیت فی قم ، و (تحقیقات إسلامی) التی تصدرها دائرة المعارف إسلامی ، و (نور علم) التی تصدرها جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة فی قم ... وغیرها.

وألحقنا القائمة بکشاف للمحققین ، یشیر إلی ما أنجزه کل محقق من أعمال ، حتی یتم التعرف علی إسهام کل محقق فی حرکة إحیاء التراث فی إیران ، وإن کان هذا المقیاس العددی ، لا یمکن أن یکون معبرا بوضوح عن دقة وکفاءة المحقق ، لأنه ربما کان أدق المحققین مقلا فی إنتاجه ، وبالعکس ، فقد یستهین البعض بهذا العمل العلمی الدقیق ، فیصدر عشرات المجلدات فی سنوات معدودة ، وهذه من مشکلات إحیاء التراث فی العصر الحدیث فی کل مکان.

وعلی أیة حال ، فإنه یظل لبعض المحققین فی إیران دورا متمیزا ، یتمثل فی ریادتهم ومشارکتهم فی وضع اللبنات الأولی لمشروح إحیاء التراث ، مع ما کابدوه من ظروف ومتاعب جسیمة فی القیام بعملهم کرواد ، ومن أبرز هؤلاء : محمد القزوینی ، وعباس إقبال ، والسید جلال الدین المحدث الأرموی ،

ص: 261

والسید محمد المشکاة ، ومحمد تقی دانش بژوه ، والدکتور السید حسین نصر ، والسید جلال الدین الآشتیانی ، والسید عبد العزیز الطباطبائی ، والدکتور مهدی محقق ، والدکتور محمد غفرانی ، وعلی أکبر الغفاری ، والدکتور أبو القاسم کرجی ، والدکتور محمد جواد مشکور ... وغیرهم.

لقد مهد هؤلاء الدرب للجیل الثانی من المحققین فی إیران ، الذین برزت فیهم کفاءات علمیة متمیزة ، توفرت علی وعی وفهم عمیق للتراث ، وقدرة عالیة علی ضبطه وتصحیحه وتحلیله.

وما توفیقی إلا بالله ، علیه توکلت وإلیه أنیب.

للبحث صلة ...

ص: 262

مصطلحات نحویة

(1)

السید علی حسن مطر

أولا : مصطلح اللفظ

1 - اللفظ لغة :

اللفظ فی اللغة یعنی الطرح والرمی والنبذ مطلقا ، أی سواء أکان الطرح من الفم أم غیره ، وسواء أکان المطروح من الفم صوتا أم غیره.

قال ابن فارس : (اللام والفاء والظاء کلمة صحیحة تدل علی طرح الشئ ، وغالب ذلک أن یکون من الفم ، تقول : لفظ بالکلام یلفظ لفظا ، ولفظت الشئ من فمی) (1).

وقال ابن منظور : (اللفظ أن ترمی بشئ کان فی فیک ... والبحر یلفظ الشئ : یرمی به إلی الساحل ... ولفظت بالکلام وتلفظت به ، أی : تکلمت به ... وهو فی الأصل مصدر) (2) ، استعمل بعد ذلک (بمعنی الملفوظ به ... کما استعمل القول بمعنی المقول ، وهذا کما یقال : الدینار ضرب الأمیر ، أی : مضروبه) (3) ، ولا بد من ملاحظة أن استعماله بهذا المعنی خاص بما

====

السیّد علیّ حسن مطر

ص: 263


1- 1. معجم مقاییس اللغة ، أحمد بن فارس ، تحقیق عبدالسلام هارون ، مادّة (لفظ).
2- 2. لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة (لفظ).
3- 3. شرح الرضی علی الکافیة ، الرضی الاسترابادی ، تحقیق یوسف حسن عمر 1 / 20.

یطرحه الفم من الأصوات ، (وسمی ذلک لفظا ، لأنه هواء مرمی من داخل الرئة إلی خارجها ، فهو مصدر أرید به المفعول ، کالخلق بمعنی المخلوق) (1).

فاللفظ بهذا المعنی (یطلق علی کل حرف ، من حروف المعجم کان أو من حروف المعانی ، وعلی أکثر منه ، مفیدا کان أو لا) (2).

2 - اللفظ اصطلاحا :

استعمل النحاة (اللفظ) اصطلاحا ، بمعناه اللغوی الأخیر ، أی بمعنی اسم المفعول ، وأرادوا به خصوص ما کان أصواتا بلفظها الفم (3).

وأول ما وجدته من تعاریف اللفظ - فی حدود ما توفر لدی من المصادر - ما نسبه ابن یعیش (ت 643 ه) إلی سیبویه من أن اللفظ (جماعة حروف ملفوظ بها) (4).

ویؤخذ علیه أن اللفظ قد یکون حرفا واحدا کفاء العطف ولام التملک.

ویلی تعریف الرمانی (ت 384 ه) : (اللفظ کلام یخرج من الفم) (5) ، ویرید بذلک الکلام بمعناه اللغوی لا الاصطلاحی ، وإلا ورد علیه أن اللفظ فی الاصطلاح أعم من الکلام ، إذ یشمله ویشمل الکلمة والکلم والقول.

وعرفه ابن هشام (ت 761 ه) بتعریفین :

أولهما : (الصوت المشتمل علی بعض الحروف ، سواء دل علی معنی

====

6. الحدود فی النحو ، الرمانی ، ضمن کتاب (رسائل فی النحو واللغة) تحقیق مصطفی جواد ویوسف مسکونی ، ص 42.

ص: 264


1- 1. أ - حاشیة الخضری علی شرح ابن عقیل 1 / 14.
2- ب - حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 21.
3- 3. شرح الرضی علی الکافیة 1 / 20.
4- 4. شرح الأزهریة فی علم العربیة ، خالد الأزهری ، ص 11.
5- 5. شرح المفصل ، ابن یعیش 1 / 19.

کزید ، أم لم یدل کدیز مقلوب زید) (1).

وثانیهما : (الصوت المشتمل علی بعض الحروف تحقیقا أو تقدیرا) (2) ولم یذکرها هنا دلالة الصوت علی معنی وعدم دلالته ، ولعله استغنی عن ذلک بإطلاق عبارته الشامل لکل منهما.

والأقرب أنه یرید أن قولنا (قم) مثلا ، یشتمل تحقیقا علی حرفین ، وتقدیرا علی حروف (أنت) ، ولیس مراده أن الضمیر المستتر هو صوت مشتمل علی بعض الحروف تقدیرا.

وعرفه السیوطی (ت 911 ه) بأنه : (الصوت المعتمد علی مقطع) (3) أی : علی مخرج فی الفم ، واکتفی أیضا بإطلاق العبارة فی الدلالة علی الشمول لما کان مستعملا أو مهملا من الألفاظ ، ولما کان مکونا من حرف واحد أو أکثر.

وعرفه الخضری بأنه (صوت معتمد علی مخرج من مخارج الفم ، محقق کاللسان أو مقدر کالجوف) وفضله علی تعریف ابن هشام والأشمونی ، إذ قال : (وهذا التعریف للفظ أولی من قولهم : صوت مشتمل علی بعض الحروف ، لأنه یرد علی ما هو حرف واحد کواو العطف ، إذ الشئ لا یشتمل علی نفسه) (4).

ویبدو أن هذه الإشکال غیر وارد ، إذ لیس هناک اثنینیة بین الصوت وبین الحرف أو الحروف ، لکی یکون الصوت وعاء للحرف ، بل هما فی الواقع شئ

====

5. حاشیة الخضری علی شرح ابن عقیل 1 / 14.

ص: 265


1- 1. شرح قطر الندی ، ابن هشام ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید ، ص 11.
2- 2. أوضح المسالک فی شرح ألفیة ابن مالک ، ابن هشام ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید 1 / 11.
3- 3. أ - همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع ، السیوطی ، تحقیق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مکرم 1 / 39.
4- ب - البهجة المرضیة ، السیوطی ، تحقیق مصطفی الحسینی ، ص 7.

واحد ، ومعنی اشتمال الصوت علی بعض الحروف هو تکونه منها ، ولا شک فی أن (بعض الحروف) یصدق علی الحرف الواحد ، کصدقه علی ما زاد علیه.

ص: 266

ثانیا : مصطلح القول

1 - القول لغة :

المستفاد من کلمات اللغویین والنحاة أن القول یستعمل لغة فی المعانی التالیة :

أولا : کل لفظ نطق به اللسان تاما کان أو ناقصا (1) ، أی ما کان مستعملا من الألفاظ المفردة والمرکبة سواء حسن السکوت علیه أم لا ، (فالتام هو المفید ، أعنی الجملة وما کان فی معناها من نحو صه وأیه ، والنقص ما کان بضد ذلک نحو زید ... وکان أخوک) (2) إذا أرید بها کان الناقصة.

ثانیا : إحداث اللفظ المستعمل وإیجاده ، قال ابن هشام : (فأما القول فهو فی الأصل مصدر (قال) إذا نطق بلفظ مستعمل ، فمسماه الحقیقی نفس إیجاد اللفظ المستعمل) (3).

ثالثا : (کل حرف ، من حروف المعجم کان ، أو من حروف المعانی ، وعلی أکثر منه ، مفیدا کان أو لا) (4).

رابعا : الرأی والاعتقاد ، وإطلاق القول علیه مجاز ، (لأن الاعتقاد یخفی فلا یعرف إلا بالقول ... کما یسمی الشئ باسم غیره إذا کان ملابسا له (5).

====

6. أ - الخصائص ، ابن جنی 1 / 19.

ب - لسان العرب ، مادة (قول).

ص: 267


1- 1. أ - لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (قول).
2- ب - الخصائص ، ابن جنی ، تحقیق محمد علی النجار 1 / 17.
3- 3. الخصائص ، ابن جنی 1 / 17.
4- 4. شرح اللمحة البدریة فی علم اللغة العربیة ، ابن هشام ، تحقیق هادی نهر 1 / 203.
5- 5. شرح الرضی علی الکافیة ، تحقیق یوسف حسن عمر 1 / 20.

2 - القول اصطلاحا :

وأما النحاة فقد استعملوا (القول) فی خصوص معناه الأول ، وأقدم من وجدته یستعمله بمعناه الاصطلاحی - فی حدود ما لدی من المصادر - هو ابن معطی (ت 628 ه) (1).

وقد عرفوا (القول) بما ینطبق علی المعنی المذکور ، فقال ابن هشام (ت 761 ه) : هو (اللفظ المستعمل) (2) أو (اللفظ الدال علی معنی) (3).

وتابعه علیه من جاء بعده وقالوا فی شرحه : إن المراد من (اللفظ) هو الأعم من المفرد والمرکب ، والمراد من (الدال علی معنی) هو ما یصح السکوت علیه وما لا یصح (4).

ثم عمدوا إلی بیان النسبة بین القول ، وبین کل من الکلمة والکلام والکلم بمعانیها الاصطلاحیة ، وأنها نسبة العموم ، قال ابن معطی : (والقول یعم الجمیع) (5) ، وقال ابن مالک (ت 672 ه) فی أرجوزته الألفیة : (والقول عم).

وقال بعض شراحها : أی أن (القول) یطلق علی کل من الکلمة والکلام والکلم (6).

====

7. الفصول الخمسون ، ص 149.

8. شرح ابن عقیل علی الألفیة ، تحقیق محیی الدین عبد الحمید 1 / 16.

ص: 268


1- 1. الفصول الخمسون ، ابن معطی ، تحقیق محمود الطناحی ، ص 149.
2- 2. شرح اللمحة البدریة ، ابن هشام 1 / 203.
3- 3. أ - أوضح المسالک إلی ألفیه ابن مالک 1 / 12.
4- ب - شرح شذور الذهب ، ص 11.
5- ج - شرح قطر الندی ، ص 5. وکلها لابن هشام ، وتحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید.
6- 6. شرح التصریح علی التوضیح ، خالد الأزهری 1 / 27.

وقام آخرون ببیان نوع هذا العموم ، وأنه عموم مطلق ولیس عموما من وجه ، أی أنه یصدق علی هذه الثلاثة ، ویصدق علی غیرها أیضا ، (فهو أعم من الکلام ، لانطلاقه علی المفید وغیره ، وأعم من الکلم ، لانطلاقه علی المرکب من کلمتین فأکثر ، ومن الکلمة ، لانطلاقه علی المفرد والمرکب ، عموما مطلقا ، لصدقه علی الکلام والکلم والکلمة ، وانفراده فی مثل : غلام زید ، فإنه لیس کلاما ، لعدم الفائدة ، ولا کلما ، لعدم الثلاثة ، ولا کلمة ، لأنه ثنتان ، لا عموما من وجه دون وجه ، إذ لا یوجد شئ من الکلام والکلم والکلمة بدون القول) (1).

للبحث صلة ...

====

ب - حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 /2. 27.

ص: 269


1- 1. أ - شرح التصریح علی التوضیح ، خالد الأزهری 1 / 28.

دیوان

الإجازات المنظومة

صنعة :

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی سید المرسلین ، محمد الأمین ، والأئمة الأطهار المعصومین ، من آله الأکرمین.

وبعد :

فإن الحدیث الشریف هو ثانی مصادر المعرفة الإسلامیة ، بعد القرآن الکریم فی الحجیة والاعتبار وأوسعها فی کثرة الموارد ، ووفرة الآثار.

وقد أکد الله جل وعلا فی کتابه الکریم علی طاعة الرسول وقرنها بطاعته حیث قال : ( أطیعوا الله وأطیعوا الرسول ) النساء / 59 ، وقال : ( ما آتاکم الرسول فخذوه ، وما نهاکم عنه فانتهوا ) الحشر / 7.

کما إن الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم - نفسه - أکد علی الاهتمام بالحدیث الشریف ، بالعلم والعمل ، والحفظ والحمل ، والفهم والتفهیم ، والأداء والتبلیغ.

وکذلک أکد الأئمة الأطهار علیهم السلام علی أهمیة الحدیث ووجوب اتباعه.

السید محمد رضا الحسینی الجلالی

ص: 270

فمن الأحادیث الشریفة :

(نضر الله امرءا سمع منا حدیثا فحفظه حتی یبلغه ...).

(من أدی حدیثا یعلم به سنة ، أو یثلم به بدعة ، فله الجنة).

(لیبلغ الشاهد الغائب ...).

والحدیث المشهور : (من حفظ علی أمتی أربعین حدیثا ... بعثه الله فقهیا ...).

(اکتب وبث علمک فی إخوانک ...).

اهتمام العلماء بالحدیث الشریف :

ولذا اهتم علماء المسلمین بالحدیث الشریف أیما اهتمام ، وأحاطوه بکل وسائل الحیطة والحذر ، للحفاظ علیه ورعایته ، متبعین أسالیب علمیة رصینة ، فحددوا لمصطلحاته وأصوله مرسومة ، وخططوا لمناهجه خططا مدروسة ، وأسسوا علوما عدیدة لتجمیع قواعده ، وضبط نصوصه ، واستیعاب معناه وتفسیره ، وهی :

1 - علم الحدیث ، المتکفل بتدوینه ، وضبط نصوصه وروایته ، وتفسیره وشرحه.

2 - علم المصطلح والدرایة ، المتکفل بتاریخه ، ومناهج تألیفه ، وشؤون أدائه وروایته وآداب حمله ونقله ، وما یرتبط بحاملیه من آداب وأوصاف ، وما له من أقسام وأحکام من حیث المتن والسند ، وما یدور فی فلکه من تراث.

3 - علم الرجال ، المتکفل بأحوال رواته ، ورجال أسانیده من حیث الاعتماد والوثاقة ، والسداد والضبط ، أو ما یخالف ذلک ، وکذلک تراجم حیاتهم وشؤون نشاطهم العلمی.

وتعد الثروة العلمیة ، والجهد المبذول فی سبیل الحدیث الشریف من خلال هذه العلوم ، ثروة هائلة کما وکیفا ، بل تشکل القسم الأکبر من تراث

ص: 271

الإسلام العلمی ، ومن أهم مصادر الفکر والمعرفة الإسلامیة الخالدة.

الطرق العلمیة لتحمل الحدیث وأدائه وصیانته :

ومما قرره علماء الحدیث فی باب (درایة الحدیث ومصطلحه) هو : تحدید (الطرق) التی یتم عبرها نقل الحدیث وتداوله ، والتی بها یتحمله الشیوخ ، وبها یؤدونه إلی الرواة.

وقد حصروها - بالاستقراء والحصر العقلی الدقیق - فی (ثمان طرق) اتفق علی بعضها ، واختلف فی البعض الآخر.

کما وقع بینهم بحث فی ترتیبها ، وتقدیم بعضها علی الآخر ، وفی شروط کل منها ، وما یرتبط بکل واحد من شؤون وخصوصیات إلا أن الأکثرین جروا علی أنها (ثمان) وبالترتیب الآتی :

1 - السماع ، ومنه الاملاء.

2 - القراءة ، وهی العرض.

3 - الإجازة - وسنبحث عنها

4 - المناولة.

5 - المکاتبة.

6 - الإعلام.

7 - الوصیة بالحدیث وکتبه.

8 - الوجادة.

والمهمة الأساسیة لهذه الطرق هی (البلوغ) بالحدیث إلی الرواة ، لیکونوا متلقین له بوثوق واطمئنان ، وضبط ، وتأکد من صحته ، وعدم تحریف أو تصحیف فی نصه (1).

====

وقد وفقنا الله عز ذکره لجمع أهم ما یرتبط بها من بحوث فی کتاب (الطرق الثمان لتحمل الحدیث وأدائه) فصلنا فی القول عن : حقیقتها ، ووجه الحاجة إلیها ، وسبب حصرها فی الثمان ، وبحثنا عن شروطها ، وأقسامها ، ورتبة کل طریق ، والدلیل علی اعتباره ، وما إلی ذلک من شؤون ، ونسأل الله جل اسمه أن یوفقنا لإتمامه وتقدیمه إلی المجتمع العلمی.

ص: 272


1- 1. ولعلماء الحدیث بحوث مفصلة حول هذه الطرق.

وکذلک استفادوا من هذه الطرق ، للتأکد من نقل کل المعارف عبر الأجیال ، والمحافظة علی النصوص وتوثیقها ، وحمایتها من التعرض لأشکال التحریف والتصحیف ، سواء المعتمدة کالوضع والتزویر ، أم العارضة لنسیان ، أو غفلة ، أو ذهول.

وتعد هذه المحاولة من أدق طرق التوثیق للنصوص ، وأکثر أسالیب الحمایة لها ، من بین طرقه المعروفة فی الحضارات البشریة ، قدیما وحدیثا ، بل علماء الإسلام هم المثل فی اختراع هذه المحاولة بین علماء سائر الأدیان والمذاهب ، بل الحضارات کلها.

(الإجازة) وموقعها بین الطرق الثمان :

وقد کانت (الإجازة) فی ترتیب الطرق ، ثالثتها عند الأکثرین ، کما سبق ، وهذا یدل علی ما للإجازة من أهمیة عندهم ، لأن کونها بعد (السماع) و (القراءة) مباشرة ، وهما أقوی الطرق ، حیث لم یقع اختلاف فی حجیتهما واعتبارهما والأکثر تداولا فی الروایة ، فلا بد أن تکون (الإجازة) تالیة تلوهما وشریکة لهما فی وجود عناصر القوة والحجیة والتداول ، بما یمکن معه اعتماد هذا الترتیب وهذا الالتزام.

ولذلک - أیضا - نجد علماء الحدیث قد أولوا (الإجازة) اهتماما بلیغا ، فبذلوا حولها جهودا کبیرة ، سواء فی مجال التطبیق والتداول ، أم فی مجال البحث عنها والتألیف حولها (1) أو فی مجال جمع نصوصها ، وتنظیم کتب خاصة

ص: 273


1- 1. لقد تعددت المؤلفات التی تحدثت عن (الإجازة) فی التراث الإسلامی ، وقد أسهمنا فی ذلک بتألیف کتاب حافل ، فی فصول عدیدة ، شملت : تاریخ الإجازة ، وحقیقتها ، وفائدتها ، ومشایخها ، وما إلی ذلک ، وقدمنا أمام البحث قائمة بالتراث الذی سبق تألیفه حولها.

لذکر مشایخها بعناوین ، مثل : (المشیخة) و (الفهرست) و (الثبت) و (المعجم) و (البرنامج) و (الإجازة) وهذا العنوان الأخیر أکثرها تداولا فی الحواضر العلمیة للشیعة الإمامیة ، وخاصة فی الأعصر الأخیرة (1).

دور الإجازة العلمی ، قدیما وحدیثا :

ولقد کانت (الإجازة) تؤدی ذلک الدور العلمی المهم ، بصورة دقیقة ، ومنتظمة ، وواسعة ، إلی جنب طرق التحمل الأخری ، فی أوج نضارة العلم ، عند ازدهار الحضارة الإسلامیة المجیدة ، وحتی نهایات القرن السادس.

ولما آلت شمس تلک الحضارة إلی الغروب ، وضعفت الهمم عن اتباع الآثار الحمیدة ، وخبت أنوار المعرفة وأضواؤها فی المعاهد العلمیة والمدارس الدینیة ، وتهاوت أعمدة العلم والمکتبات ، کان نصیب تلک الطرق من تلک النکسة الحضاریة : قلة الاهتمام ، وعدم التداول ، فلحق الإجازة مثل ما لحق أخواتها من الاهمال ، أو الانحراف عن الأهداف الصحیحة!

ومن الملاحظ ، أنه علی الرغم من أن الطرق الأخری آل أمر أکثرها إلی الهجران والتعطل النهائی ، وإلی الترک المطلق - فی عصرنا الحاضر - فلا نجد لحلقات السماع أثرا ، ولا لمجالس الاملاء ذکرا ، ولا لقراءة الحدیث دورا ، فضلا عن المناولة والکتابة وغیرهما من الطرق التی کان الاختلاف واقعا فیها

====

وقد جمع شیخنا المحدث الیمانی السید محمد بن حسین الحلال الصنعانی - دام عمره - فی إجازته لنا المسماة ب (الأنوار السنیة) أسماء 177 منها ، وفیها عدد مما یستدرک علی الکتانی ، ولا تزال محفوظة.

ص: 274


1- 1. جمع المحدث المغربی محمد عبد الحی الکتانی ، أسماء ما یرید علی 1200 کتاب مما هو حول أحد هذه العناوین فی کتابه (فهرس الفهارس والأثبات) المطبوع ، وبما أنه أغفل ذکر أی واحد من مؤلفات الشیعة الإمامیة فی هذا المضمار فقد استدرکنا علیه بذکر 110 منها ، فی مقال بعنوان (فوات فهرس الفهارس والأثبات) نشرناه فی هذه المجلة (تراثنا) العدد 29.

منذ البدایة.

فعلی الرغم من ذلک ، فإنا نجد (الإجازة) لا تزال تذکر ، بل نجدها تتداول ، وتتعاطی ، ویستعملها ثلة من العلماء ، ویصدرها آخرون ، ویطلبها جماعة ، وتبحث عنها أخری ، ویناقش فیها البعض.

بل ، لم ینقطع علماء الإسلام من استعمال الإجازة علی طول التاریخ ، وإن ماتت الطرق الأخری ، أو بارت!

وهذا مؤشر کبیر إلی أن للإجازة شأنا آخر ، حیث بقیت مقاومة للاندثار والاضمحلال ، ولو بشکلها الحاضر ، البعید عن واقعها العلمی ، مما یکشف عن وجود مکانة لها فی أنظار العلماء!

فلا یزال العلماء حریصین علی الاحتفاظ بعملیة الإجازة والاستجارة ، ومهتمین بها غایة الاهتمام ، فهم ، بکل فرقهم وانتماءاتهم المذهبیة ، ومع اختلاف ألسنتهم ولغاتهم ، ملتزمون بما یسمی (إجازة الحدیث).

ومع القطع بأن الإجازة فقدت أهدافها المنشودة من وضعها ، حیث کانت أداة - مقبولة - لتحمل الحدیث وأدائه ، وضبطه والتوثق من نصه ، إلی جانب الطرق الأخری المؤدیة إلی صحة نسبة النص إلی قائله ومؤلفه ، وبلوغه إلی ناقله وراویه ، فإن بالإمکان تحدید أهداف العلماء - فی العصور المتأخرة - من عملیة الإجازة بما یلی :

أولا : إن الإجازة - بصورتها الحالیة - تعبیر رمزی عما سار علیه العلماء من أجل الحفاظ علی العلم ونصوصه ، والتوثق منها ، فی عملیة التبادل والتعاطی ، بل هی کما عرفنا صورة وحیدة متبقیة من الطرق المعتمدة لتحمل الحدیث وأدائه.

فیمکن الاستناد إلی سیرتهم المستمرة علی عد أصل عملیة (الإجازة) أمرا مستحسنا ذا أثر واضح فی دعم المعرفة الإسلامیة بالتوثق من نصوصها ، والارتباط بمصادرها ، والاتصال بحملتها ، وکل ذلک کان حرصا علی استمرار

ص: 275

الحضارة الإسلامیة فی الجانب الثقافی.

وثانیا : إن الإجازات المتأخرة - وإن فقدت بعض عناصرها الأصلیة - إلا أنها اعتمدت علی احتواء الطرق المؤثرة فی معرفة طبقات العلماء ، ونسبة أسماء الکتب المؤثرة فی الفهرسة ، والتحقق من الأقوال والآراء المؤثرة فی تاریخ العلوم ، ومعرفة الاتفاق ، أو الاجماع ، أو الاختلاف أو الانفراد.

وأما أوضح آثار هذه الإجازات المتأخرة فهی الفوائد التاریخیة التی تحتویها من تراجم العلماء ونشاطاتهم العلمیة ، وتخصصاتهم وانتماءاتهم ، وأخبارهم ، وما إلی ذلک مما یدخل فی فرع الترجمة والبیوغرافیة.

ثالثا : إن الإجازة - ولو بشکلها الصوری المتداول - هی الأوفق بالاحتیاط ، عندما یشترط فی الفقیه أن تکون الروایة قد بلغته ، لیصح أن یکون (راویا لها) لأن صدق اسم الراوی لا یتم إلا بعد (البلوغ والتحمل).

وبما أن الطرق کلها مفقودة ، ولم یبق إلا (الوجادة) التی هی أضعف الطرق ، مع أن (الوجادة) الفعلیة أیضا فاقدة للعناصر المهمة اللازمة فیها ، فیکون اللجوء إلی الإجازة - ولو الاسمیة - أقرب إلی الاحتیاط لتحقیق البلوغ ، وصدق الاسم.

وهذا معنی ما یقال : إن فائدة الإجازة - فی عصرنا - هو : الانسلاک والاندراج فی سلسلة رواة الحدیث.

وبهذا یمکن القول بأن الإجازة - ولو بصورتها الفعلیة - أهم مما قد یتراءی من بعضهم ، حیث عدوها عملیة (تبرک وتیمن) فحسب! لأن الفوائد التی عرضناها ، هی التی جعلت العلماء الأعلام یهتمون بأمرها ، ویصرفون أوقاتهم الغالیة فی تألیفها وجمعها وتنظیمها وإدراجها فی أعمالهم وتصانیفهم.

وإذا أعطی أولئک الذین یستهینون بأمر الإجازة - ولو بشکلها المتأخر -

ص: 276

النصف من أنفسهم ، لأمکنهم الاقتناع بأن الجهود المبذولة فی الإجازة تعد من أغنی فروع المعرفة الإسلامیة من حیث التراث والکتب : ثراءا وسعة واهتماما.

فهل یمکن القول ، أو التصور ، بأن کل ذلک الذی قاموا به ، وحصل ، کان لا لثمرة شرعیة ، ولا علمیة ، ولا من أجل عائدة عملیة تعود علی الإسلام والأمة ، إلا مجرد التبرک؟!

ولأن الإجازات المتأخرة ، لبعدها عن أهدافها العلمیة الأصیلة أصبحت صوریة وشکلیة ، أدی ذلک بالمحققین من العلماء المتأخرین ، وخاصة المعتمدین للمناهج العقلیة ، والمعتادین للتفکیر بطریقتها ، إلی أن لا یجدوا ما یقنعهم بضرورتها أو حجیتها ، وقد یصل الأمر عند بعضهم إلی تزییفها ورفضها کلیا.

وتعدوا - بالاستصحاب العکسی - إلی الإجازة فی عصرها الأول ، وقد کانت - وبلا ریب - من الطرق المعتمدة المتسالم علیها ، بل ثالثة الطرق ، کما ذکرنا فی بدایة هذه الکلمة وقد أشرنا إلی سر الاعتماد علیها وکونها طریقا مقبولة للتحمل والأداء.

فخلط بعض العلماء والباحثین بین الإجازة فی عصرها الأول ، وبین الإجازة فی حالتها المعاصرة ، وأطلق الحکم علیهما بمعیار واحد ، من دون تمییز للأبعاد والفوائد المترتبة علیها فی کلک حالة ، أو أدائها للمراد منها فی کل من العصرین!

وهذا أمر یستبعده لزوم التثبت ، والتحقیق ، والدقة ، والنظر إلی الأمر من جوانب وأبعاد متعددة.

وللحدیث عن کل هذه الأمور مجال أنسب ، لعلنا نوفق له مستقبلا بعون الله تعالی.

ص: 277

الإجازة فی الأدب الإسلامی :

ولقد فرضت (الإجازة) نفسها علی الأدب ، لکونها واحدا مما کثر تداوله وشاع القیام به بین العلماء والذین یمسک کثیر منهم بأزمة الأدب (1) فقد قام من أوتی موهبة الشعر وملک سلیقته بنظم الإجازة ، فی مقطوعة شعریة جمیلة.

بل تکلف بعضهم بنظم ما أراد إسهاما منه فی تخلید إجازة شعریة.

فتکون من ذلک نوع جدید من الأدب ، یجمع بین جمال الشعر وروعته ، وبین قیمة العلم وعظمته ، وبین مجد الحدیث وقدسیته.

ولقد وجدت فی جمع (الإجازات المنظومة) وعرضها إثارة لموضوع (الإجازة) بلغة جمیلة ، یستذوقها المتأدبون ، یرتاح لها المحدثون.

کما أن العرض یحتوی علی الدلالة الواضحة لتأثیر الإجازة فی نفوس العلماء ، بحیث کان لها من حبهم وعاطفتهم نصیب کبیر هز قرائحهم ودعاهم إلی نظمها!

وقبل أن ننتهی من هذا التقدیم ، نود أن نشیر إلی أن هناک اصطلاحا یستعمل فی باب الشعر من الأدب العربی ، بلفظ (الإجازة) ، وهی کما ذکره الأنصاری : أن تتم مصراع غیرک (2) ویقال لها : (التملیط) أو (الإملاط) أیضا.

وقال الفیروزآبادی : الإجازة فی الشعر ، مخالفة حرکات الحرف الذی یلی حرف الروی (3).

ص: 278


1- 1. إن علماء الإسلام ، لا بد أن یتوفروا علی علوم الأدب ، باعتبار أن النصوص الإسلامیة المقدسة  - کلها - هی باللغة العربیة ، وفی قمة الأعمال الأدبیة ، فالقرآن المصدر الأساسی الأول للمعرفة الإسلامیة ، وهو معجزة البلاغة العربیة ، وکذلک السنة الشریفة ، وبعد ذلک فإن أکثر التراث الإسلامی مکتوب بهذه اللغة المجیدة ، بل تنافس المتنافسون فی تمیزها بأجمل محسنات الأدب.
2- 2. لسان العرب 7 / 195.
3- 3. القاموس المحیط 2 / 170.

وبعضهم خص الإجازة ، بأن تکون قافیة طاءا ، والأخری دالا ، وقیل : هذا هو (الاکتفاء) وسماه بعضهم (الإجازة) بالراء المهملة (1).

ومهما کان أمر هذا المصطلح الشعری ، فإنا لا نبحث عن ذلک هنا ولا نقصده.

بل الذی نقصده هو (إجازة الحدیث) - التی هی بمعنی الإذن فی الروایة تحمیلا لها من الشیخ للراوی ، وهی من الطرق الثمان للتحمل والأداء - إذا وردت مکتوبة فی مقطوعة شعریة موزونة ، سواء فی شکل قصیدة ، أو أرجوزة مزدوجة ، والحدیث عنها فی نظم.

ثم إن جمعنا لها لم یکن عن قصد إلیها ، وإنما تم جمع ما وقع فی طریق المطالعة أو الصدقة ، فلذلک لا ندعی الاستیعاب لکل ما قیل فی ذلک ، ومن المتصور أن تکون مجموعة کبیرة منها قد فاتنا تسجیلها ونقلها هنا ، ولم نجد الفرصة للاستقراء التام لجمعها.

وأما ترتیب هذه المجموعة :

فقد کان من المناسب إیرادها علی التسلسل الزمنی ، حسب تواریخ صدورها ، أو وفیات المجیزین ، أو المجازین.

وأقدم ما وفقنا علیه هی اللامیة التی نظمها محمد بن الجهم السمری - من أعلام القرن الثانی - ثم اللامیة التی نظمها أحمد بن أبی المقدام العجلی (ت 241) ثم الدالیة التی نظمها الرامهرمزی (ت 360) ثم ما تلا ذلک.

إلا أن کثیرا منها لم نهتد إلی تاریخ محدد له ، فرأینا من الأفضل أن نرتبها علی المتعارف فی الدواوین الشعریة من وضعها وفق حروف المعجم فی الروی من القافیة ، وهو الأسهل تناولا ، والأکثر تداولا.

ص: 279


1- وقد فصلنا البحث عن حقیقة هذا المصطلح فی کتابنا (إجازة الحدیث).

وأما الأراجیز المزدوجة ، فقد جمعناها فی آخر الدیوان.

ثم إنی ذیلت کل مقطوعة بالمصدر الذی اعتمدته فی نقلها ، وفهرست للمصادر وکذلک للأعلام المجیزین ، والمجازین ، تسهیلا للمراجعین.

والحمد لله رب العالمین.

وکتب

ص: 280

القصائد

وهی مرتبة علی حروف المعجم فی رویها

من روی الألف

(1)

طلب أبو بکر بن محمد الدلائی المغربی (ت 1046) إجازة من محمد ابن قاسم بن محمد القصار القیسی الغرناطی ، فقال :

أجزتم لکم مروینا مطلقا وما

لنا ، سائلا أن تتحفوا بدعاء

وتاریخها سنة 1012.

المصدر :

فهرس الفهارس - للکتانی - : 395.

(2)

خاطب العارف الشیخ السنوسی جماعة فیهم الشیخ فالح الظاهری المدنی ، مجیزا بقوله :

أجزتکم مروینا کله وما

سیؤثر عنی راجیا لدعاء

وذلک فی سنة 1268.

ص: 281

المصدر :

فهرس الفهارس - للکتانی - : 896.

(3)

قال أبو العباس الدقون ، فی إجازته لابن أبی جمعة محمد شقرون الوهرانی الفاسی (ت 929) :

أجاز لک الدقون یا نجل سیدی

أبی جمعة المغراوی کل الذی روی

فحدث بما استدعیت فیه إجازة

وسلم علی من سالم النفس والهوی

المصدر :

فهرس الفهارس : 1065.

(4)

إجازة الشریف محمد بن ناصر الحازمی للسید داود حجر الزبیدی :

سلام علی داود من منح التقوی

سمی النبی الأواب أعطی ما یهوی

فأما روایاتی فخذ عن أئمة

هم القوم أهل الصدق عن مثلهم یروی

فأروی عن المولی الوجیه وشیخه

أبوه وعن جد وأشیاخه تلوا

هم النخل والبصری عجیمیهم معا

وکل له ثبت به الضمن والفحوی

وقاضی قضاة العصر إتحافه روت

رجال وإنی فیه ذو السند الأقوی

وقطب بنی الدنیا سنوسی شموسه

رویت وعنه کل علم له أهوی

نعم ، ثم أروی کل حصر لشارد

لشیخی وأستاذی لها الکل لا یغوی

ص: 282

کذا الکزبری ثم الأمیر ابن هاشم

ثلاثتهم أثباتهم ما لها محوی

ثلاثة أثبات لقاطن کلها

عن العمرانی وابنه غیر ما دعوی

وکل الذی أروی أجزت لسیدی

بدرس وتدریس مع الکتب والفتوی

کذاک ابنه الحبر التقی فحبذا

أئمة بر جانبوا الکبر والأهوا

وکم منحوا فضلا وخیرا ونیة

ولم یعلقوا الدنیا التی أصلها بلوی

فلم أر ذا فضل أحق إفادة

کمثلهما لم یسلکا مسلک الدعوی

أجزتهما - أیضا - المسلسل أولا

وعد ، وحب صادق السر والنجوی

وأوصیهما بالاستقامة والتقی

وبذل الدعا حتی نؤوب إلی المأوی

قال بفمه ، وأمر برقمه : الحقیر خادم العلم وأهله ، محمد بن ناصر بن الحسین ، غفر الله لهم ورحمهم وتجاوز عنهم ، آمین ، حامدا مصلیا ، محسبلا ، محوقلا (لا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم).

المصدر :

الدر الفرید - للواسعی - : 4 - 56.

ص: 283

ومن روی الباء

(5)

مما کتبه الحسین بن جعفر بن عبد الصمد ابن المتوکل علی الله العباسی ، المقری الحنبلی (ولد سنة 477 ه) فی بعض الإجازات :

أجزت للسادة الأخیار ما سألوا

فلیرووا عنی بلا بخس ولا کذب

مهما أحبوه من شعر ومن خبر

ومن جمیع سماعاتی من الکتب

ولیحذروا السهو التصحیف من غلط

ویسلکوا سنة الحفاظ فی الأدب

المصدر :

الذیل علی طبقات الحنابلة - لابن رجب - 1 / 233 - 243.

ص: 284

ومن روی التاء

(6)

قال الکتانی :

أقول - متمثلا - :

بالله ، یا آخذا عنی إجازة ما

أروی من الکتب فی شتی الإجازات

سل لی خواتم أعمال تیسر لی

إجازة الحشر فی یوم المجازات

المصدر :

فهرس الفهارس : 1169.

ص: 285

ومن روی الثاء

(7)

قال السید محمد بن محمد بن زید ، أبو الحسن العلوی ، أبو المعالی الحسنی البغدادی ، نزیل سمرقند :

أخلائی أجزت لکم سماعی

وما صنفت من کتب الحدیث

إذا ما شئتم فارووه عنی

کبیرکم وذو السن الحدیث

أجزت لکل ذی عقل ودین

یرید العلم بالطلب الحثیث

علی شرط الإجازة : فاحفظوه

عن التصحیف والغلط الخبیث

فإنی عن وقوع السهو فیه

برئ معلن کالمستغیث

علیکم بالأناة لکل خطب

فقل وقوع سهو من مریث

وأوصیکم بتقوی الله کیما

تنالوا الفوز من رب مغیث

المصدر :

المنتخب من کتاب السیاق : 84 ط.

ص: 286

ومن روی الحاء المهملة

(8)

وللأمیر محمد بن إسماعیل الصنعانی قصیدة ، کتبها فی آخر إجازة الفقیه أحمد بن یحیی الشامی :

فارو عنی یا صفی الدین ما

أنا أرویه علی الوجه الصحیح

من علوم المصطفی خیر الوری

خاتم الرسل وذی القول الرجیح

من أتانا بالهدی من ربنا

وأرانا الحق بالنص الصریح

فالهدی فیما أتی عن أحمد

خلنا عن قول ذی قول جریح

فاتبع وجها صحیحا وجهه

واطرح ما جاء بالوجه القبیح

دع متونا وشروحا جلها

عند ذی التحقیق أمثال القروح

خل أقوال رجال أصبحت

عندنا بین قتیل وطریح

وتمسک یا ابن یحیی بالتقی

إن ترد تظفر بالأمر الربیح

واخلص النیة فیما تبتغی

إنما النیة للفعل کروح

واصطبر للحق فالأعدا له

أمم تدعو إلی غیر الصحیح

واترک الدنیا ولا تحفل بها

إنما الراحة فی زهد المسیح

واطلب الفتح من الله فما

غیره یأتی بأنواع الفتوح

سله من إفضاله ما رمته

کل حین فی غبوق وصبوح

وأقر فی (فاطر) : (ما یفتح من)

وتأمل قصتی هود ونوح

وادع یا أحمد لی فی مدتی

وإذا صرت إلی بطن الضریح

ص: 287

قد نصحنا کل من نعرفه

قل : جزاه الله خیرا من نصیح

وأبذل العلم ولا تبخل به

ما الثنا والأجر إلا للسمیح

یلجم الباخل بالعلم غدا

بلجام النار أقبح بالشحیح

وصلاة الله تغشی أحمدا

وذویه ما سرت ریح بروح

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 91 - 92.

ص: 288

ومن روی الدال المهملة

(9)

قال الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضی أبو محمد الرامهرمزی (ت : 360) : کتب إلی بعض وزراء الملوک یسألنی إجازة کتاب ألفته لابن له ، فکتبت الکتاب له ، ووقعت علیه :

یا أبا القاسم الکریم المحیا

زانک الله بالتقی والرشاد

وتولاک بالکفایة والعز

وطول البقاء والإسعاد

إرو عنی هذا الکتاب فقد هذبت

ما قد حواه من مستفاد

وشکلت الحروف منه فقامت

لک بالشکل فی نظام السداد

جاء مستخلصا لسبک المعانی

کالدنانیر عن ید النقاد

نظم شعر ونثر قول یروقان

کنور الریاض غب العهاد

لا یعنیک بالهجاء ولا یشکل

فی الخط بین صاد وضاد

وکأن السطور منه سموط

بل عقود یلحن فی أجیاد

فتحفظ ما فیه من ملح الآداب

وأضبط طرائق الإسناد

وأحذر اللحن فی الروایة والتحریف

فیها والکسر فی الانشاد

والقیاس الجلی یوجدک الأخبار

فی نشره علی الأفراد

المصدر :

المحدث الفاصل بن الراوی والواعی ، : 458 الفقرة 545 ، ورواه الخطیب عن الرامهرمزی فی الکفایة فی علوم الدرایة : 502 - 503.

ص: 289

(10)

وقال عبد الرحمن بن مصطفی العیدروس الحسنی العلوی التریمی المصری (ت 1194) فی إجازته لبنی الأهدل ، بعد تسمیته لبعض شیوخه :

وعن مشایخ لا تحصی لراقمها

بل لست أحصیهم من کثرة العدد

إلا إذا طال لی وقتی وطاوعنی

أکاد أذکرهم فی مجمل السند

المصدر :

فهرس الفهارس : 740.

(11)

إجازة جمال الدین ابن نباتة لأحد طلابه المستجیزین منه شعرا :

سألت إجازتنا لهم ولمثلهم

یروی الإجازة سید عن سید

ونعم ، أجزت لهم راویة ما اقتضوا

بالشرط من لفظ أجزت ومسند

ومصنفات لست عنها راضیا

فمسود منها وغیر مسود

أهملت منها ما أردت وبعضها

نادیت : لا تهلک أسی وتجلد

خذها إجازة طائع لک منشد

للمدح فاعجب للمجیز المنشد

وأسبقه بالقدر البسیط فإن لی

هما مدیدا إن أقل ، قال : اقصد

قلمی ولفظی معرضان کلاهما

لا من لسانی إن نطقت ولا یدی

المصدر :

خزانة الأدب - للحموی - : 353.

ص: 290

(12)

أجاز محمد بن محمد بن الجزری الدمشقی (ت 833) لابن حجر العسقلانی ولولده ، وکتب فی ورقة الاستدعاء ما نصه :

إنی أجزت لهم روایة کل ما

أرویه من متن الحدیث المسند

وکذا الصحاح الخمس ثم معاجم

للمشیخات وکل جزء مفرد

وجمیع نظم لی ونثر والذی

ألفت کالنشر الذکی ومنجد

المصدر :

فهرس الفهارس : 305 ، وقال : ذکر ذلک ابن حجر فی فهرسته.

(13)

إجازة الأمیر الصنعانی لفخر الدین عبد الله بن أحمد بن إسحاق فی شهر ربیع الأول سنة 1182 :

أجزتک یا بن ودی ما ترید

بما فیه تفید وتستفید

أجزتک إذ طلبت وأنت بخیر

یحق لمثلنا فیه الورود

أجزت الأمهات وهن ست

إلیها کل ذی علم یعود

لأن بناء أحکام البرایا

بها دارت وهن لها عمود

أضاع الخمسة الأحکام من لم

یحب الست وهو بها عمید

فیا لله کم علم حوته

فلیس علی معارفها مزید

ولی فیها سماعات علی من

تزین من وجودهم الوجود

ص: 291

وغیر الست مما قد أجزنا

أجزتک أیها الفخر الفرید

وکل مؤلف لی یا حبیبی

أجزتک فارو منها ما ترید

ولا زم سنة المختار درسا

وتدریسا وإن رغم الحسود

ولا تشغل بغیر العلم وقتا

وهل بسواه یشتغل السعید؟!

فأهل العلم أملاک البرایا

وکل سواهم لهم جنود

وصلنی بالدعا فی کل حین

خصوصا إذ منازلنا اللحود

وعذرا فی الذی منی تراه

فلیس کما ترید ولا أرید

فذا جهد المقل فلا تلمنی

وعفوا أیها المولی المفید

أمن بعد الثمانین اللواتی

قطعت یکون لی عقد فرید

أراها صیرت فکری بلیدا

وما هو قبل مقدمها بلید

فأسأله الرضا فی کل حین

وتوفیقا إلی التقوی یقود

وینزلنا به جنات عدن

تکون بها الإقامة والخلود

وصل علی النبی والآل طرا

فهم شمس أنیر بها الوجود

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 145 - 146.

(14)

إجازة الأمیر الصنعانی لضیاء الدین سعید بن حسن العنسی ، وهی خاصة بمؤلفات الأمیر :

وافی نظامک یا سعید

فکأنه عقد فرید

ص: 292

مثل الذراری خلته

أو أنه الدر النضید

أو أنه الروض النضیر

ولا نظیر له أرید

وطلبت منی أن أجیز

مؤلفاتی لا أزید

وأعد أسماء لها

لتنال منها ما ترید

فلقد أجزتک فاستمع

أسماء بعض یا سعید

(سبل السلام) مؤلف

جزءان یعشقه الرشید

وب (منحة الغفار) ما

(ضوء النهار) بها یزید

جزءان فی القطع الکبیر

بها فوائد لا تبید

ول (عمدة الأحکام حاشیة

) بها بحث مفید

ولنا علی (التنقیح شرح

) لا یدعه المستفید

ولجامع الشرح الصغیر

مؤلف (شرح) سدید

وحوته أربعة من الأجزاء

فیها ما ترید

ولنا نظام فی الوصی

وشرحه در نضید

ونظام کافلنا الأصیل

شرحه شرح مفید

ولنا علی نظم الإمام

محمد شرح مجید

رب (العواصم) من غدا

أهل الذکاء له ورود

وکذا لنا جمع الشتیت

ویا له جمع عدید

وبمکة (الاحراز) ألف

والمقام له شهید

وبها کتاب (السیف) وهو

مؤلف حلو فرید

ولنا علی التیسیر (تحبیر

) به من الحمید

ولنا المسائل والرسائل

عدها أمر بعید

ص: 293

والکل من فضل الاله

له الثناء کما یرید

والله لولا فضله

إنی فتی فدم بلید

للعلم أهلنی فلا

أهوی سواه ولا أرید

حبب إلی من الصبا

فأنا به کلف عمید

وکفانی الدنیا فعیشی

فی الوری عیش رغید

وعن المناصب صاننی

فأنا لرتبتها زهید

عرضت علی فأعرضت

عن تلک نفس لی شرود

لا ترتضی إلا المعا

رف والعلوم هی السعود

ولأن قد قرب الرحیل

وقد مضی عمر مدید

إلی أن یقول :

أوصی سعیدا بالتقی

إن التقی هو السعید

واحذر من الدنیا فما

یغتر بالدنیا رشید

دار تدور بمکرها

یلهو بها الرجل البلید

إلی أن یقول :

فازهد تکن ملکا عزیزا

لا تقاد ولا تقود

والعلم أفخر ملبس

فالبس هو الثوب الجدید

یبلی ولا یبلی وإن

ضمت جوارحک اللحود

کم قد تقضی قبلنا

علم وجبار عنید

فأخو العلوم کأنه

ما بیننا حی شهید

یملی علینا علمه

فنفید منه ونستفید

ویزوره منا الدعا

والمدح والقول الحمید

ص: 294

وأخو التجبر ما له

ذکر ولا حق أکید

وکذاک من جعل العلوم

حبالة وبها یصید

ما همه إلا الحرام

یصید منه ویستصید

کم جامع للعلم أضحی

وهو شیطان مرید

فالجهل أولی من علوم

للمعاصی لا تذود

إلی أن یقول :

ثم الصلاة علی الذی

بوجوده أفتخر الوجود

والآل من أضحی لهم

قصر من العلیا مشید

من حبهم فرض علی الإیمان

لیس به جحود

هو فرض عین والأدلة

بالذی قلنا شهود

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 143 - 145.

(15)

إجازة صدر الدین عبد اللطیف بن محمد الخجندی (ت 580) کتبها للرحالة محمد بن أحمد ابن جبیر (ت 614) لما استجازه بمعروض شعری یلتمس فیه أن یجیزه مرویاته ، وهو :

یا من حواه الدین فی عصره

صدرا یحل العلم منه فؤاد

ماذا یری سیدنا المرتضی

فی زائر یخطب منه الوداد

لا یبتغی منه سوی أحرف

یعدها أشرف ذخر یفاد

ص: 295

ترسمها أنمله مثلما

نمق زهر الروض کف العهاد

فی رقعة کالصبح أهدی لها

ید المعالی مسک لیل المداد

(إجازة) یورثنیها العلا

جائزة تبقی وتفنی البلاد

یستصحب الشکر خدیما لها

والشکر للأمجاد أسنی عتاد

فقبل الشیخ الخجندی معروض ابن جبیر ، فأجابه مجیزا له بقوله :

لک الله من خاطب خلتی

ومن قابس یجتدی سقط زندی

أجزت له ما أجازوه لی

وما حدثوه وما صح عندی

وکاتب هذی السطور التی

تراهن عبد اللطیف الخجندی

المصدر :

نفح الطبیب 3 / 1 - 142 ، مع ابن جبیر فی رحلته : 5 - 76.

ص: 296

ومن روی الراء

(16)

نظم ابن علوان الشاعر ، عماد الدین ، محمد بن علی أبی الفضل بن محمد ، أبو جعفر الشیبانی ، السورائی ، الفقیه المقرئ ، هذه الإجازة لابن الفوطی البغدادی ، وأوردها المجاز فی کتابه (تلخیص مجمع الآداب) بقوله : کتب لی الإجازة نظما :

قد أجزنا للسادة الأخیار

ما روینا من مسند الأخبار

والأصولین والغریبین والفقه

وما جاءنا عن الأخیار

عن أبی جعفر محمد ابن

لعلی علوان جدی النزاری

بید أنی مستصغر حالی الحائل

لکن أجبت أهل الفخار

بعد حمدی لله ثم صلاتی

للنبی وآله الأطهار

توفی المجیز فی ثالث عشر رجب سنة ست وسبعمائة ، ودفن بمشهد الإمام علی علیه السلام.

المصدر :

تلخیص مجمع الآداب ، الجزء الرابع ، القسم الثانی ، ص 831 ، رقم 1218.

(17)

وللأمیر الصنعانی إجازة للسید جمال الدین علی بن محمد ، لقمان ، من

ص: 297

علماء مدینة ذمار ، نظمها فی سنة 1176 :

أجزتک یا علی وأنت عندی

کأولادی الصغار مع الکبار

أحبک حبهم لنا اتصال

بآباء لکم علما کبار

هم أخوالنا ولهم علینا

حقوق لا یقوم بها اقتداری

سقی أجداثهم غیث مغیث

من الرضوان فی کل الدیار

أجزتک ما سمعنا من شیوخ

من العلماء أعلام بحار

من الحرمین بعضهم وبعض

بصنعا خیر أوطانی ودار

سمعنا علم خیر الرسل منهم

وعلم الآل من خیر الخیار

فأسند ما ترید إلی مما

سترویه علی علما ذمار

فأوصیکم بتقوی الله حقا

تفوز بما ترید بکل دار

ففی الدنیا تکون بها عزیزا

وفی الأخری ستنزل خیر دار

تجاور خیر رسل الله طرا

فیا لله من دار وجار

وصلنی بالدعا ما دمت حیا

ومیتا کی یقال به عثاری

وصلی علی الرسول وخیر آل

وسلم فی مساک وفی النهار

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 165.

(18)

إجازة شاعر أهل البیت علیهم السلام صفی الدین الحلی (ت 752) :

أجزت لسیدی وملیک رقی

روایة ما حوی من نسج فکری

ص: 298

وما أنشأت من جد وهزل

وما أبدعت من نظم ونثر

ولم أقصد بذاک سوی قبولی

لمرسوم أشار به وأمر

ولو نسبوا إلیه جمیع علمی

لکان کنقطة فی لج بحر

المصدر :

دیوان صفی الدین الحلی : 680 ، ودائرة المعارف الشیعیة : 122.

(19)

نظم أبو العباس الهشتوکی إجازة أبی العباس ابن ناصر ، لأولاد علی أبی الحسن النوری الحربی الصفاقسی ، فی قصیدة ، منها :

وإسناد شیخنا الإمام ابن ناصر

روی علمه عن منتهی العلم فی القطر

محمد المصمود العالم الذی

تفرد بالتحقیق فی کل ما یقری

روی علمه عن منتهی القول جملة

ولکن لدی السراج نور به یسری

کما أخذ السراج عن غیر واحد

ویکفی ابن هارون دلیلا علی الغیر

وأما ابن هارون علی فقد روی

علوما ولکن لا تعد من الکثر

علی علم الدنیا ابن غازی وحسبنا

به ثبتا أعلی لدی کل ما خبر

فإن شئت ما فی المسندین روایة

فحصل فهاریس الأئمة بالسبر

تنادی علی ما لابن غازی وقدره

وقدر الذی ما کنت من قبله تدری

إلی أن یقول :

وفهرسة الشیخ ابن غازی مفیدة

علیک بها فهی النهایة فی الأمر

ص: 299

المصدر :

فهرس الفهارس : 291 نقلا عن الرحلة الناصریة ، ص 167 ، طبع فاس بالمغرب.

(20)

لما مر أبو علی الیوسی الطرابلسی یرید الحج ، استجاز منه الشمس محمد بن أحمد المکنی الطرابلسی لعلی بن محمد النوری الصفاقسی (ت 1118) فأجازهم نظما وخص النوری منها ببیت :

کذا الماجد النحریر عین صفاقس

أبو الحسن النوری ذو المجد والفخر

وکانت الإجازة فی سنة 1101.

المصدر :

فهرس الفهارس : 673.

(21)

قال الزرکلی : رأیت فی ثبت النذرومی - المخطوط - إجازة بخط ابن کثیر [المؤرخ ، ت 774] فی بیت من الشعر هذا نصه :

أجزتهم ما قد سئلت بشرطه

وکاتبه إسماعیل بن کثیر

المصدر :

الأعلام 1 / 318 ، وأنظر الجزء الحادی عشر ، اللوحة 223.

ص: 300

(22)

قال أبو الحجاج الساحلی ، یوسف بن إبراهیم بن محمد ، الفهری ، الغرناطی (ت 702) : کتب إلی شیخنا محمد بن محمد بن عتیق ابن رشیق (المولود 628) فی الاستدعاء الذی أجازنی فیه ، ولمن ذکر معی :

أجزت لهم أبقاهم الله کل ما

رویت عن الأشیاخ فی سالف الدهر

وما سمعت أذنای من کل عالم

وما جاد من نظمی وما راق من نثری

علی شرط أصحاب الحدیث وضبطهم

برئ عن التصحیف عار عن النکر

کتبت لهم خطی وأسمی محمد

أبو القاسم المکنی ما فیه من نکر

وجدی رشیق شاع فی الغرب ذکره

وفی الشرق أیضا فادر إن کنت لا تدری

ولی مولد من بعد عشرین حجة

ثمان علی الست المئین ابتدأ عمری

وبالله توفیقی علیه توکلی

له الحمد فی الحالین فی العسر والیسر

ص: 301

المصدر :

نفح الطیب - للمقری - 3 / 20.

(23)

ومن نظم السید زین الدین العابدین بن علوی بأحسن ، جمل اللیل الحسینی المدنی ، مجاوبا السید الشهید أبا بکر بن أحمد بن سلیمان هجام ، حین طلب الإجازة منه ، وهما إذ ذاک ببندر الحدیدة ، قال :

أعقد لآل زان فخرا به الصدر

أم البدر ذو الأنوار والأنجم الزهر

أم الدر فی سلک اللجین منظم

أم الروض بالأنوار فاح له عطر

بلی شمس حسن أقبلت فی غلائل

ففاح لنا فی العصر من طیها النشر

أتت تتهادی فی بهی من الحلی

وحیت فأحیت مدنفا سمه الهجر

وأهدت ثناء من شریف علا علی

عروش فخار دون کرسیه النسر

هو الشهم رب الفهم والذوق والحجا

بدیع معان حار فی وصفه الفکر

سلالة أمجاد خلاصة قادة

وراثته منهم علوم بها الفخر

ص: 302

حبانی بأفضال وشرفنی بما

به قلد الأجیاد من دونه الدر

فلله ما أحلی معانیه إذ بدت

بأطباقها کالروض کلله القطر

أتی أمره یبغی الإجازة من فتی

حقیر ذلیل لا یعد له قدر

فیا سیدا قد عمنی خال جوده

وشرف عبدا من کتابته سطر

ویا تحفة الإرشاد یا روض طالب

ویا مورد الظمآن یا بحر یا حبر

لأنت بذا أولی وإنی لقاصر

ومثلی لدیکم لا یحق له ذکر

فسامح حقیرا واعف فضلا ومنة

وإن قلت جزما لیس یقبل لی عذر

وأمرک حتم فامتثالا لأمرکم

أجزت جزما لیس یقبل لی عذر

فعن شیخنا أروی الحدیث مسلسلا

محمد عبد الله من علمه وفر

وعن شیخنا الکردی محمد من سما

أبوه سلیمان الشهیر له قدر

أبو طاهر شیخ له وهو قد روی

عن البدر إبراهیم من زانه الفخر

ص: 303

وأشیاخ إبراهیم جمعا لدیکم

وفی أمم الأستاذ تم لها الحصر

فعذرا لصب أشغلته همومه

ومن وحشة الأسفار لیس له فکر

ولا تنسبنی من دعوة مستجابة

لعل بکم یا سادتی یشرح الصدر

أدامک رب العالمین مکملا

بمثل سنا علیاک یفتخر الدهر

المصدر :

حدیقة الأفراح : 76 - 77.

ص: 304

ومن روی الزای

(24)

قال الشیخ حسین الدرازی البحرانی آل عصفور ، مجیزا للشیخ أحمد الأحسائی (ت 1241) :

وإنی أجزت لهذا الفتی

أخی (أحمد) وهو نعم المجاز

وذاک حقیق لنا أن یجیز

وذاک حقیقته لا مجاز

فوفقه ربی لنیل المنی

فنعم الطریق له والمجاز

المصدر :

إجازات الشیخ أحمد الأحسائی : 61 ، ولاحظ مقال : تحقیق النصوص بین صعوبة المهمة وخطورة الهفوات ، المنشور فی مجلة) تراثنا) العدد 9 ، ص 15.

(25)

کتب الشیخ حسین بن محسن بن محمد السبیعی الأنصاری فی إجازته للسید صدیق حسن خان القنوجی الهندی (ت 1307) هذین البیتین :

وإذا أجزت مع القصور فإننی

أرجو التشبه بالذین أجازوا

السالکین إلی الحقیقة منهجا

سبقوا إلی غرف الجنان ففازوا

المصدر :

الحطة فی الکتب السنة : 479.

ص: 305

(26)

ذکر شقیقی الحجة السید محمد حسین الحسینی الجلالی دام ظله هذین البیتین ، ولن ینسبهما :

أکابرنا شیوخ العلم حازوا

علوم الدین فاغتنموا وفازوا

أجازوا لی روایة ما رووه

فها أنا ذا أجیز کما أجازوا

المصدر :

إجازة الحدیث : 31.

(27)

کتب الشیخ صلاح الدین الصفدی إجازة لشهاب الدین أحمد الحنبلی خطیب بیت الآلهة ، وکاتب الدست بالشام ، وقال فی نهایتها :

إجازة قاصرة عن کل شئ

یسیر من الروایة فی مفازه

لمن ملک الفضائل واقتناها

وجاز مدی العلا سبقا وحازه

المصدر :

صبح الأعشی : للقلقشندی (14 / 334.

(28)

ونظم الشیخ الحوضی ، محمد بن محمد بن عبد الرحمن ، المتوفی 919 ، قصیدة أجاز بها لأحمد بن علی بن داود البلوی ، الوادی آشی ، الذی

ص: 306

استجاره نظما ، بقوله :

یا مجیدا فی کل فن مجیدا

لیس شأو فی الفضل إلا وحازه

وإماما فی کل علم هماما

بلغ الحد فی الکمال وجازه

مستفید منکم أتاکم یرجی

من علاکم أن تسمحوا بالإجازه

لیس أهلا لأن یجاز ولکن

کم هجین نور الشیوخ أجازه

إن یکن من حقیقة العلم خلوا

حاز بالحب فی ذویه مجازه

فأجیزوه أو أجیروه مما

قد طلبتم علی یدیه نجازه

فأجابه الشیخ بالقصیدة التالیة :

یا وحیدا فی عصره ومفیدا

أعطی السبق فی العلی فاستجازه

وله فی العلوم أوفر حظ

وهو قد صار فی الکمال طرازه

جاءنی کتبک العزیز محلا

مقتضاه إتحافکم بالإجازه

فتقاعست أن أجیب لأنی

لا أرانی أخوض تلک المفازه

ثم أکدت ما لکم من حقوق

فهو أدعی لدفع کل حزازه

فتسارعت للجواب مطیعا

فی مقام قد أوجبوا إحرازه

ولکم قد أذنت فی کل ما قد

صح عنی وشئتم إبرازه

من تآلیف أو قریض ونثر

وعلی الشرط فی السبیل المجازه

وکذا ما أخذته عن شیوخی

أتحف الله جمعهم بإجازه

وهو سبحانه یفی الکل منا

کل خیر وما نخاف اعوزازه

ثم نرجوه فی الثبات ختاما

وسؤالا وفی الصراط جوازه

وعلی سید الأنام صلاة

وسلام یسهلان مجازه

ص: 307

ومن روی الطاء المهملة

(29)

وأنشد للشیخ القصار ، قوله :

أجزت لکم باللفظ عنی وبالخط

علی شرط أن ترووه بالضبط والنقط

المصدر :

فهرس الفهارس : 124.

ص: 308

ومن روی الفاء

(30)

کتب الشیخ عبد الوهاب الفضلی البصری (ت 1386) وهو عالم الأحناف بها ، فی ذیل إجازته للسید محمد صادق بحر العلوم (ت 1399) هذه الأبیات :

ولست بأهل أن أجاز فکیف أن

أجیز ولکن الحقائق قد تخفی

وأضواء فکری قد عرتها حوادث

فآونة تخفی وآونة تطفی

ولولا رجائی منکم صالح الدعاء

لما رسمت یمنای فی مثل ذا حرفا

وتاریخ الإجازة سنة 1379.

المصدر :

الإجازة الجلالیة (مخطوطة).

وقد رأیت البیت الأول ضمن إجازة قدیمة مطبوعة فی (فهرس الفهارس) للکتانی ، لم یتنبه محققه إلی کونه شعرا ، فأورده بنسق النثر ، وکذلک وجدت کثیرا من المجیزین یقتبسون هذه الأبیات من دون نسبة.

(31)

ومما قاله جامع هذا الدیوان فی إجازته لبعض السادة :

أسجل باسم الله من خصنی لطفا

وعم جمیع الخلق من فضله عطفا

وأثنی علیه حامدا کل نعمة

أفاض فما أبدی أعد وما أخفی

ص: 309

أصلی علی خیر الأنام محمد

حبیب إله الخلق ذی الجوهر الأصفی

علی آله الغر الکرام تحیة

أتابعها ما دمت أو أرد الحتفا

وبعد فإن العلم سام مقامه

ویعدو لراعیه غداة الوغی سیفا

ولا سیما علم الحدیث فإنه

موضح دین الله یبدو به کشفا

وقد جد أهل العلم فی حمله کما

تداوله الأعلام صف یلی صفا

وهب (حسین) المجد یطلب أسوة

بآبائه فاختار من کنزه الأوفی

وجد لکی یحیی مآثر آله

مکارم لولاه بها الدهر قد أسفی

وقد ظن بی خیرا لنیل إجازة

فلم أستطع عن أمره أبدا صرفا

(ولست بأهل أن أجاز فکیف أن

أجیز ولکن الحقائق قد تخفی)

أقول - ونظمی لیس من قول شاعر

بشئ ولکن سجعه یشبه الهتفا - :

رویت الحدیث الجم من طرقی التی

أفصلها کما وأوجزها کیفا

شیوخی أجازوا لی الروایة عنهم

سأذکرهم عدا وأنعتهم وصفا

(فأولهم) شیخی الذی کان حائزا

من العلم والإیمان بالقدح الأضفی

عماد التقی شیخ (الذریعة) محسن

علی مثله التنقیب لم یوقع الطرفا

فألحقنی ذا بالشیوخ ویومها

مع العشر سنی لم تکن جاوزت نیفا

وأعلی علوا فی الأسانید روایا

عن العلم النوری والقول مستوفی

ب (خاتمة المستدرک) البحر سطوت

(مواقع) - ها من بعد أن شجرت رصفا

(وثانیهم) نجل السیادة صادق

هو الدر من بحر العلوم وما أصفا

أجاز لی التحدیث ضمن (إجازة

جلالیة) أوفی بها القول بل أحفی

(وثالثهم) صنو المعالی عمادها

شهاب الهدی والدین فی صدر من أجفی

وغیرهم خلق یطول بذکرهم

کلامی وخیر القول ما دل إذ خفا

ص: 310

فهاک - وأنت الفخر - منی إجازة

منضدة بالشعر تحسدها الهیفا

أجزت لک الیوم الروایة فاستبق

لتخلیدها لا تلق لوما ولا حیفا

فعنی عن أشیاخی الصید فاسند

الروایات بعد الضبط واطرح الزیفا

وأوصیک ما أوصی أولئک فاحتفظ

بصحبة أمجاد الملا واترک الجلفا

علیک بتقوی الله واحتط لدینه

لتحیی به واستنکر المیل والحیفا

ولا تنسنی من صالح الذکر کلما

ذکرت رجائی أنت فی مثل ذا أوفی

کما أننی أدعو لک الله یصطفی

من العلم بیتا ضوءه الدهر لا یطفا

وحرره الداعی الجلالی (محمد)

یعرفه الأصحاب باسم (الرضا) وصفا

وکتب

السید محمد رضا الحسینی الجلالی

فی النصف من شهر رجب

سنة 1404 ه

فی قم المقدسة

المصدر :

ثبت الأسانید العوالی (مخطوط).

ص: 311

ومن روی القاف

(32)

کتب القاضی عیاض الیحصبی إلی الحافظ السلفی أبی طاهر (ت 576) یستجیزه ، قصیدة مطلعها :

أبا طاهر خذها علی البعد والنوی

تحیة مشتاق لذکراک شیق

فأجابه السلفی مجیزا بقصیدة مطلعها :

أتانی نظم الألمعی الموفق

یمیس اختیالا بین غرب ومشرق

وقد ذکر القصیدتین المقری فی أزهار الریاض ، لوحة 477 / أ.

المصدر :

الإلماع فی آداب السماع ، تعلیق محققه السید أحمد صقر ، فی ص 41 هامش 4.

وأزهار الریاض فی أخبار عیاض ، مطبوع فی القاهرة من لجنة التألیف ، سنة 1358 ه.

(33)

وأجاز الفقیه الشیخ فضل الله المازندرانی الحائری ، بالاجتهاد لجدنا الإمام السید محمد هادی الخراسانی الحائری - المتوفی سنة 1368 - فقال نظما :

ص: 312

سیدنا الهادی الفرید الألمعی اللوذعی

علامة العصر وحید عصرنا والمتقی

من کونه مجتهدا محققا مسلم

من کونه محققا فذا من المحقق

من الأقل المشتکی خادم شرع المصطفی

قد استجازنی عن المؤید الموثق

أجزته من بعد ما اختبرته وجدته

أهلا لها ویا له من أهلها الموفق

مع کونه کلفنی ما لم یکن وظیفتی

ولم یکن قط به منا من المصدق

وبعده شاء من الأحقر ذی تاریخه

نظما أجبت قول ذی المطالب المشوق

ألقیت قیدی منتها - أننی أرخته

(وقد أجزت الهادی فی الاجتهاد المطلق)

وتاریخ الإجازة کما یحصل من حساب الجمل هو : 1337 ه.

المصدر :

الصحف المطهرة ، للسید المجاز (مخطوط).

ص: 313

ومن وری اللام

(34)

نظم عبد الرحمن بن عبد الله بلفقیه العلوی الحسینی الشافعی (ت 1163) قصیدة سماها (مفاتیح الأسرار فی تنزل الأنوار ، وإجازة الأبرار) مطلعها :

سبحان رب العزة المتعالی

عن کل ما یصفون من أقوال

جل العظیم عن الحروف ووضعها

وعن الحدود وعن قیود البال

ومن أبیاتها :

فأجزته فیها وفیما قلته

من نظم أو نثر وحل سؤال

وکذاک کل أخ وطالب حکمة

وموافق للحق بالإقبال

وهی إجازة للسید یحیی بن عمر مقبول الأهدل ، وقد شرحها الناظم بکتاب (رفع الأستار عن مفاتیح الأسرار) والشرح برمته أثبته الشیخ الحفری المدنی فی کتابه (کنز البراهین).

المصدر :

فهرس الفهارس : 446 - 447.

(35)

وللأمیر الصنعانی إجازة للفقیه سعید بن حسن العنسی ، وهو من مدینة

ص: 314

ذمار :

الحمد لله علی کل حال

مقدما قبل جواب السؤال

ثم صلاة الله تتری علی

خیر الوری والآل أهل الکمال

ویعد هذا یا سعید فقد

أطلت فی المطلوب منی المقال

إجازة تطلب ممن غدا

مشتغلا ما بین قیل وقال

حینا بتألیف وحینا غدا

یدرس الأعیان ما بین قیل وقال

وتارة تأتی السؤالات من

تهامة ، أو من رؤوس الجبال

فاعذر إذا أبطأ جوابی فما

عن کسل أبطأ ولا عن ملال

والآن قد شاء إلهی بأن

أجیب عن أطراف ذاک السؤال

الطرف الأول : تبغی به

إجازة منی ، لما قد یقال

من یرد العلم وما عنده

إجازة ما جاز هذا بحال

إذ الروایات طریق إلی

تفصیلها عند فحول الرجال

قد حصرت فی أربع بینت

فی قصب السکر حلو المقال

جعلتها فیها مع غیرها

من اصطلاحات لأهل الکمال

فقد أجزناک کما تبتغی

فارو علوم الآل هم خیر آل

وارو علوم المصطفی أحمد

من حاز فی الناس شریف الخلال

الأمهات الست یا حبذا

ما قد حوت من نافع فی المقال

أئمة قد ألفوها لقد

فازوا بما حازوا علی کل حال

أئمة فی العلم تقواهم

کالشمس لا مثل بزوغ الهلال

قد حفظوا للخلق علم الهدی

جازاهم الله جزیل النوال

فاحرص علی العلم تفز فی غد

بالعمل الصالح فوق الرجال

ص: 315

والعلم مقصود به غیره

العمل النافع فی الارتحال

إلی لقاء الله سبحانه

عند فراق العبد دار الزوال

والطرف الثانی : وعظی لکم

ومن أنا - قل لی - بهذا السؤال؟!

الحسن البصری وأمثاله

أو کعلی ما له من مثال

أعنی أبا السبطین یا حبذا

مواعظا تهتز منها الجبال

ضمنها (النهج) سقی قبره

سحائب الرضوان من ذی جلال

کفی کفی القرآن لی واعظا

فصار آیات به والطوال

فکل قسیس تری دمعه

یفیض ، إذ یسمع صوتا ، لآل

فاتل کتاب الله مستیقظا

فوعظه یهدم شم الجبال

زهد فی الدنیا وآفاتها

وکل جاه قد حوته ومال

ما هی إلا لعب کلها

وکلها لهو لأهل الضلال

غایتها الموت فکل الذی

تراه فیها مثل فی الزوال

أی ملوک قد عرفناهم

سادوا وشادوا غرفا لا تنال

وفارقوا ذاک إلی حفرة

خطت لهم بین تراب الرمال

بها لقوا کل الذی قدموا

من حسن أو من قبیح الفعال

وغودروا فیها فرادی وقد

نساهم أهلهم والعیال

وجاءه رسل إله السما

لیعرفوا إیمانه بالسؤال

فإن تثبت بالجواب الذی

عن ربه عز وما قال [قال]

الله ربی ، ثم لی أحمد

نبی صدق لا أقول المحال

فبعد ذا ینظر فی قبره

فی جنة قد دام فیها الظلال

منزله یا حبذا منزل

فیه الذی یهواه مما ینال

ص: 316

ما لا تراه العین أو تسمع

الآذان أو یخطر منه ببال

أو لم یثبت نال فی قبره

ما تکره النفس بسوء السؤال

فنسأل الله لنا رحمة

تغسل أدران قبیح الفعال

وبعد ذا صل علی أحمد

والآل ما هبت صبا أو شمال

ویا سعید جازنی بالدعا

وأسأل لی الغفران من ذی الجلال

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 307 - 309.

(36)

إجازة محمد بن الجهم السمری (من محدثی القرن الثانی) وهی أقدم إجازة منظومة وقفنا علیها ، رواها الخطیب ، قال :

حدثنی أبو جعفر ، محمد بن علی بن جعفر الوفراوندی ، بالکرج ، قال : أنشدنا الحسین بن محمد بن الحسین الدینوری الثقفی ، قال : أنشدنا أبو علی ، الحسین بن محمد ، المقرئ ، قال : أنشدنی أبو بکر ابن مجاهد ، قال :

أنشدنی محمد بن الجهم السمری :

أتانی أناس یسألون إجازة

کتاب المعانی والعجول مغفل

فقلت لهم : فیه من النحو غامض

وهمز وإدغام خفی ومشکل

وما فیه جمع الساکنین کلیهما

ونبر إلیه قد یشار وینقل

ولا یؤمن التحریف فیه بطوله

وتصحیف أشباه بأخری تبدل

وأکره فیما قد سألتم غرورکم

ولست بما عندی من العلم أبخل

فمن یروه فلیروه بصوابه

کما قاله الفراء فالصدق أجمل

ص: 317

المصدر :

الکفایة فی علوم الروایة - للخطیب البغدادی - : 502.

وعن نسخة منه (بالکرخ) بدل (بالکرج).

(37)

(أبیات شعر فی الإجازة) کتبها أحمد بن المقدام أبو الأشعث العجلی البصری - المتوفی سنة 253 - لمن طلب منه الإجازة :

وهی ثانی أقدم إجازة شعریة ، بعد إجازة السمری ، نقلها الرامهرمزی (ت 360) فی أقدم کتاب فی الدرایة (المحدث الفاصل) وروی حدیثها مفصلا الخطیب البغدادی ، قال بعنوان : (ذکر الخبر عمن نظم الإجازة شعرا) :

حدثنی عبید الله بن أبی الفتح الفارسی ، قال : ثنا أحمد بن إبراهیم - یعنی ابن شاذان - قال : حبشون الخلال ، قال : ثنا عمر بن الحسن ، بطریق مکة ، قال :

سألت أبا الأشعث ، أحمد بن المقدام العجلی : أن یجیز لبعض إخوانه شیئا من حدیثه ، قال : فکتب إلیه علی ظهر الکتاب :

کتابی إلیکم فافهموه فإنه

رسولی إلیکم والکتاب رسول

فهذا سماعی من رجال لقیتهم

لهم ورع مع فهمهم وعقول

سماعی ، إلا فاحکموه عنی فإنکم

تقولون ما قد قلته وأقول

ألا فاحذروا التصحیف فیه فربما

تغیر عن تصحیفه فیحول

المصدر :

المحدث الفاصل : 456 ، الفقرة 544 باختلاف ، والکفایة

ص: 318

 - للخطیب - : 1 - 502 ، ورواه بسنده إلی أبی نعیم الحافظ بنص آخر ، ورواه فی تاریخ بغداد 5 / 4 - 165 ضمن ترجمته ، ورواه ابن عدی فی الکامل فی الضعفاء 1 / 183 ، ونقل ابن عبد البر القرطبی الأبیات الثلاثة الأولی فی جامع بیان العلم 2 / 180 ، وانظر تهذیب التهذیب 1 / 81.

(38)

قال عبد العزیز بن عبد القادر الربعی البغدادی (المولود 662) فی ذیل إجازته للشیخ جمال الدین أبی بکر بن أبی صاعد ، المعروف بابن التاج الحافظ الصوفی ، البکری نسبا ، الحنفی مذهبا ، الملتانی منشأ :

إنی استخرت لفائق السبع العلا

فی أن أجیز لمستجیز مجملا

فأجزته أن یروی عنی کل ما

قد جاز أن یروی علی شرط الأولی ...

من کل ما قد صح عند رواته

مما تعنعن أو أتاه مسلسلا

خال عن التصحیف والغلط الذی

متن الحدیث یصیر منه مهملا

من کل منقول ولفظ رائق

مع کل معقول ونظر قد خلا

ها قد أجزت تلفظا وکتابة

هذا کلامی مجملا ومفصلا

ص: 319

ها نسبتی خذها إلیک فإننی

لا أستطع لنظمها مترسلا

المصدر :

نقل العلم فی الإسلام : 233 ، تألیف جورج وجدا ، المقالة الثانیة : من ملتان إلی القاهرة ، باللغة الفرنسیة.

A Transmission du Savoir en Islam , I Georges Vajda

Variorum Reprints

London 1983

 (39)

إجازة عبد الرحمن بن علی الشیبانی الزبیدی الشافعی ، المعروف بابن الدیبع ، المتوفی 944 ، وهی عامة لمن أدرک حیاته :

أجزت لمدرک وقتی وعصری

روایة ما تجوز روایتی له

من المقروء والمسموع طرا

وما ألفت من کتب جزیله

وما لی من مجاز من شیوخ

من الکتب القصیرة والطویله

وأرجو الله یختم لی بخیر

ویرحمنی برحمته الجزیله

المصدر :

فهرس الفهارس : 414.

ص: 320

(40)

تمثل الشیخ محمد المکی ابن عزوز التونسی فی ثبت (عمدة الأثبات) الذی ألفه محمد بن عبد الحی الکتانی ، بقول القائل :

إجازة تعمه ونسله

(حاویة معنی الذی سیقت له)

المصدر :

فهرس الفهارس : 878 ، والشطر الثانی من البیت مقتبس من الخلاصة الألفیة فی النحو لابن مالک الأندلسی.

ص: 321

ومن روی المیم

(41)

ما ذکره الرصاع فی إجازته لأبی زید ، التی ألحقها بفهرسته ، فقال : وقد أجزناک ، کما أجازنا شیوخنا رحمهم الله تعالی ، فی جمیع ما طلبته ، وأذنا لک فی الذی قصدته ، وخاطبناک بما خاطب به بعض شیوخنا فی إجازته بشعره ، بقوله رحمه الله تعالی :

قد أجزناک یا فقیها نبیها

ناظما ناثرا بدیع النظام

فی الذی صح عندکم من سماعی

من شیوخی الأئمة الأعلام

فی البخاری ومسلم والموطأ

والشفا ثم عمدة الأحکام

ختم الله للجمیع بخیر

وأخل الجمیع دار السلام

المصدر :

فهرسة الرصاع : 218.

(42)

ومن نظم الفقیه حسن بن محمد بن علی سهیل الصعدی - المتوفی 1385 - أبیات کتبها فی ذیل إجازته للسید إسماعیل بن أحمد بن عبد الله المختفی ، الذی طلب منه الإجازة نظما ، فأجابه بهذه :

أتی شعر یحاکی الدر سبکا

ویحکی شعر عنتر والقطامی

ویحکی شعر نابغة بن جعد

وحسان بن ثابت فی النظام

ص: 322

من البطل الکمی سلیل طه

من المفضال بدرا فی تمام

ضیاء قد رقی رتب المعالی

وساد علی الأماثل والکرام

سمی الجد إسماعیل حقا

وفیصل فی القضاء عند الخصام

إلی أن قال :

أجبتکم مسارعة لهذا

لتحذو من رقا فوق الإکام

فهاک إجازة منی حریصا

علی الاقبال منکم باهتمام

فأنتم سیدی أهل لذاکم

وأنت الهاشمی ابن الإمام

وأنتم خیر من رکب المطایا

وأزکی العالمین بلا کلام

المصدر :

المسلسلات : 549.

(43)

من نظم السید محمد بن إبراهیم بن علی بن الحسین المؤیدی ، المعروف بابن حوریة الیحیوی ، فی آخر إجازته المؤرخة بسنة 1369 ، الصادرة إلی السید إسماعیل بن أحمد بن عبد الله المختفی بن المؤید الصغیر محمد بن المتوکل إسماعیل :

إلیک أخا العلیا وزینة من رقی

مراتب أهل العلم بالبحث والفهم

إجازة من قصرت به رتب العلا

وإن کان موصوفا لدیکم بذی العلم

ص: 323

فذلک من باب المثال الذی جری

لمثلی استسمنت یا صاح ذا ورم

ولکننی لما رأیتک طالبا

لذاک وأن الشرع یقضی علی الکتم

بما صح فیما قد رووه توعدا

علی ذاک خفت الوزر والوعد بالإثم

فأنت ضیاء الدین قد حزت منهلا

من العلم یروی طالبیه ذوی الحزم

وقد حزت من کل العلوم معاقلا

علی صغر فی السن أرجوه أن ینمی

فخذها کما حررتها ولک البقا

وأرجو إجازتها من الله بالغنم

بما وعد الرحمن فیما أتت له

مآثر علم بعد موت الفتی الشهم

ومنکم بأن یدعو لی العفو والرضا

من الله هذا خیر ما یرتجی سهمی

وشرطی علیکم مثل شرط أولی التقی

تحری صحاح للدفاتر للعلم

وبذلا لأهلیه علی قدر طاقة

مع العمل المطلوب منه بلا جرم

فیا أیها البدر الذی أنت نوره

فلا تختفی منک المعالی لذی الفهم

ص: 324

وإن لقبوک المختفی أنت ظاهر

وبالضد قد یدعی لتعظیم ذی الاسم

فجدک من حاز السمو برفعة

سمیک إسماعیل یا لک من قرم

کمالک قد شهد الوری برقیه

علی النسر والعیوق حقا أخا النجم

هدیت لکل الخیر فالعفو إن تری

فهاهة نثر فی الإجازة والنظم

علیک سلام الله ما هبت الصبا

وذلک بدء القول منی مع الختم

وصلی إلهی کلما ذر شارق

علی أحمد والآل من قام بالعلم

المصدر :

المسلسلات : 562.

ص: 325

ومن روی النون

(44)

إجازة أبی شجاع عمر بن أبی الحسن البسطامی ، لأبی طاهر السلفی ، أحمد بن محمد الأصفهانی ، الإسکندری ، المصری (ت 576) :

إنی أجزت لکم عنی روایتکم

بما سمعت من أشیاخی وأقرانی

ومن بعد أن تحفظوا شرط الجواز لها

مستجمعین لها أسباب إتقان

أرجو بذلک أن الله یذکرنی

- یوم النشور ، وإیاکم - بغفران

المصدر :

توضیح الأفکار 2 / 324.

(45)

ومما قلته أخیرا مجیزا بعض السادة من طلاب العلم :

محمد أیها المهدی فینا

رغبت لنیل علم المهتدینا

حدیث الدین والإسلام تبغی

لتحمله لکل العالمینا

فهاک إذن وأنت لذاک أهل

عهدتک صادقا ثبتا أمینا

إجازة حامل للعلم جما

عن الأعلام أجمعه سنینا

أجازوا لی الروایة هم شیوخ

عظام خلدوا علما ودینا

ص: 326

ذوو تقوی وهمة من یجاری

سناء الشمس أبهة ولینا

فمنهم شیخی الأعلی طریقا

محمد محسن الناجی یقینا

(ذریعته) من (الأعلام) حقا

تخلده برغم الحاسدینا

لقد أعلی سقاه الله ریا

من الإسناد واختار المعینا

وأخلد لی علی الأثبات ذکرا

وألحقنی بقرن السابقینا

وبحر للعلوم أجاز فیما

رواه عن شیوخ عالمینا

محمد صادق فی القول أرسی

(دلیلا للقضاء) أتی مبینا

وحقق من تراث العلم کتبا

غدت نعم الهدی للدارسینا

ومن إفضاله السامی علینا

بأنواع الروایة قد حبینا

فبالطرق الثمان روی حدیثا

وحملنا المعارف والیقینا

شهاب الدین ثالثهم مجیزا

وأکثرهم طریقا مستبینا

فقد أولی الإجازة باهتمام

فکان لذاک أوسع من لقینا

هو النجفی أعلی الله شأنا

له فی الخلد خلد الصادقینا

ومن أشیاخی الأطواد جمع

تراهم بالسعیدة ساکنینا

فمجد الدین أسبقهم إلینا

بفضل العلم أغزرهم معینا

فإسناد (بجامعة) حوته

إلی کتب الأئمة قد أبینا

وأنوار (لوامعها) أضاءت

لنا طرق العلوم بها هدینا

وآثار تدل علی علاه

فدام وجوده للمهتدینا

محمد الجلال له علینا

حقوق لم تزل ترعاه فینا

أجاز لنا (بأنوار) سناها

علا کتب الشیوخ المسندینا

لأثبات حوت طرقا صحاحا

وجمعت المسلسل والمتینا

وأحمد ذلک العلم المعلی

بمدرسة العلوم غدا معینا

ص: 327

فسماه الإبا (حجرا) کریما

قد ازدانت به صنعا یمینا

أجاز لی الحدیث وزاد فضلا

عقیقا جوهرا أصفی ثمینا

فأشیاخی هم أطواد علم

وتقوی أسوة للمتقینا

أجزتک یا محمد مثل ما لی

أجازوا فارو عنا ما روینا

فعنی عنهم أسند حدیثا

محیطا نصه حصنا حصینا

بشرط الضبط والتحقیق صنه

ولا تجدن بأن ترعاه لینا

فهذا دیننا حق علینا

رعایته لزاما ما بقینا

وهذا العلم فی طیات کتب

تراث قد غدا فینا رهینا

لنحییه ونبذل کل جهد

ونصنع فی القلوب له عرینا

محمد فالتمس للعلم عینا

یروی من ظماک صدی کمینا

فإن شئت النجاة فخذ بعلم

رواه الآل مستندا رزینا

ولا تتبع عداهم لو تراه

فإما أن یضلک أو یشینا

إذا ما شئت تنجو من ضلال

ومن جهل فکن بهم قرینا

وأخلص فی الطلاب وجد واسهر

فلیس المجد إرث النائمینا

وقم شمر وثق بالفوز تظفر

به فالمجد مهوی الطالبینا

تذکر یا أخی مجدا تلیدا

أضاعته جهود الخائنینا

وشعبا بائسا یشکو ضیاعا

بصعدة حیث مثوی الأقدمینا

ومأوی العدل والتوحید أضحی

مجالا للذئاب الملحدینا

فقوموا ثلة العلماء واسعوا

ولا تهنوا فوعد الله فینا

تعالوا مهدوا للحق أرضا

وحکما للهدی یعلو القنینا

فآل محمد منهم إمام

سیملؤها غدا عدلا ودینا

ویمحق کل جور أو ضلال

من الحکام حزب الظالمینا

ص: 328

فشدوا العزم یا مهدی إنا

علی المیعاد یوما تلتقینا

فإن عشنا فذاک ، وإن قضینا

فأرجو منکم الرحمی تلینا

وهذا ما تلاه علیک لفظا

ونمقه البنان بما أعینا

وکاتبه محمد الرضا من

غدا بذنوبه الکبری رهینا

ویعرف بالحسینی الجلالی

رعاه ذو الجلال غدا دفینا

وتم نظمه وکتابته فی الخامس من ذی الحجة الحرام سنة 1414 ه ، والحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.

ص: 329

ومن روی الهاء

(46)

قال البدر القرافی فی آخر إجازة له :

بثثتک ما قد حزته وجمعته

وجدت بما أبدیته ووصلته

فکن حافظا هذا بمقدار حقه

وکن داعیا لی فوق ما قد طلبته

وخاتمة الحسنی لغایة مطلبی

وإنی لأرجو الله ما قد طلبته

المصدر :

فهرس الفهارس : 1168.

(47)

أجاز أبو شامة المقدسی - المتوفی 665 - کتابه (الذیل علی الروضتین).

وقال :

أجزت له قولی وفق الله قصده

وأسعده بالعلم یوم معاده

روایة ما أرویه عن کل عالم

بصیر بما فیه طریق سداده

فهناه ربی بالعلوم وجمعها

وبلغه فیها سنی مراده

المصدر :

بعض نسخ الذیل علی الروضتین فاتنی تسجیل خصوصیاته.

ص: 330

(48)

إجازة جمال الدین ابن نباتة ، لشمس الدین ابن سمندیار ، وهی طویلة ، منها :

إن قیل : إن سمندیار لشخصه

نسب ، فللعرب الخلاص لسانه

مستبدع الألفاظ قد حصلت علی

رجحانها وعلوها أوزانه

قل یا محمد فیه یسمع فنه

قولا یطول إلی السها کیوانه

ها قد أجزتک طوع أمرک أن تجز

إن الرفیع تجیزه أدوانه

إن کنت سلطان القریض فإنه

لولاک لم ینفذ إذن سلطانه

أعلام طرسک حیث سار وقصره

من بیتک المعمور أو بستانه

أمرت فی الأشعار شعرک حاکما

متصرفا فی أمرها دیوانه

المصدر :

خزانة الأدب - للحموی - : 351 - 355.

(49)

وقال الأمیر الصنعانی ، فی ختم إجازة للشیخ العلامة ناصر بن الحسین المحبشی ، وأخیه العلامة إبراهیم بن الحسین ، ثم ختم بها عدة إجازات :

أجزتکما یا أهل ودی روایتی

لما أنا علی علم الأحادیث أرویه

ص: 331

علی ذلک الشرط الذی بین أهله

وفی شرحنا التوضیح تنقیح ما فیه

فاسند إلینا بالإجازة راویا

لغیر الذی منی سمعت سترویه

وإن ترو عنی ما سمعت فاروه

بحدثنا الشیخ المشافه من فیه

کذاک أجزنا ما لنا من مؤلف

إذا کنت تقریه وعنی ترویه

ألا وأعلما والعلم أشرف مکسب

وقد صرتما شمسین فی أفق أهلیه

بأن أساس العلم تصحیح نیة

وإخلاص ما تخفیه منه وتبدیه

وبذلکما منه لما قد عرفتما

وحققتما من لفظه ومعانیه

مع الصبر فی تفهیم من لیس فاهما

فکم طالب عد الجلی کخافیه

وأوصیکما بالصبر والبر والتقی

فهذا الذی بین الأنام تواصیه

به أمرتنا سورة العصر فاشکروا

لمولاکما ما جاکما من أیادیه

وأن تلزما فی الاعتقاد طریقة

لأسلافنا من غیر جبر وتشبیه

ص: 332

فعضوا علیها بالنواجذ واصبروا

فقد فرق الناس الکلام بما فیه

ففیه الدواهی القاتلات لأهلها

وکم فیه من داء یعز مداویه

فکم مقصد تحوی المقاصد مظلم

وکم موقف تحوی المواقف تخزیه

کذلک فی الغایات غایات بحثها

شکوک بلا شک ومن غیر تمویه

فیا حبذا القرآن کم من أدلة

حواها لتوحید وعدل وتنزیه

فما کان فی عهد الرسول وصحبه

سواه دلیلا قاهرا لأعادیه

فلا تأخذا إلا مقالته التی

تنادی إلی دار النعیم دواعیه

عسانا نلبی من دعانا إلی الهدی

ننال غدا من ربنا ما نرجیه

وما خلتماه مشکلا متشابها

فقولا : وکلناه إلی علم باریه

قفا عند لفظ (الله) والراسخون إذ

هو المبتدا ما بعده خبر فیه

وعندی فی ذا فوق عشرین حجة

ولا یستطیع النظم حصر معانیه

ص: 333

إلی أن یقول :

ودونکما نصحا أتی فی إجازة

ودأبی نشر العلم مع نصح أهلیه

ولا تنسیانی من دعائکما عسی

عسی دعوة تشفی الفؤاد وتحییه

وتهدی إلی حسن الختام فإنه

منای الذی أدعو به وأرجیه

وأحمد ربی کل حمد مصلیا

علی أحمد والآل أقمار نادیه

وأثنی علی أصحاب محمد متبعا

لتابعه أهل الحدیث وراویه

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 434 - 436.

ص: 334

ومن روی الیاء

(50)

أنشد الشیخ شمس الدین محمد بن الصائغ فی آخر ما کتبه علی استدعاء لبعض من سأله الإجازة ، وعدد تصانیفه ، فکتب :

ولقد شرفت قدری

بنفیس من هدایا

بنظام شنف السمع

بدر کالثنایا

فارو منی وارو عنی

واغن عن شد المطایا

وانتق الفضل وحصل

واحظ منی بمزایا

وتحر الصدق واعلم

أنه خیر الوصایا

أجزت لک أن تروی هذه وغیرها عنی ، ولک الفضل فی قبول ذلک منی.

المصدر :

صبح الأعشی فی صناعة الإنشا 14 / 4 - 335.

ص: 335

الأراجیز

وهی مرتبة حسب التاریخ

(51)

إجازة البدر الغزی ، محمد الدمشقی ، المتوفی 984 ، کتبها للمسند الرحال ، داود بن علی العباسی الأصایی الیمنی.

المصدر :

أوردها الأهدل فی النفس الیمانی.

(52)

کتب الأمیر الصنعانی إجازة لبعض الطلبة :

الحمد لله عظیم الشان

من أرسل المختار من عدنان

یدعو الوری طرا إلی الجنان

بالسنة الغراء والقرآن

صلی علیه الله ما هب الصبا

وآله وصحبه ذوی التقی

وبعد فاعلم أن علم السنة

طریق من یرجو دخول الجنة

وکیف لا ، وهی مقال أحمد

والفعل والتقریر للمسترشد

وقد أتی تلمیذنا حسین

وهو بما ینقله أمین

وقال لی قد طلب الجمالی

علی سعد الدین ذو الإفضال

ص: 336

إجازة منی فیما أملی

عن کل حبر متقن ذی فضل

تبرکا منه بما أرویه

عسی بما أجیزه أهدیه

إلی طریق سنة المختار

أحمد خیر صفوة للباری

إلی أن یقول :

فأولا أوصیک بالتقاء

والذکر فی الصباح والمساء

وأحرص هدیت للرشاد یا علی

علی کتاب الله ربک العلی

فکن علی الدرس له محافظا

وکن له غیبا - هدیت - حافظا

فکل خیر فی کتاب ربی

حسبی به فی کل أمر حسبی

وثانیا فإننی أجزتکا

بما أنا أرویه قد میزتکا

فلترو عنی ما أنا أرویه

عن کل حبر فاضل نبیه

إلی أن یقول :

إرو الذی تراه من تصنیفی

وما تراه صح من تألیفی

نظما ونثرا وکذا رسائلی

وما أتاک من جواب سائلی

من غیر تحریف ولا تصحیف

وأبدأ بعلم النحو والتصریف

فهاهما باب علوم الأثر

ثم أصول الفقه علم نظری

فمن لما ذکرته قد أتقنا

نال من العلیا مقاما أحسنا

وصار عینا فی بنی الزمان

یهدیهم لطاعة الرحمان

فما سوی طاعته من مطلب

فاحرص علیها فهی خیر مکسب

والأصل إخلاص الفتی للنیة

یقصده لوجه رب العزة

فکل من أخلص فی أعماله

نال الذی یرجوه فی مآله

ینزل حقا فی جوار المصطفی

وحسبنا الله بهذا وکفی

ص: 337

صلی علیه الله کل ساعة

ولا حرمنا الفوز بالشفاعة

وآله ورض ما عشت علی

أصحابه ذوی التقی والنبلا

واسأل لنا فی کل حین یا علی

حسن الختام فهو خیر العمل

المصدر :

دیوان الأمیر الصنعانی : 456 - 458.

(53)

قال : المقری : لما قرأ علی أحمد بن شاهین - أدام الله تعالی عزته ، وحرس حوزته! - عقیدتی المسماة (بإضاءة الدجنة ، فی عقائد أهل السنة) سألنی أن أجیزه فیها وفی غیرها ، فکتبت إلیه بما نصه :

أحمد من أطار فی جو العلا

صیت ابن شاهین الذی زان الحلی

وراش منه للمعالی أجنحه

نال بها فضلا غدا مستمنحه

واسکن البیان من أوکار

أفهامه بقنة الأفکار

فاصطاد کل شارد بمخلب

أبحاثه ومن یعارض یغلب

والصقر لا یقاس بالبغاث

والحق ممتاز عن الأضغاث

نشکر من بلغه مناه

علی نواله الذی سناه

وننتحی نهج صلاة بادیا

لخیر من جاء الأنام هادیا

مبینا دلائل التوحید

وموضحا طرائق التسدید

محمد خیر البرایا المنتقی

أجل من خاف الإله واتقی

صلی علیه الله مع أصحابه

وآله الراوین عن سحابه

ص: 338

ما اعترف العبد الفقیر ذو العدم

للرب باستغنائه وبالقدم

وبعد ، فالعلوم والعوارف

من أمها یأوی لظل وارف

وروضة أزهارها تضوعت

لأنها أفنانها تنوعت

ولیس یحتاط بها نبیل

إذ ذاک أمر ما له سبیل

فلیصرف القول إلی ما ینفعه

دنیا وفی أوج الأجور یرفعه

وإن علم أصول الدین

هدی وخیرا جل عن تبیین

لأنه أصل یعم النفع

بل وکل ما سواه فرع

وکیف یعبد الإله من لا

یعرفه وعن رشاد ضلا

فهو الذی لا تقبل الأعمال

إلا به وتنجح الآمال

وإننی کنت نظمت فیه

لطالب عقیدة تکفیه

سمیتها (إضاءة الدجنه)

وقد رجوت أن تکون جنه

وبعد أن أقرأتها بمصر

ومکة بعضا من أهل العصر

درستها لما دخلت الشاما

بجامع فی الحسن لا یسامی

وکان فی المجلس جمع وافر

من جلة بدورهم سوافر

منهم فرید الدهر ذو المعالی

فخر دمشق الطیب الفعال

أحمد من راح لعلم واغتدی

وشام أنوار الفهوم فاهتدی

العالم الصدر الأجل المولی

من وصفه الممدوح یعیی القولا

وهو ابن شاهین وما أدراکا

من بذ جنس العرب والأتراکا

ورام من مثلی بحسن الظن

إجازة فیما رواه عنی

فحرت فی أمرین قد تناقضا

بالنفی والإثبات إذ تعارضا

ترک الإجابة لوصفی بالخطل

وبالخطا والجید منی ذو عطل

ص: 339

وکم فرائض بعجز تسقظ

فکیف غیرها وهذا أحوط

أو فعلها بحسب الإمکان

رعیا لود محکم الأرکان

منه وما له من الحقوق

ولا یجازی البر بالعقوق

وبعد ما مر من الترداد

أسعفته بمقتضی الوداد

وسرت فی طرق من التساهل

معترفا بالجهل لا التجاهل

مع أنه الأهل لأن یجیزا

لا أن یجاز إذ حوی التبریزا

ومن رأی عیبی بعین للرضا

لم یقف نهج من غدا معترضا

فلیرو عنی کل ما أسمعته

إیاه بالشرط وما جمعته

مع القصور راجیا للأجر

من الفنون نظمها والنشر

کهذه القصیدة السدیده

والنعل ذات المدح العدیده

کذاک ما ألفت فی عمامه

من خص بالإسراء والإمامه

والفقه والحدیث والنحو وفی

أسرار وفق وهو بالقصد وفی

وغیرها مما به الوهاب من

علی فقیر عاجز فی غیر فن

وما أخذت فی بلاد المغرب

عن کل فذ فی العلوم مغرب

ولی أسانید إذا سردتها

طالت وفی کتبی قد أوردتها

وقد أخذت الجامع الصحیحا

وغیره عمن حوی الترجیحا

عمی سعید عن سفین وهو عن

القلقشندی عن الواعی السنن

العسقلانی الشهاب ابن حجر

بما له من الروایات أشتهر

وقد أجزته بکل ما لی

یصح من ذاک بلا احتمال

علی شروط قرروها کافیه

لیست علی أفکاره بخافیه

وقال هذا المقری الخطا

والعی عم لفظه والخطا

ص: 340

عام ثلاثین وألف بعدها

سمع أتمت فی السنین عدها

وکان ذا فی رمضان السامی

بحضرة السعد دمشق الشام

والله نرجو أن یتیح الختما

بالخیر کی نعطی القبول حتما

بجاه خیر العالمین أحمدا

صلی علیه الله ما طال المدی

(54)

وتذکرت بهذه الإجازة نظیرتها التی سألنی فیها مولانا عین الأعیان ، مفتی الأنام فی مذهب النعمان ، مولانا الشیخ عبد الرحمن العمادی مفتی الشام  - حفظه الله تعالی - لأولاده الثلاثة ، وکتب لی أصغرهم سنا استدعاء لذلک :

أحمد من شید بالإسناد

بیت العلوم السامی العماد

وعم من خصص بالروایه

بنورها النافی دجی الغوایه

وزان صدر النبها کل زمن

بجوهر الإجازة الغالی الثمن

نحمده سبحانه أن عرفا

من الحدیث ما به قد شرفا

ونسأل المزید من صلاته

لمن أتیح القصد من صلاته

ملجؤنا المعصوم أعلی سند

لنا برغم جاحد مفند

کهف الضعیف والقوی المرتجی

باب الهدایات إلی نهج أمن

من فضله ما شک فیه مسلم

من حبه بکل خیر معلم

نبینا المرسل ذو الخلق الحسن

والمعجز المفحم أرباب اللسن

محمد المرفوع قدره علی

سائر خلق الله جل وعلا

ص: 341

صلی علیه ربنا وسلما

أزکی صلاة ننتحیها معلما

مع آله وصحبه ومن روی

آثاره عن صحة وما غوی

وبعد فالعلم عظیم القدر

ولیس من یدری کمن لا یدری

ولم تزل همة أهل المجد

منوطة بنیل علم مجدی

ومنه علم السنة الشریفه

لأنه ظلاله وریفه

فمن دری الأخبار والشمائل

لم یک عن صوب الهدی بمائل

وکم سمیدع لأجله رفض

أوطانه وثوب ترحال نفض

وکیف لا وهو أجل ما طلب

موفق یروم حسن المنقلب

لأنه وسیلة السعاده

والعز فی الابداء والإعاده

وإننی لما انتحیت المشرقا

میمما بدر اهتداء مشرقا

ألقیت فی مصر عصا التسیار

بعد بلوغی أشرف الدیار

وبعد ذا جئت دمشق الشام

مسکن من یزدان باحتشام

فشاهدت عینای فیها ما ملا

قلبی سرورا إذ بلغت مأملا

مدینة فیاضة الأنهار

فضفاضة الأثواب بالأزهار

أرجاؤها زاکیة العبیر

ومدحها یجل عن تعبیر

فلاحظوا بالأعین الکلیله

عبدا غدا تقصیره دلیله

وقابلوا عیبی بما اقتضاه

فضل لهم رب الوری ارتضاه

خصوصا المولی الکبیر المعتبر

قرة عین من رآه واختبر

مفتی الوری فی مذهب النعمان

بها الوجیه عابد الرحمن

ابن عماد الدین من تعیی القلم

أوصافه الآتی کنور فی علم

ص: 342

حاوی طراف المجد والتلاد

نال المنی فی النفس والأولاد

وکنت فی مکة قد أبصرت

منه علا عن مدحه قصرت

جلالة ومحتدا وعلما

ورفعة وسؤددا وحلما

مع التواضع الذی قد زانه

حسن اعتقاد مثقل میزانه

فحث من فی الشام من أخیار

لم یسلکوا مناهج الأغیار

أن یأخذوا بعض الفنون عنی

بما اقتضاه منه حسن الظن

مع أننی والله لست أهلا

لذاک ، والتصدیر لیس سهلا

وکان من جملتهم أبناؤه

عماد دین قد علا بناؤه

وصنوه الشهاب من توقدا

فهما وإبراهیم سباق المدی

وهو الذی قد ابتغی الإجازه

لهم بوعد طالبا إنجازه

وکتب القصیدة الطنانه

فی ذاک لی مهتصرا أفنانه

وإنهم کحلقة قد أفرغت

دامت لهم آلاء فیض سوغت

فلم أجد بدا من الإجابه

مع کون جهلی سادلا حجابه

فقد أجزتهم بما رویته

طرا ، وما ارتجلت أو رویته

وکل ما صنفت فی الفنون

مؤمل التحقیق للظنون

وما أخذت عن شیوخ المغرب

وغیرهم من کل حبر مغرب

ولی أسانید یطول شرحها

شید علی تقوی الإله صرحها

ولو سردت کل مرویاتی

هنا لطال القول فی الأبیات

وکل طول غالبا مملول

وحد من یعنی به مفلول

فلنقتصر إذن علی القلیل

تبرکا بالمطلب الجلیل

وقد أخذت جامع البخاری

عن عمی الحائز للفخار

ص: 343

المقری سعید الإمام عن

محمد یدعی خروفا حین عن

التونسی الطیب الأنفاس

نزیل حضرة الملوک فاس

عن الکمال القادری المرتضی

عن الحجازی عن الحبر الرضا

نجل أبی المجد عن الحجازی

عن الزبیدی بنقل جاری

عن مسند الإسلام عبد الأول

عن الشهیر الداودی المعتلی

عن السرخسی عن الفربری

عن البخاری الإمام الحبر

وفضله أظهر من أن یذکر

وعلمه المعروف غیر المنکر

ومسلم به إلی الکمال

عن علم الدین أخی الجلال

منسوب بلقین عن التنوخی

عن ابن حمزة عن الشیوخ

کابن المقیر عن ابن ناصر

عن ابن مندة اللبیب القاصر

عن جوزقی قد روی عن مکی

عن مسلم نافی دیاجی الشک

فلیخبروا عنی بذا الباقی

من ستة حائزة السباق

کذا موطأ الإمام مالک

إمامنا منیر حل حالک

ومسند الفذ الرضا ابن حنبل

والدارمی ذی الثناء الأجمل

والطبرانی وما أرویه

من المعاجیم بما تحویه

وکلها تشمله الإجازه

بشرطها عند الذی أجازه

فلتقبلوه فهی من جهد المقل

إذ لست بالمطلوب منی أستقل

ومن أسانیدی عن القصار

مفتی الأنام بهجة الأعصار

عن شیخه خروف الراقی الدرج

عن الشریف الطحطحائی فرج

قال : سمعت المصطفی فی النوم

صلی الله کل یوم

یقول : من أصبح ، یعنی آمنا

فی سربه ، الحدیث فاعرف کامنا

ص: 344

ولنمسک العنان فی هذا الأرب

مصلیا علی الذی زان العرب

وآله وصحبه الأعلام

ومن تلا من أنجم الإسلام

وخط هذا المقری العاصی

أجیز یوم الأخذ بالنواصی

سنة سبع وثلاثین تلت

ألفا لهجرة بیاسین علت

علیه أزکی صلوات تستتم

نرجو بها الزلفی وحسن المختتم

ونص الاستدعاء المشار إلیه هو :

فازت دمشق الشام بالمقری

الألمعی اللوذعی العبقری

علامة العصر بلا مفتری

وواحد الدهر بلا ممتری

کم سمعت أخبار أوصافه

فقصر المخبر عن منظر

جامع علم بث إملاءه

بالشام ملء الجامع الأکبر

یقری فتقرا السمع أنفاسه

أنفس ما یقرا وما قد قری

مولای یا من در ألفاظه

صحاحها تزری علی الجوهر

إجازة نرفل من فضلها

فی ثوب عز وردا مفخر

مسبلة الذیل علی أکبر

وأوسط الأخوة والأصغر

أطل لنا إنشاءها بل أطب

وأنظم لنا من درها وأنثر

لا زلت فی نفع الوری دائبا

تجود جود العارض الممطر

العبد الداعی إبراهیم العمادی ، انتهی.

المصدر :

نفح الطیب - للمقری - 3 / 182 - 186.

ص: 345

(55)

وقال المقری : ومن الإجازات التی قلتها بدمشق الشام ما کتبته للأدیب الحسیب سیدی یحیی المحاسنی حفظه الله تعالی :

أحمد من زین بالمحاسن

دمشق ذات الماء غیر الآسن

وأطلع النجوم من أعیان

بأفقها السامی مدی الأحیان

فکل أیامهم مواسم

من الصفا ثغورها بواسم

وذکرهم قد شاع بین الاحیا

إذ قطرهم به الکمال یحیی

وبشرهم حدیثه لا ینکر

ومسند الجامع عنهم یذکر

وقد حکت جوارح الذی ارتحل

إلیهم صحیح ما له انتحل

فسمعه عن جابر ، والعین

قرة تروی ، واللسان عن حسن

فحل من أتاحهم آلاءه

حتی أبان نورهم لألاءه

نحمده سبحانه أن أسدی

من الأمان ما أنال القصدا

وننتحی صوب صلاة باهره

إلی الرسول ذی السجایا الطاهره

أجل من خاف الإله واتقی

محمد الهادی الرسول المنتقی

صلی علیه الله طول الأبد

مع آله وصحبه والمقتدی

وبعد ، فالعلم أساس الخیر

وکیف لا وهو مزیح الضیر

وهو موصل إلی منهاج

هدی ورشد ما له من هاجی

وما بغیر العلم یبدو العلم

ولیس من یدری کمن لا یعلم

خصوصا الحدیث عن خیر البشر

فإن فضله علی الکل انتشر

ولم یزل یعنی به کل زمن

من الرواة کل صدر مؤتمن

ص: 346

وإننی عند دخول الشام

لقیت من بها من الأعلام

وشاهدت عینای من إنصافهم

ما حقق المحکی عن أوصافهم

وإن جملتهم أوج الذکا

والنیر المزری سناه بذکا

ابن المحاسن الذی قد طابقا

منه مسمی الاسم إذ تسابقا

اللوذعی الألمعی یحیی

لا زال رسم المجد منه یحیی

وهو الذی أغراه حسن الظن

علی انتمائه لأخذ عنی

وکان قارئ الحدیث النبوی

لذی فی الجامع ، أعنی الأموی

بمحضر الجمع الغزیر الوافر

ممن وجوه فضلهم سوافر

وبعد ذاک استمطر الإجازة

من نوء وعدی واقتضی إنجازه

فلم أجد بدا من الإجابه

مع أننی لست بذی النجابه

وإن أکن أجبت أمرا یمتثل

منه ففی ذلک تصدیق المثل

فیمن دری شیئا وغابت أشیا

عنه ومن أهدی لصنعا وشیا

فلیرو عنی کل ما یصح لی

بشرطه الذی یزین کالحلی

وقد أخذت جامع البخاری

عن عمی الإمام ذی الفخار

سعید الذی نأی عن دنس

عن شیخه الحبر الشهیر التنسی

أعنی أبا عبد الإله وهو عن

والده محمد راوی السنن

عن ابن مرزوق محمد الرضا

عن جده الخطیب عن بدر الرضا

الفارقی عن إمام یدعی

بابن عساکر الجمیل المسعی

بما له من الروایات التی

علی علو قدره قد دلت

ولیرو عنی ما انتمی للنووی

بذا إلی السابق ذی النهج السوی

أعنی ابن مرزوق الخطیب الراوی

عن شیخه یحیی الرضی المغراوی

ص: 347

وهو روی عن صاحب التمکین

النووی الشیخ محیی الدین

وخط هذا أحمد البادی الوجل

المقری المالکی علی خجل

فی عام ألف وثلاثین خلت

من هجرة الهادی وسبعة تلت

ألبسه الله البرود الضافیة

من منه وعفوه والعافیة

بجاه سید البرایا طرا

ملجأ من إلی الکروب اضطرا

المصدر :

نفح الطیب 3 / 186 - 189.

(56)

وقال المقری : وخاطبنی السری الحسیب الماجد فخر المدرسین الأعیان مولانا الشمس محمد بن الکبیر الشهیر مولانا یوسف بن کریم الدین الدمشقی حفظه الله تعالی بقوله :

شمس المحاسن شرقی أو غربی

سعدت منازلنا بشمس المغرب

شمس لنا منها شموس فضائل

وسنا هدی قد راح غیر محجب

المقرئ العالم الندب الذی

لسوی اسمه درج الحجا لم یکتب

بدر ولم تبد البدور بمشرق

إلا بدت من قبل ذاک بمغرب

لسوی اکتساب سناه لم تغرب ذکا

فلو أنها شعرت به لم تغرب

عمری هو البحر المحیط فضائلا

إن قیس بالعذب الذی لم یعذب

مولی له سند قوی فی العلا

فعن الجدود روی العلا وعن الأب

ص: 348

إلی أن یقول :

مولای عذرا فالزمان یعوقنی

عن مطلبی والآن مدحک مطلبی

عفوا إذا أخرت مدحک سیدی

فعوائق الأیام عذر المذنب

وکذاک یفعل بالأدیب زمانه

فلذا یطول علی الزمان تعتبی

لم ألق یوما من یدیه مهربا

إلا ثناک ، وحبذا من مهرب

لولاک لم ینهض جواد قریحتی

فی کل واد للضلالة متعب

فاسمع ، ولست بآمر ، نظما غدا

فی عقد مدحک لؤلؤا لم یثقب

کالراح یلعب بالعقول للطفه

لکن بغیر مسامع لم یشرب

من کل قافیة غدت من حسنها

مثلا لغیرک فی العلا لم یضرب

خود تقلد من ثناک قلائدا

بکر لغیرک فی الوری لم تخطب

غنیت بمدحک زینة ولربما

یغنی الجمال عن الوشاح المذهب

هی بعض أوصاف لذاتک قد غدت

کالبحر عذبا ماؤه لم ینضب

جاءتک تسألک القبول وحسبها

فخرا قبولک وهو جل المطلب

وتروم منک إجازة فاقت بما

ترویه بالسند القوی عن النبی

حسبی الإجازة منک جائزة ولم

أک قبل غیر الفضل بالمتطلب

لا بدع والإیجاز إطنابا غدا

فی مدحه إن لم أطل أو أسهب

هیهات لا تحصی مآثر فضله

بالمدح إن أطنب وإن لم أطنب

خدمة الداعی محمد بن یوسف الکریمی ، انتهی.

فأجزته بما صورته ونصه :

أحمد من أطلع شمس الدین

فی أفق الروایة المبین

ص: 349

وخص فضلا منه بالإسناد

أمة طه مذهب العناد

فلم یکن عصر من الأعصار

إلا وفیه أهل الاستبصار

ینفون عن حوزة دین الله ما

یروم من علیه رشد أبهما

وأنتحی سبل صلاة کامله

علی الذی له العطایا الشامله

محمد المرسل بالشرع الحسن

ذو المعجز المفحم أرباب اللسن

مع حزبه من صحبه وعترته

ومن تلا مؤملا لأثرته

وبعد فالعلم أجل ما اعتمد

موفق من فیض مولاه استمد

خصوصا الحدیث عن خیر الوری

صلی علیه الله ما زند وروی

ولم یزل ذوو النهی یسعون فی

تحصیله إذ فضله غیر خفی

وإن مولانا الشهیر السامی

الماجد المولی نبیه الشام

سالک نهج السنة القویم

محمد بن یوسف الکریمی

لا زال فی عز وفی أمان

مبلغ من قصده الأمانی

وجه لی لما حللت الشاما

وبرق حسن الظن منی شاما

قصیدة بلیغة مستعذبه

غریبة فی فنها مهذبه

یسأل من مثلی بها الإجازة

بشرطها عند الذی أجازه

مستمسکا بعروة الصواب

ولم أجد بدا من الجواب

فلیرو عنی ما سمعت کله

وما جمعت فی الفنون جمله

علی شروط قررت فی الفن

مرتجیا حصول کل من

وصنوه الأکمل قد أبحته

ذاک علی الوجه الذی شرحته

وإن أکن فیما ابتغی مقصرا

فذو الرضا لیس لعیب مبصرا

ولی أسانید أبی وقتی عن

تفصیلها لما من الرحلة عن

ص: 350

والعذر باد والکریم یقبل

والصفح نهج یقتفیه الأنبل

وخط هذا المقری الجانی

أمنه الله من الأشجان

فی عام ألف وثلاثین قفا

سبعا لهجرة النبی المصطفی

علیه أزکی صلوات تغتنم

یزکو بها مفتتح ومختتم

المصدر :

نفح الطیب - للمقری 3 / 190 - 194.

(57)

وقال المقری : کتب إلی الفاضل الخطیب ، الفهامة الأدیب ، وارث الفضل عن الأعلام ذوی اللسن ، سیدی الشمس محمد المحاسنی سبط شیخ الإسلام مولانا البورینی حسن ، حفظه الله تعالی بقوله :

یا سیدی وملاذی

وعالم الثقلین

ومن غدا بمکان

علا علی النیرین

أجزت بالدرس قوما

فاقوا به الفرقدین

فزین العبد أیضا

من مثل ذاک بزین

وإن یکن فی ختام

فذاک قرة عینی

فأجزته بما نصه :

أحمد من أطلع من محاسن

دمشق ما أربی علی المحاسن

وزانها بالجلة الأعیان

الرافلین فی حلی التبیان

الراغبین فی الحدیث النبوی

السالکین فی الهدی النهج السوی

ص: 351

وبعد فالعلم أجل زینه

وسبله فی الرشد مستبینه

وإن علم السنة الشریفه

ظلاله ضافیة وریفه

لذاک کان باعتناء أجدرا

من کل ما یملیه من تصدرا

وإن ذا الفضل الأدیب البارع

سابق میدان الذکا المسارع

الماجد المسدد السامی الحسب

محمد من للمحاسن انتسب

ابن الشهیر الصدر تاج الدین

لا زال فی عز وفی تمکین

وجده لأمه الشیخ الحسن

وذاک بورینیهم معطی اللسن

یسألنی إجازة بکل ما

أرویه عنوانا بحالی معلما

فلیرو عنی کل ما یصح

علی شروط غیثها یسح

وکل ما ألفت أو جمعت

نظما ونثرا مثل ما أسمعت

ولی أسانید یضیق الوقت

عن سردها وبعضها قد سقت

فی غیر هذا فلیحقق ذلک

مقتفیا لأوضح المسالک

وقد أخذت عن جامع البخاری

ومسلم عن حائز الفخار

عمی سعید وهو عمن یدعی

بالتنسی قد أفاد الجمعا

عن حافظ الغرب الرضا أبیه

عن ابن مرزوق عن النبیه

الحافظ المبجل العراقی

وقد سما فی سلم المراقی

وما له من الروایات علم

من کتبه التی حوت خیر الکلم

وخط هذا المقری عن عجل

مؤملا من ربه عزوجل

غفران ما جنی من الذنوب

والصفح عن معرة العیوب

بجاه خیر العالمین أحمدا

صلی علیه الله دأبا سرمدا

ص: 352

وآله وصحبه الأخیار

ومن تلا لآخر الأعصار

المصدر :

نفح الطیب - للمقری - 3 / 194 - 195.

(58)

وقال المقری : لما سألنی فی الإجازة الفاضل الأدیب سیدی محمد بن علی بن مولانا ، عالم الشام الشهیر الذکر ، شیخ الإسلام ، سیدی ومولای الشیخ عمر القاری - حفظه الله تعالی! - وأنا مستوفز للسفر ، کتبت له عن عجل ما صورته :

أحمد من زین بالآثار

جیدا من الراوی النبیه القاری

وشاد للعلیاء فی أوج السند

منازلا لم یبلها طول الأمد

ومیز الواعین للحدیث

بالفضل فی القدیم والحدیث

وزان منهم سماء الدین

فأشرقت بالحفظ والتبیین

فهم بها للمهتدی نجوم

وإنها للمعتدی رجوم

فکم أزاحوا عن حدیث المجتبی

صلی علیه الله ما هبت صبا

تحریف ذی غل مضل غالی

شان لمنهاج الرشاد قالی

بوعد فالإسناد للروایه

وسیلة تزحزح الغوایه

والله قد خصص هذی الامه

به امتنانا وأزاح الغمه

هذا ولولا ذاک قال من شا

ما شاءه فهو بحق منشا

فلم یزل أهل النهی کل زمن

یسعون فی تحصیله عن مؤتمن

وإن من جملة من تحری

لجملة من العلوم غرا

الفاضل المسدد النجیب

الواصل الممجد الأریب

محمد سلیل ذی المجد علی

ابن الإمام العالم الحبر الولی

ص: 353

عمر الشیخ الشهیر القاری

طود السکون هضبة الوقار

شیخ الشیوخ فی دمشق الشام

لا زال محفوفا بعز سامی

فکان من جملة من عنی روی

بعض الصحیح ظافرا بما نوی

وبعد ذاک اقترح الإجازه

منی ووعدها اقتضی إنجازه

فانعجمت نفسی عن الإجابه

إذ لست فی ذا الأمر ذا نجابه

مع أننی مقصر ذو عی

فی مثل هذا المطلب المرعی

وخفت أن آتیها شنعاء

بحملی الوشی إلی صنعاء

وبعد ذا أجبت قصد الأجر

مرتجیا بذاک ربح التجر

وقد أجبته وإنی أعلم

أنی من خوف الخطا لا أسلم

فلیروها ببالغ التمنی

جمیع ما یصح لی وعنی

من ذلک الجامع للبخاری

عن عمی الشهیر ذی الفخار

سعید الآخذ عن سفین

عن قلقشندی مزیح المین

عن حافظ الإسلام أعنی ابن حجر

بما له من الروایات اشتهر

وبعضها فی صدر فتح الباری

مبین لطالب الأخبار

ولی أسانید یطول شرحها

والروضة الغناء یکفی نفحها

ومن روایاتی عن القصار

مفتی البرایا نهجة الأعصار

حدثنا خروف الذاکی الأرج

عن الشریف الطحطحائی فرج

سمعت فی المنام طه یملی

حدیث من أصبح وفق النقل

أی آمنا فی سربه معافی

فی جسمه مع قوت یوم وافی

وکل ما ألفت فی الفنون

أرجو به التحقیق للظنون

فلیروه عنی بشرط معتبر

وربما یصدق الخبر الخبر

ولی تآلیف علی العشرینا

زادت ثمانیا حوت تعنینا

ص: 354

فلیروها إن شاء بلا استثناء

والله أرجو نیل قصد نائی

بجاه من شرف بالإدناء

صلی علیه الله فی الآناء

أحمد خیر المرسلین الهادی

غوث البرایا ملجأ الأشهاد

علی أسنی صلوات زاکیه

مع صحبه ذوی المزایا الزاکیه

ومن تلا ممن أطاب عمله

فنال من رجائه ما أمله

وشم من عرف قبول أرجا

فنال من حسن الختام ما رجا

المصدر :

نفح الطیب 3 / 195 - 198.

(59)

أرجوزة (العقد الثمین الغالی فی ذکر الأشیاخ ذوی الأفضال) لأبی الفیض ، السید مرتضی الزبیدی صاحب (تاج العروس) المتوفی 1205 ، أجاز بها للشیخ شمس الدین بن فتح الفرغلی المصری ، قال فی أولها :

یقول راجی العفو عما قد مضی

محمد نجل الحسین المرتضی

الحمد لله علی وصل السند

إلیه بالرفع الصحیح المعتمد

إلی أن یقول :

راسلنی بنظمه ونثره

جواهرا مکنونة من سره

یحث فی إنجاز ما وعدت له

إجازة حافلة مطوله

حاویة لذکر أشیاخ الیمن

ومن إلیهم نسبتی طول الزمن

سمیتها (العقد الثمین الغالی

فی ذکر أشیاخی ذوی الإفضال)

ص: 355

المصدر :

فهرس الفهارس : 873.

(60)

إجازة أخری أصدرها الزبیدی ، لمحمد بن عبد السلام الناصری  - المتوفی 1239 - قال فیها :

وقد سألت ربنا سبحانه

له علی ما قصد الإعانه

حتی یصیر حافظ الزمان

وعالما بعلمه الربانی

المصدر :

فهرس الفهارس : 847.

(61)

وقال الزبیدی فی آخر أرجوزته المسماة ب (ألفیة السند) مجیزا لعامة من أدرک حیاته :

نظمتها للآخذین عنی

وبعضهم قد استجاز منی

فقد أجزت کل ما ذکرته

لکل راغب له علمته

وکل من قد استجاز منی

فی الأخذ والعلم بکل فن

وکل ما ألفته فی علم

أو قلته فی النثر أو فی النظم

فلیرو من شاء علی أی صفه

إجازة فیها التقی والمعرفه

ص: 356

المصدر :

فهرس الفهارس : 543.

(62)

إجازة الزبیدی ، لعبد الرحمن بن یوسف بن محمد السفارینی ، قال فیها :

وجده محمد بن أحمدا

شیخ الحدیث قد هدی وسددا

قد کان عمر الله فی نابلس

بقیة الأخیار عالی النفس

أوحد من کانت له العنایة

فی حفظ هذا الفن فوق الغایة

المصدر :

فهرس الفهارس : 1003.

(63)

إجازة السید المحدث الفقیه الرجالی السید أبو تراب بن أبی القاسم الموسوی الخونساری ، المتوفی 1346 ، نظمها جوابا لابن عمه السید محمد مهدی الأصفهانی الکاظمی ، الذی استجازه شعرا بقوله :

یا حجة الإسلام فی دهره

ومقتدانا وإمام العباد

فقیه أهل البیت فی عصره

وحامل العلم ومأوی الرشاد

ماذا تری فی ابن عم أتی

حضرتکم یبغی اتصال الوداد

ص: 357

لا یبتغی منکم سوی کلمة

تکتبها کفکم بالمداد

إجازة تبقی لنا دائما

نحظی بها العز لیوم التناد

نهدی جمیل الشکر منا لکم

ما بقی الدهر وکل البلاد

وجاء جواب السید المجیز فی أرجوزة :

علیک منی یا فقیه الأنام

ألف سلام أنت بدر التمام

أجزت أن تروی عنا الأصول

وکل ما أدی إلینا الرسول

لا سیما کافی أهل السداد

وهکذا تهذیب أهل الرشاد

وأیضا الفقیه والأمالی

کذا کتاب الشیخ والخصال

وکل ما أروی عن الفحول

من الفروع أو من الأصول

وکل ما صحت لی الروایة

وجاز لی التحدیث والدرایه

مشایخی جماعة کثیره

أسماؤهم معروفة شهیره

فی کتب الرجال جاء ذکرهم

کما علا بین الأنام قدرهم

قد بینوا شرایع الأحکام

جزاهم الله عن الإسلام

کصاحب الروضات والمبانی

وابن التقی الباقر الربانی

وکابن هاشم التقی العالم

محمد الحسین أعنی الکاظمی

والسید المحقق الکوکمری

أعنی الحسین صاحب التبحر

وغیرهم من الکرام البرره

أسماؤهم معروفة مشتهره

المصدر :

الدرر الغوالی - للأصفهانی - : 130 - 131.

ص: 358

(64)

أرجوزة من نظم القاضی أحمد بن عبد الله العرشی الخولانی - المتوفی بعد سنة 1354 - وهی إجازته للقاضی محمد بن الحسین بن أحمد بن صالح العرشی ، مطلعها :

حمدا لم علمنا البیانا

والسنة البیضاء والتبیانا

المصدر :

مؤلفات الزیدیة 1 / 96 رقم 225.

(65)

إجازة المولی السید محمد بن إبراهیم المؤیدی ، الشهیر بابن حوریة  - المتوفی - للعلامة شیخنا فی الروایة السید مجد الدین المؤیدی ، وصاحب (الجامعة المهمة) دام ظله. وهی منظومة ، قال فیها :

وبعد إن الولد العلامه

الفذ والنبراس ذا الشهامه

وواحد العصر فرید عقده

لما حوی من نبله ومجده

فهو بلا ریب طباق اسمه

فلم یکن مخالفا لرسمه

مجد الهدی والدین والإسلام

ونجل رأس العلما الأعلام

محمد بن السید المنصور

ذی الفضل والزهادة المبرور

دامت لهم عن ربنا السعاده

والفوز بالحسنی مع الزیاده

عول فی التاریخ أن أجیزه

فی کل مسموع وما استجیزه

عن من روی لی مسندا مسلسلا

فی کل فن أو رواه مرسلا

ص: 359

وما قرأت من علوم الأدب

مع الأصولین وأعلی الکتب

فی مسندات الآل والتفسیر

وفی فروع الفقه بالتنقیر

لأن لی والحمد للمختار

مشایخنا کانوا ولاة الباری

کانوا کواکب علمه الدریة

بل کشموس علمنا المضیة

وهاک تعیینی لأسماء لهم

وبعض ذکر من سمات فضلهم

وما قرأت أو سمعت مفردا

عن کل فرد أو بجمع مسندا

المصدر :

التحف شرح الزلف - الترجمة الملحقة - : 5 ، والجامعة المهمة : 99

(66)

إجازة الشیخ محمد بن طاهر السماوی - المتوفی سنة 1370 - للعلامة شیخنا فی الروایة السید محمد صادق بحر العلوم - المتوفی 21 رجب 1339 - :

أحمد ربی وأصلی أبدا

علی النبی القرشی أحمدا

وآله أولی النهی والأمر

ثم أقول فی جواب الأمر

أجزت سیدی أخا الفضل السنی

محمد الصادق نجل الحسن

سلیل إبراهیم طود المجد

ابن الحسین بن الرضا بن المهدی

عن شیخنا المقدس التقی

محمد بن هاشم الهندی

عن شیخه البحر محمد الحسن

معطی الوری جواهرا بلا منن

عن شیخه محمد الجواد

عن شیخه المهدی بالإسناد

ص: 360

(خیلولة) وعن معز الدین

محمد بن الحسن القزوینی

عن عمه محمد الباقر عن

محمد المهدی من آل الحسن

بحر العلوم والفنون والأثر

من جدد القرن لها الثانی عشر

عن شیخه محمد الباقر عن

ولده محمد الأکمل من ...!

عن شیخه محمد عن الأب

محمد المجلسی النسب

عن شیخه محمد البهائی

وطرقه نیرة السناء

سلسة تزان فی محمد

من کل شیخ بالوثوق مسند

(أجزته) أن یروی الکتب التی

صحت علی شرط المجیز المثبت

فإنه أهل لهذا ومحل

والسؤل أن یدعو لمولاه الأقل

محمد بن طاهر السماوی

عفا له الله عن المساوی

حرر فی ذی الحجة الحرام

قد صین من کوارث الأیام

فی عام خمس ثم ستین تلت

ثلاث مائة وألفا کملت

من هجرة النبی سید البشر

صلی الله علیه ما شع القمر

المصدر :

الإجازة الجلالیة (مخطوطة) وسلک اللآلی (مخطوط) کلاهما للسید محمد صادق بحر العلوم رحمه الله.

(67)

ومما أصدرته حدیثا من الإجازات هذه الأرجوزة :

الحمد لله مدی الصبح ظهر

وغرد القمری من فوق الشجر

ص: 361

ثم الصلاة والسلام النامی

علی الرسول سید الأنام

وآله الغر الکرام الطهر

أئمة العصمة صنو الذکر

هم حجج الله علی البرایا

خطاهم تنبو عن الخطایا

فأسوة ممن برا سیرتهم

وحجة علی الوری سنتهم

أقوالهم أفعالهم تقریرهم

منهم علی ما قد أتاه غیرهم

هی الحدیث الخیر وهو السنه

وهی علینا نعمة ومنه

ورحمة مفتوحة أبوابها

وطرق موصولة شعابها

وبعد فالأخ الحبیب والصفی

الفاضل الکامل والخل الوفی

الماجد المعروف بالغرباوی

أبعده الله عن المساوی

قد أحسن العلم بهذا الفن

وأحسن الظن بنقل عنی

قد طلب الإجازة المعروفه

من طرق النقل هی المألوفه

فلم أجد صرفا عن الإجابه

بها سأرجو دعوة مجابه

أقول - والله هو الکافی السند

والصدق أبغیه وعند المعتمد - :

مشایخی هم عدة کثیره

أسماؤهم معروفة شهیره

أول من أجازنی أولاهم

أرفع من ألحقنی أعلاهم

محمد المحسن والربانی

آقا بزرک ذلک الطهرانی

شیخ الشیوخ صاحب الذریعة

والطبقات ترجمان الشیعة

ثانیهم نجل التقی والحلم

ذو النسب الطاهر صنو العلم

محمد الصادق قولا وعمل

بحر العلوم من عن المدح أجل

قد حاطنی بفضله العمیم

وخصنی بوافر التکریم

أجازنی بالطرق الثمانیه

ونصها بخطه وهاهیه

ص: 362

أوسع من لقیت فی الإجازه

من کل فرقة تری جوازه

المرعشی ذلک الطود الأشم

ناشر أمرها لعرب وعجم

محمد الحسین ذاک النجفی

أعنی شهاب الدین صنو الشرف

وغیر هؤلاء من مشایخی

أصحاب رفعة ومجد شامخ

لا سیما أئمة الزیود

أعلام أرض الیمن المسعود

کالطود مجد دینه المجدد

الحسنی ذلک المؤیدی

من أصدر الجامعة المهمه

إجازة لنا عن الأئمه

والسید جلال ذلک المؤتمن

محمد الحسین من آل الحسن

أصدر لی أنواره السنیه

أثبات الاعلام بها محویه

وثبتی الجامع للعوالی

من الأسانید هی اللآلی

حوی جمیع ما لنا من السند

کتابنا الکبیر وهو المعتمد

أجزته أن یروی الجمیعا

ما لم ینشر مع ما أذیعا

بشرط ما قد أخذوه فیها

وهو أساس القصد من معطیها

الأمن من تحریف ما یرویه

والبعد من تصحیف لفظ فیه

فلیستعن بالله فی الروایه

محصلا للعلم بالدرایه

والاصل فی التحصیل تقوی الله

فی أمره والترک للمناهی

إخلاص نیة علو همه

فی طلب الحق هی المهمه

أرجو دعاه لی وعنده الأمل

وقت حیاتی وإذا جاء الأجل

فرحمة من ربه لی مرسله

أمثالها أرجوه أن تعد له

فهاکها إجازة منضوده

أعیذها من أعین حسوده

ص: 363

قد قالها باللفظ منه وکتب

محمد الرضا الحسینی النسب

السید المعروف بالجلالی

یرحمه اللطیف ذو الجلال

فی ثالث العشرین من شهر رجب

وإنه شهر الإمام المنتجب

فی أربع وعشرة وأربع

من المئات بعد ألف متبع

من هجرة الخیر لخیر الرسل

صلی علیه الله مولاه العلی

ثم الصلاة والسلام الأبدی

علی الوصی المرتضی المؤید

وآله الغر الکرام البررة

أبناء بضعة الهدی المطهرة

المصدر :

ثبت الأسانید العوالی (مخطوط).

والحمد لله رب العالمین

ص: 364

فهرس المصادر

1 - إجازات الشیخ أحمد الأحسائی ، تحقیق الدکتور حسین علی محفوظ ، النجف ، مطبعة الآداب.

2 - الإجازات الجلالیة ، للسید محمد صادق بحر العلوم (ت 1339) (مخطوط).

3 - إجازة الحدیث ، للسید محمد حسین الجلالی ، دار المنار - القاهرة.

4 - أزهار الریاض فی أخبار عیاض ، لجنة التألیف والنشر ، القاهرة 1358 ه.

5 - الأعلام ، لخیر الدین الزرکلی ، الطبعة الثالثة 11 مجلدا.

6 - الإلماع فی تقیید الروایة والسماع ، للقاضی عیاض الیحصبی الأندلسی ، تحقیق السید صقر ، مصر.

7 - تاریخ بغداد ، للخطیب البغدادی علی بن ثابت (ت 463) مطبعة السعادة - القاهرة 1349 ه.

8 - التحف شرح الزلف ، للسید مجد الدین بن محمد المؤیدی دام ظله ، الطبعة الأولی 1389 ه.

9 - تحقیق النصوص بین صعوبة المهمة وخطورة الهفوات ، للسید محمد رضا الحسینی الجلالی ، مقال منشور فی مجلة (تراثنا) الفصلیة الصادرة عن مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم.

10 - تلخیص مجمع الآداب ، لابن الفوطی ، عبد الرزاق بن أحمد الشیبانی الحنبلی (ت 723) حققه الدکتور مصطفی جواد ، المطبعة الهاشمیة - دمشق 1963 م.

11 - توضیح الأفکار ، للأمیر الصنعانی.

12 - ثبت الأسانید العوالی فی إجازات وطرق الجلالی ، للسید محمد رضا الحسینی الجلالی (مخطوط).

13 - جامع بیان العلم ، لابن عبد البر القرطبی یوسف (ت 463) دار الکتب العلمیة - بیروت.

14 - الجامعة المهمة لأسانید کتب الأئمة ، للسید مجد الدین بن محمد المؤیدی -

ص: 365

مطبعة مصطفوی - طهران 1396 ه.

15 - حدیقة الأفراح لإزاحة الأتراح ، لأحمد بن محمد الیمنی الشروانی ، المطبعة المیمنیة ، علی نفقة مصطفی البابی الحلبی وإخوته - القاهرة 1320 ه.

16 - الحطة فی الکتب الستة ، للسید صدیق حسن خان القنوجی (ت 1306) تحقیق علی حسن الحلبی ، دار عمار - عمان - الأردن 1408 ه.

17 - خزانة الأدب ، للحموی عبد القادر البغدادی (ت 1093) تحقیق عبد السلام محمد هارون - مکتبة الخانجی ، القاهرة 1403 ه.

18 - دائرة المعارف الإسلامیة الشیعیة ، للسید حسن الأمین - الأولی - بیروت 1393 ه.

19 الدرر الغوالی فی الإجازة لسیدنا الجلالی ، للسید محمد مهدی الأصفهانی الکاظمی الموسوی ، طبع مع مجموعة (إجازة الحدیث) للسید محمد حسین الجلالی.

20 - الدر الفرید لمتفرقات الأسانید ، للشیخ عبد الواسع بن یحیی الواسع ، مطبعة حجازی - القاهرة - 1357 ه.

21 - دیوان الأمیر الصنعانی ، نشر فی الدوحة - قطر.

22 - دیوان صفی الدین الحلی ، دار صادر - بیروت.

23 - الذیل علی الروضتین ، لعبد الرحمن بن إسماعیل المعروف بأبی شامة المقدسی (ت 665).

24 - الذیل علی طبقات الحنابلة ، لابن رجب ، عبد الرحمن بن شهاب الدین أحمد ، البغدادی ، الدمشقی ، الحنبلی (ت 795) صححه محمد حامد الفقی ، مطبعة السنة المحمدیة - القاهرة 1372 ه.

25 - صبح الأعشی فی صناعة الإنشا ، للقلقشندی ، طبع دار الکتب - سلسلة (تراثنا) - القاهرة.

26 - الصحف المطهرة ، للسید محمد هادی الخراسانی الحائری (ت 1368) (مخطوط).

27 - فهرسة الرصاع.

28 - فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشیخات والمسلسلات ، للسید

ص: 366

محمد عبد الحی بن عبد الکبیر الکتانی المغربی ، باعتناء الدکتور إحسان عباس ، دار الغرب الإسلامی - بیروت - الطبعة الثانیة 1402 ه.

29 - القاموس المحیط ، للفیروزآبادی.

30 - الکامل فی الضعفاء ، لابن عدی أحمد بن عبد الله الجرجانی (ت 365).

31 - الکفایة فی علم الروایة ، للخطیب البغدادی ، علی بن ثابت (ت 463) مراجعة عبد الحلیم محمد وعبد الرحمن حسن ، الطبعة الأولی - دار الکتب الحدیثة - مصر.

32 - روایة العلم فی الإسلام (باللغة الفرنسیة) مجموعة کتابات لجورج وجده.

Georges vajda

LA Transmission du Savoir en lslam London 1983

Variorum Reprints 33 - لسان العرب ، لابن منظور الأنصاری - طبع بولاق ، مصر 1300 ه.

34 - مؤلفات الزیدیة ، للسید أحمد الحسینی ، منشورات مکتبة السید المرعشی - قم.

35 - المحدث الفاصل بین الراوی والواعی ، للرامهرمزی الحسن بن عبد الرحمن القاضی (ت 360) تحقیق الدکتور محمد عجاج الخطیب ، دار الفکر - الطبعة الأولی 1391 ه.

36 - المسلسلات ، مجموعة إجازات السید آیة الله المرعشی النجفی (ت 1411) جمعها نجله السید محمود مرعشی - تحت الطبع.

37 - مع ابن جبیر فی رحلته ، لعبد القدوس الأنصاری - الطبعة الأولی 1396 ه.

38 - المنتخب من کتاب السیاق.

39 - نفح الطیب من غصن الأندلس الرطیب ، لأحمد بن محمد المقری التلمسانی (1041) حققه یوسف الشیخ محمد البقاعی - دار الفکر - بیروت 1406 ه.

40 - النفس الیمانی.

ص: 367

فهرس الأعلام

یعتمد علی

أرقام المقاطع الشعریة

(أ)

إبراهیم بن الحسین المجشی (مجاز) 59.

أحد الطلاب (مجاز) 11.

أحمد الأحسائی (مجاز) 24.

أحمد الحنبلی شهاب الدین (مجاز) 27.

أحمد بن شاهین (مجاز) 53.

أحمد بن عبد الله العریشی الخولانی (مجیز) 64.

أحمد بن علی بن داود البلوتی الوادی آشی (مجاز) 28.

أحمد بن محمد أبو طاهر السلفی (مجاز) 44.

أحمد بن أبی المقدام ، ابن الأشعث البجلی (مجیز) 37.

أحمد بن یحیی الشامی (مجاز) : 8.

إسماعیل بن أحمد بن عبد الله المختفی (مجاز) 42 ، 43.

إسماعیل بن کثیر المؤرخ (مجیز) 21.

بنو الأهدل (مجازون) : 10.

(ب)

البدر القرافی (مجیز) 46.

البدر الغری = محمد.

بعض إخوانه (مجاز) 37.

بعض السادة (مجاز) 31.

بعض الطلبة (مجاز) 52.

بعض من سأل الإجازة (مجاز) 50.

ابن بعض وزراء الملوک (مجاز) 9.

أبو بکر بن محمد الدلانی المغربی (مجاز) 1.

(ت)

أبو تراب بن أبی القاسم الخونساری (مجیز) 63.

ص: 368

(ج)

جمال الدین أبو بکر بن صاعد بن التاج الحافظ البکری الملتانی (مجاز) 38.

جمل اللیل 23.

(ح)

ابن حجر العسقلانی (مجاز) 12.

ولد ابن حجر العسقلانی (مجازون) 12.

الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضی الرامهرمزی (مجیز) 9.

حسن بن محمد بن علی ، سهیل الصعدی الیمنی (مجیز) 48.

حسین الدرازی البحرانی آل عصفور

(مجیز) 24.

حسین بن محسن بن محمد السبیعی الأنصاری (مجیز) 25.

(د)

داود حجر الزبیدی (مجاز) 4.

داود بن علی بن العباس الأصابی الیمنی (مجاز) 51.

(ر)

الرصاع (مجیز) 41.

(س)

سعید بن حسن العنسی (مجاز) 14 ، 35.

ابن سمندیار (مجاز) 48.

السنوسی العارف (مجیز) 2.

(ش)

أبو شامة المقدسی (مجیز) 47.

شمس الدین بن فتح الفرغلی المصری (مجاز) 59.

(ص)

صدیق حسن خان القنوجی (مجاز) 25.

صفی الدین الحلی (مجیز) 18.

صلاح الدین الصفدی (مجیز) 27.

ص: 369

(ط)

أبو طاهر السلفی (مجیز) 32 = أحمد ابن محمد.

(ع)

عامة بن أدرک حیاته (مجاز) 61.

أبو العباس الدقون (مجیز) 3.

أبو العباس ابن ناصر (مجیز) 19.

عبد الرحمن بن عبد الله بلفقیه الحسینی الشافعی (مجیز) 34.

عبد الرحمن بن علی الزبیدی الشیبانی ، ابن الربیع (مجیز) 39.

عبد الرحمن العمادی مفتی الشام (مجاز) 54.

عبد الرحمن بن مصطفی العبدروس الحسینی التریمی المصری (مجیز) 10.

عبد الرحمن بن یوسف بن محمد السفارینی (مجاز) 62.

عبد العزیز بن عبد القادر الربعی البغدادی (مجیز) 38.

عبد اللطیف بن محمد الخجندی صدر الدین (مجیز) 15.

عبد الله بن أحمد بن إسحاق فخر الدین

(مجاز) 13.

عبد الوهاب الفضلی البصری (مجیز) 30.

علی بن الحسن النوری الحربی الصفاقی (مجاز) 2.

أولاد علی بن الحسن النوری الحربی الصفاقی (مجازون) 19.

علی بن محمد ، لقمان جمال الدین الذماری (مجاز) 17.

أبو علی لقمان جمال الدین الذماری (مجاز) 17.

عمر بن أبی الحسن البسطامی أبو شجاع (مجیز) 44.

عیاض القاضی الیحصبی (مجاز) 32.

(ف)

فالح الظاهری (مجاز) 2.

فضل الله المازندرانی الحائری (مجیز) 33.

ابن الفوطی البغدادی (مجاز) 16.

(ق)

القصار (مجیز) 29.

ص: 370

(ک)

الکتانی (مجیز) 6 = محمد عبد الحی.

(م)

ماجد الغرباوی (مجاز) 65.

مجد الدین بن محمد المؤیدی (مجاز) 65.

محمد بن إبراهیم المؤیدی ابن حوریة (مجیز) 65 ، 43.

محمد بن أحمد ابن جبیر الرحالة (مجاز) 15.

محمد بن إسماعیل ، الأمیر الصنعانی (مجیز) 8 ، 13 ، 14 ، 17 ، 35 ، 49 ، 52.

محمد البدری الغزی الدمشقی (مجیز) 51.

محمد بن الجهم السمری (مجیز) 36.

محمد بن الحسین بن أحمد بن صالح العرشی (مجاز) 64.

محمد حسین الحسینی الجلالی (مجیز) 26.

محمد رضا الحسینی الجلالی (مجیز) 31 ، 45 ، 67.

محمد شقرون أبو جمعة (مجاز) 3.

محمد بن الصائغ شمس الدین (مجیز) 50.

محمد صادق بحر العلوم (مجاز) 66 (مجیز) 30.

محمد بن طاهر السماوی (مجیز) 66.

محمد عبد الحی الکتانی (مجاز) 40.

محمد بن عبد السلام الناصری (مجاز) 60.

محمد بن علی بن محمد عماد الدین أبو جعفر الشیبانی ، ابن علوان الشاعر (مجیز) 16.

محمد بن علی بن عمر القاری (مجاز) 58.

محمد بن قاسم بن محمد القصار القیسی (مجیز) 1.

محمد المحاسنی سبط حسن الیورینی (مجاز) 57.

محمد بن محمد بن الجزری الدمشقی (مجیز) 12.

محمد بن محمد بن زید أبو الحسن العلوی أبو المعالی الحسینی السمرقندی (مجیز) 7.

محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحوضی (مجیز) 28.

محمد بن محمد بن عتیق ابن رشیق

ص: 371

(مجیز) 22.

محمد المکی ابن عزوز الدمشقی (مجیز) 40.

محمد مهدی الأصفهانی الکاظمی (مجاز) 63.

محمد بن ناصر الحازمی (مجیز) 4.

محمد هادی الخراسانی الحائری (مجاز) 33.

محمد بن یوسف بن کریم الکریمی الدمشقی (مجاز) 56.

محمد مرتضی الزبیدی أبو الفیض الیمانی 59 ، 60 ، 61 ، 62.

المقری (مجیز) 53 ، 55 ، 56 ، 57 ، 58 ، 59.

(ن)

ناصر بن الحسین المحبشی (مجاز) 41.

ابن نباتة جمال الدین (مجیز) 11 : 48.

(ی)

یحیی بن عمر مقبول الأهدل (مجاز) 34.

یحیی المحاسنی (مجاز) 55.

یوسف بن إبراهیم بن محمد الفهری أبو الحجاج الساحلی الغرناطی (مجاز) 22.

ص: 372

من ذخائر التراث

ص: 373

ص: 374

صورة

تحقیق : السیّد محمّد علیّ الحکیم

ص: 375

ص: 376

المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحیم

والحمد لله رب العالمین ، وأفضل الصلاة والسلام علی خیر خلقه محمد وآله الطیبین الطاهرین ، لا سیما بقیة الله فی الأرضین ، عجل الله تعالی فرجه الشریف.

وبعد :

فمنذ ظهور الفرقة الضالة المضلة (الوهابیة) وحتی أیامنا هذه انبری علماء الإسلام علی مختلف مذاهبهم ، فکتبوا فی ردهم ودحض أباطیلهم وشبهاتهم کتبا ورسائل کثیرة (1) ، کان فیها الرد الحاسم القاطع فی وجه الوهابیة ، فانحصر وجودهم فی مهد ظهورهم أرض الحجاز.

ص: 377


1- 1. أنظر مقال : (معجم ما ألفه علماء الأمة الإسلامیة للرد علی خرافات الدعوة الوهابیة) للسید عبد الله محمد علی ، المنشور فی مجلة (تراثنا) العدد 17 ، شوال 1409 ه ، ص 146 - 178 ، فقد أحصی فیه أکثر من 200 کتاب ورسالة فی الرد علی الوهابیة ، لعلماء المذاهب الإسلامیة المختلفة.

وما استمر وجود الوهابیة فی أرض الحجاز إلا بقوة الحدید والنار ، إذ لم یستطیعوا أن یقارعوا الآخرین بالحجة والبرهان.

إلا أن نشاطها الهدام ونفث سمومها وأباطیلها وشبهاتها لا یزال مستمرا ، مما اقتضی أن نقوم بإحیاء رسالة فی الرد علیهم ، لفطحل من فطاحل علماء الإمامیة الماضین ، رضوان الله علیهم أجمعین ، ألا وهو : العلامة المجاهد ، آیة الله العظمی ، الشیخ محمد جواد البلاغی ، قدس سره الشریف.

ترجمة المؤلف (1)

نسبه :

هو الشیخ محمد جواد بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهیم بن حسین بن عباس بن حسن (2) بن عباس بن محمد علی بن محمد البلاغی النجفی الربعی (3).

مولده :

ولد فی النجف الأشرف سنة 1282 ه فی بیت من أقدم بیوتاتها وأعرقها فی العلم والفضل والأدب ، والمشهورة بالتقوی والصلاح والسداد ، فقد أنجبت

ص: 378


1- 1. اقتبست هذه الترجمة - بتصرف - ملفقة من بین عدة مصادر ، أهمها : أعیان الشیعة 3 / 255 - 262 ، شعراء الغری 2 / 436 - 458 ، نقباء البشر فی القرن الرابع عشر 1 / 323 - 326 ، الکنی والألقاب 2 / 83 و 84 ، مقدمة الهدی إلی دین المصطفی 1 / 6 - 20 ، معارف الرجال 1 / 196 - 200 ، ریحانة الأدب 1 / 179 ، ماضی النجف وحاضرها 2 / 61 - 66 ، دیوان السید رضا الهندی : 125 و 127 ، مجلة رسالة القرآن / العدد العاشر / 1413 ه : 71 - 104.
2- (3) صاحب کتاب (تنقیح المقال) فی الأصول والرجال : [الذریعة 4 / 466 رقم 2069]
3- 3. نسبة إلی قبیلة ربیعة المشهورة.

هذه الأسرة - آل البلاغی - عدة من رجال العلم والدین والأدب وإن اختلفت مراتبهم.

نشأته :

نشأ حیث ولد ، وأخذ المقدمات عن أعلامها الأفاضل ، ثم سافر إلی الکاظمیة سنة 1306 ه وتزوج هناک من ابنة السید موسی الجزائری الکاظمی.

عاد إلی النجف الأشرف سنة 1312 ه فحضر علی الشیخ محمد طه نجف والشیخ آقا رضا الهمدانی والشیخ الآخوند محمد کاظم الخراسانی والسید محمد الهندی.

هاجر إلی سامراء سنة 1326 ه فحضر علی المیرزا محمد تقی الشیرازی - زعم الثورة العراقیة - عشر سنین ، وألف هناک عدة کتب ، وغادرها - عند احتلالها من قبل الجیش الإنکلیزی - إلی الکاظمیة فمکث بها سنتین مؤازرا للعلماء فی الدعایة للثورة ومحرضا لهم علی طلب الاستقلال.

ثم عاد إلی النجف الأشرف وواصل نشاطه فی التألیف ، فکان من أولئک الندرة الأفذاذ الذین أوقفوا حیاتهم وکرسوا أوقاتهم لخدمة الدین والحقیقة ، فلم یر إلا وهو یجیب عن سؤال ، أو یحرر رسالة یکشف فیها ما التبس علی المرسل من شک ، أو یکتب فی أحد مؤلفاته.

وقد وقف بوجه النصاری وأمام تیار الغرب الجارف ، فمثل لهم سمو الإسلام علی جمیع الملل والأدیان حتی أصبح له الشأن العظیم والمکانة المرموقة بین علماء النصاری وفضلائها.

کما تصدی للفرق المنحرفة الهدامة الأخری - کالبابیة والقادیانیة والوهابیة والإلحادیة .. وغیرها - فکتب فی ردهم ودحض شبهاتهم ، وفضح نوافه مبانیهم ومعائب أفکارهم عدة کتب ورسائل قیمة.

وقد کان من خلوص النیة وإخلاص العمل بمکان حتی أن کان لا یرضی

ص: 379

أن یوضع اسمه علی تألیفه عند طبعها ، وکان یقول : (إنی لا أقصد إلا الدفاع عن الحق ، لا فرق عندی بین أن یکون باسمی أو اسم غیری).

حتی أن یوسف إلیان سرکیس فی کتابه : (معجم المطبوعات) ذکر کتاب (الهدی إلی دین المصطفی) لشیخنا البلاغی - رضوان الله علیه - فی آخر الجزء الثانی ضمن الکتب المجهولة المؤلف (1) ، وربما کان - قدس سره - یذیل بعضها بأسماء مستعارة ک : کاتب الهدی النجفی ، وعبد الله العربی ، وغیرها.

ومع کل ذلک أصبح أسمه نارا علی علم ، وبلغت شهرت أقاصی البلاد ، وذلک لما عالجه من العضلات العلمیة والمناقشات الدینیة ، حتی أن أعلام أوربا کانوا یفزعون إلیه فی المسائل العویصة ، کما ترجمت بعض مؤلفاته إلی الإنکلیزیة للاستفادة من مضامینها الراقیة.

کان یجید اللغات العبرانیة والفارسیة والانکلیزیة - بعد لغته الأم العربیة - ولذلک برع فی الرد علی أهل الکتاب ودحض أباطیلهم وکشف خفایا دسائسهم.

کما کان متواضعا للغایة ، یقضی حاجاته بنفسه ، ویختلف إلی الأسواق بشخصه لابتیاع ما یلزم أهله ، وکان یحمله إلیهم بنفسه ویعتذر لمن یروم مساعدته بحمله عنه فیقول له : (رب العیال أولی بعیاله).

وکان یقیم صلاة الجماعة فی المسجد القریب من داره ، فیأتم به أفاضل الناس وخیارهم ، وبعد الفراغ من الصلاة کان یدرس کتابه (آلاء الرحمن).

کان لین العریکة ، خفیف الروح ، منبسط الکف ، لا یمزح ولا یحب أن یمزح أحد أمامه ، تبدو علیه هیبة الأبرار وتقرأ علی أساریره صفات أهل التقی والصلاح.

له فی سید الشهداء الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام عقیدة

ص: 380


1- 1. معجم المطبوعات العربیة والمعربة 2 / 2024.

راسخة ، وحب ثابت ، فکم له أمام المناوئین للإمام الحسین علیه السلام من مواقف مشهودة ، ولولاه لأمات المعاندون الشعائر الحسینیة والمجالس العزائیة ، ولکنه تمسک بها والتزم بشعائرها وقام بها خیر قیام.

فکان هذا العلامة البطل - علی شیخوخته وضعفه وعجزه - یمشی حافیا أمام الحشد المتجمهر للعزاء ، قد حل أزاره ویضرب علی صدره ، وخلفه اللطم والأعلام ، وأمامه الضرب بالطبل.

ومن آثاره الباقیة :

إقامة المأتم فی یوم عاشوراء فی کربلاء ، فهو أول من أقامه هناک ، وعنه أخذ حتی توسع فیه ووصل إلی ما هو علیه الیوم.

وکذا تحریض علماء الدین وإثارة الرأی العام ضد البهائیة فی بغداد ، وإقامة الدعوی فی المحاکم لمنع تصرفهم فی الملک الذی استولوا علیه - فی محلة الشیخ بشار فی الکرخ - واتخذوه حظیرة لهم لإقامة شعائر الطاغوت ، وقضت المحاکم بنزعه منهم ، واتخذه - رضوان الله علیه - مسجدا تقام فیه الصلوات الخمس والمآتم الحسینیة فی ذکری الطف وشعائر أهل البیت علیهم السلام.

أقوال العلماء والأدباء فیه :

قال السید محسن الأمین العاملی : (کان عالما فاضلا ، أدیبا شاعرا ، حسن العشرة ، سخی النفس ، صرف عمره فی طلب العلم وفی التألیف والتصنیف ، وصنف مدة تصانیف فی الردود ، صاحبناه فی النجف الأشرف أیام إقامتنا فیها ورغب فی صحبة العاملیین فصاحبناه ، وخالطناه حضرا وسفرا عدة سنین إلی وقت هجرتنا من النجف فلم نر منه إلا کل خلق حسن وتقوی وعبادة وکل صفة تحمد ، وجرت بیننا وبینه بعد خروجنا من النجف مراسلات

ص: 381

ومحاورات شعریة ومکاتبات فی مسائل علمیة) (1).

وقال الشیخ عباس القمی : بطل العلم الشیخ محمد الجواد ... ولقد کان - رحمه الله تعالی - ضعیفا ناحل الجسم ، تفانت قواه فی المجاهدات ، وکان فی آخر أمره مکبا علی تفسیر القرآن المجید بکل جهد أکید) (2).

وقال الشیخ آقا بزرک الطهرانی : (کان أحد مفاخر العصر علما وعملا ...

وکان من أولئک الأفذاذ النادرین الذین أوقفوا حیاتهم وکرسوا أوقاتهم لخدمة الدین الحنیف والحقیقة ... فهو أحد نماذج السلف التی ندر وجودها فی هذا الزمن) (3).

وقال الشیخ محمد حرز الدین : (عالم فقیه کاتب ، وأدیب شاعر ، بحاثة أهل عصره ، خدم الشریعة المقدسة ، ودین الإسلام الحنیف ، بل خدم الإنسانیة کاملة بقلمه ولسانه وکل قواه) (4).

وقال المیرزا محمد علی التبریزی المدرس : (فقیه أصولی ، حکیم متکلم ، عالم جامع ، محدث بارع ، رکن رکین لعلماء الإمامیة ، وحصن حصین للحوزة الإسلامیة ، ومروج للعلوم القرآنیة ، وکاشف الحقائق الدینیة ، وحافظ للنوامیس الشرعیة ، ومن مفاخر الشیعة) (5).

وقال الملا علی الواعظ الخیابانی التبریزی : (هو العلم الفرد العلامة ، المجاهد ، آیة الله ، وجه فلاسفة الشرق ، وصدر من صدور علماء الإسلام ، فقیه أصولی ، حکیم متکلم ، محدث محقق ، فیلسوف بارع ، وکتبه الدینیة هی التی أبهجت الشرق وزلزلت الغرب وأقامت عمد الدین الحنیف ، فهو حامیة

ص: 382


1- 1. أعیان الشیعة 4 / 255.
2- 2. الکنی والألقاب 2 / 83 - 84.
3- 3. نقباء البشر فی القرن الرابع عشر 1 / 323.
4- 4. معارف الرجال 1 / 196.
5- 5. ریحانة الأدب 1 / 179.

الإسلام ، وداعیة القرن ، رجل البحث والتنقیب ، والبطل المناضل ، والشهم الحکیم) (1).

وقال الشیخ جعفر النقدی : (عالم عیلم مهذب ، وفاضل کامل مذرب ، وآباؤه کلهم من أهل العلم) (2).

وقال الأستاذ علی الخاقانی : (من أشهر مشاهیر علماء عصره ، مؤلف کبیر ، وشاعر مجید ... أغنتنا آثاره العلمیة عن التنویه بعظمته وعلمه الجم وآرائه الجدیدة المبتکرة ، فلقد سد شاغرا کبیرا فی المکتبة العربیة الإسلامیة بما أسداه من فضل فیما قام به من معالجة کثیر من المشاکل العلمیة والمناقشات الدینیة ، وتوضیح التوحید ودعمه بالآراء الحکیمة قبل الثالوث الذی هده بآثاره وقلمه السیال ... کان عظیما فی جمیع سیرته ، فقد ترفع عن درن المادة ، وتردی بالمثل العالیة التی أوصلته فی الحیاة - ولا شک بعد الممات - أرفع الدرجات ... وقد حضرت (3) مع من حضر برهة من الزمن فإذا به بحر خضم لا ساحل له ، یستوعب الخاطرة ، ویحوم حول الهدف ، ویصور الموضوع تصویرا قویا ... کانت حیاته ملیئة بالمفاخر والخدمات الصادقة) (4).

وقال الشیخ جعفر باقر آل محبوبة : (رکن الشیعة وعمادها ، وعز الشریعة وسنادها ، صاحب القلم الذی سبح فی بحر العلوم الناهل من موارد المعقول والمنقول ، کم من صحیفة حبرها ، وألوکة حررها ، وهو بما حبر فضح الحاخام والشماس ، وبما حرر ملک رق الرهبان والأقساس ، کان مجاهدا بقلمه طیلة عمره ، وقد أوقف حیاته فی الذب عن الدین ، ودحض شبه المادیین والطبیعیین ، فهو جنة حصینة ، ودرع رصینة ، له بقلمه مواقف فلت جیوش

ص: 383


1- 1. علماء معاصرین : 162 - 163.
2- 2. شعراء الغری 2 / 437.
3- 3. أی : درسه فی تفسیر القرآن الکریم من کتابه (آلاء الرحمن).
4- 4. شعراء الغری 2 / 437 - 439.

الإلحاد ، وشتت جیوش العادین علی الإسلام والطاعنین فیه ... حضرت بعض دروسه واستفدت منه مدة ، کان نحیف البدن ، واهی القوی ، یتکلف الکلام ، ویعجز فی أکثر الأحیان عن البیان ، فهو بقلمه سحبان الکتابة ، عنده أسهل من الخطابة) (1).

وقال المحامی توفیق الفکیکی : (کان - رحمه الله تعالی - داعی دعاة الفضیلة ، ومؤسس المدرسة السیارة للهدایة والارشاد وتنویر الأفکار بأصول العلم والحکمة وفلسفة الوجود ، فقد أفطمت جوانحه علی معارف جمة ، ووسع صدره کنوزا من ثمرات الثقافة الإسلامیة العالیة والتربیة الغالیة ، وقد نهل وعب من مشارع المعرفة والحکمة الصافیة حتی أصبح ملاذ الحائدین الذین استهوتهم أهواء المنحرفین عن المحجة البیضاء ، وخدعتهم ضلالات الدهریین والمادیین ...

ومن ملامحه ومخائله الدالة علی کماله النفسی هی : فطرته السلیمة ، وسلامة سلوکه الخلقی والاجتماعی ، وحدة ذکائه ، وقوة فطنته ، وعفة نفسه ، ورفعة تواضعه ، وصون لسانه عن الفضول ، ولین عریکته ، ورقة حاشیته ، وخفة روحه ، وأدبه الجم ، وعذوبة منطقه ، وفیض یده علی عسره وشظف عیشه (2).

وقال عمر رضا کحالة : (فقیه ، متکلم ، أدیب ، شاعر) (3).

وقال خیر الدین الزرکلی : (باحث إمامی ، من علماء النجف فی العراق ، ومن آل البلاغی ، وهم أسرة نجفیة کبیرة ، له تصانیف ... وکان یجید الفارسیة ، ویحسن الإنجلیزیة ، وله مشارکة فی حرکة العراق الاستقلالیة وثورة عام 1920 م) (4).

ص: 384


1- 1. ماضی النجف وحاضرها 2 / 62.
2- 2. مقدمة الهدی إلی دین المصطفی 1 / 7.
3- 3. معجم المؤلفین 3 / 164.
4- 4. الأعلام 6 / 74.

فمن کانت هذه مآثره وصفاته وسجایاه فجدیر بمتخصصینا أن یقوموا بدراسة هذه الشخصیة الجلیلة وآثارها القیمة ، فهو أحد نماذج السلف التی ندر وجودها فی هذا الزمن ، وهو نور من الأنوار التی یهتدی بها فی ظلمات الشک والحیرة ، وهو بحق من مشاهیر علماء الإمامیة ، علامة جلیل ، ومجاهد کبیر ، ومؤلف مکثر خبیر.

شعره :

کان - قدس سره - مع عظیم مکانته فی العلم وتفقهه فی الدین أدیبا کبیرا وشاعرا مبدعا ، من فحول الشعراء ، له نظم رائق سلس متین ، تزخر أشعاره بالعواطف الوجدانیة ، والمشاعر الإنسانیة ، والتأملات الروحیة ، وأکثر شعره کان فی مدح أهل البیت علیهم السلام ورثائهم ، وبقیته فی تهنئة خلیل ، أو رثاء عالم جلیل ، أو فی حالة الحنین إلی الأخلاء یحتمه علیه واجب الوفاء ، أو فی الدفاع عن رأی علمی ، أو شرح عقیدة أو فکرة فلسفیة بطریقة المعارضة الشعریة.

فمما قال فی قصیدة فی ذکری مولد الإمام المهدی المنتظر علیه السلام ، قوله :

حی شعبان فهو شهر سعودی

وعد وصلی فیه ولیلة عیدی

منه حیا (1) الصب المشوق ،

شذا المیلاد فیه وبهجة المولود

بهجة المرتضی وقرة عین

المصطفی ، بل ذخیرة التوحید

رحمة الله غوثه فی الوری

شمس هداه وظله الممدود

وهوی خاطری وشائق نفسی

ومناها وعدتی وعدیدی

فانجلت کربتی وأزهر روضی

ونمت نبعتی وأورق عودی

ص: 385


1- 1. أصله : حیاء ، وحذفت الهمزة للضرورة.

طلت فخرا یا لیلة النصف من

شعبان بیض الأیام بالتسوید

وله من قصیدة فی ذکری مولد الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام فی الثالث من شعبان :

شعبان کم نعمت عین الهدی فیه

لولا المحرم یأتی فی دواهیه

وأشرق الدین من أنوار ثالثه

لولا تغشاه عاشور بداجیه

وارتاح بالسبط قلب المصطفی فرحا

لو لم یرعه بذکر الطف ناعیه

رآه خیر ولید یستجار به

وخیر مستشهد فی الدین یحمیه

قرت به عین خیر الرسل ثم بکت

فهل نهنیه فیه أم نعزیه

إن تبتهج فاطم فی یوم مولده

فلیلة الطف أمست من بواکیه

أو ینتعش قلبها من نور طلعته

فقد أدیل بقانی الدمع جاریه

فقلبها لم تطل فیه مسرته

حتی تنازع تبریح الجوی فیه

بشری أبا حسن فی یوم مولده

ویوم أرعب قلب الموت ماضیه

وله من قصیدة فی الإمام الحجة المنتظر علیه السلام - أیضا - قوله :

رویدکما أیها الباکیان

فما أنتما أول الوالهینا

فکم لنواه جرت عبرة

تقل لها أدمع العالمینا

جرت ولها قبل یوم الفراق

ولم ترحل العیس بالمزمعینا

فلا نهنه الوجد فیض الدموع

وقد شطت الدار بالظاعنینا

وبان وأودعنا حسرة

ومن لوعة البین داء دفینا

أطال نواه ومن نأیه

رزینا بما یستخف الرزینا

نقضی اللیالی انتظارا له

فیا حسرتا ، ونقضی السنینا

نطیل الحنین بتذکاره

ویا برحا أن نطیل الحنینا

ص: 386

فما لقیت فاقدات الحمام

من الوجد فی نوحها ما لقینا

ومن قصیدة له یرثی بها الإمام الحسین علیه السلام قوله :

یا تریب الخد فی رمضا الطفوف

لیتنی دونک نهبا للسیوف

یا نصیر الدین إذ عز النصیر

وحمی الجار إذا عز المجیر

وشدید البأس والیوم عسیر

وثمال الوفد فی العام العسوف

کسف یا خامس أصحاب الکسا

وابن خیر المرسلین المصطفی

وابن ساقی الحوض فی یوم الظما

وشفیع الخلق فی الیوم الخوف

یا صریعا ثاویا فوق الصعید

وخضیب الشیب من فیض الورید

کیف تقضی بین أجناد یزید

ظامیا تسقی بکاسات الحتوف

کیف تقضی ظامیا حول الفرات

دامیا تنهل منک الماضیات

وعلی جسمک تجری الصافنات

عافر الجسم لقی بین الصفوف

یا مریع الموت فی یوم الطعان

لا خطا نحوک بالرمح سنان

لا ولا شمر دنا منک فکان

ما أمار الأرض هولا بالرجوف

سیدی أبکیک للشیب الخضیب

سیدی أبکیک للوجه التریب

سیدی أبکیک للجسم السلیب

من حشا حران بالدمع الذروف

سیدی إن منعوا عنک الفرات

وسقوا منک ظماء المرهفات

فسنسقی کربلا بالعبرات

وکفا من علق القلب الأسوف

سیدی أبکیک منهوب الرحال

سیدی أبکیک مسبی العیال

بین أعداک علی عجف الجمال

فی الفیافی بعد هاتیک السجوف

سیدی إن نقض دهرا فی بکاک

ما قضینا البعض من فرض ولاک

ص: 387

لهف نفسی لنساک المعولات

والیتامی إذ غدت بین الطغاة

باکیات شاکیات صارخات

ولها حولک تسعی وتطوف

ومن شعر الإمام البلاغی - رضوان الله علیه - الذی سارت به الرکبان ، قصیدته التی نظمها ردا علی قصیدة علماء بغداد المنکرین لوجود الإمام الثانی عشر المهدی المنتظر علیه السلام ، والتی بعثها إلی علماء النجف الأشرف عام 1317 ه ، التی یقول فیها :

أیا علماء العصر یا من لهم خبر

بکل دقیق حار فی مثله الفکر

لقد حار منی الفکر فی القائم الذی

تنازع فیه الناس والتبس الأمر

فأجابه العلامة البلاغی بقصیدة طویلة تقع فی أکثر من مائة بیت ، وهی من عیون شعره ، ومطلعها :

أطعت الهوی فیهم وعاصانی الصبر

فها أنا ما لی فیه نهی ولا أمر

أنست بهم سهل القفار ووعرها

فما راعنی منهن سهل ولا وعر

أخا سفر ولهان أغتنم السری

من اللیل تغلیسا إذا عرس السفر

ومنها قوله :

وفی خبر الثقلین هاد إلی الذی

تنازع فیه الناس والتبس الأمر

ص: 388

إذا قال خیر الرسل لن یتفرقا

فکیف إذن یخلو من العترة العصر

وما إن تمسکتم بتینک إنهم

هم السادة الهادون والقادة الغر

ومنها قوله أیضا :

وغاب بأمر الله للأجل الذی

یراه له فی علمه وله الأمر

وأوعده أن یحیی الدین سیفه

وفیه لدین المصطفی یدرک الوتر

ویخدمه الأملاک جندا وإنه

یشد له بالروح فی ملکه أزر

وإن جمیع الأرض ترجع ملکه

ویملأها قسطا ویرتفع المکر

فأیقن أن الوعد حق وأنه

إلی وقت عیسی یستطیل له العمر

فسلم تفویضا إلی الله صابرا

وعن أمره منه النهوض أو الصبر

ولم یک من خوف الأذاة اختفاؤه

ولکن بأمر الله خیر له الستر

وحاشاه من جبن ولکن هو الذی

غدا یختشیه من حوی البر والبحر

ص: 389

أکل اختفاء خلت من خیفة الأذی

فرب اختفاء فیه ستنزل النصر

وکل فرار خلت جبنا فربما

یفر أخو بأس لیمکنه الکر

فکم قد تمادت للنبیین غیبة

علی موعد فیها إلی ربهم فروا

وإن بیوم الغر والشعب قبله

غناء کما یغنی عن الخبر الخبر

ولم أدر لم أنکرت کون اختفائه

بأمر الذی یعیی بحکمته الفکر

أتحصر أمر الله فی العجز أم لدی

إقامة ما لفقت أقعدک الحصر؟!

فذلک أدهی الداهیات ولم یقل

به أحد إلا أخو السفه الغمر

ودونک أمر الأنبیاء وما لقوا

ففیه لذی عینین یتضح الأمر

فمنهم فریق قد سقاهم (1) حمامهم

 - بکأس الهوان - القتل والذبح والنشر

أیعجز رب الخلق عن نصر حزبه

علی غیرهم؟! کلا ، فهذا هو الکفر

ص: 390


1- 1. أی : أمر الله.

وکم مختف بین الشعاب وهارب

إلی الله فی الأجبال یألفه النسر

فهلا بدا بین الوری متحملا

مشقة نصح الخلق من دأبه الصبر

وإن کنت فی ریب لطول بقائه

فهل رابک الدجال والصالح الخضر؟!

أیرضی لبیب أن یعمر کافر

ویأباه فی باق لیمحی به الکفر

ومنها أیضا :

فدع عنک وهما تهت فی ظلماته

ولا یرتضیه العبد کلا ولا الحر

وإن شئت تقریب المدی فلربما

یکل بمیدان الجیاد بک الفکر

فمذ قادنا الدلیل بما قضی

به العقل والنقل الیقینان والذکر

إلی عصمة الهادین آل محمد

وأنهم فی عصرهم لهم الأمر

وقد جاء فی الآثار عن کل واحد

أحادیث یعیی من تواترها الحصر

تعرفنا ابن العسکری وأنه

هو القائم المهدی والواتر الوتر

ص: 391

تبعنا هدی الهادی فأبلغنا المدی

بنور الهدی والحمد لله والشکر

وله قصیدة عینیة طویلة ذات معان فلسفیة عالیة ، عارض بها عینیة ابن سینا فی النفس ، التی مطلعها :

هبطت إلیک من المحل الأرفع

عنقاء ذات تعزز وتمنع

فمما قال فیها - قدس الله نفسه الزکیة - ردا علیه :

نعمت بأن جاءت بخلق المبدع

نعم السعادة أن یقول لها : (ارجعی)

خلقت لأنفع غایة یا لیتها

تبعت سبیل الرشد نحو الأنفع

الله سواها وألهمها فهل

تنحو السبیل إلی المحل الأرفع

نعمت بنعماء الوجود ونودیت

هذا هداک وما تشائی فاصنعی

ودعی الهوی المردی لئلا تهبطی

فی الخسر ذات توجع وتفجع

إن شئت فارتفعی لأرفع ذروة

وحذار من درک الحضیض الأوضع

إن السعادة والغنی إن تقنعی

موفورة لک والشقا إن تطمعی

وله قصیدة فی ثامن شوال سند 1343 ه ، وهو الیوم الذی هدمت فیه قبور أئمة الهدی الأطهار علیهم السلام فی البقیع من قبل الوهابیین ، ومطلعها :

دهاک ثامن شوال بما دهما

فحق للعین إهمال الدموع دما

ومنها :

یوم البقیع لقد جلت مصیبته

وشارکت فی شجاها کربلا عظما

وله - قدس سره - مراسلات شعریة وغیر شعریة - علمیة ووجدانیة - جرت بینه وبین السید محسن الأمین العاملی - رحمه الله - تنم عن أدبه الجم

ص: 392

وخلفه الرفیع السامی ، أوردها السید الأمین فی : أعیان الشیعة 4 / 257 - 261.

وله - رحمه الله رحمة واسعة - مراسلات شعریة أخری جرت بینه وبین آخرین ، ومراث وتهان وأغراض شعریة غیر ذلک ، مذکورة فی أغلب المصادر التی ترجمت له.

تلامذته :

قد مر ذکر أسماء شیوخه وأساتذته ، أما تلامذته. فقد تتلمذ علی الشیخ البلاغی - رضوان الله علیه - العدید من أعیان الطائفة وعلمائهم المشهورین ، فمن جملة الذین نهلوا من معین علمه وتتلمذوا علیه ، أو حضروا مجلس درسه ، أو رووا عنه :

1 - السید أبو القاسم الموسوی الخوئی ، المتوفی سنة 1413 ه.

2 - السید شهاب الدین محمد حسین الحسینی المرعشی النجفی ، المتوفی سنة 1411 ه.

3 - الشیخ ذبیح الله بن محمد علی المیلانی ، المتوفی سنة 1405 ه.

4 - السید محمد هادی الحسینی المیلانی ، المتوفی سنة 1395 ه.

5 - الشیخ علی محمد البروجردی ، المتوفی سنة 1395 ه.

6 - السید محمد صادق بحر العلوم ، المتوفی سنة 1390 ه.

7 - الشیخ محمد رضا آل فرج الله ، المتوفی سنة 1386 ه.

8 - الشیخ محمد علی الأردوبادی ، المتوفی سنة 1380 ه.

9 - الشیخ مهدی بن داود النجار ، المتوفی سنة 1358 ه.

10 - الشیخ نجم الدین جعفر العسکری.

11 - الشیخ محمد رضا الطبسی النجفی.

12 - الشیخ جعفر باقر آل محبوبة.

ص: 393

13 - السید صدر الدین الجزائری.

14 - الشیخ مجتبی اللنکرانی النجفی.

15 - الشیخ مرتضی المظاهری النجفی.

16 - الشیخ محمد مهدی اللاهیجی.

17 - المیرزا محمد علی أدیب الطهرانی.

18 - المیرزا محمد علی التبریزی المدرس.

19 - الشیخ إبراهیم بن مهدی القریشی.

وفاته ومدفنه ورثاؤه :

توفی - نور الله مرقده - بمرض ذات الجنب ، لیلة الاثنین 22 شعبان 1352 ه ، فارتجت مدینة النجف بأکملها واجتمعت إلی بیته ، وشیع تشییعا یلیق بمقامه ، سار فیه آلاف من الجماهیر یتقدمهم عظماء المجتهدین وأساطین العلم والأدب ، ودفن فی الحجرة الثالثة الجنوبیة من طرف مغرب الصحن الشریف لمرقد أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، وهی حجرة آل العاملی.

ومن العجیب أن مطلع إحدی قصائده - المذکورة آنفا - فی مدح الإمام الحجة المنتظر علیه السلام ، فی ذکر مولده السعید المبارک ، قوله :

حی شعبان فهو شهر سعودی

وعد وصلی فیه ولیلة عیدی

فکان کما أجراه الله علی لسانه ، إذ وصل إلی رحمة ربه فی شعبان ، ففجع الإسلام بوفاته ، وثلم فی الدین ثلمة لا یسدها أحد ، تغمده الله بواسع رحمته.

ورثاه أکابر العلماء والأدباء بعیون الشعر الحزین الدامع ، وکان فی طلیعتهم خاله العلامة السید رضا الهندی - رحمه الله - فی قصیدة رائعة ضمنها

ص: 394

بعض أسماء کتبه ، ومطعلها :

إن تمس فی ظلم اللحود موسدا

فلقد أضأت بهن (أنوار الهدی)

ولئن یفاجئک الردی فلطالما

حاولت إنقاذ العباد من الردی

هذا مدی تجری إلیه فسابق

فی یومه أو لاحق یمضی غدا

قد کنت أهو أننی لک سابق

هیهات قد سبق (الجواد) إلی المدی

فلیندب (التوحید) یوم مماته

سیفا علی (التثلیث) کان مجردا

ولیبک دین محمد لمجاهد

أشجت رزیته النبی محمدا

ولیجر أدمعه الیراع لکاتب

أجراه فی جفن الهدایة مرودا

وجد الهدی أرقا فأسهر جفنه

حرصا علی جفن الهدی أن یرقدا

أأخی کم نثرت یداک من (الهدی)

بذرا فطب نفسا فزرعک أحصدا

إن کنت لم تعقب بنین فکل من

یهدیه رشدک فهو منک تولدا

إلی آخرها ، وهی طویلة کلها من هذا النمط العالی.

وله قصیدة أخری فی رثائه أیضا ، منها :

قد خصک الرحمن فی (آلائه)

فدعاک داعیه لدار لقائه

عمت رزیتک السما والأرض یا

داعی هداه بأرضه وسمائه

ما محیی الدین الحنیف تلافه

فالدین أوشک أن یموت بدائه

أوقدت (أنوار الهدی) من بعدما

قد جد أهل الکفر فی إطفائه

ورفعت للتوحید رایة باسل

رد الضلال منکسا للوائه

یا باری القلم الذی إن یجر فی

لوح أصاب الشرک حتم قضائه

ما السمر تشبه منه حسن قوامه

کلا ولا الأسیاف حد مضائه

عجبا له یملی بیانک أخرسا

وتری الأصم ملبیا لدعائه

ص: 395

هو معجز طورا ویسحر تارة

أهل الحجی إن شاء فی إنشائه

ورثاه العالم الأدیب الشیخ محمد رضا المظفر فی قصیدة مطلها :

یا طرف جد بسواد أو قذر

ماذا انتفاعک بعد الشمس بالنظر؟!

ومنها :

قد کان کالبدر فی لیل الشتا ومضی

کالشمس معروفة بالعین والأثر

وفی رثائه قال السید مسلم الحلی قصیدة ، منها هذا البیت :

إنی أری الموت الزؤام ممثلا

للناس فعل الصیرف النقاد

وقد أرخ عام وفاته السید محمد الحلی بأبیات ، فقال :

دهی الإسلام إذ

به تداعی سوره

وشرع طه أسفا

لما مضی نصیره

مذ غاب أرخت ألا

غاب (الهدی) و (نوره)

وقال أحد معارفه :

فی ذمة الله نفس بالجهاد قضت

فکان آخر شئ فارقت قلم

ورثاه الشیخ محمد تقی الفقیه - أحمد علماء جبل عامل - بمرثیة ، منها :

أفنیت نفسک بالجهاد وطالما

بدمائها روی الیراع الظامی

حتی تراءت فی الجنان مهیضة

هتف الملائکة : (أدخلی بسلام)

ومنها :

صیرت قلبک شمعة وحملته

ضوء أمام الدین للإعظام

فأذبته فإذا المدامع أسطر

والنور معناها البدیع السامی

ورثاه الشیخ محمد علی الیعقوبی بقصیدة مطلعها :

سلوا قبة الإسلام ماذا أمادها؟!

متی فوضت منها اللیالی عمادها

ص: 396

وقد أحسن أحد الأدباء فخاطبه فی رثائه :

زودت نفسک فی حیاتک زادها

تقوی الإله وذاک خیر الزاد

ووصفه أحد البارعین فقال :

تحلی به جید الزمان وأصبحت

تزان به الدنیا وتزهو الصحائف

ورثاه کذلک السید محمود الحبوبی ومحمد صالح الجعفری والشیخ محمد علی الأردوبادی ، وغیرهم.

مصنفاته وآثاره العلمیة :

فی الحقیقة أنه لم یمت من خلف ما خلفه المترجم من الآثار التی تهتدی بها الأجیال ، وتحتج بها الأبطال ، فإن فی مؤلفاته ثمرات ناضجة قدمها المترجم لرواد الحقیقة ، وفیما یلی مسرد لها - وقد أشرت إلی ما هو مطبوع منها فعلا قدر المستطاع - عسی الله تعالی أن یقیض من یعثر علی غیر المطبوع منها فیحییه :

1 - الهدی إلی دین المصطفی.

فی الرد علی النصاری ، طبع لأول مرة فی جزءین فی صیدا سنتی 1330 و 1331 ه ، وطبع فی النجف الأشرف سنة 1965 م ، ثم أعادت طبعه دار الکتب الإسلامیة فی قم ، بالتصویر علی الطبعة الثانیة.

2 - الرحلة المدرسیة ، أو : المدرسة السیارة.

فی الرد علی الیهود والنصاری ، فی ثلاثة أجزاء ، طبع عدة مرات فی النجف الأشرف وبیروت.

ثم طبع الجزء الأول منه بتحقیق یوسف الهادی ، وصدر عن مؤسسة البلاغ فی طهران سنة 1413 ه.

کما ترجم الکتاب إلی الفارسیة ، وطبع فی النجف الأشرف أیضا.

ص: 397

3 - أعاجیب الأکاذیب.

فی الرد علی النصاری ، طبع لأول مرة فی النجف الأشرف سنة 1345 ه.

حققته وصدر فی قم سند 1412 ه عن دار الإمام السجاد علیه السلام ، ثم أعادت دار المرتضی فی بیروت طبعه - بالتصویر علی هذه الطبعة - سنة 1413 ه.

ترجم إلی الفارسیة تحت عنوان : (شکفت آور دروغ) من قبل عبد الله إیرانی - ولعله اسم مستعار آخر للمؤلف - وطبع فی النجف الأشرف سنة 1346 ه.

4 - التوحید والتثلیث.

فی الرد علی النصاری ، طبع لأول مرة فی صید سنة 1332 ه.

حققته وصدر فی قم سنة 1411 ه عن مؤسسة قائم آل محمد عجل الله تعالی فرجه الشریف ، ثم أعادت طبعه - بالتصویر علی هذه الطبعة - دار المؤرخ العربی فی بیروت.

5 - عمانوئیل.

فی المحاکمة مع بنی إسرائیل.

6 - داعی الإسلام وداعی النصاری.

فی الرد علی النصاری.

7 - رسالة فی الرد علی جرجیس سایل وهاشم العربی.

فی الرد علی النصاری أیضا.

8 - رسالة فی الرد علی کتاب (ینابیع الإسلام).

فی الرد علی النصاری أیضا.

9 - المسیح والأناجیل.

فی الرد علی النصاری کذلک ، طبع بتمامه فی مجلة (الهدی) العماریة

ص: 398

العراقیة ، فی عدة من أعدادها سنة 1348 ه.

10 - رسالة فی الرد علی کتاب (تعلیم العلماء).

11 - نور الهدی.

فی الرد علی شبهات وردت من لبنان ، مطبوع فی النجف الأشرف.

12 - البلاغ المبین.

فی الإلهیات ، طبع فی بغداد سنة 1348 ه.

13 - أنوار الهدی.

فی الرد علی الطبیعیین والمادیین وشبهاتهم الإلحادیة ، طبع الجزء الأول منه فی النجف الأشرف سنة 1340 ه.

وأعید طبعه فی بیروت ، ثم طبع بالتصویر علی هذه الطبعة فی قم.

وترجم إلی الأوردیة ، وطبع فی لکنهو بالهند.

14 - مصابیح الهدی ، أو : المصابیح فی بعض من أبدع فی الدین فی القرن الثالث عشر.

فی الرد علی القادیانیة والبابیة والبهائیة والأزلیة ، طبع قسم منه.

15 - الشهاب.

فی الرد علی کتاب (حیاة المسیح) للقادیانیة.

16 - نصائح الهدی ، أو : نصائح الهدی والدین إلی من کان مسلما وصار بابیا.

فی الرد علی البابیة والبهائیة ، طبع فی بغداد سنة 1339 ه.

وترجمه إلی الفارسیة السید علی العلامة الفانی الأصفهانی - المتوفی سنة 1409 ه تحت عنوان : نصیحت بفریب خورکان باب وبهاء ، وصدر فی أصفهان سنة 1369 ه ، ثم أعید طبع الترجمة هذه فی قم سنة 1405 ه.

17 - دعوی الهدی إلی الورع فی الأفعال والفتوی.

فی إبطال فتوی الوهابیین بهدم قبور الأئمة الأطهار علیهم السلام فی

ص: 399

البقیع وبقیة القبور فی مکة المکرمة والمدینة المنور ، طبع فی النجف الأشرف سنة 1344 ه.

18 - رسالة أخری فی الرد علی الوهابیة.

وهی فی تفنید فتواهم أیضا ، مطبوعة أیضا.

19 - رسالة فی الاحتجاج لکل ما انفردت به الإمامیة بما جاء من الأحادیث فی کتب غیرهم.

20 - إلزام المتدین بأحکام دینه.

بطراز جذاب وأسلوب فرید فی بابه.

21 - رسالة فی رد أوراق وردت من لبنان.

ولعلها نفس الکتاب المتقدم برقم 11.

22 - مسألة فی البداء.

رسالة صغیرة نشرها الشیخ محمد حسین آل یاسین لأول مرة فی بغداد سنة 1374 ه ، فی آخر المجموعة الرابعة من سلسلة (نفائس المخطوطات).

حققتها ثانیة ، وصدرت فی قم سنة 1414 ه ضمن کتیب (رسالتان فی البداء).

23 - داروین وأصحابه.

مطبوع.

24 - نسمات الهدی.

طبع فی بعض أعداد مجلة (العرفان).

25 - أجوبة المسائل البغدادیة.

فی أصول الدین ، مطبوعة.

26 - أجوبة المسائل التبریزیة.

فی الطلاق وتعدد الزوجات والحجاب.

ص: 400

28 - آلاء الرحمن فی تفسیر القرآن.

توفی - رحمه الله - ولم یتمه ، إذ وصل فیه إلی نهایة تفسیر آیة الوضوء من سورة المائدة ، وقد طبع لأول مرة فی لبنان فی جزءین ، وأعادت مکتبة الوجدانی فی قم طبعه - بالتصویر - علی هذه الطبعة.

29 - رسالة فی تکذیب روایة التفسیر المنسوب إلی الإمام العسکری علیه السلام.

حققها الشیخ رضا الأستادی ونشرها فی قم ، فی مجلة (نور علم) العدد 1 ، السنة 2 ، ربیع الآخر 1406 ه.

30 - رسالة فی وضوء الإمامیة وصلاتهم وصومهم.

طبعت بالإنکلیزیة ، أما الأصل العربی فلم یطبع.

31 - رسالة فی الأوامر والنواهی.

32 - تعلیقة علی (العروة الوثقی) للسید الیزدی.

33 - تعلیقة علی مباحث البیع من کتاب (المکاسب) للشیخ الأنصاری.

طبعت فی النجف الأشرف سنة 1343 ه.

34 - تعلیقة علی کتاب الشفعة من کتاب (جواهر الکلام).

35 - رسالة فی حرمة حلق اللحیة.

طبعت فی قم بتقدیم الشیخ رضا الأستادی.

36 - رسالة فی الخیارات.

37 - رسالة فی التقلید.

38 - رسالة فی صلاة الجمعة لمن سافر بعد الزوال.

39 - رسالة فی بطلان العول والتعصیب.

40 - رسالة فی عدم تزویج أم کلثوم.

41 - العقود المفصلة فی حل المسائل المشکلة.

وهی 14 عقدا فی الفقه وأصوله ، وهی :

ص: 401

أ - رسالة فی العلم الاجمالی.

ب - رسالة فی قاعدة علی الید ما أخذت.

ج - رسالة فی تنجیس المتنجس.

د - رسالة فی اللباس المشکوک.

طبعت الرسائل الأربع هذه مع تعلیقته علی (المکاسب) فی النجف الأشرف.

ه - رسالة فی ذبائح أهل الکتاب.

و - رسالة فی ضبط الکر.

ز - رسالة فی ماء الغسالة.

ح - رسالة فی حرمة مس المصحف علی المحدث.

ط - رسالة فی إقرار المریض.

ی - رسالة فی منجزات المریض.

ک - رسالة فی مواقیت الاحرام.

ل - رسالة فی القبلة وتعیین مواقع البلدان المهمة فی العالم من مکة المکرمة بحسب الاختلاف فی الطول والعرض.

م - رسالة فی إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم.

طبعت بتصحیح علی أکبر الغفاری فی إیران سنة 1378 ه.

ن - رسالة فی الرضاع.

42 - رسالة أخری فی فروع الرضاع علی مذهب الإمامیة والمذاهب الأربعة.

وغیرها.

رسالتنا هذه :

لقد ذکر أغلب المترجمین للعلامة البلاغی - قدس الله سره - أن له

ص: 402

رسالتین اثنتین مطبوعتین فی رد الوهابیة.

فقد ذکر الشیخ آقا بزرک الطهرانی - رحمه الله - رسالة : (دعوی الهدی ..) التی أوردناها آنفا برقم 17 ، ذکرها فی الذریعة 8 / 206 رقم 843 وأنها مطبوعة فی سنة 1344 ه ، وذکر الرسالة الثانیة - التی أوردناها برقم 18 - فی الذریعة 10 - 236 رقم 740.

ثم ذکرهما أیضا فی نقباء البشر فی القرن الرابع عشر 1 / 325 ضمن تعداده لکتب الشیخ البلاغی المطبوعة ، ولم یصرح باسم الرسالة الأولی أو بتاریخ طبع الرسالتین أو إحداهما.

وذکرهما له أیضا السید محسن الأمین العاملی - رحمه الله - فی أعیان الشیعة 4 / 256 بالرقمین 12 و 13 ، ولم یصرح بعنوان خاص لإحداهما أو بتاریخ طبعهما.

کما ذکرهما له الأستاذ المحامی توفیق الفکیکی - رحمه الله - ضمن مؤلفاته المطبوعة ، فی مقدمته للطبعة الثانیة من کتاب (الهدی إلی دین المصطفی) ص 13 ، بالتسلسلین 9 و 10 ، ولم یصرح بعنوان خاص لإحداهما أو بتاریخ طبعهما أیضا.

وکذلک ذکرهما کورکیس عواد فی معجم المؤلفین العراقیین 3 / 124 بالرقمین 10 و 11 ، ولم یصرح بعنوان خاص لإحداهما أو بتاریخ طبعهما هو الآخر.

أما الرسالة هذه ، فقد عثرت علی ثلاث نسخ منها بعد جهد جهید ، وکانت جمیعها خالیة من اسم الرسالة والمؤلف ، تتألف من 45 صفحة ، ومطبوعة علی الحجر فی النجف الأشرف ، وکان الفراغ منها فی لیلة 14 ربیع الأول سنة 1345 ه.

ص: 403

وبقرائن : زمانی التألیف والطبع ومکانیهما ، وعدم ذکر اسم المؤلف (1) ، بل ذکر فی الانهاء اسم مستعار هو (عبد الله) ، وقوة العرض والاستدلال بالرغم من صغر الرسالة ، وأدب المؤلف وأخلاقه فی المحاججة والنقاش ، وکل ما یعبر عنه ب : نفس المؤلف وأسلوبه فی التصنیف والتألیف ...

بقرینة کل ذلک أمکننی الجزم أن رسالتنا هذه هی إحدی الرسالتین اللتین نمقهما یراع المؤلف - قدس سره - فی هذا المجال.

فإذا ما احتملنا أن ما ورد فی الذریعة 8 / 206 رقم 843 من أن تاریخ طبع رسالة (دعوی الهدی) هو غلط مطبعی ، وأن الصحیح هو سنة 1345 ه بدلا من 1344 ه ، لکانت هذه الرسالة هی تلک بعینها ، مع ملاحظة أن المؤلف - قدس سره - لم یحل أو یشر فی رسالته هذه إلی أن له رسالة أخری فی نفس الغرض.

أما إذا لم یصح ما احتملناه ، فتکون هذه الرسالة هی الرسالة الثانیة للشیخ البلاغی - قدس سره - لا غیر.

أهمیتها :

رسالة صغیرة الحجم ، کبیرة المحتوی ، فهی بعیدة عن التطویل الممل أو الاختصار المخل ، فقد اشتملت علی جل المباحث اللازمة فی الرد علی الوهابیة ، وامتازت - بالرغم من صغر حجمها ، وکبقیة رسائل الشیخ البلاغی - بإیفاء الموضوع حقه ، بالحجة القاطعة ، والدلیل النقلی القوی ، والبرهان العقلی المقنع ، فقد اعتمد المؤلف - رحمه الله - علی

ص: 404


1- 1. کما فی کتبه : (الهدی إلی دین المصطفی) فی طبعته الأولی ، (التوحید والتثلیث) ، و (أعاجیب الأکاذیب) وقد أنهاه بتوقیع : عبد الله العربی ، و (أنوار الهدی) وقد وضع عنوان المراسلة معه علی الصفحة الأولی باسم : کاتب الهدی النجفی ، و (البلاغ المبین) وهو محاورة بین شخصین ، هما : (عبد الله) و (رمزی) وأنهاه بتوقیع : عبد الله ، وغیرها.

أمهات المصادر المعتمدة لدی عامة المسلمین ، لدحض شبهات هذه الفرقة الضالة ، وإثبات مراده ، مضافا إلی ذلک دماثة الأخلاق والأدب الرفیع فی المناقشة والمناظرة.

منهج العمل فیها :

استفدت من علامات الترقیم الحدیثة فی إعادة تقطیع النص وتوزیعه ، وأثبت الإیضاحات فی الهامش ، وخرجت الأحادیث والروایات اعتمادا علی مصادرها الأصلیة قدر الإمکان ، أما إذا لم یتوفر المصدر الأصلی لدی ، فإنی قمت بتخریجها علی عدة مصادر أخری ، وربما عضدت الجمیع بمصادر إضافیة إمعانا فی إقامة الحجة وإثباتها.

کما أنی أصلحت الأغلاط الإملائیة والطباعیة التی لا تخلو منها أیة طبعة لأی کتاب ، وخاصة إذا کانت طبعة حجریة ، ولم أشر إلی ذلک إلا فی موضعین.

أما ما وضعته من معقوفین [ ] ولم أشر إلیه فی الهامش ، فهو أحد الثلاثة :

* إما عنوان وضعته بین الفقرات والمطالب لزیادة الایضاح.

* أو إضافة من المصدر المنقول عنه یقتضیها نسق المطلب ، ربما سقطت اثنا الطبع.

* أو زیادة من عند نفسی یقتضیها السیاق ، ربما سقطت أثناء الطبع أیضا.

شکر لا بد منه :

لا یسعنی وأنا أقدم هذه الرسالة إلا أن أشکر کل من أعاننی وأسدی إلی معروفا ، لإخراجها بأفضل صورة ممکنة ، لا سیما سماحة حجة الإسلام والمسلمین المحقق السید محمد رضا الحسینی الجلالی ، الذی تفضل علی

ص: 405

بقراءتها وإبداء الملاحظات العلمیة حولها ، وکذا کل من ساهم بمراحل تهیئتها وإخراجها الأخری.

واشکر کذلک مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث ، فی قم ، لتفضلها بنشر هذه الرسالة المهمة علی صفحات مجلتها الغراء (تراثنا).

وفق الله الجمیع لخدمة دینه الحنیف ومراضیه.

وکلمة أخیرة لا بد منها :

فأنا لا أدعی کمالا فی عملی هذا ، فما کان إلا فی خدمة الدین والدفاع عنه ابتغاء غفران الله جل وعلا ورضوانه ، وما هو إلا من منه وفضله وحسن توفیقه ، عسی الله أن ینفع به ، فهو ولی ذلک ، والله من وراء القصد ، وهو یهدی السبیل.

وإن هو إلا صفحات متواضعة أعددتها لیوم فقری وفاقتی ، أرفعها إلی مقام الإمام الحجة المتظر المهدی عجل الله فرجه الشریف ، راجیا منه علیه السلام نظرة عطف ولطف.

والحمد لله رب أولا وآخرا ، وصلی الله وسلم علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.

محمد علی الحکیم

9 جمادی الأولی 1415 ه

ص: 406

صورة

ص: 407

صورة

ص: 408

[الرد علی الوهابیة]

[تمهید :]

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة علی محمد سید الأولین والآخرین ، صلی الله علیه وسلم ، وعلی آله أجمعین.

وبعد ،

فقد عثرت فی بعض الجرائد (1) علی سؤال نصه هذا : (غادر مکة فی شهر رمضان الماضی الشیخ عبد الله بن بلیهد ، قاضی قضاة الوهابیین فی الحجاز ، قاصدا المدینة المنورة ، وقد تلقت جریدة أم القری من مکاتبها فی المدینة أن الشیخ ابن بلیهد اجتمع بعلماء المدنیة وباحثهم فی أمور کثیرة ، ثم وجه إلیهم السؤال الآتی :

بسم الله الرحمن الرحیم ، ما قول علماء المدینة المنورة - زادهم

====

وهذا مما أفادنی به سماحة العلامة المحقق السید عبد العزیز الطباطبائی دام بقاؤه.

ص: 409


1- 1. هی جریدة (أم القری) العدد 69 ، بتاریخ 17 شؤال 1344 ه.

الله فهما وعلما - فی البناء علی القبور واتخاذهم مساجد ، هل هو جائز أم لا؟

وإذا کان غیر جائز ، بل ممنوع منهی عنه نهیا شدیدا ، فهل یجب هدمها ومنع الصلاة عندها أم لا؟

وإذا کان البناء فی مسبلة - کالبقیع - وهو مانع من الانتفاع بالمقدار المبنی علیه ، فهل هو غصب یجب رفعه ، لما فیه من ظلم المستحقین ومنعهم استحقاقهم ، أم لا؟

وما یفعله الجهال عند هذه الضرائح ، من التمسح بها ، ودعائها مع الله ، والتقرب بالذبح والنذر لها ، وإیقاد السرج علیها ، هل هو جائز أم لا؟

وما یفعل عند حجرة النبی صلی الله علیه وسلم ، من التوجه إلیها عند الدعاء وغیره ، والطواف بها وتقبیلها والتمسح بها ، وکذلک ما یفعل فی المسجد الشریف ، من الترحیم والتذکیر بین الأذان والإقامة وقبل الفجر ویوم الجمعة ، هل هو مشروع أم لا؟

أفتونا مأجورین ، وبینوا لنا الأدلة المستند إلیها ، لا زلتم ملجأ للمستفیدین).

وهذا نص الجواب :

(أما البناء علی القبور فهو ممنوع إجماعا ، لصحة الأحادیث الواردة فی منعه ، وبهذا أفتی کثیر من العلماء بوجوب هدمه ، مستندین علی ذلک بحدیث علی رضی الله عنه أنه قال لأبی الهیاج : (ألا أبعثک علی ما بعثنی علیه رسول الله صلی الله علیه وسلم ، أن لا تدع

ص: 410

تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سویته) رواه مسلم (1).

وأما اتخاذ القبور مساجد والصلاة فیها فممنوع مطلقا ، وإیقاد السرج علیه ممنوع أیضا ، لحدیث ابن عباس : (لعن رسول الله زائرات القبور ، والمتخذین علیها المساجد والسرج) رواه أهل السنن (2).

وأما ما یفعله الجهال عند الضرائح ، من التمسح بها ، والتقرب إلیها بالذبائح والنذور ، ودعاء أهلها مع الله ، فهو حرام ، ممنوع شرعا ، لا یجوز فعله أصلا.

وأما التوجه إلی حجرة النبی صلی الله علیه وسلم عند الدعاء ، فالأولی منعه ، کما هو معروف من فقرات کتب المذهب ، ولأن أفضل الجهات جهة القبلة.

وأما الطواف بها والتمسح بها وتقبیلها ، فهو ممنوع مطلقا.

وأما ما یفعله من التذکیر والترحیم والتسلیم فی الأوقات المذکورة ، فهو محدث.

هذا ما وصل إلیه علمنا السقیم).

ویلی ذلک توقیع 15 عالما.

وقد علقت جریدة (أم القری) علی هذه الفتوی بمقالة افتتاحیة قائلة :

(إن الحکومة ستسیر فی تنفیذ أحکام الدین رضی الناس أم کرهوا) إنتهی.

ص: 411


1- 1. صحیح مسلم 2 / 666 ح 93 ب 31 ، کما ورد الحدیث باختلاف یسیر فی بعض ألفاظه فی المصادر التالیة : مسند أحمد 1 / 96 و 129 ، سنن النسائی 4 / 88 ، سنن أبی داود 3 / 215 ح 3218 ، سنن الترمذی 3 / 366 ح 1049 ب 56.
2- 2. سنن أبی داود 3 / 218 ح 3236 ، سنن النسائی 4 / 95.

واطلعت أیضا علی مقالة فی بعض الجرائد المصریة (1) ، وهذا نصها :

(تغلب الوهابیون علی الحجاز ، فأوفدت حکومة إیران وفدا  - علی رأسه حضرات أصحاب السعاة : میرزا غفار خان جلال السلطنة ، ویزرها المفوض فی مصر ، ومیرزا حبیب الله خان هویدا عین الملک ، قنصلها الجنرال (2) بالشام - إلی الحجاز ، لیتبینوا وجه الحقیقة فیما أذیع علی العالم الإسلامی أجمع من فظائع الوهابیین فی البلاد المقدسة ، وأتم هذا الوفد الرسمی مهمته ، ورفع تقریره إلی حکومته.

ولما تجدد نشر الإشاعات بأن الوهابیین هم هم.

وأن التطور الذی غشی العالم أجمع لم یصلح من فساد تطرفهم شیئا.

وأنهم هدموا القباب والمزارات المبارکة المنبثة فی أرجاء ذلک الوادی المقدس.

وأنهم ضیقوا الحریة المذهبیة الإسلامیة ، نشرا لمذهبهم ، وتوسیعا لنطاق نحلتهم ، فی الوقت الذی تقوم به جمیع حکومات العالم علی رعایة الحریات المذهبیة.

أصدرت (5) أمرها بوقف التصریح بالسفر للحجاز ، حمایة لرعایاها ، وحفظا لهم من قصد بلاد لم یعرف تماما کنه الحکم فیها.

وعادت فأوفدت سعادت میرزا حبیب الله خان هویدا ، قنصلها

ص: 412


1- 2. أی : القنصل العام.
2- 3. جواب (لما) المتقدمة.

الجنرال (1) فی الشام ثانیة ، للتحقق من مبلغ صدق تلک الإشاعات ، فإذا بها صحیحة فی جملتها!

لم تمنع الحکومة الإیرانیة رعایاها من السفر إلی الحجاز لأن حکومته وهابیة فحسب ، ولکن الإیرانیین ألفوا فی الحج والزیارة شؤونا یعتقدون أنها من مستلزمات أداء ذلک الرکن ، ویشارکهم فی ذلک جمهور المسلمین من غیر الوهابیین ، کزیارة مشاهد أهل البیت ، والاستمداد من نفحاتهم ، وزیارة مسجد منسوب للإمام علی علیه السلام.

وقد قضی الوهابی علی تلک الآثار جملة ، وقضی رجال - وکل فرد منهم حکومة قائمة - علی الحریة المذهبیة.

فمن قرأ الفاتحة علی مشهد من المشاهد ، جلد.

ومن دخن سیجارة أو نرجیلة ، أهین وضرب وزج فی السجن ، فی الوقت الذی تحصل فیه إدارة الجمارک الحجازیة رسوما علی واردات البلاد من الدخان والتمباک.

ومن استنجد بالرسول المجتبی علیه صلوات الله وسلامه بقوله : (یا رسول الله) عد مشرکا.

ومن أقسم بالنبی أو بآله ، عد خارجا عن سیاج الملة.

وما حادثة السید أحمد الشریف السنوسی (2) - وهو علم من

ص: 413


1- 1. أی : القنصل العام.
2- (7) هو السید أحمد الشریف بن محمد بن محمد بن علی السنوسی (1284 - 1351 ه) ولد وتفقه فی (الجغبوب) من أعمال لیبیا ، قاتل الإیطالیین فی حربهم مع الدولة العثمانیة سنة 1339 ه ، دعی إلی إسلامبول بعد عقد الصلح بین إیطالیا والعثمانیین ، ثم رحل منها إلی الحجاز ، کان من أنبل الناس جلالة قدر وسراوة حال ورجاحة عقل ، وکان علی علم غزیر ،

أعلام المسلمین المجاهدین - ببعیدة ، إذ کان وقوفه وقراءته الفاتحة علی ضریح السیدة خدیجة رضوان الله علیها ، سببا کافیا فی نظر الوهابیین لإخراجه من الحجاز.

کل هذا حاصل فی الحجاز لا ینکره أحد ، ولا یستطیع الوهابی ولا دعاته ولا جنوده أن یکذبوه).

إنتهی ما أردنا نقله من تلک الجریدة.

فرأیت أن أتکلم معهم بکلمات وجیزة ، جاریة فی نهج الإنصاف ، خالیة عن الجور والتعصب والاعتساف ، سالکا سبیل الرفق والاعتدال ، ناکبا علی طریق الخرق والجدال ، فما المقصود إلا هدایة العباد ، والله ولی الرشاد.

ثم إنا نتکلم فیما طعن به الوهابیون علی سائر المسلمین فی ضمن فصول ، والله المستعان.

وأجتنب فیه عن الفحش فی المقال ، والطعن والوقیعة والجدال.

هذا ، لما یندمل ، وإن القلوب لحری ، والعیون لعبری ، علی الرزیة التی عمت الإسلام والمسلمین ، فإنا لله وإنا إلیه راجعون.

ویا لها من رزیة جلیلة ، ومصیبة فاظعة (1)کذا فی الأصل ، (قاطعة) ، والأصوب لغة أن تکون : (فظیعة). (2)(3)

ص: 414


1-
2- فادحة ، وثلمة عظیمة فی الإسلام ألیمة فجیعة! کحلت بمقطرک العیون عمایة وأجل وقعک کل أذن تسمع
3- من قصیدة لدعبل الخزاعی ، یرثی بها سید الشهداء الإمام أبی عبد الله الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام ، وقد ورد البیت باختلاف فی بعض ألفاظه فی الدیوان المطبوع ومصادر أخری هکذا : کحلت بمنظرک العیون عمایة وأصم نعیک کل أذن تسمع أنظر : دیوان دعبل : 226 ، معجم الأدباء 11 / 110 و 3 / 129 وفیه : (رزؤک) بدل (نعیک) ولم یسم قائله هنا ، الحماسة البصریة 1 / 201.

وعلی الجملة :

فقد هدموا شعائر الدین ، وجرحوا قلوب المسلمین ، بفتوی خمسة عشر ، تشهد القرائن بأنهم مجبورون مضطرون علی هاتیک الفتیا!

ویشهد نفس السؤال - أیضا - بذلک ، حیث إن السائل یعلمهم الجواب فی ضمن السؤال بقوله : (وإذا کان غیر جائز ، بل ممنوع منهی عنه نهیا شدیدا).!

ویومئ إلی - أیضا - ما فی الجریدة ، أنه اجتمع إلیهم أولا ، وباحثهم ثانیا ، ومن بعد ذلک وجه إلیهم السؤال المزبور!

ولقد حدثنی بعض الثقات من أهل العلم - بعد رجوعه من المدینة - عن بعض علمائها ، أنه قال : إن الوهابیة أوعدونی وعالمین غیری بالقتل والنهب والنفی (علی مساعدتهم) (1) فی الجواب ، فلم نفعل.

هذی المنازل بالغمیم فنادها

واسکب سخی العین بعد جمادها (2)

====

أنظر : دیوان الشریف الرضی 1 / 360.

ص: 415


1- 1. کذا فی الأصل ، والصواب : (إن لم نساعدهم).
2- 2. مطلع قصیدة للشریف الرضی ، یرثی بها سید الشهداء الإمام أبی عبد الله الحسین بن علی ابن أبی طالب علیهم السلام ، فی یوم عاشوراء سنة 391 ه.

الفصل الأول

فی توحید الله فی العبادة

إعلم أن من ضروریات الدین ، والمتفق علیه بین جمیع طبقات المسلمین ، بل من أعظم أرکان أصول الدین : اختصاص العبادة بالله رب العالمین.

فلا یستحقها غیره ، ولا یجوز إیقاعها لغیره ، ومن عبد غیر فهو کافر مشرک ، سواء عبد الأصنام ، أو عبد أشرف الملائکة ، أو أفضل الأنام.

وهذا لا یرتاب فیه أحمد ممن عرف دین الإسلام.

وکیف یرتاب؟! وهو یقرأ فی کل یوم عشرات مرات : (إیاک نعبد وإیاک نستعین) (1).

ویقرأ : ( قل یا أیها الکافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لکم دینکم ولی دینی ) . (2).

ویقرأ فی سورة یوسف : ( إن الحکم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا

ص: 416


1- 1. سورة الفاتحة 1 : 5.
2- 2. سورة الکافرون 109 : 1 - 6.

إیاه ) (1).

ویقرأ فی سورة النحل : ( وقال الذین أشرکوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ کذلک فعل الذین من قبلهم فهل علی الرسل إلا البلاغ المبین ) (2).

ویقرأ فی سورة التوبة : ( وما أمروا إلا لیعبدوا إلها واحد لا إله إلا هو سبحانه عما یشرکون ) (3).

ویقرأ فی سورة البقرة : ( أم کنتم شهداء إذ حضر یعقوب الموت إذ قال لبنیه ما تعبدون من بعدی قالوا نعبد إلهک وإله آبائک إبراهیم وإسماعیل وإسحاق إلها واحد ونحن له مسلمون ) (4).

ویقرأ فی [سورة] الزمر : ( والذین اتخذوا من دونه أولیاء ما نعبدهم إلا لیقربونا إلی الله الزلفی إن الله یحکم بینهم فی ما هم فیه یختلفون إن الله لا یهدی من هو کاذب کفار ) (5).

ویقرأ فیها : ( ولقد أوحی إلیک وإلی الذین من قبلک لئن أشرکت لیحبطن عملک ولتکونن من الخاسرین بل الله فاعبد وکن

====

6. سورة الزمر 39 : 3.

ص: 417


1- 1. سورة یوسف 12 : 40.
2- 2. سورة النحل 16 : 35.
3- 3. سورة التوبة 9 : 31.
4- 4. سورة البقرة 2 : 133.
5- 5. سورة الأعراف 9 : 65 - 70.

من الشاکرین ) (1).

ویقرأ فیها : (قل الله أعبد مخلصا له دینی) (2).

ویقرأ فی سورة النساء : (واعبدوا الله ولا تشرکوا به شیئا) (3).

ویقرأ فی سورة هود : (ألا تعبدوا إلا الله إننی لکم منه نذیر وبشیر) (4).

ویقرأ فی سورة العنکبوت : (یا عبادی الذین آمنوا إن أرضی واسعة فإیای فاعبدون) (5).

إلی غیر ذلک من الآیات الفرقانیة ، والأحادیث المتواترة (6).

لکن العبادة - کما هو المفسر فی لسان المفسرین ، وأهل العربیة ، وعلماء الإسلام - : غایة الخضوع ، کالسجود ، والرکوع ، ووضع الخد علی التراب والرماد تواضعا ، وأشباه ذلک ، کما یفعله عباد الأصنام لأصنامهم (7).

ص: 418


1- 1. سورة الزمر 39 : 65 و 66.
2- 2. سورة الزمر 39 : 14.
3- 3. سورة النساء 4 : 14.
4- 4. سورة هود 11 : 2.
5- 5. سورة العنکبوت 29 : 56.
6- 6. أنظر ذلک فی تفسیر الآیات الکریمة المتقدمة - علی سبیل المثال - وغیرها فی مختلف التفاسیر ، ولاحظ کتاب (التوحید) للشیخ الصدوق ، والکافی 1 / 57 - 127 کتاب التوحید.
7- 7. أنظر ذلک - علی سبیل المثال - فی تفسیر آیة (إیاک نعبد وإیاک نستعین) فی : التبیان 1 / 37 - 39 ، مجمع البیان 1 / 25 - 26 ، الصافی 1 / 71 - 72 ، کنز الفوائد 1 / 54 - 56 ، نور الثقلین 1 / 19 - 20 ، آلاء الرحمن 1 / 56 - 59 ، البیان : 456 - 483 ، الجامع لأحکام القرآن 1 / 145 ، جامع البیان 1 / 160 ، الدر المنثور 1 / 37 ، التفسیر الکبیر 1 / 242 ، ومادة (عبد) فی : لسان العرب 3 / 273.

وأما زیارة القبور والتمسح بها وتقبیلها والتبرک بها ، فلیس من ذلک فی شئ کما هو واضح ، بل لیس فیها شئ من الخضوع فضلا عن کونها غایة الخضوع.

مع أن مطلق الخضوع - کما عرفت - لیس بعبادة ، وإلا لکان جمیع الناس مشرکین حتی الوهابیین! فإنهم یخضعون للرؤساء والأمراء والکبراء بعض الخضوع ، ویخضع الأبناء للآباء ، والخدم للمخدومین ، والعبید للموالی ، وکل طبقة من طبقات الناس للتی فوقها ، فیخضعون إلیهم بعض الخضوع ، ویتواضعون لهم بعض التواضع.

هذا ، وقد قال الله عز من قائل فی تعلیم الحکمة : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) (1).

أتری الله حین أمر بالخضوع للوالدین أمر بعبادتهما؟!

ویقول سبحانه : ( لا ترفعوا أصواتکم فوق صوت النبی ولا تجهروا له بالقول ... ) إلی آخرها (2).

ألیس هذا خضوعا وتواضعا؟!

أتری الله سبحانه أمر بعبادة نبیه؟!

أولیس التواضع من الأخلاق الجمیلة الزکیة ، وهو متضمن لشئ من الخضوع لا محالة؟!

أوتری الله نهی أن یصنع بأنبیائه وأولیائه نظیر ما أمر أن یصنع بسائر المسلمین من التواضع والخضوع؟!

وقد کان الصحابة یتواضعون للنبی صلی الله علیه وآله وسلم ،

ص: 419


1- 1. سورة الإسراء 17 : 24.
2- 2. سورة الحجرات 49 : 2.

ویخضعون له ، وذلک من المسلمات بین أهل السیر والأخبار.

بل روی البخاری فی صحیحه :

* (خرج رسول الله صلی الله علیه وسلم بالهاجرة إلی البطحاء ، فتوضأ ، ثم صلی الظهر رکعتین ، والعصر رکعتین ، وبین یدیه عنزة.

قال شعبة : وزاد فیه عون : عن أبیه ، عن أبی جحیفة ، قال : کان تمر (1) من ورائها المرأة.

وقام الناس فجعلوا یأخذون یده (2) فیمسحون بها وجوههم.

قال : فأخذت بیده فوضعتها علی وجهی ، فإذا هی أبرد من الثلج ، وأطیب رائحة من المسک) (3).

[زیارة القبور :]

وأما الأخبار الدالة علی زیارة القبور فنذکر عدة منها ، وإن کان لا حاجة إلی ذکرها لوضوح المسألة ، حتی أن الوهابیین - أیضا - غیر مانعین عن أصل الزیارة :

* فروی البخاری عنه صلی الله علیه وآله وسلم ، أنه (خرج یوما فصلی علی أهل أحد صلاته علی المیت ، ثم انصرف إلی المنبر ...) إلی آخره (4).

* وروی فیه عن أنس ، قال : (مر النبی صلی الله علیه وسلم

ص: 420


1- 1. فی المصدر : یمر.
2- 2. فی المصدر : یدیه.
3- 3. صحیح البخاری 4 / 229.
4- 4. صحیح البخاری 2 / 114 ، سنن أبی داود 3 / 216 ح 3223 إلی کلمة (انصرف).

بامرأة تبکی عند قبر ، فقال : اتقی الله واصبری ...) إلی آخره (1) ولم ینهها عن زیارة القبر.

* وروی الدارقطنی فی السنن وغیرها ، والبیهقی ، وغیرهما ، من طریق موسوی بن هلال العبدی ، عن عبد الله العمری ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : (قال رسول الله صلی الله علیه وسلم : من زار قبری وجبت له شفاعتی) (2).

* وعن نافع ، عن سالم ، عن ابن عمر ، مرفوعا ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، أنه قال : (من جاءنی زائرا لیس له حاجة إلا زیارتی ، کان حقا علی أن أکون له شفیعا یوم القیامة) (3).

* عن لیث ومجاهد ، عن [ابن] عمر ، قال صلی الله علیه وسلم ، (من حج وزار قبری بعد وفاتی ، کان کمن زارنی فی حیاتی) (4).

ص: 421


1- 1. صحیح البخاری 9 / 18 باختلاف یسیر فی بعض الألفاظ ، وفی 2 / 93 إلی کلمة (واصبری) باختلاف یسیر فی بعض الألفاظ أیضا ، وانظر : الأنوار فی شمائل النبی المختار 1 / 200 ح 239 والمصادر الأخری التی فی هامشه.
2- 2. سنن الدارقطنی 2 / 278 ح 194 ، شعب الإیمان 3 / 490 ح 4159 ، مجمع الزوائد 4 / 2 ، الصلات والبشر : 142 ، الدر المنثور 1 / 569 ، کنز العمال 15 / 651 ح 42583 ، الکنی والأسماء 2 / 64 ، الکامل 6 / 2350 ، وانظر : الغدیر 5 / 93 - 96 ح 1 ومصادره.
3- 3. ورد الحدیث باختلاف یسیر فی : المعجم الکبیر 12 / 291 ح 13149 ، مجمع الزوائد 4 / 2 ، الصلات والبشر : 142 ، الدر المنثور 1 / 569 ، کنز العمال 12 / 256 ح 34928 ، وانظر : الغدیر 5 / 97 - 98 ح 2 ومصادره.
4- 4. سنن الدارقطنی 2 / 278 ح 192 ، شعب الإیمان 3 / 489 ح 4154 ، السنن الکبری 5 / 246 ، المعجم الکبیر 12 / 406 ح 13497 ، الصلات والبشر : 143 ، الدر المنثور 1 / 569 ، کنز العمال 5 / 135 ح 12368 و 15 / 651 ح 42582 ، وفیها : (فزار) بدل (وزار) ، وانظر : الغدیر 5 / 98 - 100 ح 3 ومصادره.

* وعن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبی صلی الله علیه وسلم ، قال : (من زارنی کنت له شهیدا أو شفیعا) (1).

* وعن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبی صلی الله علیه وسلم ، قال : (من حج [البیت] ولم یزرنی فقد جفانی) (2).

* وعن أبی هریرة ، مرفوعا ، عن النبی صلی الله علیه وسلم ، قال : (من زارنی بعد موتی فکأنما زارنی حیا) (3).

* وعن أنس ، مرفوعا ، عن النبی صلی الله علیه وسلم ، [قال] : (من زارنی میتا کمن زارنی حیا ، ومن زار قبری وجبت له شفاعتی یوم القیامة (4).

* وعن ابن عباس ، عن النبی صلی الله علیه وسلم ، قال : (من زارنی فی مماتی کان کمن زارنی فی حیاتی ، ومن لم یزرنی فقد

ص: 422


1- 1. ورد الحدیث باختلاف یسیر فی : شعب الإیمان 3 / 489 ذ ح 4153 ، کنز العمال 5 / 135 ح 12371 ، کما ورد مضمونه فی : السنن الکبری 5 / 245 ، شعب الإیمان 3 / 488 ح 4152 و 489 ح 4157 ، الصلات والبشر : 143 ، الدر المنثور 1 / 569 ، وانظر : الغدیر 5 / 100 - 101 ح 5 ومصادره.
2- 2. الدر المنثور 1 / 569 ، الصلات والبشر : 143 ، کنز العمال 5 / 135 ح 12369 ، الکامل 7 / 2480 ، وانظر : الغدیر 5 / 100 ح 4 ومصادره.
3- 3. ورد الحدیث باختلاف فی سنده وبعض ألفاظه فی : مجمع الزوائد 4 / 2 ، الصلات والبشر : 142 و 143 ، الدر المنثور 1 / 569 ، کنز العمال 5 / 135 ح 12372 ، المواهب اللدنیة 8 / 298 و 299 ، وانظر : الغدیر 5 / 101 - 102 ح 6 ومصادره ، وقد روی فیها عن حاطب بن أبی بلتعة مرفوعا ، وص 105 - 106 ح 14 وفیه : عن ابن عمر مرفوعا.
4- 4. الصلات والبشر : 143 ، کشف الخفاء 2 / 328 - 329 ح 2489 ، وانظر : الغدیر 5 / 104 ح 10 ومصادره.

جفانی) (1).

إلی غیر ذلک من الأحادیث التی یجوز مجموعها حد المتواتر.

* وفی (الموطأ) أن ابن عمر کان یقف قبر النبی صلی الله علیه وسلم ، فیسلم علیه وعند أبی بکر وعمر (2).

وسئل نافع : هل کان [ابن] عمر یسلم علی قبر النبی صلی الله علیه وسلم؟

فقال : رأیته مائة مرة أو أکثر یسلم علی النبی وعلی أبی بکر (3).

قال عیاض : زیارة قبر رسول الله صلی الله علیه وسلم سنة وجمع علیها المسلمون (4).

* وروی بریدة ، عن النبی صلی الله علیه وسلم : (إنی نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها) (5).

* وعن بریدة ، أن النبی صلی الله علیه وسلم إذا خرج إلی المقابر قال : (السلام علیکم أهل الدیار من المؤمنین والمسلمین).

ص: 423


1- 1. مختصر تاریخ دمشق 2 / 407 ، وفاء الوفا 4 / 1346 - 1347 ح 14 و 16 ، وانظر : الغدیر 5 / 104 - 105 ح 12 ومصادره ، وقد روی فیها عن أمیر المؤمنین الإمام علی علیه السلام مرفوعا بدلا من ابن عباس.
2- 2. الموطأ 1 / 166 ح 68 ، شعب الإیمان 3 / 490 ح 4161 ، الدر المنثور 1 / 570 ، وفاء الوفا 4 / 1358.
3- 3. حقیقة التوسل والوسیلة : 111 ، وقال فی الهامش : أخرجه الإمام عبد الله بن دینار عن ابن عمر.
4- 4. شرح الشفا 3 / 511 ، وفاء الوفا 4 / 1362.
5- 5. صحیح مسلم 2 / 672 ح 977 ، سنن السنائی 8 / 310 - 311 وج / 89 ، سنن الترمذی 3 / 370 ح 1054 ، سنن أبی داود 3 / 218 ح 3235 ، السنن الکبری 4 / 77 ، المعجم الکبیر 2 / 19 ح 1152 و 94 ح 1419 ، المصنف 3 / 342.

رواه مسلم (1).

* وعن ابن عباس ، أن النبی [کان] یخرج إلی البقیع آخر اللیل فیقول : (السلام علیکم ...) الخبر.

رواه مسلم (2).

[التبرک بالقبور :]

وأما التبرک بالقبور وتقبیلها والتمسح بها : فقد نقل عن عبد الله بن أحمد بن حنبل فی کتاب (العلل والسؤالات) قال : سألت أبی عن الرجل یمس منبر رسول الله یتبرک بمسه وتقبیله ، ویفعل بالقبر ذلک رجاء ثواب الله ، فقال : لا بأس به (3).

ونقل عن مالک التبرک بالقبر (4).

وروی عن یحیی بن سعید - شیخ مالک - أنه حینما أراد الخروج إلی العراق جاء إلی المنبر وتمسح به (5).

ونقل السبکی روایة لیحیی بن الحسن ، عن عمر بن خالد ، عن أبی نباتة ، عن کثیر بن یزید ، عن المطلب بن عبد الله ، قال : أقبل

ص: 424


1- 1. صحیح مسلم 2 / 671 ح 971 ، وسنن النسائی 4 / 94.
2- 2. صحیح مسلم 2 / 669 ح 974 عن عائشة ، وسنن الترمذی 3 / 369 ح 1053 عن ابن عباس.
3- 3. العلل ومعرفة الرجال 22 / 492 ح 3243 ، وعنه فی وفاء الوفا 4 / 1404 ، وانظر مؤداه أیضا فی ص 1403.
4- 4. أنظر مؤداه فی وفاء الوفا 4 / 1407.
5- 5. وفاء الوفا 4 / 1403.

مروان بن الحکم وإذا رجل ملتزم القبر ، فأخذ مروان برقبته وقال : ما تصنع؟!

فقال : إنی لم آت الحجر ولا اللبن ، إنما جئت رسول الله صلی الله علیه وسلم (1).

وذکر روایة أحمد ، قال : وکان الرجل أبا أیوب الأنصاری (2).

* ونقل هذه الروایة أحمد ، وزاد فیها أنه قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه وسلم یقول : لا تبکوا علی الدین إذا ولوه أهله ، وابکوا علیه إذا ولیه غیر أهله (3).

وذکر ابن حماد أن ابن عمر کان یضع یده الیمنی علی القبر (4).

ولو رمنا ذکر جمیع الأحادیث لخرجنا من حد الاختصار ، وفیما ذکر کفایة ، فضلا عن سیرة المسلمین.

وما عرفت من أن تلک الأمور خارجة عن حقیقة العبادة ، فإذا لا وجه للمنع عنها وإن لم یکن دلیل علیها.

هذا ، وقد قال الله عزوجل : ( ومن یعظم شعائر الله فإنها من تقوی القلوب ) (5).

ص: 425


1- 1. شفاء السقام عن مسند أحمد 5 / 422.
2- 2. شفاء السقام عن مسند أحمد 5 / 422.
3- 3. شفاء السقام عن مسند أحمد 5 / 422 ، وفاء الوفا 4 / 1358 - 1359.
4- 4. وفاء الوفا 4 / 1405.
5- 5. سورة الحج 22 : 32.

الفصل الثانی

فی توحید الله سبحانه فی الأفعال

إعلم أن من ضروریات دین الإسلام ، والمجمع علیه بین جمیع الفرق المنتحلة لدین سید الأنام ، بل ومن أعظم أرکان التوحید : توحید الله عزوجل فی تدبیر العالم ، کالخلق والرزق والإماتة والأحیاء ، إلی غیر ذلک مما یرجع إلی تدبیر العالم ، کتسخیر الکواکب ، وجعل اللیل والنهار ، والظلم والأنوار ، وإجراء البحار ، وإنزال الأمطار ، وغیر ذلک مما لا نحصیه ولا نحیط به.

وبالجملة :

لا کلام بین طوائف أهل الإسلام ، أن المدبر لهذا النظام ، هو الله الملک العلام ، وحده وحده.

وکیف یرتاب مسلم فی ذلک؟! وهو یقرأ فی کل یوم مرارا من الفرقان العظیم : ( الله الصمد ) (1).

ویقرأ قوله عز من قائل : ( وخلق کل شئ وهو بکل شئ علیم ) (2).

ص: 426


1- 1. سورة الإخلاص 112 : 2.
2- 2. سورة الأنعام 6 : 101.

وقوله سبحانه : ( ألا له الخلق والأمر ) (1).

وقوله تعالی : ( قل من یرزقکم من السماء والأرض أمن یملک السمع والأبصار ومن یخرج الحی من المیت ویخرج المیت من الحی ومن یدبر الأمر فسیقولون الله فقل أفلا تتقون ) (2).

وقوله عز اسمه : ( إن الله له ملک السماوات والأرض یحیی ویمیت وما لکم من دون الله من ولی ولا نصیر ) . (3).

وقوله عظم سلطانه : ( قالوا یا نوح قد جادلتنا فأکثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن کنت من الصادقین قال إنما یأتیکم به الله إن شاء ) (4).

وقوله جل شأنه : ( أم جعلوا لله شرکاء خلقوا کخلقه فتشابه الخلق علیهم قل الله خالق کل شئ ) (5).

وقوله عز جبروته : ( الذی خلقنی فهو یهدین والذی هو یطعمنی ویسقین وإذا مرضت فهو یشفین * والذی یمیتنی ثم یحیین ) (6).

وقوله جل وعز : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض

ص: 427


1- 1. سورة الأعراف 7 : 54.
2- 2. سورة یونس 10 : 31.
3- 3. سورة التوبة 7 : 116.
4- 4. سورة هود 11 : 32 و 33.
5- 5. سورة الرعد 13 : 16.
6- 6. سورة الشعراء 26 : 78 - 81.

وسخر الشمس والقمر لیقولن الله ) (1).

وقوله عم إحسانه : ( ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحیا به الأرض من بعد موتها لیقولن الله ) (2).

وقوله جلت قدرته : ( الله الذی خلقکم ثم رزقکم ثم یمیتک ثم یحییکم ) (3).

وقوله تعالی شأنه : ( خلق السماوات بغیر عمد ترونها وألقی فی الأرض رواسی أن تمید بکم وبث فیها من کل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فیها من کل زوج کریم هذا خلق الله فأرونی ما ذا خلق الذین من دونه بل الظالمون فی ضلال مبین ) (4).

وقوله تعالی : ( الله خالق کل شئ وهو علی کل شئ وکیل * له مقالید السماوات والأرض ) (5).

وقوله تعالی من قائل : ( وأن إلی ربک المنتهی وأنه هو أضحک وأبکی وأنه هو أمات وأحیا * وأنه خلق الزوجین الذکر والأنثی من نطفة إذا تمنی * وأن علیه النشأة الأخری * وأنه هو أغنی وأقنی ) (6).

إلی غیر ذلک من الآیات الکریمة.

ص: 428


1- 1. سورة العنکبوت 29 : 61.
2- 2. سورة العنکبوت 29 : 63.
3- 3. سورة الروم 30 : 40.
4- 4. سورة لقمان 31 : 10 و 11.
5- 5. سورة الزمر 39 : 62 و 63.
6- 6. سورة النجم 53 : 42 - 48.

[التوسل والاستغاثة والاستشفاع :]

لکن التوسل بغیر الله سبحانه ، والاستغاثة ، والاستشفاع - المعمولة عند المسلمین ، فی جمیع الأزمان ، بالنسبة إلی الأنبیاء والأولیاء - لیس بمعنی التشریک فی أفعال الله تعالی.

بل الغرض أن یفعل الله فعله ویقضی الحاجة ببرکتهم وشفاعتهم ، حیث إنهم مقربون لدیه ، مکرمون عنده ، ولا مانع من أن یکونوا سببا ووسیلة لجریان فیضه.

هذا ، ومن المرکوز فی طباع البشر توسلهم فی حوائجهم التی یطلبونها من العظماء والملوک والأمراء إلی المخصوصین بحضرتهم ، ویرون هذا وسیلة لنجح حاجتهم ، ولیس ذلک تشریکا لذلک المخصوص مع ذاک الأمیر أصلا.

فلماذا یعزل أنبیاء الله والأولیاء من مثل ما یصنع بمخصوصی العظماء؟! إن هذا إلا اختلاق ، وقد قال الله عزوجل : ( من ذا الذی یشفع عنده إلا بإذنه ) (1) فاستثنی ، وقال سبحانه : ( لا یشفعون إلا لمن ارتضی ) (2).

ومما ذکر ظهر أن قول القاضی : (ودعائها مع الله) یعنی الضرائح ، افتراء علی المسلمین من جهتین :

الأولی : دعوی تشریک غیر الله معه فی الدعاء :

مع أنهم لا یدعون إلا الله الواحد القهار ، ویتوسلون بأولیائه إلیه.

ص: 429


1- 1. سورة البقرة 2 : 255.
2- 2. سورة الأنبیاء 21 : 28.

وإن کان المراد أنهم یدعون الله عزوجل لقضاء الحاجات ، ویدعون أولیاءه لیکونوا شفعاء لدیه سبحانه ، فاختلفت جهتا الدعوة ، فهذا حق وصدق ، ولا مانع منه أصلا.

بل الوهابیة ما قدروا الله حق قدره إذ قالوا : لا ضرورة فی استنجاح الحاجة عنده إلی شفیع! ولا حسن فی ذلک ، ویرون ذلک أمرا مرغوبا مطلوبا بالنسبة إلی غیره سبحانه!

فإذا کان لهم حاجة إلی الناس ، یتوسلون فی نجاحها إلی المقربین لدیهم ، ولا یرون فی ذلک بأسا!

فما بال الله عزوجل یقصر به عما یصنع بعباده؟!

الجهة الثانیة : إضافة الدعوة إلی الضرائح :

والحال أنهم لا یدعون الضریح للشفاعة ، بل یدعون صاحب الضریح ، لأنه ذو مکان مکین عند الله وإن کان متوفی ( ولا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیاء عند ربهم یرزقون * فرحین بما آتاهم الله ... ) (1).

وبالجملة :

فالتوسل وطلب الشفاعة من أولیاء الله أمر مرغوب فیه عقلا وشرعا ، وقد جرت سیرة المسلمین علیه قدیما وحدیثا.

* فعن أنس بن مالک ، أنه قال : (جاء رجل إلی رسول الله صلی الله علیه وسلم فقال : یا رسول الله ، هلکت المواشی وتقطعت

ص: 430


1- 1. سورة آل عمران 3 : 169 و 170.

السبل ، فأدع الله.

فدعا الله ، فمطرنا من الجمعة إلی الجمعة.

فجاء رجل إلی النبی صلی الله علیه وسلم فقال : یا رسول الله ، تهدمت البیوت وتقطعت السبل وهلکت المواشی.

فقال رسول الله صلی الله علیه وسلم : اللهم علی ظهور الجبال والآکام وبطون الأودیة ومنابت الشجر.

فانجابت عن المدینة انجیاب الثوب).

رواه البخاری فی الصحیح (1) ، وروی عدة أحادیث فی هذا المعنی یشبه بعضها بعضها (2).

* وفیه أیضا : حدثنا عبد الله بن أبی الأسود ، [حدثنا حرمی ،] حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالک - رضی الله عنه - قال : (قالت أمی : یا رسول الله ، خادمک [أنس] ، أدع الله له.

قال : اللهم أکثر ماله وولده ، وبارک له فیما أعطیته) (3).

* وقال البخاری : حدثنا قتیبة بن سعید ، حدثنا حاتم ، عن الجعد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت السائب بن یزید یقول : (ذهبت بی خالتی إلی رسول الله صلی الله علیه وسلم فقالت : یا رسول الله ، إن ابن أختی وجع.

فمسح رأسی ، ودعا لی بالبرکة ، ثم توضأ فشربت من وضوئه ، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلی خاتمه بین کتفیه مثل زر الحجلة) (4).

ص: 431


1- 1. صحیح البخاری 2 / 37.
2- 2. صحیح البخاری 2 / 34 - 38.
3- 3. صحیح البخاری 8 / 93.
4- 4. صحیح البخاری 8 / 94.

* وروی البیهقی ، أنه جاء رجل إلی قبر النبی صلی الله علیه وسلم فقال : یا محمد ، استقی لأمتک ، فسقوا (1).

* وروی الطبرانی وابن المقرئ وأبو الشیخ أنهم کانوا جیاعا ، فجاؤوا إلی قبر النبی صلی الله علیه وسلم فقالوا : یا رسول الله ، الجوع الجوع ، فأشبعوا (2).

ونقل أن آدم لما اقترف الخطیئة قال : یا ربی أسألک بحق محمد لما غفرت لی.

فقال : یا آدم ، کیف عرفته؟

قال : لأنک لما خلقتنی نظرت إلی العرش فوجدت مکتوبا فیه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فرأیت أسمه مقرونا مع اسمک ، فعرفته أحب الخلق إلیک.

صححه الحاکم (3).

* وعن عثمان بن حنیف ، أن رجلا ضریر البصر أتی النبی صلی الله علیه وسلم فقال : ادع الله أن یعافینی.

فقال النبی صلی الله علیه وسلم : إن شئت صبرت فهو خیر لک ، وإن شئت دعوت.

قال : فادعه.

فأمره أن یتوضأ ویدعو بهذا الدعاء :

(اللهم إنی أسألک وأتوجه إلیک بنبیک محمد ، نبی الرحمة ،

ص: 432


1- 1. أنظر قریبا منه فی وفاء الوفا 4 / 1374.
2- 2. أنظر : وفاء الوفاء 4 / 1380.
3- 3. المستدرک علی الصحیحین 2 / 615 باختلاف یسیر ، وانظر : دلائل النبوة - للبیهقی - 5 / 489 ، ووفاء الوفا 4 / 1371 - 1372.

یا محمد ، أننی توجهت بک إلی ربی فی حاجتی لیقضیها لی.

اللهم شفعه).

رواه الترمذی والنسائی (1) ، وصححه البیهقی وزاد : فقام وأبصر (2).

* ونقل الطبرانی ، عن عثمان بن حنیف ، أن رجلا کان یختلف إلی عثمان بن عفان فی حاجة ، فکان لا یلتفت إلیه ، فشکا ذلک لابن حنیف ، فقال له : اذهب وتوضأ وقل : ... وذکر نحو ما ذکر الضریر.

قال : فصنع ذلک ، فجاء البواب فأدخله وأدخله إلی عثمان ، فأمسکه عن الطنفسة وقضی حاجته (3).

* وفی روایة الحافظ ، عن ابن عباس ، أن عمر قال : اللهم إنا نستسقیک بعم نبینا ، ونستشفع بشیبته ، فسقوا (4).

[الشفاعة :]

وأخبار الشفاعة متواترة :

* روی البخاری ، عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه : من سمع الأذان ودعا بکذا حلت له شفاعتی یوم القیامة (5).

ص: 433


1- 1. سنن الترمذی 5 / 569 ح 3578 باختلاف یسیر ، ورواه النسائی فی کتاب (الیوم واللیلة) ، وفی سنن ابن ماجة 1 / 441 ح 1385 باختلاف یسیر أیضا.
2- 2. الدعوات ، وانظر : وفاء الوفا 4 / 1372.
3- 3. المعجم الکبیر 9 / 30 - 31 ح 8311 باختلاف یسیر ، وانظر : وفاء الوفا 4 / 1373.
4- 4. دلائل النبوة - للأصبهانی - 2 / 725 ح 511 باختلاف یسیر.
5- 5. صحیح البخاری 1 / 159 باختلاف یسیر.

* وروی مسلم ، عن صلی الله علیه وسلم أنه : ما من میت یموت یصلی علیه أمة من الناس یبلغون مائة ، کلهم یشفعون له ، إلا شفعوا فیه (1).

* وروی الترمذی والدارمی ، عنه صلی الله علیه وآله وسلم أنه : یدخل بشفاعتی رجال من أمتی أکثر من بنی تمیم (2).

* وروی الترمذی ، عن أنس ، أنه قال : سألت النبی صلی الله علیه وسلم أن یشفع لی یوم القیامة.

فقال : أنا فاعل.

قلت : فأین أطلبک؟

قال : أولا علی الصراط.

قلت : فإن لم ألقک.

قال : عند المیزان.

قلت : فإن لم ألقک.

قال : عند الحوض ، فإنی [لا] أخطئ هذه المواضع (3).

وقد نقل عن الصحابة ، بطرق عدیدة ، أن الصحابة کانوا یلجأون إلی قبر النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ویندبونه فی الاستسقاء ومواقع الشدائد وسائر الأمراض (4).

ولا یخفی أن وفاة المتوسل به لا تنافی التوسل أصلا ، فإن مکانه

ص: 434


1- 1. صحیح مسلم 2 / 654 ح 947 ، باختلاف یسیر.
2- 2. سنن الترمذی 4 / 626 ح 2438 ، وسنن الدارمی 2 / 328 ، باختلاف یسیر فیهما.
3- 3. سنن الترمذی 4 / 621 - 622 ح 2433 ، الوفا بأحوال المصطفی 2 / 824 باختلاف یسیر.
4- 4. أنظر : وفاء الوفا 4 / 1372 - 1387.

عند الله لا یزول بالموت ، کما هو واضح.

هذا ، مع أنهم فی الحقیقة أحیاء کما ذکر الله عزوجل فی حال الشهداء ، فالشهداء إذا کانوا أحیاء فالأنبیاء والأولیاء أحق بذلک.

هذا کله مع أن الأرواح لا تفنی بالموت ، والعبرة بها لا بالأجساد ، وإن کان أجساد الأنبیاء لا تبلی کما نص علیه فی الأخبار (1).

* وفی خبر النسائی وغیره ، عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، قال : إن لله ملائکة سیاحین فی الأرض یبلغوننی من أمتی السلام (2).

والأخبار فی هذا الباب کثیرة (3).

* وأخرج أبو نعیم فی (دلائل النبوة) عن سعید بن المسیب ، قال : لقد کنت فی مسجد رسول الله فما یأتی وقت الصلاة إلا سمعت ، الأذان من القبر (4).

* وأخرج سعد فی (الطبقات) عن سعید بن المسیب ، أنه کان یلازم المسجد أیام الحرة ، فإذا جاء الصبح سمع أذانا من القبر الشریف (5).

* وأخرج زبیر بن بکار فی (أخبار المدینة) عن سعید بن المسیب ، قال : لم أزل أسمع الأذان والإقامة من قبر رسول الله صلی الله علیه وسلم أیام الحرة حتی عاد الناس (6).

ص: 435


1- 1. سنن ابن ماجة 1 / 524 ح 1637 ، وانظر مؤداه فی وفاء الوفا 4 / 1350 - 1356.
2- 2. سنن النسائی 3 / 43 ، مسند أحمد 1 / 441 ، سنن الدارمی 2 / 317.
3- 3. أنظر : وفاء الوفا 4 / 1349 - 1354.
4- 4. دلائل النبوة - للأصفهانی - 2 / 724 - 725 ح 510 باختلاف یسیر.
5- 5. الطبقات الکبیر 5 / 132.
6- 6. أنظر : وفاء الوفا 4 / 1356.

* ونقل أبو عبد الله البخاری ، أن الشهداء وسائر المؤمنین إذا زارهم المسلم وسلم علیهم عرفوه وردوا علیه السلام (1).

* وروی الثعلبی فی تفسیره ، وابن المغازلی الشافعی الواسطی فی (المناقب) أن النبی صلی الله علیه وسلم وأصحابه لما حملهم البساط وصلوا إلی موضع أهل الکهف ، فقال : سلموا علیهم ، فسلموا علیهم ، فلم یردوا ، فسلم النبی صلی الله علیه وسلم علیهم ، فقالوا : وعلیک السلام ورحمة الله وبرکاته (2).

* ونقل أبو بکر محمد بن عبد الله الشافعی ، أن عیسی علیه السلام لما دفن مریم علیها السلام قال : السلام علیک یا أماه ، فأجابته من جوف القبر : وعلیک السلام حبیبی وقرة عینی ... إلی آخره (3).

* وروی الحاکم ، عن سالم بن أبی حفصة ، قال : توفی أخ لی فوضعته فی القبر وسویت علیه التراب ، ثم وضعت أذنی علی لحده فسمعت قائلا یقوله له : من ربک؟ فسمعت أخی یقول بصوت ضعیف : ربی الله ... إلی آخره (4).

والأخبار التی یستدل بها علی الدعوی أکثر من أن تحصی.

ص: 436


1- 1. أنظر : وفاء الوفا 4 / 1351.
2- 2. مناقب الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام : 232 - 233 ح 280 ، وفیه : (علی علیه السلام ، بدل (النبی صلی الله علیه وآله).
3- 3. .
4- 4. المستدرک علی الصحیحین.

الفصل الثالث

فی البناء علی القبور

إعلم أن البناء علی قبور الأنبیاء والعباد المصطفین تعظیم لشعائر الله ، وهو من تقوی القلوب ، ومن السنن الحسنة.

حیث إنه احترام لصاحب القبر ، وباعث علی زیارته ، وعلی عبادة الله عزوجل - بالصلاة والقراءة والذکر وغیرها - عنده ، وملجأ للزائرین والغرباء والمساکین والتالین والمصلین.

بل هو إعلاء لشأن الدین.

* وعن النبی صلی الله علیه وآله وسلم : (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمله بها) (1).

وقد بنی علی مراقد الأنبیاء قبل ظهور الإسلام وبعده ، فلم ینکره النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، ولا أحد من الصحابة والخلفاء ، کالقباب المبنیة علی قبر دانیال علیه السلام فی شوشتر (2) ، وهو وصالح ویونس وذی الکفل علیهم السلام ، والأنبیاء فی بیت المقدس وما یلیها ، کالجبل الذی دفن فیه موسی علیه السلام ، وبلد الخلیل مدفن سیدنا إبراهیم علیه السلام.

ص: 437


1- 1. ورد الحدیث باختلاف یسیر فی : مسند أحمد 4 / 361 ، سنن ابن ماجة 1 / 74 (75 ح 203 (208 باب من سن سنة حسنة أو سیئة ، مشکل الآثار 1 / 94 و 96 و 481.
2- 2. هی إحدی مدن مقاطعة خوزستان فی إیران ، ومعربها : تستر ، أنظر : معجم البلدان 2 / 29 (تستر).

بل الحج المبنی علی قبر إسماعیل علیه السلام وأمه رضی الله عنها.

بل أول من بنی حجرة قبر النبی صلی الله علیه وآله وسلم باللبن - بعد أن کانت مقومة بجرید النخل - عمر بن الخطاب ، علی ما نص علیه السمهودی فی کتاب (الوفا) (1) ثم تناوب الخلفاء علی تعمیرها (2).

* وروی البنائی (3) واعظ أهل الحجاز ، عن جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن جده الحسین ، عن أبیه علی ، أن رسول الله صلی الله علیه وسلم قال له : (والله لتقتلن فی أرض العراق وتدفن بها.

فقلت : یا رسول الله ، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟

فقال : یا أبا الحسن ، إن الله جعل قبرک وقبر ولدیک بقاعا من بقاع الجنة [وعرصة من عرصاتها] ، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه ، وصفوة من عباده ، تحن إلیکم [وتحتمل المذلة والأذی] ، فیعمرون قبورکم ، ویکثرون زیارتها تقربا [منهم] إلی الله تعالی ، ومودة منهم لرسوله [أولئک یا علی المخصوصون بشفاعتی ، الواردون حوضی ، وهم زواری غدا فی الجنة].

یا علی ، من عمر قبورکم وتعاهدها فکأنما أعان سلیمان بن داود علی بناء بیت المقدس ...) إلی آخره (4).

ص: 438


1- 1. وفاء الوفا 2 / 481.
2- 2. وفاء الوفا 2 / 481 - 647.
3- 3. فی المصدر : التبانی.
4- 4. فرحة الغری : 77 ، وعنه فی بحار الأنوار 100 / 120 ح 22.

ولا یخفی أن جعل معمر قبورهم کالمعین علی بناء بیت المقدس ، دال علی أن تعظیم مراقدهم تعظیم لشعائر الله سبحانه.

ونقل نحو ذلک - أیضا - فی حدیثین معتبرین ، نقل أحدهما الوزیر السعید بسند ، وثانیهما بسند آخر (1).

والسیرة القطعیة - من قاطبة المسلمین - المستمرة ، والإجماع ، یغنیان عن ذکر الأحادیث الدالة علی الجواز.

وما أعجب قول المفتین : (أما البناء علی القبور فممنوع إجماعا)!

فإن مذهب الوهابیة - وهم فئة قلیلة بالنسبة إلی سائر المسلمین - لم یظهر إلا قریبا من قرن واحد ، ولا یتفوه أحد من المسلمین - سوی الوهابیة - بحرمة البناء ، فأین الإجماع المدعی؟!

ودعوی ورود الأحادیث الصحیحة علی المنع - لو ثبت - غیر مجد لإثبات الحرمة ، لأن أخبار الآحاد لا تنهض لدفع السیرة والإجماع القطعی ، مع أن أصل الدعوی ممنوع جدا.

فإن مثل روایة جابر : (نهی رسول الله أن تجصص القبور ، وأن یکتب علیها ، وأن یبنی علیها ، وأن توطأ) (2) لا تدل علی التحریم ، لعدم حرمة الکتابة علی القبور ووطئها ، فذلک من أقوی القرائن علی أن النهی فی الروایة غیر دال علی الحرمة ، ولا نمنع الکراهة فی غیر قبور مخصوصة.

مع أن الظاهر من قوله : (یبنی علیها) إحداث البناء کالجدار علی

ص: 439


1- 1. فرحة الغری : 78 ، وعنه فی بحار الأنوار 100 / 121 ح 23 و 24.
2- 2. سنن الترمذی 3 / 368 ح 1052.

نفس القبر ، فإن بناء القبة وجدرانها بعیدة عن القبر ، لیس بناء علی القبر علی الحقیقة ، وإنما هو نوع من المجاز ، وحمل اللفظ علی الحقیقة حیث لا صارف عنها معین ، مع أن النهی عن الوطئ یؤکد هذا المعنی ، لا الذی فهموه من الروایة.

وأما الاستدلال علی وجوب هدم القباب بحدیث أبی الهیاج ، فغیر تام فی نفسه - مع قطع النظر عن مخالفته للاجماع والسیرة - لوجوه :

* الأول : إن الحدیث مضطرب المتن والسند.

فتارة یذکر عن أبی الهیاج أنه قال : (قال لی علی) کما فی روایة أحمد عن عبد الرحمن.

وتارة یذکر عن أبی وائل ، أن علیا قال لأبی الهیاج.

ورواه عبد الله بن أحمد فی (مسند علی) هکذا : (لأبعثنک فیما بعثنی فیه رسول الله صلی الله علیه وسلم ، أن أسوی کل قبر ، وأن أطمس کل صنم) (1).

فالاضطراب المزبور یسقطه عن الحجیة والاعتبار.

* الثانی : إنه من الواضح أن المأمور به فی الروایة لم یکن هدم جمیع قبور العالم ، بل الحدیث وارد فی بعث خاص وواقع مخصوصة ، فلعل البعث قد کان إلی قبور المشرکین لطمس آثار الجاهلیة ، کما یؤیده ذکر الصنم ، أو إلی غیرها مما لا نعرف وجه مصلحتها ، فکیف یتمسک بمثل هذه الروایة لقبور الأنبیاء والأولیاء؟! قال بعض علماء الشیعة من المعاصرین :

ص: 440


1- 1. مسند أحمد 1 / 89 و 111.

إن المقصود من تلک القبور ، التی أمر علی علیه السلام بتسویتها ، لیست هی إلا تلک القبور التی کانت تتخذ قبلة عند بعض أهل الملل الباطلة ، وتقام علیها صور الموتی وتماثیلهم ، فیعبدونها من دون الله.

إلی أن قال :

ولیت شعری لو کان المقصود من القبور - التی أمر علی علیه السلام بتسویتها - هی عامة القبور علی الإطلاق ، فأین کان علیه السلام - وهو الحاکم المطلق یؤمئذ - عن قبور الأنبیاء التی کانت مشیدة علی عهده؟! ولا تزال مشیدة إلی الیوم فی فلسطین وسوریة والعراق وإیران ، ولو شاء تسویتها لقضی علیها بأقصر وقت.

فهل تری أن علیا علیه السلام یأمر أبا الهیاج بالحق وهو یروغ عنه فلا یفعله؟! (108).

إنتهی ما أردنا نقله منه.

* الثالث : قال بعض المعاصرین من أهل العلم : لا یخفی من اللغة والعرف أن تسویة الشئ من دون ذکر القرین المساوی معه ، إنما هو جعل الشئ متساویا فی نفسه ، فلیس لتسویة القبر فی الحدیث معنی إلا جعله متساویا فی نفسه ، وما ذلک إلا جعل سطحه متساویا.

ولو کان المراد تسویة القبر مع الأرض ، لکان الواجب فی صحیح الکلام أن یقال : سویته مع الأرض.

فإن التسویة بین الشیئین المتغایرین لا بد فیها من أن یذکر

ص: 441

الشیئان اللذان تراد مساواتهما.

وهذا ظاهر لکل من یعطی الکلام حقه من النظیر ، فلا دلالة فی الحدیث إلا علی أحد أمرین.

أولهما : تسطیح القبور وجعلها متساویة برفع سنامها ، ولا نظر فی الحدیث إلی علوها ، ولا تشبث فیه بلفظ (المشرف) فإن الشرف إن ذکر أنه بمعنی العلو ، فقد ذکر أنه من البعیر سنامه ، کما فی القاموس وغیره (1) ، فیکون معنی (المشرف) فی الحدیث هو : القبر ذو السنام ، ومعنی تسویته : هدم سنامه.

وثانیهما : أن یکون المراد : القبور التی یجعل لها شرف من جوانب سطحها ، والمراد من تسویته أن تهدم شرفه ویجعل مسطحا أجم ، کما فی حدیث ابن عباس : أمرنا أن نبنی المدائن شرفا والمساجد جما (2).

وعلی کل حال ، فلا یمکن فی اللغة والاستعمال أن یراد من التسویة فی الحدیث أن یساوی القبر مع الأرض ، بل لا بد أن یراد منه أحد المعنیین المذکورین.

وأیضا : کیف یکون المراد مساواة القبر مع الأرض ، مع أن سیرة المسلمین المتسلسلة علی رفع القبور عن الأرض؟! وفی آخر کتاب الجنائز من جامع البخاری ، مسندا عن سفیان التمار ، أنه رأی قبر رسول الله صلی الله علیه وسلم مسنما (3).

ص: 442


1- 1. أنظر مادة (شرف) فی : القاموس المحیط 3 / 157 ، تهذیب اللغة 11 / 341 ، لسان العرب 9 / 171.
2- 2. غریب الحدیث 4 / 225 ، الفائق 1 / 234 ، لسان العرب 9 / 171.
3- (111) صحیح البخاری

وأسند أبو داود فی کتاب الجنائز عن القاسم ، قال : دخلت علی عائشة فقلت : یا أمه ، اکشفی لی عن قبر رسول الله صلی الله علیه وسلم وصاحبیه ، فکشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة (1).

وأسند ابن جریر ، عن الشعبی ، أن کل قبور الشهداء مسنمة (2).

إنتهی ما أردنا نقله منه (3).

وأقول بعد ذلک : لو کان قوله : (مشرفا) بمعنی عالیا ، فلیس یعم کل قبر ارتفع عن الأرض ولو بمقدار قلیل ، فإن لا یصدق علیه القبر العالی ، فإن العلو فی کل قبر إنما هو بالإضافة إلی سائر القبور ، فلا یبعد أن یکون أمرا بتسویة القبور العالیة فوق القدر المتعارف المعهود فی ذلک الزمان إلی حد المتعارف ، وقد أفتی جمع من العلماء بکراهة رفع القبر أزید من أربع أصابع (4).

ولتخصیص الکراهة - لو ثبت - بغیر قبور الأنبیاء والمصطفین من الأولیاء وجه.

* الرابع : لو سلم أی دلالة فی الروایة ، فلا ربط لها ببناء السقوف والقباب ووجوب هدهمها ، کما هو واضح.

وأما قول السائل : (وإذا کان البناء فی مسبلة - کالبقیع - وهو مانع ... إلی آخره).

فقد أجاب بعض المعاصرین عنه بما حاصله :

ص: 443


1- 1. سنن أبی داود 3 / 215 ح 3220.
2- 2. کنز العمال 15 / 736 ح 42932.
3- (114)
4- 4. منتهی المطلب 1 / 462.

أن أرض البقیع لیست وقفا ، بل هی باقیة علی إباحتها الأصلیة ، ولو شککنا فی وقفیتها یکفینا استصحاب إباحتها (1).

وأقول : بل وقفیتها غیر مانع عن البناء ، لأنها موقوفة مقبرة علی جمیع الشؤون المرعیة فی المقابر ، ومنها : البناء علی قبور أشخاص مخصوصین کالأصفیاء ، فإن البناء علی القبور لیس أمرا حدیثا ، بل کان أمرا متعارفا من قدیم الأیام (2).

====

أقول : والتمسک بوقفیة الأرض ، یزاحمه : أن الأبنیة المضروبة ، والسقوف المرفوعة ، هی أیضا داخلة فی الموقوفات المسبلة الموضوعة لصالح الوقف ، کالجدران المانعة عن دخول الحیوانات ، والأبواب لمنع العابثین ، فهی کلها قد وقفت لصالح القبور والداخلین للاستظلال والجلوس وغیر ذلک من الأعمال المباحة ، فما هو المجوز للتعدی علیها بالهدم ومخالفة المصالح الموقوف لأجلها.

کما ناقض الوهابیون أنفسهم بوضع الجدران والشبابیک والأبواب والمداخل ، للبقیع ، ألیس ذلک استصلاحا؟! لکنه موصل لهم إلی أغراضهم الفاسدة ، وطبقا لفتاواهم المزیفة ودعاواهم الباطلة!

ص: 444


1- 1. .
2- (117) ومما أفاد به سماحة العلامة المحقق السید محمد رضا الحسینی الجلالی ، دام بقاؤه ، هذا التعلیق :

الفصل الرابع

فی الصلاة عند القبور ،

وإیقاد السرج علیها

[الصلاة عند القبور :]

وقد جرت سیرة المسلمین - السیرة المستمرة - علی جواز ذلک.

وأما حدیث ابن عباس : (لعن رسول الله صلی الله علیه وسلم زائرات القبور ، والمتخذین علیها المساجد والسرج) (1) فالظاهر والمتبادر - من اتخاذ المسجد علی القبر - : السجود علی نفس القبر ، وهذا غیر الصلاة عند القبر.

هذا لو حملنا المساجد علی المعنی اللغوی.

ولو حملناه علی المعنی الاصطلاحی ، فالمذموم اتخاذ المسجد عند القبور ، لا مجرد إیقاع الصلاة ، کما هو المتعارف بین المسلمین ، فإنهم لا یتخذون المساجد علی المراقد ، فإن اتخاذ المسجد ینافی الغرض فی إعداد ما حول القبر إعانة للزوار علی الجلوس لتلاوة القرآن وذکر الله والدعاء والاستغفار ، بل یصلون عندها ، کما یأتون بسائر العبادات هنالک.

هذا ، مع أن اللعن غیر دال علی الحرمة ، بل یجامع الکراهة أیضا.

ص: 445


1- 1. سنن أبی داود 3 / 218 ح 3236 ، سنن النسائی 4 / 95.

[إیقاد السرج :]

وأما إیقاد السرح ، فإن الروایة لا تدل إلا علی ذم الاسراج لمجرد إضاءة القبر ، وأما الإسراج لإعانة الزائرین علی التلاوة والصلاة والزیارة وغیرها ، فلا دلالة فی الروایة علی ذمه.

وإن شئت توضیح لک فأرجع إلی هذا المثل :

إنک لو أضعت شیئا عند قبر ، فأسرجت هنالک لطلب ضالتک ، فهل فی تلک الروایة دلالة علی ذم هذا العمل؟!

فکذلک ما ذکرناه.

هذا ، مع ما عرفت أن اللعن - حقیقة - هو البعد من الرحمة ، ولا یستلزم الحرمة ، فإن عمل المکروه - أیضا - مبعد من الله ، کما أن فعل المستحب مقرب إلیه عزوجل.

هذا ، وذکر بعض العلماء فی الجواب : أن المقصود من النهی عن اتخاذ القبور مساجد ، أن لا تتخذ قبلة یصلی إلیها باستقبال أی جهة منها ، کما کان یفعله بعض أهل الملل الباطلة.

ومما یدل علیه ما رواه مسلم فی (الصحیح) : عن رسول الله صلی الله علیه وسلم أنه قال : إن أولئک إذا کان فیهم الرجل الصالح فمات بنوا علی قبره مسجدا وصوروا فیه تلک الصورة ، أولئک شرار الخلق عند الله عزوجل یوم القیامة (1).

وقال صلی الله علیه وسلم : لعن الذین اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد (2).

ص: 446


1- 1. صحیح مسلم 1 / 376 ح 528.
2- 2. مسند أحمد 2 / 285.

فإنه من المعلوم لدی الخبراء بتقالید أولئک المبطلین ، أنهم کانوا یتخذون قبور أنبیائهم وصلحائهم مساجد علی الوجه المذکور ، وذلک یجعل ما برز من أثر القبر قبلة ، وما دار حوله من الأرض مصلی ، ولذلک قالت أم المؤمنین عائشة : ولولا ذلک لأبرز قبره ، غیر إنه خشی أن یتخذ مسجدا (1).

فلو کان اتخاذه مسجدا علی معنی إیقاع الصلاة عنده - وإن کان التوجه بها إلی الکعبة - لما کان الإبراز سببا لحصول الخشیة ، فإن الصلاة - کذلک - غیر موقوفة علی أن یکون للقبر أثر بارز ، وإنما الذی یتوقف علی بروز الأثر هو : الصلاة إلیه نفسه.

إنتهی.

ثم استشهد بکلام النووی فی شرح صحیح مسلم ، قال :

(قال العلماء : إنما نهی النبی صلی الله علیه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غیره مسجدا خوفا من الافتتان به ، فربما أدی ذلک إلی الکفر کما جری لکثیر من الأمم الخالیة ، ولما احتاجت الصحابة - رضوان الله علیهم أجمعین - والتابعون إلی الزیادة فی مسجد رسول الله صلی الله علیه وسلم حین کثر المسلمون ، وامتدت الزیادة إلی أن دخلت بیوت أمهات المؤمنین فیه ، ومنها حجرة عائشة - رضی الله عنها - بنوا علی القبر حیطانا مرتفعة مستدیرة حوله ، لئلا یظهر فی المسجد فیصلی إلیه العوام ویؤدی إلی المحذور.

ثم بنوا جدارین من رکنی القبر الشمالیین وحرفوهما حتی التقیا ، حتی لا یتمکن أحد من استقبال القبر ، لهذا قال فی الحدیث : (ولا

ص: 447


1- 1. مسند أحمد 6 / 80 ، صحیح مسلم 1 / 376 ح 529.

ذلک لأبرز قبره ، غیر إنه خشی أن یتخذ مسجدا) والله العالم بالصواب) (1).

إنتهی.

ثم استظهر العالم المومی إلیه أن یکون الاسراج المنهی عنه :

إما الاسراج علی قبور أولئک المبطلین الذین کانوا یتخذونها قبلة ، کما ربما یشهد بذلک سیاق الحدیث المومی إلیه.

أو الاسراج الذی یتخذه بعض جهلة المسلمین علی مقابر موتاهم فی لیال مخصوصة ، لأجل إقامة المناجاة علیها والنوح علی أهلها بالباطل.

ص: 448


1- (122) شروح النووی علی صحیح مسلم 5 / 14

الفصل الخامس

فی الذبائح والنذور

إعلم أن من المسائل المسلمة الواضحة الضروریة عند طوائف المسلمین : اختصاص الذبح والتقرب بالقربان به سبحانه ، فلا یصح الذبح إلا لله.

وهکذا أمر النذر ، فمن المؤکد المتفق علیه بین طوائف المسلمین أن النذر لا یصح إلا لله ، ولذا یذکر فی صیغته : لله علی کذا.

أما الذبح عن الأموات ، فلا بد أن یکون لله وحده وإن کان عن المیت ، وکم بین الذبح عن المیت والذبح له ، والممنوع هو الثانی لا الأول :

قال بعض العلماء - رحمه الله - فی (المنهج) (1) : وأما من ذبح عن الأنبیاء والأوصیاء والمؤمنین ، لیصل الثواب إلیهم - کما نقرأ القرآن ونهدی إلیهم ، ونصلی لهم ، وندعو لهم ، ونفعل جمیع الخیرات عنهم - ففی ذلک أجر عظیم.

ولیس قصد أحد من الذابحین للأنبیاء أو لغیر الله سوی ذلک.

أما العارفون منهم فلا کلام ، وأما الجهال فهم علی نحو عرفائهم.

ص: 449


1- 1. ورد مضمونه فی : منهج الرشاد : 160.

وقد روی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه ذبح بیده وقال : اللهم هذا عنی وعن من لم یضح من أمتی.

رواه أحمد وأبو دواد والترمذی (1) ... إلی آخره.

وقال بعض المعاصرین :

أما التقرب إلی الضرائح بالنذور ودعاء أهلها مع الله ، فلا نعهد واحدا من أوباش المسلمین وغیرهم یفعل ذلک ، وإنما ینذرون لله بالنذر المشروع ، فیجعلون المنذور فی سبیل إعانة الزائرین علی البر ، أو للإنفاق علی الفقراء والمحاویج ، لإهداء ثوابه لصاحب القبر ، لکونه من أهل الکرامة فی الدین والقربی ... إلی آخره.

وهذا أوان اختتام الرسالة ، وأرجو أن ینفع الله بها ، إنه هو المتفضل المنان.

وقد حصل الفراغ منه بید مؤلفه الفقیر إلی الله

عبد الله ، أحد طلبة العراق ،

فی لیلة الرابع عشر من شهر ربیع الأول ،

سنة خمس وأربعین بعد ألف وثلاثمائة هجریة.

والحمد لله رب العالمین.

ص: 450


1- 1. مسند أحمد 3 / 356 و 362 ، سنن أبی داود 3 / 99 ح 2810 ولیس فیه : (اللهم) ، ونحوه فی سنن الترمذی 4 / 91 ح 1505.

مصادر المقدمة والتحقیق

1 - القرآن الکریم.

2 - آلاء الرحمن فی تفسیر القرآن ، للشیخ محمد جواد البلاغی (1282 - 1352 ه) الطبعة الثانیة (مصور) مکتبة الوجدانی ، قم.

3 - الأعلام ، لخیر الدین الزرکلی (ت 1396 ه) الطبعة السادسة ، دار العلم للملایین ، بیروت 1984 م.

4 - أعیان الشیعة ، للسید محسن الأمین العاملی ، تحقیق : السید حسن الأمین ، دار التعارف للمطبوعات ، بیروت 1406 ه.

5 - الأنوار فی شمائل النبی المختار ، للحسین بن مسعود البغوی ، تحقیق الشیخ إبراهیم الیعقوبی ، الطبعة الأولی ، دار الضیاء ، بیروت 1409 ه.

6 - بحار الأنوار ، للشیخ محمد باقر المجلسی (ت 1110 ه) الطبعة الثانیة ، مؤسسة الوفاء ، بیروت 1403 ه.

7 - البلاغی : التجربة الرمز فی التفسیر (1) ، لعلی الکعبی ، مقال منشور فی مجلة رسالة القرآن - قم العدد 10 ربیع الآخر - جمادی الآخرة 1413 ه ، ص 71 - 104.

8 - البیان فی تفسیر القرآن ، للسید أبو القاسم الموسوی الخوئی (1317 - 1413 ه) المطبعة العلمیة (مصور علی طبعة النجف الأشرف) قم 1400 ه.

9 - التبیان فی تفسیر القرآن ، لشیخ الطائفة أبی جعفر محمد بن الحسن الطوسی (385 - 460 ه) دار إحیاء التراث العربی ، بیروت.

10 - التفسیر الکبیر ، للفخر الرازی (ت 606 ه) الطبعة الثانیة.

11 - تهذیب اللغة ، لمحمد بن أحمد الأزهری (282 - 370 ه) تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم ، المؤسسة المصریة العامة ، القاهرة 1384 ه.

12 - التوحید ، للشیخ أبی جعفر محمد بن علی الصدوق (ت 381 ه) تصحیح السید هاشم الحسینی الطهرانی ، مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجامعة المدرسین فی الحوزة العلمیة ، قم (مصور علی طبعة مکتبة الصدوق ، طهران 1398 ه).

ص: 451

13 - جامع البیان ، لمحمد بن جریر الطبری ، الطبعة الثانیة (مصور علی طبعة بولاق 1333 ه) دار المعرفة ، بیروت 1392 ه.

14 - الجامع لأحکام القرآن ، لمحمد بن أحمد الأنصاری القرطبی (ت 671 ه) الطبعة الثانیة (مصور) دار إحیاء التراث العربی ، بیروت.

15 - حقیقة التوسل والوسیلة ، لموسی محمد علی ، الطبعة الثانیة ، عالم الکتب ، بیروت 1405 ه.

16 - الحماسة البصریة ، لصدر الدین علی بن الحسن البصری ، تحقیق مختار الدین أحمد ، الطبعة الثالثة ، عالم الکتب ، بیروت 1403 ه.

17 - الدر المنثور فی التفسیر بالمأثور ، لجلال الدین عبد الرحمن السیوطی (911 ه) الطبعة الأولی ، دار الفکر ، 1403 ه.

18 - دلائل النبوة ، لأبی نعیم الإصبهانی (ت 430 ه) تحقیق محمد رواس قلعجی ، الطبعة الأولی ، دار ابن کثیر / بیروت ومکتبة التراث الإسلامی / حلب ، 1390 ه.

19 - دلائل النبوة ، لأحمد بن الحسین البیهقی (384 - 458 ه) تحقیق عبد المعطی قلعجی ، الطبعة الأولی ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1405 ه.

20 - دیوان دعبل بن علی الخزاعی ، تحقیق عبد الصاحب عمران الدجیلی ، الطبعة الثالثة ، دار الکتاب اللبنانی ، بیروت 1989 م.

21 - دیوان السید الرضا الموسوی الهندی ، جمع السید موسی الموسوی ، دار الکتاب الإسلامی ، قم (مصور).

22 - دیوان الشریف الرضی ، مطبعة وزارة الثقافة والارشاد الإسلامی ، طهران 1406 ه (مصور).

23 - الذریعة إلی تصانیف الشیعة ، للشیخ آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه) الطبعة الثالثة (مصورة) دار الأضواء ، بیروت 1403 ه.

24 - ریحانة الأدب ، لمحمد علی التبریزی المدرس ، الطبعة الثانیة ، جابخانة شرکت سهامی طبع کتاب ، إیران 1335 ه. ش.

25 - سنن ابن ماجة ، لمحمد بن یزید القزوینی (207 - 275 ه) تحقیق محمد فؤاد

ص: 452

عبد الباقی ، دار الفکر.

26 - سنن أبی داود ، لأبی داود سلیمان بن الأشعث السجستانی الأزدی (202 - 275 ه) تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید ، دار الفکر.

27 - سنن الترمذی (الجامع الصحیح) ، لمحمد بن عیسی بن سورة (209 - 297 ه) تحقیق أحمد محمد شاکر ، دار إحیاء التراث العربی ، بیروت.

28 - سنن الدارقطنی ، لعلی بن عمر الدارقطنی (306 - 385 ه) تحقیق السید عبد الله هاشم یمانی المدنی ، دار المعرفة ، بیروت (مصور علی طبعة دار المحاسن بالقاهرة).

29 - سنن الدارمی ، لعبد الله بن عبد الرحمن الدارمی (181 - 255 ه) دار الفکر ، القاهر 1398 ه.

30 - السنن الکبری ، لأحمد بن الحسین البیهقی (384 - 458 ه) دار المعرفة ، بیروت.

31 - سنن النسائی ، لأحمد بن شعیب النسائی (215 - 303 ه) الطبعة الأولی ، بیروت 1348 ه.

32 - شرح الشفا (نسیم الریاض) ، لأحمد شهاب الدین الخفاجی المصری ، دار الفکر.

33 - شرح المواهب اللدنیة ، المواهب للقسطلانی والشرح للزرقانی المالکی ، وبهامشه (زاد المعاد) لابن القیم ، دار المعرفة ، بیروت 1414 ه.

34 - شرح النووی علی صحیح مسلم ، دار الکتاب العربی ، بیروت 1407 ه.

35 - شعب الإیمان ، لأحمد بن الحسین البیهقی (384 - 358 ه) الطبعة الأولی ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1410 ه.

36 - شعراء الغری ، لعلی الخاقانی ، مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی ، قم 1408 ه (مصور علی طبعة النجف الأشرف).

37 - الصافی (تفسیر ...) ، للشیخ محسن الفیض الکاشانی (ت 1091 ه) تصحیح الشیخ حسین الأعلمی ، الطبعة الأولی ، مؤسسة الأعلمی ، بیروت 1399 ه.

38 - صحیح البخاری ، لمحمد بن إسماعیل الجعفی البخاری (194 - 256 ه)

ص: 453

تحقیق أحمد محمد شاکر ، دار إحیاء التراث العربی ، بیروت.

39 - صحیح مسلم ، لمسلم بن الحجاج النیسابوری (206 - 261 ه) تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی ، دار الفکر ، بیروت 1398 ه.

40 - الصلات والبشر فی الصلاة علی خیر البشر ، لمحمد بن یعقوب الفیروزآبادی (ت 817 ه) تحقیق إبراهیم إسماعیل آل عصر ، الطبعة الأولی ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1405 ه.

41 - الطبقات الکبیر ، لمحمد بن سعد (168 - 230 ه) دار صادر ، بیروت 1405 ه.

42 - العلل ومعرفة الرجال ، لأحمد بن حنبل (164 - 241 ه) تحقیق وصی الله محمد عباس، الطبعة الأولی ، المکتب الإسلامی/ بیروت ودار الخانی / الریاض، 1408 ه.

43 - علماء معاصرین ، للملا علی الواعظ الخیابانی التبریزی ، طبعة حجریة ، إیران 1366 ه.

44 - الغدیر ، للشیخ عبد الحسین أحمد الأمینی ، الطبعة الرابعة ، مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام العامة ، طهران 1396 ه.

45 - غریب الحدیث ، لأبی عبید القاسم بن سلام الهروی (ت 224 ه) دار الکتاب العربی ، بیروت 1396 ه (مصور علی طبعة حیدر آباد الدکن بالهند).

46 - الفائق فی غریب الحدیث ، لمحمود بن عمر الزمخشری ، تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم وعلی محمد البجاوی ، الطبعة الثانیة ، دار المعرفة ، بیروت.

47 - فرحة الغری فی تعیین قبر أمیر المؤمنین علی علیه السلام ، للسید عبد الکریم ابن طاووس الحلی (ت 693 ه) المطبعة الحیدریة ، النجف الأشرف.

48 - القاموس المحیط ، لمحمد بن یعقوب الفیروزآبادی (ت 817 ه) دار الفکر ، بیروت 1403 ه.

49 - الکافی ، لثقة الإسلام أبی جعفر محمد بن یعقوب الکلینی الرازی (ت 329 ه) تصحیح الشیخ نجم الدین الآملی ، المکتبة الإسلامیة ، طهران 1388 ه.

50 - الکامل فی الضعفاء ، لعبد الله بن عدی الجرجانی ، الطبعة الثانیة ، دار الفکر ،

ص: 454

بیروت 1405 ه.

51 - کشف الارتیاب فی أتباع محمد بن عبد الوهاب ، للسید محسن الأمین العاملی ، مکتبة الیمن الکبری (مصور علی الطبعة الأولی سنة 1347 ه).

52 - کشف الخفاء ومزیل الإلباس ، لإسماعیل بن محمد العجلونی (ت 1162 ه) تصحیح أحمد القلاش ، الطبعة الرابعة ، مؤسسة الرسالة ، بیروت 1405 ه.

53 - کنز الدقائق (تفسیر)، للمیرزا محمد بن محمد رضا المشهدی القمی (ت 1125 ه) مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة، قم 1411 ه.

54 - کنز العمال ، لعلی بن حسان الدین المتقی الهندی (ت 975 ه) تصحیح صفوة السقا ، الطبعة الخامسة ، مؤسسة الرسالة ، بیروت 1405 ه.

55 - الکنی والأسماء ، لأحمد بن حماد الدولابی (224 - 310 ه) الطبعة الثانیة (مصورة علی طبعة حیدر آباد الدکن بالهند سنة 1322 ه) دار الکتب العلمیة ، بیروت 1403 ه.

56 - الکنی والألقاب ، للشیخ عباس القمی (ت 1359 ه) مطبعة العرفان ، صیدا 1358 ه.

57 - لسان العرب ، لابن منظور المصری ، أدب الحوزة ، قم 1405 ه (مصور).

58 - ماضی النجف وحاضرها ، للشیخ جعفر باقر آل محبوبة ، الطبعة الثانیة (مصورة علی طبعة النجف الأشرف) دار الأضواء ، بیروت 1406 ه.

59 - مجمع البیان فی تفسیر القرآن ، للشیخ الفضل بن الحسن الطبرسی (ت 548 ه) مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی ، قم 1403 ه (مصور علی طبعة مطبعة العرفان بصیدا سنة 1333 ه).

60 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، لعلی بن أبی بکر الهیثمی (ت 807 ه) دار الکتاب العربی ، بیروت.

61 - مختصر تاریخ دمشق لابن عساکر ، لابن منظور محمد بن مکرم (630 - 711 ه) تحقیق ریاض عبد الحمید مراد وروحیة النحاس ومحمد مطیع الحافظ ، الطبعة الأولی ، دار الفکر ، دمشق 1404 ه.

ص: 455

62 - المستدرک علی الصحیحین ، لمحمد بن عبد الله الحاکم النیسابوری (ت 405 ه) دار الفکر ، بیروت 1398 ه.

63 - مسند أحمد بن حنبل ، دار الفکر ، بیروت.

64 - مشکل الآثار ، لأبی جعفر الطحاوی ، دار صادر ، بیروت (مصور علی طبعة حیدر آباد الدکن بالهند سنة 1333 ه).

65 - المصنف ، لعبد الرزاق بن همام الصنعانی (126 - 211 ه) تحقیق حبیب الرحمن الأعظمی ، الطبعة الأولی ، المجلس العلمی ، بیروت 1390 ه.

66 - معارف الرجال ، للشیخ محمد حرز الدین ، مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی ، مطبعة الولایة ، قم 1405 ه (مصور).

67 - معجم الأدباء ، لیاقوت بن عبد الله الحموی الرومی البغدادی (ت 626 ه) الطبعة الثالثة ، دار الفکر ، 1400 ه.

68 - معجم البلدان ، لیاقوت بن عبد الله الحموی الرومی البغدادی (ت 626 ه) دار إحیاء التراث العربی ، بیروت 1399 ه.

69 - المعجم الکبیر ، لسلیمان بن أحمد الطبرانی (260 - 360 ه) تحقیق حمدی عبد المجید السلفی ، دار إحیاء التراث العربی (مصور علی الطبعة الثانیة لمکتبة ابن تیمیة بالقاهرة سنة 1397 ه).

70 - معجم ما ألفه علماء الأمة الإسلامیة للرد علی خرافات الدعوة الوهابیة ، للسید عبد الله محمد علی ، مقال منشور فی مجلة تراثنا - قم ، العدد 17 / شوال 1409 ه ، ص 146 - 178.

71 - معجم المطبوعات العربیة والمعربة ، لیوسف إلیان سرکیس ، مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی ، قم 1410 ه (مصور).

72 - معجم المؤلفین ، لعمر رضا کحالة ، دار إحیاء التراث العربی.

73 - معجم المؤلفین العراقیین، لکورکیس عواد ، مطبعة الإرشاد ، بغداد 1969 م.

74 - مناقب الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، لابن المغازلی علی بن محمد الشافعی ، تحقیق محمد باقر البهبودی ، دار الأضواء ، بیروت 2403 ه (مصور علی طبعة المکتبة الإسلامیة بطهران سنة 1394 ه).

ص: 456

75 - منتهی المطلب فی تحقیق المذهب ، للعلامة الحلی أبی المنصور الحسن بن یوسف بن المطهر (ت 726 ه) طبعة حجریة ، إیران.

76 - منهج الرشاد لمن أراد السداد ، للشیخ جعفر بن خضر الجناجی النجفی (1156 - 1228 ه) تحقیق السید مهدی الرجائی ، الطبعة الأولی ، المجمع العلمی لأهل البیت علیهم السلام ، قم 1414 ه.

77 - الموطأ ، لمالک بن أنس ، تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی ، دار إحیاء التراث العربی ، بیروت (مصور).

78 - نجوم أمت : آیة الله العظمی الشیخ محمد جواد البلاغی ، للشیخ ناصر الدین الأنصاری القمی ، مقال منشور فی مجلة نور علم - قم ، العدد 41 / مهر وآبان 1370 ه. ش ، ص 44 - 70.

79 - نقباء البشر فی القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشیعة) ، للشیخ آقا بزرک الطهرانی (ت 1389 ه) الطبعة الثانیة (مصور) دار المرتضی ، مشهد 1404 ه.

80 - نور الثقلین (تفسیر ...) ، للشیخ عبد علی بن جمعة العروسی الحویزی (ت 1112 ه) تصحیح السید هاشم الرسولی المحلاتی، الطبعة الثانیة، المطبعة العلمیة، قم.

81 - الهدی إلی دین المصطفی ، للشیخ محمد جواد البلاغی (1282 - 1352 ه) دار الکتب الإسلامیة ، قم (مصور علی الطبعة الثانیة).

82 - الوفا بأحوال المصطفی ، لأبی الفرج عبد الرحمن بن الجوزی (510 - 597 ه) تحقیق مصطفی عبد الواحد ، دار المعرفة ، بیروت (مصور علی الطبعة الأولی بالقاهرة سنة 1386 ه).

83 - وفاء الوفاء ، لعلی بن أحمد المصری السمهودی (ت 911 ه) تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید ، الطبعة الرابعة ، دار إحیاء التراث العربی ، بیروت 1404 ه (مصور).

ص: 457

من أنباء التراث

کتب تری النور لأول مرة

* الدروع الواقیة.

تألیف : السید ابن طاووس رضی الدین علی بن موسی الحلی ، المتوفی سنة 664 ه.

یتضمن الکتاب جملة واسعة من الآداب الإسلامیة المختلفة ، والأدعیة والأحراز المختصة بأیام الشهر القمری ، منذ رؤیة هلال أول لیلة منه إلی الیوم الثلاثین ، وهو من أشهر کتب الدعاء ، ونموذج رفیع لها ، وقد اعتمده الکثیر من مؤلفی کتب الأدعیة اللاحقین کمصدر رئیسی لمؤلفاتهم.

وقد اعتمد فی التحقیق علی نسختین مخطوطتین :

الأولی : النسخة المحفوظة فی مکتبة الإمام الرضا علیه السلام - مشهد ، تاریخها سنة 1098 ه ، وهی جمیلة النسخ ، کاملة.

الثانیة : النسخة المحفوظة فی مکتبة السید المرعشی رحمه الله ، برقم 442 ، تاریخ نسخها سنة 964 ه.

تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1414 ه.

* مفتاح الفلاح ومصباح النجاح.

تألیف : محمد إسماعیل بن الحسین بن محمد رضا المازندرانی الخواجوئی ، المتوفی سنة 1173 ه.

شرح مفصل لدعاء الصباح المنسوب

هیئة التحریر

ص: 458

إلی الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام ، یتضمن مباحث کلامیة وفلسفیة حول هذا الدعاء

تم تحقیق الکتاب اعتمادا علی نسخة بخط المؤلف رحمه الله.

تحقیق : السید مهدی الرجائی.

نشر : مجمع البحوث الإسلامیة التابع للروضة الرضویة المقدسة - مشهد / 1414 ه.

* مقالات الأصول ، ج 1.

تألیف : المحقق الأصولی الشیخ ضیاء الدین العراقی (1278 - 1361 ه).

لقد ساهم علماء کبار فی تجدید وتطویر علم (الفکر الأصولی) ولا سیما فی القرون الثلاثة الأخیرة ، والمؤلف یعد أحد أبرز علماء المدرسة الأصولیة الحدیثة ، والکتاب یجمع آخر ما توصلت إلیه مدرسة هذا العالم فی التفکیر الأصولی ، ویعد من أهم مصادر الفکر الأصولی المعاصر ، ویحتوی علی أربعین مقالة تشمل أبواب علم الأصول المختلفة ، وقد تم تحقیق الکتاب عن طریق عرض نسخته علی النسخ المصححة تحت إشراف المصنف نفسه وبأیدی تلامیذه الموثقین.

تحقیق : الشیخ محسن العراقی والسید منذ الحکیم.

نشر : مجمع الفکر الإسلامی - قم / 1414 ه.

* الإمام الحسین علیه السلام وأصحابه.

تألیف : الشیخ فضل علی القزوینی (1290 - 1367 ه).

عرض تاریخی موسع شامل لواقعة الطف ، یتناول أحوال الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام وما جرت علیه من أحداث من یوم خروجه من المدینة إلی یوم استشهاده ، ولا یسرد الوقائع والأحداث التاریخیة إلا بعد بحث ومناقشة وتدقیق فی جزئیاتها وحتی فی ألفاظها ، یضم الکتاب : خطب الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام ، وکتبه ورسائله ، وبعض کلماته ووصایاه ، وکیفیة خروجه ، ووقائع سفره ومنازله إلی وصوله کربلاء ، ما جری علیه فی لیلة العاشر من محرم ویومها إلی استشهاده علیه السلام ، مع ذکر بعض الوقائع المتأخرة عن القتل.

تحقیق : السید أحمد الحسینی.

صدر فی قم سنة 1415 ه.

ص: 459

* نهج البیان عن کشف معانی القرآن ، ج 1.

تألیف : محمد بن الحسن الشیبانی ، من أعلام الشیعة فی القرن السابع الهجری.

یشتمل هذا الجزء من الکتاب علی ثلاثة فصول : فصلین فی ذکر اشتقاق القرآن ومعناه وفیما یشتمل علیه القرآن العزیز ، والثالث یضم تفسیر سورتی الفاتحة والبقرة.

تحقیق : حسین الدرکاهی.

نشر : مؤسسة دائرة المعارف الإسلامیة ، طهران. 1413 ه.

* ما روته العامة من مناقب أهل البیت علیهم السلام.

تألیف : الشیخ حیدر علی بن محمد الشروانی ، من أعلام القرن الثانی عشر الهجری.

کتاب قیم یذکر الأحادیث المرویة عن الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم فی فضائل أمیر المؤمنین الإمام علی علیه السلام وأهل البیت علیهم السلام ، وذکر مناقبهم ومناقب أعدائهم مما روته العامة ومحدثوهم ومفسروهم ممن یعتمدون علیه

ویثقون به.

تم تحقیق الکتاب اعتمادا علی نسختین مخطوطتین ، ذکرت مواصفاتهما فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : محمد الحسون.

نشر : مطبعة المنشورات الإسلامیة - قم / 1414 ه.

* مجمع الفائدة والبرهان فی شرح إرشاد الأذهان ، ج 11 و 12.

تألیف : الشیخ أحمد المقدس الأردبیلی ، المتوفی سنة 993 ه.

شرح لکتاب (إرشاد الأذهان إلی أحکام الإیمان) للعلامة الحلی الشیخ الحسن بن یوسف بن المطهر الأسدی (648 - 726 ه) وهو من أحسن شروحه وأجمعها فوائد.

اشتمل الجزء 11 علی المسائل الخاصة بکتاب الصید وتوابعه وکتاب المیراث ، کما اشتمل الجزء 12 علی کتاب القضاء ومقاصده وهی فی صفات القاضی وآداب القضاء وکیفیة الحکم والدعوی والشهادات ... وغیرها.

تحقیق : الشیخ مجتبی العراقی والشیخ علی پناه الاشتهاردی والشیخ حسین الیزدی الأصفهانی.

ص: 460

نشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1414 ه.

* زاد المجتهدین فی شرح بلغة المحدثین ، ج 1

تألیف : الشیخ أحمد بن صالح البحرانی القطیفی القدیحی ، المتوفی سنة 1315 ه.

شرح استدلالی لکتاب (بلغة المحدثین) للشیخ سلیمان الماحوزی - المتوفی سنة 1121 ه - الذی تعرض فیه للرجال الذین اتضحت لدیه وثاقتهم علی نحو الإجمال مما دعا المؤلف أن یتوسع فی شرح تراجمهم ، مع بحوث تاریخیة ولغویة وعقائدیة جاءت ضمن هذه التراجم ، یضم هذا الجزء الأسماء المبدوءة بحرف الألف فقط ، کما ضمن محقق الکتاب مقدمته رسالة : (الحق الواضح فی أحوال العبد الصالح) فی ترجمة المؤلف - رحمه الله - وهی للشیخ علی بن حسن البلادی القطیفی البحرانی ، المتوفی سنة 1340 ه.

تم التحقیق اعتمادا علی نسخة مخطوطة بخط المؤلف رحمه الله.

تحقیق : ضیاء بدر آل سنبل.

صدر فی قم سنة 1414 ه.

* مقیاس الهدایة فی علم الدرایة ، ج 4.

تألیف الفقیه الرجالی الشیخ عبد الله بن محمد حسن المامقانی النجفی (1290 - 1351 ه).

سفر قیم أوفی الموضوع حقه ، واستوفی البحث فی مطالبه ، وقد خرج المصنف - رحمه الله - فی بعض مباحثه عن المنهجیة المتداولة ، فتوسع فی بعض الأبواب وأدخل بعض المباحث الأصولیة ، ونقح جملة من المسائل الحدیثیة ، وتفرد فی جملة من تحقیقاته واختیاراته.

تم التحقیق اعتمادا علی طبعتی الکتاب الحجریتین ، الأولی المطبوعة سنة 1345 ه ، والثانیة المطبوعة فی آخر الجزء الثالث من کتاب (تنقیح المقال فی علم الرجال) کان قد فرغ منها المؤلف  - رحمه الله - سنة 1350 ه.

یضم الجزء الرابع هذا خاتمة الکتاب ، یذکر فیه اسم ثمانین عالم لهم مصنفات فی علم الرجال ، مع فهارس فنیة لأجزاء الکتاب الأربعة.

تحقیق : الشیخ محمد رضا المامقانی.

نشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)

ص: 461

لإحیاء التراث - قم / 1413 ه.

* صلاة المسافر.

تألیف : السید حسین الموسوی العلوی الخوانساری.

الکتاب عبارة عن تقریرات فقهیة لمباحث الفقیه والمرجع آیة الله العظمی السید أبو الحسن الأصفهانی ، کتبها وقررها المؤلف الذی کان أحد تلامذته ، ویختص الکتاب بالبحث فی صلاة المسافر.

تم تحقیق الکتاب اعتبارا علی نسخة مخطوطة بخط المؤلف ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1415 ه.

کتب صدرت محققة

* تذکرة الفقهاء ، ج 4

تألیف : العلامة الحلی ، الشیخ جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف المطهر الأسدی (648 - 726 ه).

أهم وأکبر کتاب فی الفقه الاستدلالی المقارن ، یوجد مه من أوائل کتاب الطهارة

إلی کتاب النکاح ، لخص فیه مؤلفه - قدس سره - فتاوی علماء المذاهب المختلفة وقواعد الفقهاء فی استدلالاتهم ، وأشار فی کل مسألة إلی الخلاف الواقع فیها ، ویذکر مختاره وفق الطریقة المثلی وهی طریقة الإمامیة ، ویوثقه بالبرهان الواضح القوی.

طبع منه ثلاثة أجزاء ضمت کتاب الطهارة وقسما من کتاب الصلاة ، وقد اشتمل هذا الجزء علی تکملة کتاب الصلاة.

تم تحقیق الکتاب اعتمادا علی 15 نسخة مخطوطة منها ما هو مقروء علی المصنف - قدس سره - ومنها ما علیه إجازة مهمة ، ذکر مواصفاتها فی مقدمة التحقیق ، ومن المتوقع أن یصدر فی 20 جزء.

تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1414 ه.

* أصل الشیعة وأصولها.

تألیف : الشیخ محمد الحسین آل کاشف الغطاء (1294 - 1373 ه).

من الکتب المهمة التی تعرض وتوضح أصل نشوء الشیعة وبدایة التشیع وعقائدهم أصولا وفروعا ، وأنهم اعتمدا فی ذلک کله علی الکتاب الکریم والسنة المطهرة ، وکذا

ص: 462

فی کثیر من مسلمات المذهب الأخری بالبداء والتقیة والمتعة وغیرها ، وتنبع أهمیته - أیضا - من تدقیق وشمول وتفصیل للمباحث التی تناولها والتی تحتوی علی أجوبة لکثیر من التساؤلات التی تطرح عن الشیعة وعقائدهم ، کما یعد مرجعا مهما فی إزالة الشکوک ورد الشبهات المحاکة حول الشیعة والتشیع.

کان قد طبع الکتاب عدة مرات فی العراق وإیران ولبنان.

تم تحقیقه بالاعتماد علی ثلاث نسخ مطبوعة ذکر مواصفاتها فی مقدمة التحقیق ، کما ألحق المحقق بالکتاب فصلا خاصا بتراجم الأعلام الذین ورد ذکرهم فی الکتاب ، ومجموعة من الفهارس الفنیة التی تیسر للقارئ مهمته.

تحقیق : علاء آل جعفر.

نشر : مؤسسة الإمام علی علیه السلام - قم / 1415 ه.

* ترجمة الإمام زین العابدین علی بن الحسین علیه السلام ، وتلیها ترجمة ابنه الإمام محمد الباقر علیه السلام من تاریخ دمشق.

تألیف : ابن عساکر ، علی بن الحسین ابن هبة الله الشافعی (499 - 571 ه).

عرض تاریخی مفصل لسیرة الإمام زین العابدین علیه السلام ، تضمنت : ولادته ، نشأته ، علمه ، فضائله ، وما جری علیه من أحداث مع حکام عصره من الأمویین الظلمة.

کما یتضمن عرضا تاریخیا آخر لسیرة الإمام أبی جعفر الباقر علیه السلام ، تضمنت : ولادته وعلمه والرواة عنه وجملة من أحادیثه ومواقفه ومواعظه وولده ووفاته علیه السلام.

تحقیق : الشیخ محمد باقر المحمودی.

نشر : مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة - قم.

* نهایة الدرایة فی شرح الکفایة ، ج 4.

تألیف : الفقیه المحقق الشیخ محمد حسین الغروی الأصفهانی ، المتوفی فی النجف الأشرف سنة 1361 ه.

هو من أشهر أعلام المحققین ، وقد خلف ثروة ضخمة قیمة فی الفقه وأصوله هی قمة فی التحقیق وعمق الفکر ، ومن أشهرها کتابه هذا الذی هو شرح لکتاب أستاذه المحقق الآخوندی الخراسانی (کفایة الأصول) صدر منه فیما سبق الجزءان 5

ص: 463

و 6.

یتضمن هذا الجزء بحوث : أصالة البراءة ، أصالة الاحتیاط ، وقاعدة نفی الضرر.

تحقیق : الشیخ أبو الحسن القائمی.

نشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1414 ه.

* البرهان علی صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه.

تألیف : الشیخ أبی الفتح محمد بن علی بن عثمان الکراجکی ، المتوفی سنة 449 ه.

بحث فی إثبات صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالی فرجه الشریف ، بالبراهین والأدلة العقلیة ، مع ذکر وقائع وحوادث تشیر لذلک عن کتب التاریخ القدیم والشواهد العینیة مع ذکر أخبار بعض المعمرین الذین عمروا لسنوات طوال.

طبع سابقا ضمن کتاب المؤلف (کنز الفوائد) وقد تم تحقیقه اعتمادا علی نسخة مخطوطة ذکر مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : السید حسن الموسوی.

صدر مؤخرا.

* منتهی الأمالی فی تواریخ النبی والآل ، ج 1 وج 2.

تألیف : المحدث الشیخ عباس بن محمد رضا القمی (1294 - 1359 ه).

یحتوی الکتاب علی أربعة عشر بابا ، تتضمن تاریخ وسیرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم والمعصومین من آله علیهم السلام ، وکل باب یختص بأحد الأئمة علیهم السلام : فی ولادته ، فضائله ، مناقبه ، معجزاته ، مواعظه ، وعلمه ، استشهاده ، ذکر أولاده ، وذکر جملة من أصحابه ، وقد تحری المؤلف - رحمه الله - الدقة والضبط والأمانة فی نقل النصوص والمتون مما جعل کتابه هذا مرجعا یرجع إلیه الکثیر من أهل العلم والتحقیق ودارسو التاریخ.

تعریب : المؤسسة الإسلامیة للترجمة.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1415 ه.

* التمهید فی علوم القرآن ، ج 5.

تألیف : الشیخ محمد هادی معرفة.

دراسات وأبحاث مبسطة عن مختلف

شؤون القرآن الکریم ، وضعت أساسا

ص: 464

کمقدمة لتفسیر المؤلف (الوسیط) کانت الأجزاء الثلاثة الأولی قد طبعت عامی 1408 و 1409 ه من قبل إدارة الحوزة العلمیة فی قم ، وتم تحقیق هذه الأجزاء بعد إضافة الجزء الرابع إلیها فی عام 1412 ه ، البحث الأساسی فی هذا الجزء هو دلائل الإعجاز البیانی للقرآن ، وقد تشعب إلی عدة فروع : دقیق تعبیر القرآن ورقیق تحبیره ، طرافة سبکه وغرابة أسلوبه ، عذوبة ألفاظه ، سلاسة عباراته ، تناسق نظمه وتناسب نغمه ، تجسید معانیه فی أجراس حروفه ، تلاؤم فرائده وتآلف خرائده ، حسن تشبهه وجمال تصویره ، جودة استعاراته وروعة تخییله ، لطیف کتابته وظریف تعریضه ، وروائع من فنون بدائعه.

تحقیق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1414 ه.

* الأمالی.

تألیف : شیخ الطائفة أبی جعفر محمد ابن الحسن الطوسی (385 - 460 ه).

من الکتب المهمة ، یضم طائفة من الأحادیث النبویة الشریفة ، وجانبا من السیرة المحمدیة وروایات عن الأئمة

علیهم السلام ، وأدعیة مأثورة.

تم تحقیقه اعتمادا علی مخطوطة نفیسة یعود تأریخها لسنة 580 ه، بالإضافة إلی النسخة المطبوعة فی إیران سنة 1213 ه.

تحقیق : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة - قم.

نشر : دار الثقافة - قم / 1414 ه.

* الملهوف فی قتلی الطفوف.

تألیف : السید ابن طاووس ، علی بن موسی بن جعفر الحلی ، المتوفی سنة 664 ه.

عرض تاریخی مفصل للأحداث التی

مر بها سید الشهداء الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام قبل رحیله إلی العراق ، وخلال استعداده للخروج إلی کربلاء ، مقسم إلی ثلاثة مسالک ، الأول یتناول الأمور المتقدمة علی القتال مشیرا إلی عدة أحداث ، هی : موت معاویة ، الکتب التی کانت ترد إلی الإمام الحسین علیه السلام من الکوفة ، إرسال مسلم بن عقیل واستشهاده مع هانئ بن عروة فی الکوفة ، عزم الإمام الحسین علیه السلام علی الخروج ، والأحداث التی جرت علیه خلال سفره حتی وصوله کربلاء ، والمسلک

ص: 465

الثانی یتناول وصفا مفصلا لحال القتال ، والثالث عرض للأمور المتأخرة عن مقتله علیه السلام وما حدث لعیاله ومسیر السبایا علیه إلی دمشق ومحاورات وخطب الإمام السجاد علیه السلام ورجوعهم إلی العراق ثم إلی المدینة.

طبع الکتاب من قبل عدة مرات فی النجف وطهران وبیروت وقم ، وتم تحقیقه اعتمادا علی هذه نسخ ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : الشیخ فارس الحسون.

نشر : دار الأسوة للطباعة والنشر - قم / 1414 ه.

* جامع الأحادیث.

* العروس.

* الغایات.

* المسلسلات.

*الأعمال المانعة من دخول الجنة.

* نوادر الأثر فی علی خیر البشر.

وکلها من تألیف الشیخ أبی محمد جعفر بن. حمد بن علی القمی ، من أعلام القرن الرابع الهجری.

و (جامع الأحادیث) یضم الأحادیث النبویة الشریفة مرتبة حسب حروف المعجم الواردة فی مختلف نواحی الحیاة.

أما (العروس) فیذکر فیه الأحادیث المرویة عن الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم وعن الأئمة علیهم السلام التی تبین فضل یوم الجمعة علی باقی الأیام.

وفی (الغایات) یذکر الأحادیث المتضمنة غایة الشئ ، کقوله : أحب الأعمال ، أفضل الأعمال ، أشد البلاء ... وهکذا.

أما (المسلسلات) فهی الأحادیث المرویة بشکل سلسلة تختص بجملة أو کلمة معینة ، مثل : المصافحة أو القسم ، کقولهم : حدثنا فلان وقد صافحنی ، قال : حدثنا فلان وقد صافحنی ... إلی آخره ، إلی وصول السلسلة إلی راویها عن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم.

أما (الأعمال المانعة) ففیه جملة من الأحادیث الخاصة بالرجال والنساء الذین یقومون بأعمال لا تدخلهم الجنة أبدا.

أما (نوادر الأثر) فیجمع فیه ما روی فی أن أمیر المؤمنین الإمام علیا علیه السلام هو خیر البشر.

کان (جامع الحدیث) وبقیة الکتب الملحقة به مطبوعة فی إیران فیما سبق.

وقد تم تحقیق الکتاب وملحقاته اعتمادا علی عدة نسخ ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق ، وصدرت بأجمعها فی مجلد

ص: 466

واحد.

تحقیق : السید محمد الحسینی النیشابوری.

نشر : مجمع البحوث الإسلامیة التابع للروضة الرضویة المقدسة - مشهد / 1413 ه.

* مختلف الشیعة ، ج 5 و 6.

تألیف : العلامة الحلی ، أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر الأسدی (648 (726 ه).

موسوعة فقهیة مقارنة کاملة ، من الطهارة إلی الدیات ، تناولت آراء فقهاء الإمامیة مع ذکر أدلتهم وما یرجحه هو فی المقام ، کما یشتمل الکتاب علی فتاوی الشیخین ابن الجنید وابن أبی عقیل - قدس سرهما - إذ هی منحصرة فی هذا الکتاب ، وکل من نقل عنهما بعد العلامة فإنما نقل من هذا الکتاب.

اشتمل الجزء الخامس علی کتابی المتاجر والدیون ، فیما اشتمل الجزء السادس علی تتمة کتاب الدیون مضافا إلیه کتب : الإجارة والأمانات والهبات.

تحقیق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1415 ه.

* الکواکب المنتشرة فی القرن الثانی بعد العشرة.

تألیف : آقا بزرک الطهرانی ، الشیخ محمد محسن بن علی بن محمد رضا (1293 - 1389 ه).

وهو الجزء السادس من الموسوعة القیمة (طبقات أعلام الشیعة) للمؤلف - رحمه الله - والتی تضم أسماء أعلام الإمامیة - رضوان الله علیهم - منذ القرن الرابع الهجری ، ویختص هذا الجزء بأعلام القرن الثانی عشر الهجری.

نشر : مؤسسة النشر التابعة لجامعة طهران / 1373 ه. ش.

* ترتیب کتاب العین ، ج 1 - 3.

تألیف : أبی عبد الرحمن الخلیل بن أحمد الفراهیدی (100 - 175 ه).

إخراج وترتیب جدید لهذا المعجم المهم ، فقد رتب علی النظام السهل السلس الذی یبدأ بالهمزة من حروف الألفباء وینتهی بالیاء ، اشتمل الجزء الأول علی حرف الألف إلی حرف الراء ، والثانی من حرف الزای إلی حرف الغین ، والثالث من حرف الفاء إلی حرف الیاء.

کان الکتاب قد طبع فی بغداد بتحقیق

ص: 467

الدکتور مهدی المخزومی والدکتور إبراهیم السامرائی ، اعتمادا علی ثلاث نسخ مخطوطة ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

ثم أعادت دار الهجرة فی قم طبعه بالتصویر سنة 1409 ه.

تصحیح : أسعد الطیب.

نشر : منشورات الأسوة التابعة لمنظمة الأوقاف والأمور الخیریة - قم / 1414 ه.

* بدائع الدرر فی قاعدة نفی الضرر.

تألیف : السید الإمام روح الله الموسوی الخمینی (1320 - 141 ه).

رسالة مختصرة یبحث فیها حول حدیث رسول الله صلی الله علیه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) وإشکالات قاعدة نفی الضرر وتنبیهات علی هذه الإشکالات.

تم التحقیق اعتمادا علی النسخة المخطوطة بخط المؤلف قدس سره.

تحقیق ونشر : مؤسسة تنظیم ونشر آثار الإمام الخمینی قدس سره - قم / 1414 ه.

* الطریق إلی الله.

تألیف : الشیخ حسن البحرانی

رسالة فی الأخلاق العالیة تضمنت مباحث حول الأخلاق ودورها فی صنع الإنسان المؤمن بالله سبحانه ، وطریقة معیشته وحیاته بعبارات واضحة بلیغة معتمدا طریق أهل البیت علیهم السلام ومستفیدا من أحادیثهم الشریفة ، دون التزام بذکر المصادر ولا تقید بالنص الوارد ، والاکتفاء بنقل المضمون فحسب ، کما تضمنت الرسالة الدعوة إلی الله سبحانه وتعالی من خلال معرفة السبل والمسالک التی یجب أتباعها للوصول إلی رضاه سبحانه وتعالی.

تم تحقیقه اعتمادا علی نسخة مطبوعة ذکرت أوصافها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : السید باسم الهاشمی.

نشر : دار التعارف للمطبوعات - بیروت / 1413 ه.

*شعر أبی طالب وأخباره ، والمستدرک علیه.

جمع : أبی هفان عبد الله بن أحمد بن حرب بن مهزم البصری النحوی الأدیب ، المتوفی سنة 257 ه.

الکتاب عبارة عن جمع لأشعار سید قریش وحامی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مع شرح مستوف لکل ما کان

ص: 468

صعبا من کلماته ومعانیه ، وهو بروایة أبی هفان وکتبه أبو الفتح عثمان بن جنی - المتوفی 392 ه بخطه.

اعتمد فی التحقیق علی نسخة ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة - قم.

نشر : دار الثقافة للطباعة والنشر - قم / 1414 ه.

* محاضرات فی تفسیر القرآن الکریم.

تألیف : السید إسماعیل الصدر ، المتوفی سنة 1388 ه.

الکتاب هو مجموعة محاضرات ألقاها المؤلف علی طلابه ، اعتمد فیه طریقة تفسیر القرآن بالقرآن ، ابتدأ من أول سورة الفاتحة ثم البقرة ولم یتمه ، کما رکز الکتاب علی المسائل العقائدیة المهمة

وإقامة البراهین علیها ودفع الشبهات المثارة حولها ، ویشتمل الکتاب علی بحوث مفصلة أخری ، کبحث جزئیة البسملة وما یتعلق ببعض القراءات ، وبحث إعجاز القرآن العظیم ، وبحث الإمام المهدی عجل الله فرجه وهو أکثرها تفصیلا ، مضافا إلیها عدة بحوث مختصرة أخری مع دروس عملیة مستوحاة من الآیات المفسرة فی

نهایة تفسیر کل واحدة منها.

کان الکتاب قد طبع لأول مرة فی أوائل السبعینات من هذا القرن المیلادی.

تحقیق : الشیخ سامی الخفاجی.

نشر : دار الکتاب الإسلامی - قم.

طبعات جدیدة لمطبوعات سابقة

* ترجمة ریحانة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الإمام الحسین علیه السلام من تاریخ دمشق.

تألیف : ابن عساکر ، علی بن الحسین ابن هبة الله الشافعی ، المتوفی سنة 571 ه.

جزء من موسوعة (تاریخ دمشق) یختص بأحادیث الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم المرویة عنه بحق الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام ، تشتمل علی ولادته ، حیاته ، واستشهاده ، ویتضمن الکتاب 402 حدیثا من طرق مختلفة عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأمیر المؤمنین الإمام علی علیه السلام.

تحقیق : الشیخ محمد باقر المحمودی.

أعاد طبعه بصف جدید مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة - قم / 1414 ه.

ص: 469

* عنوان الطاعة فی إقامة الجمعة والجماعة.

تألیف : السید إسماعیل بن أحمد الحسینی المرعشی.

الکتاب عبارة عن بحث فقهی استدلالی حول صلاة الجمعة وإثبات وجوبها بالاعتماد علی الکتاب والسنة ، مع ذکر فضیلة یوم الجمعة وکیفیة أداء صلاة الجمعة وفضیلتها ، مع بحث حول صلاة العیدین وبحث فی صلاة الجماعة.

طبع الکتاب لأول مرة فی مدینة الأهواز سنة 1352 ه. ش ، ثم أعادت طبعه بالتصویر مکتبة الصدر فی طهران سنة 1376 ه. ش.

* نشأ الشیعة الإمامیة.

تألیف : نبیلة عبد المنعم داود.

رسالة لنیل درجة الماجستیر فی التاریخ الإسلامی من جامعة بغداد ، تشتمل علی دراسة نشأة الشیعة الإمامیة منذ عهد الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم ، وهی مقسمة إلی خمسة فصول ، الأول دراسة للمصادر التی بحثت عن الشیعة الإمامیة ، والثانی یبحث فی أصل التشیع وتطوره ومناقشة الآراء حول بدایته ، والثالث

دراسة للإمامة بنظر الشیعة وبحث عن إمامة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام وأدلة إمامته وإمامة الأئمة من ولده من بعده ، والرابع یبحث فی سیاسة العباسیین تجاه الشیعة والثورات الزیدیة ضدهم ، والخامس یبحث فی تطور مفهوم الإمامة عند الشیعة الإمامیة وعقائدهم التی تتصل بها.

وقد طبع الکتاب لأول مرة فی بغداد أواخر الستینیات من هذا القرن المیلادی ، وأعادت طبعه بصف جدید دار المؤرخ العربی - بیروت / 1415 ه.

* مع الدکتور موسی الموسوی فی کتابه الشیعة والتصحیح.

تألیف : الدکتور علاء الدین أمیر محمد القزوینی.

هو رد علی الافتراءات والاتهامات

الباطلة التی نسبها الدکتور موسی فی کتابه (الشیعة والتصحیح) طبعة لوس أنجلس / أمریکا 1987 م إلی الشیعة ، فیتناول الکتاب القضایا التی عدها المؤلف بدعا ومن تألیف واختراع بعض علماء الشیعة مثل : الزواج المؤقت - العقد المنقطع أو : المتعة - الخمس فی أرباح المکاسب ، التقیة ، الرجعة ، البداء ، وعدة قضایا

ص: 470

أخری ، ویبحث فیها ویظهر فساد وبطلان ما افتراه الدکتور ، بالاعتماد علی کتاب الله وسنة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ویبین أن هذه الأمور ثابتة فی الشریعة الإسلامیة منذ عهد الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم وإلی عهدنا هذا.

أعاد طبعه بصف جدید مرکز الغدیر للدراسات الإسلامیة - قم / 1414 ه.

* الروضة النضرة فی علماء المائة الحادیة عشرة.

تألیف : آقا بزرک الطهرانی ، الشیخ محمد محسن بن علی بن محمد رضا (1293 - 1389 ه).

هو الجزء الخامس من الموسوعة القیمة (طبقات أعلام الشیعة) للمؤلف - رحمه الله - رضوان الله علیهم - منذ القرن الرابع الهجری ، ویختص هذا الجزء بأعلام القرن الحادی عشر الهجری.

أعادت طبعه مؤخرا بصف جدید مؤسسة إسماعیلیان - قم.

* الشیعة فی التاریخ :

تألیف : الشیخ محمد حسین الزین

العاملی.

بحث تاریخی عن أصل الشیعة وبدایة ظهورهم وعقائدهم والطوائف التی تشعبت

من الشیعة وکیف تشعبت وبدایتها ، مع بحث حول الخلافة بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، مع دراسة لمواقف الشیعة فی العهدین الأموی والعباسی ، مع مناقشة بعض الافتراءات والأباطیل التی قذفت بها الشیعة وتفنیدها وإظهار فسادها ، والکتاب فی مجمله رد علی مؤلفات بعض الکتاب الذین أساؤا فیها للشیعة وعلمائهم ولکثیر من عقائدهم ، منهم : محمد ثابت المصری ، صاحب کتاب (جولة فی ربوع الشرق الأدنی).

طبع الکتاب لأول مرة فی لبنان سنة 1357 ه ، ثم أعادت طبعه مؤخرا  - بالتصویر - مکتبة النجاح فی طهران.

* ترجمة الإمام الحسین علیه السلام.

تألیف : ابن سعد ، أبی عبد الله محمد ابن سعد بن منیع البصری (168 - 230 ه).

عرض تاریخی موجز لحیاة وسیرة ومقتل سید الشهداء الإمام أبی عبد الله الحسین علیه السلام ، مع ذکر الأحداث التی کانت بعد مقتله ، وهذا الکتاب هو جزء من

ص: 471

الحلقة غیر المطبوعة من کتاب (الطبقات) الکبیر لابن سعد ، والخاصة بترجمة الإمام الحسین علیه السلام.

کانت قد نشرت محققة علی صفحات نشرتنا هذه (تراثنا) فی العدد العاشر ، الصادر فی محرم الحرام عام 1408 ه ، وقد تم التحقیق اعتمادا علی نسخة مخطوطة محفوظة فی خزانة السلطان أحمد الثالث فی مکتبة طوب قبو سرای فی إسلامبول ، برقم 2835.

تحقیق : السید عبد العزیز الطباطبائی.

أعادت طبعه بالتصویر مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1415 ه ، وصدر ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم (1).

* الاحتجاج بالأثر علی من أنکر المهدی المنتظر.

تألیف : الشیخ حمود بن عبد الله بن حمود التویجری.

والکتاب رد علی رسالة (لا مهدی منتظر بعد الرسول خیر البشر) لکاتبها الشیخ عبد الله بن زید بن محمود ، رئیس المحاکم القطریة ، والتی أنکر فیها خروج المهدی علیه السلام فی آخر الزمان ، یتناول فیه

المؤلف الأحادیث المرویة عن الرسول الکریم صلی الله علیه وآله وسلم من طرق العامة المختلفة مع بیان صحیحها من حسنها من سقیمها.

کان قد طبع الکتاب لأول مرة سنة 1403 ه ، ثم أعادت طبعه ثانیة مکتبة دار العلیان الحدیثة للطباعة والنشر والتوزیع - بریدة / 1406 ه.

* نفحات الأزهار فی خلاصة عبقات الأنوار ، ج 1 - 12.

تألیف : السید علی الحسینی المیلانی.

موسوعة علمیة عقائدیة لإثبات الخلافة

والولایة لأمیر المؤمنین الإمام علی علیه السلام والأئمة الاثنی عشر من بعده علیهم السلام ، والکتاب فی محوره العام رد علی کتاب (التحفة الاثنا عشریة فی الرد علی الإمامیة) لعبد العزیز الدهلوی (1159 - 1230 ه) الذی تهجم فیه علی الشیعة ونسب إلیهم العقائد الباطلة وحاول الحط منهم بالأکاذیب والافتراءات ، مما دعا السید میر حامد حسین بن محمد قلی اللکهنوی إلی تألیف کتاب (عبقات الأنوار ، فی إمامة الأئمة الأطهار) للرد علیه.

وقد قام المؤلف بتلخیص وترجمة

ص: 472

وتحقیق الکتاب ، والتعلیق والاستدراک علیه ، یبحث فی الأجزاء 1 و 2 و 3 فی حدیث الثقلین سندا ودلالة ، حیث یثبت تواتر وقطعیة صدور الحدیث ، ودلالته علی المطلوب بالأدلة القاطعة ، ثم یدحض کل ما قیل أو یمکن أن یقال من الشبهات فی هذا الباب.

ویبحث فی الجزء 4 فی حدیث السفینة علی ثلاث جهات، الأولی: السند وإثبات تواتره، والثانیة: دلالة الحدیث علی إمامة الإمام علی علیه السلام، والثالثة: الرد علی ما قاله الدهلوی بشأن هذا الحدیث.

وفی الجزء 5 یبحث فی حدیث النور سندا ومن جهة الدلالة بناحیتین ، الإمامة بالنص، ودلالته علی الإمامة بالملازمة.

وفی الأجزاء 6 و 7 و 8. 9 یبحث فی حدیث الغدیر: إثبات تواتره ، دحض بعض الشبهات حوله ، سنده ، دلالته.

أما الأجزاء 10 و 11 و 12 فقد خصصها للبحث فی حدیث (أنا مدینة العلم وعلی بابها) فیثبت تواتره فضلا عن صحته ، ویبین وجوه دلالته علی مذهب الإمامیة.

سبق وأن طبع الکتاب فی عشرة أجزاء باسم : (خلاصة عبقات الأنوار).

صدر فی قم بصف جدید سنة 1414 ه.

* منهج فی الانتماء المذهبی.

تألیف : صائب عبد الحمید.

کتاب قیم بأسلوب جدید ، یشرح فی صفحاته تجربة شخصیة للتمسک بمذهب أهل البیت علیهم السلام ، ویوضح أسباب ذلک دون أی تعصب أو انحیاز ، بل بالدلیل المقنع والحیاد الکامل فی البحث والتحقیق والاستدلال ، ویثبت فیها ما یواجه کل تجربة أو محاولة عظیمة مثلها من المشاکل والصعوبات والمعاناة.

کتبه أولا کجواب لرسالة بعثها إلیه أحد إخوته ممن کانت له معه ذکریات خاصة ، یستفسر بها منه عن سبب انتهاجه المنهج الجدید وترک مذهبه السابق.

طبع فیما سبق عدة طبعات فی إیران ولبنان ، ثم أعاد مرکز الغدیر للدراسات الإسلامیة فی قم طبعه - بالتصویر علی الطبعة الأولی - سنة 1414 ه.

* الإمامة فی أهم الکتب الکلامیة.

تألیف : السید علی الحسینی المیلانی.

عدة بحوث مقارنة حول (الإمامة) من جمیع جوانبها مؤیدة بالأدلة المنقولة من الکتب المعتمدة لدی العامة ، لکی تکون

ص: 473

أدعی للقبول وإثبات الحجة.

کانت قد طبعت هذه البحوث فیما سبق إما مستقلة أو فی نشرتنا هذه (تراثنا) وهی : الطرائف علی شرح المواقف ، المراصد علی شرح المقاصد ، رسالة فی صلاة أبی بکر ، رسالة فی حدیث الاقتداء بالشیخین ، رسالة فی المتعتین ، رسالة فی حدیث (سید کهول أهل الجنة) ، رسالة فی حدیث (أصحابی کالنجوم).

أعید طبعه - بصف جدید - فی قم سنة 1413 ه.

صدر حدیثا

* فهارس مستدرک الوسائل، ج 1 و 2.

إعداد وتنظیم ونشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم.

مجموعة متخصصة من الفهارس الفنیة لکتاب (مستدرک الوسائل) للمحدث الشیخ حسین النوری الطبرسی - المتوفی سنة 1320 ه - الذی یعد من الموسوعات الحدیثیة الواسعة لتعدد أبوابها وشمولیتها ، وقد ضمت هذه الفهارس : الآیات القرآنیة ، متون الکتب السماویة الأخری ، الأحادیث القدسیة ، أحادیث المعصومین علیهم السلام ، الآثار ، الأعلام ، الأمم

والجماعات ، الأماکن والبقاع ، الوقائع والأیام ، الأطعمة والأشربة ، الملابس وأدوات الزینة ، الأبیات الشعریة ، المعادن ، الحیوانات ، مصادر التألیف والتحقیق.

احتوی الجزء الأول علی فهارس ، الآیات القرآنیة ، متون الکتب السماویة ، الأحادیث القدسیة ، وقسما من أحادیث المعصومین علیهم السلام - من حرف الألف - واحتوی الجزء الثانی علی تکملة أحادیث المعصومین علیهم السلام لغایة حرف اللام.

صدر الجزءان فی قم سنة 1414 ه.

* ابن تیمیة : حیاته ، عقائده ، موقفه من الشیعة وأهل البیت علیهم السلام.

تألیف : صائب عبد الحمید.

بحث موسع وعمیق فی سیرة ابن تیمیة وبیئته وعصره وحیاته ومیادین عقائده الکبری ، مع تعریف بآرائه ومعتقداته فی أهل البیت علیهم السلام والشیعة ، وإظهار فسادها وبطلانها ، وقد تضمن بحثا عن العلامة الحلی ، الحسن بن یوسف المطهر الأسدی ومناظراته مع علماء المذاهب الأخری.

نشره : مرکز الغدیر للدراسات

ص: 474

الإسلامیة - قم / 1414 ه.

* الشهادة الثالثة المقدسة.

تألیف : الشیخ عبد الحلیم الغزی.

بحث موسع وشامل فی الشهادة الثالثة بالإمرة والولایة لسید الأوصیاء أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام فی الأذان والإقامة وغیرها من الموارد الأخری ، باعتماد الأحادیث المرویة عن الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم من مختلف الطرق ، وحدیث أهل البیت علیهم السلام حول هذه الشهادة ، موردا آراء کثیر من علماء المذهب بالإتیان بها استحبابا أو بقصد القربة المطلقة.

نشر : هیئة قمر بنی هاشم علیه السلام - قم / 1414 ه.

* المختار من کلمات الإمام المهدی عجل الله فرجه ، ج 1 - 3.

تألیف : الشیخ محمد الغروی.

هو جمع وترتیب وفق حروف المعجم لکلمات الإمام المهدی المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف ، التی أصدرت منه علی شکل توقیعات إلی سفرائه - رضوان الله علیهم - أو من الروایات التی تروی أحادیثه وأقواله علیه السلام لأصحابه أو

غیرهم ، فی غیبته أو حضوره ، وتم اختیار الکلمات ما یمس منها العقائد ویمتاز به الحق عن الباطل ، وما یخص الأحکام والقضایا الاجتماعیة والفردیة وعلاج الاختلافات.

یضم الکتاب فی أجزائه الثلاثة 500 کلمة مختارة ، اشتمل الجزء الأول علی ما اختیر من حرف الألف إلی حرف الراء ، والجزء الثانی من حرف الزای إلی حرف اللام ، والثالث من حرف المیم إلی حرف الیاء إضافة إلی مجموعة کبیرة من الفهارس الفنیة.

صدر فی قم سنة 1414 ه.

* فقه الشرکة علی نهج الفقه والقانون.

تألیف : السید عبد الکریم الموسوی الأردبیلی.

بحث مفصل عن الشرکة فی منهجها الفقهی والقانونی ، یوضح أحکامها وشرائطها وأسبابها وأدلة صحتها فقهیا ، ویتضمن من کتاب (الوسیط) لعبد الرزاق السنهوری ، مع بحث مفصل فی کتاب التأمین باعتباره أحد طرق الشرکة وکونه من المسائل المستحدثة ذات الأهمیة الاجتماعیة فی الوقت الحاضر.

نشر : منشورات مکتب أمیر المؤمنین

ص: 475

علیه السلام - قم / 1414 ه.

* مستدرکات مقیاس الهدایة فی علم الدرایة ، ج 5 - 7.

تألیف : الشیخ محمد رضا المامقانی.

والجزءان الخامس والسادس عبارة عن مستدرکات لکتاب (مقیاس الهدایة فی علم الدرایة) للشیخ عبد الله بن محمد حسن المامقانی (1290 - 1351 ه) وهی توضیحات لما استوجبته النصوص واقتضته ضرورة البحث مع ما یقرب من 500 فائدة درائیة.

أما الجزء السابع فهو خلاصة لمصطلحات علماء الدرایة ، وخلاصة للکتاب ومستدرکاته وفوائده ومسائله.

صدرت الأجزاء الثلاثة فی قم سنتی 1413 و 1414 ه.

* إرشاد الأذهان إلی أعلام القرآن ، ج 1.

تألیف : عبد الحسین الشبستری.

ترجمة لأکبر عدد ممکن من الأعلام إلی ورد ذکرها فی القرآن الکریم - صراحة أو إشارة - من الأنبیاء والمرسلین وغیرهم من أعلام العصور الغابرة أو المعاصرة للنبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم ، وذکر بعض الملائکة والجن، مرتبة حسب

الحروف الهجائیة.

نشر: دار القرآن الکریم - قم / 1414 ه.

* دعوة موسی والانحرافات الإسرائیلیة فی ضوء القرآن.

تألیف : الشیخ نوری حاتم.

دراسة تحلیلیة لتاریخ کلیم الله ورسوله موسی بن عمران علیه السلام من خلال آیات القرآن الکریم ، جعلها المؤلف فی قسمین ، تناول فی الأول منها أهداف حرکة الرسول بشکل عام ، وجهادهم فی تنقیة الفکر الإنسانی من الشرک ومدلولاته ، وتناول فی القسم الثانی حرکة نبوة موسی علیه السلام وسیره فی ذلک المحور مع نبی إسرائیل فی وقائعها المختلفة وجوانبها المتعددة.

نشر : مؤسسة المرتضی العالمیة - بیروت / 1414 ه.

* صلاة الجمعة والعیدین فی مصادر الفریقین.

کتاب جمع بین دفتیه 1144 حدیثا وروایة مما ورد عن النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بیته الطاهرین علیهم السلام فی مصادر الفریقین ، موزعة علی

ص: 476

سبعة عشر فصلا ، تناولت فضل الجمعة والعیدین وما یستحب فیهما من الصلوات والأعمال والسنن وغیر ذلک مما یتعلق بإقامتها.

تحقیق ونشر : المدیریة العامة لأئمة الجمعة - قم / 1414 ه.

* دراسة فی المرأة وستر الوجه والکفین.

تألیف : السید علی حسین محمد مکی العاملی.

دراسة وعرض فقهی لمسألة ستر المرأة للوجه والکفین من حیث الوجوب والجواز ، تطرق فیه إلی نصوص الکتاب العزیز والروایات المأثورة عن المعصومین علیهم السلام ، والشواهد التاریخیة الأخری من أحداث وأشعار وغیرها.

نشر : الدار الإسلامیة - بیروت / 1413 ه.

* أحکام الغصب فی الفقه الإسلامی.

تألیف : الدکتور عبد الجبار حمد شرارة.

بحث مقارن بین المذاهب الإسلامیة السبعة وبین القانون الوضعی ، تناول الغصب وما یرتبط أو یتصل به ، سالک فیه المنهج الحدیث فی التعبیر والعرض والتبویب ، وقام بعرض الآراء الفقهیة

المختلفة ، ورجح رأیا علی رأی تبعا لقوة الدلیل.

نشر : مکتب الإعلام الإسلامی - قم / 1414 ه.

* موسوعة الإمام الصادق علیه السلام ، ج 1.

تألیف : السید محمد کاظم القزوینی.

یحتوی هذا الجزء علی عدة أبحاث مفصلة ومرتبطة بعضها مع بعض ، یدور البحث فیها حول أحادیث الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم الخاصة بإثبات الإمامة والولایة لأمیر المؤمنین والأئمة

علیهم السلام من بعده ، ثم یتناول جزء من حیاة الإمام أبی عبد الله الصادق علیه السلام یتضمن الأخبار الواردة عن : والدیه ، ولادته ، ألقابه وشمائله ، ثم یثبت أسماء 100 کتاب من کتب العامة روی مؤلفوها عن الإمام الصادق علیه السلام أحادیث کثیرة لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رواها عن آبائه علیهم السلام.

صدر فی قم سنة 1414 ه.

* المنهج الأثری فی تفسیر القرآن الکریم .. حقیقته ومصادره وتطبیقاته.

تألیف : هدی جاسم محمد أبو طبرة.

ص: 477

رسالة لنیل الماجستیر / آداب فی الشریعة والعلوم الإسلامیة مقدمة إلی جامعة الکوفة فی العراق ، وهی تشتمل علی عدة أبحاث قیمة ومفصلة لکل فصل من فصولها الأربعة ، فالفصل الأول یضم بحثا لمعنی المنهج الأثری لغة واصطلاحا ، وبحث نشأة التفسیر بالمأثور الذی یتناول التفسیر من مرحلة العصر النبوی إلی مرحلة تابعی التابعین ، والفصل الثانی یضم بحوثا عن مصادر التفسیر بالمأثور والتی هی القرآن الکریم والسنة النبویة والمأثور من أئمة أهل البیت علیهم السلام والمأثور عن الصحابة والمأثور عن التابعین ، والفصل الثالث تطبیقات التفسیر بالمأثور ، ویضم بحوثا لأربعة من أشهر الکتب الموجودة فی التفسیر بالمأثور ، والفصل الأخیر یضم بحثا لخصائص المنهج الأثری وبحثا آخر لتقویمه.

نشره : مکتب الإعلام الإسلامی - قم / 1414 ه.

* البرهان علی عدم تحریف القرآن.

تألیف : السید مرتضی الرضوی.

الکتاب رد علی مقال بعنوان (الشیعة وتحریف القرآن) لکاتبه محمد عبد الله السمان ، الذی نشره فی مجلة أکتوبر

المصریة ، العدد / 5 المؤرخ فی 5 / 5 / 1983 م - القاهرة ، والذی کان هو تعریفا بکتاب تحت نفس العنوان لمؤلفه البحرینی محمد مال الله ، اشتمل الکتاب علی عدة بحوث حول الشیعة الإمامیة وبعض معتقداتها والصحابة ، مع بحث مفصل عن سلامة القرآن من الزیادة والنقصان ، وذکر آراء عدة من علماء الإمامیة الکبار فی مسألة التحریف وصیانة القرآن الکریم منه.

نشر : الإرشاد للطباعة والنشر - بیروت / 1411.

* محاورة عقائدیة.

تألیف : السید أمیر محمد الکاظمی القزوینی.

والکتاب رد علی کتاب (فقه الشیعة الإمامیة) للدکتور علی أحمد السالوس ، الذی حاول فیه انتقاص واتهام الشیعة الإمامیة بالافتراءات والاتهامات الباطلة فی کثیر من العقائد والأصول والأحکام الشرعیة ، کما وأظهر الکتاب بطلان ما ذهب إلیه السالوس من الآراء الفاسدة بالحجج القویة.

نشر : مرکز الغدیر للدراسات الإسلامیة - قم / 1414 ه.

ص: 478

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.