تراثنا المجلد 34

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1414 ه.ق

الصفحات: 246

ص: 1

الفهرس

*کلمة التحریر :

* ( إنّ مع العسر یسراً ) ثمّ ( إنّ مع العسر یسراً ) .

................................................................. هیئة التحریر 7

* هوامش علی کتاب المرتضی للندوی.

................................................. السیّد علیّ الحسینیّ المیلانیّ 17

*فی رحاب نهج البلاغة (4) :

*ما قیل فی نهج البلاغة من نظم ونثر.

.................................................. السیّد عبدالعزیز الطباطبائی 60

ص: 2

*الکلمة فی اصطلاح النحاة

........................................................ السیّد علیّ حسن مطر 11

*من ذخائر التراث :

*الخلاصة فی علم الکلام - لقطب الدین السبزواری.

...................................... تحقیق : السیّد محمّدرضا الحسینیّ الجلالیّ 123

*من أنباء التراث.

.................................................................... التحریر 227

====

1صورة الغلاف : نموذج من إحدی مخطوطات الخلاصة فی علم الکلام لقطب الدین السبزواری - أحد أعلام القرن السادس الهجری - المنشورة فی هذا العدد ، ص 123 - 226

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

کلمة التحریر (إن مع العسر یسرا)

ثم

(إن مع العسر یسرا)

بسم الله الرحمن الرحیم

لم تکن الأمة الإسلامیة - فی عصر من العصور - علی مثل هذا الحد ، من العسر والشدة والضیاع ، الذی هی فیه الیوم.

حیث تعتبر - الآن - أکثر الأمم تخلفا عن رکب الحیاة الحرة الکریمة ، وأکثرها جهلا ، وأشدها ضعفا وخورا ، وأحقرها رأیا وصوتا ، وأوسعها فرقة وتشتتا.

علی ما هی علیه من کثرة فی العدد ، حیث یبلغ المسلمون الملیار والنیف من الرؤوس ، بما یعادل ربع المجموعة البشریة علی وجه الأرض!

کما إنهم لیسوا فی قلة من المال ، حیث یملکون أکبر مخزون عالمی من الذهب الأسود - النفط - المدفون تحت أراضیهم الشاسعة ، وحیث أرصدتهم المالیة من العملات الصعبة تغطی نفقات أکبر المصانع العالمیة ، والبنوک الدولیة ، فی شرق الأرض وغربها!

ومع أنهم یدعون الانتماء إلی دین الإسلام ، وهو أعز دین عرفته البشریة ، وأحرصه علی الکرامة الإنسانیة ، وأدعاه إلی العلم والمدنیة ، وأوسعه ثقافة

هیئة التحریر

ص: 7

وطهارة ونظافة.

ولکن کما تنبأ به الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم ، فی حدیث ثوبان عنه ، قال :

«یوشک الأمم أن تداعی علیکم ، کما تداعی الأکلة إلی قصعتها».

فقال قائل : ومن قلة نحن یومئذ؟!

قال : «بل أنتم - یومئذ - کثیر ، ولکنکم غثاء کغثاء السیل ، ولینزعن الله من صدور عدوکم المهابة منکم ، ولیقذفن الله فی قلوبکم الوهن».

فقال قائل : یا رسول الله ، وما الوهن؟

قال : «حب الدنیا ، وکراهیة الموت» (1).

صدق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، وکأنه یصف حالة المسلمین الیوم ، وهم یقفون - أمام شراذمة الأمم - أذلاء تنهب ثرواتهم ، ویحتقرون ، وتصب علیهم النیران صبا ، وتنتهک حرماتهم ، وتدنس مقدساتهم بکل صلافة ، وفی وضح النهار.

والمسلمون خانعون ، لا ینبسون ببنت شفة ، لأنهم ابتلوا بالوهن :

الوهن فی الإدارة ، والوهن فی التدبیر ، والوهن فی القوة والإعداد.

ولذلک لجأوا إلی العدو فی أهم مرافق الحیاة ، من الاقتصاد والتسلح ، والإدارة ، ورکنوا إلی الذین ظلموا حتی فی المأکل ، والملبس ، وأطوار الحیاة الیومیة.

وابتلوا بحب الدنیا ، وکراهیة الموت ، والتوغل فی الفساد ، واللهو ، والملذات حتی الآذان ، فتهالکوا علی الراحة والجاه والملک والرئاسة والسیطرة علی شعوبهم المظلومة ، ولجأوا إلی العنجهیة والقتل والغارة والاعتداء علی

ص: 8


1- 1. رواه أبو داود فی سننه - کتاب الملاحم - 4 / 111 رقم 4297 ، وأورده أحمد فی مسند أبی هریرة 2 / 359 بلفظ قریب.

أموال الناس وأعراضهم ونفوسهم فی سبیل إرضاء الأسیاد الغربیین ، وطمعا فی المزید من التحکم علی البلاد والعباد ، والتمتع بملذات الحیاة.

والکفر العالمی - الذی یهاب الإسلام ، لما یعرف فیه من القوة والصدق والحق والطهارة والجد - مترصد منذ زمان ، للإجهاز علیه ، لأنه بما فیه ، لو تحقق له النفوذ والانتشار فی العالم ، لم یبق للزیف والظلم والفساد فی الأرض مجال ، ولم یتمکن أولئک الطامعون من فرض إرادتهم علی الشعوب المظلومة المضطهدة.

فالکفر - وهو بکل أدیانه ومذاهبه وفرقه : ملة واحدة - یخاف الدین الإسلامی ، ویحاول طمس معالمه ، وتشویه سمعته ، بین المسلمین ، وغیر المسلمین من الأمم الأخری.

والأدوات التی یستخدمها - لتنفیذ خطته للکید لهذا الدین ولمعتنقیه - متطورة بتطور الآلة الصناعیة الحدیثة ، ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئیة ، وحتی الثقافة والسیاسة والاقتصاد ، أصبحت - کلها - أسلحة للکفار فی ضرب الإسلام والمسلمین.

ولم یکف الکفر لحظة واحدة من الکید للإسلام ، علی طول القرون الأربعة عشر الماضیة من عمره ، إلا أن هذا العصر تمیز بأمور خاصة :

أولا : بالسیطرة الکاملة الشاملة ، للقوی الکافرة - مسیحیة ویهودیة ، أو ملحدة - علی کل مرافق الحیاة فی البلدان الإسلامیة

سواء بصورة مباشرة ، کخبراء اقتصاد ، أو مستشارین عسکریین ، أو رجال أعمال ، ومدراء بنوک ، ومهندسین ، أو أعضاء الأمم المتحدة!! وحتی عمال التنقیب عن الآثار ، وأطباء الصحة ، وو ...

أم بواسطة أیادیهم المتعلمین فی مدارسهم ، أو المتربین فی أندیتهم ممن رفعوهم إلی مناصب عالیة فی الدول الإسلامیة من ملوک وأمراء ووزراء ورؤساء ، ومدراء عامین ، وقواد حرس ، وضباط جیش ، ورجال مباحث

ص: 9

واستخبارات عسکریة ، ومدنیة ، وما إلی ذلک.

فتسللوا إلی مراکز القوی ، والإدارة ، والعمل ، الحساسة فی البلاد.

ثانیا : الاختراق الثقافی ، ونشر الأفکار البدیلة ، والتشکیکات والشبهات المعارضة للحق ، بأصوات وأبواق وأقلام سامة ومأجورة ، مستخدمة لأزیاء براقة ، مثل أصحاب القبعة الجامعیة ، أو البدلة الطبیة ، أو حتی البزة الدینیة - أحیانا - کما یقوم به علماء البلاط ووعاظ السلاطین ، وغیر ذلک من السمات الطیبة ، والأزیاء الفضفاضة ، والمقدسة عند المجتمع.

کل ذلک بهدف زعزعة عقیدة الأمة بالدین الحق ، ولأجل تفریع الأدمغة وغسلها ، وملئها بأفکار مستوردة.

وبعد أن کشر الکفر العالمی - بزعامة الصهیونیة الحاقدة علی الإسلام والمسلمین ، فی هذا العصر - عن أنیابه ، ورفع أقنعة الدجل عن وجه تصرفاته العدوانیة ، وأعلن عن خطورة الدین الإسلامی الحنیف علی نظامه الجدید ، ونزعاته الإلحادیة ، وأطماعه فی الأرض ، نزل - بکل صلافة - بقواته فی المیاه الإسلامیة ، وعلی الأرض المقدسة ، وغزا البلاد الإسلامیة ، وصب علی أجزاء منها آلاف الأطنان من حقده الأسود.

وفی خضم تلک التدابیر اللئیمة ، وهذه الاعتداءات الألیمة ، نواجه نحن «الشیعة» هجوما مرکزا خاصا من قوی الکفر والعمالة ، تستهدف «المؤسسة الدینیة الشیعیة» بالذات ، بسهام حقدها وشغبها ، باعتبارین :

الأول : أن الصحوة الإسلامیة المتنامیة ، إنما بدأت فی مطلع هذا القرن من خلال انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران ، فکانت بدایة التحرک المعاصر لإحیاء الإسلام وتجدیده فی قلوب الملایین من المسلمین المضطهدین والمغلوبین علی أمرهم ، بحیث أنتج المد الإسلامی العارم ، والجارف لکثیر من قواعد الفساد والشر والإلحاد التی زرعتها أید عمیلة فی الأرض الإسلامیة ، وبدأت تنشر الوعی الإسلامی الصائب ، وتصدر هذا الوعی لیعم کل الأرض

ص: 10

الإسلامیة وحتی غیر الإسلامیة.

وهذا ما یشکل أعظم الأخطار علی الکفر العالمی وأهدافه القریبة والبعیدة ، وینسف کل مخططاته وتدبیراته ، ویدمرها.

الثانی : أن المؤسسة الدینیة الشیعیة ، هی المؤسسة الإسلامیة الوحیدة التی تتمتع بکامل الحریة من سیطرة أیة سلطة رسمیة أو غیر رسمیة ، وإنما تعتمد حریة الرأی واتخاذ القرار وفقا لموازین الإسلام الحق ، والمصلحة الإسلامیة من دون التأثر بأی شئ من المضاعفات والألاعیب السیاسیة وغیرها.

وبذلک تمکنت من مواجهة التحدیات الکبری التی دبرتها العناصر الاستعماریة منذ دخولها أرض الإسلام ، وکذلک کان لها الموقف الحازم تجاه الأحداث والمجریات فی داخل العالم الإسلامی.

ومن أجل کل هذا ، أصبح «التشیع» وبالأخص «المرجعیة» مستهدفة ، فی هذا القرن ، من قبل أعداء الدین الإسلامی ، إذ جعلوها مرکز الهدف فی کل حملاتهم الشعواء ضد الإسلام ، ومحور کل الألاعیب السیاسیة والتغییرات والتحولات فی خارطة المنطقة الإسلامیة ، والعنوان الکبیر فی قائمة أعمال کل المؤتمرات والمجالس والاجتماعات واللقاءات داخل المنطقة وخارجها.

وکان الإسلام ، قد انحصر وبرز فی هذا الهدف بالذات!

ومهما یکنه هذا من حقیقة ، فإن المفارقة الواضحة فیه أن المسلمین فی العالم ، والمؤمنین بالحرکة الإسلامیة بخاصة ، وإن استلهموا من الشیعة روح العودة إلی الإسلام ، وتیقظوا لإحیائه ، وملأوا أنفسهم بالأمل ، لکنهم إنما یسیرون علی مناهج تخصهم ، والتزامات ذاتیة تحکمها ظروفهم ، وإن کان الجامع هو الولاء للإسلام الدین الحق ، والدفاع عن الوطن الإسلامی ، الذی أصبح مجالا للاستعمار واعتداءاته.

لکن القوی الشریرة ، والمستکبرة ، تری کل ما حدث - ویحدث - فی العالم الإسلامی لصالح المسلمین ، من عین «الشیعة» و «مرجعیتها الدینیة».

السیّد علیّ حسن مطر

ص: 11

وقد جعلت من هذا مبررا رسمیا لهجومها الإعلامی والسیاسی والاقتصادی ، بل العسکری! ضد المسلمین الشیعة ، فی کل نقاط العالم ، وبشتی الأشکال والمستویات!

وشاءت الإرادة الإلهیة أن تکون الأعوام الخمسة الماضیة ، أعوام حزن متوالیة ، للشیعة ، فبعد عروج آیة الله العظمی السید الإمام الخمینی إلی الرفیق الأعلی ، کان رحیل مرجعی الطائفة ، آیة الله العظمی السید الخوئی ، وآیة الله العظمی السید الکلبایکانی ، قدس الله أسرارهم ، فقد احتل کل منهم «المرجعیة الدینیة» بجدارة ، وتزعموا إدارة «المؤسسة الدینیة» فی ظروفها الصعبة والحرجة.

والیوم ، قام عفریت الکفر من جدید ، لیستغل ما یتصوره من فراغ فی «المرجعیة العلیا» بمحاولات شیطانیة ما کرة :

فبعث شیاطینه ، لیثیروا الشبه والتشکیکات بین «الشیعة» حول أصل «المرجعیة» وانهمک خبراء الأجهزة السریة والاستخبارات بتهیئة الکوادر للعمل فی مجال الإعلام ، لتألیف الکتب ، وإعداد المقالات ، وبث الأحادیث ، واللقاءات والاجتماعات ، عن «المرجعیة الدینیة عند الشیعة» فامتلأت آلاف الصفحات من المجلات والجرائد بالحدیث عن ذلک ، وبأقلام مزیفة ، وجاهلة وبعیدة عن الفکر الشیعی والفقه الشیعی والتراث الشیعی.

وقامت بالتهجم علی الفکر الشیعی ، بصورة متخلیة عن أبسط قواعد الأدب والخلق والشرف.

والغرض من وراء ذلک : التشویش علی «الشیعة» وعلی «المرجعیة» ومحاولة زعزعة الإیمان المستقر فی قلوب الملایین من المؤمنین ، وتشکیکهم بالتزاماتهم وقناعاتهم العقیدیة ، وصرفهم عن إسناد المرجعیة الدینیة ، التی کانت - ولا تزال - هی السد المنیع لمواجهة تحدیات الکفر العالمی وأسالیبه المتطورة ضد الدین الإسلامی الحنیف وقیمه الإلهیة.

ص: 12

وقد وجد الاستعمار فی أهل النصب والعداء للشیعة ، والبغض والکراهیة لهم ، من أصحاب الأقلام وممن یسمی نفسه «مسلما» .. وجد فیهم أنصارا وأعوانا ، وقفوا معه فی صف ، یشنون الحملات علی «الشیعة» و «المرجعیة الشیعیة» حاملین أسنة أقلامهم الملیئة بالحقد الأسود یکتبون ما لا یلیق ، محاولین تزییف عقائد الشیعة بکل طریقة باطلة ومبتذلة ومفضوحة!

ورغم أن أولئک المتحاملین علی الشیعة ، یدعون حمایة الإسلام والسلفیة الدفاع عنهما ، فهم یوالون النصاری ویوادونهم ، واستهوتهم المسیحیة الحاقدة علی الإسلام ، ویحاولون التزلف إلی الیهود ، والتصالح مع الصلیبیة المعتدیة علی مقدسات المسلمین وکرامتهم.

لکنهم یهاجمون «الشیعة» ویحادون «مرجعیتها» التی تمثل الإسلام فی عالم الیوم.

إن الناصبین لآل محمد العداء ، یحسبون أن هذه أهم فرصة لهم ، لضرب «الشیعة» ولو بالتعاون مع الکفار الأجانب ، متناسین أن «التشیع» إنما استهدف - الیوم - باعتباره یمثل الإسلام ، وهو الواجهة والسد للدفاع عن المسلمین!

وهم - بدافع من الکفار - یصدرون بین الحین والآخر فتاوی مزیفة ضد «الشیعة» وعقائدها ، ومتغافلین عما یجری - تحت آذانهم - من نعیق الشیطان بالکفر والفساد ، والتعدی علی مقدسات الإسلام ، وانتهاک أعراض المسلمین ، وانتهاب أموالهم!

ووجد الکفر - هذه المرة - منفذا إلی بعض من یتسمی بالتشیع ، ویدعی الانتماء الیه ، لیتخذه عونا فی حملته هذه ، ممن استهوته الدنیا ، وباع حظه من الآخرة بالثمن الأوکس ، علی حساب دینه ، وأمته ، ووطنه ، طمعا فی منصب ، أو مال ، أو لذة ، أو لجوء وإقامة فی بلد!!!

وفی هذا الإطار ما ینشر من کتب ومقالات وأحادیث عن «المهدی

ص: 13

المنتظر» باعتباره المنطلق الأساس لفکرة المرجعیة !

زعما أن بالإمکان تشتیت وحدة الصف الشیعی ، والتدخل فی أمر قیادتها الدینیة بهذه الأسالیب الماکرة.

وجهلا بأن الشیعة قد وجدوا الطریق الآمنة ، المطمئنة ، منذ البدایة ، وقد عرفوا أعداءهم - الداخلین والخارجین - وواجهوا أمثال هذه الأحابیل ، وتلک الأسالیب ، والألاعیب ، مرات عدیدة فی طول تاریخهم ، فلم تزدهم إلا صمودا علی الحق الذی عرفوه وتبنوه ، وتأکدوا منه ، وأقاموا علیه ألف دلیل ودلیل.

وما الشیعة فی العالم - الیوم - من القلة أو الضعف بحیث تخفی علیهم أسالیب الأعداء الماکرة ، ولا تخدعهم الأقنعة المزیفة التی یرتدیها الجهلة ، ولا تغرهم الدموع الکاذبة التی یصبها الأعداء علی «المرجعیة».

ولا تخدعهم النصائح المسمومة ، ولا الایعازات ، والتمریرات ، ولا المحاولات اللئیمة ، التی تهدف إلی تضعیف الصف الشیعی وتشتیت قواه ، تمهیدا للإجهاز علیه!

وکیف یغتر أحد بکلماتهم المعسولة ، وقد تلطخت أیدیهم - حتی المرافق - بدماء المسلمین والشیعة الأبریاء فی إیران الإسلام وفی العراق وجنوب لبنان ، وأفغانستان ، وها هم یجرون أنهارا من دماء المسلمین فی البوسنة ، والجزائر ، والأرض المقدسة فی القدس تئن من سنابک جیوشهم.

والغریب أن کل هذا الظلم والاعتداء ، یجری فی العالم أمام أعین «الزعامة الدینیة» للمسیحیة ، بل ما یجری فی «البوسنة» تحت أرنبة آذان «الفاتیکان» ولا یحاول البابا أن یسمع أصوات القنابل والصواریخ ، ولا أن یفیق من سباته العمیق ، فضلا عن أن یسمع أنین الجرحی ، أو نشیج الیتامی ، ولا آهات الثواکل!!

إن «زعامة دینیة» لا تحاول أن تعترف بوقوع الجریمة ، وقد اعترف بها العالم ، وکل المنظمات الدولیة وشجبتها ، وهی تقع علی أیدی أتباع هذه

ص: 14

الزعامة ، والصرب النصاری بالذات ، فلا یفتح «البابا» فمه ، لینهاهم ، ویوقف - بکلمة واحدة - حمام الدم ، لکنه یکتفی بقوله : «إنه یدعو!».

أما هو - وعداءا للإسلام ، وتنکیلا بالمسلمین - یعترف فی نفس هذه اللحظة ، بدویلة إسرائیل ، رسمیا ، یقیم معها علاقات دبلوماسیة ، ولا یحاول أن یکتفی بالدعاء لها!؟

إن هؤلاء ، وذیولهم فی المنطقة الإسلامیة ، یریدون أن یتدخلوا فی تنصیب «زعامة دینیة» للشیعة ، ویعینوا «مرجعا» لهم علی غرار البابا أو أکثر غفلة!

إنه الجهل ، والحقد ، واللؤم ، والمکر ، والغباء ، الذی یتصف به أعداء الإسلام ، وأعداء التشیع ، من الکفرة والناصبین العداء لمحمد وآل محمد وشیعتهم ، وإن تزیوا بأزیاء البابویة ، والسلفیة ، وحتی من تظاهر بالتشیع ممن تعمم بالیأس ، والقنوط ، ولفته الحیرة فی عالم اللجوء السیاسی ، وعمه التعب والإرهاق النفسی ، ویئس - بعد مظاهر الشیب والکبر - من أن تصل یده إلی بعض ما کان یأمل من کرسی - للحکم المهزوز - یجلس علیه ولو لحظات ، فحاول اللجوء إلی الکفار المعادین للإسلام ، من عملاء الأمم المتحدة ، لیعینوا له «مرجعا» دینیا ، هنا أو هناک.

لقد أوضح التاریخ - عبر القرون والتجارب - أن هذه الأسالیب ، فاشلة أمام الصمود الشیعی ، والحق العلوی ، والواقع الإسلامی ، والحقیقة «المرجعیة».

وبالرغم من العراقیل المقطعیة ، والعداءات والحواجز والأجواء العابرة ، وظروف العسر والشدة ، فإن الحق یعلو ولا یعلی علیه کما هو الوعد المحتوم.

ونحن ندعو المؤمنین إلی المزید من الثبات والیقظة والحذر ، والاعتماد علی الله ، والثقة به ، والتمسک بالقرآن ، واتباع سنة الرسول وآل الرسول ، والجد

ص: 15

فی سبیل تحقیق الأهداف العالیة ، والتعاون فی توحید الصف ، ورعایة الضعفاء لرفع الشدة والعسر عنهم ، والانتظار - المدعوم بالیقین والعمل - للفرج وتوقع الیسر ، بعد کل هذه «الشدة» وهذا «العسر».

فإن «انتظار الفرج عبادة» و «إن مع کل عسر یسرین».

والله المستعان.

هیئة التحریر

ص: 16

هوامش علی کتاب :

المرتضی

سیرة أمیر المؤمنین سیدنا أبی الحسن

علی بن أبی طالب رضی الله عنه وکرم وجهه

بقلم : أبو الحسن علی الحسنی الندوی.

السید علی الحسینی المیلانی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد وآله الطاهرین ، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین ، من الأولین والآخرین.

وبعد :

فإنه یصلنا بین کل یوم وآخر کتاب عن الشیعة وأئمتها وعقائدها ، من مختلف البلدان ، الإسلامیة منها وغیر الإسلامیة ، یکتبها «دکاترة» و «مشایخ» یحاولون الصد من انتشار التشیع ، والوقوف أمام توجه أبناء الفرق الأخری إلیه ...

وکذلک الحال فی کل زمان ومکان .. فما خرج «منهاج السنة» من الشام ولا «الصواعق المحرقة» من مکة ، ولا «التحفة الاثنا عشریة» من الهند ، ولا غیر هذه الکتب فی الأزمنة والأمکنة المختلفة .. إلا لهذا السبب ...

یقول ابن حجر المکی فی مقدمة کتابه : سئلت قدیما فی تألیف کتاب یبین حقیقة خلافة الصدیق وإمارة ابن الخطاب ، فأجبت إلی ذلک مسارعة فی

السیّد علیّ الحسینیّ المیلانیّ

ص: 17

خدمة هذا الجناب .. ثم سئلت فی إقرائه فی رمضان سنة 950 بالمسجد الحرام ، لکثرة الشیعة والرافضة ونحوهما الآن بمکة المشرفة ، أشرف بلاد الإسلام ، فأجبت إلی ذلک رجاء لهدایة بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالک»!!

وکان هذا السبب الآن أقوی من أی وقت مضی .. فما أکثر الکتب والمقالات فی المجلات .. وحتی الأشرطة .. التی تنشر ضد هذا المذهب علی مختلف المستویات .. فی هذه الأیام .. لکنها - فی الأغلب - تکرار لما تقوله الأقدمون ، واجترار لما لفظه الغابرون ، وتهجمات لا یقوم بها إلا الجاهلون .. ولا جواب لها .. إلا «السلام».

إلا أنا نجد من بین تلک الکتب کتبا نادرة یبدو أن مؤلفیها شعروا بأن التهریج والافتراء لا یلائم روح العصر ، وأنه لا یجدی إن لم یثمر العکس ..

فجاءوا یدعون العلمیة والتحقیق ، ویتظاهرون للنبی وآله بالولاء والتصدیق .. فکانت کتبهم بظاهرها جدیرة بالقراءة والدراسة ..

لکنک إذا لاحظتها وجدتها لا تختلف فی واقعها عن غیرها .. إلا من ناحیة الأسلوب ، أعنی خلوصها - إلی حد ما - من السب والشتم ..

أما خلوصها من التحریف ، من الکذب ، من کتم الحقائق ، من إنکار الأمور المسلمة .. فلا ..

ولقد وقع اختیاری من بین هذه الکتب المعدودة من هذا القبیل علی کتیب وضعه أحدهم حول حدیث «إنی تارک فیکم الثقلین ، کتاب الله وعترتی أهل بیتی ...» ونشرت فی رده کتاب «حدیث الثقلین : تواتره ، فقهه» ، وکتاب آخر وضعه بعضهم حول کتاب «المراجعات» وأنا مشغول بالنظر فیه ، وهذا کتاب ثالث أنا بصدد التنبیه علی بعض ما فیه ، والله المستعان.

الکتاب عنوانه «المرتضی : سیرة أمیر المؤمنین سیدنا أبی الحسن علی ابن أبی طالب ، رضی الله عنه وکرم وجهه» ومؤلفه : «أبو الحسن علی الحسنی

ص: 18

الندوی» من منشورات «دار القلم للطباعة والنشر والتوزیع ، بدمشق».

وهو فی فصول عشرة :

الفصل الأول : علی بن أبی طالب فی مکة ، من الأسرة والولادة إلی الهجرة ، 13 - 35.

الفصل الثانی : علی فی المدینة من الهجرة إلی وفاة الرسول ، 37 - 55.

الفصل الثالث : سیدنا علی فی خلافة أبی بکر ، 57 - 93.

الفصل الرابع : سیدنا علی فی خلافة عمر ، 95 - 114.

الفصل الخامس : سیدنا علی فی خلافة عثمان ، 115 - 136.

الفصل السادس : سیدنا علی فی خلافته ، 137 - 157.

الفصل السابع : سیدنا علی إزاء الخوارج وأهل الشام إلی شهادته ، 159 - 174.

الفصل الثامن : سیدنا علی بعد الخلافة ، 175 - 192.

الفصل التاسع : سیدا شباب أهل الجنة الحسن والحسین 193 - 219.

الفصل العاشر : سادة أهل البیت وأولاد علی ، 221 - 250.

فالکتاب کله یقع فی 250 صفحة! والمتعلق منه بالموضوع - وهو سیرة المرتضی أمیر المؤمنین - 190 صفحة فقط!!

تناولت هذا الکتاب .. وأنا مستغرب کیف تمکن المؤلف من أن یودع «سیرة المرتضی أمیر المؤمنین» فی 190 صفحة فقط؟!

فوجدته یقول فی المقدمة :

«ومن هذه الشخصیات المظلومة أو المهضومة حقها : شخصیة سیدنا علی بن أبی طالب ، التی تراکمت علیها حجب کثیفة!! علی مدی القرون

ص: 19

والأجیال ، لأسباب مذهبیة طائفیة ونفسیة ، ولم ینصف لها حق الإنصاف ، ولم تعرض للدارسین والباحثین - وحتی للمحبین المجلین - فی صورتها الحقیقیة ، وإطارها الواسع الشامل ، وفی استعراض - أمین دقیق محاید - للعصر الذی نبغت فیه ، والأحداث التی عاشتها ، والمجتمع ورجاله وقادته الذین عاصرتهم وتعاونت معهم ، والمعضلات والمصاعب التی واجهتها ، والقیم والمثل التی تمسکت بها أشد التمسک ، والخطة السیاسیة والإداریة التی آثرتها ، ولم یبحث عن أسبابها ونتائجها ، ولم تقارن بنقیضها وضدها ونتائجه ، لو فضله وسار علیه».

قرأت هذه الفقرة وازداد تعجبی واستغرابی ، وخشیت أن یکون هذا المؤلف أیضا ممن لم ینصف تلک الشخصیة المظلومة أو المهضومة حقها»!! بل یکون هو أیضا من الظالمین لها والهاضمین لحقها!!

ثم رأیته یقول :

«ولکنی بدأت بعد ذلک أشعر - بشدة - بفراغ مثیر للاستغراب والدهشة فی المکتبة الإسلامیة العالمیة ، فیما یختص بموضوع سیرة سیدنا علی بن أبی طالب ، سیرة موسعة مؤسسة علی دراسة تاریخیة جدیدة واسعة ، یتخطی فیها المؤلف الحدود المرسومة التی قید فیها المؤلفون کتاباتهم ...».

فقلت : وهل ملأت الفراغ المثیر للاستغراب والدهشة ، وجئت ب «سیرة موسعة مؤسسة علی دراسة ...» فی فصول لا تبلغ المائة ورقة؟! وحینئذ عزمت علی مواصلة القراءة ، لأفهم - قبل کل شئ - کیف تکون المعجزة؟! ... «سیرة موسعة» ... «تملأ الفراغ» ... لشخصیة «مظلومة أو مهضومة حقها ...» «فی إطارها الواسع الشامل ...» ... «فی استعراض أمین دقیق محاید ...» ... فی 190 صفحة!!

* * *

ص: 20

وثمة شئ آخر .. فی المقدمة .. یلفت النظر .. وهو وصفه هذا الکتاب بقوله :

«لا یکون عیالا علی ما کتب وألف ، ولا علی مصادر التاریخ المعدودة العرفیة المعینة ، التی یستقی منها المؤلفون معلوماتهم فی الغالب ...».

ثم قوله :

«إنی التزمت فی تألیف هذا الکتاب مبدأین کل الالتزام :

أولا : أن أعتمد علی الکتب القدیمة الموثوق بها المتلقاة بالقبول فقط.

ثانیا : التزمت الإحالة فی النقل إلی اسم الکتاب بقید الجزء ورقم الصفحة ...».

ولکنک إذا ما راجعت فهرس مصادره وجدته یستقی معلوماته من «مصادر التاریخ المعدودة العرفیة المعینة» أمثال «سیرة ابن هشام» و «البدایة والنهایة» ..

ویخالف ما یدعی الالتزام به فی قوله : «أعتمد علی الکتب القدیمة ...» فقد اعتمد کثیرا علی «البدایة والنهایة» و «إزالة الخفاء فی سیرة الخلفاء» و «السیرة الحلبیة» ونحوها من کتب المتأخرین ، حتی أنه رجح فی غیر مورد ما جاء فی أحد هذه الکتب علی ما روته «الکتب القدیمة» ک «تاریخ الطبری» و «سیرة ابن هشام» ... مضافا إلی تصریحه فی هامش الصفحة 9 من المقدمة بأنه قد «أفاد کثیرا» من کتاب «عبقریة الإمام» للأستاذ عباس محمود العقاد ، بعد أن وصفه بقوله : «إن مما یقتضیه الإنصاف والاعتراف بالحق : إن خیر ما کتب عن سیدنا علی رضی الله عنه هو کتاب عبقریة الإمام ...».

* * *

وبعد :

فهذه هوامش وضعتها باختصار علی أهم الفصول المتعلقة من الکتاب ب

ص: 21

«المرتضی» تبیینا للحقائق التی أنکرها أو أغفلها ، وتنبیها علی الأسالیب الملتویة التی سلکها متبعا أثر أئمته السابقین ، ومشیدا لما أسسه أسلافه الأول .. لکن بدس السم فی العسل ... ومن الله الهدایة فی القول والعمل.

* * *

ص: 22

الفصل الأول

علی بن أبی طالب فی مکة

[1] صفات أمیر المؤمنین موروثة؟!

قال فی صفحة 17 :

«یحسن بنا أن نستعرض - فی أمانة تاریخیة وحیاد علمی - وضع الأسرة والسلالة ، اللتین ولد ونشأ فیهما أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب ...».

کأنه یرید أن الخصائص التی امتاز بها أمیر المؤمنین علیه السلام والصفات التی فضلته علی غیره ... إنما هی قضایا موروثة من آبائه ، فللدم الموروث فی أعضاء الأسرة کابرا عن کابر تأثیر علی أخلافها وذریاتها ... فالفضل فی کل ما کان الإمام علیه السلام یتمتع به من الصفات العالیة فی أعلی درجاتها ، کالشجاعة والبلاغة ... یعود إلی القبیلة التی کان ینتمی إلیها ، والأسرة التی نشأ فیها ...

وکان الرجل نسی - أو تناسی کما تقتضیهما الأمانة التاریخیة والحیاد العلمی!! - أنه لم یوجد فی بنی هاشم ولا قریش ... من کان یدانی سیدنا المرتضی علیه السلام فی شئ من الصفات التی کانت متوفرة فیه ، وحتی إخوته الذین نشأوا معه وعاشوا سویة ... لم یبلغوا معشار ما بلغه ...

إذن ، لیست القضیة قضیة عشیرة وقبیلة ، أو أسرة وبیئة ...

ثم ما یقول المؤلف فی النبی صلی الله علیه وآله وسلم؟! هل کانت صفاته التی کان علیها موروثة من آبائه کما یقول «علم التشریح وعلم النفس وعلم الأخلاق وعلم الاجتماع» - علی حد تعبیره -؟!

إن حال أمیر المؤمنین علیه السلام فی فضائله التی میزته عن أبناء أسرته

ص: 23

حال النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، فإن ذلک فضل الله یؤتیه حیث یجعل رسالته ..

[2] مات أبو طالب ولم یسلم؟!

قال فی صفحة 22 :

«مات أبو طالب فی النصف من شوال فی السنة العاشرة من النبوة ، وهو ابن بضع وثمانین سنة ، وهو العام الذی ماتت فیه خدیجة زوج النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم. ولم یسلم أبو طالب وهو المشهور الثابت من کتب الحدیث والسیرة ، المعروف عند المسلمین قدیما وحدیثا ، وقد تأسف علی ذلک رسول الله صلی الله علیه [وآله] وحزن له ، وذلک یدل علی أن هذا الدین دین مبدئی عقائدی ، لا یحابی فردا ولا سلالة علی أساس نسب وسلالة ، أو رحم وقرابة ، ولا علی حب ودفاع ، إذا لم تقرن به عقیدة صحیحة وإیمان بما جاء به الرسول».

أقول :

أما أن ما زعمه هو المعروف بین المسلمین قدیما وحدیثا ، فکذب صریح ، إذ الشیعة مجمعون علی إسلام سیدنا أبی طالب علیه السلام وإیمانه ، وجماعة کبیرة من علماء الفرق الأخری ، ینصون علی ذلک ویعترفون به وقد ألفت فی إثباته الکتب قدیما وحدیثا.

وأما أنه الثابت من کتب الحدیث والسیرة ، فکذب آخر ، لأن کتب الشیعة متفقة علی إسلامه ، وکتب غیرهم مشحونة بالأخبار والآثار الواضحة الدلالة علی إیمانه.

وأما أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم «قد تأسف علی ذلک» أی علی عدم إسلام أبی طالب علیه السلام ، فکذب ثالث.

ولنذکر بعض الروایات الصریحة فی موته مسلما ومؤمنا عن المصادر

ص: 24

«الموثوق بها المتلقاة بالقبول» کما قال وذلک إلزاما للمکابر ، وإلا فلسنا بحاجة إلی ما یروونه فی مثل هذا الموضوع الثابت عندنا بالضرورة :

فمن ذلک : قول أبی طالب لعلی علیه السلام لما رآه یصلی مع النبی : «أما إنه لم یدعک إلا إلی خیر ، فالزمه» (1).

ورووا قوله لجعفر - لما رأی النبی وعلیا عن یمینه یصلیان - : «صل جناح ابن عمک وصل عن یساره» (2).

ومن ذلک : قوله مخاطبا لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم :

«والله لن یصلوا إلیک بجمعهم

حتی أوسد فی التراب دفینا

فاصدع بأمرک ما علیک غضاضة

وأبشر بذاک وقر منک عیونا

ودعوتنی وعلمت أنک ناصحی

ولقد دعوت وکنت ثم أمینا

ولقد علمت بأن دین محمد

من خیر أدیان البریة دینا» (3)

ومن ذلک : قول فی شعر له فی أمر الصحیفة المعروف المشهور :

«ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا

رسولا کموسی خط فی أول الکتب» (4)

ومن ذلک : ما ورد فی کتب القوم بأسانید یروون بها عن سیدنا أبی طالب علیه السلام أنه قال : «حدثنی محمد ابن أخی ، وکان والله صدوقا ، قال : قلت له : بم بعثت یا محمد؟ قال : بصلة الأرحام وإقام الصلاة وإیتاء

ص: 25


1- 1. رواه المؤلف فی ص 31 عن سیرة ابن هشام 1 / 246 ، وهو أیضا فی تاریخ الطبری 2 / 214 ، وسیرة ابن سید الناس 1 / 94 ، وفی الإصابة 4 / 116 ، وغیرها.
2- 2. أسد الغابة 1 / 287.
3- 3. البدایة والنهایة 3 / 42 ، فتح الباری 7 / 153 ، السیرة الحلبیة 1 / 305 ، المواهب اللدنیة 1 / 61.
4- 4. سیرة ابن هشام 1 / 373 ، ابن کثیر 3 / 87 ، وغیرهما.

الزکاة» (1).

ومن ذلک : وصیته ، فإنه دعا بنی عبد المطلب فقال : «لن تزالوا بخیر ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره ، فاتبعوه وأعینوه ترشدوا» (2).

ومن ذلک : إقراره بالشهادة قبیل وفاته ، کما ذکر علماء القوم فی کتبهم ، ونکتفی هنا بکلام أبی الفداء حیث قال : «ذکر وفاة أبی طالب : توفی فی شوال سنة عشر من النبوة ، ولما اشتد مرضه قال له رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : یا عم قلها ، أستحل لک بها الشفاعة یوم القیامة - یعنی الشهادة - فقال له أبو طالب : یا ابن أخی ، لولا مخافة السبة وأن تظن قریش إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها. فلما تقارب من أبی طالب الموت جعل یحرک شفتیه ، فأصغی إلیه العباس بأذنه وقال : والله یا ابن أخی لقد قال الکلمة التی أمرته أن یقولها. فقال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : الحمد لله الذی هداک یا عم. هکذا روی ابن عباس. والمشهور (3) أنه مات کافرا. ومن شعر أبی طالب مما یدل علی أنه کان مصدقا لرسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم قوله :

ودعوتنی وعلمت أنک صادق

ولقد صدقت وکنت ثم أمینا

ولقد علمت بأن دین محمد

من خیر أدیان البریة دینا

والله لن یصلوا إلیک بجمعهم

حتی أوسد فی الترب دفینا

وکان [عمر] أبی طالب بضعا وثمانین سنة (4).

وقال السید أحمد زینی دحلان بعد نقل حدیث العباس : «نقل الشیخ

ص: 26


1- 1. الإصابة 4 / 118 ، أسنی المطالب - لأحمد زینی دحلان - : 6 ، وغیرهما.
2- 2. الطبقات 1 / 79.
3- 3. أی بین المناوئین لله ولرسوله ، لکن المتأمل فی کلام أبی الفداء صدرا وذیلا یحکم بأن هذا المؤرخ مخالف لهذا المشهور.
4- 4. المختصر فی أخبار البشر 1 / 120.

السحیمی فی شرحه علی شرح جوهرة التوحید عن الإمام الشعرانی والسبکی وجماعة : أن ذلک الحدیث ثبت عند بعض أهل الکشف ، وصح عندهم إسلامه».

هذا ، ولا یخفی أنه قد جاء حدیث العباس فی سیرة ابن هشام مع إضافة فی آخره ، وهو أن النبی - لما أخبره العباس بقول أبی طالب الکلمة التی أمرها بها - قال : «لم أسمع» ولکن الصحیح ما جاء فی تاریخ أبی الفداء فإنه عن ابن عباس ، ولا بد وأنه یرویه عن أبیه الذی هو صاحب القصة ، لکن القوم زادوا تلک الکلمة وجعلوا یفسرونها بما لا یخلو من اضطراب ، ففی «الروض الأنف» فی شرح هذا الموضع : شهادة العباس لأبی طالب لو أداها بعد ما أسلم لکانت مقبولة ولم یرد بقوله : لم أسمع ، لأن الشاهد العدل إذا قال : سمعت ، وقال من هو أعدل منه : لم أسمع أخذ بقول من أثبت السماع ، لأن عدم السماع یحتمل أسبابا منعت الشاهد من السمع ، ولکن العباس شهد بذلک قبل أن یسلم».

قلت :

أولا : قد عرفت بطلان هذه الزیادة.

وثانیا : إن العباس فی هذا الموضع مخبر ولیس بشاهد ، والمخبر إن کان موثوقا فی إخباره یقبل منه ، ولا یشترط فیه العدالة کما لا یشترط التعدد ، بل لا یشترط فیه الإسلام ، ویشهد بذلک قبول النبی صلی الله علیه وآله وسلم خبر سلمان رضوان الله علیه فی الهدیة والصدقة قبل إسلامه ، وترتیب النبی صلی الله علیه وآله وسلم الأثر علی إخباره بأن الطبق المقدم له من الرطب صدقة فلم یأکل منه ، ثم إخباره مرة أخری عن طبق آخر قدمه إلیه بأنه هدیة فجعل صلی الله علیه وآله وسلم یأکل ویقول لأصحابه : کلوا ... فحینذاک أسلم سلمان.

وذلک فی قضیة معروفة رواها أحمد فی المسند 5 / 438 وغیره ،

ص: 27

واستشهد بها علماء الأصول فی مبحث خبر الواحد ، راجع فی ذلک کتاب : کشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوی 2 / 685.

فیظهر أن السهیلی - علی جلالته - نسی أو تناسی قصة سلمان التی کانت من الثبوت بحیث اعتمد علیها الأصولیون فی بحوثهم.

ومن ذلک : ما کان من النبی صلی الله علیه وآله وسلم من قول وفعل بعد وفاته ، وإیراد بعض ذلک - ولو باختصار - کاف فی بیان المطلب وکذب المؤلف :

1 - بکاؤه الشدید علی فقده.

2 - حضوره جنازته.

3 - معارضته لجنازته.

4 - دعاؤه له بقوله : «جزاک الله عنی خیرا».

5 - أمره علیا بأن یغسله ویکفنه ویواریه (1).

وأخرج ابن سعد فی الطبقات بسند صحیح عن إسحاق بن عبد الله ، قال العباس : «یا رسول الله ، أترجو لأبی طالب؟ قال : کل الخیر أرجو من ربی» (2).

[3] أین کان مولد علی؟!

قال فی صفحة 28 :

«قال الحاکم فی ترجمة حکیم بن حزام : قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمیر المؤمنین علیا فی جوف الکعبة ، وولد حکیم بن حزام فی

ص: 28


1- 1. الطبقات الکبری 1 / 105 ، تاریخ ابن کثیر 3 / 125 ، تاریخ بغداد 13 / 196 ، الإصابة 4 / 116 ، تاریخ الیعقوبی 2 / 26.
2- 2. الطبقات الکبری 1 / 106.

الکعبة. وقال ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة : اختلف فی مولد علی علیه السلام أین کان؟ فکثیر من الشیعة یزعمون أنه ولد فی الکعبة ، والمحدثون لا یعترفون بذلک ، ویزعمون أن المولود فی الکعبة : حکیم بن حزام بن خویلد ابن أسد بن عبد العزی بن قصی».

أقول :

هنا نقاط :

أولا : کلام الحاکم بترجمة حکیم بن حزام هو : «تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمیر المؤمنین علیا فی جوف الکعبة» هذا کلامه. ولیس بعده «وولد حکیم بن حزام فی الکعبة» کما لا یخفی علی من راجع المستدرک (1) ولعله من هنا لم یذکر المؤلف المصدر الذی نقل عنه هذا الکلام!

نعم ، نقل الحاکم بترجمة حکیم بسند له عن «علی بن غنام العامری» أنه ولد حکیم بن حزام فی جوف الکعبة ، لکن الذی یعتقده الحاکم هو الذی نص علی تواتر الأخبار به ، أما القائل بولادة حکیم فیها وهو «علی بن غنام العامری» فلم أجد له فی الکتب الرجالیة ذکرا ، فقیل : أن «غنام» مصحف «عثام» فهو أبو الحسن الکلابی المتوفی سنة 228 (2) فإن کان الأمر کما ذکر ، خرج الرجل عن الجهالة ، إلا أنه لا قیمة لخبره ، لأن المفروض کونه من رجال القرن الثالث ولا یدری عمن یروی ذلک؟!

وثانیا : نقله عن ابن أبی الحدید وکتابه «شرح نهج البلاغة» یفید کون

ص: 29


1- 1. المستدرک علی الصحیحین 3 / 482.
2- 2. انظر : مجلة «تراثنا» العدد 26 ، الولادة فی الکعبة المعظمة فضیلة لعلی علیه السلام خصه بها رب البیت ، بقلم الفاضل المتتبع شاکر شبع.

المؤلف والمؤلف موثوقا به ومقبولا عنده ، لکونه قد زعم الالتزام بالکتب الموثوق بها والمقبولة فقط.

وثالثا : الغرض من ذکره کلام ابن أبی الحدید بعد کلام الحاکم وسکوته علیه هو التشکیک فی صحة ما نص علیه الحاکم ، ولکن کان من المناسب أن یعارض کلام الحاکم بکلام إمام من أئمة الحدیث ، لا بکلام أدیب مؤرخ خلط فی کتابه بین الغث والسمین.

ورابعا : کلام ابن أبی الحدید مردود ، فإن القول بولادة أمیر المؤمنین علیه السلام فی الکعبة هو قول عامة الشیعة لا کثیر منهم.

وقوله : «والمحدثون لا یعترفون بذلک» یرده کلام الحاکم ، وأیضا ، فقد نص علی ولادته علیه السلام فی الکعبة ، وتواتر الأخبار بذلک ، کثیر من علماء أهل السنة من محدثین ومؤرخین ، منهم شاه ولی الله الدهلوی صاحب کتاب «إزالة الخفا» الذی هو من مصادر المؤلف.

[4] إسلام علی علیه السلام

قال فی صفحة 29 :

«ذکر ابن إسحاق : أن علی بن أبی طالب - رضی الله عنه - جاء وهما - أی النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم وخدیجة رضی الله عنها - یصلیان ، فقال علی : یا محمد ، ما هذا؟ قال : دین الله الذی اصطفی لنفسه وبعث به رسله ، فأدعوک إلی الله وحدة لا شریک له ، وإلی عبادته ، وأن تکفر باللات والعزی.

فقال علی : هذا أمر لم أسمع به قبل الیوم ، فلست بقاض أمرا حتی أحدث به أبا طالب ، فکره رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم أن یفشی علیه سره قبل أن یستعلن أمره ، فقال له : یا علی ، إذ لم تسلم فاکتم.

فمکث علی تلک اللیلة ، ثم إن الله أوقع فی قلب علی الإسلام ...».

ص: 30

أقول :

هذا الخبر ینقله عن ابن إسحاق ، لکن مصدره : البدایة والنهایة لابن کثیر ، ج 3 ص 24 ، والذی فی سیرة ابن هشام - التی هی تهذیب سیرة ابن إسحاق کما هو معلوم - :

«ذکر أن علی بن أبی طالب رضی الله عنه أول ذکر أسلم. قال ابن إسحاق : ثم کان أول ذکر من الناس آمن برسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم وصلی معه وصدق بما جاءه من الله تعالی : علی بن أبی طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، رضوان الله وسلامه علیه ، وهو یومئذ ابن عشر سنین.

وکان مما أنعم الله (به) علی علی بن أبی طالب رضی الله عنه ، أنه کان فی حجر رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم قبل الإسلام.

قال ابن إسحاق : وحدثنی عبد الله بن أبی نجیح ، عن مجاهد بن جبر أبی الحجاج ، قال : کان من نعمة الله علی علی بن أبی طالب ، وکان مما صنع الله له وأراد به من الخیر : أن قریشا أصابتهم أزمة شدیدة ، وکان أبو طالب ذا عیال کثیر ، فقال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم للعباس عمه - وکان من أیسر بنی هاشم - : یا عباس ، إن أخاک أبا طالب کثیر العیال ... فأخذ رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم علیا فضمه إلیه وأخذ العباس جعفرا فضمه إلیه ، فلم یزل علی مع رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم حتی بعثه الله تبارک وتعالی نبیا ، فاتبعه علی رضی الله عنه وآمن به وصدقه ، ولم یزل جعفر عند العباس حتی أسلم واستغنی عنه.

قال ابن إسحاق : وذکر بعض أهل العلم أن رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم کان إذا حضرت الصلاة خرج إلی شعاب مکة ، خرج معه علی بن أبی طالب مستخفیا من أبیه أبی طالب ومن جمیع أعمامه وسائر قومه ، فیصلیان الصلوات فیها ، فإذا أمسیا رجعا ...».

ص: 31

فالذی أورده عن «البدایة والنهایة» غیر موجود فی سیرة ابن هشام! والخبر الذی رواه ابن إسحاق بإسناده عن مجاهد ، أورده المؤلف عن تاریخ الطبری بسنده عن مجاهد! ثم قال فی الهامش : «والحکایة عند محمد بن إسحاق أیضا» والذی جاء فی السیرة لابن هشام أنه «قال ابن إسحاق : وذکر بعض أهل العلم ...» أورده المؤلف عن ابن إسحاق تحت عنوان «بین علی وأبی طالب»!!

فالملاحظ : أنه یذکر شیئا عن ابن إسحاق بواسطة ابن کثیر الدمشقی وهو غیر موجود فی السیرة الهشامیة ، والذی فیه لا یورده ...!! وشئ موجود عند ابن إسحاق یذکره عن الطبری ولا یورده عن ابن إسحاق ، وشئ یورده عنه ولکن تحت عنوان مخترع من عنده!!

والمهم أن نقارن بین الذی فی السیرة لابن هشام عن ابن إسحاق ، والذی ذکره ابن کثیر عن ابن إسحاق ، ثم نسأل المؤلف عما دعاه إلی اعتماد نقل ابن کثیر دون ما جاء فی نفس سیرة ابن إسحاق؟!

هذا ، وقد سبق ابن الأثیر فی «أسد الغابة» ابن کثیر فی هذا الذی أورده معزوا إلی ابن إسحاق ، ولا أستبعد أن یکون ابن کثیر قد أخذ المطلب من «أسد الغابة» بلا مراجعة لسیرة ابن إسحاق.

ثم إن المؤلف بعد ما رأی نفسه مضطرا إلی الاعتراف بأن علیا أول من أسلم ، قال فی صفحة 30 :

«وهو ما تدل علیه القرائن وطبیعة الأشیاء ، فإنه رضی الله عنه نشأ فی أحضان رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ، وفی البیئة النبویة التی احتضنت الدعوة إلی الإسلام ، وتبلیغ رسالات الله إلی کافة الأنام ، والخضوع لتأثیرها - إذا لم یکن مانع قاسر أو طبیعة منحرفة قاسیة وحاشا علیا عن ذلک - شئ طبیعی».

إذن ، کان إسلام علی علیه السلام علی أثر وجوده فی هذه البیئة ،

ص: 32

والخضوع لتأثیرها شئ طبیعی ، فالفضل للبیئة التی أثرت فیه وحملته علی الخضوع ...!! هذا معنی کلامه ، ویشهد بذلک عبارته بعد هذا حیث قال :

«وقد جمع بعض المحققین والباحثین بین الروایات بأنه کان أول النساء وأهل البیت إسلاما خدیجة أم المؤمنین ، وأول الرجال الواعین الناضجین إسلاما أو بکر الصدیق ، وأول الصغار والأحداث إسلاما علی بن أبی طالب. والأول أقرب إلی القیاس ، والله أعلم».

فإسلام علی علیه السلام کان إسلام تأثر بالبیئة ، لا إسلام نضوج!! وهنا یأتی هذا السؤال :

إذا کان إسلام علی عن تأثیر البیئة ، ولم یکن عن وعی ونضج ، فما تصنع ب «حدیث الانذار» الصریح فی خلافة علی بعد النبی فضلا عن صحة إسلامه؟!

فیضطر المؤلف إلی التعرض للحدیث ، لکن باختصار!! وفی الهامش!! ثم التشکیک فی صحته!! فیقول :

«وقد جاءت قصة ضیافة بنی عبد المطلب وصنع الطعام لهم ، وقیام علی ابن أبی طالب بذلک علی أثر نزول آیة (وأنذر عشیرتک الأقربین) ودعوة رسول الله بنی عبد المطلب إلی الإسلام ، ورد أبی لهب علی ذلک ردا قبیحا ، واستجابة علی ومؤازرته لرسول الله ، وما تکلم به الرسول ، فی بعض کتب السیرة ، وسردها ابن کثیر بطولها فی کتابه البدایة والنهایة 3 / 39 - 40 ، وتکلم فی بعض رواتها ، وفیها ما یشکک فی صحتها وضبطها».

فأقول للمؤلف :

إن قصة یوم الانذار وحدیث بدء الدعوة المحمدیة من أهم الأحداث الخالدة فی تاریخ الإسلام ، ومن أسمی أیام ومواقف أمیر المؤمنین فی کل حیاته الکریمة وسیرته المشرفة .. فکیف تغفل ذکرها کما هی واردة فی الکتب

ص: 33

القدیمة الموثوق بها» کما وصفت تلک الکتب والتزمت بالنقل عنها؟!

أهکذا یکتب عن سیرة «هذه الشخصیة المظلومة أو المهضومة حقها ، شخصیة سیدنا علی بن أبی طالب ، التی تراکمت علیها حجب کثیفة علی مدی القرون والأجیال ، لأسباب مذهبیة طائفیة ونفسیة ، ولم ینصف لها حق الإنصاف» کما عرفتها؟!

وکیف تقول : «وقد جاءت قصة ... فی بعض کتب السیرة» والحال أن الشیخ علی المتقی الهندی وحده أوردها فی کتابه «کنز العمال» - وهذا الکتاب من المصادر التی نقلت عنها فی کتابک - عن : أحمد بن حنبل ، والطحاوی ، وابن إسحاق ، ومحمد بن جریر الطبری ، وابن أبی حاتم ، وابن مردویه ، وأبی نعیم ، والضیاء المقدسی؟! (1).

ثم إن المتقی ینص علی أن ابن جریر الطبری صحح هذا الحدیث ، کما أن الضیاء المقدسی یراه صحیحا لأنه أخرجه فی کتابه «المختارة» الذی التزم فیه بالصحة ، فما بالک ترکت کل هؤلاء وقلت : «وسردها ابن کثیر بطولها فی کتابه البدایة والنهایة 3 / 39 - 40 ، وتکلم فی بعض رواتها ، وفیها ما یشکک فی صحتها وضبطها»؟!!

هذا ، ولنورد نص الروایة عن ابن إسحاق وابن جریر وجماعة :» عن علی ، قال : لما نزلت هذه الآیة علی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ( وأنذر عشیرتک الأقربین) دعانی رسول الله فقال : یا علی ، إن الله أمرنی أن أنذر عشیرتی الأقربین ، فضقت بذلک ذرعا وعرفت أنی مهما أنادیهم بهذا الأمر أری منهم ما أکره ، فصمت علیها ، حتی جاءنی جبریل فقال : یا محمد ، إنک إن لم تفعل ما تؤمر به یعذبک ربک.

فاصنع لی صاعا من طعام ، واجعل علیه رجل شاة ، واجعل لنا عسا من

ص: 34


1- 1. کنز العمال 13 / 129 و 131 و 149 و 174.

لبن ، ثم اجمع لی بنی عبد المطلب حتی أکلمهم وأبلغ ما أمرت به.

ففعلت ما أمرنی به ، ثم دعوتهم له ، وهم یومئذ أربعون رجلا ، یزیدون رجلا أو ینقصونه ، فیهم أعمامه : أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما وضعته تناول النبی جشب حزبة من اللحم ، فشقها بأسنانه ثم ألقاها فی نواحی الصحفة ثم قال : کلوا بسم الله.

فأکل القوم حتی نهلوا عنه ، ما نری إلا آثار أصابعهم ، والله إن کان الرجل الواحد منهم لیأکل مثل ما قدمت لجمیعهم.

ثم قال : اسق القوم یا علی ، فجئتهم بذلک العس ، فشربوا منه حتی رووا جمیعا ، وأیم الله إن کان الرجل منهم لیشرب مثله.

فلما أراد النبی أن یکلمهم بدره أبو لهب إلی الکلام فقال : لقد سحرکم صاحبکم. فتفرق القوم ، ولم یکلمهم النبی.

فلما کان الغد فقال : یا علی ، إن هذا الرجل قد سبقنی إلی ما سمعت من القول ، فتفرق القوم قبل أن أکلمهم ، فعد لنا مثل الذی صنعت بالأمس من الطعام والشراب ، ثم اجمعهم لی.

ففعلت ثم جمعتهم. ثم دعانی بالطعام فقربته ففعل به کما فعل بالأمس ، فأکلوا وشربوا حتی نهلوا ، ثم تکلم النبی فقال :

یا بنی عبد المطلب ، إنی والله ما أعلم شابا فی العرب جاء قومه بأفضل ما جئتکم به ، إنی قد جئتکم بخیر الدنیا والآخرة ، وقد أمرنی الله أن أدعوکم إلیه ، فأیکم یؤازرنی علی أمری هذا؟

فقلت - وأنا أحدثهم سنا ، وأرمصهم عینا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم ساقا - : أنا یا نبی الله ، أکون وزیرک علیه

فأخذ برقبتی فقال : إن هذا أخی ووصیی وخلیفتی فیکم ، فاسمعوا له وأطیعوا.

فقام القوم یضحکون ویقولون لأبی طالب : قد أمرک أن تسمع وتطیع

ص: 35

لعلی.

ابن إسحاق ، وابن جریر ، وابن أبی حاتم ، وابن مردویه ، وأبو نعیم والبیهقی معا فی الدلائل» (1).

فی هذه الروایة دلالة علی :

1 - إن علیا علیه السلام - علی صغر سنة - کان فی أعلی درجات الوعی والنضج ، ولا یقاس به أحد من الذین أسلموا من بعده ...

2 - إن علیا علیه السلام هو الذی صنع الطعام - بأمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم - وهو الذی دعا القوم وأطعمهم وسقاهم ...

3 - إن علیا علیه السلام أخو النبی ووصیه وخلیفته فی المسلمین .. وإنه یجب إطاعته والتسلیم له علیهم جمیعا .. منذ ذلک الحین ...

ولهذه الأمور - لا غیر - یشکک بعض القوم فی صحة الخبر .. کابن کثیر! .. وینکر ابن تیمیة وجوده فی الصحاح والمسانید بالرغم من وجوده فی مسند أحمد! .. ویحذفه محمد حسین هیکل من کتابه فی الطبعة الثانیة بعد أن أثبته فی الأولی! .. ویستهین به مؤلفنا فی کتابه الذی ألفه أداء لحق المرتضی!! ..

[5] بین علی وأبی طالب

وهذا عنوان یقصد به الغض من أمیر المؤمنین علیه السلام ، وقد جاء فی صفحة 30 تحت هذا العنوان ما نصه :

«قال ابن إسحاق : وذکر بعض أهل العلم أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کان إذا حضرت الصلاة خرج إلی شعاب مکة ، وخرج معه علی بن أبی طالب مستخفیا من أبیه أبی طالب ...».

ص: 36


1- 1. کنز العمال 13 / 131 - 133.

أقول :

أولا : کیف ینقل هذا عن ابن إسحاق ، ویعتمد علیه ، ولا ینقل عنه - ولا عن غیره - قصة یوم الانذار؟!

وثانیا : کیف یعتمد علی مثل هذا الخبر المنقول عن «بعض أهل العلم» ولم یعلم من هو؟! بل یعتمد علی تکلم ابن کثیر فی بعض رواة حدیث یوم الانذار مع وروده فی مسند أحمد ، وتصحیح الطبری وغیره له؟!

ص: 37

الفصل الثانی

علی فی المدینة

[6] المؤاخاة

جاء فی الکتاب ، صفحة 39 ، تحت هذا العنوان ما نصه :

«جاء فی الطبقات الکبری لابن سعد : آخی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم بین علی بن أبی طالب وسهل بن حنیف.

وقال ابن کثیر : آخی النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم بینه وبین سهل ابن حنیف. وذکر ابن إسحاق وغیره من أهل السیر والمغازی أن رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم آخی بینه وبین نفسه ، وقد وردت فی ذلک أحادیث کثیرة لا یصح شئ منها لضعف أسانیدها ورکة بعض متونها (1)».

أقول :

أولا : إن من یقرأ هذا النص المنقول عن ابن کثیر ، ابتداء بکلمة «آخی النبی» وانتهاء بکلمة «متونها» ثم ینظر إلی وضع رقم الهامش علی کلمة «متونها» والإرجاع فی الهامش إلی البدایة والنهایة 3 / 226 - 227 ، لا یفهم إلا کون هذا الکلام لابن کثیر ...

إلا أنا لما راجعنا الجزء والصفحة المذکورتین وجدنا عنوان ابن کثیر هکذا : «فصل فی مؤاخاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم بین المهاجرین والأنصار» ولم نجد فیه هذا النص المذکور فی کتاب المؤلف!! ... ومن شاء فلیراجع ...

وثانیا : إذا کان قد «ذکر ابن إسحاق وغیره من أهل السیر والمغازی أن

ص: 38

رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم آخی بینه وبین نفسه فلماذا لم تذکر عبارة ابن إسحاق ولم تعتمد علی نقله ، وأنت معتمد علیه فی الموارد الأخری حتی مع الجهل برواة الخبر عنده؟!

وثالثا : إن أخوة أمیر المؤمنین علیه السلام للنبی صلی الله علیه وآله وسلم ثابتة قبل یوم المؤاخاة ، ففی أخبار حدیث یوم الانذار : أن النبی جعله أخا له ...

ومن ذلک ما أخرجه أحمد فی «المسند» بسند صحیح ، فقد رواه عن عفان ، ثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغیرة ، عن أبی صادق ، عن ربیعة بن ناجذ ، عن علی رضی الله عنه ، قال : جمع رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم - أو : دعا رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم - بنی عبد المطلب ، فیهم رهط کلهم یأکل الجذعة ویشرب الفرق.

قال : فصنع لهم مدا من طعام ، فأکلوا حتی شبعوا. قال : وبقی الطعام کما هو کأنه لم یمس ، ثم دعا بغمر فشربوا حتی رووا ، وبقی الشراب کأنه لم یمس أو لم یشرب. فقال : یا بنی عبد المطلب ، إنی بعثت إلیکم خاصة وإلی الناس بعامة ، وقد رأیتم من هذه الآیة ما رأیتم : فأیکم یبایعنی علی أن یکون أخی وصاحبی؟ قال : فلم یقم إلیه أحد ، قال : فقمت إلیه وکنت أصغر القوم. قال : فقال : اجلس. قال ثلاث مرات ، کل ذلک أقوم إلیه فیقول لی : اجلس ، حتی کان فی الثالثة ضرب بیده علی یدی» (1).

هذا ، ولو أردنا إیراد نصوص المؤاخاة لطال بنا المقام ، فراجع الترمذی فی فضائل الإمام علیه السلام ، حیث أخرجه عن ابن عمر وحسنه ، وکذا الحاکم عن ابن عمر ، وجاء فی الاستیعاب بترجمته علیه السلام : «وروینا من وجوه عن علی أنه کان یقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا یقولها أحد غیری إلا کذاب».

ص: 39


1- 1. مسند أحمد 1 / 159.

[7] زواج علی بفاطمة

قال فی صفحة 39 :

«وفی السنة الثانیة من الهجرة زوج رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم بنته فاطمة علیا کرم الله وجهه ، وقال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم لفاطمة : قد أنکحتک أحب أهل بیتی إلی ، ودعا لها ، ونضح علیها من الماء».

أقول :

نقل هذا عن «إزالة الخفاء» : 254 ، وهذا الکتاب من تألیف الشیخ ولی الله الدهلوی - المتوفی سنة 1176 ه - ولست أدری لماذا لم ینقل عن الکتب القدیمة الموثوق بها کما قال؟!

فقد ورد فی المصادر القدیمة المعتبرة عندهم أنه صلی الله علیه وآله وسلم قال لها حین زوجها منه :

«زوجتک خیر أمتی ، أعلمهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم سلما» (1).

[8] جنایات المؤلف علی أحادیث الفضائل

هذا .. ولا یخفی علی من یطالع کتاب المؤلف جنایاته علی أحادیث فضائل مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام المرویة فی المصادر القدیمة المعتبرة عند القوم ، فهو بالإضافة إلی عدم ذکره کثیرا من مواقف الإمام علیه السلام ، وإلی جنایته علی حدیث یوم الانذار ، وحدیث المؤاخاة ... أغفل ذکر ما قاله النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی حقه یوم الخندق ، ولم یذکر حدیث الرایة

ص: 40


1- 1. مسند أحمد 5 / 26 ، مجمع الزوائد 9 / 101 و 114 ، الاستیعاب 3 / 1099 ، الریاض النضرة 2 / 194.

یوم خیبر بصورة کاملة ، وکذا حدیث المنزلة الذی قاله النبی صلی الله علیه وآله وسلم لدی خروجه إلی تبوک ، ولم یأت من خبر «حجة الوداع وخطبة غدیر خم» بشئ حیث عنون ذلک ، إلا أنه قال : «فلما وصل إلی غدیر خم خطب وذکر فیها فضل علی رضی الله عنه وقال : من کنت مولاه فعلی مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه»!!

ثم إنه أضاف بالنسبة إلی حدیث «من کنت مولاه» :

«وکان سبب ذلک أن بعض الناس کانوا قد اشتکوا علیا وعتبوا علیه ، وتکلم فیه بعض من کان معه بأرض الیمن ، بسبب ما کان صدر منه إلیهم من المعدلة التی ظنها بعضهم جورا وتضییقا وبخلا ، والصواب کان مع علی فی ذلک».

أقول :

وهذا نفس ما یتقول به النواصب فی هذا المقام!!

غیر إن المؤلف تفضل!! فقال : «والصواب کان مع علی فی ذلک» لیوهم أنه لیس منهم!!

وعلی کل حال ، فقد اضطرب المخالفون لأمیر المؤمنین والمنکرون فضائله ومناقبه الصریحة فی أفضلیته والدالة علی خلافته بعد النبی بلا فصل ... تجاه ما ورد من ذلک فی کتب السنة ... وفی خصوص حدیث الغدیر ... تجد بعضهم یقدح فی سنده ، وآخر یسلم السند ویقدح فی الدلالة ، وثالث یری أن لا جدوی فی شئ من ذلک فینکر وجود علی مع النبی فی حجة الوداع ، ورابع لما وجد الحدیث متواترا ودلالته ثابتة وأن وجود علی فی الغدیر لا ینکر ... عمد إلی دعوی أن الحدیث وارد فی قضیة خاصة ومناسبة معینة ، فاضطربوا هذه المرة فی تحدید تلک القضیة والمناسبة :

فبعضهم قال : إن قوما نقموا علی علی بعض أموره ...

ص: 41

وبعضهم قال : إنه وقع بینه وبین أسامة بن زید کلام ...

وبعضهم قال : إنه وقع بینه وبین زید بن حارثة کلام ، وهذا معناه ورود الحدیث قبل حجة الوداع بزمان طویل ...

فلینظر المنصف!! کیف یسعی أعداء الحق وراء إنکاره ولو بارتکاب المستحیل!!

لقد کان علی المؤلف - الذی التزم بالنقل عن الکتب الموثوق بها المعتمدة!! وتصدی لأن یکتب عن حسن نیة! سیرة شخصیة مظلومة - أن یبذل جهدا قلیلا فیبحث عن واقع القضیة أو یترک قوله : «وکان سبب ذلک ...» أو ینقل - فی الأقل - ما جاء فی سیرة ابن هشام التی أکثر من النقل عنها والإرجاع إلیها ، فإن الذی جاء فیها هکذا :

«قال ابن إسحاق : وحدثنی یحیی بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبی عمرة ، عن یزید بن طلحة بن یزید بن رکانة ، قال : لما أقبل علی رضی الله عنه من الیمن لیلقی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم بمکة ، تعجل إلی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ، واستخلف علی جنده الذین معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلک الرجل فکسی کل رجل من القوم حلة من البز الذی کان مع علی رضی الله عنه ، فلما دنا جیشه خرج لیلقاهم فإذا علیهم الحلل ، قال : ویلک! ما هذا؟! قال : کسوت القوم لیتجملوا به إذا قدموا فی الناس ، قال : ویلک! انزع قبل أن تنتهی به إلی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم ، قال : فانتزع الحلل من الناس ، فردها فی البز. قال : وأظهر الجیش شکواه لما صنع بهم.

قال ابن إسحاق : فحدثنی عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم ، عن سلیمان بن محمد بن کعب بن عجرة ، عن عمته زینب بنت کعب - وکانت عند أبی سعید الخدری - عن أبی سعید الخدری ، قال : اشتکی الناس علیا رضی الله عنه ، فقام رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم فینا خطیبا ، فسمعته

ص: 42

یقول : لا تشکوا علیا ، فوالله إنه لأخشن فی ذات الله. أو : فی سبیل الله (1).

فهذا هو الذی قاله رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی المناسبة التی أشار إلیها المؤلف ، حسب ما فی سیرة ابن هشام ، الذی هو من أهم مصادره ... لا حدیث الغدیر ...

علی أنا لو سلمنا صدور حدیث الغدیر من النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، بسبب شئ من القضایا المزعومة ، فإن الحدیث : «ألست أولی بکم من أنفسکم؟ قالوا : بلی ، قال : فمن کنت مولاه فعلی مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» وقد نص غیر واحد من محققی القوم ، کالقاضی عبد الجبار المعتزلی - فی مقام الجواب عن الاستدلال بحدیث الغدیر - بأن کل ذلک لو صح وکان الخبر خارجا علیه ، فلم یمنع من التعلق بظاهره وما یقتضیه لفظه ، فیجب أن یکون الکلام فی ذلک دون بیان السبب الذی وجوده کعدمه.

قلت : وکیف یکون مانعا عن التعلق بظاهره وما یقتضیه لفظه ، والحال أن کبار الصحابة لم یعبأوا بالسبب ، وفهموا من الحدیث ما هو ظاهر فیه ، فقال أبو بکر وعمر لعلی : «بخ بخ ...» وقال حسان بن ثابت فی معناه قصیدته المشهورة ، واغتاظ بعضهم من مدلوله وسأل بعذاب واقع للکافرین لیس له دافع ...

فلو کان کلام النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی مناسبة خاصة وبسبب معین وخطابا لشخص أو أشخاص فقط ... لما کان ذلک کله.

هذا موجز البیان فی هذا المقام ... والتفصیل موکول إلی محله.

[9] وفاة الرسول

وهذا آخر عنوان من عناوین الفصل الثانی من کتابه ، وقد تطرق هنا إلی

ص: 43


1- 1. سیرة ابن هشام 2 / 603.

صلاة أبی بکر ، وزعم أنها «کانت بأمر من النبی ، وأنه صلی الله علیه وآله وسلم خرج وجلس إلی جنب أبی بکر ، فجعل أبو بکر یصلی قائما ورسول الله یصلی قاعدا»!!

أقول :

قد حققت فی رسالة مستقلة أن صلاة أبی بکر لم تکن بأمر منه صلی الله علیه وآله وسلم ، وأنه خرج ونحاه عن المحراب وصلی بالمسلمین بنفسه.

ثم إنه لم یتعرض هنا لخبر سریة أسامة ، وأنه صلی الله علیه وآله وسلم أبقی عنده علیا وأمر بخروج غیره - وفیهم المشایخ - مع أسامة!

وإن کنت فی ریب من قولنا هذا فهذه عبارة الحافظ ابن حجر فی شرح البخاری : «وکان ممن انتدب مع أسامة کبار المهاجرین والأنصار ، منهم : أبو بکر وعمر وأبو عبیدة وسعد وسعید وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم ، فتکلم فی ذلک قوم ... ثم اشتد برسول الله صلی الله علیه [وآله] سلم وجعه فقال : أنفذوا بعث أسامة.

وقد روی ذلک عن الواقدی وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزی وابن عساکر» (1)

ثم لم یذکر مناجاة النبی قبیل وفاته مع علی علیه السلام ، وأنه توفی ورأسه فی حجر علی!!

هذا الخبر الثابت المتفق علیه بین المسلمین ، قالت أم سلمة رضی الله عنها : «والذی أحلف به أن علی لأقرب الناس عهدا برسول الله ... فأکب علیه علی ، فجعل یساره ویناجیه ، ثم قبض رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم من یومه ذلک ، فکان أقرب الناس به عهدا» (2).

ص: 44


1- 1. فتح الباری 8 / 124.
2- 2. مسند أحمد 6 / 300 ، المستدرک 3 / 138 ، ابن عساکر 3 / 16.

وقالت عائشة : «قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم وهو فی بیتها لما حضره الموت : ادعوا لی حبیبی ، فدعوت له أبا بکر ، فنظر إلیه ثم وضع رأسه ، ثم قال : ادعوا لی حبیبی ، فدعوت له عمر ، فلما نظر إلیه وضع رأسه. ثم قال : ادعوا لی حبیبی ، فقلت : ویلکم ادعوا له علیا فوالله ما یرید غیره. فلما رآه أخرج الثوب الذی کان علیه ثم أدخله معه ، فلم یزل محتضنه حتی قبض ویده علیه» (1).

هذا ، ولا یخفی ما اشتمل علیه هذا الخبر من فوائد.

* * *

ص: 45


1- 1. الریاض النضرة 2 / 180 ، ابن عساکر 3 / 14 ، ذخائر العقبی : 72.

الفصل الثالث

سیدنا علی فی خلافة أبی بکر

وفی هذا الفصل الذی یبدأ بالصفحة 59 ، ویختم بالصفحة 93 ذکر مقدمة تتعلق بمصیر الدیانات الأخری وانحرافها عن الصراط المستقیم والطریق الصحیح ، حتی جاء فی الصفحة 61 :

[10] شروط خلافة النبی ومتطلباتها

فذکر تحت هذا العنوان ستة أمور اعتبرها شروط الخلافة عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، نلخصها فیما یلی :

1 - یمتاز بأنه ظل طول حیاته بعد الإسلام متمتعا بثقة رسول الله به وشهادته له ، واستخلافه إیاه فی القیام ببعض أرکان الدین.

2 - یمتاز هذا الفرد بالتماسک والصمود فی وجه الأعاصیر والعواصف.

3 - یمتاز هذا الفرد فی فهمه الدقیق للإسلام.

4 - یمتاز بشدة غیرته علی أصالة هذا الدین.

5 - یکون دقیقا کل الدقة ، وحریصا أشد الحرص فی تنفیذ رغبات الرسول.

6 - یمتاز بالزهد فی متاع الدنیا والتمتع به.

* * *

ص: 46

* ثم قال فی صفحة 62 :

تحقیق أبی بکر هذه الشروط والمتطلبات :

فقال :

«وقد اجتمعت هذه الصفات والشروط کلها فی سیدنا أبی بکر رضی الله عنه ...»!

* وقال فی صفحة 63 :

«ونتناول مظاهر تحقیق سیدنا أبی بکر الشروط المذکورة أعلاه بالترتیب ...».

فشرع یشرح تحقیق أبی بکر لتلک الشروط ... حتی الصفحة 71!

أقول :

أولا : کل هذه الصفحات التی سودها المؤلف أجنبیة عن «سیرة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب».

وثانیا : البحث عن أن الأصل والأساس فی خلافة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ما هو؟ وأن الشروط التی یعتبر وجودها فی الخلیفة ما هی؟ وأن الذی کان واجدا لذلک وأهلا للخلافة من هو؟ والبحوث الأخری المتعلقة بموضوع (الإمامة) ... موضعها (علم الکلام) ومرجعها (کتب الإمامة).

وثالثا : من یراجع کتب أهل السنة ک «المواقف» و «المقاصد» وشروحهما وغیرهما ... یجد الشروط المعتبرة عندهم فی الخلیفة أشیاء أخری غیر هذه التی اخترعها هذا المؤلف ... فهو فی کل ما أتی به مخالف لما قال به أئمة مذهبه.

ورابعا : هذه الشروط التی زعم توفرها فی أبی بکر کانت متوفرة بصورة أتم وأکمل فی کثیر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، فیکون کل

ص: 47

واحد منهم أحق وأولی منه بالخلافة عن النبی.

وخامسا : هذه الشروط التی زعم توفرها فی أبی بکر کانت متوفرة - فی هذا الحد الذی ادعاه - فی عشرات - إن لم نقل مئات - من أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، فما الذی قدمه وفضله علیهم؟!

ویشهد بما ذکرنا قوله المشهور المتفق علیه : «أقیلونی ، فلست بخیرکم».

وسادسا : إن کان یقصد اختصاص أبی بکر - دون غیره - ببعض الأمور ، فلذا قدم علی غیره ، فإنا لم نجد فیما أورده شیئا یختص بأبی بکر إلا مسألة الصلاة فی مرض النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وقد حققنا هذه المسألة من قبل فی رسالة خاصة مطبوعة ، وتوصلنا - علی ضوء أحادیث الصحاح والمسانید المعتبرة لدی القوم - إلی أن لا أساس لذلک من الصحة ... ومن شاء فلیرجع إلی تلک الرسالة (1).

* قال فی صفحة 71 :

[11] الأمر الشوری فی الإسلام وخلافة أبی بکر

وتحت هذا العنوان ذکر أن الحکومة والسیطرة کانت فی الأمم والأدیان السالفة وراثیة وقد قضی الإسلام علی ذلک.

ولا أعلم لهذا المطلب علاقة ب (المرتضی أمیر المؤمنین) إلا دعوی أن القول بإمامته بعد النبی صلی الله علیه وآله وسلم مبنی علی أساس الوارثة ، وأنه لا دلیل علی هذا القول ، ویشهد بهذا قوله فی صفحة 73 :

«وقد قضی الإسلام علی هذین الاحتکارین الوراثیین اللذین جنیا علی

ص: 48


1- 1. انظر : «تراثنا» السنة السادسة / رجب 1411 ه ، العدد 24 ، ص 7 - 76.

الإنسانیة جنایة تجلت شواهدها ومظاهرها فی تاریخ روما وإیران والهند ، وترک الأمر إلی المسلمین وإلی أهل الشوری وأهل العلم والإخلاص فی اختیار الخلیفة ، ولذلک لم یصرح رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم بشئ فی شأن من یکون خلیفته بعده وولی أمر المسلمین ، فإن کان ذلک فریضة من فرائض الدین وکان لا بد من التصریح به ، لنفذه رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم وصرح به ... یقول الأستاذ العقاد معلقا علی حدیث القرطاس : أما القول بأن عمر هو الذی حال بین النبی علیه السلام والتوصیة باختیار علی للخلافة بعده ، فهو قول من السخف ...».

أقول :

أولا : لیست إمامة علی وأولاده بعد النبی صلی الله علیه وآله وسلم من باب الوارثة وحصر الخلافة فی الأسرة الهاشمیة ، فإن کان الغرض من هذا الکلام نسبة هذا الاعتقاد إلی شیعة أهل البیت علیهم السلام ، فهو کذب وافتراء.

وثانیا : تعتقد الشیعة أن جمیع ما قاله النبی صلی الله علیه وآله وسلم أو فعله کان بأمر من الله سبحانه ، ولکن المنافقین یجوزون علیه «الهجر»!!

وثالثا : وتعتقد أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم صرح بأشیاء - لا بشئ - فی شأن من یکون خلیفته بعده ، والتفصیل موکول إلی محله فی الکتب الکلامیة ، ونکتفی هنا بالقول بأن فی کل ما قاله فی حق علی منذ یوم الانذار إلی یوم الغدیر دلالة علی خلافته من بعده.

ورابعا : لقد ثبت فی محله أن عمر هو الذی حال دون وصیة النبی صلی الله علیه وآله وسلم بقوله : «حسبنا کتاب الله» و «إن الرجل لیهجر» .. وهذا ما تؤکده «المصادر القدیمة الموثوق بها» کما وصفها المؤلف ، ولذا لم ینقل عنها شیئا فی الباب ، والتجأ إلی نقل کلام زمیله فی العناد : عباس محمود العقاد.

ص: 49

* قال فی صفحة 76 :

[12] مبایعة أبی بکر

«وقف المسلمون فی المدینة علی مفترق طرق : إما اتفاق الکلمة ، وإما تنازع واختلاف ، وقد زاد الأمر تعقدا حدوث هذا الحادث فی المدینة التی کانت موطن قبیلتین عظیمتین من قحطان وهم الأوس والخزرج ... فلم یکن غریبا ولا غیر طبیعی أن یروا لهم حقا فی خلافة النبی المکی المهاجر. وقد فطن لهذه العقدة النفسیة والمحنة عمر بن الخطاب ، فاستعجل الأمر ، وقد علم أن الأنصار یستشرفون إلی أن یکون منهم الخلیفة ، فجمع المسلمین فی سقیفة بنی ساعدة فقام ودعا إلی بیعة أبی بکر فبایع الناس أبا بکر ، ثم کانت البیعة العامة من غد بعد بیعة السقیفة فی المسجد النبوی ، ولم تکن مبایعة أبی بکر مصادفة من المصادفات التی قد یحالفها التوفیق ، ومؤامرة من المؤامرات التی قد تکلل بالنجاح ، وقد أجاد الکاتب الإسلامی الشهیر (فی الإنجلیزیة) السید أمیر علی التعبیر عن هذه الحقیقة التاریخیة ، إذ قال ...».

أقول :

أولا : کل هذه الأمور لا علاقة لها بموضوع الکتاب.

وثانیا : إنه لم ینقل هنا شیئا عن المصادر القدیمة الموثوق بها!! وإنما ذکر کلاما للکاتب الإسلامی الشهیر فی الإنجلیزیة ...!!

وثالثا : لم یتم أمر البیعة لأبی بکر بهذه البساطة والسذاجة ، فأحداث السقیفة ، وأحداث دار علی والزهراء علیهما السلام مثبتة فی التاریخ ، ومذکورة فی محلها من الکتب المفصلة.

ورابعا : قول عمر بن الخطاب : «کانت بیعة أبی بکر فلتة وقی الله شرها ، ألا ومن عاد إلی مثلها فاقتلوه» ثابت مشهور بین المسلمین ... وهو یفید أن

ص: 50

بیعته کانت مصادفة من المصادفات إن لم تکن مؤامرة من المؤامرات ...

* قال فی صفحة 81 :

[13] الحکمة فی تأخیر خلافة سیدنا علی

«وکان من تقدیر العزیز العلیم أنه لم یخلف رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم فی ولایة أمر المسلمین ، ولم یتول خلافته علی أثر وفاته أحد من أهل بیته وأبناء الأسرة الهاشمیة مباشرة ... فما بقیت القضیة قضیة أسریة وقضیة محسوبیة وعصبیة ...».

أقول :

حال خلافة سیدنا أمیر المؤمنین علیه السلام عن النبی ، حال خلافة هارون عن موسی ، فهارون کان أخا لموسی وقد جعله خلیفة له بأمر من الله ، قال تعالی ( وقال موسی لأخیه هارون اخلفنی فی قومی وأصلح ولا تتبع سبیل المفسدین) وعلی علیه السلام کان أخا لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بنص منه یوم الانذار وغیره ، وقد جعله خلیفة من بعده بأمر من الله کما فی حدیث یوم الانذار کذلک وغیره من الأحادیث الواردة فی المواقف المختلفة ، وقد قال له : أما ترضی أن تکون منی بمنزلة هارون من موسی ...

وکما أن قوم موسی اتبعوا السامری واتخذوا العجل من بعده وترکوا هارون ... کذلک قوم محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، وکما أن موسی قال لهارون : ( لا تتبع سبیل المفسدین) کذلک النبی قال لعلی وأوصاه بأن لا یتبع سبیل المفسدین ...

فإذا کان إعراض قوم موسی عن هارون وضلالتهم ... من تقدیر العزیز العلیم ... فکذلک إعراض هذه الأمة عن علی وانقلابهم علی أعقابهم ...

ص: 51

من تقدیر العزیز العلیم!!

* قال فی صفحة 81 :

[14] المحنة الأولی لأبی بکر وموقفه الصارم فیها

«وقد ثبت واتفق علیه المحدثون وأصحاب السیرة أن رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم قال : إنا معشر الأنبیاء لا نورث ، ما ترکنا صدقة» وجاءت محنة دقیقة تمتحن صرامة أبی بکر ، وتفصیل القصة هو ما رواه البخاری بسنده عن عائشة. قالت : إن فاطمة والعباس أتیا أبا بکر رضی الله عنه یلتمسان میراثهما ... وظل أبو بکر علی ما اعتقده ودان به وعزم علی تنفیذ وصیة رسول الله ، وظلت السیدة فاطمة علیها السلام علی مطالبتها ، وهی إما لم یبلغها ما عرفه الصدیق ، وإما رأت متسعا أو مبررا لخلیفة رسول الله لتحقیق ما أرادته وإجابة ما طلبته ، وکل مجتهد فی ذلک وله العذر والصواب. وقد جاء فی مسند الإمام أحمد بن حنبل أن السیدة فاطمة قالت : فأنت وما سمعت من رسول الله أعلم. وعاشت فاطمة بعد وفاة رسول الله ستة أشهر وهی واجدة علی ذلک مهاجرة لأبی بکر حتی توفیت. ویقع مثل هذا کثیرا فی حیاة العشائر والجماعات ، ومما تقتضیه الطبیعة البشریة ، وما جبلت علیه من العاطفیة والحساسیة والاقتناع بما عرفه الإنسان ودان به.

ولکن لم یکن اختلافها فی هذا الأمر موجدتها (1) علی أبی بکر متخطیة للحدود الشرعیة ، مخالفة لما جبلت علیه من کرم النفس وعلو النظر والسماحة ، فقد روی عن عامر أنه قال : جاء أبو بکر إلی فاطمة وقد اشتد مرضها فاستأذن علیها فقال لها علی : هذا أبو بکر علی الباب یستأذن ، فإن شئت أن تأذنی له.

ص: 52


1- 1. کذا.

قالت : أوذاک أحب إلیک؟ قال : نعم. فدخل فاعتذر إلیها وکلمها فرضیت عنه.

ولنختم هذا البحث بما قاله الأستاذ العقاد ...».

أقول :

أولا : ما نسبه إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم من أنه قال : «إنا معشر الأنبیاء ...» لیس مما ثبت واتفق علیه المحدثون ، بل هو شئ تفوه به أبو بکر وحده! ولم ینقل عن غیره من الصحابة أنه سمعه من رسول الله ، ولم یسمع هذا النقل حتی من أبی بکر قبل تلک الساعة التی اخترع فیها هذا الکلام ، ولذا فقد نص بعض أکابر الحفاظ کالإمام الحافظ البارع ابن خراش علی أنه حدیث موضوع علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

وثانیا : قد ثبت فی محله أن فدکا نحلة من رسول الله نحلها إیاها ، وکانت فاطمة تملک فدکا فی حیاة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، ثم إنها بعد أن أصر أبو بکر علی غصب فدک منها رجعت وطالبت به وبغیره بعنوان الإرث ، واستدلت بالکتاب والسنة ، فلم یخضع أبو بکر للکتاب وأبی أن یعمل بأحکامه ، فطالبت للمرة الثالثة بعنوان الخمس .. فلما رأته «صارما» فی مخالفة الکتاب والسنة هجرته وماتت واجدة علیه.

وثالثا : قد ظهر بما ذکرنا سقوط احتمال أنه لم یبلغها شئ عرفه أبو بکر ، أو أنها طالبته بشئ لم یکن من حقها المطالبة به ...

ورابعا : ما نقله عن «المسند» لأحمد وأرجع إلی الجزء الأول ، الصفحة رقم 4 ، فی سنده : «الولید بن جمیع» هو متفرد بهذا الحدیث ، وقد ذکر ابن حبان «فحش تفرده ، فبطل الاحتجاج به» وقال الحاکم : «لو لم یذکره مسلم فی صحیحه لکان أولی. وقال الفلاس : کان یحیی لا یحدثنا عنه» (1).

ص: 53


1- 1. میزان الاعتدال فی نقد الرجال - للحافظ الذهبی - 4 / 337.

وخامسا : لقد ناقض المؤلف نفسه فی هذا المقام غیر مرة ، فهو فی حین یقول : «ظلت السیدة فاطمة علیها السلام علی مطالبتها» ینقل الحدیث عن مسند أحمد لیستفید أنها سکتت عن مطالبتها!

وفی الوقت الذی ینص علی أنها توفیت مهاجرة لأبی بکر ، ینقل حدیثا عن «الریاض النضرة» أنه «اعتذر إلیها وکلمها فرضیت عنه»!!

وسادسا : جعله ما کان بین الصدیقة المعصومة وبین أبی بکر من قبیل «ما یقع کثیرا فی حیاة العشائر والجماعات ...» إلی آخر ما قال ... هو ظلم آخر للزهراء علیها السلام ...

وسابعا : نقله کلمات العقاد هنا - کسائر الموارد - لا یداوی جرحا من الجروح ...

وثامنا : إن الذی أتی أبا بکر مع العباس هو «علی» لا «فاطمة» والمؤلف لم یورد نص الخبر ، فلنذکره عن صحیح البخاری ، کتاب الجهاد ، باب حکم الفئ ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال لعلی والعباس : «فلما توفی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم قال أبو بکر : أنا ولی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم. فجئتما تطلب میراثک من ابن أخیک ، ویطلب هذا میراث امرأته عن أبیها. فقال أبو بکر : قال رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم : لا نورث ما ترکناه صدقة. فرأیتماه کاذبا آثما غادرا خائنا ، والله یعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفی أبو بکر وکنت أنا ولی رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم وولی أبی بکر ، فرأیتمانی کاذبا آثما غادرا خائنا ، والله یعلم أنی لصادق بار راشد تابع للحق».

هذا هو الخبر ، فهل عرفت لماذا ترک ذکره!

ولا بأس أن تعلم أنه لما کان یدل علی ما یدل علیه ... فقد حرفه البخاری ، فأورده فی الأبواب الأخری بأشکال مختلفة :

أما فی باب فرض الخمس ، فاسقط الفقرتین «فرأیتماه ...»

ص: 54

و «فرأیتمانی ...».

أما فی کتاب المغازی ، فحذف فقرة : «فرأیتماه» وجعل مکانها جملة «تذکران أن أبا بکر فیه کما تقولان» وحذف الفقرة الثانیة.

وأما فی کتاب النفقات ، فحذف الفقرة الأولی وجعل مکانها جملة : «تزعمان أن أبا بکر کذا وکذا» وحذف الفقرة الثانیة.

وأما فی کتاب الفرائض ، باب قول النبی : لا نورث ... ، فحذف الفقرتین.

وأما فی کتاب الاعتصام ، باب ما یکره من التعمق والتنازع ، فحذف الفقرة الأولی ووضع مکانها جملة : «تزعمان أن أبا بکر فیها کذا» وحذف الفقرة الثانیة.

* قال فی صفحة 87 :

«توفیت فاطمة رضی الله عنها بعد رسول الله صلی الله علیه [وآله] وسلم بستة أشهر علی الأشهر ... ودفنت لیلا ... وولدت لعلی : حسنا وحسینا ومحسنا وأم کلثوم ، رضی الله عنها وأرضاها».

أقول :

أولا : إذا کانت علی قید الحیاة بعد أبیها مدة ستة أشهر ، وتوفیت مهاجرة لأبی بکر ، ولم تبایعه بالخلافة ، فمن بایعت؟! ومن کان إمامها؟! وهل کان غیر علی؟!

وثانیا : لماذا کان دفنها لیلا؟!

وثالثا : أین «محسن» الذی ولدته لعلی؟! متی ولد؟! وما کان مصیره؟!

* * *

ص: 55

* قال فی صفحة 88 :

[15] مبایعة سیدنا علی

«واختلفت الأخبار فی مبایعة علی متی کانت؟».

فذکر حدیثا عن البیهقی ثم قال : «والمشهور أن علیا علیه السلام رأی أن یراعی خاطر فاطمة رضی الله عنها بعض الشئ ، فلم یبایع أبا بکر ، فلما ماتت رضی الله عنها بعد ستة أشهر من وفاة أبیها بایعه ...».

أقول :

نعم ، هذا هو المشهور ، بل هو الواقع .. کما فی کتب القوم .. بل إن مقتضی الأدلة المشروحة بالتفصیل علی ضوء أخبار الفریقین - من الکتاب والسنة وغیر ذلک - هو أن علیا علیه السلام خلیفة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بلا فصل ، ومراعاة خاطر فاطمة علیها السلام هو أحد الأسباب لامتناعه عن البیعة ولیس السبب الوحید. وملابسات مبایعته مسطورة فی الکتب الموثوقة بها المعتمد علیها.

وعلی فرض أن یکون هذا هو السبب الوحید لامتناعه عن البیعة ، فلا یخفی أن معنی ذلک أنها لو بقیت أضعاف هذه المدة لما بایع.

* * *

ص: 56

الفصل الرابع

سیدنا علی فی خلافة عمر

وافتتح هذا الفصل بذکر أشیاء جعلها مناقب لعمر .. فجمیع ما أورده من الصفحة 97 إلی الصفحة 114 لا علاقة له بموضوع کتابه ، لا نعلق علیه بشئ ، وإن کان لنا هنا کلام کثیر ... والقدر الذی له صلة بالموضوع ما ذکره فی الصفحة 103 :

[16] «وکان علی لسیدنا عمر ناصحا أمینا وقاضیا فی المعضلات حکیما یفض المشکلات ویزیح الشبهات ، حتی أثر عن سیدنا عمر أنه قال : (لولا علی لهلک عمر) واشتهر فی التاریخ والأدب ، وذهب مثلا : (قضیة ولا أبا حسن لها) وروی عن النبی صلی الله علیه [وآله] وسلم أنه قال : أقضاهم علی ، وقد استخلفه عمر عند رحیله إلی القدس ، وقد زوجه علی بنته أم کلثوم ، وهو دلیل علی إکرامه له وارتباطه به».

أقول :

أولا : الکلمات التی قالها عمر فی حق علی إن دلت علی شئ فإنها تدل علی جهله بالأحکام الشرعیة ، وتحیره أمام المشکلات العلمیة ، والقضایا الطارئة ... فکان الأولی بالمؤلف الذی یرید - کما قال فی المقدمة - أن یدرس سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام وما امتاز به من خصائص ومواهب دراسة تاریخیة محایدة ... أن یصرح بما قلناه ، لا أن یصور علیا علیه السلام کقاض من قضاة حکومة عمر ...!

وثانیا : لقد حقق غیر واحد من المحققین خبر تزویج علی علیه السلام

ص: 57

ابنته من عمر ، وظهر أن لا واقعیة لما ینقل فی بعض الکتب حول هذا الخبر ، ولنا رسالة مفردة فی هذا الموضوع وهی مطبوعة (1).

وثالثا : هناک موارد علم الإمام علیه السلام - وهو باب مدینة العلم - عمر ابن الخطاب وجه الحق والصواب ، لئلا تنتهی تصرفاته عن جهل بالأمور إلی وهن الإسلام وخذلان المسلمین ، وهذه حقائق لا ینکرها أحد من المسلمین.

ص: 58


1- 1. انظر : «تراثنا» السنة الثامنة / محرم - جمادی الآخرة 1413 ه ، العددین 30 و 31 ، ص 378 - 433.

الفصل الخامس

سیدنا علی فی خلافة عثمان

وفی هذا الفصل یذکر المؤلف العناوین التالیة : مبایعة عثمان ، مکانة عثمان الدینیة والاجتماعیة ، الفتوح فی زمن عثمان واتساع الدولة الإسلامیة ، مأثرة عثمان العظیمة الخالدة ، محنة عثمان فی الخلافة ، الفتنة تبلغ ذروتها ، حصر عثمان ، شهادته!! ودور سیدنا علی الرائع فی حمایته ، أثر العقیدة فی عثمان وسیرته وعلو مکانته فی الإسلام.

وأنت تری أن لا شئ من هذه العناوین یرتبط بسیدنا أمیر المؤمنین علیه السلام.

ولا یخفی أن أکثر ما جاء فی هذا الفصل فإنما هو کلمات ینقلها المؤلف من الأستاذ کرد علی ، وعباس محمود العقاد ...

ونحن فی غنی - الآن - من التعرض لما جاء فی هذا الفصل بالنقد ... لأن المؤلف بصدد الدفاع عن عثمان وبنی أمیة الذین سودوا وجه التاریخ ، وشوهوا صورة الإسلام ... والأشنع من هذا سعیه فی الفصلین اللاحقین وراء توجیه بغی الباغین وخروج الخارجین علی أمیر المؤمنین علیه السلام ... والإعراض عما أتی به أولی من التعرض له ، فقد کان الغرض التنبیه علی دسائس المؤلف ووساوسه ، والکشف عن مقاصده وهواجسه ...

ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاکتبنا مع الشاهدین ، وصلی الله علی سیدنا محمد وآله الطاهرین.

* * *

ص: 59

فی رحاب نهج البلاغة

(4)

ما قیل فی «نهج البلاغة» من نظم ونثر

السید عبد العزیز الطباطبائی

قد نظم الأدباء والشعراء فی مدح «نهج البلاغة» الشئ الکثیر ، بادین إعجابهم به وإکبارهم له فی فصاحة لفظه ، وبلاغة تعبیره ، ورصانة معناه ، وما اشتمل علیه من آداب وحکم ، وعلم التوحید ، ومواعظ وزواجر ، وهدایة وإرشاد ، وتحذیر من الدنیا ، وترغیب فی الآخرة ، ونظم وسیاسة ، وفیه کل ما یجب علی إمام المسلمین وخلیفة سید المرسلین أن یؤدیه إلی الأمة من نصح وتوجیه وتربیة.

وکان ذلک مبعثرا فی بطون الکتب وظهور مخطوطات نهج البلاغة ، یتناقلها النساخ من نسخة إلی نسخة ، ومن مخطوطة إلی مخطوطة ، فرأیت خلال عملی فی «نهج البلاغة» وفهرسة مخطوطاته القدیمة أن أجمع ما أجد علیها من شعر ونظم ، وقد رتبته حسب القوافی ، کما وجمعت من أقوال البلغاء وکبار الأدباء عن نهج البلاغة من الکلام المنثور ورتبته حسب التسلسل الزمنی ، فجاء ما بلغه جهدی هذا المجموع الذی ینشر هنا ، والله الموفق للصواب ، وهو المستعان.

* * *

السیّد عبدالعزیز الطباطبائی

ص: 60

«نهج البلاغة»

فی الشعر العربی

(1)

فمنهم السید علی بن محمد آل زبارة البیهقی ، له قصیدة فی نهج البلاغة ، أورده فرید خراسان ظهیر الدین البیهقی - المتوفی سنة 565 ه - فی شرحه علی نهج البلاغة الذی سماه : معارج نهج البلاغة ، فقال فی ص 8 منه : قال السید الإمام کمال الدین أوحد العترة أبو الحسن علی بن محمد العلوی الزبارة (1) :

یا من تجاوز قمة الجوزاء

بأبی ، مبید للعدی أباء

====

وآل زبارة من الأسر العلویة العلمیة العریقة فی العلم والشرف والنقابة والجاه والسیادة والتقدم والرئاسة ، کابرا عن کابر ، ولهم الذکر الحسن والثناء البلیغ فی کتب الأنساب والتواریخ ، ذکرهم البیهقی فی «تاریخ بیهق» وفی «لباب الأنساب».

والسید أبو الحسن هذا هو الذی حث البیهقی علی تألیف «لباب الأنساب» فصدره باسمه مع الاطراء الکثیر ، فقال عنه : «الأمیر السید الأجل الکبیر ، المؤید الرضی ، عماد الدولة والدین ، جلال الإسلام والمسلمین ، أخص سلطان السلاطین ، مجتبی الخلافة ، ظهیر الأنام ، صفی الأیام ، ذخر الأمة ، شرف الملة ، غوث الطالبیة ، کمال المعالی ، فخر آل رسول الله صلی الله علیه وآله ، ذی المناقب ، ملک السادات ، نقیب النقباء فی الشرق والغرب ...».

وکرر هذا الاطراء عند کلامه علی نسبه الطاهر وبیته الرفیع ص 473 و 4. ثم قال : «نسبه الطاهر الرفیع الذی هو بین أنساب أمراء سادات الزمان کلیلة القدر فی شهر رمضان ...».

وصدر شرحه علی «نهج البلاغة» أیضا باسمه وأطراه بقوله : «الصدر الأجل ، السید العالم ،

ص: 61


1- 1. هو السید النقیب عماد الدین أبو الحسن علی بن محمد بن یحیی بن هبة الله الحسینی البیهقی ، آل زبارة ، من أعلام بیهق وأشرافها فی القرن السادس.

زوج البتول أخو الرسول منابذ

الکفار دامغ صولة الأعداء

متشبث بعری التقی معروفة یمناه

بالإعطاب والإعطاء

ذی غرة قمریة وعزیمة

رضویة وسجیة میثاء

قد طلق الدنیا بلا کره

ولم یغتر بالصفراء والبیضاء

لو لم یکن فی صورة بشریة

ما کان یدعی من بنی حواء

نهج البلاغة من مقالته التی

فیها تضل قرائح البلغاء

کم فیه من خطب تفوح عظاتها

کالروض غب الدیمة الوطفاء

(2)

ولأبی نصر علی بن أبی سعد محمد بن الحسن بن أبی سعد الطبیب رحمه الله (1) :

نهج البلاغة مشرع الفصحاء

ومعشش البلغاء والعلماء

====

(2) هو الشیخ جمال الدین أبو نصر علی بن أبی سعد محمد بن الحسن (الحسین) بن أبی سعد المتطبب القمی ، کان عالما ، فاضلا ، أدیبا شاعرا ، ناظما ناثرا ، ممن یروی بالإجازة عن السید فضل الله الراوندی ، وممن عنی بنهج البلاغة قراءة وروایة وتصحیحا وتعلیقا وامتداحا ، فقد کتب فی آخر نسخته من نهج البلاغة :

عرضت هذه النسخة - بعد القراءة علی الإمام الکبیر ، العلامة النحریر ، زین الدین ، سید الأئمة ، فرید العصر ، محمد بن أبی نصر ، سقاه الله شآبیب رضوانه ، وکساه جلابیب غفرانه - علی نسخة السید الإمام الکبیر السعید ضیاء الدین ، علم الهدی [السید فضل الله الراوندی] تغمده الله برحمته ، وتوج مفرقه بتیجان مغفرته ، وصححتها غایة التصحیح ، ووشحتها نهایة التوشیح ، بحسب وقوفی علی حقائقها ، وإحاطتی بدقائقها ، وشنفت آذان حواشیها بالدرر التی

ص: 62


1- عماد الدولة والدین ، جلال الإسلام والمسلمین ، ملک النقباء فی العالمین ... فإنه جمع فی الشرف بین النسب والحسب ، وفی المجد بین الموروث والمکتسب ، إذا اجتمعت السادة فهو نقیبهم وإمامهم ، وإذا ذکرت الأئمة والعلماء فهو سیدهم وهمامهم ...».

درج عقود رقاب أرباب التقی

فی درجه من غیر ما استثناء

فی طیه کل العلوم کأنه

الجفر المشار إلیه فی الأنباء

من کان یسلک نهجه متشمرا

أمن العثار وفاز بالعلیاء

__________________

وجدتها فیها ، ثم بعد ذلک قرأته علی ابنه السید الإمام الکبیر عز الدین المرتضی ، رضی الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة مأواه ، وسمعته علیه قراءة استبحثت عن معانیه ، وسماعا استکشفت عن مبانیه ، ثم ما اقتصرت علی تشنیف آذانها ، بل سمطتها بالجواهر ، وقلدتها بالدرر الزواهر ، التی استجردتها بالغیاصة فی بحار مصنفات العلماء ، واستنبطتها من معادن مؤلفات الفضلاء ، وانتزعت أکثرها من منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة ، من کلام الإمام السعید قطب الدین الراوندی ، بیض الله غرته ، ونور حضرته ، وکابدت فی تصحیح کل ورق إحدی بنات طبق ، ولقیت من توشیح کل سطر نبات برح وأم وفر ، فصحت إلا ما زل عن النظر ، أو تهارب عن إدراک البصر ، ولا یعرف ذلک إلا من تسنم قلال شواهق هذه الصناعة بحق ، وجری فی میدانها أشواطا علی عرق ، وذلک فی شهر ربیع الأول سنة إحدی وستمائة.

أقول : هو ممن قرأ نهج البلاغة علی محمد بن أبی نصر القمی سنة 587 ه ، وقرأه علی علی بن فضل الله الراوندی [تأتی ترجمته ص] سنة 589 ه.

فبأول نسخة من نهج البلاغة : قرأ وسمع علی کتاب نهج البلاغة الأجل الإمام العالم ، الولد الأخص الأفضل ، جمال الدین ، زین الإسلام ، شرف الأئمة ، علی بن محمد بن الحسین المتطبب ، أدام الله جماله ، وبلغه فی الدارین آماله ، قراءة وسماعا یقتضیهما فضله ، وأجزت له أن یرویه عنی ، عن المولی السعید والدی سقاه الله صوب الرضوان ، عن ابن معبد الحسنی ، عن الإمام أبی جعفر الطوسی ، عن السید الرضی.

ورویته له عن الشیخ الإمام عبد الرحیم ابن الأخوة البغدادی ، عن الشیخ أبی الفضل محمد ابن یحیی الناتلی ، عن أبی نصر عبد الکریم بن محمد (الدیباجی) سبط بشر الحافی ، عن السید الرضی.

وروی لی السید الإمام ضیاء الدین علم الهدی سقی الله ثراه ، عن الشیخ مکی بن أحمد المخلطی ، عن أبی الفضل الناتلی ، عن أبی نصر ، عن الرضی رحمهم الله.

ورواه لی أبی قدس الله روحه ، عن الشیخ الإمام أبی جعفر محمد بن علی بن الحسن المقری النیسابوری ، عن الحسن بن یعقوب الأدیب ، عمن سمعه عن الرضی.

کتبه علی بن فضل الله الحسنی حامدا مصلیا

فی رجب سنة 589.

ص: 63

غرر من العلم الإلهی انجلت

منظومة تجلو ضیاء ذکاء

ویفوح منها عبقة نبویة

لا غرو قدا من أدیم سناء

روض من الحکم الأنیقة جاده

جود من الأنوار لا الأنواء

أنوار علم خلیفة الله الذی

هو عصمة الأموات والأحیاء

وجذیلها وعذیقها مترجبا

ومحککا جدا بغیر مراء

مشکاة نور الله خازن علمه

مختاره من سرة البطحاء

وهو ابن بجدته علیه تهدلت

أغصانه من جملة الأمراء

ووصی خیر الأنبیاء اختاره

رغما لتیم أرذل الأعداء

صلی الإله علیهما ما ینطوی

برد الظلام بنشر کف ضیاء

وعلی سلیلهما الرضی محمد

قطب السباق جوی من الفصحاء

(3)

ولبعضهم - کما علی بعض مخطوطات نهج البلاغة - :

نهج البلاغة منهج البلغاء

وملاذ ذی حصر وذی إعیاء

فیها معان فی قوالب أحکمت

لهدایة کالنجم فی الظلماء

وتضمن الکلمات فی إیجازها

بذواتها بجوامع العلیاء

صلی الإله علی النبی محمد

وعلی علی ذی علا وإخاء

(4)

والآخر :

نهج البلاغة هذا سید الکتب

تاج الرسائل والأحکام والخطب

ص: 64

کم فیه من حکمة غرا بالغة

ومن علوم (1) إلهی ومن أرب

ومن دواء لذی داء وعافیة

لذی بلاء ومن روح لذی تعب

فیه کلام ولی الله حیدر من

یمینه فی عطاء المال یستجب

وصی خیر عباد الله کلهم

مختار رب البرایا سید العرب

علی المرتضی من فی مودته

ترجی النجاة لیوم الحشر والرعب

فمن یوالیه من صدق الجنان ففی

الجنان طنب فوق السبعة الشهب

ومن یعادیه فی نار الجحیم هوی

وعاش ما عاش فی ویل وفی حرب

قد امتزجت بقلبی حبه فجری

فی النفس مجری دمی فی اللحم والعصب

صلی علیه إله الخلق خالقنا

رب الوری وعلی أبنائه النجب

وزاده فی جنان الخلد منزلة

ورتبة وعلی معلو (2) علی الرتب

(5)

ولغیره :

نهج البلاغة نهج الفضل والأدب

ونهج کل هدی یبغیه ذو الأدب

فی ضمنه کلم فی ضمنها حکم

تشفی القلوب من الأد (و) اء والریب

یحوی شوارد ألفاظ مهذبة

قد أفحمت فصحاء العجم والعرب

إن قسته بکلام الناس ممتحنا

فالنبع قد قسته یوما إلی الغرب

من کان مقتبسا منه فوائده

فقد علا رتبا ناهیک من رتب

ص: 65


1- 1. کذا.
2- 2. کذا.

(6)

وللسید الإمام عز الدین ، سید الأئمة ، المرتضی علی (1) ابن الإمام العلامة ضیاء الدین علم الهدی أبی الرضا السید فضل الله الراوندی قدس الله روحهما :

نهج البلاغة نوره

لذوی البلاغة واضح

وکلامه لکلام أرباب

الفصاحة فاضح

====

ترجم له الشیخ منتجب الدین فی فهرسته ، رقم 2. وقال : فقیه ، فاضل ، ثقة ، له : کتاب حسیب النسیب للحسیب النسیب ، کتاب غنیة المتغنی ومنیة المتمنی ، کتاب مزن الحزن ، کتاب غمام الغموم ، کتاب نثر اللآلی لفخر المعالی ، کتاب مجمع اللطائف ومنبع الظرائف ، کتاب الطراز المذهب فی أبرار المذهب ، تفسیر القرآن ، لم یتمه.

ویوجد کتابه «حسیب النسیب» فی مکتبة المرعشی ، ضمن المجموعة رقم 3. وله مجموعة شعریة أدبیة رآها ابن الفوطی وذکرها فی ترجمته فی تلخیص مجمع الآداب ، فقد ترجم له فیه ج 1 ص 255 ، وله کتاب : إرشاد المسلمین فی شرح کلمات أمیر المؤمنین علیه السلام ، وهو شرح نثر اللآلی ، ومنه مخطوطة فی مکتبة خدا بخش ، برقم 2037.

وممن یروی عنه أبو نصر القمی المتقدم ، وابن أبی الفوارس الرازی البغدادی فی أربعینه ، روی عنه فی الحدیث الثانی عشر منه مع الاطراء الکثیر قائلا :

حدثنی الصدر الکبیر ، الإمام العالم ، الزاهد الأنور ، المرتضی ، عز الملة والدین ، ضیاء الإسلام والمسلمین ، سید الأئمة من العالمین ، ووارث الأنبیاء والأولیاء والمرسلین ، ملک العلماء ، علم الهدی ، قدوة الحق ، نقیب النقباء والسادة ، سید العترة الطاهرة ، علی ابن الصدر ، الإمام السعید ...

حکاه عنه السید ابن طاوس فی الباب 89 من کتاب «الیقین» والسید عز الدین هذا مترجم فی أمل الآمل 2 / 6. وتعلیقة أمل الآمل - للأفندی - : 184 ، وریاض العلماء 3 / 312 و 4 / 177 و 178 ، والدرجات الرفیعة ، وأعیان الشیعة 8 / 301 ، والثقات العیون : 198 ، ومعجم رجال الحدیث 1 / 141.

ص: 66


1- 1. هو السید الإمام القاضی عز الدین أبو الفضائل علی ابن السید الإمام ضیاء الدین أبی الرضا فضل الله بن علی الحسنی الراوندی.

العلم فیه زاخر

والفضل فیه راجح

وغوامض التوحید فیه

جمیعها لک لائح

ووعیده مع وعده

للناس طرا ناصح

تحظی به هذی البریة

صالح أو طالح

لا کالعریب ومالها

فالمال غاد ورائح

هیهات لا یعلو إلی

مرقی ذراه مادح

إن الرضی الموسوی

لمائه هو مائح

لاقت به ویجمعه

عدد القطار مدائح

(7)

ومما وجد مکتوبا علی نسخة من نهج البلاغة ، محفوظة فی مکتبة السید المرعشی ، برقم 6726 :

کتاب فیه آیات الملاحه

علی نهج البلاغة والفصاحة

(8)

وللأدیب عبد الرحمن بن الحسین :

نهج البلاغة نعم الذخر والسند

وفیه للمؤمنین الخیر والرشد

عین الحیاة لمن أضحی تأملها

یا حبذا معشرا فی مائها وردوا

ما إن رأت مثلها عین ولا سمعت

أذن ولا کتبت فی العالمین ید

شرب روحی عند کتبتها

وکان للروح من آثارها مدد

صلی الإله علی من کان منطقه

روحا تزاید منها الروح والجسد

ص: 67

(9)

وللأدیب یعقوب بن أحمد النیسابوری المتوفی سنة 474 (1) :

نهج البلاغة نهج مهیع جدد

لمن یرید علوا ما له أمد

====

ترجم له معاصراه : الثعالبی فی تتمة الیتیمة برقم 2. والباخرزی فی الدمیة ، برقم 362 ، وأوردا شیئا من نظمه ، وأثنیا علیه ، فقال الثعالبی : «قد امتزج الأدب بطبعه ، ونطق الزمان بفضله ...» وأما الباخرزی فقال : «لا أعرف الیوم من ینوب منابه فی أصول الأدب محفوظا ومسموعا ، حتی کأنه قرآن أوحی إلیه مفصلا ومجموعا ، فتألیفاته للقلوب مآلف ، وتصنیفاته فی محاسن أوصافها وصاف ووصائف ، والکتب المنقشة بآثار أقلامه تذری بالروض الضاحک غب بکاء رهامه ...».

وترجم له الفارسی فی السیاق والصریفینی فی منتخبه ، رقم 3. ووصفه بالأدیب البارع الکردی ، أستاذ البلد ، وأستاذ العربیة واللغة ، معروف مشهور ، کثیر التصانیف والتلامیذ ، مبارک النفس ، جم الفوائد والنکت والطرف ، مخصوص بکتب أبی منصور الثعالبی ، تلمذ للحاکم أبی سعد ابن دوست ، وقرأ الأصول علیه وعلی غیره ، وصحب الأمیر أبا الفضل المیکالی ، ورأی العمید أبا بکر القهستانی ، وقرأ الحدیث الکثیر وأفاد أولاده ، وتوفی فی رمضان سنة 474 ...

وترجم له ابن شاکر فی فوات الوفیات 4 / 344 رقم 582 وقال : وقرأ الحدیث الکثیر علی المشایخ ، ونسخ الکتب بخطه الحسن ، وکان متواضعا یخالط الأدباء ، وله نظم ونثر وتصانیف وفرائد ونکت وطرف.

وترجم له الفیروزآبادی فی البلغة : 686 رقم 5. فقال : شیخ وقته فی النحو واللغة والآداب ، کثیر التصانیف والتلامیذ.

وترجم السمعانی فی معجم شیوخه لابنه الحسن ثم قال : ووالده الأدیب صاحب التصانیف الحسنة ، وکان أستاذ أهل نیسابور فی عصره ، وکان غالیا فی الاعتزال ، داعیا إلی الشیعة ...

وله ترجمة فی إنباه الرواة 4 / 7. وطبقات النحاة - لابن قاضی شبهة - رقم 539 ، وبغیة الوعاة 2 / 347.

وبالرغم من وصفهم له بکثرة التصانیف وبأنها حسنة ، لم یذکروا له سوی البلغة وجونة الند .. ذکرهما السیوطی فی البغیة.

ص: 68


1- 1. هو أبو یوسف - وقیل : أبو سعد - یعقوب بن أحمد بن محمد بن أحمد القاری الکردی النیسابوری ، المتوفی سنة 474 ه.

یا عادلا عنه تبغی بالهوی رشدا

إعدل إلیه ففیه الخیر والرشد

والله والله التارکیه عموا

عن شافیات عظات کلها سدد

کأنها العقد منظوما جواهرها

صلی علی ناظمیها ربنا الصمد

ما حالهم دونها إن کنت تنصفنی

إلا العنود وإلا البغی والحسد

(10)

قال علی بن أحمد الفنجکردی النیسابوری (1) :

نهج البلاغة من کلام المرتضی

جمع الرضی الموسوی السید

====

ویعقوب بن أحمد هذا من أقدم من أشاد بذکر نهج البلاغة ولهج به ، وکان السبب فی رواجه وشهرته والإقبال علیه فی المشرق الإسلامی ، وقد نظم هذه الأبیات فی تقریظ «نهج البلاغة» وکتبها علی نسخته منه ، واقتدی به ابنه الحسن وتلمیذه الفنحکردی الآتیان ، وتصدر لإقراء «نهج البلاغة» فکان یقرأ علیه ویصحح ویقابل علی نسخته ، فانعکس علی کثیر من مخطوطاته القدیمة المتبقیة حتی الآن کما تقدم ، تجدها منقولة من نسخته أو مقابلة علیها ، وعلی أکثرها تقریظه وتقریظ ابنه ، مما یدل علی بالغ اهتمامه بهذا الکتاب ، وعلی أثر ذلک کثرت شروحه فی تلک الرقعة قبل غیرها ، فشرحه الإمام الوبری الخوارزمی ، وظهیر الدین البیهقی فرید خراسان ، وعلی ابن ناصر السرخسی ، وقطب الدین الکیدری ، والفخر الرازی ، وغیرهم ، وسوف نأتی علی ذکرهم ببسط وتفصیل تحت عنوان : شروح نهج البلاغة.

3. هو شیخ الأفاضل أبو الحسن علی بن أحمد بن محمد الفنجکردی النیشابوری ، المتوفی سنة 513 ه.

ترجم له ظهیر الدین البیهقی فرید خراسان فی وشاح الدمیة - وحکاه عنه یاقوت - قال : الإمام علی بن أحمد الفنجکردی ، الملقب بشیخ الأفاضل ، أعجوبة زمانه ، وآیة أقرانه ، وشیخ الصناعة ، والممتطی غوارب البراعة ..

وترجم له السمعانی فی الأنساب 9 / 334 وفی التحبیر 1 / 562 رقم 545 ، قال :

هو الأستاذ البارع ، صاحب النظم والنثر الجاریین فی سلک السلاسة ، الباقیین معه علی

ص: 69


1- فأما البلغة فی اللغة فقد حقق وطبع فی طهران سنة 1389 ه من قبل بنیاد فرهنک ، وأما جونة الند فلم نعثر له علی مخطوط.

__________________

هرمه وطعنه فی السن علی کمال الطراوة ، قرأ أصول اللغة علی أبی یوسف یعقوب بن أحمد الأدیب وغیره وأحکمها ، وتخرج فیها ، وکان سلیم النفس ، أمین الجیب ، عفیفا خفیفا ، ظریف المحاورة ، قاضیا للحقوق ، محمود الأحوال ، مرضی السیرة ، حسن الاعتقاد ، مکبا علی الاستفادة والإفادة ، مشتغلا بنفسه ... وتوفی لیلة الجمعة الثالث عشر من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.

وهو الذی حث المیدانی علی تألیف کتابه فی اللغة «السامی فی الأسامی» فذکره فی خطبته وأثنی علیه بقوله :

الشیخ الإمام أبی الحسن علی بن أحمد الفنجکردی ، متع الله أهل الأدب بطول مدته ، وصرف المکاره عن سدته ، فهو بقیة المشایخ وإمام الجماعة ، والمرجوع إلیه الیوم فی هذه الصناعة ، صاحب الأخلاق النقیة ، والمعرب عن فضله من غیر التقیة ، بل هو الأب لا یسعنی عقوقه ، ولا یرفض لدی حقوقه ...

وترجم له ابن شهرآشوب فی معالم العلماء ، برقم 481 ، وقال : له کتاب تاج الأشعار ، وسلوة الشیعة ، وهی أشعار أمیر المؤمنین علیه السلام.

أقول : ذکر شیخنا رحمه الله هذین الکتابین فی الذریعة 3 / 205 و 9 / 101 و 849 و 12 / 223 واعتبرهما کتابا واحدا ، وأظنهما کتابین ، فقد جمع شعر أمیر المؤمنین علیه السلام وعمل دیوانه زهاء العشرین رجلا ، بدء بالجلودی - المتوفی سنة 332 ه - وإلی السید الأمین العاملی ، ثم زمیلنا المعاصر العلامة المحمودی أبقاه الله.

وقد عد الدکتور منزوی فی فهرس المکتبة المرکزیة لجامعة طهران 2 / 116 - 125 سبعة عشر رجلا منهم ، وراجع الذریعة 9 / 101 - 102 ، فقد ذکر فیه تسعة منهم ، ومنهم من جمع له علیه السلام دیوانین ، أو قل جمع دیوانه مرتین ، کالفنجکردی ، له تاج الأشعار وله سلوة الشیعة ، وقطب الدین الکیدری له الحدیقة الأنیقة ، وله أنوار العقول من أشعار وصی الرسول.

وربما نتحدث فی المستقبل عن شعر أمیر المؤمنین علیه السلام ومن جمعه وعن مخطوطه ومطبوعه وشروحه وترجماته.

وللفنجکردی ترجمة حسنة فی الغدیر 4 / 319 ، وأورد له أبیاته فی الغدیر ، منها قوله رحمه الله :

لا تنکرن غدیر خم إنه

کالشمس فی إشراقها بل أظهر

وقوله :

یوم الغدیر سوی العیدین لی عید

یوم یسر به السادات والصید

نال الإمامة فیه المرتضی وله

فیه من الله تشریف وتمجید

ص: 70

بهر العقول بحسنه وبهائه

کالدر فصل نظمه بزبرجد

ألفاظه علویة لکنها

علویة حلت محل الفرقد

فیه لأرباب البلاغة مقنع

من یغن باستظهاره یستسعد

وتری العیون إلیه صورا إن تلا

منه کتابا رائعا فی مشهد

أعجب به کلماته قد ناسبت

کلمات خیر الناس طرا أحمد

نعم المعین علی الخطابة للفتی

وبه إلی طرق الفصاحة یهتدی

وأجد یعقوب بن أحمد ذکره

بعلو همته وطیب المولد

ودعا إلیه مخلصا أصحابه

فعل الحنیفی الکریم المرشد

العاقل الندب الأدیب المکتسی

لبس العفاف الناصح المتودد

ثم ابنه الحسن الموفق بعده

فیه بسنته الرضیة یقتدی

کم نسخة مقروة حصلت به

مسموعة لأولی النهی والسؤدد

یا رب قربه وأکرم نزله

واحشره فی رهط النبی محمد

وأطل بقاء سلیله الحسن الفتی

فینا برغم الکاشحین الحسد

خذه أبا الحسن الفتی مستمسکا

بعراه وارق إلی المجرة واصعد

__________________

وأورد أبیات أسعد بن مسعود العتبی - المتوفی 474 ه - فی (الفنجکردی) وهی قوله :

یا أوحد البلغاء والأدباء

یا سید الفضلاء والعلماء

یا من کأن عطاردا فی قلبه

یملی علیه حقائق الأشیاء

ذکرهما یاقوت فی معجم الأدباء 2 / 242 نقلا عن الوشاح ، والصفدی فی الوافی بالوفیات 9 / 30.

ومن مصادر ترجمة الفنجکردی : معجم الأدباء 5 / 103 ، بغیة الوعاة 2 / 148 – وکلاهما نقل ترجمته عن السیاق لعبد الغافر ولم أجده فی منتخبه! - طبقات أعلام الشیعة ، الثقات العیون : 181 ، أعیان الشیعة 8 / 156 ، ریاض العلماء 3 / 352 ، الکنی والألقاب - للقمی - 3 / 34 ، معجم رجال الحدیث 11 / 257.

والفنجکردی - بفتح الفاء وکسر الکاف - نسبة إلی بنج کرد من قری نیشابور.

ص: 71

واسهر وصل وصم وذاکر واستطر

واحفظ وبر وزک واسلم واسعد (1)

(11)

ولقطب الدین الکیدری علی نسخة کتبت فی القرن الثامن فی البلاد الیمنیة ، محفوظة فی مکتبة المرعشی ، رقم 154 (2) :

نهج البلاغة نهج کل مسدد

نهج المرام لکل قرم أمجد

یا من یبیت وهمه درک العلی

فاسلکه تحظ بما تروم وتزدد

إنسان عین للعلوم بأسرها

مضمونه وذوو البصائر شهد

بهر النجوم الزهر بل شمس الضحی

معنی وألفاظا برغم الحسد

ینبوع مجموع العلوم رمی به

نحو الأنام لیقتفیه المهتدی

====

أحد أعلام الطائفة فی القرن الساد�3. کان فقیها ، متکلما ، أدیبا شاعرا ، مشارکا فی جملة من العلوم.

ترجم له ابن الفوطی فی تلخیص مجمع الآداب ، ج 4 ق 2 ص 4. وأورد له إجازة کتبها علی ظهر «الفائق» تاریخها جمادی الأولی سنة 610 ه ، مما یدل علی أنه أدرک القرن السابع.

والکیذری ضبطه الذهبی فی المشتبه : 554 بالفتح ویاء وذال معجمة ، نسبة إلی کیذر من قری بیهق ، منها الأدیب قطب الدین محمد بن الحسین الکیذری الشاعر ، ولم یزد علیه ابن حجر شیئا فی تبصیر المنتبه : 1220.

له عدة مصنفات قیمة ، طبع منها أنوار العقول من أشعار وصی الرسول ، وشرحه علی نهج البلاغة الذی سماه حدائق الحقائق فی فسر دقائق أفصح الخلائق ، وأبیاته هذه فی مدح نهج البلاغة مذکورة فیه فی ج 1 ص 86 من الطبعة الهندیة.

وسوف نترجم له فی شراح «نهج البلاغة» ترجمة مطولة مبسوطة.

ص: 72


1- 1. أوردها البیهقی فی شرحه علی نهج البلاغة ، ص 7 - 8 ، ما عدا الأبیات : الخامس والسادس والأخیر.
2- 2. هو قطب الدین أبو الحسن محمد بن الحسین بن تاج الدین الحسن بن زین الدین محمد بن الحسین بن أبی المحامد البیهقی الکیدری.

فیه لطلاب النهایة مقنع

فلیلزمنه ناظر (1) المسترشد

صلی الإله علی منظمه الذی

فاق الوری بکماله والمحتد

(12)

وعلی نسخة من نهج البلاغة فی مکتبة السید المرعشی برقم 5690 ، للشیخ الأدیب أفضل الدین الحسن بن فادار رحمه الله (2) :

متصفح نهج البلاغة وارد

عللا یزید علی الألذ البارد

وارد شرب بلاغة لاقی به

ریا غلیل موافق ومعاند

متنزه فی روضة قد نورت

جنباتها بشواهد وشوارد

ومسارح نشر الحیا بعراصها

رایاته فملأن عین الزابد

====

ترجم له معاصره الشیخ منتخب الدین فی الفهرست برقم 3. ووصفه بالشیخ الأدیب إمام اللغة.

وعده معاصره الآخر عبد الجلیل الرازی فی کتاب «النقض» فی کبار الأدباء العلماء من أعلام الطائفة ، مباهیا بهم فی ص 213 بعد أن عد الخلیل وسیبویه وابن جنی ومن فی هذا المستوی ، قال : والأدیب أبو عبد الله أفضل الدین الحسن بن فادار القمی ، لا نظیر له ...

وفی جامعة علی کره مخطوطة نهج البلاغة ، کتبت سنة 538 ه ، جاء فی آخرها :

عورض من أوله إلی آخره بنسخة من نسخة الأدیب أفضل الدین حسن بن فادار القمی طول الله عمره ، مما یبدو أنه کان حیا فی هذا التاریخ.

ومن مصادر ترجمته :

ریاض العلماء 1 / 8. تأسیس الشیعة الکرام لجمیع فنون الإسلام : 116 ، طبقات أعلام الشیعة - القرن السادس - : 70 ، تنقیح المقال 1 / 302 ، أعیان الشیعة 5 / 223 ، معجم رجال الحدیث 5 / 79.

ص: 73


1- 1. کذا.
2- 2. هو الشیخ أفضل الدین أبو عبد الله الحسن بن فادار القمی ، من أعلام اللغة والأدب فی القرن السادس.

حکم علیها مسحة العلم الإلهی

المصفی من معاب الناقد

درر بها عبق النبوة فاغم

إذ کان سقیاها بماء واحد

قربن مرق بلاغة لمریدها

وفتحن مغلق بابها للراشد

ومواعظ وزواجر ومراشد

وفوائد وتوائم فوارد

(13)

وللحسن بن یعقوب الأدیب النیسابوری رحمه الله : قال علی بن زید البیهقی فرید خراسان ، المتوفی سنة 565 ، فی شرحه علی نهج البلاغة ، ص 7 : وأنشدنی الإمام الحسن بن یعقوب (1) لنفسه مقتدیا بوالده رحمهما الله :

نهج البلاغة درج ضمنه درر

نهج البلاغة روض جاده درر

نهج البلاغة وشی حاکه صنع

من دون موشیه الدیباج والحبر

====

قرأت نهج البلاغة علی الإمام الزاهد ، الحسن بن یعقوب بن أحمد القاری ، هو أبوه فی فلک الأدب قمران ، وفی حدائق الورع ثمران ، فی شهور سنة ست عشرة وخمسمائة ، وخطه شاهد لی بذلک ، والکتاب سماع له عن الشیخ جعفر الدوریستی.

وترجم له تلمیذه الآخر وهو السمعانی فی معجم شیوخه ، الورقة 85 ب ، قال :

أبو بکر ، الحسن بن یعقوب بن أحمد بن محمد بن أحمد النیسابوری الأدیب ، من أهل نیسابور ، کان شیخا فاضلا ، نظیفا ، ملیح الخط ، مقبول الظاهر ، حسن الجملة ، ووالده الأدیب صاحب التصانیف الحسنة ، وکان أستاذ أهل نیسابور فی عصره ، وکان غالیا فی الاعتزال ، داعیا إلی الشیعة ، سمع أباه أبا یوسف یعقوب بن أحمد بن محمد الأدیب ، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن الحسین بن موسی التاجر ، والسید أبا الحسن محمد بن عبید الله الحسینی

ص: 74


1- (12) هو الحسن بن یعقوب بن أحمد بن محمد النیشابوری ، من أعلام الأدب فی القرن السادس ، تقدم أبوه یعقوب - المتوفی سنة 474 ه - وأما هو فمن مشایخ ظهیر الدین البیهقی فرید خراسان ، وصفه وأباه فی شرحه علی نهج البلاغة ، فقال :

أو جونة ملئت عطرا إذا فتحت

خیشومنا فغمت ریح لها ذفر

صدقتکم سادتی والصدق عادتنا

وهذه شیمة (1) ما عابها بشر

صلی الإله علی بحر غواربه

رمت به نحونا ما لألأ القمر

(14)

ومما وجد علی بعض مخطوطات نهج البلاغة :

کلام إذا ما قیس بالدر قیمة

وحسنا به یوما فقد وصف الدر

وإن حیر الألباب تیها فإننی

أنزهه عن أن أقول له سحر

(15)

من قصیدة للشیخ جعفر الهلالی ، نشرت فی العدد 5 من «تراثنا» :

یا بناة العرفان فی دولة

الاسلام أنتم عمادنا المذخور

ثورة الفکر فیه فجرتموها

یقظة حولها الزمان یدور

====

وترجم له فی التحبیر أیضا برقم 126 بعین ما مر إلی قوله : الحدیث الکثیر ، ثم قال : وکتب إلی الإجازة ، وکانت وفاته فی المحرم سنة 517.

وله ترجمة فی السیاق ، وفی منتخبه برقم 3. وفی دمیة القصر ، ص 1038 ، وفی الوافی بالوفیات 12 / 308 ، ولسان المیزان 2 / 259 ، وطبقات أعلام الشیعة - القرن السادس - : 70 ، وأعیان الشیعة 5 / 393.

4. فی معارج نهج البلاغة : وإنه خصلة.

ص: 75


1- المعروف بنو دولت ، وأبا سعید مسعود بن ناصر بن أبی زید السجزی الحافظ ، وجماعة سواهم ، وکان قد کتب الحدیث الکثیر بخطه ، رأیت کتاب الولایة لأبی سعید مسعود بن ناصر السجزی وقد جمعه فی طرق هذا الحدیث «من کنت مولاه فعلی مولاه» بخطه الحسن الملیح ، وکتب إلی الإجازة بجمیع مسموعاته ، وخطه عندی بذلک فی جمادی الأولی سنة 1. وکانت ولادته [کذا ، والصواب : وفاته] فی المحرم سنة 517 ...

بارک الله فیکم ذلک المسعی

ووافاکم بذاک الحبور

إن إحیائکم ل (نهج) علی

هو والحق مکسب مشکور

لم یکن للبلاغة الیوم نهجا

بل لدی العلم ذاک بحر غزیر

هو نهج العقیدة الصلبة الشماء

ینهار من صداها الکفور

هو نهج الآداب والخلق السامی

به الروح تزدهی والضمیر

هو نهج للحکم یبنی السیاسات

نظاما له الهدی دستور

هو هذا نهج البلاغة حقا

من (علی) بیانه مسطور

عجبا ذلک التراث بهذا الحجم

یقصی ومن سواه نمیر

ما الذی کان قد جناه (علی)

عند قوم حتی استحرت صدور

ألان الحق الذی قد رعاه

کان مرا والجاحدون کثیر

یا لها أمة أضاعت حجاها

حیث راحت خلف السراب تسیر

ولدیها من ثورة الفکر ما یغنی

ولکن أین السمیع البصیر؟!

فهی تعشو عن الحقیقة فی المسری

وفی بیتها السراج المنیر

أخذت تطلب السواقی البعیدات

وفی جنبها تفیض البحور

إن هذا هو الخسار وهل یفلح

قوم قد مات فیهم شعور

(16)

ومما قاله الشیخ أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد البحرانی الأوالی ، المعروف بالربان ، علی نسخة من نهج البلاغة فرغ منها فی شهر رمضان سنة 703 :

نهج البلاغة نهج أم لاحبه

قن بمصباح نور الله قد نظرا

ص: 76

إذ فیه من المشکلات العلم أعظمها

فمایح الغرب منه فائز ظفرا

إذا تأملت ألفاظا بها نظمت

تخالها خالص الیاقوت أو دررا

وإن نظرت بعین الفکر قلت أری

هذا کسف به الإسلام قد نصرا

فالسیف سیف علی والمقال معا

فمن تری حاز هذا الفضل مفتخرا

ألیس قد قال خیر الخلق قاطبة

الحق عند علی أین دار یری

والله ما حاد عنه الحاسدون غنی

لکن نورهم عن نوره قصرا

کما تری أعین الخشاف یقبضها

ضوء النهار تری أبصارهم غفرا

لم یقض مولای من باراک منقبة

مما خصصت به فی سعیه وطرا

فاه واعجبا من قول ذی عند

هذا الصریم یضاهی الشمس والقمر

(17)

ولأبی محمد ابن شیخ صنعان ، نظمه وکتبه علی نسخة من نهج البلاغة بخطه ، بعد ما فرغ من نسخه فی سنة 1072 ، وهی فی مکتبة مدرسة سبهسالار ، رقم 3085 ، وصفت فی فهرسها 2 / 119 ، وأوردها شیخنا رحمه الله فی الغدیر 11 / 330 - 331 :

نهج البلاغة روضة ممطورة

بالنور من سبحات وجه الباری

أو حکمة قدسیة جلیت بها

مرآة ذات الله للنظار

أو نور عرفان تلألأ هادیا

للعالمین مناهج الأبرار

أو لجة من رحمة قد أشرقت

بالعلم فهی تموج بالأنوار

خطب روت ألفاظها عن لؤلؤ

من مائه بحر المعارف جاری

وتهللت کلماتها عن جنة

حفت من التوحید بالنوار

ص: 77

وکأنها عین الیقین تفجرت

من فوق عرش الله بالأنهار

حکم کأمثال النجوم تبلجت

من ضوء ما ضمنت من الأسرار

کشف الغطاء بیانها فکأنها

للسامعین بصائر الأبصار

وتری من الکلم القصار جوامعا

یغنیک عن سفر من الأسفار

لفظ یمد من الفؤاد سواده

والقلب منه بیاض وجه نهار

وجلی عن المعنی السواد کأنه

صبح تبلج صادق الأسفار

من کل عاقلة الکمال عقیلة

تشتاف فوق مدارک الأفکار

عن مثلها عجز البلیغ وأعجزت

ببلاغة هی حجة الاقرار

وإذا تأملت الکلام رأیته

نطقت به کلمات علم الباری

ورأیت نهرا بالحقائق طامیا

من موجه سفن العلوم جواری

ورأیت أن هناک برا شاملا

وسع الأنام کدیمة مدرار

ورأیت أن هناک عفو سماحة

فی قدرة تعلو علی الأقدار

ورأیت أن هناک قدرا نماشیا

عن کبریاء الواحد القهار

قدر الذی بصفاته وسماته

ممسوس ذات الله فی الآثار

مصباح نور الله مشکاة الهدی

فتاح باب خزائن الأسرار

صنو الرسول وکان أول مؤمن

عبد الإله کصنوه المختار

وبه أقام الله دین نبیه

وأتم نعمته علی الأخیار

(18)

وقال بولس سلامة :

هذه الکف للمعارف باب

مشرع من مدینة الأسرار

ص: 78

تنثر الدر فی کتاب مبین

سفر نهج البلاغة المختار

هو روض من کل نهر جنی

أطلعته السماء فی نوار

فیه من نضرة الورود العذاری

والخزامی والفل والجلنار

فی صفاء الینبوع یجری زلالا

کوثرا رائقا بعید القرار

تلمح الشط والضفاف ولکن

یا لعجز العیون فی الأغوار

(19)

وقال السید صدر الدین علی بن ناصر الحسینی السرخسی (1) من أعلام القرن السادس ، فی مقدمة شرحه علی نهج البلاغة الذی سماه «أعلام نهج البلاغة» :

وقلت فی عنفوان عمری :

لله درک یا نهج البلاغة من

نهج نجا من مهاوی الجهل سالکه

أودعت زهر نجوم ضل منکرها

وجار عن جدد عنا مسالکه

لأنت در ویالله ناظمه

وأنت نضر ویالله سابکه

* * *

====

وسوف نترجم له فی الأعداد القادمة ترجمة موسعة عند کلامنا علی شروح نهج البلاغة.

ص: 79


1- 1. هو السید الأمیر الأجل صدر الدین أبو الحسن علی ابن السید الأجل أبی الفوارس ناصر بن علی الحسینی السرخسی ، من أعلام القرن السابع ، مؤلف «زبدة التواریخ» وشرح نهج البلاغة الذی سماه «أعلام نهج البلاغة».

(20)

ومما قیل فی نهج البلاغة :

نهج البلاغة فیه کل فضیلة

وإلیه مجموع الکتاب یؤول

فیه جوامع حکمة وفصاحة

عنها عیون ذوی الغباوة حول

معناه من عین الیقین ولفظه

من نوع مشکاة الکتاب یفول

(21)

کتاب کان الله رصع لفظه

بجوهر آیات الکتاب المفصل

حوی حکما کالوحی ینطق معجزا

ولا فرق إلا أنه غیر منزل

نهج البلاغة نهج العلم والعمل

فاسلکه یا صاح تبلغ غایة الأمل

کم فیه من حکم بالحق محکمة

تحیی القلوب ومن حکم ومن مثل

ألفاظه درر أغنت بحلیتها

أهل الفصاحة من حلی ومن حلل

ومن معانیه أنوار الهدی سطعت

فانجاب عنها ظلام الزیغ والزلل

وکیف لا وهو نهج طاب منهجه

هدی إلیه أمیر المؤمنین علی

(22)

کلام علی کلام علی

وما قاله المرتضی مرتضی

* * *

ص: 80

(23)

وقال شیخ الخطباء الشیخ أحمد الوائلی من قصیدة :

یا یراعا ینمنم الورد من نهج

علی والنهج سفر جلیل

دلل النبر أنه لعلی

رب قول علیه منه دلیل

إنه فی البیان شمس فلا الفانوس

من سنخه ولا القندیل

نظم الرائعات مبنی ومعنی

فإذا الأحرف الشذا والخمیل

کل فصل أبو تراب به یبدو

فتهتز بالهدیر الفصول

غیر أن النفس المریضة تهوی

أن یغطی الحقائق التضلیل

زعموه نسج الرضی ومهلا

أین من هادر الفحول الفصیل؟!

لا تعر قولهم فما هو شئ

کی یصفیه الجرح والتعدیل

إنه العجز والقصور وماذا

غیر أن یحسد المتین الهزیل

قد أفاظت «مصادر النهج»

فیما رد فیه معاند وجهول

ودری الباحثون فی أن دعوی

عزوه للرضی قول علیل

وأبی الحاقدون أن ینظروا إلا

ازورارا وأعین الحقد حول

ولو «النهج» نهج صخر بن حرب

فعلی القطع إنه مقبول

لکن النهج کان نهج علی

وعلی علی الدنی ثقیل

* * *

ص: 81

(24)

وقال عبد الباقی العمری :

ألا إن هذا السفر نهج بلاغة

لمنتهج العرفان مسلکه جلی

علی قمم من آل حرب ترفعت

کجلمود صخر حطه السیل من عل

(25)

ومما قیل فی نهج البلاغة ، من مقال : نهج البلاغة فی الأدب العربی ، المنشور فی العدد 5 من «تراثنا» ص 64 :

نهج البلاغة مهدی السالکین إلی

مواطن الحق من قول ومن عمل

فاسلکه تهدی إلی دار السلام غدا

وتحظ فیها بما ترجوه من أمل

(26)

وقال عبد الواحد النعمانی (1) :

کلام شفاء للصدور مؤیدا

من الوحی مشتق ولیس بقرآن

====

ترجم له الأفندی فی ریاض العلماء 3 / 279 وقال : (فاضل عالم متکلم ... ولم أتعین خصوص عصره ، فلاحظ ، وأظن أنه من تلامذة الشهید أو تلامذة تلامذته ، ثم ظنی أنه من أسباط النعمانی صاحب کتاب الغیبة ...).

وترجم له شیخنا صاحب الذریعة - رحمه الله - فی الضیاء اللامع ، ص 83 ، وقال عن کتابه نهج السداد : رأیت بعض نسخة کتبت سنة 896 ، وبعضها سنة 902 مکتوبا علیها أنه تصنیف الإمام العالم الفاضل الکامل ، قدوة العارفین ، عبد الواحد ابن الصفی النعمانی قدس الله روحه

ص: 82


1- 1. أظنه عبد الواحد بن الصفی النعمانی ، مؤلف کتاب «نهج السداد فی شرح واجب الاعتقاد».

ولکنما فیه له منه جامع (1)

فصاحته قد أعجزت کل إنسان

(27)

وقال آخر :

کتاب حوی نهج البلاغة لفظه

علیه من النور الإلهی تیجان

من الوحی مشتق فلم یأت مثله

لما فیه من روح الفصاحة إنسان

(28)

ومما وجد مکتوبا بخط جدید علی مخطوطة لنهج البلاغة کتبت سنة 608 ه :

نهج البلاغة فی البریة حجة

وبه تصح عقیدة الإیمان

لو لم یکن وحیا بلیغا لم یکن

معناه مشتقا من القرآن

هو خامس الکتب التی جاءت علی

متفرق الأنباء والأدیان

====

أقول : عثرت حتی الآن علی سبع نسخ من مخطوطات «نهج السداد» ذکرتها فی تعلیقاتی علی الذریعة إحداها ما ذکره شیخنا - رحمه الله - وهی المؤرخة سنة 902 ه ، وهذه فی مکتبة المرعشی فی قم ، رقم 2. مذکورة فی فهرسها 3 / 298.

وأقدم مخطوطاتها هی التی کتبت سنة 790 ه ، وقوبلت فی شهر رمضان سنة 796 ه ، وهی فی مکتبة ملک الأهلیة العامة فی طهران ، فی المجموعة رقم 3. ذکرت فی فهرسها 5 / 34 ، فالمؤلف من أعلام القرن الثامن ، ولعله من تلامذة العلامة الحلی - المتوفی سنة 726 ه - مؤلف متن هذا الشرح وهو «واجب الاعتقاد».

وأظن أن النعمانی نسبة إلی النعمانیة ، مدینة بالعراق لا زالت عامرة قرب واسط ، کما رجحه السید الأمین - رحمه الله - فی أعیان الشیعة عند ترجمته للمؤلف 8 / 131.

5. ولعل الصواب : شاهد.

ص: 83


1- الزکیة ...

فی حکمة التوراة والإنجیل فی

فضل الزبور وعزة الفرقان

إنذاره لمن اعتدی وبیانه

لمن اهتدی بالنص والبرهان

هو معجز لم یأت خلق مثله

وکفی به التلویح والتبیان

(29)

وقال عبد المسیح الأنطاکی - منشئ جریدة العمران المصریة ، والمتوفی سنة 1341 ه - فی مقصورته العلویة أو القصیدة العلویة المبارکة ، المطبوعة غیر مرة فی ص 539 :

إن الفصاحة ما دانت لذی لسن

من البریة عربیها وعجمیها

کما انثنت ببهاها وهی خاضعة

للمرتضی اللسن القوال راعیها

کأنها خلقت خلقا له وکأنه

من العدم المجهول مبدیها

قد بذ کل فصیح قبله عرفت

آثار آدابه والناس ترویها

ولم یدع بعده سبلا لمطلب

سبقا بمضمارها إن رام یمشیها

لم یبق ذکرا لقس وهو أفصح

ملسان ولا خطب قد کان یلقیها

نعم فصاحته ما من یقاربه

فیها وحسبی علی کان ینشیها

وإنه دون ریب سید الفصحاء

الناثرین من الأقوال دریها

وإنها فوق أقوال البریة طرا

إنما دون ما قد قال باریها

وهی التی تسحر الألباب ما تلیت

سحرا حلالا یغشی نفس تالیها

هی الشمول بالباب الوری لعبت

لعب الشمول بلا إثم لساقیها

عقود در لجید الشرع قد نظمت

فهاکه قد تحلی من لآلیها

فی حسنها جلیت مثل العرائس فی

حلیها تبهر الدنیا مجالیها

ص: 84

آضت تلاوتها والله مطربة الأسماع

ما نغمات الطیر تحکیها

فمن تلاها تلاهی عن فرائضه

إنسا بها ناسی الدنیا وما فیها

ضمت مواعظه الغرا وحکمته

الکبری وأخلاقه الزهرا فحاویها

وجاء فیها بأحکام توضح

آیات الکتاب علی ما شاء موحیها

وکان یکسو معانیه السنیة

ألفاظا تلیق بها أعظم بکاسیها

کان یرسلها عفوا بلا تعب

علی المنابر بین الناس یشجیها

کذا رسائله الغراء کان بلا

تکلف بدراریه یوشیها

ظلت وحقک کنزا لا نفاد له

من الفصاحة للأعراب یغنیها

منها تعلمت الناس الفصاحة

لکن أعجزت کل من یبغی تحدیها

بذلک اعترفت أهل الصناعة

بالإجماع مصدرة فیه فتاویها

وعمرک الله هل أجلی وأفصح من

أقوال حیدرة أو من معانیها

فی کل ما نظمت أو کل ما نثرت

أهل الزکانة فی شتی أمالیها

لولا التقی قلت : آیات منسقة

فیها الهدایة أو تجری مجاریها

وذی کتابته «نهج البلاغة» فی

سطورها وبه هدی لقاربها

وحسبنا ما رأینا للصحابة آ

ثارا تحاکی الذی أبقاه عالیها

وهم لقد وردوا معه مناهل دین

الله والمصطفی قد کان مجریها

فإن تقل غیر هیاب فصاحته

للناس معجزة لم تلق تسفیها

وذات یوم أتی مثوی معاویة

لجدیة محفن قد کان یبغیها

فقال : من عند أعیی الناس جئتک یا

رب الفصاحة أنشدنی مثانیها

فقال : ویحک ترمی بالفهاهة

والإعیاء حیدرة کذبا وتمویها

ولم یسن قوانین الفصاحة إلاه

لأمتنا حتی قریشیها

ص: 85

وتلک قوله حق منه قد بدرت

عفوا بمجلسه ما اسطاع یزویها

والفضل للمرء ما أعداؤه شهدت

له به وروته فی نوادیها

* * *

ص: 86

وأما الکلام المنثور

فهناک کثیر من الأدباء والبلغاء بهرهم کلام أمیر المؤمنین علیه السلام الذی قدیما وصفوه بأنه : دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوق ، ومن شدة إعجابهم به کان لهم أقوال ذهبیة حول بلاغته علیه السلام الرائقة ومقدرته الخطابیة الفائقة ، لو تعرضنا لها لطال بنا المقام ، وإنما نقتصر علی من أطری «نهج البلاغة» خاصة ، وأبدی إعجابه بما یحویه من بلاغة متناهیة وأدب جم وحکم بالغة وکلم خالدة.

(1)

فمنهم أبو الحسن علی بن زید البیهقی ، فرید خراسان - المتوفی سنة 565 ه - فی شرحه علی نهج البلاغة الذی سماه : معارج نهج البلاغة ، ص 3 ، قال :

فصل

وها أنا ذا أقول : هذا الکتاب النفیس مملوء من ألفاظ یتهذب بها المتکلم ، ویتدرب بها المتکلم [المتعلم / ظ] ، فیه من القول أحسنه ، ومن المعانی أرصنه ، کلام أحلی من نغم القیان ، وأبهی من نعم الجنان ، کلام مطلعه کسنة [کهیئة / ظ] البدر ، ومشرعه مورد أهل الفضل والقدر ، وکلمات وشیها حبر ، ومعانیها فقر ، وخطب مقاطعها غرر ، ومبادیها درر ، استعاراتها تحکی غمزات الألحاظ المراض ، ومواعظها تعبر عن زهرات الریاض ، جمع قائل هذا الکلام بین ترصیع بدیع ، وتجنیس أنیس ، وتطبیق أنیق ، فلله در

ص: 87

خاطر عن مخایل الرشد ماطر ، وعین الله إذا انهلت فیه عزالی الأنواء أن یخضر رباه ، ویفوح ریاه ، ولا للساری فی مسالک نهج البلاغة أن یحمد عند الصباح سراه ، ولا لمجیل قداح الطهارة إذا صدقه رائد التوفیق والإلهام أن یفوز بقدحی المعلی والرقیب ، ویمتطی غوارب کل حظ ونصیب.

ولا شک أن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام کان باب مدینة العلوم ، فما تقول فی سقط انفض من زند خاطره الواری ، وغیض بدا من فیض نهره الجاری ، لا بل فی شعلة من سراجه الوهاج ، وغرفة من بحره المواج ، وقطرة من سحاب علمه الغزیر ، ولا ینبئک مثل خبیر.

والسید الإمام الرضی - رحمه الله - ناظم تلک العقود ، وقاطف هذا العنقود ... وأنا أقول : ما ظنک بکلام علی بن أبی طالب أمیر المؤمنین علیه السلام ، وهو کلام إذا لحظه الطرف رأی حقائق العلم المکنون ، وإذا تصفحه الخاطر جنی ثمرات السر المخزون ، حتی قال عمرو بن بحر الجاحظ : وددت أنی أعطیت جمیع مصنفاتی ، وقطعت أنسابها عنی ، وأخذت بدلها ثلاث کلمات منسوبة إلی علی بن أبی طالب (علیه السلام) وصارت منسوبة إلی ...

وقال فی ص 99 بعد شرح قوله علیه السلام : «ولا یحمدحامد إلا ربه ..» :

وأقول : فی وصف هذا الکلام : هذا کلام یجری مجری السحر الحلال ، ویرتفع درجته عن نعوت الکمال ، کأنه الیواقیت فی النظام ، أو مواقیت الأعیاد فی الأیام ، لفظ أحسن من عطفة الأصداغ ، وبلاغة کالأمل أذن بالبلاغ ، وأمثال کأنها حدیقة الأحداق وبضاعة الحذاق ، یضحک معانی تلک الألفاظ شعور الأدب ضحک الأزاهیر غب بکاء السحاب ، کأنها لآلیء السمط أو أشعة السقط ، وکان الصبح یتنفس عن نسیمها ، والدر یبسم عن نظیمها ، ولا غرو ، فإن قائلها استقی من منابع المصطفی علیه السلام ، وجذب العلم

ص: 88

بضبعه ، وشق الالهام عن بصره وسمعه ، وختمت آداب الدین فی عراص طبعه ، بذکره ینشرح الصدور ، وفلک الفصاحة [علی] قطبه وخاطره یدور.

وقال فی ص 108 بعد شرح قوله علیه السلام : «تخففوا تلحقوا ..» :

ثم مدح السید هذا الکلام بألفاظ تشفی القرائح القریحة والجوارح الجریحة (1) ، وأنا أقول : هذه ألفاظ علویة ، یحکی تورد الأشجار ، وتنفس الأسحار ، ودرر السحاب ، ودرر السخاب ، فیها ملح کیواقیت السحر ، وفقر کالغنی بعد الفقر ، ومواعظ تقود المستمعین إلی الطاعة والانقیاد والإذعان ، تجری فی القلوب مجری المیاه فی عروق الأغصان ، لو تلیت علی الحجارة لانفجرت منها عیون الماء ، أو علی الکواکب لانتثرت من آفاق السماء.

وقال فی ص 378 بعد الانتهاء من شرح وصیته إلی ابنه الحسن علیهما السلام :

ولو سودت فی شرح هذه الوصیة ، التی جمع فیها أمیر المؤمنین علیه السلام جمیع ما یحتاج إلیه البشر ، طاقات من القراطیس ، لما قرب من فوائدها بنصف عشرها أو أقل ، ومن له ذوق علمی وعملی فإنه یکفیه ما أشرت إلیه ، ومن کان بخلاف ذلک فالقلیل والکثیر من البیان عنده سواء.

====

فأما قوله علیه السلام : «تخففوا تلحقوا» فما سمع کلام أقل منه مسموعا ، ولا أکثر محصولا ، وما أبعد غورها من کلمة! وأنقع نطفتها من حکمة! وقد نبهنا فی کتاب (الخصائص) علی عظم قدرها وشرف جوهرها.

ص: 89


1- 1. قال الشریف الرضی رحمه الله بعد هذا الکلام : هذا الکلام لو وزن بعد کلام الله سبحانه وبعد کلام رسول الله صلی الله علیه وآله بکل کلام لمال به راجحا ، وبرز علیه سابقا.

(2)

وقال قطب الدین الراوندی - المتوفی سنة 573 ه - فی أول شرحه علی نهج البلاغة المسمی : منهاج البراعة ، ج 1 ص 4 :

وهو کلام عند أهل الفطنة والنظر ، دون کلام الله ورسوله ، وفوق کلام البشر ، واضحة مناره ، مشرقة آثاره ...

(3)

وقال قطب الدین الکیدری محمد بن الحسین النیشابوری ، من أعلام القرن السادس ، فی شرحه علی نهج البلاغة ، الذی سماه : حدائق الحقائق فی فسر دقائق أفصح الخلائق ، ج 1 ص 86 :

هذا الکتاب - الذی نحن بصدده وهو کتاب نهج البلاغة - نطفة من بحار علومه الغزیرة ، ودرة من جواهر أصدافه الجمة الغفیرة ، وقطرة من قطرات غیثه المدرار ، وکوکب من کواکب فلکه الدوار ، ولعمری إنه الکتاب الذی لا یدانیه فی کمال الفضل کتاب ، وطالب مثله فی الکتب کالعنزی لا یرجی له إیاب ، وهو محجر عیون العلوم ، وفی خلال الکتب کالبدر بین النجوم ، ألفاظه علویة علویة ، ومعانیه قدسیة نبویة ، وهو عدیم المثل والنظیر ، وکما قلت فوقه بکثیر ... وإذ قد کان هذا الکتاب الغایة فی بلاغة البلغاء ، والنهایة فی فصاحة الفصحاء ، تعین الفرض علینا أن نصدر شرحه بجملة وجیزة من أقسام البلاغة وأحکامها ...

* * *

ص: 90

(4)

وقال ابن أبی الحدید عند وصفه لشرحه علی نهج البلاغة ، فی مقدمته ، ص 4 :

وبرهن علی أن کثیرا من فصوله [نهج البلاغة] داخل فی باب المعجزات المحمدیة ، لاشتمالها علی الأخبار الغیبیة ، وخروجها عن وسع الطبیعة البشریة ، وبین من مقامات العارفین التی یرمز إلیها فی کلامه ما لا یعقله إلا العالمون ، ولا یدرکه إلا الروحانیون المقربون ...

وقال عند کلامه علی خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام وخصائله وما امتاز به عمق سواه من الفضائل ، ص 71 :

وما أقول فی رجل تعزی إلیه کل فضیلة ، وتنتهی إلیه کل فرقة ، وتتجاذبه کل طائفة ، فهو رئیس الفضائل وینبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجلی حلبتها ، وکل من بزغ فیها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفی ، وعلی مثاله احتذی ...

فتکلم علی العلوم والفنون والفضائل إلی أن انتهی إلی قوله فی ص 42 :

وأما الفصاحة : فهو علیه السلام إمام الفصحاء ، وسید البلغاء وفی کلامه قیل : دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوقین.

ومنه تعلم الناس الخطابة والکتابة ، قال عبد الحمید بن یحیی : حفظت سبعین خطبة من خطب الأصلع ، ففاضت ثم فاضت.

وقال ابن نباتة : حفظت من الخطابة کنزا لا یزیده الإنفاق إلا سعة وکثرة ،

ص: 91

حفظت مائة فصل من مواعظ علی بن أبی طالب ...

ویکفی هذا الکتاب الذی نحن شارحوه دلالة علی أنه لا یجاری فی الفصاحة ، ولا یباری فی البلاغة ، وحسبک أنه لم یدون لأحد من فصحاء الصحابة العشر ، ولا نصف العشر مما دون له ، وکفاک فی هذا الباب ما یقوله أبو عثمان الجاحظ فی مدحه فی کتاب «البیان والتبیین» وفی غیره من کتبه ...

وقال فی ج 16 ص 145 عند کلامه علی کتابه علیه السلام إلی عبد الله بن عباس بعد مقتل محمد بن أبی بکر :

أنظر إلی الفصاحة کیف تعطی هذا الرجل قیادها ، وتملکه زمامها ، واعجب لهذه الألفاظ المنصوبة یتلو بعضها بعضا کیف تواتیه وتطاوعه ، سلسة سهلة تتدفق من غیر تعسف ولا تکلف ، حتی انتهی إلی آخر الفصل فقال : «... یوما واحدا ، ولا ألتقی بهم أبدا» ، وأنت وغیرک من الفصحاء إذا شرعوا فی کتاب أو خطبة جاءت القرائن والفواصل تارة مرفوعة ، وتارة مجرورة ، وتارة منصوبة ، فإن أرادوا قسرها بإعراب واحد ظهر منها فی التکلف أثر بین ، وعلامة واضحة ، وهذا الصنف من البیان أحد أنواع الاعجاز فی القرآن ، ذکره عبد القاهر ، قال : انظر إلی سورة النساء وبعدها سورة المائدة ، الأولی منصوبة الفواصل ، والثانیة لیس فیها منصوب أصلا ، ولو مزجت إحدی السورتین بالأخری لم تمتزجا ، وظهر أثر الترکیب والتألیف بینهما.

ثم إن فواصل کل واحد منهما تنساق سیاقة بمقتضی البیان الطبیعی لا الصناعة التکلفیة.

ثم انظر إلی الصفات والموصوفات فی هذا الفصل ، کیف قال : «ولدا ناصحا» ، و «عاملا کادحا» ، و «سیفا قاطعا» ، و «رکنا دافعا» ، لو قال : «ولدا کادحا» و «عاملا ناصحا» وکذلک ما بعده لما کان صوابا ، ولا فی الموقع واقعا ، فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه المزایا النفیسة والخصائص الشریفة! أن

ص: 92

یکون غلام من أبناء عرب مکة ، ینشأ بین أهله ، لم یخالط الحکماء ، وخرج أعرف بالحکمة ودقائق العلوم الإلهیة من أفلاطون وأرسطو.

ولم یعاشر أرباب الحکم الخلقیة والآداب النفسانیة ، لأن قریشا لم یکن أحد منهم مشهورا بمثل ذلک ، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط.

ولم یرب بین الشجعان ، لأن أهل مکة کانوا ذوی تجارة ، ولم یکونوا ذوی حرب ، وخرج أشجع من کل بشر مشی علی الأرض ، قیل لخلف الأحمر : أیما أشجع عنبسة وبسطام أم علی ابن أبی طالب؟ فقال : إنما یذکر عنبسة وبسطام مع البشر والناس ، لا مع من یرتفع عن هذه الطبقة ، فقیل له : فعلی کل حال. قال : والله لو صاح فی وجوههما لماتا قبل أن یحمل علیهما.

وخرج أفصح من سبحان وقس ، ولم تکن قریش بأفصح العرب ، کان غیرها أفصح منها ، قالوا : أفصح العرب جرهم وإن لم تکن لهم نباهة.

وخرج أزهد الناس فی الدنیا ، وأعفهم ، مع أن قریشا ذوو حرص ومحبة للدنیا ، ولا غرو فیمن کان محمد صلی الله علیه وآله مربیه ومخرجه ، والعنایة الإلهیة تمده وترفده أن یکون منه ما کان.

(5)

وقال کمال الدین محمد بن طلحة الشافعی النصیبی - المتوفی سنة 652 ه - فی «مطالب السؤول» فی الفصل العاشر ، فی فصاحته ، وجمل من کلامه علیه السلام .... النوع الخامس فی الخطب والمواعظ ، مما نقلته الرواة وروته الثقات عنه علیه السلام :

قد اشتمل کتاب نهج البلاغة المنسوب إلیه علیه السلام علی أنواع من خطبه ومواعظه ومواعظه الصادعة بأوامرها ونواهیها ، المطلعة أنوار الفصاحة

ص: 93

والبلاغة مشرقة من ألفاظها ومعانیها ، الجامعة حکم عیون علم المعانی والبیان علی اختلاف أسالیبها مودعة فیها ، ولا یلیق نقل ما فیه مع شهرته وکثرة نسخة بمنصب من نصب نفسه لجمع أشتات المناقب من أرجاء محالها ونواحیها ...

(6)

وقال ابن الطقطقی فی کتاب «الفخری» ص 12 ، فی أواخر مقدمته فی کلامه علی الکتب الأدبیة ، کحماسة أبی تمام ومقامات الحریری ، ومدحها من جهة وذمها من جهة أخری ، فقال فی کلامه عن مقامات الحریری :

فإن نفعت من جانب ضرت من جانب ، وبعض الناس تنبهوا علی هذا من المقامات الحریریة والبدیعة ، فعدل الناس إلی نهج البلاغة من کلام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام ، فإنه الکتاب الذی یتعلم منه الحکم ، والمواعظ ، والخطب ، والتوحید ، والشجاعة ، والزهد ، وعلو الهمة ، وأدنی فوائده الفصاحة والبلاغة.

(7)

قال القوشجی - المتوفی سنة 879 ه - فی شرحه علی التجرید ، ص 378 ، فی شرح قول نصیر الدین الطوسی فی وصف أمیر المؤمنین علیه السلام : «وأفصحهم لسانا» :

علی ما یشهد به نهج البلاغة ، وقال البلغاء : وإن کلامه دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوق.

* * *

ص: 94

(8)

وقال نظام الدین الجیلانی فی دیباجة شرحه لنهج البلاغة ، الذی سماه : أنوار الفصاحة وأسرار البراعة :

ولما کان کتاب نهج البلاغة ... محتویا علی مختار کلام الإمام الهمام مولانا وإمامنا ... فی جمیع الفنون ، من خطب وکتب ومواعظ وآداب البلغاء والعلماء ، ومتضمنا من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وبدائع الصنائع ، بحیث یعده العلماء تحت کلام الخالق وفوق کلام المخلوق ، فلم یطمع (ظ) ببدائع صنائعه وعجائب بدائعه من غیر الشرح والتفسیر إلا واحد بعد واحد ممن برع فی العلوم العربیة والرسوم الأدبیة ، وکان مع ذلک مسترسل الطبیعة ، مشتعل القریحة ، ویقظان النفس ، دراکا اللمحة ، منتبها علی الرمز والإشارة ، متفوقا ذا دریة بأسالیب النظم وتراکیب النثر ، وعلم کیف یرتب الکلام ویؤلف ، وکیف ینظم ویرصف ، فإن هذا الکتاب دستور الغرائب وفهرست العجائب ، ولا یعرف ذلک إلا من تسنم شواهق البلاغة بحق ، وجری فی میدان الفصاحة أشواطا علی عرق ، وعرف أن لا کل سوداء تمرة ، ولا کل حمراء جمرة ، فإن هذا الکتاب میدان ، وللفصحاء والبلغاء فیه جولان ، وکان فی الاشتهار کالشمس فی رابعة النهار ، وسلمه المخالف والموافق ، واستحسنه الصغار والکبار ، فإنه وإن کان صغیر الحجم وجیز النظم ، فهو کثیر العلم ، عظیم الاسم ، جلیل الشأن ، واضح البرهان ، لا یعرف علی وجه الأرض بعد الکتاب الإلهی کتاب أشرف منه وأعظم ، ولا أنفس منه وأتم ، فمن شأنه أن یکتب سطوره بالنور علی خدود الحور ظاهرا ، وینقش معانیه بقلم العقل علی لوح النفس باطنا ، فإنه خلاصة کلامه علیه السلام ...

* * *

ص: 95

(9)

وقال عبد المسیح الأنطاکی فی تعالیق قصیدته «القصیدة العلویة المبارکة» ص 567 :

إن الحکمة المأثورة عن سیدنا أمیر المؤمنین علیه صلوات الله ، فهو ولا جدال سید الحکماء ، وعنه تروی الحکمة فی مواطن السراء والضراء ، وقد وردت الحکمة علی لسانه الشریف فی کثیر من رسائله وخطبه وأقواله حتی قالوا : إنه کان ینطق بالحکمة فی کل موطن أقام فیه ومجلس جلسه وموقف وقفه ، بل کانت جمیع أقواله الشریفة وأعماله المنیفة حکما مأثورة منبثقة عن توقد ذکاء وسعة تجربة واختبار ، ولقد جمع الشریف الرضی بعض هاتیک الحکم فی آخر کتاب نهج البلاغة ، فکانت حلیة فی الآداب ملأی بما یسدد خطی الناس إلی الرشاد والصواب ، وقد اقتبسنا بعضها فنظمناها حلیة لجید علویتنا المبارکة ، والأمل أن تعم فائدتها ، وتحسن علی القراء الأتقیاء عائدتها ، وبالله المستعان.

(10)

وقال الشیخ محمد عبده فی مقدمة شرحه لنهج البلاغة :

حمد لله سیاج النعم ، والصلاة علی النبی وفاء الذمم ، واستمطار الرحمة علی آله الأولیاء ، وأصحابه الأصفیاء ، عرفان الجمیل ، وتذکار الدلیل.

وبعد ، فقد أوفی لی حکم القدر بالاطلاع علی کتاب نهج البلاغة مصادفة بلا تعمل ، أصبته علی تغیر حال ، وتبلبل بال ، وتزاحم أشغال ، وعطلة من أعمال ، فحسبته تسلیة ، وحیلة للتخلیة ، فتصفحت بعض صفحاته ،

ص: 96

وتأملت جملا من عباراته ، من مواضع مختلفات ، ومواضیع متفرقات ، فکان یخیل لی فی کل مقام أن حروبا شبت ، وغارات شنت ، وأن للبلاغة دولة ، وللفصاحة صولة ، وأن للأوهام عرامة ، وللریب دعارة ، وأن جحافل الخطابة ، وکتائب الذرابة ، فی عقود النظام ، وصفوف الانتظام ، تنافح بالفصیح الأبلج ، والقویم الأملج ، وتمتلج المهج برواضع الحجج ، فتفل من دعارة الوساوس ، وتصیب مقاتل الخوانس ، فما أنا إلا والحق منتصر ، والباطل منکسر ، ومرج الشک فی خمود ، وهرج الریب فی رکود. وإن مدبر تلک الدولة ، وباسل تلک الصولة ، هو حامل لوائها الغالب ، أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب.

بل کنت کلما انتقلت من موضع إلی موضع أحس بتغیر المشاهد ، وتحول المعاهد :

فتارة کنت أجدنی فی عالم یعمره من المعانی أرواح عالیة ، فی حلل من العبارات الزاهیة ، تطوف علی النفوس الزاکیة ، وتدنو من القلوب الصافیة ، توحی إلیها رشادها ، وتقوم منها مرادها ، وتنفر بها عن مداحض المزال ، إلی جواد الفضل والکمال.

وطورا کانت تتکشف لی الجمل عن وجوه باسرة ، وأنیاب کاشرة ، وأرواح فی أشباح النمور ، ومخالب النسور ، قد تحفزت للوثاب ، ثم انقضت للاختلاب ، فخلبت القلوب عن هواها ، وأخذت الخواطر دون مرماها ، واغتالت فاسد الأهواء ، وباطل الآراء.

وأحیانا کنت أشهد أن عقلا نورانیا ، لا یشبه خلقا جسدانیا ، فصل عن الموکب الإلهی واتصل بالروح الإنسانی ، فخلعه عن غاشیات الطبیعة ، وسما به إلی الملکوت الأعلی ، ونما به إلی مشهد النور الأجلی ، وسکن به إلی عمار جانب التقدیس ، بعد استخلاصه من شوائب التلبیس.

وآنات کأنی أسمع خطیب الحکمة ینادی بأعلیاء الکلمة ، وأولیاء أمر الأئمة ، یعرفهم مواقع الصواب ، ویبصرهم مواضع الارتیاب ، ویحذرهم مزالق

ص: 97

الاضطراب ، ویرشدهم إلی دقائق السیاسة ، ویهدیهم طرق الکیاسة ، ویرتفع بهم إلی منصات الرئاسة ، ویصعدهم شرف التدبیر ، ویشرف بهم علی حسن المصیر.

ذلک الکتاب الجلیل هو جملة ما اختاره السید الشریف الرضی ، رحمه الله ، من کلام سیدنا ومولانا أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب کرم الله وجهه ، جمع متفرقة وسماه هذا الاسم : نهج البلاغة ، ولا أعلم اسما ألیق بالدلالة علی معناه منه ، ولیس فی وسعی أن أصف هذا الکتاب بأزید مما دل علیه اسمه ، ولا أن آتی بشئ فی بیان مزیته فوق ما أتی به صاحب الاختیار کما ستراه فی مقدمة الکتاب.

ولولا أن غرائز الجبلة ، وقواضی الذمة تفرض علینا عرفان الجمیل لصاحبه ، وشکر المحسن علی إحسانه ، لما احتجنا إلی التنبیه علی ما أودع نهج البلاغة ، من فنون الفصاحة ، وما خص به من وجوه البلاغة ، خصوصا وهو لم یترک غرضا من أغراض الکلام إلا أصابه ، ولم یدع للفکر ممرا إلا جابه ...

(11)

ولقد أحسن الوصف أستاذ الفن محمد حسن نائل المرصفی ، مدرس البیان بکلیة الفریر الکبری بمصر ، فی مقدمة الشرح علی نهج البلاغة ، فجمع بإیجاز أطراف البیان حول عبقریة الإمام ، وذکر مزایاه العالیة ، وشرح ماهیة کلامه فی نهج البلاغة ملخصا فیما یأتی ، قال :

بهذه الخصال الثلاث - یعنی جمال الحضارة الجدیدة ، وجلال البداوة القدیمة ، وبشاشة القرآن الکریم - امتاز الخلفاء الراشدون ، ولقد کان المجلی فی هذه الحلبة علی صلوات الله علیه ، وما أحسبنی أحتاج فی إثبات هذا إلی

ص: 98

دلیل أکثر من نهج البلاغة ، ذلک الکتاب الذی أقامه الله حجة واضحة علی أن علیا رضی الله عنه قد کان أحسن مثال حی لنور القرآن وحکمته وعلمه وهدایته وإعجازه وفصاحته.

اجتمع لعلی علیه السلام فی هذا الکتاب ما لم یجتمع لکبار الحکماء وأفذاذ الفلاسفة ونوابغ الربانیین ، من آیات الحکمة السامیة وقواعد السیاسة المستقیمة ، ومن کل مواعظة باهرة وحجة بالغة تشهد له بالفعل وحسن الأثر.

خاض علی فی هذا الکتاب لجة العلم والسیاسة والدین ، فکان فی کل هذه المسائل نابغة مبرزا ، ولئن سألت عن مکان کتابه من الأدب بعد أن عرفت مکانه من العلم ، فلیس فی وسع الکاتب المسترسل والخطیب المصقع والشاعر المفلق أن یبلغ الغایة فی وصفه والنهایة من تقریظه ، وحسبنا أن نقول : إنه الملتقی الفذ الذی التقی فیه جمال الحضارة وجزالة البداوة ، والمنزل الفرد الذی اختارته الحقیقة لنفسها منزلا تطمئن فیه وتأوی إلیه بعد أن زلت بها المنازل فی کل لغة (1) ...

(12)

وقال الأستاذ محمد الزهری الغمراوی المصری ، فی مقدمته لطبعة نهج البلاغة بشرح الشیخ محمد عبده ومحمد حسن نائل المرصفی ، طبعة دار الکتب المصریة سنة 1328 ه ، وطبعة المطبعة المیمنیة بالقاهرة تحت عنوان : «کتاب الفصحاء» :

ولم ینقل عن أحد من أهل هذه الطبقات ما نقل عن أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب کرم الله وجهه ، فقد اشتملت مقالاته علی المواعظ الزهدیة ،

ص: 99


1- 1. ما هو نهج البلاغة ، ص 5.

والمناهج السیاسیة ، والزواجر الدینیة ، والحکم النفسیة ، والآداب الخلقیة ، والدرر التوحیدیة ، والإرشادات الغیبیة ، والردود علی الخصوم ، والنصائح علی وجه العموم ، وقد احتوی علی غرر کلامه کرم الله وجه کتاب نهج البلاغة الذی جمعه وهذبه أبو الحسن محمد ابن الطاهر ، المشهور بالشریف الرضی ، رحمه الله وأثابه وأرضاه.

(13)

وقال الشیخ مصطفی الغلایینی - المتوفی سنة 1364 ه - عضو المجمع العلمی السوری ، وأستاذ التفسیر والفقه والآداب العربیة فی الکلیة الإسلامیة فی بیروت ، فی کتابه «أریج الزهر» المطبوع فی بیروت سنة 1329 ه تحت عنوان : «نهج البلاغة وأسالیب الکلام العربی» :

من أحسن ما ینبغی مطالعته لمن یتطلب الأسلوب العالی کتاب نهج البلاغة للإمام علی رضی الله عنه ، وهو الکتاب الذی أنشأت هذا المقال لأجله ، فإن فیه من بلیغ الکلام ، والأسالیب المدهشة ، والمعانی الرائقة ، ومناحی الموضوعات الجلیلة ، ما یجعل مطالعه - إذا زاوله مزاولة صحیحة - بلیغا فی کتابته ، وخطابته ، ومعانیه.

(14)

وقال محمد کرد علی فی مقال له عنوانه : «الانشاء والمنشئون» (1) :

ص: 100


1- 1. نشر أولا باللغة الفرنسیة فی مجلة «التعلیم».

إذا أردنا أن نحکم علی المنشئین بما انتهی إلینا من خطبهم ، ورسائلهم ، ومحاوراتهم ، ومصنفاتهم ، وبدأنا بأهل القرن الأول للإسلام ، نری علی رأسهم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب کرم الله وجهه ، فإنه سید البلغاء علی الاطلاق ، وواضع بنیان البیان العربی ، وکلامه - کما قال العارفون : بعد کلام الله ورسوله علیه الصلاة والسلام - أبلغ کلام.

ونهج البلاغة الذی جمعه الشریف الرضی من کلامه ، وشرحه ابن أبی الحدید کتاب الدهر الخالد ...

وقال أیضا فی مقال آخر له (1) :

وإذا طلبت البلاغة فی أتم مظاهرها ، والفصاحة التی لم تشبها عجمة ، فعلیک بنهج البلاغة الذی فیه خطب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب ورسائله إلی عماله ...

(15)

وقال الصحفی الشهیر أمین نخلة ، المسیحی اللبنانی ، فی جواب من سأله أن یختار له مائة کلمة من حکم أمیر المؤمنین علیه السلام :

سألتنی أن أنتقی مائة کلمة من کلمات أبلغ العرب أبی الحسن ، تخرجها فی کتاب ، ولیس بین یدی الآن من کتب الأدب التی یرجع إلیها فی مثل هذا الغرض إلا طائفة قلیلة ، منها : إنجیل البلاغة (النهج) فرحت أسرح إصبعی فیه ، ووالله لا أعرف کیف أصطفی لک المائة من مئات ، بل الکلمة من

ص: 101


1- ثم نشر بالعربیة فی مجلة المجمع العلمی السوری ، فی المجلد الخام�1. العدد الثانی ، ص 80.

کلمات ، إلا إذا سلخت الیاقوتة عن أختها الیاقوتة ، ولقد فعلت ویدی تتقلب علی الیواقیت ، وعینی تغوص فی اللمعان ، فما حسبتنی أخرج من معدن البلاغة بکلمة لفرط ما تحیرت فی التخییر!

فخذه هذه المائة (1) ، وتذکر أنها لمحات من نور ، وزهرات من نور ، ففی نهج البلاغة من نعم الله علی العربیة وأهلها أکثر بکثیر من مائة کلمة ... (2).

(16)

وقال الأستاذ محمد محیی الدین عبد الحمید فی کلام له عن نهج البلاغة فی مقدمته لطبعه :

وهو الذی یقول جامعه الشریف الرضی فی سبب تولیفه : «علما أن ذلک یتضمن من عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربیة ، وثواقب الکلم الدینیة والدنیویة ، ما لا یوجد مجتمعا فی کلام ، ولا مجموع الأطراف فی کتاب ، إذ کان أمیر المؤمنین علیه السلام مشرع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه علیه السلام ظهر مکنونها ، وعنه أخذت قوانینها ، وعلی أمثلته حذا کل قائل خطیب ، وبکلامه استعان کل واعظ بلیغ ، ومع ذلک فقد سبق وقصروا ، وتقدم وتأخروا».

هذا کتاب «نهج البلاغة» وهو الذی عرفت منزلته بین الکتب ، وسمعت الثناء العظیم علیه من رجل من رجالات الأدب والبیان فی عصر العلم والبیان ، وهو «أشعر الطالبیین من مضی ومن غبر ، علی کثیرة شعرائهم المفلقین» (3) ،

====

4. یقول ذلک الثعالبی فی شأن الشریف الرضی.

ص: 102


1- 1. مجلة المجمع العلمی السوری ، المجلد 18 ، ص 270.
2- 2. نشرت هذه المائة کلمة - اختیار أمین نخلة - فی مطبعة العرفان بصیدا سنة 1349 = 1930.
3- 3. ما هو نهج البلاغة - للسید هبة الدین الشهرستانی - : 3.

ومن حکیم الإسلام وإمام المسلمین وزعیم الدعوة الاجتماعیة والأدبیة فی العصر الحدیث ، فلیس بدعا أن نحضک علی قراءته ومعاودة مراجعته ، ثم علی التأسی به وقفو نهجه ، ولیس کثیرا أن نکفل لک إذا أنت لم تأل جهدا فی اتباع هذه النصیحة أن تبلغ الذروة ، وتصل إلی ما تطمع فیه من امتلاک أزمة البلاغة ، والتمکن من أعنتها.

ولیس من شک عند أحد من أدباء هذا العصر ، ولا عند أحمد ممن تقدمهم ، فی أن أکثر ما تضمنه «نهج البلاغة» من کلام أمیر المؤمنین علیه السلام ، نعم لیس من شک عند أحد فی ذلک ، ولیس من شک عند أحد فی أن ما تضمنه الکتاب جار علی النهج المعروف عن أمیر المؤمنین ، موافق للأسلوب الذی یحفظه الأدباء والعلماء من کلامه الموثوق بنسبته إلیه.

(17)

وقال شیخنا الحجة العلامة الکبیر الشیخ آقا بزرک الطهرانی - المتوفی سنة 1389 ه - رحمه الله ، فی موسوعته الخالدة کتاب «الذریعة إلی تصانیف الشیعة» ج 4 ص 144 ، فی الثناء علی نهج البلاغة :

لم یبرز فی الوجود بعد انقطاع الوحی الإلهی کتاب أمس به مما دون فی نهج البلاغة ، نهج العلم والعمل الذی علیه مسحة من العلم الإلهی ، وفیه عبقة من الکلام النبوی ، وهو صدف لآلیء الحکم ، وسفط یواقیت الکلم ، المواعظ البالغة فی طی خطبه ، وکتبه تأخذ بمجامع القلوب ، وقصار کلماته کافلة لسعادة الدنیا والآخرة ، ترشد طلاب الحقائق بمشاهدة ضالتهم ، وتهدی أرباب الکیاسة لطریق سیاستهم وسیادتهم ، وما هذا شأنه حقیق أن یعتکف بفنائه العارفون وینقبه الباحثون ، وحری أن تکتب حوله کتب ورسائل کثیرة حتی یشرح

ص: 103

فیها مطالبه کلا أو بعضا ، ویترجم إلی لغات أخر ، لیغترف أهل کل لسان من بحاره غرفة ...

وقال فیه - رحمه الله - أیضا فی ج 14 ص 111 :

هو کالشمس الطالعة فی رائعة النهار ، فی الظهور وعلو الشأن والقدر ، وارتفاع المحل ، قد جعلت رؤیتها لجمیع الناس مرأی واحدا لا تخفی علی أحد ، فیقبح من العاقل البصیر سؤال ما هی الشمس الطالعة؟ وهی مما یقتبس من إشراق نورها کافة الکائنات فی البر والبحر ، کذلک النهج قد طبقت معروفیته الشرق والغرب ، ونشر خبره فی أسماع الخافقین ، ویتنور من تعلیمات النهج جمیع أفراد نوع البشر ، لصدوره عن معدن الوحی الإلهی ، فهو أخ القرآن الکریم فی التبلیغ والتعلیم ، وفیه دواء کل علیل وسقیم ، ودستور للعمل بموجبات سعادة الدنیا وسیادة دار النعیم ، غیر أن القرآن أنزله حامل الوحی الإلهی علی قلب النبی الأمین صلی الله علیه وآله وسلم ، والنهج أنشأه باب مدینة علم النبی وحامل وحیه ، سید الموحدین وإمام المتقین ، علی أمیر المؤمنین علیه السلام من رب العالمین ، وقد قیل فیه :

نهج البلاغة نهج العلم والعمل

فاسلکه یا صاح تبلغ غایة الأمل

وقد لمحنا فی ج 4 ص 144 إلی سیادته علی سائر الکتب ، وکونه دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوق ، ونعم ما قیل فیه :

کلام علی کلام علی

وما قاله المرتضی مرتضی

لقد صارت الکلمات التی یلقیها أمیر المؤمنین علیه السلام فی خطبه ، أو یملیها إلی کاتبه مخزونة فی صدور جمع من أصحابه ، علی موجب السیرة العربیة ، ثم قید ما فی تلک الصدور إلی الکتابة فی الأصول الأولیة التی ذکرنا اثنی عشر منها فی ج 7 ص 187 وبعدها ، ومنها ما ألف فی عصر الأمیر علیه

ص: 104

السلام ، مثل کتاب «الخطب» تألیف أبی سلیمان زید الجهنی ، الذی شهد حروب الأمیر علیه السلام ، ثم نقل منها إلی سائر الکتب التی ألفت فی جمع خطبه علیه السلام إلی عصر الشریف الرضی - رحمه الله - مما لا یستهان به ، وکانت تلک الأصول المعتبرة والکتب المعتمدة فی مکتبة الوزیر سابور بن أردشیر وغیرها فی بغداد تحت نظر الشریف الرضی - رحمه الله - یستفید منها فی کل حین ، حتی أخرج منها ما اختاره من منشئآت أمیر المؤمنین علیه السلام وجعلها بین الدفتین مرتبا علی ثلاثة أقطاب : 1 - الخطب ، 2 - الکتب ، 3 - الحکم ، وبعد ذلک سمی ما دونه من المنشئات ب «نهج البلاغة».

(18)

وقال السید هبة الدین الشهرستانی فی «ما هو نهج البلاغة» ص 5 بعد إیراد کلام المرصفی الذی تقدم برقم 10 :

وکم مثل هذا فی الواصفین لنهج البلاغة من حکموا بتفوقه علی کتب الانشاء ومنشآت البلغاء ، واعترفوا ببلوغه حد الاعجاز ، وأنه فوق کلام المخلوقین ودون کلام الخالق المتعال ، وأعجبوا به أقصی الاعجاب ، وشهدت ألسنتهم بدهشة عقولهم من عظمة أضاء سنا برقها من ثنایا الخطب ومزایا الجمل ، ولیس إعجاب الأدباء بانسجام لفظه وحده ، ولا دهشة العلماء من تفوق معانیه البلیغة حد الاعجاز فقط ، وإنما الاعجاب کله والدهشة کلها فی تنوع المناحی فی هذه الخطب والکلم ، واختلاف المرامی والأغراض فیها ، فمن وعظ ونصح وزهد وزجر ، إلی تنبیه حربی واستنهاض للجهاد ، إلی تعلیم فنی ودروس ضافیة فی هیئة الأفلاک وأبواب النجوم وأسرار من طبائع کائنات

ص: 105

الأرض وکامنات السماء ، إلی فلسفة الکون وخالقه وتفنن فی المعارف الإلهیة وترسل فی التوحید وصفة المبدأ والمعاد ، إلی توسع فی أصول الإدارة وسیاسة المدن والأمم ، إلی تثقیف النفوس بالفضائل وقواعد الاجتماع وآداب المعاشرة ومکارم الأخلاق ، إلی وصف شعری لظواهر الحیاة ، وغیر ذلک من شتی المناحی المتجلیة فی «نهج البلاغة» بأرقی المظاهر ، والإمام نراه الإمام فی کل ضرب من ضروب الاتجاه ، وعبقریة الإمام ظاهرة التفوق علی الجمیع ، بینما نری أفذاذ الرجال یجدون فی أوجه الکمال فلا یبلغونه إلا من الوجه الواحد ...

(19)

وقال العلامة الجلیل الشیخ هادی آل کاشف الغطاء النجفی - المتوفی بها سنة 1361 ه - فی کتابه «مستدرک نهج البلاغة» المطبوع سنة 1354 ه ، ص 3 :

إن نهج البلاغة من کلام مولانا أمیر المؤمنین ، وإمام الموحدین ، باب مدینة العلم ، علی بن أبی طالب علیه السلام ، من أعظم الکتب الإسلامیة شأنا ، وأرفعها قدرا ، وأجمعها محاسن ، وأعلاها منازل ، نور لمن استضاء به ، ونجاة لمن تمسک بعراه ، وبرهان لمن اعتمده ، ولب لمن تدبره ، أقواله فصل ، وأحکامه عدل ، حاجة العالم والمتعلم ، وبغیة الراغب والزاهد ، وبلغة السائس والمسوس ، ومنیة المحارب والمسالم ، والجندی والقائد.

فیه من الکلام فی التوحید والعدل ، ومکارم الشیم ، ومحاسن الأخلاق ، والترغیب والترهیب ، والوعظ والتحذیر ، وحقوق الراعی والرعیة ، وأصول المدنیة الحقة ، وما ینقع الغلة ، ویزیل العلة ، لم تعرف المباحث الکلامیة إلا منه ، ولم تکن إلا عیالا علیه ، فهو قدوة فطاحلها ، وإمام أفضلها.

* * *

ص: 106

(20)

وقال الأستاذ عبد الوهاب حمودة ، أستاذ الأدب الحدیث بکلیة الآداب بجامعة فؤاد الأول ، فی مقال له حول نهج البلاغة نشره فی مجلة «رسالة الإسلام» الصادرة عن دار التقریب بمصر ، فی عددها الثالث من سنتها الثالثة ، شهر رمضان سنة 1370 ه ، تحت عنوان : «الآراء الاجتماعیة فی نهج البلاغة» فقال :

لسنا بصدد تحقیق نسبة کتاب «نهج البلاغة» إلی الإمام علی رضی الله عنه ، أو إلی جامعه الشریف الرضی ، فإن لذلک مجالا غیر هذا.

غیر أنه مما لا شک فیه عند أحد من أدباء هذا العصر ، ولا عند أحد ممن تقدمهم فی أن أکثر ما تضمنه «نهج البلاغة» هو من کلام أمیر المؤمنین رضوان الله علیه.

وعلی ضوء هذا الرأی نحن ننظر فی الکتاب فنبحث فی مطاویه ، ونمتع الذهن بأسرار معانیه ، ونستخرج منه الآراء الناضجة الاجتماعیة ، والأفکار الخالدة الإنسانیة.

وإن الباحث لیتملکه الدهش حین یری لأدب آل البیت جمیعا سمات خاصة وخصائص متمایزة ، لا فرق فی ذلک بین رجالهم ونسائهم وخطبائهم وشعرائهم.

فإن لأدب کل جماعة سمات تستمد من وجداناتهم ، وصدق عواطفهم ، ونبل مقاصدهم ، ودقة مشاعرهم.

فمن سمات أدب آل البیت صدق العاطفة ، وجزالة الأسلوب ، وسمو المقصد ، وحرارة العبارة ، وقوة الإیمان ، ورسوخ العقیدة ، وتوقد الوجدان.

ولا عجب فی ذلک ، فإن الأدب ینهض فی عصور المشادة لا عصور

ص: 107

اللین والأمن ، وإن عصور الأمن عصور طراوة ودعة لا تحفز النفوس ، ولا تستثیر قواها الکامنة.

وعلی النقیض من ذلک عصور المشادة والجهاد التی تحرک أعمق أعماق النفوس وتثیر کل تیاراتها ، وتبتعث رواقدها ، لما تتطلبه طبیعة العراک من استمداد کل قوة ، وإفراغ کل جهد.

إن الاضطهاد العنیف لم یترک فی أدب آل البیت أنینا وشکوی ، ولا بکاء ولا عویلا ، وإنما ترک قوة صامدة ، وتحقیرا لأمر الدنیا ، وإعظاما للجهاد ، وإکبارا للتضحیة.

ولم یکن لآل البیت أسلوب قوی فحسب ، بل کانت معانیهم أیضا قویة ، فقد اصطبغت هذه المعانی بالمثل الأعلی للإیمان والعقیدة ، فاکتسبت رونقا وجلالا ، وعظمة وجمالا.

ولا غرو ، فقد قدموا فی سبیل هذه العقیدة أغلی ما یمکن أن یقدمه إنسان قربانا لعقیدة ، وهی أنفسهم الزکیة ، وأرواحهم الطاهرة ، ألیس یقول الإمام رضی الله عنه : «لنا حق فإن أعطیناه ، وإلا رکبنا أعجاز الإبل وإن طال السری».

وقد اجتمع له رضی الله عنه فی کتاب «نهج البلاغة» ما یجتمع لکبار الحکماء ، وأفذاذ الفلاسفة ، ونوابغ الربانیین من آیات الحکمة السامیة ، وقواعد السیاسة المستقیمة ، ومن کل موعظة باهرة ، وحجة بالغة ، وآراء اجتماعیة ، وأسس حربیة ، مما یشهد للإمام بالفضل وحسن الأثر.

فأنت واجد فی خطبه ووصایاه رضوان الله عنه ملتقی العاطفة المشبوبة والإحساس المتطلع إلی الرحمة والإکبار ، فقد کانت حیاته وحیاة أبنائه سلسلة من الجهاد والصراع والاضطهاد والجلاد.

فکان رضی الله عنه شجاعا فی غیر بغی ، قویا فی غیر قسوة ، سلیم الصدر من الضغن والحقد ، برئ النفس من حب الانتقام والغرور ، لا یتکلف

ص: 108

ولا یحتال علی أن یتکلف ، بل کان یقول : «شر الأخوان من تکلف له».

وکان لا یعرف غیر طریق واحدة هی طریق الصراحة التی تکشف عن قرارة نفسه ، فهو فی طلب الحق لا تلین قناته ، ولا تأخذه فیه هوادة ، وهو یربأ بنفسه أن یستهوی الأفئدة بالمداجاة والمقاربة وبذل العطاء کما کان یفعل سواه ...

(21)

وقال الدکتور صبحی الصالح فی ما کتب یأذن فی طبع نهج البلاغة بتحقیقه (1) :

وإنی بدوری وبوصفی محققا للکتاب ، وشارحا له ، وضابطا لنصه : أری أن نهج البلاغة لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام یجب أن یطبع ، وینشر ، ویوزع فی جمیع أنحاء العالم ، لیستفید منه الجیل المسلم الجدید.

من أجل هذا أری لزاما علی أن أشکر أصدقائی الأعزة من العلماء العاملین فی مرکز البحوث الإسلامیة فی قم لنهوضهم بهذا الواجب فی إیران المسلمة العریقة فی إسلامها ...

(22)

وقال العلامة الشیخ عزیز الله العطاردی الخراسانی القوجانی ، نزیل طهران الیوم ، فی مقدمته لمنهاج البراعة (2)

ص: 109


1- 1. نشر بتصویر خطه فی مقدمة الطبعة الأولی لنهج البلاغة فی إیران بتحقیق الدکتور صبحی الصالح ، من إصدارات مرکز البحوث الإسلامیة فی قم سنة 1395 ه.
2- 2. فی شرح نهج البلاغة ، لقطب الدین الراوندی - المتوفی سنة 573 ه - وقد طبعه بالهند سنة 1404 ه.

وهو یتحدث عن نهج البلاغة :

هذا الکتاب الشریف أشرف الکتب بعد کلام الله تعالی وکلام رسوله صلی الله علیه وآله ، وهو دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوقین ، وأفضل الکلام وأفصحه وأنفعه وأرفعه ، وهذا واضح لمن تأمل فی الکتاب ، وتفکر فی ألفاظه ومعانیه.

نهج البلاغة کتاب یشتمل علی المعارف الإلهیة ، والأسرار النبویة ، والأحکام الإسلامیة ، والقواعد السیاسیة ، یستفید منه الحکیم الإلهی ، والفقیه الربانی ، والواعظ الصمدانی ، والمصلح السیاسی.

وفیه آداب الحرب وتنظیم العساکر والجیوش ، وردت فیه مواعظ شافیة للمتعظین ، وآداب للعارفین ، وترغیب للعابدین ، وتحذیر للمنافقین ، وتخویف للأمراء والسلاطین ، وإرشادهم فی الحکم وبسط العدل للمسلمین ، وکظم الغیظ والعفو عن المجرمین.

من نظر فی نهج البلاغة وتعمق فی خطبه ورسائله یری نفسه مع خطیب وأمیر إلهی ، تارة یتکلم فی التوحید ، ویبحث عن أسرار الکائنات ، ویکشف غوامض المسائل ، ویشرح مکنون العلم.

وتارة یتکلم عن النبوة وصفات الأنبیاء علیهم السلام والأولیاء.

وأخری یتکلم عن العباد والزهاد وصفات المتقین.

وآونة عن فنون الحرب والجهاد مع الأعداء فی الغزوات ومقارعة الأبطال ومصارعة الشجعان.

وحینا یعظ الناس ویحذرهم من الدنیا وزینتها ، ویرغبهم فی الآخرة ونعیمها.

* * *

ص: 110

الکلمة

فی اصطلاح النحاة

السید علی حسن مطر

الکلمة لغة :

أولا : معناها.

تستعمل الکلمة فی ثلاثة معان لغویة (1) :

الأول : الحرف الواحد من حروف الهجاء.

الثانی : اللفظة الواحدة المؤلفة من بضعة حروف ذات معنی.

الثالث : الجملة المفیدة والقصیدة والخطبة.

وقد أشار بعض العلماء إلی أن استعمال الکلمة فی المعنی الأخیر من المجاز اللغوی «من باب تسمیة الشئ باسم بعضه ، کتسمیتهم ربیئة القوم عینا ، والبیت من الشعر قافیة ، لاشتماله علیها ، وهو مجاز مهمل فی عرف النحاة» (2) ، «أی أنهم لا یستعملون الکلمة بمعنی الکلام

ص: 111


1- 1. لسان العرب لابن منظور ، وتهذیب اللغة للأزهری ، مادة (کلم) ، أوضح المسالک فی شرح ألفیة ابن مالک ، لابن هشام 1 / 12 ، شرح قطر الندی لابن هشام : ص 13 ، شرح ابن عقیل علی ألفیة ابن مالک 1 / 16 ، همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع ، للسیوطی ، تحقیق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مکرم 1 / 3.
2- 2. حاشیة الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 28 - 29 ، البهجة المرضیة للسیوطی 1 / 10.

أصلا» (1) ، ومن ثم اعترضوا علی ابن مالک حینما قال فی ألفیته : «وکلمة بها کلام قد یؤم» ، وعدوه من أمراض الألفیة التی لا دواء لها» (2).

وقد ذکر الشنوانی - دفاعا عن صاحب الألفیة - أن «الکلمة تطلق لغة واصطلاحا مجازا علی الکلام وحقیقة علی المفرد» (3) ، وهی دعوی تحتاج إلی دلیل من استعمالات النحاة.

ویظهر من ابن الخشاب (ت 567 ه) ذهابه إلی أن استعمال الکلمة فی المعنی الأول مجاز لغوی أیضا ، إذ قال : «أما الکلمة فمنطلقة فی أصل الوضع علی الجزء الواحد من الکلم الثلاث» (4) ، أی : الاسم والفعل والحرف ، وهی الألفاظ الدالة علی معنی ، فیکون إطلاقها علی أحد حروف الهجاء مجازا ، من باب تسمیة الجزء باسم الکل ، کإطلاق الید علی الإصبع. وعلیه یکون المعنی الحقیقی للکلمة لغة هو المعنی الثانی فقط ، وهو الموافق لمعناها الاصطلاحی ، کما سیتضح خلال البحث.

* * *

ثانیا - لغات الکلمة :

فی الکلمة ثلاث لغات (5) :

ص: 112


1- 1. حاشیة الصبان 1 / 29.
2- 2. حاشیة الخضری علی شرح ابن عقیل 1 / 17 ، همع الهوامع 1 / 4 ، حاشیة الصبان 1 / 29.
3- 3. حاشیة السجاعی علی شرح قطر الندی ، ص 7.
4- 4. المرتجل - لابن الخشاب - ص 21.
5- 5. مادة (کلم) فی کل من : صحاح اللغة للجوهری وتهذیب اللغة للأزهری ولسان العرب لابن منظور ، الخصائص لابن جنی 1 / 27 ، شرح شذور الذهب لابن هشام ص 11 ، شرح الأشمونی 1 / 26.

الأولی : کلمة ، علی وزن نبقة ، وهی الفصحی ولغة أهل الحجاز ، وبها جاء التنزیل.

الثانیة : کلمة ، علی وزن سدرة ، وهی لغة تمیم.

الثالثة : کلمة ، علی وزن ضربة ، وأول من نص علی هذه اللغة الجوهری (1) دون نسبة ، ثم نسبها ابن هشام إلی تمیم (2).

* * *

ثالثا - اشتقاق الکلمة.

ذکر بعض العلماء أن الکلمة مشتقة لغة من الکلم ، وهو الجرح ، لتأثیرها فی النفس (3). وقال الرضی : «وهو اشتقاق بعید» (4) ، لبعد المناسبة اللغویة التی یتوقف علیها الاشتقاق بین المشتقین (5).

وقال ابن فارس : «الکاف واللام والمیم أصلان ، أحدهما یدل علی نطق مفهم ، والآخر علی جراح» (6) ، وعلیه تکون الکلمة أصلا مستقلا ، ولیست مشتقة من الکلم بمعنی الجرح.

* * *

ص: 113


1- 1. صحاح اللغة مادة (کلم).
2- 2. شرح شذور الذهب لابن هشام ص 11 ، شرح اللمحة البدریة لابن هشام 1 / 206.
3- 3. شرح المفصل لابن یعیش 1 / 51 ، المرتجل لابن الخشاب ص 18 ، شرح الکفایة للرضی ، تحقیق الدکتور یوسف حسن عمر 1 / 20.
4- 4. شرح الکافیة 1 / 20.
5- 5. حاشیة شرح الکافیة (طبعة بولاق) 1 / 2.
6- 6. مقاییس اللغة لابن فارس ، مادة (کلم).

* الکلمة اصطلاحا.

أقدم ما تسنی لی العثور علیه من تعریفات الکلمة اصطلاحا ، قول الزمخشری (ت 538 ه) : «الکلمة هی اللفظة الدالة علی معنی مفرد بالوضع» (1) ، وتابعه علیه المطرزی (ت 610 ه) (2).

ومما قاله ابن یعیش فی شرح هذا التعریف : «فاللفظة جنس للکلمة ، وذلک لأنها تشمل المهمل والمستعمل ... وقوله : الدالة علی معنی ، فصل فصله من المهمل الذی لا یدل علی معنی ... وقوله : مفرد ، فصل ثان فصله من المرکب ... وقوله : بالوضع ، فصل ثالث احترز به عن أمور منها ما قد یدل بالطبع ... وذلک کقول النائم : أخ ، فإنه یفهم منه استغراقه فی النوم» (3).

وعرفها کل من ابن الخشاب (ت 567 ه) وأبی البقاء العکبری (ت 616 ه) بأنها «اللفظة المفردة» (4). وواضح أن عدم تقیید اللفظة بالمستعملة أو الدالة علی معنی یجعل تعریفهما غیر مانع من دخول الألفاظ المهملة.

أما ابن الحاجب (ت 646 ه) فقد عرفها بما یشابه تعریف الزمخشری مضمونا ، وإن کان أخصر عبارة ، قال : «الکلمة لفظ وضع لمعنی مفرد» (5) ، وتابعه علیه ابن عقیل (ت 769 ه) (6).

ومما ذکره الرضی (ت 686 ه) فی شرحه هذا التعریف : أن (اللفظ) المأخوذ جنسا فیه ، هو أیضا «قید احترازی عن نحو الخط والعقد والنصبة

ص: 114


1- 1. المفصل فی علم العربیة ، جار الله الزمخشری ، ص 6.
2- 2. المصباح فی علم النحو ، أبو الفتح المطرزی ، ص 37.
3- 3. شرح المفصل لابن یعیش 1 / 18 - 19.
4- 4. المرتجل لابن الخشاب ، ص 4 - 5 ، مسائل خلافیة فی النحو ، لأبی البقاء العکبری ، ص 31.
5- 5. شرح الرضی علی الکافیة 1 / 19.
6- 6. شرح ابن عقیل علی ألفیة ابن مالک 1 / 15.

والإشارة ، فإنها ربما دلت بالوضع علی معنی مفرد ، ولیست بکلمات. ویجوز الاحتراز بالجنس أیضا ، إذا کان أخص من الفصل بوجه ، وهو ههنا کذلک ، لأن الموضوع للمعنی المفرد قد یکون لفظا ، وقد لا یکون (1).

ثم عقب علی التعریف بملاحظتین :

أولاهما : أن «المقصود من قولهم : (وضع اللفظ) جعله أولا لمعنی من المعانی ، مع قصد أن یصیر متواطئا علیه بین قوم ... [وعلیه] لم یکن محتاجا إلی قوله (لمعنی) ، لأن الوضع لا یکون إلا لمعنی».

والثانیة : «قوله (لمعنی مفرد) یعنی المعنی الذی لا یدل جزء لفظه علی جزئه .. والمشهور فی اصطلاح أهل المنطق جعل المفرد والمرکب صفة اللفظ ، فیقال : اللفظ المفرد واللفظ المرکب ، ولا ینبغی أن یخترع فی الحدود ألفاظ ، بل الواجب استعمال المشهور المتعارف منها فیها ، لأن الحد للتبیین ، ولیس له أن یقول : إنی أردت بالمعنی المفرد ، المعنی الذی لا ترکیب فیه ، لأن جمیع الأفعال إذن تخرج عن حد الکلمة. ولو قال : الکلمة لفظ مفرد موضوع ، سلم من هذا» (2).

وعرفها ابن معطی (ت 628 ه) بأنها «اللفظ المفرد الدال علی معنی مفرد» (3). وهو لا یختلف عن الصیاغة التی خلص إلیها الرضی إلا بتقییده للمعنی بأنه مفرد.

وعرفها ابن مالک (ت 672 ه) بتعریف لا یخلو من التعقید. قال : «الکلمة لفظ مستقل دال بالوضع تحقیقا أو تقدیرا ، أو منوی معه کذلک» (4).

وذکر السلسیلی (ت 770 ه) فی شرحه : أنه احترز بالمستقل من بعض

ص: 115


1- 1. شرح الرضی علی الکافیة 1 / 22 - 23.
2- 2. شرح الرضی علی الکافیة 1 / 21 - 22.
3- 3. الفصول الخمسون ، ابن معطی ، تحقیق محمود الطناحی ، ص 31.
4- 4. تسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد ، لابن مالک ، تحقیق محمد کامل برکات ، ص 3.

اسم کالتاء فی (مسلمة) ومن بعض فعل کهمزة (إعلم).

وأما قوله : «تحقیقا أو تقدیرا» فمثال التحقیق (رجل) ، فإنه دال علی مسماه تحقیقا ، ومثال التقدیر أحد جزأی العلم المضاف ، کامرئ القیس ، فمن حیث المدلول هو کلمة واحدة ، ومن حیث الترکیب کلمتان.

وقوله : «أو منوی معه» قسیم (لفظ) الوارد فی أول التعریف ، لأن الکلمة قسمان : ملفوظة أو منویة مع اللفظ کالفاعل فی (إفعل).

وأما قوله : «کذلک» فقد حکی عن ابن مالک نفسه أنه إشارة إلی الدلالة والاستقلال ، أی : معنی هذا المنوی معنی المستقل الدال بالوضع ، واحترز ب (کذلک) من الإعراب المقدر فی فتی ونحوه ، فإنه وإن کان منویا مع اللفظ ، لکنه لیس مستقلا دالا بالوضع ، فلا یکون کلمة ، بخلاف الفاعل المستکن فی الفعل (1).

وقد سجل أبو حیان علی هذا التعریف ملاحظتین :

أولاهما : أن ابن مالک إنما احتاج «إلی أن یتحرز بمستقل من بعض اسم وبعض فعل ، لأنه أخذ جنسا بعیدا وهو اللفظ ، فلو أخذ أقرب منه وهو القول لم یحتج إلی التحرز بقوله (مستقل) ، لأن بعض اسم وبعض فعل لا یقال له : قول».

والثانیة : أن احترازه عن المهمل بقوله : (دال بالوضع) «لیس بجید ، لأنه قبل هذا الفصل ذکر لفظ (الاستقلال) واللفظ المهمل لا یدخل تحت قوله : مستقل» (2).

وأما السلسیلی فقد لاحظ علیه : أن احترازه ب (کذلک) عن الإعراب

ص: 116


1- 1. شفاء العلیل فی إیضاح التسهیل ، محمد بن عیسی السلسیلی ، تحقیق عبد الله البرکاتی ، 1 / 95 - 96.
2- 2. شفاء العلیل ، للسلسیلی 1 / 95 - 96 ، التذییل والتکمیل ، لأبی حیان ج لوحة 5 ، 6 (نقلا عن حاشیة شفاء العلیل 1 / 95 - 96).

المقدر فی (فتی) ، لأنه منوی مع اللفظ ، لکنه لیس کذلک «فیه نظر ، فإنه خرج بقوله أولا» (1) ، أی بقوله : مستقل. ویمکن أن یلاحظ علیه أیضا :

أولا : أنه لم یقید اللفظ بأنه مفرد ، لیتحرز بذلک من دخول المرکب.

وثانیا : أن کون الکلمة دالة تحقیقا تارة وتقدیرا أخری ، أو ملفوظة تارة ومنویة أخری ، هو من الأحوال العارضة علیها ، ولیس من ذاتیاتها المقومة لحقیقتها ، فلا داعی لدخوله فی تعریفها.

وعرفها ابن الناظم (ت 686 ه) بقوله : «الکلمة لفظ بالقوة أو لفظ بالفعل ، مستقل ، دال بجملته علی معنی مفرد بالوضع» (2).

ومما قاله فی شرحه : إن قید «بالقوة مدخل للضمیر فی نحو إفعل وتفعل ، ولفظ بالفعل مدخل لنحو زید فی : قام زید ... ودال ، معمم لما دلالته زائلة کأحد جزأی امرئ القیس ، لأنه کلمة ، ولذلک أعرب بإعرابین کل علی حدة ، وبجملته مخرج للمرکب کغلام زید ، فإنه دال بجزئیه علی جزأی معناه ، وبالوضع مخرج للمهمل ، ولما دلالته عقلیة کدلالة اللفظ علی حال اللافظ» (3).

وترد علی هذا التعریف الملاحظة الأولی المتقدمة لأبی حیان ، وأما ملاحظته الثانیة فلیست بواردة هنا ، لأن ابن الناظم لم یقصر قید (الوضع) علی إخراج المهمل فقط ، بل أخرج به أیضا ما دلالته عقلیة.

ویبقی علیه أنه جعل (المفرد) قیدا للمعنی دون اللفظ ، وأنه أدخل فی التعریف (القوة والفعل) وهما من الأحوال العارضة علی اللفظ لا من ذاتیاته.

ولأبی حیان الأندلسی (ت 745 ه) تعریفان للکلمة :

ص: 117


1- 1. شفاء العلیل 1 / 96.
2- 2. شرح ابن الناظم علی الألفیة ، ص 3 - 4.
3- 3. شرح ابن الناظم علی الألفیة ، ص 3 - 4.

أولهما : «الکلمة قول أو منوی معه ، دال علی معنی مفرد» (1).

والثانی : «الکلمة قول موضوع لمعنی مفرد» (2) ، بحذف عبارة (أو منوی معه) وهو الأولی ، لما تقدم من أن کون الکلمة ملفوظة أو منویة لیس من ذاتیاتها.

ویبدو أن أبا حیان أو من أدخل (القول) جنسا فی تعریف الکلمة. وقد اعترض علیه بأن «ذکر اللفظ أولی ، لإطلاق القول علی غیره کالرأی ، [لکنه] ممنوع ، لعدم تبادره إلی الأذهان ، إذ هو مجاز» (3).

وقد أشار ابن هشام (ت 761 ه) عند شرحه هذا التعریف إلی أن «قوله : (موضوع لمعنی مفرد) مجموعه فصل مخرج للمرکبات کغلام زید ، ولیس قوله : (موضوع لمعنی) وحده فصلا ، کما قد یتوهم من لا نظر له ، لأن ذلک یقتضی أن القول أعم من الموضوع لمعنی وغیره ، وأنه احترز عن غیر الموضوع ، فهذا خطا لما ذکرناه آنفا من أن القول لا یکون إلا موضوعا ، وأشد من هذا فسادا من یتوهم أن قوله (موضوع) وحده فصل ، و (لمعنی) فصل ثان ، وفساد ذلک لأمرین : أحدهما ما ذکرناه ، والثانی : أن الوضع لا یکون إلا لمعنی» (4).

وقد عقب ابن هشام ناقدا تعریف أبی حیان بقوله : «إنه لا فائدة لقوله : (موضوع لمعنی) ، لأن ذلک مستفاد من الجنس» (5) المذکور فی أول التعریف وهو (القول).

وقد خلص ابن هشام إلی أنه لو عرف الکلمة بأنها قول مفرد ، لکان أولی من وجهین : أحدهما أنه أخصر مع تحصیله للمعنی المقصود ، والثانی أنه لا

ص: 118


1- 1. غایة الاحسان فی علم اللسان ، لأبی حیان ، مخطوط (مصورته بحوزتی) 1 / ب.
2- 2. شرح اللمحة البدریة ، لابن هشام ، تحقیق الدکتور هادی نهر ، 1 / 200.
3- 3. همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، للسیوطی ، تحقیق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مکرم 1 / 5.
4- 4. همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، للسیوطی ، تحقیق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مکرم 1 / 5.
5- 5. شرح اللمحة البدریة 1 / 207.

یوهم غیر الواقع ، فإن کلامه ربما أوهم قولین باطلین : أحدهما أن القول غیر موضوع ، والثانی أن المرکب معناه بالوضع ، وإنما هذا شأن المفردات التی یتولی بیانها اللغوی ، فأما المرکبات فدلالتها علی معناها الترکیبی دلالة عقلیة لا وضعیة» (1).

ویعد تعریف ابن هشام للکلمة بأنها (قول مفرد) أخصر وأدق صیاغة لتعریفها ، وقد أثبته أیضا فی کل من کتابیه : قطر الندی وشذور الذهب ، وتابعه علیه الأشمونی (ت 900 ه) فی شرحه علی الألفیة ، والسیوطی (ت 911 ه) فی کتابه : الأشباه والنظائر فی النحو (2). إلا أن السیوطی سجل صیاغة أخری لتعریف الکلمة تعد تراجعا فی المسیر التکاملی للتعریف ، إذ قال : الکلمة «قول مفرد مستقل أو منوی معه» (3).

وثمة نقطتان ذکرهما السیوطی فی شرح هذا التعریف (4) ، ینبغی إبرازهما والتعلیق علیهما.

أولاهما : أن من أسقط قید (الاستقلال) من التعریف «رأی ما جنح إلیه الرضی من أنها مع ما هی فیه کلمتان صارتا واحدة لشدة الامتزاج».

والثانیة : قوله : «وعدلت کاللباب إلی جعل الإفراد صفة القول عن جعلهم إیاه صفة المعنی».

أما النقطة الأولی ، فکان من المتوقع أن یذکر داعیا آخر لإسقاط قید الاستقلال هو ما ذکره أبو حیان فی کتابه «التذییل والتکمیل» من أن «بعض اسم وبعض فعل لا یقال له قول» ، خاصة وأن الکتاب المذکور کان من بین المصادر التی اعتمد علیها السیوطی فی کتابه «جمع الجوامع». کما یلاحظ فی مواضع

ص: 119


1- 1. شرح اللمحة البدریة 1 / 207 - 208.
2- 2. تحقیق عبد العال سالم مکرم 3 / 5.
3- 3. همع الهوامع 1 / 4.
4- 4. همع الهوامع 1 / 4 - 5.

متفرقة منه ، وکما صرح به السیوطی نفسه فی کتابه «بغیة الوعاة» (1).

وأما النقطة الثانیة ، فلعل ما ذکره یوهم أن أبا البقاء العکبری - صاحب (اللباب) - أول من جعل الإفراد صفة للفظ دون المعنی ، والصحیح - کما تقدم فی البحث - أن السابق إلی ذلک هو ابن الخشاب فی کتابه «المرتجل».

* * *

ص: 120


1- 1. بغیة الوعاة فی طبقات اللغویین والنحاة ، للسیوطی ، تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم 1 / 282.

من ذخائر التراث

ص: 121

ص: 122

الخلاصة

فی علم الکلام

تصنیف

الإمام العالم البارع الورع المتقی

قطب الدین السبزواری

(من أعلام أوائل القرن السادس الهجری)

تحقیق

السید محمد رضا الحسینی الجلالی

تحقیق : السیّد محمّدرضا الحسینیّ الجلالیّ

ص: 123

ص: 124

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی أشرف الخلائق ، سید الأنبیاء والمرسلین محمد ، وعلی الأئمة الأطهار من آله وعترته الطیبین.

وبعد :

فقد وفقنی الله تعالی لاستغلال العطل الدراسیة فی الحوزة العلمیة المبارکة ، فی سبیل إحیاء بعض الرسائل الکلامیة القدیمة والتی لم تنشر من قبل ، فحققت منها :

1 - النکت فی مقدمات الأصول ، للشیخ المفید رحمه الله (ت 413) والذی نشر لأول مرة بمناسبة الذکری الألفیة لوفاته سنة 1413 فی قم المقدسة ، وطبع مرتین فی تلک السنة.

2 - عجالة المعرفة فی أصول الدین ، للشیخ ظهیر الدین ، محمد بن سعید بن هبة الله ، وهو ابن القطب الراوندی من أعلام أواخر القرن السادس.

وطبع فی نشرة «تراثنا» المجیدة ، العدد 29 ، شوال 1412.

ص: 125

3 - الخلاصة فی علم الکلام ، للإمام قطب الدین السبزواری ، من أعلام أوائل القرن السادس.

وهو هذا الکتاب الذی ینشر هنا لأول مرة.

وقد احتوی عملنا فیه علی :

1 - هذه المقدمة ، الشاملة للحدیث عن موضوع الکتاب ، وعن مؤلفه ، وعن نسخه ، ونماذج مصورة منها.

2 - متن الکتاب مضبوطا ، مصححا ، ومشکولا.

3 - الفوائد القیمة ، الموجودة فی هوامش النسخ.

والله هو المسؤول أن یتقبل عملنا بأحسن القبول ، وأن یوفقنا لخیر مأمول ، وأن یهدینا سواء السبیل.

إنه قریب مجیب.

ص: 126

المقدمة

1 - موضوع الکتاب ومحتواه :

تکاد کلمة المسلمین تتفق علی أن المعارف التی یجب علی المسلم استیعابها هی : أصول الدین ، وأحکام الشریعة.

وإن کانت المعرفة - بشکل عام - مطلوبة ، ومرادة ، وبکل فروعها ، فیما یتعلق بالکون والحیاة ، وبخاصة : ما یرتبط بالجوانب الاجتماعیة والإنسانیة التی تحدد علاقة الإنسان ببنی نوعه ، وذوات جنسه من کافة المخلوقات ، کالتعالیم الأخلاقیة ، والآداب الحسنة ، التی استقطبت جهودا جبارة من المصلحین ، وفی مقدمتهم الأنبیاء والأئمة ، والعلماء ، والصالحین من الناس.

وبالنسبة إلی هذین الواجبین - العقیدة والشریعة - فقد اختلفت المذاهب الإسلامیة فی تحدید المصادر التی یؤخذان منها (1) لکنها لم تختلف فی أصل الالتزام بوجوبهما وضرورتهما ، لکل من یعتقد بالإسلام.

وقد یکون من الواضح المعروف : أن الإنسان إنما یتحرک فی الحیاة تبعا لدعوة الضرورة وما یحسه من الحاجة ، ویلتزم به من قناعات ، فإذن لا بد من وجود قناعة تکون هی «الرکیزة» الأساسیة لانطلاقه ، وتوجهه ، وتحرکه ، وتلک هی «عقیدته».

وأما منشأ انقداح هذه الرکیزة عنده ، وسبب انبثاق هذه الضرورة فی

ص: 127


1- 1. لاحظ حدیثا مفصلا عن هذا الاختلاف وأبعاده فی ما قدمناه لکتاب «الحکایات» للشیخ المفید ، ص 14 وما بعدها ، وانظر : «نظرات فی تراث الشیخ المفید» ص 40 فما بعدها.

وجوده ، فهی :

عند البعض : إشراق وتوجیه غیبی ، لا غیر ، ولذلک یقفون فی تحدید أبعاد الرکیزة «العقیدة» علی التعبد بما ورد من قبل السمع ، وما جاءت به نصوص الشرع من الحدیث ، والأثر ، وما التزمه السلف! فیحددون «التفکیر البشری» بإطار ما ورد من النص ، وما ورد من أقوال الشارع ، وآثار السلف المشروعة ، فیما یجب علی المسلم أن یعتقده ویفکر فیه ، ویعرفه! لا یجوز له أن یعرف غیره ، ولا یفکر فیه ، ولا یبحث عنه ، ولا یتجاوزه!

بینما عامة المذاهب الإسلامیة - ومنهم الشیعة الإمامیة - یرون أن حصر «العقیدة» فی هذا الإطار یستتبع الدوران فی حلقة مفرغة ، حیث إن المفروض قبل التوجه إلی الحاجة ، عدم وجود اعتقاد مسبق بما هو غیب ، أو یسمی شرعا ، أو حدیثا ، أو سمعا! فکیف یتم الالتزام بنفس الغیب؟! فضلا عن تحدید شئ بما یأتی عنه؟ وعلی أساسه؟!

وبعبارة أخری : فإن الغیب الذی لم تتم القناعة بوجوده ، کیف یتم إثبات شئ به؟! وکیف تحصل القناعة بشئ من خلاله؟! وهل فاقد الشئ یعطیه؟!

مع أن مثل هذا الاشراق ، یعتمد نظریة «الجبر الإلهی» المرفوض علمیا!

وقد اعتبر المسلمون - کافة - هذا النوع من الالتزام العقیدی ، جمودا ، وإخمادا للفکر الإنسانی ، واستبدادا بحق الإنسان فی الفکر ، ومصادرة لحریته!

بل ، یلتزم المسلمون بأن الإنسان لا بد أن یتوصل إلی القناعة ومن خلال إحساسه - بفطرته ووجدانه - وأن یشعر - بنفسه - بلزوم ارتکازه علی «رکیزة» ومنطلق ، وأن یملک «مبدأ» لحرکته ، ومرجحا لتعیین اتجاه سیره فی هذه الحیاة ، وعقیدة یحس بها بوجوده ، ویعترف بها بکیانه ، ویلتزمها بعقله وضمیره ، حتی تطمئن نفسه بأنها المحرک الصائب والموجه الأمین الرائد له.

ومنشأ هذه الضرورة عندهم :

إما إحساسه بفقدان شئ ، والفقر إلیه ، والنقص عنده ، ولزوم البحث

ص: 128

عنه ، وسد الحاجة به ، وملء الفراغ والنقص؟

أو القناعة بالتقصیر أمام ما بحوزته من إمکانات ونعم ، یحثه ضمیره إلی شکرها ، فیلزم معرفة المنعم بها علیه؟

أو شعوره بإمکان خطر یهدده فی متاهات هذا الکون الرحیب ، فیلجأ إلیه؟

وکل من ذلک الاحساس بالحاجة ، والقناعة بلزوم شکر المنعم ، والشعور بوجوب دفع الخطر ، التی هی معلومة له ، موجودة عنده ، تدعوه إلی «معرفة» تغنیه ، وتمکنه من أداء الشکر ، وتکون الملجأ له.

وهذا المنشأ ، یدعوه إلی البحث والنظر ، والفکر والتأمل ، حتی یقف علی «معتقد» یقتنع به ، وینطلق منه لتکمیل مسیرته الفکریة فی الحیاة ، وأداء واجباته العملیة علی الأرض.

وهذا الالتزام لا یتوقف علی التعبد بشئ ، ولا علی التزام مسبق ، ولا علی وجود شرع أو نص ، أو حدیث.

وإن کان بالإمکان أن یسترشد الإنسان فی تفتیق إحساسه ، وبلورة شعوره ، وتحریک ضمیره ووجدانه ، بالتعبدیات ، من أحادیث الشرع وآثار المتشرعة ، فیمهد بها الطریق ، وینیر بها الدرب ، لیسیر إلی المنشود فی أسهل السبل وأیسرها ، ویصل إلی المطلوب بأسرع وقت ، وآمن شکل وأتقنه.

لکن لا علی أساس تلک القناعة المفروضة ، ولا التعبد المسبق ، ولا الاعتقاد الجبری.

وإن عامة المسلمین یرون رفض المنهج المذکور تزمتا ممقوتا ، وحنبلیة مرفوضة ، ومعارضة صریحة حتی لنصوص الشریعة ، حیث أکدت علی أن ( لا إکراه فی الدین ) .

ص: 129

والشیعة الإمامیة :

استهداء بقناعات الفطرة ، والعقل السلیم.

واسترشادا بهدی القرآن الکریم ، والسنة الشریفة الثابتة بالطرق الموثوقة عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم والأئمة المعصومین علیهم السلام.

تعتمد فی تحدید «المعرفة» وما یتعلق بها من قضایا ، وأحکام ، ولوازم ، علی أسس من المنطق ، والفکر ، والبحث العلمی ، وعلی ما یوافق علیه العقل البشری ، والفطرة الخالصة ، والابتعاد عن التناقض والتهافت والاستبداد والتعصب.

ومن أجل تعبید الطرق للطالبین ، وتوضیح الحجج للراغبین ، وتقریب المسافة للبعیدین ، وتسهیل الأمر للمتلهفین للحق : ألف علماؤنا الکرام کتب علم الکلام ، معتمدین مناهج عدیدة ، ومسالک سدیدة ، تهدی إلی الرشاد ، وتوصل إلی الحق المراد.

ومن نفائس المؤلفات الکلامیة : کتابنا هذا المعروف باسم «الخلاصة فی علم الکلام» والمنسوب تألیفه إلی الإمام قطب الدین السبزواری ، من علماء أوائل القرن السادس الهجری.

ویتکفل البحث عن «أصول الدین» ضمن أبواب ثمانیة ، وهذه مجمل بحوثها ، عبر العناوین الرئیسیة فیها :

الباب الأول : فی التوحید ، وفیه فصول :

الفصل الأول : فی إثبات وجوب النظر.

الفصل الثانی : فی إثبات ذاته تعالی.

الفصل الثالث : فی صفاته الثبوتیة.

الفصل الرابع : فی صفاته السلبیة.

الباب الثانی : فی العدل ، وفیه فصول :

ص: 130

الفصل الأول : فی تعریف العدل.

الفصل الثانی : فی الاختیار.

الفصل الثالث : فی أنه تعالی قادر علی القبیح.

الفصل الرابع : فی أنه تعالی لا یفعل القبیح.

الفصل الخامس : فی أنه تعالی لا یرید القبیح.

الفصل السادس : فی أن الکافر مکلف کالمؤمن.

الباب الثالث : فی النبوة ، وفیه فصول :

الفصل الأول : فی حسن بعثة الأنبیاء علیهم السلام.

الفصل الثانی : فی إثبات نبوة نبینا محمد صلی الله علیه وآله وسلم.

الفصل الثالث : فی صفاته علیه السلام.

الفصل الرابع : کلام الله تعالی محدث.

الفصل الخامس : فی جواز النسخ.

الباب الرابع : فی الإمامة ، وفیه فصول :

الفصل الأول : فی إثبات وجوب الإمام.

الفصل الثانی : فی صفات الإمام.

الفصل الثالث : فی تعیین الإمام.

الفصل الرابع : فی غیبته علیه السلام.

الباب الخامس : فی الوعد والوعید.

الباب السادس : فی الآلام والأعواض.

الباب السابع : فی الآجال ، والأرزاق ، والأسعار ، وفیه فصول :

فصل فی أجل الحیوان.

فصل فی الأرزاق.

فصل فی الأسعار.

ص: 131

الباب الثامن : فی أحوال المکلفین بعد الموت ، وفیه فصول :

الفصل الأول : فی سؤال القبر.

الفصل الثانی : فی الإعادة.

الفصل الثالث : فی الشفاعة.

الفصل الرابع : فی عدم التکلیف فی الآخرة.

* * *

ص: 132

2 - أهمیة الکتاب فکریا وتراثیا :

غلب السلاجقة علی الأمور وقد کانت جذور الحیاة القبلیة راسخة فی أعماق نفوسهم مما أثر فی دولتهم ، وکانوا غیر مثقفین ، ولم یحاولوا الاستعانة بالحکماء والعلماء کثیرا ، بل غلبت علیهم الصبغة العسکریة ، فقد أدت قوة النظام القبلی إلی إثارة الفتن والقلاقل ، کما أثرت بداوة السلاجقة فی تعصبهم الشدید للمذهب السنی الذی یرعاه الخلیفة العباسی فی بغداد ، فاستغلوا ذلک فی سبیل القضاء علی آل بویه - الدیالمة - الوزراء المتمسکین بالمذهب الشیعی ، فتم لهم ذلک.

«حتی سیطر طغرل - کبیر السلاجقة - علی الخلیفة العباسی سیطرة تامة ، فلم یکن الخلیفة یستطیع التصرف - حتی فی ممتلکاته الخاصة - بعد أن ترک لطغرل کل شئ.

وبلغت قوة طغرل فی العراق حدا جعله یفکر فی مصاهرة الخلیفة العباسی القائم بأمر الله ، بالزواج من ابنته ، وقد فزع الخلیفة العباسی من فکرة مصاهرة السلاجقة ، وإعطاء ابنته لطغرل - وهو فی السبعین من عمره - فرفض أول الأمر ، ولکنه هدد وخوف ، فأرغمته عوامل الضعف والخوف علی القبول مضطرا» (1).

وهکذا أصبح التعصب للمذهب السنی وسیلة بید هؤلاء الغزاة للسیطرة علی البلاد ، وکان ذلک یقویهم ، ویجمع حولهم المتعصبین من أعداء التشیع.

ص: 133


1- 1. سلاجقة إیران والعراق - للدکتور عبد النعیم محمد حسنین - : 42 - 43 ، وکافة المعلومات السابقة حول السلاجقة مأخوذة من هذا الکتاب.

وقد أثرت سیطرة هؤلاء الجهلة المتعصبین ومن تلاهم من الأمراء الخوارزمیة والأیوبیة - فی الشام - أن یتعرض الشیعة إلی اضطهاد فی القرنین (450 - 650) فکانا من أشد الفترات العصیبة فی تاریخ الإسلام عموما ، والتشیع خصوصا ، حیث أدی ذلک إلی ابتلاء الأمة ، بأشکال من العصبیات المقیتة ، وسیطرة القبائل البعیدة عن الثقافة ، کالسلاجقة والأیوبیین ، من الذین استغلوا اختلاف المذاهب ، فی إثارة الطائفیة بین الأمة الإسلامیة ، والتمسک بالحنبلیة والتشدد باسم التدین ، واعتمادهم سیاسة القمع المذهبی ، والمحاسبة علی العقائد إرضاء لأفکار العامة الجهلة ، کل ذلک دعما لکراسیهم ، وتحکیما لسیطرتهم.

فکان علی أثر ذلک أن تعرضت مدارس الشیعة ومراکزهم العلمیة وعلماؤهم الکبار إلی أشکال من الهجوم والتهجیر والإبادة (1).

وهذا هو السبب المباشر فی شحة المصادر المتکفلة بالحدیث عن تاریخ هذه الفترة ، وکذلک ضیاع التراث الذی أنتجته عقول مفکریها ومؤلفیها.

مع أن الشذرات الباقیة ، سواء من المصادر التاریخیة ، أو التراث المتبقی ، تدل علی ضخامة الثروة وعظمة الجهود المبذولة ، فی سبیل إبقاء الحضارة ، والحفاظ علی استمرار حیاتها.

فهذان الکتابان العظیمان : معالم العلماء ، لابن شهرآشوب (ت 588) وفهرست الشیخ منتجب الدین ابن بابویه (کان حیا فی 600) یدلان علی ما نقول بوضوح.

وکذلک المنقولات عن «تاریخ الری» و «تاریخ الإمامیة» لابن أبی طی الحلبی ، یکشفان عن مجد رفیع ، وحرکة واسعة.

بالرغم من کل العراقیل ، والصعوبات ، والعقبات ، والهجمات الشرسة

ص: 134


1- 1. انظر : الثقات العیون - التقدیم - : ص / ه - و.

التی قام بها الأعداء الأراذل ، ضد الحق ورجاله وتراثه.

فوجود مثل هذا الکتاب - وفی خضم هذه الفترة بالذات - فیه من الدلالة الواضحة علی قوة العقیدة ، ورسوخ التصمیم الأکید علی إبقاء جذوتها متقدة ، منیرة ، مشعة ، هادیة.

فهو علی صغر حجمه ، وبالقوة ، والمتانة ، والجامعیة ، التی یمتاز بها ، عینة وافیة الدلالة علی ذلک.

ویلاحظ فی الکتاب :

أنه یعتمد بشکل عام علی الاستدلال العقلی لکل قضایاه الکلیة ، ولیس فی کل الکتاب مورد یلتجئ فیه إلی الأدلة السمعیة فی أصول المسائل المطروحة فیه.

نعم ، فی القضایا الجزئیة ، التی لا مجال لدرک العقل لها ، ولا تدخل فی مجال إثباته ونفیه ، بل طریقها السمع والنقل أو الثبوت العرفی ، استند إلی الأدلة المقبولة لمن اعتقد بتلک الأصول ووافق علیها ، وهی :

قضیة تعیین أشخاص الأنبیاء والأئمة علیهم السلام.

وما یحدث فی القبر من السؤال.

والشفاعة فی یوم القیامة.

ومن ناحیة أخری : فإن وجود هذا الکتاب ، وبالصورة التی ألفت فیه قضایاه ومسائله ، یدل علی تکامل التصور الشیعی لأصول الدین منذ تألیفه فی أوائل القرن السادس الهجری ، ومطابقته لما علیه العقیدة الشیعیة فی هذا القرن الذی نحن فیه.

وهذا یکشف عن اتصال حلقات الفکر الشیعی مدی القرون.

وبذلک یثبت زیف المزاعم التی یثیرها النواصب الجهلة ، أعداء الحق ، ضد شیعة آل محمد صلوات الله وسلامه علیهم ، من الترهات والأکاذیب ،

ص: 135

ونسبة عقائد الشیعة إلی تواریخ متأخرة تبعا لنعیق أعداء الله : الیهود والنصاری ، المتلبسین بقمیص الاستشراق المتهرئ ، وأدعیاء تاریخ الحرکات الفکریة فی العالم الإسلامی ، من أمثال ، فلها وزن ، وفلوتن ، وجولدزیهر ، وماسینیون.

وذیولهم العرب المستسلمین ، والراقصین علی نغماتهم ، من أمثال أحمد أمین ، وطه حسین ، ورشید رضا ، ومحمود صبحی ، وإلهی ظهیر ، طلائع الرتل الخامس للاستعمار والصهیونیة ، فی البلاد الإسلامیة.

وأما أهمیة هذا الکتاب تراثیا :

فإن انتشار نسخه المخطوطة فی مکتبات العالم ، وفیها نسخ قدیمة من القرن السابع والثامن والتاسع ، وما تلاها ، وکتابتها فی بلدان مختلفة ، وبأیدی شخصیات علمیة مرموقة ، یدل کل ذلک علی عنایة فائقة به.

وبما أن الکتاب لم یطبع لحد الآن ، أقدمنا علی طبعه بعد تحقیقه والتقدیم له ، اعتزازا بهذا الأثر الثمین ، وتخلیدا للفکر الإمامی ، وتمجیدا بالتراث الإسلامی ، وتجدیدا لذکری العلماء الأعلام الذین خدموا الدین والعلم والحضارة ، بجهودهم القیمة.

والحمد لله علی توفیقه.

* * *

ص: 136

3 - مؤلف الکتاب :

عرف هذا الکتاب باسم : «الخلاصة فی أصول الدین» ذات الأبواب الثمانیة ، منسوبا إلی «بعض قدماء الأصحاب» (1).

وجاءت تسمیتها ب : «الخلاصة فی علم الکلام» فی نسخة من النسخ المتوفرة ، کما سیجئ ضمن التعریف بها.

وکتابنا هو الرسالة ذات الأبواب الثمانیة ، فلا بد أن یکون هو المقصود بما نسب إلی بعض القدماء ، حتما.

وأهملت بعض النسخ ذکر المؤلف ، إلا أن المذکور مع بعضها أنه «تصنیف قطب الدین السبزواری».

ومع أن اسم «الخلاصة فی الکلام» مقیدا ب «الأبواب الثمانیة» لم یذکر فی کتب الفهارس ، ولا معاجم التراجم ، منسوبا إلی شخص ملقب ب «قطب الدین السبزواری».

إلا أن سماحة السید المرعشی - قدس الله روحه - ذکر فی وصفه لنسخة «د» المرقمة فی مکتبته العامرة برقم 514 قوله : «الخلاصة فی العقائد ، للعلامة المولی قطب الدین السبزواری ، من تلامیذ شیخنا الشهید الأول» (2).

وجاء فی بعض فهارس المکتبة الرضویة المقدسة فی مشهد : ذکر نسخة من «إرشاد الأذهان» للعلامة الحلی ، برقم 2213 ، کتبها قطب الدین السبزواری (3).

مضافا إلی أن ناسخ النسخة المرقمة 454 فی المکتبة المرعشیة ، علق

ص: 137


1- 1. الذریعة 7 / 208 رقم 1023 ، والثقات العیون : 313.
2- 2. لاحظ نماذج مصورات النسخ ، بدایة المجموعة 514 ، لنسخة (د).
3- 3. فهرست ألفبائی : 39.

علی قول المصنف فی متن کتابنا - فی بحث الإمامة - «وهو مذکور فی (المنهج)» بقوله : «اسم کتاب ، أی فی المنهج الثامن من کتاب (مناهج الیقین) للشیخ جمال الدین بن المطهر رحمه الله» (1).

لکن ، مع التتبع الوافر والطویل الأمد فی کتب التراجم - المتوفرة - لم نجد فیها من لقب من الأعلام ب «قطب الدین السبزواری» فی طبقة تلامیذ الشهید الأول.

مع أن شیخنا العلامة الطهرانی ذکر فی موسوعته العظیمة «الذریعة إلی تصانیف الشیعة» وجود نسخة من هذا الکتاب ، کتبها مهدی بن الحسن بن محمد النیرمی سند 657 (2).

ووجود هذه النسخة یدل علی تقدم تألیف الکتاب علی ولادة الشهید الأول فی سنة 734 ، فکیف یکون مؤلف هذا الکتاب من تلامذته؟! وأما ما فی تعلیقة النسخة المرقمة 454 ، المحفوظة فی المکتبة المرعشیة ، فلا یمکن الاستناد إلیه :

أولا : أن ولادة العلامة فی سنة 648 ، فیکون حین کتابة تلک النسخة فی سنة 657 ابن تسع سنین ، فمن البعید أن یکون مؤلفا لکتاب «مناهج الیقین» (3) فضلا عن أن یصبح مرجعا لمؤلف الخلاصة!

مع أن «مناهج الیقین» هو من أوسع الکتب الکلامیة التی ألفها العلامة!؟

علی أن العلامة إنما بدأ التالیف وعمره (ثلاثون) سنة ، علی ما ببالی!؟

====

4. هذا هو الصحیح فی اسم الکتاب ، وقد ذکر باسم «المنهج» و «المنهاج» فلاحظ : الذریعة 23 / 181 و 200.

ص: 138


1- 1. لاحظ المتن ، الباب الرابع فی الإمامة ، آخر الفصل الأول.
2- 2. الذریعة 7 / 208 رقم 1023 ، والثقات العیون : 313.
3- وقد نقلنا عبارته فی التعریف بالنسخ.

وثانیا : إن المعلق المذکور خلط بین (المنهج) الذی هو اسم کتاب ، وبین (المنهج) الثامن ، الذی هو واحد من المناهج المؤلف علیها کتاب العلامة!

وثالثا : إن الظاهر من عبارة المتن ، أن (المنهج) المذکور إنما هو اسم کتاب فی أصول الفقه ، لا فی أصول الدین ، حیث إن المؤلف أحال علیه بحثا أصولیا ، وهو مسألة «تقلیل الاشتراک فی اللفظ» وهذا واضح لمن تأمل العبارة! وبوجود النسخة المکتوبة سنة 657 من کتابنا ، وینتفی أن یکون مؤلفه هو کاتب نسخة (الإرشاد) للعلامة ، إذ من البعید أن یکون شخص بمستوی التالیف - والعلامة دون العاشرة من عمره - ویبقی إلی أن یستنسخ کتابا للعلامة!؟

خصوصا إذا لا حظنا أن «قطب الدین السبزواری» المنسوب إلیه الکتاب ، موصوف فی تلک النسخ بأنه «الإمام ، العالم ، البارع ، الورع ، المتقی» و «مولانا الأعظم».

مما یستدعی أن یکون شخصیة معروفة ، متمیزة حین تألیفه.

ووجود نسخة ابن العودی ، المکتوبة سنة 742 ینافی - أیضا - کون مؤلفه «من تلامیذ الشهید الأول».

حیث إن الشهید ولد سنة 734 ، فیکون فی سنة 742 ابن (ثمان) سنین ، فکیف یکون مؤلف الکتاب - المکتوب سنة 742 - من تلامذته؟!

ووجود نسخة سنة 657 ینفی احتمال أن یکون الکتاب من تألیف أحمد ابن الحسین بن أبی القاسم العودی کاتب النسخة (أ) نفسه :

فمضافا إلی الاختلاف الکبیر بین نسخة ابن العودی ، وبقیة النسخ ، حیث یدل علی عدم کونها نسخة المؤلف ، خصوصا مع ترجیح تلک النسخ علیها أحیانا من حیث الضبط والصحة ، کما یبدو للناظر إلی الفوارق التی أثبتناها فی الهوامش.

ص: 139

فإن وجود نسخة مکتوبة سنة 657 یقتضی - بوضوح - أن یکون تألیف الکتاب قبل هذه الفترة.

ولا بد من الوقوف علی من یلقب ب «قطب الدین» وینسب إلی مدینة «سبزوار» ویعیش فی الفترة ما بین سنتی (500 - 650 ه) علی أکثر التقادیر.

وإذا لاحظنا أن المؤلف وصف فی بعض النسخ ب «الإمام ، العالم ، البارع ، الورع ، المتقی» وعرف ب «مولانا الأعظم» (1).

ولاحظنا أن شخصیات معروفة اهتموا باستنساخ کتابه ، کابن فتحان الکاشانی ، وأحمد ابن العودی الأسدی الحلی.

ولا حظنا وفرة نسخ الکتاب ، مما یدل علی عنایة فائقة به ، فإن مؤلفا مثل هذا لا بد أن یکون مذکورا ، بل معروفا ، مشهورا ، لا مجهولا ، مغمورا ، وغیر مترجم!

وإذا اعتبرنا أن النسبة إلی «سبزوار» تتبادل مع النسبة إلی «نیسابور» باعتبار أن «سبزوار» کانت - قدیما - من نواحی إقلیم نیسابور ، والنسبة إلی الإقلیم الأعم مشهور ، والاکتفاء به شائع ، یمکن أن یقال :

إن المترجمین اکتفوا بنسبة «النیسابوری» عن «السبزواری».

وعندما بحثنا عن الملقبین ب «قطب الدین» والمنسوبین إلی «نیسابور» وما یقرب منها من المدن وفی خلال الفترة (500 - 650 ه) وجدنا عدة أشخاص :

الأول : قطب الدین النیسابوری ، أبو الفضل ، عبد الله بن محمد بن عبد الله ، الحیری ، المفتی.

ترجمه ابن الفوطی البغدادی ، وقال : کان فقیها ، فاضلا ، عالما ،

ص: 140


1- 1. کما فی النسخ : د ، ه ، و.

حافظا ، کتب الکثیر ، وسمع ، له أشعار مطبوعة ، وفوائد مجموعة ، منها قوله :

لا روعت بعدها الخطوب لکم

سربا ولا فصلت لکم جمل

توفی سنة (أربع عشرة وخمسمائة) بالکوفة ، وحمل إلی مشهد الإمام المرتضی علی علیه السلام ، فدفن هناک (1).

الثانی : قطب الدین النیسابوری ، أبو جعفر ، محمد بن علی بن الحسین ، المقرئ.

ترجم له الشیخ منتجب الدین ، بقوله : الشیخ ، الإمام ، ثقة ، عین ، أستاد السید الإمام أبی الرضا ، والشیخ الإمام أبی الحسین رحمهما الله.

له تصانیف ، منها : «التعلیق» ، «الحدود» ، «الموجز فی النحو».

أخبرنا بها السید الإمام أبو الرضا فضل الله بن علی الحسنی عنه (2).

وذکره شیخنا الطهرانی فی أعلام القرن السادس عن منتجب الدین وغیره (3).

وذکر تحت عنوان (التعلیق) فی الذریعة ، قائلا : أستاد الراوندیین : السید الإمام أبو الرضا ، فضل الله ، الذی کان حیا سنة 548 ، والإمام قطب الدین ، المتوفی 573 (4).

ص: 141


1- 1. تلخیص مجمع الآداب فی معجم الألقاب 4 / 654 ، وقد أرشدنا سماحة السید الطباطبائی دام مجده إلی هذه الترجمة.
2- 2. فهرست أسماء علماء الشیعة ، لمنتجب الدین : 7 - 158 رقم 363 ، والملاحظ أنه ذکر جده باسم «الحسن» بینما الموجود فی المخطوطة «ب» بخط ابن فتحان ، والمنقولة عن خط قطب الدین الراوندی - تلمیذ المترجم - هو «الحسین» کما أثبتناه ، وقد نقل المتأخرون عن المنتجب هذه الترجمة.
3- 3. الثقات العیون : 272 ، وانظر : أعیان الشیعة 9 / 444 و 2 / 316.
4- 4. الذریعة 4 / 221 رقم 1106 بعنوان (التعلیق).

وذکره الشیخ النوری فی مشایخ أبی الرضا الراوندی ، فقال ، الخامس عشر : الشیخ أبو جعفر النیسابوری ، وقال : صاحب «المجالس» الذی ینقل عنه ابن شهرآشوب [ت 588] فی المناقب ، وذکر فی «المعالم» أن له کتاب «البدایة» (1).

وقال شیخنا الطهرانی : یروی عن الحاکم الحسکانی ، أبی القاسم عبد الله بن عبید الله (2).

وقال السید الطباطبائی فی تعلیقه علی فهرست المنتجب : هو من تلامذة الحسن بن أحمد بن یعقوب النیسابوری ، والشیخ أبی علی ، الحسن ابن الشیخ الطوسی (3).

وقد یتراءی للناظر أن یکون المؤلف : هو أبو جعفر ، محمد بن علی بن الحسین ، قطب الدین النیسابوری - هذا - نظرا إلی المرجحات التالیة :

1 - أنه الموصوف ب «الإمام» فی ترجمته.

2 - أن کاتب نسخة (ب) وهو ابن فتحان الکاشانی ، نقل قطعة من کتابه «التعلیق» بواسطة خط القطب الراوندی ، واصفا للنیسابوری ب «الإمام قطب الدین».

ولا یخلو إیراده لهذه القطعة بعد الانتهاء من الکتاب ، من اعتبار وترجیح لما یری.

3 - أن أبا جعفر هذا ، مشهور ، معروف ، ولا تزال بعض مؤلفاته متداولة ، ونسبته إلی «نیسابور» أکثر ، بل هی الوحیدة.

ص: 142


1- 1. مستدرک الوسائل 3 / 495.
2- 2. الثقات العیون : 272 نقلا عن «الإجازة الکبیرة» للعلامة الحلی.
3- 3. فهرست منتجب الدین : 158 ه 1.

الثالث : قطب الدین النیسابوری ، أبو الحسن ، محمد بن الحسین بن الحسن ، البیهقی ، الکیدری :

قال شیخنا الطهرانی : شارح نهج البلاغة فی سنة 576 ، وله «أنوار العقول» وهو دیوان الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام ، وله «بصائر الأنس بحظائر القدس».

ویروی عن الشیخ الإمام محمد بن القطب الراوندی (1).

ویروی عن السید الإمام أبی الرضا ، فضل الله الراوندی (2).

الرابع : قطب الدین السبزواری ، محمد بن محمد الکارزی :

عنونه الشیخ منتجب الدین قائلا : الإمام ، قطب الدین محمد بن محمد الکارزی ، فقیه ، عالم بسبزوار (3).

ونقله عنه الحر العاملی بعنوان : «الشیخ قطب الدین» (4).

فاسقط لفظ «الإمام» وجعل بدلها «الشیخ».

وکذلک سقطت کلمة «الإمام» من بعض نسخ کتاب منتجب الدین ، کما أشار إلیه محققه.

ونقل شیخنا الطهرانی عبارة المنتجب وفیه : «الإمام ، تاج الدین» (5).

فأثبت لفظ «الإمام» لکنه أبدل لقب «قطب الدین» ب «تاج الدین».

وهکذا - أیضا - جاء اللقب الثانی فی أکثر نسخ (الفهرست) للمنتجب ،

ص: 143


1- 1. هو مؤلف «عجالة المعرفة» التی حققناها فی العدد 29 من «تراثنا».
2- 2. الثقات العیون : 259 - 260.
3- 3. فهرست منتجب الدین : 173 رقم 423.
4- 4. أمل الآمل ، القسم الثانی : 303 رقم 914.
5- 5. الثقات العیون : 286.

کما أثبت محققه.

ولولا هذا الاختلاف فی نسخ کتاب منتجب الدین لکان «الإمام قطب الدین السبزواری» هذا ، متعینا لأن یکون مؤلف کتابنا ، لأنه الشخص الوحید الذی ینطبق علیه هذا العنوان وفی الفترة (460 - 600 ه) المدة التی یشملها مجال تغطیة کتاب منتجب الدین.

ولا بد من جمع ما قیل عن هذا الإمام ، استیفاء للبحث : فبعد وجود هذا الکتاب منسوبا إلی «قطب الدین السبزواری» ، ونسبة کتاب «المنهج» فی أصول الفقه ، إلی أیضا فی متن الکتاب (1).

بعد التأکد من وجود شخص موصوف ب «الإمام قطب الدین» من منطقة سبزوار ، قد ترجمه منتجب الدین.

لا یمکن الریب فی وجود هذه الشخصیة فی القرن السادس.

وبما أن الشیخ منتجب الدین نسبه «کارزیا» فهو یوافق ما وجد باسمه فی کتب الأنساب العامیة ، بعنوان : «محمد بن محمد بن الحسین بن الحارث الکارزی ، أبو الحسن».

ذکره ابن ماکولا (ت 475) (2) والسمعانی (ت 562) (3) والذهبی (ت 748) (4) وابن ناصر (ت 842) (5) والحموی (6).

وقد صرحوا بأن (کارز) بالراء مکسورة ، ثم زای ، قریة علی نصف فرسخ من نیسابور ، وأن الرجل کان بنیسابور.

ص: 144


1- 1. ذکره فی الباب الرابع ، فی الإمامة ، آخر الفصل الأول.
2- 2. الاکمال 7 / 182.
3- 3. الأنساب 10 / 317 فی عنوان «الکارزی» وفی عنوان «المکاتب».
4- 4. المشتبه : 539.
5- 5. توضیح المشتبه 7 / 265.
6- 6. معجم البلدان 4 / 428.

وما ذکروه إلی هنا ، لا یعارض ما ذکره المنتجب فی شئ.

إلا أن إیراد ابن ماکولا - المتوفی 475 - للرجل یدل علی تقدم عصره علیه!

وهم ذکروا أن الرجل من مشایخ أبی عبد الله الحاکم النیسابوری ، ابن أبی نعیم ، المتوفی 405.

وذکروا بعده فی عنوان (الکارزی) شخصا باسم : علی بن محمد بن إسماعیل ، وقالوا : إن الحاکم ذکره فی تاریخه «تاریخ نیسابور» وروی عنه ، وقال : توفی بمکة سنة 362.

وذکروا آخر ، باسم : محمد بن الحسن أبو الحسن ، وأن الحاکم حدث عنه.

وخلطوا بین هؤلاء وبین من رووا عنه ، ومن روی عنهم ، حتی قال ابن ناصر الدین فی بعضهم : «أخشی أن یکون الذی قبله» (1).

ومهما یکن :

فإن أوثق ما نعتمده هنا هو ما أخبر به الشیخ منتجب الدین من وجود «الإمام قطب الدین السبزواری».

وبما أن منتجب الدین کان حیا سنة 600 ، وقد ألف کتابه لضبط أسماء من تأخر زمانه عن زمان الشیخ الطوسی (ت 460) وعاصروه (2).

فإن وجود هذا الرجل لا یتأخر عن هذا التاریخ - سنة 600 - ، ولا یتقدم علی عصر الشیخ الطوسی (ت 460).

ولا یزال التأکد من هویة مؤلف هذا الکتاب بحاجة إلی مزید من البحث.

ولا یفوتنی قبل الانتهاء من هذا البحث ، أن أشید بمتابعة سماحة السید

ص: 145


1- 1. توضیح المشتبه 7 / 265.
2- 2. فهرست أسماء علماء الشیعة : 6.

الطباطبائی حفظه الله حول مؤلف هذا الکتاب ، ولما تم إنجاز ما قدمناه ، تفضل بقراءته وإبداء ملاحظاته.

وقد استفدنا من مکتبته الزاخرة بالمصادر التی راجعناها ، فنسأل من الله له الأجر الوافر ، والعمر المدید.

* * *

ص: 146

4 - نسخ الکتاب :

لهذا الکتاب نسخ کثیرة جدا موزعة علی مکتبات العالم شرقا وغربا ، ولا ریب أن کثرتها تدل علی مدی اهتمام الطائفة به.

وقد وقفنا علی «سبع» من النسخ ، واستفدنا منها فی ضبط هذا النص ، وهی :

1 - نسخة مکتبة بادلیان ، فی مدینة أوکسفورد ، فی بریطانیا :

وهی ضمن مجموعة «آل العودی» وتحتوی علی کتاب «فرق الشیعة» المنسوب إلی النوبختی ، وهی النسخة التی اعتمدها المستشرق الألمانی هلموت ریتر ، فی طبعة الکتاب فی إستانبول ، فی العدد الرابع من النشریات الإسلامیة لجمعیة المستشرقین الألمانیة ، وطبع بمطبعة الدولة سنة 1931.

ووصفها فی المقدمة ، ص : و.

وتحتوی علی کتاب «النکت فی مقدمات الأصول» للشیخ المفید ، وهی إحدی النسخ التی اعتمدناها فی تحقیق الکتاب ، وقد طبع فی العدد 30 – 31 من مجلة «تراثنا» وطبع مستقلا - أیضا - ضمن آثار الشیخ المفید بمناسبة الذکری الألفیة لوفاته سنة 1413.

وتحتوی علی مجموعة من مؤلفات آل العودی ، ومستنسخاتهم ، ومنها هذا الکتاب «الخلاصة فی علم الکلام».

وهذه أقدم النسخ التی عثرنا علیها ، وقد جاء فی خاتمتها :

«والحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی سیدنا محمد وآله الطاهرین.

علقها العبد الفقیر إلی الله تعالی أحمد بن الحسین بن أبی القاسم العودی الأسدی الحلی ، عفا الله عنه ، وذلک

ص: 147

بتاریخ نهار الخمیس ، رابع وعشرین شهر ذی الحجة من شهور سنة اثنتی وأربعین وسبعمائة».

وهی بخط واضح ، إلا أن الرطوبة أثرت فی بعض مواضعها فلم یقرأ ، وقد رمزنا إلیها بالحرف (أ).

سمح لنا بصورة منها فضیلة العلامة المحقق المفهرس الشهیر السید أحمد الحسینی دام علاه.

2 - نسخة مکتبة المتحف البریطانی - فی لندن - بریطانیا ، برقم OR 10968.

کتب فی هامش صفحتها الأولی : «کتاب الخلاصة فی الکلام».

وجاء فی نهایتها :

«والله أعلم ، وقع الاتمام علی ید العبد المفتقر إلی ربه الحنان ، عبد الملک بن إسحاق بن عبد الملک بن فتحان ، الواعظ ، أصلح الله شأنه ، وصانه عما شانه.

فی الحادی عشر من شهر جمادی الآخرة من سنة أربع وثمانمائة».

وکاتب النسخة هو : عبد الملک بن إسحاق بن عبد الملک بن فتحان الواعظ ، القمی ، الکاشانی ، الفتحانی ، أبو الفضائل ، رضی الدین.

یروی عنه ابنه علاء الدین فتح الله ، وحفیده عبد الله بن فتح الله ، وأجاز لزین الدین علی.

وهو یروی عن الفاضل المقداد ، وابن فهد الحلی ، وغیرهم ، کما ذکر ابن أبی جمهور الأحسائی فی مقدمة غوالیه.

لاحظ : الضیاء اللامع : 2 - 83 ، والذریعة 1 / 207 رقم 1079 ، وعوالی اللآلی 1 / 9 فی الطریق السابع.

وهی نسخة واضحة الخط ، ورمزنا إلیها بالحرف (ب) وقد تفضل علینا

ص: 148

بصورتها سماحة العلامة المحقق الشهیر ، المتتبع ، السید عبد العزیز الطباطبائی دام علاه.

3 - نسخة مکتبة العلامة الطباطبائی - فی شیراز.

جاء فی نهایتها :

«اللهم اجعلنا منهم ، بحشرنا معهم ، وآتنا ثوابهم ، والحمد لله رب العالمین.

تمت الکتاب بعون الله الملک الوهاب.

کاتبه وصاحبه حسین بن آدم عبد الله .... سنة تسعة وتسعین وثمانمائة».

وفی الجانب الأیسر من نهایة الصفحة ما نصه :

«لوحظت هذه الرسالة الوسطی فهی تامة.

ورمزنا إلیها بالحرف (ج).

وقد أرسل مصورتها إلینا ابن بنت خالتنا الأخ الفاضل الموقر الشیخ محمد برکت دام موفقا.

4 - نسخة مکتبة آیة الله العظمی السید شهاب الدین النجفی المرعشی قدس سره ، فی قم المقدسة.

وهی الکتاب الأول من مجموعة برقم 514.

کتب علی طرة الصفحة الأولی منها ما نصه :

«من تصانیف مولانا الأعظم مولانا قطب الدین السبزواری».

وعلی هذه الصفحة فهرس ما فی المجموعة - بخط السید المرعشی - وهی : «السعدیة» للعلامة الحلی ، و «أجوبة المسائل الاعتقادیة» للشیخ المفید ، ومجمل العقائد.

ص: 149

وکتب السید المرعشی ما نصه : «الخلاصة فی العقائد ، للعلامة المولی قطب الدین السبزواری ، من تلامیذ شیخنا الشهید الأول».

وجاء فی نهایتها :

«تمت الکتاب خلاصة [کذا] تصنیف مولانا الامام العالم الورع البارع الورع التقی قطب الدین السبزواری ، غفر الله له ولجمیع المؤمنین والمؤمنات.

فرغ من تحریره یوم الثلاثاء فی عشرین شوال المعظم سنة ثمانین وثمانمائة.

کاتبه ومالکه الفقیر علی بن مجد الدین سدیدی استرابادی الأبامنصوری.

اللهم اغفر لهم وارحمهم ولجمیع المؤمنین والمؤمنات والمسلمین والمسلمات».

وهی نسخة متقنة ، مضبوطة بالحرکات ، وقد استفدنا منها فی ضبط المتن ، وهی محشاة بفوائد عدیدة جیدة ، أثبتناها نحن فی عملنا هذا منفصلة تتمیما ، وهی الفوائد المرقمة 1 - 38.

ورمزنا إلیها بالحرف «د».

قدم مصورتها ، ومصورة النسخة التالیة «ه» الأخ الفاضل المحقق الشیخ رضا المختاری الرضوانشهری ، وفقه الله.

5 - نسخة أخری فی مکتبة السید المرعشی رحمه الله.

وهی الکتاب الثالث من مجموعة مرقمة برقم 2247.

جاء فی آخرها :

«تمت الکتاب خلاصة من تصنیف مولانا الإمام العالم البارع الورع المتقی قطب الدین سبزواری غفر الله ذنوبه ، سنة ثمان وتسعین وثمانمائة».

وهی تشبه نسخة «د» فی کثیر من الجهات ، کما وردت فیها نفس الفوائد

ص: 150

فی الهوامش ، إلا أنها مغلوطة ، وتمتاز علیها بالفائدتین 39 - 40 وقد أثبتناهما ، ورمزنا إلیها بالحرف «ه».

6 - نسخة ثالثة فی مکتبة السید المرعشی رحمه الله.

وهی الکتاب الثالث فی مجموعة برقم 454 ، تحتوی علی : إرشاد المسترشدین ، لمحمد فخر الدین ابن العلامة الحلی ، وعلی : الرسالة السعدیة ، للعلامة الحلی ، وعلی کتابنا هذا.

وهی نسخة متطابقة مع نسخة «د» حرفیا ، وکأنها منقولة عنها بزیادة کثیر من الأغلاط الفاحشة فی المتن ، وتمتاز عنها ببعض الهوامش المفیدة ، أثبتناها فی قسم الفوائد بالأرقام 41 - 46.

ونشکر إدارة المکتبة العامرة علی تسهیلها أمر مراجعة النسخة.

7 - نسخة مکتبة مجلس الشوری الإسلامی - فی طهران.

وهی الکتاب الثانی فی المجموعة 3917.

جاء فی آخرها :

«تمت الرسالة ، بعون الملک المنان ، فی تاریخ صفر سنة سبع وثمانین وألف من الهجرة النبویة صلی الله علیه وآله وسلم ، الخط باق والعمر فان ، والعبد عاص والرب عاف».

وخطها ردئ ، ولا تمتاز بشئ یذکر ، ورمزنا إلیها بالحرف «و».

وهی من مصورات فضیلة الشیخ المختاری دام فضله.

وهناک نسخ أخری لم نتمکن من الوقوف علیها ، نذکر منها :

1 - نسخة فی مکتبة المسجد الأعظم فی قم المقدسة ، برقم 2680 ، مذکورة فی فهرس المکتبة ، ص 579.

2 - وأخری فی المکتبة المذکورة ، برقم 2797 ، مذکورة فی الفهرس ، ص 588.

ص: 151

3 - النسخة التی ذکر وجودها سماحة شیخنا العلامة المرحوم الشیخ آقا بزرک الطهرانی فی الذریعة ، وإلیک نص قوله : الخلاصة فی أصول الدین مرتبا علی ثمانیة أبواب : لبعض قدماء الأصحاب ، توجد نسخة منه فی النجف عند السید حسین ابن علی بن أبی طالب الحسینی الهمدانی.

وهی ضمن مجموعة من الرسائل کلها بخط مهدی بن الحسن بن محمد النیرمی الجرجانی ، فرغ من کتابة الخلاصة فی سنة 657.

وعلی النسخة تملک السید أبی الرضا ، محمد بن مبارک شاه الأبرقوهی.

الذریعة 7 / 208 رقم 1023 ، وانظر : الثقات العیون : 313.

* * *

ص: 152

5 - عملنا فی الکتاب :

1 - فی المقدمة :

قدمنا حدیثا عن موضوع الکتاب ، وأهمیة هذا النص فی دعم الفکر الشیعی ، تراثیا وتاریخیا.

وقدمنا تحقیقا واسعا عن مؤلف الکتاب.

وقدمنا الکلام علی نسخ الکتاب ، مع تقدیم نماذج من صور الصفحات المهمة فی کل نسخة ، لزیادة التوثق.

2 - فی النص :

حاولنا استخلاص نص مضبوط ، صحیح ، من بین النسخ السبع التی راجعناها مباشرة ، ووضعنا النص المختار فی المتن ، محافظین علی ما یحتمل تأثیره من العبارات الأخری فی الهوامش.

وضبطنا النص بالتشکیل التام ، إبرازا لأهمیته العلمیة والتراثیة ، ولیکون عونا علی فهمه.

وقطعنا النص بشکل دقیق ، وطبقا للمتعارف فی تحقیق النصوص ، لإبراز معالمه الفنیة والعلمیة کذلک.

ورسمنا الکلمات بالإملاء المتعارف فی عصرنا ، لیسهم فی سرعة فهمه ، واستذواقه.

3 - فی الملحقات :

وقد جمعنا فی نهایة الکتاب ما کتب علی هوامش بعض النسخ من الفوائد القیمة ، حافظا علیها من الضیاع.

ص: 153

4 - الرموز :

وقد استعملنا الرموز التالیة للدلالة علی النسخ المعتمدة ، نوردها هنا مجتمعة للتسهیل :

(أ) لنسخة مکتبة بادلیان ، بأوکسفورد (نسخة ابن العودی).

(ب) لنسخة مکتبة المتحف البریطانی (نسخة ابن فتحان).

(ج) لنسخة مکتبة العلامة الطباطبائی ، بشیراز.

(د) لنسخة مکتبة آیة الله السید المرعشی ، المرقمة 514.

(ه) لنسخة مکتبة آیة الله السید المرعشی ، المرقمة 2247.

(و) لنسخة مکتبة مجلس الشوری الإسلامی بطهران ، المرقمة 3927.

وفی الختام :

أشکر الله شکرا متواصلا علی توفیقه لهذه الخدمة ، وأرجوه أن یخلص نیتی ، ویتقبل عملی ، ویثیبنی بأحسن ما یثیب عباده المخلصین ، ویتغمدنی برحمته فی الدنیا ، ویوم لا ینفع مال ولا بنون ، والحمد لله رب العالمین.

حرر فی السابع عشر من شهر شوال المکرم سنة 1414 ه.

وکتب

السید محمد رضا الحسینی الجلالی

ص: 154

صورة

ص: 155

صورة

ص: 156

صورة

ص: 157

صورة

ص: 158

صورة

ص: 159

صورة

ص: 160

صورة

ص: 161

صورة

ص: 162

صورة

ص: 163

صورة

ص: 164

صورة

ص: 165

صورة

ص: 166

صورة

ص: 167

صورة

ص: 168

[المتن]

(کتاب الخلاصة فی الکلام) (1)

بسم الله الرحمن الرحیم

وعلیه التکلان (2)

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة علی محمد وآله الطاهرین.

اعلم أن هذا الکتاب یشتمل علی مسائل تتعلق بعلم الأصول ، من التوحید ، والعدل ، والنبوة ، والإمامة ، ومعرفة الثواب والعقاب ، والآلام ، والأعواض ، والآجال ، والأرزاق ، والأسعار ، وما یتعلق بها.

ونحن نرتب الأول فالأول (إن شاء الله تعالی) (3).

ص: 169


1- 1. هذا الاسم فی هامش (ب) فقط.
2- 2. فی (أ) : «وبه العون» بدل «وعلیه التکلان» وفی (ج ، د ، ه) : «وبه نستعین» بدل ذلک.
3- 3. ما بین القوسین لیس فی (ب).

الباب الأول

فی التوحید

وفیه فصول :

الفصل الأول

فی إثبات وجوب النظر

اعلم أن معرفة الله تعالی واجبة ، ولا یمکن تحصیلها إلا بالنظر ، فیلزم أن یکون ذلک (1) النظر واجبا.

وإنما قلنا : «إن معرفة الله تعالی واجبة».

لأن شکر المنعم واجب ، ودفع الضرر عن النفس - أیضا - واجب ، فإذا جوز کامل (2) العقل أن تکون المنافع الحاصلة له من الحیاة ، والقدرة ، وغیر ذلک :

إما أن تکون نعما لمنعم ، یجب علیه شکرها ، ویستحق الذم بترک شکرها.

وإما أن تکون ضررا علی نفسه ، فیجب علیه التحرز منها.

فإذن یجب (3) علیه معرفة فاعلها ، لیشکرها ، أو یتحرز (4) عنها.

وإنما قلنا : «إن معرفة الله تعالی لا تحصل إلا بالنظر».

ص: 170


1- 1. کلمة «ذلک» لیست فی (أ ، ب).
2- 2. فی (أ) : الکامل.
3- 3. فی (أ) : وجب.
4- 4. فی (ب) : یحترز.

لأن معرفة الله تعالی لیست بدیهیة ، ولا وجدانیة ، ولا حسیة ، ولا خبریة ، فلم یبق إلا النظر (1).

فثبت أن طریق معرفته تعالی هو النظر ، والاستدلال.

فثبت أن یکون النظر واجبا.

الفصل الثانی

فی إثبات ذاته تعالی

کل جسم محدث ، وکل محدث محتاج إلی المؤثر ، (فکل جسم محتاج إلی المؤثر) (2).

وإنما قلنا : «إن کل جسم محدث».

لأن الجسم هو الذی یصح أن یشار إلیه إشارة حسیة ، والمشار إلیه بالإشارة الحسیة یجب أن یکون حاصلا فی الحیز.

وإذا ثبت هذا ، فالجسم لو کان أزلیا ، لکان فی الأزل حاصلا فی الحیز ، لکن یستحیل أن یکون حصوله فی الحیز أزلیا ، فیستحیل أن یکون الجسم أزلیا.

وإنما قلنا : «إن حصوله فی الحیز یستحیل أن یکون أزلیا».

لأنه لو کان کذلک ، لکان لا یخلو :

إما أن یکون حاصلا فی حیز (3) لا یکون (4) قبله حاصلا فی حیز آخر.

ص: 171


1- 1. فی (ج ، ه) : إلا بالنظر.
2- 2. ما بین القوسین لیس فی (أ).
3- 3. فی (ب ، ه) : فی الحیز.
4- 4. فی (ج) : لم یکن.

أو لم یکن کذلک ، بل کان حاصلا فی حیز کان قبله حاصلا فی حیز آخر.

فمن الأول : یلزم أن لا یخرج عن ذلک الحیز ، وإن أخرج بالقهر وجب أن یعود إلیه ، إذا زال القهر ، وإذا لم یعد ، علمنا أنه لیس کذلک.

من الثانی : یلزم أن یکون الأزلی مسبوقا بغیره ، وهو محال.

فثبت : أنه لا یکون حصوله فی الحیز أزلیا ، وإذا کان کذلک لم یکن الجسم أزلیا.

وإنما قلنا : «إن کل محدث محتاج إلی المؤثر».

لأن المحدث هو الموجود الذی لم یکن ثم کان ، وما کان کذلک علم - بالضرورة - أن له محدثا.

فثبت أن لجمیع الأجسام محدثا.

دلیل آخر :

کل موجود - سوی الواحد - ممکن ، وکل ممکن ، محدث ، فکل موجود سوی الواحد ممکن محدث.

وإنما قلنا : «إن کل موجود - سوی الواحد - ممکن».

لأنا لو قدرنا موجودین واجبی الوجود ، لکان کل واحد منهما مشارکا للآخر فی کونه واجبا ، ومباینا عنه بالتعین (1) ، وما به المشارکة غیر ما به المباینة ، فیلزم أن یکون کل واحد منهما مرکبا مما به المشارکة ، ومما به المباینة.

وکل مرکب ممکن ، لأن کل مرکب محتاج إلی جزئه ، وجزؤه غیره ،

ص: 172


1- 1. فی (أ) : بالتغییر.

لأنه لیس هو ، وما لیس هو یکون غیره.

فثبت أن کل مرکب ممکن.

وإنما قلنا : «إن کل ممکن محدث».

لأن کل ممکن محتاج إلی المؤثر ، لأن الممکن هو الذی تکون (1) نسبة طرفی الوجود والعدم إلیه علی السویة ، فإذا حصل الرجحان لا بد له من مرجح ، فثبت أن کل ممکن محتاج إلی المرجح ، وما کان کذلک ، فهو محدث (2).

فثبت أن کل موجود - سوی الواحد - ممکن ، محدث.

الفصل الثالث

فی إثبات صفاته الثبوتیة

وفیه مسائل :

* المسألة الأولی : ولا بد من کونه - تعالی - قادرا :

لأنه لو لم یکن قادرا (3) ، لکان موجبا ، لأنه قد صدر عنه الفعل ، وکل من صدر عنه الفعل :

فأما أن یصدر عنه (4) مع جواز إن لا یصدر ،

ص: 173


1- 1. کلمة «تکون» من (ج) وفی (د) : «هو الذی یکون طرفا الوجود والعدم نسبة إلیه علی السویة».
2- 2. فی (ج ، د) : «کان محدثا» بدل : «فهو محدث».
3- 3. فی (ب) : «کذلک» بدل قوله : «قادرا».
4- 4. أضاف فی (ج) کلمة : «الفعل».

أو مع استحالة أن لا یصدر.

فالأول : هو القادر.

والثانی : هو الموجب.

ویستحیل أن یکون - تعالی - موجبا ، لأنه لو کان کذلک ، للزم : إما (1) من قدمه قدم العالم.

أو من حدوث العالم حدوثه تعالی.

وهما محالان ، فیلزم أن لا یکون موجبا.

وأیضا : لو کان - تعالی - موجبا ، لکان یلزم من تغیر کل شئ فی العالم تغیره فی ذاته تعالی ، لأن تغیر المعلول دلیل علی تغیر العلة ، فلو لم تتغیر العلة ، لم یتغیر المعلول.

وإذا کان التغیر علی الله - تعالی - محالا ، یستحیل أن یکون موجبا.

* مسألة : ولا بد من کونه - تعالی - عالما :

لأنه أوجد بعض مقدوراته دون البعض ، علی وجه دون وجه ، فی وقت دون وقت ، وإذا کان کذلک ، فلا بد أن یدعوه الداعی إلی ذلک البعض ، والداعی یستحیل أن یدعو القادر (2) إلا إلی ما علم حقیقته ، وتصور ماهیته ، وإذا ثبت کونه قادرا (3) ثبت کونه عالما.

دلیل آخر :

کل من صدر عنه أفعال محکمة متقنة ، یجب أن یکون عالما ، وقد

ص: 174


1- 1. کلمة «إما» لم ترد فی (أ ، د ، ه).
2- 2. کذا فی (أ ، ه) وکلمة «القادر» لیست فی (ب) وفی (ج) : «یدعوه القادر».
3- 3. فی (ب ، د) : موجدا.

صدر عنه - تعالی - أفعال محکمة متقنة ، فیجب أن یکون عالما.

والأول : بدیهی.

والثانی (1) : حسی.

فثبت کونه - تعالی - عالما.

* مسألة : ولا بد من کونه - تعالی - حیا :

لأن الحی هو الذی یصح أن یقدر ویعلم ، وإذا ثبت کونه - تعالی قادرا عالما ، ثبت کونه حیا.

* مسألة : ولا بد من کونه - تعالی - موجودا :

لأنه لو لم یکن موجودا ، لکان معدوما ، والمعدوم یستحیل أن یکون قادرا عالما ، وإذا ثبت کونه کذلک ، ثبت کونه موجودا.

* مسألة : ولا بد من کونه (2) - تعالی - موصوفا بهذه الصفات أزلا ، وأبدا :

لأنه لو لم یکن کذلک ، لم یصر موصوفا بها (3) أبدا ، والتالی باطل (4) لما مر ، فالمقدم باطل.

فثبت أنه - تعالی - موصوف بهذه الصفات أزلا ، وأبدا.

ص: 175


1- 1. قوله : «والثانی» لیس فی (أ).
2- 2. فی (أ ، ه) : ولا بد أن یکون.
3- 3. فی (أ) : «بهذه الصفات» بدل «بها».
4- 4. فی (ب) : وضع الحرف (ط) رمزا لکلمة باطل هنا وفیما یلی إلی آخر الکتاب.

* مسألة : ولا بد من کونه - تعالی - قادرا علی جمیع الممکنات ، وعالما بکل المعلومات :

لأنه لو لم یکن کذلک ، لکان اختصاصه بالبعض دون البعض - مع استواء جمیع المقدورات والمعلومات ، ومع أن نسبة ذاته تعالی إلی (1) الجمیع علی السویة - یحتاج (2) إلی مخصص ، ولا مخصص هناک.

فوجب أن یکون قادرا (علی الکل ، عالما بالکل) (3).

* مسألة : ولا بد من کونه - تعالی - مدرکا ، سمیعا ، بصیرا ، مریدا ، کارها :

لأن المرجع فی جمیع هذه الصفات إلی کونه - تعالی - عالما بکل المعلومات ، وإذا ثبت کونه - تعالی - کذلک ، ثبت کونه موصوفا بهذه الصفات.

* مسألة : وهذه الصفات - التی أثبتناها - صفات إضافیة ، نسبیة ، لیست زائدة علی ذاته المنزهة :

لأنها لو کانت زائدة ، فلا یخلو :

إما أن تکون واجبة ،

أو ممکنة ،

وهما محالان ، فیستحیل أن تکون زائدة.

ص: 176


1- 1. کلمة «إلی» لم ترد فی (ب).
2- 2. فی (ه) : مع ... م�2. .. فإذا یحتاج.
3- 3. فی (ج) بدل ما بین القوسین : «علی کل عالما بکل».

وإنما قلنا : «إنها لم تکن واجبة».

لأنها محتاجة إلی (الذات التی هو) (1) الغیر ، وما کان محتاجا إلی الغیر لا یکون واجبا.

وإنما قلنا : «إنها لا تکون ممکنة».

لأنها لو کانت ممکنة ، لکانت محتاجة إلی الغیر ، والمحتاج إلی الغیر محدث ، کما مر.

وإذا لم تکن واجبة ولا ممکنة ، لم تکن زائدة علی ذاته ، فحصل المرام (2).

الفصل الرابع

فی صفاته السلبیة

وفیه مسائل :

* مسألة : ویستحیل أن یکون - تعالی - جسما :

لأنه لو کان جسما ، لکان مساویا لسائر الأجسام فی الجسمیة : فإن لم یخالف الأجسام من وجه آخر ، لزم : إما حدوثه ،

أو قدمها (3).

ص: 177


1- 1. ما بین القوسین زیادة فی (ج) وفی (د) : لأنها محتاجة إلی ذات وما کان ...
2- 2. فی (ج) عن نسخة : فحصل المراد ، وفی (ه) کتب «المراد» تحت «المرام» ولعله تفسیر له.
3- 3. زاد فی (أ) هنا : «لکونه محدثا».

وإن خالفها ، لزم کونه مرکبا مما به المشارکة ، ومما به المخالفة ، وهو أیضا محال.

فیستحیل إن یکون - تعالی - جسما.

دلیل آخر (1) :

لو کان - تعالی - جسما ، لکان لا بد أن یکون حاصلا فی الحیز کما مر.

ثم لا یخلو :

إما أن یصح خروجه عن ذلک الحیز.

أو لا یصح.

فإن صح ، صح علیه الحرکة.

وإن لم یصح ، لزم أن یکون کالمقید العاجز.

وهما محالان علیه - تعالی -.

فیستحیل أن یکون - تعالی - جسما.

* مسألة : ویستحیل أن یکون - تعالی - عرضا :

لأن العرض محتاج إلی الغیر ، والبارئ - تعالی - لیس محتاجا إلی الغیر ، فلا یکون عرضا.

ص: 178


1- 1. فی (د ، ه) : «مسألة» بدل «دلیل آخر».

* مسألة : ذاته - تعالی - مخالفة لسائر الذوات ، لعین (1) ذاته المخصوصة (2) ، لا لأمر زائد :

لأنه لو کانت ذاته - تعالی - مساویة لسائر الذوات ، لکان اختصاصه بتلک الصفة :

إما لأمر زائد ،

أو لا لأمر.

فمن الأول : یلزم التسلسل.

ومن الثانی : یلزم ترجیح الممکن من غیر مرجح.

وهما محالان.

فثبت کونه - تعالی - مخالفا لسائر الذوات لعین (3) ذاته المخصوصة.

* مسألة : لو کان البارئ - تعالی - محتاجا إلی غیره ، لکان لا یخلو :

إما أن یکون محتاجا فی ذاته.

أو فی صفاته.

وهما محالان ، لما مر.

فیستحیل أن یکون - تعالی - محتاجا.

ص: 179


1- 1. کذا فی (ج ، د) وفی (ب ، ه) : بعین ، وفی (أ) : «لغیر».
2- 2. کلمة «المخصوصة» لیس فی (أ).
3- 3. کذا فی (ج ، د) وفی (ب ، ه) : بعین ، وفی (د) : «لنفس» بدل «العین» وفی (أ) : «لغیر».

* مسألة : ویستحیل أن یکون - تعالی - مرئیا بالبصر :

لأنه لو کان کذلک ، لکان لا یخلو :

إما أن یکون مقابلا للرائی ، (أو فی حکم المقابل) (1).

أو لا یکون.

فإن کان مقابلا :

فأما أن یکون فی جهة.

أو لا یکون فی جهة.

فإن کان فی جهة ، لزم کونه - تعالی - جسما ، وهو محال.

وإن لم یکن فی جهة ، لم یکن مقابلا ، فلم تکن الرؤیة معقولة ، لأن الرؤیة (المعقولة) (2) عبارة عن «ارتسام صورة المرئی فی العین ، أو اتصال شعاع البصر به (3)» وهذا لا یعقل إلا فی ما کان مقابلا للرائی ، وهو علیه - تعالی - محال.

وإذا بطلت هذه الأقسام ، ثبت استحالة رؤیته - تعالی - بالبصر.

* مسألة : یستحیل قیام الحوادث بذاته ، خلافا للکرامیة ، والحنابلة :

لأنه لو صح اتصافه - تعالی - بها ، لکانت تلک الصفة (4) :

إما أن تکون من لوازم ذاته.

وإما أن تکون من عوارض ذاته :

ص: 180


1- 1. ما بین القوسین فی (ه).
2- 2. ما بین القوسین من (د ، ه).
3- 3. فی (د ، ه) : شعاع البصریة إلیه.
4- 4. کذا فی النسخ ، لکن فی (ه) وهامش (ب) : «الصحة».

فمن الأول : یلزم أزلیة الحوادث.

ومن الثانی : یلزم التسلسل.

وهما محالان.

فیستحیل کونه موصوفا بها.

* مسألة : الألم واللذة علیه - تعالی - محال :

لأنهما من توابع المزاج ، الذی هو من توابع الأجسام ، وإذا ثبت کونه - تعالی - لیس بجسم ، یستحیل أن یکون - تعالی - موصوفا بهما ، أو بواحد منهما.

* مسألة : ویستحیل أن یتحد الله - تعالی - بغیره :

لأنهما لا یخلوان (1) من أقسام ثلاثة ، وهی :

إما إن بقیا (2) کما کانا موجودین (3).

أو صارا معدومین.

أو عدم أحدهما دون الثانی.

ولیس فی (شئ من) (4) هذه الأقسام اتحاد (5).

فیستحیل علیه الاتحاد.

ص: 181


1- 1. کذا الصواب ، وکان فی (أ ، ب) : لا یخلو ، وفی (ج ، د ، ه) : لا یخلوا.
2- 2. فی (أ) : یبقیا.
3- 3. کلمة «موجودین» من (ج ، د ، ه).
4- 4. ما بین القوسین لیس فی (أ).
5- 5. فی (ب) : الاتحاد.

* مسألة : ویستحیل أن یحل الله - تعالی - فی شئ :

لأنه لو حل فی شئ ، لا یخلو :

إما أن یجب حلوله فیه ،

أو لا یجب :

فمن الأول : یلزم حدوثه - تعالی - وهو محال.

ومن الثانی : یلزم استغناؤه عنه ، والمستغنی عن الشئ یستحیل أن یحل فیه.

* مسألة : یستحیل أن یکون موصوفا بشئ من الألوان :

لاستحالة کونه - تعالی - محلا للأعراض (لأن محلها الأجسام ، وإذا لم یکن - تعالی - جسما ، لم یکن محلا للأعراض) (1) فلم یکن موصوفا بشئ من الألوان.

ص: 182


1- 1. ما بین القوسین ساقط من (ج).

الباب الثانی

فی العدل

وفیه فصول :

(الفصل الأول) (1)

[تعریف العدل]

اعلم أن مرادنا من کونه - تعالی - عادلا ، هو : أنه لا یفعل القبیح ، ولا یخل بالواجب.

وهذه المسألة متفرعة علی إثبات الحسن والقبیح (2) بحکم العقل ، خلافا للأشعریة.

اعلم أن کل من صدر عنه فعل - من المکلفین - من الأفعال الاختیاریة ، فلا یخلو :

إما أن یکون صدور ذلک الفعل منافرا للعقل ،

أو لا یکون :

والأول : هو القبیح.

والثانی : إما أن یکون ترکه منافرا للعقل ،

أو لا یکون :

والأول : هو الواجب.

ص: 183


1- 1. هذا العنوان لم یرد فی (أ).
2- 2. فی (ب ، ه) : والقبح.

والثانی : إما أن یکون فاعله مستحقا للمدح.

أو لا یکون :

والأول : هو الندب.

والثانی : إما أن یکون فعله أولی من ترکه ،

أو لا یکون :

والأول : هو الحسن.

والثانی : إما أن یکون ترکه أولی من فعله.

أو لا یکون :

والأول : هو المکروه.

والثانی : هو المباح.

وإذا ثبت هذا ، فلا شک أن بعض أفعالنا ما یکون العقل منافرا عن فعله ، کالظلم ، والکذب ، والعبث ، والمفسدة ، وغیر ذلک.

وبعض أفعالنا ما یکون ملائما للعقل (1) ، کشکر المنعم ، ورد الودیعة ، وقضاء الدین (2) وغیر ذلک.

والعلم بذلک یجده کل عاقل من نفسه ، ولا یحتاج إلی شرع ، ولهذا یعرفه المنکرون للشرائع ، کالکفار الأصلیة ، والبراهمة ، وعبدة الأوثان والأصنام ، کما یعرفه الملیون (3).

ومن أنکر ذلک فهو جاهل مکابر.

ص: 184


1- 1. فی (أ) : «ما لائم العقل» ولم ترد «ما یکون» فی غیر (ج).
2- 2. فی (ب ، د ، ه) : الدیون.
3- 3. کذا الصواب ، وهو الموجود فی (ب ، د ، ه) وکان فی (أ) : «المکیون».

الفصل الثانی

[فی الاختیار]

لا شک أن العلم بحسن المدح والذم (1) علی بعض أفعال الإنسان ، علم ضروری.

ولا شک - أیضا - أن حسن المدح والذم یتوقف علی کون الممدوح والمذموم فاعلا ، وما یتوقف علیه العلم الضروری ، یجب أن یکون ضروریا.

فثبت أن العلم بکون العبد فاعلا علم ضروری.

حجة أخری :

إن کل ما صدر عنا من الأفعال إنما یصدر بحسب دواعینا وقصودنا ، وکل فعل یکون کذلک ، کان ذلک الفعل فعلا لذلک الفاعل.

فإذن : وجب أن یکون کل ما صدر عنا (من الأفعال) (2) فعلا لنا.

الفصل الثالث

فی أنه - تعالی - قادر علی القبیح

والدلیل علیه : هو أن القبیح من الممکنات ، لأنه لو لم یکن من الممکنات ، لما قدرنا علیه ، فإذا کان من الممکنات - والله تعالی قادر علی

ص: 185


1- 1. زاد فی (أ) هنا کلمة : «یتوقف».
2- 2. لیس فی (ب).

جمیع الممکنات - ،

فیجب أن یکون قادرا علی القبیح.

الحجة الثانیة :

أنه - تعالی - قادر علی تعذیب المصر علی الکفر ، فإذا تاب وجب أن یکون قادرا علیه ، لأن توبته لا تؤثر فی قادریته - تعالی -.

وتعذیبه بعد التوبة ظلم ، والظلم قبیح.

فیجب أن یکون - تعالی - قادرا علی القبیح.

الفصل الرابع

فی أنه - تعالی - لا یفعل القبیح ،

ولا یخل بالواجب

والدلیل علیه هو أنه - تعالی - إذا کان عالما بقبح القبیح - لأنه عالم بکل المعلومات - وعالما باستغنائه عنه (1).

فإذن (2) : علمه - تعالی - یصرفه عن فعله ، ولا یدعوه الداعی إلیه ، لاستغنائه عنه ، ومع وجود الصارف وعدم الداعی إلیه (3) یستحیل أن یصدر الفعل عن القادر.

فثبت أنه - تعالی - لا یفعل القبیح ، البتة ، ولا یخل بالواجب.

ص: 186


1- 1. کذا فی (ب ، ه) وفی سائر النسخ : عنها.
2- 2. کذا الصواب ، ورسمها فی (أ ، ه) : إذا ، مضبوطا بفتحتین ، وفی سائر النسخ «إذا» بالألف.
3- 3. فی (أ ، ه) : ومع عدم الداعی ووجود الصارف.

الفصل الخامس (1)

[فی أنه لا یرید القبیح]

وإذا ثبت أنه - تعالی - لا یفعل القبیح ، فکل ما صدر عنه من إحداث العالم ، وما فیه من خلق الحیوانات المؤذیة ، والنباتات المضرة ، و (السموم) (2) القاتلة ، (وغیر ذلک من التکالیف الشاقة) (3) حسن.

وکل ما صدر (4) (فی العالم) (5) من الظلم ، والقبیح ، والکذب ، والفساد ، وغیر ذلک ، إنما صدر عن غیره ، لا عنه.

ولا یرید - البتة - شیئا من القبائح ، لأن إرادة القبیح قبیحة.

الفصل السادس (6)

[فی أن الکافر یختار الکفر باختیاره]

کل ما فعله الله - تعالی - بالمؤمن (7) من تعریض الثواب ، وإزاحة العلة من التمکین ، والألطاف ، ونصب الأدلة ، فقد فعله بالکافر.

ص: 187


1- 1. جاء فی (أ) کلمة : «مسألة» بدل عنوان «الفصل الخامس».
2- 2. کلمة «السموم» من (د ، ه).
3- 3. ما بین القوسین ورد فی (أ ، د ، ه) فقط.
4- 4. زاد کلمة «عنا» فی (ب) هنا.
5- 5. قوله : «فی العالم» من (ه).
6- 6. جاء فی (أ) بدل العنوان ، کلمة : «مسألة».
7- 7. کذا فی (ه) وفی النسخ : بالمؤمنین.

وإذا کان تکلیف المؤمن حسنا ، یجب (1) أن یکون تکلیف الکافر - أیضا - حسنا.

فأما ما صدر عنه من الکفر ، فإنما یصدر (2) عنه باختیاره ، وبترکه الواجب ، لا بالتکلیف (3).

ص: 188


1- 1. فی (ج) : وجب.
2- 2. فی (أ) : صدر.
3- 3. فی (د) : «لا بتکلیف» کذا مضبوطا.

الباب الثالث

فی النبوة

وفیه فصول :

الفصل الأول

فی حسن بعثة الأنبیاء علیهم السلام

فی بعثة الأنبیاء فوائد :

منها : أن یأتوا من الله - تعالی - بإعلام الثواب الدائم للمطیع المؤمن ، والعذاب الدائم للکافر العاصی ، وذلک لطف لهم.

ومنها : أن یعلمهم کیفیة شکر المنعم (1).

ومنها : زیادة دواعی المکلفین فی أداء الواجبات ، واجتناب المقبحات.

وما کان فیه هذه الفوائد الموفرة ، کان حسنا.

فیجب أن تکون بعثة الأنبیاء حسنة.

ص: 189


1- 1. فی (د) : الشکر للمنعم.

الفصل الثانی

فی إثبات نبوة

نبینا محمد صلی الله علیه وآله وسلم

لأنه ادعی النبوة ، وظهرت المعجزة علی یده (1) (علی وفق دعواه) (2) ، وکل من کان کذلک کان نبیا حقا : أما أنه ادعی النبوة ، فذلک معلوم بالتواتر.

وأما أنه ظهرت المعجزة علی یده (3) ، فهو أنه ظهر القرآن علیه.

وأما بیان أن القرآن معجز ، فمن حیث أن لفظه البلیغ ، ومعناه المبین (4) ، ما لم یعهده أحد من العرب.

فإذا أتی (5) علیه السلام بالقرآن ، وتحداهم به ، واجتمعوا (6) علی أن یأتوا بمثله (آیة أو سورة) (7) ، فقد عجزوا عن ذلک.

ولما ظهر عجزهم عن معارضته (8) ، ثبت أنه معجز ، من قبل الله - تعالی -.

ص: 190


1- 1. کذا فی (أ) وفی النسخ : «علیه» وفی (ه) : «ظهر المعجز» بدون علیه.
2- 2. فی (أ) بدل ما بین القوسین جاء : «موافقا لدعواه».
3- 3. کذا فی النسخ ، و «علی یده» من (أ) فقط ، وفی (د) : علیه.
4- 4. الکلمة مضبوطة فی (ب).
5- 5. کذا فی النسخ ، وفی (أ) : «تقرر» بدون قوله «أتی» ، ولعله : تفرد.
6- 6. جاء فی (أ) : وأجمعوا.
7- 7. فی (أ) بدل ما بین القوسین : «أو بسورة».
8- 8. فی (أ) : عن المعارضة.

ولو قدروا علی الإتیان بمثله (1) ، لأتوا به ، ولما خرجوا بالسیف ، ولا اختاروا ما فیه بذل المهج والنفوس ، واسترقاق الأولاد ، لأن من قدر علی دفع الخصم - بأهون الأمور وأیسر ما فی المقدور - لا یقصد الأصعب والأشد (2) ، وذلک لا یکون منهم إلا عجزا ظاهرا ، ونکولا واضحا (3).

فثبت أن القرآن معجز ، خارق للعادة.

وإذا ثبت هذا ، ثبت أنه نبی من عند الله تعالی.

ومن معجزاته - التی هی سوی القرآن - :

تسبیح الحصا فی کفه (4) ،

وحنین الخشبة ،

وشکایة الناقة ،

(وکلام الذئب) (5) ،

وکلام الذراع (6) المشوی ،

وانفجار الماء من بین أصابعه ،

وإشباع الخلق الخلق الکثیر من الطعام القلیل ،

ومجئ الشجرة إلیه لما قال لها : «أقبلی» وعودها إلی مکانها لما قال لها : «أدبری» (7) ،

ص: 191


1- 1. کذا فی (ه) وفی النسخ : إتیان مثله.
2- 2. فی (أ) : الأشق.
3- 3. فی (أ) : فاضحا.
4- 4. فی (أ) : کفیه.
5- 5. ما بین القوسین من (ه).
6- 6. فی (ب) : الطائر.
7- 7. فی (ب) : ارتدی.

وانشقاق القمر ،

والإخبار عن الغیوب - علی ما تواتر به النقل - ،

وإظلال السحاب قبل مبعثه.

وهذه الأخبار - وإن کان کل واحد منها فی حیز الآحاد - إلا أنه لما کثرت الأخبار عن شئ یستحیل أن تکون کلها کذبا.

وإذا صح واحد منها حصل المقصود ، وصح الباقی.

فثبت أنه علیه السلام کان نبیا حقا ، من عند الله ، صادقا فی جمیع ما أتی به.

الفصل الثالث (1)

فی صفاته (علیه السلام) (2)

یجب أن یکون النبی علیه السلام موصوفا بکمال العقل ، والذکاء ، والفطنة ، وقوة الرأی ، وجودته (3).

ویجب أن یکون معصوما من القبائح کلها - صغیرها وکبیرها - قبل النبوة ، وبعدها ، عمدا (کان أو سهوا) (4) ، ونسیانا.

لأنه لو جاز (5) ذلک علیه ینفر العقل عن متابعته ، ولا یلیق بالحکیم إیجاب اتباع من ینفر العقل عن متابعته.

ص: 192


1- 1. فی (ب) : فصل ، بدل العنوان.
2- 2. کذا فی (د ، ه) وفی النسخ : صلی الله علیه وآله وسلم.
3- 3. فی (ب) : وجوده.
4- 4. ما بین القوسین من (د).
5- 5. کذا فی (ه) وفی النسخ : لأن جواز.

فیجب أن یکون موصوفا بهذه الصفات.

الفصل الرابع

کلام الله - تعالی - محدث

لأنه مرکب من الحروف علی وجه یتقدم بعضها علی بعض ، وکل ما کان کذلک ، کان محدثا.

وإنما قلنا : «إنه مرکب من الحروف علی ذلک الوجه».

لأنه لا یفهم کلام إلا وأن یکون کذلک ، وذلک بدیهی.

وإنما قلنا : «إن کل ما کان کذلک کان محدثا».

لأن المتقدم إنما یتقدم علی المتأخر بمقدار متناه (فیلزم أن یکون المتأخر بمقدار (1) متناهیا (2) ، لأنه مسبوق بالمتقدم (3).

ویلزم - أیضا - (4) : أن یکون المتقدم متناهیا ، لأنه متقدم علی المتأخر بمقدار متناه ، وما کان متقدما علی المتناهی (5) بمقدار متناه ، کان - أیضا - متناهیا.

وکل ما کان متناهیا فی زمان وجوده ، کان محدثا.

فلزم (6) أن یکون جمیع کلام الله - تعالی - محدثا

ص: 193


1- 1. هذه الکلمة من (ه) فقط.
2- 2. ما بین القوسین لم یرد فی (أ).
3- 3. فی (أ) : بالتقدم.
4- 4. فی (ب) : وأیضا یلزم.
5- 5. فی (ج) «المتأخر» بدل «المتناهی».
6- 6. فی (ب) : فیلزم.

الفصل الخامس

فی جواز النسخ

إذا ثبتت نبوة نبینا محمد علیه السلام ، وصحة نبوته موقوفة علی النسخ ، فوجب أن یکون النسخ حقا.

دلیل آخر :

إن المصالح الشرعیة مختلفة باختلاف الأوقات والأشخاص ، فلا بد أن یبین - سبحانه وتعالی - للمکلفین ، إزاحة لعلتهم.

فإذن : لا بد أن (تغیر الأحکام لتغیر) (1) المصالح ، وذلک هو النسخ.

ص: 194


1- 1. فی (أ) : تتغیر الأحکام کتغیر.

الباب الرابع

فی الإمامة

وفیه فصول :

الفصل الأول

فی إثبات وجوب (1) الإمام

الإمامة واجبة فی الدین عقلا وشرعا ، کما أن النبوة واجبة فی الفطرة (2) ، عقلا وسمعا ، خلافا لأکثر الأمة.

أما الوجوب عقلا :

فهو أن احتیاج الناس إلی إمام ، واجب العصمة ، یحفظ أحکام الشرع علیهم ، ویحملهم علی مراعاة أحکامه بالوعد والوعید ، وإجراء حدود الدین ، کاحتیاجهم إلی نبی یشرع لهم الأحکام ، ویبین لهم الحلال والحرام.

واحتیاج الخلق إلی استبقاء (3) الشرع ، کاحتیاجهم إلی تمهیده.

وإذا کان إرسال النبی (4) واجبا ، لکونه لطفا وتمکینا ، کان نصب الإمام - أیضا - واجبا (5).

ص: 195


1- 1. فی (ب) : «وجود» بدل «وجوب».
2- 2. فی (أ) : فی النظر.
3- 3. کذا فی (ج) وفی (أ ، ه) : «استیفاء» منقوطا ، وفی (ب) بلا نقاط.
4- 4. فی (أ) : وإذ کان إرسال الأنبیاء ، وأضاف فی (ج) : وإنزال الکتب.
5- 5. فی (أ) : کان - أیضا - نصب الإمام لطفا واجبا.

حجة أخری :

نصب الإمام لطف ، واللطف واجب علی الله تعالی ، فوجب أن یکون نصب الإمام أیضا - واجبا علیه تعالی.

وإنما قلنا : «إن نصب الإمام لطف».

لأن اللطف هو : «ما عنده یختار المکلف الطاعة ، أو یکون إلی اختیارها أقرب ، ولولاه ، لما کان کذلک ، مع تمکنه (1) فی الحالین ، ولا یکون فیه وجه قبح».

ولا شک أن عند وجود الرئیس المهیب النافذ الأمر ، الأخذ علی ید (2) السفیه ، المنتصف للمظلوم من الظالم ، یرتفع (3) الفساد کله أو أکثره.

فوجب أن یکون وجوده لطفا ، کسائر الألطاف.

وإنما قلنا : «إن اللطف واجب علیه تعالی».

لأن کل ما کان کذلک یجب أن یفعله الحکیم ، لأنه لو لم یفعله - مع بقاء التکلیف - لکان المکلف غیر مزاح العلة ، فیکون الله - تعالی - ناقضا لغرضه ، وهو علیه - تعالی - محال.

وإذا ثبتت المقدمتان ، ثبت أن نصب الإمام واجب علی الله تعالی.

ص: 196


1- 1. فی (ه) : مع المکنة.
2- 2. کلمة «ید» لم ترد فی (ب) ، وفی (ج) : علی ید السیف.
3- 3. فی (ب) : «یندفع» بدل «یرتفع».

حجة أخری (1).

أما الدلیل السمعی :

فقوله - تعالی - : ( یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله ، وکونوا مع الصادقین ) [سورة التوبة (2) الآیة (119)].

إن الله - تعالی - أمرنا بالکون مع الصادقین ، وذلک یدل علی أنه - تعالی - أوجب علینا متابعتهم.

فنقول : ذلک الصادق الذی یجب علینا متابعته ، یجب أن یکون صادقا فی کل ما قال ، وإلا ، لکان یجب علینا متابعته فیما لا یکون صادقا فیه ، وذلک لا یجوز.

وإذا کان صادقا فی کل الأمور ، فذلک الصادق :

إما أن یکون معینا ،

أو غیر معین.

والثانی : باطل (3) ، وإلا ، لزم الاجمال والتعطیل.

والأول :

إما أن یکون ذلک المعین جمیع الأمة ،

أو بعضهم :

والأول : باطل - بالضرورة -.

فبقی الثانی.

فوجب أن یکون فی الأمة شخص معلوم (102) لا یجوز علیه الخطأ ،

ص: 197


1- 1. کذا فی النسخ ، وعلیها فی (ج) ضبة ، بلا مرجع فی الهامش ، فلیلاحظ.
2- 2. أضاف فی (ج) کلمة : بالضرورة.
3- 3. کذا فی (د) وهو الأصح ، لکن فی سائر النسخ : معصوم.

وذلک هو المطلوب.

الحجة الرابعة :

قوله تعالی : (یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم) [سورة النساء (4) الآیة (59)].

وجه الاستدلال : أنه - تعالی - أمر المکلفین بطاعة أولی الأمر ، کما أمرهم بطاعته ، وبطاعة رسوله.

وإذا کانت طاعته تعالی (1) وطاعة رسوله واجبة ، وجب أن تکون طاعة أولی الأمر کذلک ، لأن حکم المعطوف حکم المعطوف علیه (2).

وإذا ثبت ذلک ، فنقول : لا یخلو :

إما أن یکون معینا ،

أو غیر معین ، ویتم هذا الدلیل کما مر قبل.

الحجة الخامسة :

قوله تعالی : ( إنما ولیکم الله ورسوله والذین آمنوا الذین یقیمون الصلاة ویؤتون الزکاة وهم راکعون ) [سورة المائدة (5) الآیة (55)].

وجه الاستدلال : أن «الولی» هو الأولی (3) بالتدبیر ، والأحری بالتصرف (فی الدین) (4).

وإذا کان المراد - فی هذه الآیة - أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب

ص: 198


1- 1. فی (أ) هنا زیادة : «واجبة».
2- 2. فی (ب) : لأن حکم المعطوف والمعطوف علیه واحد.
3- 3. فی (د) : یفید ، وفی (ب) : هو یفید أولی بالتدبیر.
4- 4. ما بین القوسین فی (أ) فقط.

علیه السلام ، یجب أن یکون هو أولی المؤمنین (1) بالتدبیر ، والأحری بالتصرف.

وذلک یدل علی إمامته.

بیان الصغری : تقلیلا للاشتراک ، کما هو مذکور فی «المنهج».

وبیان الکبری : إجماع الطائفة المحقة ، مع فرق من الطوائف المختلفة.

وإذا ثبتت المقدمتان ، ثبت أنه إمام ، متصرف فی الدین ، وهذا هو المطلوب.

الفصل الثانی

فی (2) صفات الإمام

یجب أن یکون الإمام معصوما من جمیع القبائح ، کما مر فی النبی علیه السلام ، قبل الإمامة وبعدها.

لأن العلة فی وجوب عصمة النبی والإمام ، واحدة ، کما مر ، وإذا کانت عصمة النبی علیه السلام واجبة ، فیجب أن تکون عصمة الإمام کذلک.

وأیضا : إن الله - تعالی - أمرنا بتعظیمه وطاعته ، فوق (3) تعظیم کل واحد من الأمة ، فوجب أن لا یکون خبیثا فی عقیدته ، إذ لو لم یکن کذلک ،

ص: 199


1- 1. فی (أ) : أولی بالمؤمنین ، وکلمة «المؤمنین» لیست فی (ج).
2- 2. زیدت هنا کلمة : «إثبات» فی (ج ، د) فقط.
3- 3. فی (أ) : فوقف.

لکان مستحقا (1) (لأن تتبرأ منه الرعیة) (2) ، وذلک باطل.

ویجب أن یکون أکثر ثوابا - عند الله تعالی - من کل واحد من رعیته : لأن تعظیمه فوق تعظیم کل واحد (3) منهم ، فیجب أن یکون أفضل من جمیع رعیته فیما هو إمامهم فیه ، لقبح تقدیم المفضول علی الفاضل.

ویجب أن یکون أعلم منهم فیما هو إمامهم فیه ، لما مر.

ویجب أن یکون أشجع منهم ، وأقواهم قوة ورأیا ، لقبح تقدیم الأضعف علی الأقوی ، مع أنهم متعبدون بالجهاد.

ویجب أن لا یکون ناقص الخلقة ، مشنوء (4) الصورة علی حد یوجب النفرة عن متابعته.

ویجب أن لا یکون محترفا بحرفة (5) توجب النفرة عن متابعته.

الفصل الثالث

(فی تعیین الإمام

الإمام الحق بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم - بلا فصل - هو) (6) أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام.

ص: 200


1- 1. فی (د) : یستحق.
2- 2. ما بین القوسین مشوه فی (أ) ، والذی تمکنت من قراءته فیها هو : «للذم ، لا لأن تعظمه الرعیة».
3- 3. فی (ب) : کل أحد واحد منهم.
4- 4. فی (ب) الکلمة مهملة النقاط ، ولعل الصواب : «مشوه».
5- 5. فی (ب) : محارفا لحرفة ، وفی (أ ، ج) : متحرفا بحرف.
6- 6. جاء فی (أ) بدل ما بین القوسین ، هکذا : «فی تعیین إمام الحق بعد النبی صلی الله علیه وآله بلا فصل ، وهو».

لأنا قد دللنا علی أن وجوب العصمة شرط فی صحة الإمامة ، وکل من قال : «إن الإمام یجب أن یکون معصوما» قال : إن الإمام بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بلا فصل هو أمیر المؤمنین علیه السلام.

ثم الحسن ، ثم الحسین ، ثم علی بن الحسین ، ثم محمد بن علی الباقر ، ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسی بن جعفر الکاظم ، ثم علی ابن موسی الرضا (1) ، ثم محمد بن علی التقی ، ثم علی بن محمد النقی ، ثم الحسن بن علی العسکری ، ثم الحجة القائم ، الخلف الصالح ، محمد ابن الحسن ، صاحب الزمان.

صلوات الله علیهم أجمعین.

والآن (2) إمامنا وولینا الذی أوجب الله علینا طاعته ، هو الخلف الصالح الذی ینتظر ظهوره وخروجه.

اللهم ارزقنا أن نکون من المستشهدین بین یدیه ، والذابین عنه ، آمین رب العالمین.

الفصل الرابع

(فی غیبته علیه السلام) (3)

سبب غیبة الإمام لا یجوز (أن یکون) (4) من قبل الله - تعالی - ، لأنه - تعالی - لا یخل بالواجب.

ص: 201


1- 1. أضاف فی (أ ، ب ، د ، ه) : المدفون بخراسان.
2- 2. فی (أ) : لأن ، وفی (ج) : وهو أن ، وفی (د ، ه) : وهو الآن.
3- 3. ما بین القوسین لیس فی (ب ، ه).
4- 4. ما بین القوسین لیس فی (ب ، ه).

ولا یجوز أن یکون من الإمام ، لأنه معصوم ، فلا یترک ما کان واجبا علیه.

فلم یبق إلا أن یکون من خوف الأعداء ، ومن فقدان (1) الناصر ، فإذا زال الأول ، أو حصل الثانی ، یظهر ، ویملؤ (2) الأرض قسطا وعدلا کما قد ملئت جورا وظلما.

إن شاء الله تعالی.

ص: 202


1- 1. فی (أ ، ج) : فقد.
2- 2. کذا فی (ج) وفی (أ) : ظهر ویملؤ ، وفی (ب) : ظهر وبظهوره یملؤ.

الباب الخامس

فی الوعد والوعید

* مسألة : المکلف (1) إذا خرج من دار الدنیا ، فلا یخلو :

إما أن یکون کافرا ،

أو لا یکون :

والأول : یبقی مخلدا فی النار.

والثانی :

إما أن یکون عاصیا ،

أو لا یکون :

والثانی : یبقی مخلدا (2) فی الجنة.

والأول :

إما أن یتوب قبل أن یموت ، أو لا یتوب :

والأول : یعفو الله - تعالی - عنه (3) بفضله وکرمه.

والثانی : اختلفت الأمة (4) فی حاله :

فعند أهل الوعید ، یبقی (5) مخلدا فی النار.

ص: 203


1- 1. کلمة «المکلف» لیست فی (أ).
2- 2. کلمة «مخلدا» فی (أ) فقط.
3- 3. کلمة «عنه» من (أ) ، وفیها : «بمنه» بدل «بفضله».
4- 4. فی (أ) : «الإمامیة» بدل «الأمة».
5- 5. فی (أ ، ب) : «یکون» بدل «یبقی».

وعند الخوارج یبقی (1) فی الجنة.

وعند أهل التفضیل (2) : یعذب بقدر ما صدر عنه من المعاصی ، إن لم یعف الله - تعالی - عنه ، أو لم یشفع فیه (3) شفیع ، ثم یدخل الجنة ویبقی مخلدا فیها.

وهو الحق.

والدلیل علیه : أن ذلک الفاسق صار مستحقا للعقاب بفسقه ، ولکنه مع ذلک یکون مستحقا للثواب بإیمانه وسائر طاعته (4)، ولا یزیل فسقه ما کان ثابتا له من استحقاق الثواب.

وإذا کان کذلک ، (وجب أن لا یکون عقابه دائما ، لأنه : لو أزاله ، فإزالته) (5) :

إما علی طریق الموازنة ،

أو علی طریق الاحباط :

والأول : باطل ، لأنه :

إما أن یؤثرا معا ،

أو علی التعاقب :

والأول : باطل ، لأن المؤثر فی عدم کل واحد منهما وجود الآخر ، والعلة یجب حصولها مع المعلول ، فیلزم أن یکونا موجودین حال کونهما

ص: 204


1- 1. کلمة «یبقی» من (ج) فقط.
2- 2. کذا فی النسخ ، وفی (د ، ه) : التفضل ، وفی (أ) : التفصیل ، بالصاد المهملة.
3- 3. فی (ب) : أو یشفع له شفیع ثم دخل ، وفی (ه) : یشفعه.
4- 4. فی (د ، ه) : طاعاته.
5- 5. ما بین القوسین ساقط من (د) ، وفی (ب) : «لأنه لو أزال فإن زالت» ، وفی (أ) : «لأنه لو أزالته فإزالته» والصواب ما أثبتناه.

معدومین ، وذلک محال.

والثانی - أیضا - محال ، لأن المعدوم لا یؤثر.

وأما الثانی - هو طریق الاحباط - وهو أیضا باطل ، لأنه یلزم أن لا ینتفع المؤمن بإیمانه وسائر طاعته ، ولا یندفع عنه بذلک الإیمان ضرر (1) ، وذلک ظلم.

فلم یبق إلا أن یکون استحقاق الثواب باقیا ، مع استحقاق العقاب.

فإذا خرج من الدنیا مع هذین الاستحقاقین ، فلا یخلو :

إما أن یدخل الجنة ، ثم یخرج منها ویدخل النار؟! وذلک خلاف الاجماع.

أو یدخل النار ، ثم یخرج منها ، فیدخل الجنة ، وهو الحق.

ص: 205


1- 1. فی (أ) : ضرورة.

الباب السادس

فی الآلام والأعواض

إذا رأینا أن بعض الحیوانات یتألمون بالأمراض والأوجاع التی لا یمکن إسنادها (1) إلا إلیه - تعالی - وجب أن تکون من فعله - تعالی -.

وإذا ثبت أنه - تعالی - لا یفعل القبیح ، وجب أن تکون هذه الآلام حسنة.

وإذا کانت حسنة کذلک فلا بد لها من وجه حسن ، وذلک لا یجوز إلا أن یکون لطفا لغیرهم ، مع أعواض مستوفاة لهم ، (أو لهم ، من غیر عوض لهم (2).

* مسألة :

کل ألم صدر عنه - تعالی - ولا یکون المتألم مستحقا له ، وجب علیه - تعالی - أن یعوضه بأعواض مستوفاة : من نفع أو دفع ضرر ، حتی یخرج عن کونه ظلما (3) ، وأن یکون لطفا لآخر (4)، حتی یخرج عن کونه عبثا.

* مسألة :

کل ألم صدر عن غیره ظلما ، وجب علیه - تعالی - أن ینتصف

ص: 206


1- 1. فی (أ) : استنادها.
2- 2. ما بین القوسین لیس فی (ب) وفی (أ) : أو من غیر عوض لهم ، وهو لطف لهم.
3- 3. فی (ج) : عن کونه تعالی ظالما.
4- 4. فی (أ) : وإن یکن لطفا للآخر.

للمظلوم من الظالم ، إن کان له ذلک العوض ، وإن لم یکن له عوض (1) ، وجب علیه أن یتفضل علیه بمثله ، وینقل (2) عنه إلی المظلوم ، لیتمکن الله - تعالی - من الانتصاف (3) الذی هو واجب علیه.

ص: 207


1- 1. فی (ج) : «شئ» بدل «عوض».
2- 2. کذا فی (ب ، ه) وفی النسخ : وینتقل.
3- 3. فی (أ) : الإنصاف.

الباب السابع

فی الآجال والأرزاق والأسعار

وفیه فصول :

فصل فی أجل الحیوان

أجل الحیوان (1) هو الوقت الذی بطلت (2) حیاته فیه ، من غیر تأثیر للوقت ولا للعلم (3) فی بطلانها.

وإذا بطلت حیاة أحد ، فلا یخلو بطلانها :

إما أن یکون من جهة الله تعالی ، أو من جهة غیره :

فإن کانت من جهة الله - تعالی - فلا بد أن یکون فیه وجه حکمة ، وإلا ، لزم الترجیح من غیر المرجح ، وهو محال.

وإذا بطلت من جهة غیره ، فحکمه حکم سائر الآلام.

ثم اختلفت الأمة فیه :

فقال بعضهم : یجب (4) أن یعیش إن لم یقتل.

وقال بعضهم : یموت.

وقال بعضهم : یمکن أن یعیش ، ویمکن أن یموت.

ص: 208


1- 1. من أول الباب إلی هنا مختلف فی النسخ ، وقد لفقنا المثبت من جمیعها.
2- 2. فی (ب) : «تبطل» بدل «بطلت».
3- 3. کذا فی (ب) والکلمة مشوشة فی (أ) ولعلها : للظلم.
4- 4. فی (أ) : «یمکن» بدل «یجب» وهو غیر صحیح ، لأنه ینافی الفرض الثالث ، فلا حظ.

وهو الحق ، لأن بقاء حیاته من الممکنات ، والله - تعالی - قادر علی کل الممکنات ، فوجب أن یکون قادرا علی بقائها (1).

فصل فی الأرزاق

الرزق : تمکین الحیوان من الشئ الذی یجوز له أن ینتفع به ، ولم یکن لأحد منعه عنه.

وعلی هذا ، فلا یکون له - تعالی - رزق ، لاستحالة الانتفاع علیه.

ویکون للحیوانات رزق ، لحصول الانتفاع لهم ، ونفی المنع عنه فیما کان ملکا لهم.

ولم یکن الحرام رزقا ، لوجوب المنع عنه.

أما قول من قال : «الحرام رزق ، لأن الرزق هو ما (ینتفع به الحیوان ویبتلعه (2)».

وقول من قال : «الحرام رزق ، لأن والرزق ما) (3) أکله الحیوان».

باطل ، لقوله تعالی : ( أنفقوا مما رزقناکم) [سورة البقرة (2) الآیة (254)].

ولقوله : ( ومما رزقناهم ینفقون) [سورة البقرة (2) الآیة (3) وسورة الأنفال (8) الآیة (3) وسورة الحج (22) الآیة (35) وسورة القصص (28) الآیة (54) وسورة السجدة (32) الآیة (16) وسورة الشوری (42) الآیة

ص: 209


1- 1. فی (أ) : فیجب ، وفی (ب) : علی بقائه.
2- 2. کلمة «ویبتلعه» جاءت فی هامش (ج) عن نسخة.
3- 3. ما بین القوسین لم یرد فی (أ).

(38)] (1).

ولا یمکن إنفاق ما أکله الحیوان وابتلعه.

ولأن الله - تعالی - مدح علی إنفاق الرزق ، فلو کان الحرام رزقا ، لکان الله - تعالی - مادحا علی المعصیة ، وآمرا بها (2) ، وهو علیه - تعالی - محال.

فصل فی الأسعار

اعلم أنه إذا کان سبب الرخص من الله تعالی - کإکثار الأشیاء المنتفع (3) بها ، وتقلیل المشتهین (4) أو الشهوات ، فالرخص من الله تعالی.

وإذا کان سبب الغلاء منه - تعالی - کتقلیل الأشیاء ، وتکثیر المشتهین (5) أو الشهوات ، فذلک الغلاء منه - تعالی -.

وإذا کان سببهما من الناس ، کابتیاع المتاع ، أو إجبار صاحب المتاع علی البیع ، وإزالة إخافة الطریق ، کان الرخص منهم.

وإن کان بالعکس من ذلک ، کان الغلاء منهم.

ص: 210


1- 1. هذه الآیة لم ترد فی (أ) وفی (ج ، د ، ه) تقدیم وتأخیر بین الآیتین.
2- 2. فی (ب) : وأمر بها.
3- 3. فی (ج) : الممتع ، وفی (د) : المتمتع.
4- 4. کذا فی (أ) وفی هامش (ب) عن نسخة ، لکن فی متن (ب) : المشترین.
5- 5. کذا فی (أ) وفی هامش (ب) عن نسخة ، لکن فی متن (ب) : المشترین.

الباب الثامن

فی أحوال المکلفین بعد الموت

وفیه فصول :

الفصل الأول

[فی سؤال القبر]

الدلیل علی سؤال القبر (1) : إجماع الأمة ، ولا یؤثر فی ذلک خلاف من خالف إجماع الأمة فیه.

ولا یمتنع - أیضا - أن یکون فی ذلک مصلحة أو لطف (لمن یسمع هذا الخبر) (2) (ویمکن إثباته بالسمع) (3).

الفصل الثانی

فی الإعادة

حشر الأجساد ممکن ، والله - تعالی - قادر علی الممکنات ، وعالم

====

4. لیس ما بین القوسین فی (ب) وکلمة «هذا» من (د ، ه).

5. ما بین القوسین لیس فی (أ ، د).

ص: 211


1- 1. فی (ب) بدل العنوان ، من أول الباب إلی هنا : فصل فی أحوال المکلفین بعد الموت ، وفیه فصول ، والدلیل علی سؤال القبر ...
2- وفی (أ) : الباب الثامن ، وفیه فصول ، فصل فی أحوال المکلفین بعد الموت ، فصل الدلیل علی سؤال القبر ... إلی آخره.
3- وقد لفقنا من النسخ ما أثبتناه ، والترقیم للفصول من نسختی (ج ، د) فقط.

بجمیع المعلومات.

ثم إن الأنبیاء - الذین عرفنا صدقهم - أخبرونا عن ذلک ، وکل ما أخبر عنه الصادق - وکان ذلک الشئ (الذی أخبر عنه) (1) ممکن الوقوع - کان وقوعه حقا ، وإلا لزم کذب الأنبیاء ، وهو محال.

فوجب أن یکون حشر الأجساد حقا.

الفصل الثالث

فی الشفاعة

اتفقت الأمة علی أن لنبینا شفاعة مقبولة ، لکنهم اختلفوا فی کیفیة شفاعته :

فقال بعضهم : هی للمؤمنین خاصة ، لزیادة درجتهم.

وقال بعضهم : بل ، لإسقاط العقاب (2) عن أهل الکبائر ، وإخراجهم من النار.

وهو الحق ، والدلیل علیه : هو أن لفظة «الشفاعة» (3) :

إما أن یکون حقیقة (فی زیادة الدرجة.

أو فی إسقاط العقاب (4) ،

أو فیهما :

ص: 212


1- 1. ما بین القوسین لیس فی (د).
2- 2. فی هامش (ب) : العذاب ، عن نسخة.
3- 3. فی (أ) : «الشفیع» بدل «الشفاعة».
4- 4. فی هامش (ب) : العذاب ، عن نسخة.

فإن کان حقیقة) (1)فی الأول ، لزم أن یکون مجازا فی الثانی.

والظاهر الشائع بخلافه.

وأیضا : یلزم أن یکون إذا قلنا : «وارفع درجته» (2) أن نکون نحن شافعین له.

وإذا بطل هذا ، ثبت أن الشفاعة لا تکون إلا فی إسقاط العقاب عنهم ، وإخراجهم من النار.

الفصل الرابع

(فی عدم التکلیف) (3)[فی الآخرة]

وأهل الآخرة لیسوا بمکلفین :

(والدلیل علیه ، هو : أنه یجب علی الله - تعالی - أن یثیب المکلفین) (4) ثوابا خالصا من المشقة ، فلو کانوا مکلفین لم یکن خالصا من المشقة ، وذلک محال.

فثبت أنهم غیر مکلفین ، بل منعمین ، مکرمین.

[والحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی سیدنا محمد وآله الطیبین الطاهرین] (5).

ص: 213


1- 1. ما بین القوسین ساقط من (ج).
2- 2. فی (أ) : «ارفع درجة النبی صلی الله علیه وآله».
3- 3. ما بین القوسین من (ه) فقط.
4- 4. ما بین القوسین ساقط من (ج).
5- 5. ما بین المعقوفین من (أ) ، واختلفت النسخ فی ما ختمت به ، وقد أثبتنا خواتیمها فی المقدمة ، فلاحظ.

فوائد قیمة

موجودة مع النسخ

توجد مع بعض النسخ التی رأیناها فوائد قیمة حاولنا إیرادها حفاظا علیها.

وهی مبثوثة فی هوامش النسخ بشکل مستقل ، أو بشکل التعلیق علی ما ذکره المصنف.

وأکثرها موجود علی هامش نسخة «د» المرقمة 514 فی المکتبة المرعشیة ، وهی الفوائد 1 - 37.

وقد تکرر بعض هذه الفوائد فی النسختین 454 و 2247 ، الموجودتین فی نفس المکتبة ، سوی ما یلی :

فالفائدتان 38 - 39 مذکورتان فی نسخة 2247 فقط.

والفوائد 40 - 45 مذکورة فی نسخة 454 فقط.

وقد منی ما جاء فی هاتین النسختین - متنا وهامشا - بالتحریف والتشویش والغلط ، فحاولنا إثبات ما فیهما بصورة صحیحة من دون إشارة.

__________________

وانتهینا من مقابلة النسخ وضبط هذه النسخة القیمة فی فترات آخرها أول شوال سنة 1414 ، فی منزلنا بمدینة قم المقدسة حماها الله.

ونشکر الله علی فضله وإحسانه ، والصلاة والسلام علی محمد وآله ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.

وکتب العبد

السید محمد رضا الحسینی

الجلالی

ص: 214

جاء فی نسخة (ب) بعد الانتهاء من الکتاب فی صفحة مستقلة وبخط النسخة ما نصه :

نقلت من (التعلیق فی الأصول) تصنیف الشیخ الإمام قطب الدین ، أبی جعفر ، محمد بن علی بن الحسین ، النیسابوری ، رضی الله عنه وأرضاه :

بخط الشیخ العلامة السعید قطب الدین أبی الحسین الراوندی ، رفع الله درجاته فی الجنان :

فإن قیل : ألیس قد روی : أن القرآن کان أکثر من ذلک ، وقد کتم ما زاد علی المعروف المتداول ، إلی حد لم یعلم له أثر؟!

ومن جوز ذلک ، فلیس له أن یستبعد کتمان المعارضة؟

قلنا : هذا یلزم من جوز تغییر القرآن وتبدیله من جهة البشر ، وذهب إلی أن الرسول ترک القرآن مشمرا مبددا ، ثم جمعه بعض الصحابة من غیر معرفة بجمیعه ، فحذف ، ونقص ، وجمع ما وقع فی یده ، ولم یفکر فی ما غاب عنه!

وهذا قول من لا معرفة له بالقرآن ، ولا بمن أنزله!

وأما نحن معشر الإمامیة : فنذهب - بحمد الله - إلی أن جمیع القرآن هو الذی بیننا الآن ، وهو المبلغ المنزل ، بلا زیادة ، ولا نقصان.

وکان مجموعا علی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، وقد ختم علیه جماعة من الصحابة ختمات کثیرة.

وکان صلی الله علیه وآله وسلم یعرض علی الأمین فی کل سنة مرة المبلغ المنزل ، وفی السنة التی قبض فیها عرض علیه من أوله إلی آخره مرتین.

ص: 215

وقد ضمن الله کتابه من التغییر ، والتبدیل ، والتصرف بالزیادة والنقصان ، والتقدیم ، والتأخیر ، بقوله عز من قائل :

( إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون ) [سورة الحجر (15) الآیة (9)].

وبقوله تعالی : ( إن علینا جمعه وقرآنه ) [سورة القیامة (75) الآیة (17)]. انتهی (1).

====

ووجود هذا النص الصریح الواضح ، والقاطع فی حکمه بصیانة القرآن الکریم من أیة شائبة نقص أو تحریف أو زیادة.

مع توغل هذا النص فی القدم ، وعلی لسان واحد - آخر - من أئمة العلم والمعرفة ، من الشیعة الإمامیة الکرام.

یدل علی أن تهمة القول بالتحریف ، لیس إلا افتیاتا وکذبا حاول النواصب ترویجها ونسبتها إلی شیعة محمد وآل محمد الأطهار ، القائلین بعصمتهم والمتبعین آثارهم.

فالمقصرون بحق القرآن هم أولئک المقصرون فی تکریم الرسول والنافون عنه العصمة الربانیة ، وهم الذین أحرقوا القرآن ، ولا یزالون یعتدون علیه وعلی أهله بالافتیات والتکذیب.

وأما الشیعة الکرام ، فهم - تبعا لأئمة أهل البیت المطهرین علیهم السلام - یحتفون بهذا القرآن الذی بین المسلمین ، متداول مشهور ، مقروء منشور ، یقدسونه ، ویستدلون به ، ویحفظونه ، ویذبون عنه ، ویعتقدون بأنه هو الوحی الإلهی المنزل علی قلب الرسول الطاهر صلی الله علیه وآله وسلم.

وأنه هو کتاب الله الذی خلفه الرسول - هو والعترة - خلیفتین له ، لا یفترقان حتی یردا علیه الحوض ، ولن تضل الأمة ما تمسکت بهما کما فی أحادیث الثقلین المتواترة بین المسلمین.

والحمد لله رب العالمین.

ص: 216


1- 1. أوردنا صورة هذه الصفحة من المخطوطة المشتملة علی هذه الفائدة الجلیلة فی النماذج المصورة لمخطوطات الکتاب ، ص 159.

الفوائد المسجلة علی هامش نسخة «د» : المرقمة 514 فی المکتبة المرعشیة.

1 - الشکر : ثلاثة أقسام : قلبی ، وقولی ، وجوارحی ، فالصلاة - وهی شکر للمنعم - : فالنیة : قلبیة ، والقراءة : قولیة ، والرکوع والسجود : جوارحیة.

2 - الکلام : هو العلم بذات الله وصفاته وأفعاله ، علی وجه یوافق العقل والنقل.

3 - الکلام : علم فی وحدانیة الله تعالی ، ویدخل فی ذلک العلم بصفاته الثبوتیة والسلبیة.

4 - التوحید : هو العلم بأن الله تعالی لا یشارک فی غیره لا بذات ولا صفات.

5 - الفرق بین التوحید والعدل : أن التوحید سابق ، والعدل مسبوق ، والتوحید أزلی ، والعدل لا یزالی.

6 - المعرفة : هی العلم الحاصل عن الفکر.

7 - المراد بالنظر : الفکر ، والفکر ترتیب أمور معلومة یتأدی [بها] إلی مجهول.

8 - قال النبی صلی الله علیه وآله وسلم : «النعمة وحشیة قیدوها بالشکر».

9 - النظر علی ضربین : نظر عین ، ونظر قلب.

والله - تعالی - یعرف بنظر القلب ، لا بنظر العین ، إذ لو عرف بنظر العین لزم أن لا یکون إلا فی مکان المعرفة ...

10 - العرفان أخص من العلم ، لأن کل معرفة یسبقها جهل ، ولا یلزم سبق الجهل فی کل علم ، ألا تری إلی علم الله تعالی لا یسبقه الجهل ،

ص: 217

وکذلک یقال : عرفت الله ، ولا یقال : علمت الله - تعالی -.

11 - البدیهیة : ما یعلم بالضرورة بلا استدلال ، کالحکم بأن الکل أعظم من الجزء.

12 - معرفة الله تعالی لیست وجدانیة.

الوجدانیة ما یدرک بالحس الباطن ، کالحکم بأن لنا غضبا وخوفا وجوعا ، وغیر ذلک.

13 - ولا حسیة. أی لا فی الظاهرة ولا فی الباطنة.

وقیل : الحسیة : ما یدرک بالحس الظاهر ، کالحکم بأن الشمس مضیئة ، والنار محرقة.

14 - معرفة الله لیست خبریة.

لأن خبر الواحد لا یفید العلم ، والخبر المتواتر شرطه الانتهاء إلی المخبرین ، فإن أهل الأرض لو أخبروا بوجود الصانع ، لما أفاد إخبارهم العلم ، ولا طریق إلی معرفة الله - تعالی - بهذه الأمور ، فلم یبق إلا النظر والاستدلال.

15 - الفرق بین المحدث ، والمؤثر : أن المؤثر یقع علی الموجب وعلی المختار ، والمحدث لا یقع إلا علی المختار ، فالمؤثر عام ، والمحدث خاص.

16 - إن قیل : ما الفرق بین المحدث والممکن؟

قلنا : الممکن عام ، والمحدث خاص ، لأن الممکن یقع علی الموجود والمعدوم والمحدث لا یقع إلا علی الموجود ، لأن المحدث هو الموجود الذی لم یکن ثم کان [کتبت هذه الفائدة مرتین فی (ص 3) من النسخة].

17 - الصفات علی ضربین : ثبوتیة ، وسلبیة.

ص: 218

فالثبوتیة علی ثلاثة أضرب : أحکام ، وأوصاف ، وأفعال : فالأحکام ، کواجب الوجودی ، والقدیمی.

والأوصاف ، کالقادریة ، والقائمیة.

والأفعال ، کالخالقیة ، والرازقیة.

وأما السلبیة : علی ثلاثة أضرب : أحکام ، وأوصاف ، وأفعال.

فالأحکام ، کجائز الوجودی ، والمحدثی.

والأوصاف ، کالمتحرکیة ، والساکنیة.

والأفعال ، کالظلم ، والکذب ، والغضب ، والمفسدة ، وتکلیف ما لا یطاق.

18 - ما الفرق بین علم الله تعالی وقدرته؟

قلنا : إن علم الله تعالی یتعلق بالواجب والممکن ، والمستحیل ، والقدرة لا تتعلق إلا بالممکن.

والعلم عام ، والقدرة خاصة.

19 - الألم : إدراک الشئ فی محل الحیاة ، مخالفا للطبع.

20 - الفرق بین الحلول والاتحاد : إذا نزل ذات الباری بالجسم یقال : الاتحاد ، وإذا نزل صفات الباری ، یقال : الحلول ، [وکلاهما] محال.

21 - الفرق بین العدل والإحسان : أن کل عدل إحسان، ولیس کل إحسان عدلا.

22 - الداعی : العلم بصلاح الشئ ، والصارف : العلم بفساد الشئ.

23 - الاخلال بالواجب ، کعدم إثابة المؤمن ، وعدم الانتصاف من الظالم للمظلوم.

24 - إذا کان الله تعالی عالما بقبح القبیح ، وعالما باستغنائه عن القبیح ، فعلمه بقبح القبیح وجود الصارف القوی ، وعلمه باستغنائه عدم

ص: 219

الداعی ، ومع وجود الصارف وعدم الداعی یستحیل الفعل ، فوقوع القبیح منه تعالی مستحیل.

25 - التعریض : هو تعریف الغیر بما یؤدی إلی النفع ودفع الضرر مع أنه لولاه لم یتمکن من الوصول إلیه ، قاصدا للوصول إلیه.

والمراد بالتعریض هنا [الفصل السادس من الباب الثانی] :

جعل المکلف متمکنا من الوصول إلی الثواب الت ...

26 - التمکین : ما یصح للمکلف عنده أن یفعل.

27 - إزاحة العلة : هو تمکین المکلف من الفعل ، ورفع الموانع ، وتقویة الدواعی إلیه ، علی وجه لا یبقی له عذر فی ألا یفعله.

28 - المراد بالتکلیف : ما یکون خارجا من الاختیار.

29 - النبی : هو المخبر عن الله تعالی بغیر واسطة من البشر.

30 - اللطف : إما عام وهو یمکن أن تحصل الطاعة معه ، وأن لا تحصل ، کمعرفة الباری تعالی ، وأمر الإمام وزجره ، ووجود النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وهذا یسمی «رحمة» لقوله تعالی : ( وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین) [سورة الأنبیاء (21) الآیة (107)].

وإما خاص : وهو ما یجب أن تحصل معه الطاعة لا محالة.

وإما أخص : وهو ما یجب أن تحصل معه الطاعة ، ولا تحصل المعصیة ، لا علی سبیل الاجبار ، وهو «العصمة».

31 - اللطف : ما یقرب إلی الطاعة ، ویبعد عن المعصیة.

32 - الأخبار قسمان : أحدهما : فی حیز التواتر ، وهو الذی یعلم بالتواتر.

والآخر : الذی فی حیز الآحاد ، وهو الذی لم یعلم بالتواتر وإن أخبر قوم.

33 - الزمان الذی یکون ما بین نبیین یقال له : «فترة».

ص: 220

34 - فرقست میان رسول وإمام :

رسول صاحب شرع بود ، وإمام حافظ شرع.

رسول سابق بود ، وإما مسبوق.

ورسول لطف باشد وتمکین ، وإمام لطف باشد ، وتمکین نباشد.

ودر یکی زمانه بیغمبران بسار روا باشد ، أما إمام بجز یکی روا نباشد در یک زمانه.

35 - «الولی» تفید الأولی بالتدبیر : أی فی أمور الدین والدنیا.

36 - القیام بالإمامة واجب للإمام بعد النص ، فإذا لا یقوم بلا عذر یترک لما وجب علیه.

37 - من المعتزلة من یقول : أهل الکبائر یبقی مخلدا فی النار ، فیقال له : «أهل الوعید».

وفی نسخة المجموعة رقم 2247 فی المکتبة المرعشیة :

38 - یستحیل قیام الحوادث بذاته [تعالی] لأن صفاته صفات الکمال ، فیستحیل [خلوه] عنها ، والمقدمتان متفق علیهما ، فلو قام الحادث بذاته لزم خلو الله تعالی عن الکمال ، وهو محال.

39 - کان لقوم موسی علیه السلام خمسون صلاة ، ولأمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم خمس صلوات ، والصلاة لقوم موسی علیه السلام لا تجوز إلا فی المسجد ، ولأمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم الأرض کلها مسجد.

وفی نسخة المجموعة رقم 454 فی المکتبة المرعشیة :

40 - تعلیق علی قول المصنف : - فی مبحث إعجاز القرآن - : «حیث

ص: 221

إن لفظه البلیغ ، ومعناه المبین ، ما لم یعهده واحد من العرب» ما نصه.

بمعنی أن إعجاز القرآن بسبب أنه فی أعلی طبقات البلاغة فهو مرتب المعانی بحیث لم یعهد من العرب مثله.

ویمکن أن یکون هذا إشارة إلی اختلاف الأقوال فی بیان إعجاز القرآن :

فقوله : «لفظه البلیغ» إشارة إلی أن إعجازه بسبب البلاغة.

و «معناه المبین» إشارة إلی أنه خال عن التناقض.

و «ما لم یعهده» إشارة إلی عذابة الابتداء والانتهاء.

وإلی کونه مشتملا علی الإخبار بالغیب.

ویصیر معناه : أن القرآن معجز بسبب اشتماله علی جمیع ما ذکرنا ، أو بسبب کل واحد مما ذکر ...

الکل محتمل.

41 - اختلفت الأمة فی وجوب نصب الإمام :

فالأشاعرة علی أنه یجب علی الناس ، سمعا.

وقول المعتزلة والزیدیة : یجب علیهم ، سمعا وعقلا.

وقالت الإمامیة والإسماعیلیة : یجب علی الله تعالی عقلا :

إلا أن الإمامیة أوجبوه لحفظ قوانین الشرع.

والإسماعیلیة : لیکون معرفا لله تعالی ، وصفاته ، بناء علی مذهبهم [من] أنه لا بد فی معرفة الله تعالی من معلم.

وقال أبو بکر الأصم : لا یجب مع الأمن ، لعدم الحاجة إلی الإمام ، وإنما یجب عند الخوف وظهور الفتن.

وقال الفوطی ومن تابعه بعکس ما قال الأصم.

42 - قوله : «اللطف واجب علیه تعالی» : إشارة إلی رد قول من قال :

ص: 222

«لم لا یجوز أن یکون الإمام - مع کونه لطفا - مشتملا علی وجه قبح ، وحینئذ لا یجب علی الله تعالی؟».

فقال : إنه لطف کسائر الألطاف ، لیس فیه وجه قبح ، لأن القبائح معلومة لنا ، وکلها منتفیة عنه.

وإنما قلنا : «إنها معلومة لنا» لأنا مأمورون بترکها ، والأمر بترک الشئ فرع علی علم المأمور بذلک الشئ.

43 - وعلق علی قول المصنف : «وإذا لم یکن معینا لزم الاجمال» بقوله :

أما الاجمال : فإنه لم یتعین ذلک الصادق الذی وجب علینا اتباعه.

وأما التعطیل : فلأن الاجمال - علی ما ذکرنا - یستلزم تعطیل الأحکام ، أی توقف المکلفین.

44 - وعلق علی قوله : «تقلیلا للاشتراک» بقوله :

تقلیل الاشتراک هو أن المراد بالولی - هیهنا - هو الأولی بالتصرف ، والدلیل علیه النقل من أهل اللغة ، ومنه قوله صلی الله علیه وآله وسلم : «أیما امرأة نکحت بغیر إذن ولیها فنکاحها باطل».

وإذا کان یفید «الأولی» وجب أن یکون حقیقة فیه ، وغیر حقیقة فی غیره ، وإلا لزم الاشتراک ، وهو خلاف الأصل.

45 - قوله : «وذلک یدل علی إمامته».

لأن حاصل الاستدلال : کلما کان المراد فی هذه الآیة علیا ، کان أولی بالتدبیر.

وکلما کان أولی بالتدبیر ، کان إماما بالإجماع ، کما ذکره.

«وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمین».

ص: 223

المصادر والمراجع

1 - الاکمال فی رفع الارتیاب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والکنی والأنساب.

تألیف : الأمیر الحافظ ابن ماکولا (ت 475) عنی بتصحیحه الأستاذ نایف العباس ، الناشر : محمد أمین دمج - بیروت.

2 - أمل الآمل فی علماء جبل عامل.

تألیف : الحر العاملی ، محمد بن الحسن (ت 1104).

تحقیق السید أحمد الحسینی ، دار الکتاب الإسلامی - قم 1362 ه ش.

3 - الأنساب.

تألیف : السمعانی ، أبی سعید عبد الکریم بن محمد (ت 562) تحقیق الدکتور عبد الفتاح محمد الحلو ، الناشر : محمد أمین دمج - بیروت ط. أولی 1401 ه.

وطبعة مرجلیوث - لیدن 1913 م.

4 - تلخیص مجمع الآداب فی معجم الألقاب.

تألیف : ابن الفوطی ، عبد الرزاق بن أحمد الشیبانی الحنبلی (ت 723) حققه الدکتور مصطفی جواد ، مطابع وزارة الثقافة والسیاحة والإرشاد القومی - دمشق 1967 م.

5 - توضیح المشتبه فی ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وکناهم.

تألیف : ابن ناصر الدین ، شمس الدین محمد بن عبد الله الدمشقی (ت 842) حققه وعلق علیه محمد نعیم العرقسوسی ، مؤسسة الرسالة - ط. أولی 1414 ه.

6 - الثقات العیون فی سادس القرون (القرن السادس من طبقات أعلام الشیعة).

تألیف : العلامة الشیخ آقا بزرک الطهرانی (ت 1389).

تحقیق ولده علی نقی منزوی ، دار الکتاب العربی - بیروت 1392.

7 - الحکایات فی مخالفات المعتزلة.

من أمالی الشیخ المفید (ت 413) تحقیق السید محمد رضا الحسینی الجلالی ، طبع المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید (مصنفات الشیخ المفید / رقم 9) - قم

ص: 224

1413 ه.

8 - الذریعة إلی تصانیف الشیعة.

تألیف : العلامة الشیخ آقا بزرک الطهرانی (ت 1389) الطبعة الأولی فی النجف وطهران ، أعادته مؤسسة إسماعیلیان - قم.

9 - سلاجقة إیران والعراق.

تألیف : الدکتور عبد النعیم محمد حسنین - مکتبة النهضة المصریة - الطبعة الثانیة 1380 - سلسلة المکتبة التاریخیة رقم 7.

10 - الضیاء اللامع فی المائة السابعة (القرن السابع من طبقات أعلام الشیعة).

تألیف : العلامة الشیخ آقا بزرک الطهرانی (ت 1389).

تحقیق ولده علی نقی منزوی ، دار الکتاب العربی - بیروت 1972 م.

11 - عوالی اللآلی العزیزیة فی الأحادیث الدینیة.

تألیف : الشیخ المحقق المحدث محمد بن علی بن إبراهیم الأحسائی ابن أبی جمهور.

تحقیق : الحاج آقا مجتبی العراقی - الطبعة الأولی - قم - 1403 ه.

12 - فهرست أسماء علماء الشیعة ومصنفیهم.

تألیف : علی بن عبید الله أبی الحسن ابن بابویه الرازی (ق 5).

تحقیق : السید عبد العزیز الطباطبائی ، نشر مجمع الذخائر الإسلامیة ، مطبعة الخیام - قم 1404 ه.

13 - فهرست ألفبائی.

للمکتبة الرضویة المقدسة - مشهد.

14 - مستدرک الوسائل ومستنبط المسائل.

تألیف : الحاج میرزا حسین النوری الطبرسی (ت 1320) منشورات مؤسسة إسماعیلیان - قم - الجمهوریة الإسلامیة فی إیران ، طبعة مصورة عن الطبعة الأولی.

15 - المشتبه فی الرجال ، أسمائهم وأنسابهم.

تألیف : محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز الترکمانی الذهبی (ت 748).

ص: 225

تحقیق : علی محمد البجاوی ، دار إحیاء الکتب العربیة ، عیسی البابی - القاهرة.

16 - معجم البلدان.

تألیف : یاقوت بن عبد الله الحموی الرومی البغدادی ، دار صادر - دار بیروت - بیروت 1399 ه.

17 - نظرات فی تراث الشیخ المفید.

تألیف : السید محمد رضا الحسینی الجلالی ، نشر المؤتمر العالمی لألفیة الشیخ المفید (ضمن الرسالات والمقالات / رقم 4) الطبعة الأولی - قم 1413 ه.

* * *

ص: 226

من أنباء التراث

کتب تری النور لأول مرة

* تقریرات آیة الله المجدد الشیرازی ، ج 2.

بقلم : الشیخ علی الروزدری ، المتوفی حدود سنة 1290 ه.

کتاب نادر مهم ، إذ لم یعهد للسید المیرزا محمد حسن الشیرازی الکبیر (1230 - 1312 ه) أثر بعد وفاته وإلی الآن ، والکتاب عبارة عن تقریرات درسه فی علم الأصول ، کتبها تلمیذه المولی الروزدری ، وهو تقریر جید السبک ، عمیق المطالب ، جزل العبارة ، سهل التناول ، فیه الکثیر من الآراء الجدیدة والأفکار القیمة الفریدة.

تم تحقیق الکتاب بالاعتماد علی ثلاث

نسخ مخطوطة نفیسة ، کتب اثنتین منها تلمیذان من تلامیذ المجدد الشیرازی قدس سره.

اشتمل هذا الجزء علی مبحث دلالة الأمر علی الوجوب وما یتعلق به من مباحث أصولیة أخری.

تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1413 ه.

* شرح المائة کلمة.

وهی 100 کلمة فی الحکمة لأمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، والتی اختارها الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الکنانی (163 - 255 ه) من کلمات أمیر المؤمنین علیه

التحریر

ص: 227

السلام التی لا تحصی.

أما الشرح ، فهو تألیف أبی الثناء أحمد ابن محمد الزیلی السیواسی (930 - 1006 ه).

وقد تم تحقیق الکتاب علی نسختین مخطوطتین ، أولاهما لمتن المائة کلمة فقط ، والثانیة للشرح.

تحقیق : ریاض مصطفی العبد الله.

نشر : دار المختارات العربیة - بیروت / 1414 ه.

* مرآة الکتب ، ج 1.

تألیف : الشیخ علی بن موسی بن محمد شفیع ، المشتهر بثقة الإسلام التبریزی (1277 - 1330 ه).

کتاب مهم فی فهرسة الکتب الشیعیة ، مرتب علی مقصدین ، وکل منهما مرتب وفق الحروف الهجائیة.

اشتمل المقصد الأول علی تراجم علماء الإمامیة الذین عاشوا بعد عصر شیخ الطائفة الطوسی - المتوفی سنة 460 ه - إلی عصر المؤلف ، وقد ذکر مؤلفات هؤلاء فی المقصد الثانی من کتابه.

ولم یذکر من لیس له مؤلف وإن کان مذکورا فی کتب الرجال إلا نادرا ، کما قدم المؤلف لکتابه مقدمة ذکر فیها مطالب

هامة.

تم تحقیق الکتاب علی نسخة فریدة بخط المؤلف - رحمه الله - ناقصة الأول ، محفوظة فی مکتبة آیة الله المرعشی العاملة - قم.

اشتمل هذا الجزء علی ذکر أسماء المؤلفین ابتداء من حرف الهمزة ولغایة قسم من حرف الحاء.

تحقیق : الشیخ محمد علی الحائری.

نشر : مکتبة آیة الله المرعشی العامة - قم / 1414 ه.

کتب صدرت محققة

* تفسیر غریب القرآن.

المنسوب إلی : الإمام الشهید زید بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام ، المستشهد سنة 121 ه.

کتاب یتولی تفسیر وشرح وبیان الکلمات الغریبة الغامضة المعنی الواردة فی القرآن الکریم ، أو التی نزلت بلغات غیر لغة قریش ، مع ذکر اللغة التی تنسب إلیها الکلمة ، وکثیرا ما یذکر الأقوال المتعددة فی تفسیر الکلمة الواحدة ، کما حوی کثیرا من علم التفسیر والقراءات.

کان الکتاب قد طبع لأول مرة فی

ص: 228

بیروت ، وصدر عن الدار العالمیة سنة 1412 ه ، بتحقیق الدکتور حسن محمد تقی الحکیم - رحمه الله - معتمدا فی عمله علی ثلاث نسخ مخطوطة للکتاب.

وقد اعتمد المحقق - فی طبعة الکتاب الجدیدة هذه - فی عمله علی نسخة مخطوطة واحدة ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

کما ألحق المحقق بکتابه هذا کتابین آخرین لزید الشهید علیه السلام ، بعد مراجعتهما والتعلیق علیهما ، هما :

1 - الصفوة ، فی اصطفاء أهل البیت علیهم السلام ، وهو کتاب مختصر یعرض آراء زید الشهید علیه السلام فی مسألة الإمامة وأحقیة أهل البیت علیهم السلام بها وبخلافة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

وقد صدر سابقا عن دار الأضواء فی بیروت سنة 1409 ه ، بتحقیق ناجی حسن ، معتمدا علی نسخة مخطوطة محفوظة فی مکتبة المتحف البریطانی.

2 - القلة والکثرة ، وهی مقتطفات من رسالة فی مدح الأقل وذم الأکثر ، کان قد أورد بعضها السید ابن طاووس - رحمه الله - فی کتابه «سعد السعود» وهی فی

إثبات إمامة أهل البیت علیهم السلام وإن قل القائل بها ، وإبطال إمامة غیرهم وإن کثر مدعوها.

تحقیق : السید محمد جواد الحسینی الجلالی.

نشر : مکتب الإعلام الإسلامی - قم / 1414 ه.

* أخبار الحسن بن علی بن أبی طالب علیهم السلام.

تألیف : الحافظ الطبرانی ، أبی القاسم سلیمان بن أحمد اللخمی الشامی (260 - 360 ه).

کتاب یحتوی علی سیرة حیاة الإمام الحسن المجتبی علیه السلام (3 - 50 ه) ویعرض فیه منزلة أهل البیت علیهم السلام ، مستل من «المعجم الکبیر» للمؤلف ، کما أضاف المحقق للکتاب مجموعة من الفهارس الفنیة.

تحقیق : محمد شجاع ضیف الله.

نشر : دار الأوراد - الکویت / 1412 ه.

* الوجیز فی تفسیر القرآن العزیز ، ج 1.

تألیف : الشیخ علی بن الحسین بن محیی الدین بن أبی جامع العاملی

ص: 229

الحارثی الهمدانی (1070 - 1135 ه).

تفسیر مهم ، امتاز بوضوح الفکرة وجزالة العبارة وقوة الأداء ، استوعب کل جوانب القراءات ، وأسباب النزول ، واللغة ، والنحو ، والبلاغة ، والأحکام الفقهیة ، والمسائل الکلامیة ، والتاریخ القصصی ، وقد ذکر فیه مؤلفه - رحمه الله - الآراء المختلفة للمفسرین ، ثم یذکر ما یذهب هو إلیه بالدلیل المقنع.

کان قد طبع لأول مرة بتحقیق الدکتور عبد الرزاق محیی الدین فی بغداد سنة 1373 ه طبعة ناقصة ، إذ اشتملت علی أقل من نصف التفسیر فقط ، أی حتی سورة النحل ، فیما اشتملت الطبعة المحقة هذه علی جمیع التفسیر من أوله إلی آخره ، وقد اشتمل هذا الجزء علی تفسیر السور المبارکة من (الفاتحة) لغایة (الأنفال).

وقد تم تحقیقه بالاعتماد علی عدة نسخ مخطوطة ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

تحقیق : الشیخ مالک المحمودی.

نشر : دار القرآن الکریم - قم / 1413 ه.

* شرح البدایة فی علم الدرایة.

تألیف : الشهید الثانی ، الشیخ زین

الدین بن علی بن أحمد الشامی العاملی (911 - 965 ه).

وهذا الشرح کأصله من تألیف الشهید الثانی قدس سره ، وهو من أفضل المؤلفات وأقدمها فی هذا الموضوع ، اشتمل علی مقدمة وأبواب أربعة ، بحث فیها : التعاریف والتقسیمات ، أقسام الحدیث ، فی من تقبل روایته ومن ترد ، فی تحمل الحدیث وطرق نقله ، وفی أسماء الرجال وطبقاتهم وما یتصل بهم.

تحقیق : السید محمد رضا الحسینی الجلالی.

نشر : منشورات الفیروزآبادی - قم / 1414 ه.

* مقتل الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام.

تألیف : الحافظ الطبرانی ، أبی القاسم سلیمان بن أحمد اللخمی الشامی (260 - 360 ه).

هو ما استله المحقق من کتاب المؤلف «المعجم الکبیر» لیبرز قصة مقتل الإمام الحسین علیه السلام مما یسهل تناوله لکل أحمد ، کما أضاف مجموعة من الفهارس الفنیة لمطالب الکتاب.

تحقیق : محمد شجاع ضیف الله.

ص: 230

نشر : دار الأوراد - الکویت / 1412 ه.

* الصحیفة السجادیة.

من إنشاء الإمام زین العابدین علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام (38 - 95 ه).

هی الصحیفة المبارکة المشتملة علی 54 دعاء جامعا للمعارف والأخلاق الإسلامیة السامیة.

تم تحقیق هذه الصحیفة بالاعتماد علی نسخة نفیسة عتیقة کتبت سنة 416 ه ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق ، مضافا إلی ذلک دراسة مستفیضة حول خصوصیات الصحیفة السجادیة وسندها ومحتواها ونسخها وطبعاتها وشروحها.

تحقیق : کاظم الشانه جی.

نشر : مجمع البحوث الإسلامیة التابع للروضة الرضویة المقدسة - مشهد / 1413 ه.

* سلسلة الإبریز بالسند العزیز.

تألیف : السید أبی محمد الحسن بن علی بن أبی طالب الحسینی البلخی ، المتوفی سنة 532 ه.

کتاب یحتوی علی أربعین حدیثا مسلسلا معنعنا عن آباء المؤلف عن أئمة

أهل البیت علیهم السلام عن الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم ، اشتملت هذه الأحادیث علی أمهات المفاهیم الإسلامیة والکلم الحکمیة.

تم تحقیقه بالاعتماد علی نسخة مخطوطة محفوظة فی مکتبة الأمبروزیانا ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة الکتاب.

تحقیق : السید محمد جواد الحسینی الجلالی.

نشر : مؤسسة الأعلمی للمطبوعات - بیروت / 1414 ه.

* أحکام الخلل فی الصلاة.

تألیف : الشیخ الأعظم ، الشیخ مرتضی الأنصاری (1214 - 1281 ه).

کتاب یتکون من قسمین ، اشتمل الأول منهما علی کتاب «خلل الصلاة» وهو شرح لکتاب «قواعد الأحکام» للعلامة الحلی الشیح جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر الأسدی (648 - 726 ه) فیما اشتمل القسم الثانی علی رسالتین فی أحکام الخلل فی الصلاة.

ذکرت مواصفات النسخ المخطوطة والمطبوعة علی الحجر المعتمدة فی التحقیق فی مقدمة الکتاب.

إعداد : لجنة تحقیق تراث الشیخ

ص: 231

الأعظم - قم / 1413 ه.

نشر : الأمانة العامة للمؤتمر العالمی بمناسبة الذکری المئویة الثانیة لمیلاد الشیخ الأنصاری - قم / 1413 ه.

* شرح تبصرة المتعلمین ، ج 1.

تألیف : الحجة الشیخ الآقا ضیاء الدین العراقی (1278 - 1361 ه).

و «تبصرة المتعلمین» للعلامة الحلی ، الشیخ جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر الأسدی (648 - 726 ه) من المتون الفقیهة المختصرة علی نحو الفتوی ، وهو دورة کاملة من الطهارة إلی الدیات ، ولسلاسة عبارته ووجازته وأهمیته العلمیة ، تناوله الفقهاء بالشرح والتعلیق منذ عصر مؤلفه - قدس سره - وحتی هذه الأواخر.

کان الکتاب مطبوعا فیما سبق بتحقیق وتعلیق الشیخ محمد هادی معرفة.

وقد تم تحقیقه مرة أخری بالاعتماد علی نسختین : إحداهما بخط المصنف قدس سره ، والثانیة بخط أحد تلامیذه وعلیها تصحیحات المصنف - قدس سره - بخطه.

اشتمل هذا الجزء علی کتابی : الطهارة والصلاة.

تحقیق : الشیخ محمد الحسون.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1414 ه.

* عیون أخبار الرضا علیه السلام، ج 1.

تألیف : الشیخ الصدوق ، أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین ابن بابویه القمی ، المتوفی سنة 381 ه.

أهم مصدر أساسی لمعرفة أحوال وسیرة وأخبار الإمام الثامن والحجة الضامن

أبی الحسن علی بن موسی الرضا علیهما السلام (148 - 203 ه) فقد احتوی هذا الکتاب علی حقائق ودقائق من مسائل جمة ، ونکات مهمة ، علمیة وتاریخیة وفقهیة وکلامیة وأدبیة مسندة عنه علیه السلام.

ولمنزلته العلمیة هذه ، فقد شرح عدة مرات وکتبت علیه عدة تعلیقات قیمة ، کما وترجم إلی اللغة الفارسیة غیر مرة.

کان قد طبع عدة مرات طبعات حجریة وحروفیة فی طهران وقم والنجف الأشرف وبیروت.

وقد تم تحقیقه بالاعتماد علی عدة نسخ مخطوطة ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

ص: 232

اشتمل هذا الجزء لغایة الباب 51 فی صفة النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم.

تحقیق : مؤسسة الإمام الخمینی (قدس سره) للتحقیقات العلمیة - قم.

نشر : المؤتمر العالمی للإمام الرضا علیه السلام - مشهد / 1413 ه.

* تذکرة الفقهاء ، ج 1 - 3.

تألیف : العلامة الحلی ، الشیخ جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف ابن المطهر الأسدی (648 - 726 ه).

أهم وأکبر کتاب فی الفقه الاستدلالی المقارن ، یوجد منه من أوائل کتاب الطهارة وإلی کتاب النکاح ، لخص فیه مؤلفه - قدس سره - فتاوی علماء المذاهب المختلفة ، وقواعد الفقهاء فی استدلالاتهم ، وأشار فی کل مسألة إلی الخلاف الواقع فیها ، ویذکر مختاره وفق الطریقة المثلی ، وهی طریقة الإمامیة ، ویوثقه بالبرهان الواضح القوی.

خرج من الکتاب فی أجزائه الثلاثة هذه کتابا : الطهارة والصلاة.

تم تحقیق الکتاب بالاعتماد علی 15 نسخة مخطوطة ، منها ما هو مقروء علی المصنف قدس سره ، ومنها ما علیه إجازة

مهمة ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق، ومن المتوقع أن یصدر فی 20 جزء.

تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم / 1414 ه.

* کتاب الصوم.

تألیف : الشیخ الأعظم ، الشیخ مرتضی الأنصاری (1214 - 1281 ه).

مجلد ضم بین دفتیه ثلاثة مصنفات للمؤلف - قدس سره - حول الصوم وأحکامه ، هی :

1 - شرح «إرشاد الأذهان» : وهو شرح مزجی لقسم من کتاب الصوم من کتاب «إرشاد الأذهان» للعلامة الحلی ، المتوفی سنة 726 ه ، یتضمن البحث عن ماهیة الصوم مع الخاتمة.

2 - شرح «قواعد الأحکام : وهو شرح لقسم من کتاب «قواعد الأحکام» للعلامة الحلی أیضا ، یحتوی علی المطالب : الثانی والثالث والرابع منه ، فی ما یوجب الافطار ، وما یجب بالإفطار ، ومباحث أخری.

3 - مسائل متفرقة : وهی 24 مسألة فی أحکام الصوم المختلفة ، یورد حکمها مع الاستدلال علیها.

ص: 233

تم تحقیق هذه المصنفات علی عدة نسخ مخطوطة ، بالاستعانة بما هو مطبوع حجریا أو حروفیا ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة التحقیق.

إعداد : لجنة تحقیق تراث الشیخ الأعظم - قم.

نشر : الأمانة العامة للمؤتمر العالمی بمناسبة الذکری المئویة الثانیة لمیلاد

الشیخ الأنصاری - قم / 1413 ه.

* بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، ج 34.

تألیف : شیخ الإسلام العلامة محمد باقر بن محمد تقی المجلسی (1037 - 1110 ه).

تضمن هذا الجزء الأبواب 31 - 36 ، المشتملة علی سائر ما جری من الفتن من غارات أصحاب معاویة علی أعمال أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، وتثاقل أصحابه عن نصرته، وفرار بعضهم إلی معاویة ، وعلة عدم تغییر أمیر المؤمنین علیه السلام بعض البدع - التی أحدثت بعد وفاة الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم فی الدین - فی زمانه ، ونوادر ما وقع فی أیام خلافته علیه السلام وجوامع خطبه ونوادرها ، وذکر

الصحابة الذین کانوا علی الحق ولم یفارقوا الإمام علیا علیه السلام ، وذکر بعض المخالفین والمنافقین ، وذکر ما روی عنه علیه السلام من الأشعار.

وهذا الجزء هو الجزء الثانی من المجلد الثامن - الباحث فی الفتن والمحن الواقعة بعد وفاة الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم - من موسوعة البحار المطبوعة علی الحجر فی 25 مجلدا کبیرا.

وهو تکملة للطبعة الحروفیة التی لم یطبع فیها المجلد الثامن برمته.

تحقیق: الشیخ محمد باقر المحمودی.

نشر : مؤسسة النشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی - طهران / 1413 ه.

* رسائل فقهیة.

تألیف : الشیخ الأعظم ، الشیخ مرتضی الأنصاری (1214 - 1281 ه).

سبع رسائل فقهیة فی مواضیع شتی ضمها هذا المجلد : وهی :

1 - العدالة ، تحقیق : الشیخ صادق الکاشانی.

2 - التقیة ، تحقیق : الشیخ محمد رضا الأنصاری.

3 - قاعدة : لا ضرر ، تحقیق : السید

ص: 234

منذر الحکیم.

4 - التسامح فی أدلة السنن ، تحقیق : الشیخ رحمة الله الرحمتی.

5 - قاعدة : من ملک ، تحقیق : الشیخ محمد الحسون.

6 - القضاء عن المیت ، وتحقیق : الشیخ محمد الحسون.

7 - المواسعة والمضایقة ، تحقیق : السید محمد الکاهانی والسید علی أصغر الموسوی القوجانی.

وقد تم تحقیق هذه الرسائل علی عدة نسخ مخطوطة ومطبوعة علی الحجر ، ذکرت مواصفاتها فی مقدمة الکتاب.

نشر : الأمانة العامة للمؤتمر العالمی بمناسبة الذکری المئویة الثانیة لمیلاد الشیخ الأنصاری - قم / 1414 ه.

* مرآة الکمال لمن رام درک مصالح الأعمال ، ج 1 - 3.

تألیف : العلامة الشیخ عبد الله بن محمد حسن المامقانی (1290 - 1351 ه).

موسوعة فی الآداب والسنن الشرعیة ومکارم الأخلاق الإسلامیة ، رتبه مؤلفه علی اثنی عشر فصلا وخاتمة ، ولذا سماه

أیضا بالاثنا عشریة ، وفی کل فصل مقامات ، اشتملت الفصول هذه علی آداب : الولادة ، اللباس ، المسکن ، الأکل والشرب ، النوم والانتباه منه ، الطهور والصلاة ، التنظیف والتزیین ، النکاح ، التکسب وطلب الرزق ، العشرة ومکارم الأخلاق وسیئها ، قراءة القرآن والذکر والدعاء والتوسلات ، الصحة والمرض والموت وما بعده.

طبع الکتاب لأول مرة علی الحجر سنة 1342 ه ، ثم أعید طبع الجزء الأول منه فی النجف الأشرف سنة 1386 ه.

تحقیق وتعلیق : الشیخ محیی الدین المامقانی.

صدر الکتاب فی قم سنة 1413 ه.

* المختصر النافع.

أو : النافع فی مختصر الشرائع.

تألیف : المحقق الحلی ، الشیخ أبی القاسم نجم الدین جعفر بن الحسن ابن یحیی بن سعید الهذلی (602 - 676 ه).

کتاب مختصر فی فقه الإمامیة، اختصره مصنفه - قدس سره - من کتابه «شرائع الإسلام فی مسائل الحلال والحرام» وقد رتبه علی أربعة أقسام: العبادات، العقود ،

ص: 235

الإیقاعات ، والأحکام.

وقد تم تحقیقه بالاعتماد علی نسختین مخطوطتین، ذکرت مواصفاتهما فی مقدمة التحقیق ، مضافا إلی ذلک النسخة المطبوعة فی القاهرة سنة 1376 ه.

تحقیق ونشر : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة - قم / 1413 ه.

* نشأة التشیع والشیعة.

تألیف : السید محمد باقر الصدر.

بحث وجیز عمیق حول کیفیة ولادة التشیع ومبدأ نشوء الشیعة ، تطرق فیه مؤلفه - رحمه الله - بالتحلیل إلی کل ما یمت إلی ذلک بصلة ، کالظروف السیاسیة والاجتماعیة والنفسیة.

کتب هذا البحث فی الأصل کتصدیر لکتاب الدکتور عبد الله فیاض الموسوم ب : «تاریخ الإمامیة وأسلافهم من الشیعة» الذی صدر فی بغداد سنة 1390 ه ، ثم نشر مستقلا فی القاهرة سنة 1397 ه ، بعنوان : «التشیع ظاهرة طبیعیة فی إطار الدعوة الإسلامیة» کما نشر - أیضا - فی بیروت فی العام نفسه بعنوان «بحث حول الولایة».

کما ألحق المحقق بالکتاب دراسة

علمیة مختصرة حول الإعداد الفکری والتربوی لإمامة علی علیه السلام وخلافته.

تحقیق : الدکتور عبد الجبار حمد شرارة.

نشر : مرکز الغدیر للدراسات الإسلامیة - قم / 1414 ه.

* الإجازة الکبیرة.

أو : الطریق والمحجة لثمرة المهجة.

وهی إجازة آیة الله العظمی السید شهاب الدین المرعشی النجفی (1315 - 1411 ه) إلی ولده «محمود» فی الروایة ، ذکر فیها طرقه إلی أصحاب التصانیف الأصلیة ، وشیوخه المجیزین ، ورتبها حسب الحروف الهجائیة ، وترجم لهم ، وقسم إجازته هذه إلی عشرة فصول ، هی :

تراجم الشیوخ الشیعة ، تراجم المجیزات ، تراجم الشیوخ العامة ، تراجم الشیوخ الزیدیة ، طریق المجیز إلی المعصوم علیه السلام ، تراجم بعض العلماء والمشاهیر ، الأحادیث المعنعنة عن الأئمة علیهم السلام ، فی بعض الفوائد النافعة ، ترجمة المجیز بقلمه ، ووصایا صاحب الإجازة.

إعداد : الشیخ محمد السمامی

ص: 236

الحائری.

نشر: مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی العامة - قم پ/ 1414 ه.

طبعات جدیدة

المطبوعات سابقة

* أین دفن رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله وسلم.

تألیف : الشیخ محمد علی برو العاملی.

دراسة تحلیلیة عن مکان دفن النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم ، ویثبت أنه دفن فی حجرة الزهراء البتول صلوات الله وسلامه علیهما وفق أدلة علمیة من الکتب المعتمدة ، وأن للسیاسة دور کبیر فی تحریف هذه الحقیقة.

کان الکتاب قد طبع لأول مرة سنة 1403 ه ، وصدر فی قم ثانیة سنة 1406 ه عن مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة.

ثم أعادت طبعه بصف جدید دار المحجة البیضاء ودار الرسول الأکرم

صلی الله علیه وآله وسلم - بیروت / 1413 ه.

* فقه الصادق ، ج 7 - 21.

تألیف : السید محمد صادق الحسینی الروحانی.

شرح فقهی استدلالی مبسوط لکتاب «تبصرة المتعلمین فی أحکام الدین» للعلامة الحلی ، الشیخ أبی منصور جمال الدین الحسن بن یوسف بن المطهر الأسدی (648 - 726 ه).

اشتملت هذه الأجزاء علی کتب : الزکاة والخمس ، الصوم ، الحج ، الجهاد والأمر بالمعروف ، المتاجر ، الإجارة وتوابعها ، الدیون ، النکاح.

کان الکتاب مطبوعا قبل الآن فی إیران ، ومن المؤمل أن یتم فی أکثر من 27 جزءا.

نشر : مؤسسة دار الکتاب - قم / 1413 و 1414 ه.

* لأکون مع الصادقین.

تألیف : الدکتور محمد التیجانی السماوی.

کتاب یتناول جملة من العقائد الإسلامیة التی وردت فی القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة ، والتی کانت مسرحا لاختلاف الفرق والمذاهب ، وعلی ضوئها نشأ علم الکلام والمدارس الفلسفیة ،

ص: 237

ویحدد الطریق الصائبة منها بدلالة الکتاب والسنة.

طبع فیما سبق عدة طبعات فی بلدان مختلفة.

ثم أعادت طبعه بصف جدید المؤسسة الجامعیة للدراسات الإسلامیة - قم / 1993 م.

* طبقات أعلام الشیعة ، ج 1 - 4.

تألیف : آقا بزرک الطهرانی ، الشیخ محسن بن علی بن محمد رضا (1293 - 1389 ه).

موسوعة قیمة بأعلام الإمامیة رضوان الله علیهم ، ابتداء من القرن الرابع وحتی العاشر الهجری ، رتب المؤلف - رحمه الله - الأعلام فیها حسب حروف المعجم ، اشتمل المجلد الأول من هذه الطبعة علی أسماء أعلام القرن الرابع الهجری ، فیما ضم کل مجلد من المجلدات الأخر أسماء أعلام قرنین من القرون ، وسمی الجزء الخاص بکل قرن باسم خاص ، وهی کالآتی :

1 - نوابغ الرواة رابعة المئات.

2 - النابس فی القرن الخامس ، والثقات العیون فی سادس القرون.

3 - الأنوار الساطعة فی المائة السابعة ،

والحقائق الراهنة فی المائة الثامنة.

4 - الضیاء اللامع فی القرن التاسع ، وإحیاء الدائر من القرن العاشر.

أعادت طبعة بالتصویر مؤسسة إسماعیلیان - قم / 1414 ه.

* الغدیر فی الکتاب والسنة والأدب ، ج 1 - 11.

تألیف : العلامة الشیخ عبد الحسین أحمد الأمینی النجفی (1320 - 1390 ه).

موسوعة قیمة حول واقعة یوم الغدیر فی 18 ذی الحجة سنة 10 ه ، تناولها المؤلف - قدس سره - من نواح شتی ، کالروایة سندا ومتنا ، ودینیا ، وعلمیا ، وتاریخیا ، وأدبیا ، وأخلاقیا ، کما تضمن تراجم کثیر من رجالات العلم والدین والأدب من الذین نظموا هذه الواقعة أو صنفوا فیها.

أعید طبعه مرات عدیدة منذ تألیفه ولحد الآن ، نذکر ما نشر منها هذه السنة 1414 ه :

1 - أعادت دار الکتب الإسلامیة فی طهران طبعه بالتصویر علی الطبعة السابقة.

2 - وأعادت مکتبة الریف فی البحرین

ص: 238

طبعه بالتصویر علی طبعة طهران سنة 1372 ه.

3 - وأعادت طبعه بصف وإخراج جدیدین مؤسسة الأعلمی فی بیروت.

صدر حدیثا

* دفع الارتیاب عن حدیث الباب.

تألیف : السید علی بن محمد بن طاهر ابن یحیی العلوی ، المتوفی سنة 1409 ه.

رسالة مختصرة من کتاب المؤلف الواسع فی تصحیح حدیث الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم : «أنا مدینة العلم وعلی بابها» والروایة الثانیة : «أنا دار الحکمة وعلی بابها» تناولها بالبیان الواضح والشرح الکامل وأثبت صحة السند ، ودلالتهما علی أن المقصود بهما هو أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، کما رد فیها علی مضعفی الحدیث.

نشر : دار القرآن الکریم - قم.

* النظام السیاسی فی عهد الإمام علی علیه السلام لمالک الأشتر.

تالف : الشیخ نوری حاتم.

عرض موجز وبیان لفقرات عهد الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام لوالیه علی مصر مالک بن الحارث الأشتر النخعی - المستشهد سنة 38 ه - تناولها المؤلف حسب ترتیب ورودها فی العهد الذی اشتمل علی تعالیم سیاسیة وعسکریة واقتصادیة واجتماعیة وغیر ذلک ، مما یجعله وثیقة مفصلة تعالج وتبین وتنظم واجبات الحاکم ووظائفه ، والعلاقات بین الحاکم وبین أفراد المجتمع فی شتی المجالات.

نشر : مؤسسة المرتضی العالمیة - بیروت / 1414 ه.

* حیاة الإمام العسکری علیه السلام.

تألیف : الشیخ محمد جواد الطبسی.

دراسة تحلیلیة تاریخیة علمیة لحیاة الإمام الحادی عشر من أئمة أهل البیت علیهم السلام الإمام أبی محمد الحسن بن علی العسکری علیهم السلام (231 - 260 ه).

یتکون الکتاب من بابین اشتملا علی فصول عدیدة ، ضم الباب الأول منهما التعریف بشخصیة الإمام الحسن العسکری علیه السلام ، وحیاته فی ظل أبیه الإمام الهادی علیه السلام ، وذکر مناقبه

ص: 239

ومعجزاته ، ودلائل إمامته ، وما روی عنه من قصار الحکم والعقائد والفقه والتفسیر ، فیما ضم الباب الثانی ما یدور حول عصره ، وموقفه من المترددین والشاکین فی إمامته ، وثورة الزنج ، وکذا موقفه من البدع والانحرافات التی شاعت آنذاک ، وذکر حکام عصره ، ووکلائه وأصحابه ورواته.

نشر : مکتب الإعلام الإسلامی - قم / 1413 ه.

* مبادئ السلام والبراءة فی القانون الدولی الإسلامی.

تألیف : الشیخ فاضل المالکی.

کتاب یعرض رأی الإسلام فی البراءة من المشرکین ، وفی مبدأ التعایش السلمی مع الکفار غیر المحاربین ، وغیر ذلک من البحوث المتفرعة عن هذین المبدأین ، استنادا إلی آیات القرآن الکریم وأحادیث أهل البیت المعصومین علیهم السلام.

نشر : دائرة العلوم الإسلامیة - قم / 1414 ه.

* متابعات ثقافیة.

تالف : عبد الجبار الرفاعی.

کتاب احتوی فی فصوله السبعة علی مراجعات وقراءات نقدیة فی الثقافة

والانتاج الفکری الإسلامی المعاصر ، وهی مقتطفات فی موضوعات إسلامیة متنوعة فی محاولة للتعریف بالنتاج الفکری فی العقد الأخیر ، وتشخیص منابعه وإلی ما یصبو إلیه ، کما یهدف إلی التغلب علی الثقافة الاستهلاکیة التی شاعت فی المجتمع الإسلامی ومظاهر ضعفها من خلال تلک النقود والمحاورات.

نشر : مکتب الإعلام الإسلامی - قم / 1414 ه.

* الحیاة السیاسیة للإمام السجاد علیه السلام.

تألیف : الشیخ نوری حاتم.

دراسة لحیاة الإمام الرابع من أئمة أهل البیت علیهم السلام الإمام أبی محمد علی ابن الحسین السجاد زین العابدین علیهم السلام (38 - 95 ه) تناولت بالتحلیل مواقفه ونشاطاته العبادیة والاجتماعیة والسیاسیة ، وأثرها فی قیادة الأمة وصیانة الشریعة ، فی ظل الظروف التی عاشها الإمام السجاد علیه السلام إبان الحکم الأموی والثورات والحرکات المسلحة التی قامت خلال تلک الفترة.

نشر : مؤسسة المرتضی العالمیة - بیروت / 1414 ه.

ص: 240

* عبرة أولی الألباب ، ج 1.

تألیف : علی محمد عاشور.

کتاب یحتوی علی عشرین قصة من قصص الصدیقین والأخیار ذات طابع أخلاقی ، ابتدأ الکلام فیها عن بعض أحوال أهل بیت النبوة المعصومین الأربعة عشر علیهم السلام ، فذکر فی حقهم أربعة عشر قصة بین معجزة ومنقبة ، ثم ثنی الکلام بذکر القصص الأخری ، کما اشتمل الکتاب علی مباحث أخلاقیة أخری.

نشر : دار المجتبی - بیروت / 1414 ه.

* المهدی والمسیح.

تألیف : باسم الهاشمی.

قراءة إسلامیة جدیدة فی الأناجیل الأربعة من العهد الجدید ، تکشف - من خلال النصوص المنتقاة منها - عن بشارة السید المسیح نبی الله عیسی بن مریم علیهما السلام بإنشاء دولة الإمام المهدی المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف فی آخر الزمان ، وإشارته إلی ذلک وعلائم قیامها.

نشر : دار المحجة البیضاء ودار الرسول

الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم - بیروت / 1414 ه.

* رسالة عقائدیة.

تألیف : السید أبو القاسم الدیباجی.

کتاب یعرض أهم المباحث العقائدیة

الشیعیة ، فقد ألف ردا علی کتاب «تصحیح الشیعة» الذی حاول - علی زعم مؤلفه - تفنید عقائد الشیعة الاثنی عشریة ، فأثار ما أثاره المخالفون السابقون حولها من الشبهات والشکوک والافتراءات بدون دلیل أو برهان ، ثم اجترها المقلدون اللاحقون من غیر وعی أو تدبر ، فأوضح ما التبس علی أولئک أو تغافلوا عنه بالدلیل العقلی والنقلی.

صدر الکتاب مؤخرا فی قم.

* الموسوعة الرجالیة ، ج 3 و 4 و 6.

تألیف : آیة الله العظمی السید الحسین الطباطبائی البروجردی ، المتوفی سنة 1380 ه.

هی ترتیب لرجال أسانید - أو طبقات رجال - أمهات المصادر الأساسیة للحدیث والرجال عند الإمامیة - المدرجة أدناه - رتبها حسب حروف المعجم لاسم الراوی الأول فی السند ، وتم توضیح ما أجمل

ص: 241

منها ، مع تبیین ما طرأ علیها من العلل ، کالتصحیف أو القلب أو الزیادة أو النقیصة أو الارسال ، ولما هو الصواب فیها ، مع فوائد رجالیة أخری.

وقد اشتملت الأجزاء الثلاثة هذه علی أسانید الکتب حسب ما یلی : الجزء الثالث : الخصال ، معانی الأخبار ، علل الشرائع ، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، وکلها للشیخ الصدوق ، المتوفی سنة 381 ه.

الجزء الرابع : الکافی ، للشیخ الکلینی ، المتوفی سنة 329 ه.

الجزء السادس : رجال الکشی ، فهرست الشیخ الطوسی ، فهرست الشیخ النجاشی.

وقد طبعت الکتب بالتصویر علی نسخة الأصل المکتوبة بخط أحد تلامیذ السید البروجردی، رحمهما الله رحمة واسعة.

نشر : مجمع البحوث الإسلامیة التابع للروضة الرضویة المقدسة - مشهد / 1413 ه.

* الکتاب المقدس فی المیزان.

تألیف : الشیخ محمد علی برو العاملی.

کتاب یتکفل بالرد علی المبشرین

النصاری باستدلالاتهم الواهیة بآیات القرآن الکریم ، وتحاملهم علی التاریخ ، فیورد نصوص (الکتاب المقدس) ویتناولها بالبحث والدراسة لیثبت خطأ ما ذهب إلیه المبشرون فی افتراءاتهم وشبههم.

نشر : الدار الإسلامیة - بیروت / 1413 ه.

* ترتیب کتاب العین.

إعداد : الشیخ محمد حسن البکائی.

و «العین» من تألیف الخلیل بن أحمد الفراهیدی (100 - 175 ه) سلک فی تألیف کتابه مسلکا خاصا ، فلم یرتبه علی النظام المعجمی المألوف - هجائیا أو أبجدیا - وإنما جعل أول کتابه حرف لعین ، لأنها أدخل الحروف فی الحق صوتا ، ثم تدرج بالحروف بما یقرب من حرف العین الأرفع فالأرفع ، حتی یصل إلی الحروف الشفویة.

ولما کان هذا الترتیب غیر مألوف للمراجع والباحث ، فقد أعید ترتیب الکلمات الواردة فیه بحسب حروف المعجم المألوفة حالیا ، لیسهل تناوله لطلاب العلم ، وألحق به عدة فهارس فنیة تعین الباحث علی الوصول إلی بغیته.

کما ضم المعد إلی الکتاب رسالة وجیزة

ص: 242

أسماها : «الدلیل إلی المستعملات فی اللغة العربیة» استخرج مفرداتها من الکتاب نفسه ، ونظمها بحسب الحروف الهجائیة.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم / 1414 ه.

* فاطمة بنت أسد.

تألیف : الدکتور الشیخ محمد هادی الأمینی.

بحث عن سیرة وحیاة والدة أمیر المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام ، یستعرض فیه المؤلف جوانب جهادها وهجرتها وعظمتها وإیمانها ، وبقیة جوانب حیاتها الکریمة علیها السلام.

نشر : مؤسسة البلاغ - بیروت / 1411 ه.

* تراجم الرجال ، ج 1 و 2.

تألیف : السید أحمد الحسینی.

مجموعة کبیرة من تراجم لأعلام أهمل التاریخ ذکرهم، مرتبة حسب حروف المعجم ، تنشر موادها لأول مرة، وقد استقی المؤلف معلوماته مما کان مبثوثا فی ثنایا النسخ المخطوطة، أو ما أشیر إلیه فی بعض إجازات العلماء السابقین.

نشر : مکتبة آیة الله العظمی المرعشی العامة - قم / 1414 ه.

* المعجم الموحد ، ج 1 و 2.

تألیف : الشیخ محمود دریاب النجفی.

کتاب جرد فیه مؤلفه کل الأعلام التی جاءت تراجمهم فی الأصول الرجالیة الأربعة : «الفهرست ، والرجال» لشیخ الطائفة الطوسی ، و «اختیار معرفة الرجال» للکشی ، و «الرجال» للنجاشی ، مضافا إلیها الأعلام التی جاءت فی «خلاصة الأقوال» للعلامة الحلی ، ومن ثم قام بتوحید الأسماء المتحدة فیما بینها فی الواقع ، کما حدد طبقاتهم ، وذکر نصوص الجرح والتعدیل التی جاءت بشأن هذه الأعلام فی المصادر الثلاثة الأولی ، کما حدد أحوال المذکورین فیه علی أساس التقسیم الرباعی للحدیث : الصحیح ، الموثق ، الحسن ، والضعیف.

نشر : مجمع الفکر الإسلامی - قم / 1414 ه.

* الشروط ، ج 1 - 3.

أو : الالتزامات التبعیة فی العقود.

تألیف : السید محمد تقی الخوئی.

بحث موسع فی (الشرط) یتضمن دراسة

ص: 243

مفهومه وحدوده ، ویحدد ضوابطه ومعالمه ، ویجمع شتات مسائله وفروعه المنتشرة فی الأبواب الفقهیة المختلفة.

نشر : دار المؤرخ العربی - بیروت / 1414 ه.

* معالم الفتن ، ج 1.

تألیف : سعید أیوب.

دراسة علمیة عمیقة، تناولت بالبحث أطروحات الإسلام التی جاء بها الرسول الکریم صلی الله علیه وآله وسلم فیما یتعلق بمستقبل الأمة ودورها الرسالی، وکذلک یتناول بالبحث مسیرة الأمة وحرکتها خلال تلک الحقبة الزمنیة التی تلت وفاة الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم ، التی تلونت بألوان شتی، ودخل فیها ما لیس منها ، وأقصی عنها من أقصی ، فکانت مسرحا لفتن مظلمة ، وقد اعتمد فی ذلک کله علی النصوص القرآنیة والأحادیث النبویة المعتمدة لدی الجمیع.

نشر : دار الکرام - بیروت / 1414 ه.

* معجم ما کتب عن الرسول وأهل البیت صلوات الله علیهم، ج 3 - 11.

تألیف : عبد الجبار الرفاعی.

معجم موسوعی جامع ، یهدف إلی

توثیق کل ما یحتاجه الباحث عن سیرة الرسول الأکرم وأهل بیته المعصومین علیهم صلوات الله وسلامه أجمعین ، فیوفر له رؤیة مرجعیة علمیة واسعة فی أی موضوع من موضوعات السیرة الشریفة بسهولة ویسر.

یقع الکتاب فی 11 جزء مقسمة إلی 16 قسما اشتملت علی ما کتب عن المعصومین الأربعة عشر علیهم السلام من مختلف النواحی ، مضافا إلی ذلک ما کتب عن إعجاز القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة المطهرة.

اشتملت هذه الأجزاء علی ما کتب فی السیرة النبویة ابتداء من حرف القاف وحتی نهایة حروف المعجم ، مضافا إلیها مستدرک لمواد السیرة النبویة مما فات إدراجه فی مواضعه ، کما أضاف فی نهایة الجزء الرابع القسم اللاتینی لما کتب فی السیرة النبویة ، ثم ما کتب عن الأئمة الثنی عشر والزهراء البتول صلوات الله وسلامه علیهم ، والمصادر المشترکة مما کتب عن أهل البیت علیهم السلام ، وما کتب فیما یتعلق بالسنة الشریفة ، کالدرایة والرجال وغیرها.

نشر : مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی - طهران / 1371 ه. ش.

ص: 244

* الاعتصام بالکتاب والسنة.

تألیف الشیخ جعفر السبحانی.

دراسات مبسطة ل 15 مسألة من المسائل الفقهیة المهمة التی کانت موردا للخلاف بین فقهاء الإمامیة وبین فقهاء سائر المذاهب الفقهیة الأخری ، أثبت من خلالها صحة ما ذهبت إلیه الإمامیة اعتمادا علی الکتاب والسنة.

نشر : مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام - قم / 1414 ه.

* الإمام الحسن العسکری علیه السلام من المهد إلی اللحد.

تألیف : السید محمد کاظم القزوینی.

دراسة وعرض لحیاة الإمام الحادی عشر من أئمة أهل البیت علیهم السلام ، الإمام أبی محمد الحسن العسکری علیهما السلام (231 - 260 ه) ذکر فیه مآثر ومکارم وخصائص الإمام علیه السلام ، کما ذکر فیه رواته وما ورد عنه من السنن والأفعال والأحکام ، وعرض أیضا الأحداث التی مر بها الإمام علیه السلام حتی شهادته فی سامراء فی حکومة المعتمد العباسی.

نشر : مکتبة بصیرتی - قم/ 1413 ه.

* اقتصادنا المیسر.

تألیف : السید علی حسن مطر.

کتاب تحری فیه مؤلفه الاختصار ووضوح العبارة لیقدم صورة شاملة ومیسرة للمذهب الاقتصادی الإسلامی ، استقی مادته من مؤلفات السید محمد باقر الصدر - رحمه الله - المؤلفة فی هذا المجال ، فرتبها وعرضها بأسلوب یمکن أن یستفید منه حتی غیر المختصین بهذا الحقل.

صدر الکتاب فی قم مؤخرا.

کتب قید التحقیق

* تلخیص المرام فی معرفة الأحکام.

تألیف : العلامة الحلی ، الشیخ جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر الأسدی (648 - 726 ه).

من أهم المصادر الفقهیة فی معرفة الأحکام وقواعد الفقه ومسائله الدقیقة علی سبیل الاختصار ، وهو من أوائل الکتب التی ألفها العلامة الحلی قدس سره ، وعلیه شروح عدیدة.

یقوم بتحقیقه : الشیخ هادی حسن القبیسی العاملی ، معتمدا علی نسختین

ص: 245

مخطوطتین نفیستین ، هما :

1 - نسخة کتبت سنة 735 ه ، محفوظة فی مکتبة مجلس الشوری الإسلامی - طهران ، برقم 62196.

2 - نسخة مکتوبة فی عصر المؤلف قدس سره ، محفوظة فی مکتبة آیة الله المرعشی النجفی العامة - قم ، برقم 472.

* شرح کلمات بابا طاهر.

تألیف : عین القضاة عبد الله بن محمد ابن علی المیانجی الهمدانی ، المقتول سنة 525 أو 533 ه.

شرح مختصر لکلمات باب طاهر ، المعروف بالعریان (ق 5 ه) فی الأخلاق والمعارف.

یقوم بتحقیقه : محمد حسن سعدی ، معتمدا علی نسختین مخطوطتین ، إحداهما محفوظة فی مکتبة الإمام الرضا

علیه السلام فی مشهد ، والثانیة فی مکتبة آیة الله المرعشی العامة فی قم ، مضافا إلیها نسخة سلطانیة لمتن الکلمات المشروحة ، مدونة سنة 1347 ه.

* اللؤلؤ المسجور فی معنی لفظ الطهور.

تألیف : الشیخ أسد الله التستری الدزفولی الکاظمی ، المتوفی سنة 1237 ه.

بحث فقهی مفصل فی الطهور ، ألفه أساسا فی الرد علی الحنفیة فی قول إمامهم بأن لفظ (الطهور) مبالغة فقط ولا یدل علی المطهریة.

یقوم بتحقیقه : الشیخ هادی حسن القبیسی العاملی ، معتمدا علی نسختین مخطوطتین ، إحداهما محفوظة فی مکتبة الإمام الرضا علیه السلام فی مشهد ، والثانیة فی مکتبة المدرسة الفیضیة فی قم.

* * *

ص: 246

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.