تراثنا المجلد 6

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1407 ه.ق

الصفحات: 231

ص: 1

اشارة

تراثنا

العدد الأول

السنة الثانة

الفهرس

نظرات سرعة فی فنّ التحقق (5).................................... أسد مولوی 7

من المعجم لألفاظ القرآن الکرم (1)............. عبدالحسن محمد علی البقّال 14

موقف الشعة من هجمات الخصوم.................. السد عبدالعزز الطباطبائی 32

نفس الأمر...................................... الشخ حسن حسن زاده الآملی 62

کتب الصد والذبائح عند الشعة........................... الدکتور پروز اذکائی 97

التحقق فی نفسی التحرف (1).......................... السد علی الملانی 127

معجم الرموز والإشارات (1)...................... الشخ محمد رضا المامقانی 159

ص: 2

محرّم - صفر - ربع الأول

1407 ه. ق.

الإجازات عند علماء الإمامة

إجازتا الشخ البهائی للتکابنی..................... الشخ محمد السمامی الحائری 172

مانبغی نشره من التراث...................................................... 183

من ذخائر التراث

رسالة جواز العدول عن العمرة إل الإفراد...... السد محمد علی الطباطبائی المراغی 186

تخمس لامّة العجم............................................. أسد مولوی 210

من أنباء التراث............................................................. 217

خلاصة لدراسات ومواضع العددن 5 و 6 (بالإنکلزة)..... ترجمة: عی شرف 238

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

نظرات سریعة فی فن التحقیق

(5)

أسد مولوی

اختیار الکتاب وجمع نسخه

بعد أن استکمل المحقق عدته ، وخبر نفسه - وکل علی نفسه بصیرة - فوجدها قادرة علی اقتحام هذا المیدان ... یجب علیه أن یؤدی زکاة علمه ، ویخدم أمته ، ویوفی بعض الدین إلی المکتبة الإسلامیة المجیدة ، التی أمتعته ساعات طوال من عمره ، وفتحت له أبواب ریاضها وصدور خزائنها ، وأطلعته علی جواهرها وذخائرها.

إذا أراد هذا العامل فی سبیل إحیاء مجد أمته ، أن یسلک فی عداد صانعی هذه الثقافة العظیمة ومیسریها لطلابها ... وهو قد عد نفسه من الغیر علیها المحبین لها الحانین علیها ، الرامین إلی رفعتها وإعلاء شأنها.

علیه - وقد وضع نفسه فی هذا الموضع - أن یتنکب سبیل الهدامین العابثین من أعداء الأمة الإسلامیة أو من أبنائها العققة ، الذین شغلوا أنفسهم والأمة معهم بأخبار المجان والملحدین ، وبکتبهم وتراثهم الملئ بالسموم ... الضار لهذه الأمة فی حاضرها ومستقبلها ، کما ضرها أعظم الضرر فی ماضیها.

وعلیه أن یتحری فی اختیار الکتاب الذی یرید أن یحییه ، أن یکون من الکتب التی تنفع الأمة وتهدیها فی حاضرها ومستقبلها ، أو تحفظ علیها شخصیتها وأصالتها أو تکبت أعداءها والحاقدین علیها.

والأمة المسلمة فی حاضرها الراهن - وهی فی بدایة صحوتها - قد تکالبت قوی الکفر علیها ، وتجمع أعداء الإنسانیة ضدها ، وأجلبوا علیها بخیلهم ورجلهم وعددهم

نظرات سرعة فی فنّ التحقق (5) أسد مولوی

ص: 7

وعددهم.

الأمة المسلمة محتاجة لجهود أبنائها ، فلا یحل لأی فرد منهم أن یضیع جهوده عبثا فیما لا طائل تحته ، فضلاء عن أن یکون ظهیرا لأعدائها یصنع لهم ما یعود علی أبناء ملته بالدمار والخسار ، ویعطل مسیرة أمته نحو استعادة مکانتها التی أرادها لها الله ... خیر أمة أخرجت للناس.

هذه المرحلة - مرحلة اختیار الکتاب المراد إحیاؤه - أخطر مراحل التحقیق - فیما أری - وأدقها ، تستدعی من المحقق المسلم النظر الفاحص ، ودقة الملاحظة ، والوجدان الحی ، والغیرة البالغة ... لأن ما ورثناه من الکتب منه ما کتبه المخلصون العارفون ، وهو درر خالدة کشجرة طیبة أصلها ثابت فی دین هذه الأمة ووجدانها ... وفرعها فی السماء متصل بالمبدأ الأعلی صاحب الجود والفیض والکرم ... تؤتی أکلها کل حین فی ماضی الأمة وحاضرها ومستقبلها عطاء ربانیا لا ینقطع بإذن الله تعالی ، وأظهر أمثلة هذا النوع تراث أهل بیت الرحمة علیهم السلام وجدهم الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله.

ومما ورثناه - أیضا - ما کتبه المنحرفون والضالون وأعداء الإسلام ، ممن اجتالته شیاطین الإنس والجن ، وأمراض النفس ، ومتع الحیاة الدنیئة.

ومما ورثناه - کذلک - هذا الرکام الغث الفاسد المفسد من أدب عبید السلاطین من الشعراء ، وشعرهم الذی قصروه علی مدح الطاغوت والضحک علی ذقنه ، واستولوا به علی أموال الأمة یتناهبونه بینهم.

أنظر إلی الشاعر المتملق یقول وقد حدثت بمصر زلزلة :

بالحاکم العدل أضحی الدین معتلیا

نجل الهدی وسلیل السادة الصلحا

ما زلزلت مصر من کید یراد بها

وإنما رقصت من عدله فرحا

أنظر کیف یسقط الإنسان ، وتداس الضمائر ، ویرقص علی أشلاء المستضعفین؟ .. فالشاعر هنا لم یکتف بمدح طاغوته حتی صور الزلزلة المدمرة بصورة الرقص الخلیع الذی اعتاده المترفون. ولم یلتفت إلی المستضعفین الذین هدمت دورهم علی رؤوسهم وأصبحوا بلا مأوی!

ومن هذه البابة تجد مؤرخی السلاطین ووعاظ السلاطین وفقهاء

ص: 8

السلاطین ... إلی آخر القائمة المشؤومة.

هذا الرکام الغث لطخة عارفی تاریخنا الثقافی .. لا أظن المحقق المسلم ینحط إلی أن یشغل به نفسه ویضیع به عمره.

وتراثنا طیب مبارک ، شمل مختلف حقول المعرفة ، ولم یقتصر علی فرع من فروعها.

فکم هی الفائدة التی یسدیها المحقق إلی أمته یختار کتابا من طبنا القدیم ، فیخرجه إلی الناس سلیما مفسرا موضحة عبائره! عقاقیره من إنتاج بلادنا ... إن لم تنفع الجسم لم تضره ، لا کالأدویة المجلوبة من مغرب شمس الفضیلة ، التی یصح فیها قول الشاعر :

 .....................................

وداونی بالتی کانت هی الداء

وفی تراثنا الطبی الکثیر الطیب ، وأود أن یعلم أطباؤنا الفضلاء أن للمعاجم الطبیة - التی تصف العقاقیر وتذکر مقادیرها عند الترکیب - رکنا کبیرا فی مکتبتنا الإسلامیة.

وما أظن مریض الطب الغربی الحالی أحسن حالا من مریض الرازی أو ابن سینا.

وقد عادت الصین إلی الوخز بالإبر - طبها القدیم - تدرسه وتطبقه فی المستشفیات.

وقبلها الهند أدخلت طبها القدیم مادة دراسیة فی جامعاتها ، ومادة تطبیقیة فی مستشفیاتها.

وقل مثل ذلک فی علوم الفلاحة والبیطرة وغیرها.

ونستغنی بذلک عن استیراد فسائل النخیل من أمریکا إلی بلاد النخیل! خلاصة الأمر أن حسن الاختیار - بل الاجتهاد فی الاختیار - هنا واجب عینی لا رخصة فیه.

* * *

وحین یقع اختیار المحقق علی کتاب لم یحقق حسب القواعد المتعارفة ، أو کانت لدیه زیادة تنقیر وتدقیق فاتت المحقق الأول ، أو ظهرت من الکتاب نسخ

ص: 9

مخطوطة أصیلة تزید الکتاب ثقة به واطمئنانا إلیه واعتمادا علیه ...

حینذاک یبدأ سعی المحقق فی تجمیع النسخ ، وهی - فی الوقت الحاضر - مصورات کلما ازدادت وضوحا فی التصویر ازدادت شبها بأصلها ، وحلت محله فی القراءة وتهیئة النسخة للعمل (1).

وهنا تظهر فائدة فهارس المخطوطات لمعرفة أماکن هذه النسخ والسعی فی الحصول علی مصوراتها.

ولا ننسی الاستعانة بذوی الخبرة فی الهدایة إلی مظانها وتقییمها ، وفی إعانتهم للمحقق فی تحصیلها بما لهم من صلات مع أصحاب الکتب والقائمین علیها.

* * *

فحص النسخ وتقییمها

وهنا یأتی دور فحص النسخ لاعتماد ما یجب الاعتماد علیه منها وإهمال ما ینبغی إهماله.

وهذا الدور من أهم أدوار هذا الفن ، لأن نتیجة التحقیق وثمرة جهد المحقق مبنیتان علیه.

وقد اعتورت مخطوطاتنا ظروف کانت حسنة حینا سیئة أحیانا کثیرة.

وتداولتها - بعد أیدی النساخ - أید کانت فی الغالب غیر أمینة :

فمن متولی وقف حسن له الشیطان وألجأه فقر المجتمع المتخلف إلی بیع ما تحت یده ، فمزق الورقة الأولی لیضیع أثر الوقف ، ففوت علینا معرفة عنوان الکتاب واسم مؤلفه وفوائد أخر.

ومن متعصب ضیق الأفق ساءه أن یری لعالم من غیر أهل نحلته أثرا ، فعدا علیه تمزیقا أو شطبا أو محوا أو تحریفا لما لا یروقه ...

ومن وارث جاهل صار ما وصل من ذخیرة الأمة إلیه لعبة لأطفاله ، مبذولا لکل من هب ودب من معارفه.

ومن .. ومن ..

ص: 10


1- (1) قلنا هذا ، لأن اختبار الورق والحبر لا یمکن إلا علی المخطوطة نفسها

دع عنک عادیات الطبیعة فی النسخ نفسه من سهو وسبق قلم أو نظر ..

وعادیات الطبیعة علی الکتاب نفسه - ورقا وحبرا - من رطوبة وحشرات لها بالورق المکتوب ولع غریب.

ولیس معنی هذا إنکار ما لبعض الأیدی - متولیة وقف أو وارثة - من الأمانة والحیطة علی الکتاب.

ولیس هو کذلک إنکار فضل أولئک النساخ العارفین الضابطین ، فأنت تقرأ فی ترجمة یاقوت المستعصمی - الخطاط المعروف - أنه کان مولعا بنسخ نهج البلاغة بخطه المضبوط الجمیل.

وتقرأ فی تراجم کثیر من العلماء أنه کان یکتب خطا فصیحا صحیحا.

هذه النوائب التی حلت بالکتاب - وغیرها کثیر - توجب علی المحقق أن یکون مدققا منقبا حذرا ، ینفض النسخة وجها لبطن ، عند فحصه لها.

ولیعلم أن للنسخ التی وصلت إلینا حالات غریبة منها :

1 - أن تکون النسخة کاملة سالمة واضحة الخط فصیحته جمیلته ، بخط مؤلفها أو خط معتمد موثوق به ، أو تکون منقوطة مشکولة شکلا کاملا علی الصحة ، أو تحتوی  - من الصور أو الرسوم البیانیة أو غیر ذلک - ما یضن به علی الضیاع.

فالأولی طباعة هذه النسخة بالتصویر ، کی لا ندخل علیها من سهو القلم وأخطاء التطبیع ما یشوه جمالها ویذهب بصحتها.

ولا یعتذرن - هنا - بصعوبة الحرف المخطوط ، فإنه أمر مبالغ فیه ، والمطلعون یعلمون أن فی تراثنا مخطوطات رائعة الجمال تزری بالخط الطباعی مهما بلغ من الجمال والنظافة ، لأن الخط الطباعی خط میت سطرته آلة میتة ، وخط الید یستمد حیاته من الید التی کتبته.

والعمل الذی یقوم به المحقق فی هذه النسخة :

أ - أن یقدم لها مقدمة وافیة فی ترجمة المؤلف ووصف النسخة وتوثیق نسبتها وبیان أهمیتها ...

ب - أن یذیلها بهوامش التحقیق الکافیة ، وبالفهارس التی توصل القارئ إلی

ص: 11

مطالبها (1).

2 - أن تکون النسخة من المطبوعات القدیمة التی ضاعت أصولها المخطوطة ، وهذه ینبغی الحذر عند تحقیقها والتثبت البالغ ، وأن یوکل أمرها إلی شیوخ المحققین.

3 - المترجمات إلی اللغات الأخری - غیر العربیة - التی ضاعت أصولها المخطوطة ، والعمل فی هذا النوع ملقی علی عاتق المترجم العارف ، ویجدر به أن یستعین فی ترجمتها بما سلم من کتب المؤلف باللغة العربیة ، وبما نقل من نصوص الکتاب فی الکتاب الأخری.

وبعد هذه العجالة - التی لا یتسع المقام لأکثر منها - نعود إلی التقسیم الاعتیادی للنسخ ، وهو أمر متفق علیه - أو یکاد - بین جمهرة المشتغلین بهذا الفن.

وعندهم أن أعلی النسخ هی النسخة التی کتبها المؤلف فی آخر صورة أخرج بها کتابه للناس.

أو کتبت بخط معتمد وقرأها المصنف أو قرئت علیه وسجلت علیها هذه القراءة.

أو نسخة کتبت من نسخة المصنف وعورضت بها أو قوبلت علیها.

أو نسخة کتبت فی عصر المصنف وعلیها سماعات العلماء.

أو تکون النسخة من النسخ التی حظیت باهتمام العلماء بالقراءة أو الإجازة أو السماع ، وأن یکون فیها ما یدل علی التصحیح.

هذه النسخ تقوم إحداها مقام الأخری عند فقدانها ، وهی النسخة التی یعبرون عنها بالأصل أو الأم.

وهذا القول لیس علی إطلاقه فإن لکل نسخة من الخصائص ما یضطر المحقق إلی اعتمادها أو ترکها ، فرب نسخة لم یشفع لها قدمها أو حسن خطها أو کتابة عالم معروف لها. ورب نسخة تقدمت علی نسخة أقدم منها أو أحسن خطا.

وعند اعتمادنا نسخة أصلا تکون النسخ الأخری مساعدات فی القراءة والنقط والضبط وزیادة ما أسقطه السهو ... وأشباه هذه الأمور.

ص: 12


1- (1) أنظر فی هذا الباب : فی منهج تحقیق المخطوطات - مطاع الطرابیشی - ص 68 - 72

هذا مجمل القول فی نسخة الأصل.

وتبقی عندنا الکثرة الکاثرة من النسخ التی لا تملک من ممیزات النسخة الأصل شیئا ، أو التی یؤخرها التقییم عن مرتبة الأصل ، ولکن لها من القرائن الداخلیة أو الخارجیة ما یمنحها الثقة بها والرکون إلیها.

هذه النسخ أجود الطرق فی تحقیقها الطریقة المعروفة ب (التلفیق) وعلینا  - والحالة هذه - أن نخرج من مجموع هذه النسخ نصا مرضیا ، نتحری فیه الصحة والکمال جهد الطاقة.

وفی الحواشی مضطرب واسع لإثبات الاختلافات بین النسخ وتوجیهها ، ولتسجیل ما یعن لنا من ملاحظات واستدراکات وتوضیحات. وینبغی أن لا یفوتنا من النسخ شئ ذو فائدة ، فنسجل کل ما نعثر علیه .. فرب حامل فقه إلی من هو أفقه منه.

وفی طریقتی التحقیق - طریقة الأصل أو طریقة التلفیق - تجب المحافظة علی کل ما کتب فی النسخ أو فی هوامشها مما له علاقة بالکتاب بتسجیله فی هوامش التحقیق.

للبحث صلة ...

ص: 13

من

المعجم الموسوعی

لألفاظ القرآن الکریم

(1)

عبد الحسین محمد علی البقال

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی رسوله الأمین ، وآله الطیبین ، وصحبه المنتجبین ...

وبعد ، ...

فالبحث هنا نأتی علیه من خلال :

أولا : المقدمة

- 1 -

إن لغتنا الرسالیة هی لغة حیة معطاءة ، ولیس بکثیر علیها إذا قلنا عنها : إنها تضاهی سائر اللغات العالمیة ، إن لم تکن - کما هو الواقع - السباقة والرائدة من بینها.

لغتنا ، وأرید بها تلک العربیة المبینة التی تخصنا نحن المسلمین قاطبة ، المجتمعین علی رفع رایة ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.

نعم ، لغتنا ، وهی کلمة الرب إلی جمیع عباده ، فی قرآنه المبین وسنته الشریفة ، والروائع من نهج أئمة أهل بیت رسوله الأمین ، وصحبهم الصلحاء المتقین.

اللغة النظامیة الإنسانیة ، الشاملة شمول وعموم ودقة ونظامیة وکونیة الدین الحنیف ، الذی یسقی الحیاة حیاة سعیدة ، بفیض کؤوسه ودیمومة دوالیه.

من المعجم لألفاظ القرآن الکرم (1)عبدالحسن محمد علی البقّال

ص: 14

- 2 -

وهی بعد کذلک ، رموز الفطرة ، وإشارات الخلجات النفسیة ، فعبارات الروابط الاجتماعیة ، إلی کونها مصطلحات فی مختلف مجالات العلاقات الدولیة ، بل ، وإلی شتی الشؤون العالمیة.

هی تاریخ حکایة العقیدة والعاطفة ، الروح والجسد ، فی سلوکاتها المرئیة وغیر المرئیة ، صائرة بین الخوف والرجاء ، من الله وإلی الله ، ثقة واطمئنانا ، حبا ووفاء ، التزاما وتضحیة سعادة وخلودا.

هی قصة الحضارة والمدنیة ، ومفردات الصیاغة القانونیة ، فی جمیع المیادین ، وسائر التطبیقات.

بل ، هی حروف التربیة المسؤولة ، وسطور الاقتصاد المتکافئ ، وتعابیر السیاسة الدعائیة ، وغیرها من بقیة الظواهر الحیاتیة.

- 3 -

ألیست هی لغة الإنسان الرسالی ، اللغة الأممیة الخالدة خلود شرائع الإسلام ، الهدیة الناطقة بعظمة مهدیها ، والمنزلة إلی خلیفته فی الأرض ، الذی یفترض فیه أن یکون آمالها : ثم له بعد أن یبدع بجدید المعانی ، علی ضوء من مواصفاتها ومجازاتها ...

ألیست هی لسان حال الثوار ، إسماعیل وهود وصالح محمد وخدیجة ، علی وفاطمة ، سمیة وعمار ، زینب والحسین؟!

وهل من شک ، فی أنها هی هی أصوات سائر المناضلین الأحرار ، المدویة من أجل : إحیاء المثل والقیم ، وتحقیق کرامة بنی الإنسان.

- 4 -

فیا للغة القرآن من لغة بناءة - إن هی ترکت کما أرید لها - : وفیة بشفاء الصدور ، ثریة بإعمار القلوب ، ندیة بترانیم الحب ، زخارة بأسباب الوحدة والتوحید ،

ص: 15

حنیة بتطبیب النفوس.

وما أروعها من وسیلة بیان ، ...

ما أدراک بها من وسیلة ، الضرورة تقضی بلزوم فهمها ومتابعتها ، ثم وجوب اتحاد النطق تحت لوائها.

ولکن ، ینبغی أن یفهم ومنذ البدایة ، أن لا تنافی فی الوقت نفسه ، بین وجوب الالتزام بها ، ووجوب مراعاة الخصوصیات الإقلیمیة والقومیة وغیرهما ، لتلک اللغات الإنسانیة المتوارثة من عداها ، طالما لا تتعارض ومبادئ ، خاتمة الأدیان.

وکیف لا یجب احترام تلک المتوارثة ، وهذا القرآن الکریم نفسه بین أیدینا یعد التاریخ الصادق ، لما جاء فیه - علی قول لیس بالخفی - من نماذجها.

أجل ، بورکت لغتنا ، نحن المسلمین کل المسلمین ، شعوبا وقبائل ، عربا وغیر عرب ، ما کان هناک مکان ، وأنی بقی فی البین زمان.

- 5 -

وأما المنهج الذی سوف نتبعه فی فهرسة مواد هذا المعجم ، فهو باختصار : الأخذ بالترتیب المزدوج : الاشتقاقی منه ، والهیئتی.

هو الترتیب الآتی علی کلا الحسنین ، بأن یفهرس المفردات لأجل دراستها ، ولکن بحسب جذور أسرها الاشتقاقیة ، وبذلک یحفظ للکلمة کینونیتها العائلیة.

ویفهرس الهیئات مجردة ، محالة - کما هی - علی موادها ، بحسب صورها الظاهریة ، وبذلک یتیسر استخراجها ومعرفة أصولها بنقلة واحدة ، وخاصة تلک الغربیة الاشتقاق منها ، کما هو الحال مثلا فی طائفة من مفردات افتعل ، اضطرب واضطهد ...

- 6 -

وأما الکلمة المنتخبة ، التی سنخصص لها حلقتنا هذه ، فهی : أرائک.

من حیث اشتقاقها ، باعتبارها مشتقة ، مع تحدید مادتها ، حسب موازین الصرف والصرفیین.

ص: 16

ومن حیث معانیها فی اللغة ، ثم فی القرآن والحدیث ، ومن ثم الکیفیة فی توحید تلک المعانی.

وهکذا ، إلی کل ما هو متیسر فی مقدورنا من بحث جوانبها ، وبحدود اطلاعنا من مصادرها ، والله من وراء القصد.

ثانیا : الأرائک

ونأتی علیها من خلال الحقول الآتیة :

الحقل الأول

فی : آیاتها المبارکة

حیث قد وردت فی سورة : أ. الکهف ، آیة : 31 ب. یس ، آیة : 56

ج. الإنسان ، آیة : 13 د. المطففین ، آیة 23 ، 35

الحقل الثانی

فی : المقصد والمستعمل منها

حیث لم ترد مع الأرائک ، من بقیة المشتقات من أسرتها ، غیرها.

کذلک ، فإن لفظ الأرائک ، قد ورد فی القرآن الکریم خمس مرات فقط ، وهی جمیعا فی وصف أهل الجنة (1).

الحقل الثالث

فی : الصرف ووجه التسمیة

- 1 -

هکذا وردت بصیغة الجمع لمفردة «أریکة» (2) ، وهی التی علی زنة

ص: 17


1- 1. ینظر : دراسات مقارنة فی المعجم العربی : 18 ، تألیف الدکتور یعقوب بکر ، جامعة بیروت العربیة ، سنة ، 1970 م.
2- (2) ینظر : معجم ألفاظ القرآن الکریم : م 1 ص 36

فعلیة ، مؤنث فعیل ، من الفعل : أرک بالمکان یأرک : أقام به (1).

وقد تجمع : علی : ارک ، کما یقال : سفینة وسفائن وسفن (2) ، وقد تجمع أیضا علی : أریک (3).

- 2 -

ووجه التسمیة

إما لکونها فی الأرض ، متخذة من أراک. وهو شجرة.

أو لکونها مکانا للإقامة ، من قولهم : أرک بالمکان أروکا ، وأصل الأروک الإقامة علی رعی الأراک ، ثم تجوز به فی غیره من الإقامات (4).

الحقل الرابع

فی : قائمة المعانی

وهی کما یلی :

أولا : الوسادة بلحاظ الأریکة ، والوسائد بلحاظ الأرائک (5).

وقیل : الطنفسة أو الوسادة ، وفسرت الطنفسة ب : البساط (6).

ثانیا : کل ما اتکئ علیه (7).

أو بتعبیر : کل ما یتکأ علیه ، من مسورة وغیرها (8).

أو بتعبیر : کل ما اتکئ علیه ، من سریر أو فراش أو منصة ، وفی الحدیث :

ص: 18


1- 1. ینظر : معجم الألفاظ والأعلام القرآنیة : ص 36 ، ومجمل اللغة : 1 / 181 ، وأساس البلاغة : ص 5.
2- 2. ینظر : التبیان : 8 / 468 ، والجامع لأحکام القرآن - تفسیر القرطبی - : 15 / 44.
3- 3. ینظر : دراسات مقارنة فی المعجم العربی : ص 18.
4- 4. معجم مفردات ألفاظ القرآن - مفردات الراغب الاصفهانی - : ص 12 ، وینظر التحقیق فی کلمات القرآن الکریم : 1 / 59 ، وفیه : «... من الأوقات» ، وهو تصحیف.
5- 5. ینظر : التبیان : 8 / 468 ، ومجمع البیان : 8 / 429.
6- 6. التحقیق فی کلمات القرآن الکریم : 1 / 58 - 59.
7- 7. الغریبین للهروی : 1 / 40 ، ومجمع البیان : 8 / 429.
8- (10) التبیان : 10 / 213 ، ومجمع البیان : 10 / 410 ، والمسورة : التی یتکأ علیها ، کما فی فقه اللغة وسر العربیة - للثعالبی - : ص 249

«ألا هل عسی رجل یبلغه الحدیث عنی ، وهو متکئ علی أریکته ، فیقول : بیننا وبینکم کتاب الله» (1).

ثالثا : السریر ، بلحاظ الأریکة ، والأسرة ، والأسرة ، بلحاظ الأرائک (2).

قال ذو الرمة :

خدود جفت فی السیر حتی کأنما

یباشرن بالمعزاء مس الأرائک (3)

وجفت ، أی : خشنت وصلبت.

والمعزاء : الأرض الغلیظة ، فیها حصی (4).

یقول : من شدة الحاجة إلی النوم ، یرون الأرض الصلبة ذات الحجارة مثل الفرش علی الأرائک - وهی : السرور - ، ویروی : «خدودا» ، علی أنه مفعول لفعل فی البیت قبله (5).

رابعا : مقعد منجد یجلس علیه ، ویکون محوطا بالستائر والزینة (6).

خامسا : الفرش فی الحجال.

أو بتعبیر : الفرش فوق الأسرة (7).

سادسا :

أ - سریر فی حجلة.

أو بتعبیر : السریر فی الحجلة ، أو : الأسرة فی الحجال ، أو : سرر فی الحجال ، أو : السریر فی الحجلة ، من دونه ستر ، ولا یسمی منفردا أریکة (8).

یقول ابن فارس : سمعت علی بن إبراهیم القطان ، یقول : سمعت ثعلبا ، یقول :

ص: 19


1- 1. النهایة فی غریب الحدیث والأثر : م 1 ص 40 ، وینظر : معجم ألفاظ القرآن الکریم : م 1 ص 36.
2- 2. التبیان : 7 / 40.
3- 3. المصدر نفسه : 7 / 40 ، و 8 / 468 ، وینظر : دیوان ذی الرمة : ص 442 ، ومجاز القرآن : 1 / 401 ، وتفسیر الطبری : 15 / 148 ، ومجمع البیان : 6 / 466.
4- 4. التقفیة فی اللغة : ص 46.
5- (15) الجامع لأحکام القرآن : م 10 ح 19 ص 137 (الهامش)
6- 6. معجم الألفاظ والأعلام القرآنیة : ص 36.
7- 7. ینظر : التبیان : 7 / 40 ، ومجمع البیان : 10 / 410 ، والجامع لأحکام القرآن : م 5 ح 10 ص 398.
8- (18) ینظر : معجم مقاییس اللغة : 1 / 84 ، والغریبین : 1 / 40 ، والتبیان ، 7 / 40 ، و 10 / 213 ، والنهایة : 1 / 40

الأریکة لا تکون إلا سریرا منجدا فی قبة ، علیه شواره ونجده (1).

ب - الحجال فیها الأسرة (2).

ج - وهذه التعابیر ، فی «أ» و «ب» ، کلها تؤول إلی مؤدی واحد ، تتحد فیه : فی وسطه «فی» ، ثم تتوزع بعد ذلک ، لتتبادل المراکز فی طرفیه ، فی مقومیه «السریر» و «الحجلة».

وهذه المداعبة فی الألفاظ - إن صح مثل هذا القول - ولعلها من قبیل کون الحرکة والاتجاه :

تارة من السریر - وهو الداخل فی - ، یمشی برجلیه إلی الحجلة - وهی المدخول فیها - وتارة من الحجلة - وهی المدخول فیها - تقبل بوجهها علی السریر فی مکانه ، فتحتضنه لیدخل فیها.

بل ، لعله من حیث التقدیم والتأخیر ، من قبیل ما فی التعبیر القرآنی - وما أروعه - :

«... متکئین علی سرر مصفوفة ...» ، فی سورة الطور ، آیة : 20.

و «... سررا علیها یتکئون ...» ، فی سورة الزخرف ، آیة : 34.

نعم ، فبورکت من حجلة مسرات ، علی اسم الله ، وباسم الله ، وفی حب الله.

نعم ، وعندها یحلو القول : أریکة ویا لک من أریکة ، فی شرعة التقی والنهی.

د - وأما الحجلة - بالتحریک - ، فهی : «بیت کالقبة یستر بالثیاب ، وتکون له أزرار کبار ، وتجمع علی حجال».

وأما الأعشی ، فقد أنشد :

بین الرواق وجانب من سترها

منها وبین أریکة الأنضاد

أی : السریر فی الحجلة (3).

ص: 20


1- 1. مجمل اللغة : 1 / 181 ، وینظر : الصاحبی فی فقه اللغة : ص 98.
2- 2. مجمع البیان : 10 / 410.
3- 3. النهایة : 1 / 346 ، وفی دیوان الأعشی ، القصیدة 16 ، البیت الرابع.

والأنضاد : جمع نضد : وهو ما یوضع الثیاب (1).

سابعا :

أ - الحجال علی السرر (2).

یقول ابن فارس : «الأریکة : الحجلة علی السریر ، لا تکون إلا کذلک» (3).

ب - السرر علیها الحجال (4).

ج - وأغلب الظن : أن التوجیه هنا ، لما بین تعبیری «أ» و «ب» ، من تقدیم وتأخیر ، هو من قبیل ما ذکر ، فی رقم «سادسا» السابق.

ولعله یراد به فی «أ» : جلب الانتباه إلی الحجال ، لحکمة اقتضته مهمة الکاتب.

ولعله یراد به فی «ب» : لفت النظر إلی السرر ، لغایة فی نفس یعقوب ، کما یقولون.

د - وأما الطرفة بین تعبیر : «السرر فی الحجال» ، وتعبیر «الحجال علی السرر» فیما أحسب ...

نعم ، فالأمر فیما یبدو من قبیل : الفرق بین البناء العمودی ، والبناء الأفقی ، من قبیل : الشقق فی عمارة ، والبیوت متجاورة.

بلی ، هو من قبیل : داخل ومدخول فیه ، فی خط أفقی.

وفوق وتحت ، فی خط عمودی.

====

(25) مجمع البیان : 8 / 429

ص: 21


1- «الرواق : مقدم البیت. الأنضاد : جمع نضد ، وهو ما نضد من متاع : أی ما جعل بعضه فوق بعض. سترها : ستر الحبیبة. فیها : فی الخیمة.
2- 2. ینظر : فقه اللغة وسر العربیة - طبع البابی الحلبی - : ب 23 ف 18 ص 250 ، والنهایة فی غریب الحدیث والأثر : 5 / 71 ، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن : ص 517.
3- 3. التبیان : 8 / 468.
4- 4. مجمل اللغة : 1 / 181.

ه - ثم إن الشیخ الطوسی - رحمه الله - قال : «الحجلة ، کالقبة علی الأسرة» (1).

بینما الشیخ الثعالبی یقول : «ولا یقال : أریکة ، إلا إذا کان علیها حجلة ، وإلا ، فهی سریر» (2).

کما قال نفسه أیضا : «فصل فی السریر ... ، فإذا کان للعروس وعلیه حجلة ، فهو أریکة» (3).

الحقل الخامس

فی : هویة الکلمة

- 1 -

قیل : إن لفظ الأرائک من کلام أهل الیمن ، حیث نقل عن الحسن البصری قوله : «کنا لا ندری ما الأرائک ، حتی لقینا رجلا من أهل الیمن ، فأخبرنا : أن الأریکة عندهم : الحجلة فیها سریر» (4).

- 2 -

وذکر السیوطی : أن ابن الجوزی حکی فی کتابه «فنون الأفنان فی علوم القرآن» : إن الأرائک هی السرور بالحبشیة.

ونقول : إنه لیس فی حبشیة شئ؟ من ذلک (5).

- 3 -

وقال یعقوب بکر : ویزعم جفری : ص 53 : أن لفظ الأرائک من أصل

ص: 22


1- 1. التبیان : 10 / 302.
2- 2. فقه اللغة وسر العربیة : ب 3 ق 1 ص 50.
3- 3. المصدر نفسه : ب 23 ف 18 ص 250.
4- 4. الصاحبی - طبعه الشویمی بیروت 1964 م - : ص 58.
5- (30) ینظر : الإتقان فی علوم القرآن : 1 / 137

إیرانی «مفقود».

ولکن ، «مادة أرک» ، التی اشتقت منها «أریکة» ، «عربیة سامیة» (1).

- 4 -

وأقول : هی عربیة.

وذلک ، لوجود جذرها واشتقاقاتها ومصادیق خارجیة لهیئاتها ومعانیها ، کما أسلفنا فی ذکر البعض منها.

علما ، بأن قولنا هذا ، لا یتنافی وکونها مستعملة یمانیة وحبشیة ، وحتی فارسیة  - هذا علی فرض صحة ما استدل به علیها -.

حیث أن هجرة اللغات وتزاوجها ، هو أمر واقع منذ القدم فی التاریخ ، وحتی یومنا الحاضر.

کما أن له من واقعنا المعاصر ، أکثر من مثال ومثال ومثال.

- 5 -

هذا ، إذا لم نذهب مع من یقول : إن اللغة العربیة منشأ اللغات الحیة ، کل اللغات.

وأما علی مقولة من یقول : إن إسماعیل وإسحاق ، رجلی اللغتین - والحدیث هنا عنهما - العربیة والفارسیة ، هما ولدا الخلیل (علیهم السلام) وإن خلیل الله نبی عربی ، فالمسألة عندئذ بمثل هذا الرجوع التاریخی محلولة.

- 6 -

وبالمناسبة ، فإن فی النفس شئ من مقولة البصری - إن صح النقل عنه - : «کنا لا ندری ...».

ص: 23


1- (31) دراسات مقارنة فی المعجم العربی : ص 19

حیث أنی أعتقد : أن الدرایة فی لغة القرآن ، وروایة کل ما یمت لها بصلة ، حصلت تامة شاملة ، فی زمن الرسول نفسه (صلی الله علیه وآله وسلم).

نعم ، کونها غامت ، أو حصل لها ما یحجبها ، فتلک مسألة أخری.

ولکن ، من جهة ثانیة ، الأمر جد بسیط وسهل ، إن هو بحث عنه عند الآخذین بحجزة من لا ینطق عن الهوی ، وخاصة عند أئمة العصمة (علیهم السلام).

وهم جمیعا بلا شک موجودون ، والبصری - وأمثاله - لا یخفی علیه ذلک ، إن صدق ما نسب إلیه.

الحقل السادس

فی : توحید الأصول

والبحث فیه بحث عن :

أ - مقولة ابن فارس

قال ابن فارس : «الهمزة والراء والکاف : أصلان ، عنهما یتفرع المسائل : أحدهما : شجر

والآخر : الإقامة» (1).

وقال أیضا : «... والأصل الثانی : الإقامة ، حدثنی ابن البستی ، عن ابن مسبح ، عن أبی حنیفة ، قال :

جعل الکسائی : الإبل الأراکیة ، من الأروک ، وهو : الإقامة.

قال أبو حنیفة : ولیس هذا مأخوذا من لفظ الأراک ، ولا دالا علی أنها مقیمة فی الأراک خاصة ، بل ، هذا لکل شئ ، حتی فی مقام الرجل فی بیته ، یقال : منه «أرک یأرک ویأرک أروکا ، وقال کثیر فی وصف الظعن :

وفوق جمال الحی بیض کأنها

علی الرقم أرآم الأثیل الأوارک

والدلیل علی صحة ما قاله أبو حنیفة ، تسمیتهم السریر فی الحجلة : أریکة» (2).

ص: 24


1- 1. معجم مقاییس اللغة : م 1 ص 83.
2- (33) المصدر نفسه : م 1 ص 84

ب - مقولة الراغب الاصفهانی

قال الراغب : «وأصل الأروک : الإقامة علی رعی الأراک ، ثم تجوز به فی غیره من الإقامات» (1).

ج - مقولة الدکتور یعقوب بکر

قال الدکتور : وتدل مادة «أرک» علی معنی الطول ، فی کثیر من اللغات السامیة ، ونلحظ هذا المعنی فی هذا الجزء من مادة «أرک» کما أوردها صاحب اللسان :  «أرک الرجل بالمکان یأرک ویأرک أروکا ، وأرک ، أرکا ، کلاهما : أقام به.

وأرک الأمر فی عنقه : ألزمه إیاه» ، فلعل معنی الطول لوحظ فی الأریکة بالمعنی المذکور ، فهی مبسوطة ممدودة (2).

کما یعقب علی تعلیل الراغب الاصفهانی : «... أو لکونها مکانا للإقامة» ، یعقب بقوله : «والإقامة کما قلنا فیها معنی الطول» (3).

د - مع الدکتور وطول الإقامة

وأقول : إنی وإن کنت أتفق والأستاذ الدکتور ، من حیث التأصیل إلی المعنی الواحد.

بید أنی أعتقد : أن المصیر إلی «إقامة» ، هو أدل معنی وأکثر واقعیة وأشد جاذبیة وحیویة.

ناهیک عن ضرورة مراعاة المفهومیة ، فی الصیرورة إلی معنی الطول ، حیث هی تتسع فی أبعادها للطول وغیره ، کما سنری.

بل : وهذا البعد یفهم کذلک من نفس نص الدکتور ، حیث یقول : «والإقامة کما قلنا فیها معنی الطول».

ه - مقولة المصطفوی

قال الأستاذ : «والذی یظهر من هذه الکلمات ، ومن موارد استعمال هذه المادة :

ص: 25


1- 1. معجم مفردات ألفاظ القرآن : ص 12.
2- 2. دراسات مقارنة فی المعجم العربی : ص 19.
3- (36) المصدر نفسه

أن الأصل الواحد فیها : هو الإقامة والسکون ، والأریکة - فعیلة - : ما یقام ویهیأ ، کالفریضة : لما یفرض من الحکم والصدقة ، والسکینة : لما یسکن من الوقار والطمأنینة ، والحدیقة : لما یطاف ویحاط.

ومن هذا المعنی ، ما یقام ویهیأ ویزین للعروس ، حتی تقوم فیها ما کانت عروسا.

فهذا المعنی یشمل مجموع ما یهیأ بهذا المنظور ، من السریر والفرش والکرسی والبساط والستر ، ویعبر عنها بالحجلة ، فتخصیص الأریکة بالسریر أو بالبساط أو الفراش أو غیرها ، غیر وجیه.

ولا یبعد أن یکون الأراک : وهو الشجر الذی یستاک بفروعه وأطیب ما رعته الماشیة ، أیضا مأخوذا من هذا المعنی.

فاللفظ فی الأصل ، کان صفة علی وزن جبان.

أو مصدرا ، ومعناه : المقیم الساکن ، باعتبار کون الشجرة خضراء ناعمة ، کثیرة الورق والأغصان ، أو باعتبار إقامة الناس عندها لاتخاذ المساویک ، والماشیة للرعی ، فهو بمعنی المفعول» (1).

و - کلمة تعقیب

وحیث أن الصیاغة فارسیة بعض الشئ ، فی نص الأستاذ المصطفوی ، فلذا جاء کلامه مغلقا إلی حد ما ، ...

ذلک أن عبارة : «هو الإقامة والسکون» ، یبدو من الأفصح أن تکون «الإقامة والسکنی».

وعبارة : «حتی تقوم فیها» ، تبدل إلی : «حتی تقوم فیه».

وعبارة : «بهذا المنظور» ، تبدل إلی «بهذا المنظار».

وعبارة : «غیر وجیه» ، تبدل إلی : «ترجیح من غیر مرجح».

وعبارة «وأطیب ما رعته الماشیة» ، إلی : «وهو أطیب ما رعته الماشیة».

* * *

ص: 26


1- (37) التحقیق فی کلمات القرآن الکریم : م 1 ص 59 - 60

الحقل الأخیر

فی : الرأی المختار

وأستعرضه من خلال ما یأتی :

- 1 -

ومن البدایة حیث المبحوث عنه :

أصلان ، کما هو الحال عند ابن فارس ، والذی هو - بحدود اطلاعی - : الرائد لفکرة تأصیل المفردات ، علی مستوی معجمی :

وأصل واحد ، کما یستشف من کلام الدکتور یعقوب بکر ، وإن کان بمعنی الطول فیما یری.

وأصل واحد ، کما هو الحال عند المصطفوی ، والذی هو - بحدود اطلاعی أیضا - أول من یوحد بین ذینک الأصلین ، المنقولین عن ابن فارس.

وحقیقة ومجاز ، کما یفهم من قول الراغب الاصفهانی ، باعتبار : أن الإقامة هی الأصل ، وما عداه تجوز به.

هکذا یبدو.

- 2 -

ویبدو لی : أن الوسط ، وهو الذی یذهب إلی کون الأصل واحدا ، هو الأضبط.

کما وأنه بتعبیر آخر : یرادف الحقیقة.

- 3 -

نعم ، الحقیقة تکمن فی البدایة ، وهی الأصل.

نعم ، تبدأ من : أرک - أروکا ... ، فی معنی : الإقامة.

ثم صارت إلی المشتقات ...

ثم تجسدت شعارا فی الشجر الأراک ، تحمل حروف الفعل ، الشجر ذی

ص: 27

المواصفات المعینة : باعتباره عاملا مساعدا ومشجعا علی السکنی والاستقرار ولو وقتیا.

وذلک ، نظرا لأهمیته الخاصة ، فی سکن الإنسان ، وانتفاعه منه صحیا ومعیشیا ، وبالخصوص ، فی وسط صحراوی قاحل ، بساطه الرمضاء ، وظلاله الشمس المحرقة ، ونسیمه السموم اللاهبة.

أجل ، تکون فیه مثل هذه الشجرة المسواک ، الوارفة الضلال نسبیا ، ما أعزه وأثمنه من مسکن یقام فیه ، طلبا للراحة ، ومأکلا للراحلة.

وهل یقوی البدوی فی صحرائه علی الإقامة ، فی غیر الأراک ، وفی أرائک الأراک؟!

- 4 -

وهکذا انتقلت عدوی الإقامة ، من فعل الأراک ، إلی شجر الأراک ، إلی کل أریکة یستریح إلیها الإنسان ، کل حسب ظروفه المادیة ، ومقوماته الحضاریة ، وعاداته البلدیة.

فأریکة الفقیر غیر أریکة متوسط الحال ، وهی عند متوسط الحال غیرها عند الثری.

ثم هی فی الصحراء غیرها فی الریف ، وفی الریف غیرها فی المدینة ، بل ، هی المدن ذاتها تتفاوت فی أرائکها.

ناهیک عن دور الذوق ، وبلهنیة العیش ، ونفس ساکن الأریک فی إقبال الدنیا علیه ... ، کل له مدخلیته فی التنویع ، والتزویق ، والتجمیل.

فأریکة المحبوب غیر أریکة السلطان.

وأریکة التقی غیر أریکة الشیطان.

وأریکة الجائع غیر أریکة الشبعان.

وأریکة الأراک غیر أریکة الأرضین «ما بین صنعاء إلی أیلة وما بین عدن إلی الجابیة» (1) فی تراث الأقدمین.

وأریکة الأرضین غیر أریکة جنان الخالدین ، فتلک لئن کانت مصنوعة - وربما

ص: 28


1- (38) الجامع لأحکام القرآن : م 5 ح 10 ص 398

کان أصل سریرها من الأراک - من الخشب والفرش والثیاب ...

فإن هذه المعدة للمؤمنین المتقین ، معمولة من الذهب ، وهی مکللة بالدر والیاقوت ... (1).

- 5 -

لیس هذا فقط ، مصادیق حسیة ومعنویة ، علی تنویع الأرائک ، بعد استفادة معنی الإقامة منها.

وإنما الإقامة تستفاد من نفس الصیغة ، حیث أن صیغة فعیل ، هی واحدة من الصفات التی استعملتها العرب ، وأقرها القرآن الکریم ، وأنها تعنی فیما تعنی : الدلالة علی ثبوت النسبة.

طبعا ، الإقامة المستفادة هنا هی : الإقامة المکانیة.

- 6 -

وهکذا نعود إلی عالم المعانی.

فبلحاظ الوسادة والفرش والسریر ، فإطلاق الأریکة علیها ، من باب إطلاق الکل علی الجزء.

وبلحاظ «السریر فی الحجلة» فإن إطلاق الأریکة علیها ، إنما هو من حیث کون العلاقة بین «السریر» و «الحجلة» هی علاقة داخل ومدخول فیه.

وبلحاظ «الحجلة علی السریر» ، فإن إطلاق الأریکة علیها ، إنما هو من حیث کون العلاقة بین «الحجلة» و «السریر» ، هی علاقة فوق وتحت.

- 7 -

ثم هی الأریکة ، إن هی نظر إلیها ، بلحاظ فعل الأروک ، الذی استعمل فی إرادة الإقامة حقیقة.

ص: 29


1- (39) ینظر : المصدر السابق نفسه ، والتبیان : 10 / 302

فهی من قبیل المجاز «المحقق» ، إن جاز مثل هذا التعبیر ، بمعنی : أنها صیرت حقیقة ، بعد ما کانت أساسا مجازا ، حیث هی أحد مصادیق طیب الإقامة.

وعلیه ، فالفرق بین أریکة المجاز المحقق ، وفعل أروک الإقامة ، إنما هو من قبیل الفرق بین المفهوم والمصداق ، کما هو متعارف بین الأصولیین والمناطقة.

لیس هذا فقط ، وإنما وصل الحال عند من یعیش عیشة الأرائک ، أن اضرب عنده عن ذلک المعنی المجازی ونسی ، بل تسنم مرتبة الحقیقی ، بینما ذلک الفعل الحقیقی ، تسافل مع الأیام عن واقعه الأصلی ، لیعیش غریبا فی ذمة التراث.

- 8 -

وأما المعنی المجازی ، فی أرائک القرآن الکریم ، تلک التی أعدت للمتقین ، فهو الذی سیصار به إلی حقیقة الحقیقة.

وهذا هو بیت القصید ، حیث یرکز کتاب الله ، علی ذلک الحلم ، الذی سیکون حقیقة ، فتکون الأرائک حیالها :

أرائک ، نعم الثواب ...

أرائک ، لم شمل الأحبة ...

أرائک ، نظرة النعیم ...

أرائک ، لا شمس ولا زمهریر ...

أرائک ، استعراض التثویب ...

بل ، تلک هی الأرائک المطمح ، والتی تتصاغر عندها أرائک الملوک وأرباب الملوک وحفدة الملوک ، ومن تشبه بهم ...

وتنکسف قبالها : کل الألوان المبهرجة ، والأضواء المزیفة ، کل ما یمت إلی هذه الحیاة - أعنی غیر المشروعة - الدنیا بصلة.

فتستریح عندها الأوردة المذبوحة ظلما ، والقلوب المتعبة قسرا ، والکرامات المهدورة تجبرا ، والأعصاب المرهقة عدوا.

وإنما هی ظلال ونسائم وأحادیث الحبیب.

وعندها یحلو وصل الحبیب ، حبیب الرحمن.

ص: 30

فتحقق کلمات السلام.

فکل الوجود یصفق لأرائک السلام ویقول : یا سلام!

للبحث صلة ...

ص: 31

موقف الشیعة من هجمات الخصوم

وخلاصة عن کتاب عبقات الأنوار

السید عبد العزیز الطباطبائی

نشأ الصراع الفکری حول خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام واستحقاقه لها منذ عهد الصحابة ، ومن نماذج ذلک ما کان یجری من محاورات بین عمر وابن عباس (1) ثم تطور هذا الصراع الفکری حیث کان الواجهة النظریة للصراع السیاسی ، فسرعان ما تطور إلی صراع دموی وملاحقة لشیعة علی علیه السلام ومحبیه بالقتل والإبادة ، وذلک منذ عهد معاویة والحکم الأموی حتی القرن الخامس والعهد السلجوقی.

وإلیک نماذج للعهدین :

فمما فی عهد معاویة ما رواه المدائنی فی کتاب «الأحداث» ، قال : «ثم کتب [معاویة] إلی عماله نسخة واحدة إلی جمیع البلدان : أنظروا من قامت علیه البینة أنه یحب علیا وأهل بیته ، فامحوه من الدیوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه.

وشفع ذلک بنسخة أخری : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنکلوا به ، واهدموا داره ...» (2).

وأما فی العهد السلجوقی - بل ومن قبله نحو قرن - کانت المعارک الدمویة والمجازر الطائفیة تتجدد فی بغداد کل سنة ، خاصة فی شهری محرم وصفر ، حیث کانت الشیعة تعقد مجالس العزاء للحسین علیه السلام وتقیم له المآتم فتثور ثائرة أشیاع

موقف الشعة من هجمات الخصوم السد عبدالعزز الطباطبائی

ص: 32


1- 1. راجع : تاریخ الیعقوبی 2 : 149 و 259 ، تاریخ الطبری 4 : 227 ، شرح ابن أبی الحدید 1 : 189 و 194 و 2 : 57.
2- (2) شرح ابن أبی الحدید 11 : 45

آل أبی سفیان فتهاجمهم بالقتل والحرق والنهب.

راجع «المنتظم» لابن الجوزی ، و «الکامل» لابن الأثیر ، و «عیون التواریخ» لابن شاکر ، و «مرآة الزمان» لسبط ابن الجوزی ، و «تاریخ الإسلام» للذهبی ، و «البدایة والنهایة» لابن کثیر ، وغیرها من المصادر التاریخیة التی تتحدث عن الحوادث والکوارث حسب السنین سنة فسنة.

وفی بعض تلک السنین کانت الکارثة تتجاوز الأحیاء إلی الاعتداء علی الأموات وقبورهم ، ومن الشیعة إلی الأئمة علیهم السلام أنفسهم.

یقول سبط ابن الجوزی فی حوادث سنة 443 ه - بعد ما یؤرخ ما دار فیها من المعارک الدامیة والفظیعة - :

وأتی جماعة إلی مشهد موسی بن جعفر رضی الله عنهما فهبوه وأخذوا ما فیه ، وأخرجوا جماعة من قبورهم فأحرقوهم مثل العونی الشاعر والناشئ والحدوجی ، وطرحوا النار فی ضریح موسی ومحمد ، فاحترق الضریحان والقباب الساج ، وحفروا ضریح موسی لیخرجوه ویدفنوه عند الإمام أحمد بن حنبل!! (1)

وتکرر إحراق مشهد الإمامین علیهما السلام فی عام 448 ه أیضا ، قال فی  «مرآة الزمان» : «وفی صفر کبست دار أبی جعفر الطوسی فقیه الشیعة بالکرخ وأخذ ما کان فیها من الکتب وغیرها ، وکرسی کان یجلس علیه للکلام ، ومناجیق بیض کان الزوار من أهل الکرخ قدیما یحملونها معهم إذا قصدوا زیارة المشهدین ، فأحرق الجمیع فی سوق الکرخ ...

وفی مستهل ربیع الآخر قصد الزهری وابن البدن وجماعة من أهل باب البصرة والحربیة ونهر طابق ودرب الشعیر والعلایین مشهد موسی بن جعفر ومعهم فیه [کذا] بقصائد فی حریق المشهد وسنموا قبور المشهد وفعلوا کل قبیح ، وانتقل العلویون منه ولم یبق فیه إلا القلیل ، فمن القصائد :

یا موقد النیران فی المشهد

بورک فی کفیک من موقد!

ص: 33


1- (3) وراجع «الکامل» لابن الأثیر ، حوادث 443 ه ، ج 9 ص 57 - 577 ، قال : «وجری من الفظائع ما لم یجر مثله فی الدنیا»

(إلی آخر القصیدة) ، ومن أخری :

سل دارسات الطلول

کم بینها من قتیل

(إلی آخرها) ، قال :

وفی ثامن ربیع الآخر عاد الزهری وابن البدن والجماعة المقدم ذکرهم إلی المشهد وسنموا ضریح موسی بن جعفر والجواد وجمیع القبور ، وصعد علی ضریح الإمام رجل وقال : یا موسی بن جعفر ، إن کنت تحب أبا بکر وعمر فرحمک الله ، وإن کنت تبغضهما ف ...

وصعد آخر یعرف بابن فهد فرکض علیه ، فیقال إنه انتفخت قدماه ...».

ونعود فنقول : إنهم قد :

أسفوا علی أن لا یکونوا شارکوا

فی قتله فتتبعوه رمیما

ولسنا نؤرخ هذا النوع من الصراع اللا إنسانی ، وإنما أشرنا إلیه کی نبرهن أن الیأس من الغلبة الفکریة تلجئ الیائس البائس إلی ...؟ نعم ، ظهر فی النصف الأول من القرن الثالث کتاب «العثمانیة» للجاحظ یهاجم فیه الشیعة ، وینکر الضروریات ، ویجحد البدیهیات ، کمحاولته لجحود شجاعة أمیر المؤمنین علیه السلام! مما وصفه المسعودی بقوله فی مروج الذهب 3 : 237 : «طلبا لإماتة الحق ومضادة لأهله ، والله متم نوره ولو کره الکافرون».

فسرعان ما انثالت علیه ردود کثیرة ، ونقضه علیه قوم حتی من غیر الشیعة وممن یشارکه فی نحلته ، بل نقضه الجاحظ هو بنفسه ، فإنه کان صحفیا یستخدم لأغراض إعلامیة لقاء أجور معینة ، فیکتب الیوم شیئا ویکتب فی غده خلاف ذلک الشئ بعینه ..

ولعله کان هو أول من نقضه ، فقد ذکر له الندیم فی «الفهرست» ص 210 کتاب «الرد علی العثمانیة» وهذا غیر کتابة الآخر «فضل هاشم علی عبد شمس» (1).

وما إن ظهر الکتاب - العثمانیة - إلا وانثالت الردود علیه فی حیاة الجاحظ

ص: 34


1- 1. أنظر کتاب «الفهرست» للندیم ص 209 ، وأدرجه القیروانی فی «زهر الآداب» 1 : 59 ، والأربلی فی  «کشف الغمة» ، والقندوزی فی «ینابیع المودة فی الباب 52.

من کل حدب وصوب ، ومن کل الطوائف المسلمة ، فمنها - سوی ما تقدم - :

2 - «نقض العثمانیة» لأبی جعفر الإسکافی البغدادی المعتزلی ، المتوفی سنة 240 ه ، وقد نشره ابن أبی الحدید فی شرحه لنهج البلاغة ، وطبع مستقلا مع «العثمانیة» فی مصر.

3 - «نقض العثمانیة» لأبی عیسی الوراق محمد بن هارون البغدادی ، المتوفی سنة 247 ه.

4 - «نقض العثمانیة» لثبیت بن محمد أبی محمد العسکری ، مؤلف «تولیدات بنی أمیة فی الحدیث» [النجاشی رقم 299 ، الذریعة 24 : 288].

5 - «نقض العثمانیة» للحسن بن موسی النوبختی ، ذکره المسعودی فی مروج الذهب 3 : 238.

6 - «الرد علی العثمانیة» لأبی الأحوص المصری المتکلم [الذریعة 10 : 211].

7 - «نقض العثمانیة» للمسعودی ، مؤلف مروج الذهب ، قال فیه 2 : 338 : «وقد نقضت علیه ما ذکرناه من کتبه ککتاب العثمانیة وغیره ، ونقضها جماعة من متکلمی الشیعة ... والمعتزلة تنقض العثمانیة ..».

8 - «نقض العثمانیة» للمظفر بن محمد بن أحمد أبی الجیش البلخی المتکلم ، المتوفی سنة 367 ه [النجاشی : رقم 1128 ، الذریعة 24 : 289].

9 - «نقض العثمانیة» لأبی الفضل أسد بن علی بن عبد الله الغسانی الحلبی (485 - 534 ه) عم والد ابن أبی طی الحلبی [لسان المیزان 1 : 383].

10 - «بناء المقالة الفاطمیة (العلویة) فی الرد علی العثمانیة» للسید ابن طاووس وهو جمال الدین أبو الفضائل أحمد بن موسی الحسنی الحلی ، المتوفی سنة 673 ه.

====

«لغة العرب» البغدادیة 9 : 414 - 420 بعنوان «تفضیل بنی هاشم علی من سواهم»

ص: 35

نسخة منه مکتوبة فی حیاته بخط تلمیذه ابن دواد - صاحب «الرجال» - فرغ منها فی شوال سنة 665 ه ، فی مکتبة الأوقاف فی بغداد ، رقم 6777.

وعنها مصورة فی المکتبة المرکزیة بجامعة طهران ، رقم الفلم 976 ، کما فی فهرس مصوراتها 1 : 291.

ونسخة فی کلیة الحقوق فی جامعة طهران ، کتبت سنة 1091 ه ، رقم 70 د ، ذکرت فی فهرسها ص 261.

وعنها مصورة أیضا فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم الفلم 1375 ، مذکورة فی فهرسها 1 : 291.

ونسخة فی مکتبة السید الحکیم العامة ، فی النجف الأشرف ، رقم 462 ، کتبت سنة 1347 ه.

وطبعته دار الفکر الأردنیة فی عمان سنة 1405 ه ، فی جزءین بتحقیق الدکتور إبراهیم السامرائی.

وحققه العلامة السید علی العدنانی وسوف یقدمه للطبع قریبا إن شاء الله تعالی.

ویستمر الصراع الفکری والحرب الباردة بین الطوائف المتخاصمة والمبادئ المتضاربة وإن تخللتها نماذج من الصراع الدموی.

وموقف الشیعة کان فی هذه القرون الأربعة من کل ذلک موقف الدفاع وصد الهجمات ، فظهرت الکتب تهاجم الشیعة ، وألف الشیعة کتبا ترد علیها وتدافع عن مبدئها وکیانها.

وإلیک نماذج من ذلک ، ولا نذکر لکل قرن إلا نموذجا واحدا فإنه لا مجال هنا لأکثر من ذلک ، وأما استیعاب ذلک فیملأ مجلدات ، وربما کان ما یخص قرننا الذی نعیش فیه یشکل بمفرده مجلدا! إذ صدر أخیرا فی الباکستان وحدها زهاء مائتی کتاب یهاجم الشیعة! وإلی الله المشتکی.

ففی القرن السادس

کتب بعض أحناف الری من بنی المشاط - وجبن أن یصرح باسمه - کتابا

ص: 36

سماه «بعض فضائح الروافض» هاجم فیه الشیعة وتحامل علیهم ، فرد علیه معاصره نصیر الدین عبد الجلیل القزوینی الرازی بکتاب سماه «بعض مثالب النواصب» نقض علیه کل ما جاء به وفنده واشتهر باسم «النقض» وهو مطبوع مرتین بتحقیق المحدث الأرموی رحمه الله.

ومنه مخطوطة فی مکتبة البرلمان الإیرانی السابق ، کتبت فی القرن الثامن.

وفی القرن السابع

منی الناس بالغزو المغولی فذهلوا عن کل شئ.

وفی القرن الثامن

ظهر ابن تیمیة فتحدی کل المذاهب وعارضها ، فکفره أعلام عصره ، وألف  - فیما یخص الشیعة - کتاب «منهاج السنة» فدلل علی جهله وانحرافه عن علی علیه السلام ، وبغضه له ، وهو آیة النفاق.

فکتب بعض معاصریه کتابا فی الرد علیه سماه «الانصاف والانتصاف لأهل الحق من الإسراف» تم تألیفه سنة 757 ه.

ونسخة عصر المؤلف موجودة فی مکتبة الإمام الرضا علیه السلام فی مشهد ، برقم 5643.

ونسخة أخری فی دار الکتب الوطنیة فی طهران (کتابخانه ملی) ، رقم 485 ع.

وأخری فی کلیة الحقوق بجامعة طهران ، رقم 130 ج.

وفی القرن التاسع

ألف یوسف بن مخزوم الأعور الواسطی کتابا هاجم فیه الشیعة ، وهو الذی ترجم له السخاوی فی الضوء اللامع 10 : 338 وقال : «یوسف الجمال أبو المحاسن الواسطی الشافعی ، تلمیذ النجم السکاکینی ...

رأینا له مؤلفا سماه : الرسالة المعارضة فی الرد الرافضة».

ص: 37

فرد علیه الشیخ نجم الدین خضر بن محمد الحبلرودی (1) فی سنة 839 ه فی الحلة فألف کتابا سماه «التوضیح الأنور بالحجج الواردة لدفع شبه الأعور» (2).

وکتب بعد ذلک بسنة - سنة 840 ه - فی الحلة أیضا الشیخ عز الدین الحسن بن شمس الدین محمد بن علی المهلبی الحلی کتابا فی الرد علی الأعور بأمر الشیخ جمال الدین ابن فهد ، وسماه «الأنوار البدریة فی کشف شبه القدریة» (3).

وفی القرن العاشر

ألف ابن حجر الهیتمی - المتوفی سنة 973 ه - کتابه «الصواعق المحرقة» ألفه سنة 950 ه فی مکة المکرمة وقد أثارته کثرة الشیعة والرافضة بها کما ذکر فی خطبة الکتاب.

فرد علیه فی الدیار الهندیة القاضی نور الله التستری ، الشهید سنة 1019 ه بکتاب سماه «الصوارم المهرقة» وقد طبع فی إیران سنة 1367 ه وأعید طبعه بالأفست فیها أیضا مؤخرا.

ورد علیه بالدیار الیمنیة أحمد بن محمد بن لقمان ، المتوفی سنة 1029 ه بکتاب سماه «البحار المغرقة» ذکره الشوکانی فی البدر الطالع 1 : 118.

وفی القرن الحادی عشر

طمع السلطان مراد الرابع العثمانی (1032 - 1049 ه) فی العراق - وکان تحت سلطة الدولة الصفویة - فعزم علی حرب إیران وهو یعلم أنه لا قبل له بالحکم الصفوی ، فلجأ إلی إثارة الطائفیة من جدید ، واستنجد بعلماء السوء علماء البلاط ، لیفتوه بجواز إثارة الحرب الداخلیة بین المسلمین ، وإباحة سفک الدماء المحرمة وقتل النفوس

ص: 38


1- 1. حبلرود : من قری الری ، فی شرقیها ، فی طریق مازندران (طبرستان).
2- 2. منه نسخة کتبت سنة 1001 ه ، فی مکتبة أمیر المؤمنین علیه السلام العامة فی النجف الأشرف.
3- (7) منه نسخة فی مکتبة آیة الله الحکیم العامة فی النجف الأشرف ، رقم 197

المحترمة ، فلم یجرأ أحد منهم علی ذلک إلا شاب (1) یدعی نوح أفندی ، من أذناب المنافقین ، ومن دعاة التفرقة ، حریص علی الدنیا ، فأفتی حسب ما یهواه السلطان وباع دینه دنیا غیره ، فأصدر فتوی بتکفیر الشیعة تحت عنوان : من قتل رافضیا واحدا وجبت له الجنة!! سببت قتل عشرات الألوف ، فدارت رحی الحرب الداخلیة تطحن المسلمین من الجانبین طیلة سبعة أشهر ، ابتداء من 17 رجب سنة 1048 - 23 محرم سنة 1049 = 15 / 11 / 1638 - 17 / 5 / 1639 حیث عقدت معاهدة الصلح فی مدینة قصر شیرین وأدت إلی انتهاء الحرب.

ولکن ما إن خمدت نیران الحرب إلا وأشعلوا نیران الفتن لإبادة الشیعة داخل الرقعة العثمانیة استنادا إلی هذه الفتوی ، فأخذ السیف منهم کل مأخذ ، وأفضعها مجزرة حلب القمعیة ، فکانت حلب أشد البلاد بلاء وأعظمها عناء لأنها شیعیة منذ عهد

ص: 39


1- 1. توفی نوح أفندی الحنفی فی عام 1070 ه ، ولم یؤرخوا ولادته ، فلو قدر أنه عاش سبعین سنة فعند الفتوی  - فی سنة 1048 ه - یکون ابن 48 سنة ، ولو کان عمر ثمانین سنة یکون عندها ابن 58 سنة ، ولا شک أنه کان یتواجد عند ذاک من شیوخ الإسلام ومشیخة الدولة العثمانیة عشرات العلماء ممن هو مقدم علی نوح فی سنه وعلمه وفقهه وشعبیته ولکنهم صمدوا أمام ضغط البلاط ولم یجرأ أحد منهم علی إصدار کلمة واحدة توجب الشقاق والتفریق بین المسلمین وتتخذ ذریعة لسفک الدماء ، وسبی النساء ، وذبح الأبریاء وهتک الأعراض ، ونهب الأموال ، وقد قال صلی الله علیه وآله وسلم : «من أعان علی دم امرئ مسلم ، ولو بشطر کلمة ، کتب بین عینیه یوم القیامة : آیس من رحمة الله» [کنز العمال 15 : 31 بألفاظ مختلفة ومصادر شتی ، عن أبی هریرة وابن عمر وابن عباس].

الحمدانیین ، فجردوا فیهم السیف قتلا ونهبا وسبیا وسلبا ، فلم یبق منهم إلا من لجأ إلی القری والضواحی.

والفتوی - بنصها العربی - مدرجة فی کتاب «العقود الدریة فی تنقیح الفتاوی الحامدیة» ص 102 من الجزء الأول (1) ، جاء فیها :

«ومن توقف فی کفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم ، فهو کافر مثلهم! ...» إلی أن یقول فی ص 103 : «فیجب قتل هؤلاء الأشرار الکفار ، ، تابوا أولم یتوبوا ... ولا یجوز ترکهم علیه بإعطاء الجزیة ، ولا بأمان مؤقت ولا بأمان مؤبد ... ویجوز استرقاق نسائهم ، لأن استرقاق المرتدة بعد ما لحقت بدار الحرب جائز ، وکل موضع خرج عن ولایة الإمام الحق! فهو بمنزلة دار الحرب ، ویجوز استرقاق ذراریهم تبعا لأمهاتهم».

أقول : «کبرت کلمة تخرج من أفواههم إن یقولون إلا کذبا تکاد السماوات یتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا» فإنا لله وإنا إلیه راجعون .. الله یعلم کم سفکت هذه الفتوی من دم حرام ، وقتلت من نفوس محترمة ، فقد راح ضحیتها فی مجزرة حلب القمعیة وحدها أربعون ألفا من الشیعة ، وفیهم الألوف من الشرفاء من ذریة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فأرسل السید شرف الدین علی بن حجة الله الشولستانی - من علماء النجف الأشرف آنذاک - هذه الفتوی إلی إیران للسعی فی وضع حد لهذه المجازر.

فتصدی له الشیخ عز الدین علی نقی الطغائی الکمری ، قاضی شیراز ، وشیخ الإسلام بأصفهان ، المتوفی سنة 1060 ه ، فألف فی الرد علیه وفی تفنید مزاعمه وإبطال مفتریاته کتابا حافلا سماه «الجامع الصفوی» (2).

ص: 40


1- 1. ونسخة الأصل من نص الفتوی الصادرة بالترکیة لا زالت محفوظة فی خزائن البلاط العثمانی ، ونشرت فی الفترة الأخیرة فی الجزء الثانی من کتاب «لا مذهب لری» وقد طبع فی إسلامبول باللغة الترکیة ، وطبعت فیه الفتوی عن النسخة الأصلیة المحفوظة فی مرکز الوثائق فی مکتبة طوپ قپوسرای ، وهی مکتبة البلاط.
2- 2. من «الجامع الصفوی» نسختان فی مکتبة الإمام الرضا علیه السلام ، فی مشهد ، برقم 127 ورقم 9773 ، ذکرتا فی فهرسها 11 : 117.

کما خصص المغفور له العلامة السید عبد الحسین شرف الدین الفصل التاسع من کتابه القیم «الفصول المهمة فی تألیف الأمة» لهذه الفتوی والرد علیها جملة جملة.

کما تجد الرد الوافی والجواب الشافی علی هذه الفتوی المشؤومة فی الأجزاء غیر المطبوعة من کتاب «الغدیر» لشیخنا الحجة العلامة الأمینی رحمة الله علیه.

القرن الثانی عشر

ظهر کتاب فی التهجم علی الشیعة باسم «الصواقع الموبقة» لمؤلف یدعی نصر الله الکابلی ، وهو نکرة لم یعرف ، ولا ترجم له فی معاجم التراجم ، کما أنی لم أعثر علی من أعاره اهتماما فرد علیه.

لو کل کلب عوی ألقمته حجرا

لأصبح الصخر مثقالا بدینار

ولعلهم استغنوا عن الرد علیه بردودهم الکثیرة علی کتاب «تحفه اثنی عشریه» إذ هو یعتبر ترجمة له ومسروقا منه.

القرن الثالث عشر

ربما کان الخلاف القائم بین الطائفتین یرتکز علی أمر الخلافة فالصراع الفکری کان یدور حولها عبر القرون الغابرة.

ثم ظهر المولوی عبد العزیز الدهلوی فسعی لتوسیع شقة الخلاف وتعدیته إلی کل النواحی والأطراف ، فلم ، یقف فی تهجمه علی الشیعة عند مباحث الإمامة والخلافة شأن من تقدمه ، ولکنه أسرف وأفرط فتجاوز الإمامة إلی النبوة ، ثم لم یقف عندها حتی تعداها إلی الإلهیات والمعاد والخلافات الفقهیة وغیرها وغیرها ، ووضع کتابا لهذا الغرض سماه «تحفه اثنی عشریه» وجعله اثنی عشر بابا.

فالباب الأول فی تاریخ الشیعة وفرقها.

والباب الثانی فی مکائدها!

والباب الثالث فی أسلافها وکتبها.

والباب الرابع فی رواة الشیعة وأخبارها.

والباب الخامس فی الإلهیات.

ص: 41

والباب السادس فی النبوات.

والباب السابع فی الإمامة.

والباب الثامن فی المعاد.

والباب التاسع فی المسائل الفقهیة.

والباب العاشر فی المطاعن.

والباب الحادی عشر فی الخواص الثلاث ، وهی الأوهام والتعصبات والهفوات.

والباب الثانی عشر فی الولاء والبراء.

وسبقه إلی ذلک - کما تقدم - نکرة شاذ مثله یدعی نصر الله الکابلی ، فألف کتابا بادر فیه إلی توسیع شقة الخلاف وتسریتها إلی أبعد الحدود فی کتاب سماه «الصواقع الموبقة» طرق فیه هذه الأبواب کلها ، بحیث یعد کتاب التحفة ترجمة له أول سرقة منه.

وما إن ظهر الکتاب (تحفه اثنی عشریه) إلا وانثالت علیه الردود من کل حدب وصوب ، وتناوله أعلام الطائفة وأبطال ذلک العصر ، المدافعون عن الحق ، المجاهدون فی الله وإعلاء کلمته والحفاظ علی دینه ، فردوا علیه أباطیله وزیفوا تمویهاته جملة وتفصیلا.

فمنهم من نقض الکتاب کله ، ومنهم من نقض منه بابا أو أکثر ، فمن الفریق الأول :

1 - الشیخ جمال الدین أبو أحمد المیرزا محمد بن عبد النبی بن عبد الصانع النیسابوری الهندی الأکبر آبادی الأخباری ، المقتول سنة 1232 ه.

له مشارکة فی کثیر من العلوم وألف کتبا کثیرة منوعة ومنها کتابه فی الرد علی التحفة الاثنی عشریة بکامله ، سماه «سیف الله المسلول علی مخربی دین الرسول» ولقبه به «الصارم البتار لقد الفجار وقط الأشرار والکفار» ، کبیر فی ست مجلدات.

الذریعة 10 : 190 و 12 : 288 و 15 : 3 ، الأعلام للزرکلی 6 : 251 ، معجم المؤلفین 9 : 31 ، أعیان الشیعة 9 : 392.

2 - المیرزا محمد بن عنایة أحمد خان الکشمیری الدهلوی ، الملقب بالکامل

ص: 42

والمشتهر بالعلامة ، نزیل لکهنو ، المتوفی سنة 1235 ه.

کتب السید إعجاز حسین الکنتوری عن حیاته کتابا مفردا وترجم له فی کتابیه «شذور العقیان» و «کشف الحجب» ص 579.

وأشهر کتبه وأحسنها هو کتابه «نزهة الاثنی عشریة فی الرد علی التحفة الاثنی عشریة» نقض فیه أبوابه الاثنی عشر کلها ، أفرد لنقض کل باب مجلدا ولکن الذی تم تألیفه وانتهی تبییضه وطبع وانتشر هو خمسة مجلدات طبعت بالهند سنة 1255 وهی الأول والثالث والرابع والخامس والتاسع (1).

ومن مجلده السابع مخطوطة فی المکتبة الناصریة فی لکهنو ، وهی مکتبة آل صاحب العبقات ، وعنها مصورة فی مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام العامة فی أصفهان.

ومن مجلده الثامن مخطوطة فی مکتبة البرلمان الإیرانی السابق ، برقم 2809 ، وصفت فی فهرسها 9 : 92.

ومن الأجزاء المطبوعة توجد نسخ مخطوطة فی المکتبة الناصریة بالهند ، وفی المتحف الوطنی فی کراجی ، وصفها المنزوی فی الفهرست الموحد للمخطوطات الفارسیة فی الباکستان 2 : 1199.

ولمؤلف النزهة ترجمة مطولة فی کتاب «نجوم السماء» ص 352 - 362.

3 - المولوی حسن بن أمان الله الدهلوی العظیم آبادی ، نزیل کربلاء ، المتوفی حدود سنة 1260 ه.

ترجم له شیخنا رحمه الله فی «الکرام البررة» من طبقات أعلام الشیعة ، ص 308 ، وعدد مؤلفاته.

له کتاب «تجهیز الجیش لکسر صنمی قریش» فی الرد علی التحفة الاثنی عشریة ، توجد مخطوطة منه فی مکتبة السید المرعشی العامة فی قم ، کتبت فی القرن الثالث عشر.

ص: 43


1- (11) کذا ذکر شیخنا - رحمه الله - فی الذریعة 24 : 108 - 109 ، والکنتوری فی «کشف الحجب» ص 579 ، ولکن مشار ذکر فی فهرسه للمطبوعات الفارسیة - فهرست کتابها چاپی فارسی 2 : 3265 - أن المطبوع منه تسع مجلدات

نشرة المکتبة المرکزیة لجامعة طهران 6 : 361 ، فهرس المخطوطات الفارسیة للمنزوی 2 : 906.

ومن الفریق الثانی وهم الذین لم تسع أعمارهم لنقض الکتاب کله وإنما نقضوا بعضه ، فمنهم من استهدف منه بابا واحدا فرکز علیه اهتمامه ، وکرس فیه جهوده ، وصب علیه ردوده ، کصاحب «عبقات الأنوار» رحمه الله ، حیث اختار الباب السابع منه ورد علیه بمنهجیه ، وخص کل حدیث من أحادیث منهجه الثانی بمجلد ضخم أو أکثر فأشبع القول فیه ، ولم یترک شاردة ولا واردة إلا وتکلم علیها ، وسیأتی الکلام عنه بالتفصیل.

ومنهم من طرق منه أکثر من باب ، فرد علی کل باب بکتاب مفرد ضخم ، وإلیک الردود الموجهة إلیه بابا ، بابا :

الباب الأول

من کتاب تحفه اثنی عشریه

فی تاریخ الشیعة

فممن رد علیه المتکلم المحقق العلامة السید محمد قلی بن السید محمد حسین اللکهنوی الکنتوری ، المتوفی سنة 1260 ه وهو والد السید حامد حسین مؤلف کتاب «عبقات الأنوار».

قال فی «کشف الحجب» ص 524 : «کان - أعلی الله درجته - ملازما للتصنیف وترویج شعائر الله وذب شبهات المخالفین لیلا ونهارا ، کثیر العبادة ، حسن الخلق ، منقطعا عن الخلق ...».

فقد رد علی الباب الأول : بکتاب «السیف الناصری» وقد طبع بالهند ، کما ألف فی الرد علی کل من الباب الثانی والسابع والعاشر والحادی عشر کتبا صخمة وسمی المجموع ب «الأجناد الاثنا عشریة المحمدیة» یأتی کل منها فی بابه.

ثم إن الفاضل الرشید تلمیذ صاحب التحفة ألف رسالة حاول فیها الإجابة عن ردود السید والانتصار لأستاذه ، فرد علیه السید محمد قلی بکتاب سماه «الأجوبة الفاخرة فی الرد علی الأشاعرة».

ص: 44

الذریعة : 4 : 192 - 193 و 12 : 290 و 10 : 190 و 1 : 277 و 26 : 29 ، کشف الحجب : 24 ، نجوم السماء : 422 ، نزهة الخواطر 7 : 460 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 220 ، دراسات فی کتاب العبقات : 130 ، أعیان الشیعة 9 : 401.

الباب الثانی

فی المکائد

رد علیه السید محمد قلی - المتقدم - أیضا بکتاب سماه «تقلیب المکائد» طبع بالهند ، فی کلکته ، سنة 1262 ه ، وهو أحد الإجناد الاثنی عشر.

الذریعة 4 : 193 و 389 و 10 : 190 ، نجوم السماء : 422 ، نزهة الخواطر 7 : 461 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 220 ، کشف الحجب : 137.

الباب الثالث

فی الأسلاف

رد علیه المیرزا محمد بن عنایة أحمد خان الکشمیری الدهلوی ، وهو أحد أجزاء کتابه «نزهه اثنی عشریه» ومن مجلداته الخمسة المطبوعة بالهند سنة 1255 ه.

الباب الرابع

فی أصول الحدیث والراجل

1 - رد علیه المیرزا محمد - المتقدم - ، وهو من أجزاء کتابه «نزهه اثنی عشریه» ومن مجلداته المطبوعة سنة 1255 ه.

2 - وممن رد علی هذا الباب أیضا ، المولوی خیر الدین محمد الهندی الإله آبادی ، بکتاب سماه «هدایة العزیز» (هدیة العزیز).

الذریعة 25 : 212 ، کشف الحجب : 605 ، نزهة الخواطر 7 : 163 ، طبقات أعلام الشیعة (الکرام البررة) 2 : 510 ، تکملة نجوم السماء 1 : 421

* * *

ص: 45

الباب الخامس

فی الإلهیات

1 - رد علیه المتکلم المجاهد الفقیه المحقق السید دلدار علی بن محمد معین النقوی الهندی النصیر آبادی اللکهنوی ، الملقب بممتاز العلماء ، والمشتهر بغفران مآب المتوفی سنة 1235 ه

شیخ أعلام الطائفة فی الدیار الهندیة ، وأستاذ علمائها ، ولد سنة 1166 ه ، واتجه إلی طلب العلم ، قرأ الإلهیات فی بلاده ، ثم هاجر عام 1193 ه إلی العراق وحضر فی کربلا أبحاث الأستاذ الأکبر الوحید البهبهانی والفقیه المدقق السید علی الطباطبائی - صاحب الریاض - والعلامة الجلیل السید مهدی الشهرستانی ثم رحل إلی النجف الأشرف وأفاد من أعلامها البارزین ، ولازم دروس السید مهدی بحر العلوم ، ثم زار مشهد الإمام الرضا علیه السلام بخراسان سنة 1194 ، وحضر دروس السید مهدی الشهید ، ثم قفل راجعا إلی بلاده وأقام فی لکهنو ، وقام بأعباء الوظائف الشرعیة ، ونهض لخدمة الدین الحنیف وترویج الشریعة الإسلامیة ونشر مذهب أهل البیت ومکافحة سائر الفرق.

ترجم له عبد الحی اللکهنوی فی «نزهة الخواطر» ترجمة حسنة ، وقال : «ثم إنه بذل جهده فی إحقاق مذهبه وإبطال غیره لا سیما الأحناف والصوفیة والأخباریة حتی کاد یعم مذهبه فی بلاد إود ویتشیع کل من الفرق ...».

وهو أول من أقام الجمعة والجماعة فی تلک البلاد وأسس الحوزة العلمیة وربی جماعة من العلماء وألف کتبا قیمة أهمها کتاب «عماد الإسلام» کتاب مبسوط فی علم الکلام والأصول الخمسة الاعتقادیة ویسمی «مرآة العقول» أیضا فی خمسة مجلدات ضخام ، طبع منه أربعة مجلدات وهی التوحید والعدل والنبوة والمعاد.

وألف فی الرد علی «تحفه اثنی عشریه» خمسة کتب ، یأتی کل منها فی بابه ومنها کتابه فی الرد علی هذا الباب وسماه «الصوارم الإلهیات فی قطع شبهات عابد العزی واللات» طبع بالهند سنة 1215 ه ، ورد علیه أسد الله الملتانی بکتاب سماه «تنبیه السفیه»!

ص: 46

طبقات أعلام الشیعة (الکرام البررة) 2 : 519 - 523 ، أعیان الشیعة 6 : 425 ، أحسن الودیعة 1 : 4 - 9 ، الذریعة 10 : 190 و 15 : 92 و 330 ، نزهة الخواطر 7 : 166 ، کشف الحجب : 372 ، نجوم السماء : 350 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 220 ، الأعلام 2 : 340 ، معجم المؤلفین 4 : 145.

2 - ومن الردود علی هذا الباب ، المجلد الخامس من کتاب «نزهة اثنی عشریة» للمیرزا محمد بن عنایة أحمد خان الکشمیری الذی تقدم ذکره.

الباب السادس

فی النبوات

رد علیه السید دلدار علی - المتقدم - بکتاب سماه «حسام الإسلام وسهام الملام» طبع فی کلکتة بالهند سنة 1215 ه.

الذریعة 7 : 12 و 10 : 190 ، نجوم السماء : 350 ، کشف الحجب : 195 ، نزهة الخواطر 7 : 168 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 219.

الباب السابع

فی الإمامة

1 - وقد رد علیه العلامة الحجة السید دلدار علی النقوی النصیر آبادی ، الذی رد علی الباب الخامس فی الإلهیات ، وسماه «الصوارم الإلهیات» فقد رد علی هذا الباب فی أبحاث الإمامة وسماه «خاتمة الصوارم» کما ألف فی الرد علی عدة أبواب أخری مما تقدم ویأتی.

2 - وممن نقض هذا الباب أیضا ابنه العلامة السید محمد بن السید دلدار علی  - المتقدم - الملقب بسلطان العلماء ، والمتوفی سنة 1284 ه ، فقد ألف فی الرد علی هذا الباب کتابین ، کتاب فی الإمامة باللغة العربیة ردا علی هذا الباب من التحفة وآخر بالفارسیة سماه «البوارق الموبقة» وقد طبع بالهند.

نزهة الخواطر 7 : 415 ، الثقافة الإسلامیة : 219 ، کشف الحجب : 88 ، الذریعة 3 : 154 ، و 10 : 190 ، أحسن الودیعة 1 : 41.

ص: 47

3 - ومنهم السید جعفر أبو علی خان بن غلام علی الموسوی البنارسی ، ثم الدهلوی تلمیذ المیرزا محمد مؤلف «نزهه اثنی عشریة» فقد رد علی هذا الباب بکتاب سماه «برهان الصادقین» رتبه علی أبواب وفصول ، وفی الباب التاسع منه تطرق إلی مسائل المسح والمتعة ونحوها.

وله مختصره أیضا سماه «مهجة البرهان».

کشف الحجب : 572 ، الذریعة 3 : 97 و 10 : 190 و 23 : 288 ، الکرام البررة : 1 : 233 ، تکملة نجوم السماء 1 : 427 ، نزهة الخواطر 7 : 17.

4 - ومنهم الآیة الباهرة سید المجاهدین السید حامد حسین ، فقد رد علی هذا الباب بکتاب «عبقات الأنوار» وهو أهم الردود علی هذا الباب ، بل هو أحسن الردود علی «تحفه اثنی عشریه» ، بل هو أجل ما ألف فی الإمامة ، قال عنه شیخنا صاحب الذریعة رحمه الله : «هو أجل ما کتب فی هذا الباب من صدر الإسلام إلی الآن ، یقع فی أکثر من عشر مجلدات کبار ...» (1).

5 - ومنهم العلامة الکبیر السید محمد قلی ، والد صاحب العبقات ، ألف فی الرد علی هذا الباب کتاب «برهان السعادة» کما رد علی غیر واحد من أبواب التحفة مما تقدم ویأتی.

الذریعة 3 : 96 و 10 : 190 ، کشف الحجب : 84 وقال : «وهو من أحسن ما کتب فی الإمامة» ، نزهة الخواطر 7 : 461 ، نجوم السماء : 422 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 220.

6 - ومنهم العلامة السید المفتی محمد عباس الموسوی التستری الجزائری ، المتوفی سنة 1306 ه صاحب المؤلفات الکثیرة المنوعة ، وأستاذ صاحب العبقات ، ألف فی الرد علی الباب السابع من التحفة کتاب «الجواهر العبقریة» المطبوع بالهند ، تناول فیه الشبه التی أوردها صاحب التحفة علی غیبة الإمام المهدی علیه السلام وعجل الله فی ظهوره فرد علیه بأحسن رد.

الذریعة 5 : 271 و 10 : 190.

ص: 48


1- (12) نقباء البشر : 348 ، أقول : سیأتی الکلام عنه وعلی کل واحد من مجلداته بالتفصیل ، إذ هو المقصود والهدف من هذا المقال ، وإنما ذکرنا غیره تبعا وتمهیدا له

کما ألف السید دلدار علی النقوی أیضا رسالة فی الغیبة ردا علی التحفة.

نزهة الخواطر 7 : 168 ، الذریعة 16 : 82 ، کشف الحجب : 285.

الباب الثامن

فی المعاد

رد علیه السید دلدار علی النقوی ، المتوفی سنة 1235 ه ، بکتاب سماه «إحیاء السنة وإماتة البدعة بطعن الأسنة» طبع بالهند سنة 1281 ه ، وللمؤلف ردود علی أبواب أخری مما تقدم ویأتی.

الذریة 1 : 271 و 10 : 190 ، الکرام البررة 2 : 520 ، نزهة الخواطر 7 : 167 ، کشف الحجب : 28 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 219.

وممن رد علی هذا الباب المیرزا محمد بن عنایة أحمد خان ، فالمجلد الثامن من کتابه «نزهه اثنی عشریه» رد علی هذا الباب من «تحفه اثنی عشریه» وهو موجود فی مکتبة البرلمان الإیرانی السابق برقم 2809 کما تقدم.

الباب التاسع

فی المسائل الفقهیة الخلافیة

فممن رد علیه المیرزا محمد بن عنایة أحمد خان الکشمیری ، المتوفی سنة 1235 ه ، خص المجلد التاسع من کتابه القیم «نزهه اثنی عشریه» فی الرد علی هذا الباب ، وهو مطبوع بالهند سنة 1255 ه.

ثم ألف المولوی إفراد علی الکالپوی فی الرد علی هذا المجلد من النزهة کتابا سماه «رجوم الشیاطین» فرد علیه السید جعفر أبو علی خان الموسوی البنارسی بکتاب سماه «معین الصادقین».

کشف الحجب : 536 ، الذریعة 21 : 285.

ولصاحب الحجب : 536 ، الذریعة 21 : 285.

ولصاحب النزهة - رحمه الله - کتاب آخر فی الرد علی الکید الثامن من هذا الباب حول المتعة ومسح الرجلین ، منه مخطوطة فی المکتبة الناصریة ، وهی مکتبة آل صاحب العبقات فی لکهنو ، وعنها مصورة فی مکتبة الإمام أمیر المؤمنین العامة فی

ص: 49

أصفهان.

کما أن الشیخ أحمد بن محمد علی الکرمانشاهی ، حفید الأستاذ الأکبر الوحید البهبهانی رحمه الله ، والمتوفی سنة 1235 ه ، له فی الرد علی هذا الموضع من الباب التاسع کتابا سماه «کشف الشبهة عن حلیة المتعة» ، منه مخطوطة فی المتحف الوطنی فی کراجی ، کتبت سنة 1227 ه (1).

الکرام البررة : 100 ، الذریعة 18 : 39.

الباب العاشر

فی المطاعن

1 - ممن رد علی هذا الباب هو السید محمد قلی الکنتوری ، والد صاحب العبقات ، نقضه بکتاب سماه «تشیید المطاعن لکشف الضغائن» وهو کبیر فی مجلدین ضخمین ، الأول منهما یشتمل علی أربعة أجزاء فی نحو ألفی صفحة ، وثانیهما فی 442 صفحة ، فالمجموع خمسة أجزاء طبعت بالهند علی الحجر سنة 1283 ه ، ملؤها فوائد وتحقیقات قیمة بها تعرف مقدرة المؤلف العلمیة وسعة اطلاعه وتوسعه فی الکلام.

ذکره فی کشف الحجب - ص 122 - وقال : «وهو کتاب لم یطلع أحد علی مثیله ولم یظفر الزمان بعدیله ، حاو علی إلزامات شدیدة وإفحامات سدیدة ، اشتمل علی ما لم یشتمل علیه کتاب الأجوبة الشافعیة بفصل الخطاب ...». الذریعة 4 : 192.

وأعید طبع قسم منه بالأفست فی إیران ، کما أعید طبع قسم منه فی الباکستان علی الحروف.

2 - وممن رد علی هذا الباب سلطان العماء السید محمد بن السید دلدار علی النقوی النصیر آبادی الهندی ، المتوفی 1284 ه.

ترجم له عبد الحی اللکهنوی فی نزهة الخواطر 7 : 415 فقال : «مجتهد الشیعة وإمامهم فی عصره ، ولد سنة 1199 ، واشتغل بالعلم علی والده من صباه ، ولازمه ، ملازمة

ص: 50


1- (13) الفهرس الموحد للمخطوطات الفارسیة فی الباکستان 2 : 1169

طویلة ، وفرغ العلوم المتعارفة وله نحو 19 سنة ، فتصدی للدرس والإفادة ، وأجازه والده سنة 1218 ، وأخذ عنه إخوته وخلق کثیر من العلماء ، وکان ممن تبحر فی الکلام والأصول ، وحصل له جاه عظیم عند الملوک ، لا سیما أمجد علی شاه اللکهنوی ، لقبه بسلطان العلماء وولاء الافتاء ، وکان یأتی عنده فی بیته ... له مصنفات عدیدة منها کتابه فی مبحث الإمامة جوابا عما اشتمل علیه التحفة».

وذکره فی کتابه الثقافة الإسلامیة فی الهند - ص 219 - عند عد متکلمی الشیعة فی الهند ووصفه بقوله : «فاق والده ...» (1).

أقوله : له فی الرد علی مباحث هذا الباب کتاب «طعن الرماح» بحث فیه قصة فدک والقرطاس وإحراق باب فاطمة علیها السلام وتطرق فی الخاتمة إلی قصة شهادة الحسین علیه السلام ، وفرغ منه فی رجب سنة 1238 ، وطبع بالهند سنة 1308 ه.

ورد علیه الشیخ حیدر علی الفیض آبادی وسماه «نقض الرماح فی کبد النباح»!

3 - وممن رد علی هذا الباب السید أبو علی خان جعفر الموسوی الهندی ، رد علیه بکتاب سماه «تکسیر الصنمین».

الباب الحادی عشر

فی الأوهام والتعصبات والهفوات

وممن رد علیه السید محمد قلی الکنتوری ، المتوفی سنة 1260 ه.

رد علی هذا الباب بکتاب سماه «مصارع الأفهام لقلع الأوهام».

کشف الحجب : 524 ، الذریعة 21 : 97.

الباب الثانی عشر

فی الولاء والبراء وسائر المعتقدات الشیعیة

وهو آخر أبواب التحفة ، رد علیه السید دلدار علی النقوی النصیر آبادی ، المتوفی

ص: 51


1- (14) تقدم ذکر والده فی الکلام علی الباب الخامس

سنة 1235 ه ، الذی تقدم ذکره عند الکلام علی الباب الخامس ، فقد رد علیه بکتاب سماه «ذو الفقار» أجاب فیه عن کل الشبه التی وجهها صاحب التحفة علی غیبة الإمام المهدی علیه السلام فی الباب السابع - فی الإمامة - ثم أعادها هنا عند کلامه عن معتقدات الطائفة ، طبع بالهند سنة 1281 ه.

کشف الحجب : 221 ، الذریعة 10 : 44 و 190 ، مشار 2 : 1605 ، نجوم السماء : 346 ، الثقافة الإسلامیة فی الهند : 219.

القرن الرابع عشر

کلنا یتصور أن حلول القرن الرابع عشر قد أنهی القرون المظلمة وجاء بعصر النور والحضارة والتفتح ، وذهب بالعصبیات العمیاء والطائفیات الممقوتة ، لکن مع الأسف نری الأمر علی العکس من ذلک تماما ، فربما کان ما یکتب فی القرن الغابرة فی مهاجمة الشیعة وإن کان مکابرة وتمحلات سخیفة لکنها کانت تظهر بمظهر نقاش علمی وجدل کلامی.

وأما فی القرن الرابع عشر ، فلا تری إلا اجترارا لما تقیأه السابقون ، واستیرادا من بلاد نائیة ولغة أخری ، کمختصر التحفة الاثنی عشریة ، فإنه منقول من الهند إلی العراق ، ومن الفارسیة إلی العربیة ، فرد علیه الشیخ مهدی الخالصی بثلاثة مجلدات ، ورد علیه الفقیه المتتبع شیخ الشریعة الاصفهانی ، المتوفی سنة 1339 ه وهذا الجزء الأول من کتاب «مرآة التصانیف» وهو فهرس إجمالی للنتاج الفکری الهندی والباکستانی فی القرنین الثالث عشر والرابع عشر ، وقد طبع فی الباکستان سنة 1400 ه ، رتبه حسب الموضوعات وعقد فی ص 270 بابا عنوانه «رد شیعه» ذکر فیه 59 کتابا بهذا الصدد ، 57 منها من مؤلفات القرن الرابع عشر سوی ما ذکر فی العناوین الأخر کالعقائدیات والفقهیات وما شابه.

ثم انحطاط إلی الجهل المطبق وإسفاف إلی السباب المقذع ، فلیس هناک إلا شتائم وأکاذیب وتهم وأباطیل ، ومن نماذج ذلک مخاریق القصیمی وموسی جار الله ومبغض الدین الخطیب والجبهان وو.

وقد انطلق أعلام الطائفة من موقفهم الدفاعی فردوا أباطیلهم وزیفوا

ص: 52

تمویهاتهم وفضحوا أکاذبهم ، منهم شیخنا الحجة العلامة الأمینی تغمده الله برحمته ، فی الجزء الثالث من موسوعته القیمة «الغدیر» ، وسید الأعیان السید محسن الأمین فی مقدمة «أعیان الشیعة» وفی کتابه «نقض الوشیعة» ، والعلامتین الجلیلین الشیخ لطف الله الصافی والشیخ سلمان الخاقانی فی ردهما علی مبغض الدین وو و...

القرن الخامس عشر

ها نحن فی بدایات هذا القرن لم نعش منه إلا بضع سنین ، ولم یمض منه عقد واحد! ولکن الإحصائیات تنبئک بالمدهش المقلق ، ففی العام الماضی - وحده! - صدر فی الباکستان - وحدها! - ستون کتابا تهاجم الشیعة طبع منها ثلاثون ملیون نسخة!!

وفی السنتین قبل العام الماضی صدر فی الباکستان فقط مائتا کتاب تهاجم الشیعة ، فیا قاتل الله السیاسة .. قاتل الله النفط السعودی .. قاتل الله الدولار الأمریکی ... وإلی الله المشتکی.

ولنترک کل هذا ولنعد إلی ما کان هو الغرض والقصد من هذا المقال ، وهو الإشادة بکتاب «عبقات الأنوار» وبمؤلفه العملاق المجاهد البطل السید حامد حسین اللکهنوی ، المتوفی سنة 1306 ه ، وذلک بمناسبة مرور قرن علی وفاته رحمة الله علیه.

کلمة عابرة عن صاحب العبقات وکتابه

قد عرفت فیما تقدم أن الباب السابع من کتاب «تحفة اثنی عشریه» فی الإمامة ، قد رد علیه ونقضه جمع من أعلام الطائفة وأبطال العلم والجهاد سبق الإشادة بهم وبجهودهم المبارکة ، وفی طلیعتهم العلامة السید حامد حسین - رحمه الله تعالی - وأرجأنا الکلام علی ذلک بشئ من البسط إلی هنا ، فنقول :

خصص مؤلف التحفة الباب السابع منه بالإمامة ورتبه علی منهجین :

الأول : فی الآیات القرآنیة ، مما استند إلیه الشیعة فی إثبات الإمامیة ، واکتفی منها بست آیات وحاول تأویلها والنقاش فی دلالاتها.

والمنهج الثانی فی الأحادیث ، واقتصر منها علی اثنی عشر حدیثا ، موهما الناس

ص: 53

أن هذا کل ما تمتلکه الشیعة فی دعم ما تذهب إلیه ، وحاول جهده الخدشة إما فی إسنادها أوفی دلالتها.

فتصدی له هذا المجاهد البطل ورد علیه فی هذا الباب وأفرد لکل حدیث مجلدا أو أکثر ، فنقض کلامه حرفا حرفا فی عدة عدة مجلدات ضخام ، وأشبع القول فی کل جوانب البحث ، بإیراد الأدلة والنصوص والشواهد والمتابعات ، وتعدیل الرواة واحدا واحدا ، وتوثیق المصادر المستقی منها (1).

وهذا مجهود کبیر لا یقوم به إلا لجان تتبنی کل لجنة جانبا من ذلک ، ولکن نهض هذا العملاق بمفرده بهذا العبء الثقیل مستعینا بالله ومتوکلا علیه ، انتصارا لله ولدینه ولنبیه ولآل بیت نبیه صلوات الله علیه وعلیهم ، فأیده الله ولا شک ، ولولاه لما تم له ذلک ، وقد قال عزوجل : «ومن جاهد فینا لنهدینه سبلنا ...».

علی أنه لم یعمر أکثر من ستین عاما ، ولم تکن هذه الموسوعة المدهشة نتاجه الوحید ، بل أنتج عدة مؤلفات ضخمة قیمة منها :

استقصاء الافحام واستیفاء الانتقام ، ألفه فی الرد علی «منتهی الکلام» لحیدر علی الفیض آبادی ، وصد هجماته علی الطائفة. أشبع القول فیه فی صیانة القرآن عن التحریف ، وبسط الکلام فی إثبات المهدی ووجوده علیه السلام.

قال شیخنا رحمه الله فی الذریعة 2 : 31 : «یدخل تحت عشر مجلدات ، طبع بعض أجزائه فی ثلاث مجلدات سنة 1315 ...».

ومنها : إفحام أهل المین فی الرد علی إزالة الغین ، لحیدر علی المتقدم ، وهذا أیضا فی عدة مجلدات.

ولا بدلنا أن نعترف بالتقصیر أمام هذا المجاهد العظیم ، فقد کان ینبغی أن یکتب عن حیاته المبارکة وعن أسرته الکریمة وموسوعته القیمة الخالدة عشرات الکتب ،

ص: 54


1- 1. وذلک علی إثر قراءته عشرات الآلاف من الکتب - مطبوعها ومخطوطها - واستخراج ما فی کل کتاب مما یصله أن یستند إلیه وفهرسته علی ظهر الکتاب ، فلا تجد کتابا فی مکتبته إلا علیه فهرس بخطه مستخرجا منه فوائد تصلح أن تستخدم فی هذا الصدد ، ولا وقع فی یده کتاب من المکتبات الأخری إلا وفعل به ذلک ، فقد تجد فی سائر مکتبات الهند کتبا علیها خطه الشریف ، مسجلا ما فیها من فوائد ، وبذلک تعلم أنه قد وقع بید السید فقرأه کله وسجل علیه ملاحظاته ، ومن هذا النوع فی مکتبات الهند کثیر ، هذا عدا کتب مکتبته التی کانت تبلغ ... , 30 کتابا

ولکن لم یکتب عنه فیما علمنا سوی :

1 - ضیاء العین فی حیاة السید حامد حسین ، للشیخ سعادة حسین اللکهنوی دام بقاؤه.

2 - سبیکه اللجین فی حیاة ابنه السید ناصر حسین ، للشیخ فدا حسین اللکهنوی.

3 - میر حامد حسین ، کتاب بالفارسیة للأستاذ محمد رضا الحکیمی ، مطبوع.

4 - کتاب عن حیاة الأسرة ورجالاتها ومکتبتها ، للأستاذ خواجة پیری.

5 - دراسات فی کتاب العبقات ت ، للفاضل المهذب السید علی المیلانی حفظه الله ، طبع فی مقدمة الجزء الأول من تعریب العبقات ، کما نشر مستقلا.

6 - سواطع الأنوار فی تقاریظ عبقات الأنوار ، طبع فی لکهنو سنة 1303 ه.

7 - القصائد المشکلة فی المراثی المثکلة ، طبع بالهند سنة 1891 م ، وهی مجموعة قصائد قیلت فی رثائه رحمه الله باللغة العربیة.

فالحدیث عن صاحب العبقات رحمه الله یستدعی مجلدات ، فلندعه الآن ولنعد إلی ما کنا بصدده ، وهو الحدیث عن کتابه فنقول :

أما ردوده علی المنهج الأول (1) فهی عدة مجلدات لم یکتب لها أن تقدم للطبع فلم تر النور حتی الآن.

وأما ردوده علی المنهج الثانی فهی أیضا عدة مجلدات ضخام طبع أکثرها فی حیاته رحمه الله وبعضها لم یطبع حتی الیوم! وإلیک تفاصیل ذلک :

المجلد الأول

یبحث عن حدیث الغدیر ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «فمن کنت مولاه فهذا علی مولاه» فتناوله المؤلف رحمه الله بدراسة شاملة إسنادا ومتنا ، فهو یقع فی قسمین ضخمین.

قسم یضم أسماء الصحابة الذین رووا هذا الحدیث ، وهم مائة نفس أو

ص: 55


1- (16) راجع ص 53

یزیدون ، ثم التابعین الذین رووه عن الصحابة ، ثم أتباع التابعین ، ثم الحفاظ وأئمة الحدیث من غیر الشیعة حسب التسلسل الزمنی حتی عصر المؤلف ، مع الإسهاب فی تراجمهم وتوثیقاتهم ومصادرها ، وتوثیق تلک المصادر ، وقد أتی بالعجب العجاب مما یدهش العقول ویحیر الألباب.

والقسم الثانی یتناول متن الحدیث ووجوه دلالته علی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام ، والقرائن المحتفة به الدلالة علی ذلک ، ودفع شبه الخصوم ودحض کل الشکوک والأوهام والتمحلات الباردة والتأویلات السخیفة ، وما إلی ذلک من دراسات وبحوث حول هذا الحدیث.

وهذا المجلد طبع علی الحجر بالهند بقسمیه فی حیاة المؤلف ، فی سنة 1293 ه ، فی ثلاث مجلدات ضخام.

القسم الأول وهو ما یخص أسانید الحدیث ومصادره ورواته ومخرجیه ، وما یدور فی فلکها من بحوث ودراسات شاملة ومستوفاة ، طبع علی الحجر فی 1251 صفحة بالحجم الکبیر.

وطبع القسم الثانی سنة 1294 فی مجلدین یزیدان علی ألف صفحة.

وقد أعید طبع القسم الأول أیضا فی طهران سنة 1369 ، فطبع علی الحروف فی 600 صفحة بالحجم الکبیر.

وأعید طبع المجلد الأول فی قم ، فطبع القسم الأول منه بتحقیق العلامة الجلیل الشیخ غلام رضا مولانا البروجردی ، وقد صححه ، وخرج أحادیثه ، وقارن النصوص والنقول مع مصادرها ، وعین أرقام أجزائها وصفحاتها ، وسوف یصدر فی خمسة أجزاء.

وسوف یباشر بطبع القسم الثانی منه ، وهو عازم علی متابعة المهمة والاستمرار فی طبع بقیة المجلدات طبعة حروفیة محققة مخرجة إن شاء الله ، وفقه الله تعالی وأخذ بناصره.

وطبع هذا المجلد أیضا بقسمیه معربا ، عربه بتلخیص السید علی المیلانی حفظه الله ، فصدر فی أربعة أجزاء فی عام 1405 باسم «خلاصة عبقات الأنوار» مع إلحاق مستدرک علیه ذکر فیه 189 عالما وراویا رووا هذا الحدیث ممن لم یذکروا فی

ص: 56

الأصل ، مع تراجمهم وتوثیقهم وفق منهج المؤلف فی الأصل.

کما ویطبع الآن تعریب هذا القسم - مجلدی حدیث الغدیر - بتعریب السید هاشم الأمین الحسینی نجل المغفور له الأمین العاملی سید الأعیان ، فقد عربه بکامله من دون حذف ، ولا تلخیص شئ ، وها هو الآن تحت الطبع ولما یصدر بعد.

ثم إن المحدث الورع الشیخ عباس القمی - المتوفی سنة 1359 - لخص هذا القسم من عبقات الأنوار - قسم حدیث الغدیر - بمجلدیه وهذبه ورتبه وسماه «فیض القدیر بما یتعلق بحدیث الغدیر» وفرغ منه فی النجف الأشرف سنة 1321 ه ، وبقی مخطوطا زهاء خمسة وثمانین عاما إلی أن قیض الله له زمیلنا الفاضل الشیخ رضا الاستادی فسعی فی تخریجه ، ثم نشره ، وصدر عن مؤسسة «در راه حق» فی قم سنة 1406 ، فی 462 صفحة.

المجلد الثانی

وهو یتناول البحث عن حدیث المنزلة ، وهو قوله صلی الله علیه وآله وسلم لعلی علیه السلام : «ألا ترضی أن تکون منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی».

أخرجه البخاری ومسلم وغیرهما من الحفاظ فی الصحاح والسنن والمسانید ، وفی الاستیعاب : «هو من أثبت الآثار وأصحها» وقد جاوز حد التواتر ، حتی أن محدثا واحدا من أعلام القرن الخامس ، وهو الحافظ أبو حازم العبدوئی قال : «خرجت هذا الحدیث بخمسة آلاف طریق».

فتناول مؤلف العبقات هذا الحدیث علی غرار المجلد السابق فجمع ما أمکنه من أسانیده وطرقه ونصوص الأعلام بتواتره وما إلی ذلک ، ثم تکلم عن معناه ودلالته علی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام ، وبسط القول فی وجوه دلالته بدراسة شاملة وبحث مستوفی ، وقد طبع علی عهد المؤلف فی لکهنو بالهند فی سنة 1295 علی الحجر فی 977 صفحة بالحجم الکبیر.

ثم أعادت مؤسسة «نشر نفائس المخطوطات» فی أصفهان طبعه بالأفست مع تصغیر حجمه فی مطبعة نشاط بأصفهان فی سنة 1406 وذلک بمناسبة مرور مائة عام

ص: 57

علی وفاة مؤلفه رحمه الله ، وذلک برعایة العلامة المحقق السید محمد علی الروضاتی دام فضله ، فأشرف علی طبعه ، وقدم لم مقدمة ، وعمل له فهرسا لعناوین بحوثه وقائمة بمصادره ، فجزاه الله خیرا.

المجلد الثالث

فی حدیث الولایة ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «إن علیا منی وأنا منه ، وهو ولی کل مؤمن من بعدی» فتناوله بالبحث المستوفی والدراسة الشاملة ، إسنادا ودلالة ، وأثبت دلالته بوضوح علی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام ، وأنه من النصوص الواردة علی استخلافه علی غرار ما تقدم.

طبع بالهند فی حیاة المؤلف فی سنة 1303 طبعة حجریة فی 585 صفحة بالحجم الکبیر.

المجلد الرابع

حول حدیث الطیر ، وهو قوله صلی الله علیه وآله - لما أهدی إلیه مشوی - :

«اللهم ائتنی بأحب خلقک إلیک یأکل معی من هذا الطیر» فجاء علی علیه السلام وأکل معه.

فتکلم عن الحدیث وطرقه وأسانیده ووجوه دلالته بدراسة شاملة منقطعة النظیر علی غرار ما تقدم منه رحمه الله.

وطبع فی جزءین فی 512 و 224 صفحة بالحجم الکبیر علی الحجر بالهند فی لکهنو سنة 1306 ه.

المجلد الخامس

حول حدیث مدینة العلم ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «أنا مدینة العلم وعلی بابها فمن أراد المدینة فلیأتها من بابها».

فتکلم المؤلف رحمه الله - علی عادته - عن الحدیث إسنادا ومتنا ، وتناوله بالبحث من کل جوانبه ، واستعرض وجوه دلالته علی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام بما لا مزید

ص: 58

علیه ، وهو أیضا فی قسمین ، قسم یخص أسانید الحدیث وما یحوم حوله من بحوث ، وقسم یخص دلالة الحدیث علی إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام ، ووجوه الاستدلال به ، والإجابة علی النقود الموردة وتزییفها ، ودحض کل الشبهات والشکوک والأوهام ، وقد طبعا بالهند فی لکهنو علی الحجر ، فالقسم الأول طبع سنة 1317 ، فی 745 صفحة بالحجم الکبیر ، والقسم الثانی طبع هناک سنة 1327 ، فی 600 صفحة.

المجلد السادس

حول حدیث التشبیه ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «من أراد أن ینظر إلی آدم فی علمه ، وإلی نوح فی فهمه ، وإلی إبراهیم فی خلقه ، وإلی موسی فی مناجاته ، وإلی عیسی فی سنته ، وإلی محمد فی تمامه وکماله ، فلینظر إلی علی بن أبی طالب».

ویسمی «حدیث الأشباه» وألفاظه مختلفة وطرقه کثیرة ، راجع الغدیر 3 : 355. وتناوله المؤلف رحمه الله بالبحث المستوفی والدراسة الشاملة إسنادا ومتنا ودلالة ، تطرق فیه إلی فوائد کثیرة ، ودفع الشبهات وأزال الشکوک شأن سائر مجلدات الکتاب.

وطبع علی عهد المؤلف فی لکهنو سنة 1301 علی الحجر فی قسمین ، فی 456 و 248 صفحة بالحجم الکبیر.

المجلد السابع

حدیث المناصبة ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «من ناصب علیا الخلافة فهو کافر» وهذا المجلد لم یتم تألیفه فلم یطبع.

المجلد الثامن

حدیث النور ، وهو قوله صلی الله علیه وآله : «کنت أنا وعلی نورا بین یدی الله عزوجل قبل أن یخلق الله آدم ...».

فذکر مصادر الحدیث وأسانیده والحفاظ المخرجین له المخبتین به وطرقهم ، ثم تناول وجوه دلالة الحدیث وما یلزمها من بحوث قیمة.

ص: 59

وقد طبع علی عهد المؤلف فی عام 1303 فی لکهنو بالهند علی الحجر ، ویقع فی 786 صفحة بالحجم الکبیر.

وهذا المجلدات الخمسة من الثالث إلی الثامن - ما عدا السابع - أعادت طبعها بالأفست مدرسة الإمام المهدی علیه السلام فی قم سنة 1406 ه ، بمناسبة مرور قرن علی وفاة المؤلف.

المجلد التاسع

فی حدیث الرایة ، وهو قوله صلی الله علیه وآله فی یوم خیبر : «لأعطین الرایة غدا رجلا یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ، لا یرجع حتی یفتح الله علی یدیه».

وهو حدیث متفق علیه ، مخرج فی الصحیحین وفی سائر الصحاح والسنن والمسانید والمعاجم ، وله طرق لا یحویها عد ، قد جاوزت حد التواتر.

المجلد العاشر

فی قوله صلی الله علیه وآله : «علی مع الحق والحق مع علی».

المجلد الحادی عشر

فی قوله صلی الله علیه وآله : «إن منکم من یقاتل علی تأویل القرآن کما قاتلت علی تنزیله ... ولکن خاصف النعل» وکان قد أعطی علیا نعله یخصفها.

وهذه المجلدات الثلاث لم تبیض فی عهد المؤلف فلم تر النور.

محاولات تعریب الکتاب

حیث أن کتاب «تحفة اثنی عشریه» کان بالفارسیة فالردود علیه أیضا کانت فارسیة ومنها هذا الکتاب «عبقات الأنوار فی إثبات إمامة الأئمة الأطهار» الذی هو فی الرد علی الباب السابع منه فإنه فارسی التألیف وإن کانت العربیة تطغی علی الجانب الفارسی منه من نصوص الأحادیث والتواریخ والتراجم وأقوال العلماء وما إلی ذلک کلها ذکرها بالعربیة ومع کل هذا فقد قامت محاولات لتعریب الکتاب

ص: 60

بکامله وعرفنا منهم ثلاثة :

1 - السید محسن نواب بن السید أحمد اللکهنوی ، المولود سنة 1329 ، والمهاجر إلی النجف الأشرف لطلب العلم فقام هناک بهذه المهمة وأتم تعریب وتلخیص عدة مجلدات منه.

2 - السید علی بن السید نور الدین المیلانی حفظه الله ، تصدی لتعریب الکتاب مع حذف المکررات وأنهی العمل أو کاد ، وطبع من ذلک حتی الآن تسعة أجزاء باسم «خلاصة عبقات الأنوار» وسوف یصدر بقیة الکتاب تباعا فی عدة أجزاء أخری إن شاء الله.

3 - السید هاشم الأمین العاملی نجل المغفور له السید محسن الأمین العاملی  - مؤلف «أعیان الشیعة» - حفظه الله فقد بدأ بتعریب الکتاب بکامله من دون حذف أو تلخیص وقد أنجز تعریب المجلد بقسمیه وهو تحت الطبع أیضا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین

ص: 61

نفس الأمر

الشیخ حسن حسن زاده الآملی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لمن له الخلق والأمر تبارک الله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی من اصطفاهم علی العالمین سیما علی سیدهم وآله آل یاسین ، ثم الصلاة والسلام علینا وعلی جمیع عباد الله الصالحین.

وبعد ، فهذه وجیزة عزیزة ، تبحث عن نفس الأمر ، وقد حدانی علی تصنیفها ما أتقنه المحقق الطوسی فی المسألة السابعة والثلاثین من الفصل الأول من المقصد الأول من تجرید الاعتقاد ، وما أورده العلامة الحلی فی هذا المقام من کشف المراد.

فالحری أن نصدرها بکلامهما أولا ، ثم نخوض فی نفس الأمر ثانیا ، مستمدین ممن له غیب السماوات والأرض وإلیه یرجع الأمر کله.

قال المحقق الطوسی - قدس سره القدوسی - : «وإذا حکم الذهن علی الأمور الخارجیة بمثلها وجب التطابق فی صحیحه ، وإلا فلا ، ویکون صحیحه باعتبار مطابقته لما فی نفس الأمر لإمکان تصور الکواذب».

وقال العلامة الحلی - رضوان الله تعالی علیه - : أقول : الأحکام الذهنیة قد تؤخذ بالقیاس إلی ما فی الخارج ، وقد تؤخذ لا بهذا الاعتبار. فإذا حکم الذهن علی الأشیاء الخارجیة بأشیاء خارجیة مثلها ، کقولنا : الإنسان حیوان فی الخارج ، وجب أن تکون مطابقة لما فی الخارج ، حتی یکون حکم الذهن حقا ، وإلا لکان باطلا.

وإن حکم علی أشیاء خارجیة بأمور معقولة ، کقولنا : الإنسان ممکن ، أو حکم

نفس الأمرالشخ حسن حسن زاده الآملی

ص: 62

علی الأمور الذهنیة بأحکام ذهنیة کقولنا : الإمکان مقابل للامتناع ، لم تجب مطابقته لما فی الخارج إذ لیس فی الخارج إمکان وامتناع متقابلان ، ولا فی الخارج إنسان ممکن.

إذا تقرر هذا فنقول : الحکم الصحیح فی هذین القسمین لا یمکن أن یکون باعتبار مطابقته لما فی الخارج ، لما تقدم من أن الحکم لیس مأخوذا بالقیاس إلی الخارج ، ولا باعتبار مطابقته لما فی الذهن ، لأن الذهن قد یتصور الکواذب ، فإنا قد نتصور کون الإنسان واجبا مع أنه ممکن.

فلو کان صدق الحکم باعتبار مطابقته لما فی الذهن ، لکان الحکم بوجوب الإنسان صادقا ، لأن له صورة ذهنیة مطابقة لهذا الحکم ، بل یکون باعتبار مطابقته لما فی نفس الأمر.

وقد کان فی بعض أوقات استفادتی منه - رحمه الله - جرت هذه النکتة ، وسألته عنه معنی قولهم : إن الصادق فی الأحکام الذهنیة هو باعتبار مطابقته لما فی نفس الأمر ، والمعقول من نفس الأمر إما الثبوت الذهنی أو الخارجی ، وقد منع کل منهما ها هنا.

فقال - رحمه الله - : «المراد بنفس الأمر هو العقل الفعال ، فکل صورة أو حکم ثابت فی الذهن مطابق للصور المنتقشة فی العقل الفعال ، فهو صادق ، وإلا فهو کاذب».

فأوردت علیه أن الحکماء یلزمهم القول بانتقاش الصور الکاذبة فی العقل الفعال ، لأنهم استدلوا علی ثبوته بالفرق بین النسیان والسهو ، فإن السهو هو زوال الصورة المعقولة عن الجوهر العاقل ، وارتسامها فی الحافظ لها ، والنسیان هو زوالها عنهما معا ، وهذا یتأتی فی الصور المحسوسة ، أما المعقولة فإن سبب النسیان هو زوال الاستعداد بزوال المفید للعلم فی باب التصورات والتصدیقات ، وهاتان الحالتان قد تعرضان فی الأحکام الکاذبة ، فلم یأت فیه بمقنع.

وهذا البحث لیس من هذا المقام ، وإنما انجر الکلام إلیه ، وهو بحث شریف لا یوجد فی الکتب.

فنقول : الأمر فی معرفة نفس الأمر مبتن علی أمور :

أحدها : مرادهم من کلمتی النفس والأمر ، وغرضهم من الإضافة ، وترکیب

ص: 63

العبارة ، والأقوال التی قیلت فی نفس الأمر.

ثانیها : المراد من «الخارج» فی قولنا : هذا یطابق الخارج ، وهذا لا یطابقه ، کالقضایا ، الصادقة والکاذبة ، والتحقیق فی المطابقة وعدمها.

ثالثها : بیان العقل الفعال ، ونحو کینونة الحقائق فیه ، واشتماله علیها.

فاعلم أن کلمة «النفس» بمعنی الذات ، و «الأمر» بمعنی الشئ ، وإطلاق النفس علی الذات ، والأمر علی الشئ ذائع نظما ونثرا ، فی منشآت أرباب القلم العربی ، ومحاوراتهم ومقاماتهم ، وقد أغنتنا الشهرة عن الإتیان بالأمثلة والاستشهاد بها.

علی أن المعاجم اللغویة وحدها حجة علی ذلک ، ولا حاجة للنقل. فنفس الأمر بمعنی ذات الشئ وحقیقته ، فالشئ الذی له حقیقة له نفسیة بذاته ، وواقعیة فی حد ذاته ، فهو موجود فی حد ذاته ، مع قطع النظر عن فرض فارض واعتبار معتبر.

یقول المحقق الطوسی مثلا فی شرح الفصل الثالث من النمط الثانی من الإشارات فی بیان أن المحدد للجهات علی ما ذهب إلیه المتأخرون من المشاء ما هذا لفظه :

«الأمر فی نفسه هو أن المحد الأول لا یکون إلا المحیط المطلق. یعنی أن حکم المحدد ، ومسألته النفسیة الواقعیة أنه لا یکون إلا المحیط المطلق. فنفس الأمر بمعنی الأمر فی نفسه ، فهما بمعنی واحد».

فنقول : إن تلک الواقعیات فی نظام الکون الأحسن الأتم هی صورة علمیة نطلبها ، ونبحث عنها ، ونقیم البرهان علیها ، فإذا حصلت لنا صرنا عالمین بها ، فیتفرع علیها نتائج حقة ، نستفید بها فی شؤون أمورنا الدنیویة والأخرویة ، لا تتغیر عن حقائقها بفرض فارض ، وتصور متصور ، واعتبار معتبر. مثلا : الأربعة زوج ، والانسان ممکن ، والجسم المتناهی متشکل ، أحکام واقعیة نفسیة ، لا فرضیة اعتباریة ، یترتب علیها نتائج علمیة حقیقیة. بخلاف القول بأن الأربعة فرد - مثلا - فإنه لا نفسیة له أصلا ، وهکذا غیره من الکواذب الأخری ، فنفس الأمر عبارة عن وجود أصیل قویم لا یتطرق إلیها بطلان ، بل هی متن من متون الأعیان ، وتخم (1) من تخوم الضرورة والبرهان ، أی حد من

ص: 64


1- (1) تخم کلمة تستعمل نادرا بمعنی الحد ، وتخوم بمعنی حدود ، وما بعدها مفسر لها

حدودهما ، وأصل من أصولهما الثابتة أزلا وأبدا ، سواء کان ذلک الوجود فی الخارج أو فی الذهن.

والأقوال الأخری فی نفس الأمر ستعلمها أیضا ، وسیأتی البحث عن تحقیق الخارج أیضا.

وبذلک المعنی المحرر ، قال المتأله السبزواری فی الحکمة المنظومة :

بحد ذات الشئ

نفس الأمر حد

ثم فسره بقوله : «أی حد وعرف نفس الأمر بحد ذات الشئ. والمراد بحد الذات - هنا - مقابل فرض الفارض ، ویشمل مرتبة الماهیة والوجودین الخارجی والذهنی ، فکون الإنسان حیوانا فی المرتبة ، وموجودا فی الخارج ، أو الکلی موجودا فی الذهن ، کلها من الأمور - النفس الأمریة - إذ لیست بمجرد فرض الفارض کالانسان جماد. فالمراد بالأمر هو الشئ نفسه ، فإذا قیل : الأربعة فی نفس الأمر کذا ، معناه أن الأربعة فی حد ذاتها کذا ، فلفظ الأمر - هنا - من باب وضع المظهر موضع المضمر» (1).

وأما العقل الفعال ، فالکلام الحق ، والقول الصدق - فیه - هو ما أفاده الشیخ - قدس سره - فی کتبه الثلاثة الآتی ذکرها من إطلاقات العقل الفعال علی المعلول الأول ، وعلی العقل العاشر ، وعلی کل واحد من العقول المفارقة.

قال فی التعلیقات : «المعلول الأول ، وهو العقل الأول إمکان وجوده له من ذاته لا من خارج» (2).

وقال فی الفصل الثالث من المقالة التاسعة من إلهیات الشفاء «وکان عددها - یعنی عدد المفارقات - عشرة بعد الأول تعالی ، أولها العقل المحرک الذی لا یتحرک - إلی قوله - : وکذلک حتی ینتهی إلی العقل الفائض علی أنفسنا ، وهو عقل العالم الأرضی ، ونحن نسمیه العقل الفعال» (3).

وقال فی الفصل الخامس من المقالة الثالثة من کتابه فی المبدأ والمعاد : «ولما کان کل ما یخرج من القوة إلی الفعل یخرج بسبب مفید له ذلک

ص: 65


1- 1. الحکمة المنظومة : 49.
2- 2. التعلیقات : 100 ، الطبعة الأولی.
3- (4) الشفاء 2 : 264 ، الطبعة الأولی

الفعل. وینتقش صورة فی شمع ، عما لیس له تلک الصورة وشئ یفید کمالا فوق الذی له ، فیجب أن تخرج هذه القوة إلی الفعل بشئ من العقول المفارقة المذکورة ، أما کلها ، وأما الأقرب إلیها فی المرتبة ، وهو العقل الفعال.

وکل واحد من العقول المفارقة عقل فعال ، لکن الأقرب منا عقل فعال بالقیاس إلینا. ومعنی کونه فعالا أنه فی نفسه عقل بالفعل ، لا أن فیه شیئا هو قابل للصورة المعقولة ، کما هو عندنا ، ولا أن فیه شیئا هو کمال ، بل ذاته صورة عقلیة قائمة بنفسها ، ولیس فیها شئ مما هو بالقوة ، ومما هو مادة البتة. فهی عقل وتعقل ذاتها ، لأن ذاتها أحد الموجودات ، فهی عقل لذاته ومعقول ، لأنها موجودات من الموجودات المفارقة للمادة ، فلا یفارق کونها عقلا کونها معقولا ، ولا کونها هذا العقل کونها هذا المعقول. فأما عقولنا فیفترق فیها ذات ، لأن فیها ما بالقوة. فهذا أحد معانی کونه عقلا فعالا.

وهو أیضا عقل فعال بسبب فعله فی أنفسنا وإخراجه إیاها عن القوة إلی الفعل.

وقیاس العقل الفعال إلی أنفسنا قیاس الشمس إلی أبصارنا ، وقیاس ما یستفاد منه الضوء المخرج للحس من الحس بالقوة إلی الحس بالفعل ، والمحسوس بالقوة إلی المحسوس بالفعل» (1).

أقول : القول بقبول النفس الصور المحسوسة والمعقولة غیر مقبول فی الحکمة المتعالیة ، لأنه مبنی علی أن النفس تنفعل عن صور المحسوسات والمعقولات ، وأما الحکمة المتعالیة فحاکمة بأن النفس تنشئ الصور فی مرحلة ، وأخری علی النحو الذی فوق الانشاء علی ما هو مقرر فی محله ، ومعلوم لأهله ، وقد استوفینا البحث عنه فی کتابنا «دروس اتحاد العاقل بالمعقول».

واعلم أن فی المقام وجها آخر دقیقا جدا فی معنی العقل فعال - یرزق بنیله من وفق له - وهو ما أفاده المتأله السبزواری بقوله :

«فی دفع إشکال صیرورة العقل الهیولانی عقلا بالفعل ، من أن الحقیقة المحمدیة عند أهل الذوق من المتشرعة وصلت فی عروجها إلی العقل الفعال وتجاوزت

ص: 66


1- (5) المبدأ والمعاد : 98 ، الطبعة الأولی

عنه ، کما قال : بعض الأشعة منها بل من هو هی بوجه ، وروح القدس فی جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباکورة. وقد قرر أن العقول الکلیة لا حالة منتظرة لها ، فکیف یتحول الروح النبوی الختمی صلی الله علیه وآله من مقام إلی مقام؟

فالجواب : إن مصحح التحولات هو المادة البدنیة ، ففرق بین العقل الفعال الذی لم یصادف الوجود الطبیعی ، وبین العقل الفعال المصادف له ، فالأول له مقام معلوم ، والثانی یتخطی إلی ما شاء الله ، کما قال صلی الله علیه وآله : (لی مع الله ...) الحدیث ، فما دام البدن باقیا کان التحول جائزا» (1).

قوله : بعض الأشعة منها «، هو الإمام العسکری علیه السلام ، کما صرح به قدس سره - فی النبراس (2). ثم من هذا الوجه ، من معنی العقل الفعال یعلم وجه ما قالوا فی معنی نفس الأمر أنها قلب الإنسان الکامل.

ثم إن روایات باب «إن الأئمة علیهم السلام یزدادون فی لیلة الجمعة» - من حجة الکافی - وکذا روایات الباب الذی بعده «لولا أن الأئمة علیهم السلام یزدادون لنفذ ما عندهم» ونظائر ما فی هذین البابین من الروایات الأخری یعلم مفادها من هذا التحقیق الأنیق فی العقل الفعال وبیان الفرق المذکور.

واعلم أنهم أطلقوا العقل الفعال علی رب النوع الإنسانی أیضا. وأرباب الأنواع هی العقول الکلیة المرسلة أیضا. والأرباب تسمی بالمثل الإلهیة أیضا ، وفی الصحف العرفانیة تسمی بالأسماء الإلهیة ، کما صرح به العلامة القیصری فی شرح الفص الموسوی من شرحه علی نصوص الحکم قال : «حقائق الأسماء الإلهیة هی الأرباب المتکثرة».

وکذا فی مصباح الأنس ، حیث قال : العلامة ابن الفناری : «عبر عن الأسماء بالمثل الإفلاطونیة».

وتعلیقتنا فی المقام علی المصباح هکذا : أرباب الأنواع - عند أفلاطون وأشیاعه - مثل نوریة ، وهی عند العارفین أسماؤه تعالی ، فإن کل نوع تحت اسم ، وهو

ص: 67


1- 1. التعلیقة علی الفصل السادس والعشرین من المرحلة العاشرة من الأسفار فی العقل والمعقول 3 : 636 و 473 ، الطبعة الثانیة.
2- (7) النبراس : 4 ، الطبعة الأولی

عبد ذلک الاسم ، مثلا إن الحیوان عبد السمیع والبصیر ، والفلک عبد الرفیع الدائم ، والانسان عبد الله.

والإشراقیون قائلون : بأن کل رب من أرباب الأنواع مربوب اسم من أسماء الله ، فمآل الإشراقی والعارف واحد لأن الأمر ینتهی بالآخرة إلی الأسماء ، فتبصر! ثم إن التسمیة بالعبدیة بلحاظ غلبة بعض الأسماء علی غیره ، کما فی المصباح أیضا (1) وتفصیل هذه المباحث یطلب فی رسالتنا فی المثل الإلهیة.

وقد أفاد المتأله السبزواری فی شرح الاسم الشریف «یا من له الخلق والأمر» بقول : «أی له عالم المقارنات وعالم المفارقات. إنما سمی المفارق أمرا إذا یکفی فی إیجاده مجرد أمر الله تعالی ، بلا حاجة إلی مادة وصورة واستعداد وحرکة. أو لأنه حیث لا ماهیة له - علی التحقیق - فهو عین أمر الله فقط ، یعنی کلمة کن فلم یکن هناک یکون  - إلی قوله - ولما کان الأمر بهذا الاصطلاح یطلق علی المفارق حد نفس الأمر بالعقل الفعال عند بعض الحکماء» (2).

وقد أفاد هذا المضمون فی شرح الحکمة المنظومة (3).

وبما حررنا فی نفس الأمر تعلم أن الأسماء موضوعة للمعانی النفس الأمریة ، ثم یطلق علی مراتب تنزلاتها أیضا ، کما یطلق العالم علیه تعالی وعلی الإنسان.

واعلم أن الشیخ استدل فی الفصل الثالث عشر من النمط الثالث من الإشارات علی إثبات العقل الفعال بأنه مخرج النفوس من النقص إلی الکمال ، لأنه یفیض المعقولات علیه ، وبأنه المرتسم بالصورة المعقولة أی الخزانة الحافظة لها ، فانسحب الکلام إلی البحث عن الذهول والنسیان.

وقال المحقق الطوسی فی الشرح : «یرید إثبات العقل الفعال ، وبیان کیفیة إفاضة المعقولات علی النفوس الإنسانیة - إلی أن قال فی نتیجة الکلام - فإذن یجب أن یکون شئ غیرها - یعنی غیر الجسم والقوی الجسمیة - بالذات ترتسم فیه المعقولات ، ویکون هو خزانة حافظة لها - إلی قوله - فإذن هاهنا موجود مرتسم بصور جمیع

ص: 68


1- 1. أنظر المصباح : 148.
2- 2. شرح الأسماء : 227 ، الفصل السابع.
3- (10) أنظر شرح الحکمة المنظومة : 50

المعقولات بالفعل ، لیس بجسم ولا جسمانی ، ولا بنفس ، ، وهو العقل الفعال».

غرضنا من نقل کلامهما هذا هو إطلاق العقل الفعال علی الموجود المفارق الذی هو مخرج النفوس ، بلا وصفه بالعاشر - وإن وصفوه فی عباراتهم الأخری به - وذلک الوصف بلحاظ تعلقه بالنفوس ، کما سمی بعقل العالم الأرضی.

وقد سلکوا لإثباته مناهج ، وذکرها صدر المتألهین بهذا العنوان :

«تبصرة تفصیلیة ، المناهج لإثبات هذا الموجود المفارق القدسی المتوسط فی الشرف والعلو بینه تعالی وبین عالم الخلق الواسط لإفاضة الخیر والجود علی الدوام کثیرة ...» (1).

وقد نقل ثلاثة عشر منهجا والحادی عشر منها وهو کلام المحقق الطوسی المنقول من رسالته المعمولة فی ذلک ، ونسختان منها موجودة عندنا ، وقد طبعت فی مجموعة رسائله (2) ، والثالث عشر منها هو المنهج الذی سلکه هو.

والأول من تلک المناهج هو طریق النبوة والإلهام ، کقوله صلی الله علیه وآله وسلم : «أول ما خلق الله العقل» ، وقوله : «أول ما خلق الله القلم» ، ونحوهما.

والثانی منها : منهج امتناع الکثیر عن الواحد ، فیجب أن یکون أقرب الأشیاء منه تعالی ذاتا واحدة بسیطة بالضرورة.

والثالث منها : سبیل الإمکان الأشرف.

والرابع منها : المناسبة الذاتیة بین العلة التامة ومعلولها.

والخامس منها : منهج إخراج ما بالقوة إلی ما بالفعل للنفوس.

والسادس منها : طریق ازدواج الهیولی بالصورة ، فلا بد من عاقد لهما وهو الأصل المفارق.

والسابع منها : طریق الحرکة الجوهریة ، فلا بد من جامع وحافظ لوحدتها وهو الجوهر العقلی.

والثامن منها : منهج الأشواق ، والأغراض ، والشهوات ، ومیول الأشیاء إلی کمالاتها ، فلا بد أن یکون لها غایة کمالیة عقلیة ، فهی عقول البتة.

ص: 69


1- 1. ذکرها فی الفصل الثامن من الموقوف التاسع من إلهیات الأسفار 3 : 168 - 172 ، الطبعة الأولی.
2- (12) أنظر : ص 79 منها

والتاسع منها : منهج کفایة الإمکان الذاتی للأنواع المحصلة التی لا یفتقر فیضانها نوعا ولا شخصا عن المبدأ الواهب إلی إمکان استعدادی غیر إمکانها الذاتی.

والعاشر منها : سبیل الحرکات الفلکیة ، فإن حرکاتها الدوریة توجب لها نفوسها ، وللنفوس عقولا.

والحادی عشر منها : مطابقة الأحکام الصادقة الحاصلة فی هذا الأذهان لما فی نفس الأمر.

والثانی عشر منها : مسلک التمام ومقابله ، فإن الأشیاء بحسب الاحتمال العقلی إما تام أو ناقص ، والتام إما فوق التمام - وهو الواجب سبحانه - أو لا کالعقل.

والناقص إما مستکف بذاته - وهی النفوس المستکفیة کالنفوس الفلکیة ، والوسائط البشریة الکاملة - ، أو مستکف بما لا یخرج عن قوام ذاته ، کنفوس البشریة غیر الکاملة ، أی النفوس الناقصة ، أولیس بمستکف کالعنصریات ، فإنها ناقصة محضة ، فلا بد إذن من موجود تام ، لیکون متوسطا فی إیصال الفیض بین ما هو فوق التمام ، وبین ما هو ناقص أو مستکف ، وهو العقل.

والثالث عشر منها ، من جهة إثبات الخزانة للمعقولات کما قال سبحانه : «وإن من شئ إلا عندنا خزائنه» (1) ، وکقوله تعالی : «ولله خزائن السماوات ...» (2) وأقول : إن لنا منهجا آخر ، وهو منهج تجدد الأمثال ، فإنه یعطی إثبات مفارق مفیض الصور علی ما حررنا فی رسائلنا الأخری.

والمقام یناسب نقل المنهج الحادی عشر ، وهو رسالة المحقق نصیر الدین الطوسی - فی إثبات نفس الأمر - أی ذلک العقل الفعال کما قال صدر المتألهین فی الموضع المذکور من الأسفار : الحادی عشر من منهج الأحکام الصادقة الحاصلة فی هذه الأذهان ، لما فی نفس الأمر ، وقد تصدی المحقق الطوسی - رحمه الله - لسلوک هذا المنهج ، وعمل فی بیانه رسالة.

أقول : الرسالة فی الحقیقة تحریر ما أفاده الشیخ الرئیس فی الفصل الثالث عشر من النمط الثالث من الإشارات وهی ما یلی :

ص: 70


1- 1. الحجر : 21.
2- (14) المنافقون : 7

بسم الله الرحمن الرحیم

«إعلم إنا لا نشک فی کون الأحکام الیقینیة التی تحکم بها أذهاننا - مثلا - کالحکم بأن الواحد نصف الاثنین ، أو بأن قطر المربع لا یشارک ضلعه ، أو یحکم به مما لم یسبقه إلیه ذهن أصلا - بعد أن یکون یقینیا - مطابقة لما فی نفس الأمر.

ولا نشک فی أن الأحکام التی یعتقدها الجهال بخلاف ذلک - کما لو اعتقد معتقد أن القطر یشارک الضلع أو غیر ذلک - غیر مطابقة لما فی نفس الأمر.

ونعلم یقینا أن المطابقة لا یمکن أن تتصور إلا بین شیئین متغایرین بالتشخص ، ومتحدین فیما تقع به المطابقة ، ولا شک فی أن الصنفین المذکورین من الأحکام مشترکان فی الثبوت الذهنی ، فإذا یجب أن یکون للصنف الأول منهما دون الثانی ثبوت خارج عن أذهاننا ، تعتبر المطابقة بین ما فی أذهاننا وبینه ، وهو الذی یعبر عنه بما فی نفس الأمر.

فتقول : ذلک الثابت الخارج إما أن یکون قائما بنفسه أو متمثلا فی غیره ، والقائم بنفسه یکون إما ذا وضع أو غیر ذی وضع ، والأول محال.

أما أولا - فلأن تلک الأحکام غیر متعلقة بجهة معینة من جهات العالم والأشخاص ، ولا بزمان معین من الأزمنة ، وکل ذی وضع متعلق بها فلا شئ من تلک الأحکام بذی وضع.

لا یقال : إنها تطابق الأوضاع ، لا من حیث هی ذوات أوضاع ، بل من حیث هی معقولات ، ثم إنها تفارق الأوضاع من حیثیة أخری ، کما یقال فی الصور المرتسمة فی الأذهان الجزئیة أنها کلیة باعتبار ، وجزئیة باعتبار آخر.

لأنا نقول : الصور الخارجیة المطابق بها إذا کانت کذلک قائمة بغیرها ، وفی هذا الفرض کانت قائمة بنفسها ، هذا خلف.

وأما ثانیا - فلأن العلم بالمطابقة لا یحصل إلا بعد الشعور بالمطابقین ، ونحن لا نشک فی المطابقة مع الجهل بذلک الشئ من حیث کونه ذا وضع.

وأما ثالثا - فلأن الذی فی أذهاننا من تلک الأحکام إنما ندرکه بعقولنا ، وأما ذوات الأوضاع فلا ندرکها إلا بالحواس أو ما یجری مجری الحواس ، والمطابقة بین

ص: 71

المعقولات والمحسوسات من جهة ما هی محسوسات محال.

والثانی هو أن یکون ذلک القائم بنفسه غیر ذی وضع ، وهو أیضا محال ، لأنه قول بالمثل الإلهیة.

وأما إن کان ذلک الخارج المطابق به متمثلا فی غیره فینقسم أیضا إلی قسمین ، وذلک لأن ذلک الغیر إما أن یکون ذا وضع أو غیر ذی وضع ، فإن کان ذا وضع کان المتمثل فیه مثله ، وعاد المحال المذکور فیبقی القسم الآخر ، وهو أن یکون متمثلا فی شئ غیر ذی وضع.

ثم نقول : ذلک المتمثل فیه لا یمکن أن یکون بالقوة ، وإن کان بعض ما فی الأذهان بالقوة ، وذلک لامتناع المطابقة بین ما هو بالفعل أو یمکن أن یصیر وقتا ما بالفعل ، وبین ما هو بالقوة. وأیضا لا یمکن أن یزول أو یتغیر أو یخرج إلی الفعل بعد ما کان بالقوة ، ولا فی وقت من الأوقات ، لأن الأحکام المذکورة واجبة الثبوت أزلا وأبدا من غیر تغییر ، واستحالة ، ومن غیر تقیید بوقت ومکان ، فواجب أن یکون محلها کذلک ، وإلا فأمکن ثبوت الحال بدون المحل.

فإذا ثبت وجود موجود قائم بنفسه فی الخارج غیر ذی وضع ، مشتمل بالفعل علی جمیع المعقولات التی لا یمکن أن یخرج إلی الفعل ، بحیث یستحیل علیه وعلیها التغییر والاستحالة والتجدد والزوال ، ویکون هو وهی بهذه الصفات أزلا وأبدا.

وإذا ثبت ذلک فنقول : لا یجوز أن یکون ذلک الموجود هو أول الأوائل ، أعنی واجب الوجود لذاته عزت أسماؤه.

وذلک لوجوب اشتمال ذلک الموجود علی الکثرة التی لا نهایة لها بالفعل ، وأول الأوائل یمتنع أن یکون فیه کثرة ، وأن یکون مبدأ أولا للکثرة ، وأن یکون محلا قابلا لکثرة تتمثل فیه.

فإذا ثبت وجود موجود غیر الواجب الأول تعالی وتقدس بهذه الصفة ونسمیه بعقل الکل ، وهو الذی عبر عنه فی القرآن المجید ، تارة باللوح المحفوظ ، وتارة بالکتاب المبین ، المشتمل علی کل رطب ویابس ، وذلک ما أردنا بیانه. والله الموفق والمعین».

أقول : قوله : «إنا لا نشک فی کون الأحکام الیقینیة ...» فلها نفسیة ، وما هی إلا العلوم والأنوار الوجودیة فی کل موطن ونشأة علی سبیل الحقیقة والرقیقة ،

ص: 72

فالحقیقة هی النشأة العالیة ، والرقیقة هی النشأة الظلیة.

قوله : «بین شیئین متغایرین بالتشخص» ، والتحقیق إن التغایر إنما بحسب الحقیقة والرقیقة ، وقد دریت أن الأسماء موضوعة للمعانی (النفس الأمریة) ثم یطلق علی مراتب تنزلاتها. فتبصر!

قوله : «وهو أیضا محال لأنه قول بالمثل الإلهیة» ، القول بالمثل الإلهیة حق علی ما حققنا البحث عنها فی رسالتنا فیها ، وإن هی إلا الأسماء الکلیة المسماة بالخزائن الإلهیة ونحوها من الأسماء الحسنی لا کما توهموها وتفوهوا ببطلانها.

قوله «باللوح المحفوظ» ، بل الحق أن کل مرتبة عالیة من الوجود الصمدی  - الذی هو الأول والآخر والظاهر والباطن - قلم ، ومرتبته الظلیة لوح. والکتاب المبین له مراتب ومظاهر ، ولا ننکر أن الحقائق النوریة العلمیة لها نفسیة فی کل واحد منها بحسبها. والمطابقة ، والصدق والحق علی أصالتها بقیة أیضا بحسبها ، فإنها سنة الله «فلن تجد لسنة الله تبدیلا ولن تجد لسنة الله تحویلا» (1).

وأما قول العلامة الحلی : «وقد کان فی بعض أوقات استفادتی منه - إلی قوله - فلم یأت فیه بمقنع ، (وفی بعض النسخ : بمشبع)» ، فقد قال المتأله السبزواری عند نقل صاحب الأسفار هذا المطلب من هذا الکتاب ، أعنی کلام العلامة فی شرح التجرید ، ما هذا لفظه :

«قوله : (فلم یأت بمشبع) ، لعل الوقت لم یکن مقتضیا للإشباع فی إفشاء بعض الأسرار کما ستسمعه من المصنف فی محله ، وإلا فالمحقق الطوسی أجل شأنا من أن یعجز ذلک» (2).

وأقول : ما أفاده المتأله السبزواری حری بالمحقق الطوسی ، ولا ینبغی أن یعتری جلالة شأنه فی حل دقائق الحقائق الحکمیة وغیرها من غوامض الفنون الأخری دغدغة ومجمجة.

ثم إنا نأتی بطائفة مما حررناه فی تعالیقنا علی تمهید القواعد فی شرح قواعد التوحید - للمحققین الترکة وابن الترکة - ثم نتبعها بما حققه العارف القیصری فی

ص: 73


1- 1. فاطر : 43.
2- 2. التعلیقة علی آخر الموقف التاسع من إلهیات الأسفار 3 : 172 ، الطبعة الأولی.

شرحه علی فصوص الحکم ، وصدر المتألهین فی الموضع المذکور من الأسفار وغیرهما فی نفس الأمر ، ونحقق الحق بحول من بیده الخلق والأمر فنقول :

إن ما یتصوره العقل من الماهیات : قسم منها ما لا یکون لها تحقق إلا بحسب الفرض العقلی ، وهذا القسم فی نفسه قابلا لأن یلحقه الوجود ولا تتفرع علیه مسائل علمیة أبدا ، ولا یستنبط منها أحکام وأحوال واقعیة ، ولا وجود لها إلا فی القوی المدرکة فقط ، کالنسب والإضافات الاعتباریة المحضة مثلا ، والصور المختلقة التی من مخترعات الوهم ، ودعابات الخیال ، وتلفیقات المتصرفة کأنیاب الأغوال ، والانسان ذی القرون والأذناب ، وهذا القسم یسمی عند المحققین من أهل التوحید بالوجود الفرضی ، والأمور الاعتباریة معروضاتها ، فالفرض بمعنی الفرضیات المحضة والاعتباریات الصرفة التی أبت عنایة الفاعل الحکیم أن تکسوها خلعة الوجود ، لعدم قابلیتها ، لا لنقص الفاعل ، فإنه علی کل شئ قدیر.

وبذلک یعلم أن ما ذهب إلیه الشیخ الإشراقی السهروردی فی آخر المقالة الرابعة من حکمة الاشراق ، وکذا القطب الشیرازی فی شرحه (1) ، من إثبات العالم المثال المنفصل بطریق الصور الخیالیة ، خال عن التحقیق ، وإلا یلزم القول بإسناد اللغو والعبث إلی فعله سبحانه ، وإن کنا نعقد بذلک العالم ، أعنی المثال المطلق المنفصل ، نزولا وصعودا بطرق أخری مبرهنة فی رسالتنا فی المثال.

ولنعد إلی ما کنا فیه فنقول :

هذا القسم ، أی الوجود الفرضی ، مما لا یبحث عنه فی العلوم الحقیقیة لأنها ناظرة إلی معرفة الموجود الحقیقی ، وباحثة عنه وهذا لا حقیقة له.

وقسم منها ما یکون لها تحقق خارج الفرض والاعتبار ، أی لا یکون من الوجود الفرضی بمعنی القسم الأول ، بل هو متحقق مع قطع النظر عن ذلک الفرض الاعتباری وهذا القسم یسمی عندهم بالوجود الحقیقی ، والموجود الحقیقی ، والوجود فی نفس الأمر ، والموجود فی نفس الأمر. وهو إما متحقق فی الخارج عن المشاعر ، أی الخارج عن القوی المدرکة ، کالأعیان الموجودة فی الخارج ، وإما متحقق فی المشاعر ، والقوی

ص: 74


1- (17) لاحظ : ص 70 من الطبعة الأولی

المدرکة کالوجودات الذهنیة الحقیقیة من النسب ، والإضافات الحقیقیة ، والمعقولات الأولی ، وسائر ما یقع فی الدرجة الثانیة من التعقل ، أی لیس من المعقولات الأولی ، فهی من المعقولات الثانیة المنطقیة. والقید بالحقیقیة لإخراج القسم الأول ، أی الوجود الفرضی الاعتباری ، فهذا القسم أعنی الوجود الحقیقی علی قسمین خارجی وذهنی.

ثم لما کان وعاء حصول القسم الأول مما یتصوره العقل - أی الوجود الفرضی - هو المشاعر ، وکذلک وعاء حصول القسم الثانی من الوجود الحقیقی ، أی الذهنی أیضا هو المشاعر ، یورد سؤال عن الفرق بینهما ، ویقال : فحینئذ یکون هذا القسم الثانی من الوجود الحقیقی هو أیضا من أقسام الوجود الفرضی ، ضرورة أن حصوله إنما هو فی القوی المدرکة.

والجواب : أن القسمین کلیهما - وإن کان ظرف حصولهما - هو المشاعر ، ولکن الأول منهما اعتباری محض لا یکون قابلا للحوق الوجود إیاه ، ولا تترتب علیه فائدة علمیة ، ولا یحکم علیه بشئ إلا أنه من ملفقات المتصرفة ، ومختلقات المتخیلة بخلاف الثانی ، فإنه نسب ، وإضافات ، وصور حقیقیة ، هی مرایا الأعیان الخارجیة ، وروازنها ، وعناوینها ، وألسنتها ، وأظلالها ، وموضوعات لمسائل شتی ، علمیة حقة تستنتج منها.

وهذا القسم هو الموجود الذهنی ، وهو من أقسام الموجود الحقیقی ، والموجود فی نفس الأمر.

فنفس الأمر أعم من الخارج ، لأنه کلما تحقق أمر فی الخارج تحقق فی نفس الأمر ، وکذلک کلما تحقق أمر فی الذهن تحقق أیضا نفس الأمر ، ولکن یمکن أن یتحقق الموجود الذهنی فقط ، ولا یتحقق الموجود الخارجی ، فحینئذ یتحقق أمر فی نفس الأمر فقط ، ولا یتحقق أمر فی الخارج کإنسانیة زید المعدوم فی الخارج ، فحیث أن زیدا معدوم فی الخارج لا تتحقق إنسانیة المقیدة فیه ، وإن کانت متحققة فی الذهن.

ثم إن هاهنا سؤالا آخر ، وهو إن ما قررتم فی معنی نفس الأمر فما الفرق بین القضایا الصادقة والکاذبة ، لأن الصادق هو الذی له مطابق فی الخارج ، دون الکاذب ، فإذا لم تکن لإنسانیة زید المعدوم فی الخارج مطابق - بالفتح - فی الخارج أصلا فکما أن إنسانیته معدومة ، فکذلک حماریته معدومة فی الخارج ، فلیس لهما مطابق فی الخارج ،

ص: 75

فکیف یحکم بصدق إنسانیة زید المعدوم فی الخارج ، وکذب حماریته ، فإن کانت الأولی صادقة فلتکن الثانیة أیضا کذلک ، وإن کانت الثانیة کاذبة فلتکن الأولی أیضا کذلک؟

والجواب عنه : إن قولهم : الصادق هو الذی له مطابق فی الخارج دون الکاذب ، لا یعنون بذلک الخارج ، الموجود العینی الخارجی ، المقابل للذهنی ، أی الخارج عن وعاء الذهن ، بل مرادهم من ذلک الخارج : هو الخارج عن اعتبار العقل ، أی الخارج عن الفرض العقلی الذی هو الوجود الفرضی المذکور.

فکل قضیة لها مطابق بأحد قسمی الوجود الحقیقی ، فلها خارج ، فهی صادقة سواء کان ذلک الخارج عن الفرض العقلی المختلق خارج الذهن أو کان موجودا ذهنیا. فالخارج علی هذا المعنی أعم من الخارج المقابل للوجود الذهنی ، فلا یلزم من عدم مطابق للخبر فی الخارج بالمعنی الأخص أن لا یکون له مطابق فیه بالمعنی الأعم.

فنقول إیضاحا : إن کل واحد من الصدق والکذب من أوصاف القضایا ومحمول علیها ، فالقضیة إن کانت لفظیة أو کتبیة ، ولها مطابق فی وعاء الخارج ، المقابل للذهنی فصادقة وإلا فکاذبة ، وإن کانت ذهنیة فإن کانت لها مطابق فی وعاء الذهن من المعانی الوجودیة الحقیقیة الذهنیة التی هی خارج عن الفرض العقلی المختلق ، فهی صادقة ، وإلا فکاذبة.

فإن قلت : إن الضرورة قاضیة بأن الموجود الحقیقی إما خارجی وإما ذهنی.

والخارجی شامل لجمیع صور الحقائق الوجودیة : من الواجب والممکن ، والذهنی أیضا شامل لجمیع المعانی والصور الذهنیة ، ولیس وراء الوجودین أی الخارجی والذهنی أمر آخر یسمی بنفس الأمر حتی یحتاج إثباته إلی برهان.

قلنا : قد أجاب عنه بعضهم فی إثباته بما حاصله : إنه قد ثبت بالقوانین العقلیة وجود العقل المفارق ، المشتمل علی جمیع المعقولات ، المسمی بالعقل الکل ، واللوح المحفوظ ، أما کونه کلا ، فلذلک الاشتمال ، وأما کونه لوحا ، فلأن کل صغیر وکبیر فیه مستطر ، وأما کونه محفوظا ، فلکونه ، محفوظا بالاسم الحافظ ، الحفیظ عن التغیر ، والزوال ، والتبدل ، والبوار ، کما هو شأن جمیع المجردات النوریة ، وهذا العقل هو نفس الأمر للموجودات الحقیقیة العینیة والذهنیة مطلقا.

ص: 76

فأورد علی هذا الجواب بعض المتأخرین - نقضا - بالواجب تعالی ، والعقول ، وذلک لأن نفس الأمر لو کان بذلک المعنی ، لکان نفس الأمر للموجودات الحقیقیة التی دونه ، فیلزم أن لا یکون للواجب - وسائر العقول التی غیر اللوح المحفوظ - وجود فی نفس الأمر.

ثم هذا البعض من المتأخرین حاول التحقیق فی معنی نفس الأمر ، وحاصله أنه عبارة عن حقیقة الأشیاء بحسب ذواتها مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنها.

وشارح قواعد التوحید ، صائن الدین علی بن الترکة ، اعترض علیه بأن هذا التحقیق إنما أفاد زیادة إجمال فی معنی نفس الأمر ، إلا أن یحمل کلام هذا البعض علی مذهب المحققین من أهل التوحید ، أعنی بهم أهل العرفان ، بأن أعیان الأشیاء بحسب ذواتها ثابتة فی ذاته الأحدیة سبحانه بلا شوب کثرة ، ولذلک یسمونها بالأعیان الثابتة ، والفیلسوف یعبر عنها بالماهیات.

والأعیان الثابتة فی اصطلاح العارف من الممتنعات ، أی ممتنع تقررها وتمثلها - فی خارج ذات العالم بها - وإن کانت مظاهرها فی خارج الذات موجودة بحسب اقتضائها ذلک ، فالأعیان الثابتة ما شمت رائحة الوجود قط ، أی وجودها الخارجی ، ولا تشمها أبدا. فالأعیان فی ذاته الأحدیة بوجوداتها الأحدیة کالصور العلمیة فی أصقاع نفوسنا الناطقة.

واعلم أن التمثل معناه لا یختص بالحقائق التی فی قوالب الأمثال والأشباح ، حتی یستلزم الکثرة والتمایز فی ذاته الأحدیة سبحانه وتعالی ، بل معناه یتناول الحقائق النوریة ، المستکنة فی ذات العاقل ، المجتمعة فیها جمعا أحدیا ، والصور المثالیة القائمة بغیرها فی بعض مراتبه ، کالأشباح المجردة ، بالتجرد البرزخی ، القائمة بالنفس الناطقة فی مرتبة خیالها ، والخیال مظهر للأسم المصور ، ولذا جبلت علی المحاکاة ، یقال : تمثل کذا عند کذا ، حضر منتصبا عنده بنفسه ، أو بمثاله (1).

وللانتصاب فی التعریف شأن لأن العلم الحقیقی هو انتصاف المعلوم لدی العالم ، لیس فیه اعوجاج ، ولذلک فسر الشیخ الادراک فی الموضع المذکور من

ص: 77


1- (18) کما أفاده المحقق الطوسی فی شرحه علی سابع الثالث من الإشارات : 76 ، الطبعة الأولی

الإشارات بقوله : «أن تکون حقیقته متمثلة عند المدرک» ، وفسر العنایة بقوله : «تمثل النظام الکلی فی العلم السابق ...» (1).

فلنرجع إلی ما کنا فیه فنقول :

إن ذلک البعض المعترض إن أراد من قوله : إن نفس الأمر عبارة عن حقیقة الأشیاء بحسب ذواتها ، مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنها ، إن قاطبة الأشیاء لها وجود فی نفس الأمر ، بمعنی أن حقائقها العلمیة ، أی أعیانها الثابتة بحسب ذواتها ، مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنها ، کائنة فی صقع الذات الأحدیة ، فله وجه وجیه ، وإلا فلا یخلو من دغدغة.

ثم أفاد صائن الدین فی تمهید القواعد فی بیان نفس الأمر علی طریقة المحققین من أهل التوحید والعرفان بقوله : نفس الأمر عبارة عما ثبت فیه الصور والمعانی الحقة  - أعنی العالم الأعلی - الذی هو عالم المجردات ، ویؤیده إطلاق عالم الأمر علی هذا العالم ، وذلک لأن کل ما هو حق وصدق من المعانی والصور لا بد وأن یکون له مطابق - بالفتح - فی ذلک ، کما یلوح تحقیقه من کلام معلم المشائین أرسطو ، فی (المیمر الثانی) من کتابه فی العلم الإلهی ، المسمی (باثولوجیا) بعد فراغه عن أن العالم الأعلی هو الحی التام الذی فیه جمیع الأشیاء ، وأن هذا العالم الحسی کالصنم ، والأنموذج لذلک العالم ، من أن فعل الحق هو العقل الأول ، فلذلک صار له من القوة ما لیس لغیره ، وأنه لیس جوهر من الجواهر التی بعد العقل الأول إلا وهو من فعل العقل الأول.

وإذا کان هذا کذا قلنا : إن الأشیاء کلها هی العقل ، والعقل هو الأشیاء ، وإنما صار العقل هو جمیع الأشیاء ، لأن فیه جمیع کلیات الأشیاء ، وصفاتها ، وصورها وجمیع الأشیاء التی کانت وتکون مطابقة لما فی العقل الأول ، کما إن معارفنا التی فی نفوسنا مطابقة للأعیان التی فی الوجود ، ولا یمکن غیر ذلک ، ولو جوزنا ذلک - أعنی أن یکون بین تلک الصور التی فی نفوسنا وبین الصور التی فی الوجود تباین أو اختلاف - ما عرفنا تلک الصور ولا أدرکنا حقائقها ، لأن حقیقة الشئ ما هو به هو ، وإذا لم یکن ، فلا محالة غیره ، وغیر الشئ نقیضه ، فإذن جمیع ما تدرکه النفوس وتتصوره من أعیان

ص: 78


1- (19) تاسع سادس الإشارات : 148

الوجودات هو تلک الموجودات ، إلا أنه بنوع ونوع.

وإنما أوردت هذا الکلام کله ، لأنه مع انطوائه بما نحن بصدده ، مشتمل أیضا علی تحقیق معنی الحقیقة ، ومعنی الصدق والحق وسبب تسمیة هذا الوجود بالوجود الحقیقی وغیره من اللطائف فلیتأمل (1).

أقول : فی هذه العبارات المنیفة السامیة لطائف عدیدة ، ونکات سدیدة ، حری بباغی المعارف الإلهیة أن یعتنی بها ویهتم بنیلها :

منها : إن العالم الأعلی هو متن ما دونها وقضائها ، ولا یوجد رقیقة فی الدانی ، إلا وهی مستکنة فیه علی نحو وجود أحدی ، فالرقائق صنم ، وأنموذج لذلک العالم الأعلی ، فالحقیقة لا تنزل إلی العالم الأدنی الحسی إلا وهی نازلة من جمیع العوالم ، قال عز من قائل : «وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم» (2) ، وقال سبحانه : «یدبر الأمر من السماء إلی الأرض ثم یعرج إلیه فی یوم کان مقداره ألف سنة مما تعدون» (3).

فکل ما هو حق وصدق من المعانی والصور ، فهو مطابق - بالکسر - لما هو متحقق فی العالم الأعلی ، أی فله مطابق - بالفتح - وخزائن ، وأما ما لیس بحق وصدق کالصور المختلقة التی هی مخترعات الوهم ودعابات الخیال ، والاعتباریات المحضة من النسب والإضافات غیر الحقیقیة ، فلیس لها مطابق - بالفتح - أصلا ، لأن الباطل لا یتطرق فی صنع الحق ، مثلا ، لو فرض الوهم غلطا أن الثلاثة نصف العشرة أو الهواء أثقل من الأرض وأصلب منها ونحوهما من الأکاذیب ، فهی عاریة عن أن یکون لها نفس الأمر ، وبمعزل عنه. فنفس الأمر هو حقیقة الأمر ، أی حقیقة الشئ فی النظام العنائی الحقیقی ، وتصور أن الثلاثة نصف العشرة لیس أمرا حقا ، فلا یصح أن یقال : إن الثلاثة فی نفس الأمر أی فی نفسها وذاتها نصف العشرة ، فلا یصح أن یقال : إن للکواذب مطابق - بالفتح - فما هو باطل فی موطن ، ولیس فرض تحققه فی ذلک الموطن بحق ، فهو عار عن تلبس خلعة الوجود الحقیقی فی جمیع المواطن ، فالکواذب مطلقا لیس لها

ص: 79


1- 1. إنتهی کلام صاحب التمهید : 16 الطبعة الأولی.
2- 2. الحجر : 21.
3- (22) السجدة : 5

مطابق أصلا.

علی أن المطابقة واللا مطابقة ، کالانقسام إلی التصور والتصدیق من خواص العلم الحصولی دون الحضوری ، ومن کلام صاحب أثولوجیا إن علم المبادئ أجل من أن یوصف بالصدق ، وإنما هو الحق بمعنی أنه الواقع لا المطابق للواقع.

ومنها قوله : ویؤیده إطلاق عالم الأمر علی هذا العالم إن المحققین من أهل التوحید ، أی العارفین بالله یعبرون عنه بعالم الأمر ، والحکماء الإلهیین بالعقل. ودیدن أهل التوحید فی اصطلاحاتهم هو الأخذ من کلمات الوحی ، وأهل بیت الوحی ، وقال عز من قائل : «ألا له الخلق والأمر» (1) والتعبیر عن هذا العالم بعالم الأمر - کما فی الحکمة المنظومة - لوجهین :

أحدهما : من جهة اندکاک إنیته واستهلاکه فی نور الأحدیة ، إذ العقول مطلقا من صقع الربوبیة ، بل الأنوار الأسفهبدیة لا ماهیة لها علی التحقیق ، فمناط البینونة الذی هو المادة سواء کانت خارجیة أو عقلیة مفقود فیها ، فهی مجرد الوجود الذی هو أمر الله وکلمة «کن» الوجودیة النوریة.

وثانیهما : إنه وإن کان ذا ماهیة یوجد بمجرد أمر الله ، وتوجه کلمة «کن» إلیه من دون مؤنة زائدة من مادة ، وتخصص استعداد ، فیکفیه مجرد إمکانه الذاتی (2).

ومنها قوله : إن هذا العالم الحسی کالصنم والأنموذج لذلک العالم. ویدلک علی هذا المطلب الأرفع کلمة الآیة والآیتین والآیات فی القرآن الکریم ، فتلک الکلمة المبارکة ناطقة بأن ما سواه سبحانه علی ضرب من التعبیر بالسواء مظاهره ، ومرایاه ، ومجالیه ، فأحدس من هذا أن الوجود واحد شخصی أحدی صمدی مطلق عن الإطلاق والتقیید ، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن. وإن جمیع أسمائه سبحانه - إلا ما استأثره لنفسه - متحقق فی کل کلمة وآیة ، وإن کانت تسمی بالصفة الغالبة علی غیرها ، والاسم القاهر علی غیره ، ولذا اشتمل کل شئ علی کل شئ. وذلک الاشتمال کما فی مصباح الأنس علی ثلاثة أنواع ، لأن الظاهر من الآثار ، إما آثار بعض

ص: 80


1- 1. الأعراف : 54.
2- (24) أنظر : ص 50 ، الطبعة الأولی

الحقائق وآثار الآخر مستهلکة وهو فی غیر الإنسان ، وإما آثار جمیع الحقائق کما فی الإنسان ، فأما بغلبة بعض الآثار ومغلوبیة الآثار الباقیة ، کما فی غیر الکامل أو بالاعتدال کما فی الإنسان الکامل (1).

فتبصر من هذا الکلام الکامل أن المراد من قوله سبحانه «وعلم آدم الأسماء کلها» (2) ما هو ، وکذا من قوله عز من قائل «ولقد علمتم النشأة الأولی فلولا تذکرون» (3) ثم اقرأ وارق.

ثم اعلم أن جمیع الأسماء الحسنی علی کمالها وتمامها أسماؤه المستأثرة کالحی والعام والقادر وغیرها فتبصر!

ومنها قوله : وإذا کان هذا کذا ، قلنا : إن الأشیاء کلها هی العقل ، والعقل هو الأشیاء. لأن الأشیاء کلها من فعل العقل بإذنه سبحانه والفعل قائم بفاعله ، والفاعل قاهر علی فعله ومحیط به فانظر ماذا تری.

وکان المتقدمون من أهل التوحید یسمون مبدأ المبادئ سبحانه وتعالی بالعقل ، وکانوا یقولون : إن العقل یدبر العالم ، والعقل موجب وحدة الصنع أزلا وأبدا ، وکانوا یسمون وحدة الصنع من کثرة بهائه ، وجماله ، وحسن زینته بقوسموس ، فتبارک الله أحسن الخالقین.

ومنها قوله القویم الثقیل : لو جوزنا أن یکون بین تلک الصور التی فی نفوسنا ، وبین الصور التی فی الوجود تباین أو اختلاف ما عرفنا تلک الصور ، ولا أدرکنا حقائقها. فکلما نطلبه أول الأمر ندرکه إدراکا ما ، لأن طلب المجهول المطلق محال ، وقد دریت الکلام فی الاشتمال فافهم!

ثم إن الصور التی فی نفوسنا لو لم تکن مطابقة لما فی الوجود کالأمثلة المتقدمة فهی لیست بعلم ، ولم یکن لها مطابق ، ولم یصدق علیها عنوان نفس الأمر. فمعنی کون الشئ موجودا فی نفس الأمر هو کونه متلبسا خلعة الوجود فی حد ذاته أی کونه موجودا مع قطع النظر عن فرض فارض واعتبار معتبر ، سواء کان موجودا فی الخارج أوفی

ص: 81


1- 1. أنظر : ص 147 ، الطبعة الأولی.
2- 2. البقرة : 31.
3- (27) الواقعة : 62

الذهن علی الوجه الذی حررناه.

ولا یخفی علیک صدق نفس الأمر علی الوجود الحق الصمدی المتعین المطلق عن الإطلاق والتقیید أیضا ، وإن لم یصدق علیه ما یصدق علی شؤونه النوریة ، من أن لها خزائن وصورا علمیة ، مسماة بالأعیان الثابتة ، لأنه سبحانه صورة الصور وحقیقة الحقائق وجوهر الجواهر ونور الأنوار.

ثم لا یخفی علیک أن هذا الأمر القویم لا یتبدل فی اختلاف الآراء فی إدراک النفس الحقائق ، من أنه هل هو علی سبیل رشح الصور علی النفوس ، أو علی سبیل الاشراق ، أو علی سبیل الفناء فی القدسی (1).

ومنها : إن المراد من الخارج هو خارج الفرض والاعتبار ، وإن کان متحققا فی المشاعر والقوی المدرکة ، وبعبارة أخری وإن کان متحققا فی الذهن والخارج - بهذا المعنی الدقیق - هو نفس الأمر ، للأحکام الذهنیة أی القضایا الذهنیة ، فلا یجب فی صحیحها المطابقة لما فی الخارج ، بل تکون صحتها باعتبار مطابقتها لما فی نفس الأمر بهذا المعنی ، أی نفس الشئ فی حد ذاته.

ومنها : وجه ما قالوا فی معنی «نفس الأمر» من أنها العلم الإلهی. أو من أنها النفس الکلیة ، واللوح المحفوظ ، أو من أنها عالم المثال. وکل واحد من تلک المعانی حق ، ولکل وجهة هو مولیها ، کما ستعلم أیضا.

ومنها : معنی الحق والصدق ، وقد أشبعنا البحث عنهما فی شرحنا علی الفص الواحد والسبعین - من شرحنا علی فصوص الفارابی - فراجع!

تبصرة :

ما قاله العلامة الحلی فی کشف المراد من أن «المعقول من (نفس الأمر) إما الثبوت الذهنی أو الخارجی ...» ، یعنی وما یتصور ویعقل من لفظ «نفس الأمر» عندما یقال : الشئ مطابق لما فی نفس الأمر ، ویکون الشئ فیه إما هو الوجود الخارجی ، وکون الشئ فی الخارج ، أو الذهنی وکون الشئ فی الذهن ، والمفروض

ص: 82


1- (28) کما حقق فی الفصل 33 من المرحلة السادسة من الأسفار فی العلة والمعلول 1 : 200 ، الطبعة الأولی

أن الأحکام الذهنیة التی قلنا : لیست بلحاظ ما فی الخارج ، کالإمکان مقابل للامتناع ، لا یصح القول بأن صحیحها لأنها فی الخارج ، وکذا لا یصح القول : بأن صحیحها لا لأنها فی الذهن ، لإمکان کونها کاذبة ، ومع ذلک موجودة فی الذهن ، ویلزم علی هذا صحة الکواذب.

ولکن أنت بما حققنا من معنی نفس الأمر والخارج ، ومعنی صحة مطابقة الحکم لنفس الأمر ، تعلم أن الشبهة غیر واردة أصلا ، لأن الکواذب لا نفسیة لها حتی یتفوه بها بمطابقتها له وصحتها.

نعم لو قلنا إن نفس الأمر عبارة عن عالم الأمر الحکیم ، فالجواب عن الشبهة المذکورة وإن کان یعلم أیضا بالقیاس إلی ما حررناه ، ولکن فیه تحقیقا أنیقا آخر یأتی نقله عن الحکمة المتعالیة ، وکلامنا حوله.

ثم إن العلامة القیصری أفاد تحقیقا فی معنی «نفس الأمر» فی آخر الفصل الثانی من فصول شرحه علی فصوص الحکم ، علی ما ذهب إلیه المحققون من أهل التوحید ، وما تقدم منا فی معنی «نفس الأمر» وإن کان کافلا لما أفاد ، ولکنه أجاد بما أفاد لا یخلو نقله عن فوائد کثیرة ، ونتبعها بإشارات منیفة منا حول إفاداته إن شاء الله تعالی ، قال :

«والحق أن کل من أنصف یعلم - من نفسه - أن الذی أبدع الأشیاء وأوجدها من العدم إلی الوجود - سواء کان العدم زمانیا أو غیر زمانی - یعلم تلک الأشیاء بحقائقها وصورها اللازمة لها ، الذهنیة والخارجیة ، قبل إیجاده إیاها ، وإلا لا یمکن إعطاء الوجود لها ، فالعلم غیرها - أی غیر الأشیاء -.

والقول باستحالة أن یکون ذاته تعالی وعلمه - الذی هو عین ذاته - محلا للأمور المتکثرة ، إنما یصح إذا کانت غیره تعالی ، کما عند المحجوبین عن الحق ، إما إذا کانت عینه من حیث الوجود والحقیقة ، وغیره باعتبار التعین والتقید فلا یلزم ذلک ، وفی الحقیقة لیس حالا ولا محلا بل شئ واحد ظهر بصورة المحلیة تارة والحالیة أخری.

فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتی الحاوی لصور الأشیاء کلها ، کلیها وجزئیها ، صغیرها وکبیرها ، جمعا وتفصیلا ، عینیة کانت أو علمیة ، لا یعزب عن ربک من

ص: 83

مثقال ذرة فی الأرض ولا فی السماء) (1).

فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ، وهو الذات الإلهیة وکمالاتها ، فکیف یکون - أی العلم - عبارة عن نفس الأمر؟

قلت : الصفات الإضافیة لها اعتباران ، اعتبار عدم مغایرتها للذات ، واعتبار مغایرتها لها - أی أنها غیر اللذات - فبالاعتبار الأول العلم - والإرادة والقدرة وغیرها من الصفات التی تعرض لها الإضافة - لیس تابعا للمعلوم ، والمراد والمقدور ، لأنها عین الذات ولا کثرة فیها.

وبالاعتبار الثانی العلم تابع للمعلوم ، وکذلک الإرادة والقدرة تابعة للمراد والمقدور.

وفی العلم اعتبار آخر ، وهو حصول الأشیاء فیه. فهو - أی العلم - لیس من حیث تبعیته لها عبارة عن نفس الأمر ، بل من حیث أن صور تلک الأشیاء حاصلة فیه هی عبارة عنه ، من حیث تبعیته لها. یقال : الأمر فی نفسه کذا ، أی تلک الحقیقة التی یتعلق بها العلم ، ولیست غیر الذات فی نفسها کذا ، أی والحال أن تلک الحقیقة لیست غیر الذات یقال فی نفسها کذا.

وجعل بعض العارفین العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق ، لکونه مظهرا للعلم الإلهی من حیث إحاطته بالکلیات المشتملة علی جزئیاتها ، ولکون علمه مطابقا لما فی علم الله تعالی. وکذلک النفس الکلیة ، المسماة باللوح المحفوظ بهذا الاعتبار عبارة عن نفس الأمر».

أقول : کلامه الشریف شامل علی مطالب عدیدة سامیة ینبغی الإشارة إلیها؟ : منها : إنه سبحانه عالم بالأشیاء علی الوجه الکلی ، وکذلک علی الوجه الجزئی ، من حیث هو جزئی «ألا یعلم من خلق وهو اللطیف الخبیر» (2) ، وهذا المطلب الأسمی مستفاد من وحدة الوجود الشخصیة التی هی موضوع الصحف العرفانیة ، ومسائلها ، وإطلاق هذه الوحدة علی الذات الصمدیة علی الوجه التام هو ما عبر به إمام الکل فی الکل

ص: 84


1- 1. سبأ : 22.
2- (30) الملک : 14

علیه السلام فی خطبة من النهج - قال الرضی فی وصفها : وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبه - بقوله : «ولا یقال له حد ، ولا نهایة ، ولا انقطاع ، ولا غایة ، ولا أن الأشیاء تحویه ، فتقله ، أو تهویه ، أو أن شیئا یحمله فیمیله أو یعدله ، لیس فی الأشیاء بوالج ولا عنها بخارج» (1) ..

بل أهل الذوق یفهمون من قوله سبحانه «وهو معکم أین ما کنتم» (2) ، ومن قوله : «ونحن أقرب إلیه من حبل الورید» (3) هذا المعنی اللطیف ، ویفسرون الاسم القیوم بهذا السر القویم. واستیفاء البحث عن العلم موکول إلی رسالتنا فی العلم.

ومنها قوله : «والقول باستحالة أن یکون - إلی قوله - والحالیة الأخری» کلام کامل متقن فی تحقق الأعیان الثابتة فی الذات ، ومن هنا ، وعلی هذا المنوال ، قال صدر المتألهین :

«وأما تحاشیه (یعنی تحاشی الشیخ الإشراقی) وتحاشی من تبعه عن القواعد بالصور الإلهیة ، لظنهم أنه یلزم حلول الأشیاء فی ذاته ، وفی علمه الذی هو عین ذاته ، فقد علمت أن ذلک غیر لازم ، إلا عند المحجوبین عن الحق ، الزاعمین أنها کانت غیره تعالی ، وکانت أعراضا حالة فیه ، وأما إذا کانت عینه من حیث الحقیقة والوجود ، وغیره من حیث التعین والتقید (یعنی التقید بالحدود) فبالحقیقة لیس هناک حال ، ولا محل ، بل شئ واحد متفاوت الوجود فی الکمال والنقص والبطون والظهور.

ونفس الأمر عند التحقیق عبارة عن هذا العلم الإلهی لصور الأشیاء کلیها وجزئیها ، وقدیمها وحادثها ، فإنه یصدق علیه أنه وجود الأشیاء علی ما هی علیها ، فإن الأشیاء موجودة بهذا الوجود الإلهی ، الحاوی لکل شئ إذا الأشیاء کما أن لها وجودا طبیعیا ، ووجودا مثالیا ، ووجودا عقلیا ، فکذلک لها وجود إلهی عند العرفاء. وهذا الوجود أولی بأن یکون عبارة عن نفس الأمر ، ولا یلزم من ذلک ثبوت المعدومات إذ ثبوت المعدوم الذی حکم علیه أنه محال عبارة عن انفکاک الشیئیة عن الوجود مطلقا لا انفکاکها عن الثبوت الخارجی ، مع تحققها بالوجود الربانی وظهورها فیه» (4).

ص: 85


1- 1. نهج البلاغة : 274 فهرسة صبحی الصالح.
2- 2. الحدید : 4.
3- 3. ق : 16.
4- (34) آخر الفصل الحادی عشر من الموقف الثالث من إلهیات الأسفار 3 : 56 ، الطبعة الأولی

أقول : مراد الأسفار بالکمال هو المرتبة الأحدیة ، والنقص هو المرتبة الواحدیة ، ولا شک أنها نقص بالإضافة إلی الأحدیة لوقوع الکثرة فی هذه المرتبة ، والمرتبة الأحدیة هی البطون ، أی الغیب المطلق الذی لا یخبر عنه ، ویمکن أن یکون المراد بالنقص نفس الماهیات التی یعبر عنها بالأعیان الثابتة ، أو الوجودات المقیدة بالحدود من حیث سعة المجال وضیقه ، أعنی التشکیک فی اصطلاح العارف ، فتبصر!

ثم العجب من صاحب الحکمة المنظومة حیث قال فیها فی «غرر فی ذکر الأقوال فی العلم ووجه الضبط لها» ما هذا لفظه : «الشیخ العربی وأتباعه جعلوا الأعیان الثابتة اللازمة لأسمائه تعالی فی مقام الواحدیة علمه تعالی. وهذا أیضا مزیف من حیث إثباتهم شیئیة للماهیات ، وإسنادهم الثبوت إلیها فی مقابل الوجود ، مع أنک قد عرفت أصالة الوجود ولا شیئیة الماهیة إلا أن یصطلحوا أن یطلقوا الثبوت علی مرتبة من الوجود ، کأنهم وضعوها ، مبانا من حقیقة الوجود مرتبة منها ، وقابلوها بها ...» (1).

ولست أدری أنه رحمة الله - مع طول باعه فی الحکمة المتعالیة - کیف تفوه بهذا الرأی الفائل؟

وقد حققنا فی تعلیقاتنا علی کشف المراد : أن الماهیات فی اصطلاح الحکیم هی الأعیان الثابتة فی اصطلاح العارف ، وهی الصور العلمیة بوجودها الأحدی ، الذی هو عین الذات الصمدیة ، وقد اصطلح العارف أن یسمی العلم ثابتا ، والعین وجودا ، لا أن الثبوت واسطة بین الوجود والعدم ، بل واسطة بین وجوده الخارجی والعدم ، بمعنی أنه وجود علمی إلا أنه یسمیه ثبوتا للفرق بین العلم والعین - اصطلاحا - ، وتفصیل ذلک یطلب فی تعلیقنا علی المسألة الثالثة عشرة من الفصل الأول من المقصد الأول من کشف المراد.

ثم إن کلام العلامة القیصری وصدر المتألهین علی وزانه من أن نفس الأمر  - عند التحقیق - عبارة عن هذا العلم الإلهی لصور الأشیاء فی غایة الأحکام والاتقان ، لأن ما له نفیسة حقیقة لا بد أن یکون له وجود طبیعی ، ووجود مثالی ، ووجود عقلی ، ووجود إلهی ، والتفاوت بالکمال والنقص کالأبدان الإنسانیة - مثلا - بل الإنسان

ص: 86


1- (35) الحکمة المنظومة : 160 ، الطبعة الأولی

بالوجودات الأربعة المذکورة ، فتدبر فی قوله سبحانه : «یدبر الأمر من السماء إلی الأرض ثم یعرج إلیه ...» ، وکما أن الوجود حقیقة واحدة إطلاقیة ، ولها درجات بعضها طبیعی ، وبعضها نفسانی ، وبعضها عقلی ، وبعضها إلهی ، کذلک جمیع شؤونها : النفس الأمریة ، لأنها أطوار حقیقة ، منتشئة ومنفطرة عن ذات واحدة صمدیة سبحانه وتعالی.

نعم ، إن نفس الأمر بهذا المعنی لا یصدق علیه سبحانه ، لأنها کانت عبارة عن العلم الإلهی لصور الأشیاء. فالأمر علی هذا المعنی فی مقابل الخلق من العقل الأول إلی الهیولی الأولی ، لا کما قال المحقق الشریف : أن یجعل الأمر ها هنا فی مقابل الخلق ، ویراد به عالم المجردات ، کما نقله عنه صاحب الشوارق (1) ، وذلک لأن الخلق الایجاد علی تقدیر وترتیب ، وأصل الخلق التقدیر ، یقال : خلقت الأدیم إذا قدرته قبل القطع.

والخلق هو المنقوش علی الصادر الأول ، وهو فرق الخلق ، وقد حققنا البحث عنه فی رسالتنا الفارسیة المسماة ب «وحدث از دیدگاه عارف وحکیم» (2) ، فراجع!

فالمجردات من الخلق أیضا والصادر الأول یسمی فی الصحف العرفانیة بالنفس الرحمانی والنفس الإلهی ، والهیولی الکلی ، والماء الذی هو أصل کل شئ ، والبخار العام ، والتجلی الساری ، والرق المنشور ، والنور المرشوش ، والخزانة الجامعة ، وأم الکتاب المسطور ، والوجود العام ، ومادة الموجودات ، والرحمة العامة ، والرحمة الذاتیة ، والامتنانیة ، وصورة العلماء ، والوجود المنبسط ، والعنصر ، والعنصر الأول ، وأصل الأصول ، وهیولی العوالم غیر المتناهیة ، وأب الأکوان ، وأم عالم الإمکان ، والجوهر الهیولانی ، وغیرها من الأسامی المذکورة فی محالها فراجع الرسالة المذکورة ومصباح الأنس (3).

والصور العلمیة تسمی بالأعیان الثابتة ، وبالفیض الأقدس أیضا ، أی الأقدس عن أن یکون المستفیض غیر المفیض ، والأقدس من شوائب الکثرة الأسمائیة ،

ص: 87


1- 1. لاحظ : ص 114 ، الطبعة الأولی.
2- 2. لاحظ : ص 84 - 94 ، الطبعة الأولی.
3- (38) لاحظ : ص 70 ، 133 ، 150 ، و 161 وکذلک شرح القیصری علی الفص العیسوی ، والیعقوبی من فصوص الحکم : 331 و 389 ، الطبعة الأولی

ونقائص الحقائق الإمکانیة. فهی لیست من جملة العالم ، ومما سوی الله ، ولیس وجودها وجودا مباینا لوجود الحق سبحانه ، ولا هی موجودات بنفسها لنفسها ، بل إنما هی من المراتب الإلهیة ، والمقامات الربوبیة ، وهی موجودة بوجوده واحد ، باقیة ببقاء واحد ، والعالم إنما هو ما سواء ، کما حرره صدر المتألهین (1).

نعم قد أطلق علیها العالم فی الفصل الثالث والثلاثین من تمهید القواعد ، لصائن الدین باعتبار تغایرها الذاتی ، فارجع إلیه وإلی تعلیقاتنا علی ذلک الفصل منه (2).

ومنها قوله : «فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ...».

أقول : قد أتی بهذا السؤال والجواب صاحب الأسفار بعد کلامه المذکور آنفا مع زیادة إیضاح حیث قال : «فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ، فکیف یکون هذا العلم الذی هو الذات الإلهیة تابعة للأشیاء؟».

قلنا : هذا العلم الإلهی لکونه کالقدرة ، والقدرة ونظائرها من الصفات الإضافیة - أی من الحقائق ذوات الإضافة إلی الأشیاء - فله اعتباران : أحدهما : اعتبار عدم مغایرته للذات الأحدیة ، ، وهی بهذا الاعتبار من صفات الله ، وغیر تابعة لشئ ، بل الأشیاء تابعة له إذ به صدرت وجودات الأشیاء فی الخارج ، ولهذه الجهة قیل : علمه تعالی فعلی.

وثانیهما : اعتبار إضافته إلی الأشیاء ، وهو بهذا الاعتبار تابع للأشیاء متکثر بتکثرها ، وسنشبع القول فی تحقیق هذا المقام عند بیان کیفیة علمه تعالی بالأشیاء علی طریقة أصحاب المکاشفة الذوقیة ، ونحن قد جعلنا مکاشفاتهم الذوقیة مطابقة للقوانین البرهانیة ، والکلام فی کون علمه تعالی تابعا للمعلوم أم المعلوم تابعا له؟ الألیق بذکره أن یکون هناک من هاهنا (3).

أقول : الموضع المذکور فی علمه هو الفصل التالی من الفصل المذکور وهو الفصل الثانی عشر من الموقف الثالث من إلهیات الأسفار (4).

وقد حققنا فی مصنفنا الموسوم بالعرفان والحکمة المتعالیة أن أمهات مسائل

ص: 88


1- 1. الفصل الثامن من الموقف الثانی من إلهیات الأسفار 3 : 48 ، الطبعة الأولی.
2- 2. لاحظ : ص 95 ، الطبعة الأولی.
3- 3. لاحظ : ص 57 ، ج 3 ، الطبعة الأولی.
4- (42) لاحظ : ص 57 - 63 ، ج 3 ، الطبعة الأولی

الحکمة المتعالیة ، أعنی بها أسفار صدر المتألهین ، مأخوذة من الصحف العرفانیة ، کتمهید القواعد وشرح القیصری علی فصوص الحکم ومصباح الأنس لابن الفناری ، والفتوحات المکیة للشیخ العارف محیی الدین ابن العربی.

وقد أجاد فی کلامه الرفیع من أن المکاشفات الذوقیة مطابقة للقوانین البرهانیة ، کقوله : الآخر الثقیل ، أیضا فی أول الفصل الثانی من الباب السادس من نفس الأسفار :

«الشرع والعقل متطابقان فی هذه المسألة - یعنی فی مسألة أن النفس الناطقة لیست بجسم ولا مقدار ، ولا منطبعة فی مقدار - کما فی سائر الحکمیات وحاشی الشریعة الحقة الإلهیة البیضاء أن تکون أحکامها مصادمة للمعارف الیقینیة الضروریة وتبا لفلسفة تکون قوانینها غیر مطابقة للکتاب والسنة (1).

فالعرفان والبرهان یدوران حیثما دار القرآن ، ولن یفترق کل واحد منها عن الآخرین قط. والانسان الکامل قرآن وبرهان وعرفان ، وهو لن یفترق عن القرآن والبرهان والعرفان قط ، کما أن العرفان الأتم ، والبرهان الأقوم - وکذا الحقائق القرآنیة بأعلی ذری مقاماتها - لا تنفک عنه ولا تفترق قط.

وجملة الأمر فی الاعتبارین ، المأخوذ فی الجواب أن علم الواجب بالأشیاء هو وجود الواجب - بملاحظة اتحاده بالأعیان الثابتة - إذا لوحظ بحسب الوجود أی لوحظ وجود الواجب مع قطع النظر عن هذا الاتحاد یکون متبوعا وعین الواجب ، وإذا لو حظ العلم من حیث أنه علم ، أی لوحظ وجوده باعتبار اتحاده بالأعیان یکون تابعا للأعیان ، بمعنی أن علمه یکون علی طبق ما تکون الأعیان علیه فی نفسها ، ویکون متکثرا بتکثر الأعیان ، بمعنی أن علمه بهذا العین المخصوص غیر علمه بعین أخری لتغایر العینین بالذات.

وقال القیصری فی آخر الفصل الأول من الفصول المذکورة فی التنبیه المعقود فی عینیة الصفات للوجود : «إن الحیاة ، والعلم ، والقدرة ، وغیر ذلک من الصفات تطلق علی تلک الذات ، وعلی الحقیقة اللازمة لها من حیث أنها مغایرة بالاشتراک

ص: 89


1- (43) لاحظ : ص 75 ، ج 4 ، الطبعة الأولی

اللفظی» (1) ، فتدبر!

ونقول إیضاحا : قوله : إذا کانت غیره تعالی ، أی إذا کانت تلک الأمور المتکثرة ، التی هی الصور المرتسمة غیره تعالی ، تعالی عن ذلک.

ألغیرک من الظهور ما لیس لک؟

غیرتش غیر در جهان نگذاشت

قوله : فلا یلزم ذلک ، أی لا یلزم کونه محلا للأمور المتکثرة.

قوله : بل شئ واحد ظهر بصورة المحلیة ، أی شئ واحد ظهر فی ملابس أسمائه وصفاته ، فإنها قائمة بالفیض الأقدس ، ولا حالیة ، ولا محلیة أصلا ، بل شئ واحد تحقق بصورة البطون تارة ، وهذا من جهة اعتبار نفس الذات ، وتجلی بصورة الظهور أخری وذلک من جهة العلم والانکشاف ، أی انکشاف الأشیاء عنده بنفس ذاته وهویته البسیطة التی هی کل الأشیاء بنحو الأصالة والوحدة والصرافة ، ولیس بشئ منها.

وقال القیصری فی شرح الفص الآدمی : لما کان الفاعل والقابل شیئا واحدا فی الحقیقة - ظاهرا فی صورة الفاعلیة تارة ، والقابلیة أخری - عبر عنهما بالیدین.

قوله : الحاوی لصور الأشیاء کلها ، أی بنحو البساطة الإطلاقیة.

قوله : قلت : الصفات الإضافیة ، یعنی أن الصفات ذات الإضافة لها اعتباران : اعتبار عدم مغایرتها للذات بحسب حقائقها الإطلاقیة ، کالعلم ، وهذا فی المرتبة الأحدیة ، واعتبار مغایرتها للذات ، أی اعتبار إضافتها ونسبتها وتعلقها بالغیر ، فتمتاز نسبة ومفهوما أیضا وهذا فی المرتبة الواحدیة. فالصفات قد تؤخذ إطلاقیة ، فهی عین ، وأسماء ذاتیة ، وقد تؤخذ علی وجه التعلق بالتعینات ، فهنا امتیاز نسبی.

قوله : وفی العلم اعتبار آخر. یعنی لیس هذا الاعتبار لسائر الصفات الإضافیة ، وهو حصول صور الأشیاء فیه لأن بسیط الحقیقة کل الأشیاء ، فنفس الأمر عبارة عنه بهذا الاعتبار.

قوله : یقال الأمر فی نفسه کذا ، أی تلک الحقیقة العلمیة التی یتعلق بها العلم ، والحال أن تلک الحقیقة لیست غیر الذات حقیقة ، تقال فی نفسها وحد ذاتها کذا. یعنی

ص: 90


1- (44) لاحظ : ص 12 ، الطبعة الأولی

إن نفس الأمر عین علمه تعالی بهذا الاعتبار الآخر الذی لیس لسائر الصفات الإضافیة ، فالعلم لیس من جهة تابعیته للأشیاء عبارة عن نفس الأمر ، بل من جهة أن صور الأشیاء حاصلة فیه عبارة عن نفس الأمر.

فذلکة البحث حول کلام القیصری :

إنه لما قال : فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتی ، أورد علیه أن العلم تابع للمعلوم ، والمعلوم هو الذات الإلهیة ، وکمالاتها ، لأنه لیس فی الوجود علی وعین سوی الذات الإلهیة ، وشؤونها الذاتیة ، التی هی کمالاتها ، فنفس الأمر هو المعلوم المتبوع ، لا العلم التابع له ، المطابق لما فی نفس الأمر ، فأراد دفع ذلک الایراد عن نفسه ، بقوله : قلت : الصفات الإضافیة ...

وحاصل الجواب أن العلم من الصفات الإضافیة ، أی ذوات الإضافة ، ولها اعتباران اعتبار أنفسها ، واعتبار إضافتها العارضة لها.

وبالاعتبار الأول عین الذات الإلهیة ، لا تابعة لها ، بل هی متبوعة.

وبالاعتبار الثانی العلم وسائر الصفات الإضافیة ، کالقدرة ، والإرادة تابعة لما تضاف إلیه.

وللعلم اعتبار آخر لیس لسائر الصفات الإضافیة : هو حصول صور الأشیاء فیه التی عبر عنه بالکمالات تارة باعتبار ، وبالشؤون الذاتیة تارة وباعتبار ، وبالشؤون الإلهیة والأسماء وصورها تارة وباعتبار ، ونفس الأمر عین علمه تعالی بهذا الاعتبار.

فالجواب ینشعب شعبتین : أولاهما فی بیان أن الصفات مطلقا یعتبر فیها الاعتباران ، وثانیتهما فی بیان أن العلم خاصة له اعتبار ، لیس لغیره من الصفات ، فهو بهذا الاعتبار عبارة عن نفس الأمر وهو عین الذات ، فتبصر!

ومنها قوله : وجعل بعض العارفین العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق ...

والعقل الأول هو الاسم العلیم فی الحقیقة ، وهذا العارف جعل العقل الأول عبارة عن نفس الأمر لکون علمه مطابقا لما فی علم الله تعالی ، فالملاک عن نفس الأمر هو العلم الذاتی الحاوی لصور الأشیاء کلها ، وهذا هو الأصل.

قوله : وکذلک النفس الکلیة المسماة باللوح المحفوظ ، أی وهی أیضا عبارة

ص: 91

عن نفس الأمر ، لکون علمها مطابقا لما فی علم الله تعالی ، فالملاک أیضا هو العلم الذاتی.

وهذا الکلام فی نفس الأمر جار فی عالم المثال أیضا من أنه عبارة عن نفس الأمر لکونه مطابقا لما فی علم الله تعالی ، فحصل أن نفس الأمر یعبر به عن کل واحد منها بذلک الاعتبار.

تبصرة :

أنت بما حققنا فی بیان الوجود الصمدی المساوق للحق دریت أن ما هو الأول والآخر والظاهر والباطن متحقق مع جمیع شؤونه النوریة ، ومجالی أسمائه الحسنی ، ومظاهر صفاته العلیا بوجوده الحقانی ، فالوجود حق ، وما صدر عنه حق ، وله نفسیة ، ولیس أمر من الأمور النوریة الوجودیة إلی وله نفسیة ، وواقعیة وهو حق محض ، وصدق طلق ، فنفس الأمر فی مراتبه النوریة لیست إلا حقا ، ولا یتطرق الکواذب ، والاعتباریات المختلقة من الوهم والخیال إلی الحق وشؤونه ، ورسالتنا الموسوعة بأنه الحق تفیدک فی المقام جدا.

وأما ما قاله صاحب کشف المراد من أن المحقق الطوسی - فی حل الإشکال - لم یأت بمقنع ، فقد قال الدوانی فی حله - کما فی الأسفار - : «إن شأن العقل الفعال فی اختزان المعقولات ، مع الصوادق ، الحفظ والتصدیق جمیعا ، ومع الکواذب ، الحفظ دون التصدیق ، أی الحفظ علی سبیل التصور ، دون الاذعان ، لبراءته عن الشرور والأسواء التی هی من توابع المادة» (1).

أقول : الظاهر أن مراده المستفاد من تفسیره بقوله : أی الحفظ علی سبیل التصور ... «إن الکواذب منها مختزنة فیه بحسب وجوداتها العاریة عن الکذب حقیقة ، فإن الکواذب من الشرور والأسواء التی من توابع المادة. مثلا النکاح والسفاح من حیث وجودهما الخارجی علی صورة واحدة ، والشر إنما نشأ من جهة أخری لیست بسنة فطریة إلهیة وصورتهما العلمیة الوجودیة النفس الأمریة لیس بشر ، ولعل وجه التعبیر

ص: 92


1- (45) لاحظ : ص 171 ، ج 3 ، الطبعة الأولی

عن التصدیق والحفظ یکون علی هذا البیان ، فعلی هذا لا یرد ما أورد علیه صاحب الأسفار ، بل لا یبعد أن یکون - ما أفاده قدس سره فی تحقیقه الرشیق فی حل الإشکال - راجعا إلی ما قاله الدوانی أیضا. فدونک ما أورد علیه فی حل الإشکال أولا :

قال - قدس سره - بعد نقل کلام الدوانی المذکور آنفا ما هذا لفظه : «وفیه ما لا یخفی من الخلل ، والقصور.

أما أولا ، فلأن ما فی العقل الفعال هو أشد تحصلا ، وأقوی ثبوتا مما فی أذهاننا ، فاقتران الموضوع للمحمول إذا حصل فی أذهاننا ، فربما کان الاقتران بینهما اقترانا ضعیفا ، وارتباط أحدهما بالآخر ارتباطا متزلزلا ، وذلک لضعف سببه ، وکاسبه ، ودلیله ، حیث لم یکن الاقتران بینهما من برهان ذی وسط لمی ، أو من حدس ، أو حس ، أو تجربة ، أو غیر ذلک ، فیکون الحکم منا باقترانهما غیر قاطع ، فهو شک أو وهم ، وربما کان الواقع بخلافه ، فیکون حکما کاذبا.

وأما إذا اقترن الموضوع بالمحمول فی العقل الفعال ، فیکون اقتران أحدهما بالآخر اقترانا مؤکدا ضروریا ، حاصلا عن أسباب وجودهما علی هذا الوجه ، کاقتران أحدهما بالآخر فی الظرف الخارج ، ولیس مصداق الحکم إلا عبارة عن اقتران الموضوع بالمحمول ، أو اتحادهما فی نحو من الوجود فی الواقع.

وأما ثانیا ، فلأن التصور والتصدیق - کما تقرر وتبین فی مقامه - إنما هو نوعان من العلم الانطباعی ، الحادث فی الفطرة الثانیة ، فأما علوم المبادئ العالیة ، وعلم الحق الأول جل ذکره ، فلیس شئ منهما تصورا ، ولا تصدیقا ، فإن علوم المبادئ کلها عبارة عن حضور ذواتها العاقلة والمعقولة بأنفسها ، وحضور لوازمها الوجودیة بنفس حضور ذواتها الثابتة لذواتها ، من غیر جعل وتأثیر مستأنف وتحصیل ثان ، حسبما قررناه کعلمنا بذاتنا ، ولوازم ذاتنا غیر المنسلخة عنا ، بحسب وجودنا العینی ، وهویتنا الإدراکیة ، التی هی عین الحیاة والشعور».

أقول : قوله : «حاصلا عن أسباب وجودهما علی هذا الوجه» یعنی علی هذا الوجه المؤکد.

وقوله : «من العلم الانطباعی» یعنی به الانفعالی الارتسامی ، ثم إن الدوانی لا

ص: 93

ینکر أن ما فی العقل الفعال أشد حصولا وآکد وأقوی ثبوتا مما فی أذهاننا ، والتعبیر بالاختزان علی سبیل التصور بیان لتقررها فیه علی وجودها الأحدی ، البسیط الذی هو عین الحیاة والشعور ، لا التصور المقابل للتصدیق المصطلحین فی المیزان ، ولا یتفوه مثل الدوانی بما أورده هو قدس سره الشریف علیه.

ثم قال - فی تحقیق المقال فی حل الإشکال - ما هذا لفظه الجمیل :

«وأما حل الإشکال ، وحق المقال فیه علی وجه یطمئن به القلب ، وتسکن إلیه النفس ، فهو یستدعی تمهید مقدمة ، هی أن کل ملکة راسخة فی النفس الإنسانیة - سواء کانت من باب الکمالات أو الملکات العلمیة أو من باب الملکات أو الکمالات العملیة کملکة الصناعات التی تحصل بتمرن الأعمال ، وتکرر الأفعال  - کالکتابة والتجارة والحراثة وغیرها - فهی إنما تحصل بارتباط خاص من النفس بالعقل الفعال لأجل جهة فعلیة من الجهات الموجودة فیه ، لأن الأنواع المختلفة لا تکفی فی تکثرها ووجودها تکثر القوابل أو تکثر جهاتها القابلیة ، بل یحتاج إلی مبادئ متعددة عقلیة ، کما رآه الإفلاطونیون من أن علل الأنواع المتکثرة فی هذا العلم عقول متکثرة هی أربابها ، وأما إلی جهات متعددة فاعلیة فی العقل الأخیر ، کما هو رأی المشائین.

وبالجملة فجمیع الکمالات الوجودیة فی هذا العالم مبدؤها ومنشؤها - من حیث کونها أمرا وجودیا - من ذلک العالم ، سواء سمیت خیرات أو شرور ، إذ الشرور الوجودیة شریتها راجعة إلی استلزامها لعدم شئ آخر أو زوال حالة وجودیة له ، وهی فی حد نفسها ، ومن جهة وجودها ، تکون معدودة من الخیرات ، کالزنا والسرقة ونظائرهما ، ومنهما الجهل المرکب ، والکذب ، فکل منها فی نفسه أمر وجودی وصفة نفسانیة ، یعد من الکمالات لمطلق النفوس ، بما هی حیوانیة وإنما یعد شرا بالإضافة إلی النفس الناطقة ، لمضادتها للیقین العلمی الدائم ، ولملکة الصدق ، فإن الأول خیر حقیقی ، والثانی نافع فی تحصیل الحق.

فإذا تمهدت هذه المقدمة ، فنقول : لا یلزم أن یکون ما بإزاء کل ملکة نفسانیة - أو أمر وجودی فی العقل الفعال أوفی عالم العقل - هو بعینه من نوع تلک الملکة أو ذلک الأمر ، بل - الذی لا بد منه - هو أن یکون فیه أمر مناسب لتلک الملکة أو لذلک الأمر. فإذن کما أن النفس إذا تکررت ملاحظتها لعلوم صادقة حقة ، حصلت

ص: 94

لها ملکة الاتصال والارتباط بشأن من شؤون العقل الفعال ، متی شاءت من هذه الجهة ، فکذلک إذا ارتسمت فیها صورة قضیة کاذبة ، وتکرر ارتسامها ، أو التفتت النفس إلیها التفاتا قویا حصلت لها ملکة الاتصال من هذه الجهة بشأن آخر من شؤونه متی شاءت ، ولا یلزم أن یکون - ذلک الشأن بعینه - قضیة ذهنیة صادقة ، ولا هذا قضیة کاذبة ، بل یکون أمرا یناسب ذاک ، وأمرا یناسب هذا ، فهذا معنی اختزان صور الأشیاء فی عالم العقل واسترجاع النفس إلیه.

وقد أشرنا لک مرارا أن لیس معنی حصول صور الموجودات فی العقل البسیط ارتسامها فیه ، علی وجه الکثرة المتمیز بعضها عن بعض ، کما أن صورها المحسوسة ترتسم فی المادة الجسمانیة ، وکذا صورها النفسانیة التفصیلیة ، التی ترتسم فی النفس الخیالیة علی هذا الوجه ، وذلک لضیق هذا العالم ، وما یتعلق به من المشاعر عن الحضور الجمعی ، والتمام العقلی ، والبراءة عن العدم ، والغیریة ، والکثرة ، والانقسام».

أقول : قوله : «من حیث کونها أمرا وجودیا من ذلک العالم» ، أی من ذلک العالم العقلی. قوله : «فإن الأول خیر حقیقی» أی الیقین ، «والثانی نافع» أی ملکة الصدق. وقوله : «من هذه الجهة بشأن آخر» أی من جهة تکرر ملاحظتها بعلوم صادقة.

ثم إن قوله : «کما رآه الإفلاطونیون» ، قد استوفینا الکلام عن هذا المطلب الرفیع المنیع فی رسالتنا المصنوعة فی المثل الإلهیة ، وقوله : «وأما إلی جهات متعددة فاعلیة فی العقل الأخیر ، کما هو رأی المشائین» قدر دریت إطلاقات العقل؟ الفعال؟ السائر فی ألسنتهم.

قوله : «وقد أشرنا لک مرارا ...» وبذلک التحقیق الأنیق یعلم أن ما قال الفخر الرازی : إن العقل الفعال عندهم علة لحدوث الألوان والصور والمقادیر ، مع عدم اتصافه بها (1) لیس علی ما ینبغی ، بل هو رأی فائل ، وقول باطل ، فإن الکثرة بوجودها الأحدی موجودة فی خزائنها.

ثم ما حققنا فی معنی نفس الأمر ، دریت أن نفس الأمر - علی بعض وجوه معانیها - یشمل الواجب تعالی أیضا لو تفوهنا وقلنا مثلا - : إن الأمر فی الحق سبحانه

ص: 95


1- (46) کما نقل ذلک عنه المحقق الطوسی فی آخر الفصل الثالث عشر من النمط الثالث من شرحه علی الإشارات

نفسه کذا ، أو الحق تعالی نفسه الأمریة کذا ، ونحوهما من التعبیرات الأخری ، وذلک الوجه هو نفس الأمر بمعنی ذات الشئ وحقیقته دون غیره من الوجوه الأخری.

وقالوا : إن نفس الأمر أعم من الخارج مطلقا ، ومن الذهن من وجه ، إذ کل ما فی الخارج ، هو فی نفس الأمر من غیر عکس ، ولیس کل ما فی الذهن هو فی نفس الأمر ، إذا مما هو فی الذهن ما هو مجرد فرض الفارض لا غیر ، کزوجیة الخمسة ، ولیس جمیع ما هو فی الذهن دون الخارج هو مجرد فرض الفارض إذ منه ما لیس بفرض فارض کجنسیة الحیوان مثلا ، وبین الخارج والذهن عموم من وجه ، فإن إنیة الواجب  - مثلا - لا یمکن أن تحصل فی ذهن من الأذهان.

وأقول : الخارج فی النسبة المذکورة هو الخارج عن وعاء الذهن ، وأما الخارج بمعنی خارج الفرض والاعتبار ، فلا یخفی علیک استنباط النسب بین نفس الأمر والخارج والذهن.

ولعلک تقدر بما قدمناه وحررناه أن تعلم أن کینونة الصور الکاذبة المخترعة من اختلاق الوهم والخیال ، أعنی العلم بها فی المبادئ العالیة ، سیما مبدأ المبادئ ، علی أی نحو کانت ، فإن العلم بها حاصل لهم بلا امتراء فتدبر. ورسالتنا فی العلم مجدیة فی ذلک جدا ، وراجع فی ذلک أیضا الفصل الثالث من فصول شرح القیصری علی فصوص الحکم - ص 18 ، الطبعة الأولی -.

وقد حان أن نختم الرسالة حامدین لله ولی الأمر ، وقد فرغنا من تصنیفها وتنمیقها یوم الأربعاء الخامس من ربیع الثانی 1406 ه. ق.

«وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمین».

ص: 96

کتب الصید والذبائح عند الشیعة

الدکتور پرویز اذکائی

من وجهة النظر التحلیلیة لعلم الإنسان فإن کل عادة وتقلید یرجعان إلی أسلوب اقتصادی قدیم ، کما أن الصید والاصطیاد اللذین بدءا بتقلید ریاضی وعادة للتنزه ، وطریقة للبحث عن الطعام - أحیانا - فی بعض التجمعات البشریة ، هما بقایا عصر الطعام الحیوانی (عصر الصید) ، من عصر جمع الطعام للجماعات البشریة.

وعندما جاء عصر انتاج الطعام (عصر الزراعة) تحولت تلک الطریقة الاقتصادیة القدیمة إلی تقلید وسنة ، وبقیت فی بعض الأحیان کما کانت بشکلها الإنتاجی السابق.

لذا فإن البحث عن الطعام فی عصر الصید والعصور الأخری ، التی أصبح بها تقلیدا وعادة قد أعطی للبشر وثقافته فنونا متشعبة وطرقا وتجارب مهمة فی توفیر طعام الصید.

وبما أنه لا بد لإحراز أی أسلوب معیشی من توافر عوامل أساسیة ، کالمواد الأولیة (الحیوانات المصیدة) فإن العمل بالصید قد عد - منذ الأزمنة القدیمة - صناعة ، فقد قال أبو عبد الله البازیار الفاطمی نقلا عن أرسطو : «أول الصناعات الضروریة الصید ، ثم البناء ، ثم الفلاحة ...».

والحق أن جمیع الطبقات ، من فقراء وزهاد وعلماء ممن جعلوا من الصید علة معاشهم ، کانت سواء الولوع بالصید ، وقد نقل عن ابن عباس فی التفسیر قوله : إنما

کتب الصد والذبائح عند الشعة الدکتور پروز اذکائی

ص: 97

سمی أصحاب المسیح الحواریین لبیاض ثیابهم ، وکانوا صیادین» (1).

وفضلا عن علاقة المسلمین ورغبتهم فی الصید والتصید وطرقهما المختلفة ، فإن الصید فی نظرهم ضرب من ضروب الریاضة واللعب والترویح عن النفس ، وطریقة من طرق اکتساب المعاش.

ومن جراء تدقیقهم لأحوال الحیوانات وأنواعها حصلوا علی معلومات هامة فی علم الحیوان والبیطرة والصیدلة ، التی نستطیع ملاحظة نماذجها فی (البازنامات) أو کتب الصید والجوارح ، ولذلک فإن تألیفات متعددة عن حیاة الحیوانات - سواء کانت بصورة مستقلة أو بصورة فصول وأبواب ضمن کتب الطبیعیات والموسوعات العامة - قد شاعت بین المسلمین ، ویتطلب عدها تنظیم قائمة مسهبة بذلک.

وفضلا عن کتب الحیوان (2) والکتب العامة ، فإن کتبا خاصة کثیرة قد ألفت فی اللغة العربیة مثل کتب الخیل ، وفی الفارسیة مثل «آسب نامه» أو «فرس نامه» وغیرها.

هذا ، وأن بعض الکتب التاریخیة والمؤلفات الأدبیة قد حوت فصولا فی معرفة حیوانات الصید وفنونه.

وبوجه عام فإن کتب الصید العربیة والفارسیة التی ألفت طوال العصور الإسلامیة لم تخل من نوعین :

1 - الکتابات الرسمیة الفنیة.

2 - الکتابات الشرعیة الفقهیة.

فالأولی : تبحث فی الصید والقنص وآدابهما - کتقلید أو صنعة - وتتعرض إلی الجوارح وأمراضها وعلاجها ، وتسمی کتب الصید البیزریة هذه غالبا باسم کتب «الصید والجوارح» (3).

والأخری : تبحث فی الصید والمصیدات شرعیا - کطعام أو ذبیحة - وترجع ذلک إلی الأصول الفقهیة والأحکام الشرعیة ، وتسمی هذه الکتب الصیدیة الفقهیة

ص: 98


1- 1. البیزرة : 19 - 20.
2- 2. تدعی بالفارسیة : «جانورنامات».
3- (3) تدعی بالفارسیة : «البازنامات» أو «الشکارنامات»

غالبا باسم کتب «الصید والذبائح» أو «الصیدیات والذبیحیات» بغض النظر عن اختلاط بعضها ببعض فی قلیل جدا من هذین النوعین.

ونحن فی هذا البحث نقدم - بعد البحث فی المصادر العامة - فهرسا للکتب العربیة والفارسیة من النوع الثانی ، أی کتب الصید والذبائح الفقهیة ، التی هی من تصانیف الشیعة فقط.

ومما هو جدیر بالذکر هنا الإشارة إلی المصادر العامة وأقدمها : * کتاب «منافع الحیوان» لابن بختیشوع الأهوازی (القرن 2 - 3 للهجرة).

* کتاب «الحیوان» الذی ألفه الجاحظ البصری فی منتصف القرن الثالث الهجری ، الذی قام علی البحث والدرس والتجارب ومناقشة الأمم القدیمة فی هذا المضمار ، وإن حوی فی الغالب منازعة الکلاب والدیوک - بلا جدوی -.

وهناک إشارات مفیدة جدا فی هذا المجال وردت فی تاریخ المسعودی البغدادی ، المعروف ب «مروج الذهب» (1) فمنها :

* وصف نوع من البزاة فی بحر جرجان (2).

* من أخبار هارون الرشید فی الصید بالبازی (3).

* وصف الحکماء والملوک للبزاة (4).

* أول من لعب بالصقور أبو کندة الحارث بن معاویة بن ثور الکندی وقد اتخذها العرب وسیلة للصید بعده (5).

* قسطنطین والشواهین (6).

* اللعب بالبزاة عند الیونانیین (7).

ولقد قیل : إن أبا الفرج الاصفهانی صاحب «الأغانی» (284 - 356 ه)

ص: 99


1- 1. راجع : «مروج الذهب» ، طبعة یوسف داغر ، بیروت ، 1965.
2- 2. مروج الذهب 1 : 209 - 210.
3- 3. المصدر السابق 1 : 210 - 211.
4- 4. المصدر السابق 1 : 211 - 212.
5- 5. المصدر السابق 1 : 212.
6- 6. المصدر السابق 1 : 212 - 215.
7- (10) المصدر السابق 1 : 333 - 334

کانت له ید فی علوم البیزرة والبیطرة أیضا.

واشتهر أمراء الفرس من حکام الولایات بشغفهم بالبیزرة ، حتی أن بعضهم قد ألف فیه الکتب والرسائل ، ولعل من أشهر هؤلاء أمیر جرجان کیکاوس بن إسکندر الزیاری الذی صنف لولده کتاب «قابوس نامه» (سنة 475 ه) ، خص الباب الثامن عشر منه للبیزرة.

ومن الکتب التاریخیة والأدبیة الفارسیة التی یمکن ذکرها :

* «نور وزنامه» المنسوب إلی الحکیم عمر الخیام النیسابوری (القرن 5 - 6 الهجری).

* راحة الصدور «للراوندی ، الذی ضم فصلا فی الاصطیاد وآداب الصید ، وفتاوی فی الحلال والحرام منه.

* «آداب الحرب والشجاعة» لفخر الدین مبارک شاه (القرن 6 الهجری) ، أبوابه الثامنة والتاسعة والعاشرة ، وقد حوت فصولا فی معرفة حیوانات الصید وفنونه ، أو ما حصل علیه من الترجمات الفارسیة لکتب الحیوان العربیة التی ألفها علماء الإسلام.

وبعد أن ألف کمال الدین محمد الدمیری (م 808 ه) کتابه المسمی «حیاة الحیوان الکبری» سنة 773 ، والذی حذا فیه حذو الجاحظ فی کتابه «الحیوان» إلی حد ما ، قام بعض العلماء مثل الدمامینی (828) ، والفاسی (832) ، والسیوطی (911) ، والقاضی الشیبی (837) بتذییله وتلخیصه.

والترجمة الفارسیة الأولی للکتاب تمت علی ید الحکیم شاه محمد القزوینی باسم السلطان سلیم خان الأول العثمانی ، والثانیة علی ید منصور بن الحسن الملقب ب «غیاث» بن علاء الدین الدبینی الأیجی الشبانکاری تحت عنوان «صفات الحیوان» حوالی سنة 930 ، والثالثة تمت علی ید المیرزا محمد تقی التبریزی فی عهد حکم الشاه عباس الثانی الصفوی ، والتی سماها «خواص الحیوان» (1) ، والرابعة «ترجمة حیاة

ص: 100


1- 1. وحدت کتابا آخر باسم «خواص الحیوان» بالفارسیة الفه محمد علی بن أبی طالب الزاهدی «حزین» الکیلانی المؤلف ل «فرس نامه» أیضا فی «فهرس المخطوطات الفارسیة للمتحف البریطانی» - رقم 23562. ADD فی انکلترة («ریو» ، ج 2 ، ص 483) وتوجد صورته الفتوغرافیة فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران (فهرست میکروفیلمها ، ج 1 ص 605)

الحیوان» لعلی بن محمد هارون الهروی وتحقیقه لها فی سنة 1249 ه.

نقول - إذا - إنه لم یتحدث عن الصید وآدابه وحیواناته والمصیدات فی رسائل خاصة مفردة ، أو فی کتب علم الحیوان العامة والموسوعات - کما مر باختصار فحسب ، بل إن کتبا فی الصید والذبائح ألف منذ بدأ التألیف فی الفقه الاسلامی ، نظرا لأحکامها الشرعیة وتلازمها مع الأمور الدینیة. ومن مطالعاتنا للمجموعات الفقهیة الموسعة - العربیة منها والفارسیة - والکتب الموثقة للمذاهب الإسلامیة ، نعثر علی کتب الصید والذبائح.

وقد ذکر ابن الندیم فی الفهرست (1) کتب من تقدمه من الفقهاء المشهورین ، ونأتی بها بحسب ترتیب السنین کما یلی :

* کتاب «الصید والذبائح» لأبی یوسف یعقوب بن إبراهیم (المتوفی سنة 182 ه).

* کتاب «الصید والذبائح» لأبی عبد الله محمد بن الحسن (المتوفی سنة 189 ه).

* کتاب «الصید لأبی عبد الله الشافعی (المتوفی سنة 204 ه) وله کتاب «الصید والذبائح» أیضا.

* کتاب «الصید والذبائح» لأبی نصر محمد بن مسعود العیاشی ، الفقیه الشیعی.

* کتاب «الصید» لأبی سلیمان داود الاصفهانی (المتوفی سنة 270 ه).

وأمثال هذه الرسائل کثیرة جدا. ولفهرسة ما فی الفارسیة منها - علی غرار الرسائل العربیة (تحتاج إلی فهرسة جمیع الکتب الفقهیة.

غیر أننا نذکر هنا کل ما عثرنا علیه من مفردات الکتب والرسائل لعلماء مذهبنا - الشیعة فقط - ونوردها علی الترتیب الزمنی کما یأتی : 1 - کتاب الصید ، لأبی محمد الوشاء (م 208 ه) جعفر بن بشیر البجلی الزاهد الشیعی الملقب بفقحة العلم ، المعاصر للمأمون العباسی والمتوفی بالأبواء سنة

ص: 101


1- (12) لاحظ الفهرست : 245 و 257 و 264 و 272 ، طبعة طهران

ثمان ومائتین (1).

2 - کتاب الصید والذبائح ، لأبی جعفر محمد بن الحسن بن سنان الزاهدی الشیعی (المتوفی 220 ه) من أصحاب الإمام الرضا علیه السلام (2).

3 - کتاب الصید والذبائح ، للحسین بن سعید بن حماد الأهوازی الکوفی الشیعی ، من موالی علی بن الحسین ، من أصحاب الرضا - علیهم السلام - الذی صحب مع أخیه الحسن بن سعید أبا جعفر بن الرضا - علیه السلام - أیضا (3).

4 - کتاب الصید والذبائح ، لأبی الحسن علی بن مهزیار الأهوازی الدورقی الشیعی (226 ه فما بعد) وکیل الإمامین الرضا والجواد - علیهما السلام - (4).

5 - کتاب الصید والذبائح ، لأبی جعفر محمد بن أورمه القمی (5).

6 - کتاب الصید والذبائح ، لمحمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمی الشیعی (المتوفی 290 ه) (6).

7 - کتاب الصید والذبائح ، لأبی النضر محمد بن مسعود العیاشی السمرقندی الشیعی الإمامی (عاش فی النصف الثانی للقرن الثالث الهجری فما بعد) (7).

8 - کتاب الصید والذبائح ، لأبی الفضل محمد بن أحمد بن إبراهیم الجعفی الصابونی المصری (350 ه فما بعد) (8).

9 - أحکام الصیود والذبائح ، للمولی أبی الحسن (بن أحمد الکاشی) الفقیه ، رسالة مختصرة بالفارسیة ، ألفها باسم السلطان صدر ، من حکام دولة السلطان شاه طهماسب الأول الصفوی (930 - 984 ه) (9).

ص: 102


1- 1. الفهرست للطوسی : 75 ، الاختیار للطوسی : 605 ، الذریعة 15 : 104.
2- 2. الذریعة 15 : 107 ، الفهرست للطوسی : 295.
3- 3. الفهرست لابن الندیم : 277 ، الفهرست للطوسی : 104.
4- 4. الفهرست للطوسی : 231 - 232 ، الاختیار للطوسی : 548 - 551 ، الذریعة 15 : 106.
5- 5. الذریعة 15 : 106 ، الفهرست للطوسی : 278.
6- 6. الفهرست للطوسی : 288 - 289 ، الذریعة 15 : 107.
7- 7. الفهرست لابن الندیم : 245 ، الفهرست للطوسی : 319 ، الاختیار للطوسی : 530 ، الذریعة 15 : 105.
8- 8. الفهرست للطوسی : 379 - 380 ، الذریعة 15 : 106.
9- (21) ریاض العلماء 5 : 437

10 - کتاب الصید والذبائح ، للسید حسین بن روح الله الحسنی الطبسی الدکنی (النصف الثانی من القرن العاشر الهجری) ، کتبه باسم السلطان إبراهیم قطب شاه بن سلطان قلی قطب الملک الدکنی (957 - 989 ه) ، وقد ذکر فیه بعد أن وصف کل حیوان حکمه علی المذاهب الخمسة وذکر خواصه ، وکتبه فی أحکام الصید والذبائح علی طریقة مذهب الشیعة ، مشیرا إلی رأی أهل السنة فی ذلک (1).

11 - رسالة فی الصید ، آدابه ومحسناته ، ألفها المولی محمد سلیم الرازی شیخ الإسلام بطهران (بین سنوات 1061 - 1069 ه) ، باسم الأمیر صدر السلطنة بمشهد خراسان (2).

12 - رسالة فی الصید والذبائح ، لمحمد بن الحسن الشیروانی (المتوفی 1098 ه) (3).

13 - کتاب الصید والذبائح ، للمیرزا محمد بن محمد رضا بن إسماعیل القمی المشهدی المحدث المفسر صاحب (کنز الدقائق) ، الذی قرظ علیه فی سنة 1102 ه (4).

14 - کتاب الصید والذبائح ، وأحکامها ، مبسوط ، للشیخ علی بن الحسین الکربلائی ، ألفه باسم الشاه سلطان حسین الصفوی (1105 - 1135 ه) (5).

15 - کتاب الصید والذبائح ، (أو) الرسالة الصیدیة ، للشیخ محمد علی بن أبی طالب الزاهدی الاصفهانی ، المتخلص بجزین اللاهیجی ، والمعروف بالجیلانی (1103 - 1181 ه) ، فارسی ، فی أحکام الصید والذباحة ، وخواص الحیوانات وأنواعها ، وأحکامها الشرعیة من حلالها وحرامها ، وهو غیر مصنفیه «التذکرة فی علم البزدرة» و «خواص الحیوان» (6).

16 - کتاب الصید والذبائح ، للشیخ محمد علی بن الشیخ عباس البلاغی

ص: 103


1- 1. الذریعة 15 : 105.
2- 2. الذریعة 5 : 105 و 9 : 465 و 13 : 351 و 15 : 105.
3- 3. الذریعة 15 : 106.
4- 4. الذریعة 15 : 107 و 18 : 152.
5- 5. الذریعة 15 : 106.
6- (27) الذریعة 11 : 207 و 15 : 106

النجفی الفقیه الأصولی (المتوفی سنة 1234 ه) ، إستدلالی کبیر ، موجود فی خزانة الشیخ علی آل کاشف الغطاء فی النجف (1).

17 - رسالة فی الصید والذبائح ، للمولی محمد تقی بن علی محمد النوری (المتوفی 1263 ه) (2).

18 - کتاب الصید والذبائح ، للمولی علی القارپوزآبادی القزوینی الزنجانی (المتوفی 8 محرم من سنة 1290 ه) بزنجان ، کتاب استدلالی فارسی مبسوط ، وقد طبع بطهران فی 1288 ه (3).

19 - رسالة فی الصید ، للمیرزا محمد بن سلیمان التنکابنی (المتوفی 1302) ذکر فی «قصص العلماء» : إنها بلسان العرفان فی مائتی بیت (4).

20 - أحکام الطعام من الطیور والأنعام ، (أو) رسالة فی الصید والذبائح ، للسید إعجاز حسین الأمروهی ، صهر المفتی میر عباس التستری وتلمیذه (المتوفی سنة 1306 ه) (5).

21 - رسالة صیدیة ، مجهولة المؤلف ، ضبطت برقم 1244 فی الذریعة 11 : 207 ، وعلی ظنی أنها یمکن أن تکون هی کتاب الصید والذبائح «رقم 10» للسید حسین الطبسی ، (النصف الثانی من القرن العاشر الهجری) سابق الذکر.

22 - کتاب أحکام الصید الذی ذکره العاملی فی أمل الآمل 2 : 99 ، لأبی عبد الله الحسین بن علی البزوفری (350 - 410 ه) فإنه ضبط فی ریاض العلماء 2 : 152 والذریعة 1 : 299 بعنوان «کتاب العبید» وهو الأخیر علی الظاهر ، والله أعلم.

ص: 104


1- 1. الذریعة 15 : 106 - 107 ، معارف الرجال 2 : 316 - 317.
2- 2. الذریعة 15 : 105 - 106.
3- 3. الذریعة 15 : 106.
4- 4. الذریعة 15 : 104.
5- (32) الذریعة 1 : 299 و 15 : 106

رأی فی تقسیم الکلمة

الدکتور السید مصطفی جمال الدین

النحو - فی فهم المحققین من النحاة - هو : نظام تألیف الجملة.

والجملة : مرکب إسنادی من کلمتین ، أو أکثر ، یؤدی الربط بینهما إلی أن یکون لکل منهما (وظیفة) نحویة خاصة.

والوظیفة النحویة : هی ما تؤدیه إحدی الکلمتین بالنسبة إلی الأخری من کونها (فعلا) لها ، أو (فاعلا) ، أو (مفعولا) ، أو (حالا) ، أو (تمییزا) ، أو (مستنثنی) ، أو (نعتا) ، أو (بدلا) ، أو (مضافا) ، أو (مضافا إلیه) إلی آخر ما تؤدیه الکلمات المرتبطة ببعضها ، أو الکلمات الرابطة بینها ، من (معانی النحو) التی فصلها النحاة إلی أبواب النحو المعروفة.

وقد صنف النحاة السابقون هذه الکلمات - سواء منها ما کان رابطا أو مرتبطا  - إلی ثلاثة أصناف سمیت عندهم (أقسام الکلم) هی : الاسم ، والفعل ، والحرف.

ولم یخرج أحد منهم علی هذا التقسیم غیر ما یروی عن أبی جعفر أحمد بن صابر من أنه زاد قسما رابعا سماه (الخالفة) وهو اسم الفعل (1) وقد ادعی بعض المحدثین أن الذی أطلق مصطلح الخالفة علی اسم الفعل هو الفراء (2).

أما الدارسون المحدثون فقد جلب انتباههم أن بعض الکلمات لا یمکن أن

ص: 105


1- 1. الأشباه والنظائر النحویة 3 / 2 ، وحاشیة الصبان 1 / 2.
2- (2) اللغة العربیة ، معناها ومبناها : 89

ینطبق علیها تعریف القدماء لهذه الأقسام ، فجرت محاولات لإعادة النظر فی تصنیفها تصنیفا حدیثا أکثر ضبطا وشمولا فکان أن قسمها أکثرهم تقسیما رباعیا یمتاز بجعل الأسماء المبهمة کالضمائر ، والموصول ، والإشارة ، وما یجری مجراها قسما مستقلا أطلق علیه بعضهم اسم (الضمیر) (1) ، وبعضهم اسم (الکنایة) (2) کما سیأتی.

وهناک محاولة أخری لتقسیم الکلمة سبعة أقسام بإضافة (الصفة ، والخالفة ، والظرف) إلی هذه الأقسام الأربعة کما فعل الدکتور تمام حسان (3) ، وسیأتی عرض وجهة نظر الدارسین المحدثین ، والأسس التی قام علیها تقسیمهم للکلمات ، مع مناقشة ما یستحق المناقشة منها ، بعد استیفاء القول فی وجهة نظر السابقین من النحاة فی التقسیم الثلاثی وعرض ما یبدو لی من تقسیم رأیت أنه أجدر من غیره.

أساس التقسیم الثلاثی عند النحاة

کان النحاة السابقون یرجعون فی تقسیمهم الثلاثی إلی أساسین مختلفین تبنی کل واحد منهما فریق من النحاة :

أ - الوجهة التألیفیة الإسنادیة

فقد تبنی جماعة منهم وجهة نظر تنبنی علی تألیف الجملة وإسنادها أی أنهم جعلوا أساس التقسیم قائما علی طبیعة ترکیب الجملة ، وصلاحیة کل کلمة فی هذا الترکیب ، فما کان من الکلمات صالحا لأن یقع فی الجملة مسندا ومسندا إلیه فهو (الاسم) مثل : زید وقائم ، وما کان صالحا لأن یقع مسندا فقد فهو (الفعل) مثل : قام ویقوم ، وما کان غیر صالح لأن یقع مسندا ولا مسندا إلیه فهو (حرف) مثل : من وعن.

یقول ابن معط (- 628 ه) : إن المنطوق به إما أن یدل علی معنی یصح الإخبار عنه وبه وهو الاسم ، وإما أن یصح الإخبار به لا عنه ، وهو الفعل ، وإما ألا یصح الإخبار عنه ولا به ، وهو الحرف» (4).

ص: 106


1- 1. من أسرار اللغة : 29.
2- 2. فی النحو العربی ، قواعد وتطبیق : 46.
3- 3. اللغة العربیة ، معناها ومبناها : 86.
4- (6) الأشباه والنظائر النحویة 2 / 3 : وأسرار العربیة : 4

ومن الطبیعی أن یکون هذا التوجیه مردودا عند بعض النحاة ، لأنه - کما یقولون - قائم علی قسمة غیر حاصرة ، إذ یمکن افتراض قسم رابع هو : (أن یخبر عنه لا به) وسواء وجد هذا القسم أم لم یوجد ، فإن مجرد احتماله مخل بانحصار القسمة (1).

الوجهة المعنویة الدلالیة.

وهناک جماعة من النحاة تبنوا فی تقسیمهم الثلاثی وجهة نظر مبنیة علی دلالة الکلمة علی معناها ، بغض النظر عن صلاحیتها للإسناد ، أی أن أساس التمایز بین أقسام الکلمة هو افتراقها فی (دلالة) کل کلمة علی المعانی التی وضعت بإزائها ، فالکلمة : إما أن تدل علی معنی مستقل فی نفسه ، أی أن معنا یدرک من لفظها سواء ربطت بعنصر لفظی آخر أم لم تربط ، أو تدل علی معنی غیر مستقل ، والثانی (الحرف) ، لأن معناه لا یظهر إلا إذا ربط بکلمة أخری. أما القسم المستقل فهو : إما أن یقترن معناه بأحد الأزمنة الثلاثة فهو (الفعل) أو لا یقترن فهو (الاسم).

وقد تبنی أکثر النحاة هذا الأساس فی التقسیم (2) لذلک جاءت تعریفاتهم للأقسام مبنیة علیه :

فالاسم : (کلمة دلت علی معنی فی نفسها من غیر اقتران بزمان محصل) (3).

والفعل : (کلمة دلت علی معنی فی نفسها مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) ، وقد أضاف الرضی إلی التعریف قید : (من حیث الوزن) لیشیر إلی أن الحدث) معنی یدل علیه الفعل بمادته ، و (الزمن) معنی یدل علیه الفعل بصیغته (4).

ص: 107


1- 1. أنظر رأی ابن إیاز وابن هشام فی الأشباه والنظائر 2 / 3 مع ملاحظة أن (القسمة) باب من أبواب المنطق ، ویشترط المناطقة للقسمة أن تکون (حاصرة) أی جامعة لجمیع ما یمکن أن یدخل من الأقسام ، لا یشذ منها شئ ، فإذا فرض أن یکون هناک قسم لم یدخل کانت القسمة (غیر حاصرة) ، وهذه القسمة نوعان : عقلیة واستقرائیة. فالعقلیة هی التی یمنع العقل أن یکون لها قسم آخر ، ولا یمکن ذلک إلا إذا کانت القسمة دائرة بین النفی والاثبات ، کما لو قسمنا الحیوان إلی : (إنسان وغیر إنسان فإن غیر الإنسان یدخل فیه کل ما یفرض من الحیوانات الأخری - وسیأتی أن النحاة حاولوا هذه القسمة الحاصرة فی تقسیمهم للکلمة - ، والاستقرائیة هی التی لا یمنع العقل من فرض قسم آخر ، ولکن التقسیم وقع علی الأقسام المعلومة بالاستقراء والتتب�1. (أنظر المنطق للمظفر 1 / 123 - 126).
2- 2. أنظر الرضی علی الکافیة 1 / 7 ، وابن هشام فی شرح شذور الذهب 1 / 22 ، والأشمونی 1 / 21.
3- 3. نقله ابن یعیش عن السیرافی 1 / 22.
4- (10) أنظر الرضی 1 / 5 ، 11

والحرف : (ما دل علی معنی فی غیره ، نحو من وإلی وثم) (1) وهم یقصدون : أن (التعریف) أو (التنکیر) لیس هو معنی تحمله کلمة (أل) أو (التنوین) وإنما هو معنی تحمله کلمة (رجل) عندما تسبقها (أل) أو یلحقها التنوین. و (الابتداء) أو (الانتهاء) لیس معنی تحمله کلمتا (من) و (إلی) وإنما یحمله المجرور بهما - البصرة أو الکوفة - فی مثال : (سرت من البصرة إلی الکوفة) ، وهکذا.

نقد الأساس النحوی للتقسیم

أ - ونقدنا للأساس الأول أن النحاة السابقین لم یقبلوه ، لعدم قیامه - کما قالوا - علی (القسمة الحاصرة) فمن الواضح أن الفروض أربعة ، أی أن الکلمة - عندهم - إما أن تکون مسندا فقط ، أو مسندا إلیه فقد ، أو تکون مسندا ومسندا إلیه ، أو لا مسندا ولا مسندا إلیه ، والأول : الفعل ، والثانی : ضمیر الرفع المتصل ، والثالث : الاسم ، والرابع : الحرف.

ومع وجود هذا الفرض الرابع ، والتمثیل له بضمائر الرفع المتصلة ، فکیف یصح جعلها من قسم الاسم ، ولیس قسما رابعا.

ب - أما عن وجهة النظر الأخری ، أی بناء تقسیم الکلمة علی أساس دلالتها علی المعنی بنفسها أو بغیرها ، فإن الملاحظ علیه : أنهم یعنون بذلک أن تکون الکلمة مستقلة بإدراک المعنی من لفظها أو غیر مستقلة ، المستقلة هی التی یدرک السامع معناها الذی وضعت له ، سواء کانت مرتبطة بکلمة أخری أو غیر مرتبطة ، فکلمات : (رجل ، فرس ، قیام ، قعود) یفهم السامع معناها عند النطق بها منفردة مثل : (رجل) أو مؤلفة مثل : (جاءنی رجل). أما الکلمات غیر المستقلة مثل : (من ، وأل ، وهل فهی التی لا یفهم عند النطق بها معنی (الابتداء ، أو التعریف ، أو الاستفهام) إلا ضمن کلمة أخری ، أو جملة تامة ، فکلمة (رجل) هی التی تکون (معرفة) عندما تدخل علیها (أل) ، وجملة : (قام محمد) هی التی تکون (مستفهما عنها) عندما تدخل علیها (هل).

والملاحظ أنهم خصوا غیر المستقل بالحرف فقط ، وأشرکوا الاسم والفعل

ص: 108


1- (11) الزجاجی فی الایضاح : 54

فی المعانی المستقلة ، ثم فرقوا بینهما بالاقتران بالزمن ، وعدم الاقتران به.

ولنا علی ذلک الملاحظات الآتیة فی الجهتین معا :

1 - عدم الاستقلال بالمعنی

فمن جهة تخصیصهم الکلمات غیر المستقلة بالحرف فقط ، لا یوجد له وجه معقول ، فهناک کلمات کثیرة أدخلوها فی قسم الأسماء ، کالضمائر ، والإشارة ، والموصول ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الشرط ، وغیرها لیست لها تلک المعانی المستقلة ، لأن معناها لا یفهم إلا ضمن کلمة أخری ، أو جملة ، ولنقارن بین کلمة (أل) التی یفترض أنها حرف ، وکلمة (الذی) التی یفترض أنها اسم ، فسنجد أن معناهما سواء من ناحیة عدم الاستقلال بإدراکه من اللفظ المنفرد ، فجملة : (الذی جاءنی بالأمس زید) لو اقتطعنا منها کلمة (الذی) فما المعنی الذی تدل علیه منفردة؟! ولو قلنا : (هذا)  - وحدها - لبقی المعنی غامضا حتی نأتی بالمشار إلیه لفظا مثل : (هذا الرجل خیر من أخیه) أو حسا کالإشارة الخارجیة ، وحینئذ یغنی معنی (الذی) بصلتها (جاءنی) ، ولا یبقی ل (هذا) معنی غیر معنی (الرجل) المشار إلیه لفظا أو حسا.

وقد تنبه النحاة أنفسهم إلی ذلک فعللوا سر بناء هذا النوع من الکلمات بکونها مفتقرة إلی الغیر فی معناها ، کالحرف ، وسموا ذلک ب (الشبه المعنوی) :

کالشبه الوضعی فی اسمی جئتنا والمعنوی فی متی وفی هنا

وإذا کان الأمر کذلک فما نصنع بالأسماء المبهمة هذه؟! أنعتبرها حروفا ، لأن تعریف النحاة للحرف : (ما دل علی معنی فی غیره) شامل لها؟! أم نظل نصنفها فی قسم الأسماء ، مع أن تعریفهم الاسم بأنه : (ما دل علی معنی فی نفسه) لا ینطبق علیها؟! فالغلط واقع لا محالة إما فی التقسیم أوفی التعریف.

2 - فکرة الزمن واقترانها بالفعل

أما عن فکرة الزمن وجعلها هی المائزة بین الاسم والفعل مع دلالتها علی المعنی المستقل ، فملاحظتنا علیه :

أ - إن فکرة الزمن ودلالة الصیغة الفعلیة علیها فکرة غیر ناضجة؟ فی أذهان النحاة السابقین وقد أنکر ذلک أکثر الباحثین المحدثین سواء فی أصول الفقه (1) أم فی

ص: 109


1- (12) أنظر : البحث النحوی عنه الأصولیین : 150 وما بعدها

فقه اللغة (1).

ونستطیع تقریب ذلک بأن (الزمان الماضی) مثلا لا یفهم من لفظ (قام) وحدها ، لا من مادتها ، ولا من صیغتها ، وإنما یفهم من سیاق الجملة و (مقامها) فإن وقع الفعل فی سیاق الإخبار عن شئ دل علی الزمن الماضی مثل (قام محمد) وإن وقع فی سیاق آخر غیر الإخبار ، کسیاق الشرط مثلا ، دل علی الزمن المستقبل مثل : (إن قام محمد قمت) مع أن لفظ (قام) واحد فی السیاقین ، فلو کان الزمان زمان الصیغة لما اختلف من سیاق إلی سیاق.

کذلک فإن صیغة (یفعل - یقوم مثلا - لا تدل علی الزمان الحاضر والمستقبل إلا بسیاق الجملة وقرائن أحوالها ، ففی سیاق الخبر تدل علی (الحال) وفی سیاق التسویف والنفی ب (لن) تدل علی الاستقبال (سوف یقوم) أو (لن یقوم) ، وفی سیاق النفی ب (لم) أو (لما تدل علی الماضی البعید أو القریب (لم یقم .. ولما یقم) وهکذا.

وهذا إن دل علی شئ فعلی أن الزمان نحوی لا صرفی ، أی أنه یفهم من سیاق الجملة وأسلوب تألیفها ، لا من صیغة (فعل. یفعل).

ب - إن الزمان النحوی هذا ، لا یقتصر علی الجمل الفعلیة وصیغ الأفعال ، بل قد یفهم من الجمل الاسمیة وصیغ الأسماء کالمصدر واسم الفاعل ، فأنت تقول مثلا : (أنا ضارب أخیک) فنفهم من سیاق الخبر أن الزمان ماض ، وتقول : (أنا ضارب أخاک) ونفهم من سیاق (التهدید) أن الزمان مستقبل.

ونخلص من ذلک کله إلی أنه إذا کنا نفهم (الزمن المعین) من وقوع الفعل (قتل) أو الاسم (قاتل) فی سیاق معین معین دل ذلک أن الاقتران بالزمن لیس هو المائز بین الاسم والفعل ، لأنه لیس زمانهما بل زمان الجملة.

یقول الدکتور إبراهیم أنیس - وهو یرد علی النحاة ربطهم لصیغة الفعل بالزمن - : «وقد جعلوا ارتباط الفعل بالزمن عنصرا أساسیا ، به یتمیز الفعل من الاسم ، وعز علیهم أن یروا فکرة الزمن تتحقق فی المصدر کما تتحقق فی الفعل ، فجادلوا فی هذا

ص: 110


1- (13) من أسرار اللغة : 165

جدالا عقیما لا یخلو من التعسف والمغالطة ... وفی الحق أن المصدر یرتبط بالزمن فی صوره ما ، لا تقل وضوحا عن ارتباط الفعل به ، أو لا تزید غموضا عن ذلک الغموض الذی نلحظه فی محاولة الربط بین الفعل والزمن» (1).

محاولات جدیدة فی التقسیم

من هذه المؤاخذات ، وأمثالها ، کان لا بد للبحث النحوی الجدید أن یعید النظر فی تقسیم الکلمة ، علی أسس أکثر ضبطا وتمییزا بین الأقسام. وأمامی الآن محاولتان :

أ - التقسیم الرباعی

وقد ذهب إلیه جماعة من الباحثین المحدثین أبرزهم الدکتور إبراهیم أنیس فی کتابه «من أسرار اللغة» (2) والدکتور مهدی المخزومی فی کتابه «فی النحو العربی : قواعد وتطبیق» (3) وقد جلب انتباه أصحاب هذه المحاولة - کما قلت - مسألة المبهمات من الضمائر والموصول والإشارة وأمثالها مما لا یمکن دخوله فی أحد الأقسام الثلاثة : الاسم ، والفعل والحرف لعدم انطباق تعریفات هذه الأقسام علیها ، ولکن الفرق بین محاولتی الباحثین :

1 - فی التسمیة ، فقد أطلق الدکتور أنیس وجماعته علی هذا القسم اسم (الضمیر) وجعل القسم شاملا للضمائر ، وأسماء الإشارة ، والموصولات ، والعدد. أما الدکتور المخزومی فقد أطلق علیه اسم (الکنایة) وأدخل فیه : الضمائر ، والإشارة ، والموصولات ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الشرط.

2 - فی التأسیس ، فالمخزومی لم یذکر أساسا ینبنی علیه تقسیم الکلمة إلی هذه الأقسام الأربعة ، فی حین ذکر الدکتور أنیس أن تقسیمهم إلی هذه الأربعة قائم علی أسس ثلاثة : (1 - المعنی ، 2 - الصیغة ، 3 - وظیفة اللفظ فی الکلام) ورأی أن الاکتفاء بأساس واحد من هذه الأسس لا یکفی ، «لأن مراعاة المعنی وحده قد یجعلنا نعد بعض الأوصاف مثل : قاتل وسامع ومذیع أسماء وأفعالا فی وقت واحد ... ومراعاة

ص: 111


1- 1. نفس المصدر : 171.
2- 2. من أسرار اللغة : 279 وما بعدها.
3- (16) ص 46 ، وانظر «الأحرفیة» لیوسف السودا : ص 71

الصیغة وحدها قد یلبس الأمر علینا عین نفرق بین الأفعال وبین تلک الأسماء والأوصاف التی وردت فی اللغة علی وزن الفعل مثل : أحمد ، ویثرب ویزید ، وأخضر إلی آخره ، بل حتی وظیفة الکلمة فی الاستعمال لا تکفی وحدها للتفرقة بین الاسم والفعل ، فقد نجد اسما مستعملا فی کلام ما استعمال المسند مثل : (النخیل نبات) ففی هذه الجملة استعملت (نبات) مسندا ، أی کما تستعمل الأفعال والأوصاف.

فإذا روعیت تلک الأسس الثلاثة معا أمکن إلی حد کبیر التمییز بین أجزاء الکلام» (1).

ب - التقسیم السباعی

وقد عقد الدکتور تمام حسان فی کتابه «اللغة العربیة معناها ومبناها» فصلا لأقسام الکلم تحدث فیه عن سبعة أقسام هی : الاسم والصفة ، والفعل ، والضمیر ، والخالفة ، والظرف ، والأداة.

وجعل هذا التقسیم قائما علی أساسی المبنی والمعنی ، فأساس المبنی یضم فوارق صوریة هی : (الإعراب ، والرتبة ، والصیغة ، والجدول ، والالصاق والتصام والرسم الإملائی) وأساس المعنی یضم فوارق معنویة هی : (التسمیة ، والحدث ، والزمن ، والتعلیق ، والمعنی الجملی).

وقد أطال المؤلف فی شرح ذلک مطبقا لها علی الأقسام السبعة فی محاولة لتبریر هذا التقسیم السباعی ، ولا یسعنی تلخیص أساس التقسیم عنده ، والتعلیق علیه ، لما فیه من تطویل وتعقید وتداخل بین الأقسام ، حتی أنه ذکر للإسم - مثلا - تسع خصائص تشارکه بقیة الأقسام فی سبعة منها ، وما أدری إذا کانت هذا السبعة لا (تفصل) الاسم عن غیره من الأقسام فما فائدة ذکرها؟ ومع ذلک فإنی سأشیر إلی مواضع الاختلاف معه بعد عرض وجهة نظری فی أساس التقسیم.

الأساس المقترح للتمییز بین أقسام الکلم

فی أثناء دراستی «للبحث النحوی عند الأصولیین» (2) وجدت لهم أسسا

ص: 112


1- 1. من أسرار اللغة : 281.
2- (18) رسالة دکتوراه من جامعة بغداد ، من منشورات وزارة الثقافة والإعلام فی بغداد 1980

للتمییز بین دوال المعنی النسبی ودوال المعنی الأصلی ، تشبه - إلی حد بعید - ما بحثه اللغویون المحدثون من (دوال النسبة ودوال الماهیة) (1) ومن مقارنة ذلک بالأسس التی تعرض لها النحاة فی تقسیم الکلمة وجدت أن أفضل أنواع التقسیم أن تکون الأقسام خمسة : الاسم ، والفعل ، والصفة ، والحرف ، والکنایة. وأن الأسس التی یقوم علیها هذا التقسیم هی أربعة أسس متقابلة :

1 - (الدلالة) فاللفظ إما أن یدل علی معنی مستقل بالإدراک ... أو غیر مستقل.

2 - (الوظیفة) والمقصود بها المعنی النحوی الذی تؤدیه الکلمة ضمن الجملة ، فهی إما أن تکون عنصرا رابطا - أی دالة نسبة - أو عنصرا مرتبطا - أی دالة ماهیة -.

3 - (الصیغة والمقصود بها الصیغ الاشتقاقیة المندمجة بمادة الکلمة فهی إما أن تدل علی معنی بسیط مستقل بالإدراک ، أو علی معنی مرکب من المستقل وغیر المستقل.

4 - (الترکیب) والمراد به أن المعنی المرکب من معنی المادة ومعنی الصیغة إما أن یکون ترکیبه تحلیلیا أو إسنادیا.

وعلی ضوء هذه الأسس مجتمعة تتصنف الکلمات ، ولإیضاح ما قد یبدو غامضا منها نستعرض ذلک فیما یأتی :

إن الأسس التی یقوم علیها التقسیم ینبغی أن ترتبط بدلالة الکلمة علی کل من المعنی المعجمی والمعنی النحوی ، ذلک لأن النحو إذا کان هو (نظام تألیف الجملة) فإن مفردات الجمل تتحمل معانی المعجم الأصلیة بالإضافة إلی معانی النحو الناشئة من التألیف والربط بینها التی سمیناها بالمعانی (الوظیفیة). وإذا أردنا نمیز  - نحویا - بین مفردات الجملة من ناحیة (الدلالة) فلا بد من مراعاة معناها الأصلی مرتبطا بوظیفتها النحویة.

ولإیضاح ذلک نأخذ جملة مثل : (نجح طلابنا الذین امتحنوا إلا خالدا لنقوم بتحلیل دلالة مفرداتها ، وعلی ضوء التحلیل نضع أسس تصنیفها. ونلاحظ أن ما نسمیه (کلمة) من هذه المفردات ثمانیة هی : (نجح ، طلاب ، نا ، الذین ، امتحن ، واو (الجماعة) ، إلا ، خالد) وبعض هذه الکلمات تتحمل معنی لغویا بالإضافة إلی وظیفة

ص: 113


1- (19) أنظر اللغة لفندریس ترجمة الدواخلی والقصاص : 105 - 112

نحویة هی : (الفعلیة) و (الفاعلیة) و (الإضافة) و (النعت) و (الاستثناء) وبعضها لا یتحمل معنی غیر معنی الوظیفة النحویة ، فتکون الفوارق بین کلمات هذه الجملة کالآتی :

1 - إن الجملة تضم عناصر لفظیة ذات (معنی لغوی محدد مستقل بالإدراک) أی یفهم من اللفظ سواء وصل بعنصر لفظی آخر أم لم یوصل ، وهی : مادة نجح وامتحن ، أی (النجاح) و (الامتحان) وکلمة (طلاب) وکلمة (خالد) ، وکل من هذه المعانی الأربعة یصلح أن یکون طرفا (مرتبطا) بغیره من أطراف الجملة.

2 - إن الجملة تضم عناصر لفظیة لا یمکن للسامع أن یدرک معناها إلا إذا وصلت بعنصر لفظی آخر ، تلک هی : صیغتا (فعل) و (افتعل) الممتزجتین بمادة النجاح والامتحان ، وکلمات : (نا) و (واو الجماعة) و (الذین) و (إلا) ، وهذه العناصر الستة ثلاثة منها تدل علی (معنی نسبی رابط) وثلاثة تدل علی (معنی غیر نسبی وغیر رابط).

أما دوال النسبة فهی صیغة (فعل) التی ربطت النجاح بالطلاب ، ونسبته إلیهم علی وجه یکون النجاح (فعلا) صادرا عنهم وهم فاعلی هذا الفعل ، وکذلک صیغة (افتعل).

وأما الأداة (إلا) فهی التی ربطت بین عنصرین من عناصر الجملة - المستثنی والمستثنی منه - أی ربطت (خالد) ب (الطلاب) علی وجه یکون خالد مستثنی من الحکم بنجاحهم.

وأما الثلاثة الأخری فهی : الموصول - الذین - والضمیر - نا والواو - فالموصول والضمیر لا یدلان علی (المعنی النسبی الرابط) ، بل یدلان علی (معنی منتسب مرتبط بغیره) فیحتاجان حینئذ إلی (رابط) یربطهما بالغیر ، ولذلک احتجنا إلی (النسبة التقییدیة) - أی التقیید بالإضافة والتقیید بالنعت - فهذه النسبة هی التی ربطت (نا) المضاف إلیه بالمضاف ، وربطت النعت (الذین) بالمنعوت (طلابنا) ، کما احتجنا إلی صیغة (افتعل) لتربط الامتحان بواو الجماعة ، علی وجه یکون الامتحان فعلا والواو فاعلا.

ولکن السؤال الآن هو : کیف صح لهذه العناصر الثلاثة التی هی

ص: 114

کالأدوات ، من ناحیة عدم استقلالها بالمعنی ، أن تتحمل (وظیفة) غیر وظیفة الأداة ، فتصبح فاعلا ، ومفعولا ، ومبتدأ ونعتا ، ومضافا إلیه ، وأمثال ذلک مما لا یمکن للأدوات أن تتحمله؟!

والجواب : أن (نا) فی (طلابنا) لیست هی المضاف إلیه حقیقة ، بل هی کنایة) عن المضاف إلیه ، فکان الأصل : نجح طلاب المتکلمین) وجعلنا (نا) کنایة عنهم ، و (الواو) لیس هو فاعل (امتحن) حقیقة ، بل کنایة عن الفاعل الحقیقی الذی هو (الطلاب. و (الذین) لیس هو النعت حقیقة ، بل کنایة عن النعت لأن النعت الحقیقی هو (الممتحنون) وجعلنا (الذین) کنایة عنهم ، وهکذا. فکل من الضمیر والموصول یصلح لأن نکنی به عن کل ما هو اسم أو صفة ، فهو من حیث هذه السعة فی مدلوله صار غیر مستقل المعنی ، واحتاج ، فی فهم معناه ، إلی ما یوصل به أو یعود علیه ، ومن حیث تعبیره عن الاسم والصفة أمکن أنا یأخذ ما لهما من وظیفة نحویة.

ومن أجل هذا التحلیل یحق لنا أن نعتبر المبهمات - الضمائر والموصولات وما یشبهها - قسما مستقلا عن الأسماء والحروف ، لأن الذی یخرجها من (الاسم) کونها غیر مستقلة المعنی کالأسماء ، والذی یخرجها من (الحرف) کونها غیر رابطة کالحروف ، ولا مانع من تسمیتها ب (الکنایات) تبعا لباحث نحوی أصیل هو الدکتور المخزومی الذی جعل الضمائر ، والإشارة ، والموصولات ، وأسماء الشرط. والاستفهام کلها فی قسم مستقل سماه (الکنایة) (1) ، ویساعد ما اختاره لها من تسمیة أن الکوفیین قدیما کانوا یسمون الضمائر بالکنایات ، وبعض البصریین یقول إنها نوع من المکنیات (2) کما أن ابن حزم جعل بعض فصول کتابه الأصولی بعنوان «الکنایة بالضمیر» (3) کذلک جعل الرضی بابا للکنایات عد منها أسماء الاستفهام وأسماء الشرط (4).

ونستطیع نحن أن نضیف إلیها بعض ما یکنی به عن الزمان والمکان مما یسمیه النحاة (ظرفا) مثل (حیث ، وإذ ، وإذا ، وأین ، ومتی) ومنا یشبهها مما سیأتی

ص: 115


1- 1. فی النحو العربی قواعد وتطبیق : 46.
2- 2. ابن یعیش 3 / 84.
3- 3. الإحکام فی أصول الأحکام لابن حزم 1 / 412.
4- (23) شرح الرضی للکافیة 2 / 93

الحدیث عنه.

3 - إننا لو عدنا إلی الجملة السابقة لوجدنا فیها فرقا کبیرا بین (نجح) أو (امتحن) وبین غیرهما من کلمات الجملة ، وهذا الفرق : أن (نجح) تدل علی معنی مرکب من : معنی المادة ومعنی الصیغة ، فمعنی المادة معنی مستقل غیر نسبی هو (النجاح) ومعنی الصیغة معنی نسبی غیر مستقل هو : (ربط النجاح بالفاعل) ، وهذه الملاحظة تجرنا إلی تحلیل کل المفردات المشابهة لها فی الوضع اللغوی ، أی المؤلفة من مادة وصیغة وهی ما تسمی ب (المشتقات) ، فنجد أن صیغ المشتقات جمیعا ترتبط بعنصر واحد هو (المادة) أی الأصول الثلاثة المرتبة الدالة علی (حدث) من الأحداث ، ولنفرض أنها (ض ر ب) ثم یختلف کل مشتق منها عن صاحبه بمعنی (الصیغة) التی امتزجت بالمادة فکونت معها کلمة واحدة مثل : (ضرب ، وضرب ، وضارب ، ومضروب ، وضراب ، ومضرب ، ومضرب) وأمثالها.

ولکن الملاحظ أن هذه الکلمات یدل بعضها - بمادته وصیغته - علی معنی (بسیط) مستقل بالإدراک هو : إما (الحدث) فقط ، وإما (الذات) فقط ، وبعضها یدل علی معنی (مرکب) من معنی المادة ومعنی الصیغة ، أی یدل علی (الحدث المرتبط بالذات) فهو مرکب من المعنی النسبی وغیر النسبی :

أ - فکلمة (ضرب) - بمادتها وصیغتها - تدل علی (حدث) فقط وهو معنی بسیط (1) ، وکلمة (مضرب) و (مضرب) تدل علی (ذات) فقط ، وهو معنی بسیط أیضا : إما مکان الحدث أو زمانه أو آلته. وکل کلمة تدل علی معنی مستقل بسیط فهی (الاسم) ومدلولها (المسمی) فالمصدر واسم الزمان والمکان واسم الآلة من فصیلة الأسماء فقط.

ب - أما کلمات (ضارب ومضروب وضراب) فإنها تدل علی : (ذات ما اتصفت بالضرب) إما اتصاف (فاعل) أو (مفعول) أو (مبالغة) فی الفاعل ، فهو معنی مرکب من : ذات + حدث + نسبة بینهما أی (ربط) ، وهذه النسبة هی (نسبة تقییدیة

ص: 116


1- 1. یلاحظ أن الأصولیین المتأخرین یرون أن المصدر یدل علی الحدث والنسبة ، واسم المصدر یدل علی الحدث فقط ولا یفرقون بینهما من ناحیة لفظیة بخلاف النحویین. راجع کتاب «البحث النحوی عند الأصولیین» ص 101 وما بعدها

وصفیة) أی تقیید الذات بالحدث علی وجه یکون الحدث (صفة) للذات المبهمة.

ویختلف هذا النوع عن سابقة فی : أن الأول یدل علی (مسمی) هو إما الحدث وإما الذات ، أما هذا النوع فیدل علی (ذات موصوفة بالحدث) لذلک نستطیع أن نسمیه : (الصفة) فتکون الصفات خمسة : صفة الفاعل ، والمفعول ، والمبالغة ، والمشبهة ، والتفصیل.

ج - أما کلمات (ضرب ، ویضرب ، ونضرب ، وأضرب) وأمثالها فهی تدل أیضا علی معنی مرکب من الحدث المنسوب إلی الذات ، و (الحدث) مدلول المادة ، و (النسبة إلی الذات) مدلول الصیغة ، فنحن نفهم من صیغة (ضرب) أن حدث الضرب صادر من فاعل مفرد مذکر غائب ، ومن صیغة (أضرب) أنه صادر من فاعل مفرد مذکر متکلم ، ومن صیغة (نضرب) أنه صادر من فاعل مذکر جمع متکلمین ، وهکذا کل صیغ الأفعال مشعرة بنوع الفاعل - التذکیر والتأنیث - وعدده - الإفراد والتثنیة والجمع - وشخصه - التکلم والخطاب والغیبة -.

یقول فندریس - فی حدیثه عن دوال النسبة ودوال الماهیة - : «لنأخذ من العربیة مجموعة من الکلمات مثل مجموعة : أن یعطی ، أعطی ، الاعطاء ، معطون ، إلی المعطی ، فالتحلیل یجد فیها ، دون عناء عنصرا دائما هو (ع ط ی) الذی یصل کل هذه الکلمات بفکرة (الاعطاء) ولکنه یجد فیها ، فضلا عن ذلک ، عددا من العناصر الصوتیة التی تستخدم للإشارة إلی أن الکلمة فعل أو اسم ، ومن أی نوع هی ، أو للدلالة علی الفصیلة النحویة (النوع والعدد والشخص) التی تنتمی إلیها الکلمات ، وکذلک علی العلاقة التی تربطها بکلمات الجملة الأخری فهذه العناصر دوال النسبة» (1).

وملاحظتنا الأخیرة فی تحلیل صیغ المشتقات : أن صیغ الأفعال تختلف عن صیغ الصفات من ناحیة ترکیب معنی المادة بمعنی الصیغة ، فی أن الصفات (مرکب تحلیلی) أی أن لفظها واحد ولکن معناها ینحل إلی (ذات متصفة بالحدث). أما صیغ الأفعال فهی (مرکب إسنادی) أی أن (الحدث) وهو معنی المادة ، قد أسند إسنادا تاما

ص: 117


1- (25) اللغة لفندریس : 106 ، وانظر الصفحات 107 ، 112 ، 115 ، 116

إلی فاعل (ذات خارج لفظ الفعل) - ظاهرا أو مستترا - ولکن الصیغة تشعر بفصیلته النحویة : وعدده ، وشخصه.

خلاصة التحلیل

ونخلص من تحلیلنا لمفردات هذه الجملة - المثال السابق - أن الکلمة بحسب دلالتها اللغویة ، ووظیفتها النحویة ، وصیغها الاشتقاقیة تنقسم إلی خمسة أقسام متمایزة هی : الاسم ، والکنایة ، والحرف (الأداة) ، والصیغة ، والفعل ، ونستطیع أن نبنی ذلک علی (قسمة حاصرة) کما أرادها النحاة السابقون ، وذلک أن الکلمة.

1 - إما أن تدل علی معنی مستقل بالإدراک ، صالح لأن یتحمل الوظائف النحویة عندما یکون مرتبطا بکلمة أخری. وهذا هو (الاسم) ویشمل أسماء : الأعیان ، والأجناس ، وأسماء الأحداث (المصادر) ، وأسماء الزمان والمکان والآلة.

2 - أو تدل علی معنی غیر مستقل بالإدراک وهو نوعان :

أ - المعنی النسبی الرابط - أی الذی تکون وظیفته ربط معانی المفردات بعضها ببعض - وهذا هو ما نسمیه (الحرف) أو الأداة ، ویشمل (حروف المعانی) کالجر ، والعطف ، والاستثناء ، والاستفهام ، والتفسیر ، والتمنی ، والترجی ، وغیرها. و (حروف المبانی) المندمجة مع موادها الاشتقاق ، کصیغ الأفعال وصیغ الصفات.

ب - المعنی الکنائی المرتبط ، وهو ما سمیناه (الکنایة) من الکلمات غیر المستقلة تصلح لأن نکنی بها عن اسم أو صفة ، فیحل محلهما فی الوظائف النحویة الصالحة للإسم والصفة. وتشمل الکنایة ما یسمی بالأسماء المبهمة :

کالضمائر ، والموصولات ، والإشارة ، وکلمات الشرط والاستفهام ، وبعض الظروف المبنیة التی یکنی بها عن الزمان والمکان (حیث ، وإذ ، وإذا ، ومتی ، وأین ، وأنی ، ولما) وأمثالها مما جعله الدکتور تمام حسان قسما مستقلا مما ستأتی مناقشته فیه.

3 - أو تدل علی معنی مرکب من المستقل وغیر المستقل (النسبی) وهو نوعان أیضا :

أ - ما کان ترکیبه تحلیلیا ، أی أن لفظه واحد ولکن معناه ینحل إلی (ذات متصفة بالحدث) وهذا هو (الصفة) وتندرج تحتها صفات : الفاعل والمفعول ، والمبالغة ،

ص: 118

والمشبهة ، والتفضیل.

ب - ما کان ترکیبه إسنادیا ، أی أن الکلمة تتضمن حدثا مسندا بواسطة الصیغة إلی ذات خارج لفظ الکلمة - ظاهرة أو مستترة - ولکن الصیغة تشعر بنوع تلک الذات وعددها وشخصها ، وهذا هو (الفعل).

وبملاحظة الشکل الآتی یتضح أساس التقسیم؟ علی القسمة الحاصرة :

صورة

ملاحظات حول التقسیمات الحدیثة

بقیت لدی ملاحظات علی محاولات التقسیم الرباعیة والسباعیة التی مر عرضها سابقها وإتماما للفائدة أسجلها فیما یأتی :

1 - حول التقسیم الرباعی

قلت إن الدارسین المحدثین أحسنوا صنعا بفصل الکلمات المبهمة وجعلها قسمها مستقلا بنفسه ولکن ملاحظاتی علیها :

1 - إن جعل العدد - کما صنع الدکتور أنیس - من جملة هذا القسم لم یتضح لی وجهه ، فالأعداد تحتاج إلی تمییز یبین المعدود بها ، ولکن لیس کل ما یحتاج إلی تمییز یکون (غیر مستقل المعنی) فالمقصود بعدم الاستقلال ، أن الذهن لا توجد به (صورة) أی معنی من اللفظ المسموع عند سماعه منفردا ، ولفظ (أربعة) وحدها یوجد لها صورة ذهنیة غیر مفتقرة إلی ما یحدد معناها ، فصورة الأربعة غیر صورة الثلاثة والخمسة ولکنها

ص: 119

إذا دخلت فی جملة احتاجت إلی ما یعین نوع المعدود بها ، أهو کتب أم أقلام أم دفاتر؟ وهذه طبیعة کل ما یحتاج إلی تمییز کالمساحات والأوزان وغیرهما ، فنحن نعرف (معنی) المتر والصاع وندرک صورتهما الذهنیة ، ولکننا نحتاج إلی ما یمیز المقصود بهما أهو متر أرض أم قماش؟ وصاح تمر أم شعیر؟ وهذا بخلاف معنی (أل) و (الذی) فإن صورتهما لا تنطبع فی الذهن إلا وهی (معلقة بصورة صلتها (أل - › رجل) (الذی  - › جاءنی) وهذا هو معنی افتقار هذه الکلمات إلی الغیر ، أی أنه لا یتحصل لها (معنی) فی الذهن إلا وهی مرتبطة ومعلقة بالغیر.

2 - إن هذه المحاولة لم تحاول أن تدرس (الصفة) دراسة کافیة لذلک اختلف دارسوها فالدکتور أنیس جعلها فی قسم الاسم - کما صنع البصریون - ، والدکتور المخزومی جعلها فی قسم الفعل - کما صنع الکوفیون -.

ولعل ذلک نا شئ من ملاحظة جمل یکون فیها للوصف (فاعلا) أو نائبا عن الفاعل - مع أن هذه الملاحظة موجودة فی المصدر أیضا - فأعرب الکوفیون (کاتب) فی جملة : (أکاتب زید رسالة) فعلا وسموه ب (الفعل الدائم) تمییزا له عن الماضی والمستقبل ، وتابعهم المخزومی فی ذلک (1) ، أما البصریون فلأنهم یعتبرون (کاتب) اسما تکلموا فی إعرابها ، وجعلوا (کاتب) مبتدأ و (زید) فاعلا سد مسد الخبر.

ولو أنهم تنبهوا إلی أن الصفة قسم مستقل عن الاسم والفعل ، یختلف عنهما فی طبیعة ترکیبه ودلالته لکان لهم فی إعرابها وجه أقرب إلی السلامة من هذا.

ویبدو لی أن الصفة تمتاز فی إسنادها عن کل من إسناد الاسم وإسناد الفعل ، فالاسم لا یقع مسندا إلا إلی المبتداء - (زید أخوک) و (النخیل نبات) (2) - والفعل لا یقع مسندا إلا إلی الفاعل - قام محمد ، ویکتب علی (3) - أما الصفة فتمتاز عنهما فی أنها تقع مسندا لکل من المبتدأ والفاعل ، فکاتب فی جملة (زید کاتب) صفة أسندت إلی المبتدأ - من دون حاجة تقدیر ضمیر فاعل لکاتب کما صنع النحاة

ص: 120


1- 1. فی النحو العربی ، قواعد وتطبیق : 23.
2- 2. أرجو ملاحظة استغراب الدکتور أنیس - فیما تقدم - من وقوع الاسم مسندا إسناد الصفة.
3- (28) أما جملة (علی یکتب) مثلا فالفعل فیها لیس خبرا للمبتدأ ، لأنه إما مسند إلی ضمیر علی والجملة هی الخبر  - کما هو مذهب البصریین - وإما أن (علی) فاعل تقدم علی فعله کما ذهب الکوفیون

السابقون (1) - وهی فی جملة (أکاتب زید رسالة) صفة أسندت إلی الفاعل ، وهذا ما سوغ للدکتور تمام حسان - ولعله کان علی حق - أن یتحدث عن (جملة وصفیة) فی مقابل الجملتین الاسمیة والفعلیة. فالصفة التی تسند إلی فاعل تکون (الجملة الوصفیة) والصفة - أو الاسم - التی تسند إلی مبتدأ تکون (الجملة الاسمیة).

وعلی هذا الأساس تکون الجملة الوصفیة أصلیة - أی کبری - مثل : (أکاتب زید رسالة) کما تکون فرعیة - أی صغری - مثل (أنا کاتب رسالة) علی غرار الجملة الصغری فی مثل (زید قام أبوه ... أو أبوه قائم).

2 - حول التقسیم السباعی :

أما محاولة الدکتور تمام حسان فی تقسیمه الکلمة إلی سبعة أقسام أی بإضافة قسمین آخرین إلی ما ارتضیناه هما : الظرف والخالفة فستدور مناقشتی معه حول هذین القسمین :

أ - الظرف

والظرف مصطلح نحوی یعنی وظیفة نحویة (المفعول فیه). ولیس هو الکلمة التی تشعر بالزمان والمکان فقط ، وإلا لکانت الأفعال ظروفا لأنها تتضمن الزمن  - عند النحاة - ولکانت بعض الحروف ظروفا لأنها تدل علی (نسبة ظرفیة) مثل (فی) و (مذ) و (منذ) ، کما أن النحاة لا یعنون بالظرف الکلمة التی تدل بوضعها المعجمی علی جزء من الزمان أو حیز من المکان ، فالکلمات الدالة علی ذلک هی من فصیلة الأسماء فقط ، کالیوم ، والشهر ، والسنة ، والمنزل ، والمطعم وأمثالها من الکلمات التی یفهم منها الزمان أو المکان سواء کانت جزء من جملة أم لم تکن ، ولهذا یصح لهذه الکلمات أن تتحمل وظیفة الظرف (المفعول فیه) ، کما تتحمل وظیفة المبتدأ والخبر ، والفاعل ، والمفعول به.

أما ما یصطلح علیه النحاة (ظرفا) فهو المعنی الوظیفی النحوی أی (المفعول فیه) فالظرف إذن (وظیفة) نحویة کوظیفة (المفعول به) و (المفعول معه) و (الحال) و (المستثنی؟) و (النعت) وغیرها من معان وظیفیة ، فکما لا یصح لنا أن نجعل (النعت)

ص: 121


1- (29) همع الهوامع للسیوطی

قسما من أقسام الکلمة فی مقابل الاسم والکنایة والصفة ، لأنه وظیفة نحویة تقوم بها کلمات من فصیلة (الصفات) : کالعلم والأدیب ، أو من فصیلة (الأسماء) : کالأب والأم والزوجة ، أو من فصیلة (الکنایات) : کهذا والذی واللائی ، کذلک لا یصح لنا اعتبار (الظرف) قسما مستقلا لأنه وظیفة نحویة تقوم بها فصیلة الأسماء الجامدة ، کیوم ، وشهر ، والمشتقة کمقتل ومطعم وغروب وشروق ، کما تقوم بها کلمات من فصیلة (الکنایة) مثل - هنا وثم - وهما من الإشارة ، و (متی وأین) وهما من کنایات الاستفهام.

والدکتور تمام حسان یدرک ذلک کله ، لذلک لم یجعل مما سماه ظرفا أسماء الزمان والمکان ، والمصادر ، ولا أسماء الأعداد ، والأوقات ، وأسماء الجهات وغیرها مما یقوم بوظیفة الظرف وحصر هذا القسم فی کلمات ثمانیة فقط هی : (إذ ، وإذا ، ولما ، وأیان ، ومتی - وهی للزمان - وأین وأنی وحیث - للمکان -).

وهذه الکلمات وإن قامت بوظیفة الظرف الزمانی والمکانی ، إلا أنها من فصیلة ما سمیناه بالکنایة ، یدل علی ذلک اعترافه هو بأن (هذه الظروف تؤدی وظیفة الکنایة عن زمان أو مکان) (1) ولو أنه عکس ذلک فقال : (هی کنایات تؤدی وظیفة الظرف الزمانی أو المکانی) لکان أقرب إلی السلامة. کما یدل علی ذلک تسلیمه بأنها (ذات افتقار إلی مدخول لها یعین معناها الزمانی المبهم) (2) أی أنها غیر مستقلة - کما تقدم - وأهم ما یمیز (الکنایة) عن غیرها خاصیتان ، الأولی : أنها کالحرف من ناحیة عدم استقلالها بالمعنی وافتقارها إلی الغیر فی تحدید معناها ، والثانیة : أنها کالاسم من ناحیة تحملها وظیفة العنصر المرتبط لا العنصر الرابط.

ب - الخالفة

والخالفة کما قال الدکتور حسان : مصطلح أطلقه الفراء علی اسم الفعل ، واعتبره أحمد بن صابر الأندلسی قسما رابعا للکلم.

ولکن الدکتور تمام وسع من دائرة (الخالفة) فجعلها شاملة لأربعة خوالف :

ص: 122


1- 1. اللغة العربیة معناها ومبناها : 122.
2- (31) نفسه : 121

(خالفة الإخالة) وهی عنده اسم الفعل ، و (خالفة الصوت) أی أسماء الأصوات و (خالفة التعجب) أی الصیغتان القیاسیتان للتعجب : ما أحسن زیدا ، وأحسن بزید. و (خالفة المدح والذم) : نعم الرجل زید ، وبئست المرأة هند.

والذی جعله یوسع دائرة الخالفة بحیث شملت صیغ التعجب والمدح والذم ، أن لها جمیعا - کما یقول - (طبیعة الافصاح الذاتی عما تجیش به النفس ، فکلها یدخل فی الأسلوب الانشائی). والذی یؤخذ علیه فی ذلک :

1 - إننا ، فی مجال التقسیم ، نکون بصدد التمییز بین الکلمات والصیغ المفردة ، لا الجمل المرکبة ، والافصاح الذاتی والأسلوب الانشائی فی التعجب والمدح والذم ، لیس ولید الکلمة المفردة (أحسن) أو (نعم) أو (بئس) وإنما هو ولید الجملة کاملة ، فقیاسیة التعجب مثلا (قیاسیة جملیة) ولیست إفرادیة ، ولذلک لو غیرنا فی هیئة الجملة (ما أحسن زیدا) شیئا یسیرا کأن نقول : «(ما أحسن زید) لتغیر أسلوب التعجب ومعناه إلی أسلوب النفی ، مع أن صیغة الفعل کما هی لم تتغیر فصیغة التعجب إذن صیغة جملة لا مفرد ، ونحن بصدد تقسیم الکلمات المفردة لا الجمل ، وإلا فکان ینبغی له أن یذکر من الخوالف جملة (لله دره فارسا) لأن فیها نفس الافصاح الذاتی والأسلوب الانشائی.

والذی یبدو أن الکلمات المفردة فی صیغ التعجب ، والمدح والذم ، باقیة علی النزاع المتوارث بین البصریین والکوفیین فی إسمیتها أو فعلیتها ، ولعلی أمیل إلی ما ذهب إلیه بعضهم من فعلیتها وتخلفها عن طبیعة أخواتها فی المعنی وفی الاشتقاق ، فجمدت علی حالة واحدة واستعمال معین ، وفی صیغ الأفعال المتخلفة نظائر لهذه الأفعال مثل (عسی) و (لیس) و (آض) و (ما دام) وغیرها مما لا مضارع لها ، ومثل (یذر ، ویدع مما لا ماضی لها.

والأفعال الناسخة عموما فقدت (فعلیتها) من ناحیة المادة وبقیت الصیغة وحدها لتدل علی أنها تحدرت عن أفعال. واختصت هذه الأفعال باستعمال معین یجعلها أشبه بالأدوات هو الدخول علی الجمل الإسمیة لإضافة معنی الزمن إلیها ، ومع ذلک فأکثر النحاة لا یستطیعون تصنیفها فی غیر فصیلة الأفعال وإن خلت من الدلالة علی (الحدث).

ص: 123

2 - أما ما سماه ب (خالفة الإخالة) أی اسم الفعل ، فهو عند النحاة ثلاثة أنواع :

أ - نوع قیاسی وهو ما جاء علی صیغة (فعال) کنزال بمعنی (إنزل) وحذار بمعنی (إحذر) وهذا النوع أطلق علیه البصریون فقط اسم الفعل ، وإلا فهو عند الکوفیین فعل أمر حقیقی ، یصاغ بصورة قیاسیة من الثلاثی المجرد ، وهو رأی لا غبار علیه.

ب - المنقول ، وهو نقل عن المصدر ، والظرف ، والجار والمجرور ، مثل : (رویدک ، وأمامک ، وعلیک) فإنها لا تزال فی تصنیفها مع الأسماء والحروف ، ولکنها نابت عن الفعل المحذوف الذی استغنی عنه لظهوره ، کما ینوب المصدر (ضربا زیدا) عن فعل الأمر ویبقی (مصدرا) ، وکما ینوب الظرف والجار والمجرور عما یتعلقان به من فعل أو وصف مقدر.

ج - أما النوع الثالث وهو : اسم الفعل المرتجل ، مثل : هیهات ، وشتان ، وصه ومه ، وأمثالها مما یسمیه البصریون (اسم فعل) ویسمیه الکوفیون (أفعالا شاذة أی أنها لم تسلک الأفعال فی تصرفها ولا فی صیاغتها ولا فی اتصالها باللواحق ، وکل ما للبصریین من دلالة علی إسمیتها أن التنوین یدخل بعضها مثل (صه ، ومه ، واف وآه) والتنوین علامة الاسم ، ویرد الکوفیون : أن هذا التنوین لیس دلیل إسمیتها ، لأنه لیس تنوین تنکیر ، بل تنوین یراد به تکبیر حجم الکلمة المؤلفة من حرفین لتکثر أصواتها وتلحق بالثلاثی ، الذی صار الوحدة الکمیة فی العربیة ، ولذلک لا یقع التنوین فی هیهات وشتان مما زاد بناؤه علی حرفین (1).

ونخلص من ذلک إلی أنه لیس هناک شئ اسمه (اسم الفعل) لنجعله (خالفة) إخالة.

3 - أما (خالفة الصوت) فهی (أصوات) فقط یراد منها زجر الحوان أو حکایة صوته ، ولا تدخل فی طبیعة مفردات اللغة باعتبارها واسطة نقل الأفکار من ذهن إلی ذهن ، ولا تدخل فی الجمل العربیة للقیام بوظیفة الرابط أو المرتبط فیها ، إلا علی سبیل الحکایة.

ص: 124


1- (32) فی النحو العربی قواعد وتطبیق : 141

وإذا کان لا بد من اعتبار (کخ) للطفل و (هج) للغنم وأمثالها مفردات لغویة للتعبیر عن الزجر أو الحث ، فهی لا تخرج فی معناها عن (صه ومه) وأمثالها مما اعتبرناها أفعالا متخلفة أو أفعالا شاذة.

ص: 125

مصادر البحث

1 - أسرار العربیة

 لکمال الدین الأنباری

 المجمع العلمی بدمشق

2 - الأشباه والنظائر النحویة

 لجلال الدین السیوطی

 حیدر آباد 1259

3 - الایضاح (تحقیق مازن المبارک)

 أبو القاسم الزجاجی

 مطبعة المدنی 1959

4 - الإحکام فی أصول الأحکام

 لابن حزم الأندلسی

 مطبعة العاصمة بالقاهرة

5 - البحث النحوی عند الأصولیین

 د. مصطفی جمال الدین

دار الرشید للنشر 1980

6 - شرح الرضی علی الکافیة

 محمد بن الحسن الاسترآبادی

 طبع ترکیا 1210

7 - شرح المفصل

 موفق الدین بن یعیش

 المطبعة المنیریة

8 - شرح الأشمونی

 علی بن محمد الأشمونی

 المطبعة الشرقیة 1219

9 - حاشیة الصبان علی الأشمونی

 محمد بن علی الصبان

 المطبعة الشرقیة 1219

10 - شرح شذور الذهب

 لابن هشام الأنصاری

 دار الکتب العربیة

11 - اللغة لفندریس

 ترجمة الدواخلی والقصاص

 مطبعة دار البیان

12 - اللغة العربیة معناها ومبناها

 د. تمام حسان

 مطابق الهیئة المصریة

13 - فی النحو العربی - قواعد وتطبیق

 د. مهدی المخزومی

 مطبعة مصطفی الحلبی بالقاهرة

14 - من أسرار اللغة (الطبعة الرابعة)

 د. إبراهیم أنیس

 مکتبة الأنجلو المصریة

15 - همع الهوامع

 للسیوطی

 أوفسیت دار المعرفة بلبنان

16 - المنطق

 الشیخ محمد رضا المظفر

 مطبعة النعمان فی النجف الأشرف

ص: 126

التحقیق فی نفی التحریف

(1)

السید علی المیلانی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی محمد وآله الطیبین الطاهرین ، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین ، من الأولین والآخرین.

أما بعد ،

فإن الله عزوجل أرسل نبیه العظیم صلی الله علیه وآله وسلم «بالهدی ودین الحق لیظهره علی الدین کله ولو کره المشرکون» (1) وأنزل علیه القرآن «حجة الله علی خلقه ، أخذ علیه میثاقهم ، وأرتهن علیهم أنفسهم ، أتم نوره ، وأکمل به دینه» (2).

وکما کتب سبحانه لدینه الخلود ، لکونه خیر الأدیان وأتمها وقال : «ومن یبتغ غیر الإسلام دینا فلن یقبل منه وهو فی الآخرة من الخاسرین» (3) کذلک تعهد بحفظ القرآن الذی وصفه أمیر المؤمنین علیه السلام بأنه «أثافی الإسلام وبنیانه» (4) حیث قال «إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له الحافظون» (5).

وکان النبی صلی الله علیه وآله یعلم الناس القرآن ، وینظم أمور المجتمع علی

التحقق فی نفسی التحرف (1) السد علی الملانی

ص: 127


1- 1. سورة التوبة 9 : 33.
2- 2. نهج البلاغة - فهرسة صبحی الصالح - : 265 / 183.
3- 3. سورة آل عمران 3 : 85.
4- 4. نهج البلاغة : 315 / 198.
5- (5) سورة التوبة 9 : 15

ضوء تعالیمه ، فکان کلما نزل علیه الوحی حفظه الآیة الکریمة أو السورة المبارکة ، وأمر الکتبة بکتابتها ثم أبلغها الناس ، وأقرأها القراء واستحفظهم إیاها ، وهم یقومون بدورهم بنشر ما حفظوه ووعوه ، وتعلیمه لسائر المسلمین حتی النساء والصبیان.

وهکذا کانت الآیات تحفظ بألفاظها ومعانیها ، وکانت أحکام الإسلام وتعالیمه تنشر وتطبق فی المجتمع الاسلامی.

غیر أنه صلی الله علیه وآله کان یلقی إلی سیدنا أمیر المؤمنین علیه السلام  - ابتداء أو کلما سأله - تفسیر الآیات وحقائقها ، والنسب الموجودة فیما بینها ، من المحکم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والمطلق والمقید ، والمجمل والمبین ، إلی غیر ذلک ... یقول علیه السلام :

«وقد علمتم موضعی من رسول الله صلی الله علیه وآله بالقرابة القریبة ، والمنزلة الخصیصة ، وضعنی فی حجره وأنا ولد ، یضمنی إلی صدره ویکنفنی فی فراشه ، ویمسنی جسده ، ویشمنی عرفه ، وکان یمضغ الشئ ثم یلقمنیه ، وما وجد لی کذبة فی قول ، ولا خطلة فی فعل ، ولقد قرن الله به صلی الله علیه وآله من لدن أن کان فطیما أعظم ملک من ملائکته ، یسلک به طریق المکارم ومحاسن أخلاق العالم ، لیله ونهاره ولقد کنت أتبعه اتباع الفصیل أثر أمه ، یرفع لی فی کل یوم من أخلاقه علما ویأمرنی بالاقتداء به.

ولقد کان یجاور فی کل سنة بحراء ، فأراه ولا یراه غیری ، ولم یجمع بیت واحد یومئذ فی الإسلام غیر رسول الله صلی الله علیه وآله وخدیجة وأنا ثالثهما ، أری نور الوحی والرسالة ، وأشم ریح النبوة ، ولقد سمعت رنة الشیطان حین نزل الوحی علیه صلی الله علیه وآله ، فقلت : یا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال : هذا الشیطان قد أیس من عبادته ، إنک تسمع ما أسمع وتری ما أری ، إلا أنک لست بنبی ، ولکنک لوزیر ، وإنک لعلی خیر ...» (1).

وبذلک توفرت فی شخصه - دون غیره - الأعلمیة بالکتاب والسنة ، التی هی من أولی الصفات المؤهلة للإمامة وقیادة الأمة بعد النبی صلی الله علیه وآله.

* * *

ص: 128


1- (6) نهج البلاغة : 300 / 192

وتوفی النبی صلی الله علیه وآله ، وتقمص الذین کان یلهیهم الصفق بالأسواق عن تعلم القرآن وأحکام الدین - حتی أبسط مسائله الیومیة - الخلافة ، وآل أمرها إلی ما آل إلیه ... فقام سیدنا أمیر المؤمنین علیه السلام مقام النبی صلی الله علیه وآله فی حفظ الکتاب والسنة وتعلیمهما الناس ، والترغیب فیهما ، والحث علیهما ... فهو من جهة یبادر إلی جمع القرآن مضیفا إلیه ما سمعه من النبی صلی الله علیه وآله حول آیاته من التفسیر والتأویل وغیر ذلک ، ویدرس جماعة من أهل بیته وأصحابه ومشاهیر الصحابة مما وعاه عن النبی صلی الله علیه وآله من علوم الکتاب والسنة ، حتی کان من أعلامهم الحسن والحسین علیهما السلام ، وعبد الله بن العباس ، وعبد الله بن مسعود ، وأمثالهم.

ومن جهة أخری یراقب ما یصدر عن الحکام وغیرهم عن کثب ، کی ینفی عن الدین تحریف الغالین ، وانتحال المبطلین ، وتأویل الجاهلین.

فکان علیه السلام المرجع الأعلی لعموم المسلمین فی جمیع أمورهم الدینیة حتی اضطر بعض أعلام الحفاظ إلی الاعتراف بذلک وقال : «وسؤال کبار الصحابة له ، ورجوعهم إلی فتاواه وأقواله ، فی المواطن الکثیرة ، والمسائل المعضلات ، مشهور» (1).

وهکذا ... کان سعی أمیر المؤمنین علیه السلام فی حفظ القرآن بجمیع معانی الکلمة ، وهکذا کان غیره من أئمة أهل البیت علیهم السلام.

وکان الاهتمام بالقرآن العظیم من أهم أسباب تقدم الإسلام ورقی المسلمین ، کما کان التلاعب بالعهدین من أهم الأمور التی أدت إلی انحطاط الیهود والنصاری ، فأصبح الهجوم علی القرآن نقطة التلاقی بین الیهود والنصاری والمناوئین للإسلام والمسلمین ، لأنهم إن نجحوا فی ذلک فقد طعنوا الإسلام فی الصمیم.

لکن الله سبحانه قد تعهد بحفظ القرآن وأن «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه» (2) فاندحروا فی جمیع المیادین صاغرین ، والحمد لله رب العالمین.

لکن «أسطورة تحریف القرآن» ما زالوا یرددونها بین حین وآخر ، وعلی لسان بعض الکتاب المتظاهرین باسم الإسلام ویاللأسف ، یستأجرونهم لتوجیه الضربة إلی

ص: 129


1- 1. تهذیب الأسماء واللغات ، للحافظ النووی 1 : 346.
2- (8) سورة فصلت 41 : 42

القرآن والإسلام من الداخل ، ولإلقاء الفتنة فیما بینهم ، ولذا تراهم - فی الأغلب - أناسا حاقدین علی آل البیت ومذهبهم وأتباعهم.

ونحن فی هذا البحث تعرضنا لهذه «الأسطورة» وکأنها «مسألة» جدیرة بالبحث والتعقیب والتحقیق ، ودرسنا کل ما قیل أو یمکن أن یقال فی هذا الباب دراسة موضوعیة ، فوجدنا الأدلة علی نفی التحریف من الکتاب والسنة - وغیرهما - کثیرة وقویمة ، ولیس فی المقابل إلا روایات غیر صالحة لمعارضة تلک الأدلة ، إن لم تکن ضعیفة أو قابلة للحمل علی بعض الوجوه

إن القول بعدم تحریف القرآن هو مذهب المسلمین عامة ، لکن المشکلة هی أن أکثر هذه الروایات مخرجة فی الکتب الموصوفة ب «الصحة» عن أهل السنة ، مسندة إلی جماعة من الصحابة ، وعلی رأسهم من اعترف منهم بأن «کل الناس أفقه منه حتی ربات الحجال» ... لکن الحق عدم صحة تلک الأحادیث أیضا ، وأن تلک الکتب  - کغیرها - تشتمل علی أباطیل وأکاذیب ، وسندلل علی ذلک فی موضعه إن شاء الله.

فإلی القراء الکرام الحلقة الأولی من هذا البحث الذی کتبته قبل خمسة عشر عاما تقریبا ، ووضعته فی بابین ، عنوان أحدهما : الشیعة والتحریف ، وعنوان الآخر : أهل السنة والتحریف ، وفی کل باب فصول ...

وأسأل الله أن یوفقنا جمیعا لما فیه رضاه ، إنه سمیع مجیب.

ص: 130

الباب الأول

الشیعة والتحریف

الفصل الأول

کلمات أعلام الشیعة فی نفی التحریف

من الواضح أنه لا یجوز إسناد عقیدة أو قول إلی طائفة من الطوائف إلا علی ضوء کلمات أکابر علماء تلک الطائفة ، وبالاعتماد علی مصادرها المعتبرة.

ولقد تعرض علماء الشیعة منذ القرن الثالث إلی یومنا الحاضر لهذا الموضوع فی کتبهم فی عدة من العلوم ، ففی کتب الاعتقادات یتطرقون إلیه حیثما یذکرون الاعتقاد فی القرآن الکریم ، وفی کتب الحدیث حیث یعالجون الأحادیث الموهمة للتحریف بالنظر فی أسانیدها ومدالیلها ، وفی بحوث الصلاة من کتب الفقه باعتبار وجوب قراءة سورة کاملة من القرآن فی الصلاة بعد قراءة سورة الحمد ، وفی کتب أصول الفقه حیث یبحثون عن حجیة ظواهر ألفاظ الکتاب.

وهم فی جمیع هذه المواضع ینصون علی عدم نقصان القرآن الکریم ، وفیهم من یصرح بأن من نسب إلی الشیعة أنهم یقولون بأن القرآن أکثر من هذا الموجود بین الدفتین فهو کاذب ، وفیهم من یقول بأن علیه إجماع علماء الشیعة بل المسلمین ، وفیهم من یستدل علی النفی بوجوه من الکتاب والسنة وغیرهما ، بل لقد أفرد بعضهم هذا الموضوع بتألیف خاص.

وعلی الجملة ، فإن الشیعة الإمامیة تعتقد بعدم تحریف القرآن ، وأن الکتاب الموجود بین أیدینا هو جمیع ما أنزله الله عزوجل علی نبینا محمد صلی الله علیه وآله وسلم من دون أی زیادة أو نقصان.

هذه عقیدة الشیعة فی ماضیهم وحاضرهم ، کما جاء التصریح به فی کلمات کبار علمائها ومشاهیر مؤلفیها ، منذ أکثر من ألف عام حتی العصر الأخیر.

یقول الشیخ محمد بن علی بن بابویه القمی ، الملقب بالصدوق - المتوفی سنة 381 - : «إعتقادنا أن القرآن الذی أنزله الله علی نبیه صلی الله علیه وآله هو ما

ص: 131

بین الدفتین ، وهو ما فی أیدی الناس ، لیس بأکثر من ذلک ... ومن نسب إلینا أنا نقول إنه أکثر من ذلک فهو کاذب» (1).

ویقول الشیخ محمد بن محمد بن النعمان ، الملقب بالمفید ، البغدادی - المتوفی سنة 413 - : «وقد قال جماعة من أهل الإمامة : إنه لم ینقص من کلمة ، ولا من آیة ولا من سورة ، ولکن حذف ما کان مثبتا فی مصحف أمیر المؤمنین علیه السلام من تأویله ، وتفسیر معانیه علی حقیقة تنزیله ، وذلک کان ثابتا منزلا وإن لم یکن من جملة کلام الله تعالی الذی هو القرآن المعجز.

وعندی أن هذا القول أشبه من مقال من ادعی نقصان کلم من نفس القرآن علی الحقیقة دون التأویل ، وإلیه أمیل والله أسأل توفیقه للصواب» (2).

ویقول الشریف المرتضی علی بن الحسین الموسوی ، الملقب بعلم الهدی  - المتوفی سنة 436 - : «إن العلم بصحة نقل القرآن کالعلم بالبلدان ، والحوادث الکبار والوقائع العظام ، والکتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العنایة اشتدت والدواعی توفرت علی نقله وحراسته ، وبلغت إلی حد لم یبلغه فی ما ذکرناه ، لأن القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعیة والأحکام الدینیة ، وعلماء المسلمین قد بلغوا فی حفظه وحمایته الغایة ، حتی عرفوا کل شئ اختلف فیه من إعرابه وقراءته وحروفه وآیاته ، فکیف یجوز أن یکون مغیرا أو منقوصا مع العنایة الصادقة والضبط الشدید؟!».

وقال : «إن العلم بتفصیل القرآن وأبعاضه فی صحة نقله کالعلم بجملته ، وجری ذلک مجری ما علم ضرورة من الکتب المصنفة ککتابی سیبویه والمزنی ، فإن أهل العنایة بهذا الشأن یعلمون من تفصیلها ما یعلمونه من جملتها ، حتی لو أن مدخلا أدخل فی کتاب سیبویه بابا فی النحو لیس من الکتاب لعرف ومیز ، وعلم أنه ملحق ولیس فی أصل الکتاب ، وکذلک القول فی کتاب المزنی ، ومعلوم أن العنایة بنقل القرآن وضبطه أصدق من العنایة بضبط کتاب سیبویه ودواوین الشعراء».

وقال : «إن القرآن کان علی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله مجموعا مؤلفا علی ما هو علیه الآن ...».

ص: 132


1- 1. الاعتقادات للشیخ الصدوق - مطبوع مع «النافع یوم الحشر» للمقداد السیوری : 93 - مخطوط -.
2- (10) أوائل المقالات فی المذاهب المختارات : 55 - 56

«واستدل علی ذلک بأن القرآن کان یدرس ویحفظ جمیعه فی ذلک الزمان ، حتی عین علی جماعة من الصحابة فی حفظهم له ، وأنه کان یعرض علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ویتلی علیه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبی بن کعب وغیرهما ختموا القرآن علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم عدة ختمات.

کل ذلک یدل بأدنی تأمل علی أنه کان مجموعا مرتبا غیر مبتور ولا مبثوث».

«وذکر أن من خالف فی ذلک من الإمامیة والحشویة لا یعتد بخلافهم ، فإن الخلاف فی ذلک مضاف إلی قوم من أصحاب الحدیث ، نقلوا أخبارا ضعیفة ظنوا بصحتها ، لا یرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع علی صحته» (1).

ولقد عرف واشتهر هذا الرأی عن الشریف المرتضی حتی ذکر ذلک عنه کبار علماء أهل السنة ، وأضافوا أنه کان یکفر من قال بتحریف القرآن ، فقد نقل ابن حجر العسقلانی عن ابن حزم قوله فیه : «کان من کبار المعتزلة الدعاة ، وکان إمامیا ، لکنه یکفر من زعم أن القرآن بدل أو زید فیه ، أو نقص منه ، وکذا کان صاحباه أبو القاسم الرازی وأبو یعلی الطوسی» (2).

ویقول الشیخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسی ، الملقب بشیخ الطائفة  - المتوفی سنة 460 - فی مقدمة تفسیره : «والمقصود من هذا الکتاب علم معانیه وفنون أغراضه ، وأما الکلام فی زیادته ونقصانه فمما لا یلیق به أیضا ، لأن الزیادة فیه مجمع علی بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أیضا من مذهب المسلمین خلافه ، وهو الألیق بالصحیح عن مذهبنا ، وهو الذی نصره المرتضی - رحمه الله تعالی - وهو الظاهر من الروایات.

غیر أنه رویت روایات کثیرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان کثیر من آی القرآن ، ونقل شئ منه من موضع إلی موضع ، طریقها الآحاد التی لا توجب علما ولا عملا ، والأولی الإعراض عنها وترک التشاغل بها لأنه یمکن تأویلها ، ولو صحت لما کان ذلک طعنا علی ما هو موجود بین الدفتین ، فإن ذلک معلوم صحته لا یعترضه أحد من

ص: 133


1- 1. نقل هذا فی مجمع البیان 1 : 15 ، عن المسائل الطرابلسیات للسید المرتضی.
2- (12) لسان المیزان 4 : 224 ، ولا یخفی ما فیه من الخلط والغلط

الأمة ولا یدفعه» (1).

ویقول الشیخ الفضل بن الحسن أبو علی الطبرسی ، الملقب بأمین الإسلام  - المتوفی سنة 548 - ما نصه : «... ومن ذلک الکلام فی زیادة القرآن ونقصانه ، فإنه لا یلیق بالتفسیر ، فأما الزیادة فمجمع علی بطلانها ، وأما النقصان منه فقد روی جماعة من أصحابنا وقوم من حشویة العامة : إن فی القرآن تغییرا ونقصانا ...

والصحیح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذی نصره المرتضی - قدس الله روحه - واستوفی الکلام فیه غایة الاستیفاء فی جواب المسائل الطرابلسیات» (2).

والقول بعدم التحریف لازم کلام الشیخ الحسن بن یوسف ، الشهیر بالعلامة الحلی - المتوفی سنة 726 - فی کتابه «نهایة الأصول» کما سیأتی الإشارة إلیه.

ویقول الشیخ زید الدین البیاضی العاملی - المتوفی سنة 877 - فی قوله تعالی «وإنا له لحافظون» : «أی إنا لحافظون له من التحریف والتبدیل والزیادة والنقصان» (3).

وألف الشیخ علی بن عبد العالی الکرکی العاملی ، الملقب بالمحقق الثانی  - المتوفی سنة 940 - رسالة فی نفی النقیصة فی القرآن الکریم ، حکاها عنه السید محسن الأعرجی البغدادی فی کتابه «شرح الوافیة فی علم الأصول».

واعترض فی الرسالة علی نفسه بما یدل علی النقیصة من الأخبار ، فأجاب : «بأن الحدیث إذا جاء علی خلاف الدلیل والسنة المتواترة أو الإجماع ، ولم یمکن تأویله ولا حمله علی بعض الوجوه. وجب طرحه» (4).

وبه صرح الشیخ فتح الله الکاشانی - المتوفی سنة 988 - فی مقدمة تفسیره «منهج الصادقین» ، وبتفسیر الآیة «وإنا له لحافظون».

وهو صریح السید نور الله التستری ، المعروف بالقاضی الشهید - المستشهد سنة 1019 - فی کتابه «إحقاق الحق» فی الإمامة والکلام.

ص: 134


1- 1. التبیان فی تفسیر القرآن 1 : 3.
2- 2. مجمع البیان 1 : 15.
3- 3. مباحث فی علوم القرآن للعلامة الأردوبادی - مخطوط -.
4- (16) المصدر نفسه

ویقول الشیخ محمد بن الحسین ، الشهیر ببهاء الدین العاملی - المتوفی سنة 1030 - : «الصحیح أن القرآن العظیم محفوظ عن ذلک ، زیادة کان أو نقصانا ، ویدل علیه قوله تعالی :» وإنا له لحافظون «. وما اشتهر بین الناس من إسقاط اسم أمیر المؤمنین علیه السلام منه فی بعض المواضع مثل قوله تعالی : یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک - فی علی - ، وغیر ذلک فهو غیر معتبر عند العلماء» (1).

ویقول العلامة التونی - المتوفی سنة 1071 - صاحب کتاب «الوافیة فی الأصول» : «والمشهور أنه محفوظ ومضبوط کما أنزل ، لم یتبدل ولم یتغیر ، حفظه الحکیم الخبیر ، قال الله تعالی : إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون».

ویقول الشیخ محمد محسن الشهیر بالفیض الکاشانی - المتوفی سنة 1019 - بعد الحدیث عن البزنطی ، قال : دفع إلی أبو الحسن علیه السلام مصحفا وقال : لا تنظر فیه ، ففتحته وقرأت فیه : لم یکن الذین کفروا ... فوجدت فیها اسم سبعین رجلا ...

قال : «لعل المراد أنه وجد تلک الأسماء مکتوبة فی ذلک المصحف تفسیرا للذین کفروا والمشرکین مأخوذة من الوحی ، لا أنها کانت من أجزاء القرآن وعلیه یحمل ما فی الخبرین السابقین ...

وکذلک کل ما ورد من هذا القبیل عنهم علیهم السلام ، فإنه کله محمول علی ما قلناه ، لأنه لو کان تطرق التحریف والتغییر فی ألفاظ القرآن لم یبق لنا اعتماد علی شئ منه ، إذ علی هذا یحتمل کل آیة منه أن تکون محرفة ومغیرة ، وتکون علی خلاف ما أنزله الله ، فلا یکون القرآن حجة لنا ، وتنتفی فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصیة به ، وعرض الأخبار المتعارضة علیه».

ثم استشهد - رحمه الله تعالی - بکلام الشیخ الصدوق المتقدم ، وبعض الأخبار (2).

وقال فی «الأصفی» بتفسیر قوله تعالی «وإنا له لحافظون» : «من التحریف والتغییر والزیادة والنقصان» (3).

ص: 135


1- 1. آلاء الرحمن : 26.
2- 2. الوافی 2 : 273 - 274.
3- (19) الأصفی فی تفسیر القرآن : 348

ویقول الشیخ محمد بن الحسن الحر العاملی - المتوفی سنة 1104 - ما تعریبه : «إن من تتبع الأخبار وتفحص التواریخ والآثار علم - علما قطعیا - بأن القرآن قد بلغ أعلی درجات التواتر ، وأن آلاف الصحابة کانوا یحفظونه ویتلونه ، وأنه کان علی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مجموعا مؤلفا» (1).

وقال الشیخ محمد باقر المجلسی - المتوفی سنة 1111 - بعد أن أخرج الأحادیث الدالة علی نقصان القرآن - ما نصه : «فإن قال قائل : کیف یصح القول بأن الذی بین الدفتین هو کلام الله تعالی علی الحقیقة من غیر زیادة ولا نقصان وأنتم تروون عن الأئمة علیهم السلام أنهم قرأوا : کنتم خیر أئمة أخرجت للناس ، وکذلک : جعلناکم أئمة وسطا ، وقرأوا : ویسئلونک الأنفال ، وهذا بخلاف ما فی المصحف الذی فی أیدی الناس؟.

قیل له : قد مضی الجواب عن هذا ، وهو : إن الأخبار التی جاءت بذلک أخبار آحاد لا یقطع علی الله تعالی بصحتها ، فلذلک وقفنا فیها ولم نعدل عما فی المصحف الظاهر علی ما أمرنا به حسب ما بیناه.

مع أنه لا ینکر أن تأتی القراءة علی وجهین منزلتین ، أحدهما ، ما تضمنه المصحف ، والثانی : ما جاء به الخبر ، کما یعترف مخالفونا به من نزول القرآن علی وجوه شتی ...» (2).

وهو ظاهر کلام السید علی بن معصوم المدنی الشیرازی - المتوفی سنة 1118 - فی «شرح الصحیفة السجادیة» فلیراجع (3).

وإلیه ذهب السید أبو القاسم جعفر الموسوی الخونساری - المتوفی سنة 1157 - فی کتابه «مناهج المعارف» فلیراجع.

وقال السید محمد مهدی الطباطبائی ، الملقب ، ببحر العلوم - المتوفی سنة 1212 - ما نصه : «الکتاب هو القرآن الکریم والفرقان العظیم والضیاء والنور والمعجز الباقی علی مر الدهور ، وهو الحق الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه تنزیل من لدن

ص: 136


1- 1. أنظر : الفصول المهمة فی تألیف الأمة : 166.
2- 2. بحار الأنوار 92 : 75.
3- (22) ریاض السالکین فی شرح صحیفة سید العابدین ، الروضة 42

حکیم حمید ، أنزله بلسان عربی مبین هدی للمتقین وبیانا للعالمین ... - ثم ذکر روایتی : القرآن أربعة أرباع ، و : القرآن ثلاثة أثلاث ، الآتیتین ، وقال - والوجه حمل الأثلاث والأرباع علی مطلق الأقسام والأنواع وإن اختلف فی المقدار ...» (1).

وقال الشیخ الأکبر الشیخ جعفر ، المعروف بکاشف الغطاء - المتوفی سنة 1228 - ما نصه : «لا ریب فی أن القرآن محفوظ من النقصان بحفظ الملک الدیان ، کما دل علیه صریح الفرقان وإجماع العلماء فی جمیع الأزمان ، ولا عبرة بالنادر وما ورد من أخبار النقیصة تمنع البدیهة من العمل بظاهرها» (2).

وقال السید محسن الأعرجی الکاظمی - المتوفی سنة 1228 - ما ملخصه : «وإنما الکلام فی النقیصة ، وبالجملة فالخلاف إنما یعرف صریحا من علی بن إبراهیم فی تفسیره ، وتبعه علی ذلک بعض المتأخرین تمسکا بأخبار آحاد رواها المحدثون علی غرها ، کما رووا أخبار الجبر والتفویض والسهو والبقاء علی الجنابة ونحو ذلک».

ثم ذکر أن القوم إنما ردوا مصحف علی علیه السلام «لما اشتمل علیه من التأویل والتفسیر ، وقد کان عادة منهم أن یکتبوا التأویل مع التنزیل ، والذی یدل علی ذلک قوله علیه السلام فی جواب الثانی : ولقد جئت بالکتاب کملا مشتملا علی التأویل والتنزیل ، والمحکم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ. فإنه صریح فی أن الذی جاءهم به لیس تنزیلا کله» (3).

وقال السید محمد الطباطبائی - المتوفی سنة 1242 - ما ملخصه : «لا خلاف أن کل ما هو من القرآن یجب أن یکون متواترا فی أصله وأجزائه ، وأما فی محله ووضعه وترتیبه ، فکذلک عند محققی أهل السنة للقطع بأن العادة تقضی بالتواتر فی تفاصیل مثله ، لأن هذا المعجز العظیم الذی هو أصل الدین القویم والصراط المستقیم مما توفر الدواعی علی نقل جمله وتفاصیله ، فما نقل آحادا ولم یتواتر یقطع بأنه لیس من القرآن

ص: 137


1- 1. الفوائد فی علم الأصول - مخطوط -.
2- 2. کشف الغطاء فی الفقه ، ونقله عنه شرف الدین فی أجوبة المسائل : 33.
3- (25) شرح الوافیة فی علم الأصول ، وانظر له : المحصول فی علم الأصول

قطعا» (1).

وقال الشیخ إبراهیم الکلباسی الأصبهانی - المتوفی سنة 1262 - : «... إن النقصان فی الکتاب مما لا أصل» (2).

وصرح السید محمد الشهشهانی - المتوفی سنة 1289 - بعدم تحریف القرآن الکریم فی بحث القرآن من کتابه «العروة الوثقی» ، ونسب ذلک إلی جمهور المجتهدین (3).

وصرح السید حسین الکوه کمری - المتوفی سنة 1299 - بعدم تحریف القرآن ، واستدل علی ذلک بأمور نلخصها فیما یلی :

1 - الأصل ، لکون التحریف حادثا مشکوکا فیه.

2 - الإجماع.

3 - منافاة التحریف لکون القرآن معجزة.

4 - قوله تعالی : «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه».

5 - أخبار الثقلین.

6 - الأخبار الناطقة بالأمر بالأخذ بهذا القرآن (4).

وإلیه ذهب الشیخ موسی التبریزی - المتوفی سنة 1307 - فی «شرح الرسائل فی علم الأصول».

وأثبت عدم التحریف بالأدلة الوافیة السید محمد حسین الشهرستانی الحائری  - المتوفی سنة 1315 - فی رسالة له اسمها «رسالة فی حفظ الکتاب الشریف عن شبهة القول بالتحریف» (5).

وقال الشیخ محمد حسن الآشتیانی - المتوفی سنة 1319 - : المشهور بین المجتهدین والأصولیین ، بل أکثر المحدثین عدم وقوع التغییر مطلقا ، بل ادعی غیر واحد

ص: 138


1- 1. مفاتیح الأصول.
2- 2. إشارات الأصول.
3- 3. أنظر : البیان فی تفسیر القرآن : 200.
4- 4. أنظر : بشری الوصول إلی أسماء علم الأصول.
5- (30) المعارف الجلیة 1 : 21

الإجماع علی ذلک» (1).

وإلیه ذهب الشیخ محمد حسن بن عبد الله المامقانی النجفی - المتوفی سنة 1323 - فی کتابه «بشری الوصول إلی أسرار علم الأصول».

وبه صرح السید محمد باقر ، الشهیر بالحجة الطباطبائی - المتوفی سنة 1331 - فی منظومته الشهیرة فی علم الکلام ، المسماة ب «مصباح الظلام فی علم الکلام».

وقال الشیخ عبد الله ابن الشیخ محمد حسن المامقانی - المتوفی سنة 1351 - بترجمة - الربیع بن خثیم) بعد کلام له : «فتحصل من ذلک کله أن ما صدر من المحدث النوری - رحمه الله - من رمی الرجل بضعف الإیمان ونقص العقل جرأة عظیمة کجرأته علی الاصرار علی تحریف کتاب الله المجید ...» (2).

وقال الشیخ محمد جواد البلاغی - المتوفی سنة 1352 - ما نصه : «ولئن سمعت من الروایات الشاذة شیئا فی تحریف القرآن وضیاع بعضه ، فلا تقم لتلک الروایات وزنا ، وقل ما یشاء العلم فی اضطرابها ووهنا وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمین ، وفیما جاءت به فی روایاتها الواهیة من الوهن وما ألصقته بکرامة القرآن مما لیس له شبه به ...» (3).

فهذه طائفة من کلمات أعلام الإمامیة فی القرون المختلفة الصریحة فی نفی التحریف عن القرآن الشریف ... وهذا هو رأی آخرین منهم : کالشریف الرضی ، المتوفی سنة 406 ه.

والشیخ ابن إدریس صاحب «السرائر فی الفقه» - ، المتوفی سنة ...

والفاضل الجواد ، من علماء القرن الحادی عشر ، فی «شرح الزبدة فی الأصول».

والشیخ أبی الحسن الخنیزی ، صاحب الدعوة الإسلامیة المتوفی سنة 1363 ه.

والشیخ محمد النهاوندی ، صاحب التفسیر ، المتوفی سنة 1371 ه.

ص: 139


1- 1. بحر الفوائد فی حاشیة الفرائد فی الأصول.
2- 2. تنقیح المقال.
3- (33) آلاء الرحمن فی تفسیر القرة : 18

والسید محسن الأمین العاملی ، المتوفی سنة 1371 ، فی کتابه «الشیعة والمنار».

والشیخ عبد الحسین الرشتی النجفی ، المتوفی سنة ... ، فی «کشف الاشتباه فی مسائل جار الله».

والشیخ محمد حسین کاشف الغطاء ، المتوفی سنة 1373 ه ، فی «أصل الشیعة وأصولها».

والسید عبد الحسین شرف الدین العاملی ، المتوفی سنة 1381 ه ، فی «أجوبة مسائل جار الله».

والشیخ آغا بزرک الطهرانی ، المتوفی سنة 1389 ه ، فی رسالته فی «نفی التحریف عن القرآن الشریف».

والسید محمد هادی المیلانی ، المتوفی سنة 1395 ، فی فتوی له.

والسید محمد حسین الطباطبائی ، المتوفی سنة 1402 ه ، فی تفسیره الشهیر «المیزان فی تفسیر القرآن».

وقد تعرض لهذا الموضوع : السید أبو القاسم الخوئی دام ظله فی کتابه «البیان فی تفسیر القرآن».

ولو أردنا أن ننقل کلمات هؤلاء الأعاظم من علماء الشیعة فی هذا المضمار لطال بنا المقام ، فمثلا یقول الشیخ محمد حسین کاشف الغطاء :

«وإن الکتاب الموجود فی أیدی المسلمین هو الکتاب الذی أنزله الله إلیه للاعجاز والتحدی ولتعلیم الأحکام وتمییز الحلال من الحرام ، وإنه لا نقص فیه ولا تحریف ولا زیادة ، وعلی هذا إجماعهم.

ومن ذهب منهم أو من غیرهم من فرق المسلمین إلی وجود نقص فیه أو تحریف فهو مخطئ یرده نص الکتاب العظیم (إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون).

والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة فی نقصه أو تحریفه ضعیفة شاذة ، وأخبار آحاد لا تفید علما ولا عملا ، فأما أن تؤول بنحو من الاعتبار أو یضرب بها الجدار» (1).

ص: 140


1- (34) أصل الشیعة وأصولها 101 - 2 - 1 ، ط 15

ویقول السید شرف الدین : «المسألة الرابعة : نسب إلی الشیعة القول بتحریف القرآن بإسقاط کلمات وآیات ...

فأقول : نعوذ بالله من هذا القول ، ونبرأ إلی الله تعالی من هذا الجهل ، وکل من نسب هذا الرأی إلینا جاهل بمذهبنا أو مفتر علینا ، فإن القرآن العظیم والذکر الحکیم متواتر من طرقنا بجمیع آیاته وکلماته وسائر حروفه وحرکاته وسکناته تواترا قطعیا عن أئمة الهدی من أهل البیت علیهم السلام لا یرتاب فی ذلک إلا معتوه ، وأئمة أهل البیت کلهم أجمعون رفعوه إلی جدهم رسول الله صلی الله علیه وآله عن الله تعالی ، وهذا أیضا مما لا ریب فیه.

وظواهر القرآن الحکیم فضلا عن نصوصه أبلغ حجج الله تعالی ، وأقوی أدلة أهل الحق بحکم الضرورة الأولیة من مذهب الإمامیة ، وصحاحهم فی ذلک متواترة من طریق العترة الطاهرة ، ولذلک تراهم یضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا یأبهون بها ، عملا بأوامر أئمتهم علیهم السلام.

وکان القرآن مجموعا أیام النبی صلی الله علیه وآله علی ما هو علیه الآن من الترتیب والتنسیق فی آیاته وسوره وسائر کلماته وحروفه ، بلا زیادة ولا نقصان ، ولا تقدیم ولا تأخیر ، ولا تبدیل ولا تغییر.

وصلاة الإمامیة بمجردها دلیل علی ذلک ، لأنهم یوجبون بعد فاتحة الکتاب  - فی کل من الرکعة الأولی والرکعة الثانیة من الفرائض الخمس - سورة واحدة تامة غیر الفاتحة من سائر السور ، ولا یجوز عندهم التبعیض فیها ولا القران بین سورتین علی الأحوط ، وفقههم صریح بذلک ، فلولا أن سور القرآن بأجمعها کانت زمن النبی صلی الله علیه وآله علی ما هی الآن علیه فی الکیفیة والکمیة ما تسنی لهم هذا القول ، ولا أمکن أن یقوم لهم علیه دلیل.

أجل ، إن القرآن عندنا کان مجموعا علی عهد الوحی والنبوة ، مؤلفا علی ما هو علیه الآن ، وقد عرضه الصحابة علی النبی صلی الله علیه وآله وتلوه علیه من أوله إلی آخره ، وکان جبرائیل علیه السلام یعارضه صلی الله علیه وآله بالقرآن فی کل عام مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتین ، وهذا کله من الأمور الضروریة لدی المحققین من علماء الإمامیة ، ولا عبرة ببعض الجاحدین منهم ، کما لا عبرة بالحشویة من أهل السنة

ص: 141

القائلین بتحریف القرآن والعیاذ بالله فإنهم لا یفقهون.

نعم ، لا تخلو کتب الشیعة وکتب السنة من أحادیث ظاهرة بنقص القرآن غیر أنها مما لا وزن لها عند الأعلام من علمائنا أجمع ، لضعف سندها ، ومعارضتها بما هو أقوی منها سندا ، وأکثر عددا ، وأوضح دلالة ، علی أنها من أخبار الآحاد ، وخبر الواحد إنما یکون حجة إذا اقتضی عملا ، وهذه لا تقتضی ذلک ، فلا یرجع بها عن المعلوم المقطوع به ، فلیضرب بظواهرها عرض الحائط» (1).

وسئل السید محمد هادی المیلانی عن رأیه فی المسألة فأجاب بما معربه :

«بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله وسلام علی عباده الذین اصطفی ، إن الذی نقطع به هو عدم وقوع أی تحریف فی القرآن الکریم ، لا زیادة ولا نقصانا ولا تغییرا فی ألفاظه ، ولو جاء فی بعض الأحادیث ما یفید التحریف فإنما المقصود من ذلک ما وقع من تغییر معانی القرآن حسب الآراء السقیمة والتأویلات الباطلة ، لا تغییر ألفاظه وعباراته.

وأما الروایات الدالة علی سقوط آیات أو سور من هذه المعجزة الخالدة فمجهولة أو ضعیفة للغایة ، بل إن تلک الآیات والسور المزعومة - کالسورتین اللتین رواهما فی «الإتقان» أو تلک السورة التی رویت فی «بستان المذاهب» ، وکذا ما جاء فی غیرهما من الکتب - هی وحدها تکشف عن حقیقتها ، إذ لا یشک الخبیر بعد عرضها علی أسلوب القرآن البلاغی فی کونها مختلقة باطلة.

هذا علی أن أحدا لم یقل بالزیادة ، والقول بنقصانه - کما توهمه بعضهم - لا یمکن الرکون إلیه ، لا سیما بعد الالتفات إلی قوله تعالی «إن علینا جمعه وقرآنه» وقوله تعالی «وإنا له لحافظون» وقوله تعالی «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه» إلی غیرها من الآیات.

وبهذا الذی ذکرنا صرح کبار علماء الإمامیة منذ الطبقات الأولی کالشیخ المفید والسید المرتضی والشیخ الطوسی والشیخ الطبرسی ، وهم جمیعا یعتقدون بما صرح به رئیس المحدثین الشیخ الصدوق فی کتاب «الاعتقادات» الذی ألفه قبل أکثر

ص: 142


1- (35) أجوبة مسائل جار الله : 28 - 37 ، وانظر له : الفصول المهمة

من ألف سنة حیث قال : «إعتقادنا أن القرآن الذی أنزله الله تعالی علی نبیه محمد صلی الله علیه وآله هو ما بین الدفتین ، وهو ما فی أیدی الناس ، لیس بأکثر من ذلک» إلی أن قال «ومن نسب إلینا أنا نقول أنه أکثر من ذلک فهو کاذب».

والحاصل : إن من تأمل فی الأدلة وراجع تأریخ اهتمام المسلمین فی حیاة الرسول صلی الله علیه وآله وبعده بضبط القرآن وحفظه ودراسته یقطع أن سقوط الکلمة الواحدة منه محال.

ولو أن أحدا وجد حدیثا یفید بظاهره التحریف وظن صحته فقد أخطأ ، وأن الظن لا یغنی من الحق شیئا» (1).

والسید أبو القاسم الخوئی - أدام الله ظله - بعد أن ذکر أسماء بعض النافین للتحریف من أعلام الإمامیة قال : «والحق بعد هذا کله ، إن التحریف بالمعنی الذی وقع النزاع فیه غیر واقع فی القرآن أصلا بالأدلة التالیة ...» (2) ثم بین أدلة النفی من الکتاب والسنة وغیرهما.

وللسید محمد حسین الطباطبائی بحث فی «أن القرآن مصون عن التحریف» فی فصول ، أورده فی تفسیره القیم ، فی ذیل تفسیر قوله تعالی : «إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون». (3).

ص: 143


1- 1. طبعت هذه الفتوی فی مقدمة مصحف طبعه بعض الإمامیة فی الباکستان.
2- 2. البیان فی تفسیر القرآن : 207.
3- (38) المیزان فی تفسیر القرآن ج 12

الفصل الثانی

أدلة الشیعة علی نفی التحریف

ذکرنا فی الفصل الأول کلمات لأعلام الإمامیة فی نفی التحریف عن القرآن الکریم ، وقد جاء فی بعض تلک الکلمات - التی ذکرناها علی سبیل التمثیل لا الاستقراء والحصر - الاستدلال بوجوه عدیدة علی ما ذهبوا إلیه.

والواقع أن الأدلة الدالة علی عدم وجود النقص فی القرآن الکریم هی من القوة والمتانة ، بحیث یسقط معها ما دل علی التحریف بظاهرها عن الاعتبار لو کان معتبرا ومهما بلغ فی الکثرة ، ویبطل القول بذلک حتی لو ذهب إلیه أکثر العلماء.

وقد عقدنا هذا الفصل لإیراد تلک الأدلة بإیجاز.

(1)

آیات من القرآن الکریم

والقرآن الکریم فیه تبیان لکل شئ ، وما کان کذلک کان تبیانا لنفسه أیضا ، فلنرجع إلیه لنری هل فیه دلالة علی نقصانه أو بالعکس.

أجل إن فی القرآن الحکیم آیات تدل بوضوح علی صیانته من کل تحریف ، وحفظه من کل تلاعب ، فهو ینفی کل أشکال التصرف فیه ، ویعلن أنه لا یصیبه ما یشینه ویحط من کرامته حتی الأبد.

وتلک الآیات هی :

1 - قوله تعالی : «إن الذین یلحدون فی آیاتنا لا یخفون علینا. أفمن یلقی فی النار خیر أم من یأتی آمنا یوم القیامة. اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون نصیر. إن الذین کفروا بالذکر لما جاءهم وإنه لکتاب عزیز لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه ، تنزیل من حکیم حمید» (1).

وإذا کان القرآن العظیم لا یأتیه «الباطل» من بین یدیه ولا من خلفه فإن من

ص: 144


1- (39) سورة حم السجدة (فصلت) 41 : 40 - 41

أظهر مصادیق «الباطل» هو «وقوع النقصان فیه».

فهو إذا مصون من قبل الله تعالی عن ذلک منذ نزوله إلی یوم القیامة.

2 - قوله تعالی : «إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون» (1).

والمراد من «الذکر» فی هذه الآیة الکریمة علی الأصح هو «القرآن العظیم» فالله سبحانه أنزله علی نبیه الکریم ، وتعهد بحفظه منذ نزوله إلی الأبد من کل ما یتنافی وکونه منهاجا خالدا فی الحیاة ودستورا عاما للبشریة جمعاء.

ومن والواضح أن من أهم ما یتنافی وشأن القرآن العظیم وقدسیته الفذة وقوع التحریف فیه وضیاع شئ منه علی الناس ، ونقصانه عما أنزله عزوجل علی نبیه صلی الله علیه وآله وسلم.

3 - قوله تعالی : «لا تحرک به لسانک لتعجل به ، إن علینا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علینا بیانه» (2).

فعن ابن عباس وغیره فی قوله تعالی : «إن علینا جمعه وقرآنه» أن المعنی : إن علینا جمعه ، وقرآنه علیک حتی تحفظه ویمکنک تلاوته ، فلا تخف فوت شئ منه (3).

* * * *

(2)

الأحادیث عن النبی والأئمة علیهم السلام

والمصدر الثانی من مصادر الأحکام والعقائد الإسلامیة هو السنة النبویة الشریفة الواصلة إلینا بالطرق والأسانید الصحیحة.

ولذا کان علی المسلمین أن یبحثوا فی السنة عما لم یکن فی الکتاب ، وأن یأخذوا منها تفسیر ما أبهمه وبیان ما أجمله ، فیسیروا علی منهاجها ، ویعملوا علی وفقها ، عملا بقوله سبحانه «ما آتاکم الرسول فخذوه ، وما نهاکم عنه فانتهوا» (4) وقوله تعالی

ص: 145


1- 1. سورة الحجر 15 : 9.
2- 2. سورة القیامة 75 : 16 - 19.
3- 3. مجمع البیان للطبرسی 5 : 397.
4- (43) سورة الحشر 59 : 7

«وما ینطق عن الهوی إن هو إلا وحی یوحی» (1).

وعلی هذا فإنا لما راجعنا السنة وجدنا الأحادیث المتکثرة الدالة بأقسامها العدیدة علی إن القرآن الکریم الموجود بین أیدینا هو ما أنزل علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم من غیر زیادة ونقصان ، وأنه کان محفوظا مجموعا علی عهده ، صلی الله علیه وآله وسلم وبقی کذلک حتی الآن ، وأنه سیبقی علی ما هو علیه إلی الأبد.

وهذه الأحادیث علی أقسام وهی :

القسم الأول

أحادیث العرض علی الکتاب

لقد جاءت الأحادیث الصحیحة تنص علی وجوب عرض الخبرین المتعارضین بل مطلق الأحادیث علی القرآن الکریم ، فما وافق القرآن أخذ به وما خالفه أعرض عنه ، فلولا أن سور القرآن وآیاته مصونة من التحریف ومحفوظة من النقصان ما کانت هذه القاعدة التی قررها الأئمة من أهل البیت الطاهرین آخذین إیاها من جدهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ولا أمکن الرکون إلیها والوثوق بها.

ومن تلک الأحادیث المذکورة :

قول الإمام الرضا علیه السلام : «... فما ورد علیکم من خبرین مختلفین فاعرضوهما علی کتاب الله ، فما کان فی کتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الکتاب ، وما لم یکن فی الکتاب فاعرضوه علی سنن النبی صلی الله علیه وآله ...» (2).

وقول الإمام الصادق عن أبیه عن جده عن علی علیهم السلام : «إن علی کل حق حقیقة وعلی کل صواب نورا ، فما وافق کتاب الله فخذوه وما خالف کتاب الله فدعوه» (46).

وقول الإمام الهادی علیه السلام : «... فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست

ص: 146


1- 1. سورة النجم 53 : 3. 1. عیون أخبار الرضا للشیخ الصدوق 2 : 20.
2- (46) الأمالی للشیخ الصدوق : 367

شواهدها من التنزیل ، فوجد لها موافقا وعلیها دلیلا ، کان الاقتداء بها فرضا لا یتعداه إلا أهل العناد ...» (1).

وقول الإمام الصادق علیه السلام : «إذا ورد علیکم حدیثان مختلفان فاعرضوهما علی کتاب الله ، فما وافق کتاب الله فخذوه ، وما خالف کتاب الله فذروه ...» (2).

وقول الإمام الصادق علیه السلام : «... ینظر ما وافق حکمه حکم الکتاب والسنة ، وخالف العامة فیؤخذ به ، ویترک ما خالف الکتاب والسنة ووافق العامة ...» (3).

فهذه الأحادیث ونحوها تدل علی إن القرآن الموجود الآن هو نفس ما أنزله الله عزوجل علی النبی ، صلی الله علیه وآله وسلم. من غیر زیادة ولا نقصان ، لأنه لو لم یکن کذلک لم یمکن أن یکون القرآن مرجعا للمسلمین یعرضون علیه الأحادیث التی تصل إلیهم عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم فیعرف بذلک الصحیح ویؤخذ به ، والسقیم فیعرض عنه ویترک.

القسم الثانی

حدیث الثقلین

ولم تمر علی النبی الکریم والقائد العظیم محمد صلی الله علیه وآله وسلم فرصة إلا وانتهزها للوصیة بالکتاب والعترة الطاهرة والأمر باتباعهما والانقیاد لهما والتمسک بها.

لذا تواتر عنه صلی الله علیه وآله وسلم حدیث الثقلین الذی رواه جمهور علماء المسلمین بأسانید متکثرة متواترة ، وألفاظ مختلفة متنوعة عن أکثر من ثلاثین صحابی وصحابیة ، وأحد ألفاظه :

«إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی أهل بیتی ، ما إن تمسکتم بهما لن

ص: 147


1- 1. تحف العقول للحرانی : 343.
2- 2. الرسائل للشیخ الأنصاری : 446.
3- (49) الرسائل للشیخ الأنصاری : 445

تضلوا بعدی أبدا ...» (1).

وهذا یقتضی أن یکون القرآن الکریم مدونا فی عهده صلی الله علیه وآله وسلم بجمیع آیاته وسوره حتی یصح إطلاق اسم الکتاب علیه ، ولذلک تکرر ذکر الکتاب فی غیر واحد من سوره الشریفة.

کما أنه یقتضی بقاء القرآن کما کان علیه علی عهده صلی الله علیه وآله وسلم إلی یوم القیامة ، لتتم به - وبالعترة - الهدایة الأبدیة للأمة الإسلامیة والبشریة جمعاء ، ما داموا متمسکین بهما ، کما ینص علیه الحدیث الشریف بألفاظه وطرقه ، وإلا للزم القول بعدم علمه صلی الله علیه وآله وسلم بما سیکون فی أمته ، أو إخلاله بالنصح التام لأمته ، وهذا لا یقول به أحد من المسلمین.

القسم الثالث

الأحادیث الواردة فی ثواب قراءة السور فی

الصلوات وغیرها

وقد وردت طائفة من الأحادیث فی فضیلة قراءة سور القرآن الکریم فی الصلوات وغیرها ، وثواب ختم القرآن وتلاوته فی شهر رمضان وغیر ذلک.

ولو کان تطرق النقصان فی ألفاظ القرآن لم یبق مجال للاعتماد علی شئ من تلک الأحادیث والعمل بها من أجل الحصول علی ما تفیده من الأجر والثواب ، لاحتمال أن تکون کل سورة أو کل آیة محرفة عما کانت نازلة علیه.

ومن تلک الأحادیث :

ص: 148


1- 1. حدیث الثقلین من جملة الأحادیث التی لا یشک مسلم فی صدورها من النبی صلی الله علیه وآله وسلم. فقد رواه عنه أکثر من ثلاثین من الصحابة وأورده من علماء أهل السنة ما یقارب ال 500 شخصیة من مختلف طبقاتهم منذ زمن التابعین حتی عصرنا الحاضر من مؤرخین ومفسرین ومحدثین غیرهم.

قول الإمام الباقر عن أبیه عن جده عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم :

«من قرأ عشر آیات فی لیلة لم یکتب من الغافلین ، ومن قرأ خمسین آیة کتب من الذاکرین ، ومن قرأ مائة آیة کتب من القانتین ، ومن قرأ مائتی آیة کتب من الخاشعین ، ومن قرأ ثلاثمائة آیة کتب من الفائزین ، ومن قرأ خمسمائة آیة کتب من المجتهدین ، ومن قرأ ألف آیة کتب له قنطار ...» (1).

وقول الإمام الباقر علیه السلام : «من أوتر بالمعوذتین ، وقل هو الله أحد قیل له : یا عبد الله أبشر فقد قبل الله وترک» (2).

وقول الإمام الصادق علیه السلام : «... وعلیکم بتلاوة القرآن ، فإن درجات الجنة علی عدد آیات القرآن ، فإذا کان یوم القیامة یقال لقارئ القرآن إقرأ وارق ، فکلما قرأ آیة رقی درجة ...» (3).

وقول الإمام الصادق علیه السلام : «الواجب علی کل مؤمن إذا کان لنا شیعة أن یقرأ لیلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربک الأعلی ... فإذا فعل ذلک فإنما یعمل بعمل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، وکان جزاؤه وثوابه علی الله الجنة» (4).

وقول الإمام الباقر علیه السلام : «من ختم القرآن بمکة من جمعة إلی جمعة وأقل من ذلک وأکثر ، وختمه یوم الجمعة ، کتب الله له من الأجر والحسنات من أول جمعة کانت إلی آخر جمعة تکون فیها ، وإن ختمه فی سائر الأیام فکذلک» (5).

إلی غیر ذلک من الأحادیث وما أکثرها ، وقد ذکر الفقهاء - رضی الله تعالی عنهم - تفصیل ما یستحب أن یقرأ فی الصلوات الخمس من سور القرآن (6).

کما روی الشیخ الصدوق - رحمه الله تعالی - ثواب قراءة کل سورة من القرآن بحسب الأحادیث الواردة عن الأئمة علیهم السلام (7).

ص: 149


1- 1. الأمالی للشیخ الصدوق : 59 - 60 ، الکافی 2 : 448.
2- 2. الأمالی للشیخ الصدوق : 60 ، ثواب الأعمال للشیخ الصدوق 157.
3- 3. الأمالی 359.
4- 4. ثواب الأعمال : 146.
5- 5. ثواب الأعمال : 125.
6- 6. راجع جواهر الکلام 9 : 400 - 416.
7- (57) ثواب الأعمال : 130 - 158

وبهذا القسم من الأحادیث استدل الشیخ الصدوق علی ما ذهب إلیه من عدم تحریف القرآن (1).

القسم الرابع

الأحادیث الآمرة بالرجوع إلی القرآن الکریم واستنطاقه

وهی کثیرة جدا ، نکتفی هنا منها بما جاء فی کتب وخطب أمیر المؤمنین علیه الصلاة والسلام.

قال علیه السلام فی خطبة له ینبه فیها علی فضل الرسول والقرآن :  «أرسله علی حین فترة من الرسل ، وطول هجعة من الأمم وانتقاض من المبرم فجاءهم بتصدیق الذی بین یدیه ، والنور المقتدی به ، ذلک القرآن.

فاستنطقوه ولن ینطق ، ولکن أخبرکم عنه ، إلا إن فیه علم ما یأتی ، والحدیث عن الماضی ، ودواء دائکم ، ونظم ما بینکم» (2).

وقال علیه السلام :

«واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذی لا یغش ، والهادی الذی لا یضل ، والمحدث الذی لا یکذب ، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزیادة أو نقصان : زیادة فی هدی أو نقصان فی عمی ، واعلموا أنه لیس علی أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من غنی فاستشفوه من أدوائکم ، واستعینوا به علی لأوائکم ، فإن فیه شفاء من أکبر الداء وهو الکفر والنفاق والغی والضلال ، فاسألوا الله به وتوجهوا إلیه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، إنه ما توجه العباد إلی الله بمثله.

واعلموا إنه مشفع مشفع ، وقائل مصدق ، وإنه من شفع له القرآن یوم القیامة شفع فیه ، ومن محل به القرآن یوم القیامة صدق علیه ، فإنه ینادی مناد یوم القیامة : إلا إن کل حارث مبتلی فی حرثه وعاقبة عمله ، غیر حرثة القرآن ، فکونوا من حرثته واتباعه ، واستدلوه علی ربکم ، واستنصحوه علی أنفسکم ، واتهموا علیه أرائکم ،

ص: 150


1- 1. الاعتقادات للشیخ الصدوق : 93.
2- (59) نهج البلاغة : 223 / 158

واستغشوا فیه أهواءکم» (1).

وقال علیه السلام فی کتاب له إلی الحارث الهمدانی - رضی الله عنه - : «وتمسک بحبل القرآن واستنصحه ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ...» (2).

وقال علیه السلام «ثم أنزل علیه الکتاب نورا لا تطفأ مصابیحه ، وسراجا لا یخبو توقده وبحرا لا یدرک قعره ، ومنهاجا لا یضل نهجه ، وشعاعا لا یظلم ضوؤه ، وفرقانا لا یخمد برهانه ، وحقا لا تخذل أعوانه فهو معدن الإیمان وبحبوحته ، وینابیع العلم وبحوره ، وریاض العدل وغدرانه ، وأثافی الإسلام وبنیانه ، وأودیة الحق وغیطانه ، وبحر لا ینزفه المستنزفون ، وعیون لا ینضبها الماتحون ، ومناهل لا یغیضها الواردون ، ومنازل لا یضل نهجها القاصدون ، جعله الله ریا لعطش العلماء ، وربیعا لقلوب الفقهاء ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء لیس بعده داء ، ونورا لیس معه ظلمة وحبلا وثیقا عروته ، ومعقلا منیعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدی لمن إئتم به ، وعذرا لمن إنتحله وبرهانا لمن تکلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ، ومطیة لمن أعمله ، وآیة لمن توسم ، وجنة لمن إستلأم ، وعلما لمن وعی ، وحدیثا لمن روی ، وحکما لمن قضی» (3).

وقال علیه السلام : «فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجة الله علی خلقه ، أخذ علیهم میثاقه ، وارتهن علیه أنفسهم ، أتم نوره ، وأکمل به دینه ، وقبض نبیه صلی الله علیه وآله وسلم وقد فرغ إلی الخلق من أحکام الهدی به ، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه ، فإنه لم یخف عنکم شیئا من دینه ، ولم یترک شیئا رضیه أو کرهه ، إلا وجعل له علما بادیا وآیة محکمة تزجر عنه أو تدعو إلیه ...» (4).

فهذه الکلمات البلیغة وأمثالها تنص علی إن الله تعالی جعل القرآن الکرم نورا یستضاء به ، ومنهاجا یعمل علی وفقه ، وحکما بین العباد ، ومرجعا فی المشکلات ، ودلیلا عند الحیرة ومتبعا عند الفتنة.

ص: 151


1- 1. نفس المصدر 202 / 176.
2- 2. نفس المصدر 459 / 69.
3- 3. نفس المصدر 315 / 198.
4- 4. نهج البلاغة 265 / 183.

وکل ذلک یقتضی أن یکون ما بأیدینا من القرآن هو نفس القرآن الذی نزل علی الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم ، وعرفه أمیر المؤمنین وسائر الأئمة والصحابة والمسلمون أجمعون.

القسم الخامس

الأحادیث التی تتضمن تمسک الأئمة من أهل البیت بمختلف

الآیات القرآنیة المبارکة

وروی المحدثون من الإمامیة أحادیث متکاثرة جدا عن الأئمة الطاهرین تتضمن تمسکهم بمختلف الآیات عند المناظرات وفی کل بحث من البحوث ، سواء فی العقائد أو الأحکام أو المواعظ والحکم والأمثال.

فهم علیهم السلام تمسکوا بالآیات القرآنیة «فی کل باب علی ما یوافق القرآن الموجود عندنا ، حتی فی الموارد التی فیها آحاد من الروایات بالتحریف ، وهذا أحسن شاهد علی إن المراد فی کثیر من روایات التحریف من قولهم علیهم السلام کذا نزل هو التفسیر بحسب التنزیل فی مقابل البطن والتأویل» (1).

القسم السادس

الأحادیث الواردة عنهم علیهم السلام فی إن ما بأیدی الناس

هو القرآن النازل من عند الله

وصریح جملة من الأحادیث الواردة عن أئمة أهل البیت ، أنهم علیهم السلام کانوا یعتقدون فی هذا القرآن الموجود بأنه هو النازل من عند الله سبحانه علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ، وهذه الأحادیث کثیرة ننقل هنا بعضها :

قال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام :

«کتاب ربکم فیکم ، مبینا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحکمه

ص: 152


1- (64) المیزان فی تفسیر القرآن 12 : 111

ومتشابهه ، مفسرا مجمله ، ومبینا غوامضه ، بین مأخوذ میثاق فی علمه ، وموسع علی العباد فی جهله ، وبین مثبت فی الکتاب فرضه ، ومعلوم فی السنة نسخة وواجب فی السنة أخذه ، ومرخص فی الکتاب ترکه ، وبین واجب بوقته ، وزائل فی مستقبله ومباین بین محارمه من کبیر أوعد علیه نیرانه ، أو صغیر أرصد له غفرانه ، وبین مقبول فی أدناه ، موسع فی أقصاه» (1).

وقال علیه السلام : «أم أنزل الله دینا ناقصا فاستعان بهم علی إتمامه؟ أم کانوا شرکاء له فلهم أن یقولوا وعلیه أن یرضی؟ أم أنزل الله سبحانه دینا تاما فقصر الرسول صلی الله علیه وآله وسلم عن تبلیغه وأدائه؟ والله سبحانه یقول :» ما فرطنا فی الکتاب من شئ «وقال :» فیه تبیان لکل شئ «. وذکر أن الکتاب یصدق بعضه بعضا ، وأنه لا اختلاف فیه ، فقال سبحانه» ولو کان من عند غیر الله لوجدوا فیه اختلافا کثیرا «وأن القرآن ظاهره أنیق وباطنه عمیق لا تفنی عجائبه ، ولا تکشف الظلمات إلا به» (2).

وعن الریان بن الصلت قال : «قلت للرضا علیه السلام یا ابن رسول الله ما تقول فی القرآن؟

فقال : کلام الله ، لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدی فی غیره فتضلوا» (3).

وجاء فیما کتبه الإمام الرضا علیه السلام للمأمون فی محض الإسلام وشرائع الدین :

«وإن جمیع ما جاء به محمد بن عبد الله هو الحق المبین ، والتصدیق به ویجمع من مضی قبله من رسل الله وأنبیائه وحججه.

والتصدیق بکتابه الصادق العزیز الذی «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه تنزیل من حکیم حمید» وأنه المهیمن علی الکتب کلها ، وأنه حق من فاتحته إلی خاتمته ، نؤمن بمحکمه ومتشابهه ، وخاصه وعامه ، ووعده ووعیده ، وناسخه ومنسوخه ،

ص: 153


1- 1. نهج البلاغة 44 / 1.
2- 2. نفس المصدر 61 / 18.
3- 3. عیون أخبار الرضا للشیخ الصدوق 2 : 57. الأمالی 546

وقصصه وأخباره ، لا یقدر أحد من المخلوقین أن یأتی بمثله» (1).

وعن علی بن سالم عن أبیه قال : «سألت الصادق جعفر بن محمد علیهما السلام فقلت له : یا ابن رسول الله ما تقول فی القرآن؟ فقال : هو کلام الله ، وقول الله ، وکتاب الله ، ووحی الله وتنزیله ، وهو الکتاب العزیز الذی «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه ، تنزیل من حکیم حمید» (2).

القسم السابع

قول عمر بن الخطاب : حسبنا کتاب الله

ومن الرزایا العظیمة والکوارث المؤلمة التی قصمت ظهر المسلمین وأدت إلی ضلال أکثرهم عن الهدی الذی أراده لهم الله ورسوله ، ذلک الخلاف الذی حدث عند رسول الله صلی الله علیه وآله وفی اللحظات الأخیرة من عمره الشریف بین صحابته الحاضرین عنده فی تلک الحال.

ومجمل القضیة هو : إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم لما حضرته الوفاة وعنده رجال من صحابته - فیهم عمر بن الخطاب - قال : هلم أکتب لکم کتابا لا تضلوا بعده ، وفی لفظ آخر : أئتونی بالکتف والدواة - أو : اللوح والدواة - أکتب لکم کتابا لن تضلوا بعده أبدا.

فقال عمر : إن النبی قد غلب علیه الوجع (3) ، وعندکم القرآن ، حسبنا کتاب الله!

وفی لفظ آخر : فقالوا : إن رسول الله یهجر. - من دون تصریح باسم المعارض -! فاختلف الحاضرون ، منهم من یقول : قربوا یکتب لکم النبی کتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من یقول ما قال عمر!

ص: 154


1- 1. عیون أخبار الرضا للشیخ الصدوق 2 : 130.
2- 2. الأمالی : 545.
3- 3. قال سیدنا شرف الدین : «وقد تصرفوا فیه ، فنقلوه بالمعنی ، لأن لفظه الثابت : إن النبی یهجر. لکنهم ذکروا أنه قال : إن النبی قد غلب علیه الوج�3. تهذیبا للعبارة واتقاء فظاعتها ..» النص والاجتهاد : 143

فلما أکثروا ذلک عنده صلی الله علیه وآله وسلم قال لهم : قوموا عنی (1).

ولسنا نحن الآن بصدد محاسبة هذا الرجل لکلامه هذا الذی غیر مجری التأریخ ، وحال دون ما أراده الله والرسول لهذه الأمة من الخیر والصلاح والرشاد ، إلی یوم القیامة ، حتی إن ابن عباس کان یقول - فیما یروی عنه - : «یوم الخمیس وما یوم الخمیس» ثم یبکی (2).

وکان رضی الله عنه یقول :

«إن الرزیة کل الرزیة ما حال بین رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وبین أن یکتب لهم ذلک الکتاب من اختلافهم ولغطهم» (3).

وإنما نرید الاستشهاد بقول : «إن عندنا القرآن ، حسبنا کتاب الله» الصریح فی وجود القرآن عندهم مدونا مجموعا حینذاک ، ویدل علی ذلک أنه لم یعترض علیه أحد - لا من القائلین قربوا یکتب لکم النبی کتابا ، ولا من غیرهم - بأن سور القرآن وآیاته متفرقة مبثوثة ، وبهذا تم لعمر بن الخطاب والقائلین مقالته ما أرادوا من الحیلولة بینه صلی الله علیه وآله وسلم وبین کتابة الکتاب.

* * *

3 - الإجماع

4 - تواتر القرآن

5 - صلاة الإمامیة

6 - کون القرآن مجموعا علی عهد النبی

7 - اهتمام النبی صلی الله علیه وآله وسلم والمسلمین بالقرآن

(3)

الإجماع

ومن الأدلة علی عدم نقصان القرآن : إجماع العلماء فی کل الأزمان (4).

ص: 155


1- 1. راجع جمیع الصحاح والمسانید والتواریخ والسیر وکتب الکلام تجد القضیة باختلاف ألفاظها وأسانیدها.
2- 2. صحیح البخاری 2 : 118.
3- 3. نفس المصدر ج 1 کتاب العلم.
4- (74) کشف الغطاء وغیره

ومن المعلوم أن الإجماع حجة لدی المسلمین ، أما عند الإمامیة فلأنه کاشف عن رأی المعصوم علیه السلام (1).

(4)

تواتر القرآن

ومن الأدلة علی عدم نقصان القرآن تواتره من طرق الإمامیة بجمیع حرکاته وسکناته ، وحروفه وکلماته ، وآیاته وسوره ، تواترا قطعیا عن الأئمة الطاهرین علیهم السلام عن جدهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم (2).

فهم یعتقدون بأن هذا القرآن الموجود بأیدینا هو المنزل علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بلا زیادة ولا نقصان.

(5)

صلاة الإمامیة

ومن الأدلة علی اعتقاد الإمامیة بعدم سقوط شئ من القرآن الکریم : صلاتهم لأنهم یوجبون قراءة سورة کاملة (3) بعد الحمد فی الرکعة الأولی والثانیة (4) من الصلوات الخمس الیومیة من سائر سور القرآن عدا الفاتحة ، ولا یجوز عند جماعة کبیرة منهم القران بین سورتین (5).

وصلاتهم بهذه الکیفیة والأحکام دلیل ظاهر علی اعتقادهم بکون سور القرآن بأجمعها زمن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم علی ما هی علیه الآن ، وإلا لما تسنی لهم

ص: 156


1- 1. یراجع بهذا الصدد کتب أصول الفقه.
2- 2. أجوبة مسائل جار الله شرف الدین ، مجمع البیان عن السید المرتضی.
3- 3. أجوبة مسائل جار الله ، وهذا هو المشهور بین الفقهاء بل ادعی جماعة علیه الإجماع.
4- 4. أما فی الثالثة والرابعة فهو بالخیار إن شاء قرأ الحمد وإن شاء سبح إجماعا ، وإن اختلفوا فی أفضلیة أحد الفردین.
5- 5. جواهر الکلام والریاض وغیرهما. وقد ذکر جماعة من الفقهاء والمفسرین استثناء سورتی (الضحی وألم نشرح) وسورتی (الفیل والإیلاف) من هذا الحکم ، مصرحین بوجوب قران کل سورة منها بصاحبتها

هذا القول (1).

(6)

کون القرآن مجموعا علی عهد النبی صلی الله علیه وآله وسلم

ومن الأدلة علی عدم وجود النقص فی القرآن ثبوت کونه مجموعا علی عهد الرسول الأعظم صلی الله علی وآله وسلم علی ما هو علیه الآن من الجمع والترتیب والتنسیق ، وإن جماعة من الصحابة ختموا القرآن علی عهده ، وتلوه ، وحفظوه ، یجد أسماءهم من راجع کتب علوم القرآن وإن جبرئیل کان یعارضه صلی الله علیه وآله وسلم به کل عام مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتین (2).

وکل هذا الذی ذکرنا دلیل واضح علی إن القرآن الموجود بین أیدینا هو نفس القرآن الذی کان بین یدی الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وصحابته علی عهده فما بعده ، من غیر زیادة ولا نقصان.

(7)

اهتمام النبی صلی الله علیه وآله والمسلمین بالقرآن

وهل یمکن لأحد من المسلمین إنکار اهتمام النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالقرآن؟

لقد کان حریصا علی نشر سور القرآن بین المسلمین بمجرد نزولها ، مؤکدا علیهم حفظها ودراستها وتعلمها ، مبینا لهم فضل ذلک وثوابه وفوائده فی الدنیا والآخرة.

فحثه صلی الله علیه وآله وسلم وترغیبه بحفظ القرآن فی الصدور والقراطیس ونحوها ، وأمره بتعلیمه وتعلمه رجالا ونساء وأطفالا مما ثبت بالضرورة بحیث لا مجال لإنکار المنکر وجدال المکابر.

ص: 157


1- 1. أجوبة مسائل جار الله لشرف الدین.
2- (81) روی ذلک عن رسول الله صلی الله علیه وآله وذکره ابن أبی الحدید فی شرح النهج طبع بیروت 2 : 863

وأما المسلمون ، فقد کانت الدواعی لدیهم لحفظ القرآن والعنایة به متوفرة ، ولذا کانوا یقدمونه علی غیره فی ذلک ، لأنه معجزة النبوة الخالدة ومرجعهم فی الأحکام الشرعیة والأمور الدینیة ، فکیف یتصور سقوط شئ منه والحال هذه؟ نعم ، قد یقال : إنه کما کانت الدواعی متوفرة لحفظ القرآن وضبطه وحراسته ، کذلک کانت الدواعی متوفرة علی تحریفه وتغییره من قبل المنافقین وأعداء الإسلام والمسلمین ، الذین خابت ظنونهم فی أن یأتوا بمثله أو بمثل عشر سور منه أو آیة من آیاته.

ولکن لا مجال لهذا الاحتمال بعد تأیید الله سبحانه المسلمین فی العنایة والاهتمام بالقرآن ، وتعهده بحفظه بحیث «لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه ، تنزیل من حکیم حمید».

للبحث صلة ...

ص: 158

معجم الرموز والإشارات

(1)

الشیخ محمد رضا المامقانی

المقدمة والفوائد

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

لعل من أعسر ما یواجهه الباحث ، ویصطدم به المحقق ، أو یبتلی به المبتدئ ما درج علیه القدماء من علمائنا - رضوان الله علیهم - فی کتبهم العلمیة ومؤلفاتهم ومجامیعهم الحدیثیة من الرمز بحروف خاصة أو علامات معینة لبعض الأعلام أو الکتب المهمة أو اختصارا لبعض الجمل والکلمات التی یکثر دورانها ، ویتکرر ذکرها ، أو لبعض أصحاب الأئمة علیهم السلام ورواتهم ، أو تذکر کلمة مختصرة کالحرف الأول من الجملة أو الکلمة إشارة لتلک الجملة أو الکلمة ، إلی غیر ذلک.

ولا بد لمن یتصدی لنشر المخطوطات وتحقیق المصادر والغور فی العلوم أن یلم بفنون عدیدة کعلم الخطوط ، وعلم معرفة المصادر ، وعلم اصطلاحات الناسخین وقواعد التحقیق ، ومصطلحات الفن الذی یبحث عنه ، ومنه رموزه وغیرها فضلا عن إحاطته العامة بالمصطلحات الأولیة لذلک الفن وأسالیبه فی التعبیر والأداء ، وخصوصیاته البدیعیة والبلاغیة والأدبیة.

وحیث کثر الابتلاء للمراجعین لهذه الرموز ، ووقع الخبط والخلط من بعض الکتاب فی النقل ، بل وأصبحت تلک الرموز عند البعض طلاسم معقدة ، ونسخت من الکتب المطبوعة الیوم غالبا وهجرت.

معجم الرموز والإشارات (1)الشخ محمد رضا المامقانی

ص: 159

وقد أعددت هذا المعجم مجدولا علی حروف الألفباء ، یحل جل الرموز المهمة ، مع الإشارة إلی موارد الاختلاف غالبا ، بعد أن لم أجد من جمعها ولا من تصدی لاستقصائها ، سوی الرسالة التی کتبها الدکتور حسین علی محفوظ باسم «العلامات والرموز عند المؤلفین العرب» ، بغداد 1964 م ، والتی لم یتسن لی رؤیتها ، مع أنی بحثت عنها فی المکتبات العامة هنا ، وسألت عنها أکثر من شخص واحد.

ولکی تتم الفائدة وتعم ، ألحقت بها بعض الرموز المتداولة عند العامة فی کتبهم الرجالیة والحدیثیة.

هذا ، وتجدر الإشارة إلی أنا حصرنا ما عددنا من الرموز کان منها متداولا عند القوم وتلقی منهم بالقبول ، أو عند بعض الأعلام حیث تنقل عباراتهم فی المجامیع کابن داود والأردبیلی - قدس سرهما - من الشیعة ، وابن حجر والسیوطی من العامة ، مع الاذعان بأن هذه الرموز والاختصارات أکثر مما ذکر بکثیر ، بل قیل إنه لا سبیل إلی حصرها ، کما قاله الدکتور المنجد فی حاشیته علی قواعد التحقیق : 21.

وعلی هذا فالرموز خاصة وعامة.

وأعنی بالخاصة : ما تداوله مصنف فی کتابه أو موسوعته مشیرا إلی ذلک فی أوله أو آخره ، ولم یتابعه علیه أحد ، کشیخنا النوری - طاب ثراه - فی «مستدرک الوسائل» فی خاتمة الفائدة الخامسة من الخاتمة : 3 / 711 - 717 ، حیث ذکر (425) رمزا لجماعة من مشایخ الرواة عن شیخ الطائفة - أعلی الله مقامهم - ونظیره الشیخ عباس القمی - رحمه الله - فی أول سفینة البحار ، حیث عد ثلاثین رمزا لمجلدات البحار ، والفیض الکاشانی فی مقدمته الثالثة من کتابه الوافی وغیرهم.

ولم أعقد هذا المعجم لما ذکره هؤلاء ونظراؤهم ، نعم ذکرت منهم من نقل کلامه فی بعض الکتب مع رمزه ، کابن داود فی رجاله ، والأردبیلی فی جامعه ، وقد تعرضت إلی ذلک خاصة.

وقد وضع العلامة المجلسی - قدس سره - فی موسوعته العظیمة بحار الأنوار ثمانین رمزا لأسماء المصادر التی رجع إلیها ، وتابعه غیره من نقله الأخبار ، وتعرضنا لها جمیعا.

وعلیه فقد انصبت عنایتنا أولا : علی الإشارة إلی الرموز العامة المتداولة فی أکثر من مصنف ، وتلقیت بالقبول ، وثانیا : علی الإعراض عن الرموز المختصة ببعض الفنون

ص: 160

والعلوم ، کاللغویة وإن کثرت ، والتفسیریة وإن قلت ، أو ما تداولته طائفة من العماء بالهیئة أو الکیمیاء أو علم الأعداد والحروف وغیرها ، بل غایة جهدنا کان فی حل الرموز الفقهیة والحدیثیة والرجالیة وما تعارف علیه النساخ عند النسخ ، أو العلماء عند الإملاء.

ولا یخفی أنا ارتأینا أن یکون البحث مبوبا علی فصلین : أولهما : الرموز ، وهی الاختصارات التی سبق الحدیث عنها.

ثانیهما : الإشارات ، ونعنی بها ذکر بعض الأعلام الشیعیة الذین عرفوا باسم ، أو کنیة ، أو لقب ، أو شهرة معینة ، وقد یذکرون بغیرها ، أو ینسبون إلی مصنفاتهم أو إلی بلدانهم أو إلی مشایخهم وأساتذتهم ، أو غیر ذلک ، وغالبا ما یغفل عن ذلک الباحث ، مما حدا بنا إلی ذکرهم مرتبا علی حروف المعجم ، وبشکل مختصرا جدا.

ومما تجدر الإشارة إلیه اختلاف أنظار جمهور العلماء فی الرموز والإشارات قدیما وحدیثا ، سلبا وإیجابا ، استحبابا وکراهة. فقد حبذه القدماء جدا ، وعملوا به طرا لدواع یمکن إجمال أهمها بما یلی :

أولا : اختزال الوقت کتابة وقراءة.

ثانیا : الاقتصاد فی الورق الغالی - آنذاک - والنادر.

ثالثا : عدم وجود الطباعة وانحصار نشر الکتب وبثها فی النسخ والاملاء.

ولا شک أن الرمز یسهل عملیة الکتابة وسرعتها ، وقد حکی الدکتور المنجد فی حاشیة قواعد التحقیق : 21 ، عن ابن عساکر فی مقدمة کتابه «معجم النبل» - مخطوط - قوله : «وجعلت لکل واحد من هؤلاء حرفا یدل علیه تخفیفا علی الکاتب العجل - ثم قال - لأن الأجزاء تنوب عن الجمل» ، وقول ابن داود فی رجاله : ص 3 : «.. وضمنته رموزا تغنی عن التطویل ، وتنوب عن الکثیر بالقلیل».

ومن هنا انصبت الرموز والاختصارات علی الکتب والکلمات التی یکثر دورانها ویتکرر ذکرها ، بل قد ترد فی النصوص ألفاظ وجمل تعاد کثیرا کمثل الصلاة علی النبی - صلوات الله علیه وعلی آله - ، والسلام علی الأئمة - علیهم السلام - ، والترحم والترضی بعد ذکر الرواة والعلماء ، وألفاظ التحدیث والأخبار والأنباء فی الروایات وأسانید الأحادیث ، تشتد الدواعی عند الأقدمین بل وحتی المتأخرین

ص: 161

وبعض المستشرقین أیضا علی اختصار کل لفظ یکثر دورانه ویعاد ذکره ، وکذا الحال فی اختصار أسماء المصادر التی یرجع إلیها فی الحواشی والهوامش.

وقد کره قوم آخرون الرموز لا للزوم اللبس والتشویش فیها ، بل من جهة قلة الأجر علیها لنقص فی الکتابة ، نظیر ما قاله العراقی فی ألفیته ، وتبعه السخاوی فی شرحها : 2 / 157 ، من قول الأخیر : «.. قال شیخنا : والذی یظهر أنه بعد أن شاع وعرف إنما هو من جهة نقص الأجر لنقص الکتابة وإلا فلا خرق فی معرفة الاصطلاح بین الرمز وغیره» ، وقول المصنف : «وهو - أی الإتیان به بکماله - أولی وأدفع للإلتباس» ، قد یوجه بکون اصطلاحه فی الرمز قد تسقط به الورقة أو المجلد فیتحیر الواقف علیه من مبتدئ ونحوه.

ولا یخفی ما فی کلامه ، واستحساناته.

ثم إن جل المتأخرین من العلماء أعرضوا عن هذه الرموز غالبا ، ولم یحبذوها دائما ، بل نهی جمع غفیر منهم عنها ، وذلک لما یقع فیها من لبس وتشویش للقارئ والناسخ کما مر ، ونعم ما فعلوا.

ولقد أجاد الشیخ المامقانی - قدس سره - فی فوائده الرجالیة : 191 ، المطبوع فی أول المجلد الأول من تنقیح المقال حیث قال : «إن الانصاف أن هذا الذی تداولوه فی کتب الرجال والأخبار من التعبیر بالرموز مرجوع غایته لوجهین : أحدهما : إن من لم یکن ممارسا لها غایة الممارسة علی وجه لا یفرق الحال عند مبین الرمز والمرموز عنه إذا أراد مراجعة حال راو فی کتب الرجال تعسر علیه الأمر لاستلزامه مراجعة أول الکتاب فی کل رمز رمز حتی یستفید المطلب ، وذلک مشوش لفکره ، ولا کذلک لو کتب المرموز عنه من غیر رمز ، فإنه یستفید المطلب من نفس العبارة ، وکذا الحال إذا أراد مراجعة روایة فی البحار أو نقلها فإنه یحتاج إلی مراجعة الرموز حتی یطلع علی أن المرموز عنه أی کتاب هو ، بخلاف ما لو کتب اسم الکتاب من غیر رمز ، وکذا الحال فی اصطلاحات الوافی فإنه کلما رأی المطالع فی أول السند کلمة الاثنین أو الثلاثة أو الأربعة .. وهکذا یلزمه مراجعة المقدمة الثالثة من أول الکتاب أو الفهرست الذی صنعه ولد صاحب الوافی حتی یفهم المراد بالکلمة ، وذلک یؤدی إلی تشویش الفکر وتعسر الأمر ، ولا مصلحة فی الرمز إلا الاختصار ، ومصلحته

ص: 162

لا تقابل المفسدة المزبورة ، ومن یکتب کتابا کبیرا مثل البحار لا وجه لطلبه الاختصار المترتب علیه المفسدة المزبورة».

وأقول : ثمة فرق بین البحار والوافی فی کون اصطلاحاتهما خاصة وعامة ، وطلب الاختصار فی الکتب الکبیرة أوجه ، لانعدام الطبع وقلة النشر وسرعة الاستنساخ وغیر ذلک.

ثم قال : «وثانیهما : إن الرموز کثیرا ما تتشابه فیشتبه الکاتب أو المطالع فیبدل واحدة بأخری ، وهذا المحذور منتف فی کتابة المرموز بغیر رمز ... وقد کثر فی کلماتهم إبدال ری بدی ، فتری الرجل رمز ری ، مریدا به العسکری علیه السلام واشتبه المستنسخ فأبدله بدی ، الذی هو رمز الهادی علیه السلام».

وفی ما ذکره الکفایة (1).

هذا ، وإن عملنا فی هذا البحث أولی یحتاج إلی کثیر من التمحیص والتکمیل ، ونؤمن بلزوم تتبع فیه أکثر ووقت أوسع ، خصوصا وأنه لم یطرق من قبل ، لذا نأمل من السادة الأفاضل والباحثین تزویدنا بما یستجد عندهم أو یرون من نقود أو قصور فی الاستقراء. شاکرین لهم إرشاداتهم وتوجیهاتهم سلفا ، والله من وراء القصد ، وهو نعم المولی ونعم الوکیل.

ص: 163


1- 1. ذکر الدکتور عواد معروف فی حاشیة فی مقدمته علی الاکمال لابن ماکولا 1 / 149 : کتابا للمستشرق روزنتال باسم «مناهج العلماء المسلمین فی البحث العلمی» عن ظهور هذه الرموز والعلامات وتصورها عند العلماء.

فوائد

الأولی : تعورف وضع خط صغیر علی الحرف أو الکلمة الرامزة ، علامة کونها مختصرة.

الثانیة : قد یجمع بین حرفین أو ثلاثة للإیماء إلی أحوال عدیدة ومصادر متعددة ، کما هو دیدن ابن داود فی رجاله ، وغیره فی غیره.

الثالثة : قیل ، أول من رمز لأصحاب الأئمة علیهم السلام هو الشیخ الطوسی فی رجاله ، وتبعه من تأخر عنه. ولیس بشئ ، إذ أن الشیخ ابن داود بعد أن جعل رجال الشیخ محط نظره ابتکر رموزا واصطلح علی ما فیه وتبعه من عقبه.

الرابعة : اصطلحوا برموز أرید بها التصحیح أو التضبیب أو التمریض فی مقام کتابة الحدیث.

فالتصحیح : کتابة لفظ (صح صغیرة علی کلام صح روایة ومعنی ، ولکنه عرضة للشک أو الخلاف أو الوهم.

والتضبیب - ویسمی التمریض أیضا أو التشکیک - : وهو أن یمد خط أوله کرأس الصاد ولا یلزق بالممدود علیه ، یمد علی ثابت نقلا فاسد لفظا أو معنی أو ضعیف ، أو فیه نقص ، بل عد من الناقص موضع الإرسال والانقطاع. وربما اقتصر البعض علی الصاد فی علامة التصحیح ، فأشبهت الضبة ، واستعمله المتأخرون قلیلا.

والمتعارف علیه الیوم فی تصحیح المتون وضع لفظ (کذا) بین قوسین علامة أنه کذا وجده أو کذا ثبت عنده ، وهو نوع تمریض للمتن وقدح فیه. وتسمی فی اصطلاح المحققین ب (التکذیة) مصدرا جعلیا من (کذا) ، قال فی وصول الأخیار : 197 : «والمستعمل بین المتأخرین فی عصر الشهید وما قاربه التضبیب بباء هندیة هکذا (2) فوق الکلمة ثم یکتبون باء هندیة أخری مثلها بإزائها علی الحاشیة یسهل تصحیحه إذا أرید ، وهو فی غایة الحسن ، وعلیه عملنا فی کتب الأحادیث وغیرها ، وبعضهم ینقط ثلاث نقط علیه ثم علی الحاشیة بإزائه».

الخامسة : الملاحظ کثیرا أن بعض الرموز مشترکة بین أکثر من معنی واحد ،

ص: 164

مثل ع : لأربعة عشر أمرا وم : لستة عشر أمرا ، وق : لاثنی عشر أمرا ، وهکذا کما ستری.

فمثلا ، مل : مشترک بین کتاب کامل الزیارات وأمل الآمل ، أو ئر : لکتاب بصائر الدرجات والسرائر ... وأمثال ذلک.

فهذه تتمیز غالبا بالمنقول والموضوع المرموز له ، فإن کان فی الحدیث فمن الکامل أو البصائر ، وإن کان فی أحوال الرجال فمن أمل الآمل ، وإن کان من الفقه فمن السرائر ... وهکذا.

وعلی کل فغالبا ما یعرف أمثال هذا بالقرائن الحالیة والسیاق ویعتمد علی فطنة الممارس وحدسه.

السادسة : کثیرا ما نجد بعض العلماء یخرج عن المشهور برموز خاصة - کما ذکرنا - فابن داود رمز لأصحاب الإمام موسی بن جعفر علیه السلام من رجال الشیخ ب : م ، مع أن المشهور هو : ظم ، وبالنسبة إلی أصحاب الإمام الجواد علیه السلام : د ، والمتعارف : ج ، وهکذا.

وقد ذکرنا أمثال هذه فیما لو نقلت رموزهم بعینها فی مصنفات الآخرین.

السابعة : إن ما یوجد فی حواش علی بعض التعلیقات أو الشروح المطبوعة علی الحجر أو المخطوطة المستقلة بالطبع من وجود خط () فوقه وتحته رقم کما لو قیل : 12 / 5 ، فإن المراد من الرقم الفوقانی الصفحة الخامسة ، ومن الرقم التحتی السطر الثانی عشر من الکتاب المتن من النسخة المنظورة عند المعلق أو المحشی ، کما فی نهایة الدرایة فی شرح الکفایة للشیخ محمد حسین الغروی الاصفهانی وغیره.

الثامنة : ذکر بعض الأعلام أنه کلما ارتسم علی الراوی صورة الاثنین (2) فهی إشارة إلی تکرر وقوع ذلک الراوی فی السند ، واستند فیه إلی ما نبه علیه العلامة المجلسی فی بعض حواشیه علی البحار.

أقول : یحتمل کونه إشارة إلی تعدد الطریق إلی الراوی لو لم یکن تصریح بخلافه ، فتدبر!

التاسعة : ذکر العلماء فی باب آداب کتابة الحدیث وغیره ، أنه ینبغی عدم الإخلال بالصلاة والسلام بعد اسم النبی - صلوات الله وسلامه علیه وعلی آله - وأمیر المؤمنین - علیه السلام - وفاطمة الزهراء - سلام الله علیها - وسائر الأئمة المعصومین

ص: 165

- علیهم آلاف التحیة والسلام - ، ولیکن ذلک صریحا من غیر الرمز له بأمثال - ص - و - ع - ، ولا یسأم من تکرره ولو فی سطر واحد ، ومن غفل عنه أو تکره حرم حظا عظیما ، بذا قامت سیرة الأقدمین والأواسط من أهل الحدیث والأساطین ، وهذه السیرة جاریة فی اسم الله تعالی أیضا ، فینبغی أنه إذا کتب اسمه سبحانه أتبعه بما هو لائق بشأنه من التعظیم والتمجید ، وهذا مما یساعد علیه العقل وصریح بعض النصوص ، کما لا یخفی ، وکذا ینبغی الترحم والترضی بعد ذکر الصحابة الأخیار والعلماء الأبرار رحمة الله علیهم ورضوانه.

هذا ، وقد ذکروا کراهة الرمز بالصلاة والترضی فی الکتابة کما یفعله غیر أهل الحدیث غالبا ، وهو متعارف فی زماننا عامة ، بل صرح جمع بکراهة الاقتصار علی الصلاة بدون التسلیم ، وتشتد الکراهة فی الصلاة البتراء وتسلیمها ، بأن لا یذکر آل الرسول - صلی الله علیه وعلیهم - کما تعورف عند العامة مع ما عندهم من النصوص الصریحة فی النهی عن ذلک وذمه.

وقد فصلنا الکلام فی تعلیقنا علی المقباس ، باب آداب کتابه الحدیث ، فلاحظ!

العاشرة : إذا کان للحدیث إسنادان أو أکثر تامان أو ناقصان کتبوا عند الانتقال من إسناد إلی إسناد : ح ، ویقال لها «حاء الحیلولة» أو «علامة التحویل» من إسناد إلی آخر ، فیقرأ القارئ حاء تامة لیدل علی التحویل ، قال ابن الصلاح فی المقدمة ص 321 : «ولم یأتنا عن أحد ممن یعتمد بیان لأمرها» ، وکتب جمع من الحفاظ بدلا منها : صح ، ومنع منها آخرون ، لإشعارها بکونها رمزا للتصحیح.

وقیل : الحاء رمز للتحول من إسناد إلی إسناد آخر.

وقیل : لأنها تحول بین الإسنادین فلا تکون من الحدیث فلا یلفظ عندها بشئ.

وقیل : هی رمز لقولنا : الحدیث.

وقیل : إن الحاء رمز عن (صح) ، لئلا یتوهم أن فی متن الحدیث سقط ، ولئلا یرکب الإسناد الثانی علی الإسناد الأول فیجعلهما واحدا.

وجمع من مشایخ محدثینا رضوان الله علیهم کالکلینی والشیخ یکتفون بحرف

ص: 166

العطف ، سواء کان السند الثانی تاما أم ناقصا.

وکثیرا ما نجد فی الفهارس والمعاجم قولهم «بالإسناد الأول» وهذا یفید فائدة حاء الحیلولة.

الحادیة عشره : قد ذکر جمع غفیر أنه قد غلب علی کتاب الأحادیث الاقتصار علی الرمز فی حدثنا وأخبرنا ، وشاع بحیث لا یخفی علی أحد منهم فیکتبون فی حدثنا : ثناء ، أو : نا ، أو : دنا. وفی أخبرنا : أنا ، أو : أنبا ، أو : بنا. وفصلناه فی المعجم.

وأما کتابة (ح) فی حدثنا و (أخ) فی أخبرنا فهو مما أحدثه بعض العجم ، ولیس من اصطلاح أهل الحدیث ، کما صرح به الدربندی فی درایته : 33 - خطی - وغیره.

وهذا واضح لمن تتبع صحاح العامة ومسانیدهم والنسخ القدیمة.

نعم ، ما فعله عامة محدثینا کابن بابویه والشیخ الطوسی - رحمهما الله تعالی - وأمثالهما من ذکر الرجل فقط من غیر «حدثنا» ، ولا «أنبأنا» ولا الرمز له ، فإنما یفعلونه فی الأکثر فی أعالی السند إذا حذفوا أوله للعلم به ، فیکون المعنی عن محمد بن یحیی مثلا :

فیحذفون «عن» أیضا اختصارا ، کما أفاده الشیخ حسین العاملی فی درایة : 199.

الثانیة عشرة : تعارف العلماء أنه إذا کان المستتر فی قال أو یقول عائدا إلی المعصوم علیه السلام فهم یمدون اللام. بل یضاف له رمز التصلیة والتسلیم غالبا.

الثالثة عشرة : یوجد فی بعض الأصول القدیمة فی الإسناد الجامع جماعة معطوف بعضهم علی بعض ، علامة تشبه الضبة بین أسمائهم ولیست ضبة ، وکأنها علامة اتصال ، وهذا متداول فی النسخ الخطیة عند العامة غالبا.

الرابعة عشرة : کما تضبط الحروف المعجمة بالنقط ، کذلک جری النساخ والعلماء الأقدمون من القرن الثالث حتی السادس - کما قیل - علی ضبط المهملات غیر المعجمة علی وضع بعض الإشارات علی الحروف لئلا یقع الالتباس فیها ، وتکون علامات الاهمال دالة علی عدم إعجامها. وقد اختلف فی کیفیة ضبطها علی أقوال ذکرها شیخنا الجد - قدس سره - فی «مقباس الهدایة» وعلقنا علیه بمصادرها کمقدمة

ص: 167

ابن الصلاح : 305 ، وفتح المغیث : 2 / 145 ، وتدریب الراوی : 2 / 68 وغیرها ، ونذکرها مجملا وتفصیلها فی المصنفات المختصة بتاریخ الخط والکتابة.

منها : قلب النقط ، بجعل النقط التی هی فوق المعجمات تحت ما یشاکلها من المهملات فتکون العین هکذا : (ع) أو (ع).

ثم إنهم اختلفوا فی النقط التی تحت حرف السین ، فقیل : کصورة النقط من فوق فتکون هکذا : پس ، وقیل : لا ، بل تعجل من تحت مبسوطة صفا ، هکذا : بین ، وقال فی المقدمة : والتی فوق الشین المعجمة تکون کالأثافی ، والأثافی : مأخوذة من الأحجار الثلاث التی توضع تحت القدر.

ومنها : وضع هلال کقلامة الظفر مضجعة علی قفاها علی المهملات ، هکذا : س.

ومنها : جعل حاء مفردة صغیرة : (ح ح) تحت الحاء المهملة لئلا تقرأ خاء ، أو صاد کی لا تقرأ ضادا ، أو سین علی السین کی لا تقرأ شینا .. وهکذا سائر الحروف المهملة الملتبسة. قیل : وعلیه عمل أهل المشرق والأندلس.

ومنها : ما وجد فی بعض الکتب القدیمة من جعل خط صغیر کفتحة ، هکذا : س ، وقیل : کهمزة ، وفی بعض النسخ تحتها همزة.

ثم إنهم اختلفوا فی الکاف واللام ، فالکاف إذا لم تکتب مبسوطة تکتب فی بطنها کاف صغیرة أو همزة ، هکذا : ک ، ک ک. واللام تکتب فی بطنها لام ، أی هذه الکلمة بحروفها الثلاثة : ل لام

ثم إن الهاء - آخر الکلمة - تکتب علیها هاء مشقوقة هکذا : (الرحمة) حتی تتمیز عن هاء التأنیث التی فی الصفات ونحوها .. وغیر ذلک من مصطلحات الکتابة آنذاک ، مع ما فی غالب العلوم من آداب خاصة بها لکتابتها کالحدیث والرجال ، راجعها فی مظانها.

الخامسة عشرة : إذا کثرت نسخ الکتاب وتشابه بعضها ببعض تشابها کثیرا من جهة الزیادة والنقیصة والهوامش والأخطاء والتصحیف والتحریف وغیر ذلک ، فیحتمل أن تکون هذه النسخ منقولة عن أصل واحد ، عند ذلک تجعل النسخ المتشابهة فئات ویرمز لکل فئة بحرف ، ویتخذ من کل فئة نسخة تمثلها عند اختلاف النسخ ،

ص: 168

ویصطلح علیها ب : فئة.

السادسة عشرة : إستعاض بدل الترقیم وضع أول کلمة من الصفحة الیسری فی الزاویة الیسری من الصفحة الیمنی أو فی أسفل تلک الصفحة للدلالة علی أنها بدایة الصفحة التالیة ، وقد تذکر أول کلمة من الصفحة البعدیة فی ذیل الصفحة الیسری.

السابعة عشرة : تعارف المحققون علی الرمز إلی کل نسخة من النسخ المخطوطة بحرف یؤخذ غالبا من اسم صاحبها أو کاتبها ، أو اسم المکتبة التی وجدت فیها ، أو اسم البلدة التی فیها المکتبة ، أو غیر ذلک ، ویشار إلی ذلک فی أول الکتاب ، وغالبا ما تستقطع الرموز من نفس الأسماء المرموز ، وندر أن تکون غریبة عنها ، ویستعان بهذا عند الاشتباه.

الثامنة عشرة : غالبا ما یکتفی فی بعض أسماء الکتب المرکبة ک «نهایة الأحکام» أو «روض الجنان» بالرمز للکلمة الأولی من الاسم فیقال : «یة» و «ض» مثلا ، وقد یضاف هذا الرمز للکلمة الثانیة فیقال : «یة الأحکام» أو «ض الجنان» ، أو «إیضاح فع» ، إیضاح النافع ، للشیخ إبراهیم القطیفی ، ولم نتعرض لمثل هذه الرموز الترکیبیة لندرتها ووضوحها.

التاسعة عشرة : قد یدخل حرف الجر أو الضمیر أو الألف واللام أو غیرها من الزوائد علی بعض الرموز فیظن أنه رمز جدید ، نظیر «بقه» : بقوله ، «لیظه» : لیظهر ،  «فظه» : فظاهر ، «فی. ل» : فی الحدیث المرسل ، «کقه» : کقوله ، «بمط» : بمطلق  «لمط» : لمطلق ، «لیضه» : لیظهر ، «للمطه» : للمطلوب ، «للظه» : للظاهر ، و «الغن» : للغنیة ، ومعرفة هذا تعتمد علی خبرة القارئ وممارسته ، وقد أشرنا للمهم منها. العشرون : قد اصطلح العلماء والنساخ وجرت عادتهم علی حذف أمور من الکتابة دون القراءة وهی کثیرة مشهورة ولا تخفی ، نذکر منها حذف «قال» بین رجال السند ، ومنها قولهم : «وبالإسناد المذکور» ، أو : «به» ، وذلک عند کتابة الأجزاء المشتملة علی أحادیث بإسناد واحد.

ومنها : حذف ألف الوصل من «بسم الله» فقط.

ص: 169

ومنها : حذف ألف الحارث ومالک وخالد ونحو ذلک.

ومنها : حذف همزة أبی فلان عند النداء ، نحو یا باسعید ، وغیر ذلک.

کما أنه تعارف عندهم إثبات أشیاء فی الکتابة دون القراءة مثل کتابة الواو «عمرو» لیفرق عن عمر ، ومثل کتابة ألف بعد واو الجمع ... وغیر ذلک مما هو مقرر فی فن النسخ والخط.

الحادیة والعشرون : أجمع العلماء علی أنه لا ینبغی لکاتب الحدیث وغیره أن یصطلح مع نفسه کتابة رمز لا یعرفه الناس ، فیوقع غیره فی حیرة فهم مراده ، ومثل له فی المقدمة - ص 305 - بقوله : کفعل من یجمع فی کتابه بین روایات مختلفة ، ویرمز إلی روایة کل راو بحرف واحد من اسمه أو حرفین وما أشبه ذلک ، فإن بین فی أول کتابه أو آخره مراده بتلک العلامات والرموز فلا بأس - ثم قال - : ومع ذلک فالأولی أن یتجنب الرمز ، ویکتب عند کل روایة اسم راویها بکماله مختصرا ، ولا یقتصر علی العلامة ببعض.

أنظر : مقباس الهدایة للمامقانی : 3 / 105 ذیل تنقیح المقال ، وصول الأخیار : 190 ، تدریب الراوی : 2 / 92 وغیرها.

الثانیة والعشرون : نعد الدوالی - أعنی : النقط فی آخر الجمل ، والفواصل فی آخر العبارات ، والخطوط ، والشارحات ، وعلامات التعجب ، والاستفهام ، والأقواس ، والمعقوفات ، والقویسات ، وغیر ذلک - من الرموز التی یوضح بها المعنی.

الثالثة والعشرون : یری متصدو تحقیق التراث الالتزام بقواعد رسم الکتابة المتفق علیها قدیما إلا فی أشیاء درج علیها المعاصرون ، مثل رسم (مئة) و (الحارث) و (إسحاق) ، ونقطتی الیاء المتطرفة للتفریق بینها وبین المقصورة؟ ، والفصل فی الأعداد المرکبة ، مثل : ثلاث مائة ، علی أن یدون المحقق فی المقدمة ما درج علیه کاتب النسخة من رسم الکتابة ، وأن یوضح ذلک بأمثلة فی جمیع ما صنعه (1).

ص: 170


1- (1) أسس تحقیق التراث العربی ومناهجه ، التقریر الخاص : 17

الرابعة والعشرون : الشروح المزجیة مع المتون : ما کان بحروف أکبر یعد من المتن ، وإن کان الغالب فی تلک الشروح وضع خط علی المتن لتمییز عن الشرح ، أو یقوس بقوسین.

للبحث صلة ...

ص: 171

الإجازات عند علماء الإمامیة (1)

إجازتا الشیخ البهائی للتنکابنی

الشیخ محمد السمامی الحائری

الإجازات من الوثائق التاریخیة التی تکشف لنا عن کثیر من الحقائق ، وتبین لنا کثیرا من الغوامض ، وهی وثائق علمیة عظیمة الفائدة فی تراجم العلماء ، وفی طرق التدریس ، وفی الکتب التی سادت فی مدارسنا الإسلامیة.

هذه الإجازات أنواع کثیرة تکفلت بها کتب درایة الحدیث الشریف.

ومنها إجازات مطولة مفصلة هی فی الحقیقة کتب لها قیمتها عند الباحثین ککتاب «لؤلؤة البحرین» وغیره.

ومنها إجازات قصیرة کتبت علی ظهور الکتب ، فیها من خطوط العلماء وأسماء کتب الدرس ، نوادر جمة.

وهی تعیننا علی معرفة شخصیة المجاز العلمیة والاجتماعیة ومکانته فی عصره.

وفیما یلی إجازتان من العلامة الشیخ البهائی قدس سره ، لتلمیذه الشیخ محمد کاظم التنکابنی رحمه الله.

المجیز : الشیخ البهائی ، هو الشیخ بهاء الدین محمد بن الحسین بن عبد الصمد الحارثی العاملی الهمدانی ، من أکبر علماء القرن الحادی عشر وأشهرهم ، ولد سنة 953 ه ببعلبک ، وانتقل به والده إلی إیران فنزل أصفهان ، وولاه الشاه عباس الصفوی رئاسة العلماء ، فأقام مدة ثم سافر إلی مصر وزار المقدس ودمشق وحلب ، وعاد إلی أصفهان.

زار قبر الإمام الرضا علیه السلام عدة مرات.

إجازتا الشخ البهائی للتکابنی الشخ محمد السمامی الحائری

ص: 172

توفی بإصفهان سنة 1031 ه ، وحمل جثمانه إلی طوس ودفن فی حرم الإمام الرضا علیه السلام.

له مؤلفات عدیدة فی فنون شتی ، فی الفقه والأصول والتفسیر والحساب والهیئة وغیر ذلک ، تصل إلی نحو خمسین کتابا ورسالة.

ترجمته فی کثیر من الکتب منها : خلاصة الأثر 3 / 44 ، روضات الجنات 7 / 56 ، آداب اللغة العربیة 3 / 328 ، الذریعة (فی عدة أماکن) ، طبقات أعلام الشیعة (القرن الحادی عشر) وغیر ذلک.

المجاز : هو الفاضل العالم الحکیم المحقق الأصولی الشیخ محمد کاظم بن عبد العلی التنکابنی الملقب بعبد الکاظم).

ولد فی تنکابن ، ودرس فی أصفهان علی کبار العلماء ، واختص بالشیخ البهائی ودرس علیه بعض الکتب (کما سیأتی فی الإجازتین).

له مباحثات علمیة مع السید میر الداماد ، ذکرها بعض المؤلفین.

زار العتبات المقدسة قبل سنة 1008 ه ، ثم سکن مشهد الرضا علیه السلام وتوفی بعد 1033 ه.

له من المؤلفات :

1 - اللوح المحفوظ لأسرار کتاب الله الملفوظ - فی الکلام.

2 - إثنا عشریة - فی معضلات العلوم.

3 - العشرة الکاملة.

4 - قانون الادراک أو برهان الادراک فی شرح تشریح الأفلاک.

5 - الحاشیة علی کتاب المحصول لفخر الدین الرازی.

6 - شرح تذکرة نظام الدین.

7 - شبه الطفرة.

8 - حاشیة علی تفسیر فخر الدین الرازی.

9 - رسالة فی حقائق سورة الفتح.

10 - رسالة فی أصول الدین.

له ترجمة فی : ریاض العلماء 3 / 161 ، أعیان الشیعة 8 / 32 و 9 / 381 ، أعلام

ص: 173

الشیعة (القرن الحادی عشر) ، الذریعة (فی عدة أماکن) ، دانشمندان گیلان ، بزرگان تنکابن.

الإجازتان

کتب له أستاذه العلامة الشیخ البهائی - قدس سره - فی نهایة «رسالة فی أصول الدین» و «رسالة فی حقائق سورة الفتح» إجازتین : الأولی مؤرخة فی سنة 1008 ه ، والثانیة فی 1010 ه ، وحررت الرسالتان فی مشهد الرضا علیه السلام.

والنسخة فی مکتبة آیة الله السید المرعشی العامة فی قم المقدسة ، مذکورة فی فهرسها 11 / 248 ضمن مجموعة برقم 4250.

ص: 174

(1)

بسم الله الرحمن الرحیم

أما بعد الحمد والصلاة ، فقد قرأ علی الأخ الأعز الأفضل الأمجد ، الذکی الزکی الألمعی اللوذعی ، سماء الإفادة والأخوة والدین ، مولانا محمد کاظم ، وفقه الله سبحانه لارتقاء أرفع معارج الکمال ، شرح درایة الحدیث من تألیفات شیخنا الأجل الأکمل ، أفضل المتأخرین وأنموذج المتقدمین ، الجامع فی معارج السعادتین رتبة العلم ودرجة الشهادة ، زین الملة والدین ، أعلی الله تعالی مقامه فی أعلی علیین.

وقد أجزت له - وفقه الله تعالی - أن یرویه عنی ، عن والده وأستاذی ومن إلیه فی النقلیات استنادی قدس الله تربته ورفع فی الخلد رتبته ، عن المؤلف نور الله مرقده.

فلیرو ذلک لمن شاء وأحب سالکا جادة الاحتیاط الذی لا یضل سالکه ولا تظلم مسالکه.

حرره الفقیر إلی الله تعالی محمد المشتهر ببهاء الدین العاملی تجاوز الله عن سیئاته.

وذلک بالمشهد المقدس والمقام الأقدس ، أعنی مشهد سیدی ومولای ، إمام الأبرار ، وثامن الأئمة الأطهار ، علی بن موسی الرضا علیه أفضل الصلوات وأکمل التحیات.

ووقع تحریر هذه الأحرف فی ثالث شهر رجب المرجب سنة ألف وثمان من الهجرة ، والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا.

ص: 175

صورة

ص: 176

صورة

ص: 177

(2)

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الأحد المعین ، والصلاة علی سیدنا محمد وآله أجمعین.

وبعد : فإن الأخ الأجل الأفضل ، واسطة عقد الإخوان العظام ، وصدر جریدة الخلان الکرام ، ذا الذهن الوقاد والطبع النقاد ، والتدقیقات الفائقة والتحقیقات الرائقة ، سماء الإفادة والإفاضة والأخوة والتقوی والدین ، مولانا محمد کاظم الجیلانی التنکابنی ، أدام الله تعالی فضله وکثر فی علماء الزمان مثله ، بعد أن صحبنی برهة مدیدة وسنین عدیدة ، وقرأ علی جملة جمیلة من العلوم العقلیة والنقلیة والفنون الشرعیة والأدبیة ، طلب منی الإجازة کما هو دأب السلف الماضین ودیدن الخلف الصالحین.

فأجزت له أن یروی عنی جمیع ما قرأه وسمعه لدی من الکتب المعتبرة والزبر المبسوطة والمختصرة.

منها جملة وافیة من تفسیر البیضاوی مع تعلیقاتی علیه.

ومنها شرذمة من تفسیری الموسوم بالعروة الوثقی.

ومنها قطعة من تهذیب الحدیث ، وکتاب من لا یحضره الفقیه ، وکتاب الحبل المتین - تألیف الفقیر - ، وجمیع کتاب الأربعین حدیثا - من تألیفاتی أیضا -.

ومنها نبذة کافیة من الفقهیات کبعض القواعد والارشاد وغیرهما.

ومنا جملة وافیة من الأدبیات کالمطول من حاشیة المختصر.

ومنها کتب ورسائل عدیدة من الریاضیات کشرح التذکرة للمحقق النیسابوری ، وجانب من تحریر أقلیدس ، وجمیع خلاصة الحساب - تألیف الفقیر - ، وتمام تشریح الأفلاک مع حواشیه - من تألیفاتی أیضا - ، ورسالة الأسطرلاب کذلک.

ومنها طائفة من الکلام وأصول الفقه کجواهر الشرح الجدید للتجرید مع ما یتعلق بها من الحواشی الجلالیة ، وبعض من شرح مختصر الأصول مع ما یرتبط به من شرح الشرح.

ص: 178

ومنها جمل من علم الدرایة والرجال ، کشرح درایة الحدیث لشیخنا الأعظم زین الملة والدین - قدس الله روحه - ، وخلاصة الأقوال وغیرهما.

وقد قرأ علی وسمع لدی سوی هذه المذکورات مما لا یحضرنی الآن تفصیله.

وقد أجزت له ، وفقه لله تعالی لارتقاء أرفع معارج الکمال فی العلوم والأعمال أن یروی عنی جمیع ما تضمنته الإجازة الطویلة (1)التی أجازها شیخنا الأعظم المشار إلیه لوالدی وأستاذی ومن إلیه فی أکثر العلوم استنادی ، الحسین بن عبد الصمد قدس الله تربته ورفع فی الخلد رتبته.

فلیرو جمیع ذلک لمن شاء وأحب ممن له أهلیة الانخراط فی سلک الرواة ، مراعیا شرائط الروایة المقررة عند أهل الدرایة.

والملتمس منه إجرائی علی خاطره الشریف فی مظان الإجابة ومحال الإنابة ، بصوالح سوانح الدعوات سیما فی أدبار الصلوات.

والله سبحانه یوفقه وإیانا لصرف ما بقی من العمر فی الطاعات وتدارک ما سلف وفات.

ونسأله تعالی أن یجمع بیننا فی دار المقامة ، وأن یلبسنا حلل الکرامة یوم القیامة ، إنه القادر علی ما یشاء وبیده أزمة الأشیاء.

وکتب هذه الأحرف بیده الفانیة الجانیة أحوج العباد إلی رحمة الله الغنی محمد المشتهر ببهاء الدین العاملی وفقه الله للعمل فی یومه لغده قبل أن یخرج الأمر من یده. وذلک فی المشهد الأقدس الأطهر الأشرف الرضوی ، علی من شرفه أفضل التحیة والسلام.

فی أوائل شهر شوال ختم بالخیر والاقبال ، سنة ألف وعشر من هجرة سید المرسلین صلی الله علیه وآله الطاهرین.

ص: 179


1- و... تلک الإجازة الطویلة ... بعد درایة الحدیث ، ولقد فصل المجیز قدس سره العزیز جمیع الفنون وأوصل کل فن إلی صاحبه. کاظم [المجاز رحمه الله]

والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا.

الختم المبارک

(الخادم محمد بهاء الدین)

ص: 180

صورة

ص: 181

صورة

ص: 182

ما ینبغی نشره من التراث

(3)

(13)

نهج البیان عن کشف معانی القرآن

تفسیر أدبی حدیثی موجز قیم ، لأحد أعلام الإمامیة فی القرن السابع.

1 - نسخة تاریخ کتابتها سنة 953 ه ، فی مکتبة کلیة الحقوق ، فی طهران ، رقم 218 ج ، مذکورة فی فهرسها ص 497.

2 - نسخة تاریخ کتابتها سنة 1102 ه ، فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم 57 ، مذکورة فی فهرسها 1 : 237 ،.

3 - نسخة تاریخ کتابتها سنة 1108 ه ، فی مکتبة کلیة الآداب ، فی جامعة أصفهان ، مذکورة فی نشرة الجامعة 5 : 307.

ولخصه بعضهم ، وتوجد نسخة المختصر فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم 7116 ، مذکورة فی فهرسها 16 : 458.

ونسخة أخری ، کتبت سنة 994 ه ، فی مکتبة کلیة الإلهیات ، فی طهران ، رقم 189 ، مذکورة فی فهرسها 1 : 726.

ونسخة ثالثة ، من مخطوطات القرن الحادی عشر الهجری ، فی مکتبة مدرسة سپهسالار ، رقم 5232 ، مذکورة فی فهرسها 5 : 531.

مانبغی نشره من التراث

ص: 183

(14)

نهایة المرام فی علم الکلام

للعلامة الحلی ، جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر الحلی ، المتوفی سنة 726 ه.

کتاب واسع کبیر یقع فی عدة مجلدات ، تناول فیه کل المباحث الکلامیة بدقة وشمول ، فرغ المؤلف رحمه الله - منه فی یوم 14 ربیع الأول سنة 712 ه.

1 - نسخة کاملة کتبها محمد باقر الهزار جریبی ، وفرغ منها فی 7 محرم 1114 ه ، عن نسخة قابلها وصححها تاج الدین بن محمد حسن الاصفهانی - المشتهر بالفاضل الهندی ، مؤلف «کشف اللثام» - علی مخطوطة بخط الشیخ ناصر بن إبراهیم البویهی ، المتوفی سنة 853 ه ، فی مکتبة الإمام الرضا علیه السلام ، فی مشهد ، رقم 11606 ، مذکورة فی فهرسها 11 : 419.

2 - نسخة قدیمة لعلها من مخطوطات القرن الثامن الهجری ، فی مکتبة آیة الله المرعشی العامة ، فی قم ، 254 ، مذکورة فی فهرسها 1 : 280.

3 - نسخة فی مکتبة مجلس الشوری الاسلامی (البرلمان الإیرانی السابق) ، فی طهران ، رقم 10192.

(15)

جامع الخلاف والوفاق

بین الإمامیة وبین أئمة الحجاز والعراق

فقه مقارن بین آراء الإمامیة وبین آراء الحنفیة والمالکیة ، وهو کشرح وتذییل علی کتاب «غنیة النزوع إلی علمی الأصول والفروع» للفقیه أبی المکارم ابن زهرة الحلبی ، المتوفی سنة 580 ه.

وقد فرغ منه مؤلفه فی مشهد الإمام علیه السلام فی النصف من رجب سنة 698 ه.

نسخة فریدة منه ، کتبها حسن بن محمد بن عبد العزیز ، وفرغ منها یوم الثانی

ص: 184

من جمادی الأولی سنة 700 ه ، وکان قد کتبها لنجم الدین علی بن محمد بن محمد القمی السبزواری ، وتقع فی 154 ورقة ، موجودة فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، مذکورة فی فهرسها 16 : 336 ، وذکرت أیضا فی نشرة المکتبة المرکزیة 4 : 438.

وعنها مصورة فی المکتبة المرکزیة أیضا ، رقم الفلم 2832 و 2914 ، مذکورة فی فهرس مصوراتها 1 : 312.

(16)

المغنی فی علمی النحو والتصریف

لابن الفلاح ، تقی الدین أبی الخیر منصور بن فلاح بن محمد بن سلیمان الیمنی ، المتوفی سنة 680 ه.

فرغ منه فی شهر محرم الحرام سنة 672 ه.

1 - نسخة منه فی مکتبة فیض الله ، فی إسلامبول ، رقم 2021.

2 - نسخة کتبت فی القرن التاسع ، فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم 6654 ، فی 246 ورقة.

3 - نسخة کتبت سنة 1285 ه ، فی مکتبة آیة الله المرعشی العامة - قم ، رقم 1352 ، المذکورة فی فهرسها 4 : 129.

ص: 185

من ذخائر التراث (9)

رسالة فی جواز العدول عن العمرة

إلی الإفراد عند ضیق الوقت

السید محمد علی الطباطبائی المراغی

المؤلف

السید محمد جواد بن محمد الملقب بالطاهر بن حیدر بن إبراهیم بن أحمد بن قاسم الحسینی العاملی.

یتصل نسبه الشریف بالحسین ذی الدمعة بن زید الشهید بن علی بن الحسین ابن علی بن أبی طالب علیهم السلام.

ولد فی قریة شقراء - من قری جبل عامل - حدود سنة 1164 ه ، وتوفی فی النجف الأشرف سنة 1226 ه : ودفن فی الحجرة الثالثة من حجر الصحن الشریف ، فی الصف القبلی المقابل لوجه أمیر المؤمنین علیه السلام ، بین بابی الفرج والقبلة.

کان عالما فقیها ، أصولیا محققا ، ماهرا فی الفقه والرجال وغیرهما ، نشأ فی قریة شقراء وقرأ بعض مقدمات العلوم هناک ، ثم هاجر إلی العراق وورد کربلاء وحضر علی السید علی الطباطبائی - صاحب «ریاض المسائل» - ثم حضر علی المولی محمد باقر بن محمد أکمل - الوحید البهبهانی - ولازم بحثهما مدة حتی أجیز من قبل الوحید البهبهانی.

ثم خرج إلی النجف الأشرف وحضر علی السید محمد مهدی بحر العلوم والشیخ الأکبر جعفر کاشف الغطاء والشیخ حسین نجف ملازما أبحاثهم زمنا طویلا.

کتب له المحقق المیرزا أبو القاسم القمی - صاحب «القوانین المحکمة فی الأصول» - إجازة من قم بتاریخ جمادی الأولی سنة 1206 ه.

رسالة جواز العدول عن العمرة إل الإفراد السد محمد علی الطباطبائی المراغی

ص: 186

واستقل بالتدریس بعد سفر الشیخ جعفر کاشف الغطاء إلی إیران ، وتخرج علیه جماعة من الأعلام الأجلاء والفقهاء الکبار ، منهم : الشیخ محمد حسن - صاحب «جواهر الکلام» - ، والشیخ محسن الأعسم ... وغیرهما.

له مؤلفات کثیرة فی الفقه والأصول تجاوزت العشرین کتابا ورسالة وحاشیة أشهرها «مفتاح الکرمة فی شرح قواعد العلامة» وهو من خیرة أسفار المتأخرین ، جمع فیه أکثر أبواب الفقه بأسلوب جید فی عشرة مجلدات من القطع الکبیر (1).

النسخة

وقد اعتمدنا فی تحقیق هذه الرسالة علی مخطوطة کتاب «مفتاح الکرامة» وهی من مخطوطات مکتبة السید علی أصغر فحول القزوینی (2) ، فی قزوین ، والرسالة هذه ملحقة فی آخر الجزء الثانی من الکتاب المتضمن أحکام الشرکة وحتی أحکام الوصیة دون أحکام الحج ، إذ أن المؤلف قدس سره کان قد أسقط - فیما أسقط - کتاب الحج من شرحه لکتاب القواعد ، فظفر ناسخ الکتاب - الشیخ محمد هاشم بن محمد قاسم الأفشاری - بهذه الرسالة المتعلقة ببعض أحکام الحج فألحقها بآخر ما نسخه من الکتاب - مفتاح الکرامة - تتمیما للفائدة ، وقد وقع الفراغ من نسخها یوم الخمیس 2 ذی الحجة الحرام سنة 1271 ه.

والحمد لله الذی بنعمه تتم الصالحات.

ص: 187


1- 1. أنظر فی ترجمته : أعیان الشیعة 4 : 288 الطبعة الحدیثة 1403 ه ، روضات الجنات 2 : 216 / 179 ، الکرام البررة 1 : 286 / 569 ، الذریعة 21 : 341 / 5381 ، مصفی المقال : 116 ، معجم المؤلفین 9 : 165 ، الأعلام 2 : 143.
2- 2. أنظر : دلیل المخطوطات / مخطوطات مکتبة فحول القزوینی ، ص 92 من العدد الثانی من نشرة «تراثنا».

[رسالة فی جواز العدول عن العمرة إلی الإفراد عند ضیق الوقت]

بسم الله الرحمن الرحیم

وصلی الله علی محمد وآله الطاهرین.

قد طفحت عبارات الأصحاب - رحمهم الله تعالی - من المقنعة وإلی الریاض (1) بأنه یجوز للمتمتع مع ضیق الوقت عن إتمام العمرة العدول إلی الإفراد.

وقد اختلفت عباراتهم فی التعبیر عن هذا الحکم.

فبعضهم قد أتی بلفظ عام عموما لغویا بحیث یشمل النائب ، والناذر والقاضی ما أفسد (2).

ص: 188


1- (1) وهم علی ما تعرض لهم المؤلف - طاب ثراه - ضمن الرسالة هذه :
2- (2) کالشیخ فی «النهایة» ص 206 حیث قال : «من وجب علیه التمتع» فکلمة «من» الموصولة تشمل النائب والناذر وغیرهما

وبعضهم أتی بإطلاق یتناول النائب (1).

وبعضهم صرح بذلک (2).

وقد عقد فی «الوافی» لذلک بابین ، سرد فی أحدهما أخبارا ، هذه متون بعضها : «المتمتع إذا قدم یوم عرفة ، لیس له متعة ، یجعلها مفردة» (3).

وسرد فی الآخر أخبار المرأة المتمتعة إذا حاضت قبل طواف العمرة (4).

وأخبار البابین تتناول النائب.

والمستفاد من أخبار باب النائب (5) ، وفتاوی الأصحاب (6) فی ذلک ، أنه : متی جازت النیابة ، وتوفرت شروط النائب ، جاءت أحکام الأصیل.

فلما وصل ذلک إلی سیدنا وأستاذا ، صاحب الریاض - أیده الله تعالی عزوجل فیما کتب - قال :

إنه سئل عن هذه المسألة ، فأمسک عن جواب السائل ، لأن هذه الإطلاقات ، والعمومات - نصا وفتوی - مختصة بالجواز الذی [هو] (7) حکم تکلیفی ، دون الإجزاء ، الذی سئل عنه ، إذ هو حکم وضعی ، ولا تلازم بینهما ، ولا تنافر کلیا ، وإنما بینهما تباین جزئی ، وأحد المتباینین جزئیا لا یستلزم الآخر ، وحیث وقع [فهو] (8) لدلیل معد خارجی ، من إجماع أو غیره ، وهما علی تقدیر تسلیمها - کما هو الظاهر - فإنما بالنسبة إلی الأصیل ، إنتهی (9).

وقد نظرت الأخبار ، وکلمات الأصحاب ، من جهة الإجزاء ، فرأیت بعض

ص: 189


1- 1. مثل عبارة الانتصار والغنیة والمراسم ، راجع الهوامش 29 و 30 و 31.
2- 2. منهم المحقق الثانی فی «جامع المقاصد» ، راجع الهامش 52.
3- 3. الوافی ، المجلد 2 ج 8 ص 145 باب 122 من کتاب الحج.
4- 4. المصدر السابق ص 147 باب 123 من کتاب الحج.
5- 5. عقد لها الحر العاملی - قدس سره - فصلا کاملا فی ج 8 : 115 من موسوعته الحدیثیة «وسائل الشیعة».
6- 6. علی سبیل المثال راجع المبسوط 1 : 322 - 326 ، النهایة : 277 - 280 ، قواعد الأحکام 1 : 77 ، إیضاح الفوائد 1 : 277 - 282 ، الشرائع 1 : 231 - 235 ، وغیرها.
7- 7. یقتضیها السیاق.
8- 8. یقتضیها السیاق.
9- (11) الظاهر أن جمیع ما أورده هنا عن أستاذه السید صاحب الریاض سمعه مشافهة لعدم عثورنا علی مفاده فی الریاض

الأخبار ، وقد وردت فی مسألتنا هذه بالإجزاء (1).

وکلمات جمیع القدماء ، إلی المنتهی والتحریر - إلا ما قل - قد صرحت أیضا بالإجزاء - کما ستسمع ذلک کله منقولا برمته - ، فیکون ذلک فی الأخبار قرینة علی إرادة الإجزاء من الجواز ، جزءا من تلک العمومات والاطلاقات ، بل نحن مع الظفر بهذه فی غنیة عن تلک.

وقد تجوز الأستاذ فی قوله إن بینهما تباینا جزئیا ، لأن بینهما عموما وخصوصا مطلقا ، إذ کل مجز فی العبادات جائز ، لأنه یکون مأمورا به ، والتباین الجزئی لا یکون إلا فی موضعین ، فی ضمن التباین الکلی ، وفی ضمن العموم والخصوص من وجه.

نعم ، لو کان قطع المقدمة علی وجه محرم - لو کان عبادة - کان بینهما عموم من وجه ، والأمر فی ذلک سهل.

قال الأستاذ : مفاد العمومات - نصا وفتوی - هو جواز العدول. وهو مما لا شبهة فیه ، ولا ریب یعتریه ، فی الأصیل وفرعه وغیرهما ، لتأیدها - زیادة علی الإجماع ، فتوی وروایة - بالاعتبار ، إذ لولا الرخصة بذلک ، لکان اللازم علی المضطر الصبر إلی العام المقبل ، حتی یتم ما هو فرضه لعدم وقوعه إلا فی أشهره ، والفرض فوتها ، والأمر بذلک فیه عسر ومشقة ، قلما یتحمله أحد ، والاحلال (2) بعمرة موقوف علی ورود الرخصة ، ولم یزد بلا شبهة.

فإذا لا إشکال لنا ولا لأحد فی جواز العدول ، دفعا للعسر والحرج اللازمین علی تقدیر عدمه ، لکل حاج متمتع ، أصیلا کان أو نائبا أو غیرهما.

إنما الإشکال فی إجزائه عن ذمة المیت ، عن حج التمتع ، وإجزائه عن النائب ، فی العمل المستأجر علیه ، إذ هو التمتع ، والإفراد غیره.

قلت : قد أخذ الأستاذ - أولا - العسر والمشقة ، مؤیدین للاجماع والأخبار ، فکان اللازم علیه أن یقول هنا : فإذا لا إشکال لنا ، ولا لأحد فی جواز العدول ، للاجماع والأخبار - المؤیدین بالعسر والحرج - وقد أخذهما هنا دلیلا مستقلا.

ص: 190


1- 1. تأتی الإشارة إلیها فی الهوامش 41 و 42 و 43.
2- (13) کانت العبارة فی الأصل : «قبل ما یتحمله أحدها ، والخلال»

ثم إنه لا ینبغی للأستاذ أخذهما - أی العسر والحرج - دلیلا ولا مؤیدا ، لأن هذا الرجل إن کان قد فاته الحج - کما نبه علیه فی أثناء کلامه - فقد شرع الله تعالی عزوجل مخلصا شارعا عن ذلک بالعمرة المفردة ، فإنها شرعت لکل من فاته الحج إجماعا مستفیضا ، حتی حکاه فی المدارک (1) ، فیتحلل بها ، ویمضی إلی بلده ، ولا عسر ولا حرج.

وإن کان لم یفته الحج فقد فرض الله تعالی سبحانه له العدول ، والإجزاء علی المختار.

نعم تجئ المشقة والتکلیف علی ما یحتمله الأستاذ ، حیث أنه یجب أن یعدل ، ویأتی بتمام أفعال الحج ، ثم یأتی بعمرة مفردة ، من دون استحقاق أجرة ، ومن دون إجزاء عن المیت.

وإشکال الأستاذ سیدفع بأربعة أمور ، کل واحد منها کاف فی دفعه ، کما سنرقیه إلی نظره العالی الشریف ، إن شاء الله تعالی.

قال الأستاذ : فأرجو أن یکون الحکم - أی الإجزاء - کذلک - أی کالحکم فیمن مات محرما ، بعد دخول الحرم - لظهور الإجزاء هنا نصا وفتوی ، مع التصریح بلفظ الإجزاء فی بعض الفتاوی ، لکن لا محیص فی الفتوی بمجرد ذلک ، لتوقف الظهور المزبور علی الدلیل ، ولم نجد سوی الإجماع ، وهو إن تم فإنما فی الحکم ، لا دلالة اللفظ.

قول الأستاذ : لظهور الإجزاء هنا - من لفظ الجواز - نصا وفتوی.

إن کان مراده به أنه ظهر له الإجزاء من لفظ الجواز من نص ، کان حجة مستقلة ، إذ ما بعد الظهور - من النص والظن بذلک - من حاجة إلی شئ آخر ، وإن کان الظهور من النص من قرائن أخر.

وکذلک إذا کان المراد أنه ظهر له ذلک من لفظ الجواز الوارد فی النص.

نعم ، إن کان المراد أنه ظهر له ذلک فی النص لا منه ، توقفت حجیة هذا الظهور - الذی هو بمعنی الظن - إلی دلیل ، عند من لا یذهب إلی [أن] (2) کل ظن للمجتهد حجة ، وأما عنده - أیده الله تعالی - فلا.

ص: 191


1- 1. المدارک : 425 و 428.
2- (15) یقتضیها السیاق

وکیف کان فالإشکال یندفع بأمور :

الأول : أنه قد ورد لفظ الإجزاء فی الأخبار ، وکلام الأصحاب ، بلفظ عام ، أو مطلق ، یتناول غیر الناذر.

أما الأخبار ، فقد أرسل فی التهذیب إرسالا أقوی فی نظرة الفقیه من المسانید الصحاح ، حیث نسبه إلی الأصحاب وغیرهم ، قال : روی أصحابنا وغیرهم أن المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة اعتمر بعد الحج ، وهو الذی أمر به رسول الله صلی الله علیه وآله عائشة (1) [وقال أبو عبد الله علیه السلام :] (2) «قد جعل الله فی ذلک فرجا للناس». (قالوا : وقال) (3) أبو عبد الله علیه السلام : «المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة أقام إلی هلال المحرم واعتمر وأجزأت عنه» (4).

فقد ورد الإجزاء للمتمتع ، الشامل للنائب ، وفی غیره فی أحسن أحوال المفرد ، وهو ما إذا أخر العمرة إلی استقبال المحرم مع اشتماله علی العلة وبیان الحکمة ، ولا یرد علی (5) هذا ما أوردناه علیه أیده الله تعالی عزوجل ففی (6) الصحیح : «عن الرجل یکون فی [یوم] (7) عرفة بینه وبین مکة ثلاثة أمیال وهو متمتع بالعمرة إلی الحج ، قال : یقطع التلبیة (8) إذا صلی الفجر ، ویمضی إلی عرفات فیقف مع الناس ، ویقضی جمیع المناسک ویقیم بمکة حتی یعتمر [عمرة المحرم] (9) ولا شئ علیه» (10) وهو یفید العموم فی جمیع ما یتعلق به.

وأما الفتاوی ، ففی النهایة (11) والمبسوط (12) : من وجب علیه التمتع لا یجزیه

ص: 192


1- 1. صحیح البخاری 3 : 4 ، سنن أبی داود 2 : 152 حدیث 1778 ، سبل السلام 2 : 757.
2- 2. لاقتضاء السیاق أثبتناها من المصدر.
3- 3. فی المصدر : وقال ، قال.
4- 4. التهذیب 5 : 438 / 1522.
5- 5. فی الأصل «ما» وهو غیر مستقیم.
6- 6. فی الأصل «فی» والظاهر صحة المثبت.
7- 7. زیادة من المصدر.
8- 8. لفظ العبارة فی المصدر هکذا : «فقال : یقطع التلبیة ، تلبیة المتعة ، یهل بالحج بالتلبیة».
9- 9. زیادة من المصدر.
10- 10. التهذیب 5 : 174 / 585 ، الاستبصار 2 : 250 / 880.
11- 11. النهایة : 206.
12- (27) المبسوط 1 : 306 ، واللفظ للنهایة

قران ، ولا إفراد ، إلا عند الضرورة وفقد التمکن من التمتع.

ونحوه عبارة الوسیلة (1).

وفی الانتصار : مما انفردت به الإمامیة القول بأن التمتع بالعمرة إلی الحج [هو فرض الله تعالی علی کل من نأی عن المسجد الحرام] لا یجزئه مع التمکن سواه (2).

ومثلها عبارة المراسم ، من دون إجماع (3).

وفی الغنیة : الإجماع علی أنه لا یجزئ المتمتع من التمکن سواه (4).

وفی جامع الشرائع لابن سعید : لا یجزئه قران ولا إفراد ، إلا مع الضرورة أو التقیة (5).

وفی السرائر : [فإذا لم یمکنهم] التمتع أجزأتهم الحجة المفردة مع الضرورة ، وعدم الاختیار (6).

وفی موضع من المنتهی (7) والتحریر (8) : لا یجزئ غیره (9) مع الاختیار.

فهذه الکتب العشرة تعطی بمفهومها الذی [هو] حجة الإجزاء مع الاضطرار ، وعدم التمکن.

وفی الشرائع (10) والتحریر (11) - فی موضع آخر منه - : لا یجزئ غیره ، ویجوز مع الاضطرار. وبقیة العبارات : لا یجوز إلا مع الاضطرار.

ص: 193


1- 1. الوسیلة : 171 ، طبع النجف الأشرف سنة 1399 ه - 1979 م.
2- 2. الانتصار : 93 وما بین المعقوفین من المصدر.
3- 3. المراسم فی فقه الإمامیة : 103.
4- 4. غنیة النزوع إلی علمی الأصول والفروع : 573 (ضمن الجوامع الفقهیة).
5- 5. الجامع للشرائع : 177.
6- 6. السرائر : 121 ، وما بین المعقوفین زیادة من المصدر.
7- 7. منتهی المطلب 2 : 659.
8- 8. تحریر الأحکام : 93.
9- 9. هذا هو الصحیح ، وما ورد فی المخطوطة من زیادة کلمه «إلا» بعد «غیره» خطأ واضح ، وزیادة من الناسخ.
10- 10. شرائع الإسلام 1 : 237.
11- 11. العبارة للشرائع : وأما عبارة «تحریر الأحکام» - ص 93 س 32 - ففیه : «وکذا یجوز - لمن أحرم بعمرة التمتع مع الضرورة المانعة عن إتمامها - العدول إلی الإفراد ...»

وقد فهم منها جماعة ، منهم : الشهید الثانی (1) رحمه الله تعالی والمقدس الأردبیلی (2) رحمه الله تعالی ، الإجزاء.

الأمر الثانی : من الأمور التی تدل علی أن المراد بالجواز الإجزاء ، أنه قد أتی  - فی أخبار الباب (3) - بالجملة الخبریة ، التی تفید الأمر.

ففی الخبر : یجعلها حجة مفردة (4).

وفی الآخر : یجعلانها حجة مفردة (5).

والأمر یقتضی الإجزاء ، بل یحتاج هنا إلی الأمر ، لأنه إذا جاز العدول هنا وجب. وإذا وجب کان مأمورا به.

ومن المعلوم أن معنی اقتضاء الأمر الإجزاء سقوط ما وجب علیه واستقر فی ذمته ، وعدم مشروعیة قضائه وإعادته.

وما عساه یقال - إنما یسقط بالأمر وجوب قضاء هذا الحج ، لا حج التمتع المستأجر - ففیه :

أولا : أنه خلاف ظواهر الأخبار الصریحة ، والظاهرة.

وثانیا : أنه یرد مثله فی الأصیل (6).

والجواب - بأن دلیله الإجماع - فیه : أن معقد إجماعی الانتصار والغنیة ، یتناولان بإطلاقهما النائب ، إذ لیس من الناذر.

وثالثا : أنه خلاف ما فهمه جماعة فی الباب وغیره.

ورابعا : أنه یلزم أن یکون هناک أمران ، لا أمر واحد ، وهو خارج عما نحن

ص: 194


1- 1. مسالک الأفهام فی شرح شرائع الإسلام 1 : 100.
2- 2. مجمع الفائدة والبرهان فی شرح الارشاد ، الطبعة الحجریة. ولعدم ترقیم النسخة إلیک نص عبارته عند قول : «ولو عدل کل منهم» ،
3- 3. راجع : وسائل الشیعة 8 : 214 باب 21 من أبواب أقسام الحج من کتاب الحج.
4- 4. التهذیب 5 : 173 / 580 و 581 ، الاستبصار 2 : 249 / 876 و 877 ، الوافی مجلد 2 ج 8 ص 246.
5- 5. التهذیب 5 : 173 / 582 ، الاستبصار 2 : 249 / 877 ، الوافی مجلد 2 ج 8 ص 246.
6- (44) هذا هو الصحیح ، وما ورد فی المخطوطة «الأصل» غیر مستقیم

فیه ، لأن المفروض وجود أمر واحد ، ولا یکون لقولهم : «الأمر یقتضی الإجزاء» معنی ، کما حرر فی محله.

وخامسا : أن الشارع أمره بإتمام حج التمتع ، الواجب فی ذمته ، فی الاستئجار علی هذا الوجه ، وهو نقله إلی الإفراد ، فلو لم یجزئه عما فی ذمته لم یکن ما أتی به تمام المراد منه ، المأمور به ، هذا خلف (1).

بل نقول : إنه لا یصح من الحکیم الأمر به ، بل کان الواجب أن یشرع له التحلل بعمرة مفردة ، ویکون کمن فاته الحج ، لأنه شرعت لکل من فاته الحج ، أو یکون حاله حال المصدود أو المحصور ، فتکلیفه بهذه المشاق الکثیرة ، التی لا یستحق علیها أجرة ، ولا یجزئ عن المیت مع نیة أنها عنه ، مخالف لمحاسن الشریعة وقواعدها ، والمفروض أنه غیر مقصر حتی یکون کمن أفسد حجه.

وبتقریر آخر أنه : إذا جاز العدول ، وأنه مأمور به ، کان حجه صحیحا ، والصحیح - عند الفقهاء - ما أسقط القضاء والإعادة ، ولم تشتغل ذمة النائب إلا بالأداء عن المیت ، فإذا صح حجه ، سقط قضاؤه عن ذمة المیت ، إذ المفروض أنه لا تقصیر له حتی تشتغل ذمته بعقوبة.

وما یقال إنه مسقط (2) للقضاء - بالنسبة إلی هذا الأمر - ففیه : أن المراد إسقاط القضاء بالنسبة إلی کلی التکلیف ، مضافا إلی ما مر لأن الصحة والإجزاء فی العبادة بمعنی.

ونعم ما قال المحقق الثانی رحمه الله تعالی (3) : إن عقد الإجارة وإن اقتضی الإثبات بما شرط علیه ، إلا أنه إذا أتی بالحج بحیث یکون صحیحا شرعیا ، لا یقدح فیه الاخلال ببعض الأمور المشترطة علیه لعذر کما لو لم یدرک من وقوف عرفة إلا اضطراریه ، مع اختیاری الآخر (4) مثلا ، فإن ذلک لا یقدح فی وقوع الحج المستأجر علیه ، وأن عقد الإجارة علی الاختیاری.

ص: 195


1- 1. مصطلح منطقی یعنی أن هذا خلاف الفرض فی المسألة.
2- 2. کان فی الأصل : «سقط».
3- 3. جامع المقاصد 1 : 162.
4- (48) یعنی موقف مزدلفة

وکذا القول فی باقی الأفعال حتی لو فعل محرما ، إنتهی.

بل قالوا : لو استؤجر لحج الإفراد ، فاعتمر عن نفسه ، فلما تمت عمرته تعذر علیه العود إلی المیقات لیأتی به - بما استؤجر علیه من حج الإفراد - أنه یحرم من مکة ، ویجزئه ، ولا یرد التفاوت.

وفی الخلاف (1) : لا خلاف فی إجزائه.

بل قال العلامة (2) رحمه الله تعالی : إنه یجزئه وإن أمکنه العود إلی المیقات ، لکنه حینئذ یرد التفاوت.

وقال فی الدروس (3) : لعلهم یفرقون - فی ترک الإحرام من المیقات - بین المتعمد عن نفسه فیبطل ، وغیره فیصح ، وقد جعلوا النائب أحسن حالا من الأصیل.

وقال المحقق الثانی نور الله تعالی مرقده (4) : یمکن أن یفرق بین من تجاوز بغیر إحرام فیبطل ، وبین من أحرم بنسک آخر فیصح ، وتصح الإجارة وإن أخل بالاحرام ، لأن الحج صحیح.

الثالث : أنا تتبعنا جملة من أحکام النائب ، فی الصلاة ، والصیام ، وباقی أحکام الحج ، فرأینا کل ما ثبت للأصیل ثبت للنائب ، فلتلحظ باقی أحکام الحج وأحکام الشکیات والسهویات والنسیان وغیر ذلک.

الرابع : أنا رأینا أن کل ما جاز فی العبادات أجزأ.

هذا المسافر إذا علم أنه یقدم قبل الزوال ، یجوز له الفطر والصیام ، وإذا صام أجزأه ، أصیلا - کان - أو نائبا.

وهذه الحائض یجوز لها أن تستظهر بفعل الصلاة ، فإذا تجاوز بها العشرة أجزأتها

ص: 196


1- 1. الخلاف 1 : 430 ذیل المسألة 246 من کتاب الحج.
2- 2. قواعد الأحکام 1 : 78 / المسألة العاشرة ، علما أن الموجود فیه خلاف ما نقل عنه ، وإلیک لفظه : «ولو لم یعد إلی المیقات لم یجزئ مع المکنة» وهکذا فی إیضاح الفوائد 1 : 280.
3- 3. الدروس : 89 ، وفیه : «أو یفرق بین المعتمد عن نفسه وغیره».
4- (52) جامع المقاصد 1 : 162 فی المطلب السادس فی شرائط النیابة

صلاتها ، إلی غیر ذلک.

فما ظنک بالجواز الذی هو بمعنی الوجوب؟!

وإن أعرض الأستاذ عن ذلک ، ففی الأخبار (1) وفتاوی القدماء (2) وإجماعاتهم علی الإجزاء - المتناولة للنائب - وصریح جماعة من المتأخرین (3) وکثرة النظائر والأمثال له فی الحج وغیره ، أکمل بلاغ.

وهل یجوز لمن فرضه التمتع - إذا علم عند المیقات بضیق الوقت عن إتمام أفعال العمرة - أن ینوی الإفراد ، أو القران ، أصیلا کان أو نائبا؟ ویجزئه ذلک أم لا؟ کما وقع فی الحجاج فی هذا المقام؟

الظاهر الجواز ، والإجزاء ، کما هو ظاهر إطلاق المقنعة (4) ، والانتصار (5). والمراسم (6) ، والنهایة (7) ، والمبسوط (8) ، والتهذیب (9) ، والوسیلة (10) ، والغنیة (11) ، والسرائر (12) ، وجامع الشرائع (13) ، والمنتهی (14) ، والتذکرة (15) ، والتحریر (16) ، وشرح الارشاد للفخر (17) ، الإجماع علی ذلک.

ص: 197


1- 1. أنظر : وسائل الشیعة 8 : 214 باب 21 من أبواب أقسام الحج.
2- 2. منهم الشیخ المفید فی المقنعة : 61 و 67 ، السید المرتضی فی الانتصار : 93 ، السرائر : 121 وغیرها.
3- 3. منهم المحقق الثانی فی «جامع المقاصد» ، راجع الهامشین 47 و 52.
4- 4. المقنعة : 61 و 67.
5- 5. الانتصار : 93.
6- 6. المراسم فی فقه الإمامیة : 103.
7- 7. النهایة فی مجرد الفقه والفتاوی : 206.
8- 8. المبسوط 1 : 306.
9- 9. التهذیب 5 : 170 ذیل الحدیث 564.
10- 10. الوسیلة : 171 ، طبع النجف الأشرف سنة 1399 ه - 1979 م.
11- 11. الغنیة : 573 (ضمن الجوامع الفقهیة).
12- 12. السرائر : 121.
13- 13. جامع الشرائع : 177.
14- 14. منتهی المطلب 2 : 659 ، السطر الأخیر.
15- 15. تذکرة الفقهاء 1 : 317.
16- 16. تحریر الأحکام : 93.
17- (69) شرح الارشاد : مخطوط

فمعقد الإجماع فی الإنتصار ، والغنیة (1) ما نصه :

التمتع بالعمرة إلی الحج ، هو فرض الله - تعالی عزوجل - علی کل من نأی عن المسجد الحرام ، لا یجزئه مع التمکن سواه.

ومعقد إجماع فخر الإسلام : فرض من نأی عن مکة - بما قرره الشارع - التمتع فرض عین لا یجزئ غیره من أنواع الحج إلا لضرورة ، وهذه المسألة إجماعیة عندنا ، إنتهی.

وفی مجمع [الفائدة و] البرهان (2) : ینبغی عدم الخلاف فی جواز الابتداء بکل واحد ، مع العجز عن الآخر ، ویدل علی ذلک فی الجملة الضرورة مع کون کل واحد منها حجا مع قلة التفاوت ، إنتهی.

وکلام المحقق فی الشرائع ، والنافع (3) : محتمل لإرادة جواز العدول ابتداء ، وبعد الشروع فی إحرام العمرة ، قال فی الشرائع : فإن عدل هؤلاء إلی القران أو الإفراد فی حجة الإسلام اختیارا ، لم یجز ، ویجوز مع الاضطرار.

ونحوه فی النافع.

وقال بعد ذلک بأسطر فیهما (4) : ولو دخل بعمرته إلی مکة ، وخشی ضیق الوقت ، جاز له نقل النیة إلی الإفراد.

وهذا یشهد علی أن مراده بالعدول فی العبارة الأولی العدول ابتداء لا بعد الشروع ، وإلا کان تکرارا.

لکن قد فهم فی المسالک والمدارک والریاض (5) من الکتابین ، أن المراد من العبارة الأولی العدول بعد الشروع ، وکأنه لیس بجید.

ص: 198


1- 1. راجع الهامشین 57 و 63.
2- 2. راجع الهامش 40.
3- 3. شرائع الإسلام 1 : 237 ، المختصر النافع : 79 ، التنقیح الرائع 1 : 436.
4- 4. شرائع الإسلام 1 : 238 ، المختصر النافع : 79 ، التنقیح الرائع 1 : 437.
5- (74) مسالک الأفهام 1 : 100 و 101 ، ومدارک الأحکام 1 : 425 و 428 ، ریاض المسائل 1 : 350 و 351

وقد یظهر - من الخلاف (1) ، والقواعد (2) ، والارشاد (3) ، والمسالک (4) ، والمدارک (5) ، والریاض (6) - تخصیص جواز العدول بعد الشروع ، وأنه لا یجوز له ذلک ابتداء.

وهو بعید جدا ، لمکان إمکان دعوی تبادر الأولویة ، کما نبه علی مثله - فی القارن والمفرد - صاحب الروضة (7) ، وصاحب مجمع [الفائدة و] البرهان (8) ، لکن أخبار الباب (9) جمیعها بین صریحة فی العدول بعد الشروع ، أو ظاهرة فیها ، ولیس فیها خبر یکاد یظهر منه جواز العدول ابتداء للضرورة.

نعم ، فیها إشعار بذلک لمن أمعن النظر ، إلا أن یدعی ذلک لمکان الأولویة ، ویدعی أنها عرفیة. لکن فی الإجماعات الثلاثة (10) أو الأربعة (11) بلاغ ، بل المقدس الأردبیلی (12) رحمه الله تعالی استند إلی الضرورة لمکان العسر والحرج.

وقد سمعت کلام المحقق الثانی فی جامع المقاصد (13) ، وکلام الخلاف (14) والدروس (15) فیما تقدم ، فإنه نافع هنا جدا.

هذا ، ولا یضر هؤلاء الحجاج أمر النیة ، لأنهم إن علموا عدم إمکان إتمام العمرة نووا الإفراد ، وإلا نووا التمتع.

ص: 199


1- 1. لعله استظهره من کلام الشیخ فی الخلاف 1 : 430 المسألة 246 من کتاب الحج.
2- 2. قواعد الأحکام 1 : 72 ضمن المطلب الثانی من أنواع الحج ، وإیضاح الفوائد 1 : 260.
3- 3. إرشاد الأذهان : مخطوط ، وذخیرة المعاد فی شرح الارشاد 550 - 551.
4- 4. مسالک مسالک الأفهام 1 : 100 - 101.
5- 5. مدارک الأحکام : 425 و 428.
6- 6. ریاض المسائل 1 : 350 - 351.
7- 7. اللمعة البهیة 2 : 206 - 207.
8- 8. مجمع الفائدة والبرهان : مخطوط.
9- 9. وسائل الشیعة 8 : 214 باب 21 من أقسام الحج.
10- 10. راجع الهوامش 14 و 29 و 30.
11- 11. راجع الهامش 40.
12- 12. مجمع الفائدة والبرهان : راجع الهامش 40.
13- 13. أنظر الهامش : 47.
14- 14. أنظر الهامش : 49.
15- (89) أنظر الهامش : 51

وفی الصحیح (1) : «لا تسم لا حجا ولا عمرة ، وأضمر فی نفسک المتعة ، فإن أدرکت متمتعا ، وإلا کنت حاجا».

ونحوه غیره (2) ، وهو کثیر.

قد تم الکتاب المستطاب - المسمی - ، بالسید جواد ، فی یوم الخمیس

فی ثانی شهر ذی حجة الحرام 1271 علی ید أقل خلق الله وأضعف عباد الله

ابن مرحمت وغفران پناه ذابی (3) أئمة أنام علیهم السلام ، کربلائی

محمد قاسم ، محمد هاشم ، الساکن فی قلعة الافشاریة ، غفر الله لکاتبه

ولوالدیه ومؤلفه وجمیع المؤمنین والمؤمنات بحق محمد وعلی

وفاطمة والحسن والحسین والتسعة من ذریة الحسین

صلوات الله علیه وعلیهم أجمعین ، ولعنة الله علی أعدائهم

ومخالفیهم وظالمیهم وغاصب حقهم من الآن إلی

یوم الدین ، آمین یا رب العالمین ، ونسأل الله التوفیق

فی استکتاب المجلد الآخر

(إمضاء)

ص: 200


1- 1. التهذیب 5 : 86 / 286 ، والاستبصار 2 : 172 / 568.
2- 2. مثلا لا حصرا فی المصدرین المتقدمین رقم 287 و 570.
3- (92) کذا ، والمراد الذاب عن أئمة الأنام

من ذخائر التراث (10)

تخمیس لامیة العجم

فی رثاء الحسین علیه السلام

أسد مولوی

توطئة

لامیة العجم : إحدی مشهورات قصائد الحکمة فی الشعر العربی.

ناظمها : الأستاذ مؤید الدین أبو إسماعیل الحسین بن علی بن محمد بن عبد الصمد الاصفهانی ، المعروف بالطغرائی ، نسبة إلی من یکتب الطغراء ، وهی الطرة التی تکتب فی أعلی المناشیر السلطانیة فوق البسملة بالقلم الجلی ، تتضمن اسم الملک وألقابه.

کان الشاعر آیة فی الکتابة والشعر ، ولی وزارة الموصل لسلطانها مسعود بن محمد السلجوقی ، ثم اختلف السلطان وأخوه محمود ، فظفر محمود وقبض علی رجال أخیه وفی جملتهم الطغرائی.

ولما کان الطغرائی مشهورا بالعلم والفضل خاف السلطان محمود عاقبة قتله ، فأوعز إلی من أشاع اتهامه بالإلحاد والزندقة ، واتخذها حجة فقتله.

له دیوان شعر ، وأشهر قصائده لامیة العجم هذه.

ولد سنة 453 ه ، وقتل سنة 515 ه.

وقد ترجم له یاقوت فی «معجم الأدباء» ترجمة مفصلة فی ج 10 / 56 - 79 ، ونقل اللامیة برمتها.

أنظر فی ترجمته :

«الأعلام» للزرکلی ، الطبعة السادسة 2 / 246 ومصادره ، «معجم المؤلفین»

ص: 201

لعمر رضا کحالة 4 / 36 ومصادره.

الشاعر المخمس

عماد الدین أبو جعفر وأبو الفضل محمد بن علی بن محمد بن علوان بن علی بن حمدون بن علوان بن المرزبان بن طارق بن یزید بن قیس بن جندب بن عمرو بن یحیی ابن مرة بن ذهل بن شیبان بن ثعلبة ، الشیبانی السورائی ، الفقیه الشاعر المقرئ.

هکذا عنونه ابن الفوطی فی تلخیص مجمع الآداب ج 4 ق 2 ص 831 رقم 1218 وقال فی ترجمته :

کان أدیبا فاضلا وفقیها شاعرا ، حسن الشعر ، طیب الانشاد ، فصیح الایراد ، کریم الأخلاق والشیم ، ممتع المحاضرة والمذاکرة ، کثیر المحفوظ ، حسن المحاورة ، کتبت عنه ، وکان ینعم ویشرفنی إلی منزلی ، وکتب لی الإجازة نظما ... وتوفی ثالث عشر رجب سنة 706 ودفن بمشهد علی.

وترجم له أیضا فی نفس الجزء ص 837 برقم 1226 وکناه أبا عبد الله فقال : عماد الدین أبو عبد الله محمد بن علی بن محمد بن علوان الشیبانی الحلی الفقیه المقرئ الأدیب.

یعرف ب (ابن الرفاعی) من أکابر العلماء وأفاضل الأدباء والفقهاء ، کتبت شعره فی (أشعار أهل العصر) ومما أنشدنی وهو متوجه إلی زیارة أمیر المؤمنین علیه السلام ...

وأورد له ابن الشهرزوری الموصلی فی مجموعته المخطوطة - فی الورقة 114 وما بعدها - قصیدة غدیریة فی مدح أمیر المؤمنین علیه السلام ، وعبر عنه ب (نصیر الحق والدین ابن علوان).

کما أورد له فی نفس المجموعة - فی الورقة 146 - قصیدة فی رثاء الحسین علیه السلام صاغها تخمیسا للامیة العجم المعروفة.

ووصفه ب (ابن علوان الرفاعی الربعی البغدادی).

هذا ما استفدناه من المجموعة المخطوطة التی جمعها العلامة السید عبد العزیز الطباطبائی فی تراجم المنسیین والمغمورین من السابقین ، وهی مجموعة ضخمة قوامها

ص: 202

أضابیر عدیدة ، وفقه الله لتبییضها وطبعها فإن فیها فائدة للباحثین کبیرة.

وقد تفضل مشکورا بإعارتنا مصورته من مجموعة ابن الشهرزوری التی ننقل عنها هذا التخمیس.

کیفیة التصحیح

النسخة التی عندنا تختلف فی بعض الألفاظ مع روایة یاقوت للامیة العجم ، وقد صححنا قسما منها علی روایة یاقوت بعد أن وضعنا الکلمة الصحیحة بین عضادتین وأشرنا إلی ذلک فی الهامش. وکذلک فعلنا فی الألفاظ التی استظهرنا خطأها وصححناها. وترکنا ما له وجه من الصحة علی حاله.

ص: 203

قال الشیخ الإمام العالم الأدیب الفاضل عماد الدین أبو جعفر محمد بن علی بن علوان الرفاعی الربعی البغدادی - رحمه الله تعالی - یرثی مولانا وسیدنا الإمام السبط الشهید أبا عبد الله الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام ، مما وشح به لامیة الطغرائی رحمه الله :

لولا إبائی بنفسی عن ذوی البخل

وصون مدحی عن الأنذال والسفل

ما کنت أنشد والآفاق تشهد لی

(أصالة الرأی صانتنی عن الخطل

وحلیة الفضل زانتنی لدی العطل) 1

صبرا فلیس لما قد فات مرتجع

فالصبر ینفع إذ لا ینفع الجزع

والدهر یخفض أقواما وإن رفعوا

(مجدی أخیرا ومجدی أولا شرع

والشمس رأد الضحی کالشمس فی الطفل) 2

لواعج الشوق تطوینی وتنشرنی

إلی بلادی [و] من خلفت فی وطنی

وا طول شوقی! وواجدی! وواحزنی!

(فیم الإقامة بالزوراء ، لا سکنی

بها ، ولا ناقتی فیها ولا جملی؟) 3

مثل الحسین بأرض الطف حین غدا

لهفی علیه ، وحیدا بین جمع عدا

لا یرقبون لدیه ذمة أبدا

(ناء علی الأهل صفرا الکف منفرد [ا]

کالسیف عری متناه عن الخلل) 4

====

1. شرع : سواء.

(3) الواو بین المعقوفتین یقتضیها السیاق

(4) فی المخطوط (منفرد) والألف تقتضیها القافیة

ص: 204

یشکو إلی الله ما یلقی من المحن

ویحتمی بظبا الهندی واللدن

یقول : هل ناصر لله ینصرنی؟

(فلا صدیق إلیه مشتکی حزنی

ولا أنیس لدیه منتهی جذلی) 5

ماذا أردتم - لعنتم - من مکاتبتی

أبعدتمونی عن جدی ومنزلتی

برحلة قتلت أهلی وقاطبتی

(طال اغترابی حتی حن راحلتی

ورحلها وقرا العسالة الذبل) 6

کم قد سفکتم لأبناء النبی دما

وکم أبحتم له فی کربلاء حرما

قتلتمونا علی بعد وعظم ظما

(وضج من لغب نضوی ، وعج لما

یلقی رکابی ، ولج الرکب فی عذلی) 7

أما نهی عن بنی الزهراء نور نهی

بقتلهم قد ملأتم قلبها ولها

أتیت أطلب حقا لیس مشتبها

(أرید بسطة کف أستعین بها

علی قضاء حقوق للعلا قبلی) 8

====

1. الظبا : جمع ظبة ، والظبة : حد السیف أو السنان ونحوه.

2. القرا : الظهر.

3. الحرم : جمع حرمة ، وهی ما لا یحل انتهاکه.

4. النهی : جمع نهیة ، وهی العقول لأنها تنهی عن القبیح.

ص: 205

خرجت للأمر بالمعروف من وطنی

والنهی عن منکر والله یأمرنی

فجاء یخذلنی من کان ینصرنی

(والدهر یعکس آمالی ویقنعنی

من الغنیمة بعد الکد بالقفل) 9

إن تظلمونی فجدی خاتم الرسول

غریمکم وأمیر المؤمنین علی

ولی تأس بیحیی وهو خیر [ولی]

(وذی شطاط کعقد الرمح معتقل

لمثله غیر هیاب ولا وکل) 10

شقیقی الحسن المسموم من فرجت

لفقده الأرض والأفلاک وانزعجت

والنفس بعد أخی - العباس - ما ابتهجت

(حلو الفکاهة مر الجد قد مزجت

بقسوة البأس منه رقة الغزل) 11

فجعتم المصطفی الهادی بعترته

قتلی وأسری لکم ، یا شر أمته

وابنی علی فلو لا عظم مرضته

(طردت سرح الکری عن ورد مقلته

و [اللیل] یغری سوام النوم بالمقل) 12

====

1. القفل : الرجوع.

2. فی المخطوط (نبی) والقافیة تأباها ، وما أثبتناه ملائم للقافیة.

3. فی المخطوط (النوم) وما أثبتناه من معجم الأدباء.

ص: 206

غادرتم الله والمختار فی غضب

والأنبیاء وأهل الحق فی حرب

أتقتلونا بلا ذنب ولا سبب!؟

(والرکب میل علی الأکوار من طرب

صاح وآخر من خمر الهوی ثمل) 13

أدعو الشقی ابن سعد کی یساعدنی

وقد جری الدم من رأسی ومن بدنی

دعوت نذلا لئیما لا یجاوبنی

(فقلت : أدعوک للجلی لتنصرنی

وأنت تخذلنی فی الحادث الجلل) 14

جیوشکم بإله العرش کافرة

دنیا طلبتم ففاتتکم وآخرة

لتندمن إذا ضمتک ساهرة

(تنام عنی وعین النجم ساهرة

وتستحیل وصبغ اللیل لم یحل) 15

فقال کل امرئ منهم لصاحبه

هذا الحسین أتانا فی أقاربه

وعزمنا الفتک فیه مع حبائبه

(فهل تعین علی غی هممت به

والغی یصرف أحیانا عن الفشل) 16

====

1. الحرب : أشد الغضب.

2. ابن سعد ، هو عمر بن سعد بن أبی وقاص ، ولی إمرة معسکر الخارجین إلی قتال الإمام الحسین (علیه السلام) طمعا فی ولایة الری (طهران الحالیة) ، وتحمل عظم الذنب ولم یف له طواغیته بإمرة الری ، وهلک مغضوبا علیه علی ید المختار الثقفی رحمه الله.

3. فی المخطوط (عنی) وفی معجم الأدباء (عینی) وکل منهما فی سیاقه مقبول.

(16) فی المخطوط (شئ) وفی معجم الأدباء (غی)

ص: 207

فجردوا کل عضب صارم خذم

وأقبلوا نحو خیر العرب والعجم

ماذا ترید؟ فقال السبط ذو الکرم :

(إنی أرید طروق الجزع من إضم

وقد حمته حماة الحی من ثعل) 17

قلتم لنا : الدین أضحی من جوانبه

قد هد ، والکفر فی أعلی مراتبه

وجئتم بابن سعد فی کتائبه

(یحمون بالبیض والسمر اللدان به

سود الغدائر حمر الحلی والحلل) 18

أجبتکم برسول الله مقتدیا

والعدل والفضل والمعروف مرتدیا

وقلت للصحب : عاد الدین مبتدیا

(فسر بنا فی ظلام اللیل مهتدیا

فنفحة الطیب تهدینا إلی الحلل) 19

فجاءت الخیل منکم وهی راکضة

والعهد والدین والأیمان ناقضة

وفی دما خیر خلق الله خائضة

(فالحب حیث الردی والأسد رابضة

حول الکناس لها غاب من الأسل) 20

====

1. سیف خذم : سیف قاطع.

2. الحب - بالکسر - : المحبوب.

ص: 208

لبس ما شاهدت عینی وما لقیت

منکم ومن بعدکم یا لیت لا بقیت

یا قوم جدوا فإن النفس قد شقیت

(نؤم ناشئة بالجزع قد سقیت

نصالها بمیاه الغنج والکحل) 21

جنات عدن کساها الله ثوب بها

عدونا لجحیم والولی بها

بها توله أرباب الصفا ولها

(قد زد طیب أحادیث الکرام بها

ما بالکرائم من جبن ومن بخل) 22

عوجوا علیها ولا تلووا علی أحد

فالعیش فی نغص والدهر فی نکد

ولا تمیلوا علی حی ولا بلد

(تبیت نار الهوی منهن فی کبد

حری ونار القری منهم علی القلل) 23

أمر الغرام مطاع فی تقلبها

فلا یفید نهی عن حب تلک بها

بها أسود شری غلب وفتک مها

(یقتلن أنضاء حب لا حراک بها

وینحرون کرام الخیل والإبل) 24

====

1. الغنج : بضم الغین : الحسن ، وبفتحها : الدلال.

2. بها : بهاء مقصورة.

3. قوله : «ونار القری منهم علی القلل» ، کنایة عن کرمهم ، فقد کان من عاداتهم إیقاد نیران علی قلل الجبال لیهتدی بها الضیفان إلی بیوتهم.

4. فی الشطر الثانی من التخمیس وردت عبارة (تلک بها) وهی واضحة فی المخطوطات ، ولعل صحتها (ذات بها) أی ذات بهاء.

ص: 209

نأیت عنهم وقلبی فی ربوعهم

مقید مغرم صب بحبهم

وما لدائی دواء غیر وصلهم

(یشفی لدیغ العوالی فی بیوتهم

بنهلة من غدیر الخمر والعسل) 25

ترقبوا دولة المهدی دانیة

تجلو قلوبا لأهل الحق صادیة

لا تأیسوا هذه الآیات بادیة

(لعل إلمامة بالجزع ثانیة

یدب منها نسیم البرء فی عللی) 26

إنی إذا بدت الآیات ، وارتفعت

أنوارها تملأ الآفاق إذ لمعت

وأدبرت دولة الکفار وانقشعت

(لا أکره الطعنة النجلاء قد شفعت

برشقة من نبال الأعین النجل) 27

وآخذ الثأر من ضد یعاندنی

فی حب آل الحسین الطهر والحسن

وأصطلی الحرب بالهندی واللدن

(ولا أهاب الصفاح البیض تسعدنی

باللمح من صفحات البیض فی الکلل) 28

ولا أحول إذا ما حال بی زمنی

لکن أصول ولو أدرجت فی کفنی

ولا أبقی علی أسد تنازلنی

(ولا أخل بغزلان تغازلنی

ولو دهتنی أسود الغیل بالغیل) 29

====

1. العوالی : الرماح.

2. أیس لغة فی یئس.

3. صفحات البیض : خدودهن.

4. لا أحول : لا أتغیر.

تخمس لامّة العجم أسد مولوی

ص: 210

أتقتلون حسینا مع مناقبه!

واحسرتاه مذودا عن مشاربه

لهفی له حین یدعو مع مصاحبه

(حب السلامة یثنی عزم صاحبه

عن المعالی ویغری المرء بالکسل) 30

صبرا ولا تنکلوا جبنا ولا فرقا

ضربا یقد الظبا والبیض والدرقا

فکیف أطلب فی دار الفناء بقا

(وإن جنحت إلیها فاتخذ نفقا

فی الأرض أو سلما فی الجو واعتزل) 31

سابق إلی قصبات السبق واسم علا

فالطعن فی أعین والضرب فوق طلی

وإن عدلت بنفس فی البلی ببلا

(ودع سبیل العلا للمقدمین علی

رکوبها واقتنع منهن بالبلل) 32

تهوی العلا وسبیل المجد تبغضه

کمبتن لبناء وهو ینقضه

لا ترض بالدون من دنیاک تقبضه

(یرضی الذلیل بخفض العیش یحفظه

والعز عند رسیم الأینق الذلل) 33

لا تترک النفس فی الهواء غافلة

وخذ لدینک من دنیاک نافلة

وحثحث العیس نحو العز قافلة

(وادرأ بها فی نحور البید جافلة

معارضات مثانی اللجم بالجدل) 34

====

1. الفرق : الخوف.

2. الطلی : الأعناق.

3. الرسیم : ضرب من سیر الإبل.

4. جافلة : مسرعة.

ص: 211

واعلم بأن ذری العلیاء رائقة

بحبها أنفس العشاق وامقة

ولا تعقک عن الإدلاج عائقة

(إن العلا حدثتنی - وهی صادقة

فیما تحدث - أن العز فی النقل) (1)

فخذ لنفسک عن دار الفنا وطنا

فکیف تظفر فی دار الفنا بهنا

ولا تقل مسکنا فارقت أو سکنا

(لو کان فی شرف المأوی بلوغ منی

لم تبرح الشمس یوما دارة الحمل) 36

فالحظ والفضل فی دنیاک ما جمعا

لواحد من جمیع العالمین معا

ولو أجابا جوابا أو لو انخذعا

(أهبت بالحظ لو نادیت مستمعا

والحظ عنی بالجهال فی شغل) 37

أنا الحسین بجدی الطهر فقتهم

والعدل والصدق والمعروف خزتهم

والدهر حرب لأمثالی وسلمهم

(لعله إن بدا فضلی ونقصهم

لعینه نام عنهم أو تنبه لی) 38

کواهلی بعد خف الحمل مثقلة

وحالتی عند أهل الجهل مهملة

فإن تولت حیاتی وهی مرقلة

(لم أرض بالعیش والأیام مقبلة

فکیف أرضی وقد ولدت علی عجل) 39

صفت موارد شتی کنت أشربها

عزا ، ولست بذل النفس أقربها

رجاء نعمة ربی منه أطلبها

(أعلل النفس بالآمال أرقبها

ما أضیق العیش لولا فسحة الأمل) 40

====

2. الخف - بالکسر - : الخفیف.

ص: 212


1- 1. الحمل : برج من بروج السماء ، وهو أول البروج.

أبی علی ونفسی جل شیمتها

کل المحامد من أبعاض قیمتها

أضحت تری القتل من أسنی مراتبها

(غالی بنفسی عرفانی بقیمتها

فصنتها عن رخیص القدر مبتذل) 41

فلا أطیع یزیدا فی تکبره

إذ ساء فی ورده قدما ومصدره

أنا ابن من لیس فی الدنیا کمفخره

(وعادة النصل أن یزهی بجوهره

ولیس یعمل إلا فی ید البطل) 42

خلافة الله إرثی من أخی الحسن

عن والدی ثم جدی ، أنتم بمن؟

یزید یحکم فی مالی وفی بدنی!

(ما کنت أوثر أن یمتد بی زمنی

حتی أری دولة الأوباش والسفل) 43

لا خیر فی العیش مع قوم عقولهم

کدینهم فی البرایا ناقص وهم

أنا ابن من عم خلق الله فضلهم

(تقدمتنی رجال کان شوطهم

وراء خطوی إذ أمشی علی مهل) 44

عن نصرنا إذ دخلنا مصرهم خرجوا

فلیس لی فی حیاتی معهم فرج

فإن أمت منهم غبنا فلا حرج

(هذا جزاء امرئ إخوانه درجوا

من قبله وتمنی فسحة الأجل) 45

نفوسنا بالظبا والسمر تستلب

نساؤنا کسبایا الروم تنتهب

فابکوا علینا دما یا قوم وانتحبوا

(وإن علانی من دونی فلا عجب

لی أسوة بانحطاط الشمس عن زحل) 46

====

1. فی المخطوط : (رحلوا) ، و (درجوا) فی معجم الأدباء وهی المناسبة لقافیة المخمس.

(46) زحل : أحد النجوم البعیدة

ص: 213

فإن نصر فی البرایا عبرة العبر

کما بدا سیعود الدین فاعتبر

بنا ومنا وفینا سید البشر

(فاصبر لها غیر محتال ولا ضجر

فی حادث الدهر ما یغنی عن الحیل) 47

ولیس فی أمرنا شئ بمشتبه

فیما مضی والذی لم یأت فانتبه

ولا تصاحب رفیقا إن ولعت به

(أعدی عدوک أدنی من وثقت به

فحاذر الناس واصحبهم علی دخل) 48

کتب مطولة جاءت وموجزة

أن سر إلینا فإن الأرض محرزة

وحسن الظن فالأیام منجزة

(وحسن ظنک بالأیام معجزة

فظن شرا وکن منها علی وجل) 49

وثق برب به لانت جلامدها

للعارفین وقد هانت شدائدها

تنلک فی جنة المأوی فوائدها

(فإنما رجل الدنیا وواحدها

من لا یعول فی الدنیا علی رجل) 50

فجئت إذ شدت الکفار وابتهجت

إلی قتالی وباب الغدر قد ولجت

فقلت : أیمانکم ما بالها فلجت؟

(غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت

مسافة الخلف بین القول والعمل) 51

====

1. الدخل : الارتیاب والحذر.

(49) المعجزة : العجز والتقصیر

ص: 214

أجابنی الحر : إن القوم ربهم

علیهم ساخط إذ جل ذنبهم

بدا لهم بغضکم والضد حبهم

(وشان صدقک عند الناس کذبهم

وهل یطابق معوج بمعتدل) 52

فاقتل لمن یتعدی من طغاتهم

ولا تبق بحال من بغاتهم

فلست ترجو سرورا من سراتهم

(إن کان ینجع شئ فی ثباتهم

علی العهود فسبق السیف للعذل) 53

قل لابن سعد : لحاک الله یا عمر

قتلت قوما بهم جبریل یفتخر

حصلت فی شر نار کلها شرر

(یا واردا سؤر عیش کله کدر

أنفقت عمرک فی أیامک الأول) 54

أتسخط الله والمختار تغضبه

بقتل أبنائه طرا تحاربه

والآل والمال تسبیه وتنهبه

(فیم اعتراضک لج البحر ترکبه

وأنت یکفیک منه مصة الوشل) 55

غادرت سبط رسول الله منجدلا

طلبت ملکا کساک الله ثوب بلا

ولو قنعت لزاد الله فیک علا

(ملک القناعة لا یخشی علیه ولا

یحتاج فیه إلی الأنصار والخول) 56

====

1. الحر ، هو ابن یزید الریاحی ، من الذین أدرکتهم العنایة الإلهیة ، فترک معسکر الکفر إلی معسکر الإمام الحسین (علیه السلام) فکان من الشهداء بین یدی أبی عبد الله (علیه السلام).

2. الوشل : الماء القلیل الباقی فی الإناء أو الحوض.

3. البلا : هو البلاء مقصورا.

ص: 215

ویل لمن حارب ابن المصطفی ولها

عن نصره وتعدی أمره ولها

یا بائع الدین بالدنیا وأخذ لها

(ترجو البقاء بدار لا بقاء لها

فهل سمعت بظل غیر منتقل) 57

کن مسلما صان عهد المصطفی ورعی

فی آله وبنیه وادخر ورعا

ولب عبد بنی الدیان حین دعا

(ویا خبیرا علی الأسرار مطلعا

اصمت ففی الصمت منجاة من الزلل) 58

أدم مفصل حمد ثم مجمله

لمن لخلقک بالإیمان حمله

ثم الصلاة لمن بالحق أرسله

(قد رشحوک لأمر إن فطنت له

فاربأ بنفسک أن ترعی مع الهمل) 59

====

1. اللها : جمع لهوة وهی العطیة.

2. أشار الشاعر بقوله : «عبد بنی الدیان» إلی نفسه ، حیث عد نفسه عبدا للعترة الطاهرة ، الذین هم بنو الدیان ، ویعنی بالدیان الرسول الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم جاء بالدین الحق.

(59) الهمل : الإبل المهملة التی ترعی بلا راع

ص: 216

من أنباء التراث

کتب تری النور لأول مرة

* رسالة إبلیس إلی إخوانه المناحیس

تألیف : الحاکم الجشمی ، أبی سعید المحسن بن محمد بن کرامة البیهقی الجشمی البروغنی المعتزلی ، المقتول سنة 494 ه.

تحقیق : البروفسور السید حسین الطباطبائی المدرسی القمی - أستاذ جامعة برنستون فی أمریکا - علی مخطوطة فی مکتبة البرلمان الإیرانی السابق ، رقم 10727 ، کتبت سنة 732 ه.

طبعت الرسالة فی قم سنة 1406 ه.

وقد رد الحاکم الجشمی فیه علی الأشاعرة ، وضعه علی لسان إبلیس ، ویسمی «رسالة أبی مرة إلی إخوانه المجبرة» أو «الدرة علی لسان أبی مرة» وهو من الکتب الکلامیة لمعتزلة القرن الخامس ، وهذا الکتاب هو الذی سبب قتل صاحبه!

وللمؤلف کتب کثیرة تبلغ 42 کتابا ، أکبرها وأشهرها وأحسنها تفسیره المسمی ب-

«التهذیب» فی عدة مجلدات.

وقد ألف عدنان زرزور کتابا مفردا عن حیاة المؤلف طبع باسم «الحاکم الجسمی ومنهجه فی التفسیر».

* تکملة أمل الآمل

تألیف : العلامة السید حسن صدر الدین الصدر الکاظمی ، المتوفی سنة 1354 ه.

تحقیق : السید أحمد الحسینی.

نشر : مکتبة آیة الله المرعشی العامة - قم.

وکتاب «أمل الآمل فی تراجم علماء جبل عامل» من مؤلفات الشیخ الجلیل محمد بن الحسن الحر العاملی ، المتوفی سنة 1104 ه ، وهو مؤلف «وسائل الشیعة» و «إثبات الهداة» وغیرها ، وکان قد جعله قسمین ، الأول یخص أعلام جبل عامل ، والثانی للأعلام غیر العاملیین ، وسماه «تذکرة المتبحرین».

وقد ألف غیر واحد تکملة له وتتمیما ،

من أنباء التراث

ص: 217

وأحسنه وأجمعها هو «تکملة أمل الآمل» هذا ، وقد رتبه کالأصل علی قسمین الأول فی الأعلام العاملیین ممن تأخر عن الحر العاملی - من القرن الحادی عشر الهجری إلی عصره رحمه الله -.

کما أن للکتاب مجلدان آخران للأعلام غیر العاملیین ، بقیا فی مکتبة المؤلف - رحمه الله - المجمدة فی مدینة الکاظمیة التی کانت عند أسرته ولم یعلم مصیرها.

* کتاب صلاة المسافر

تألیف : الفقیه المحقق الشیخ محمد حسین الغروی الاصفهانی ، المتوفی سنة 1361 ه ، وکان من أبرز الأعلام المحققین فی النجف الأشرف وأشهرهم بعمق التفکیر.

طبع الکتاب مؤخرا - لأول مرة - فی النجف الأشرف عن نسخة الأصل بخط المؤلف  - رحمه الله - المحفوظة فی مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام العامة فی النجف الأشرف ، وقد منعت رقابة البعثیین من کتاب کلمة «الاصفهانی» علی الغلاف فأبدلت بکلمة «النجفی»!

* کتاب فی صلاة الجماعة

تألیف : الفقیه المحقق الشیخ محمد حسین الغروی الاصفهانی ، المتوفی سنة 1361 ه.

طبع لأول مرة فی النجف الأشرف عن نسخة الأصل بخط المؤلف - رحمه الله - المحفوظة فی مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام العامة فی

النجف الأشرف.

* کتاب الدعوات

تألیف الفقیه المحدث قطب الدین أبی الحسین سعید بن هبة الله الراوندی ، المتوفی سنة 573 ه.

تحقیق ونشر : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام - قم

* المهذب فی الفقه

تألیف : ابن البراج ، القاضی سعد الدین عز المؤمنین عبد العزیز بن نحریر بن عبد العزیز بن البراج الشامی ، قاضی طرابلس ، المتوفی بها سنة 481 ه ، فقیه الإمامیة ، ووجه الأصحاب ، کان تلمیذ الشریف المرتضی والشیخ الطوسی  - رحمهم الله جمیعا -.

تحقیق : مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام - قم.

نشر : مؤسسة النشر الاسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم.

وقد صدر الکتاب فی مجلدین ، وهو من أمهات المتون الفقیهة ، وقد سبق التعریف به وبمؤلفه فی «تراثنا» فی العدد الثانی ص 15 ، والعدد الثالث ص 14.

* جواهر العقدین فی فضل الشرفین

فضل النسب الجلی والعلم العلی ، فی فضائل أهل البیت علیهم السلام.

ص: 218

تألیف : نور الدین علی بن عبد الله الشافعی المدنی السمهودی (844 - 911 ه).

تحقیق : الدکتور موسی بنائی العلیلی.

نشر : وزارة الأوقاف العراقیة - بغداد ، فی مجلدین.

وقد تم التعریف بالکتاب فی «تراثنا» ، العدد الثالث ، ص 53 ، ت 139.

* شرح الإلهیات من کتاب الشفاء لابن سینا

تألیف : المحقق النراقی ، المولی محمد مهدی بن أبی ذر النراقی الکاشانی ، المتوفی سنة 1209 ه.

تحقیق : الدکتور مهدی محقق ، أستاذ جامعة «مک جیل» فی کندا ، مع مقدمة فی ترجمة حیاة المؤلف کتبها حفیدة الأستاذ حسن النراقی.

نشر : معهد الدراسات الإسلامیة بجامعة «مک جیل» فرع طهران ، سنة 1407 ه.

* التمهید فی علم الأصول

تألیف : شیخ الطائفة أبی جعفر محمد بن الحسن بن علی الطوسی ، المتوفی سنة 460 ه.

کتاب کلامی کبیر قیم فی القمة ، شرح فیه قسم الکلام من کتاب «جمل العلم والعمل» لأستاذه الشریف المرتضی علم الهدی علی بن الحسین بن موسی الموسوی البغدادی ، المتوفی سنة 436 ه.

تحقیق : الدکتور عبد المحسن مشکاة الدینی.

نشر : جامعة طهران.

کما قام الدکتور مشکاة الدینی بترجمته إلی اللغة الفارسیة ، وطبعت الترجمة ضمن منشورات جامعة طهران.

* بناء المقالة الفاطمیة فی نقض الرسالة العثمانیة.

تألیف : السید ابن طاووس ، وهو السید جمال الدین أبو الفضائل أحمد بن موسی بن طاووس الحسنی الحلی ، المتوفی سنة 673 ه.

رد فیه علی الجاحظ فی رسالته «العثمانیة».

تحقیق : الدکتور إبراهیم السامرائی.

نشر : دار الفکر - عمان / الأردن ، فی مجلدین.

وقد حققه أیضا السید علی العدنانی - کما نشرنا عنه فی «تراثنا» ، العدد الثانی ، ص 112 - وسیقدمه إلی الطبع قریبا بإذن الله تعالی.

* مطالع الأنوار المقتبسة من آثار الأئمة الأطهار.

فی الفقه.

تألیف : السید محمد باقر بن محمد نقی الشفتی ، المتوفی سنة 1260 ه ، زعیم أصفهان وأحد کبار فقهاء عصره ، کان له نفوذ تام وجاه عریض وشوکة وجلال ، وبسط یده فی تنفیذ الأحکام الشرعیة وإجراء الحدود الإلهیة ، وکتابه هذا شرح علی کتاب «شرائع الإسلام» للمحقق الحلی ، المتوفی سنة 672 ه ، وهو من أطول شروحه وأکبرها ، وهو فی خمسة مجلدات کبار انتهی فیها إلی آخر صلاة الأموات.

ص: 219

صدر منه أربعة مجلدات ، والخامس تحت الطبع.

کتب صدرت محققة

* الفقه

المنسوب خطأ إلی الإمام علی الرضا  - علیه السلام - ، راجع مقدمة الطبعة المحققة.

تحقیق : مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم.

نشر : المؤتمر العالمی للإمام الرضا  - علیه السلام - المنعقد فی مدینة مشهد فی 11 ذی القعدة سنة 1406 ه.

وکان الکتاب - قبل الآن - قد طبع علی الحجر فی إیران.

* قاعدة لا ضرر ولا ضرار

تألیف : العلامة الفقیه الشیخ فتح الله بن محمد جواد النمازی الشیرازی ، المعروف ب «شیخ الشریعة الاصفهانی» (1266 - 1339 ه).

تحقیق : مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم. نشر : دار الأضواء - بیروت.

کما قامت مؤسسة النشر الاسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم ، بإعادة طبعها مع رسالة «إفاضة القدیر فی حکم العصیر» للمؤلف رحمه الله بطریقة الأفست علی طبعتهما الأولی فی مجلد واحد.

* نهایة الإحکام فی معرفة الأحکام

فی الفقه.

تألیف : العلامة الحلی ، جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر الحلی ، المتوفی سنة 726 ه.

تحقیق : السید مهدی الرجائی ، من قبل مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم.

نشر : دار الأضواء - بیروت.

صدر الکتاب فی مجلدین سنة 1406 ه.

وکان مطبوعا فی السابق علی الحجر.

* نهج الحق وکشف الصدق

تألیف : العلامة الحلی ، وهو جمال الدین أبو منصور الحس بن یوسف بن المطهر الحلی ، المتوفی سنة 726 ه.

تحقیق : الشیخ عین الله الحسنی الأرومی ، بإشراف سماحة السید رضا الصدر.

نشر وتقدیم : دار الکتاب اللبنانی - بیروت.

وهو کتاب قیم یتناول المباحث الکلامیة والعقائدیة وأصول الدین ، ثم مباحث أصول الفقه ، ثم الفقه ، وأثبت فی کل المراحل ما یذهب إلیه هو وطائفته ، وناقش ما یخالف ذلک بأسلوب رصین ونقاش سلمی نزیه ، مما ساعد علی شهرته وانتشاره منذ ظهوره ، وبالرغم من ذلک لم یرتضه القاضی روزبهان ، فألف کتابا وهاجمه بلسان بذئ وسماه «إبطال الباطل».

فانبری له القاضی نور الله المرعشی

ص: 220

 - المستشهد سنة 1019 ه - فانتصر للعلامة الحلی وألف فی الرد علی روزبهان کتابا سماه «إحقاق الحق».

وقد طبع «إحقاق الحق» فی القاهرة ولم یکمل ، وفی إیران مع تعلیقات آیة الله العظمی المرعشی النجفی - دام ظله - ، وقد صدر منه حتی الآن 19 جزءا ، والجزء العشرون یعد للطبع.

ورد علیه أیضا العلامة المغفور له الشیخ محمد حسن المظفر النجفی - رحمه الله - بکتاب سماه «دلائل الصدق» ، وقد طبع فی ثلاثة مجلدات فی طهران مرة ، وفی قم أخری ، وفی القاهرة ثالثة.

أما «نهج الحق» فقد طبع فی بغداد قبل الآن مرة.

* الباب الحادی عشر

فی علم الکلام.

مع شرحیه :

1 - النافع یوم الحشر فی شرح الباب الحادی عشر.

2 - مفتاح الباب.

تحقیق : الدکتور مهدی محقق.

نشر : معهد الدراسات الإسلامیة بجامعة «مک جیل» فی کندا - فرع طهران ، سنة 1407 ه ، فی مجلد واحد.

«الباب الحادی عشر» للعلامة الحلی جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر ، المتوفی سنة 726 ه ، وهو من المتون الکلامیة المتداولة ، وله شروح کثیرة ، منها :

«النافع یوم الحشر» للفاضل المقداد السیوری ، المتوفی سنة 826 ه ، وهو من الکتب الدراسیة ، مطبوع غیر مرة ، ومترجم إلی اللغة الفارسیة وغیرها.

والشرح الثانی «مفتاح الباب» للعرب شاهی ، وهو میر أبو الفتح الشریفی الشیعی ابن مخدوم الناصبی! من أحفاد الشریف الجرجانی ، المتوفی حدود سنة 976 ه ، وهذا الشرح یطبع لأول مرة.

راجع الذریعة 3 : 5 ، 13 : 119 و 123 ، 21 : 320 و 345 ، و 24 : 18.

* کتاب النجاة

تألیف : ابن سینا ، علی بن عبد الله ، المتوفی  427 ه.

حققه الدکتور ماجد فخری ، وطبعته دار الآفاق الجدیدة - بیروت ، فی سنة 1405 ه.

وحققه أیضا الأستاذ محمد تقی دانش پژوه ، وطبع فی طهران سنة 1406 ه.

* التحصین فی صفات العارفین

تألیف : الشیخ الفقیه جمال الدین أحمد بن محمد بن فهد الحلی (757 - 841 ه)

تحقیق ونشر : مدرسة الإمام المهدی  - علیه السلام - فی قم.

وقد طبع الکتاب منضما مع کتاب «مثیر الأحزان» المذکور آنفا ، وکان قد طبع فی إیران علی الحجر فی هامش کتاب «مکارم الأخلاق».

ص: 221

* خصائص الوحی المبین فی مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام

تألیف : ابن البطریق ، وهو الشیخ شمس الدین أبو الحسین یحیی بن الحسن ابن الحسین الأسدی الحلی ، المتوفی سنة 600 ه.

تحقیق : الشیخ محمد باقر المحمودی.

نشر : وزارة الارشاد الاسلامی - طهران.

وقد جمع فیه المؤلف الآیات النازلة فی أمیر المؤمنین علیه السلام ، وأورد الأحادیث الواردة فی أسبابها نزولها.

* منار الهدی

فی إثبات إمامة الأئمة الاثنی عشر علیهم السلام.

تألیف : الشیخ علی البحرانی.

تحقیق : السید عبد الزهراء الخطیب.

نشر : دار المنتظر - بیروت ، فی سنة 1405 ه.

وکان الکتاب قد طبع علی الحجر سابقا ، وهو من خیرة ما کتب فی هذا الباب.

* فرائد الأصول

فی أصول الفقه ، وهو کتاب دراسی فی الحوزات العلمیة منذ تألیفه ولحد الآن.

تألیف : الفقیه المحقق الشیخ مرتضی الأنصاری الدزفولی ، المتوفی سنة 1281 ه

تحقیق : الشیخ عبد الله النورانی.

نشر : جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم.

صدر حدیثا

* فهرس مخطوطات مکتبة الإمام الرضا علیه السلام ، ج 11

تألیف : المیرزا مهدی الولائی.

نشر : مکتبة الإمام الرضا علیه السلام - مشهد.

صدر هذا الفهرس مؤخرا باللغة الفارسیة ، ووصفت فیه 760 مخطوطة عربیة وفارسیة ، فی التفسیر وعلوم القرآن والمنطق والفلسفة والکلام والتصوف والعقائد. ومن الجدیر بالذکر أن مکتبة الإمام الرضا علیه السلام فی مشهد تحوی نفائس وأعلاق لا تقدر بثمن.

* فهرس مخطوطات مکتبة آیة الله المرعشی العامة ، ج 12

تألیف : السید أحمد الحسینی.

نشر : مکتبة آیة الله المرعشی العامة - قم.

صدر الفهرس باللغة الفارسیة ، ووصفت فیه نحو خمسمائة مخطوطة عربیة وفارسیة بضمنها مخطوطات قیمة ونادرة ، والجزء الثالث عشر من الفهرس تحت الطبع.

* فهرس مخطوطات مکتبة المسجد الأعظم

تألیف : الشیخ رضا الأستادی.

وهو الفهرس الکامل لمخطوطات مکتبة المسجد الأعظم فی قم ، وقد ألف باللغة الفارسیة ، ووصف فیه بإیجاز جمیع ما تحویه

ص: 222

المکتبة من مخطوطات عربیة وفارسیة ، والبالغة 3955 مخطوطات ، وإذا ضم إلیها ما تحویه المجامیع فیکون أضعاف ذلک.

والمسجد الأعظم ومکتبته من تأسیسات المغفور له آیة الله السید البروجردی ، زعیم الطائفة ومرجعها ، المتوفی سنة 1380 ه ، رحمه الله.

* رسالتان مجموعتان من فتاوی العلمین

تألیف : الشیخ عبد الرحیم البروجردی.

تصحیح وتعلیق : الشیخ علی پناه الاشتهاردی.

جمع لفتاوی العلمین : علی بن موسی بن بابویه القمی - والد الشیخ الصدوق - المتوفی سنة 329 ه ، والحسن ابن علی بن أبی عقیل العمانی - من أعلام القرن الرابع أیضا - ، استقصاها المؤلف من مختلف المصادر الشیعیة القدیمة لا

صدر فی قم سنة 1406 ه.

* الجدید فی تفسیر القرآن المجید

تألیف : الشیخ محمد العزیزی السبزواری ، نزیل قم.

نشر : دار التعارف فی بیروت ، وصدر فی سبعة مجلدات.

* الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

تألیف : لجنة من الفضلاء بإشراف الشیخ ناصر مکارم الشیرازی.

تنقیح : محمد علی آذر شب.

صدر الجزء الأول منه من منشورات جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة فی قم.

یمتاز هذا التفسیر بمعالجة المسائل الحیاتیة ، المادیة ، والمعنویة ، وخاصة الاجتماعیة منها ، کما أجاب عن کثیر من الشبهات والاعتراضات حول أصول الإسلام وفروعه.

* من فقه الجنس فی قنواته المذهبیة

تألیف : الدکتور الشیخ أحمد الوائلی ، الخطیب النجفی البارع.

نشر : مؤسسة أهل البیت - علیهم السلام - فی بیروت ، سنة 1406 ه.

تکلم فیه المؤلف عن المسائل الفقهیة مما یرتبط بالجنس من نکاح دائم ومتعة ووطئ بملک یمین وما إلی ذلک ، وتکلم أیضا عن خلاف الفقهاء والمذاهب فیها ، فأصبح کتابا قیما فی بابه ینبغی اقتناؤه وقراءته.

* معالم المدرستین

تألیف : السید مرتضی العسکری.

نشر : مؤسسة البعثة (بنیاد بعثت) - طهران.

رسم فیه المؤلف الخطوط العریضة للمدرستین المتخالفتین : مدرسة الخلفاء والسلطات الزمنیة ، ومدرسة أهل البیت والعترة الطاهرة أوصیاء الرسول وحفظة شریعته المطهرة صلوات الله وسلامه علیه وعلیهم.

صدر منه ثلاثة أجزاء ، والرابع تحت الطبع.

* * *

ص: 223

* النور المشتعل المقتبس من کتاب ما نزل

تألیف : الشیخ محمد باقر المحمودی.

نشر : وزارة الارشاد الاسلامی - طهران.

جمع فیه مؤلفه ما عثر علیه مما ذکره الحافظ أبو نعیم الاصفهانی - المتوفی سنة 430 ه - فی کتابه «ما نزل من القرآن فی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام» ویعد من کتبه المفقودة ، فجمع نصوصه المنقولة فی الکتب وأضاف إلیه فوائد وتخریجات وزیادة مصادر وشواهد و متابعات.

کتب تحت الطبع

* أعلام الدین فی صفات المؤمنین

تألیف : الشیخ أبی محمد الحسن بن أبی الحسن محمد الدیلمی - صاحب «إرشاد القلوب» - ، من أعلام القرن السابع.

أنهت لجنة تحقیق مصادر «بحار الأنوار» فی مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث تحقیق الکتاب معتمدة علی النسخة المحفوظة فی خزانة مکتبة الإمام الرضا علیه السلام فی مشهد ، برقم 381 ، وسیصدر ضمن منشورات المؤسسة قریبا إن شاء الله.

ویتضمن الکتاب علی تمام کتاب «البرهان علی ثبوت الإیمان» لأبی الصلاح الحلبی (373 - 447 ه).

ومن الجدیر بالذکر أن هناک نسخة ثانیة من الکتاب فی مکتبة الإمام الحکیم العامة فی

النجف الأشرف ، برقم 170 ، فرج الله عن کنوزها الثمینة.

* مسکن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد

تألیف : الشهید الثانی ، الشیخ زین الدین بن علی بن أحمد العاملی ، المستشهد سنة 965 ه.

کتبه - رضوان الله علیه - بعد موت ولده فی شهر رجب الحرام سنة 954 ه ، مرتبا علی مقدمة وأبواب وخاتمة.

قامت لجنة تحقیق مصادر «بحار الأنوار» فی مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث بضبط نصه وتخریج أحادیثه ، وسیصدر  - کسابقه - ضمن سلسلة مصادر بحار الأنوار من منشورات المؤسسة قریبا إن شاء الله تعالی.

* الحاشیة علی کفایة الأصول

تألیف : الفقیه المحقق الشیخ محمد حسین الغروی الاصفهانی ، من أشهر أعلام المحققین فی النجف الأشرف ، وقد توفی بها سنة 1361 ه ، وخلف ثروة ضخمة من مؤلفات قیمة فی الفقه وأصوله هی قمة فی التحقیق وعمق الفکر ، أشهرها حاشیته هذه علی کتاب أستاذه المحقق الآخوند الخراسانی ، المتوفی سنة 1329 ه.

قامت بتحقیقه مؤسسة آل البیت  - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم ، وقدمته للطبع وستصدر أجزاؤه قریبا إن شاء الله.

* * *

ص: 224

* الإمامة والتبصرة من الحیرة

تألیف : المحدث الأقدم الشیخ أبی الحسن علی بن الحسین بن موسی بن بابویه القمی الرازی ، المتوفی سنة 329 ه.

حققه السید محمد رضا الحسینی ، وقدم له مقدمة ضافیة ، وهو الآن تحت الطبع فی بیروت ، وسیصدر ضمن مطبوعات مؤسسة آل البیت  - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم.

* المراسم فی الفقه

تألیف : أبی یعلی سلار بن عبد العزیز الدیلمی ، المتوفی سنة 463 ه.

قام بتحقیقه السید فاضل المیلانی علی عدة مخطوطات قدیمة - کما سبق فی العدد الرابع من «تراثنا» ص 225 - ، وهو الآن تحت الطبع فی بیروت ومن المؤمل أن یصدر قریبا.

* الشافی فی الإمامة

تألیف : الشریف المرتضی ، علم الهدی أبی القاسم علی بن الحسین بن موسی الموسوی البغدادی ، المتوفی سنة 436 ه.

هو أتقن وأوسع وأجمع ما ألف فی الإمامة من الوجهة الکلامیة والتدلیل علی ذلک بالعقل والنقل ، ألفه جوابا علی قسم الإمامة من کتاب «المغنی» للقاضی عبد الجبار المعتزلی المتوفی سنة 415 ه.

وکان الکتاب قد طبع علی الحجر سابق ، فحققه السید عبد الزهراء الخطیب ، وهو الآن

تحت الطبع فی بیروت وسیصدر فی أربعة أجزاء ضمن منشورات مؤسسة أهل البیت  - علیهم السلام - البیروتیة.

* الجوهر الثمین فی تفسیر القرآن المبین

تألیف : السید عبد الله شبر الحسینی ، المتوفی سنة 1242 ه.

سیصدر فی خمسة مجلدات مع مقدمة للسید محمد بحر العلوم ، من منشورات دار الزهراء فی بیروت.

أما مختصره - وهو تفسیر وجیز للمؤلف - المشتهر ب «تفسیر شبر» فقد طبع فی طهران لأول مرة سنة 1352 ه ، وأعید طبعه عدة مرات فی إیران ولبنان ومصر.

* کتاب المستطرفات

تألیف : الفقیه ابن إدریس الحلی ، المتوفی سنة 598 ه.

وهی مجموعة أحادیث منتقاة مما استطرفه من الأصول الحدیثیة لقدماء الأصحاب وألحقه بکتاب «السرائر» فاشتهر ب «مستطرفات السرائر» وطبعا سویة علی الحجر ، وهو الآن تحت الطبع من تحقیق مدرسة الإمام المهدی  - علیه السلام - فی قم.

* العمدة فی عیون صحاح الأخبار فی مناقب إمام الأبرار

تألیف : ابن البطریق ، وهو الشیخ شمس الدین أبو الحسین یحیی بن الحسن بن

ص: 225

الحسین الأسدی الحلی ، المتوفی سنة 600 ه.

جمع فیه 913 حدیثا فی مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام ، راویا لها بأسانیده عن أصحاب الکتب المعتبرة من العامة ، کالبخاری ومسلم وأحمد وأمثالهم ، وتکلم عن معانیها وأوضح دلالتها.

وکان الکتاب قد طبع علی الحجر قدیما ، وهو الآن تحت الطبع وسیصدر ضمن منشورات مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام فی قم ، من تحقیق الشیخ إبراهیم البهادری والشیخ مالک المحمودی.

* تأویل الآیات الباهرة فی العترة الطاهرة

تألیف : الشیخ شرف الدین النجفی ، من أعلام القرن العاشر.

قامت بتحقیقه مدرسة الإمام المهدی  - علیه السلام - فی قم ، وسیصدر ضمن منشوراتها.

* الدر النظیم فی غریب القرآن الکریم

تألیف : المحدث الجلیل الشیخ عباس القمی : صاحب المؤلفات الکثیرة المنوعة الممتعة ، المتوفی سنة 1359 ه.

حققه الشیخ رضا الأستادی ، وقدمه للطبع ، وسیصدر من منشورات مؤسسة فی طریق الحق (در راه حق) فی قم.

* المهذب البارع فی شرح المختصر النافع

فی الفقه.

تألیف : ابن فهد الحلی ، جمال الدین أبی العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلی ، المتوفی سنة 841 ه.

تحقیق : الشیخ مجتبی العراقی.

الجزء الأول منه تحت الطبع ، ومن المؤمل أن یصدر فی أربعة أجزاء.

طبعات جدیدة لمطبوعات سابقة

* شرح رسالة الحقوق

للإمام علی بن الحسین زین العابدین علیهما السلام.

تألیف : السید حسن القبانچی ، نزیل النجف الأشرف کان قد طبع فی النجف الأشرف فی مجلدین ، ثم أعادت مؤسسة إسماعیلیان فی قم طبعة بالأفست سنة 1406 ه.

* المحجة البیضاء فی إحیاء الأحیاء

تألیف : المحدث الفقیه ، المحقق العارف ، المولی محسن الفیض الکاشانی ، المتوفی سنة 1091 ه.

وهو من خیرة الکتب الأخلاقیة وأوسعها ، عمد فیه المؤلف إلی کتاب «إحیاء العلوم» للغزالی فأحیاه إلی حد ما بتهذیبه مما فیه من تصوف فاسد ، وأحادیث ضعیفة وموضوعة ، وقصص خرافیة ، وما شاکل ذلک.

وأضاف إلیه من تعالیم أهل البیت علیهم السلام ، وأحادیث صحیحة مأثورة عنهم ، وما

ص: 226

إلی ذلک.

وکان قد طبع فی طهران بتحقیق علی أکبر الغفاری فی ثمانی مجلدات ، ثم أعادت جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة فی قم طبعه بالأفست.

کما أعادت طبعه بالأفست أیضا مؤسسة الأعلمی فی بیروت.

* القواعد والفوائد

تألیف : الشهید الأول ، فقیه الشیعة الشیخ شمس الدین أبی عبد الله محمد بن مکی العاملی الجزینی ، المستشهد سنة 786 ه.

من أحسن الکتب فی القواعد العامة الفقهیة والأصولیة ، وکان مطبوعا علی الحجر فحققه المغفور له السید عبد الهادی الحکیم - أحد أنجال آیة الله العظمی السید محسن الطباطبائی الحکیم

رحمه الله - ممن قتلهم طاغیة العراق عجل الله نقمته علیه وأراح المسلمین منه.

وقد طبع فی النجف الأشرف فی مجلدین ، ثم أعادت مکتبة المفید فی قم طبعة بالأفست.

* منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة

تألیف : العلامة المحقق السید حبیب الله الموسوی الهاشمی الخوئی ، المتوفی سنة 1324 ه.

أعادت طبعه بالأفست فی طهران مؤسسة الإمام المهدی - علیه السلام - الثقافیة التابعة لمکتبة مسجد أرک.

* * *

کتب قید التحقیق

* الارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد

تألیف : الشیخ المفید ، أبی عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثی التلعکبری البغدادی ، المتوفی سنة 413 ه.

تقوم بتحقیقه : مؤسسة آل البیت  - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم ، علی نسختین ثمینتین :

الأولی کتبت سنة 565 ه ، من محفوظات مکتبة آیة المرعشی العامة فی قم.

والثانیة کتبت سنة 575 ه ، من محفوظات مکتبة مجلس الشوری فی طهران.

* الوسیلة إلی نیل الفضیلة

تألیف : عماد الدین محمد بن علی بن حمزة الطوسی المشهدی ، من أعلام القرن السادس.

یقوم بتحقیقه : الشیخ محمد الحسون علی ثلاث نسخ ، هی :

1 - نسخة کتبت سنة 631 ه ، فی المکتبة المرکزیة لجامعة طهران ، رقم 700 ، مذکورة فی فهرسها 5 : 2101.

2 - نسخة کتبت سنة 894 ه ، فی مکتبة آیة الله المرعشی العامة - قم ، رقم 291 ، ذکرت فی فهرسها 1 : 336.

3 - نسخة کتبت فی القرن العاشر ، فی المکتبة الوطنیة (کتابخانه ملی) - طهران ، رقم 1797 / ع ، ذکرت فی فهرسها 10 : 336. العباد

ص: 227

والکتاب فی المراحل النهایة من التحقیق ، وسیصدر ضمن منشورات مؤسسة آل البیت  - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم.

* إرشاد الأذهان إلی أحکام الإیمان

تألیف : العلامة الحلی ، جمال الدین أبی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر الحلی (648 - 726) من أجل الکتب الفقهیة وأعظمها عند الإمامیة ، ولذلک تلقاه علماؤهم بالشرح والتعلیق عبر القرون ، منذ عصر المؤلف إلی هذا الأواخر.

وقد ذکر العلامة آقا بزرک الطهرانی فی «الذریعة» 1 : 511 ، 6 : 14 ، 13 : 74 ما یقارب خمسین شرحا وحاشیة علیه ، أما مسائله فبلغت خمس عشرة ألف مسألة.

یقوم بتحقیقه : الشیخ فارس الحسون علی عدة نسخ ، منها :

1 - نسخة کتبت سنة 701 ه ، کتبها زین الدین علی بن إسماعیل بن إبراهیم بن فتوح ، کتبها فی حیاة المؤلف وقرئت علیه ، وعلیها إجازة المؤلف بخطه بقراءة الکتاب علیه ، من مخطوطات مکتبة الإمام الرضا علیه السلام العامة فی مشهد ، رقم 2222 ، ذکرت فی فهرسها.

2 - نسخة کتبت سنة 704 ه ، کتبها شرف حسین بن محمد بن علی العلوی الحسینی ، وقد قرأها علی المؤلف فکتب له الإجازة علیها بخطه فی سلخ ذی الحجة الحرام سنة 704 ه ، من مخطوطات مکتبة مجلس الشوری فی طهران ، رقم

6330 ، ذکرت فی فهرسها :

3 - نسخة کتبت سنة 718 ه ، کتبها الحسن بن الحسین الشیعی السبزواری ، وهی من مخطوطات مکتبة آیة الله المرعشی العامة فی قم ، رقم 4357 ، ذکرت فی فهرسها 11 : 355.

وسیصدر الکتاب ضمن منشورات مؤسسة آل البیت - علیهم السلام - لإحیاء التراث ، فی قم.

کما ویقوم بتحقیقه أیضا الشیخ حسن المعزی.

* شرح الأخبار فی سیر وفضائل الأئمة الأطهار

تألیف : القاضی نعمان بن محمد بن منصور بن حیوس المصری ، المتوفی سنة 363 ه.

یقوم بتحقیقه : السید محمد الحسینی الجلالی ، فی 16 جزءا ومن المؤمل أن یصدر عن جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة - قم.

* المسترشد فی الإمامة

تألیف : أبی جعفر محمد بن جریر بن رستم ابن جریر الطبری الکبیر الإمامی ، من أعلام محدثی الإمامیة فی أوائل القرن الرابع.

ذکره ابن الندیم والشیخ الطوسی والنجاشی فی فهارسهم ، وراجع الذریعة 21 : 9 ، وأعلام الشیعة (القرن الرابع) : 250 - 253 ، وقد طبع فی النجف الأشرف من دون تحقیق.

یقوم بتحقیقه : الشیخ أحمد المخمودی.

ص: 228

* مناقب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام

تألیف : أبی جعفر محمد بن سلیمان الکوفی ، قاضی صعدة بالیمن.

فرغ منه فی رجب الحرام سنة 300 ه ، وهو من أحس کتب المناقب وأجمعها ، یحوی أکثر من ألف حدیث ، جمعها المؤلف عن شیوخه بأسانید معروفة.

یقوم بتحقیقه وتخریجه والتعلیق علیه : الشیخ محمد باقر المحمودی ، وربما یصدر فی مجلدین.

* النوادر من الأحادیث

تألیف : المحدث الفقیه ، الحکیم العارف ، محمد بن المرتضی ، المشتهر بالمولی محسن الفیض الکاشانی ، المتوفی سنة 1091 ه.

والکتاب مجموعة من الأحادیث والأخبار النادرة من مصادر الحدیث عند الشیعة  - غیر الکتب الأربعة -.

یقوم بتحقیقه : الشیخ مهدی الأنصاری القمی.

وقد اعتمد فی تحقیقه علی نسختین هما :

1 - نسخة کتبت سنة 1098 ه ، عن نسخة الأصل ، من مخطوطات مکتبة آیة الله المرعشی

العامة فی قم.

2 - نسخة الکتاب المطبوعة علی الحجر سنة 1119 ه.

* إجازات الحدیث

هناک إجازات صدرت من العلامة المجلسی  - صاحب الموسوعة الحدیثیة الکبری «بحار الأنوار» - لتلامذته ، ومن قرأ علیه الحدیث ، ومن استجازه فی الروایة عند ، من أعلام عصره ومعاصریه ، وهم عدد کبیر یصعب استقصاؤهم ، وبطون المخطوطات الحدیثیة مملوءة بإجازاته وإنهاءاته - قدس سره - هذه.

فقام السید أحمد الحسینی مؤخرا بمحاولة جمع ما تیسر له من هذا الشتات وتحقیقه وإضافة ترجمة موجزة للمجازین بتلک الإجازات ، فی مجلدین أو أکثر ، وستصدر من منشورات مکتبة آیة الله المرعشی العامة فی قم.

* کتاب المزار

تألیف : الشیخ المفید ، أبی عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادی ، المتوفی سنة 413 ه.

تقوم بتحقیقه : مدرسة الإمام المهدی  - علیه السلام - فی قم.

* * *

ص: 229

مسابقة التألیف عن الإمام الحسن علیه السلام

«بسم الله الرحمن الرحیم»

قال تعالی : «قال لا أسألکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی ، ومن یقترف حسنة نزد له فیها حسنا إن الله غفور شکور.»

وقال رسول الله صلی الله علیه وآله : «مثل أهل بیتی فیکم کسفینة نوح من رکبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوی»

من هذا المنطلق ، وبعد النجاح الباهر الذی لقیته مباراة الکتابة عن الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام ، وعن الصدیقة الزهراء فاطمة علیها السلام ... تدعو لجنة التألیف والتحقیق فی (مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث) فی بیروت ، السادة الکتاب والمؤلفین للکتابة عن الإمام الحسن المجتبی علیه السلام.

«شروط المباراة»

1 - أن تکون الکتابة باللغة العربیة.

2 - أن لا تقل صفحات الکتاب عن المائتین ولا تزید عن الأربعمائة بالحجم المتوسط.

3 - أن لا یکون الکتاب قد سبق طبعه ونشره ، أو نشرت فصوله بصورة حلقات فی إحدی المجلات.

4 - لا مانع من اشتراک أکثر من شخص فی تألیف کتاب ، أو یقدم الکتاب من قبل مؤسسة أو جمعیة.

5 - آخر موعد لوصول الکتب إلی المؤسسة هو نهایة شهر صفر 1408 هجریة.

6 - الکتب الفائزة لا یحق طبعها للمرة الأولی إلا بإذن خاص من المؤسسة ، أما الطبعات التالیة فتکون لمؤلفیها.

7 - المراسلات تکون علی العنوان التالی : -

لبنان ، بیروت - مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث ، ص. ب 155 / 25 الغبیری

8 - ترسل الکتب بالبرید المضمون علی العنوان المذکور.

ص: 230

9 - تجتمع لجنة التحکیم فی ربیع أول 1408 هجریة ، لتعیین الکتب الثلاثة الأولی الفائزة فی المباراة ، وترسل الجوائز إلی أصحابها ، وتعید الکتب التی لم یکتب لها الفوز إلی أصحابها.

10 - تعلن النتائج فی حفل جماهیری یقام فی بیروت ، أو أی مکان مناسب آخر.

11 - من حق اللجنة إجراء تعدیلات علی الکتب الفائزة ، أو حذف ما تراه علی أن لا یکون مخلا بالکتاب.

12 - اللجنة مستعدة لتلبیة طلبات السادة المؤلفین بالمصادر التی یحتاجونها.

ولذا نحث إخواننا الفضلاء من ذوی الأقلام أن یوافونا بما یفتح الله به علیهم ، ولهم من الله تعالی الأجر ، ومنا ومن القراء الشکر.

علما بأن هناک هیئة تحکیم علیا تتألف من کبار فضلاء الحوزة ومدرسی الجامعات ، وسوف تمنح للفائزین الأوائل جوائز تقدیریة قیمة.

ص: 231

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.