الكتاب:... الأَلفَینُ فِی أَحَادِیثِ الْحَسَنِ (عَلَیهِ السَّلَامُ وَ الحُسَینِ (عَلَیهِ السَّلَامُ)(الجزء الثالث و الرابع)
المؤلف:... الشَّيْخ عَلِيّ حَيْدَر الْمُؤَيَّد
الناشر:... المكتبة الحيدرية
عدد المطبوع:... 500 دوره
ليتوغرافي:... آل البيت (عَلَیهِمُ السَّلَامُ) 09121532077
المطبعة:... شریعت
الطبعة:... الأولى - 1432-1390
السعر الدورة:... 15000 تومان
ردمک: 6- 155- 497- 964- 978
ص: 1
الأَلفَینُ
فِی أَحَادِیثِ الْحَسَنِ وَ الحُسَینِ (عَلَیهِمُ السَّلَامُ)
ص: 2
الأَلفَینُ
فِی أَحَادِیثِ الْحَسَنِ وَ الحُسَینِ (عَلَیهِمُ السَّلَامُ)
الجزء الثالث و الرابع
الْخَطِيبُ
الشَّيْخ عَلِيّ حَيْدَر الْمُؤَيَّد
ص: 3
بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
ص: 5
حلّق أبا أحمدَ بالذات***وتِهْ على الغابر و الآتي
و اجمع لآل البيت أفضالهم***ما طاب من نثر و أبيات
و روِّ من عشاقهم غُلَّةً***تداولوها بالوراثات
حرارة الإيمان من حُبَّهم***للآل من ربّ السماوات
فليس تطفيها إذن أبحرٌ***في الأرض أو مدرارُ مُزنات
إلّا حدیثٌ لاح في أسطر***خبّأها الدهر بطيات
إلّا قصيدٌ صاغهُ شاعرٌ***وخلَّدَ الشعر بآهات
و أنت إذ تجمعُ لئلائها***من قبل ألفٍ جمع أشتات
1991 (ضاءت على الألفين أسرارها)***عن سيّدَيْ شباب جنّات
1211 110 202 468
وتارةً بالشعر من فاطمٍ***محققاً أجلى الروايات
فقلت من شوقي لتأليفكم***مقدّراً تلك الكتابات
أرِّخ (عليٌ شكرتْ جُهدهُ***الزهراء عند الفاطميات )(1)
1988 110 920 17 *** 245 124 572
ص: 6
ص: 7
{1}
[1] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق العقل من نورمخزون مکنون في سابق علمه الّتي لم يطّلع عليه نبيّ مرسل ولا ملك مقرَّب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه ، والحياء عينيه، والحكمة لسانه، والرأفة همّه، والرحمة قلبه، ثمّ حشاه وقوّاه بعشرة أشياء : باليقين والإيمان والصدق والسكينة والإخلاص والرفق، والعطيّة والقنوع والتسليم والشكر، ثمّ قال عزّوجلّ: أدبر فأدبر، ثمّ قال له : أقبل فأقبل، ثمّ قال له : تكلّم، فقال : الحمد اللّه الّذي ليس له ضدّ ولاندّ ولا شبيه ولا كفوٌ ولا عديلٌ ولا مثل. الّذي كلّ شيء العظمته خاضع ذليل ، فقال الربّ تبارك وتعالى : وعزّتي وجلالي ماخلقت خلقاً أحسن منك ولا أطوع لي منك ولا أرفع منك ولا أشرف منك ولا أعزّ منك، بك أُواخذ، وبك أُعطي، وبك أُوحد، وبك أُعبد، وبك أُدعى، وبك أُرتجى، وبك ابتغى، وبك أُخاف، وبك أُحذر، وبك الثواب ، وبك العقاب، فخرّ العقل عند ذلك ساجداً فكان في سجوده ألف عام فقال الربّ تبارك وتعالى : ارفع رأسك وسل تُعط ، واشفع تشفّع. فرفع العقل رأسه فقال : إلهي أسألك أن تشفّعني فيمن خلقتني فيه. فقال جلّ جلاله لملائكته : أُشهدكم أنّي قد شفّعته فيمن خلقته فیه(1)
ص: 8
{2}
[2] إذا وَرَدَتْ على العاقل مُلِمّةٌ قمع الحزنَ بالحزم، وقرع العقلَ للإحتيال.(1)
{3}
[3] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : ألا أُخبركم بالفقيه كلّ الفقيه؟ قالوا: بلى یا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
قال : من لم يقنط الناس عن رحمة اللّه ومن لم يؤمنهم مكر اللّه ومن لم يرخّص لهم في معاصي اللّه ومن لم يدع القرآن رغبة إلى غيره لانّه لا خير في علم لا تفهّم فيه، ولا عبادة لا تفقّه فيها، ولا قراءة لا تدبّر فيها، فإنّه إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء : أيّها الناس! إنّ أقربكم من اللّه تعالی مجلساً أشدّكم له خوفاً، وإنّ أحبّكم إلى اللّه أحسنكم عملاً، وإنّ أعظمكم عنده نصيباً أعظمكم فيما عنده رغبة، ثمّ يقول عزّوجلّ: لا أجمَع عليكم اليوم خزي الدنيا وخزي الآخرة، فيأمر لهم بكراسي فيجلسون عليها وأقبل عليهم الجبّار
ص: 9
بوجهه وهو راض عنهم وقد أحسَن ثوابهم.(1)
{4}
[4] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اللّهمّ ارحم خُلَفائي ثلاث مرّات، قيل : يانبيّ اللّه ومَن خلفاؤك؟
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الّذين يأتون مِن بعدي ويروون أحاديثي و سُنَّتي ويعلّمونها الناس من بعدي.(2)
ص: 10
{5}
[5] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع : العقل ، والدين، والأدب، والحياء، وحُسن الخُلق.(1)
{6}
[6] الورّاق ، عن ابن مهرويه(2)، عن داود بن سليمان الغازي، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه ، عن أمير المؤمنين(عَلَيهِم السَّلَامُ) أنّه قال :
الدنيا كلّها جهل إلّا مواضع العلم، والعلم كلّه حجّة إلّا ماعمل به ، والعمل كلّه رياءٌ إلّا ما كان مخلصًا والإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له.(3)
بیان : لعلّ المراد بمواضع لعلم الأنبياء والأئمّة ومن أخذ عنهم العلم.
ص: 11
{7}
[7] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : رأس العقل بعد الإيمان باللّه عزّوجلّ التحبّب إلى الناس.(1)
{10}
[10] طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه واقتبسوه من أهله، فإنّ تعليمه للّه حسنة وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى، لأنّه معالم الحلال والحرام، ومنار سبیل الجنّة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السرّاء والضرّاء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع اللّه به أقوماً ويجعلهم في الخير.(1)
{11}
[11] قال لي : العاقل لا يُحدّث مَن يخاف تكذيبَه ولا يَسأل مَن يخاف
ص: 13
منعَع، ولا يثق بمن يخاف غدره، ولا يرجو مَن لا يوثَق برجائه.(1)
{14}
[14] العلم الّذي دعى إليه المصطفى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و هو علم الحروف و علم الحروف في لام الف، وعلم لام الف في الألف، وعلم الألف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وعلم المعرفة الأصلية في علم الأزل، وعلم الأزل في المشية، أي المعلوم، وعلم المشية في غيب الهوية، وهو الّذي دعا اللّه إليه نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقوله : فاعلم «أنّه لا إله إلّا اللّه» والهاء في «انّه» راجع إلى غیب الهوية.(1)
{15}
[15] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : العِلم خزائن ومفتاحها السؤال، فاسألوا يرحمكم اللّه، فإنّه يؤجِرُ فيه أربعة : السائل، والمُعَلّم، والمستمع، والمُحبّ له.(2)
ص: 15
{16}
[16] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : العلم لقاح المعرفة، وطول التجارب زيادة في العقل ، والشرف التقوى، والقُنوع راحة الأبدان ، ومَن أحبّك نهاك، ومن أبغضك أغراك.(1)
{17}
[17] العلم ضالّة المؤمن.(2)
{18}
[18] الشيخ الطوسي قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل(3) ، قال : حدّثنا محمّد بن محمّد بن معقل العجلي القرمیسیني نزيل سهرورد قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن بنت الیاس قال : حدّثني أبي قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحدّث عن أبيه ، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :
ص: 16
قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : غریبان كلمة حكمة من سفيه فأقبلوها و كلمة سفه عن حكيم فاغفروها، فإنّه لا حكيم إلّا ذو عَثرة ولا سفيه إلّا ذو تجربة.(1)
{22}
[22] عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم.(1)
{23}
[23] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن أفتى الناس بغير علم لعنته السماء والأرض.(2)
{24}
[24] من دلائل علامات القبول : الجلوس إلى أهل العقول، ومن علامات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الكفر، ومن دلائل العالم انتقاده لحديثه، وعلمه بحقائق فنون النظر.(3)
ص: 18
{25}
[25] واللّه ما برأ اللّه من بريّة أفضلَ من محمّد ومنّي وأهل بيتي، وإنّ الملائكة لَتَضَع أجنحتها لطَلَبة العلم من شيعتنا.(1)
ص: 19
ص: 20
ص: 21
[26] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ بسم اللّه الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها : بسم اللّه الرحمن الرحيم، سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : إنّ اللّه عزّ وجلّ قال لي: يا محمّد ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم فأفرد الإمتنان علي بفاتحة الكتاب ، وجعلها بأزاء القرآن العظيم، وإنّ اللّه عزّوجلّ خصّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وشرفه بها ولم يشرك معه فيها أحداً من أنبيائه ما خلا سلیمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنّه أعطاه منها «بسم اللّه الرحمن الرحیم» يحكي عن بلقیس حين قالت : «إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ* إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».
ألا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمّد و آله الطيّبين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، منقاداً لأمرها مؤمناً بظاهرها وباطنها أعطاه اللّه عزّ و جلّ بكلّ حرف منها حسنة ، كلّ واحدة منها أفضل له من الدنيا وما فيها من أصناف أموالها و خيراتها، ومن استمع إلى قارىء يقرؤها كان له بقدر ما للقاري فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنّه غنيمة لا يذهبنّ أوانه فتبقى قلوبكم في الحسرة.(1)
ص: 22
{2}
[27] إن للّه عزّوجلّ تسعة وتسعين إسماً - مائة إلّا واحدة من أحصاها دخل الجنّة، وهي: اللّه. الإله. الواحد. الصمد. الأوّل. الآخر. السميع. البصير. القدير. القاهر. العليّ. الأعلى. الباقي. البديع. الباريء. الأكرم. الظاهر. الباطن. الحيّ. الحكيم. العليم. الحليم. الحفيظ. الحقّ. الحسیب. الحميد. الحفيّ. الربّ. الرحمن الرحیم. الذاريء. الرزّاق. الرقيب. الرؤوف. السلام. المؤمن. المهيمن. العزيز. الجبّار. المتكبّر. السيّد. السبُوح. الشهيد الصادق. الصانع. الطاهر. العدل. العفوّ. الغنيّ. الغياث. الفاطر. الفرد. الفتّاح. الفالق. القديم. الملك القدّوس. القويّ. القريب. القيّوم. القابض. الباسط. قاضي الحاجات. المجيد. المولى. المنّان. المحيط. المبين. المُقيت. المصوّر. الكريم. الكبير. الكافي. کاشف الضرّ. الوِتْر. النور. الوهّاب. الناصر. الواسع. الودود. الهادي. الوفيّ. الوكيل. الوارث. البَرّ. الباعث. التوّاب. الجليل. الجواد. الخبير. الخالق. خیر الناصرين. الديّان. الشكور. العظيم. اللطيف. الشافي.(1)
ص: 23
{3}
[28] سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِما السَّلَامُ) يقول : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : سمعت جبرائيل يقول : سمعت اللّه جلّ جلاله يقول : لا إله إلّا اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. قال : فلمّا مرّت الراحلة نادانا : بشروطها وأنا من شروطها.(1)
{4}
[29] قال اللّه جلّ جلاله : لا إله إلّا اللّه أسمي من قاله مخلصاً من قلبه دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي.(2)
ص: 24
{5}
[30] أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : كنت مع الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا وصل إلى نيسابور وهو راكب بغلة شهباء وقد خرج علماء نیسابور في استقباله ، فلمّا صار إلى المربعة تعلّقوا بلجام بغلته فقالوا: يابن رسول اللّه حدّثنا بحقّ آبائك الطاهرين حديثاً عن آبائك (عَلَيهِم السَّلَامُ) أجمعين فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خزّ قال :
حدّثني أبي موسی بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي سيّد شباب أهل الجنّة عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : أخبرني جبرئيل الروح الأمين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اللّه تقدست أسماؤه وجلّ وجهه قال : إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا وحدي عبادي فاعبدوني وليعلم من لقيني منکم بشهادة أن لا إله إلّا اللّه مخلصاً بها فإنّه قد دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي قالوا: يابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما إخلاص
ص: 25
الشهادة؟ قال : طاعة اللّه ورسوله وولاية أهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ).(1)
{6}
[31] عن الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ لا إله إلّا اللّه كلمةٌ عظيمةٌ كريمةٌ على اللّه عزّوجلّ من قالها مخلصاً استوجب الجنّة ومن قالها كاذباً عُصِمَتْ ماله ودمُه و كان مصيرُه إلى النار.(2)
{7}
[32] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه عزّ وجلّ عمودآ من ياقوت أحمر رأسُه تحت العرش وأسفلُه على ظهر الحوت في الأرض السابعة السُفلى، فإذا قال العبد: لا إله إلّا اللّه، اهتز العرش وتحرك العمود [و تحرّك الحوت ] فيقول اللّه عزّوجلّ: (أُسکُن عرشي) فيقول : كيف أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول اللّه
ص: 26
عزّ وجلّ : إشهدوا سُكاّن سماواتي إنّي قد غفرتُ لقائلها.(1)
{8}
[33] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : التوحید نصف الدين، واستنزلوا الرزق من قِبَل اللّه بالصدقة.(2)
{9}
[36] أوحى اللّه إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه : وعزتي وجلالي
ص: 27
لأقطعن أمل كلّ مؤمّل غيري بالاياس، ولاکسونّه ثوب المذلّة في الناس ، ولأبعدنّه من فرجي وفضلي، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي أو یرجو سواي وأنا الغني الجواد، بيدي مفاتیح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح المن دعاني، ألم يعلم أنّه ما أو هنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فمالي أراه بأمله معرضا عتي، قد أعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني، فأعرض عني ولم يسألني وسأل في نائبته غيري، وأنا اللّه ابتدىء بالعطيّة قبل المسألة أفأسأل فلا أجيب؟ كلّا أو ليس الجود والكرم لي، أو ليس الدنيا والآخرة بيدي، فلو أن أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، و كيف ينقص ملك أنا قيّمه فيا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني. فقلت : يابن رسول اللّه أعد علىَّ هذا الحديث، فأعاده ثلاثاً فقلت : لا واللّه لا سألت أحداً بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني برزق و فضل من عنده.(1)
ص: 28
{10}
[35] إنّ اللّه عزّوجلّ قدّر المقادير ، ودّبر التدابير قبل أن يخلق آدم بالفي عام.(1)
{11}
[36] أمالي الشيخ الطوسي : جماعة عن أبي المفضّل(2) ، عن محمّد بن جعفر(3) الرزّاز، عن أيوب بن نوح بن درّاج، عن الرضا، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أوحى اللّه عزّوجلّ إلى نجيّه موسى : أحبيني وحبّبني إلى خلقي ! قال : يارب هذا أُحبّك فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال : أُذكر لهم نعما عليهم، وبلاي عندهم، فإنهم لا يذكرون أو لا يعرفون منّي إلّا كلّ الخير.(4)
ص: 29
{12}
[37] سئل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقيل : يا أخا رسول اللّه هل رأيتَ ربّك ؟ فقال : وكيف أعبد من لم أره؟ لم تره العيونُ بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوبُ بحقائق الإيمان، فإذا كان المؤمن يرى ربّه بمشاهدة البصر فإنّ كلّ من جار عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولابدّ للمخلوق من الخالق ، فقد جعلته إذاً محدثاً مخلوقاً، ومن شبّهه بخلقه فقد اتّخذ مع اللّه شريكاً، ويلهم أو لم يسمعوا يقول اللّه تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»(1) وقوله : «لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا»(2) وإنّما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سمِّ الخياط فدکد کت الأرض وصعقت الجبال «وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا»(3) أي ميّتاً «فَلَمَّا أَفَاقَ» وردّ عليه روحُه «قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ» من قول من زعم أنّك ترى، ورجعت إلى معرفتي بك أنّ الأبصار لا تدركك «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ»(4) وأول المقرّين بأنّك تَرى ولا تُرى، وأنت بالمنظر الأعلى.(5)
ص: 30
{13}
ایرانیان [38] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها الناس اتّقوا هؤلاء المارِقَة الّذين يُشبِّهون اللّه بأنفسهم، يُضاهون قولَ الّذين كفروا من أهل الكتاب ، بل هو اللّه ليسَ كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصيرُ لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ وهو اللطيفُ الخبير ، استخلص الوحدانيةَ والجبروتَ و أمضى المشيئةَ والإرادةَ والقدرةَ والعلمَ بما هو كائنٌ. لا منازعَ له في شيء من أمرِه ولا كفوَ له يعادله ولا ضدَّ له ينازعه، ولا سَمِيّ له يشابهه ، ولا مِثْل له يشاكله.
لا تتداوله الأمورُ ولا تجري عليه الأحوال، ولا تنزل عليه الأحداثْ ، ولا يُقدِّر الواصفون كنهَ عظمته، ولا يخطُرُ على القلوب مبلغُ جبروتِه ، لأنه ليس له في الأشياء عديلٌ، ولا تدركه العلماءُ بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلّا بالتحقيق إيقاناً بالغيب، لأنه لا يوصَف بشيء من صفات المخلوقين وهو
ص: 31
الواحدُ الصمد، ما تصوّر في الأوهام فهو خلافُه ، ليس بربٍ من طُرح تحتَ البلاغ و معبودٍ مَن وُجِد في هواءٍ أو غير هواء.
هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه، ومن الأشياء بائنٌ لا بينونة غائب عنها، ليس بقادرٍ مَن قارنه ضدٌ أو ساواه ندٌ، ليس عن الدهر قِدَمُه، ولا بالناحية أُممه، إحتجَب عن العقول كما إحتجب عن الأبصار. وعمّن في السماء إحتجابُه كمن في الأرض، قُربه كرامته وبُعده إهانته، لا يحلّه (في)، ولا توقّته (إذ)، ولا توامره (إن)، علوّ من غير توقّل، ومجيئه من غیر تنقّل، يوجد المفقود، ويُفقد الموجود، ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت، يصيب الفكر منه الإتيان به موجوداً ووجود الإتيان لا وجود صفة، به توصف الصفات لا بها يوصف، وبه تعرف المعارف لا بها يعرف، فذلك اللّه لا سَميّ له، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.(1)
{16}
[39] وُجِد لوحٌ تحت حائط مدينة من المدائن مكتوبٌ فيه : أنا اللّه لا إله إلّا أنا، ومحمّد نبيّي، عجبتُ لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجبتُ لمن أيقن بالقَدَر كيف يحزن؟ وعجبتُ لمن إختبرَ الدنيا كيف يطمئنُّ إليها؟ وعجبتُ لمن أيقن بالحساب كيف يذنب؟(2)
ص: 32
{15}
[40] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه عزّوجلّ ليُحاسب كلّ خلق إلّا من أشرك باللّه عزّوجلّ فإنّه لا يُحاسب ويُؤمَر به إلى النار.(1)
{16}
[41] إنّ يهوديّاً سأل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أخبرني عمّا ليس للّه وعمّا ليس عند اللّه وعمّا لا يعلمه اللّه تعالی.
قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أمّا ما لا يعلمه اللّه فذلك قولكم يا معشر اليهود عزير ابن اللّه، واللّه لا يعلم له ابناً، وأمّا قولك : ما ليس للّه فليس له شريك، وأمّا قولك : ما ليس عند اللّه، فليس عند اللّه ظلم للعباد.
فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).(2)
ص: 33
{17}
[42] إن أعمال هذه الأُمّة ما من صباح إلّا وتعرض على اللّه تعالى.(1)
{18}
[43] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يقول اللّه عزّوجلّ: ما من مخلوق يَعتصم بمخلوق دوني إلّا قطّعتُ أسبابَ السماوات والأرض من دونه ، فإن سألني لم أُعطه، وإن دعاني لم أُجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلّا ضمنت السماوات والأرض برزقه ، فإن سألني أعطيتُه وإن دعاني أجبتُه، وإن إستغفرني غفرتُ له.(2)
ص: 34
{19}
[ 44 ] قيل للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّ أباذر يقول : الفقر أحبّ إليّ من الغنى، والسقم أحبّ إليّ من الصحّة.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رحم اللّه تعالى أباذر، أمّا أنا فأقول : من اتّكل على حُسن اختيار اللّه تعالى له لم يتمنّ غير ما اختاره اللّه عزّوجلّ له.(1)
{20}
[45] عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسی بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي
ص: 35
عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : قال اللّه جلّ جلاله : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري، فليلتمس إلهاً غيري، وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : في كلّ قضاء اللّه عزّوجلّ خيرة للمؤمن. (1)
{21}
[46] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لبعض أصحابه ذات يوم: یا عبداللّه أحبِب في اللّه، وأبغِض في اللّه، ووال في اللّه وعاد في اللّه، فإنه لا تُنال ولاية اللّه إلّا بذلك، ولا يجد أحد طعم الإيمان وإن كثرت صلاتُه وصيامُه حتّى يكون كذلك ، الحديث.(2)
ص: 36
{22}
[47] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إنّ موسی بن عمران سأل ربّه، ورفع يديه فقال : یا ربّ أبعيدٌ أنتَ فأُناديك ، أم قريبٌ فأٌناجيك؟ فأوحى اللّه تعالى إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني.(1)
{24}
[49] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : كنّا على مائدة أنا وأخي محمّد بن الحنفيّة وبنو عميّ عبداللّه بن عبّاس وقثم والفضل فوقعت جرادة فأخذها عبداللّه بن عبّاس فقال للحسن : تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة؟ فقال : سألتُ أبي فقال : سألتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال لي : على جناح الجرادة مكتوب : «إنّي أنا اللّه لا إله إّلا أنا ربّ الجرادة ورازقها إذا شئتُ بعثتها رِزقاً لقوم، وإن شئتُ على قوم بلاء».
فقال ابن عبّاس : هذا واللّه من مكنون العلم.(1)
{25}
[50] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال : ما أخذ اللّه طاقة أحد إلّا وضع عنه طاعته، ولا أخذ قدرته إلّا وضع عنه كلفته. (2)
ص: 38
{26}
[51] قيل للامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أعظم خوفك من ربّك؟
قال : لا يأمنُ يومَ القيامة إلّا مَن خاف اللّه في الدنيا.(1)
{27}
[52] عن أبي عبداللّه الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال : مَن خاف اللّهَ خوّف اللّهُ منه كلَّ شيء.(2)
{28}
[53] سمعتُ أبي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول : الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض، وفضائل ومعاصي. فأمّا الفرائض فبأمر اللّه وبرضى اللّه وبقضاء اللّه وتقديره ومشيئته وعلمه عزّوجلّ. وأمّا الفضائل فليست بأمر اللّه(3) ولكن برضی
ص: 39
اللّه وبقضاء اللّه وبمشيئة اللّه وبعلم اللّه عزّوجلّ، وأما المعاصي فليست بأمر اللّه ولكن بقضاء اللّه وبقدر اللّه وبمشيئته وعلمه ثمّ يعاقب عليها.
قال الشيخ - رضي اللّه عنه - في الأمالي : المعاصي بقضاء اللّه معناه بنهي اللّه لأنّ حكمه عزّوجلّ فيها على عباده الإنتهاء عنها، ومعنى قوله: «بقدر اللّه» أي بعلم اللّه بمبلغها ومقدارها. ومعنى قوله : «وبمشيئته»، فإنّه عزّوجلّ شاء أن لا يمنع العاصي من المعاصي إلّا بالزجر والقول والنهي والتحذير، دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدرة.(1)
{29}
[54] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الإيمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان العقول. قال أبو الصلت : فحدّثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل فقال لي أحمد: يا أبا الصلت لو قريء هذا الإسناد على المجانين لأفاقوا.(2)
ص: 40
{31}
[56] إنّ اللّه تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئاً من طاعته، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم؛ وأخفى سخطه في معصيته ، فلا تستصغرنّ شيئاً من معصيته ، فربّما وافق سخطه وأنت لا تعلم؛ وأخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرن شيئاً من دعائه، فربّما وافق إجابته و أنت لا تعلم؛ وأخفى وليّه في عباده ، فلا تستصغرنّ عبداً من عباد اللّه (1) فربّما يكون وليّه وأنت لا تعلم.(2)
ص: 42
{32}
[57] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يقول اللّه عزّوجلّ یابن آدم أما تُنصفُني؟ أتحبَّبُ إليك بالنِعَم وتتمَقَّت إليّ بالمعاصي، خيري إليكَ مُنزلَ، وشرُّك إليّ صاعد، ولا يزال مَلَك كريم يأتيني عنكَ في كلّ يوم وليلة بعملٍ قبيح، يابن آدم لو سمعتَ وصفك من غيرِك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعتَ إلى مقته.(1)
{33}
[58] وعن عكرمة عن ابن عبّاس : بينما هو يحدث الناس، إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له : يابن عبّاس تفتي الناس في النملة والقملة، صف لي إلهك الّذي تعبد، فأطرق ابن عبّاس إعظاما لقوله، وكان الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً ناحية ، فقال : إلىّ يابن الأزرق، قال : لست إيّاك أسأل.
ص: 43
قال ابن عبّاس : یابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوّة، وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسين ، فقال له الحسين :
یا نافع ! إنّ مَن وَضَع دينَه على القياس لم يزل الدهرَ في التباس، سائلاً ناكباً عن المنهاج طاعناً بالإعوجاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غيرَ الجميل، یابنَ الأزرق أصف إلهي بما وَصف به نفسَه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يُدرك بالحواسّ، ولا يُقاس بالناس، قريبٌ غير ملتصق، بعید غير متنقص ، يُوَحّد ولا يبعَّض، معروفٌ بالآيات ، موصوفٌ بالعلامات، لا إله إلّا هو الكبيرُ المتعال.
فبكى ابن الأزرق وقال : يا حسين ما أحسن كلامَك.
قال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بلغني أنّك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعليّ؟
قال ابنُ الأزرق : أما واللّه يا حسين ! لئن كان ذلك لقد كنتم منارَ الإسلام، ونجومَ الأحكام.
فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي سائلك عن مسألة.
قال : سل.
فسأله عن هذه الآية : «وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ»(1) یابن الأزرق مَنْ حفظ في الغلامين ؟
قال ابن الأزرق : أبوهما.
قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأبوهما خير أم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟
قال ابن الأزرق : قد أنبأ اللّه تعالى أنّكم قومٌ خصمون.(2)
ص: 44
{34}
[59] روي في الكافي بإسناده عن سيّد العابدین (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : حدّثني أبي ، أنّه سمع أباه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحدّث الناس، قال :
إذا كان يوم القيامة بعث اللّه تعالى الناس من حُفَرهم عُزلاً بُهْما جُرداً
ص: 45
مُردّاً(1) في صعيد واحد، يسوقهم النور، وتجمعهم الظلمة؛ حتّى يقفوا على عقبة في المحشر، فيركب بعضهم بعضاً، ويزدحمون دونه، فيمنعون من المضيّ، فيشتدُّ أنفاسُهم، ويكثر عرقهم، ويضيق بهم أُمورهم، ويشتدُّ ضجيجهم، وترتفع أصواتهم.
قال : وهو أوّل هول من أهوال يوم القيامة.
قال : فيشرف الجبّار تعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة ، فيأمر ملكاً من الملائكة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق أنصتوا واستمعوا منادي الجبّار.
قال : فيسمع آخرُهم، كما يسمع أوّلهم.
قال : فتنكسر أصواتهم عند ذلك، وتخشع أبصارهم، وتضطرب فرائصهم، وتفزع قلوبهم، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت، «مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ».
قال : فعند ذلك يقول الكافر : «هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ».(2)
قال : فيشرف الجبّار تعالى ذكره الحكم العدل عليهم، فيقول: «أنا اللّه لا إله إلّا أنا، الحكم العدل الّذي لا يجور، اليوم أحكم بینکم بعدلي و قسطي ،
ص: 46
لا يظلم اليوم عندي أحد؛ اليوم آخذ للضعيف من القويّ بحقه، وبصاحب المظلَمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات والسيّئات، وأُثيب على الهبات، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالمٌ، ولأحد عنده مظلمة، إلّا مظلمة يهبها صاحبُها، وأُثيبه عليها، وآخذله بها عند الحساب، وتلازموا أيُّها الخلائق ، واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدينا، وأنا شاهد لكم بها عليهم وكفي بي شهيداً».
قال : فيتعارفون ويتلازمون، فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حقّ إلّا لزمه بها.
قال : فيمكثون ماشاء اللّه، فيشتدُّ حالُهم ويكثر عرقُهم وترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنَّون المَخلَص منه بترك مظالمهم لأهلها.
قال : ويطلع اللّه تعالى على جهدهم، فينادي مناد من عند اللّه تعالى يسمع آخرهم کما یسمع أوّلهم: يا معشر الخلائق أنصتوا لداعي اللّه تعالى واسمعوا، إنّ اللّه تعالى يقول : أنا الوهّاب إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا، وإن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم.
قال : فيفرحون بذلك لشدّة جُهدهم وضيق مسلكهم و تزاحمهم.
قال : فيهب بعضُهم مظالمَهم رجاء أن يتخلَّصوا ممّا هم فيه، ويبقى بعضهم فيقول : يا ربّ مظالمنا أعظم من أن نهبها.
قال : فينادي مناد من تلقاء العرش: أين رضوان خازن الجنان ؛ جنان الفردوس؟
قال : فيأمره اللّه تعالى أن يُطلع من الفردوس قصراً من فضّة بما فيه من الآنية والخدم.
قال : فيُطلعه عليهم، في ضافة القصر الوصائف والخدم.
ص: 47
قال : فينادي مناد من عند اللّه تعالى : يا معشر الخلائق، ارفعوا رؤوسكم، فانظروا إلى هذا القصر.
قال : فيرفعون رؤوسَهم، فكلُّهم يتمنّاه.
قال : فينادي مناد من عند اللّه تعالى : يا معشر الخلائق، هذا لكلّ مَن عفا عن مؤمن.
قال : فيعفون كلّهم إلّا القليل.
قال : فيقول تعالى : لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم، ولا يجوز إلى ناري ظالمٌ ولأحد من المسلمين عنده مظلمة، حتّى يأخذها منه عند الحساب ؛ أيّها الخلائق استعدُّوا للحساب.
قال : ثمّ يخلّي سبيلَهم، فينطلقون إلى العقبة، فيکرد بعضهم بعضاً حتّى ينتهوا إلى العرصة - والجبّار تعالى على العرش، قد نُشرت الدواوين، ونُصبت الموازين وأُحضر النبيّون والشهداء، وهم الأئمّة يشهد كلُّ إمام على أهل عالمه بأنّه قد قام فيهم بأمر اللّه تعالى ودعاهم إلى سبيل اللّه.
قال الراوي : فقال له رجل من قريش : یابن رسول اللّه إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة، أيُّ شيء يأخذ من الكافر ، وهو من أهل النار؟
قال : فقال له عليُّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يطرح عن المسلم من سيّئاته بقدر ماله على الكافر، فيعذّب الكافر بها مع عذابه بكفره، عذاباً بقدر ما للمسلمِ قبله من مظلمة.
قال : فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة للمسلم عند مسلم كيف يؤخذ مظلمته من المسلم؟
قال : يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حقّ المظلوم فتزاد على
ص: 48
حسنات المظلوم.
قال : فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟
قال : إن لم يكن للظالم حسنات، فإن كان للمظلوم سيّئات، يؤخذ من سيّئات المظلوم فتزاد على سيّئات الظالم.(1)
{35}
[60] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : الإستدراج من اللّه سبحانه لعبده أن يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر.(2)
{36}
[61] عن الإمام الرضا عن آبائه الطاهرين عن الحسين بن عليّ، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنه قال : إذا كان يوم القيامة تجلّى اللّه عزّوجلّ(3) لعبده المؤمن، فيوقفه على ذنونه ذنباً ذنباً، ثمّ يغفر اللّه له، لا يطلع اللّه على ذلك ملكاً مقرّباً ولا نبيّاً مرسلاً، ويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثمّ يقول لسيّئاته كوني حسنات.(4)
ص: 49
{37}
[62] عن محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من مات ولا يشرك باللّه شيئاً أحسن أو أساء دخل الجنّة.(1)
{38}
[63] عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : إنّ رجلاً قام إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين بماذا عرفت ربّك؟
قال : بفسخ العزم ونقض الهم، لما هممت فحيل بيني وبين همّي وعزمت فخالف القضاء عزمي، علمت أن المدبّر غيري.
قال : فبماذا شکرت نعماه؟
قال : نظرت إلى بلاء قد صرفه عنّي وأبلی به غيري، فعلمت أنّه قد أنعم عليّ فشكرته.
قال : فلماذا أحببت لقاه؟
قال : لما رأيته قد اختار لي من دین ملائكته ورسله وأنبيائه ، علمت أنّ
ص: 50
الّذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاه.(1)
{39}
[64] عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حدّثني أبي، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رأيت الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المنام قيل : بدر بليلة ، فقلت له : علّمني شيئا أنصر به على الأعداء، فقال : قل : يا هو يا من لا هو إلّا هو. فلمّا أصبحت قصصتها على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال لي: يا عليّ علّمت الإسم الأعظم؛ وكان على لساني يوم بدر، وأن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ قل هو اللّه أحد، فلمّا فرغ قال : يا هو يا من لا هو إلّا هو اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين.
وكان على (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ذلك يوم صفّين وهو يطارد، فقال له عمّار بن یاسر : يا أمير المؤمنين ما هذه الكلمات؟ قال : اسم اللّه الأعظم، وعماد التوحيد للّه لا إله إلّا هو، ثمّ قرأ: شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو، وأواخر الحشر، ثمّ نزل فصلّی أربع ركعات قبل الزوال.(2)
ص: 51
{40}
[65] الصدوق في الأمالي عن ابن عصام(1)، عن الكليني، عن محمّد بن علي(2) بن معن ، عن محمّد بن علي بن عاتكة، عن الحسين بن النضر الفهريّ، عن عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن یزید الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عن أبيه، عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبة خطبها بعد موت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بتسعة(3) أيّام وذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال :
الحمد للّه الّذي أعجز الأوهام أن تنال إلّا وجوده(4) ، وحجب العقول أن تتخيّل ذاته في امتناعها من الشبه والشكل، بل هو الّذي لم يتفاوت في ذاته ، ولم يتبعّض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، وتمكّن منها لا على الممازجة، وعلمها لا بأداة، لا يكون العلم إلّا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره، إن قيل: «كان» فعلى تأويل أزليّة الوجود، وإن قيل : «لم يزل» فعلی تأويل نقي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلهاً غيره علوّاً كبيراً.
ص: 52
نحمده بالحمد الّذي ارتضاه لخلقه وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل، خفُّ میزان ترفعان منه، وثقل میزان توضعان فيه، وبهما الفوز بالجنّة، والنجاة من النار، والجواز على الصراط، وبالشهادتين تدخلون الجنّة وبالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيّكم وآله «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» أيّها الناس إنّه لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعزُّ من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا كنز أنفع من العلم، ولا عزّ أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الأدب، ولا نصب أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
أيّها الناس إنّه من مشى على وجه الأرض فإنّه يصير إلى بطنها، والليل والنهار مسرعان في هدم الأعمار، ولكلّ ذي رمق قوت، ولكلّ حبّة آكل، وأنت قوت الموت، وإنّ من عرف الأيّام لم يغفل عن الإستعداد، لن ينجو من الموت غنيّ بماله، ولا فقير لإقلاله، أيّها الناس من خاف ربّه كفّ ظلمه، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره، ومن لم يعرف الخير من الشرّ فهو بمنزلة البهم(1) ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً، هيهات هيهات وما تناكرتم إلّا لمافيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعيم، وماشرّ بشرّ بعده الجنّة، وما خير بخير بعده النار، وكلُّ نعیم دون الجنّة فهو محقور، وكلّ بلاء دون النار عافية.(2)
ص: 53
{41}
[66] خطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الناس في مسجد الكوفة فقال :
الحمد للّه الّذي لا من شيء كان، ولا من شيء كوّن ما قد كان، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينيّة ولا له شبه مثال فيوصف بكيفيّة، ولم يغب عن علمه شيء فيعلم بحيثيّة مبائن لجميع ما أحدث في الصفات و ممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات و خارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرُّف الحالات محرّم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده وعلى عوافق ناقبات الفكر تكييفه، وعلى غوائص سابحات الفطر تصويره ، لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تذرعه المقادير لجلاله ولا تقطعه المقائیس الكبريائه.
ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه وعن الأفهام أن تستغرقه، وعن الأذهان أن تمثله ، قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ونضبت عن الإشارة إليه بالإكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر عن السموّ إلى وصف قدرته لطائف الخصوم، واحد لا من عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، ليس بجنس فتعادله الأجناس، ولا بشبح فتضارعه الأشباه، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد ضلّت العقول في أمواج تيّار إدراکه وتحيّرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليّته.
وحصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملکوته مقتدر بالآلاء وممتنع بالكبرياء، ومتملّك عن الأشياء، فلا دهر يخلقه ولا وصف يحيط به قد خضعت له ثوابت الصعاب في محلّ تخوم قرارها
ص: 54
وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها مستشهد بكليّة الأجناس على ربوبيّته وبعجزها على قدرته وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه.
فلا لها محيص عن إدراكه إيّاها ولا خروج من إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته عليها، كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركّب الطبع عليها دلالة وبحدوث الفطر عليها قدمة وبأحكام الصنعة لها عبرة، فلا إليه حدّ منسوب، ولا له مثل مضروب، ولا شيء عنه محجوب ، تعالى عن الأمثال والصفات المخلوقة علوّاً كبيراً.
وأشهد أن لا إله إلّا اللّه إيماناً بربوبيّته وخلافاً على من أنكره، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله المقرّ في خير مستقرّ المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهّرات الأرحام، المخرج من أكرم المعادن محتداً وأفضل المنابت منبتاً، من أمنع ذروة وأعزّ أُرومة من الشجرة الّتي صاغ اللّه منها أنبياءه وانتخب منها أُمناءه الطيّبة العود، المعتدلة العمود، الباسقة الفروع، الناضرة الغصون، اليانعة الثمار، الكريمة الحشاء.
في كرم غرست وفي حرم أنبتت و فيه تشعّبت وأثمرت وعزّت وامتنعت قسمت به وشمخت حتّى أكرمه اللّه عزّوجلّ بالروح الأمين والنور المبين والكتاب المستبين، وسخّر له البراق وصافحته الملائكة وأرعب به الأباليس وهدم به الأصنام والآلهة المعبودة دونه، سنّته الرشد، وسيرته العدل، وحكمه الحقّ، صدع بما أمره ربّه، وبلّغ ما حمّله، حتّى أفصح بالتوحيد دعوته وأظهر في الخلق أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له حتّى خلصت له الوحدانيّة، ووصفت له الربوبيّة، وأظهر اللّه بالتوحید حجّته، وأعلى بالإسلام درجته، واختار اللّه عزّوجلّ لنبيّه ما عنده من الروح والدرجة والوسيلة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عدد ما صلّی
ص: 55
على أنبيائه المرسلين وآله الطاهرين.(1)
{42}
[67] جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : الإيمان له أركان أربعة : التوكّل على اللّه، والتفويض إليه، والتسليم لأمر اللّه تعالى، والرضا بقضاء اللّه تعالى.(2)
{43}
[68] عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : خرج الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) على أصحابه فقال : أيّها الناس! إنّ اللّه عزّوجلّ ذكره ما خلق العباد إلّا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه.(3)
ص: 56
فقال له رجل: يابن رسول اللّه بأبي أنت وأُمّي فما معرفة اللّه؟
قال : معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الّذي يجب عليهم طاعته.(1)
ص: 57
ص: 58
ص: 59
{1}
[69] عن أبي الرضا، فضل اللّه بن علي بن عبيد اللّه الحسيني الراوندي، قال : أخبرنا الإمام الشهيد أبوالمحاسن عبدالواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني(1) إجازة وسماعاً، أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن الحسن التيمي البكري الحاجي(2) إجازة وسماعاً، حدّثنا أبو محمّد سهل بن أحمد الديباجي(3) حدّثنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي(4) حدّثني موسی بن إسماعيل بن موسی بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن
ص: 60
أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)(1) حدّثنا أبي إسماعيل بن موسى ، عن أبيه موسى، عن جدّه جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه، عن جدّ عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (صلوات اللّه عليهم أجمعين) قال :
خطبنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : أيّها الناس إنّكم في زمان هدنة وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبلین كلّ جديد ويقربن کلّ بعيد ويأتين بكلّ موعد ووعيد فأعدّوا الجهاز لبُعد المفاز. فقام المقداد بن الأسود الكندي (رضي اللّه عنه) فقال : يا رسول اللّه فما تأمرنا نعمل؟ فقال : إنّها دار بلاء وابتلاء، وانقطاع وفناء، فإذا التبست عليكم الأُمور كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع، وما حلّ مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل، وهو كتاب تفصيل، وبيان، وتحصيل، هو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم اللّه، وباطنه علم اللّه تعالى، فظاهره وثيق، وباطنه عمیق، له تخوم وعلى تخومه تخوم، لا تحصی عجائبه ، ولا تبلی غرائبه ، فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف النصفة، فليوع رجل بصره، وليبلغ النصفة نظره، ينجو من عطب، ويتخلّص من نشب ، فإنّ التفكّر حياة قلب البصیر کمايمشي المستنير، والنور يحسن التخلّص ويقلّ التربّص.(2)
ص: 61
{2}
[70] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن فإنّ البيت إذا قرىء فيه القرآن آنس على أهله وكثُر خيرُه و كان ساكنيه مؤمنوا الجنّ، والبيت إذا لم يُقرأ فيه القرآن و حُشّ على أهله وقلّ خيره و كان ساكنيه كفرة الجنّ.(1)
{3}
[71] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : حملة القرآن عرفاء أهل الجنّة يوم القيامة.(2)
ص: 62
{4}
[72] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كتاب اللّه عزّوجلّ على أربعة أشياء : على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق. فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء.(1)
{5}
[73] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : من قرأ آية من كتاب اللّه عزّوجلّ في صلاته قائماً يكتب له بكلّ حرف مائة حسنة ، فإذا قرأها في غير صلاة كتب اللّه له بكلّ حرف عشر حسنات، وإن استمع القرآن كتب اللّه له بكلّ حرف حسنة، وإن ختم القرآن ليلاً صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح، وإن ختمه نهاراً صلّت عليه الحفظة حتّى يمسي وكانت له دعوة مجابة و كان خيراً له ممّا بين السماء والأرض.
قلت : هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟
قال : يا أخابني أسد إن اللّه جواد ماجد کریم، إذا قرأ ما معه أعطاه اللّه ذلك (2).(3)
ص: 63
{6}
[74] عن الباقر عن أبيه عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن قرأ عشر آيات في ليلة لم يُكْتَب من الغافلين ، ومَن قرأ خمسين آية کُتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطارٌ، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب، والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً أصغرها مثل جبل أحُد، وأكبرها مابين السماء والأرض.(1)
{7}
[75] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه اللّه بعدد كلّ آية أُنزلت من السماء فيجزي بها ثوابها.(2)
ص: 64
{8}
[76] وروي عن الحسین (رضي اللّه عنه) أنه قال : أنزل اللّه تعالى مائة وأربعة كتب من السماء (صحف شيث ستّون، وصحف إبراهيم ثلاثون، وصحف موسى قبل التوراة عشر، والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن)، أودع علوم هذه الكتب في الفرقان، ثمّ أودع علوم الفرقان في المفصل، ثمّ أودع علوم المفصل في الفاتحة، فمن علم تفسير الفاتحة كان كمن علم تفسیر جميع الكتب المنزلة، ومن قرأها فكأنّما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، ثمّ أودع علوم الفاتحة في البسملة (بسم اللّه الرحمن الرحيم)، ثمّ أودع علوم البسملة في بائها، ومعناها : بي كان ما كان وبي يكون ما یکون.(1)
{9}
[77] قال أبو الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حدّثني أبي، عن جدّي ، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فقالوا: إنّ لك يا رسول اللّه مؤنة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها بارة مأجورة، أعط ماشئت وأمسك ما شئت من غير حرج.
ص: 65
قال : فأنزل اللّه عزّوجلّ عليه الروح الأمين فقال : يا محمّد: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(1) يعني أن تودّوا قرابتي من بعدي.
فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ترك ما عرضنا عليه إلّا ليحثنا على قرابته من بعد، إن هو إلّا شيء افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيماً، فأنزل اللّه عزّوجلّ هذه الآية : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».(2)
فبعث عليهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : هل من حدث؟
فقالوا : إي واللّه يا رسول اللّه، لقد قال بعضنا كلاماً غليظاً كرهناه فتلا عليهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الآية، فبكوا، واشتدّ بكاؤهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ»(3).(4)
{10}
[78] عن الإمام جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في حديث مفصل : فسار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
ص: 66
وأصحابه فلمّا نزلوا ثعلبيّة ورد عليه رجلٌ يقال له : بشر بن غالب ، فقال : يابن رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه عزّوجلّ: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»(1) قال : إمامٌ دعا إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنّة، وهؤلاء في النار، وهو قوله عزّ وجلّ : «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ»(2).(3)
{11}
[79] قال رجل من أهل البصرة : رأيتُ الحسينَ بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وعبدَ اللّه بن عمر يطوفان بالبيت ، فسألت ابنَ عمر فقلت : قول اللّه : «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»(4) قال : أمره أن يحدّث بما أنعم اللّه عليه، ثمّ إني قلتُ للحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : قول اللّه «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» قال : أمره أن يحدّث بما أنعم اللّه عليه من دينه.(5)
ص: 67
{12}
[80] قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه تعالى ذمّ اليهود في بغضهم لجبرئيل الّذي كان ينفذ قضاء اللّه فيهم بما يكرهون وذمّهم أيضاً وذمّ النواصب في بغضهم لجبرئیل و میکائیل وملائكة اللّه النازلين لتأیید عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)علی الكافرين حتّى أذلّهم بسيفه الصارم، فقال : «قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ»(1) من اليهود، لرفعه من بخت نصّر أن يقتله دانیال من غير ذنب كان جناه بخت نصّر، حتّى بلغ کتاب اللّه في اليهود أجله، وحلّ بهم ما جرى في سابق علمه، ومن كان أيضاً عدوّاً لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمّد و عليّ الناصبين، لأن اللّه تعالى بعث جبرئيل لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مؤيّداً وله على أعدائه ناصراً، ومن كان عدوّاً لجبرئيل لمظاهرته محمّداً وعليّاً و معاونته لهما وانقياده لقضاء ربّه عزّوجلّ في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده «فَإِنَّهُ» يعني جبرئیل «نَزَّلَهُ» يعني نزّل هذا القرآن «عَلَى قَلْبِكَ» يا محمّد «بِإِذْنِ اللَّهِ» بأمر اللّه وهو كقوله : نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»(2) «مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ» (3) نزّل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يا محمّد مصدّقاً موافقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث و غيرهم من الأنبياء ثمّ قال : «مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ»(4) لإنعامه على محمّد وعليّ وآلهما الطيّبين وهؤلاء الّذين بلغ من
ص: 68
جهلهم أن قالوا: نحن نبغض اللّه الّذي أكرم محمّداً وعليّاً بمایدّعیان «وَجِبْرِيلَ» : من كان عدوّاً لجبريل، لأنّه جعله ظهيرة، لمحمّد وعليّ على أعداء اللّه وظهيراً لسائر الأنبياء والمرسلين، وكذلك «وَمَلَائِكَتِهِ» يعني ومن كان عدوّاً لملائكة اللّه المبعوثين لنصرة دين اللّه وتأييد أولياء اللّه، وذلك قول بعض النصاب والمعاندين : برئت من جبريل الناصر لعليّ وهو قوله : «وَرُسُلِهِ» : ومن كان عدوّاً لرسل اللّه موسى وعيسى وسائر الأنبياء الّذين دعوا إلى إمامة عليِ (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ثم قال : «وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ» : ومن كان عدوّاً لجبرئیل و میکائیل، وذلك كقول من قال من النواصب لمّا قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جبرئيل عن يمينه و میکائیل عن يساره وإسرافيل خلفه وملك الموت أمامه واللّه تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره قال بعض النواصب : فأنا أبرأ من اللّه ومن جبرئیل و میکائیل والملائكة الّذين حالهم مع عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما قاله محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : من كان عدوّاً لهؤلاء تعصّباً على عليّ بن أبي طالب «فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ»(1) فاعل بهم ما يفعل العدوّ بالعدوّ من إحلال النقمات و تشديد العقوبات، وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء اللّه من قول سيّء في جبرئیل و میکائیل. وكان من أعداء اللّه النصّاب من قول أسوأ منه في اللّه وفي جبرئیل و میکائیل وسائر ملائكة اللّه.
أمّا ما كان من النصّاب فهو أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لمّا كان لا يزال يقول في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الفضائل الّتي خصّه اللّه عزّوجلّ بها والشرف الّذي أهله اللّه تعالى له وكان في ذلك يقول : أخبرني به جبرئیل عن اللّه ؛ ويقول في بعض ذلك : جبرئیل
ص: 69
عن يمينه و میکائیل عن يساره، يفتخر جبرئیل علی میکائیل في أنّه عن يمين عليّ الّذي هو أفضل من اليسار ، كما يفتخر ندیم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الّذي يجلسه على يساره، ويفتخران على إسرافيل الّذي خلفه بالخدمة، وملك الموت الّذي أمامه بالخدمة، وأنّ اليمين والشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلّهم من ملكهم؛ وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول في بعض أحاديثه : إنّ الملائكة أشرفها عند اللّه أشدّها العليّ بن أبي طالب حبّاً، وإنّه قسم الملائكة فيما بينها «والّذي شرّف عليّاً على جميع الورى بعد محمّد المصطفى» ويقول مرّة: إنّ ملائكة السماوات والحجب يشتاقون إلى رؤية عليّ بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البارّ الشفيق الآخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم، فكان هؤلاء النصّاب يقولون إلى متى يقول محمّد: جبرئیل و میکائیل والملائكة؟ كلّ ذلك تفخيم لعليّ وتعظيم الشأنه، ويقول اللّه تعالى لعلي خاص من دون سائر الخلق ! برئنا من ربّ ومن ملائكة ومن جبرئیل و میکائیل هم لعليّ بعد محمّد مفضّلون ! وبرئنا من رسل اللّه الّذين هم لعليّ بعد محمّد مفضلون! وأمّا ما قاله اليهود.(1)
{13}
[81] إنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ليهودي من يهود الشام وأحبارهم فيما أجابَه عنه من جواب مسائله : فأمّا المستهزؤن فقال اللّه عزّوجلّ له: «إِنَّا كَفَيْنَاكَ
ص: 70
الْمُسْتَهْزِئِينَ»(1) فقتل اللّه خمستَهم، قد قُتل كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبِه في يومٍ واحد:
أما الوليدُ بن المغيرة فإنّه مرّ بنبل لرجل من بني خزاعة قد راشّه في الطريق فأصابته شظيّة منه فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات، وهو يقول : قتلني ربُّ محمّد.
وأمّا العاص بن وائل السهميّ فإنّه خرج في حاجة له إلى كداء فتدهده تحته حجر فسقط، فتقطّع قطعة قطعة، فمات وهو يقول : قتلني ربُّ محمّد.
وأمّا الأسود بن عبد يغوث فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة ومعه غلام له فاستظلّ بشجرة تحت کداء فأتاه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه : امنع هذا عنّي، فقال : ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً، إلّا نفسك، فقتله وهو يقول قتلني ربُّ محمّد.(2)
{14}
[82]عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أنّ رجلاً سأله عن قوله تعالى :
ص: 71
«فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا»(1) قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يعني قوّته لأداء المال. (2)
{15}
[83] أخرج إبن مردويه عن الحسين بن علي : أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أصبح وهو مهموم فقيل : مالك يا رسول اللّه؟ فقال : إنّي أُريت في المنام كأنّ بني أميّة يتعاورون منبري هذا فقيل : یا رسول اللّه ! لا تهتمّ فإنّها دنیا تنالهم فأنزل اللّه : «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي» الآية (3).(4)
{16}
[84] الجعفريات : أخبرنا عبداللّه، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال : حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) : أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث مع عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاثين فرساً في غزاة السلاسل، فقال : يا عليّ أتلو عليك آية في نفقة الخيل «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً»(5) يا عليّ هي النفقة على
ص: 72
الخيل ينفق الرجل سرّاً وعلانية.(1)
{17}
[85] إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تلا هذه الآية : «لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ»(2) فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أصحاب الجنّة من أطاعني وسلّم لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بعدي وأقرّ بولايته، وأصحاب النار من سخط الولاية ونقض العهد، وقاتله بعدي.(3)
{18}
[86] عن الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما في قول اللّه عزّ وجلّ :
ص: 73
«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(1) قال: إنّ القرابة الّتي أمر اللّه بصلتها وعظّم حقّها وجعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الّذين أوجب اللّه حقّنا على كلّ مسلم.(2)
{19}
[87] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تفسير قوله تعالى : «رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ» قال : إنّما نزلت: «ولولديّ إسماعيل وإسحاق».
بیان : قال في مجمع البيان : قرأ الحسين بن عليّ وأبو جعفر محمّد بن عليّ (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والزهري، وإبراهيم النخعي «ولولديّ» وقرأ یحیی بن یعمر «ولولدي».(3)
{20}
[88] إنّ المسلمين قالوا لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لو أكرهت یا رسول اللّه من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا، فقال
ص: 74
رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما كنت لألقى اللّه عزّوجلّ ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئاً وما أنا من المتكلّفين. فأنزل اللّه تبارك وتعالى : يا محمّد «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا»(1) على سبيل الإلجاء والإضطرار في الدنيا ، کمایؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثواباً ولا مداًة، لكنّي أُريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين، ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»(2) وأمّا قوله عز وجل: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»(3) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلّا بإذن اللّه، وإذنه أمره لها بالإيمان، ما كانت مكلّفة متعبّدة وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبّد عنها.
فقال المأمون : فرجت عنّي يا أبا الحسن فرج اللّه عنك.(4)
ص: 75
{21}
[89] أخرج ابن المنذر عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه رؤى يصلّي فيما بين المغرب والعشاء فقيل له في ذلك، فقال : إنّهما من الناشئة : « إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا».(1)
{22}
[90] قال أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهما) الرجل: أيّهما أحبّ إليك؟ رجل يروم قتل مسکین قد ضعف تنقذه من يده، أو ناصب يريد إضلال مسکین من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه مايمتنع به ويفحمه و یکسره بحجج اللّه تعالى؟ قال : بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب، إنّ اللّه تعالى يقول : مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا(2) أي ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان فكأنّما أحيا الناس جميعاً من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد.(3)
ص: 76
{23}
[91] عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن الباقر عن أبيه (عَلَيهِم السَّلَامُ) إنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يسألونه عن الصمد فكتب إليهم :
بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلّموا فيه بغير علم، فقد سمعتُ جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعدَه من النار، وإنّ اللّه سبحانه قد فسّر الصمد فقال : «اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ» ثمّ فسره فقال : «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ».
«لَمْ يَلِدْ» لم يخرج منه شيءٌ کثیف کالولد وسائر الأشياء الكثيفة الّتي تخرج من المخلوقين، ولا شيءٌ لطيف کالنفس، ولا يتشعّب منه البداوات(1) کالسِنة والنوم والخطرة والهمّ والحُزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شيء، وأن يتولّد منه شيء كثيف أو لطيف.
«وَلَمْ يُولَدْ» لم يتولّد من شيء، ولم يخرج من شيء كما یخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء، والدابّة من الدابّة، والنبات من الأرض، والماء من الينابيع، والثمار من الأشجار، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها کالبصر من العين، والسمع من الأذن، والشمّ من الأنف والذوق من الفم، والكلام من اللسان، والمعرفة والتميز من القلب، وكالنار من الحجر ، لا بل هو اللّه الصمد الّذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء، مبدعُ الأشياء
ص: 77
وخالقُها، ومنشيءُ الأشياء بقدرته، يتلاشى ماخُلِقَ للفناء بمشيّته ، ويبقى ماخُلِقَ للبقاء بعلمه، فذلكم اللّه الصمدُ الّذي لم يلدْ ولم يولَد، عالمُ الغيب والشهادةِ الكبير المتعال، ولم يكن له كفواً أحد.(1)
{2}
[92] عن أبي عبداللّه الصادق جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : قال الباقر : حدّثني أبي زين العابدین ، عن أبيه الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنّه قال : الصمد الّذي لا جوف له؛ والصمد الّذي به(2) انتهى سؤدده، والصمد الّذي لا يأكل ولا يشرب ؛ والصمد الّذي لا ينام ؛ والصمد(3) الّذي لم يزل ولا يزال.(4)
ص: 78
{25}
[93 ] بينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبدالرحمن ورجلان من قرّاء الصحابة من المهاجرين هما عبداللّه بن أُمّ عبد و من الأنصار أبي بن كعب وكانا بدريّين ، فقرأ عبداللّه من السورة الّتي يذكر فيها لقمان حتّى أتى على هذه الآية «وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً» (1)، وقرأ أُبيّ من السورة الّتي يذكر فيها إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» (2) قالوا: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أيّام اللّه نعماؤه وبلاؤه مثلاته سبحانه، ثمّ أقبل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على من شهده من أصحابه فقال : إني لأتخوّلكم بالموعظة تخوّلاً مخافة السأمة عليكم، وقد أوحى إليّ ربّي جلّ جلاله أن أُذكّركم بالنعمة وأنذركم بما اقتصّ عليكم من كتابه وتلا: « وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ». ثمّ قال لهم : قولوا الآن قولكم: ما أّول نعمة رغبكم اللّه في فيها وبلاکم بها؟ فخاض القوم جميعاً فذكروا نعمة اللّه الّتي أنعم عليها وأحسن إليهم بما من المعاش والرياش والذريّة والأزواج إلى سائر ما بلاهم اللّه عزّوجلّ به من أنعمه الظاهرة، فلمّا أمسك القوم أقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك. فقال : فكيف لي بالقول فداك أبي وأُمّي وإنما هدانا اللّه بك. قال : ومع ذلك فهات قل ما أوّل نعمة بلاك اللّه عزّوجلّ وأنعم عليك بها؟
قال : أن خلقني جلّ ثناؤه ولم أك شيئاً مذكوراً.
ص: 79
قال : صدقت، فما الثانية؟
قال : أن أحبّني إذ خلقني فجعلني حيّاً لا ميتاً.
قال : صدقت، فما الثالثة؟
قال : أن أنشأنی فله الحمد في أحسن صورة وأعدل ترکیب.
قال : صدقت، فما الرابعة؟
قال : أن جعلني متفكّراً راغباً لا بلهة ساهياً.
قال : صدقت، فما الخامسة؟
قال : أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت لها وجعل لي سراجاً منيراً.
قال : صدقت، فما السادسة؟
قال : أن هداني ولم يضلّني عن سبيله.
قال : صدقت، فما السابعة؟
قال : أن جعل لي مردّاً في حياة لا انقطاع لها.
قال : صدقت، فما الثامنة ؟
قال : أن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً.
قال : صدقت، فما التاسعة؟
قال : أن سخّر لي سماؤه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه.
قال : صدقت، فما العاشرة؟
قال : أن جعلنا سبحانه ذكراناً لا إناثاً.
قال : صدقت، فما بعد هذا؟
قال : کثرت نعم اللّه يا نبيّ اللّه فطابت وتلا «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ
ص: 80
لَا تُحْصُوهَا»(1) فتبسم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقال : ليهنك الحكمة ليهنك العلم يا أبا الحسن، وأنت وارث علمي والمبيّن لأُمّتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبّك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممّن هُدِيَ إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هواك وأبغضك لقى اللّه يوم القيامة لا خلاق له.(2)
{26}
[94] بينما أنا أمشي مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بعض طرقات المدينة ، إذ لقينا شيخ طويل كثُّ اللحية، بعيد ما بين المنكبين، فسلّم على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ورحّب به.
ثم التفت إليّ فقال : السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة اللّه وبركاته ، أليس كذلك هو یا رسول اللّه؟ فقال له رسول اللّه : بلى. ثمّ مضى، فقلت : یا رسول اللّه ما هذا الّذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له ؟ قال : أنت كذلك
ص: 81
والحمد للّه إنّ اللّه عزّوجلّ قال في كتابه : «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (1) والخليفة المجعول فيها آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ» (2) فهو الثاني وقال عزّوجلّ حكاية عن موسى حين قال لهارون (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : «اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ» (3) فهو هارون إذا استخلفه موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قومه فهو الثالث.
وقال عز وجل:«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» (4) فكنت أنت المبلّغ عن اللّه وعن رسوله وأنت وصيّي ووزيري ، وقاضي دَيْني والمؤدّي عنّي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أّنه لا نبيّ بعدي ، فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟
قلت: لا.
قال : ذاك أخوك الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاعلم.(5)
ص: 82
{27}
[90] خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذات يوم وهو راكب وخرج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يمشي فقال له : يا أبا الحسن إمّا أن تركب وإمّا أن تنصرف، فإنّ اللّه عزّوجلّ أمرني أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست إلّا أن يكون حدّ من حدود اللّه لابدّ لك من القيام والقعود فيه، وما أكرمني اللّه بكرامة إلّا وقد أكرمك بمثلها وخصّني بالنبوّة والرسالة وجعلك وليّي في ذلك تقوم في حدوده و في صعب أُموره والّذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ما آمن بي من أنكرك ولا أقرّ بي من جحدك ولا آمن باللّه من كفر بك وإنّ فضلك لمن فضلي وإنّ لك لفضل اللّه وهو قول ربّي عزّوجلّ : «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»(1) ففضل اللّه نبوّة نبيّكم ورحمته ولاية عليّ بن أبي طالب، فبذلك قال بالنبوّة والولاية فليفرحوا يعني الشيعة هو خير ممّا يجمعون يعني مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار دنیا واللّه يا علي ما خلقت إلا ليعبد (لتعبد) ربّك وليعرف بك معالم الدين ويصلح بك دارس السبيل، ولقد ضلّ من ضلّ عنك ولن يهدي إلى اللّه عزّوجلّ من لم يهتد إليك و إلى ولايتك وهو قول ربّي عزّو جلّ : «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»(2) يعني إلى ولايتك، ولقد أمرني ربّي تبارك وتعالى أن افترض من حقّك ما افترضه من حقّي، وإن حقّك لمفروض على من آمن ، ولولاك لم يعرف حزب اللّه وبك يعرف عدوّ اللّه، ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه
ص: 83
بشيء، ولقد أنزل اللّه عزّ وجلّ إليّ «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»(1) يعني في ولايتك، يا علي «وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»، ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي اللّه عزّوجلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله وعداً ينجز لي، وما أقول إلّا قول ربّي تبارك وتعالى، وإنّ الّذي أقول لمن اللّه عزّ وجلّ أنزله فيك.(2)
{28}
[96] عن الحسين بن علي، عن أبيه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بيت أُمّ سلمة وقد نزلت عليه هذه الآية : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» (3) فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يا عليّ هذه الآية نزلت فيك وفي سبطيّ والأئمّة من ولدك.
قلت : يا رسول اللّه وكم الأئمّة بعدك؟
ص: 84
قال : أنت يا علي، ثمّ ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين عليّ ابنه ، وبعد عليّ محمّد ابنه ، وبعد محمّد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسی ابنه، وبعد موسى علي ابنه، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد علي الحسن ابنه ، وبعد الحسن ابنه الحجّة، من ولد الحسن (عَلَيهِم السَّلَامُ) ؛ هكذا وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت اللّه عزّ وجلّ عن ذلك فقال : يا محمّد هم الأئمّة بعدك، مطهّرون معصومون وأعداؤهم ملعونون.(1)
{29}
[97 رأيت يَغوثاً من رصاص يُحمل على جَملٍ أجرد.(2)
{30}
[98] قال جعفر الصادق ، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي (صلوات اللّه عليهم) قال : سئل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن قوله تعالی :
ص: 85
«وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» (1) قال : بيّنه تبيانأ ولا تنثره نثر البقل، ولا تهذه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، حركوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة.(2)
{31}
[99] عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال :
سُئل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن قوله تعالى : «طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ» (3) قال : قد نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. و«طوبی» شجرة في دار أمير المؤمنین في الجنّة ليس في الجنّة شيء إلّا وهو فيها.(4)
{32}
[100] سألت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن قول اللّه عزّوجلّ : «يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى»(5) قال : سألت اللّه عزّوجلّ فأوحى إليّ: أني خلقت في قلب آدم
ص: 86
عرقين يتحركان بشيء من الهواء، فإن يكن في طاعتي كتبت له حسنات، وإن يكن في معصيتي لم أكتب عليه شيئاً حتّى يواقع الخطيئة، فاذكروا اللّه على ما أعطاكم أيّها المؤمنون.(1)
{34}
[102] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّوجلّ : «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا» لتعتبروا ولتتصلوا به إلى رضوانه و تتوقوا به من عذاب نیرانه « ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ» أخذ في خلقها وإتقانها «فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بكلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ولعلمه بكلّ شيء علم المصالح فخلق لكم كلّ ما في الأرض لمصالحكم يا بني آدم.(1)
{35}
[103] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قال اللّه عزّ وجلّ : قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. إذا قال العبد : بسم اللّه الرحمن الرحيم قال اللّه جلّ جلاله : بدأ عبدي باسمي وحقّ عليّ أن أُتمّم له أُموره وأُبارك له في أحواله، فإذا قال: «الحمد للّه ربّ العالمين» قال اللّه جلّ جلاله : حمدني عبدي وعلم أنّ النعم الّتي له من عندي وأنّ البلايا الّتي دفعت عنه فبطولي، أُشهدكم أنّي أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا.
ص: 88
فإذا قال : «الرَّحْمَنُ الرَّحِیم» قال اللّه جلّ جلاله : شهد لي عبدي أنّي الرحمن الرحيم أشهدكم لأوفرنّ من رحمتي حظّه ولأجزلنّ من عطائي نصيبه ، فإذا قال: «مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ» قال اللّه جلّ جلاله : أشهدكم كما اعترف أنّي أنا مالك يوم الدين لأسهلن ّيوم الحساب حسابه ، ولا تجاوزنّ عن سيئاته ، فإذا قال : «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» قال اللّه عزّوجلّ: صدق عبدي إيّاي يعبد، أُشهدكم لأُثيبنّه على عبادته ثواباً يغبطه كلَّ من خالفه في عبادته لي.
فإذا قال: «وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين» قال اللّه عزّوجلّ: بي استعان عبدي والتجأ إليّ أُشهدكم لأُعينّه على أمره ولأغيثّه في شدائده ، ولآخذنّ بيده يوم نوائبه، فإذا قال : «اِهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيْم» إلى آخر السورة، قال اللّه عزّوجلّ هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل فقد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمّل وأمنته ممّا منه وجل.
قال : وقيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن بسم اللّه الرحمن الرحيم أهي من فاتحة الكتاب ؟
فقال : نعم، كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقرأها ويعدّها آية منها، ويقول : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.(1)
ص: 89
{36}
[104] في خبر عمر بن عليّ، عن أبيه، عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يشتري الكساءَ الخزّ بخمسين ديناراً، فإذا أصاف تصدّق به، لا يرى بذلك بأساً، ويقرأ: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ» (1).(2)
{37}
[105] كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بيت أُمّ سلمة فأتي بحریرة فدعا عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فأكلوا منها ثمّ جلّل عليهم کساءً خيبريّاً ثمّ قال : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(3). فقالت أُمّ سلمة : وأنا منهم یا رسول اللّه؟ قالت : أنتِ إلى خير.(4)
ص: 90
{38}
[106] عن أنس بن مالك(1) وعن زيد(2) بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه (رضي اللّه عنهم) قال :
كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يأتي كلّ يوم باب فاطمة عند صلاة الفجر فيقول : الصلاة يا أهل بيت النبوّة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(3) تسعة أشهر بعدما نزلت «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» (4)وروي هذا الخبر عن ثلاثمائة من الصحابة.(5)
{39}
[107] عن الرضا عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان علىّ بن
ص: 91
أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجلٌ من أهل الشام فسأله عن مسائلَ فكان فيما سأله أن قال : أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ : «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ»(1) مَن هم؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قابيل يفرّ من هابيل، والّذي يفرّ من أُمّه موسى، والّذي يفرّ من أبيه إبراهيم، والّذي يفرّ مِن صاحبته لوط، والّذي يفرّ من ابنه نوح يفرّ من ابنه کنعان.
قال الصدوق (رضي اللّه عنه) : إنّما يفرُّ موسى من أُمّه خشيةَ أن يكون قصّر فيما وجب عليه من حقّها، وإبراهيم إنّما يفرّ من الأب المربيّ المشرك لا من الأب الوالد وهو تارخ.(2)
{40}
[108] کنّا جلوساً في المسجد إذ صعد المؤذّن المنارةَ فقال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر، فبكى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبكينا لبكائه ، فلمّا فرغ المؤذّنُ قال : أتدرون ما يقول المؤذّن؟ قلنا: اللّه ورسولُه ووصيّه أعلم.
قال : لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ! فلقوله «اللّه أكبر» معان كثيرة منها : أنّ قولَ المؤذّن «اللّه أكبر» يقع على قِدمَه و أزليّته وأبديّته وعلمه وقوّته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده وعطائه وكبريائه. فإذا قال المؤذّن «اللّه أكبر»
ص: 92
فإنه يقول : اللّه الّذي له الخلق والأمر وبمشيئته كان الخلق، ومنه كلّ شيء للخلق، وإليه يرجع الخلق، وهو الأوّل قبل كلّ شيء لم يزل، والآخر بعد كلّ شيء لا يزال، والظاهر فوق كلّ شيء لا يَدرُك، والباطن دون كلّ شيء لا يحدّ، وهو الباقي وكل شيء دونه فان.
والمعنى الثاني : اللّه أكبر، أي العليم الخبير عليهم بما كان ويكون قبل أن يكون.
والثالث : اللّه أكبر، أي القادر على كلّ شيء يقدر على ما يشاء، القويّ القدرته، المقتدر على خلقه، القويّ لذاته، قدرته قائمة على الأشياء كلّها، إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون.
والرابع : اللّه أكبر ، على معنى حلمه وكرمه ، يحلم كأنّه لا يعلم، ويصفح كأنّه لا يرى، ويستر كأنّه لا يعصى، لا يعّجل بالعقوبة کرماً و صفحاً و حلماً.
والوجه الآخر في معنى «اللّه أكبر» أي الجواد جزيل العطاء کریم.
والوجه الآخر «اللّه أكبر» فيه نفي صفته وكيفيّته كأنه يقول: «اللّه أجلّ من أن يُدرِك الواصفون قدرَ صفته الّذي هو موصوف به، وإنّما يصفُه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله ، تعالى اللّه عن أن يُدرِك الواصفون صفتَه علوّاً كبيراً.
والوجه الآخر «اللّه أكبر» كأنّه يقول : اللّه أعلى وأجلّ، وهو الغنيّ عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
وأمّا قوله : «أشهد أن لا إله إلّا اللّه» فإعلام بأنّ الشهادة لا تجوز إلّا بمعرفته من القلب كأنّه يقول : أعلم أنّه لا معبود إلّا اللّه عزّوجلّ وأن كلّ معبود باطلٌ سوى اللّه عزّوجلّ وأقرُّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلّا اللّه وأشهد أنّه لا ملجأ من اللّه إلّا إليه، ولا منجا من شرّ كلّ ذي شرّ وفتنة إلّا باللّه. وفي المرّة
ص: 93
الثانية «أشهد أن لا إله إلّا اللّه» معناه : أشهد أن لا هادي إلّا اللّه ولا دليل لي إلى الدين إلّا اللّه وأشهد اللّه بأنّي أُشهد أن لا إله إلّا اللّه وأُشهد سكّانَ السماوات وسكّانَ الأرضين وما فيهنّ من الملائكة والناس أجمعين وما فيهنّ من الجبال والأشجار والدوابّ والوحوش وكلّ رطب ویابس بأنّي أشهد أن لا خالقَ إلّا اللّه ولا رازق ولا معبود ولا ضاّر ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدّم ولا مؤخّر إلّا اللّه، له الخلق والأمر، وبيده الخير كلّه، تبارك اللّه ربّ العالمين.
وأمّا قوله : «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه» يقول : أُشهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ محمّداً عبدُه ورسولُه ونبيُّه وصفيّه ونجيُّه أرسله إلى كافّة الناس أجمعين بالهدى ودين الحقّ ليُظهرَه على الدين كلّه ولو كرِه المشركون، وأُشهدُ مَن في السماوات والأرض من النبيّين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أنّ محمّداً سيّدُ الأوّلين والآخرين. وفي المرّة الثانية «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه» يقول : أشهد أن لا حاجةَ لأحد إلى أحدإلّا إلى اللّه الواحد القهّار الغنيّ عن عبادِه والخلائق والناس أجمعين، وأنّه أرسل محمّداً إلى الناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى اللّه بإذنه وسراجاً مُنيراً، فمَنْ أنكره وجَحَده ولم يؤمِن به أدخله اللّهُ عزّوجلّ نارَ جهنَّم خالداً مخلّداً لا ينفكّ عنها أبداً.
وأمّا قوله : «حيّ على الصلاة» أي هَلّموا إلى خير أعمالكم ودعوة ربّکم ، وسارِعوا إلى مغفرة من ربّكم، وإطفاء تارکم الّتي أوقدتموها، وفكاك رقابكم الّتي رهنتموها، ليكفر اللّه عنكم سيّئاتكم، ويغفرَ لكم ذنوبكم، ويبدلّ سيّئاتكم حسنات، فإنّه ملك کریم، ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشرَ المسلمين بالدخول في خدمته، والتقدُّم إلى بين يديه. وفي المرّة الثانية «حيّ على الصلاة» أي قوموا إلى مناجاة اللّه ربّكم، وعرض حاجاتكم على ربّكم، وتوسّلوا إليه
ص: 94
بكلامه، وتشفّعوا به، وأكثِروا الذكرَ والقنوتَ والركوعَ والسجودَ والخضوعَ والخشوعَ، وارفعوا إليه حوائجكم، فقد أُذن لنا في ذلك.
وأمّا قوله : «حيّ على الفلاح» فإنّه يقول : أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه ونجاة لا هلاك معها، وتعالوا إلى حياة لا موتَ معها، وإلى نعيم لا نفادَ له، وإلى ملك لازوالَ عنه، وإلى سرورٍ لا حزن معه، وإلى أُنس لا وحشةَ معه، وإلى نورٍ لا ظلمةَ معه، وإلى سعةٍ لا ضيقَ معها، وإلى بهجةٍ لا انقطاعَ لها، وإلى غنی الافاقةَ معه، وإلى صحّةٍ لاسُقْمَ معها، وإلى عزّ لا ذلّ معه، وإلى قوّة لاضعفَ معها، وإلى كرامة يا لها من كرامة ، واعجلوا إلى سرور الدُنيا و العقبی، ونجاة الآخرة والأُولى، وفي المرّة الثانية : «حيّ على الفلاح» فإنّه يقول : سابقوا إلى مادعوتُكم إليه، وإلى جزيل الكرامة، وعظيم المنّة، وسَنِيّ النعمة ، والفوز العظيم، ونعيم الأبد في جوار محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وأمّا قوله «اللّه أكبر» فإنّه يقول : اللّه أعلى وأجِلُّ من أن يعلَم أحدٌ من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه و أطاعه وأطاع أمره وعَبَده وعَرف و عيده و اشتغال به وبذكره، وأحبّه وأمن به واطمأنّ إليه ووثق به وخافه ورجاه و اشتاق إليه ، ووافقه في حكمه وقضائه ورضي به. وفي المرّة الثانية «اللّه أكبر» فإنّه يقول : اللّه أكبر وأعلى وأجلُّ من أن يعلم أحد مبلغَ كرامته لأوليائه وعقوبتَه لأعدائه ومبلغَ عفوه وغفرانَه ونعمتَه لمَن أجابه وأجاب رسولَه، ومبلغَ عذابه و نکاله وهو أنّه لمن أنكره وجحده.
وأمّا قوله «لا إله إلّا اللّه» معناه: للّه الحجّة البالغة عليهم بالرسول والرسالة والبيان والدعوة، وهو أجلُّ من أن يكون لأحد منهم عليه حجّة، فمَن
ص: 95
أجابَه فله النورُ والكرامةُ، ومَن أنكره فإن اللّه غنيّ عن العالمين، وهو أسرعُ الحاسبين. ومعنى «قد قامت الصلاة» في الإقامة أي حان وقتُ الزيارة والمناجاة وقضاء الحوائج ودرك المُني والوصول إلى اللّه عزّوجلّ وإلى كرامته وعفوه ورضوانه وغفرانه.(1)
{41}
[109] قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تقولوا امرأة طامث فتكذبوا، ولكن قولوا حائض، والطمث الجماع قال اللّه : «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ» (2) ولا تقولوا صرت إلى الخلاء، ولكن قولوا كما قال اللّه تعالى : أ«َوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ_» (3) ولا تقولوا أُهريق الماء فتكذبوا، ولكن قولوا انطلق أبول، ولا يسمى
ص: 96
المسلم رجيلاً، ولا يسمى المصحف مصيحفاً، ولا المسجد مسيجداً.(1)
{42}
[110] قال الحسينُ بنُ علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : لمّا أنزل اللّهُ تبارك وتعالى هذه الآية : «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ» (2)، سألتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن تأويلها، فقال : واللّه ماعني بها غيركم، وأنتم أُولوا الأرحام، فإذا متُّ فأبوك علىّ أولى بي وبمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.
قلت : يا رسول اللّه فمَن بعدي أولى بي؟
فقال : ابنك علىّ أولى بك من بعدك، فإذا مضى ابنه محمّد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمّد فإبنه جعفر أولی به بمكانه من بعده، فإذا مضى جعفر فإنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى موسى فإبنُه على أولى به من بعده ، فإذا مضى علي فإبنُه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك، فهذه الأئمّة التسعة من صلبك، أعطاهم اللّه علمي و فهمي،
ص: 97
طینتهم من طينتي، ما لقوم يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم اللّه شفاعتي.(1)
{43}
[111] لما كان يوم غدیر خم قام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خطيباً فأوجز في خطبته ثمّ دعا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ بضبعه ثمّ رفع بيده حتّى رُؤي بياض إبطيهما وقال : ألم أبلغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟
قالوا: اللّهمّ نعم.
فقال : من کنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال مَن والاه وعادِ مَن عاداه ، وانصره مَن نصره، واخذل مَن خذله، ففشت في الناس ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فرحل راحلته ثمّ استوى عليها ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذ ذاك بمكّة حتّى انتهى إلى الأبطح فأناخ ناقته ثمّ عقلها ثمّ جاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسلّم فردّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا محمّد إنّك دعوتنا أن نقول لا إله إلّا اللّه فقلناثم دعوتنا أن نقول أنّك رسول اللّه فقلنا وفي القلب ما فيه ، ثمّ قلت صلّوا فصلّينا، ثمّ قلت صوموا فصمنا فأظمأنا نهارنا وأتعبنا أبداننا، ثمّ قلت حجّوا فحججنا ، ثمّ قلت إذا رزق أحدکم مائتي درهم فليتصدّق بخمسه كلّ سنة ففعلنا، ثمّ أنّك أقمت ابن عمّك فجعلته علماً وقلت من کنتُ مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه ،
ص: 98
وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، أفعنك أم عن اللّه ؟!
قال : بل عن اللّه. قال : فقالها ثلاثاً. قال : فنهض وإنّه لمغضب وإنّه ليقول: اللّهمّ إن كان ما قاله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أوّلنا وآية في آخرنا وإن كان ما قاله محمّد كذباً فأنزل عليه نقمتك. ثمّ أثار ناقته فحلّ عقالها ثمّ استوى عليها، فلمّا خرج من الأبطح رماه اللّه تعلى بحجر من السماء فسقط على رأسه وخرج من دُبره وسقط ميّتاً فأنزل اللّه فيه : «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ»(1).(2)
{44}
[112] لما نزل على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا» (3) قالت فاطمة : فتهيّبت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن أقول له : يا أبه ! فجعلت أقول له : يا رسول اللّه! فأقبل عليّ فقال لي : يا بنيّة لم تنزل فيك ولا في أهلك من قبل، أنت منّي وأنا منك، وإنّما نزلت في أهل الجفاء والبذخ والكبر ، قولي : يا أبه، فإنّه أحبُّ للقلب وأرضى للربّ ثمّ قبّل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جبهتي ومسحني
ص: 99
بريقه فما احتجت إلى طيب بعده.(1)
{45}
[113] عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ، عن أبيه، عن جدّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ» (2) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا : یا رسول اللّه هو التوراة؟
قال : لا.
قالا: فهو الإنجيل؟
قال : لا.
قالا : فهو القرآن؟
قال : لا، فأقبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : هو هذا، إنّه الإمام الّذي أحصى اللّه فيه (تبارك وتعالى) علم كلّ شيء.(3)
ص: 100
{46}
[114] عن الإمام الحسين بن علي (رضي اللّه عنهما) أنّه سأل رجل عن معنی «کهیعص » فقال له : لو فسّرتها لك لمشيت على الماء.(1)
{47}
[115] عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله تبارك وتعالى : «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا» (2) يقول : ماسجدت به من جوارحك للّه(3) فلا تدع مع اللّه أحداً.(4)
{48}
[116] قال زيد بن أرقم : قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : ما من شيعتنا إلّا صدّیق شهید.
ص: 101
قلت : أنّى يكون ذلك وهم يموتون على فرشهم؟
فقال : أماتتلو کتاب اللّه : «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» (1) ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو لم تكن الشهادة إلّا لمن قتل بالسيف لأقلّ اللّه الشهداء.(2)
{49}
[117] عن النضر بن مالك قال : قلت للحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : یا اباعبداللّه حدّثني عن قول اللّه عزّوجلّ: «هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ» (3) قال : نحن وبنو أُميّة اختصمنا في اللّه عزّوجلّ قلنا : صدق اللّه ، وقالوا : كذب اللّه، فنحن وإيّاهم الخصمان يوم القيامة.(4)
ص: 102
{50}
[118] عن زيد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من مات يوم الخميس بعد زوال الشمس إلى يوم الجمعة وقت الزوال وكان مؤمنا أعاده اللّه عزّوجلّ من ضغطة القبر وقبل شفاعته في مثل ربيعة ومضر.
ومن مات يوم السبت من المؤمنين لم يجمع اللّه بينه وبين اليهود في النار أبداً، ومن مات يوم الاثنين من المؤمنين لم يجمع اللّه عزّ وجلّ بينه وبين النصارى في النار أبداً، ومن مات يوم الثلاثاء من المؤمنین حشره اللّه عزّوجلّ معنا في الرفيق الأعلى، ومن مات يوم الأربعاء من المؤمنين وقاهُ اللّه تعالى يوم القيامة وأسعده بمجاورته وأحلّه دار المقامة من فضله، لا يمسُّه فيها نصب ولا يمسُّه فيها لغوب.
ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المؤمن على أيّ الحالات مات وفي أيّ يوم وساعة قبض فهو صدّيق شهيد، ولقد سمعت حبيبي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدُنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب.
ثم قال : من قال لا إله إلّا اللّه بإخلاص فهو بريء من الشرك، ومن خرج من الدنيا لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنة، ثمّ تلا هذه الآية : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ» (1) من شيعتك ومحبّيك يا علي.
قال أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فقلت : يا رسول اللّه هذا لشيعتي؟
قال : إي وربّي إنه لشيعتك، وإنّهم ليخرجون يوم القيامة من قبورهم وهم
ص: 103
يقولون لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ بن أبي طالب حُجّة اللّه، فيؤتون بحلل خضر من الجنّة وأكاليل من الجنّة، ونجائب من الجنَّة، فيلبس كلّ واحد منهم حلّة خضراء ويوضع على رأسه تاج الملك في إكليل الكرامة، ثمّ يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنّة : «لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» (1).(2)
{51}
[119] عن الحسین بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله تعالى : «تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا»(3) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).(4)
{52}
[120] أحمد، عن البزنطي قال : قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رجلاً من أصحابنا سمعني وأنا أقول : إنّ مروان(5) بن محمّد لو سئل عنه صاحب القبر ما كان عنده
ص: 104
منه علم. فقال الرجل : إنّما عنى بذلك أبو بكر وعمر ، فقال : لقد جعلهما في موضع صدق ! قال جعفر بن محمّد: إنّ مروان بن محمّد لو سئل عنه محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما كان عنده منه علم، لم يكن من الملوك الّذين سمّوا له، وإنّما كان له أمر طرأ قال أبو عبداللّه و أبو جعفر وعلي بن الحسين والحسين بن علي والحسن بن عليّ وعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : واللّه لولا آية في كتاب اللّه لحدّثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة : «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»(1).(2)
{53}
[121]عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)في حديث طويل يقول فيه: وما أنت یا ولید بن عقبة فواللّه ما ألومَنّك أن تُبغض عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد جلدك في الخُمس
ص: 105
ثمانين جلدة، وقتَل أباك صبراً بيده يوم بدر، أم كيف تسُبُّه فقد سمّاه اللّهُ مؤمناً في عشر آيات من القرآن وسمّاك فاسقاً، وهو قوله: «إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» .(1)
{54}
[122] قال الحارث بن عبداللّه الأعور للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : یابن رسول اللّه جُعلت فداك (2) أخبرني عن قول اللّه في كتابه : «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» (3) قال : ويحك يا حارث ذلك(4) محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )(5). قال(6) : قلت : جُعِلت فداك(7) : قوله : «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا»(8)قال : ذلك(9) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يتلو محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
ص: 106
قال: قلت(1): «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا»(2)قال : ذلك القائم (3) من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يملأ الأرض عدلاً وقسطاً.(4).(5)
{55}
[123] عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : «لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ»(6). قال : لا تدعوا اليوم، وقوله «فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ»(7) أي لم يتواضعوا في الدعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا للّه عزّوجلّ، لاستجاب لهم.(8)
ص: 107
{58}
[126] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : هل تدرون ما تفسير هذه الآية : «كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا»(1) قال : إذا كان يوم القيامة تقاد جهنّم بسبعين ألف زمام بید سبعين ألف ملك، فتشرد شردة لولا أنّ اللّه تعالى حبسها لأحرقت السماوات والأرض.(2)
{59}
[127] عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : هَلْ «جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» (3) فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلّا الجنّة.(4)
ص: 109
{60}
[128] عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ) : إنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عليّ «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ» (1)والمجرمون هم المنكرون لولايتك «قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ »(2)فيقول لهم أصحابُ اليمين : ليس من هذا أُتيتم، فما الّذي سلككم في سقر يا أشقياء؟ قالوا: وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ»(3) فقالوا لهم : هذا الّذي سلككم في سقر یا أشقياء؛ ويومُ الدين يومُ الميثاق، حيث جَحَدوا وكذبوا بولايتك وعَتَوا عليك واستكبروا.(4)
{61}
[129] عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال : قرأ عليّ بن
ص: 110
أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ » وعنده الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبتاه كأنّ بها من فيك حلاوة!
فقال له : يابن رسول اللّه وابني إنّي أعلم فيها ما لا تعلم، إنّها لمّا نزلت بعث إليّ جدّك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقرأها عليّ، ثمّ ضرب على كتفي الأيمن وقال : يا أخي ووصيّي وولیّي على أُمّتي بعدي ، هذه السورة لك من بعدي ، ولولدك من بعدك ، إنّ جبرئيل أخي من الملائكة حدّث لي أحداث أُمّتي في سننها وإنّه ليحدّث ذلك إليك كإحداث النبوّة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).(1)
ص: 111
ص: 112
ص: 113
{1}
[130] إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعا يوم الأحزاب ، اللّهمّ منزل الكتاب و منشیء السحاب ، اللّهمّ أهزم الأحزاب وزلزلهم.(1)
{2}
[131] کتاب الإمامة : لمحمّد بن جرير الطبري ، عن أبي المفضل محمّد بن عبداللّه(2) عن محمّد بن هارون بن حميد، عن عبداللّه بن عمر بن أبان ، عن قطب بن زیاد، عن ليث بن سلیم، عن عبداللّه بن الحسن بن الحسن ، عن فاطمة الصغرى، عن أبيها (عَلَيهِم السَّلَامُ)، عن فاطمة الكبرى ابنة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) کان إذا دخل المسجد يقول: «بسم اللّه اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، فاغفر ذنوبي وافتح أبواب رحمتك»، وإذا خرج يقول: «بسم اللّه اللّهمّ صل على محمّد
ص: 114
و آل محمّد واغفر ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك».(1)
{3}
[132] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : صلاتكم عليّ مجوّزة لدعائكم ومرضاة لربّکم، وزكاة لأبدانكم.(2)
وبهذا الإسناد : عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دعا العبد، ولم يذكر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، رفرف الدعاء فوق رأسه، فإذا ذكر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رفع الدعاء.(3)
{4}
[133] عن الخوارزمي، عن ابن اعثم الكوفي، قال : فلمّا كانت الليلة الثالثة خرج إلى القبر أيضاً، فصلّی رکعات، فلمّا فَرغ من صلاته جعل يقول : اللّهمّ! إنّ هذا قبر نبيّك محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، وأنا ابنُ بنت نبيّك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمتَ، اللّهمّ إنّي أُحبّ المعروفَ وأنكر المنكَر، وإنۀي أسألك يا ذا الجلال.
ص: 115
والإكرام! بحقّ هذا القبر ومَن فيه إلّا اخترتَ لي من أمري ماهو لك رضی، و لرسولك رضى، وللمؤمنين رضي.(1)
{5}
[134] عن الباقر عن أبيه عن جدّه عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شكوتُ إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دَيْناً كان عليّ، فقال : يا عليّ قل : اللّهمّ أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمّن سواك، فلو كان عليك مثلُ صبير ديناً قضاه اللّه عنك ، وصبير جبل باليمن ليس بالیمن جبل أجلُّ ولا أعظم منه.(2)
{6}
[135] عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : اللّهمّ أغِنني بالعلم، وزيّنّي بالحِلم، وأكرِمني بالتقوى، وجمّلني بالعافية.(3)
ص: 116
{7}
[136] عن الحسين بن علي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : إنّ جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى إليّ بسبع كلمات وهي الّتي قال اللّه : «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ» (1)یا اللّه، یا رحمان، یا ربّ، يا ذا الجلال والإكرام، يا نورَ السماوات والأرض، يا قريب، يا مجيب، الخبر.(2)
{8}
[137] عن جعفر بن محمّد أنه قال : حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه أنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء و كان يقال له دعاء الفرج و هو : اللّهمّ احرُسني بعينِك الّتي لا تَنام، واكنفني بركنِك الّذي لا يُرام، وارحَمني بقدرتِك عليّ ولا أهلك وأنت رجاي، فكم من نعمةٍ أنعمتَ بها عليّ قلّ لك بها شكري، وكم من بليّة ابتليتَني قلّ لك بها صبري، فيا مَن قلّ عند نعمتِه شُكري فلم يحرمني، ويا مَن قلّ عند بلیته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، أسألك أن تصلّيَ على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ أعنّي بالدُنيا وعلى آخرتي بالتقوى، واحفَظني فيما غبت عنه ولا تَكلْني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تضرّه الذنوبُ، ولا تنقصه المغفرة، هب لي ما لا ينقصك ، واغفر لي ما لا يضرُّ، إنّك ربٌّ وهّاب. أسألك فرجاً قريباً و صبراً جمیلاً ، ورزقاً
ص: 117
واسعاً، والعافية من البلاء وشكر العافية.
وفي رواية : وأسألك تمام العافية ، وأسألك دوام العافية ، وأسألك الغنى عن الناس، ولا حولَ ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.(1)
ص: 118
{9}
[138] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يوم الخندق : اللّهمّ إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحارث - يوم بدر؛ وحمزة بن عبدالمطلّب - يوم أُحُد -، وهذا عليّ فلا تدعني فرداً وأنت خيرُ الوارثين.(1)
{10}
[139] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اللّهمّ بارِك لأمتي في بكورها يوم سبتِها وخميسِها.(2)
{11}
[140] ذكر عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الجدود(3)، فقالوا: إنّ فلاناً جدّه في الغنم، وقيل : جدّ فلان في الزرع، وجدّ فلان في الإبل، وجدّ فلان في النخل.
ص: 119
فقام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فصلّى ركعتين ، فلمّا قال : سمع اللّه لمن حمده ، قال : اللّهمّ ربّنا لك الحمد - ورفع صوته يسمعهم - ملء السماوات وملء الأرض، وملء مابينهما، أهل المجد والثناء، اللّهمّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجّد منك الجدّ.(1)
{12}
[141] وعن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أمان لأُمّتي من الغَرَق إذا ركبوا في الفلك قالوا : بسم اللّه الرحمن الرحيم «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ ربّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ».(2)
ص: 120
{13}
[142] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّ رجلاً أتى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )فقال : یا رسول اللّه، إن يكن لأحد قلبان، فإنّ لي قلبين : قلب يأمرني بأن أُتابعك ، وقلب يأمرني أن لا أُتابعك.
فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أعلمك شيئاً إن أنت قلته أذهب اللّه عنك؟
قال : بلى يا رسول اللّه.
قال : قل : اللّهمّ أنت الربّ، وأنت اللّه، وأنت الرحمن، وأنت الرحیم، أستعينك على عدوّي، فأحبسه عنّي بما شئت.(1)
{14}
[143] عن الصادق ، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعود الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بهذه العوذة، وكان يأمر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك أصحابه وهو هذا الدعاء :
بسم اللّه الرحمن الرحيم، أُعيذنفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وخواتيم عملي، وما رزقني ربّي وخوّلني بعزة اللّه، وعظمة اللّه، وجبروت اللّه، وسلطان اللّه، ورحمة اللّه، ورأفة اللّه، وعزّة اللّه، وغفران اللّه، وقوّة اللّه ،
ص: 121
وقدرة اللّه، وبآلاء اللّه وبصنيع اللّه، وبأركان اللّه، وبجمع اللّه عزّوجلّ، وبرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، وقدرة اللّه على مايشاء، من شرّ السامّة والهامّة، ومن شرّ الجنّ والإنس، ومن شرّ مادبّ في الأرض، ومن شرّ ما يخرج منها، ومن شرّ ما ينزل من السماء، ومايعرجُ فيها، ومن شرّ كلّ دابّة ربّي آخذ بناصيتها، إن ربّي على صراط مستقیم وهو على كلّ شيء قدير ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، وصلى اللّه على سيّدنا محمّد و آله أجمعين.(1)
{15}
[144] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رآني النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حزيناً فقال : يابن أبي طالب أراك حزيناً؟
قلت : هو كذلك.
قال : فمُر بعض أهلك يؤذّن في أُذنك فإنّه دواء الهمّ.
قال : ففعلت فزال عنّي.
قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جرّبته فوجدته كذلك.(2)
ص: 122
{16}
[145] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من انتبه من فراشه فقال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه، آمنتُ باللّه، وكفرتُ بالطاغوت، غفر اللّه جميع ذنوبه.(1)
{17}
[146 ] لمّا حمل علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إلى يزيد (لعنه اللّه)، همّ بضرب عنقه، فوقفه بين يديه ، وهو يكلّمه ليستنطقه بكلمة يوجب بها قتله ، وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجيبه حينما يكلّمه، وفي يده مسبحة صغيرة يديرها بأصابعه، وهو يتكلّم، فقال له يزيد: أنا أُكلّمك، وأنت تجيبني وتدير أصابعك بسبحة في يدك، فكيف يجوز ذلك؟!
فقال : حدّثني أبي، عن جدّي، أنه كان إذا صلّى الغداة وانفتل، لا يتكلّم حتّى يأخذ سبحة بين يديه ، فيقول :
اللّهمّ إنّي أصبحتُ أُسبّحك وأحمدك، وأُهلّلك وأُكبّرك و أُمجّدك، بعدد ما أُدير به سبحتي، ويأخذ السبحة في يده ويديرها، وهو يتكلّم بما یرید، من غير أنّ يتكلّم بالتسبيح، وذكر أن ذلك محتسب له، وهو حرز إلى أن يأوي إلى فراشه ، فإذا أوى إلى فراشه ، قال مثل ذلك القول، ووضع السبحة تحت رأسه ،
ص: 123
فهو محسوبة له من الوقت إلى الوقت، ففعلت هذا اقتداء بجدّي، فقال له يزيد (لعنه اللّه) مرّة بعد أُخرى لست أُكلّم أحداً منكم، إلّا ويجيبني بما يفوز به، وعفا عنه ووصله وأمر بإطلاقه.(1)
{18}
[147] روي عن مولانا وسيّدنا موسی بن جعفر ، عن أبيه جعفر الصادق ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين بن علي أمير المؤمنین (صلوات اللّه عليهم أجمعين) قال :
قال أبي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : یابنيّ ألا أُعلّمك سرّاً من أسرار اللّه عزّوجلّ، علّمنيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكان من أسراره لم يطّلع عليه أحد؟
قلت : بلى يا أباه جعلت فداك.
قال : نزل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الروح الأمين جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في يوم الأحد يوم أُحُد، وكان يوم مهول شديد الحرّ، وكان على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جوشن لا يقدر حمله لشدّة الحرّ، وحرارة الجوشن.
قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : فرفعت رأسي نحو السماء، فدعوت اللّه تعالی فرأيت أبواب السماء قد فتحت، ونزل على الطواف بالنور جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، وقال لي: السلام عليك يا رسول اللّه، فقلت : عليك السلام يا أخي جبرئیل ، فقال : العليّ الأعلى يقرئك السلام، ويخصّك بالتحيَة والإكرام، ويقول لك اخلع هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء، فإذا قرأته وحملته فهو مثل الجوشن الّذي على جسدك.(2)
ص: 124
ثم ذكر خبراً طويلاً في فضل دعاء جوشن المشهور وذكر الدعاء... إلى أن قال وقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوصاني أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصيّة عظيمة بهذا الدعاء وحفظه، وقال لي : يا بني اكتب هذا الدعاء على كفني، وقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فعلت كما أمرني أبي.(1)
وفي رواية قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوصاني أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحفظه وتعظيمه، وأن أكتبه على كفنه، وأن أُعلِّمه أهلي وأحثّهم عليه وهو ألف إسم، وإسم.(2)
{19}
[148] قال السيّد ابن طاوس : دعاء مرويّ عن مولانا الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) المعروف بدعاء الشابّ المأخوذ بذنبه، وما روي عن جماعة يسندون الحديث إلى الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كنتُ مع عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الطواف في ليلة دیجوجية قليلة النور وقد خلا الطواف و نام الزوّار، وهدأت العيون، إذ سمع مستغيثاً مستجيراً مترحّماً بصوت حزين محزون من قلب موجع وهو يقول :
يا مَن يُجيب دعاء المضطرّ في الظُلَم***یا کاشفَ الضُرّ والبلوى مع السقَم
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا***يدعو وعينُك يا قيّوم لم تنم
ص: 125
کتاب الألفين (ج3)
هب لي بجودك فضل العفو عن جُرمي***یا مَن أشار إليه الخلق في الحرم
إن كان عفوك لا يلقاه ذو سَرف***فمن يجودُ على العاصين بالنِعَم
قال الحسينُ بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقال لي : يا أباعبداللّه أسمعتَ المنادي ذنبَه ، المستغيث ربَّه؟ فقلت : نعم قد سمعته، فقال : اعتبره جنون عسی تراه، فمازلت أخبط في طخياء الظلام وأتخلّل بين النيام، فلمّا مررت بين الركن والمقام بدا لي شخص منتصب فتأمّلته، فإذا هو قائم، فقلت : السلام عليك أيّها العبد المقرّ المستقبل المستغفر المستجير أجب باللّه ابنَ عمّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأسرع في سجوده وقعوده وسلّم فلم يتكلّم حتّى أشار بيده بأن تقدّمني فتقدّمته فأتيت به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت دونك ها هو، فنظر إليه فإذا هو شابّ حسن الوجه نقي الثياب فقال له ممّن الرجل؟
فقال له : من بعض العرب.
فقال له : ما حالك وممّ بكاؤك واستغاثتك؟
فقال : حال من أُوخِذَ بالعقوق، فهو في ضيق، إرتهنه المصاب ، وغمزه الإكتیاب فارتاب ، فدعاؤه لا يُستجاب.
فقال له على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ولِمَ ذلك؟
فقال : لأنّي كنتُ ملتهياً في العرب باللعب والطرب، أديم العصيان في رجب وشعبان، وما أُراقب الرحمن، وكان لي والد شفيق رفيق يحذّرني مصارع الحدثان، ويخوّفني العقاب بالنيران، ويقول: كم ضجّ منك النهار والظلام، والليالي والأيّام، والشهور والأعوام، والملائكة الكرام، وكان إذا ألحّ عليّ
ص: 126
بالوعظ زجرتُه وانتهرته ووثبتُ عليه وضربته ، فعمدت يوماً إلى شيء من الورق وكانت في الخبأ فذهبت لأخذَها وأصرفها فيما كنت عليه ، فمانعني عن أخذها فأوجعتُه ضرباً ولويت يدَه وأخذتُها ومضيتُ فأومأ بيده إلى ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك فلم يُطق يحرّكها من شدّة الوجع والألم فأنشأ يقول:
جرت رحِمٌ بيني و بين منازل***سواء كما يستنزل القطر طالبُه
وربّيتُ حتّى صار جَلداً شمردلاً***إذا قام ساوئ غارب الفحل غاربُه
وقد كنتُ أوتيه مِن الزاد في الصِبي***إذا جاع منه صفوةٌ وأطايبَه
فلمّا استوى في عُنفوان شبابه***وأصبح كالرمح الرُدَيني خاطِبُه
تهضَّمَني مالي كذا ولَوى يَدي***لو يده اللّهُ الّذي هو غالبُه
ثم حلف باللّه ليقدمنّ إلى بيت اللّه الحرام فيستعدي اللّه عليّ. قال : فصام أسابيع وصلّى ركعات ودعا وخرج متوجّهاً على غير انه يقطع بالسير عرض الفلاة ويطوي الأودية ويعلو الجبال حتّى قدم مكّة يومَ الحجّ الأكبر فنزل عن راحلته وأقبل إلى بيت اللّه الحرام فسعى وطاف به وتعلق بأستاره وابتهل بدعائه وأنشأ يقول :
يا مَن إليه أتى الحُجّاجُ بالجُهد***فوق المهاوي من أقصى غاية البُعد
إنّي أتيتُك يا من لا يُخيِّبُ مَن***يَدعوه مُبتَهِلاً بالواحِد الصمد
هذا منازِلُ لا يرتاعُ مِن عَققي***فخذ بحقّي يا جبّارُ مِن ولدي
حتّى تشلّ بعون منك جانبَه***يا مَن تقدّس لم يولد ولم يلد
قال : فوالّذي سمك السماء وأنبع الماء ما استتمّ دعاؤه حتّى نزل بي ما ترى، ثمّ كشف عن يمينه فإذا بجانبه قد شلّ، فأنا منذ ثلاث سنين أطلب إليه أن يدعوني في الموضع الّذي دعا به علي فلم يُجبني حتّى إذا كان العام أنعم عليّ فخرجت على ناقة غبراء أجد السير حثيثاً رجاء العافية حتّى إذا كنّا على الأراك
ص: 127
وحطمته وادي السمال نفر طائرٌ في الليل فنفرت منها الناقةُ الّتي كان عليها فألقته إلى قرار الوادي وارفض بين الحجرين فقبرتُه هناك وأعظم من ذلك أنّي لا أعرف إلّا المأخوذ بدعوة أبيه.
فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتاك الغوث ألا أُعلّمك دعاء علّمنيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفيه اسم اللّه الأكبر الأعظم العزيز الأكرم الّذي يجيب به من دعاه ويعطي به من سأله ويفرّج الهمّ ويكشف به الكرب ويذهب به الغمّ ويبرىء به السقم ويجبر به الكسير ويغني به الفقير ويقضي به الدَيْن ويرد به العين ويغفر به الذنوب ويستربه العيوب ويؤمن به کلّ خائف من شيطان مريد و جبّار عنيد ولو دعا به طائع للّه على جبل لزال من مكانه أو على ميّت لأحياه اللّه بعد موته، ولو دعا به على الماء لمشى عليه بعد أن لا يدخله العجب، فاتّق اللّه أيّها الرجل فقد أدركتني الرحمة لك وليعلم اللّه منك صدق النيّة إنّك لا تدعو به في معصيته ولا تفيده إلّا الثقة في دينك، فإن أخلصت النيّة استجاب اللّه لك ورأيت نبيّك محمّداً في منامك يبشرك بالجنّة والإجابة.
قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : فكان سروري بفائدة الدعاء أشدّ من سرور الرجل بعافيته وما نزل به لأنّني لم أكن سمعته منه ولا عرفت هذا الدعاء قبل ذلك، ثمّ قال : إئتِني بدواة وبياض واكتب ما أمليه عليك ففعلت و هو :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم، يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَ لَا أَيْنَ هُوَ وَ لَا حَيْثُ هُوَ وَ لَا كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ، يَا ذَا الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ، يَا ذَا الْعِزَّةِ وَ الْجَبَرُوت،ِ يَا مَلِكُ يَا قُدُّوسُ يَا سَلَامُ يَا مُؤْمِنُ يَا مُهَيْمِنُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ يَا مُتَكَبِّرُ يَا خَالِقُ يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّر يَا مُفِيدُ يَا وَدُودُ [يَا مُدَبِّرُ يَا شَدِيدُ يَا مُبْدِئُ يَا مُعِيدُ يَا مُبِيدُ] يَا بَعِيدُ يَا قَرِيبُ يَا مُجِيبُ يَا رَقِيبُ يَا حَسِيبُ يَا بَدِيعُ يَا رَفِيعُ يَا مَنِيع
ص: 128
يَا سَمِيعُ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ يَا كَرِيمُ [يَا مقائمُ یا دائمُ يَا معالم] يَا قَدِيمُ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا دَيَّانُ يَا مُسْتَعَان،ُ يَا جَلِيلُ يَا جَمِيلُ يَا وَكِيلُ يَا كَفِيلُ يَا مُقِيلُ يَا مُنِيلُ يَا نَبِيلُ يَا دَلِيلُ يَا هَادِي يَا بَادِي يَا أَوَّلُ يَا آخِرُ يَا ظَاهِرُ يَا بَاطِنُ يَا حَاكِمُ يَا قَاضِي يَا عَادِلُ يَا فَاضِلُ يَا وَاصِلُ يَا طَاهِرُ يَا مُطَهِّرُ يَا قَادِرُ يَا مُقْتَدِرُ يَا كَبِيرُ يَا مُتَكَبِّرُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَ لَا ولدٌ كَانَ مَعَهُ وَزِيرٌ وَ لَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشِيراً وَ لَا احْتَاجَ إِلَى ظَهِيرٍ وَ لَا كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ فَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الْجَاحِدُونَ عُلُوّاً كَبِيراً يَا عَلِيُّ يَا عَالِمُ يَا شَامِخُ يَا بَاذِخُ يَا فَتَّاحُ [يَا نَفَّاحُ ] يَا مُرْتَاحُ يَا مُفَرِّجُ يَا نَاصِرُ يَا مُنْتَصِرُ يَا مُهْلِكُ [مُدْرِكُ ] يَا مُنْتَقِمُ يَا بَاعِثُ يَا وَارِثُ يَا أَوَّلُ يَا طَالِبُ يَا غَالِبُ يَا مَنْ لَا يَفُوتُهُ هَارِبٌ، يَا تَوَّابُ يَا أَوَّابُ يَا وَهَّابُ يَا مُسَبِّبَ الْأَسْبَابِ يَا مُفَتِّحَ الْأَبْوَابِ يَا مَنْ حَيْثُ مَا دُعِيَ أَجَابَ يَا طَهُورُ يَا شَكُورُ يَا عَفُوُّ يَا غَفُورُ يَا نُورَ النُّورِ يَا مُدَبِّرَ الْأُمُورِ يَا لَطِيفُ يَا خَبِيرُ يَا مُتَجَبِّرُ يَا مُنِيرُ يَا بَصِيرُ يَا ظَهِيرُ يَا كَبِيرُ يَا وَتْرُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ يَا سَنَدُ يَا كَافِي يَا مُحْسِنُ يَا مُجْمِلُ يَا مُعَافِي يَا مُنْعِمُ يَا مُتَفَضِّلُ يَا مُتَكَرِّمُ يَا مُتَفَرِّدُ يَا مَنْ عَلَا فَقَهَرَ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، يَا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ يَا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ يَا مِنَ عُصِىَ فَغَفَرَ وَ سَتَرَ يَا مَنْ لَا تَحْوِيهِ الْفِكَرُ وَ لَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، يَا رَازِقَ الْبَشَرِ وَ يَا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ يَا عَالِيَ الْمَكَانِ، يَا شَدِيدَ الْأَرْكَانِ يَا مُبَدِّلَ الزَّمَانِ، يَا قَابِلَ الْقُرْبَانِ، يَا ذَا الْمَنِّ وَ الْإِحْسَانِ يَا ذَا الْعِزِّ وَ السُّلْطَانِ، يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ يَا عَظِيمَ الشَّأْنِ يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا مَنْ لَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْن،ٍ يَا سَامِعَ الْأَصْوَاتِ، يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ، يَا مُنْجِحَ الطَّلِبَاتِ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ يَا مُنْزِلَ الْبَرَكَاتِ، يَا رَاحِمَ الْعَبَرَاتِ، يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ، يَا كَاشِفَ الْكُرُبَاتِ، يَا وَلِيَّ الْحَسَنَاتِ، يَا رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ، يَا مُعْطِيَ الْمَسْأَلَاتِ، يَا مُحْيِيَ الْأَمْوَاتِ [ یَا جامِع الَشَتات]، يَا مُطَّلِعُ عَلَى النِّيَّاتِ يَا رَادَّ مَا قَدْ فَاتَ
ص: 129
يَا مَنْ لَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْوَات يَا مَنْ لَا تَضْجُرُهُ الْمَسْأَلَاتُ وَ لَا تَغْشَاهُ الظُّلُمَاتُ، يَا نُورَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ، يَا سَابِغَ النِّعَمِ ،يَا دَافِعَ النِّقَمِ، يَا بَارِئَ النَّسَمِ ،يَا جَامِعَ الْأُمَمِ، يَا شَافِيَ السَّقَمِ، يَا خَالِقَ النُّورِ وَ الظُّلَمِ، يَا ذَا الْجُودِ وَ الْكَرَمِ، يَا مَنْ لَا يَطَأُ عَرْشَهُ قَدَمٌ، يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، يَا جَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، يَا أَمَانَ الْخَائِفِين،َ يَا ظَهْرَ اللَّاجِينَ، يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، يَا غَايَةَ الطَّالِبِينَ، يَا صَاحِبَ كُلِّ غَرِيبٍ، يَا مُونِسَ كُلِّ وَحِيدٍ، يَا مَلْجَأَ كُلِّ طَرِيدٍ، يَا مَأْوَى كُلِّ شَرِيدٍ، يَا حَافِظَ كُلِّ ضَالَّةٍ، يَا رَاحِمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا جَابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِير،ِ يَا فَكَّاكَ كُلِّ أَسِيرٍ، يَا مُغْنِيَ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لَهُ التَّدْبِيرُ وَ التَّقْدِيرُ، يَا مَنِ الْعَسِيرُ عَلَيْهِ سَهْلٌ يَسِيرٌ، يَا مَنْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، يَا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ خَبِيرٌ، يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ بَصِيرٌ، يَا مُرْسِلَ الرِّيَاحِ، يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ، يَا بَاعِثَ الْأَرْوَاحِ، يَا ذَا الْجُودِ وَ السَّمَاحِ، يَا مَنْ بِيَدِهِ كُلُّ مِفْتَاحٍ، يَا سَامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، يَا سَابِقَ كُلِّ فَوْتٍ، يَا مُحْيِيَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، يَا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي، يَا حَافِظِي فِي غُرْبَتِي، يَا مُونِسِي فِي وَحْدَتِي، يَا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِيّ يَا كَنَفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ وَ تُسَلِّمُنِي الْأَقَارِبُ وَ يَخْذُلُنِي كُلُّ صَاحِبٍّ يَا عِمَادَ مَنْ لَا عِمَادَ لَهُ، يَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ، يَا ذُخْرَ مَنْ لَا ذُخْرَ لَهُ، يَا كَهْفَ مَنْ لَا كَهْفَ لَهُ، يَا رُكْنَ مَنْ لَا رُكْنَ لَهُ،، يَا غِيَاثَ مَنْ لَا غِيَاثَ لَهُ،، يَا جَارَ مَنْ لَا جَارَ لَهُ،، يَا جَارِيَ اللَّصِيقُ، يَا رُكْنِيَ الْوَثِيقُ، يَا إِلَهِي بِالتَّحْقِيقِ، يَا رَبَّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ يَا شَفِيقُ يَا رَفِيقُ فُكَّنِي مِنْ حِلَقِ الْمَضِيق،ِ وَ اصْرِفْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَ غَمٍّ وَ ضِيقٍ، وَ اكْفِنِي شَرَّ مَا لَا أُطِيقُ، وَ أَعِنِّي عَلَى مَا أُطِيقُ، يَا رَادَّ يُوسُفَ عَلَى يَعْقُوبَ، يَا كَاشِفَ ضُرِّ أَ يُّوبَ، يَا غَافِرَ ذَنْبِ دَاوُدَ، يَا رَافِعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ أَيْدِي الْيَهُودِ، يَا مُجِيبَ نِدَاءِ يُونُسَ فِي الظُّلُمَاتِ، يَا مُصْطَفِيَ مُوسَى
ص: 130
بِالْكَلِمَاتِ، يَا مَنْ غَفَرَ لِآدَمَ خَطِيئَتَهُ وَ رَفَعَ إِدْرِيسَ بِرَحْمَتِهِ، يَا مَنْ نَجَّى نُوحاً مِنَ الْغَرَقِ، يَا مَنْ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وَ ثَمُود فَما أَبْقى وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَ أَطْغى وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى، يَا مَنْ دَمَّرَ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ وَ دَمْدَمَ عَلَى قَوْمِ شُعَيْبٍ، يَا مَنِ اتَّخَذَ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا، يَا مَنِ اتَّخَذَ مُوسَى كَلِيماً، وَ اتَّخَذَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ حَبِيباً، يَا مُؤْتِيَ لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ وَ الْوَاهِبَ لِسُلَيْمَانَ مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، يَا مَنْ نَصَرَ ذَا الْقَرْنَيْنِ عَلَى الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ، يَا مَنْ أَعْطَى الْخَضِرَ الْحَيَاةَ وَ رَدَّ لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ الشَّمْسَ بَعْدَ غُرُوبِهَا، يَا مَنْ رَبَطَ عَلَى قَلْبِ أُمِّ مُوسَى وَ أَحْصَنَ فَرْجَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، يَا مَنْ حَصَّنَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا مِنَ الذَّنْبِ وَ سَكَّنَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبَ، يَا مَنْ بَشَّرَ زَكَرِيَّا بِيَحْيَى يَا مَنْ فَدَى إِسْمَاعِيلَ مِنَ الذَّبْحِ، يَا مَنْ قَبِلَ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى قَابِيلَ، يَا هَازِمَ الْأَحْزَابِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَ مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ وَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ سَأَلَكَ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ رَضِيتَ عَنْهُ فَحَتَمْتَ لَهُ عَلَى الْإِجَابَةِ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي شَيْ ءٍ مِنْ كُتُبِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ وَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَ مُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَ بِمَا لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، وَ أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى الَّتِي بَيَّنْتَهَا فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَ قُلْتَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ قُلْتَ وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وَ قُلْتَ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ أَنَا أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي وَ أَطْمَعُ فِي
ص: 131
إِجَابَتِي يَا مَوْلَايَ كَمَا وَعَدْتَنِي وَ قَدْ دَعَوْتُكَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَافْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا.
وتسأل اللّه تعالى ما أحببت وتسمي حاجتك ولا تدع به إلّا وأنت طاهر ثمّ قال للفتى : إذا كانت الليلة فادع به عشر مرات، وأتني من غد بالخير. قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : وأخذ الفتى الكتاب ومضى، فلمّا كان من غد ماصبحنا حسنا حتّى أتى الفتى إلينا سليما معافاً والكتاب بيده وهو يقول : هذا واللّه الإسم الأعظم استجيب لي وربّ الكعبة.
قال له علي (صلوات اللّه علیه) : حدّثني.
قال : هدأت العيون بالرقاد واستجللك جلبات الليل رفعت يدي بالكتاب ودعوتُ اللّه بحقه مراراً فأجِبتُ في الثانية حسبك فقد دعوت اللّه باسمه الأعظم ، ثمّ اضطجعت فرأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في منامي و قد مسح يده الشريفة على وهر يقول : احتفظ باسم اللّه الأعظم العظيم فإنّك على خَيرٍ فانتبهتْ معافاً کماتری فجَزاك اللّه خيراً. (1)
{20}
[169] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه أتاه رجل من الأنصار فقال : يا رسول اللّه إليك أشكو ما ألقى من الوسوسة في صلاتي حتّى لا أعقل ماصليت من زيادة أو نقصان.
فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا قمتَ إلى صلاتك فخذ فخذك اليسرى فاطعن
ص: 132
بإصبعك اليمنى المسبّحة ثمّ قل: بسم اللّه وباللّه توكّلت على اللّه أعوذُ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، فإنّك تنحّيه وتطردّه عنك.(1)
{21}
[150] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من أراد شيئاً من قيام الليل فأخذه مضجعه فليقل : اللّهمّ لا تؤمّني مكرك ولا تنسني ذكرك ولا تجعلني من الغافلين أقوم إن شاء اللّه ساعة كذا وكذا وكل اللّه عزّوجلّ به مَلكاً ينبّهه تلك الساعة.(2)
{22}
[151] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: أُتي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أصحابَ القمص فساوم شيخاً منهم. فقال : يا شيخ بعني قميصاً بثلاثة دراهم. فقال الشيخ : حبّاً وكرامة، فاشترى منه قميصاً بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين وأتى المسجد فصلّى فيه ركعتين ثمّ قال : الحمد للّه الّذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس، وأُؤدّي فيه فريضتي، وأستر به
ص: 133
عورتي.
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شيء سمعتَه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟
قال : بل شيء سمعتُه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول ذلك عند الكسوة.(1)
{23}
[152] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : داووا مرضاكم بالصدقة، وردّوا أبواب البلاء بالدعاء.(2)
وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ البلاء ليتسبّب إلى العبد، فيسأل ربّه العافية ويذكره، فيبقي العافية ، والدعاء والبلاء يتوافقان إلى يوم القيامة.
{24}
[153] عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رأيتُ الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المنام قبلَ بدر بليلة ، فقلتُ له : علِّمني شيئًا أُنصَر به على الأعداء.
فقال : قل : يا هو يا من لا هو إلا هو، فلمّا أصبحتُ قَصَصْتُها على
ص: 134
رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فقال لي: يا عليّ عُلِّمْتَ الإسمَ الأعظم، فكان على لساني يومَ بدر.
وإنّ أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ قل هو اللّه أحد فلمّا فرغ قال : يا هو، یا مَن لا هو إلّا هو، إغفِر لي وانصُرني على القومِ الكافرين، وكان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقولُ ذلك يومَ صفّين وهو يُطارد، فقال له عمّار بن یاسر : يا أميرَ المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال : إسمُ اللّه الأعظمُ وعَمادُ التوحيد للّه لا إله إلّا هو، ثمّ قرأ: أشهد أنّه لا إله إلّا هو وآخِرَ الحشر، ثمّ نزل فصلّى أربع ركعات قبل الزوال.
قال : وقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّه معناه المعبود الّذي يألَه فيه الخلقُ ويؤله إليه، واللّه هو المستور عن درك الأبصار، المحجوب عن الأوهام والخَطَرات.
قال الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّه معناه المعبود الّذي ألِهَ الخَلْقُ عن دَرَكِ ماهيِته والإحاطة بكيفيِته. ويقول العرب : ألِهَ الرجل إذا تحيّر في الشيء فلم يُحِط به علماً، ووَلَه إذا فزِعَ إلى الشيء ممّا يَحذَره ويخافه، فالإله هو المستور عن حواسّ الخَلق.
قال الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأحد الفردُ المتفرِّدُ، والأحد والواحد بمعنى واحد، وهو المتفردِّ الّذي لا نظيرَ له، والتوحيدُ: الإقرار بالوحدة و هو الإنفراد، والواحد : المتبائن الّذين لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء، ومِن ثَمّ قالوا : إنّ بناء العَدَد من الواحِدَ وليس الواحدُ من العدد، لأنّ العَدَدَ لا يقع على الواحد بل يقع على الإثنين فمعنى قوله : اللّه أحدٌ: المعبود الّذي يألَهُ الخَلقُ عن إدراكه والإحاطة بكيفيّته فَرْدٌ بالهيّته، مُتعالٍ عن صفات خَلْقه. (1)
ص: 135
{250}
[106] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ ، وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، يَا كَاشِفَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اكْشِفْ كَرْبِي وَ هَمِّي، فَإِنَّهُ لَا يَكْشِفُ الْكَرْبَ إِلَّا أَنْتَ فَقَدْ تَعْرِفُ حَالِي وَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي، وَ مَا غَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، اللَّهُمَّ بِنُورِكَ اهْتَدَيْتُ، وَ بِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ، وَ فِي نِعْمَتِكَ أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ ذُنُوبِي بَيْنَ يَدَيْكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ حِلْمِكَ لِجَهْلِي، وَ مِنْ فَضْلِكَ لِفَاقَتِي، وَ مِنْ مَغْفِرَتِكَ لِخَطَايَايَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ الشُّكْرَ عِنْدَ الرَّخَاءِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ إِلَى يَوْمِ أَلْقَاكَ حَتَّى كَأَنَّنِي أَرَاكَ، اللَّهُمَّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَذْكُرَكَ كَيْ لَا أَنْسَاكَ لَيْلًا وَ لَا نَهَاراً، وَ لَا صَبَاحاً وَ لَا مَسَاءًا، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ،اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، مُجْزِلٌ فِيَّ فَضْلُكَ وَ عَطَاؤُكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ
ص: 136
الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَ نُورَ بَصَرِي وَ جَلَاءَ حُزْنِي وَ ذَهَابَ هَمِّي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ كَبِيرٍ، يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا وَزِيرَ، يَا خَالِقَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ الْمُنِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِينَ، وَ جَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَ يَاالدعاء مُغِيثَ الْمَظْلُومِ الْحَقِيرِ، وَ يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، وَ يَا مُغْنِيَ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ، يَا جَابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِيرِ، يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا قَاصِمَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ يُسْراً ،وَ ارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي، اللَّهُمَّ إِنَّكَ مُحْسِنٌ فَأَحْسِنْ إِلَيَّ ،اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَحِيمٌ تُحِبُّ الرَّحْمَةَ فَارْحَمْنِي، اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَطِيفٌ تُحِبُّ اللُّطْفَ فَالْطُفْ بِي يَا مُقِيلَ عَثْرَتِي، وَ يَا رَاحِمَ عَبْرَتِي، وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَتِي، أَسْأَلُكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ يَا غِيَاثَ مَنْ لَا غِيَاثَ لَهُ، وَ يَا ذُخْرَ مَنْ لَا ذُخْرَ لَهُ ،وَ يَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ، اغْفِرْ لِي عِلْمَكَ فِيَّ وَ شَهَادَتَكَ عَلَيَّ فَإِنَّكَ تَسَمَّيْتَ لِسَعَةِ رَحْمَتِكَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَ الْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَ أَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَ أَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَ أَسْأَلُكَ قَلْباً خَاشِعاً سَلِيماً، وَ لِسَاناً ذَاكِراً صَادِقاً ،وَ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا أَعْلَمُ، وَ مِنْ خَيْرِ مَا لَا أَعْلَمُ إِنَّكَ تَعْلَمُ وَ لَا أَعْلَمُ وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَ بِكَ نُصْبِحُ، وَ بِكَ نُمْسِي، وَ بِكَ نَحْيَ،ا وَ بِكَ نَمُوتُ، وَ عَلَيْكَ نَتَوَكَّلُ، وَ إِلَيْكَ النُّشُورُ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قوّة إِلَّا بِاللَّهِ العليّ الْعَظِيمِ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَهاً وَاحِداً أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً، أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ، وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ، اللَّهُمَّ اطْمِسْ عَلَى أَبْصَارِ أَعْدَائِنَا كُلِّهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، وَ اجْعَلْ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً وَ اخْتِمْ عَلَى قَلْبِهِ، وَ أَخْرِجْ ذِكْرِي مِنْ قَلْبِهِ وَ اجْعَلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَدُوِّي حِجَاباً
ص: 137
وَ حِصْناً حَصِيناً مَنِيعاً لَا يَرُومُهُ سُلْطَانٌ وَ لَا شَيْطَانٌ وَ لَا إِنْسٌ وَ لَا جِنٌّ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْرَأُ بِكَ فِي نَحْرِهِ، وَ أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ شَرِّه،ِ وَ أَسْتَعِينُ بِكَ عَلَيْهِ، فَاكْفِنِيهِ كَيْفَ شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَ أَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَ بِك الْمُسْتَغَاثُ وَ إِلَيْكَ الْمُشْتَكَى وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قوّة إِلَّا بِاللَّهِ العليّ الْعَظِيمِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَدْرَ يَوْمِي هَذَا فَلَاحاً، وَ أَوْسَطَهُ صَلَاحاً، وَ آخِرَهُ نَجَاحاً. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي صَدْرِ جَمِيعِ بَنِي آدَمَ وَ حَوَّاءَ، وَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّيَاطِينِ وَ الْمَرَدَةِ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً، خَيْرَهُمْ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ، وَ شَرَّهُمْ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ، وَ بِاللَّهِ أَسْتَعِينُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْ أَنْ يَطْغَى عَزَّ جَارُكَ، وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ،وَ ارْزُقْنِي الْخَيْرَ كُلَّهُ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ، يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى آلَائِهِ وَ أَحْمَدُهُ عَلَى نَعْمَائِهِ، وَ أَشْكُرُهُ عَلَى بَلَائِهِ، وَ أُومِنُ بِقَضَائه، الَّذِي لَا هَادِيَ لِمَنْ أَضَلَّ، وَ لَا خَاذِلَ لِمَنْ نَصَرَ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ الْمُصْطَفَى، وَ أَمِينُهُ الْمُرْتَضَى، انْتَجَبَهُ وَ حَبَاه،ُ وَ اخْتَارَهُ وَ ارْتَضَاهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَاناً صَادِقاً لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَ رَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، تَبَارَكْتَ ربّنا وَ تَعَالَيْت،َ تَمَّ نُورُكَ رَبِّي فَهَدَيْتَ وَ عَظُمَ حِلْمُكَ رَبِّي فَعَفَوْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ، وَ جَاهُكَ أَفْضَلُ الْجَاهِ، وَ عَطِيَّتُكَ أَرْفَعُ الْعَطَاء، وَ أَهْنَؤُهَا تُطَاعُ ربّنا فَتَشْكُرُ، وَ تُعْصَى ربّنا فَتَغْفِرُ لِمَنْ تَشَاءُ، تُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَاكَ، وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، لَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ أَحَدٌ، ربّنا فَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً أَبَداً لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَ لَا يَضْمَحِلُّ سَرْمَدُهُ، حَمْداً كَمَا حَمِدَ الْحَامِدُونَ مِنْ عِبَادِكَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، اللَّهُمَّ
ص: 138
إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّصِيبَ الْأَوْفَرَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَ أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَ التُّقَى وَ الْعَافِيَةَ وَ الْبُشْرَى عِنْدَ انْقِطَاعِ الدُّنْيَا.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَقْوَى لَا تَنْفَدُ، وَ فَرَجاً لَا يَنْقَطِعُ، وَ تَوْفِيقَ الْحَمْدِ، وَ لِبَاسَ التَّقْوَى، وَ زِينَةَ الْإِيمَانِ، وَ مُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ، يَا بَادِئُ لَا بَدِي ء لَهُ، وَ يَا دَائِمَ لَا نَفَادَ لَهُ، يَا حَيُّ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى، يَا قَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَ التُّقَى وَ الْعَافِيَةَ وَ الْغِنَى وَ التَّوْفِيقَ لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي قَهَرَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي ذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، وَ بِقُوَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيْ ءٌ، وَ بِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلَا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي يَبِيدُ كُلَّ شَيْ ء،ٍ وَ بِوَجْهِكَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ كُلَّ شَيْ ءٍ، أَنْ تَغْفِرَ لِي كُلَّ ذَنْبٍ، وَ تَمْحُوَ عَنِّي كُلَّ خَطِيئَةٍ، وَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِمَا تُحِبُّ ربّنا وَ تَرْضَى، وَ أَنْ تَكْفِيَنِي مَا هَمَّنِي وَ غَمَّنِي مِنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أَنْ تَرْزُقَنِي جُمَلَ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ الْمَعْصُومِينَ.(1)
ص: 139
{26}
[155] بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمدُ للّه الّذي هداني للإسلام وأكرمني بالإيمان، وعرّفني الحقّ الّذي عنه يوفكون، والنبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون، وسبحان اللّه الّذي رَفَعَ السماءَ بغير عَمَدٍ ترونها، وأنشأ جنّات المأوى بلا أمد تلقونها، ولا إله إلّا اللّه السابغ النعمة، الدافع النقمة، الواسع الرحمة ، واللّه أكبر ذوالسلطان المنيع، والإنشاء البديع، والشأن الرفيع، والحساب السريع.
اللّهمّ صل على محمّد عبدك ورسولك ونبيِّك و أمينك و شهيدة التقي النقيّ البشيرِ النذيرِ السراجِ المُنير، وآله الطيّبين الأخيار، ماشاء اللّه تقرُّباً إلى اللّه ، ماشاء اللّه توجُّهاً إلى اللّه ، ماشاء اللّه تلطُّفاً باللّه، ماشاء اللّه لم يكن بنا من نعمة فمن اللّه، ماشاء اللّه لا يصرف السوء إلّا اللّه، ماشاء اللّه لا يسوق الخير إلّا اللّه ، ماشاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه ، أُعيذُ نفسي وشَعْري وبَشَري وأهلي ومالي وولدي وذُرّيتي وديني ودنياي ومارزقني ربّي وما أغلقت عليه أبوابي وأحاطت جدراني وما أتقلّب فيه من نعمة وإحسانه وجميع إخواني وأقربائي وقراباتي من المؤمنين والمؤمنات باللّه العظيم وبأسمائه التامة العامّة الكاملة الكافية الشافية الفاضلة المباركة المنيفة المتعالية الزاكية المكنونة الشريفة الكريمة الظاهرة العظيمة المخزون المكنونة الّتي لا يُجاوزهنّ برٌّ ولا فاجرٌ وبأُمّ الكتاب وفاتحته وخاتمته وما بينهما من سورة شريفة وآيةٍ مُحكمة و شفاء ورحمة و عوذة وبركة، وبالتوراة والإنجيل والزبورِ والفُرقان، وبصُحُف إبراهيم وموسى، وبكلّ كتاب أنزله اللّه، وبكلّ رسول أرسله اللّه، وبكلّ حجّة أقامها اللّه، وبكلّ برهان أظهره
ص: 140
اللّه، وبكلّ نور أناره اللّه، وبكلّ آلاء اللّه، وعزّة اللّه، وعظمة اللّه، وقدرة اللّه ، وسلطان اللّه، وحلال اللّه، ومنع اللّه، ومَنَّ اللّه، وعفو اللّه ، وحُكم اللّه وحِكْمَةِ اللّه، وغفرانِ اللّه، وملائكةِ اللّه، وكتب اللّه، ورسل اللّه ، و أنبياء اللّه ، و محمّد رسول اللّه، وأهل بیت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعليهم أجمعين، من غضب اللّه، وسخط اللّه، ونَكال اللّه، وعقاب اللّه، وأخذِ اللّه وبطشه ، وقوارعه، واجتياحه واجتنائه واصطلامه واستئصاله وتدميره وسطواته ونقمته ، وجميع مثلاته ومن إعراضه و صدوره وتنكيله وتوكيله وخذلانه ودمذمته وتخليته، ومن الكفر والنفاق، والشكّ والشرك، والحيرة في دين اللّه، ومن شرّ يوم النُشور والحشر والموقف، ومن شرّ کتاب قد سبق، ومنزوال النعمة وتحويلالعافية، وحلول النقمة، وموجبات الهلكة، ومن مواقف الخزي والفضيحة في الدُنيا والآخرة، وأعوذ باللّه العظيم من هوی مُرد، وقرين مُلْه ، وصاحب مُسْه، وجار مؤذ، وغني مُطْغ، وفقر مُنْس، ومن قلب لا يخشع، وصلاة لاتُرفع، ودعاء لا يُسمَع، وعين لا تدمع، ونفس لا تقنع، وبطن لا يشبع، وعمل لا يُرفَع، واستغاثة لا تُجاب ، وغفلة و تفریط يُوجبان الحسرة والندامة ، ومن الرياء والسُمعة والشكّ والعمى في دين اللّه ، ومن نصب واجتهاد يوجبان العذاب، ومن مردّ إلى النار، ومن ضَلَع الدين وغلبة الرجال وسوء المَنظَر في الدين والنَفْس والأهل والمال والولد والإخوان وعند معانية ملك الموت، وأعوذ باللّه العظيم من الغرق والحرق والشرق والسرق والهدم والخسف والمسخ والحجارة والصيحة والزلازل والفِتَن والعين والصواعق والبَرَد والقِوَد والقِرَد والجنون والجُذام والبَرص وأكل السبع وميتة السُوء وجميع أنواع البلايا في الدُنيا والآخرة وأعوذ باللّه العظيم من شر السامّة والهامّة واللامّة والخاصّة والعامّة، ومن شرّ أحداث النهار ومن شرّ طوارق الليل
ص: 141
والنهار، إلّا طارقًا يطرق بخير يا رحمان، ومن دَرَك الشقاء وسوء القضاء وجُهد البلاء وشماتة الأعداء وتتابع العناء والفقر إلى الأكفاء وسوء الممات وسوء المحيا وسوء المنقلب، وأعوذ باللّه العظيم من شرِّ إبليس وجنوده وأعوانه وأتباعه ، ومن شرّ الجنّ والإنس، ومن شرّ الشيطان، ومن شرّ السلطان ومن شرّ كلّ ذي شر، ومن شرّ كلّ ما أخاف وأحذر ، ومن شرّ فسقة العرب والعجم، ومن شرّ فسقة الجنّ والإنس، ومن شرّ ما في النور والظلم، ومن شرّ ما هجم أو دهم أو ألمّ، ومن شرّ كلّ سقم وهمّ وغمّ وآفة وندم و من شرّ ما في الليل والنهار والبرّ والدغار والبحار، ومن شرِّ الفُسّاق والفجّار والكفّار و الحسّاد والسُحّار والجبابرة والأشرار، ومن شرّ ما یَنزِل من السماء ومايعرج فيها، ومن شرّ ما يلج في الأرض وما يخرج منها، ومن شرّ كلّ دابة ربّي آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقیم ، وأعوذ باللّه العظيم من شرّ ما استعاذ منه الملائكة المقرّبون والأنبياء المرسلون والشهداء والصالحون وعِبادُك المتَّقون و محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة المهديّون والأوصياء والحجج المطهّرون عليهم السلام ورحمة اللّه وبركاته، وأسألك أن تعطيني من خير ما سألوكه، وأن تعيذني من شرّ ما استعاذوا بك منه، وأسألكَ من الخير كلِّه عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك مِن همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون، اللّهمّ من أرادني في يومي هذا وفیمابعده من الأيّام من جميع خلقك كلّهم من الجنّ والإنس من غريب أو بعيد ضعيف أو شدید بشرّ أو مكروه أو مساوة بيد أو لسان أو قلب فأخرج صدره و ألجم لسانه واشدد سمعه وأقمح بصر وأرعب قلبه وأشغله بنفسه وأمِتْه بغيظه واكفنيه بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت بحولك وقوّتك إنّك على كلّ شيء قدير.
ص: 142
اللّهمّ اكفني شرّ مانصب لي حدُّه واكفني مكرَ المكَرة وأعنّي على ذلك بالسكينة والوقار وألبسني دِرعكَ الحصينة وأحيني في سترك الواقي وأصلح حالي كلّه. أصبحتُ في جوار اللّه الّذي لا يُضام ممتنعاً، وبعزّة اللّه الّتي لا تُرام، مُحتجباً وبسلطان اللّه المنيع مُحتوراً معتصماً ومتمسّكاً، وبأسماء اللّه الحسن كلها عائذاً. أصبحت في حِمى اللّه الّذي لا يُستباح، وفي ذمّة اللّه الّتي لاتُخْفَر، وفي حبل اللّه الّذي لا يحزم، وفي جوار اللّه الّذي لا يُستضام وفي مَنْع اللّه الّذي لايدرك وفي سِتر اللّه الّذي لا يُهتك وفي عون اللّه الّذي لا يُخذل ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم.
اللّهمّ اعطف علينا قلوبَ عبادِك وإمائِك وأوليائك برأفة منك ورحمة إنِك أنت أرحم الراحمين، حسبي اللّه وكفى سَمِع اللّه لمن دعا ليس وراء اللّه منتهى ولا دون اللّه ملجاً، مَن اعتصم باللّه نجا، كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورُسُلي إنّ اللّه قويّ عزيز، فاللّه خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين، وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكّلتُ وإليه أُنيب، فإنْ تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إّلا هو عليه توكّلت وهو ربُّ العرش العظيم، شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأُولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، إنّ الدين عند اللّه الإسلام، تحصَّنتُ باللّه العظيم واستعصمتُ بالحيّ الّذي لا يموت ورميت كلّ عدوّ لنا بلا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، ماشاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن، أشهد أنّ اللّه على كلّ شيء قدير وأن اللّه قد أحاط بكلّ شيء علماً وأحصى كلّ شيء عدداً، وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.(1)
ص: 143
{27}
[156] عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان إذا أراد الإنصراف من الصلاة مسح جبهته بيده اليُمنى ثمّ يقول: اللّهمّ لك الحمد لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة، اللّهمّ أذهب عنّي الهم والحزن والفتن ما ظهر منها وما بطن ، وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما أحد من أُمّتي يقول ذلك إلّا أعطاه اللّه ما سأل.(1)
{28}
[157] عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شكت إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الأرق، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قولي يا بني(2) : يا مشبع البطون الجائعة، و یا کاسي الجنوب العارية ويا مسكّن العروق الضاربة، ويا منوّم العيون الساهرة ، سکّن عروقي الضاربة ، واذن (3) لعيني نوماً عاجلاً، فقالته فاطمة (عَلَيها السَّلَامُ) ، فذهب عنها ما كانت تجده.
السيّد علي بن طاووس في فلاح السائل : بإسناده عن أبي المفضّل
ص: 144
محمّد بن عبداللّه، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث، مثله متناً وسنداً.(1)
{29}
[158] عن راشد بن أبي روح الأنصاري، قال : كان من دعاء الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : اللّهمّ ارزقني الرغبة في الآخرة حتّى أعرِفَ صِدقَ ذلك في قلبي بالزَهادة مِنّي في دُنياي، اللّهمّ ارزقني بصراً في أمر الآخرة حتّى أطلُبَ الحسنات شوقاً، وأفِرَّ مِن السيّئات خوفاً یا ربّ.(2)
{30}
[159] اللّهمّ اسقِنا سَقْياً واسعة وادعةً عامّةً نافعةً غيرَ ضارّة تَعُمُّ بها حاضرِنَا و بادینا، وتَزيدَ بِها في رِزقِنا وشُكرنا، اللّهمّ اجعله رزق إيمان وعطاء إيمان، إنّ عطاءك لم يكن محظوراً، اللّهمّ أنزل علينا في أرضنا سكنها، وأنبِتْ فيها زيتَها ومرعاها.(3)
ص: 145
{31}
[160] عن علي بن الحسین زین العابدین (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : لما أصبحت الخيلُ تقبل على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) رفع يديه وقال : اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر، نزل بي ثقة وعدّة، كم من همّ يضعُف فيه الفؤادُ، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذُل فيه الصديق، ويشمت فيها العدوّ أنزلته بك و شکوتُه إليك، رغبةً منّي إليك عمّن سواك ففرّجتَه عنّي وكشفتَه فأنت وليُّ كلّ نعمة، وصاحب كلّ حسنة، ومُنتهى كلّ رغبة.(1)
دعاؤه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الطفّ
{32}
[161] اللّهمّ أنت متعالي المكان، عظيمُ الجبروت، شديدُ المحال، غنيٌّ عن الخلائق، عريضُ الكبرياء، قادرٌ على ما تشاء، قریبُ الرحمة، صادقُ
ص: 146
الوعد، سابغُ النعمة، حسنُ البلاء، قريبٌ إذا دُعيت، محیطٌ بما خلقتَ، قابلُ التوبة لمن تاب إليك، قادرٌ على ما أردت، ومُدركٌ ماطلبت، وشكورٌ إذا شُکرت ، وذكورٌ إذا ذكرت، أدعوك محتاجاً، وأرغبُ إليك فقيراً، وأفزعُ إليك خائفاً، وأبكي إليك مکروباً، وأستعينُ بك ضعيفاً، وأتوكّلُ عليك كافيااً، أُحكُم بيننا وبين قومنا، فإنّهم غرُّونا، وخدعونا، وغدروا بنا، وقتلونا، ونحنُ عترةُ نبيّك، ووُلد حبيبك ، محمّد بن عبداللّه، الّذي اصطفيتَه بالرسالة، وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا مِن أمرنا فرجاً، ومخرجاً، برحمتك يا أرحم الراحمين.(1)
{33}
[162] اللَّهُمَّ أَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِآدَمَ وَ حَوَّاءَ إِذْ قالا : ربّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ، وَ نَادَاكَ نُوحٌ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَ نَجَّيْتَهُ وَ أَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ. وَ أَطْفَأْتَ نَارَ نُمْرُودَ عَنْ خَلِيلِكَ إِبْرَاهِيمَ، فَجَعَلْتَهَا بَرْداً وَ سَلَاما.ً وَ أَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِأَيُّوبَ إِذْ نَادَى : رَبِ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَكَشَفْتَ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْتَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدَكَ وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ. وَ أَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِذِي النُّونِ حِينَ نَادَاكَ فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَمِّ. وَ أَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِمُوسَى وَ هَارُونَ دَعْوَتَهُمَا حِينَ قُلْتَ : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما، وَ غَرَّقْتَ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ، وَ غَفَرْتَ لِدَاوُدَ ذَنْبَهُ وَ تُبْتَ عَلَيْهِ رَحْمَةً مِنْكَ وَ ذِكْرَى. وَ فَدَيْتَ إِسْمَاعِيلَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ فَنَادَيْتَهُ
ص: 147
بِالْفَرَجِ وَ الرُّوحِ، وَ أَنْتَ الَّذِي نَادَاكَ زَكَرِيَّا نِدَاءً خَفِيّاً فَقالَ : رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. وَ قُلْتَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ ، وَ أَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، لِتَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ فَلَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْوَنِ الدَّاعِينَ لَكَ وَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ وَ اسْتَجِبْ لِي كَمَا اسْتَجَبْتَ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ، فَطَهِّرْنِي بِتَطْهِيرِكَ، وَ تَقَبَّلْ صَلَاتِي وَ دُعَائِي بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وَ طَيِّبْ بَقِيَّةَ حَيَاتِي، وَ طَيِّبْ وَفَاتِي، وَ اخْلُفْنِي فِيمَنْ أَخْلُف،ُ وَ احْفَظْنِي يَا رَبِّ بِدُعَائِي، اجْعَلْ ذُرِّيَّتِي ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تَحُوطُهَا بِحِيَاطَتِكَ بِكُلِّ مَا حُطْتَ بِهِ ذُرِّيَّةَ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
يَا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيبٌ، وَ لِكُلِّ دَاعٍ مِنْ خَلْقِكَ مُجِيبٌ، وَ مِنْ كُلِّ سَائِلٍ قَرِيبٌ، أَسْأَلُكَ يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الحيّ الْقَيُّومُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وَ بِكُلِّ اسْمٍ رَفَعْتَ بِهِ سَمَاءَكَ، وَ فَرَشْتَ بِهِ أَرْضَكَ، وَ أَرْسَيْتَ بِهِ الْجِبَالَ، وَ أَجْرَيْتَ بِهِ الْمَاءَ، وَ سَخَّرْتَ بِهِ السَّحَابَ، وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ وَ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ خَلَقْتَ الْخَلَائِقَ كُلَّهَا، أَسْأَلُكَ بِعَظَمَةِ وَجْهِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ فَأَضَاءَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ إِلَّا صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ كَفَيْتَنِي أَمْرَ مَعَاشِي وَ مَعَادِي، وَ أَصْلَحْتَ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَ لَمْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَ أَصْلَحْتَ أَمْرِي وَ أَمْرَ عِيَالِي، وَ كَفَيْتَنِي هَمَّهُمْ وَ أَغْنَيْتَنِي وَ إِيَّاهُمْ مِنْ كَنْزِكَ وَ خَزَائِنِكَ وَ سَعَةِ فَضْلِكَ الَّذِي لَا يَنْفَدُ أَبَداً. وَ أَثْبَتَّ فِي قَلْبِي يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ الَّتِي تَنْفَعُنِي بِهَا وَ تَنْفَعُ بِهَا مَنِ ارْتَضَيْتَ مِنْ عِبَادِكَ ، وَ اجْعَلْ لِي مِنَ الْمُتَّقِينَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِمَاماً، كَمَا جَعَلْتَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ إِمَاماً، فَإِنَّ بِتَوْفِيقِكَ يَفُوزُ الْفَائِزُونَ، وَ يَتُوبُ التَّائِبُونَ، وَ يَعْبُدُكَ الْعَابِدُونَ، وَ بِتَسْدِيدِكَ يَصْلُحُ الصَّالِحُونَ الْمُحْسِنُونَ الْمُخْبِتُونَ الْعَابِدُونَ لَكَ، الْخَائِفُونَ مِنْكَ. وَ بِإِرْشَادِكَ
ص: 148
نَجَا النَّاجُونَ مِنْ نَارِكَ وَ أَشْفَقَ مِنْهَا الْمُشْفِقُونَ مِنْ خَلْقِكَ ،وَ بِخِذْلَانِكَ خَسِرَ الْمُبْطِلُونَ وَ هَلَكَ الظَّالِمُونَ ،وَ غَفَلَ الْغَافِلُون.
اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا فَأَنْتَ وَلِيُّهَا وَ مَوْلَاهَا، وَ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَهَا هُدَاهَا، وَ أَلْهِمْهَا تَقْوَاهَا وَ بَشِّرْهَا بِرَحْمَتِكَ حِينَ تَتَوَفَّاهَا، وَ نَزَلَهَا مِنَ الْجِنَانِ عُلْيَاهَا، وَ طَيِّبْ وَفَاتَهَا وَ مَحْيَاهَا، وَ أَكْرِمْ مُنْقَلَبَهَا وَ مَثْوَاهَا، وَ مُسْتَقَرَّهَا وَ مَأْوَاهَا، فَأَنْتَ وَلِيُّهَا وَ مَوْلَاهَا.(1)
{3}
[163] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من اشتكى حلقه وكثر سعالُه واشتدّ نفسه فليعوذ بهذه الكلمات وكان يسمّيها الجامعة لكل شيء:
اللّهمّ أنتَ رجائي، وأنتَ ثقتي وعمادي وغياثي ورفعتي وجمالي، وأنت مفزعُ المفزعين ليس للهاربين مهرب إلّا إليك، ولا للعالمین معوّل إلّا عليك ، ولا للراغبين مرغّب إلّا لديك، ولا للمظلومین ناصر إلّا أنت، ولا لذي الحوائج مقصد إلّا إليك، ولا للطالبين عطاء إلّا من لديك، ولا للتائبين متاب إلّا إليك، وليس الرزق والخير والفرج إّلا من بيدك ، حزنتني الأمور الفادحة، وأعيَتْني المسالك الضيّقة، واحتوشتني الأوجاعُ الموجعة، ولم أجد فتحَ باب الفرج إلّا بيدك فأقمت تلقاءَ وجهك، واستفتحت عليك بالدعاء أغلاقه فافتح يا ربّ للمستفتح واستجب للداعي وفرِّج الكرب واكشف الضُرّ وسد الفقر وأجل الحزن وأنف الهمّ واستنقذني من الهلكة فإنّي قد أشقيت عليها ولا أجد لخلاصي منها غيرك، يا اللّه يا من يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء ارحمني واكشف
ص: 149
مابي من غمّ وکرب ووجع وداء ربّ إن لم تفعَل لم أرج فرجي من عند غيرك ، فارحمني يا أرحم الراحمين، هذا مكان البائس الفقير، هذا مكان الخائف المستجير، هذا مكان المستغيث ، هذا مكان المكروب الضرير ، هذا مكان الملهوف المستعيذ، هذا مكان العبد المشفق الهالك الغريق الخائف الوجل، هذا مكان من انتبه من رقدته واستيقظ من غفلته وأفرق من علّته وشدّة وجعه و خاف من خطيئته واعترف بذنبه وأخبت إلى ربّه وبکا من حذره واستغفر واستعبر واستقال وأستعفا واللّه إلى ربّه ورهب من سطوته وأرسل من عبرته ورجا وبکا ودعا ونادى رب إنّي مسّني الضر فتلافني قد ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سرائري وعلانيتي وتعلم حاجتي وتحيط بما عندي ولا يخفى عليك شيء من أمري من علانيتي وسرّي وما أُبدي وما یكنّه صدري فأسألك بأنّك تلي التدبير وتقبل المعاذير وتمضي المقادير بسؤال من أساء واعترف و ظلم نفسه واقترف وندم على ما سلف وأناب إلى ربّه وأسف ولاذ بفنائه وعكف وأناخ رجاه وعف وتبتّل إلى مقيل عثرته قابل توبته وغافر حوبته وراحم غربته و کاشف کربته وشافي علّته أن ترحم تجاوزي بك و تضرّعي إليك و تغفر لي جميع ما أخطأته من کتابتك وأحصاه كتابك و ما مضى من علمك من ذنوبي وخطاياي وجرائري في خلواتي و فجراتي وسيّئاتي وهفواتي وهناتي وجميع ما تشهد به حفظتك وكتبة ملائكتك في الصغر وبعد البلوغ والشيب والشباب وبالليل والنهار والغدوّ والآصال وبالعشيّ والابكار والضحى والأسحار وفي الحضر وفي السفر وفي الخط والملا وأن تجاوز عن سيّئاتي في أصحاب الجنّة وعد الصدق الّذي كانوا يوعَدون. اللّهمّ بحقّ محمّد و آله أن تكشف عنّي العلل الغاشية في جسمي وفي شعري وبشري و عروقي وعصبي وجوارحي، فإنّ ذلك لا يكشفها غيرك يا أرحم
ص: 150
الراحمين ويا مجيب دعوة المضطرّين. (1)
{35}
[164] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّهمّ إنّ أهل العراق غرّوني و خدعوني، وصنعوا بأخي ماصنعوا، اللّهمّ شتِّت عليهم أمرَهم، وأحِصَّهم عدداً. (2)
{36}
[165] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)أنّه كان يقول في قنوت الوتر : اللّهمّ إنّك ترى ولاتُرى، وأنت بالمنظر الأعلى، وإن إليك الرُجعي، وإنّ لك الآخرة والأُولى، اللّهمّ إنّا نعوذُ بك من أن نذلّ ونخزى.(3)
{37}
[166] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال في كلام رواه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ الحسين بن
ص: 151
علي في السماء أكبر... إلى أن قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ولقد لُقِّنَ دعوات ما يدعو بهنّ مخلوقٌ إلّا حشره اللّه عزّوجلّ معه.
وكان شفيعَه في آخرتِه، وفَرَّج اللّهُ عنه كربَه ، وقضي بها دينه ويسَّر أمرَه وأوضَحَ سبيلَه، وقوّاه على عدوِّه، ولم يهتك سترَه.
فقال أُبيّ [بن كعب ]: وما هذه الدعوات يا رسول اللّه؟
قال : تقول إذا فرغتَ من صلاتك وأنت قاعد : اللّهمّ إنّي أسألك بكلماتك ومعاقِدِ عرشِك، وسُكّان سماواتِك [و أرضِك] و أنبيائِك ورسُلِك [أن تستجيبَ لي] فقد رَهَقَني مِن أمري عُسرٌ، فأسألك أن تصلِّي على محمّد و آل محمّد وأن تجعل لي من عُسري يُسراً.
فإنّ اللّه عزّ وجلّ يُسَهِّل أمرَك ويشرحَ لك صدرَك ويلقِّنَك شهادةَ أن لا إله إلّا اللّه عند خروج نفسك.(1)
{38}
[167] اللّهمّ إني أسألك توفيق أهل الهُدى وأعمالَ أهلِ التقوى ومُناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر وحذرَ أهل الخشية وطلب أهل العلم وزينة أهل الورع وخوف أهل الجزع حتّى أخافك، اللّهمّ مخافةً تحجُزُني عن معاصيك وحتى أعمَلَ بطاعتِك عَمَلاً أستحِقُّ به کرامَتَك وحتى أناصحك في التوبة
ص: 152
خوفاً لك وحتى أُخلِصَ لك في النصيحة حُبّاً لك وحتى أتوكّلُ عليك في الأمور حُسنَ ظنّ بك سبحانَ خالقَ النورِ سبحانَ اللّه العظيم وبحمده.(1)
{39}
[168] وروي عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : مَن دخل المقابر فقال : اللّهمّ ربَّ هذه الأرواحِ الفانية، والأجسادِ الباليةِ، والعِظامِ النَخِرَةِ الّتي خَرَجَتْ مِن الدَنيا وهيَ بِكَ مؤمِنَة، أدخِلْ عليهم رَوْحاً منِكَ وسَلاماً مِنّي، كَتَبَ اللّهُ له بعدَدِ الخَلْقِ مِن لدُن آدم إلى أنْ تَقومُ الساعةُ حسنات.(2)
{40}
[169] اللّهمّ لا تستدرجني بالإحسان، ولا تؤدِّبني بالبلاء.(3)
ص: 153
{41}
[170] و عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه دعا في قنوته : اللّهمّ مَن أوى إلى مأوى فأنت مأواي ، ومَن لجأ إلى ملجأ فأنتَ ملجأي ، اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، واسمَع ندائي، وأجِبْ دُعائي، واجعل مابي عندك ومثواي، واحرُسني في بلواي مِن إفتتان الإمتحان ولُمّةِ الشيطانِ بعظمتك الّتي لا يشوبها ولع نفسٍ بتفنين، ولا وارد طیف بتظنين، ولا يسلم بها فرح حتّى تقلبني إليك بإرادتك، غيرَ ظنين ولا مظنون ولا مراب ولا مُرْتاب إنّك أرحمُ الراحمين.(1)
{42}
[171] و عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه دعا في قنوته : اللّهمّ منك البدءُ، ولك المشيّةُ، ولك الحول ولك القوّةُ وأنت اللّه الّذي لا إله إلّا أنت ، جعلَت قلوبَ أوليائِك مسكناً لمشيّتك، ومكمناً لإرادتِك، وجعلتَ عقولَهم مناصبَ أوامرك ونواهيك ، فأنت إذا شئتَ ما تشاء حرکّتَ مِن أسرارِهم کوامَن ما أبطنتَ فيهم، وأبدأت مِن إرادتك على ألسنتهم ما أفهمتَهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك وتدعو إليك بحقائق ما منحتَهم به، وإنّي لأعلَمُ ممّا علّمتَني ممّا أنت المشكورُ على ما منه رأيتَني وإليه أريتَني ، اللّهمّ وإنّي مع ذلك كلِّه عائذٌ بك لائذٌ بحولك وقوّتك، راضٍ بحكمك الّذي سُقتَه إليّ في علمك، جارٍ بحيث أجريتَني، قاصدٌ ما أمّمتَني، غيرُ ضنين بنفسي في مايرضيك عنّي، إذ به قد
ص: 154
رضّيتني ولا قاصرٌ بجهدي عمّا إليه ندبتَي، مُسارعٌ لما عرّفتني، شارعٌ فيما أشرعَتني، متبصّرٌ في ما بصّرتَني، مراعٍ ما أرعيتَني، فلا تخِلني مِن رعايتك ، ولا تخرِجْني مِن عنايتك، ولا تُقْعِدْني عن حولك ولا تخرِجني عن مقصد أنال به إرادتَك، واجعل على البصيرة مدرجتي، وعلى الهداية محجّتي، وعلى الرشاد مسلکي، حتّى تنبلني وتنيل بي أُمنيّتي، وتحلّ بي على ما به أردتَني وله خلقتَني، وإليه أويتَ بي وأعِذْ أوليائك من الإفتتان بي، وفتّنهم برحمتك الرحمتك في نعمتك تفتين الإجتباء والإستخلاص، بسلوك طريقتي واتّباع منهجي، وألحِقني بالصالحين من آبائي وذوي رحمي.(1)
{43}
[172] عن عبداللّه بن الفضل بن الربيع، عن أبيه، أنّه قال : لمّا حجّ المنصور سنة سبع وأربعين ومائة قدم لمدينة فقال الربيع : ابعث إلى جعفر بن محمّد من يأتينا به متعباً، قتلني اللّه إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه وتناساه ، فأعاد عليه في اليوم الثاني وأغلظ في القول، فأرسل إليه الربيع، فلمّا حضر قال له الربيع : يا أباعبداللّه اذكر اللّه تعالى فإنه قد أرسل لك من لا يدفع شرّه إلّا اللّه ، وإنّي أتخوّف عليك فقال جعفر : «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم» ثمّ أنّ الربيع دخل به على المنصور، فلمّا رآه المنصور أغلظ له في القول وقال : يا عدوّ اللّه اتّخذك أهل العراق إماماً يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتتبع لي القوائل قتلني اللّه إن لم أقتلك.
ص: 155
فقال جعفر : يا أمير المؤمنين إنّ سليمان أعطى فشكر ، وإنّ أيّوب ابتلی فصبر ، وإنّ يوسف كظم فغفر، وهؤلاء أنبياء اللّه وإليهم يرجع نسبك و لك فيهم أُسوة حسنة».
فقال المنصور : يا أبا عبداللّه، ارتفع إلى هنا عندي ، ثمّ قال : يا أبا عبداللّه إنّ فلاناً أخبرني عنك بما قلت لك.
فقال : احضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك، فأُحضرت الرجل الّذي سعی به إلى المنصور، فقال له المنصور : أحقّاً ما حكيت لي عن جعفر؟
فقال : نعم يا أمير المؤمنین!
فقال جعفر : استحلفه ، فبادر الرجل وقال : واللّه العظيم الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الواحد الأحد وأخذ يعدّد في صفات اللّه تعالى.
فقال جعفر : يا أمير المؤمنين يحلف بما أستحلفه.
فقال : حلّفه بما تختار.
فقال له جعفر: قل برئت من حول اللّه وقوته، والتجأتُ إلى حولي وقوّتي، لقد فعل جعفر کذ و كذا. فامتنع الرجل، فنظر إليه المنصور نظرة منكرة، فحلف بها فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وخرّ میّتاً مكانه ، فقال المنصور : جرّوا برجله وأخرجوه، ثمّ قال : لا عليك يا أباعبداللّه أنت البريء الساحة والسليم الناحية، المأمون الغائلة! عليّ بالطيب فأُتي بالغالية فجعل يفاق بها لحيته إلى أن ترکها تقطر وقال : في حفظ اللّه وكلاءته وألحقه يا ربيع بجوائز حسنة وكسوة سنيّة.
قال الربيع : فحلقته بذلك ثمّ قال له : يا أبا عبداللّه رأيتك تحرّك شفتيك ، وكلما حرّكتها سكن غضب المنصور، بأيّ شيء كنت تحركها؟
ص: 156
قال : بدعاء جدّي الحسين.
قلت : وما هو يا سيّدي؟
قال : اللّهمّ يا عُدَّتي عند شدّتي، ويا غوثي عند کُربَتي، أُحرُسني بعينِك الّتي لا تَنام، واكنُفْني بركنِك الّذي لا يُرام، وارحمني بقدرتك عليّ فلا أهلك وأنت رجائي. اللّهمّ إنّك أكبرُ وأجلُّ وأقدرُ ممّا أخافُ وأحذَر ، اللّهمّ بك أدرأُ في نحره، وأستعيذُ مِن شرّه إنّك على كلّ شيء قدير.
قال الربيع : فما نزل بي شدّة ودعوت به إلّا فرّج اللّه عنّي.(1)
{44}
[173] عن الصادق عن أبيه عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : اجتمع عند عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوم فشكوا إليه قلّة المطر، وقالوا : يا أبا الحسن ادع لنا بدعوات في الإستسقاء. قال : فدعا عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقال للحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ادع لنا بدعوات في الإستسقاء.
فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّهمّ هيّج لنا السحاب... الخ.
ثمّ قال للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أُدع!
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّهمّ يا معطيَ الخيرات مِن مناهلها، ومُنزلَ الرحمات مِن معادنها، ومجريَ البركات على أهلها ، منك الغيث المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهلُ الذنوب، وأنت المستغفِر الغفّارُ ، لا إله إلّا
ص: 157
أنت، اللّهمّ أرسل السماءَ علينا لحينها مدراراً واسقنا الغيثَ واكفاً مغزاراً غيثاً مغيثاً واسعاً مُتّسعاً مريّاً ممرِعاً غدقاً مغدقاً غيلاناً سحّاً سحساحاً بحّاً بحًاحاً سائلاً مسلاً عامّاً ودقاً مطفاحاً يدفع الودق بالودق دفاعاً، ويتلو القطر منه قطراً غیر خلّب برقه، ولا مكذّب رعده، تنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميّت من بلادك ، وتستحقّ به علينا من منك آمين ربّ العالمين.
فما فرغا من دعائهما حتّى صبّ اللّه تبارك وتعالى عليهم السماء صبّاً.
قال : فقيل لسلمان : يا أبا عبداللّه أعُلِّما هذا الدعاء؟
فقال : ويحكم! أين أنتم عن حديث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حيث يقول : إنّ اللّه أجرى على ألسن أهلِ بيتي مصابيح الحكمة.(1)
{45}
[174] إذا أصبح وأمسى:
بسم اللّه الرحمن الرحیم بسم اللّه وباللّه و مِن اللّه و إلى اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه وتوكلتُ على اللّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم. اللّهمّ إنّي أسلمتُ نفسي إليك ووجّهتُ وجهي إليك وفوّضتُ أمري إليك إيّاك أسألُ العافية مِن كلِّ سوء في الدُنيا والآخرة، اللّهمّ إنّك تكفيني مِن كلّ أحد ولا يكفيني أحد منك ، فاكفِني مِن كلّ أحد ما أخافُ وأحذرُ، واجعَل لي مِن أمري فرَجاً ومخرَجاَ إنّك تَعلَمُ ولا أعلمُ وتقدِرُ ولا أقدِرُ وأنتَ على كلّ شيء قدیر برحمتك يا أرحم الراحمين.(2)
ص: 158
{46}
[175] رقي بها جبريل (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) :
يضع عودة أو حديدة على الضِرس ويرقيه مِن جانبه - سبع مرّات - : بسم اللّه الرحمن الرحيم، العجبُ كلُّ العجبِ دودةٌ تكونُ في الفم تأكلُ العظمَ وتُنزِلُ الدمَ، أنا الراقي واللّهُ الشافي والكافي، لا إله إلّا اللّه والحمد للّه ربِّ العالمین «وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (1)- سبعَ مرّات - ويفعلُ ما قدَّمناه.(2)
{47}
[176] عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رجلاً اشتكى إلى أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقال : يابن رسول اللّه إنّي أجد وجعاً في عراقيبي، منعني من النهوض إلى الغرف.
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فما يمنعُك مِن العوذة؟
قال : لست أعلمها.
قال : فإذا أحسَسْتَ بها فضَعْ يدك عليها وقل : بسمِ اللّهِ وباللّهِ والسلام
ص: 159
على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمّ اقرأ عليه : «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (1) ففعل الرجل ذلك فشفاه اللّه تعالى.(2)
{48}
[177] سمعت عبیداللّه بن محمّدبن حفص العيشي يقول : سمعت أبي يقول : لمّا قبض ولد العبّاس خزائن بني أُميّة وجدوا سفطاً مختوماً، ففتحوه فإذا فيه رقّ مكتوب عليه : شفاء بإذن اللّه. قال : ففتح فإذا هو : بسم اللّه و باللّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم، أسكن أيّها الوجع، سكنت بالّذي له ماسكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، بسم اللّه و باللّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، أسكن أيّها الوجع الّذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، إنّ اللّهَ بالناس لرؤوفٌ رحيم، بسم اللّه وباللّه، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، أسكن أيّها الوجع بالّذي إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكلّ صبارٍ شَکور ، بسم اللّه و باللّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، أسكن أيّها الوجع سكنت بالّذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنّه كان حلیم غفوراً.
قال عبيداللّه : قال لي : فما احتجتُ بعده إلى علاج ولا دواء.
ص: 160
قال جدّي : قال عبداللّه : قال لنا أبي : إنّ بني أُميّة أصابوه في ثقل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
{49}
[178] بسم اللّه الرحمن الرحيم، سبحانَ اللّه والحمدُ للّه ولا إلهَ إلّا اللّهُ واللّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم، سبحانَ اللّهِ آناء الليل وأطراف النَهار، سبحان اللّه بالغُدوّ والآصالِ، سبحانَ اللّهِ بالعشيّ والإبكار ، سبحانَ اللّه حينَ تُمسون وحين تُصبِحون، وله الحمدُ في السماوات والأرض وعشيّاً وحين تُظهِرون، يُخرِج الحيّ مِن الميّتِ ويُخرج الميّتَ مِن الحيّ، ويُحيي الأرضَ بعدَ موتِها وكذلك تُخرَجون، سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عمّا يَصِفون، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ للّه ربّ العالمين.
سبحانَ ذي الملك والملكوت، سبحانَ ذي العِزِّ والجَبَروت، سبحانَ ذالكبرياء والعظمة ، سبحان الملكِ الحقّ المبين المهيمن القُدّوس، سبحان اللّه الملكُ الحيّ الّذي لا يموت، سبحان اللّه الملك الحيّ القدّوس، سبحان القائم
ص: 161
الدائم ، سبحان الدائم القائم، سبحان ربّي العظيم، سبحان ربّي الأعلى، سبحان الحيّ القيوم، سبحان العليّ الأعلى، سبحانه وتعالى، سُبّوح قدّوس ربّنا وربّ الملائكة والروح، سبحان الدائم غيرِ الغافل، سبحان العالم بغیر تعلیم، سبحان خالق مایُری ومالا يُرى، سبحان الّذي يُدركُ الأبصارَ ولا تُدركه الأبصارُ، وهو اللطيف الخبير.
اللّهمّ إنّي أصبحتُ منك في نعمة وخير وبركة وعافية، فصلّ على محمّد وآله، وأتمم عليّ نعمتَك وخيرك وبركاتك وعافيتك بنجاة مِن النار، وارزُقني شكرَك وعافيتك وفضلك وكرامتك أبداً ما أبقيتني. اللّهمّ بنورك اهتديتُ ، وبفضلك استغنيتُ، وبنعمتك أصبحتُ و أمسيتُ، اللّهمّ إنّي أُشهدك و كفى بك شهيداً، وأُشهدُ ملائكتك وأنبیاء ورُسلك وحملةِ عرشك و سُكّان سماواتك وأرضك وجميع خلقك بأنّك أنتَ اللّه لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عبدُك ورسولك، وأنّك على كلّ شيء قدير، تُحيي وتُمیتُ و تميتُ وتُحيي، وأشهد أنّ الجنّةَ حقّ، وأنّ النار حقّ، والنُشور حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يَبعَثُ مَن في القبور، وأشهد أنّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنین حقّاً حقّاً، وأنّ الأئمّة من ولده هم الأئمّة الهُداة المهديّون غير الضالّين ولا المُضلّين ، وأنهم أولياؤك المُصطفون، وحزبك الغالبون، وصفوتُك وخيرتُك من خَلْقِك، ونجباؤك الّذين انتجبتهم لدينك، واختصصتهم من خلقك، واصطفيتهم على عبادك، وجعلتَهم حُجّةٌ على العالَمين، صلوات عليهم، والسلام عليهم ورحمة اللّه وبركاته.
اللّهمّ اكتب لي هذه الشهادةَ عندك حتّى تلقّينيها وأنتَ عنّي راض إنّك على ما تشاء قدير ، اللّهمّ لك الحمدُ حمداً يصعدُ أوله ولا ينفد آخره، اللّهمّ لك الحمد
ص: 162
حمداً تضعُ لك السماء كنَفَيْها، وتُسبحُ لكَ الأرض ومَن عليها، اللّهمّ لك الحمدُ حمداً سرمداً أبداً لا انقطاع له ولا نفاد له ولك يُنبغي وإليك يُنتهي فيّ وعلىّ ولديّ ومعي وقبلي وبعدي وأمامي وفوقي وتحتي، وإذا مِتُّ وبقیتُ فرداً وحيداً ثمّ فنیت، ولكَ الحمدُ إذا نُشِرتُ و بُعِثتُ یا مولاي، اللّهمّ لك الحمد والشكر بجميع محامدِك كلّها على جميع نعمائك كلّها حتّى ينتهي الحمد إلى ما تُحبُّ ربّنا وترضى.
اللّهمّ لك الحمدُ على كلّ أكلةٍ وشربةٍ وبطشةٍ وقبضةٍ وبسطةٍ و في كلّ موضع شعرة، اللّهمّ لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك، ولك الحمدُ حمد لا مُنتهى له دون علمك، ولك الحمدُ حمداً لا أمدَ له دون مشيئتك، ولك الحمدُ حمداً لا أجر لقائله إلّا رضاك، ولك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد باعثَ الحمدُ ولك الحمدُ وارثَ الحمد، ولك الحمدُ بديعَ الحمد، ولك الحمدُ مُنتهى الحمد، ولك الحمدُ مُبتدعَ الحمد، ولك الحمدُ مُشتري الحمد، ولك الحمد وليَّ الحمد، ولك الحمد مالك الحمد، ولك الحمدُ قديمَ الحمد، ولك الحمدُ صادقَ الوعد، وفيّ العهد، عزيز الجُند، قائم المجد، ولك الحمد رفیعَ الدرجات، مُجيبَ الدعوات، مُنزّلَ الآيات مِن فوقِ سبع سماوات، عظیمَ البرکات ، مُخرجَ النور مِن الظُلُمات، ومُخرج مَن في الظلمات إلى النور، مُبدلّ السيّئات حسنات ، وجاعل الحسنات درجات.
اللّهمّ لك الحمدُ غافرَ الذنب، وقابلَ التوب، شديدَ العقاب ، ذاالطَول، لا إله إلّا أنت إليك المصير ، اللّهمّ لك الحمدُ في الليل إذا يغشى، ولك الحمدُ في النهار إذا تجلّى، ولك الحمد في الآخرة والأُولى، ولك الحمدُ عدد كلّ نجم وملك في السماء، ولك الحمدُ عدد الثرى والحصى والنوى، ولك الحمدُ عددَ
ص: 163
مَا فِي جَوْفِ الْأَرْضِ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ أَوْزَانِ مِيَاهِ الْبِحَارِ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُكَ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ الْهَوَامِّ وَ الطَّيْرِ وَ الْبَهَائِمِ وَ السِّبَاعِ، حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا تُحِبُّ رَبَّنَا وَ تَرْضَى، وَ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَ عِزِّ جَلَالِكَ.
ثُمَّ قُلْ عَشْراً : لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
وَ عَشْراً : لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ يُمِيتُ وَ يُحْيِي وَ هُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
وَ عَشْراً : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ.
ثُمَّ قُلْ : يَا اللَّهُ عَشْراً، يَا رَحْمَانُ عَشْراً، يَا رَحِيمُ عَشْراً، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ عَشْراً، يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ عَشْراً، يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ عَشْراً، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ عَشْراً، يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَشْراً، يَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَشْراً، وَ بَسْمِلْ عَشْراً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَشْراً، اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ عَشْراً، آمِينَ عَشْراً،وَ اقْرَأِ التَّوْحِيدَ عَشْراً، ثُمَّ قُلْ بَعْدَ ذَلِكَ : اللَّهُمَّ اصْنَعْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَ لَا تَصْنَعْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وَ أَنَا أَهْلُ الذُّنُوبِ وَ الْخَطَايَا، فَارْحَمْنِي يَا مَوْلَايَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين.َ ثُمَّ قُلْ عَشْراً : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً الْآيَةَ.
ثُمَّ قُلْ مِنْ غَيْرِ هَذَا الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ لَيْلَتِي هَذِهِ وَ خَيْرَ مَا فِيهَا، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ لَيْلَتِي هَذِهِ وَ شَرِّ
ص: 164
مَا فِيهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكْتُبَ عَلَيَّ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اكْفِنِي خَطِيئَتَهَا وَ إِثْمَهَا، وَ أَعْطِنِي يُمْنَهَا وَ بَرَكَتَهَا وَ نُورَهَا، اللَّهُمَّ نَفْسِي خَلَقْتَهَا وَ بِيَدِكَ حَيَاتُهَا وَ مَوْتُهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ أَمْسَكْتَهَا فَإِلَى رِضْوَانِكَ وَ الْجَنَّةِ وَ إِنْ أَرْسَلْتَهَا فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لَهَا وَ ارْحَمْهَا.
وَ تَقُولُ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ وَ صَبَاحٍ : رَبِّيَ اللَّهُ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ أَشْهَدُ وَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً، وَ أَحْصى كُلَّ شَيْ ءٍ عَدَداً، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراط مُسْتَقِيمٍ ، إِلَهِي أَمْسَى خَوْفِي مُسْتَجِيراً بِأَمَانِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ آمِنِّي فَإِنَّكَ لَا تَخْذُلُ مَنْ آمَنْتَهُ، إِلَهِي أَمْسَى جَهْلِي مُسْتَجِيراً بِحِلْمِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ عُدْ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ وَ فَضْلِكَ، إِلَهِي أَمْسَى فَقْرِي مُسْتَجِيراً بِغِنَاكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ ارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ الْهَنِي ءِ الْمَرِي ءِ إِلَهِي أَمْسَى ذَنْبِي مُسْتَجِيراً بِمَغْفِرَتِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً عَزْماً لَا تُغَادِرُ لِي ذَنْباً وَ لَا أَرْتَكِبُ بَعْدَهَا مُحَرَّماً، إِلَهِي أَمْسَى ذُلِّي مُسْتَجِيراً بِعِزِّكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَعِزَّنِي عِزّاً لَا ذُلَّ بَعْدَهُ أَبَداً إِلَهِي أَمْسَى ضَعْفِي، مُسْتَجِيراً بِقُوَّتِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ قَوِّ فِي رِضَاكَ ضَعْفِي، إِلَهِي أَمْسَى وَجْهِيَ الْبَالِي الْفَانِي مُسْتَجِيراً بِوَجْهِكَ الدَّائِمِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَبْلَى وَ لَا يَفْنَى، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَجِرْنِي مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَ مِنْ شَرِّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ افْتَحْ لِي بَابَ الْأَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْيُسْرُ وَ الْعَافِيَةُ وَ النَّجَاحُ وَ الرِّزْقُ الْكَثِيرُ الطَّيِّبُ الْحَلَالُ الْوَاسِعُ، اللَّهُمَّ بَصِّرْنِي سَبِيلَهُ وَ هَيِّئْ لِي مَخْرَجَهُ وَ مَنْ قَدَّرْتَ لَهُ مِنْ خَلْقِكَ عَلَيَّ مَقْدُرَةً بِسُوءٍ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ خُذْهُ عَنِّي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ وَ أَلْجِمْ لِسَانَهُ
ص: 165
وَ قَصِّرْ يَدَهُ وَ أَحْرِجْ صَدْرَهُ وَ امْنَعْهُ مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيَّ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي وَ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ أَوْ شَيْ ءٌ مِمَّا خَوَّلْتَنِي وَ رَزَقْتَنِي وَ أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بِسُوءٍ، يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى، يَا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ارْضَ عَنِّي، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ارْحَمْنِي، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تُبْ عَلَيَّ ،يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ارْزُقْنِي يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِقَضَاءِ جَمِيعِ حَوَائِجِي فِي دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.(1)
{50}
[179] روی بشر و بشير أبناء غالب الأسدي قالا :
كنا مع الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عشية عرفة فخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) من فسطاطه متذللاً خاشعاً فجعل يمشي هوناً هوناً حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في مسيرة الجبل مستقبل البيت ثمّ رفع يديه تلقاء وجهه کاستطعام المسكين ثمّ قال :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَ لَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَ لَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ، وَ هُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، وَ أَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ، وَ لَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، أَتَى بِالْكِتَابِ الْجَامِعِ وَ بِشَرْعِ
ص: 166
الْإِسْلَامِ النُّورِ السَّاطِعِ، وَ هُوَ لِلْخَلِيقَةِ صَانِعٌ، وَ هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَى الْفَجَائِعِ جَازِي كُلِّ صَانِعٍ وَ رَائِشُ كُلِّ قَانِعٍ، وَ رَاحِمُ كُلِّ ضَارِعٍ، وَ مُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَ الْكِتَابِ الْجَامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ هُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ وَ لِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَ لِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ، وَ لِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ، وَ رَاحِمُ عَبْرَةِ كُلِّ ضَارِعٍ، وَ دَافِعُ ضَرْعَةِ كُلِّ ضَارِعٍ، فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَ لَا شَيْ ءَ يَعْدِلُهُ وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَ أَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي وَ أَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَ خَلَقْتَنِي مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ وَ اخْتِلَافِ الدُّهُورِ، فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ فِي تَقَادُمِ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ وَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي وَ لُطْفِكَ لِي وَ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَيَّامِ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي رَأْفَةً مِنْكَ وَ تَحَنُّناً عَلَيَّ لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي فِيهِ يَسَّرْتَنِي وَ فِيهِ أَنْشَأْتَنِي وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَ سَوَابِغِ نِعْمَتِكَ فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَ جِلْدٍ وَ دَمٍ لَمْ تُشَهِّرْنِي بِخَلْقِي وَ لَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي، ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً وَ حَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً، وَ رَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً ، وَ عَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ، وَ كَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّحَائِمِ، وَ كَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَ سَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامِ فَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى إِذَا كَمَلَتْ فِطْرَتِي وَ اعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَ رَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ فِطْرَتِكَ وَ أَنْطَقْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَ أَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ وَ نَبَّهْتَنِي لِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ وَ وَاجِبِ
ص: 167
طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ وَ فَهَمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ وَ يَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَ لُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حُرِّ الثَّرَى لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي بِنِعْمَةٍ دُونَ أُخْرَى وَ رَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وَ صُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيَّ وَ إِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَ صَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي عَلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَ وَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وَ إِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي وَ إِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وَ إِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالًا لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وَ عَظُمَتْ آلَاؤُكَ فَأَيَّ أَنْعُمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً أَوْ ذِكْراً أَمْ أَيُّ عَطَايَاكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً وَ هِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَ ذَرَأْتَ عَنِّي.
اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَ الضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَ السَّرَّاءِ وَ أَنَا أَشْهَدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي وَ عَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي وَ خَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي وَ بَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وَ عَلَائِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي وَ أَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وَ خُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي وَ حَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي وَ مَسَارِبِ صِمَاخِ سَمْعِي وَ مَا ضُمَّتْ وَ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ وَ حَرَكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي وَ مَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَ فَكِّي وَ مَنَابِتِ أَضْرَاسِي وَ بُلُوغِ حَبَائِلِ بَارِعِ عُنُقِي وَ مَسَاغِ مَطْعَمِي وَ مَشْرَبِي وَ حِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي وَ جُمَلِ حَمَائِلِ حَبْلِ وَتِينِي وَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ صَدْرِي وَ نِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي وَ أَفْلَاذِ حَوَاشِي كَبِدِي وَ مَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ أَضْلَاعِي وَ حِقَاقِ مَفَاصِلِي وَ أَطْرَافِ أَنَامِلِي وَ قَبْضِ عَوَامِلِي وَ دَمِي وَ شَعْرِي وَ بَشَرِي وَ عَصَبِي وَ قَصَبِي وَ عِظَامِي وَ مُخِّي وَ عُرُوقِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي وَ مَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامُ رِضَاعِي
ص: 168
وَ مَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي وَ نَوْمِي وَ يَقَظَتِي وَ سُكُونِي وَ حَرَكَتِي وَ حَرَكَاتِ رُكُوعِي وَ سُجُودِي أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَ اجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ وَ الْأَحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا أَنْ أُؤَدِّي شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ شُكْراً آنِفاً جَدِيداً وَ ثَنَاءً طَارِفاً عَتِيداً أَجَلْ وَ لَوْ حَرَصْتُ وَ الْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفَةً وَ آنِفَةً لَمَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً وَ لَا أَحْصَيْنَاهُ أَبَداً هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ وَ أَنْتَ الْمُخْبِرُ عَنْ نَفْسِكَ فِي كِتَابِكَ النَّاطِقِ وَ النَّبَأِ الصَّادِقِ وَ «إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها»(1) صَدَقَ كِتَابُكَ.
اللَّهُمَّ وَ نَبَاؤُكَ وَ بَلَّغَتْ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ وَ شَرَعْتَ لَهُمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي أَشْهَدُ بِجِدِّي وَ جَهْدِي وَ مَبَالِغِ طَاقَتِي وَ وُسْعِي وَ أَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونُ مَوْرُوثاً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فَيُضَادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ وَ لَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا»(2) وَ تَفَطَّرَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْحَقِّ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَعْدِلُ حَمْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ وَ أَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ وَ لَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَ خِرْ لِي فِي قَضَائِكَ وَ بَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.
ص: 169
اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي وَ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي وَ الْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي وَ النُّورَ فِي بَصَرِي وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَ مَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي وَ اجْعَلْ سَمْعِي وَ بَصَرِيَ الْوَارِثَيْنِ مِنِّي وَ انْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي وَ ارْزُقْنِي مَآرِبِي وَ ثَارِي وَ أَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي.
اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَ اخْسَأْ شَيْطَانِي وَ فُكَّ رِهَانِي وَ اجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى.
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً وَ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي حَيّاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وَ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً رَبِّي بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَلْتَ فِطْرَتِي رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي يَا رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ بِي وَ فِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي وَ وَفَّقْتَنِي رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي رَبِّ بِمَا آوَيْتَنِي وَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ آتَيْتَنِي وَ أَعْطَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَ سَقَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَ أَقْنَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي وَ أَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ ذِكْرِكَ الصَّافِي وَ يَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ الدَّهْرِ وَ صُرُوفِ الْأَيَّامِ وَ اللَّيَالِي وَ نَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَ كُرُبَاتِ الْآخِرَةِ وَ اكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُمَّ مَا أَخَافُ فَاكْفِنِي وَ مَا أَحْذَرُ فَقِنِي وَ فِي نَفْسِي وَ دِينِي فَاحْرُسْنِي وَ فِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي وَ فِي أَهْلِي وَ مَالِي وَ وَلَدِي فَاخْلُفْنِي وَ فِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي وَ فِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَسَلِّمْنِي وَ بِذُنُوبِي فَلَا تَفْضَحْنِي وَ بِسَرِيرَتِي فَلَا تُخْزِنِي وَ بِعَمَلِي فَلَا تُبْسِلْنِي وَ نِعَمَكَ فَلَا تَسْلُبْنِي وَ إِلَى غَيْرِكَ فَلَا تَكِلْنِي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى الْقَرِيبِ يَقْطَعُنِي أَمْ إِلَى الْبَعِيدِ يَتَهَجَّمُنِي أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي وَ أَنْتَ رَبِّي وَ مَلِيكُ أَمْرِي أَشْكُو
ص: 170
إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَ بُعْدَ دَارِي وَ هَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي.
اللَّهُمَّ فَلَا تُحْلِلْ بِي غَضَبَكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي سِوَاكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي فَأَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَ السَّمَاوَاتُ وَ انْكَشَفَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ وَ صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ أَنْ لَا تُمِيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ وَ لَا تَنْزِلَ بِي سَخَطَكَ لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وَ جَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمَنَةً.
يَا مَنْ عَفَى عَنِ الْعَظِيمِ مِنَ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ أَسْبَغَ النِّعْمَةَ بِفَضْلِهِ يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ يَا عُدَّتِي فِي كُرْبَتِي وَ يَا مُونِسِي فِي حُفْرَتِي يَا وَلِيَّ نِعْمَتِي يَا إِلَهِي وَ إِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ رَبَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ رَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ وَ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَ مُنْزِلَ كهيعص وَ طه وَ يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا وَ تَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَ لَوْ لَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ وَ أَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَ لَوْ لَا نَصْرُكَ لِي لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِين.
يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَ الرِّفْعَةِ وَ أَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ وَ غَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمَانُ وَ الدُّهُورُ يَا مَنْ يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلَّا هُوَ يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ وَ سَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ وَ مُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ
ص: 171
وَ جَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رَادَّ يُوسُفَ عَلَى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ، يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْبَلَاءِ عَنْ أَيُّوبَ يَا مُمْسِكَ يَدِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ أَنْ كَبُرَ سِنُّهُ وَ فَنِيَ عُمُرُهُ، يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى وَ لَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوت يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَنْجَاهُمْ وَ جَعَلَ فِرْعَوْنَ وَ جُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ، يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يَا مَنْ لَا يُعَجِّلُ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وَ قَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَ قَدْ حَادُّوهُ وَ نَادُّوهُ وَ كَذَّبُوا رُسُلَهُ يَا اللَّهُ يَا بَدِي ءُ لَا بَدْءَ لَكَ يَا دَائِماً لَا نَفَادَ لَكَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا مُحْيِي الْمَوْتَى يَا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَ عَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَ رَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لَا تُحْصَى، يَا مَنْ نِعَمُهُ عِنْدِي لَا تُجَازَى، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَ الْإِحْسَانِ وَ عَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَ الْعِصْيَانِ، يَا مَنْ هَدَانِي بِالْإِيمَانِ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الِامْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي وَ عُرْيَاناً فَكَسَانِي وَ جَائِعاً فَأَطْعَمَنِي وَ عَطْشَاناً فَأَرْوَانِي وَ ذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي وَ جَاهِلًا فَعَرَّفَنِي وَ وَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَ غَائِباً فَرَدَّنِي وَ مُقِلًّا فَأَغْنَانِي وَ مُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وَ غَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَ أَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأْتَنِي، فَلَكَ الْحَمْدُ يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي وَ نَفَّسَ كُرْبَتِي وَ أَجَابَ دَعْوَتِي وَ سَتَرَ عَوْرَتِي وَ ذُنُوبِي وَ بَلَّغَنِي طَلِبَتِي وَ نَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي وَ إِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَ مِنَنَكَ وَ كَرَائِمَ مِنَحِكَ لَا أُحْصِيهَا.
يَا مَوْلَايَ أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ،
ص: 172
أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ ،تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَ تَعَالَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً وَ لَكَ الشُّكْرُ وَاجِباً.
ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ، يَا إِلَهِي أَعْتَرِفُ بِنِعَمِكَ عِنْدِي وَ أَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ وَ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَ الْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ صَالِحاً بِمَعُونَتِهِ وَ رَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَ نَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لَا ذَا بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ وَ لَا ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، فَبِأَيِّ شَيْ ءٍ أَسْتَقِيلُكَ يَا مَوْلَايَ أَ بِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسَانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَ لَيْسَ كُلُّهَا نِعَمُكَ عِنْدِي وَ بِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ؟
يَا مَوْلَايَ فَلَكَ الْحُجَّةُ وَ السَّبِيلُ عَلَيَّ يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ وَ الْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي وَ مِنَ الْعَشَائِرِ وَ الْإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي وَ مِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي، وَ لَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلَايَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذًا مَا أَنْظَرُونِي وَ لَرَفَضُونِي وَ قَطَعُونِي فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي خَاضِعاً ذَلِيلًا حَصِيراً حَقِيراً لَا ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ وَ لَا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ وَ لَا حُجَّةَ لِي فَأَحْتَجَّ بِهَا وَ لَا قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَ لَمْ أَعْمَلْ سُوءً وَ مَا عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلَايَ يَنْفَعُنِي وَ كَيْفَ وَ أَنَّى ذَلِكَ وَ جَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَمِلْتُ [عَلِمْتُ ] يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سَائِلِي مِنْ
ص: 173
عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَ أَنَّكَ الْحَكِيمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ وَ عَدْلُكَ مُهْلِكِي وَ مِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي يَا مَوْلَايَ [يَا إِلَهِي ] بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ وَ إِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَ جُودِكَ وَ كَرَمِكَ.
لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ الرَّاغِبِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ الْمُسَبِّحِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي وَ رَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ.
اللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً وَ إِخْلَاصِي مُوَحِّداً وَ إِقْرَارِي بِآلَائِكَ مُعَدِّداً وَ إِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لَا أُحْصِيهَا لِكَثْرَتِهَا وَ سُبُوغِهَا وَ تَظَاهُرِهَا وَ تَقَادُمِهَا إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَغَمَّدُنِي بِهِ مَعَهَا مُذْ خَلَقْتَنِي وَ بَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ مِنَ الْإِغْنَاءِ بَعْدَ الْفَقْرِ وَ كَشْفِ الضُّرِّ وَ تَسْبِيبِ الْيُسْرِ وَ دَفْعِ الْعُسْرِ وَ تَفْرِيجِ الْكَرْبِ وَ الْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ وَ السَّلَامَة فِي الدِّينِ، وَ لَوْ رَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمِكَ عَلَيَّ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لَمَا قَدَرْتُ وَ لَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ تَقَدَّسْتَ وَ تَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ كَرِيمٍ رَحِيمٍ لَا تُحْصَى آلَاؤُكَ وَ لَا يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ وَ لَا تُكَافَى نَعْمَاؤُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ وَ أَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.
تُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَاكَ وَ تَكْشِفُ السُّوءَ وَ تُغِيثُ الْمَكْرُوبَ وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تُغْنِي الْفَقِيرَ وَ تَجْبُرُ الْكَسِيرَ وَ تَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَ تُعِينُ الْكَبِيرَ وَ لَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ وَ لَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ وَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ
ص: 174
يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا قَدِيرَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَ أَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيهَا وَ آلَاءٍ تُجَدِّدُهَا وَ بَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا وَ كُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا وَ دَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا وَ حَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا وَ سَيِّئَةٍ تَغْفِرُهَا إِنَّكَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ وَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ وَ أَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ وَ أَكْرَمُ مَنْ عَفَا وَ أَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى وَ أَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ رَحِيمَهُمَا لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ وَ لَا سِوَاكَ مَأْمُولٌ دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي وَ سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي وَ رَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي وَ وَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي وَ فَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَ تَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ وَ هَنِّئْنَا عَطَاءَكَ وَ اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ وَ لآِلَائِكَ ذَاكِرِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ وَ قَدَرَ فَقَهَرَ وَ عُصِيَ فَسَتَرَ وَ اسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ يَا غَايَةَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ وَ مُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ يَا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً وَ وَسِعَ الْمُسْتَقِبلِينَ رَأْفَةً وَ حِلْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَ عَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ رَسُولِكَ وَ خِيَرَتِكَ وَ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ جَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ .
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلُ ذَلِكَ يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَ تَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ وَ اجْعَلْ لَنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً فِي كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُه وَ نُورٍ تَهْدِي بِهِ وَ رَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا وَ عَافِيَةٍ تُجَلِّلُهَا
ص: 175
وَ بَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا وَ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ وَ لَا تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَ لَا تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ وَ لَا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَ لَا عَنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ وَ لَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطَايَاكَ قَانِطِينَ يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدَيْنِ وَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ وَ لِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ فَأَعِنَّا عَلَى مَنْسِكِنَا وَ أَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا وَ اعْفُ اللَّهُمَّ عَنَّا وَ عَافِنَا فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا وَ هِيَ بِذِلَّةِ الِاعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ.
اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ وَ اكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ فَلَا كَافِيَ لَنَا سِوَاكَ وَ لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ وَ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.
اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ وَ كَرِيمَ الذُّخْرِ وَ دَوَامَ الْيُسْرِ وَ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ وَ لَا تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ وَ لَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ وَ شَكَرَكَ فَزِدْتَهُ وَ تَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَ تَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَغَفَرْتَهَا لَهُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَ سَدِّدْنَا وَ اعْصِمْنَا وَ اقْبَلْ تَضَرُّعَنَا يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَ يَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ وَ لَا لَحْظُ الْعُيُونِ وَ لَا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ وَ لَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ أَلَا كُلُّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ وَ وَسِعَهُ حِلْمُكَ سُبْحَانَكَ وَ تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ
ص: 176
عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَ وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ الْمَجْدُ وَ عُلُوُّ الْجَدِّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ وَ الْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ وَ الْأَيَادِي الْجِسَامِ وَ أَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ وَ عَافِنِي فِي بَدَنِي وَ دِينِي وَ آمِنْ خَوْفِي وَ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي وَ لَا تَسْتَدْرِجْنِي وَ لَا تَخْذُلْنِي وَ ادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ.
يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ وَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي وَ إِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْمُلْكُ وَ لَكَ الْحَمْدُ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ.(1)
إِلَهِي أَنَا الْفَقِيرُ فِي غِنَايَ فَكَيْفَ لَا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي إِلَهِي أَنَا الْجَاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لَا أَكُونُ جَهُولًا فِي جَهْلِي. إِلَهِي إِنَّ اخْتِلَافَ تَدْبِيرِكَ وَ سُرْعَةَ طَوَاءِ مَقَادِيرِكَ مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلَى عَطَاءٍ وَ الْيَأْسِ مِنْكَ فِي بَلَاءٍ إِلَهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَ مِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ. إِلَهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَ الرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَ فَتَمْنَعُنِي مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي. إِلَهِي إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَ لَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ وَ إِنْ ظَهَرَتِ الْمُسَاوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَ لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ . إِلَهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَ قَدْ تَوَكَّلْتَ لِي وَ كَيْفَ أُضَامُ وَ أَنْتَ النَّاصِرُ لِي أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَ أَنْتَ الْحَفِيُّ بِي هَا أَنَا
ص: 177
أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ وَ كَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحَالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حَالِي وَ هُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقَالِي وَ هُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمَالِي وَ هِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ لَا تُحْسِنُ أَحْوَالِي وَ بِكَ قَامَتْ.
يَا إِلَهِي مَا أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَ مَا أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي إِلَهِي مَا أَقْرَبَكَ مِنِّي وَ قَدْ أَبْعَدَنِي عَنْكَ وَ مَا أَرْأَفَكَ بِي فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟!
إِلَهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلَافِ الْآثَارِ وَ تَنَقُّلَاتِ الْأَطْوَارِ أَنَّ مُرَادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى لَا أَجْهَلَكَ فِي شَيْ ءٍ إِلَهِي كُلَّمَا أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ وَ كُلَّمَا آيَسَتْنِي أَوْصَافِي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ إِلَهِي مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مَسَاوِيهِ مَسَاوِيَ وَ مَنْ كَانَتْ حَقَائِقُهُ دَعَاوِيَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ دَعَاوِيهِ دَعَاوِيَ.
إِلَهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَ مَشِيَّتُكَ الْقَاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكَا لِذِي مَقَالٍ مَقَالًا وَ لَا لِذِي حَالٍ حَالًا إِلَهِي كَمْ مِنْ طَاعَةٍ بَنَيْتُهَا وَ حَالَةٍ شَيَّدْتُهَا هَدَمَ اعْتِمَادِي عَلَيْهَا عَدْلُكَ بَلْ أَقَالَنِي مِنْهَا فَضْلُكَ إِلَهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَ إِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلًا جَزْماً فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَ عَزْماً إِلَهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَ أَنْتَ الْقَاهِرُ وَ كَيْفَ لَا أَعْزِمُ وَ أَنْتَ الْآمِرُ.
إِلَهِي تَرَدُّدِي فِي الْآثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَ يَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَ مَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ عَمِيَتْ عَيْن
ص: 178
لَا تَرَاكَ عَلَيْهَا رَقِيباً وَ حَسَرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً.
إِلَهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثَارِ فَأَرْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوَارِ وَ هِدَايَةِ الِاسْتِبْصَارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْهَا مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَ مَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
إِلَهِي هَذَا ذُلِّي ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ هَذَا حَالِي لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَ بِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَ أَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ.
إِلَهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَ صُنِّي بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ إِلَهِي حَقِّقْنِي بِحَقَائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ وَ اسْلُكْ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ.
إِلَهِي أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَ بِاخْتِيَارِكَ لِي عَنِ اخْتِيَارِي وَ أَوْقِفْنِي عَلَى مَرَاكِزِ اضْطِرَارِي. إِلَهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي، وَ طَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَ شِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي.
بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَ عَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلَا تَكِلْنِي وَ إِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلَا تُخَيِّبْنِي، وَ فِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلَا تَحْرِمْنِي وَ بِجَنَابِكَ أَنْتَسِبُ فَلَا تُبَعِّدْنِي وَ بِبَابِكَ أَقِفُ فَلَا تَطْرُدْنِي.
إِلَهِي تَقَدَّسَ رِضَاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي. إِلَهِي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذَاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي. إِلَهِي إِنَّ الْقَضَاءَ وَ الْقَدَرَ يُمَنِّينِي وَ إِنَّ الْهَوَاءَ بِوَثَائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَ تُبَصِّرَنِي وَ أَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى أَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبِي.
أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الْأَنْوَارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَ وَحَّدُوك
ص: 179
وَ أَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الْأَغْيَارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِوَاكَ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى غَيْرِكَ، أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوَالِمُ وَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبَانَتْ لَهُمُ الْمَعَالِمُ.
مَا ذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَ مَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟!
لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلًا وَ لَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغَى عَنْكَ مُتَحَوَّلًا.
كَيْفَ يُرْجَى سِوَاكَ وَ أَنْتَ مَا قَطَعْتَ الْإِحْسَانَ وَ كَيْفَ يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِكَ وَ أَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عَادَةَ الِامْتِنَانِ؟
يَا مَنْ أَذَاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلَاوَةَ الْمُؤَانَسَةِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ و يَا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيَاءَهُ مَلَابِسَ هَيْبَتِهِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ.
أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ وَ أَنْتَ الْبَادِي بِالْإِحْسَانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعَابِدِينَ وَ أَنْتَ الْجَوَادُ بِالْعَطَاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ وَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِمَا وَهَبْتَ لَنَا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ.
إِلَهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ وَ اجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ. إِلَهِي إِنَّ رَجَائِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَ إِنْ عَصَيْتُكَ كَمَا أَنَّ خَوْفِي لَا يُزَايِلُنِي وَ إِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ رَفَعَتْنِي الْعَوَالِمُ إِلَيْكَ وَ قَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ.
إِلَهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَ أَنْتَ أَمَلِي؟ أَمْ كَيْفَ أُهَانُ وَ عَلَيْكَ مُتَّكَلِي؟ إِلَهِي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَ فِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي؟ أَمْ كَيْفَ لَا أَسْتَعِزُّ وَ إِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟ إِلَهِي كَيْفَ لَا أَفْتَقِرُ وَ أَنْتَ الَّذِي فِي الْفُقَرَاءِ أَقَمْتَنِي؟ أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَ أَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي؟
وَ أَنْتَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ فَمَا جَهِلَكَ شَيْ ءٌ وَ أَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ فَرَأَيْتُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْ ء.
ص: 180
يَا مَنِ اسْتَوَى بِرَحْمَانِيَّتِهِ فَصَارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذَاتِهِ مَحَقْتَ الْآثَارَ بِالْآثَارِ وَ مَحَوْتَ الْأَغْيَارَ بِمُحِيطَاتِ أَفْلَاكِ الْأَنْوَارِ.
يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرَادِقَاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ يَا مَنْ تَجَلَّى بِكَمَالِ بَهَائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الِاسْتِوَاءَ كَيْفَ تَخْفَى وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ؟ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَ أَنْتَ الرَّقِيبُ الْحَاضِرُ؟ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.(1)
{51}
[180] كان تسبیح الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في اليوم الخامس : سُبْحَانَ الرَّفِيعِ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ، سُبْحَانَ مَنْ هُوَ هَكَذَا وَ لَا يَكُونُ هَكَذَا غَيْرُهُ، وَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ قُدْرَتَهُ، سُبْحَانَ مَنْ أَوَّلُهُ عِلْمٌ لَا يُوصَفُ، وَ آخِرُهُ عِلْمٌ لَا يَبِيدُ، سُبْحَانَ مَنْ عَلَا فَوْقَ الْبَرِيَّاتِ بِالْإِلَهِيَّةِ، فَلَا عَيْنٌ تُدْرِكُهُ،وَ لَا عَقْلٌ يُمَثِّلُهُ، وَ لَا وَهْمٌ يُصَوِّرُهُ، وَ لَا لِسَانٌ يَصِفُهُ بِغَايَةِ مَا لَهُ الْوَصْفُ، سُبْحَانَ مَنْ عَلَا فِي الْهَوَاءِ، سُبْحَانَ مَنْ قَضَى الْمَوْتَ عَلَى الْعِبَادِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْمقْتَدِرِ(2)، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّو،سِ سُبْحَانَ الْبَاقِي الدَّائِم .(3)
ص: 181
{52}
[181] سيّدي ومولاي ألمقامع الحديد خُلِقَتْ أعضائي، أم لشُربِ الحَميمِ خُلِقَتْ أمعائي؟! إلهي لئن طالبْتَني بذُنوبي لأُطالبنَّك بكرمِك، ولئن حَبَسْتَني مع الخاطئين لأُخبرنَّهم بحبّي لك، سيّدي إنّ طاعتَك لا تنفعك ، ومعصيتي لا تضُرُّك، فَهَبْ لي ما لا ينفعُك، واغفِر لي ما لا يضُرُّك فانَّكَ أرحمُ الراحمين.(1)
{53}
[182] رؤي الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يطوف بالبيت ثمّ صار إلى المقام فصلّی ثمّ وضع خده على المقام فجعل يبكي ويقول: «عُبَيْدُكَ بِبابِك، خُويدمُك ببابك ، سائلُك ببابِك، مِسکینُك بِبابِك» يُردِّد ذلك مراراً، ثمّ انصرف فمرّ بمساكين معهم فلق خبز يأكلون فسلَّم عليهم فدعوه إلى طعامهم فجلس معهم وقال: لولا أنّه صدقة لأكلتُ معكم، ثمّ قال : قوموا إلى منزلي فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم. (2)
ص: 182
{54}
[183] سعید بن عمر، بإسناده عن بشر بن غالب ، قال : إنّي لجالس عند الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إذ أتاه رجل، فقال : يا أبا عبداللّه، سمعتُ رجلاً يبكي لموت معاويةَ بن أبي سفيان.
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا أرقأ اللّه دمعتَه، ولا فرَّج همَّه، ولا كشف غمَّه، ولا سلی حُزنه، أترى أنه يكون بعده مَن هو شرّ منه تربت يداه وفمه، أما واللّه لقد أصبح من النادمين. (1)
{50}
[184] عن زين العابدین (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ضمّني والدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى صدره يوم قتل وَ الدِّمَاءُ تَغْلِي، وَ هُوَ يَقُولُ : يَا بُنَيَّ احْفَظْ عَنِّي دُعَاءً عَلَّمَتْنِيهِ فَاطِمَةُ صلوات اللّه علیها، وَ عَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وَ عَلَّمَهُ جَبْرَئِيلُ فِي الْحَاجَةِ وَ الْهَمِّ وَ الْغَمِّ. وَ النَّازِلَةِ إِذَا نَزَلَتْ وَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الْفَادِحِ، قَالَ : ادْعُ بِحَقِ يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيم وَ بِحَقِ طه وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، يَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى حَوَائِجِ السَّائِلِينَ، يَا مَنْ يَعْلَمُ مَا فِي الضَّمِيرِ، يَا مُنَفِّسُ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، يَا مُفَرِّجُ عَنِ الْمَغْمُومِينَ، يَا رَاحِمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، يَا رَازِق الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا مَنْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّفْسِيرِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا.(2)
ص: 183
{56}
[185] عن عبداللّه بن بكير قال : حججتُ مع أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث طويل فقلت : يابنَ رسول اللّه لو نبش قبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) هل كان يصاب في قبره شيء؟ فقال : يابن بکیر ما أعظم مسائلك إنّ الحسينَ بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مع أبيه وأمّه وأخيه في منزل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومعه يُرزَقون ويُحبَرون، وإنّه لعَنْ يمين العرش متعلّق به ، يقول : يا ربِّ أنجِز لي ماوعدتني وإنّه لينظر إلى زوّاره فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم ومافي رحالهم من أحدهم بولده، وإنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الإستغفار له ويقول: أيّها الباكي لو علمتَ ما أعدّ اللّه لك لفرِحتَ أكثرَ ممّا حزنتَ وإنّه ليستغفر له من كلّ ذنب وخطيئة.(1)
{57}
[189] حجاب الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : يَا مَنْ شَأْنُهُ الْكِفَايَةُ وَ سُرَادِقُهُ الرِّعَايَةُ، يَا مَنْ هُوَ الْغَايَةُ وَ النِّهَايَةُ، يَا صَارِفَ السُّوءِ وَ السَّوَايَةِ وَ الضُّرِّ، اصْرِفْ عَنِّي أَذِيَّةَ الْعَالَمِينَ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَجْمَعِينَ، بِالْأَشْبَاحِ النُّورَانِيَّةِ، وَ بِالْأَسْمَاءِ السُّرْيَانِيَّة،ِ وَ بِالْأَقْلَامِ الْيُونَانِيَّةِ، وَ بِالْكَلِمَاتِ الْعِبْرَانِيَّةِ، وَ بِمَا نَزَلَ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ يَقِينِ الْإِيضَاحِ، اجْعَلْنِي اللَّهُمَّ فِي حِرْزِكَ، وَ فِي حِزْبِكَ وَ فِي عِيَاذِكَ، وَ فِي
ص: 184
سِتْرِكَ، وَ فِي كَنَفِكَ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، وَ عَدُوٍّ رَاصِدٍ، وَ لَئِيمٍ مُعَانِدٍ، وَ ضِدٍّ كَنُودٍ ،وَ مِنْ كُلِّ حَاسِدٍ، بِبِسْمِ اللَّهِ اسْتَشْفَيْت،ُ وَ بِسْمِ اللَّهِ اسْتَكْفَيْتُ، وَ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ، وَ بِهِ اسْتَعَنْتُ، وَ إِلَيْهِ اسْتَعْدَيْتُ عَلَى كُلِّ ظَالِمٍ ظَلَمَ، وَ غَاشِمٍ غَشَمَ، وَ طَارِقٍ طَرَقَ وَ زَاجِرٍ زَجَرَ«فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »(1).(2)
{58}
[187] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده أُبيّ بن كعب... وساق الحديث إلى أن قال :
قال له أُبيّ : يا رسول اللّه فما هذه النطفةُ الّتي في صُلْبِ حبيبي الحسين؟
قال : مَثَلُ هذه النطفة كمَثَلِ القمر، وهي نطفةُ تبيينٍ وبیانٍ، يكون مَن اتّبعه رشيداً ومَن ضَلّ عنه غویّاً.
قال : فما إسمه وما دعاؤه؟
قال : إسمُه على ودعاؤه : «یا دائمُ یا دیمومُ يا حيُّ يا قيّومُ يا كاشفَ الغمِّ ويا فارجَ الهمِّ و یا باعثَ الرسلِ ويا صادقَ الوعد».
مَن دَعا بهذا الدُعاء حَشَره اللّه عزّ وجلّ مع عليّ بن الحسين، وكان قائده إلى الجنّة.(3)
ص: 185
{59}
[188] روي أن الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلتُ على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده أُبيّ بن کعب.... وساق الحديث إلى أن قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
قال له أُبيّ : يا رسولَ اللّه فهل له من خَلَفٍ أو وصيّ؟
قال : نعم له مواريثُ السماوات والأرض.
قال : فما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسولَ اللّه؟
قال : القضاءُ بالحقِّ والحكمُ بالديانةِ وتأويلُ الأحلام [الأحكام : خل] وبيانُ ما يكونُ.
قال : فما إسمه؟
قال : إسمه محمّد وإنّ الملائكة لتَستأنِسُ به في السماوات ويقول في دعائه : اللّهمّ إن كانَ لي عندَك رضوانٌ وودٌ فاغفِر لي ولمَن تَبِعَني مِن إخواني وشيعتي وطيِّب ما في صُلْبي، فركّب اللّهُ في صلبِه نطفةٌ مباركةٌ طَيبةٌ زكيّة.(1)
{60}
[189] روى الصدوق بإسناده عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال لأُبيّ بن كعب کلاماً مبسوطاً في شأن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلى أن قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :
وأخبرني جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّ اللّه تبارك وتعالى طيِّبَ هذه النطفة وسمّاها
ص: 186
عنده جعفراً وجعلَه هادياً مهديّاً وراضياً مرضيّاً يدعو ربَّه فيقول في دعائه : يا دیّانُ غيرُ متوان، يا أرحمَ الراحمين، إجعل لشيعتي من النار وقاءاً ولهم عندك رضاءاً [رضواناً خ ل] واغفر ذنوبَهم ويَسِّر أُمورَهم واقضِ ديونَهم واستُرْ عوراتهم وهَبْ لهم الكبائر الّتي بينَك وبينَهم، يا مَن لا يخاف الضيمَ ولا تأخذه سنِةٌ ولا نومٌ إجعل لي من كلِّ همّ وغمّ فرجاً.
ومَن دعا بهذا الدعاء حشره اللّه عزّوجلّ أبيض الوجه مع جعفر بن محمّد إلى الجنّة.(1)
{61}
[190] روى الصدوق بإسناده عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : (بعد كلامه في شأن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأُبيّ بن كعب:
يا أُبيّ وأّن اللّه تبارك وتعالی رکّبَ على هذه النطفة نطفةً زكيّةً مباركةً طيّبةً أنزلَ عليها الرحمةَ وسمّاها عنده موسى (وجعله إماماً]
قال له أُبيّ : یا رسولَ اللّه كلُّهم يتواصَفون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا؟
قال : وصفهم لي جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ربّ العالمین جلّ جلاله.
فقال : فهل لموسى من دعوة يَدْعو بها سوى دعاء آبائه؟
قال : نعم يقول في دعائه : «يا خالقَ الخلقِ، ويا باسطَ الرزق، ويا فالقَ الحبّ [والنَوى] ویا باریء النَسَم، ومحيي الموتى، ومُميت الأحياء، ويا دائمَ
ص: 187
الثبات، ومخرج النبات، إفعل بي ما أنت أهله.
مَن دعا بهذا الدُعاء قضى اللّهُ عزّوجلّ حوائجَه، وحشره يوم القيامة مع موسی بن جعفر.(1)
{62}
[191] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده أُبيّ بن كعب... (وساق الحديث في شأن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : وإنّ اللّه تبارك وتعالى رکّب في صلبه(2) نطفةً [مباركةً ] طيّبةً زكيّةً مرضيّةً وسمّاها عنده عليّاً، يكون للّه عزّ وجلّ في خَلْقه رضيّاً في علمه و حكمه ويجعله حجّةً لشيعتِه يحتجّون به يومَ القيامة.
وله دعاء يدعو به : «اللّهمّ أعطني الهدى وثبّتني عليه، واحشرني عليه آمنا أمناً مَن لا خوف عليه ولا حزن و لا جزع إنك أهل التقوى وأهل المغفرة».(3)
{63}
[192] روي أنّ الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سمع عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )كلاماً مبسوطاً في شأن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) قاله لأُبيّ بن كعب وساق الكلام إلى أنّ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : وإنّ اللّه عزّوجلّ ركّب في صلبه(4) نطفة مباركة طيّبة زكيّة مرضيّة، وسمّاها عنده
ص: 188
محمّد بن عليّ، فهو شفيع شیعته و وارث علم جدّه ، له علامة بيّنة وحجّة ظاهرة، إذا ولد يقول : لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، ويقول في دعائه :
يا مَن لا شبيه له ولا مثال أنت اللّه لا إله إلّا أنت ولا خالق إلا أنت ، تفني المخلوقين وتبقى أنت ، حلمت عمَّن عصاك وفي المغفرة رضاك.
من دعا بهذا الدعاء كان محمّد بن عليّ شفيعه يوم القيامة.(1)
{64}
[193 ] روي عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعلم أنّه روى عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) کلاماً مبسوطاً في شأن الأئمّة وصفاتهم وأدعيتهم (2)، وفيه :
وإنّ اللّه تبارك وتعالى رکّب في صلبه(3) نطفة لا باغية ولا طاغية، بارّة مباركة طيّبة طاهرة سمّاها عنده عليّ بن محمّد، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكل سرّ مکتوم، من لقيه و في صدره شيء أنبأه به، وحذّره من عدوّه، ويقول في دعائه :
یا نورُ یا بُرهان ، یا مُنیر یا مُبین، یا ربّ اكفني شرّ الشرور وآفات الدهور، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور،
من دعا بهذا الدعاء كان عليّ بن محمّد شفیعه وقائده إلى الجنّة.(4)
ص: 189
{65}
[194] روي عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : دخلتُ على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده أُبيّ بن كعب (فساق الكلام في شأن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وصفاتهم وأدعيتهم إلى أن قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :):
وإنّ اللّه تبارك وتعالى رکّب في صُلبِه(1) نطفةً وسمّاها عنده الحسنَ بنَ علي فجعله نوراً في بلاده، وخليفةً في أرضه ، وعزّاً لأُمّة جدّه، وهادياً لشيعته ، وشفيعاً لهم عند ربّه، ونقمةً على مَن خالفه، وحجّةً لمن والاه، وبرهاناً لمَن اتّخذه إماماً، يقول في دعائه :
یا عزيز العزّ في عزّه، یا عزيز أعزّني بعزّتك، وأیِّدني بنصرك، وأبعد عنّي همزات الشياطين، وادفع عنّي بدفعك، وامنع عنّي بمنعك، واجعلني من خيار خلقك، يا واحد یا أحد، یا فردُ یا صمد.
مَن دعا بهذا الدعاء حَشَره اللّه عزّوجَلّ معه ونجّاه من النار ولو وجبت عليه.(2)
ص: 190
ص: 191
{1}
[195] قال محمّد بن بحر الرهني(1) في نحل العرب من قول مفضّلي الأنبياء والحجج على الملائكة : فقد روي لنا أنّ حبیب بن مظاهر الأسدي - بيّض اللّه وجهه - أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق اللّه عزّوجلّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال : كنّا أشباح نور تدور حول عرش الرحمن ، فتعلّم للملائكة التسبيح والتهليل والتحميد.(2)
{2}
[196] عن موسى بن عبد ربّه قال : سمعت الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في مسجد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وذلك في حياة أبيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : أوّل ما خلق اللّه عزّوجلّ حجبه، فكتب على حواشيها: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ وصيّه ، ثمّ خلق العرش فكتب على أركانه : لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ وصيّه؛ ثمّ خلق الأرضين فكتب على أطوارها: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ وصيّه ؛ ثمّ خلق اللوح فكتب على حدوده: لا إله إلّا اللّه
ص: 192
محمّد رسول اللّه عليّ وصيّه ؛ فمن زعم أنّه يحب النبيّ ولا يحبّ الوصيّ فقد كذب، ومن زعم أنّه يعرف النبيّ ولا يعرف الوصيّ فقد کفر؛ ثمّ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ألا إنّ أهل بيتي أمان لكم فأحبوهم بحبّي، وتمسّكوا بهم لن تضلّوا ؛ قيل : فمن أهل بيتك يا نبيّ اللّه؟ قال: علي وسبطان وتسعة من ولد الحسين ، أئمّة أبرار أمناء معصومون، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي.(1)
بیان : الأطوار : الأفنية والحدود والجبال ؛ وفي بعض النسخ بالدال أي : جبالها.
{3}
[197] عن الحسين بن علي قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحسنَ ما خلقَ اللّه خلقاً.(2)
{4}
[198] حدّثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينما عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين أظهركم بالكوفة وهو يُحاربُ معاويةَ بن أبي سفيان في صحن مسجدکم هذا محتبياً بحمائل سيفه، وحَوله الناس مُحْدَقون به وأقرب الناس منه أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والتابعون يلونَهم إذ قال له رجلٌ من أصحابه : يا أمير المؤمنين صف لنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كأنّا ننظر إليه فإنك أحفظ لذلك منّا.
قال : فصوب رأسه ورقّ لذكر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واغرورقت عيناه، ثمّ رفع
ص: 193
رأسه ثمّ قال :
نعم، كان رسول اللّه أبيض اللون مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سبط الشعر ، دقيق العرنين.(1)
{6}
[200] أعطى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً خاتماً لينقش عليه «محمّد بن عبداللّه» فأخذه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعطاه النقّاش، فقال له : انقش عليه «محمّد بن عبداللّه» فنقش النقاش فأخطأت يده فنقش عليه «محمّد رسول اللّه» فجاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : ما فعل الخاتم؟ فقال : هوذا، فأخذه ونظر إلى نقشه فقال : ما أمرتك بهذا، قال : صدقت ولكن يدي أخطأت ، فجاء به إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا رسول اللّه ما نقش النقّاش ما أمرت به وذكر أن يده أخطأت ، فأخذ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونظر إليه فقال : يا علىّ أنا محمّد بن عبداللّه وأنا محمّد رسول اللّه، وتختم به ، فلمّا أصبح النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فجاء جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا جبرئيل كان كذا وكذا، فقال : يا محمّد كتبت
ص: 194
ما أردت وكتبنا ما أردنا.(1)
{5}
[199] قال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سألت أبي عن مدخل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك، فإذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزء للّه تعالى، وجزء لأهله، وجزء لنفسه ، ثمّ جزّا جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدّخر عنهم منه شيئاً، وكان من سيرته في جزء الأُمّة ایثار أهل الفضل بإذنه ، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذوالحاجة ومنهم ذوالحاجتين ومنهم ذوالحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الأُمّة من مسألته عنهم وبإخبارهم بالّذي ينبغي ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنّه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت اللّه قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلّا ذلك ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون رواّداً ولا يفترقون إلّا عن ذواق ويخرجون أذلّة.
فسألته عن مخرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كيف كان يصنع فيه؟
فقال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يخزن لسانه إلّا عمّا يعنيه ، ويؤلّفهم ولا ينفّرهم ، ویکرم کریم کلّ قوم ويولّيه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي
ص: 195
عن أحد بشره ولا خلقه ويتفقّد أصحابه ويسأل الناس عمّا في الناس ويحسّن الحسن ويقوّيه ويقبح القبيح ويهوّنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملّوا ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الّذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمّهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة.
قال : فسألته عن مجلسه فقال : كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يجلس ولا يقوم إلّا على ذكر ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطي كلّ جلسائه نصيبه حتّى لا يحسب أحد من جلسائه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتّى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلّا بها أو بمیسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أبأ رحيماً وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم و حیاء و صدق وأمانة لاترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنشی فلتاته، متعادلین متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقّرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.
فقلت : كيف كان سيرته في جلسائه ، فقال : كان دائم البشر، سهل الخلق ، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولاصخّاب، ولا فحّاش، ولاعيّاب ، ولا مزّاح، ولا مداح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمّليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلّم إلّا فيما رجا ثوابه.
إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلّموا ولا يتنازعون عنده حديث أوّلهم، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجّبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في المسألة والمنطق حتّى أن كان
ص: 196
أصحابه ليستجلبونهم ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلّا من مكافىء ولا يقطع على أحد كلامه حتّى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام.
قال : فسألته عن سکوت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان سكوته على أربع : الحلم، والحذر، والتقدير ، والتفكّر، فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأمّا تفكّره ففيما يبقى أو يفنی، وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه، وجمع له الحذر في أربع : أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهي عنه، واجتهاده الرأي في إصلاح أمّته ، والقيام فيماجمع لهم من خير الدنيا والآخرة، صلوات اللّه عليه وآله الطاهرين.(1)
{7}
[201] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما من قوم كانت لهم مَشوَرَة فحضر معهم من اسمه محمّد أو أحمد فأدخلوه في مشوَرتهم إلّا خِيْرَ لهم.(2)
{8}
[202] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما من مائدة وُضِعَت، فقعد عليها من إسمُهُ
ص: 197
أحمد أو محمّد إلّا قُدِّسَ ذلك المنزل في كلّ يوم مرتّين.(1)
{9}
[203] عن الرضا علي بن موسى قال : حدّثني أبي موسی بن جعفر العبد الصالح قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد الصادق قال : حدّثني أبي محمّد بن علي الباقر قال : حدّثني أبي علي بن الحسین زین العابدين قال : حدّثني أبي الحسين بن علي الشهيد قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا أتاه أمر يسره قال : الحمد للّه الّذي بنعمته تتمّ الصالحات ، وإذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد للّه على كلّ حال.(2)
ص: 198
{10}
[204] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ضَعُفْتُ عن الصلاة والجماع، فنزل عليّ قِدْر من السماء فأكلت منه، فزاد في قوتي قوّة أربعين رجلاً في البطش والجماع.(1)
{11}
[205] عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، حدّثني أبي موسی بن جعفر، حدّثني أبي جعفر بن محمّد، حدّثني أبي محمّد بن علي، حدّثني أبي علي بن الحسین، حدّثني أبي الحسين بن علي، حدّثني أبي علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش یا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم الخليل ونعم الأخ أخوك عليّ بن أبي طالب.(2)
ص: 199
{12}
[206] عن الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رجلاً جاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا رسول اللّه إنّي قدمت من سفر لي، فبينما بنيّة خماسية تدرج حولي في حليّها فأخذت بيدها وانطلقتُ بها إلى وادي فلان فطرحتها فيه ، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : انطلق معي فأرني الوادي، فانطلق معه فأراه الوادي، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأُمّها : ما كان اسمها؟ قالت : فلانة، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا فلانة أجيبيني بإذن اللّه، فخرجت الصبية وهي تقول : لبيّك يا رسول اللّه وسعديك ، فقال لها : إنّ أبويك قد أساءا فإن أحببت أن أردك عليهما؟ فقالت : يا رسول اللّه لا حاجة لي فيهما وجدت اللّه خيراً لي منهما.(1)
{13}
[207] عن عليّ بن الحسين عن أبيه قال : إنّ أعرابيّاً كان له على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) موعد فقدِم عليه مع أُناس فقالوا : إن شئت أن تبصر رجالنا ونذهب فنكفيك وإن شئت أن تذهب ، فذهب هو فجاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : موعدي ، فقال : نعم سل ماشئتَ فسأله غَنَماً وإبلاً فأعطاه ما سأله ، فلمّا أدبر قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما ضرّ هذا لو قال كما قالت عجوز بني إسرائيل، قال موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مَن يدلّني على قبر أخي يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، قالوا : مايعلم أحدٌ بذلك إلّا فلانة العجوز، فذهب إليها فقال : دلّني على قبر أخي يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، قالت : لا أدلّك إلّا أن تعطيني ما أسألك، فقال
ص: 200
موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وماتسألني؟ قالت : أسألك أن أكونَ رفيقَك في الجنة، فقال موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما ضرّني أن يجعلَك اللّه عزّوجلّ معي حيثما كنت، ما ضرّ هذا لو قال مثلَما قالت عجوز بني إسرائيل.(1)
{14}
[208] وضع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يده على صلبي فقال : يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يُقتَل شهيداً، فإذا كان يوم القيامة يتخطّى هو وأصحابه رقاب الناس، ويدخل الجنّة، فأحببتُ أن أكون كما وصفني
رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).(2)
ص: 201
{15}
[209] وضع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يده على كتفي، وقال : يا حسين يخرج من صلبك رجلٌ يقال له زيد يُقتَل مظلوماً إذا كان يوم القيامة حُشر وأصحابه إلى الجنّة.(1)
{16}
[210] عن الحسین بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : لمّا جاءت الأنصار تبایع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على العقبة ، قال : قم يا علي.
فقال عليّ : على ما أُبايعهم یا رسول اللّه؟
قال : على أن يطاع اللّه فلا يُعصى، وعلى أن يمنعوا رسول اللّه وأهل بيته وذرّيته ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم.(2)
مجمع الزوائد: ج6 ص49.
ص: 202
{17}
[211] روى الطبراني عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : لمّا جرّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حمزة بکی، فلمّا رأى مثاله شهق.(1)
{18}
[212] لمّا تُوفي القاسم ابنُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قالت خدیجةُ : یا رسولَ اللّه ! درّتْ لُبَيْتَهُ القاسم. فلو كان اللّه أبقاه حتّى يَسْتكمِلَ رِضاعه. فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إنّ إتمام رضاعه في الجنّة» قالت : لو أعلم ذلك يا رسولَ اللّه ! لهونّ على أمره. فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إنْ شئت دعوتُ اللّه تعالى فأسمعكِ صوته» قالت : يا رسول اللّه ! بل أُصدّق اللّه ورسوله.(2)
{19}
[213] من عرف حقّ أبويه الأفضلين محمّد و عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و أطاعهما حقّ طاعتهما، قيل له : تبحبح في أيّ الجنان شئت.(3)
ص: 203
{20}
[214] لما كان قبلَ وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثلاثة أيّام هبط علیه جبرائیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أحمد(1) إن اللّه أرسلني إليك إكراماً و تفضيلاً لك وخاصّةً يسألك عمّا هو أعلم به منك، يقول : كيف تجدك يا محمّد؟ قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أجِدُني یا جبرائیلُ مغموماً، وأجدُني یا جبرائیل مکروباً، فلمّا كان اليوم الثالث هبط جبرائیلُ، وملك الموت (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ، ومعهما ملكٌ يقال له إسماعيل في الهواء على سبعين ألف ملك، فسبقهم(2) جبرائيل فقال : يا أحمد(3)، إنّ اللّه عزّ و جلّ أرسلني إليك إكراماً لك وتفضيلاً لك وخاصّة يسألك عمّا هو أعلم به منك ، فقال : كيف تجدك یا محمّد؟ قال : أجدُني یا جبرائیل مغموماً و أجدني یا جبرائیلُ مکروباً، فاستأذن ملك الموت، فقال جبرائیل : يا أحمد(4) هذا ملك الموت يستأذن عليك ، لم يستأذن على أحٍد قبلَك، ولا يستأذن على أحد بعدك ، قال : إئذن له، فأذن له جبرائیل، فأقبل حتّى وقف بين يديه، فقال يا أحمد(5) إنّ اللّه أرسلني إليك وأمرني أن أُطيعك فيما تأمرني، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها.
فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أتفعل ذلك يا ملك الموت؟
ص: 204
قال : نعم بذلك أُمِرْتُ أن أُطِيعك فيما تأمرني.
فقال له جبرئیل : يا أحمد إنّ اللّه تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك.
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ملكَ الموت إمض لما أُمِرتَ به.
فقال جبرائيل : هذا أخرُ وطئتي الأرض، إنّما كنتُ حاجتي من الدنيا.
فلمّا توفّي رسولُ اللّه صلى اللّه على روحه الطيّب وعلى آله الطاهرين جاءت التعيةُ جاءهم آت يَسمَعون حسَّه ولا يرون شخصَه، فقال : السلامُ عليكم ورحمةُ اللّه وبركاته «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ» وإنّما تُوفّون أُجوركم يومَ القيامة إنّ في اللّه اللّه عزّوجلّ عزاءً من كلّ مصيبة، وخلفاً من كلّ هالك، ودركاً من كلّ ما فات، فباللّه فثِقوا وإيّاه فارجوا فإنّ المُصابَ مَن حُرِم الثواب ، والسلام علیکم ورحمة اللّه وبركاته..
قال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل تدرون مَن هذا؟ هذا هو الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
ص: 205
{21}
[215] عن سنان بن أبي سنان، أنّه سمع حسين بن علي رضي اللّه عنه يحدث أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خبأ لابن صائد دخانا، فسأله عمّا خبأ له، فقال : دخ فقال : «اخسأ فلن تعدو قدرك» فلمّا ولّى قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما قال؟ فقال بعضهم: دخ، وقال بعضهم : بل قال : زخ، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قد اختلفتم وأنا بين أظهركم فأنتم بعدي أشدّ اختلافا. (1)
عن الحسين بن علي رضي اللّه عنه أن رسول اللّه لما خبأ لابن صائد دخان سأله عما خبأ له، فقال : دخ، فقال : اخسأ فلن تعدو أجلك، فلمّا ولی رسول اللّه ، قال القوم: ماذا قال؟ قال بعضهم : دخ، وقال بعضهم : بل زح، فقال رسول اللّه
: هذا وأنتم معي تختلفون، فأنتم بعدي أشد اختلافا.(2)
ص: 206
{22}
[216] عن علي بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حدّثني أبي موسی بن جعفر قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد قال : حدّثني أبي محمّد بن علي قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين قال : حدّثني أبي الحسين بن علي قال : حدّثني أبي علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة : المُكرِمُ لذُريّتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أُمورهم عندما اضطرّوا إليه، والمُحِبّ لهم بقلبه ولسانه.(1)
ص: 207
{23}
[217] قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعليّ: بشّر شيعتك أنّي الشفيع لهم يوم القيامة وقت لا تنفع فيه إلّا شفاعتي.(1)
{24}
[218] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة اللّه ، وأخذتَ يا علي بحجزتي، وأخذ ولدك بحجزتك، وأخذ شيعةُ ولدكَ بحجزهم، فترى أين يؤمر بنا؟
قال أبو القاسم : سألت أبا العبّاس ثعلباً عن الحجزة، فقال : هو السبب.(2)
ص: 208
{25}
[219] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أتاني ملك فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول : إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة ذهباً ، قال : فرفعت رأسي إلى السماء وقلت : ياربّ أشبع يوماً فأحمدك وأجوع يوماً فأسألك.(1)
ص: 209
ص: 210
ص: 211
{1}
[220] عن بشر بن غالب ، عن الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أحبّنا للدنيا فإنّ صاحب الدنيا يُحبّه البِرّ والفاجر، ومن أحبّنا للّه كنّا نحن وهو يوم القيامة كهاتين، وأشار بإصبعيه السّبابة والوسطى.(1)
{2}
[221] من أحبّنا كان منّا أهل البيت. فقلت : منكم أهل البيت؟ فقال : منّا أهل البيت، حتّى قالها - ثلاثة. ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما سمعت قول العبد الصالح : «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي» (2).(3)
{3}
[222] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من أحبّنا أهل البيت حشره اللّه تعالى آمناً يوم
ص: 212
القيامة.(1)
{4}
[223] قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وفد إلى الحسين صلوات اللّه عليه وفد فقالوا: يابن رسول اللّه إنّ أصحابنا وفدوا إلى معاوية ووفدنا نحن إليك فقال : إذن أُجيزكم بأكثر ممّا يجيزهم، فقالوا : جعلنا فداك إنّما جئنا لديننا، قال : فطأطأ رأسه ونكت في الأرض وأطرق طويلاً ثمّ رفع رأسه فقال : قصيرة من طويلة، من أحبّنا لم يحبّنا لقرابة بيننا وبينه ولا لمعروف أسديناه إليه إنّما أحبّنا للّه ورسوله جاء معنا يوم القيامة كهاتين و قرن بین سبّابتيه.(2)
{5}
[224] عن بشر بن غالب، عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي: یا بشر بن غالب من أحبّنا لا يحبّنا إلّا للّه جئنا نحن وهو كهاتين - وقدّر بین سبّابتيه -
ص: 213
ومن أحبّنا لا يحبّنا إلّا للدنيا فإنّه إذا قام قائم العدل وسع عدله البرّ والفاجر.(1)
بیان : أي ينتفع من عدل الإمام في الدنيا.
{6}
[225] نقل المجلسي رحمة اللّه عليه عن كتاب المؤمن : بإسناده عن سعد بن طريف ، قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجاء جميل الأزرق، فدخل عليه ، قال : فذكروا بلايا للشيعة وما يصيبهم، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ أُناساً أتوا عليّ بن الحسین (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وعبداللّه بن عباس، فذكروا لهما نحو ماذكرتم، قال : فأتيا الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ، فذكروا له ذلك، فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه البلاء والفقر والقتل أسرع إلى من أحبّنا من ركض البراذين، ومن السيل إلى صِمِره.
قلت : وما الصمر؟ قال : منتهاه، ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنّكم لستم منّا.(2)
بیان : في القاموس، صمر الماء : جرى من حدور في مستوى فسكن، وهو جار والصمر بالكسر : مستقرُّه.(3)
ص: 214
زوّار أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)
{7}
[226] عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) - في حديث -:
إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بكى بكاءاً شديداً فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لم بكيت ؟ قال : أخبرني جبرئيل أنّكم قتلى ومصارعكم شتّى، فقال له: يا أبه، فما لمن يزور قبورنا على تشتّتها؟ فقال : يا بنيّ أُولئك طوائف من أُمّتي، يزورونكم يلتمسون بذلك البركة، وحقيق عليّ أن آتيهم يوم القيامة حتّى أُخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم اللّه الجنّة.(1)
{8}
[227] عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرةً، أو دمعت عيناه فينا دمعة، إلّا بوّأه اللّه بها في الجنّة حُقُباً.
قال أحمد بن يحيى الأودي : فرأيت الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في المنام،
ص: 215
فقلت : حدّثني مخوّل بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك أنّك قلت : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلّا بوّأه اللّه بها في الجنّة حُقُباً؟
قال : نعم. قلت : سقط الإسناد بيني وبينك.(1)
{9}
[228] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : حرّمت الجتة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم، والمعين عليهم، ومن سبّهم «أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(2).(3)
ص: 216
{10}
[229] عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا ببغضهم عليّاً ووُلده (عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
الصغرى، عن أبيها الحسين (رضي اللّه عنها وعنهم) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مَن سبّ أهل بيتي فأنا بريء منه [والإسلام].(1)
{13}
[232] عن زيد الشهيد.. قال : سمعت أخي الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : سمعت أبي زين العابدين يقول : سمعت أبي الحسين يقول : سمعت أبي علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) يقول : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : نحن بنو عبدالمطّلب ما عادانا بيت إلّا وقد خرب، ولا عاوانا کلب إلّا وقد جرب، من لم يصدّق فليجرّب.
بیان : قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : بيت أي أهل بيت، وما عاوانا کلب أي عوى علينا، وایثار صيغة المفاعلة لإفادة المبالغة فإنّ الفعل متی غولب فيه بولغ فيه قطعاً، وعليه قوله تعالى : «يُخَادِعُونَ اللّهَ»(2) على ما قاله الزمخشري وغيره من المفسّرین، ومفاد المبالغة في الخبر: أنّ مضمونه مقصور على من تمادى في عنادهم ولجّ وأصرّ على خصامهم دون من وقع ذلك منه نادراً ثمّ تاب وأصلح، والكلب مستعار لمن هو في الخسّة بمثابته واللّه أعلم.(3)
ص: 218
{14}
[233] قال سيّدنا الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : من والانا فلرسول اللّه والي، ومن عادانا فلرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عادى.(1)
{15}
[234] عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينما الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) في حجر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، إذ رفع رأسه فقال له: يا أبة ما لمن زارك بعد موتك ؟ فقال : يا بني من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة.(2)
ص: 219
{16}
[235] عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : زارنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد أهدَتْ لنا أُمّ أيمَن لبناً وزبداً وتمراً فقدمناه فأكل منه ، ثمّ قام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى زاوية البيت فصلّی رکعات، فلمّا كان في آخر سجوده بكی بكاءاً شديداً، فلم يسأله أحد منّا إجلالاً له، فقام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقعد في حجره وقال له : يا أبت لقد دخلتَ بيتَنا فما سُرِرْنا بشيءٍ كسرورِنا بدخولِك ثمّ بكيتَ بكاءاً غمّنا فلِمَ بكيتَ ؟
فقال : يا بنيّ أتاني جبرائیلُ آنفاً فأخبرني أنّكم قَتْلى وأنّ مصرعَكم شتّي.
فقال : يا أبتِ فما لِمَن يزورُ قبورنَا على تشتّتها؟
فقال : يا بُنيّ أُولئك طوائفُ من أُمّتي يزورونكم يلتمسون بذلك البركة ، وحقيقٌ عليّ أن آتَيهم يومَ القيامة حتّى أُخلّصَهم من أهوالِ الساعة من ذنوبهم ويُسكِنُهم اللّه الجنّة .(1)
{17}
[236] عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : زارنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فعملنا له حريرة، وأهدت لنا أُمّ أيمن قعباً من لبن وزبداً وصحفة من تمر، فأكل النبيّ
ص: 220
وأكلنا معه، ثمّ توضّأ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقام واستقبل القبلة فدعا اللّه ماشاء، ثمّ أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المَطر فهِبْنا رسول اللّه أن نسأله ، فوثب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أبتا رأيتك تصنع ما لم أرك تصنع مثله ، فقال : يا بنيّ سُرِرتُ بكم اليوم سروراً لم أسُرَّ بكم مثله ، وإنّ حبيبي جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتاني فأخبرني أنّكم قتلى وأنّ مصارعكم شتّى، فدعوت اللّه لكم وأحزنني ذلك.
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : یا رسول اللّه فمن يزورنا على تشتّتنا ويتعاهد قبورنا؟
قال : طائفة من أُمّتي يريدون برّي وصلتي، فإذا كان يوم القيامة شَهِدتُها بالموقف وأخذتُ بأعضادها فأنجيتها واللّه من أهواله و شدائده.(1)
{18}
[237] روى الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من زارني حيّاً أو ميّتاً أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقّاً عليّ أنْ أزوره يوم القيامة فأُخلّصه ذنوبه.(2)
ص: 221
{19}
[238] عن عبداللّه بن محمّد الصنعاني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا دخل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جذبه إليه، ثمّ يقول لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أمسكه، ثمّ يقع عليه فيقبّله ويبكي ويقول : يا أبه لِمَ تبكي؟
فيقول : يا بنيّ أُقبّل موضع السيوف منك.
قال : يا أبه وأُقتُل؟
قال : إي واللّه و أبوكَ وأخوكَ وأنت.
قال : يا أبه فمصارعنا شتّى؟
قال : نعم يا بنيّ.
قال : فمن يزورنا من أُمّتك؟
قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلّا الصدّيقون من أُمّتي.(1)
{20}
[239] عن عليّ بن شعيب، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قاعد في حجر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذات يوم إذ رفع رأسه إليه فقال : يا أبه.
ص: 222
قال : لبيّك يابنيّ.
قال : ما لمن أتاك بعد وفاتك زائراً لا يريد إلّا زيارتك؟
قال : يا بنيّ من أتاني بعد وفاتي زائراً لا يريد إلّا زيارتي فله الجنّة، ومن أتى أخاك بعد وفاته زائراً لا يريد إلّا زیارته فله الجنّة، ومن أتاك بعد وفاتك زائراً لا يريد إلّا زيارتك فله الجنّة.(1)
{21}
[240] عن الحسين بن سعيد قال : سمعتُ جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يحدّث عن أبيه، عن جدّه يرفعه إلى الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : قلت يا رسول اللّه ما لمن زارك ميّتاً؟
فقال : من زارني ميّتاً أو زار أباك أو زارك أو واحداً من ذرّيتي زرته في الموقف حتى أُخلّصه من شدائد يوم القيامة.(2)
ص: 223
ص: 224
ص: 225
{1}
[241] عن عليّ بن موسى، قال: حدّثني موسی بن جعفر، حدّثني أبي جعفر بن محمّد، حدّثني أبي محمّد بن علي ، حدّثني أبي علي بن الحسين ، حدّثني أبي الحسين بن علي، حدّثني أبي علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّما سمّيت إبنتي - فاطمة - لأنّ اللّه عزّوجلّ فطمها وفطم مَن أحبّها من النار، وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه عزّوجلّ يغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها.(1)
{2}
[242] إنّ فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لِمَ حجبتيه وهو لا يراك ؟ فقالت : يا رسول اللّه إن لم يكن يراني فأنا أراه، وهو يشمُّ الريح، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أشهد أنّك بضعة منّي.(2)
ص: 226
{3}
[243] فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها، عن أخيه الحسن، قال : رأيتُ أُمّي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة حتّى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أُمّاه لِمَ لاتدعين لنفسك كما تدعين الغيرك؟
قالت : يابنيّ الجار ثمّ الدار.(1)
{4}
[26] قال : حدّثنا علي بن موسی الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حدّثني أبي، عن أبيه ، عن جدّه، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :
قالت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) يوماً لي: أنا أحب إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منکم، فقلت : لا بل أنا أحب، فقال الحسن : لا بل أنا، وقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا بل أنا أحبّكم إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، ودخل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا بنيّة فيم أنتم؟ فأخبرناه ، فأخذ فاطمة فاحتضنها وقبّل فاها وضمّ عليّاً وقبّل بين عينيه ، أجلس الحسن على فخذه الأيمن والحسين على فخذه الأيسر وقبّلهما وقال : أنتم أولى بي في الدنيا والآخرة، والى اللّه من والاكم وعاد من عاداکم، أنتم منّي وأنا منكم، والّذي نفسي بيده لا يتوالاكم عبد في الدنيا إلّا كان اللّه عزّوجلّ وليّه في
ص: 227
الدنيا والآخرة.(1)
{5}
[245] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أتاني ملك ، فقال : يا محمّد! إنّ اللّه يقرأ عليك السلام، ويقول : قد زوّجتُ فاطمة من عليّ فزوِّجها منه ، وقد أمرتُ شجرة طوبى أن تحمل الدرّ والياقوت والمرجان، وإنّ أهل السماء قد فرحوا بذلك وسيولد لهما ولدان سیّدا شباب أهل الجنّة، فأبشر يا محمّد! فإنّك خير الأولين والآخرين.(2)
ص: 228
{6}
[246] قال الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)في خبر : زوّج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فاطمة عليّاً على أربعمائة وثمانين درهماً.(1)
{7}
[247] عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لمّا مرِضَتْ فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وصّت إلى عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عمیس رحمها اللّه، على استسرار بذلك كما وصَّتْ به ، فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يتولّى أمرها، ويدفنا ليلاً ويعفي قبرها، فتولّی ذلك أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودفنها، وعفي موضع قبرها.
فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحوّل وجهه إلى قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال :
السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك من ابنتك و حبيبتك، وقرّة عينك
ص: 229
وزائرتك، والبائنة في الثرى بقيعك، المختار اللّه لها سرعة اللحاق بك، قلَّ یا رسول اللّه عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي لي بسنّتك، والحزن الّذي حلّ بي لفراقك، موضع التعزّي، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمّضتك بیدي، وتولّيت أمرك بنفسي.
نعم، وفي كتاب اللّه أنعم القبول، «إنَّا لِلّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون»(1) قد استُرجعت الوديعة، وأُخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء یا رسول اللّه.
أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار اللّه لي دارك الّتي فيها أنت مقيم، کمد مقيَّح، وهمّ مهیّج، سرعان ما فرّق اللّه بيننا، وإلى اللّه أشكو، وستنبّئك ابنتك بتظاهر أُمّتك علىّ، وعلى هضمها حقّها، فاستخبرها الحال فكم من غلیل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم اللّه وهو خير الحاکمین.
سلام عليك يا رسول اللّه سلام مودّع لا سئم، ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظنّي بما وعد اللّه الصابرين ، الصبر أيمن وأجمل ولولا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة. فبعين اللّه تدفن بنتك سرّاً ويهتضم حقّها قهراً، ويمنع إرثها جهراً، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر ، فإلى اللّه یارسول اللّه المشتکی، و فيك أجمل العزاء، فصلوات اللّه عليها وعليك
ص: 230
ورحمة اللّه وبركاته.(1)
{8}
[248] قال الإربلي : فلمّا توفّيت فاطمة الزهراء دخل الحسن والحسين فقالا : يا أسماء ما ينيم أمَّنا في هذه الساعة؟
قالت : يابنَيْ رسول اللّه ليست أُمّكما نائمةً قد فارقَت الدنيا، فوقع عليها الحسنُ يقبّلها مرّة ويقول : يا أُمّاه كلّميني قبل أن تفارَق روحي بدني.
قال : وأقبل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقبّل رجلها ويقول : يا أُمّاه أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت.
قالت لهما أسماء : یابنَيْ رسول اللّه إنطلقا إلى أبيكما عليّ فأخبراه بموت أُمّكما، فخرجا حتّى إذا كانا قربَ المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهم جميع الصحابة فقالوا : مایُبکیکما یابنَيْ رسول اللّه، لا أبكى اللّه أعينَكما؟ لعلّكما نظر تما إلى موقف جدّكما (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فبكيتماشوقاً إليه؟
فقال : لا أو ليس قد ماتت أُمّنا فاطمة صلوات اللّه عليها؟
قال : فوقع عليّ على وجهه يقول: «يمن العزاء يا بنت محمّد»؟(2)
ص: 231
{9}
[249] عن أبي عبداللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) غسّل فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّتي ثلاثاً وخمساً، وجعل في الغسلة الخامسة - الآخرة - شيئاً من الكافور، وأشعرها مئزراً سابغاً دون الكفن، وكان هو الّذي يلي ذلك منها وهو يقول: اللّهمّ إنّها أمتك، وبنت رسولك وصفيّك و خيرتك من خلقك ، اللّهمّ لقّنها حجّتها وأعظم برهانها واعل درجتها، واجمع بينها وبين أبيها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).(1)
{10}
[250] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم، فتعلّق بقائمة من قوائم العرش وتقول : ياعدل يا جبّار! احكم بيني وبين قاتل ولدي ! قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : فيحكم لابنتي وربّ الكعبة. (2)
ص: 232
{11}
[251] قال رسول اللّه : تُحشر ابنتي فاطمة، عليها حلّة الكرامة قد عجینت بماء الحيوان، فتنظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثمّ تكسي أيضاً حلّة من حلل الجنّة - وهي ألف حلّة - مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر : ادخلوا ابنة محمّد الجنّة، على أحسن الصورة، وأحسن الكرامة، وأحسن المنظر ، فتزف إلى الجنّة كما تزف العروس، ويوكل بها سبعون ألف جارية.(1)
ص: 233
{12}
[252] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : دخل رسولُ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذاتَ يوم على فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي حزينة ، فقال لها : ما حزنك يا بنية؟ قالت : يا أبه ذکرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة. قال : يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اللّه عزّوجلّ أنه قال : أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة أنا ثمّ أبي إبراهيم ثمّ بعلك علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ يبعث اللّه إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور ثمّ يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فيناديك : يا فاطمة ابنة محمّد قومي إلى محشرك فتقومين آمنة روعتك مستورة عورتك فينا ولك إسرافيل الحلل فتلبسينها ويأتيك روفائيل بنجيبة من نور زمامها من لؤلؤ رطب عليها محفة من ذهب فتركبينها ويقود روفائيل بزمامها وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء يستبشرون بالنظر إليك بيد كلّ واحدة منهم مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهم أكاليل الجوهر مرصع بالزبرجد الأخضر فيسرن عن يمينك ، فإذا مثل الّذي سرتُ من قبرك إلى أن لقيتك استقبلتك مریم بنت عمران في مثل من معك من الحور فتسلم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك، ثمّ استقبلتك أُمّك خديجة بنت خويلد أوّل المؤمنات باللّه ورسوله ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التكبير فإذا قربت من الجمع استقبلتك حوّاء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسير هي ومن معها معك فإذا توسّطت الجمع وذلك أنّ اللّه يجمع الخلائق في صعيد واحد فيستوي بهم الأقدام.
ص: 234
ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق : غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة الصديقة ابنة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن معها. فلا ينظر إليك يومئذ إلّا إبراهيم خلیل الرحمان صلوات اللّه وسلامه عليه وعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، ويطلب آدم حوّاء فيراها مع أُمّك خديجة أمامك ثمّ ينصب لك منبر من نور فيه سبع مراق بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة بأيديهم ألوية النور، وتصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره، وأقرب النساء منك عن يسارك حوّاء وآسية بنت مزاحم، فإذا صرت في أعلا المنبر أتاك جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيقول لك : یا فاطمة سلي حاجتك، فتقولين : یارب أرني الحسن والحسين فيأتيانك و أوداج الحسین تشخب دما وهو يقول : يا ربّ خذ لي حقي ممّن ظلمني، فيغضب عند ذلك الجليل ويغضب لغضبه جهنّم والملائكة أجمعون فتز فر جهنم عند ذلك زفرة ثمّ يخرج فوج من النار فيلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم يقولون: ياربّ إنّا لم نحضر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيقول اللّه لزبانية جهنّم : خذوهم بسيماهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الأسفل من النار فإنّهم كانوا أشدّ على أولياء الحسين من آبائهم الّذين حاربوا الحسين فقتلوه، فيسمع شهيقهم في جهنّم.
ثم يقول جبرائيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا فاطمة سلي حاجتك؟ فتقولين : یاربّ شيعتي، فيقول اللّه : قد غفرت لهم، فتقولي : ياربّ شيعة ولدي ، فيقول اللّه : قد غفرت لهم، فتقولين : یارب شيعة شيعتي، فيقول اللّه : انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنّة، فعند ذلك يودّ الخلائق أنّهم كانوا فاطميّين، فتسیرین و معك شيعتك و شيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنین آمنة روعاتهم مستورة عوراتهم قد ذهبت عنهم الشدائد وسهّلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون ويظمأ الناس وهم لا يظمأون فإذا بلغت باب الجنّة تلقتك اثني عشر ألف حوراء
ص: 235
لم يتلقّين أحداً كان قبلك ولا يتلقّين أحداً كان بعدك، بأيديهم حراب من نور على نجائب من نور رحائلها من الذهب الأصفر والياقوت، أزمتها من لؤلؤ رطب ، على كلّ نجيبة نمرقة من سندس منضود فإذا دخلت الجنّة تباشر بك أهلها ووضع لشيعتك موائد من جواهر على أعمدة من نور، فيأكلون منها والناس في الحساب وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، فإذا استقرّ أولياء اللّه في الجنّة زارك آدم ومن دونه من النبيّين، وإنّ في بطنان الفردوس للؤلؤتان من عرق واحد، لؤلؤة بيضاء ولؤلؤة صفراء فيها قصور ودور في كلّ واحدة سبعون ألف دار، البيضاء منازل لنا ولشیعتنا والصفراء منازل لإبراهيم وآل إبراهيم
قالت : يا أبه فما كنت أحبّ أن أرى يومك وأبقى بعدك. قال : يابُنيّة لقد أخبرني جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اللّه أنك أوّل من يلحقني من أهل بيتي فالويل كلّه لمن ظلمك و الفوز العظيم لمن نصرك.(1)
ص: 236
ص: 237
{1}
[253] عن أبي عبداللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خرج الحسين بن علي صلوات اللّه عليه ذات يوم على أصحابه فقال بعد الحمد للّه جلّ وعزّ والصلاة على محمّد رسوله صلّى اللّه عليه وآله:
يا أيّها الناس إن اللّه - واللّه - ما خلق العباد إلّا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته من سواه.
فقال له رجل : بأبي أنت وأُمّي يابن رسول اللّه، ما معرفة اللّه؟
قال : معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الّذي يجب عليهم طاعته.
بیان : اعلم أنّه لما كانت معرفة اللّه وطاعته لا ينفعان من لا يعرف الإمام، ومعرفة الإمام وطاعته لا ينفعان إلا بعد معرفة اللّه ، صحّ أن يقال : إنّ معرفة اللّه هي معرفة الإمام وطاعته.
ولما كانت أيضاً المعارف الدينية العقلية والسمعية تحصل من جهة الإمام، وكان الإمام آمراً بذلك ، وداعياً إليه صحّ القول : إنّ معرفة الإمام وطاعته هي معرفة اللّه سبحانه ، كما نقول في المعرفة بالرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وطاعته إنها معرفة باللّه سبحانه ، قال اللّه عزّوجلّ : «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ».(1)
وما تضمنه قول الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من تقدّم المعرفة على العبادة، غاية في البيان والتنبيه.(2)
ص: 238
{2}
[254] قال محمّد بن عليّ بن شهر آشوب في حديث الأعمش، عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : فأخبِرْني يا رسول اللّه هل يكون بعدك نبيّ؟
فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا ، أنا خاتم النبيّين، لكن يكون بعدي أئمّة قوّامون بالقسط بعدد نُقَباء بني إسرائيل. (1)
{3}
[255] عن الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليه وسأله رجل عن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فقال : عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من ولدي آخرهم القائم، ولقد سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : أبشِروا ثمّ أبشِروا - ثلاث مرّات - إنّما مثل أهل بيتي كمثل حديقة أُطعم منها فوج عاماً ثمّ أطعم منها فوجاً عاماً، آخرها فوجاً يكون أعرضها بحراً، وأعمقها طولاً وفرعاً وأحسنها جنيً وكيف تهلك أُمّة أنا أوّلها واثناعشر من بعدي من السُعَداء أُولي الألباب والمسیح بن مریم آخرها؟ ولكن يهلك فيما بين ذلك ثبج الهرج ليسوا منّي ولستُ منهم.(2)
ص: 239
{4}
[256] قال الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : منّا اثناعشر مهديّاً أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يحيي اللّه تعالى به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحقّ على الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤذون ويقال لهم : «مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ»(1) أمّا إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).(2)
{5}
[257] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا حسينُ أنت الإمامَ ابنُ الإمام، تسعةٌ من ولدِك أُمناء معصومون، والتاسعُ مهديّهم، فطوبى لمن أحبّهم والويلُ لمن أبغضهم.(3)
ص: 240
{6}
[258] عن الحسين بن علي، عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : أخبرني جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا أثبت اللّه تبارك وتعالى اسم محمّد في ساق العرش قلت : ياربّ هذا الاسم المكتوب في سرادق العرش أرى أعز خلقك عليك ؟ قال : فأراه اللّه اثني عشر أشباحاً أبداناً بلا أرواح بين السماء والأرض، فقال : ياربّ بحقّهم عليك إلّا أخبرتني من هم (1) فقال : هذا نور عليّ بن أبي طالب، وهذا نور الحسن، وهذا نور الحسين، وهذا نور عليّ بن الحسين، وهذا نور محمّد بن عليّ، وهذا نور جعفر بن محمّد، وهذا نور موسی بن جعفر، وهذا نور عليّ بن موسى، وهذا نور محمّد بن علي، وهذا نور علي بن محمّد، وهذا نور الحسن بن علي، وهذا نور الحجّة القائم المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)، قال : فكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : ما أحد يتقرّب إلى اللّه عزّوجلّ بهؤلاء القوم إلّا أعتق اللّه رقبته من النار.(2)
ص: 241
{7}
[259] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، ثمّ أنت يا عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعدك الحسنُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وبعده الحسينُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وبعده جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ بعده الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والحجّة بن الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، أئمّة أبرار ، هم مع الحقّ والحقّ معهم.(1)
{9}
[261] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أطاع اللّه من ولدي وجبت طاعته.(1)
من وصيّك ؟
{10}
[262] عن سلمان والبراء قالا: قالت أُمّ سليم: كنتُ امرأة قد قرأت التوراة والانجيل ، فعرفت أوصياء الأنبياء، وأحببتُ أن أعلم وصيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فلمّا قدمت رکابنا المدينة أتيتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخلّفت الركاب مع الحي، فقلت : يا رسول اللّه ما من نبيّ إلّا وكان له خليفتان : خليفة يموت قبله، وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى في حياته هارون (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقبض قبل موسى، ثمّ كان وصیّه بعد موته يوشع بن نون، وكان وصّي عيسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حياته کالب بن يوفّنا فتوفّي كالب في حياة عيسى، ووصیّه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمّة مریم، وقد نظرتُ في الكتب الأُولى فما وجدتُ لك إلّا وصيّاً واحداً في حياتك وبعد وفاتك، فبيّن لي بنفسي أنت یا رسول اللّه من وصيّك؟
ص: 243
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ لي وصيّاً واحداً في حياتي وبعد وفاتي.
قلت له : من هو؟
فقال : ایتیني بحصاة فرفعتُ إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفّيه، ثمّ فركها بيده كسحيق الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه، فبدأ النقش فيها للناظرين، ثمّ أعطانيها وقال : يا أُمّ سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيّي.
قالت : ثمّ قال لي : يا أُمّ سليم وصيّي مَن يستغني بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن.
فنظرت إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائماً لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه.
قالت : فخرجت فرأيت سلمان یکنف عليّاً ويلوذ بعقوته دون من سواء من أُسرة محمّد وصحابته على حداثة من سنّه، فقلت في نفسي: هذا سلمان صاحب الكتب الأُولى، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم مالم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي.
فأتيت عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : أنت وصيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟
قال : نعم ، ما تريدين ؟
قلت : وما علامة ذلك؟
فقال : ایتیني بحصاة.
قالت : فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفّيه ، ثمّ فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثمّ ختمها، فبدا النقش
ص: 244
فيها للناظرين، ثمّ مشى نحو بيته فاتبعته لأسأله عن الّذي صنع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فالتفت إليّ ففعل مثل الّذي فعله، فقلت : من وصيّك يا أبا الحسن؟ فقال : مَن يفعل مثل هذا.
قالت أُمّ سليم : فلقيتُ الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقلت : أنت وصيّ أبيك هذا؟ - وأنا أعجب من صغره وسؤالي إيّاه، مع أنّي كنت عرفت صفتهم الاثني عشر إماماً وأبوهم سيّدهم وأفضلهم فوجدت ذلك في الكتب الأُولى -.
فقال لي: نعم أنا وصيّ أبي.
فقلت : وما علامة ذلك؟
فقال : ايتيني بحصاة.
قالت : فرفعت إليه حصاة، فوضعتها بين كفّيه ، ثمّ سحقها كسحيق الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثمّ ختمها، فبدا النقش فيها ثمّ دفعها إليّ، فقلت له : فمن وصيك؟
قال : من يفعل مثل هذه الّذي فعلت، ثمّ مد يده اليمنى حتّى جازت سطوح المدينة وهو قائم، ثمّ طأطأ يده اليسرى فضرب بها الأرض من غير أن ينحني أو يتصعّد فقلت في نفسي من يرى وصيّه؟
فخرجت من عنده فلقيت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكنت عرفت نعته من الكتب السالفة بصفته وتسعة من ولده أوصياء بصفاتهم، غير أنّي أنكرت حليته لصغر سنه، فدنوتُ منه وهو على كسرة رحبة المسجد، فقلت له: من أنت يا سيّدي؟
قال : أنا طلبتُك يا أُمّ سليم أنا وصيّ الأوصياء، وأنا أبو التسعة الأئمّة الهادية وأنا وصيّ أخي الحسن، وأخي وصيّ أبي عليّ، وعليّ وصيّ جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فعجبتُ من قوله ، فقلت : ما علامة ذلك؟
ص: 245
فقال : ایتيني بحصاة، فرفعتُ إليه حصاة من الأرض.
قالت أُمّ سليم : فلقد نظرتُ إليه وقد وضعها بين كفّيه فجعلها کهيئة السحيق من الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء فختمها بخاتمه فثبت النقش فيها، ثمّ دفعها إليّ وقال لي : أُنظري فيها يا أُمّ سليم، فهل ترينّ فيها شيئاً؟
قالت أُمّ سليم : فنظرتُ فإذا فيها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعليّ والحسن والحسين وتسعة أئمّة صلوات اللّه عليهم أوصياء من ولد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد تواطئت أسماؤهم إلّا اثنين منهم، أحدهما جعفر والآخر موسى، وهكذا قرأتُ في الإنجيل.
فعجبتُ وقلتُ في نفسي : قد أعطاني اللّه الدلائل ولم يعطها من كان قبلي ، فقلت : يا سيّدي أعد علىّ علامة أخرى.
قال : فتبسّم وهو قاعد، ثمّ قام فمدّ يده اليمنى إلى السماء فواللّه لكأنّها عمود من نار تخرق الهواء حتّى توارى عن عيني وهو قائم لا يعبأ بذلك ولا يتحفّز، فأسقطت وصعقت، فما أفقتُ إلّا ورأيتُ في يده طاقة من آس يضرب بها منخري.
فقلت في نفسي : ماذا أقول له بعد هذا؟ وقمت وأنا واللّه أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الأس، وهي واللّه عندي لم تذو ولم تذبل ولا انتقص من ريحها شيء، وأوصيتُ أهلي أن يضعوها في كفني، فقلت : يا سيّدي من وصيّك؟
قال : من فعل مثل فعلي.
قالت : فعشت إلى أيّام عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قال زرّبن حبیش خاصّة دون غيره : وحدّثني جماعة من التابعين سمعوا
ص: 246
هذا الكلام من تمام حديثها، منهم مينا مولی عبدالرحمن بن عوف وسعيد بن جبير مولى بني أسد سمعهاها، تقول هذا.
وحدّثني سعيد بن المسيب المخزومي ببعضه عنها قالت: فجئتُ إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في منزل قائماً يصلّي، وكان يطول فيها ولا يتحوّز فيها ، وكان يصلّي ألف ركعة في اليوم والليلة، فجلستُ مليِاً فلم ينصرف من صلاته ، فأردت القيام، فلمّا هممتُ به حانت منّي التفاتة إلى خاتم في إصبعه عليه فصّ حبشيّ، فإذا هو مكتوب : مكانك یا أُمّ سليم، آتيك بما جئت له.
قالت : فأسرع في صلاته ، فلمّا سلّم قال لي: يا أُمّ سلیم ایتيني بحصاة، من غير أن أسأله عمّا جئتُ له، فدفعت إليه حصاة من الأرض، فأخذها فجعلها بين كفّيه فجعلها کهيئة الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثمّ ختمها فثبت فيها النقش، فنظرتُ واللّه إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين، فقلت له : فمن وصيّك جعلني اللّه فداك؟
قال : الّذي يفعل مثل ما فعلت، ولا تدركين من بعدي مثلي.
قالت أُمّ سليم : فأنسيت أن أسأله أن يفعل مثل ما كان قبله من رسول اللّه وعليّ والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم، فلمّا خرجت من البيت ومشيت شوطا ناداني : يا أُمّ سليم.
قلت: لبيّك.
قال : ارجعي، فرجعت. فإذا هو واقف في صرحة داره وسطاً، ثمّ مشى فدخل البيت وهو يتبسّم ثمّ قال : اجلسي يا أُمّ سليم، فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده عني، ثمّ قال : خذي يا أُمّ سلیم
فنالني واللّه کیساً فيه دنانير وقرط من ذهب وفصوص کانت لي من جزع
ص: 247
في حُقّ لي في منزلي.
فقلت : يا سيّدي أمّا الحقّ فأعرفه، وأمّا مافيه فلا أدري ما فيه غير أنّي أجدها ثقيلاً.
قال : خذيها وامضي لسبيلك.
قالت : فخرجتُ من عنده ودخلتُ منزلي وقصدتُ نحو الحُقّ فلم أجد الحُقّ في موضعه ، فإذا الحُقّ حُقّي.
قالت : فعرفتهم حقّ معرفتهم بالبصيرة والهداية فيهم من ذلك اليوم، والحمد للّه رب العالمين.(1)
{11}
[293] سئل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن معنى قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إنّي مخلف فیکم الثقلين كتاب اللّه و عترتي، مَن العترة؟
فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسین تاسعهم
ص: 248
مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب اللّه ولا يفارقهم حتّى یردوا على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حوضه.(1)
{12}
[264] عن یحیی بن نعمان قال : كنت عند الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلم فردّ عليه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا ابن رسول اللّه مسألة.
فقال : هات.
قال : کم بين الإيمان واليقين؟
قال : أربع أصابع. قال : كيف؟
قال : الإيمان ما سمعناه واليقين ما رأيناه ، وبين السمع والبصر أربع أصابع.
قال : فكم بين السماء والأرض؟
قال : دعوة مستجابة.
ص: 249
قال : فكم بين المشرق والمغرب؟
قال : مسيرة يوم للشمس.
قال : فما عزّ المرء؟
قال : استغناؤه عن الناس.
قال : فما أقبح شيء؟
قال : الفسق في الشيخ قبيح، والحدّة في السلطان قبيحة، والكذب في ذي الحسب قبيح، والبخل في ذي الغناء، والحرص في العالم.
قال : صدقت يا ابن رسول اللّه فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : اثناعشر عدد نقباء بني إسرائيل.
قال : فسمّهم لي.
قال : فأطرق الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ رفع رأسه فقال : نعم أُخبرك يا أخا العرب ، إنّ الإمام والخليفة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والحسن وأنا وتسعة من ولدي، منهم عليّ ابني، وبعده محمّد ابنه ، وبعده جعفر ابنه ، وبعده موسی ابنه، وبعده علي ابنه وبعده محمّد ابنه، وبعده علي ابنه ، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهديّ (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)، هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان.
قال : فقام الأعرابي وهو يقول :
مسح النبيّ جبينه***فله بريق في الخدود
أبواه من أعلا قریش***وجدّه خير الجدود(1)
ص: 250
{13}
[265] عن عبيد اللّه بن عبداللّه عتبة ، قال :
كنت عند الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وضمّه إليه ضمّاً، وقبّل ما بين عينيه ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بأبي أنت ما أطيب ريحك وأحسن خلقك ! فتداخلني من ذلك فقلت : بأبي أنت وأُمّي يابن رسول اللّه إن كان ما نعوذ باللّه أن نراه فيك فإلى مَن؟
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إلى عليّ إبني هذا هو الإمام وأبو الأئمّة.
قلت : يا مولاي هو صغير السنَ؟
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم، إنّ ابنه محمّد يؤتمّ وهو ابن تسع سنين ثمّ يطرق.
قال : ثمّ يبقر العلم بقراً.(1)
ص: 251
ص: 252
ص: 253
{1}
[266] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لمّا أُسري بي إلى السماء أخذ جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيدي وأقعدنی علی دُرْنوك من درانيك الجنّة، ثمّ ناولني سفرجلةً، فأنا كنت أُقلّبها إذ انفلقت، فخرجت منها جاريةٌ حوراء لم أر أحسن منها، فقالت : السلام عليك يا محمّد.
قلت : من أنت؟
فقالت : الراضية المرضيّة خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف : أسفلي من مسك، ووسطي من كافور، وأعلاي من عنبر، عجنني من ماء الحيوان، ثمّ قال لي الجبّار : كوني، وكنت خلقني لأخيك وابن عمّك عليّ بن أبي طالب.(1)
ص: 254
{2}
[267] عن أبي محمّد العسكري عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : ليلة أُسري بي ربّي عزّوجلّ رأيت في بطنان العرش ملكاً بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذي الفقار، وإنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى عليّ بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك.
فقلت : ياربّ هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمّي؟
فقال : يا محمّد هذا ملك خلقته على صورة عليّ يعبدني في بطنان عرشي، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب إلى يوم القيامة.(1)
{3}
[268] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : كان ممّن ثبت مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم حنين : العبّاس، وعليّ، وأبو سفيان بن الحارث ، وعقيل بن أبي طالب، وعبداللّه بن الزبير بن عبدالمطلب والزبير بن العوام، وأُسامة بن زيد.(2)
ص: 255
{4}
[269] إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لعلي : أنت الّذي احتجّ اللّه بك في ابتداء الخلق، حيث أقامهم أشباحاً، فقال لهم : ألست بربّك؟
قالوا: بلی.
قال : ومحمّد رسولي؟
قالوا: بلى.
قال : وعليّ أمير المؤمنين(1) ؟
فأبى الخلق جميعاً إلّا استکبارة وعتوّاً عن ولايتك، إلّا نفر قليل، وهم أقل القليل، وهم أصحاب اليمين.(2)
{5}
[270] إنّ اللّه جلّ جلاله بعث جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يشهد لعليّ بن
ص: 256
أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالولاية في حياته ويسمّيه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبيّ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تسعة رهط ، فقال : إنّما دعوتكم لتكونوا شهداء اللّه في الأرض أقمتم أم كتمتم.
ثم قال : يا أبا بكر قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقال : أعن أمر اللّه ورسوله؟
قال : نعم.
فقام فسلّم علي بإمرة المؤمنین.
ثمّ قال : قم يا عمر فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنین.
فقال : أعن أمر اللّه ورسوله نسمّيه أمير المؤمنين؟
فقال : نعم.
فقام فسلّم عليه.
ثمّ قال للمقداد بن الأسود الكندي : قم فسلم على عليّ بإمرة المؤمنین.
فقام فسلّم عليه ، ولم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله.
ثمّ قال لأبي ذر الغفاري : قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقام فسلّم عليه.
ثمّ قال لحذيفة اليماني : قم فسلّم على أمير المؤمنین.
فقام فسلّم عليه. ث
مّ قال لعمّار بن یاسر : قم فسلم على أمير المؤمنین.
فقام فسلّم عليه.
ثمّ قال لعبداللّه بن مسعود : قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقام فسلّم عليه.
ص: 257
ثم قال لبريدة : قم فسلّم على أمير المؤمنین - وكان بريدة أصغر القوم سنّاً-. فقام فسلّم.
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّما دعوتكم لهذا الأمر لتكونوا شهداء اللّه أقمتم أم تركتم.(1)
{6}
[271] نظر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذات يوم إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد أقبل وحوله جماعة من أصحابه ، فقال : مَن أراد أن ينظر إلى يوسف في جماله وإلى إبراهيم في سخائه وإلى سليمان في بهجته وإلى داود في قوّته فلينظر إلى هذا.(2)
{7}
[272] عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن
ص: 258
الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه ، أنّه قرأ عليه أصبغ بن نباتة : «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى»(1)، قال : فبكى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : إنّي لأذكر الوقت الّذي أخذ اللّه تعالى عليَّ فيه الميثاق.(2)
{8}
[273] عن أبي الصلت الهروي(3) خادم الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : سمعت أبي موسى يقول، سمعت أبي جعفراً يقول، سمعت أبي محمّداً يقول، سمعت أبي عليّاً يقول، سمعت أبي الحسين يقول، سمعت أبي أمير المؤمنين عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول، سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول، سمعت اللّه جلّ جلاله يقول :
عليّ بن أبي طالب حجتي على خلقي، ونوري في بلادي، وأميني على علمي، لأُدخل الجنّة من عرفه وإن عصاني، ولأدخل النار من أنكره وإن أطاعني.(4)
ص: 259
{9}
[274] عن علي بن الحسين عن أبيه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان لي من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عشر خصال ما أُحبّ أن لي بإحداهنّ ماطلعت عليه الشمس ، قال لي : أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأقرب الخلائق منّي في الموقف، وأنت الوزير والوصيّ والخليفة في الأهل والمال، وأنت آخذ لوائي في الدنيا والآخرة ، وليّك وليّي وولیّي وليّ اللّه، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللّه.(1)
{10}
[275] عن الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) قال : قال لي بريدة(2) : أمرنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )
ص: 260
أن نسلّم على أبيك بإمرة المؤمنين.(1)
{11}
[276] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لولاك ماعرف المؤمنون من بعدي.(2)
{12}
[277] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا علي! أعطيتَ ثلاث خصال، فقلت : فداك أبي وأُمّي! ما أُعطيت؟ قال: أُعطيتَ صهراً مثلي، وأُعطيتَ زوجةً مثل فاطمة،
ص: 261
وأُعطيتَ ولدين مثل الحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين.(1)
{13}
[278] إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجّهه في أمر من أُموره فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه، فلمّا قدم من وجهه ذلك، أقبل إلى المسجد ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد خرج يصلّي الصلاة فصلّى معه.
فلمّا انصرف من الصلاة أقبل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فاعتنقه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمّ سأله عن مسيره ذلك وماصنع فيه، فجعل عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحدّثه و أسارير وجه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تلمع سرورة بما حدثه ، فلمّا أتّى صلوات اللّه عليه على حديث قال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ألا أُبشرّك يا أبا الحسن؟
قال : فداك أبي وأُمّي فكم من خير بشّرت به.
قال : إنّ جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) هبط عليّ في وقت الزوال، فقال لي : يا محمّد هذا ابن عمّك عليّ وارد عليك، وإنّ اللّه عزّوجلّ أبلى المسلمين به بلاءاً حسناً، وإنه كان من صنعه كذا وكذا، فحدّثني بما أنبأتني به.
ص: 262
وقال لي : يا محمّد إنّه نجا من ذريّة آدم من تولّی شيث بن آدم وصيّ أبيه آدم بشيث، ونجا شيث بأبیه آدم ونجی آدم باللّه، يا محمّد و نجا من تولّى سام بن نوح وصيّ أبيه نوح بسام، ونجام سام بأبيه نوح، ونجا نوح باللّه، یا محمّد ونجا من تولّى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمان وصيّ أبيه إبراهيم بإسماعيل، ونجا إسماعيل بإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، ونجا إبراهيم باللّه، يا محمّد ونجا من تولّى يوشع بن نون وصيّ موسی بیوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى باللّه، يا محمّد و نجا من تولّی شمعون الصفا وصيّ عيسى بشمعون، ونجا شمعون بعيسى، ونجا عیسی باللّه، يا محمّد ونجا من تولّى عليّاً وزیرك في حياتك ووصيّك عند وفاتك بعليّ، ونجا عليّ بك، ونجوت أنت باللّه عزّ وجلّ.
يا محمّد إن اللّه جعلك سيّد الأنبياء، وجعل عليّاً سيّد الأوصياء و خیر هم وجعل الأئمّة من ذريّتكما إلى أن يرث الأرض ومن عليها، فسجد عليّ صلوات اللّه عليه ، وجعل يقبّل الأرض شكراً للّه تعالی.
وإنّ اللّه جلّ اسمه خلق محمّدا وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ)! أشباحاً يسبّحونه ويمجّدونه ويهلّلونه بين يدي عرشه، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر آلاف عام، فجعلهم نوراً ينقلهم في ظهور الأخيار من الرجال، وأرحام الخيّرات المطهّرات والمهذّبات من النساء، من عصر إلى عصر.
فلمّا أراد اللّه عزّوجلّ أن يبيّن لنا فضلهم ويعرّفنا منزلتهم، ويجب علينا حقّهم، أخذ ذلك النور وقسّمه قسمين : جعل قسماً في عبداللّه بن عبدالمطلّب ، فكان عنه محمّد سيّد النبيّين وخاتم المرسلین، وجعل فيه النبوّة، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبو طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف ، فكان منهم علىّ أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وجعله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ووصيّه و خليفته
ص: 263
وزوج ابنته، وقاضي دينه و کاشف کربته ومنجز وعده و ناصر دينه.(1)
{14}
[279] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا عليّ أنت أمير المؤمنين وإمامُ المتّقين ، يا عليّ أنت سيّد الوصيّين، ووارث علم النبيّين، وخير الصدّيقين و أفضل السابقين ، يا عليّ أنت زوج سيّدة نساء العالمين، وخليفة خير المرسلين ، يا علي أنت مولی المؤمنين، والحجّة بعدي على الناس أجمعين، استوجب الجنّة من تولّاك ، واستحقّ دخول النار مَنْ عاداك ، يا علي والّذي بعثني بالنبوّة واصطفاني على جميع البريّة لو أنّ عبداً عبد اللّه ألفَ عام ما قُبِل ذلك منه إلّا بولايتك وولاية الأئمّة من ولدك ، بذلك أخبرني جبرئيل «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ».(2)(3)
ص: 264
{15}
[280] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي : يا علي أنت حجّة اللّه وأنت باب اللّه، وأنت الطريق إلى اللّه، وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى، ياعلي أنت إمام المسلمين، وأمير المؤمنين، وخير الوصيّين، وسيّد الصدّيقين.
يا علي أنت الفاروق الأعظم، وأنت الصدّيق الأكبر، يا علي أنت خليفتي على أُمّتي، وأنت قاضي دَيني، وأنت منجز عداتي، يا علي أنت المظلوم بعدي، يا علي أنت المفارق بعدي، يا علي أنت المهجور بعدي، أُشهد اللّه تعالى ومن حضر من أُمّتي أن حزبك حزبي و حزبي حزب اللّه، وأنّ حزب أعدائك حزب الشيطان.(1)
ص: 265
{16}
[281] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا علي أنت وأصحابك في الجنّة ،أنت وأتباعك يا علي في الجنّة.(1)
{17}
[282] عن الحسين بن علي رضي اللّه عنهما قال : كان رأس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حجر علي وكان يوحى إليه فلمّا سرى عنه قال لي : ياعلي صلّيت الفرض؟! قال : لا. قال : اللّهمّ إنّك تعلم أنّه كان في حاجتك وحاجة رسولك فردّ عليه الشمس. فردَّها علیه فصلّی وغابت الشمس.(2)
ص: 266
{18}
[283] عن جويرية بن مسهر وأبي رافع والحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا عبر الفرات ببابل صلّى بنفسه في طائفة معه العصر، ثمّ لم يفرغ الناس من عبورهم حتّى غربت الشمس وفات صلاة العصر الجمهور، فتكلّموا في ذلك، فسأل اللّه تعالى ردّ الشمس علیه فردّها عليه، فكانت في الأُفق، فلمّا سلّم القوم غابت ، فسمع لها وجيب شديد هال الناس ذلك، وأكثروا التهليل والتسبيح والتكبير، ومسجد الشمس بالصاعديّة من أرض بابل شائع ذائع.(1)
{19}
[284] لما رجع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قتال أهل النهروان، أخذ على النهروانات وأعمال العراق، ولم يكن يومئذ قد بُنيت بغداد، فلمّا وافي ناحية براثا صلّى بالناس الظهر، ورحلوا ودخلوا في أرض بابل، وقد وجبت صلاة العصر، فصاح المسلمون يا أميرَ المؤمنين هذا وقت العصر قد دخل، فقال أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذه أرض مخسوف بها وقد خسف اللّه بها ثلاثاً وعليه تمام الرابعة، ولا تحلّ لوصيّ أن يصلّي فيها، ومن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ، فقال المنافقون: نعم هو لا يصلّي ويقتل من يصلّي، يعنون أهل النهروان، قال جويرية بن مسهر العبدي : فتبعته في مائة فارس وقلت : واللّه لا أُصلّي أو يصلّي
ص: 267
هو، ولأُقلّدنه صلاتي اليوم، قال : وسار أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أن قطع أرض بابل وتدلّت الشمس للغروب ثمّ غابت واحمرّ الأُفق، قال : فالتفت إليّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : يا جويرية هات الماء ، قال : فقدّمت إليه الأداوة فتوضّأ ثمّ قال : ادن یا جويرية، فقلت : يا أمير المؤمنين ما وجب العشاء بعد فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أذّن للعصر، فقلت في نفسي أوذّن للعصر وقد غربت الشمس ولكن علىَّ الطاعة فأذّنت، فقال : أقِم ففعلت، وإذا أنا في الإقامة إذ تحرّكت شفتاه بکلام کأنّه منطق الخطاطيف، لم أفهم ما هو فرجعت الشمس بصریر عظيم حتّى وقفت في مرکزها من العصر، فقام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكبّر وصلّی وصلّينا وراءه، فلمّا فرغ من صلاته وقعت كأنّها سراج في طست، وغابت واشتبكت النجوم فالتفت إليّ وقال أذّن أذان العشاء یا ضعیف الیقین.(1)
{20}
[285] عن الحسين بن علي قال : أتى جبريل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا محمّد إنّ اللّه يحبّ من أصحابك ثلاثة فأُحبّهم : عليّ بن أبي طالب، وأبوذر، والمقداد بن الأسود.(2)
ص: 268
{21}
[286] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا عليّ إذا كان يوم القيامة كنت وولدك على خیل بُلْق متوّجون بالدُرّ والياقوت فيأمرُ اللّه بكم إلى الجنّة والناس ينظرون.(1)
{22}
[287] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) اشتکی عينيه، فعاده رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فإذا عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصيح، فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أجزعاً أم وجعاً؟ فقال على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما وجعت وجعا قطّ أشقّ منه.(2)
ص: 269
{23}
[288] عن علي بن الحسين عن أبيه قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لاخيشن في ذات اللّه.
بیان : الاخيشن : تصغير أخشن أفضل تفضيل من خشن خشونة ضدّ لان، قال في الأساس : ومن المجاز فلان خشن في دينه، إذا كان متشددّاً فيه، والتصغير هنا للتعظيم، وذات اللّه عبارة عمّا يضاف إليه سبحانه من الأوامر والحدود والأحكام كجنب اللّه في قوله : «يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ».(1)
والمعنى : إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) شديد التصلّب والتشدّد في الأُمور الإلهيّة لا يداري فيها ولا يداهن، ولا تأخذه لوم لائم.(2)
ص: 270
{24}
[289] إنّ عليّاً كان معتكفاً في مسجد الكوفة جاء أعرابي وقت إفطاره، فأخرج عليّ من جراب سويق شعير، فأعطاه منه شيئاً فلم يأكله الأعرابي، فقعده في طرف عمامته ، فجاء إلى دار الحسنين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فأكل معهما فقال لهما: رأيت شيخاً غريباً في المسجد لا يجد غير هذا السويق فترحَّمت عليه فاحمل من هذا الطعام إليه ليأكله، فبكيا وقالا: إنّه أبونا أمير المؤمنين عليّ يجاهد نفسه بهذه الرياضة.(1)
{25}
[290] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعليّ بن أبي طالب : يا أبا الحسن لو وضع إيمان الخلائق وأعمالهم في كفّة ميزان، ووضع عملك في كفّة أخرى لرجح عملك يوم أُحد على جميع عمل الخلائق ، وإنّ اللّه تعالى باهي بك يوم أُحُد ملائكته المقرّبين، ورفع الحجب من السماوات السبع، وأشرقت إليه الجنّة وما فيها ، وابتهج بفعلك ربّ العالمين، وإنّ اللّه يعوضّك بذلك اليوم ما يغبطك به كلّ نبيّ ورسول وصدّيق وشهيد.(2)
ص: 271
{26}
[291] عن الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما قال : كنت مع أبي على شاطىء الفرات، فنزع قميصه وغاص في الماء، فجاء موج فأخذ القميص، فخرج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإذا بهاتف يهتف : يا أمير المؤمنین، خذ ما عن يمينك، فإذاً منديل فيه قميص ملفوف، فأخذ القميص ولبسه، فسقطت من جيبه رقعة ، مكتوب فيها : بسم اللّه الرحمن الرحيم، هدية من اللّه العزيز الحكيم إلى عليّ بن أبي طالب، هذا قمیص هارون بن عمران «كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ».(1)(2)
{27}
[292] عن الحسین (رضي اللّه عنه) قال : سمعت جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل الجنّة الّتي وعدني ربّي فليتول عليّاً وذريّته الطاهرين، أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة.
أخرج موفق بن أحمد: عن الباقر ، عن أبيه، عن جدّه الحسین (رضي اللّه
ص: 272
عنهم) قال : سمعت جدّي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل جنّة عدن الّتي وعدني ربّي وغرس فيها قضيباً بيده ونفخ فيها من روحه فليوال عليّاً وذرّيته الطاهرين: أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الردى.(1)
{28}
[293] عن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : من آذى أبا حسن فقد آذاني حقّاً، ومن آذاني فقد آذى اللّه، ومن آذى اللّه فعلیه لعنة اللّه.(2)
{29}
[294] عن علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، عن أبيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لمّا أراد عليّ أن يسير إلى النهروان استنفر أهل الكوفة وأمرهم أن يعسكروا بالمدائن، فتأخّر
ص: 273
عنه شبث بن ربعي، وعمرو بن حريث، والأشعث بن قيس، وجرير بن عبداللّه البجلّي، وقالوا: أتأذن لنا أيّاماً نتخلّف عنك في بعض حوائجنا ونلحق بك؟
فقال لهم : قد فعلتموها، سوءة لكم من مشايخ، فواللّه ما لكم من حاجة تتخلفّون عليها، وإنّي لأعلم ما في قلوبكم وسابّين لكم، تريدون أن تثبّطوا عنّي الناس، وكأنّي بكم بالخورنق وقد بسطتم سفركم للطعام، إذ يمرّ بكم ضبّ فتأمرون صبيانكم فيصيدونه ، فتخلعوني وتبايعونه.
ثم مضى إلى المدائن وخرج القوم إلى الخورنق(1) وهيّأوا طعاماً، فبيناهم كذلك على سفرتهم وقد بسطوها إذ مرّ بهم ضبّ، فأمروا صبيانهم فأخذوه وأوثقوه و مسحوا أيديهم على يده كما أخبر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، وأقبلوا على المدائن.
فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلَاً»(2)، ليبعثكم اللّه يوم القيامة مع إمامكم الضبّ الّذي بايعتم، لكأنّي أنظر إليكم يوم القيامة وهو يسوقكم إلى النار.
ثم قال : لئن كان مع رسول اللّه منافقون فإنّ معي منافقين، أما واللّه يا شبث ويابن حريث لتقاتلان ابني الحسين، هكذا أخبرني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).(3)
ص: 274
{30}
[295] وكان رجوع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الكوفة في شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة.
روى ابن اعثم کيفيّة دخوله الكوفة : قال : قدم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من سفره ، واستقبله الناس يهنّؤنه بظفره بالخوارج، ودخل إلى المسجد الأعظم، فصلّى فيه ركعتين، ثمّ صعد المنبر فخطب خطبة حسناً، ثمّ التفت إلى ابنه الحسين فقال : «يا أبا عبداللّه كم بقي من شهرنا هذا؟ يعني شهر رمضان الّذي هم فيه. فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سبع عشرة يا أمير المؤمنين».
قال : فضرب بيده إلى لحيته، وهي يومئذ بيضاء وقال : واللّه ليخضبنها بالدم إذ انبعث أشقاها ، قال : ثمّ جعل يقول :
أُريد حياته ويريد قتلي**خليلي من عذيري من مراد(1)
{31}
[296] أتى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له: عمرو، فقال : يا أميرَ المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرسّ في أيّ عصر كانوا؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث اللّه عزّوجلّ إليهم رسولاً أم لا؟ وبماذا هلكوا؟ فإنّي أجد في كتاب اللّه تعالى ذكرهم ولا أجد غیرَهم.
ص: 275
فقال له عليّ : لقد سألتَني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك، ولا يحدّثك به أحد بعدي إلّا عنّي، وما في كتاب اللّه عزّوجلّ آية إلّا وأنا أعرفها وأعرف تفسيرها، وفي أّي مكان نزلت من سهل أو جبل؟ وفي أيّ وقت من ليل أو نهار ؟ وأنّ هاهنا لعلماً جمّاً. وأشار إلي صده - ولكن طُلّابه يسير ، وعن قليل يندمون لو فقدوني.
كان من قصّتهم يا أخا تميم : أنّهم كانوا قوماً يعبدون شجرة صنوبرة يقال الها: شاه درخت، کان یافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها : دوشاب ، كانت أنبطت لنوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد الطوفان، وإنّما سموا أصحاب الرسّ لأنّهم رسوا بينهم في الأرض، وذلك بعد سلیمان بن داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطيء نهر يقال لها: رسّ من بلاد المشرق، وبهم سمّي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ، ولا أعذب منه، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها تسمّى إحداهنّ آبان، والثانية آذر، والثالثة دي، والرابعة بهمن، والخامسة اسفندار، والسادسة فروردین، والسابعة اردیبهشت، والثامنة خرداد، والتاسعة مرداد، والعاشرة تير ، والحادية عشر مهر ، والثانية عشر شهریور.
وكانت أعظم مدائنهم اسفندار، وهي الّتي ينزلها ملكهم، وكان يسمّى ترکوذبن غابور ابن یارش بن سازن بن نمرود بن کنعان، فرعون إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبها العين والصنوبرة، وقد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة ، فنبتت الحبّة، وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار، فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوهم، ويقولون : هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها، ويشربونهم وأنعامهم من نهر الرسّ الّذي عليه
قراهم.
ص: 276
وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيد يجمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة الّتي بها كلّة من يريد فيها من أنواع الصور، ثمّ يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة، ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطح دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خرّوا للشجرة سجّداً ويبكون ويتضرّعون إليها أن ترضى عنهم، فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي، ويقول: قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساً وقرّوا عيناً، فيرفعون رؤوسهم عند ذلك، ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم، ثمّ ينصرفون.
وإنّما سمّيت العجم شهورها بآبانماه و آذر ماه و غيرهما، اشتقاقاً من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا، وعید شهر كذا ، حتّى إذا كان عيد شهر قريتهم العظمی، اجتمع إليه صغيرهم، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقاً من دیباج عليه من أنواع الصور، له اثناعشر باباً ، كلّ باب لأهل قرية منهم، ويسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ويقربون له الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة الّتي في قراهم، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكاً شديداً، ويتكلّم من جوفها كلاماً جهورياً ويعدهم ويمنّيهم بأكثر مما وعدتهم ومنهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلّمون من الشرب والعزف، فيكونون على ذلك اثنی عشر يوماً ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ، ثمّ ينصرفون.
فلمّا طال كفرهم باللّه عزّوجلّ وعبادتهم غيره، بعث اللّه عزّوجلّ إليهم نبيّاً من بني إسرائيل من ولد يهود ابن يعقوب، فلبث فيهم زمانا طويلاً، يدعوهم
ص: 277
إلى عبادة اللّه عزّوجلّ ومعرفة ربوبيته، فلا يتبعونه، فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغيّ والضلال، وتركهم قبول مادعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عید قريتهم العظمى، قال : ياربّ إنّ عبادك أبوا إلّا تكذيبي والكفر بك، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضرّ، فأيبس شجرهم أجمع، وأرهم قدرتك وسلطانك، فأصبح القوم وقد يبس شجرهم، فهالهم ذلك و قطع بهم، وصاروا فرقتين، فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الّذي يزعم أنّه رسول ربّ السماء والأرض إليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه.
وفرقة قالت: لا، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه.
فأجمع رأيهم على قتله ، فاتّخذوا أنابيب طوالاً من رصاص واسعة الأفواه ، ثمّ أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأُخرى مثل البرابخ ونزحوا ما فيها من الماء، ثمّ حفروا في قرارها بئراً ضيقة المدخل عميقة، وأرسلوا فيها نبيّهم وألقموا فاهه صخرة عظيمة، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء ، وقالوا: نرجوا الآن أن ترضى عنه آلهتنا ! إذ رأت إنا قد قتلنا من كان يقع فيها، ويصدّ عن عبادتها، ودفتاه تحت كبيرها يتشفّى منه، فيعود لنا نورها ونضارتها کماکان.
فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيّهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، وهو يقول : سيّدي قد ترى ضيق مكاني وشدّة كربي فارحم ضعف ركني وقلّة حيلتي، وعجّل بقبض روحي، ولا تؤخّر إجابة دعوتي، حتّى مات (عَلَيهِ السَّلَامُ).
فقال اللّه عزّوجلّ لجبرائیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا جبرائيل أُنظر عبادي هؤلاء الّذي غرّهم
ص: 278
حلمي وأمنوا مكري، وعبدوا غيري وقتلوا رسولي، أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني، كيف ؟! وأنا المنتقم ممّن عصاني ولم يخش عقابي، وإنّي حلفت بعزّتي لأجعلتنّهم عبرة ونکالاً للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلّا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيّروا فيها وذعروا منها وانضمّ بعضهم إلى بعض، ثمّ صارت الأرض من تحتهم كحجر کبریت يتوقّد وأظلّتهم سحابة سوداء، فألقت عليهم كالقبة جمراً تلتهب، فذابت أبدانهم في النار كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ باللّه تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.(1)
{32}
[297] لمّا توجّه أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل الربذة، فلمّا ارتحل منها لقيه عبداللّه بن خليفة الطائي(2) وقد نزل بمنزل يقال له قديد(3) فقرّبه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له عبداللّه : الحمد للّه الّذي ردّ الحقّ إلى
ص: 279
أهله، ووضعه في موضعه، کره ذلك قوم أو سرّوا به، فقد واللّه كرهوا محمّداً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونابذوه وقاتلوه، فردّ اللّه كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، وواللّه لنجاهدن معك في كلّ موطن حفظاً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فرحّب به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأجلسه إلى جنبه - وكان له حبيباً ووليّاً - وأخذ يسائله عن الناس إلى أن سأله عن أبي موسى الأشعري، فقال : واللّه ما أنا أثق به ، ولا آمن عليك خلافه إن وجد مساعداً على ذلك.
فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه ما كان عندي مؤتمن ولا ناصح، ولقد كان الّذين تقدّموني استولوا على مودّته، وولّوه وسلّطوه بالإمرة على الناس(1)، ولقد أردت عزله فسألني الأشتر فيه أن أقرّه فأقررته على كره منّي له، وتحمّلت على صرفه من بعد.
قال : فهو مع عبداللّه في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طيّ. فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أُنظروا ما هذا [السواد]؟ فذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت، فقيل : هذه طيّ قد جاءتك تسوق الغنم والإبل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوّك.
فقال أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جزى اللّه طيّاً خيراً، «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا».(2)
فلما انتهوا إليه سلّموا عليه، قال عبداللّه بن خليفة : فسرّني واللّه ما رأيت من جماعتهم وحسن هيأتهم، وتكلّموا فأقرّوا، واللّه [ما رأيت] بعيني خطيباً أبلغ
ص: 280
من خطيبهم، وقام عديّ بن حاتم الطائي فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال : أما بعد فإنّي كنت أسلمت على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، وأديّت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردّة من بعده(1)، أردت بذلك ما عند اللّه، وعلى اللّه ثواب من أحسن واتّقي، وقد بلغنا أنّ رجالاً من أهل مكّة نكثوا بيعتك ، وخالفوا عليك ظالمين، فأتيناك لننصرك بالحقّ، فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت ، ثمّ أنشأ يقول :
ونحن نصرنا اللّه من قبل ذا کم***وأنت بحقّ جئتنا فستنصر
سنكفيك دون الناس طرّاً بأسرنا***وأنت به من سائر الناس أجدر
فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جزاكم اللّه من حيّ عن الإسلام وأهله خيراً، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدّين، ونويتم نصر المسلمين، وقام سعيد بن عبيد البحتري، من بني بحتر فقال : يا أمير المؤمنين إنّ من الناس من يقدر أن يعبّر بلسانه عمّا في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبيّن من يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلّف ذلك شقّ عليه، وإن سكت عمّا في قلبه برّح به الهمّ والبرم، وإنّي واللّه ما كلّ ما في نفسي أقدر أن أُؤديّه إليك بلساني، ولكن واللّه لأجهدنّ على أن أُبيّن لك ، واللّه وليّ التوفيق. أما أنا فإنّي ناصح لك في السرّ والعلانية، ومقاتل معك الأعداء في كلّ موطن، وأرى لك من الحقّ مالم أكن أراه لمن كان قبلك ، ولا لأحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الإسلام و قرابتك من لرسول، ولن أُفارقك أبداً حتّى تظفر أو أموت بين يديك.
ص: 281
فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يرحمك اللّه، فقد أدّى لسانك ما يجنّ ضميرك النا، ونسأل اللّه أن يرزقك العافية، ويثيبك الجنّة، وتكلّم نفر منهم، فما حفظت غیر کلام هذين الرجلين ، ثمّ ارتحل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتبعه منهم ستمائة رجل حتّى نزل ذا قار، فنزلها في ألف وثلاثمائة رجل.(1)
{33}
[298] ولمّا جاءت الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة خرج أمير المؤمنين في صبيحتها إلى المسجد، وضربه أشقى الأوّلين والآخرين في محراب عبادته ، فإذا ارتجّت الأرض وماجت البحار والسماوات.
قال الراوي: فاصطفقت أبواب الجامع، وضجّت الملائكة في السماء بالدعاء، وهبّت ريح عاصف سوداء مظلمة، ونادى جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين السماء والأرض بصوت يسمعه كلّ مستيقظ : «تهدّمت واللّه أركان الهدى، وانطمست واللّه نجوم السماء وأعلام التقى، وانفصمت واللّه العروة الوثقى، قتل ابن عمّ محمّد المصطفى، قتل الوصي المجتبی، قتل علي المرتضی، قتل واللّه سیّد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.
قال : فلمّا سمعت أُمّ كلثوم نعي جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلطمت على وجهها وخدّها وشقّت جيبها وصاحت: وا أبتاه ! واعليّاه! وامحمّداه! واسیّداه! ثمّ أقبلت إلى
ص: 282
أخويها الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فأيقظتهما وقالت لهما: لقد قتل أبوكما، فقاما یبکیان، فقال لها الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أُختاه كفّي عن البكاء حتّى نعرف صحّة الخبر کیلا تشمت الأعداء، فخرجا فإذا الناس ينوحون وينادون: واإماماه ! واأمير المؤمنيناه! قتل واللّه إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم، كان أشبه الناس برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، فلمّا سمع الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) صرخات الناس ناديا: واأبتاه ! واعليّاه! ليت الموت أعدمنا الحياة!
فلمّا وصلا الجامع ودخلاو جدا جعدة بن هبيرة ومعه جماعة من الناس ، وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلّي بالناس، فلم يطق على النهوض وتأخّره عن الصف، وتقدّم الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فصلّى بالناس وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصلّي إيماء من جلوس، وهو يمسح الدم عن وجهه وکريمته الشريف ، يميل تارة ويسكن أّخرى.(1)
{34}
[299] إنّ أمير المؤمنين قال : أُوصيكما وصيّة فلا تظهرا على أمري أحداً، فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحاً وأن يكفّناه فيما يجدان، فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح، وإذا وجدا السرير يشال مقدّمه یشیلان مؤخّره، وأن يصلّي الحسن مرّة والحسين مرّة صلاة إمام، ففعلا کمارسّم، فوجدا اللوح وعليه مکتوب : «بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ماذخره نوح النبي صلّى اللّه عليه لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) » وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعاً فيه حنوط قد
ص: 283
أضاء نوره النهار.
وروي أنه قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقت الغسل :
أما ترى إلى خفّة أمير المؤمنین.
فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا عبد اللّه إنّ معنا قوماً يعينونا.(1)
{35}
[300] روى المجلسي عن ابن الحنفيّة قال : واللّه لقد نظرت إلى السرير وإنه ليمرّ بالحيطان والنخل فتنحني له خشوعاً، ومضى مستقيماً إلى النجف إلى موضع قبره الآن.
قال : وضجّت الكوفة بالبكاء والنحيب ، و خرجن النساء يتبعنه لاطمات حاسرات، فمنعهم الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونهاهم عن البكاء والعويل، وردّهنّ إلى أماكنهنّ والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم، «إنّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ»(2) يا أباه واانقطاع ظهراه، من أجلك تعلّمتُ البكاء إلى اللّه المشتكى.(3) (4)
ص: 284
{36}
[301] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فلمّا قضينا صلاة العشاء الآخرة، إذاً قد شيل مقدّم السرير، ولم يزل نتّبعه إلى أن وردنا إلى الغريّ، فأتينا إلى قبر على ماوصف أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن نسمع خفق أجنحة كثيرة وضجّة وجلبة ، فوضعنا السرير وصلّينا على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما وصف لنا، ونزلنا قبره فأضجعناه في لحده، ونضّدنا عليه اللبن.(1)
{37}
[302] ثمّ إنه لمّا رجع أولاد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه إلى الكوفة واجتمعوا لقتل اللعين عدوّ اللّه ابن ملجم، فقال عبداللّه بن جعفر : اقطعوا يديه ورجليه ولسانه، واقتلوه بعد ذلك.
وقال ابن الحنفيّة رضي اللّه عنه : اجعلوه غرضاً للنشّاب، وأحرقوه بالنار ، وقال آخر : اصلبوه حيّاً حتّى يموت.
فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا ممتثل فيه ما أمرني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أضربه ضربة بالسيف حتّى يموت فيها، وأُحرقه بالنار بعد ذلك.
قال : فامر الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يأتوه به، فجاؤا به مكتوفاً حتّى أدخلوه إلى الموضع الّذي ضرب فيه الإمام علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والناس يلعنونه ويوبّخونه ،
ص: 285
وهو ساكت لا يتكلّم.
فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عدوّ اللّه قتلت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإمام المسلمين وأعظمت الفساد في الدين.
فقال لهما : يا حسن ويا حسين عليكما السلام ما تريدان تصنعان بي؟
قالا له: نريد قتلك كما قتلت سیّدنا و مولانا.
فقال لهما: اصنعا ما شئتما أن تصنعا، ولا تعنّفا من استزلّه الشيطان فصدّه عن السبيل، ولقد زجرت نفسي فلم تنزجر! ونهيتها فلم تنته ! فدعها تذوق وبال أمرها ولها عذاب شديد، ثمّ بکی.
فقال له: يا ويلك ما هذه الرقّة؟ أين كانت حين وضعت قدمك وركبت خطيئتك؟
فقال ابن ملجم لعنه اللّه : «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ»(1)، ولقد انقضى التوبيخ والمعايرة، وإنّما قتلت أباك وحصلت بين يديك، فاصنع ما شئت وخذ بحقّك منّي كيف شئت، ثمّ برك على ركبتيه وقال : يابن رسول اللّه الحمد للّه الّذي أجرى قتلي على يديك.
فرّق له الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنّ قلبه كان رحيماً، فقام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخذ السيف بيده وجرّده من غمده فهزّ به حتّى لاح الموت في حدّه ثمّ ضربه ضربة أدار بها عنقه، فاشتدّ زحام الناس عليه، وعلت أصواتهم، فلم يتمكّن من فتح باعه فارتفع السيف إلى باعه فأبرأه فانقلب عدو اللّه على قفاه يحور في دمه.
فقام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أخيه وقال : يا أخي أليس الأب واحداً والأُمّ واحدة
ص: 286
ولي نصيب في هذه الضربة ولي في قتله حقّ؟ فدعني أضربه ضربة أشفي بها بعض ما أجده.
فناوله الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) السيف فأخذه وهزّه وضربه على الضربة الّتي ضربه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فبلغ إلى طرف أنفه، وقطع جانبه الآخر، وابتدره الناس بعد ذلك بأسيافهم، فقطعوه إرباً إرباً، وعجّل اللّه بروحه إلى النار وبئس القرار.
ثم جمعوا جثّته وأخرجوه من المسجد، وجمعوا له حطباً وأحرقوه بالنار، وقيل : طرحوه في حفرة وطمّوه بالتراب، وهو يعوی کعوي الكلاب في حفرته إلى يوم القيامة.
وأقبلوا إلى قطام الملعونة الفاسقة الفاجرة فقطعوها بالسيف إرباً إرباً ، ونهبوا دارها، ثمّ أخذوها وأخرجوها إلى ظاهر الكوفة وأحرقوها بالنار، وعجّل اللّه بروحها إلى النار وغضب الجبّار.
وأمّا الرجلان اللذان تحالفا معه فأحدهما قتله معاوية بن أبي سفيان بالشام، والآخر قتله عمرو بن العاص بمصر لا رضي اللّه عنهما.
وأمّا الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم بالجامع يساعدانه على قتل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقتلا من ليلتهما، لعنهما اللّه وحشرهما محشر المنافقين الظالمين في جهنّم خالدين مع السالفين. (1)
ص: 287
ص: 288
ص: 289
{1}
[303] عن أبي جعفر ، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي صلوات اللّه عليهم قال : دخلتُ أنا وأخي على جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأجلسني على فخذه وأجلس أخي الحسن على فخذه الآخر ثمّ قبّلنا وقال : بأبي أنتما من إمامین سبطين اختار كما اللّه منّي ومن أبيكما و من أُمّكما واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمّة، تاسعهم قائمهم، وكلّهم في الفضل والمنزلة سواء عند اللّه تعالی.(1)
{2}
[304] عن الصادق عن آبائه عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلت مع الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) على جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صورة دحية الكلبي، وكان دحية إذا قدم من الشام على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حمل لي ولاخي خرنوباً ونبقاً وتيناً، فشبّهناه بدحية بن خليفة الكلبي، وإنّ دحية كان يجعلنا نفتّش کُمّه.
ص: 290
فقال جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : یا رسول اللّه ما يريدان؟
قال : إنّهما شبّهاك بدحية بن خليفة الكلبي، وإنّ دحية كان يحمل لهما إذا قدم من الشام نبقاً وتيناً وخرنوباً.
قال : فمدّ جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يده إلى الفردوس الأعلى، فأخذ منه نبقاً و خرنوباً وسفرجلاً ورمّاناً فملأنا به حجرنا.
قال : فخرجنا مستبشرين، فلقينا أبونا أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنظر إلى ثمرة لم ير مثلها في الدنيا، فأخذ من هذا، ومن هذا واحداً واحداً، ودخل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو يأكل فقال : یا أبا الحسن كلّ وادفع إليّ أوفر نصیب، فإنّ جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتی به آنفاً.(1)
{3}
[305] عن الحسن البصري وأُمّ سلمة : أنّ الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) دخلا على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبين يديه جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، فجعلا يدوران حوله يشبّهانه بدحية الكلبي ، فجعل جبرئيل يوميء بيده كالمتناول شيئاً فإذا في يده تفّاحة وسفرجلة ورمّانة ، فناولهما وتهلّلت وجوههما وسعيا إلى جدّهما، فأخذها فشمّها ثمّ قال : صيرا إلى أُمّكما بما معكما وبدؤ كما بابیکما أعجب، فصارا كما أمرهما، فلم يأكلوا حتّى صار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إليهم فأكلوا جميعاً، فلم يزل كلّما أكل منه عاد إلى ما كان حتّى قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فلم يلحقه التغيير والنقصان أیّام فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بنت
ص: 291
رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى توفيت ، فلمّا توفيت فقدنا الرمّان وبقي التفّاح والسفر جل أيّام أبي، فلمّا استشهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فُقِد السفرجل وبقي التفّاح على هيئته للحسن حتّى مات في سمّه، وبقيت التفّاحة إلى الوقت الّذي حوصرتُ عن الماء، فكنتُ أشمّها إذا عطشتُ فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ علي العطش عضضتها وأيقنت بالفناء.
قال علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعتُ أبي يقول ذلك قبل قتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وُجِدَ ريحها في مصرعه ، فالتُمِسَتْ فلم يُرَ لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، ولقد زرتُ قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شیعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر فإنّه يجده إذا كان مخلصاً.(1)
{4}
[306] وروي عن جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنهما) دخل يوماً على الحسن (رضي اللّه عنه)، فلمّا نظر إليه بکی.
فقال : ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟
قال : أبكي لما يصنع بك.
فقال له الحسن (رضي اللّه عنه) : إنّ الّذي يؤتي إليّ سمّ يدسّ إلي فأقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبداللّه یزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنهم من أُمّة جدّنا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وينتحلون الإسلام فيجتمعون على قتل وسفك دمائك
ص: 292
وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك و نسائك وانتهاب ثقلك ، فعندها يحلّ ببني أُميّة اللعنة وتمطر السماء رماداً ودماً ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار.(1)
{5}
[307] عن عمیر بن إسحاق قال : كنّا عند الحسن فدخل المخدع ثمّ خرج فقال : لقد سُقيتُ السمّ مراراً ماسُقيتُه مثل هذه المرّة ولقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود فقال له الحسين : أي أخ من سقاك؟
قال : وما تريد إليه أتريد أن تقتله؟
قال : نعم.
قال : لئن كان الّذي أظن فاللّه أشدّ نقمة وإن كان غيره فلا أُريد أن يقتل بريء.(2)
عن عمیر بن إسحاق، قال : دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي فقام فدخل المخرج ثمّ خرج فقال : لقد لفظت طائفة من كبدي أُقلّبها بهذا العود، ولقد سقيت السمّ مراراً وما سقيته مرّة هي أشدّ من هذه.
قال : وجعل يقول لذلك الرجل : سلني قبل أن لا تسألني.
قال : ما أسألك شيئاً [حتى] يعافيك اللّه.
قال : فخرجنا من عنده ثمّ عدت إليه من غد وقد أخذ في السوق فجاء حسين حتّى قعد عند رأسه فقال : أي أخي من صاحبك؟
ص: 293
قال : تريد قتله؟
قال : نع
قال : لئن كان صاحبي الّذي أظنّ [فا] للّه أشدّ له نقمة وإن لم يكنه فما أحبّ أن يقتل بي بريئاً.(1)
{6}
[308] لمّا حضرت الحسن بن عليّ الوفاة كأنه جزع عند الموت فقال له الحسين كأنّه يعزّیه : يا أخي ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلى عليّ وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أُمّاك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عمّاك.
فقال له الحسن : أي أخي إنّي أدخل في أمر من أمر اللّه لم أدخل في مثله ، وأرى خلقاً من خلق اللّه لم أر مثله قطّ.
قال : فبكى الحسين.(2)
ص: 294
{7}
[309] فلمّا دفن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالبقيع عند قبر جدّته فاطمة بنت أسد، قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عند قبر أخيه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رحمك اللّه أبا محمّد إن كنتَ التباصر الحقّ مظانّه، وتؤثر اللّه عند تداحض الباطل في مواطن التقيّة بحُسن الرويّة، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتقبض عليها يداً طاهرة الأطراف نقيّة الأُسرة، وتردع بادرة غُرَب أعدائك بأيسر المؤنة عليك، ولا غرو وأنت ابن سلالة النبوّة ورضيع لبان الحكمة، فإلى روح وريحان وجنّة نعيم، أعظم اللّه لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الأسى عنه.(1)
{8}
[310] ولمّا توفّي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أدخله قبره الحسين ومحمّد بن الحنفية وعبيد اللّه بن عبّاس ، ثمّ وقف على قبره وقد اغرورقت عيناه فقال : رحمة اللّه عليك أبا محمّد، فلئن عزّت حياتُك لقد هدّت وفاتك، ولنعم الروح روح تضمّنه بدنك، ولنعم الجسد جسد تضمّنه کفنك، ولنعم الكفن کفن تضمّنه لحدك. وكيف لاتكون كذلك وأنت حليف التقى، وجدّك النبيّ المصطفى، وأبوك على المرتضى، وأُمّك فاطمة الزهراء، وعمّك جعفر الطيّار في جنّة المأوى ، غذتك أكفّ الحقّ، وربّيت في حجر الإسلام، ورضعت ثدي الإيمان، فطبت
ص: 295
حيّاً وميّتاً، فلئن كانت الأنفس غير طيّبة بفراقك، فإنّها غير شاكّة أنّه قد خیر لك، وأنّك وأخاك سيّدا شباب أهل الجنّة، فعليك السلام.(1)
ص: 296
ص: 297
{1}
[311] عن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ، أنّه قال : للمهديّ (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) خمسُ علامات : السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكيّة.(1)
{2}
[312] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ قُدّام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) علامات تكون من اللّه للمؤمنين وهي قول اللّه : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ» يعني المؤمنين قبل خروج القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) «بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ»من ملوك بني العبّاس في آخر سلطانهم.
«وَالْجُوعِ» ، لغلاء أسعارهم.
«وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ ، فساد التجارات، وقلّة الفضل.
ونقص من «الْأَنْفُسِ»، موت ذريع.
و نقص من «الثَّمَرَاتِ» ، قلّة زكاء ما يزرع.
«وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ سورة البقرة - الآية 155.»(2) عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).(3)
{3}
[313] عن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : إذا رأيتم علامةً في
ص: 298
السماء نار عظيمة من قِبَل المشرق تطلُع ليالي، فعندَها فرجُ الناس، وهي قدّام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وفي رواية أُخرى : إذا رأيتم من السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها إقدام المهدي(عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
{4}
[314] عن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يكون الأمر الّذي ينتظرون - يعني ظهورَ المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - حتّى يتبرّأ بعضكم من بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضکم بعضاً.
فقلت : ما في ذلك الزمان من خير؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الخيرُ كله في ذلك الزمان، يخرج المهديّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فيرفع ذلك كلّه.(2)
{5}
[315] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : تواصلوا وتبارّوا، فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليأتينّ عليکم وقت لا يجد أحدكم لدیناره ولا ندر همه موضعاً.
ص: 299
يعني لا يجد عند ظهور المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) موضعاً يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعاً بفضل اللّه تعالى، وفضل وليّه المهديّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
{6}
[316] وعن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه سُئل : هل ولد المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟
قال: لا، ولو أدركتُه لخدمتُه أيّام حياتي.(2)
{7}
[317] عن عبداللّه بن عمر قال : سمعت الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل اللّه عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي، فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، كذلك سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول.(3)
ص: 300
{8}
[318] عن بشر بن غالب الأسدي قال : قال لي الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : یا بشر ما بقاء قريش إذا قدّم القائم المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبراً ثمّ قدم خمسمائة فضرب أعناقهم [صبراً ] ثمّ قدّم خمسمائة فضرب أعناقهم صبراً.
قال : فقلت [ له] : أصلحك اللّه أيبلغون ذلك؟ فقال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : إنّ مولى القوم منهم، قال : فقال [لي] : بشير بن غالب أخو بشر بن غالب : أشهد أنّ الحسين بن علي عدّ علىّ ستّ عدّات.(1)
{9}
[319] عن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : لو قام المهديّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنكره الناس، لانّه يرجع إليهم شابّاً موفّقاً، وإنّ من أعظم البليّة أن يخرُج إليهم صاحبُهم شابّاً، وهم يحسبونه شیخاً كبيراً.(2)
ص: 301
{10}
[320] عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : إذا خرج المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يكن بينه وبين العرب و قريش إلّا السيف، وما يستعجلون بخروج المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ! واللّه ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلّا الشعير، وما هو إلّا السيف ، والموتُ تحت ظلّ السيف.(1)
{11}
[321] عن عيسى الخشاب قال : قلت للحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنت صاحب هذا الأمر؟ قال : لا ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد الموتور بأبيه ، المکنّی بعمّه، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر.(2)
{12}
[322] التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل.
ص: 302
قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له: يا أمير المؤمنين وإنّ ذلك لكائن؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إي والّذي بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة واصطفاه على جميع البريّة ولكن بعد غيبة وحيرة فلا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين الّذين أخذ اللّه عزّوجلّ میثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه.(1)
{13}
[323] عن محمّد بن علي بن موسى، عن أبيه عليّ بن موسی بن جعفر ، عن أبيه موسی بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي(عَلَيهِم السَّلَامُ) عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : - وساق الكلام إلى أن قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) -:
وإنّ اللّه تبارك وتعالى رب في صُلْب الحسن(2) نطفة مباركة زكيّة طيّبة طاهرةً مطهرةً، يرضى بها كلّ مؤمن ممن أخذ اللّه عزّوجلّ میثاقه في الولاية ، ويكفر بها كلّ جاحد، فهو إمام تقي نقي بارّ مرضيّ هاد مهديّ، يحكم بالعدل ويأمر به، يصدّق اللّه عزّوجلّ ويصدّقه اللّه في قوله، يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل والعلامات وله بالطالقان كنوز لاذهب ولا فضّة إلّا خيول مطهّمة ورجال
ص: 303
مسوّمة يجمع اللّه عزّوجلّ له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وكلامهم و کناهم کرّارون مجدّون في طاعته.
فقال له أُبيّ: وما دلائله وعلاماته یا رسول اللّه؟
قال : له عَلَم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العَلَم من نفسه وأنطقه اللّه تبارك وتعالى فناده العَلَم أخرج يا وليّ اللّه فاقتل أعداء اللّه، وله رایتان و علامتان وله سيف مغمد، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غِمده ، وأنطقه اللّه عزّوجلّ فناده السيف : أُخرج ياوليّ اللّه فلا يحلُّ لك أن تقعد عن أعداء اللّه فيخرج ويقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم ويقيم حدود اللّه ويحكم بحكم اللّه، يخرج وجبرائيل عن يمينه و میکائیل عن يساره وشعيب وصالح على مقدّمه، فسوف تذكرون ما أقول لكم وأُفوّض أمري إلى اللّه عزّ وجلّ ولو بعد حين.
يا أُبيّ طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه، وطوبى لمن قال به، نجیهم اللّه من الهلكة بالإقرار به وبرسول اللّه وبجميع الأئمّة يفتح لهم الجنّة، مثلهم في الأرض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الّذي لا يُطفأ نوره أبداً.
قال أُبيّ : يا رسول اللّه كيف حال هؤلاء الأئمّة عن اللّه عزّوجلّ؟
قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى أنزل عليّ اثني عشر خاتماً واثنتي عشرة ص حيفة اسم كلّ إمام على خاتمه وصفته في صحيفته ، صلى اللّه عليه وعليهم أجمعين.(1)
ص: 304
{14}
[324] عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث : إنّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يظهر اللّه قائمنا فينتقم من الظالمين.
فقيل له : يابن رسول اللّه من قائمكم؟
قال : السابع من ولد ابني محمّد بن علي، وهو الحجّة بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسی بن جعفر بن محمّد بن علي ابني (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وهو الّذي يغيب مدّة طويلة ثمّ يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.(1)
{15}
[325] في التاسع من ولدي سنّة من يوسف، وسنّة من موسی بن عمران (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهو قائمنا أهل البيت، يصلح اللّه تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة.(2)
ص: 305
{16}
[326] عن عبداللّه بن شريك، عن رجل من همدان قال : سمعت الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول : قائم هذه الأُمّة هو التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة وهو الّذي يقسم میراثه وهو حيّ.(1)
{17}
[327] ورد عن أبي عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)أنه قال : لصاحب هذا الأمر - يعني المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - غیبتان، إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم مات وبعضهم ذهب، ولا يطلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.(2)
ص: 306
ص: 307
{1}
[328] عن عمران بن میثم، عن حبابة الوالبيّة قال : دخلت عليها فقالت : من أنت؟ قلت : ابن أخيك میثم، فقالت :
أخي واللّه لأحدثنّك بحديث سمعته من مولاك الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إنّي سمعته يقول : والّذي جعل أحمس خیر بجيلة وعبد القيس خير ربيعة وهمدان خير اليمن إنّكم خيرُ الفرق، ثمّ قال : ما على ملّة إبراهيم إلّا نحن وشیعتنا وسائر الناس منها براء.(1)
{2}
[329] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أنا وهذا يعني عليّاً يوم القيامة كهاتين، وضمّ بين اصبعيه ، وشيعتنا معنا، ومن أعان مظلومنا كذلك.(2)
ص: 308
{3}
[330] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لمّا أُدخلت الجنّة رأيت فيها شجرةً تحمل الحُلّي والحُلَل، أسفلها خيلٌ بلق وأوسطُها حور عين، وفي أعلاها الرضوان.
قلت : يا جبرئیل ! لمن هذه الشجرة؟
قال : هذه لابن عمّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، فإذا أمر اللّه بدخول الجنّة يؤتى بشيعة عليّ حتّى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة، فيلبسون الحليّ والحلل، ويركبون الخيل البلق، وينادي مناد: هؤلاء شيعة عليّ، صبروا في الدنيا على الأذى، فحبّوا في هذا اليوم بهذا.(1)
{4}
[331] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : والّذي نفسي بيده، لاتفارق روح جسد صاحبها حتّى يأكل من ثمر الجنّة، أو من شجر الزقّوم، وحتى يرى ملك الموت، ويراني، ويرى عليّاً، وفاطمة والحسن، والحسين، فإن كان يحبُّنا،
ص: 309
قلت : يا ملك الموت! ارفق به، فإنه كان يحبُّني وأهلَ بيتي، وإن كان يبغضني ويبغض أهل بيتي، قلت : يا ملك الموت ! شدّد عليه، فإنّه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي، لا يحبُّنا إلّا مؤمن، ولا يبغضنا إلّا منافق شقي. (1)
{5}
[323] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا عليّ إن اللّه عزّوجلّ قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك فأبشر فإنّك الأنزع البطين : المنزوع من الشرك البطين من العلم.(2)
ص: 310
{6}
[333] عن الحسين بن علي، عن أُمّه فاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قالت : خرج علينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عشيّة عرفة فقال : إنّ اللّه تعالى باهي بكم الملائكة، فغفر لكم عامّة وغفر لعليّ خاصّة، وإنّي رسول اللّه إليكم غير هائب لقومي ولا محابّ القرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّاً في حياتي وبعد موتي.(1)
{7}
[334] عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : يا عليّ إنّ شیعیتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على مابهم من العيوب والذنوب وجوههم كالقمر في ليلة البدر، وقد فرجت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، وأُعطوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك
ص: 311
نعالهم تتلألأ نوراً، على نوق بيض لها أجنحة قد ذلّلت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير، لكرامتهم على اللّه عزّوجلّ.(1)
{8}
[335] عن عمران بن میثم قال : سمعت الحسين بن علي (صلوات اللّه عليه) يقول : ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن و شیعتنا وسائر الناس منها براء.(2)
ص: 312
{9}
[336] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أتاني جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ربّي عزّوجلّ وهو يقول : ربّي يُقرئك السلام ويقول لك: يا محمّد بشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنّة، فإن لهم عندي جزاءُ الحسنى وسيُدخلون الجنّة.(1)
ص: 313
ص: 314
ص: 315
{1}
[337] إبدأ بمَن تَعُول، أُمّك وأباك وأُختَك وأخاك. ثمّ أدناك فأدناك.(1)
{2}
[338] روي عن الحسين بن علي : إتّخذوا عند الفقراء الأياديَ، فإنّ لهم دولةً، إذا كان يومُ القيامة ينادي منادٍ : سيروا إلى الفقراء، فيعتذروا إليهم كما يَعْتَذِرُ أحدكم إلى أخيه الذنبَ في الدنيا.(2)
{3}
[339] عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إتّقوا هذه الأهواء الّتي جماعها الضلالة
ص: 316
وميعادها النار.(1)
{4}
[340] ومن بديع كلامه: أجودُ الناسِ مَن أعطى مَن لا يَرجوه، وأعفى الناس مَن عَفى عمّن قَدَره، وأوصلُ الناس مَن وَصَلَ مَن قَطَعه.(2)
{5}
[341] قال رجل للحسين(عَلَيهِ السَّلَامُ) : بنیتُ داراً أُحبّ أن تدخلها وتدعو اللّه ، فدخلها فنظر إليها، فقال : أخرَبْتَ دارَك، وعَمَّرْتَ دارَ غيرِك، غَرَّكَ من في الأرض، ومَقَتَكَ مَن في السماء.(3)
{6}
[342] الإخوان أربعة: فأخٌ لك وله وأخٌ لك، وأخ عليك، وأخٌ لالك
ص: 317
ولا له. : فسئل عن معنى ذلك؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأخُ الّذي هو لك وله فهو الأخُ الّذي يَطلُب بإخائه بقاء الإخاء، ولا يطلب بإخائه موتَ الإخاء، فهذا لك وله، لاته إذا تَمَّ الإخاءُ طَلَبَتْ حياتُهُما جميعاً، وإذا دخل الإخاءُ في حال التناقض بطل جميعاً.
والاخُ الّذي هو لك : فهو الأخُ الّذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة، فلم يطمع في الدنيا إذا رغِب في الإخاء، فهذا موفّرٌ عليك بكلّيَّته.
والاخُ الّذي هو عليك : فهو الأخُ الّذي يتربَّصُ بك الدوائر، ويُغْشى السرائر، و يكذب عليك بين العشائر ، وينظرُ في وجهِك نظر الحاسد، فعليه لعنة الواحد.
والأخ الّذي لالك ولا له فهو الّذي قد ملأه اللّه حُمقاً فأبعده سُحقاً، فتراه يؤثر نفسَه عليك، ويطلُبُ شُحّاً مالديك.(1)
{7}
[343] سئل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حال صغره عن أصوات الحيوانات ؛ لأنّ من شرط الإمام أن يكون عالماً بجميع اللغات حتّى أصوات الحيوانات.
فعلی ماروی محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال :
ص: 318
إذا صاح النسر فإنّه يقول : يابن آدم عِش ما شئتَ فأخره الموت.
وإذا صاح البازي يقول : يا عالمَ الخفيّات يا كاشف البليّات.
وإذا صاح الطاووس يقول: مولاي ظلمتُ نفسي واغتَرَرْتُ بزينَتي فاغفِر لي.
وإذا صاح الديك يقول: مَن عرف اللّه لم ينسَ ذكره.
وإذا قرقرت الدجاجة تقول: يا إله الحقّ أنت الحقّ وقولُك الحقّ يا اللّه یا حقّ.
وإذا صاح الباشق(1) يقول : آمنتُ باللّه واليوم الآخر.
وإذا صاحت الحدأة(2) تقول: توكّلْ على اللّه تُرزَق.
وإذا صاح العقاب يقول: من أطاع اللّه لم يَشُقّ.
وإذا صاح الشاهين يقول : سبحان اللّه حقّاً حقّاً.
وإذا صاحت البومة تقول: البُعدُ مِن الناس أُنس.
وإذا صاح الغراب يقول: يارازق ابعث بالرزق الحلال.
وإذا صاح الكركي(3) يقول : اللّهمّ احفَظني من عدوّي.
وإذا صاح اللقلق يقول : مَن تخلّى من الناس نجی من أذاهم.
وإذا صاحت البطّة تقول : غفرانك يا اللّه غفرانك.
وإذا صاح الهدهد يقول: ما أشقى مَن عصى اللّه!
ص: 319
وإذا صاح القُمري(1) يقول : يا عالم السرّ والنجوی یا اللّه.
وإذا صاح الدبْسي(2) يقول : أنت اللّه لا إله سواك يا اللّه.
وإذا صاح العقعق(3) يقول : سبحان من لا يخفى عليه خافية.
وإذا صاح الحمل(4) يقول : كفى بالموت واعظاً.
وإذا صاح الجَدْي(5) يقول : عاجلني الموتُ فقلّ ذنبي.
وإذا زار الأسد يقول : أمرُ اللّه مهمّ مهمّ.
وإذا صاح الثور يقول : مهلاً مهلاً يابن آدم ! أنت بين يدَيْ مَن يَرى ولا يُرى وهو اللّه.
وإذا صاح الفيل يقول : لايُغني عن الموت قوّة ولا حيلة.
وإذا صاح الفهد يقول : يا عزيزُ يا جبارِ يا متكبِّر يا اللّه.
وإذا صاح الجمل يقول : سبحان مذلُّ الجبّارين سبحانه.
وإذا صهل الفرس يقول : سبحان ربُّنا سبحانَه.
وإذا صاح الذئب يقول : ما حفظ اللّه فلن يُضيع أبداً.
وإذا صاح ابن آوى يقول : الويل الويل الويل للمُذنب المصرّ.
وإذا صاح الكلب يقول : كفى بالمعاصي ذلّا.
ص: 320
وإذا صاح الأرنب يقول : لاتُهلِكني يا اللّه ، لك الحمد.
وإذا صاح الثعلبُ يقول : الدُنيا داُر غرور.
وإذا صاح الغزال يقول : نَجِّني من الأذى.
وإذا صاح الايِّل(1) يقول : حسبي اللّه ونِعْم الوكيل حسبي.
وإذا صاح النمر يقول : سبحان من تعزّز بالقدرة سبحانه.
وإذا صاحت الحيّة تقول : ما أشقى مَن عصاك يارحمن.
وإذا صاح الببغاء يقول : من ذكر ربّه غُفِر ذنبُه.
وإذا صاح العصفور يقول : إستغفِر اللّه ممّا يُسخِطُ اللّه.
وإذا صاح البلبل يقول : لا إله إلّا اللّه حقّاً حقّاً.
وإذا صاحت القبجة(2) تقول: قَرُب الحقّ، قَرُب.
وإذا صاحت السُماناة(3) تقول : يابن آدم ما أغفلك عن الموت.
وإذا صاح السُنوذُنيق(4) يقول : لا إله إلّا اللّه محمّد [رسول اللّه] وآلُه خِيَرَةُ اللّه.
وإذا صاحت الفاختة تقول : يا واحدُ یا أحدُ يا فردُ یا صمد.
وإذا صاح الشِقِّراق(5) يقول : مولاي أعتِقني من النار.
ص: 321
وإذا صاحت القُنْبَرة(1) تقول: مولاي تُب على كلّ مُذنب من المؤمنين.
وإذا صاح الورشان(2) يقول : إن لم تغفر ذنبي شَقَيْتُ.
وإذا صاح الشِفّنين(3) يقول : لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.
وإذا صاحت النُعامة تقول: لا معبودَ سوى اللّه.
وإذا صاحت الخُطّافة(4) فإنّها تقرأ سورة الحمد وتقول : يا قابلَ توبةٍ التوّابين، یا اللّه لك الحمد.
وإذا صاحت الزرّافة تقول: لا إله إلّا اللّه وحده.
وإذا صاحت العقرب تقول : الشرّ شيء وحش.
ثم قال : ما خَلَقَ اللّهُ مِن شيء إلّا وله تسبيحٌ يحمد به ربّه، ثمّ تلا هذه الآية : «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»(5).(6)
ص: 322
روی ابن شهر آشوب عن تفسير الثعلبي قال : قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) :
إذا صاح النسر قال : ابن آدم عش ما شئت، آخرُه الموت.
وإذا صاح الغراب قال : إنّ في البُعد من الناس أُنس.
وإذا صاح القُنبَر قال : اللّهمّ العن مُبغضي آل محمّد.
وإذا صاح الخطّاف قرأ: الحمد للّه ربّ العالمين، ويمدّ الضالّین كما يمُدُّها القاري.(1)
{8}
[344] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا طرقکم سائل ذکر بالليل فلا تردّوه.(2)
{9}
[345] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للشامي الّذي سأله عن المسائل في جامع الكوفة : أربعة لايشبعن من أربعة : أرض من مطر، وأُنثى من ذكر، وعين من
ص: 323
نظر، وعالم من علم.(1)
{10}
[346] استتمام المعروف أفضل من ابتدائه.(2)
{11}
[347] علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمّد، عن أبيه علي ، عن أبيه الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن علي قال : أشدّ الأعمال ثلاثة : إعطاء الحقّ من نفسك، وذكر اللّه على كلّ حال، ومواساة الأخ في المال.(3)
ص: 324
{12}
[348] قيل للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف أصبحت یابن رسول اللّه؟
قال : أصبحت كثير الذنوب قبيح العيوب، فلا أدري أيّهما أشكر، أقبيح مایستر أم عظيم ما يغفر ؟(1)
{13}
[349] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إصبر على مائکره فيما يُلزِمُك الحقّ، واصبر عمّا تُحِبّ فيما يدعو إليه الهوى.(2)
ص: 325
{16}
[352] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : سمعت جدّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول لي: إعمل بفرائض اللّه تكن أتقى الناس، وارض بقسم اللّه تكن أغنى الناس ، وكفّ عن محارم اللّه تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً ، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلماً.(1)
{17}
[353] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لرجل : إعمل عمل من يظنّ أنه يموت غداً.(2)
{18}
[354] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أفضل الأعمال إلي عند اللّه تعالى إيمان
ص: 327
لا شكّ فيه، وغزو لاغَلول فيه، وحجّ مَبرورٌ، وأوّلُ مَن يدخل الجنّة شهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربّه، ونصح لسيّده، ورجل عنيف مُتعفّف ذو عبادة ، وأوّلُ مَن يدخل النار إمام مُسَلّط لم يعدِل، وذو ثروة من المال لم يَقْضِ حقّه ، وفقيرٌ فخور.(1)
{19}
[355] السيّد نعمة اللّه الجزائري رفعه إلى أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : صحّ عند قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه، فإنّي رأيت غلاماً يؤاكل كلباً، فقلت له في ذلك، فقال : يابن رسول اللّه إنّي مغموم أطلب سروراً بسروره، لأنّ صاحبي يهوديّ أُريد أُفارقه ، فأتى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى صاحبه بمائتي دينار ثمناً له، فقال اليهودي : الغلام فداء لخطاك وهذا البستان له ورددتُ عليك المال.
قال : قبلت المال ووهبته للغلام.
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أعتقت الغلام ووهبته له جميعاً.
فقالت امرأة اليهودي : أسلمتُ ووهبتُ مهري لزوجي.
ص: 328
فقال اليهودي : أنا أيضاً أسلمتُ ووهبتُها هذه الدار.(1)
{20}
[356] روي أنّ الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) جاءه رجلٌ وقال : أنا رجل عاص ولا أصبر عن المعصية ، فعظني بموعظة فقال : إفعل خمسة أشياء واذنب ما شئت، فأوّل ذلك : لا تأكل رزقَ اللّه واذنب ما شئت، والثاني : أُخرج مِن ولاية اللّه واذنب ماشئت، والثالث : أُطلب موضعا لا يَراك اللّه واذنب ماشئت ، والرابع : إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك واذنب ما شئت ، والخامس : إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت !(2)
{21}
[357] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أكثروا من ذكر هادم اللذّات.
فقيل : یا رسول اللّه وما هادم اللذّات؟
قال : الموت، فإنّ أكيس المؤمنين أكثرهم للموت ذکراً وأحسنهم للموت
ص: 329
استعداداً.(1)
{22}
[358] قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكملكم إيماناً أحسنكم خلقاً.(2)
{23}
[359] صنعت امرأة من نساء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) طعاماً في بعض أرضه فطعم، ثم رفع الطعام فجاء مولى له فدعا بالطعام، فقال : يا أبا عبد اللّه لا أريده.
قال : لِمَ؟ قال : أكلنا قبيل عند عبيد اللّه بن عباس.
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ أباه كان سيّد قریش، إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : يا بني
ص: 330
عبدالمطّلب أطعموا الطعام و أطيبوا الكلام. (1)
{26}
[362] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه ليبغض المؤمن الضعيف الّذي لارفق له.(1)
{27}
[363] عن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ حوائج الناس إليكم من نِعم اللّه عليكم فلا تملّوا من تلك النعم فتعود عليكم نقماً.(2)
{28}
[364] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ قوماً عبدوا اللّهَ رغبةً فتلك عبادةُ التجّار، وإنّ قوماً عبدوا اللّه رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ قوماً عَبَدوا اللّهَ شُكراً فتلك عبادةُ
ص: 332
الأحرار، وهي أفضل العبادة.(1)
{29}
[365] عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن الحسين بن علي عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فصيّرها اللّه عزّوجلّ ثلاثين سنة ويقعطها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّرها ثلاث سنين ثمّ تلا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»(2).(3)
ص: 333
{30}
[366] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : إنّما سمواالأبرار لأنّهم برّوا الآباء والأبناء والإخوان.(1)
{31}
[367] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إنّ صلاح أوّل هذه الأُمّة بالزهد واليقين ، وهلاك آخرها بالشحّ والأمل.(2)
ص: 334
{32}
[368] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ العبد ليُنال بحُسن خلقه درجة الصائم القائم.(1)
{33}
[369] عن سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : مرّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بر جل يتكلّم بفضول الكلام فوقف عليه ثمّ قال :
إنّك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربّك فتكلّم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك.(2)
ص: 335
{34}
[370] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الّذي يسقط من المائدة مهور الحور العين فكلوه.(1)
{35}
[371] عن الحسين بن علي قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ من حسن إسلام المرء قلّة الكلام فيما لا يعنيه.(2)
{36}
[372] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : إنّ المؤمن اتّخذ للّه عصمته وقوله مرآته، فمرّة ينظر في نعت المؤمنين، وتارة ينظر في وصف المتجبّرين، فهو منه
ص: 336
في لطائف، ومن نفسه في تعارف ، ومن فطنته في يقين، ومن قُدسه على تمکین.(1)
{37}
[373] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ المؤمن يُعرف في السماء كما يَعرفُ الرجلَ أهلَه وولدَه وإنه أكرم على اللّه من مَلَكٍ مُقرّب.(2)
{38}
[374] عن موسی بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أهلك الناس اثنان : خوف الفقر، وطلب الفخر.(3)
ص: 337
{39}
[375] قال الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إيّاك أن تكونَ ممّن يَخافُ على العباد مِن ذنوبهم ويأمَنُ العقوبةَ مِن ذنبه ، فإنّ اللّه تبارك وتعالى لا يُخدَع عن جنّتِه ، ولا يِنال ما عنده إلّا بطاعته إن شاء اللّه.(1)
{47}
[383] عن موسی بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم جالس مع أصحابه يبعثهم للحرب إذ أتاه شیخ علیه شجة(1) السفر فقال : أين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ فقال : هو ذا فسلّم عليه ثمّ قال : يا أمير المؤمنين إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي وأنّي أظنّك ستغتال(2) فعلِّمني ما علَّمك اللّه.
قال : نعم يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همّه اشتدّت حسرته على فراقها، ومن كان عنده(3) شر يوميه فهو محروم، ومن لم يبال بما زوی من آخرته إذا سلمت له دنياه، فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوي.
ياشيخ: إرض للناس ماترضى لنفسك، وائت للناس ماتحبّ أن يؤتى إليك، ثمّ أقبل على أصحابه فقال : أيّها الناس أما ترون أن أهل الدنيا یمسون ويصبحون على أحوال شتّى فبين صريع يتلوّى، وبين عائد و معود(4) وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى(5)، وطالب الدنيا و الموت يطلبه، وغافل
ص: 341
وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. (1)
{50}
[386] ثلاث خصال من كنّ فيه استكمل خصال الإيمان : الّذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحقّ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له.(1)
{51}
[387] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ثلاثة أخافهنّ على أُمّتي من بعدي : الضلالة بعد المعرفة، ومُضلّات الفتن، وشهوة البطن والفرج.(2)
ص: 343
{52}
[388] عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجل إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : مالي يارسول اللّه لا أُحبّ الموت؟ فقال له : ألك مال ؟ قال : نعم. قال : فقدمته؟ قال: لا، قال: فمن ثمَّ لا تحبّ الموت، لأنّ قلب الرجل عند متاعه.(1)
{53}
[389] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الخُلق السيّىء يُفسِد العملَ كما يُفسِدُ الخلّ
ص: 344
العسل.(1)
{61}
[397] سبعة لعنهم اللّه وكلّ نبيّ مجاب، المغيّر لكتاب اللّه، والمكذّب بقدر اللّه، والمبدّل سنّة رسول اللّه، والمستحّل من عترتي ما حرّم اللّه عزّوجلّ، والمتسلّط في سلطانه ليعزّ من أذّل اللّه ويذّل من أعزّ اللّه، والمستحلّ لحرم اللّه، والمتكبّر عبادة اللّه عزّوجلّ. (1)
{62}
[398] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ستّة من المروءة : ثلاثة منها في الحَضَرة، وثلاثة منها في السفر : أمّا اللاتي في الحَضَر فتلاوة القرآن ، وعِمارة مساجده ، واتّخاذ الإخوان في اللّه تعالى.
وأمّا اللاتي في السفر : فبذل الزاد، وحُسن الخُلق، والمزاح في غير معاصي اللّه تعالى.(2)
ص: 348
{63}
[399] قال له رجل ابتداءاً : كيف أنت عافاك اللّه؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السلام قبل الكلام عافاك اللّه، ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تأذنوا لأحد حتّى يُسلّم.(1)
{64}
[400] محمّد بن محمّد بن الأشعث بسنده المتّصل إلى جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عليهم صلوات اللّه قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : الخَلْقُ عيالُ اللّه ، فأحبُّ الخلقِ إلى اللّه مَن نفع عيالَ اللّه وأدخلَ على أهل بیت سَروراً، والمشي مع أخ مسلم في حاجة أحبّ لي إلى اللّه من إعتکاف شهرين في المسجد الحرام.(2)
ص: 349
{71}
[407] عن جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)عن أبيه عن جدّه عن مولانا الحسين بن علي (صلوات اللّه عليه) قال: عاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) سلمان الفارسي فقال : يا أباعبداللّه كيف أصبحت من علّتك؟
فقال : يا أمير المؤمنن أحمد اللّه كثيراً وأشكو إليك كثرة الضجر.
قال : فلا تضجر يا أبا عبداللّه، فما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلّا بذنب قد سبق منه، وذلك الوجع تطهير له.
قال سلمان : فإن كان الأمر على ما ذكرت، وهو كما ذكرت، فليس لنا في شيء من ذلك أجر خلا التطهير.
قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا سلمان إنّ لكم الأجر بالصبر عليه، والتضرّع إلى اللّه عزّ اسمه، والدعاء له بهما یکتب لكم الحسنات ويرفع لكم الدرجات، وأمّا الوجع فهو خاصّة تطهير وكّفارة.
قال : فقبّل سلمان مابين عينيه وبكى، وقال : من كان يميّز لنا هذه الأشياء لولاك يا أمير المومنین ؟(1)
ص: 352
{74}
[410] قال رجل للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا رسول اللّه علّمني عملاً لا يحال بينه وبين الجنّة.
قال : لا تغضب ولا تسأل الناس شيئاً، وارض للناس ما ترضى.
فقال : يا رسول اللّه زدني.
قال : إذا صلّيت العصر فاستغفر اللّه سبعاً وسبعين مرّة، يحطّ عنك عمل سبع وسبعين سنة.
قال : مالي سبع وسبعون سنة؟
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اعملها لك ولأبيك.
قال : مالي ولأبي سبع وسبعون سنة؟
فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اجعلها لك ولأبيك ولأُمّك.
قال : يا رسول اللّه مالي ولأبي ولأُمّي سبع وسبعون سنة؟
قال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اجعلها لك و لأبيك ولأُمّك ولقرابتك.(1)
ص: 354
{75}
[411 ] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : القدرة تُذهِب الحفيظة، المرءُ أعلم بشأنه.(1)
{76}
[412] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قلب الشيخ قلب شابّ في طلب الدنيا ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلّا من امتحن اللّه قلبه للإيمان وقليل ماهم.
وبإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قلب الشيخ شابّ حبّب إليه اثنتان طول الحياة وحبّ المال.(2)
{77}
[413 ] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قلت لأمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) كيف أصبحت؟
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف يصبح من كان اللّه عليه حافظان وعلم أن خطاياه مکتوبات في الديوان إن لم يرحمه ربه فمرجعه إلى النيران.(3)
ص: 355
{78}
[414 ] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه رأى رجلاً دُعِيَ إلى طعام فقال للذي دعاه: أُعفُني.
فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قم فليس في الدعوة عفو، وإن کنت مفطراً فكل، وإن کنت صائماً فبارك.(1)
{79}
[415] قيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صف لنا الموت.
فقال : على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أُمور يرد عليه : إمّا بشارة بنعیم الأبد، وإمّا بشارة بعذاب الأبد، وإمّا تحزين وتهويل وأمره مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو، فأمّا ولّينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، وأمّا عدوّنا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، وأمّا المبهم أمره الّذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري مايؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهماً مخوفاً ثمّ لن يسوّيه اللّه عزّوجلّ بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا، لا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة اللّه عزّوجلّ، فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلّا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.(2)
ص: 356
{80}
[416] عن الحسين بن على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تأمن إلّا من قد خاف اللّه تعالى.(1)
{81}
[417 ] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا تزال أُمّتي بخير ما تحابّوا، وتهادوا، وأدّوا الأمانة، واجتنبوا الحرام، ووقّروا الضيف وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين.(2)
ص: 357
{82}
[418 ] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه، و[عن] شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت.(1)
{85}
[421] عن سيد الأنبياء محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطتهم بالليل ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة.(1)
{86}
[422] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا حسب إلّا بالتواضع، ولا كرم إلّا بالتقوى، ولاعمل إلّا بالنية. قال : وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : حسب المرء ماله، ومروّته عقله ، وحلمه شرفه، وكرمه تقواه.(2)
ص: 359
{87}
[423] لادین لمن دان بطاعة المخلوق ومعصية الخالق.(1)
{88}
[424] الجعفريات : أخبرنا عبداللّه(2) أخبرنا محمّد(3)، حدّثني موسی(4)، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لارقى إلّا في ثلاث : في حيّة أو في عين أو دم لا يرقا (5).(6)
ص: 360
{92}
[428] عن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن آبائه الطاهرين عن الحسين بن عليّ، عن أبيه علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنّه قال : لو رأى العبد أجلَه وسرعته إليه لأبغض العمل، وترك طلب الدنيا.(1)
{93}
[429] لو رأيتم المعروف، رجلاً لرأيتموه حسناً جمیلاً يسرُّ للناظرين ، ويفوق العالمين.(2)
{94}
[430 ] عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : لو علم العبد ماله في حُسْن الخلق العلم أنّه يحتاج أن يكون له خلق حَسَن، فإنّ حسن الخلق يُذيب الخطيئة كما يُذیب الماءُ المِلحَ.(3)
ص: 362
{95}
[431] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لولا ثلاثة ماوضع ابن آدم رأسه لشيء: الفقر، والمرض، والموت (1)
{96}
[432] عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنه قال : لو وجدت مؤمناً على فاحشة لسترته بثوبي، أو قال (2)(عَلَيهِ السَّلَامُ) : بثوبه هكذا.(3)
{97}
[433] ما أحسن ظواهرها وإنّما الدواهي في بطونها فاللّه اللّه عباد اللّه لاتشتغلوا بالدنيا فإنّ القبر بیت العمل فاعملوا ولا تغفلوا و أنشد :
یا من بدنياه اشتغل***وغرّه طول الأمل
الموت يأتي بغتة***و القبر صندوق العمل(4)
ص: 363
{98}
[434 ] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مالُك أن يكن لك كنتَ له منفقاً، فلا تُبقه بعدك فیکن ذخيرةً لغيرك، وتكون أنت المطالَبُ به المأخوذ بحسابه، واعلم أنّك لا تبقى له، ولا يبقى عليك، فكله قبل أن يأكلك.(1)
{99}
[435] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما كان وما يكون إلى يوم القيامة مؤمن إلّا وله جار يؤذيه.(2)
{100}
[436] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما من شيء أثقل في الميزان من حسن
ص: 364
الخلق. (1)
{101}
[437] عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه اعتلّ، فعاد عمرو بن حُرَیْث (2) فدخل عليه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: يا عمرو، تعود الحسين وفي النفس ما فيها؟ وإن ذلك ليس بمانعي من أن أُودّي إليك نصيحة، سمعتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : ما من عبد مسلم يعود مريضاً إلّا صلّی عليه سبعون ألف ملك من ساعته الّتي يعود فيها، إن كان نهاراً حتّى تغرب الشمس أو ليلاً حتّى تطلع.(3)
ص: 365
{102}
[438] مَن أُصيبَ بمصيبة، فذكر مصيبته ، فأحدثَ استرجاعاً، وإن تقادم عهدها، كتب اللّه له من الأجر مثله يوم أُصيب.(1)
{103}
[439 ] ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة، وفي حديث ابن حمدان : تصيبه مصيبة، وإن قدم عهدها فيحدث لها، وفي حديث ابن المقرىء له استرجاعاً إلّا أحدث اللّه له عند ذلك وأعطاه ثواب ما وعد.
وفي حديث ابن المقرىء وعده عليها، يوم أُصيب.(2)
ص: 366
{104}
[440] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَثَل المؤمن عند اللّه كمثل ملَك مقرّب ، وإنّ المؤمن عند اللّه عزّوجلّ أعظم من ملك مقرّب، وليس شيء أحبُّ إلى اللّه تعالى من مؤمن تائب، أو مؤمنة تائبة.(1)
{105}
[441] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : المجالس بالأمانة، ولا يحلّ لمؤمن أن يأثر عن مؤمن، أو قال عن أخيه المؤمن قبيحاً.(2)
ص: 367
{106}
[442 ] ومن كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قال له رجل: مَن أشرف الناس؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مَن اتّعظ قبل أن يوعَظ، واستيقظ قبل أن يوقظ. فقال : أشهد أنّ هذا هو السعيد.(1)
{109}
[445 ] عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : مِن أحسن الحسنات عيادة المريض.(1)
{110}
[446] من أدمن على المسجد أصاب الخصالَ الثمانية : آية محكمة، أو فريضة مستعملة، أو سنّة قائمة، أو علم مستطرف، أو أخ مستفاد، أو كلمة تدلّه على هدى، أو تردّه عن ردى، وترك الذنب خشية أو حياء.(2)
{111}
[447 ] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ الإسلام بدا غريباً وسيعود غريباً كمابدا فطوبى للغرباء، فقيل : ومَن هم یا رسول اللّه؟ قال : الّذين يصلحون إذا فسدَ
ص: 369
الناس، إنّه لا وحشة ولا غربة على مؤمن، وما من مؤمن يموت في غربة إلّا بكت الملائكة رحمًة له حيث قلّت بواكيه، وإلّا فُسح له في قبرِه بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه.(1)
{113}
[449 ] من قبل عطاءك، فقد أعانك على الكرم.(1)
{114}
[450 ] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : تسعة أعشار الرزق في التجارة والجزء الباقي في السابياء يعني الغنم. (2)
{119}
[451] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : وعظني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا محمّد أحبِب مَن شئت فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك مُلاقيه.(3)
ص: 371
{116}
[452 ] أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار قال : حدّثنا أبو محمّد عبداللّه بن محمّد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ (1) قال : [أخبرنا محمّد بن محمّد بن الأشعث قال : حدّثني موسى بن إسماعيل قال : ] حدّثني أبي ، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه، عن جدّه عليّ (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدّى زكاة ماله، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، وبذل معروفه، واستغفر الذنبه، وأدّى النصيحة لأهل بيتي فقد استكمل حقائق الإيمان، وأبواب الجنّة له مفتّحة.(2)
ص: 372
{117}
[453] عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : من استذلّ مؤمناً أو حقّره لفقره، وقلّة ذات يده شهره اللّه يوم القيامة ثمّ يفضحه.(1)
{119}
[455 ] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من أعان مؤمناً مسافراً في حاجة نفّس اللّه عنه ثلاثة وسبعین کربة واحدة في الدنيا من الهمّ والغمّ وثنتين وسبعین کربة عند كربته العظمى. قيل : یا رسول اللّه وما الكربة العظمى؟ قال : حيث يتشاغل الناس بأنفسهم حتّى أنّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أسألك بخلّتي لا تسلمني إليها.(1)
{120}
[456] من أُعطي أربع خصال في الدنيا فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة وفاز بحظّه منهما: ورع يعصمه عن محارم اللّه، وحسن خلق يعيش به في الناس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة.(2)
ص: 374
{123}
[459] من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.(1)
{124}
[460] قال عنده رجل : إنّ المعروف إذا أُسدي إلى غير أهله ضاع، فقال الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس كذلك، ولكن تكون الصينعةُ مثلَ وابل المطر تُصيبُ البرَّ والفاجر.(2)
{125}
[461] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من ردّ عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنّة البتّة.(3)
ص: 376
{126}
[462] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من رضي من اللّه بالقليل من الرزق، رضي اللّه منه بالقليل من العمل، وانتظار الفرج عبادة.(1)
{127}
[463] مَن زار أخاه في اللّه، باهي اللّه به ملائكته، حتّى إذا لقيَه ناداه ملكٌ من السماء : طبتَ وطاب مَمْشاك ، حتّى إذا حدّثه قال اللّه للملكين: أُكتُبا له عملَ سبعين نبيّاً، كلّهم مجتهدُ في طاعتي، قد أُهريق دمُه في سبيلي، حتّى إذا ضاحكه، قال اللّه للملائكة : أُشهِدكم عبادي أنّي أُضحِكُه يومَ تبيضّ وجوهً وتسودّ وجوهٌ، حتّى إذا أكلَه، قال عزّ وجلّ لخزّان جنّته وسكّانها من کرام ملائكته: أُشهِدكم عبادي وخَزنَتي مِن خلقي و ملائکتي، أنّي أُكرِمُه بالنظر إلى نوري وجلالي وكبريائي يوم القيامة ، وأُشهِدكم أنّي ممّن أُزكّيه و أُطهّره و أُثيبه و أُرْضيه و أُشفّعه.(2)
ص: 377
{128}
[464] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من زار أخاً له في اللّه تعالى أو عاد مريضاً نادى مناد من السماء : طيبوا طاب ممشاكم بثواب من الجنّة مبارك.(1)
{129}
[465 ] عن الرضا عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : مَن سَرّه أن يُنسَأ في أجلِه ويُزادَ في رزقِه فليَصِلْ رَحِمَه.(2)
ص: 378
{130}
[466] عن ابن مهران قال : كنتُ جالساً عند مولاي الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فأتاه رجل فقال : يابن رسول اللّه إنّ فلاناً له علىّ مال ويريد أن يحبسني.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه ما عندي مالٌ أقضي عنك.
قال : فكلّمه.
قال : فليس لي به أُنس، ولكنّي سمعتُ أبي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن سعى في حاجة أخيه المؤمن فكأنّما عبداللّه تسعة آلاف سنة ، صائماً نهاره قائماً ليله.(1)
{131}
[467] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن ضَمِنَ لي واحدةً ضمِنتُ له أربعةً، يصل رحمه فيحبُّه أهلُه، ويوسَّعُ عليه في رِزقه، ویُزادُ في أجله، ويُدخله اللّه في الجنّة الّتي وعده.(2)
ص: 379
{132}
[468] قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : مَن عَبَدَ اللّهَ حقّ عبادته آتاه اللّه فوق أمانيّه وكفايته.(1)
{133}
[469] من لم يكن لاحد عائباً لم یعدم مع كلّ عائب عاذراً.(2)
{134}
[470 ] قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : مَن نَفَّس کُربةَ مؤمن فرّج اللّه تُعالی عنه کُرَبَ الدنيا والآخرة.(3)
{135}
[471] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن وقّر ذا شيبة لشيبته، آمنه اللّه عزّوجلّ من
ص: 380
فزع يوم القيامة.(1)
{136}
[472] عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظنّ ومن كتم سرّه كانت الخيرة بيده وكل حديث جاوز اثنين فشا، وضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك منه ما يغلبك ولا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وعليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم فإنّهم عدّة عند الرخاء وجُنّة عند البلاء، وشاور في حديثك الّذين يخافون اللّه وأحبّ الإخوان على قدر التقوى، واتّقوا شرار النساء و كونوا من خيارهنّ على حذر، إن أمرتكم بالمعروف فخالفوهنّ كي لا يطمعن منكم في المنكر.(2)
ص: 381
{137}
[473] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : من يأمل أن يعيش غداً فإنّه يأمل أن يعيش أبداً، ومن يأمل أن يعيش أبداً، يقسو قلبه ويرغب في الدنيا ، ويزهد في الّذي وعده ربّه تبارك وتعالى.(1)
{138}
[474 ] سئل الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الأدب ؟ فقال : هو أن تخرج من بيتك ، فلا تلقي أحداً إلّا رأيتَ له الفضل عليك.(2)
{139}
[475 ] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يابن آدم تفكّر وقل أين ملوك الدنيا وأربابها؟ الّذين عمروا، واحتفروا أنهارها وغرسوا أشجارها، ومدنوا مدائنها، فارقوها وهم کارهون، وورثها قومٌ آخرون ونحن بهم عمّا قليل لاحقون! یابن آدم أُذكر مصرعَك، وفي قبرك مضجعك، وموقفك بين يدي اللّه تشهد
ص: 382
جوارحك عليك، يوم تزّل فيه الأقدام، وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيضّ وجوه وتسودّ وجوه، وتبدو السرائر، ويوضع الميزان القسط، يابن آدم أُذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلّوا، وكأنّك عن قليل قد حللتُ محلَّهم وصرت عبرةً للمعتبرِ، وأنشد شعراً:
أين الملوك الّتي عن حفظها غفلت***حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
تلك المدائن في الآفاق خالية*** عادت خراباً وذاق الموت بانيها
أموالُنا لذوي الورّاث نجمعها***ودورُنا الخراب الدهر نبنيها(1)
{140}
[476 ] روى عبداللّه بن عباس، قال لي الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : یابن عبّاس ! لا تتكلّمنّ بما لايُعنيك، فإنّني أخاف عليك الوزر، ولا تتكلّمنّ بما يُعنيك حتّى ترى له موضعاً، فرُبّ متكلّم قد تكلّم بحقّ فعيب، ولا تمارينّ حليماً ولا سفيها، فإنّ الحليم يُقليك، والسفيه يُرديك ، ولا تقولنّ خلف أحد إذا توارى عنك إلّا مثل ماتُحبّ أن يقول عنك إذا تواریتُ عنه، واعمل عمل عبد يعلم أنّه مأخوة بالإجرام مُجزي بالإحسان، والسلام.(2)
ص: 383
{141}
[477] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لرجل إغتاب عنده رجلاً: يا هذا كُفَّ عن الغيبة فإنّها إدام كلاب النار.(1)
{142}
[478 ] من كلام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لرجل : يا هذا لا تجهد في الرزق جهاد المغالب(2) ولا تتّكل على القدَر إتّکال مستسلم، فإنّ ابتغاء(3) الرزق من السُنّة، والإجمال في الطلب من العفّة، وليست العفّة بمانعةٍ رزقاً، ولا الحرص بجالب فضلاً، وإنّ الرزق مقسوم، والأجل محتوم، واستعمال الحرص طالب المأثم.(4)
ص: 384
{143}
[479] عن الصادق عن أبيه عن جدّه أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : يُنادي مناد يومَ القيامة مِن بُطنان العرش : ألا فليقم كلُّ مَن أجرُه عليّ، فلا يقوم إلّا مَن عفى عن أخيه، الحديث بطوله. (1)
{144}
[480] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَن أدى فريضة فله عند اللّه دعوةُ مستجابة ، فإنّ شاء عجّلها له في الدنيا، وإن شاء أخّرها له في الآخرة.(2)
ص: 385
{145}
[481] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ليس شيء أبغض على اللّه عزّ وجلّ من بط ملآن.(1)
{146}
[482] عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال في حديث : وأمّا يوم الجمعة، فهو يوم جمع اللّه فيه الأوّلين والآخرين يوم الحساب ، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة، إلّا خفّف اللّه عليه أهوال يوم القيامة بعد مايخطب الإمام، وهي ساعة يرحم اللّه فيها المؤمنين والمؤمنات.(2)
ص: 386
{147}
[483 ] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يومُ السبت يومُ مكرٍ وخديعة، ويومُ الأحَد يومُ غرس وبناء، ويومُ الإثنين يوم سَفَرٍ و طلب، ويومُ الثلاثاء يومُ حربٍ ودم ، ويومُ الأربعاء يومُ شؤم فيه يتطيّر الناس، ويومُ الخميس يومُ الدخول على الأُمراء وقضاء الحوائج، ويومُ الجمعة يومُ خِطبةٍ ونكاح.(1)
{148}
[484] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من لبس مشهوراً من الثياب أعرض اللّه عنه يوم القيامة.(2)
ص: 387
{149}
[485] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ اللّه عزّوجلّ کره لكم أشياء العبث في الصلاة والمنّ في الصدقة والرفث في الصيام والضحك عند القبور وإدخال الأعين في الدور بغير إذن والجلوس في المساجد وأنتم جُنُب.(1)
اليوم بكذا وكذا، وأعتق كذا وكذا، فقال : إنّما مثل عبداللّه بن عامر ، كمثل الّذي يسرق الحاج ثمّ يتصدق بما سرق، إنّما الصدقة الطيّبة صدقة من عرف فيها جبينه واغبرّ فيها وجهه.
قيل لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من عنى بذلك؟
قال : أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).(1)
{152}
[488] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ليس منّا من غشّ مسلماً أو ضرّه، أو ماکره.(2)
ص: 389
{153}
[489] و من كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لئن أُطعِم أخاً لي مسلماً أحبّ إليّ من أن أُعتق أُفقاً من الناس.
قيل : وكم الأُفق؟
قال : عشرة آلاف.(1)
{154}
[490 ] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : للسائل حقّ وإن جاء على فرس.(2)
{155}
[491] المرض لا أجر فيه، ولكنّه لا يدع على العبد ذنباً إلّا حطّه ، وإنّما الأجر في القول باللسان والعمل بالجوارح، وإنّ اللّه بكرمه وفضله يُدخِل
ص: 390
العبد بصدق النيّة والسريرة الصالحة الجنّة.(1)
{158}
[494 ] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : لمّا افتتح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و خیبر دعا بقوسه فاتّكأ على سِيَتِها(1) ثمّ حمد اللّه وأثنى عليه وذكر ما فتح اللّه له ونصره به، ونهى عن خصال تسعة : عن مهر البغي(2)، وعن كسب الدّابة يعني عسب الفحل، وعن خاتم الذهب، وعن ثمن الكلب، وعن مياثر الأرجوان.(3)
قال أبو عروبة : عن مباثر الحمر وعن لبوس ثياب القسّيّ وهي ثياب تنسج بالشام، وعن أكل لحوم السباع، وعن صرف الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة (4) بينهما فضل، وعن النظر في النجوم.(5)
ص: 392
{159}
[495] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهى أن يؤكل عند المريض شيء إذا عادَه العائد فيحبط اللّه بذلك أجرَ عیادته.(1)
{160}
[496] عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يحلّ لمسلم أن يروع مسلماً.(2)
{161}
[497] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا يزال أُمّتي بخير ما تحابّوا، وأدّوا الأمانة ، واجتَنَبوا الحرام، وقَرَوا الضيف وأقاموا الصلاة، وأدّوا الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك أُبتُلوا بالقحط والسنين.(3)
ص: 393
{162}
[498] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو مؤمن کَمُلت مرؤته، وظهرت عدالته، ووجبت أُخوّته، وحَرُمت غیبته.(1)
{163}
[499] روى المجلسي، عن أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في كتاب
ص: 394
السقيفة، عن عبدالرزّاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال : لمّا أُخرج أبوذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس : أن لا يكلّم أحد أباذر ولا يشيّعه، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فتحاماه الناس إلّا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعقيلاً أخاه و حسناً و حسيناً (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وعمّار بن یاسر، فإنّهم خرجوا معه يشيّعونه ، فجعل الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكلّم أباذر ، فقال له مروان : ایها یا حسن، ألا تعلم أنّ أمير المؤمنين قد نهى عن كلام ذلك الرجل، فإن كنتَ لا تعلم فاعلم ذلك، فحمل عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مروان فضرب بالسوط بين أُذني راحلته، وقال: «تنحّ لحاكَ اللّه إلى النار»، فرجع مروان مغضباً إلى عثمان فأخبره الخبر، فتلظّي على على (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، ووقف أبوذر فودّعه القوم ومعه ذكوان مولى أُمّ هانیء بنت أبي طالب، قال ذكوان : فحفظت کلام القوم، وكان حافظاً.
فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أباذر إنّك غضبت للّه، إنّ القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلا، ونفوك إلى الفلا، واللّه لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقاً ثمّ اتقي اللّه لجعل له منهما مخرجاً، یا أباذر لا يؤنسّك إلّا الحقّ، ولا يوحشنّك إلّا الباطل.
ثم قال لأصحابه : ودّعوا عمّكم. وقال العقيل : ودّع أخاك.
فتكلّم عقيل وقال :
ما عسى أن نقول يا أباذر، أنت تعلم أنّا نحبّك وأنت تحبّنا فاتّق اللّه ، فإنّ التقوى نجاة، واصبر فإنّ الصبر كرم، واعلم أنّ استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم تكلّم الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودّع أن يسكت ، وللمشيّع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتي القوم إليك ما ترى ، فضع عنك الدنيا بتذكّر فراقها، وشدّة ما اشتدّ منها برجاء ما بعدها، واصبر حتّى
ص: 395
تلقى نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو عنك راض.
ثم تكلّم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا عمّاه إن اللّه تعالی قادر أن يغيّر ما قد ترى، واللّه «كلّ يوم في شأن»(1) وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينَك، فما أغناك عمّا منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل اللّه الصبر والنصر، واستعِذ به من الجشع والجزع، فإنّ الصبر من الدين والكرم، وإنّ الجشع لايُقدّم رزقاً، والجزع لا يؤخّر أجلاً.
ثم تكلّم عمّار (رحمه اللّه) مغضبا فقال : لا أنس اللّه من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما واللّه لو أردت دنياهم آمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبّوك ، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلّا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، منحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخُسران المبين.
فبكى أبو ذر (رحمه اللّه) وكان شيخاً كبيراً، وقال : رحمكم اللّه يا أهل بیت الرحمة، إذا رأيتكم ذكرتُ بكم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ، مالي بالمدينة سكن ولا شجن غیر کم، إنّي ثقلت على عثمان بالحجاز، كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أُجاور أخاه وابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما، فسيّرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلّا اللّه، واللّه ما أُريد إلّا اللّه صاحباً، وما أخشى مع اللّه وحشة.(2)
ص: 396
{164}
[500] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قال اللّه تبارك وتعالى : يابن آدم لا يغرّنّك ذنبُ الناس عن ذنبك، ولا نعمة الناس عن نعمة اللّه عليك، ولاتُقَنِّط الناس من رحمة اللّه تعالى عليهم وأنت ترجوها لنفسك.(1)
{165}
[501] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من مرّ على المقابر وقرأ قل هو اللّه أحد إحدى عشر مرّة، ثمّ وهب أجره للأموات أُعطيَ من الأجر بعدد الأموات.(2)
ص: 397
{166}
[502] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : أيّما عبد من عبادي مؤمن ابتليته ببلاء على فراشه فلم يشتك إلى عوّاده أبدلته لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه، فإن قبضته فإلى رحمتي، وإن عافيته وليس له ذنب، فقيل : یا رسول اللّه لحم خيرٌ من لحمه؟ قال : لحم لم يذنب ، قيل : ودم خيرٌ من دمه؟ قال : لم يذنب.(1)
{167}
[503] عن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : حدّثوا الناس بما يعرفون، ولا تحدّثونهم بماينكرون فيكذّبون اللّه ورسوله.(2)
{168}
[504] قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ الناس يوشكون أن ينقطع بهم العمل، ويُسدّ عليهم باب التوبة ، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في
ص: 398
إيمانها خيراً.(1)
{169}
[505] ومن كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : موتٌ في عزّ خيرٌ من حياة في ذلّ.(2)
{170}
[506] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : تصافحوا فإنّ المصافحة تزيد في المودّة، والهديّة تذهب بالغِلّ.(3)
{171}
[507] قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من استفاد أخاً في اللّه زوّجه اللّه حوراً، فقالوا: يا رسول اللّه وإن واخا أحدنا في اليوم سبعين أخاً؟ قال : إي والّذي نفسي
ص: 399
بيده لو آخا ألفاً لزوّجه اللّه تعالى ألفاً.(1)
{172}
[508] عن علي بن موسى عن موسی بن جعفر عن جعفر بن محمّد عن محمّد بن علي عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : النظر إلى ثلاثة عبادة: في وجه الوالدين، وفي المُصحَف ، وفي البحر.(2)
{173}
[509] عن الحسين بن علي من قال: إن العزّ والغِني خرجا يجولان، فلقيا التوکّل فاستوطنا.(3)
ص: 400
{174}
[510] عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : لقي ملك رجلاً على باب دار کان ربُّها غائباً ، فقال له الملك : يا عبدَ اللّه ما جاء بك إلى هذه الدار ؟ فقال : أخٌ لي أردتُ زیارتَه. قال : الرحم ماسّةٌ بينك وبينك أم نزعتك إليه حاجة؟ قال : لا ولكنّي زُرتُه في اللّه ربّ العالمين. قال : فأبشر فإنّي رسولُ اللّه إليك، وهو يُقرئك السلامَ ويقول لك: إيّاي قصدتَ وماعندي أردتَ، فقد أوجبتُ لك الجنّة وعافيتُك من غضبي.(1)
{175}
[511] ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثين شاة إلّا نزل الملائكة تحرسهم حتى يصبحوا.(2)
ص: 401
{176}
[512] عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : إنّ أُمّة موسی افترقت بعده على إحدى وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية وسبعون في النار، وافترقت أُمّة عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعده على اثنتين وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية وإحدى وسبعون في النار، وإنّ أُمّتي ستفرق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية واثنتان وسبعون في النار.(1)
{177}
[513] عن الحسين بن علي عن أبيه عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : النساء عيّ وعورات فاستروا عيَّهنّ بالسكوت وعورتهنّ بالبيوت.(2)
ص: 402
{178}
[514] عن عبداللّه بن الحسن، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أُمّه فاطمة ابنة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : خیارکم ألينكم مناکب و أكرمهم لنسائهم.(1)
{179}
[515] قال الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : لولا التقيّة ما عُرِف وليّنا من عدوّنا، ولولا معرفة حقوق الإخوان ماعوقب من السيّئات على شيء إلّا عوقب على جميعها، لكن اللّه عزّوجلّ يقول: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ»(2).(3)
ص: 403
{180}
[516] قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ في الجنّة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل، ومن أسفلها خيل بلق مسرّجة ملجمة ذوات أجنحة ، لا تروث ولا تبول، فيركبها أولياء اللّه فتطير بهم في الجنّة حيث شاؤوا، فيقول الّذين أسفل منهم: يا ربّنا ما بلغ بعبادك هذه الكرامة؟ فيقول اللّه جلّ جلاله : إنّهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون، ويصومون النهار ولا يأكلون، ويجاهدون العدوّ ولا يجبنون، ويتصدقون ولا يبخلون.(1)
{181}
[517] إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان فيما أوصى به أن قال له: يا علي من حفظ من أُمّتي أربعين حديثاً يطلب بذلك وجه اللّه عزّوجلّ والدار الآخرة حشرهَ اللّه يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً.
فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا رسول اللّه أخبرني ما هذه الأحاديث ؟ فقال : أن تؤمن باللّه وحده لا شريك له، وتعبده ولا تعبد غيره، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخّرها، فإن في تأخيرها من غير علّة غضب اللّه عز وجل، وتؤدّي
ص: 404
الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحجّ البيت إذا كان لك مال و کنت مستطیعاً، وأن لاتعق والديك، ولاتأكل مال اليتيم ظلماً، ولا تأكل الربا، ولا تشرب الخمر ولا شيئاً من الأشربة المسكرة، ولا تزني ولا تلوط، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف باللّه كاذباً ولا تسرق، ولا تشهد شهادة الزور لأحد قريباً كان أو بعيداً ، وأن تقبل الحقّ ممن جاء به صغيراً كان أو كبيراً، وأن لا تركن إلى ظالم وإن كان حميماً قريباً، وأن لا تعمل بالهوى، ولا تقذف المحصنة، ولا ترائي فإن أيسر الرياء شرك باللّه عزّوجلّ، وأن لا تقول لقصير : يا قصير، ولا لطويل : یا طویل تريد بذلك عيبه، وأن لا تسخر من أحد من خلق اللّه، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشکر نعم اللّه الّتي أنعم بها عليك، وأن لا تأمن عقاب اللّه على ذنب تصيبه ، وأن لا تقنط من رحمة اللّه، وأن تتوب إلى اللّه عزّوجلّ من ذنوبك، فإنّ التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له، وأن لا تصرّ على الذنوب مع الإستغفار فتكون كالمستهزیء باللّه وآياته ورسله، وأن تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأنّ ما أخطأك لم يك ليصيبك، وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة، لأنّ الدنيا فانية والآخرة باقية، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه، وأن تكون(1) سريرتك كعلانيتك، وأن لا تكون علانيتك حسنة، وسريرتك قبيحة، فإن فعلت ذلك كنتَ من المنافقين، وأن لا تكذب ، وأن لا تخالط(2) الكذّابين، وأن لا تغضب إذا سمعت حقّاً، وأن تؤدّب نفسك وأهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة، وأن تعمل بما علمت، ولا تعاملنّ أحداً من خلق اللّه عزّوجلّ إلّا بالحق، وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد وأن
ص: 405
لا تكون جبّاراً عنيداً، وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت ومابعده من القيامة والجنّة والنار، وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه، وأن تستغنم البرّ والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات، وأن تنظر إلى كلّ ما لا ترضى فِعلَه لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين، ولا تملّ(1) من فعل الخير ، وأن لا تثقل على أحد، وأن لا تمّن على أحد إذا أنعمتَ عليه(2)، وأن تكون الدنيا عندك سِجناً حتّى يجعل اللّه لك جنّة فهذه أربعون حديثاً من استقام عليها وحفظها عنّي من أُمّتي دخل الجنّة برحمة اللّه وكان من أفضل الناس وأحبّهم إلى اللّه عزّوجلّ بعد النبيّين والوصيّين(3)، وحشره اللّه يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً.(4)
ص: 406
{182}
[518] عن موسی بن عمير ، عن أبيه قال : أمرني الحسين بن علي قال : ناد أن لا يقتل معي رجل عليه دَيْنُ ونادِ بها في الموالي فإنّي سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : من مات وعليه دَيْن أُخذ من حسناته يوم القيامة.
وقال : رواه أبو إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري موقوفاً غير مرفوع.
وقال : أخبرنا علي بن محمّد بن عبداللّه المعدل، حدّثنا عتمان بن أحمد الدقّاق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن النصر ، حدّثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسی بن عمير الأنصاري، عن أبيه قال : أمرني حسين بن علي فقال : ناد في الناس أن لا يقاتلن معي رجل عليه دَیْنٌ فإنّه ليس من رجل يموت وعليه دُيْنٌ لا يدع له وفاء إلّا دخل النار. فقام إليه رجل فقال : إن امرأتي تكفلت عنّي. فقال : وما كفالة امرأة وهل تقضي امرأة؟(1)
ص: 407
{183}
[519] قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صبراً بني الكرام، فما الموتُ إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضّر، إلى الجنان الواسعة، والنعم الدائمة، فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وهو لأعدائكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب أليم، إنّ أبي حدّثني بذلك عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم» ما كذِبتُ وما كُذّبت.(1)
{184}
[520] لما قضى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مناسکه من حجّة الوداع ركب راحلته و أنشأ يقول : لا يدخل الجنّة إلّا من كان مسلماً، فقام إليه أبو ذر الغفاري (رحمه اللّه ) فقال : يا رسول اللّه : وما الإسلام؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الإسلام عريان ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وملاكه الورع، وجماله الدين، وثمرته العمل، ولكلّ شيء أساس وأساس الإسلام حبّنا أهل البيت.(2)
ص: 408
{185}
[521] عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لمّا حضرت علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) الوفاة ضمّني إلى صدره ثمّ قال : يا بنيّ أُوصيك بما أوصاني به أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين حضرته الوفاة، وممّا ذكر أنّ أباه أوصاه به ، قال : يا بنيّ إيّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلّا اللّه.(1)
{186}
[522] حدّثني أبي علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سئل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن أكثر ما يدخل به الجنة؟
قال : تقوى اللّه وحسن الخلق.
وسئل عن أكثر ما يدخل به النار؟
ص: 409
قال : الأجوفان البطن والفرج.(1)
{187}
[523] مات ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلم یر به کابة فعوتب على ذلك.
فقال : إنا أهلُ بيتٍ نسأل اللّه عزّوجلّ فيعطينا، فإذا أراد ما نكره فيما يُحِبّ رَضينا.(2)
{188}
[524] جاء رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجةً فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أخا الأنصار صُن وجهَك عن بذلة المسألة وارفع حاجتك في رقعة، فإنّي آت فيها
ص: 410
ماسارّك إن شاء اللّه، فكتب : يا أبا عبد اللّه إنّ لفلان عليّ خمسمائة دينار وقد ألحّ بي فكلّمه ينظرني إلى ميسرة، فلمّا قرأ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الرُقعة دخل إلى منزله فأخرج صرّة فيها ألف دينار، وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) له : أمّا خمسمائة فاقض بها دينك، وأمّا خمسمائة فاستعن بها على دهرك، ولا ترفع حاجتك إلّا إلى أحد ثلاثة : إلى ذي دين، أو مروة، أو حسب ، فأمّا ذو الدين فيصون دينه ، وأمّا ذو المروّة فإنّه يستحيي لمروّته، وأمّا ذو الحسب فيعلم أنّك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجك، فهو يصون وجهك أن يردّك بغير قضاء حاجتك.(1)
{189}
[525] إنّ عليّاً قال : إنّ اللّه لم يجعل في رجس حرّمه شفاء.(2)
{190}
[526] عن أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، بإسناده عن الرضا، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : دعا رجل [أمير المؤمنین ]
ص: 411
عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال ، قال : وما هنّ يا أمير المؤمنين ؟ قال : أن لاتُدخِل عليّ شيئاً من خارج، ولا تدخّر عنّي شيئاً في البيت ولا تجحف بالعيال، قال : ذلك لك، فأجابه عليّ.(1)
{191}
[527] قال رجل للحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : يابن رسول اللّه أنا من شيعتكم.
قال : إتّق اللّهَ ولا تدّعينّ شيئاً يقول اللّه لك : كذبت وفجرت في دعواك ، إنّ شيعتَنا من سلمَت قلوبُهم من كلّ غشّ وغلّ ودغل، ولكن قل أنا مِن مواليكم ومحبّيكم.(2)
{192}
[528] عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): إنّ سائلاً كان يسأل يوماً ، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا، یابن رسول اللّه.
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول : أنا رسولُكم، إنْ أعطيتموني شيئاً أخذتُه وحملتُه إلى هناك، وإلّا أردُ إليه وكفّي صُفر.(3)
ص: 412
{193}
[529] سأل أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ) إبنه الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (عن أشياء) :... ثمّ أقبل صلوات اللّه عليه على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: يا بنيّ ما السؤدد؟
قال : إصطناع العشيرة واحتمال الجريرة.
قال : فما الغني؟
قال: قلّة أمانيك، والرضا بما يكفيك.
قال : فما الفقر؟
قال : الطمع وشدّة القنوط.
قال : فما اللؤم؟
قال : إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه.
قال : فما الخرق؟
قال : معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرّك ونفعك.
ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال : يا حارث علموا الحكم أولادكم فإنّها زيادة في العقل والحزم والرأي.(1)
ص: 413
{194}
[530] عن محمّد بن عليّ الرضا، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسی بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : دخلت أنا وفاطمة على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فوجدته يبكي بكاءاً شديداً.
فقلت : فداك أبي وأُمّي يارسول اللّه ما الّذي أبكاك ؟!
فقال : يا علي! ليلة أُسري بي إلى السماء رأيت نساء من أُمّتي في عذاب شدید، فأنكرت شأنهنّ، فبكيت لما رأيت من شدّة عذابهنّ، ورأيت امرأة معلّقة بشعرها يغلي دماغ رأسها.
ورأيت امرأة معلّقة بلسانها، والحميم يصبّ في خلفها.
ورأيت امرأة قد شدّ رجلاها إلى يديها وقد سلّط عليها الحيّات والعقارب.
ورأيت امرأة صمّاء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها منقطع من الجذام والبرص.
ورأيت امرأة معلّقة برجليها في تنور من النار.
ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخّرها بمقاريض من نار.
ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها.
ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار، وعليها ألف ألف لون من العذاب.
ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها، وتخرج من فيها ، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار.
ص: 414
فقالت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) : حبيبي وقرّة عيني أخبرني ما كان عملهنّ وسيرتهنّ حتّى وضع اللّه عليهنّ هذا العذاب ؟
فقال : يا بنتي أمّا المعلقة بشعرها فإنّها كانت لا تغطَي شعرها من الرجال. وأمّا المعلّقة بلسانها فإنّها كانت تؤذي زوجها.
وأمّا المعلّقة بثدييها فإنّها كانت تمتنع من فراش زوجها.
وأمّا المعلّقة برجلها فإنّها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها.
وأمّا الّتي كانت تأكل لحم جسدها فإنّها كانت تزيّن بدنها للناس.
وأمّا الّتي شدّ يداها إلى رجليها وسلّط عليها الحيبات والعقارب فإنّها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تنتظف وكانت تستهين بالصلاة.
وأمّا الصمّاء العمياء الخرساء فإنّها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها.
وأمّا الّتي كانت تقرض لحمها بالمقاريض، فإنّها كانت تعرض نفسها على الرجال.
وأمّا الّتي كانت تحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها، فإنّها كانت قوّادة.
وأمّا الّتي كان رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار، فإنّها كانت نمّامة كذّابة.
وأمّا الّتي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها و تخرج من فيها فإنّها كانت قينة(1) نوّاحة حاسدة.
ص: 415
ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ويل لامرأة أغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها.(1)
الحسين بن زید بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : حدّثني أبي قال : حدّثني عليّ بن موسى قال : حدّثني أبي موسى قال : حدّثني أخي إسماعيل، عن أبيه عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اللّه عزّوجلّ قال : من عادى أوليائي فقد بارزني بالمحاربة ، و من حارب أهل بيتي فقد حلّ عليه عذابي، ومن تولّى غيرهم فقد حلّ عليه غضبي، ومن أعزّ غيرهم فقد آذاني ومن آذاني فله النار.(1)
بیان : قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ومن أعزّ غیرهم، أي بما یوجب ذلّهم.
{197}
[533] دعوات الراوندي : عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : مرضت مرضاً شديداً، فقال لي أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تشتهي؟
فقلت : أشتهي أن أكون ممّن لا أقترح على اللّه ربّي ما يدبّره لي.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لي : أحسنت، ضاهيت إبراهيم الخليل صلوات اللّه عليه ، حيث قال جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل من حاجة؟ فقال : لا أقترح على ربي، بل حسبي اللّه ونعم الوكيل.(2)
ص: 417
{198}
[534 ] بینا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبّئهم للحرب إذ أتاه شیخ عليه شحبة السفر ، فقال : أين أمير المؤمنين؟ فقيل : هو ذا فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أُحصي، وإنّي أظنّك ستغتال، فعلّمني ممّا علّمك اللّه.
قال : نعم يا شيخ! مَن اعتدل يوماه فهو مغبون، ومَن كانت الدنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها، ومَن كان غده شرّ يومه فهو محروم، ومَن لم يبال بمارزیء مَن آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومَن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومَن كان في نقص فالموت خيرٌ له. يا شيخ! ارض للناس ما ترضى لنفسك، وائت إلى الناس ما تحبُّ أن يؤتى إليك.
ثم أقبل على أصحابه فقال : أيّها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يُمسون ويُصبحون على أحوال شتى : فبين صريع يتلوّى، وبين عائد و معود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجّی، وطالب الدنيا و الموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي.
فقال له زیدبن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين أيُّ سلطان أغلب وأقوى؟
قال : الهوى.
قال : فأيّ ذلّ أذلّ؟
قال : الحرص على الدنيا.
قال : فأيّ فقر أشدّ؟
قال : الكفر بعد الإيمان.
ص: 418
قال : فأيّ دعوة أضلّ؟
قال : الداعي بما لا يكون.
قال : فأيّ عمل أفضل؟
قال : التقوى.
قال : فأيّ عمل أنجح؟
قال : طلب ما عند اللّه عزّوجلّ.
قال : فأيّ صاحب لك شرّ؟
قال : المزيّن لك معصية اللّه عزّوجلّ.
قال : فأيّ الخلق أشقى؟
قال : مَن باع دينه بدنيا غيره.
قال : فأيّ الخلق أقوى؟
قال : الحليم.
قال : فأيّ الخلق أشحّ؟
قال : مَن أخذ المال من غير حلّه فجعله في غير حقّه.
قال : فأيّ الناس أكيس؟
قال : مَن أبصر رشده من غيّه فمال إلى رشده.
قال : فمن أحلم الناس؟
قال : الّذي لا يغضب.
قال : فأي الناس أثبت رأياً؟
قال : مَن لم يغرّه الناس من نفسه ومَن لم تغرّه الدنيا بتسوّفها.
قال : فأي الناس أحمق؟
ص: 419
قال : المغترُّ بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلّب أحوالها.
قال : فأي الناس أشدُّ حسرة؟
قال : الّذي حُرم الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
قال : فأيُّ الخَلق أعمى؟
قال : الّذي عمل لغير اللّه ، يطلب بعمله الثواب من عند اللّه عزّوجلّ.
قال : فأيُّ القنوع أفضل؟
قال : القانع بما أعطاه اللّه عزّوجلّ.
قال : فأيّ المصائب أشدّ؟
قال : المصيبة بالدين.
قال : فأيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه عزّوجلّ؟
قال : انتظار الفرج.
قال : فأيّ الناس خير عند اللّه؟
قال : أخوفهم للّه، وأعملهم بالتقوى، وأزهدهم في الدنيا.
قال : فأيّ الكلام أفضل عند اللّه عزّوجلّ؟
قال : كثرة ذكره والتضرّع إليه بالدعاء.
قال : فأيّ القول أصدق؟
قال : شهادة أن لا إله إلّا اللّه.
قال : فأيّ الأعمال أعظم عند اللّه عزّوجلّ؟
قال : التسليم والورع.
قال : فأيّ الناس أصدق؟
قال : مَن صدق في المواطن.
ص: 420
ثم أقبل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الشيخ فقال : يا شيخ إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقاً ضيّق الدنيا عليهم نظراً لهم، فزهّدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الّتي دعاهم إليها، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند اللّه عزّوجلّ من الكرامة ، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان اللّه، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا اللّه عزّوجلّ وهو عنهم راض، وعلموا أنّ الموت سبيل مَن مضى ومَن بقي، فتزّودوا لآخرتهم غير الذهب والفضّة، ولبسوا الخش، وصبروا على البلوى، وقدّموا الفضل، وأحبّوا في اللّه و أبغضوا في اللّه عزّوجلّ، أُولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام.
قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنّة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنین، جهّزني بقوّة أتقوّى بها على عدوّك. فأعطاه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سلاحاً وحمّله، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يضرب قدماً، و أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعجب ممّا يصنع. فلمّا اشتدّ الحرب أقدم فرسه حتّى قُتل (رحمة اللّه عليه) وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوجده صريعاً، ووجد دابّته ووجد سيفه في ذراعه، فلمّا انقضت الحرب أُتي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بدابّته وسلاحه وصلّى عليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ وقال : هذا واللّه السعيد حقّاً، فترحّموا على أخيكم.(1)
ص: 421
{199}
[535] من أتی مسجداً لا يأتيه إلّا اللّه تعالى فذاك ضيف اللّه تعالى حتّى يخرج منه.(1)
{200}
[536] دعاه عبداللّه بن الزبير وأصحابه فأكلوا؛ ولم يأكل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
ص: 422
فقيل له: ألا تأكل؟ قال : إني صائم ولكن تحفة الصائم، قيل : ما هي ؟ قال : الدهن والمحمر.(1)
{201}
[537] عن عليّ بن موسى الرضا قال : حدّثنا موسی بن جعفر قال : حدّثنا جعفر بن محمّد قال : حدّثنا محمّد بن علي قال : حدّثنا عليّ بن الحسين قال : حدّثنا الحسين بن عليّ (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن النوم على كم وجه هو؟
فقال : النوم على أربعة أوجه : الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) تنام على أقفيتهم مستلقين ، وأعينهم لا تنام متوقّعة لوحي اللّه عزّوجلّ.
والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، والملوك وأبناؤها تنام على شمائلها ليستمرئوا ما يأكلون وإبليس وإخوانه وكلّ مجنون وذو عاهة ينام على وجهه منبطحاً.(2)
ص: 423
{202}
[538] كان الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) جالساً فمرت عليه جنازة فقام الناس حين طلعت الجنازة فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مرّت جنازة يهودي، وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على طريقها جالساً فكره أن تعلو رأسه جنازة يهوديّ فقام لذلك.(1)
{203}
[539] بعض نسخ الرضوي: أبي، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : وسأل ابن عبّاس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أبا عبداللّه أخبرني عن الحصى الّذي يرمي منه الجمار، فإنّا لم نزل نرمیها مذ كذا وكذا، فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّه ليس من جمرة إلّا وتحته ملك وشيطان، فإذا رمى المؤمن التقمه الملك فرفعه إلى السماء، وإذا رمي الكافر قال له الشيطان : بإستك ما رمیت».(2)
ص: 424
{204}
[540] كان أبو عبداللّه الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إذا صام يتطيّب بالطيب ويقول : الطيب تحفة الصائم.(1)
ص: 425
ص: 426
ص: 427
ص: 428
البقرة (2)
(9) يُخَادِعُونَ اللّهَ...218
(29) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا...88
(30) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...82
(72 و 73) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا و...159
(97) قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ...68
(98) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ...68و69
(124) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ...117
(155) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ...298
(156) إنَّا لِلّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون...230و284و373
(274) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً...72
آل عمران (3)
(77) أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا...216
النساء (4)
(41) وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا...87
ص: 429
(43) أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ...96
(80) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ...238
(95) وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا...280
(116) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا...103
المائدة (5)
(32) مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...76
(67) أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...84
الأنعام (6)
(103) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَ...30
(165) بَعْضُكُمْ فَوقَ بَعْضٍ دَرَجَات...312
الأعراف (7)
(32) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ...92
(142) اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ...82
(143) لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ...30
(172) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ...259
الأنفال (8)
(70) وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ...97
التوبة (9)
(3) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ...82
يونس (10)
(58) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا...83
(99) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا...75
(100) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ...75
ص: 430
هود (11)
(41) بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ..120
(103) وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ...87
يوسف (12)
(64) فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ...185
الرعد ( 13 )
(29) طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ...8
(39) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ...105-333
إبراهيم (14)
(5) وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ...79
(34) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا...81و169
(36) فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي...212
(41) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقَوْمُ الْحِسَابُ...74
الحجر (15)
(95) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ...71
الإسراء ( 17 )
(44) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ...322
(60) وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي...72
(71) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ...67و108
الكهف (18)
(29) فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ...264
(50) بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلَاً...274
(82) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ...44
ص: 431
طه (20)
(7) يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى...86
(82) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ...83
(132) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا...91
الأنبياء (21)
(22) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا...169
(103) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ...104
الحج (22)
(19) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ...102
(41) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ...108
المؤمنون (23)
(65) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ...107
(79) فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ...107
النور (24)
(33) فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا...72
(63) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ...99
الفرقان (25)
(14) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا..266
الشعراء (26)
(193 - 195) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ...68
النمل (27)
(29 و 30) أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ* إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَ...22
ص: 432
لقمان (31)
(20) وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً...79
الأحزاب (33)
(33) إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ...84و90و91
(56) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ...53
سبا (34)
(29) مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ...240
یس(36)
(12) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ...100
(48) مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ...240
ص (38)
(26) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ...82
الزمر (39)
(56) يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ...270
(67) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ...120 و160
الشورى (42)
(7) فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ...67
(23) قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...66 و 74
(25) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو...66
(30) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ...403
الدخان (44)
(28) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ...272
ص: 433
الأحقاف (46)
(8) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ...66
الفتح (48)
(29) تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا...104
الحجرات (49)
(6) إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا...106
القمر (54)
(8) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ...46
الرحمن (55)
(56) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ...96
(60) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ...109
الحدید (57)
(19) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ...102
المجادلة ( 58 )
(19) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ...286
الحشر (59)
(20) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ...73
المنافقون ( 63 )
(8) وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ...37
المعارج (70)
(1 - 3) سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ...99
الجن (72)
(18) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا...101
ص: 434
المزمل (73)
(4) وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا...86
(6) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا...76
المدثّر (74)
(38 - 42) کُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا...110
(43 - 45) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * ولم نك...110
(46 و 47 ) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى...110
عبس (80)
(34 - 36 ) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ...92
الفجر (89)
(21) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا...109
الشمس (91)
(1) وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا...106
(2) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا...106
(3) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا...107
الضحى ( 93 )
(11) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ...67
القدر (97)
(1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ...111
الإخلاص (112)
(1 - 2) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * لَمْ يَلِدْ...77
ص: 435
ص: 436
تقريظ...6
العقل والعلم...7
قوى العقل...8
العاقل في الملمّات. الفقيه الكامل...9
اللّهمّ ارحم خلفائي...10
خصال خَمس. دنيا كلّها جهل...11
التحبّب إلى الناس. التودّد إلى الناس. العلم حياة...12
ممن تطلب العلم. علامات العقل...13
من علامات العقل. العلم حاکم على الملوك...14
علم الحروف. العلم خزائن...15
الأوصاف الجميلة...16
العلم ضالّة المؤمن. كلمتان غريبتان. كمال العقل...17
معنى العالم. تعقّل الموت...17
جمع الحلم والعلم. الإفتاء بغير العلم. الجلوس إلى أهل العقول...18
طالب العلم...19
الإلهيّات...21
فضل البسملة...22
أسماء اللّه سبحانه...23
حصن اللّه. لندخل حصن اللّه...24
حصن اللّه عزّوجلّ...25
الموحّد المخلص. قائل كلمة التوحيد...26
التوحيد نصف الدين. رجاء الموحدین...27
تقدير المقادير. حبّبي إلى خلقی...29
ص: 437
هل رأيت ربّك ؟...30
في صفات اللّه عزّ و جلّ...31
تنبيه النائمين...32
المشرك لا يحاسَب. الصفات الجلاليّة..33
عرض الأعمال. الإعتصام باللّه عزّوجلّ..34
الإتّكال لاختيار اللّه. من لم يرض بقضائي...35
أحبب في اللّه...36
جليس الذاکرین. الكبر للّه وحده...37
مكتوب على جناح الجرادة. التكليف بقدر الوسع...38
الخوف من اللّه. من خاف اللّه. الأعمال على ثلاثة...39
الإيمان قول مقول...40
حقيقة الإيمان...41
أربعة مخفيّة في أربعة...42
أما تنصفني؟. من صفات اللّه تعالى...43
صور من الآخرة...45
الإستدراج. المغفرة للمؤمن...49
الموحّد في الجنّة. فسخ العزائم...50
الإسم الأعظم...51
من صفات اللّه عزّ و جلّ...52
من صفات الباري تعالی...54
أركان الإيمان. في معرفة اللّه سبحانه...56
القرآن...59
عظمة القرآن...60
القرآن في البيوت. عرفاء أهل الجنّة...62
القرآن على أربع. أجر قراءة القرآن...63
ثواب بعض الآيات. ثواب قراءة الفاتحة...64
الكتب السماوية. أجر الرسالة...66
تفسير الإمام...66
حديث النعمة...67
ص: 438
ذمّ اليهود و النواصب...68 المستهزؤن...70
مکاتبة المملوك...71
بنو أُمّية في القرآن. الإنفاق على الخيل...72
أصحاب الجنّة والنار. تفسير القُربی...73
«ربّنا اغفر لي ولوالديّ». فرجت عنّي يا أبا الحسن...74
تفسير الناشئة. إنقاذ المؤمنين من النواصب...76
لا تجادلوا في القرآن...77
تفسير الصمد...78
النعم العشر...79
رابع الخلفاء...81
ولاية أمير المؤمنين(عَلَيهِ السَّلَامُ)...83
عصمة أهل البيت(عَلَيهِم السَّلَامُ)...84
تفسير. في ترتيل القرآن...85
تفسير طوبی. عرقين في قلب الإنسان...86
الشاهد و المشهود...87
حكمة خلق ما في الأرض. بين العبد و ربّه...88
تحريم زينة اللّه. أنت إلى خير...90
الصلاة يا أهل البيت. تفسير يوم يفرّ المرء...91
تفسير الأذان...92
لا تقولوا...96
أولوا الأرحام...97
عقاب منکر الولاية...98
قولي يا أبه...99
تفسير الإمام المبين...100
لو فسرتها لك. المساجد للّه. تفسير الشهداء....101
خصمان يوم القيامة...102
من مقامات الشيعة...103
الراكع الساجد. يمحو اللّه ما يشاء...104
ص: 439
الفاسق في القرآن...105
في تفسير سورة الضحى...106
تفسير «لا تجأروا» و «ما استكانوا»...107
هكذا يدعى الناس. هذه فينا أهل البيت...108
دكّ الأرض. جزاء الإحسان...109
المنكرون للولاية. سورة لعليّ وولده(عَلَيهِم السَّلَامُ)... 110
الدُعاء...113
دعاء يوم الأحزاب. دعاء دخول المسجد وخروجه...114
الصلاة على النبي و آله. عند خروجه من المدينة...115
دعاء لقضاء الدَين. اللّهمّ أغنني بالعلم...116
دعاء إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ). دعاء الفرج...117
اللّهمّ لا تدعني فرداً. دعاء النبي. دعاء النبي بعد الركوع...119
دعاء الأمان من الغرق...120
دعاء الإستعانة على الشيطان. الحسنين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)...121
أراك حزيناً ؟...122
دعاء اليقظة. دعاء بعد صلاة الغداة...123
من وصايا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...124
دعاء المشلول...125
كيف تدفع الوسوسة في الصلاة ؟...132
دعاء اليقظة من النوم. دعاء النبي. عند الكسوة...133
عند الخوف والبلاء. دعاء النصرة على الأعداء...134
دعاء المضطرّين...136
دعاء عالي المضامین...140
تعقيبات الصلاة. دعاء لدفع الأرق...144
دعاؤه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للآخرة. دعاء الإستسقاء...145
دعاؤه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم عاشوراء. دعاؤه(عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الطفّ...146
دعاء لغلبة النفس...147
دعاء لرفع السعال...149
دعاؤه على أهل العراق. في قنوت الوتر. بعد الفراغ من الصلاة... 151
ص: 440
توفيق الهدی...152
الدعاء عند القبور. اللّهمّ لا تستدرجني بالإحسان...153
طلب النجاة من الإفتتان. اللّهمّ منك البدء...154
دعاؤه عند الشدائد...155
دعاء الإستسقاء...157
عند الصباح و المساء...158
عوذة لوجع الرجلين. عوذة لوجع العراقيب...159
شفاء بإذن اللّه...160
دعاء العشرات...161
دعاء العرفة...166
تسبیحات نصف الشهر...181
من أدعيته(عَلَيهِ السَّلَامُ) في السجود. عبيدك ببابك...182
لا أرقا اللّه دمعته. دعاء الحاجة و الغم...183
دعاؤه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للباكين عليه. يا من شأنه الكفاية...184
دعاء القود للجنة...185
خلف المواريث. با ديّان غير متوان...186
یا خالق الخلق...187
اللّهمّ اعطني الهدى. دعاء الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)...188
یا نور یا برهان...189
یا عزيز العزّ في عزّه...190
كنا أشباح نور. أول ما خلق اللّه حجبه...192
أحسن ما خلق اللّه خلقاً. أوصاف النبي..193
خصائص رسول اللّه...194
نقش خاتم الرسول...196
مشورة الكريمين. قداسة الإسمين الكريمين...197
الحمد على كلّ حال...198
قِدْر من السماء. نعم الأب أبوك...1999
إحياء الموتى. أعرابي قليل الهمّة...200
ص: 441
شهيد يتخطى الرقاب...201
شهادة زيد الشهيد. كيفيّة بيعة الأصار...202
بكاء النبي لحمزة. أُصدّق اللّه و رسوله. حقّ الأبوين...203
ملك الموت يستأذن النبي...204
اختلاف الأُمة...206
شفاعة النبي لأربعة...207
يا علي بشّر شيعتك...208
لنأخذ بحجزة هؤلاء. زهد النبي...209
أهل البیت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...211
حب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). من أحبّنا كان منّا... 212
الأمان يوم القيامة. محبّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الخالصة...213
من أحبّنا للّه...213
بلايا الشيعة...214
زوّار أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). البكاء على أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...215
عاقبة ظالمي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...216
علامة النفاق. إنّا لبيت الرحمة. من سبّ أهل بيتي ماعادانا بيتی...217
موالاة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). زيارة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...219
جزاء زوّار أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). جزاء زيارة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...220
من زارني حيّاً. صدّيقوا الأُمة...221
من أتاني بعد وفاتي...222
من زارني ميّتاً...223
فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)...225
إنّما سمّيت ابنتي بفاطمة. انك بضعة منّي...226
دعاء الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ).أنتم منّي...227
تزويج فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).....228
صداق فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ). وصيّة فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ...229
شهادة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)...231
غسل الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ). حشر فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)...232
ص: 442
فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) يوم الحشر...233
من مقامات الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)...234
الإمامة...237
لماذا خلق العباد ؟...238
عدد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ). أئمّةكنقباء بني إسرائيل...239
اثنا عشر مهديّاً. أنت الإمام ابن الإمام...240
أنوار حول العرش...241
نصّ الرسول. على الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ). أركان الدين...242
في وصف الإمام. من وصيّك ؟...243
عترة الرسول...248
أعرابي يسأل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...249
ذلك باقر العلوم...251
أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...253
الحوراء المخلوقة لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...254
ملك بصورة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). الثابتون في حنين...255
إباء الخلق عن الولاية. علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو أمير المؤمنین...256
انظروا إلى هذا. میثاق من السماء...258
حجّة اللّه على الخلق...259
من خصال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). من أوامر الرسول...260
میزان الإيمان. ثلاث خصال لأمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ)...261
من فضائل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...262
حتّى تقبل الأعمال...264
لنعرف أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...265
أنت و أصحابك في الجنّة. حدیث ردّ الشمس...266
من کرامات أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ردّ الشمس لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...267
الثلاثة المحبوبون...268
علي يدخل الجنة. عيادة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً...269
لاخيشن في ذات اللّه... 270
رياضة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). علي يوم أُحُد...271
ص: 443
هدية السماء. لنحيا حياة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...272
أيذاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). من مؤامرات المنافقين...273
شهادة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قصّة أصحاب الرسّ...275
علي و الناكثون...279
تهدمت أركان السماء...282
وصيّة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...283
من أجلك تعلمت البكاء...284
تشييع أمير المؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ). قتل ابن ملجم...285
الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...289
المختارون عند اللّه. من هدايا السماء...290
فواكه أُهديت للحسنین (عَلَيهِ السَّلَامُ)...291
لا يوم كيومك يا أبا عبد اللّه...292
لكي لا يقتل بريء...293
ما هذا الجزع ؟...294
رحمك اللّه يا أبا محمّد. في رثاء الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...295
الإمام الحجة (عَلَيهِ السَّلَامُ)...297
خمس علامات للظهور. من علامات الظهور...298
علامة في السماء...298
علامات آخر الزمان.. إستغناء الناس عند الظهور...299
لو أدركته لخدمته. حتمية الظهور...300
الشدّة على الأعداء. خروج المهدي شاباً...301
القيام بالسيف. علامات صاحب الأمر (عَلَيهِ السَّلَامُ)...302
التاسع من ولد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...302
ذلكم الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...303
الانتقام من الظالمين. وأرث الأنبياء...305
مع صاحب الغيبة. للمهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) غيبتان...306
ص: 444
فضل الشيعة...307
خير الفرق. فضل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشیعته...308
هؤلاء شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). لا يحبّنا إلّا مؤمن...309
إنّك الأنزع البطين...310
السعيد كلّ السعيد. الشيعة في القيامة...311
الشيعة على ملّة إبراهيم...312
بشارة من اللّه للمؤمنين...313
الأخلاق و المواعظ...315
الأقرب فالأقرب. في شأن الفقراء. الإتّقاء من الأهواء...316
الأجود والأعفى والأوصل. أخربت دارك. الإخوان أربعة...317
أصوات الحيوانات...318
لا تردّ السائل بالليل. أربعة لا يشبعن...323
استتمام المعروف. أشدّ الأعمال...324
أصبحت كثير الذنوب. موارد الصبر...325
اصطناع الخير. أُطلبوا الخير...326
العمل بفرائض اللّه. عمل الظانّ بالموت غداً...327
أفضل الأعمال...327
إدخال السرور في قلب المؤمن...328
موعظة العاصي. علامة كياسة المؤمن...329
حُسن الخلق. خصال حميدة...330
العبوس بوجه الإخوان. الأخلاق والأمور العالية...331
المؤمن ذو رفق. حوائج الناس إليكم. أنواع العبادة وأفضلها...332
آثار صلة الرحم وقطعها...333
وجه تسمية الأبرار. صلاح الأُمّة وهلاكها...335
حُسْن الخلق. التحذير عن فضول الكلام...335
مهور حور العين. من حسن إسلام المرء...336
علائم المؤمن...336
المؤمن معروف في السماء. أهلك الناس اثنان...337
الخوف من الذنوب. إيّاك و ما تعتذر منه. الحذر عن الظلم..338
ص: 445
المباکرة بالحوائج. البخيل...339
البعثة. البكاء والخشية. النجاة من النار...340
مواعظ ثمينة...341
الجسارة في التجارة. النجاح للحاجة...342
خصال مكملة للإيمان. الثلاثة تهلك الأُمّة...343
علّة كراهيّة الموت. الخلق السيّىء...344
الدواء بالصدقة. الإعتذار من الذنب...345
الرغبة في الدنيا. اعمار الدنيا...346
ثمرة الزهد...346
سادة الناس. ثبات الإيمان وزواله...347
السبعة الملعونة. علائم المروءة...348
السلام قبل الكلام. السعي في حاجة المؤمن...349
شكر النعم. إكرام الوجه. مواعظ و عبر...350
الصدقة والإقراض والصلة. صلة الرحم. برکات صلة الرحم... 351
من كفارات الذنوب...352
أسباب عذاب القبر. حسن الخلق...353
مواعظ قيّمة...354
القدرة والحفيظة. قلب الشيخ شابّ. دقّة الحساب...355
إجابة دعوة المؤمن. توصيف الموت...356
موعظة خالدة. لا تزال أُمّتي بخير...357
لا تزول قدما العبد.. الاحسان للملوك. لا تطرقوا الطير في أوكارها...358
كيف ننظر إلى الناس ؟. من الخصال الحميدة...359
ناس لا دين لهم. لارُقى إلّا في ثلاث...360
إنكار المعاصي. شرّ خصال الملوك. إنكار المنكر... 361
الترغيب إلى الزهد. لو كان المعروف رجلاً. حُسن الخُلق.. 362
لو لا ثلاثة. ستر ذنوب المؤمن. یا من بدنياه اشتغل...363
نفاق المال. للمؤمن جار يؤذيه. أثقل ما يوضع في الميزان...364
عيادة المريض...365
أجر الإسترجاع. الإسترجاع عند المصيبة...366
ص: 446
المؤمن عند اللّه. المجالس بالأمانة...367
أشرف الناس. الرفق مفتاح. جزاء الإحسان...368
من أحسن الحسنات. الإدمان على المسجد. غربة الإسلام...366
الهديّة أمام الحاجة...370
قبول العطاء. الرزق في التجارة. أحبِب مَن شئت...371
إسباغ الوضوء...372
تحقير المؤمن. الصبر عند المصيبة....373
إعانة المسافر. خير الدنيا والآخرة...374
جزاء البهتان. استعجال الخير...375
ترك ما لا يعني. الصنيعة مثل الوابل. الدفاع عن عِرض المسلم...376
الرضا بالقليل. زيارة الإخوان...377
الزيارة في اللّه. صلة الرحم....378
قضاء حوائج المؤمنين. من ضمن لي واحدة...379
أجر العبادة. مَن لا يكون عائباً. تنفيس الكربة...380
إجلال ذي الشيبة المؤمن...380
الوقوف موقف التهمة...381
طول الأمل. معنى الأدب.. الإعتبار بالماضين...382
مواعظه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابن عباس...383
إدام کلاب النار. آداب طلب الرزق...384
أجر من عفى عن أخيه. دعوة مستجابة...385
البطن الملآن. فضل يوم الجمعة...386
أيّام الأُسبوع. لبس ثوب الشهرة...387
من المحرّمات و المكروهات. قضاء حاجة المؤمن...388
الصدقة الطيّبة...388
حرمة غشّ المسلم...389
إطعام المسلم. حق السائل. المرض يحطّ الذنب...390
حسنات السلام. النظر إلى المجذمین...391
مناهي بعد فتح خیبر...392
الأكل عند المريض. ترويع المسلم. شرائط خير الأُمم...393
ص: 447
المؤمن الكامل. تشیع أبي ذر...394
لا يغرنّك ذنب الناس. المرور على المقابر...397
الإحتراز عن الشكاية. حدثوا الناس بما يعرفون. سدّ باب التوبة...398
الموت في العزّ. المصافحة والهديّة. الإخوان في اللّه... 399
النظر إلى ثلاثة عبادة. التوكّل...400
الزيارة في اللّه. إتّخاذ الشاة...401
افتراق الأُمّة الإسلاميّة. النساء عورات...402
خيار الناس. لو لا التقية...403
أولياء اللّه في الجنّة. أربعون حديثاً...404
من مات و علیه دَین...407
حقيقة الموت. حبّ أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...408
وصيّة لابنه السجّاد (عَلَيهِ السَّلَامُ). ما يدخل الجنّة والنار...409
رضاهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقضاء اللّه. جوده وموعظته (عَلَيهِ السَّلَامُ)...410
لا شفاء في الرجس. إجابته لدعوة رجل...411
صفات الشيعة. الإعطاء للسائل...412
حِكَمٌ تزيد في العقل...413
نساء رآهنّ النبي. في المعراج...414
النفقة الحسنة. ولاية الأولياء...416
التضاهي بإبراهيم الخليل (عَلَيهِ السَّلَامُ)...417
مواعظ وحكم...418
اتيان المسجد للّه. تحفة الصائم...422
وجوه النوم...423
الترفع على اليهود. رمي الجمار...424
الطيب للصائم...425
فهرس الآيات...429
فهرس الموضوعات...437
ص: 448