الأَلفَینُ فِی أَحَادِیثِ الْحَسَنِ وَ الحُسَینِ (عَلَیهِمُ السَّلَامُ) المجلد 2

هویة الکتاب

الكتاب:... الأَلفَینُ فِی أَحَادِیثِ الْحَسَنِ (عَلَیهِ السَّلَامُ) وَ الحُسَینِ (عَلَیهِ السَّلَامُ)(الجزء الثانی)

المؤلف:... الشَّيْخ عَلِيّ حَيْدَر الْمُؤَيَّد

الناشر:... المكتبة الحيدرية

عدد المطبوع:... 500 دوره

ليتوغرافي:... آل البيت (عَلَیهِمُ السَّلَامُ) 09121532077

المطبعة:... شریعت

الطبعة:... الأولى - 1432-1390

السعر الدورة:... 15000 تومان

ردمک: 6- 155- 497- 964- 978

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين

و لعنة الله على أعدائهم أجمعين

من الآن إلى قيام يوم الدين

ص: 5

تقریظ

أفدتَ من (الألفين) مأثرةٌ كبرى *** لتنعمَ بالزلفي وتسعدَ في الأخرى

ألا إنما ( الألفين) عزٌ ورفعةٌ *** و علمٌ و عرفانٌ بهاتُبهِر الدهرا

أحاديث من ريحانتينِ لأحمد *** بها (الحسن السبط) اعتلى وسما قدرا

و قد نطقت باسم ( الحسين ) فصاحةً *** فنال لدى الباري بها الفوزَ والفخرا

بكل فمٍ تحلو و في كل ندوةٍ *** و تفخر أزمانٌ بها كلما تترى

تُريك من الدنيا عظاتٍ تبلورت *** و في كل عصر قد أشادت لنا فكرا

تُغازل نور الشمس في رأدِ الضُحى *** كأنّ بها من طيب فاطمة الزهرا

هي النعمة الكبرى و درس فضيلةٍ *** و قد بارك الله الأحاديث و الذكرا

لواها غدا فوق الشريعة خافقاً *** كما الصبح بالطلاء تلقاه مفترّا

فيا جامعا حلوَ الكلام و صَفوَهُ *** طلعتَ طلوع الفجر مذ عَمّت البشرى

أصبتَ بها عينَ الحقيقةِ بعدما *** تيقنتَ أنّ الحقَّ قد حققَ النصرا

و رحت تناجي الله جلّ جلالهُ *** على ما حباك اليوم من فيضه سِفرا

و تصبو إلى نيل المكارم و العُلا *** لتُنبي عن الحق المبين فتىٌ برا

فحسبي أني في مساعيك حائرٌ *** ملأت إناءٌ نعمة تهب البشرا

كلفتَ بهذا الِسفر حتى نشرتَه *** ونلتَ به القدر الذي ينفع الذكرى

أنرتَ به كالشمس توقِد في الضُحى *** وغطت على الأفلاكِ إذ تخجل البدرا

صحائفُ مثل الروض باكَرُه الحيا *** ستبقى زماناً تنفخُ الطيبَ والعطرا (1)

ص: 6


1- السيد سلمان هادي آل طعمة

الوصايا

الوصایا

ص: 7

خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله

{1}

[583] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : حدّثني أمير المؤمنين علیه السّلام قال : دعاني رسول الله صلّي الله علیه و آله ودعا الناس في مرضه، فقال : مَن يقضي عنّي دَيْني وعداتي ويخلفني في أهلي وأُمّتي من بعدي؟ فكفّ الناس عنه، وانتدبت له، فضمنت ذلك، فدعا لي بناقته العضباء، وبفرسه المرتجز، وببغلته، وحماره، وسيفه، وذي الفقار، وبدرعه ذات الفضول، وجميع ما كان يحتاج إليه في الحرب، ففقد عصابة كان يشدّ بها بطنه في الحرب، فأمرهم أن يطلبوها ودفع ذلك إليّ، ثمّ قال : يا علي اقبضه في حياتي لئلّا ينازعك فيه أحد بعدي، ثمّ أمرني فحوّلته إلى منزلي . (1)

وصيّة أُمّه فاطمة علیهما السّلام

{2}

[584] عن زيد بن عليّ قال: أخبرني عن الحسن بن عليّ علیه السّلام قال : هذه وصيّة فاطمة بنت محمّد صلّي الله علیه و آله أوصت بحوائطها السبع : العواف، والدلال، والبرقة ، والمبيت، والحسنی، والصافية، وما لأُمّ إبراهيم إلى عليّ بن أبي طالب علیه السّلام فإن مضى عليّ فإلى الحسن بن علي علیهماالسّلام وإلى أخيه الحسين صلوات الله عليه وإلى الأكبر فالأكبر من ولد رسول الله صلّي الله علیه و آله ثمّ إنّي أُوصيك في نفسي وهي أحبّ الأنفس

ص: 8


1- خصائص أمير المؤمنين علیه السّلام للشريف الرضي : ص 78 ط الآستانة الرضويّة بإسناده عن أبي محمد هارون بن موسى، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عیسی بن المنصور، عن أبي موسى عيسى بن أحمد بن عیسی بن المنصور، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسی بن جعفر علیهم السّلام عن آبائه عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : حدثني أمير المؤمنین علیه السّلام ...

إليّ بعد رسول الله صلّي الله علیه و آله إذا أنا متُّ فغسِّلني بيدك وحنّطني وكفّنّي وادفنّي ليلاً، ولا يشهدني فلان وفلان ولا زيادة عندك في وصيّتي إليك، واستودعتك الله تعالى حتّى القاك، جمع الله بيني وبينك في داره، وقرب جواره، وكتب ذلك عليّ علیه السّلام بيده . (1)

من وصايا أمير المؤمنين علیه السّلام

{39}

[585] الشيخ المفيد قال : حدّثني أبو حفص عمر بن محمد بن عليّ الصيرفي المعروف بابن الزيّات قال : حدّثنا أبو علي محمد بن همّام الإسكافي قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك (2) قال : حدّثنا أحمد بن سلامة الغنوي قال : حدّثنا محمد بن الحسين العامري (3) قال : حدّثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن عيّاش، عن الفجيع العقيلي قال : حدّثني الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهماالسّلام قال : لمّا حضرت أبي الوفاة أقبل يوصي فقال :

و هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب أخو محمد رسول الله وابن عمّه ووصيّه وصاحبه. وأوّل وصيّتي أنّي أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسوله وخيرته ، اختاره بعلمه، وارتضاه لخيرته (4)، وأنّ الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم وعالم بما في الصدور .

ص: 9


1- بحار الأنوار: ج 103 ص185 ح 14
2- هو جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور أبوعبدالله الكوفي
3- الظاهر كونه محمد بن الحسين بن إبراهيم العامري المعروف بابن اشكاب المعنون في تاریخ الخطيب وتهذيب التهذيب . توفّي سنة (261) التقريب : ص 410
4- في بعض النسخ : «وارتضاه بخيرته»

ثمّ إنّي أُوصيك يا حسن - وكفى بك وصيّاً - بما أوصاني به رسول الله صلّي الله علیه و آله، فإذا كان ذلك يا بنيّ فالزم بيتك، وابك (1) على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همّك، وأوصيك يا بنيّ بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلّها، والصمت عند الشُبهة، والإقتصاد في العمل، والعدل في الرضا والغضب ، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود (2) وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحبّ المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة وقصر الأمل، وذكر الموت ، والزهد في الدنيا فإنّك رهن موت، وغرض بلاء، وطريح سقم. (3)

وأُوصيك بخشية الله في سرّ أمرك وعلانيته (4)، وأنهاك عن التسرّع بالقول والفعل، وإذا عرض شيء من أمر الآخرة فابدأ به، وإذا عرض شيء من أمر الدنيا فتأنّه (5) حتّى تصيب رشدك فيه. وإيّاك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإنّ قرين السوء يغيّر جليسه، وكن لله يا بنيّ عاملاً، وعن الخنا (6) زجوراً، وبالمعروف آمراً، وعن المنکر ناهياً، وواخ الإخوان في الله ،

ص: 10


1- في الخطبة : «فابك»
2- يقال : جهد الرجل فهو مجهود : إذا وجد مشقّة. وجهد الناس فهم مجهودون : إذا أجدبوا. (النهاية)
3- في أمالي الطوسي: «واذكر الموت، وازهد في الدنيا». وفي بعض نسخ الحديث : «رهین موت». قال الجزري: «الرهينة : الرهن. والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ثمّ استعملا بمعنى المرهون». والطريح : المطروح، وطرحه: رماه وقذفه. وفي الأمالي : «و صريع سقم»، وصرعه أي طرحه على الأرض
4- في الأمالي : «علانيتك»
5- تأنّي في الأمر : ترفق وتنظر . وفي المطبوعة : «فتان»
6- الخنا: الفحش في القول

وأحبّ الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وأبغضه بقلبك، وزايله بأعمالك لئلّا تكون مثله .

وإيّاك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة (1) ومجاراة من لا عقل له ولا علم، واقتصد یا بنيّ في معيشتك ، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالأمر الدائم الّذي تطيقه، والزم الصمت تسلم، وقدِّم لنفسك تغنم (2)، وتعلم الخير تعلّم، وكن لله ذاكراً على كلّ حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقِّر منهم الكبير، ولا تأكلنّ طعاماً حتّى تصدَّق منه قبل أكله.

وعليك بالصوم فإنّه زكاة البدن وجُّنة لأهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوّك، وعليك بمجالس الذكر، وأكثر من الدعاء فإنّي الم الك يا بنيّ نصحاً، وهذا فراق بيني وبينك .

وأُوصيك بأخيك محمّد خيراً فإنّه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبّي له.

وأمّا أخوك الحسين فهو ابن أُمّك، ولا أزيد الوصاة بذلك (3)، والله الخليفة عليكم، وإيّاه أسأل أن يصلحكم، وأن يكفّ الطغاة البغاة عنكم، والصبر الصبر حتّى يتولى الله الأمر (4)، ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم . (5)

ص: 11


1- المماراة : المجادلة واللجاجة والطعن في القول تزييفاً للقول وتصغيرتً للقائل ، والمجاراة : الجري مع الناس في المناظرة والجدال. وفي النسخ : «ومجازاة من لا عقل له ولا علم» وكأنّه تصحيف وإن كان له معنی مناسب في الجملة
2- في المطبوعة: «وقدر لنفسك»
3- في بعض النسخ: «ولا أريد الرضاة بذلك» وفي البحار : «ولا أريد الوصاة بذلك» وفي أمالي الشيخ: «ولا ازيد الوطأة بذلك»
4- في بحار الأنوار : حتّى ينزل الله الأمر
5- أمالي المفيد : ص 221 - 223، أمالي الطوسي : ج 1 ص 6 وعنهما بحار الأنوار: ج 78 ص 98 - 99

وصيّة علي علیه السّلام إلى الحسنين علیهماالسّلام

{4}

[586] أوصى عليّ علیه السّلام عند موته للحسن والحسين علیهماالسّلام وقال لهما : إن أنا متّ فإنّكما ستجدان عند رأسي حنوطاً من الجنّة وثلاثة أكفان من استبرق الجنّة، فغسّلوني وحنّطوني بالحنوط وكفّنوني.

قال الحسن علیه السّلام : فوجدنا عند رأسه طبقاً من الذهب عليه خمس شمّامات من کافور الجنّة وسدراً من سدر الجنّة، فلمّا فرغوا من غسله وتكفينه أتى البعير فحملوه على البعير بوصيّة منه، وكان قال : فسيأتي البعير إلى قبري فيقيم عنده ، فأتى البعير حتّى وقف على شفير القبر، فوالله ماعلم أحد من حفره، فألحد فيه بعد ما صلّى عليه، وأظلّت الناس غمامة بيضاء و طيور بيض، فلمّا دفن ذهبت الغمامة والطيور . (1)

من وصايا أمير المؤمنين علیه السّلام

{5}

[587] روي عن الحسن بن علي علیه السّلام أنّ أمير المؤمنين علیه السّلام قال للحسن والحسين علیهماالسّلام : إذا وضعتماني في الضريح فصلّيا ركعتين قبل أن تهيلا عليّ التراب وانظرا ما يكون، فلمّا وضعاه في الضريح المقدّس فعلا ما أُمِرا به ، ونظرا، وإذا الضريح مغطّى بثوب من سندس، فكشف الحسن علیه السّلام ممّا يلي وجه أمير المؤمنين علیه السّلام فوجد رسول الله صلى الله عليه و آله وآدم، وإبراهيم يتحدّثون مع أمير المؤمنين علیهم السّلام ، وكشف الحسين علیه السّلام ممّا يلي رجليه فوجد الزهراء وحوّاء

ص: 12


1- بحار الأنوار: ج 42 ص 234 - 235 ح44 عن مناقب آل أبي طالب : ج 1 ص 485 عن أبي بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري قال : أوصى علي علیه السّلام ... الخبر

ومريم، وآسية عليهنّ السلام يَنُحْن على أمير المؤمنين علیه السّلام ويندبنه . (1)

لمّا ضُرب أمير المؤمنين علیه السّلام

{6}

[588]لمّا ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين علیه السّلام قال له الحسن علیه السّلام : أُقتُله.

قال : لا ولكن إحبسه ، فإذا متّ فاقتلوه، فإذا متّ فادفنوني في هذا الظَهر في قبر أخويّ: هود و صالح . (2)

مدفن أمير المؤمنین علیه السّلام

{7}

[589] قال علیه السّلام في جواب السائل أين دَفنتُم أميرَالمؤمنين علیه السّلام؟

على شفيرِ الجرف، ومَرَرْنا به ليلاً على مسجد الأشعث وقال : إدفنوني في قبر أخي هود. (3)

ص: 13


1- بحار الأنوار: ج 42 ص 301 عن مشارق الأنوار وقال : لم أر الخبر إلّا من طريق البرسي ولا أعتمد على ما يتفرّد بنقله ولا أردّه لورود الأخبار الكثيرة الدالّة على ظهورهم بعد موتهم في أجسادهم المثاليّة وقد مرّت في كتاب المعاد و كتاب الإمامة
2- التهذيب : ج6 ص 33 بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن بكار النقاش، عن الحسين بن محمد الفزاري، عن الحسن بن علي النخّاس، عن جعفر بن محمد الرمّاني، عن يحيى الحماني، عن محمد بن عبيد الطيالسي، عن مختار التمّار، عن أبي مطر قال : لمّا ضرب ... الخ
3- أخرجه الشيخ الطوسي في «التهذيب» : ج6 ص 34 بإسناده هكذا: عن محمد بن بکران، عن عليّ بن يعقوب، عن عليّ بن الحسن، عن أخيه، عن أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن جدّه أبي طالب، قال : سألت الحسن بن علي علیهماالسّلام أين دفنتم ... الخ. وأخرجه النقيب غیاث الدین بن السيّد عبدالکریم بن طاوس بالإسناد الّذي تقدّم عن الشيخ في فرحة الغري : ص 38 وفيه : وادفنوني في قبر أخي هود و صالح

وصيته إلى أخيه علیهماالسّلام

{8}

[590] يا أخي إنّي مُفارقُك ولاحقٌ بربّي وقد سُقيتُ السمَّ ورَمَیت بكبدي في الطشت (1) وإنّي العارف (2) بمَن سَقاني السمّ (3) ومن أين دُهيَتْ وأنا أُخاصمُه إلى الله عزّوجل (4) فبحقّي عليك إن تكلّمتَ في ذلك بشيء، وانتظر ما يحدث الله عزّ وجلّ في (5) فإذا (6) قضيتُ فغَمِّضْني وغَسِّلني و کَفِتّي واحمِلني على سريري إلى قبرِ جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله لأُجدِّد به عهداً ثمّ ردّني إلى قبرِ جدّتي فاطمةَ بنتِ أسد رضي الله عنها فادفنّي هناك، وستعلم يابن أُمّ إنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله الله صلّي الله علیه و آله فيجلبون في ذلك ويمنعونكم منه، وبالله أُقسم عليك أن تهريف في أمري محجمة دم. (7)

ص: 14


1- في الكشف والبحار والعوالم : «الطست»
2- في المناقب والكشف والبحار والعوالم : «لعارف»
3- في المناقب «السم» غير موجود
4- إلى هنا ينتهي ما يتوافق من النصّ مع الإرشاد في المناقب
5- «وانتظر ما يحدث الله عزّوجلّ فيّ» غير موجودة في الكشف
6- في العوالم : «فإذا أنا»
7- إرشاد المفيد: ص192 - 193؛ مناقب آل أبي طالب : ج4 ص 42؛ کشف الغمّة : ج 2 ص 211؛ بحار الأنوار: ج 44 ص 156 ح25

وصيّة أُخرى

{9}

[591] يا أخي إن ّأباك حين قبض رسول الله صلّي الله علیه و آله استشرف لهذا الأمر ورجا (1) أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبو بكر، فلمّا حضرت أبا بكر الوفاة تشوف (2) لها أيضاً فصرفت عنه إلى عمر فلمّا قبض عمر جعلها شوری بین ستّة هو أحدهم فلم يشك أنّها لا تعروه (3) فصرفت عنه إلى عثمان فلمّا هلك عثمان بويع له ثمّ نوزع حتّى جرد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها وإنّي والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوّة والخلافة فلا أعرفن (4) ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك، وقد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن أدفن في بيتها مع رسول الله صلّي الله علیه و آله فقالت نعم و إنّ لا أدري لعلّه كان ذلك منها حياء فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها فإن طابت نفسها فادفنّي في بيتها وما أظنّ إلّا القوم سيمنعونك إذا أردت ذلك فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك وادفني في بقيع الغرقد فإنّ لي بمن فيه أُسوة. (5)

ص: 15


1- في تاريخ الخميس: «لهذا الأمر رجاء»
2- في تاريخ الخميس : «تشرف»
3- في تاريخ الخميس: «لا تعدوه»
4- في تاريخ الخميس: «فلأعرفن»
5- ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربي : ص 142 (ذكر وصيّته لأخيه الحسين رضي الله عنه)، تاريخ الخميس : ج 2 ص 293 (ذكر وصيّته لأخيه الحسین)

وصيّته علیه السّلام و إلى محمد بن الحنفيّة

{10}

[592] الكليني بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : لمّا حضرت الحسن الوفاة قال: يا قنبر ! أُنظر هل ترى وراء بابك مؤمناً من غير آل محمد.

فقال : الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

قال : امض فادع لي محمد بن عليّ.

قال : فأتيته فلمّا دخلت عليه قال : هل حدث إلّا خير؟

قلت : أجب أبا محمّد، فعجّل عن شسع نعله فلم يسوّه، فخرج معي يعدو .

فلمّا قام بين يديه سلّم، فقال له الحسن : اجلس فليس يغيب مثلك عن سماع كلام یحیی به الأموات، ويموت به الأحياء كونوا أوعية العلم، ومصابيح الدُجي، فإنّ ضوء النهار بعضه أضوء من بعض، أما علمت أنّ الله عزّوجلّ جعل ولد إبراهيم أئمّة وفضّل بعضهم على بعض، وآتی داود زبوراً، وقد علمت بما استأثر الله محمّداً صلّي الله علیه و آله.

یا محمد بن علي إنّي لا أخاف عليك الحسد، وإنّما وصف الله تعالی به الكافرين فقال: «كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ» (1) ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطاناً، یا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك علیه السّلام فيك؟

قال : بلی.

ص: 16


1- سورة البقرة: الآية 109

قال : سمعت أباك يقول يوم البصرة : من أحبّ أن يبرّني في الدُنيا والآخرة فلیبرّ محمّداً، یا محمد بن علي لو شئت أن أُخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك الأخبرتك ! يا محمد بن علي أما علمت أنّ الحسين بن عليّ بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله في الكتاب الماضي وراثة النبيّ أصابها في وراثة أبيه وأُمّه، علم الله أنّكم خير خلقه، فاصطفى منكم محمداً واختار محمد عليّاً واختارني عليّ للإمامة واخترت أنا الحسين.

فقال له محمد بن علي : أنت إمامي [وسيّدي] (1) وأنت وسيلتي إلى محمد والله لوددت أنّ نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإنّ في رأسي كلاماً لاتنزفه الدلاء، ولا تغيّره بعد الرياح (2) کالکتاب المعجم، في الرقّ المنمنم، أهمُّ بإبدائه فأجدني سبقتَ إليه سبق الكتاب المنزل، وما جاءت به الرُسل وإنّه لكلام يكلُّ به لسان الناطق، ويد الكاتب (3) ولا يبلغ فضلك، وكذلك يجزي الله المحسنين، ولا قوّة إلّا بالله .

الحسين أعلمنا علماً، وأثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول الله رحماً، كان إماماً قبل أن يخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم الله أنّ أحداً خيرٌ منِا (4) ما اصطفى محمداً صلّي الله علیه و آله فلمّا اختار محمداً واختار محمّد عليّاً إماماً، واختارك عليٌّ بعده واخترت الحسين بعدك ، سلّمنا ورضينا بمن هو الرضا، وبمن نسلم به من

ص: 17


1- كذا في نسخة الأصل - نسخة المصنّف قدّس سرّه . وفي الكافي : وأنت إمام وأنت وسيلتي
2- في المصدر : نغمة الرياح
3- زاد في المصدر : حتّى لا يجد قلماً ويؤتوا بالقرطاس حمماً
4- في هامش نسخة المصنف نقلاً عن الكافي : ولو علم الله في أحد غیر محمد خيراً لما اصطفى

المشكلات. (1)

بیان : قوله: «فقال : الله» أي لا تحتاج إلى أن أذهب وأرى فإنّك بعلومك الربّانيّة أعلم بما أخبرك بعد النظر ، ويحتمل أن يكون المراد بالنظر النظر بالقلب، بما علّموه من ذلك، فإنّه كان من أصحاب الأسرار فلذا قال : أنت أعلم به منّي من هذه الجهة، ولعلّ السؤال لأنّه كان يريد أوّلاً أن يبعث غير قنبر الطلب ابن الحنفيّة فلمّا لم يجد غيره بعثه .

ويحتمل أن يكون أراد بقوله «مؤمناً» ملك الموت علیه السّلام، فإنّه كان يقف ويستأذن للدخول عليهم فلعلّه أتاه بصورة بشر فسأل قنبراً عن ذلك ليعلم أنّه يراه أم لا، فجوابه حينئذ أنّي لا أرى أحداً وأنت أعلم بما تقول، وترى ما لا أرى فلمّا علم أنّه الملك بعث إلى أخيه.

«فعجّل عن شسع نعله» أي : صار تعجيله مانعاً عن عقد شسع النعل ، قوله : «عن سماع كلام» أي النصّ على الخليفة، فإنّ السامع إذا أقرّ فهو حيٌّ بعد وفاته ، وإذا أنكر فهو ميّت في حياته، أو المعنى أنّه سبب لحياة الأموات بالجهل والضلالة بحياة العلم والإيمان، وسببٌ لموت الأحياء بالحياة الظاهريّة أو بالحياة المعنويّة إن لم يقبلوه، وقيل يموت به الأحياء أي بالموت الاراديّ عن لذّات هذه النشأة الّذي هو حياة أُخرويّة في دار الدنيا وهو بعيد.

«كونوا أوعية العلم» تحريص على استماع الوصيّة، وقبولها ونشرها، أو على متابعة الإمام والتعلّم منه ، وتعليم الغير، قوله علیه السّلام «فإنّ ضوء النهار» أي لا تستنكفوا عن التعلّم وإن کنتم علماء فإنّ فوق كلّ ذي علم عليم، أو عن تفضيل بعض الاخوة على بعض .

ص: 18


1- الكافي : ج 1 ص 201 ,302 مع اختلاف يسير

والحاصل أنّه قد استقرّ في نفوس الجهلة بسبب الحسد أنّ المتشعّبين من أصل واحد في الفضل سواء، ولذا يستنكف بعض الاخوة والأقارب عن متابعة بعضهم وكان الكفّار يقولون للأنبياء: «مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا» (1) فأزال علیه السّلام تلك الشبهة بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة فإنّ كلّه من الشمس، لكن بعضه أضوء من بعض كأوّل الفجر، وبعد طلوع الشمس، وبعد الزوال وهكذا ، فباختلاف الاستعدادات والقابليّات تختلف إفاضة الأنوار على الموادّ.

وقوله : «أما علمت أنّ الله» تمثيل لما ذكر سابقاً وتأكيد له، وقوله : «فجعل ولد إبراهيم أئمّة» إشارة إلى قوله تعالى : «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا» (2) وقوله «وفضّل» الخ إشارة إلى قوله سبحانه : «وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا». (3)

«وقد علمت بما استأثر» أي علمت بأيّ جهة استأثر الله محمّداً أي فضّله، إنّما كان لوفور علمه، ومكارم أخلاقه، لا بنسبه وحسبه، وأنت تعلم أنّ الحسين أفضل منك بجميع هذه الجهات، ويحتمل أن تكون «ما» مصدريّة والباء لتقوية التعدية أي علمت استيثار الله إيّاه. قوله «إنّي لا أخاف» فيما عندنا من نسخ الكافي «إنّي أخاف» ولعلّ ما هنا أظهر .

قوله عله السّلام: «ولم يجعل الله» الظاهر أنّ المراد قطع عذره في ترك ذلك، أي ليس للشيطان عليك سلطان يجبرك على الإنكار، ولا ينافي ذلك قوله تعالى :

ص: 19


1- سورة يس : الآية 15
2- سورة الأنبياء : الآية 73
3- سورة الإسراء : الآية 55

«إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ» (1) لأنّ ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل الله، أو السلطان في الآية محمول على ما لا يتحقّق معه الجبر، أو المعنى أنّك من عباد الله الصالحين وقد قال تعالى : «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ» (2) ويحتمل أن تكون جملة دعائيّة.

قوله علیه السّلام: «وعند الله» في الكافي : «وعند الله جلّ اسمه في الكتاب وراثة من النبيّ صلّي الله علیه و آله أضافها الله عزّوجلّ له في وراثة أبي وأمّه صلّى الله عليهما، فعلم الله» أي كونه إماماً مثبت عند الله في اللوح أو في القرآن، وقد ذكر الله وراثته مع وراثة أبيه وأمّه كما سبق في وصية النبيّ صلّي الله علیه و آله، فيكون «في» بمعنى «إلى» أو «مع» ويحتمل أن تكون «في» سببيّة كما أنّ الظاهر ممّا في الكتاب أن يكون كذلك.

قوله (ره): «ألا وإنّ في رأسي كلاماً» أي : في فضائل و مناقبك «لاتنزفه الدلاء» أي لا تفنيه كثرة البيان، من قولك نزفت ماء البئر، إذا نزحت كلّه ، ولا تغيّره بعد الرياح» كناية عن عذوبته وعدم تكدُّره بقلّة ذكره، فإنّ ما لم تهبّ عليه الرياح تتغيّر، وفي الكافي «نغمة الرياح» وإنّ ذلك أيضاً قد يصير سبباً للتغيّر أي لا يتكرّر ولا يتكدّر بكثرة الذكر ومرور الأزمان، أو کنی بالرياح عن الشبهات الّتي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحقّ كما قال تعالى : «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ». (3)

قوله کالكتاب المعجم: من الاعجام بمعنى الإغلاق يقال : أعجمت

ص: 20


1- سورة النحل : الآية 100
2- سورة الحجر : الآية 42
3- سورة الصف : الآية 8

الكتاب خلاف أعربته، وباب معجم کمکرم مقفل، كناية عن أنّه من الرموز والأسرار، أو من التعجيم، أو الاعجام بمعنى إزالة العُجمة بالنقط والإعراب ، أشار به إلى إبانته عن المكنونات «والرقُّ» ویکسر جلد رقیق یکتب فیه ، والصحيفة البيضاء، ويقال : نمنمه أي زخرفه، ورقّشه ، والنبت المنمنم الملتفُّ المجتمع، وفي بعض نسخ الكافي المنهم من النهمة بلوغ الهمّة في الشيء كناية عن كونه ممتلئاً أو من قولهم : انّهم البرد والشحم، أي ذابا كناية عن إغلاقه كأنّه قد ذاب و محي.

قوله : فأجدني : أي كلّما أهمّ أن أذكر من فضائلك شيئاً أجده مذكوراً في كتاب الله وكتب الأنبياء، وقيل : أي سبقتني إليه أنت وأخوك لذكره في القرآن وكتب الأنبياء، وعلمها عندكما، والظاهر أنّ «سبق» مصدر ويحتمل أن يكون فعلاً ماضياً على الإستيناف، وعلى التقديرين سبقت على صيغة المجهول، و«إنّه» أي ما في رأسي.

وفي بعض نسخ الكافي بعد قوله ويد الكاتب : «حتّى لا يجد قلماً ويؤتي بالقرطاس جميعاً، وضمير يجد للكاتب وكذا ضمير يؤت أي يكتب حتّى تفني الأقلام وتسودُّ جميع القراطيس، والحُمَم بضمّ الحاء وفتح الميم جمع الحممة كذلك أي الفحمة يشبّه بها الشيء الكثير السواد، وضمير يبلغ للكاتب .

أعلمنا علماً: علماً تميز للنسبة على المبالغة والتأكيد. كان إماماً، وفي الكافي كان فقيهاً قبل أن يخلق : أي بدنه الشريف كما مرّ أنّ أرواحهم المقدّسة قبل تعلّقها بأجسادهم المطهّرة كانت عالمة بالعلوم اللدنيّة ومعلّمة للملائكة . قبل أن ينطق : أي بين الناس كما ورد أنّه علیه السّلام أبطأ عن الكلام أو مطلقاً إشارة إلى علمه في عالم الأرواح وفي الرحم .

وفي الكافي في آخر الخبر «من بغيره يرضى ومن كنّا نسلم به من مشکلات

ص: 21

أمرنا» فقوله «من بغيره يرضى» الإستفهام للإنكار، والظرف متعلّق بما بعده وضمير يرضي راجع إلى مَن، وفي بعض النسخ بالنون، وهو لا يستقيم إلّا بتقدير الباء في أوّل الكلام أي بمن بغیر نرضى، وفي بعضها من بعزّه نرضى أي هو من بعزّه وغلبته نرضى، أو الموصول مفعول رضينا ««ومن كنّا نسلم به» أيضاً إمّا استفهام إنکار بتقدير غيره، ونسلّم إمّا بالتشديد فكلمة من تعليليّة أو بالتخفيف أي نصير به سالماً من الابتلاء بالمشكلات، وعلى الاحتمال الأخير في الفقرة السابقة معطوف على الخبر أو على المفعول ويؤيّد الأخير فيهما ما هنا . (1)

إني واردٌ على ربّي

{11}

[593] دخل الحسين بن علي علیهماالسّلام على أخيه الحسن بن علي علیهماالسّلام في مرضه الّذي توفّي فيه ، فقال له : كيف تجدك يا أخي؟

قال: أجدُني في أوّل يوم مِن أيّام الآخرة وآخرِ يومٍ من أيّام الدنيا، واعلم أنّي لا أسبق أجلي، وإنّي واردٌ على أبي وجدّي علیهماالسّلام على كرهٍ منّي لفراقِك وفراقِ اخوتك وفراقِ الأحبّة، وأستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبّةٍ منّي للقاء رسول الله صلّي الله علیه و آله وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السّلام ولقاء فاطمة وحمزة وجعفر علیهم السّلام ، وفي الله عزّوجلّ خلَفٌ من كلّ هالك وعزاءٌ من كلّ مصيبة ودركٌ من كلّ ما فات . (2)

ص: 22


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 174 - 178. وفي الكافي : ج 1 ص 301 و 303 مع اختلاف يسير
2- أمالي الشيخ : ج 1 ص 109 بإسناده عن محمد بن محمد، عن أبي الحسن عن بن بلال المهلّبي، عن مزاحم بن عبدالوارث بن عبّاد البصري، عن محمد بن زکریّا الغلابي عن و العباس بن بكّاء، عن أبي بكر الهلالي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: دخل الحسين علیه السّلام ... الخ

وصيّته إلى أخيه الحسين علیهماالسّلام

{12}

[594] قال علیه السّلام: هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّه يعبده حقّ عبادته لا شريك له في الملك ولا وليّ له من الذلّ وأنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً وأنّه أولى من عُبِدَ وأحقّ من حُمِدَ من أطاعه رشد ومَن عصاه غوى ومن تاب إليه اهتدی.

فإنّي أُوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم وتكون لهم خلفاً ووالداً وأن تدفنّي مع جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله، فإنّي أحقّ به وببيته ممّن أُدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده . قال الله فيما أنزله على نبيّه صلّي الله علیه و آله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ». (1) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته ونحن مأذونٌ لنا في التصرّف فيما ورثناه من بعده .

فإن أبت عليك الامرأة فأُنشدك بالقرابة الّتي قرب الله عزّوجلّ منك ، والرحم الماسة من رسول الله صلّي الله علیه و آله أن لا تهريق فيَّ محجمة م دم حتّى نلقى رسول الله صلّي الله علیه و آله فنختصم إليه فتخبره بما كان من الناس إلينا بعده، ثمّ قبض علیه السّلام. (2)

ص: 23


1- سورة الأحزاب : الآية 53
2- مدينة المعاجز : ج3 ص376 - 378 عن أمالي الطوسي: ج1 ص 159 - 191 وعنه بحارالأنوار: ج 44 ص 151ح 22 والعوالم : ج16 ص 287 ح 2

ادفني في البقيع

{13}

[595] ثم بعد ذلك اشتدّ المرض على الإمام العالي وأيقن بقرب حلول الأجل فأوصى للإمام الحسين بأمر الإمامة وقال له:

ادفني إلى جانب رسول الله صلّي الله علیه و آله إن غلب على ظنّك عدم قيام فتنة تكون سبباً لإراقة الدماء وإلّا فادفنّي في بقيع الغرقد. (1)

وصيّته في حقن الدماء

{14}

[596 ] أبو عوانة : عن حصين ، عن أبي حازم، قال : لماجُضر الحسن، قال للحسين : ادفنّي عند أبي ، يعني النبي صلّي الله علیه و آله إلّا أن تخافوا الدماء فادفنّي في مقابر المسلمين، فلمّا قُبِض، تسلّح الحسين، وجمع مواليه، فقال له أبو هريرة : أُنشدُك بالله ووصيّة أخيك، فإنّ القوم لن يدعوك حتّى يكون بينكم دماء، فدفنه بالبقيع، فقال أبو هريرة : أرأيتم لو جيء بابن موسى ليُدفن مع أبيه، فمُنع، أكانوا قد ظلموه؟ فقالوا: نعم. قال : فهذا ابنُ نبيّ الله صلّي الله علیه و آله قد جيء ليُدفَن مع أبيه.

وعن رجل، قال : قال أبو هريرة مرة يوم دُفِن الحسن : قاتل الله مروان، قال : والله ما كنتُ لأدع ابن أبي تراب يُدفن مع رسول الله صلّي الله علیه و آله، وقد دُفِن عثمانُ بالبقيع . (2)

ص: 24


1- الفتوح لابن أعثم: ج4 ص319
2- سير أعلام النبلاء: ج3 ص 275

ادفنوني مع أُمي

{15}

[597 ] حدّثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، نا محمد بن منصور الطوسي، نا أبو أحمد الزبيري، نا عبدالرحيم بن عبدويه، حدّثني شرحبيل قال : كنت مع الحسين بن علي (رضي الله عنه) وأخرج بسرير الحسن بن علي (رضي الله عنه) وأراد أن يدفنه مع النبي صلّي الله علیه و آله، فخاف أن يمنعه بنو أُميّة، فلمّا انتهوا به إلى المسجد قامت بنو أُميّة، فقام عبدالله بن جعفر ، فقال : إنّي سمعته يقول : إن منعوكم، فادفنوني مع أُمّي. (1)

إذا أنا متُّ ...

{16}

[598] قال : يا أخي إذا [أنا] متُّ فغسلني وحنّطني وكفنّي واحملني إلى جدّي صلّي الله علیه و آله حتّى تلحدني إلى جانبه، فإن مُنعت من ذلك فبحقّ جدّك رسول الله

ص: 25


1- رواه الفريقان : منهم العلامة الطبراني في «المعجم الكبير» (ص 138 نسخة جامعة طهران). ومنهم العلامة جمال الدين الزرندي في «نظم درر السمطين» (ص 205 ط مطبعة القضاء) قال : عن أبي حازم، عن أبي هريرة : أنّ الحسن بن عليّ علیهماالسّلام قال لأخيه : إذا أنا متّ فاحفر لي مع النبي صلّي الله علیه و آله وإلّا في بيت فاطمة، فلمّا بلغ بني أُميّة أقبلوا عليهم السلاح وقالوا: لا والله لا يحفر بالمسجد قبر، ونادي الحسين في بني هاشم، فأقبلوا عليهم السلاح، ثمّ ذكر قول أخيه : لايرفعنّ فيّ ضوضاء، فحفر له بالبقيع، قال أبو هريرة : فإنّي في الحفرة وشابان من قريش يطرحان في القبر التراب فقلت لهما: أرأيتما لو أدركتم أحداً من ولد موسى وعيسى كيف إذاً فعلتم؟ فقالا: فعلنا وفعلنا، فقال أبو هريرة: كذبتم أما سمعتم رسول الله يقول : «من أحبّني فليحبّهما»

وأبيك أمير المؤمنين وأُمّك فاطمة الزهراء علیهم السّلام أن لا تخاصم أحدة، واردد جنازتي من فورك إلى البقيع حتّى تدفنّي مع أُمّي علیهاالسّلام. (1)

إنّ الحسنَ علیه السّلام لمّا احتُضِر

{17}

[599] قال أبو عمر صاحب الإستيعاب : وسلّم في نصف جمادى الأوّل الأمرَ إلى معاوية ، سنة إحدى وأربعين . قال : ومات فيما قيل سنة تسع وأربعين . وقيل : في ربيع الأوّل سنة خمسين. وقيل : سنة إحدى وخمسين .

قال : وروينا من وجوه : أنّ الحسن لما احتُضِر، قال للحسين : يا أخي! وقد كنتُ طلبتُ إلى عائشة أن أُدفن في حجرتها، فقالت: نعم. وإنّي لا أدري لعلّ ذلك كان منها حیاءاً، فإذا مامتُّ، فاطلب ذلك إليها، وما أظنّ القوم إلّا سيمنعونك، فإن فعلوا، فادفنّي في البقيع. فلمّا مات قالت عائشة : نعم وكرامة . فبلغ ذلك مروان . فقال : كذب وكذبت . والله لا يُدفن هناك أبداً، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، ويريدون دفن حسن في بيت عائشة . فلبس الحسین ومن معه السلاح، واستلام مروانُ أيضاً في الحديد، ثم قام في إطفاء الفتنة أبو هريرة . (2)

إيّاك أن تسفك دماً

{18}

[600] عن الحسن بن محمد بن الحنفيّة، قال : جعل الحسنُ يوعز

ص: 26


1- بحار الأنوار : ج 4 ص 141
2- الإستيعاب : ج 1 ص 376 - 377، وعنه سير أعلام النبلاء : ج 3 ص 279

للحسين : يا أخي إيّاك أن تسفك دماً، فإنّ الناس سراع إلى الفتنة . فلمّا توفّي، ارتجّت المدينة صیاحاً، فلا تلقى إلّا باكياً، وأبردَ مروان إلى معاوية بخبره، وأنّهم يريدون دفنه مع النبي صلّي الله علیه و آله، ولا يَصِلون إلى ذلك أبداً وأنا حيّ. فانتهى حسينٌإلى قبر النبي صلّي الله علیه و آله، فقال : احفروا، فنكب عنه سعيد بن العاص، يعني أمير المدينة ، فاعتزل، وصاح مروان في بني أميّة ولبسوا السلاح .

فقال له حسین : یابن الزرقاء ! مالك ولهذا! أوالٍ أنت؟

فقال : لاتخلُصُ إلى هذا وأنا حيّ.

فصاح حسين بحلف الفضول، فاجتمعت هاشم، وتیم، وزُهرة، وأسد في السلاح، وعقد مروانُ لواء، وكانت بينهم مراماة، وجعل عبدُالله بن جعفر يُلحُّ على الحسين ويقول : يابن عم ! ألم تسمع إلى عهد أخيك؟ أذُكّرك اللهَ أن تسفك الدماء، وهو يأبى . .

قال الحسنُ بن محمد: فسمعتُ أبي، يقول : لقد رأيتُني يومئذ وإنّي لأُرید أن أضرب عُنُقَ مروان، ماحال بيني وبين ذلك إلّا أن أكون أراه مستوجباً لذلك. ثمّ رفقت بأخي، وذكّرته وصيّة الحسن، فأطاعني.

قال جويرية بن أسماء : لما أخرجوا جنازة الحسن، حمل مروان سريره .

فقال الحسين : تحمل سريره! أما والله لقد كنتَ تجرِّعه الغيظ .

قال : كنتُ أفعلُ ذلك بمن يُوازِن حلمُه الجبال !

ويُروى أنّ عائشة قالت : لا يكونُ لهم رابعٌ أبداً، وإنّه لبيتي أعطانيه رسولُ الله صلّي الله علیه و آله في حياته . (1)

ص: 27


1- سير أعلام النبلاء للذهبي: ج 3 ص 276 : الواقدي : حدّثنا عبيدالله بن مِرْداس ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد بن الحنفيّة قال : جعل الحسن يوعز ...

ص: 28

مواقفه علیه السّلام

مواقفه علیه السّلام

ص: 29

لكي لا تراق الدماء

{1}

[601] [ماذكره أحمد بن حنبل حول بيعة الناس مع الإمام الحسن وصلحه مع معاوية].

قال ابن عساکر : أخبرنا أبو البرکات الأنماطي وأبو عبدالله البلخي قال : أنبأنا أبو الحسين ابن الطيوري وثابت بن بندار، قالا : أنبأنا أبو عبدالله وأبو نصر قالا : أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا عليّ بن أحمد بن زکریّا ، أنبأنا صالح بن زحمد، حدَّثني أبي أحمد قال :

ثمّ بايع الحسن بن عليّ بعد وفاة عليّ تسعون ألفاً فزهد في الخلافة، فلم پردها وسلَّمها لمعاوية (1) وقال : لا يهراق على يدي محجمة من دم. (2)

ص: 30


1- مراد أحمد من الخلافة هاهنا السلطة والإمارة على الناس كيف ما اتّفقنا ولو بالزور والغدر والخيانة وارتكاب أعظم الجنايات ومعلوم أنّ سبط رسول الله وبقيّته في أُمّته لا يريد مثل هذه الإمارة، بل يزهد فيها، ومعنى قوله : «سلّمها لمعاوية» خلّى بين معاوية وما يهواه لمّا لم يجد أعواناً وأنصاراً على القيام بمجابهة الظلم والطغيان حفظاً على دمه ودم المخلصين من شیعته. وأمّا قوله : «لا تهراق على يدي محجمة دم» فإنْ صحّ صدوره عن الإمام الحسن فمعناه : لا يصب ولا يسكب على يدي لأجل السلطة على الناس وقضاء الشهوات مقدار محجمة من دم من النفوس الّتي حرم الله قتلها وإهراق دمائها إلا بالحق كما كان معاوية مولعة بسفك الدماء وهتك الأعراض ونهب الأموال وإهلاك الحرث والزرع في سبيل الوصول إلى الإمارة واستبقائها
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 188 رقم 315

العقل ملازم لأهل البيت علیهم السّلام

{2}

[602] المناقب : وحكي أنّ الحسن علیه السّلام لمّا أشرف على الموت، قال له الحسين : أُريد أن أعلم حالك يا أخي.

فقال له الحسن : سمعت النبي صلّي الله علیه و آله يقول: لا يفارق العقل منّا أهل البيت مادام الروح فينا فضع يدك في يدي حتّى إذا عاينت ملك الموت أغمز يدك ، فوضع يده في يده فلمّا كان بعد ساعة غمز يده غمزاً خفيفاً فقرَّب الحسين أُذنه إلى فمه فقال : قال لي ملك الموت : أبشر فإنّ الله عنك راض وجدُّك شافع . (1)

على ماذا المبايعة ؟

{3}

[603] على كتاب الله وسُنّةِ نبيِّه، فإنّهما يأتيانِ على كلّ شرط .

لمّا اجتمع الناس في جامع الكوفة سنة (40) من الهجرة في صبيحة إحدى وعشرين من شهر رمضان المبارك صعد الإمام الحسن علیه السّلام على المنبر وخطب خطبته البليغة، ودعا الناس إلى مبايعته، فانثالوا عليه يبايعونه وأوّل من بایعه المؤمن الثائر والحازم اليقظ الزعیم قیس بن سعد الأنصاري فقال : أبسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنّة نبيّه وقتال المحلين ، وثقل على الإمام أن يعزب عن قيس من أنّ العمل على الكتاب والسنّة يغني عن إشتراط قتال المحلين ، فقال بلطف ولين : على كتاب الله ... الخ . (2)

ص: 31


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 160 عن مناقب آل أبي طالب : ج4 ص 44 و 45 وهكذا: عوالم المعارف والعلوم : ص 284 ح 13 من ج الإمام الحسن علیه السّلام
2- تاريخ الكامل : ج 3 ص 174 و تاریخ ابن خلدون : ج 2 ص 186 حياة الإمام الحسن علیه السّلام لباقر شريف القرشي: ج 2 ص 34

معنى المبايعة

{4}

[604] شيبان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضرِّب، سمع الحسن يقول : والله لا أُبايعكم إلّا على ما أقول لكم.

قالوا: ما هو؟

قال : تُسالمون من سالمتُ، وتُحاربون من حاربتُ. (1)

لو كان الناس مثلك

{5}

[605] قال : لو كان الناسُ كلُّهم مثلَكَ سِرْتُ بهم . (2)

ص: 32


1- سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 266 . المستدرك للحاكم النيسابوري : ج 3 ص 173 بإسناده عن حمزة بن العبّاس بن المفضّل العقبي حدّثه ببغداد، عن الحسن بن سلام السوّاق، عن عبيد الله بن موسى، عن شيبان ، عن أبي إسحاق، قال : بويع لأبي محمّد الحسن بن علي بن أبي طالب بالكوفة عقيب قتل أمير المؤمنين علي علیه السّلام، وأخذ البيعة عن أصحابه ، فحدّثني حارثة بن مضرب، قال : سمعتُ الحسن بن علي يقول : والله ... الخبر
2- قال أبو إسحاق الكوفي الأصبهاني المتوفّی (283 ه-) في «الغارات» ج 2 ص 643: وأقبل جارية حتّى دخل على الحسن بن علي علیهماالسّلام فضرب على يده فبايعه وعزّاه ، وقال : مايُجْلِسُك ؟ سرِ ْيرحمك الله ، سِرْ بنا إلى عدوّك قبل أن يُسار إليك ، فقال علیه السّلام: لو كان الناسُ كلّهم مثلَك سِرتُ بهم

مصير أهل الكوفة

{6}

[606] وأيم الله لا رأيتم فرجاً ولا عدلاً أبداً مع ابن آكلة الأكباد وبني أُميّة، وليسومنّکم سوء العذاب حتّى تتمنّوا أن يلیکم عبد حبشي مجدع فأُفّ لكم وبُعداً وترحاً یا عبيد الدنيا وموالي الحطام . (1)

وصاياه لعبيد الله بن عباس

{7}

[607] ثمّ دعا عبيد الله بن العبّاس فقال له :

یابن عمّ إنّي باعث معك اثني عشر ألفاً من فرسان العرب، وقرّاء المصر ، الرجل منهم يزيد الكتيبة، فسر بهم، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك ، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك ، فإنّهم بقيّة ثقات أمير المؤمنين عليه السّلام وسر بهم على شطّ الفرات حتّى تقطع بهم الفرات حتّى تسير بمَسكين، ثمّ امض حتّى تستقبل بهم معاوية ، فإن أنت لقيته فاحتبسه حتّى آتيك فإنّي على أثرك

ص: 33


1- المصادر : 1- إثبات الوصيّة : ص 134 - 135 : وقام أبو محمّد بأمر الله جلّ وعلا واتّبعه المؤمنون وأتاه الناس فبايعوه، وقالو له : يابن رسول الله، نحن السامعون المطيعون لك . قال : كذبتم فوالله ما و فيتم لمن كان خيراً منّي، فكيف تفون لي ... وأيم الله لا رأيتم ... . 2 - الخرائج والجرائج : ج 2 ص 576 ذح 4 مرسلاً، عن الحارث الهمداني، وبتفاوت يسير . 3- إثبات الهداة : ج 2 ص 588 ح 13 عن الخرائج . 4 - بحار الأنوار: ج 44 ص 44 ذح 4 عن الخرائج .

وشيكاً، ولیکن خبرك عندي كلّ يوم، وشاور هذين يعني قیس بن سعد، وسعيد بن قيس، وإذا لقيت معاوية فلاتقاتله حتّى يقاتلك فإن فعل فقاتله، فإن أصبت فقیس بن سعد على الناس، فإن أُصيب فسعيد بن قيس على الناس . (1)

بعد غَدْر الغادرين

{8}

[608] وكتب معاوية إلى الحسن علیه السّلام : یابن عمّي الله الله فيما بيني وبينك أن تقطع الرحم فإنّ الناس قد غرّوا بك وبابيك وبالله أستعين، فقرأ عليهم الحسن علیه السّلام كتابَ معاوية .

فقالوا: يابن رسول الله إنّ الرجلين غدرا بك وغرّاك من أنفسهما ، فإنّا لك ناصحون متابعون غير غادرين .

فقال الحسن علیه السّلام: واللهِ لأعذرنّ هذه المرّة بيني وبينكم إنّي معسکر بالنخيلة فوافوني هناك إن شاء الله فوالله إنّكم لاتَفُون بما بيني وبينكم. (2)

مع أهل الكوفة

{9}

[609] قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا

ص: 34


1- بحار الأنوار: ج 4 ص 51. مقاتل الطالبيّين : ص 63
2- مدينة المعاجز : ج3 ص404 عن هداية الحضيني : ص 39 وأورده البحراني في العوالم : ج16 ص 142 وبحار الأنوار: ج 44 ص 44 بتفاوت يسير

عبدالله بن جعفر بن درستویه ، أنبأنا يعقوب بن سفيان، أنبأنا الحجّاج - يعني ابن أبي منتع - أنبأنا جدّي عن الزهري قال :

قتل عليّ وبايع أهل العراق الحسن بن عليّ على الخلافة، فطفق يشترط عليهم حين بايعوه : أنّكم لي سامعون مطيعون تسالمون من سالمت، وتحاربون من حاربت. فارتاب أهل العراق في أمره حين اشترط هذا الشرط قالوا : ما هذا لكم بصاحب ومايريد هذا القتال (1) فلم يلبث حسن بعد ما بايعوه إلّا قليلا حتّى طعن طعنة أشوته (2) فازداد لهم بغضاً وازداد منهم ذعراً. (3)

رجال لا وفاء لهم

{10}

[610] روي أنّه لمّا مات علي علیه السّلام جاء الناس إلى الحسن علیه السّلام، وقالوا : أنت خليفة أبيك ووصيّه ونحن السامعون المطيعون لك، فمرنا بأمرك ، فقال علیه السّلام:

ص: 35


1- هكذا زعم الزهري، وهذا خلاف الواقع وقد أراد الإمام الحسن أشدّ القتال . كما أراده قبله أمير المؤمنين علیه السّلام - ولكن أكثر القوم كان هواهم هوى معاوية وكانوا أصحاب الدنيا ومن المنهمكين في شهواتها، وكثير منهم كانوا على مزعمة الخوارج ينتهزون الفرصة لطلب ثاراتهم، ولهذا اتّصل كثير منهم بمعاوية وبادر إلى مبايعته، وثار من على مزعمة الخوار على الإمام الحسن فطعنوه، وتحرّك الغوغاء منهم ومن غيرهم على انتهاب ما في سرادق الإمام فنهبوا جميع ما فيه حتّى بساطه الّذي كان علیه السّلام جالساً عليه
2- أشْوَتْهُ: جعلته كاللحم المشوي أي جعلته کباباً. أو أصابت الطعنة أطرافه ولم تصب مقتله، أي لم تسبّب قتله. وقوله بعد ذلك : «وازداد منهم ذُعْراً» أي : خوفاً وفزعاً ودهشةٌ
3- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص174 رقم 296

كذبتم والله ، وماوفيتم لمن كان خيراً منّي، فكيف تفون لي، وكيف أطمئنّ إليكم ولا أثق بكم، إن كنتم صادقين فموعدُ مابيني وبينكم معسکر المدائن، فوافوا إلى هناك . (1)

ما زلت أعرفكم هكذا

{11}

[611] ثمّ قام قيس بن عبادة الأنصاري ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن صعصعة (2) التيمي فأنّبوا الناس ولا موهم وحرضوهم، وكلّموا الحسن علیه السّلام بمثل کلام عديّ بن حاتم في الإجابة والقبول .

فقال لهم الحسن علیه السّلام : صدقتم رحمكم الله ما زلت أعرفكم بصدق النّية والوفاء، والقبول، والمودّة والصحيحة، فجزاكم الله خيراً ثمّ نزل. وخرج الناس وعسكروا، ونشطوا للخروج، وخرج الحسن علیه السّلام إلى المعسکر واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث ، وأمره باستحثاث الناس على اللحوق إليه، وسار الحسن علیه السّلام في عسکر عظيم حتّى نزل دير عبدالرحمان فأقام به ثلاثاً حتّى اجتمع الناس. (3)

ص: 36


1- الخرائج للقطب الراوندي : ج 2 ص 574. أخرجه عن الحارث الهمداني أنّه قال : لمّا مات عليّ علیه السّلام جاء الناس ... الخ. ورواه عنه المجلسي في بحار الأنوار : ج44 ص 43 والبحراني في «العوالم » : ج 16 ص 141
2- في شرح النهج الحديدي: زیاد بن صعصعة وفي بعض النسخ : ابن حفصة و في البحار : ابن حصفة، وعلى أيّ تقدير لم أظفر على ترجمته
3- شرح النهج : ج16 ص 39 وعنه بحار الأنوار : ج 4 ص 50 بعد ذكر خطبة الإمام المجتبى علیه السّلام في جسر منیج يحرّض الناس على الجهاد والصبر ، وبعد ذکر مقالة عديّ بن حاتم ... ثمّ قام قيس بن عبادة الأنصاري ... الخبر

لا خير فيكم

{12}

[612] ابن سعد: حدّثنا محمّد بن عُبيد، عن مجالد، عن الشعبي، وعن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه، أنّ أهلَ العراق لمّا بايعوا الحسن، قالوا له : سِرْ إلى هؤلاء الّذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظائم، فسارَ إلى أهل الشام، وأقبل معاوية حتّى نزل جسر منبج، فبينا الحسنُ بالمدائن، إذ نادى مناد في عسکره: ألا إنّ قیسَ بنَ سعد قد قُتِل، فشدّ الناسُ على حُجرة الحسن، فنهبوها حتّى انتهبت بسطه، وأخذوا رداءه، وطعنه رجل من بني أسد في ظهره بخنجر مسموم في اليته، فتحوّل، ونزلَ قصر کسرى الأبيض، وقال : عليكم لعنة الله من أهل قرية، قد علمتُ أن لا خيرَ فيكم، قتلتُم أبي بالأمس، واليومَ تفعلون بي هذا. (1)

إني لستُ مبايعاً

{13}

[613] إنّي لستُ مبايعاً، أو تؤمِّنَ الناسَ جميعاً . (2)

ص: 37


1- سير أعلام النبلاء للذهبي المتوفّى (748ه) ج 3 ص 263 وترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاریخ دمشق : ص176 رقم 298 وفيه : طعنه رجل من بني أسد يقال له : ابن أُقَيْصِر
2- الفتوح لابن اعثم الكوفي المتوفى نحو (314) ج 4 ص 292. قال : وسار معاوية في جيشه حتّى وافي الكوفة، فنزل بها في قصر الإمارة، ثمّ أرسل إلى الحسن بن علي فدعاه، وقال : هلمّ يا أبا محمّد إلى البيعة. فأرسل إليه الحسن أبايعك على أنّ الناس كلّهم آمنون. فقال معاوية : الناس كلّهم آمنون إلّا قیس بن سعد، فإنّه الا أمان له عندي . فأرسل الحسن إليه : إنّي لست مبايعاً أو تؤمن الناس جميعاً، وإلّا لم أُبايعك . قال : فأجابه معاوية إلى ذلك

أنت في حلّ من بيعتي

{14}

[614] قال : فأنت في حلّ و سعة من بيعتي، فبايعْ . (1)

مع قیس بن سعد

{15}

[615] قال أبو الفرج : فلمّا تمّ الصلح بين الحسن ومعاوية أرسل إلى قیس بن سعد يدعوه إلى البيعة فجاء و كان رجلاً طوالاً يركب الفرس المشرف، ورجلاه يخطّان في الأرض وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمّى خصيّ الأنصار، فلمّا أرادوا إدخاله إليه ، قال : حلفت أن لا ألقاه إلا وبيني وبينه الرُمح أو السيف، فأمر معاوية برمح وسيف فوضعا بينه وبينه ليبرّ يمينه .

قال أبو الفرج: وقد روي أنّ الحسن لمّا صالح معاوية اعتزل قیس بن سعد

ص: 38


1- الفتوح لابن اعثم الكوفي : ج4 ص 293 قال : ثمّ أرسل إلى قیس بن سعد فدعاه إلى البيعة، فأبى أن يبايع، فدعاه الحسن و أمره أن يبايع معاوية ، فقال له قيس : یابن رسول الله! إنّ لك في عنقي بيعة، وإنّي والله لا أخلعها أبداً حتّى تكون أنت الّذي تخلعها! فقال له الحسن : فأنت في حلّ وسعة من بيعتي، فبايع ! فإنّي قد بایعت، فعندها بایع قيس لمعاوية . فقال له معاوية : يا قيس! إنّي قد كنت أكره أن تجتمع الناس إليّ وأنت حيّ. فقال قيس : وأنا والله يا معاوية قد كنت أكره أن يصير هذا الأمر إليك وأنا حي. كذا بالأصل، وفي الطبري: ج 6 ص 94: أنّ قیس بن سعد رفض مبايعة معاوية مع إخباره بتسليم الأمر إليه : فأرسل إليه معاوية بسجل قد ختم عليه في أسفله فقال : اكتب في هذا السجل ما شئت فهو لك . فاشترط قيس فيه له ولشيعة علي الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال ... وأعطاء معاوية ما سأل، فدخل قيس ومن معه في طاعته

في أربعة آلاف وأبى أن يبايع، فلمّا بايع الحسن أُدخل في ليبايع فأقبل على الحسن فقال: أفي حلّ أنا من بيعتك؟

قال : نعم.

فألقي له کرسيّ وجلس معاوية على سريره والحسن معه، فقال له معاوية : یا قیس، قال : نعم، ووضع يده على فخذه ولم يمدّها إلى معاوية، فحنّى معاوية على سريره (1) وأكب على قيس حتّى مسح يده على يده، ومارفع قيس إليه يده. (2)

لا تكرهه فهو لا يبايع

{16}

[616] قال : فطلب معاوية البيعة من الحسين علیه السّلام فقال الحسن : یا معاوية! لا تكرهه فإنّه لا يبايع أبداً أو يقتل ولن يقتل حتّى يقتل أهل بيته، ولن يقتل أهل بيته حتّى يقتل أهل الشام . (3)

ص: 39


1- في المقاتل ص 50: فجثا معاوية على سريره. وحنى أنسب فإنّه بمعنى الانعطاف
2- بحار الأنوار: ج 44 ص 54 عن مقاتل الطالبيّين : ص50
3- بحار الأنوار : ج 44 ص 57 عن المناقب . وأورده ابن اعثم الكوفي المتوفّى نحو 314 في الفتوح: ج 4 ص 292 وفيه : فأرسل معاوية إلى الحسين بن علي فدعاه إلى البيعة، فأبی الحسن أن یبایع، فقال الحسن : يا معاوية ! لا تكرهه فإنّه لن يبايع أبداً أو يقتل، ولن يقتل حتّى يقتل أهل بيته، ولن يقتل أهل بيته حتّى تقتل شيعته، ولن تقتل شيعته حتّى يبيد أهل الشام . قال : فسکت معاوية عن الحسين ولم يكرهه

قتلتم أبي بالأمس

{17}

[617] فلمّا خرج الحسن عدا عليه الجراح بن الأسد ليسير معه فوجأه بالخنجر في فخذه ليقتله، فقال الحسن : قتلتم أبي بالأمس ووثبتم عليّ اليوم تريدون قتلي زهداً في العادلين ورغبة في القاسطين، والله لتعلمنّ نبأه بعد حين ، ثمّ كتب إلى معاوية بتسليم الأمر إليه كما سيجيء. (1)

البيعة بشروط

{18}

[618] قال : ثمّ دعا الحسن بن علي عبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطّلب بن هاشم وهو ابن أخت معاوية فقال له : صر إلى معاوية فقل له عنّي : إنّك إن أمّنتَ الناس على أنفسِهم وأموالِهم وأولادِهم ونسائهِم بايعتُك، وإن لم تُؤمِّنهم لم أبايعك . (2)

ص: 40


1- رواه القوم : منهم العلامة القاضي الشيخ حسين بن محمّد بن حسن المالكي الديار بكري المكّي المتوفّى سنة 966 وقيل 983 في «تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفیس» (ج 2 ص 289 ط الوهبية بمصر سنة 1283) قال : ... . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 160
2- الفتوح لابن اعثم الكوفي : ج 4 ص 290

هذا كتاب الصلح

{19}

[619] قال علیه السّلام: أمّا ولاية الأمر من بعده فما أنا بالراغب في ذلك، ولو أردت هذا الأمر لم أُسلّمه إليه.

قال ابن اعثم : فأخذ عبدالله بن نوفل الصحيفة وأقبل إلى الحسن ومعه نفر من أصحابه من أشراف قریش، منهم عبدالله بن عامر بن کریز وعبدالرحمن بن سمرة ومن أشبههما من أهل الشام.

قال : فدخلوا فسلّموا على الحسن، ثمّ قالوا: أبا محمّد! إن معاوية قد أجابك إلى جميع ما أحببت، فاكتب الّذي تحب .

فقال الحسن : أمّا ولاية الأمر من بعده، فما أنا بالراغب في ذلك، ولو أردت هذا الأمر لم أسلّمه إليه، وأمّا المال، فليس لمعاوية أن يشرط لي في المسلمين، ولكن أكتب غير هذا وهذا كتاب الصلح . (1)

لا وفاء لمعاوية

{20}

[620] قال ابن عساكر : أخبرنا أبو محمّد عبدالکریم بن حمزة السلمي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت : حيلولة : وأخبرنا أبو القاسم إسماعیل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله، قالا: أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسين، أنبأنا أبو محمّد عبدالله بن جعفر، أنبأنا يوسف يعقوب بن سفيان أنبأنا الحجاج، حدّثني جدّي :

ص: 41


1- الفتوح لابن اعثم الكوفي : ج4 ص 290

عن الزهري قال : فكاتب الحسن لمّا طعن معاوية وأرسل يشرطه شرطه [ظ] فقال : إن أعطيتني هذا فإنّي سامع مطيع وعليك أن تفي به، فوقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد أرسل معاوية إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط في هذه ماشئت فما اشترطت فهو لك. فلمّا أتت حسناً جعل يشترط أضعاف الشروط الّتي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده ، وأمسك معاوية صحيفة حسن الّتي كتب إليه يسأله ما فيها .

فلمّا التقيا وبايعه الحسن سأل حسن معاوية أن يعطيه الشروط الّتي اشترط في السجل الّذي ختم معاوية على أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك، وقال لك ما كنت كتبت إليّ تسألني أن أعطيك فإنّي قد أعطيتكها حين جاءني.

فقال له الحسن : وأنا قد اشترطت عليك حين جاءني سجلّك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه. فاختلفا في ذلك، فلم ينفّذ [معاوية ] للحسن من الشرط شيئاً. (1)

ص: 42


1- أي لا الشرط المختلف فيه ولا المتّفق عليه ، أمّا المختلف فيه فواضح أنّ معاوية لم يف به ولم ينفّذه، وأمّا الشروط المتّفق عليها الّذي لم يفِ بها معاوية ولم ينفّذها فكثيرة: منها طرده و کلاء وعمّال الإمام الحسن علیه السّلام عن بلدتي فسا» و «دار ابجرد». و منها تخلّفه عن عدم ذكر أمير المؤمنين علیه السّلام، بسوء، فسنّ سبّه في جميع الأرجاء الإسلاميّة واستمرّت هذه السُنّة الإلحاديّة إلى تمام ملك بني أُميّة عدا سنوات من ملك عمر بن عبدالعزيز فإنّه بحسن تدبيره وسريرته عطل هذه السُنّة الكافرة . ومنها عدوله عن عدم تعرّضه للإمام وشيعته وأن لا يبغي لهم الغوائل، وقد خالف معاوية هذا الشرط - كبقيّة الشروط - فسمّ الإمام الحسن وقتل حُجْر بن عديّ والأخبار من أصحابه بالإفك والتزوير والغدر والنفاق . و منها أن لا يرشّح أحداً للإمارة على المسلمين وقيادتهم . قال أبو عمر في ترجمة الإمام الحسن من كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة: ج 1 ص 373 : ولا خلاف بين العلماء أنّ الحسن إنّما سلّم الخلافة لمعاوية حياته لاغير ثمّ تكون له من بعده وعلى ذلك انعقد بينهما ما انعقد ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص186

ألست إمامكم ؟

{21}

[621] وروى الصدوق (طاب ثراه) في كتاب «علل الشرائع والأحكام» بإسناده إلى أبي سعيد عقیصا (1)، قال : قلت للحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهماالسّلام : یابن رسول الله، لِمَ داهنتَ معاوية وصالحتَه وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه ، وأنّ معاوية ضالّ باغ؟

فقال : يا أبا سعيد، ألستُ حجّة الله - تعالى ذكره - على خلقه وإماما عليهم بعد أبي؟

قلت : بلی.

قال : ألستُ الّذي قال رسول الله صلّي الله علیه و آله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان، قاما أو قعدا؟

قلت : بلی.

قال : فأنا إذن إمام لو قمتُ، وأنا إمامٌ إذ قعدتُ. يا أبا سعيد علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله صلّي الله علیه و آله لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكّة حين انصرف من الحُدَيبية، أُولئك كفّار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه کفّار

ص: 43


1- عقیصا مقصوراً لقب أبي سعيد دينار التيمي التابعي، لقّب به لشعر قاله، وهو إمامي لم يعرف حاله

بالتأويل . يا أبا سعيد، إذا كنتُ إماماً من قبل الله تعالى لم يجب أن يسفّه رأيي في ما أتيتُه من مهادنة أو محاربة وإن كان وجه الحكمة في ما أتيته ملتبساً ... إلى أن قال : سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما آتيتُ لما ترك من شیعتنا على وجه الأرض من أحد إلّا قتل . (1)

للصلح حكمة

{22}

[622] أما علمتم أنّ الخضر لمّا خرق السفينة وأقامَ الجدار وقتل الغلام، كان ذلك ساخطاً لموسی بن عمران علیه السّلام ، إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى ذكرُه حكمةً و صواباً . (2)

التقيّة ومبايعة الطغاة

{23}

[623] أما علمتم أنّه مامنّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعته لطاغية زمانه، إلّا القائم الّذي يُصلّي خلفَه روحُ الله عیسی بنُ مریم علیه السّلام ، فإنَّ الله عزّوجلّ يخفي

ص: 44


1- علل الشرائع : ج 1 ص 211 ط النجف الأشرف وعنه معادن الحكمة : ج 2 ص 12 - 13
2- رواه في بحار الأنوار : ج 44 ص 19 عن الإحتجاج : ج 2 ص 9 وفي ج 51 ص 132 ح 1 عن كمال الدين : ج 1 ص 315 الباب 29 تحت رقم 2: عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسی بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنّان بن سدير بن حکیم، عن أبيه ، عن أبي سعيد عقّيصا. ورواه الحمويني في فرائد السمطين : ج 2 ص 123 تحت رقم 424

ولادته ويُغيب شخصَه، لئلّا يكون لأحدٍ في عُنُقِه بيعةٌ إذا خرج.

ذاك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيّدة النساء ، يُطيلُ الله عمره في غيبته، ثمّ يظهره بقدرته، في صورة شابّ دون الأربعين سنة، ذلك ليُعلَم أنّ الله على كلّ شيء قدير. (1)

في علّة ترك القتال

{2}

[624] أرسل معاوية إلى الحسن (السبط الزكي) يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج، فقال الحسن علیه السّلام: سبحان الله تركتُ قتالَك وهو لي حلال، لصلاح الأُمّة وأُلفتهم، أفتراني أُقاتل معك . (2)

إنّ ابني هذا سيّد

{25}

[625] حدّثنا عبدالله بن محمّد، حدّثنا سفيان، عن أبي موسى، سمع الحسن (3) يقول : استقبل والله الحسنُ بنُ علي معاوية بكتائب مثل الجبال . فقال

ص: 45


1- بحار الأنوار : ج 44، ص19 عن الاحتجاج : ج 2 ص 9 وفي ج 51 ص 132 ح 1 عن كمال الدین ص 315 بإسناده عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري السمرقندي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسی بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمدّ الصيرفي، عن حنّان بن سدير بن حکیم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقیصا، قال : لمّا صالح الحسن علیه السّلام في فلامه بعض الناس، فأجابهم بكلمات منها قال : أما علمتم ... الخبر
2- الغدير : ج 10 ص 160 عن شرح ابن أبي الحديد: ج4 ص6
3- المراد بالحسن هو الحسن البصري

عمرو بن العاص : إنّي لأرى كتائب لا تُولّي حتّى تقتُل أقرانها .

فقال له معاوية - وكان والله خيرَ الرجلين -: أي عمرو! إنه قَتَلَ هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، مَن لي بأُمور المسلمين، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم ؟! فبعثَ إليهم برجلين من قريش، عبدالرحمن بن سَمُرة، وعبدالله بن عامر بن کُریز، فقال : اذهبا إلى هذا الرجل فأعرضا عليه، وقولا له، واطلبا إليه ، فأتياه . فقال لهما الحسنُ بنُ علي : إنّا بنو عبدالمطلب قد أُصبنا من هذا المال ، وإنّ هذه الأُمّة قد عاثت في دمائها . قالا : فإنّا نعرِضُ عليك كذا وكذا، ونطلبُ إليك، ونسألك . قال : فمن لي بهذا؟ قالا: نحنُ لك به . فما سألهما شيئاً إلّا قالا: نحن لك به، فصالحه.

قال الحسن (1) : ولقد سمعتُ أبابكرة يقول : رأيتُ رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : «إنّ ابني هذا سيّد ...» وذكر الحديث (2). (3)

ومن حِكم الصُلح

{26}

[626] إنّي لمّا رأيتكم ليس بكم عليهم قوّة سلّمتُ الأمرَ لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم . (4)

ص: 46


1- المراد بالحسن هو الحسن البصري
2- و تمامه «ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» أخرجه البخاري : ج5 ص 225 في الصلح: باب قول النبي صلّي الله علیه و آله للحسن بن علي (رضي الله عنهما): إنّ ابني هذا سیّد...
3- سير أعلام النبلاء: ج 2 ص 271
4- تحف العقول : ص 227

ألا تعلمون أني إمامكم ؟

{27}

[627] ويحكم! ماتدرون ماعملتُ، والله الّذي عملتُ خيرٌ لشيعتي ممّا طلعتْ عليه الشمس أو غربتْ، ألا تعلمون أنّي إمامُكم ومفترَضُ الطاعة عليكم، وأحدُ سيّدَيْ شباب أهل الجنّة بنصّ مِن رسول الله صلّي الله علیه و آله عليّ ؟

قالوا: بلی. (1)

ابتغاء وجه الله

{28}

[628] قال ابن عساکر : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد، وأبو غالب أحمد وأبو عبدالله يحيى ابنا الحسن ، قالوا: أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا محمّد بن عبدالرحمان، أنبأنا أحمد بن سليمان، أنبأنا الزبير بن أبي بكر ، حدّثني أحمد بن سليمان، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة بن يزيد بن خمیر الشامي:

عن عبدالرحمان بن جبير بن نفير الشامي عن أبيه قال : قلت للحسن بن عليّ: إن الناس يزعمون أنّك تريد الخلافة؟

ص: 47


1- رواها الطبرسي في «الإحتجاج» : ج 2 ص 9 بإسناده عن حنان بن سدير ، عن أبيه سدير بن حکیم، عن أبيه ، عن أبي سعيد عقیصا ، قال : لمّا صالح الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام معاوية بن أبي سفيان، دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال الحسن علیه السّلام : ويحكم ... الخبر . ورواه في بحار الأنوار : ج 44 ص 19 عن الاحتجاج : ص 148 وفي البحار أيضا: ج 51 ص 132

قال : كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله تعالى ثمّ أثيرها یاتیّاس الحجاز . (1)

لقبُ علي علیه السّلام و حسب

{29}

[629] ثمّ انصرف إلى الكوفة فأقام بها عاتباً على أهلها مؤنّباً لهم حتّى دخل عليه حجر بن عدي الطائي فقال له: يا أمير المؤمنين يسعك ترك معاوية .

فغضب غضباً شديداً حتّى احمرّت عيناه ودرّت أوداجه وانسكبت دموعه وقال :

ويحك يا حجر! تسمّيني بإمرة المؤمنين وما جعلها الله لي ولا لأخي الحسين ولا لأحد ممّن مضى ولا لأحد ممن يأتي إلّا لأمير المؤمنين وحده خاصّة، أو ماسمعت جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله قال لأبي : إنّ الله سمّاك بإمرة المؤمنين ولم يشرك معك في هذا الإسم أحداً فما تسمى به غيرك، وإلّا فهو مابون في عقله ومابون في ذاته .

فانصرف عنه وهو يستغفر الله. (2)

ص: 48


1- الحديث ضعيف، ولو لم يكن فيه إلّا أبو عمر الحمصي يزيد بن خمير الّذي كان شرطياً لآل أُميّة الشجرة الملعونة في القرآن لكفاهما و هناً. فإن ثبت متن الحديث بطريق وثيق آخر أو بقرينة خارجية فتوجيهه ماذكره في الباب : (159) من علل الشرائع، ص 219، ورواه عنه بحار الأنوار: ج 10 ص 104 و في ط 2: ج 44 ص 15 وفيه : يا تيّاس أهل الحجاز، والتيّاس : بيّاع عسب الفحل الّذي هو حرام. وجبير بن نفیر کان دسيساً إلى الإمام علیه السّلام ليختبره هل في نفسه الإثارة. ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق لابن عساکر : ص205 رقم 330
2- مدينة المعاجز : ج 3 ص 406

من حكم الصلح

{30}

[630] وإنّي لم أفعل ما فعلت إلّا إبقاءً عليكم، والله تعالى كلّ يوم هو في شأن .

قال ابن اعثم الكوفي بعد ذكره جواب الإمام علیه السّلام عن اعتراض المسيّب بن نجبة :

فبينما الحسن بن علي يكلّم المسيّب بهذا الكلام إذا برجل من أهل الكوفة يقال له عبيدة بن عمرو الكندي قد دخل، وفي وجهه ضربة منكرة .

قال : وعرفه الحسن فقال : ما هذا الّذي بوجهك يا أخا کندة؟

قال : هذه ضربة أصابتني مع قیس بن سعد.

فقال حجر بن عدي الكندي : أما والله لقد وددت انّك متّ في ذلك ومتنا معك ثمّ لم نر هذا اليوم، فإنّا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا.

قال : فتغيّر وجه الحسن ثمّ قام عن مجلس معاوية وصار إلى منزله، ثمّ أرسل إلى حجر بن عدي فدعاه، ثمّ قال له: يا حجر ! إنّي قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، وليس كلّ إنسان يحبّ ما تحبّ، ولا رأيه رأيك، وإنّي لم أفعل ما فعلت إلّا إبقاء عليكم، والله تعالى كلّ يوم هو في شأن . (1)

ص: 49


1- الفتوح لابن أعثم: ج ص 295

قلّة الناصرين

{31}

[631] دخل حجر بن عدي على الإمام الحسن المجتبی علیه السّلام وقال : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين ! فضحك في وجهه وقال له:

والله يا حجر إنّ هذه الكلمة لاسهل عليَّ وأسرّ إلى قلبي من كلمتك الأُولى، فما شأنك أتريد أن تقول خيل معاوية قد أشنّت على الأنبار وسوادها؟ وإنّي في ألف رجل من شيعتنا في هذين المصرين الكوفة والبصرة .

فقال له حجر : يا مولاي ما أردت أن أقول إلّا ما ذكرته وقلته .

فقال له: يا حجر لو أنّي في ألفي رجل لا والله [إلّا] في مائتي رجل لا والله إلّا في سبعة نفر لما وسعني القعود، ولقد علمتم أنّ أمير المؤمنين علیه السّلام قد دخل عليه ثقاته حين بويع أبو بكر فقالوا له مثل ما قلت لي فقال لهم مثل ما قلت لك، فقام سلمان والمقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان وخزيمة (بن ثابت) وأبو الهيثم مالك بن التيهان فقالوا له: يا أمير المؤمنین نحن شيعة لك ومن ورائنا شيعة [لك] يصدقون الله في طاعتك .

فقال لهم : حسبي بكم.

فقالوا: ما تأمرنا؟

قال : فإذا كان غداً فاحلقوا رؤوسكم واشهروا سيوفكم وضعوها على عواتقکم و بکّروا عليّ فإنّي أقوم بأمر الله ولا يسعني القعود عنه .

فلمّا كان من الغد بكر إليه سلمان والمقدادا و أبوذر وقد حلقوا رؤوسهم وشهر وا سيوفهم وجعلوها على عواتقهم ومعهم عمّار قد حلق نصف رأسه وشهر نصف سيفه، فلمّا قعدوا بين يديه نظر إليهم وقال لعمّار : يا أبا اليقظان من يشري نفسه [الله] على نصرة دينه يتقي ويخاف؟

ص: 50

قال : يا أمير المؤمنين خشیت وثوبهم عليّ وسفكهم دمي. (1)

و بالصلح اعزّ المؤمنين

{32}

[632] أخبرنا ثقيف البكّاء، قال : رأيت الحسن بن علي علیهماالسّلام بها عند منصرفه من معاوية، وقد دخل عليه حجر بن عدي فقال : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين !

فقال : مَهْ! ما كنت مذلّهم، بل أنا معزّ المؤمنين، وإنّما أردتُ الإبقاء عليهم، ثمّ ضرب برجله في فسطاطه فإذا أنا في ظهر الكوفة وقد خرق إلى دمشق ومضى حتّى رأينا عمرو بن العاص بمصر ومعاوية بدمشق فقال : لو شئت النزعتهما ولكن هاه هاه ومضی محمّد صلّي الله علیه و آله على منهاج و عليّ علیه السّلام على منهاج وأنا أُخالفهما لا يكون (2) ذلك منّي . (3)

کلام بين الحسنين علیهماالسّلام

{33}

[633] ذكر ابن اعثم خطبته الّتي قال في آخرها: «إنّي مسلّم هذا الأمر إلى معاوية» قال : فقال له أخوه الحسين : يا أخي! أُعيذك بالله من هذا!

ص: 51


1- مدينة المعاجز : ج3 ص 407
2- في المصدر : فأنا أُخالفهما؟ لاكان
3- دلائل الإمامة : ص 64: الطبري الإمامي قال : وحدّثنا أبو محمّد، قال : حدّثنا عمارة بن زيد، قال : حدّثنا إبراهيم بن سعد، قال : حدّثنا محمّد بن جرير، قال: أخبرنا ثقيف البكّاء، ...

فقال الحسن : والله لأفعلن ولأسلمن هذا الأمر إلى معاوية . (1)

ولكي يعرف الآخرون

{34}

[634] ودخل الحسين علیه السّلام على أخيه باكياً ثمّ خرج ضاحكاً فقال له مواليه : ماهذا؟

قال : العجب من دخولي على إمام أُريد أن أُعلمّه ، فقلت : ماذا دعاك إلى تسليم الخلافة ؟ فقال : الّذي دعا أباك فيما تقدّم . (2)

رأيت أهل الكوفة

{35}

[635] رأيت أهل الكوفة قوماً لا يثق بهم أحدٌ إلّا غُلِب، ليس أحدٌ منهم يوافق الآخر في رأي و لا هواء، مختلفين ولانيّة لهم في خير ولا شرّ، لقد لقي أبي منهم أُموراً عظاماً، فليت شعري لمن يصلحون بعدي، وهي أصلح البلاد خراباً. (3)

قیدتني دماء المسلمين

{36}

[636] قال ابن عساکر : وأنبأنا ابن سعد، أنبأنا عليّ بن محمّد، عن

ص: 52


1- الفتوح لابن اعثم الكوفي: ج 4 ص 290
2- بحار الأنوار : ج 44 ص 57 عن المناقب
3- الكامل لابن أثیر : ج3 ص 204

إبراهيم بن محمّد، عن زيد بن أسلم، قال: دخل رجل على الحسن بالمدينة وفي يده صحيفة ، فقال : ما هذه؟

قال : من معاوية يعد فيها ويتوعّد.

قال : قد كنت على النصف منه .

قال : أجل ولكنّي خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً أو أكثر من ذلك أو أقلّ كلّهم تنضح أوداجهم دماً كلّهم يستعدي الله فيم أُهريق دمه (1). (2)

هوية المناوؤن

{37}

[637] قال ابن عساکر : أخبرنا أبو محمّد عبدالکریم بن حمزة، أنبأنا أبوبكر الخطيب، أنبأنا ابن الفضل، وابن شاذان، قالا : أنبأنا أبوعبدالله محمّدبن عبدالله بن عمر ويه الصفّار، أنبأنا أبو بكر بن أبي خيثمة، أنبأنا موسی بن إسماعيل، أنبأنا القاسم بن الفضل الحُدّاني :

عن يوسف بن مازن، قال: عرض للحسن بن عليّ رجل فقال : يا مسوّد وجوه المسلمين .

ص: 53


1- إنْ صحّ الحديث و ثبت صدور هذا الكلام عن الإمام الحسن علیه السّلام فلعلّ معنى كلامه هذا: أنّ الله تعالى لغاية لطفه وعنايته ببقاء عباده الصالحين أوجب عليّ مسالمة الطغاة ومصالحة الأشرار للحفاظ على الصالحين من عباده، فلو لم نسالم معاوية كان هؤلاء المحقّون يقتلون مع أهلهم وأولادهم ويوم القيامة يستعدون الله فيما أُريق دمهم ولم يلاحظ مصلحة بقائهم داعين إلى الله
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص206

فقال : لاتعذلني فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله أريهم يثبون على منبره رجلاً رجلاً فأنزل الله تعالى : «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» وهو نهر في الجنّة. «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يملكونه بعدي ، يعني بني أُميّة. (1)

ورواه أيضاً الشيخ أحمد بن عبدالله المصري القلقشندي المتوفّى سنة في «مآثر الانافة في معالم الخلافة» (ص 167 ط الكويت) قال :

قيل إنّه لمّا سار الحسن من الكوفة عرض له رجل فقال له: يا مسوّد وجوه المؤمنين .

فقال: لا تعذلني فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله رأى في منامه أنّ بني أُميّة ينزون على منبره واحداً فواحداً، فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى عليه «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ

ص: 54


1- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 198 . ورواه أيضاً ابن الأثير في حوادث سنة (41) من كتاب الكامل : ج3 ص 407 قال : ولمّا سار الحسن من الكوفة عرض له رجل فقال له: يا مسوّد وجوه المسلمين . فقال : لا تعذلني، فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله رأى في المنام بني أُميّة بنزون على منبره رجلاً فرجاً، فساءه ذلك فأنزل الله عزّوجلّ : «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» وهو نهر في الجنّة، «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» إلى قوله تعالى : «خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يملكها بعدك بنو أُميّة. والحديث رواه أيضاً الثعلبي في تفسير سورة القدر من تفسير الكشف والبيان : ج 2 ص ... ورواه أيضاً في أُسد الغابة : ج 2 ص 14 قال : أخبرنا إبراهيم بن محمّد بن مهران الفقيه وغير واحد قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال : حدّثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبوداود الطيالسي أخبرنا القاسم بن الفضل الحراني، عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد مابایع معاوية فقال : سوّدت وجوه المؤمنين أو یا مسوّد وجوه المؤمنين ، فقال : لا تؤنبني رحمك الله فإنّ النبي صلّي الله علیه و آله أرى بني أُميّة على منبره فساءه ذلك فنزلت: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» تلمکها بعدي بنو أُميّة

الْقَدْرِ» الآيات يعني ألف شهر يملكها بنو أُميّة . (1)

ومنهم العلامة الروداني في «جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد» (ص 432).

روى الحديث من طريق الترمذي بمعنى ما تقدّم عن «مآثر الانافة» وذكر فيه نزول سورة الكوثر والقدر ، ثمّ قال : قال القاسم بن الفضل : فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً.

وفي «صحيح الترمذي» : ج 2 في أبواب تفسير القرآن في سورة القدر روئی بسنده عن القاسم بن الفضل الحمداني، عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام - بعد مابایع معاوية . فقال : سوّدت وجوه المؤمنين، أو یا مسوّد وجوه المؤمنين .

فقال : لا تؤنّبني رحمك الله فإنّ النبي صلّي الله علیه و آله أُرى بني أُميّة على منبره فساءه ذلك فنزلت «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» که با محمّد یعني نهراً في الجنّة، ونزلت «إِنَّا

ص: 55


1- قال الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبوعلم في «أهل البيت» (ص 371 ط مطبعة السعادة بالقاهرة): وأنّ مهادنة الحسن وشهادة الحسين علیهماالسّلام قائمتان على فكرة عميقة منبعثة من وحي جدّهما الرسول صلّي الله علیه و آله، ولولا صلح الإمام الحسن وشهادة أخيه سيّدالشهداء لما بقي للإسلام إسم ولا رسم وفي ذلك يقال : أنّه كما كان الواجب في الظروف الّتي ثار فيها الحسين سلام الله عليه على طاغوت زمانه أن يحارب ويقاتل حتّى يقتل هو وأصحابه وتسبى عياله ودایع رسول الله صلّي الله علیه و آله كما كان هذا هو المتعيّن في فنّ السياسة وقوانين الغلبة ، كذلك كان الواجب في ظروف الحسن (رضي الله عنه) وملابساته هو الصلح، وشهادة الحسين، والّذي لولاه لما بقي للإسلام إسم ولضاعت كلّ جهود سيّدنا الرسول صلّي الله علیه و آله وما جاء به للناس من خير وبركة ورحمة . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 161

أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يملكها بنو أُميّة يا محمّد.

قال القاسم: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص.

وفي «مستدرك الصحيحين»: ج3 ص170 روی بسنده عن يوسف بن مازن الراسبي قال : قام رجل إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام بها فقال : سوّدت وجوه المؤمنين .

فقال الحسن علیه السّلام : لا تؤنّبني رحمك الله فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قد رأى بني أُميّة يخطبون على منبره رجلاً رجلاً فساءه ذلك فنزلت «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» که نهر في الجنّة، ونزلت «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» تملكها بنو أُميّة، قال : فحسبنا ذلك فإذا هو لا يزيد ولا ينقص .

قال : هذا إسناد صحيح، ثمّ روی بسنده عن سفيان بن الليل الهمداني مثله .

وفي «تفسیر ابن جریر » : ج 30ص167 روی بسنده عن القاسم بن الفضل ابن عیسی بن مازن قال : قلت للحسن بن علي علیهماالسّلام : يا مسوّد وجوه المؤمنين عمدت إلى هذا الرجل فبايعت له - يعني معاوية بن أبي سفيان - فقال : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله أُري في منامه بني أُميّة يعلون منبره خليفة خليفة فشقّ ذلك عليه فأنزل الله «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» و «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» - يعني ملك بني أُميّة . قال القاسم: فحسبنا ملك بني أُميّة فإذا هو ألف شهر .

وفي «الفخر الرازي» في تفسير سورة القدر قال: روى القاسم بن الفضل، عن عیسی بن مازن قال : قلت للحسن بن علي علیهماالسّلام : یا مسوّد وجوه المؤمنين عمدت إلى هذا الرجل فبايعت له يعني معاوية .

فقال : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله رأى في منامه بني أُميّة يطاون منبره واحداً بعد

ص: 56

واحد.

(قال): وفي رواية ينزون على منبره نزو القردة، فشقّ ذلك عليه، فأنزل الله تعالى : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» إلى قوله : «خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يعني ملك بني أُميّة.

(قال) : قال القاسم : فحسبنا ملك بني أُميّة فإذا هو ألف شهر .

وفي «الفخر الرازي» في تفسير سورة الكوثر قال : إنّ رجلاً قام إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام وقال : سوّدت وجوه المؤمنين بأن تركت الإمامة لمعاوية .

فقال : لا تؤذني يرحمك الله فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله رأی بني أُميّة في المنام يصعدون منبره رجلاً فرجلاً فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» و «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» فكان ملك بني أُميّة كذلك ثمّ انقطعوا وصاروا مبتورين .

لم أجد أنصاراً

{38}

[638] عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: حدّثني رجل منّا قال : أتيت الحسن بن علي علیهماالسّلام فقلت : يابن رسول الله صلّي الله علیه و آله أذللت رقابنا، وجعلتنا معشر الشيعة عبيداً مابقي [معك] رجل .

فقال : وممّ ذاك؟

قال : قلت : بتسليمك الأمر لهذا الطاغية .

قال : والله ماسلّمت الأمر إليه إلّا أنّي لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتّى يحكم الله بيني وبينه، ولكنّي عرفت أهل

ص: 57

الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسداً، إنّهم لا وفاء لهم ولا ذمّة في قول ولافعل، إنّهم لمختلفون ويقولون لنا : إنّ قلوبهم معنا، وإنّ سيوفهم المشهورة علينا .

قال : وهو يكلّمني إذا تنخّع الدم فدعا بطست فحمل من بين يديه ملآن ممّا خرج من جوفه من الدم .

فقلت له : ما هذا يابن رسول الله؟! إنّي لأراك وجعاً؟

قال : أجل دسَّ إلىَّ هذا الطاغية من سقاني سمّاً فقد وقع عليّ كبدي، فهو يخرج قِطَعاً كما ترى.

قلت : أفلا تتداوی؟

قال : قد سقاني مرّتين وهذه الثالثة لا أجد لها دواء .

ولقد رقي إلىّ أنّه كتب إلى ملك الروم يسأله أن يوجّه إليه من السمّ القتّال شربة، فكتب إليه ملك الروم : أنّه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا، فكتب إليه: إنّ هذا ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة قد خرج يطلب ملك أبيه، وأنا أُريد أن أدسّ إليه من يسقيه ذلك، فأُريح العباد والبلاد منه، ووجّه إليه بهدايا و ألطاف، فوجّه إليه ملك الروم بهذه الشربة الّتي دسّ بها فسقيتها، واشترط عليه في ذلك شروطاً. (1)

وما أصنع يا أخا جهينة ؟

{39}

[639] في حديث رواه الطبرسي في الإحتجاج : ج 2 ص 10 عن زید

ص: 58


1- بحار الأنوار : ج44 ص147 عن الإحتجاج : ص 149

الجهني قال : قلت : تترك يابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟

قال : وما أصنع يا أخا جهينة؟ إنّي والله أعلم بأمر قد أدّى به إليّ ثقاته إنّ أمير المؤمنين علیه السّلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحاً : يا حسن أتفرح؟ كيف بك إذا رأيت أباك قتيلاً؟ كيف بك إذا ولّي هذا الأمر بنو أُميّة وأميرها الرحب البلعوم الواسع الإعفجاج، يأكل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر ولا في الأرض عاذر، ثمّ يستولي على شرقها وغربها يدين له العباد ويطول ملکه، يسنّن سنن أهل البدع والضلال، ويميت الحقّ وسنّة رسول الله صلّي الله علیه و آله، يقسم المال في أهل ولايته ويمنعه من هو أحقّ به، ويذلّ في ملكه المؤمن ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولاً، ويتّخذ عباد الله خولاً، يدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويقتل من ناواه على الحقّ، ويدين من لاواه على الباطل ... . (1)

معاوية خير من هؤلاء

{40}

[640] عن زيد (2) بن وهب الجهني قال : لمّاطعن الحسن بن علي علیهماالسّلام بالمدائن أتيته وهو متوجّع فقلت : ما تری یابن رسول الله فإنّ الناس متحيّرون؟

فقال : أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء [الذين] يزعمون أنّهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي، والله لئن أخذ عن معاوية

ص: 59


1- بدائع الحكمة : ج 2 ص 25 عن الإحتجاج
2- زیدبن وهب الجُهَني أبو سليمان الكوفي ترجمه ابن حجر في التقريب : ص165 رقم 2159 وقال : مخضرم، ثقة، جليل، لم يُصَب من قال : في حديثه خلل، مات بعد الثمانين وقيل: سنة (96)

عهداً أحقن به دمي وأُؤمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فضيع أهل بيتي وأهلي! (1)

رجل واسع البلعوم

{41}

[641] کش: روي عن عليّ بن الحسن الطويل ، عن عليّ بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: جاء رجل من أصحاب الحسن علیه السّلام يقال له : سفیان بن ليلى (2) وهو على راحلة له، فدخل على

ص: 60


1- الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 10
2- اختلف في اسمه بين سفيان بن لیلی وسفيان بن أبي ليلى، وسفيان بن یالیل وعلى أيّ عدّه بعض الرجاليّين في حواري الإمام الحسن السبط، وبعضهم نظر في ذلك كابن داود قال : سفیان بن [أبي] ليلى الهمداني من أصحاب الحسن علیه السّلام عنونه الكشي وقال : ممدوح من أصحابه علیه السّلام ، عاتب الحسن بقوله: «يا مذلّ المؤمنین» واعتذر له بأنّه قال ذلك محبّة، وفيه نظر . أقول: روى المفيد في الاختصاص: ص 61 والكشي : ص 73، في حديث ضعيف عن أبي الحسن موسی بن جعفر علیهماالسّلام أنّه قال : ثمّ ينادي المنادي : أين حواري الحسن بن علي؟ فيقوم سفیان بن أبي ليلى الهمداني وحذيفة بن أسيد الغفاري. ولكن قال في تذكرة الخواص: وفي رواية ابن عبدالبرّ المالكي في كتاب الإستيعاب أنّ سفیان بن یالیل وقيل ابن ليلى وكنيته أبو عامر، ناداه يا مذلّ المؤمنين، وفي رواية هشام، ومسوّد وجوه المؤمنين ، فقال له : ويحك أيّها الخارجي لا تعنفني، فإنّ الّذي أحوجني إلى ما فعلت : قتلكم أبي، وطعنكم إيّاي ، وانتها بكم متاعي، وإنّكم لمّا سرتم إلى صفّين كان دینکم أمام دنیاکم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دینکم، ويحك أيّها الخارجي! إنّي رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغترّ بهم إلّا من ذلّ، ليس [رأي] أحد منهم يوافق رأي الآخر، ولقد لقي أبي منهم أُموراً صعبة وشدائد مرّة، وهي أسرع البلاد خراباً، وأهلها هم الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً. وفي رواية : إنّ الخارجي لما قال له : يا مذلّ المؤمنين! قال : ما أذللتهم، ولكن كرهت أن أفنيهم وأستأصل شأفتهم لأجل الدنيا . والظاهر أنّ الرجل كان مع محبّته لأهل البيت خصوصاً الحسن السبط، على رأي الخوارج، ولذلك عنّفه وعابه بمصالحته مع معاوية ، فتحرّر

الحسن وهو محتب (1) في فناء داره فقال له : السلام عليك يا مذلّ المؤمنین!

فقال له الحسن : انزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، وأقبل يمشي حتّى انتهى إليه.

قال : فقال له الحسن : ما قلت؟

قال : قلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنین!

قال : وما علمك بذلك؟

قال : عمدت إلى أمر الأُمّة، فخلعته من عنقك، وقلّدته هذا الطاغية ، يحكم بغير ما أنزل الله.

قال : فقال له الحسن علیه السّلام : سأخبرك لم فعلت ذلك .

قال : سمعت أبي علیه السّلام يقول : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: لن تذهب الأيّام والليالي حتّى يلي أمر هذه الأُمّة رجل واسع البلعوم، رحب الصدر (2) يأكل ولا يشبع وهو معاوية، فلذلك فعلت . ما جاء بك؟

قال : حبّك .

ص: 61


1- أي : كان محتبياً : جمع بين ظهره وساقيه بيديه أو بازاره
2- رحب الصدر : أي واسع الصدر، وإنّما يريد به معناه اللغوي، لا الكناني الّذي هو مدح ، و سيجيء القصّة عن ابن أبي الحديد نقلاً عن مقاتل أبي الفرج، وفيه بدل «رحب الصدر» : «واسع السرم» والسرم: هو مخرج الثفل وهو طرف المعي المستقيم وهو المناسب المقابل لقوله «واسع البلعوم»

قال : الله؟

قال : الله .

فقال الحسن علیه السّلام : والله لا يحبّنا عبد أبداً ولو كان أسيراً في الديلم إلّا نفعه حبّنا، وإنّ حبّنا لیساقط الذنوب من بني آدم کما یساقط الريح الورق من الشجر .

الإختصاص : جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة مشايخنا عن محمّد بن الحسين بن أحمد عن الصفّار، عن ابن عيسى، عن عليّ بن النعمان مثله (1) . (2)

سلطان بني أُميّة

{42}

[642] قال ابن اعثم : فبينا الحسن يكلّم حجر بن عدي إذا برجل من أصحابه قد دخل عليه يقال له سفيان بن الليل البهمي (3) فقال له : السلام عليك یا مذلّ المؤمنين ! فلقد جئت بأمر عظيم ، هلاً قاتلتَ حتّى تموتَ ونموت معك!

فقال له الحسن : يا هذا! إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لم يخرج من الدنيا حتّى رفع له ملك بني أُميّة، فنظر إليهم يصعدون منبره واحداً بعد واحد، فشقّ ذلك عليه ، فأنزل الله تعالى في ذلك قرآناً فقال : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يقول : إنّ ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر من سلطان بني أُميّة. (4)

ص: 62


1- الاختصاص: ص 82 - الكشي : ص 73
2- بحار الأنوار : ج 44 ص 23 - 24
3- في الأخبار الطوال : أنّ القائل هو علي بن محمّد بن بشير الهمداني
4- الفتوح لابن اعثم الكوفي : ج4 ص 296

إنّ الله بالغ أمره

{43}

[643] رواه أبو الفرج في ترجمة الإمام الحسن من مقاتل الطالبيّين : ص 967، ط مصر، قال :

فحدّثني محمّد بن الحسين الأشناني وعلي بن العباس المقانعي قالا : حدّثنا عباد بن یعقوب، قال : أخبرنا عمرو بن ثابت ، عن الحسن بن حکم، عن عديّ بن ثابت ، عن سفيان بن الليل .

وحدّثني محمّد بن أحمد أبو عبيد، قال : حدّثنا الفضل بن الحسن المصري قال : حدّثنا محمّد بن عمرويه ، قال : حدثنا مكي بن إبراهيم، قال : حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن سفيان بن الليل، دخل حدیث بعضهم في حديث بعض وأكثر اللفظ لأبي عبيدة ، قال :

أثبت الحسن بن عليّ حین بایع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين ، فقال : عليك السلام یا سفیان انزل . فنزلت فعقلت راحلتي ثمّ أتيته فجلست إليه فقال : كيف قلت یا سفيان؟

فقلت : [قلت :] السلام عليك يا مذلّ المؤمنين!

فقال : ما جرّ هذا منك إلينا؟

فقلت : أنت والله - بأبي أنت وأُمّي - أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد ومعك مائة ألف كلّهم يموتون دونك وقد جمع الله لك أمر الناس !!

قال : يا سفيان! إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به، وإنّي سمعت عليّاً يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع

ص: 63

أمر هذه الأُمّة على رجل واسع السُرم (1) ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع لا ينظر الله إليه ولا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر وإنّه المعاوية، وإنّي عرفت أن الله بالغ أمره. (2)

لستُ بمذلّ المؤمنين

{44}

[644] قال ابن عساکر : أخبرنا أبو محمّد، أنبأنا أبوبكر .

وأخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري قالا : أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب بن سفيان، أنبأنا العباس بن عبد العظيم ، أنبأنا أسود بن عامر .

حيلولة : وأخبرنا أبو منصور ابن رزيق، أنبأنا أبو بكر الخطيب (3) أنبأنا إبراهيم بن مخلّد بن جعفر، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، أنبأنا عبّاس بن محمّد، أنبأنا أسود بن عامر، أنبأنا زهیر بن معاوية ، أنبأنا أبو روق الهمداني.

أنبأنا أبوالغريف [عبیدالله بن خليفة] قال : كنّا مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفاً بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا [دماً] من الجدّ على قتال أهل الشام،

ص: 64


1- السُرم بضمّ السين طرف المعاء المستقيم
2- ذیل ترجمعة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 201
3- رواه في ترجمة عبيدالله بن خليفة أبوالغريف من تاريخ بغداد : ج 10 ص305. ورواه أيضاً أبو عمرو في ترجمة الإمام الحسن من الإستيعاب : ج 1 ص 372 قال : أنبأنا خلف بن قاسم، أنبأنا عبدالله بن عمر بن إسحاق، أنبأنا أحمد بن محمّد الحجاج بن رشدین، حدّثنا عمرو بن خالد مراراً، حدّثني زهير بن معاوية الجعفي عن أبي روق ...

وعلينا أبوالعمرطة، فلمّا جاءنا صلح الحسن بن عليّ كأنّما كسرت ظهورنا من الغيظ، فلمّا قدم الحسن بن عليّ الكوفة قال له رجل منّا يقال له : أبو عامر سفیان بن ليلى (1) - وقال ابن الفضل : سفيان بن الليل -: السلام عليك يا مذلّ المؤمنين!

قال : فقال له : لا تقل ذاك يا أبا عامر، لست بمذلّ المؤمنين ولكنّي كرهت أن أقتلكم على الملك .

[قال ابن عساکر : ] واللفظ لحديث الحكيمي . (2)

يجتمع الأمر لمعاوية

{45}

[645] حدّثنا محمّد بن فضيل (3)، عن السري (4) بنإسماعيل، عن عامر الشعبي قال: حدّثني سفيان بن الليل قال : سمعت حسن بن عليّ يقول : سمعت عليّاً (رضي الله عنه) يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الأُمّة على معاوية . (5)

ص: 65


1- كذا في أصليّ ومثلهما في تاريخ بغداد . ورواه أيضاً المزي في ترجمة الإمام الحسن من تهذيب الكمال : ج2 ص 273 قال : أخبرنا أبوالعزّبن المجاور قال: أخبرنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ...
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 200
3- محمّد بن فضیل بن عزوان أبو عبدالرحمن الكوفي المتوفّي (295) التقريب : ص 436
4- هو السري بن إسماعيل الهَمْداني الكوفي ولّي القضاء، وكان ابن عمّ الشعبي . التقريب : ص 170
5- ذیل ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص202

ليبقى أصحاب السفينة

{46}

[646] وروى في تحف العقول : ص 227 عن الإمام الصادق علیه السّلام أنّه قال في وصيّته لأبي جعفر محمّد بن النعمان :

إعلم أنّ الحسن بن عليّ علیه السّلام لمّا طُعن واختلف الناس عليه سلّم الأمر المعاوية فسلّمت عليه الشيعة : «عليك السلام یا مذلّ المؤمنين! ».

فقال علیه السّلام: ما أنا بمذلّ المؤمنين ولكنّي مع زّالمؤمنين إنّي لمّا رأيتكم ليس بكم عليهم قوّة سلّمت الأمر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها ... (1)

ذريّة بعضها من بعض

{47}

[647] قال ابن عساکر : أنبأنا أبو غالب شجاع بن فارس، أنبأنا أبو طالب محمّد بن علي الحربي العشاري أنبأنا عبدالله بن محمّد بن أحمد أخي ميمي (2) وأبو عبدالله أحمد بن محمّد بن دوست .

حيلولة : قال : وأنبأنا عليّ بن أحمد الملطي أنبأنا أحمد بن محمّد بن دوست قالا : أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا ابن أبي الدنيا، أنبأنا عبدالرحمان بن صالح، أنبأنا محمّد بن موسی:

عن فضیل بن مرزوق قال : أتى مالك بن ضمرة الحسن بن علي فقال :

ص: 66


1- ورواه عنه في بحار الأنوار : ج 10 ص 104 ط1 وفي ط 2 ج 44 ص 14. وفي ج17 ص195 ط1 وانظر الحديث (428) في الباب (27) من السمط الثاني من فرائد السمطين : ج2 ص ...
2- كذا في نسخة العلامة الأميني، وفي نسخة تركيا: عبدالله بن محمّد بن أخي ميمي

السلام عليك يا مُسخّم وجوه المؤمنين!

قال : يامالك! لاتقل ذلك إنّي لمّا رأيت الناس تركوا ذلك إلّا أهله خشيت أن تَجْتَثّوا عن وجه الأرض فأردت أن يكون للدين في الأرض ناعٍ. (1)

فقال : بأبي أنت وأمّي ذرّية بعضها من بعض .

ص: 67


1- وممّا يشهد لصحّة هذا الحديث أو يؤيده ما رواه البلاذري في الحديث : (409) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف : ج 1 ص 384 وفي ط1: ج2 ص 338 ورويناه عنه في المختار : (226) من نهج السعادة قال : حدّثني عبدالله بن صالح بن مسلم، حدّثنا ابن كناسة الأسدي، عن إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي، قال : لمّا اجتمع عليّ ومعاوية على أن يحكّما رجلين اختلف الناس على عليّ، فكان عظمهم و جمهورهم مقرّين بالتحكيم راضين به ، وكانت فرقة منهم - وهم زهاء أربعة آلاف من ذوي بصائرهم والعبّاد منهم - منكرة للحكومة، وكانت فرقة منهم وهم قليل متوقفين ، فأتت الفرقة المنكرة علياً فقالوا : عد إلى الحرب - وكان عليّ يحبّ ذلك - فقال الّذين رضوا بالتحكيم : والله مادعانا القوم إلّا إلى حقّ وإنصاف وعدل ، وكان الأشعث بن قيس و أهل اليمن أشدّهم مخالفة لمن دعا إلى الحرب، فقال عليّ للذين دعوا إلى الحرب : یا قوم قد ترون خلاف أصحابكم وأنتم قليل في كثير، ولئن عدتم إلى الحرب ليكوننّ [هؤلاء] أشدّ عليكم من أهل الشام، فإذا اجتمعوا وأهل الشام علیکم أفنوکم، والله مارضيت ما كان ولا هويته، ولكنّي ملت إلى الجمهور منکم خوفاً عليكم ... . وللحديث شواهد كثيرة ذكرها محمّد بن يعقوب وسلیم بن قيس ومحمّد بن عليّ بن الحسین. مختصر تاریخ دمشق لابن منظور : ج 7 ص 38

لا يليق بنا الغدر

{48}

[648] یا مسيّب إنّ الغدر لا يليق بنا ولا خير فيه.

ذكر ابن اعثم بعد ذكره كلام معاوية : - فكلّ شرط شرطته لكم فهو مردود -: وقام المسيّب بن نجبة الفزاري إلى الحسن بن علي فقال : لا والله جعلني الله فداك، ماينقضي تعجّبي منك ، كيف بایعت معاوية ومعك أربعون ألف سيف، ثمّ لم تأخذ لنفسك ولا لأهل بيتك ولا لشيعتك منه عهداً و میثاقاً في عقد طاهر، لكنّه أعطاك أمراً بينك وبينه ثمّ إنّه تكلّم بما قد سمعت، والله ما أراد بهذا الكلام أحداً سواك.

فقال له الحسن : صدقت یا مسيّب! قد كان ذلك فما ترى الآن؟

فقال : أرئ والله أن ترجع إلى ما كنت عليه وتنقض هذه البيعة، فقد نقض ما كان بينك وبينه!

قال : ونظر الحسن بن علي إلى معاوية وإلى ماقد نزل به من الخوف والجزع، فجعل يسكن الناس حتّى سكنوا، ثمّ قال للمسيّب : يا مسيّب! إنّ الغدر لا يليق بنا ولا خير فيه، ولو أنّي أردتُ بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر منّي على اللقاء، ولا أثبت عند الوغاء، ولا أقوى على المحاربة إذا استقرّت الهيجاء، ولكنّي أردتُ بذلك صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض، فارضوا بقضاء الله وسلّموا الأمر لله حتّى يستريح بر ویستراح من فاجر. (1)

ص: 68


1- الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 294 - 295. وأورده المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج 44 ص 57 عن المناقب

من أحبّ قوماً كان معهم

{49}

[649] قال علیه السّلام: لا عليك يا مسيّب، فإنّه مَن أحبّ قوماً كان معهم .

قال : فقال المسيّب : أما والله يابن رسول الله! ما یعظم علينا هذا الأمر الذي صار إلى معاوية، ولكنّا نخاف عليكم أن تضامّوا بعد هذا اليوم، وأمّا نحن فإنّهم يحتاجون إلينا وسيطلبون المودّة منّا كلّما قدروا عليه.

قال : فقال له الحسن: لا عليك يا مسيّب ! فإنّه من أحبّ قوماً كان معهم. (1)

الله غالبٌ على أمرِه

{50}

[650] قال المدائني : فلمّا كان عام الصلح، أقام الحسن علیه السّلام بالكوفة أيّاماً، ثمّ تجهّز للشخوص إلى المدينة ، فدخل عليه المسيّب بن نجبة الفزاري و ظبيان بن عمارة السيمي ليودّعاه .

فقال الحسن : الحمد لله الغالب على أمره، لو أجمع الخلق جميعاً على

ص: 69


1- الفتوح لابن اعثم الكوفي: ج4 ص296 . شرح نهج البلاغة: 16 ص 14 وفيه: قال المدائني : لمّا وقع الصلح، دخل عليه المسيّب بن نجبة الفزاري وظبيان بن عمارة التيمي ليودّعاه، فقال المسيّب : إنّه والله مایکبر علينا هذا الأمر إلّا أن تضاموا وتنتقصوا، فأمّا نحن، فإنّهم سيطلبون مودّتنا بكلّ ما قدروا عليه . فقال الحسين : يا مسيّب نحن نعلم أنّك تحبّنا . فقال الحسن علیه السّلام : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : من أحبّ قوماً كان معهم

ألّا يكون ما هو كائن ما استطاعوا

فقال أخوه الحسين علیه السّلام : لقد كنت کارهاً لما كان طيّب النفس على سبيل أبي حتّى عزم عليّ أخي، فأطعته، وكأنّما يجذّ أنفي بالمواسي. (1)

لو قاتلت لأخذوا بعنقي

{51}

[651] والله لو قاتلتُ معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلماً ، فوالله لأن أُسالمه وأنا عزیز خيرٌ من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يَمُنّ عليّ فيكون سُبّة (2) على بني هاشم إلى آخر الدهر، ولَمعاوية لايزال يمنُّ بها وعقبه على الحيّ منّا وعلى الميّت. (3)

بعض العار حق

{52}

[652] قال ابن عساکر : وأنبأنا محمّد بن سليم العبدي، أنبأنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن هزّان، قال : قيل للحسن بن عليّ: تركت إمارتك وسلَّمتها إلى رجل من الطلقاء وقدمت المدينة؟

ص: 70


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج16 ص 14
2- السبة: العار
3- رواه زیدبن وهب الجهني وهو الّذي جمع خطب أمير المؤمنين علیه السّلام في الجُمَع والأعياد وغيرها في كتاب، توفّي بعد سنة (82 ه-) ورواه عن زيد الطبرسي في «الإحتجاج» : ج 2 ص 10 ولهذا الكلام ممّا قاله في المدائن بعد ما طعن

فقال : إنِي اخترتُ العارَ على النار. (1)

العارُ خيرٌ مِن النار

{53}

[653] أورده أبو حيّان التوحيدي في «الإمتاع والمؤانسة»: ج2 ص 64 وقال : قيل للحسن بن علي علیهماالسّلام لمّا صالح معاوية : يا عار المؤمنین .

فقال علیه السّلام: العار خير من النار .

وذكره أيضاً ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام: ص 171 ح 290، فقال: أخبرنا أبوغالب وأبو عبدالله ابن البنّاء قالا : أنبأنا أبو الحسين ابن الأبنوسي، أنبأنا أحمد بن عبيد بن الفضل إجازة قالا: وأنبأنا عليّ بن محمّد، أنبأنا أبوتمام إجازة، أنبأنا أحمد بن عبيد بن بيري قراءة ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن محمد الزعفراني، أنبأنا ابن أبي خيثمة ، أنبأنا أبي، أنبأنا وهب بن جرير قال : قال أبي :

فلمّا قُتِلَ عليّ بايع أهل الكوفة الحسن بن علي وأطاعوه وأحبّوه أشد من حبّهم لأبيه.

ص: 71


1- إنْ صحّ الحديث و صدر هذا اللفظ من الإمام الحسن علیه السّلام فلعلّ وجهه أنّه علیه السّلام للإبقاء على أهل البيت واللائذين بهم من أخبار شيعتهم وللتمكّن على الإجهار بالحقّ في أندية الشاميين في حضور معاوية و بیان نفاقه لهم في محضر شیاطینه كان مأموراً من الله تعالی أن يسالم معاوية وإن كانت هذه المسالمة مُرّأ على بعض الشيعة، وهم علیهم السّلام دائماً كانوا يجتنبون العار والنار معاً، وإذا دار الأمر بينهماكانوا يجتنبون النار، وكان الإمام الحسين علیه السّلام پرتجز يوم عاشوراء ويقول : القتل أولى من ركوب العار والعار *** أولى من دخول النار ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 177

قال : وأنبأنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا هارون بن معروف، أنبأنا ضمرة، عن ابن شوذب ، قال :

لمّا قتل عليّ سار الحسن في أرض العراق وسار معاوية في أهل الشام، قال : فالتقوا فكرِه الحسن القتال وبايع معاوية (1) على أن جعل العهد للحسن من بعده .

قال : فكان أصحاب الحسن يقولون : [له]: یاعار المؤمنين!

قال : فيقول لهم : العار خيرٌ مِن النار .

ص: 72


1- أي صالحه وسالمه. والحديث رواه أيضاً ابن عبدالبرّ في ترجمة الإمام الحسن من كتاب الإستيعاب بهامش «الإصابة» : ج 1 ص 371 قال : أنبأنا عبدالوارث بن سفيان، قال : أنبأنا قاسم بن أصبغ ، قال : أنبأنا أحمد بن زهير ، قال : أنبأنا هارون بن معروف: أنبأنا ضمرة عن ابن شوذب قال : لمّا قتل عليّ سار الحسن فيمن معه من أهل الحجاز والعراق، وسار معاوية في أهل الشام، قال: فالتقوا فكره الحسن القتال، وبايع معاوية على أن يجعل العهد للحسن من بعده ، قال : فكان أصحاب الحسن يقولون له : يا عار المؤمنين !! فيقول : العار خيرٌ من النار . أقول: أمّا كراهته علیه السّلام القتال فلعدم وجدانه ناصراً ينصره في الله خالياً عن الأطماع الدنيويّة، وهذا أمر جليّ لمن سبر سيرة أهل الكوفة مع أمير المؤمنین علیه السّلام مع فخامة أمره وضعف أعدائه من شتّى النواحي، ومع ذلك آل أمره بسبب عصيان أصحابه عن امتثال أوامره إلى الضعف حتّى استشهد سلام الله عليه مظلوماً مضطهداً. وراجع أيضاً بعد سيرة القوم كلمات أمير المؤمنين علیه السّلام في ذمّ أصحابه ومبایعیه . وأيضاض تعمّق فيما يأتي عن المصنّف هاهنا - مع كثرة تخليط رواياته الحقّ بالباطل - فإنّه يقنعك بحسب الظرف الّذي قام الإمام الحسن علیه السّلام بالصلح أنّ الحزم هو ما أتی به صلوات الله وسلامه عليه، وإلّا كان معاوية وذنابته من طرف، والثائرين من الخوارج من طرف آخر يجتثّون أهل البيت واللائذين بهم وينسبون قتلهم إلى الجنّ كما فعلوا ذلك بسعدبن عبادة، أو بأنّهم كفروا بالله كما هو مزعمة الخوارة الضُلّال الأخسرين أعمالاً

كرهتُ أن أقتلكم

{54}

[654] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال في جواب من عابه على الموادعة وخاطبه (بمذلّ المؤمنین): لستُ بمذلّ المؤمنين، ولكن كرهتُ أن أقتلكم على الملك. (1)

الإمام أذكى من معاوية

{55}

[655] كان أوّل من خرج من الخوارة بعد قتل علي (رضي الله عنه) حَوْثَرة (2) الأقطع، فإنّه كان خرج إلى النُخَيلة واجتمع إليه جماعة من الخوارج ومعاوية بالكوفة، وقد بايعه الحسن والحسين و قیس (3) بن سعد بن عُبادة، ثمّ خرج الحسن يريد المدينة، فوجّه إليه معاوية وقد تجاوز في طريقه يسأله أن يكون المتولّي لمحاربتهم .

ص: 73


1- تاریخ الخميس : ج 2 ص 290
2- هو حَوْثَرة بن وداع بن مسعود الأسدي، كان من الشجعان الأشدّاء ومن شيعة أميرالمؤمنين علیه السّلام في بدء عهده، وفارقه بعد التحكيم، وبعد شهادته حَوْثَرة تحالف حوثرة مع حابس الطائي على قتال معاوية فعلم بأمرهم ووجّه إليهم جيشاً، وكانت بين الفريقين وقائع قُتِل فيها حوثرة سنة (41ه-) الكامل لابن الأثير : ج3 ص164
3- قیس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي، صحابيّ من دُهاة العرب و أجوادهم، كان بين يدي النبيّ بمنزلة الشرطي من الأمير، وصحب أمير المؤمنين علیه السّلام في خلافته فاستعمله على مصر سنة (36) قبل محمّد بن أبي بكر، ثمّ كان مع الحسن بن علي علیهماالسّلام حتّى صالح معاوية، وكان من أطول الناس وأجملهم، توفّي سنة (60ه-) الأعلام : ج6 ص 56

فقال الحسن علیه السّلام : والله لقد كففتُ عنك لحقْن دماء المسملین، وما أحسب ذلك يَسعني، فكيف أن أُقاتل قوماً أنت أولى بالقتال منهم؟ (1)

ص: 74


1- العقد الفرید: ج1 ص216

الاحتجاجات

الاحتجاجات

ص: 75

كلمة لا يعدلها شيء

{1}

[656] في تفسير الإمام والإحتجاج: بالإسناد عن أبي محمد علیه السّلام قال : قال الحسنُ بن عليّ بن أبي طالب علیه السّلام - وقد حمل إليه رجل هدية . فقال له : أيّهما أحبّ إليك؟ أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفاً عشرين ألف درهم أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلان الناصبي في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين، وإن أسأت الإختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت!

فقال : يابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لأُولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟

قال : بل أكثر من الدنيا عشرين ألف مرّة!

فقال : يابن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل: الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ الله و أذوده (1) عن أولياء الله.

فقال الحسن بن علي علیه السّلام: قد أحسنت الإختيار وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل فاتّصل خبره به .

فقال له إذ حضره : یا عبدالله ماربح أحد مثل ربحك، ولا اكتسب أحد من الأودّاء ما اكتسبت، اكتسبت مودّة الله أوّلاً، ومودّة محمد صلّي الله علیه و آله وعليّ ثانياً، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً، ومودة ملائكة الله رابعاً، ومودّة إخوانك المؤمنين خامساً، فاكتسبت بعدد كلّ مؤمن وکافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة فهنيئاً لك هنيئاً . (2)

ص: 76


1- أذوده : أدفعه
2- بحار الأنوار : ج 2 ص 8 و9 عن تفسير الإمام علیه السّلام وص347 ح 230 وعن الإحتجاج : ج1 ص 11

من يفاخرني بهؤلاء

{2}

[657] روى المجلسي (قدّس سرّه) عن الحاكم في «أماليه» عن الحسن علیه السّلام أنّه قال :

مَن كان يباء (1) بجدّ فإنّ جدّي الرسول صلّي الله علیه و آله، أو كان يباء بأُمّ فإنّ أمّي البتول ، أو كان يباء بزور فزورنا جبرئیل. (2)

انهم عادون بكيد الشيطان

{3}

[658] إسماعيل بن أبان بإسناده عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه مرّ في مسجد رسول الله بحلقة فيها قوم من بني أُمّية، فتغامزوا به ، وذلك عندما تغلّب معاوية على ظاهر أمره فرآهم وتغامُزَهم به، فصلّى ركعتين ثمّ قال :

قد رأيت تغامز كم أما والله لا تملكون يوماً إلّا ملكنا يومين، ولا شهراً إلّا ملكنا شهرين ولا سنة إلّا ملكنا سنتين، وإنّا لنأكل في سلطانكم، ونشرب ونلبس وننكح ونركب، وأنتم لا تأكلون في سلطاننا ولا تشربون ولا تنكحون.

فقال له رجل: فكيف يكون ذلك یا أبا محمد؟ وأنتم أجود الناس وأرأفهم وأرحمهم، تأمنون في سلطان القوم، ولا يأمنون في سلطانكم؟

فقال : لأنّهم عادونا بكيد الشيطان، وكيد الشيطان ضعيف، وعاديناهم

ص: 77


1- یُباء (بالباء الموحّدة بعد الياء المثنّاة) : لعلّه من البأ وبمعنى الفخر، أو (يناء) بالنون من نأي بمعنی بَعُد كناية عن الرفعة، أو من النوء بمعنى العطاء، أو من المناواة بمعنی المفاخرة
2- بحار الأنوار: ج43، ص352 عن المناقب : ج2 ص 149

بکيد الله وكيد الله شديد. (1)

نحن بحور زاخرة

{4}

[659] روي أنّ الحسن بن علي علیه السّلام وفد على معاوية، فحضر مجلسه، وإذا عنده هؤلاء (2) القوم، ففخر كلّ رجل منهم على بني هاشم ووضعوا منهم ، وذكروا أشياء ساءت الحسن بن علي علیه السّلام وبلغت منه ، فقال الحسن علیه السّلام:

أنا شعبة مِن خير الشُعَب، وآبائی أكرم العرب، لنا الفخر والنسب والسماحةُ عند الحسب، ونحن مِن خير شجرةٍ أنبتتْ فروعا ناميةً، وأثماراً زاكيةً، وأبداناً قائمةً، فيها أصلُ الإسلام، وعِلمُ النبوّة، فعلَوْنا حين شمخ بنا الفخرُ، واستطلنا حين امتنع بنا العزّ، ونحنُ بحورٌ زاخرةٌ لا تُنْزَف، وجبالٌ شامخةٌ لاتُقهَر. (3)

بل فيّ عزّة

{5}

[660] لمّا قيل له : فيك عظمة.

قال : بل فيّ عزّة، قال تعالى : «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» (4). (5)

ص: 78


1- بحار الأنوار: ج 44 ص 90 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 8
2- عتبة بن أبي سفيان، ومروان بن الحكم، والمغيرة بن شعبة، والوليد بن عُقبة
3- بحار الأنوار : ج 4 ص 8 عن الاحتجاج : ج2 ص45 رقم 151
4- سورة المنافقون : الآية 8
5- أورده في كشف الغمة : ج 1 ص 574؛ وفي العدد القويّة: ص 6 (مخطوط) عنهما بحار الأنوار: ج 44 ص 106 ح 15؛ وفي تحف العقول: ص 234، عنه بحار الأنوار: ج 78 ص 107 ح 14؛ وفي المناقب لابن شهر آشوب : ج3 ص176، عنه بحار الأنوار: ج 43 ص 338 ح 12؛ وفي مقصد الراغب : ص 128 (مخطوط) . وأخرجه في إحقاق الحق : ج 11 ص 236 عن الزمخشري في ربيع الأبرار : ص 419 (المخطوط)

قوم ران على قلوبهم

{6}

[661] قال علیه السّلام لحبيب (1) بن مسلمة الفهري :رُب مَسيرٍ لك في غير طاعة الله.

قال : أمّا مسيري إلى أبيك فلا.

قال علیه السّلام : بلى، ولكنّك أطعْتَ معاويةَ على دنياً قليلة، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك، فلو كنتَ إذا فعلتَ شرَاً قلتُ خيراً كنتَ كما قال الله عزّ وجلّ : «خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا» (2)، ولكنّك كما قال : «بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (3). (4)

ص: 79


1- حبیب بن مَسْلَمة القرشي الفهري، له صحبة، إفتتح أرمينية في زمن عثمان، ثمّ كان من خواصّ معاوية وعمّاله مات سنة 44 أو قبلها وترجمته توجد في غير واحد من المصادر كأسد الغابة : ج 1 ص 374، وفيات الأعيان : ج 3 ص 186
2- سورة التوبة : الآية 102
3- سورة المطفّفين : الآية 14
4- عقد الفريد لابن عبد ربّه : ج4 ص 21. و تاريخ الإسلام للذهبي: ص 32 وفيه : يروى أنّ الحسن قال : يا حبیب ربّ مسير لك في غير طاعة الله، قال : أمّا إلى أبيك فلا، قال : بلى والله، ولقد طاوعت معاوية على دنياه وسارعتَ في هواه، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول

ما لك افتخار

{7}

[662] وما أنت یا زیاد وقريشاً، لا أعرِفُ لك فيها أديماً (1) صحيحاً، ولا فرعاً نابتاً، لا قديماً ثابتاً، ولا مَنْبتاً کریماً، بل كانت أُمُّك بغيّاً تَداولَها رجالٌ مِن قريش وفُجّارِ العرب ، فلمّا وُلدتْ لم تعرفْ لك العرب والداً فادَعاك هذا - وأشار إلى معاوية - بعد ممات أبيه .

مالك افتخارٌ، تكفيك سميّةُ ويكفينا رسولُ الله صلّي الله علیه و آله و أبي عليُّ بنُ أبي طالب علیه السّلام سیّد المؤمنين ، الّذي لم يرتدّ على عقبيه، وعمّي حمزهُ سیّدالشهداء، وجعفر الطيّار، وأنا وأخي سيّدا شباب أهل الجنّة.

ثمّ التفت إلى ابن عبّاس فقال : يابن العمّ إنّما هي بِغاث (2) الطير انقضّ (3) عليها أجدل (4). (5)

ص: 80


1- أديماً صحيحاً: نسباً صحيحاً
2- بغاث الطير : ضعافها
3- إنقضّ: أسرع
4- الأجْدَل : الصقر
5- حياة الإمام الحسن بن علي علیهماالسّلام لباقر شريف الفرشي: ج2 ص313 وكلامه علیه السّلام كان في جواب ترّهات زیاد حيث قال : نحن أهل الحملة في الحروب ولنا الفضل على سائر الناس قديماً وحديثاً

نحن نور البلاد

{8}

[663] روي أنه غاب علیه السّلام عن دمشق (1) أيّاماً، ثمّ رجع إليها، فدخل على معاوية، وكان في مجلسه عبدالله بن الزبير ، فلمّا رأى معاوية الإمام قام إليه فاستقبله ، وبعد ما استقرّ به المجلس التفت إليه قائلاً : يا أبا محمد! إنّي أظنّك تعباً نصباً ، فأت المنزل فارح نفسك فيه . .

وخرج الإمام علیه السّلام من عنده والتفت معاوية إلى عبدالله بن الزبير: لو افتخرتَ على الحسن، فإنّك إبن حواري رسول الله صلّي الله علیه و آله وابن عمّته ، ولأبيك في الإسلام نصيب وافر .

فانخدع ابن الزبير بمقالة معاوية وتفوّه بكلمات واهية وترّهات مُبدية عن عداوته وحقده، وسنذكرها، فأجاب الإمام علیه السّلام وقال :

أما والله لولا أنّ بني أُميّة تنسِبُني إلى العجْز عن المقال لكففتُ عنك تهاوُناً، ولكن سأُبيّنَ لك ذلك لتعلم أنّي لستُ بالعيّ ولا الكليل اللسان، إيّاي (2)

ص: 81


1- قال باقر شريف القرشي في حياة الإمام الحسن علیه السّلام» ج 2 ص 295: إتّفق جمهور المؤرّخين أنّ الإمام الحسن علیه السّلام قد وفد على معاوية في دمشق ... إلى أن قال : المهم البحث عن سرّ سفره، فالّذي نذهب إليه أنّ المقصود منه ليس إلّا الدعاية لمبدأ أهل البيت وإبراز الواقع الأموي أمام ذلك المجتمع الذي ضلّله معاوية وحرّفه عن الطريق القويم. أمّا الإستدلال عليه فإنّه يظهر من مواقفه و مناظراته مع معاوية ، فإنّه قد هتك بها حجابه وأبدى عاره وعياره، وفلّ بها عرش دولته، (وكذلك قرّع بمناظراته المقرّمة رؤوس أحبّائه وعمّاله المرتزقة)
2- هذا الكلام إشارة إلى ما تفوّه به ابن الزبير وهو قوله: «لولا أنّك خوّار في الحرب غير مقدام ماسلّمت لمعاوية الأمر، وكنت لا تحتاج إلى اختراق السهوب وقطع المفاوز، تطلب معروفه وتقوم ببابه وكنت حريّاً أن لا تفعل ذلك و أنت ابن عليّ في بأسه ونجدته فما أدري ما حملك على ذلك؟! أضعف في الرأي أم وهن نحيزة فما أظنّ لك مخرجاً من هاتين الخلّتين، أما والله لو استجمع لي ما استجمع لك لعلمت أنّي ابن الزبير ، وإنّي لا أنكص عن الأبطال وكيف لا أكون كذلك وجدّتي صفيّة بنت عبد المطلب ... الخ

تُعيِّر وعليّ تفتخر؟ ولم یکن لجدّك بيتٌ في الجاهليّة ولا مكرُمَة، فزوجتُه جدّتي صفيّة (1) بنتُ عبدالمطّلب ، فبذخ على جميع العرب بها وشرف مكانها، فكيف تُفاخر مَن هو من القلادة واسطتُها، ومن الأشراف سادتُها، نحنُ أكرمُ أهل الأرض زنداً، لنا الشرفُ الثاقبُ والكرمُ الغالب.

ثمّ تزعَم أنّي سلّمتُ الأمر، فكيف يكونُ ذلك ويحك كذلك، وأنا ابنُ أشجع العرب، وقد ولدتْني فاطمةُ سيّدة نساء العالمين وخيرهُ الإماء، لم أفعل ذلك ويحك جُبناً ولا ضَعفاً، ولكنّه بايعني مثلُك، وهو يطلُنُي بتِرةٌ، ويُداجيني المودّة ولم أثق بنُصرتِه، لأنّكم أهلُ بيت غدر، وكيف لا يكون كما أقول.

وقد بايع أبوك أمير المؤمنين ثمّ نكث بيعتَه، ونكص على عقبيه ، واختدع حشْيَةً مِن حشایا رسول الله، ليُضلّ بها الناس، فلمّا دلف نحو الأعِنّة ورأى بريقَ الأسنّة قُتِل مضيعةً لا ناصر له وأُتي بك أسيراً، قد وطاتْك الکُماهُ بأظلافها، والخيلُ بسنابكها، واعتلاك الأشترُ فغصَصْتَ بريقِك، وأقعَیْتَ على عَقِبَیْك كالكلب إذا احتوشته الليوث.

فنحن ويحك نورُ البلاد وأملاكُها، وبنا تفخرُ الأُمّهُ وإلينا تلقى مقاليد الأزمّة، أتصولُ وأنت تخدعُ النساء، ثمّ تفتخر على بني الأنبياء، لم تزل الأقاويل منّا مقبولة، وعليك وعلى أبيك مردودة.

دخل الناسُ في دين جدّي طائعين وكارِهين، ثمّ بايعوا أمير المؤمنين علیه السّلام، فسار إلى أبيك وطلحة حين نكثا البيعة وخدعا عُرْسَ رسول الله صلّي الله علیه و آله، فقُتِل أبوك وطلحةُ وأُتِي بك أسيراً، فبَصْبَصْتَ بذنبك وناشدْتَه الرِحم أن لا يقتُلَك، فعفا

ص: 82


1- صفيّة بنت عبدالمطلب بن هاشم، عمّة النبي صلّي الله علیه و آله أسلمت قبل الهجرة، وهاجرت إلى المدينة، لها مراث و قيفة في أخيها حمزة توفّيت بالمدينة سنة (20ه-) الأعلام : ج 3 ص297

عنك، فأنت عِتاقةُ أبي، وأنا سيّدُ أبيك، فدُقْ وبال أمرِك .

وخجل ابن الزبير، فتقدّم إلى الإمام علیه السّلام فقال : أعذر یا أبا محمّد، فإنّما حملني على محاورتك هذا - وأشار إلى معاوية - فهلا إذ جهلت أمسکت عنّي، فإنّكم اهل بیت سجيّتكم الحلم والعفو . (1)

ما يضرّ عليّا علیه السّلام

{9}

[664] ماعقلك وعقل أمَتِك إلّا سواء، ومايضرّ عليّاً لو سببتَه على رؤوس الأشهاد! وأمّا وعيدك إيّاي بالقتل فهلاً قتلتَ اللحيانيّ إذ وجدتَه على فراشك ! أما تستحيي من قول نصر بن حجّاج فيك :

ياللرجال وحادثِ الأزمان *** ولسُبَّة تُخْزي أبا سُفيان

نُبِّئتُ عتبة خانه في عِرسه *** جبن لئيم الأصل من لحيان

وبعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحد سيفك ولم تقتل فاضِحَك! وكيف ألومك على بغض عليّ وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر، وشرك حمزة في قتل جدّك عتبة، وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد. (2)

ص: 83


1- المحاسن والمساوي للبيهقي : ج 1 ص 58 - 61 والمحاسن والأضداد للجاحظ: ص 92 - 94. وعنهما حياة الإمام الحسن علیه السّلام : ج2 ص 315-317
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج6 ص 293

مع عمرو بن سعید

{10}

[665] تنازع عمرو بنُ سعيد والحسنُ بنُ علي، فقال عمرو : أما واللهِ لطالما سلكتم مسلكاً صعب المنحدر؛ طلباً للفتنة والفرقة ! فلم پر کم الله فيها ما تحبّون؟

فقال له الحسنُ علیه السّلام : إنّك لو كنتَ تسمو بفعلِك ما سلكتَ فجّ قصد، ولا حللتَ براية مجد، ولتوشك أن تقع بين لحيي ضرغامة من قریش قروش الأعادي فلاينجيك الروغان إذا التقيا علفك حلقتا البطان. (1)

أعرف مثالبك الخبيثة

{11}

[666] یاعمرو افتخاراً بالكذب وجُرأةً على الإفك، مازلتُ أعرِفُ مثالبك الخبيثة، أبديها مرّة وأمسِكُ عنها أخرى، فتأبى إلّا انهماكاً في الضلالة ، أتذكرُ مصابيح الدُجى وأعلامَ الهدى وفُرسانَ الطَراد، وحُتوفَ الأقران، وأبناءَ الطّعان، وربيعَ الضيفان، ومعدِنَ النُبوّة ومهبِطَ العِلْم؟ (2)

ص: 84


1- أنساب الأشراف للبلاذري : ص 15 عن المدائني، عن عبدالله بن سلام، عن عمرو بن میمون بن مهران قال : تنازع عمر و ... الخ
2- حياة الإمام الحسن بن علي علیهماالسّلام تأليف باقر شريف القرشي: ج2 ص312. وكلامه علیه السّلام هذا كان خطاباً لعمرو بن العاص وجواباً لقوله في مقام المفاخرة: «یا حسن إنّا قد تفاوضنا فقلنا: إنّ رجال بني أُميّة أصبر عند اللقاء وأمضى في الوغا، وأوفي عهداً، وأكرم خيماً، وأمنع لما وراء ظهورهم من بني عبدالمطلب» . فانبرى إليه الإمام علیه السّلام محطّماً لكيانه و مبيداً لفخره قائلاً: «یا عمر و افتخاراً بالكذب ... الخ»

و أُدعي لأبي

{12}

[667] حضر علیه السّلام في مجلس معاوية فقال :

قد علمتْ قريش بأسرها (1) أنّي منها في عزّ أُرومَتِها (2)، لم أُطبع على ضَعف، ولم أعكِس على خسف (3)، أُعرَفُ بشِبهي وأُدعى لأبي .

وكلامه علیه السّلام ساء عمرو بن العاص فذكر أخزاه الله کلاماً في تنقيصه .

قال خذله الله : وقد علمت قريش أنّك من أقلّها عقلاً وأكثرها جهلاً! وإنّ فيك خصالاً لو لم يكن فيك إلّا واحدة منهنّ لشملك خزيها كما شمل البياض الحالك (شدّة السواد) لعمر الله لتنتهينّ عمّا أراك تصنع أو كبسنّ لك حافة کجلد العائط (الناقة) أرميك من خللها بأحرّ من وقع الأثافي (الأحجار التي توضع عليها القدور) أعرّك منها أديمك عرك السلعة، فإنّك طالماركبت صعب المنحدر ونزلتَ في أعراض الوعر التماساً للفرقة، وإرصاداً للفتنة ولن يزيدك الله إلّا فظاعة . (4)

ردّاً على ابن العاص

{13}

[668] قال علیه السّلام : أما والله لو كنتَ تسمو بحسبِك وتعمَلُ برأيك ، ما سلكتَ فجّ قصد، ولا حللتَ رابية مجد، وأيمُ الله لو أطاعني معاويةُ لجعلك

ص: 85


1- الأسْر: الجميع. (الرائد : ص 132)
2- الأرومة : أصل الشجرة . (الرائد : ص79)
3- الخَسْف : الذلّ، والنقيصة، والعيب
4- كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيد حسن الشيرازي : ص 151 عن شرح ابن أبي الحديد: ج4 ص 10 و المحاسن والمساوي : ج1 ص65

بمنزلة العدُو الكاشح (1)، فإنه طال ما طويتَ على هذا كشحَك ، وأخفيتَه في صدرِك، وطمع بك الرجاءُ إلى الغاية القُصوى الّتي لا يورَق لها غُصنُك، ولا يخضَرُّ لها مَرْعاك .

أما والله ليوشکنّ یابن العاص أن تقع بين لحيَيْ ضِرغامٍ مِن قريش، قويّ ممتنع، فروسٍ ذي لُبَد، يضغطك الرَحى للحَبّ، لا يُنجيك منه الروغان (2) إذا التقَتْ حَلَقَتا البِطان. (3)

علامات أهل النار

{14}

[669] إنّ لأهل النار علامات يعرفون بها، وهي الإلحاد الأولياء الله والموالاة لأعداء الله، والله إنّك لتعلم أنّ عليّاً (رضي الله عنه)، لم يتريّب في الأمر، ولم يشكّ في الله طرفة عين، وأيم الله لتنتهينّ يابن أُمّ عمرو أو لأقرعنّ جبينك بكلام تبقى سمته عليك ما حييت، فإيّاك والابراز عليّ فإنّي من قد عرفت الست بضعيف الغمزة ولا بهشّ المشاشة، ولا بمرىء المأكلة، وإنّي من قریش کاوسط القلادة، يعرف حسبي ولا أُدعى لغير أبي، وقد تحاكمت فيك رجال قریش فغلب عليك الأمهم نسباً وأظهرهم لعنةً، فإياك عنّي فإنّك رجس، وإنّما نحن بيت الطهارة أذهب الله عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً.

ص: 86


1- الكاشح : هو الّذي يضمر العداء في نفسه للغير
2- الروغان : الحيلة والمكر
3- حياة الحسن علیه السّلام للقرشي: ج2 ص 319 عن المحاسن والمساوي للبيهقي : ج 1 ص 65. ملحقات الإحقاق : ج 11 ص234

قاله علیه السّلام حين لقيه عمرو بن العاص في الطواف فقال : يا حسن أزعمت أنّ الدين لا يقوم إلّا بك وبأبيك، فقد رأيت الله جلّ وعزّ أقامه بمعاوية فجعله راسياً بعد میله و بيّناً بعد خفائه ، أفرضي الله قتل عثمان أم من الحقّ أن تدور بالبيت كما يدور الجمل بالطحين، عليك ثياب كغرقىء البيض و أنت قاتل عثمان، والله إنّه لألمّ للشعث وأسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك .

فقال له الحسن علیه السّلام ، الحديث. (1)

من يصور الباطل

{15}

[670] روي أنّه اجتمع معاوية مع بطانته، فجعل بعضهم يفخر على بعض، فأراد معاوية أن يضحك على ذقونهم، فقال لهم : أكثرتم الفخر، فلو حضركم الحسن بن علي علیه السّلام وعبدالله بن عبّاس لقصرّا من أعنتكم ماطال، فبعث معاوية إلى الإمام علیهماالسّلام - إلى أن ذكر قولهم - ثمّ قال علیه السّلام :

ليس من العجز أن يصمُت الرجلُ عند إيراد الحُجّة، ولكن من الإفك أن

ص: 87


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص225. رواه العلامة البيهقي في «المحاسن والمساوي» (ص 86 ط بیروت). ورواه العلامة الجاحظ في «المحاسن والأضداد» (ط القاهرة) بعين ما تقدّم عن «المحاسن والمساوي» لكنّه ذكر بدل كلمة راسياً ثابتاً، وذكر بدل قوله : لأقرعنّ جبينك بكلام تبقی : لأقرعنّ قصتّك (يعني جبينه) بقراع وكلام، وإيّاك والجرأة عليّ. ورواه العلامة ابن أبي الحديد في شرح النهج» (ج 4 ص 10 ط القاهرة) بعين ما تقدّم عن «المحاسن والمساوي» إلّا أنّه ذکر بدل قوله : أو لأقرعنّ، إلى قوله : ما حييت : أو لأنفذنّ حضيلك بنوافذ أشدّ من القصبعية، ثمّ قال إلى أن قال : فإيّاك عنّي، الخ

ينطق الرجل بالخنا، ويُصوّر الباطل بصورة الحقّ. (1)

ألست القائل ؟!

{16}

[671] ما نصرتَ عثمان حيّاً، ولا غَضِبتَ له مقتولاً، ويحك يابن العاص! ألستَ القائل في بني هاشم لمّا خرجتَ من مكّة إلى النجاشي :

تقول إبنتي أين هذا الرحيل *** وما السير مني بمستنکر

فقلت: ذريني فإنّي امرؤٌ *** أريد النجاشيّ في جعفر

لأكويه (2) عنده کَيّة *** أقيم بهانخوة الأصعر (3)

ص: 88


1- حياة الحسن بن علي علیهماالسّلام للقرشي: ج 2 ص 311 وفيه بعد كلام معاوية : «فلو حضرکم الحسن بن علي علیهماالسّلام وعبدالله بن العبّاس لقصّرا من أعنتكم ما طال» : فاندفع زیاد بن سُميّة فقال : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ مايقومان لمروان بن الحكم في غرب منطقه، ولا لنا في بوادخنا، فابعث إليهما في غد حتّى تسمع كلامنا. فبعث معاوية ابنه يزيد خلفهما، فلمّا حضرا قال لهما معاوية : إنّي أجلّكما و أرفع قدر کما عن المسامرة بالليل ولا سيّما أنت يا أبا محمد فإنّك ابن رسول الله صلّي الله علیه و آله وسيّد شباب أهل الجنّة، فتكلّم أبن العاص وابن سميّة بما تكلّما، فانبرى إليهم الإمام علیه السّلام کالأسد محطّماً لكيانهم فقال : ليس من العجز ... الخ
2- کوی يکوي کيّاً فلاناً : أحرق جلده بحديدة ونحوها
3- الأصعر : المائل وجهه عن النظر إلى الناس تهاوناً وكبراً

وشانیء (1) أحمدَ مِن بَيْنهم *** وأقْوَلُهم فيه بالمنکر

وأجرى إلى عتبة جاهداً *** ولو كان كالذهب الأحمر

ولا أنثني (2) عن بني هاشم *** وما استطعت في الغيب والمحضر

فإن قبل العتب منّي له *** وإلّا لويتُ له مشغري

فهذا جوابك هل سمعته؟! (3)

ليس الزهد في الثياب

{17}

[672] جاء فرقد السبخي إلى الحسن وعلى الحسن مطرف خزّ، فجعل ينظر إليه وعلى فرقد ثياب صوف.

فقال الحسن : ما بالك تنظر إليّ وعليّ ثياب أهل الجنّة وعليك ثياب أهل النار ! إن أحدكم ليجعل الزهد في ثيابه والكبر في صدره، فلهو أشدّ عجباً بصوفه من صاحب المطرف . (4)

ص: 89


1- الشانيء: العدوّ المبغض
2- أنثني : أنصرف
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج6 ص292
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 18 ص 226

المتكلّف من الرجال

{18}

[673] مرّ الحسن علیه السّلام يوماً، وقاصّ يقصّ على باب مسجد رسول الله صلّي الله علیه و آله، فقال الحسن علیه السّلام : ما أنت؟

فقال : أنا قاصّ یابن رسول الله صلّي الله علیه و آله.

قال : كذبت، محمّد صلّي الله علیه و آله القاصّ، قال الله عزّ وجلّ : «فَاقْصُصِ الْقَصَصَ» . (1)

قال : فأنا مذکّر .

قال : كذبتَ، محمّد صلّي الله علیه و آله المذكر ، قال له عزّ وجلّ : «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ». (2)

قال : فما أنا؟

قال : المتكلّف من الرجال . (3)

موعدي و موعدك الله

{19}

[674] وأخرج ابن سعد، عن عمیر بن إسحاق قال : كان مروان أميراً علينا فكان يسبّ عليّاً كلّ جمعة على المنبر وحسن يسمع فلايردّ شيئاً، ثمّ أرسل إليه رجلاً يقول له : بعليّ وبعليّ وبعليّ وبك وبك وبك وما وجدت مثلك إلّا مثل

ص: 90


1- سورة الأعراف : الآية 176
2- سورة الغاشية : الآية 21
3- تاريخ اليعقوبي : ج2 ص215

البغلة يقال لها من أبوك، فتقول أُمّي الفرس.

فقال له الحسن : إرجع إليه فقال له : إنّي والله لا أمحو عنك شيئاً ممّا قلت بأن أسبّك ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت صادقاً جزاك الله بصدقك ، وإن كنت كاذباً فالله أشدّ نقمة. (1)

ص: 91


1- رواه جماعة من أعلام القوم : منهم الحافظ عبدالرحمن جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 في «تاریخ الخلفاء» (ص 190 ط السعادة بمصر). ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة» (ص 137 طعبداللطيف بمصر). روى الحديث بعين ما تقدم عن «تاریخ الخلفاء» إلا أنه أسقط قوله : يقول له : إلى قوله : فقال له الحسن. ومنهم العلامة الشيخ علي بن برهان الحلبي في «السيرة الحلبية» (ج2 ص 289 ط مصر ) . روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الصواعق». وروى الحديث أيضاً بعين ما تقدّم عن «تاریخ الخلفاء» إلّا أنّه أسقط قوله : ثمّ أرسل إلى آخر كلام مروان. ومنهم العلامة القندوزي في «ینابیع المودّة» (ص 192 ط اسلامبول). روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الصواعق». ومنهم العلامة الشيخ عبيدالله الحنفي الامرتسري في «أرجح المطالب» (ص 274 ط لاهور). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 120-121

إنّ فيكم خصلة سوء

{20}

[675] قال مروان : أما إنّ فيكم يا بني هاشم خصلة سوء .

قال : وما هي؟

قال : الغلمة .

قال : أجل نزعت من نسائنا ووضعت في رجالنا، ونزعت الغلمة من رجالکم ووضعت في نسائكم، فما قام لأمويّة إلّا هاشميّ، ثمّ خرج يقول :

ومارست هذا الدهر خمسين حجّة *** وخمساً أُرجّي قابلاً بعد قابل

فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها *** ولافي الّذي أهوی ک دحت بطائل

فقد أشرعتني في المنايا أكفّها *** وأيقنت أنّي رهن موت معاجل (1)

فكانت غنيمتُك هزيمتك

{21}

[676] ألا تصمت ثكلتك أُمُّك قبل أن أرميك بالهوائل، وأسِمُك بميسم تستغني به عن إسمك، فأمّا إيابُك بالنِهاب (2) والملوك أفي اليوم الّذي ولّيتَ فيه

ص: 92


1- بحار الأنوار: ج 44 ص 106 عن المناقب : ج2 ص 150؛ عقد الفرید: ج2 ص 323 وفيه : فغضب معاوية وقال خطاباً لأصحابه : قد كنت أخبرتكم فأبيتم حتّى سمعتم ما أظلم علیکم بيتكم وأفسد عليكم مجلسكم
2- هذا الكلام كان في جواب مروان حيث أنشأ في مجلس معاوية قائلاً : شَفَيْنا أنفساً طابت وقوراً *** فنالت عزّها فيمن بلينا وأبنا بالغنيمة حي أبنا *** وأبنا بالملوك مقرّنینا

مهزوماً، وانحجزْتَ مذعوراً، فكانت غنيمتُك هزيمَتَك، وغدرُك بطلحة حين غدرْتَ به فقتلتَه (1) قُبحاً لك، ما أغلظ جلدةَ وجهِك. (2)

في جواب مروان بن الحكم

{22}

[677] وفي العقد: أنّ مروان بن الحكم قال للحسن بن علي علیهماالسّلام بين يدي معاوية : أسرع الشيب إلى شاربك یا حسن ! ويقال إنّ ذلك من الخرق.

فقال علیه السّلام : ليس كما بلغك، ولکنّا معشر بني هاشم طيّبة أفواهنا، عذبة شفاهنا فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهنّ، وأنتم معشر بني أُميّة فيكم بخر شديد، فنساؤكم يصرفن أفواههنّ وأنفاسهنّ إلى أصداغكم، فإنّمایشیب منكم موضع العذار من أجل ذلك . (3)

ص: 93


1- قال ابن اعثم الكوفي المتوفّی (314) في الفتوح: ج 4 ص 478 : وجعل طلحة ينادي بأعلى صوته: عباد الله الصبر الصبر . إنّ بعد الصبر النصر والأجر، فنظر إليه مروان بن الحكم فقال لغلام له : ويلك يا غلام والله إنّي لأعلم أنّه ما حرّض على قتل عثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة ولا قتله سواه، ولكن أسترُني فأنت حرّ فسَتَره الغلام فرمی مروانُ بسهم مسموم لطلحة فأصابه به فسقط ومات
2- بحار الأنوار : ج 4 ص 94 عن الإحتجاج
3- بحار الأنوار : ج 44 ص 106 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج 2 ص 150. وعقد الفريد : ج2 ص 323

لعنك الله على لسان نبيّه

{23}

[678] قال الطبراني : حدّثنا علي (1) بن عبدالعزيز وأبو مسلم الكشي قالا : حدثنا حجاج (2) بن المنهال الأنماطي (ح).

وحدّثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم (3) بن الحجاج السامي قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى قال : كنت بین الحسین و مروان يتسابان، فجعل الحسنُ يسكت الحسينَ، فقال مروان : أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن، وقال : قلت أهل بیت ملعونون، فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيّه صلّي الله علیه و آله، وأنت في صلب أبيك. (4)

و أمّا أنت یا مروان

{24}

[679] قال له : وأمّا أنت یا مروان فما أنت والإكثار في قريش، وأنت

ص: 94


1- علي بن عبدالعزيز أبو الحسن البغوي المحدّث المتوفّى بمكّة المكرمة سنة (286) العبر للذهبي: ج1 ص412
2- حجّاج بن منهال البصري أبو محمد الحافظ الأنماطي المتوفّى سنة (217) العبر: ج 1 ص292
3- إبراهيم بن الحجّاج الشامي المحدّث المتوفى بالبصرة سنة (232) العبر: ج1 ص325
4- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 85 رقم 2740 وأخرجه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية : ج 4 ص 329 ح 4232 بإسناده عن أبي يحيى قال : كنت يوماً مع الحسن والحسين عليهماالسّلام فسبّهما مروان سبّأً قبيحاً حتّى قال : ... فقال الحسن والحسين أو أحدهما : والله والله والله لقد لعنك الله على لسان نبيّه، وأنت في صلب الحكم

طليق وأبوك طريد، يتقلّب من خزية إلى سوأة، ولقد جيء بك إلى أمير المؤمنين ، فلمّا رأيتَ الضرغامَ قد دُمِیَتْ براثِنُه واشتُبِكتْ أنيابُه، كنتَ كما قال القائل:

ليثٌ إذا سمع الليوثُ زئيرهَ *** بَصْبَصْنَ ثمّ قذفن بالأبعار

فلمّا منّ عليك بالعفو وأرخى خناقك بعد ما ضاق عليك، وغصصتَ بريقك، لم تقعد معنا مقعد أهل الشُكر، ولكن كيف تُساوينا وتُجارينا، ونحنُ ممّا لا يُدركنا عارٌ ولا تلحقُنا خِزية. (1)

توبيخه لأعدائه

{25}

[680] وزعمتم أنّكم أحمى لما وراء ظهوركم، وقد تبيّن ذلك يوم بدر ، حين نكصت (2) الأبطال وتساورت (3) الأقران واقتحمت الليوث، واعتركت المنيّة، وقامتْ رَحاها على قُطبها، وافترّت (4) عن نابها، وطار شِرارُ الحرب، فقتلنا رجالكم، ومَنّ النبيُّ على ذراریكم، فكنتم لعمري في ذلك اليوم غير

ص: 95


1- کلام الإمام علیه السّلام في هذا المقام كان في جواب تُرَّهات مروان في مجلس معاوية حيث قال بعد ترّهات عمرو بن العاص : «وكيف لا نكون كذلك وقد قارعناكم فغلبنا كم، وحاربناکم فملكناكم، فإن شئنا عفونا، وإن شئنا بطشنا» . راجع حياة الإمام الحسن علیه السّلام لباقر القرشي: ج2 ص 312
2- نکص : رجع
3- تساورت الأقران : وثب كلّ منهم على الآخر
4- إفترّت عن نابها : ضحكت بحيث ظهرت أسنانها

مانعين لما وراء ظهوركم من بني عبد المطّلب. (1)

ويحك يا مروان

{26}

[681] دخل الإمام علية على معاوية ، فلمّا رآه علیه السّلام قام إليه واحتفى به ، فساء ذلك مروان وذکر کلاماً في تنقيصه ، فقال علیه السّلام :

ويحك يا مروان، لقد تقلّدتَ مقاليدَ العار في الحروب عند مشاهدتها، والمخاذلة عند مخالطتها، هبلتك الهوابل، لنا الحجج البوالغ، ولنا إن شکرتم عليكم النعم السوابغ ، ندعوكم إلى النجاة وتدعوننا إلى النار، فشتّان مابین المنزلتين .

تفخر بني أُميّة، وتزعَم أنّهم صُبَّرّ في الحروب، أُسُدٌ عند اللقاء، ثكلتك أُمُّك، أولئك البهاليل السادة والحُماةُ الذاذَة والكرامُ القادَة ، بنو عبدالمطّلب .

أما والله لقد رأيتَهم وجميعُ مَن في هذا البيت ما هالتهم الأهوال ولم يحيدوا عن الأبطال، كاللُيوثِ الضارية الباسلة الحنقة، فعندها ولّيتَ هارباً وأُخِذْتَ أسيراً، فقلّدْتَ قومَك العارَ، لأنّك في الحروب خوّار. (2)

أتُهرِقُ دمي فهلاً أهرقْتَ دم من وثب على عثمان في الدار ، فذبحه

ص: 96


1- حياة الحسن بن علي علیهماالسّلام : ج 2 ص 312. والكلام كان في جواب ترّهات عمرو بن العاص حيث قال في أباطيله : إنّ رجال بني أُميّة أصبر عند اللقاء، وأمضى في الوغا، وأوفي عهداً، وأكرم خيماً، وأمنع لما وراء ظهورهم من بني عبدالمطلب فأجابه الإمام علیه السّلام وقال : وزعمتم ... الخ
2- الخوّار: الجبان

کما یُذبح الجمل، وأنت تثغو (1) ثُغاءَ النعجة، وتُنادي بالويل والثُبور، کالأمة اللكعاء (2)، ألّا دفعتَ عنه بيد أو ناضلتَ عنه بسهم، لقد ارتعدتْ فرائصك و غُشِيَ بصرُك، فاستغثْتَش بي كمايستغيثُ العبدُ بربّه، فأنجيتُك من القتل ومنعتُك منه، ثمّ تحُثُّ معاويةَ على قتلي، ولو رام ذلك معك لذُبِح كما ذُبِح ابنُ عفّان، أنت معه أقصرُ يداً، وأضيَقُ باعاً، وأجبنُ قلباً مِن أنْ تجسُرَ على ذلك. (3)

ثمّ تزعم أنّي ابتُليتُ بحكم معاوية ، أما والله لهو أعرف بشأنه، وأشكرُ لما ولّيناه هذا الأمر، فمتى بدا له فلا يغضيَنّ (4) جفنَه على القذى معك، فوالله لأعقبنّ أهل الشام بجيش يضيق عنه فضاؤها ويستأصل فُرسانُها، ثمّ لا ينفعُك عند ذلك الهرب، والروَغان (5)، ولا يردّف عنك الطلبُ تدريجك الكلام .

فنحن ممّن لا يجهل، آباؤنا القدماء الأكابر، وفروعنا السادة الأخيار، إنطق إن كنتَ صادقاً.

وصاح معاوية بمروان: قد كنت نهيتك عن هذا الرجل، وأنت تأبى إلّا انهماكاً فيما لا يعنيك ، ابرع على نفسك، فليس أبوك كأبيه ولا أنت مثله، أنت ابن الطريد الشريد، وهو ابن رسول الله صلّي الله علیه و آله الكريم، ولكن رُبّ باحثٍ عن حتفه

ص: 97


1- ثغا : صَوتَّ
2- اللكعاء : المرأة اللثيمة، الحمقاء
3- حياة الحسن بن علي علیهماالسّلام تأليف القرشي: ج2 ص 342 عن المحاسن والمساوي تلبيهقي : ج1 ص63 - 65
4- يقال : أغضى جفنَه على القَذى أي : سكت و صبر
5- راغ الصيدُ رَوَغاناً: ذهب هاهنا وهاهنا

وحافر عن مديته . (1)

أُفّ لك يا مروان !

{27}

[682] أبو نعیم : حدّثنا مسافر الجصاص، عن رُزَيق (2) بن سوّار ، قال : كان بين الحسن ومروان کلام، فأغلظ مروان له، وحسن ساکت، فامتخط مروانُ بيمينه .

فقال الحسن : ويحك! أما علمتَ أنّ اليمينَ للوجه والشمال للفرج؟ أُفّ الك! فسكت مروان . (3)

إنا أهل بيت الرحمة

{28}

[683] یا مروان أجُبناً وخوراً (4) وضَعفاً وعجزاً، زعمتَ أنّي مدحتُ نفسي وأنا ابنُ رسول الله، وشمختُ (5) بأنفي وأنا سيّدُ شباب أهل الجنّة ،

ص: 98


1- حياة الحسن بن علي علیهماالسّلام للقرشي: ج2 ص321 - 323 عن المحاسن والمساوي للبيهقي : ج 1 ص 63 - 65
2- تحرف في المطبوع إلى «رزین» وكذا في البداية » ، ورزق بن سوار ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: ج3 ص 504، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً
3- تهذیب ابن عساکر : ج 4 ص 220 و «البداية» ج 8 ص 39 من طريق ابن سعد، عن الفضل بن دکین، عن مساور الجصاص ... . سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 266
4- الخور (بفتح الخاء والواو): الضعف
5- شمخ : تكبّر

وإنّمايبذخ (1) ويتكبّر ويلك من يريدُ رفع نفسه، ويتبجّح (2) مَن يريد الإستطالة (3)، فأمّا نحن فأهل بيت الرحمة، ومعدِنُ الكرامة، وموضعُ الخِيَرة، وكنزُ الإيمان، ورُمحُ الإسلام، وسيفُ الدين . (4)

إنّ للماء أهلاً و سکّاناً

{29}

[684] عن أبي سعيد عقیصا التميمي قال : مررتُ بالحسن والحسين (صلّى الله عليهما) وهما في الفرات مستنقعان في إزارين، فقلت لهما : يا ابني رسول الله أفسدتما الإزارین .

فقالا لي : يا أبا سعيد فساد الإزارين أحبُّ إلينا من فساد الدين إنّ للماء أهلاً وسکّاناً كسُکّان الأرض. (5)

ص: 99


1- بذخ : تکبّر وارتفع
2- بَجِح: فرح
3- الإستطالة : التكبّر
4- بحار الأنوار : ج 44 ص93 ح 8 عن الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 47 وكلامه علیه السّلام هذا كان في جواب ترّهات مروان حيث إنّه لمّا سمع كلامَه علیه السّلام في فضائل أهل البيت علیهم السّلام تبرّم وأتى بأباطيل منها: مدحت نفسك، وشمخت بأنفك، هيهات يا حسن، نحن والله الملوك السادة ، والاعزّة القادة، لا تبجحنّ فليس لك مثل عزِّنا، ولا فخر کفخرنا
5- بحار الأنوار : ج 43 ص 320 ح 3 عن الكافي : ج 6 ص389 : محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن محمد بن یحیی بن زکریّا، وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه جميعاً، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي سعيد عقیصا التميمي قال : مرر بالحسن ...

أتنسى يا معاوية ؟!

{30}

[685] قال علیه السّلام : أتنسی یا معاوية الشعر الّذي كتبته إلى أبيك لمّا همّ أن يسلم تنهاه عن الإسلام :

یا صخر لا تُسلِمَنْ يوماً فتفضحنا *** بعد الّذين ببدر أصبحوا مزقا

خالي وعمّي وعمّ الأُمّ نالتهم *** وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

لا تركضَنّ إلى أمرٍ تقلّدنا *** والراقصات بنعمان به الخرقا

فالموت أهون من قول العداة لقد *** حاد ابن حرب عن العُزّى إذا فرقا

والله لما أخفيت من أمرك أكبر ممّا أبدیت. (1)

انا ابن من جاء بالهدى

{31}

[686 ] روي أنّ معاوية فخر يوماً فقال : أنا ابن بطحاء ومكّة، وأنا ابن أغزرها جوداً، وأكرمها جدوداً، أنا ابن من ساد قريشاً فضلاً ناشئاً وكهلاً !

ص: 100


1- ملحقات إحقاق الحق : ج 11 ص 212 عن الخوارزمي في مقتل الحسين علیه السّلام ص 115 ط الغري . وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج 6 ص 1031

فقال الحسن علیه السّلام : أعليَّ تفتخر یا معاوية، أنا ابنُ عروق (1) الثرى، أنا ابنُ مأوى التُقى، أنا ابن مَن جاء بالهُدى، أنا ابن مَن سادَ أهل الدُنيا بالفضل السابق والحسب الفائق، أنا ابنُ مَن طاعتُه طاعةُ الله ومعصيتُه معصيةُ الله، فهل لك أبٌ كابي تُباهيني به، وقديم كقديمي تُساميني به، قل نعم أو لا.

قال معاوية : بل أقول لا، وهي لك تصديق .

فقال الحسن علیه السّلام :

الحقُّ أبلجُ ما يَحيلُ (2) سبيلُه *** والحقُّ يعرفُه ذَوو الألباب (3)

و أعجب من هذا

{32}

[687] وذكروا أنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام دخل على معاوية يوماً فجلس عند رجله وهو مضطجع فقال له: يا أبا محمد ألا أُعجبك من عائشة تزعم أنّي لست اللخلافة أهلاً؟

فقال الحسن علیه السّلام: وأعجب من هذا جلوسي عند رجلك، وأنت نائم ، فاستحيا معاوية واستوى قاعداً واستعذره .

ص: 101


1- قال المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار في بيانه : رأيت في بعض الكتب أنّ عروق الثرى إبراهيم علیه السّلام لكثرة ولده في البادية، ولعلّه علیه السّلام عرض بكون معاوية ولد زنا ليس من ولد إبراهيم
2- ما يَحيلُ: ما يتغيّر
3- بحار الأنوار: ج 44 ص 103ح11 عن المناقب : ج 4 ص 22 وكشف الغمّة : ج 2 ص 152؛ ملحقات الإحقاق : ج 11 ص197 عن «المعمّرون والوصايا» لأبي حاتم السجستاني : ص 153

کشف : مثله ثمّ قال : قلت : والحسن علیه السّلام لم يعجب من قول عائشة إنّ معاوية لا يصلح للخلافة، فإنّ ذلك عنده ضروريّ، لكنّه قال : وأعجب من تولّيك الخلافة قعودي.

بیان : يحتمل أن يكون التعجّب من صدور هذا القول منها، وإن كان حقّاً لكونها مقرّة بخلافة أبيها مع اشتراكهما في عدم الإستحقاق، وداعية لمعاوية إلى مقاتلة أمير المؤمنين علیه السّلام .

قال ابن أبي الحديد : روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه عن ابن عبّاس قال : دخل الحسن بن علي علیهماالسّلام على معاوية بعد عام الجماعة ، وهو جالس في مجلس ضيّق، فجلس عند رجليه ، فتحدّث معاوية بما شاء أن يتحدّث ، ثمّ قال : عجباً لعائشة : تزعم أنّي في غير ما أنا أهله، وأنّ الّذي أصبحت فيه ليس في الحقّ مالها ولهذا؟ يغفر الله لها، إنّما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس، وقد استأثر الله به .

فقال الحسن علیه السّلام: أو عجبٌ ذلك يا معاوية؟

قال : إي والله.

قال : أفلا أخبرك بما هو أعجب من هذا؟

قال : ما هو؟

قال : جلوسك في صدر المجلس وأنا عند رجليك، فضحك معاوية وقال : يا ابن أخي بلغني أنّ عليك دَيناً .

قال : إنّ علىّ دَيْناً .

قال : كم هو؟

قال : مائة ألف .

ص: 102

فقال : قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف : مائة منها لدَينك، ومائة تقسمها في أهل بيتك، ومائة لخاصّة نفسك، فقم مكرِّماً فاقبض صلتك .

فلمّا خرج الحسن علیه السّلام قال يزيد بن معاية لأبيه: تالله ما رأيت؟ استقبلك بما استقبلك به ثمّ أمرت له بثلاث مائة ألف؟

قال : يا بنيّ إنّ الحقّ حقّهم، فمن أتاك منهم فاحثُ له . (1)

من يلهيك عن معرفته

{33}

[688] قال معاوية : مافي قريش رجلٌ إلّا ولنا عنده نِعَمٌ مجلّلة، ويدٌ جميلة .

فقال الحسن علیه السّلام: بلى، مَن تعزّزتَ به بعد الذِلّة، وتكثّرتَ به بعدَ القِلّة .

فقال معاوية : مَن أُولئك یا حسن؟

قال : مَن يُلهيك عن معرفتِه . (2)

العجب من قلّة حيائك

{34}

[689] قال معاوية : ما تقول یا حسن؟

قال : يا معاوية ! قد سمعتُ ما قلتَ وقال ابنُ عبّاس، العجب منك يا معاوية ومن قلّة حيائك ومن جرأتك على الله حين قلتَ: قد قتلَ اللُه طاغيتَكم وردّ

ص: 103


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 105 وص109
2- صحيفة الحسن علیه السّلام: ص 208 عن الخرائج : ج 1 ص 237

الأمرَ إلى معدِنِه، فأنت یا معاويةُ معدِنُ الخلافة دونَنا؟! (1)

ص: 104


1- بحار الأنوار : ج 44 ص100 في ضمن الرواية التاسعة عن إحتجاج الطبرسي : ص 148 رواها عن سليم بن قيس الهلالي في كتابه : ص 190 - 197 تحت رقم 47 وهي هذه : روی سلیم بن قيس قال : سمعت عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال : قال لي معاوية : ما أشدّ تعظيمك للحسن والحسين، ماهما بخير منك، ولا أبوهما بخير من أبيك، لولا أنّ فاطمة بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله لقلت ما أُمّك أسماء بنت عمیس بدونها . قال : فغضبتُ من مقالته، وأخذني ما لا أملك ، فقلت : إنّك لقليل المعرفة بهما وبأبيهما و أُمّهما بلی والله هما خير منّي، وأبوهما خير من أبي، وأُمّهما خير من أُمّي، ولقد سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول فيهما وفي أبيهما وأنا غلام فحفظته منه ووعيته . فقال معاوية - وليس في المجلس غير الحسن والحسين علیهماالسّلام وابن جعفر (رحمه الله) و ابن عبّاس وأخيه الفضل -: هات ماسمعت، فوالله ما أنت بكذّاب . فقال : إنّه أعظم ممّا في نفسك ، قال : وإن كان أعظم من أُحد وحِرى، فإنّه ما لم يكن أحد من أهل الشام لا أبالي، أمّا إذا قتل الله طاغيتكم، وفرّق جمعكم وصار الأمر في أهله ومعدنه، فلا نبالي ما قلتم ، ولا يضرُّنا ما ادّعیتم. قال : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من کنت أولى به من نفسه فأنت يا أخي أولی به من نفسه وعليّ بين يديه علیهماالسّلام [في البيت والحسن والحسين وعمر بن أُمّ سلمة وأُسامة بن زيد] (ما بين العلامتين ساقط من نسخة كمباني، موجود في نسخة المصنف والمصدر ص146) وفي البيت فاطمة علیهاالسّلام وأُمّ أيمن وأبوذر والمقداد والزبير بن العوام، وضرب رسول الله صلّي الله علیه و آله على عضده وأعاد ما قال فيه ثلاثاً ثمّ نصّ بالإمامة على الأئمّة تمام الاثني عشر علیهم السّلام . ثمّ قال صلوات الله عليه : ولأُمّتي اثناعشر إمام ضلالة كلّهم ضالّ مضلّ عشرة من بني أُميّة ورجلان من قريش، ورز جميع الاثني عشر وما أضلّوا، في أعناقهما ثمّ سمّاهما رسول الله صلّي الله علیه و آله وسمّى العشرة معهما. قال : فسمّهم لنا قال : فلان وفلان وصاحب السلسلة وابنه من آل أبي سفيان وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص أوّلهم مروان . قال معاوية : لئن كان ما قلت حقّاً لقد هلكتُ وهلكت الثلاثة قبلي، وجميع من تولّاهم من هذه الأُمّة، ولقد هلك أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله من المهاجرين والأنصار والتابعين غيركم أهل البيت وشيعتكم. قال ابن جعفر : فإن الّذي قلت والله حقّ سمعته من رسول الله صلّي الله علیه و آله. قال معاوية للحسن والحسين و ابن عبّاس : ما يقول ابن جعفر ؟ قال ابن عباس - ومعاوية بالمدينة أوّل سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل علي علیه السّلام - أرسل إلى الّذين سمّى، فأرسل إلى عمر بن أُمّ سلمة وأُسامة فشهدوا جميعاً أنّ الّذي قال ابن جعفر حقّ قد سمعوا من رسول الله صلّي الله علیه و آله كما سمعه . (إلى هنا تجد الحديث في الكافي : ج 1 ص 529 مع تغيير ما، بإسناده إلى سليم بن قيس، فراجع). ثمّ أقبل معاوية إلى الحسن والحسين وابن عبّاس والفضل وابن أُمّ سلمة وأُسامة فقال : كلّكم على ما قال ابن جعفر؟ قالوا: نعم. قال معاوية : فإنّكم يابني عبدالمطّلب لتدّعون أمراً عظيماً وتحتجّون بحجّة قويّة، فإن كانت حقّاً فإنّكخم لتصبرون على أمر وتسترونه، والناس في غفلة وعمى، ولئن كان ما تقولون حقّاً لقد هلكت الأُمّة، ورجعت عن دينها، وكفرت بربّها وجحدت بنبّيها إلّا أنتم أهل البيت ومن قال بقولكم، فأُولئك قليل في الناس . فأقبل ابن عبّاس على معاوية فقا: قال الله : «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ» (سورة سبأ : الآية13) و قال : «وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» (سورة ص : الآية 24) وما تعجب مّني يا معاوية أعجب من بني إسرائيل إنّ السحرة قالوا لفرعون «فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ» (سورة طه : الآية72) فآمنوا بموسى وصدّقوه ثمّ سار بهم ومن اتّبعهم من بني اسرائيل فأقطعهم البحر، وأراهم العجائب، وهم مصدِّقون بموسى وبالتوراة يقرّون له بدينه، ثمّ مرّوا بأصنام تعبد ، فقالوا: «اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» (سوة الأعراف : الآية 138) وعكفوا على العجل جميعاً غير هارون فقالوا : «هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى» (سورة طه : الآية 88) وقال لهم موسى بعد ذلك «ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ» (سورة المائدة : الآية 21) فكان من جوابهم ما قصّ الله عزّوجلّ عليهم فقال موسى علیه السّلام: «رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ» (سورة المائدة : الآية 25). فما اتّباع (مبتدأ خبره بعد سطرين بأعجب» وفي المصدر «فأما اتباع» وهو تصحيف) هذه الأُمّة رجالاً سوّدوهم وأطاعوهم، لهم سوابق مع رسول الله صلّي الله علیه و آله و منازل قريبة منه، وأصهار مقرّین بدین محمّد وبالقرآن، حملهم الكبر والحسد أن خالفوا إمامهم ووليّهم، بأعجب من قوم صاغوا من حليّهم عجلاً ثمّ عكفوا عليه يعبدونه ويسجدون له، ويزعمون أنّه ربّ العالمين واجتمعوا على ذلك كلّهم غير هارون وحده . وقد بقي مع صاحبنا الّذي هو من نبيّنا بمنزلة هارون م موسى من أهل بيته ناس سلمان وأبوذر والمقداد والزُبير ، ثمّ رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاة مع إمامهم حتّى لقوا الله. وتتعجّب یا معاوية أنْ سمى الله من الأئمّة واحداً بعد واحد، قد نصّ عليهم رسول الله صلّي الله علیه و آله بغدیر خمّ وفي غير موطن واحتجّ بهم عليهم وأمرهم بطاعتهم وأخبر أنّ أوّلهم عليّ بن أبي طالب علیهماالسّلام وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعده، وأنّه خليفته فيهم ووصيّه، وقد بعث رسول الله صلّي الله علیه و آله جيشاً يوم مؤتة فقال : عليكم جعفر فإن هلك فزيد، فإن هلك فعبدالله بن رواحة، فقتلوا جميعاً أفتراه يترك الأُمّة ولم يبيّن لهم مَن الخليفة بعده، ليختاروا هم الأنفسهم الخليفة، كأنّ رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأرشد من رأيه واختياره، وماركب القوم ما ركبوا إلّا بعد مابيّنه، وما تركهم رسول الله صلّي الله علیه و آله في عمي ولا شبهة . فأمّا ما قال الرهط الأربعة الّذين تظاهروا على علي علیه السّلام وكذبوا على رسول الله صلّي الله علیه و آله وزعموا أنّه قال : إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوّة والخلافة فقد شبّهوا على الناس بشهادتهم وكذبهم ومكرهم . قال معاوية : ما تقول ... الخبر.

ص: 105

ص: 106

هل بينك و بين أُمّها قرابة ؟

{35}

[690] وضع معاوية بين يدي الحسن بن علي علیهماالسّلام دجاجة ففكّها، فقال له : هل بينك وبين أُمّها عداوة؟

فقال الحسن علیه السّلام: فهل بينك وبين أُمّها قرابة .

وإنّما أراد معاوية أن يوقّر مجلسه الحسن علیه السّلام كما يوقّر مجلس الملوك ، والحسن علیه السّلام أعلم منه بالآداب والرسوم المستحسنة، ولكن معاوية كان في عينه أقلّ من ذلك وأحقر وماعدّه معدّ نظرائه فضلاً أن يعتدّ بملکه ويعبأ بمجلسه ولذلك قرعه بقوله الّذي صكّ به وجهه وهدم آیینه وأراه أنّه ليس عنده بالمثابة الّتي قصدها وطمع منه فيها وما [لان: خ ل] موقع ملك الباغي من سبط النبوّة وسليل الخلافة. (1)

شرائط الخلافة والإمامة

{36}

[691] قال معاوية : اظنّ نفسك یا حسن تنازعك إلى الخلافة .

فقال: ويلك يا معاوية إنّما الخليفة من سار بسيرة رسول الله، وعمل بطاعة الله، ولعمري إنّا لأعلام الهدى ومنار التُقى، ولكنّك يا معاوية ممّن أباد السنن، وأحيا البدع، واتّخذ عباد الله خولاً، ودين الله لعباً، فكأن قد أحمل

ص: 107


1- رواه القوم: منهم العلامة المحقق أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفّى سنة 538 في «ربيع الأبرار» (ص 334 مخطوط). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 163 عن ربيع الأبرار

ما أنت فيه، فعشت يسيراً، وبقيت عليك تبعاته ، یا معاوية والله لقد خلق الله مدينتين إحداهما بالمشرق، والأُخرى بالمغرب أسماؤهما جابلقا و جابلسا ، ما بعث الله إليهما أحدا غير جدي رسول الله صلّي الله علیه و آله. (1)

في فضل أبيه عليه السّلام

{37}

[692] اجتمع عند معاوية بن أبي سفيان، عمرو (2) بن عثمان بن عفّان وعمرو بن العاص، وعتبة (3) بن أبي سفيان، والوليد (4) بن عقبة بن أبي معيط ، والمغيرة (5) بن شعبة، وقد تواطؤوا على أمر واحد.

فقال عمرو بن العاص لمعاوية : ألا تبعث إلى الحسن بن علي فتحضره،

ص: 108


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 41 - 42 عن تحف العقول، ص 167
2- عمرو بن عثمان الأموي أبو عثمان کان صهر معاوية على ابنته رملة ، زوّجه معاوية إيّاها لمّا ولّى الخلافة وكان أكبر ولد عثمان، مات سنة (73 ه-) تهذيب التهذيب : ج 8 ص 64؛ تاريخ الإسلام: ص 310
3- عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب، كان والياً على مصر من قِبَل أخيه معاوية قدمها سنة (43)، وكان ممّن شهد يوم الجمل مع عائشة وفقئت عينه، وكان خطيباً، توفّي بالاسكندرية سنة (44) الأعلام : ج4 ص 360
4- الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط الأموي أخو عثمان بن عفّان لأُمّه، أسلم يوم الفتح، ولّاه عثمان الكوفة سنة (25) وأقام إلى سنة (29) فشهد عليه جماعة عند عثمان بشرب الخمر فعزل، مات بالرقّة سنة (61) الأعلام : ج 9 ص 133
5- المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي، ولد بالطائف سنة (20) قبل الهجرة، أسلم سنة (5ه-) وذهب عينه باليرموك وولّاه عمر على البصرة، ثمّ على الكوفة إلى أن مات بها سنة (50) الأعلام : ج5 ص 199

فقد أحيا سنّة أبيه، وخفقت النعال خلفه، أمر فأُطيع وقال فصدّق، وهذان يرفعان به إلى ما هو أعظم منهما، فلو بعثت إليه فقصّرنا به وبأبيه، وسببناه وسببنا أباه، وصغّرنا بقدره وقدر أبيه ، وقعدنا لذلك حتّى صدق لك فيه .

فقال لهم معاوية : إنّي أخاف أن يقلّدكم قلائد، يبقى عليكم عارها، حتّى تدخلكم قبوركم، والله ما رأيت قطّ إلّا كرهت جنابه و هبت عتابه ، وإنّي إن بعثت إليه لأنصفنّه منكم.

فبعثوا إلى الحسن علیه السّلام، فلمّا أتاه الرسول قال له : يدعوك معاوية.

قال : ومن عنده؟

قال الرسول : عنده فلان وفلان، وسمّى كلاً منهم باسمه .

فقال الحسن علیه السّلام: مالهم خرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون.

فلمّا أتى معاوية رحّب به وحيّاه وصافحه، فقال معاوية : أجل، إنّ هؤلاء بعثوا إليك وعصوني ليقرّوك أنّ عثمان قتل مظلوماً، وأنّ أباك قتله، فاسمع منهم ثمّ أجبهم بمثل مایکلّمونك، فلا يمنعك مكاني من جوابهم .

فقال الحسن علیه السّلام : فسبحان الله، البيت بيتك والإذن فيه إليك ، والله لئن أجبتهم إلى ما أرادوا إنّي لأستحيي لك من الفحش، وإن كانوا غلبوك على ما تريد، إنّي لأستحيي لك من الضعف، فبأيّهما تقرّ ومن أيّهما تعتذر، وأمّا إنّي لو علمت بمكانهم واجتماعهم لجئت بعدّتهم من بني هاشم، مع أنّي مع وحدتي هم أوحش منّي من جمعهم، فإنّ الله عزّوجلّ لوليّي اليوم وفيما بعد اليوم، فمرهم فليقولوا فأسمع، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

ثمّ تكلّموا كلّهم، وكان كلامهم وقولهم كلّه وقوعاً في علي علیه السّلام، ثمّ سكتوا، فتكلّم أبو محمد الحسن بن علي علیه السّلام فقال :

ص: 109

الحمد لله الّذي هدى أوّلكم بأوّلنا، وآخركم بآخرنا، وصلّى الله على جدّي محمد النبيّ وآله وسلّم، إسمعوا منّي مقالتي وأعيروني فهمكم، وبك أبدأُ یا معاوية ، إنّه لعمرُ الله يا أزرق ما شتمني غيرُك وما هؤلاء شتموني، ولا سبّني غيرُك وما هؤلاء سبّوني، ولكن شتمتني وسببتني فُحشاً منك وسوءَ رأي، وبغياً وعُدواناً، وحسداً علينا وعداوةً لمحمد صلى الله عليه و آله قديماً وحديثاً.

وإنّه والله لو كنتُ أنا وهؤلاء يا أزرق مُشاورين في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله، وحولَنا المهاجرون والأنصار ما قدروا أن يتكلّموا به ولا استقبلوني بما استقبلوني به.

فاسمعوا منّي أيّها الملا المجتمعون المتعاونون عليّ، ولا تكتُموا حقّاً علمتموه، ولا تُصدّقوا باطل إن نطقتُ به، وسأبدأُ بك يا معاوية ، ولا أقول فيك إلّا دون ما فيك .

أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ الرجل الّذي شتمتموه صلّى القبلتين كلتيهما ، وأنت تراهما جميعاً، وأنت في ضلالة تعبُدُ اللات والعُزّى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت یا معاوية بالأُولى كافر وبالأخرى ناکث؟!

أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ ما أقولُ حقّاً، إنّه لقيكم مع رسول الله صلى الله عليه و آله يوم بدر ومعه رايةُ النبي صلى الله عليه و آله والمؤمنين، ومعك يا معاوية رايةُ المشركين، وأنت تعبد اللات والعُزّى، وترى حربَ رسول الله صلى الله عليه و آله فرضاً واجباً؟ ولقيكم يوم أُحُد ومعه رايةُ النبيّ، ومعك يا معاويةُ رايةُ المشركين؟ ولقيكم يوم الأحزاب ومعه رايةُ رسول الله صلى الله عليه و آله ومعك يا معاويةُ رايةُ المشرکین؟!

كلّ ذلك يُفلج (1) الله حجّته ويَحقّ دعوته ويصدّق أُحدوثته، وينصر رايته ،

ص: 110


1- يفلج الله حجّته، أي : يُظهِر برهانه وقدّمه

وكلّ ذلك رسول الله يُری عنه راضياً في المواطن كلّها ساخطاً عليك .

ثمّ أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله: حاصر بني قريظة (1) وبني النضير (2)، ثمّ بعث عمر بن الخطّاب ومعه راية المهاجرين، وسعد (3) بن معاذ ومعه راية الأنصار، فأمّا سعد بن معاذ فخرج وحُمِل جريحاً.

وأمّا عمر فرجع هارباً، وهو يجبّن أصحابَه ويجبّنُه أصحابُه، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبّه اللهَ ورسولَه ، کرّار غیرُ فرّار، ثمّ لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه .

فتعرّض لها أبو بكر وعمر وغيرهما من المهاجرين والأنصار، وعليّ يومئذ أرمَد شديد الرمد، فدعاه رسول الله صلّي الله علیه و آله فتفل في عينه، فبرأ من رمده، وأعطاه الراية فمضى، ولم يثن حتّى فتح الله عليه بمنّه وطوله، وأنت يومئذ بمكّة عدوُّ الله ولرسوله؟ فهل يستوي بين رجل نصح لله ولرسوله ورجلٌ عادي الله ورسولَه؟

ص: 111


1- بنو قريظة فخذ من حذام إخوة النضير من اليهود، نزلوا بجبل يقال له قريظة فنسبوا إليه كما في تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 52 وغزوة بني قريظة كانت في السنة الخامسة من الهجرة بعد رجوع النبي صلّي الله علیه و آله من الأحزاب، حاصرهم خمساً وعشرين ليلة حتّى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ثمّ نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم سعد بقتل الرجال وقسمة الأحوال وسبي الذراري، ونزل في بني قريظة الآية (26) من سورة الأحزاب : «وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ ...» الخ
2- کانت غزوة بني النضير في السنة الثالثة من الهجرة على رأس ستّة أشهر من وقعة بدر ، وكانت منازلهم بناحية المدينة، حاصرهم النبي صلّي الله علیه و آله حتّى نزلوا على الجلاء فأجلاهم إلى الشام، فأنزلت : «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا» (سورة الحشر)
3- سعد بن معاذ بن النعمان الأوسي الأنصاري، صحابي من الأبطال، كانت له سيادة الأوس، رُمي بسهم يوم الخندق فمات من أثر جرحه سنة (5)

ثمّ أقسم بالله ما أسلم قلبُك بعدُ، ولكنّ اللسان خائف فهو يتكلّم بما ليس في القلب !

أُنشدكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله استخلفه على المدينة في غزوة تبوك، ولا سخطه لك ولا كرهه، وتكلّم فيه المنافقون، فقال : لا تخلفني یا رسول الله فإنّي لم أتخلف عنك في غزوة قطّ، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: أنت وصيّي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى (1).

قال : أُنشدكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال في حجّة الوداع: أيّها الناس ! إنّي قد ترکتُ فیکم مالم تَضلّوا بعده ، کتابَ الله وعترتي أهل بيتي ، فأحِلّوا حلاله وحرِّموا حرامه، واعمَلوا بمحكمه وآمِنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنّا بما أنزل الله من الكتاب، وأحِبّوا أهل بيتي وعترتي، ووالوا من والاهم وانصروهم على من عاداهم، وإنّهما لن يزالا فيكم حتّى يردا علىّ الحوض يوم القيامة .

ثمّ دعا وهو على المنبر عليّاً فاجتذبه بيده فقال : اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، اللّهمّ من عادى عليّاً فلا تجعل له في الأرض مقعداً، ولا في السماء مصعداً، واجعله في أسفل درك من النار.. (2)

ص: 112


1- حدث المنزلة من الأحاديث الّتي رواها الأُمّة الإسلامية ولا ريب في ثبوته بإجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب. راجع صحيح البخاري : ج 3 ص 58 و صحیح مسلم ج 4 ص 323 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 28 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 109 وغيرها
2- حديث الغدير من الأحاديث الشريفة الّتي جاوزت حدّ التواتر ولا ينكر ثبوته إلّا المعاند المتعصّب . راجع «الغدیر» و «العبقات» و «احقاق الحق و ملحقاته» و «المراجعات » وغيرها

وأُنشدكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال له : أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة، تذود عنه كما يذود أحدكم الغريبة من وسط إبله . (1)

أنشدكم بالله أتعلمون أنه دخل على رسول الله صلّي الله علیه و آله في مرضه الّذي تُوفّي فيه، فبكى رسول الله صلّي الله علیه و آله فقال عليّ : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال : يبكيني أنّي أعلم أنّ لك في قلوب رجال من أُمّتي ضغائن، لايُبدونَها لك حتّى أتولى عنك؟ (2)

ص: 113


1- هذا الحديث الشريف ممّا رواه جمّ غفير من الأعلام وإليك أسماء بعضهم : منهم العلّامة الموفّق بن أحمد الخوارزمي المتوفّى (568ه-) في «المناقب» : ص 65 ط تبریز بإسناده عن جابر الأنصاري عن رسول الله صلّي الله علیه و آله أنه قال لعليّ علیه السّلام : «والّذي نفسي بيده إنّك لذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادّ عن الماء بعصاً لك من عوسج ... الخ. والعلامة ابن الأثير الجزري المتوفّى (606) في نهاية اللغة : ج 2 ص 8 ط المنيريّة . والحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى (802ه-) في لسان المیزان : ج 2 ص 404 ط حیدر آباد وغيرهم ممّن يطول ذكرهم. راجع ملحقات الإحقاق : ج 20 ص305
2- مضمون هذا الحديث ممّا رواه جماعة من أعلام القوم ، منهم : الخطيب البغدادي في «تاریخ بغداد» : ج12 ص 398. وأخطب خطباء خوارزم في «المناقب»: ص37. وسبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواصّ» : ص 51. ونور الدين الحافظ في «مجمع الزوائد» : ج 9 ص 118 عن ابن عبّاس، قال : خرجت أنا والنبي صلّي الله علیه و آله و علي علیه السّلام في جنان المدينة فمررنا بحديقة، فقال على علیه السّلام : ما أحسن هذه الحديقة يارسول الله! فقال : حديقتك في الجنّة أحسن منها، ثمّ أومأ بيده إلى رأسه، ثمّ بکی، حتّى علا بکاؤه ، قلت : ما يبكيك؟ قال : ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتّى يفقدوني

أنشدكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله حين حضرته الوفاة واجتمع عليه أهل بيته، قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي، اللّهمّ وال من والاهم، وعاد من عاداهم، وقال : إنّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، مَن دخل فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق. (1)

وأنُشدكم بالله أتعلمون أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قد سلّموا عليه بالولاية في عهد رسول الله صلّي الله علیه و آله وحياته ؟ (2)

وأُنشدكم بالله أتعلمون أنّ عليّاً أوّلُ من حرّم الشهوات كلّها على نفسه من

ص: 114


1- حديث السفينة حدیث شریف رواه جماعة من أعلام القوم منهم : الخطيب البغدادي في تاریخ بغداد» : ج12 ص 91 بإسناده عن أنس، عن النبي صلّي الله علیه و آله. والحافظ أبو نعيم المتوفّی (430 ه-) في «حلية الأولياء» : ج4 ص306 بإسناده عن ابن عبّاس عن النبي صلّي الله علیه و آله. والحافظ السيوطي المتوفّي (910ه-) في الجامع الصغیر» عن عبدالله بن الزبير عن النبي صلّي الله علیه و آله. والحافظ الدولابي في «الكنى والأسماء» : ج 1 ص 76 عن عامر بن واثلة عن النبي صلّي الله علیه و آله
2- أشار علیه السّلام في هذا الكلام إلى أنّ النبي صلّي الله علیه و آله أمر أصحابه بأن يسلّموا على علي بن أبي طالب بإمرة المؤمنين وولايتهم في حياته، وهذه فضيلة خاصّة رواها غير واحد من الأعلام، وعقد العلامة المجلسي (قدّس سرّه) باباً مخصوصاً في بحار الأنوار (ج 37 باب 54) وذكر فيه (81) حدیثاً تثبت هذه المنقبة الثاقبة، منها: عن أمالي الشيخ بإسناده عن عمرو بن حُصیب ، قال : بينا أنا وأخي بريدة عند النبي صلّي الله علیه و آله إذ دخل أبو بكر فسلّم على رسول الله صلّي الله علیه و آله، فقال له : إنطلق فسلّم على أمير المؤمنين، فقال : یا رسول الله ومن أمير المؤمنين ؟ قال : علي بن أبي طالب . قال : عن أمر الله و أمر رسوله؟ قال: نعم، ثمّ دخل عمر فسلّم، فقال : إنطلق فسلم على أمير المؤمنين ، فقال : یارسول الله ومَن أمير المؤمنين ؟ قال صلّي الله علیه و آله: عليّ بن أبي طالب ، قال : عن أمر الله ورسوله؟ قال : نعم

أصحاب رسول الله، فأنزل الله عزّوجلّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ» (1). (2)

وكان عنده علم المنايا وعلم القضايا (3) وفصلُ الكتاب (4)، ورسوخ العلم و منزل القرآن. (5)

وكان في رهط لا نعلمهم يتمّون عشرةً نبّأهم الله أنّهم به مؤمنون، وأنتم في رهط قريب من عدّة، أولئك لُعِنوا على لسان رسول الله صلّي الله علیه و آله، فأشهد لكم

ص: 115


1- سورة المائدة : الآية 87 و 88
2- قال الفيض الكاشاني (قدّس سرّه) في «الصافي»: ص 142 في ذيل الآية : في «المجمع» و«القمي» عن الصادق علیه السّلام : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علیه السّلام وبلال وعثمان بن مظعون، فأمّا أمير المؤمنين علیه السّلام فحلف أن لا ينام بالليل أبداً، وأمّا بلال فإنّه حلف أن لا يفطر بالنهار أبداً، وأمّا عثمان بن مظعون فإنّه حلف أن لا ينكح أبداً ... إلى أن قال : صعد رسول الله صلّي الله علیه و آله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطيّبات، إنّي أنام بالليل، وأنكح، وأفطر بالنهار ... الخ
3- إخباره علیه السّلام عن المغیبات سيّما المنايا کثیر مثل إخباره يوم النهروان بأنّه لا ينجو من الخوارج عشرة ولا يقتل من جيشه عشرة، فكان كما أخبر . إحقاق الحق : ج 8 ص 88. وإخباره عن شهادة نفسه كراراً، الإحقاق : ج 8 ص 109 إلى ص 124. وإخباره عن شهادة الحسين علیه السّلام بكربلاء، كما في «إحقاق الحق» : ج 8 من ص 141 إلى ص 151 وغير ذلك
4- في «بحار الأنوار» و«العوالم» : وفصل الخطاب
5- قال العلامة القندوزي النقشبندي في ينابيع المودّة : ص 77 : عن الأصبغ بن نباتة، قال : سمعت أمير المؤمنين علیه السّلام يقول : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله علّمني ألف باب وكلّ باب منها يفتح ألف باب ، فذاك ألف ألف باب حتّى علمت ماکان وما يكون إلى يوم القيامة، وعلمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب

وأشهد عليكم أنّكم لعناءُ الله على لسان نبيّه كلَّكم.

وأُنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلّي الله علیه و آله بعث إليك لتكتب له البني خزيمة حين أصابهم خالد بن الوليد فانصرف إليه الرسول فقال : هو يأكل ، فأعاد الرسول إليك ثلاث مرّات، كلّ ذلك ينصرف الرسول إليه ويقول : هو يأكل، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: اللّهمّ لا تُشبِع بطنَه، فهي والله في نهمتك، وأكلك إلى يوم القيامة . (1)

أُنشدكم بالله هل تعلمون أنّ ما أقول حقّاً، إنّك يا معاوية كنت تسوق بأبيك على جمل أحمر يقوده أخوك هذا القاعد، وهذا يوم الأحزاب ، فلعن رسول الله القائد والراكب والسائق، فكان أبوك الراكب، وأنت يا أزرق السائق، وأخوك هذا القاعدُ القائد. (2)

ص: 116


1- بحار الأنوار : ج 22 ص 248 روى عن تاريخ البلاذري أنه أنفذ النبي صلّي الله علیه و آله ابن عبّاس إلى معاوية ليكتب إليه . فقال : إنّه يأكل، ثمّ بعث إليه ولم يفرغ من أكله ، فقال النبي صلّي الله علیه و آله: لا أشبع الله بطنه
2- هذا الحديث ممّا رواه غير واحد من الأعلام : أُنظر «الغدير » ج10 ص139 عن علي بن الأقمر ، عن عبدالله بن عمر قال : خرج رسول الله صلّي الله علیه و آله من فج فنظر إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق ، فلمّا نظر إليهم رسول الله قال : اللّهمّ العن القائد والسائق والراكب . قلنا: أنت سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : نعم، وإلّا فصمّتا أُذناي كما عميتا عيناي . (کتاب صفّين ط مصر : ص 247) وفي تاريخ الطبري : ج 11 ص357: قد رأى رسول الله صلّي الله علیه و آله أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه يسوق به قال : لعن الله القائد والراكب والسائق . وإلى هذا الحديث أشار الإمام السبط فيما يخاطب به معاوية بقوله : أُنشدك الله يا معاوية ، أتذكر يوم جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول الله صلّي الله علیه و آله فقال : اللّهمّ العن الراكب و القائد والسائق. وإليه أشار محمد بن أبي بكر في كتاب كتبه إلى معاوية بقوله : وأنت اللعين ابن اللعين ، وسيوافيك الكتاب إن شاء الله تعالی. عن البراء بن عازب قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: اللّهمّ العن التابع والمتبوع، اللّهمّ عليك بالاقيعس ، فقال ابن البراء لأبيه : من الأقيعس؟ قال : معاوية

أُنشدكم بالله هل تعلمون أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن :

أولّهنّ: حين خرج من مكّة إلى المدينة وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان فسبّه وأوعده، وهمّ أن يبطش به ثمّ صرفه الله عزّوجلّ عنه .

والثانية : يوم العير (1) حيث طردها أبو سفيان ليحرزها من رسول الله.

والثالثة : يوم أُحد، قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: الله مولانا ولا مولى لكم، وقال أبوسفيان : لنا العُزّى ولاعُزّى لكم، فلعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون أجمعون .

والرابعة : يوم حنين يوم جاء أبوسفيان يجمع قریش و هوازن وجاء عيينة بغطفان واليهود، فردّهم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً، (2) هذا قول الله عزّوجلّ

ص: 117


1- كانت العير ألف بعير فيها أموال عظام، يقال : إنّ فيها الخمسين ألف دينار، أقبل أبو سفیان بهما من الشام وفيها أربعون راكباً من قريش فندب النبي صلّي الله علیه و آله أصحابه للخروج إليها وأخبرهم أنّ الله تعالى قد وعده إحدى الطائفتني : إمّا العير أو قريش، فخرج في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وبلغ أبا سفيان الخبر فخاف شديداً ورجع بالعير إلى الشام، وكان هذا سبباً لغزوة بدر الكبرى. راجع بحار الأنوار : ج19 ص 244
2- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب، الآية 25 : «وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ»، وهذا في غزوة الأحزاب وأمّا الثانية من السورتين فكأنّه أراد قوله تعالى في سورة الفتح، الآية 24 : «وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ...» الخ وهذا في الحديبيّة، فكيف كان في الحديث إضطراب واضح، حيث إنّ أبا سفيان وعيينة بن حصن كانا في حنين مسلمين ، وقد أعطى رسول الله صلّي الله علیه و آله كلّ واحد منهما مائة بعير من الفيء تأليفاً لقلوبهم، وقد كان لعيينة بن حصن في أخذ عجوز من عجائز هوازن سهماً من الغنيمة شأن من الشأن. راجع سيرة ابن هشام : ج2 ص 490 - 493 وذيل بحار الأنوار : ج 44 ص 77

أنزل في سورتين في كلتيهما، يسمّي أبا سفيان وأصحابَه كفّاراً، وأنت يا معاوية يومئذ مُشرك على رأي أبيك بمكّة، وعليّ يومئذ مع رسول الله صلّي الله علیه و آله وعلى رأيه ودينِه .

والخامسة: قول الله عزّوجلّ : «وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ» (1)، وصددت أنت وأبوك ومشرکو قریش رسول الله، فلعنه الله لعنةً شملته وذرّيته إلى يوم القيامة .

والسادسة : يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصین بن بدر بغطفان، فلعن رسول الله القادة والأتباع والساقة إلى يوم القيامة ، فقيل : یا رسول الله أما في الأتباع مؤمن ؟ قال : لا تُصيب اللعنةُ مؤمناً من الأتباع، أمّا القادة فليس فيهم مؤمن ولا مُجيب ولا ناج.

والسابعة : يوم الثنيّة، يوم شدّ على رسول الله صلّي الله علیه و آله إثناعشر رجلاً، سبعة منهم من بني أُميّة، وخمسة من سائر قریش، فلعن الله تبارك وتعالى ورسولُ الله من حلّ الثنيّة غير النبيّ صلّي الله علیه و آله وسائقه وقائده .

ثمّ أُنشدكم بالله هل تعلمون أنّ أبا سفيان دخل على عثمان حین بويع في مسجد رسول الله صلّي الله علیه و آله فقال : يابن أخي هل علينا من عين؟ فقال: لا، فقال أبو سفيان : تداولوا الخلافة يا فتيان بني أُميّة، فوالّذي نفسُ أبي سفيان بيده، ما من جنّة ولا نار؟!

ص: 118


1- سورة الفتح : الآية 25

وأُنشدكم بالله أتعلمون أنّ أبا سفيان أخذ بيد الحسين حين بویع عثمانی وقال : يابن أخي أخرج معي إلى بقيع الغرقد، فخرج حتّى إذا توسّط القبور اجترّه، فصاح بأعلى صوته: يا أهل القبور الّذي كنتم تقاتلوننا عليه صار بأيدينا وأنتم رميم! فقال الحسين بن علي علیه السّلام : قبّح الله شيبتَك و قبّح وجهك، ثمّ نتر يده و ترکه، فلولا النعمانُ بن بشير أخذ بيده وردّه إلى المدينة لهلك.

فهذا لك يا معاوية ، فهل تستطيع أن تردّ علينا شيئاً من لعنتك يا معاوية؟ وإنّ أباك أبا سفيان كان يهم أن يُسلم فبعثْتَ إليه بشِعر معروف مرويّ في قريش وغيرهم تنهاه عن الإسلام وتصدُّه .

ومنها : إنّ عمر بن الخطّاب ولّاك الشام فخُنتَ به، وولّاك عثمان فتربّصْتَ به ريب المنون، ثمّ أعظمُ من ذلك جرأتُك على الله ورسوله أنّك قاتلتَ عليّاً علیه السّلام، وقد عرفتَه وعرفتَ سوابقَه، وفضلَه وعلمَه، على أمرٍ هو أولى به منك ومن غيرك، عند الله وعند الناس، ولاذيته بل أوطاتَ الناسَ عَشوةً، وأرقتَ دماء خلق من خلق الله بخُدَعِك وكيدِك وتمويهِك، فعلَ مَن لا يؤمن بالمعاد ولا يخشى العقاب .

فلمّا بلغ الكتابُ أجله صرتَ إلى شرّ مثوى وعليّ إلى خير مُنقلَب، والله لك بالمرصاد فهذا لك يا معاوية خاصّة، وما أمسكتُ عنه من مساويك وعيوبك فقد كرهتُ به التطويل.

وأمّا أنت يا عمرو بن عثمان، فلم تكن للجواب حقيقاً بحُمقِك، أن تتّبع هذه الأُمور، فإنّما مثلُك مثلُ البعوضة إذ قالت للنخلة : إستمسكي فإنّي أُريد أن أنزِل عنك ، فقالت لها النخلة : ماشعرتُ بوقوعكِ، فكيف يشُقُّ عليّ نزولك ، وإنّي والله ماشعرتُ أنّك تجسُرُ أنْ عُادي لي فيشُقُّ عليّ ذلك، وإنّي لمُجيبُك في الّذي قلت .

ص: 119

إنّ سبّك عليّاً علیه السّلام أينقُص في حسبه، أو يُباعِدُه من رسول الله، أو يسوءُ بلاءه في الإسلام، أو بجورٍ في حكم، أو رغبة في الدُنيا ؟! فإن قلتَ واحدةً منها فقد كذبت .

وأمّا قولك : إنّ لكم فينا تسعة عشر دماً بقتلى مُشركي بني أُميّة ببدر ، فإنّ الله ورسولَه قتلهم، ولعمري ليقتُلَنّ في بني هاشم تسعة عشر وثلاثةً بعد تسعة عشر ، ثمّ يُقتَل من بني أُميّة تسعة عشر وتسعة عشر في موطن واحد، سوى ما قُتِل من بني أُميّة لايُحصي عددهم إلّا الله.

إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : إذا بلغ وُلدُ الوزغ ثلاثين رجلاً، أخذوا مالَ الله بينهم دُوَلاً وعبادَه خَوَلاً، وكتابَه دغلاً، فإذا بلغوا ثلاثمائة وعشراً حقّت اللعنة عليهم ولهم، فإذا بلغوا أربعمائة وخمسة وسبعين کان هلاكهم أسرعَ من لوك تمرة، فأقبل الحكم ابن أبي العاص، وهم في ذلك الذكر والكلام، فقال رسول الله : أخفِضوا أصواتَكم فإنّ الوزغ يسمع، وذلك حين رآهم رسول الله صلّي الله علیه و آله ومن يملك بعده منهم أمر هذه الأُمّة - يعني في المنام - فساءه ذلك وشقّ عليه .

فأنزل الله عزّوجلّ في كتابه : «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ» (1)، يعني بين أُميّة، وأنزل أيضاً : «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» (2)، فأشهد لكم و أشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل عليّ إلّا ألف شهر، الّتي أجلّها الله عزّ وجلّ في كتابه .

وأمّا أنت يا عمرو بنُ العاص، الشانيء اللعين الأبتر ، فإنّما أنت كلب ، أوّل

ص: 120


1- سورة الإسراء : الآية 60
2- سورة القدر : الآية 3

أمرِك أن أُمَّك بغيّة، وأنّك وُلِدتَ على فراشٍ مُشْتَرَك ، فتحاكمَتْ فيك رجالُ قریش، منهم أبو سفيان بن الحرب، والوليدُ بن المغيرة، وعثمان بن الحارث ، والنضر بن الحارث بن كلدة، والعاص بن وائل، كلُّهم يزعم أنّك إبنُه، فغلبهم عليك من بين قريش الأمهم حَسَباً، وأخبَثُهم منصباً، وأعظمُهم بغيّة.

ثمّ قمتَ خطيباً وقلت : أنا شانیءُ محمد، وقال العاص بن وائل : إنّ محمّداً رجل أبتر لا ولد له، فلو قد مات إنقطع ذكرُه، فأنزل الله تبارك وتعالى : «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» (1).

وكانت أُمُّك تمشي إلى عبد قيس تطلب البغيّة، تأتيهم في دورهم ورحالهم وبطون أوديتهم، ثمّ كنتَ في كلِّ مشهد يشهدُه رسول الله من عدوّه ، أشدّهم له عداوةً وأشدُّهم له تكذيباً.

ثمّ كنتَ في أصحاب السفينة الّذين أتوا النجاشي والمهجر (2) الخارج إلى الحبشة في الإشاطة (3) بدم جعفر بن أبي طالب وسائر المهاجرين إلى النجاشي، فحاق المكرُ السيّءُ بك، وجعل جدّك (4) الأسفل، وأبطل أَمنيّتك، وخيّب سعيك، وأكذب أُحدوثَتك، وجعل كلمةَ الذين كفروا السُفلى وكلمةَ الله هي العُلْيا.

وأمّا قولُك (5) في عثمان، فأنت یا قليل الحياء والدين، ألهبْتَ عليه ناراً ثمّ

ص: 121


1- سورة الكوثر : الآية 3
2- المهجر : أهل الهجرة
3- الإشاطة : التعريض للقتل
4- الجدّ (بكسر الجيم) : السعي والإجتهاد، و(بفتح الجيم) : الحظّ و البخت
5- إشارة إلى كلامه الباطل حيث نسب قتل عثمان إلى أمير المؤمنين علیه السّلام ، وقال : يابن أبي تراب بعثنا إليك لنقررّك أنّ أباك سَمّ أبا بكر الصديّق، واشترك في قتل عمر الفاروق، وقتل عثمان ذالنورین مظلوماً، فادّعى ما ليس له بحقّ ووقع فيه ، ثمّ قال : إنّكم يا بني عبدالمطّلب لم يكن الله ليعطيكم الملك فترتكبون فيه ما لا يحلّ لكم ... الخ

هربتَ إلى فلسطين تتربّصُ به الدوائر ، فلمّا أتاك خبر قتله حبسْتَ نفسَك على معاوية ، فبعتَه دينَك يا خبيثُ بدُنيا غيرِك، ولسنا نلومُك على بُعضِنا ، ولم نعاتبك على حُبِّنا، وأنت عدوّ لبني هاشم في الجاهليّة والإسلام، وقد هجوتَ رسول الله صلّي الله علیه و آله بسبعين بيتاً من شعر، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: اللّهمّ إنّي لا أُحسنُ الشعرَ ولا ينبغي لي أن أقوله فالعن عمرو بن العاص بكلّ بيت ألف لعنة. (1)

ثمّ أنتَ يا عمرو المؤْثر دُنياك على دينِك، أهديتَ إلى النجاشي (2) الهدايا (3)ورحلتَ إليه رحلتك الثانية، ولم تنهك الأُولى عن الثانية، كلُّ ذلك ترجَعُ مغلوباً حسيراً، تُريدُ بذلك هلاك جعفر وأصحابه ، فلمّا أخطأك مارجوتَ

ص: 122


1- روى في «بحار الأنوار : ج 3 ص 224 عن كتاب سليم بن قيس الهلالي : ص 172 : أنّ أمير المؤمنين علیه السّلام لمّا سمع ترّهات عمرو بن العاص وكلماته الباطلة لأهل الشام فقام وقال : العجب لطغاة أهل الشام حيث يقبلون قول عمرو ويصدّقونه وقد بلغ من حديثه و كذبه و قلّة ورعه أن يكذب علی رسول الله صلّي الله علیه و آله و قد لعنه سبعين لعنة ولعن صاحبه الّذي يدعو إليه في غير موطن، وذلك أنّه هجا رسول الله صلّي الله علیه و آله بقصيدة سبعين بيتاً، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: اللّهمّ إنّي لا أقول الشعر ولا أُحلّه، فالعنه أنت وملائكتك بكلّ بيت لعنة تترى على عقبه إلى يوم القيامة
2- النّجاشي (بفتح النون) : لقب ملك الحبشة، واسمه أصحمة بن بحر ، كان متواضعاً، كتب إليه النبي صلّي الله علیه و آله كتاباً ودعاه إلى الإسلام فلمّا وصل إليه وضعه على عينه ونزل من سريره وجلس على الأرض، أسلم على يد جعفر بن أبي طالب قبل الفتح ومات قبله
3- أهدت قريش للنجاشي مع عمرو فرساً وجبّة ديباج ولكنّه بعد احتجاج جعفر ردّ الهدايا وما قبلها، وقال لجعفر : أُمكثوا آمنين

وأمّلت، أحَلْتَ على صاحبك عمارة (1) بن الوليد، فوشيت به إلى النجاشي ففضحك الله وفضح صاحبك .

وأمّا أنت یا ولیدُ بن عقبة، فوالله ما الومُك أن تبغُضَ عليّاً، وقد جلدك في الخمر ثمانین جلدة، وقتل أباك صبراً بيده يومَ بدر، أم كيف تسبُّه وقد سمّاه اللهُ مؤمناً في عشرة آيات من القرآن وسمّاك فاسقاً، وهو قول الله عزّوجلّ : «أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ» (2)، وقوله : «يإِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ». (3)

وما أنت وذكر قريش، وإنّما أنت ابن علج (4) من أهل صفوريّة، إسمُه ذكوان. (5)

ص: 123


1- إشارة إلى قصّة مکر عمرو بعمارة إذ قال له: إنّك رجل جميل فاذهب إلى امرأة النجاشي فتحدّث عندها إذا خرج زوجها فإنّ ذلك يعيننا في حاجتنا فراسلها عمارة حتّى دخل عليها فأخبر عمرو النجاشي بأنّ عمارة يراود زوجته، فأمر النجاشي بأن ينفخوا في إحليله سَحْرةٌ ويلقوه في جزيرة ففعِل به ما أمر فجنّ وصار مع الوحش
2- سورة السجدة : الآية 18
3- سورة الحجرات : الآية 6
4- العِلج (بكسر العين المهملة وسكون اللام) : العير، وحمار الوحش السمين القوي، والرغيف الغليظ الحرف، والرجل الكافر من العجم. (القاموس للفيروزآبادي)
5- في «التذكرة» لسبط ابن الجوزي ص 118: أنّه لمّا كان الوليد بن عقبة والياً على الكوفة سنة (29 ه-) صلّی يوماً بهم وهم سكران الفجر أربعاً، فجاء الناس إلى عثمان و شهدوا عنده أنّه شرب الخمر، فرمی عثمان السوط إلى عليّ علیه السّلام فأخذه ودنا من الوليد فجلّده أربعين (قيل : ولعلّه كان السوط ذا ذنبين فصار ثمانين) فسبّه الوليد، فقال عقيل بن أبي طالب وكان حاضراً للوليد: یا فاسق ما تعلم مَن أنت؟ ألستَ عِلْجاً من أهل صفورية (قرية بين عکا وللجون من أعمال الأردن) وكان أبوك يهودیّاً

وأمّا زعمُك أنّا قتلنا عثمان، فوالله ما استطاع طلحة والزبير وعائشة أن يقولوا ذلك لعليّ بن أبي طالب، فكيف تقوله أنت.

ولو (1) سألتَ أُمَّك مَن أبوك إذ تركت ذكوان فألصقتْك بعقبة بن أبي معيط، إكتسبت بذلك عند نفسها سناءً ورفعةً، ومع ما أعدّ الله لك ولأبيك ولأُمِّك من العار والخزث في الدُنيا والآخرة، وما الله بظلّام للعبيد.

ثمّ أنت يا وليد، والله أكبر (2) في الميلاد ممّن تدّعي له النسب، فكيف تسُبُّ عليّاً ولو اشتغلت بنفسك لتُثبِتَ نسبَك إلى أبيك لا إلى مَن تدعّي له ، ولقد قالت لك أُمُّك : يابُنيّ أبوك والله ألأم وأخبثُ من عُقَبَة.

وأمّا أنت يا عتبة بن أبي سفيان، فوالله ما أنت بحصيف (3) فأُجاويك، ولا عاقل فأُعاتبك، وما عندك خيرٌ يُرجى، وما كنتُ ولو سببتَ عليّاً لأُعيرَ به عليك، لأنّك عندي لست بكفو لعبد عليّ بن أبي طالب فأرُدّ عليك وأعاتُبك، ولكنّ الله عزّوجلّ لك ولأبيك وأُمِّك وأخيك لبالمرصاد، فأنت ذريّة آبائك ، الّذين ذكرهم الله في القرآن فقال :

«عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ - إلى قوله - مِنْ جُوعٍ» . (4)

ص: 124


1- قوله علیه السّلام: «ولو سألت» لو للتمنّي
2- قوله علیه السّلام: «أكبر في الميلاد» أي كنتَ أكبر سنّاً من عقبة، فكيف تكون ابنه، أو أنت أكبر من أن تكون ابنه فإنّه في وقت میلادك لم يكن في سنّ الرجال
3- الحصيف (بفتح الحاء المهملة) : الّذي استحکم عقله ، مشتقّ من حصف (بضم الصاد) أي : استحکم عقله : القاموس للفيروز آبادي
4- سورة الغاشية : الآية 3-6

وأمّا وعيدُك إيّاي أن تقتُلَني (1)، فهلّا قتلتَ الّذي وجدتَه على فراِشك مع حليلتِك، وقد غلبك على فرجِها وشركك في وُلدِها، حتّى ألصق بك ولداً ليس لك (2)، ويلاً لك، لو شغلت بنفسك بطلب ثأرك منه لكنتَ جديراً ولذلك حريّاً، إذ تسومُني القتل وتوعِدُني به .

ولا ألومك أن تسبَّ عليّاً، وقد قتل أخاك (3) مبارزةً، واشترك هو وحمزة بن عبدالمطّلب في قتل جدّك (4) حتّى أصلاهما الله على أيديهمانار جهنّم، وأذاقهما العذاب الأليم، ونفى عمّك (5) بأمر رسول الله صلّي الله علیه و آله.

وأمّا رجائي الخلافة، فلعمرُ الله إن رجوتُها فإنّ لي فيها لملتمساً ، وما أنت بنظير أخيك، ولا بخليفة أبيك، لأنّ أخاك أكثرُ تمرّداً على الله وأشدُّ

ص: 125


1- إشارة إلى كلام عتبة بن أبي سفيان حيث خاطبه وقال : يا حسن إنّ أباك كان شرّ قریش لقریش ... أقطعه لأرحامها، وأفسه لدمائها، وإنّك لمن قتلة عثمان، وإنّ في الحقّ أن نقتلك به، وإنّ عليك القود في كتاب الله عزّوجلّ، وإنّا قاتلوك به، فأمّا أبوك فقد تفرّد الله بقتله فكفاناه ، وأمّا رجاؤك للخلافة فلستَ منها لا في قدحة زندك، ولا في رجحة میزانك
2- وزاد سبط ابن الجوزي في «التذكرة» ص 115 عند ذكره لهذا الكلام : حتّى قال نصر بن الحجّاج في ذلك : نُبّئتُ عُتبة هیّأته عرسُه *** لصداقه الهذلي من الحيّان ألقاه معها في الفراش فلم یکن *** فحلاً وأمسك خشية النسوان لاتعتبن يا عتب نفسك حبّها *** إنّ النساء حبائل الشيطان
3- المراد به حنظلة بن أبي سفيان
4- المقصود منه عتبة بن ربيعة أبو هند آكلة الأكباد
5- المراد به الحكم بن أبي العاص الطريد ولكنّه ما كان عمّ عتبة بن أبي سفيان، نعم كان ابن عمّ أبي سفيان . والظاهر أنّ الأصل : (نفی ابن عمّك) فسقط كلمة (ابن) من قلم النسّاخ

طلباً لإحراقة دِماء المسلمين، وطلب ما ليس له بأهل يُخادعُ الناسَ ويمكرُهم ، ويمكرُ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين.

وأمّا قولُك: إنّ عليّاً كان شرّ قريش لقريش، فوالله ماحقّر مرحوماً ولا قَتَلَ مظلوماً.

وأمّا أنت یا مغيرة بن شعبة، فإنّك لله عدوّ، ولكتابه نابذ، ولنبيّه مكذّب ، وأنت الزاني وقد وجب عليك الرجم، وشهد عليك العدول البررة الأتقياء، فأُخّر رجمُك، ودُفع الحقّ بالأباطيل والصدق بالأغاليط (1)، وذلك لما أعدّ اللهُ لك من العذاب الأليم والخزي في الحياة الدُنيا، ولعذابُ الآخرة أخزى.

وأنتَ الذي ضربت فاطمة بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله حتّى أدميتَها وألقتْ ما في بطنِها، إستذلا لأً منك لرسول الله صلّي الله علیه و آله و مخالفةً منك لأمره، وانتهاكاً لحرمتِه، وقد قال لها رسول الله صلّي الله علیه و آله: يا فاطمةُ أنتِ سيّدةُ نساء أهل الجنّة، واللهُ مصيِّرِك إلى النار وجاعلُ وبالَ ما نطقْتَ به عليك . (2)

ص: 126


1- إشارة إلى زنا مغيرة بن شعبة بأُمّ جميل وكان والياً على الكوفة سنة 17 فجاء أربعة شهود وهم أبو بكرة، ونافع بن الحارث، وشبل بن معبد، وزياد بن عبيد إلى عمر، فشهد الثلاثة الأول صریحاً وتلكأ الآخر، بعد ما أفهمه الخليفة رغبته في أن لا يخزي المغيرة، فدُرِءَ عنه الحدّ، وحدّ الثلاثة الأول حدّ القذف. والقصّة مشهورة أخرجه الحاكم في «المستدرك» : ج 3 ص 448
2- الإحتجاج : ج 1 ص 414 وبحار الأنوار : ج 3 ص 197 ومرآة العقول : ج5 ص 321، وضياء العالمين مخطوط : ج 2 ق 3 ص 321، ومأساة الزهراء : ج 2 ص 141 وفيها ذُكر سبب إسقاط المحسن من (56) مصدراً من مصادر الفريقين، فراجع «مأساة الزهراء» : ج2 من صفحة (132) إلى ص (134). ولا يخفى أنّ المُسْقط في تلك الروايات والمصادر وإن لم يكن واحداً، ففي بعضها قنفذ، وفي بعضها مغيرة بن شعبة كما في هذه الرواية، وفي بعضها غيرهما، ولكن يمكن الجمع بينها

فبايّ الثلاثة (1) سبَبْتَ عليّاً، أنقصاً في نسبه، أم بُعداً من رسول الله، أم سوء بلاء في الإسلام، أم جوراً في حكم، أم رغبةً في الدنيا، إن قلت بها فقد كذبت وكذّبك الناس .

أتزعم أن عليّاً علیه السّلام قتل عثمان مظلوماً، فعليّ والله أتقى وأنقى من الائمه في ذلك. (2)

وأمّا اعتراضُك في بني هاشم وبني أُميّة، فهو ادّعاوك إلى معاوية، وأّما قولك في شأن الإمارة وقولُ أصحابك في الملك الّذي ملّكتموه فقد ملك فرعون مصر أربعمائة سنة، وموسى وهارون نبيّان مرسلان يَلقيان مايلقيان مِن

ص: 127


1- قال المجلسي (قدّس سرّه) في بيان الخبر : قوله : «فبأيّ الثلاثة» الظاهر فبأيّ الخمسة، ويمكن أن يقال : على الثلاثة الأخيرة واحدة لتقاربهما أو الأوّلين واحداً، وكذا الأخيرين، أو يقال : إنّه علیه السّلام بعد ذكر الثلاثة ذكر أمرين آخرين. وكلامه هذا كان في تقريع مغيرة بن شعبة حيث إنّه تفوّه بأباطيل في عليّ علیه السّلام، وتقوّل بأقاويل كاذبة، فقرّعه الإمام الحسن علیه السّلام بقوارع الكلمات القارصة، وبيّن أكاذيبه المبتدعة
2- كيف ينسب قتل عثمان إلى عليّ علیه السّلام و قد نصحه مرّة بعد مرّة وقال له : الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وقد كنتَ أعطيتهم عهداً فلم تف به ، فقال : أعطهم فوالله لأفينَ لهم فخرج علي علیه السّلام وقال للناس: إنّما طلبتم الحقّ وقد أعطيتموه وقد زعم أنّه منصفكم من نفسه ، فقبل الناس وتفرّقوا، ولكن مضت أيّام ولم يف بما وعد ولم يغيّر شيئاً فثار علیه الناس. وكيف ينسب إليه علیه السّلام التعريض إلى قتله وقد أرسل إليه الحسن علیه السّلام بأنّه إذا أحبّ النصرة ينصره، فقال عثمان : لا ما أُريد ذلك . وأيضا كيف تصحّ هذه النسبة وقد أمر ابنه الحسن علیه السّلام أن يحفظه ويحميه ويوصل الماء إليه. راجع الكامل لابن الأثير : ج 2 ص 84 - 90

الأذى، وهو ملك الله يُعطيه البرّ والفاجر، وقال الله : «وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» (1) ، «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا» . (2)

ثمّ قام الحسن علیه السّلام فنفض ثيابه وهو يقول:

«الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ» (3)، هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك، «وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» (4)، هم عليّ بن أبي طالب علیه السّلام وأصحابُه و شیعتُه.

ثمّ خرج وهو يقول لمعاوية :

ذُقْ وبال ماکسبتْ يداك وما جنَتْ، وما قد أعدّ اللهُ لك ولهم من الخزي في الحياة الدُنيا و العذاب الأليم في الآخرة.

فقال معاوية لأصحابه : وأنتم فذوقوا وبال ما جنيتم.

فقال الوليد بن عقبة : والله ماذقنا إلّا كما ذقت، ولا اجترأ إلّا عليك .

فقال معاوية : ألم أقل لكم إنّكم لن تنتقصوا من الرجل، فهلا أطعتموني أوّل مرّة فانتصرتم من الرجل إذ فضحكم، فوالله ما قام حتّى أظلم عليّ البيت ، وهممت أن أسطو به، فليس فيكم خير اليوم ولا بعد اليوم.

وسمع مروان بن الحكم بمالقي معاوية وأصحابه المذكورون من الحسن بن

ص: 128


1- سورة الأنبياء : الآية 111
2- سورة الإسراء : الآية 16
3- سورة النور: الآية 26
4- سورة النور: الآية 26

علي علیه السّلام، فأتاهم فقال : أفلا أحضرتموني ذلك، فوالله لأسبّنّه ولأسبّنّ أباه وأهل البيت سبّاً تتغنّى به الإماء والعبيد .

فأرسل معاوية إلى الحسن بن علي علیه السّلام، فلمّا جاء الرسول قال له الحسن علیه السّلام :

ما يريد هذا الطاغية منّي؟ والله إن أعاد الكلام لأُوقِرنَ مسامعه مايبقى عليه عارُه و شنارُه إلى يوم القيامة .

فأقبل الحسن علیه السّلام فلمّا أن جاءهم وجدهم بالمجلس على حالتهم الّتي تركهم فيها، غير أنّ مروان قد حضر معهم في هذا الوقت، فمشى الحسن علیه السّلام حتّى جلس على السرير مع معاوية وعمرو بن العاص، ثمّ قال لمعاوية : لم أرسلت إليّ؟

قال : لستُ أنا أرسلتُ إليك، ولكن مروان الّذي أرسل إليك .

فقال مروان : أنت یا حسن السبّاب رجال قریش؟

فقال الحسن علیه السّلام : وما الّذي أردتَ؟

فقال : والله لأسبّنّك و أباك وأهلَ بيتك سبّاً تغنّي به الإماء والعبيد .

فقال الحسن علیه السّلام :

أمّا أنتَ یا مروان، فلستُ سببتُك ولا سببتُ أباك، ولكنّ الله عزّوجلّ العنك ولعن أباك (1) وأهل بيتك وذرّيتك وما خرج من صلب أبيك إلى يوم القيامة

ص: 129


1- هو الحكم بن أبي العاص بن أُميّة بن عبد شمس أسلم يوم الفتح وسكن المدينة وكان يفشي سرّ النبي صلّي الله علیه و آله، ويحكي مشيته وحركاته، فنفاه إلى الطائف وقال صلّي الله علیه و آله: ويل لأُمّتي ممّا في صلب هذا، وروى في نفيه ولعنه أحاديث كثيرة منها: أنّ عائشة قالت : يا مروان أشهد أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن أباك وأنت في صلبه ، مات سنة (32) مکفوفاً وهو عمّ عثمان . أسد الغابة : ج 2 ص 34؛ الأعلام : ج2 ص295

على لسان نبيّه محمد، والله يا مروان ما تنكر أنت ولا أحد ممّن حضر هذه اللعنة من رسول الله صلّي الله علیه و آله لك ولأبيك من قبلك، وما زادك الله يا مروان بماخوفّك إلّا طغياناً كبيراً، وصدق الله وصدق رسولُه، يقول الله تبارك وتعالى : «وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا» (1)، وأنت یا مروان وذريّتُك الشجرةُ الملعونة في القرآن، وذلك عن رسول الله صلّي الله علیه و آله، عن جبرئيل، عن الله عزّوجلّ.

فوثب معاوية فوضع يده على فم الحسن علیه السّلام ، وقال : يا أبا محمد ما كنت فحّاشاً، ولا طيّاشاً، فنفض الحسن علیه السّلام ثوبه وقام فخرج، فتفرّق القوم عن المجلس بغيظ وحزن، وسواد الوجوه في الدنيا والآخرة. (2)

إنّ الخلافة لا تصلح إلّا فينا

{38}

[693] نحن نقول أهل البيت : إنّ الأئمّة منّا، وإنّ الخلافة لا تصلح إلّا فينا، وإنّ الله جعلنا أهلها في كتابه وسنّة نبيّه صلّي الله علیه و آله، وإنّ العلم فينا ونحن أهلُه، وهو عندنا مجموعٌ كلُّه بحذافيره، وإنّه لا يحدُث شيءٌ إلى يوم القيامة حتّى أرش الخدش إلّا وهو عندنا مكتوبٌ بإملاء رسول الله صلّي الله علیه و آله وخطّ عليّ علیه السّلام بيده (3). (4)

ص: 130


1- سورة الإسراء : الآية 60
2- بحار الأنوار: ج 4 ص 70 - 76 عن الإحتجاج: ص 269 - 279
3- والأحاديث في هذا المضمار كثيرة تدلّ على سعة علومهم وما عندهم من الكتب، فمنها مارواه عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : سمعته يقول : إنّ عندنا جلداً سبعون ذراعاً أملی رسول الله صلّي الله علیه و آله وخطّه عليّ علیه السّلام بيده وأنّ فيه جميع ما يحتاجون إليه حتّى أرش الخدش. (بصائر الدرجات : ص147) وغيره من الأخبار، ومن أراد الإطّلاع فليرجع إلى بحار الأنوار : ج26 ص 18 أبواب علومهم علیهم السّلام
4- الإحتجاج للطبرسي: ج2 ص 63 طقم تحقيق إبراهيم البهادري والشيخ محمد هادي

وزعم قوم أنّهم أولى بذلك منّا، حتّى أنت یابن هند تدّعي ذلك، وتزعم أنّ عمر أرسل إلى أبي أنّي أُريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إليّ بما كتبْتَ من القرآن، فأتاه فقال : تضرب والله عنقي قبل أن يصل إليك .

قال : ولم؟

قال : لأنّ اللهَ تعالى قال : «وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» (1)، قال : إنّ ابن أبي طالب يحسب أنّ أحداً ليس عنده علم غيره، من كان يقرأُ من القرآن شيئاً فليأتني، فإذا جاء رجل فقرأ شيئاً معه فيه آخر كتبه وإلّا لم يكتبه ، ثمّ قالوا: قد ضاع منه قرآن كثير ، بل كذبوا والله بل هو مجموع محفوظ عند أهله .

ثمّ أمر قضاته وولاته : أجهدوا آراءكم واقضوا بما ترون أنّه الحقّ، فلا يزال هو وبعضُ ولاته قد وقعوا في عظيمة فيُخرجُهُم منها أبي، ليحتجّ عليهم بها، فتجتمع القضاةُ عند خليفتهم وقد حكموا في شيء واحد بقضايا مختلفة فأجازها لهم، لأنّ الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب. (2)

إنما الناس ثلاثة

{39}

[694] وزعم كلّ صنف من مخالفينا من أهل هذه القبلة أنّ معدِن الخلافة والعلم دوننا، فنستعينُ بالله على مَن ظلمنا وجحدنا حقّنا، وركِب رِقابَنا، وسنّ للناس علينا ما يحتجّ به مثلُك وحسبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل .

إنّما الناسُ ثلاثة : مؤمن يعرف حقّنا ويسلِّم لنا، ويأتمّ بنا، فذلك ناج محبّ لله وليّ، وناصب لنا العداوة يتبرّأُ منّا ويلعنُنا، ويستحلُّ دماءَنا، ويجحدُ

ص: 131


1- سورة آل عمران: الآية 7
2- الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 63 في ضمن الرواية التاسعة

حقنا، ويُدينُ اللهَ بالبراءة منّا، فهذا كافر مشرك فاسق، وإنّما كفر وأشرك من حيث لا يعلم، كما سبّوا اللهَ عدواً بغير علم (1)، كذلك يُشرك بالله بغير علم.

ورجل أخذ بما لا يُختلَف فيه وردّ علم ما أُشكل عليه إلى الله مع ولا يتنا، ولا يأتمُّ بنا، ولا يُعادينا ولا يعرفُ حقَّنا، فنحن نرجو أنْ يغفرَ اللهُ له ويُدخلَه الجنّة، فهذا مسلم ضعیف . (2)

أتدري من أيّ شجرة أنا ؟

{40}

[695] والتفت الإمام علیه السّلام في إلى معاوية ، فقال له :

أُنظر هل أكيع (3) عن محاورة أحد، ويحك أتدري مِن أيّ شجرة أنا، وإلى مَن أنتمي، إنتَهْ قل أن أسِمَكَ بميسمٍ (4) تتحدّث به الركبان في الآفاق والبُلدان (5). (6)

ص: 132


1- مأخوذ من قوله تعالى : «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ» (سورة الأنعام : الآية 108)
2- بحار الأنوار: ج 44 ص 104 - 102 عن الإحتجاج : ص 148
3- كاع عن المحاورة : جَبُنَ
4- المِيْسَم (بكسر الميم وفتح السين آلة من الحديد يكوی بها
5- هذا الكلام في تقريع معاوية كان بعد إغرائه عبدالله بن الزبير على مطاولة الإمام علیه السّلام و مفاخرته، ولمّا انخدع ابن الزبير وتقوّل بالأقاويل الكاذبة فردّ الإمام علیه السّلام أباطيله وترّهاته وخجل ابن الزبير وندم على ما فرّط في أمره والتمس من الإمام علیه السّلام العفو والرضا معرباً له أنّ معاوية هو الّذي أغراه بذلك. فالتفت الإمام علیه السّلام إلى معاوية وقال : «أُنظر هل أكيع ...» الخبر
6- المحاسن والمساوي للبيهقي : ج 1 ص 58 - 61؛ المحاسن والأضداد للجاحظ: ص 92 -94

في نسب معاوية

{41}

[696] لمّا خطب خطبة وختمها بذكر آية : «وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ...» ونزل و خرج، فاشتدّ ذلك على معاوية، فقالوا: لو دعوته فاستنطقته يعني استفهمته ما عنى بالآية ، فقال : مهلاً فأبوا عليه، فدعوه فأجابهم فأقبل عليه عمرو فقال له الحسن : أمّا أنت فقد اختلف فيك رجلان : رجل من قريش ورجل من أهل المدينة فادّعياك فلا أدري فأيّهما أبوك، وأقبل عليه أبوالأعور فقال له الحسن : ألم يلعن رسول الله صلّي الله علیه و آله رعلاً وذكوان وعمرو بن سفيان، وهذا اسم أبي الأعور، ثمّ أقبل عليه معاوية يعينهما فقال له الحسن : أما علمت أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن قائد الأحزاب وسائقهم وكان أحدهما أبوسفيان والآخر أبو الأعور السلمي.

وقال الطبراني : حدّثنا محمد بن عون السيرافي ثنا الحسن (1) بن علي الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون أنا حریز بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عوف قال : قال عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي لمعاوية : إن ّالحسن بن علي (رضي الله عنهما) رجل عيي.

فقال معاوية : لا تقولا ذلك، فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قد تفل في فيه، ومن تفل رسول الله صلّي الله علیه و آله في فيه فليس بعيي .

فقال الحسن بن علي (رضي الله عنه) : أما أنت يا عمرو فإنّه تنازع فيك رجلان، فانظر أيّهما أباك؟ وأمّا أنت يا أبا الأعور فإنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن

ص: 133


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص204 عن تاريخ الإسلام للذهبي: ج 3 ص 39

رعلا وذكوانا وعمرو بن سفيان (1) . (2)

أو أنت تسبّ أمير المؤمنين علیه السّلام؟!

{42}

[697] خطب علیه السّلام خطبة غضب منها معاوية فقام وخطب خطبة عييّة وسبّ أمير المؤمنین علیه السّلام.

فقام إليه الحسن بن علي علیهماالسّلام فقال له - وهو على المنبر -:

ويلك يابن آكلة الأكباد! (3) أو أنت تسُبُّ أمير المؤمنين علیه السّلام وقد قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: من سبّ عليّاً فقد سبَّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله أدخله الله نار جهنّم خالداً فيها مُخلَّداً، وله عذابٌ مُقيم .

ص: 134


1- الملعونون في الحديث هم : تُنور علي بن مالك بن عوف بن مالك بن امرىء القيس . وبَنُو ذکوان بن رفاعة بن حُييّ بن الحارث . وأبو الأعور السُلَمي عمر و بن سفیان بن عبد شمس . جمهرة أنساب العرب : ص 262 - 264
2- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 72 رقم 2699
3- آكلة الأكباد لقب لهند بنت عتبة بن ربيعة، كانت شاعرة أكثر شعرها لقتلى بدر من مشركي قريش، وقفت في وقعة أُحُد ومعها بعض النسوة يمثّلن بقتلى المسلمين ويجد عن آذانهم وتجعلها هند قلائد، وحرضت الوحشي حتّى قتله حمزة وأخرج كبدها وآتاها هنداً فأدخلها في فمها ولاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها، ماتت هند سنة 14. الأعلام : ج9 ص105

ثمّ انحدر الحسن عليه السّلام عن المنبر، ودخل داره ولم يصل هناك بعد ذلك أبداً. (1)

الحرب خدعة

{43}

[698] روى أبو عوانة الوضّاح بن عبدالله المتوفّى (476ه-)، عن داود بن عبدالله الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، أنّه بعث ابن أخ له إلى الكوفة وقال : سل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن الحديث الّذي رواه أهل الكوفة عنه في البصرة، فإن كان حقّاً تحوّلنا عنها.

قال : فأتى الكوفة وأتي الحسن بن علي عليهماالسّلام ، فأخبره بالخبر .

فقال الحسن عليه السّلام : إرجع إلى عمّك، فاقرأه السلام، وقل له : قال أمير المؤمنين عليه السّلام، يعني أباه : إذا حدّثتكم عن رسول الله صلّي الله علیه و آله فإنّي لم أكذب على الله ولا على رسوله، وإذا حدّثتكم برأيي فإنّما أنا رجل محارب، والحرب خدعة. (2)

ص: 135


1- الإحتجاج: ص 145 وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 91 وفيه بيان وهو : بیان ۔ قوله : عييّة» بتشديد الياء الثانية ، على فعيل من العيّ خلاف البيان يقال عيّ في منطقه فهو عييّ ويحتمل أن يكون عتيّة بالتاء المثنّاة الفوقانيّة من العتوّ والفساد، أو بالغين المعجمة والباء الموحّدة من الغباوة، خلاف الفطنة، وعلى التقادیر توصیف الخطابة بها مجاز، ويقال : ثلبه ثلباً إذا صرّح بالعيب وتنقّصه
2- عبقات الأنوار في حديث الغدير : ج 3 ص 91 عن الفصول المختارة للسيّد المرتضی : ص 86

ويلٌ لك يا معاوية

{44}

[699] وفي المجلس ليس إلّا نفسه والحسين عليه السّلام وعبدالله بن جعفر والفضل وعبدالله ابنا عبّاس ، فقال عليه السّلام :

ويل لك يا معاوية وللثلاثة قبلك، الّذين أجلسوك هذا المجلس وسنّوا لك هذه السُنّة، لأقولنّ كلاماَ ما أنت أهلُه، ولكنّي أقول لتسمعه بنو أبي هؤلاء حولي .

إنّ الناس قد اجتمعوا على أُمورٍ كثيرة، ليس بينه اختلاف فيها ولا تنازع ولا فُرقة : على شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً رسول الله وعبدُه ، والصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت، ثمّ أشياء كثيرة من طاعة الله الّتي لا تُحصى ولا يعِدُّها إلّا الله.

واجتمَعوا على تحريم الزنا والسرقة والكذب والقطيعة والخيانة، وأشياء كثيرة من معاصي الله الّتي لا تُحصى ولا يَعِدُّها إلّا الله .

واختلَفوا في سُنَن اقتَتَلوا فيها، وصاروا فِرَقاً يلعنُ بعضُهم بعضاً، وهي الولاية، ويبرأُ بعضُهم من بعض، ويقتُل بعضهم بعضاً أيُّهم أحقّ وأولى بها، إلاّ فرقةً تتّبع كتابَ الله وسُنّة نبيّه صلّي الله علیه و آله، فمَن أخذ بما عليه أهل القبلة الّذي ليس فيه اختلاف، وردّعلم ما اختلفوا فيه إلى الله، سَلِمَ ونجا به من النار ودخل الجنّة.

ومَن وفّقه الله ومن ّعليه واحتجّ عليه بأنْ نوّر قلبه بمعرفة ولاة الأمر من أئمّتهم ومعدن العلم أين هو، فهو عند الله سعيد ولله وليّ، وقد قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: رحم الله امرءاً علم حقّاً فقال فغنِم أو سکت فسلِم. (1)

ص: 136


1- بحار الأنوار: ج 44 ص 100 ح9 عن احتجاج الطبرسي : ص 148

لا خير فيك يا معاوية

{45}

[700] روي أنّ معاوية قال للحسن بن علي عليهماالسّلام: أنا خير منك يا حسن .

قال لي : وكيف ذلك يابن هند؟

قال : لأنّ الناس قد أجمعوا علىّ ولم يجمعوا عليك .

قال عليه السّلام : هيهات هيهات! لشرّ ما علوت یابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان، بين مطيع ومكرَه، فالطائع لك عاص لله، والمُكرَه معذور بكتاب الله.

وحاشَ لله أن أقول : أنا خيرٌ منك فلا خير فيك، ولكنّ الله برّاني من الرذائل، كما برّاك من الفضائل. (1)

أيّها السابُّ عليّاً عليه السّلام

{46}

[701] عن أبي كثير قال : كنت جالساً عند الحسن بن علي (رضي الله عنه) فجاءه رجل فقال : لقد سبّ عند معاوية عليّاً (رضي الله عنه) سبّاً قبيحاً رجل يقال له معاوية يعني ابن خديج تعرفه؟

قال : نعم.

قال : إذا رأيته فأتني به .

قال : فرآه عند دار عمرو بن حريث، فأراه إيّاه ، قال : أنت معاوية بن خديج؟ فسكت فلم يجبه ثلاثاً، ثمّ قال : أنت السبّاب عليّاً عند ابن آكلة

ص: 137


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 104ح 12 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص 22

الأكباد؟ أمالئن وردتَ عليه الحوض، وما أراك ترده، لتجدنّ مشمِّراً حاسراً ذراعيه يذود الكفّار والمنافقين عن حوض رسول الله صلّي الله علیه و آله كما تذاد غريبة الإبل عن صاحبها قول الصادق المصدّق أبي القاسم صلّي الله علیه و آله. (1)

بين البعوضة والنخلة

{47}

[702] وأمّا أنت یا مغيرة فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشبهه وإنّما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة : استمسكي فإنّي طائرة عنك ، فقالت النخلة : هل علمت بك واقعة عليّ فأعلم بك طائرة عنّي، والله ما نشعر بعداوتك إيّانا ولا اغتممنا إذ علمنا بها ولا يشقّ علينا كلامك، وإنّ حدّ الله عليك في الزنا الثابت، ولقد درأ عمر عنك حقّ الله سائله عنه، ولقد سألت رسول الله صلّي الله علیه و آله هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها؟ فقال : لا بأس بذلك ، یا مغيرة ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنّك زان .

وأمّا فخركم علينا بالأمارة فإنّ الله تعالى يقول : «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ

ص: 138


1- المعجم الكبير للطبراني : ج3 ص 81 - 28: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل (ح). وحدّثنا عبد الرحمن بن سَلْم الرازي قالا : ثنا عباد بن يعقوب الأسدي، ثنا علي بن عابس، عن بدر بن الخليل أبي الخليل، عن أبي كثير ، قال : كنتُ جالسا عند الحسن ... . ورواه الهيثمي في «المجمع» : ج 9 ص 130. والحاكم في المستدرك : ج 3 ص 138 و فيه : قال : والله لئن لقيته - وما أحسبك تلقا - يوم القيامة لتجده قائماً على حوض رسول الله صلّي الله علیه و آله يذود عنه رايات المنافقين بيده عصا من عوسج، حدّثنية الصادق المصدوق صلّي الله علیه و آله، وقد خاب من افترى . وقال : هذا حديث صحيح الإسناد

قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا»

ثمّ قال الحسن فنفض ثوبه وانصرف. (1)

أعور ثقيف

{48}

[703] فنكس مروان رأسه وبقي المغيرة مبهوتاً، فالتفت إليه الحسن علیه السّلام فقال :

أعور ثقیف ما أنت من قريش فأفاخرك، أجهِلتَني يا ويحك! أنا ابنُ خيرة الإماء وسيّدة النساء، غذّانا رسول الله صلى الله عليه و آله بعلم الله تبارك وتعالى، فعلمنا تأويل القرآن و مشکلات الأحكام، لنا العزّهُ العُليا والفخر والسَناء.

وأنت من قومٍ لم يثبُت لهم في الجاهليّة نسب، ولا لهم في الإسلام نصیب، عبدٌ أبق ماله والإفتخار عن مصادمة الليوث ومجاحشة (2) الأقران، نحن السادة ونحن المُذاويد (3) القادة، نحمي الذِمار(4)، وننفي عن ساحتنا العار، وأنا ابن نجيبات الأبكار .

ثمّ أشرتَ زعمتَ إلى وصيّ خير الأنبياء، وكان هو بعجزك أبصر ،

ص: 139


1- رواه أبو علم في «أهل البيت» (ص 343 ط السعادة بمصر) ملحقات الإحقاق : ج 11 ص216
2- المجاحشة : المدافعة
3- المذاويد: جمع المِذواد، أي : الحامي الدافع
4- الذمار : ما وراء الرجل ممّا يحقّ عليه أن يحميه

وبخَوَرك (1) أعلم، وكنتَ للردّ عليك منه أهلاً، لوغرك (2) في صدرك وبُدوّ الغدر في عينك، هيهات لم يكن ليتّخذ المُضِلّين عَضُداً (3) . (4)

فلست من رجالها

{49}

[704] وزعمك (5) أنّك لو كنت بصفّين بزعارة قيس وحلم ثقيف، فبماذا ثكلتك أُمُّك، أبعجزك عند المقامات و فرارك عند المجاحشات؟ أما والله نو التفَّتْ عليك من أمير المؤمنين الأشاجع (6)، لعلمتَ أنّه لا يمنعه من الموانع،

ص: 140


1- الخور (بفتح الخاء والواو) : الضعف
2- الوغور (بالفتح والتحريك : الضغن والحقد
3- كلامه علیه السّلام هذا في جواب هذيان المغيرة وادّعائه الكاذبة بقوله: «نصحت لأبيك فلم يقبل النصح» في الإستيعاب بذيل الإصابة : ج 3 ص 371: لمّا قُتل عثمان وبايع الناس علياّ ًدخل المغيرة بن شعبة فقال : يا أمير المؤمنين إنّ لك عندي نصيح، قال : وما هي؟ قال : إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيدالله على الكوفة والزبير بن العوام على البصرة، وابعث معاوية بعده على الشام حتّى تلزمه طاعتك ، فإذا استقرٌ لك الخلافة فأدركها كيف شئت برأيك، فلم يقبل عنه ذلك وقال : إنْ أقررت معاوية على ما في يده كنت متّخذ المضلّین عضدا
4- بحار الأنوار : ج 44، ص 94 عن الإحتجاج : ج2 ص 48
5- ي بحار الأنوار : وزعمتَ لو أنّك كنت
6- الأشاجع : أصول الأصابع الّتي تتّصل بعصب ظاهر الكفّ والتفاف الأشاجع كناية عن التمكّن والإقتدار منه

ولقامت عليك المرنّات (1) الهوالع. (2)

وأمّا زُعارّة (3) قیس، فما أنت وقيساً، إنّما أنتَ عبدٌ أَبق فثقف، فسُمّي ثقيفاً فاحتل لنفسك من غيرها، فلستَ من رجالها، أنت بمعالجة الشُرَك . (4) وموالج الزرائب (5) أعرف منك بالحروب.

فأمّا الحلم، فأيُّ الحلم عند العبيد القيون (6)، ثمّ تمنّيت لقاء أمير المؤمنين ، فذاك مَن قد عرفت : أسد باسل (7)، وسمّ قاتل، لا تقاومه الأبالسة عند الطعن والمخالسة، فكيف ترومُه الضبعان، وتنالُه الجعلان بمشيتها القهقرى . (8)

ص: 141


1- المرنّات : البواكي الصائحات عند المصيبة
2- الهلع : الجزع والحزن. والهوالع : الجازعات وكلامه هذا ردّ على هفوات المغيرة حيث قال : لولا كراهيّة قطع القرابة لكنتُ في جملة أهل الشام فكان يعلم أبوك أنّي أصدر الورّاد عن مناهلها بزعارة قيس وحلم ثقيف وتجاربها للأُمور على القبائل
3- الزعارّة بتشديد الراء : شراسة الخُلق
4- الشرك (بضم الشين والراء) جمع الشِراك وهو سَيْر النعل على ظهر القدم أو (بفتح الشين والراء) أي : حبائل الصيد
5- الزرائب : جمع الزريبة وهي حظيرة الغنم، وفي بعض النسخ: «الزرانب» بالنوف جمع الزرنب وهي فرج المرأة
6- القُيون : جمع القَيْن وهو الحّداد
7- الباسل : الشجاع
8- بحار الأنوار : ج44، ص95 عن الإحتجاج : ج 2 ص 49

العنهم رسول الله صلّي الله علیه و آله

{50}

[705] عمران بن جدير أظنّه عن أبي مجلز ، قال : قال عمرو بنالعاص والمغيرة بن شعبة لمعاوية : إنّ الحسن بن علي رجل عيي وأنّ له كلاماً وراياً وأنّا قد علمنا كلامه، فيتكلّم کلاماً، فلا يجد کلاماً، فقال : لا تفعلوا فأبوا عليه فصعد عمرو المنبر فذكر عليّاً ووقع فيه ، ثمّ صعد المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ثمّ وقع في عليّ (رضي الله عنه)، ثمّ قيل للحسن بن علي: اصعد، فقال : لا أصعد ولا أتكلّم حتّى تعطوني إن قلت حقّاً أن تصدّقوني، وإن قلت باطلاً أن تكذّبوني، فأعطوه فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه فقال : بالله یا عمرو وأنت یا مغيرة تعلمان أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : لعن الله السائق والراكب أحدهمافلان، قالا : اللّهمّ نعم، بلی، قال: أُنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن عَمْراً بكلّ قافية قالها لعنة؟ قالا : اللّهمّ بلی.

قال : أُنشدك بالله ياعمرو وأنت یا معاوية أتعلمان أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله لعن قوم هذا؟

قالا: بلی.

قال الحسن : فإنّي أحمد الله الّذي وقعتم فيمن تبرّا من هذا. (1)

ص: 142


1- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 71 - 72 رقم الحديث : 2698 : حدّثنا زکریّا بن یحیی الساجي، نا محمد بن بشّار بندار، نا عبدالملك بن الصبّاح المسمعي، نا عمران بن جدير أظنّه عن أبی مجلز ، قال : قال عمرو بن العاص و ...

مع المغيرة أيضاً

{51}

[706] وأمّا وصلتُك فمنكورة (1)، وقرابتك مجهولة، وما رحمك منه إلّا کبنات (2) الماء من خشفان الظباء، بل أنت أبعد منه نسباً .

فوثب المغيرة والحسن يقول لمعاوية :

أعذِرْنا (3) من بني أُميّة أن تجاورنا بعد مناطقة القيون ومفاخرة العبيد .

فقال معاوية : إرجع يا مغيرة، هؤلاء بنو عبد مناف لا تقاومهم الصنادید ولا تفاخرهم المذاويد، ثمّ أقسم على الحسن علیه السّلام بالسكوت، فسكت.(4)

لا ألومك أن تسبّ علياً

{52}

[707] فقال له علیه السّلام:

: لا ألومُك أن تسبّ عليّاً، وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً. (5)

ص: 143


1- في بحار الأنوار : وأمّا وصلتك فمنكولة
2- بنات الماء : الحيوانات المتولّدة فيه، أو طيوره. وقال الطرازي : ونبات الماء من الطير استعارة
3- في البحار : «عُذِرنا» على بناء المفعول، أي صرنا معذورين إن آذيناهم وكافيناهم بعد المحاورة لما فعلوا بنا من مناطقة القيون، ويحتمل أن يكون تحاورنا بالحاء المهملة من المحاورة
4- بحار الأنوار : ج44، ص95
5- لمّا شاع بالكوفة فسق الوليد وشربه للخمر فوجدوه سکراناً لا يعقل، فأخذوا خاتمه وأثوابه عثمان فشهدوا عنده على شرب الخمر فأحضره عثمان فلم يجسر أحد على إقامة الحدّ عليه توقّياً لنصب الخليفة لقرابته منه، فأخذه علي علیه السّلام السوط ودنا منه، فسبّه الوليد ویروغ منه فاجتذبه عليّ علیه السّلام وضرب به الأرض وأقام الحدّ عليه. (سفينة البحار: ج 8 ص 592)

وقتل أباك (1) صبراً بأمر رسول الله في يوم بدر، وقد سمّاه الله عزّ وجلّ في غير آية مؤمناً وسمّاك فاسقاً، وقد قال الشاعر (2) فيك وفي عليّ علیه السّلام:

أنزل الله في الكتاب علينا *** في عليّ وفي الولیدقرآنا

فتبوّا الوليدُ منزل کفرٍ *** وعليّ تبوأ الإيمانا

ليس من كان مؤمناً يعبُدُ الله *** كمن کان فاسقاً خوّانا

سوف يُدْعَ الوليدُ بعد قليل *** وعليّ إلى الجزاء عيانا

فعليٌّ يُجزئ هناك جناناً *** وهناك الوليد يُجزی هَوانا (3)

لذلك أبغضوا أهل البيت علیهم السّلام

{53}

[708] جلس الحسن بن علي علیهماالسّلام ویزید (4) بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرطب، فقال يزيد: يا حسن أنّي قد كنت أبغضك .

قال الحسن علیه السّلام:

ص: 144


1- هو عُقْبة بن أبان بن ذکوان بن أُميّة بن عبد شمس، كنية أبيه أبو مُعَيط، كان عقبة شديد الأذى للنبي صلّي الله علیه و آله وللمسلمين ، أُسِر يومَ بدر سنة (2 ه-)، وقُتَل بأمر النبي صلّي الله علیه و آله. الأعلام : ج5 ص36؛ سفينة البحار: ج6 ص 313
2- الشاعر هو حسّان بن ثابت المتوفّى (54ه-)
3- أمالي الصدوق : ص396 المجلس (74)
4- یزید بن معاوية بن أبي سفيان، ولد بالماطرون سنة ( 25ه-)، ونشأ بدمشق، وولّي الخلافة سنة (60ه-) وفي سنة (61) قتل سیّدَ الشهداء الحسين علیه السّلام وسبي أهله وأولاده وقادهم إلى دمشق، وفي سنة (63) خلع أهل المدينة طاعته، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري وأمره بإباحة أموالهم ونسائهم ثلاثة أيّام، ومدّة حكومته ثلاث سنين وتسعة أشهر إلّا أيّاماً، مات (أخزاه الله) بحوارين من أرض حمص سنة (64ه-) الأعلام : ج 9 ص 244

إعلم یا یزید إنّ إبليس شارك أباك في جماعه، فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي، لأنّ الله تعالى يقول : «وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ» (1) وشارك الشيطان حرباً عند جماعه، فولد له صخر، فلذلك كان يُبغض جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله. (2)

ص: 145


1- سورة الإسراء : الآية 64
2- بحار الأنوار : ج 44 ص 104ح 12 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 22 عن کتاب الشيرازي، عن سفيان الثوري، عن واصل، عن الحسن (البصري) عن ابن عبّاس أنّه جلس الحسن علیه السّلام ...

ص: 146

کرائم أخلاقه علیه السّلام

کرائم أخلاقه علیه السّلام

ص: 147

إحسانه علیه السّلام إلى الحجاج

{1}

[709] عن القاسم بن الفضل، أنبأنا أبو هارون، قال :

انطلقنا حُجّاجاً فدخلنا المدينة فقلنا : لو دخلنا على ابن رسول الله صلّي الله علیه و آله الحسن فسلّمنا عليه، فدخلنا عليه فحدَّثناه بمسيرنا وحالنا، فلمّا خرجنا من عنده بعث إلى كلّ رجل منّا بأربعمائة أربعمائة ، فقلنا للرسول : إنّا أغنياء وليس بنا حاجة.

فقال : لا تردّوا عليه معروفه .

فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا .

فقال : لا تردّوا عليّ معروفي فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيراً، أمّا إنّي مزوّدكم، إنّ الله [تبارك وتعالى] يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول: «عبادي جاؤني شعثاً تتعرَّضون لرحمتي فأُشهدكم أنّي قد غفرت لمُحسنهم وشفعت محسنهم ومسيئهم» وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك . (1)

إحسانه علیه السّلام إلى المسيء

{2}

[710] أخبرنا عبیدالله بن موسى قال : أخبرنا شداد الجعفي عن جدّته

ص: 148


1- تاریخ دمشق لابن عساکر : ج4 ص 218: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبدالباقي ، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمّد بن الفهم، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا مسلم بن إبراهيم، عن القاسم بن الفضل ... . وسير أعلام النبلاء : ج3 ص 261. وأخرج الحديث إلى كلمة «يسيراً» المزّي في تهذيب الكمال : ج6 ص 237

أرجوانة قالت : أقبل الحسن بن عليّ وبنو هاشم خلفه وجليس لبني أُميّة من أهل الشام [جالس معهم] فقال [لهم] : من هؤلاء المقبلون ما أحسن هيئتهم؟ [فقيل : الحسن بن علي] فاستقبل الحسن فقال : أنت الحسن بن علي؟

قال : نعم.

قال : أتحبّ أن يدخلك الله مدخل أبيك؟

فقال: ويحك ومن أين وقد كانت له من السوابق ما قد سبق؟

قال الرجل : أدخلك الله مدخله فإنّه کافر وأنت !! فتناوله محمّد بن علي من خلف الحسن فلطمه لطمةً لزم بالأرض، فنشر الحسن عليه رداءه قال : عزمة منّي عليكم يا بني هاشم لتدخلنّ المسجد ولتصلّنّ. وأخذ بيد الرجل فانطلق [به] إلى منزله فكساه حلّة وخلّى عنه . (1)

أعطني حقي

{3}

[711] عن ابن عبّاس أنّه قال : لمّا فتح الله تعالى المدائن على أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله في أيّام عمر، فأمر بالنطاع، فبُسطت في مسجد رسول الله صلّي الله علیه و آله وأمرنا بالأموال فأفرغت عليها، ثمّ اجتمع أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله، فأوّل من بدر إليه الحسن بن علي فقال : أعطني حقّي ممّا فتح الله تعالى على المسلمين .

فقال : بالرحب والكرامة ، فأمر له بألف درهم، ثمّ انصرف، فبدر إليه إبنه عبدالله بن عمر، فقال : يا أمير المؤمنين أعطني حقّي ممّا فتح الله تعالى على المسلمين.

ص: 149


1- ذیل ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام : ص 83 من تاريخ دمشق عن طبقات ابن سعد

فقال : بالرحب والكرامة، فأمر له بخمسمائة درهم.

فقال : يا أمير المؤمنين أنا رجل مشید كنت أضرب بالسيف بين يدي رسول الله صلّي الله علیه و آله والحسن والحسين طفلان يدرجان في سكك المدينة تعطيهم ألفاً ألفاً وتعطيني خمسمائة درهم؟!

فقال : إذهب فأتني بأب كأبيهما و أُمّ كأُمّهما وجدّ كجدّهما وجدّة کجدّتهما، وعمّ كعمّهما، وخال كخالهما، فإنّك لا تأتيني بهم، أمّا أبوهما فعليّ المرتضى، وأّمهما فاطمة الزهراء، وجدّهما محمّد المصطفى، وجدتّهما خديجة الكبرى، وعمّهما جعفر بن أبي طالب، وعمّتهما أُمّ هاني بنت أبي طالب ، وخالهما إبراهيم بن رسول الله صلّي الله علیه و آله، وخالتهمارقيّة وأُمّ كلثوم بنتا رسول الله

صلّي الله علیه و آله. (1)

أبكي لخصلتين

{4}

[712] لمّا حَضَرَتْ الحسنَ بن علي علیهماالسّلام الوفاةُ بکی .

فقيل : یابنَ رسولِ الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلّي الله علیه و آله الّذي أنت به ، وقد قال فيك رسول الله صلّي الله علیه و آله ما قال، وقد حَجَجْت عشرين حجّة ماشياً، وقد قاسمتَ ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل؟

ص: 150


1- وسيلة النجاة للعلامة محمّد مبين الهندي الحنفي المتوفّی 269 وأحسن القصص للفاضل المعاصر الشريف علي الحسيني القاهري : ج 4 ص 221 والتبر المذاب للعلامة السيّد أحمد الخوافي الحسيني الشافعي : ص 70 وعنها في ملحقات الإحقاق لآية الله العظمی المرعشي : ج26 ص317

فقال علیه السّلام: إنّما أبكي لخصلتين : لهول المطّلع، وفراق الأحبّة . (1)

بكائه من هيبة لقاء الله

{5}

[713] و بکی الحسن بن علي عليهما الرضوان فقيل له : ما يبكيك وقد ضمن لك رسول الله صلّي الله علیه و آله الجنّة؟

فقال : إنّي أسلك طريقاً لم أسلكها، وأقدم على سيّد لم أره . (2)

تواضعه علیه السّلام

{6}

[714] ومرّ الحسن بن عليّ (رضي الله عنهما) بصبيّان معهم کسر خبز فاستضافوه فنزل وأكل معهم ثمّ حملهم إلى منزله وأطعمهم وكساهم وقال :

ص: 151


1- الأمالي للصدوق : ص 133 و 134 بإسناده عن الطالقاني ، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن الرضا علیه السّلام عن آبائه علیهم السّلام: لمّا حضرت ...، وعنه بحار الأنوار: ج43 ص 332 وذيّله بإيضاح: ایضاح : قال الجزري : هول المطّلع، يريد به الموقف يوم القيامة [او] ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبّهه بالمطّلع الّذي يشرف عليه من موضع عال . وفي البحار أيضاً : ج82 ص175 ح 11 عن العيون : ج 1 ص 303
2- ملحقات الإحقاق : ج11 ص110. رواه القوم: منهم : العلامة الراغب الأصفهاني في «محاضرات الأدباء» (ج 4 ص 494 ط بیروت) قال : وبكى الحسن ...

اليد لهم لأنّهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجد أكثر منه . (1)

هيبة الموت

{7}

[715] ولمّا حضرته الوفاة قد حصل له جزع، فقال له الحسين : يا أخي لِمَ تجزع إنّك ترد على رسول الله صلّي الله علیه و آله وعلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أُمّاك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عمّاك ؟!

فقال له الحسن : يا أخي ما جزعي إلّا أنّي أدخل في أمر لم أدخل في مثله وأرى خلقاً من خلق الله لم أر مثلهم قطّ، فبكى الحسين عند ذلك . (2)

ص: 152


1- رواه القوم : منهم العلامة العارف الشهير أبو القاسم عبدالکریم بن هوازن بن عبدالملك بن طلحة القشيري النيشابوري الشافعي المتوفّى سنة 465 في كتابه «الرسالة القشيرية» (ص 77 ط مصر ) قال : ومرّ الحسن ... . ومنهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي البغدادي في «شرح النهج» (ج2 ص 66 ط القاهرة). روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الرسالة القشيريّة» لكنّه ذکر بدل كلمة اليد: الفضل. ومنهم العلامة ابن الصبان المصري في «إسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص 199 ط مصر)
2- رواه القوم : منهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص 175) قال : ولما حضرته الوفاة ... . ومنهم العلامة شمس الدين السفاريني في «شرح ثلاثيات أحمد» (ج2 ص 558 ط دمشق) قال : ولما حضرته الوفاة جزع جزعاً شديداً. فذكر الحديث بمثل ما تقدّم . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص174

من تمام الإحسان

{8}

[716] روى الفاضل المعاصر الدكتور ياسين أحمد إبراهيم في تعاليقه على «حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء» لمحمّد بن أحمد القفّال : أنّ الحسن بن علي (رضي الله عنه) كان له دَيْن على إنسان فطالب غريمه، فقال : أحسن إليّ يابن رسول الله صلّي الله علیه و آله.

فقال : وهبت لك النصف .

فقيل له : النصف کثیر .

فقال : وأين ذهب قوله تعالى : «وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (1) سمعت جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : من تمام الإحسان أن يحطّ الشطر. (2)

جوده وفتوتّه

{9}

[717] روي عن الحسن بن عليّ أنّه كان مارّاً في بعض حيطان المدينة فرأى أسود بیده رغيف يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف .

ص: 153


1- سورة البقرة: الآية 195
2- حلية العلماء : ج 5 ص 263 ط دار الباز مكّة المكرمة، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 3 ص 484. المبسوط للسرخسي: ج1 ص90 - 91

فقال له الحسن: ما حملك على أن شاطرته ولم تغابنه فيه بشيء؟

فقال : استحت عيناي من عينيه أن أُغابنه .

فقال له : غلام من أنت؟

قال : غلام أبان بن عثمان .

فقال له : والحائط؟

قال : لأبان بن عثمان .

فقال له الحسن : أقسمت عليك لا برحت حتّى أعود عليك .

فمرّ فاشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام فقال : يا غلام قد اشتريتك .

قام قائماً فقال : السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي .

قال : وقد اشتريت الحائط وأنت حُرّ لوجه الله والحائط هبة منّي إليك .

قال : فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للّذي وهبتني له . (1)

ص: 154


1- رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام : ص 148 وقال : أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأنا وأبو منصور ابن خيرون: أنبأنا أبو بكر الخطيب (رواه في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الحربي تحت الرقم: (3059) من تاريخ بغداد : ج 6 ص 34 وكان في کلي أصليّ من تاريخ دمشق حذف و تصحيفات صحّحناها عليه) أنبأنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه (وقد وثّقه الخطيب في ترجمته تحت الرقم: (6043) من تاريخ بغداد : ج10 ص 274) أنبأنا مقاتل بن محمّد بن بنان العكّي قال : سمعت إبراهيم بن إسحاق المعروف بالحربي يقول - وقد سألوه عن حديث عبّاس البقّال فقال -: خرجت إلى الكَبْش (قال في حرف الكاف من معجم البلدان : ج 4 ص 434 ط بيروت : الكبش والأسد شارعان عظيمان كانا ببغداد، بالجانب الغربي وهما الآن برّ قفر، وهمابن النصرية والبريّة في طرفهما قبر إبراهيم الحبي) ووزنْت لعبّاس البقّال دانقاً إلّا فلساً فقال لي : يا أبا إسحاق حدّثني حديثاً في السخاء فلعلّ الله عزّوجلّ يشرح صدري فأعمل شيئاً. قال : فقلت له : نعم : فقال : روى الحسن بن علي علیه السّلام ... الخ (ورواه باختصار في تاريخ البداية والنهاية : ج 8 ص 38. ورواه عنه في ملحقات إحقاق الحق : ج11 ص 146). ورواه الشريف أبو الحسن علي الندوي في كتابه «المرتضى» ص197

جئناك في حاجة

{10}

[718] قال الشيخ عبدالقادر بن عمر البغدادي في حاشية شرح بانت سعاد الابن هاشم صاحب المغني : قيس هو ابن ذَریح (بفتح الذال المعجمة وكسر الراء وآخره حاء مهملة) ابن شبّه ... كان قيس رضيع الحسن بن علي بن أبي طالب أرضعته أُم قيس وهو أحبّ (لُبنی) وتزوّجها بوساطة الحسن وأقام معها مدّة لم تلد له فألزمه أبوه بطلاقها فطلّقها، وتزوّجت بعد عدّتها، ولم يلبث حتّى طار عقله ... إلى أن مات بعشقها .

وذكر القحذمي وابن عائشة أنّ ابن أبي عتیق صار إلى الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر .. فقال لهم : إنّ لي حاجة إلى رجل أخشى أن يردّني فيها وإنّي أستعين بجاهكم وأموالكم عليه قالوا: ذلك لك مبذول فمضى بهم إلى زوج لُبني، فلمّا رآهم أعظم مصيرهم إليه، قالوا : قد جئناك في حاجة لابن أبي عتيق .

فقال : هي مقضيّة كائنة ما كانت .

قال ابن أبي عتيق : تهب لي زوجتك لُبنی وتُطلّقها.

قال : إشهدوا أنّها طالق ثلاثاً.

فعوّضه الحسن علیه السّلام مائة ألف درهم . (1)

ص: 155


1- حاشية شرح بانت سعاد : ج2 ص525 ط دار صادر بیروت . وعنه ملحقات الإحقاق : ج33 ص 473 ط حافظ قم

کرمه وجوده علیه السّلام

{11}

[719] قال ابن طلحة : قد نقل عنه من تتابع ارفاده بموجوده ما يشهد له بكرمه وجوده .

منها: ما رواه أبو الحسن المدائني قال : خرج الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر علیهم السّلام حجّاجاً ففاتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا فمرّوا بعجوز في خباء لها فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم، فأناخوا بها وليس لها إلّا شويهة في كسر الخيمة، فقالت : احلبوها، وامتذقوا لبنها، ففعلوا ذلك وقالوا لها: هل من طعام؟ قالت : لا إلّا هذه الشاة، فليذبحنّها أحدكم حتّى أُهيّيء لكم شيئاً تأكلون . فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها ثمّ هيّأت لهم طعاماً فأكلوا ثمّ أقاموا حتّى أبردوا فلمّا ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قریش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمّي بنا فإنّا صانعون إليك خيراً، ثمّ ارتحلوا. وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة فغضب الرجل وقال : ويحك تذبحين شاتي لأقوام لاتعرفينهم ثمّ تقولين : نفر من قريش، ثمّ بعد مدّة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة ، فدخلاها وجعلا ينقلان البعير إليها ويبيعانه ويعيشان منه، فمرّت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن علیه السّلام على باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة. فبعث غلامه فردّها فقال لها : يا أمة الله تعرفيني؟

قالت : لا.

قال : أنا ضيفك يوم كذا .

فقالت العجوز : بأبي أنت وأُمّي .

فأمر الحسن علیه السّلام فاشترى لها من شاء الصدقة ألف شاة وأمر لها بألف دينار

ص: 156

وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين علیه السّلام فقال : بكم وصلك أخي الحسن ؟

فقالت : بألف شاة وألف دينار، فأمر لها بمثل ذلك، ثمّ بعث بها مع غلامه إلى عبدالله بن جعفر علیه السّلام فقال : بكم وصلك الحسن والحسين علیهم السّلام؟

فقالت: بألفي دينار وألفي شاة، فأمر لها عبدالله بألفي شاة وألفي دينار ، وقال : لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك . (1)

أنصفني من خصمني

{12}

[720] وقف رجل على الحسن بن علي علیهماالسّلام فقال : يابن أمير المؤمنين بالّذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ماتليها منه بشفيع منك إليه، بل إنعاماً منه عليك، إلّا ما أنصفتني من خصمي، فإنّه غشوم ظلوم، لا يوقّر الشيخ الكبير ، ولا يَرحم الطفل الصغير .

وكان متّكئاً فاستوى جالساً وقال له : مَن خصمك حتّى أنتصف لك منه ؟

فقال له : الفقر .

فأطرق علیه السّلام ساعة، ثمّ رفع رأسه إلى خادمه وقال له : أحضر ما عندك من

موجود، فأحضر خمسة آلاف درهم . فقال : إدفعها إليه، ثمّ قال له :

بحقّ هذه الأقسام الّتي أقسمت بها عليّ متى أتاك خصمُك جائراً إلّا ما أتيتني منه متظلّماً . (2)

ص: 157


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 348 عن كشف الغمّة. ورواها من أعلام القوم أبو حامد الغزالي الطوسي في كتاب «ذمّ البخل وفضل السخاء»: ص 115. المناقب : أبو جعفر المدائني مثله ، إلّا أنّ فيه : فأعطاها عبدالله بن جعفر مثل ذلك
2- العدد القويّة: ص 359 رقم 23 وعنه ببحار الأنوار: ج 3 ص 350 وج77 ص 235

مع الرجل الشامي

{13}

[721] رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة أبو العباس محمّد بن يزيد المعروف بالمبرد في «الكامل» (ج2 ص 63 ط مصر ) قال :

ويحدّث ابن عائشة ، عن أبيه، أنّ رجلاً من أهل الشام دخل المدينة فقال : رأيت رجلاً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا أحسن لباساً ولا أفره مركباً منه ، فسألت عنه فقيل لي: الحسن بن عليّ بن أبي طالب فامتلأت له بغضاً فصرت إليه فقلت : أأنت ابن أبي طالب؟

فقال : أنا ابن ابنه .

فقلت له : فيك وبك وبابيك أسبّهما .

فقال : أحسبك غريباً.

قلت : أجل.

فقال : إنّ لنا منزلاً واسعاً ومعونة على الحاجة ومالاً نواسي منه فانطلقت وما أجد على وجه الأرض أحبّ إليّ منه .

وفي (ج1 ص235، الطبع المذكور).

رواه عن ابن عائشة بعين ما تقدّم عنه أوّلاً لكنّه زاد بعد قوله : لم أر أحسن وجهاً: ولا سمتاً، وقبل قوله فصرت إليه : وحسدت عليّاً أن يكون له ابن مثله وذكر بدل قوله : أنّ لنا منزلاً : قال فمل بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آسيناك أو إلى حاجة عاونّاك.

قال : فانصرفت عنه ووالله ما على الأرض أحد أحبّ إليّ منه .

ص: 158

ومنهم العلامة أبوالمؤيّد الموفّق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفّی 568 في مقتل الحسين» (ص 131 ط الغري) قال :

وقال رجل من أهل الشام : قدمت المدينة بعد صفّين فرأيت رجلاً حضرنا فسألت عنه فقيل : الحسن بن عليّ فحسدت عليّاً أن يكون له ابن مثله، فقلت له : أنت ابن أبي طالب؟

قال : أنا ابن ابنه .

فقلت له : بك وبأبيك فشتمته وشتمت أباه وهو لا يردّ شيئاً، فلمّا فرغت أقبل عليّ وقال : أظنّك غريباً، ولعلّ لك حاجة، فلو استعنت بنا لأعنّاك ولو سألتنا لأعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك .

قال الشامي : فولّيت عنه وما على الأرض أحد أحبّ إليّ منه، فما فکرت بعد ذلك فيما صنع وفيما صنعت إلّا تصاغرت إلى نفسي .

ومنهم العلامة النسابة الشيخ أحمد بن شهاب الدين عبدالوهاب النويري المصري المتوفّى سنة 732 في كتابه «نهاية الأرب» (ج1 ص52 طبع القاهرة) قال :

حکی صاحب العقد: عن ابن عائشة، أنّ رجلاً من أهل الشام دخل المدينة قال : فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابّة منه.

قال : فمال قلبي إليه فسألت عنه، فقيل : هذا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فامتلأ قلبي بغضاً له وحسدت عليّاً أن يكون له ولد مثله ، فصرت إليه فقلت : أنت ابن أبي طالب؟

قال : أنا ابن ابنه.

ص: 159

فقلت : قلت فيك وفي أبيك أشتمهما، فلمّا انقضى كلامي قال : أحسبك غريباً .

فقلت : أجل.

قال : فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آسيناك أو إلى حاجة عاونّاك ، فانصرفت وما على الأرض أحبّ إليّ منه .

ومنهم العلامة الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» في مناقب آل الرسول» (ص 67 ط طهران) .

روى الحدي عن ابن عائشة بمثل ما تقدّم، لكنّه ذكر بعد قوله فقلت : أجل.

فقال : فمل معي إن احتجت إلى منزل أنزلناك وإلى مال أرفدناك وإلى حاجة عاونّاك فاستحييت والله منه وعجبت من كرم خلقه فانصرفت وقد صرتُ أُحبّه ما لا أُحبّ غيره . (1)

إئتِ بحمّال يحمل لك

{14}

[722] و من سخائه علیه السّلام ما روي أنّه سأل الحسن بن علي علیهماالسّلام رجل فأعطاه خمسين ألف درهم وخمسمائة دينار ، وقال : إئت بحمّال يحمل لك فأتی بحمّال فأعطى طيلسانه فقال : هذا ترى الحمّال . (2)

ص: 160


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 118 - 119
2- مناقب آل أبي طالب: ج4 ص16. وعنه بحار الأنوار: ج 3 ص 341 ورواه الإربلي مبسوطاً في كشف الغمّة : ج 1 ص 588 وعنه مستدرك الوسائل : ج 7 ص 270

بل يكن جودك لله

{15}

[723] روي أنّ رجلاً كتب إلى الحسن علیه السّلام يسأل بهذه الأبيات :

غربة تتبع قلّة *** إنّ في الفقر مذلّة

یابن خير الناس أُمّاً *** يا ابن أكرمهم جبلّة

لا يكن جودُك لي *** بل يكن جودك لله

فأعطاه الحسن علیه السّلام دخل العراق سنة.

فقيل له : يابن بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله تعطي دخل العراق سنة على ثلاث أبيات من الشعر؟

فقال علیه السّلام : أما سمعتم ما قال : لا يكن جودك لي بل يكن جودك لله؟ فلو كانت الدنيا كلّها لي وأعطيتها إيّاه كانت في ذات الله تعالى قليلاً . (1)

يحمل عطائه حمّالان

{16}

[724] يروى أنّ رجلاً سأله (أي الحسن بن عليّ علیهماالسّلام) حاجة فقال له : يا هذا حقّ سؤالك إيّای معظم لديّ، ومعرفتي بمايجب لك يكبر عليّ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، ومافي يدي وفاء بشكرك، فإن قبلت لميسور ورفعت عنّي مؤنة الاحتفال والاهتمام لما أتكلّف من واجبك فعلت .

ص: 161


1- نظم درر السمطين : ص197 وعنه ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 174 و توضیح الدلائل للعلامة شهاب الدين أحمد الحسيني الشافعي : ص 358

فقال : يابن رسول الله أقبل وأشكر العطيّة وأعذر على المنع.

فدعي الحسن (رضي الله عنه) وكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها، فقال له : هات الفاضل، فأحضر خمسين ألفاً، ثمّ قال : ما فعلت الخمس مائة دينار؟

قال : هي عندي .

قال : احضرها، فأحضرها فدفع الحسن الدنانير والدراهم إلى الرجل .

قال : هات من يحملها لك فاتی بحمالين، فدفع الحسن (رضي الله عنه) إليهما رداءه لكدّ الحمل، وقال : هذا أجرة حملكما ولا تأخذوا منه شيئاً.

فقال له مواليه : والله ما عندنا درهم.

فقال : لكنّي أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم .

مارواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الزرندي الحنفي في «نظم درر السمطین» (ص 196 طالقضاء) قال :

يروى أنّ رجلاً ...

ومنهم العلامة مؤيد الدولة اسامة بن منقذ الكناني المتوفّى سنة 584 في لباب الآداب» (125 ط الرحمانية بالقاهرة).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «نظم درر السمطين» لكنّه ذكر بدل قوله : وما في يدي : وما في ملكتي، وبلد كلمة الاحتفال : الاحتيال، وزاد بعد كلمة أقبل : القليل، وزاد بعد قوله هات الفاضل : من الثلاثمائة ألف درهم، وذكر بدل كلمة الكد: الكری.

ومنهم العلامة أحمد بن حجر الهيثمي في «الصواعق» (ص 137 طبع

ص: 162

عبداللطيف بمصر) قال :

وجاءه (أي الحسن بن علي) رجل يشكو عليه حاله وفقره وقلّة ذات یده بعد أن كان مثرياً، ثمّ ساق الحديث بعين ما تقدّم عن «نظم درر السمطين» وذكر بدل قوله وجعل يحاسبه حتّى استقصاها : وحاسبه، وأسقط قوله : هات من يحملها، الخ.

ومنهم ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص 139 ط الغري).

روى الحديث بعين ماتقدّم عن «نظم درر السمطين» إلّا أنّه زاد بعد قوله نفقاته : ومقبوضاته ، وأسقط قوله وقال : هات من يحملها.

ومنهم أبو القاسم عبدالکریم بن هوازن بن عبدالملك بن طلحة القشيري النيشابوري الشافعي المتوفّى سنة 465 في كتابه «الرسالة القشيرية» (ص 125 ط مصر ) قال :

سأل رجل الحسن بن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) شيئاً فأعطاه خمسين ألف درهم وخمسمائة دينار، وقال : ائت بحمّال يحمله لك فأتى بحمّال فأعطاه طیلسانه وقال : يكون كراء الحمّال من قبلي .

ومنهم الشيخ عفيف الدين اليافعي في «الارشاد والتطريز» (ص 66 طالقاهرة).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الرسالة القشيرية».

ومنهم باكثير الحضرمي في «وسيلة المال» (ص 172 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

روى الحديث بعين ماتقدّم عن «نظم درر السمطين» إلى قوله : دفع

ص: 163

الدراهم والدنانير ثمّ قال : واعتذر منه .

ومنهم الشيخ محمّد رضا المالكي في «الحسن والحسين» (ص 8 طالقاهرة).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «نظم درر السمطين» من قوله : فدعی الحسن وكيله إلى قوله : دفع الدراهم والدنانير إلى الرجل ثمّ قال : واعتذر منه .

ومنهم الامرتسري في «أرجح المطالب» (ص 272 طلاهور) .

روى الحديث نقلا عن مرآة الجنان» بعين ماتقدّم عن «الرسالة القشيرية».

ومنهم السيد مصطفی بن محمّد العروسي في «نتائج الأفكار القدسية » (ج3 ص 200 ط عبدالوکیل بدمشق).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الرسالة القشيرية». (1)

أكرمه لمكان معرفته

{17}

[725] قال القاضي أبو عبدالله محمّد بن سلامة المغربي الفقيه الشافعي في ترك الإطناب في شرح الشهاب : كان الحسن بن عليّ (رضوان الله عليهما) يمشي في طريق فأقبل إليه صبيّ صبيح الوجه ، فقال له: ياغلام هل أنت عبدٌ أم حرّ؟ فأجاب الصبي : كلّ مَن في العالَم عبدك ، والحرّ مَنْ حرّرته .

فأمر الحسن (رضوان الله عليه) وكيله أن يعطيه عشرين ألف درهم

ص: 164


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 138 - 140. وأورده المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار: ج 43 ص 348

ويوصلها معه إلى بيته . (1)

أعطاه ثمن العبد

{18}

[726] دخل الغاضري عليه علیه السّلام فقال : إني عصيت رسول الله صلّي الله علیه و آله.

فقال : بئسَ ما عمِلتَ كيف؟

قال : قال صلّي الله علیه و آله: «لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة» وقد ملكَتْ على امرأتي وأمرَتْني أن أشتريَ عبداً، فاشتريتُه فأبق منّي.

فقال علیه السّلام : إختر أحد ثلاثة : إن شئتَ فثمنُ عبد.

فقال : ههنا ولا تتجاوز، وقد اخترت، فأعطاه ذلك . (2)

متى يصلح السؤال؟

{19}

[727] إنّ المسألة لاتصلح إلّا في غرم فادح، أو فقر مدقع، أو همالة مفظعة. (3)

ص: 165


1- ترك الاطناب : ص 384
2- مناقب آل أبي طالب: ج4 ص 17 «في مکارم أخلاقه علیه السّلام» ؛ بحار الأنوار: ج 43 ص 342 ح15 باب 16 مکارم أخلاقه علیه السّلام؛ عوالم العلوم والمعارف الإمام الحسن علیه السّلام: ص 113 ح2 باب 2
3- عيون الأخبار لابن قتيبة : ج 4 ص 140 قال : أتى رجلٌ الحسن بن عليّ (رضي الله عنهما) يسأله ، فقال الحسن : إنّ المسألة لا تصلح إلّا ... الخ. فقال الرجل : ما جئت إلّا في إحداهن، فأمر له بمائة دينار، ثمّ أتى الرجل الحسين بن علي (رضي الله عنهما) فسأله، فقال له مثل مقالة أخيه، فردّ عليه كماردّ على الحسن ، فقال : كم أعطاك؟ قال : مائة دينار فنقصه ديناراً كره أن يساوي أخاه ، ثمّ أتى الرجل عبدالله بن عمر فسأله، فأعطاه سبعة دنانير ولم يسأله عن شيء. فقال الرجل له : إني أتيت الحسن والحسين علیهماالسّلام واقتصّ كلامهما وفعلهما. فقال عبد الله : ويحك تجعلني مثلهما إنّهما غرّا العلم، غرّا المال

لا سؤال إلّا عن ثلاث

{20}

[728] عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : إنّ رجلاً مرّ بعثمان بن عفّان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فأمر له بخمسة دراهم فقال له الرجل : أرشدني فقال له عثمان : دونك الفتية الّذين ترى، وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر علیهم السّلام.

فمضى الرجل نحوهم حتّى سلّم عليهم وسألهم.

فقال له الحسن علیه السّلام: يا هذا إن المسألة لا تحلُّ إلا في إحدى ثلاث: دم مفجّع، أو دَیْن مقرِّح، أو فقر مدقّع ففي أيّها تسأل؟

فقال : في وجه من هذه الثلاث.

فأمر له الحسن علیه السّلام بخمسين ديناراً وأمر له الحسين علیه السّلام بتسعة وأربعين دیناراً، وأمر له عبدالله بن جعفر بثمانية وأربعين دیناراً.

فانصرف الرجل فمرّ بعثمان فقال له : ما صنعت؟

فقال : مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت، ولم تسألني فيما أسأل، وإنّ صاحب الوفرة لمّا سألته قال لي: يا هذا فيما تسأل، فإنّ المسألة لاتحلُّ إلّا في إحدى ثلاث، فأخبرته بالوجه الّذي أسأله من الثلاثة، فأعطاني خمسين دیناراً وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دیناراً وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دیناراً.

ص: 166

فقال عثمان : ومن لك بمثل هؤلاء الفتية! أُولئك فطموا العلم فطماً وحازوا الخير والحكمة .

قال الصدوق (رحمه الله) في معنى قوله : فطموا العلم فطماً أي قطعوه عن غيرهم قطعاً وجمعوه لأنفسهم جمعاً.

بیان : الوفرة الشعرة إلى شحمة الأُذن، ويمكن أن يقرأ فطّموا على بناء المجهول أي : فطموا بالعلم على الحذف والايصال . (1)

الكلمة الطيبة

{21}

[729] أمر الحسن بن علي (رضي الله عنهما) لرجل من جيرانه بألفي درهم.

فقال : جزاك الله خيرآً یابن رسول الله .

فقال : ما أراك أبقيت لنا من المكافاة شيئاً . (2)

ص: 167


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 332 - 333 تحت رقم 4 عن خصال الصدوق : ص 135 تحت رقم 149 باب الثلاثة ط قم منشورات جامعة المدرّسين . وفي البحار أيضاً ج96 ص 152 ح16
2- رواه القوم: منهم العلامة المحقق أبوالقاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفّى سنة 538 في كتابه «ربيع الأبرار» (المخطوط) قال : ... . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 141

أنت حر لوجه الله

{22}

[730] رواه القوم :

منهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسین» (ص 131 ط الغري) قال :

(وروي) إنّ غلاماً للحسن جنى جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب .

فقال : يا مولاي «وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ» .

قال : عفوت عنك.

قال : «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».

قال : أنت حرّ لوجه الله ولك ضعف ما أعطيتك . (1)

رأفته على الحيوانات

{23}

[731] رواه القوم :

منهم العلامة أبوالمؤيّد الموفق بن أحمد في مقتل الحسین» (ص 102 ط الغري) قال :

وبهذا الإسناد (أي الإسناد المتقدّم في كتابه) قال: أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار، حدّثنا محمّد بن يونس، حدّثنا عليّ بن مرّة، حدّثنا أبي، حدّثني نجيح القصّاب قال : رأيت الحسن بن عليّ يأكل وبين يديه كلب كلّما أكل لقمة طرح للكلب مثلها .

ص: 168


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 153. بحار الأنوار : ج43 ص 352 رقم 29

فقلت له : يابن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك؟

فقال : دعه إنّي لأستحيي من الله عزّوجلّ أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثمّ لا أطعمه . (1)

في إكرام الجار

{24}

[732] رواه القوم

منهم العلامة الصفوري في «نزهة المجالس ومنتخب النفائس» (ج1 ص 238 ط القاهرة).

ورويت عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما): إنّ جاره اليهودي انخرق جداره إلى منزل الحسن، فصارت النجاسة تنزل إلى داره واليهودي لا يعلم بذلك، فدخلت زوجته يوماً، فرأت النجاسة قد اجتمعت في دار الحسن ، فأخبرت زوجها بذلك، فجاء اليهودي إليه معتذراً.

فقال : أمرني جدّي صلّي الله علیه و آله بإكرام الجار. فأسلم اليهودي. (2)

يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء

{25}

[733] المناقب : عن أبي إسحاق العدل في خبر : أنّ مروان بن الحكم

ص: 169


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص146 ورواه ابن شهر آشوب في المناقب : ج4 ص 23 وعنه بحار الأنوار : ج43 ص352 وعوالم العلوم: ج الإمام الحسن علیه السّلام ص123
2- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 122

خطب يوماً فذكر عليّ بن أبي طالب علیه السّلام فنال منه و الحسن بن علي علیه السّلام جالس فبلغ ذلك الحسين علیه السّلام فجاء إلى مروان فقال : يابن الزرقاء ! أنت الواقع في عليّ - في كلام له - ثمّ دخل الحسن علیه السّلام فقال : تسمع هذا يسبُّ أباك فلا تقول له شيئاً؟

فقال : وما عسيت أن أقول لرجل مسلّط، يقول ماشاء ، ويفعل ما يشاء . (1)

الإحسان إلى المسيء

{26}

[734] روي عن عاصم بن المصطلق أنّه قال : دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي فأعجبني سمنه، وأثارني ما كان في صدري على أبيه من البغض ! فقلت : أنت الحسن بن علي بن أبي طالب؟

قال : نعم.

فبالغت في شتمه وشتم أبيه ! فنظر إليّ نظرة عاطف رؤف وقال :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ» . (2)

ثمّ قال : أستغفر الله لي ولك، أنت لو استَعَنْتَنا لأعنّاك ، ولو استرشدتَنا لأرشدناك .

قال : فندمتُ على ما كان منّي .

ص: 170


1- بحار الأنوار: ج43 ص345 رقم 17 عن المناقب لابن شهر آشوب
2- سورة الأعراف : الآية 199 - 201

فقال : «لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ» (1) أمِن أهل الشام أنت؟

قلت: نعم.

قال : حيّاك الله وبيّاك، إنبسط لنا في حاجتك تجد أفضل ظنّك إن شاء الله.

قال عاصم: فضاق عليّ الأرض بما رحبت ووددتُ أنّها سخت بي، وذهبت عنه وما أحدٌ على وجه الأرض أحبّ إلىّ منه ومن أبيه . (2)

حليم أهل البيت علیهم السّلام

{27}

[735] رواه القوم:

منهم العلامة أبوالمؤيّد الموفّق بن أحمد في «مقتل الحسین» (ص 127 ط الغري) قال :

وقيل : كان للحسن بن علي علیه السّلام شاة تعجبه فوجدها يوماً مکسورة الرجل .

فقال للغلام: من كسر رجلها

قال : أنا .

قال : لِمَ ؟ قال : لأغمنّك .

قال الحسن : لأُفَرِحَنّك أنت حُرّ لوجه الله تبارك وتعالى .

ص: 171


1- سورة يوسف: الآية 92
2- الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة، للشيخ محمّد بن المدني الفاسي المالكي المتوفّى بعد سنة (1278): ص 122 ط المطبعة الفاسية، وعنه ملحقات الإحقاق : ج26 ص 458

وفي رواية أُخرى : قال : لأغمنّ من أمرك بغمّي، يعني أنّ الشيطان أمره أن يغمّه . (1)

قبول العذر

{28}

[736] رواه القوم :

منهم عبدالرحمن بن عبدالسلام الصفوري البغدادي المتوفّی بعد 884 في كتابه «نزهة المجالس» (ج1 ص209 طبع القاهرة) قال :

وقال الحسن بن عليّ (رضي الله عنهما): لو شتمني أحد في إحدى أُذنيّ ثمّ اعتذر في الأخرى لقبلت . (2)

ذكاؤه وفراسته علیه السّلام

{29}

[737] رواه القوم:

منهم شمس الدين أبو عبدالله محمّد بن قيم الجوزية الحنبلي المتوفّى سنة 751 في «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» (ص 38 ط المحمّدية في القاهرة).

ومن الفراسة ، فراسة الحسن بن علي (رضي الله عنهما) لماجيء إليه بابن ملجم، قال له : أُريد اسارّك بكلمة فأبي الحسن، وقال : تريد أن تعضّ أُذني .

فقال ابن ملجم : والله لو أمكنتني منها لأخذتها من صماخيها . (3)

ص: 172


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص117
2- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص116
3- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 154

عزّ نفسه ومناعة طبعه علیه السّلام

{30}

[738] وقدم معاوية المدينة فجلس في أوّل يوم يجيز من يدخل عليه من خمسة آلاف إلى مائة ألف، فدخل عليه الحسن بن علي علیهماالسّلام في آخر الناس ، فقال : أبطأت يا أبا محمّد فلعلّك أردت تبخّلني عند قريش، فانتظرت يفنی ماعندنا، یا غلام: أعط الحسن مثل جميع ما أعطينا في يومنا هذا، يا أبا محمّد وأنا ابن هند؟

فقال علیه السّلام: لا حاجة لي فيها یا أبا عبدالرحمان ورددتها وأنا ابن فاطمة بنت محمّد رسول الله صلّي الله علیه و آله. (1)

المعروف ما كان ابتداءاً

{31}

[739] وذكروا أنّه أتاه رجل في حاجة فقال : إذهَبْ فاكتُب حاجتَك في رقعة وارفعها إلينا نقضها لك .

قال : فرفع إليه حاجته، فأضعفها له.

فقال بعض جلسائه : ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يابن رسول الله .

فقال : بركتها علينا أعظم حين جعلنا للمعروف أهلاً، أما علمت أنّ المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة، فأمّا من أعطيته بعد مسألة فإنّما أعطيته بما بذل لك من وجهه .

رواه القوم :

ص: 173


1- بحار الأنوار: ج43 ص 343 عن المناقب : ج4 ص 18

منهم إبراهيم البيهقي في «المحاسن والمساوي» (ص 55 بیروت) قال : وذكروا ... الخبر . (1)

کرمه علیه السّلام وإحسانه إلى أعدائه

{32}

[740] رواه القوم:

منهم أبوالعباس محمّد بن يزيد المعروف بالمبرد المتوفّی 285 في الكامل» (ج1 ص 379 ط القاهرة) قال :

وعن أخبار ابن أبي عتيق (2) أنّ مروان بن الحكم قال يوماً : إنّي لمشغوف ببغلة الحسن بن علي (رحمهما الله)، فقال له ابن أبي عتيق : إن دفعتها إليك أتقضي لي ثلاثين حاجة؟

قال : نعم.

قال : إذا اجتمع الناس عندك العشيّة فإنّي آخذ في ما آثر قريش ثمّ أمسك عن الحسن فلُمني على ذلك، فلمّا أخذ الناس مجالسهم أخذ في مآثر قریش فقال له مروان : ألا تذكر أوّليّة أبي محمّد وله في هذا ما ليس لأحد.

فقال : إنّما كنّا في ذكر الأشراف ولو كنّا في ذكر الأنبياء لقدّمنا ما لأبي محمّد، فلمّا خرج الحسن ليركب تبعه ابن أبي عتيق، فقال له الحسن وتبسّم : ألك حاجة؟

ص: 174


1- ملحقات الإحقاق : ج 1 ص147
2- هو عبدالله بن أبي عتیق محمّد بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، غلبت عليه الدعابة وشهر بها

فقال : ذكرت البغلة فنزل الحسن ودفعها إليه .

ومنهم أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني الأندلسي في «جمع الجواهر» (ص 54 ط دار إحيارء الكتب العربية).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الكامل» قال : ومروان يومئذ أمير المدينة . (1)

إنّ الله عوّدني عادة

{33}

[741] إنّي لله سائل، وفيه راغب، وأنا أستحيي أن أكون سائلاً واردّ سائلاً، وإنّ الله تعالى عوّدني عادة : عوّدني أن يفيض نعمه علىّ وعوّدني أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني المادّة، وأنشد يقول :

إذا ما أتاني سائل قلت مرحباً، الخ . (2)

ص: 175


1- ملحقاق الإحقاق : ج 11 ص 150 و ج 33 ص 475 ورواه الفاضل المعاصر عبدالله على مهنّا في «طرائف الخلفاء واللموك»: ص 33 وأورده المجلسي في بحار الأنوار: ج 43 ص 343 والبحراني في العوالم : ج الإمام الحسن علیه السّلام ص 115 ح 3
2- رواه العلامة السيوطي في «الكنز المدفون» (ص 434 ط مصر) قاله علیه السّلام لمّا قيل له : لأيّ شيء نراك لاتردّ سائلاً وإن كنت على ناقة؟ فذكره. ورواه بعينه العلامة الشيخ محمّد رضا المصري المالكي في «الحسن والحسين سبطا رسول الله» (ص 10 طالقاهرة) لكنّه ذکر بدل كلمة المادّة : العادة . ورواه عنهما آية الله النجفي المرعشي (قدّس سرّه) في ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 238

حاجتك مقضيّة

{34}

[742] روي أنّ رجلاً دفع إليه رقعة في حاجة فقال له : حاجتك مقضيّة، فقيل له : يابن رسول الله، لو نظرت في رقعته ثمّ رددت الجواب على قدر ذلك .

فقال : أخشى أن يسألني الله عن ذلّ مقامه حتّى أقرء رقعته . (1)

ما سمعت منه كلمة فحش قط

{35}

[743] عن عمیر بن إسحاق، قال : ماتكلّم عندي أحد كان أحبّ إليّ إذا تكلّم أن لا يسكت من الحسن بن عليّ علیه السّلام، وماسمعت منه كلمة فحش قطّ إلّا مرّة ، فإنّه كان بين الحسين بن عليّ علیه السّلام وعمرو بن عثمان بن عفّان خصومة في أرض فعرض حسين أمراً لم يرضه عمرو.

فقال الحسن : فليس له عندنا إلّا ما رغم أنفه .

قال : فهذا أشدّ كلمة فحش سمعتها منه قطّ . (2)

ص: 176


1- رواه محمّد بن يوسف الزرندي الحنفي المتوفّی 750 في «نظم درر السمطين» (ص 196 ط مطبعة القضاء) قال : رويظظ ... الخ. وعنه رواه العلامة آية الله السيّد النجفي المرعشي (قدّس سرّه) في ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 141. ورواه أيضاً أبو حامد محمّد الغزالي الطوسي في كتاب «ذمّ البخل وفضل السخاء» : ص 106 ط دار الاعتصام
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 158 رقم 270 : قال ابن عساكر : وقد أخبرناه أبوبكر محمّد بن عبدالباقي ، أنبأنا الحسن بن عليّ، أنبأنا محمّد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمّد، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا إسماعیل بن إبراهيم الأسدي : عن ابن عون: عن عمیر بن إسحاق، قال : ما تکلّم عندي، الخ

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة» (ص 137 طبع عبداللطيف بمصر ) قال :

أخرج ابن سعد عن عمیر بن إسحاق، أنّه لم يسمع منه كلمة فحش إلّا مرّة كان بينه وبين عمرو بن عثمان بن عفّان خصومة في أرض فقال : ليس له عندنا إلّا ما أرغم أنفه ، قال : فهذه أشدّ كلمة فحش سمعتها منه .

ومنهم الحافظ عمادالدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي في البداية والنهاية» (ج 8 ص 39 ط مصر ) قال :

قال محمّد بن سعد: أنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن ابن عون، عن محمّد بن إسحاق قال : ما تكلّم عندي أحد كان أحبّ إليّ إذا تكلّم أن لا يسكت من الحسن بن علي، ثمّ ساق كلامه بعين ما تقدّم عن «الصواعق المحرقة» .

ومنهم العلامة الشيخ محمّد الصبان المصري في «إسعاف الراغبين» المطبوع بهامش نور الأبصار، ص 200 ط مصر ) . (1)

ص: 177


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص115. وأورده المزّي في تهذيب الكمال في أسماء الرجال : ج6 ص 235 عن عبدالله بن عون، عن عمیر بن إسحاق بعين ما تقدّم عن الصواعق

الله أشد نقمة

{36}

[744] وذكر هشام (1) بن محمّد الكلبي، عن محمّد (2) بن إسحاق، قال : بعث مروان بن الحكم وكان والياً على المدينة رسولاً إلى الحسن علیه السّلام فقال له يقول لك مروان : أبوك الّذي فرّق الجماعة وقتل أميرَ المؤمنین عثمان، وأباد العلماءَ والزهّادَ يعني الخوارج، وأنت تفخر بغيرك ، فإذا قيل لك مَنْ أبوك تقول : خالي الفرس، فجاء الرسول إلى الحسن فقال له: يا أبا محمّد إنّي أتيتك برسالة ممّن يخاف سطوته ويحذر سيفه ، فإن كرهت لم أُبلّغك إيّاها ووقيتك بنفسي.

فقال الحسن : لا بل تؤدّيها ونستعين عليه بالله، فأدّاها فقال له تقول المروان : إن كنتَ صادقاً فالله يجزيك بصدقك، وإن كنتَ كاذباً فالله أشدّ نقمة .

فخرج الرسول من عنده فلقيه الحسين فقال : من أين أقبلت؟

فقال : من عند أخيك الحسن.

فقال : وما كنت تصنع؟

قال : أتيت برسالة من عند مروان .

فقال : وما هي؟

فامتنع الرسول من أدائها، فقال : لتخبرني أو لأقتلنّك، فسمع الحسن فخرج وقال لأخيه : خلّ عن الرجل .

فقال : لا والله حتى أسمعها، فأعادها الرسول عليه .

ص: 178


1- هو هشام بن محمّد بن أبي النضر الكلبي المؤرّخ العالم بأنساب العرب وله كتب في التاريخ والأنساب، توفّي سنة (204 ها) الأعلام : ج 9 ص 87
2- هو محمّد بن إسحاق بن يسار المدني من أقدم مؤرّخي العرب صاحب «السيرة النبويّة » رواها عنه ابن هشام توفّي ببغداد سنة (151ه-) الأعلام : ج6 ص 252

فقال : قل له: يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة: یابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز صاحبة الراية بسوق عكاظ ، ويا ابن طرید رسول الله ولعينه أعرف مَن أنت ومَن أُمّك ومن أبوك.

فجاء الرسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا.

فقال له: ارجع إلى الحسن وقل له: أشهد أنّك ابن رسول الله، وقل اللحسين : أشهد أنّك ابنُ علي بن أبي طالب، فقال للرسول قل له : كلاهمالي ورغماً. (1)

قال الأصمعي (2) أمّا قول الحسين يابن الداعية إلى نفسها فذكر ابن إسحاق أنّ أُمّ مروان اسمها أُميّة، وكانت من البغايا في الجاهليّة، وكان لها راية مثل راية البيطار تعرف بها وكانت تسمّى أُمّ حبتل الزرقاء، وكان مروان لا يعرف له أب، وإنّما نسب إلى الحكم كما نسب عمرو إلى العاص.

وأمّا قوله : يابن طرید رسول الله يشير إلى الحكم بن أبي العاص بن أُميّة بن عبد شمس أسلم الحكم يوم الفتح وسكن المدينة وكان ينقل أخبار رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى الكفّار من الأعراب وغيرهم ويتجسّس عليه.

قال الشعبي (3) : وما أسلم إلّا لهذا ولم يحسن إسلامه، ورآه رسول الله صلّي الله علیه و آله يوماً وهو يمشي يتخلج في مشيه يحاكي رسول الله فقال له : كن كذلك، فمازال

ص: 179


1- تذكرة خواصّ الأئمّة في معرفة الأئمّة علیهم السّلام ص 188 ط بيروت مؤسّسة أهل البيت
2- هو عبدالملك بن قُریب بن علي الباهلي أبو سعيد الأصمعي راوية العرب وأحد الأئمّة باللغة والشعر والبلدان . ولد في البصرة سنة (122) وتوفي بها سنة (216 ه) الأعلام : ج4 ص 307
3- الشَعْبي هو عامر بن شراحبل الحميري راوية التابعين، ولد في الكوفة سنة (19) ومات بها سنة (103 ه-)

يمشي كأنّه يقع على وجهه، ونفاه رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى الطائف ولعنه ، فلمّا توفّي رسول الله صلّي الله علیه و آله كلّم عثمان أبا بكر أن يرده لأنه كان عمّ عثمان، فقال أبوبكر : هيهات شيء فعله رسول الله صلّي الله علیه و آله والله لا أُخالفه أبداً، فلمّا مات أبوبكر وولّي عمر كلّمه فيه، فقال : يا عثمان ! أما تستحي من رسول الله صلّي الله علیه و آله ومن أبي بکر تردّ عدوّ الله وعدوّ رسوله إلى المدينة ، والله لا كان هذا أبداً، فلمّا مات عمر وولّي عثمان ردّه في اليوم الّذي ولّي فيه وقرّبه وأدناه ودفع له مالاً عظيماً ورفع منزلته ، فقام المسلمون على عثمان وأنكروا عليه وهو أوّل ما أنكروا عليه وقالوا : رددت عدوّ الله ورسوله و خالفت الله ورسوله، فقال : إنّ رسول الله وعدني بردهّ فامتنع جماعة من الصحابة عن الصلاة خلف عثمان لذلك ، ثمّ توفّي الحكم في خلافته فصلّى عليه ومشي خلفه فشقّ ذلك على المسلمين وقالوا : ما كفاك ما فعلت حتى تصلّي على منافق ملعون لعنه رسول الله صلّي الله علیه و آله ونفاه فخلعوه وقتلوه وأعطى ابنه مروان خمس غنائم افريقية خمس مائة ألف دينار. (1)

أفلا أشتري عرضي؟!

{37}

[745] قدم رجل المدينة وكان يبغض عليّاً فقطع به فلم يكن له زاد ولا راحلة، فشکی ذلك إلى بعض أهل المدينة فقال له : عليك بحسن بن عليّ.

فقال له الرجل : مالقيت هذا إلّا في حسن و أبي حسن [كذا] فقيل له : فإنّك لا تجد خيراً [ إلّا] منه.

فأتاه فشكى إليه فأمر له بزاد وراحلة ، فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالته.

ص: 180


1- تذكرة خواصّ الأُمّة: ص 189

وقيل للحسن : أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت له بزاد وراحلة؟

قال : أفلا أشتري عرضي منه بزاد وراحلة؟! (1)

يأكل مع الفقراء

{38}

[746] قال ابن شهر آشوب في كتاب «الفنون»: عن أحمد بن المؤدّب ، و «نزهة الأبصار» عن ابن مهدي : أنّه مرّ الحسن بن علي علیهماالسّلام فقراء قد وضعوا کسیرات خبز على الأرض وهم قعود، يلتقطونها ويأكلونها .

فقالوا له : هلمّ يابن بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى الغداء.

فنزل علىه السّلام وقال : إنّ الله لا يحبّ المستكبرين، وجعل يأكل معهم حتّى اكتفوا، والزاد على حاله ببرکته علىه السّلام، ثمّ دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم. (2)

ص: 181


1- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 150: قال ابن عساکر : وأنبأنا ابن أبي الدنيا، حدّثني سليمان بن أبي شيخ، حدّثني أبي وصالح بن سليمان، قالا: قدم رجل المدينة ...
2- المناقب لابن شهر آشوب : ج 2 ص 159. وعنه بحار الأنوار : ج43 ص352 والعوالم : ج الإمام الحسن علیه السّلام ص 123. ورواه أيضاً من أعلام العامّة السهروردي في عوارف المعارف : ج 2 ص 21 والفاضل الشريف علي بن الدكتور محمّد عبدالله فكري الحسيني القاهري في أحسن القصص : ج4 ص203 قال : يُحكى عن الحسن بن الإمام علي (رضي الله عنهما) حكاية تدلّ على ردّه للجميل وشكره على المعروف وأدبه وتواضعه، وذلك : أنّه مرّ بصبيان من المساكين الّذين يسألون الناس على الطرق وقد نثروا كسراً على الأرض ولقماً من العيش، وكان الحسن على بغلته، فلمّا مرّ بهم سلّم عليهم فردّوا عليه السلام وقالوا: هلمّ الغداء یابن رسول الله، فقال : نعم إن الله لا يحبّ المستكبرين ثمّ ثنّى فخذه عن دابّته وقعد معهم على الأرض وأقبل يأكل وبعد أن فرغوا من الأكل، وكان الخبز الذي معهم قليلا، قام سیّدنا الحسن وأركبهم معه إلى منزله، ثمّ أطعمهم أنواعاً من المأكل، وكساهم بعد ذلك، فلمّا سئل في سبب إطعامهم وكسوتهم؟ قال: الفضل لهم، لأنّهم لم يجدوا معهم غير قطع الخبز الّذي أطعموني، ولكنّي أجد أكثر ممّا أعطيتهم فيجب أن أقابل الحسنة بمثلها أو بأحسن منها

إذا قام للصلاة

{39}

[747] روى المفضّل بن عمر، عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه علیهم السّلام: أنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنار اضطرب إضطراب السليم، وسأل الله الجنّة، وتعوّذ بالله من النار .(1)

هول المطّلع

{40}

[748] رواه غير واحد من الأعلام :

منهم العلامة الخوارزمي في مقتل الحسين» (ص 137 ط الغري) قال :

وأخبرني أبو العلاء الحافظ بهمدان إجازة : أخبرنا إسماعيل بن أحمد، أخبرنا محمّد بن هبة الله ، أخبرنا علي بن محمّد، أخبرنا الحسين بن صفوان ، حدّثنا عبدالله بن محمّد، حدّثني يوسف بن موسى، حدّثني سلم بن أبي حبّة، حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه علیهماالسّلام قال : لمّا حضرت الحسن بن علي علیهماالسّلام الموت بكى بكاءً شديداً.

ص: 182


1- بحار الأنوار: ج 84 ص 258 عن العدّة

فقال له الحسين علیه السّلام : ما يبكيك يا أخي إنّما تقدم على رسول الله وعليّ وفاطمة وخديجة علیهم السّلام فهم ولّدوك، وقد أخبرك الله على لسان نبيّه صلّي الله علیه و آله أنّك سيّد شباب أهل الجنّة، وقد قامت الله مالك ثلاث مرّات ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشر مرّة حاجّاً، وإنّما أراد أن يطيب نفسه .

قال : فوالله ما زاده إلّا بكاءً وانتهاباً، وقال : يا أخي إنّي أقدم على أمر عظيم وهول لم يقدم على مثله قطّ . (1)

زهده علیه السّلام في المأكل

{41}

[749] قال [الحسين بن الفهم :] وأنبأنا محمّد بن سعد (2)، أنبأنا عبيدالله بن موسى، أنبأنا قطري الخشّاب مولی طارق، أنبأنا مدرك بن زیاد (3) قال : كنّا في حيطان ابن عبّاس فجاء ابن عبّاس و حسن و حسین فطافوا في البستان فنظروا ثمّ جاؤا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها فقال لي حسن : يامدرك أعندك غداء؟

قلت : قد خبزنا .

قال : ائت به .

قال: فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتين [من ] بقل فأكل ثمّ قال : یا مدرك ما أطيب هذا؟ ثمّ أتي بغدائه - وكان كثير الطعام طیّبه - فقال لي: يا مدرك

ص: 183


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص111. ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق لابن عساکر : ص215 ح 348 بنفس الإسناد من إسماعيل بن أحمد ... الخ
2- رواه في الحديث : (35) من ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى : ج 8
3- كذا في نسخة تركيا ومثلها في الطبقات الكبرى، وفي نسخة العلامة الأميني: «أبو زياد»

إجمع لي غلمان البستان .

قال : [فجمعتهم] فقدّم إليهم فأكلوا ولم يأكل .

فقلت : ألا تأكل؟

فقال : ذاك كان أشهى عندي من هذا، ثمّ قاموا فتوضّأوا، ثمّ قدّمت دابة الحسن فأمسك له ابن عبّاس بالركاب وسوّى عليه، ثمّ جيء بدابّة الحسين فأمسك له ابن عبّاس بالركاب وسوّى عليه ، فلمّا مضيا قلت [لابن عبّاس]: أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوّي عليهما؟ فقال : يا لكع أتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله صلّي الله علیه و آله أو ليس هذا ممّا أنعم الله عليّ به أن أمسك لهما وأُسوّي عليهما ؟ (1)

ومن أوصاف الإمام علیه السّلام

{42}

[750] إنّ الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربما مشي حافياً، وكان إذا ذكر

ص: 184


1- رواه أيضاً في الحديث : (188) من ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص 146 ط1، بسند آخر عن قطري ابن الخشاب ، عن مدرك ... ورواه أيضاً في الباب : (15) من السمط الثاني من فرائد السمطين : ج2 ص ... بسند آخر عن عبيد بن إسحاق العطار، عن قطري بن الخشاب ... . ورواه أيضاً في الباب : (6) من تيسير المطالب : ص97 ط1، عن السيّد أبي طالب عن أبي عبدالله محمّد بن ... . ورواه أيضاً - ولكن بنحو الإختصار - في فضل مكارم أخلاقهما علیهماالسّلام من مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 40. ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق بتحقيق العلامة المحمودي : ص 135 - 136 ط بيروت

الموت بک وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّوجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله الجنّة وتعوّذ به من النار .

وكان علیه السّلام يقرأ من كتاب الله عزّوجلّ «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» إلّا قال : لبّيك اللّهم لبّيك، ولم يُرَ في شيء من أحواله إلّا ذاكراً لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقاً. (1)

عفّته علیه السّلام إلا مع البدوية

{43}

[751] المناقب : وروي أنّه دخلت عليه امرأة جميلة وهو في ص لاته فأوجز في صلاته ثمّ قال لها : ألك حاجة؟

قالت : نعم.

قال : وما هي؟

قالت : قم فأصب منّي فإنّي وفدت ولا بعل لي .

قال : إليكِ عنّي لا تحرقيني بالنار ونفسك، فجعلت تراوده عن نفسه وهو

يبكي ويقول: ويحكِ إليكِ عنّي واشتدّ بكاؤه فلما رأت ذلك بكت لبكائه .

فدخل الحسين علیه السّلام ورآهمایبکیان، فجلس يبكي وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتّى كثر البكاء وعلت الأصوات فخرجت الأعرابيّة، وقام

ص: 185


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 331 ح1 عن الأمالي بإسناده عن علي بن أحمد، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن المفضّل، عن الصادق، عن أبيه علیهماالسّلام : ...

القوم وترحّلوا، ولبث الحسين علیه السّلام بعد ذلك دهراً لا يسأل أخاه عن ذلك إجلالاً له.

فبينما الحسن ذات ليلة نائماً إذ استيقظ وهو يبكي .

فقال له الحسين علیه السّلام : ما شأنك؟

قال : رؤيا رأيتها الليلة .

قال : وما هي؟ .

قال : لا تخبر أحداً مادمت حيّاً.

قال : نعم.

قال : رأيت يوسف فجئت أنظر إليه فيمن نظر، فلمّا رأيت حسنه بکیت فنظر إليّ في الناس فقال : ما يبكيك يا أخي بأبي أنت وأُمّي .

فقلت : ذكرت يوسف وامرأة العزيز، وما ابتليت به من أمرها وما لقيت من السجن وحرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك وكنت أتعجّب منه .

فقال يوسف : فهلا تعجّبت ممّا فيه المرأة البدويّة بالأبواء. (1)

ص: 186


1- بحار الأنوار: ج43 ص340 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 14 - 15

الأحكام و العبادات

الأحكام و العبادات

ص: 187

وضوء النبي صلّي الله علیه و آله

{1}

[752] ممّا رواه عن جدّه صلّي الله علیه و آله:

قال الطبرانی : حدّثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا عبدالله (1) بن محمد بن سالم، حدثنا حسين (2) بن زید بن عليّ، عن الحسن (3) بن زید، عن أبيه، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) : أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله كان إذا توضّأ فضّل ماءً حتّى يُسيلَه على موضع سجوده . (4)

تغيّر لونه علیه السّلام عند الوضوء

{2}

[753] روي أنّ الحسن بن عليّ (رضي الله عنهما) كان إذا أراد أن يتوضّا تغيّر لونه ، فسئل عن ذلك؟

فقال : إنّي أُريد القيام بين يدي الملك الجبّار . (5)

ص: 188


1- عبدالله بن محمد بن سالم الزبيدي أبو محمد الكوفي القزّاز توفّي سنة (235 ه-) التقريب : ص 247
2- الحسين بن زید بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السّلام به توفّی حدود سنة (190) التقريب : ص 106
3- الحسن بن زید بن الحسن بن علي علیهماالسّلام أبو محمد المدني المتوفّى سنة (168) التقريب : ص100
4- المعجم الكبير : ج3 ص85 رقم 2739
5- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 112. ومنهم العلامة العارف الشيخ نصر بن محمد السمرقندي الحنفي في التنبيه الغافلین» (ص 194 ط القاهرة)

الموعظة الحسنة

{3}

[754] عيون المحاسن : عن الروياني : أنّ الحسن والحسين مرّا على شيخ يتوضّأ ولا يحسن، فأخذا في التنازع يقول كلّ واحد منهما: أنت لا تحسن الوضوء.

فقالا : أيّها الشيخ كن حكماً بيننا يتوضّأ كلّ واحد منّا فتوضّئا ثمّ قالا : أیّنا يحسن؟

قال : كلاكما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الّذي لم يكن يحسن، وقد تعلّم الآن منکما و تاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أُمّة جدّكما. (1)

حكمة الوضوء

{4}

[755] ممّا رواه عن جدّه صلّي الله علیه و آله:

جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله فسأله أعلمهم عن مسائل منها : أنّه قال :

یا محمد! أخبرني لأيّ شيء توضّأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: لمّا أن وسوس الشيطان إلى آدم ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه، ثمّ قام وهو أوّل قدم مشت إلى الخطيئة، ثمّ تناول بيده ،

ص: 189


1- بحار الأنوار: ج 43 ص319 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج 3 ص 400، ورواه البحراني في العوالم الإمام الحسن عليه السّلام : ص 100

ثمّ مسّها، فأكل منها، فطار الحلّي والحلل عن جسده، ثمّ وضع يده على أُمّ رأسه وبکی، فلمّا تاب الله عزّوجلّ عليه فرض الله عزّوجلّ عليه وعلى ذريّته الوضوء على هذه الجوارح الأربع، وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ، ثمّ سنّ على أُمّتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام، والإستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها.

قال اليهودي : صدقت يا محمد! فما جزاء عاملها؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: أوّل ما يمسّ الماء يتباعد عنه الشيطان، وإذا تمضمض نوّر الله قلبه ولسانه بالحكمة، فإذا استنشق أمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنّة، فإذا غسل وجهه بيّض الله وجهه يوم تبيّض في وجوه وتسوّد فيه وجوه، وإذا غسل ساعديه حرّم الله عليه أغلال النار، وإذا مسح رأسه مسح الله عنه سيّئاته ، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام .

قال : صدقت يا محمد. (1)

إن للماء ساكناً

{5}

[756] عن أبي جعفر محمد بن عليّ علیهماالسّلام : أنّ حَسَناً وحسيناً

ص: 190


1- بحار الأنوار: ج 9 ص 297 وج 80 ص 229 حا عن الأمالي للصدوق: ص 115 بإسناده عن ابن ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد البرقي، عن علي بن الحسین البرقي، عن ابن جبلة ، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه الحسن علیه السّلام ، وعن العلل : ج 1 ص 265، وعن المحاسن للبرقي: ص 323

دخلا الفراتَ، وعلى كلّ واحد منهما إزارٌ، ثمّ قالا : إنّ للماء ساكناً . (1)

من آداب الإمامة

{6}

[757] عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : دخل الحسن بن عليّ علیهماالسّلام الفرات في بردة كانت عليه قال : فقلت له : لو نزعتَ ثوبك؟

فقال لي : يا أبا عبدالرحمن إنّ للماء سکّاناً . (2)

حكمة الغُسل

{7}

[758] ممّا رواه عن جدّه صلّي الله علیه و آله:

جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله فسأله أعلمهم عن أشياء منها أنّه قال : أخبرني لأيّ شيء أمر الله بالإغتسال من الجنابة ولم يأمر من البول والغائط؟

قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: إنّ آدم لمّا أكل من الشجرة دبّ ذلك في عروقه وشعره وبشره، فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كلّ عرق وشعرة، فأوجب الله على ذرّيته الإغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة، والبول يخرج من فضلة الشراب الّذي يشربه الإنسان، والغائط يخرج من فضلة الطعام الّذي يأكله، فعليهم منهما الوضوء.

قال اليهودي : صدقت يا محمد! فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال؟

ص: 191


1- کنز العمال : ج 9 ص 547 ح 27355
2- بحار الأنوار: ج 43 ص 340 عن المناقب : ص 15

قال النبي صلّي الله علیه و آله: إنّ المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه وتنزل الرحمة ، فإذا اغتسل بنى الله له بكلّ قطرة بيتاً في الجنّة، وهو سرّ فيما بين الله وبين خلقه، - يعني الإغتسال من الجنابة -.

قال اليهودي : صدقت يا محمد! (1)

طاب استحمامك

{8}

[759] عن أبي مريم الأنصاري رفعه قال : إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام خرج من الحمّام فلقيه إنسان فقال : «طاب استحمامك» .

فقال : يا لكع! وما تصنع بالاست هاهنا؟!

فقال : «طاب حميمك» .

فقال : أما تعلم أنّ الحميم العرق .

قال : «طاب حمّامك» .

فقال : وإذا طاب حمّامي فأيُّ شيء لي؟ قل : «طهر ما طاب منك، وطاب ما طهر منك».

بیان : قال الفيروزآبادي : استحمّ اغتسل بالماء الحارّ، والماء البارد ضدّ. وقال : لايقال «طاب حمّامك» وإنّمايقال : طابت حمّتك بالكسر أي : حميمك أي طاب عرقك، انتهى .

ولعلّه علیه السّلام قال : ما تصنع بالاست؟ على وجه المطايبة لكون الاست موضوعاً لأمر قبيح، وإن لم يكن مقصوداً منها تنبيهاً له على أنّه لابدّ أن يرجع في

ص: 192


1- بحار الأنوار : ج 9 ص 297 عن علل الشرائع : ص 104 والأمالي للصدوق

تلك الأُمور إلى المعصوم، ولا يخترعوا بآرائهم، ويحتمل أن يكون المراد أنّ الألف والسين والتاء الموضوعة للطلب غير مناسب في المقام فيكون إشارة إلى أنّ الإستحمام بمعنى الإغتسال لغة غير فصيحة. (1)

من آداب التخلّي

{9}

[760] سُئِل الحسن بن علي علیهماالسّلام: ما حدّ الغائط؟

قال: لاتَستَقبِل القبلة ولا تَستَدبِرها، ولا تَستَقبِل الريحَ ولا تَستَدبِرها . (2)

ص: 193


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 111 عن الكافي : ج6 ص 500: محمد بن الحسن وعليّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالرحمن بن حمّاد، عن أبي مريم الأنصاري ... . وفي البحار أيضاً ج76 ص 78 ج 21 باب 3 من آداب الحمّام، ووسائل الشيعة: ج1 ص 383 ح 2. قال الطريحي في مجمع البحرين في باب الراء التي أوّلها الطاء : وفي حديث الحمّام : «طاب ماطهر منك وطهر ماطاب منك» قيل فيه: يعني طاب عن العلل والعاهات ماطهر منك بالإغتسال وهو جسدك الهيولى، وطهر عن أقذار المعاصي وعن أدناس الغواشي الهيولانية ماطاب منك في جوهر ذاته القدسيّة بحسب الفطرة الأولى وهو قلبك الملكوتي
2- التهذيب للطوسي: ج1 ص26 بإسناده عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطّار، وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالحمید، رفعه قال : سُئِل الحسن بن علي علیهماالسّلام ... الخ

من آداب التخلّي أيضاً

{10}

[761] قال معاوية : يا أبا محمد هل تنعت الخراءَة (1)؟

قال علیه السّلام: نَعَم، تبعد المَمْشى في الأرض الصَحْصَح (2) حتّى تتواری من القوم، ولا تَستَقبِل القبلة ولا تَستَدبِرها، ولا تَستَنجي بالرثَة ولا العظم، ولا تبولُ في الماء الراكد . (3)

التنخّم في القبلة

{11}

[762] قال علیه السّلام: وليعلم الّذي يتنخّم في القِبلة أنّه يُبعَثُ وهي في وجهه . (4)

ص: 194


1- الخراءة (بكسر الخاء) : التخلّي والقعود للحاجة
2- الصَحْصَح (بالصادين المهملتين) : الأرض المتّسعة المستوية
3- عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري المتوفّى (279): ج 2 ص 172 - 173 وفيه أيضاً ص 136 : قال عمرو بن العاص للحسن بن علي : يا أبا محمد هل تنعت الخراءة؟ فقال : نعم، تبعد المشي في الأرض ... الخ. وفي الإستبصار : ج 1 ص 47 ح 2 والتهذيب : ج 1 ص 26 ح4 : ُسئل الحسن بن علي علیهماالسّلام : ما حدّ الغائط؟ قال : لا تستقبل القبلة، ولا تستدبرها، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها
4- إرشاد القلوب للديلمي: ص 100. وعنه تعاليم الإمام المجتبى علیه السّلام: ص 442

ممّا رواه عن جدّه صلّي الله علیه و آله

{12}

[763] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام: أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله مرّ به وفي يده عَرْقٌ (1) يتعرّق (2) منه ، قال : فتناوله رسول الله صلّي الله علیه و آله، فنَهَس (3) منه نَهْسَةً أو نَهْسَتَیْن، ثمّ صلّى ولم يتوضّأ. (4)

الصلوات الخمس

{13}

[764] قال الطبراني : حدّثنا عبدالله (5) بن أحمد بن حنبل ، حدثنا عمرو بن محمد (6)الناقد، حدثنا أبو أحمد (7) الزبيري حدثنا العلاء (8) بن صالح عن

ص: 195


1- العَرق (بفتح العين المهملة وسكون الراء) العظم أُخذ عنه معظم اللحم
2- تعرّق العظَم : أخذ ما عليه من اللحم بأسنانه
3- نَهَس اللحم : أخذه بمقدّم أسنانه ونتفه
4- أخبار الحسن بن علي للطبراني المتوفّی (360ه) ص129 ح 192 بإسناده عن أبي الزنباع دوح بن الفرج المصري (القطّان المتوفّی «282ه-»)، عن يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي (المقرىء نزيل مصر المتوفّى «237»)، عن أحمد بن بشير (أبي بكر المخزومي الكوفي المتوفّى «197 »)، عن مجالد (بن سعيد الكوفي المتوفّى «143ه)، عن الشعبي (عامر بن شراحيل المتوفّى (103)، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام، أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله ... الخ
5- عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني وثّقه ابن حجر وقال : مات سنة (290 ه-) تقريب التهذيب : ص 238
6- هو عمرو بن محمد بن بكير الناقد أبو عثمان البغدادي قال ابن حجر: ثقة حافظ توفّي سنة (232 ه-) التقريب : ص363 ط بيروت
7- هو محمد بن عبدالله بن الزبير بن عمر بن درهم أبو أحمد الزبيري الأسدي الكوفي، ترجمه ابن حجر وقال : ثقة ثبت ، مات سنة (203 ه-) التقريب : ص422 ط بيروت
8- ترجمه ابن حجر في التقريب : ص 371 وقال : العلاء بن صالح التيمي أو الأسدي الكوفي صدوق ... من السابعة (أي كبار أتباع التابعين)

بُريد (1) بن أبي مريم، عن أبي الحوراء (2) قال : قلت للحسن بن علي (رضي الله عنه) : ما حفظت من النبي صلّي الله علیه و آله؟

فقال : الصلوات الخمس . (3)

الأوقات الخمسة للصلاة

{14}

[765] جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله فسأله أعلمهم عن أشياء ، منها: قال: أخبرني عن الله لأيّ شيء وقت هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على أُمّتك في ساعات الليل والنهار؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: إنّ الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبّح كلّ شيء دون العرش لوجه ربّي، وهي الساعة الّتي يصلّي عليّ فيها ربّي، ففرض الله عزّوجلّ عليّ وعلى أُمّتي فيها الصلاة ، وقال : «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ» (4)، وهي الساعة الّتي يؤتى فيها بجهنّم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوفّق تلك الساعة أن يكون ساجداً أو راكعاً أو قائماً إلّا حرّم الله عزّوجلّ جسده على النار .

وأمّا صلاة العصر فهي الساعة الّتي أكل فيها آدم من الشجرة، فأخرجه الله تعالى من الجنّة فأمر الله ذرّيته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة ، واختارها لأمّتي ،

ص: 196


1- بريد بن أبي مريم مالك بن ربيعة البصري وثقه ابن حجر في التقريب وقال : مات سنة (144)
2- هو ربيعة بن شيبان أبو الحوراء السعدي البصري وثّقه ابن حجر في التقريب : ص147
3- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 76 رقم 2709
4- سورة الإسراء : الآية 78

فهي من أحبّ الصلوات إلى الله عزّوجلّ، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات .

وأمّا صلاة المغرب فهي الساعة الّتي تاب الله فيها على آدم علیه السّلام، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله تعالى فيها عليه ثلاث مائة سنة من أيّام الدنيا وفي أيّام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء، فصلّی آدم ثلاث ركعات : ركعة لخيطيئته ، وركعة لخطيئة حوّاء، وركعة لتوبته ، فافترض الله عزّوجلّ هذه الثلاث الركعات على أُمّتي، وهي الساعة الّتي يستجاب فيها الدعاء ، فوعدني ربّي أن يستجيب لمن دعاه فيها، وهذه الصلوات الّتي أمرني بها ربّي عزّوجلّ فقال : «سُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ».

وأمّا صلاة العشاء الآخرة فإنّ للقبر ظلمة، وليوم القيامة ظلمة، أمرني الله وأُمّتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنوّر لهم القبور وليعطوا النور على الصراط، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلّا حرّم الله تعالى جسدها على النار، وهي الصلاة الّتي اختارها الله للمرسلین قبلي.

وأمّا صلاة الفجر فإنّ الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان، فأمرني الله عزّوجلّ أن أُصلّي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أُمّتي لله، وسرعتها أحبّ إلى الله، وهي الصلاة الّتي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار . (1)

ص: 197


1- بحار الأنوار : ج 9 ص295 عن الأمالي : ص 256 والعلل : ص 338 بإسناد تقدّم. وأورده أيضاً في البحار: ج82 ص 253 وذيّله بإيضاح مبسوط

الذهاب إلى المساجد

{15}

[766] عن عمیر بن مأمون قال : سمعت الحسن بن عليّ علیه السّلام يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : من أدمن الإختلاف إلى المساجد أصاب أخاً مستفاداً في الله عزّوجلّ، أو علماً مستطرفاً، أو كلمة تدلّه على هدي أو أُخرى تصرفه عن الردي، أو رحمة منتظرة، أو ترك الذنب حياء أو خشية . (1)

عن الصادق علیه السّلام، عن أبيه علیه السّلام قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام: من أدمن الإختلاف إلى المساجد، لم يعدم واحدة من سبع : أخاً يستفيده في الله، أو علماً مستطرفاً، أو رحمة منتظرة، أو آية محكمة تدلّ على هدى، أو - إنّه أظنّه قال : - سدّة أو رشدة تصدُّه عن ردئ أو يترك ذنباً حياء أو تقوئ . (2)

بیان : «أو إنّه أظنّه قال سدّة» إنّما نسب إلى الظنّ للتردّد بين العبارتين ، والسدّة في بعض النسخ بالسين المهملة من السداد، وهو الصواب من القول والفعل يقال : سدّ يسدّ صار سديداً، وفي بعضها بالمعجمة أي : شدّة وقوّة في الدين، والرشد الإستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه، والتقوى هنا مكان الخشية في سائر الأخبار بمعناها .

وفي المعجم الكبير :

ص: 198


1- الخصال : ج2 ص 40 وعنه بحار الأنوار : ج 84 ص 2 ح 72 : عن إبراهيم بن محمد بن حمزة، عن حسين بن عبدالله، عن موسی بن مروان، عن مروان بن معاوية، عن سعد بن طريف، عن عمیر بن مأمون قال : سمعت الحسن علیه السّلام...
2- قرب الإسناد : ص 123 ط النجف الأشرف وعنه بحار الأنوار: ج 83 ص 286 : عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق علیه السّلام، عن أبيه علیه السّلام قال : قال الحسن ...

قال الطبراني : حدّثنا محمد بن الفضل السقطي، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا مروان بن معاوية ، عن سعد بن طريف، عن عمیر بن مأمون قال : سمعت الحسن بن علي (رضي الله عنه) يقول:

سمعت جدّي يقول: «مَن أدمن الإختلاف إلى المسجد أصاب أخاً مستفاداً في الله عزّوجلّ، وعِلْماً مُستَطْرفاً وكلمةً تدعوه إلى الهدى وكلمةً تصرِفُه عن الردئ، ويَتْرُكُ الذُنوبَ حياءً أو خشيةً ونعمةً أو رحمةً مُنتَظرة» . (1)

في المساجد أربعة فوائد

{16}

[767] روي عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال :

أكثروا الإختلافَ إلى المساجد، فلن يُعْدَمَ منکم خلالٌ أربع : آيةٌ محكمةٌ، وعلمٌ مستفادٌ، وتركُ الذنبِ إمّا حياءاً وإمّا خشيةً، وأخٌ مستفادٌ. (2)

فضيلة أهل المسجد

{17}

[768] وكان الحسن علیه السّلام يقول:

أهل المسجد زوّار الله وحقّ على المزور التحفة لزائره. (3)

ص: 199


1- المعجم للطبراني : ج 3 ص 88 رقم 7750. وفي بحار الأنوار: ج 75 ص 108: مَن أدام الإختلاف إلى المسجد
2- عن معدن الجواهر ورياضة الخواطر، تأليف أبي الفتح الكراجكي : ص 42
3- إرشاد القلوب : ج 2 ص 159

عقاب المتنخّم في المسجد

{18}

[769] قال علیه السّلام: المُتَنَخّم (1) في المسجد يَجِدُ بها خزياً في وَجْهِه يومَ القيامة . (2)

الجهر في الصلاة

{19}

[770] جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله عن مسائل، فكان فيما سألوه أن قالوا: لِمَ يجهر في ثلاث صلوات؟

قال علیه السّلام: لأنّه يتباعد منه لهب النار مقدار ما يبلغه صوته، ويجوز على الصراط، ويُعطَى السرور حتّى یدخل الجنّة. (3)

صلاة النهار

{20}

[771] عن الإمام الهمام الحسن علیه السّلام أنّه قال :

ص: 200


1- تنخّم: دفع النخامة وهي ما يدفعه الإنسان من صدره أو أنفه
2- إرشاد القلوب للديلمي : ص 100 وعنه تعاليم الإمام المجتبى علیه السّلام بالفارسي : ص 443
3- بحار الأنوار : ج 85 کتاب الصلاة ص 78 ح 14، عن أمالي الصدوق: ص117 والخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محدم بن أبي القاسم، عن زحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه الحسن بن علي علیهماالسّلام ، قال : جاء نفر من اليهود ... الخبر

صلاة النهار عجماء. (1)

مبدأ الأذان

{21}

[772] عن سفيان الليل قال : لمّا كان من أمر الحسن بن علي علیهماالسّلام ومعاوية ماکان، قدِمْتُ عليه المدينةَ، وهو جالسٌ في أصحابه - فذكر الحديث بطوله - قال : فتذاكرنا عنده الأذان، فقال بعضنا : إنّما كان بدء الأذان رؤيا عبدالله بن زید بن عاصم.

فقال له الحسن بن عليّ: إنّ شأن الأذان أعظم من ذلك، أذّن جبرئیل علیه السّلام في السماء مثنى مثنى، وعلّمه رسول الله صلّي الله علیه و آله، وأقام مرّة مرّة فعلّمه رسول الله صلّي الله علیه و آله. (2)

القنوت

{22}

[773] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام:

رأيت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقنت في صلاته كلّها، وأنا يومئذ ابن ستّ سنين. (3)

ص: 201


1- معاني الأخبار : ص 303 ح 1 باب معنى الجبّار، بإسناده عن أبي الحسين محمد بن هارون الزنجاني، عن علي بن عبدالعزیز، عن القاسم بن سلام، أنّه قال : العجماء هي البهيمة ، وإنّما سمّیت عجماء لأنّها لا تتكلّم، وكلّ من لا يقدر على الكلام فهو أعجم و مستعجم، ومنه قول الحسن علیه السّلام: صلاة النهار عجماء
2- المستدرك للحاکم، ج 3 ص 171 بإسناده عن نصر بن محمد العدل، عن أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، عن أحمد بن يحيى البجلي، عن محمد بن إسحاق البلخي، عن نوح بن درّاج، عن الأجلح، عن البهيّ، عن سفيان بن الليل ... الخبر
3- عوالي اللئالي : ج2 ص 219 ح 17

الإجهار بالبسملة

{23}

[774] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : اجتمعنا ولد فاطمة على ذلك . (1)

إتمام الصلاة

{24}

[775] إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : ياعليّ مثل الّذي لا يتمّ صلاتُه کحُبْلى حبلت، فلمّا دنى نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل، ولا هي ذات ولد، ومثل المصلّي مَثَلُ التاجر لا يخلص له ربحه حتّى يأخذ رأسَ المال، كذلك المصلّي لاتُقْبَل له نافلة حتّى يؤدّي الفريضة. (2)

ص: 202


1- بحار الأنوار : ج 85 ص 81 عن دعائم الإسلام : ج 1 ص 160 قال : روينا عن رسول الله صلّي الله علیه و آله، وعن عليّ، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمد بن علي، و جعفر بن محمد علیهم السّلام أنّهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في أوّل فاتحة الكتاب وأوّل السورة في كلّ ركعة، ويتخافتون بها فيما يخافت فيه من السورتين جميعاً. قال الحسن بن عليّ علیهماالسّلام: إجتَمَعْنا ولد فاطمة على ذلك . وأورده النووي في المستدرك : ج 4 ص 189 عن دعائم الإسلام
2- أخرجه السيّد يحيى الزيدي في تيسير المطالب : ص 219 بإسناده عن أبي أحمد علي بن الحسين الديباجي البغدادي، عن أبي الحسين علي بن عبدالرحمن بن عيسى، عن محمد بن منصور، عن سفيان بن وكيع ، عن زيد بن الحباب، عن موسى بن عبيد، عن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، عن أبيه عن جدّه، عن علي علیهماالسّلام أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : يا علي مثل الّذي ... الخبر

المرور بين يدي المصلّي

{25}

[776] محمد بن إبراهيم الفارسي، عن أبي سعيد الرمحي، عن محمد بن عيسى الواسطي، عن محمد بن زكريّا المكّي قال: أخبرني حنیف - مولی جعفر بن محمد - قال : حدّثني سيّدي جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علیهم السّلام قال : كان الحسنُ بن عليّ بن أبي طالب علیهم السّلام يصلّي فمرّ بين يديه رجلٌ، فنهاه بعضُ جلسائه ، فلما انصرف من صلاته قال له: «لِمَ نهيتَ الرجلَ؟» قال : يابن رسولِ الله خَطَر فيما بينك وبين المحراب .

فقال: ويحك إنّ الله عزّوجلّ أقربُ إليّ من أنْ يخطُرَ فيما بيني وبينه أحد. (1)

صلاة الجمعة

{26}

[777] روي عن الحسن والحسين علیهماالسّلام: أنّ صلاة الجمعة تنعقد بإثنين . (2)

تكبيرات صلاة العيد

{27}

[778] كان الحسن بن علي علیهماالسّلام قد ثقل لسانه وأبطأ كلامه، فخرج

ص: 203


1- بحار الأنوار: ج 3 ص 329 عن توحيد الصدوق : ص 184 . وفي نسخة : كان الحسين بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام
2- رسائل الشريف المرتضی : ج1 ص 222 قال أبو حنيفة والنووي : أنّ الجمعة تنعقد بأربعة، وروي عن أبي يوسف والليث أنّها تنعقد بثلاثة وقال الشافعي: لا تنعقد بأقلّ من أربعين نفساً، وروي عن الحسن والحسين أنّها تنعقد باثنين

رسول الله صلّي الله علیه و آله في عيد من الأعياد وخرج معه الحسن علیه السّلام وقال النبي صلّي الله علیه و آله:

الله أكبر يفتتح الصلاة.

فقال الحسن علیه السّلام : الله أكبر، فسرّ بذلك رسول الله صلّي الله علیه و آله فلا يزال رسول الله صلّي الله علیه و آله يكبّر حتّى صلّي الله علیه و آله كبّر سبعاً، فوقف الحسن علیه السّلام عند السابعة، فوقف رسول الله صلّي الله علیه و آله عندها، ثمّ قام رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى الركعة الثانية فكبّر الحسن علیه السّلام حتى بلغ رسول الله صلّي الله علیه و آله من خمس تكبيرات ، فوقف الحسن علیه السّلام عند الخامسة ووقف رسول الله صلّي الله علیه و آله عند الخامسة فصار ذلك سنّة في تكبير العیدین .

وفي رواية كان الحسين علیه السّلام . (1)

صلاة الجمعة

{28}

[779] حدّثنا علي بن عبدالعزيز، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا سفيان، عن نسير ابن ذُعلوق ، عن مسلم بن عیاض، قال : سألت الحسن بن علي (رضي الله عنه) عن ركعتي الجمعة؟

فقال : هما قاضيتان عمّا سواهما . (2)

ص: 204


1- المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 13 ومستدرك الوسائل : ج 6 ص 126
2- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 70 رقم 2689 وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد : ج2 ص 191

إن سلامكم يبلغني

{29}

[780] روي عنه علیه السّلام، عن جدّه صلّي الله علیه و آله به أنّه قال: صلّوا في بيوتكم لا تتّخذوها قبوراً، ولا تتّخذوا بيتي عيداً، صلّوا عليّ وسلّموا، فإنّ صلاتكم وسلامكم يبلغني أينما كنتم . (1)

النوافل والفرائض

{30}

[781] إذا أضرّ النوافل بالفريضة فارفضوها . (2)

صلاة النصف من شعبان

{31}

[782] عن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام، قال : قالت عائشة في آخر حديث طويل في ليلة النصف من شعبان -: إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : في هذه الليلة هبط عليّ حبيبي جبرائيل علیه السّلام فقال لي : يا محمّد مُر أمّتك إذا كان ليلة النصف من شبعان : أن يصلّي أحدهم عشر ركعات في كلّ ركعة يتلو فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرّات، ثمّ يسجد ويقول في سجوده: «اللّهمّ لك سَجَدَ سوادي وجَناني وبياضي، يا عظيمَ كلِّ عظيم إغفر لي ذنبي العظيم، وإنّه

ص: 205


1- مسند أبي يعلى: ج 6 ص 26 ح 6728 ومجمع الزوائد : ج2 ص 247 عن أبي عیلی الموصلي، عن موسی بن محمد بن حيّان ، عن أبي بكر الحنفي، عن عبدالله بن نافع، عن العلاء بن عبدالرحمن قال : سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: صلّوا في بيوتكم ... الخ
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 105 ح19 عن تحف العقول : ص 231

لا يغفر غيرك يا عظيمُ» فإذا فعل ذلك محى الله عزّوجلّ اثنين وسبعين ألف سيّئة، وكتب له من الحسنات مثلها، ومحى الله عزّوجلّ عن والديه سبعین ألف سيّئة . (1)

لا لصلاة التراويح

{32}

[783] لمّا قدم أمير المؤمنين علیه السّلام الكوفة أمر الحسن بن علي أن ينادي في الناس : لاصلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن علي بما أمره به أمير المؤمنين علیه السّلام فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن علي علیهماالسّلام صاحوا: واعمراه! واعمراه! فلمّا رجع الحسن إلى أمير المؤمنین علیه السّلام قال له : ما هذا الصوت ؟ قال : يا أمير المؤمنين الناس يصيحون : واعمراه ! واعمراه! فقال أمير المؤمنين علیه السّلام: قل لهم صلّوا. (2)

ص: 206


1- المواعظ للشيخ الصدوق: ص 158 ح47 عن أبي محمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني، عن أبي العباس جعفر بن محمد بن مرزوق الشعراني، عن عبدالله بن سعيد الطائي ، عن عباد بن صهيب، عن هشام بن حيّان، عن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام قال : قالت عائشة ... الخبر . أخرجه في الوسائل : ج 5 ص240 ح 8 عن كتاب فضائل شعبان و مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي وفيه : عبّاد بن حبيب، عن هشام بن جبّار
2- وسائل الشيعة : ج 5 ص192 بهذا الإسناد: عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعید المدائني، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار، عن أبي عبدالله علیه السّلام ... الخبر

تفاوت الصلاتین

{33}

[784] قال علیه السّلام : إنّ الرجلين يكونان في صلاة واحدة وبينَهما مثلُ ما بين السماء والأرض من فضل الثواب . (1)

الصلاة تقيّةً

{34}

[785] روي عن الكاظم علیه السّلام ، عن أبيه علیه السّلام قال : كان الحسن والحسين علیهماالسّلام يصلّيان خلف مروان بن الحكم، فقالوا لأحدهما: ما كان أبوك يصلّي إذا رجع إلى البيت؟

فقال : لا والله ما كان يزيد على صلاة . (2)

الصلاة بعد المغرب

{35}

[786] رأي الحسن بن علي علیهماالسّلام رجلاً يصلّي بعد المغرب أربع ركعات ، فقال له: أفاتك شيء من المكتوبة؟

قال : لا

قال : فإنّهما ركعتان أدبار السجود . (3)

ص: 207


1- إرشاد القلوب للديلمي : ص 100
2- بحار الأنوار: ج 44 ص 123 ح 15 والعوالم : ج 16 ص 102 ح 4، عن نوادر الراوندي
3- أورده الحافظ ابن أبي شيبة في «المصنّف : ج 3 ص 45 بإسناده عن عبدالرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة ، قال : رأى الحسن بن علي رجلاً ... الخ

التعقيب بعد صلاة الصبح

{36}

[787] عن الحسن علیه السّلام أنّه قال : مَن صلّى صلاة الفجر، ثمّ قعد في مجلسه يذكر الله حتّى تطلع الشمس، ثمّ قام فصلّى ركعتين حرّمه الله على النار أن تلفحه (1) . (2)

التعقيب حتّى تطلع الشمس

{37}

[788] عن عمیر بن مأمون العطاردي قال : رأيت الحسن بن علي علیهماالسّلام يقعد في مجلسه حين يصلّي الفجر حتّى تطلع الشمس، وسمعته يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : من صلّى الفجر ثمّ جلس في مجلسه يذكر الله عزّوجلّ حتّى تطلع الشمس ستره الله عزّوجلّ من النار ، ستره الله عزّوجلّ من النار ، ستره الله عزّوجلّ من النار . (3)

ألف ألف قصر في الجنّة

{38}

[789] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : من صلّى الغداة في مسجد، ثمّ

ص: 208


1- لفحت النار فلاناً : أصابت وجهه وأحرقته
2- کنز العمّال : ج2 ص 151 ح 3544 الباب التاسع من الإكمال مايقال بعد صلاة الصبح ، هب عن الحسن بن علي
3- بحار الأنوار: ج 85 ص 320 عن أمالي الصدوق : ص 343: مجالس الصدوق : عن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب ، عن سعد بن طريف، عن عمیر بن مأمون العطاردي قال : رأيت الحسن ... الخ

جلس يذكر الله إلى أن تطلع الشمس، فإذا طلعت حمد الله وقام فصلّى ركعتين إلّا أعطاه الله ألف ألف قصر في الجنّة، وكان عند الله من الأوّابين . (1)

لم يمسّ جلده النار

{39}

[790] عن الحسن علیه السّلام أنّه قال : من صلّى الغداة ثمّ ذكر الله حتّى تطلع الشمس أو صلّى ركعتين أو أربع ركعات لم يمسّ جلده النار . (2)

في تعقيب صلاة الصبح

{40}

[791] عن ابن عمر، عن الحسن بن علي قال : سمعت أبي علّي بن أبي طالب علیه السّلام يقول : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: أيّما امرىء مسلم جلس في مصلّاه الّذي يصلّي فيه الفجر يذكر الله عزّوجلّ حتّى تطلع الشمس، كان له من الأجر كحاجّ بيت الله، وغفر له، فإن جلس فيه حتّى يكون ساعة تحلُّ فيه الصلاة فصلّى ركعتين أو أربعاً غفر له ما سلف من ذنبه و كان له من الأجر کحاجّ بیت الله . (3)

ص: 209


1- فردوس الأخبار: ج 4 ص 55 ح5663 وفيه: قال الحسن بن عليّ: من صلّى الغداة في مسجد ... الخبر
2- کنز العمّال : ج2 ص 151 - 152 ح 3545
3- بحار الأنوار: ج 85 ص 320 عن أمالي الصدوق: ص 349 وثواب الأعمال : ص 41: عن أبه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن عبدالله، عن أبي الجوزاء، عن الحسین بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن عاصم بن أبي النجود الأسدي، عن ابن عمر ، ...

إذا حضرت الجنازة

{41}

[792] الحسن بن علي : إذا حضرت الجنازة فالإمام أحقّ. (1)

فضل الصلاة على الجنائز

{42}

[793] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: ما مِن مؤمن

يصلّي على الجنائز إلّا أوجب الله له الجنّة إلّا أن يكونَ منافقاً أو عاقّاً. (2)

الصلاة على المرأة وابنها

{43}

[794] عن عمّار بن یاسر قال : أُخرِجَت جنازة أُمّ كلثوم بنت عليّ وابنها زید بن عمر، وفي الجنازة الحسن والحسين علیهماالسّلام، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عبّاس، وأبو هريرة، فوضعوا جنازة الغلام ممّا يلي الإمام والمرأة وراءه ، وقالوا: هذا هو السُنّة. (3)

ص: 210


1- الفردوس بمأثور الخطاب : ج 1 ص 330
2- بحار الأنوار : ج 81 باب وجوب الصلاة على الميّت : ص 347 ح 15 عن أمالي الصدوق : ص 117 بإسناده عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمّه، عن أحمد البرقي، عن علي بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: ما من مؤمن ... الخبر
3- وسائل الشيعة : ج2 ص 811 ح11؛ بحار الأنوار : ج 81 ص 382 ح 40

قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة

{44}

[795] قال الحافظ ابن أبي شيبة : حدّثنا عباد بن العوام، عن عمر بن عامر، عن أبي رجاء، عن أبي الفهان الحذاء، قال : صلّيت خلف الحسن بن عليّ على جنازة، فلمّا فرغ أخذت بيده فقلت : كيف صنعتَ؟

قال : قرأت عليها بفاتحة الكتاب . (1)

شهر رمضان مضمارٌ للخلق

{45}

[796] إنّ الله عزّوجلّ جَعَلَ شهر رمضانَ مضمارا لخلقِه يَستَبقون فيه إلى طاعتهِ ، فسَبَق قومٌ ففازوا، وتخلف آخَرون فخابوا، والعجبُ من الضاحِك في هذا اليوم الّذي يَفوز فيه المُحْسِنون ويَخْسَر فيه المبطِلون، واللهِ لو کُشِفَ الغِطاء لشُغِل محسنٌ بإحسانِه ومُسيءٌ بإساءتِه عن ترجيل شعرٍ وتصقيل ثوب. (2)

ص: 211


1- المصنّف لابن أبي شيبة : ج3 ص255
2- بحار الأنوار : جج 91 ص119 عن «الإقبال» نقلاً من كتاب «الأزمنة» لمحمّد بن عمران المرزباني، عن عبدالله بن جعفر ، عن محمد بن يزيد النحوي، قال : خرج الحسن بن علي علیهماالسّلام في يوم الفطر، والناس يضحكون، فقال : إنّ الله عزّوجلّ جعل ... الخبر . وأورده الصدوق في «الفقيه»: ج 1 ص 511 وفيه : فالعجب كلّ العجب من الضاحك اللّاعب في اليوم الّذي يُثاب فيه المحسنون، ويخيب فيه المقصّرون، وأيم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته . وفي مجموعة ورّام : ج2 ص 78: رأي الحسن علیه السّلام ناساً يوم عيد فطر يضحكون ويلعبون، فقال : إنّ الله جعل الصوم مضماراً لعباده ليستبقوا إلى طاعته و لعمري لو كشف الغطاء الشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب وترجيل شعر

تحفة الصائم

{46}

[797] عن عمیر بن مأمون وكانت ابنته تحت الحسن ، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : تحفة الصائم أن يدهّن لحيته ويجمّر ثوبه، وتحفة المرأة الصائمة أن تمشّط رأسها، وتجمّر ثوبها . (1)

الدهن والمجمر

{47}

[798] حدّثنا القاسم (2) بن عبدالوارث، حدّثنا أبو الربيع (3) الزهراني حدثنا أبو معاوية، عن سعد بن طريف، عن عمیر بن مأمون، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : تحفة الصائم الدهن والمجمر .

الصوم ثلاثون يوماً

{48}

[799] قال الحسن علیه السّلام : جاء نفر من اليهود إلى النبي صلّي الله علیه و آله وسأله أعلمهم عن مسائل، منها أنّه قال : فأخبرني لأيّ شيء فرض الله عزّوجلّ الصوم على

ص: 212


1- بحار الأنوار : ج96 ص 289 الباب (36) في آداب الصائم، عن الخصال : ج 1 ص 32: أبي، عن السعدآبادي، عن البرقي، عن الكوفي، عن محمد بن سنان، عن عبدالله بن أيّوب، عن عبدالسلام الاسكاف، عن عمیر ابن مأمون ...
2- القاسم بن عبد الوارث الورّاق، المتوفّى (294) تاريخ الإسلام: ص 230
3- هو سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري نزيل بغداد، توفّي سنة (234) التقريب : ص 191

أُمّتك بالنهار ثلاثين يوماً، وفرض على الأُمَم أكثر من ذلك؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: إنّ آدم لمّا أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوماً، وفرض (ففرض خ ل) الله على ذرّيته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، والّذي يأكلونه بالليل تفضّل من الله عزّوجلّ عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله على أُمّتي ذلك، ثمّ تلا رسول الله صلّي الله علیه و آله هذه الآية : «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ». (1)

قال اليهودي : صدقت يا محمّد، فما جزاء من صامها؟

فقال النبي صلّي الله علیه و آله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلا أوجب الله له سبع خصال :

أوّلها: يذوب الحرام في جسده . والثانية : يقرب من رحمة الله . والثالثة : يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم. والرابعة : يهوّن الله عليه سكرات الموت . والخامسة : أمان من الجوع والعطش يوم القيامة. والسادسة : يعطيه الله براءة من النار . والسابعة : يطعمه الله من ثمرات الجنّة.

قال : صدقت يا محمّد. (2)

ص: 213


1- سورة البقرة: الآية 183 و 184
2- بحار الأنوار : ج 9 ص 299 عن الأمالي ص 117 بإسناد تقدّم. وأورده الصدوق في الفقيه : ج 2 ص 73 - 74 وأورده المجلسي أيضاً في البحار: ج96 ص 368 - 369 ح 49 عن الخصال : ج 2 ص 107 وعلل الشرائع : ج2 ص 66 بإسناده عن ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقي، عن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله عن جدّه الحسن بن علي علیهماالسّلام

صوم أيّام البيض

{49}

[800] عن الإمام المجتبی علیه سلام الله قال : سُئِل رسول الله صلّي الله علیه و آله صوم أيّام البيض؟ فقال : صيام مقبول غیر مردود . (1)

من خصال صوم شهر رمضان

{50}

[801] قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : ما مِن مؤمنٍ يَصومُ شهرَ رمضان إحتساباً إلّا أوجب اللهُ تبارك وتعالى له سَبعَ خصالٍ : أوّلُها: يذوبُ الحرام من جسده ، والثانية : يَقرُبُ مِن رحمة الله عزّوجلّ، والثالثة : قد كفّر خطيئة أبيه آدم، والرابعة : يُهَوِّن الله عليه سكرات الموت، والخامسة: أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة: یُطعمه اللهُ عزّوجلّ من طيّبات الجنّة، والسابعة : يعطيه الله عزّوجلّ براءةً من النار .

قال : صدقت يا محمّد. (2)

ص: 214


1- الدروع الواقية للسيّد رضي الدين ابن طاوس : ص 46 قال : وجدت في الجزء الثاني من تاریخ نیشابور في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السّلام قال : سئل رسول الله صلّي الله علیه و آله ... الخ
2- الخصال للصدوق : ج 2 ص 346 ح 14 بإسناده عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن عبدالله البرقي، عن عليّ بن الحسين الرقي، عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام عن أبيه عن جدّه صلّي الله علیه و آله قال : ما من مؤمن ...

من صام يوماً من رجب

{51}

[802] مَن صامَ يوماً مِن رجب، في أوِله، أو في وسطه، أو في آخره غُفر له ما تقدّم من ذنبه، ومَن صام ثلاثة أيّام من رجب في أوّله، وثلاثة أيّام في وسطه، وثلاثة أيّام في آخره غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومَن أحيي ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار، وقُبِل شفاعتُه في سبعين ألف رجل من المذنبين، ومَن تصدّق بصدقة في رجب إبتغاء وجه الله أكرَمَه اللهُ يومَ القيامة في الجنّة من الثواب بما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمعتْ ولا خطر على قلب بشر . (1)

صوم يوم عرفة

{52}

[803] بالإسناد إلى المسروق قال : دخلت يوم عرفة على الحسين بن عليهماالسّلام وأقداح السويق بين يديه وبين يدي أصحابه ، والمصاحف حجورهم، وهم ينتظرون الإفطار، فسألته فأجابني، وخرجت فدخلت على الحسن بن علي عليهماالسّلام ، والناس يدخلون إلى موائد موضوعة عليها طعام عتيد فيأكلون ويحملون، فرآني وقد تغيّرتُ، فقال : يا مسروق لِمَ لا تأكل؟

فقلت : يا سيّدي أنا صائم، وأنا أذكر شيئاً.

ص: 215


1- أمالي الصدوق : ص 485 المجلس 81 بإسناده عن علي بن عبدالله الوراق، عن سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن يزيد ، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال : من صام ...

فقال : أُذكر ما بدا لك .

فقلت : أعوذ بالله أن تكونوا مختلفين ، دخلت على الحسين عليه السّلام فرأيته ينتظر الإفطار، ودخلت عليك وأنت على هذه الصفة و الحال!

فضمّني إلى صدره وقال : يابن الأشوس أما علمتَ أن الله تعالی ندبنا السياسة الأُمّة، ولو اجتمعنا على شيء ما وسعكم غيرُه، إني أفطرتُ لمُفْطرکم، وصام أخي لصوّامكم - إلى أن قال -: وأهل الحقائق الّذين نادت الناس بناديهم، وهم الرسل والأئمّة عليهم السّلام كانوا على حال واحد على النحو الّذي أرادوا منهم، فكان سلیمان بن داود في ملکه ما سخّر الله له من الجنّ والإنس والطير ، مجاهداً مكابداً في أمر الله وطاعته، فقال تعالى : «وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» (1)، وقال لأيّوب في سقمه ...... وجهده : «إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» (2). وهكذا ينبغي لأهل الحقائق أن يكونوا لسيّدهم في السرّاء والضرّاء ، والشدّة والرخاء على الحال الّذي يرضاه منهم. (3)

و يطعمون الطعام على حُبّه

{53}

[804] أبو النضر في تفسيره [قال :] حدّثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن روح الطرطوسي، حدّثنا محمد بن خالد العباسي، حدّثنا إسحاق بن نجيح، عن

ص: 216


1- سورة ص : الآية 30
2- سورة ص : الآية 44
3- مستدرك الوسائل : ج 7 ص 527 - 528 ح 8820 عن الشريف الزاهد أبي عبدالله محمدبن علي بن الحسن العلوي في كتاب التعازي بإسناده عن محمد بن منصور، عن مرّة الجعفي، عن أبي حازم الجريري، يرفع به إلى مسروق قال : دخلت يوم عرفة ... الخبر

عطاء:

عن ابن عبّاس في قوله تعالى : «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ» (1) قال: مرض الحسن والحسين مرضاً شديداً حتّى عادهما جميع أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله فكان فيهم أبو بكر وعمر فقالا : يا أبا الحسن لو نذرت لله نذراً .

فقال علي : لئن عافا الله سبطي نبيّه محمد ممّا بهما من سقم لأصومنّ لله نذراً ثلاثة أيّام. وسمعته فاطمة فقالت : ولله عليّ مثل الّذي ذكرته. وسمعه الحسن والحسين فقالا : يا أبه! ولله علينا مثل الّذي ذكرت. فأصبحا وقد عافاهما الله تعالى [فصاموا] فغدا عليّ إلى جار له فقال : أعطنا جزّة من صوف تغزلها لك فاطمة، وأعطنا كراه ماشئت . فأعطاه جزّة من صوف وثلاثة أصوع من شعير .

أراد فأخذ الشعير في ردائه والصوف تحت حضنه ودخل منزله فأفرغ الشعير وألقى الصوف فقامت فاطمة إلى صاع من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص وصلّى عليّ مع رسول الله المغرب ودخل منزله ليفطر فقدّمت إليه فاطمة خبز شعير وملحاً جريشاً وماءاً قراحاً، فلمّا دنوا ليأكلوا وقف مسكين بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمّد، مسکين من أولاد المسلمين، أطعمونا أطعمكم الله من موائد الجنّة. فقال علي :

فاطم ذات الرشد واليقين *** يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين *** جاء إلينا جائع حزین

قد قام بالباب له حنين *** يشكو إلى الله ويستكين

ص: 217


1- سورة الإنسان: الآية 8

كلّ امرء بكسبه رهين (1) *** فأجابته فاطمة وهي تقول :

أمرك عندي يابن عمّ طاعة *** مابي لؤم لا ولا ضراعة

فأعطه ولا تدعه ساعة (2) *** نرجو له الغياث في المجاعة

ونلحق الأخيار والجماعة *** وندخل الجنّة بالشفاعة

فدفعوا إليه أقراصهم وباتوا ليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء القراح، فلمّا أصبحوا عمدت فاطمة إلى الصاع الآخر فطحنته وعجنته وخبزت خمسة أقراص وصاموا يومهم، وصلّى علي مع رسول الله صلّي الله علیه و آله المغرب، ودخل منزله ليفطر فقدمت إليه فاطمة خبز شعير وملحاً جريشاً وماءاً قراحاً، فلمّا دنوا ليأكلوا وقف يتيم بالباب فقال : السلام عليكم [يا] أهل بيت محمد [أنا] يتيم من أولاد المسلمین، استشهد والدي مع رسول الله يوم أحد، أطعمونا أطعمكم الله على موائد الجنّة. فدفعوا إليه أقراصهم وباتوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلّا الماء القراح، فلمّا أن كان في اليوم الثالث عمدت فاطمة إلى الصاع الثالث وطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، وصاموا يومهم وصلّى عليّ مع النبي المغرب ثمّ دخل منزله ليفطر، فقدّمت فاطمة [إليه] خبز شعير وملحاً جريشاً وماءاً قراحاً، فلمّا دنوا ليأكلوا وقف أسير بالباب فقال : السلام علیکم یا اهل بیت

ص: 218


1- هذا هو الظاهر، وفي النسخة «فأعطيه». وأظهر منه . فيه و فيما بعده - مارواه الثعلبي : أمرك يابن العم سمع طاعة *** مابي من لؤم ولاضراعة عذب من الخير له صناعة *** أطعمه ولا أبالي الساعة أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة *** أن الحق الخيار والجماعة وأدخل الخلد ولي شفاعة
2- کذا في هذه الرواية، ومثله في فرائد السمطين، غير أنّه زاد قبله «يشكو إلينا جائع حزين». وفي رواية الثعلبي عن طريق ابن عباس وكذلك في رواية الصدوق عن الإمام الصادق علیه السّلام وابن عبّاس بزيادات

النبوّة أطعمونا أطعمكم الله، فأطعموه أقراصهم فباتوا ثلاثة أيّام ولياليها لم يذوقوا إلّا الماء القراح، فلمّا كان اليوم الرابع عمد عليّ والحسن والحسين پر عشان مایر عش الفرخ وفاطمة وفضّة معهم فلم يقدروا على المشي [كذا] من الضعف، فأتوا رسول الله فقال : إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً، فارحمهم یاربّ واغفر لهم [إلهي] هؤلاء أهل بيتي فاحفظهم ولا تنسهم، إذ هبط جبرئیل فقال : يا محمّد يهنيك ما أُنزل فيك وفي أهل بيتك «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ» (1) إلى آخره .

فدعا النبي صلّي الله علیه و آله [عليّاً] وجعل يتلوها عليه وعليّ يبكي ويقول : الحمد لله الّذي خصّنا بذلك . (2)

الفرائض رحمة

{54}

[805] إنّ الله عزّوجلّ بمنّه ورحمته لمّا فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه ، لا إله إلّا هو، ليميز الخبيث من الطيّب، وليبتلي مافي صدوركم، وليمحصّ ما في قلوبكم، ولتسابقوا إلى رحمته ، ولتفاضل منازلكم في جنّته ، ففرض عليكم الحجّ والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية، وجعل لكم باباً لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحاً إلى سبله . (3)

ص: 219


1- سورة الإنسان : الآية 5
2- شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني : ج2 ص 395 - 397
3- بحار الأنوار : ج 5 ص315ح10 عن أمالي الشيخ : ج 2 ص 268 بإسناده عن الحسين بن عبيدالله الغضائري، عن علي بن محمد العلوي، عن الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، عن الصادق جعفر بن محمد علیهماالسّلام عن آبائه علیهم السّلام، عن الحسن بن علي صلوات الله عليه ... الخ

ابتداء الزكاة

{55}

[806] سئل الحسن بن علي علیهماالسّلام عن بدو الزكاة؟ فقال علیه السّلام: إنّ الله تعالى أوحى إلى آدم علیه السّلام : أن زكِّ عن نفسِك يا آدم، قال : ياربّ وما الزكاة؟ قال : صلّ لي عشر ركعات، فصلّى، ثمّ قال : ربِّ هذه الزكاة عليّ وعلى الخلق؟ قال الله : هذه الزكاة عليك في الصلاة، وعلى ولدك في المال، مَن جمع مِن ولدك مالاً . (1)

هذه صدقة مالنا

{56}

[807] إنّ ناساً بالمدينة قالوا: ليس للحسن علیه السّلام مال ، فبعث الحسن علیه السّلام إلى رجل بالمدينة فاستقرض منه مائة ألف درهم، فبعث بها إلى المصدِّق وقال : هذه صدقة مالنا . (2)

لست بائعها

{57}

[808] قال علیه السّلام : إنّما تصدّق بها أبي لِيَقِي بها وجهه حرّ النار، ولستُ بائعها بشيء. (3)

ص: 220


1- بحار الأنوار : ج9 ص10 عن المناقب : ج4 ص 1
2- مستدرك الوسائل : ج13 ص389 عن الكافي : ج6 ص440 ح 12 بهذا الإسناد: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن فضّال ويونس بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : إنّ ناساً ... الخ
3- قال الزمخشري في ربيع الأبرار : ج5 ط قم ص 388: قال أبو نیزر «وهو من أبناء ملوك العجم رغب في الإسلام وهو صغير، فأتى رسول الله صلّي الله علیه و آله، فأسلم، وكان معه ، فلمّا توفّي رسول الله صلّي الله علیه و آله صار مع فاطمة وولدها (سلام الله عليهم) : جاءني علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وأنا أقوم بالضيعتين : عين أبي نيزر والبُغيبغة، فقال لي: هل عندك من طعام؟ فقلت : طعام لا أرضاه لأمير المؤمنین، قَرْعٌ مِن قَرْعَ الضيعة صنعتُه بإهالة سَنِخَة (الإهالة : ما أُذيب من الشحم والإلية، أو هي كلّ دهن يؤتدم به، والسنخة : المتغيّرَة)، فقال : عليّ به، فقام إلى الربيع، وهو جدول فغسل يديه ثمّ أصاب من ذلك شيئاً، ثمّ رجع إلى الربيع، فغسل يديه بالرمل حتّى أتقاهما، ثمّ ضمّ يديه كلّ واحدة منهما إلى أُختها، وشَرِبَ بهما حُسّا من الربيع، ثمّ قال : يا أبا نیزر، إنّ الأُکفّ أنظَفُ الآنية، ثمّ مسح ندى ذلك الماء على بطنه ، وقال : من أدخله بطنُه النار فأبعده الله ! ثمّ أخذ المعول وانحدر في العين ، فجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء، فخرج وقد تفضّج جبينُه عرقاً، فانتكف العرق عن جبينه، ثمّ أخذ المعول وعاد إلى العين، فأقبل يضربُ فيها، وجعل يهمهم فانثالت كأنّها عنق جزور، فخرج مُسرعاً، فقال : أُشهد الله أنّها صدقة ، عليّ بدواة وصحيفة ، قال : فعجّلتُ بهما إليه، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدّق به عبدُالله علىّ أميرُالمؤمنین، تصدّق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر والبُغيبغة، على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، لیَقِيَ اللهُ بهما وجهه حرّ النار يومَ القيامة لا تُباعا ولا توهَبا، حتّى يرثهما الله وهو خير الوارثين، إلّا أن يحتاج إليهما الحسن أو الحسين فيهما طِلْق لهما، وليس لأحد غيرهما. فركب الحسن علیه السّلام دین فحمل إليه معاوية بعين أبي نیزر مائتي ألف دينار، فقال علیه السّلام: إنّما تصدّق بها أبي ليقي الله بها وجهه حرّ النار، ولستُ بائعها بشيء. وأخرجه المبرّد في الكامل : ج 2 ص 1127 ولكن فيه : فركب الحسین دین» فأحدهما مصحّف

الإنفاق ممّا تحبّ

{58}

[809]نقل عن الحسن علیه السّلام أنّه كان يتصدّق بالسكر، فقيل له في ذلك، فقال : إنّي أُحبّه، وقد قال الله تعالى : «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» (1) . (2)

ص: 221


1- سورة آل عمران، الآية 92
2- عوالي اللآلي: ج 2 ص 74 ح196 ونقل عن الحسین علیه السّلام أيضاً

هكذا الصدقة

{59}

{810} عن أبي جعفر محمد بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : تصدّق الحسين بن علی علیهماالسّلام بدار فقال له الحسن بن على علیهماالسّلام: تحول عنها. (1)

لا تحلّ لنا الصدقة

{60}

[811] حدّثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبوبكر (2) بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع (3)، وأبو أُسامة (4) (ح).

وحدّثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا عثمان (5) بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن ثابت (6) بن عمارة، عن ربيعة (7) بن شيبان قال : قلت للحسن بن علي (رضي الله عنه) : ما تعقل عن رسول الله صلّي الله علیه و آله؟

قال : صعدت معه غرفة الصدقة ، فأخذت ثمرة فَلُکْتَها.

ص: 222


1- دعائم الإسلام للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد الإمامي المغربي المتوفّى (363) ج2 ص 344 رقم 1289 ط بيروت دار الأضواء
2- هو عبدالله بن محمد بن أبي شيبة أبوبكر الحافظ الكوفي صاحب تصانیف توفّي سنة (235). التقريب : ص262
3- هو وكيع بن الجرّاح أبو سفيان الكوفي الحافظ المتوفّى (197)
4- هو أبو أُسامة زيد الحجّام الكوفي
5- عثمان بن محمد بن أبي شيبة الحافظ الكوفي المتوفّي (239 ه-)
6- ثابت عمارة أبو مالك الحنفي البصري المتوفّى سنة (149). التقريب : ص 72
7- هو ربيعة بن شيبان السعدي البصري أبو الحوراء

فقال النبي صلّي الله علیه و آله: ألقِها فإناّ لا تَحِلُّ لنا الصدقة . (1)

حرمة الصدقة على أهل البيت علیهم السّلام

{61}

[812] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : أخذ رسول الله صلّي الله علیه و آله بيدي، فمشيتُ معه فمررنا بتمر مصبوب من تمر الصدقة، وأنا يومئذ غلام فجمَزْتُ (2) وتناولتُ تمرةً فجعلتُها في فيّ، فأخرَجها بلعابها فرمى بها في التمر، ثمّ قال : إنّا أهل البيت لا تحلّ لنا الصدقة . (3)

الزكاة لا تُنقص المال

{62}

[813] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : مانَقَصَتْ زكاة مِن مالٍ قطّ. (4)

ص: 223


1- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 86
2- جمزت: عدوت وأسرعت
3- دعائم الإسلام : ج 1 ص 246 وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير مسنداً : ج 3 ص76 الرقم2710 مع تفاوت. وأورده المجلسي في بحار الأنوار: ج96 ص 76 ح14 عن دعائم الإسلام، وذكر قبل هذا الحديث حديثا آخر وقال : روي عن أمير المؤمنين علیه السّلام أنّه نظر إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فاستخرجها رسول الله صلّي الله علیه و آله من فيه، وإنّ لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال : إنّا أهل بيت لا تحلّ لنا الصدقة
4- بحار الأنوار: ج96 ص 23 عن دعائم الإسلام: ج1 ص 241

قد أهل رسول الله صلّي الله علیه و آله

{63}

[814] قال الطبراني : حدّثنا علان بن عبدالصمد ماغمة، حدثنا عمر (1) بن محمد بن الحسن، حدّثني أبي، حدثنا حماد (2) بن شعيب، عن حبيب (3) بن أبي ثابت، عن الحسن بن علي قال : کُلاً قد فعل رسول الله صلّي الله علیه و آله، قد أهلّ حين استوت به راحلته، وقد أهلّ وهو بالبيداء بالأرض قبل أن تستوي به راحلته . (4)

ما يحرم على المحرم

{64}

[815] روي عن الحسن بن علي علیهماالسّلام : إنّ المحرم ممنوع من الصيد، والجماع، والطيب ، ولبس الثياب المخيطة، وحلق الرأس، وتقليم الأظفار ، وأنّه إن جامع متعمّداً بعد أن أحرم وقبل أن يقف بعرفة فقد أفسد حجّه فعليه الهدي والحجّ من قابل، وإن كانت المرأة محرمة وطاوعته فلعيهما مثل ذلك ، وإن أكرهها أو أتاها نائمة أو لم تكن محرمة فلا شيء عليها . (5)

ص: 224


1- هو عمر بن محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي المعروف بابن التلّ المتوفّى (250). التقريب : ص 354
2- حمّاد بن شعيب الحماني الكوفي بقي إلى حدود سنة (170)
3- حبيب بن أبي ثابت قیس بن دنیار الأسدي أبو يحيى الكوفي المتوفّی (119). التقريب : ص 90
4- المعجم الكبير : ج 3 ص 89 رقم 2752
5- بحار الأنوار : ج 99 ص 174 ح22 عن دعائم الإسلام : ج 1 ص 303 قال: روينا عن علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي بن الحسين وجعفر بن محمد (صلوات الله عليهم) : أنّ المحرم ...

كفّارة الصيد في الإحرام

{65}

[816] عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السّلام : أنّ أعرابيّاً بدويّاً خرج من قومه حاجّاً محرماً، فورد على أدحی نعام فيه بيض فأخذه واشتواه ، وأكل منه، وذكر أنّ الصيد حرام في الإحرام.

فورد المدينة فقال الأعرابي : أين خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله؟ فقد جنيت جناية عظيمة، فأُرشد إلى أبي بكر ، فورد عليه الأعرابي وعنده ملأ من قريش فيهم عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وخالد بن الوليد، والمغيرة بن شعبة، فسلّم الأعرابي عليهم، فقال : يا قوم أين خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله؟

فقالوا: هذا خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله.

فقال : أفتني؟

فقال له أبو بكر: قل يا أعرابي.

فقال : إنّي خرجت من قومي حاجّاً (1)، فأتيت على أدحي فيه بيض نعام فأخذته فاشتريته، وأكلته، فماذا لي من الحجّ، وما عليّ فيه، أحلالاً ما حرم عليّ من الصيد أم حراماً؟ فأقبل أبوبكر على من حوله فقال : حواري رسول الله صلّي الله علیه و آله وأصحابه ، أجيبوا الأعرابي . (2)

قال له الزبير من بين الجماعة: أنت خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله فأنت أحقّ بإجابته .

ص: 225


1- في المصدر : محرماً
2- كذا في المصدر ، وفي المخطوط: إلى الأعرابي

فقال أبو بكر : یا زبیر ، حبّ بني هاشم في صدرك .

قال : وكيف لا! وأُمّي صفية بنت عبدالمطّلب، عمّة رسول الله صلّي الله علیه و آله؟

فقال الأعرابي : إنّا لله ذهبت فتیاي، فتنازع القوم فيما لاجواب فيه .

فقال : يا أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله، استرجع بعد محمّد صلّي الله علیه و آله دينه فنرجع عنه ، فسكت القوم.

فقال الزبير : يا أعرابي ما في القوم إلّا من يجهل ما جهلت .

قال الأعرابي : ما أصنع؟

قال له الزبير : لم يبق في المدينة من تسأله بعد من ضمّه هذا المجلس، إلّا صاحب الحقّ الّذي هو أولى بهذا المجلس منهم.

قال الأعرابي : فترشدني إليه؟

قال له الزبير ) (1): إنّ إخباري يسرّ قوماً، ويسخط قوماً آخرین .

قال الأعرابي : وقد ذهب الحقّ وصرتم تكرهونه؟!

فقال عمر: إلى كم تطيل الخطاب يابن العوام؟ قوموا بنا والأعرابي إلى عليّ علیه السّلام، فلا تسمع جواب هذه المسألة إلّا منه .

فقاموا بأجمعهم والأعرابي معهم، حتّى صاروا إلى منزل أمير المؤمنين علیه السّلام فاستخرجوه من بيته، وقالوا: يا إعرابي (2) أُقصص قصّتك على أبي الحسن علیه السّلام .

فقال الأعرابي : فلم أرشدتموني إلى غير خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله؟

فقالوا: يا أعرابي خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله أبوبكر، وهذا وصيّه في أهل بيته ، وخليفته عليهم، وقاضي دَيْنه، ومنجز عداته، ووارث علمه .

ص: 226


1- ما بين القوسين ليس في المصدر
2- في نسخة : للأعرابي، (منه قده)

قال : ويحكم! يا أصحاب رسول الله، والّذي أشرتم إليه بالخلافة ليس فيه من هذه الخلال خلّة!

فقالوا: يا أعرابي سل عما بدا لك، ودع ما ليس من شأنك .

فقال الأعرابي : يا أبا الحسن، یا خليفة رسول الله، إنّي خرجت من قومي محرماً، فقال له أمير المؤمنین علیه السّلام : تريد الحج؟ فوردت على أدحی وفيه بيض تعام، فأخذته واشتویته وأكلته.

فقال الأعرابي : نعم يا مولاي.

فقال له: وأتيت تسأل عن خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله، فأُرشدت إلى مجلس أبي بكر وعمر، فأبديت بمسألتك فاختصم القوم ولم يكن فيهم من يجيبك على مسألتك؟

فقال : نعم، يا مولاي.

فقال له: يا أعرابي - الصبي الّذي بين يدي مؤدبه صاحب الذؤابة - فإنّه ابني الحسن (علیه السّلام)، فسله فإنّه يفتيك.

قال الأعرابي : إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات دین محمد بعد موته ، وتنازع القوم وارتدّوا .

فقال أمير المؤمنين علیه السّلام: حاش لله يا أعرابي مامات دین محمد صلّي الله علیه و آله، ولن يموت .

قال الأعرابي : أفمن الحقّ أن أسأل خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله وحواريه وأصحابه ، فلا يفتوني، ويحيلوني (1) عليك فلا تجيبني، وتأمرني أن أسأل صبيّاً بين يدي المعلم، ولعله لا يفصل بين الخير والشرّ.

ص: 227


1- في المخطوط: ويخلوني، وما أثبتناه من المصدر

فقال له أمير المؤمنين علیه السّلام: يا أعرابي لا تقف ما ليس لك به علم، فاسأل الصبي فإنّه ينبئك .

فمال الأعرابي إلى الحسن علیه السّلام و قلمه في يده، ويخطّ في صحيفته خطّاً، ويقول مؤدّبه : أحسنت أحسنت، أحسن الله إليك، فقال الأعرابي : يا مؤدّب الحسن الصبي فتعجب من إحسانه، وما أسمعك تقول له شيئاً حتّى كأنّه مؤدّبك ، فضحك القوم من الأعرابي وصاحوا به : ويحك يا أعرابي سل وأوجز .

قال الأعرابي : فديتك يا حسن، إنّي خرجتُ حاجّاً مُحرماً فوردت على أدحي فيه بيض نعام، فشويته وأكلته عامداً وناسياً.

قال الحسن علیه السّلام: زدت في القول یا أعرابي قولك عامداً، لم يكن هذا من مسألتك، هذا عبث.

قال الأعرابي : صدقت ما کنت إلّا ناسياً.

فقال له الحسن علیه السّلام - وهو يخطّ في صحيفته - : يا أعرابي خذ بعدد البيض نوقاً فاحمل عليها فنيقا (1)، فما نتجت من قابل فاجعله هدياً بالغ الكعبة، فإنّه كفّارة فعلك .

فقال الأعرابي : فديتك يا حسن إنّ من النيق مايز لقن .

فقال الحسن علیه السّلام : يا أعرابي، إنّ من البيض ما يمرقن .

فقال الأعرابي : أنت صبي محدق محرّر في علم الله مغرق، ولو جاز أن يكون ما أقوله قلته إنّك خليفة رسول الله صلّي الله علیه و آله.

فقال له الحسن علیه السّلام: يا أعرابي أنا الخلف من رسول الله صلّي الله علیه و آله، وأبي أمير المؤمنين علیه السّلام الخليفة .

فقال الأعرابي : وأبوكر ماذا؟

ص: 228


1- الفنيق : الفصل المکرم من الابل

قال الحسن علیه السّلام : سلهم يا أعرابي .

فكبّر القوم، وعجبوا ممّا سمعوا من الحسن علیه السّلام .

فقال أمير المؤمنين علیه السّلام : الحمد لله الّذي جعل فيّ وفي ابني هذا، ما جعله في داود وسليمان، إذ يقول الله عزّ من قائل : «فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ» (1) . (2)

لنتعلم من رسول الله صلّي الله علیه و آله

{66}

[817] قال الطبراني : حدّثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا مصرّف (3) بن عمرو اليامي ، حدثنا عبدالرحمن (4) بن محمد بن طلحة ، عن أبيه ، عن ياسين (5) الزيّات إبن معاذ، عن أبي عبدالله المكّي، عن عبدالله بن الحسن بن الحسين ، عن أبيه، عن جدّه : أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله صلّى والرجال والنساء يطوفون بين يديه بغير سترة مما يلي الحجر الأسود. (6)

ص: 229


1- سورة الأنبياء : الآية 79
2- مستدرك الوسائل : ج 9 ص 266 ح 4 عن هداية الحضيني : الحسين بن حمدان الحصيني في كتاب الهداية : عن جعفر بن أحمد القصير البصري، عن محمد بن عبدالله بن مهران الكرخي، عن محمد بن صدقة العنبري، عن محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله علیه السّلام : أنّ أعرابيّاً بدويّاً....
3- مُصرِّف بن عمرو بن السريّ اليامي الهمداني الموثّق عند القوم توفّي سنة ( 240 ه-) . التقريب : ص465 رقم 6684
4- عبدالرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرّف، أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل : ج5 ص 281 رقم 1339 وقال : سألت أبي عنه فقال : ليس بقويّ
5- یاسین بن معاذ الزيّات أبو خلف الكوفي، ترجمه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل : ج 9 ص 312 رقم 1350
6- المعجم الكبير للطبراني : ج 2 ص 84 رقم 2734

ابرار الأقدام في الحجّ

{67}

[818] روي عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما : أنّه كان يمشي في طريق الحجّ ونجائبه تقاد إلى جنبه، فقيل له : ألا تركب يابن رسول الله؟

فقال: لا، إنّي سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : من إغبرّت قدماه في سبيل الله لم تمسّها نار جهنّم . (1)

المشي إلى بيت الله

{68}

[819] عن محمد بن عليّ قال : كان الحسن بن علي يقول : إنّي لأستحيي الله ولم أمش إلى بيته . (2)

ص: 230


1- الجهاد والحقوق الدوليّة العامّة في الإسلام للفاضل المعاصر ظافر القاسمي : ص 318 ط دار العلم للملايين بيروت . وعنه ملحقات الإحقاق : ج33، ص478
2- رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب «أخبار اصفهان» (ج1 ص 44 ط لیدن) قال : حدّثنا أبي و أبو محمّد بن حيّان قالا : ثنا محمد بن نصير ، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا العبّاس بن الفضل، عن القاسم، عن محمد بن علي، قال : قال الحسن بن عليّ : إنّي الأستحيي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه. ومنهم الحافظ المذكور في «حلية الاولياء» (ج2 ص37 ط السعادة بمصر) قال : حدّثنا عبدالله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن نصير . فذكر الحديث بعين ما تقدّم عنه في أخبار اصفهان» ومنهم العلامة محبّ الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص 137 ط مكتبة القدسي بمصر). روى الحديث عن محمد بن عليّ بعين ما تقدّم عن «أخبار اصفهان». ومنهم العلامة الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في «صفوة الصفوة» (ج1 ص320 ط حیدر آباد) . روى الحديث عن محمد بن عليّ بعين ما تقدّم عن «أخبار اصفهان» . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص 204 ط الغري) قال : حدّثنا عبدالله بن محمد بن جعفر ، حدّثنا محمد بن نصر ، حدّثنا إسماعيل بن عمر، حدّثنا العباس بن الفضل، عن القاسم بن عبدالرحمان، عن محمد بن عليّ قال : كان الحسن بن علي يقول : إنّي لأستحيي ...

حكمة الوقوف في عرفات

{69}

[820] عن الحسن علیه السّلام: أنّ نفراً من اليهود جاءوا إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله فسأله أعلمهم عن أشياء منها أنّه قال : أخبرني لأيّ شيء أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: إنّ العصر هي الساعة الّتي عصى فيها آدم ربه، وفرض الله عزّوجلّ على أُمّتي الوقوف والتضرّع والدعاء في أحبّ المواضع إليه، وتكفّل لهم بالجنّة، والساعة الّتي يتصرّف فيها الناس هي الساعة الّتي تلقّى فيها آدم من ربّه كلمات فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.

ثمّ قال النبي صلّي الله علیه و آله: والّذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً إنّ لله باباً في السماء الدنيا يقال له باب الرحمة، وباب التوبة، وباب الحاجات، وبابا التفضّل، وباب الإحسان، وباب الجود، وباب الكرم، وباب العفو، ولا يجتمع بعرفات

ص: 231

أحد إلا استأهل من الله في ذلك الوقت هذه الخصال، وإنّ لله عزّوجلّ مائة ألف ملك مع كلّ ملك مائة وعشرون ألف ملك ولله رحمة على أهل عرفات ينزلها على أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله ملائكته بعتق أهل عرفات من النار ، وأوجب الله عزّوجلّ لهم الجنّة، ونادى مناد : انصرفوا مغفورين، فقد أرضيتموني ورضيت عنكم.

قال اليهودي : صدقت يا محمّد ... (1)

و حج ماشياً

{70}

[821] لا نركب، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا، ولكنا نتنب الطريق، فأخذا جانباً من الناس . (2)

ص: 232


1- بحار الأنوار : ج 9ط الحديث : ص 301، عن الأمالي للصدوق: ص317 بإسناده عن ماجيلويه، عن عمّه، عن البرقي، عن أبي الحسن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه، عن جدّه الحسن علیه السّلام قال : جاء نفر من اليهود ... الخبر
2- الإرشاد للمفيد: ج2 ص 128 - 129 وفيه : وروى إبراهيم بن الرافعي، عن أبيه، عن جدّه قال : رأيت الحسن والحسين علیهماالسّلام يمشيان إلى الحجّ، فلم يمرّا براکب إلّا نزل يمشي، فثقل ذلك على بعضهم فقالوا لسعدبن أبي وقّاص : قد ثقل علينا المشي، ولا نستحسن أن نركب وهذا السيّدان يمشيان. فقال سعد للحسن علیه السّلام: يا أبا محمد، إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك، والناس إذا رأو كما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا، فلو ركبتما، فقال الحسن علیه السّلام: لانركب ... الخ. ورواه المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج43 ص276 ح46 عن المناقب والإرشاد

الدعاء داخل الكعبة الشريفة

{71}

[822] رأيتُ الحسن بن علي علیه السّلام دخل البيت فدعا في نواحيه كلّها ولم يصلّ فيه ، ثمّ خرج فركع ركعتين في القبلة . (1)

التضحية بطيب نفس

{72}

[823] عن عبدالله بن حسن بن حسن ، عن أبيه، عن جدّبه ، قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: من ضحّى طيّبة بها نفسُه محتَسِباً لأضحيته كانت له حجاباً من النار . (2)

التسبيحات الأربع

{73}

[824] جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله وسألوه عن أشياء منها :

ص: 233


1- المصنّف : ج 5 ص 78 ح56 90 باب دخول البيت قال : عن ابن جریح، قال : قلت لعطاء : سمعت ابن عبّاس يقول : إنّما أُمِرتم بالطوف ولم تُؤمَروا بدخوله؟ قال : لم يكن يَنهى عن دخوله ولكن سمعته يقول : أخبرني أُسامة بن زيد، عن النبي صلّي الله علیه و آله لمّا دخل البيت دعا في نواحيه كلّها ولم يصلّ فيه حتّى خرج، فلمّا خرج رکع رکعتین في قِبل القبلة ، فقال : هذه القبلة ، قلت : مانواحيه؟ أفي زواياه؟ قال : بل في كلّ قبلة من البيت، وحسبت أنّي رأيت الحسن بن علي دخل البيت فدعا في نواحيه كلّها ولم يصلّ فيه ، ثمّ خرج فركع ركعتين في القبلة
2- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 86 : حدّثنا أحمد بن محمد النخعي القاضي الكوفي، ثنا عمّار بن أبي مالك الجنبي، ثنا أبو داود النخعي، عن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه، عن جدّه، قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: مَن ضحّى ...

قال اليهودي الّذي كان أعلمهم: يا محمد إنّي أسألك عن عشر كلمات أعطى الله موسی بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلّا نبيّ مرسل أو ملك مقرّب .

قال النبي صلّي الله علیه و آله: سلني .

قال : أخبرني يا محمد عن الكلمات الّتي اختارهنّ الله لإبراهيم علیه السّلام حيث بني البيت .

قال النبي صلّي الله علیه و آله: نعم «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر».

قال اليهودي : فبأيّ شيء بني هذه الكعبة مربّعة؟

قال النبي صلّي الله علیه و آله: بالكلمات الأربع . (1)

وجه تسمية الكعبة

{74}

[825] جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه أن قال أحدهم: لأيّ شيء سمّيت الكعبة كعبة؟

فقال النبي صلّي الله علیه و آله: لأنّها وسط الدنيا . (2)

ص: 234


1- الأمالي للصدوق : ص 112 والعلل: ص 53 بالإسناد عن ابن ماجيلويه، عن عمّه، عن البرقي ... عن الحسن بن عليّ علیهماالسّلام أنّه قال : جاء نفر من اليهود ... الخبر
2- علل الشرائع للصدوق : ج 2 ص 84 بإسناده عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الحسن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبدالله، عن آبائه، عن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام قال : جاء نفر ... الخبر

زوّجها من رجل تقيّ

{75}

[826] روى الطبرسي من كتاب تهذیب الأحکام: جاء رجل إلى الحسن علیه السّلام يستشيره في تزويج ابنته؟

فقال : زوّجها من رجل تقيّ، فإنّه إن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. (1)

تزويج أولاد آدم علیه السّلام

{76}

[827] جاء رجل إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام فقال : حقٌّ ما يقول الناسُ: إنّ آدم زوّج هذه البنتً من هذا الإبن؟

فقال : حاشا لله كان لآدم علیه السّلام و إبنان وهو شيث، وعبدالله، فأخرج الله الشيث حوراء من الجنّة، وأخرج لعبدالله امرأة من الجنّ فولد لهذا وولد لذاك ، فما كان من حسن وجمال فمن ولد الحوراء وما كان من قبح وبذاء فمن ولد الجنّية . (2)

ص: 235


1- مکارم الأخلاق للطبرسي : ص 233 ورواه الفاضل المعاصر الدكتور محمد عقلة مدرّس في الجامعة الاردنيّة في كتابه «نظام الأسرة في الإسلام»: ج 1 ص 78 طعمان مكتبة الرسالة الحديثة وفيه: قال الحسن بن علي (رضي الله عنه) : زوّجوا بناتكم من الرجل الصالح فإنّه إن أحبّها أكرمها وإن أبغضها فلن يظلمها . وعنه ملحقات الإحقاق : ج 3 ص 492
2- مستدرك الوسائل : ج 14 ص 363 عن صحيفة الإمام الرضا علیه السّلام : ص87

أنقذها من يزيد

{77}

[828]وروى أبو الحسن المدائني قال: تزوّج الحسن علیه السّلام هنداً بنت سهيل بن عمرو وكانت عند عبدالله بن عامر بن کریز فطلّقها فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية.

قال الحسن علیه السّلام: فاذكرني لها، فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر .

فقالت : اختر لي؟

فقال : أختار لك الحسن، فزوّجته . (1)

من كرامة الإمام علیه السّلام

{78}

[829] حدّثنا أيّوب بن عمرو الغفاري قال: أنبأنا خالي محمد بن عمارة الغفاري قال : طلّق عبدالله بن عامر امرأته بنت سهيل بن عمرو، فقدمت المدينة ومعها ابنتها ووديعة جوهر لابن عامر، فتزوّجها الحسن ثمّ أراد ابن عامر العمرة فأتى المدينة فلقي الحسن فقال : يا أبا محمد إنّ لي إلى ابنة سهيل حاجة فأذن لي في الدخول عليها .

فقال لها الحسن : إلبسي ثيابك فهذا ابن عامر يستأذن عليك فدخل عليها فسألها وديعته فجاءته بها عليها خاتمه .

فقال : خذي ثلثها .

فقالت : ما كنت لأخذ على أمانة ائتمنت عليها ثمناً أبداً .

ص: 236


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 173

فقال : إنّ ابنتي قد بلغت وأُحبّ أن تخلي بيني وبينها فبكت وبكت ابنتها ورقّ لهما ابن عامر .

فقال الحسن : فهل لكما فوالله ما محلّل خير منّي.

فخجل ابن عامر وقال : والله ما أخرجتها من عندك أبداً فكفلها الحسن حتّى مات . (1)

حُسن حديث الإمام علیه السّلام

{79}

[830] تزوّج الحسن بن عليّ خولة ابن منظور فبات ليلة على سطح أجم (2) فشدّت خمارها برجله والطرف الآخر بخلخالها، فقام من الليل فقال : ما هذا؟

قالت : خفت أن تقوم من الليل بوسنك (3) فتسقط فسأكون أشأم سخلة على العرب.

ص: 237


1- تذکرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ص 190: ومن مکارم أخلاق الحسن ما قرأته على أبي القاسم عبدالمحسن بن عبدالله بن الخطيب بالموصل سنة خمس وست مائة . قال : أنبأنا والدي أبوالفضل عبدالله بن أحمد وعمّي عبدالرحمان بن أحمد بن محمد الطوسي قالا : أنبأنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن علي العلاف، أنبأنا عبدالملك بن محمد بن بشران أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم الكندي بمكّة في المسجد الحرام سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة قرأته عليه قال : أنبأنا أبو بكر محم بن جعفر بن سهل الخرايطي صاحب کتاب اعتلال القلوب قال: أنبأنا أبو زيد عمرو بن شيبة، حدّثنا أيوب بن عمرو الغفاري ...
2- قال في القاموس : الأجم - بالفتح - : كلّ بيت مربّع مسطّح
3- أي بما فيك من فتور النوم أو بما فيك من النعاس أو أنّ الباء بمعنى إلى أو اللام. والوسن کجبل : الحاجة

فأحبّهما فأقام عندها سبعة أيّام .

فقال ابن عمر : لم نر أبا محمد منذ أيّام فانطلِقوا بنا إليه .

فأتوه فقالت له خولة : احتبسهم حتّى نهيّىء لهم غداءاً .

قال : نعم.

قال ابن عمر : فابتدأ الحسن حديثاً ألهانا بالإستماع إعجاباً به حتّى جاءنا الطعام . (1)

جئتك خاطباً

{80}

[831] دخل الحسن علیه السّلام ذات يوم على عبدالرحمن بن الحارث ابن هشام فقيه المدينة ورئيسها ولم يكن بالمدينة نظيره وبه ضربت المثل عائشة حيث قالت : لو لم أسر مسيري ذلك لكان أحبّ إليّ من أن يكون لي ستّة عشر ذكراً من رسول الله صلّي الله علیه و آله مثلّ عبدالرحمن بن الحارث بن هشام.

فدخل عليه الحسن في بيته فعظّمه عبدالرحمن وأجلسه في مجلسه ، وقال : ألّا أرسلت إليّ فكنت أجيئك؟

فقال : الحاجة لنا.

قال : وما هي؟

قال : جئتك خاطباً إبنتك .

ص: 238


1- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ مدينة دمشق : ص 102 ح255 بهذا الإسناد : قال : وأنبأنا علي بن محمد - يعني المدائني - عن أبي جعدبة ، عن ابن أبي مليكة قال : الخبر. وقال في ذيله : قال علي بن محمد: وقال قوم : الّتي شدّت خمارها برجله هي هند بنت سهیل

فأطرق عبدالرحمن ثمّ رفع رأسه وقال : والله ما على وجه الأرض أحد يمشي عليهما أعزّ عليّ منك، ولكنّك تعلم أنّ إبنتي بضعة منّي يسوعني ماساءها، ويسرّني ماسرّها، وأنت مطلاق! فأخاف أن تطلّقها، وإن فعلتَ خشيت أن يتغيّر قلبي عليك فأنت بضعة من رسول الله صلّي الله علیه و آله، فإن شرطت أن لا تطلّقها زوّجتك.

فسكت الحسن علیه السّلام وخرج.

وقال أهل بيته : سمعناه وهو يمشي ويقول : ما أراد عبدالرحمن إلّا أن يجعل ابنته طوقاً في عنقي . (1)

لقد أحسن مع زوجته

{81}

[832] جُكِي أنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام قال لامرأته عائشة بنت طلحة : أمركِ بيدكِ .

فقالت : قد كان عشرين سنة بيدك فأحسنت حفظه، فلم أُضيّعه إذ صار بيدي ساعة واحدة وقد صرفته إليك، فأعجبه ذلك منها و أمسكها . (2)

ص: 239


1- الحسن والحسين سبطا رسول الله صلّي الله علیه و آله، للفاضل المعاصر محمد رضا امین، مکتبة جامعة فؤاد الأوّل سابقاً : ص 20
2- أخبار النساء في العقد الفريد للفاضلين عبد مهنا وسمير جابر : ص 162. وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 500

لو كنت مراجعاً لراجعتها

{82}

[833] قال ابن شهر آشوب : الحسن بن سعيد، عن أبيه ، قال : كان تحت الحسن بن علي علیه السّلام امرأتان : تميميّة، وجعفيّة، فطلّقهما جميعاً وبعثني إليهما وقال : أخبرهما فلتعتذّا وأخبِرني بما تقولان، ومَتَّعهما العشرة الآلاف وكلَّ واحدة منهما بكذا وكذا من العسل والسَمْن، فأتيتُ الجعفيّة فقلت : إعتدّي ، فتنفّست الصعداء ثمّ قالت : متاع قليل من حبيبٍ مفارق، وأمّا التميميّة فلم تَدْرِ ما اعتدّت حتّى قال لها النساء فسكتت فأخبرتُه بقول الجعفيّة فنَکتَ (1) في الأرض ثمّ قال : لو كنتُ مُراجِعاً لامرأةِ لراجعتُها . (2)

حين إرادة الطلاق

{83}

[834] قال ابن أبي الحديد : قال أبو جعفر محمد بن حبيب : کان الحسن علیه السّلام إذا أراد أن يطلّق امرأة جلس إليها فقال : أيسرّك أن أهب لك كذا وكذا؟ فتقول له : ما شئت أو نعم، فيقول : هو لك، فإذا قام أرسل إليها بالطلاق وبما سمّى لها . (3)

ص: 240


1- نكت الأرض بقضيب أو بإصبعه : ضربها به حال التفكّر فأثّر فيها
2- المناقب : ج4 ص 17 طقم المطبعة العلميّة. وعنه بحار الأنوار: ج 43 ص 342
3- بحار الأنوار : ج 44 ص 173 عن شرح نهج البلاغة

الغنى في الزواج و الطلاق

{84}

[835] روي : أنّ رجلاً من خاصّة الحسن بن علي علیهماالسّلام قال له في كثرة نكاح النساء ثمّ تخلية سبيلهن، فقال علیه السّلام : طلبت الغنى المضمون بكلا الأمرين ، فنكحت طلباً للغنى إذ يقول سبحانه : «إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» (1)، وطلّقت طلباً للغنى إذ يقول سبحانه : «وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ...» (2). (3)

لا تُزوّج نساؤنا حتّى نستأمرهن

{85}

[836] قال الطبراني : حدّثنا أبو مسلم الكجيّ (4) حدثنا عبدالله بن عمرو الواقعي، حدثنا شريك ، عن محمد بن يزيد، عن معاوية (5) بن حُديج، قال : أرسلني معاوية بن أبي سفيان إلى الحسن بن علي (رضي الله عنه)، أخطب على

ص: 241


1- سورة النور : الآية 32
2- سورة النساء: الآية 130
3- حقائق التأويل في متشابه التنزيل للسيّد الشريف الرضي المتوفّى (406) ج 5 ص 304 قال : جعل النكاحَ سبباً من أسباب الغني بعد الفقر، والسعة بعد الضيق، ومن شجون ذلك ماروي أنّ رجلاً ... الخ
4- أبو مسلم الكجي إبراهيم بن عبدالله بن مسلم البصري صاحب السنن، توفّي سنة (292 ه-)
5- معاوية بن حديج بن جفنة بن قتير الكندي، كان من أُمراء معاوية على مصر، ومن المبغضين السابّين، مات بمصر سنة (52 ه-) تاريخ الإسلام للذهبي: ص305

یزید بنتاً له أو أختاً له، فأتيته فذكرتُ له یزید.

فقال : إنّا قوم لا تزوّجُ نساؤنا حتّى نستأمَرهنّ فائتيها، فأتيتها فذكرتُ لها یزید.

فقالت: والله لا يكون ذاك حتّى يسير فينا صاحبك كماصار فرعون في بني إسرائيل، يذبحّ أبناءهم ويستحيي نساءهم، فرجعت إلى الحسن، فقلت : أرسلتني إلى فِلقة (1) من الفِلَق تُسمّي أميرَالمؤمنين فرعون . (2)

الولد للفراش

{86}

[837] قال : سمعتُ جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله یقول: الولدُ للفِراش وللعاهر الحَجَر . (3)

آداب المائدة

{87}

[838] في المائدة إثنتا عشرة خصلة يجبُ على كلّ مسلم أن يعرفَها : أربعٌ منها فرضٌ وأربعٌ منها سنّة، وأربعٌ منها تأدیب .

فأمّا الفرض : فالمعرفة، والرضا، والتسمية، والشكر .

وأما السنّة: فالوضوءُ قبل الطعام، والجلوس على الجانب الأيسر، والأكل بثلاث أصابع، ولعق الأصابع .

ص: 242


1- الفِلْقَة (بكسر الفاء) : الداهية، وجمعها الفِلَق
2- أخبار الحسن بن علي للطبراني : ص 134 ح202
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج4 ص 69 وعنه مصادر نهج البلاغة : ج 3 ص 362

وأما التأديب : فالأكل مما يليك، وتصغير اللقمة، وقلّة النظر في وجوه الناس. (1)

غسل اليدين

{88}

[839] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : غَسلُ اليدين قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي الهمّ. (2)

أطهر الطعام

{89}

[840] الطبراني قال : حدّثنا محمد بن عبدوس بن كامل البغدادي، حدثنا عبدالله (3) بن عمر بن أبان، حدثنا محمد (4) بن فضيل، عن محمد (5) بن إسحاق،

ص: 243


1- الدعوات للقطب الراوندي : ص 137؛ بحار الأنوار: ج66 ص413 عن الخصال : ص 485 بإسناده عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن آبائه علیهم السّلام قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : في المائدة ... الخبر . بیان : الظاهر أنّ المراد بالمعرفة معرفة أنّه من حلال، كما في الخبر الآتي، ويحتمل معرفة المنعم، أنّ هذه نعمة من الله أو الإيمان لانّ نعم الدنيا على غير المؤمن حرام کمادلّت عليه أخبار كثيرة، والرضا بما قسم الله له من الرزق والشكر في أثناء الأكل وبعده، والوضوء غسل اليدين كما مرّ، والجلوس على جانب الأيسر، كما في حال التشهّد ليكون لجلسة العبد أو بنصب الرجل اليمنى كما يستفاد من بعض الأخبار، والأكل بثلاث أصابع كأنّه أقلّ مراتب الفضل، بأن لا يكون بإصبعين لما مرّ، فالزائد أيضا مستحبّ أو أفضل
2- الاثني عشريّة : ص 37؛ كلمة الإمام الحسن علیه السّلام: ص67
3- هو عبدالله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي الأُموي مولاهم الكوفي مشكدانه توفّي سنة (239) التقريب : ص257
4- هو محمد بن فضیل بن غزوان الكوفي المتوفّى (195) التقريب : ص 436
5- هو محمد بن إسحاق بن يسار المدني نزيل العراق المتوفّی (150)

عن أبيه، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) : أنّه دخل رسول الله صلّي الله علیه و آله بيت فاطمة، فناولته کتف شاة مطبوخة، فأكلها ثمّ قام يصلي، فأخذت ثيابه فقالت : ألا توضأ یا رسول الله؟

قال : ممّ يا بنيّة؟

قالت : قد أكلت ممّا مسّته النار .

قال : إنّ أطهر طعامكم لما مسّته النار . (1)

التمر واللبن

{90}

[841] عن الحسن علیه السّلام قال : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : ذاك الأطيبان يعني التمر واللبن . (2)

كلوا اليقطين

{91}

[842] کُلوا اليقطينَ، فلو عَلِم اللهُ شجرةً أخفّ منها لأنبتَها على يونس، وإن اتّخذ أحدكم مَرَقاً فليُكثِر فيه من الدباء، فإنّه يزيد في الدِماغ وفي العقل. (الديلمي عن الحسن بن علي). (3)

ص: 244


1- المعجم الكبير للطبراني : ج3 ص86. أخبار الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام للطبراني : ص 144 ح 218
2- مکارم الأخلاق: ص193
3- کنز العمّال : ج 15 ص280 ح 40990. وبحار الأنوار : ج 66 ص 228 ح16 عن مكارم الأخلاق : ص 201. وفيه: عن الحسين بن علي علیهماالسّلام

أكل الجبن

{92}

[843] قال الطبراني : حدّثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان، عن جحش، عن معاوية بن قرة، عن الحسن بن علي أنّه سئل عن الجبن؟

فقال : ضع السكين وسمّ وكل . (1)

شرب اللبن

{93}

[844] عن الحسن علیه السّلام قال : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله كان لمّا شرب لبناً يتمضمض وقال : إنّ له لدسماً. (2)

سؤر الهِرّة

{94}

[845] روي عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : لا بأسَ بسؤر الهِرّة . (3)

ص: 245


1- المعجم الكبير للطبراني : ج3 ص 68 رقم 2686 و في «المصنف»: ص 100: الحافظ ابن أبي شيبة، حدّثنا أبو بكر قال : حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن جحش، عن معاوية بن قرة، عن الحسن بن عليّ أنّه سئل عن الجبن، فقال : لا بأس به، ضَع السكّينَ واذكر اسمَ الله عليه
2- مکارم الأخلاق : ص 193
3- رواه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية : ج 1 ص 11 ح 20، عن الركين بن الربيع، عن عمّته صفيّة بنت عميلة ، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام

في العشاء قبل الصلاة

{95}

[846] إن الحسن بن علي علیهماالسّلام كان يقول : العَشاء قبل الصلاة يُذهِبُ النفس اللوّامة. (1)

الحثّ على الطعام

{96}

[847] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : الطعامُ أجلّ مِن أن لايُحَثّ على تناوله. (2)

إذا دُعيت إلى طعام

{17}

[848] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام: أنّه رأى رجلاً دُعي إلى طعام، فقال للّذي دعاه: اعفني، فقال الحسنُ بن علي علیهماالسّلام: قم، فليس في الدعوة عفوٌ، إن كنتَ مفطراً فكل، وإن كنتَ صائماً فبارك . (3)

القسم على الطعام

{98}

[849] ابن عون، عن محمد: قال الحسن : الطعامُ أدقّ من أن نُقسِم عليه .

ص: 246


1- المصنّف : ج2 ص 421 بإسناده عن شريك عن أبي إسحاق
2- الإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التوحيدي : ج 3 ص 2
3- مستدرك الوسائل : ج 16 ص 235 حه عن دعائم الإسلام: ج 2 ص 107 وفي ذيله : في المصدر : الحسين بن علي علیهماالسّلام

وقال قرّة: أكلتُ في بيت ابن سیرین، فلمّا رفعتُ يدي، قال : قال الحسنُ بن علي : إنّ الطعام أهون من أن يُقْسَم عليه . (1)

الدعوة إلى الطعام

{99}

[850] عن إبن سیرین، قال : كان الحسن بن علي لايدعو أحداً إلى الطعام، يقول : هو أهون من أن يُدْعى إليه أحد. (2)

حكم أمير المؤمنین علیه السّلام

{100}

[851] سُئل الحسن بنُ عليّ علیهماالسّلام: بماذا كان يحكم أمير المؤمنين علیه السّلام ؟

ص: 247


1- سير أعلام النبلاء : ج 3 ص 265. بحار الأنوار : ج 3، ص349 وفيه : إنّ الطعام أهون من أن يقسم فيه . وهكذا رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء : ج 2 ص 38 بإسناده عن محمد بن إبراهيم ، عن الحسين بن حمّاد، عن سليمان بن سيف، عن سليم بن إبراهيم، عن قرّة بن خالد قال : أكلتُ في بيت محمد بن سیرین طعاماً فلمّا أن شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي، فقال محمد: إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : إنّ الطعام أهون من أن يقسم فيه
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 156 رقم 266 : أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أنبأنا جدّي أبو عبدالله، أنبأنا علي بن موسی بن الحسين بن السمسار، أنبأنا أبو علي محمد بن محمدبن آدم الفزاري املاءاً، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي، أنبأنا شريح بن يونس، أنبأنا هشيم، عن منصور بن زاذان، عن إبن سيرين قال : كان الحسن ... . ورواه أيضاً ابن سعد في «الطبقات الکبری» ج 8 مع تفاوت

قال : بكتاب الله، فإن لم يجد فسُنّة رسول الله صلّي الله علیه و آله، فإن لم يجد شيئاً في السُنّة زجر (1) فأصاب . (2)

مسألة شاذّة

{101}

[852] عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله علیهماالسّلام يقولان : بينا الحسن بن علي علیهماالسّلام في مجلس أمير المؤمنين علیه السّلام إذ أقبل قوم، فقالوا: يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنين علیه السّلام .

قال : وما حاجتكم؟

قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة .

قال : وما هي تخبرونا بها.

فقالوا: امرأة جامعها زوجها فلمّا قام عنها قامت بحموتها (3) فوقعت على جارية بكر فساحقتها فألقت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا؟

فقال الحسن علیه السّلام : معضلة و أبو الحسن لها وأقول فإن أصبت فمن الله ثمّ من أمير المؤمنين علیه السّلام وإن أخطأتُ فمن نفسي، فأرجو أن لا أُخطىء إن شاء الله ، يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلة لأنّ الولد لا يخرج منها حتّى تشق فتذهب عذرتها ثمّ ترجم المرأة لأنّها محصنة ثم ينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها ويردّ الولد إلى أبيه صاحب النطقة ثمّ تجلد الجارية الحدّ.

قال : فانصرف القوم من عند الحسن علیه السّلام فلقوا أمير المؤمنين علیه السّلام، فقال : ما قلتم لأبي محمد وما قال لكم؟ فأخبروه .

ص: 248


1- الزجر : القرعة بالسهام وهي من الأحكام المنصوصة عليها
2- بحار الأنوار : ج 2 ص 210 من كنز الفوائد للكراجكي
3- بحموتها : أي بشهوتها، وحمو الشي : حرّه

فقال : لو أنني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر ممّا قال ابني . (1)

حكمه علیه السّلام على إمرأة

{102}

[853] أنّ امرأة أمسکت جارية ثمّ افترعتها بإصبعها ورمتها بالفجور . فسئل الحسن علیه السّلام؟

فقال : على المرأة الحدّ لقذفها الجارية، وعليها القيمة لافتراعها إيّاها .

قال : فقال أمير المؤمنین علیه السّلام : صدقت . (2)

قالوا : أنتَ أعلم

{103}

[854] لمّا أتي في جارية زفّت إلى بيت رجل فوثبت عليها ضرّتها وضبطتها بنات عمّ لها فافتضتّها بإصبعها، فاستفتي الحسن علیه السّلام.

فقال : إحدى دواهيكم يا أهل الكوفة ولا عليّ لها اليوم فما ترون؟

قالوا: أنت أعلم .

قال : فإنّي أرى الّتي افتضّتها صداقها وجلد مائة، وأرى اللواتی ضبطنها

ص: 249


1- الكافي : ج 7 ص 202 كتاب الحدود: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمرو بن عثمان، وعن أبيه جميعاً عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله علیهماالسّلام يقولان: بينا الحسن ...
2- الكافي: ج 7 ص207 ح 12 «باب حدّ القذف» وسائل الشيعة : ج 18 ص 429 ح 2 «باب 4 من أبواب حدّ السارق والقيادة في كتاب الحدود والتعزیرات» بهذا الإسناد : وعنه، عن محمد بن عیسی بن عبيد، عن يونس، عن بعض أصحابه رفعه في حديث ... وفيه: إيّاها فقال أمير ... الخبر

مفتريات عليهنّ جلد ثمانين . (1)

قتل نفساً و أحيى أُخرى

{104}

[855] قيل : أتي أمير المؤمنین علیه السّلام برجل وجد في خربة وبيده سكّين تلطخ بالدم وإذا رجل مذبوح مشحّط في دمه فقال له أمير المؤمنين علیه السّلام : ما تقول یا ذا الرجل؟

فقال : يا أمير المؤمنين أنا قتلته .

قال : اذهبوا إلى المقتول فادفنوه .

فلمّا أرادوا قتل الرجل جاء رجل مسرع فقال : يا أمير المؤمنين والله وحقّ عيني رسول الله صلّي الله علیه و آله أنا قتلته وما هذا بصاحبه.

فقال أمير المؤمنين علیه السّلام : اذهبوا بهما اثنيهما إلى حسن ابني وأخبروه بقصّتهماليحكم بينهما، فذهبوا بهما إلى حسن علیه السّلام فأخبروه بمقالة أمير المؤمنین .

فقال الحسن علیه السّلام: ردّوهما إلى امير المؤمنين وقولوا: إنّ هذا قتل ذاك بإقراره فقد أحيا هذا بإقراره بقتل ذلك يطلق عنهما جميعاً ويخرج دية المقتول من بيت مال المسلمين، فقد قال الله تعالى : «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» . (2)

ص: 250


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 234. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب : ج4 ص 10 عن مَن لا يحضره الفقيه . رواه العلامة الزمخشري في «ربيع الأبرار» (ص 637 مخطوط)
2- سورة المائدة : الآية 32

وقال أمير المؤمنين علیه السّلام : فما حملك على إقرارك على نفسك بقتله؟

فقال : يا أمير المؤمنين وما كنت أصنع وهل كان ينفعني الإنكار وقد أخذت وبيدي سكّين متلطّخ بالدم وأنا على رجل متشحّط في دمه وقد شهد عليّ مثل ذلك وأنا رجل كنت ذبحت شاة بجنب الخربة فأخذني البول فدخلت الخربة فالرجل متشحط في دمه وأنا على الحال . (1)

امتثال أمير المؤمنين علیه السّلام للقانون

(105)

[856] أخذ أمير المؤمنين علیه السّلام رجلا من بني أسد في حدّ، فاجتمعوا قومه ليكلّموا فيه وطلبوا إلى الحسن علیه السّلام أن يصحبهم.

فقال : إئتوه فهو أعلى بكم عيناً، فدخلوا عليه وسألوه.

فقال : لاتسألوني شيئاً أملكه إلّا أعطيتكم، فخرجوا يرون أنّهم قد أنجحوا.

فسألهم الحسن علیه السّلام فقالوا: أتينا خير ماتيّ، وحكوا له قوله .

فقال علیه السّلام: ما كنتم فاعلين إذا جُلِدَ صاحبكم؟ فأصغره، فأخرجه عليّ علیه السّلام فحدّه، ثمّ قال : هذا والله لستُ أملکه . (2)

(1) .

(2) .

ص: 251


1- بحار الأنوار: ج 104 ص413 عن مقصد الراغب ومستدرك الوسائل : ج 18 ص245 وص266 ونقل أيضاً في المستدرك قول الشيخ في النهاية : ص 743 وفيه إشارة بالحديث
2- بحار الأنوار : ج 41 ص 9 عن مناقب آل أبي طالب: ج1 ص 338 وذيله ببيان: قال الجزري: «أعلى بهم عيناً: أي أبصرَ بهم وأعلم بحالهم». وأصغى الشيء: نقّصه

ما أحكم إلّا ما حكم به الحسن علیه السّلام

{106}

[857] روى ابن شهر آشوب عن الكليني في الكافي : أنّه جاء في حديث عمرو بن عثمان، عن أبي عبدالله علیه السّلام: أنّه سُئل الحسن علیه السّلام عن امرأة جامعها زوجُها، فقامت بحرارة جماعه فساحَقَتْ جاريةً بكراً، أو ألقت النطفةَ إليها فحملت .

فقال : أمّا في العاجل فتؤخذ المرأة بصداق هذه البكر، لأنّ الولد لا يخرج منها حتّى تذهب عذرتها، ثمّ ينتظر بها حتّى تلد فيقام عليها الحدّ، ويؤخذ الولد فيردّ إلى صاحب النطفة، وتؤخذ المرأة ذات الزوج فتُرجم.

قال : فاطّلع أمير المؤمنين علیه السّلام، وهم يضحكون فقصّوا عليه القصّة، فقال : ما أحكم إلّا ما حكم به الحسن.

وفي رواية : لو ّأبا الحسن لقيهم ما كان عنده إلّا ما حکم به الحسن . (1)

حبّك في قلبي

{107}

[858] إن أسودا دخل على علي بن أبي طالب علیه السّلام فقال : يا أمير المؤمنین إنّي سرقت فطهّرني .

فقال : لعلّك سرقت من غير حرز - ونحّى رأسه عنه - .

فقال : يا أمير المؤمنین سرقت من الحرز، فطهّرني.

فقال علیه السّلام: لعلّك سرقت غیر نصاب - ونحّى رأسه عنه - .

ص: 252


1- المناقب : ج4 ص 10 ص 10 عن الكافي: ج 7 ص 202

فقال : يا أمير المؤمنین سرقت نصاباً ، فلمّا أقرّ ثلاث مرّات قطعه أمير المؤمنين علیه السّلام .

فأخذ المقطوع وذهب، وجعل يقول في الطريق : قطعني أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ويعسوب الدين وسيّد الوصيّين، وجعل يمدحه.

فسمع ذلك منه الحسن والحسين علیهماالسّلام وقد استقبلاه، فدخلا على أبيهما علیه السّلام وقالا : رأينا أسوداً يمدحك في الطريق .

فبعث أمير المؤمنين علیه السّلام من أعاده إلى حضرته ، فقال علیه السّلام له: قطعتُ يمينك وأنت تمدحني؟!

فقال : يا أمير المؤمنين إنّك طهّرتني، وإنّ حبّك قد خالط لحمي ودمي وعظمي، فلو قطّعتني إرباً إرباً لما ذهب حبّك من قلبي .

فدعا علیه السّلام له، ووضع المقطوع إلى موضعه، فصحّ وصلح كما كان. (1)

ص: 253


1- الخرائج والجرائح : ج2 ص91

ص: 254

المسائل الفقهيّة

المسائل الفقهيّة

ص: 255

الإنفاق في سبيل الله

{1}

[859] مَن أرسل بنفقته في سبيل الله وأقام في بيته فله بكلّ درهم سبعمائة درهم، ومَن غزى بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكلّ درهم سبعمائة ألف درهم . (1)

شهادة الإمام مقبولة

{2}

[860] وفي الأحكام الشرعيّة: عن الخزاز القمي أنّ عليّاً علیه السّلام كان في مسجد الكوفة فمرّ به عبدالله بن قفل التيمي ومعه درع طلحة أُخذت غلولاً يوم البصرة .

فقال علیه السّلام: هذه درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة.

فقال ابن قفل : يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبينك قاضياً فحكّم شريحاً .

فقال عليّ علیه السّلام : هذه درع طلحة أُخذت غلولاً يوم البصرة.

فالتمس شريحاً البيّنة، فشهد الحسن بن علي علیهماالسّلام بذلك، فسأل آخر فشهد قنبر بذلك .

فقال : هذا مملوك ولا أقضي بشهادة المملوك .

فغضب علیه السّلام ثمّ قال : خذوا الدرع فقد قضى بجور ثلاث مرّات .

فسأله عن ذلك.

فقال علیه السّلام: إنّي لما قلت لك إنّها درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة

ص: 256


1- کنز العمّال : ج 4 ص 292 ح 10551 کتاب الجهاد وفيه: عن الحسن بن عليّ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة، وأبي أُمامة، وابن عمر، وابن عمرو، وجابر ، وعمران بن حصین

فقلت هات على ماقتل بيّنة، فقلت : رجل لم يسمع الحديث، وقد قال رسول الله صلّي الله علیه و آله حيث ما وجد غلول أُخذ بغير بيّنة، ثمّ أتيتك بالحسن فشهد فقلت هذا شاهد ولا أقضي بشاهد حتّى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله صلّي الله علیه و آله بشاهد ويمين، فهذان اثنتان ، ثمّ أتيتك بقنبر فقلت هذا مملوك ولا بأس بشهادة المموك إذا كان عدلاً فهذه الثالثة ، ثمّ قال : يا شريح إنّ إمام المسلمين يؤتمن في أمورهم على ما هو أعظم من هذا . (1)

شهادة سيّد شباب أهل الجنّة

{3}

[861] روى البيهقي بسنده عن الشعبي، قال : خرج علي بن أبي طالب علیه السّلام إلى السوق فإذا هو بنصرانيّ (2) يبيع درعاً، فعرف عليّ علیه السّلام الدرع، فقال : هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين.

قال : وكان قاضي المسلمين شريح، كان علیه السّلام استقضاه .

فلمّا رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس القضاء، وأجلس عليّاً علیه السّلام في مجلسه ، وجلس شریح قدّامه إلى جنب النصراني.

فقال له علي علیه السّلام : أمّا یا شریح لو كان خصمي مسلماً لقعدتْ معه مجلس الخصم [ ولكنّي سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : لا تصافحوهم ولا تبدؤهم بالسلام ولا تعودوا مرضاهم ولا تصلّوا عليهم و ألجؤهم على مضايق الطريق وصغّروهم

ص: 257


1- بحار الأنوار: ج 104 ص 299 - 300 عن المناقب : ج 1 ص 337
2- في الأغاني : عرف علي علیه السّلام درعاً مع يهودي فقال : يا يهودي، درعي سقطت منّي يوم كذا وكذا، فقال اليهودي : ما أدري ما تقول، درعي، وفي يدي، بيني وبينك قاضي المسلمين

كما صغرهم الله] إقض بيني وبينه يا شريح .

فقال شريح: ما تقول يا أمير المؤمنین؟

قال : فقال علي علیه السّلام : هذه درعي ذهبت منّي منذ زمان .

قال : فقال شریح : ما تقول یا نصراني؟

فقال النصراني : ما أُكذّب أمير المؤمنين ، الدرع درعي .

قال : فقال شریح : ما أرى أن تخرج من يده فهل من بيّنة؟

فقال عليّ علیه السّلام : صدق شريح . (1)

قال : فقال النصراني : أمّا أنا أشهد أنّ هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنین يجيء إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه، هي والله يا أمير المؤمنین درعك ، اتبعتك من الجيش وقد زالت عن جملك الأورق فأخذتُها، فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله.

قال : فقال عليّ علیه السّلام : أمّا إذا أسلمت فهي لك، وحمله على فرس عتيق .

قال : فقال الشعبي: لقد رأيته يقاتل المشر کین .

سنن البيهقي : ج 10 ص 136 وذكره المتّقي في کنز العمّال : ج 4 ص6 وقال فيه : فقال شريح : صدقتَ والله يا أمير المؤمنين إنّها لدرعك، ولكن لابدّ من شاهدين ، فدعا قنبر مولاه والحسن بن علي علیهماالسّلام باب فشهدا أنّها لدرعه.

فقال شريح : أمّا شهادة مولاك فقد أجزناها وأمّا شهادة ابنك لك فلا تجيزها .

فقال علىّ علیه السّلام : ثكلتك أمك أما سمعت عمر يقول : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله:

ص: 258


1- شریح هو الذي استعمله عمر بن الخطّاب على القضاء بالكوفة، فلم يزل قاضياً ستّين سنة إلّا ثلاث سنين، توفّي سنة (87) وعمره (108) سنين و أدرك الجاهليّة، ولم يعدّ من الصحابة. (سفينة البحار: ج4 ص 414)

الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة؟!

قال : اللّهمّ نعم.

قال : أفلا تجيز شهادة سيّدي شباب أهل الجنّة؟

ثمّ قال لليهودي : خذ الدرع.

فقال اليهودي : أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين، فقضى على عليّ علیه السّلام ورضي، صدقتَ والله يا أمير المؤمنين إنّها لدرعك سقطت عن جمل لك إلتقطتها، أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله، فوهبها له علي علیه السّلام وأجازه بسبعمائة، ولم يزل معه حتّى قُتِلَ يوم صفّين . (1)

نهى عن خصال

{4}

[862] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : لمّا فتح الله على نبيّه صلّي الله علیه و آله خیبر دعا بقوسه فاتّكأ على سيّتها، وحمد الله، وذكر ما فتح الله عليه ونصره، ونهى عن خصال : عن مهر البغيّ، وعن خاتم الذهب، وعن المياثر الحمر، وعن لبس الثياب القسيّ، وعن ثمن الكلب، وعن أكل لحوم الحمر الأهليّة، وعن الصرف الذهب بالذهب والفضّة بالفضة وبينهمافضل، وعن النظر في النجوم. (2)

ص: 259


1- بحار الأنوار: ج 58 ص 277 ح 79 عن الدرّ المنثور : ج 2 ص35
2- قال المتّقي: أخرجه الحاكم في الكني، وابن الجوزي. وأورده أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني : ج 17 ص 18 - 19 بعين ما تقدّم عن المتّقي مع تفاوت يسير

في دَيْن الغلام و مولاه

{5}

[863] عن أشعث، عن الحسن علیه السّلام في الرجل يموت وعليه دَيْن وقد أذن العبده في التجارة وعلى العبد دَیْن؟

قال : يبدأ بدَيْن السيد . (1)

الحرب خدعة

{6}

[864] قال ابن عساکر : حدّثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا إبراهيم (2) بن الحسن الثعلب ، حدثنا عبیدالله بن بكير الغنوي ، عن حکیم بن جبير، عن أبي إدريس (3)، عن المسيّب (4) بن نجبة ، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : الحربُ خدعَة. (5)

ص: 260


1- الاستبصار للطوسي : ج4 ص 20: محمد بن عليّ بن محبوب، عن عليّ بن محمد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ، عن أبي إسحاق، عن فيض، عن أشعث، عن الحسن علیه السّلام في الرجل يموت ...
2- إبراهيم بن الحسن الثعلبي الكوفي، أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعدید: ج 2 ص 92 رقم 241، وقال أبو حاتم : شيخ
3- هو أبو إدريس سوّار المُرهبي الكوفي، ترجمه ابن حجر في التقريب في الكني ص 545 وقال : صدوق يتشیّع، من الرابعة
4- المُسيَّب بن نَجَبة الكوفي، قال ابن حجر في التقريب : ص 465. محصرم من الثانية مقبول قُتِل سنة (65ه-)
5- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 84 رقم 2728 وأورده أبو عوانة في المسند: ج4 ص 79 عن أبي الأزهر، عن خالد بن مخلّد، عن عبد الله بن بكير الغنوي ... الخ. وأخرجه أبو يعلى الموصلي في المسند : ج 6 ص 26 ح 6727 بإسناده عن محمد بن مرزوق، عن حسين الأشقر، عن عبدالله بن بکیر ... الخ

على مَن فداء الأسير؟

{7}

[865] سُئل الحسن بن علي علیهماالسّلام : على مَن فداء الأسير؟

قال : على الأرض التي يقاتل عنها .

قيل : فمتى يجب سهم المولود؟

قال : إذا استهلّ صارخاً. (1)

في حكم الأسير

{8}

[866] عن بشر بن غالب ، قال : سأل ابن الزبير الحسن بن علي عن الرجل يقاتل عن أهل الذمّة فيؤسر؟

قال : ففکاکه من خراج أولئك القوم الّذين قاتل عنهم . (2)

ص: 261


1- الأموال للحافظ أبي عبيد القاسم بن سلام المتوفّى (234) ص135 ط دار الكتب العلميّة بیروت، عن ابن أبي عدي، عن سفيان بن سعيد، عن عبدالله بن شريك ، عن بشير بن غالب . وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 494
2- المصنّف : ج 12 ص420 : قال الحافظ ابن أبي شيبة : حدّثنا ابن عيينة، عن عبدالله بن شريك ، عن بشر بن غالب ، قال : سأل ابن الزبير ...

لا يأخذ السلب

{9}

[867] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : كان عليّ علیه السّلام يباشر القتال بنفسه ولا يأخذ السلب. (1)

إحذروا كثرة الحلف

{10}

[868] روي عن الحسن علیه السّلام انّه يعلم أنه قال :

إحذروا كثرة الحلف، فإنّما يحلف الرجل لخلال أربع: إمّا لمهانة يُحسّها من نفسه تحثّه على الضراعة إلى تصديق الناس إيّاه، وإمّا لغو في المنطق فيتّخذ الإيمان حشواً وصلة لكلمه، وإمّا لتهمة عرفها من الناس فيرى أنّهم لايقبلون قوله إلّا باليمين، وإمّا إرساله لسانه من غير تثبّت . (2)

ممّا نهى الرسول صلّي الله علیه و آله

{11}

[869] إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله نهى عن لبس القَسّي (3) وعن لبس المُعَصْفَر،

ص: 262


1- بحار الأنوار: ج 100 ص34 ح 17 عن نوادر الراوندي : ص 20 بإسناده عن موسی بن جعفر، عن آبائه علیهم السّلام قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام: كان علي علیه السّلام... الخ
2- معدن الجواهر لأبي الفتح الكراجكي : ص 42
3- القَسّيّ (بفتح القاف و كسر السين وتحتيّة مشدّدتين) : ثياب مضلّعة أو مخطّطة بالحرير وكانت تأتي من بلد يقال لها القسّي بالقرب من دمياط على ساحل البحر الأبيض في مصر

وعن تختّم الذهب، وعن القراءة في الركوع . (1)

حلف كذباً فمات

{12}

[870] ادّعى رجل على الحسن بن علي علیهماالسّلام ألف دينار كذباً ولم يكن له عليه فذهبا إلى شريح، فقال للحسن علیه السّلام: أتحلف؟

قال : إن حلف خصمي أعطيه .

فقال شريح للرجل : قل بالله الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة .

فقال الحسن : لا أُريد مثل هذا، لكن قل : بالله إنّ لك عليّ هذا، وخذ الألف.

فقال الرجل ذلك وأخذ الدنانير ، فلمّا قام خرّ إلى الأرض ومات .

فسئل الحسن علیه السّلام عن ذلك؟

فقال : خشيت أنّه لو تكلّم بالتوحيد يغفر له يمينه ببركة التوحيد، ويحجب عنه عقوبة يمينه . (2)

ص: 263


1- تيسير المطالب : ص 217 بإسناده عن عبدالله بن محمد القاضي ببغداد، عن علي بن الحسن بن العبد، عن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، عن القعنبي (عبدالله بن مسلمة البصري المتوفّی 221)، عن مالك، عن نافع، عن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ، عن أبيه، عن جدّه، عن علي علیهماالسّلام ، قال : إن رسول الله صلّي الله علیه و آله نهى عن لبس ... الخبر
2- بحار الأنوار: ج 43 ص327 عن المناقب : ج 4 ص 7 عوالم العلوم الإمام الحسن علیه السّلام : ص 88

الشركاء في الهديّة

{13}

[871] عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : مَن أتته هديّة وعنده قومٌ جلوس فهم شر کاؤه فيها . (1)

عقوق الوالدين

{14}

[872] وسئل عن العقوق؟ فقال : أن تحرمهما وتهجرهما (2). (3)

قضاء الحوائج

{15}

[873] أما إنّه لو أعانك كان خيراً له من اعتکافه شهراً. (4)

ص: 264


1- المعجم للطبراني : ج 3 ص 93 رقم 2762 : قال الطبراني : حدّثنا أحمد بن حمويه أبو سیّار التستري، ثنا بشر بن معاذ العقدي ، ثنا يحيى بن سعيد الواسطي ، ثنا يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: من أتته ...
2- يعني الوالدين
3- بحار الأنوار: ج 78 ص 112 ط بيروت، عن كشف الغمّة : ج2 ص195 ط النجف الأشرف
4- الكافي : ج2 ص 198 ح 9 (باب السعي في حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر) بهذا الإسناد : عنه، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن صفوان الجمّال قال : كنت جالساً مع أبي عبدالله علیه السّلام إذ دخل عليه رجل من أهل مكّة يقال له : میمون، فشكا إليه تعذّر الكراء عليه فقال لي: قم فأعن أخاك، فقمت معه فيسّر الله کراه، فرجعت إلى مجلسي، فقال أبو عبدالله علیه السّلام : ما صنعت في حاجة أخيك؟ فقلت : قضاها الله - بأبي وأُمّي - فقال : أما إنّك أن تعين أخاك المسلم أحبّ إليّ من طواف أُسبوع بالبيت مبتدءاً ثمّ قال : إنّ رجلاً أتى الحسن بن علي علیهماالسّلام فقال : بأبي أنت وأُمّي أعنّي على قضاء حاجة، فانتعل وقام معه فمرّ على الحسين (صلوات الله عليه) وهو قائم يصلّي فقال له : أين كنت عن أبي عبدالله تستعينه على حاجتك ، قال : قد فعلت - بأبي أنت وأمّي - فذكر أنّه معتکف ، فقال له : ... الخبر

الإهتمام لحاجة المؤمن

{16}

[874] وروى ابن عبّاس قال : كنت مع الحسن بن علي علیهماالسّلام في المسجد الحرام - وهو معتکف به، وهو يطوف بالكعبة - فعرض له رجل من شیعته، فقال : يابن رسول الله، إنّ علىّ دَيْنا لفلان، فإن رأيت أن تقضيه عنّي .

فقال : وربّ هذه البنية، ما أصبح عندي شيء .

فقال : إن رأيت أن تستمهله عنّي، فقد تهدّدني بالحبس .

قال ابن عبّاس : فقطع الطواف و سعى معه .

فقلت : يابن رسول الله، أنسيت أتك معتکف؟

فقال : لا، ولكن سمعت أبي علیه السّلام يقول : سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : مَن قضى أخاه المؤمن حاجة، كان كمن عبد الله تسعة آلاف سنة صائماً نهاره قائماً ليله .

فاجتاز على دار أبي عبدالله الحسين علیه السّلام فقال للرجل : هلّا أتيت أبا عبدالله في حاجتك؟

فقال : أتيته، فقال : إنّي معتكف .

ص: 265

فقال : أما إنّه لو سعى في حاجتك لكان خيراً من اعتکاف ثلاثين سنة . (1)

يكفي الواحد عن الجميع

{17}

[875] قال الطبراني : حدّثنا إبراهيم بن هاشم البغوي (2)، حدثنا كثير (3) بن یحیی، حدثنا حفص بن عمرو الرقاشي، حدثنا عبدالله بن حسن بن حسن بن علي ، عن أبيه، عن جدّه قال : قيل يا رسول الله القوم يأتون الدار فيستأذن واحد منهم أيجزىء عنهم جميعاً ؟

ص: 266


1- ورد نحوه باختصار في المؤمني: ص 53، ورواه ابن فهد الحلّي في عدّة الداعي : ص179، وعلّق الشيخ المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج 74 ص 335، ببيان مفصّل على الحديث، منه قوله : فإن قيل : كيف لم يختر الحسين علیه السّلام إعانته مع كونها أفضل ؟ قلت : يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه: الأوّل : أنّه يمكن أن يكون له علیه السّلام عذر آخر لم يظهره للسائل، ولذا لم يذهب معه، فأفاد الحسن علیه السّلام ذلك لئلّا يتوهّم السائل أنّ الإعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا، فالمعنى لو أعانك مع عدم عذر آخر كان خيراً. الثاني : أنّه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته، أو اختیار الإمام ما هو أقلّ ثواباً لاسيّما قبل الإمامة . الثالث : ما قيل إنّه لم يفعل ذلك لإيثار أخيه على نفسه (صلوات الله عليهما) في إدراك ذلك الفضل. وأورده المحدّث القمي في سفينة البحار: ج 2 ص 489 عن بحار الأنوار: ج 97 ص129
2- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البغوي المتوفّى (297) تاريخ الإسلام للذهبي: ص 103
3- کثیر بن يحيى بن كثير أبو مالك توفّي سنة (232) تاريخ الإسلام للذهبي: ص 304

قال : نعم .

قيل : فيرد رجل من القوم أيجزىء عن الجميع؟

قال : نعم .

قيل : القوم يمرون فيسلّم واحد منهم أيجزيء عن الجميع؟

قال : نعم .

قيل : فيرد رجل من القوم أيجزىء عن الجميع ؟

قال : نعم . (1)

جوائز العمّال

{18}

[876] سال بشر بن غالب الأسدي عن الحسن بن علي علیهماالسّلام عن جوائز العمال؟

قال : خذ منهم فما يأخذون من الحلال أكثر ممّا يأخذون من الحرام . (2)

إذا غسلتموه فلا تهيجوه

{19}

[877] لمّا توفّي الأشعث بن قيس قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : إذا غسّلتموه فلا تهيّجوه حتّى تأتوني به، فلما فرغ من غسله أُتي به، فدعا بكافور فوضّأه به

ص: 267


1- المعجم الكبير : ج 2 ص 83؛ مجمع الزوائد : ج 8 ص 35
2- المتّفق والمفترق لأحمد بن علي بن ثابت الشافعي البغدادي : ص 20 والنسخة مصوّرة من مكتبة جستر بيتي في ايرلندة بإسناده عن سفيان الثوري، عن عبدالله بن الحارث، عن بشر بن غالب الأسدي قال : سألت الحسن بن علي عن جوائز العمّال : ... وعنه ملحقات الإحقاق : ج 26 ص 521

وجعل على وجهه وفي يديه ورأسه ورجليه، ثمّ قال : أدرجوه . (1)

في سرّ عدم قيامه للجنازة

{20}

[878] أنّ الحسن بن على علیهماالسّلام كان جالساً ومعه أصحاب له فمرّ بجنازة فقام بعض القوم ولم يقم الحسن، فلمّا مضوا بها قال بعضهم : ألا قمت عافاك الله، فقد كان رسول الله صلّي الله علیه و آله يقوم للجنازة إذا مرّوا بها.

فقال الحسن : إنّما قام رسول الله صلّي الله علیه و آله مرّة واحدة، وذاك أنّه مرّ بجنازة يهوديّ وكان المكان ضيقاً، فقام رسول الله صلّي الله علیه و آله وكره أن تعلو رأسه . (2)

جنازة اليهودي

{21}

[879] عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، أنّه مرّ بهم جنازة، فقام القوم ولم يقم .

ص: 268


1- ذكره الحافظ ابن أبي شيبة في «المصنّف» : ج 3 ص 417 عن عبدالرزّاق، عن ابن التيمي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حکیم بن جابر قال : لمّا توفّي الأشعث ... الخ
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 272 باب تشييع الجنائز : ج 32 عن قرب الإسناد : ص 88 ح 292 عن الحسن بن ظریف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليه السّلام أنّ الحسن بن علي عليهماالسّلام. ورواه في الكافي : ج 3 ص 192 بسند فيه ضعف بسهل بن زياد، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي عبدالله عليه السّلام وذكر الحسين مكان الحسن

فقال الحسن : ما صنعتم؟ إنّما قام رسول الله صلّي الله علیه و آله تأذّياً بريح اليهودي . (1)

عيادة المريض

{22}

[880] إنّ أبا موسي انطلق عائداً للحسن بن علي، فقال له: أعائداً جنتً أو زائراً؟

قال : لا بل زائراً.

قال : أما إنّه لا يمنعني وإن كان في نفسك ما في نفسك أن أخبرك أنّ العائد إذا خرج من بيته يعود مريضاً كان يخوض في الرحمة خوضاً، فإذا انتهى إلى المريض فجلس غمرته الرحمة حتّى يرجع من عند المريض حين يرجع يشيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون نهاراً أجمع، وإن كان ليلاً كان بذلك المنزل حتّى يصبح وله خريف (2) في الجنّة . (3)

اللقيط حُرّ

{23}

[881] عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما) أنّه قضى في اللقيط أنّه حُرّ وقرأ: «وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ» (4) . (5).

ص: 269


1- المسند لابن حنبل : ج 1 ص 200: روى عبدالله بن أحمد، عن أبيه أحمد بن حنبل، عن عفّان، عن حمّاد، عن الحجّاج بن أرطاة ، عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، ...
2- الخريف : زاوية في الجنّة يسير الراكب فيها أربعين سنة . مجمع البحرین
3- المصنّف لابن أبي شيبة : ج3 ص235
4- سورة يوسف : الآية 20
5- أحكام القرآن لعماد الدين الكيا الهراسي : ج 2 ص 230

ص: 270

الأسئلة والأجوبة

الأسئلة والأجوبة

ص: 271

سؤال و جواب

{1}

[882] عن شعبة بن الحجّاج الواسطي، عن أبي إسحاق الهمداني، أنّ عليّاً علیه السّلام سأل ابنه الحسن علیه السّلام عن أشياء من المروءة .

فقال : يا بنيّ ما السداد؟

قال : يا أبتاه السداد دفع المنكر بالمعروف .

قال : فما الشرف؟

قال : إصطناع العشيرة وحمل الجريرة .

قال : فما المروءة؟

قال : العفاف، وإصلاح المرء ماله .

قال : فما الدنيئة؟

قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .

قال : فما اللّؤم؟

قال : إحراز المرء نفسه وبذله عرسه .

قال : فما السماحة؟

قال : البذل في العُسر واليُسر .

قال : فما الإخاء؟

قال : الوفاء في الشدّة والرخاء .

قال : فما الجُبن؟

قال : الجرأة على الصديق والنكول عن العدوّ .

قال : فما الغنيمة؟

ص: 272

قال : الرغبة في التقوى، والزهادة في الدنيا .

قال : فما الحلم؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس.

قال : فما الغنى؟

قال : رضى النفس بما قسم الله لها وإن قلّ فإنّما الغنى غنى النفس .

قال : فما الفقر؟

قال : شره النفس في كلّ شيء.

قال : فما المنعة؟

قال : شدة البأس ومقارعة أشدّ الناس .

قال : فما الذلّ؟

قال : الفزع عند المصيبة .

قال : فما الجرأة؟

قال : مواقفة الأقران.

قال : فما الكلفة؟

قال : كلامك فيما لا يعنيك.

قال : فما المجد؟

قال : أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم.

قال : فما العقل؟

قال : حفظ القلب ما استُودِعه.

قال : فما الخُرق؟

قال : معاداتك إمامك، ورفعك عليه كلامك .

قال : فما السناء؟

ص: 273

قال : إتيان الجميل وترك القبيح .

قال : فما الحزم؟

قال : طول الأناة، والرفق بالولاة، والإحتراس من الناس بسوء الظنّ هو الحزم.

قال : فما السرور؟

قال : موافقة الإخوان وحفظ الجيران .

قال : فما السفه؟

قال : إتّباع الدُناة، ومصاحبة الغُواة .

قال : فما الغفلة؟

قال : تركك المسجد، وطاعتك المفسد .

قال : فما الحرمان؟

قال : تركك حظّك وقد عرض عليك .

قال : فمَن السفيه؟

قال : الأحمق في المال، المتهاون بعرضه . (1)

سلني عما بدا لك

{2}

[883] الطبرسي في الإحتجاج : قال : روى محمّدبن قیس، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر علیه السّلام قال : بينا أمير المؤمنين علیه السّلام الرحبة والناس عليه

ص: 274


1- حلية الأولياء : ج 2 ص 36؛ بحار الأنوار : ج 78 ص 103 عن تحف العقول: ص 225؛ حليم آل البيت : ص 189

متراکمون فمن بين (مستفت و من بين مُستعد، إذ قام إليه رجل فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

فقال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من أنت؟

فقال : أنا رجل من رعیتك وأهل بلادك.

فقال [له] : ما أنت من رعیتي وأهل بلادي ولو سلّمت عليَّ يوماً واحداً ماخفيت عليَّ.

فقال : الأمان يا أمير المؤمنین .

فقال : هل أحدثت منذ دخلت مصري هذا؟

قال : لا.

قال : فلعلّك من رجال الحرب؟

قال : نعم . قال : إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس .

فقال : أنا رجل بعثني إليك معاوية متنقلا لك أسألك عن شيء بعث به ابن الأصفر إليه وقال له : إن كنت أحقّ بهذا الأمر والخليفة بعد محمّد فأجبني عمّا أسألك فإنّك إن فعلت ذلك اتّبعتك وبعثت إليك بالجائزة، فلم يكن عنده جواب وقد أقلقه ذلك وبعثني إليك لأسألك عنها.

فقال أمير المؤمنين علیه السّلام: قاتل الله ابن آكلة الأكباد وما أضلّه وأعماه ومن معه حكم الله بيني وبين هذه الأُمّة قطعوا رحمي وأضاعوا أيّامي ودفعوا حقّي وصغّروا عظیم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي ياعليّ بالحسن والحسين ومحمّد فاحضروا.

فقال : يا شامي هذان ابنا رسول الله صلّي الله علیه و آله وهذا ابني فسل أيّهم أحببت؟

ص: 275

فقال : أسأل ذا الوفرة يعني الحسن بن علي علیهماالسّلام .

فقال له الحسن علیه السّلام : سلني عمّا بدا لك .

فقال الشامي: كم بين الحقّ والباطل [وكم بين السماء والأرض] (1)؟ وكم بين المشرق والمغرب ؟ وماقوس قزح؟ وما العين الّتي تأوي إليها (2) أرواح المشركين؟ وما العين الّتي تأوي إليها أرواح المؤمنين؟ وما المؤنث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض؟

فقال الحسن علیه السّلام : بين الحقّ والباطل أربع أصابع، فما رأيته بعينك فهو الحقّ، وقد تسمع بإذنك باطلاً كثيراً.

فقال الشامي : صدقت .

وقال : وبين السماء والأرض دعوة المظلوم و مدّ البصر، فمن قال لك غير هذا فكذّبه .

قال : صدقت یابن رسول الله .

قال : وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس تنظر إليها حين تطلع من مشرقها وتنظر إليها حين تغيب من مغربها.

قال (الشامي) (3) صدقت ، فما قوس قزح؟

قال : ويحك لا تقل قوس قزح فإنّ قزح إسم الشيطان، وهو قوس الله وهذه علامة الخصب وأمان لأهل الأرض من الغرق، وأمّا العين التي تأوي إليها أرواح المشركين فهي عين يقال لها برهوت، وأمّا العين التي تأوي إليها أرواح

ص: 276


1- من المصدر
2- كذا في المصدر ، وفي الأصل : لها
3- ليس في المصدر

المؤمنين فهي عين يقال لها سلما .

وأمّا المؤنث فهو الذي لا يدري أذكر هم أم أُنثى، فإنّه ينتظر به فإن كان ذكر احتلم وإن كان أُنثى حاضت وبدئ ثديها وإلا قيل له بُل على الحائط فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر وإن انتكص بوله كماينكص بول البعير فهي امرأة .

وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض : فأشدّ شيء خلقه الله الحجر، وأشدّ من الحجر الحديد [يقطع به الحجر] وأشدّ من الحديد النار تذيب الحديد ، وأشدّ من النار الماء يطفىء النار، وأشدّ من الماء السحاب يحمل الماء، وأشدّ من السحاب الريح تحمل السحاب، وأشدّ من الريح الملك الذي يرسلها، وأشدّ من الملك ملك الموت الّذي يميت الملك، وأشدّ من ملك الموت الّذي يميت ملك الموت الموت الّذي يميت ملك الموت، وأشدّ من الموت أمر الله الّذي يميت الموت.

فقال الشامي : أشهد أنّك ابن رسول الله حقّاً وأنّ عليّاً أولى بالأمر من معاوية ، ثمّ كتب هذه الجوابات وذهب بها إلى معاوية فبعثها (معاوية) إلى ابن الأصفر فكتب إليه ابن الأصفر : يا معاوية (لم) تكلّمني بغير كلامك وتجيبني بغير جوابك ! أُقسم بالمسيح ما هذا جوابك وما هو إلّا من معدن النبوّة وموضع الرسالة، وأمّا أنت فلو سألتني درهماً ما أعطيتك . (1)

ص: 277


1- الإحتجاج: ص 267 - 269؛ الخصال : ج2 ص440 - 442 وعنه بحار الأنوار : ج10 ص 129

جوابه علیه السّلام عن ثلاث

{3}

[884] روی ابن شهر آشوب في «المناقب» : كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن ثلاث : عن مكان بمقدار وسط السماء، وعن أوّل قطرة دم وقعت على الأرض، وعن مكان طلعت فيه الشمس مرّة، فلم يعلم ذلك، فاستغاث بالحسن بن علي علیهماالسّلام، فقال :

ظهر الكعبة، ودم حوّاء، وأرض البحر حين ضربه موسى. (1)

من أتاهم ربح

{4}

[885] من أتانا لم يُعدم خصلةً من أربع : آية محكمة، أو قضيّة عادلة ، أو أخاً مستفاداً، أو مجالسة العلماء . (2)

سقيتُ السُمّ مراراً

{5}

[886] عن عمر بن إسحاق قال : دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي نعوده، فقال : يا فلان سلني .

قال : لا والله لا نسألك حتّى يعافيك الله ثمّ نسألك .

ص: 278


1- المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص152 وعنه بحار الأنوار: ج 43 ص357 ح 35
2- البيان التبيين للجاحظ : ج 2 ص197 وعنه العطاردي في مسند الإمام المجتبى علیه السّلام فی باب المواعظ : ص 727 ح 85

قال : ثمّ دخل ثمّ خرج إلينا فقال : سلني قبل أن لا تسألني .

فقال : بل يعافيك الله ثمّ أسألك .

قال : لقد ألقيت طائفة من كبدي، وإنّي سقيت السمّ مراراً فلم أسق مثل هذه المرّة. (1)

الدنيا سجن المؤمن

{6}

[887] ونقل أنّه علیه السّلام اغتسل وخرج من داره في حلّة فاخرة، وبزّة طاهرة ، ومحاسن سافرة، وقسمات ظاهرة، ونفخات ناشرة، ووجهه يشرق حسناً ، وشكله قد كمل صورة و معنى، والإقبال يلوح من أعطافه، ونضرة النعيم تعرف في أطرافه وقاضي القدر قد حكم أنّ السعادة من أوصافه، ثمّ ركب بغلة فارهة غير قطوف، وسار مكتنفاً من حاشيته وغاشيته بصفوف، فلو شاهده عبدمناف الأرغم بمفاخرته به معاطس أُنوف، وعدّه و آباءه وجدّه في إحراز خصل الفخار يوم التفاخر بأُلوف.

فعرض له في طريقه من محاويج اليهود همّ في هدم قد أنهكته العلّة، وارتكبته الذلّة، وأهلكته القلّة، وجلده يستر عظامه، وضعفه يقيّد أقدامه، وضرُّه قد ملك زمامه، وسوء حاله قد حبّب إليه حمامه، وشمس الظهيرة تشوي

ص: 279


1- أورده جمع من الأعلام : منهم الحافظ أبو نعيم الأصفهاني المتوفّی (30) في حلية الأولياء» (ج2 ص 38 ط السعادة بمصر) قال : حدّثنا محمّد بن علي، ثنا أبو عروبة الحراني ، ثنا سليمان بن عمر بن خالد، ثنا ابن عليّة ، عن ابن عون، عن عمیر بن إسحاق قال : دخلت ... الخبر . وأورده أيضاً ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص 208

شواه، وأخمصه يصافح ثرى ممشاه ، وعذاب عرّ عريه قد عراه، وطول طواه قد أضعف بطنه وطواه وهو حامل جرّ مملوء ماء على مطاه، وحاله تعطف عليه القلوب القاسية عند مرآه .

فاستوقف الحسن علیه السّلام وقال : يابن رسول الله : أنصفني .

فقال علیه السّلام: في أيّ شيء؟

فقال : جدّك يقول : «الدُنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» وأنت مؤمن وأنا کافر ! فما أرى الدنيا إلّا جنّة تتنعّم بها، وتستلذُّ بها، وما أراها إلّا سجناً لي قد أهلكني ضرُّها، وأتلفني فقرها .

فلمّا سمع الحسن علیه السّلام كلامه أشرق عليه نور التأييد، واستخرج الجواب بفهمه من خزانة علمه، وأوضح لليهودي خطاء ظنّه وخطل زعمه ، وقال :

یا شیخ! لو نظرت إلى ما أعدّ الله لي وللمؤمنين في الدار الآخرة ممّا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، لعلمت أنّي قبل انتقالي إليه في هذه الدُنيا في سجن ضنك، ولو نظرتَ إلى ما أعدَّ الله لك ولكلّ كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم، ونكال العذاب المقيم، لرأيت أنّك قبل مصيرك إليه الآن في جنّة واسعة، ونعمة جامعة .

بیان : سفر الصبح : أضاء وأشرق كأسفر، والمرأة كشفت عن وجهها فهي سافر، والقسمة بكسر السين وفتحها: الحسن، والأعطاف : الجوانب ، والغاشية : السُّؤال يأتونك والزُوّار والأصدقاء ينتابونك، والهمُّ بالكسر الشيخ الفاني، والهمُّ بالكسر : الثوب البالي أو المرقَّع أو خاصّ بكساء الصوف، والجمع أهدام وهدم والشوى : اليدان والرجلان والرأس من الآدميّين . والعرُّ بالضمّ: قروح مثل القوباء تخرج بالإبل متفرِّقة في مشافرها و قوائمها، يسيل منها مثل الماء الأصفر، وبالفتح : الجرب . ويحتمل أن يكون «عرعرته» وعرعريُ

ص: 280

الجبل والسنام وكلّ شيء - بضمّ العينين - رأسه. الطّوى بالفتح : الجوع، ولعلّ المراد بالطوى ثانياً ما انطوى عليه من الأحشاء والأمعاء، والمطا: الظهر . (1)

وفي رواية قال علیه السّلام:

لو علمت ما أعدّ الله لي في دار الآخرة ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لعلمت أني في هذه الحالة بالنسبة إلى ذلك في سجن، ولو نظرتَ إلى ما أعدّ الله لك في دار الآخرة من العذاب العليم (الأليم ظ) لرأيت أنّك الآن في جنّة واسعة.

قاله علیه السّلام حين استوقفه يهوديّ وقال له: قال جدك : الدُنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر وأنت مؤمن وأنا كافر، وما أرى الدنيا إلّا جنّة لك وسجناً عليّ. (2)

جوابه للخضر علیه السّلام

{7}

[888] أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثني أبوالمفضّل،

ص: 281


1- بحار الأنوار: ج 3، ص346 عن كشف الغمّة : ج 2 ص 118
2- رواه العلامة باكثير الحضرمي في وسيلة المآل» (ص 172 مخطوط). ورواه المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار: ج 68 ص 220 - 221 وذيّله بقوله : وأقول: فالكلام يحتمل وجهين : أحدهما: أن تكون المعنى أنّ المؤمن غالباً في الدنيا بسوء حال وتعب وخوف، والكافر غالباً في سعة وأمن ورفاهية، فلا ينافي كون المؤمن نادراً بحال حسن، والكافر نادراً بمشقّة، وثانيهما : أن يكون المعنى أنّ المؤمن في الدنيا كأنّه في سجن، لأنّه بالنظر إلى حاله في الآخرة وما أعدّ الله له من النعيم كأنّه في سجن، وإن كان بأحسن الأحوال بالنظر إلى أهل الدنيا، والكافر بعكس ذلك لأنّ نعیمه منحصر في الدنيا، وليس له في الآخرة إلا أشدّ العذاب، فالدنيا جنّته ، وإن كان بأسوأ الأحوال، وظهر وجه آخر ممّا ذكرنا سابقاً

محمّدبن عبدالله، قال: حدّثني أبوالنجم بدر بن الطبرستاني، قال : روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الثاني علیه السّلام بأنّه قال :

أقبل أمير المؤمنين علیه السّلام ومعه ابنه أبو محمّد الحسن، وسلمان الفارسي ودخل المسجد، فجلس واجتمع الناس حوله، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أمير المؤمنين وجلس ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أجبتني عنهنّ علمت أنّ القوم قد ركبوا منك ما حظر عليهم وارتكبوا إثماً یوبقهم في دنياهم لأحرقهم (1)، وإن تكن الأُخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.

فقال أمير المؤمنين : سلني عمّا بدا لك .

قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وینسی؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟

فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمّد علیه السّلام فقال : يا أبا محمّد أجبه .

فقال الحسن علیه السّلام: أمّا ماسألت من أمر الرجل أين تذهب روحه إذا نام؟ فإنّ روحه معلّقة بالريح، والريح معلّقة بالهواء إلى وقت مايتحرّك صاحبها الليقظة، فإن أذن الله بردّ روحها على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها، جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت مايبعث .

وأمّا ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان، فإنّ قلب الرجل في حقّ وعلى الحقّ طبق، فإن صلّى عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة انكشف ذلك

ص: 282


1- في البحار: ج 58 ص 37 ب 42 ح 8 عن العيون والعلل : إنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا مأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم

الطبق عن ذلك الحقّ، فانفتح القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يُصلّ على محمّد وآل محمّد وانتقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذکر.

وأمّا ما ذكرت من أمر المولود يشبه أعمامه وأخواله: فإنّ الرجل إذا أتى أهله يجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب وانسكبت (1) تلك النطفة فوقعت في جوف الرحم وخرج الولد يشبه أباه وأُمّه، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة ووقعت في اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله .

فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ محمّدًا رسوله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّك وصيّ رسوله القائم بحجّته ، وأشار إلى أمير المؤمنين علیه السّلام ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ ابنك هو القائم بحجّتك، وأشار إلى الحسن علیه السّلام، وأشهد أنّ الحسين بن علي ابنك والقائم بحجّته بعد أخيه، وأشهد أنّ علي بن الحسين القائم بأمر الحسين، وأشهد أنّ محمّد بن علي القائم بأمر عليّ بن الحسين، وأشهد أنّ جعفر بن محمّد القائم بأمر محمّد بن علي، وأشهد أنّ موسی بن جعفر القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد أنّ عليّ بن موسى القائم بأمر موسی بن جعفر، وأشهد أنّ محمّد بن علي القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد أنّ علي بن محمّد القائم بأمر محمّد بن علي، وأشهد أنّ الحسن بن علي القائم بأمر علي بن محمّد، وأشهد أنّ رجلاً من ولد الحسين بن علي لايسمّى ولا يكنّى حتّى يظهر أمره ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً هو القائم بالحجّة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله

ص: 283


1- في البحار : فاستكنّت

وبركاته، ثمّ قام فمضى .

فقال أمير المؤمنين علیه السّلام للحسن علیه السّلام : اتبعه فانظر أين يقصد .

قال : فخرج الحسن علیه السّلام في أثره قال : فما كان إلّا أن وضع رجله في الركاب خارج المسجد فما أدري أين أخذ من الأرض، فرجعت إلى أمير المؤمنين علیه السّلام فأعلمته.

فقال لي : يا أبا محمّد أتعرفه؟

قلت : الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم .

قال : هو الخضر علیه السّلام. (1)

كيف أصبحت ؟

{8}

[889] عن جعفر بن محمّد علیهماالسّلام قال :

كان للحسن بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما صديق وكان ماجناً فتباطأ عليه أيّاماً فجاءه يوماً، فقال له الحسن علیه السّلام: كيف أصبحت؟

فقال : يابن رسول الله أصبحت بخلاف ما أحبّ ويحبّ الله ويحبّ الشيطان .

ص: 284


1- کمال الدين : ص 181 - 183 ؛ عيون أخبار الرضا علیه السّلام: ج1 ص65؛ غيبة الطوسي : ص107-108؛ بحار الأنوار: ج36 ص415؛ تفسير علي بن إبراهيم: ج2 ص 44 و45 ؛ دلائل الإمامة : ص 68 - 70؛ وبحار الأنوار أيضاً : ج 61 ص 36 عن العيون والعلل : ج 1 ص 90 بإسناده عن أبيه، ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله، وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعاً، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، عن أبي جعفر محمّد بن علي الثاني قال : أقبل أمير المؤمنين علیه السّلام ... الخ

فضحك الحسن علیه السّلام ثمّ قال : وكيف ذاك؟

قال : لأنّ الله عزّوجلّ يحبّ أن أُطيعه ولا أعصيه ولست كذلك، والشيطان يحبّ أن أعصي الله ولا أُطيعه ولست كذلك، وأنا أُحبّ أن لا أموت ، ولست كذلك . (1)

أيّهما أكبر ؟

{9}

[890] دخل الحسنُ بن عليّ علیهماالسّلام على معاوية، وعنده ابنُ الزبير وأبو سعید بن عقيل بن أبي طالب، فلمّا جلس الحسنُ، قال معاوية : يا أبا محمّد، أيّهما كان أكبر : عليّ أم الزبير ؟ قال : ما أقرب ما بينها ! عليّ كان أسنّ من الزبير ، رحم الله عليّاً. [فقال ابن] الزبير : ورحم الله الزبير. فتبسّم الحسن. فقال أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب: دع عنك عليّاً والزُبير، إنّ عليّاً دعا إلى أمر فاتُّبع، وكان فيه رأساً، ودعا الزبير إلى أمر كان فيه الرأسُ امرأةً، فلمّا تراءت الفئتان والتقى الجمعان نَکَص الزُبير على عَقِبَيه وأدبر منهزماً قبل أن يَظهر الحقّ فيأخذَه أو يدحض الباطلُ فيتركه، فأدركه رجل لو قيس ببعض أعضائه [لكان أصغر] ، فضرب عنقه وأخذ سَلَبه وجاء برأسه ، ومَضى عليٌّ قُدُماً كعادته من ابن عمّه ونبیه صلّي الله علیه و آله، فرَحم الله عليِاً ولا رَحم الزُبير . فقال ابن الزُبير : أما والله لو أنّ غيرك تكلّم بهذا يا أبا سعيد لعلم .

قال : إنّ الّذي تُعرّض به يرغب عنك. وأخبرت عائشةُ بمقالتهما، فمرّ أبو سعيد بفنائها فنادته : يا أحول یا خَبيث! أنت القائل لابن أختي كذا وكذا؟

ص: 285


1- معاني الأخبار للصدوق: ص 389 تحت الرقم 29 : محمّد بن إبراهيم، عن أحمد بن يونس المعاذي، عن أحمد الهمداني، عن محمّد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه، عن جدّه، عن جعفر بن محمّد علیهماالسّلام قال : كان للحسن ... الخ

فالتفت أبو سعید فلم ير شيئاً، فقال : إنّ الشيطان ليَراك من حيث لا تراه .

فضَحكت عائشة وقالت : الله أبوك! ما أخبث لسانك . (1)

في جواب ملك الروم

{10}

[891] قال ابن شهر آشوب في «المناقب» : وعنه علیه السّلام في جواب ملك الروم: مالا قبلة له فهي الكعبة، وما لا قرابة له فهو الربّ تعالى . (2)

ما المحبّة؟

{11}

[892] حين سئل منه عن المحبّة فقال : بذل المجهود، والحبيب يفعل ما يشاء. (3)

حقيقة الجهل ؟

{12}

[893] سأل أمير المؤمنين إبنه الحسن علیهماالسّلام عن أشياء، منها: قال : فما الجهل؟

قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمکان منها، والإمتناع عن

ص: 286


1- العقد الفرید: ج 4 ص 14 - 15 و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 3 ص 7
2- المناقب : ج2 ص152 وعنه بحار الأنوار: ج 43 ص 357
3- رواه علامة العرفان والحديث أبونصر عبدالله بن علي السرّاج الطوسي الشهير بطاوس الفقراء في «اللمع» (ص 87 ط القاهرة) . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 242

الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنتَ فصيحاً . (1)

لنعرف الحزم

{13}

[894] سأل أمير المؤمنين عن ابنه الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : يابنيّ ما الحزم؟

قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك . (2)

الجزع القبيح

{14}

[895] قال ابن أبي الحديد: وسئل الحسن علیه السّلام عن الخضاب ؟

فقال : هو جزعٌ قبيح .

وقال محمود الورّاق :

یا خاضب الشيب الّذي *** في كلّ ثالثة يعود

إنّ الخضاب إذا مضى *** فكأنّه شيب جدید

فدع المشيب ومايريد *** فلن تعود كماترید (3)

ص: 287


1- بحار الأنوار: ج 78 ص 101 عن معاني الأخبار: ص 401
2- بحار الأنوار : ج 75 ص 101 حا عن معاني الأخبار بإسناده عن الطالقاني، عن محمّد بن سعید بن يحيى، عن إبراهيم بن الهيثم عن أُميّة البلدي، عن أبيه، عن المعافی بن عمران، عن إسرائيل عن المقدام ابن الشريح بن الهاني، عن أبيه قال : سأل أمير المؤمنين علیه السّلام ...
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 18 ص125

لم تخرج من رحم

{15}

[896] سُئِل علیه السّلام عن سبعة أشياء خلقها الله عزّوجلّ لم تخرج من رحم؟

فقال : آدم وحوّاء، وكبش إبراهيم، وناقة صالح، وحيّة الجتة، والغراب الّذي بعثه الله عزّوجلّ يبحث في الأرض، وإبليس لعنه الله تبارك وتعالی . (1)

من علامة السفلة

{16}

[897] سُئِل الحسن علیه السّلام عن السفلة؟

فقال : الّذي يأكل في السوق . (2)

كلمات حول السماحة ؟

{17}

[898] سأل أمير المؤمنين إبنه الحسن بن علي علیهماالسّلام عن أشياء، منها أنّه قال : ما السماحة؟

ص: 288


1- الخصال : ج 2 ص 353 ح 34 بإسناده عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن اليشكري، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي ، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب ، عن سفيان بن أبي ليلى، عن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام أنّه قال في حديث طويل له مع ملك الروم : إنّ ملك الروم سأله فيما سأله عن سبعة أشياء ... الخبر
2- وسائل الشيعة : ج 16 ص 513

قال : إجابة السائل، وبذل النائل . (1)

من السياسة

{18}

[899] سأله شخص عن رأيه في السياسة؟

فقال علیه السّلام: هي أن تَرْعى حقوقَ الله، وحقوقَ الأحياء، وحقوقَ الأموات . (2)

سئل علیه السّلام عن العيّ

{19}

[900] سُئِل علیه السّلام عن العيّ، فقال : العَبَثُ باللحية وكثرة البزق عندالمخاطبة. (3)

أصبحت هكذا

{20}

[901] وقيل له علیه السّلام: كيف أصبحت یابن رسول الله صلّي الله علیه و آله؟

ص: 289


1- معاني الأخبار : ص 401: حدّث عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن سعيد بن يحيى البزوفري، عن إبراهيم بن الهيثم، عن أُميّة البلدي، عن أبيه، عن المعاق بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدام بن شریح بن هاني، عن أبيه شریح قال : سأل أمير المؤمنين ابنه ...
2- تعاليم الإمام المجتبی علیه السّلام : ص206 عن تراث الأئمّة: ص221
3- حلية الأولياء : ج 2 ص 36 بإسناده عن الحارث الهمداني قال : سأل عليّ ابنه الحسن علیهماالسّلام عن أشياء منها : أنه قال : فما العيّ؟ قال : العبث ... الخ. بحار الأنوار : ج 78 ص 104 عن تحف العقول : ص 225. وفيه : قيل : فما العيّ؟ قال : العبث باللحية، وكثرة التنحنح عند المنطق

قال : أصبحت ولي ربّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحسّاب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أُحبّ، ولا أدفع ما أكره، والأُمور بيد غيري، فإن شاء عذّبني وإن شاء عفا عنّي، فأيُّ فقير أفقر منّي ؟! (1)

حقائق عن البخل

{21}

[902] سئل علیه السّلام عن البخل؟

فقال : هو أن يرى الرجل ما أنفقه تلفاً، وما أمسكه شرفاً. (2)

لماذا نكره الموت ؟

{22}

[903] قال رجلٌ للحسن علیه السّلام: إنّي أخاف الموت!

قال : ذاك أنّك أخّرتَ مالَك، ولو قدَّمْتَه لَسَرّك أن تلحق به . (3)

لقد أخربتم آخرتکم

{23}

[904] روى ابن بابویه بإسناده عن الإمام جعفر الصادق علیه السّلام كلاما عن

ص: 290


1- بحار الأنوار : ج 78 ص 113 ط بيروت، عن العدد القويّة
2- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 71 العدد القويّة: عنه البحار: ج 78 ص 113 ورواه البحار أيضاً في ج 74 ص417 ج 38 عن الدّرة الباهرة
3- تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 227 ط بيروت

الإمام الحسن علیه السّلام وساق الحديث إلى أن قال : فقام إليه رجل فقال : يابن رسول الله ما بالنا نكره الموت ولا نحبّه؟

فقال الحسن علیه السّلام: إنكم أخربتم آخرتكم وعمّرتم دنیا کم فانتم تكرهون النُقلة من العمران إلى الخراب . (1)

عنوان الشَرف

{24}

[905] عِنْوانُ الشَرَفِ حُسنُ الخَلَف . (2)

كلمة حول الذلّ

{25}

[906] الذُلّ التضرّع عند المصدوقة (3) . (4)

ص: 291


1- رواه الصدوق في المعاني باب النوادر، تحت الرقم 29 ص 389
2- الإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التوحيدي : ج2 ص63
3- المصدوقة : إظهار البسالة والشجاعة في القتال، مصدر من مصادر (صدق) راجع القواميس
4- بحار الأنوار : ج 78 ص 115 عن العدد القويّة . ذكره الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء : ج2 ص 36 بإسناده عن الحارث الهمداني قال : سأل عليّ ابنه علیهماالسّلام عن أشياء منها: قال: فما الذلّ؟ قال : الفَزَعُ عند المصدوقة

من الكرم

{26}

[907] وقال علیه السّلام: الإنجاز دواء الكرم. (1)

من صفات المروءة

{27}

[908] سال معاوية الحسن بن علي علیهماالسّلام عن المروءة؟

فقال : شحّ الرج على دينه، وإصلاحه مالَه، وقيامه بالحقوق .

فقال معاوية : أحسنت يا أبا محمّد، أحسنت يا أبا محمّد .

قال : فكان معاوية يقول بعد ذلك : وددت أنّ يزيد قالها، وإنّه كان أعور. (2)

كلمتان في المجد

{28}

[909] سأل أمير المؤمنین علیه السّلام ابنه الحسن بن علي علیهماالسّلام مسائل ، منها : قال : فما المجد؟

قال : حمل المغارم وابتناء المكارم . (3)

ص: 292


1- بحار الأنوار : ج 78 ص 113 ط بيروت، عن العدد القوّية، وفي ج 74 ص 417 ح 38 عن الدرّة الباهرة
2- معاني الأخبار للصدوق : ص 257 بإسناده عن عبدالرحمن بن العبّاس - ورفعه . قال : سأل معاوية ... الخ
3- بحار الأنوار: ج 78 ص 101 ح1 عن معاني الأخبار : ص 401 بإسناده عن الطالقاني ، عن محمّد بن سعيد بن يحيى، عن إبراهيم بن الهيثم، عن أُميّة البلدي، عن أبيه، عن المعافی بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدام بن شریح بن هاني، عن أبيه، قال : سأل أمير المؤمنين عن ابنه الحسن علیهماالسّلام ... الخبر

من اللؤم

{29}

[910] وقال علیه السّلام: اللؤم أن لا تشكر النعمة . (1)

هذا حقيقة اللؤم

{30}

[911] قيل له علیه السّلام: ما اللؤم (2)؟

قال : قلّة الندئ (3) وأن ينطق بالخنی (4). (5)

معنى الكلفة

{31}

[912] سأل أمير المؤمنین علیه السّلام من ابنه الحسن علیه السّلام مسائل ، منها قال :

فما الكلفة؟

قال : التمسّك بمن لا يؤمّنك والنظر فيما لا يَعْنيك. (6)

ص: 293


1- بحار الأنوار : ج 78 ص 105؛ کتاب الروضة عن تحف العقول : ص227
2- اللؤم مصدر من لؤم الرجل لؤماً : کان دني الأصل شحيح النفس فهو لئيم
3- الندى (بفتح النون وآخره الألف المقصورة) : الجود والفضل والخير
4- الخنى (بفتح الخاء وآخره المقصورة) : الفحش في الكلام
5- تحف العقول : ص 225 وعنه بحار الأنوار : ج 78 ص 103
6- بحار الأنوار : ج 75 ص 101ح1 عن معاني الأخبار : ص 401 ح 62. وذكره أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء : ج 2 ص 36 مسندة وفيه : قال : كلامك فيما لا يعنيك . وفي بحار الأنوار: ج 78 ص 113 عن العدد القويّة: الكلفة : التمسّك بمن لا يؤاتيك والنظر بما لا يعنيك والجهل وإن كنت فصيحاً

من الكرم

{32}

[913] سُئِل علیه السّلام عن الكرم؟

فقال : الإبتداُ بالعطيّة قبلَ المسألة، وإطعامُ الطعام في المَحْل (1) . (2)

الكرم بمعنى آخر

{33}

[914] قيل للحسن بن علي علیهماالسّلام : ما الكرم؟

قال : الحِفاظ (3) في الشّدةِ والرخاء . (4)

المعروف قبل السؤال

{34}

[915] ومن كلامه حين سأله معاوية عن الكرم؟

فقال : هو التبرّع بالمعروف قبل السؤال، والرأفة بالسائل مع البذل . (5)

ص: 294


1- المحل (بفتح الميم وسكون الحاء) : الشدّة والجدب يقال : زمان ماحل أي : مُجدب
2- بحار الأنوار : ج 78 ص 102 عن تحف العقول: ص 225
3- الحِفاظ (بكسر الحاء المهملة) : الذبّ من المحارم والمنع لها والمحافظة على العهد والوَفاء والتمسّك بالودّ
4- بحار الأنوار : ج 78 ص 103 عن تحف العقول: ص 225
5- رواه العلامة الابشهي في «المستطرف» (ج1 ص145 ط القاهرة) . ورواه في «التمثيل والمحاضرة» (ص 30 ط مطبعة دار إحياء الكتب العربية القاهرة)

إن لكلامك وجهين

{35}

[916] كان الإمام الحسن علیه السّلام يطوف في بيت الله الحرام فسأله رجلٌ عن معنی الجواد؟

فقال له : إنّ لكلامك وجهين : فإن كنت تسألُ عن المخلوق فإنّ الجواد الّذي يؤدّي ما افتُرِضَ عليه، والبخيل الّذي يَبْخَل بما افتُرِضَ عليه، وإن كنتَ تسأل عن الخالق فهو الجواد إن أعطى، وهو الجواد إن مَنَع لأنّه إن أعطى عبداً أعطاه ما ليس له، وإن مَنَعَ مَنَعَ ما ليس له . (1)

كلامه علیه السّلام في الهرّ

{36}

[917] عن صفيّة قالت : سألتُ الحسن بن علي علیهماالسّلام عن الهرّ؟

فقال : هو من أهل البيت . (2)

من بركات الصمت

{37}

[918] سُئل علیه السّلام عن الصمت؟

ص: 295


1- كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيد حسن الشيرازي : ص 22 عن مجمع البحرين : مادّة «جود»
2- المصنّف : ج 1 ص 31: ابن أبي شيبة، حدّثنا شريك، عن الدكين، عن صفيّة، قالت ...

فقال : هو ستر العيّ وزين العرض، وفاعله في راحة وجليسه أمن . (1)

العجز عن شكر الخالق

{38}

[919] قال أبو الحسن الماوردي : قال الحسن بن عليّ (رضي الله عنه) : نعم الله أكثر من أن تُشْكر إلّا ما أعان عليه ، وذنوب ابن آدم أكثر من أن تُغْفَر إلّا ماعفي عنه ، وإذا كنتَ عن شکر نعمه عاجزاً فكيف بك إذا قصّرتَ فيما أمرك ، أو فرّطت فيما كلّفك ونفعه عائد إليك لو فعلتَه، هل تكون لنعمه إلّا كفوراً، فقد قال تعالى : «يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا» (2) . (3)

ص: 296


1- کشف الغمّة : ج 2 ص 197 وعنه بحار الأنوار : ج 75 ص 111 وفيه: «ستر العمى» وهو مصحّف . وفي مرآة المؤمنين : ص312: «هو سير العمر» وهو أيضاً مصحّف
2- سورة النحل، الآية 83
3- أدب الدين والدنيا لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي المتوفّى (450) : ص 32 ط دار الصحابة للتراث طنطا، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 495

إخباره علیه السّلام عن الغيب

إخباره علیه السّلام عن الغيب

ص: 297

إخباره علیه السّلام بالغيب

{1}

[920] قال علیه السّلام : الساعة يدخل إليه من يقتله فإنّه لا يمسی . (1)

علمه علیه السّلام بقاتل عثمان

{2}

[921] الطبري الإمامي قال : حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، قال : قال محمّد بن صالح: رأيت الحسن بن عليّ يوم الدار وهو يقول : أنا أعلمُ مَن يقتل عثمان، فسمّاه قبل أن يقتل عثمان بأربعة أيّام فكان أهلُ الدار يسمّونه الكاهن . (2)

ص: 298


1- المصادر : 1۔ دلائل الإمامة للطبري: ص 65: حدّثنا أبو محمّد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن عبد الله بن مجاهد، عن الأشعث، قال : كنت مع الحسن بن علي حين حوصر عثمان في الدار وأرسله أبوه ليدخل إليه الماء ، فقال لي: الساعة يدخل ... فكان كذلك حتّى قتل في يومه وما أمسى. 2 - إثبات الهداة : ج2 ص 562 ح26 عن مناقب فاطمة وولدها . 3 - مدينة المعاجز : ج2 ص 178 ج13 عن دلائل الإمامة . 4- الأحاديث الغيبيّة : ج2 ص 293
2- دلائل الإمامة : ص 65 وعنه إثبات الهداة : ج 2 ص 562 ح27

مقتل ابن عمر

{3}

[922] فأرسل عبیدالله (1) إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام إنّ لي إليك حاجة فالقني، فلقيه الحسن علیه السّلام فقال له عبيدالله : إنّ أباك قد وتر قريشاً أوّلاً وآخراً وقد شنئه الناس فهل لك في خلعه وأن تتولّى أنت هذا الأمر؟!

فقال : كلّا والله.

ثمّ قال : يابن الخطّاب ! والله لكأنّي أنظر إليك مقتولاً في يومك أو في غدك أما إنّ الشيطان قد زيّن لك وخدعك حتّى أخرجك مخلّقاً بالخلوق تري نساء أهل الشام موقفك وسيصرعك الله ويبطحك لوجهك قتيلاً.

قال : فوالله ما كان إلّا بياض النهار حتّى قتل عبيدالله وهو في كتيبة رقطاء وكانت تدعى الخضريّة كانوا أربعة آلاف عليهم ثياب مخضر، فمرّ الحسن فإذا رجل متوسّد رجل قتيل وقد ركز رمحه في عينه وربط فرسه برجله، فقال الحسن المن معه : انظروا إلى هذا وإذاً رجل من هَمْدان وإذا القتيل عبيدالله بن عمر قد قتله الهمداني في أوّل الليل وبات عليه حتّى أصبح.

قال نصر : وقد اختلفت الرواة في قاتله فقالت هَمْدان : نحن قتلناه قتله هانیء بن الخطّاب، وقالت حضرموت : نحن قتلناه قتله مالك بن عمرو وقال بكر بن وائل : قتله منّا محرز بن الصحصح، وروي أن قاتله حریث بن جابر بن الجعفي . (2)

ص: 299


1- هو عبیدالله بن عمر بن الخطّاب، صحابيّ، ولد في عهد رسول الله صلّي الله علیه و آله، وأسلم بعد إسلام أبيه، ثمّ سكن المدينة، ورحل إلى الشام، فشهد صفّين مع معاوية وقُتل فيها سنة (37)
2- کتاب صفّين لنصر بن مزاحم: ج5 ص297 وعنه شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج5 ص 233 وعنه إثبات الهداة : ج 2 ص 564 ج40 وبحار الأنوار : ج23 ص 480

قصّة طبع الحصاة

{4}

[923] قالت أُمّ سليم (1): كنت امرأة قد قرأت التوراة والإنجيل فعرفت أوصياء الأنبياء و أحببت أن أعلم (2) وصيّ محمّد صلّي الله علیه و آله.

فلمّا قدمت رکابنا المدينة أتيت رسول الله صلّي الله علیه و آله وخلّفت الركاب مع الحيّ فقلت : يا رسول الله ما من نبيّ إلّا وكان له خليفتان : خليفة يموت قبله، وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى في حياته هارون علیه السّلام فقبض قبل موسى، ثمّ كان وصيّه بعد موته يوشع بن نون، وكان وصيّ عيسى علیه السّلام في حياته کالب بن يوفنّا فتوفّي كالب في حياة عيسى، ووصيّه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمّة مریم، وقد نظرت في الكتب الأُولى فما وجدت لك إلّا وصيّاً واحداً في حياتك وبعد وفاتك فبيّن لي بنفسي أنت یا رسول الله مَن وصيّك؟

فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: إنّ لي وصيّاً واحداً في حياتي وبعد وفاتي .

قلت له : من هو؟

فقال : ایتيني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفّيه ثمّ فركها (3) بيده كسحيق الدقيق ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه فبدا النقش فيها للناظرين ثمّ أعطانيها وقال : يا أُمّ سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيّي.

ص: 300


1- في المصدر : وبين الحديثين خلاف في الألفاظ وليس في عدد الاثنی عشر خلاف إلّا أنّي سقت حديث العامة لما شرطناه في هذا الكتاب
2- في المصدر : أن أعرف
3- أي : حكّها حتّى تفتّتت

قالت : ثمّ قال لي: يا أُمّ سليم وصيّي من يستغني بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائماً لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه.

قالت : فخرجت فرأيت سلمان یکنف (1) عليّاً ويلوذ بعقوته دون من سواه من أُسرة محمّد وصحابته على حداثة من سنّه ، فقلت في نفسي: هذا سلمان صاحب الكتب الأُولى قبلي، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم مالم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي، فأتيت عليّاً علیه السّلام فقلت : أنت وصيّ محمّد صلّي الله علیه و آله؟

قال: نعم، ماتریدین؟

قلت : وما علامة ذلك؟

فقال : ايتيني بحصاة، قالت : فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفّيه ثمّ فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثمّ ختمها فبدا النقش فيها للناظرين، ثمّ مشى نحو بيته فاتّبعته لأسأله عن الّذي صنع رسول الله صلّي الله علیه و آله فالتفت إليّ ففعل مثل الّذي فعله، فقلت : من وصيّك يا أبا الحسن؟

فقال : من يفعل مثل هذا.

قالت أُمّ سليم : فلقيت الحسن بن علي علیهماالسّلام فقلت : أنت وصي أبيك هذا؟ وأنا أعجب من صغره وسؤالي إيّاه مع أنّي كنت عرفت صفتهم الاثني عشر إماماً وأبوهم سيّدهم وأفضلهم، فوجدت ذلك في الكتب الأُولى.

فقال لي: نعم أنا وصيّ أبي.

ص: 301


1- کنف الشيء: صانه وحفظه وحاطه وأعانه

فقلت: وما علامة ذلك؟

قال : ایتيني بحصاة .

قالت : فرفعت إليه حصاة (1) فوضعها بين كفّيه ثمّ سحقها كسحيق الدقيق ، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثمّ ختمها فبدا النقش فيها ثمّ دفعها إليّ .

فقلت له : فمن وصيّك؟

قال : من يفعل مثل هذا الذي فعلت، ثمّ مدّ يده اليمنى حتّى جازت سطوح المدينة وهو قائم ثمّ طأطأ يده اليسرى فضرب بها الأرض من غير أن ينحني أو يتصعّد.

فقلت في نفسي: من يرى وصيّه؟

فخرجت من عنده فلقيت الحسين علیه السّلام وكنت عرفت نعته من الكتب السالفة بصفته وتسعة من ولده أوصياء بصفاتهم غير أنّي أنكرت حليته لصغر سنّه، فدنوت منه وهو على كسرة رحبة المسجد، فقلت له: من أنت يا سيّدي؟

قال : أنا طَلِبَتك (2) يا أُمّ سليم أنا وصيّ الأوصياء وأنا أبو التسعة الأئمّة الهادية وأنا وصيّ أخي الحسن وأخي وصيّ أبي عليّ، وعليّ وصيّ جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله.

فعجبت من قوله فقلت : ما علامة ذلك؟

فقال : ایتیني بحصاة، فرفعت إليه حصاة من الأرض .

قالت أُمّ سليم : فلقد نظرت إليه وقد وضعها بين كفّيه فجعلها کهيئة السحيق من الدقيق، ثمّ عجنها فجعلها ياقوتة حمراء فختمها بخاتمه فثبت النقش

ص: 302


1- في المصدر : فرفعت إليه حصاة من الأرض
2- أي : أنا مطلوبك

فيها ثمّ دفعها إليّ وقال لي : أُنظري فيها يا أُمّ سليم، فهل ترين فيها شيئاً؟

قالت أُمّ سليم : فنظرتُ فإذا فيها رسول الله صلّي الله علیه و آله وعليّ والحسن والحسين وتسعة أئمّة صلوات الله عليهم أوصياء من ولد الحسين علیه السّلام قد تواطئت أسماؤهم إلّا إثنين منهم، أحدهما جعفر والآخر موسى، وهكذا قرأت في الإنجيل.

فعجبت وقلت في نفسي: قد أعطاني الله الدلائل ولم يعطها من كان قبلي ، فقلت : يا سيّدي أعد علىّ علامة أُخرى.

قال: فتبسّم وهو قاعد ثمّ قام فمدّ يده اليمنى إلى السماء فوالله لكأنّها عمود من نار تخرق الهواء حتّى توارى عن عيني وهو قائم لا يعبأ بذلك ولا يتحفّز (1)، فأسقطت وصعقت فما أفقت إلّا ورأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري.

فقلت في نفسي : ماذا أقول له بعد هذا؟ وقمت أنا والله أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الأس، وهي والله عندي لم تذو ولم تذيل (2) ولا انتقص (3) من ريحها شيء، وأوصيت أهلي أن يضعوها في كفني، فقلت : يا سيّدي من وصيك؟ قال : من فعل مثل فعلي.

قالت : فعشت إلى أيّام عليّ بن الحسين علیهماالسّلام.

قال زرّبن حبیش خاصّة دون غيره : وحدّثني جماعة من التابعين سمعوا

ص: 303


1- تحفز : استوى جالساً على ركبتيه أو على وركیه
2- ذوي النبات : ذبل ونشف ماؤه . وذيل : قلّ ماؤه وذهبت نضارته
3- في المصدر : ولا تنقص

هذا الكلام من تمام حديثها، منهم مينا (1) مولى عبدالرحمن بن عوف وسعيد بن جبير (2) مولى بني أسد سمعاها تقول هذا.

وحدثني سعيد بن المسيّب المخزومي (3) ببعضه عنها قالت : فجئت إلى عليّ بن الحسين علیهماالسّلام وهو في منزله قائماً يصلّي، وكان يطول فيها ولا يتحوّز فيها، وكان يصلّي ألف ركعة في اليوم والليلة فجلست ملیّاً فلم ينصرف من صلاته فأردت القيام فلمّا هممت به حانت (4) منّي التفاتة إلى خاتم في اصبعه عليه فصّ حبشيّ، فإذا هو مكتوب : مكانك یا أُمّ سليم آتيك (5) بما جئت له .

قالت : فأسرع في صلاته فلمّا سلّم قال لي: يا أُمّ سلیم ایتني بحصاة، من غير أن أسأله عمّا جئت له، فدفعت إليه حصاة من الأرض فأخذها فجعلها بين كفّيه فجعلها کهيئة الدقيق، ثمّ عجنها فجعله یاقوتة حمراء، ثمّ ختمها فثبت فيها النقش فنظرت والله إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين .

فقلت له: فمن وصيّك جعلني الله فداك؟

قال : الّذي يفعل مثل ما فعلت ولا تدركين من بعدي مثلي .

ص: 304


1- هو مینابن أبي مينا الجزار مولی عبدالرحمن بن عوف
2- هو سعید بن جبیر بن هشام الأسدي مولاهم الكوفي، كان من العلماء التابعين. قال ابن حجر في التقريب ص 184 : ثقة ثبت فقيه من الثالثة قتل بين يدي الحجّاج سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين
3- هو سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء التابعين ختن أبي هريرة على ابنته وأعلم الناس بحديثه ولد لسنتين أو أربع سنين من خلافة عمر ومات سنة 94
4- أي : ظهر
5- في المصدر : أُنبئك

قالت أُمّ سليم : فأنسيت أن أسأله أن يفعل مثل ما كان قبله من رسول الله وعليّ والحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، فلمّا خرجت من البيت ومشيت شوطاً ناداني : يا أُمّ سليم.

قلت: لبّيك .

قال : ارجعي، فرجعت فإذاً هو واقف في صرحة (1) داره وسطاً، ثمّ مشى فدخل البيت وهو يتبسّم ثمّ قال : اجلسي يا أُمّ سليم، فجلست فمدّ يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده عنّي، ثمّ قال : خذي يا أُمّ سلیم.

فناولني والله کیساً فيه دنانير وقرط (2) من ذهب وفصوص كانت لي من جزع في حُقّ لي في منزلي (3).

فقلت : يا سيّدي أمّا الحّقّ فأعرفه، وأمّا مافيه فلا أدري ما فيه غير أنّي أجدها ثقيلاً.

قال : خذيها وامضي لسبيلك .

قالت : فخرجت من عنده ودخلت منزلي وقصدت نحو الحقّ فلم أجد الحقّ في موضعه ، فإذا الحقّ حقّي.

قالت : فعرفتهم حقّ معرفتهم بالبصيرة والهداية فيهم من ذلك اليوم والحمد لله ربّ العالمين .

قال ابن عيّاش : سألت أبابکر محمّد بن عمر الجعابي عن هذه أُمّ سليم

ص: 305


1- صرحة الدار : ساحتها
2- في المصدر : وقرطان
3- في المصدر : كانت في منزلي

وقرأت عليه إسناد الحديث للعامّة واستحسن طريقها وطريق أصحابنا فيه فما عرفت أبا صالح الطرسوسي القاضي (1) فقال : كان ثقة عدلاً حافظاً، وأمّا أُمّ سليم فهي امرأة من النمر بن قاسط معروفة من النساء اللاتي روين عن رسول الله صلّي الله علیه و آله، قال : وليست أُمّ سليم الأنصاريّة أُمّ أنس بن مالك، ولا أُمّ سليم الدوسيّة فإنّها لها صحبة ورواية، ولا أُمّ سليم الخافضة الّتي كانت تخفض الجواري على عهد رسول الله صلّي الله علیه و آله، ولا أُمّ سليم الثقفيّة وهي بنت مسعود أخت عروة بن مسعود الثقفي، فإنّها أسلمت وحسن إسلامها وروت الحديث. (2)

مع حبابة الوالبيّة

{5}

[924] عن حبابة الوالبيّة، قالت : رأيت أمير المؤمنین علیه السّلام في شرطة

ص: 306


1- أي : سهل بن محمّد الطرطوسي القاضي المتقدّم في صدر الحديث
2- مقتضب الأثر لأحمد بن محمّد بن عيّاش : ص 18 - 22 : عن سهل بن محمّد الطرطوسي القاضي قال : قدم علينا من الشام سنة أربعين وثلاثمائة عن زيد بن محمّد الرهاوي، عن عمّار بن مطر ، عن أبي عوانة، عن خالد بن علقمة، عن عبيدة عن عمرو السلماني، عن عبدالله بن خبّاب بن الأرتّ، عن سلمان الفارسي والبراء بن عازب قالا: قالت أُمّ سليم : كنت امرأة ... الخ. قال : ومن طريق أصحابنا : حدّثني عليّ بن حبشيّ بن قوني، عن جعفر بن محمّد الفزاري، عن الحسين المنقري، عن الحسن بن محبوب ، عن الثمالي، عن زرّ بن حبیش (بكسر الزاء وتشديد الراء وتصغير حبیش . هو زر بن حبيش الأسدي الكوفي أبو مريم. قال ابن حجر في التقريب : ثقة جليل مخضرم مات إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين، وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة) عن عبدالله بن خبّاب (خبّاب کشدّاد ابن الأرتّ بتشديد التاء التميمي: أبوعبدالله من السابقين إلى الإسلام وكان يعذّب في الله وشهد بدراً ثمّ نزل الكوفة ومات بها سنة 37) عن سلمان و البراء قالا: قالت أُمّ سليم : كنت امرأة ...

الخميس ومعه درّة لها سبّابتان، يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمّار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجندبني مروان!

فقام إليه فرات بن أحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين! وما جندبني مروان؟

قال : فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشارب فمسخوا فلم أر ناطقاً أحسن نطقاً منه، ثمّ اتبعته فلم أزل أقفو أثره حتّى قعد في رحبة المسجد، فقلت له: يا أمير المؤمنین ! ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟

قالت : فقال : ائتيني بتلك الحصاة، وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع الي فيها بخاتمه، ثمّ قال لي: يا حبابة إذا ادّعى مدّع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنّه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده .

قالت : ثمّ انصرفت حتّى قبض أمير المؤمنين علیه السّلام، فجئت إلى الحسن علیه السّلام وهو في مجلس أمير المؤمنين علیه السّلام والناس يسألونه .

فقال : يا حبابة الوالبيّة.

قلت : نعم يا مولاي .

فقال : هاتي ما معك .

قالت : فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين علیه السّلام .

قالت : ثمّ أتيت الحسين علیه السّلام وهو في مسجد رسول الله صلّي الله علیه و آله فقرب ورحب ، ثمّ قال لي: إنّ في الدلالة دليلاً على ما تريدين ، أفتریدین دلالة الإمامة؟

فقلت : نعم يا سيّدي.

فقال : هاتي ما معك، فناولته الحصاة، فطبع لي فيها.

قالت : ثمّ أتيت علي بن الحسين علیه السّلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن رعشت وأنا أُعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً وساجداً و مشغولاً بالعبادة فيئست من الدلالة ، فأومئ لي بالسبّابة، فعاد إليّ شبابي .

ص: 307

قالت : فقلت : يا سيّدي، كم مضى من الدنيا و كم بقي؟

فقال : أمّا ما مضى فنعم، وأمّا ما بقي فلا.

قالت : ثمّ قال لي: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة فطبع فيها .

ثمّ أتيت أبا جعفر علیه السّلام فطبع لي فيها، ثمّ أباعبدالله علیه السّلام فطبع لي فيها، ثمّ أتيت أبا الحسن موسی علیه السّلام فطبع لي فيها .

ثمّ أتیت الرضا علیه السّلام فطبع لي فيها، وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمّد بن هشام . (1)

دونك الرجل

{6}

[925] عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : خرج الحسن بن علي إلى مكّة سنة ماشياً فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه : لو ركبت امسك عنه هذه الورمة.

فقال : كلّا إذا أتينا هذا المنزل فإنّه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسة.

فقال له مولاه: بأبي أنت وأُمّي ما قدامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء .

فقال : بلى إنّه أمامك دون المنزل، فسار میلاً فإذا هو بالأسود.

فقال الحسن علیه السّلام لمولاه: دونك الرجل فخذ منه الدهن وأعطه الثمن .

ص: 308


1- مدينة المعاجز : ج3 ص 248 - 250: محمّد بن يعقوب : عن علي بن محمّد، عن أبي علي محمّد بن إسماعيل بن موسی ابن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمّد بن خداهي، عن عبدالله بن أيّوب، عن عبدالله بن هاشم، عن عبدالکریم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبيّة، قالت : رأيت أمير المؤمنین علیه السّلام ... . عن الكافي: ج1 ص 346 ج 3

فقال الأسود: يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟

فقال : للحسن بن علي.

فقال : انطلق بي إليه، فانطلق به فأدخله إليه، فقال له : بأبي أنت وأُمّي لم أعلم أنّك تحتاج إلى هذا وترى ذلك ولست آخذ له ثمناً إنّما أنا مولاك ولكن ادع الله أن يرزقني ذكراً سويّاً يحبّكم أهل البيت فانّي خلفت أهلي وهي تمخض

فقال : انطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكراً سويّاً وهو من شیعتنا. (1)

ورواه أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في كتاب الإمامة قال: روئ أبو أُسامة زيد الشحّام، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : خرج الحسين بن علي علیه السّلام إلى مكّة سنة من السنين [حاجّاً حافياً] (2) فورمت قدماه ، فقال له بعض مواليه : لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجليك.

قال : كلّا [ولكن] (3) إذا أتيت (4) المنزل (فإنّه ليستقبلك) (5) أسود معه دهن

ص: 309


1- الكافي : ج 1 ص 463 ح6 : محمّد بن يعقوب : عن الحسين بن محمّد، عن معلی بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي بن النعمان، عن صندل، عن أبي أُسامة ، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : ... . وعنه بحار الأنوار: ج 43 ص 324 ج 3 و 4 والعوالم : ج16 ص89 ح 3، وعن الخرائج : ج1 ص 239 ح4. ورواه في إثبات الهداة : ص 135 - 139 مرسلا، باختلاف
2- من المصدر
3- من المصدر
4- كذا في المصدر، وفي الأصل : أتينا
5- في المصدر : سيستقبلك

بهذا الدوح (1)، فاشتره منه ولا تماکسه .

فقال مولاه: بأبي أنت وأُمّي ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء ، قال : بلی (انّه) (2) أمامك دون المنزل، فسارة أميالاً فإذا الأسود قد استقبله .

فقال الحسن لمولاه: دونك الرجل (3) فخذ منه الدهن وأعطه ثمنه .

فقال الأسود [للمولى] (4): ويحك يا غلام [لمن] (5) أردت هذا لادهن؟

فقال : للحسن بن علي علیهماالسّلام.

فقال : انطلق بي إليه، فأخذ بيده حتّى أدخله إليه (6).

فقال : بأبي أنت وأُمّي لم أعلم إنّك تحتاج إليه ولا أنّه دواء لك ولست (7) آخذ له ثمناَ، (إنّما أنا مولاك)، ولكن ادع الله أن يرزقني ذكراً سويّاً يحبّكم أهل البيت، فإنّي خلّفت امرأتي وقد أخذها الطلق (تمخّض).

قال : انطلق إلى منزلك فإنّ الله تبارك وتعالى قد وهب لك ذکراً سويّاً وهو لنا شيعة فرجع الأسود فوره فإذا أهله قد وضعت غلاماً سوياً، [فعاد إلى الحسن] فأخبره بذلك ودعا له (وقال له خيراً)، ومسح الحسن رجليه بذلك الدهن، فما برح من مجلسه حتّى سكن ما به ومشى على رجليه .

ص: 310


1- في المصدر : لهذا الداء
2- ليس في المصدر
3- في المصدر : الأسود
4- من المصدر
5- من المصدر
6- من المصدر
7- ليس في المصدر

ورواه ثاقب المناقب : وفي آخر حديثه: ومسح بذلك الدهن رجليه، فما برح من مجلسه حتّى سكن ورمه ومشى على قدميه .

ورواه السيّد المرتضى في عيون المعجزات : وفي آخر الحديث : ولكن ادع الله أن يرزقني ذکراً سويّاً يحبّكم أهل البيت ، فإنّي (أخلفت) امرأتي حامل .

فقال علیه السّلام: انطلق إلى منزلك فإنّ الله قد وهب لك غلاماً سويّاً وهو لنا شيعة ومحبّ، فانطلق فوجد امرأته [قد] ولدت غلاماً.

وروي أن ذلك المولود (السيد إسماعيل بن محمّد) الحميري شاعر أهل البيت (صلوات الله عليهم) . (1)

ديوان الشيعة

{7}

[926] محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسین (2)، عن فضالة بن أيّوب، عن (أحمد بن) (3) سليمان، عن عمر بن أبي بكر (4)، عن رجل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : لمّا وادع الحسن بن علي علیه السّلام معاوية وانصرف إلى المدينة صحبته في منصرفه وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجّه، فقلت له ذات يوم: جعلت فداك يا أبا محمّد هذا الحمل لا يفارقك

ص: 311


1- دلائل الإمامة : ص 68 ؛ الثاقب في المناقب : ص314 ح 2؛ عيون المعجزات : ص62. وأورده في الصراط المستقیم: ج2 ص 177 ح 4 مختصراً. مدينة المعاجز : ج3 ص246
2- هو حسين بن سعيد الاهوازي
3- ليس في المصدر والبحار
4- في الصمدر: عمرو بن أبي بكر، وفي البحار : عمر بن أبي بكران

حيث ما توجّهت .

فقال : يا حذيفة أتدري ما هو؟

قلت : لا.

قال : هذا الديوان !

قلت: دیوان ماذا؟

قال : ديوان شيعتنا فيه أسماؤهم .

قلت : جعلت فداك فأرني إسمي .

قال : أُغدُ بالغداة .

قال : فغدوت إليه ومعي ابن أخ لي وكان يقرأ ولم أكن أقرأ، فقال (لي) (1): ماغدا بك؟

قلت : الحاجة الّتي وعدتني .

قال : من ذا الذي (2) معك؟

قلت : ابن أخ لي وهو يقرأ ولست أقرأ .

قال : فقال لي : اجلس فجلست، ثمّ قال : عليّ بالديوان الأوسط .

قال : فأْتي به.

قال: فنظر الفتى فإذا الأسماء تلوح، قال : فبينما هو يقرأ إذ قال : هو يا عمّاه هو ذا إسمي.

قلت : ثكلتك أُمّك أُنظر أين اسمي !

قال : فصفح ثمّ قال : هو ذا إسمك .

ص: 312


1- ليس في المصدر والبحار
2- في المصدر والبحار : ومن ذا الفتى

قال : فاستبشرنا واستشهد الفتى مع الحسين بن علي (صلوات الله عليه). (1)

في أحشاء الظبية

{8}

[927] الطبري الإمامي قال : حدّثنا سليمان بن إبراهيم الضبي (2)، قال : حدّثنا زیدبن کامل بن أبي (3) نوفل محمّد بن نوفل العبدي، قال : شهدت الحسن بن علي علیهماالسّلام وقد أتى بظبية فقال : هي حبلی بخشفين أُنثيين إحديهما في عينها عيب (4)، فذبحوها فوجدناهما (5) كذلك . (6)

يصف عِجلة في بطن أُمّها

{9}

[928] هذه حبلي بعجلة أُنثى لها غرة في جبهتها، ورأس ذنبها أبيض . (7)

ص: 313


1- بصائر الدرجات لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمي المتوفّی (290) ط قم 1404 ص 172 ح 6 وعنه مدينة المعاجز : ج 2 ص 219 ح73
2- في المصدر : النصيبيني
3- في المصدر : زربن کامل، عن أبي
4- كذا في المصدر، وفي الأصل : غيد
5- في المصدر : فوجدناها
6- دلائل الإمامة: ص 67، عنه إثبات الهداة : ج2 ص 563 ح39؛ مدينة المعاجز : ج3 ص 242
7- المصادر : 1۔ دلائل الإمامة: ص 67: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد البلوي، قال : قال عمارة بن زيد المدني، حدّثني إبراهيم بن سعيد و محمّد بن مسعر، كلاهما، عن محمّد بن إسحاق صاحب المغازي ، عن عطاء بن يسار، عن ابن عبّاس ، قال : مرّت بالحسن بن علي بقرة، فقال : هذه ...، فانطلقنا مع القصّاب، فلمّا ذبحها وجدنا الأمر على ماذكر، فقلنا له : أو ليس الله سبحانه يقول : ويعلم ما في الأرحام، فكيف علمت هذا؟ فقال : إنّا نعلم المكنون المخزون المكتوم الّذي لم يطّلع عليه ملك مقرّب ولانبيّ مرسل غیر محمّد وذريّته . 2 - نوادر المعجزات : ص 105 کما في دلائل الإمامة سنداً و متناً. 3- فرج المهموم : ص 223 عن دلائل الإمامة. 4 - إثبات الهداة : ج2 ص563 ح35 عن مناقب فاطمة وولدها . 5 - مدينة المعاجز : ج2 ص 180 ح 22 عن دلائل الإمامة . 6 - بحار الأنوار : ج 43 ص 328 ح 61 عن فرج المهموم . وفي ج 58 : ص 273 ح 61 عن دلائل الإمامة . 7 - الأحاديث الغيبيّة : ج 2 ص 297

معرفته علیه السّلام بجميع اللغات

{10}

[929] محمّد بن يعقوب : عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن محمّد بن الحسن ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله ، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال :

إنّ الحسن (بن علي علیهماالسّلام) قال : إنّ لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأُخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وعلى كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع، وفيهما ألف ألف لغة ، يتكلّم كلّ لغة بخلاف صاحبها، وأنا أعرف جميع اللغات

ص: 314

وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي.

ورواه محمّد بن الحسن الصفّار في بصائر الدرجات : عن يعقوب بن یزید، عن ابن أبي عمير، [عن رجاله] عن أبي عبدالله علیه السّلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليه وعلى آبائه) أنّه قال : إنّ لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأُخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وذكر الحديث .

ورواه سعدبن عبدالله في بصائر الدرجات : عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن رجاله ، عن أبي عبدالله علیه السّلام رفعه إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : إنّ الله عزّوجلّ مدينتين إحداهما بالمشرق والأُخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وذكر الحديث . (1)

ورواه أيضاً سعد بن عبدالله في بصائر الدرجات : قال : حدّثنا سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، وعبدالله بن محمّد، عن عبدالله بن القاسم، عن سماعة بن مهران، عمّن حدّثه ، عن الحسن بن حي وأبي الجارود ذكراه، عن أبي سعيد عقیصا الهمداني، قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام:

ص: 315


1- الكافي : ص 462 ح5؛ بصائر الدرجات : ص 339 ملحق ح4 وح5 وص493 ج11؛ مختصر بصائر الدرجات : ص 21 والإختصاص: ص 291. وأخرجه في بحار الأنوار : ج 27 ص 41ح 2 وج57 ص 326 ح6 عن البصائر ؛ وفي بحار الأنوار: ج 43 ص 337 ح 7 والعوالم : ج 16 ص 109ح6 عن البصائر ومناقب آل أبي طالب : ج4 ص 9. وأورده البحراني في حلية الأبرار : ج 3 ص 45 - 46 ج1 - 3. ويأتي في المعجزة 72 من معاجز الإمام الحسين (صلوات الله عليه) عن المختصر والإختصاص

إنّ لله مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب على كلّ واحدة [منهما] (1) سور من حديد في كلّ سور سبعون ألف مصراع ذهباً يدخل في كلّ مصراع سبعون ألف ألف (2) آدمي ليس منها لغة إلّا وهي مخالفة للأُخرى، وما منها لغة إلّا وقد علمناها، وما فيهما وما بينهما ابن نبيّ غيري وغير أخي وأنا الحجّة عليهم. (3)

ورواه الشيخ المفيد (قدّس سرّه) في كتاب الإختصاص:

عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال :

قال الحسن بن علي علیه السّلام: إنّ لله مدينتين : إحداهما بالمشرق، والأُخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وعلى كلّ مدينة ألف ألف باب مصراعين من ذهب وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كلّ لغة بخلاف لغة صاحبتها وأنا أعرف جميع اللغات ومافيهما وما بينهما، وما عليهما حجّة غيري وغير أخي الحسين . (4)

تبيين : قال الشيخ المفيد في كتاب المسائل : القول في معرفة الأئمّة علیهم السّلام بجميع الصنائع وسائر اللغات أقول: إنه ليس بممتنع ذلك منهم علیهم السّلام ولا واجب من جهة العقل والقياس، وقد جاءت أخبار عمّن يجب تصديقه بأنّ أئمّة

ص: 316


1- من المصدر
2- في المصدر : لغة
3- مختصر البصائر : ص 11. وأخرجه في بحار الأنوار : ج 27 ص 44 ح4 عن بصائر الدرجات : ص 494 ح12 والمحتضر : ص 104، وفي بحار الأنوار : ج 17 ص 329 ح 14 عن بصائر الدرجات : ص 492 ح5
4- الإختصاص : ص 291

آل محمد علیهم السّلام قد كانوا يعلمون ذلك، فإن ثبت وجب القطع به من جهتها على الثبات، ولي في القطع به منها نظر والله الموفّق للصواب، وعلى قولي هذا جماعة من الإماميّة، وقد خالف فيه بنو نوبخت (رحمهم الله) وأوجبوا ذلك عقلاً و قیاساً، ووافقهم فيه المفوّضة كافّة وسائر الغلاة، انتهى.

أقول: أمّا كونهم عالمين باللغات الأخبار فيه قريبة من حدّ التواتر وبانضمام الأخبار العامّة لايبقى فيه مجال شكّ، وأمّا علمهم بالصناعات فعمومات الأخبار المستفيضة دالّة عليه، حيث ورد فيها أنّ الحجّة لا يكون جاهلاً في شيء يقول : لا أدري. مع ما ورد أنّ عندهم علم ما كان ومایکون وأنّ علوم جميع الأنبياء وصل إليهم، مع أنّ أكثر الصناعات منسوبة إلى الأنبياء علیهم السّلام، وقد فسّر تعليم الأسماء لآدم علیه السّلام بما يشمل جميع الصناعات .

وبالجملة لا ينبغي للمتتبّع الشكّ في ذلك أيضاً، وأمّا حكم العقل بلزوم الأمرين ففيه توقّف، وإن كان القول به غير مستبعد .

كأنّي أنظر إلى أبنائكم

{11}

[930] ولكنّي كأنّي أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون . (1)

ص: 317


1- المصادر : 1- علل الشرائع : ج 1 ص 220 ب160: دسّ معاوية إلى عمرو بن حريث، والأشعث بن قيس، وإلى حجر بن الحجر وشبث بن ربعي، دسيساً أفرد كلّ واحد منهم بعين من عيونه : انّك إن قتلت الحسن بن علي ملك مائتا ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي، فبلغ الحسن علیه السّلام ذلك فاستلام ولبس درعاً وكفرها، وكان يحترز ولا يتقدّم للصلاة بهم إلّا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت لما عليه من اللأمة ، فلمّا صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر ، فأمر علیه السّلام أن يعدل به إلى بطن جریحی و عليها عمّ المختار بن أبي عبيد مسعود بن قيلة ... فقال الحسن علیه السّلام : ویلکم والله إنّ معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، وإنّي أظنّ أنّي إن وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين لدين جدّي صلّي الله علیه و آله وإنّي أقد أن أعبد الله وحدي، ولكنّي كأنّي أنظر ... ، فبعداً وسحقاً لما كسبته أيديكم . 2 - بحار الأنوار: ج 44 ص 33 ح1 عن علل الشرائع . 3 - الأحاديث الغيبيّة : ج 2 ص 252

من فضائح معاوية

{12}

[931] قال : يا معاوية أما والله لولا أنّك تكفر لأخبرتك بما تعمله وذلك أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله كان في زمان لا يكذَّب وأنت تكذِّب وتقول: متى سمع من جدّه على صغر سنّه، والله لتدّعنّ زياد ولتقتلنّ حجراً ولتحملنّ إليك الرؤوس من بلد إلى بلد فادّعى زياداً وقتل حجراً وحمل إليه رأس عمرو بن الحمق الخزاعي . (1)

إخباره عن المستقبل

{13}

[932] إنّ الحسن علیه السّلام قال يوماً لأخيه الحسين علیه السّلام ولعبدالله بن جعفر :

إنّ معاوية بعث إليكم بجوائزكم وهي تصل إليكم يوم كذا لمستهلّ الهلال، وقد أضاقا (2)، فوصلت في الساعة الّتي ذكرها لما كان رأس الهلال،

ص: 318


1- بحار الأنوار : ج 43 ص 330
2- قال الجوهري : ضاق الرجل ، أي : بخل، وأضاق أي : ذهب ماله

فلمّا وافاهم المال كان على الحسن علیه السّلام دین کثیر، فقضاه ممّا بعثه إليه، ففضلت فضلة ففرّقها في أهل بيته ومواليه ، وقضى الحسين علیه السّلام دينه، وقسّم ثلث مابقی في أهل بيته ومواليه وحمل الباقي إلى عياله، وأمّا عبدالله فقضى دينه وما فضل دفعه إلى الرسول ليتعرّف معاوية من الرسول ما فعلوا، فبعث إلى عبدالله أموالاً حسنة . (1)

کم في هذه النخلة ؟

{14}

[933] عن أبي عبدالله علیه السّلام: لمّا صالح الحسن بن علي علیهماالسّلام معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية : يا أبا محمّد بلغني أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم، فإنّ شيعتكم يزعمون أنّه لا يعزب عنکم علم شيء في الأرض ولا في السماء؟

فقال الحسن علیه السّلام : إنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله كان يخرص کیلاً وأنا أخرص عدداً.

فقال معاوية : كم في هذه النخلة؟

فقال الحسن علیه السّلام : أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات.

أقول: ووجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية ابن عباس الجوهري.

فأمر معاوية بها فصرمت وعدَّت فجاءت أربعة آلاف وثلا بسرات.

ثمّ صحّ الحديث بلفظها فقال :

والله ماكذبت ولا كذبت فنظر فإذا في يد عبدالله بن عامر بن کریز

ص: 319


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 323 ح 2 عن الخرائج ، عن الصادق عن آبائه علیهم السّلام

بسرة. (1)

الفضل ما شهدت به الأعداء

{15}

[934] وقال معاوية : إذا لم يكن الهاشميّ جواداً لم يشبه قومه، وإذا لم يكن الزبيريّ شجاعاً لم يشبه قومه، وإذا لم يكن الأمويّ حليماً لم يشبه قومه ، وإذا لم يكن المخزوميّ تيّاهاً لم يشبه قومه، فبلغ ذلك الحسن علیه السّلام فقال :

ما أحسن مانظر لقومه: أراد أن يجود بنو هاشم بأموالهم فيفتقروا، ویزهی بنو مخزوم فتبغض وتشنا وتحارب بنو الزبير فيتفانوا، وتحلم بنو أُميّة فتحب. (2)

ص: 320


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 330 عن كتاب النجوم، نجم: وجدت في جزو بخطّ محمّد بن عليّ بن الحسين بن مهزیار ونسخه في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وكان على ظهر الّذي نقل منه هذا الحديث ما هذا المراد من لفظه : من حديث أبي الحسن بن عليّ بن محمّد بن عبدالوهّاب قدم علينا في سنة أربعين وثلاثمائة وأمّا لفظة الحديث فهو : حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد الأحمريّ المعروف بابن داهر الرازي قال : حدّثني أبو جعفر محمّد بن علي الصير في القرشيّ أبو سمينة قال : حدّثني داود بن كثير الرقّي، عن أبي عبدالله علیه السّلام: لمّا صالح الحسن ...
2- بحار الأنوار: ج 44 ص 107 عن المناقب : ج2 ص 150. وأورده ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة الإمام المجتبی علیه السّلام : ص166 وفيه : فبلغ ذلك الحسن بن عليّ فقال : والله ما أراد الحقّ ولكنّه أراد أن يغري بني هاشم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجون إليه، ويغري آل الزبير بالشجاعة فيفنوا بالقتل، ويغري بني مخزوم بالتيه فيبغضهم الناس ويغري بني أُميّة بالحلم فيحبّهم الناس

في عاقبة الأشعث

{16}

[935] روي عن الحسن بن علي علیه السّلام في خبر أنّ الأشعث بن القیس الكندي بني في داره مأذنة، فكان يرقى إليها إذا سمع الأذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الكوفة فيصيح من أعلى مأذنته : یا رجل إنّك لكذّاب ساحر، وكان أبي يسمّيه عنق النار - وفي رواية عرف النار - فيسأل عن ذلك فقال : إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه، فلا يدفن إلّا وهو فحمة سوداء، فلمّا توفّي نظر سائر من حضر إلى النار وقد دخلت عليه کالعنق المدود حتّى أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور . (1)

لقد احترقت دارك

{17}

[936] أبو حمزة الثمالي، عن زين العابدین علیه السّلام قال : كان الحسن بن عليّ جالساً فأتاه آت فقال : يابن رسول الله قد احترقت دارك ؟ قال : لا ما احترقت إذ أتاه آت فقال : يابن رسول الله : قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتّى ما شككنا أنّها ستحرق دارك ثمّ إنّ الله صرفها عنها. (2)

ص: 321


1- بحار الأنوار: ج 41 ص307 عن مناقب آل أبي طالب
2- بحار الأنوار: ج43 ص327 عن المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص6

لقد جف القلم

{18}

[937] ثاقب المناقب : عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عن آبائه علیهم السّلام قال : إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام قال لولده عبدالله : يا بني إذا كان في عامنا هذا يدفع إلىّ هذا الطاغي جارية تُسمّى أنيس فتسمّني بسمّ قد جعله الطاغي تحت فصّ خاتمها.

قال له عبدالله : فلم لا تقتلها قبل ذلك؟

قال : يا بنيّ جف القلم وأبرم الأمر بعقد فلا حلّ لعقد الله المبرم .

فلمّا كان في العام القابل أهدى إليه جارية اسمها أنيس، فلمّا دخلت عليه ضرب بيده على منكبها ثمّ قال : يا أنيس دخلت النار بما تحت فصّ خاتمك . (1)

كيف تجد نفسك؟

{19}

[938] دخل عليه أخوه الحسين علیه السّلام، فقال : كيف تجد نفسَك؟

قال : أنا في آخر يوم من الدنيا و أوّل يوم من الآخرة، على كره منّي لفراقك وفراق إخوتي، ثمّ قال : أستغفر الله على محبّة منّي للقاء رسول الله وأمير المؤمنين، وفاطمة، وجعفر، وحمزة علیهم السّلام . (2)

ص: 322


1- الثاقب في المناقب : ص 314 ح 1 وأورد نحوه في الخرائج : ج 1 ص 241 ح 1 وعنه بحار الأنوار: ج 44 ص 153 -23 والعوالم : ج16 ص 282 ح 8 وإثبات الهداة : ج 2 ص 588 ح 12
2- عيون المعجزات : ص 68 - 69 وعنه بحار الأنوار : ج 44 ص 140

لمّا جُعل السمّ بين يديه

{20}

[939] وكان سبب مفارقة أبي محمّد الحسن علیه السّلام دار الدنيا و انتقاله إلى دار الكرامة على ما وردت به الأخبار أنّ معاوية بذل لجعدة بنت محمّد بن الأشعث زوجة أبي محمّد علیه السّلام آلاف دينار وإقطاعات (1) كثيرة من شعب سورا، وسواد الكوفة، وحمل إليها سمّاَ فجعلته في طعام فلمّا وضعته بين يديه قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله على لقاء محمّد سيّد المرسلين، وأبي سیّد الوصيّين، وأُمّي سيّدة نساء العالمين، وعمّي جعفر الطيّار في الجنّة، وحمزة سیّد الشهداء صلوات الله عليهم أجمعين . (2)

علمه علیه السّلام بقاتله

{21}

[940] إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام لمّا حضرته الوفاة، قال الطبيب، وهو يختلف إليه :

هذا رجل قد قطع السمّ أمعاءه .

فقال الحسين : يا أبا محمّد خبّرني من سقاك السمّ؟

قال : ولِمَ يا أخي؟

قال : أقتله والله قبل أن أدفنك أو لا أقدر عليه أو يكون بأرض أتكلّف الشخوص إليه .

ص: 323


1- جمع إقطاعة : طائفة من أرض الخراج يقطع لأحد وتجعل غلّتها رزقاً له
2- بحار الأنوار: ج 44 ص 141 عن عيون المعجزات

فقال : يا أخي إنّما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتّى ألتقي أنا وهو عند الله فأبى أن يسمّيه . (1)

الله أشدّ بأساً

{22}

[941] عن عمیر بن إسحاق، قال : دخلت على الحسن بن علي علیهماالسّلام وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه قال : يا أخي من تتّهم؟

قال : لِمَ؟ لتقتله؟

قال : نعم.

قال : إن يكن الّذي أظنّ فالله أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً، وإلّا يكن فما أحبّ أن يقتل بي بريء، ثمّ قضى . (2)

ص: 324


1- روى المزّي الحافظ جمال الدين المتوفّى (742ه-) في «تهذيب الكمال» ج 6 ص 224 طبيروت مؤسّسة الرسالة : عن محمّد بن سعد، عن محمّد بن عمر ، عن عبدالله بن جعفر ، عن عبدالله بن حسن أنّه قال : إن الحسن بن علي علیهماالسّلام ... . ورواه أيضاً ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام: ص 210
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 208: عن أبي علي الحدّاد، عن أبي نعيم، عن محمّد بن علي، عن أبي عروة الحرّاني، عن سليمان بن عمر بن خالد، عن ابن عليّة، عن ابن عون، عن عمیر بن إسحاق ، قال : دخلت ... . حلية الأولياء : ج 2 ص 38 وعنه بحار الأنوار، وكشف الغمّة : ج 1 ص 584 ، ومدينة المعاجز : ج2 ص375

لولا بلوغ الكتاب

{23}

[942] عن الحسن علیه السّلام لمّا حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين علیه السّلام :

إنّ جعدة تعلم أنّ أباها خالف أباك أمير المؤمنين علیه السّلام، إلى أن قال : وأنّ ابنه محمّد بن الأشعث يخرج إليك في قوّاد عبيدالله بن زیاد من الكوفة إلى نهر کربلاء وبشاطىء الفرات فيشهد بذلك قتلك ويشرك في دمك وأنّ جعدة إبنته قاتلتي بالسمّ... وما كان سمّها يضرّني شيئاً لولا بلوغ الكتاب أجله ... الخبر . (1)

إذا بلغ الأمر هكذا

{24}

[943] أنّ حسن بن عليّ أصابه بطن فلمّا عرف بنفسه الموت أرسل إلى عائشة زوج النبي صلّي الله علیه و آله أن تأذن له أن يدفن مع النبي صلّي الله علیه و آله في بيتها.

فقالت : نعم بقي موضع قبر واحد وقد كنت أُحبّ أن أُدفن فيه وأنا أؤثرك به.

فلمّا سمعت بنو أُميّة بذلك لبسوا السلاح فاستلثموا بها، وكان الّذي قام بذلك مروان بن الحكم فقال : والله لا يدفن عثمان بن عفّان بالبقيع ويدفن حسن مع رسول الله صلّي الله علیه و آله، ولبست بنو هاشم السلاح، وهمّوا بالقتال، وبلغ ذلك الحسن بن عليّ فأرسل إلى بني هاشم فقال لهم رسوله : يقول لكم الحسن : أمّا إذا بلغ الأمر هذا فلا حاجة لي به، ادفنوني إلى جنب أُمّي فاطمة بالبقيع . (2)

ص: 325


1- إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات : ج2 ص 566 عن مقصد الراغب
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ مدينة دمشق: ص 218 - 219 ح 303 بهذا الإسناد : أخبرا أبوسعد ابن البغدادي، أنبأنا أبو المظفّر محمود بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن جعفر المعدل، أنبأنا عمّ أبي أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن جعفر الكوسج، أنبأنا إبراهيم بن السندي بن عليّ، أنبأنا الزبير بن بكّار عن عبدالله الزبيري حدّثني يحیی بن مقداد، عن عمّه موسی بن يعقوب بن عبدالله بن وهب، عن قائد مولی عبادل، عن عبیدالله بن علي بن أبي رافع: ...

لا يوم كيومك يا أبا عبد الله

{25}

[944] وروي عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السّلام: إنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهما) دخل يوماً على الحسن (رضي الله عنه)، فلمّا نظر إليه بك.

فقال : ما يبكيك يا أباعبدالله؟

قال : أبكي ممّا يصنع بك .

فقال له الحسن (رضي الله عنه) : إنّ الّذي يوتي إليّ سمّ يدسّ إليّ فأُقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أباعبدالله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنّهم من أُمّة جدّنا محمّد صلّي الله علیه و آله وينتحلون الإسلام فيجتمعون على قتل وسفك دمائك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها يحلّ ببني أُميّة اللعنة وتمطر السماء رماداً ودماً ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار . (1)

ص: 326


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 164؛ أمالي الصدوق : ص 101 ح 3 وعنه بحار الأنوار : ج 4 ص 218 والعوالم : ج16 ص 271 ج1. رواه القوم : منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمّد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بابن حسنوية المتوفّی (680) في كتابه «در - بحر المناقب» (ص 132 المخطوط)

استشهاده بالسُمّ

{26}

[945] عن قتادة قال : دخل الحسين على الحسن (رضي الله عنهما)، فقال : يا أخي إنّي سقيت السمّ ثلاث مرار لم أسق مثل هذه المرّة إني لأضع كبدي .

فقال الحسين : من سقاك يا أخي؟

قال : ما سؤالك عن هذا أتريد أن تقاتلهم أكلهم إلى الله . (1)

فالله أشدّ نقمة

{27}

[946] عن عمیر بن إسحاق قال : كنّا عند الحسن بن عليّ فدخل المخرج ثمّ خرج فقال : لقد سقيت السمّ مراراً، وما سقيته مثل هذه المرّة، ولقد لفظت بطائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود معي، فقال له الحسين : يا أخي من سقاك؟

ص: 327


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص167 عن الاستيعاب . رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة ابن عبدالبر الأندلسي في «الاستيعاب» (ج1 ص 141 ط حیدرآباد الدكن) قال: وذكر أبو زيد عمر بن شبة وأبو بكر بن أبي خثيمة، قالا: نا موسی بن إسماعيل قال : نا أبوهلال، عن قتادة قال : ...

قال : وما تريد إليه أتريد أن تقتله؟

قال : نعم.

قال : لئن كان الّذي أظنّ فالله أشدّ نقمة، ولئن كان غيره ما أُحبّ أن تقتل بي بريئاً. (1)

إخباره عن قتله وقاتله

{28}

[947] الحسن بن أبي العلي، عن جعفر بن محمّد قال الحسن بن علي لأهل بيته : إنّي أموت بالسمّ كما مات رسول الله صلّي الله علیه و آله، فقال له أهل بيته : ومن الّذي يسمّك؟ قال : جاريتي أو امرأتي.

فقالوا له : أخرجها من ملكك عليها لعنة الله.

فقال : هيهات من إخراجها ومنيتي على يدها مالي منها محيص ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها كان قضاء مقضيّاً وأمراً واجباً من الله.

فما ذهبت الأيّام حتّى بعث معاوية إلى امرأته قال : فقال الحسن : هل عندك من شربة لبن؟

فقالت: نعم، وفيه ذلك السمّ بعث به معاوية، فلمّا شربه وجد من السمّ في جسده، فقال : ياعدوّة الله قتلتيني قتلك الله أما والله لا تصيبن منّي خلفاً

ص: 328


1- قال ابن عبدالبرّ: حدّثني عبد الوارث، نا قاسم، نا عبدالله بن روح، نا عثمان بن عمر بن فارس قال: نا ابن عنو، عن عمیر بن إسحاق قال : ... . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 169 عن الاستيعاب : ج 1 ص 142؛ إرشاد المفيد: ص 192 وعنه بحار الأنوار : ج44 ص156 والعوالم : ج 16 ص 378 وروى في المصنَّف : ج 15 ص 94 بتفاوت يسير

ولا تنالين من الفاسق عدوّ الله اللعين خيراً أبداً. (1)

سيصيبني من عائشة

{29}

[948] واعلم أنّه سَيُصيبني من عائشةَ مايعلم الله والناسُ صنيعَها وعداوتَها لله ولرسوله، وعداوتَها لنا أهل البيت . (2)

ص: 329


1- مناقب آل أبي طالب : ج4 ص 8 وعنه بحار الأنوار: ج43 ص327
2- المصادر : 1- أُصول الكافي: ج 1 ص 33 ح 1: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بکر بن صالح [قال الكليني : ] وعدّة من أصحابنا، عن ابن زیاد، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، قال : سمعت أباجعفر علیه السّلام يقول: لمّا حضر الحسن بن علي علیهماالسّلام الوفاة قال للحسين علیه السّلام: يا أخي إنّي أُوصيك بوصيّة فاحفظها، إذا أنا متّ فهیّئني ثمّ وجهّني إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله لأحدث به عهداً، ثمّ اصرفني إلى أُمّي علیهاالسّلام، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع، واعلم أنّه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله ... . وفي ص 202ح 3 بسند آخر، عنه علیه السّلام، وفيه «الحميراء» بدل «عائشة» . 2 - إثبات الهداة : ج 2 ص 554 حا عن الكافي . 3- وسائل الشيعة : ج2 ص 834 ح6 عن الكافي . 4 - مدينة المعاجز : ج2 ص 220 ح 75 عن الكافي 5 - حلية الأبرار : ج1 ص596 عن الكافي . 6- بحار الأنوار: ج 44 ص 142 حة عن الكافي. 7- تفسير نور الثقلين : ج 4 ص 295 ح 198 عن الكافي. 8 - الأحاديث الغيبيّة : ج 2 ص 288 - 289

لقد صحّ حديث جدّي

{30}

[949] روي أنّ الحسن الزكي لمّا دنت وفاته ونفدت أيّامه وجرى السمّ في بدنه وأعضائه وتغيّر لون وجهه ومال بدنه إلى الزرقة والخضرة فبکی الحسن علیه السّلام فقال [له أخوه] الحسین علیه السّلام : مالي أرى لون وجهك مائلاً إلى الخضرة؟

فبكى الحسن علیه السّلام وقال له: يا أخي لقد صحّ حديث جدي فيّ وفيك، ثمّ مدّ يده إلى أخيه الحسن واعتنقه طويلاً وبكيا كثيراً.

فقال الحسين علیه السّلام : يا أخي ما حدّثك جدّي وماذا سمعت منه؟

فقال : أخبرني جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله أنّه قال : لمّا مررت ليلة المعراج بروضات الجنان ومنازل أهل الإيمان فرأيت قصرین عاليين متجاورين على صفة واحدة لكن أحدهما من الزبرجد الأخضر والآخر من الياقوت الأحمر فاستحسنتهما وشاقني حسنهما .

فقلت : يا أخي جبرئيل [لمن هذا القصران]؟

فقال : أحدهما لولدك الحسن والآخر لولدك الحسين .

فقلت : يا أخي جبرئیل فلم لا يكونان على لون واحد؟

فسكت ولم يردّ عليّ جواباً .

فقلت له : يا أخي لِمَ لا تتكلّم؟

فقال : حياءً منك يا محمّد.

فقلت له : بالله عليك إلّا ما أخبرتني .

فقال : أمّا خضرة قصر الحسن فإنّه يسمّ ويخضرّ لونه عند موته، وأمّا

ص: 330

حمرة قصر الحسين فإنّه يقتل ويذبح ويخضب وجهه و شیبه و بدنه من دمائه، فعند ذلك بکیا وضجّ الناس بالبكاء والنحيب على فقد حبيبي الحبيب . (1)

كلامه علیه السّلام قرب وفاته

{31}

[950] قال المسعودي : وذكر أنّ الحسن علیه السّلام قال عند موته : لقد حاقت (2) شربته، وبلغ أُمنيّته، والله لا وفي لها بما وعد، ولا صدق فيما قال . (3)

ص: 331


1- مدينة المعاجز : ج3 ص 331 عن منتخب الطريحي: ص 108 ورواه المجلسي في بحار الأنوار: ج 44 ص 145 ح13
2- حاق يحيق : أثّر وعمل
3- مروج الذهب للمسعودي : ج 2 ص 427 ط بيروت دار الأندلس

ص: 332

الشِعر

الشِعر

ص: 333

لا تهج منّا أُموراً

{1}

[951]

أتأمر يا معاوي عبد سهم *** بشتمي والملامنّا شهود

إذا أخذت مجالسها قريش *** فقد علمت قريش ماترید

قصدت إليّ تشتمني سفاهاً *** لضغن مايزول ومایبید

فمالك من أب كأبي تسامي *** به من قد تسامي أو تکید

ولاجدّكجدّي يابن هند *** رسول الله إن ذكر الجدود

ولا أُمّ كأُمّي من قريش *** إذا مايحصل الحسب التليد

فما مثلي تهكّم يا ابن هند *** ولا مثلي تجاريه العبيد

فمهلاً لاتهج منّا أُموراً *** يشيب لها معاوية الوليد (1)

ص: 334


1- رواه العلامة إبراهيم بن محمد البيهقي المتوفّى سنة 300 بقليل في «المحاسن والمساوي» (ص 83 ط بیروت). قيل : واستأذن الحسن بن علي (رضي الله عنه) على معاوية وعنده عبدالله بن جعفر وعمرو بن العاص، فأذن له، فلمّا أقبل قال عمرو : قد جاءكم الأفّه العييّ الذي كان بين الحييه عبلة، فقال عبدالله بن جعفر : مه! فوالله لقد رمت صخرة ململمة تنحطّ عنها السيول وتقصر دونها الوعول ولا تبلغها السهام، فإيّاك والحسن وإيّاك، فإنّك لا تزال راتعاً في لحم رجل من قريش، ولقد رمیت فما برح سهمك، وقدحت فما أوری زندك . فسمع الحسن الكلام، فلمّا أخذ الناس مجالسهم قال : يا معاوية لا يزال عندك عبد راتعاً في لحوم الناس، أما والله لو شئت ليكوننّ بيننا ما تتفاقم فيه الأمور وتحرّج منه الصدور، فأنشأه . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 244 عن المحاسن والمساوي للبيهقي : ص 83

أُجامل أقواماً

{2}

[952] وله علیه السّلام :

أُجامِلُ أقواماً حياءً ولا أرى *** قلوبهم تغلى عليّ مراضها (1)

و أفضل أيّام الفتى

{3}

[953]

إذا ما أتاني سائل قلتُ مرحباً *** بمن فضلُه فرضٌ عليّ معجّل

ومَن فضله فضل على كلّ فاضل *** وأفضلُ أيّام الفتى حين يُسالُ (2)

ص: 335


1- مناقب آل أبي طالب : ج4 ص 35 أنشأه لمّا اضطرّ إلى البيعة. وفيه: (قال الحسن علیه السّلام) : الخبر، عوالم العلوم والمعارف الإمام الحسن علیه السّلام: ص 170 ح 13 باب سائر ما وقع بعد بیعته علیه السّلام
2- نور الأبصار للشبلنجي: ص 214 ط بیروت، الحمراء. وأورده السيّد علي فکري القاهري المصري في «السمير المهذّب» : ج 3 ص 225 قال : قيل للحسن بن علي بن أبي طالب : لأيّ شيء تراك لا تردّ سائلاً وإن كنتَ في فاقة؟ فقال : إنّي لله سائل وفيه راغب، وأنا أستحيي أن أكون سائلاً وأردّ سائلاً، وإنّ الله تعالى عوّدني عادة، عوّدني أن يفيض عليّ، وعوّدته أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعتُ العادة أن يمنعني العادة، وأنشد يقول : إذا ما أتاني سائل قلت : مرحباً ... الخ. وأورده أيضاً في أحسن القصص : ج 4 ص206

في رثاء أبيه علیهماالسّلام

{4}

[954]

أزجر العین طال فيها العناء *** واصطبر إنّما البلايا قضاء

أنت تبكي على أبيك وتنسى *** أنّ ماقد أصابه لك داء

أنت مَيْتٌ كمثل مامات لا *** شكّ وقد مات قبله الأنبياء (1)

إغن عن المخلوق

{5}

[955]

إغن عن المخلوق بالخالق *** تغنَ عن الكاذب والصادق

واسترزقِ الرحمنَ من فضله *** فليس غيرُ الله بالرازق

مَن ظنّ أنّ الناس يُغنونَه *** فليس بالرحمنِ بالواثق

مَن ظنّ أنّ الرزق مِن كسبه *** زلّت به النعلان مِن خالق (2)

ص: 336


1- المشيخة البغداديّة لأحمد بن محمد السلفي الأصفهاني المتوفّى (576): ص 117 النسخة مصوّرة من مكتبة جستر بيتي بایرلندة . وعنه ملحقات الإحقاق : ج26 ص 547
2- نور الأبصار للشبلنجي: ص 213 عن العلامة الطبري المالكي في شرح الدريّة

و أعدّ للبخلاء نارَ جهنّم

{6}

[956] وللحسن بن علي علیهماالسّلام:

إنّ السخاء على العباد فریضة *** لله يقرأ في كتاب محکم

وعد العباد الأسخياء جنانه *** وأعدّ للبخلاء نار جهنّم

من كان لا تندی يداه بنائل *** للراغبين فليس ذاك بمسلم (1)

إذا نودي في الحرب

{7}

[957]

أين من كان لعلم المصطفى في الناس بابا؟ *** أين من كان إذا ما قحط الناس سحابا؟

أين من كان إذا نودي للحرب أجابا؟ *** أين من كان دعاء مستجاباً ومجابا؟ (2)

خذل الله خاذليه

{8}

[958] وله علیه السّلام :

ص: 337


1- بحار الأنوار: ج43 ص343 عن المناقب : ج4 ص 18
2- بحار الأنوار: ج 42 ص 241 ح 45 باب 127 كيفيّة شهادته علیه السّلام ووصيّته وغسله ودفنه في تاريخ أمير المؤمنين علیه السّلام وفيه: (قال الإمام الحسن علیه السّلام) : الخبر

خذل الله خاذليه ولا *** أُغمِدُ عن قاتلیه سیفَ الفناء

قاله في رثاء والده علیهماالسّلام . (1)

بين السخي و البخيل

{9}

[959] وله عليه السلام:

خلقتَ الخلائق من قدرتك *** فمنهم سخيّ ومنهم بخيل

فأمّا السخيّ ففي راحةٍ *** وأمّا البخيل فحزنٌ طويل (2)

خلِّ العيون

{10}

[960] وله علیه السّلام:

خلّ العيون وماأردن *** من البكاء علی عليّ

لاتقبلنّ من الخليّ *** فليس قلبك بالخليّ

لله أنت إذا الرجال *** تضعضعت وسط النديّ

فرّجت غمّته ولم *** تركن إلى فشل وعيّ (3)

ص: 338


1- بحار الأنوار : ج42 ص241
2- المناقب لابن شهر آشوب : ج 4 ص 18
3- بحار الأنوار: ج 42 ص 241 ح45 باب 127 كيفيّة شهادته علیه السّلام ووصيّته وغسله ودفنه في تاريخ أمير المؤمنين علیه السّلام. وفيه : قال الإمام الحسن علیه السّلام : الخبر

کدر الأيّام

{11}

[961]

ذري کدرَ الأيّام إنّ صفاءَها *** تولّى بأيّام الس رور الذواهب

وكيف يُغرّ الدهر مَن كان بينه *** وبين الليالي محكماتُ التجارب (1)

الجود والبخل

{12}

[962]

فلا الجودُ يُفني المالَ والجَدُّ مُقبّل *** ولا البخلُ يُبقي المالَ والجَدُّ مدبر (2)

و الصدق يعرفه ذووا الألبابِ

{13}

[963] دخل علیه السّلام على معاوية فقال متمثّلاً :

فيم الكلام وقد سبقت مبرّزاً *** سبق الجواد من المدى والمقيس

ص: 339


1- بحار الأنوار : ج 43 ص 340 عن المناقب : ج4 ص 15
2- اعجاز القرآن للعلامة القاضي محمد بن الطيّب المعروف بالباقلاني البصري المتوفّى (403): ص 79 وعنه ملحقات الإحقاق : ج26 ص 548

فقال معاوية : إيّاي تعني - الخ، فقال علیه السّلام : أجل إيّاك أعني أفعليّ تفتخر یا معاوية أنا ابن ماء السماء، وعروق الثرى، وابن من ساد أهل الدنيا بالحسب الثابت، والشرف الفائق، والقدي السابق، أنا ابن من رضاه رضى الرحمن وسخطه سخط الرحمن، فهل لك أب کابي، وقدیم کقديمي، فإن قلت : لا ، تغلب وإن قلت: نعم، تكذب .

فقال معاوية : أقول لا، تصديقاً لقولك. فقال علیه السّلام:

الحقّ أبلج ماتخون سبيله *** والصدق يعرفه ذوو الألباب (1)

أسبقهم فضلاً

{14}

[964] تفاخرت قریش والحسن بن علي علیهماالسّلام حاضر لا ينطق .

فقال معاوية : يا أبا محمد مالك لا تنطق ؟ فوالله ما أنت بمشوب الحسب ، ولا بكليل اللسان.

قال الحسن علیه السّلام: ماذكروا فضيلة إلّا ولي محضها ولبابها ثمّ قال :

فيم الكلام؟ وقد سبقت مبرّزا *** سبق الجواد من المدى المتنفّس

بیان : «المتنفّس» البعيد من قولهم أنت في نفس من أمرك أي سعة . (2)

ص: 340


1- رواه العلامة إبراهيم بن محمد البيهقي في «المحاسن والمساوي» (ص 82 ط بيروت) . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص196
2- راجع مناقب آل أبي طالب: ج4 ص 21. بحار الأنوار: ج 44 ص 103

فيم الكلام

{15}

[965]

فيم الكلام وقد سبقت مبرّزاً *** سبق الجواد من المدعي المتباعد

نحن الّذين إذ القروم (1) تخاطرت *** صُلنا على رغم العدوّ الجاحد

دانت لنا رغماً بفضل قدیمنا *** مضر وقوّمنا طريق الجاحد (2)

قدّم لنفسك ما استطعت

{16}

[966] مكتوب على خاتم الحسن بن عليّ:

قدّم لنفسك ما استطعتَ من التُقى *** إنّ المنيّة نازلٌ بك یافتی

أصبحتَ ذا فرح كأنّك لا تری *** أحباب قلبك في المقابر والبلى (3)

ص: 341


1- القروم: جمع القرم - بالفتح -: السيّد العظيم تشبّهاً بالفعل والتخاطر : توانب الفحول عند الهياج
2- عيون الأخبار في مناقب الأخيار لأبي المعالي الشريف المرتضی محمد بن علي الحسيني البغدادي : ص 48 والنسخة مصوّرة من مكتبة الواتیکان، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 26 ص 549
3- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق لابن عساکر : ص 168 الرقم 285 : أخبرنا أبو عبدالله محمد بن الفضل، أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمان الصابوني أنبأنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل، قال : سمعت عمر بن محمد بن سمعان يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن محمد المملكي يقول: أنشدني [ظ] عليّ بن العباس الطبري قال :

حان الرحيل

{17}

[967] وله علیه السّلام:

قل للمقيم بغیر دار إقامة *** حان الرحيل فودِّع الأحبابا

إنّ الّذين لقيتهم وصحبتهم *** صاروا جميعاَ في القبور ترابا (1)

لا دينُهم دین

{18}

[968]

لا دينُهُمْ ديني ولا أنا منهُمُ *** حتّى أسيرَ إلى طَمارِ شَمام (2)

ص: 342


1- بحار الأنوار: ج43 ص341 عن المناقب : ج 2 ص 145
2- تاريخ الطبري : ج4 ص 388 (أحداث سنة 35ه-)، ذكر الخبر عن قتل عثمان. وفيه : فلمّا بقي المصريّون لا يمنعهم أحد من الباب ولا يقدرون على الدخول جاءوا بنار، فأحرقوا الباب والسقيفة، فتأّجج الباب والسقيفة، حتّى إذا احترق الخشب خرّت السقيفة على الباب ، فثار أهل الدار وعثمان يصلّي، حتّى منعوهم من الدخول، وكان أوّل من برز لهم المغيرة بن الأخنس وهو يرتجز : قد عَلِمَتْ جاريةٌ عطبول *** ذاتُ وشاح ولها جدیل أنّي بنصْل السيف خنشليلُ *** لأمنعنّ منكمُ خَلیلي بصارم ليس بذي فُلول وخرج الحسن بن علي علیه السّلام وهو يقول: لا دينُهم ديني ... الخبر

و كلُّ سرور لا يدوم

{19}

[969] وله علیه السّلام:

لئن ساءني دهر عزمت تصبّراً *** وكلُّ بلاء لايدوم يسير

وإن سرّني لم أبتهج بسروره *** وكلُّ سرور لا يدوم حقیر (1)

القناعة

{20}

[970]

لكسرة من خسیس الخبز تشبعني *** وشربة من قراح الماح تكفيني

وطمرة من رقيق الثوب تسترني *** حيّاً وإنْ متّ تكفيني لِتكفيني (2)

خذ القليل

{21}

[971] وكتب إليه رجل هذين البيتين :

لم يبق لي ممّا يباع بحجّة *** وكفاك منظر حالتي عن مخبري

إلّا بقيّة ماء وجهي صنتها *** من أن يباع فقد وجدت المشتري

ص: 343


1- بحار الأنوار : ج 44 ص 57 عن المناقب . مناقب آل أبي طالب : ج4 ص35
2- مناقب آل أبي طالب : ج4 ص 15- 16 «في مكارم أخلاقه علیه السّلام»؛ بحار الأنوار: ج 43 ص 341 ح 14 «باب 16 مکارم أخلاقه وعلمه وفضله علیه السّلام» ؛ عوالم العلوم والمعارف الإمام الحسن علیه السّلام: ص132 ح 3 باب 8

فأرسل إليه بعشرة آلاف درهم وكتب إليه :

عاجلتنا فأتاك عاجل برّنا *** قَلّا وإن أمهلتنا لم نقلل

فخذ القليل وكن كأنّك لم تسل *** ونكون نحن كأنّنا لم نسأل (1)

لعل غدا يات و أنت فقید

{22}

[972]

مضى أمسُك الماضي شهيداً معدّلاً *** وخُلِّفتَ في يوم عليك شهید

فإن كنتَ بالأمس اقترفتَ إساءةً *** فثَنِّ بإحسان وأنت حمید

ولا ترجِ فعلَ الخير يوماً إلى غدا *** لعلّ غداً يأتي وأنت فقید(2)

ص: 344


1- رواه في «وسيلة المآل»: ص 240 ط لكنهو . ملحقات الإحقاق : ج19 ص356
2- تفسير القرآن للعلامة جمال الدين المعاني الشافعي الموصلي : ج 8 ص 161 والنسخة مصوّرة من مكتبة ایرلندة . وعنه ملحقات الإحقاق : ج 26 ص 547

الموت خير

{23}

[973]

الموتُ خيرٌ من ركوبِ العار *** والعارُ أولى من دخولّ النار (1)

نحن أُناس نوالنا خضل

{24}

[974] وجاءه بعض الأعراب فقال : أعطوه مافي الخزانة فوجد فيها عشرون ألف دينار فدفعها إلى الأعرابي .

فقال الأعرابي : يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي.

فأنشأ الحسن علیه السّلام :

نحن أُناس نوالنا خضل *** يرتع فيه الرجاء والأمل

تجود قبل السؤال أنفسنا *** خوفاً على ماء وجه من يسل

لو علم البحر فضل نائلنا *** لغاض من بعد فیضه خجل

بیان : قال الفيروزآبادي : الخضل كتف وصاحب كلّ شيء نَد يُترشّف نداه . وقال الجوهري : الخضل : النبات الناعم، وقوله علیه السّلام «خجل» خبر مبتدأ محذوف . (2)

ص: 345


1- جمع الحكم والأمثال في الشعر العربي للفاضل المعاصر أحمد قبش مدرّس اللغة العربيّة في ثانوية دمشق : ص 369. وعنه ملحقات الإحقاق : ج26 ص 548 ولكنّ المعروف كما في البيان والتبين : ج3 ص255 نسبة البيت إلى الحسين علیه السّلام
2- بحار الأنوار: ج 43 ص 341

و في الخضاب

{25}

[975] قال : وقد خرج على أصحابه مختضباً :

نُسوِّدُ أعلاها وتأبی أُصولُها *** فليت الّذي يَسودّ منها هو الأصل (1) . (2)

و إذا المنيّة أنشبت أظفارها

{26}

[976] قال له معاوية :

وتجلدي للشامتين اريهم *** اني لريب الدهر لا أتضعضع

فقال علیه السّلام في جوابه :

وإذا المنيّة أنشبت أظفارها *** ألقيت كلّ تميمة لا تنفع (3)

ص: 346


1- يريد أنّه يسوّد أطراف شعره والظاهر منه بالخضاب ولكن جذور الشعر تأبى إلّا البقاء على الشيب
2- العمدة لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني المتوفّى (456ه-) ج 1 ص 99 باب في أشعار الخلفاء قال : وخامسهم: الحسن بن علي علیهماالسّلام وهو القائل وقد خرج ... الخ رواه المبرد . ورواه عن العمدة ملحقات الإحقاق : ج 33 ص514
3- رواه في وسيلة النجاة»: ص 241 ط لكنهو

والصلح

{27}

[977]

والصلحُ تأخُذُ منه مارضيتَ به *** والحربُ يكفيك من أنفاسها جُرع (1)

حينما فارق الكوفة

{28}

[978]

ولا عن قلى فارقت دارَ معاشري *** همُ المانعونَ حَوْزتي وذِماري (2)

الإمام علیه السّلام والأعرابي

{29}

[979] قال ابن طلحة الشافعي : كان الحسن علیه السّلام في المسجد الحرام فوقف أعرابيّ عليه، وحوله حلقة، فقال لبعض جلسائه علیه السّلام : من هذا الرجل؟ فقال : الحسن بن علي بن أبي طالب .

فقال الأعرابي : إيّاه أردتُ.

ص: 347


1- كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص209 عن ناسخ التواريخ
2- أعيان الشيعة : ج 4 ص 40 : عند ماصار علیه السّلام بدیر هند نظر إلى الكوفة قائلاً : ولا عن قلى ... الخ

فقال له : وما تصنع به يا أعرابي؟

فقال : بلغني أنّهم يتكلّمون فيُعربون في كلامهم، وإنّي قطعتُ بوادياً وقفاراً وأودية وجبالاً وجئتُ لأُطارحه الكلام وأسأله عن عويص العربيّة.

فقال له جلیس الحسن علیه السّلام: إن كنتَ جئتَ لهذا فابدأ بذلك الشابّ وأومأ إلى الحسين علیه السّلام، فوقف عليه وسلّم عليه وقال : إنّي جئتك من الهرقل والجعلل والأينم والهمم.

فتبسّم الحسين علیه السّلام وقال : يا أعرابي لقد تكلّمت بكلام مايعقله إلّا العالِمون .

فقال الأعرابي : وأقول : أكثر من هذا، فهل تجيبني على قدر كلامي؟

فقال له الحسين علیه السّلام : قل ما شئت فإنّي مجيبك عنه.

فقال الأعرابي : إنّي بدوي وأكثر مقالي الشعر وهو ديوان العرب .

فقال الحسين علیه السّلام : قل ما شئت فإنّي مجيبك عنه، فأنشأ يقول :

هنا قلبي إلى اللهو وقد ودّع شرخيه *** وقد كان أنيقاً عفری تجراری ذیلیه

علالات ولذّات فياسقيالعصريه *** فلمّا عمّم الشيب من الرأس نطاقيه

وأمسى قد عناني منه تجدید حصابيه *** تسليت عن اللهو وألقيتُ قناعيه

وفي الدهر أعاجيب لمن يلبس حاليه *** فلو يعمل ذو رأي أصيل فيه رأييه

لألفي عبرة منه له في كلّ عصريه

فقال له الحسين علیه السّلام : يا أعرابي قد قلتَ فاسمع منّي، ثمّ إنّه علیه السّلام قال :

ص: 348

فمارسم شجاني *** إنمحى آية رسميه

سفور درّج *** الذيلين في بوغاء قاعیه

وقد لاح من المزن *** دنانوه سماکیه

أتى مثعنجر الود *** ق يجود من خلاليه

وقد احمد برقاه *** فلا ذمّ لبرقيه

وقد جلّل رعداه *** فلاذمّ لرعديه

شجيج الرعد شجّاج *** إذا أرخى نطاقيه

فأضحى دارساً *** قفر البينونة أهليه

فقال الأعرابي لمّا سمعها: مارأیت إلى اليوم قطّ أعرب منه كلاما، وأدرب لساناً، وأفصح منطقاً .

فقال له الحسن علیه السّلام :

يا أعرابي!

هذا غلامٌ كرّم الرحمنُ *** بالتطهير جدّيه

کساه القمر القمقا *** م من نور سنائیه (1)

ولو عدّد طماح *** نفحنا عن عداديه

وقد أرضيت من *** شعري وقوّمت عرضيه

فلمّا سمع الأعرابي قول الحسن علیه السّلام قال : بارك الله عليكما مثلکما بخلته الرجال، وعن مثلكما عقمت النساء، فوالله لقد انصرفت وأنا محبّ لكما راض عنكما فجزاكما الله خيراً، وانصرف . (2)

ص: 349


1- القمقام : السيّد الكثير العطاء والعدد الكثير والأمر العظيم
2- مطالب السؤل : ص 69 وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 621 - 623

الدنيا لا بقاء لها

{30}

[980] كان الحسن بن علي علیهماالسّلام كثيراً ما يتمثل بهذا البيت :

يا أهل لذّات دنيالا بقاء لها *** إنّ اغتراراً بظلّ زائل حمق (1)

ص: 350


1- بحار الأنوار: ج 73 ص 122 ح 111

الحِكم والمواعظ

الحِكم والمواعظ

ص: 351

اختيار الله تعالى

{1}

[413] من لم يتمنّ غير ما اختار الله له فقد اتّكل على حسن اختيار الله فهذا أحد الوقوف على الرضا بما يعرف القضاء . (1)

من معطيات التقوى

{2}

[414] مَن يتّق الله يجعل له مخرجاً من الفتن، ويُسدِّده في أمره، ويُهيّىء له رُشدَه، ويُفلجه بحجّته، ويُبيِّض وجهَه، ويعطيه رغبته ، مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أُولئك رفيقا . (2)

في أقسام الناس

{3}

[415] قال الحسن علیه السّلام: الناس أربعة : فمنهم من له خلق (3) ولا خَلاقَ (4) له، ومنهم مَن له خلاق ولا خُلق له، ومنهم مَن لا خُلقَ ولاخَلاق له، وذلك

ص: 352


1- رواه في «وسيلة النجاة» (ص 244 ط مطبعة گلشن فيض في لكنهو)
2- بحار الأنوار : ج 75 ص 110 عن تحف العقول، ص 232
3- في النهاية : الخلق بضمّ اللام وسكونها: الدين، والطبع، والسجيّة، وحقيقته أنّه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها المختصّة بها بمنزلة الخلق بفتح الخاء لصورته الظاهرة وأوصافها، ولهما أوصاف حسنة وقبيحة
4- الخلاق بفتح الخاء: هو النصيب الوافر من الخير

من شرّ الناس، ومنهم مَن له خُلق ولاخَلاق، فذلك خير الناس . (1)

النجدة

{3}

[416] سئل علیه السّلام عن النجدة، قال : الذَبُّ عن الجار، والإقدام على الكريهة، والصبر على النائبة . (2)

الخير والشر

{5}

[417] أبتَغي الخيرَ لنفي الشرّ. (3)

ص: 353


1- الخصال للصدوق (قدّس سرّه): ج 1 ص 236 ح 77 بإسناده عن أبيه، وعن محمد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، بإسناده يرفعه إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : الناس أربعة ... الخبر . ورواه ابن عساكر في «تاریخ دمشق» ص 159 ط بيروت عن جعیدبن همدان، عن الحسن علیه السّلام. ورواه أيضاً المتّقي الهندي في الحديث (3714) من كنز العمّال : ج 8 ص 237 ط الهند . وأورده المزّي في تهذيب الكمال : ج6 ص 235 بإسناده عن أبي بكر بن أبي الدنيا، عن يوسف بن موسى، عن أبي عثمان، عن سهل بن شعيب، عن قنان النهمي، عن جعيد
2- ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق : ص 165 بإسناده عن أبي القاسم علي بن إبراهيم ، عن أبي الحسن رشادبن نظيف، عن الحسن بن إسماعيل، عن أحمد بن مروان، عن محمد بن موسى، عن محمد بن الحرث، عن المدائني ، قال : قال معاوية للحسن بن علي بن أبي طالب : ما النجدة؟ قال : الذبّ عن الجار ... الخبر
3- الإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التوحيدي : ج 3 ص 180 قال : إمتدح رجلٌ الحسن بن علي علیهماالسّلام بشعر، فأمر له بشيء، فقيل : أتعطي على كلام الشيطان؟ فقال : أبتغي الخير لنفي الشرّ

أستغفر الله لي وله

{5}

[418] قال علیه السّلام وقد أتاه رجل فقال : إنّ فلاناً يقع فيك .

فقال : أبقيتني في تعب، أُريد الآن أن أستغفر الله لي وله . (1)

إكفل لي بثلاث

{7}

[419] ممّا رواه علیه السّلام عن جدّه صلّي الله علیه و آله قال : سمعتُ جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : ابنَ آدم إكفل لي بثلاث أكفل لك بالجنّة: إنْ قنعتَ بما رزقك اللهُ فأنتَ أغنى الناس، وإن انتهيتَ عمّا حرّم اللهُ فأنت أربحُ الناس، وإن عمِلتَ بما فرض الله عليك فأنت أوفرُ الناس . (2)

في حكاية قول النسر

{8}

[420] ابن آدم عِش ما شئتَ فإنّ الموتَ مُلاقيك . (3)

ص: 354


1- أورده في كشف الغمّة : ج 1 ص 575 مرسلاً. وفي نسخة: ألقَيتَني في تعب
2- تیسیر المطالب : ص376 بإسناده عن محمد بن عمر بن محمد الدينوري، عن عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي، عن أبي محمد موسی بن عيسى الخزازي، عن محمد بن عبّاد بن صُهيب، عن عمّار، عن سعدبن طريف الكوفي، عن الأصبغ بن نباتة ، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام، قال : سمعت جدّي ... الخبر
3- حياة الحيوان تأليف محمد بن موسی الدميري المتوفّى (808) ج 2 ص 349 ط بيروت في كلمة (النسر) قال : طائر معروف، وجمعه في القلّة أنْسُر، وفي الكثرة نُسُور. وكنيته أبو الأبرد، وأبو الأصبح، وأبو مالك، وابو المنهال ، وأبو يحيی . والأُنثى يقال لها أُمّ قشعم، وسمّي نسراً لانّه ينسر الشيء ويبتلعه، وهو عريف الطير ، ويقول في صياحه: «ابنَ آدم عِش ما شئت فإنّ الموت مُلاقيك» كذا قال الحسن بن علي (رضي الله عنهما). قال الدميري : وفي هذا مناسبة لما خصّ النسر به من طول العمر، يقال : إنّه من أطول الطير عُمْراً، وإنّه يعمّر ألف سنة

المرء مع من أحبّ

{9}

[421] قال الحسن علیه السّلام: أتى رجل النبيّ صلّي الله علیه و آله فقال : يا رسول الله ! رجل يحبّ مَن يُصلّي ولا يصلّي إلّا الفريضة، ويحبّ مَن يتصدّق ولا يتصدّق إلّا بالواجب، ويحبّ مَن يصوم ولا يصوم إلّا شهر رمضان.

فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: المرءُ مع من أحبّ. (1)

دار لا يدوم نعيمها

{10}

[422] وقال علیه السّلام: إتّقوا اللهَ عبادَ الله وجِدّوا في الطلب وتجاهَ الهرَب، وبادِروا العملَ قبل مقطّعات النقِمات، وهادم ِاللذّات، فإنّ الدنيا لا يدوم نعيمُها ، ولا تؤمَنُ فجيعُها، ولا تتوقّي في مساويها، غرورُ حائل، وسِناد (2) مائل، فاتّعِظوا

ص: 355


1- أمالي الطوسي : ج 2 ص 234 بإسناده عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمّد بن أحمد بن نصر، عن موسی بن عبدالله بن الحسن، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السّلام : أتى رجل ... الخ. وعنه بحار الأنوار : ج 68 ص 70 ح 128
2- السناد ککتاب : الناقة الشديدة القويّة ومن الشيء عماده

عبادَ الله بالعِبَر، واعتَبِروا بالأثر، وازدَجِروا بالنقم، وانتفِعوا بالمواعظ، فكفى بالله معتصماً ونصيراً، وكفى بالکتاب حجيجاً وخصيماً، وكفى بالجنّة ثواباً ، وكفى بالنار عقاباً ووَبالاً . (1)

تمام الصنيعة خير من ابتدائها

{11}

[423] وقال علیه السّلام : اجعل ما طلبت من الدنيا فلن تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك، واعلم أنّ مروّة القناعة والرضا أكثر من مروّة الإعطاء، وتمام الصنيعة خيرٌ من ابتدائها . (2)

أحبّوا الله

{12}

[424] أحبّوا الله فإن أطعنا الله فأحبّونا وإن عصيناه فأبغضونا، قاله لرجل ممّن يغلو فيهم.

فقال الرجل : إنّكم قرابة رسول الله صلّي الله علیه و آله وأهل بيته .

فقال: ويحكم لو كان الله نافعاً بقرابة منه بغير عمل نفع بذلك من هو أقرب إليه منّا أباه وأُمّه، والله إنّي لأخاف أن يضاعف للعاصي منّا العذاب ضعفين، وأرجو أن يؤتي المحسن منّا أجره مرّتين . (3)

ص: 356


1- بحار الأنوار: ج 75 ص 109 ح 20 عن تحف العقول : ص 231
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 111 ط بيروت عن كشف الغمة : ج 2 ص 196
3- رواه العلامة المناوي في «الكواكب الدرّية» (ج1 ص53 ط الأزهريّة بمصر). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 231 عن الكواكب الدريّة للمناوي : ج 1 ص 53 ط مصر

حسن الجوار

{13}

[425] أحسِن جوار من جاورك تكن مسلماً (1)

ما هذا الضحك ؟

{14}

[426] ومرّ الحسن علیه السّلام بشاب يضحك . فقال : هل مررت على الصراط ؟!

قال : لا .

قال : وهل تدري إلى الجنّة تصير أم إلى النار؟

قال : لا.

قال : فما هذا الضحك؟

قال : فما رؤي هذا الضاحك بعد ضاحكاً. (2)

المحاسن و المساوىء

{15}

[427] الحسن : - إن شاء الله - هو ابن علي علیهماالسّلام: إذا أراد الله عزّوجلّ بعبد خيراً ألهاه عن محاسِنِه وحوّل مساوءَه نُصْبَ عينيه . (3)

ص: 357


1- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 79 ح 33؛ کشف الغمّة : ج 2 ص 198؛ بحار الأنوار : ج75 ص 112 ح6
2- مجمع البيان : ج 3 ص526؛ جامع الأخبار للشيخ محمد السبزواري من علماء القرن السابع : ص262 ح 709
3- الفردوس بمأثور الخطاب، ابن شهردار دیلمی : ج1 ص245

إضافة الضيف

{16}

[428] الحسن بن علي: إذا جاءكم الزائرُ فأضيفوه، ومَن سألكم بوجه الله فأعطوه. (1)

اطرد الشيطان من بيتك

{17}

[429] الحسن بن علي : إذا دخل الرجلُ بيتَه فقال السلام علیکم ووضع طعامه ، فقال : بسم الله فإذا فرغ قال : الحمد لله، قال الشيطان : ليس لي هاهنا رزقُ ولا مبيت . (2)

اجتهد أن لا يعرفك

{18}

[430] وقال الحسن بن علي علیه السّلام: إذا سمعتَ أحداً يتناولُ أعراضَ الناس فاجتهدْ أن لا يعرفَك، فإنّ أشقى الأعراض به معارفه . (3)

المصلّي والمنفق والصائم

{19}

[431] قال علیه السّلام: يقول اللهُ تعالى : المصلّي يُناجيني والمُنفِق یُقرِضُني،

ص: 358


1- الفردوس بمأثور الخطاب : ج 1 ص 339
2- الفردوس بمأثور الخطاب : ج1 ص293 وفيه : قال الحسن بن علي علیه السّلام
3- بحار الأنوار : ج 74 ص 198 عن الدرّة الباهرة : ص22؛ مستدرك الوسائل : ج 2 ص 66 ح3

والصائم يتقربّ إلىّ . (1)

لقاء الإخوان

{20}

[432] وقال علیه السّلام: إذا لقى أحدُكم أخاه فليُقَبِّل موضعَ النور مِن جبهته . (2)

من السعادة خصال أربع

{21}

[433] قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : أربعٌ خصال من سعادة المرء: زوجةٌ صالحة ، وأولادٌ أبرار، ومعيشة في بلاده، وخُلطاء صالحون . (3)

استثمار المال

{22}

[434] روي عنه علیه السّلام أنّه قال : إستثمار المال تمام المروءة. (4)

ص: 359


1- إرشاد القلوب للديلمي: ص100. وعنه تعاليم الإمام المجتبى علیه السّلام: ص 442
2- تحف العقول: ص 333؛ وعنه بحار الأنوار: ج 78 ص 110
3- تیسیر المطالب : ص 361 بإسناده عن أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الحسني الآملي، عن محمد بن علي بن دهيم الشيباني، عن إبن أبي عزرة، عن الحكم بن سليمان، عن عمرو بن جميع، عن عبدالله بن الحسن ، عن أبيه، عن جدّه، عن علي علیه السّلام قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله... الخبر
4- مستدرك الوسائل : ج13 ص49 باب 18 من أبواب التجارة بإسناده عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم، عن موسی بن جعفر، أنّه قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام في حديث : استثمار المال ...

إستعد لسفرك

{23}

[435] عن جنادة بن أبي أُميّة، قال : دخلتُ على الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهماالسّلام في مرضه الّذي توفّي فيه ... إلى أن قال: فقلت له : يابن رسول الله عظني.

قال: نعم، إستعدّ لسفرك وحصِّلْ زادَك قبلَ حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا و الموتُ يطلبُك، ولا تحمل همّ يومِك الّذي لم يأتِ على يومك الّذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوقَ قوتِك إلّا كنتَ خازناً فيه لغيرك، واعلم أنّ في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب ، فأنزِل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالاً کنتَ قد زهدتَ فيها، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر، فأخذتَ كما أخذتَ من الميتة ، وإن كان العتاب فإنّ العتاب يسير ، واعمَل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمَل الآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردتَ عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان فاخرج من ذُلِّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّوجلّ، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجةٌ فاصحب مَن إذاصحبتَه زانَك، وإذا خدمتَه صانك، وإذا أردتَ منه معونةً أعانك، وإن قلتَ صدَّق قولَك، وإن صُلْتَ شدّ صولَك، وإن مدَدْتَ يدَك بفضل مدَّها، وإن بدت عنك ثلمةٌ سدّها، وإن رأى منك حَسَنةً عدَّها، وإن سألتَه أعطاك ، وإن سكتَّ عنه ابتداك، وإن نَزَلَتْ إحدى الملمّات به ساءك، من لا تأتيك منه البوائقُ، ولا يختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسماً آثرك.

قال : ثمّ انقطع نَفَسُه، واصفرّ لونه حتّی خشيتُ عليه، ودخل الحسين علیه السّلام، والأسود بن أبي الأسود فانكبّ عليه حتّى قبّل رأسه وبين عينيه ، ثمّ

ص: 360

قعد عنده وتسارّا جميعاً ... الخ . (1)

سوء الخلق

{24}

[436] روي عنه علیه السّلام: أشدُّ من المصيبة سوءُ الخُلق . (2)

أطعموا الطعام

{25}

[437] قال الطبراني : حدّثنا القاسم (3) بن محمد الدلّال، حدثنا مخوّل (4) بن إبراهيم، حدثنا كامل (5) بن العلاء ، عن عبدالله بن سليمان، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: أطعموا الطعام وأطيبوا الكلام . (6)

ص: 361


1- كفاية الأثر للخزاز، بإسناده عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جدّه إسحاق بن بهلول، عن أبيه بهلول بن حسّان، عن طلحة بن زیاد، عن الزبير بن عطاء، عن عمیر بن هاني العيسى، عن جنادة بن أبي أُميّة ... وعن الكفاية بحار الأنوار : ج 44 ص 138 ح6
2- تاريخ اليعقوبي : ج2 ص 227
3- القاسم بن محمد بن حمّاد الدلال الكوفي المتوفّي (295) تاريخ الإسلام للذهبي : ص 232
4- مُخوّل بن إبراهيم بن مخوّل بن راشد النهدي الكوفي الحنّاط ، روى عنه أبو حاتم الرازي وقال : صدوق. الجرح والتعديل : ج 8 ص 399
5- کامل بن العلاء التميمي الكوفي، قال ابن حجر في التقريب : ص395: صدوق من السابعة
6- المعجم الكبير للطبراني : ج3 ص94 رقم 2763

أظلم الظالمين

{26}

[438] قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: أظلم الظالمين مَن ظلم الظالم، دَعُوا الظالم حتّى يلقى اللهَ بوزره يوم القيامة كاملاً . (1)

حقوق الإخوان

{27}

[439] أعرف الناس لحقوق إخوانه وأشدّهم قضاءاً لها أعظمهم عند الله شأنا . (2)

إذا ظفرتَ بالآخرة

{28}

[440] إعلم أيّها الرجل أنّه لا يضرّك ما فاتك من الدنيا و أصابك مِن

ص: 362


1- رواه الدولابي في «الذريّة الطاهرة»: ص 108 ح 113 بإسناده عن أحمد بن یحیی الأودي، عن إبراهيم بن رشيد الشيباني، عن الحارث بن عمران الجعفي، عن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه، عن جدّه ، قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ... الخ. قال السيّد الجلالي في تحقيقه على الحديث : هذا الحديث غريب المتن فقد ورد في القرآن الكريم في سورة الشورى الآية (39) : «وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ» ممّا يؤكّد على لزوم الاقتصاص من الظالم، وورد في الحديث الصحيح: من أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يُعصي الله . ورواه الإربلي في كشف الغمّة : ج 2 ص 156
2- مجموعة ورّام : ج2 ص 107

شدائدِها إذا ظفرتَ بالآخرة، وماينفعك ما أصبتَ من الدنيا إذا حُرِمتَ الآخرة . (1)

إنّ الله لم يخلقكم عبثاً

{29}

[441] إعلموا أنّ الله لم يخلقكم عبثاً، وليس بتارککم سدی، کتب آجالكم، وقسم بینکم معائشکم، ليعرف كلُّ ذي لبّ منزلته، وأنّ ما قدّر له أصابه ، وماصرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا، وفرّغكم لعبادته ، وحثّكم على الشكر، وافترض عليكم الذكر، وأوصاكم بالتقوى، وجعل التقوى منتهى رضاه، والتقوى باب کلّ توبة ، ورأس كلّ حكمة، وشرف كلّ عمل، بالتقوى فاز من فاز من المتّقين ، قال الله تبارك وتعالى : «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا» (2) وقال : «وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (3) فاتّقوا الله عباد الله، واعلموا أنّه من يتّق الله يجعل له مخرجاً من الفتن، ويسدِّده في أمره، ويهیّيء له رشده، ويفلجه بحجّته، ويبيّض وجهه، ويعطيه رغبته مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً . (4)

ص: 363


1- إرشاد القلوب: ج1 ص66
2- سورة النبأ : الآية 31
3- سورة الزمر : الآية 61
4- التحف : ص 233 وعنه بحار الأنوار: ج 78 ص110 وكلمة الإم الحسن علیه السّلام: ص46 ط بيروت

الإخلاص

{30}

[442] خطب الحسن علیه السّلام في دم، فأجابه صاحب الدم، فقال: قد وضعتُ ذلك الدم لله ولوجوهكم.

قال له الحسن علیه السّلام: ألا قلتَ: قد وضعتُ ذلك لله خالصاً؟! (1)

ماذا تنتظرون ؟

{31}

[443] قال الحسن بن علي (رضي الله عنه) في كلام له : أُمّتكم آخر الأُمم، وأنتم آخر أُمّتكم، وقد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون؟ هيهات هيهات ذهبت الدنيا بحال بمالها، وبقيت الأعمال أطواقاً في أعناق بني آدم ... إنّه والله لا أُمّة بعد أُمّتكم، ولا نبيّ بعد نبيّكم، ولا كتاب بعد کتابکم، وأنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم، وإنّما ينتظر بأوّلكم أن يلحق آخركم. (2)

الأمين و الخائن

{32}

[444] الأمين آمن، والبريء جريء، والخائن خائف، والمسيء

ص: 364


1- العقد الفريد: ج3 ص6 باب في سوء الأدب
2- حليم آل البيت الإمام الحسن بن علي علیهماالسّلام للفاضل المعاصر موسی محمد علي : ص 193 ط عالم الكتب بيروت . وعنه ملحقات الإحقاق : ج33 ص505

مستوحش . (1)

الاعتبار بالمصيبة

{33}

[445] عزّى الحسن بن علي علیهماالسّلام رجلاً قد مات بعض ذويه فقال له : إن كانت المصيبة أحدثتْ لك موعظة وكسّبتك أجراً فهو، وإلّا فمُصيبتُك في نفسك أعظمُ من مصيبتك في ميتك . (2)

زيارة المؤمن

{34}

[446] قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله : حدّثني جبريل : أنّ الله أهبط إلى الأرض ملكاً، فأقبل ذلك الملك يمشي حتّى انتهى إلى باب، رجل ينادي على باب الدار، فقال الملَك للرجل : ما جاء بك إلى هذه الدار؟

فقال : أخ لي مسلم زرتُه في الله .

قال : الله ما جاء بك إلّا ذلك؟

قال : الله ما جاء بي إلّا ذلك.

قال الملك : وجبت لك الجنّة، وأيّما مسلم زار مسلماً فليس إياّه يزور،

ص: 365


1- رواه في «التذكرة المحمدية» (ص270 ط بیروت) . ملحقات الإحقاق : ج19 ص 357
2- مجموعة ورّام : ص411 وعنه كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص 51

بل إيّاي يزور، وثوابه عليّ الجنة. (1)

اذكر الله

{35}

[447] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام لرجل أبَلّ من علّة : إنّ الله قد ذكرك فاذكره، وأمّا لك فاشكره . (2)

نفسك نفسك

{36}

[448] قال الحسن علیه السّلام: إنّ الله تعالى لم يجعل الأغلالَ في أعناق أهل النار لأنّهم أعجزوه، ولكن إذا أُطفيء بهم اللهب أرسبهم في قعرها . ثمّ غشي عليه، فلمّا أفاق من غشوته قال : يابن آدم نفسَك نفسَك، فإنّما هي نفس واحدة إن نجَتْ نجوتَ، وإن هلكتْ لم ينفعك نجاةُ مَن نجى . (3)

ص: 366


1- رواه الدولابي في «الذريّة الطاهرة»: ص 111 ح 118 بإسناده عن أبي جعفر أحمد بن يحيى الأودي، عن حفص بن عمر الفرّاء، عن أبي داود المكفوف، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السّلام قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ... الخبر
2- تحف العقول : ص165
3- إرشاد القلوب الحسن بن أبي الحسن الديلمي : ج 1 ص 86 ط طهران؛ مجموعة ورّام : ج1ص301؛ معالم الزلفي : ص 358؛ كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص 48

عفو الله يوم القيامة

{37}

[449] إنّ اللهَ ليعفو يومَ القيامة عفواً يُحيطُ على العبادِ حتّى يقولَ أهلُ الشرك : واللهِ ربّنا ماکُنّا مشرکین . (1)

أبصر الأبصار

{38}

[450] إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبُه، وأسمعَ الأسماع ما وعی التذكير وانتفع به، وأسلمَ القلوب ما طهُر من الشُبُهات . (2)

الخُلق الحسن

{39}

[451] إنّ أحسن الحَسَن الخُلقُ الحَسَن . (3)

ص: 367


1- كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص 22 عن درر الأخبار : ج 1 ص 182
2- بحار الأنوار : ج 78 ص 109 ح 17 عن تحف العقول، ص235
3- الخصال : ج 1 ص 29 ح 102 «أحسن الحسن خصلة في باب الواحد» بهذا الإسناد : حدّثنا أبو الحسن عليُّ بن عبدالله بن أحمد الأسواري قال : حدّثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس السحري المذکّر قال : حدّثني أبو محمد عبدالعزيز بن عليّ السرخسي بمرو الروذ قال : حدّثني أبو بكر أحمد بن عمران البغدادي قال : حدّثنا أبو الحسن قال : حدثنا أبو الحسن، قال : حدّثنا أبو الحسن ، قال : حدّثنا الحسن ، عن الحسن، عن الحسن : الخبر . کنز العمال : ج 3 ص 5 ح 5152 «في الترغيب» ملاحظة : فأمّا أبو الحسن الأول محمد بن عبدالرحيم التستري، وأمّا أبو الحسن الثاني فعليّ بن أحمد البصري التمّار، وأمّا أبو الحسن الثالث فعليّ بن بن محمد الواقدي، وأمّا الحسن الأوّل فالحسن بن عرفة العبدي، وأمّا الحسن الثاني فالحسن بن أبي الحسن البصري، وأما الحسن الثالث فالحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهماالسّلام. المسلسلات : ص110؛ مستدرك الوسائل : ج 8 ص 443. ورواه العلامة أبو موسى محمد بن عمر الاصفهاني المديني المتوفّى (581) في «نزهة الحفّاظ» : ص 64 بإسناده ... إلى محمد بن زکریّا اللؤلؤي ، قال : حدّثنا الحسن ، عن الحسن ، عن الحسن ، عن الحسن ، قال : من أحسن الحسن حسن الخلق

أشدّ الناس حسرة

{40}

[452] إنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة رجلان : رجلٌ نظر إلى ماله في میزان غيره سعد به وشقي هو به، ورجل نظر إلى علمه في ميزان غيره سعد به وشقي هو به . (1)

حقيقة الموت

{41}

[453] مرّ الحسن بن علي علیهماالسّلام على ميّت يراد دفنه فقال : إنّ أمراً هذا آخره لحقيق بأن يُزهَدَ في أوّله، وإنّ أمراً هذا أوّله لحقيقٌ أن يخاف من آخره . (2)

ص: 368


1- رواه في «جامع بیان العلم و فضله» (ص 251 ط دار الكتب الحديثية بالقاهرة) . ملحقات الإحقاق : ج19 ص 357
2- المحاسن والمساوي للجاحظ : ص 256 وعنه كلمة الإمام الحسن علیه السّلام للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص 53

التقيّة

{42}

[454] قال الحسن علیه السّلام : إنّ تقيّةً يُصلِح الله بها أُمّةً لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، وتركُها بما أهلك أُمّةً تاركُها شريكُ من أهلكهم، وإنّ معرفة حقوق الإخوان تُحبّبُ إلى الرحمان، ويعظم الزلفي لدى الملك الديّان، وإنّ ترك قضائها يمقت الرحمن، ويصغر الرتبة عند الكريم المنّان . (1)

درجة الصائم القائم

{43}

[455] روى الحسن بن علي علیهماالسّلام عن النبي صلّي الله علیه و آله: إنّ الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم، القائم، وأنّه ليكتب جبّاراً، ولا يملك إلّا أهله . (2)

حتى لا ينقطع الفضل

{44}

[456] وقال الحسن والحسين علیهماالسّلام لعبدالله بن جعفر (3): إنك قد أسرفتَ

ص: 369


1- بحار الأنوار : ج 77 ص 230، ذیل رقم 25. وسائل الشيعة : ج 11 ص473 ح4 وتفسير الإمام علیه السّلام تفسير سورة البقرة: ص 321 ح164، وجامع الأخبار للشيخ محمد السبزواري : ص 252 ح 651
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6 ص 338؛ ربيع الأبرار للزمخشري : ج 2 ص 11 وفيه : إنّ الرجل ليدرك ... وما يملك ...
3- عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطّلب ، صحابيّ، ولد بأرض الحبشة سنة (1) من الهجرة، لمّا هاجر أبواه إليها، وهو أوّل من ولد بها من المسلمين، وأتى البصرة والكوفة والشام، وكان كريماً يسمّى بحر الجود، وللشعراء فيه مدائح، وكان أحد الأُمراء في جيش أمير المؤمنين بصفّين، توفّي بالمدينة سنة (80ه-) الأعلام : ج4 ص 204

في بذل المال. قال : بأبي وأُمّي أنتما، إنّ الله قد عوّدني أن يتفضّل عليّ، وعوّدتُه أن أتفضَّل على عبادِه ، فأخافُ أن أقطع العادةَ فيقطعَ عنّي . (1)

التزكّي للعبادة

{45}

[457] وقال : إنّ من طلب العبادة تزكّى لها. (2)

الخوف و الأمن

{46}

[458] إنّ من خوّفك حتّى تبلغ الأمن، خير ممّن يؤمنك حتّى تلقى الخوف. (3)

ص: 370


1- العقد الفريد: ج1 ص 225 کتاب الزبرجدة في الأجواد
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 109
3- رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل العسكري في «الصناعتين» (ص 299 ط القاهرة). ورواه ابن الخلفاء عبدالله بن المعتز العباسي في «البديع» (ص 27 ط لنينغراد) . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 242

إدخال السرور على المسلم

{47}

[459] حدّثنا موسی (1) بن جمهور التنيسي، حدثنا محمد بن مصفّى (2)، حدثنا ابن أبي فديك (3)، حدّثني جهم (4) بن عثمان، عن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه عن جدّه أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال : إنّ مِن واجب المغفرة إدخال السُرور على أخيك المسلم. (5)

يجمعون كثيراً

{48}

[460] أنّه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون

ص: 371


1- هو موسی بن جمهور بن زريق البغدادي المحدّث بتنّیس ترجمه الخطيب البغدادي في تاریخ بغداد: ج13 ص 51 - 52 رقم 7020، والذهبي في تاريخ الإسلام: ص 311 رقم 543 في وفيات (281 - 290)
2- هو محمد بن مصفّى بن بهلول الحمصي القرشي، توفّي سنة (246 ه-) التقريب : ص 441
3- هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُديك المدني توفّي سنة (220 ه-) التقريب : ص404
4- ترجمه ابن حجر في لسان المیزان : ج 2 ص 142 رقم 625 وقال : جهم بن عثمان صحب الصادق علیه السّلام وكان مولده سنة (105) طلبه المنصور فهرب إلى اليمن ومات هناك
5- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 8 رقم 2738 وفي ص 83 بسند آخر رقم 2731 قال : حدّثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدّثنا محمد بن عبادة الواسطي، ثنا يعقوب بن محمد، ثنا جهم بن عثمان، عن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إنّ من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم

بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً . (1)

اتّقاء الشر

{49}

[461] قال القيرواني : كان الحسنُ علیه السّلام جواداً كريماً، لا يردّ سائلاً ، ولا يقطع نائلاً، وأعطى شاعراً مالاً كثيراً فقيل له : أتعطي شاعراً يعصي الرحمن ويطيع الشيطان ويقول البهتان؟

فقال : إنّ خيرَ ما بذلتَ من مالك ما وقیتَ به عرضك، وإنّ من ابتغاء الخير اتّقاءَ الشرّ. (2)

من يستحقّ الصدقة ؟

{50}

[462] عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : جاء رجل إلى الحسن والحسين علیهماالسّلام وهما جالسان على الصفا فسألهما فقالا : إنّ الصدقة لا تحلّ إلّا في دين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، ففيك شيء من هذا؟

قال : نعم فأعطياه، وقد كان الرجل سأل عبدالله بن عمر، وعبدالرحمن بن أبي بكر فأعطياه ولم يسألاه عن شيء فرجع إليهما فقال لهما: مالكمالم تسألاني

ص: 372


1- التذكرة الحمدونيّة: ص100 ط بيروت قال : وكان الحسن علیه السّلام يقول في مواعظه . ملحقات الإحقاق : ج 9 ص 352. کشف الغمّة : ج 1 ص 572 وعنه بحار الأنوار: ج 78 ص 112
2- زهر الآداب : ج1 ص 98. وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج16 ص10: عن أبي جعفر محمد بن حبيب في أماليه : أنّ الحسن علیه السّلام أعطى شاعراً ... الخبر

عمّا سألني عنه الحسن والحسين، وأخبرهما بما قالا، فقالا : إنّهما غذّيا بالعلم غذاء.

بيان قال الجزري : فيه لا تحلّ المسألة إلّا لذي فقر مدقّع، أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدعاء، وهو التراب . (1)

منزلة الصابرين

{51}

[463] حدّثنا إبراهيم (2) بن هاشم البغوث، حدّثنا إسماعيل (3) بن سيف حدّثنا جعفر بن سلیمان (4)، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت مع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) إلى الحسن بن علي نعوده، فقال له علي (رضي الله عنه) : كيف أصبحت یابن رسول الله؟

قال : أصبحت بحمد الله بارئاً.

قال : كذلك إن شاء الله.

ثمّ قال الحسن (رضي الله عنه) : أسندوني، فأسنده علي (رضي الله عنه) إلى صدره، فقال : سمعت جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : إنّ في الجنّة شجرة يقال

ص: 373


1- بحار الأنوار: ج 43 ص 320 عن الكافي : العدّة، عن البرقي، عن أبيه ، عمّن حدّثه، عن عبدالرحمن العرزمي، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : جاء رجل ...
2- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البغوي المولود سنة (207) والمتوفّى سنة (297) تاریخ الإسلام : ص 103
3- إسماعيل بن سيف البصري ترجمته توجد في لسان المیزان : ج 1 ص 409 وتاريخ الإسلام: ص 103 في وفيات (231 - 240)
4- جعفر بن سليمان الضبعي أبو سليمان البصري المتوفّى سنة (178) التقريب : ص79

له شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلايُرفَع لهم ديوان، ولا يُنصَب لهم میزان، يُصبُّ عليهم الأجر صبّاَ، وقرأ: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (1) . (2)

من أدب المجالسة

{52}

[464] جَلَس رجلٌ إلى الحسن بن علي علیهماالسّلام ، فقال له: إنّك جَلَسْتَ إلينا، ونحن نريد القيام، أفتأذن؟ (3)

لا تدخلوا الماء إلّا بمئزر

{53}

[465] عن عاصم بن ضمرة قال : كنت أسير مع الحسن بن علي على شاطىء الفرات وذلك بعد العصر ونحن صيام، قال : وماء الفرات يجري على رضراض والماء صاف و نحن عطاش.

فقال الحسن بن علي: لو كان معي مئزر لدخلت الماء .

قلت : إزاري أعطيکه .

قال : فما تلبس أنت؟

قلت : أدخل كما أنا .

ص: 374


1- سورة الزمر : الآية 10
2- المعجم الكبير للطبراني : ج3 ص93 ومجمع الزوائد: ج 2 ص305 ومسكّن الفؤاد للشهيد الثاني المتوفّى (965 ه-) ص 48 وعنه بحار الأنوار : ج 82 ص 137 ح 2 والمستدرك : ج2 ص425 ح 2361
3- عقد الفرید: ج 2 ص 429

قال : فذاك الّذي أكره أنّي سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : إنّ للماء عوامر من الملائكة كعوامر البيوت استحبوهم وهابوهم، وأكرموهم إذا دخلتم عليهم الماء، فلا تدخلوا إلّا بمئزر . (1)

انما جمع المال للفقراء

{54}

[466] عن حارثة، عن عليّ أنّه خطب الناس، ثمّ قال : إنّ أبن أخيكم الحسن بن عليّ قد جمع مالاً وهو يريد أن يقسّمه بينكم. فحضر الناس فقام الحسن فقال : إنّما جمعته للفقراء. فقام نصف الناس ثمّ كان أوّل من أخذ منه الأشعث بن قیس . (2)

ص: 375


1- اخبار اصفهان لأبي نعيم: ج1 ص 331 : سعيد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو أحمد بن أبي محمد العسّال روی عن عليّ بن رستم، ومحمد بن علي بن الجارود، وخلف، حدّثنا أبو محمد سعيد بن محمد بن أحمد حدّثنا أحمد بن عبدالله بن هشام السرخسي أبو منصور، حدّثنا الحسين بن إدريس الهرويّ، حدّثنا أبو الهذيل خالد بن هيّاج بن بسطام الهروي، حدّثني أبي، عن عباد بن كثير ، عن عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة قال : كنت أسير ...
2- ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق : ص147: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر ابن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق ، عن حارثة، عن عليّ أنّه خطب الناس ...

الأنفس طُلَعَة

{55}

[467] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : إنّ هذه الأنفس طُلَعة . (1)

ماذا يقصد معاوية ؟

{56}

[468] إنّه والله ما أراد بها النصيحة، ولكن أراد أن يفني بنوهاشم ما بأيديهم فيحتاجوا إليه، وأن يحلم بنو أُميّة فيحبّهم الناس، وأن يشجع بنو العوام فيقتلوا، وأن يتيه بنو مخزوم فیمقتوا.

قاله علیه السّلام لمّا بلغه قول معاوية : إذا لم يكن الهاشمي جواداً والأموي حليماً والعوامي شجاعاً والمخزومي تياهاً لم يشبهوا بآبائهم، فذكره . (2)

الإحسان المضاعف

{57}

[469] خرج الحسن علیه السّلام إلى سفر ... فمرّ براعي غنم، فنزل عنده ليلاً فألطفه وبات عنده ، فلمّا أصبح قال علیه السّلام له : «إنّي ماض إلى ضيعتي، ثمّ أعود

ص: 376


1- النهاية لابن الأثير الجزري المتوفّى (606) ج 3 ص 133 في لفظ (طلع) قال : ومنه حديث الحسن (رضي الله عنه) : «إنّ هذه الأنفس طلعة» بضمّ الطاء وفتح اللام، أي : إنّها كثيرة الميل إلى هواها وما تشتهيه حتّى تهلك صاحبها
2- رواه العلامة الثعالبي في «ثمار القلوب في المضاف والمنسوب» (ص 90 ط مطبعة الظاهر في القاهرة). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص230

إلى المدينة» ووقت له وقتاً وقال له : «تأتيني به) فلمّا جاء الوقت شغل الحسن علیه السّلام بشيء من أُموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبداً لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين علیه السّلام وهو يظنّه الحسن علیه السّلام فقال : أنا العبد الّذي بتّ عندي ليلة كذا ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت ...

فقال الحسين علیه السّلام : لِمَن أنت يا غلام؟

فقال : لفلان.

فقال علیه السّلام: كم غنمك؟

قال : ثلاثمائة .

فأرسل إلى الرجل فرغّبه حتّى باعة الغنم والعبد، فأعتقه ووهب له الغنم مكافأةً لماصنع مع أخيه ، وقال : إنّ الّذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه. (1)

قوله علیه السّلام في العفو

{58}

[470] أوسع ما يكون الكريمُ بالمغفرة، إذا ضاقت بالمذنب المعذرة . (2)

ص: 377


1- مقتل الحسين علیه السّلام للخوارزمي: ج1 ص153؛ إحقاق الحقّ : ج 11 ص 445
2- أورده في أعلام الدين : ص 186 (مخطوط)، عنه بحار الأنوار: ج 78 ص 115 ضمن ح 18، وفي الدرة الباهرة : ص22، عنه البحار المذكور ضمن ح 11. ورواه العلامة شهاب الدين النويري في نهاية الأرب» (ج 3 ص 232 ط القاهرة) بهذه العبارة : أوسع ما يكون الكرم بالمغفرة إذا ضاقت بالذنب المعذرة

وليد التفكر

{59}

[471] قال حسن بن عليّ المجتبي علیه السّلام : أُوصيكم بتقوى الله وإدامة التفكّر، فإنّ التفكّر أبو كلّ خير وأُمُّه . (1)

بين التملّق و الجفاء

{60}

[472] وسأله رجل أن يخيله . (2)

قال علیه السّلام: إيّاك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذبني فإنّه لا رأي المكذوب، أو تغتاب عندي أحداً.

فقال له الرجل : ائذن لي في الإنصراف .

فقال علیه السّلام : نعم إذا شئت . (3)

التقشّف

{61}

[473] أين الّذين طرحوا الخزوز (4) و الحبرات (5)، ولبسوا

ص: 378


1- تنبيه الخواطر ونزهة النواظر المعروف بمجموعة ورّام : ج1 ص52
2- في بعض النسخ «يعظه» مكان يخيله أي يغيره وهو أيضاً كناية عن الموعظة
3- بحار الأنوار: ج 78 ص 109
4- الخزوز (بضمّ الخاء) : جمع الخزّ (بفتح الخا) وهو مایُنْسَجُ من صوف و حریر ، أو من حریر خالص. (الرائد : ص 622)
5- الحَبَرات (بفتح الحاء المهملة والباء) : جمع الحَبَرة وهي نوع من الثياب القطنيّة أو الكتّانيّة اشتهرت اليمن بصناعتها . (الرائد : ص 546)

البتوت (1) والنَمرِات (2) . (3)

نافسوا في المكارم

{62}

[474] عن الحسن بن علي عليهماالسّلام أنّه قال: أيّها الناس نافِسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه، ولا تكسبوا بالمطل ذمّاً، واعلموا أنّ حوائج الناس من نعم الله عليكم فلا تملّوا النعم فتحوّل نقماً ، وإنّ أجود الناس من أعطى مَن لا يرجو، وإنّ أعفى الناس مَن عفى عن قدرة ، ومن أحسَنَ أحسن الله إليه، والله يحبّ المحسنين . (4)

مجالس الذكر

{63}

[475] عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسّلام قال: قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: بادروا إلى رياض الجنّة.

ص: 379


1- البتوت (بضمّ الباء الموحّدة والتاء المثنّاة) : جمع البَتّ، وهو ثوب غليظ من صوف أو نحوه . (الرائد : ص 304)
2- النَمِرات (بفتح النون وكسر الميم) : جمع النَمِرة وهي نوع من ثياب اليمن، و کساء من صوف فيه خطوط بيض وسود. (الرائد : ص 1533)
3- رواه العلامة ابن منظور المصري في «لسان العرب» (ج2 ص 8 ط دار الصادر بیروت). لسان العرب : ج 1 ص205 ط دار المعارف بيروت في كلمة (بتّ). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص236
4- رسالة آداب وحكم لياقوت المستعصمي الخطاط المتوفّي (689) ص 54 ط بيروت دار المدينة ، وعنه ملحقات الإحقاق : ج 26 ص 499

فقالوا : وما ریاض الجنّة؟ قال : حِلَق الذكر . (1)

مفاسد البخل

{64}

[476] عن الحسن بن عليهماالسّلام أنّه قال : البُخلُ جامع المساوي والعيوب ، وقاطع المودّات عن القلوب، نسأله تعالى التوفيق لما يحبَ ويرضى . (2)

الصلاة على النبي صلّي الله علیه و آله

{65}

[477] عن الحسن بن علي عليهماالسّلام أنّه قال : قال النبي صلّي الله علیه و آله : البُخل كلّ البخل

ص: 380


1- بحار الأنوار : ج 1 ص202 عن معاني الأخبار: ص 321 وقال : النقاش، عن أحمد الكوفي، عن المنذر بن محمد، عن أبيه، قال: حدّثني محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام ، عن أبيه، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام ، قال : قال رسول الله بادروا إلى رياض الجنّة، قالوا: ومارياض الجنّة؟ قال : «حلق الذكر». ایضاح : حلق الذكر : المجالس الّتي يذكر الله فيها على قانون الشرع ويذكر فيها علوم أهل البيت عليهم السّلام وفضائلهم، ومجالس الوعظ الّتي يذكر فيها وعده و وعیده لا المجالس المبتدعة المخترعة الّتي يعصى الله فيها، فإنّها مجالس الغفلة لا حلق الذكر . وأورد الصدوق الحديث في الأمالي في المجلس الثامن والخمسون ح 2 بذلك السند ولكن فيه : محمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
2- فتح الرحيم الرحمن شرح نصيحة الإخوان ومرشد الخلّان لابن الوردي تأليف الشريف مسعود الحسيني الشافعي: ص 127 ط مصر مطبعة مصطفي اليابي وأولاده. وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 512

مَن ذُكرتُ عنده فلم يصلّ عليّ . (1)

بر الوالدين

{66}

[478] برُّ الوالدين يُجزي عن الجهاد في سبيلِ الله . (2)

البلاغة

{67}

[479] البلاغة تقريب بعيد الحكمة بأسهل. (3)

الغفلة والموعظة

{68}

[480] قال عليه السّلام: بينكم وبين الموعظة حجاب من الغرّة (4). (5)

ص: 381


1- فردوس الأخبار : ج 2 ص 56 ح 2051. وفي كنز العمّال : ج 1 ص 489 ح2146: البخيل من ذُكرتُ عنده فلم يصلّ عليّ
2- فردوس الأخبار : ج2 ص 11 ح 1113 قال الحسن بن عليّ : برّ الوالدين ...
3- رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل العسكري المتوفّى 351 في «الصناعتين» (ص 52 ط القاهرة) . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 241
4- الغرّة: الغفلة
5- تحف العقول لابن شعبة : ص167 في مواعظ الحسن عليه السّلام . ورواه السيّد الرضي في نهج البلاغة في ضمن كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام رقم 282 ولايبعد أنّ الإمام المجتبی عليه السّلام حکاه عن أبيه عليه السّلام

أكبر السؤدد

{69}

[481] قال عليه السّلام: التبرّع بالمعروف، والإعطاء قبل السؤال، من أكبر السؤدد . (1)

الجود

{70}

[482] سُئل عليه السّلام عن الجود؟ قال : التبرّع بالمعروف، والإعطاء قبل السؤال، والإطعام في المحل (2) . (3)

النعم

{71}

[483] تجهل النعم ما أقامتْ، فإذا ولّت غُرِفَتْ. (4)

ص: 382


1- العدد القويّة: عنه بحار الأنوار : ج 78 ص 113. نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، حسین بن نصر الحلواني: ص 71
2- المحل (بفتح الميم وسكون الحاء المهملة) : الشدّة، الجدب ، انقطاع المطر ويبس الأرض، الجوع الشديد
3- ترجمة الإمام الحسن عليه السّلام من تاريخ دمشق للحافظ ابن عساکر : ص 165 بإسناده عن عليّ بن إبراهيم، عن رشاء بن نظيف، عن الحسن بن إسماعيل، عن أحمد بن مروان، عن محمد بن موسى، عن محمد بن الحرث، عن المدائني قال : قال معاوية للحسن بن علي بن أبي طالب : ما الجود؟ قال عليه السّلام: التبرّع ... الخبر
4- أعلام الدين : ص 297. نزهة الناظر : ص76؛ کشف الغمّة : ج 1 ص575؛ بحار الأنوار : ج 75 ص 115

من دواعي الرزق

{72}

[484] ترك الزنا وكنس الفنا وغسل الإناء مجلبة للغنا . وأقوى الأسباب الجالبة للرزق إقامة الصلاة بالتعظيم والخشوع، وقراءة سورة الواقعة، خصوصاً بالليل، ووقت العشاء، وسورة يس، وتبارك الّذي بيده الملك وقت الصبح، وحضور المسجد قبل الأذان والمداومة على الطهارة، وأداء سنّة الفجر والوتر في البيت، وأن لا يتكلّم بكلام لغو، من اشتغل بما لا يعنيه فإنّه ما يعنيه . (1)

التقوى

{73}

[485] التقوى باب کلّ توبة ، ورأسُ كلّ حكمة، وشرف كلّ عمل . (2)

مالا حساب فيه

{74}

[486] الحسن بن علي : ثلاث ليس على ابن آدم فيهنّ : طعام يقيم صلبه وبيت يكنّه وثوب يواري عورته فما فوق ذلك فكله في حساب . (3)

ص: 383


1- بحار الأنوار : ج 76 ص318 - 319ح6 باب مايورث الفقر والغنا. وفيه: قال الحسن علیه السّلام : الخبر
2- بحار الأنوار : ج75 ص110 عن تحف العقول : ص 232
3- الفردوس بمأثور الخطاب : ج2 ص92

الصبر

{75}

[487] جرّبنا وجرّب المجرّبون فلم نر شيئاً أنفع وجداناً ولا أضرّ فقداناً من الصبر تداوی به الأُمور، ولا يداوى هو بغيره . (1)

حباني النبي صلّي الله علیه و آله

{76}

[488] عن الحسن بن عليهماالسّلام أنه قال : حباني النبي صلّي الله علیه و آله بکلتا یدیه بالوَرْد وقال : هذا سيّد ريحان أهل الدنيا والآخرة . (2)

على مَ التهافت ؟

{77}

[489] الحريصُ الجاهلُ والزاهد القانعُ كلاهما مستوفٍ أكله غيرُ منقوص من رزقه شيئاً، فعلی مَ التهافت في النار؟ (3)

ص: 384


1- رواه العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في «شرح النهج» (ج1 ص105 ط القاهرة) . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص240
2- مکارم الأخلاق : ص 45 ط بيروت مؤسّسة الأعلمي
3- إرشاد القلوب : ج1 ص65

ذمّ السؤال

{78}

[490] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام: حسبك من السؤال أنّه يضعف لسان المتكلّم، ويكسر قلب الشجاع البطل، ويوقف الحرّ الكريم موقف العبد الذليل، ويذهب بنضرة اللون، ويمحو الحسب، ويحبّب الموت، ويمقت الحياة . (1)

بين يدي الربّ

{79}

[491] حقٌّ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونُه وترتَعِدَ مَفاصِلُه . (2)

ص: 385


1- شرح المقامات الحريريّة لأحمد بن عبدالمؤمن القيسي المتوفّى ( ): ج2 ص 140 ط دار الكتب العميّة بيروت. وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 492
2- بحار الأنوار: ج 43 ص 339 وعوالم العلوم : ج 16 ص 130 عن مناقب آل أبي طالب : ج 4 ص 14 وفيه : عن الفتّال أنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام كان إذا توضّأ ارتعدت مفاصله وتغيّر لونه، فقيل له في ذلك فقال : حقّ على ... . ورواه السيّد ابن طاوس في فلاح السائل : ص202 وقال: ورأيت في الجزء الأوّل من المختصر من الأخبار الأئمّة الطاهرين تأليف يعقوب بن نعیم بن قرقادة الكاتب، وكان جليلاً ثقة، قال : حدّثني محمد بن عبدالله بن زيادة العلوي بجرجان، قال : كان الحسن بن علي علیهماالسّلام إذا فرغ من وضوئه إلتمع لونه، فقيل له في ذلك، فقال : حق لمن أراد أن يدخل على ذي العرش جلّ وعزّ أن يتغيّر لونه . ورواه القوم أيضاً: منهم العلامة الزمخشري في «ربيع الأبرار» (ص 193 مخطوط) قال : كان الحسن بن علي علیهماالسّلام إذا فرغ من وضوئه تغيّر لونه، فقيل له، فقال : حقّ على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغيّر لونه

الخير كلّه في الصبر

{80}

[492] الخيرُ كلُّه في صبرِ ساعةٍ واحدةٍ تُورثُ راحةً طويلةً وسعادةً كثيرة . (1)

تعزية بليغة

{81}

[493] سأله رجلٌ صدقة، ولم يكن معه شيء، فاستحي أن يردّ بلا عطاء فقال علیه السّلام له : ألا أدلّك على شيء يحصل لك منه البرّ؟

قال : بلى ما هو؟

قال : إذهب إلى الخليفة، فإنّ ابنته تُوفّيت وانقطع عليها، وما سمع من أحد تعزية، فعزّه بقولك : «الحمدُ لله الّذي سَتَرها بجلوسِك على قبرِها وما هَتكها بجلوسها على قبرِك».

فذهب الرجل وفعل مثلَ ما أمره، فسرّى عن الخليفة حزنه وأمر له بجائزة ، وقال له : أكلامك هذا؟ فقال : بل كلام الحسن علیه السّلام ، قال : صدقت، فإنّه معدن الكلام الفصيح، وأمر له بجائزة أُخرى . (2)

ص: 386


1- إرشاد القلوب لابي محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي، ص25 الباب الرابع في ترك الدنيا
2- علّموا أولادكم محبة آل النبي صلّي الله علیه و آله للدكتور محمد عبده يماني: ص 126 وقال في ذيله : كان في استطاعة الحسن علیه السّلام أن يعتذر للسائل بأن ليس لديه شيء يعطيه، ويكون عذره وقتئذ مقبولاً، لكنّه علیه السّلام التمس له طريقة يفرّج بها كربة السائل، فأشار عليه بما تقدّم

الخير الّذي لا شرّ فيه

{82}

[494] الخيرُ الّذي لا شرّ فيه : الشكرُ مع النعمة، والصبرُ على النازلة . (1)

في خير المال

{83}

[495] خير المال ماوقي به العرض. (2)

دع ما يريبك

{84}

[496] حدّثنا هاشم بن مرثد الطبراني حدثنا أبو صالح الفراء حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الحسن بن عبیدالله عن بُریدبن أبي مريم عن أبي الحوراء قال : قلت للحسن بن علي (رضي الله عنهما): مثل من کنت في عهد رسول الله صلّي الله علیه و آله وما عقلت عنه؟

قال : عقلت عنه أنّي سمعته يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنّ الشرّ ريبة، والخير طمأنينة . (3)

ص: 387


1- تحف العقول : ص 234 وعنه بحار الأنوار : ج 78 ص 106 ح 7 ط الآخوندي
2- رواه في «الإعجاز والإيجاز» (ص37 ط دار البيان في بغداد). وفي «الجوهر النفيس في سياسة الرئيس» (ص 129 ط دار الطليعة). ملحقات الإحقاق : ج19 ص357
3- أخرجه ابن حنبل في المسند : ج 1 ص200، وسنن الدارمي ح 2535، وسنن الترمذي ح2518 وسنن النسائي : ج 8 ص 1327 وصحيح ابن خزيمة ح 2348 والطبراني في المعجم الكبير ج3 ص75 ح 2708 وأبو يعلى الموصلي في المسند ج6 ص27 في أضعاف ح7929 وفيه : فإنّ الصِدقَ طمأنينيةٌ وإنَّ الكِذْبَ ريبةٌ

إذا صاح الديك

{85}

[497] الديك إذا صاح يقول : اذكروا الله ياغافلين . (1)

تعبير الرؤيا

{86}

[498] عن عمران بن عبدالله ، قال : رأى الحسن بن عليّ في منامه أنّه مکتوب بين عينيه «قل هو الله أحد» ففرح بذلك، قال : فبلغ سعيد بن المسيّب فقال : إن كان رأى هذه الرؤيا فقلّ ما بقي من أجله . قال : فلم يلبث الحسن بعدها إلّا أيّاماً حتّى مات . (2)

ورواه أبو سلمة المنقري عن سلام بن مسكين عن عمران بن عبدالله بن طلحة نحوه. (3)

ص: 388


1- فردوس الأخبار : ج 2 ص 359 ح 2956 و فيه: قال الحسن بن علي : الخبر . تفسير القرطبي : ج 3 ص 166
2- ورواه أيضاً في الحديث : (70) من ترجمة الإمام الحسن من أنساب الأشراف : ج 1 ص 59 ط1، وفي النسخة المخطوطة : ج 1 ص 451 عن المدائني، عن سلام بن مسکني ، عن عمران الحذاء - أو الخزاعي - ... . ورواه أيضاً ابن سعد في الحديث : (144) من ترجمة الإمام الحسن من الطبقات الكبرى : ج8. ورواه أيضاً الحاكم في آخر باب مناقبه علیه السّلام: من المستدرك : ج 3 ص 176، ثمّ قال : فسمّ في تلك السنة
3- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص206: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس، أنبأنا أبو الحسن ابن أبي الحديد، أنبأنا جدّي أبوبكر ، أنبأنا أبو محمد بن زبر ، أنبأنا أبو قلابة حدّثني الأصمعي : عن سلام بن مسکین، عن عمران بن عبدالله ، قال : رأى الحسن ...

يذهب الهمّ و الغمّ

{87}

[499] قال الحسن بن علي بن أبي طالب علیهماالسّلام : رأيت عیسی بن مریم علیه السّلام في النوم فقلت : ياروح الله إنّي أريد أن أنقش على خاتمي فما أنقش عليه؟ قال : انقش عليه: «لا إله إلّا الله الملك الحقّ المبين» فإنّه يذهب الهمّ والغمّ. (1)

الجاهل

{88}

[500] راكب الحرون (2) أسير نفسه ، والجاهل أسير لسانه . (3)

ص: 389


1- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 113 رقم 185 : أخبرنا أبو القاسم محمود بن زحمد بن الحسن التبريزي بها، أنبأنا أبو الفضائل محمد بن أحمد بن عمر بن الحسن بن يونس بإصبهان، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله الحافظ، أنبأنا محمد بن محمد بن عبدالله، أنبأنا عیسی بن سليمان الورّاق، أنبأنا داوود بن عمرو الضبي: أنبأنا موسی بن محمد بن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جدّه ، قال : قال الحسن بن علي ... . جامع الأخبار للشيخ محمد السبزواري : ص 372ح 1030 وفيه : عن علي بن موسی الرضا علیهماالسّلام بإسناده عن الحسن بن علي علیهماالسّلام. ونقله النوري في المستدرك : ج 3 ص 307 ح3643 عن كتاب التعبير لأبي سعيد الدينوري
2- الحرون (بفتح الحاء وضمّ الراء المهملتين) : البغل إذا وقف ولم ينقد
3- التذكرة الحمدونيّة: ص 270 ط بيروت . وعنه ملحقات الإحقاق : ج19 ص 355

من كان في نقصان فالموت خير له

{89}

[501] عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما) قال : مَن طلب الدنيا قعدت به ، ومن زهد فيها لم يبال من أكلها، الراغب فيها عبد لمن يملكها، أدني ما فيها يكفي وكلُّها لاتُغْني، مَن اعتدلَ يوماه فيها فهو مغرور، ومَن كان يومه خيراً من غده فهو مغبون، ومَن لم يتفقّد النقصان عن نفسه فإنّه في نقصان، ومَن كان في نقصان فالموت خير له. (1)

جفّ القلم

{90}

[502] رفع الكتاب وجف القلم وأُمور يقضى في كتاب قد خلا . (2)

لابدّ من سفيه

{91}

[503] سفيه لم يجد مسافهاً. (3)

ص: 390


1- خطب الصحابة ومواعظهم لمحمد عثمان الخشت الفاضل المعاصر : ص 141. وعنه ملحقات إحقاق الحقّ: ج33 ص485
2- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج 3 ص 67 – 68 وقال : حدّثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن محمد بن جحادة، عن قتادة ، عن أبي السوار الضبعي، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه قال : رفع الكتاب ... الخبر
3- رواه العلامة الميداني في «مجمع الأمثال» (ج1 ص 339 طالقاهرة) قال : هذا المثل يروى عن الحسن بن علي (رضي الله تعالى عنهما) قاله لعمرو بن الزبير حين شتمه عمرو . ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 238 عن مجمع الأمثال للميداني : ج1 ص 339

سلني حاجتك

{92}

[504] ويروى عن عُمَير بن إسحاق أنّه قال : ذهبت مع بعض أصحابي العيادة أمير المؤمنين الحسن فلمّا اقتربنا منه سلّمنا عليه وجلسنا، سمعته يقول الرجل : اسألني حاجتك . فقال : ما لم تتماثل إلى العافية فلن أسأل . ثمّ سأله مرّة أُخرى وقال : سلني حاجتك قبل أن لا أستطيع الجواب . فردّ عليه بنفس الجواب ، ثمّ قال الإمام الحسن : لقد سقيت السم عدّة مرّات (1) ولكنّه هذه المرّة کان مختلفاً. (2)

سوء الخلف

{93}

[505]شرّ من المرزئة (3) سوءُ الخلف. (4)

المصاحبة

{94}

[506] وقال علیه السّلام : صاحب الناس مثل ما تحبُّ أن يصاحبوك به . (5)

ص: 391


1- كذا بالأصل ومروج الذهب، وفي تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 225 أنّه قال لأخيه الحسین إنّ هذه آخر ثلاث مرار سقيت فيها السم. ولم أسقه مثل مرّتي هذه، وأنا ميّت من يومي
2- الفتوح لابن اعثم : ج4 ص319
3- المرزئة (بكسر الميم وفتح الزاي): المصيبة العظيمة
4- التذكرة الحمدونيّة : ص270 ط بيروت . وعنه ملحقات الإحقاق : ج19 ص355
5- بحار الأنوار: ج 78 ص 116

اطلبوا الرزق بطاعة الله

{95}

[507] صعد رسول الله صلّي الله علیه و آله المنبر يوم غزوة تبوك فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيّها الناس! إنّي والله ما آمركم إلّا بما أمركم الله به، ولا أنهاكم إلّا عمّا نهاكم الله عنه، فأجمِلُوا في الطلب ، فوالّذي نفس أبي القاسم بيده إنّ أحدكم ليطلُبه رزقه كما يطلبه أجله، فإنْ تعسّر عليكم شيءٌ منه فاطلبوه بطاعة الله عزّوجل . (1)

حفظ القلب

{96}

[508] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : علیکم بحفظ السرائر فإنّ الله مطّلع على الضمائر، وحفظ القلب هو عدم الإتّجاه إلى غير الله، وحفظ فكرك عن معصيته تعالى . (2)

الغلّ والحسد

{97}

[509] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : الغلّ والحسد يأكلان الجسد

ص: 392


1- أخبار الحسن بن علي بن أبي طالب للطبراني : ص 140 ح213 بهذا الإسناد : حدّثنا أحمد بن النضر العسكري، ثنا أحمد بن النعمان الفرّاء المصّيصي، ثنا عبدالرحمن بن عثمان الحاطبي، عن أبيه، عن عبدالله بن محمد الجهني، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جدّه قال : الخبر . مجمع الزوائد: ج4 ص 71
2- حلیم آل البيت الإمام الحسن علیه السّلام: ص193. وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص 508

كما تأكل النار الحطب . (1)

في التقوى

{98}

[510] فاتّقوا اللهَ يا عبادَ الله واعلموا أنّه مَن يتّقِ اللهَ يَجعلْ له مَخرجاً من الفِتن ويُسدّده في أمره ويُهيّیء له رشدَه ويفلجه بحجّته ويُبيّض وجهَه ويُعطيَه رغبتَه، مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أُولئك رفيقاً . (2)

الفالوذج

{99}

[511] روي أنّ الحسنَ بن علي علیهماالسّلام رأى رجلاً يعيب الفالوذج فقال : فتات البُرّ بلعبا النحل بخالص السمن، ماعاب هذا مسلم. (3)

ص: 393


1- فتح الوهّاب بتخريج أحادیث الشهاب لأحمد بن محمد بن الصديق الحسني الغماري الشافعي: ج2 ص192 ط بيروت . کنز العمال : ج3 ص 462 ح 7444
2- تحف العقول، ص 167
3- مکارم الأخلاق : ص 193 . وعنه بحار الأنوار : ج 66 ص 287 ح 12 وفيه بعد ذکر الحديث : يظهر من الحديث أنّ الفالوذج في تلك الزمان كان إسمأ للحلواء المعمول من دقيق البرّ والسمن والعسل

الفرصة

{100}

[512] الفرصة، سريعة الفوت، بطيئة العود. (1)

فضل دهن البنفسج

{101}

[513] فضلُ دهن البنفسج على سائر الأدهان گفضل ولدِ عبدالمطّلب على سائر قیرش، وفضل البنفسج كفضل الإسلام على سائر الأديان وما من ورقة من ورق الهِندباء إلّا عليها قطرة من ماء الجنّة. (2)

طلب الحاجة

{102}

[514] عن الحسن علیه السّلام أنّه قال : فوتُ الحاجة خير مِن طلبها إلى غير أهلها . (3)

المودّة تقرّب و تبعّد

{103}

[515] القريبُ مَن قرّبته المودّة، وإن بَعُدَ نسبُه، والبعيدُ مَن باعدَتْه (4)

ص: 394


1- بحار الأنوار: ج 75 ص 113 ط بيروت مؤسّسة الوفاء عن العدد القويّة ص37
2- فردوس الأخبار : ج 3 ص 149 ح 4234 وفيه : قال الحسن بن علي : الخبر
3- تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 227 ط بيروت
4- في المصدر «الكافي» : بَعِّدتْه، وفي «التحف والبحار»: باعَدَتْه

المودّة، وإن قرب نسبُه . (1)

السقط

{104}

[516] عن الحسن علیه السّلام أنّه قال : قال رسولُ الله : لئن أُقدّم سَقوطاً (2) أحبُّ إليّ من أن أُخلِّفَ مائة فارس كلُّهم يقاتِل في سبيل الله . (3)

رحمة الأبناء

{105}

[517] قال الطبراني : حدّثنا محمد (4) بن عبدالله الحضرمي، حدثنا جعفر بن حميد (5)، حدثنا حديج (6) بن معاوية، عن

ص: 395


1- الكافي : ج 2 ص 643 «باب التحبّب إلى الناس والتودّد إليهم» ح 7: عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه ، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن زیاد التميمي، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : الخبر . وأورده الحرّاني في «تحف العقول»: ص 168 والمجلسي في بحار الأنوار: ج 78 ح5 باب مواعظ الحسن علیه السّلام
2- في المصدر سقطاً، والسقط الولد الّذي يسقط من بطن أُمّه قبل تمام الحمل . (لسان العرب - سقط - ج 7 ص 316 مجمع البحرین: ج 4 ص 253)
3- مسكّن الفؤاد: ص24 وعنه مستدرك الوسائل: ج2 ص 382 ح 2278
4- هو محمد بن عبدالله بن سليمان الحافظ أبو جعفر الحضرمي الكوفي المتوفّى (297) تاريخ الإسلام للذهبي: ص 274
5- جعفر بن حُميد العبسي الكوفي أبو محمد، ترجمه ابن حجر في التقريب : ص 79 وقال : ثقة مات سنة (240 ه-)
6- حُدیج بن معاوية بن حُديج، أورده ابن حجر في التقريب : ص 94 وقال : صدوق، مات بعد سنة (170)

أبي إسحاق (1)، عن شقيق (2) بن سلمة، عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله ومعها ابنان لها، فأعطاها ثلاث تمرات، فأعطت ابنيها كلّ واحد منهما تمرة، فأكلا تمرتيهما، ثمّ جعلا ينظران إلى أُمّهما، فشقّت تمرتها بنصفين بينهما، فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: قد رحِمَها الله برحمتها ابنَيْها. (3)

ومن كلامه علیه السّلام

{106}

[518] كان على عهد رسول الله قتال، ثمّ قتال على هذه الطعمة وما بعدهما ضلال وبدعة يعني ما ذكرناه ممّا يتولّاه الإمام أطعم في ذو مطعم . (4)

ما يكفي من اللسان

{107}

[519] قال علیه السّلام : كفاك من لسانك ما أوضح لك سبیل رشدك من غيّك . (5)

ص: 396


1- هو عمرو بن عبيد الله أبو إسحاق السَبيعي المتوفّى (129)
2- شقیق بن سَلَمة الأسدي أبو وائل الكوفي مات في خلافة عمر بن عبدالعزيز وله مائة سنة . التقريب : ص209
3- المعجم الكبير للطبراني : ج 3 ص 78 والمعجم الصغير : ج 2 ص 29
4- رواه العلامة الهروي في «الغريبين» (ص 77 مخطوط). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص235
5- نزهة الناظر : ص 72 و بحار الأنوار : ج 75 ص 114 عن العدد القويّة

المعاجَل والمؤجَّل

{108}

[520] قال علیه السّلام: كلّ معاجل يسأل الإنظار، وكلُّ مؤجّل يتعلّلُ بالتسويف (1) . (2)

كيف ينبغي أن تكون ؟

{109}

[521] کُن في الدُنيا بيديك وفي الآخرة بقلبك . (3)

التحدّث بالأسى و النعمة

{110}

[522] لا بأس أن يشتكي المريض إلى بعض أصدقائه ممّا هو فيه من الأسى كما أنّه لا بأس أن یتحدّث الثقة من إخوانه ممّا فعله من الخير لقوله تعالى : «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» (4)

ص: 397


1- المتعلِّلون: الّذين يعلّلون أنفسهم بالباطل ويسرفون في المعاصي ويقولون : إنّ الربّ کریم رحيم مع علمهم بأنّه سبحانه قد توعّد العصاة
2- تحف العقول. وفي نهج البلاغة عدّه من كلمات أمير المؤمنين علیه السّلام، ولا يبعد أنّه حكاه عن والده علیهماالسّلام
3- الرواذع المختارة : ص 133
4- إظهار المحامد في التعريف بمولانا الوالد: ص 48 للشيخ محمد بن محمد بن عبدالله المدعوّ ابن الموقّت المراكشي المالد قال : روى البيهقي في سننه عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما قال : لا بأس ... الخ، وروى عنه ملحقات الإحقاق : ج26 ص 527

لمن تذهب زائراً ؟

{111}

[523] وقال علیه السّلام: لا تأت رجلاً إلّا أن ترجو نواله، أو تخاف يده، أو تستفيد من علمه، أو ترجو بركة دعائه، أو تصل رحماً بينك وبينه . (1)

لا تفعل هذه الأَمور

{112}

[524] وقال علیه السّلام : لاتتكلّف مالا تطيق ، ولا تتعرّض لما لا تدرك، ولا تعد بما لا تقدر عليه، ولا تنفق إلّا بقدر ما تستفيد، ولا تطلب من الجزاء إلّا بقدر ما عندك من العناء، ولا تفرح إلّا بما نلت من طاعة الله تبارك وتعالى، ولا تتناول إلّا ماترى نفسك أهلاً له .

فإنّ تكلّف ما لا تطيق سفه، والسعي فيما لا تدرك عناء، وعدّة ما لا تنجز تفضيح والإنفاق من غير فائدة حرب (2)، وطلب الجزاء بغير عناء سخافة، وبلوغ المنزلة بغير استحقاق يشفي (3) على الهلكة (4). (5)

ص: 398


1- بحار الأنوار: ج 78 ص 111 ط بيروت، عن كشف الغمّة : ج 2 ص 194 ط النجف الأشرف
2- «خ ل» سرف، والحرب - بالتحريك - : نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له
3- «أ» سعي، «ط» يسعی. وأشفى على الشيء: أشرف
4- أورده في مقصد الراغب : ص 128 (مخطوط) إلى قوله : تفضح، بدل «تفضيح»
5- أورده آية الله المرعشي (قدّس سرّه) في ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 77

الإجمال في الطلب

{113}

[525]لاتجاهد الطلب جهاد الغالب، ولا تتّكل على القدر إتّكال المستسلم، فإنّ ابتغاء الفضل من السنّة، والإجمال في الطلب من العفّة، وليست العقّهُ بدافعة رزقاً، ولا الحرص بجالب فضلاً، فإنّ الرزقَ مقسوم، واستعمال الحرص استعمالُ المأثم . (1)

ما يغنيك عن الطبيب

{114}

[526] قال أمير المؤمنين علیه السّلام و للحسن ابنه علیه السّلام: يابُنّي ألا أُعلَمك أربعَ خصال تستغني بها عن الطبّ؟

فقال : بلى يا أمير المؤمنين.

قال : لا تجلس على الطعام إلّا وأنت جائع، ولاتَقُم عن الطعام إلّا وأنت تشتهيه، وجوِّد المَضْغَ، وإذا نمتَ فاعرض نفسَك على الخلاء، فإذا استعملتَ هذا استغنيتَ عن الطبّ (2) . (3)

ص: 399


1- بحار الأنوار: ج 15 ص106 ح4 عن تحف العقول : ص333
2- في بعض النسخ: عن الطبيب
3- الخصال للصدوق : ج 1 ص 238 ح67 بإسناده عن علي بن زحمد بن موسى، عن أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان، عن بکر بن عبدالله بن حبيب، عن عثمان بن عبيد، عن هُدبة بن خالد القيسي، عن مبارك بن فضالة، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين علیه السّلام للحسن ابنه علیه السّلام: ألا أُعلّمك أربع ... الخبر

لا تخلفنّ شيئاً وراءك

{115}

[527] قال الحسن بن علي علیهماالسّلام : قال لي أبي علي بن أبي طالب علیه السّلام : لا تخلفنّ وراءك شيئاً من المال، فإنّك تخلفه لأحد رجلين : إمّا رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به، وإمّا رجل عمل فيه بمعصية الله فكنت عوناً له على معصيته، وليس أحد هذين حقيقاً على أن تؤثره على نفسك . (1)

أقرب الشيء إلى الشيء

{116}

[528] لا شيء أقربُ من يَد إلى جسد، وإنّ اليد تغلّ فيه فتقطع وتحسم. (2)

ص: 400


1- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص 227 تحت رقم 1281 بهذا الإسناد : أخبرنا أبو سعد عبدالملك بن أحمد بن الحسين بن قريش العناي [كذا] ببغداد، أنبأنا أبو القاسم بن البسری املاءاً، أنبأنا أبو أحمد عبيدالله بن محمد بن أحمد قراءةٌ عليه، أنبأنا محمد بن يحيى، أنبأنا محمد بن القاسم أبو العيناء، أنبأنا الأصمعي، عن شعبة، عن سماك بن حرب، قال : قال الحسن بن علي : قال لي أبي علي بن أبي طالب : لا تخلفنّ ... الخ. وأورده الصدوق في الخصال : ج 1 ص 59
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 106 عن تحف العقول : ص 168 في مواعظ الحسن بن علي علیهماالسّلام. ورواه الكليني في الكافي : ج2 ص 643 ح 7 وفيه: لاشيء أقرب إلى شيء من يد إلى جسد، وإنّ اليد تقلّ فتقطع، وتقطع فتحسم

أمهله ليعتذر

{117}

[529] لاتعاجل الذنب بالعقوبة، واجعل بينهما للإعتذار طريقاً. (1)

الإنفاق

{118}

[530] لاتُنفِق إلّا بقدر ما تستفيد. (2)

لمن تؤاخي

{119}

[531] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : لا تؤاخ أحداً حتي تعرِفَ مورادَه ومصادرَه، فإذا استنبطت الخبرة، ورضيت العشرة فآخِه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة . (3)

ص: 401


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص230 عن نهاية الأرب : ج 2 ص 232 ط القاهرة . وأورده العلامة المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار: ج 78 ص 113 عن العدد القويّة
2- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 77 ح 28 لمع من كلام الإمام الحسن بن علي علیهماالسّلام
3- بحار الأنوار : ج 7 ص 105 ح 3 عن تحف العقول، ص 333 وفيه: قال علیه السّلام لبعض ولده: يا بنيّ لا تؤاخ ...

حرمة إخافة المؤمن

{120}

[532] لا يحلّ لمسلم أن يُروِّع مسلماً. (1)

الرأي عند الغضب

{121}

[533] قال علیه السّلام: لا يعزب (2) الرأي إلّا عند الغضب . (3)

ص: 402


1- عیون أخبار الرضا علیه السّلام : ج 2 ص 40 الرقم 327 بإسناده عن محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، عن عليّ بن محمد بن عيينة ، عن أبي الحسن بكر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن موسی بن مالك الأشج العصري، عن فاطمة بنت علي بن موسی علیهماالسّلام، عن أبيها، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، وعمّه زيد، عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه وعمّه، عن عليّ بن أبي طالب (سلام الله عليهم أجمعين) أنّه قال : لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلماً. ورواه عن العيون المجلسي في بحار الأنوار : ج 77 ص 174 والشيخ هادي النجفي في «ألف حديث في المؤمن» ص65 - 66 الرقم 148
2- وفي العدد القويّة : لا يعرف، والظاهر أنّها تصحيف، ويعزب : يغيب
3- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 72. وأورده المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج 78 ص 113 عن العدد القويّة وفيه : لايُعرَف الرأي إلّا عند الغضب

لا يغشّ العاقل

{122}

[534] لا يغشّ العاقل مَن استَنصَحه . (1)

حسن الظنّ بالله

{123}

[535] لعمري يابن آدم الطير لا تأكل رغداً ولا تخبأ، وأنت تأكل رغداً وتخبأ لغد، فالطير أحسن ظنّاً منك بالله عزّوجلّ (2). (3)

حالة أولياء الله

{124}

[536] لقد أصبحت أقوام كانوا ينظرون إلى الجنّة ونعيمها والنار وجحيمها يحسبهم الجاهل مرضى ومابهم من مرض وقد خولطوا وإنّما خالطهم أمر عظيم خوف الله ومهابته في قلوبهم كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا من حاجة وليس لها خلقنا ولا بالسعي لها أُمِرنا، أنفقوا أموالهم وبذلوا دماءَهم واشتروا بذلك رضا خالقهم علموا أنّ الله اشترى منهم أموالهم وأنفسهم بالجنّة، فباعوه وربحت تجارتهم وعظمت سعادتهم وأفلحوا وأنجحوا فاقفوا آثارهم رحمكم

ص: 403


1- تحف العقول : ص 170 حكم الإمام الحسن ومواعظه، وعنه بحار الأنوار : ج 78 ص109
2- رَغِد یرغد عيشه : طاب واتّسع
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج3 ص153

الله واقتدوا بهم فإن الله تعالى وصف لنبيّه صلّي الله علیه و آله صفة آبائه إبراهيم وإسماعيل وذرّيتهما وقال : «فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ» واعلموا عباد الله أنّكم مأجورون بالاقتداء بهم والإتّباع لهم، فجدّوا واجتهدوا واحذروا أن تكونوا أعواناً للظالم. (1)

خلق الخيل

{125}

[537] المدائني، عن القسم بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن زيد، عن أبيه، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام، عن أبيه أمير المؤمنين علیه السّلام ، عن رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : لمّا أراد الله عزّوجلّ أن يخلق الخيل، قال لريح الجنوب : إنّي خالق منك خلقاً فأجعله عزّاً لأوليائي، ومذلّة على أعدائي، وجمالاً لأهل طاعتي.

فقالت الريح : أُخلق ، فقبض منها قبض فخلق فرساً، فقال له : خلقتك غريباً، وجعلت الخير معقوداً بناصيتك، والغنائم مجموعة على ظهرك، عطفت عليك صاحبك، وجعلتك تطير بلا جناح، فأنت للطلب، وأنت للهرب ، وسأجعل على ظهرك رجالا يسبّحونني ويحمدونني ويكبّرونني، فتسبّحين إذا سبّحوا، وتهلّلين إذا هلّلوا وتكبّرين إذا كبّروا.

فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله: مامن تسبيحة وتحميدة وتمجيدة وتكبيرة يكبّرها صاحبها، فتسمعها إلّا وتجيبه بمثلها.

ثمّ قال : لمّا سمعت الملائكة صفة الفرس، وعاينوا خلقها، قالت : رب نحن ملائكتك نسبّحك ونحمدك فماذا لنا؟ فخلق الله لها خلقا بلقا (2) أعناقها

ص: 404


1- إرشاد القلوب للديلمي : ص 98
2- البلق بالتحريك : سواد في بياض (مجمع البحرین : ج5 ص140)

كأناق البخت (1)، فلمّا أرسل الفرس إلى الأرض، واستوت قدماه على الأرض صهل، فقيل : بوركت من دابّة أذل بصهيلك المشركين، وأذلّ به أعناقهم، وأملا به آذانهم، وأرعد به قلوبهم، فلمّا عرض الله على آدم من كلّ شيء، قال له : إختر من خلقي ما شئت، فاختار الفرس فقيل له : إخترت عزّك، وعزّ ولدك ، خالداً ما خلّدوا، وباقياً ما بقوا، برکتي عليك وعليهم، ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ منك ومنه . (2)

لمّا أراد الله تعالى خلق آدم علیه السّلام

{126}

[538] تفسير الفرات بإسناده عن الحسن علیه السّلام فيماسأل کعب الأحبار أمير المؤمنين علیه السّلام قال : لمّا أراد الله تعالى خلق آدم بعث جبرئیل فأخذ من أديم الأرض قبضة فعجنه بالماء العذب والمالح وركّب فيه الطبائع قبل أن ينفخ في الروح، فخلقه من أديم الأرض فطرحه كالجبل العظيم، وكان إبليس يومئذ خازناً على السماء الخامسة يدخل في منخر آدم ثمّ يخرج من دبره، ثمّ يضرب بيده على بطنه فيقول: لأيّ أمر خلقت؟ لئن جعلت فوق لا أطعتك، ولئن جعلت أسفل منّي لأعينك (3) فمكث في الجنّة ألف سنة مابين خلقه إلى أن ينفخ فيه الروح، الحديث . (4)

ص: 405


1- البخت : هي جمال طوال الأعناق، واللفظة معرّبة (النهاية : ج 1 ص 101)
2- مستدرك الوسائل : ج 8 ص 252 ح 9376 عن تفسير أبو الفتوح رازي : ج 1 ص 524
3- في المصدر : لا أبقيتك
4- بحار الأنوار : ج 63 ص 197

العقيق في يد الموالي

{127}

[539] عن موسی بن جعفر علیهماالسّلام عن آبائه ، عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : لمّا خلق الله تعالی موسی بن عمران علیه السّلام كلمّه على طور سيناء، ثمّ اطّلع إلى الأرض إطّلاعة فخَلَق من نور وجهه العقيقَ ثمّ قال : آليتُ بنفسي على نفسي أن لا أُعذِّبَ كفّاً لابسةً به إذا تولّى عليّاً بالنار . (1)

في فضل الكوفة

{128}

[540] قال الحسن بن عليّ علیهماالسّلام: لموضعُ الرِجْل في الكوفة أحبّ إليّ من دار بالمدينة . (2)

الكبر والحرص والحسد

{129}

[541] هلاك الناس في ثلاث : الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين وبه لُعِن إبليس، والحرص عدوّ النفس، وبه أخرج آدم من الجنّة،

ص: 406


1- جامع الأخبار للشيخ محمد السبزواري من أعلام القرن السابع : ص 373 الرقم1042 عن ثواب الأعمال : ص209 والمناقب لابن شهر آشوب : ج3 ص302 وفيه : لمّا كلم الله موسی بن عمران على جبل طور ... وقال : أقسمت على نفسي أن لا أعذب کفّ لابسك إذا توالى عليّاً بالنار
2- بحار الأنوار: ج 100 ص385 باب فضل الكوفة ومسجدها ح 1 قال : روى السيّد علي بن عبدالحمید من کتاب فضل بن شاذان بإسناده عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : لموضع ... الخبر

والحسدُ رائدُ السوء ومنه قَتَل قابيلُ هابيَل . (1)

{130}

في المكاشفة

{130}

[542] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : لو تكاشفتم ما تدافنتم، تهاديتم الأطباق ولم تهادوا النصائح . (2)

الدنيا قليلة بحقّ المخلص

{131}

[543] لو جعلت الدنيا كلّها لقمة واحدة لقمتها من يعبد الله خالصاً الرأيت أنّي مقصّر في حقّه، ولو منعت الكافر منها حتّى يموت جوعاً وعطشاً ثمّ أذقته شربة من الماء لرأيت أنّي قد أسرفت . (3)

الأجل والأمل

{132}

[544] قال ابن أبي الحديد : قال الحسن علیه السّلام: لو رأيتَ الأجلَ ومسيرَه النسيتَ الأملَ وغروره، ويقدّر المقدّرون والقضاء يضحك . (4)

ص: 407


1- کشف الغمّة : ج2 ص196 وعنه بحار الانوار ج 78 ص 111
2- حلیم آل البيت الإمام الحسن علیه السّلام ص 193 ط بيروت. وعنه ملحقات الإحقاق : ج 33 ص505
3- مجموعة ورّام : ج2 ص 109 وصدره في مستدرك الوسائل : ج16 ص 252
4- شرح النهج الحديدي: ج 18 ص 128

أحمق في ما بينه وبين ربّه

{133}

[545] وقال علیه السّلام: ما أعرفُ أحداً إلّا وهو أحمقُ فيما بينَه وبينَ ربّه. (1)

الجيشان الظالمان

{134}

[546] عن عبدالله بن حسن ، عن أبيه، عن فاطمة الكبرى قالت: قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: ما التقى جندان ظالمان إلّا تخلّى الله عنهما، ولم يبال أيّهما غالب وما التقى جندان ظالمان إلّا كانت الدبرة على أعتاهما . (2)

في فضل المشورة

{135}

[547] قال علیه السّلام: ما تشاور قوم إلّا هُدوا إلى رُشدِهم. (3)

الموت حق

{136}

[548] وقال علیه السّلام: ما رأيتُ حقّاً لا باطلَ فيه أشبه بباطل لاحقَّ فيه من الموت. (4)

ص: 408


1- بحار الأنوار: ج 78 ص 107 عن تحف العقول : ص333
2- کشف الغمّة : ج 2 ص 179
3- بحار الأنوار : ج 75 ص 105 عن تحف العقول: ص333
4- مسند الإمام المجتبی علیه السّلام : ص 733 ح 117 عن شرح النهج الحديدي : ج 18 ص 311

الحاسد

{137}

[549] وقال علیه السّلام: ما رأيتُ ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد. (1)

يقين لا شكّ فيه

{138}

[550 ] ما رأيت يقيناً لا شكّ فيه، أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت . (2)

لطف الله عزّوجلّ

{139}

[551] ما فتح الله عزّوجلّ على أحد باب مسألة، فخُزِن عنه بابُ الإجابة ، ولا فتح الرجلُ بابَ عمل فخُزِن عنه بابُ القبول، ولا فُتِح لعبد بابُ شكر فخُزِن عنه بابُ المَزيد. (3)

ص: 409


1- بحار الأنوار : ج 75 ص 111 عن كشف الغمّة : ج 1 ص 572
2- رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل العسكري في «الصناعتين» (ص 299 ط القاهرة). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 241
3- كلمة الإمام الحسن للشهيد السيّد حسن الشيرازي : ص 22 عن أعيان الشيعة للسيّد محسن العاملي : ج 4 ص 88. ورواه المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج 78 ص 113 عن تحف العقول

ممّا يحبّه الله تعالى

{140}

[552] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام، عن النبي صلّي الله علیه و آله: ما من جرعة أحبّ إلى الله تعالى من جرعة غيظ كظمها رجل، أو جرعة صبر على مصيبة، وما من قطرة أحبّ إلى الله من قطرة دمع من خشية الله، أو قطرة دم أُهرقت في سبيل الله . (1)

في ثواب عيادة المريض

{141}

[553] عن الحكم بن عبدالله بن نافع : أنّ أبا موسى عاد الحسن بن علي علیهماالسّلام فقال الحسن علیه السّلام: أعائداً جئت أو زائراً؟

فقال : عائداً.

فقال : ما من رجل يعود مریضاً ممسياً إلّا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتّى يصبح، وكان له خریف (2)

ص: 410


1- الدرّ المنثور : ج2 ص 74؛ مسكن الفؤاد : ص 49
2- قال في النهاية : في الحديث عائد المريض على مخارف الجنّة حتّي يرجع. المخارف : جمع مخرف بالفتح، وهو الحائط من النخل أي أنّ العائد فيما يحوزه من الثواب كأنّه على نخل الجنّة يخترف ثمارها، وقيل : المخارف جمع مخرفة وهي سكّة بين صفّين من نخل، يخترف من أيّهماشاء أي يجتني، وقيل : المخرفة الطريق، أي أنّه على طريق يؤدّ به إلى الجنّة، وفي حديث آخر : عائد المريض في خرافة الجنّة أي في اجتناء ثمرها يقال : خرفت النخلة أخرفها خرافاً وخرافاً، وفي حديث آخر عائد المريض على خرفة الجنّة، الخرفة بالضمّ اسم مايخترف من النخل حين يدرك، وفي حديث آخر: عائد المريض له خريف في الجنّة أي محترف من ثمرها، فعيل بمعنی مفعول، انتهى . وفسّر الخريف في أخبارنا بمعنى آخر، وهو ما رواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر علیه السّلام قال : أيّما مؤمن عاد مؤمناً خاض الرحمة خوضاً، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإذا انصرف وكّل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له ويترحّمون عليه، ويقولون طبت وطابت لك الجنّة إلى تلك الساعة من غد، وكان له يا أبا حمزة خريف في الجنّة، قلت : ما الخريف جعلت فداك؟ قال : زاوية في الجنّة يسير الراكب فيها أربعين عاماً

في الجنّة. (1)

لو افترق الرجلان ثلاثة أيّام

{142}

[554] ما من رجلين اصطرما (2) فوق ثلاث إلّا طويت عنهما صحيفة الزيادات ، قلت : يا رسول الله وماصحيفة الزيادات ؟ قال : الصلاة النافلة ، وما كان من التطوّع ما لم يشاكل الفرض . (3)

ص: 411


1- بحار الأنوار : ج 81 ص215 عن أمالي الطوسي: ج 2 ص17: عن الطوسي، عن أبيه ، عن حمّویه بن علي البصري، عن محمد بن بکر، عن الفضل بن حباب ، عن محمد بن كثير ، عن شعبة، عن الحكم بن عبدالله بن نافع : أنّ أبا موسى ...
2- أي يهجر كلّ منهما صاحبه ويقطع مكالمته وفي بعض النسخ «اضطربا» وهو مصحّف
3- کشف الغمة : ج 2 ص 156 بهذا الإسناد : وروي أنّ الحسن قال : رواية عن أبيه علیهماالسّلام: قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: الخبر . ورواه أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الأنصاري الرازي الدولابي المتوفّى سنة ( 310) في کتاب «الذرّية الطاهرة» ص105 ح 111 بإسناده عن أبي جعفر أحمد بن يحيى الأودي، عن عمر بن أبي الحريش، عن إبراهيم بن رشيد، عن الحرث بن عمران، عن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه، عن جدّه ، قال : قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: ما من رجلين اصطر ما ... الخ

من يعود مريضاً

{143}

[555] ما من عبد مسلم يعود مريضاً إلّا صلّي عليه سبعون ألف ملك من ساعته الّتي يعود فيها إن كانت نهاراً حتّى تغرب الشمس، أو ليلاً حتّى تطلع الفجر . (1)

إنّ للماء سكّاناً

{144}

[556] قال أبو الجارود : حدّثني أبو سعید دینار بن عقّیصا التميمي، قال : مررتُ بالحسن والحسين علیهماالسّلام وهما في الفرات مُستنقِعين في إزارهما ، فقالا: «إنّ للماء سکّاناً كسكّان الأرض»، ثمّ قالا : أين تذهب؟ فقلت : إلى هذا الماء، قالا : وما هذا الماء؟ قلت : ماء يشرب في هذا الحير يخفّ له الجسد، ويخرج الحرّ، ويسهّل البطنَ، هذا الماء له سرّ.

فقالا: مانَحْسِبُ أنّ الله تبارك وتعالى جعل في شيء ممّا قد لعنه شفاءاً، فقلت : ولم ذاك ؟ فقالا : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا آسَفه قومُ نوح فتح السماء بماء منهمر (2)، فأوحى الله إلى الأرض فاستعصت عليه عيونٌ منها فلعنها

ص: 412


1- بحار الأنوار: ج 78 ص 228 ح 41 باب 47 «ثواب عيادة المريض وآدابها». مستدرك الوسائل : ج2 ص 78 - 79 ح20 باب 6 استحباب عيادة المريض بهذا الإسناد : عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنه اعتل فعاده عمرو بن حریث، فدخل عليه علي علیه السّلام فقال : ياعمرو تعود الحسن وفي النفس ما فيها وإنّ ذلك ليس بمانعي أن أؤدّي إليك نصيحة، سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول : الخبر . ورواه في بحار الأنوار أيضاً : ج81 ص 228 عن دعائم الإسلام ج1 ص 218
2- يقال : آسفه عليه : أغضبه، وهو اقتباس من قوله تعالى في قصة فرعون: «فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ» (سورة الزخرف: الآية 55)

فجعلها ملحاً أجاجاً. (1)

المراء مفسدة

{145}

[557] المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحلّل العقدة الوثيقة، وأقلّ ما فيه المغالبة ، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة . (2)

المروّة

{146}

[558] المروّة حفظ الدين، وإعزازُ النفس، ولينُ الكنف (3)، وتعهُّد (4) الصنيعة، وأداء الحقوق . (5)

ص: 413


1- بحار الأنوار : ج 43 ص 320 ح 3 وأخرجه البرقي في المحاسن : ص579 والكليني في الكافي : ج6 ص389 وعنهما بحار الأنوار: ج66 ص 479
2- رواه في «التذكرة الحمدونيّة» (ص 270 ط بیروت). ملحقات الإحقاق : ج 19 ص 355
3- الكنف - محرّكة -: الجانب والناحية، وكنف الإنسان : حضنه، والعضدان والصدر
4- تعهّد الصنيعة : إصلاحها وإنماؤها
5- صحيفة الحسن : ص 340؛ وبحار الأنوار : ج 75 ص 102 وفيه : عن تحف العقول : ص 225 قيل له : ما المروّة؟ قال : حفظ الدين، وإعزاز النفس، ولين الكنف، وتعهّد الصنيعة، وأداء الحقوق، والتحبّب إلى الناس . وفي نزهة الناظر للحلواني ص 79: وأمّا المروّة فحفظ الرجل دينه، وإحرازه نفسه من الدنس، وقيامه بضيعته (والضيعة : الحرفة)، وأداء الحقوق، وإفشاء السلام. وهكذا في كنز العمّال : ج 3 ص 788 ح 8764

المروءة أيضاً

{147}

[559] كان الحسن علیه السّلام في نفر من أصحابه عند معاوية فقال له: يا أبا محمد خبّرني عن المروءة ، فقال : حفظ الرجل دينه، وقيامه في إصلاح ضيعته، وحسن منازعته، وإفشاء السلام، ولين الكلام، والكفّ والتحبّب إلى الناس . (1)

و من المروءة

{148}

[560] سُئل الحسن علیه السّلام عن المروءة؟ فقال : العفاف في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة . (2)

ورواه في «الجوهر النفيس في سياسة الرئيس» (ص 118 ط دار الطليعة في بيروت) . هكذا:

حين سأله معاوية عن المروءة؟ قال علیه السّلام: وأمّا المروءة فحفظ الرجل دينه وإحرازه نفسه من الدنس، وقيامه لضيفه، وأداء الحقوق، وإفشاء السلام .

ص: 414


1- بحار الأنوار : ج 76 ص 312 ح4 عن معاني الأخبار : ص 257 بإسناده عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : كان الحسن ... الخ
2- بحار الأنوار : ج 76 ص 313 ح6 عن معاني الأخبار : ص 258 ح5 بالإسناد عن البرقي ، عن علي بن حفص القرشي، عن رجل من أصحابنا يقال له : إبراهيم ، قال : سئل الحسن علیه السّلام عن المروءة ... الخبر

ثلاث من المروءة

{149}

[561] المروءة فقه الرجل في دينه وإصلاح معیشته و حسن مخالفته . (1)

المروءة في شيئين

{150}

[562] وقال الحسن بن علي علیه السّلام : المروءة في شيئين : اجتناب الرجل مایشینه واختياره مایزینه. (2)

الصمت و المزاح

{151}

[563] المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت . (3)

ص: 415


1- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق: ص 165 ح276 قال : وأنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان، حدّثني مسلم بن يزيد، أنبأنا أبو الفضل الرياشي، أنبأنا العتبي قال : سال معاوية بن أبي سفيان الحسن بن عليّ بن أبي طالب عن المروءة والكرم؟ فقال : المروءة فقه الرجل ... الخ
2- معدن الجواهر ورياضة الخواطر : ص27 تأليف أبي الفتح الكراجكي
3- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ص 72. بحار الأنوار : ج 75 ص 113 ح 7

إذا وعد ..!

{152}

[564] قال علیه السّلام: المسؤول حرّ حتّى يعد، ومسترق بالوعد حتّى ينجز. (1)

مصائب الدنيا أربع

{153}

[565] روي عن الحسن بن علي علیهماالسّلام أنّه قال : مصائب الدنيا أربع : موت الوالد، وموت الولد، وموت الأخ، وموت المرأة . فموت الوالد قاصم الظهر ، وموت الولد صدع الفؤاد، وموت الأخ قصّ الجناح، وموت المرأة حزن ساعة. (2)

المصائب

{154}

[566] قال علیه السّلام : المصائب مفاتیح الأجر . (3)

المعروف

{155}

[567] قال علیه السّلام: المعروف مالم يتقدّمه مطل، ولم يتبعه منّ. (4)

ص: 416


1- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص 72؛ بحار الأنوار: ج 78 ص 113
2- معدن الجواهر ورياض الخواطر للكراجكي
3- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : ص72
4- العدد القويّة: عنه بحار الأنوار : ج 78 ص 113 ورواه المجلسي أيضاً في بحار الأنوار : ج74 ص 417 ح 38 عن الدرّة الباهرة

من كلام له علیه السّلام لأبي ذر

{156}

[568] قال يا عمّاه! لولا أنّ لا ينبغي للمُوَدّع أن يسكُت، وللمشيّع أن ينصرفَ لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى إليك من القوم ماتری، فضَعْ عنك الدنيا بتذكّر فراقها، وشدّة ما اشتدّ منها بر جاء ما بعدها، واصبر حتّى تلقى نبيّك صلّي الله علیه و آله وهو عنك راض. (1)

مکارم الأخلاق عشر

{157}

[569] قال جابر : سمعتُ الحسن علیه السّلام يقول: مکارم الأخلاق عشر : صِدقُ اللسان، وصدقُ الأس، وإعطاءُ السائل، وحسنُ الخُلق، والمكافأةُ بالصنائع، وصلةُ الرحم، والتذمُّم على الجار، ومعرفةُ الحق للصاحب ، وقِرَى الضيف، ورأسُهنّ الحياءُ . (2)

ص: 417


1- مصادر نهج البلاغة : ج 2 ص 292. وفي الكافي : ج 8 ص206 وبحار الأنوار : ج 22 ص435: یا عمّاه! إنّ القوم قد أتوا إليك ما قد ترئ، وإنّ الله عزّوجلّ بالمنظر الأعلى فدّعْ عنك ذكرَ الدنيا بذكر فراقها وشدّة ما يرد عليك لرجاء ما بعدها، واصبر حتّى تلقى نبيّك صلّي الله علیه و آله وهو عنك راض إن شاء الله
2- تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 226 ط بيروت . ورواه الصدوق في الخصال : ج 2 ص 431 ح 11 بإسناده عن الحسن بن عطيّة عن أبي عبدالله علیه السّلام وفيه : وإطعام السائل، والتذمّم للجار، والتذمّم للصاحب

شكر النعمة

{158}

[570] النعمة محنة، فإن شکرت کانت نعمة (1)، وإن كفرت صارت نقمة. (2)

أفضل الحال ما اختاره الله

{159}

[571] لمّا قيل له: إنّ أباذر يقول : الفقر أحبّ إليّ من الغني، والسقم أحبّ إليّ من الصحّة، رحم الله أبا ذر، أمّا أنا فأقول: من اتّكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ غير ما اختار الله له . (3)

ص: 418


1- في نزهة الناظر : کانت کنزاً
2- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحلواني : ص 72 ح 12 و«العدد القويّة لدفع المخاوف اليومية» لرضي الدين علي بن يوسف بن مطهّر الحلّي : ص 37 وأورده المجلسي عن «العدد» في بحار الأنوار : ج 78 ص 113
3- رواه العلامة الشيخ أبو محمد عفيف الدين اليافعي في «الإرشاد والتطريز » (ص 132 طالقاهرة). وروى الحديث عن أبي العباس محمد بن يزيد المبرّد بعين ما تقدّم عن «الإرشاد والتطريز » إلّا أنّه ذکر بدل قوله لم يتمنّ غير ما اختار الله له : لم يتمنّ أن يكون في غير الحالة الّتي اختار الله له . العلامة ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية» (ج 8 ص 39 ط مصر). ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 237. کنز العمال : ج3 ص712 ح 8583 وترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تایخ دمشق : ص 158 وفيهما: بعد كلمة (اختارها الله له) زيادة وهي : وهذا حدّ الوقوف على الرضا بما تصرّف به القضاء

حبّ الدنيا

{160}

[572] ومن كلامه علیه السّلام: مَن أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، ومَن ازداد حرصاً على الدنيا لم يزدَدْ منها إلّا بُعْداً وازداد هو من الله بُعْضاً. (1)

أحسن الناس و شرّهم عيشاً

{161}

[573] قيل للحسن علیه السّلام: مَن أحسنُ الناس عیشاً ؟ قال : مَن أشرك الناسَ في عيشه .

وقيل : من شرُّ الناس عيشاً ؟ قال : من لا يعيشُ في عيشه أحد. (2)

العزّ كلّ العز في طاعة الله

{162}

[574] من أخرجه الله (عزّوجلّ) من ذُلّ المعاصي إلى عِزّ التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزّه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن لم يستح من طلب المعيشة رخّى الله باله، ونعّم عياله، ومن زهد في الدنيا ثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطقَ بها لسانَه وبصّره داءها ودواءها وعيوبها، وأخرجه الله سالماً إلى دار السلام . (3)

ص: 419


1- إرشاد القلوب للديلمي: ج 1 ص 65
2- تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 226 ط بيروت
3- فردوس الأخبار لشیرویه بن شهردار الديلمي : ج 4 ص 212 ح 6178 فيه: قال الحسن بن عليّ علیه السّلام :

من تقيّد بشيء

{163}

[575] من أقبل مع أمر ولّى مع انقضائه . (1)

السلام أولاً

{164}

[576] من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه . (2)

استعدّ للآخرة

{165}

[577] من تذكّر بعد السفر استعدّ. (3)

التواضع

{166}

[578] عن الحسن علیه السّلام أنّه قال : مَن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من الصدّيقين ومن شيعة عليّ بن أبي طالب علیه السّلام حقّاً. (4)

ص: 420


1- التذكرة الحمدونيّة: ص270 ط بيروت. وعنه ملحقات الإحقاق : ج19 ص355
2- شف الغمّة : ج 2 ص 201
3- بحار الأنوار : ج 78 ص 109 عن تحف العقول : ص 170
4- مجموعة ورّام : ج2 ص 107

یابن آدم

{167}

[579] یابن آدم عَفْ عن محارم الله تكن عابداً، وارضَ بما قسم الله سبحانه تكن غنيّاً، وأحسِن جوارَ من جاورك تكن مسلماً . (1)

قضاء حاجة المسلم

{168}

[580] روى عن جدّه صلّي الله علیه و آله أنّه قال: من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجّة وعمرة، وإن لم تقض له كتبت له عمرة . (2)

ص: 421


1- ملحقات الإحقاق : ج 19 ص352 عن التذكرة الحمدونيّة : ص100 ط بيروت . ورواه المجلسي في بحار الأنوار: ج 78 ص 112 وفيه : وصاحب الناس بمثل ما تحبُّ أن يصاحِبوك به تكن عَدْلاً
2- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق : ص 151 ط بيروت بإسناده عن أبي القاسم الشحامي، عن أبي بكر البيهقي، عن أبي بكر بن شاذان، عن عبدالله بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الأسدي ، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين، قال : خرج الحسن يطوف الكعبة، فقام إليه رجل، فقال : يا أبا محمّد إذهب معي في حاجتي إلى فلان، فترك الطواف وذهب معه، فلمّا ذهب خرج إليه رجل حاسد للرجل الذي ذهب معه فقال : يا أبا محمّد تركت الطواف، وذهبت مع فلان إلى حاجته؟ فقال له الحسن : فكيف لا أذهب معه ورسول الله صلّي الله علیه و آله قال : مَن ذهب في حاجة أخيه ... وفي من لا يحضره الفقیه ج 2 ص 189 باب الاعتكاف : مَن سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنّما عبد الله عزّ و جلّ تسعة آلاف سنة صائم نهاره، قائماً ليله

الوعد

{169}

[581] قال علیه السّلام : الوعد مرضٌ في الجود، والإنجازُ دواؤه . (1)

الصمت

{170}

[582] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام قال : نعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنتَ فصيحاً. (2)

ص: 422


1- العدد القويّة؛ بحار الأنوار: ج 78 ص 113؛ نهاية الأرب : ج3 ص 254. وفي رواية أُخرى: «الإنجاز دواء الكرم» . الدرّة الباهرة : ص22؛ بحار الأنوار: ج 74 ص417
2- بحار الأنوار : ج 68 ص 280 ب 78 ح 25 عن معاني الأخبار : ص 401

المتفرقات

المتفرقات

ص: 423

الإسم المبارك

{1}

[981] عن الحسن بن علي علیهماالسّلام: أنّه سُمّي حسناً يومَ السابع واشتُقّ من إسم الحسن حسيناً، وذكر أنّه لم يكن بينهما إلّا الحمل . (1)

منزلة الحسنین علیهماالسّلام

{2}

[982] عن أبي سعيد الخدري : أنّ رسول الله صلّي الله علیه و آله دخل على ابنته فاطمة وإبناها إلى جانبها، وعليّ نائم، فاستسقى الحسن، فأتى ناقة لهم فحلب منها، ثمّ جاء به، فنازعه الحسين أن يشرب قبله حتّى بکی.

فقال : يشرب أخوك ثمّ تشرب.

فقالت فاطمة : كأنّه آثر عندك منه؟

قال : ما هو آثر عندي منه، وإنهما عندي بمنزلة واحدة، وإنّكِ وهما وهذا المضطجع معي في مكان واحد يوم القيامة . (2)

ص: 424


1- عیون أخبار الرضا علیه السّلام: ج 2 ص 41 ح145، وعنه بحار الأنوار : ج 43 ص 241 ح5 ومسند الإمام الرضا علیه السّلام : ج 1 ص 352 ح 201
2- مختصر تاریخ دمشق لابن عساکر، تأليف ابن منظور : ج 7 ص 18 و ص 122 مسند فاطمة لجلال الدين السيوطي : ص 54

ماذا عن دعوة الرسول صلّي الله علیه و آله

{3}

[983] ما اشتدّ عليّ ظمأ بعدَ ما مَصَصْتُ لسانَ نبيَ الله صلّي الله علیه و آله، ولا دخلَتْني وحشةٌ بعد دعوتِه . (1)

لعلّ سيّداً يرعاني

{4}

[984] أبوالسعادات في الفضائل : أنّه أملا الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية : إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام كان يحضر مجلس رسول الله صلّي الله علیه و آله وهو ابن سبع سنين ، فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي أُمّه فيلقي إليها ما حفظه كلّما دخل عليٌ علیه السّلام وجد عندها علماً بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت : من ولدك الحسن، فتخفّی يوماً في الدار، وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فأُرنج عليه . فعجبت أُمّه من ذلك فقال : لا تعجبي يا أُمّاه فإنّ كبيراً يسمعني، فاستماعه قد أوقفني . فخرج علي علیه السّلام فقبّلَه.

وفي رواية : يا أُمّاه قلّ بياني وكلّ لساني لعلّ سيّداً يرعاني .

بیان : قال الجوهري : أُرتج على القارىء على ما لم يسمّ فاعله إذا لم يقدر

ص: 425


1- أخرجه الحافظ محمّد بن سليمان القاضي الكوفي من أعلام القرن الثالث في «مناقب أمير المؤمنين علیه السّلام» : ج 2 ص 232 ح 698 ، قال : حدّثنا أحمد بن السري، قال : حدّثنا أحمد بن حمّاد، عن يحيى بن يعلى، عن عمرو بن شمر، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السّلام قال : انطلق رسول الله صلّي الله علیه و آله بحسن آخذاً بيده يطلب له الماء وقد اشتدّ ظمأوه، فأخذ النبي صلّي الله علیه و آله بلسانه وأمصّه الحسن فشرب من أبرد ماء خلقه الله وأعذبه حتّى ارتوی ثمّ إنّ الغلام انصرف إلى أهله . وقد اختلط الظلام - وحدّه ورسول الله صلّي الله علیه و آله يقول: اللّهمّ كن له حافظاً . وكان الحسن علیه السّلام يقول بعد ذلك : ما اشتدّ علىّ ظمأ ...

على القراءة، كأنّه أُطبق عليه كما يرتج الباب وكذلك أُرتتج عليه، ولا تقل أُرتجّ عليه بالتشديد . (1)

حديثه علیه السّلام مع أبي سفيان

{5}

[985] جاء أبو سفيان إلى علي علیه السّلام فقال : يا أبا الحسن جئتك في حاجة .

قال : وفيم جئتني؟ قال : تمشي معي إلى ابن عمك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقداً ويكتب لنا كتاباً . فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله عقداً لا يرجع عنه أبداً، وكانت فاطمة من وراء الستر، والحسن يدرج بين يديها وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهراً.

فقال لها : يا بنت محمّد! قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بکلامه العرب والعجم .

فأقبل الحسن علیه السّلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه والأُخرى على لحيته ثمّ أنطقه الله عزّوجلّ بأن قال : يا أبا سفيان! قل لا إله إلّا الله محمّد رسول الله حتّى أكون شفيعاً .

فقال علیه السّلام: الحمد الله الّذي جعل في آل محمّد من ذرّية محمّد المصطفى نظیر یحیی بن زکریّا «يوَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» (2). (3)

ص: 426


1- بحار الأنوار: ج43 ص 338 عن المناقب : ج4 ص 7
2- سورة مريم ، الآية 12
3- هذه القصّة مذكورة في كتب السير عند ذكر فتح مكّة سنة ثمان للهجرة حين جاء أبو سفيان إلى رسول الله ليبرم عهد المشركين ويزيد في مدته. راجع سيرة ابن هشام: ج 2 ص396؛ المناقب : ج1 ص206؛ إرشاد المفيد: ص 60؛ إعلام الوری : ص 66. فقد كان - على هذا الحسن بن علي علیهماالسّلام عامئذ خمس سنين، لا أربعة عشر شهراً كما زعم . بحار الأنوار : ج43 ص 326 عن المناقب : محمّد بن إسحاق بالإسناد : ...

ثوبان من الجنة

{6}

[986] أبو عبدالله المفيد النيسابوري في أماليه : أنّه قال الرضا علیه السّلام: عري الحسن والحسين علیهماالسّلام وقد أدركهما العيد فقالا لأُمّهما فاطمة : يا أُمّاه قد تزيّنوا صبيان المدينة إلّا نحن فمالكِ لا تزينينا بشيء من الثياب فها نحن عرايا كما ترین .

فقالت لهما : يا قرّة عيني إنّ ثیابکما عند الخيّاط (1) فإذا خاطهما وأتاني بهما زيّنتكمابها يوم العيد، تريد بذلك أن تطيب قلوبهما، فلمّا كان ليلة العيد أعادا القول على أُمّهما وقالا : يا أماه الليلة ليلة العيد فبكت فاطمة رحمة لهما ، وقالت لهما: يا قرّة عيني طيبا نفساً إذا أتاني الخيّاط زيّنتكما إن شاء الله تعالى .

قال : فلمّا مضى وهن من الليل وكانت ليلة العيد إذ قرع الباب قارع.

فقالت فاطمة : من هذا؟

فناداها : يا بنت رسول الله افتحي الباب أنا الخيّاط قد جئتُ بثياب الحسن والحسین علیهماالسّلام.

فقامت فاطمة ففتحت الباب فإذا هو رجل لم أر أهيب منه شيمة وأطيب منه ريحة فناولني منديلاً مشدوداً ثمّ انصرف لشأنه .

فدخلت فاطمة وفتحت المنديل فإذا فيه قميصان ودراعتان وسروالان ورداوان وعمامتان وخفّان فسرت فاطمة بذلك سروراً عظيماً، فلمّا استيقظ الحسنان ألبستهما وزيّنتهما بأحسن زينة فدخل النبي لهما يوم العيد وهما مزيّنان

ص: 427


1- لعلّها صلوات الله عليها تريد التورية يعني لمّا يخط لهما إلى الآن عن أحد من الخيّاطين ومتى خيطه لهما وجيء به زيّنتهما بها، وأمثال ذلك كثير عند العرف

فقبّلهما وهنّاهما بالعيد وحملهما على كتفيه ومشى بهما إلى أُمّهما ثمّ قال : یا فاطمة رأيتِ الخيّاط الذي أعطاكِ الثياب هل تعرفينه؟

قالت : لا والله لست أعرفه، ولست أعلم أنّ لي ثياباً عند الخيّاط والله ورسوله أعلم بذلك.

فقال : يا فاطمة ليس هو خيّاط وإنّما هو رضوان خازن الجنان والثياب من الجنّة أخبرني بذلك جبرائیل عن ربّ العالمين . (1)

الحسن علیه السّلام بضعة النبي صلّي الله علیه وآله

{7}

[987] قال الحسين بن فهم : وأنبأنا ابن سعد (2) أنبأنا الفضل بن دکین، أنبأنا عبيد أبو الوسيم الجمال، عن سليمان أبي شدّاد (3) قال : كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحي فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي: أيحلّ لك أن تركب بضعة من رسول الله صلّي الله علیه وآله وإذا أصاب مدحاتي قال لي : أما تحمد ربّك أن تركبك بضعة من رسول الله صلّي الله علیه وآله؟ (4)

ص: 428


1- مناقب ابن شهر آشوب : ج 3 ص 391 وعنه بحار الأنوار : ج43 ص 289 ذح 52 والعوالم : ج16 ص 79 ح1 و أورده الطريحي في المنتخب : ص 136
2- رواه في الحديث : (99) من ترجمة الإمام الحسن من الطبقات الكبرى : ج 8 ص ...
3- كذا في الطبقات الكبرى، وفي نسخة العلامة الأميني: «عن سلمان بن شداد»
4- ترجمة الإمام الحسن علیه السّلام من تاريخ دمشق بتحقي العلامة المحمودي : ص 137 - 138

أتركب ظهراً حمله الرسول صلّي الله علیه وآله

{8}

[988] عن أبي رافع قال : كنت أُلاعب الحسن بن علي صلوات الله عليه وهو صبيّ بالمداحي، فإذا أصابت مدحاتي مدحاته قلت : احملني. فيقول : ويحك! أتركب ظهراً حمله رسول الله صلّي الله علیه وآله فأتر که ، فإذا أصابت مدحاته مدحاتي قلت له : لا أحملك كما لم تحملني فيقول : أو ماترضى أن تحمل بدناً حمله رسول الله صلّي الله علیه وآله فأحمله . (1)

دعوة ابن نبي

{9}

[989] عن إسماعيل بن مهران، عن منذر الكناسي (2)، عن أبي عبد الله علیه السّلام قال : «خرج الحسن بن علي علیهماالسّلام في بعض سفره ومعه رجل من ولد الزبير لا

ص: 429


1- بشارة المصطفي : ص 140 الطبعة الثانية ط الحيدرية سنة 1383 : حدّثنا الشيخ العالم أبو إسحاق إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد الديلمي، عن أبي إسحاق إبراهيم بن بندار الصيرفي، عن القاضي أبي جعفر محمّد بن علي الجبلي، عن السيّد أبي طالب الحسيني، عن أبي منصور محمّد الدينوري، عن أبي شاكر بن البختري، عن عبدالله بن محمّد بن العبّاس الضبي، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبدالله بن الوسيم، عن أبي رافع قال : ... بحار الأنوار: ج 103 ص 192 ح16 باب4 السبق والرماية وأنواع الرهان
2- في البصائر : عبدالله الكناسي، وفي الكافي : الكناسي، وفي المصدرين روى عنه إسماعيل بن مهران، وفي معجم رجال الحدیث 23 : 137 ذكر الكناسي، وقال : روى عن أبي عبد الله علیه السّلام، وروى عنه إسماعيل بن مهران، ولم نجد ذكراً لعبد الله ومنذر في المصادر المتوفّرة لدينا

يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من المناهل، تحت نخل یابس، قد يبس من العطش».

قال : «ففرش لأبي محمد الحسن تحت نخلة، والزبيريّ بحذائه تحت نخلة أُخرى».

قال : «فقام الزبيريّ ورفع رأسه وقال : لو كان في هذا النخل رطباً لأكلنا منه . فقال الحسن علیه السّلام: وإنّك لتشتهي الرطب؟! قال : نعم. فرفع يده إلى السماء ودعا بدعاء لم يسمع ولم يفهم، فاخضرّت النخلة، ثمّ صارت إلى حالتها فأورقت وحملت رطباً» .

قال : فقال الجمّال الذي اكتروا منه : سحر والله ! فقال الحسن : والله ليس بالسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مجابة، فصعدوا إلى النخلة حتّى صرموا (1) ما كان فيها، وما كان كفاهم». (2)

ومن كراماته علیه السّلام

{10}

[990] كان الحسن عند النبي صلّي الله علیه و آله في ليلة ظلماء وكان يحبّه حبّاً شديداً ، فقال : أذهب إلى أُمّي فقلت أذهب معه یارسول الله، قال : لا ، فجاءت برقة من

ص: 430


1- صرم: الصرم: القطع البائن للحبل والعذق، وقد صرم العذق عن النخلة، [ أي قطعه ] . «لسان العرب - صرم - 12 : 334»
2- بصائر الدرجات : ص 276 و10؛ الكافي 1: ص 384 و4؛ الخرائج والجرائح 1: ص 271؛ مناقب ابن شهر آشوب 4 : ص 6؛ کشف الغمة 1: ص 557؛ الصراط المستقیم 2: ص177 و6؛ مدينة المعاجز : ص 206 و30؛ إثبات الهداة 2: ص 555؛ الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي، ص 308

السماء فمشى في ضوئها حتّى بلغ إلى أُمّه . (1)

اللّهمّ اطعمهما

{11}

[991] عن سلمان، قال : أتيتُ النبي صلّي الله علیه و آله ، فسلّمتُ عليه، ثمّ دخلت على فاطمةَ علیهاالسّلام ، فقالت : يا عبدالله، هذان الحسن والحسين جائعان یبکیان، فخذ بأيديهما، فاخرج بهما إلى جدّهما .

فأخذتُ بأيديهما وحملتُهما، حتّى أتيتُ بهما إلى النبي صلّي الله علیه و آله، فقال : مالکما یا حسناي؟ قالا: نشتهي طعاماً یا رسول الله، فقال النبي صلّي الله علیه و آله: اللّهمّ أطعمهما، ثلاثاً.

قال : فنظرتُ فإذا سفرجلهُ في يد رسول الله صلى الله عليه وآله بقُلّة من قِلال هجر أشدّ بیاضاً من الثلج، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ففَركها رسولُ الله صلّي الله علیه و آله بإبهامه، فصيّرها نصفين ، ثمّ دفع إلى الحسن نصفَها وإلى الحسين نصفَها فجعلتُ أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها .

قال : ياسلمان لعلّك تشتهيها؟

قلتُ: نعم.

ص: 431


1- ملحقات الإحقاق : ج 11 ص 155. ما رواه القوم : منهم الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في «دلائل النبوّة» (ص 494 ط حیدر آباد الدكن قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، حدثنا إبراهيم بن فهر ، قال : حدثنا عبدالرحمن بن صالح، حدثنا موسی بن عثمان، عن الأعمش، عن أبي هريرة، قال :

قال : ياسلمانُس هذا طعامٌ من الجنّة لا يأكله أحد حتّى ينجو من الحساب . (1)

هكذا أسلم اليهود

{12}

[992] الفخري : قال : روي أنّ النبي صلّي الله علیه و آله خرج من المدينة غازياً وأخذ معه عليّاً وبقي الحسن والحسين علیهماالسّلام عند أُمّهما لأنّهما (طفلان) (2) صغيران، فخرج الحسين علیه السّلام ذات يوم من دار أُمّه يمشي في شوارع المدينة، وكان عمره يومئذ ثلاث سنين ، فوقع بين نخيل وبساتين حول المدينة، فجعل يسير في جوانبها ويتفرّج في مضاربها، فمرّ على (3) يهودي يقال له صالح بن زمعة (4) اليهودي فأخذ الحسين إلى بيته وأخفاه عن أُمّه حتّى بلغ النهار إلى وقت العصر والحسين علیه السّلام لم يتبيّن له أثر، فطار (5) قلب فاطمة بالهمّ والحزن على ولدها الحسين علیه السّلام فصارت تخرج من دارها إلى باب مسجد النبي صلّي الله علیه و آله سبعين مرّة فلم تر أحداً تبعثه في طلب الحسین علیه السّلام.

ثمّ أقبلت إلى ولدها الحسن علیه السّلام وقالت له : يا مهجة (6) قلبي وقرّة عيني قم

ص: 432


1- عوالم العلوم والمعارف الإمام الحسن علیه السّلام : ص 62 - 63 ح 2 عن ابن شاذان بإسناده عن زاذان، عن سلمان ... الخ
2- ليس في المصدر
3- في المصدر : عليه
4- في المصدر : رُقعة
5- في المصدر : فقاد
6- كذا في المصدر ، وفي الأصل : بهجة

واطلب أخاك الحسين علیه السّلام فإنّ قلبي يحترق من فراقه .

فقام الحسن وخرج من المدينة وأتى إلى دور حولها نخيل [كثيراً] (1) وجعل يصيح (2) يا حسين بن علي، يا قرّة عين النبي، أين أنت يا أخي؟

قال : فبينما الحسن علیه السّلام ينادي إذ بدت له غزالة في تلك الساعة فألهم الله الحسن أن يسأل الغزالة، فقال (لها) (3): يا ظبية هل رأيتِ أخي حسيناً؟ فأنطق الله الغزالة ببرکات رسول الله وقالت : يا حسن یا نور عينَي المصطفى، وسرور قلب المرتضى، ويا مهجة فؤاد الزهراء اعلم إنّ أخاك أخذه صالح اليهودي، وأخفاه في بيته، فصار الحسن حتّى أتى دار اليهودي فناداه فخرج صالح فقال [له] (4) الحسن : (يا صالح أخرج) (5) إليّ الحسين علیه السّلام من دارك وسلّمه إليّ وإلّا أقول لأُمّي تدعو عليك في أوقات السحر وتسأل ربّها حتّى لا يبقى على وجه الأرض يهودي، ثمّ أقول لأبي يضرب بحسامه جمعكم (6) حتّى يلحقكم بدار البوار، وأقول لجدّي يسأل الله سبحانه أن لا يدع يهوديّاً إلّا وقد فارق روحه .

فتحيّر صالح اليهودي من كلام الحسن، وقال له: يا صبيّ من أُمّك؟!

فقال : أمّي الزهراء بنت محمّد المصطفى، قلادة الصفوة، ودرّة صدف العصمة، وغرّة (7) جمال العلم والحكمة، وهي نقطة دائرة المناقب والمفاخر،

ص: 433


1- من المصدر
2- في المصدر : ينادي
3- ليس في المصدر
4- من المصدر
5- ليس في المصدر
6- في المصدر : بجمعكم
7- كذا في المصدر، وفي الأصل : وغيرة

ولمعة من أنوار المحامد والمآثر ، خمرت طينة وجودها من تفّاحة من تفّاح الجنّة، وكتب [الله] (1) في صحيفتها عتق عصاة الأُمّة، وهي أُمّ السادة النجباء، وسيّدة النساء البتول العذراء فاطمة الزهراء علیهاالسّلام .

فقال اليهودي : أمّا أُمّك فعرفتها فمن أبوك؟

فقال الحسن علیه السّلام: أسد الله الغالب ، علي بن أبي طالب، الضارب بالسيفين، والطاعن بالرمحين، والمصلي مع النبي في القبلتين، والمفدي نفسه لسيّد الثقلين، وأبو الحسن والحسين.

فقال : صدقت (2) يا صبي قد عرفت أباك فمن جدّك؟

فقال : جدّي درّة من صف (3) الجليل، وثمرة من شجرة إبراهيم الخليل ، والكوكب الدُرّي، والنور المضيء من مصباح التبجيل المعلّقة في عرش الجليل ، سيّد الكونين ، ورسول الثقلين، ونظام الدارين، وفخر العالمين، ومقتدى (4) الحرمین، وإمام المشرفين والمغربين، وجدّ السبطين أنا [ الحسن] (5) وأخي الحسین .

قال : فلمّا فرغ الحسن علیه السّلام من تعداد مناقبه انجلی صدى الكفر (6) من قلب صالح (اليهودي) (7) وهملت عيناه بالدموع، وجعل ينظر کالمتحيّر متعجّباً من

ص: 434


1- من المصدر
2- في المصدر : فقال صالح يا صبيّ
3- كذا في المصدر ، وفي الأصل : صدف
4- كذا في المصدر، وفي الأصل : متقدي
5- من المصدر
6- في المصدر : صداه الكفر
7- ليس في المصدر

حسن منطقه، وصغر سنّه، وجودة فهمه.

ثمّ قال :

یا ثمرة فؤاد المصطفى، ويا نور عين المرتضى، وياسرور صدر الزهراء أخبرني من قبل أن أُسلّم إليك أخاك عن أحكام دين الإسلام حتّى أذعن إليك (1) وأنقاد إلى الإسلام.

ثمّ إنّ الحسن عرض عليه أحكام الإسلام وعرّفه الحلال والحرام، فأسلم صالح وأحسن الإسلام على يد الإمام ابن الإمام، وسلّم إليه أخاه الحسين ثمّ نثر على رأسهما طبقاً من الذهب [والفضة] (2) وتصدّق به على الفقراء والمساكين ببركة الحسن والحسين علیهماالسّلام.

[ثمّ إنّ الحسن أخذ بيد أخيه الحسين] (3) وأتيا إلى أُمّهما فلمّا رأتهما (4) اطمأنّ قلبها وزاد سرورها بولديها.

قال : فلمّا كان في اليوم الثاني أقبل صالح ومعه سبعون رجلاً من رهطه وأقاربه وقد دخلوا جميعهم في الإسلام على يد الإمام ابن الإمام أخي الإمام (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

ثمّ تقّدم صالح إلى [الباب] (5) - باب الزهراء - رافعاً صوته بالثناء للسادة الأُمناء، وجعل يمرغ وجهه وشيبته على عتبة دار فاطمة الزهراء وهو يقول :

ص: 435


1- في المصدر : لك
2- من المصدر
3- من المصدر
4- كذا في المصدر ، وفي الأصل : رأته
5- من المصدر

يا بنت محمّد المصطفى عملت سوءً بابنكِ وآذيت ولدكِ وأنا على فعلي نادم فاصفحي عن ذنبي، فأرسلت إليه فاطمة الزهراء تقول : يا صالح أمّا أنا فقد عفوت من (1) حقّي ونصيبي وصفحت عمّا سوّءتني به، لكنّهما ابناي وابنا عليّ المرتضى فاعتذر إليه ممّا اذيت ابنه.

ثمّ إنّ صالحاً انتظر عليّاً حتّى أتى من سفره وأعرض عليه حاله واعترف عنده بما جرى [له] (2) وبكى بين يديه واعتذر ممّا أساء (3) إليه، فقال له: يا صالح أمّا أنا فقد رضيتُ عنك وصفحتُ عن ذنبك، ولكن هؤلاء ابنا وريحانتا رسول الله صلّي الله علیه و آله فامض إليه واعتذر (إليه) (4)، ممّا أسأت بولده، فأتی صالح إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله باكياً حزيناً وقال : يا سيّد المرسلين أنت قد أُرسلت رحمة للعالمين وإنّي قد أسأت وأخطأت وإنّي قد سرقت ولدك الحسين عليه السّلام وأدخلته إلى داري ، وأخفيته عن أخيه وأُمّه وقد سوءتهما في ذلك وأنا الآن قد فارقت الكفر ودخلتُ في دين الإسلام.

فقال له النبي صلّي الله علیه و آله: أمّا أنا فقد رضيت عنك وصفحت عن جرمك، لكن يجب عليك أن تعتذر إلى الله تعالى وتستغفره ممّا أسأت به (إلى) قرّة عين الرسول ومهجة فؤاد البتول حتّى يعفو الله عنك سبحانه .

قال : فلم يزل صالح يستغفر ربّه ويتوسّل إليه ويتضرّع بين يديه في أسحار الليل وأوقات الصلاة حتّى نزل جبرائيل على النبي بأحسن التبجيل وهو يقول :

ص: 436


1- في المصدر : غفرت عنك
2- من المصدر
3- كذا في المصدر، وفي الأصل : ساءه
4- ليس في المصدر

یا محمّد! قد صفح الله عن جرم صالح، حيث دخل في دين الإسلام على يد الإمام ابن الإمام (أخي الإمام) (عليهم أفضل الصلاة والسلام). (1)

لكي لا يكسر قلب الحسنین علیهماالسّلام

{13}

[993] فخر الدين النجفی: قال :

نقل في بعض الأخبار عن الثقاة الأخبار : إنّ نصرانيّاً أتى رسولاً من ملك الروم إلى يزيد (لعنه الله) وقد حضرت في مجلسه الّذي أُتي إليه [فيه] (2) برأس الحسين عليه السّلام، فلمّا رأى النصراني رأس الحسين عليه السّلام بكى وصاح وناح (من قلب مفجوع) (3) حتّى ابتلت لحيته بالدموع.

ثمّ قال :

(اعلم) (4) یا یزید إنّي دخلتُ المدينة تاجراً في أيّام حياة النبي صلّي الله علیه و آله وقد أردتُ أن آتیه بهدية فسألت من أصحابه : أيّ شيء أحبّ إليه من الهدايا؟

فقالوا (5): الطيب أحبّ إليه من كلّ شيء وإن له رغبة به.

قال : فحملت إليه من المسك فارتین و قدراً من العنبر الأشهب وجئت به إليه وهو يومئذ في بيت زوجته أُمّ سلمة (رضي الله عنه) فلمّا شاهدت جماله

ص: 437


1- مدينة المعاجز : ج 3 ص 293 - 297، عن منتخب الطريحي : ص 169
2- من البحار
3- ليس في المصدر
4- ليس في نسخة: «خ»
5- كذا في المصدر، وفي الأصل : فقال

ازداد لعيني من لقائه نوراً ساطعاً وزادني منه سروراً، وقد تعلق قلبي بمحبّته فسلّمت عليه ووضعت العطر بين يديه.

فقال : ما هذا؟

قلت : هديّة محقّرة أتيت بها إلى حضرتك .

فقال لي : ما اسمك؟

فقلت : إسمي عبد الشمس.

فقال لي: بدّل اسمك، ثمّ قال : أنا سمّيتك (1) عبدالوهّاب، إن قبلت منّي الإسلام قبلت منك الهديّة.

قال : فنظرته وتأمّلته فعلمت أنّه نبيّ وهو النبيّ الّذي أخبرنا به (2) عیسی علیه السّلام حيث قال : إنّي مبشّر [لكم] (3) برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في [تلك] (4) الساعة ورجعت إلى الروم وأنا أخفي الإسلام ولي مدّة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم وليس لأحد من النصارى اطّلاع على حالنا.

واعلم یا یزید إنّي كنت في حضرة النبي صلّي الله علیه و آله وهو في بيت أُمّ سلمة رأيت هذا

العزيز الّذي رأسه وضع بين يديك مهاناً حقيراً قد دخل على جدّه من باب الحجرة والنبي صلّي الله علیه و آله فاتح باعه ليتناوله وهو يقول : مرحباً بك يا حبيبي حتّى أنه

ص: 438


1- في المصدر والبحار: فإني أُسمّيك
2- في المصدر والبحار : عنه
3- من المصدر والبحار
4- من المصدر والبحار

تناوله وأجلسه في حجره، وجعل يقبّل شفتيه ويرشف ثناياه وهو يقول : بَعُدَ مِن (1) رحمة الله من قتلك [لعن الله من قتلك] (2) يا حسين وأعان على قتلك والنبي صلّي الله علیه و آله مع ذلك يبكي.

فلمّا كان (في) (3) اليوم الثاني (انّي) (4) كنتُ مع النبي صلّي الله علیه و آله في مسجده إذ أتاه الحسن علیه السّلام مع أخيه الحسين علیه السّلام وقال : يا جدّاه قد تصارعت (مع) (5) أخي الحسين ولم يغلب أحدنا الآخر وإنّما نريد أن نعلم أيّنا أشدّ قوّة من الآخر.

فقال لهما النبي صلّي الله علیه و آله: يا حبيبيّ [ويا مهجتيّ] (6) إنّ التصارع لا يليق بکما (ولكن) (7) اذهبا فتكاتبا فمن كان خطّه أحسن كذلك يكون قوّته أكثر .

قال : فمضيا و كتب كلّ واحد منهما سطراً وأتيا إلى جدّهما النبي صلّي الله علیه و آله فأعطياه اللوح ليقضي بينهما فنظر النبي إليهما ساعة ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال لهما : إذهبا إلى أبيكما [ل-] (8) يحكم بينكما وينظر أیّكما أحسن خطاً.

قال : فمضيا إليه وقام النبي صلّي الله علیه و آله أيضاً معهما ودخلوا جميعاً] (9) إلى منزل

ص: 439


1- في البحار : بعد عن رحمة الله، وفي المصدر : بعداً لا رحمه الله
2- من المصدر
3- ليس في المصدر والبحار
4- ليس في المصدر والبحار
5- ليس في نسخة «خ»
6- من المصدر والبحار
7- ليس في المصدر
8- من المصدر والبحار
9- من المصدر والبحار

فاطمة فما (1) كان إلّا ساعة وإذا النبي صلّي الله علیه و آله مقبل وسلمان الفارسي معه و كان بيني وبين سلمان صداقة ومودّة فسألته: كيف حكم (بينهما) (2) أبوهما و خطّ أيّهما أحسن؟

قال سلمان (رضي الله عنه) :

إنّ النبی صلّي الله علیه و آله لم يجبهما بشيء لأنّه تأمّل أمرهما وقال : لو قلت : خطّ الحسن أحسن كان يغتمّ الحسين علیه السّلام ولو قلت : خطّ الحسين أحسن كان يغتمّ (قلب) (3) الحسن فوجّههما (4) إلى أبيهما.

فقلت له : ياسلمان بحقّ الصداقة والأخوّة الّتي بيني وبينك وبحقّ [دين] (5) الإسلام إلّا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما؟

فقال : لمّا أتيا إلى أبيهما وتأمّل حالهمارقّ لهما ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما، قال لهما : امضيا إلى أُمّكما فهي تحکم بینکما فأتيا إلى أُمّهما وعرضا عليها (سلام الله عليها) (6) ماکتبا في اللوح وقالا : يا أُمّاه إنّ جدّنا أمرنا أن نتکاتب فكلّ من كان خطّه أحسن تكون قوّته أكثر، فتكاتبنا وجئنا إليه فوجّهنا إلى أبينا فلم يحكم بيننا ووجّهنا إليكِ . (7)

ص: 440


1- كذا في المصدر والبحار، وفي الأصل : فلمّا
2- ليس في المصدر والبحار
3- ليس في المصدر والبحار
4- في المصدر : فوجّهتهما، وهو مصحّف
5- من المصدر والبحار
6- في المصدر : وعرضوا عليها
7- كذا في البحار، وفي الأصل والمصدر : إلى عندك

فتفكّرت فاطمة علیهاالسّلام بأن جدّهما و أباهما ما أرادا کسر (1) خاطرهما أنا ما (ذا) (2) أصنع وكيف أحكم بينهما؟ فقالت لهما: يا قرّة عينَي إنّي أقطع قلادتي على رأسيكما فأیّكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن ويكون قوّته أكثر .

قال : وكان في قلادتها سبع لؤلؤات [ثمّ إنّها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما] (3) فالتقط الحسن علیه السّلام ثلاث لؤلؤات والتقط الحسين ثلاث لؤلؤات وبقيت الأخرى فأراد كلّ منهما تناولها فأمر الله تعالی جبرائيل علیه السّلام بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحيه تلك اللؤلؤة ويقدّها نصفين (بالسويّة ليأخذ كلّ واحد منهما نصفها لئلا يغتمّ قلب أحدهما، فنزل جبرائيل علیه السّلام كطرفة عين وقدّ اللؤلؤ نصفين) (4) فأخذ كلّ واحد منهما نصفها . (5)

فانظر یا یزید کیف ان (6) رسول الله صلّي الله علیه و آله لم يدخل على أحدهما ألم ترجیح الكتابة (7) ولم يرد [كسر قلبهما و كذلك] (8) أميرالمؤمنين وفاطمة علیهماالسّلام وكذلك ربّ العزّة ولم يكسر (9) قلب أحدهما، بل أمر من قسم اللؤلؤة بينهمالجبر قلبهما و أنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله؟! أُفّ لك ولدينك یایزید

ص: 441


1- كذا في المصدر والبحار، وفي الأصل : أن يكسر
2- ليس في المصدر
3- من المصدر والبحار
4- ما بين القوسين ليس في البحار
5- في المصدر والبحار : فأخذ كلّ منهما نصفاً
6- في البحار : كيف رسول الله صلّي الله علیه و آله، وفي المصدر : یا یزید إن رسول ...
7- في المصدر : الم الترجيح في الكتابة
8- من المصدر والبحار
9- في المصدر والبحار : لم يرد کسر

«فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» . (1)

ثمّ إنّ النصراني نهض إلى رأس الحسين علیه السّلام واحتضنه وجعل يقبّله و [هو] (2) يبكي ويقول : يا حسین اشهد (لي) (3) عند جدّك [محمّد] (4) المصطفى، وعند أبيك علي المرتضى، وعند أُمّك فاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم أجمعين) (وقد قيل في هذا المعنی شعراً:

خيرة الله أحمدُ وعليّ *** وبتولٌ وشبّرٌ وشبیرٌ

قد أتی شبّرٌ ومعه شبیرً *** رقما الخطَّ وهو خط نضیرٌ

أتيا الجَدَّ قال عذراًمجيباً *** أقصدا الأب نعم ذاك المشير

حیدرٌ قال عند ذاك مجيباً *** أُطلبا الأُمّ ذاك رأيّ جدير

فاطم عند ذاك قالت سديداً *** أقطعُ العِقدَ بعد ذاك نثير

عقدها اللّؤلؤ وفي العدّ سبعٌ *** من يحوز الكثير أقوئ قدير

حاز كلٌّ من العديد ثلاثاً *** مابقی منه ناله التقدير

أرسل الله جبرئيل إليها *** بجناحيه نالها التشطیر

حاز كلّ من المشطّر شطراً *** قد قضى ربّنا العليّ الكبير (5) ) (6)

ص: 442


1- سورة الحجّ : الآية 46، والآية ليست في المصدر والبحار
2- من المصدر والبحار
3- ليس في نسخة «خ»
4- من المصدر والبحار
5- ليس في المصدر
6- منتخب الطريحي : ص 64 - 66. وعنه مدينة المعاجز : ج 3 ص 299 - 304 وأخرجه في بحار الأنوار : ج 45 ص 189 ح 36 والعوالم : ج 17 ص 418 عن بعض مؤلّفات الأصحاب، وأبيات الشعر ليست في المصدر والبحار

انزل عن مجلس أبي

{14}

[994] جاء الحسنُ بنُ عليّ علیهماالسّلام إلى أبي بكرٍ وهو على منبرِ رسولِ الله صلّي الله علیه و آله فقال : إنزل عن مجلسِ أبي، قال : صدقتَ إنّه مجلسُ أبيك، ثمّ أجلسه في حجره و بکی!

فقال علي علیه السّلام: والله ما كان هذا عن أمري .

فقال : صدّقتك والله ما اتّهمتك . (1)

قم واخطب الناس

{15}

[995] ثمّ قال (عليّ علیه السّلام) للحسن : يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلّم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون : الحسن لا يُحسن شيئاً.

قال الحسن علیه السّلام: يا أبه! كيف أصعد وأتكلّم وأنت في الناس تسمع وترى؟

قال له : بأبي وأُمّي أُواري نفسي عنك وأسمع وأرى ولا تراني.

فصعد الحسن علیه السّلام المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة وصلى على النبيّ وآله صلاةً موجزة، ثمّ قال :

أيّها الناس! سمعتُ جدّي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، وهل تدخل المدينة إلّا من بابها». ثمّ نَزَل فوثب إليه عليّ علیه السّلام فتحمّله

ص: 443


1- مناقب آل أبي طالب : ج 4 ص 40 عن فضائل السمعاني، وأبي السعادات، قال أسامة بن زيد: جاء الحسن ... الخبر. وعنه بحار الأنوار: ج 28 ص 232 ح 19

وضمّه إلى صدره . (1)

لولا آية

{16}

[996] أحمد، عن البزنطي قال : قلت للرضا علیه السّلام: إنّ رجلاً من أصحابنا سمعني وأنا أقول : إنّ مروان بن محمّد لو سئل عنه صاحب القبر ما كان عنده منه علم.

فقال الرجل : إنّما عنى بذلك أبو بكر وعمر .

فقال : لقد جعلهما في موضع صدق ! قال جعفر بن محمّد: إنّ مروان (2) بن محمّد لو سئل عنه محمد رسول الله صلّي الله علیه و آله ما كان عنده منه علم، لم يكن من الملوك الذين سمّوا له، وإنّما كان له أمر طرأ .

ص: 444


1- بحار الأنوار : ج 10 ص 120 عن «التوحيد»: ص 323 والأمالي : ص 208 للصدوق بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لمّا جلس عليّ علیه السّلام في الخلافة وبايعه الناس ... صعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيّه ، ثمّ قال للحسن عليه السلام ... الخ
2- هو مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم الأموي آخر ملوك بني أُميّة في الشام، استوى على عرش الحكومة سنة (127)، وقيل له الحمار لجرأته في الحروب، قُتل في بوصیر من أعمال مصر سنة (132). الاعلام : ج 8 ص 97. قال المجلسي (قدّس سرّه) بعد ذكر الحديث : بیان : مروان بن محمّد هو الّذي من خلفاء بني أُميّة وكانت خلافته من الأُمور الغريبة ، كما يظهر من السير ، والمقصود أنّ خلافته كانت من الأُمور البدائيّة الّتي لم تصل إلى النبي صلّي الله علیه و آله في حياته، فلو كان سُئل في حياته من هذا الأم لم یکن له علم بذلك لأنّ مروان لم يكن من الملوك الّذين سُمّوا للنبي صلّي الله علیه و آله، فالمراد بصاحب القبر الرسول صلّي الله علیه و آله، ولمّا حمله السامع على الشيخين قال علیه السّلام : قد جعل هذا الرجل هذين في موضع صدق وأكرمهما حيث جعلهما جاهلين بهذا الأمر حسب، وليسا في معرض العلم بالأُمور المغيبة حتّى ينفي خصوص ذلك عنهما . هكذا حَقِّق هذا الخبر وكن من الشاکرین

قال أبو عبدالله و أبوجعفر وعليّ بن الحسين بن عليّ والحسن بن عليّ وعليّ بن أبي طالب علیهم السّلام : والله لولا آية في كتاب الله لحدّثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة : «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» (1). (2)

علمهم في الأُمور

{17}

[997] روي عن عبدالغفّار الحارثي (3): عن أبي عبدالله علیه السّلام قال : إنّ الحسن بن علي علیهماالسّلام كان عنده رجلان فقال لأحدهما : إنّك حدّثت البارحة فلاناً بحديث كذا وكذا.

فقال الرجل الآخر: إنّه ليعلم ما کان! وعجب من ذلك .

فقال علیه السّلام : إنّا لنعلم ما يجري بالليل والنهار، ثمّ قال : إنّ الله تبارك وتعالى علّم رسول الله صلّي الله علیه و آله الحلال والحرام والتنزيل والتأويل، فعلّم رسول الله صلّي الله علیه و آله عليّاً علمه كلّه . (4)

ص: 445


1- سورة الرعد: الآية 39
2- بحار الأنوار : ج4 ص 97 ح5 عن قرب الإسناد
3- في الخرائج : الجازي وهو عبدالغفّار بن حبيب الطائي الجازي، من أهل جازية، قرية بالنهرین، روى عن أبي عبدالله علیه السّلام ، ثقة «رجال النجاشي»
4- الخرائج والجرائح : ج 2 ص 573 ح 3 ورواه في بصائر الدرجات : ص 290 ح 2 بإسناده إلى عبدالغفّار باختلاف وعنهما بحار الأنوار : ج 43 ص330 ح 10 والعوالم : ج16 ص 90 ح6. مدينة المعاجز : ج 3 ص 359

مكتوب على جناح الجرادة

{18}

[998] روي أنّ الحسن علیه السّلام وإخوته وعبدالله بن العبّاس كانوا على مائدة ، فجاءت جرادة فوقعت على المائدة ، فقال عبدالله للحسن علیه السّلام: أيّ شيء مكتوب على جناح الجرادة؟

فقال علیه السّلام: مکتوب : أنا الله لا إله إلّا أنا ربّما أبعث الجراد رزقاً لقوم جياع ليأكلوه، وربّما أبعثها نقمة على قوم فتأكل أطعمتهم.

فقام عبدالله وقبّل رأس الحسن وقال : هذا من مكنون العلم. (1)

ص: 446


1- صحيفة الرضا علیه السّلام: ص 259 ح 194؛ دعوات الراوندي : ص 145 ح 376، وعنهما بحار الأنوار : ج 65 ص206 ح 34 وفي ص 193 ح9 عن الدرّ المنثور: ج3 ص110 وحياة الحيوان للدميري: ج 1 ص 188 وأخرجه في مستدرك الوسائل: ج16 ص155 ح5 عن صحيفة الرضا علیه السّلام. وأورده المجلسي (قدّس سرّه) في بحار الأنوار : ج 65 ص 193 وص206 بهذه العبارات : صحيفة الرضا: بإسناده عن الرضا علیه السّلام عن آبائه، عن الحسين بن علي علیهم السّلام ، قال : كنّا على مائدة، أنا وأخي محمّد بن الحنفيّة، وبنو عمّي : عبدالله بن عبّاس، وقيم، والفضل، فوقعت جرادة، فأخذها عبدالله بن عبّاس ، فقال للحسن : ياسيّدي تعلم ما المكتوب على جناح الجرادة؟ فقال : سألت أبي، فقال : سألت رسول الله صلّي الله علیه و آله فقال لي: على جناح الجرادة مكتوبٌ: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، ربّ الجرادة ورازقها، إذا شئت بعثتها لقوم رزقاً، وإذا شئت بعثتها لقوم بلاءَ، فقام عبدالله بن عبّاس فقبّل رأس الحسن بن علي علیهماالسّلام ، ثمّ قال : هذا والله من مكنون العلم. وقال المجلسي بعد ذكر الحديث : بیان : يحتمل أن يكون الكتابة المذكورة كناية عن أنّ خلقتها على الهيئة المذكورة تدلّ على وجود الصانع ووحدته وكونه ربّ الجرادة ، وغيرها، وأنّها تكون نعمة وبلاءُ، وفيها استعدادها والله يعلم

لو كنت بالمدينة ان

{19}

[999] ابن سنان، عن رجل من أهل الكوفة : أنّ الحسن بن عليّ علیهماالسّلام كلّم رجلاً : فقال : من أيّ بلد أنت؟

قال : من الكوفة.

قال : لو كنتَ بالمدينة لأريتك منازل جبرئیل علیه السّلام من ديارنا . (1)

إخباره عن الغيب

{20}

[1000] حدّث أبو يعقوب يوسف بن الجرّاح، عن رجاله، عن حذيفة بن اليمان قال :

بينا رسول الله صلّي الله علیه و آله في جبل أظنّه حر أو غيره ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي علیه السّلام وجماعة من المهاجرين والأنصار وأنس حاضر لهذا الحديث وحذيفة يحدِّث به، إذ أقبل الحسن بن علي علیهماالسّلام يمشي على هدوء ووقار، فنظر إليه رسول الله وقال : إنّ جبرئيل يهدیه و میکائیل يسدِّده، وهو ولدي والطاهر من نفسي وضلع من أضلاعي هذا سبطي وقرّة عيني بأبي هو.

فقام رسول الله وقمنا معه وهو يقول له : أنت تفّاحتي وأنت حبيبي ومهجة قلبي وأخذ بيده فمشى معه ونحن نمشي حتّى جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله وهو لا يرفع بصره عنه، ثمّ قال : [أما] إنّه سيكون بعدي هادياً مهديّاً هذا هديّة من ربّ العالمين لي ينبیء عنّي ويعرّف الناس آثاري ويحيي

ص: 447


1- بحار الأنوار: ج 43 ص355

سنّتي، ويتولّى أموري في فعله ، ينظر الله إليه فيرحمه، رحم الله من عرف له ذلك، وبرّني فيه وأكرمني فيه .

فما قطع رسول الله صلّي الله علیه و آله کلامه حتّى أقبل إلينا أعرابيّ يجرّ هراوة له فلمّا نظر رسول الله صلّي الله علیه و آله قال : قد جاءكم رجل يكلّمكم بكلام غلیظ تقشعرّ منه جلودكم، وإنّه يسألكم من أُمور، إنّ لكلامه جفوة. فجاء الأعرابيّ فلم يسلّم وقال : أيّكم محمّد؟ قلنا: وما تريد؟ قال رسول الله صلّي الله علیه و آله: مهلاً، فقال : يا محمّد لقد كنت أُبغضك ولم أرك والآن فقد ازددت لك بغضاً.

قال : فتبسّم رسول الله صلّي الله علیه و آله وغضبنا لذلك و أردنا بالأعرابي إرادة ، فأومأ إلينا رسول الله أن : اسكتوا!

فقال الأعرابي : يا محمّد! إنّك تزعم إنّك نبيّ وإنّك قد كذبت على الأنبياء وما معك من برهانك شيء.

قال له: يا أعرابيّ وما يدريك؟

قال : فخبِّرني ببرهانك .

قال : إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك أوكد لبرهاني .

قال : أو يتكلّم العضو؟

قال : نعم، یا حسن قم!

فازدرى الأعرابيّ نفسه (1) وقال : هو ما يأتي ويقيم صبيّاً ليكلّمني .

قال : إنّك ستجده عالماً بما تريد.

فابتدره الحسن علیه السّلام وقال : مهلاً يا أعرابيّ.

ماغبیّاً سألت وابن غبيّ *** بل فقيهاً إذن وأنت الجهول

ص: 448


1- أي : احتقره الأعرابي لصغر سنّه علیه السّلام

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي *** بالشفاء الجهل ماسأل السؤل

وبحراً لا تقسّمه الدوالي *** تراثاً كان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت نفسك، غير انّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله، فتبسّم الأعرابي وقال : هيه . (1)

فقال له الحسن علیه السّلام : نعم اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور (2) والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثاره، وزعمت أنّك قاتله وكان في قومك مؤنته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمّه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلّا ذلك فأتيتنا خوفاً من أن يشتهر وإنّك إنّما جئت بخير يراد بك.

أُنبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحیاء إذ عصفت ريح شديدة اشتدّ منها ظلماؤها وأطلّت سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت محرنجماً کالأشقر إن تقدم نُحر وإن تأخّر عُقِر (3)، لا تسمع لواطیء حسّاً ولا لنافخ نار جرساً، تراكمت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجة وتهبط لجة في ديمومة قفر بعيدة القعر، مجحفة

ص: 449


1- هيه : كلمة تقال لشيء يُطرَد وهي أيضاً كلمة استزادة
2- قال الجزري: فيه: أنّ قريشاً كانوا يقولون أنّ محمداً صنبور . أي : أبتر لا عقب له . وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الأرض وقيل : هي النخلة المنفردة الّتي يدق أسفلها. أرادوا أنّه إذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لأنّه لا عقب له
3- من كلام لقيط بن زرارة يوم حبلة وكان على فرس أشقر ، يقول : إن جريت على طبعك فتقدّمت إلى العدوّ قتلوك ، وإن أسرعت فتأخّرت منهزماً أتوك من ورائك فعقروك، فاثبت والزم الوقار. راجع مجمع الأمثال : ج2 ص 140

بالسفر إذا علوت مصعداً ازددت بُعداً، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ریح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشتك آكامها، وقطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرَّت عينك، وظهر رينك، وذهب أنينك.

قال : من أين قلت یا غلام هذا؟ كأنّك كشفت عن سويد (1) قلبي، ولقد كنت كأنّك شاهدتني، وما خفي عليك شيء من أمري وكأنّه علم الغيب [ف-] قال له : ما الإسلام؟

فقال الحسن علیه السّلام: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله.

فأسلم وأحسن إسلامه، وعلّمه رسول الله صلّي الله علیه و آله شيئاً من القرآن .

فقال : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأُعرّفهم ذلك؟

فأذن له، فانصرف ورجع ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام، فكان الناس إذا نظروا إلى الحسن علیه السّلام قالوا: لقد أُعطِيَ مالم يُعْطَ أحد من الناس. (2)

ص: 450


1- سُوَيْد: بتصغير الترخيم، أصله : أُسيود تصغير أسود
2- بحار الأنوار: ج 43 عن العدد القويّة

ص: 451

الفهارس

الفهارس

فهرس الآیات

فهرس الموضوعات

ص: 452

فهرس الآيات

رقم الآية... الصفحة

البقرة (2)

(109) كفّاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحقّ ... 16

(183 و 184) کتب علیکم الصیام کما کتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون ... 213

(195) وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين ... 153

آل عمران (3)

(7) والراسخون في العلم ...131

(92) لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون ... 221

(134) والعافين عن الناس والله يحبّ المحسنين ... 168

النساء (4)

(130) وإن يتفرّقا يغن الله كلاً من سعته... ... 241

المائدة (5)

(21) ادخلوا الأرض المقدّسة ... 106

(25) ربّ إنّي لا أملك إلّا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ... 106

(32) ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً ... 250

ص: 453

(87 و 88 ) يا أيّها الّذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ... * وكلوا مما رزقكم الله ... ... 115

الأنعام (6)

(90) فبهداهم اقتده ... 404

الأعراف (7)

(138) اجعل لنا إلهاً كما لهم عالمة قال إنّكم قوم تجهلون ... 106

(176) فاقصص القصص ... 90

(199 - 201) خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإمّا ينزغنّك من... ... 170

التوبة (9)

(102) خلطوا عملاً صالحاً وءاخر سيّئاً ... 79

يوسف (12)

(92) لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ... 171

(20) وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ... 269

الرعد ( 13 )

(39) يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أُمّ الكتاب ... 445

الحجر ( 15 )

(62) إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان ... 20

النحل (16)

(100) إنّما سلطانه على الّذين يتولّونه ... 20

(83) یعرفون نعمت الله ثمّ ينكرونها ... 296

الإسراء ( 17 )

(16) وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول... ... 128 و 139

(55) فضّلنا بعض النبيّين على بعض وءاتینا داود زبوراً... 19

(60) والشجرة الملعونة في القرآن... ... 130

(60) وما جعلنا الرؤيا الّتي أريناك إلّا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ... 120

ص: 454

(64) وشاركهم في الأموال والأولاد ... 145

(78) أقم الصلاة لدلوك الشمس... ... 16

مریم (19)

اریکاتور )

(12) وآتيناه الحكم صبيّاً ... 426

طه (20)

(72) فاقض ما أنت قاض ....... 105

(88) هذا إلهكم و إله موسى ... 106

الأنبياء (21)

(73) ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمّةً... ... 19

(79) ففهّمناها سليمان ... 229

(111) وإن أدري لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين ... 128 و 133

الحج (22)

(46) فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن... ... 442

النور (26)

(32) إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ... 241

(26) الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ... 128

(26) والطّيبون للطّيبات أُولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مغفرة ورزق کریم ... 128

الروم (30)

(17) سبحان الله حين تمسون ... 197

السجدة ( 32)

(18) أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً لا يستوون ... 123

الأحزاب (33)

(25) وردّ الله الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال ... 117

(26) وأنزل الّذين ظاهروهم... ... 111

ص: 455

(53) يا أيها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبيّ إلّا أن يؤذن لكم ... 23

سبأ (34)

(13) وقليل من عبادي الشكور ... 105

يس (36)

(15) ما أنتم إلّا بشر مثلنا ... 19

ص (38)

(24) وقليل ما هم ... 105

(30) ووهبنا لداود سلیمان نعم العبد إنّه أوّاب ... 216

(44) إنّا وجدناه صابراً نعم العبد إنّه أوّاب ... 216

الزمر (39)

(10) إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب ... 374

(61) وينجّي الله الّذين اتّقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوء ولا هم يحزنون ... 363

الشوری (42)

(39) والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ... 362

الزخرف (43)

(55) فلمّا ءاسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ... 412

الفتح (48)

(24) هو الّذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة... ... 117

(25) والهدي معكوفاً أن يبلغ محلّه ... 118

الحجرات (49)

(6) إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ... 123

الحشر (59)

(2) هو الّذي أخرج الّذين كفروا ... 111

الصف (61)

ص: 456

(8) يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ... 20

المنافقون (63)

(8) ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ... 78

الإنسان (76)

(5) إنّ الأبرار يشربون من كأس ... 219

(8) ويطعمون الطعام ... 217

النبا (78)

(31) إنّ للمتّقين مفازاً ... 363

المطفّفين ( 83 )

(14) بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ... 79

الغاشية ( 88 )

(6-3) عاملة ناصبة * تصلى ناراً حامية * تسقى من عين... ... 124

(21) فذكّر إنّما أنت مذكّر ... 90

الضحى (93)

(11) وأمّا بنعمة ربّك فحدّث ... 397

القدر (97)

(3-1) إنّا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر... ... 54 و 56 و 57 و 62

(3) ليلة القدر خير من الف شهر ... 120

الكوثر (108)

(1) إنّا أعطيناك الكوثر ... 54 و 55 و 56 و 57

(3) إنّ شانئك هو الأبتر ... 121

ص: 457

ص: 458

فهرس الموضوعات

تقریظ ... 6

الوصايا ... 7

خليفة رسول الله . وصيّة أُمّه فاطمة علیهماالسّلام ... 8

من وصايا أمير المؤمنين علیه السّلام ... 9

وصيّة علي علیه السّلام إلى الحسنين علیهماالسّلام. وصيّة أمير المؤمنين علیه السّلام ... 12

لمّا ضُرب أمير المؤمنين علیه السّلام . مدفن أمير المؤمنين علیه السّلام ... 13

وصيّته إلى أخيه علیهماالسّلام ... 14

وصيّة أُخرى ... 15

وصيّته علیه السّلام إلى محمد بن الحنفيّة ... 16

إني واردٌ على ربّي ... 22

وصيّته إلى أخيه الحسین علیهماالسّلام ... 23

ادفني في البقيع . وصيّته في حقن الدماء ... 24

ادفنوني مع أُمي . إذا أنا متُّ . . ... 25

إنّ الحسنَ علیه السّلام لمّا احتُضِر. إيّاك أن تسفك دماً ... 26

موافقه علیه السّلام ... 29

لكي لا تراق الدماء ... 30

العقل ملازم لأهل البيت علیهم السّلام . على ماذا المبايعة ؟ ... 31

معنى المبايعة . لو كان الناس مثلك ... 32

مصير أهل الكوفة . وصاياه لعبيد الله بن عباس ... 33

بعد غَدْر الغادرين . مع أهل الكوفة ... 34

ص: 459

رجال لا وفاء لهم ... 35

ما زلت أعرفكم هكذا ... 36

لا خير فيكم . إني لستُ مبايعاً ... 37

أنت في حلّ من بيعتي . مع قیس بن سعد ... 38

لا تكرهه فهو لا يبايع ... 39

قتلتم أبي بالأمس . البيعة بشروط ... 40

هذا كتاب الصلح . لا وفاء لمعاوية ... 41

ألست إمامكم؟ ... 43

للصلح حكمة . التقيّة ومبايعة الطغاة ... 44

في علّة ترك القتال . إنّ ابني هذا سيّد ... 45

ومن حِكم الصُلح ... 46

ألا تعلمون أني إمامكم ؟ . ابتغاء وجه الله ... 47

لقبُ علي علیه السّلام و حسب ... 48

من حكم الصلح ... 49

قلّة الناصرين ... 50

و بالصلح اعزّ المؤمنین . کلام بين الحسنين علیهماالسّلام ... 51

ولكي يعرف الآخرون . رأيت أهل الكوفة . قيدتني دماء المسلمين ... 52

هويّة المناوؤن ... 53

لم أجد أنصاراً ... 57

وما أصنع يا أخا جهينة ؟ ... 58

معاوية خير من هؤلاء ... 59

رجل واسع البلعوم ... 60

سلطان بني أُميّة ... 62

إنّ الله بالغ أمره ... 63

لستُ بمذلّ المؤمنین ... 64

يجتمع الأمر لمعاوية ... 65

ص: 460

ذريّة بعضها من بعض ... 66

لا يليق بنا الغدر ... 68

من أحبّ قوماً كان معهم . الله غالبٌ على أمرِه ... 69

لو قاتلت لأخذوا بعنقي . بعض العار حق ... 70

العارُ خيرٌ مِن النار ... 71

كرهتُ أن أقتلكم . الإمام أذكى من معاوية ... 73

الاحتجاجات ... 75

كلمة لا يعدلها شيء ... 76

من يفاخرني بهؤلاء. انهم عادون بكيد الشيطان ... 77

نحن بحور زاخرة . بل فيّ عزّة ... 78

قوم ران على قلوبهم... 79

ما لك افتخار ... 80

نحن نور البلاد ... 81

ما يضرّ علياً علیه السّلام ... 83

مع عمرو بن سعيد . أعرف مثالبك الخبيثة ... 84

و أُدعي لأبي . ردّاً على ابن العاص ... 85

علامات أهل النار ...86

من يصور الباطل ... 87

ألست القائل ؟! ... 88

ليس الزهد في الثياب ... 89

المتكلّف من الرجال . موعدي و موعدك الله ... 90

إنّ فيكم خصلة سوء . فكانت غنيمتُك هزيمتك ... 92

في جواب مروان بن الحكم ... 93

لعنك الله على لسان نبيّه . و أمّا أنت یا مروان ... 94

توبيخه لأعدائه ... 95

ويحك يا مروان ... 96

ص: 461

أُفّ لك يا مروان ! . إنا أهل بيت الرحمة ... 98

إنّ للماء أهلاً و سکّاناً ... 99

أتنسى يا معاوية ؟! . انا ابن من جاء بالهدى ... 10

و أعجب من هذا ... 101

من يلهيك عن معرفته . العجب من قلّة حيائك ... 101

هل بينك و بين أُمّهما قرابة ؟. شرائط الخلافة والإمامة ... 107

في فضل أبيه علیه السّلام ... 108

إنّ الخلافة لا تصلح إلّا فينا ... 130

إنّما الناس ثلاثة ... 131

أتدري من أيّ شجرة أنا ؟ ... 132

في نسب معاوية ... 133

أو أنت تسبّ أمير المؤمنين علیه السّلام ؟! ... 134

الحرب خدعة ... 135

ويلٌ لك يا معاوية ... 136

لا خير فيك يا معاوية . أيّها السابُّ عليّاً علیه السّلام ... 137

بين البعوضة والنخلة ... 138

أعور ثقیف ... 139

فلست من رجالها ... 140

لعنهم رسول الله ... 142

مع المغيرة أيضاً . لا ألومك أن تسبّ علياً ... 143

لذلك أبغضوا أهل البيت علیهم السّلام ... 144

کرائم أخلاقه علیه السّلام ... 147

إحسانه علیه السّلام إلى الحجّاج . إحسانه علیه السّلام إلى المسيء ... 148

أعطني حقّي ... 149

أبكي لخصلتين ... 150

بكائه من هيبة لقاء الله . تواضعه علیه السّلام ... 151

ص: 462

فهرس الموضوعات

هيبة الموت ... 152

من تمام الإحسان . جوده وفتوّته ... 153

جئناك في حاجة ... 155

کرمه وجوده علیه السّلام ... 156

أنصفني من خصمني ... 157

مع الرجل الشامي ... 158

إئتِ بحمّال يحمل لك ... 160

بل يكن جودك لله ... 161

يحمل عطائه حمّالان . أكرمه لمكان معرفته ... 164

أعطاه ثمن العبد . متى يصلح السؤال؟ ...165

لا سؤال إلّا عن ثلاث ... 166

الكلمة الطيّبة ... 167

أنت حرّ لوجه الله . رأفته على الحيوانات ... 168

في إكرام الجار . يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء ... 169

الإحسان إلى المسيء ... 170

حليم أهل البيت علیهم السّلام ... 171

قبول العذر . ذكاؤه وفراسته علیه السّلام ... 172

عزّ نفسه ومناعة طبعه علیه السّلام. المعروف ما كان ابتداءاً ... 173

کرمه علیه السّلام وإحسانه إلى أعدائه ... 174

إنّ الله عوّدني عادة ... 175

حاجتك مقضيّة . ما سمعت منه كلمة فحش قط ... 176

الله أشدّ نقمة ... 178

أفلا أشتري عرضي؟! ... 180

يأكل مع الفقراء ... 181

إذا قام للصلاة . هول المطلع ... 182

زهده علیه السّلام في المأكل ... 183

ص: 463

ومن أوصاف الإمام علیه السّلام ... 184

عفته علیه السّلام مع البدوية ... 185

الأحكام و العبادات ... 187

وضوء النبي صلّي الله علیه و آله. تغيّر لونه علیه السّلام عند الوضوء ... 188

الموعظة الحسنة . حكمة الوضوء ... 189

إن للماء ساكناً ... 190

من آداب الإمامة . حكمة الغُسل ... 191

طاب استحمامك ... 192

من آداب التخلّي ... 193

من آداب التخلّي أيضاً . التنخّم في القبلة ... 194

ممّا رواه عن جدّه . الصلوات الخمس ... 195

الأوقات الخمسة للصلاة ... 196

الذهاب إلى المساجد ... 198

في المساجد أربعة فوائد . فضيلة أهل المسجد ... 199

عقاب المتنخّم في المسجد . الجهر في الصلاة . صلاة النهار ... 200

مبدأ الأذان. القنوت ... 201

الإجهار بالبسملة . إتمام الصلاة ... 202

المرور بين يدي المصلّي . صلاة الجمعة . صلاة العيد ... 203

صلاة الجمعة ... 204

إن سلامكم يبلغني. النوافل والفرائض . صلاة النصف من شعبان ... 205

لا لصلاة التراويح ... 206

تفاوت الصلاتين . الصلاة تقيّةً . الصلاة بعد المغرب ... 207

التعقيب بعد صلاة الصبح . التعقيب حتّى تطلع الشمس ... 208

ألف ألف قصر في الجنّة ... 208

لم يمسّ جلده النار . في تعقيب صلاة الصبح ... 209

إذا حضرت الجنازة . فضل الصلاة على الجنائز ... 210

ص: 464

الصلاة على المرأة وابنها ... 210

قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة . شهر رمضان مضمارٌ للخلق ... 211

تحفة الصائم . الدهن والمجمر . الصوم ثلاثون يوماً ... 212

صوم أيّام البيض . من خصال صوم شهر رمضان ... 214

من صام يوماً من رجب . صوم يوم عرفة ... 215

و يطعمون الطعام على حُبّه ... 216

الفرائض رحمة ... 219

ابتداء الزكاة . هذه صدقة مالنا . لست بائعها ... 220

الإنفاق ممّا تحبّ ... 221

هكذا الصدقة . لا تحلّ لنا الصدقة ... 222

حرمة الصدقة على أهل البيت علیهم السّلام . الزكاة لا تُنقص المال ... 223

قد أهلّ رسول الله . ما يحرم على المحرم ... 224

كفارة الصيد في الإحرام ... 225

لنتعلم من رسول الله ... 229

اغبرار الأقدام في الحجّ . المشي إلى بيت الله ... 230

حكمة الوقوف في عرفات ... 231

و حجّ ماشياً ... 232

الدعاء داخل الكعبة الشريفة . التضحية بطيب نفس ... 233

التسبيحات الأربع ... 233

وجه تسمية الكعبة ... 234

زوّجها من رجل تقيّ . تزويج أولاد آدم علیه السّلام ... 235

أنقذها من يزيد . من كرامة الإمام علیه السّلام ... 236

حُسن حديث الإمام علیه السّلام ... 237

جئتك خاطباً ... 238

لقد أحسن مع زوجته ... 239

لو كنت مراجعاً لراجعتها . حين إرادة الطلاق ... 240

ص: 465

الغنى في الزواج و الطلاق . لا تُزوّج نساؤنا حتّى نستأمرهن ... 241

الولد للفراش . آداب المائدة ... 242

غسل اليدين . أطهر الطعام ... 243

التمر واللبن . كلوا اليقطين ... 244

أكل الجبن . شرب اللبن . سؤر الهِرّة ... 245

في العشاء قبل الصلاة . الحثّ على الطعام ... 246

إذا دُعيت إلى طعام . القسم على الطعام ... 246

الدعوة إلى الطعام . حكم أمير المؤمنين علیه السّلام ... 247

مسألة شاذّة ... 248

حكمه علیه السّلام على إمرأة . قالوا : أنتَ أعلم ... 249

قتل نفساً و أحيى أُخرى ... 250

امتثال أمير المؤمنين علیه السّلام للقانون ... 251

ما أحكم إلّا ما حكم به الحسن علیه السّلام. حبّك في قلبي ... 252

المسائل الفقهيّة ... 255

الإنفاق في سبيل الله . شهادة الإمام مقبولة ... 256

شهادة سيّد شباب أهل الجنّة ... 257

نهى الحسن عن خصال ... 259

في دَيْن الغلام و مولاه. الحرب خدعة ... 260

على مَن فداء الأسير؟. في حكم الأسير ... 261

لا يأخذ السلب . إحذروا كثرة الحلف . ممّا نهى الرسول ... 262

حلف كذباً فمات ... 263

الشركاء في الهديّة . عقوق الوالدين . قضاء الحوائج ... 264

الإهتمام لحاجة المؤمن ... 265

يكفي الواحد عن الجميع ... 266

جوائز العمّال . إذا غسلتموه فلا تهيجوه ... 267

في سرّ عدم قيامه للجنازة . جنازة اليهودي ... 268

عيادة المريض . اللقيط حُرّ ... 269

ص: 466

الأسئلة و الأجوبة ... 271

سؤال و جواب ... 272

سلني عما بدا لك ... 274

أخبرني عن ثلاث . من أتاهم ربح . سقيتُ السُمّ مراراً ... 278

الدنيا سجن المؤمن ... 279

جوابه للخضر علیه السّلام ... 281

كيف أصبحت ؟ ... 284

أيّهما أكبر ؟ ... 285

في جواب ملك الروم . ما المحبّة؟ . حقيقة الجهل ؟ ... 286

النعرف الحزم . الجزع القبيح . لم تخرج من رحم ... 288

من علامة السفلة . كلمات حول السماحة ؟ ... 288

من السياسة . سئل علیه السّلام عن العيّ . أصبحت هكذا ... 289

حقائق عن البخل . لماذا نكره الموت ؟ . لقد أخربتم آخرتكم ... 290

عنوان الشَرف . كلمة حول الذلّ ... 291

من الكرم . من صفات المروءة . كلمتان في المجد ... 292

من اللؤم . هذا حقيقة اللؤم . معنى الكلفة ... 293

من الكرم . الكرم بمعنى آخر. المعروف قبل السؤال ... 294

إن لكلامك وجهين . کلامه علیه السّلام في الهرّ . من بركات الصمت ... 295

العجز عن شكر الخالق ... 296

إخباره علیه السّلام عن الغيب ... 297

إخباره علیه السّلام بالغيب . علمه علیه السّلام بقاتل عثمان ... 298

مقتل ابن عمر ... 299

قصّة طبع الحصاة ... 300

مع حبابة الوالبيّة ... 306

دونك الرجل ... 308

ديوان الشيعة ... 311

ص: 467

في أحشاء الظبية . يصف عِجلة في بطن أُمّها ... 313

معرفته علیه السّلام بجميع اللغات ... 314

كأنّي أنظر إلى أبنائكم ... 317

من فضائح معاوية . إخباره عن المستقبل ... 318

كم في هذه النخلة ؟ ... 319

الفضل ما شهدت به الأعداء ... 320

في عاقبة الأشعث . لقد احترقت دارك ... 321

لقد جف القلم . كيف تجد نفسك؟ ... 322

لمّا جُعل السمّ بين يديه . علمه علیه السّلام بقاتله ... 323

الله أشدّ بأساً ... 324

لولا بلوغ الكتاب . إذا بلغ الأمر هكذا ... 325

لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ... 326

استشهاده بالسُمّ. فالله أشدّ نقمة ... 327

إخباره عن قتله وقاتله ... 328

سيصيبني من عائشة ... 329

لقد صحّ حديث جدّي ... 330

كلامه علیه السّلام قرب وفاته ... 331

الشِعر ... 333

لا تهج منّا أُموراً ... 334

أُجامل أقواماً . و أفضل أيّام الفتى ... 335

في رثاء أبيه علیهماالسّلام . إغن عن المخلوق ... 336

و أعدّ للبخلاء نارَ جهنّم . إذا نودي في الحرب . خذل الله خاذليه ... 337

بين السخي و البخيل . خلِّ العيون ... 338

کدر الأيّام . الجود والبخل . و الصدق يعرفه ذووا الألباب ... 339

أسبقهم فضلاً ... 340

فيم الكلام . قدّم لنفسك ما استطعت ... 341

ص: 468

حان الرحيل. لا دينُهم دین ... 342

و كلُّ سرور لا يدوم . القناعة . خذ القليل ... 343

لعلّ غداً يأتِ و أنت فقید ... 344

الموت خير . نحن أُناس نوالنا خضل ... 345

و في الخضاب . و إذا المنيّة أنشبت أظفارها ... 346

والصلح . حينما فارق الكوفة . الإمام علیه السّلام و الأعرابي ... 347

الدنيا لا بقاء لها ... 350

الحِكم والمواعظ ... 351

اختيار الله تعالى . من معطيات التقوى . في أقسام الناس ... 352

النجدة . الخير والشر ... 353

أستغفر الله لي وله . إكفل لي بثلاث . في حكاية قول النسر ... 354

المرء مع من أحبّ . دار لا يدوم نعيمها ... 355

تمام الصنيعة خير من ابتدائها . أحبّوا الله ... 356

حسن الجوار . ما هذا الضحك ؟. المحاسن و المساوىء ... 357

إضافة الضيف . اطرد الشيطان من بيتك . اجتهد أن لا يعرفك ... 358

المصلّي والمنفق والصائم ... 358

لقاء الإخوان ... 359

من السعادة خصال أربع ... 359

استثمار المال ... 359

إستعد لسفرك ... 360

سوء الخلق . أطعموا الطعام ... 361

أظلم الظالمين . حقوق الإخوان . إذا ظفرتَ بالآخرة ... 362

إنّ الله لم يخلقكم عبثاً ... 363

الإخلاص . ماذا تنتظرون ؟ . الأمين و الخائن ... 364

الاعتبار بالمصيبة . زيارة المؤمن ... 365

اذكر الله . نفسك نفسك ... 366

ص: 469

عفو الله يوم القيامة . أبصر الأبصار . الخُلق الحسن ... 367

أشدّ الناس حسرة . حقيقة الموت ... 368

التقيّة . درجة الصائم القائم . حتّى لا ينقطع الفضل ... 369

التزكّي للعبادة . الخوف و الأمن ... 370

إدخال السرور على المسلم . يجمعون كثيراً ... 371

اتّقاء الشر. من يستحقّ الصدقة ؟ ... 372

منزلة الصابرين ... 373

من أدب المجالسة . لا تدخلوا الماء إلّا بمئزر ... 374

انما جمع المال للفقراء ... 375

الأنفس طُلَعَة. ماذا يقصد معاوية ؟. الإحسان المضاعف ... 376

قوله علیه السّلام في العفو ... 377

وليد التفكّر . بين التملّق و الجفاء . التقشّف ... 378

نافسوا في المكارم . مجالس الذكر ... 379

مفاسد البخل. الصلاة على النبي صلّي الله علیه و آله ... 380

برّ الوالدين . البلاغة. الغفلة والموعظة ... 381

أكبر السؤدد . الجود. النعم ... 382

من دواعي الرزق . التقوى . مالا حساب فيه ... 383

الصبر . حباني النبي صلّي الله علیه و آله . على مَ التهافت ؟ ... 384

ذمّ السؤال . بين يدي الربّ ... 385

الخير كلّه في الصبر . تعزية بليغة ... 386

الخير الّذي لا شرّ فيه . في خير المال . دع ما يريبك ... 387

إذا صاح الديك . تعبير الرؤيا ... 388

يذهب الهمّ و الغمّ . الجاهل ... 389

من كان في نقصان فالموت خير له. جفّ القلم. لابدّ من سفيه ... 390

سلني حاجتك . سوء الخلف . المصاحبة ... 391

اطلبوا الرزق بطاعة الله . حفظ القلب . الغلّ والحسد ... 392

ص: 470

في التقوى . الفالوذج ... 393

الفرصة . فضل دهن البنفسج . طلب الحاجة . المودّة تقرّب و تبعّد ... 394

السقط . رحمة الأبناء ... 395

ومن كلامه علیه السّلام . ما يكفي من اللسان ... 396

المعاجَل والمؤجَّل . كيف ينبغي أن تكون ؟. التحدّث بالأسى و النعمة ... 397

لمن تذهب زائراً ؟. لا تفعل هذه الأُمور ... 398

الإجمال في الطلب . ما يغنيك عن الطبيب ... 399

لا تخلفنّ شيئاً وراءك . أقرب الشيء إلى الشيء ... 400

أمهله ليعتذر . الإنفاق . لمن تؤاخي ... 401

حرمة إخافة المؤمن . الرأي عند الغضب ... 402

لا يغشّ العاقل . حسن الظنّ بالله . حالة أولياء الله ... 403

خلق الخيل ... 404

لمّا أراد الله تعالى خلق آدم علیه السّلام ... 405

العقيق في يد الموالي . في فضل الكوفة . الكبر والحرص والحسد ... 406

في المكاشفة . الدنيا قليلة بحقّ المخلص . الأجل والأمل ... 407

أحمق في ما بينه وبين ربّه . الجيشان الظالمان . في فضل المشورة ... 408

الموت حق ... 408

الحاسد . يقين لا شكّ فيه . لطف الله عزّوجلّ ... 409

ممّا يحبّه الله تعالى . في ثواب عيادة المريض ... 410

لو افترق الرجلان ثلاثة أيّام ... 411

من يعود مريضاً . إنّ للماء سكّاناً ... 412

المراء مفسدة . المروّة ... 413

المروءة أيضا . و من المروءة ... 414

ثلاث من المروءة . المروءة في شيئين . الصمت و المزاح ... 415

إذا وعد ..! . مصائب الدنيا أربع . المصائب . المعروف ... 416

من كلام له صلّي الله علیه و آله لأبي ذر . مکارم الأخلاق عشر ... 417

ص: 471

شكر النعمة . أفضل الحال ما اختاره الله ... 418

حبّ الدنيا . أحسن الناس و شرّهم عيشاً. العزّ كلّ العز في طاعة الله ... 419

من تقيّد بشيء. السلام أولاً . استعدّ للآخرة . التواضع ... 420

یابن آدم . قضاء حاجة المسلم ... 421

الوعد . لصمت ... 422

المتفرقات ... 423

الإسم المبارك . منزلة الحسنين علیهماالسّلام ... 424

ماذا عن دعوة الرسول . لعلّ سيّداً يرعاني ... 425

حديثه مع أبي سفيان ... 426

ثوبان من الجنة ... 427

الحسن علیه السّلام بضعة النبي ... 428

أتركب ظهراً حمله الرسول . دعوة ابن نبي ... 429

ومن كراماته علیه السّلام ... 430

اللّهمّ اطعمهما ... 431

هكذا أسلم اليهود ... 432

لكي لا يكسر قلب الحسنين علیهماالسّلام ... 437

انزل عن مجلس أبي . قم واخطب الناس ... 443

لولا آیة ... 444

علمهم في الأُمور ... 445

مكتوب على جناح الجرادة ... 446

لو كنت بالمدينة . إخباره عن الغيب ... 447

فهرس الآيات ... 453

فهرس الموضوعات ... 459

ص: 472

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.