استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار المجلد 7

هویة الکتاب

محمد بن الحسن ، 980 - 1030 ق . شارح .

استقصاء الاعتبار / المؤلف محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني ؛ تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام الإحياء التراث . - مشهد : مؤسسةآل البيت علیهم السلام الإحياء التراث ، مشهد ، 1419 ه- ق = 1377 ه- ش .

ج 10 نموذج .

المصادر بالهامش

هذا الكتاب شرح للاستبصار للشيخ الطوسي .

1. الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار - نقد و تفسير .

2. أحاديث الشيعة - القرن 5 ق . ألف . الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار . شرح . ب . عنوان . ج . عنوان : الاستبصار . شرح .

25 الف 502 الف 9ط/ 130 BP

شايك (ردمك) 9 - 172 - 319 - 964 دوره 7 جزء

ISBN 964 - 319 - 172 - 9 / 7 VOLS.

شابك (ردمك ) 6 - 179 - 319 - 964 / ج 7

ISBN 964 - 319 - 179 - 6 / VOL. 7

الكتاب : استقصاء الاعتبار / ج 7

المؤلف : الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث

الطبعة : الأولى - ذی الحجه - 1421 ه- ق

الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : تیزهوش - قم

المطبعة : ستارة - قم

الكمية : 5000 نسخة

السعر : 8000 ریال

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

قوله :

أبواب الجمعة وأحکامها

باب تقدیم النوافل یوم الجمعة قبل الزوال

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی وغیره ، عن سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال : قال أبو الحسن علیه السلام : « الصلاة النافلة یوم الجمعة ست رکعات صدر النهار ، وست رکعات عند ارتفاعه ، ورکعتان إذا زالت الشمس ، ثم صلّ الفریضة ، ثم صلّ بعدها ستّ رکعات ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن الحسین بن المختار ، عن علی بن عبد العزیز ، عن مراد بن خارجة قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « أمّا أنا فإذا کان یوم الجمعة وکانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب فی وقت صلاة العصر صلّیت ست رکعات ، فإذا ارتفع النهار صلّیت ست رکعات ، فإذا زاغت الشمس أو

أبواب الجمعة وأحکامها

تقدیم النوافل یوم الجمعة قبل الزوال

اشارة

ص: 5

زالت صلّیت رکعتین ، ثم صلّیت الظهر ، ثم صلّیت بعدها ستاً ».

عنه ، عن یعقوب بن یقطین ، عن العبد الصالح علیه السلام ، قال : سألته عن التطوع فی یوم الجمعة؟ ( قال : « إذا أردت أن تتطوع یوم الجمعة ) (1) فی غیر ( سفر صلّیت ست رکعات ارتفاع النهار ، وست رکعات قبل نصف النهار ، ورکعتین إذا زالت الشمس قبل الجمعة ، و ) (2) ست رکعات بعد الجمعة ».

وقد رُوی أنّه یجوز أن یصلّی مثل ما یصلّی سائر الأیّام ، روی ذلک : الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان ابن خالد قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : النافلة یوم الجمعة ، قال : « ست رکعات قبل زوال الشمس ، ورکعتان عند زوالها ، والقراءة فی الأُولی بالجمعة والثانیة بالمنافقین ، وبعد الفریضة ثمان رکعات ».

قال ( محمّد بن الحسن : والأخذ بالروایات الأوّلة أفضل ، یدل علی ذلک أیضاً :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن ) (3) محمّد بن أبی نصر ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن التطوع یوم الجمعة؟ قال : « ست رکعات فی صدر النهار ، وست رکعات قبل الزوال ، ورکعتان إذا زالت الشمس (4) ، وست رکعات بعد الجمعة ، فذلک عشرون رکعة سوی الفریضة ».

ص: 6


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 410 / 1569.

السند :

فی الأوّل : فیه سهل بن زیاد ، وقد تقدم تضعیفه من الرجال (1).

والثانی : فیه الحسین بن المختار ، وقد قال الشیخ فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه : إنّه واقفی (2) ، والنجاشی ذکره مهملاً (3) ، وفی إرشاد المفید : إنّه من خاصة الکاظم علیه السلام وثقاته (4) ، وحکی العلاّمة عن ابن عقدة ، عن علی ابن الحسن توثیقه (5) ، والحال لا یخفی.

أمّا علی بن عبد العزیز فهو مشترک بین جماعة مشترکین فی الإهمال (6). ومراد بن خارجة مذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (7).

والثالث : لا ارتیاب فیه بعد ما تقدم (8) ، ویعقوب بن یقطین ثقة.

والرابع : کالثالث بعد ملاحظة ما سبق فی سلیمان بن خالد (9). والنضر هو ابن سوید.

والخامس : صحیح أیضاً.

إشارة إلی ضعف سهل بن زیاد

بحث حول الحسین بن المختار

علی بن عبد العزیز مشترک

مراد بن خارجة مهمل

یعقوب بن یقطین ثقة

ص: 7


1- راجع ج 1 ص 129 ، ج 3 ص 222.
2- رجال الطوسی : 346 / 3.
3- رجال النجاشی : 54 / 123.
4- الإرشاد 2 : 248.
5- انظر خلاصة العلاّمة : 215 / 1.
6- انظر رجال الطوسی : 242 / 299 ، 304 و 243 / 318 ، 324 و 268 / 733.
7- رجال الطوسی : 319 / 636.
8- راجع ج 1 ص 69.
9- راجع ج 1 ص 351.

المتن :

فی الأوّل : کما تری تضمن صلاة ست رکعات صدر النهار ، والمراد بصدر النهار غیر واضح ؛ إذ یحتمل أن یراد به ما تضمنه الثانی من کون الشمس من المشرق مقدارها من المغرب فی وقت العصر ، ویراد بالست رکعات عند الارتفاع ما بعد ذلک کما یقتضیه الثانی أیضاً ، ویحتمل ( أن یراد ) (1) بالصدر انبساط الشمس لا حین الطلوع ، ویراد بالارتفاع الوصول إلی موضع العصر ، ویحتمل أن یراد بالارتفاع ما قبل الزوال بحیث یقرب منه کما فی الثالث ، ولا یبعد ظهور الاحتمال الأوّل ؛ لما یأتی فی خبر سعد ابن سعد من قوله : « ست رکعات بکرة » (2) وغیر بعید أن یراد بالبکرة بعد طلوع الشمس کما ذکره بعض المحققین (3) ، وقد یناقش فی ذلک إلاّ أنّ مقام الاستحباب واسع الباب.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ورکعتان إذا زالت » یقتضی فعلهما بعد ، وظاهر خبر سلیمان أنّهما عند الزوال ، ولعل الأمر سهل ، وسیأتی فی بعض الأخبار ما یقتضی القبلیة (4).

ثم الفریضة المذکورة محتملة للظهر والجمعة ، وعلی التقدیرین فعل الست بعدها ربما ینافی استحباب الجمع یوم الجمعة ، إلاّ أن یقال : إنّ النافلة لا تنافی الجمع (5) ، فیسقط الأذان مع فعلها للجمع (6) ، وسیأتی فی

بیان ما دل علی أن النافلة یوم الجمعة ست رکعات صدر النهار وست رکعات عند ارتفاعه ورکعتان إذا زالت وست رکعات بعد الفریضة

ص: 8


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- انظر ص : 11.
3- کما فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 32.
4- انظر ص : 14.
5- فی « رض » : إلاّ أن یقال الجمعة لا ینافی الجمع.
6- فی « م » : فیسقط الأذان مع هذا الجمع.

بعض الأخبار فعل جمیع النافلة بعد الفریضة (1) ، وهو أبلغ فی منافاة الجمع لسقوط الأذان ، ولم أر من أوضح المقام سوی ما یأتی من قول ابن أبی عقیل فی الجملة (2). وقد یحتمل أن یراد بعد وقت الفریضة ، وفیه ما فیه.

أمّا الثانی : فقد یستفاد منه أنّ التأخیر لأنْ تصیر الشمس من المشرق مقدارها من المغرب فراراً من الوقت المکروه ، فیؤید حمل الصدر فی الأوّل علیه ، وفیه : أنّ الکراهة محلّ تأمّل کما أسلفناه ، وما یدل علی فعل الست بکرة یؤید ذلک. وفی الخبر تصریح بالظهر ، والکلام فی فعل الستّ بعدها کالأوّل.

والثالث : واضح الدلالة ، وفیه صراحة بسقوط النافلة سفراً.

أمّا ما تضمنه الرابع ، فالاستدلال به من الشیخ لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ الظاهر من مطلب الشیخ أنّ نافلة الجمعة ست عشرة رکعة [ کسائر (3) ] الأیّام ، وإن احتمل کلامه کون الستّ عشرة علی ترتیبها سائر الأیّام ، بل فی التهذیب صرح بهذا (4). والخبر کما تری بظاهره یدل علی فعل ست قبل الزوال ، ثم فعل الرکعتین عند الزوال ، وظاهر ذکر القراءة أنّ الرکعتین هی الجمعة ، وإذا کان بعدها الثمانی لا یکون کسائر الأیّام ، للنقصان ، وکأنّ الشیخ فهم أنّ ذکر القراءة لیس براجع للرکعتین ، وهو غیر بعید ، وتؤیده الأخبار الدالة علی أنّ الرکعتین من النافلة.

بیان ما دل علی أن النافلة یوم الجمعة کسائر الأیام

ص: 9


1- فی ص 11.
2- انظر ص : 18.
3- فی النسخ : لسائر ، والصحیح ما أثبتناه.
4- التهذیب 3 : 11 / 37.

والخامس : صریح فی ذلک ، وما یقتضیه بعض الأخبار من فعل الجمعة إذا زالت الشمس لا ینافی هذا کما سیأتی القول فیه إن شاء الله (1).

وقول الشیخ : یدل علی ذلک ، یرید الاستدلال علی أنّ العشرین أفضل ، وإلاّ فالتفضیل (2) فی الأخبار مختلف کما هو واضح.

وحکی العلاّمة فی المختلف عن السیّد المرتضی أنّه قال : یصلّی عند انبساط الشمس ستّ رکعات ، فإذا اتضح النهار وارتفعت الشمس صلّی ستّاً ، فإذا زالت صلّی رکعتین ، فإذا صلّی الظهر صلّی بعدها ستاً (3). وعن الشیخ فی النهایة أنّه قال : ویقدِّم نوافل الجمعة کلها قبل الزوال ، هذا هو الأفضل یوم الجمعة خاصة ، وإن صلّی ستّ رکعات عند انبساط الشمس ، وستّاً عند ارتفاعها ، ورکعتین عند الزوال ، وستاً بین الظهر والعصر لم یکن أیضاً به بأس (4). ولا یخفی ما فی الجمع بین هذا واستحباب الجمع من الإشکال ، وستأتی بقیة الأقوال إن شاء الله تعالی.

قوله :

والذی أعمل علیه وأُفتی به أنّ تقدیم النوافل کلها یوم الجمعة علی ما قبل الزوال أفضل ، یدل علی ذلک :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن

ص: 10


1- فی ص 17.
2- فی « فض » : فالتفصیل.
3- المختلف 2 : 257.
4- المختلف 2 : 258 ، وهو فی النهایة : 104.

یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن النافلة التی تصلّی یوم الجمعة أقبلها (1) أفضل أو بعدها؟ قال : « قبل الصلاة ».

أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة یوم الجمعة کم رکعة هی قبل الزوال؟ قال : « ست رکعات بکرة ، وست بعد ، ذلک ، اثنتا عشرة رکعة ، وست بعد ذلک ، ثمانی عشرة رکعة ، ( ورکعتان بعد الزوال ، فهذه عشرون رکعة ، ورکعتان بعد العصر ، فهذه ثنتان وعشرون رکعة ) (2)».

وأیضاً فإنّه إذا وردت الروایات الأوّلة بجواز تقدیم النوافل فی صدر النهار فالعمل بها أولی وأفضل ؛ لأنّ الإنسان لا یأمن من الاخترام ، فیکون قد تعجّل ما له فیه ثواب وفضل.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن علی ابن النعمان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن عقبة بن مصعب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، فقلت : أیّما أفضل أُقدّم الرکعات یوم الجمعة ، أو أُصلّیها بعد الفریضة؟ قال : « لا ، بل تصلّیها بعد الفریضة ».

وما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أُقدّم یوم الجمعة شیئاً من رکعات؟ قال : « نعم ست رکعات » قلت : فأیّهما أفضل ، أُقدّم الرکعات یوم الجمعة أو أُصلّیها بعد الفریضة؟ قال : « تصلّیها بعد الفریضة أفضل ».

ص: 11


1- فی الاستبصار 1 : 411 / 1570 : قبل الجمعة.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

فلا ینافی هذان الخبران ما قدّمناه ، وقلنا : إنّه هو الأفضل ؛ لأنّ الوجه فیهما أن نحملهما علی أنّه إذا زالت الشمس فتأخیر النوافل أفضل من تقدیمها ، وإنّما یکون التقدیم أفضل ما لم تزل الشمس ویدخل وقت الفریضة ، فإنّه إذا زالت ینبغی أن یبدأ بالفرض فی هذا الیوم دون النوافل.

السند :

فی الأوّل : واضح الصحة.

والثانی : فیه البرقی ، والظاهر أنّه محمّد وفیه کلام مضی (1).

والثالث : فیه عقبة بن مصعب ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وقد یظن أنّه عنبسة بن مصعب فصحّف. ومحمّد بن إسماعیل هو ابن بزیع فی الظاهر من الممارسة. أمّا إسحاق بن عمّار فقد قدّمنا القول فیه (2) من أنّ الشیخ قال : إنّه فطحی. دون النجاشی فإنّه وثّقه من دون ذکر کونه فطحیاً.

والرابع : فیه محمّد بن سنان.

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی دلالته علی أنّ النافلة قبل الصلاة أفضل ، ومدّعی الشیخ أفضلیة فعلها قبل الزوال ، فکأنّه - رحمه الله فهم من الأخبار الدالة علی أنّها إذا زالت الشمس تصلّی الجمعة ، کون النافلة قبل الزوال أفضل ،

عقبة بن مصعب مجهول الحال

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار

بیان ما دل علی أفضلیة تقدیم نوافل الجمعة علیها

ص: 12


1- فی ج 1 ص 93 94 ، ج 2 ص 401.
2- فی ج 1 ص 241 ، ج 3 ص 203 204.

وفیه ما سیأتی (1) فی الأخبار.

وأمّا الثانی : فلا دلالة له علی مطلوب الشیخ من أنّ تقدیم النوافل کلها قبل الزوال أفضل ، وقوله : وأیضاً ، إلی آخره. لا یخلو من غرابة کما یعرف بأیسر نظر.

أمّا ما ذکره فی الثالث والرابع ففیه نظر ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الأوّل أفاد أنّ فعل الرکعات بعد الفریضة ، بعد السؤال عن الأفضل ، فلو حمل علی أنّه إذا زالت الشمس فالتأخیر أفضل ، لا یخلو إمّا أن یرید أنّ فعل العشرین بعد الفریضة أفضل ، أو فعل ما هو موظف (2) بعدها فی الأخبار ، فإنْ أُرید ( الأول فعلیه الإثبات ، وما یأتی من الأخبار لا یدل علیه کما ستسمعه (3) ، وإنْ أُرید ) (4) الثانی فکذلک ، علی أنّ الرکعات فی الخبر محتملة لأنْ یراد بها الستة لا جمیع النافلة ، ومعه لا ینافی غیره من الأخبار سوی خبر علی ابن یقطین ، ویمکن أن یحمل علی أنّ فعل العشرین قبل الفریضة أفضل ، لکن فعل الستّة بعد الفریضة أفضل من فعلها قبلها ، وهذا لا ینافی کون العشرین قبل أفضل. وما دل علی التفضیل بتقدیر العمل به یمکن الجمع بینه وبین خبر علی بن یقطین بحمل التفضیل علی أقل المراتب للفضل ، لکن أقل المراتب له مراتب ، فالتأخیر للستة أفضل من تقدیمها علی الفریضة ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فهو کما تری یحتمل أن یراد بالرکعات الستة ، لتقدم

توجیه ما دل علی أفضلیة تأخیر نوافل الجمعة عنها

ص: 13


1- فی ص : 17.
2- فی « رض » : یوسف.
3- فی ص 17.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

ذکرها.

وما عساه یقال : إنّ الستة المذکورة لو أُرید تأخیرها لزم انحصار النافلة فی الستّة ، ودفعه غیر خفی ، فلا بُدّ أن یراد من التأخیر للجمیع فتتم المنافاة.

یمکن الجواب عنه : بأنّ المراد کون الستّ رکعات المتقدّمة تأخیرها أفضل ، لکن لا ینافی کون معها ضمیمة ، غایة الأمر أنّها غیر معلومة لنا ، ومطلوب الشیخ تأخیر العشرین ، ولا دلالة فی الخبر علیه ، بل الخبر فی حیّز الإجمال.

ولو استبعد ما قلناه أمکن أن یقال : إنّ الرکعات فی الخبر محتملة لغیر المقدم منها وهو الستة التی تفعل بعدها ، ومع الاحتمال لا یتم المطلوب ، أمّا توجیه الشیخ ففیه ما لا یخفی بعد ما قدمناه.

قوله :

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن عبد الرحمن بن عجلان قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « إذا کنت شاکّاً فی الزوال فصلّ الرکعتین ، فإذا استیقنت الزوال فصلّ الفریضة ».

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن ابن أبی عمیر ؛ وفضالة ، عن حسین ، عن ابن أبی عمیر قال : حدّثنی أنّه سأله عن

ص: 14

الرکعتین اللتین عند الزوال یوم الجمعة ، قال : فقال له (1) : « أمّا أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفریضة ».

عنه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « ( لا صلاة ) (2) نصف النهار إلاّ یوم الجمعة ».

وعنه ، عن صفوان ، عن ابن مسکان ، عن إسماعیل بن عبد الخالق قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت الظهر؟ فقال : « بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک ، إلاّ فی یوم الجمعة أو فی السفر ، فإنّ وقتها حین تزول الشمس ».

ولا ینافی هذا الخبر :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر ، عن أبی بصیر قال : دخلت علی أبی عبد الله علیه السلام فی یوم جمعة وقد صلّیت الجمعة والعصر فوجدته قد باهی یعنی من الباه أی جامع فخرج إلیّ فی ملحفته ، ثم دعا جاریته فأمرها أن (3) تضع له ماءً تصبّه علیه ، فقلت له : أصلحک الله ما اغتسلت؟ فقال : « ما اغتسلت بعد ولا صلّیت » فقلت له : قد صلّیت الظهر والعصر جمیعاً ، قال : « لا بأس ».

لأنّه لا یمتنع أن یکون علیه السلام إنّما أخّر الظهر عن وقت الزوال لعذر کان به ، وإنّما تجب عند الزوال إذا لم یمنع مانع من الموانع ، ویدلُّ علی جواز تقدیم النوافل أیضاً :

ص: 15


1- لیس فی الاستبصار 1 : 412 / 1575.
2- فی « رض » و « م » : الصلاة.
3- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 3 : 13 / 47 والاستبصار 1 : 412 / 1578.

ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة التطوع یوم الجمعة إن شئت من أوّل النهار ، وما ترید أن تصلّیه بعد الجمعة فإن شئت عجّلته وصلّیته من أوّل النهار أیّ النهار شئت قبل أن تزول الشمس ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسین ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن سعید الأعرج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة النافلة یوم الجمعة؟ فقال : « ست عشرة رکعة قبل العصر » (1) قال : « وکان علی علیه السلام یقول : ما زاد فهو خیر » وقال : « إن شاء رجل أن یجعل منها ست رکعات فی صدر النهار ، وست رکعات فی نصف النهار ، ویصلّی الظهر ویصلّی معها (2) أربعة ، ثم یصلّی العصر ».

السند :

فی الأوّل : فیه مع محمّد بن سنان عبد الرحمن بن عجلان ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف علیه فی الرجال.

والثانی : فیه نوع إشکال ؛ لأنّ الذی نقلته فی نسخة ، وفی اخری عن ابن مسکان ، عن أبی عمر ؛ وفضالة ، عن حسین ، عن أبی عمر ، وفی التهذیب عن ابن مسکان ، عن ابن أبی عمیر ؛ وفضالة ، عن حسین ، عن أبی عمر (3). وعلی کل حال فضالة معطوف علی محمّد بن سنان ؛ لروایة

عبد الرحمان بن عجلان مجهول الحال

بحث حول سند فیه : ابن مسکان عن أبی عمر أو أنب أبی عمیر

ص: 16


1- فی الاستبصار 1 : 413 / 1580 زیادة : ثمّ.
2- فی الاستبصار 1 : 413 / 1580 : منها.
3- التهذیب 3 : 12 / 40 ، وفیه فی المورد الثانی أیضاً : ابن أبی عمیر.

الحسین بن سعید عنهما ، أمّا روایة ابن مسکان عن ابن أبی عمیر فالممارسة تنفیها. وأبو عمر مجهول. وحسین هو ابن عثمان.

والثالث : واضح الصحة کالرابع ، وابن مسکان عبد الله ؛ لروایة صفوان عنه علی ما فی الفهرست (1).

[ والخامس (2) ] : فیه أبو بصیر.

[ والسادس (3) ] : فیه موسی بن بکر وعمر بن حنظلة ، وقد مضی أنّ الأوّل واقفی (4) ، والثانی غیر معلوم المدح فضلاً عن التوثیق (5) ، وقول جدّی قدس سره : هو ثقة ، تقدم دفعه (6).

[ والسابع (7) ] : موصوف بالصحة فی کلام جماعة (8) ، وغیر بعید ذلک. أمّا احتمال محمّد بن أبی حمزة المهمل فی کتاب الشیخ (9) فبعید کاحتمال سعید الأعرج ، وقد سبق تفصیل القول فیهما (10).

المتن :

فی الأوّل : لا تظهر دلالته علی مطلوب الشیخ من الجمع بین الأخبار بحمل ما تضمن التقدیم علی ما إذا لم تزل الشمس ، والتأخیر علی ما إذا

أبو عمر مجهول

تمییز ابن مسکان

إشارة إلی حال موسی بن بکر وعمر بن حنظلة

إشارة إلی حال محمد بن أبی حمزة وسعید الأعرج

المناقشة فی ما استدل به الشیخ علی أفضلیة التقدیم قبل الزوال وأفضلیة التأخیر بعده

ص: 17


1- الفهرست : 196 / 423 ( طبع جامعة مشهد ).
2- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- فی النسخ : الخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
4- راجع ج 4 ص 290 ، 348 ، 391 ، ج 6 ص 114 ، 155 ، 155 ، 275.
5- راجع ج 2 ص 55 ، ج 4 ص 25 ، 280.
6- راجع ج 2 ص 55 ، ج 4 ص 25 ، 280.
7- فی النسخ السادس والصحیح ما أثبتناه.
8- منتقی الجمان 2 : 112.
9- رجال الطوسی : 306 / 417.
10- راجع ج 1 ص 149 ، ج 3 ص 331 ، ج 4 ص 209 ، ج 5 ص 57 ، 262.

زالت ؛ لأنّ الخبر دالّ علی أنّ الشمس إذا زالت تصلّی الفریضة وتترک الرکعتان ، وأین هذا من فعل النافلة جمیعها بعد ، بل الرکعتان أیضاً لا دلالة فی الخبر علی فعلهما بعد ، علی أنّ فی الخبر ما ینافی ما مضی (1) من فعل الرکعتین بعد الزوال.

والثانی : ظاهر فی أنّ الشمس إذا زالت تصلّی الفریضة ، أمّا أنّ فعل النافلة بعدها أفضل فلا ، وربما کان فی الخبر دلالة علی حکم الرکعتین فقط لتضمن السؤال ذلک.

أمّا الثالث : فعن الدلالة بمعزل ؛ لتضمنه نفی الصلاة نصف النهار ، إلاّ یوم الجمعة ، وأین هذا من المطلوب؟ والرابع کذلک.

أمّا الخامس : فمنافاته إنّما تتم إذا تعین الوقت یوم الجمعة أوّل الزوال ، بل هو محمول علی الفضل ، ومع احتمال العذر یزول الاشتباه ، وأظن أنّ رائحة الوضع علیه لائحة ، فیؤیّد کون الراوی هو المطعون فیه.

أمّا السادس : فدلالته علی الجواز واضحة ، لکن الشیخ بصدد بیان الأفضل.

والسابع : کما تری یدل علی فعل الست عشرة قبل العصر ، وقد قدّمنا الإشکال فیه بالنسبة إلی استحباب الجمع (2) ، وما تضمنه من جعل الست فی نصف النهار قد ینافی ما سبق ، ولعلّ المراد ما قرب من النصف والکلام فی الأربع بعد الظهر کما مضی ، وحکی العلاّمة فی المختلف عن ابن أبی عقیل ما یقتضی أنّ الإمام إذا خاف تأخیر العصر عن وقت الظهر فی سائر الأیّام صلّی العصر بعد الفراغ من الجمعة ، ثم یتنفل بعدها بستّ

ص: 18


1- فی ص 8.
2- فی ص : 8.

رکعات ، هکذا روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه کان ربما یجمع بین صلاة الجمعة والعصر ویصلّی یوم الجمعة بعد طلوع الشمس وبعد العصر (1) ، انتهی. وفی هذا الکلام دلالة علی ما أشرنا إلیه.

ونقل عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : وإن فصل بین الفرضین بست رکعات علی ما ورد به بعض الروایات والباقی علی ما بینّاه أیضاً جائز ، وإن أخّر جمیع النوافل إلی ما بعد العصر جاز (2) انتهی. وفیه دلالة علی الفصل بین الفرضین لا الوقتین کما احتملناه ، وقد ذکرت فی معاهد التنبیه ما لا بد منه.

قوله :

باب القراءة فی الجمعة

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن أبی أیوب ، عن محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : القراءة فی الصلاة فیها شی ء موقت؟ قال (3) : « لا ، إلاّ فی الجمعة یقرأ فیها بالجمعة والمنافقین ».

عنه ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، قال : قال : « اقرأ فی لیلة الجمعة الجمعة وسبّح اسم ربک الأعلی ، وفی الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد ، وفی الجمعة سورة الجمعة والمنافقین ».

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن جمیل ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال :

القراءة فی الجمعة

اشارة

ص: 19


1- المختلف 2 : 259.
2- المبسوط 1 : 150 ، حکاه عنه فی المختلف 2 : 258.
3- فی التهذیب 3 : 6 / 14 : قال : قال أبو عبد الله علیه السلام .

« إنّ الله أکرم بالجمعة المؤمنین فسنّها رسول الله صلی الله علیه و آله بشارةً لهم ، والمنافقین توبیخاً للمنافقین ، ولا ینبغی ترکها ، فمن ترکها متعمداً فلا صلاة له ».

الحسین بن سعید ، عن الحسین بن عبد الملک الأحول ، عن أبیه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من لم یقرأ فی الجمعة بالجمعة والمنافقین فلا جمعة له ».

قال محمّد بن الحسن : هذه الأخبار کلّها محمولة علی شدّة الاستحباب والتغلیظ فی ترکه دون أن تکون قراءة هاتین السورتین شرطاً فی صحة الصلاة ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز وربعی ، رفعاه إلی أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا کانت لیلة الجمعة یستحب أن یقرأ فی العتمة سورة الجمعة وإذا جاءک المنافقون ، وفی صلاة الصبح مثل ذلک ، وفی صلاة الجمعة مثل ذلک ، وفی صلاة العصر مثل ذلک ».

وروی محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل علیه السلام : الرجل یقرأ فی صلاة الجمعة بغیر سورة الجمعة متعمداً؟ قال : « لا بأس بذلک ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن سهل الأشعری ، عن أبیه قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یقرأ فی صلاة الجمعة بغیر الجمعة متعمداً؟ قال : « لا بأس ».

ص: 20

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدمناه (1). وأبو أیوب هو إبراهیم ابن زیاد ، أو ابن عثمان ، أو ابن عیسی الثقة.

والثانی : فیه عثمان بن عیسی وأبو بصیر ( وقد مضی (2) فیهما ما یغنی عن الإعادة ) (3).

والثالث : حسن ، وما قیل من أنّ عبد الله بن المغیرة کان واقفاً (4) یعرف دفعه مما سبق (5).

والرابع : فیه الحسین بن عبد الملک ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وأبوه الظاهر أنّه ابن عمرو الأحول ، لوجوده فی الرجال بالوصف (6) ، وحاله لا یزید علی الإهمال.

والخامس : فیه أنّه مرفوع.

والسادس : صحیح.

والسابع : فیه محمّد بن سهل ، وهو مهمل فی الرجال (7).

تمییز أبی أبواب

إشارة إلی حال عبد الله بن المغیرة

الحسین بن عبد الملک مجهول وأبوه مهمل

محمد بن سهل مهمل

ص: 21


1- فی طریق الشیخ إلی الحسین بن سعید ، راجع ج 1 ص 69 ، 414 ، ج 3 ص 24.
2- راجع ج 1 ص 72 ، 363 ، ج 2 ص 90 ، 210 ، 389 ، ج 3 ص 150 ، 230 ، ج 4 ص 16 ، 392 ، ج 5 ص 168 ، ج 6 ص 39 ، 46.
3- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
4- رجال الکشی 2 : 857 / 1110.
5- راجع ج 1 ص 133 134.
6- انظر رجال الکشی 2 : 687 / 730.
7- انظر رجال النجاشی : 367 / 996 ، الفهرست : 147 / 620.

المتن :

فی الأوّل : ربما یستفاد منه وجوب قراءة السورتین فی الجمعة ، لأنّ السؤال تضمن أنّ الصلاة هل فیها شی ء موقت؟ فإمّا أن یراد بالتوقیت الاستحباب أو الوجوب ، فإن أُرید الأوّل یشکل بأنّ نفی توقیت الاستحباب إلاّ فی الجمعة یقتضی ردّ ما دلّ علی توظیف بعض السور فی الصلوات ، ومع وجوده لا بدّ من حمل هذا الخبر علی إرادة الثانی.

فإن قلت : ما دلّ علی توقیت غیر الجمعة لیس بسلیم الإسناد ، فلا یعارض هذا الخبر بتقدیر الاحتمال.

قلت : قد نقل الصدوق فی الفقیه ما یقتضی التوقیت فی غیر الجمعة (1) ، وهو مؤیّد لغیره مما ورد فی غیره ، علی أنّ الکلام مع الشیخ والأخبار عنده غیر مردودة ، فکان ینبغی أن یتعرض لما ذکرناه.

وقد اتفق فی التهذیب أنّه روی عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : القراءة فی الصلاة فیها شی ء موقت؟ قال : « لا ، إلاّ الجمعة تقرأ الجمعة والمنافقین » قلت له : فأیّ السور تقرأ فی الصلاة؟ قال : « أمّا الظهر والعشاء یقرأ فیهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأمّا الغداة فأطول ، وأمّا الظهر والعشاء الآخرة فسبّح اسم ربک الأعلی والشمس وضحاها ونحوها ، وأمّا العصر والمغرب فإذا جاء نصر الله وألهاکم التکاثر ونحوها ، وأمّا الغداة فعمّ یتساءلون وهل أتاک حدیث الغاشیة ولا أُقسم بیوم

توجیه ما دل بظاهره علی وجوب قراءة الجمعة والمنافقین فی صلاة الجمعة

ص: 22


1- الفقیه 1 : 201.

القیامة وهل أتی علی الإنسان حین من الدهر » (1).

وروی فی الزیادات من التهذیب الخبر المذکور هنا (2).

والظاهر أنّ الروایتین متحدتان ، لکن السند فیه الاختلاف ، والزیادة التی فی الأوّل لا یخفی أنّها تؤید ما قلناه من احتمال إرادة الوجوب من التوقیت ، لأنّ ذکر الصلوات والسور نوع من التوقیت ، فلو أُرید فی الأوّل الاستحباب لم یتم النافی (3) إلاّ أن یقال : إنّ المنفی أوّلاً التوقیت علی الاستحباب ، لکن (4) علی وجهٍ لا یساویه غیره ، والتوقیت الثانی لمجرد الاستحباب ، أو أن الأول فیه تعین الاستحباب والثانی فیه عدم التعین ، ویراد بالتعین تعین السورتین ، وبالعدم عدم تعین سورة کما یقتضیه ظاهر الخبر من قوله : « ونحوها ».

ولا یذهب علیک أنّ التوجیه المذکور کأنّه لا بُدّ منه ؛ إذ لم ینقل القول بالوجوب فی صلاة الجمعة ، بل الموجود فی المختلف النقل عن الصدوق فی ظهر یوم الجمعة ، وکذلک عن أبی الصلاح ، بل ظاهر العلاّمة فی الاستدلال الإجماع علی الأولویة فی الجمعة (5). وقد یظن أنّ مراد الصدوق بظهر الجمعة ما یتناول الجمعة ؛ لأنّ الجمعة ظهر فی الحقیقة ، والأخبار فی بعضها ما یدل علی ذلک ، وسیأتی فی باب الجهر فی القراءة عن قریب (6) ، لکن لا یخفی أنّ الخبر بتقدیر دلالته علی الوجوب لا یتناول

ص: 23


1- التهذیب 2 : 95 / 354 ، الوسائل 6 : 117 أبواب القراءة فی الصلاة ب 48 ح 2. بتفاوت یسیر.
2- التهذیب 3 : 6 / 15 ، الوسائل 6 : 118 أبواب القراءة فی الصلاة ب 49 ج 1.
3- فی « فض » : الثانی ، وفی « رض » : التنافی.
4- فی « م » زیادة : لا.
5- المختلف 2 : 176.
6- فی ص : 31.

الظهر ، إلاّ بتقدیر إطلاق کل منهما علی الأُخری.

وأمّا الثانی : فظاهر الأمر فیه وجوب قراءة الجمعة والمنافقین فی الجمعة ، إلاّ أنّ الأمر فی غیر الجمعة للاستحباب ، فربما کان قرینةً علی المساواة فیه ، إلاّ أن یقال بعدم استلزام خروج البعض خروج الجمیع ، وفیه : أنّ استعمال الأمر فی الاستحباب أولی من استعماله فی الحقیقة والمجاز ، لکن الخبر مع ضعف سنده لا یصلح لمشقة التعب فیه ، غیر أنّ الشیخ رحمه الله لا یخلو ذکره له فی الأخبار الأوّلة من غرابة.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من لیلة الجمعة یتناول المغرب والعشاء.

والثالث : کما تری متنه لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ الضمیر فی قوله : « فمن ترکها » یحتمل العود إلی کل واحدة من السورتین ، ویحتمل العود إلی المنافقین ، وربما یؤید الثانی أنّی لم أقف علی ما یقتضی جواز ترک المنافقین کما ننبّه علیه من احتمال عدم القائل بالفرق.

ثم إنّ الترک لکل من السورتین أو المنافقین محتمل للجمعة والظهر ، وقد یدّعی ظهور الجمعة ، وفیه ما فیه.

فإن قلت : یجوز أن یراد أنّ الله أکرم بصلاة الجمعة المؤمنین ، والضمیر فی : « فسنّها » للسورة من قبیل الاستخدام کما قاله بعض فی عبارة بعض متأخری الأصحاب ، حیث قال : وتصلّی الجمعة بها والمنافقین (1).

قلت : الظاهر من الروایة خلاف هذا.

وفی التهذیب حمل قوله : « لا صلاة له » أوّلاً : علی أنّ الترک بغیر

توجیه ما دل علی أن من ترک الجمعة والمنافقین متعمدا لا صلاة له

ص: 24


1- الروضة 1 : 264.

اعتقاد أنّ فی قراءتهما فضلاً. وثانیاً : کما ذکره هنا (1). وظاهر الأوّل الحمل علی البطلان حقیقةً باعتقاد عدم الفضل ، بل صرّح بعد ذکر خبر الأحول بالبطلان ( إذا اعتقد أنّه لیس فی قراءتهما فضل (2) ، وبین کلامه أوّلاً وآخراً نوع منافرة ، لأنّ الأوّل اقتضی البطلان ) (3) بسبب اعتقاد نفی الفضل الکثیر ، والثانی البطلان بمجرد نفی الفضل. وقد یناقش فی البطلان علی التقدیرین ، إلاّ أن یقال : إنّ نفی الفضل یقتضی الخروج عن الدین ، وفیه ما فیه. ولعلّ عدم التعرض هنا للوجه أولی ممّا فی التهذیب.

(وأمّا الرابع : فهو ظاهر فی الجمعة ، وما ذکره الشیخ فی الأخبار من الحمل علی شدة الاستحباب لا یخلو من وجه بعد ملاحظة ما قدّمناه وما سنذکره ) (4).

وأمّا ما استدل به من الخامس فقد یقال علیه : إنّ الظاهر من الروایة استحباب السورتین ، أمّا استحباب کل واحدة فلا ، ویجوز أنّ تکون سورة المنافقین واجبة ؛ إذ لا دلیل علی استحبابها بعد إطلاق الأخبار بوجوبها.

والسادس : إنّما یدل علی جواز ترک سورة الجمعة کالسابع ، والحقّ أنّ عدم القائل بالفصل یدفع هذا ، مضافاً إلی ما سبق من العلاّمة فی المختلف (5) ، ( وفی المختلف ) (6) أیضاً أنّ الصدوق احتجّ بالثالث علی

ص: 25


1- التهذیب 3 : 6 / 16.
2- التهذیب 3 : 7.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- ما بین القوسین کان فی النسخ مقدماً علی قوله : وفی التهذیب. والأنسب کما أثبتناه.
5- فی ص 2075.
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

مدعاه ( ونقل المتن بلفظ : و ) (1) سنّهما وترکهما (2) ، لکن فی الکتاب والتهذیب کما نقلته ، ولا یخفی أنّ الاستدلال به إن تمّ ظاهر الدلالة علی أنّ مراده بالظهر الجمعة أو هما ، ونقل العلاّمة من الأدلة له الاحتیاط (3) ، والأمر فیه ما تری.

وقد اتفق لشیخنا قدس سره فی المدارک أنّه قال بعد ذکر الخبر الأوّل : والأمر المستفاد من الجملة الخبریة محمول علی الاستحباب کما تدل علیه صحیحة علی بن یقطین وذکر السادس ، وصحیحة عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله علیه السلام (4) الآتیة (5). وغیر خفی إفادتها الجواز مع العجلة کإفادة الأولی الاختصاص بالجمعة ، فلا بدّ من ضمیمة عدم الفارق ، والإجمال فی مثل هذا غیر لائق.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن معاویة بن عمّار ، عن عمر بن یزید قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « من صلّی الجمعة بغیر الجمعة والمنافقین أعاد الصلاة فی سفر أو حضر ».

فالوجه فی هذا الخبر الترغیب فی أن یجعل ما صلّی بغیر الجمعة والمنافقین من جملة النوافل ویستأنف الصلاة ، لیلحق فضل

ص: 26


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : والضمیر أتی به.
2- المختلف 2 : 177.
3- انظر المختلف 2 : 177.
4- فی ص : 27.
5- مدارک الأحکام 3 : 367.

هاتین السورتین ، یبیّن ما ذکرناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن یونس ، عن صباح بن صبیح : قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل أراد أن یصلّی الجمعة فقرأ بقل هو الله أحد ، قال : « یتمها رکعتین ثم یستأنف ».

والذی یدلّ علی ما قلناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبی الفضل ، عن صفوان بن یحیی ، عن جمیل ، عن علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الجمعة فی السفر ما أقرأ فیها (1)؟ قال : « اقرأ فیها (2) بقل هو الله أحد ».

فأجاز فی هذا الخبر قراءة قل هو الله أحد ، وفی الخبر أنّه یعید سواء کان فی سفر أو حضر ، فلو کان المراد غیر ما ذکرناه من الترغیب لما جوّز له فی (3) ذلک.

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الله ابن سنان (4) ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سمعته یقول فی صلاة الجمعة : « لا بأس بأن تقرأ فیها بغیر الجمعة والمنافقین إذا کنت مستعجلاً ».

أحمد بن محمّد ، عن معاویة بن حکیم ، عن أبان ، عن یحیی

ص: 27


1- فی الاستبصار 1 : 415 / 1590 : فیهما.
2- فی الاستبصار 1 : 415 / 1590 : فیهما.
3- لیس فی الاستبصار 1 : 415 / 1590.
4- فی « رض » : مسکان.

الأزرق بیّاع السابری قال : سألت أبا الحسن علیه السلام قلت : رجل صلّی الجمعة فقرأ سبّح اسم ربک الأعلی وقل هو الله أحد ، قال : « أجزأه » (1).

السند :

فی الأوّل : حسن علی ما قدّمناه فی عمر بن یزید (2).

والثانی : فیه یونس ، وفیه نوع اشتراک (3) ، وغیر بعید کونه ابن عبد الرحمن أو ابن یعقوب ، لکن الثانی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی بواسطة ابن أبی عمیر ، وانتفاؤها ممکن ، والأوّل قد یبعده ما نقل من قدح أحمد فی یونس ، لکن قد نقل أنّه رجع عنه ، وبالجملة الجزم فی المقام مشکل. أمّا صباح بن صبیح فهو ثقة.

والثالث : فیه أبو الفضل ، ولا یبعد أنّه العباس بن عامر ، وهو یروی عن صفوان فی بعض الطرق ، وفی فوائد شیخنا قدس سره علی الکتاب أنّ حاله غیر معلوم ، لکن ابن بابویه أوردها فی کتابه بطریق صحیح عن صفوان بن یحیی ، عن علی بن یقطین (4) ، انتهی. وما ذکره من جهة عدم المعلومیة واضح ، لقیام الاحتمال ، أمّا احتمال دعوی الظهور فممکن ، وأمّا وصف الطریق بالصحة فی الفقیه ففیه : أنّ إبراهیم بن هاشم فی الطریق ، إلاّ أنّ شیخنا قدس سره مضطرب الرأی فی إبراهیم ، نعم شیخنا المحقّق فی کتاب

تمییز یونس

صباح بن صبیح ثقة

بحث حول أبی الفضل العباس بن عامر

أبان مشترک

ص: 28


1- فی « فض » و « م » : اقرأ.
2- فی راجع ج 1 ص 253 254.
3- انظر هدایة المحدّثین : 165.
4- الفقیه 1 : 268 / 1224.

الرجال ذکر ما یمکن استفادة تصحیح الطریق منه (1) ، وقد مضی (2) نوع کلام فی ما استخرجه فی الکتاب سلّمه الله.

والرابع : صحیح.

والخامس : فیه معاویة بن حکیم وقد تکرر القول فیه (3). وأمّا أبان ففیه نوع اشتراک (4). ویحیی الأزرق بعنوان بیّاع السابری لم أقف علیه فی الرجال ، نعم فیهم یحیی الأزرق من رجال الصادق والکاظم علیهماالسلام فی کتاب الشیخ (5) ، ویحیی بن عبد الرحمن الأزرق فی رجال الصادق علیه السلام ، وهو مهمل (6) ، لکن النجاشی وثّق ابن عبد الرحمن (7) ، فلیتأمّل.

المتن :

فی الأوّل : ما قاله الشیخ فیه لا یخلو من بعد ، لکن بعد ما تقدّم منّا القول فی حقیقة الحال یظهر ما فی البین من المقال. ثم إنّ ما فهمه الشیخ من جعل الصلاة نافلة قد یقال لیس بأولی من استحباب الإعادة للحوق الفضیلة ، وفیه : بُعد صحة الصلاة مع استحباب الإعادة ، ویدفعه أنّ الصحة إذا کانت تقتضی أقلیة الثواب لا بعد فی استحباب الإعادة ، إلاّ أن یقال : إنّ الدلیل لو عیّن هذا الوجه فلا مانع منه ، إلاّ أنّ الاحتمال المذکور من الشیخ

بحث حول یحیی الأزرق

توجیه ما دل علی أن من صلی الجمعة بغیر الجمعة والمنافقین یعید

ص: 29


1- انظر منهج المقال : 29.
2- فی ص : 36.
3- راجع ج 1 ص 146 ، ج 2 ص 65 ، ج 3 ص 177.
4- انظر هدایة المحدثین : 6 / 1.
5- رجال الطوسی : 334 / 30 ، 363 / 2.
6- رجال الطوسی 333 / 5.
7- رجال النجاشی : 444 / 1200.

قائم ، وفیه إمکان دعوی رجحان الاحتمال الآخر.

وقد یقال : إنّ الحدیث یدلّ علی إطلاق الجمعة علی الظهر ؛ إذ السفر لا تقع فیه الجمعة ، وحینئذٍ یدل علی ما مضی (1) فی توجیه قول الصدوق ، ویمکن دفعه : بأنّ منع الجمعة فی السفر مطلقاً محل کلام.

أمّا ما عساه یقال : من أنّ المعروف فی مثل هذه المسألة العدول إلی السورتین ، فقد ذکرنا ما فیه مفصلاً فی معاهد التنبیه. ولعلّ المراد أنّ من صلّی ففرغ من صلاته کان حکمه ما ذکر ، أو یقال بالتخییر بین العدول علی تقدیر العلم فی الأثناء وجعلها نافلة.

فإن قلت : جعلها نافلة بعد الفراغ أو الأعم منه ومن (2) الأثناء.

قلت : مراد الشیخ مجمل ، وکذلک الروایة بتقدیره.

أمّا الثانی : فالبیان فیه أیضاً غیر واضح ؛ لأنّ الظاهر الاختصاص بالعالم فی الأثناء ، وصراحته فی عدم العدول ینافی غیره من الأخبار.

وأمّا الثالث : فهو ظاهر فی صحة الجمعة سفراً بقل هو الله أحد ، واحتمال الجمعة للظهر قد مضی (3) ، والمنقول فی المختلف عن الصدوق القول بجواز قراءة غیر الجمعة والمنافقین فی السفر والمرض (4) ، وعلی تقدیر الصحة ربما کان الدال علی الجواز محمولاً علی استحباب الإعادة ، والشیخ کما تری ظاهره الاستدلال علی جعل الأُولی نافلة.

بیان ما دل علی صحة الجمعة بالتوحید

ص: 30


1- فی ص : 23.
2- فی « م » : وفی.
3- فی ص 23.
4- المختلف 2 : 176 ، وهو فی الفقیه 1 : 201.

ونقل فی المختلف عن الشیخ وجماعة القول بالعدول عن نیّة الفرض إلی النفل للناسی ، وأنّ ابن إدریس منع من ذلک ، ثم استدل العلاّمة بروایة صباح بن صبیح ، ونقل عن ابن إدریس الاحتجاج بالنهی عن إبطال العمل ، وأجاب بأنّ النقل إلی التطوّع لیس إبطالاً للعمل (1).

ولا یخفی ما فی احتجاج ( العلاّمة لضعف الروایة ، والعدول حکم شرعی.

وأمّا احتجاج ابن إدریس فله وجه ؛ لأنّ النقل ) (2) إلی النفل إبطال للفرض ، إلاّ أن یقال علیه : إنّ المتبادر من الإبطال ترکه بالکلیة ، والحق أنّ النقل متوقف علی الدلیل ، والآیة (3) مؤیّدة ؛ وإن کان فیها نوع کلام من حیث احتمال إرادة الإبطال بالکفر ، لأنّه المبطل جمیع الأعمال کما ذکره البعض (4).

وقد یقال : إنّ عموم الأعمال بالنسبة إلی جمیع الأشخاص لا إلی کل شخص لیحتاج إلی ما یبطل جمیع أعماله وهو الکفر ، فلیتأمّل.

والرابع : ظاهر فی جواز القراءة بغیرهما مع العجلة ، لکن العجلة غیر منضبطة ، فربما کان فیها من هذه الجهة دلالة علی عدم اللزوم ، مضافاً إلی ما سبق.

وأمّا الخامس : فلا یخفی ما فی متنه.

هل یجوز العدول من الفرض إلی النفل؟

ص: 31


1- المختلف 2 : 177 ، وهو فی النهایة : 106 ، المبسوط 1 : 151 ، المهذب 1 : 103 ، الجامع للشرائع : 81.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- محمّد صلی الله علیه و آله : 33.
4- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 246.

قوله :

باب الجهر بالقراءة لمن صلّی منفرداً أو کان مسافراً.

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القراءة یوم الجمعة ، إذا صلّیت وحدی أربعاً أجهر بالقراءة؟ فقال : « نعم ».

سعد ، عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عمران الحلبی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول وسئل عن الرجل یصلّی الجمعة أربع رکعات ، یجهر فیها بالقراءة؟ فقال : « نعم ، والقنوت فی الثانیة ».

الحسین بن سعید ، عن علی بن النعمان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن حریز بن عبد الله ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قال لنا : « صلّوا فی السفر صلاة الجمعة جماعة بغیر خطبة ، واجهروا بالقراءة » فقلت : إنّه منکر علینا الجهر بها فی السفر. فقال : « اجهروا ».

عنه ، عن فضالة ، عن الحسین بن عبد الله الأرّجانی ، عن محمّد ابن مروان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة الظهر یوم الجمعة ، کیف نصلّیها فی السفر؟ فقال : « تصلّیها فی السفر رکعتین ، والقراءة فیها جهر ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الجماعة یوم الجمعة فی السفر ، فقال : « تصنعون کما تصنعون فی غیر یوم الجمعة فی الظهر ، ولا یجهر الإمام

الجهر بالقراءة لمن صلی منفردا أو کان مسافرا

اشارة

ص: 32

فیها بالقراءة ، إنّما یجهر إذا کانت خطبة ».

عنه ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن صلاة الجمعة فی السفر ، فقال : « تصنعون کما تصنعون فی الظهر ، فلا یجهر الإمام فیها بالقراءة ، إنّما یجهر إذا کانت خطبة ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی التقیة والخوف ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قوم فی قریة لیس لهم من یجمع بهم ، أیصلّون الظهر یوم الجمعة فی جماعة؟ قال : « نعم إذا لم یخافوا ».

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : ( لیس فیه ارتیاب یوقف الصحة إلاّ اشتراک ) (1) حمّاد بن عثمان علی ما ظنّه بعض (2) ، وقد قدّمنا فیه القول (3). والذی ینبغی أن یقال هنا : إنّ الظاهر کونه حمّاد بن عثمان الثقة بتقدیر الاشتراک ؛ لأنّ الصدوق رواها عن حمّاد بن عثمان (4) ؛ وذکر فی المشیخة الطریق إلیه والراوی عنه ابن أبی عمیر (5). والشیخ ذکر فی الطریق إلی حمّاد بن عثمان الثقة ابن

تمییز حماد بن عثمان

ص: 33


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : فیه ارتیاب توقف الصحّة لاشتراک ، وفی « م » لیس فیه ارتیاب بوقت الصحة لاشتراک.
2- انظر حاوی الأقوال : 321 323 / 215.
3- راجع ج 3 ص 64 66.
4- الفقیه 1 : 269 / 1231.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 48.

أبی عمیر (1) ، وحینئذٍ یرتفع الریب.

والثالث (2) : واضح بعد ملاحظة ما سبق فی رجاله (3).

أمّا الرابع : ففیه الحسین بن عبد الله الأرجانی ، وهو مهمل فی رجال الباقر علیه السلام من کتاب الشیخ (4). أمّا محمّد بن مروان فهو مشترک (5).

والخامس : واضح کالثالث.

والسادس : مثله کالسابع.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ من صلّی وحده الظهر یوم الجمعة یجهر فیها بالقراءة.

والثانی : شامل لمن صلّی جماعة وفرادی.

والثالث : ظاهر فی الجهر إذا صلّیت جماعة.

والرابع : مطلق کالثانی.

أمّا الخامس : فهو خاص بالجماعة فی نفی الجهر کالسادس. والحمل علی التقیة کما ذکره الشیخ یخالفه الثالث ، ولا یدل علیه السابع فی ظاهر الحال. وربما یوجّه الدلالة بأنّ الخوف لا یتحقق إلاّ إذا جهر بالقراءة ؛ إذ الصلاة جماعة من دونها لا إنکار فیها. وقد یقال : إنّ الخوف من عدم

الحسین بن عبد الله الأرجانی مهمل

محمد بن مروان مشترک

بیان ما دل علی لزوم الجهرة بالقراءة فی ظهر الجمعة

ص: 34


1- الفهرست : 60 / 230.
2- فی « فض » و « م » زیادة : صحیح.
3- راجع ج 1 ص 56 ، 162 ، 196 ، ج 2 ص 23 ، ج 4 ص 187 ، 209 ، والطریق إلی الحسین بن سعید تقدّم فی ج 1 ص 69 ، 414 ، ج 3 ص 24.
4- رجال الطوسی : 115 / 23.
5- هدایة المحدثین : 252.

صلاة الجمعة ، فإذا صلّوا الظهر جماعة وعلم بعض أهل الخلاف بذلک فقد علم عدم فعل الجمعة. وعلی هذا لا دلالة له علی مطلوب الشیخ.

أمّا منافاة الثالث للتقیة فظاهرة ؛ ویمکن أن یدفع المنافاة بأنّ السفر مظنّة سقوط الجمعة ؛ والجهر بالقراءة عندهم جائز فی الصلاة علی ما مضی من الشیخ (1) فی حمل ما تضمن التخییر بین الجهر والإخفات علی التقیة.

ولا یخفی بُعد التوجیه من حیث اشتراک العلّة ، إذ لم أجد فی کلامهم سقوطها سفراً.

ولعلّ الحمل علی رجحان الإخفات للإمام له وجه ؛ وحینئذٍ ربما یمکن رجحان الجهر للمنفرد من حیث سلامة ما دل علی جهرة خصوصاً أو إطلاقاً من المعارض. وقول الصدوق بعد روایة عمران الحلبی : إنّها رخصة (2). ( قد ذکرت فیما مضی من باب الصلاة (3) أنّ فی الرخصة نوع إجمال ، والحال هنا کذلک ، فلیراجع ما تقدم ) (4).

فإن قلت : قوله علیه السلام : « إنّما یجهر إذا کانت خطبة » یدل علی أنّ مع عدم الخطبة لا جهر ، وهو یتناول المنفرد وغیره.

قلت : ظاهر الکلام أنّ فاعل الجهر الإمام فلا یدل علی المنفرد ، واحتمال البناء للمجهول یشکل باحتمال المعلوم ، وهو کافٍ فی عدم تحقق المعارض.

أمّا ما یقال : من أنّ أدلة الإخفات فی الظهر تقتضی العموم لیوم

توجیه ما دل علی نفی الجهر فی ظهر الجمعة فی السفر

ص: 35


1- فی ص 1550.
2- الفقیه 1 : 269.
3- فی « فض » زیادة : إلی ، وفی « رض » زیادة : فی.
4- بدل ما بین القوسین فی « م » : وقد ذکرتُ فی معاهد التنبیه أنّ فیه إجمالاً بالنسبة إلی معنی الرخصة.

الجمعة.

ففیه : أنّ الذی وقفت علیه من الأدلة : الآیة الشریفة ، وهی قوله تعالی ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَلا تُخافِتْ بِها ) (1) والخبر المتضمن لأنّ من جهر فیما لا ینبغی الجهر فیه أو أخفی إلی آخره أعاد الصلاة (2) ، والاحتیاط بحصول یقین البراءة بالجهر فی موضعه والإخفات فی موضعه ، والشهرة.

وغیر خفی حال هذه الأدلة فیما نحن فیه ، أمّا الآیة : فظاهرها لا یخلو من إجمال کما یعلم من التفاسیر ، وقد نقل الصدوق فیها کلاماً یقتضی أنّ المراد بها الجهر الوسط (3).

وأمّا الروایة : فلتوقفها علی العلم بما یجهر فیه وما لا یجهر فهو أصل المدعی.

وأمّا الاحتیاط : فالعامل بالأخبار قد یظن أنّ الاحتیاط فی الجهر للمنفرد ، بسبب عدم المعارض لما دل علی الجهر ، وخلاف ابن إدریس (4) المنقول فی المختلف (5) ( والمعتبر من قوله : یتعین الإخفات. فیه : أنّه لا یعمل بالأخبار فربما أدّاه الدلیل إلی ما قاله.

والذی فی المختلف ) (6) نقلاً عن السید المرتضی فی المصباح أنّه

ص: 36


1- الإسراء : 110.
2- التهذیب 2 : 162 / 635 ، الإستبصار 1 : 313 / 1163 ، الوسائل 6 : 86 أبواب القراءة ب 26.
3- الفقیه 1 : 202.
4- السرائر 1 : 298.
5- المختلف 2 : 178.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».

قال : والمنفرد بصلاة الظهر یوم الجمعة قد روی أنّه یجهر بالقراءة استحباباً ، وروی أنّ الجهر إنّما یستحب لمن صلاّها مقصورة بخطبة أو صلاّها أربعاً فی جماعة ، ولا جهر علی المنفرد. وقال ابن إدریس : وهذا الثانی هو الذی یقوی فی نفسی واعتقده وأُفتی به ؛ لأنّ شغل الذمّة بواجب أو ندب یحتاج إلی دلیل شرعی لأصالة براءة الذمّة ، والروایة مختلفة ، فوجب الرجوع إلی الأصل ، لأنّ الاحتیاط یقتضی ذلک ، لأنّ تارک الجهر تصح صلاته إجماعاً ولیس کذلک الجاهر بالقراءة ؛ وما رواه ابن أبی عمیر عن جمیل وذکر الروایة الخامسة وما رواه محمّد بن مسلم وذکر الروایة السادسة.

وأجاب العلاّمة : بأنّ شغل الذمّة بالمندوب کما هو منافٍ للأصل کذلک شغلها بوجوب الإخفات ، بل هذا زائد فی التکلیف ؛ والروایتان تنافیان دعواه ؛ لاختصاصهما بالجماعة ، ومعارضتان بروایة الحلبی الحسنة وذکر الاولی وروایة عمران الحلبی وذکر الثانیة والثالثة والرابعة - (1).

ولا یذهب علیک وجاهة کلام العلاّمة ، إلاّ أنّ قوله فی معارضة الروایات محل تأمّل لاختلاف المورد.

ثم الظاهر من کلام ابن إدریس فی الرجوع إلی الأصل یقتضی أنّ الأصل فی الظهر الإخفات ، فإن أراد یوم الجمعة فالأصل محل تأمّل ، وغیره واضح الاندفاع. ثم قوله : إنّ تارک الجهر تصح صلاته إجماعاً. إن أراد به علی وجه لزوم الإخفات فالکلام فیه له مجال ، إلاّ أنّ الشهرة فی الإخفات علی ما قیل فلو فعل لا علی وجه اللزوم ربما کان أحوط ، وفی البین

ص: 37


1- المختلف 2 : 178 ، وهو فی السرائر 1 : 298.

شی ء.

وینبغی أن یعلم أنّ الخبر الثانی صریح فی صدق الجمعة علی الظهر ، وکذلک غیره.

ثم إنّ الأخبار ربما تدل علی عدم وجوب الجهر والإخفات فی الصلوات ، إلاّ أن یقال بالاختصاص. فلیتأمّل.

قوله :

باب القنوت فی صلاة الجمعة.

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین ، عن أبی أیوب إبراهیم بن عیسی ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام . وصفوان عن أبی أیّوب قال : حدثنی سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « القنوت یوم الجمعة فی الرکعة الأُولی ».

عنه ، عن فضالة ، عن أبان ، عن إسماعیل الجعفی ، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : القنوت یوم الجمعة؟ فقال : « أنت رسولی إلیهم فی هذا ، إذا صلّیتم فی جماعة ففی الرکعة الأُولی ، وإذا صلّیتم وحداناً ففی الرکعة الثانیة ».

عنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن أبی بصیر قال : « القنوت فی الرکعة الأُولی قبل الرکوع ».

علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن معاویة بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « فی قنوت الجمعة إذا کان إماماً قنت فی الرکعة الأُولی ، وإن کان یصلّی أربعاً ففی الرکعة الثانیة قبل الرکوع ».

القنوت فی صلاة الجمعة

اشارة

ص: 38

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن جمیل بن صالح ، عن عبد الملک بن عمرو قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : قنوت الجمعة فی الرکعة الأُولی قبل الرکوع وفی الثانیة بعده؟ (1) فقال لی : « لا قبل ولا بعد ».

سعد بن عبد الله ، عن جعفر بن بشیر ، عن داود بن الحصین قال : سمعت معمّر بن أبی رئاب یسأل أبا عبد الله علیه السلام وأنا حاضر عن القنوت فی الجمعة ، فقال : « لیس فیها قنوت ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی حال التقیة ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی أیوب ، عن أبی بصیر : قال : سأل عبد الحمید أبا عبد الله علیه السلام وأنا عنده عن القنوت فی یوم الجمعة ، فقال : « فی الرکعة الثانیة » فقال له : قد حدّثنا بعض أصحابک (2) أنّک قلت : فی الرکعة الأُولی ، فقال : « فی الأخیرة » وکان عنده ناس کثیر ، فلمّا رأی غفلة منهم قال : « یا أبا محمّد فی الأُولی والأخیرة » قال : قلت : جعلت فداک قبل الرکوع أو بعده؟ قال : « کل القنوت قبل الرکوع إلاّ الجمعة ، فإنّ الرکعة الأُولی القنوت فیها قبل الرکوع ، والأخیرة بعد الرکوع ».

السند :

فی الأوّل : واضح الحال بعد ما کرّرنا فی رجاله من المقال (3).

ص: 39


1- فی « فض » و « م » : بعد.
2- فی الاستبصار 1 : 418 / 1606 : بعض أصحابنا.
3- فی ص : 40 ، 289 ، 274 ، 2073.

وصفوان فیه معطوف علی فضالة. وحسین فیه هو ابن عثمان ، وفیه دلالة علی أنّ أبا أیوب الخزاز إبراهیم بن عیسی ، وفی الرجال قیل : ابن عثمان (1). وقیل : ابن زیاد (2). وقیل : ابن عیسی (3).

والثانی : فیه إسماعیل الجعفی ، وقد قدّمنا (4) أنّه لا یبعد فی مثله أن یکون إسماعیل بن جابر لا ابن عبد الرحمن ، لقول النجاشی : إنّه روی خبر الأذان (5). وخبر الأذان الراوی عنه فیه أبان بن عثمان. وفی إسماعیل کلام تقدم.

وعمر بن حنظلة : لا نعلم مأخذ توثیقه من جدّی قدس سره فی شرح الدرایة (6) ، واعتماده علی حدیث الوقت لا یخلو من غرابة. وقد مضی القول فیه مستوفی (7).

والثالث : فیه أبو بصیر.

[ والخامس (8) ] : فیه عبد الملک بن عمرو ، ولم یعلم مدحه فضلاً عن التوثیق.

[ والسادس (9) ] : فیه داود بن الحصین ، وهو ثقة فی النجاشی (10) ؛

تمییز أبی أیوب الخزاز

تمییز إسماعیل الجعفی

إشارة إلی حال عمر بن حنظلة

عبد الملک بن عمرو غیر معلوم المدح والتوثیق

بحث حول داود بن الحصین

ص: 40


1- الفهرست : 8 / 13 ، رجال النجاش : 20 / 25.
2- رجال الطوسی : 146 / 79.
3- رجال العلاّمة : 5 / 13.
4- راجع ج 2 ص 400 ، ج 3 ص 166 ، ج 4 ص 261 ، ج 5 ص 297 ، ج 6 ص 114.
5- رجال النجاشی : 32 / 71.
6- الدرایة : 44.
7- راجع ج 2 ص 55 ، ج 4 ص 25 ، 280.
8- فی النسخ : والرابع ، والصحیح ما أثبتناه ، وأما الرابع فقد ترک البحث عنه هنا ، ولکن السند تقدم فی ص 910 أنّه لیس فیه ارتیاب.
9- فی النسخ : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
10- جال النجاشی : 159 / 421.

والشیخ قال : إنّه واقفی فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه (1) وقد تکرر القول فی مثل هذا (2). أمّا معمر بن رئاب فلم أره فی رجال الأصحاب ؛ لکن فی صحیح مسلم یروی عن عبد الرزاق بن همام (3) ، فالظاهر أنّه منهم. وفی التهذیب رواه : عن سعد ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر (4). وهو الصواب.

[ والسابع (5) ] : فیه أبو بصیر.

المتن :

فی الأول : یدل علی أنّ القنوت یوم الجمعة فی الأُولی ؛ وربما شمل الظهر ، ویقرب استبعاده أنّ الصدوق روی فی الفقیه : أنّ من صلّی وحده یوم الجمعة فعلیه قنوت واحد قبل الرکوع فی الرکعة الأُولی. وقد ردّ الروایة بتفرد حریز بها عن زرارة (6). وتضمنت أیضاً أنّ فی الجمعة قنوتین ، وقد قدّمنا ذلک. لکن الظاهر من الروایة هنا صلاة الجمعة ، ولا یبعد عدم دلالتها علی الحصر بعد دلالة غیرها علی أنّ فی الجمعة قنوتین. وحینئذٍ ربما کانت الفائدة فی ذکر القنوت فی الرکعة الأُولی فقط التنبیه علی مغایرة غیرها ؛ ( وإنْ حصلت المغایرة فی الثانیة أیضاً بالبَعدیة للرکوع ، إلاّ أنّ وجود القنوت بعده فی الجملة ولو قضاءً کافٍ ؛ فلیتأمّل ) (7).

بحث حول معمر بن رئاب

بیان ما دل علی أن القنوت یوم الجمعة فی الرکعة الأولی

ص: 41


1- رجال الطوسی : 349 / 5.
2- فی ج 4 ص 89.
3- صحیح مسلم 1 : 212 / 21 ، وفیه : عبد الرزاق بن همام عن معمر.
4- التهذیب 3 : 17 / 61.
5- فی النسخ : والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
6- الفقیه 1 : 266 / 1217.
7- ما بین القوسین لیس فی « م ».

وأمّا الثانی : فالظاهر منه اعتبار الجماعة فی کون القنوت فی الأُولی سواء کانت ظهراً أو جمعةً ؛ ویبعده ما سبق. وحینئذٍ فالمراد صلاة الجمعة ، إلاّ أنّ مقابلة الوحدان غیر واضحة الوجه ، إذ الظهر لو صلّیت جماعة فا (1) المشهور کذلک ، والأولی لو حملت علی ما یشمل الظهر تناولت فعل الظهر فرادی ، إلاّ أنّه یمکن تخصیصها. والحاصل أنّ عدم معلومیة القائل یسهل الخطب ، ویوجب نوع تعجب فی الأخبار ، ولعلّ ضیق المجال بسبب أهل الخلاف هو الموجب لهذا.

والثالث : یظهر القول فیه من غیره.

أمّا الرابع : فظاهر الدلالة علی أنّ صلاة الجمعة فیها القنوت فی الأُولی ، وغیرها فی الثانیة قبل الرکوع جماعةً وفرادی ؛ فیخصّ به عموم غیره أو یقید إطلاقه. لکنه لا یأبی الجمع بینه وبین ما دلّ علی القنوتین فی الجمعة ؛ لاحتمال إرادة الفرق فی الجملة ، وهو حاصل ، وقد قدّمنا فیما مضی (2) ما یمکن استفادة القنوتین فی الجمعة منه.

والخامس : ما ذکره الشیخ فیه من التقیة له وجه وجیه [ کالسادس (3) ].

أمّا الاستدلال علی التقیة [ بالسابع (4) ] ففیه نظر ؛ إلاّ أن یحمل علی ما ذکره بعض أهل الخلاف : من جواز القنوت فی جمیع الصلوات عند

توجیه ما دل علی عدم القنوت فی الجمعة

ص: 42


1- فی « م » و « فض » : فی.
2- فی ص 1686.
3- ما بین المعقوفین ساقط من « فض » وفی « م » و « رض » : کالخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
4- فی النسخ : بالسادس ، والصحیح ما أثبتناه.

الشدائد (1). وفی المتن کلام أنهیته فیما مضی من باب القنوت (2) ، ولا یخفی علی من راجع الخبر سابقاً ما فی التغایر بین ما هنا وهناک الموجب لنوع تعجّب ، والله أعلم بالحقائق.

قوله :

باب العدد الذی یجب علیهم الجمعة.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن حماد بن عیسی ، عن ربعی ، عن عمر بن یزید ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کانوا سبعة یوم الجمعة فلیصلّوا فی جماعة ».

عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحکم بن مسکین ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « تجب الجمعة علی سبعة نفر من المسلمین ، ولا تجب علی أقلّ منهم ، الإمام وقاضیه والمدعی حقاً والمدعی علیه والشاهدان والذی یضرب الحدود بین یدی الإمام ».

علی بن مهزیار ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن العباس (3) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « أدنی ما یجزئ فی الجمعة سبعة أو خمسة أدناه ».

العدد الذی تجب علیهم الجمعة

اشارة

ص: 43


1- المغنی والشرح الکبیر 1 : 823.
2- فی ص 1680.
3- فی الاستبصار 1 : 419 / 1609 : عن أبی العباس.

قال محمّد بن الحسن : لیس بین هذین الخبرین تناقض ؛ لأنّ الفرض یتعلق بالعدد (1) إذا کانوا سبعة ، أمّا إذا کان العدد خمساً کان ذلک مستحباً مندوباً إلیه ولم یکن فرضاً واجباً ، وإن نقص عن الخمسة فلا ینعقد الجمعة أصلاً. والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجمع القوم یوم الجمعة إذا کانوا خمسة فما زاد ، فإن کانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم ، والجمعة واجبة علی کل أحد لا یعذر الناس فیها ، إلاّ خمسة : المرأة والمملوک والمسافر والمریض والصبی ».

عنه ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تکون الجمعة ما لم یکن القوم خمسة ».

علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة قال : کان أبو جعفر علیه السلام یقول : « لا تکون الخطبة والجمعة وصلاة رکعتین علی أقلّ من خمسة رهطٍ الإمام وأربعة ».

السند :

فی الأوّل : قد تقدم الکلام فی أحمد بن محمّد بن یحیی فی أوّل الکتاب (2) وأنّ التوقف فیه غیر معلوم من مشایخنا الذی عاصرناهم بل وغیرهم من مشایخهم (3). والعباس فیه ابن معروف ، فالخبر معدود من الصحیح.

إشارة إلی حال أحمد بن محمد بن یحیی

ص: 44


1- فی النسخ زیادة : الذی.
2- راجع ج 1 ص 91 92.
3- فی « م » زیادة : ومن قاربهم.

والثانی : لیس فیه إلاّ الحکم بن مسکین بعد من علم ، فإنّه مهمل فی الرجال (1). ومحمّد بن الحسین هو ابن أبی الخطاب.

والثالث : لیس فیه من یتوقف فی شأنه إلاّ العبّاس کما یعرف من الرجال (2) ؛ لکن فی التهذیب عن أبی العباس (3) ، والظاهر أنّه الصواب.

والرابع : صحیح علی ما مضی (4).

والخامس : ضعیف (5).

والسادس : حسن (6).

المتن :

فی الأوّل : قد استدل به ( جدی قدس سره فی جملة ما سنذکره ) (7) علی وجوب الجمعة من غیر حضور إمام الأصل أو من نصبه (8) ، وعلیها اعتمد شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب وغیرها ، وأضاف إلیها موافقة لجدی قدس سره صحیح محمّد بن مسلم الآتی (9) وکذلک صحیح الفضل بن عبد الملک

الحکم بن مسکین مهمل

هل تجب صلاة الجمعة من غیر حضور إمام الأصل أو من نصبه؟

ص: 45


1- رجال النجاشی : 136 / 350.
2- رجال النجاشی : 280.
3- التهذیب 3 : 21 / 76.
4- راجع ج 1 : 147 ، 152 وج 6 : 50.
5- بعثمان بن عیسی ، فإنه واقفی مذموم ، انظر رجال النجاشی : 300 / 817 ، وتقدم فی ج 1 : 71 و 391 ، وج 2 : 423 ، وج 3 : 159 ، 244 وج 5 : 174 وج 6 : 39.
6- بإبراهیم بن هاشم المعبّر عنه بأبیه.
7- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
8- روض الجنان : 290.
9- فی ص : 51.

الآتی (1) وفی نظری القاصر أنّ فیه تأمّلاً لتضمن الروایات الإذن من الإمام علیه السلام ولا إشکال معها.

وما عساه یقال : إنّ أحکامهم علیهم السلام لا یختص بزمنهم لما هو معلوم.

یمکن الجواب عنه : بأنّ هذا فی غیر ما یقرب بالوکالة ، وقد وقع النزاع بین الأصحاب فی المنصوبین من الأئمّة علیهم السلام للقضاء بعد موت الإمام الناصب لهم ، والخلاف مذکور فی باب القضاء.

واحتمال الاعتماد علی عدم الفرق بین المأذون وسائر الأحکام. فیه أوّلاً : أنّه ینبغی التنبیه علیه وذکر دلیله. وثانیاً : أنّ جریان أحکام الأئمة علیهم السلام علی من بعدهم ( غیر الأحکام الشرعیة ) (2) إذا لم یکن إجماعیاً ، فإثبات الاستمرار موقوف علی النص ولم یعلم ، وقد ذکرت هذا فی موضع من الأُصول عند استدلال بعض محققی المعاصرین سلمه الله بالمقبولة المشهورة علی ثبوت التحری.

ولعلّ الأولی الاستدلال فی المقام بالرابع من حیث قوله علیه السلام : « والجمعة واجبة علی کل أحد ».

وما عساه یقال : من احتمال تعلق هذا بقوله علیه السلام : « یجمع القوم » إلی آخره. فإنّ هذا إذنٌ ، فکأنّه علیه السلام قال بعد الإذن : والجمعة واجبة. فیه (3) بُعد.

وربما کان أظهر منه ما رواه الصدوق فی الفقیه بلفظ : قال أبو جعفر علیه السلام لزرارة بن أعین : « إنّما فرض الله عزّ وجلّ علی الناس من الجمعة إلی

ص: 46


1- فی ص : 52.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : غیر التحلیل والتحریم.
3- فی النسخ : وفیه ، والأنسب ما أثبتناه.

الجمعة خمساً وثلاثین صلاة ؛ فیها صلاة واحدة فرضها الله عزّ وجلّ فی جماعة وهی الجمعة » (1) الحدیث. والطریق إلی زرارة صحیح.

وروی أیضاً بلفظ : قال زرارة : قلت له : علی من تجب الجمعة؟ قال : « تجب علی سبعة نفر من المسلمین ، ولا جمعة لأقلّ من خمسة » (2) الحدیث. ویؤیدهما بعض الأخبار المطلقة.

وما استدل به لاعتبار الإمام أو من نصبه سنتکلم فیه ، غیر أنّ فی البین کلاماً من جهة خبر الواحد ذکرته فی محل آخر (3) ؛ وأظن عدم التصریح به أولی.

أمّا الاستدلال بالآیة الشریفة (4) فقد اعتمد علیه شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب ، وقبله جدّی قدس سره (5) ولجدی فیها کلام فی الرسالة (6) بعضه محل تأمّل.

ویمکن أن یقال : إنّ خطابها من خطاب المشافهة ، وهو مخصوص بالموجودین حال الخطاب کما هو رأی المحققین (7) ، والتعدّی بالإجماع ، فلا یتم فی موضع النزاع.

ویمکن الجواب : بأنّ الإجماع علی أنّ الأمر للموجودین شامل لنا ، والأمر فی الآیة موجود فیکفی. وفیه : أنّ الأمر للموجودین مع النبی صلی الله علیه و آله ،

ص: 47


1- الفقیه 1 : 266 / 1217 ، الوسائل 7 : 295 أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 1 ح 1.
2- الفقیه 1 : 267 / 1218 ، الوسائل 7 : 304 أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 2 ح 4.
3- راجع ج 1 ص 21 27.
4- الجمعة : 9.
5- روض الجنان : 290.
6- رسائل الشهید : 51.
7- معالم الأصول : 112 ، المستصفی 2 : 83 ، المحصول 1 : 393.

واللازم وجوب الجمعة معه ولا کلام فیه ؛ إلاّ أن یقال : إنّ ضمیمة الخصوصیات فی الأمر کحضر النبی صلی الله علیه و آله لو کان شرطاً لم یتم الحکم بوجوب شی ء من أوامر القرآن ، لکونه علیه السلام داخلاً. وفیه : أنّ ما خرج بالإجماع عدم اشتراطه فیه لا إشکال فیه بخلاف محل النزاع.

وربما یقال : إنّ دعوی مدخلیته علیه السلام متوقفة علی الدلیل ، بل الأمر مطلق.

وفیه : أنّ الظاهر ( احتیاج عدم المدخلیة ) (1) إلی الدلیل ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فقد استدل به بعض المشترطین للإمام أو قاضیه. وضعف السند فیها یمنع من العمل بها علی ما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب وفی نظری القاصر أنّ هذا یدفعه ذکر الصدوق لمتنها فی الفقیه (2).

ولعلّ الأولی أنْ یقال : إنّ من المعلوم عدم اشتراط جمیع من ذکره فیها فی الجمعة ، وإذا لم یشترط فهو قرینة علی أنّ المراد اجتماع هذا العدد.

وما عساه یقال : من أنّه لا یلزم من عدم اشتراط البعض بالإجماع عدم اشتراط المختلف فیه.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الخبر إذا لم یکن صریحاً ، ومعارضه الدالّ علی الإطلاق موجود فلا یتم الاستدلال.

وقد یشکل بأنّ المعارض لا یخرج عن الإطلاق ، وهذا مقید. وفیه : أنّ المقید غیر صریح ، ومعه فالخروج عن الإطلاق مشکل. والحقّ أنّ جعل الخبر مناط الاستدلال محل تأمّل.

ص: 48


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : عدم احتیاج المدخلیة.
2- الفقیه 1 : 267 / 1222.

أمّا ما ینقل من دعوی الإجماع علی انتفاء العینی حال الغیبة ففیه : أنّ الإجماع لا یخرج عن کونه خبراً مرسلاً ، لأنّ مدعیة علی ما حکاه جدی قدس سره فی الرسالة (1) : المحقق فی المعتبر حیث قال : السلطان العادل أو نائبه شرط وجوب الجمعة ، وهو قول علمائنا (2). وکذلک العلاّمة فی التذکرة حیث قال : یشترط فی وجوب الجمعة السلطان ونائبه عند علمائنا أجمع (3). وتبعهما علی ذلک بعض المتأخّرین عنهما (4) وقد ذکر جدی قدس سره فی الرسالة ما یقتضی اختصاص الحکم بحال حضوره علیه السلام (5).

والوجه فیما قلناه من أنّ هذا الإجماع کالخبر المرسل لأن تحقّقه فی زمن مدعیة یکاد أن یلحق بالممتنعات العادیة ، فلا بُدّ أن یحمل مرادهم علی أنّه ثبت عندهم بنقل العدل ، ولمّا لم یعلم الناقل کان الإخبار به کالمرسل.

وما عساه یقال : إنّ هذا یوجب سوء الظن فی الناقلین ؛ إذ الظاهر من إطلاقهم العلم بدخول المعصوم ، والحال خلافه.

یمکن الجواب عنه : بالاعتماد منهم علی معلومیة عدم تحققهم الإجماع إلاّ من جهة الإخبار ، وإذا رجع الأمر إلی الخبر المرسل فالأخبار الواردة فی الجمعة علی الإطلاق لها نوع ترجیحٍ ؛ إلاّ أن یقال : إنّ کثرة المدعین للإجماع مرجحة. وفیه نظر بیّن ، یعلم وجهه من مراجعة الرسالة.

وقد ذکر العلاّمة فی المنتهی : أنّه لو لم یکن الإمام ظاهراً هل یجوز

ص: 49


1- رسائل الشهید : 70.
2- المعتبر 2 : 279.
3- التذکرة 4 : 144.
4- جامع المقاصد 2 : 371.
5- رسائل الشهید : 72.

فعل الجمعة؟ قال الشیخ فی النهایة : یجوز إذا أمنوا الضرر وتمکّنوا من الخطبة. وذکر فی الخلاف : أنّه لا یجوز. وهو اختیار المرتضی وابن إدریس وسلاّر ؛ وهو الأقوی عندی. لنا ما تقدم من اشتراط الإمام أو نائبه ، فمع الغیبة تجب الظهر لفوات الشرط (1). انتهی. وهذا لا یخلو من غرابة منه کما یعلم من الرسالة (2).

أمّا ما ادعاه البعض (3) من اشتراط الفقیه حال الغیبة ، وإلاّ لم تشرع ؛ فأدلته مدخولة کما یعرف ممّا أشرنا إلیه.

وما ذکره الشیخ فی دفع التناقض بین الخبرین من حمل الخمسة علی الاستحباب. یرید به : أنّ مع السبعة وجوب الجمعة عیناً ، ومع الخمسة تخییراً ، فتکون الجمعة أفضل الفردین ، وهو المعبّر عنه بالاستحباب. وهذا محلّ تأمّل ؛ لعدم صلاحیة ما یدل علیه ، أمّا الأخبار فلأنّ الجمع لا ینحصر فیما ذکر ، بل یجوز أن یحمل ما دلّ علی الخمسة علی الأقلّ فضیلة والسبعة علی الأکمل.

وما عساه یقال : إنّ کون الخمسة أقل فضیلة ، إن أُرید به أنّ مع عدم وجود السبعة یکون ثواب الخمسة أقل منها علی تقدیر وجودها فهو غیر مناسب للحکمة ، وإن کان مع وجود السبعة فلا معنی له.

یمکن الجواب عنه : بنحو ما قدّمناه فی موضع من الکتاب ، من جواز تفضیل بعض العبادات وإن لم یمکن (4) غیرها.

الجمع بین ما دل علی أن العدد المعتبر السبعة وبین ما دل علی أنه الخمسة؟

ص: 50


1- المنتهی 1 : 336.
2- رسائل الشهید : 74.
3- جامع المقاصد 2 : 379.
4- فی « م » و « رض » : لم یکن.

وما یقال : من أنّ الاستحباب فی مثل هذا إن أُرید به بمعناه الأُصولی فلا یتم ؛ لأنّ المستحب ما یجوز ترکه لا إلی بدل ، وهذا لیس کذلک ؛ وإن أُرید غیره فإثباته لا بُدّ له من دلیل.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الکامل لا بدل له ، فیتحقق المعنی الأُصولی ، وقد أوضحنا الحال فی محل آخر.

ثم إنّ ما ذکره الشیخ من التخییری فی [ الخمسة (1) ] والعینی فی السبعة جمعاً یقتضی تحقق التخییری والعینی حال حضور الإمام علیه السلام ؛ إذ الأخبار یفید ذلک حینئذٍ ، والقول بالتخییری حال الحضور لا أعلم الآن القول به ، وعلی تقدیر الاعتماد علی أنّ الشیخ قائل بذلک هنا فهو لازم.

ولا یذهب علیک أنّ المستفاد من الأخبار هو العینی ؛ وما یقال : إنّ الأمر لا یختص بالعینی. فیه : أنّه خلاف (2) المستفاد من الأُصول. أمّا دعوی الإجماع علی انتفاء العینی حال الغیبة فالکلام فیها کما سبق.

وقد نقل عن جدّی قدس سره أنّه أجاب فی شرح الإرشاد بعدم تکافؤ أخبار الخمسة والسبعة ، بل أخبار الخمسة أصحّ (3) ؛ فلا وجه للحمل من الشیخ. وغیر خفی اندفاعه بعد ما ذکرناه من روایات الصدوق ، وعذره قدس سره عدم وجود من لا یحضره الفقیه عنده ؛ وروایات الشیخ کأنّه نظر منها إلی ما هنا من اشتراک العباس (4) ، وما قیل فی أبان بن عثمان (5) ؛ والحال أنّ دفع القول فی أبان واضح ، والعباس علی ما فی التهذیب (6) سهو. لکن

ص: 51


1- فی النسخ : الجمعة ، والصحیح ما أثبتناه.
2- لیس فی « م ».
3- روض الجنان : 285.
4- هدایة المحدثین : 89.
5- رجال النجاشی : 13.
6- التهذیب 3 : 21 / 76.

لا یخفی أنّ روایة أبی العباس لا إشعار فیها بأنّ الخمسة تفید الوجوب تخییراً والسبعة عیناً کما ذکره بعض الأصحاب (1).

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ المشی مع ظاهر الأخبار المطلقة یقتضی الوجوب عیناً لولا ما أشرنا إلیه سابقاً من نوع شک لنا فی العمل بخبر الواحد ؛ وحینئذٍ فاشتراط الإمام أو نائبه ، أو أنّ الشرط مخصوص بحال الحضور أو یشمل الغیبة ، أو أنّ المراد بالنائب الخاص أو العام الشامل للفقیه حال الغیبة ، أو الوجوب علی تقدیره عینی أو تخییری یتوقف علی الأدلة المقیّدة للأخبار. والدخل فیما ذکروه یعلم من الرسالة الشریفة لجدی (2) قدس سره وإن کان فی بعض المباحث فیها لنا نوع کلام ، وإنّما اختصرنا هنا اکتفاءً بغیر هذا المحل ممّا کتبناه فی المقام.

وما تضمنه الخبر الأخیر من قوله : « الإمام وأربعة » لا یدل علی إمام الأصل ، بل احتمال إمام الجماعة ربما یدعی ظهوره ، والتعریف لا ینفیه ، بجواز أن یکون للدلالة علی الإمام الجامع للشرائط المذکورة فی کلام الأصحاب.

قوله :

باب القوم یکونون فی قریة

هل یجوز لهم أن یجمعوا أو لا.

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن أُناس فی قریة هل یصلّون الجمعة ( جماعة؟ قال : « یصلّون ) (3) أربعاً إذا لم یکن من یخطب ».

القوم یکونون فی قریة هل یجوز لهم أن یجمعوا أو لا

اشارة

ص: 52


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 338.
2- رسائل الشهید : 51.
3- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

عنه ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبد الملک ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا کان قوم فی قریة صلّوا الجمعة أربع رکعات ، فإذا کان لهم من یخطب لهم جمعوا إذا کانوا خمسة نفر ، وإنما جُعلت رکعتین لمکان الخطبتین ».

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة قال : حثّنا أبو عبد الله علیه السلام علی صلاة الجمعة حتی ظننت أنّه یرید أن نأتیه ، فقلت : نغدو علیک؟ فقال : « لا (1) ، إنّما عنیت عندکم ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن ابن بکیر قال : حدّثنی زرارة ، عن عبد الملک ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « مثلک یهلک ولم یصلّ فریضة فرضها الله علیک » (2) قال : قلت : کیف أصنع؟ قال (3) : « صلّوا جماعة ، یعنی صلاة الجمعة ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، ( عن محمّد ) (4) بن یحیی ، عن طلحة بن زید ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی علیه السلام قال : « لا جمعة إلاّ فی مصر یقام فیه الحدود ».

فالوجه فی هذا الخبر التقیة ؛ لأنّه موافق لمذاهب کثیر من العامة ، وکذلک :

ما رواه محمّد بن أحمد ( بن یحیی ) (5) ، عن أبی جعفر ، عن

ص: 53


1- لفظة : لا ، لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 420 / 1615 ، والتهذیب 3 : 239 / 635.
2- لفظة : علیک ، لیست فی الاستبصار 1 : 420 / 1616. والتهذیب 3 : 239 / 638.
3- فی الاستبصار 1 : 420 / 1616 زیادة : قال.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « م ».
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

أبیه ، عن حفص بن غیاث ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « لیس علی أهل القری جمعة ، ولا خروج فی العیدین ».

فالوجه فیه أیضاً التقیة ، ویجوز أن یکون عنی من بعدت قریته عن البلد أکثر من فرسخین ، ولم یکن فیهم العدد الذی یجب علیهم الجمعة ، ولا حصلت فیهم شرائطهم (1).

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه.

والثانی : کذلک علی ما قدّمناه فی أبان (2) ، والفضل ثقة ، والظاهر من کثرة روایة أبان بن عثمان عن الفضل أنّ السابق فی الخبر أبو العباس الفضل ابن عبد الملک ، لا العباس کما فی النسخة التی نقلت منها.

والثالث : صحیح.

والرابع : فیه عبد الملک وهو مشترک (3) ، ولا یبعد أن یکون ابن أعین ، وحاله لا یقتضی إدخال حدیثه فی الموثق ، وقد وصفه فی المختلف به (4) ، وکأنه استفاد ما ذکرناه من ابن أعین ، ( لما یظهر من الرجال فی الجملة (5) ، أو أنّه غیر ابن أعین ، ولا أدری وجهه. أمّا وصف الخبر بالموثق من حیث ابن أعین ) (6) فقد یظن أنّ العلاّمة استفاد مدحه من زیارة الصادق علیه السلام

الفضل بن عبد الملک ثقة

تمییز عبد الملک

تمییز محمد بن یحیی

ص: 54


1- فی الاستبصار 1 : 420 / 1618 : الشرائط.
2- راجع ج 1 : 183 ، وج 2 : 177 ، وج 3 : 202.
3- کما فی هدایة المحدثین : 107.
4- المختلف 2 : 252.
5- رجال الکشی 1 : 409.
6- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

قبره ، کما حکاه الصدوق فی مشیخة الفقیه (1) ، وفیه ما لا یخفی.

والخامس : محمّد بن یحیی فیه لا یبعد کونه الخثعمی ، لظن وجوده مصرحاً فی بعض الأسانید ، مع ( مناسبته بالروایة ) (2) عن طلحة المذکور کونه عامیّاً.

والسادس : أبو جعفر فیه أحمد بن محمّد بن عیسی ، وقد تقدم القول فی أبیه (3) ، وحفص بن غیاث کذلک (4).

المتن :

فی الأوّل : مضی القول فیه بما یغنی عن الإعادة (5) ، وما یقتضیه ظاهره من قوله : « إذا لم یکن من یخطب » أنّ وجود من یخطب علی الإطلاق یقتضی عدم الصلاة أربعاً ، جوابه واضح إذا ثبت المقیّد ، غایة الأمر أنّ بعض ما ذکره من رأینا کلامه من الشروط قد یتوقف فیه ، والإجماع وإن ادّعی علی اشتراط الإیمان والبلوغ والعقل والعدالة وطهارة المولد والذکورة ، إلاّ أنّ ثبوت مثل هذا الإجماع محل کلام ، وبتقدیر ثبوته فالأیمان قد ذکر فیه البعض اشتراط کونه عن دلیل (6) ، ولعلّ المراد به ما یحصل الاطمئنان للنفس به بأیّ طریقٍ کان.

وأمّا العدالة فالمذکور فی تعریفها : أنّها ملکة راسخة فی النفس تبعث علی ملازمة التقوی والمروءة. قیل : ویتحقق التقوی بمجانبة الکبائر ، وهی

بیان ما دل علی أن أهل القری إذا لم یکن لهم من یخطب یصلون أربعا

المناقشة فی بعض الشروط المذکورة لإمام الجمعة

تعریف العدالة والتقوی والمروءة

ص: 55


1- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 97.
2- فی « فض » مناسبة ما لروایته.
3- راجع ج 1 ص 196.
4- راجع ج 1 ص 196.
5- فی ص : 45.
6- کالشهید الثانی فی روض الجنان : 289.

ما توعد علیها بالنار فی الکتاب أو السنّة ، وعدم الإصرار علی الصغیرة فعلاً أو حکماً ، وهو فعلها مع قصد ذلک مرّةً أُخری. وقیل : عدم الندامة والتوبة (1).

وقد فُسّرت المروءة بأنّها ملکة تبعث علی مجانبة ما یؤذن بخسّة النفس ودناءة الهمّة من المباحات والمکروهات وصغار المحرّمات مع عدم الإصرار ، کسرقة لقمة ، وتطفیف المیزان بحبة ، والأکل فی السوق والمجامع ، وأمثال ذلک (2). والاستدلال علی هذا لا یخلو من إشکال ، ( وسیجی ء (3) تفصیل الحال ) (4).

( ولا یخفی أنّ ما عرّفنا به العدالة مأخوذ من کلام بعض الأصحاب وفیه نوع کلام ، إلاّ أنّه أولی من تعریف جدی قدس سره فی الروضة فی باب صلاة الجماعة ، من أنها ملکة نفسانیة باعثة علی ملازمة التقوی ، التی هی القیام بالواجبات وترک المنهیات الکبیرة مطلقاً والصغیرة مع الإصرار علیها (5). ووجه الأولویة أنّه لا وجه لذکر الإصرار وعدمه فی التروک کما لا یخفی ) (6). وإطلاق النص ربما یساعد علی نفی غیر ما قام علیه الدلیل السالم من الریب (7).

ص: 56


1- کما فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 351.
2- انظر روض الجنان : 289 ، مجمع الفائدة 2 : 351.
3- فی ص : 160 و 145.
4- ما بین القوسین لیس فی « م » ، وفی « فض » مکتوب بعد قوله : والمجامع ، والأولی ما أثبتناه من « رض ».
5- الروضة البهیة 1 : 378.
6- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
7- فی « فض » زیادة : ظاهره.

وأمّا الثانی : ففیه دلالة علی أنّه إذا کان لهم من یخطب جمعوا صریحة (1) ، کما أنّ دلالته علی إطلاق الجمعة علی الظهر کذلک ، واحتمال إرادة : صلّوا ما یقوم مقام الجمعة. بعید.

الثالث : ربما استأنس به بعض الأصحاب (2) فی إفادته الوجوب التخییری ، من حیث قوله : حثّنا ؛ إذ العینی لا یناسبه ذلک.

وأجاب عنه جدی قدس سره فی الرسالة : بأنّ زرارة قد روی ما یدل علی العینی ، وأراد به ما رواه الشیخ فی التهذیب عنه ، من قوله علیه السلام : « فرض الله علی الناس من الجمعة إلی الجمعة خمساً وثلاثین صلاة » الحدیث (3).

ثم قال قدس سره ما ملخصه : والذی یظهر أنّ السرّ فی التهاون بصلاة الجمعة یعنی الموجب للحثّ ما عهده من قاعدة المذهب أنّهم لا یقتدون بالمخالف والفاسق ، والجمعة إنّما تقع غالباً من أئمّة أهل الخلاف ، وخصوصاً فی المدن المعتبرة ، وزرارة من الکوفة ، وهی أشهر مدن الإسلام ، وإمام الجماعة فیها مخالف ، فکان یتهاون لهذا الوجه (4) ، انتهی.

وقد یقال : إنّه یجوز کون الحثّ علی فعلها تقیةً معهم ، لکون زرارة مشهوراً عند أهل الخلاف ، وربّما یؤید هذا أنّ إقامة الجمعة علی مذهب أهل الحق من زرارة یخالف الأمر بالتقیة ، سیّما بما ذکره فی مثل الکوفة.

ثم إنّ روایة زرارة ( المتضمنة لقوله علیه السلام ) (5) إنّ الله فرض کذا وکذا مع روایته الحثّ ، لو [ حملتا (6) ] علی التخییر لا تضاد ، لجواز الفرض

صراحة روایة الفضل بن عبد الملک فی أن أهل القری إذا کان لهم من یخطب جمعوا

هل الجمعة واجب تخییری أو تعیینی؟

ص: 57


1- لیست فی « رض » و « فض ».
2- حکاه الشهید الثانی فی الرسائل : 59.
3- التهذیب 3 : 21 / 77.
4- رسائل الشهید الثانی : 60 بتفاوت یسیر.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- فی النسخ : حمل ، والأولی ما أثبتناه.

تخییراً فی بعض الصلوات المذکورة ، إلاّ أن یقال : إنّ سیاق الخبر تساوی الصلوات فی الوجوب عیناً ، وفیه : احتمال الفرض عیناً بالشروط.

ولعلّ الأولی أن یقال فی إلزام المستدل بالروایة علی التخییری - : إنّ مع وجود الإمام علیه السلام وأمره کیف یتصور التخییری؟ وربما یجاب عن هذا : بأنّ کلام الشیخ صریح فی التخییری حال الحضور کما سبق.

وفیه : أنّ کلام الشیخ بتقدیر الاعتماد علیه یفید التخییر فی العدد الخاص (1) لا مطلقاً ، فلیتأمّل.

وممّا قد یؤید ما ذکرناه من احتمال فعل الجمعة تقیةً من زرارة آخر الروایة.

وأمّا الرابع : فقد ذکره من أشرنا إلیه فی الاستیناس للتخییری ، وکلام جدی قدس سره فیهما واحد (2).

وأمّا الخبران الأخیران فالتقیة فیهما متوجهة ، وأمّا غیرها فأظن أنّ ترکه أولی ، لأنّ (3) فقدان الشرائط لا فرق فیه بین القریة وغیرها.

قوله :

باب سقوط الجمعة عمن کان علی رأس أکثر من فرسخین

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن ابن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الجمعة ، فقال : « تجب علی من

توجیه ما دل علی عدم الجمعة علی أهل القری

سقوط الجمعة عمن کان علی رأس أکثر من فرسخین

اشارة

ص: 58


1- فی « رض » : فی العدد الحاصل. ، وفی « م » : وفی العدد إذ الخاص.
2- فی ص : 57.
3- فی النسخ : ان ، والصحیح ما أثبتناه.

کان منها علی رأس فرسخین ، فإن زاد علی ذلک فلیس علیه شی ء ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن السندی ، عن محمّد ابن أبی عمیر ، عن جمیل بن دراج ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « تجب الجمعة علی من کان منها علی فرسخین ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة (1) ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « الجمعة واجبة علی من إذا صلّی الغداة فی أهله أدرک الجمعة ، وکان رسول الله صلی الله علیه و آله إنّما یصلّی العصر فی وقت الظهر فی سائر الأیام کی إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلی الله علیه و آله رجعوا إلی رحالهم قبل اللیل ، وذلک سنّة إلی یوم القیامة ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الاستحباب دون الفرض والإیجاب ؛ لأنّ الفرض متعلق بمن کان علی رأس فرسخین.

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : فیه علی بن السندی ، وقد قدّمنا (2) فیه کلاماً یغنی عن الإعادة.

والثالث : صحیح.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ من کان علی رأس فرسخین علیه حضور

إشارة إلی حال علی بن السند

ص: 59


1- فی الاستبصار 1 : 421 / 1621 : عن عمر بن أُذینة.
2- فی ج 1 ص 331.

الجمعة واجب ، وإن زاد لا یجب علیه ذلک.

والثانی : یدل علی وجوب الحضور علی من کان علی فرسخین. وقد تضمنت روایة زرارة فی الفقیه والتهذیب سقوط الجمعة عمّن کان علی رأس فرسخین (1) ، فعدم التعرض من الشیخ لدفع التنافی غریب ، ولعلّ ما دلّ علی الفرسخین محمول علی الزیادة ، لکن نقل العلاّمة فی المختلف الخلاف بین الأصحاب ، فقال : من کان علی رأس أزید من فرسخین لم یجب علیه الحضور إلی الجمعة ، فإن تمّ عنده العدد وجب علیه إقامتها عنده والحضور ، وإلاّ فلا ، ومن کان علی رأس فرسخین فما دون وجب علیه الحضور إن لم یتم عنده العدد ، وإلاّ وجب علیه أحد الأمرین ، إمّا الحضور أو إقامتها عنده ، هذا هو المشهور ، وذهب إلیه الشیخان ، والسیّد المرتضی ، وأبو الصلاح ، وسلاّر ، وابن إدریس ، وقال الشیخ أبو جعفر بن بابویه فی المقنع : وضعها الله عن تسعة إلی أن قال - : ومن کان علی رأس فرسخین ، ورواه فی کتاب من لا یحضره الفقیه ، وهو قول ابن حمزة.

ثم إنّ العلاّمة استدل علی الأوّل وهو مختاره بعموم الأمر المتناول لمن کان بینه وبینها قدر فرسخین ، ولزوم المشقّة مع إیجابها علی من زاد ، وأصالة براءة الذمّة ، وبالخبرین المبحوث عنهما ، وزاد ما ترکه أولی من ذکره ، ثم نقل احتجاج ابن بابویه بروایة زرارة ، وبأنّ فیه مشقّة ، وأجاب بأنّ زرارة قد روی وجوبها علی من کان علی رأس فرسخین ، فیحتمل أن یکون الراوی عنه قد سها عن لفظة « أزید » ومطلق المشقّة غیر معتبر إجماعاً ؛ لعدم انفکاک التکلیف عنها. انتهی (2).

بیان ما دل علی وجوب الجمعة علی من کان علی فرسخین والأقوال فی المسألة

ص: 60


1- الفقیه 1 : 266 / 1217 ، التهذیب 3 : 21 / 77.
2- المختلف 2 : 241.

ولا یذهب علیک أنّه یتوجه علی العلاّمة أولاً : أنّ عموم الأمر إنْ أراد به الآیة فهی ظاهرة فیمن یسمع النداء ، وإنْ أُرید به الأخبار الدالة علی الجمعة ففیه أنّها لا تخرج عن الإطلاق ، وما دلّ علی السقوط مقیّد ، والآیة بتقدیر احتمال شمولها کذلک.

فإن قلت : إنّ الأخبار مع تعارضها لا تقیّد المطلق الدال علی الوجوب.

قلت : التعارض إنّما یتم فیه ما ذکرت بتقدیر المساواة ، وروایة زرارة فی الفقیه صحیحة ، والروایتان هنا إحداهما حسنة والأُخری ضعیفة ، واحتمال الوهم الذی ذکره فی غایة البُعد ، سیّما بعد ما قلناه.

ولعلّ الأولی أن یقال : إنّ روایة زرارة فی الفقیه محمولة علی ما زاد ؛ إذ الاتفاق علی رأس الفرسخ نادر ، هذا علی تقدیر التکافؤ.

وثانیاً : أنّ ما ذکره فی الجواب عن حجة ابن بابویه من المشقّة یتوجه علیه فی استدلاله لما زاد بالمشقّة ؛ وأصالة براءة الذمّة یشکل بما ذکره من إطلاق الأوامر ، إلاّ أن یقال بخروج ما زاد بالإجماع ، وفیه : أنّه خروج عن الاستدلال مع وجود القول الآتی لابن أبی عقیل.

وأمّا الثالث : فقد نقل العلاّمة عن ابن أبی عقیل القول بمضمونه والاستدلال به ، وأجاب عن ذلک بالحمل علی الاستحباب (1). وربما یشکل الحمل علی الاستحباب بأنّ ما دلّ علی السقوط فیما زاد لا یخرج عن الإطلاق ، والخبر المبحوث عنه مقید علی تقدیر تکافؤ الخبرین ، مضافاً إلی ما ذکره من عموم الأمر. ویمکن الجواب بأنّ احتمال الاستحباب أقرب إلی

توجیه ما دل علی وجوب الجمعة علی من إذا صلی الغداة فی أهله أدرکها

ص: 61


1- انظر المختلف 2 : 243.

الجمع ، فلیتأمّل.

أمّا ما تضمنه الخبر من قوله : « وذلک سنّة » کأنّ المراد [ به أنّ ] (1) الجمع بین الصلاتین سنّة ، وإن کان فی الأصل فعله علیه السلام ( لما ذکر ) (2) ، واحتمال إرادة وجوب الحضور علی النحو المذکور مع ما معه من الجمع بعید.

قوله :

باب من لم یدرک الخطبتین.

علی بن إبراهیم ( عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حماد [ بن عثمان ] (3)، عن الحلبی ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عمّن لم یدرک الخطبة یوم الجمعة ، فقال : « یصلّی رکعتین ، فإن فاتته الصلاة ولم یدرکها فلیصلّ أربعاً » وقال : « إذا أدرکت الإمام قبل أن یرکع الرکعة الأخیرة فقد أدرکت الصلاة ، فإن أنت أدرکته بعد ما رکع فهی الظهر أربع ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبی بصیر وأبی العباس الفضل بن عبد الملک ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أدرک الرجل رکعةً فقد أدرک الجمعة ، وإن فاتته فلیصلّ أربعاً ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « الجمعة لا تکون إلاّ لمن أدرک الخطبتین ».

من لم یدرک الخطبتین

اشارة

ص: 62


1- ما بین المعقوفین فی « م » : به ، وفی « رض » و « فض » : أن به ، والظاهر ما أثبتناه.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : لما ذکر من هنا ، وفی « رض » : لما زاد.
3- ما بین المعقوفین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الکافی 3 : 427 / 1 ، التهذیب 3 : 243 / 656 ، الاستبصار 1 : 421 / 1622.

فالوجه فی هذا الخبر أنّه لا تکون فاضلة کاملة إلاّ لمن أدرک الخطبتین ، ولم یرد بذلک نفی الإجزاء حسب ما فصّله فی الخبرین الأوّلین ، ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن عبد الرحمن العرزمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « إذا أدرکت الإمام یوم الجمعة وقد سبقک برکعة فأضف إلیها رکعة أُخری واجهر فیها ، فإن أدرکته وهو یتشهد فصلّ أربعاً ».

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی ) (1) : فیه القاسم ، وهو ابن محمّد الجوهری الواقفی المکرر ذکره (2).

والثالث : صحیح ، لأنّ ابن سنان عبد الله علی ما قدّمنا فیه القول (3).

والرابع : فیه عبد الرحمن العرزمی ، وهو مذکور بالاسم والوصف فی الفهرست مهملاً (4) ، والنجاشی ذکر عبد الرحمن بن محمّد الرزمی ووثّقه (5) ، واحتمال المغایرة یدفعه أنّ النجاشی قال : الفزاری ، والشیخ فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه قال : عبد الرحمن بن محمّد الفزاری

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری

بحث حول عبد الرحمان العرزمی

ص: 63


1- من عبارة : عن أبیه ، فی ص 61 إلی هنا ساقط عن « م ».
2- راجع ج 1 ص 173 ، 270 ، ج 2 ص 116 ، 199 ، ج 3 ص 107 ، 256.
3- راجع ج 2 ص 334.
4- الفهرست : 108 / 461.
5- رجال النجاشی : 237 / 628.

العرزمی (1). أمّا ما ذکره جدّی قدس سره فی فوائد الخلاصة من أنّ النجاشی لم یذکر الرزمی (2) فهو اعتماد منه علی کتاب ابن طاوس ، نقلاً عن النجاشی ، وکأنّه ترک اللفظ ، أو هو فی نسخة ، والموجود الآن من نسخ النجاشی ما ذکرناه.

أمّا علی بن الحکم فقد کرّرنا القول (3) فی أنّه الثقة بتقدیر الاشتراک ، لروایة أحمد بن محمّد عنه فی الفهرست (4).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ من لم یدرک الخطبة یصلّی رکعتین ، والمراد صلاتهما بالشرائط. وما تضمنه من أنّ الفوات یوجب الصلاة أربعاً فی حیّز الإجمال ، وتفصیله بقوله : « إذا أدرکت » إلی آخره. لکن یبقی فیه نوع خفاء من وجهین :

أحدهما : أنّه سیأتی (5) فی باب الجماعة أخبار دالة علی أنّ من لم یدرک تکبیر الرکوع لا یدرک الرکعة ، وهو یتناول الجمعة ، فعدم التفات الشیخ إلی ذلک لا وجه له ، إلاّ احتمال اعتماده علی ما سیجی ء ، وفیه ما فیه ، لکن الحکم عند بعض الأصحاب الکراهة (6) ، بمعنی أنّ الأولی عدم الدخول بعد التکبیرة. ویشکل فی الجمعة بأنّ وجوبها لا یوافقه أولویة عدم

تمییز علی بن الحکم

بیان ما دل علی أن من لم یدرک الخطبتین وأدرک رکعة من الصلاة أدرک الجمعة

ص: 64


1- رجال الطوسی : 232 / 142.
2- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 19.
3- راجع ج 2 ص 14 ، 340 ، ج 3 ص 108 ، 272.
4- الفهرست : 87 / 366.
5- فی ص 188.
6- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 365.

الدخول ، ولعلّ احتمال تخصیص تلک الأخبار بغیر الجمعة أقرب للاعتبار.

وثانیهما : أنّ قوله : « فهی الظهر أربع » محتمل لأمرین ، أحدهما : أن یصلّی الظهر مع الإمام جماعة ویتمها أربعاً ، إمّا بالاکتفاء بالرکعة الداخل فیها بعد الرکوع فیتم الثلاث بعد ، أو بعدم الاکتفاء بها فیتمها أربعاً ، لکن یحتمل الاستئناف وعدمه علی الخلاف الواقع فی ذلک ، ویحتمل عدم شمول الخلاف للجمعة إذا دخل فی الظهر معها علی هذا الوجه.

وثانیهما : أن یصلّی الظهر بالانفراد ولا یدخل مع الإمام ، وربما یظن أنّ هذا هو الظاهر ( من سیاق الخبر ، وفیه : أنّ الظاهر ) (1) من قوله : « فهی الظهر » أنّ الصلاة الواقعة بإدراکه بعد ما رکع ، إلاّ أن یقال : إنّ الضمیر فی « هی » یعود إلی الواجبة ، والإدراک أعم من الدخول ، فیجوز أن یراد به هنا مشاهدته وقد رکع ، وفیه : أنّه إذا کان أعم فیتناول الدخول ویتم المطلوب.

والحقّ أنّ الإجمال یقتضی عدم الصلاحیة للاستدلال ، ومن هنا لا یحتاج إلی تفریع أنّ الدخول بعد الرکوع إذا اقتضی کونها ظهراً هل هو بمجرد ذلک ، أو بالعدول علی تقدیر علمه بعد الدخول مع الإمام بعد الرکوع.

وأمّا الثانی : فقد یظن أنّه مناف للأوّل ؛ لتضمنه أنّ إدراک الرکعة یقتضی إدراک الجمعة ، والحال أنّ فی معتبر الأخبار (2) ما یدل علی إدراک الرکعة بإدراک الإمام راکعاً.

وقد یجاب بأنّ إدراک رکعة الجمعة غیر إدراک رکعة غیرها ، لتصریح الخبر الأوّل به ، وحینئذٍ ما ذکره بعض الأصحاب : من أنّ المسألة مبنیة علی أنّ إدراک الجماعة بماذا یکون (3) ؛ محل تأمّل ، کما أوضحناه فی معاهد

ص: 65


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
2- انظر التهذیب 3 : 43 / 152 ، 153 ، 154.
3- انظر مجمع الفائدة والبرهان 2 : 364.

التنبیه ، وعلی هذا فالجمعة مختصة بمدلول الخبر الأوّل ، والثانی مجمل ، والأول فصّله.

وقوله : « فلیصلّ أربعاً » قد یدل علی ترجیح بعض الاحتمالات السابقة ، وفیه ما فیه.

وأمّا الثالث : فما ذکره الشیخ فیه من الحمل علی الکمال لا ریب فیه.

والرابع : کما تری یدل بمفهوم الشرط فیه أعنی قوله : « فإن أدرکته » إلی آخره علی أنّ عدم إدراک الإمام وهو یتشهد لا یقتضی الصلاة أربعاً ، فینافی ما تقدم ، لکن الجواب عنه غیر خفی من حیث إنّ المفهوم إذا عارضه المنطوق ینتفی عمله ، والفائدة فی ذکر الشرط لا ینحصر فی النفی عما عداه ، وربما دلّ قوله : « فصلّ أربعاً » علی الانفراد ، وفیه ما قدمناه (1).

وما تضمنه الخبر من الأمر بالجهر ظاهر فی تعیّنه ، بناءً علی أنّ الأمر للوجوب ، والمعارض له فی الجمعة لا أعلمه ، إلاّ خبر علی بن جعفر الصحیح السابق عن أخیه علیه السلام ، المتضمن للسؤال عن الرجل یصلّی الفریضة ما یجهر فیه بالقراءة ، هل یجوز علیه أن لا یجهر؟ فأجاب علیه السلام : « إن شاء جهر وإن شاء لم یفعل » (2) وقد تقدّم فیه القول مفصلاً (3). والأخبار الواردة بالجهر فی الجمعة غیر هذا موجودة ، وتقدم بعضها (4).

بقی شی ء ، وهو أنّ تعریف الإمام فی الخبر الأخیر قد یظن منه الدلالة علی إمام الأصل ، والحق أنّه محل تأمّل ، وقد مضی مثله.

توجیه ما دل علی أنه لا جمعة إلا لمن أدرک الخطبتین

ص: 66


1- فی ص 64.
2- انظر ص : 1550.
3- فی ص : 1553.
4- فی ص 31 32.

قوله :

أبواب الجماعة وأحکامها

باب الصلاة خلف المجذوم والأبرص

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد ابن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین ابن سعید ، عن فضالة ، عن الحسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « خمسة لا یؤمّون الناس علی کل حال ، المجذوم ، والأبرص ، والمجنون ، وولد الزنا ، والأعرابی ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد ابن إسماعیل بن بزیع ، عن ظریف بن ناصح ، عن ثعلبة بن میمون ، عن عبد الله بن یزید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المجذوم والأبرص یؤمّان المسلمین؟ قال : « نعم » قلت : هل یبتلی الله بهما المؤمن؟ قال : « نعم ، وهل کتب البلاء إلاّ علی المؤمن ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی حال الضرورة التی لا یوجد فیها من یصلح للإمامة إلاّ من هذه صفته ، ویجوز أن یکون المعنی فیه الجواز وإن کان (1) الفضل فی القسم الأوّل.

السند :

فی الأوّل : فیه العدّة التی یروی عنها الحسین بن عبید الله ، وقد تقدم

أبواب الجماعة وأحکامها

الصلاة خلف المجذوم والأبرص

کلمة حول العدة التی یروی عنها الحسین بن عبید الله

ص: 67


1- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 422 / 1627.

فی باب ترتیب الوضوء تفصیلها من الشیخ (1) ، وفیها من هو ثقة ، وذکرنا سابقاً (2) احتمال اطرادها.

وأمّا العدّة التی یروی عنها محمّد بن یعقوب ، عن أحمد بن محمّد ، فقد تقدّم تفصیلها أیضاً بما حاصله أنّ التی یروی عنها محمّد بن یعقوب ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، فیهم الثقة ، علی ما حکاه العلاّمة فی الخلاصة (3). والظاهر من أحمد بن محمّد هنا هو ابن عیسی ، واحتمال أحمد بن محمّد بن خالد مدفوع بممارسة کتب الرجال ، وعلی تقدیره ففی العدّة من هو ثقة.

وأمّا ابن عثمان وابن مسکان فقد مضی (4) من القول فیهما ما یغنی عن البیان کأبی بصیر.

والثانی : لیس فیه ارتیاب ، إلاّ من جهة عبد الله بن یزید ، فهو مشترک بین مهملین فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (5). أمّا ثعلبة بن میمون فقدّمنا أنّ فی الرجال غیر الکشی ما یقتضی مدحه (6) ، وفی الکشیّ ما یقتضی توثیقه (7) ، إمّا منه أو من محمّد بن عیسی بن عبید.

المتن :

فی الأول : ظاهر الدلالة علی أنّ من ذکر فیه لا یؤمّون علی کل

بحث حول العدة التی یروی عنها محمد ین یعقوب

عبد الله بن یزید مشترک

بحث حول ثعلبة بن میمون

بیان ما دل علی المنع من إمامة المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابی

ص: 68


1- راجع ج 1 ص 437.
2- راجع ج 6 ص 27.
3- الخلاصة : 271.
4- راجع ج 1 ص 162 ، 176 ، 196 ، ج 2 ص 23.
5- رجال الطوسی : 226 / 61 ، 62.
6- راجع ج 1 ص 379 ، ج 4 ص 167 ، 291.
7- رجال الکشی 2 : 711 / 776.

حال ، وتناول « کلّ حال » للضرورة بحیث یوجد غیرهم أو لم یوجد ظاهر ، فیندفع به ما ذکره الشیخ فی الثانی ، مضافاً إلی أنّ المجنون لا یؤمّ فی جمیع الأحوال ، واحتمال أنّ یقال : إنّ المجنون غیر المطبق لا مانع من إمامته فی حال الإفاقة ، علی تقدیر عدم وجود غیره ، فیتم توجیه الشیخ. یمکن دفعه بأنّ احتمال طروء الجنون فی الأثناء لا مانع من کونه موجباً للمنع علی الإطلاق.

أمّا الأعرابی فإطلاق المنع من إمامته علی کل حال ، قیل : إنّ الشیخ وجماعة قائلون به علی وجه التحریم (1) ، وبعض الأصحاب قیّد إمامته بالمهاجر کراهة (2) ، وبعض قال بالکراهة علی الإطلاق (3) ، والمحقق فی المعتبر قال : الذی نختاره أنّه إن کان ممن لا یعرف محاسن الإسلام ولا وصفها فالأمر کما ذکروه ، وإن کان وصل إلیه ما یکفیه اعتماده ویدین به ولم یکن ممن تلزمه المهاجرة وجوباً جاز أن یؤمّ ؛ لقوله علیه السلام : « یؤمّکم أقرؤکم » (4). وقول الصادق علیه السلام : « لا یتقدم أحدکم الرجل فی منزله ولا فی سلطانه » (5) انتهی (6).

ولا یخفی أنّ مقتضی کلامه کون النهی علی حقیقته ؛ لعدم اتصاف الأعرابی بالشروط المعتبرة. ویشکل بأنّ الخبر إن عمل به دلّ علی اعتبار

هل المنع من إمامة الأعرابی علی وجه التحریم أو الکراهة؟

ص: 69


1- انظر المدارک 4 : 370.
2- کالعلاّمة فی الإرشاد 1 : 272 ، والتبصرة : 39.
3- کما فی الجامع للشرائع : 97.
4- الفقیه 1 : 185 / 880 ، الوسائل 5 : 410 أبواب الأذان والإقامة ب 16 ح 3.
5- الکافی 3 : 376 الصلاة ب 56 ح 5 ، التهذیب 3 : 31 / 113 ، علل الشرائع : 326 / 2 ، الوسائل 8 : 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 1 ، بتفاوت یسیر.
6- المعتبر 2 : 443.

وصف الأعرابی کما دلّ علی وصف غیره من المذکورین معه ، ولو اعتبر عدم حصول الشروط لزم القول بإمامة من ذکر إذا حصلت الشروط ، وظاهر النص خلافه ، سیّما بعد ذکر المجنون ، ولو لم یعمل بالخبر فالأمر واضح.

والعجب من تفصیل المحقق واستدلاله ، أمّا الأوّل : فلأنّ المحاسن إن أراد بها شروط الجماعة فالذی ینبغی ذکر الشرائط إجمالاً لا الإتیان بما ذکر ، وإن أراد غیر الشروط فالمناسب هو الکراهة. وقوله : الأمر ما ذکروه ، مجمل ؛ إذ المذکور الکراهة والتحریم ، ثم إنّ القسم الثانی فی کلامه یقتضی إرادة التحریم.

وأمّا الثانی : فهو خاص کما لا یخفی.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف أقوال الأصحاب ، فعن الشیخ فی الخلاف أنّه قال : سبعة لا یؤمّون الناس علی کل حال ، وعدّ منها : المجذوم ، والأبرص ، والمجنون ، وولد الزنا ، والأعرابی بالمهاجرین. قال العلاّمة : ولم یذکر کراهةً ولا تحریماً.

وعن المبسوط : لا یجوز أن یؤمّ ولد الزنا والأعرابی المهاجرین ، ثم قال یعنی الشیخ بعد تجویز إمامة الأعمی : ولا یؤمّ الأبرص ، ولا المجنون ، ولا المجذوم.

ونقل عن الصدوق أنّه قال : لا بأس أن یؤمّ الأعرابی المهاجرین (1) ، وعن أبی الصلاح عدم انعقاد الجماعة بغیر السلیم من الجنون والجذام والبرص ، ثم نقل عنه المنع من إمامة الأعرابی بالمهاجرین ، لا لغیرهم (2).

واختار العلاّمة الکراهة فی الجمیع ؛ لقوله علیه السلام : « یؤمّکم أقرؤکم »

ص: 70


1- فی المصدر : وقال الصدوق :. ولا یؤم الأعرابی المهاجرین.
2- نقله العلاّمة عن ابن البراج لا عن أبی الصلاح.

وللروایة الثانیة المذکورة هنا ، ثم نقل الاحتجاج بروایة أبی بصیر ، واصفاً لها بالصحة ، وأجاب بالحمل علی الکراهة فی البعض (1).

ولا یخفی علی من تدبر کلامه ما فیه ؛ ثم إنّ التقیید بالمهاجرین موجود فی بعض الأخبار الحسنة فی الکافی کما تسمعه.

والثانی : کما تری ظاهر فی جواز إمامة الأجذم والأبرص ، لکن السند قد سمعته ، والخبران متکافئان من جهته ، والذی فی الکافی بطریق حسن بإبراهیم بن هاشم ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : لا یصلّینّ أحدکم خلف المجذوم ، والأبرص ، والمجنون ، والمحدود ، وولد الزنا ، والأعرابی لا یؤمّ المهاجرین » (2).

والصدوق فی الفقیه روی عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « خمسة لا یؤمون الناس ، ولا یصلّون بهم صلاة فریضة فی جماعة : الأبرص ، والمجذوم ، وولد الزنا ، والأعرابی حتی یهاجر ، والمحدود » قال الصدوق : وقال أمیر المؤمنین علیه السلام ، ونقل روایة الکلینی (3) وغیر بعید أن تکون بالسند الأوّل ، لکن علی تقدیر الإرسال لها مزیّة کما قدّمناه (4) ، والروایة الاولی کذلک.

ثم إنّ دلالة خبر الکلینی علی الاختصاص بإمامة الأعرابی بالمهاجرین ظاهرة ، وروایة الصدوق ظاهرة فی الإطلاق ، فیمکن تقییدها علی تقدیر العمل بالحسن ، وقد صرّح شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب بأنّ روایة زرارة

ص: 71


1- المختلف 2 : 483.
2- الکافی 3 : 375 الصلاة ب 56 ح 4 ، الوسائل 8 : 325 أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 6.
3- الفقیه 1 : 247 / 1105 و 1106 ، الوسائل 8 : 324 أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 3.
4- فی ص : 2025.

لا تقصر عن الصحیح ، وبمضمونها روایات کثیرة ، فیجب الأخذ بظاهر النهی ، وهو التحریم ، لعدم صحة سند المعارض. وقد یقال : إنّه قدس سره استحسن فی المدارک تفصیل المحقق فی الأعرابی (1). وخبر زرارة متضمن النهی فی الأعرابی ، واللازم منه القول بالمنع ، وحینئذٍ بین الأمرین تنافٍ.

ثم إنّ روایة زرارة تضمنت المحدود ، وقد صرّح الأصحاب غیر أبی الصلاح علی ما نقل بجواز إمامته بعد التوبة علی کراهة (2) ، فالاعتماد علی روایة زرارة من حیث الإطلاق لا یخلو من إشکال ، ویمکن أن یقال : إنّ عموم أخبار الجماعة إنّما تخصها الأخبار السالمة من المعارض ، والسلامة محل کلام ، إلاّ أنّ الاحتیاط مطلوب.

فإن قلت : ما وجه التوقف ( فی العمل بالحسن ، مع أنّ مفهوم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ ) (3) یقتضی العمل به ؛ إذ لا فسق یوجب التثبت فی الممدوح؟

قلت : وجه التوقف ) (4) أنّ ظاهر الآیة اعتبار انتفاء وصف الفسق ، والممدوح لا یظن انتفاء وصف الفسق فیه ، إذ لا یتحقق الظن إلاّ بظن العدالة ، وبدون الظن لا انتفاء.

فان قلت : لا ریب أنّ المدح یقتضی نفی وصف الفسق وإن لم یثبت العدالة.

قلت : الکلام فی هذا مبنی علی ثبوت الواسطة بین الفسق والعدالة ،

حکم إمامة المحدود

بحث حول العمل بالحدیث الحسن

ص: 72


1- المدارک 4 : 371.
2- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 442.
3- الحجرات : 6.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

وتحقیقه فی الأُصول ، والحاصل هنا ما ذکرناه ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره شیخنا قدس سره من ضعف روایات الشیخ المعارضة (1) ، قد یشکل ( بما قدمناه فی أوّل الکتاب من ) (2) أنّ الشیخ قد صرّح بأنّ الروایات المنقولة منه مأخوذة من کتبٍ علیها المعوّل وإلیها المرجع ، وظاهر کلامه فی مواضع من هذا الکتاب أنّه لا یکتفی بمجرد الخبر بل لا بد معه من القرائن ، وحینئذٍ لا یقصر عن توثیق الرجل فی کتابه ، والحال أنهم یکتفون بتوثیقه ، فلیکن الحال فی الأخبار کذلک ، ولا أقلّ من المساواة للحسن ، وحینئذٍ یمکن ادّعاء تعارض الأخبار علی وجه تبقی العمومات علی أصلها ، إلاّ أن یقال : إنّ العمومات یکفی فی بقائها احتمال الکراهة فی المعارض.

وما عساه یقال : إنّ ظاهر النهی التحریم ، یمکن الجواب عنه بأنّ وجود ما علیه الأکثر من الکراهة فی بعض ما اشتملت علیه یؤیّد احتمال الکراهة ، مضافاً إلی أنّ استعمال النهی فی الکراهة إن لم یکن أغلب فهو مساوٍ ، ومن هنا یعلم حقیقة الحال ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی الصحاح : الأعرابی هو المنسوب إلی الأعراب ، وهم سکّان البادیة (3). وفی القاموس : العُرب بالضم وبالتحریک خلاف العجم ، وهم سکّان الأمصار ، أو عام ، والأعراب منهم سکّان البادیة (4). وذکر جدّی قدس سره

بحث حول اعتماد الشیخ فی العمل بالأخبار بالقرائن

معنی الأعرابی والمهاجر

ص: 73


1- انظر المدارک 4 : 369.
2- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
3- صحاح اللغة 1 : 178.
4- القاموس المحیط 1 : 106.

فی الروضة أنّ المهاجر هو المدنی المقابل للأعرابی ، أو المهاجر حقیقةً من بلاد الکفر إلی بلاد الإسلام (1). وفی المقام کلام ، إلاّ أنّ الأمر سهل.

بقی شیئان ، الأول : ما تضمّنه الخبر الثانی من قوله : « وهل کُتب البلاء إلاّ علی المؤمن » ظاهر الدلالة علی الحصر ، وظاهر الآثار خلافه ، ولعلّ المراد بالبلاء : الموجب لزیادة الثواب.

الثانی : ما ذکره الشیخ من أنّه یجوز أن یکون ( المعنی فیه الجواز ، لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الجواز فی المقام لا وجه له ؛ إذ الجماعة لا تکون إلاّ راجحة ، ولا یبعد أن یکون ) (2) المراد تفاوت الفضل ، والعبارة عن هذا قاصرة.

قوله :

باب الصلاة خلف العبد.

الحسین بن سعید ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء عن محمّد ابن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، أنّه سُئل عن العبد یؤمّ القوم إذا رضوا به ، وکان أکثرهم قرآناً؟ قال : « لا بأس » (3).

عنه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن العبد یؤمّ القوم إذا رضوا به ، وکان أکثرهم قرآنا؟ قال : « لا بأس به ».

عنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : سألته عن

کلمة فی قوله علیه السلام : « وهل کتب البلاء إلا علی المؤمن؟ »

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایة المعارضة

الصلاة خلف العبد

اشارة

ص: 74


1- انظر الروضة البهیة 1 : 386.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی الإستبصار 1 : 423 / 1628 زیادة : به.

المملوک یؤمّ الناس؟ قال : « لا ، إلاّ أن یکون هو أفقههم وأعلمهم ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أبی إسحاق ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی : علیهم السلام ، أنّه قال : « لا یؤمّ العبد إلاّ أهله ».

فمحمول علی الفضل والاستحباب ، وإن کان یحوز أن یؤمّ أهله وغیر أهله.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحته بعد ما قدّمناه (1).

والثانی : کذلک.

والثالث : موثق ، والحسن فیه أخو الحسین بن سعید ، والإضمار قد قدّمنا (2) أنّه لا یضر بالحال.

والرابع : معروف بالنوفلی والسکونی ، وأبو إسحاق علی الظاهر إبراهیم بن هاشم ؛ لأنّه الراوی عن النوفلی فی الرجال (3) والأخبار (4) ، وکنیته أبو إسحاق ، ولم یذکره أصحاب الرجال فی الکنی مع ذکر غیره المکنّی بذلک ، ولا یستبعد روایة محمّد بن أحمد بن یحیی عنه من یمارس الرجال.

وما عساه یقال : إنّ الظاهر لا ینبغی الإتیان به ، بل ینبغی

تمییز أبی إسحاق

ص: 75


1- راجع ج 1 ص 141 ، 146 ، ج 3 ، 181.
2- راجع ج 1 ص 72.
3- کما فی رجال النجاشی : 38 / 77 ، 16 / 18.
4- الاستبصار 3 : 57 / 184.

الجزم.

یمکن الجواب عنه باحتمال روایة غیر إبراهیم ( والمشارک فی الکنیة موجود ) (1) والروایة فی الرجال لا تقتضی الانحصار. ثم إنّ اسم النوفلی الحسین بن یزید.

المتن :

فی الأوّل والثانی : یدلّ علی نفی البأس عن إمامة العبد إذا کان أکثر قرآنا ، لکنه من کلام السائل ، وقد قدّمنا أنّ مثل هذا لا یفید تخصیصاً ، غایة الأمر أنّ إمامته مع المساواة للمأمومین فی القرآن تحتاج إلی دلیل ، ولعلّ استفادتها من بعض العمومات غیر بعیدة.

والثالث : یدل علی أنّه لا یؤمّ ( إلاّ إذا کان أفقه وأقرأ ) (2) ولا یبعد أن یخص علی تقدیر العمل به العمومات ، لکن المنقول فی المختلف من أقوال العلماء عن الشیخ فی النهایة والمبسوط : أنّه لا یجوز أن یؤمّ العبد الأحرار ، ویجوز أنْ یؤمّ العبد بموالیه إنْ کان أقرأهم للقرآن ، وهو اختیار ابن البرّاج ، وفی الخلاف : یجوز إذا کان من أهلها ، وأطلق. ثم قال یعنی الشیخ وروی فی بعض روایاتنا أنّ العبد لا یؤمّ إلاّ مولاه ولعلّه أراد به الثالث (3) ونقل العلاّمة أنّه استدلّ بعموم الأخبار الواردة فی فضل الجماعة ، وقوله علیه السلام : « یؤمّکم أقرؤکم » ولم یفصّل. وقال الصدوق فی المقنع : ولا یؤمّ العبد إلاّ أهله ، روایة مرسلة عن علی علیه السلام . وقال ابن

بیان ما دل علی جواز إمامة العبد وشرائط ، والأقوال فی المسألة

ص: 76


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : المشارک فی الکنیة.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : إذا کان وافرا ، وفی الروایة : أفقههم وأعلمهم.
3- کذا فی النسخ ، ولعل الصواب : الرابع.

الجنید : لا بأس بإمامة الأعمی والعبد إذا کانا بالوصف الذی یوجب التقدم. وکذا قال ابن إدریس ، وجعله أبو الصلاح مکروهاً (1) ، انتهی.

ولا یخفی علیک أنّه لیس فی الأقوال ما یقتضی الاختصاص بکونه أقرأ وأفقه فی غیر الموالی ، ( أمّا الموالی ) (2) فقول الشیخ الأوّل یفید ذلک ، والخبر المبحوث عنه هنا لا یدلّ علی ذلک.

ثم إنّ العلاّمة اختار الجواز مطلقاً ، لکن الحُرّ أولی منه إذا شارکه فی الصفات ، مستدلاً بقوله علیه السلام : « یؤمّکم أقرؤکم » وصحیح محمّد بن مسلم الثانی ، وحکی احتجاج المخالف بروایة السکونی ، وأجاب بالمنع من صحة السند ، والحمل علی الاستحباب (3).

وأنت خبیر بأنّ حدیث « یؤمّکم أقرؤکم » یدل علی أنّ العبد إذا کان أقرأ یؤمّ ، وکذلک صحیح محمّد بن مسلم ، وحینئذٍ لا بُدّ فی إتمام المطلوب من زیادة علی ذلک ، وقد ذکر ما لا ینبغی نقله هنا.

وأمّا خبر : « یؤمّکم أقرؤکم » فلم أقف علیه ، نعم روی الشیخ فی التهذیب بطریق فیه سهل بن زیاد ، عن أبی عبیدة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القوم من أصحابنا یجتمعون فتحضر الصلاة ، فیقول بعضهم لبعض : تقدّمْ یا فلان ، فقال : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال : یتقدّم القوم أقرؤهم للقرآن » الحدیث (4). وغیر خفی أنّه لا یصلح للاستدلال.

فإنْ قلت : العموم الذی ذکرته أوّلاً من أنّه یمکن تخصیصه ما هو؟.

ص: 77


1- المختلف 2 : 481.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- المختلف 2 : 482.
4- التهذیب 3 : 31 / 113 ، الوسائل 8 : 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 1.

قلت : ما دلّ علی فضیلة الجماعة علی صلاة المنفرد (1) ، وبعض الأخبار المرویة فی التهذیب (2) ، وفی ما یأتی فی باب القراءة خلف من یُقتدی به (3) ، فإنّ لها عموماً فی الجملة ، لکن التخصیص واضح الوجه لو علم الموافق علی ما ذکرناه.

وقد روی الکلینی ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قلت له الصلاة خلف العبد ، قال : « لا بأس به إذا کان فقیهاً ، ولم یکن هناک أفقه منه » (4) الحدیث. وهو کما تری یدلّ علی أنّ العبد یصلّی إماماً إذا لم یکن أفقه منه ، والخبر الثالث هنا یوافقه مع زیادة « الأعلم » وحینئذٍ یُنفی (5) حکم الأقرأ فی الخبر الثانی.

وقد ذکر جدّی قدس سره فی الروضة أنّ المراد بالأقرإ الأجود أداءً وإتقاناً للقراءة ، ومعرفة أحکامها ومحاسنها ، وإنْ کان أقلّ حفظاً (6).

وللأصحاب کلام فی تقدیم الأفقه علی الأقرأ أو عکسه (7) ، والمهم هنا ما ذکرناه.

نعم ینبغی أنْ یعلم أنّ ما تضمنه الخبران الأوّلان من قوله (8) : إذا رضوا به. مجمل المرام ، وعلی المعروف بین الأصحاب بل ادعی علیه

ص: 78


1- الوسائل 8 : 308 أبواب صلاة الجماعة ب 9.
2- التهذیب 3 : 24 ب 2.
3- انظر ص 108 110.
4- الکافی 3 : 375 الصلاة ب 56 ح 4 ، الوسائل 8 : 325 أبواب صلاة الجماعة ب 16 ح 1.
5- فی « رض » و « فض » : یبقی.
6- الروضة البهیة 1 : 391.
7- انظر المبسوط 1 : 157 ، الجامع للشرائع : 99 ، المنتهی 1 : 375.
8- فی النسخ : قوله : علیه السلام ، والصواب زیادة التحیّة ؛ القائل هو السائل.

الإجماع اشتراط العدالة فی إمام الجماعة (1) ، وحینئذٍ یحتمل إرادة ذلک ، وسیأتی (2) إن شاء الله القول عند ذکر بعض الأخبار المحتملة لنحو ما هنا.

ثم إنّ الخبر الأخیر قد رواه الشیخ فی التهذیب بزیادة : ولا یجوز للصبی أن یؤمّ بالقوم قبل بلوغه ، ومتی فعل ذلک کانت صلاتهم فاسدة (3). والإشارة فی قوله : ذلک ، محتملة للعود إلی الصبی ، ویحتمل له وللعبد إذا أمّ غیر أهله ، ولا یتم بها تأویل الشیخ ، لکن الظاهر العود إلی الصبی.

فإنّ قلت : قوله فی الزیادة : کانت صلاتهم ، إلی آخره. راجع إلی الصبی مع القوم ، أو القوم فقط؟

قلت : لا یبعد إرادة القوم فقط ، لا لأنّ عبادة الصبی لا توصف بالفساد لإمکان المناقشة فی هذا ، کما حرّرناه فی موضع آخر ، وسیأتی إن شاء الله (4) بل لأنّ بطلان صلاة الإمام مع اختلال بعض الشرائط کالبلوغ فی المثال محل تأمّل ، وسیأتی فی الباب الذی بعد هذا ما یدلّ علیه.

فإن قلت : ظاهر ما ذکرت التوقف فی الصحة ، وهذا کأنّه لا وجه له ؛ إذ البطلان لصلاة الإمام غیر محتمل ، إذ لا مقتضی له.

قلت : ربما یدّعی احتمال البطلان من حیث قصد الإمامة مع کونها غیر صحیحة ، فالصلاة الصحیحة وهی التی تفعل علی الانفراد غیر مقصودة ، وغیرها لیس بصحیح ، ومثل هذا لو اتّفق أنّ الإمام فاسق ونحوه مع علمه بذلک ونیّة الإمامة ، وأظنّ أنّی رأیت مثل ما ذکرته للشهید رحمه الله

بحث حول إمامة الصبی وعبادته

ص: 79


1- انظر المنتهی 1 : 370.
2- فی ص 135.
3- التهذیب 3 : 29 / 102 ، والظاهر أنّ هذه الزیادة من الشیخ رحمه الله لا من الروایة.
4- فی ص 81.

لکن لم یحضرنی الآن محله ، وللکلام فیه مجال.

إذا عرفت هذا فما ذکره الشیخ من الحمل علی الفضل والاستحباب کأنّه یرید به کراهة إمامة العبد لغیر أهله ؛ إذ الجواز فی الجماعة لا وجه له ، بل یکون أقلّ فضلاً ، علی نحو ما قدّمناه فی الباب السابق.

فإنْ قلت : عبارته لا تدلّ علی الکراهة ، بل تدلّ علی أنّ الفضل فی إمامته لأهله ، ولغیرهم یجوز الحمل علی الإباحة الشرعیة لا الکراهة.

قلت : الإباحة الشرعیة لا تخلو من تأمّل ؛ لأنّ تساوی طرفی الفعل والترک فی الثواب غیر معقول ، لعدم مناسبته حکمة الشارع ، وإذا ترجّح الفعل لم یتحقق التساوی ، وقد أوضحت القول فی محلٍ آخر ، والحاصل أنّه یمکن ادّعاء تحقق الثواب فی الترک بقصد الامتثال ، إلاّ أنّ المساواة للفعل محل تأمّل.

فإنْ قلت : المباح لا أمر فیه ، والثواب فرع الطلب.

قلت : الثواب فرع امتثال مراد الشارع سواء وجّه الحکم بالأمر والنهی أو بغیرهما. وما قد یفهم من کلام بعض فی الأُصول : أنّ المباح الشرعی قسیم الاقتضاء ، فلا یکون مأموراً به. یدفعه ما ذکرناه ، فلیتأمّل.

فإنْ قلت : من أین الدلالة علی الکراهة مع انتفاء الإباحة الشرعیة فی کلام الشیخ؟.

قلت : لأنّ المعروف بین الأصحاب أنّ الأقلّ ثواباً مکروه العبادة ، والمفروض هنا ذلک.

أمّا ما ظنه بعض أفاضل المتأخرین رحمه الله من أنّ اللازم من کون الأقلّ ثواباً مکروهاً کراهة مثل الصلاة فی البیت ، لأنّها أقلّ ثواباً من المسجد ، بل المسجد أیضاً متفاوت.

توجیه ما دل علی أن العبد لا یوم إلا أهله وبحث حول معنی الإباحة والکراهة فی العبادة

ص: 80

فجوابه : أنّ المراد ما نهی الشارع عنه یراد به الأقلّ ثواباً ، لا أنّ کل ما هو أقلّ ثواباً مکروه.

فإنْ قلت : أیّ نهی فیما نحن فیه عن إمامة العبد لغیر أهله؟.

قلت : یستفاد من ظاهر الخبر ، إلاّ أنّ الحال ما عرفت فی أوّل الکلام ، فلا ینبغی الغفلة عنه. وما عساه یقال : إنّ الأهل لا ینحصر فی الموالی. یمکن دفعه بتقدیر عدم القائل ، فلیتأمّل.

قوله :

باب الصلاة خلف الصبی قبل أنْ یبلغ الحلم.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن الحسن بن موسی الخشّاب ، عن غیاث ابن کلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام : « أنّ علیاً علیه السلام کان یقول : لا بأس أنْ یؤذّن الغلام قبل أنْ یحتلم ، ولا یؤمّ حتی یحتلم ، فإنْ أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، ( عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن یحیی ) (1) ، عن طلحة بن زید (2) ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی : قال : « لا بأس أن یؤذّن الغلام الذی لم یحتلم ، وأنْ یؤمّ ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من کان کاملاً للعقل وإنْ لم یبلغ الحلم ، والخبر الأوّل علی من لم یحصل فیه شرائط التکلیف قبل بلوغ الحُلُم ، لیتلاءم الخبران.

الصلاة خلف الصبی قبل أن یبلغ الحلم

اشارة

ص: 81


1- فی « رض » و « م » : عن أحمد بن محمّد بن یحیی.
2- فی « فض » : طلحة بن یزید.

السند :

فی الخبرین کرّرنا القول فی أحوال رجاله (1). والحاصل أنّهما ضعیفان ؛ لأنّ غیاث بن کلوب فی الأوّل مهمل فی الرجال (2). والثانی فیه طلحة بن زید ، وفی الرجال أنّه عامیّ (3) ، وقیل بتری (4). ومحمّد بن یحیی الراوی فیه اشتراک (5).

فإنْ قلت : قد ذکر الشیخ فی الفهرست أنّ کتاب طلحة معتمد (6) ، والظاهر من الشیخ هنا النقل من کتابه ؛ لأنّ الشیخ لا یعمل بالخبر المجرد عن القرائن ، فما المانع من قبول الخبر؟

قلت : قد قدّمنا کلاماً فی مثل هذا. والحاصل أنّ نقل الشیخ هنا لم یعلم من کتاب طلحة ، واعتماد الشیخ علی القرائن لا ریب فیه ، إلاّ أنّ فی مساواة مثل هذا للتوثیق منه فی الرجال محل کلام ، فلیتأمّل.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی نفی البأس عن أذان الغلام قبل أنْ یحتلم ، والنهی عن إمامته حتی یحتلم ، لکن النهی یتناول ائتمام مثله به والبالغ ، والظاهر من قوله : « فإنْ أمّ » إلی آخره. یتناول مثله وغیره ، ودلالة الفساد

غیاث بن کلوب مهمل

طلحة بن زید عامی أو بتری وکتابه معتمد

محمد بن یحیی مشترک

بیان ما علی جواز أذان الغلام قبل أن یحتلم والنهی عن إمامته

ص: 82


1- راجع ج 1 ص 279 ، ج 2 ص 352 ، ج 4 ص 337.
2- انظر رجال النجاشی : 305 / 832 ، الفهرست : 123 / 550.
3- انظر رجال النجاشی : 207 / 550 ، الفهرست : 86 / 362.
4- کما فی رجال الطوسی : 126 / 3.
5- انظر هدایة المحدثین : 258.
6- الفهرست : 86 / 362.

علی بلوغ من خلفه محل تأمّل. وما عساه یقال إنّ التعبیر بقوله : « جازت صلاته » دون « صحّت » یدلّ علی أنّ عبادته لا توصف بالصحّة ، وحینئذٍ یدلّ ذکر الفساد علی البالغ ؛ محل تأمّل أیضاً.

والحاصل أنّ منع کون عبادة الصبی شرعیة محل بحث ، کما أنّ عدم اتصافها بالصحّة والفساد کذلک.

فإنْ قلت : قد صرّح البعض بأنّ الصحّة والبطلان من خطاب الوضع ، فلا یدلّ علی ما ذکرت من إرادة البالغ.

قلت : الذی صرّح بما ذکرت جدّی قدس سره فی الروضة ، وأظنّ أنّه غیر تام ، وقد أوضحت الحال فی حواشی الروضة.

وحاصل الأمر أنّه ذکر فی الروضة فی کتاب الصوم عند قول الشهید رحمه الله : وفی الصحّة التمییز. ویعلم منه أنّ صوم الممیز صحیح ، فیکون شرعیاً ، وبه صرّح فی الدروس ، ویمکن الفرق بأنّ الصحّة من أحکام الوضع فلا یقتضی الشرعیة ، انتهی (1).

وقد یقال : إنْ أراد بکون الصحّة من أحکام الوضع أنّ الشارع لم یحکم بها ، وإنّما الحاکم بها العقل ، کما ذکره ابن الحاجب. ففیه : أنّ هذا لا یقتضی کون الصحة لیست من الأحکام الشرعیة ؛ إذ لا مانع من کونها من الأحکام الشرعیة بواسطة العقل ، علی معنی أنّ العقل حاکم بأنّ ما وافق أمر الشارع فهو صحیح.

وإنْ أراد أنّ الصحّة لا تتوقف علی توقیف الشارع علیها ، بمعنی أنّه لا یحتاج إلی تنصیصه علی الصحّة ، فلزوم کون الصحّة تقتضی أنّ الحکم

بحث حول عبادة الصبی ، شرعیتها واتصافها بالصحة والفساد

ص: 83


1- الروضة البهیة 2 : 101.

وضعی لا شرعی ؛ غیر واضح ، کیف وقد صرّح هو وغیره بأنّ الحکم الوضعی من أقسام الحکم الشرعی. نعم هو قسیم الاقتضاء ، غایة الأمر أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ موافقة الأمر متوقفة علی تناول الأمر من الشارع له ، وقد صرّح بعض الأصحاب بأنّ عبادة الصبی تمرینیة (1) ، لعدم تناول الأمر له بناءً علی أنّ التکلیف مشروط بالبلوغ.

وقد یقال : إنّ التکلیف بالواجبات أو المحرّمات مسلّم التوقف علی البلوغ ، أمّا غیرها فهو أوّل البحث ، وحدیث رفع القلم (2) یؤید انتفاء الأمر بالواجبات ، والنهی عن المحرّمات.

ویمکن الجواب : بأنّ تناول الأوامر والمناهی علی وجه الاستحباب والکراهة یشکل إثباته بالنسبة إلی الممیز ، وفیه ما فیه ، لکن المنقول عن أکثر الأصحاب المنع من إمامة الممیز ؛ لعدم کون عبادته شرعیة ، فلا یکون داخلاً فی الإمام المکلّف بالجماعة ، مضافاً إلی أنّه إذا عَلم عدم عقابه فلا یؤمن من الإخلال بشرط ، وللروایة الاولی (3). وقد سبق فی روایة السکونی علی ما فی التهذیب ما یدلّ علی ذلک أیضاً (4) ، وبعض الأصحاب ذهب إلی أنّ عبادته شرعیة (5) ، فیدخل تحت تکلیفه ، وتجویز الإخلال بالشرط یدفعه الظن الموجب للاعتماد کالبالغ.

وفی الکافی روی عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بالغلام

توجیه ما دل علی جواز إمامة الصبی

ص: 84


1- کما فی المسالک 1 : 70 ، المختلف 2 : 481 و 3 : 352 الروضة ، البهیة 2 : 102.
2- انظر الخصال : 93 / 40 ، الوسائل 1 : 45 أبواب مقدمة العبادات ب 4 ح 11.
3- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 244.
4- التهذیب 3 : 29 / 102.
5- کما فی الشرائع 1 : 188 ، الدروس 1 : 268 ، مجمع الفائدة والبرهان 3 : 246.

الذی لم یبلغ الحلم أنْ یؤمّ القوم وأنْ یؤذّن » (1) والخبر الثانی من الباب یؤید ذلک ، وحملُ الشیخ المذکور هنا یرید به حصول البلوغ بغیر الحلم ، فیحمل ما دلّ علی الجواز علی ذلک ، وما دلّ علی المنع یحمل علی غیر ذلک ، وهو مَن لم یبلغ أصلاً.

ولا یخفی أنّ الحمل علی الکراهة فی حیّز المنع ؛ لأنّ التصریح بفساد صلاة من خلفه یأبی الکراهة ، وکذلک الخبر السابق مع زیادة التهذیب (2) ، ولو حمل الفساد علی استحباب الإعادة ازداد البعد ، فما ذکره بعض الأصحاب من إمکان الجمع بالکراهة (3) ؛ محل تأمّل ، کحمله بعض أخبار المنع علی عدم شروط الإمامة أو بعضها.

هذا علی تقدیر الاعتماد علی الأخبار ، أو الاعتماد علی التوجیه المنقول ، وتصیر الأخبار مؤیدة ، وإلاّ أمکن أنْ یقال : ما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب من أنّ الروایة مطابقة لمقتضی الأصل من وجوب القراءة علی المصلّی إذا لم یعلم المسقط ، ولم یعلم مع الائتمام بغیر البالغ.

وما عساه یقال : إنّ عموم أخبار الجماعة تتناول الصبی الممیز ؛ محل بحث ، وفی المعتبر بعد نقل تأویل الشیخ قال : ولیس هذا التأویل بجیّد ؛ لتوارد الروایتین علی صفةٍ واحدة ، مع تنافی الحکم ، لکنّ الأولی العمل بروایة إسحاق ؛ لعدالته ، وضعف طلحة ، ولأنّ ذلک أظهر فی الفتوی بین الأصحاب ، وهو نوع من رجحان (4) ، انتهی.

ص: 85


1- الکافی 3 : 376 الصلاة ب 56 ح 6 ، الوسائل 8 : 321. أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 3.
2- راجع ص : 73 ، 77.
3- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 245.
4- المعتبر 2 : 436.

وقد یقال : إنّ ما ذکره من مورد الروایتین یمکن توجیهه وإنْ أمکن المناقشة بعدم المانع من حمل الاحتلام فی الأُولی علی البلوغ ، وفی الثانیة علی حصول المنی ، إلاّ أنّ البعد غیر خفی.

أمّا ما قاله من عدالة إسحاق ، ففیه : أنّ الضعف غیر منحصر فی إسحاق ، بل غیاث بن کلوب غیر موثّق ولا ممدوح ، إلاّ أنّ یقال : بأنّه مجهول الحال فلا یحکم بضعفه ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن الشیخ فی المبسوط والخلاف أنّه جوّز کون المراهق الممیِّز العاقل إماماً فی الفرائض ، وحکی عن غیر الشیخ أیضاً فی الجملة ، ثم احتجّ العلاّمة لما ذهب إلیه من المنع بأنّه لیس من أهل التکلیف ، ولا یقع منه الفعل علی وجه الطاعة ، لأنّها موافقة الأمر ، والصبی لیس مأموراً إجماعاً ، وبأنّ العدالة شرط إجماعاً ، وهی غیر متحققة فی الصبی ، لأنّها هیئة قائمة بالنفس تبعث علی ملازمة الطاعات والانتهاء عن المحرّمات ، وکلّ ذلک فرع التکلیف ، وذکر غیر ذلک ممّا قدّمناه.

ثمّ نقل احتجاج الشیخ بإجماع الفرقة ، وأنّهم لا یختلفون فی أنّ مَن هذه صفته تلزمه الصلاة ، وأیضاً قوله علیه السلام : « مُرُوهُم بالصلاة لسبع » یدلّ علی أنّ صلاتهم شرعیة ، ولأنّه جاز أنْ یکون مؤذّناً فجاز أنْ یکون إماماً ، ولِما رواه طلحة وذکر الروایة الثانیة.

ثمّ أجاب العلاّمة بمنع الإجماع علی تکلیف غیر البالغ ، بل لو قیل بالضد کان أولی ، وأمر الولی بأمرهم لیس أمراً لهم ، ومشروعیة صلاتهم إنْ عنی بها أنّها مطلوبة للتمرین فهو مسلّم ، أمّا لاستحقاق الثواب فلا ، والروایة ضعیفة ، ومتأوّلة بالغلام الذی بلغ بالسنین ولم یحتلم (1) ، انتهی.

قول الشیخ بجواز إمامة المراهق الممیز العاقل وجواب العلامة عنه

المناقشة فی جواب العلامة

ص: 86


1- المختلف 2 : 480.

ولقائل أنْ یقول : إنّ احتجاجه محل تأمّل ، أمّا أولاً : فما ذکره من أنّ الصبی لیس مأموراً إجماعاً ، فیه : أنّ الأمر بالأمر بالشی ء الخلاف واقع فیه ، فقد قیل : إنّه أمر بذلک الشی ء (1) ، وقیل : لا (2) ، واستدلال الشیخ بقوله علیه السلام : « مُرُوهُم » یدلّ علی اختیاره ذلک ، فأین الإجماع؟ إلاّ أنْ یقال : إنّ الخلاف بین الأُصولیین ، أمّا الأصحاب فلا ، وفیه : أنّ الخلاف فی أنّ عبادة الصبی شرعیة أو تمرینیة موجود ، والبناء علی المسألة الأُصولیة مذکور.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ العدالة إنْ کانت إجماعیة حتی فی الصبی ( فلا بُدّ أنْ یراد بها فیه معنیً غیر المعنی فی البالغ ، وإنْ أُرید بها فی غیر الصبی ) (3) فلا یتمّ الدلیل ، کما هو ظاهر. وقوله : إنّ ملازمة الطاعات ( والانتهاء عن المحرّمات فرع التکلیف ، یدفعه أنّه لا مانع من إرادة الطاعات ) (4) والانتهاء عن المحرّمات بالنسبة إلی المکلّف بها.

وأمّا جوابه عن احتجاج الشیخ ففیه مع ما ذکرناه - : أنّ نفی استحقاق الثواب محل بحث ؛ إذ لیس بإجماعی ، ومعه لا مانع من الاستحقاق ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : الحُلْم بالضم والاحتلام الجماع فی النوم ، والاسم الحُلُم کعُنُق (5).

معنی الحلم

ص: 87


1- المستصفی من علم الأصول 2 : 13 ، المدارک 6 : 42.
2- الإحکام فی أُصول الأحکام للآمدی 2 : 402.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- القاموس المحیط 4 : 100.

قوله :

باب أنّ المتیمم لا یصلّی بالمتوضّئین.

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبّاد بن صهیب قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لا یصلّی المتیمم بقومٍ متوضّئین ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن بنان بن محمّد ، عن أبیه ، عن ابن المغیرة ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « لا یؤمّ صاحب التیمم المتوضّئین ، ولا یؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الحمید ، عن أبی جمیلة ، عن أبی أُسامة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی الرجل یجنب ولیس معه ماء وهو إمام القوم ، قال : « نعم ، یتیمم ویؤمّهم ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ابن أیّوب ، عن عبد الله بن بکیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجلٍ أجنب ثم تیمم فأمّنا ونحن علی طهور ، فقال : « لا بأس به ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن محمّد ابن أبی عمیر ، عن حمزة بن حمران (1) وجمیل بن دراج قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إمام قوم أصابته جنابة فی سفر (2) ولیس معه من الماء ما یکفیه للغسل ، أیتوضّأ بعضهم ویصلّی بهم؟ قال : « لا ، ولکن

المتیمم لا یصلی بالمتوضئین

اشارة

ص: 88


1- فی الکافی 3 : 66 / 3 والفقیه 1 : 60 / 223 والتهذیب 3 : 167 / 365 والوسائل 8 : 327 أبواب صلاة الجماعة ب 17 ح 1 : عن محمّد بن حمران.
2- فی الاستبصار 1 : 425 / 1638 : السفر.

یتیمم الجنب ویصلّی بهم ، فإنّ الله جعل التراب طهوراً ».

عنه ، عن أبی جعفر ، ( عن أبیه ) (1) ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن عبد الله بن بکیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت : رجل أمّ قوماً وهو جنب وقد تیمم وهم علی طهور ، فقال : « لا بأس ».

فالوجه فی هذه الأخبار والجمع بینها وبین الخبر الأوّل أنْ نحمل الخبر الأوّل علی الفضل ، وهذه علی الجواز ، لئلاّ تتناقض الأخبار.

السند :

فی الأوّل : لیس فی رجاله ارتیاب بعد ما قدّمناه مکرّراً (2) ، إلاّ فی عبّاد بن صُهیب ، فإنّ النجاشی قال : عبّاد بن صُهیب أبو بکر التمیمی الکُلیبی الیربوعی ، بصری ثقة ، روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، وذکر أنّ الراوی عنه کتابه هارون بن مسلم (3). والشیخ فی الفهرست ذکره مهملاً ، والراوی عنه کتابه الحسن بن محبوب (4) ، والعلاّمة فی الخلاصة قال : عبّاد بن صُهیب بتری قاله الکشّی ، ثم نقل عبارة النجاشی (5). وحکی جدّی قدس سره فی فوائد الخلاصة عن الإیضاح الجزم بأنّه ثقة (6) ، انتهی.

والذی فی الکشی علی سبیل الجزم أنّه عامیّ (7) ، ونقل فی موضع

بحث حول عباد بن صهیب

ص: 89


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- راجع ج 2 ص 131 133.
3- رجال النجاشی : 293 / 791.
4- الفهرست : 120 / 531.
5- الخلاصة : 243 / 2.
6- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 115 ، الإیضاح : 232 / 444.
7- رجال الکشی 2 : 690 / 737.

آخر عن نصر أنّ عبّاداً بتری (1) ، ونصر صرّح العلاّمة بأنّه غالٍ (2) ، وکذلک الکشّی (3) ، فالظاهر أنّ لفظ بتری سهو قلم.

ثم إنّ ترجیح النجاشی فی توثیقه قد قدّمنا القول فیه (4). وقولهم : إنّ الجارح مقدّم علی المعدّل علی الإطلاق (5) ؛ محل تأمّل. کما أنّ قولهم بإمکان الجمع بین قول الجارح والمعدّل فی مثل هذا (6) ، فیکون عامیّاً ثقة ؛ محل بحث ؛ لِما یعلم من النجاشی أنّه لا یترک ذکر فساد المذهب فی کتابه.

والثانی : فیه بنان بن محمّد ، وهو أخو أحمد بن محمّد بن عیسی علی ما فی الکشّی نقلاً عن نصر بن الصباح (7) ، وعلی کل حال لا یزید علی الإهمال ، وأبوه محمّد بن عیسی تقدّم أنّه غیر معلوم التوثیق (8) ، وأمّا المدح فله وجه. وابن المغیرة تقدّم (9) ، ویأتی بیانه فی الجملة. والسکونی تکرّر القول فیه (10).

والثالث : فیه أبو جمیلة وهو المفضّل بن صالح ، وقد ذکره الشیخ فی الفهرست مهملاً (11) ، والعلاّمة قال : إنّه ضعیف (12). ومحمّد بن

تقدیم الجارح علی المعدل محل تأمل

بحث حول عنان بن محمد وأبیه محمد بن عیسی

أبو جمیلة المفضل بن صالح مهمل أو ضعیف

إشارة إلی حال محمد بن عبد الحمید

بحث حول عبد الله بن بکیر

ص: 90


1- رجال الکشی 2 : 690.
2- خلاصة العلاّمة : 262 / 2.
3- رجال الکشی 2 : 613 / 584.
4- راجع ج 1 ص 108 111 ، ج 6 ص 369.
5- قاله الشهید الثانی فی الدرایة : 73.
6- انظر حاوی الأقوال 3 : 219 / 1168.
7- رجال الکشی : 2 : 799 / 989.
8- یأتی ص 90.
9- راجع ج 1 ص 59 ، ج 3 ص 17 ، 178 ، ج 4 ص 107 ، 392.
10- راجع ج 1 ص 188 ، ج 2 ص 109 ، 397 ، ج 3 ص 140 ، 420 ، ج 4 ص 96.
11- الفهرست : 170 / 743.
12- انظر خلاصة العلاّمة : 258 / 2.

عبد الحمید کرّرنا القول فیه فی الکتاب من أنّ کلام النجاشی فیه (1) محتمل لتوثیقه احتمالاً لا یبعد ظهوره ، أو لأبیه علی بُعد. وکذلک مضی القول (2) فی أبی أُسامة زید الشحّام.

والرابع : فیه عبد الله بن بکیر ، وقد مضی فیه القول (3) ، والحاصل أنّ الشیخ قال : إنّه فطحی ثقة (4) ، والنجاشی لم یذکر الأمرین (5) ، وفی الکشّی : إنّه ممّن أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنه (6). فلیتأمّل.

والخامس : واضح الرجال ، ولا یضرّ حمزة بن حمران بالحال ، حیث لا یزید وصفه عن الإهمال.

والسادس : فیه محمّد بن عیسی الأشعری المعبر عنه بأبیه ، وقد مضی (7) عدم ثبوت توثیقه ، بل المدح فیه له وجه. وعبد الله بن المغیرة مضی أنّه ثقة ثقة فی النجاشی (8) ، والکشّی قال : إنّه ممن أجمع العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنه (9) ، والروایة فی الکشّی بأنّه کان واقفیاً ثم رجع ، تقدّم القول فیها (10). وعبد الله بن بکیر مضی عن قریب وبعید.

حمزة بن حمران مهمل

محمد بن عیسی الأشعری ممدوح

بحث حول عبد الله بن المغیرة

ص: 91


1- رجال النجاشی : 339 / 906.
2- راجع ج 1 : 293.
3- راجع ج 1 : 125 ، 389 وج 3 : 18.
4- الفهرست : 106 / 452.
5- رجال النجاشی : 222 / 581.
6- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
7- راجع ج 1 : 355 ، 371 وج 2 : 255 وج 3 : 17 ، 196 وج 5 : 69.
8- فی ج 1 : 139 ، وهو فی رجال النجاشی : 215 / 561.
9- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
10- فی ج 1 : 139 ، وهو فی رجال الکشی 2 : 857.

المتن :

فی الأوّل : واضح ، وبتقدیر العمل فالحمل علی الکراهة ممکن لو لا ما فی خبر جمیل من النهی الدال علی مرجوحیة صلاة المتوضّئ ، وقد یمکن تکلّف التوجیه ، وسیأتی نوع احتمال.

وأمّا الثانی : فالکلام فیه کالأوّل ، إلاّ أنّ فیه احتمال رجحان المنع من حیث النهی عن إمامة صاحب الفالج الأصحّاء ، والحال ما سمعت ، ولولاه أمکن بعض المقال.

والثالث : ربما دلّ بظاهره علی جواز التیمم فی أوّل الوقت ، إلاّ أنْ یقال بتأخیر صلاة المأمومین تبعاً له ویکون من قبیل العذر ، وفیه ما فیه.

والرابع : کالثالث.

والخامس : عرفت القول فیه ، وربما کان السفر یفید الرخصة فی التأخیر.

فإنْ قلت : ظاهر الخبر أنّ الماء مع الجنب ولا یکفیه للغسل ، ولعلّ السؤال عن وضوء أحدهم بمائه ویصلّی بهم ، فالنهی حینئذٍ عن هذا ، فلا یدلّ علی النهی عن إمامة المتوضّئ.

قلت : لا دلالة فی الروایة علی الوضوء بمائه کما لا یخفی ، والصدوق رواها عن جمیل ، وفیها : ومعهم ماء یتوضّؤن (1) به (2) وهو صریح فی نفی ما ذکر.

والسادس : واضح الدلالة.

بیان ما دل علی المنع من إمامة المتیمم بالمتوضئین والجمع بینه وبین ما یعارضه

ص: 92


1- فی « م » و « رض » : ومعها یتوضئون.
2- الفقیه 1 : 250 / 1124.

ثمّ إنّ حمل الشیخ یتضح المراد فیه بما قدّمناه سابقاً ، ویظهر منه إرادة الکراهة من العنوان ، وفی المنتهی : أنّه لا یعرف خلافاً فی الکراهة ، إلاّ ما حکی عن محمّد بن الحسن الشیبانی من المنع ، هکذا نقله شیخنا قدس سره (1) وفی المختلف حکی عن السیّد المرتضی رضی الله عنه أنّه قال : لا تجوز الصلاة خلف الفسّاق ، ولا یؤمّ بالناس الأغلف ، وولد الزنا إلی أنْ قال - : ولا المتیمم المتوضّئین (2). والظاهر من هذا المنع ، فلیتأمّل.

وفی مدارک شیخنا قدس سره بعد روایة عبّاد بن صُهیب وروایة السکونی ، قال : وفی الروایتین ضعف من حیث السند ، ولو لا تخیّل الإجماع علی هذا الحکم لأمکن القول بجواز الإمامة علی هذا الوجه من غیر کراهة ، للأصل ، وما رواه الشیخ وابن بابویه فی الصحیح عن جمیل بن درّاج (3) وذکر الروایة. ولا یخفی علیک الحال فی ضعف روایة عبّاد والإجماع ، وقد حکی بعض محققی المتأخّرین رحمه الله عن الشیخ (4) أنّه نقل عن بعض الأصحاب تحریم صلاة المتیمم بالمتوضّئین (5) ، ولا یبعد أنْ یکون هو السیّد المرتضی ، فقول العلاّمة فی المنتهی (6) من أعجب الأُمور ، وقد نقله هذا الفاضل عنه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر جمیل من إمام القوم وغیره أیضاً ربما یستفاد منه أنّ الإمام الراتب لقوم یرجّح علی غیره ، ویکون النهی

الأقوال فی المسألة

إفادة خبر جمیل تقدیم الإمام الراتب

ص: 93


1- المدارک 4 : 371 ، وهو فی المنتهی 1 : 373.
2- المختلف 2 : 483.
3- المدارک 4 : 372.
4- فی المصدر : الشارح.
5- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 268.
6- المنتهی 1 : 373.

عن صلاة المتوضّئ لأجل ما ذکر ، إلاّ أنّ الموجود فی عبارات من رأینا کلامه فی ترجیح الراتب بمعنی آخر (1).

وما تضمنه الخبر من التعلیل فیه دلالة علی جواز التیمم مع سعة الوقت ، مضافاً إلی ما تقدم ، فلیتأمّل.

قوله :

باب المسافر یصلّی خلف المقیم

أحمد بن محمّد ، عن ( الحسن بن الحسین ) (2) اللؤلؤی ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن أبی المغراء حمید بن المثنی ، عن عمران ، عن محمّد بن علی ، أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل المسافر إذا دخل فی الصلاة مع المقیمین؟ قال : « فلیصلّ صلاته ثمّ یسلّم ویجعل الأخیرتین سبحة ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المسافر یصلّی خلف المقیم؟ قال : « یصلّی رکعتین ویمضی حیث شاء ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن الحسین بن عثمان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لا یصلّی المسافر مع المقیم ، فإنْ صلّی فلینصرف

المسافر یصلی خلف المقیم

اشارة

ص: 94


1- انظر المدارک 4 : 356.
2- فی الاستبصار 1 : 425 / 1640 : الحسین بن الحسن ، وفی « م » : الحسین ، وفی « رض » : الحسین بن الحسین ، والصحیح ما أثبتناه من « فض » انظر رجال النجاشی : 40 / 83 ، ورجال الطوسی : 469 / 45.

فی الرکعتین ».

سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن داود بن الحصین ، عن أبی العبّاس الفضل بن عبد الملک ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یؤمّ الحضری المسافر ولا المسافر الحضری ، فإن ابتلی بشی ء من ذلک فأمّ قوماً حاضرین ، فإذا أتمّ الرکعتین سلّم ثم أخذ بید بعضهم فقدّمه فأمّهم ، وإذا صلّی المسافر خلف قوم حُضور فلیتمّ صلاته رکعتین ویسلّم ، وإنْ صلّی معهم الظهر فلیجعل الأوّلتین الظهر ، والأخیرتین العصر ».

فالوجه فی هذین الخبرین ضرب من الکراهة دون الحظر حسب ما فصّل علیه السلام من أحکامه.

السند :

فی الأوّل : فیه الحسن بن الحسین اللؤلؤی ، وقد قدّمنا القول فیه مفصّلاً (1) ، والحاصل أنّ النجاشی قال : إنّه ثقة فی ترجمته (2). وفی ترجمة محمّد بن أحمد بن یحیی قال : کان محمّد بن الحسن بن الولید یستثنی من روایة محمّد بن أحمد بن یحیی ما یرویه عن جماعة ، منهم ما ینفرد به الحسن بن الحسین اللؤلؤی : ثمّ قال ، قال أبو العباس بن نوح : وقد أصاب شیخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الولید فی ذلک کلّه ، وتبعه أبو جعفر ابن بابویه ، إلاّ فی محمّد بن عیسی بن عُبید ، فلا أدری ما رابه ، لأنّه کان علی ظاهر العدالة والثقة (3).

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی واستثناء ابن الولید ما تفرد به

ص: 95


1- راجع ج 2 ص 262.
2- رجال النجاشی : 40 / 83.
3- رجال النجاشی : 348 / 939.

وقد قدّمنا (1) ما فی هذا الکلام تفصیلاً ، والإجمال لبعد العهد أنّ صریح کلام ابن الولید فیما ینفرد به الحسن بن الحسین ، وغیر خفی أنّ المتقدمین لا یعملون بالخبر المجرّد عن القرائن کما یظهر منهم ، وما قد یظنّ من خلافه قد أجبنا عنه فیما سبق (2) ، وحینئذٍ فتخصیص (3) ما ینفرد به الحسن لا وجه له ظاهراً ، بل کلّ من انفرد بالروایة لا یعمل بروایته.

ولعلّ الوجه احتیاج مثل هذه الروایة إلی زیادة القرائن ، لکن قول أبی العباس : وقد أصاب شیخنا ، إلی آخره. یشکل بأنّه فهم منه إرادة الضعف فی المذکورین ، کما ینبئ عنه قوله فی محمّد بن عیسی : إنّه کان علی ظاهر العدالة والثقة ، ولا یبعد أنْ یکون غرضه أنّ الاحتیاج إلی زیادة القرائن غیر واضح ، بل هو کغیره من العدول ، فیتمّ الکلام فی الجملة.

وبهذا یندفع ما عساه یقال علی النجاشی من أنّ توثیقه للحسن بن الحسین فی ترجمته ، ثم نقله الاستثناء وکلام أبی العباس ، یقتضی التوقف فیه ، وحاصل الاندفاع واضح ممّا قرّرناه.

ومن هنا یندفع ما قاله الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام : إنّ الحسن بن الحسین اللؤلؤی یروی عنه محمّد بن أحمد بن یحیی ، ضعّفه ابن بابویه (4). فإنّ التضعیف إنّما هو من الاستثناء ، والاستثناء لا یفید ذلک.

فإنْ قلت : لا مانع من إرادة الشیخ بالتضعیف عدم قبول ما ینفرد به ؛

ص: 96


1- راجع ج 1 ص 124 ، ج 2 ص 262.
2- راجع ج 1 ص 13 16.
3- لیست فی « رض » و « م ».
4- رجال الطوسی : 469 / 45.

لأنّ الظاهر من الشیخ العمل بالخبر المحتفّ بالقرائن (1) ، والضعیف عند المتأخّرین بمعنی عدم کونه ثقةً أو ممدوحاً (2) ، لا یضرّ بحال الشیخ ، فجاز أنْ یکون ثقةً عند المتأخرین من جهة ، وضعیفاً عند المتقدمین من جهة ، وقول أبی العباس قابل للتأویل المتقدّم ، بحیث لا یفید التضعیف عند المتأخرین.

قلت : لما ذکرت وجه ، وبسببه قد یندفع بعض التعارض الواقع بین توثیق النجاشی وتضعیف الشیخ ، إلاّ أنّ هذا یحتاج إلی مزید فکر فی الفرق بین الأمرین.

وبهذا یندفع قول العلاّمة فی الخلاصة فی ترجمة الحسن بن الحسین : إنّ النجاشی قال إنّه ثقة ، وابن بابویه ضعّفه (3). فإنّ ما ذکرناه یقتضی عدم المنافاة ، وعلی ما یقتضیه کلام بعض الأصحاب من تقدیم الجارح فی مثل هذا (4) یکون الجارح مقدّماً ، والحال أنّه لا یبعد الجزم بتوثیقه وإنْ قلنا بتقدیم الجارح ، فینبغی تأمّل هذا ، فإنّی لم أر تحریره فی کلام متأخّری الأصحاب.

ومن هنا یعلم أنّ قول جدّی قدس سره فی شرح البدایة : إنّ من ألفاظ الجرح قولهم : فلان ضعیف (5) ؛ محلّ تأمّل ؛ لأنّ الضعف فی کلام المتقدمین محتمل لأنْ یریدوا به الضعف مقابل الثقة ، ولأنْ یریدوا به عدم قبول روایته منفرداً.

ص: 97


1- انظر الاستبصار 1 : 3 ، عدة الأُصول : 337.
2- انظر الدرایة : 24.
3- الخلاصة : 40 / 11.
4- الدرایة : 73.
5- الدرایة : 72.

وفی نظری القاصر أنّ روایة محمّد بن عیسی عن یونس من قبیل الثانی ، فلا مانع من قبول روایة محمّد بن عیسی ؛ لأنّ ضعفه من جهة ، وثقته من جهة کما تقدّم فی أوّل الکتاب (1).

وأمّا بقیة الرجال فقد تکرر القول فیهم. وعمران فی الظن أنّه الحلبی ، ومحمّد بن علی أخوه ، وهما ثقتان ، إلاّ أنّ غیرهما فی حیّز الإمکان.

والثانی : واضح الحال ، وحمّاد بن عثمان بتقدیر الاشتراک (2) هو الثقة بقرینة روایة ابن أبی عمیر عنه کما فی الفهرست (3) ، والاحتمال البعید لا یقدح.

والثالث : لیس فیه من یتوقف فیه ، إلاّ الراوی عن الإمام علیه السلام .

والرابع : فیه داود بن الحصین ، والنجاشی وثّقه (4) ، والشیخ قال : إنّه واقفی فی رجال الکاظم علیه السلام (5) ، وکذلک ینقل عن ابن عُقدة (6) ، واحتمل شیخنا قدس سره أنّ یکون الأصل ابن عقدة (7) ، وحاله لا یخفی ، والحق ما أسلفناه فی أمثال هذا (8) ، فتأمّل.

تمییز عمران ومحمد بن علی

تمییز حماد بن عثمان

بحث حول داود بن الحصین

ص: 98


1- فی ص 54.
2- هدایة المحدثین : 196.
3- الفهرست : 60 / 230.
4- رجال النجاشی : 159 / 421.
5- رجال الطوسی : 349 / 5.
6- حکاه عنه فی منهج المقال : 134.
7- المدارک 4 : 365.
8- راجع ص 89.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی جواز صلاة المسافر مع المقیم ، أمّا قوله : « ویجعل الأخیرتین سبحة » فلا یخلو من إجمال ؛ إذ یحتمل أنْ یراد بالسبحة فعل الفرض نافلة علی سبیل الإعادة ، وهذا یتمّ إذا جوّزنا إعادة من صلّی جماعةً مأموماً ، ولو قلنا بالمنع احتمل أنْ یراد الإعادة لغیر ما صلاّهُ جماعةً ، لکن هذا موقوف علی ثبوت إعادة ما صلاّهُ الإنسان فرادی سابقاً علی فعل الجماعة ، وفی الظنّ أنّه لا مانع منه ، نظراً إلی إطلاقهم استحباب إعادة المنفرد ، وخصوص هذا الفرع لم أجده فی کلام الأصحاب ، وربما ینظر فی تناول الأخبار له ، والتسدید ممکن ، ویحتمل وجه آخر لعلّه بالترک أولی.

والثانی : واضح الدلالة.

[ والثالث (1) ] : یتعیّن فیه حمل النهی علی الکراهة.

[ والرابع (2) ] : یدلّ علی الکراهة فی الجملة ، وهو صریح فی الحکمین ، والشیخ کما تری جعله دالاًّ علی الکراهة ، واللاّزم منه القول بالکراهة فی الأمرین ، والعنوان خاص. وما تضمّنه من تقدیم أحد القوم لیتمّ الصلاة لا أعلم القول بتعیّنه الآن.

ثم دلالته علی صلاة العصر مع من یصلّی الظهر ظاهرة ، إلاّ أنْ یخصّ بمورده إذا ثبت المنافی. وقد روی الشیخ فی باب الزیادات من الصلاة فی باب السفر ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان بن

بیان ما دل علی جواز صلاة المسافر خلف المقیم ومعنی جعل الأخیرتین سبحة

توجیه ما دل علی المنع من صلاة المسافر خلف المقیم والعکس

دلالة خبر أبی العباس علی جواز صلاة العصر مع من یصلی الظهر

ص: 99


1- فی « فض » و « م » : والرابع ، وفی « رض » : والثالث والرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « النسخ » : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.

یحیی ، عن عبد الله بن مسکان ومحمّد بن النعمان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرین فی صلاتهم ، فإنْ کانت الاولی فلیجعل الفریضة فی الرکعتین الأوّلتین ، ( وإنْ کانت العصر فلیجعل الأوّلتین نافلة والأخیرتین فریضة » (1).

وهذا الخبر کما تری یدلّ علی أنّ المسافر إذا دخل مع الحاضرین فی العصر ، یجعل الأوّلتین ) (2) نافلة والأخیرتین فریضة ، فالفریضة له إمّا أنْ تکون الظهر أو العصر ، فإنْ کانت الظهر دلّ الخبر علی جواز (3) فعل الظهر مع العصر فی الأخیرتین ، وفعل الأوّلتین نافلة ، وغیر خفیّ الإجمال فی النافلة ، والاحتمال السابق یجری هنا. وإنْ کانت العصر أمکن جعل الأوّلتین للظهر نافلة ، ویحتمل علی بُعد أنْ یراد بجعل الأولتین نافلة عدم الاقتداء فیهما ، کما لا یجوز فی النافلة ، وعلی هذا یحتمل أنْ یراد فی الخبر الأوّل من المبحوث عنه کذلک ، وهذا غیر ما أشرنا إلیه.

ویحتمل فی الخبر المنقول عن التهذیب نوع من التوجیه ، لکن المقصود هنا من نقله مع ما أشرنا إلیه أنّ عدم تعرض الشیخ له غیر واضح الوجه ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول فی المقام من أقوال العلماء عن سلاّر کراهة ائتمام الحاضر خلف المسافر ، ثمّ قال : الإمام والمأموم خمسة أقسام ، حاضر بحاضر ، ومسافر بمسافر إلی أنْ قال - : ومسافر یأتمّ بحاضر ، وهو یسلّم فی اثنتین ولا یتبع الإمام ، إلاّ فی صلاة المغرب ، وأمّا

الأقوال فی مسألة ائتمام الحاضر بالمسافر والعکس

ص: 100


1- التهذیب 3 : 226 / 573 ، الوسائل 8 : 329 أبواب صلاة الجماعة ب 18 ح 4.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- لیست فی « رض » و « م ».

الحاضر خلف المسافر فقد بیّنا أنّه مکروه. وعن المفید ، والمرتضی ، والشیخ فی الخلاف ، وأبی الصلاح ، کراهة ائتمام المسافر بالحاضر کالعکس ، وعن علی ابن بابویه عدم الجواز فیهما ، وعن ابنه فی المقنع : عدم جواز المسافر خلف المقیم ، هکذا نقل فی المختلف (1).

وحکی شیخنا قدس سره عن المعتبر والمنتهی أنّ فیهما ما یقتضی بظاهره أنّ کراهة ائتمام الحاضر بالمسافر موضع وفاق ، ثم نقل قول علی بن بابویه (2) ؛ وهو غریب ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

باب المرأة تؤمّ النساء.

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی (3) ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة تؤمّ النساء؟ فقال : « لا بأس به ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی الرجل یؤمّ المرأة ، قال : « نعم تکون خلفه » وعن المرأة تؤمّ النساء ، قال : « نعم تقوم وسطاً بینهن ولا تتقدمهن ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن

المرأة تؤم النساء

اشارة

ص: 101


1- المختلف 2 : 488.
2- المدارک 4 : 364.
3- فی الاستبصار 1 : 426 / 1644 : عثمان بن عیسی.

المرأة تؤمّ النساء؟ فقال : « إذا کنّ جمیعاً أمّتهنّ فی النافلة ، وأمّا المکتوبة فلا ، ولا تتقدمهن ، ولکن تقوم وسطاً بینهن ».

وما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن عبد الحمید ، عن الحسن بن الجهم ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « تؤمّ المرأة النساء فی الصلاة وتقوم وسطاً فیهن ، ویقمن عن یمینها وشمالها ، تؤمّهن فی النافلة ، ولا تؤمّهن فی المکتوبة ».

فالوجه فی هذین الخبرین أحد شیئین ، أحدهما : أنْ نحمل الأخبار المطلقة الأوّلة علی هذه المفصّلة ، فکان ما ورد ( من جواز ) (1) أنّ المرأة تؤمّ النساء إنّما یکون ذلک فی صلاة النوافل حسب ما فصّلوه فی الأخبار الأخیرة. والثانی : أنْ نحملها علی ضرب من الکراهیة دون الحظر ، وکذلک :

ما رواه محمّد بن ( مسعود العیّاشی ، عن أبی العبّاس بن المغیرة ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن ) (2) أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال قلت : المرأة تؤمّ النساء؟ قال : « لا ، إلاّ علی المیت إذا لم یکن أحد أولی منها ، تقوم وسطاً معهن (3) فی الصف فتکبّر ویکبّرن ».

فالوجه فی هذا الخبر أیضاً ضرب من الاستحباب دون الإیجاب.

ص: 102


1- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 427 / 1647.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی النسخ : منهن ، وما أثبتناه موافق للتهذیب 3 : 268 / 766 والاستبصار 1 : 427 / 1648 وکذا الفقیه 1 : 259 / 1177 والوسائل 8 : 334 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 3.

السند :

فی الأوّل : کما تری روایة الحسین بن سعید عن حمّاد ، وفی التهذیب عن عثمان بن عیسی (1) ، وکل محتمل ، وفی المختلف عدّه من الموثّق (2) ، وهو لا یقتضی تعیّن حمّاد عنده ؛ لعدّه روایة عثمان من الموثق ، وقد وجدت الآن کلاماً للشیخ فی کتاب العدّة فی الأُصول یقتضی توثیق عثمان بن عیسی (3) ، وما قدّمته (4) فی هذا الکتاب مکرّراً من عدم الوقوف علی توثیقه مبنی علی ما وقفت علیه من کتب الرجال.

والثانی : فیه الإرسال.

والثالث : کما تری فی النسخ التی وقفت علیها ، وفی الکافی : عن ابن سنان ، عن سلیمان بن خالد (5) ، وأفاد شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب أنّه الصواب ، ولعلّ الوجه أنّ الکلینی أثبت فی النقل ، وفیه احتمال السهو من القلم ، بل هو الظاهر ؛ لأنّ الراوی عن سلیمان بن خالد فی النجاشی عبد الله ابن مسکان (6) ، والأمر سهل بعد ابن سنان ، لاشتراکه علی تقدیر الروایة عن سلیمان ، وظهور کونه محمّداً علی تقدیر روایته عن ابن مسکان ، لأنّه الراوی عنه فی الرجال (7) وغیرها.

بحث حول حماد بن عیسی وعثمان بن عیس

بحث حول سند فیه : ابن سنان ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد

ص: 103


1- التهذیب 3 : 31 / 111.
2- المختلف 2 : 486.
3- عدة الأصول : 381.
4- راجع ج 1 ص 70 ، 363 ، ج 3 ص 230 ، ج 6 ص 39.
5- الکافی 3 : 376 الصلاة ب 57 ح 2.
6- رجال النجاشی : 183 / 484.
7- رجال النجاشی : 214 / 559.

وما عساه یقال : من أنّ روایة فضالة عن محمّد بن سنان مستبعدة ؛ لأنّ الراوی عنه فی الرجال محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب (1) ، فعلی تقدیر روایة الکلینی یقرب أنْ یکون عبد الله.

یمکن دفعه : بأنّ محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب من رجال الجواد والهادی والعسکری علیهم السلام ، ومحمّد بن سنان من رجال الجواد والرضا والکاظم علیه السلام .

فإنْ قلت : الراوی عن عبد الله بن سنان ابن أبی عمیر ، وهو فی مرتبة فضالة ، ومحمّد بن الحسین متأخر ، فکیف یحتمل ما ذکرت؟

قلت : إذا لاحظت ما قلناه یتّضح الاحتمال ، إلاّ أنّ الحق بُعده ، فلیتأمّل.

والرابع : فیه محمّد بن عبد الحمید ، وهو لا یخلو من اشتباه ، وأنّ احتمال کونه ابن سالم العطّار المتقدّم فیه الکلام عن قریب وبعید (2) یُبعّده روایة محمّد بن علی بن محبوب عنه ، لأنّ محمّد بن عبد الحمید مذکور فی أصحاب الرضا والهادی علیهماالسلام من کتاب الشیخ (3) ( ، ومحمّد بن علی بن محبوب من رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه (4) ، إلاّ أنّ الالتفات إلی إجمال مطلب الشیخ ) (5) فی الکتاب یرفع الاستبعاد.

والذی یمکن أنْ یقال هنا : إنّه لا مانع من لقاء ابن محبوب

بحث حول محمد بن عبد الحمید

ص: 104


1- رجال النجاشی : 328 / 888.
2- راجع ج 1 ص 200 ، وص 90 من هذا الجزء.
3- رجال الطوسی : 387 / 10 و 435 / 10 فی أصحاب الرضا والعسکری علیهماالسلام و 492 / 6 فیمن لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام ، ولم یذکره فی أصحاب الهادی علیه السلام .
4- رجال الطوسی : 494 / 18.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

للإمام علیه السلام ولم یرو عنه ؛ لتصریح الشیخ فی الکتاب فی ترجمة أحمد بن إدریس حیث ذکره فی رجال العسکری علیه السلام قائلاً : إنّه أدرکه ولم یرو عنه (1) ، وذکر أحمد بن إدریس فی رجال من لم یرو أیضاً (2) ، والحاصل أنّ تعیّن کون محمّد بن عبد الحمید هو العطّار مشکل ، ففی الرجال غیره موجود فی المرتبة.

أمّا الحسن بن الجهم فهو ثقة فی النجاشی (3).

فإنْ قلت : الحسن بن الجهم من أصحاب أبی الحسن موسی والرضا علیهماالسلام ، والراوی عنه فی الرجال الحسن (4) بن علی بن فضّال ونحوه (5) ، فالمناسب کون الراوی عنه هنا محمّد بن عبد الحمید العطّار ، لأنّ الموجود فی الرجال أیضاً محمّد بن عبد الحمید روی عنه ابن الولید فی رجال من لم یرو من کتاب الشیخ مهملاً (6) ، وهذا لا یوافق مرتبته.

قلت : ابن الولید الراوی عن المذکور کأنّه محمّد بن الحسن ، ومرتبته لا توافق محمّد بن علی بن محبوب.

قلت : لما ذکرت نوع وجه ، إلاّ أنّ محمّد بن الحسن بن الولید مذکور فی رجال من لم یرو (7) کابن محبوب ، غایة الأمر أنّ ابن محبوب یروی عنه محمّد بن یحیی (8) وأحمد بن إدریس ، ومحمّد بن الحسن بن

بحث حول الحسن بن الجهم

ص: 105


1- رجال الطوسی : 428 / 16.
2- رجال الطوسی : 444 / 37.
3- رجال النجاشی : 50 / 109.
4- فی « فض » : الحسین.
5- رجال النجاشی : 50 / 109.
6- رجال الطوسی : 492 / 6.
7- رجال الطوسی : 495 / 23.
8- فی « فض » : محمّد بن الحسن.

الولید یروی عن سعد والصفّار ، فهو أقرب مرتبةً من ابن محبوب ، فیقرب توجیه انتفاء احتمال (1) محمّد بن عبد الحمید ( المذکور ، لا أنّ ) (2) الاحتمال منتفٍ جزماً ؛ فلیتأمّل.

والخامس : فیه محمّد بن مسعود العیّاشی ، والطریق إلیه غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفهرست ذکر طریقاً إلی جمیع کتبه وروایاته (3) ، إلاّ أنّه غیر سلیم ، وهو قد وثّقه النجاشی (4) ، إلاّ أنّ فیه نوع کلام تقدّم بیانه. وأمّا أبو العبّاس فهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علی ما یعیّنه الآن فی الرجال ، وفی التهذیب کما هنا (5).

المتن :

فی الأخبار ما عدا الأخیر واضح ، وما ذکره الشیخ من الجمع کذلک ، إلاّ أنّ الثانی ربما یقرب من حیث إنّ أکثر الأصحاب علی الجواز (6) ، والقول بالمنع عن الائتمام فی الفرائض دون النوافل إنّما هو منقول عن ابن الجنید (7) ، والسیّد المرتضی فقط (8).

والعلاّمة فی المختلف قال : إنّ قول السیّد لا بأس به ؛ لصحّة الأخبار

بحث حول محمد بن مسعود العیاشی وطریق الشیخ إلیه

أبو العباس بن المغیرة مجهول الحال

بیان ما دل علی جواز إمامة المرأة للنساء والجمع بینه وبین ما دل علی المنع فی المکتوبة

ص: 106


1- لیست فی « م ».
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : لأنّ. ، وفی « رض » : المذکور ، إلاّ أنّ.
3- الفهرست : 136 / 593.
4- رجال النجاشی : 350 / 944.
5- التهذیب 3 : 268 / 766.
6- حکاه عنهم فی المختلف 2 : 486.
7- حکاه عنه فی المختلف 2 : 486.
8- حکاه عنه فی السرائر 1 : 281 ، المختلف 2 : 486.

الدالّة علیه ، وضعف الحدیثین الأوّلین مع احتمالهما للتفصیل (1). وعنی بهما الخبرین الأوّلین من المبحوث عنها ، ومقتضی کلامه صحّة خبر سلیمان بن خالد وخبر الحلبی ، وقد سمعت القول فی سندیهما. وفی التهذیب روی خبر سلیمان ، عن ابن سنان ، عن سلیمان (2) ، کما فی الکافی ، وقد عرفت الحال (3).

ونقل شیخنا قدس سره فی المدارک خبراً عن الشیخ واصفاً له بالصحّة ، عن علی بن جعفر ، أنّه سأل أخاه موسی علیه السلام عن المرأة تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالقراءة والتکبیر؟ قال : « قدر ما یُسمع » ولم أقف الآن علیه ، لکنّه فی الفقیه موجود (4) ، وهو مؤیّد للخبرین الأوّلین وحکی عن المحقق فی المعتبر أنّه أجاب عن خبری سلیمان بن خالد والحلبی بأنّهما نادران فلا عمل علیهما ، واعترض علیه : بأنّ القائل بمضمونهما موجود (5). وهو کذلک ، إلاّ أنّ الظاهر من المحقق موافقة الأکثر.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق روی فی الفقیه عن هشام بن سالم ، أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة تؤمّ النساء؟ قال : « تؤمّهن فی النافلة ، فأمّا فی المکتوبة فلا ، ولا تتقدمهن ولکن تقوم وسطهن » (6) وظاهر الصدوق العمل به ، فیشارک القائلین ، لکنّه روی حدیث علی بن جعفر السابق ، فکأنّه یحمله علی مدلول خبر هشام ، وفیه نوع بعد لا یخفی.

ص: 107


1- المختلف 2 : 487.
2- التهذیب 3 : 269 / 768.
3- انظر ص 102.
4- الفقیه 1 : 263 / 1201 ، وهو فی التهذیب 3 : 267 / 761.
5- المدارک 4 : 353 ، وهو فی المعتبر 2 : 427.
6- الفقیه 1 : 259 / 1176 ، الوسائل 8 : 333 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 1.

ولا یبعد العمل بالخبرین بحمل النبی علی الکراهة. وخبر هشام صحیح.

وأمّا الخبر الأخیر الذی رواه الشیخ فقد رواه الصدوق عن زرارة (1) ، وطریقه فی المشیخة إلیه صحیح (2) ، فیستغنی به عن الطریق هنا ، غیر أنّه ینبغی أنْ یعلم أنّ الشیخ فی التهذیب روی قبل الروایة المذکورة روایةً عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن ابن المغیرة (3) ، فلا یبعد أنْ یکون وقع نوع سهو فی السند الثانی ، لکن الجزم مشکل.

وعلی کل حال فتوجیه الشیخ للخبر لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ ظاهر قوله : وکذلک ، الإشارة إلی الحمل علی الکراهة فی الأخبار الدالّة علی المنع فی المکتوبة.

وقوله أخیراً : فالوجه فی هذا الخبر أیضاً ضرب من الاستحباب ، یفید أنّه یستحبّ لها أنْ لا تؤمّ أحداً من النساء فی النافلة والمکتوبة إلاّ علی المیت ، وحینئذٍ یفید الخبر نوع مخالفة لما سبق منه.

ویمکن التوجیه بأنّ المراد بالإشارة بیان الحاجة إلی الجمع مع مخالفة الخبر المذکور لما سبق ، وحاصل الجمع أنْ یحمل الخبر المذکور علی استحباب عدم فعل الجماعة مطلقاً إلاّ علی المیت ، أو یقال : إنّ الظاهر من الخبر نفی الإمامة فی المکتوبة بقرینة ذکر المیت ، ولعلّ هذا أوجه.

فإنْ قلت : یجوز أنْ یکون مراد الشیخ بالاستحباب استحباب صلاتها علی المیت دون الوجوب ، والوجه فی الاستحباب أمّا للولایة ، أو لکون صلاتها جماعةً علی المیت کغیرها فی الاستحباب.

توجیه ما دل علی المنع من إمامة المرأة فی النافلة والمکتوبة إلا فی صلاة المیت

ص: 108


1- الفقیه 1 : 259 / 1177.
2- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 9 ، خلاصة العلاّمة : 277.
3- التهذیب 3 : 268 / 764.

قلت : الظاهر من الشیخ إرادة الجمع بین الأخبار ، وعلی هذا الوجه یبعد الإرادة ، وإنْ أمکن التقریب لکنه متکلف.

فإنْ قلت : إذا لم یلتفت إلی جهة الجمع هل فی الخبر دلالة علی أنّ المرأة إذا کانت ولیّة للمیت یتعیّن صلاتها علیه أم لا؟

قلت : فی الدلالة علی التعیّن تأمّل ، والقائل به غیر معلوم ، وسیأتی إن شاء الله القول فی باب أحکام الأموات ، غیر أنّه محتمل أنْ یراد بالأولی هنا معنی غیر ولایة أحکام المیت المقررة عند الأصحاب ، فلیتأمّل.

بقی شی ء لا بُدّ من التنبیه علیه ، وهو أنّ العلاّمة فی التذکرة علی ما نقل عنه قال : إنّ إمامة المرأة بالنساء جائزة ( عند علمائنا ) (1) أجمع (2) ، مع أنّه فی المختلف نقل خلاف ذلک (3) ، ولعلّ مراده الإجماع بعد من ذکره ، لکن عدم البیان موجب للغرابة ، ومثل هذا کثیر الوقوع ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

قوله :

باب القراءة خلف من یقتدی به.

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ( عن محمّد بن الحسین. ومحمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان جمیعاً عن صفوان بن یحیی ) (4) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن

القراءة خلف من یقتدی به

اشارة

ص: 109


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- حکاه عنه فی المدارک 4 : 351 ، وهو فی التذکرة 4 : 236.
3- المختلف 2 : 486.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الصلاة خلف الإمام ، أقرأ خلفه؟ فقال : « أمّا التی لا یجهر فیها بالقراءة فإنّ ذلک جُعل إلیه فلا تقرأ خلفه ؛ وأمّا الصلاة التی یجهر فیها فإنّما أُمر بالجهر لینصت من خلفه ، فإنْ سمعت فأنصت وإنْ لم تسمع فاقرأ ».

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا صلّیت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع ، إلاّ أنْ تکون صلاة یجهر فیها ولم تسمع فاقرأ ».

وعنه ، عن علی ، عن أبیه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « إذا کنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت وسبّح فی نفسک ».

عنه ، عن علی ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن قتیبة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کنت صلّیت خلف إمام ترضی (1) به فی صلاة یجهر فیها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسک ، وإنْ کنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن یونس بن یعقوب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة خلف من أرتضی به ، ( أقرأ خلف ) (2)؟ فقال : « من رضیت به فلا تقرأ خلفه ».

الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن خالد ؛ وعلی بن النعمان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن

ص: 110


1- فی الاستبصار 1 : 428 / 1650 : ترتضی.
2- أثبتناه من الاستبصار 1 : 428 / 1653.

سلیمان بن خالد. قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أیقرأ الرجل فی الأُولی والعصر خلف الإمام وهو لا یعلم أنّه یقرأ؟ فقال : « لا ینبغی له أنْ یقرأ ، یکله إلی الإمام ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا صلّیت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ».

فلا ینافی ما قدمناه : من أنّه متی لم تسمع القراءة فیما یجهر فیه بالقراءة فإنّه یقرأ ، لأنّه یجوز أنْ یکون الراوی روی بعض الحدیث ، لأنّا قد قدّمنا فی روایة علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبی هذا الخبر بعینه ، وزاد : « إلاّ أنْ تکون صلاة یجهر فیها ولم تسمع فاقرأ » فإذا کان هذا (1) من تمام الخبر فقد وافق باقی الأخبار. ویجوز أیضاً أنْ یکون المراد بذلک إذا سمع القراءة لکنه یسمعها خفیة لا یتمیز له مثل الهمهمة ، فإنّ ذلک یجزئه أیضاً. والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید (2) ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل یؤمّ الناس فیسمعون صوته ولا یفهمون ما یقول؟ فقال : « إذا سمع صوته فهو یجزئه ، وإذا لم یسمع صوته قرأ لنفسه ».

وقد روی أنه مخیّر فیما لا یسمع بین أنْ یقرأ وأنْ لا یقرأ ، والأحوط ما قدّمناه ، روی ذلک :

سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن

ص: 111


1- أثبتناه من الاستبصار 1 : 429 / 1655.
2- فی الاستبصار 1 : 429 / 1656 زیادة : عن الحسن.

یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن (1) علیه السلام عن الرجل یصلّی خلف إمام یقتدی به فی صلاة یجهر فیها بالقراءة فلا یسمع القراءة ، قال : « لا بأس إنْ صمت وإنْ قرأ ».

السند :

فی الأوّل : صحیح علی تقدیر سلامة عبد الرحمن بن الحجاج من الکلام ، وقد مضی مفصلاً (2). ومحمّد بن الحسین هو ابن أبی الخطاب. ومحمّد بن إسماعیل فیه معطوف علی محمّد بن یحیی ، فیکون الفضل ومحمّد بن الحسین راویین عن صفوان ، والارتیاب فی محمّد بن إسماعیل هنا مدفوع بتقدیره.

والثانی : حسن کالثالث ، بتقدیر نفی الارتیاب فی حریز.

والرابع : فیه قتیبة ، ولم یتقدم بیانه وهو ثقة. وابن المغیرة مضی عن قریب وبعید (3) ، فهو حسن.

والخامس : موثق.

والسادس : معروف الرجال بما تکرر من المقال (4). وعلی بن النعمان فیه علی الظاهر معطوف علی النضر ، ویحتمل العطف علی الحسین ابن سعید ، فیکون بطریق الشیخ إلیه ، ولمّا لم یکن فی المشیخة رجع إلی

إشارة إلی حال عبد الرحمان بن الحجاج

تمییز محمد بن الحسین

إشارة إلی حال محمد بن إسماعیل

قتیبة ثقة

بحث حول علی بن النعمان ومن روی عنه

ص: 112


1- فی الاستبصار 1 : 429 / 1657 زیادة : الأوّل.
2- راجع ج 2 ص 336 ، ج 3 ص 14.
3- راجع ص 89 ، 90.
4- فی ص 49 ، 121 ، 138 ، 274 ، 367 ، 569.

الإرسال ، إذ الطریق فی الفهرست خاص بکتابه. وإنّما قلت : علی الظاهر. لاستبعاد الروایة عن علی بن النعمان بغیر الطریق إلی الحسین.

فإن قلت : الراوی عن علی بن النعمان فی النجاشی محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب (1) ، وفی الفهرست أحمد بن أبی عبد الله (2) ، فکیف یروی عنه هنا الحسین بن سعید؟

قلت : لا مانع من ذلک ، فإنّ علی بن النعمان روی عن الرضا علیه السلام فی النجاشی (3) ، والحسین بن سعید من رجاله علیه السلام .

نعم قد یتخیل أنّ روایة محمّد بن الحسین عنه مستبعدة ؛ لأنّه مذکور فی رجال الجواد والهادی والعسکری علیهم السلام ؛ واللازم من روایته عن علی ابن النعمان أنْ یکون من أصحاب الرضا علیه السلام ، أو أنْ یکون علی بن النعمان من أصحاب الجواد علیه السلام أیضاً. وهکذا القول فی روایة أحمد بن أبی عبد الله عن علی بن النعمان ، فإنّ أحمد مذکور فی رجال الجواد والهادی علیهماالسلام .

ویمکن الجواب عن ذلک : بأنّ الذی ذکره النجاشی روایته عن الرضا علیه السلام ، لا أنّه إنما لقی الرضا علیه السلام فقط ، فیجوز لقاؤه للجواد علیه السلام ولم یرو عنه.

فإنْ قلت : الحسین بن سعید مذکور فی رجال الجواد أیضاً ، فلا مانع من روایته عن علی بن النعمان کأحمد بن أبی عبد الله ومحمّد بن الحسین.

قلت : الإشکال من حیث إنّ علی بن النعمان لم یذکر فی رجال

ص: 113


1- رجال النجاشی : 274 / 719.
2- الفهرست : 96 / 405.
3- رجال النجاشی : 274 / 719.

الجواد علیه السلام ، وما ذکرت لا یدفعه.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ النجاشی قال فی علی بن النعمان : روی عن الرضا علیه السلام ، وأخوه داود أعلی منه ، وابنه الحسن بن علی وابنه أحمد رویا الحدیث : وکان علی ثقة وجهاً ، إلی آخره (1).

وقد یظن أنّ قوله : وکان علی. یدل علی أنّ ما ذکره فی محمّد بن عبد الحمید من أنّه ابن سالم العطار أبو جعفر روی عبد الحمید عن أبی الحسن موسی علیه السلام ، وکان ثقة ، إلی آخره (2). یرجع إلی توثیق محمّد لا إلی عبد الحمید کما ظنه جدّی قدس سره (3) ووجه الدلالة یتضح بالملاحظة لطریقة النجاشی.

واحتمال أنْ یقال : إنّ التصریح فی علی بن النعمان بالذکر یدل علی أنّ الإطلاق لا یکون کذلک. یمکن دفعه : بأنّ التصریح ربما کان قرینة علی ما قلناه ؛ وقد قدمنا القول فی هذا (4) ، وإنّما أعدناه لما لا یخفی.

وممّا یتعلق بالمقام فائدة لا بأس بالتنبیه علیها ، وهی أنّ ما ذکره النجاشی من : أنّ داود أعلی منه علی ما یظهر أنّ المراد علوّ السنّ ، لأنّه قال فی ترجمة داود : أخو علی بن النعمان ، وداود الأکبر روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام (5).

وهذا صریح بأنّ غرضه بالعلوّ فی ترجمة علی بن النعمان ما ذکرناه ، حیث إنّ علی بن النعمان روی عن الرضا علیه السلام فیما قاله النجاشی ، فأراد

ص: 114


1- رجال النجاشی : 274 / 719.
2- رجال النجاشی : 339 / 906.
3- راجع ج 1 ص 200.
4- راجع ص : 367.
5- رجال النجاشی : 159 / 419.

بیان روایة داود عن أبی الحسن علیه السلام لکبره.

والعلاّمة فی الخلاصة وثّق داود (1) ؛ وفی الظن أنّ مرجعه تخیل أنّ علی بن النعمان إذا کان ثقة فالأعلی منه ثقة بطریق أولی ، والحال ما سمعت ، مضافاً إلی التنصیص من النجاشی علی « علی » بإعادة اسمه بعد لفظ « کان » الدال علی الاختصاص.

فإنْ قلت : النجاشی قد وثّق الحسن ( بن علی بن النعمان (2) ، فعلم منه أن لیس المراد فی ترجمة « علی » الاختصاص.

قلت : فی توثیق الحسن منه تأمّل ؛ لأنّه قال : [ الحسن (3) ] بن علی ابن النعمان ) (4) مولی بنی هاشم أبو علی بن النعمان الأعلم ثقة (5). وهذا قد یدعی ظهوره فی توثیق الأب ، ولا أقلّ من الاحتمال ، فلا یتم ما ذکرت ، کما أنّ توثیق النجاشی للحسن إنْ کان مأخذه هذا محل بحث ، فینبغی تأمّل جمیع ما ذکرناه.

والسابع : واضح الحال لما کررناه (6) من المقال (7).

[ والثامن (8) ] : موثّق ، والحسن فیه ابن سعید.

[ والتاسع (9) ] : واضح.

ص: 115


1- الخلاصة : 69 / 6.
2- رجال النجاشی : 40 / 81.
3- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- رجال النجاشی : 40 / 81.
6- راجع ج 1 ص 196 ، 257 ، ج 3 ص 64.
7- فی النسخ زیادة : کالثامن.
8- فی النسخ : والتاسع ، والصواب ما أثبتناه.
9- فی النسخ : والعاشر ، والصواب ما أثبتناه.

ووجود روایة أبی جعفر وهو أحمد بن محمّد بن عیسی علی ما مضی (1) عن الحسن بن علی بن یقطین یدل علی أنّ ما فی کثیر من الأخبار السابقة والآتیة من روایة أحمد بن محمّد عن الحسن بن علی محتمل لإرادة ابن یقطین وابن فضال (2) ، وقد سبق فی الخامس ابن فضال فهو محتمل أیضاً مع الإطلاق ، وقد قدّمنا فی مواضع احتمال الحسن بن علی الوشّاء (3) ، والأمر سهل غیر أنّ المقصود بیان حقیقة الأمر.

المتن :

لا بُدّ قبل الکلام فیه من مقدمة ، وهی : أنّ هذه المسألة اختلفت فیها آراء الأصحاب اختلافاً لم یشارکها غیرها من مسائل أبواب الکتاب ، فلا جرم کان البحث فیها حریّا بالإطناب ، إلاّ أنّ اتباع المقصود یقتضی الاقتصار علی ما یظن أنّه أقرب إلی الصواب.

والمنقول من الأقوال فی المسألة القول بسقوط القراءة وجوباً فی أوّلتی الجهریة إذا سمع ولو همهمة (4). بل قیل : إنّ هذا إجماعی (5). وفی المنتهی : یسقط وجوب القراءة عن المأموم ، وهو مذهب علماء أهل البیت علیهم السلام (6). لکن هل السقوط علی وجه الوجوب بحیث تحرم القراءة؟ قولان ، أحدهما : التحریم ، ذهب إلیه جماعة (7). والثانی : الکراهة ، ذهب

تمییز الحسن بن علی الذی یروی عنه أحمد بن محمد بن عیسی

اختلاف الفقهاء فی مسألة القراءة خلف بن یقتدی به

ص: 116


1- راجع ج 3 ص 108 ، 167.
2- کذا فی النسخ ، والظاهر زیادة : وابن فضّال.
3- فی « م » زیادة : ربما یظن انتفاؤه لندوره.
4- قاله العلاّمة فی المختلف 2 : 504.
5- الخلاف 1 : 339 ، المعتبر 2 : 420 ، المنتهی 1 : 378 ، التذکرة 1 : 184.
6- المنتهی 1 : 378.
7- المقنع : 36 ، المبسوط 1 : 158 ، النهایة : 113 ، الوسیلة : 106 ، المختلف 2 : 504 ، مجمع الفائدة والبرهان 3 : 297 ، المدارک 4 : 323 ، الذخیرة : 396.

إلیه جماعة أیضاً (1).

وحکی فی المختلف عن الشیخ فی النهایة أنّه قال : إذا تقدم من هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنّ خلفه جهریة کانت أو إخفاتیة ، بل تسبّح مع نفسک وتحمد الله ، فإنْ کانت جهریة فأنصت للقراءة ، فإنْ خفی علیک قراءة الإمام قرأت لنفسک ، وإنْ سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام جاز لک إلاّ تقرأ ، وأنت مخیّر فی القراءة ؛ ویستحب أنْ یقرأ الحمد وحدها فیما لا یجهر الإمام فیها بالقراءة (2).

وقال المرتضی : لا یقرأ المأموم خلف الموثوق به فی الأوّلتین فی جمیع الصلوات من ذوات الجهر والإخفات ، إلاّ أنْ تکون صلاة جهر لم یسمع فیها المأموم قراءة الإمام فیقرأ کل واحد لنفسه ؛ وهذه أشهر الروایات. وروی أنّه لا یقرأ فیما جهر فیه الإمام وتلزمه القراءة فیما تخافت فیه الإمام. وروی أنّه بالخیار فیما خافت فیه. والآخرتان فالأفضل أنْ یقرأ المأموم أو یسبّح فیهما ؛ وروی لیس علیه ذلک (3).

وقال سلاّر فی قسم المندوب : وأنْ لا یقرأ المأموم خلف الإمام ، وروی أنّ ترک القراءة فی صلاة الجهر خلف الإمام واجب ؛ والأثبت الأوّل (4).

وجعل ابن حمزة الإنصات إلی قراءة الإمام إذا سمعها واجباً (5).

وقال ابن إدریس : اختلفت الروایة فی القراءة خلف الإمام الموثوق

ص: 117


1- المراسم : 87 ، الشرائع 1 : 123 ، المعتبر 2 : 420 ، الدروس 1 : 222.
2- النهایة : 113.
3- جمل العلم والعمل : 70.
4- المراسم : 87.
5- الوسیلة : 106.

به ، فروی أنّه لا قراءة علی المأموم فی جمیع الرکعات والصلوات ، سواء کانت جهریة أو إخفاتیة وهی أظهر الروایات. إلی آخر ما ذکره (1).

وقال أبو الصلاح : ولا یقرأ خلفه فی الأوّلتین من کل صلاة ولا فی الغداة ، إلاّ أنْ یکون بحیث لا یسمع قراءته ولا صوته فیما یجهر فیه فیقرأ ؛ وهو فی الأخیرتین من الرباعیات وثالثة المغرب بالخیار بین القراءة والتسبیح ، والقراءة أفضل (2). انتهی ما نقله العلاّمة (3) ؛ وقد ترکنا قول الصدوق المنقول ؛ لعدم صحة العبارة فیما وقفت علیه ، لکن فی الفقیه روی ما سنذکره إنْ شاء الله تعالی (4).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل : ظاهره النهی عن القراءة خلف الإمام فی غیر الجهریة ، وأمّا الجهریة فمع السماع الأمر بالإنصات ومع عدمه الأمر بالقراءة ، وعلی تقدیر حمل الأمر علی الوجوب والنهی علی التحریم یفید تحریم القراءة فی الإخفاتیة ، ووجوب الإنصات مع السماع فی الجهریة ، ووجوب القراءة مع عدم السماع.

والثانی : یدل علی تحریم القراءة فی الإخفاتیة ووجوبها فی الجهریة إذا لم یسمع.

والثالث : یدل علی وجوب الإنصات والتسبیح فی النفس ؛ وربما دل الأمر بالإنصات علی الجهریة فیخص بها ، أو یعمّ فیحمل الإنصات علی وجهٍ لا یخفی.

ص: 118


1- السرائر 1 : 284.
2- الکافی فی الفقه : 144.
3- المختلف 2 : 501.
4- فی ص 119.

والرابع : یدل علی القراءة وجوباً فی الجهریة مع عدم السماع أصلاً ، وعلی تحریم القراءة مع سماع الهمهمة. والظاهر أنّ سماع الهمهمة فی الجهریة لسیاق الخبر ، واحتمال العموم لتحقق الهمهمة فی الإخفاتیة بعید بل لا وجه له.

والخامس : ظاهر الدلالة علی تحریم القراءة مطلقاً.

والسادس : ربما یدل بظاهره علی کراهة القراءة فی الإخفاتیة مع عدم العلم بالقراءة ، إلاّ أنّ استعمال « لا ینبغی » فی التحریم موجود. ویمکن القول بالاشتراک فلا یدل ، غیر أنّ المعارض فی المقام ستسمعه فلا حاجة إلی تکلف القول.

والسابع : کما تری لا یخرج عن الإطلاق ، وغیره مقیِّد ، وکان الأولی من الشیخ الالتفات إلی هذا.

وما قاله من روایة بعض الحدیث محل تأمّل ؛ لأنّ کون الراوی متحداً لا یدل علی اتحاد الحدیث ؛ ویجوز أن یکون روی الإطلاق والتقیید.

وما قاله الشیخ ثانیاً ، فیه : أنّ الخبر إن بقی من دون اعتبار الزیادة فلا بُدّ من تقییده بالجهریة ، وإذا رجع إلی التقیید لم یحتج إلی تکلف الوجهین. ولو أراد الشیخ إبقاءه علی الإطلاق لتناول الإخفاتیة یشکل بعدم موافقة ما سبق من بعض الأخبار ، والخبر المستدل به له نوع إطلاق ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الصوت لا یطلق علی الإخفات. وفیه تأمّل.

والخبر الأخیر یدلّ علی التخییر فی الجهریة ، فلا یتم إرادة الإطلاق.

وإذا تمهّد ما ذکرناه فی مدلول الأخبار فاعلم : أنّ الخبر الأوّل یدلّ علی أنّ الأمر بالجهر لإنصات من خلفه ، والأمر إنْ أراد به علیه السلام أمر الشارع أفاد حصول الأمر بالجهر فیفید الوجوب ، وحینئذٍ ربما یدل علی تعیین

بیان ما دل علی المنع من القراءة إلا فی الجهریة التی لا تسمع قراءة الإمام

ما المراد بالأمر فی قوله علیه السلام : « إنما اُمر بالجهر لینصت من خلفه »؟

ص: 119

الجهر فی الجهریة ، ویحمل ما دلّ علی التخییر علی التقیة کما مضی ، ویمکن أنْ یقال : إنّ التخییر لا ینافی الأمر بالجهر ؛ لأنّ الواجب المخیّر مأمور بکل من فردیه ؛ إلاّ أنْ یقال : إنّ الأمر حقیقة فی العینی مع الإطلاق ، والفرض الإطلاق هنا. وفیه : أنّ ما دلّ علی التخییر یقیّده.

وإنْ أراد علیه السلام بالأمر قوله تعالی ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) (1) کما یدل علیه ما رواه فی التهذیب بطریق فیه جهالة ، والمقصود منه أنّه قال : « فإذا جهر فأنصت ، قال الله تعالی ( وَأَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ ) » الحدیث (2). أمکن أنْ یقال : إنّ الآیة علی تقدیر ظاهرها لو کانت للوجوب لزم القول بالإطلاق ، وهو غیر معلوم ؛ ولو حملت علی الخصوص فی الإمام والصلاة الجهریة لظاهر الخبر لزم وجوب الإنصات فیها.

ویمکن أنْ یقال : إنّ خبر التهذیب وإنْ ضعف إلاّ أنّ الخبر المبحوث عنه یؤیّده.

وفیه : أنّ هذا الخبر غیر صریح فی أنّ الأمر فی الآیة ، نعم روی الصدوق عن زرارة وطریقه صحیح عن أبی جعفر علیه السلام قال : « وإنْ کنت خلف إمام فلا تقرأنّ شیئاً فی الأوّلتین وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شیئاً فی الأخیرتین ، فإنّ الله عزّ وجلّ یقول للمؤمنین ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) یعنی فی الفریضة خلف الإمام ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ ) (3).

وهذا الکلام یحتمل أنْ یکون من روایة زرارة ، والتفسیر منه لعلمه

ص: 120


1- الأعراف : 204.
2- التهذیب 3 : 33 / 120.
3- الفقیه 1 : 256 / 1160 ، الوسائل 8 : 355 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 3.

من الإمام علیه السلام . وحینئذٍ یدلّ علی أنّ المراد بالأمر فی الآیة بخصوص الإمام فی الفریضة فیتمّ ما تقدم منّا. واحتمال أنْ یکون من الصدوق بعد روایة زرارة ، وأوّله « ولا تقرأنّ » یمکن الاکتفاء به فی تصحیح خبر التهذیب لما کرّرنا القول فیه.

وممّا یؤید کونه من خبر زرارة أنّه روی عنه فی أوّل کتاب الصلاة (1) ما یفید النهی عن القراءة فی الأخیرتین.

فإنْ قلت : لا یمکن إرادة الأمر فی الآیة من الخبر ؛ لأنّه علیه السلام قال : « إنّما أمر بالجهر لینصت » إلی آخره. والآیة تضمنت الأمر بالإنصات لا الجهر.

قلت : المقصود أنّ الخبر یدل علی أنّا مأمورون بالجهر بسبب الأمر بالإنصات ؛ وحاصل المراد أنّه تعالی لمّا أمرنا بالإنصات حال قراءة الإمام ، ولمّا کان وجوب الإنصات مستلزماً لوجوب الجهر کان الجهر مأموراً به من حیث الآیة.

فإنْ قلت : یلزم ممّا ذکرت الدور ؛ لأنّ الأمر بالجهر یتوقف علی الأمر بالإنصات والحال أنّ الأمر بالإنصات موقوف علی الأمر بالجهر.

قلت : الأمر بالجهر لازم للأمر بالإنصات ، غایة الأمر أنّ الوجوب قد یلزم منه نوع توقف من کل منهما ، وجوابه غیر خفی. نعم سیأتی فی بعض الأخبار ما یدلّ علی عموم الآیة ، وستسمع القول فی ذلک إن شاء الله تعالی.

إذا عرفت هذا : فالخبر المبحوث عنه بتقدیر الوجوب لذاته لا یمنع

بیان ما دل علی الإنصات والتسبیح فی النفس

ص: 121


1- الفقیه 1 : 128 / 605.

من العدول للمعارض کما ستسمعه. والتأویل فی الآیة لا مانع منه ، بل ربما کان الأمر فیها للاستحباب عموماً ومن جملته الفریضة بالنسبة إلی الإمام کما یعرف بالتأمّل.

ثم إنّ الخبر تضمن أنّه مع عدم السماع یقرأ ؛ وهو یتناول عدم سماع القراءة أصلاً وعدم سماع القراءة من غیر همهمة ، لکن ما یأتی یقیّده.

والثانی : کما تری یدل علی الصلاة التی یجهر فیها ، وهذا أعم من تعین الجهر وعدمه ، فلا یدلّ علی تعینه وهو محتاج إلی التقیید کالأوّل.

والثالث : دالّ علی الإنصات والتسبیح فی النفس ، فإنْ حمل علی مدلول الأخبار الأُول وهو الإنصات مع السماع دلّ علی أنّ الإنصات فی الأخبار الأُول یراد به عدم القراءة ، فلا ینافی التسبیح ، لکن لا بُدّ من الجمع بین الإنصات والتسبیح فی النفس ، وحینئذٍ فالإنصات إمّا أنْ یراد به تدبّر المعانی أو مجرد السماع.

وإنْ حمل الخبر علی الإطلاق ( من وجه بمعنی جواز الإنصات والتسبیح حتی فی الجهریة مع السماع وحینئذٍ یکون الإنسان مخیراً بین القراءة وبین ما ذکر أمکن ؛ إلاّ أنّ إطلاق هذا الخبر محتاج إلی تقیید ، فإنّ مدلول ما سبق ) (1) أنّ مع عدم السماع فی الجهریة القراءة ، إلاّ أنْ یقال بالتخییر بین القراءة والإنصات والتسبیح ؛ وغیر بعید احتمال التخییر ، وعلی هذا فالأمر فی الأوّل لیس علی حقیقته ، بل إمّا للاستحباب أو للفرد الکامل ؛ وحینئذٍ یستبعد حمل النهی علی التحریم بل لا بُدّ من تقیید للأوّل من حیث النهی.

توجیه ما دل علی النهی عن القراءة خلف المرضی مطلقا

ص: 122


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

والرابع : کما تری یدل علی أنّ سماع الهمهمة کافٍ ، وبقیة ما قلناه فیما عدا الثالث یأتی فیه.

والخامس : وإنْ دل علی النهی عن القراءة مطلقاً إلاّ أنّه یمکن حمله علی المقید إمّا بالحمل علی الجهریة أو علی عدم رجحان القراءة فلا ینافی غیره ، ولقد (1) کان علی الشیخ ذکر هذا فی مقام المعارض.

والسادس : واضح الحال بما قررناه سابقاً (2) ؛ والحاصل أنّ دلالته علی الکراهة محتمل احتمالاً ظاهراً. أمّا احتمال إرادة عدم علمه بقراءة الإمام علی معنی أنّ المأموم لا یتیقن أنّ الإمام قرأ أو نسی القراءة فبعید بل لا وجه له.

وأمّا السابع : فقد مضی فیه القول (3). وبقیة الأخبار غیر خفیة المعانی.

ومن هنا یعلم أنّ ما اختاره شیخنا قدس سره من تحریم القراءة علی المأموم مطلقاً ، إلاّ إذا کانت الصلاة جهریة ولم یسمع ولا همهمة فإنّه یستحب له القراءة (4). محل تأمّل.

نعم روی الصدوق عن زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « کان أمیر المؤمنین صلوات الله علیه یقول : من قرأ خلف إمام یأتمّ به فمات بعث علی غیر الفطرة » (5) ویمکن أنْ یحمل علی القراءة بوجه التعیّن. والظاهر أنّ الصدوق یحمله علی نحو ما قلناه ، لأنّه نقل بعض

مختار صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه

توجیه ما دل علی أن من قرأ خلف إمام یأتم به فمات بعث علی غیر الفطرة

ص: 123


1- فی « م » : ولکن.
2- فی ص 117 118.
3- فی ص 118.
4- المدارک 4 : 323.
5- الفقیه 1 : 255 / 1155 ، الوسائل 8 : 356 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 4.

الأخبار المذکورة هنا ، وروی خبر الحلبی الحسن هنا فی الصحیح (1).

والشیخ روی فی زیادات الصلاة من التهذیب خبر أمیر المؤمنین علیه السلام (2). وهو صحیح. وأمّا طریق الصدوق فقد یتوقف فیه ؛ لأنّه ذکر الطریق إلی زرارة وحده ومحمّد بن مسلم وحده ، ومع الاجتماع لا یعلم الطریق لاحتمال اختصاص الطریق بالاتّحاد لما یعلم من مشیخته ، وقد قدّمنا هذا (3) ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : الهمهمة : الکلام الخفی ، وتنویم المرأة الطفل بصوتها ، وتردد الزئیر فی الصدر من الهمّ ، ونحو أصوات البقر (4). ولا یخفی أنّ احتمال الأوّل بعید من المراد لکن فی حیز الإمکان. وقد روی الشیخ فی التهذیب فی الموثق عن سماعة ما یقتضی أنّ سماع الصوت مع عدم فقه ما یقوله یجزئ عن القراءة خلف الإمام (5). فتأمّل.

قوله :

باب وجوب القراءة خلف من لا یقتدی به.

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام

کلمة حول طریق الصدوق إلی زرارة ومحمد بن مسلم

معنی الهمهمة

وجوب القراءة خلف من لا یقتدی به

اشارة

ص: 124


1- الفقیه 1 : 255 / 1156 ، الوسائل 8 : 355 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 1.
2- التهذیب 3 : 269 / 770.
3- فی ص 2140.
4- القاموس المحیط 4 : 194.
5- التهذیب 3 : 34 / 123 ، الوسائل 8 : 358 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 10.

قال : « إذا صلّیت خلف إمام لا یقتدی به فاقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب ، عن الحسن بن موسی الخشّاب ، عن علی بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبی عبد الله وأبی جعفر علیهماالسلام فی الرجل یکون خلف إمام لا یقتدی به ، فسبقه الإمام بالقراءة ، قال : « إن کان قد قرأ أُمّ الکتاب أجزأ ویقطع ویرکع ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر ، عن أبیه بکیر بن أعین قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الناصب یؤمّنا ، ما تقول فی الصلاة معه؟ فقال : « أمّا إذا هو جهر فأنصت للقرآن واسمع ، ثم أرکع واسجد أنت لنفسک ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن معاویة بن وهب ، عن ابی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یؤمّ القوم وأنت لا ترضی به فی صلاة تجهر فیها بالقراءة ، فقال : « إذا سمعت کتاب الله یتلی فأنصت له » قلت : فإنّه یشهد علیّ بالشرک! قال : « إن عصی الله فأطع الله » فرددت علیه فأبی أنْ یرخّص لی ، قال : قلت له : فأُصلّی إذاً (1) فی بیتی ثم أخرج إلیه ، فقال : « أنت وذاک ».

فالوجه فی هذین الخبرین حال التقیة والخوف ، لأنّه إذا کانت الحال کذلک جاز للإنسان أنْ یقرأ فیما بینه وبین نفسه ولا یرفع صوته ، یدل علی ذلک :

ص: 125


1- فی الاستبصار 1 : 430 / 1661 زیادة : أنا.

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن إسحاق ومحمّد بن أبی حمزة ، عمن ذکره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجزئک إذا کنت معهم القراءة مثل حدیث النفس ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یصلّی خلف من لا یقتدی بصلاته والإمام یجهر بالقراءة ، قال : « اقرأ لنفسک وإنْ لم تسمع نفسک فلا بأس ».

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : مرسل ، وعلی بن أسباط مضی القول فیه مفصلاً (1).

والثالث : فیه بکیر بن أعین ، وقد مضی ما یقتضی أنّ الکشی روی فیه خبراً معتبراً : أنّ أبا عبد الله علیه السلام قال لمّا بلغه وفاته : لقد أنزله الله بین رسوله وبین أمیر المؤمنین علیهماالسلام (2). وهذا ربما یفید المدح ، إلاّ أنّه موقوف علی أن یراد بالمدح فی الرجال ما یتناول مثل هذا.

وقد ینظر فی ذلک ؛ لأنّ المدح بالنسبة إلی الروایة یقتضی نوع صلاح بالنسبة إلی الإخبار ، وقد صرّح الأصحاب فی بحث الشهادة : أنّ من حصلت له الولایة لا یلزم قبول شهادته ؛ لتوقفها علی تحقق شرط عدم کثرة السهو وإن کان الشخص متصفاً بالعدالة ؛ ومن ثَم قیل : نرجو شفاعة من

بحث حول بکیر بن أعین ومعنی الإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل

ص: 126


1- راجع ج 1 ص 147.
2- رجال الکشی 2 : 419 / 315.

لا تقبل شهادته. وعلی هذا فما ورد فی شأن بکیر لا یدلّ علی المدح المعتبر.

فإنْ قلت : من أین اعتبار ما ذکرت فی المدح ولم یصرّحوا به؟

قلت : ربما یلوح ذلک من ذکره فی الرواة ؛ لأنّ الخبر الحسن عند التأمّل به یقتضی ذلک ، إذ لا یخرج عن مشابهة الشهادة ؛ إلاّ أنْ یقال : إنّ هذا نوع من الإخبار ، فلا یتم ما قلناه ، وفی البین کلام. ( ومن هنا یعلم أنّ قول العلاّمة : بکیر بن أعین مشکور (1) ، فیه ما فیه ) (2).

وما عساه یقال : من أنّ عبد الله بن بکیر ممن أجمع علی تصحیح ما یصح عنه (3) ، فلا یضرّ الاحتمال فی أبیه.

یمکن الجواب عنه : بما أسلفناه. فی معنی الإجماع المذکور فی أوّل الکتاب مفصّلاً (4) ، والحاصل أنّ المعنی فی هذا لو کان کما ظن لکان الشیخ أعلم به ، وقد ردّ بعض أخبار فیها من أجمع علی تصحیح ما یصح عنه بالإرسال ، فعلم أنّ مرادهم بالإجماع قبول روایات الرجل من دون القرائن.

فإنْ قلت : ردّ الشیخ بالإرسال لا یقتضی ما ذکرت ، لأنّ مقصوده به عدم ثبوت القرائن علی الصحة فاکتفی بذکر الإرسال. والذی یؤید هذا أنّ الخبر لو لم یکن مرسلاً لا یعمل به الشیخ ، فعلم أنّ الإرسال لا یؤثّر من حیث هو وإنما أتی به ( لما ذکرناه.

قلت : هذا الوجه قد قدّمت مثله فی أوّل الکتاب ، ولم أر من نبّه ) (5)

ص: 127


1- خلاصة العلاّمة : 28.
2- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
3- رجال الکشی 2 : 673.
4- راجع ج 1 ص 59 62.
5- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

علیه ؛ إلاّ أنّه لا یضر بما قلناه ، إذ المقصود منه عدم استفادة المعنی الذی فهمه بعض الأصحاب من : أنّ الإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل یفید أنّ الطریق إذا صح إلیه کفی (1). والحال أنّ ردّ الشیخ الخبر بالإرسال مع الوصف المذکور یأباه ، فلیتأمّل.

فإن قلت : علی تقدیر مدح بکیر فالخبر حسن أو موثق.

قلت : الظاهر من تعریف الموثق شموله ، لکن اللازم من هذا أنّ العامل بالموثق عامل بالحسن ، ولا أعلم ذلک. وبعض محققی المعاصرین عرّف الموثق بما لا یقتضی دخول مثل هذا فیه (2) ، مع عدّه الخبر فی الموثق (3). وفیه ما فیه.

أمّا ما قد یقال : من أنّ اللازم من ثبوت الإجماع وصف الخبر بالصحیح.

فیمکن دفعه : بأنّ الصحیح عند المتقدمین له معنی آخر فلیتأمّل.

والرابع : صحیح علی ما تقدم (4).

والخامس : فیه محمّد بن إسحاق ، وهو ابن عمار ؛ لروایة محمّد بن أبی عمیر عنه فی الفهرست (5) ؛ وفی النجاشی ثقة عین (6). والعلاّمة نقل

بحث حول محمد بن إسحاق

ص: 128


1- ج 1 ص 59 62.
2- البهائی فی الحبل المتین : 5 ، زبدة الأصول : 62. ولکنه ذکر فی المسألة فی حاشیة مشرق الشمسین : 2. ثم قال : فإن رجّحنا الحسن علی الموثق کما هو الأظهر فموثق ، وإن عکسنا فحسن.
3- لم نعثر علی عدّه هذا الخبر من الموثق ، ولکنه ذکر فی باب موجبات الوضوء خبراً رواه عبد الله بن بکیر عن أبیه بکیر بن أعین ، وعدّه من الموثق. الحبل المتین : 36.
4- راجع ج 1 ص 69 ، ج 6 ص 191 ، 191 ، 407.
5- الفهرست : 149 / 631.
6- رجال النجاشی : 361 / 968.

عن ابن بابویه : أنّه واقفی (1).

ومحمّد بن أبی حمزة هو الثقة بغیر ارتیاب فلا یضر وقف غیره لو خلا من الإرسال. والوجه فی الجزم بابن أبی حمزة روایة ابن أبی عمیر عنه فی الفهرست (2).

وما عساه یقال : إنّ ابن أبی عمیر داخل فی المجمع علی تصحیح ما یصح عنهم (3).

جوابه یعلم مما تقدم عن قریب ، ونزید الحال هنا وضوحاً بأنّ الإجماع علی التصحیح لو تم فیه المعنی السابق لما کان لقول بعض الأصحاب : إنّه لا یروی إلاّ عن ثقة فائدة (4). إذ لو روی عن ضعیف لا یضر بالحال.

والعجب من بعض محققی المعاصرین سلّمه الله أنّه فهم المعنی السابق فی الإجماع ، وحکم بقبول مراسیل ابن أبی عمیر فی الأُصول ذاکراً روایته عن الثقة (5). فلیتأمّل.

والسادس : واضح الصحة بعد ما کرّرناه (6) فی رجاله.

المتن :

فی الأوّل : یحتمل أنْ یراد بالإمام فیه من أهل الخلاف لتصریح کثیر

بحث حول محمد بن أبی حمزة وکلمة حول معنی الإجماع علی التصحیح

ما المراد بالإمام فی قوله علیه السلام : « إذا صلیت خلف إمام لا یقتدی به فاقرأ »؟

ص: 129


1- خلاصة العلاّمة : 158 / 123.
2- الفهرست : 148 / 630.
3- انظر رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
4- الدرایة : 49.
5- الحبل المتین : 5 ، مشرق الشمسین : 35 30 ، زبدة الأصول : 63.
6- راجع ج 1 ص 141 ، 175 ، ج 6 ص 346.

من الأخبار به ؛ ویحتمل إرادة ما یعم المؤمن غیر الجامع للشرائط علی احتمال تقیته خوفاً منه ، وکذلک الثانی.

وما عساه یقال : إنّ تقیة المؤمن من أین جوازها؟.

یمکن أن یجاب عنه : بأنّ الکلینی روی فی باب التقیة أخباراً یقتضی بإطلاقها التناول لما ذکر ، فمن ذلک :

ما رواه عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد ، عن ربعی ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « التقیة فی کل ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حین تنزل به » (1).

وروی عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن إسماعیل الجعفی ومعمر بن یحیی بن سام ومحمّد بن مسلم وزرارة قالوا : سمعنا أبا جعفر علیه السلام یقول : « التقیة فی کل شی ء یضطرّ إلیه ابن آدم فقد أحلّه الله له » (2).

وما قد یقال : من أنّ التقیة عند الإطلاق تنصرف إلی المعروف وهو تقیة المخالف ، وحینئذٍ یفید الخبران اشتراط الضرورة.

یمکن الجواب عنه : بمنع التقیید من السیاق ، مضافاً إلی أنّ ما دل علی تقیة العامّة فی الصلاة قریب التنصیص ، والمعارض وهو ما ذکر فیه احتمال إرادة عدم اختصاص التقیة بالمخالف بل هی فی کل ما یضطر إلیه الإنسان ، فلا یتم التخصیص.

( ثم إنّ دلالته علی ما ذکرناه من حیث ظهور الشمول ، والأخبار الواردة فی هذا الباب لا تقتضی تخصیص ) (3) الأوّلین.

جواز التقیة من المؤمن والمخالف

ص: 130


1- الکافی 2 : 219 الایمان والکفر ب 97 ح 13.
2- الکافی 2 : 220 الایمان والکفر ب 97 ح 18.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

ثم إنّ الثانی المبحوث عنه : الظاهر أنّ فاعل « قرأ » فیه للرجل المأموم ؛ والقطع کنایة عن عدم قراءة السورة أمّا کاملة أو بعضها. واحتمال أن یعود للإمام والمعنی أنّ الإمام إنْ کان قرأ الفاتحة أجزأ المأموم فیقطع قراءته إن کان قرأ بعید ، بل لا وجه له إلاّ بغایة التکلف ؛ ولا یخفی أنّ الخبر لا یدلّ علی وجوب السورة ولا علی عدمه.

والثالث : کما تری ظاهر الدلالة علی الناصب ، وأنّه إذا جهر یجب الإنصات والسماع. وقوله : « وارکع » کأنّ المراد به الإتیان بالأفعال والأقوال بقصد الانفراد ، وحینئذٍ یدل علی الاکتفاء بقراءة الإمام ظاهراً (1).

والرابع : الکلام فیه کالأوّل والثانی من جهة الإمام ، وظاهره لزوم الإنصات لقراءة الإمام ، وحینئذٍ ینافی ما تقدم من أنّ الآیة الخطاب فیها للمؤمنین خلف الإمام فی الفریضة ، والوجه فی ذلک أنّ مقتضی هذا الخبر الشمول لصلاة المخالف ، وصدق الإمام علیه محل کلام ؛ ویمکن أنْ یقال فی الجمع : بأنّه لا مانع من صدق الإمام ظاهراً ؛ أمّا صدق الفریضة فبالنسبة إلی المأموم ، ویجوز بالنسبة إلی الإمام أیضاً.

نعم فی ظاهر الخبر المبحوث عنه ما یفید العموم من حیث قوله : « إذا سمعت کتاب الله » إلی آخره. ولعلّ المراد الخصوص ، واستعمال « إذا » فی العموم دائماً محل تأمّل. أو یقال : إنّه لا مانع من العموم فی الآیة ، والخبر السابق بنوع من التوجیه تقدّم (2). وحمل الشیخ لهما علی القراءة فی نفسه لا یخلو من بُعد ، إلاّ أنّه وجه للجمع إنْ ثبت عدم القائل بالإنصات من دون قراءة.

من هو فاعل « قرأ » فی قوله علیه السلام : « إذا کان قد قرأ أم الکتاب أجزأه »؟

توجیه ما دل علی وجوب الإنصات والاکتفاء بقراءة المخالف إذا جهر بها

ص: 131


1- لیس فی « م ».
2- فی ص 119.

والخامس المستدل به : ربما دل علی أنّ القراءة لیست حقیقة علی معنی القراءة خفیة ، إلاّ أنّ حمله علی ما قاله ممکن لولا أنّ ما قیده فی التقیة لا یدلّ علیه الخبران ، علی أنّ الظاهر من الخبر الرابع استبعاد عدم القراءة أصلاً ، فلولا أنّه فهم ذلک لما کان له وجه. أو یقال : إنّ الخبر یدل بسبب الاستبعاد علی وجوب الجهر. إلاّ أنّ مثل هذا لا یصلح للاستدلال ، لا بالنسبة إلی السند ، فإنّه واضح ، بل من جهة الاستبعاد إذ لا یعلم وجهه لاحتمال إرادة القراءة علی الوجه الأکمل وهو الجهر.

والسادس : صریح فی أنّ القراءة لیست إخفاتیة فیؤیّد ما ذکرناه فی الخامس ؛ أو یقال : إنّ الإخفاتیة لا یشترط فیها إسماع النفس کما قاله الأصحاب (1) ، أو أنّ سماع القراءة مفسرة غیر معتبر بل یکفی السماع فی الجملة ، لکن الإنصات المأمور به فی الخامس ربما یتحقق مع الإخفات. وغیر بعید الحمل علی التقیة فی الخبرین ، کما یعلم من مذهب بعض أهل الخلاف (2) ، إلاّ أنّ بعضهم قائل بالقراءة (3). والترجیح محل تأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد ، عن موسی بن الحسین والحسن بن علی ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن أحمد بن عائذ قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام : إنّی أدخل مع هؤلاء فی صلاة المغرب فیعجّلونی إلی ما أنْ أُؤذّن وأُقیم فلا أقرأ شیئاً حتی إذا رکعوا

بیان ما دل علی الاکتفاء بالقراءة مثل حدیث النفس خلف من لا یقتدی به

ص: 132


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 226 ، روض الجنان : 265.
2- حکاه عن أبی حنیفة فی بدایة المجتهد 1 : 154.
3- حکاه عن الشافعی فی بدایة المجتهد 1 : 154.

فأرکع معهم ، أفیجزئنی ذلک؟ قال : « نعم ».

فالوجه فی قوله : « لا أقرأ » محمول علی ما زاد علی الحمد ، لأنّ قراءة الحمد لا بُدّ منها ، یدلّ علی ذلک أنّ أحمد بن محمّد بن أبی نصر راوی الحدیث روی هذه القصّة بعینها ، وقال : إنّی لا أتمکّن من قراءة ما زاد علی الحمد ، فقال له : « نعم ».

روی ذلک : سعد ، عن موسی بن الحسین والحسن بن علی ، ( عن أحمد بن هلال ) (1) ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن أبی الحسن علیه السلام ، قال : قلت له : إنّی أدخل مع هؤلاء فی صلاة المغرب فیعجّلونی إلی ما أنْ أُؤذّن وأُقیم فلا أقرأ إلاّ الحمد حتی یرکع ، أیجزئنی ذلک؟ قال : « نعم یجزئک الحمد وحدها ».

ویحتمل أنْ یکون الخبر مخصوصاً بحال التقیة ، فإنّ ذلک یجوز إذا أتی بالرکوع والسجود.

روی ذلک : الحسین بن سعید ، عن محمّد بن الحصین ، عن محمّد بن الفضیل ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی أدخل المسجد فأجد الإمام قد رکع وقد رکع القوم ، فلا یمکننی أنْ أُؤذّن وأُقیم وأُکبّر ، فقال لی : « فإذا کان ذلک (2)فادخل معهم واعتدّ بها ، فإنّها من أفضل رکعاتک » قال إسحاق : فلمّا سمعت أذان المغرب وأنا علی بابی قاعد قلت للغلام : انظر أُقیمت الصلاة؟ فجاءنی فقال : نعم ، فقمت مبادراً فدخلت المسجد فرأیت (3) الناس قد رکعوا فرکعت

ص: 133


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 431 / 1666 : وإذا کان کذلک.
3- فی الاستبصار 1 : 431 / 1666 : فوجدتُ.

مع أوّل صف أدرکت ، فاعتددت بها ، ثمّ صلّیت بعد الانصراف أربع رکعات ، ثم انصرفت وإذا خمسة أو ستة من جیرانی قد قاموا إلیّ من المخزومیّین والأُمویین ، ثم قالوا : یا أبا هاشم جزاک الله عن نفسک خیراً فقد والله رأینا خلاف ما ظننا بک وما قیل لنا ، فقلت : وأیّ شی ء ذلک؟ قالوا : اتّبعناک حین قمت إلی الصلاة ونحن نری أنّک لا تقتدی (1)بالصلاة معنا ، فقد وجدناک قد اعتددت بالصلاة معنا وصلّیت بصلاتنا ( فرضی الله عنک وجزاک ) (2) خیراً ، قال ؛ فقلت لهم : سبحان الله لمثلی (3) یقال هذا؟! قال : فعلمت أنّ أبا عبد الله علیه السلام لم یأمرنی إلاّ وهو یخاف علیّ هذا وشبهه.

السند :

فی الأوّل : کما تری فیه موسی بن الحسین فیما رأیت من النسخ الآن ، وفی التهذیب موسی بن الحسن (4) ، والظاهر أنّه الصواب ، وقد قدّمنا القول فی موسی بن الحسن من أنّه مشترک (5) ، ولا یبعد کونه الثقة ، إلاّ أنّ الفائدة هنا منتفیة بعد أحمد بن هلال المضعّف من الشیخ فی هذا الکتاب (6) ، واشتراک الحسن بن علی (7) ، وربما یدّعی ظهور ابن فضّال ؛

بحث حول موسی بن الحسن

إشارة إلی ضعف أحمد بن هلال

تمییز الحسن بن علی

ص: 134


1- فی الاستبصار 1 : 431 / 1666 : لا تعتد.
2- فی الاستبصار 1 : 432 / 1666 : رضی الله عنک وجزاک الله.
3- فی الاستبصار 1 : 432 / 1666 : المِثلی.
4- التهذیب 3 : 37 / 131.
5- راجع ج 1 ص 295 وج 6 ص 385.
6- الاستبصار 3 : 28 / 90.
7- هدایة المحدثین : 190.

لما قد یظهر من الرجال فی ترجمة أحمد بن محمّد بن أبی نصر (1) ، إلاّ أنّ فی البین احتمالاً. وأمّا أحمد بن عائذ فهو ثقة.

والثانی : هو الأوّل.

والثالث : فیه محمّد بن الحصین ، ومحمّد بن الفضیل ، وهما مشترکان (2) ، وإسحاق بن عمّار تکرّر القول فیه (3).

المتن :

فی الأوّلین : ما ذکره الشیخ فیه أوّلاً قد یشکل بجواز روایة ابن أبی نصر السؤالین ، إلاّ أنّ البعد فیه غیر خفی. أمّا ما قاله ثانیاً فقد یظنّ أنّه یقتضی عدم تعرضه فیما سبق للتقیة ، والحال أنّه ذکرها ، وجوابه أنّ المراد تقیة خاصة ، لکن استدلاله بالخبر الأخیر قد یشکل بجواز کون الواقعة خاصة لدفع الضرر عن إسحاق. ویمکن الجواب : بأنّ الظاهر العموم فی الجواب وإنّما الواقع أحد الجزئیات.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شیخنا قدس سره قال فی المدارک عند قول المحقق : ولو کان الإمام ممّن لا یقتدی به وجبت القراءة - : لا ریب فی وجوب القراءة ؛ لانتفاء القدوة ، وکونه منفرداً فی نفس الأمر وإنْ تابعه ظاهراً ، ولا یجب الجهر بها فی الجهریة قطعاً ؛ للأصل ، وصحیحة علی بن یقطین وذکر الروایة السابقة ثم قال : ویجزئه الفاتحة مع تعذّر قراءة السورة إجماعاً ، ولو رکع الإمام قبل إکمال الفاتحة قیل : قرأ فی رکوعه ،

أحمد بن عائذ ثقة

محمد بن الحصین ومحمد بن الفضیل مشترکان

توجیه ما دل علی عدم وجوب القراءة خلف من لا یقتدی به

قول صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 135


1- رجال النجاشی : 75 / 180.
2- هدایة المحدثین : 235 ، 249.
3- راجع ج 1 ص 241 ، ج 3 ص 203.

وقیل : تسقط القراءة ، وبه قطع الشیخ فی التهذیب ، واستدلّ بما رواه إسحاق بن عمّار وذکر الروایة المبحوث عنها ثم قال : وهی وإنْ کانت واضحة المتن لکنّها قاصرة من حیث السند (1). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ خبر معاویة بن وهب السابق ینافی الجزم بوجوب القراءة علی الإطلاق ، وخبر الحلبی الأوّل علی تقدیر العمل به یقتضی التخییر فی القراءة وعدمها جمعاً ، أو یحمل علی القراءة فی النفس (2) ، وعدم التعرض للأخبار غیر واضح الوجه ، وخبر علی بن یقطین قد سمعت القول فیه من اقتضائه ثبوت واسطة بین الجهر والإخفات ، فإنْ أراد قدس سره وجوب القراءة علی نحو قراءة الصلاة فالروایة لا تدلّ علی ذلک ، وغیرها لم یذکره. ثم إنّ روایة إسحاق وضوح متنها مع ما قدّمناه محل تأمّل ، والله تعالی أعلم.

إذا تقرّر هذا کلّه فلیعلم أنّه بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّک قد سمعت من الأخبار سابقاً ما یقتضی الصلاة خلف المرضی (3) ، والمذکور فی کلام المتأخّرین العدالة ، وقد سبق فی الجمعة تعریفها (4) إجمالاً ، والمهم ( هنا بیان القول تفصیلاً ، فاعلم أنّ المنقول عن بعض الأصحاب المتأخّرین دعوی ) (5) الإجماع علی اشتراط العدالة فی صلاة الجماعة (6) ، وعن ابن الجنید أنّه ذهب إلی أنّ کل المسلمین علی العدالة إلی أنْ یظهر

الإجماع علی اشتراط العدالة فی إمام الجماعة

ص: 136


1- المدارک 4 : 325.
2- فی « فض » و « م » زیادة : خبر الحلبی.
3- تقدّم فی ص : 109.
4- فی ص : 55.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- انظر المنتهی 1 : 370.

ما یزیلها (1) ، وذهب آخرون إلی جواز التعویل علی حسن الظاهر (2) ، والکلام هنا فی مواضع :

الأوّل : قد سمعت أنّ الإجماع منقول علی اشتراط العدالة ، وأظنّ أنّه من العلاّمة (3) والمحقق (4) ، وقد قدّمنا أنّ الإجماع من المتأخّرین من قبیل الخبر المرسل ؛ لأنّ تحقق الإجماع فی زمن المذکورین وأشباههم یکاد أنْ یلحق بالممتنعات العادیة ، فلا بُدّ أنْ یکون علی سبیل النقل ، وحیث لم یبیّن الأصل فهو مرسل ، وتخیل أنّه لا یکون إلاّ عن ثقة فی ( الاکتفاء به لیکون خبراً مسنداً ؛ محل بحث ذکرناه فی أوّل الکتاب (5) ، وبتقدیر کون الإجماع من ) (6) المتقدّمین للبحث فیه مجال ، کما یصرّح بنفیه العلاّمة والمحقّق.

ثمّ إنّ وجود الخلاف فی هذه المسألة یحقق البحث ، والدلیل من سوی الإجماع المنقول مشکل التحقق ؛ لأنّ الأخبار التی وقفت علیها ما سبق فی هذا الکتاب ، وهو صحیح محمّد بن مسلم فی باب الصلاة خلف العبد ، حیث قال فیه : عن العبد یؤمّ القوم إذا رضوا به أنّه لا بأس به ، وکذلک صحیحه الآخر (7).

عدم تحقق الإجماع من المتأخرین

ص: 137


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 513.
2- کما فی المبسوط 8 : 217 ، الشرائع 3 : 21 ، القواعد 2 : 64 ، مجمع الفائدة 2 : 354 ، المدارک 4 : 66 و 347.
3- فی المنتهی 1 : 370.
4- فی المعتبر 2 : 306.
5- راجع ج 2 ص 240.
6- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
7- راجع ص 73.

وفی باب القراءة خلف من یقتدی به حسن قتیبة ، حیث قال فیه : « خلف إمام ترضی به » (1) ، وموثق یونس بن یعقوب ، حیث قال فیه : « من رضیت به » (2).

وفی التهذیب روی عن سعد بن عبد الله ، عن یعقوب بن یزید ، عن عمرو بن عثمان ومحمّد بن یزید ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن یزید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن إمامٍ لا بأس به فی جمیع أمره عارف ، غیر أنّه یسمع أبویه الکلام الغلیظ الذی یغیظهما (3) ، أقرأ خلفه؟ قال : « لا تقرأ خلفه ما لم یکن عاقّاً قاطعاً » (4).

وروی أیضاً بطریق غیر سلیم عن أبی ذر قال : إنّ إمامک شفیعک إلی الله ، فلا تجعل شفیعک سفیهاً ولا فاسقاً (5).

وروی بطریق فیه الإرسال عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « لا تصلّ خلف الغالی وإنْ کان یقول بقولک ، والمجهول ، والمجاهر بالفسق وإنْ کان مقتصداً » (6).

وروی بطریق فیه جهالة عن سعد بن إسماعیل ، عن أبیه قال : قلت للرضا علیه السلام : رجل یقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر ، أُصلّی خلفه؟ قال : « لا » (7).

ما یستفاد من الأخبار حول اشتراط العدالة فی إمام الجماعة

ص: 138


1- راجع ص : 109.
2- راجع ص : 109.
3- فی « رض » : یغلظه ، وفی « فض » : یغیظه ، وفی « م » : یغیظ ، وما أثبتناه من التهذیب 3 : 30 / 106.
4- التهذیب 3 : 30 / 106 ، الوسائل 8 : 313 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 1.
5- التهذیب 3 : 30 / 107 ، الوسائل 8 : 314 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 2.
6- التهذیب 3 : 31 / 109 ، الوسائل 8 : 310 أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 6.
7- التهذیب 3 : 31 / 110 ، الوسائل 8 : 316 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 10.

وتقدّم عنه نقل روایة عنه بطریق فیه سهل بن زیاد ، عن أبی عبیدة ، تضمنت أنّه یتقدّم القوم أقرؤهم (1).

وروی أیضاً بطریق فیه مجاهیل وابن عقدة ، تضمّن السؤال عن القراءة خلف الإمام ، فقال : « إذا کنت خلف إمام تولاّه وتثق به فإنّه یجزیک قراءته » (2).

وروی عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنْ کنت خلف الإمام فی صلاةٍ لا تجهر فیها بالقراءة حتی تفرغ وکان الرجل مأموناً علی القرآن فلا تقرأ خلفه » الحدیث (3).

وروی فی الزیادات عن سهل بن زیاد ، عن علی بن مهزیار ، عن أبی علی بن راشد قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : إنّ موالیک اختلفوا ، فأُصلّی خلفهم جمیعاً؟ فقال : « لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدینه (4) » (5).

وروی هذا الحدیث محمّد بن یعقوب ، عن علی بن محمّد ، عن سهل ، بزیادة فی المتن (6) ، لا یفید نقلها ، وقدّمنا عنه روایة حسنة فی الصلاة خلف العبد ، وفیها : « لا بأس به إذا کان فقیهاً ، ولم یکن هناک أفقه منه » وفیها قال : قلت : أُصلّی خلف الأعمی؟ قال : « نعم إذا کان له من یسدّده وکان أفضلهم » (7).

ص: 139


1- التهذیب 3 : 31 / 113 ، الوسائل 8 : 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 1.
2- التهذیب 3 : 33 / 120.
3- التهذیب 3 : 35 / 124 ، الوسائل 8 : 357 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 9.
4- فی التهذیب 3 : 266 / 755 زیادة : وأمانته.
5- التهذیب 3 : 266 / 755 ، الوسائل 8 : 315 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 8.
6- الکافی 3 : 374 الصلاة ب 55 ح 5.
7- الکافی 3 : 375 الصلاة ب 56 ح 4 ، الوسائل 8 : 325 أبواب صلاة الجماعة ب 16 ح 1 ، الوسائل 8 : 339 أبواب صلاة الجماعة ب 21 ح 5.

ونقل الصدوق فی الفقیه عن أبیه أنّه قال فی رسالته : لا تصلّ خلف أحد ، إلاّ خلف رجلین ، أحدهما من تثق بدینه وورعه ، وآخر تتّقی سیفه وسطوته وشناعته علی الدین ، إلی آخره (1). وهذا یقتضی عمله بقول أبیه ، وهو مضمون بعض الأخبار فی الجملة.

وروی عن إسماعیل الجعفی ، أنّه قال لأبی جعفر علیه السلام : رجل یحبّ أمیر المؤمنین علیه السلام ولا یتبرّأ من عدوّه ، ویقول هو أحبّ إلیّ ممن خالفه ، قال : « هذا مخلط وهو عدو فلا تصلّ وراءه ، ولا کرامة ، إلاّ أن تتّقیه » (2) وطریقه إلی إسماعیل فیه کلام کإسماعیل ، إلاّ أنّ روایة الصدوق لها مزیّة کما سبق (3) ، ورواه الشیخ (4) بطریق خال من الارتیاب الذی فی طریق الصدوق ، إلاّ فی إسماعیل ، وفیه ابن مسکان ، وأظنّ أنّ أمره هیّن ، وعلی کل حال فهو مؤیّد لروایة الصدوق.

وروی الصدوق أیضاً خبر عمر بن یزید (5) ، ولیس فی طریقه ارتیاب. وروی الخبر السابق عن الشیخ المتضمن للمجهول والمغالی مرسلاً ، بهذه الصورة : وقال الصادق علیه السلام : « ثلاثة لا تصلّی خلفهم ، المجهول والمغالی ، وإنْ کان یقول بقولک » (6) إلی آخره. ومزیّته ظاهرة. وروی خبر سعد بن إسماعیل (7) السابق من الشیخ.

ص: 140


1- الفقیه 1 : 249.
2- الفقیه 1 : 249 / 1118 ، الوسائل 8 : 309 أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 3.
3- فی ص : 58 ، 1989 ، 1999.
4- التهذیب 3 : 28 / 97.
5- الفقیه 1 : 248 / 1114.
6- الفقیه 1 : 248 / 1111 ، الوسائل 8 : 315 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 4 وفیهما : الغالی ، بدل : المغالی.
7- الفقیه 1 : 249 / 1116.

وبالجملة : فالظن حاصل بأنّ الأخبار المرویّة فی الفقیه لا تقصر عن الصحیح کما قدّمنا وجهه (1).

وروی الصدوق عن محمّد بن علی الحلبی ، عن الصادق علیه السلام ، أنّه قال : « لا تصلّ خلف من یشهد علیک بالکفر ، ولا خلف من شهدت علیه بالکفر » (2). وروی عدم جواز الصلاة خلف من وقف علی الإمام (3) ، ومن قال بالجسم (4).

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه یستفاد من معتبر الأخبار أنّ غیر المؤمن لا یصلّی خلفه.

وکذلک فاعل الذنب لا یصلّی خلفه ؛ لدلالة خبر سعد علیه صریحاً ، حیث قال فیه : یقارف الذنب ، وفی القاموس ما یقتضی أنّ مقارفة الذنب اکتسابه (5) ، والظاهر من الذنب الجنس الشامل للصغائر والکبائر.

وکذلک المجهول المستفاد من قول الصادق علیه السلام مع المغالی. وما تضمنه من اعتبار المجاهرة بالفسق یقتضی أنّ الذی فسقه مخفی لا یضر بالحال ، ولعلّ المراد به عدم ظهوره للمصلّی معه غالباً ، أمّا الاستدلال به علی العدالة ففیه ما تعلم من تعاریفها إن شاء الله ، لکن الجمع بینه وبین من یقارف الذنب لا یخلو من إشکال ، إلاّ أنْ یحمل علی المجاهرة بالفسق.

وما تضمنه خبر عمر بن یزید من أنّ إسماع الکلام الغلیظ لا یضر بالحال ینافی مقارفة الذنب ، لتحریم ذلک ، وذکر العقوق والقطیعة المراد

ص: 141


1- ج 3 ص 27 29.
2- الفقیه 1 : 249 / 1115.
3- الفقیه 1 : 248 / 1113.
4- الفقیه 1 : 248 / 1112.
5- القاموس المحیط 3 : 190.

بها فی الظاهر قطیعة الرحم ربما یدلّ علی تخصیص الذنب بالکبیرة ، وتخصیص الأمرین یحتمل أنْ یکون وجهه مورد السؤال ، فإنّ القریب إلی السؤال من الکبائر الأمران.

ویمکن أنْ یقال : إذا ثبت فی بعض الکبائر الحکم ثبت فی الجمیع ؛ لعدم القائل بالفصل ، بل المقصود الأهمّ أنّ مقارفة الذنب لیس علی وجه العموم ، لخبر عمر بن یزید ، ویمکن أنْ یراد بالذنب : المشهور وهو الکبائر ، وعلی هذا یحتمل أنْ یراد بالمجاهر بالفسق فاعل الکبائر ، ویحتمل أنْ یراد به المخالف ، والعدول عنه إلی نکتة لا تخفی.

وما عساه یقال : إنّ المجهول لا وجه للمنع فیه إلاّ الفسق ؛ سیعلم الجواب عنه إن شاء الله.

وممّا حرّرناه یعلم أنّ احتمال إرادة من هو بالوصف الحاصل من الأخبار غیر المرضی ، والمرضی فی الأخبار الأُخر ، وکذا الموثوق به ، والدلالة علی العدالة بالإطلاق محل بحث ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الآیة الواردة فی الشهادة بقوله تعالی ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ ) (1) / مع آیة ( وَأَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ ) (2) تدلّ علی أنّ المرضی هو العدل ، وفیه ما لا یخفی.

الموضع الثانی : علی تقدیر اعتبار العدالة فحقیقتها الشرعیة غیر معلومة ، وقد سبق فی تعریفها فی باب الجمعة بأنّها ملکة نفسانیة باعثة علی ملازمة التقوی ، التی هی القیام بالواجبات وترک المنهیات الکبیرة مطلقاً والصغیرة مع الإصرار علیها ، وملازمة المروءة (3).

تحقیق حول حقیقة العدالة وتعریفها

ص: 142


1- البقرة : 282.
2- الطلاق : 2.
3- تقدّم فی ص 55.

وهذا التعریف ذکره فی الروضة فی باب الجماعة (1) ، وغیر خفی المطالبة بالدلیل علی اعتبار الملکة والقیام بالواجبات وما ذکر معهما ، سیّما اعتبار ملازمة المروءة ، والإجماع علی التعریف مشکل التحقق ، وقد صرّح العلاّمة فی المختلف فی مسألة عدم جواز إمامة الصبی بتعریفها بنحو مغایر لما ذکره جدّی قدس سره حیث قال : إنّها هیئة قائمة بالنفس تقتضی البعث علی ملازمة الطاعات والانتهاء عن المحرّمات (2). وغیر خفی وجه المغایرة ، إلاّ أنْ یقال : إنّ غرض العلاّمة بالتعریف بیان انتفاء التکلیف عن الصبی فاکتفی ببعض اللوازم. وفیه : أنّ المغایرة فی الجملة حاصلة ، ولو سلّم فقد صرّح جدّی قدس سره فی الروضة فی باب الزکاة أنّ المروءة غیر معتبرة (3) فیها علی ما صرّح به الشهید فی شرح الإرشاد (4). وفی کتاب الشهادات للأصحاب زیادة عن شروط العدالة فی غیرها (5).

وبالجملة : فتحقیق العدالة شرعاً منتفٍ ، وفی اللغة علی ما یقتضیه کلام البعض هی الاستقامة وعدم المیل (6). وفائدة هذا التعریف فرع وقوعها فی کلام الشارع فی صلاة الجماعة علی وجهٍ یعتمد علیه.

نعم ورد تفسیرها فی بعض الأخبار ، وهو ما رواه الصدوق فی الفقیه بلفظ : وروی عن عبد الله بن أبی یعفور قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : بِمَ

ص: 143


1- الروضة 1 : 378.
2- المختلف 2 : 480.
3- فی النسخ : مفسّرة ، وما أثبتناه من المصدر.
4- الروضة 2 : 51 ، وانظر غایة المراد 1 : 261.
5- انظر المقنعة : 725 ، النهایة : 325 ، المبسوط 8 : 217 ، الکافی فی الفقه : 435 ، المهذب 2 : 556 ، المختلف 8 : 498.
6- المدارک 4 : 67.

تعرف عدالة الرجل بین المسلمین حتی تقبل شهادته لهم وعلیهم؟ فقال : « أنْ یعرفوه بالستر والعفاف وکفّ البطن والفرج والید واللسان ، ویعرف (1) باجتناب الکبائر التی أوعد الله عزّ وجلّ علیها النار من شرب الخمور والزنا والربا وعقوق الوالدین والفرار من الزحف وغیر ذلک ، والدلالة علی ذلک کلّه أنْ یکون ساتراً لجمیع عیوبه حتی یحرم علی المسلمین ما وراء ذلک من عثراته وعیوبه وتفتیش ما وراء ذلک ، ویجب علیهم تزکیته وإظهار عدالته فی الناس ، ویکون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب علیهن وحفظ مواقیتهن بحضور جماعة من المسلمین ، وأنْ لا یتخلّف عن جماعتهم فی مصلاّهم ، إلاّ من علّة ، فإذا کان کذلک لازماً لمصلاّه عند حضور الصلوات الخمس ، فإذا سُئل عنه فی قبیلته ومحلّته قالوا : ما رأینا منه إلاّ خیراً مواظباً علی الصلوات متعاهداً لأوقاتها فی مصلاّه ، فإنّ ذلک تجوز شهادته وعدالته بین المسلمین ، وذلک أنّ الصلاة ستر وکفّارة للذنوب ، ولیس یمکن الشهادة علی الرجل بأنّه یصلّی إذا کان لا یحضر مصلاّه ویتعاهد جماعة المسلمین ، وإنّما جعل (2) الجماعة والاجتماع ( إلی الصلاة ) (3) لکی یعرف من یصلّی ممّن لا یصلّی ، ومن یحفظ مواقیت الصلاة ممّن یضیع ، ولو لا ذلک لم یمکن لأحد (4) أنْ یشهد علی آخر بصلاح ، لأنّ مَن لا یصلّی (5) لا صلاح له بین المسلمین ، فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله هَمّ بأنْ یحرق قوماً فی منازلهم ، لترکهم الحضور لجماعة

ص: 144


1- فی المصدر : وتعرف.
2- فی « رض » و « م » : حصل.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی « فض » : لم یمکن أحد ، وفی « رض » : لم یکن لأحد.
5- فی « رض » : لم یصلی. ، وفی « رض » لم یصل.

المسلمین ، وقد کان فیهم مَن یصلّی فی بیته فلم یقبل منه ذلک ، وکیف تقبل شهادة أو عدالة بین المسلمین ممّن (1) جری الحکم من الله عزّ وجلّ ومن رسوله صلی الله علیه و آله » (2) الحدیث (3).

وسیأتی فی الکتاب ، لکن طریق الفقیه أقرب إلی الاعتبار ، وإنْ کان فی الطریق نوع ارتیاب یدفعه ما أسلفناه.

فإنْ قلت : ما وجه الارتیاب فی طریق الصدوق إلی عبد الله؟.

قلت : من جهة أنّه قال : روی عن عبد الله ، وقد قدّمنا أنّ فی دخول هذا فی المشیخة تأمّلاً ؛ لأنّ الظاهر منها ما رواه عن الشخص ، ولفظ « روی » یقتضی المغایرة ، إلاّ أنّه قابل للتوجیه.

وفی الطریق محمّد بن خالد البرقی وأحمد ابنه ، أمّا أحمد بن محمّد ابن یحیی العطّار فقد قدّمنا عدم التوقف فیه من مشایخنا ، وغیره أیضاً (4) ، إلاّ أنّ فی البین کلاماً مضی (5) ، وتسدید الروایة بروایة الصدوق تکرّر.

ثم إنّ الخبر کما تری یدل علی أنّ العدالة فیمن تعتبر شهادته یشترط فیها الستر والعفاف وکفّ البطن والفرج واجتناب الکبائر.

ولا یبعد أنْ یراد بالستر ستر العیوب ؛ لما یظهر من قوله : « ساتراً لجمیع عیوبه » غیر أنّ ستر العیوب فی حیّز الإجمال ، وغیر بعید أنْ یتناول ستر العیوب إخفاء الذنوب إمّا بالتوبة عنها أو بوقوعها نادراً ، ویراد بها

ص: 145


1- فی النسخ : فمن ، وما أثبتناه موافق للفقیه 3 : 24 / 65 ، الوسائل 27 : 391 أبواب الشهادات ب 41 ح 1.
2- إنّ ذیل الحدیث فی الفقیه هکذا : فیه الحرق فی جوف بیته بالنّار ، وقد کان یقول رسول الله صلی الله علیه و آله : لا صلاة لمن لا یصلّی فی المسجد مع المسلمین إلاّ من عِلّة.
3- الفقیه 3 : 24 / 65 ، الوسائل 27 : 391 أبواب الشهادات ب 41 ح 1.
4- راجع 1 ص 91 92.
5- راجع 1 ص 91 92.

الصغائر فلا یکون مصرّاً علیها.

ویحتمل أنْ یراد بالمتجاهر بالفسق فی الخبر السابق (1) مقابل الساتر لذنوبه ، إلاّ أنّ الجزم بإرادة هذا مشکل ، فلا یتم الاستدلال به علی قولهم فی تعریف العدالة عدم الإصرار علی الصغائر (2) ، ولو نظرنا إلی أنّ الإصرار یوجب عدّها کبیرة لدلالة بعض الأخبار (3) ، أمکن دخولها فی الکبائر المذکورة فی الحدیث ، وما ظنّه بعض من دلالة الخبر علی حصر الکبائر ؛ محلّ بحث ؛ لأنّ قوله : « وغیر ذلک » یدل علی أنّ المذکور بعضها ، وسیأتی فی خبر عبد العظیم ما یدلّ علی الزیادة (4) ، وکذلک فی غیره (5) ، وحینئذٍ فالخبر لا یدلّ علی الحصر ، واحتمال أنْ یراد ب « غیر ذلک » الإشارة إلی ما یعتبر فی العدالة ، وکأنّه قال : اجتناب الکبائر وما تقدّم وغیر ما ذکر.

وقوله : « والدلالة » إلی آخره. یراد به أنّ الدالّ علی اجتناب ما ذکر وغیره ما قاله فیه ، ما أشرنا إلیه من دلالة بعض الأخبار علی الزیادة ، فلا مانع من إرادة غیر ما ذکر من الکبائر وغیرها ، أو لکون الغیر کبائر أو غیرها.

ثم إنّ ستر العیوب ربما یتناول مع ما ذکر أو علی الانفراد منافیات المروءة ، لکن تناولها لجمیع ما ذکروه محلّ تأمّل ، بل ربما یخصّ بما یعدّ عیباً بالنسبة إلیه ، وستسمع القول فی ذلک ، لکن الاستدلال بالخبر علی اعتبار عدم فعل منافیات المروءة یتوقف علی العلم بإرادته من الخبر ، وهو

ص: 146


1- تقدم فی ص 137.
2- المختلف 8 : 501 ، المبسوط 8 : 217 ، الروضة 1 : 379.
3- انظر الکافی 2 : 288 باب الإصرار علی الذنب.
4- فی ص 147.
5- انظر ص 152.

مشکل ، مضافاً إلی إثبات أنّ عدالة الصلاة متّحدة مع عدالة الشهادة ، ولا یخلو من إشکال.

وما تضمّنه من کفّ البطن والفرج والید ظاهر الإجمال ، وفی الأخبار ما یدلّ علی هذا فی الجملة ، کما یفهم من روایاتٍ فی الکافی (1) ، إلاّ أنّ اعتبار هذا فی العدالة لا أعرف الآن القائل به.

واعتبار المواظبة علی الصلوات ظاهر الخبر دخوله فی العدالة ، وکذلک حضور الجماعة ، ویمکن بتکلفٍ إدراجه فیما ذکروه من تعریف العدالة ، غیر أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ حضور الجماعة کما یکون بالائتمام یکون بصلاته إماماً ، فالمواظبة لا تدلّ علی اعتباره فی الإمام علی أنْ تکون عدالته متوقفة علی الملکة بجواز أنْ یکون یصلّی جماعة من دون حصول الملکة ، نعم ربما تستفاد الملکة من جوهر الروایة ، حیث قال فیها : « فإذا سُئل عنه فی قبیلته » إلی آخره.

وما عساه یقال : إنّ الظاهر من الروایة إنّما هو صلاته مؤتمّاً لا إماماً ، بقرینة ذکر النبی صلی الله علیه و آله ؛ یمکن دفعه : بأنّه لا منافاة ؛ لجواز (2) ذکر قصّة النبی صلی الله علیه و آله لأحد الأفراد ، وبالجملة فاستفادة الملکة جزماً واستفادة التعریف للعدالة من الروایة لا تخلو من تکلّف.

الموضع الثالث : قد عرفت ممّا قرّرناه فی روایة عبد الله بن أبی یعفور أنّ الکبائر غیر محصورة فیها ، وللعلماء اختلاف فیها ، فقیل : إنّها کلّ ذنب توعّد الله علیه بالعقاب فی الکتاب العزیز (3). وقیل : کلّ ذنب

فی تعریف الکبائر وعدها

ص: 147


1- الکافی 2 : 276 باب الکبائر.
2- فی « فض » : بجواز.
3- حکاه البهائی فی الأربعین : 380.

رتّب علیه الشارع حدّا ، أو صرّح فیه بالوعید (1). وقیل : کلّ معصیة تؤذن بقلّة اکتراث فاعلها بالدین (2). وقیل : کلّ ذنب علم حرمته بدلیل قاطع (3). وقیل : کلّ ما توعّد علیه توعّداً شدیداً فی الکتاب والسنّة (4). وقیل : الذنوب کلّها کبائر ، لکن قد یطلق الصغیر والکبیر بالإضافة ، وهو محکی عن الشیخ أبی علی الطبرسی (5) ، بل قیل : إنّه أضافه إلی أصحابنا (6). وقیل : إنّها سبع : الشرک بالله ، وقتل النفس التی حرّم الله ، وقذف المحصنة ، وأکل مال الیتیم ، والزنا ، والفرار من الزحف ، وعقوق الوالدین (7).

( والأخبار فی المقام مختلفة ) (8) ، وقد روی الصدوق فی باب معرفة الکبائر التی أوعد الله علیها النار ما یدلّ علی أنّ الخبر السابق (9) عنه لا یراد فیه الحصر ، إلاّ بتکلّف أنْ یراد فی عدالة الشاهد الاکتفاء ببعضها ، وهو ما ذکر فیها ، ولا أعلم القائل بذلک.

والذی رواه عن أبی عبد الله علیه السلام بطریق غیر سلیم ، لولا ما قدّمناه : « أنّ الکبائر سبع فینا أُنزلت ومنّا استحلّت ، فأوّلها : الشرک بالله العظیم ، وقتل النفس التی حرّم الله ، وأکل مال الیتیم ، وعقوق الوالدین ، وقذف

ص: 148


1- قال به أبو السعود فی تفسیره 2 : 171.
2- الإرشاد لإمام الحرمین عبد الملک الجوینی : 329.
3- حکاه أبو السعود فی تفسیره 2 : 171.
4- حکاه ابن کثیر فی تفسیره 1 : 769.
5- حکاه عنه فی المسالک 2 : 402 ، وهو فی مجمع البیان 2 : 38.
6- حکاه عنه فی الروضة 3 : 129 ، وهو فی مجمع البیان 2 : 38.
7- حکاه أبو السعود فی تفسیره 2 : 171.
8- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
9- راجع ص 142.

المحصنة ، والفرار من الزحف ، وإنکار حقّنا » الحدیث (1).

والحصر فی السبعة علی ما یظهر من الروایة أوّلها وآخرها (2) إضافی بالنسبة إلیهم علیهم السلام ، ومنه یعلم أنّ إطلاق بعض الروایات وربما کان خبر عبد الله بن أبی یعفور منه یراد به المقیّد.

وروی الصدوق (3) عن عبد العظیم بن عبد الله الحسنی ، عن أبی جعفر محمّد بن علی الرضا علیهم السلام ، عن أبیه علیه السلام قال : « سمعت أبی موسی علیه السلام ابن جعفر علیه السلام یقول : دخل عمرو بن عبید البصری علی أبی عبد الله علیه السلام فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآیة ( الَّذِینَ یَجْتَنِبُونَ کَبائِرَ الْإِثْمِ* ) (4) ثم أمسک ، فقال أبو عبد الله علیه السلام : ما أسکتک؟ قال : أُحبّ أنْ أعرف الکبائر من کتاب الله عزّ وجلّ ، قال : نعم یا عمرو أکبر الکبائر الشرک بالله ، یقول الله تبارک وتعالی ( إِنَّ اللهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ* ) (5) ویقول الله عزّ وجلّ ( إِنَّهُ مَنْ یُشْرِکْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ ) (6).

وبعده الیأس من رَوْح الله ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْکافِرُونَ ) (7).

ثم الأمن من مکر الله ؛ لأنّ الله تعالی یقول ( فَلا یَأْمَنُ مَکْرَ اللهِ إِلاَّ

ص: 149


1- الفقیه 3 : 366 / 1745.
2- فی « م » : وربما آخرها.
3- لیست فی « رض ».
4- الشوری : 37.
5- النساء : 48 و 116.
6- المائدة : 72.
7- یوسف : 87.

الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ ) (1).

ومنها عقوق الوالدین ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ جعل العاق جبّاراً شقیّاً فی قوله تعالی ( وَبَرًّا بِوالِدَتِی وَلَمْ یَجْعَلْنِی جَبّاراً شَقِیًّا ) (2).

وقتل النفس التی حرّم الله إلاّ بالحق ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( وَمَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها ) إلی آخر الآیة (3).

وقذف المحصنات ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( إِنَّ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ ) (4).

وأکل مال الیتیم ظلماً ، لقول الله عزّ وجلّ ( إِنَّ الَّذِینَ یَأْکُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً وَسَیَصْلَوْنَ سَعِیراً ) (5).

والفرار من الزحف ؛ لأنّ الله عزّ وجل یقول ( وَمَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَیِّزاً إِلی فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِیرُ ) (6).

وأکل الربا ؛ لأنّ الله تعالی یقول ( الَّذِینَ یَأْکُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إِلاّ کَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ ) (7) ویقول الله عزّ وجلّ ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِیَ مِنَ الرِّبا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ

ص: 150


1- الأعراف : 99.
2- مریم : 32.
3- النساء : 93.
4- النّور : 23.
5- النساء : 9.
6- الأنفال : 16.
7- البقرة : 275.

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) (1).

والسحر ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) (2).

والزنا ؛ لأنّ الله تعالی یقول ( وَمَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ یَلْقَ أَثاماً یُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَیَخْلُدْ فِیهِ مُهاناً إِلاّ مَنْ تابَ ) الآیة (3).

والیمین الغموس ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلاً أُولئِکَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ ) الآیة (4).

والغلول ، قال الله تعالی ( وَمَنْ یَغْلُلْ یَأْتِ بِما غَلَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ ) (5).

ومنع الزکاة المفروضة ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُکْوی بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما کَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ فَذُوقُوا ما کُنْتُمْ تَکْنِزُونَ ) (6).

وشهادة الزور ، وکتمان الشهادة ، لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( وَمَنْ یَکْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (7).

وشرب الخمر ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ عدل بها عبادة الأوثان (8).

ص: 151


1- البقرة : 278 و 279.
2- البقرة : 102.
3- الفرقان : 68 70.
4- آل عمران : 77.
5- آل عمران : 161.
6- التوبة : 35.
7- البقرة : 283.
8- المائدة : 90.

وترک الصلاة متعمداً أو شیئاً ممّا فرض الله عزّ وجلّ ؛ لأنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال : من ترک الصلاة متعمداً فقد برئ من ذمّة الله عزّ وجلّ وذمّة رسوله صلی الله علیه و آله .

ونقض العهد وقطیعة الرحم ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( أُولئِکَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ ) (1) (2) فخرج عمرو بن عبید وله صراخ من بکائه ، وهو یقول : هلک من قال برأیه (3) » (4).

وهذا الخبر کما تری یدلّ من حیث ذکر الآیات وقول الرسول صلی الله علیه و آله فی تارک الصلاة علی أنّ الکبائر ما وعد الله ورسوله صلی الله علیه و آله بالنار علی فعلها ، وقد روی الصدوق عن أحمد بن النضر ، عن عبّاد ، عن کثیر النواء ، قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن الکبائر ، فقال : « کلّ ما وعد (5) الله علیه النار » (6) والخبر وإنْ کان طریقه غیر سلیم إلاّ أنّ روایة الصدوق توجب مزیّته.

وقد روی محمّد بن یعقوب بطریقٍ فیه أبو جمیلة وابن فضّال ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی قول الله عزّ وجلّ ( إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَنُدْخِلْکُمْ مُدْخَلاً کَرِیماً ) (7) قال : « الکبائر التی أوجب الله علیها النار » (8). وهذا الخبر کما یحتمل أنْ یراد به تفسیر الکبائر علی الإطلاق فیؤید روایة الصدوق ، یحتمل الرجوع إلی

ص: 152


1- الرعد : 25.
2- فی الفقیه 3 : 367 / 1746 والوسائل 15 : 318 أبواب جهاد النفس وما یناسبه ب 46 ح 2 زیادة : قال.
3- فی المصدر زیادة : ونازعکم فی الفضل والعلم.
4- الفقیه 3 : 367 / 1746 ، الوسائل 15 : 318 أبواب جهاد النفس وما یناسبه ب 46 ح 2.
5- فی الفقیه 3 : 373 / 1758 : أوعد.
6- الفقیه 3 : 373 / 1758.
7- النساء : 31.
8- الکافی 2 : 276 الایمان والکفر ب 112 ح 1.

الکبائر فی الآیة ، وسنبیّن الوجه فی هذا فیما بعد (1).

وروی محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الکبائر ، قال : « هنّ فی کتاب علی علیه السلام سبع : الکفر بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدین ، وأکل الربا بعد البیّنة ، وأکل مال الیتیم ظلماً ، والفرار من الزحف ، والتعرّب بعد الهجرة » قال : قلت : فهذا أکبر المعاصی؟ قال : « نعم » قلت : أکل درهم من مال الیتیم ظلماً أکبر أَم ترک الصلاة؟ قال : « ترک الصلاة » قلت : فما عدد ترک الصلاة فی الکبائر؟ قال : « أی شی ء أوّل ما قلت لک؟ » قال : قلت : الکفر ، قال : « فإنّ تارک الصلاة کافر یعنی من غیر علّة » (2).

ولا یخفی علیک أنّ ظاهر هذا الخبر منافٍ لما تقدّم من الأخبار الدالّة علی أزید ممّا ذکر ، والذی یمکن أنْ یوجّه الجمع بما فصّله أبو عبد الله علیه السلام فی روایة عبد الرحمن بن کثیر السابقة عن الصدوق (3) ، بعد ما قدّمناه منها من أنّ السبع فینا أُنزلت ، إلی آخره. حیث قال علیه السلام : « فأمّا الشرک بالله العظیم فقد أنزل (4) فینا ما أنزل ، وقال رسول الله صلی الله علیه و آله فینا ما قال ، فکذّبوا الله وکذّبوا رسوله وأشرکوا بالله ؛ وأمّا قتل النفس التی حرّم الله فقد قتلوا الحسین علیه السلام وأصحابه ؛ وأمّا أکل مال الیتیم فقد ذهبوا بفیئنا الذی جعله الله لنا فأعطوه غیرنا ؛ وأمّا العقوق فقد أنزل الله تبارک وتعالی فی کتابه ، فقال ( النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) (5) فعقّوا

ص: 153


1- فی ص : 155.
2- الکافی 2 : 278 الإیمان والکفر ب 112 ح 8.
3- فی ص 147.
4- فی المصدر : فقد أنزل الله فینا.
5- الأحزاب : 6.

رسول الله صلی الله علیه و آله فی ذریته وعقّوا أُمّهم خدیجة (1) فی ذریّتها ؛ وأمّا قذف المحصنة فقد قذفوا فاطمة ( سلام الله علیها ) (2) ؛ وأمّا الفرار من الزحف فقد أعطوا أمیر المؤمنین علیه السلام بیعتهم طائعین غیر مکرهین ففرّوا عنه وخذلوه ؛ وأمّا إنکار حقّنا فهذا ممّا لا یتنازعون فیه » (3).

فإنْ قلت : هذا الخبر مغایر لخبر عبید بن زرارة ، فلا یمکن الجمع.

قلت : المقصود من الجمع أنّ الکبائر تقال بالتفاوت ، فالسبع فی کتاب علی علیه السلام یجوز أنْ تکون بنحو السبع فی خبر الصدوق ، فلا یفید الخبران الحصر لیقع التنافی ، ومن هنا یمکن أنْ یقال بأنّ جمیع الذنوب کبائر ، وإنّما یقال صغائر بالإضافة ، ویؤیده ما تقدّم من أنّها ما أوعد الله علیها النار ورسوله (4) ، وظاهر بعض الآیات بعمومها التوعد بدخول النار علی العصیان وتعدّی الحدود ، وکذلک الأخبار ، کما یعلم من الکافی (5) وغیره (6) ، وقد روی الصدوق (7) أیضاً ما یقتضی الزیادة علی ما فی خبر عبد العظیم وغیره.

فإنْ قلت : خبر عبد العظیم تضمّن السؤال عن معرفة الکبائر من کتاب الله عزّ وجلّ ولم یذکر فیه آیة علی شهادة الزور ، ثم إنّه ذکر علیه السلام غیر الصلاة من الفروض ولم یذکر إلاّ قول رسول الله صلی الله علیه و آله ، فهو خلاف السؤال.

قلت : لا یبعد أنْ یکون ترک شهادة الزور لعدم ورود آیة فیها تغلیظ

ص: 154


1- فی النسخ : فاطمة ، والصواب ما أثبتناه من الفقیه 3 : 367 / 1745.
2- فی الفقیه 3 : 367 / 1745 یوجد : علی منابرهم.
3- الفقیه 3 : 367 / 1745 بتفاوتٍ یسیر.
4- فی ص 151.
5- الکافی 2 : 276 الایمان والکفر ب الکبائر.
6- ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : 233 عقاب من أتی الکبائر.
7- الفقیه 3 : 366 باب معرفة الکبائر التی أوعد الله عزّ وجلّ علیها النار.

الإثم ، وأمّا أصل الحکم فمذکور فی قوله ( وَالَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ ) (1) هکذا ذکر الوالد قدس سره وفیه نوع تأمّل ، إلاّ أنّه قابل للتسدید. وأمّا من جهة الصلاة ونحوها فیجوز أنْ یکون علیه السلام أراد بقول الرسول صلی الله علیه و آله بیان الاتحاد مع قول الله عزّ وجلّ ، أو أنّ (2) قول الرسول صلی الله علیه و آله أشدّ تغلیظاً بحسب فهم السائل.

ثم إنّ التعمیم للفروض قد سبق التنبیه علیه ، غیر أنّ الفروض یحتمل أنْ یراد بها ما ثبت من القرآن ، ویحتمل إرادة الواجبات ، فالاستدلال من هذه الجهة علی أنّ الذنوب کلّها کبائر مشکل ، وقد روی محمّد بن یعقوب عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب قال : کتب معی بعض أصحابنا إلی أبی الحسن علیه السلام یسأله عن الکبائر کم هی وما هی؟ فکتب : « الکبائر مَن اجتنب ما أوعد الله علیها النار کفّر عنه سیئاته إذا کان مؤمناً ، والسبع (3) الموجبات : قتل النفس الحرام ، وعقوق الوالدین ، وأکل الربا ، والتعرّب بعد الهجرة ، وقذف المحصنة ، وأکل مال الیتیم ، والفرار بعد الزحف » (4).

وربما یظن من هذا الخبر نفی القول بأنّ الذنوب کلّها کبائر ، وقد یقال : إنّ ما ورد فی الأخبار من الزیادة علی هذا یکاد أنْ یعلم وقوعه ، وتأویل هذا الخبر بما سبق ممکن ، بأنْ یقال : إنّ المذکورات لا یغفر لصاحبها لخروجه عن الإیمان کما یلوح من خبر الصدوق ، وإنْ کان فی

ص: 155


1- الفرقان : 72.
2- فی « رض » و « م » : وأنّ.
3- لیست فی « رض » و « م » ، وفی « فض » : الشفع ، وما أثبتناه موافق للکافی 2 : 276 / 2 والوسائل 15 : 318 أبواب جهاد النفس وما یناسبه ب 46 ح 1.
4- الکافی 2 : 276 الإیمان والکفر ب 112 ح 2 ، الوسائل 15 : 318 أبواب جهاد النفس وما یناسبه ب 46 ح 1 ، وفیهما : والفرار من الزحف.

هذا زیادة لیست فی ذلک ونقیصة ؛ ولئن نوقش فی هذا یقال : إنّ معنی کون الصغائر مغفورة لمن اجتنب الکبائر هو أنّ من عنّ له أمران منها ودَعته نفسه إلیهما فانتهی عن [ أکبرهما (1) ] فاعلاً لأصغرهما فإنّه یکفّر عنه ما ارتکبه بما استحقه من الثواب.

فإنْ قلت : هذا قد قیل فی تفسیر الآیة علی تقدیر القول بأنّ الجمیع کبائر ، أمّا فی الخبر فلا یتم ؛ لأنّ مقتضاه أنّ من اجتنب السبع کفّر عنه سیئاته ، ولا قائل بهذا.

قلت : یمکن أنْ یوجّه الخبر بالنسبة إلی السبع علی نحو غیرها (2) ، لکن فی الظنّ أنّ قوله علیه السلام : « والسبع الموجبات » إلی آخره. یمکن [ للقائل (3) ] بأنّ الجمیع کبائر أن یوجّه إرادة ما یوجب الخروج عن الإیمان منها بقرینة روایة الصدوق.

( فإنْ قلت : علی تقدیر روایة الصدوق یصیر حاصل الآیة أنّ مَن اجتنب ما یخرج عن الإیمان یکفّر عنه سیئاته ، والحال أنّ السیئات لا تکفّر بمجرد الإیمان.

قلت : لا یبعد أنْ یراد التکفیر مع التوبة ، والفائدة حینئذٍ أنّ المخالف لو فعل السیئات وتاب عنها لا یکفّر عنه ، بخلاف المؤمن ، ولا بعد فی تخصیص الحکم بما دلّ علی التوبة ، ولئن استبعد أمکن العمل بالظاهر ؛ لما رواه الکلینی فی الکافی من أخبارٍ دالّة علی ذلک (4) ، وکذلک روی البرقی

ص: 156


1- فی « رض » و « فض » : أکثرهما ، وفی « م » : کونهما ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « م » : غیره.
3- فی النسخ : القائل ، والأنسب ما أثبتناه.
4- الکافی 1 : 183 / 8.

فی المحاسن فی باب الشفاعة (1) ، ولو لا خوف شی ءٍ ما لنقلتها.

فإنْ قلت : قد روی الصدوق فی کتاب التوحید فی باب الأمر والنهی ، عن أحمد بن زیاد بن جعفر الهمدانی رضی الله عنه قال : حدّثنا علی بن إبراهیم بن هاشم ، عن أبیه ، عن محمّد بن أبی عمیر قال : سمعت موسی ابن جعفر علیهماالسلام یقول : « لا یخلّد الله فی النار إلاّ أهل الکفر والجحود وأهل الضلال والشرک ، ومن اجتنب الکبائر من المؤمنین لم یُسأل عن الصغائر ، قال الله تبارک وتعالی ( إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَنُدْخِلْکُمْ مُدْخَلاً کَرِیماً ) (2).

قال : فقلت له : یا ابن رسول الله فالشفاعة لِمَن تجب من المذنبین؟ قال : « حدّثنا أبی ، عن آبائه ، عن علی علیهم السلام قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله : إنّما شفاعتی لأهل الکبائر من أُمّتی ، فأمّا المحسنون منهم فما علیهم من سبیل ».

قال ابن أبی عمیر : فقلت له : یا ابن رسول الله کیف تکون الشفاعة لأهل الکبائر والله تعالی ذِکْره یقول ( وَلا یَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضی ) (3) ومن ارتکب الکبائر لا یکون مرتضی؟ فقال : « یا أبا أحمد ما مِن مؤمنٍ یرتکب ذنباً إلاّ ساءه ذلک وندم علیه ، وقد قال النبی صلی الله علیه و آله : کفی بالندم توبةً ، وقال علیه السلام : من سَرّته حسنته وساءته سیّئته فهو مؤمن ، فمن لم یندم علی ذنبٍ یرتکبه فلیس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وکان ظالماً ، والله تعالی یقول ( ما لِلظّالِمِینَ مِنْ حَمِیمٍ وَلا شَفِیعٍ یُطاعُ ) (4).

ص: 157


1- المحاسن : 184 ب 45.
2- النساء : 31.
3- الأنبیاء : 28.
4- غافر : 18.

فقلت له : یا ابن رسول الله وکیف لا یکون مؤمناً من لم یندم علی ذنبٍ یرتکبه؟ فقال : « یا أبا أحمد ما مِن أحدٍ یرتکب کبیرة من المعاصی وهو یعلم أنّه سیعاقب علیها إلاّ ندم علی ما ارتکب ، ومتی ندم کان تائباً مستحقاً للشّفاعة ، ومتی لم یندم علیها کان مصرّاً والمصرّ لا یغفر له ، لأنّه غیر مؤمن بعقوبة ما ارتکب ، ولو کان مؤمناً بالعقوبة لندم ، وقد قال النبی صلی الله علیه و آله : « لا کبیرة مع الاستغفار ولا صغیرة مع الإصرار » الحدیث (1).

وهو مع اعتبار سنده لتوثیق العلاّمة أحمد بن زیاد (2) ، وجلالة إبراهیم بن هاشم یدلّ علی أنّ من اجتنب الکبائر لا یُسأل عن (3) ) (4) ( الصغائر ، للآیة ، وحینئذٍ لا یوافق ما ذکرت من جهة روایة الصدوق ، لأنّ الکبائر علی تقدیر إرادة [ السبعة (5) ] المخرجة عن الإیمان لا یناسبه عدم الحساب علی الصغائر ، بل ینبغی عدم الحساب علی الکبائر غیر السبعة أیضاً ، وما تضمّنه من أنّ الشفاعة لأهل الکبائر وإنْ دلّ علی ما ذکرت إلاّ أنّ فی ذکر الأُمّة ما ینافی الاعتبار للأُمّة.

قلت : أمّا دلالة الحدیث علی ما ذکرت ففیها تأمّل ؛ إذ لا مانع من تسمیة ما عدا السبعة صغائر وإنْ کانت کبائر ، ودلالته من جهة الشفاعة واضحة ، [ ولیس ] فی الآثار ما یدلّ علی اختصاصها [ بالسبعة (6) ] ، نعم فی الحدیث دلالة علی أنّ مجرد الندم کافٍ کما یأتی فیه کلام (7). کما أنّ فیه

ص: 158


1- التوحید : 407 / 6.
2- خلاصة العلاّمة : 19 / 37.
3- فی « رض » زیادة : کذا فی النسخة.
4- من عبارة : فإن قلت علی تقدیر ، فی ص 155 إلی هنا ساقط عن « فض ».
5- فی « م » : الستة ، والصحیح ما أثبتناه.
6- موضع ما بین المعقوفین کان بیاضاً فی « م » والمناسب ما أثبتناه.
7- فی ص 163.

دلالة علی أنّ معنی قولهم : « لا کبیرة مع الاستغفار ولا صغیرة مع الإصرار » هو أنّ الإصرار یوجب عدم الإیمان ، لا أنّه کبیرة ، والمعروف فی کلام الأصحاب الثانی ، إلاّ أنْ یحمل علی عدم الإیمان الکامل نفی الإیمان مع فعل بعض الکبائر علی ذلک ، هذا ولم أقف علی حدیث متیقنة الاسناد دالّ علی أنّه لا کبیرة مع الاستغفار ولا صغیرة مع الإصرار إلاّ هذا الخبر ولا یخفی ظهوره فی الانتفاء لمجرد الندم ، فلیتأمّل ) (1).

فإنْ قلت : خبر ابن محبوب تضمن أنّ من اجتنب ما أُوعد علیه النار کفّر عنه سیئاته ، وغیر خفی أنّ الذنوب إذا کانت کلّها کبائر فالکلام فی الروایة لا (2) یتمّ ؛ لأنّ من اجتنب جمیع ما أوعد الله علیه النار لا تکون علیه سیئات ، وحینئذٍ لا معنی لتکفیر السیئات.

قلت : لعل بعض السیئات یکون عقابها بغیر النار ؛ إذ (3) قد یقال : إنّ وعد النار لیس علی جمیع السیئات ، بل العقاب علی بعض المنهیات مستحق ، وهو أعمّ من النار ، وفیه نوع تأمّل.

ولحق أنّ الخبر له دلالة علی نفی کون جمیع الذنوب کبائر ، إلاّ أنّه محتاج إلی الجمع بینه وبین ما دلّ علی الزیادة ، وروی الکلینی بطریق لیس فیه ارتیاب ، إلاّ من محمّد بن عیسی ، عن یونس (4) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « الکبائر سبع : قتل النفس متعمداً ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ( والتعرّب بعد الهجرة ) (5) وأکل مال

ص: 159


1- من عبارة : الصغائر ، فی ص 157 إلی هنا ، أثبتناه من « م ».
2- فی « م » : لم.
3- فی « م » : أو ، وفی « رض » : و.
4- فی الکافی 2 : 277 / 3 زیادة : عن عبد الله بن مسکان.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » : والتغرب.

الیتیم ظلماً ، وأکل الربا بعد البیّنة ، وکلّ ما أوجب الله علیه النار » (1).

والکلام فی هذا الخبر کالسابق ، ویزید دلالة علی التعمیم المنافی للحصر فی السبعة ، والذی أظنّ أنّ ما قدّمناه (2) یصلح للجمع ، وأمّا الاستدلال بآیة ( إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ ) الآیة فما قدّمناه فی الجواب (3) قد ینظر فیه ، إلاّ أنّ الاتفاق منقول علی أنّ الصغائر مغفورة لمن اجتنب الکبائر ، والتوجیه ممکن التسدید.

وما (4) أورده بعض (5) من أنّ اللازم من جعل الذنوب کلّها کبائر أنْ یخرج العدل بفعل الصغیرة ؛ ولا قائل به.

یمکن الجواب عنه : بأن الإنسان إذا عنّ له أمران فکفّ عن الأکبر ولم یصرّ علی الأصغر لا یخرج عن العدالة ، نعم یمکن أنْ یقال إنّ ما فی الأخبار الدالّة علی أنّه لا کبیرة مع الاستغفار ولا صغیرة مع الإصرار (6) ینافی کون الذنوب کلّها کبائر ؛ والجواب ما تقدّم (7).

وبالجملة : فالمقام واسع البحث ، والمحصّل ما ذکرناه ، غیر أنّه ینبغی أنْ یعلم أنّ ما تقدّم (8) من بعض الأخبار عن الکافی والفقیه یدلّ علی أنّ الآیة یمکن أنْ یراد بها أنّ (9) الکبائر الواردة فی حق الأئمّة علیهم السلام إذا

ص: 160


1- الکافی 2 : 277 الایمان والکفر ب 112 ح 3.
2- فی ص 152 154.
3- فی ص 158.
4- فی « م » : لما.
5- المسالک 2 : 402.
6- الکافی 2 : 288 الایمان والکفر ب 114 ح 1.
7- فی ص 157.
8- تقدّم فی ص 147 ، 512.
9- فی النسخ زیادة : اجتناب ، حذفناها لاستقامة العبارة.

اجتنبت ترجی الغفران من الله لغیرها من الذنوب ، وحینئذٍ لا یتمّ إطلاق ما ذکرناه فی الآیة ، وقد مشینا فی الجواب علی قول الأصحاب ، والاحتمال فی تفسیرها بعد خبر الکلینی الدال علی الآیة وتفسیر الکبائر السبع فی روایة الصدوق لا یخلو من وجه ، لولا نوع اختلاف فی السبعة ، وفی الظن أنّ هذا الوجه أقرب إلی الاعتبار ؛ إذ الأخبار الدالّة علی السبعة والأخبار الدالّة علی الأزید لا بُدّ من الجمع بینها ، وهذا وجه للجمع ، وبه یتّضح أنّ الکبائر لا تنحصر فی السبعة ، وأنّ الآیة لا تحتاج إلی ما ذکرنا ؛ فلیتأمّل هذا فإنّی لم أر من حقّقه.

الموضع الرابع : قد تقدّم (1) فی تعریف العدالة منافیات المروءة ، ونقلنا عن المختلف عدم ذکر هذا (2) ، لکنه فی تهذیب الأُصول ذکر ذلک ، وقد قدّمنا (3) عدم وضوح الدلیل علی اعتبارها ، کما قدّمنا فی باب الجمعة جملةً من معناها (4) ، وفی کلام بعض أنّ صاحب المروءة هو الذی یصون نفسه عن الأدناس ولا یبیّنها (5) عند الناس ، أو الذی یحترز عمّا یسخر به ویضحک منه ، أو الذی یسلک سلوک أمثاله فی زمانه ومکانه ، ( فمن ترک المروءة لبس ما لا یلیق بأمثاله ، ) (6) [ کلبس (7) ] الفقیه لباس الجندی ویتردد به فی البلاد ، ولبس التاجر ثوب الحمّالین (8) ، ومنه المشی فی الأسواق

فی منافیات المروءة

ص: 161


1- فی ص : 141.
2- راجع ص 141 ، وهو المختلف 2 : 480.
3- فی ص 145.
4- فی ص 55.
5- فی رض : وما یشبهها ، وهی غیر واضحة فی « فض » و « م » ، وما أثبتناه موافق للمصدر.
6- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من المصدر.
7- فی النسخ : کلباس ، والأولی ما أثبتناه.
8- فی « فض » و « م » : الجمّالین.

والمجامع مکشوف الرأس والبدن إذا لم یکن أهل المجلس کذلک ، ومنه مدّ الرجلین فی مجالس الناس ، والأکل فی الأسواق ، إلاّ أنْ یکون الشخص سوقیاً أو بدویاً أو قرویاً أو یکون عادة تلک البلد ذلک ، ومنه أنْ یقبّل زوجته أو أمَته بین الناس ، أو یحکی ما یجری بینه وبینهما فی الخلوة ، أو یکثر من الحکایات المضحکة ، أو یخرج من حسن العشرة التی هی مطلوبة عقلاً وعادةً مع أهله وإخوانه وجیرانه ومخالطیه ومعاملیه ، کأن یضایق فی المطعم القلیل ، ویأکل وحده نفیس الأطعمة ویطعم غیره أقلّ ما یجزئ شرعاً ، ولا یلتفت إلی الجیران بإطعامٍ وماءٍ ، ونحو ذلک مضایقتهم فی الأُمور المشترکة ، ومنه أن یباشر نقل الماء والنار والأطعمة إلی البیت لیشحّ عن دفع الأُجرة ، أمّا لو کان لکسر نفسه فلا (1).

وقد ذکر جدّی قدس سره فی الروضة : أنّه لا یقدح فعل السنن وإن استهجنها العامّة وهجرها الناس ، کالکحل والحنّاء والحنک فی بعض البلاد ، وإنّما العبرة بغیر الراجح شرعاً (2). انتهی. ولا یخفی أنّ الرجحان الشرعی وعدمه إذا علما فلا إشکال.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ فعل منافیات المروءة إذا أخلّ بالعدالة إمّا لکونه جزءاً منها أو شرطاً هل یحتاج إلی الندم بعد وقوعها ، والإصرار علیها کالإصرار علی الصغائر فتصیر کبیرة أم لا؟ لم أقف علی مصرّحٍ بشی ءٍ من ذلک ، ( وظاهر تعریف العدالة ) (3) أنْ تکون کالصغائر ، وکونها کبیرة مع الإصرار محل تأمّل.

ص: 162


1- المسالک 2 : 402 بتفاوت.
2- الروضة 3 : 130.
3- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

وقد ذکر بعض الأصحاب أنّ الإصرار علی الصغیرة إمّا بالفعل ، أو بالحکم ، فالأوّل کالمواظبة علی نوع أو أنواع من الصغائر ، والثانی کالعزم علی فعلها ثانیاً بعد وقوعه وإن لم یفعل (1). وادّعی بعض أنّ هذا هو الظاهر (2) ، لکن فی جهة منافیات المروءة لم یذکروا ما لا بُدّ منه ، ( والأخبار الواردة فی الإصرار ستسمع حالها (3) ) (4).

ولعلّ عدم الخلاف یسهّل الخطب ، لکن مع حصول الإصرار أو منافیات المروءة أو فعل الکبیرة هل تنتفی العدالة التی هی الملکة علی ما قالوه (5) ، أو تبقی الملکة لکن المانع حصل لها ، أو بعض ما ذکر یقتضی زوالها والبعض مانع ، فالأوّل کالکبیرة والإصرار ، والثانی کمنافیات المروءة؟ لم أجد فی کلام الأصحاب تصریحاً بالحال ، غیر أنّ الذی یمکن أن یقال : إنّ الملکة بتقدیر حصولها یبعد زوالها بفعل الکبیرة ، فإمّا أن یقال بحصول المانع مع بقاء الملکة فی الجملة ، أو یقال بزوالها للاتصاف بالفسق ؛ إذ لا واسطة هنا ، وتظهر الفائدة لو حصلت التوبة ، هل تعود الملکة لانتفاء المانع ، أو یتوقف علی تحصیل ملکة بعد ذلک؟ لم أقف علی ما یقتضی توضیح المقام.

نعم فی کلام بعض الأصحاب أنّه لا خلاف فی زوالها بارتکاب الکبیرة ، وکذلک بالإصرار علی الصغیرة (6) ؛ لأنّها کبیرة عندهم ، والظاهر

ص: 163


1- القواعد والفوائد 1 : 227.
2- مجمع الفائدة والبرهان 12 : 320.
3- فی ص : 2186.
4- بدل ما بین القوسین فی « م » : والاخبار الواردة فی الإصرار غیر سلیمة.
5- الروضة البهیة 1 : 378 ، معالم الأُصول : 201 ، مجمع الفائدة والبرهان 2 : 351.
6- المسالک 2 : 401.

أنّها تعود بالتوبة والعمل الصالح ، مع احتمال الاکتفاء بالتوبة ، وهی الندامة ، والعزم علی عدم الفعل لکونه قبیحاً ، ( لما سبق (1) من خبر الصدوق فی کتاب التوحید ) (2) ، وللوالد قدس سره کلام فی جواب المسائل المدنیة یمکن أن یستخرج منه ما یصلح فی المقام ، وسنذکره فیما یأتی إن شاء الله تعالی (3).

الموضع الخامس : فی ما تُعرف به العدالة ، وفی خبر عبد الله بن أبی یعفور (4) ما یدلّ علی معرفتها بنوعٍ من الشیاع ، حیث قال علیه السلام فیها : « فإذا سُئل عنه فی قبیلته ومحلّته قالوا ما نعلم منه إلاّ خیراً » وفی کلام بعض الأصحاب ثبوتها بالاستفاضة (5) ، بل قیل إنّه مشهور (6). فإنْ کان الالتفات فی ذلک إلی الخبر أمکن توجیهه ، ولو نظر إلی ما ذکره جدّی قدس سره فی دلیل قبول الاستفاضة : من أنّ الظن الحاصل بها أقوی من شهادة العدلین فکانت أولی (7) ؛ أمکن المناقشة بأنّ شهادة الشاهدین غیر معلّلة بالظنّ ، فیجوز کون القبول تعبّداً.

ویؤید هذا أنّ الشاهد الواحد لو کان الظنّ الحاصل به أقوی من الاثنین لزم الاکتفاء به ، ولا یقولون بذلک ، واحتمال خروجه بالإجماع له وجه ، إلاّ أنّ مقام المجیب یکفیه الاحتمال ، علی أنّ مفهوم الموافقة فیه کلام تقدّم بیانه.

فی ما تعرف به العدالة

ص: 164


1- راجع ص : 156.
2- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
3- فی ص : 2186 2187.
4- تقدّم فی ص 142.
5- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 254.
6- لم نعثر علیه.
7- المسالک 2 : 354.

ومن العجب أنّ ظاهر جدّی (1) قدس سره وجماعة (2) اختصاص الاستفاضة بأشیاء ، ولو کان الدلیل ما ذکره لما کان حصل الفرق بین المواد.

وما عساه یقال : إنّ الاختصاص یجوز أن یکون الوجه فیه الإجماع علی نفی ما عداها.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الدلیل حینئذٍ وهو مفهوم الموافقة لا وجه له ، إلاّ أن یقال إنّ الإجماع علی ما عدا المذکورات الثابتة بالاستفاضة لمّا حصل بقی حکم المذکورات لا بالإجماع علیها ، بل بأنّ الظنّ فیها أقوی ، وفیه : ما تقدّم من الإشکال ، فإذا انتفی دلیل المفهوم ولا إجماع علی المذکورات لا یتمّ الاستدلال ، علی أنّ قبول العدالة بالاستفاضة غیر مذکور فی جملة ما یثبت بالاستفاضة فی عبارة البعض.

وعلی تقدیر اعتبار الاستفاضة فقد صرّح جدّی قدس سره فی الروضة : بأنّها استفعال من الفیض ، وهو الظهور والکثرة ، والمراد بها هنا یعنی فی بحث الشهادة شیاع الخبر إلی حدٍّ یفید السامع الظن الغالب المقارب للعلم ، ولا تنحصر فی عدد ، ( بل یختلف باختلاف المخبرین ) (3) ، نعم یعتبر أن یزیدوا عن عدد الشهود ، لیحصل الفرق بین خبر العدل وغیره (4) ، انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ الفرق یحصل وإن لم یزیدوا ؛ لأنّ اعتبار الشاهدین یقتضی ثبوت الحکم بهما من حیث کونها شهادة ، والاستفاضة

ص: 165


1- فی الروضة البهیة 3 : 135.
2- الشرائع 4 : 70 ، والشهید فی اللمعة ( الروضة 3 ) : 135.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- الروضة البهیة 3 : 135.

من حیث کونها استفاضة ، وحینئذٍ اعتبار وصف العدالة فی الشاهدین یحتمل أن یکون من جهة أنّ الحکم بهما یتوقف علی الحاکم ، بخلاف الاستفاضة فإنّها لا تتوقف علی حکم الحاکم ، فإذا أخبر اثنان عدلان فلهما جهتان ، أحدهما : جهة الشهادة فلا یحکم بهما ( إلاّ الحاکم وثانیهما جهة الاستفاضة فلا تتوقف ، وحینئذٍ تکون الاستفاضة أعمّ.

فإن قلت : تکون ) (1) من أین توقف الشهادة علی الحکم دون غیرها؟

قلت : لأنّ دلیل قبول شهادة الشاهدین الإجماع ، وتحقّقه فی القبول عند غیر الحاکم محلّ تأمّل ، وقبولهما فی بعض المسائل عند غیره بالدلیل لا یقتضی القبول فی غیرها.

وما عساه یقال : إنا إذا رأینا فی المسائل ما یثبت عند غیر الحاکم وفیها ما یثبت عنده عدم علمنا توقف شهادة الشاهدین علی الحکم علی الإطلاق ، فیحتاج دعوی توقف شهادة الشاهدین علی الحاکم إلاّ ما خرج بالدلیل إلی إثبات.

یمکن الجواب عنه : بأنّ المطلوب ثبوت شهادة الشاهدین عند غیر الحاکم فیما نحن فیه ، ومع عدم ثبوت ( إطلاق القبول ) (2) لا یتمّ المطلوب کما لا یخفی علی المتأمّل.

وهذا الذی ذکره قدس سره فی بحث الشهادة وإن اقتضی التخصیص کما نبّه علیه بقوله : هنا ، إلاّ أنّ الإشکال لا یندفع ؛ لأنّ ما نحن فیه ثبوت العدالة بالاستفاضة متوقف علی الدلیل ، ولعلّ الخبر له دلالة مع تأیید الشهرة

ص: 166


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

المنقولة ، أمّا ثبوتها بالشاهدین عند غیر الحاکم فقد علمت ما فیه ، نعم یمکن أن یقال بثبوتها بإخبار العدل ؛ لعموم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ ) (1) وإشکال الوالد قدس سره ( فی الآیة ) (2) قد قدّمنا القول فیه (3).

وأمّا ثبوت العدالة بالمعاشرة الباطنة فهو مذکور فی کلام البعض (4) ، إلاّ أنّ ذکر الباطنة لا یخلو من خفاء ؛ لأنّ الاطلاع علی البواطن بعید التحقق ، إلاّ أن یراد به حصول الظن الغالب ، والتعبیر بالباطن ( لإرادة أنّ ) (5) مجرد الاطلاع علی الظاهر لا یکفی ، وله نوع وجه.

لکن لا یخفی أنّ هذا فی جانب الإصرار علی الصغیرة ومنافیات المروءة فی غایة الإشکال ، والالتفات إلی الملکة المذکورة یزید الإشکال ، ولو نظرنا إلی ظاهر خبر ابن أبی یعفور أمکن الاکتفاء بما دون الملکة.

والذی ذکره الوالد قدس سره فیما أشرنا إلیه هو أنّ المراد بالملکة الصفة المستقرة زماناً تباین باعتباره الأعراض السریعة الزوال ، فهی ما من شأنها زجر النفس ومنعها من فعل الکبائر والإصرار علی الصغائر وفعل ما ینافی المروءة ، ولمّا کانت هذه الصفات ممّا لا تدرک بالحسّ وإنّما تعلم بالآثار الصادرة عنها اعتُبر فی معرفتها حصول العشرة والملازمة التی یتکرر فیها صدور الآثار الظاهرة عن تلک الحالة الباطنة ، بحیث یعلم بالعادة (6) أنّ مثلها لا یصدر إلاّ عن الملکة.

کلام صاحب المعالم فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 167


1- الحجرات : آیة 6.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- فی ص 2183.
4- روض الجنان : 364.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « م » ، لأنّ إرادة.
6- فی « م » : بالإعادة.

قال قدس سره : واستبعاد بعض الأصحاب إمکان تحصیل العلم من حیث إنّ الأُمور الباطنة لا یعلمها إلاّ الله ؛ فی غایة الضعف ، کیف والاستدلال بالأثر المحسوس علی المؤثر المعقول أجلی ظهوراً وأکثر وقوعاً من أن یحتاج إلی مثال.

وربما قرب (1) قرب هذا الاستبعاد ببعد العلم بعدم مفارقة الکبائر ، بناءً علی عمومها لکلّ ما وقع التوعد علیه بخصوصه فی الکتاب والسنّة ، فإنّها إلی سبعمائة أقرب منها إلی سبعین وسبعة ، کما یروی فی بعض الأخبار.

ویدفعه ضعف البناء ، فإنّ المروی فی الأخبار المعتمدة تخصیص الکبائر بما وعد الله علیه بالنار ، فروی الکلینی فی الصحیح عن ابن محبوب وذکر الروایة السابقة إلی أن قال : وروی فی الحسن عن عبید بن زرارة وذکر الروایة السابقة أیضاً ثم قال : هذا مع أنّ الملکة التی اعتبرناها لم یقع فیها أن لا یقع معها کبیرة ، وإنّما اعتبرنا فیها أن یکون من شأنها المنع ، بمعنی أنّ الکبیرة إذا خطرت بالبال أخذت تلک الملکة بالمدافعة ، ولا ریب أنّ من حصلت له هذه الحالة تکون طبیعته (2) مقهورة مع الملکة.

وعلی القول بعموم الکبائر لو قدّر غلبة الطبیعة فی بعض الأحیان ، إمّا لنوع غفلة تضعف بها الملکة ، أو لمزید القرب من المعصیة ، إذ فی جملة الکبائر بالمعنی العام ما هو بهذه المثابة ، کبعض أنواع الغیبة ؛ فلا شک أن النفس بعد قضائها الوطر تعود إلی طاعة الملکة ( وتستشعر (3) الندم

ص: 168


1- فی « م » : فرض.
2- فی « م » : طبیعة.
3- فی « فض » : ویستقر.

والتأسف ، وهو معنی التوبة المسقطة لحکم الکبیرة فأثر الملکة ) (1) علی هذا التقدیر إمّا عدم صدور الکبیرة إذا قلنا بتخصیصها ، أو المبادرة علی أثرها بالتوبة لو قیل بالعموم ، ولا إشکال فی ذلک بالنظر إلی المعنی العرفی للفسق ، فإنه غیر صادق علی من هذا شأنه. وکذا إن قلنا بثبوت الحقیقة الشرعیة ، وأنّ المعنی العرفی له شرعی ، کما یشهد به حدیث ابن أبی یعفور الوارد بتفسیر العدالة. انتهی کلامه قدس سره .

ولقائل أن یقول أوّلاً : إنّ العلم إن أراد به العلم الحقیقی فهو من قبیل المحالات العادیة بالنسبة إلی الاطّلاع علی البواطن ، ومن ثمّ قال السیّد المرتضی رضی الله عنه فیما نقل عنه فی مقام ردّ الاستدلال علی الإجماع بقوله تعالی ( وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ ) (2) : إنّ الآیة تدلّ علی وجوب اتّباع من عُلم إیمانه ، وإنّما یتحقق ذلک فی المعصوم (3). وحینئذٍ فاستبعاد من ذکر متوجه.

وإنْ أراد قدس سره بالعلم الظن الغالب والاطّلاع علی الباطن به ؛ لا یکاد یتحقق ، سیّما بعد الاختلاف فی الکبائر والإصرار علی الصغائر ومنافیات المروءة. وإن أراد بالباطن معنی آخر ، وهو البعید عن مطلق الظن ، فالکلام لا یساعد علیه.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره من دلالة الأخبار علی التخصیص ، فیه : أنّ عدم الالتفات إلی معارضها لا وجه له ، کما أوضحناه سابقاً ، ومع التعارض الموجب لزیادة الارتیاب فی الکبائر وغیرها کیف یحصل الظن الغالب بل

ص: 169


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- النّساء : 115.
3- الذریعة إلی أصول الشریعة 2 : 608.

مطلق الظن لحصول الملکة المانعة من اجتناب الجمیع.

وأما ثالثاً : فقوله : إنّ الملکة لا تمنع أن تقع ، إلی آخره. فیه : أنّ تقدیر الوقوع إمّا أن یوجب زوال الملکة ، أولا ، بل هو مانع من القبول ، فإن أوجب الزوال لتحقق الفسق حینئذٍ لم یکف مجرد التوبة ، بل لا بدّ من رجوع الملکة ، وقد صرّح بأنّ التوبة کافیة ، وإن لم توجب الزوال بأن یکون ما فعل مانعاً من القبول لزم حصول الواسطة بین الفسق والعدالة ، وهو لا یقول به ، والوجه فی ذلک : أنّ عدم القبول إنّما هو لحصول الفسق ، أو لعدم تحقق شرط (1) العدالة ، والحال أنّه لم یقل بالواسطة ، وإذا لم یقل بها لزم حصول الفسق ، وزوال الفسق لا یکون بمجرّد التوبة ، بل بتحصیل الملکة ، ولو نظرنا إلی عدم حصول الشرط لزم الواسطة ، وهی عدم القبول ، لا للفسق ، بل لحصول المانع ، فیصیر القبول موقوفاً علی العدالة ، وعدم القبول إمّا للفسق ، أو لعدم شرط العدالة ، ولا یقول به.

ویمکن أن یقال : إنّه لا مانع من الاتفاق بالفسق علی معنی عدم العدالة ، أمّا لفقد الملکة ، أو لفقد شرطها ، أو لحصول المانع.

وفیه : أنّ اللازم من هذا حصول الواسطة.

إلاّ أن یقال : إنّ الواسطة المنفیة بین العدل والفسق علی الإطلاق ، وحینئذٍ لا مانع من کون الفسق له معنیان ، أحدهما : عدم الملکة ، وثانیهما : حصولها مع وجود المانع ، وهذا ربما یقول به ، کما فی الشخص إذا کان أوّل البلوغ قبل أن یفعل شیئاً من ( الکبائر و ) (2) منافیات العدالة ، فإنّه یصدق علیه أنّه فاسق ، بمعنی أنّه لیس بعدل قد حصّل الملکة ، مع أنّه

ص: 170


1- فی « م » : صدق.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « م ».

لیس بفاسق قد فعل موجب الفسق من الخروج عن الطاعة.

وفیه : أنّ الفرق حاصل بین ما نحن فیه وبین من ذکر ، فعلی تقدیر القول بذلک یلزم تکثّر الواسطة ، علی أنّ الظاهر من آخر الکلام منه قدس سره أنّ صدق الفسق علی من هذا شأنه محلّ تأمّل.

وأمّا رابعاً : فما ذکره من أنّ التوبة معناها ما ذکر ، فیه : أنّ التوبة إن أُرید بها نفی العقاب علی الکبیرة إذا تاب عنها فمسلّم ، إلاّ أنّ عود الملکة یحتاج إلی إثبات أنّ فعل الکبیرة إنّما کان مانعاً فلمّا زال رجعت ، والحال أنّه یحتمل أن یکون شرطاً أو جزءاً ، وحینئذٍ یحتاج إلی تحصیل الملکة ، ولا مانع من عدم العقاب مع عدم الملکة ، کما فی المثال السابق بالشخص حین البلوغ.

وأما خامساً : فما ذکره فی خبر ابن أبی یعفور لا یخلو من إجمال ، والذی یفهم من الخبر أنّ المانع من القبول ظهور ضد ما ذکر فی الروایة ، وحینئذٍ یحتمل انتفاء المجموع ، أو البعض ، وعلی التقدیرین فالروایة تدلّ علی خلاف ما اعتبره فی العدالة ، إلاّ بتکلّفٍ غیر خفی.

بقی شی ء ، وهو أنّ الشیخ روی فی التهذیب ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابه (1) ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی قومٍ خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وکان یؤمّهم رجل فلمّا قدموا (2) إلی الکوفة علموا أنّه یهودی ، قال : « لا یعیدون » الحدیث (3) ، وفیه دلالة علی عدم اعتبار العشرة (4) الباطنة کما

ص: 171


1- فی التهذیب 3 : 40 / 141 : أصحابنا.
2- فی التهذیب 3 : 40 / 141 : صاروا.
3- التهذیب 3 : 40 / 141 ، الوسائل 8 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 37 ح 1.
4- فی « فض » : الفسق.

لا یخفی.

وما عساه یقال : إنّ الخبر غیر صحیح ؛ یمکن الجواب عنه : بأنّ الصدوق رواه عن نوادر ابن أبی عمیر (1) ، والطریق إلی ابن أبی عمیر لا ریب فیه ، واحتمال اختصاص طریق الروایة من غیر النوادر ؛ بعید ، وعلی کل حال مزیّتها (2) غیر خفیة.

فإن قلت : کیف یروی الشیخ عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابه ، والصدوق لم یذکر الإرسال ، بل قال فی نوادر ابن أبی عمیر : إنّ الصادق علیه السلام ، إلی آخره.

قلت : یحتمل أن یکون الصدوق ذکر ما (3) فی نوادر ابن أبی عمیر من غیر ذکر الإرسال وإن کان فی النوادر عن بعض الأصحاب اعتماداً علی صحّة أخبار ابن أبی عمیر عن الصادق علیه السلام ، وإن کان بواسطة بعض الأصحاب.

وما عساه یقال : إنّ هذا یستلزم الحکم بصحة مراسیل ابن أبی عمیر ، وقد تقدّم التوقف فی هذا (4) ، ومثل الصدوق کلامه حجّة علی ما مضی أیضاً ، فیصلح مستنداً لقبول مراسیل ابن أبی عمیر.

یمکن الجواب عنه : بجواز ظن (5) الصحة لا للإرسال بل لقرائن

بحث حول روایة الصدوق مرسلة ابن أبی عمیر من دون ذکر الإرسال

ص: 172


1- الفقیه 1 : 263 / 1200.
2- فی « م » و « رض » : مرتبتها.
3- فی « رض » : ذکرها.
4- راجع ج 1 ص 102.
5- لیست فی « فض ».

أُخر ، وفیه : أنّه یرجع الی الاجتهاد ، والتقلید فیه مشکل ، ولعلّ الشیخ نقله من غیر النوادر ، وقد یشکل الحال بأنّ الإرسال یقتضی نوع قدح فی ذکر الروایة فی النوادر من غیر إرسال. وبالجملة فالأمر لا یخلو من تأمّل ، لولا ما کرّرنا القول فیه من جهة الصدوق (1) ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا کلّه فاعلم أنّ ما سبق (2) نقله عن البعض من الاکتفاء فی الإمام بحسن الظاهر لعسر الاطّلاع علی البواطن ، إن أُرید اعتبار العدالة ظاهراً فغیر خفی أنّ مقابلته للقول بالعدالة غیر واضح ، بل ینبغی أن یقال إنّ العدالة قیل باعتبار الاطّلاع علی الباطن فیها ، وقیل بالظاهر.

وإن أُرید به الاکتفاء بظاهر حال المسلم من العدالة علی معنی أنّ من لم یعلم فسقه تصحّ الصلاة خلفه [ فالدلیل (3) ] علیه لم أقف علی نقله ، غیر أنّ المذکور فی کلام بعض فی باب الشهادات أنّه یکفی فی الشاهد الإیمان مع عدم ظهور الفسق ، وعلّل بأنّ الظاهر من حال المسلم عدم الإخلال بالطاعات وعدم فعل المنهیات (4) ، والقائلون بالملکة أجابوا عن ذلک بأنّها وجودیة فالأصل عدمها ، مضافاً إلی أنّ الناس فیهم من یجتنب ما ذکر ومن لا یجتنب ، بل الأکثر عدم الاجتناب ، فالظاهر لا وجه له.

والحقّ أنّ الملکة إن اعتبرت علی وجه الشرطیة فلا بدّ من العلم بها ، والأصل عدمها ، وإن لم تعتبر فالمستفاد من سابق بعض الأخبار ( عدم الصلاة خلف المجهول ، والجهالة محتملة لأن یراد بها عدم معلومیة کونه

هل یکتفی بحسن الظاهر فی إمام الجماعة؟

ص: 173


1- راجع ص 138.
2- فی « ص » : 135 ، وانظر المدارک 4 : 66 ، 347.
3- فی النسخ : والدلیل ، والأولی ما أثبتناه.
4- الإشراف ( مصنّفات المفید 9 ) : 25 ، الخلاف 6 : 217 ، المسالک 2 : 361.

مؤمناً أو غیره ، أو عدم معلومیة فسقه من عدالته ، إلاّ أنّ ظاهر اللفظ التناول للجمیع ، وما ورد فی بعض الأخبار السابقة من المتجاهر بالفسق وإن اقتضی أنّ المجهول غیر تابع إلاّ أنّ فیه إجمالاً ) (1).

وبالجملة : فالمشهور لا خروج عنه ، وإنّما أطنبنا القول فی هذه المسألة زیادةً علی المعتاد ، لأنّها من مهمات المسائل ، والمتأخرون من الأصحاب اکتفوا فیها بقلیل من الدلائل ، فعلیک بإنعام النظر فیما ذکرته ، والله ولیّ التوفیق.

قوله :

باب من صلّی بقوم علی غیر وضوء

أحمد بن محمّد ، عن الحسن ( بن علی ) (2) بن فضّال ، عن عبد الله بن بکیر والحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن عبد الله بن بکیر ، قال : سأل حمزة بن حمران أبا عبد الله علیه السلام عن رجلٍ أمّنا فی السفر وهو جنب وقد علم ونحن لا نعلم؟ قال : « لا بأس ».

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یؤمّ القوم وهو علی غیر طهر فلا یعلم حتی تنقضی صلاته؟ فقال : « یعید ، ولا یعید من صلّی خلفه وإن أعلمهم أنّه علی غیر طهر ».

عنه ، عن عثمان بن عیسی ، عن عبد الله بن مسکان ، عن عبد الله ابن أبی یعفور قال : سئل أبو عبد الله علیه السلام عن رجل أمّ قوماً وهو علی

من صلی بقوم علی غیر وضوء

اشارة

ص: 174


1- بدل ما بین القوسین فی « فض » : ما سمعته الأخبار ، وفی « رض » : ما سمعته.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».

غیر وضوء؟ فقال : « لیس علیهم إعادة ، وعلیه هو أن یعید ».

عنه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن قومٍ صلّی بهم إمامهم وهو علی غیر طهر ، تجوز صلاتهم أم یعیدونها؟ فقال : « لا إعادة علیهم ، تمّت صلاتهم وعلیه هو الإعادة ، ولیس علیه أن یُعلمهم ، هذا عنه موضوع ».

فأمّا ما رواه علی بن الحکم ، عن عبد الرحمن العرزمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلّی علی علیه السلام بالناس علی غیر طهر وکانت الظهر ، فخرج منادیه أنّ أمیر المؤمنین صلّی علی غیر طهر فأعیدوا ولیبلّغ الشاهد الغائب ».

فهذا خبرٌ شاذ مخالف للأحادیث ، وما هذا حکمه لا یعمل علیه ، وقد تضمّن أیضاً من الفساد ما یقدح فی صحّته ، وهو أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام صلّی بالناس علی غیر وضوء وقد آمَنَنا (1) من ذلک دلالة عصمته علیه السلام.

وذکر محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه قال : سمعت جماعة من مشایخنا یقولون : لیس علیهم إعادة شی ءٍ ممّا جهر فیه ، وعلیهم إعادة ما صلّی بهم ممّا لم یجهر فیه.

السند :

فی الأوّل : موثق علی ما تقدّم فی عبد الله بن بکیر (2) ، ثم إنّ الحسین

ص: 175


1- فی « رض » و « فض » : آمنا ، وفی « م » آمنی ، وما أثبتناه موافق للإستبصار 1 : 433 / 1671 ، والتهذیب 3 : 40 / 140.
2- فی ص : 90.

ابن سعید محتمل للعطف علی الحسن بن علی بن فضّال ، فیکون الراوی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی بسند الشیخ إلیه ، ویحتمل أن یکون سنداً آخر بطریق الشیخ إلی الحسین بن سعید ، وعلی کل حال فهو موثّق.

والثانی : صحیح علی ما مضی (1).

والثالث : فیه عثمان بن عیسی وقد تکرر (2).

والرابع : صحیح علی ما تقرّر فی رجاله (3).

والخامس : فیه أنّ الطریق إلی علی بن الحکم غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفهرست ما لا یفید تعیّناً (4). وعبد الرحمن العرزمی قد تقدّم غیر بعید (5) ، وفی التهذیب رواه عن عبد الرحمن العرزمی ، عن أبیه (6) ، والأب مجهول ، ولا یبعد أن یکون سقوطه هنا سهواً من الشیخ أو الناسخ.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّه لا بأس بصلاة المأمومین خلف الإمام إذا کان جنباً مع عدم علمهم ، إلاّ أنّ قوله : وقد علم ؛ محتمل لأن یراد به علمه قبل ثم نسیانه حال الصلاة ، ویحتمل علمه حال الصلاة وصلّی بهم ، واقتضاء هذا فسقه الموجب للإعادة عند بعض (7) یمکن توجیهه عند

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحکم

والد عبد الرحمان العرزمی مجهول

بیان ما دل علی عدم وجوب الإعادة علی من صلی خلف إمام غیر متطهر

ص: 176


1- راجع ص 74.
2- راجع ص : 102.
3- راجع ج 1 ص 56 ، ج 6 ص 191.
4- الفهرست : 87 / 366.
5- فی ص 62.
6- التهذیب 3 : 40 / 140.
7- حکاه فی السرائر 1 : 282 عن السید المرتضی.

القائل بتقدیر العمل به بالحمل علی الاحتمال الأوّل ، أو علی الجهل (1) ، وفی هذا بعد غیر خفی ، أمّا علی القول بعدم الإعادة مع الفسق لا إشکال ، واحتمال أنْ یراد بعلمه بعد ، لا وجه له بعد قوله : ونحن لا نعلم.

والثانی : واضح الدلالة ومتناول للجنب وغیره.

والثالث : مثله ، إلاّ أنّه خاص.

والرابع : کالثانی ، وفیه دلالة علی أنّه لیس علی الإمام الإعلام.

والخامس : ما ذکره الشیخ فیه من الشذوذ ینافی ما نقله عن الصدوق ؛ لأنّ الجماعة من مشایخه إذا قالوا بإعادة ما لم یجهر فیه والخبر وارد فی الظهر فلا شذوذ إن أراد به عدم القائل ، وإن أراد به من جهة منافاة العصمة أغنی عنه قوله : وقد تضمّن ، إلی آخره.

إلاّ أن یقال : إنّ قوله وقد تضمّن ، یدلّ علی أنّ غرضه بالشذوذ هذا ، فیکون فی قوة التعلیل.

وفیه : أنّ ظاهر قوله : شاذ مخالف ، کون الشذوذ من جهة أُخری ، ویمکن أن یجعل الشذوذ من مخالفة الأحادیث لا من جهة عدم القائل.

وعلی کل حال فالذی نقله عن الصدوق قد ذکره فی الفقیه بعد روایة محمّد بن أبی عمیر السابقة المتضمنة للرجل الذی صلّی بالقوم ثم ظهر أنّه یهودی (2) ، فیحتمل أن یخص (3) الحکم به ، إلاّ أنّ الشیخ أعرف بالحال ، وربما یندفع عنه ما ذکرناه من جهة الشذوذ إذا عاد المسموع للقوم الذی ظهر أنّ إمامهم یهودی أو نصرانی.

توجیه ما دل علی وجوب الإعادة فی المسألة

ص: 177


1- فی « م » الجهر.
2- الفقیه 1 : 263 / 1200 ، الوسائل 8 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 37 ح 1.
3- فی « رض » : یختص.

وما عساه یقال : إنّ مع ظهور کونه یهودیاً أو نصرانیاً یتحقق عدم الطهارة ، فیتمّ مطلوب الشیخ.

یمکن الجواب عنه : بجواز اختصاص الحکم بمورده ، وهو فقدان الطهارة وما معها ، وقد ذکر الصدوق بعد ما سمعته ما هذه صورته : والحدیث المفسّر [ یحکم (1) ] علی المجمل ؛ والظاهر منه أنّ ما سمعه من مشایخه مفصّل ، والخبر مجمل ، فیحمل علی عدم الإعادة فی الصلاة الجهریة.

وغیر خفی أنّ السماع من مشایخه وإن کان ظاهره الفتوی والمغایرة للحدیث إلاّ أنّ الحمل علی أنّ السماع بطریق الروایة لا مانع منه ، أو علی أنّ قولهم لا بُدّ له من مستند إلی نص.

وما عساه یقال : إنّ الثانی لا یصلح للاعتماد لجواز الاجتهاد.

یمکن الجواب عنه : بجواز علمه بالاجتهاد علی وجهٍ یرجع إلی الخبر.

والعجب من شیخنا قدس سره فی المدارک أنّه قال عند قول المحقّق رحمه الله إذا ثبت أنّ الإمام فاسق أو کافر أو علی غیر طهارة لم تبطل صلاة المؤتم ، ولو کان عالماً أعاد - : أمّا أنّه یجب علی المأموم الإعادة إذا کان عالماً ، إلی آخره. فلا ریب فیه ؛ لأنّه صلّی صلاةً منهیاً عنها فکانت فاسدةً ، وأمّا أنه لا یجب علیه الإعادة إذا تبیّن ذلک بعد الصلاة فهو أشهر القولین فی المسألة وأظهرهما ، ونقل عن المرتضی رضی الله عنه وابن الجنید أنّهما أوجبا الإعادة ، وحکی ابن بابویه فی من لا یحضره الفقیه عن جماعةٍ من مشایخه

ص: 178


1- الفقیه 1 : 263 / 1200 ، وما بین المعقوفین فی النسخ : یحمل ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.

أنّه سمعهم یقولون ، إلی آخره (1). انتهی. والحال ما سمعت.

وحکی فی المختلف عن ابن بابویه فی المقنع أنّه قال فیه : لو خرج قوم من خراسان أو بعض الجبال وکان یؤمّهم رجل ، فلمّا صاروا إلی الکوفة أُخبروا بأنّه یهودی فلیس علیهم إعادة شی ءٍ من الصلوات التی جهر فیها بالقراءة ، وعلیهم إعادة الصلوات التی صلّی ولم یجهر بالقراءة (2).

وغیر خفی أنّ هذا صریح فی أنّ ما قاله الصدوق بعد الروایة من تتمّتها ، وقوله : والحدیث المفسّر ؛ حینئذٍ یکون صریحاً فیما قلناه ، وهذا یرجّح الاحتمال السابق ، وقد وقفت علی کلام المختلف بعد ما کتبته ، فالتعجب من الشیخ ومن قدّمناه یزید من هذا الکلام ، ویوجب فائدة أُخری ، وهو الحکم من الصدوق بصحّة ما نقله فی المقنع (3).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة احتجّ بالخبر الأوّل واصفاً له بالصحّة علی مطلوبه من عدم الإعادة بتقدیر تبیّن الکفر أو الفسق ، بعد أن قدّم علیها أنّها صلاة مأمور بها ، وذکر أیضاً روایة ابن أبی عمیر فی الحسن عن بعض أصحابه وهذه قدّمناها عن قریب عن الشیخ ، کما نقلها العلاّمة عن الصدوق من غیر إرسال واعترض علی نفسه : بأنّ عبد الله بن بکیر فطحی ، ومورد الروایة غیر محلّ النزاع ، ثم أجاب بأنّ ابن بکیر وإن کان فطحیاً إلاّ أنّ المشایخ وثّقوه ، وأنّ الکشّی قال فی موضع : إنّه ممّن اجتمعت العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنه ، ثم قال : والفرق بین الجنب والکافر ضعیف (4).

وصف العلامة خبر ابن بکیر بالصحة والمناقشة فیه

ص: 179


1- المدارک 4 : 372.
2- المختلف 2 : 499 ، وهو فی المقنع : 35.
3- المقنع : 35.
4- المختلف 2 : 497.

وأنت خبیر بأنّ توثیق ابن بکیر لا یوجب صحّة ( الخبر ، والإجماع علی التصحیح إنّما هو علی اصطلاح المتقدمین ، وذکر الصحیح منه خلط للاصطلاح. وخبر ابن أبی عمیر ) (1) قد سمعت حاله من الفقیه (2) ، والفرق بین الجنب والکافر بعد نقل الصدوق ظاهر ، فالعجب من هؤلاء الفضلاء کیف یغفلون عن هذه الأُمور ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

باب الإمام إذا أحدث فیقدّم (3) من

فاتته رکعة أو رکعتان لإتمام الصلاة.

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبی عمیر ، عن معاویة بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یأتی المسجد وهم فی الصلاة وقد سبقه الإمام برکعة أو أکثر فیعتلّ الإمام فیأخذ بیده ( ویکون أدنی القوم إلیه ) (4) فیقدّمه؟ فقال : « یتمّ الصلاة بالقوم ثم یجلس حتی إذا فرغوا من التشهد أومأ بیده إلیهم عن الیمین والشمال ، فکأنّ الذی أومأ إلیهم بیده التسلیم (5)وانقضاء صلاتهم وأتمّ هو ما کان قد فاته أو ما بقی

الإمام إذا أحدث فیقدم من فانته رکعة أو رکعتان لإتمام الصلاة

اشارة

ص: 180


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : الأخبار والإجماع علی ابن أبی بکیر ، وعبارة : وذکر الصحیح ، ساقطة عن « رض ».
2- راجع ص 170 171.
3- فی الاستبصار 1 : 433 : فقدّم.
4- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من التهذیب 3 : 41 / 144 ، والاستبصار 1 : 433 / 1672.
5- فی الاستبصار 1 : 433 / 1672 : وکأنّ الذی أومی بیده إلیهم هو التشهد.

علیه ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن العبّاس بن معروف ، ( عن ابن سنان ) (1) ، عن طلحة بن زید ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « سألته عن رجلٍ أمّ قوماً وأصابه رعاف بعد ما صلّی رکعة أو رکعتین فقدّم ( من صلّی ) (2) من قد فاته رکعة أو رکعتان؟ قال : یتمّ بهم الصلاة ثم یقدّم رجلا فیسلّم بهم ویقوم هو فیتمّ بقیة صلاته ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الاستحباب وإن کان الإیماء یکفیه (3) حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل.

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن الحکم بن مسکین ، عن معاویة بن شریح قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا أحدث الإمام وهو فی الصلاة لا ینبغی أن یقدّم (4) إلاّ من شهد الإقامة ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الاستحباب ، ولأجل ذلک قال : « لا ینبغی » ولم یقل : لا یجوز ، وذلک صریح بالکراهیة.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یؤمّ القوم فیحدث فیقدّم رجلاً قد سبق برکعة ، کیف یصنع؟ قال : « لا یقدّم من سبق برکعة ، ولکن یأخذ بید غیره فیقدّمه ».

ص: 181


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- فی الاستبصار 1 : 434 : یکفی.
4- فی الاستبصار 1 : 434 / 1674 : یتقدّم.

فهذا الخبر وإن کان ظاهره النهی فنحن نحمله علی ضرب من الکراهیة ، بدلالة ما تقدّم من الأخبار.

السند :

فی الأوّل : قد تکرّر القول فیه بما یغنی عن الإعادة من جهة محمّد ابن إسماعیل (1) ، وأمّا غیره فلا ارتیاب فیه علی ما مضی أیضاً (2).

والثانی : فیه ابن سنان وطلحة بن زید ، والأوّل هو محمّد ؛ لروایته عن طلحة فی النجاشی ، وقد مضی القول فیه مفصّلاً (3) ، والحاصل أنّه ضعیف. وطلحة بن زید قیل : عامی (4) ، وقیل : بتری (5).

والثالث : فیه الحکم بن مسکین ، وهو مجهول الحال ، لذکره فی الرجال بما لا یزید عن الإهمال (6). وأحمد بن الحسن هو ابن فضّال ، وهو فطحی ثقة ، ومعاویة بن شریح مضی فیه القول (7) ، وهو مهمل فی الرجال ، سواء کان ابن میسرة أو غیره.

والرابع : واضح الحال بعد ما قدّمناه فی سلیمان بن خالد (8). والنضر هو ابن سوید الثقة.

محمد بن سنان ضعیف

طلحة بن زید عامی أو بتری

الحکم بن مسکین مجهول الحال

أحمد بن الحسین بن فضال فطحی ثقة

معاویة بن شریح مهمل

تمییز النضر

ص: 182


1- راجع ج 1 ص 46 ، 52 ، ج 2 ص 75.
2- راجع ج 1 ص 99 ، ج 4 ص 181 ، ج 6 ص 28.
3- راجع ج 1 ص 117 118.
4- رجال النجاشی : 207 / 550.
5- رجال الطوسی : 126 / 3.
6- رجال النجاشی : 136 / 350.
7- راجع ج 3 ص 29.
8- راجع ج 1 ص 351 ، ج 2 ص 217.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی جواز إمامة المسبوق ، وفیه دلالة علی جلوسه لأجل تشهّد المأمومین ، لکن إن کان فی الثلاثیة فجلوسه لتشهّده الأوّل إن أدرک الثانیة من المغرب ، وإن أدرک الثالثة فالجلوس لتشهّد المأمومین إن کان تقدیمه فی الرکعة (1) ، وإن کان فی أثناء تشهّد الإمام [ فالجلوس (2) ] بقدر إتمام تشهدهم. وإن کان فی الرباعیة وأدرک الثانیة [ فالجلوس (3) ] لأجل تشهّدهم ، وإن کان فی الثالثة فلأجل تشهّده الأوّل وتشهدهم الثانی ، ولا یبعد أن یکون الظاهر من الجلوس الزائد عن تشهده ، فیخصّ بما یقتضی ذلک.

فإن قلت : ربما یستفاد من ظاهر الخبر وجوب الإتمام ووجوب الجلوس المذکور ؛ لأنّ الجملة الخبریة فی مثل هذا بمعنی الأمر.

قلت : قد قدّمنا فی هذا الکتاب فی إفادة الجمل الخبریة الوجوب بما حاصله : أنّ ما ذکره علماء المعانی من أنّ العدول عن الأمر لإفادة الحثّ علی الفعل غیر منحصر فی هذا ، بل له فوائد اخری ، ونقول هنا : إنّ إفادة الوجوب تتوقف علی ثبوت وجوب إتمام الإمام صلاة الجماعة ، علی معنی عدم جواز الانفراد اختیاراً ، والذی وقفت علیه فی کلام متأخری الأصحاب تصریح المحقّق فی [ الشرائع (4) ] بجواز مفارقته إذا نوی الانفراد (5) ، وحکی

بیان ما دل علی جواز إمامة المسبوق

هل یجوز نیة الانفراد للإمام اختیارا؟

ص: 183


1- فی « رض » زیادة : الاولی.
2- فی النسخ : والجلوس ، والصحیح ما أثبتناه.
3- فی النسخ : والجلوس ، والصحیح ما أثبتناه.
4- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
5- الشرائع 1 : 125 و 126.

شیخنا قدس سره عن العلاّمة فی النهایة نقل الإجماع علی الجواز ، وعن الشیخ فی المبسوط القول بأنّ من فارق الإمام لغیر عذر بطلت صلاته (1). وقد أشبعت القول فی المسألة فی حواشی الروضة ، وسیأتی هنا إن شاء الله بعض القول فی ذلک فی باب من رفع رأسه قبل الإمام.

وأمّا حکم نیّة الانفراد للإمام جوازاً أو منعاً فلم أقف علی مصرّح بالحکم الآن ، سوی أنّ المحقّق فی الشرائع قال : وکذا لو عرض للإمام ضرورة جاز أن یستنیب ، ولو فعل ذلک اختیاراً جاز أیضاً (2).

وذکر شیخنا قدس سره أنّ المحقق ردّ بقوله : ولو فعل ذلک اختیاراً یعنی المبطل اختیاراً جاز أیضاً ، علی أبی حنیفة ، حیث منع من استخلاف الإمام إذا تعمّد فعل المبطل ، وأوجب علی المأمومین الإتمام فرادی (3). وکأنّه قدس سره وقف علی ما یقتضی مراد المحقق ، ولولاه أمکن أن یقال : إنّ مراده لو استناب من غیر ضرورة جاز ، علی معنی جواز الاستنابة اختیاراً ، بأن ینوی انفراده ویستنیب غیره ، إلاّ أنّ هذا یقتضی عدم الفائدة ظاهراً فی استنابة غیره ، بل إذا جاز نیّة الانفراد جاز استنابة غیره وعدمها ، بأن ینفرد المأمومون أو یستنیبوا أحداً.

إلاّ أن یقال : إنّ کلام المحقّق لمّا کان بصدد استنابة الإمام ذکر ما قاله ؛ وممّا یدفع هذا : أنّ الإمام لو فعل المبطل اختیاراً فقد یحصل به الفسق ، وقد ذکر المحقّق مسألة ما لو علم المأموم فی الأثناء فسق الإمام ، ونقل القول بالاستئناف واختار الانفراد (4) ، وحینئذٍ لا مجال لاحتمال ما ذکرناه إلاّ

ص: 184


1- المدارک 4 : 377.
2- الشرائع 1 : 125.
3- المدارک 4 : 364.
4- الشرائع 1 : 125.

بتکلّفٍ مستغنی عنه ، وقد ذکرت ذلک مفصّلاً فی حواشی المدارک.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ جواز مفارقة الإمام بنیّة الانفراد حیث لم أقف علی القائل بها لا یمکن الحکم بالجواز ، وإن أمکن أن یقال نحو ما ذکروه فی مفارقة المأموم بنیّة الانفراد من أنّ الجماعة لیست واجبة ابتداءً فکذا استدامةً ، وبأنّ الائتمام یفید الفضیلة فتبطل بفواته دون الصحّة ، فإنّ هذین الدلیلین یجریان فی الإمام.

وما أجاب به شیخنا قدس سره عن الأوّل : بأنّه لا یلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، وعن الثانی : بأنّ نیّة الائتمام کما تفید الفضیلة تفید الصحّة علی هذا الوجه ، فیجب فواتها بنیّة الانفراد إلی أن یأتی بوجه آخر معلوم الصحّة (1) ؛ قد أجبنا عنه فی حواشی الروضة ، والذی یقال هنا فی الجواب : إنّ قوله : لا یلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، إنّما یتمّ إذا کان الغرض مجرد الجواب ، لأنّه مانع ، لکن لمّا کان مختاره عدم الجواز فلا یتمّ الجواب ، إلاّ أن یقال : إنّ دلیله علی العدم غیر ما ذکره کما یعلم من مراجعة الکتاب.

والحقّ أنّ المستدل لو أراد أنّ الأصل استمرار عدم الوجوب أمکن توجیه کلامه ، غیر أنّ لنا کلاماً فی هذا ، والحاصل منه أنّ الصلاة هیئة مرکبة من جنس وفصل هو الجماعة ، وبانعدام الفصل تنعدم حصّته ، والفصل الآخر وهو الانفراد معه حصّة أُخری ، إلاّ أنّ هذا مبنی علی تحقیق الأمر فی الجنس والفصل کما یعلم من موضعه.

وما قاله قدس سره فی جواب الثانی یرجع القول فیه کالأوّل من حیث

ص: 185


1- المدارک : 378.

الجنس والفصل.

وإذا تمهّد هذا فالحکم فی الإمام إنّما یتمشی علی نحو المأموم فیما إذا قصد الإمامة وجوباً فی صورة وجوب الصلاة جماعة کالجمعة علی قولٍ (1) ، واستحباباً علی قول آخر ، فإنّه یقال : إنّ الصلاة هیئة مرکبة من المجموع کما تقدّم (2) ، إلاّ أنّه لا یخفی لزوم بطلان الصلاة لو قارنت بعض القصود ثم ترکت ، کما لو قصد الإمام الانفراد ثم قصد الجماعة فی الأثناء ، ولا قائل به.

نعم فی الظنّ نوع احتمال لبعض الأصحاب فی صلاة الإمام جماعةً مع علمه بفسق نفسه ، ولا أعلم الآن أنّه علی وجه الجزم أو مجرّد الاحتمال کما سبق نقله إجمالاً (3) ، وعلی کل حال فانفراد الإمام اختیاراً لا أعلم المصرّح بمنعه ولا بجوازه ، فالخبر المبحوث عنه یحتمل الجملة الخبریة فیه أن تکون بمعنی الأمر وجوباً فیفید لزوم الإتمام بالقوم إلاّ مع الضرورة ، والجلوس یحتمل نحوه.

وقد سمعت القول فی أنّی لم أقف الآن علی المصرّح به ، غیر أنّ فی الفقیه ما هذه صورته : فإن قدّم مسبوقاً برکعة فإنّ عبد الله بن سنان روی عنه ، قال : « إذا أتمّ صلاته بهم فلیومئ إلیهم یمیناً وشمالاً فلینصرفوا ثم لیکمل هو ما فاته من صلاته » (4).

وهذه الروایة صحیحة ، والضمیر فی « عنه » للصادق علیه السلام لتقدّم

هل یجب جلوس الإمام المسبوق لأجل تشهد المأمومین؟

ص: 186


1- الروضة 1 : 382.
2- فی ص 184.
3- فی ص 175.
4- الفقیه 1 : 262 / 1193 ، الوسائل 8 : 377 أبواب صلاة الجماعة ب 40 ح 1.

ذکره ، ولیس فیها ذکر الجلوس ، فربما أیّد حمل الأمر بالجلوس فی الخبر المبحوث عنه علی الاستحباب.

ویمکن أن یقال : إنّ خبر ابن سنان مجمل والخبر المبحوث عنه مفصّل ، أو یقال : إنّ قوله : « إذا أتمّ صلاته بهم » یدلّ علی الجلوس ویکون الإیماء بعده ، کما ینبّه علیه قوله : « فلینصرفوا » لأنّ الانصراف عقیب الإیماء یدلّ علی سبق التشهّد ، والحال أنّ الانصراف بعد الإیماء فیکون الجلوس حاصلاً ، ویمکن أن یقال : إنّ الانصراف یراد به إکمال صلاتهم بالتشهد ، وفیه بُعد ، والحقّ أنّ خبر ابن سنان مجمل کالخبر المبحوث عنه ؛ لما ذکرناه من تفاوت حال المسبوق.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه مجمل من جهة الجلوس علی تقدیر إرادة الزائد ، فإن کان المراد به مجرّد الجلوس من دون تشهّد ، کما هو الظاهر من قوله : « حتی إذا فرغوا من تشهدهم » دلّ علی أنّ الواجب أو المستحب مجرّد الجلوس من دون الذکر ، وإن کان المراد به مع الذکر ، بأن یحمل تشهّدهم علی المجموع منه ومنهم أمکن لزوم الذکر أو استحبابه.

والعجب من عدم تعرّض شیخنا قدس سره للخبر مع ذکره فی الاستدلال علی جواز استنابة المسبوق (1) ، وکذلک بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله فی شرح الإرشاد (2).

وربما یستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ الإمام یسلّم علی الیمین والشمال ؛ لأنّ الإیماء منه مقام التسلیم کما هو ظاهر الخبر ، ویحتمل أن یکون الإیماء من الإمام إشارةً إلی أنّهم یسلّمون علی الیمین والشمال ،

التسلیم یمینا وشمالا

ص: 187


1- المدارک 4 : 367.
2- مجمع الفائدة 3 : 324.

فیفید تسلیم المأمومین کذلک (1).

وقوله علیه السلام : « فکأنّ الذی أومأ إلیهم » إلی آخره ، محتمل لأن یراد أنّ الإیماء منه تسلیم ، أی إیذان بالانصراف ، ویحتمل أن یراد أنّ الإیماء یراد به التسلیم ، بمعنی أنّ الإشارة بالید لأجل وقوع تسلیم منهم ، وربما یرجّح هذا قوله : « وانقضاء صلاتهم » إلاّ أن یقال : إنّ الإیماء منه تسلیم فتنقضی صلاتهم به ، وحینئذٍ یدلّ علی عدم وجوب التسلیم ، کما ذکره بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله (2) وفیه : أنّ احتمال غیره ممّا ذکرناه موجود.

وأما ما تضمّنه من قوله : « أو بقی علیه » تردید من الراوی فی أی اللّفظین وقع من الإمام علیه السلام ، هذا.

وأمّا الثانی : فدلالته (3) لا تخلو من إجمال ؛ لأنّ التسلیم بهم إمّا أن یراد به مع جلوسه المستفاد من الأوّل ، أو مع عدمه بأن یتمّ من غیر جلوس ویشیر إلی من تشهّد معهم بأن یسلّم أو لا. وقول الشیخ : إنّه محمول علی الاستحباب ، کالخبر فی الإجمال ، لما ذکرناه. واحتمال الفرق بین الرعاف وغیره یدفعه : أنّ الأوّل فیه العلّة وهی أعم من الرعاف ، إلاّ أن یقال بانصراف العلّة إلی المرض ، کما سیأتی فی اللغة.

والثالث : ما قاله الشیخ متوجّه فیه ، إلاّ أنّ لفظ « لا ینبغی » یستعمل فی غیر الکراهة فی الأخبار ، والصراحة محلّ کلام ، نعم الظهور ربما یدّعی.

والرابع : محمل (4) الکراهة فیه واضح.

توجیه ما دل علی لزوم التسلیم فی المسألة

توجیه ما دل علی النهی عن استنابة المسبوق

ص: 188


1- فی « فض » زیادة : یدل علیه بعض الاخبار فی التشهد حیث قال.
2- مجمع الفائدة 3 : 260.
3- فی « رض » و « م » زیادة : علیه السلام .
4- فی « رض » : محلّ.

اللغة :

قال فی القاموس : العِلّة بالکسر المرض علّ یعلّ واعتلّ وأعلّه الله فهو مُعَلّ وعلیل ولا تقل معلول (1).

قوله :

باب من لم یلحق تکبیرة الرکوع

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قال : لی : « إذا (2) لم تدرک القوم قبل أنْ یکبّر الإمام للرکعة فلا تدخل (3) معهم فی تلک الرکعة ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لا تعتدّ بالرکعة التی لم تشهد تکبیرها مع الإمام ».

عنه ، عن النضر ، عن عاصم ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا أدرکت التکبیرة قبل أنْ یرکع الإمام فقد أدرکت الصلاة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن هشام ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « فی الرجل إذا أدرک الإمام وهو راکع فکبّر الرجل وهو مقیم صلبه ثم رکع قبل أنْ یرفع الإمام رأسه

معنی العلة

من لم یلحق تکبیرة الرکوع

اشارة

ص: 189


1- القاموس المحیط 4 : 21.
2- فی التهذیب 3 : 43 / 149 ، والاستبصار 1 : 434 / 1676 : إن.
3- فی الاستبصار 1 : 434 / 1676 : فلا تدخلنّ.

فقد أدرک الرکعة ».

وما رواه محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أدرکت الإمام وقد رکع فکبّرت ورکعت قبل أنْ یرفع رأسه فقد أدرکت الرکعة ، فإنْ رفع الإمام رأسه قبل أنْ ترکع فقد فاتتک ».

فالوجه فی هذین الخبرین أنْ نحمل قوله : « إذا أدرکت الإمام وهو راکع » وفی الخبر الأخیر (1) : « وقد رکع » علی اللحوق به فی الصفّ الذی لا ینبغی التأخیر عنه مع الإمکان وإنْ کان قد أدرک تکبیرة الرکوع قبل ذلک المکان ، لأنّ من سمع الإمام یکبّر للرکوع وبینه وبینه مسافة یجوز له أنْ یکبّر ویرکع حیث انتهی به المکان ثم یمشی فی رکوعه إنْ شاء حتی یلحق به ، أو یسجد فی مکانه ، فإذا فرغ من سجدتیه ( لحق به ) (2) أیّ ذلک شاء فعل ، ومتی حملنا هذین الخبرین علی هذا الوجه لم تتناقض الأخبار ، والذی یدلّ علی جواز ما ذکرناه :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، أنّه سُئل عن الرجل یدخل المسجد فیخاف أن تفوته الرکعة؟ فقال : « یرکع قبل أنْ یبلغ القوم ویمشی وهو راکع حتی یبلغهم ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن عبد الله بن محمّد ابن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن

ص: 190


1- ساقط عن « م » و « رض » وفی « فض » : الآخر ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 435.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

أبی عبد الله (1) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا دخلت المسجد والإمام راکع وظننت أنّک إنْ مشیت إلیه رفع رأسه قبل أنْ تدرکه فکبِّر وارکع ، فإذا ( رفع رأسه فاسجد مکانک ، فإنْ قام فالحق بالصف ، وإن جلس فاجلس مکانک ، فإذا ) (2) قام فالحق بالصف ».

السند :

فی الثلاثة الأُول : واضح بما کرّرنا القول فیه (3). وجمیل هو ابن درّاج فی التهذیب (4). والنضر فی الثالث ابن سوید. وعاصم فیه اشتراک (5) ، وربما یظن أنّه ابن حمید عند الإطلاق.

والرابع : کالأوّلین ، وهشام هو ابن سالم فی التهذیب (6).

والخامس : حسن.

والسادس : صحیح علی ما تقدّم (7).

والسابع : فیه عبد الله بن محمّد ، وحاله فی الرجال لا یزید عن الإهمال (8). وأبان فی الظنّ أنّه ابن عثمان لتکرّر روایته عن عبد الرحمن ،

تمییز جمیل والنضر وعاصم وهشام

عبد الله بن محمد بن عیسی مهمل

تمییز أبان

ص: 191


1- فی الاستبصار 1 : 436 / 1682 زیادة : البصری.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- راجع ج 1 ص 69 ، 99 ، 414 ، ج 2 ص 257 ، ج 3 ص 266 ، ج 6 ص 6 ، 74 من هذا الجزء.
4- التهذیب 3 : 43 / 149.
5- هدایة المحدثین : 87.
6- التهذیب 3 : 43 / 152.
7- تقدم فی ص 175.
8- هو عبد الله بن محمد بن عیسی الملقّب ببنان أخو أحمد بن محمد بن عیسی. رجال الکشی 2 : 8. 799 ، رجال النجاشی : 328 / 888.

حتی فی الکافی فی هذه الأبواب ورد مفسّراً بابن عثمان فی غیر هذا الخبر (1) ، وفی الفقیه مرویّاً صحیحاً (2).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی النهی عن الدخول فی الرکعة إذا لم یدرک التکبیر.

والثانی : ظاهر فی عدم الاعتداد بالرکعة ، وربما یستفاد منه عدم الدخول ، ویحتمل الدخول مع عدم الاعتداد ، إلاّ أنّ إجماله یمکن تفصیله من الأوّل ، أو یقال : إنّ جواز الدخول من دون الاعتداد موقوف علی الدلیل ، والأخبار من حیث الإجمال لا تصلح للاستدلال ، هذا علی تقدیر العمل بظاهر النهی ، لکن ستسمع القول بعد المعارض (3).

والثالث : یدلّ بمنطوقه علی أنّ إدراک التکبیرة یقتضی إدراک الصلاة ، وبمفهومه عدم الإدراک ، إلاّ أنّ المفهوم مع المعارض لا یعمل به ، إمّا مطلقاً ، أو فی الجملة. واحتمال أنْ یراد بالتکبیرة تکبیرة الإحرام من المأموم ، علی معنی أنّک إذا لم تکبّر تکبیرة الإحرام قبل رکوعه لم تدرک الصلاة ؛ خلاف الظاهر من اللفظ ، وبتقدیره فالأوّلان ظاهران فی اعتبار تکبیرة الرکوع ، فلو حمل هذا علی ما ذکر لزم أنّه لو لم یدرک تکبیرة الرکوع لکن کبّر للإحرام قبل أنْ یرکع الإمام أجزأه ما فی الأوّلین ، إلاّ أنْ یقال : إنّ هذا علی تقدیر القول بالمنع مسلّم ، أمّا علی القول بالکراهة فلا ،

بیان ما دل علی أن من لم یدرک تکبیرة الرکوع لم یدرک الصلاة

ص: 192


1- الکافی 3 : 381 / 4.
2- الفقیه 1 : 254 / 58 ، وانظر مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 11.
3- فی ص 195.

وفیه ما فیه.

والرابع : کما تری ظاهر فی إدراک الرکعة بالتکبیر حال الانتصاب والرکوع قبل رفع الإمام رأسه ، والمفهوم منه أنّه لو اختلّ أحد المذکورات لا تدرک الصلاة ، لکن التکبیر یحتمل أنْ یراد به تکبیرة الإحرام ، ویحتمل تکبیر الرکوع ، وربما یؤیّد الثانی ظاهر قوله : « ثم رکع » إمّا إقامة الصلب فلا تصلح مؤیّداً ، وعلی هذا فالتکبیر علی المشهور من استحبابه. ربما یقال : إنّ عدمه لا یؤثّر ، إلاّ أنْ یدّعی اختصاص الجماعة بما ذکر وإنْ کان التکبیر مستحباً ، لکن لا أعلم القائل بذلک.

وأمّا علی القول بالوجوب فإشکال (1) ، یتوقف القول فیه علی العلم بمراد القائل بالوجوب.

وأمّا إقامة الصلب لو انتفت أمکن القول فیها کالتکبیر ، ونفی القول مثله.

والحقّ أنّ الخبر الخامس یدلّ بظاهره علی أنّ الرفع مع عدم الرکوع معه موجب لفوت الصلاة فیقیِّد الأوّل ، وإنْ کان فیه إطلاق من جهة عدم ذکر التکبیر والانتصاب فیقیّده الأوّل ، غیر أنّه یبقی نوع إجمالٍ فی الخامس ، ولعلّ الأمر سهل.

ثم إنّ الرفع من الإمام کأنّ المراد به الأخذ فی الرفع علی المعروف ، لکن الأخذ فی الرفع إنْ کان فی محلّ الرکوع بحیث لا یزید عنه فالأمر واضح ، أمّا لو زاد فی الانخفاض طلباً لنوعٍ من الکمال المستفاد من بعض الأخبار احتمل اغتفار الارتفاع إذا لم یرتفع عن حدّ الرکوع ، نظراً إلی تحقّق

توجیه ما دل علی أن من أدرک الإمام قبل أن یرفع رأسه من الرکوع أدرک الصلاة

ما المراد برفع الرأس؟

ص: 193


1- فی « رض » و « م » : فالإشکال.

الرکوع معه ، ویحتمل عدمه ، نظراً إلی إطلاق النص ، والاحتیاط مطلوب.

أمّا تناول الخبر لِما إذا شارکه فی الذکر وعدم المشارکة أصلاً أو فی الواجب [ فظاهر (1) ] من الإطلاق.

وقد ذکر جدّی قدس سره أنّه لو شکّ فی الإدراک لم یعتدّ بالرکعة (2). وقد یقال : إنّ الشرط فی الخبر کما ذکر للإدراک ذکر أیضاً بالمفهوم لعدم الإدراک ، فالترجیح یحتاج إلی مرجّح.

فإنْ قلت : المرجّح هو کون الروایة صریحة فی الإدراک المعلوم منه أنّه الشرط ، فلا بُدّ من العلم به ، ومع عدم العلم لا یحصل الشرط ، وعدم الاعتداد لیس مشروطاً بعدم الإدراک ، بل بعدم العلم ، والفرق واضح.

قلت : لِما ذکرت وجه ، إلاّ أنّ العلم غیر مأخوذ فی اللفظ ، وقد یمکن اعتباره من خارج ، والحق التکلّف فی الجواب.

أمّا ما عساه یقال : إنّ الفائدة منتفیة ؛ لأنّ الأمرین إذا تساویا بالنسبة إلی الشرطین تساقطا ، ویبقی التکلیف بالعبادة ( موجوداً ، فیأتی بما یزیله.

فیمکن الجواب عنه : بأنّ النهی عن إبطال العمل ) (3) موجود ، إلاّ أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ العمل غیر متحقق لیدخل فی النهی ، وفیه : أنّ الدخول فی الصلاة متحقق ، غایة الأمر أنّ الإتمام وعدمه موقوفان علی الشروط ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الجماعة لا یتحقق الدخول فیها إلاّ بتحقق الشرط ، وهو إدراک الإمام ، ومع عدم العلم لا تتحقق الجماعة فتبطل ، وهذا لیس من قسم المنهی عنه ، إذ لا إبطال ، بل هی فی نفسها باطلة ، علی أنّ فی آیة (4) النهی

حکم ما إذا شک فی الإدراک

ص: 194


1- فی النسخ : وظاهر ، والصحیح ما أثبتناه.
2- الروضة 1 : 378 ، المسالک 1 : 43.
3- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
4- محمّد : 33.

عن إبطال العمل کلاماً ، من حیث إنّ ظاهرها إبطال جمیع الأعمال ، وهذا لا یتحقّق إلاّ بالکفر نعوذ بالله منه وحینئذٍ ترجع إلی النهی عنه ؛ هکذا قیل ، وقد تقّدم فی الآیة کلام منّا غیر بعید.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن الشیخ فی النهایة أنّه قال : من لحق تکبیرة الرکوع فقد أدرک تلک الرکعة ، فإنْ لم یلحقها فقد فاتته ، وبه قال ابن البرّاج ، وقال السیّد المرتضی : لو أدرکه راکعاً فقد أدرک تلک الرکعة واختاره ابن إدریس وإنْ لم یدرک تکبیرة الرکوع ، وبه قال ابن الجنید ، وهو الأقوی. ثمّ استدلّ بأنّ تکبیرة الرکوع مستحبة ، فلا تکون شرطاً للإدراک ، وبروایة سلیمان بن خالد واصفاً لها بالصحّة ، ( وبحسنة الحلبی.

ثم نقل احتجاج الشیخ بالأخبار الثلاثة الأُول واصفاً لها بالصحّة ) (1) ، وهو یقتضی تعیّن عاصم ، وأنّه تأوّل الخبرین الدالین علی الإدراک بنحو ما ذکره الشیخ هنا مع تأییده بخبر محمّد بن مسلم السادس ، وزاد علی ذلک أعنی الشیخ أنّه بفوات أوّل الرکوع یکون قد فاته الواجب من الرکوع ، وإدراکه بعد قضاء الواجب وهو فی (2) حالة الندب ، فیکون کإدراکه بعد الانتصاب. وأجاب العلاّمة : بأنّ المراد بإدراک تکبیرة الرکوع إدراک الرکوع ، لأنّه الظاهر ، ویمنع فوت الرکوع بفوات أوّله (3). انتهی ملخّصاً.

ولقائلٍ أنْ یقول : إنّ ظاهر الأخبار خلاف ما قاله ، والأولی الحمل علی کراهة الدخول إذا لم یدرک التکبیر ، لکن یمکن أنْ یقال : إنّ هذا فی

کلمة حول آیة النهی عن إبطال العمل

قول العلامة فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 195


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- لیست فی النسخ ، أثبتناها من المصدر.
3- المختلف 2 : 504.

الرکعة الأخیرة یتعارض الفرار من الکراهة وفوات الجماعة ، ( وربما ترجّح الجماعة ) (1) ، أو تحمل الأخبار علی غیر الأخیرة ، وحینئذٍ ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ الأجود حمل النهی الوارد فی خبر محمّد بن مسلم یعنی الخبر الأوّل علی الکراهة ؛ محلّ تأمّل علی الإطلاق ، إلاّ أنْ یقال : إنّ کراهة الجماعة یراد بها الأقلّ ثواباً ، فلا یکون الترک أولی ، إلاّ إذا أمکن الفعل بدون الکراهة ، فإذا انتفی انتفت الکراهة ، وفی البین کلام.

فإنْ قلت : مقتضی الخبر الثانی عدم الاعتداد بالرکعة ، ولا یلزم منه عدم الاعتداد بالصلاة ، فیجوز أنْ تتحقق الجماعة من دون الاعتداد بالرکعة ، کما فی إدراک الإمام بعد رفعه من السجود ، أو بعد رفعه من الرکوع.

( قلت : قد نقل عن العلاّمة شیخنا قدس سره التوقف فی هذا الحکم أعنی الدخول بعد الرفع من الرکوع ) (2) لروایة محمّد بن مسلم أعنی الاولی من الباب ثم قال : وهو فی محلّه ، لا لما ذکره من النهی فی الروایة عن الدخول فإنّه محمول علی الکراهة ، بل لعدم ثبوت التعبّد بذلک (3) ، انتهی.

وقد یقال : إنّ قوله علیه السلام فی الخبر الثانی « لا تعتدّ بالرکعة » دون الصلاة یشعر بأنّ الدخول مشروع ، وکذلک الأخبار الدالّ مفهومها علی عدم إدراک الرکعة إذا لم یدرک التکبیر ، وقد روی الشیخ فی التهذیب ، عن محمّد ابن أحمد بن یحیی ، عن ابن أبی نصر ، عن عاصم ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : متی یکون یدرک الصلاة مع الإمام؟ قال : « إذا أدرک الإمام وهو فی السجدة الأخیرة من صلاته فهو مدرک لفضل الصلاة مع الإمام » (4).

ص: 196


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
3- المدارک 4 : 385.
4- التهذیب 3 : 57 / 197 ، الوسائل 8 : 392 أبواب صلاة الجماعة ب 49 ح 1.

وهذه الروایة موصوفة بالصحّة من شیخنا قدس سره (1) إلاّ أنّ فی الطریق عاصماً ، ولا یبعد کونه ابن حمید.

وربما کانت دالّة علی إدراک الرکعة بعد الرفع من الرکوع فتؤید ما یشعر به الخبر السابق ، إلاّ أنْ یقال : إنّ ظاهر الروایة فی السجدة الأخیرة.

وروی الشیخ فی زیادات الصلاة من التهذیب ، عن أحمد بن الحسن ابن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجلٍ أدرک الإمام وهو جالس بعد الرکعتین؟ قال : « یفتتح الصلاة ولا یقعد مع الإمام حتی یقوم » (2) وفیه دلالة غیر خفیّة ، ولعلّ ضعفه بسبب عدم الطریق (3) إلی أحمد ، ولا یضرّ فی إثبات السنّة ، وإنْ کان فی البین کلام.

وروی الصدوق فی الفقیه ، عن عبد الله بن المغیرة قال : کان منصور ابن حازم یقول : إذا أتیت الإمام وهو جالس قد صلّی رکعتین فکبّر ثم اجلس (4). وهذا الحدیث من المؤیدات ، إلاّ أنّ فی الظاهر منه أنّه لیس عن الإمام علیه السلام ، ( وفیه من البعد ما لا یخفی ، بل الظاهر أنّها روایة من غیر ذکر الإمام علیه السلام ) (5) ، والطریق إلی عبد الله بن المغیرة فیه حسن ، وآخر فیه کلام ، لکن روایة الصدوق لا یخفی حالها.

إذا تمهّد هذا کلّه فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ فی تأویل الخبرین فی غایة البعد عن ظاهرهما ، وقوله : إذا حملناهما علی هذا الوجه لم تتناقض الأخبار.

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایات المعارضة

ص: 197


1- المدارک 4 : 386.
2- التهذیب 3 : 274 / 793 ، الوسائل 8 : 393 أبواب صلاة الجماعة ب 49 ح 4.
3- فی « فض » : السابق.
4- الفقیه 1 : 260 / 1184 ، وفیه زیادة : فإذا قمت فکبّر.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

یدلّ علی انحصار الجمع فیما قاله ، والحال أنّ الکراهة أقرب المسالک.

وما قاله : من اللحوق فی الصفّ الذی لا ینبغی ، إلی آخره. کأنّ المراد به اشتراط تکبیرة فی موضعٍ لا یبعد عن الإمام أو المأمومین بما یزید عن القدر المعتبر علی الخلاف فیه.

وعبارة الشیخ لا تخلو من إجمال ؛ لأنّ قوله : وإنْ کان أدرک تکبیرة الرکوع قبل ، إلی آخره. یدلّ علی أنّ محلّ الرکوع غیر محلّ السماع ، والتسدید ممکن لو ثبت (1) الدلیل علی اعتبار المقدار فی هذه الصورة ، والخبران المذکوران لا یدلاّن علی ذلک إلاّ (2) من حیث ذکر المسجد ، واحتمال اغتفار (3) البعد بما یزید عن مقدار التخطّی عند الشیخ ، وإلاّ ففی بعض الأخبار المعتبرة اعتبار مقدار التخطّی ومسقط الجسد (4) ، إلاّ أنّ ظاهر الخبر فی الصفوف ، فیجوز خروج ما تضمّنه الخبران عن ذلک ، فیجوز التکبیر وإنْ بعُد ، لکن فی المسجد ، وفی ما وقفت علیه من کلام الأصحاب نوع إجمال.

ثم إنّ الروایة الأخیرة رواها الصدوق بلفظ : وروی عن عبد الرحمن ابن أبی عبد الله (5) ، والطریق إلیه صحیح ، وقد قدّمنا (6) ما یقال فی مثل هذا ، وروی عن الحلبی (7) الروایة الحسنة هنا (8) ، وطریقه صحیح.

ص: 198


1- فی « فض » ما یمکن أن یقرأ : بیّنا.
2- فی « رض » : الأمر.
3- فی « فض » : اعتبار.
4- الوسائل 8 : 410 أبواب صلاة الجماعة ب 62.
5- الفقیه 1 : 254 / 1148.
6- فی ص : 144.
7- فی النسخ : زیادة : و، حذفناها لاستقامة العبارة.
8- الفقیه 1 : 254 / 1149.

ثم إنّ دلالة الخبرین الأخیرین واضحة ، ویتفرع منهما أحکام غیر خفیّة.

نعم ینبغی أنْ یعلم أنّ الشیخ روی فی التهذیب ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن معاویة بن وهب قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام یوماً وقد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر ، فلمّا کان دون الصفوف رکعوا فرکع ثم سجد السجدتین ثم قام یمضی (1) حتی لحق بالصفوف (2). وهذا الحدیث غیر خفی أنّه ینادی بالتقیة ، لأنّه علیه السلام لم یکن یصلّی مأموماً مع من یوثق ( به فی المسجد الحرام ، وحینئذٍ یمکن حمل الأخبار الدالّة علی ذلک علی التقیة ، إلاّ أنّی لا أعلم من توقّف ) (3) من الأصحاب فی الحکم ، والله تعالی أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب من فاتته مع الإمام رکعة أو رکعتان.

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة (4) ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا أدرک الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام یحتسب بالصلاة خلفه جعل (5)ما أدرک أوّل صلاته ، إنْ أدرک من الظهر أو العصر أو العشاء رکعتین (6) وفاتته رکعتان قرأ فی

من فاتته مع الإمام رکعة أو رکعتان

اشارة

ص: 199


1- فی التهذیب : فمضی.
2- التهذیب 3 : 281 / 829.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- فی « فض » و « م » : عن ابن أذینة.
5- فی التهذیب 3 : 45 / 158 ، والاستبصار 1 : 436 / 1683 زیادة : أوّل.
6- فی الاستبصار 1 : 436 / 1683 : الرکعتین.

کلّ رکعةٍ ممّا أدرک خلف الإمام فی نفسه بأُمّ الکتاب وسورة ، فإنْ لم یدرک السورة تامّةً أجزأته أُمّ الکتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّی رکعتین لا یقرأ فیهما ، لأنّ الصلاة إنما یقرأ فیها فی الأوّلتین فی کلّ رکعةٍ بأُمّ الکتاب وسورة ، وفی الأخیرتین لا یقرأ فیهما إنّما هو تسبیح وتکبیر وتهلیل ودعاء ولیس فیهما قراءة ، فإنْ أدرک رکعةً قرأ فیها خلف الإمام ، فإذا سلّم الإمام (1) قام فقرأ بأُمّ الکتاب وسورة ثم قعد فتشهّد ثم قام فصلّی رکعتین لیس فیهما قراءة ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یدرک الرکعة الثانیة من الصلاة مع الإمام وهی له الاولی ، کیف یصنع إذا جلس الإمام (2)؟ قال : « یتجافی ولا یتمکّن من القعود ، فإذا کانت الثالثة للإمام وهی له الثانیة فلیلبث (3) قلیلاً إذا قام الإمام بقدر ما یتشهد ثم یلحق الإمام » قال : وسألته عن الرجل (4) الذی یدرک الرکعتین الأخیرتین من الصلاة کیف یصنع بالقراءة؟ فقال : « اقرأ فیهما فإنّهما لک الأوّلتان (5) ، ولا تجعل أوّل صلاتک آخرها ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن یحیی ، عن طلحة بن

ص: 200


1- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 436 / 1683 ، والتهذیب 3 : 45 / 158 ، والوسائل 5 : 445 أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 4.
2- فی الاستبصار 1 : 437 / 1684 یوجد : للتشهد.
3- فی الاستبصار 1 : 437 / 1684 : فیلبث.
4- لیس فی الاستبصار 1 : 437 / 1684.
5- فی الاستبصار 1 : 437 / 1684 : فإنها لک الأولیان.

زید ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی علیهم السلام قال : « یجعل الرجل ما أدرک مع الإمام أوّل صلاته » ( قال جعفر : ) (1) « ولیس نقول کما یقول الحمقی ».

السند :

فی الجمیع واضح بما کرّرناه من القول فی رجاله ، فالأوّل : صحیح. والثانی : کذلک بتقدیر دفع الارتیاب فی عبد الرحمن ، ومحمّد بن الحسین هو ابن أبی الخطّاب. والثالث : ضعیف.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی القراءة بالحمد وسورة فی کلّ رکعةٍ ممّا أدرک خلف الإمام فی غیر الأوّلتین إنْ أمکن قراءة السورتین ، وإلاّ اجتزأ بالحمد ، لکن حکم من لم یتمکن من الحمد تامّةً مسکوت عنه فی الروایة ، أو أنّه لا یجزئه إلاّ الفاتحة ، فإذا لم یتمکن من إتمامها لا یسقط الفرض عنه ، لدلالة إجزاء الفاتحة من جوهر الکلام ، إلاّ أنّ فی الدلالة نوع تأمّل.

ثمّ إنّ دلالته علی رجحان التسبیح ظاهرة مع دعوی الاتفاق علی التخییر کما سبق عن المختلف (2) ، واحتمال اختصاص هذه المسألة بالحکم المذکور ، فیه : أنّ الظاهر من قوله علیه السلام : « لأنّ الصلاة إنّما یقرأ فیها » إلی آخره. العموم ، نعم حکم القراءة خلف الإمام فی الصورة المذکورة ینقل فیه الخلاف عن المنتهی ، حیث قال العلاّمة : الأقرب عندی أنّ القراءة

حکم قراءة الحمد والسورة لمن لحق الإمام فی غیر الأولتین

ص: 201


1- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من التهذیب 3 : 46 / 161 ، والاستبصار 1 : 437 / 1685 ، والوسائل 8 : 389 أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 6.
2- فی ج 5 ص 180.

مستحبة ، ونقل عن بعض علمائنا الوجوب ، لئلاّ تخلو الصلاة عن قراءة ، إذ هو مخیّر فی التسبیح فی الأخیرتین ، ثم قال : ولیس بشی ء ، فإنْ احتجّ بحدیث زرارة وعبد الرحمن حملنا الأمر فیهما علی الندب ، لما ثبت من عدم وجوب القراءة علی المأموم (1) ، انتهی.

واعترضه شیخنا قدس سره بأنّ ما تضمّن سقوط القراءة بإطلاقه لا ینافی هذین الخبرین المفصّلین ، وإنْ کان ما ذکره من الحمل لا یخلو من قرب ؛ لأنّ النهی عن القراءة فی الأخیرتین للکراهة قطعاً ، وکذا الأمر بالتجافی فی الثانیة محمول علی الاستحباب ، ومع اشتمال الروایة علی استعمال الأمر فی الندب والنهی فی الکراهة یضعف الاستدلال بما وقع من الأوامر والنواهی علی الحقیقة ، مع أنّ مقتضی الروایة القراءة فی النفس ، وهو لا یدلّ صریحاً علی وجوب التلفّظ (2) ، انتهی کلامه قدس سره ملخّصاً.

ولقائل أنْ یقول : إنّ ما دلّ علی سقوط القراءة عن المأموم وعدمه فی غایة الاختلاف ، ومعه کیف یقیَّد الإطلاق بهذین الخبرین؟ ثم ما قاله قدس سره من أنّ النهی عن القراءة فی الأخیرتین للکراهة قطعاً یشکل بأنّه یرجّح القراءة للإمام ، وإذا حملت الروایة علی الکراهة بالنسبة إلی السؤال عن المصلّی خلف الإمام إذا لحق الأخیرتین یلزم أنْ یکون قوله علیه السلام فی الروایة : « لأنّ الصلاة إنّما یقرأ فیها فی الأوّلتین » عائداً إلی الصلاة المسئول عنها ، والحال أنّ الحصر لا یتمّ ، لتحقّق القراءة بما ذکر فی غیرها ، ولو حمل الحصر علی الإضافی بالنسبة إلی الأخیرتین المذکورتین فی السؤال لزم اختصاص التسبیح المذکور فیها بالمسؤول عنه ، وحینئذٍ یلزم احتمال

ص: 202


1- المنتهی 1 : 384.
2- المدارک 4 : 383. بتفاوتٍ یسیر.

کراهة القراءة بهذه الصورة ، والحال أنّه قائل بالکراهة للمنفرد مطلقاً ، وحینئذٍ لا بُدّ من حمل الخبر علی الإطلاق فیفید ترجیح التسبیح کذلک ، وقد قدّمنا القول مفصّلاً (1).

وذکر بعض محققی المتأخّرین رحمه الله أنّ فی الخبر الأوّل دلالة علی وجوب السورة من جهات ، أحدها : من قوله : « قرأ فی کلّ رکعة » وثانیها : من قوله : « إنّ الصلاة إنّما یقرأ فیها » إلی آخره. وثالثها : من قوله فی آخرها : « فإذا سلّم قام فقرأ » إلی آخره (2).

ولا یخفی أنّه یتوجه علیه ما ذکره شیخنا من أنّ النهی للکراهة ، فإنّه یقتضی عدم تمامیة الاستدلال.

فإنْ قلت : کون النهی للکراهة یقتضی عدم الوثوق بأنّ غیره من النهی للتحریم ، لا أنّ الأمر للاستحباب ، والحال أنّ أوامر الروایة لا مقتضی لحملها علی الاستحباب ، فتبقی علی حقیقتها ویتمّ المطلوب.

قلت : بل الأمر فیها کذلک ، من حیث إنّ من جملة الأوامر القراءة خلف الإمام فی نفسه فی الجهریة ، إذ (3) من جملة ما ذکر العشاء ، ووجوب القراءة فی الجهریة خلف الإمام علی الإطلاق غیر معلوم القائل ، والمستدل بما ذکر ینفیه ، والإخفاتیة أمرها أظهر ، بل صرّح المستدل بالتحریم ، إلاّ أنْ یقال بتخصیص هذه المسألة ، وبتقدیره فالتسلیم لا یقول المستدل بوجوبه ، وقد تضمّنت الروایة اقتران التسلیم بقراءة السورة.

وما عساه یقال : إنّ الفاتحة مقترنة أیضاً ، ولا ریب فی وجوبها.

یمکن الجواب عنه : بأنّ ما خرج بالإجماع لا یضرّ بالحال ،

هل یستفاد من روایة زرارة وجوب السورة؟

ص: 203


1- فی ج 5 ص 185 186.
2- مجمع الفائدة 3 : 325.
3- فی « رض » و « م » : أو.

والحاصل أنّ الاعتماد علی ظاهر الأمر مشکل بعد ما سمعته ، نعم فی قوله علیه السلام : « أجزأته أُمّ الکتاب » نوع دلالة علی ( وجوب السورة ) (1) فلو ذکره المستدل کان أولی ، ویمکن الجواب بأنّ استعمال الإجزاء فی ترک الأکمل موجود بکثرة.

فإنْ قلت : ظاهر قوله علیه السلام : « وفی الأخیرتین لا یقرأ فیهما » بعد قوله : « إنّما یقرأ فیها فی الأوّلتین » إلی آخره. أنّ المنفی قراءة الحمد وسورة ، وهذا لا ینافی قراءة الحمد وحدها فی الأخیرتین ، فلا یدلّ الخبر علی کراهة القراءة فی الأخیرتین.

قلت : وجه الدلالة من حیث قوله : « إنّما هو تسبیح » إلی آخره. نعم ربما یقال : إنّ قول شیخنا قدس سره بدلالة النهی علی الکراهة یشکل باحتمال النهی عن قراءة الحمد وسورة فیکون للتحریم ، والحصر فی التسبیح إنّما ذکر لبیان اختصاص الأخیرتین بما ذکر دون الأوّلتین ، فهو إضافی بالنسبة إلی الأوّلتین ، وقوله علیه السلام : « ولیس فیهما قراءة » محتمل لقراءة الحمد وسورة ، وعلی هذا فلا دلالة فی النهی علی الکراهة لیساعد علی عدم الوثوق فی الاستدلال بالخبر لردّ احتجاج القائل به ، وهذا لا یضرّ بما قدّمناه من جهة ( عدم صلاحیته للاستدلال علی ) (2) وجوب السورة ، لأنّ مناط توجیهنا من جهة الأمر فیه الحاصل من الجملة الخبریة.

وقد یقال فی توجیه النهی بسبب إرادة الکراهة : إنّ توجیهنا خلاف الظاهر.

فإنْ قلت : یحتمل حمل النهی علی الحقیقة بإرادة عدم القراءة علی

ص: 204


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : الوجوب.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

وجه التعیّن ، وذکر التسبیح لبیان أنّه ینبغی کونه ملحوظاً علی أنّه أحد الفردین للواجب ، وحینئذٍ لا یتمّ القول بأنّ النهی للکراهة.

قلت : ولما ذکرت وجه أیضاً ، إلاّ أنّه خلاف الظاهر ، هذا.

ولا یخفی صراحة الخبر فی ضمیمة الدعاء إلی التسبیح فیندفع به تخیل عدم مشروعیته ، بل احتمال وجوبه علی تقدیر التسبیح له وجه ، وقد مضی القول فی ذلک (1).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق فی الفقیه روی الروایة الأُولی (2) ، وظاهره العمل بها ، فما نقله العلاّمة (3) لعلّ مراده به الصدوق ، ویحتمل الشیخ ، لاعتماد العلاّمة علی قول الشیخ فی الاستبصار.

ثم إنّ ما تضمّنه الخبر الثانی من التجافی ( قد سمعت قول شیخنا قدس سره أنّه مستحب (4) ، ولعلّ الوجه فیه عدم القول بالوجوب ؛ ثم إنّ التجافی ) (5) لا ینافی ما دلّ علی التشهد للمسبوق فی غیر محلّه ، وربما یستفاد من قوله : « فلیلبث قلیلاً بقدر ما یتشهد » أنّ زیادة المستحبات فی تشهده غیر مشروعة ، بل ربما تنافی المتابعة ، إلاّ أنْ یقال : إنّ التشهّد یشمل مستحباته ، أو یقال : إنّ الأمر غیر معلوم الوجوب ، لما مضی.

وما تضمّنه من قوله : « ولا تجعل أوّل صلاتک آخرها » محتمل لأُمور ، أظهرها ما یأتی (6) من الشیخ.

حکم ضمیمة الدعاء إلی التسبیح فی الأخیرتین

حکم التجافی لمن أدرک الإمام فی الثانیة

ص: 205


1- فی ج 5 ص 186 188.
2- الفقیه 1 : 256 / 1162.
3- فی ص 201.
4- تقدّم فی ص 201.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- فی ص 206 ، 207.

والثالث من الأخبار مثل الثانی فی جعل ما أدرک أوّل صلاته ، أمّا دلالته علی القراءة فلا ، وکأنّ الشیخ نظر إلی أنّه یقیَّد بغیره.

اللغة :

قال فی القاموس : جَفَا جفاءً وتجافی لم یلزم مکانه (1). وقال : حَمُقَ ککَرُمَ وغَنِمَ حُمقاً بالضمّ وبضمتین وکسَکْرَی وسَکاری ، إلی أنْ قال : قلیل العقل (2).

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن یعقوب بن یزید ، عن مروک ابن عبید ، عن أحمد بن النضر ، عن رجلٍ ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قال لی : « أیّ شی ء یقول هؤلاء فی الرجل إذا فاتته مع الإمام رکعتان؟ » قال : یقولون یقرأ فی الرکعتین بالحمد وسورة ، فقال : « هذا یقلب صلاته فیجعل أوّلها آخرها » قلت : کیف یصنع؟ قال : « یقرأ بفاتحة الکتاب فی کلّ رکعة ».

فلیس ینافی هذا الخبر ما قدّمناه من الأخبار ؛ لأنّ قوله : یقرأ الحمد وحدها فی الرکعتین یعنی فی الرکعتین الفائتتین لا فی اللتین أدرکهما ، لأنّ اللتین أدرکهما ( یقرأ فیهما بالحمد وسورة ، ولأجل ذلک ردّ علی من قال : یقرأ بالحمد وسورة ، بأن « هذا ) (3) یقلب صلاته »

معنی التجأ فی والحمقی

ص: 206


1- القاموس المحیط 4 : 314.
2- القاموس المحیط 3 : 231.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

لأنّ فی العامّة من یقول : إنّه یقرأ الحمد وسورة فیما فاته ، لأنّ اللتین فاتتاه هما الأوّلتان فیحتاج أنْ یقضیهما ، ولذلک قال فی روایة طلحة ابن زید : « ولیس نقول کما یقول الحمقی ».

فأمّا رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن معاویة ابن وهب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یدرک آخر صلاة الإمام وهی أوّل صلاة الرجل فلا یمهله حتی یقرأ فیقضی القراءة فی آخر صلاته؟ قال « نعم ».

قوله : یقضی القراءة فی آخر صلاته ؛ تجوّز ، وإنّما أراد به ما یختصّ آخر الصلاة من قراءة الحمد دون أنْ یکون أراد به قضاء قراءة ما یختص الرکعة الأُولی والثانیة.

السند :

فی الأوّل : فیه مروک بن عبید ، ولم نرَ توثیقه إلاّ من الکشّی نقلاً عن محمّد بن مسعود ، عن علی بن الحسن (1) ، وقد قدّمنا أنّ فی ابن مسعود نوع کلام (2) ، ( لکن لم أسمع ) (3) من مشایخنا التوقف فیه. وعلی بن الحسن هو ابن فضّال ، وظاهر الخبر روایة محمّد بن مسعود ، عن علی بن الحسن ، وفی النجاشی : إنّه سمع أصحاب علی بن الحسن (4) ، والظاهر منه أنّه لم یرو عنه بغیر واسطة ، فیکون مرسلاً ( وقد تقدّم (5) فی أوّل الکتاب

بحث حول مروک بن عبید

بحث حول محمد بن مسعود وروایته عن الحسن بن علی بن فضال

ص: 207


1- رجال الکشی 2 : 835 / 1063.
2- فی ص 105.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- رجال النجاشی : 350 / 944.
5- فی ج 5 ص 107.

روایة محمّد بن مسعود ، عن علی بن الحسن بغیر واسطة ، والقول واحد ) (1) ، ثم فی السند المبحوث عنه الإرسال أیضاً.

والثانی : صحیح علی ما مضی مفصّلاً (2).

المتن :

فی الأوّل : وإنْ کان ظاهره قراءة الحمد فی کلّ رکعة المتناول لما أدرکه مع الإمام وما أتی به بعد إلاّ أنّه یمکن حمله علی کلّ رکعة من الباقی فی المسألة المذکورة فی الخبر ، والظاهر أنّ هذا غرض الشیخ ، إلاّ أنّ قوله (3) : قوله. یقرأ الحمد وحدها فی الرکعتین ، لا یخلو من خلل ، وقول الشیخ : إنّ الذی أدرکهما یقرأ فیهما بالحمد وسورة ، بناءً علی الأخبار السابقة ، وقد یحتمل حمل الخبر علی ظاهره من قراءة الحمد فی کلّ رکعة من الأربع بناءً علی استحباب السورة ، أو لأنّ (4) المقصود بیان ما فیه الاشتراک بین الأربع ، ویبقی حکم السورة من جهةٍ أُخری ، ولا یخفی ما فی هذا من مخالفة الظاهر.

ثمّ إنّ قلب الصلاة قد قدّمنا احتماله لأُمور ، لکن الظاهر من نقل الشیخ عن بعض العامّة إرادة ما قالوه.

والثانی : ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من بعد ، واحتمال التقیة کأنّه أقرب ، والله تعالی أعلم.

توجیه ما دل علی أن من أدرک الإمام فی الأخیرتین یقرأ فی کل رکعة بفاتحة الکتاب

ص: 208


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- راجع ج 1 ص 69 ، ج 6 ص 191 ، 407.
3- لیست فی « رض » و « م ».
4- فی « رض » : ولأنّ.

اللغة :

قال فی القاموس : استمهله استنظره ، وأمهله أنظره (1).

قوله :

باب من رفع رأسه من الرکوع قبل الإمام.

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سهل الأشعری ، عن أبیه ، عن أبی الحسن علیه السلام ، قال : سألته عمّن رکع مع إمامٍ یقتدی به ثم رفع رأسه قبل الإمام؟ قال : « یعید رکوعه معه ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن غیاث بن إبراهیم قال : سُئل أبو عبد الله علیه السلام عن الرجل یرفع رأسه من الرکوع قبل الإمام ، أیعود فیرکع (2) إذا أبطأ الإمام ویرفع رأسه معه (3)؟ قال : « لا ».

فالوجه فی هذا الخبر أحد شیئین ، أحدهما : أنْ یکون مصلّیاً خلف من لا یقتدی به ، فإنّه لا یجوز أنْ یعود ( فی الرکوع (4) ، لأنّه یصیر زیادة فی الصلاة. والثانی : أنْ یکون فعل ذلک عامداً ، فإنّه لا یجوز أنْ یعود ) (5) أیضاً إلی الرکوع ، وإنّما ینبغی أنْ یعود إذا رفع

معنی الإمهال

من رفع رأسه من الرکوع قبل الإمام

اشارة

ص: 209


1- القاموس المحیط 4 : 54.
2- فی « رض » : فیرجع.
3- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 3 : 47 / 164 ، والاستبصار 1 : 438 / 1689.
4- فی « رض » : أن یعود أیضاً إلی الرکوع.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

رأسه ساهیاً ، لیکون رفع رأسه مع رفع رأس الإمام.

السند :

فی الأوّل : فیه محمّد بن سهل ، وهو مهمل فی الرجال (1) ، إمّا أبوه فهو ثقة.

والثانی : فیه غیاث بن إبراهیم ، وقد مضی أنّه بتری عن الشیخ (2) ، لکنه ثقة فی النجاشی من دون ذکر أنه بتری (3) ، وتکرّر القول منّا فی أمثال هذا من أنّ النجاشی له ترجیح (4) ، لا ما ذکره جماعة من إمکان الجمع بین الثقة وکونه بتریاً.

ومحمّد بن عیسی الأشعری المعبّر عنه بأبیه قدّمنا أنّا لم نعلم توثیقه (5) ، بل ورد فیه ما یقتضی المدح علی تقدیر ما ذکروه من ألفاظ المدح.

وما عساه یقال : إنّ عبد الله بن المغیرة قد نقل الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عنه فی الکشّی (6). قد قدّمنا ما یقتضی الجواب عنه (7) بتقدیر توثیق محمّد بن عیسی.

فإنْ قلت : علی تقدیر ما فهمه البعض من الإجماع علی تصحیح

محمد بن سهل مهمل وأبوه ثقة

بحث حول غیاث بن إبراهیم

بحث حول محمد بن عیسی الأشعری

ص: 210


1- رجال النجاشی : 367 / 996.
2- فی ص : 925.
3- رجال النجاشی : 305 / 833.
4- راجع ج 1 ص 108 ، ح 4 ص 89.
5- راجع ج 1 ص 331 ، 345 ، ج 2 ص 231 ، ج 3 ص 16.
6- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
7- راجع ج 1 ص 59.

ما یصحّ عن الرجل ، هل یکون الحدیث موثّقاً بتقدیر مدح محمّد بن عیسی؟

قلت : قد مضی عن بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله أنّ الخبر یوصف بالموثق (1) مع أنّه أخذ فی تعریف الموثّق ما یقتضی خروجه ، لکنه علّل ما ذکره بأنّ الحدیث یوصف بأحسن الوصفین. وفیه تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر سهل إذا کان کلّ من عمل بالموثّق عمل بالحسن.

وما قدّمناه عن العلاّمة فی المختلف من وصف بعض روایات من أجمع علی تصحیح ما یصحّ عنهم بالصحّة مع کونه علی خلاف المذهب ؛ أجبنا (2) عنه فیما مضی من أنّه خلط للاصطلاح المتأخر بالمتقدم (3) ، لکن اللازم منه أنْ یوصف هذا بالحسن علی تقدیر ما فهمه البعض من معنی الإجماع ، والإشکال فیه ظاهر بالنسبة إلی تعریف الحسن ، وبالجملة فالارتیاب حاصل فی وصف الخبر ، فلیتأمّل.

أمّا ما نقله شیخنا فی باب بول الخشّاف فی غیاث عن الکشّی ، ونقله عن حمدویه ، عن بعض أشیاخه ، وأنّ البعض غیر معلوم ، وأنّ الظاهر أخذ الشیخ وصف کونه بتریاً من الکشّی (4) ، ففیه : أنّه فی نهایة البعد عن الشیخ ، علی أنّا لم نقف فی الکشّی الآن علی ما ذکره قدس سره وهو أعلم ، وفی الکافی روی الخبر عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن غیاث بن إبراهیم ، إلی آخره (5).

حال السند المشتمل علی إمامی ممدوح وغیر إمامی ثقة

ص: 211


1- راجع ص 126 ، 127.
2- فی « م » : أُجیب.
3- راجع ص 178 ، 179.
4- المدارک 6 : 106 بتفاوت.
5- الکافی 3 : 384 الصلاة ب 61 ح 14.

المتن :

لا بُدّ قبل الکلام فیه من نقل ما وقفت علیه من الأخبار غیر ما ذکره الشیخ هنا ، وکذلک نقل الأقوال المنقولة فی المقام ، فاعلم أنّ الشیخ روی فی التهذیب ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین بن علی بن یقطین فی نسخة ، وفی اخری بعد الحسین : عن علی بن یقطین ، ولعلّها الصواب لکثرة الوقوع قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یرکع مع الإمام یقتدی به ثم یرفع رأسه قبل الإمام؟ قال : « یعید رکوعه معه » (1).

عنه ، عن البرقی ، عن ابن فضّال قال : کتبت إلی أبی الحسن الرضا علیه السلام فی رجلٍ کان خلف إمام یأتمّ به فرکع قبل أنْ یرکع الإمام وهو یظنّ أنّ الإمام قد رکع ، فلمّا رکع رآه لم یرکع ، رفع رأسه ثم أعاد الرکوع مع الإمام ، أیفسد ذلک علیه صلاته ، أم تجوز تلک الرکعة؟ فکتب : « یتمّ صلاته ولا یفسد بما صنع صلاته ».

وهذه الروایة رواها الشیخ مع الاولی فی زیادات الصلاة (2) ، وروی الخبر الثانی من المبحوث عنهما فی غیر الزیادات ، لکن من غیر لفظ « أبیه » بعد أحمد بن محمّد بن عیسی (3).

وروی أیضاً عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد ابن سنان ، عن حمّاد بن عثمان وخلف بن حمّاد ، عن ربعی بن عبد الله ،

نقل ما فی غیر الاستبصار من أخبار الباب

ص: 212


1- التهذیب 3 : 277 / 810 ، الوسائل 8 : 391 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 3.
2- التهذیب 3 : 277 / 811 ، الوسائل 8 : 391 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 4.
3- التهذیب 3 : 47 / 164.

عن ابن أبی الجارود (1) والفضیل بن یسار ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قالا : سألناه عن رجلٍ صلّی مع إمام یأتمّ به فرفع رأسه من السجود قبل أنْ یرفع الإمام رأسه من السجود؟ قال : « فلیسجد » (2).

والسند کما تری فی النسخة التی وقفت علیها ، وهی معتبرة ، وغیر خفی أنّ الصواب ابن الجارود بدل ( عن ) ولفظ « أبی » سهو ، کما یعرف من الرجال (3).

ثم إنّ الحدیث غیر واضح الصحّة ؛ لاحتمال عطف خلف بن حمّاد علی حمّاد بن عثمان فیکون فی السند محمّد بن سنان ، وحاله تکرّر القول فیها (4) ، واحتمال العطف علی محمّد بن سنان یتوقف علی المرجّح ، ولا أعلمه ؛ لأنّ فی الرجال یروی عن خلف بن حمّاد أحمد بن محمّد بن عیسی وأحمد بن أبی عبد الله ، عن محمّد بن خالد البرقی ، عنه (5).

وهذا کما تری یحتمل أنْ یکون الراوی عن خلف أحمد بن محمّد ابن عیسی ، وأحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عنه ، ویحتمل اشتراک أحمد ابن محمّد بن عیسی وأحمد بن أبی عبد الله فی أبیه ، لکن الفائدة منتفیة مع عدم الجزم بروایة أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن خلف ؛ ولو فرض جمیع ما احتملناه لا مانع من روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عن خلف بواسطة ابن سنان ، فوصف شیخنا قدس سره الروایة بالصحّة فی المدارک (6) لا أعلم

بحث حول سند فیه : أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن عثمان وخلف بن حماد

ص: 213


1- فی المصدر : عن ربعی ، عن عبد الله بن الجارود.
2- التهذیب 3 : 48 / 165 ، الوسائل 8 : 390 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 1.
3- رجال النجاشی : 167 / 441 ، رجال الطوسی : 194 / 39.
4- فی ص 85.
5- الفهرست : 67 / 262.
6- المدارک 4 : 328.

وجهه ، إلاّ ممّا سنذکره.

وقد رواه الصدوق فی الفقیه عن الفضیل بن یسار (1) ، وفی الطریق کلام إلاّ أنّ مزیّة الروایة حینئذٍ ظاهرة ، ولو لا أنّ شیخنا قدس سره قال : صحیحة ربعی والفضیل لأمکن أنْ یکون اعتمد علی طریق الصدوق ؛ وحکی بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله فی شرح الإرشاد أنّ العلاّمة فی المنتهی قال : ما رواه محمّد بن سنان والفضیل ، وعلی هذا تکون الروایة صحیحة (2) ؛ إلاّ أنّ احتمال ظنّ العلاّمة أنّ الفضیل معطوف علی محمّد بن سنان ممکن ، وغیر خفی عدم تمامیته ؛ لأنّ محمّد بن سنان روی عن حمّاد بن عثمان ، کما فی التهذیب (3) ، فکان ینبغی ما رواه حمّاد بن عثمان والفضیل ، لا محمّد بن سنان والفضیل ، ولو کان مأخذ العلاّمة غیر التهذیب أمکن توجیه صحّة الحدیث ، وبالجملة فالاشتباه حاصل ، وربما یظنّ قرب عطف خلف علی محمّد.

وقد روی الشیخ فی الزیادات ، عن سعد ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن فضّال قال : کتبت إلی الرضا علیه السلام (4) ، وذکر المتن السابق عنه ، وهذا السند ربما کان أسلم من ذاک ، بسبب البرقی ، وإنْ اشترکا فی الحسن بن علی بن فضّال.

وروی أیضاً فی الزیادات بسند غیر سلیم یتضمن إعادة السجود (5) ، هذا.

ص: 214


1- الفقیه 1 : 258 / 1173.
2- مجمع الفائدة 3 : 309.
3- التهذیب 3 : 48 / 165.
4- التهذیب 3 : 280 / 823.
5- التهذیب 3 : 280 / 824.

وأمّا الأقوال فی المسألة : فقیل : إنّ المشهور کون المأموم إذا رفع رأسه قبل الإمام یستمر مع العمد علی سبیل الوجوب (1) ؛ بل قال شیخنا قدس سره إنّه لا یعلم فیه مخالفاً صریحاً ، نعم قال المفید فی المقنعة : ومن صلّی مع إمامٍ یأتمّ به فرفع رأسه قبل الإمام فلیعد إلی الرکوع حتی یرفع رأسه معه ، وکذلک إذا رفع رأسه من السجود قبل الإمام فلیعد إلی سجوده ، لیکون ارتفاعه عنه مع الإمام ؛ وإطلاق کلامه یقتضی عدم الفرق بین العامد والناسی (2). انتهی.

وأمّا مع النسیان فقد قیل : إنّ المشهور الإعادة علی سبیل الوجوب أیضاً (3).

وینقل [ علی (4) ] الحکم الأوّل یعنی الاستمرار مع العمد الاستدلال بالخبر الثانی من الخبرین المبحوث عنهما ، وبأنّه لو عاد إلی الرکوع أو السجود یکون قد زاد ما لیس من الصلاة ، وهو مبطل ؛ إذ لا عذر.

واعترض علیه شیخنا قدس سره بضعف الروایة ، وعدم دلالتها علی العمد ، وبأنّ الفعل المتقدم وقع منهیاً عنه ، لترتّب الإثم إجماعاً ، فلا [ یبرئ ] الذمّة ، وإعادته تستلزم زیادة الواجب ، وهو مبطل ، فیحتمل بطلان الصلاة لذلک ، ویحتمل وجوب الإعادة ، کما فی الناسی إنْ لم یثبت البطلان ، لإطلاق الروایات المتضمنة للإعادة (5). انتهی.

وفی نظری القاصر : أنّ فیه تأمّلاً ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الخبر الموثق إذا

الأقوال فی مسألة رفع الرأس من الرکوع أو السجود قبل الإمام

قول صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 215


1- روض الجنان : 374.
2- المدارک 4 : 327.
3- المدارک 4 : 328.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
5- المدارک 4 : 328.

انضمّ إلیه الشهرة بل عدم علم المخالف لا یقصر عن الصحیح ، کما یشهد به التأمّل فی رجال الصحیح ممّا فیهم من التعارض فی الجرح غالباً ، أو المعارض من الأخبار ، إذ قلّ ما یسلم من ذلک خبر.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ عدم دلالة الخبر علی العمد إنْ أُرید به خصوصاً فمسلّم ولا یضرّ ؛ إذ الإطلاق کافٍ عند المعروفین من الأصحاب.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ النهی عن الفعل إنما یتحقق إذا قلنا : إنّ الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضدّه ، وهو لا یقول به ؛ والوجه فی ذلک أنّ الواجب المتابعة ، وإذا لم یتابع حصل النهی عن عدمها ، والفعل وهو الرفع فی المثال من قبیل الضدّ الخاص.

وترتّب الإثم بالإجماع إنْ أُرید به علی عدم المتابعة لا یفید ، وإنْ أُرید علی نفس الرفع فلا إجماع ؛ إذ القائل بعدم الاستلزام لا یقول به هنا ، ولو فرض أنّه وقع الإثم فی عبارة بعض أمکن أنْ یتوجّه علیه ما قلناه.

وما قاله جدّی قدس سره فی الروضة : من أنّ عدم البطلان مع العمد لکون النهی لیس عن جزء الصلاة ، بل عن المتابعة ، وهی خارجة (1) ؛ قد أوردنا علیه فی حواشیها ما لا بُدّ منه مفصّلاً.

والحاصل أنّ المتابعة إنْ أراد بکونها خارجة عن مطلق الصلاة فلا نسلّم ذلک ، بل هی جزء من صلاة الجماعة ، واللازم من هذا أنْ تکون صلاة الجماعة منهیّاً عنها ، لتعلّق النهی بجزئها ، ویلزم بطلان الجماعة.

ویحتمل بطلان الصلاة ؛ لما أشرنا إلیه سابقاً من أنّ جنس الصلاة لا یتقوّم إلاّ بفصل ، فإذا فات الفصل وهو الجماعة أمکن بطلان الجنس

قول الشهید الثانی فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 216


1- الروضة البهیة 1 : 385.

الذی مع الفصل. ویحتمل الصحّة ؛ لقیام فصل آخر عوضه وهو الانفراد ، لکن لمّا لم یکن الانفراد مقصوداً احتمل البطلان ، لعدم تقوّم الجنس بدون فصل ، إلاّ أنْ یقال : إنّ جنس الصلاة لا بُدّ له من فصل ، إمّا الانفراد أو الجماعة ، فإذا انتفت الجماعة خلفها الانفراد ، وفیه : أنّ الانفراد یتوقّف علی القصد ؛ نعم لو کان صیرورة الصلاة فرادی من غیر قصد ممکناً توجّه الاحتمال ، ولا أعلم القائل بهذا ، ومن هنا یتّجه أنْ یقال بالبطلان لهذا الوجه ، ولم أرَ من ذکره من الأصحاب.

أمّا ما تخیّله بعض الأفاضل رحمه الله من أنّ المفارقة فی الأثناء إذا جازت علی قولٍ لما سبق من بعض أدلّته فی هذا الکتاب عن قریب (1) فلا وجه للإثم مع العمد إذا رفع قبل الإمام ؛ فیدفعه : أنّ کلام القوم فی الإثم مع بقاء القدوة قصداً ، ولهذا قال فی المعتبر : تجب متابعة الإمام فی أفعال الصلاة ، وعلیه اتفاق العلماء (2) ؛ مع أنّه هو (3) وغیره (4) نقل جواز الانفراد ، بل نُقل عن العلاّمة فی النهایة دعوی الإجماع (5) ، غایة الأمر أنّه یمکن أنْ یقال علی القول بعدم وجوب استمرار الجماعة : لو (6) تعمّد الإنسان المفارقة لا الانفراد مع قصد الجماعة لا وجه للإثم ، وقد ادُّعی الإجماع علی الإثم فیدخل فیه القائل بجواز الانفراد.

وقد یجاب : بأنّ العبادة کیفیة متلقاة من الشارع ، فإذا فعلها الإنسان

هل یترتب الإثم علی عدم المتابعة؟

ص: 217


1- راجع ص 185 182.
2- المعتبر 2 : 421.
3- المعتبر 2 : 448.
4- روض الجنان : 378.
5- حکاه عنه فی روض الجنان : 378 ، نهایة الإحکام 2 : 128.
6- فی « م » : ولو.

علی غیر وجهها مع قصد کونها من الشارع أثِمَ وإنْ کانت مستحبة ، کما فی کثیر من النظائر.

وفی النظر القاصر : أنّ هذا ربما یستلزم النهی عن نفس الفعل ، کما لو فرض أنّ الإنسان صلّی النافلة بغیر وضوء مع اعتقاد المشروعیة ، فإنّ النهی یتوجّه إلی الصلاة.

ومثل هذا یقال فیمن رفع قبل الإمام بقصد الجماعة التی جزؤها المتابعة أو جزؤها عدم الانفراد ، فإنّ الرفع مثلاً من الرکوع کیفیة متلقاة من الشارع ، إمّا بأنْ یؤتی بها بقصد الجماعة متابعاً ، أو بقصد الانفراد ، فإذا أتی بها مع قصد الجماعة من دون المتابعة لا تکون مجزیة ، للنهی ، وحینئذٍ یتمّ کون الفعل منهیاً عنه ، والتفات شیخنا قدس سره إلی هذا لا أظنّه ؛ لعدم سماعه منه حال الاشتغال علیه فی البحث المذکور.

ومنه یعلم ما فی کلام جدّی قدس سره فی الروضة من قوله : إنّ المتابعة خارجة عن الصلاة (1) ؛ وهذا غیر ما ذکرناه سابقاً (2) ، وربما یرجع بنوعٍ من الاعتبار إلی بعضه.

وما عساه یقال : إنّ فعل غیر المشروع أیّ نهی ورد عنه؟ بل غایة الأمر أنّ الفعل باطل ؛ لعدم موافقة الأمر ، والإثم إنّما هو علی اعتقاد مشروعیة ما لیس بمشروع ، علی أنّ الإثم علی الاعتقاد یحتاج إلی دلیل.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الظاهر عدم الخلاف فی تحقق النهی ، وعدم الإثم علی الاعتقاد إنما هو إذا لم یفعل الشی ء المعتقد.

ویشکل : بأنّ ما دلّ علی عدم المؤاخذة علی الاعتقاد یتناوله ،

ص: 218


1- راجع ص 215.
2- فی ص 215 216.

وما یدلّ علیه بعض الآیات من المؤاخذة مخصوص بالإیمان.

وفیه : أنّ التخصیص موقوف علی الدلیل ، وقد وجدت فی الکافی حدیثاً بطریق حسن عن بکیر تضمّن أنّ من همّ بسیّئةٍ لم تکتب علیه ، فإنْ عملها کتبت علیه سیّئة (1). وهذا یدلّ علی أنّ العقوبة علی الفعل دون العزم ، فتأمّل.

فإنْ قلت : ما وجه ما ذکرته بقولک : أو جزؤها عدم الانفراد؟

قلت : لأجل دخول الحالة التی لم یفعل فیها المتابعة ولم یقصد الانفراد مع صحّة الجماعة عند المعروفین.

وما عساه یقال : إنّ العدم لا یکون جزءاً.

یمکن الجواب عنه : بأنّ العدم فی الأحکام الشرعیة قد یذکر ویراد به ما یرجع إلی الوجود ، وهنا قد یعبّر عن العدم بالحالة التی لم یقصد فیها الانفراد ، ولهذا فی الفقه نظائر یطول بذکرها لسان المقال ، فینبغی التأمّل التام فیما ذکر علی حسب مقتضی الحال.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه یمکن أنْ یؤیَّد خبر غیاث بالأصل ؛ لأنّ الأصل الصحّة بعد تحققها قبل فعل ما فعل ، وما دلّ من الأخبار المعتبرة کصحیح علی بن یقطین المنقول من التهذیب (2) ، وغیره کالخبر الأوّل من المبحوث عنهما یحمل علی جواز الرجوع ( إنْ لم یثبت الإجماع علی استمرار العامد وجوباً ، أمّا ما ذکره الشیخ من حمل ما دلّ علی الرجوع ) (3) علی الساهی فیحتاج إلی ترجیح بعد ما ذکرناه من الحمل.

ترجیح ما دل علی عدم العود وتأییده بأصالة الصحة

ص: 219


1- الکافی 2 : 440 الایمان والکفر ب 193 ح 1 ، وفیه : عن ابن بکیر.
2- التهذیب 3 : 277 / 810.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

فإنْ قلت : الأصل الذی ذکرته غیر تام ؛ لأنّ العبادة متلقّاة من الشارع ، والمعروف فی الجماعة المتابعة ، فأصالة صحّة الصلاة جماعةً موقوفة علی المتابعة ، فإذا زالت زال الأصل.

قلت : المتابعة المعروفة من الشارع شرطاً للصحّة مرجعها إلی الإجماع المدّعی من المحقّق فی المعتبر علی ما نقل عنه ، مع روایةٍ رواها عن النبی صلی الله علیه و آله ، أنّه قال : « إنّما جعل الإمام إماماً لیؤتمّ به ، فإذا رکع فارکعوا ، وإذا سجد فاسجدوا » (1) (2).

وغیر خفی أنّ الإجماع تحقّقه فی ما نحن فیه علی وجه الشرطیة فی الصحّة غیر معلوم ، کیف وقد جزم الأکثرون بالاستمرار وصحّة الصلاة جماعةً ، والخبر المروی لا یدلّ علی ما نحن فیه ، بل إنما یدلّ علی المتابعة إذا رکع ، وإذا سجد الإمام ، أمّا بقیة الأفعال فترجع إلی الإجماع ، وقد سمعت القول فیه ، وسیجی ء (3) التنبیه علی ما یصلح (4) فی الجملة للدلالة علی وجوب المتابعة ، وکلامنا هنا علی ما ذکره القوم.

فإنْ قلت : الإجماع أیضاً وقع علی إثم من رفع عمداً ، واللازم منه البطلان فترتفع أصالة الصحّة.

قلت : لزوم البطلان أوّل المدّعی ، کیف وقد قال بالصحّة من قال بالإثم.

فإنْ قلت : القائل بالصحّة والإثم جعل متعلق الإثم خارجاً عن

ص: 220


1- سنن ابن ماجة 1 : 392 / 1238.
2- المعتبر 2 : 421.
3- فی ص : 222.
4- فی « م » : یصحّ.

العبادة ، وهو المتابعة.

قلت : قد تقدّم منّا إلزام هذا القائل بأنّ المتابعة جزء الصلاة جماعة (1) ، فلا بُدّ من التعلّق فی الجمع بغیر هذا الوجه ، ولزوم اجتماع صحّة الجماعة والإثم لا مفرّ منه ، ومحذور اجتماع إرادة الشارع وعدم الإرادة واقع علی تقدیر عدم البطلان وبقاء الجماعة ، أمّا علی تقدیر بطلان الجماعة ( وصیرورتها فرادی فالتغایر حاصل.

وغایة ما یظنّ من الجواب أنْ یقال : إنّ الصلاة جماعةً ) (2) مختلفة الأحوال ، فعلی (3) تقدیر المتابعة فی جمیع الأفعال (4) هی صحیحة ، وعلی تقدیر الرفع قبل الإمام تبطل الجماعة السابقة علی الرفع ، لقطع المتابعة ، وصحّة الصلاة جماعةً بعد هذا لإنشاء المتابعة اللاحقة ، حیث إن قصد الجماعة موجود مع الرفع ، فکأنّ الرافع مستأنف للجماعة بعد قطعها وإنْ لم یکن قصده الاستئناف.

وبهذا التوجیه قد یدفع الأصل الذی أیّدنا به الخبر ، فیرتفع الاعتماد علی الأصل ، ویرجع إلی الخبر مع الشهرة ، لکن لا بدّ من ملاحظة التوجیة للحکم بصحّة الصلاة جماعةً مع الإثم.

ویبقی الکلام فی حمل الشیخ الخبر الثانی علی الساهی ، وترجیحه علی ما ذکرناه بشهرة وجوب الاستمرار له وجه ، غیر أنّ کلام الشیخ لا یخلو من غرابة ؛ فإنّ الرفع لیس برکن ، وزیادة الرکن وغیره عمداً توجب

المناقشة فی جمع الشیخ للأخبار

ص: 221


1- ص 215.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی « م » : فعلیه.
4- فی « فض » : الأحوال.

البطلان ، فقوله : لا یجوز أن یعود إلی الرکوع وإنّما یعود الساهی ، خفی الوجه ، ولو أراد أنّ الساهی لو رفع ثم عاد ساهیاً ، فالخبر الأوّل مقتضاه أنّه یعود بعد علمه کما هو واضح.

ولا یبعد أن یکون مراده أنّ تحقق زیادة الرکوع لا یتمّ إلاّ إذا رفع عمداً ، أمّا إذا رفع ساهیاً فلا ؛ وکأنّ الوجه فیه تخیّل أنّ رکوع المأموم یتمّ برفعه رأسه مع رأس الإمام سواء ، فإذا تعمّد الرفع تحققت المغایرة ، وإذا سها ثم عاد فکأنّه لا رفع ، فلم تتحقّق الزیادة ؛ ولا یخفی ما فیه ، لکن فی الظنّ أنّه قریب إلی مراد الشیخ ، وإن قلّت الفائدة ، هذا (1).

وقد سمعت سابقاً أنّ وجوب العود مشهور (2) ، واستدلّ علیه بعض المتأخّرین بصحیحة علی بن یقطین السابقة ، وبالراویة الاولی المبحوث عنهما (3) ، ووجه الاستدلال ما قاله الشیخ فی التهذیب من الحمل علی الناسی (4) جمعاً بین روایة غیاث وبین ما ذکر ، وهنا کما تری ذکر الساهی ( بوجهٍ غیر ظاهر ) (5) ، والظاهر اتحاد المآل.

ونوقش ( فی هذا ) (6) الاستدلال بأنّ الروایات غیر متکافئة ، ولا دلالة فیها علی الجمع ، ولا فی غیرها أیضاً.

ولا یخفی وجاهة المناقشة ، لکن علی تقدیر اختصاص العمل بالصحیح یمکن أن یقال : إنّ خبر علی بن یقطین دال علی إعادة الرکوع ،

ص: 222


1- فی « م » و « رض » : هنا.
2- فی ص 214.
3- المدارک 4 : 328.
4- التهذیب 3 : 47 / 164.
5- ما بین القوسین ساقط هنا عن « م » وموجود بعد قوله : علی الناسی.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».

وعدم الاستفصال فیه یفید عموم الجواب ، فإذا خرج العامد بالإجماع إنّ تمّ بقی ما عداه علی حکم الرجوع.

وفی الظن أنّ فی خبر علی بن یقطین دلالة علی وجوب المتابعة فی الجملة ، فکان ذکره فی الاستدلال أولی ، ولم أجد من ذکره.

أمّا ما دلّ علی الرفع من السجود وهو خبر الفضیل فقد عرفت حال سنده ، واحتمال عدم الرجوع مع العمد والرجوع مع النسیان فیه لا وجه له ؛ إذ المعارض وهو روایة غیاث مختلف المورد ، فذکره فی الاستدلال للناسی مع خبر علی بن یقطین وخبر سهل الأوّل ، ثم ذکره حمل الشیخ للأخبار علی الناسی جمعاً بینها وبین روایة غیاث لا أری (1) له وجهاً ؛ وقد نقل شیخنا قدس سره ما ذکرناه عن الشیخ ومن تأخّر عنه (2) ، والحال ما سمعت.

وعلی تقدیر عدم الالتفات إلی روایة غیاث لاختصاصها بما یغایر خبر الفضیل یحتمل الفرق بین السجدة والرکوع ، ومع الفرق یحتمل عدم جواز البقاء فی السجدة ، لاعتبار الروایة بروایة الصدوق والشهرة.

أمّا الروایة التی نقلناها عن التهذیب بروایة الحسن بن علی بن فضّال (3) فقد استدلّ بها شیخنا قدس سره علی رجوع من هوی إلی الرکوع قبل الإمام ، قائلاً : إنّها لا تقصر عن الصحیح (4). ولی فیه کلام ذکرته مفصّلاً فی حواشی الروضة ، والحاصل أنّ غایة ما تدلّ علیه حکم من ظنّ أنّ الإمام

ص: 223


1- فی « م » : لا أعرف.
2- المدارک 4 : 329.
3- راجع ص : 211 و 213.
4- المدارک 4 : 330.

رکع ، وهذا غیر الناسی ، وبتقدیر تمامه فمضمونه عود الشخص للرکوع ثانیاً من غیر سؤال عن الحکم وعلم به ، فهو من قبیل الجاهل لو رجع ، وأین الدلالة من الخبر علی وجوب رجوع الناسی ، بل والجاهل؟ فلیتأمّل.

قوله :

باب من یصلّی (1) خلف من یقتدی به العصر

قبل أن یصلّی الظهر.

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن سلیم الفرّاء قال : سألته عن الرجل یکون مؤذّن قوم وإمامهم فیکون فی طریق مکّة وغیر ذلک فیصلّی بهم العصر فی وقتها فیدخل الرجل الذی لا یعرف فیری أنّها الاولی ، أفتجزئه أنّها العصر؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل یؤمّ بقوم فیصلّی العصر وهی لهم الظهر؟ قال : « أجزأت عنه وأجزأت عنهم » (2).

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه فیه أن نحمله علی من لا یقتدی بصلاة الإمام وینوی لنفسه الظهر ، فإنّ صلاته جائزة وإن کان للإمام العصر ، ( والخبر الأوّل یتناول من یقتدی بصلاته ویعقدها بها ، فإذا کانت صلاة الإمام العصر ) (3) ولم ینو الذی صلّی خلفه لنفسه الظهر بطلت صلاة العصر (4) ، لأنّه لم یصلّ بعد الظهر ، ولا تصحّ صلاة

من یصلی خلف من یقتدی به العصر قبل أن یصلی الظهر

اشارة

ص: 224


1- فی الاستبصار 1 : 439 : صلّی.
2- بدل ما بین القوسین فی الاستبصار 1 : 439 / 1691 : أجزأت عنهم وأجزأت عنه.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- فی الاستبصار 1 : 439 / 1691 زیادة : له.

العصر لمن لم یصلّ الظهر ( إذا لم یتضیّق وقته ) (1) علی ما بیّناه.

السند :

فی الأوّل : مضی القول فی رجاله (2) ، إلاّ سُلَیم الفرّاء ، وهو ثقة فی النجاشی (3) ، وفی الإیضاح : سُلیم بضمّ السین والیاء بعد اللاّم (4).

والثانی : واضح بعد ما تکرّر القول فی رجاله (5).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ السؤال عمّن صلّی مع من یصلّی العصر ظانّاً أنّها الظهر ، وقوله : أفتجزئه أنّها العصر؟ ربما کان ظاهراً فی أنّ المراد أتجزئه مع کونها العصر؟ والجواب حینئذٍ یتضمّن عدم الإجزاء ، لعلة (6) ظنّه أنها الظهر ، فیکون البطلان بسبب الظن ، أمّا صلاة الرجل فیمکن أن تکون الظهر أو العصر والعنوان للباب کما تری لصلاة العصر قبل أن یصلّی الظهر ، وهو شامل لمن صلّی ظانّاً أنّها الظهر ، ولمن علم أو ظنّ أنّها العصر.

والثانی : تضمّن أنّ صلاة العصر خلف من یصلّی الظهر تجزئ ، فلا مخالفة للخبر الأوّل ، لعدم حصول الظنّ السابق.

سلیم الفراء ثقة

حکم من صلی خلف من یصلی العصر ظانا أنها الظهر ، والجمع بین أخبار الباب

ص: 225


1- بدل ما بین القوسین فی الاستبصار 1 : 439 / 1691 : إلاّ إذا تضیّق وقتها.
2- راجع ج 1 ص 175 ، 196 ، 235 ، 323 ، ج 3 ص 157.
3- رجال النجاشی : 193 / 516.
4- إیضاح الاشتباه 199.
5- راجع ج 1 ص 69 ، ج 3 ص 64.
6- ساقط عن « فض » و « م » وفی « رض » : ولعله ، والظاهر ما أثبتناه.

ولو حمل الخبر الأوّل علی أنّ المراد أتجزئه صلاته علی أن تکون العصر ، وحینئذٍ یکون البطلان من جهة عدم فعل الظهر قبل العصر ، أمکن ، فیوافق العنوان ، لأنّه متضمن لصلاة العصر قبل الظهر ، إلاّ أنّ الرجل المصلّی ( لم یُعلم کونه یصلّی الظهر أو العصر ، إلاّ أن یدّعی أنّ قوله : أنّها الاولی ، یشعر بأنّه یصلّی ) (1) الاولی ، وحینئذٍ یجوز أن یکون السؤال عن إجزاء صلاته عصراً ، نظراً إلی أنّ صلاة الإمام عصراً وإن لم یکن صلّی الظهر. نظراً إلی أنّ صلاة الإمام العصر.

والجواب بعدم الإجزاء یحتمل أنّ العلّة فیه عدم تقدّم الظهر ، فیصیر موافقاً للعنوان ، إلاّ أنّ فیه عدم انحصار المعنی فیما ذکر ؛ لجواز أن یراد فی السؤال أنّ اعتقاد الاولی مع کونها خلافه یفید الصّحة أم لا؟ سواء کانت صلاة الرجل ظهراً أو عصراً ، فقول شیخنا قدس سره ( فی فوائد الکتاب ) (2) إنّ الروایتین لیس فیهما دلالة علی أنّ المأموم یصلّی العصر قبل الظهر فعنوان الباب غیر جید ؛ محلّ تأمّل ، نعم لو قال : إنّ الروایة الأُولی غیر صریحة کان متوجهاً.

أمّا ما قاله قدس سره فی الفوائد أیضاً : إنّه لا منافاة بین الخبرین ، لا لما ذکره الشیخ ، بل لأنّ مقتضی الثانی جواز الائتمام فی صلاة الظهر بمن یصلّی العصر ، ومقتضی الاولی أنّ من ائتمّ فی الصلاة الأُولی وهی الظهر بمن یصلّی العصر لا تجزئه علی أنّها العصر ، والأمر کذلک ، فإنّها إنما تجزئه عن الأُولی التی نواها ، کما تضمنته الروایة الأُخری.

ففیه تأمّل أیضاً ؛ لأنّ عدم الإجزاء فی الروایة یتناول عدم الإجزاء.

قول صاحب المدارک فی الجمع والمناقشة فیه

ص: 226


1- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

عن الاولی لمن صلّی الأُولی ، لأنّ قوله : أفتجزئه ، أنها محتملة لإرادة الإجزاء مع کونها العصر ورأی أنّها الظهر ، فإذا وقع الجواب بعدم الإجزاء ( احتمل عدم الإجزاء ) (1) عن الأُولی ، إلاّ أنّ یقال : إنّ الظاهر لا تجزئه علی أنّها العصر ؛ وفیه : أنّ هذا لو تمّ لدل علی العنوان ، وهو صلاة العصر قبل الظهر ، وإجزاؤها عن الاولی لا ینافی عدم إجزائها عن العصر ، لعدم فعل الظهر.

فإن قلت : إذا نوی فعل الظهر خلف إمام یصلّی العصر ظانّاً أنّها الظهر ، فقد تعارض قصد الصلاة خلف الإمام صلاة مطلقة وصلاة مقیّدة فی اعتقاده بأنّها الظهر ، فلِم لا یرجّح جانب البطلان ، لأنّ الصلاة المقیّدة باعتقاده غیر حاصلة ، فلا یصح الائتمام ، واللازم منه بطلان صلاته من غیر نظر إلی الروایة ، لأنّ فیها احتمالین.

قلت : لما ذکرت وجه ، إلاّ أنّ بطلان الصلاة بمثل هذا الاعتقاد محلّ کلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ فی الخبر الثانی من أنّه محمول علی من لا یقتدی به ، یدلّ علی أنّ من یقتدی به لا یصحّ أن یصلّی الظهر خلفه إذا کان یصلّی العصر ، وهذا غیر معلوم القائل به ، بل فی صلاة العصر خلف من یصلّی الظهر قول للصدوق منقول (2) ، وعلی تقدیر عدم القائل فلو ترک الشیخ قید من لا یقتدی به کان أولی ، وقوله فی الخبر [ الأوّل (3) ] : أنه یتناول ، إلی آخره یدلّ علی ما وجّهنا به کلامه ، نعم فیه ما سبق من عدم التعیّن.

المناقشة فی توجیه الشیخ

ص: 227


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
2- الفقیه 1 : 260 / 1183.
3- فی النسخ : الثانی ، والصحیح ما أثبتناه.

قوله :

باب أنّ (1) الإمام إذا سلّم ینبغی له أن لا یبرح

من مکانه حتی یتمّ من خلفه ما فاته من صلاته.

أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن إسماعیل بن عبد الخالق قال : سمعته یقول : « لا ینبغی للإمام أن یقوم إذا صلّی حتی یقضی کلّ من صلّی (2)خلفه ما فاته من الصلاة ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو ابن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجلٍ سها خلف إمام بعد ما افتتح بالصلاة (3) ولم یقل شیئاً ولم یکبّر ولم یسبّح ولم یتشهّد حتی یسلّم؟ فقال : « جازت صلاته ، ولیس علیه إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو ، لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه ».

فالوجه فی هذا الخبر أحد شیئین ، أحدهما : أنّه یضمن القراءة لا غیر ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن الحسن (4) ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال : « لا ، إنّ الإمام ضامن للقراءة ، ولیس یضمن الإمام

الإمام إذا سلم ینبغی له أن لا یبرح من مکانه حتی یتم من خلفه ما فاته من صلاته

اشارة

ص: 228


1- لیست فی الاستبصار 1 : 439.
2- فی الاستبصار 1 : 439 / 1692 لا یوجد : صلّی.
3- فی الاستبصار 1 : 439 / 1693 : الصلاة.
4- فی الاستبصار 1 : 440 / 1694 لا یوجد : عن الحسن.

صلاة الذین خلفه ، إنّما یضمن القراءة ».

والوجه الثانی أن یکون المراد بنفی الضمان إتمام الصلاة ، لأنّه ( لا یأمن من الحدث ) (1) ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه جمیل ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال سألته عن رجلٍ صلّی بقومٍ رکعتین ثم أخبرهم أنّه لیس علی وضوء؟ فقال : « یتمّ القوم صلاتهم ، فإنّه لیس علی الإمام ضمان ».

السند :

فی الأوّل : صحیح علی ما مضی (2).

والثانی : موثق ، وأحمد بن الحسن هو ابن فضّال ، وعمّار ابن موسی الساباطی.

والثالث : موثق أیضاً ، والحسن أخو الحسین.

والرابع : فیه أنّ الطریق إلی جمیل غیر مذکور فی المشیخة ، لکن الصدوق سیأتی (3) أنّه رواه عن جمیل ، فهو صحیح.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّه ینبغی للإمام أن لا یبرح من مکانه حتی یقضی المأموم ما فاته من الصلاة ، والظاهر من القضاء الإتیان بالفعل علی

تمییز أحمد بن الحسن وعمار والحسن

طریق الشیخ إلی جمیل غیر مذکور فی المشیخة

بیان ما دل علی استحباب بقاء الإمام فی مکانه حتی یقضی المأموم ما فاته وتوجیه ما یعارضه

ص: 229


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « م » : لا یأمن الحدیث ، وفی « فض » : لا یؤمن الحدث ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 440 / 1694.
2- تقدّم فی ، ج 6 ص 386.
3- فی ص : 2242.

معنی فعل ما سبقه الإمام به ، ولو أُرید به القضاء حقیقةً ربما (1) یتناول کلّ ما فات إلاّ ما خرج بالدلیل کالقراءة والأذکار فی الرکوع والسجود ، وحینئذٍ یدلّ علی قضاء التشهد وقضاء أبعاضه حتی الصلاة علی النبی وآله علیهم السلام بتقدیر الوجوب ، إلاّ أنّ تبادر ما ذکرناه ربما یدّعی.

وعلی تقدیر إرادة القضاء علی وجه یعمّ الأوّل بنوع من التجوّز یحتمل أن یناقش فی دلالته علی وجوب قضاء کلّ ما فات ؛ لأنّ مفاد الروایة استحباب عدم الانتقال ( من الإمام ) (2) حتی یقضی ما فاته المأموم ، أمّا لزوم قضاء کلّ ما فاته فأمر آخر.

وربما یدّعی أنّ « ما » تحتمل الموصولیة فتعمّ ، أو غیرها فلا تعمّ ، لکن الظاهر من السیاق العموم.

وعلی تقدیر ما قلناه من الدلالة علی الاستحباب المذکور یصیر قضاء ما فات موقوفاً علی الدلیل ، وفی الظنّ أنّ عدم تعرّض من رأینا کلامه من الأصحاب للاستدلال علی قضاء بعض الأجزاء بالخبر لما ذکرناه.

وأمّا الثانی : فمنافاته للأوّل لعلّ الوجه فیها دلالته علی عدم قضاء ما فاته خلف الإمام ممّا ذکر وانتفاء سجدتی السهو عن المأموم ، وأنت خبیر بعد ما قلناه فی الخبر الأوّل بانتفاء المنافاة.

مضافاً إلی أنّ احتمال المنافاة یمکن دفعه : بأنّ مفاد هذا الخبر صحّة الصلاة مع نسیان القراءة والتسبیح والتکبیر والتشهد ، والخبر الأوّل یدلّ علی قضاء ما فاته ، فیدلّ علی أنّ الصلاة صحیحة ، وإنّما یقضی ما فاته علی تقدیر القضاء الحقیقی ، وعلی تقدیر الإتمام فلا إشکال ، وحینئذٍ إذا دلّ

ص: 230


1- فی « فض » : بما.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

الخبر الأوّل علی قضاء کلّ ما فات فیخص ما ذکر فی الروایة ، غایة الأمر أنّ التکبیر فیها إن أُرید به تکبیرة الإحرام فإشکاله ظاهر ، بل یخص بغیرها ، وأمّا التشهد فقضاؤه مضی القول فیه (1) ، فتخصیصه ممکن.

ولو حمل الخبر علی أنّ الضمان للسهو بمعنی عدم لزوم سجدتی السهو للمأموم علی تقدیر سهوه ، بل إنّما یجب علیه قضاء ما فاته ممّا یجب قضاؤه من دون سجدتی السهو فی موجبهما فلا منافاة للخبر الأوّل من هذه الجهة ، ولا یبعد ادّعاء ظهور ضمان الإمام فی هذا ، لکن الشیخ کما تری خصّ الخبر بضمان القراءة للخبر الثالث ، وغیر خفی أنّ مفاده حصر الضمان فی القراءة ، والخبر الثانی کالصریح فی نفی سجدتی السهو ، معلّلاً بأنّ الإمام ضامن ، فلا بدّ أن یتناول الضمان نفی سجدتی السهو ، والخبر الثالث یحمل حصره علی الإضافی ، علی معنی أنّه إنّما یضمن قراءة المأموم لا غیرها من الرکوع والسجود والأذکار ، أمّا إذا سها عن بعض ما یجب قضاؤه فلا یضمن ، وعلی هذا فالوجه الأوّل غیر تام.

وأمّا الوجه الثانی : فلا یکاد یظهر له معنی یلیق فی مقام جواب السؤال عمّن نسی ما ذکر فی الخبر الموجّه ، نعم لو وقع فی خبر : إنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه. أمکن أن یقال فی معناه الوجه الأوّل فی الجملة ؛ وأمّا الثانی فمعناه خفی کمطابقته ؛ إذ ظاهر الکلام أنّ الإمام ینبغی إتمام صلاته ، لأنّه لا یأمن الحدث ، ولا یذهب علیک بعده عن المعنی ، إلاّ بتقدیر أن یراد أنّ الإمام لا یلزمه فعل ما أخلّ به المأموم بعد الصلاة ، أو فی الأثناء ، أو الصبر إلی أن یأتی المأموم بما فاته علی سبیل اللزوم ، بل إنّما

المناقشة فی توجیه الشیخ للمعارض وبیان ما دل علی ضمان الإمام إثباتا ونفیا

ص: 231


1- راجع ج 6 ص 106.

علیه الإتمام فقط ، والتعبیر بأنّه لا یأمن الحدث غیر واضح المرام.

والخبر المستدل به علیه وهو الرابع یدلّ علی أنّ الإمام بعد إخباره بالحدث انتفی ضمانه لصلاتهم ، بل علیهم إتمامها ، وحینئذٍ یحتمل أن یکون مراد الشیخ أنّ الحدث إذا أوجب عدم الضمان بمعنی سقوطه وإتمام المأموم صلاته کما فی الخبر ، فالخبر الدالّ علی نفی الضمان نحمله علی النفی إذا حصل الحدث ، فکأنّه قال : لیس علی الإمام ضمان فی جمیع الصلاة ، إذ لا یأمن الحدث ، ( فقول الشیخ : المراد بنفی الضمان إتمام الصلاة ، یرید به أنّه لیس علیه إتمام الصلاة لجواز الحدث ، فعبّر بنفی الضمان عن عدم لزوم الإتمام ، والخبر المستدلّ به أفاد سقوط الضمان بعد الحدث ) (1) ، فعُلم أنّ الإمام لا یضمن مطلقاً إتمام الصلاة ، وهذا وإن کان لا یخلو من تکلّف إلاّ أنّ فیه توجیهاً لکلام الشیخ فی الجملة.

ویبقی علیه أنّ الوجه الثانی ینبغی أن یرجع إلی الخبر الأوّل من المنافی ، والحال أنّ الخبر تضمّن ضمان الإمام لا نفیه ، والمتضمّن للنفی الخبر المستدلّ به علی الوجه الأوّل ، فالخلل لا یظهر ( لی إصلاحه ، ولا یبعد ) (2) أن یکون فی البین سهو قلم ، وإن لم یکن فالتسدید فی غایة التکلّف.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق فی الفقیه ذکر روایة عمّار الساباطی (3) ، ثم نقل روایةً عن محمّد بن سهل ، عن الرضا علیه السلام أنّه قال :

ص: 232


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : لا صراحة ولا.
3- الفقیه 1 : 264 / 1204 ، الوسائل 8 : 250 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 24 ح 5.

« الإمام یحمل أوهام من خلفه ، إلاّ تکبیرة الافتتاح » (1) ثم قال : والذی رواه أبو بصیر عن الصادق علیه السلام حین قال له : أیضمن الإمام الصلاة؟ فقال « لا ، لیس بضامن » (2) لیس بخلاف خبر عمّار وخبر الرضا علیه السلام ؛ لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه متی سها عن شی ءٍ منها غیر تکبیرة الافتتاح ، ولیس بضامن لما یترکه المأموم متعمداً ، ووجه آخر ، وهو : أنّه لیس علی الإمام ضمان لإتمام الصلاة بالقوم ، فربما حدث به حدث قبل أن یتمّها ، أو یذکر أنّه علی غیر طهر ، وتصدیق ذلک ما رواه جمیل (3) ، وذکر الروایة الأخیرة.

ولا یخفی أنّ الشیخ أراد ما ذکره الصدوق لکن التشویش حصل من نقل الأخبار فی الکتاب ، بخلاف أخبار الصدوق ، واستدلال الشیخ بروایة جمیل قرینة علی أنّ الشیخ أخذه من الفقیه ، والطریق إلی جمیل تقدّم صحته (4) ، وما ذکره الصدوق : من أنّ الإمام ضامن متی سها ؛ لا یخلو من إجمال ، ولعلّ المراد أنّه ضامن سجود السهو لا مطلق ما یوجبه ، مع احتمال لغیر هذا.

وأمّا استثناء تکبیرة الإحرام فالمراد به علی الظاهر إذا سها عنها المأموم لا یضمنها الإمام ، لا عدم ضمان سجود السهو ، لیدلّ علی أنّ السهو عنها یوجبه ولا یضمنه الإمام ، لکن هذا یقتضی المغایرة بین الاستثناء والمستثنی منه ، فلا بدّ من الحمل علی موجب السجود ، والحال لا یخفی.

وقد ذکر شیخنا قدس سره أنّ المأموم یجب علیه سجود السهو مع الإمام إذا

قول صاحب المدارک بوجوب سجدتی السهو علی الإمام والمأموم مع الموجب

ص: 233


1- الفقیه 1 : 264 / 1205 ، الوسائل 6 : 15 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 12.
2- الفقیه 1 : 264 / 1206 ، الوسائل 8 : 353 أبواب صلاة الجماعة ب 30 ح 2.
3- الفقیه 1 : 264 / 1207 ، الوسائل 8 : 371 أبواب صلاة الجماعة ب 36 ح 2.
4- فی 228.

اشترکا فی السهو ، ولو انفرد أحدهما بالسبب اختصّ به الوجوب ، أمّا وجوب السجود علیهما فظاهر ، لاشتراکهما فی الموجب ، وأمّا وجوب السجود علی المنفرد فلأصالة عدم تعلّق الوجوب بمن لم یعرض له السبب ، وفی المسألة قولان آخران ، أحدهما : أنّه لا سجود علی المأموم مطلقاً وإن عرض له السبب ، ذهب إلیه الشیخ فی الخلاف ، وادّعی علیه الإجماع ، واستدلّ علیه بما رواه عن عمّار الساباطی وذکر الروایة السابقة ثم أجاب قدس سره بالطعن فی السند (1). وغیر خفی أنّ روایة الصدوق لها توجب المزیّة.

بقی شی ء ، وهو أنّ شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب قال : لا یخفی ما فی هذا الباب من التشویش مع أنّ الخبر الثانی غیر منافٍ للأوّل بوجه (2) ، فلا وجه لإیراده فی مقابله ، انتهی. وقد عرفت وجه المنافاة ، فتأمّل.

قوله :

باب صلاة الجماعة فی السفینة.

أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، قال حدّثنی عنبسة ، عن إبراهیم بن میمون (3) أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة فی جماعة فی سفینة (4)؟ فقال « لا بأس ».

صلاة الجماعة فی السفینة

اشارة

ص: 234


1- المدارک 4 : 280 بتفاوت یسیر.
2- لیست فی « رض ».
3- فی التهذیب 3 : 297 / 902 : حدَّثنی عیینة عن إبراهیم. ، وفی الاستبصار 1 : 440 / 1696 : حدّثنی عتبة عن إبراهیم. ، وفی الوسائل 5 : 475 أبواب صلاة الجماعة ب 73 ح 1 : عن عیینة ( عنبسة ) عن إبراهیم.
4- فی الإستبصار 1 : 440 / 1696 : فی السفینة.

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد العلوی ، عن العمرکی البوفکی (1) ، عن علی بن جعفر ، عن موسی بن جعفر علیهماالسلام ، قال : سألته عن قوم صلّوا جماعة فی سفینة أین یقوم الإمام ، وإن کان معهم نساء کیف یصنعون ، أقیاماً یصلّون أم جلوساً؟ قال : « یصلّون قیاماً ، فإن لم یقدروا علی القیام صلّوا جلوساً ویقوم الإمام أمامهم والنساء خلفهم ، وإن ماجت السفینة قعدن النساء وصلّی الرجال ، ولا بأس أن تکون النساء بحیالهم ».

فأما ما رواه سهل بن زیاد ، عن أبی هاشم الجعفری قال : کنت مع أبی الحسن علیه السلام فی السفینة فی دجلة فحضرت الصلاة ، فقلت : جُعلت فداک نصلّی فی جماعة؟ فقال : « لا تصلّ فی بطن وادٍ جماعة ».

فالوجه فی هذا الخبر ضربٌ من الکراهیة ، أو حال الضرورة التی لا یتمکن فیها من الصلاة جماعة.

السند :

فی الأوّل : أحمد بن محمّد فیه ابن عیسی ، وأبوه مضی القول فیه مکرّراً (2) ؛ کعبد الله بن المغیرة (3). وعنبسة مشترک (4). وإبراهیم بن میمون مجهول الحال.

عنبسة مشترک

إبراهیم بن میمون مجهول الحال

محمد بن أحمد العلوی مهمل

ص: 235


1- فی الاستبصار 1 : 440 / 1697 : عن العمرکی النوفلی ، وفی « م » : عن العمرکی ، عن النوفلی.
2- ج 1 ص 196 ، 253 ، 331 ، ج 2 ص 56 ، 231 ، ج 4 ص 106.
3- ج 1 ص 59 ، ج 4 ص 107 ، 392.
4- انظر هدایة المحدّثین : 125.

والثانی : فیه محمّد بن أحمد العلوی ، وهو مذکور فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ من غیر توثیق ولا مدح (1) ، وغیره معلوم الحال.

والثالث : فیه سهل بن زیاد ، والطریق إلیه مذکور فی المشیخة (2) ، لکن لا یفید. وأبو هاشم من أجلاّء الطائفة وثقاتهم.

المتن :

فی الأول : ظاهر الدلالة.

والثانی : لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ قوله : « وإن ماجت » إلی آخره. یحتمل أنْ یراد بقعود النساء عدم صلاتهن قعوداً ، ( ویحتمل صلاتهن قعوداً ) (3) ، ولعلّ الوجه الأوّل له قرب ؛ لأنّ الخبر تضمّن کما تری الصلاة قیاماً مع الإمکان وجلوساً مع عدمه ، وهو شامل للنساء والرجال.

وقوله : « ویقوم الإمام » یحتمل أنْ یراد به قیام الصلاة وإنْ کانت من جلوس ، ویحتمل أنْ یکون لبیان الصلاة مع إمکان القیام ، وحینئذٍ فذکر موج السفینة یحتمل أنْ یکون لبیان حال أوّل الصلاة مع حصول الموج ، وعلی کل حال فصلاة النساء بعیدة عن الظاهر بعد قوله : « وصلّی الرجال » بل ینبغی : وقام الرجال.

وقوله : « ولا بأس أن تکون النساء بحیالهم » محتمل لأنْ یراد به أنّ جلوسهن من غیر صلاة بحیال الرجال لا یضرّ ، ویحتمل لأنْ یراد حال

طریق الشیخ إلی سهل بن زیاد لا یفید اعتبار السند

أبو هاشم الجعفری ثقة جلیل

بیان ما دل علی جواز الصلاة جماعة فی السفینة للرجال والنساء وکیفیتها

ص: 236


1- رجال الطوسی : 506 / 83.
2- الإستبصار 4 : 316.
3- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

الصلاة ، وعلی تقدیر المنع یکون من جهة الضرورة ما ذکر ، وقد یرجِّح احتمال قعودهن فی حال الصلاة بعض ألفاظ الخبر.

ثم إنّ إطلاق الخبرین قد یقیَّد بما یأتی فی باب الصلاة فی السفینة إنشاء الله (1).

وأمّا الثالث : فما ذکره الشیخ فیه من الکراهة له وجه ، أمّا الضرورة فبعیدة.

ثم إنّ الوادی محتمل لأنْ یکون السؤال حال کون السفینة فی وادٍ ممّا تجری فیه دجلة ، ویحتمل علی بُعدٍ أنْ یراد به السفینة ، لأنّها شبیهة بالوادی ، وکراهة الصلاة فی الوادی حینئذٍ تتناول مثل السفینة ، أمّا تخصیص الجماعة فکأنّه للسؤال عنها ، ویحتمل الاختصاص ، ویحتمل أن یراد بالوادی ما بین طرفی الشط.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ شیخنا قدس سره فی المدارک وصف روایةً لعلی ابن جعفر فی هذا الباب بالصحّة (2) ، ومتنها موافق لما رأیته فی زیادات الصلاة من التهذیب (3) ، إلاّ أنّ فی الطریق محمّد بن أحمد العلوی ، وکأنّه اعتمد علی عدّ طریقه صحیحاً ، ولعل الوجه تصحیح العلاّمة بعض الطرق المشتملة علیه.

ثم إنّ متن الروایة : قال سألته عن قومٍ صلّوا جماعةً فی سفینة ، أین یقوم الإمام ، وإنْ کان معهم نساء کیف یصنعون؟ إلی أنْ قال : « وإنْ ضاقت السفینة » إلی آخره. ولا یبعد أنْ یکون ما هنا تصحیفاً وعلی ما فی التهذیب

توجیه ما دل علی المنع

ص: 237


1- انظر ص : 308.
2- المدارک 4 : 380.
3- التهذیب 3 : 296 / 900.

یعیّن المعنی السابق.

وروی الشیخ فی التهذیب الروایة عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن أحمد العلوی (1) ، وهنا کما تری عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، والأمر سهل.

ثم إنّ فی التهذیب روایة صحیحة (2) عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن یعقوب بن شعیب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بالصلاة جماعة فی السفینة » (3).

وبالجملة فالحکم لم نقف علی خلافٍ فیه.

قوله :

باب بئر الغائط یُتخذ مسجداً.

محمّد بن علی بن محبوب ( عن العبّاس ) (4) ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سلیمان مولی طربال ، عن عبید بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « الأرض کلّها مسجد ، إلاّ بئر غائط ، أو مقبرة ، أو حمّام ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن محمّد بن مضارب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بأنْ یُجعل علی العذرة

بئر الغائط یتخذ مسجدا

اشارة

ص: 238


1- التهذیب 3 : 296 / 898.
2- لیست فی « رض ».
3- التهذیب 3 : 296 / 899 ، الوسائل 8 : 428 أبواب صلاة الجماعة ب 73 ح 2.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

مسجداً ».

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه فی الجمع بینهما أنّه إنّما یجوز أنْ یُجعل مسجداً إذا طُمّ بالتراب وانقطعت رائحته ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه سهل بن زیاد ، عن ابن أبی نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبی الجارود قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن المکان یکون حشّا ثم ینظّف ویجعل مسجداً؟ قال : « یطرح علیه من التراب حتی یواریه فهو أطهر ».

سعد ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعی ، عن جعفر بن محمّد علیه السلام ، قال : سُئل أیصلح مکان الحشّ أنْ یُتخذ مسجداً؟ فقال : « إذا القی علیه ( من التراب ) (1) ما یواری ذلک ویقطع (2) ریحه فلا بأس ، وذلک لأنّ التراب یطهّره ، وبه مضت السنّة ».

سعد ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ( عن عبد الله بن المغیرة ) (3) عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المکان یکون حشّا زماناً فینظف ویُتخذ مسجداً؟ فقال : « ألقِ علیه من التراب حتی یتواری ، فإنّ ذلک یطهّره إن شاء الله ».

السند :

فی الأوّل : فیه القاسم بن محمّد وهو مشترک (4). وسلیمان مولی

القاسم بن محمد مشترک

سلیمان مولی طربال مهمل

ص: 239


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 441 / 1702 : أو یقطع.
3- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 442 / 1703.
4- رجال الطوسی : 490 / 5 و 7.

طربال مهمل فی الرجال (1) ، لکن فی الروایة عنه محمّد بن القاسم ، عن عبّاد بن یعقوب ، فقد یظن الاشتباه ، ودفعه غیر خفی.

والثانی : فیه محمّد بن مضارب ، وهو مهمل فی رجال الشیخ (2) ، وباقی رجاله لا یخفی حالهم بعد ما قدّمناه (3).

والثالث : فیه سهل بن زیاد ، وأبو الجارود زیاد بن المنذر وهو زیدی علی ما قاله الشیخ فی الفهرست. (4)

والرابع : فیه هارون بن مسلم ، وهو ثقة فی النجاشی (5) ، وکان له مذهب فی الجبر والتشبیه ، وقد قدّمنا أنّ معنی هذا الکلام غیر ظاهر (6).

وأمّا مسعدة بن صدقة الربعی فالذی وقفت علیه فی الفهرست ما هذه صورته : مسعدة بن صدقة له کتاب. مسعدة بن زیاد له کتاب. مسعدة بن الیسع له کتاب. مسعدة بن الفرج الربعی له کتاب ، أخبرنا بذلک إلی أنْ قال - : عن هارون بن مسلم عنهم (7). ولا یخفی أنّ الربعی لیس وصفاً لابن صدقة فی الفهرست.

وفی النجاشی : ( مسعدة بن صدقة العبدی إلی أنْ قال - : حدّثنا هارون بن مسلم عنه (8).

محمد بن مضارب مهمل

أو الجارود زیاد بن المنذر زیدی

بحث حول هارون بن مسلم

بحث حول مسعدة بن صدقة

ص: 240


1- رجال النجاشی : 185 / 489.
2- رجال الطوسی : 300 / 322.
3- راجع ج 1 ص 379 ، ج 4 ص 38 ، 124 ، 167 ، 291 ، 361 ، ج 5 ص 124.
4- الفهرست : 72.
5- رجال النجاشی : 438.
6- راجع ج 1 ص 335 ، ج 3 ص 435.
7- الفهرست : 167 / 732 ، 733 ، 734 ، 735.
8- رجال النجاشی : 415 / 1108.

ثم إنّ مسعدة بن صدقة ) (1) قال الشیخ فی رجال الباقر علیه السلام : إنّه عامی (2). والکشی فیه أنّه بتری (3). فلیتأمّل.

[ والخامس (4) ] : فیه محمّد بن عیسی الأشعری المعبّر عنه بأبیه ، وقد قدّمنا القول فیه (5) کغیره.

المتن :

فی الأخبار کلّها لا یخلو من إجمال ، أمّا الأوّل : فما تضمّنه : من أنّ الأرض کلّها مسجد ؛ إنْ أُرید به أنّ الصلاة فی کلّ أرض کالصلاة فی المسجد إلاّ ما ذکر ، ففیه ما لا یخفی ؛ وإنْ أُرید بالمسجد موضع السجود کما قیل (6) فی قوله علیه السلام : « جعلت لی الأرض مسجداً » (7) أی موضع سجود ، فلا یختصّ به موضع دون موضع ، ففیه : أنّه وإنْ أمکن لا یوافق مقصود الشیخ فیما یظهر ، إلاّ أنْ یرید ما ذکرناه ، والعنوان مبهم ، وقد صرّح بعض أهل اللغة بأنّ موضع السجود یقال له مسجد بالکسر (8).

ثم إنّ ظاهر النص حیث استثنی الحمّام والمقبرة أنّ المراد بالمسجد فیه المکان ، فیحتمل أنْ یراد بالمسجد المکان لا موضع السجود ،

جواز اتخاذ بئر الغائط مسجدا إذا طم بالتراب وانقطعت رائحته ، ومعنی قوله علیه السلام : « الأرض کلها مسجد »

ص: 241


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
2- رجال الطوسی : 137 / 40.
3- رجال الکشی 2 : 687 / 733.
4- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
5- راجع ص 234.
6- لیست فی « رض ».
7- الفقیه 1 : 155 / 724. الوسائل 3 : 350 أبواب التیمم ب 7 ح 2.
8- انظر المصباح المنیر : 266.

إلاّ أنْ یقال : إنّ موضع السجود لا یدلّ علی ما ینافی الاستثناء.

والثانی : کما تری مجمل أیضاً ، بل فیه زیادة إجمال ، ولعلّ احتمال موضع السجود فیه أظهر ، ویراد به ما قاله الشیخ.

أمّا الثالث : المستدلّ به ، فاستفادة انقطاع الریح منه محلّ تأمّل ، نعم الرابع یدلّ علی ذلک.

اللغة :

قال فی القاموس : المسجد معروف ویفتح جیمه ، والمَفْعَل من باب نصر بفتح العین اسماً کان أو مصدراً ، إلاّ أحرفاً ، کمسجد ومطلع ومشرق ومسقط ومفرق ومسکن ومنسک إلی أنْ قال - : ألزموها کسر العین ، والفتح جائز ، وما کان من باب جلس فالموضع بالکسر والمصدر بالفتح (1). وقال : المِحَشّ : مجتمع العذرة ؛ والحشُّ مثلّثة المخرج ، لأنّهم کانوا یقضون حوائجهم فی البساتین (2).

قوله :

باب کراهیة أنْ یبصق فی المسجد.

أحمد بن محمّد ، ( عن محمّد ) (3) بن یحیی ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن جعفر ، عن أبیه : « إنّ علیاً علیه السلام قال : البصاق (4) فی

معنی المسجد

معنی الحش

کراهیة أن یبصق فی المسجد

اشارة

ص: 242


1- القاموس المحیط 1 : 310.
2- القاموس المحیط 2 : 279 ، بتفاوت یسیر.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « م ».
4- فی الاستبصار 1 : 442 / 1704 : البزاق.

المسجد خطیئة وکفّارته دفنه ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن موسی ابن یسار ، عن علی بن جعفر السکونی ، عن إسماعیل بن مسلم الشعیری ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه : ، قال : « من وقّر بنخامته المسجد لقی الله یوم القیامة ضاحکاً قد اعطی کتابه بیمینه ».

عنه ، عن أبی إسحاق النهاوندی ، عن البرقی ، عن ابن أبی عمیر ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « من تنخّم (1) فی المسجد ثم ردّها فی جوفه لم تمرّ بداء فی جوفه إلاّ أبرأته ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن مهران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : الرجل یکون فی المسجد فی الصلاة فیرید أنْ یبصق ، فقال : « عن یساره ، وإنْ کان فی غیر صلاة فلا یبزق حذاء القبلة ، ویبزق عن یمینه وشماله » (2).

فأمّا ما رواه علی بن مهزیار قال : رأیت أبا جعفر الثانی علیه السلام تفل فی المسجد الحرام فیما بین الرکن الیمانی والحجر الأسود ولم یدفنه.

سعد ، عن أبی جعفر (3) ، عن العبّاس بن معروف ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سلیمان مولی طربال ، عن عبید بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : کان أبو جعفر علیه السلام یصلّی فی المسجد فیبصق أمامه وعن یمینه وعن شماله وخلفه وعلی الحصی ولا یغطّیه.

فالوجه فی هذه الأخبار الجواز ورفع الحظر وإنْ کان الفضل فیما تقدّم من الأخبار.

ص: 243


1- فی الاستبصار 1 : 442 / 1706 : تنخّع.
2- فی « رض » : أو شماله.
3- فی الاستبصار 1 : 443 / 1709 : عن جعفر.

السند :

فی الأوّل : معروف مما تکرّر وتقدّم عن قریب (1).

والثانی : فیه موسی بن یسار ، وهو مجهول الحال ، إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وعلی بن جعفر السکونی کذلک. وإسماعیل بن مسلم هو ابن أبی زیاد المکرر ذکره (2).

والثالث : فیه أبو إسحاق النهاوندی ، واسمه إبراهیم بن إسحاق ، ضعیف الحدیث علی ما فی النجاشی (3). والبرقی ومن معه معلومو الحال بما مضی من المقال (4).

والرابع : فیه محمّد بن مهران ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف علیه فی الرجال.

والخامس : صحیح ؛ لأنّ الطریق إلی علی بن مهزیار فی المشیخة لا ارتیاب فیه (5).

والسادس : تقدّم القول فی رجاله عن قریب (6).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی إطلاق الخطیئة علی المکروه ؛ إذ المعروف الکراهة.

موسی بن یسار مجهول الحال

علی بن جعفر السکونی مجهول الحال

أبواب إسحاق النهاوندی إبراهیم بن إسحاق ضعیف الحدیث

محمد بن مهران مجهول الحال

طریق الشیخ إلی علی بن مهزیار فی المشیخة لا ارتیاب فیه

بیان ما دعل علی کراهة البصاق فی المسجد وتوجیه ما یعارضه

ص: 244


1- راجع ج 5 ص 270 ، ج 6 ص 306.
2- راجع ج 1 ص 188 ، ج 2 ص 109 ، 397 ، ج 3 ص 140 ، 420 ، ج 4 ص 96.
3- رجال النجاشی : 19 / 21.
4- راجع ج 1 ص 93 ، ج 2 ص 334.
5- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 338.
6- فی ص 238 239.

والثانی : واضح.

والثالث : فیه دلالة علی جواز ابتلاع النخامة إذا خرجت إلی فضاء الفم لو صحّ الخبر ، لکن الأصل یساعده.

والرابع (1) لا یبعد أنْ یکون المراد بالیسار فیه جهة یساره من غیر التفات ، لکن قد یُستبعد هذا ، ولعلّ الخبر لو صحّ یمکن استثناء الالتفات یسیراً منه فی هذه الحال ، ویؤیده النهی فیه عن البزاق حذاء القبلة لغیر المصلّی.

ثم إنّ البزاق لا یخفی تحقّقه بإخراج الفضلة بشی ء ، فالاحتیاج إلی الیسار کأنّه لو اتّفق رمیها من الفم. وقد یشکل باستلزام خروج نحو اللفظین. ویمکن الجواب عنه بما تقدّم فی باب الکلام فی الصلاة ، والخبر کما تری.

أمّا الخبران الآخران فما قاله الشیخ فیهما له وجه ، غیر أنّ بیان الجواز فیما هو معروف مستبعد ، کما أشرنا إلیه فی الکتاب. والخبر الأخیر لا یدلّ علی أنّ ما فعله علیه السلام فی حال الصلاة کما لا یخفی.

اللغة :

قال فی القاموس : البزاق کغراب معروف (2). وقال : التوقیر التبجیل (3). وقال : [ والنخامة بالضم النخاعة ، ونخم کفرح نخماً ویحرّک ، وتنخّم : دفع بشی ءٍ من صدره أو أنفه (4) (5) ].

معنی البزاق ، التوقیر ، النخامة

ص: 245


1- فی « فض » زیادة : الظاهر.
2- القاموس المحیط 3 : 220.
3- القاموس المحیط 2 : 161.
4- القاموس المحیط 4 : 181.
5- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : نخم ینخم نخماً ونخیماً تنحنح. والصحیح ما أثبتناه من المصدر.

قوله :

أبواب الصلاة فی العیدین

باب أنّ صلاة العیدین فریضة.

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الحمید ، عن أبی جمیلة ، عن أبی أُسامة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن التکبیر فی العیدین؟ قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العیدین فریضة » (1)

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة العیدین فریضة ، وصلاة الکسوف فریضة » (2).

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن علی بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « صلاة العیدین مع الإمام سنّة ، ولیس قبلها ولا بعدها صلاة ذلک الیوم إلی الزوال ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحمل قوله : إنّها سنّة مع الإمام. أنّ فرضها علم من جهة السنّة دون أنْ یکون ذلک غیر واجب ، وقد استوفینا ذلک فی کتابنا الکبیر ( ونفرد باباً ) (3) أنّه لا تجب إلاّ عند حضور الإمام.

أبواب صلاة العیدین

صلاة العیدین فریضة

اشارة

ص: 246


1- فی التهذیب 3 : 127 / 269 زیادة : وصلاة الکسوف فریضة.
2- فی التهذیب 3 : 127 / 270 لا یوجد : وصلاة الکسوف فریضة.
3- بدل ما بین القوسین فی النسخ : وتفردها ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 444.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو جمیلة ، وهو المفضّل بن صالح ، وقد ضعّفه العلاّمة فی الخلاصة (1) ، والشیخ فی الکتابین لا یزید کلامه فی شأنه علی الإهمال (2). أمّا محمّد بن عبد الحمید فقد تکرّر القول فیه (3) کأبی جمیلة أیضاً (4) ، والإعادة فیه لأمرٍ ما. والطریق إلی محمّد بن أحمد بن یحیی تکرّر أیضاً (5).

والثانی : واضح الصحّة بعد ما قدّمناه فی الطریق إلی الحسین بن سعید (6). وجمیل هو ابن درّاج ، صرّح به فی الفقیه ، وطریقه إلیه صحیح (7) ، وستأتی الزیادة فی متنه ، إمّا من کلام الصدوق أو جمیل.

والثالث : واضح ایضاً بعد ما أسلفناه فی حریز (8) ، وقدّمنا (9) أیضاً أنّ الوالد قدس سره کان یقول : إنّ مثل هذا السند حیث وقع فیه علی بن حدید وعبد الرحمن شاهد علی أنّ ما یقع فی بعض الأسانید من روایة علی بن حدید عن عبد الرحمن سهو من قلم الشیخ ، وللبحث فیه مجال.

بحث حول أبی جمیلة المفضل بن صالح

تمییز جمیل وصحة طریق الصدوق إلیه

کلمة حول سند فیه : علی بن حدید ، عن عبد الرحمان

ص: 247


1- خلاصة العلاّمة : 258 / 2.
2- رجال الطوسی : 315 / 565 ، الفهرست : 170.
3- راجع ج 1 ص 200 ، ج 3 ص 103 ، 265.
4- راجع ج 2 ص 224 ، 306 ، 363 ، ج 3 ص 266 ، ج 4 ص 392.
5- راجع ج 1 ص 99 ج 3 ص 307 ، ج 5 ص 175.
6- راجع ج 1 ص 69 ، 414 ، ج 3 ص 24.
7- الفقیه 1 : 320 / 1457 ، خلاصة العلاّمة : 277.
8- راجع ج 1 ص 56 ، ج 4 ص 187 190.
9- راجع ج 3 ص 326.

المتن :

فی الأوّل : دالّ علی أنّ تکبیرات العیدین سبع وخمس ، وستسمع القول فی المعارض إن شاء الله ، أمّا دلالته علی أنّ صلاة العیدین فریضة [ فظاهرة (1) ] کالثانی ، وزاد الصدوق فی متن الثانی : یعنی أنّهما من صغار الفرائض ، وصغار الفرائض سنن ، لروایة حریز عن زرارة ، وذکر الروایة الثالثة ، وقال بعدها : ووجوب العید إنّما هو مع إمامٍ عادل (2).

وهذه الزیادة تنبئ عن کونها ( من کلام الصدوق تجرّد روایة الشیخ عنها ، أمّا الزیادة فی الثانی فیحتمل کونها ) (3) من الصدوق أیضاً ؛ لعین ما ذکرناه فی الثالث ، إذ لو کانت من جمیل لذکرها الشیخ ، لکن جزم الصدوق بأنّ الإمام علیه السلام عنی ما ذکره قد ینظر فیه : بأنّ المعلومیة محلّ تأمّل ، لاحتمال خبر حریز التقیة ، لتصریح بعضهم بأنّها سنّة مؤکدة (4) ، وذکر الإمام لا یدلّ علی أنّه المعصوم ، لجواز إرادة إمام الجماعة ؛ وربما یدفع بأنّ تعریف الإمام یقتضی الإمام المعصوم. ویشکل بوجود الإمام تنکراً (5) فی کثیر من الأخبار ، ولا بعد أنْ یدّعی أنّ التنکیر لا ینافی إرادة المعصوم کما سنذکره إنْ شاء الله.

أمّا التقیة فموقوفة علی العلم بالاتفاق علی کونها سنّة ، أو الاتّقاء لمن یقول بذلک.

بیان ما دل علی أن صلاة العیدین فریضة

ص: 248


1- فی النسخ : وظاهره ، والصحیح ما أثبتناه.
2- الفقیه 1 : 320.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- مغنی المحتاج 1 : 310.
5- فی « فض » و « م » : منکر.

ثمّ ما ذکره الصدوق حینئذٍ قد ذکرنا فی معاهد التنبیه احتمال إرادته من الصغار : الواجبات بالسنّة ، وکأنّ الوجه فی ذلک الإضافة إلی ما ثبت بالقرآن.

أمّا ما قد یقال : من أنّ المعلوم عدم الثبوت من القرآن فی العیدین فیتحقق إرادة الواجب من السنّة. فیمکن أنْ یجاب عنه : بجواز العلم من القرآن ، لکن الأئمّة علیهم السلام وأهل البیت أدری بما فیه.

وأمّا احتمال الدخول فی الصلاة المأمور بها علی الإطلاق فالحکم به (1) مشکل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمّنه الخبر الثالث من کون صلاة العید لیس قبلها ولا بعدها صلاة ربما یصلح مستنداً لما ینقل عن أبی الصلاح (2) ، وابن البرّاج (3) ، وابن حمزة (4) ، من أنّه (5) لا یجوز التنفل قبل العید وبعدها ، وما ینقل عن أبی الصلاح أنّه لا یجوز التطوع ولا القضاء قبلها ولا بعدها (6).

وقد نقل العلاّمة فی المختلف أنّ المشهور کراهة التنفل قبل وبعد ، واستدلّ بأصالة الإباحة. ثم نقل الاحتجاج بصحیح عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله علیه السلام الآتی فی باب من یصلّی وحده ، وأجاب بأنّه لا یدلّ علی التحریم (7).

حکم التطوع والقضاء قبل صلاة العیدین وبعدها

ص: 249


1- فی « رض » : فیه.
2- الکافی فی الفقه : 155.
3- المهذب 1 : 123.
4- الوسیلة : 111.
5- فی « م » و « رض » : فإنّه.
6- الکافی فی الفقه : 155.
7- المختلف 2 : 278.

وهذا الجواب لا یخلو من نظر ؛ لأنّ ظاهر النفی التحریم ، بل لا یبعد أنْ یکون أبلغ من النهی کما لا یخفی ، والخبر المبحوث عنه کذلک.

أمّا قول أبی الصلاح الثانی فقد قال العلاّمة : إنّ عبارته ردیئة ؛ لأنّها (1) توهم المنع من قضاء الفرائض ، إذ قضاء النوافل داخل تحت التطوع ، فإنْ قصد بالتطوع ابتداء النوافل ، وبالقضاء ما یختص بقضاء النوافل ، فهو حق فی الکراهة ، وإن قصد المنع من قضاء الفرائض فلیس کذلک ، وتصیر المسألة خلافیة ، لنا عموم الأمر بالقضاء ، وقوله علیه السلام : « من فاتته صلاة فریضة فوقتها حین یذکرها » (2) فإنْ احتجّ بما رواه زرارة فی الحسن عن الباقر علیه السلام : « ولیس قبلها ولا بعدها صلاة » أجبنا : بأنّ المراد بذلک النوافل جمعاً بین الأدلة ، وما أظنّه یرید سوی ما قصدناه (3) ، انتهی.

وفی نظری القاصر : أنّ الکلام محلّ تأمّل ؛ لأنّ ما دلّ علی القضاء إذا کان مطلقاً لا مانع من تقییده ، کما قُیّد بأوقات الفرائض علی ما سبق.

وما عساه یقال : إنّ الإطلاق من الجهتین ، فکما یجوز تقیید إطلاق ( القضاء بغیر الوقت الذی قبل صلاة العید وبعدها إلی الزوال ، کذلک یقیّد إطلاق ) (4) المنع من الصلاة قبل وبعد بغیر قضاء الفرائض ، فترجیح الأوّل لا بُدّ له من مرجّح لیقال : إنّ الخبر یدلّ علی قول أبی الصلاح.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الکلام علی ترجیح ما ذکره العلاّمة من أنّ

ص: 250


1- فی « رض » و « م » : لأنّه.
2- فی المصدر : من فاتته صلاة فریضة فلیقضها ( فلیصلّها ) حین یذکرها ، ولم نعثر علی کلا النّصّین فی المصادر ، نعم فی المعتبر 2 : 406 : من فاتته صلاة فوقتها حین یذکرها.
3- المختلف 2 : 280.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

المراد النوافل ، ولو رجعنا إلی ما ذکر یمکن أنْ یقال : ( إنّ الإطلاق من کلّ من الجانبین ، والتقیید ممکن ، فیتعارضان ، ولا سبیل إلی الترجیح ، إلاّ بأنْ یقال : ) (1) إنّ إطلاق قضاء الفرائض مقیّد قطعاً ، وإطلاق خبر صلاتی العید غیر مقیّد ، والمقیّد لا یقاوم غیر المقیّد ؛ وفیه نوع تأمّل یرجع حاصله إلی أنّ المطلق ( إذا قُیّد لا یخرج عن الإطلاق فیما عدا محل القید کالعام ، إلاّ أنْ یقال : إنّه وإنْ رجع إلاّ أنّه لا یساوی المطلق ) (2) الباقی علی حقیقته.

وقد یقال : إنّ خبر العیدین مقیّد بغیر مسجد النبی صلی الله علیه و آله کما ذکروه ، إلاّ أنّ فی البین توقفاً ؛ لعدم العلم بصحّة الخبر الوارد بذلک ، کما یعرف من مراجعته ، نعم هو مؤید بالشهرة ، وفی ذلک بحث.

أمّا ما قد یقال : إنّ خبر العیدین محتمل لأنْ یراد بنفی الصلاة قبلهما وبعدهما علی وجه التوظیف ، کما فی الصلاة الیومیة. فیمکن دفعه : بأنّ ظهور هذا محلّ تأمّل.

وإذا تمهّد هذا فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ من أنّ فرض العیدین ثبت بالسنّة ، قد مضی القول فیه (3). وقوله : إنّ العیدین تفرّدا بعدم الوجوب إلاّ عند حضور الإمام علی ما ذکره فی الکتاب الکبیر ؛ هو المشهور بین الأصحاب فیما قیل (4) ، بل فی المنتهی ادّعی اتفاق الأصحاب علی اشتراط السلطان العادل أو من نصبه (5) ، واحتجّ بما سیأتی من خبر زرارة (6) ،

عدم وجوب العیدین إلا عند حضور الإمام

ص: 251


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : مضطرب عبارةً ومعنی.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی ص 249.
4- انظر مجمع الفائدة 2 : 397.
5- المنتهی 1 : 317.
6- فی ص 252.

وستسمع إنشاء الله القول فیه (1) ، وأمّا الإجماع فقد قدّمنا (2) أنّه من قبیل الخبر المرسل ، وحینئذ یحتاج إلی الترجیح مع التعارض ، وتحقیقه یتمّ بذکر الأخبار.

وأمّا قول الصدوق : ووجوب العید إنّما هو مع إمام عادل (3) ، فظاهره ما هو المشهور ، واحتمال غیره بعید کما لا یخفی.

قوله :

باب أنّه (4) لا تجب صلاة العیدین إلاّ مع الإمام.

محمّد بن یعقوب ، عن الحسین بن محمّد ، عن معلّی بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن معمر بن یحیی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لا صلاة یوم الفطر والأضحی إلاّ مع إمام (5) ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « من لم یصلّ مع الإمام فی جماعةٍ ( یوم العید ) (6) فلا صلاة له ولا قضاء علیه ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن الصلاة یوم الفطر والأضحی؟ قال

لا تجب صلاة العیدین إلا مع الإمام

اشارة

ص: 252


1- فی ص 258.
2- فی ص 135.
3- الفقیه 1 : 320.
4- فی الاستبصار 1 : 444 لا توجد : أنه.
5- فی الاستبصار 1 : 444 / 1713 : الإمام.
6- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 444 / 1714 ، والتهذیب 3 : 128 / 273.

« لیس صلاة إلاّ مع إمام ».

فأمّا ما رواه علی بن حاتم ، عن الحسن بن علی ، عن أبیه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من لم یشهد جماعة الناس فی العیدین فلیغتسل ولیتطیب ( بما وجد ) (1) ، ولیصلّ (2) وحده کما یصلّی فی الجماعة ».

عنه ، عن الحسن ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی قال : سُئل أبو عبد الله علیه السلام عن الرجل لا یخرج یوم الفطر والأضحی ، أعلیه صلاة وحده؟ (3) فقال : « نعم ».

عنه ، عن محمّد بن جعفر قال : حدّثنی (4) عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الولید ، عن یونس بن یعقوب ، عن منصور (5) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « مرض أبی یوم الأضحی فصلّی فی بیته رکعتین ثم ضحّی ».

فالوجه فی هذه الأخبار (6) أنْ نحملها علی ضربٍ من الاستحباب ؛ لأنّ هذه الصلاة مع الإمام فرض ، وعلی الانفراد سنّة مؤکدة ، والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ،

ص: 253


1- بدل ما بین القوسین فی النسخ : فی العیدین ، وما أثبتناه من التهذیب 3 : 136 / 297 ، والاستبصار 1 : 444 / 1716.
2- فی الاستبصار 1 : 444 / 1716 : ویصلّی.
3- فی الاستبصار 1 : 444 / 1717 زیادة : قال.
4- فی الاستبصار 1 : 444 / 1718 : حدّثنا.
5- فی الاستبصار 1 : 445 / 1718 زیادة : ابن حازم.
6- فی النسخ : الروایة ، والصحیح ما أثبتناه من الاستبصار 1 : 445 / 1718.

عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا صلاة فی العیدین إلاّ مع إمام ، وإنْ صلّیت وحدک فلا بأس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن خالد ، عن سیف بن عمیرة ، عن إسحاق بن عمّار ، قال حدّثنی أبو قیس ، عن جعفر بن محمّد علیهماالسلام ، قال : « إنما الصلاة یوم العید علی من خرج إلی الجبّانة (1) ، ومن لم یخرج فلیس علیه صلاة ».

فلا ینافی ما قدّمناه ؛ لأنّ معنی قوله : « فلیس علیه صلاة » فرضاً کما یکون مع الخروج إلی الجبّانة ، وکذلک :

ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن یزید بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الخروج یوم الفطر ویوم الأضحی إلی الجبّانة حسن لمن استطاع الخروج إلیها » فقلت (2) : إنْ کان مریضاً لا یستطیع أنْ یخرج ، أیصلّی فی بیته؟ قال : « لا ».

فالوجه فیه أیضاً ما قلناه ، أنه لیس علیه ذلک فرضاً واجباً ، وإنّما هو (3) علی جهة الفضل (4) والاستحباب.

السند :

فی الأوّل : فیه معلّی بن محمّد ، وفی النجاشی : إنّه مضطرب

معلی بن محمد مضطرب الحدیث والمذهب

ص: 254


1- الجبان والجبّانة : الصحراء ، وتسمّی بهما المقابر ؛ لأنها تکون فی الصحراء. انظر النهایة لابن الأثیر 1 : 236.
2- فی الاستبصار 1 : 445 / 1821 زیادة : أرأیت.
3- فی الاستبصار 1 : 446 زیادة : علیه.
4- فی الاستبصار 1 : 446 : الندب.

الحدیث والمذهب (1). والوشّاء هو الحسن بن علی بن بنت الیاس ، وقد تقدّم ما قد یستفاد منه المدح (2) ، وما اتفق فیه فی حدیث الخمس ( من التهذیب احتمال القدح تقدّم (3) احتمال دفعه ) (4) ، وبقیة الرجال معلومو الحال ، سوی أنّ معمر بن یحیی فیه اشتراک بین مهمل وثقة (5) ، ولا یبعد قرب الثقة مع الإطلاق ، لکن الفائدة منتفیة هنا ، وهو بفتح المیم وسکون العین وتخفیف المیم فی الإیضاح (6).

والثانی : واضح الصحّة (7) علی ما تقدم فی عمر بن أُذینة (8) ، لأنّ الراوی عنه فی الرجال ابن أبی عمیر (9) ، والشیخ وثّقه (10) ، والنجاشی ذکر فیه ما یقتضی المدح (11) ، وتوهّم التغایر من النجاشی حیث قال : عمر بن محمّد بن عبد الرحمن بن أُذینة ، یدفعه ما قاله فی السند من لفظ عمر بن أُذینة.

والثالث : کذلک.

والرابع : فیه علی بن حاتم ، وقد قال النجاشی : إنّه ثقة فی نفسه ،

بحث حول الوشاء

بحث حول معمر بن یحیی

بحث حول عمر بن أذینة

بحث حول علی بن حاتم

ص: 255


1- رجال النجاشی : 418 / 1117.
2- راجع ج 1 ص 150.
3- راجع ج 1 ص 150 ، وهو فی التهذیب 4 : 150.
4- بدل ما بین القوسین فی « فض » : تقدم احتمال من احتمال القدح دفعه ، وفی « م » : تقدم احتمال القدح من التهذیب دفعه.
5- هدایة المحدثین : 261.
6- إیضاح الاشتباه : 303.
7- لیست فی « فض ».
8- راجع ج 1 ص 273.
9- انظر رجال النجاشی : 283 / 752.
10- رجال الطوسی : 353 / 8.
11- رجال النجاشی : 283 / 752.

لکنه أکثر الروایة عن الضعفاء (1). وذکرنا فی أول الکتاب بیان حقیقة الحال فی مثل هذا ، والطریق إلیه فی المشیخة فیه جهالة (2). والحسن بن علی الراوی عنه علی بن حاتم محتمل لابن عبد الله بن المغیرة ، ولغیره ، وقد یظن قرب احتمال ابن المغیرة ، وقد رواها الصدوق ، عن جعفر بن بشیر ، عن عبد الله بن سنان (3) ، فلا ارتیاب فی السند.

[ والخامس : کالرابع.

والسادس (4) ] : فیه مع ما تقدّم فی الطریق إلی علی بن حاتم محمّد ابن جعفر ، وهو محتمل لابن بطّة ؛ لما یظهر من ممارسة الرجال ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان ، وفی التهذیب عن عمر بن جعفر ، فی نسخة معتبرة (5) ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لیس فی کتب الرجال علی ما وقفت علیه.

ثمّ إنّ هنا کما تری عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الولید ، وفی التهذیب : عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن الولید ؛ ومحمّد بن الولید هو الخزّاز ، لروایته عن یونس بن یعقوب ، وقد وثّقه النجاشی (6) ، وقال الکشی : إنّه فطحی (7) ، وأنت خبیر بالحال بعد ما کرّرنا القول فیه (8). أمّا

تمییز الحسن بن علی

تمییز محمد بن جعفر

عمر بن جعفر مجهول الحال

بحث حول محمد بن الولید الخزاز

ص: 256


1- رجال النجاشی : 263 / 688.
2- الاستبصار 4 : 335.
3- الفقیه 1 : 320 / 1463.
4- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : والرابع کالثالث. والخامس. والصحیح ما أثبتناه.
5- التهذیب 3 : 136 / 300.
6- رجال النجاشی : 345 / 931.
7- رجال الکشی 2 : 835 / 1062.
8- ج 1 ص 108 111 ، ترجمة سماعة ، ج 4 ص 89 ، ترجمة داود بن الحصین ، ج 6 ص 369 ، ترجمة منصور بن یونس.

عبد الله فمشترک (1). ویونس بن یعقوب مضی القول فیه مفصّلاً (2). ومنصور هو ابن حازم ، صرّح به فی الفقیه (3) ، والطریق إلیه فیه (4) مشتمل علی محمّد بن علی ماجیلویه وهو معتبر علی ما مضی (5) ، وفیه محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ولا یبعد کونه الأشعری ، عن محمّد ابن عبد الحمید (6) ، وقد تقدّم (7).

ثم إنّ الشیخ فی التهذیب اتفق له هنا ما یقتضی التعجب ، فإنّه روی أوّلاً عن علی بن حاتم ، کما هنا ، وبعد الروایة قال : وروی محمّد بن علی ابن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، وذکر روایة ، ثم قال : وعنه ، عن الحسن ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، وذکر الروایة ، ثم قال : وعنه عن عمر ابن جعفر ، إلی أنْ قال : وعنه ، عن أحمد بن محمّد بن موسی ، إلی آخره (8) وهنا کما تری ، فلیتأمّل.

[ والسابع (9) ] : فیه عثمان بن عیسی وقد تقدّم القول فیه (10) ، لکنه فی الفقیه مروی عن سماعة (11) ، وطریقه حینئذٍ موثق.

عبد الله بن محمد مشترک

تمییز منصور وطریق الصدوق إلیه

إشارة إلی حال محمد بن علی ماجیلویه

الاختلاف بین التهذیب والاستبصار فی اسناد روایات الباب

ص: 257


1- هدایة المحدّثین : 99.
2- راجع ج 1 ص 201 ، 342 ، ج 2 ص 294 ، ج 3 ص 419.
3- الفقیه 1 : 320 / 1462.
4- لیست فی « رض » و « م ».
5- فی ص : 1376 و 1381.
6- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 22.
7- راجع ج 1 ص 200 ، ج 3 ص 103 ، 265.
8- التهذیب 3 : 136.
9- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
10- راجع ج 1 ص 70 72.
11- الفقیه 1 : 320 / 1459.

[ والثامن (1) ] : فیه محمّد بن خالد ، وهو الطیالسی ؛ لروایة محمّد بن علی بن محبوب لکتابة فی الفهرست (2) ، وروایته عن سیف فی الرجال أیضاً (3) ، وحاله لا یزید علی الإهمال. وسیف وإسحاق تکرّر القول فیهما (4). أمّا أبو قیس ففی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (5).

[ والتاسع (6) ] : لیس فیه التوقف إلاّ من جهة یزید بن إسحاق ، فإنّی لم أجد توثیقه فی الرجال ، نعم وثّقه جدّی قدس سره فی شرح البدایة (7) ، ولا أعلم مأخذه ، إلاّ من تصحیح العلاّمة طریق الصدوق إلی هارون بن حمزة (8) ، وهو فیه ، وتقدم منّا کلام فی مثل هذا (9).

المتن :

فی الأول : أیّد به شیخنا قدس سره عدم إفادة الأخبار إرادة إمام الوقت علیه السلام ، نظراً إلی التنکیر (10) ، وقد یناقِش فی هذا معتبر إمام الأصل علیه السلام بأنّ التنکیر یجوز أنْ یکون وجهه التقیة ؛ إذ التعریف موجب للارتیاب ، علی أنّ التعریف قد وجد فی معتبر الأخبار المذکورة ، فترجیح الاستشهاد بخبر

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی

أبو قیس مهمل

بحث حول یزید بن إسحاق

بیان ما دل علی أنه لا صلاة یوم العید إلا مع الإمام

توجیه ما دل علی أن من لم یشهد الجماعة یصلی العید وحده

ص: 258


1- فی النسخ : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
2- الفهرست : 149 / 634.
3- رجال النجاشی : 189 / 504.
4- راجع ج 1 ص 241 ، 249 ، ج 3 ص 104 ، 203.
5- رجال الطوسی : 340 / 34.
6- فی النسخ : والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
7- الدرایة : 131.
8- خلاصة العلاّمة : 279.
9- راجع ج 1 ص 182 183 ، ج 2 ص 237.
10- المدارک 4 : 94.

التنکیر مع احتماله ما قلناه محلّ کلام ، ( نعم ) (1) قد تکرر فی الأخبار التنکیر ، والقول واحد.

والثانی : یدلّ بظاهره علی أنّ من لم یصلّ مع الإمام فی جماعة لا صلاة له. وغیر خفی أنّ التعریف لو دلّ علی إمام الوقت لأفاد اشتراطه وانتفاء الصلاة بدونه مطلقاً ، لکن المنقول فی کلام المتأخّرین استحباب فعلها بدون ظهوره (2) ، وبعض الأخبار تدلّ علی ذلک فی الجملة کما سنذکره.

ولو حمل علی الأعمّ أفاد اشتراط الجماعة فی صلاة العید وجوباً واستحباباً ، لکن تعیّن الجماعة لا أعلم القائل به ، وظاهر بعض الأخبار ینفیه (3).

ولو حمل الخبر علی حال حضوره علیه السلام لأنّ الکلام منه علیه السلام ( یدل علی ذلک فهو موقوف علی ثبوت إرادة الإمام المعصوم علیه السلام ) (4) ، وأنّ من لم یصلّ معه لا یشرع له الصلاة ؛ والقائل کأنه منتفٍ ، غیر أنّ معتبر الإمام المعصوم علیه السلام قد یُشکل علیه الحال فی مثل هذه الأخبار ، فإنّ مثلهم علیهم السلام کیف یقع منه هذا ، والحال أنّهم کانوا یدفعون عن أنفسهم محض التهمة.

وفی الظن أنّ هذا الوجه أولی فی دفع الاستدلال بتعریف الإمام إنْ لم یثبت الإجماع ، إلاّ أنْ یقال : کلامهم علیهم السلام کان مع من یؤمن نقله ، کزرارة ، وغیر خفی أنّ هذا ربما یستلزم ما قدّمناه من الاحتمال ، لولا عدم

ص: 259


1- فی « رض » و « م » : و.
2- المعتبر 2 : 309 ، المختلف 2 : 275 ، المدارک 4 : 98.
3- الوسائل 7 : 424 أبواب صلاة العید ب 3.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

القائل فیما نعلم.

والثالث : ( کالأوّل فی التنکیر ، والکلام الکلام.

والرابع : لا یخفی احتمال جماعة الناس فیه أهل الخلاف ) (1) کاحتمال الصلاة جماعةً علی الإطلاق ، وعلی الأوّل یحتمل أنْ یراد بالوحدة انفراده عن جماعتهم ، فلا ینافی صلاة الجماعة أیضاً ، إلاّ أنّ قوله : « کما یصلّی فی الجماعة » قد ینافیه ، إلاّ أنْ یقال : إنّ المراد کون صلاته بالانفراد عن جماعة الناس مثل صلاتهم صورة من الخطبة وغیرها ؛ وفیه نوع بعد. أمّا علی الثانی فأراد بالانفراد ظاهره ، ویراد بالتشبیه فی کیفیة الصلاة.

والخامس : مثله ، ولفظ « علیه » ربما یعطی اللزوم ، لکن دفعه سهل.

والسادس : واضح الدلالة من جهة ، مجملها من اخری ، فالاستدلال به علی فعل العید علی الانفراد استحباباً للتأسی ممکن ، لولا احتمال صلاته جماعةً بأهله علیهم السلام ، أو (2) أصحابه. وأمّا من جهة الکیفیة فالإجمال واضح.

وما ذکره الشیخ بعد هذه الأخبار لا یخلو من غرابة بالنسبة إلی السادس کما لا یخفی.

وفی فوائد شیخنا قدس سره علی الکتاب أنّه لیس ( فی شی ء ) (3) من الأخبار التی أوردها الشیخ دلالة علی اعتبار حضور إمام الوقت علیه السلام ، وإنّما المستفاد منها (4) ( وجود إمامٍ یؤمّ القوم ، کما یستفاد ) (5) من تنکیر الإمام ، ووجود لفظ الجماعة فی بعضها ، ومقابلة ذلک بصلاة (6) المنفرد فی بعضٍ

قول صاحب المدارک بعدم اعتبار حضور إمام الأصل فی وجوب صلاة العید والمناقشة فیه

ص: 260


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- فی « رض » : و.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- لیست فی « فض » و « رض ».
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- فی « رض » : لصلاة.

آخر ، لکن هذا الشرط وهو حضور الإمام ، أو نائبه مقطوع به فی کلام الأصحاب ، وظاهرهم أنّه موضع وفاق ، واستدلّ علیه فی المنتهی بهذه الروایات ؛ وقد عرفت أنّها قاصرة الدلالة علی المطلوب ، مع أنّ اللازم من ذلک اعتبار حضوره علیه السلام ، وهم لا یقولون به ، وبالجملة : فوجوب هذه الصلاة ثابت بالأخبار ، کصحیحة جمیل وغیرها ، وکونه مقیّداً بحضور الإمام أو نائبه یتوقف علی دلیلٍ ( صالحٍ للتقیید ، وهو منتفٍ ، إلاّ أنّ الأصحاب قاطعون بذلک واتّباعهم من غیر دلیل ) (1) مشکل ، إلاّ أنْ یکون الحکم إجماعیاً بحیث یعلم دخول قول المعصوم علیه السلام فی أقوال المجمعین ، وذلک ممّا یقطع هنا بعدمه ، انتهی کلامه قدس سره .

ولقائلٍ أنْ یقول : إنّ ما ذکره من إطلاق بعض الأخبار مسلّم ، وهو خبر جمیل الصحیح السابق فی أوّل الباب (2). أمّا ما دلّ علی الإمام ففیه ما قدّمناه (3).

وقوله قدس سره : إنّ الإجماع لا بدّ فیه من العلم بقول المعصوم ، إنْ أراد به ما یعمّ الإجماع المنقول بخبر الواحد ففیه نظر واضح ؛ لأنّ الإجماع المنقول عنده حجّة ، غایة الأمر أنّه من قبیل الخبر ، أو دلیل الخبر دلیله ، وقد قدّمنا أنّه لا یبعد أنْ یکون الإجماع من مثل العلاّمة والمحقق من قبیل الخبر المرسل ، إذ من المعلوم تعذّر اطلاعهما علی الإجماع. نعم ربما یقبل خبرهما ، لحصول العلم الشرعی عندهما من المدّعی بغیر واسطة ، أو بواسطة ، وعدم التصریح بالمنقول عنه لا یضر بالحال ، لعدم الاتفاق علی

ص: 261


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- راجع ص 245.
3- فی ص 247.

منعه ، وحینئذٍ یرجع إلی الخبر عمّن یعتقد صحّة قوله ، فعلی تقدیر القبول إذا تعارض مع بعض الأخبار المعتبرة الدالّة علی أنّ صلاة العیدین فریضة یمکن أنْ یقال بتقدیم ما دلّ علی الإطلاق ؛ لسلامة سنده ، ویمکن أنْ یقیّد إطلاقه.

وربما یقال : إنّ فی خبر جمیل ذکر الکسوف مع العیدین قرینة علی الإطلاق ، والأخبار المتضمنة للإمام معرّفاً أو منکَّراً لا تخرج عن الإجمال ، أو احتمال مراعاة أهل الخلاف فی الجملة ممکن.

وما قاله جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد : من أنّه لا مدخل للفقیه حال الغیبة فی ظاهر الأصحاب وإنْ کان [ ما (1) ] فی الجمعة من الدلیل قد یتمشّی هنا ، إلاّ أنّه یحتاج إلی القائل ، ولعلّ السرّ فی عدم وجوبها حال الغیبة مطلقاً بخلاف الجمعة أنّ الوجوب الثابت فی الجمعة إنّما هو التخییری ، أمّا العینی فهو منتفٍ بالإجماع ، والتخییری فی العیدین غیر متصور ؛ إذ لیس معها فرد آخر ، فلو وجبت لوجبت عیناً ، وهو خلاف الإجماع (2).

محلّ تأمّل ، أمّا أولاً : فما ذکره من تمشّی الدلیل إنْ أراد به أنّ الفقیه منصوب من قبل الإمام علیه السلام عموماً فکان کالنائب ؛ ففیه : أنّ دلیل کونه منصوباً الإجماع ، وهو منتفٍ فی موضع النزاع. واحتمال الاستدلال بمقبول عمر بن حنظلة ، فیه ، أنّ مقبولیته غیر معلومة علی الإطلاق لیستدل به فی موضع الخلاف. ولا أدری الآن معنی کونه مقبولاً ، فإنْ أُرید الصحّة أشکل بعدم معلومیة الاتفاق ، وإنْ أُرید العمل بمضمونه أشکل بمحلّ الخلاف ، کما نحن فیه وغیره ، ولو تمّ ذلک أمکن المناقشة ( فی دلالته ) (3) ، لتضمّنه

قول الشهید الثانی بعدم وجوب صلاة العید حال حال الغیبة والمناقشة فیه

ص: 262


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.
2- روض الجنان : 299.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

نصّ الصادق علیه السلام علی نصب من تضمّنه ، فیکون کالوکیل ، فیُعزل بموت الإمام علیه السلام ، وحینئذٍ لا یتمّ فی زمن الغیبة.

وإنْ نوقش فی هذا بأنّ أحکامهم علیهم السلام لا تتغیر ؛ أمکن الجواب : بأنّ هذا فی الأحکام الشرعیة لا ریب فیه ، بخلاف المنصوب ، والخلاف فیه مذکور فی باب القضاء.

وبالجملة : فقوله قدس سره : إنّه یتمشّی ، محل بحث.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الوجوب التخییری فی الجمعة لا یوافقه کلامه فی الرسالة ، إلاّ أنْ یکون رجع عنه.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الإجماع فی العیدین لا ینبغی الغفلة عن معارضته بما أشرنا إلیه ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخلاف قد وقع فی صلاة العیدین مع عدم حضور الإمام علیه السلام ، ففی المختلف نقل عن المفید أنّه قال : هذه الصلاة فرض علی من لزمته الجمعة علی شرط حضور الإمام ، سنّة علی الانفراد مع عدم حضور الإمام ، ثم قال یعنی المفید - : ومن فاتته صلاة العید جماعةً صلاّها وحده کما یصلّی فی الجماعة ندباً مستحباً.

وقال الشیخ فی المبسوط : متی تأخّر عن الحضور ( لعارض ، صلاّها فی المنزل منفرداً ) (1) سنّةً وفضیلةً ، ثم قال یعنی الشیخ - : ومن لا تجب علیه صلاة العید من المسافر والعبد وغیرهما یجوز لهما إقامتها منفردین سنّةً.

وقال المرتضی فی المسائل الناصریة : وهما سنّة ، تصلّی علی الانفراد عند فقد الإمام واختلال بعض الشرائط.

وقال أبو الصلاح : فإنْ اختلّ شرط من شرائط العید سقط فرض (2)

الأقوال فی المسألة

ص: 263


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : صلاّها منفرداً.
2- لیست فی النسخ ، أضفناها من المصدر.

الصلاة ، وقبح الجمع فیها مع الاختلال ، وکان کلّ مکلّفٍ مندوباً إلی هذه الصلاة فی منزله ، والإصحار بها أفضل.

قال القطب الراوندی : من أصحابنا من ینکر الجماعة فی صلاة العید سنّة بلا خطبتین.

وقال ابن إدریس : معنی قول أصحابنا : علی الانفراد ، لیس المراد بذلک أنْ یصلّی کلّ واحد منهم منفرداً ، بل الجماعة أیضاً عند انفرادها من دون الشرائط مستحبة مسنونة ، قال : ویشتبه علی بعض المتفقهة هذا الموضع ، بأنْ یقول علی الانفراد أراد مستحبة إذا صلّی کلّ واحد وحده ، لأنّها مع انتفاء الشرائط نافلة ، ولا جماعة فی النافلة ؛ وهو قلّة تأمّل ، بل مقصودهم ما ذکرناه من انفرادها عن الشرائط (1).

قال العلاّمة : وتأویل ابن إدریس بعید ، مع أنّه روی النهی (2) عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : هل یؤمّ الرجل بأهله فی صلاة العیدین فی السطح أو بیت؟ قال : « لا یؤمّ بهن ولا یخرجن (3) » (4) ولو کانت الجماعة مستحبة لاستُحبّت هنا ؛ إذ المستحب فی حق الرجل مستحب فی حق المرأة ، إلاّ ما خرج بالدلیل ، إلاّ أنّ قول أصحابنا فی زماننا الجمع فیها ، قال القطب الراوندی : جمهور الإمامیة یصلّون هاتین الصلاتین

ص: 264


1- المختلف 2 : 274 ، وهو فی المقنعة : 194 و 200 ، وفی المبسوط 1 : 169 و 171 ، وفی المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 239 ، وفی الکافی فی الفقه : 154 ، وفی السرائر 1 : 315.
2- فی « رض » زیادة : عن.
3- فی « فض » : لا یؤمّ بهم ولا یخرجن ، وفی « رض » : لا یؤم بهم ولا یخرجهن ، وفی « م » : لا یؤمهم ولا یخرجن ، وما أثبتناه موافق للتهذیب والمختلف والوسائل.
4- التهذیب 3 : 289 / 872 ، الوسائل 7 : 471 أبواب صلاة العید ب 28 ح 2.

جماعةً وعملهم حجّة ، انتهی (1).

وإنّما نقلناه بطوله لأنّ بعض محقّقی المتأخّرین نقل عن ظاهر المنتهی عدم النزاع فی الجماعة ، حیث ما نقل إلاّ خلاف بعض العامّة فی جوازها فرادی إلی أن قال - : إنّ الشهرة وأدلّة الجماعة مطلقاً والترغیب فیها [ خصوصاً فی مثل العید ] مع عدم النصّ والإجماع الواقع علی عدم جوازها فی النافلة ، وظاهر الأخبار یدلّ علیها ، ویؤیده ظاهر المنتهی من عدم النزاع ، وإن نقل المحقق الثانی یعنی الشیخ علی رحمه الله فی حاشیة الشرائع الخلاف فی جواز الجماعة (2). انتهی.

ولا یذهب علیک أنّ ما نقله المحقق الثانی قد حکاه العلاّمة نفسه فی المختلف کما سمعت ، لکن قول العلاّمة أخیراً : ( إنّ قول أصحابنا فی زماننا ، (3) یشعر بالإجماع المتأخر ، وفیه : أنّ احتمال إرادة المعروفین من الأصحاب ) (4) لا جمیع العلماء فی زمانه ، لتعذّر الاطّلاع ، بل امتناعه ؛ وقول القطب الراوندی کذلک. وإذا لم یتحقق الإجماع فالأخبار قد دلّ معتبرها علی صلاة الإنسان وحده ، والحمل علی أنّ الوحدة یراد بها الانفراد عن الشرائط کما قاله ابن إدریس من البعد بمکان.

وقد قدّمنا أنّ الصدوق روی خبر عبد الله بن سنان ، عن جعفر بن ( بشیر ، عن عبد الله بن سنان ، وطریقه إلیه لا ارتیاب فیه (5) ، وهو ظاهر فی

ص: 265


1- المختلف 2 : 275.
2- انظر مجمع الفائدة والبرهان 2 : 397 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
3- فی « رض » زیادة : قد.
4- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
5- راجع ص 255.

صلاة الإنسان ) (1) وحده إذا لم یشهد جماعة من الناس ، وقد أوضحنا الکلام فی هذا فی کتاب معاهد التنبیه علی نکت من لا یحضره الفقیه.

والحاصل أنّ خبر زرارة الصحیح الدالّ علی أنّ من لم یصلّ مع الإمام فی جماعة فلا صلاة له ، ربما یقتضی حمل حدیث : « من لم یشهد جماعة من الناس » علی صلاة الفرض ، وفیه : بتقدیر عدم انحصار الإمام فی إمام الأصل جواز حمل الأحادیث الدالّة علی أنّه لا صلاة إلاّ مع الإمام علی الصلاة الکاملة ، سواء کانت فرضاً أو نفلاً ، فالفرض مع اجتماع الشرائط ، والنفل مع عدمها ، ولا یشکل بثبوت الصلاة منفرداً ؛ لإمکان الجواب بأنّ الکمال مع الجماعة أزید.

نعم ربّما یدّعی أنّ نفی الصلاة المفروضة إلاّ مع الإمام أوضح ، وحینئذٍ تدلّ الأخبار علی أن الصلاة المفروضة لا تکون إلاّ مع إمام أو الإمام ، وأمّا النفل فلا ، فینفی الدلالة علی جواز الجماعة مع عدم اجتماع الشرائط ، فیتّضح (2) القول بتعیّن الانفراد.

وقد یحمل خبر : « من لم یصلّ مع الإمام فلا صلاة له » علی أنّه مع وجود الإمام وصلاته متمکناً إذا لم یحضرها الإنسان مختاراً فلا صلاة له منفرداً وجماعةً ، إلاّ أنّ القائل بهذا غیر معلوم کما سبق (3).

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره فی المدارک من أنّ المستفاد من النصوص المستفیضة أنّها إنّما تصلّی علی الانفراد (4) ؛ ففیه تأمّل یظهر ممّا قرّرناه -

ص: 266


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- فی « فض » : ویتضح. ، وفی « م » : ویتعیّن.
3- فی ص 258.
4- المدارک 4 : 99.

غیر خفی ، وبُعد وصول الأخبار إلی حدّ الاستفاضة.

وکذلک ما ذکره قدس سره من أنّ المستفاد من النصوص المستفیضة أنّها تصلّی علی الانفراد مع تعذّر الجماعة ، أو عدم اجتماع العدد (1) ؛ محلّ تأمّل ، والوجه فیه یعلم من الکتاب المشار إلیه ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

ویبقی الکلام فی السابع والثامن ، وکلام الشیخ فیهما واضح.

اللغة :

قال فی القاموس : الجبّان والجبّانة مشدّدتین - : المقبرة والصحراء والمنبت الکریم و (2) الأرض المستویة فی ارتفاع (3).

قوله :

باب من یصلّی (4) وحده کم یصلی؟

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة العید رکعتان بلا أذان ولا إقامة ، (5) لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء ».

محمّد بن یعقوب ، عن علی ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن معاویة بن عمّار قال : سألته عن صلاة العیدین ، فقال : « رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء ».

معنی الجبانة

من یصلی وحده کم یصلی؟

اشارة

ص: 267


1- المدارک 4 : 99.
2- فی المصدر : أو.
3- القاموس المحیط 4 : 210.
4- فی الاستبصار 1 : 446 : صلّی.
5- فی الاستبصار 1 : 446 / 1722 زیادة : و.

سعد ، عن موسی بن الحسن ، عن معاویة بن حکیم ، عن عبد الله ابن المغیرة قال : حدّثنی بعض أصحابنا قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة الفطر والأضحی ، قال : « صلّهما رکعتین فی جماعة وغیر جماعة ، وکبّر سبعاً وخمساً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عن أبی البختری ، عن جعفر عن أبیه عن علی : قال : « من فاتته (1) العید فلیصلّ أربعاً ».

فالوجه فی الروایة التخییر ، لأنّ من صلّی وحده کان مخیّراً بین أن یصلی رکعتین علی ترتیب صلاة العیدین وبین أن یصلی أربعاً کیف ما شاء ؛ وإنْ کان الفضل فی صلاة الرکعتین علی ترتیب صلاة العید.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب بعد ملاحظة ما کرّرنا القول فیه (2).

والثانی : علی فیه لا یبعد أنْ یکون ابن إبراهیم ، لروایة علی بن إبراهیم عن محمّد بن عیسی بکثرة فی الکافی (3). لکن الشیخ فی التهذیب رواه عن علی بن محمّد (4) ، فیکون علاّن الثقة. والذی وجدته فی الکافی علی عن محمّد بن عیسی (5). ولعلّ الأمر سهل. ومحمّد بن عیسی عن

تمییز علی

ص: 268


1- فی الاستبصار 1 : 446 / 1725 ، والتهذیب 3 : 135 / 295 زیادة : صلاة.
2- فی ص 49 ، 154 ، 289.
3- الکافی 3 : 16 / 1 ، 17 / 5 ، 19 / 17 ، 21 / 1 ، 24 / 1 و 3.
4- التهذیب 3 : 129 / 278.
5- الکافی 3 : 460 الصلاة ب 93 ح 3.

یونس مضی القول فیه (1) ممّا حاصله : احتمال ضعف محمّد بن عیسی إذا روی عن یونس ، علی اصطلاح المتقدّمین من احتیاج الخبر إلی زیادة القرائن ، وهو لا ینافی توثیق النجاشی (2).

والثالث : فیه موسی بن الحسن ، وقد قدمنا مکرراً حاله کمعاویة بن حکیم (3) ، والفائدة فی إعادة البیان بعد الإرسال منتفیة. واحتمال المعنی الذی فهمه البعض من الإجماع علی تصحیح ما یصح عن عبد الله بن المغیرة (4) یتوقف علی ثبوت توثیق معاویة بن حکیم من دون القدح بکونه فطحیاً ، والذی یقول بالمعنی المشار إلیه یحکم بالجمع بین کونه ثقة وفطحیاً ، لعدم منافاة توثیق النجاشی (5) له مع عدم ذکر الفطحیة ، لما ذکره الکشی : من أنّه فطحی (6).

وقد قدّمنا (7) فی مثل هذا أنّ من المستبعد اطلاع النجاشی علی کونه فطحیاً مع عدم ذکره ؛ إذ لیس من شأنه عدم ذکر مخالفة المذهب فی الرجال ، کما أنّ اطلاع الکشی علی ما لم یطلع علیه النجاشی أشدّ بُعداً ، والعمدة عند القائلین بالجمع هو جواز اطلاع الجارح علی ما لم یطلع علیه المعدِّل فیقدّم (8) علیه مع التعارض ، وما نحن فیه واضح المنافاة لما ذکروه ، فلیتأمّل.

کلمة حول روایة محمد بن عیسی عن یونس

بحث حول معاویة بن حکیم والجمع بین کونه ثقة وفطحیاً

ص: 269


1- راجع ج 1 : 76 وج 4 : 8 ، 187.
2- رجال النجاشی : 333 / 896.
3- راجع ج 1 : 152 ، 315 ، 376 ، وج 2 : 72 وج 3 : 187 وج 5 : 249.
4- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
5- رجال النجاشی : 412 / 1098.
6- رجال الکشی 2 : 835 / 1062.
7- راجع ج 1 : 110 وج 4 : 93 وج 6 : 372.
8- فی « رض » و « م » : فی تقدیمه.

والرابع : أحمد بن أبی عبد الله فیه البرقی ؛ وأبوه معلوم حینئذٍ والقول فی حقیقة حالهما تکرر (1). ثمّ إنّ الطریق إلی أحمد فی المشیخة واضح الصحّة (2).

وأمّا أبو البختری فهو وهب بن وهب ، وقد قال الشیخ : إنّه ضعیف (3). والنجاشی : إنّه کذّاب (4). لکن لا یخفی أنّ الشیخ وغیره من المتقدمین لا یلتفتون إلی الراوی بل إلی مأخذ الروایة من الأُصول والکتب المعتمدة والقرائن الدالة علی الصحة ، والعجب من شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب ، حیث قال : إنّ الروایة ضعیفة جدّاً ، فإنّ راویها وهو أبو البختری کان کذّاباً قاضیاً عامیا ، فالعجب من تعلّق الشیخ بروایته فی إثبات هذا الحکم.

المتن :

فی الأخبار الثلاثة الأُول ظاهر الدلالة ، وما تضمنه من نفی الصلاة قبل وبعد فی الأوّلین قد قدّمنا فیه القول (5) ، والثالث یدل علی جواز فعل العیدین جماعة وعلی الانفراد ، وأنّ التکبیر سبعاً وخمساً ، غایة الأمر أنّ الإجمال واقع فیه من جهة التکبیر ، وستسمع القول فی ذلک إن شاء الله.

وما تضمنه [ الأوّل (6) ] من نفی الأذان والإقامة ظاهر فی نفی المشروعیة فیختص العموم أو یقیّد الإطلاق ؛ وغیر بعید إرادة الأذان

صحة طریق الشیخ إلی أحمد بن أبی عبد الله البرقی

بحث حول أبی البختری وهب بن وهب

التفات المتقدمین إلی القرائن دون حال الراوی

بیان ما دل علی أن صلاة العیدین رکعتان جماعة وفرادی

ص: 270


1- راجع ج 1 ص 47 ، 93 ، ج 2 ص 401.
2- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 314.
3- الفهرست : 173 ، 767.
4- رجال النجاشی : 430 / 1155.
5- فی ص 248 250.
6- ما بین المعقوفین فی النسخ : الثانی ، والصواب ما أثبتناه.

والإقامة المعلومین فی الیومیة ، فلا ینافی ما روی أنّه ینادی : « الصلاة » ثلاث مرّات.

ویؤید هذا أنّ الشیخ روی فی التهذیب فی الزیادات عن إسماعیل بن جابر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : أرأیت صلاة العیدین هل فیهما أذان وإقامة؟ قال : « لیس فیهما أذان ولا إقامة ، ولکن ینادی : الصلاة ، ثلاث مرّات. ولیس فیهما منبر ، المنبر لا یحوّل من موضعه ، ولکن یصنع للإمام شی ء شبه المنبر من طین ، فیقوم علیه فیخطب الناس ثم ینزل » (1).

ووجه التأیید ظاهر ، غیر أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ ظاهر قوله : « ولیس فیهما منبر » یدل بمعونة عدم معلومیة تحریم المنبر علی ( أنّ تحریم الأذان والإقامة غیر معلومٍ. ولعلّ جواب هذا سهل. نعم ربما یقال : إنّ الشیخ قد ) (2) روی فی التهذیب أیضاً عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « لیس فی یوم الفطر والأضحی أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا » الحدیث (3).

وهو یدل علی أنّ ما تضمنه الخبر المبحوث عنه وغیره من نفی الأذان والإقامة یمکن أن یراد به علی تقدیر إرادة نفی أذان الیومیة وإقامتها أنّ ما تضمنه الخبر الآخر من قوله : « الصلاة ثلاثاً » لیس بأذان ، بل إمّا أنْ یکون إقامة ، وحینئذٍ الأذان طلوع الشمس کما فی الخبر المذکور ؛ أو

لیس فی صلاة العیدین أذان وإقامة

ص: 271


1- التهذیب 3 : 290 / 873 ، الوسائل 7 : 428 أبواب صلاة العید ب 7 ح 1.
2- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
3- التهذیب 3 : 129 / 276 ، الوسائل 7 : 429 أبواب صلاة العید ب 7 ج 5.

یقال : إنّ النداء أذان ، فیکون حین الطلوع للإخبار به.

وفی الذکری : إنّ هذا النداء لیعلم الناس بالخروج إلی المصلّی (1). وکأنّه فهم هذا ممّا ذکرناه ، ویشکل بدلالة الخبر علی انحصار الأذان فی طلوع الشمس. وینقل عن أبی الصلاح أنّ محل النداء بالصلاة بعد القیام إلی الصلاة (2) ؛ ولا یبعد ذلک إلاّ أنّ فی البین توقفاً ، ولم أر من حرّر المقام.

فإنْ قلت : روایة إسماعیل غیر صحیحة ؛ لأنّ الشیخ فی التهذیب لم یذکر طریقه إلی إسماعیل بن جابر ، وفی الفهرست لم یذکر إلاّ الطریق إلی کتابه (3) ، فلا یفید لعدم العلم بکونها من الکتاب ؛ وإسماعیل بن جابر فیه کلام.

قلت : قد ذکر الروایة الصدوق عن إسماعیل بن جابر (4) ؛ وطریقه إلیه وإن کان فیه ابن المتوکل ومحمّد بن عیسی إلاّ أنّ إیداعها الفقیه یوجب المزیة کما کرّرنا القول فیه (5) ، علی أنّ محمّد بن عیسی قدّمنا احتمال قبول روایته (6) ، وابن المتوکل معتبر عند مشایخنا (7) ؛ والعلاّمة حکم بصحة طریق اشتمل علیه (8).

کلمة حول طریق الشیخ والصدوق إلی إسماعیل بن جابر

ص: 272


1- الذکری 4 : 172.
2- الکافی فی الفقه : 153.
3- الفهرست : 15 / 49.
4- الفقیه 1 : 322 / 1473.
5- فی ص 1211.
6- تقدم فی ص 90.
7- خلاصة العلاّمة : 149 / 58 ، رجال ابن داود : 185 ، وانظر فلاح السائل : 158.
8- وهو طریق الصدوق إلی الحسن بن محبوب وثعلبة بن میمون ، الخلاصة : 278 ، 281.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر الرابع من الصلاة أربعاً قد نقل فی المختلف الاحتجاج به بعد أن حکی عن ابن الجنید أنّه قال : تصلّی العید مع الشرائط رکعتین ومع اختلالها أربعاً ؛ وبه قال علی بن بابویه. وقال الشیخ فی التهذیب : من فاتته الصلاة یوم العید لا یجب علیه القضاء ، ویجوز له أنْ یصلّی إنْ شاء رکعتین وإن شاء أربعاً من غیر أنْ یقصد بها القضاء (1).

ثم إنّ العلاّمة اختار المشهور من استحباب صلاتها رکعتین کما یصلّی مع الشرائط ، واحتج بالأخبار المبحوث عنها ، ثم قال : احتج بما رواه أبو البختری ، وذکر الحدیث.

والظاهر منه أنّ الاحتجاج للشیخ فی التهذیب ، والذی وجدته فیه ما ذکره من کلامه ، وروایة أبی البختری ذکرها فی جملة روایات (2).

وقد أجاب العلاّمة عن الروایة بالضعف ، وغیر خفی عدم مطابقتها لقول الشیخ فی التهذیب ، والظاهر عود الاحتجاج لابن الجنید ؛ لأنّه ذکر مع الروایة ما یناسب المشهور عنه من العمل بالقیاس ، وبالجملة فهو دلیل فی غایة الغرابة ، بل لا ینبغی أن یذکر فی کتب الاستدلال ، ومن ثَمّ [ لم ننقله (3) ] هذا ؛ وما ذکره الشیخ هنا من التخییر لم ینقله العلاّمة فی المختلف ، وهو غریب ؛ فإنّه ینقل فی الکتاب أقوال الشیخ فی الاستبصار.

وعلی کل حال ینبغی أن یعلم أنّ الصدوق فی آخر أبواب الصوم ذکر خبراً یقتضی فعل صلاة العید بعده إذا ثبت الهلال یوم العید بعد الزوال.

توجیه ما دل علی أن من فاتته صلاة العید یصلی أربعا

ص: 273


1- المختلف 2 : 277.
2- التهذیب 3 : 135.
3- فی النسخ : لم ینقله ، والظاهر ما أثبتناه.

وقد أوضحت الحال فیه فی معاهد التنبیه ، فمن أراده وقف علیه.

قوله :

باب سقوط صلاة العیدین عن المسافر.

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد ( بن عثمان وخلف بن حمّاد ) (1) ، عن ربعی بن عبد الله والفضیل بن یسار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لیس فی السفر جمعة ولا فطر ولا أضحی ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن المسافر إلی مکة وغیرها ، هل علیه صلاة العیدین الفطر والأضحی؟ قال : « نعم (2) ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والإیجاب.

السند :

فی الأوّل : قد تقدّم الکلام فیه عن قریب ، حیث نقلنا روایة غیر هذه عن التهذیب بهذا الإسناد ؛ وبینا احتمال عطف خلف بن حماد علی محمّد بن سنان فتکون صحیحة ، وعلی حمّاد فلا تکون صحیحة ، وذکرنا حکم العلاّمة بصحتها فی المنتهی (3).

والثانی : لا ریب فیه.

سقوط صلاة العیدین عن المسافر

کلمة حول سند فیه : محمد بن سنان ، عن حماد وخلف

ص: 274


1- ما بین القوسین ساقط عن « فض » و « م ».
2- فی الاستبصار 1 : 447 / 1727 ، والتهذیب 3 : 288 / 867 زیادة : إلاّ بمنی یوم النحر.
3- راجع ص 211 213.

المتن :

فی الأوّل : علی تقدیر العمل به أفاد مشارکة الجمعة للعیدین ؛ وإطلاق نفی الجمعة عن المسافر لا یخلو من تقیید عند جماعة من الأصحاب (1) ، بل قد نقل الإجماع علی أنّ المسافر لو فعل الجمعة جاز وأجزأته عن الظهر (2) ، لکن فی الإجماع تأمّل ؛ لعدم معلومیة الناقل ، ووجود أخبار معتبرة دالة علی السقوط عنه (3).

والثانی : ظاهر الدلالة علی جواز العیدین فی السفر ، والشیخ کما تری حملها علی الاستحباب ، فإنْ کان مراده أنّ اجتماع الشرائط من حضور الإمام علیه السلام کما هو مذهب الشیخ (4) وغیره (5) وباقی الشروط غیر الإقامة یقتضی استحباب العیدین ، فهو موقوف علی دلیل اشتراط الإقامة فی وجوب العیدین ، والذی وقفت علیه ما نقل عن المنتهی من دعوی الإجماع ، حیث قال : إنّما یجب العیدان بشرائط الجمعة بلا خلاف بین أصحابنا إلاّ الخطبة ، لأنّ النبی صلی الله علیه و آله صلاّها مع الشرائط (6) وقال : « صلّوا کما رأیتمونی أُصلّی ». وقال : الذکورة والعقل والحرّیة والحضر شروط فیها ولا نعرف فیه خلافاً (7). ولا یخفی علیک الحال.

بیان ما دل علی سقوط صلاة العیدین عن المسافر کالجمعة

توجیه ما دل علی عدم السقوط

ص: 275


1- الخلاف 1 : 610 ، السرائر 1 : 293 ، المعتبر 2 : 292.
2- الذکری 4 : 117 ، انظر المدارک 4 : 53.
3- الوسائل 7 : 295 أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 1.
4- التهذیب 3 : 135.
5- المختلف 2 : 275.
6- فی المصدر : شرائط الجمعة.
7- المنتهی 1 : 342.

وإنْ کان مراد الشیخ أنّ الصلاة فی السفر مستحبة مع عدم حضور الإمام علیه السلام فکان ینبغی بیانه ، ولعلّ اعتماد الشیخ علی المعلومیة اقتضی الإطلاق ، وقد تقدم فی خبر جمیل الصحیح أنّ صلاة العیدین فریضة ، والتقیید موقوف علی الثبوت ، فلیتأمّل.

وینبغی أنْ یعلم أنّ الصدوق روی خبر سعد وزاد فیه : « إلاّ بمنی یوم النحر » (1) ولا أدری الوجه فی ترک الشیخ ذلک (2).

قوله :

باب عدد التکبیرات فی صلاة العید.

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن الفضیل ، عن أبی الصباح قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر فی العیدین ، قال « اثنتا عشرة تکبیرة ، سبع فی الأُولی وخمس فی الأخیرة ».

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر فی العیدین ، قال : « سبع وخمس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین (3) ، عن یزید بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن التکبیر (4) فی الفطر والأضحی ،

عدد التکبیرات فی صلاة العید

اشارة

ص: 276


1- الفقیه 1 : 323 / 1481.
2- الزیادة موجودة فی التهذیب والاستبصار کما قدّمناه فی ص 273.
3- فی الاستبصار 1 : 447 / 1730 : الحسن.
4- فی الاستبصار 1 : 447 / 1730 زیادة : فی العیدین ، قال : « سبع وخمس ». عنه ، عن هارون بن حمزة الغنوی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن التکبیر.

فقال : « خمس وأربع ، ولا (1) یضرک إذا انصرفت علی وتر ».

وما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة : أنّ عبد الملک بن أعین سأل أبا جعفر علیه السلام عن الصلاة فی العیدین ، فقال : « الصلاة فیهما سواء ، یکبّر الإمام تکبیرة الصلاة تاماً کما یصنع فی الفریضة ، ثم یزید فی الرکعة الأُولی ثلاث تکبیرات وفی الأخیرة (2) ثلاثاً سوی تکبیرة الصلاة والرکوع والسجود ؛ وإنْ شاء ثلاثاً وخمساً ، وإنْ شاء خمساً وسبعاً بعد أنْ یلحق ذلک إلی وتر ».

فالوجه فی هاتین الروایتین التقیة ؛ لأنّهما موافقتان لمذاهب کثیر من العامة ولسنا نعمل به ، وإجماع الطائفة المحقة علی ما قدّمناه.

السند :

فی الأوّل : فیه محمّد بن الفضیل وهو مشترک (3) ، والصدوق فی الفقیه رواه عن محمّد بن الفضیل (4) ولم یذکر الطریق إلیه ، لکن قد کرّرنا القول فی روایاته (5).

والثانی : لا ریب فیه ؛ وجمیل هو ابن دراج ؛ لروایة ابن أبی عمیر عنه فی الفهرست (6). وفی التهذیب عن ابن أبی عمیر وفضالة عن جمیل (7) ، والأمر سهل.

محمد بن الفضیل مشترک

تمییز جمیل

ص: 277


1- فی الاستبصار 1 : 447 / 1731 ، والتهذیب 3 : 286 / 854 : فلا.
2- فی الإستبصار 1 : 447 / 1732 ، والتهذیب 3 : 134 / 296 : الأُخری.
3- هدایة المحدثین : 249.
4- الفقیه 1 : 324 / 1485.
5- راجع ص 669.
6- الفهرست : 44 / 143.
7- التهذیب 3 : 127 / 270.

والثالث : محمّد بن الحسین فیه ابن أبی الخطاب ، ورجاله تقدم القول فیهم عن قریب وبعید (1) ، ( والحاصل أنّ یزید بن إسحاق لا أعلم توثیقه إلاّ من جدّی قدس سره فی شرح البدایة (2) ، وکأنّه من تصحیح العلاّمة بعض الطریق إلی هارون بن حمزة (3) ) (4).

والرابع : لا ارتیاب فی رجاله إنْ کان زرارة سمع الإمام علیه السلام ، کما هو الظاهر من قوله : فقال ، إلی آخره. ویحتمل أنْ یکون الراوی عبد الملک لقول الإمام علیه السلام ؛ ولا یخفی بُعده عن الظاهر ، وعبد الملک فیه کلام یعرف ممّا قدّمناه.

المتن :

لا بُدّ قبل الکلام فیه من مقدمة ، وهی أنّ العلاّمة فی المختلف قال : لا خلاف فی عدد التکبیر الزائد ، وأنّه تسع تکبیرات خمس فی الأُولی وأربع فی الثانیة ؛ لکن الخلاف فی وضعه ، فالشیخ علی أنّه فی الأُولی بعد القراءة یکبّر خمس تکبیرات ، ویقنت خمس مرّات عقیب کل تکبیرة قنتة ، ثم یکبّر تکبیر الرکوع ویرکع ؛ وفی الثانیة بعد القراءة یکبّر أربع تکبیرات ، یقنت عقیب کل تکبیرة ، ثم یکبّر الخامسة للرکوع ؛ وذهب إلیه ابن أبی عقیل وابن الجنید وابن حمزة وابن إدریس. وقال المفید : یکبّر فی الأُولی سبع تکبیرات مع تکبیرة الافتتاح والرکوع ، ویقنت خمس مرّات ؛ فإذا نهض إلی الثانیة کبّر وقرأ ، ثم کبّر أربع تکبیرات یرکع فی الرابعة ،

کلمة حول یزید بن إسحاق

عبد الملک بن أعین فیه کلام

الأقوال فی عدد التکبیرات ووضعها فی صلاة العیدین

ص: 278


1- راجع ج 1 ص 182 183 ، ج 2 ص 237.
2- الدرایة : 131.
3- خلاصة العلاّمة : 279.
4- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».

ویقنت ثلاث مرّات ؛ وهو اختیار المرتضی وابن بابویه وأبی الصلاح وابن البرّاج وسلاّر (1). هذا کلامه.

ونقل بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله عن المنتهی أنّ فیه نقلاً عن ابن بابویه وابن أبی عقیل : أنّ التکبیرات الزائدة سبع. وعن المفید : أنّ فی الثانیة ثلاثاً (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبرین الأوّلین ظاهران فی أنّ التکبیر سبع وخمس ، والأوّل صریح فی أنّ السبع فی الأُولی والخمس فی الأخیرة ، غیر أنّ موضع کل غیر مفصَّل.

والثالث : کما تری یدل صدره علی الخمس والأربع ؛ وهذا لا ینافی مدلول الأوّلین بجواز إرادة التکبیر الزائد ، وهو خمس فی الأُولی وأربع فی الثانیة علی ما یقتضیه بعض الأخبار ، لکن قوله : « ولا یضرک إذا انصرفت علی وتر » فیه منافاة لما سبق ، من حیث تناوله للأقل من خمسة وأربعة والأکثر.

والرابع : ظاهر المنافاة للأوّلین ، ومفصِّل لإطلاق الثالث.

وما ذکره الشیخ من إجماع الطائفة علی ما قدّمه لا یخلو من إجمال ؛ إذ یحتمل أنْ یراد به إجماع الطائفة علی أنّ التکبیرات اثنا عشر ؛ والخلاف السابق عن المنتهی ینافیه ، ویوافقه کلام المختلف. ویحتمل أنْ یراد الإجماع علی نفی ما تضمنه الخبران ؛ إذ الخلاف السابق لا یتناوله الخبران ؛ لکن العبارة یساعد علی الاحتمال الأوّل ، فیحتاج تطبیق ما ذکره فی المنتهی

بیان ما دل علی أن التکبیرات سبع وخمس

توجیه ما دل علی أن التکبیرات خمس وأربع

ص: 279


1- المختلف 2 : 268 ، وهو فی النهایة : 135 ، والمبسوط 1 : 170 ، وفی الوسیلة : 111 ، وفی السرائر 1 : 316 ، 317 ، وفی المقنعة : 194 ، 195 ، وفی جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 45 ، وفی الفقیه 1 : 324 ، المقنع : 46 ، وفی الکافی فی الفقه : 153 ، 154 ، وفی المهذب 1 : 122 ، وفی المراسم : 78.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 402 ، وهو فی المنتهی 1 : 340.

إلی مراجعة ما نقله عن المذکورین ، ولم یحضرنی الآن کلامهم.

وفی التهذیب ذکر الخبر الثانی فی مقام الاستدلال علی أنّ التکبیرات الزائدة مستحبة ، لأنّه قال بعد عبارة لا أدری أنّها منه أو من المفید : ومن أخل بالتکبیرات السبع لم یکن مأثوماً ، إلاّ أنّه یکون تارکاً سنّةً ومهمِلاً فضیلةً ، یدل علی ذلک ما رواه الحسین بن سعید إلی آخر الروایة ثم قال : ألا تری أنّه جوّز الاقتصار علی الثلاث تکبیرات وعلی الخمس تکبیرات ، وهذا یدل علی أنّ الإخلال بها لا یضر بالصلاة (1). وکلامه هنا غیر خفی أنّه ینافی ما ذکره فی التهذیب إلاّ بوجه متکلف.

ومن العجب أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن الشیخ فی التهذیب أنّه قال : من أخلّ بالتکبیرات السبع (2) إلی آخر ما ذکره الشیخ ثم نقل احتجاجه بالروایة ، ثم أجاب بأنّ زیادة الثلاث لا تنافی زیادة الأکثر (3).

وغیر خفی أنّه إنْ أراد بما ذکره أنّ ما دلّ علی الزیادة لا ینافی الخبر المذکور ، ففیه : أنّ الخبر مصرِّح بالتخییر بین الثلاث وما زاد ، وما دلّ علی السبع والخمس یدل علی التعین (4) فالمنافاة حاصلة.

وإنْ أراد أنّ الروایة لا تدلّ علی أنّ التکبیر الزائد مستحب مطلقاً ، بل علی أنّ ما فوق الثلاث مستحب ، وکلام الشیخ یدلّ علی أنّ مطلق التکبیر الزائد مستحب ، والروایة لا تدلّ علی مطلوبه. ففیه : أنّ العلاّمة اختار وجوب التسع ؛ لأنّ أوّل الکلام یقتضیه ، حیث قال بعد ما سمعته من عبارة التهذیب ، ثم نقل کلام غیره - : وأختاره (5). والجواب لا یطابق مدّعاه

توجیه ما دل علی أن التکبیرات ثلاث وثلاث أو ثلاث وخمس أو خمس وسبعر

ص: 280


1- التهذیب 3 : 134.
2- فی « فض » و « رض » : التسع.
3- المختلف 2 : 269.
4- فی « رض » : التعیین.
5- المختلف 2 : 269 ، وفیه. وهو الأقرب.

إنْ أراد ما ذکرناه ، هذا علی تقدیر ما نقله من عبارة التهذیب ، والذی رأیته ما سمعته من لفظ « سبع » فی نسخةٍ معتبرة.

وبالجملة : فالأمر لا یخلو من اضطراب ، ولو لا تخیّل مخالفة الإجماع لأمکن احتمال التخییر فی الواجب أو (1) الاستحباب فی التکبیر ، فلیتأمّل.

ویبقی فی المقام تتمّة القول فی ما قدّمناه من الأقوال (2) ، وسیتّضح بعض ما لا بُدّ منه فی الباب الآتی إن شاء الله.

قوله :

باب کیفیة التکبیر فی صلاة (3) العیدین.

محمّد بن یعقوب ، عن علی ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن معاویة ، قال : سألته (4)عن صلاة العیدین؟ فقال : « رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء ، ولیس فیهما أذان ولا إقامة ، یکبّر فیهما اثنتی عشرة تکبیرة ، یبدأ فیکبّر فیفتتح الصلاة ، ثم یقرأ فاتحة الکتاب ، ثم یقرأ والشمس وضحاها ، ثم یکبّر خمس تکبیرات ، ثم یکبّر ویرکع ، فیکون قد رکع بالسابعة ، ویسجد سجدتین ، ثم یقوم ویقرأ فاتحة الکتاب وهل أتاک حدیث الغاشیة ، ثم یکبّر أربع تکبیرات ویسجد سجدتین ویتشهد » (5).

عنه ، عن علی ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن علی بن

کیفیة التکبیر فی صلاة العیدین

تمییز علی

ص: 281


1- فی « م » : و.
2- فی ص 277 278.
3- لیست فی « رض » و « م ».
4- فی الاستبصار 1 : 448 / 1733 : سألتُ.
5- فی الاستبصار 1 : 448 / 1733 یوجد : ویسلّم ، قال : وکذلک صنع رسول الله صلی الله علیه و آله . ( زیادة من الکافی ) وتمام الحدیث فی الکافی 3 : 460.

أبی حمزة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی صلاة العیدین قال : « یکبّر ، ثم یقرأ ، ثم یکبّر خمساً ، ویقنت بین کل تکبیرتین ، ثم یکبّر السابعة ویرکع بها ، ثم یسجد ، ثم یقوم فی الثانیة فیقرأ ، ثم یکبّر أربعاً (1)ویرکع بها ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد ( بن سنان ، عن ) (2) ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی صلاة العیدین قال : « کبّر ستّ تکبیرات وارکع بالسابعة ، ثم قم فی الثانیة فاقرأ ، ثم کبّر أربعاً وارکع بالخامسة ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن شُعیب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « التکبیر فی الفطر والأضحی اثنتا عشرة تکبیرة ، تکبّر فی الأُولی واحدة وتقرأ (3) ، ثم تکبّر بعد القراءة خمس تکبیرات ، والسابعة ترکع بها ، ثم تقوم فی الثانیة فتقرأ ، ثم تکبّر أربعاً ، والخامسة ترکع بها ».

عنه ، عن یعقوب بن یقطین قال : سألت العبد الصالح علیه السلام عن التکبیر فی العیدین ، أقبل القراءة أو بعدها ، وکم عدد التکبیر فی الأُولی وفی الثانیة والدعاء بینهما (4) ، وهل فیهما قنوت أم لا؟ فقال : « تکبیر العیدین للصلاة قبل الخطبة ، یکبّر تکبیرة یفتتح بها الصلاة ، ثم یقرأ ویکبّر خمساً ( ویدعو بینهما ) (5) ثم یکبّر أخری ویرکع بها ، فذلک

ص: 282


1- فی الاستبصار 1 : 448 / 1734 ، والکافی 3 : 460 / 5 زیادة : فیقنت بین کلِّ تکبیرتین ، ثمّ یکبّر.
2- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 448 / 1735.
3- فی الاستبصار 1 : 449 / 1736 : ثمَّ تقرأ.
4- فی الاستبصار 1 : 449 / 1737 : بهما.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».

سبع تکبیرات بالذی افتتح بها ، ثم یکبّر فی الثانیة خمساً یقوم فیقرأ ، ثم یکبّر أربعاً ویدعو بینهن ، ، ثم یرکع بالتکبیرة الخامسة ».

عنه ، عن أحمد بن عبد الله القروی ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعیل الجعفی (1) ، عن أبی جعفر علیه السلام ، فی صلاة العیدین قال : « یکبّر واحدة یفتتح بها الصلاة ، ثم یقرأ أُمّ الکتاب وسورة ، ثم یکبّر خمساً یقنت بینهن ، ثم یکبّر واحدة ویرکع بها ، ثم یقوم فیقرأ أُمّ الکتاب (2) وسورة ، یقرأ فی الأُولی سبّح اسم ربک الأعلی وفی الثانیة والشمس وضحاها ، ثم یکبّر أربعاً ویقنت بینهن ، ثم یرکع بالخامسة ».

عنه ، عن عبد الله بن بحر ، عن حریز بن عبد الله ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر فی الفطر والأضحی فقال : « ابدأ فکبّر تکبیرة ، ثم تقرأ ، ثم تکبّر بعد القراءة خمس تکبیرات ، ثم ترکع بالسابعة ، ثم تقوم فتقرأ ، ثم تکبّر أربع تکبیرات ، ثم ترکع بالخامسة ».

السند :

فی الأوّل : علی فیه قد تقدم (3) أنّ کونه ابن إبراهیم غیر بعید ، لکثرة روایاته عن محمّد بن عیسی فی الکافی ، إلاّ أنّ الشیخ فی التهذیب رواه عن علی بن محمّد (4) ، ( وهو علاّن ، وفی الکافی : علی ، عن محمّد ) (5) بن

تمییز معاویة

ص: 283


1- فی الاستبصار 1 : 449 / 1738 : الجبلی.
2- فی الاستبصار 1 : 449 / 1738 : القرآن.
3- فی ص 267.
4- التهذیب 3 : 129 / 278 ، الوسائل 7 : 434 أبواب صلاة العید ب 10 ح 2.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

عیسی (1) ، والأمر سهل. ومحمّد بن عیسی عن یونس تکرّرا. ومعاویة تقدّم من الشیخ أنّه ابن عمّار (2) ، لأنّ الروایة واحدة فی الکافی ، والشیخ جعل بعضها فیما تقدّم عن قریب (3) ، ثم ذکرها هنا بتمامها ، وفی الکافی عن معاویة کما هنا ، وفی المختلف وصفها بالصحّة (4) ، وهو غریب منه.

والثانی : کالأوّل بالنسبة إلی علی ومحمّد بن عیسی عن یونس ، وعلی بن أبی حمزة محتمل للثمالی الثقة والبطائنی الضعیف.

( والثالث : فیه ) (5) محمّد بن سنان ، وقد قدّمنا من حاله ما یغنی عن إعادة البیان.

والرابع : فیه أبو بصیر.

والخامس : صحیح.

والسادس : فیه أحمد بن عبد الله القروی ، وهو مجهول الحال ، إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وفی هذا دلیل علی أنّ ما سبق فی الکتاب مکرّراً من روایة الحسین بن سعید عن القروی هو أحمد بن عبد الله ، وتقدّم فی بعض النسخ الهروی ، وذکرنا احتماله عبد السلام (6) ، والظاهر انتفاؤه بما هنا.

وإسماعیل الجعفی تکرّر القول فیه (7) ، لکن روایة أبان بن عثمان هنا

علی بن أبی حمزة محتمل للثقة والضعیف

بحث حول أحمد بن عبد الله القروی

بحث حول إسماعیل الجعفی

ص: 284


1- الکافی 3 : 460 / 3 وفیه أیضاً : علی بن محمّد ، عن محمّد بن عیسی.
2- راجع ص 267.
3- فی ص 267.
4- المختلف 2 : 268.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- راجع ج 5 : 155 وج 6 : 116.
7- راجع ج 2 : 435 وج 3 : 176 وج 4 : 272 وج 5 : 306 وج 6 : 116.

ربما [ تدلّ (1) ] علی أنّ ما فی الروایات من أبان عن إسماعیل الجعفی یراد به ابن عثمان ، وقد تقدّم فی باب الأذان ما یدلّ علی أنّه ابن جابر الجعفی ، لا ابن عبد الرحمن ، لأنّ الراوی عنه هناک أبان بن عثمان (2). وفی بعض النسخ : الجبلی ، بدل : الجعفی ، وهو غلط علی ما ذکرناه.

والسابع : فیه عبد الله بن بحر ، وهو لا یزید علی الإهمال (3).

المتن :

فی الجمیع دلیل المشهور ، لکن الثانی فی الکافی فیه بعد قوله : « ثم یکبّر أربعاً » : « یقنت بین کل تکبیرتین ثم یکبّر ویرکع بها » (4) والدلالة حینئذٍ واضحة.

وما تضمّنه الخامس من قوله : والدعاء بینهما وهل فیهما قنوت أم لا؟ محتمل لأنْ یکون السؤال عن الدعاء وعن القنوت ( مراداً به رفع الیدین ؛ لاستعماله فیه کما مضی فی باب القنوت (5) ، ویحتمل أن یکون السؤال عن القنوت ) ، (6) وهو الدعاء وما یشمل الدعاء والرفع ، والجواب کما تری تضمّن الدعاء فقط ، فعلی تقدیر السؤال علی الاحتمال الأوّل یصیر الجواب خالیاً عنه ، فربما یقرب احتمال إرادة الدعاء من القنوت ،

عبد الله بن بحر مهمل

بیان ما دل علی کیفیة التکبیرات والقنوت بینها والمراد به

ص: 285


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : دل دلیل. غیّرناه لاستقامة المتن.
2- راجع ج 5 ص 66.
3- رجال ابن داود : 253 / 264 ، الخلاصة : 238 / 34 ، نقد الرجال : 194 ، وفی الجمیع : أنّه ضعیف مرتفع القول.
4- الکافی 3 : 460 / 5.
5- راجع ج 5 ص 298.
6- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

لیکون الجواب عنه ، مع احتمال التنبیه (1) فی الجواب علی أنّ الدعاء هو (2) المطلوب لا غیر ، وإطلاق الخبر الأوّل فی عدم ذکر الدعاء فیه ربما یحمل علی المقیّد ، وهو الثانی والخامس ، لکن الثانی فیه القنوت ، وحینئذٍ لا یبعد إرادة الدعاء مع رفع الیدین.

والسادس : دلّ علی القنوت أیضاً.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف الخلاف فی القنوت ، فعن الشیخ أنّه مستحب من ظاهر کلامه فی غیر الخلاف ، وفیه : أنّه نصّ علی الاستحباب. وعن المرتضی أنّه قال : انفردت الإمامیة بإیجاب القنوت بین کلّ تکبیرتین من تکبیرات العید ، وهو الظاهر من کلام أبی الصلاح. قال العلاّمة : وهو الأقرب ، ( واستدلّ بقوله علیه السلام : « صلّوا کما رأیتمونی أُصلّی » (3) وبما رواه یعقوب بن یقطین ) (4) ، وذکر الخامس قائلاً : والأمر للوجوب ؛ وبروایة إسماعیل وهو السادس.

ونَقَل عن الشیخ الاستدلال باستحباب التکبیر علی أنّ استحباب القنوت التابع له أولی بأصالة براءة الذمّة ؛ وأجاب العلاّمة بمنع استحباب التکبیر ، وأنّ الأصل قد یخالف مع الدلیل (5).

ولا یخفی علیک أنّ ما دلّ علی کیفیة صلاة العید بعد السؤال عنها إذا کان خالیاً عن الدعاء کخبر معاویة المعدود عنده فی الصحیح ، حیث

الأقوال فی وجوب القنوت واستحبابه

ص: 286


1- فی « فض » و « م » : البیّنة.
2- لیست فی « م » ، وفی « فض » : هذا.
3- عوالی اللئالی 1 : 198 / 8.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- المختلف 2 : 270 ، وهو فی الخلاف 1 : 661 ، وفی الانتصار : 57 ، وفی الکافی فی الفقه : 153.

استدلّ به علی أنّ التکبیرات تسع زائدة بعد القراءة (1) یدلّ علی أنّ الدعاء ( غیر واجب ) (2) ، وإلاّ لذکر فی مقام التعلیم ، إلاّ أنْ یقال : إنّ إطلاقه مقیّد بغیره ، کما أشرنا إلیه (3) ، وتأخیر البیان عن وقت الحاجة غیر معلوم ، وفیه نوع کلام ، إلاّ أنّ اقتصاره علی ما ذکره فی الاستدلال غیر لائق.

وأمّا الخبر المذکور من قوله علیه السلام : « صلّوا » فلم أقف علیه مسنداً (4).

وما ذکره السیّد المرتضی رضی الله عنه من انفراد الإمامیة محتمل لأنْ یراد عدم المشارک لهم فی القول بالوجوب من العامّة ، کاحتمال إرادة الإجماع ، وإنْ قرّب الأوّل مخالفة الشیخ للسیّد مع قرب عهده منه ، إلاّ أنّ مخالفة الشیخ لدعوی السیّد الإجماع صریحاً موجودة.

وبالجملة : فالأخبار المطلقة فی عدم الدعاء غیر قلیلة (5).

ومن هنا یعلم أنّ القول بتعیّن الدعاء المخصوص کما ینقل عن ظاهر أبی الصلاح (6) محلّ تأمّل ، وفی بعض الأخبار المعتبرة (7) ما یدفعه.

وما تضمّنه بعض الأخبار من إجمال القنوت بین التکبیرات (8) سهل الجواب.

أمّا دلالة الأخبار علی عدم تعیّن السورتین [ فکأنّها (9) ] ظاهرة ، لکن

عدم تعین دعاء مخصوص فی القنوت

هل تتعین فی صلاة العید سورة مخصوصة؟

ص: 287


1- المختلف 2 : 268.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی ص 285.
4- فی « م » : مستنداً.
5- انظر الوسائل 7 : 433 أبواب صلاة العید ب 10.
6- الکافی فی الفقه : 154 ، حکاه عنه فی المختلف 2 : 271.
7- راجع الوسائل 7 : 467 أبواب صلاة العید ب 26.
8- راجع الوسائل 7 : 467 أبواب صلاة العید ب 26.
9- فی النسخ : وکأنّها ، والأنسب ما أثبتناه.

المنقول عن العلاّمة فی المنتهی دعوی الإجماع علی وجوب السورة (1).

ونقل فی المختلف الأقوال فی السورتین ، فعن الشیخ فی المبسوط والنهایة : الحمد والأعلی فی الأُولی ، والحمد والشمس فی الثانیة ، وهو قول ابن بابویه فی المقنع ومن لا یحضره الفقیه ، وابن إدریس ، وابن حمزة ؛ وفی الخلاف : الحمد والشمس فی الأُولی ، والحمد والغاشیة فی الثانیة ، وهو قول المفید ، والمرتضی ، وأبی الصلاح ، وابن البرّاج ، وابن زهرة ؛ ونقل غیر ذلک ، إلی أنْ قال : والخلاف لیس فی الإجزاء ؛ إذ لا خلاف فی انّ الواجب سورة مع الحمد أیّها کانت من هذه أو غیرها ، وإنما الخلاف فی الاستحباب ، والأقرب ما ذهب إلیه فی الخلاف.

لنا : ما رواه جمیل فی الصحیح ، عن الصادق علیه السلام ، قال : سألته ما یقرأ فیهما؟ قال : « والشمس وضحاها وهل أتاک حدیث الغاشیة وأشباههما » (2) وفی الصحیح عن معاویة ، وذکر الخبر الأوّل من المبحوث عنه ؛ ثم نقل عن الشیخ الاحتجاج بروایة إسماعیل الجعفی ، وهی السادسة ، وروایة لأبی الصباح الکنانی ، وأجاب بعد سلامة السند بأنّهما یدلاّن علی الجواز ، ونحن نقول به (3).

ولا یذهب علیک أنّ الروایة التی استدلّ بها أوّلاً تضمّنت أشباه

ص: 288


1- المنتهی 1 : 340 ، حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 398.
2- التهذیب 3 : 127 / 270.
3- المختلف 2 : 267 ، وهو فی المبسوط 1 : 170 ، وفی النهایة : 135 ، وفی الفقیه 1 : 324 ، وفی السرائر 1 : 317 ، وفی الوسیلة : 111 ، وفی الخلاف 1 : 662 ، وفی المقنعة : 194 ، 195 ، وفی جمل العلم والعمل ( رسائل الشریف المرتضی 3 ) : 44 ، وفی الکافی فی الفقه : 153 ، 154 ، وفی المهذّب 1 : 122 ، وفی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 499 500.

السورتین فلا یتمّ مطلوبه ، ولعل الأمر فی الاستحباب سهل.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن عبد الله ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « التکبیر فی العیدین فی الأُولی سبع قبل القراءة ، وفی الأخیرة (1) خمس بعد القراءة ».

وما رواه أحمد بن محمّد (2) ، عن إسماعیل بن سعد (3)الأشعری ، عن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن التکبیر فی العیدین؟ قال : « التکبیر فی الأُولی سبع تکبیرات قبل القراءة ، وفی الأُخری خمس تکبیرات بعد القراءة (4) ».

الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة یوم الفطر؟ فقال : « رکعتین بغیر أذان ولا إقامة ، وینبغی للإمام أنْ یصلّی قبل الخطبة والتکبیر فی الرکعة الأُولی یکبّر ستّاً ، ثم یقرأ ، ثم یکبّر السابعة ، ثم یرکع بها فتلک سبع تکبیرات ، ثم یقوم إلی الثانیة فیقرأ ، فإذا فرغ من القراءة کبّر أربعاً ، ثم یکبّر الخامسة ویرکع بها ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن الفضیل ، عن أبی الصباح قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر فی العیدین؟

ص: 289


1- فی الاستبصار 1 : 450 / 1740 : الآخرة.
2- فی « رض » : محمّد بن أحمد.
3- فی الاستبصار 1 : 450 / 1741 : سعدان.
4- فی « م » لا توجد عبارة : بعد القراءة.

فقال : « اثنتا عشرة ، سبع فی الأُولی ، وخمس فی الأخیرة ، فإذا قمت فی الصلاة فکبّر واحدة [ و ](1) تقول : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله » ( إلی آخر الخبر ) (2).

محمّد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن الحکم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی صلاة العیدین قال : « تصل القراءة بالقراءة » وقال : « تبدأ بالتکبیر فی الاولی ، ثم تقرأ ، ثم ترکع بالسابعة ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن الحکم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ؛ وحمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام مثله.

فالوجه فی هذه الأخبار أنْ نحملها علی ضربٍ من التقیّة ، لأنّها موافقة لمذاهب بعض العامّة.

السند :

فی الأوّل : صحیح علی ما تکرّر القول فیه (3).

وکذلک الثانی ؛ لأنّ إسماعیل بن سعد ثقة.

والثالث : موثق.

والرابع : فیه محمّد بن الفضیل ، وهو مشترک بین ثقة وغیره (4).

إسماعیل بن سعد الأشعری ثقة

محمد بن الفضیل مشترک

ص: 290


1- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 450 / 1743.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- راجع ج 1 ص 69 ، 185 ، ج 2 ص 334.
4- هدایة المحدثین : 249.

والخامس : لا ارتیاب فیه ، إلاّ من هشام بن الحکم ، ویدفعه مراجعة کتاب شیخنا فی الرجال (1).

والسادس : خالٍ من الارتیاب ، فإنّ حمّاد بن عثمان معطوف علی هشام ؛ لأنّ ابن أبی عمیر یروی عن حمّاد بن عثمان فی الرجال ، وروایة الحسین بن سعید عن حمّاد بن عیسی بکثرة.

المتن :

فی الأخبار ما ذکره الشیخ فیه من الحمل علی التقیة قد یستبعد فی بعضها الدال علی کیفیة الدعاء ، إلاّ أنّ الشیخ أعلم بالحال. وفی المعتبر : إنّ تأویل الشیخ لیس بحسن (2) ؛ فإنّ ابن بابویه ذکر ذلک فی کتابه بعد أنْ ذکر فی خطبته أنّه لا یودعه إلاّ ما هو حجّة له (3) ، قال المحقّق : فالأولی أنْ یقال : فیه روایتان أشهرهما بین الأصحاب ما قاله الشیخ (4) ، انتهی.

وفی نظری القاصر : أنّ ما ذکره المحقّق محلّ تأمّل ، ذکرت وجهه فی معاهد التنبیه. والحاصل أنّه إنْ عنی بقول ابن بابویه فی الفقیه حیث نقل روایة أبی الصباح المنقول هنا بعضها (5) ، فیشکل بأنّ الصدوق صرّح قبل ذلک بأنّه یبدأ بالتکبیر فیکبّر واحدة ، ثم یقرأ الحمد وسبّح اسم ربک الأعلی ، ثم یکبّر خمساً یقنت بین کل تکبیرتین ، ثم یرکع بالسابعة ویسجد سجدتین ، فإذا نهض إلی الثانیة کبّر وقرأ الحمد والشمس وضحاها ، ثم کبّر

إشارة إلی حال هشام بن الحکم

توجیه ما دل علی أن التکبیر فی الأولی قبل القراءة وفی الثانیة بعدها

ص: 291


1- منهج المقال : 359.
2- فی « فض » : بحق.
3- لیست فی « رض » و « م ».
4- المعتبر 2 : 313.
5- الفقیه 1 : 324 / 1485 ، الوسائل 7 : 469 أبواب صلاة العید ب 26 ح 5.

تمام أربع تکبیرات مع تکبیرة القیام ، ثم رکع بالخامسة (1).

وغیر خفی مخالفة هذا المدلول روایة أبی الصباح ؛ فإنّ فیها التکبیر فی الأُولی أوّلاً علی الظاهر منها ثم القراءة ، وفی آخرها : « وتقول فی الثانیة - : الله أکبر ، أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللهم أنت أهل الکبریاء والعظمة ، تتمّه کلّه کما قلت أوّل التکبیر ، یکون هذا القول فی کلّ تکبیرة حتی تتمّ خمس تکبیرات ».

هذا ، وقد صرّح بما سمعته سابقاً ، وحینئذٍ فلا بُدّ من قوله إمّا بالتخییر بین ما ذکره أوّلاً ومضمون هذه الروایة ، أو یحمل هذه الروایة علی أنّ المراد کیفیة التکبیر والدعاء لا علی الترتیب المذکور فیها ، وفی آخر بیان کیفیة التکبیر فی الاولی من الروایة : ویقرأ الحمد والشمس وضحاها (2) ویرکع فی السابعة ، والواو لا یفید الترتیب ، و « ثم » الواقعة فی أوّلها محتملة للترتیب علی القیام المشتمل علی القراءة ، وینبّه علی ما قلناه تحقیق الصدوق ، وغفلته عن مثل هذا الأمر الظاهر منتفیة.

ثم إنّ قول المحقق : إنّ ابن بابویه قائل بما ذکره ، لا یضرّ بحمل الشیخ ؛ لأنّ غرضه الجمع بین الأخبار ، لا أنّ قوله یفید الإجماع علی نفی العمل بها ، لیتوجه علیه أنّ القائل موجود.

وکلام الصدوق فی تقدیم تکبیرة للقیام فی الثانیة لم أقف علی مستنده. وینقل عن ابن الجنید القول بمضمون بعض هذه الأخبار (3).

وما تضمّنه بعضها من وصل القراءة بالقراءة یراد به تقدیم التکبیر فی

ص: 292


1- الفقیه 1 : 324 / 1484.
2- فی الروایة : وتقرأ الحمد وسبّح اسم ربّک الأعلی.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 266.

الاولی علی القراءة ، وتأخیره فی الثانیة ، فتکون القراءة متّصلة بالقراءة من دون فصل التکبیر ، وعلی کلّ حال فالمشهور ما تقدّم (1).

قوله :

باب الغسل یوم العیدین

الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی (2) ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « غسل یوم الفطر ویوم الأضحی سنّة لا أُحب ترکها ».

فأمّا ما رواه محمّد ( بن علی ) (3) بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن (4) علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل ینسی أنْ یغتسل یوم العید حتی صلّی؟ قال : « إنْ کان فی وقت فعلیه أنْ یغتسل ویعید الصلاة ، فإنْ مضی الوقت فقد جازت صلاته ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الاستحباب ؛ لأنّا قد بیّنا أنّ غسل العیدین سنّة ، وقد استوفینا ذلک فی باب الأغسال فی کتابنا الکبیر ، وقد بیّنا أیضاً أنّ من فاتته صلاة العیدین لا قضاء علیه ، وإنّما یستحبّ له أنْ یصلّی منفرداً.

السند :

فی الأوّل : کما تری لا یخلو من خلل ؛ لأنّ عثمان بن عیسی

الغسل یوم العیدین

کلمة حول عثمان بن عیسی

بیان ما دل علی استحباب غسل العیدین

ص: 293


1- فی ص 284.
2- فی الاستبصار 1 : 451 / 1746 زیادة : عن سماعة.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- فی « م » : عن.

لا یروی عن أبی عبد الله علیه السلام ، بل هو من رجال الکاظم والرضا علیهماالسلام ، وفی کتاب الطهارة ما یفید روایته عن سماعة (1).

والثانی : موثق.

المتن :

فی الأوّل : واضح ، وفی کلام بعض الأصحاب دعوی الإجماع علی استحباب غسل العیدین (2) ، وقد مضی القول فی ذلک فی غسل الجمعة (3).

والثانی : ما ذکره الشیخ فیه من الاستحباب ، إنْ أراد به استحباب غسل العیدین فلا فائدة فیه ، إذ المعارضة من حیث إعادة الصلاة ، ( والحمل علی استحباب إعادة الصلاة ) (4) لا یوافقه قوله : قد بیّنا أن غسل العیدین سنّة ؛ إلاّ أنْ یقال : إنّه إذا کان سنّة فلا وجه لوجوب إعادة الصلاة ، فتعیَّن حمل الإعادة علی الاستحباب ، وفیه ما فیه.

أمّا قوله : وقد بیّنا أنّ من فاتته صلاة العیدین ، إلی آخره. فلا یخلو من غرابة ؛ لأنّ فوات صلاة العیدین هنا غیر متحقق ، ولو تمّ فالقضاء مع خروج الوقت ، وظاهر الروایة اعتبار الوقت.

وبالجملة : فالالتفات إلی مثل هذا الخبر یقتضی الحمل علی استحباب الإعادة.

توجیه ما دل علی لزوم الغسل وإعادة الصلاة للناسی

ص: 294


1- راجع ح 1 ص 69.
2- انظر المعتبر 1 : 356 ، مجمع الفائدة والبرهان 1 : 75 و 76.
3- راجع ج 2 ص 117 118.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

قوله :

باب صلاة الاستسقاء هل (1) تُقدّم الخطبة فیها أو تُؤخّر؟

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن موسی بن بکر ، أو عبد الله ابن المغیرة ، عن طلحة بن زید ، عن أبی عبد الله ، عن أبیه علیهماالسلام : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی الاستسقاء رکعتین ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وکبّر سبعاً وخمساً وجهر بالقراءة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الخطبة فی الاستسقاء قبل الصلاة ، ویکبّر فی الأُولی سبعاً وفی الأُخری خمساً ».

فهذه الروایة شاذّة مخالفة لإجماع الطائفة المحقّة ؛ لأنّ عملها علی الروایة الأُولی ، لمطابقتها للأخبار التی رویت فی أنّ صلاة الاستسقاء مثل صلاة العید ، روی ذلک :

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، ( عن أبیه ) (2) ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن الحکم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن صلاة الاستسقاء؟ قال : « مثل صلاة العیدین ».

السند :

فی الأوّل : فیه موسی بن بکر ، وهو واقفی فی رجال الکاظم علیه السلام

صلاة الاستسقاء هل تقدم الخطبة فیها أو تؤخر؟

موسی بن بکر واقفی

ص: 295


1- لیست فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیست فی « م ».

من کتاب الشیخ (1). وعبد الله بن المغیرة وقد تکرّر القول فیه (2) ، کطلحة بن زید (3) ، من أنّه عامّی أو بتری.

والثانی : فیه أبان ، ولا یبعد کونه ابن عثمان ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان. وإسحاق بن عمّار مضی القول فیه مراراً (4).

والثالث : حسن علی ما تقدّم عن قریب (5).

المتن :

فی الأوّل : واضح.

والثانی : ما ذکره الشیخ فیه کافٍ.

وظاهر الخبر الثالث المماثلة ، وهی محتملة للکیفیة فلا یتناول الخطبة ؛ ومحتملة لما یشمل الخطبة ، لکن یبقی شروط العید المذکورة فی باب صلاته هل یُعتبر فی الاستسقاء بعضها أم کلّها ؛ لم أقف الآن علی تفصیلٍ فی المقام ، سوی ما نذکره.

ثم إنّ من تتمّة الثالث : « یقرأ فیهما ویکبّر فیهما ، یخرج الإمام فیبرز إلی مکانٍ نظیف فی سکینةٍ ووقارٍ وخشوعٍ ومسألة ، ویبرز معه الناس فیحمد الله ویمجّده ویثنی علیه ویجتهد فی الدعاء ویکثر من التسبیح والتهلیل والتکبیر ، ویصلّی مثل صلاة العیدین رکعتین فی دعاءٍ ومسألةٍ واجتهاد ».

طلحة بن زید عامی أو بتری

بیان ما دل علی أن الخطبة فی صلاة الاستسقاء بعدها وتوجیه ما یعارضه

ص: 296


1- رجال الطوسی : 359 / 9.
2- راجع ج 1 ص 59 ، 133 ج 3 ص 17 ، 178 ج 4 ص 107 ، 392.
3- راجع ج 4 ص 337 ، وص 81 ، 181 ، من هذا الجزء.
4- راجع ج 1 : 241 ، ج 3 ص 203.
5- راجع ص 290.

قوله :

أبواب صلاة الکسوف

باب عدد رکعات صلاة الکسوف

أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، قال : سألته عن صلاة الکسوف؟ فقال : « عشر رکعات وأربع (1)سجدات ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن علی بن یعقوب الهاشمی ، عن مروان بن مسلم ، عن ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة الکسوف عشر رکعات وأربع سجدات ، کسوف الشمس أشدّ علی الناس والبهائم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد البرقی ، عن أبی البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام : « أنّ علیّاً علیه السلام صلّی فی ( کسوف الشمس ) (2) رکعتین فی أربع سجدات وأربع رکعات ، قام فقرأ ، ثم رکع ( ، ثم رفع رأسه فقرأ ، ثم رکع ) (3) ، ثم قام فدعا مثل رکعتین ، ثم سجد سجدتین ، ثم قام ففعل مثل ما فعل فی الاولی فی قراءته وقیامه ورکوعه وسجوده سواء ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن بنان بن محمّد ، عن المحسن

أبواب صلاة الکسوف

عدد رکعات صلاة الکسوف

اشارة

ص: 297


1- فی « رض » و « م » : فی أربع.
2- بدل ما بین القوسین فی الاستبصار 1 : 452 / 1753 : صلاة الکسوف.
3- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من التهذیب 3 : 291 / 879 ، والاستبصار 1 : 452 / 1753.

ابن أحمد ، عن یونس بن یعقوب قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « انکسف القمر فخرج أبی وخرجتُ معه إلی المسجد الحرام فصلّی ثمان رکعات کما یصلّی رکعة وسجدتین ».

فهذان الخبران موافقان لمذاهب العامّة ، والعمل علی الخبرین الأوّلین ؛ لأنّهما موافقان للأخبار التی تتضمن تفصیل صلاة الکسوف ، وقد أوردناها فی کتابنا الکبیر ، وعلیها عمل العصابة بأجمعها.

السند :

فی الأوّل : فیه علی بن أبی حمزة وهو البطائنی ؛ لروایته عن أبی بصیر ، وحالهما قد تکرّر بما یغنی عن الإعادة (1). کما قدّمنا أنّ علی بن الحکم بتقدیر اشتراکه هو الثقة هنا بقرینة روایة أحمد بن محمّد عنه (2) ، لما یستفاد من الرجال.

والثانی : فیه أحمد بن الحسن هو ابن فضّال الثقة الفطحی. وعلی ابن یعقوب مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، إلاّ فی الطریق إلی مروان بن مسلم فی النجاشی (3). ومروان بن مسلم ثقة.

والثالث : فیه أبو البختری ، وفی الرجال : إنّه کان عامیّاً (4).

والرابع : فیه المحسن بن أحمد ، وحاله لا یزید علی الإهمال ، کبنان

تمییز علی بن أبی حمزة

تمییز علی بن الحکم

تمییز أحمد بن الحسن

علی بن یعقوب مجهول الحال

مروان بن مسلم ثقة

أبو البختری عامی

المحسن بن أحمد مهمل

بحث حول بنان بن محمد

ص: 298


1- راجع ج 1 ص 72 ، 173 ، 250 ، ج 2 ص 90 ، 117 ، 210 ، ج 4 ص 16 ، 392 ، ج 6 ص 46 ، 179.
2- راجع ج 2 ص 14 ، 340 ، ج 3 ص 108 ، 272.
3- رجال النجاشی : 419 / 1120.
4- الفهرست : 173 / 757 ، خلاصة العلاّمة : 262 / 1.

ابن محمّد ، لکن فی الکشی عن نصر بن الصباح ، إلی أنْ قال : إنّ اسمه عبد الله بن محمّد ، وأنّه أخو أحمد بن محمّد بن عیسی (1). وفی التهذیب فی آخر زکاة الفطرة : عن بنان بن محمّد ، عن أخیه عبد الله بن محمّد (2) ؛ وهذا یقتضی المغایرة لعبد الله ، وأنّه أخ ثالث لأحمد بن محمّد ، فلیتأمّل.

وأمّا یونس بن یعقوب فمضی القول فیه مفصّلاً (3).

المتن :

فی الأوّلین واضح ، والأخبار الکثیرة تؤیدهما (4) ، بل ربما بلغت إلی ما یقرب من التواتر ، وفیهما دلالة علی إطلاق الرکعة علی الرکوع ، فیؤیّد بعض الأخبار الواردة فی السهو ، کما یعلم من مراجعتها.

وأمّا الخبران الآخران فما قاله الشیخ فیهما واضح ، والإجمال فی عبارة الأوّل یستغنی عن بیانه بما ذکره الشیخ ، غیر أنّ قوله : « فی قراءته وقیامه ورکوعه وسجوده سواء » محتمل لأنْ یرجع التسویة بین الرکعتین فی الأفعال ، ویحتمل التسویة إلی ما ذکره أصحابنا فی مستحبات صلاة الکسوف ، والأمر واضح.

قوله :

باب من فاتته صلاة الکسوف هل علیه قضاء أم لا؟

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن

بیان ما دل علی أن صلاة الکسوف عشر رکعات وأربع سجدات وتوجیه ما یعارضه

من فاتته صلاة الکسوف هل علیه قضاء أم لا؟

اشارة

ص: 299


1- رجال الکشی 2 : 799 / 989.
2- التهذیب 4 : 91 / 266.
3- راجع ج 1 ص 201 ، 342 ، ج 2 ص 294 ، ج 3 ص 419.
4- راجع الوسائل 7 : 492 أبواب صلاة الکسوف والآیات ب 7.

محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن عبید (1) ، عن أبیه ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « انکسفت الشمس وأنا فی الحمّام فعلمت بعد ما خرجت فلم أقض ».

عنه ، عن أحمد ، عن (2)موسی بن القاسم وأبی قتادة ، عن علی ابن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهماالسلام ، قال : سألته عن صلاة الکسوف هل علی من ترکها قضاء؟ قال : « إذا فاتتک فلیس علیک قضاء ».

وروی محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن عبید الله الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة الکسوف تُقضی (3) إذا فاتتنا؟ قال : « لیس فیها قضاء » وقد کان فی أیدینا أنها تُقضی.

قال محمّد بن الحسن : الوجه فی هذه الأخبار أنْ یحمل سقوط القضاء إذا لم یحترق القرص کلّه ، فأمّا إذا احترق کلّه فلا بُدّ من القضاء ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز ، عمّن أخبره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا انکسف القمر فاستیقظ الرجل فکسل أنْ یصلّی فلیغتسل من غد ولیقض الصلاة ، فإنْ لم یستیقظ ولم یعلم بانکساف القمر فلیس علیه إلاّ القضاء بغیر غسل ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز (4) ، عن زرارة ومحمّد (5) ،

ص: 300


1- فی الاستبصار 1 : 453 / 1755 زیادة : بن زرارة.
2- فی « رض » و « م » : بن.
3- فی الاستبصار 1 : 453 / 1757 : نقضی.
4- فی الاستبصار 1 : 454 / 1759 لا یوجد : عن حریز.
5- فی « م » لا یوجد : ومحمّد.

عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا انکسفت الشمس کلّها واحترقت ولم تعلم و (1) علمت بعد ذلک فعلیک القضاء ، وإنْ لم تحترق کلّها فلیس علیک قضاء ».

ولا ینافی هذا التفصیل :

ما رواه عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « إنْ لم تعلم حتی یذهب الکسوف ثم علمت بعد ذلک فلیس علیک صلاة الکسوف ، فإنْ أعلمک أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتک عینیک فلم تصلّ فعلیک قضاؤها ».

لأنّ الوجه فی هذه الروایة (2) أنْ نحملها علی أنّه إذا احترق بعض (3) القرص وأُعلم بذلک فلم یصلّ کان علیه القضاء ، وإنْ لم یعلم أصلاً لم یلزمه القضاء ، وأمّا إذا احترق القرص کلّه کان علیه القضاء علی کلّ حال علم أو لم یعلم ، وإنْ کان علم کان علیه الغسل أیضاً مع القضاء حسب ما فصّلناه فیما تقدّم.

السند :

فی الأوّل : أحمد بن محمّد فیه ابن یحیی ؛ لما قدّمناه فی أوّل الکتاب من أنّ الحسین بن عبید الله یروی عنه بالتتبّع فی هذا الکتاب والتهذیب (4) ، وقدّمنا أیضاً حاله (5). وأحمد بن الحسن هو ابن علی بن

تمییز أحمد بن محمد

تمییز أحمد بن الحسن

ص: 301


1- فی الإستبصار 1 : 454 / 1759 یوجد : وقد.
2- فی « رض » و « م » : الروایات.
3- لیست فی « رض ».
4- راجع ج 1 ص 4. 64 ، 92.
5- راجع ج 1 ص 4. 64 ، 92.

فضّال ، صرّح به فی التهذیب (1) ، کما صرّح بأنّ عبید ابن زرارة (2) ، وفی بعض نسخ هذا الکتاب : عن أبیه (3) زرارة ؛ وقد تقدّم عن قریب القول فی أحمد بن الحسن (4) ، وعبید بن زرارة ثقة ثقة.

والثانی : ضمیر « عنه » فیه یرجع لمحمّد بن علی بن محبوب ، وأحمد هو ابن الحسن علی ما یقتضیه مراجعة التهذیب فی الزیادات ؛ لأنّه قال فی ابتداء السند : محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، إلی آخره. ثم قال : عنه ، عن الحسن بن علی الکوفی ، إلی أنْ قال : عنه ، عن أحمد بن الحسن (5) ، عن عبید بن زرارة ، ثم قال : عنه ، عن أحمد ، عن (6) موسی بن القاسم ، إلی آخره (7). ولو لا هذا لأمکن أنْ یقال : بأن ضمیر « عنه » یرجع لمحمّد بن یحیی المعبّر عنه بأبیه فی الأوّل ؛ لأنّه الراوی عن أحمد بن محمّد بن عیسی مع غیره أیضاً فی الرجال (8) ، وأحمد حینئذٍ ابن عیسی ، فالخبر صحیح علی ما قدّمناه فی أحمد بن محمّد بن یحیی (9) ، إلاّ أنّ ما وقع فی التهذیب یدفع ما ذکرناه ، فوصف الروایة [ بالصحّة (10) ] فی مدارک شیخنا قدس سره ناقلاً لها عن الشیخ (11) محلّ

عبید بن زرارة ثقة ثقة

بحث حول تمییز أحمد والراوی عنه

إشارة إلی عدم الطریق للشیخ إلی عمار الساباطی فی الاستبصار

ص: 302


1- التهذیب 3 : 291 / 876.
2- التهذیب 3 : 292 / 883.
3- فی « فض » زیادة : عن.
4- راجع ص 181 ، 298.
5- فی التهذیب 3 : 292 / 883 : الحسین.
6- فی « رض » : بن.
7- التهذیب 3 : 292 / 881 و 882 ، 883 ، 884.
8- رجال النجاشی : 81 / 198 ، الفهرست : 25 / 65.
9- تقدم فی ص 301.
10- فی النسخ : الصحّة ، والأنسب ما أثبتناه.
11- مدارک الأحکام 4 : 136.

تأمّل ، وقد سبقه بعض محققی المتأخّرین رحمه الله إلی ذلک فی شرح الإرشاد ، لکن لم یسندها إلی الشیخ (1). وفی الکافی لم أقف علیها ، وفی المختلف وصفها بالصحّة (2) ، فالظاهر أنّ الأصل ما ذکره العلاّمة.

فإنْ قلت : یجوز أنْ یکون إسناد هذا الکتاب غیر ما فی التهذیب ، وهو صحیح علی ما تقدّم.

قلت : مع وجود التصریح فی التهذیب لا یتمّ الحکم بالصحّة إلاّ بتکلفٍ غیر خفی.

والثالث : فیه محمّد بن سنان وقد تکرّر من حاله ما یغنی عن البیان (3) ، مضافاً إلی عدم الطریق إلیه.

والرابع : فیه الإرسال.

والخامس : واضح ، ومحمّد هو ابن مسلم ، صرّح به فی التهذیب (4).

والسادس : فیه عدم الطریق إلی عمّار هنا ، إلاّ أنّه فی التهذیب مسند ، وفیه : علی بن خالد (5) ، ولم یعلم من حاله فی الرجال ما یقتضی إدخال السند فی الموثّق ؛ لأنّ بقیة الرجال متّصفون بصفته لولاه.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی عدم قضائه علیه السلام ، أمّا کیفیة الانکساف

علی بن خالد حاله غیر معلوم

توجیه ما دل علی أن من فاتته صلاة الکسوف لا قضاء علیه مطلقا

ص: 303


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 420.
2- المختلف 2 : 296.
3- راجع ج 1 ص 117 ، ج 2 ص 334 ، ج 5 ص 51.
4- التهذیب 3 : 157 / 339.
5- التهذیب 3 : 291 / 876.

فغیر معلومة.

والثانی : ربما یدّعی ظهوره علی تقدیر العمل به فی أنّ فوات صلاة الکسوف لا یقتضی القضاء ، سواء استوعب الاحتراق أم لا ، أمّا تناوله للعالم وغیره فقد یتوقف فیه من حیث إنّ الجواب تضمّن الصلاة إذا فاتت ، وربما کان فیه دلالة علی عدم العلم ؛ إذ معه یصیر الفوات من الإنسان لا منها ، إلاّ أنْ یقال بصدق الفوات علی التقدیرین ، ویؤیده أنّ السؤال عمّن ترک. وقد یشکل هذا بجواز أنْ یکون الإمام علیه السلام أراد بیان أنّ الترک موجب للقضاء دون الفوات.

والحقّ أنّ فی المقام کلاماً ، لکن الاستدلال بالخبر من شیخنا قدس سره ( وقبله جماعة علی ما حکاه فی المختلف (1) علی عدم وجوب القضاء علی الناسی ما لم یستوعب الاحتراق ؛ محلّ تأمّل ، وقد زاد فی توجیه الاستدلال به شیخنا قدس سره ) (2) بأنّ الروایة دلّت علی سقوط القضاء مع الفوات مطلقاً ، خرج من ذلک ما إذا استوعب الاحتراق ، فإنّه یجب القضاء بالنصوص الصحیحة فیبقی الباقی (3).

ولا یخفی علی من راجع کلامه أنّ النصوص الصحیحة لم یتقدّم منها إلاّ خبر زرارة ومحمّد بن مسلم الآتی فیه الکلام ، وخبر آخر من الفقیه لم یوصف بالصحّة ، لکن کرّرنا القول فی مثله ، ولا أعلم من شیخنا قدس سره الجزم بالصحّة فی هذا ، والخبر عن محمّد بن مسلم والفضیل بن یسار أنّهما قالا : قلنا لأبی جعفر علیه السلام : أتقضی صلاة الکسوف ، ومن أصبح فعلم

ص: 304


1- المختلف 2 : 292.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- المدارک 4 : 136.

ومن أمسی فعلم؟ قال : « إنْ کان القرصان احترقا کلّهما قضیت ، وإنْ کان إنّما احترق بعضهما فلیس علیک قضاؤه » (1) ودلالة الخبرین علی الناسی غیر واضحة کما سنقرره (2).

وإذا عرفت هذا مجملاً فالثالث لو صحّ یدلّ علی عدم القضاء مطلقاً ، نظراً إلی عدم الاستفصال. وقوله : وقد کان فی أیدینا. علی الظاهر من کلام الراوی عن الإمام علیه السلام أو غیره ، والمراد به أنّه کان فی الظنّ القضاء لولا الجواب بعدمه.

والرابع : یدلّ علی أنّ من علم علیه القضاء مع الغسل سواء احترق القرص کلّه أو بعضه ، والشیخ کما تری استدلّ به علی احتراق الجمیع ، والوجه فی ذلک حینئذٍ أنّ بعض الأخبار المعتبرة دلّ علی الغسل مع احتراق القرص کلّه ، وهو ما رواه فی أوّل التهذیب عن الشیخ ، عن أحمد ابن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « الغسل فی سبعة عشر موطناً » وساق الحدیث إلی أنْ قال : « وغسل الکسوف إذا احترق القرص کلّه فاغتسل » (3).

وظاهر الأمر الوجوب مع احتراقه کلّه ، إلاّ أنّ الخبر اشتمل علی مستحبات وواجبات ، فالاستدلال به علی الوجوب محلّ کلام.

ولو أمکن توجیه الوجوب بأنّ الأمر بالغسل لم یقع فی الخبر إلاّ

بیان ما دل علی أن من علم علیه القضاء والغسل ومن لم یعلم علیه القضاء وحده

ص: 305


1- الفقیه 1 : 346 / 1532 ، الوسائل 7 : 499 أبواب صلاة الکسوف والآیات ب 10 ح 1 ؛ بتفاوت یسیر.
2- انظر ص 306 ، 305.
3- التهذیب 1 : 114 / 302 ، الوسائل 3 : 307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11.

بغسل الکسوف فهو قرینة الوجوب لظاهر الأمر ، توجّه علی الشیخ أنّه قال فی أوّل التهذیب أیضاً عند قول المفید : وغسل قاضی صلاة الکسوف لترکه إیّاها متعمداً سنّة - : یدلّ علی ذلک ما أخبرنی به الشیخ ؛ وذکر روایة حریز المبحوث عنها هنا (1) ، وظاهر کلام المفید العموم والروایة کذلک.

وبالجملة : فاستدلال الشیخ علی مطلوبه بالروایة محلّ بحث.

ثم إنّ قوله فی الروایة : « فإنْ لم یستیقظ ولم یعلم » إلی آخره. وإنْ احتمل مفهومه أمرین إلاّ أنّ أحدهما ظاهر الانتفاء ، وعلی کلّ حال یدلّ علی القضاء بغیر غسل مع عدم العلم ، سواء استوعب أم لا.

والخامس : واضح الدلالة علی أنّ احتراق جمیع القرص یوجب القضاء مع العلم فیما بعد ، وعدمه حال الاحتراق. وربما دلّ علی عدم القضاء علی الناسی ؛ لإفادته عدم العلم ثم العلم.

وربما یدلّ أیضاً علی عدم وجوب الغسل مع الاحتراق ، فیؤید کون الأمر فی السابق للاستحباب ، إلاّ أنْ یقال : إنّ المقصود هنا بیان القضاء ، أو یقال : إنّ ذلک الخبر یحمل علی العلم ، وتوضیح الحال فی الغسل ذکرناه فی محلّ آخر (2).

ثمّ إنّ حکم الناسی فی القضاء مع الاستیعاب قد یستفاد من الخبر بمفهوم الموافقة ، وفیه نوع تأمّل یظهر ممّا قدمناه فی مطلق مفهوم الموافقة.

وما تضمّنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « وإنْ لم تحترق کلّها » محتمل لأنْ یعود لأوّل الکلام ، والمعنی أنّک إذا لم تعلم وعلمت وکان

بیان ما دل أن احتراق القرص کله یوجب القضاء مع العلم بعد

حکم ناسی صلاة الکسوف

ص: 306


1- التهذیب 1 : 117 / 309 ، الوسائل 7 : 500 أبواب صلاة الکسوف والآیات ب 10 ح 5.
2- فی ص : 439.

احترق بعض القرص فلا قضاء ؛ ویحتمل أنْ یکون مستأنفاً ، والمعنی أنّ مع احتراق بعضه لا قضاء مطلقاً ، علمت أو لم تعلم ، فالاستدلال به علی أنّ من علم علیه القضاء مطلقاً محلّ تأمّل یُعرف ممّا قررناه.

أمّا الاستدلال علی وجوب قضاء الناسی والعالم المفرّط بصحیح زرارة السابق فی المواقیت منّا ، حیث قال فیه : « أربع صلوات یصلّیها الرجل فی کل ساعة : صلاة فاتتک فمتی ذکرتها أدّیتها » (1) وصحیح آخر لزرارة تقدّم فی الکتاب وذکرنا وجه صحّته عند بعض فیمن نسی صلاة أو نام عنها یقضیها إذا ذکرها (2) ؛ فقد أُورد علیه بأنّه لا عموم فی الخبرین ، وفیه نوع تأمّل ؛ لأنّ مثل هذه الألفاظ لا تقصر عن العموم ، لا من حیث الصیغة بل من حیث منافاة الحکم لو أُرید غیر العموم فی الأوّل ، وترک الاستفصال فی الثانی ، إلاّ أنْ یدّعی تبادر الیومیة (3) ، أو یقال : إنّ الأوّل تضمّن الفوات ، وقد قدّمنا احتمال عدم تناوله للعامد والناسی ، فلیتأمّل.

( والاستدلال علی [ الناسی (4) ] والعالم المفرط ) (5) بخبری حریز وعمّار قد عرفت حاله (6).

ومن هنا یعلم أنّ ما نقله شیخنا قدس سره عن الشیخ من عدم القضاء علی الناسی ما لم یستوعب الاحتراق وأنّ فیه قوة ؛ ونقله عن السیّد المرتضی رضی الله عنه القول بعدم وجوب القضاء مطلقاً إلاّ مع الاستیعاب وأنّ فیه رجحاناً ،

ص: 307


1- الفقیه 1 : 278 / 1265 ، الوسائل 8 : 256 أبواب قضاء الصلاة ب 2 ح 1.
2- راجع ج 4 ص 453.
3- فی « فض » زیادة : علی النّاسی والعالم المفرط والاستدلال.
4- فی « رض » و « م » : الثانی ، والصحیح ما أثبتناه.
5- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
6- راجع ص 305.

واستدلاله بالأصل ، وخبر علی بن جعفر (1) ؛ محلّ کلام یعلم تفصیله من الإجمال ، والله تعالی أعلم بالحال.

وللعلاّمة رحمه الله فی المختلف کلام فی المسألة یعرف غرابته من راجعه (2).

وینبغی أنْ یعلم أنّ الأخبار بعضها مختصّ بالشمس وبعضها بالقمر (3) ، إلاّ أنّ خبر الصدوق شامل لهما (4) ، والظاهر عدم القائل بالفرق فی المقام ، فیسهل الخطب.

بقی شی ء ، وهو أنّ قوله علیه السلام فی خبر عمّار : « وإنْ أعلمک أحد » إلی آخره. قد یظنّ منه أنّ إخبار الواحد یفید العلم الموجب للقضاء وإنْ لم یکن عدلاً.

ویمکن الجواب عنه : بأنّ المراد حصول العلم من إخباره ولو بقرائن ، أو حصول العلم الشرعی بقوله لو کان عدلاً ، لا من حیث الشهادة بل من حیث الإخبار ، والأمر سهل بعد معرفة الروایة.

اللغة :

قال فی القاموس : کسف الشمس والقمر کسوفاً احتجبا کانکسفا ، والله إیّاهما حجبهما ، والأحسن فی القمر خَسَفَ ، وفی الشمس کَسَفتْ (5).

هل یحصل العلم بإخبار الواحد؟

معنی الکسوف والخسوف

ص: 308


1- المدارک 4 : 136.
2- المختلف 2 : 293.
3- انظر الوسائل 7 : 499 أبواب صلاة الکسوف والآیات ب 10.
4- الفقیه 1 : 346 / 1532 ، الوسائل 7 : 499 أبواب صلاة الکسوف والآیات ب 10 ح 1.
5- القاموس المحیط 3 : 196.

وفی الصحاح جعل انکسفت الشمس من کلام العامّة (1) ، وفیه : أنّ الأخبار موجودة فیها بکثرة خلاف ما قاله. وفی القاموس : الکَسَل : التثاقل عن الشی ء والفتور فیه کسِلَ کفَرِحَ [ فهو (2) ] کسِلٌ وکسلان (3).

قوله :

باب الصلاة فی السفینة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، ( عن محمّد ) (4) بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد بن عیسی ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام وقد سُئل عن الصلاة فی السفینة یقول : « إنْ استطعتم أنْ تخرجوا إلی الجُدد فاخرجوا ، فإنْ لم تقدروا فصلّوا قیاماً ، فإنْ لم تستطیعوا فصلّوا قعوداً وتحرّوا القبلة ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن ابن أبی حمزة ، عن علی بن إبراهیم قال : سألته عن الصلاة فی السفینة؟ فقال : « یصلّی وهو جالس إذا لم یمکنه القیام فی السفینة ، ولا یصلّی فی السفینة وهو یقدر علی الشط » وقال : « یصلّی فی السفینة ویحوّل وجهه إلی القبلة ، ثم یصلّی کیف ما دارت ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن یزید بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة الغنوی ، عن

معنی الکسل

الصلاة فی السفینة

اشارة

ص: 309


1- الصحاح 4 : 1421.
2- لیست فی النسخ ، أضفناها من المصدر.
3- القاموس المحیط 4 : 45.
4- ما بین القوسین لیس فی « م ».

أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة فی السفینة؟ فقال : « إذا کانت محملة ثقیلة إذا قمت (1) فیها فلم تتحرک فصلّ قائماً ، وإنْ کانت خفیفة تُکفأ فصلّ قاعداً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین ، عن أبی الحسن علیه السلام ، قال : سألته عن السفینة لم یقدر صاحبها علی القیام أیصلّی فیها وهو جالس یومئ أو یسجد؟ قال : « یقوم وإنْ حنا ظهره ».

فهذه الروایة محمولة علی من یتمکن من أنْ یصلّی منحنی الظهر وإنْ لم یقدر علی القیام تامّاً ، وذلک جائز علی الترتیب الذی فصّل فیما تقدم من الأخبار ، ویؤکد ذلک أیضاً :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن غیر واحد من أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الصلاة فی السفینة إیماء ».

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : فیه القاسم بن محمّد الجوهری ، وقد مضی أنّه واقفی (2). وابن أبی حمزة هو علی البطائنی المکرّر القول فیه بالضعف (3).

وأمّا علی بن إبراهیم ( فهو فی النسخ التی وقفت علیها ، وکذلک فی

القاسم بن محمد الجوهری واقفی

علی بن أبی حمزة البطائنی ضعیف

بحث حول علی بن إبراهیم الذی روی عنه ابن أبی حمزة

ص: 310


1- فی النسخ : أقمت ، وما أثبتناه موافق للإستبصار 1 : 455 / 1763 ، الکافی 3 : 442 / 4 ، والفقیه 1 : 292 / 1329.
2- راجع ج 1 : 182 ، 286 وج 2 : 130 ، 220 وج 3 : 115.
3- راجع ج 1 : 183 ، 265 وج 2 : 130.

التهذیب (1) ، واحتماله لعلی بن إبراهیم ) (2) بن هاشم منتف.

نعم فی الرجال : علی بن إبراهیم الهمدانی من أصحاب الهادی علیه السلام من کتاب الشیخ (3) ، ولا وجه لروایة علی بن أبی حمزة عنه ؛ لأنّه من أصحاب أبی الحسن موسی علیه السلام والصادق علیه السلام .

وفی الرجال أیضاً : علی بن إبراهیم الجوّانی من أصحاب الرضا علیه السلام فیما یظهر من الخلاصة ، إلاّ أنّه لا یعیّن اختصاصه به (4) علیه السلام ، حیث قال : إنّه خرج مع أبی الحسن علیه السلام إلی خراسان (5) ؛ ویجوز تقدّمه علیه مع إدراکه له علیه السلام ، إلاّ أنّ الظاهر انتفاؤه فی المقام.

وفی الرجال من أصحاب الهادی علیه السلام علی بن إبراهیم غیر الأوّل فی کتاب الشیخ (6) ، وقد سمعت ما یدفع احتماله.

وفی الرجال : علی بن إبراهیم بن یعلی (7) ، وهو غیر معلوم المرتبة لکنّه مجهول الحال.

وفیهم أیضاً : علی بن إبراهیم الخیّاط ، وهو متأخّر ؛ لروایة حمید عنه (8).

وبالجملة : فالأمر ملتبس ، إلاّ أنّ الضرورة إلی الحقیقة غیر داعیة ؛

ص: 311


1- التهذیب 3 : 170.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- رجال الطوسی : 418 / 19.
4- لیست فی « م ».
5- خلاصة العلاّمة : 97 / 31.
6- رجال الطوسی : 420 / 33.
7- الفهرست : 97 / 413.
8- رجال الطوسی : 480 / 21.

وغیر بعید أنّ فی البین سهواً ، والأصل : عن ابن أبی حمزة ، عن أبی إبراهیم علیه السلام ، ( والله أعلم ) (1).

والثالث : تکرّر القول فیه عن قریب وبعید بالنسبة إلی یزید بن إسحاق (2) ، أمّا غیره فلا ارتیاب فیه. ومحمّد بن الحسین هو ابن أبی الخطّاب.

والرابع : واضح الصحّة.

والخامس : فیه الإرسال ، وقد قدّمنا القول فی مراسیل ابن أبی عمیر غیر مرّة (3). وتخیّل أنّ مثل هذا الإرسال لا یضرّ بالحال علی تقدیر التوقف فی مراسیل بن أبی عمیر ، نظراً إلی قوله : عن غیر واحدٍ. یدفعه أنّ غیر الواحد مع عدم التوثیق والمدح لا یفید حکماً.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ استطاعة الخروج إلی الجُدد توجبه ، وبدونها فالصلاة علی حسب الإمکان من القعود والقیام.

وقوله علیه السلام : « وتحرّوا القبلة » لا یخلو من إجمال ؛ إذ یحتمل أنْ یراد فعل الصلاة إلی القبلة بکلّ ما أمکن مع الصلاة فی السفینة قیاماً وقعوداً ، بحیث لو دارت السفینة عن جهة القبلة وجب الانحراف إلیها.

ویحتمل أنْ یراد بتحرّی القبلة أوّل الصلاة ؛ لما رواه الشیخ فی التهذیب عن الحسین ، عن فضالة ، عن معاویة بن عمّار قال : سألت

کلمة حول مراسیل ابن أبی عمیر

بیان ما دل علی اشتراط الاستقبال فی الصلاة فی السفینة

ص: 312


1- ما بین القوسین لیست فی « م ».
2- راجع ج 1 ص 182 ، ج 2 ص 237 ، وص 257 ، 277 من هذا الجزء.
3- راجع ج 1 ص 99 ، ج 2 ص 257 ، ج 3 ص 404.

أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة فی السفینة؟ فقال : « تستقبل القبلة بوجهک ثم تصلّی کیف دارت ، تصلّی قائماً ، فإنْ لم تستطع فجالساً » الحدیث (1).

ولا یبعد إرادة المعنی الأوّل من الخبر المبحوث عنه ، وحمل خبر معاویة علی وجهٍ لا ینافیه ، بأنْ یراد بالوجه مقادیم البدن کما هو المعروف ، بل وربما دلّت علیه الآیة (2) ، ویراد بقوله : « کیف دارت » الصلاة إلی القبلة کیف دارت بالانحراف.

ویؤیده أنّ الشیخ روی فی التهذیب أیضاً عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : إنّه سُئل عن الصلاة فی السفینة؟ فقال : « یستقبل القبلة ، فإذا دارت فاستطاع أنْ یتوجه إلی القبلة فلیفعل ، وإلاّ فلیصلّ حیث توجّهت به » (3).

وروی أیضاً فی الموثق عن یونس بن یعقوب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة المکتوبة فی السفینة وهی تأخذ شرقاً وغرباً؟ فقال : « استقبل القبلة ثم کبّر ثم اتبع السفینة ودُر معها حیث دارت بک » (4).

وروی الصدوق بطریقه الصحیح عن عبید الله الحلبی أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة فی السفینة؟ فقال : « یستقبل القبلة ویصفّ رجلیه ، فإذا دارت واستطاع أنْ یتوجه إلی القبلة ، وإلاّ فلیصلّ حیث توجهت به » الحدیث (5). ودلالته علی ما ذکرناه ظاهرة.

ثم إنّ ما تضمّنه الخبر المبحوث عنه من اعتبار استطاعة الخروج

هل تجوز الصلاة فی السفینة اختیارا؟

ص: 313


1- التهذیب 3 : 295 / 895 ، الوسائل 5 : 506 أبواب القیام ب 14 ح 8.
2- البقرة : 144.
3- التهذیب 3 : 297 / 903 ، الوسائل 4 : 322 أبواب القبلة ب 13 ح 13.
4- التهذیب 3 : 297 / 904 ، الوسائل 4 : 321 أبواب القبلة ب 13 ح 6.
5- الفقیه 1 : 291 / 1322 ، الوسائل 4 : 320 أبواب القبلة ب 13 ح 1.

وعدمها یعطی أنّ الصلاة فی السفینة مشروطة بالاضطرار ، وینقل عن بعض جواز الصلاة اختیاراً (1) ؛ وبعضهم لم یذکر الاختیار ؛ واستدلّ بعض المتأخّرین علی الجواز مع الاختیار بما رواه الصدوق بطریقه الصحیح عن جمیل بن درّاج (2) ، حیث قال فیه : تکون السفینة قریبة من الجُدّة فأخرج وأُصلّی ، قال : « صلّ فیها أما ترضی بصلاة نوحٍ علیه السلام ؟ » (3).

وفی الذکری : إنّ الأقرب المنع إلاّ لضرورة ، لأنّ القرار رکن فی القیام ، وحرکة السفینة تمنع من ذلک ، وقد أُجیب عن هذا بأنّ الحرکة بالنسبة إلی المصلّی عرضیة وهو ساکن (4) ؛ وله وجه.

وفی الحبل المتین : إنّ الأصحّ جواز الفریضة اختیاراً بشرط الأمن من الانحراف عن القبلة وعدم الحرکة المخلّة بالطمأنینة ، وعلیه یحمل الحدیث الثانی یعنی به خبر الحلبی وهو مختار المحقق الشیخ علی ، وأمّا أصل الحرکة الحاصلة من سیر السفینة فهی غیر مخلّة بالطمأنینة ، وإنّما المخلّ بها الحرکات الحاصلة عند تلاطم الأمواج والریاح (5).

انتهی المراد منه ، وقد ذکرناه مفصّلاً فی معاهد التنبیه علی کتاب من لا یحضره الفقیه ، والحاصل أنّ دلالة معتبر الأخبار علی شرطیة الاستقبال المقرّر فی غیر صلاة السفینة محلّ تأمّل.

ص: 314


1- کابن بابویه وابن حمزة والعلاّمة ، حکاه عنهم فی الذکری 3 : 190 ، وهو فی المقنع : 37 ، الهدایة : 35 ، الوسیلة : 115 ، نهایة الإحکام 1 : 406 ، التذکرة 3 : 34.
2- انظر المدارک 3 : 144.
3- الفقیه 1 : 291 / 1323 ، الوسائل 4 : 320 أبواب القبلة ب 13 ح 3 ، وفیهما : الجُدّ ، وهما بمعنی واحد.
4- الذکری 3 : 191.
5- الحبل المتین : 166.

أمّا جواز الصلاة اختیاراً فدلالة خبر جمیل علیه لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ المعلوم من صلاة نوح أنّها مع الاضطرار ، والجواب یفید نفی ذلک ، وحینئذٍ لا بُدّ من توجیه الجواب علی وجهٍ یطابق السؤال.

وربما یقال : إنّ الغرض من ذکر صلاة نوح أنّ اعتبار الاستقرار لو شرط لأمکن أنْ یطلب نوح علیه السلام استقرار الأمواج ولم یطلب ، بل صلّی فیها مع عدم الاستقرار فیجوز لغیره.

وفیه : أنّ ظاهر السؤال عن السفینة مع إمکان الخروج ، والاستقرار مع عدم إمکان الخروج أمر آخر ، وطلب الاستقرار غیر معلوم کعدمه. ولا یبعد أنْ یکون السؤال عن السفینة حال استقرارها أیرجّح الصلاة فیها علی الخروج أم لا؟ وحینئذٍ الجواب یطابق هذا ، من حیث إنّ نوحاً أوقع الصلاة فی السفینة ، فالتأسّی به مطلوب ، وعلی هذا لا یدلّ الخبر إلاّ علی فعل الصلاة فی السفینة من حیث هی. والحقّ أنّ فی البین کلاماً.

وأمّا اشتراط عدم الحرکة من الأمواج ففی الأخبار ما ینافی هذا ، وقد تقدم فی باب صلاة الجماعة فی السفینة بعضها (1).

وقد روی الشیخ فی التهذیب عن الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر عن ، أبی أیّوب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّا ابتلینا وکنّا فی السفینة فأمسینا ولم نقدر علی مکانٍ نخرج فیه ، فقال أصحاب السفینة : لیس نصلّی یومنا (2) ما دمنا نطمع فی الخروج ، فقال : « إنّ أبی کان یقول : تلک صلاة نوح علیه السلام ، أما ترضی أنْ تصلّی صلاة نوحٍ علیه السلام ؟ » فقلت : بلی جعلت فداک ، قال : « فلا یضیقنّ صدرک ، فإنّ نوحاً قد صلّی فی السفینة »

ص: 315


1- فی ص 234.
2- لیست فی « رض » و « م ».

قال : قلت : قائماً أو قاعداً؟ قال : « بلی قائماً » قال : قلت : فإنّی ربما استقبلت القبلة فدارت السفینة؟ قال : « تحرّ القبلة جهدک » (1).

وهذا الخبر کما تری یدلّ بظاهره (2) علی أنّ صلاة نوحٍ کانت حال الاضطرار ، بقرینة السؤال ، وإنْ احتمل عموم الجواب ، لکنّه بعید.

وفیه دلالة علی أنّ القبلة تعتبر فی حال الضرورة بما أمکن ، فیمکن أنْ یقال : إنّ حالة الاختیار یعتبر فیها عدم الانحراف عن القبلة ، فیقیّد به خبر جمیل وغیره ، کالخبر المبحوث عنه ، إلاّ أنّ الحق احتمال (3) عدم ثبوت ضرر الانحراف فی السفینة. وأخبار القبلة فی غیر صلاة السفینة (4) لا تدفع هذه الأخبار ، والإجماع منتفٍ فی موضع النزاع ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فظاهر التأیید للأوّل فی أنّه لا یصلّی فی السفینة مع القدرة علی الشط ، وربما دلّ مع الأوّل أنّ مع القدرة لا یصلّی فی السفینة وإنْ کانت غیر سائرة وأمن من تحرّکها ، إلاّ أنّ الظاهر من الروایتین حالة سیر السفینة ، کما یعلم من ملاحظة الروایتین.

والثالث : لا یخلو من إجمال ؛ لاحتماله الصلاة فی السفینة حال سیرها ، کاحتمال حال العدم ، وربما کان فی ذکر الثقل والخفّة تأیید للثانی ، لکن توجیه الأوّل أیضاً ممکن.

أمّا الرابع : فربما دلّ علی عدم اشتراط القدرة علی الخروج (5) ، نظراً إلی عدم الاستفصال فی جواب السؤال ، إلاّ أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ مثل علی

توجیه ما دل علی الصلاة منحنیاً مع عدم القدرة علی القیام

ص: 316


1- التهذیب 3 : 170 / 376 ، الوسائل 5 : 506 أبواب القیام ب 14 ح 9.
2- لیست فی « رض ».
3- لیست فی « م ».
4- انظر الوسائل 4 : أبواب القبلة ب 1 ، ب 9 ، ب 10 وب 11.
5- فی « رض » و « م » زیادة : وعدمها.

ابن یقطین ربما کان عالماً بأحکام الصلاة فی السفینة من جهة الاشتراط ، وإنّما سؤاله عن الصلاة فی حال الجلوس بالإیماء أو السجود ، وحینئذٍ فالعموم فی الجواب غیر حاصل کما لا یخفی.

وقول الشیخ : علی الترتیب الذی فُصّل ؛ یحتمل أنْ یرید به الاستطاعة للخروج وعدمها ؛ ویحتمل أنْ یرید به الصلاة من قیام مع القدرة ، ومن جلوسٍ حال عدمها ، ویرید بما قاله حینئذٍ أنّ ما دلّ علی القیام یراد به التامّ أو ما قاربه ؛ وفیه : أنّ دلالة الأخبار علی مثل الانحناء محلّ تأمّل.

وما قاله قدس سره من تأکید الخامس غیر واضح ، إلاّ بتقدیر أنْ یکون المراد من الإیماء فی الروایة عدم فعل الصلاة تامّةً ، بل یأتی المکلّف بها مهما استطاع ، وحینئذٍ یدلّ علی جواز الانحناء ، وفیه ما فیه.

ویحتمل أنْ یراد بالتأکید الدلالة علی ترتیب الصلاة فی السفینة وأنّها لیست علی حدّ غیرها ، فإذا أفاد الخبر الإیماء وغیره القیام والقعود أفاد مجموع الأخبار أنّ الصلاة علی حسب الإمکان.

اللغة :

قال فی القاموس : الجدّ شاطئ النهر ، الجمع جُدُد کسُرُر ، وقال : الجَدَد محرّکة : ما استرقّ من الرمل (1). وقال : أکفأ : مال وقلب (2). وعلی هذا فقوله علیه السلام : « إنْ کانت خفیفة تُکفأ » بالهمزة وضمّ حرف المضارعة ، أی تمیل ، وکتابتها بالألف هی الموجودة فیما رأیت.

بیان ما دل علی أن الصلاة فی السفینة إیماء

معنی الجد والجدد وأکفأ

ص: 317


1- القاموس المحیط 1 : 291.
2- القاموس المحیط 1 : 27.

قوله :

باب صلاة الخوف

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة الخوف ، قال : « یقوم الإمام وتجی ء طائفة من أصحابه فیقومون ( خلفه ، وطائفة بإزاء العدوّ ، فیصلّی بهم الإمام رکعة ، ثم یقوم فیقومون ) (1) معه فیمثل قائماً ویصلّون هم الرکعة الثانیة ، ثم یسلّم بعضهم علی بعض ، ثم ینصرفون فیقومون (2) فی مقام أصحابهم ویجی ء الآخرون فیقومون خلف الإمام فیصلّی بهم الرکعة الثانیة ، ثم یجلس الإمام ثم یقومون هم فیصلّون رکعة أخری ثم یسلّم علیهم فینصرفون بتسلیمة » قال : « وفی المغرب مثل ذلک یقوم الإمام وتجی ء طائفة فیقومون خلفه ، ثم یصلّی بهم رکعة ، ثم یقوم ویقومون ، فیمثل الإمام قائماً ویصلّون الرکعتین ویتشهدون ویسلّم بعضهم علی بعض ، ثم ینصرفون فیقومون فی موقف أصحابهم ویجی ء الآخرون فیقومون خلف الإمام فیصلّی بهم رکعة یقرأ فیها ، ثم یجلس فیتشهد ، ثم یقوم ویقومون معه فیصلّی بهم رکعة أُخری ، ثم یجلس ویقومون فیتمّون رکعة أُخری ، ثم یسلّم علیهم ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة (3) ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه

صلاة الخوف

اشارة

ص: 318


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض » و « م ».
2- فی « رض » و « فض » : فیقفون.
3- فی الاستبصار 1 : 456 / 1767 : عن عمر بن أُذینة.

قال : « إذا کان صلاة المغرب فی الخوف فرّقهم فرقتین ، فیصلّی بفرقة رکعتین ، ثم یجلس بهم ، ثم أشار إلیهم بیده فقام کلّ إنسان منهم فیصلّی رکعة ، ثم سلّموا وقاموا مقام أصحابهم ، وجاءت الطائفة الأُخری فکبّروا ودخلوا فی الصلاة وقام الإمام فصلّی بهم رکعة ، ثم سلّم ، ثم قام کلّ رجل منهم فصلّی رکعة فشفعها بالتی صلّی مع الإمام ، ثم قام فصلّی رکعة لیس فیها قراءة ، فتمّت للإمام ثلاث رکعات وللأوّلین رکعتان فی جماعة وللآخرین واحدة (1) ، فصار للأوّلین التکبیر وافتتاح الصلاة ، وللآخرین التسلیم ».

وروی هذا الحدیث الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن زرارة وفضیل ومحمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام .

والوجه فی هذه الروایة ومطابقتها للروایة الأُخری أنْ نحملها علی التخییر ، وأنّ الإنسان مخیّر فی العمل بکلّ واحدٍ منهما ، وإنْ کان العمل علی الروایة الأُولی أظهر ، وقد روی زرارة راوی هذا الحدیث مثل الخبر الأوّل.

روی سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة الخوف المغرب یصلّی بالأوّلین رکعة ویقضون رکعتین ، ویصلّی بالآخرین رکعتین ویقضون رکعة ».

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : صحیح ، وابن أُذینة هو عمر بن أُذینة علی ما قدّمنا القول

تمییز ابن أذینة

ص: 319


1- فی الاستبصار 1 : 456 / 1767 : وحدانا.

فیه مفصّلاً (1).

والثالث : کذلک ، ویتّضح منه أنّ ابن أُذینة : عُمَر ، إنْ اعتری نوع شک من الرجال ، وإنْ کان فی الظنّ نفی الاحتمال.

والرابع : موثق أو صحیح علی ما قدّمناه فی أبان من أنّ العامل بالموثق یلزمه [ عدّ (2) ] خبره من الموثق ، ومن لا یعمل به فهو صحیح ، والإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن أبان لا یفید الصحّة بالنسبة إلی المتأخّرین (3).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة ، غیر أنّ بعض الأصحاب ذکر أنّ الفرقة الأُولی تنوی الانفراد وجوباً (4) ، وظاهر الروایة محتمل لأنْ تکون الجماعة الأُولی إنّما صلّت واحدة بنیّة [ الجماعة ] (5) فلا حاجة إلی نیّة الانفراد ؛ ویحتمل نیّة الجماعة (6) المطلقة فیتّجه احتمال نیّة الانفراد ؛ وقد یُحتمل عدم نیّة الانفراد ، لأنّ الجماعة المطلقة تحققت ( فلا حاجة إلی النیّة ، نعم لو قُصدت الجماعة فی مجموع الصلاة احتمل لزوم نیّة الانفراد ) (7). ویشکل بعدم معلومیة صحّة الصلاة حینئذٍ ؛ إذ القصد فعل الرکعة فقط ، ولا بُعد فی

کلمة حول أبان بن عثمان

هل تجب علی الفرقة الأولی نیة الانفراد بعد تمام الرکعة الأولی؟

ص: 320


1- راجع ج 1 : 289 وج 2 : 161 وج 3 : 39.
2- لیست فی « رض » و « م » ، وفی « فض » : عند ، والصحیح ما أثبتناه.
3- راجع ج 1 : 183 وج 2 : 177 وج 3 : 202.
4- انظر الشرائع 1 : 130.
5- فی النسخ : الوحدة ، والظاهر ما أثبتناه.
6- فی « م » : الانفراد.
7- ما بین القوسین لیس فی « م ».

اختصاص هذه الصلاة بما ذکر فتخالف غیرها ؛ إذ مشروعیة قصد البعض فی غیرها علی الإطلاق محلّ تأمّل یُعرف من ملاحظة أحکام الجماعة.

ومن هنا یعلم أنّ ما اعترض به شیخنا قدس سره علی المحقق حیث قال : إنّ ما ذکره یعنی المحقق من وجوب نیة الانفراد إنّما یتمّ مع إطلاق نیّة الاقتداء ، أمّا إذا تعلقت بالرکعة الأُولی خاصةً فلا حاجة إلی ذلک ، لانقضاء ما تعلق به الائتمام (1) ؛ محل نظر.

علی أنّ نیّة الاقتداء بالرکعة تقتضی الانفصال بتحققها ، والذی علیه المعروفون تمام الرکعة بالسجدة الأخیرة منها ، إمّا بتمام الذکر أو مع الرفع (2) ، وظاهر الروایة کما تری الانفصال عنه بعد القیام ، ( نعم فی خبرٍ آخر (3) ما یؤذن بعدم القیام معه ) (4) ، لکن هذا أصرح فی المنافاة لما ذکره.

ومن العجب أنّه قدس سره قال عند قول المحقق أیضاً : فتحصل المخالفة ، بمعنی ( صلاة الخوف لغیرها ، فی ثلاثة أشیاء : انفراد المؤتم ، إلی آخره - : لا یخفی أنّ انفراد المؤتم إنّما تحصل به ) (5) المخالفة علی قول الشیخ من المنع من المفارقة فی حال الاختیار ، أمّا إنْ سوّغناها مطلقاً کما هو المشهور فلا تتحقق المخالفة لصلاة المختار ، اللهم إلاّ أنْ یقال بوجوب الانفراد هنا فتحصل المخالفة (6).

ص: 321


1- المدارک 4 : 416.
2- انظر الذکری 4 : 80 ، روض الجنان : 351 ، المدارک 4 : 257.
3- انظر تفسیر العیاشی 1 : 272 / 257 ، الوسائل 8 : 438 أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب 2 ح 8.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- المدارک 4 : 416.

وأنت خبیر بأنّ ما ذکره من انفصال الاقتداء بالرکعة یقتضی عدم فائدة قوله : أمّا إنْ سوغناها ؛ إلاّ بتکلف إرادة المماشاة مع المحقق ، وعلی تقدیر تمامه فالمفارقة هنا اضطراریة لا اختیاریة إنْ کان الاقتداء فی مجموع الصلاة ، وإنْ کان فی الرکعة اندفع ما ذکره ، بل وجوب الانفراد المذکور فی توجیه المخالفة لا وجه له بعد ما قلناه ، فلیتأمّل.

فإنْ قلت : قوله علیه السلام فی الخبر المبحوث عنه : « فیصلّی بهم الإمام رکعة » یقتضی قصد الإمام الرکعة بهم ، فلو فرض قصدهم الأکثر تخالف القصدان ، ویشکل صحّة الصلاة ، وحینئذٍ یتعین قصد الرکعة.

قلت : لا دلالة فی الروایة علی القصد ، وبتقدیره فالحکم بقصدهم الرکعة أو مطلق الجماعة یتوقف علی الدلیل ، لا أنّ مجرد الروایة تدلّ علی ذلک ، لکن قصد مطلق الجماعة ربما لا ینافی قصد الإمام الرکعة أو (1) قصده المطلق أیضاً.

وبالجملة : فاستفادة القصد من الروایة وعدمه غیر واضحة.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « ثم یسلّم بعضهم علی بعض » قد یُظن منه قصدهم بالسلام ما ذکر ، وذلک غیر معلوم القائل الآن فیما وقفت علیه من کلام الأصحاب.

أمّا ما تضمّنه من قوله : « ثم یسلّم علیهم » فقد یُظنّ منه بقاء القدوة مع قیام (2) الفرقة الثانیة للإتمام (3) وإنْ استقلّوا بالقراءة ، بل صرّح البعض بذلک ، واحتجّ له بقوله علیه السلام فی الخبر الثانی : « وللآخرین التسلیم » (4) وهو

ما المراد بقوله علیه السلام : « یسلم بعضهم علی بعض »؟

هل تبقی القدوة للفرقة الثانیة فی ثانیتهم؟

ص: 322


1- فی « م » : و.
2- فی « م » : بقاء.
3- فی « رض » : للائتمام.
4- المختلف 2 : 474.

وهم ؛ للتصریح فی الخبر بتسلیم الإمام قبل إتمامهم ، ولعلّ المراد بکون التسلیم لهم وقوعه بحضورهم.

نعم الخبر المبحوث عنه فیه نوع دلالة ، والخبر الآخر لا یعارضه ؛ لاختلاف المورد ، إلاّ أنّ الفارق لا أعلمه ، وقد ذکروا الفائدة فی الائتمام بسقوط السهو مع حفظ الإمام.

وفی الشرائع جعل من أقسام المخالفة إمامة القاعد بالقائم (1). واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّه إنّما یتمّ إذا قلنا ببقاء القدوة ، والذی صرّح بذلک العلاّمة فی المختلف محتجّاً بما قدّمناه ، وردّه بالضعف المشار إلیه (2).

وأنت خبیر بأنّ الإیراد علی المحقّق لا یتمّ علی الإطلاق إلاّ بعد إثبات عدم الفرق بین الثنائیة والثلاثیة ، وظاهر المحقّق أنّ المخالفة فی الثنائیة ؛ لأنّه ذکر بعد ذلک الثلاثیة (3).

فإنْ قلت : الخبر المبحوث عنه تضمّن المغرب أیضاً وأنّه یسلّم علیهم ، فإذا دلّ الخبر الآخر علی عدم انتظارهم بالتسلیم فی المغرب لا بُدّ منن حمل الخبر الأوّل علی الجواز فی الثنائیة أیضاً ، إذ من المستبعد اختلاف الخبر الواحد.

قلت : لعلّ المحقّق یقول : إنّ المعارض فی المغرب لا یقتضی شمول الحکم لغیره ، علی أنّه یمکن أنْ یقال : إنّ المقام مقام استحباب ، فجاز بقاء الإمام فی المغرب لیسلّم بهم ، وجاز انصرافه بالتسلیم قبل ، لکن

ص: 323


1- الشرائع 1 : 130.
2- انظر المدارک 4 : 417.
3- انظر الشرائع 1 : 130.

علی تقدیر البقاء یتحقق ائتمام القائم بالقاعد. ویمکن أنْ یقال أیضاً : إنّ الصلاة الأُولی للمغرب کیفیة خاصة مغایرة للثانیة فی الخبر الآخر فیجوز اختصاصها ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فلا یخفی أنّ ظاهره مفارقة الفرقة الأُولی بعد التشهد ، حیث قال : « ثم یجلس بهم » فإنّ الظاهر من الجلوس التشهد ، لکن قیامه فی ظاهر الخبر بعد قیامهم ، غیر أنّ لحوق الثانیة غیر معلومٍ کونه فی حال جلوسه أو بعد قیامه ، ولا یبعد کونه قبل قیامه ، من حیث قوله : « فکبّروا ودخلوا وقام الإمام ».

وتظهر فائدة ما ذکرناه عند ملاحظة ما قاله جدّی قدس سره فی الروضة ردّاً علی بعض العامّة فی ترجیح صلاة رکعتین بالأُولی علی العکس (1) ، وإنْ کان الحقّ أنّ کلامه محلّ تأمّل یعرف وجهه من حواشی الروضة. وقد سبقه الشهید فی الذکری إلی ما قاله (2) ، والإلزام مشترک ، ولو لا أنّ ذکره قلیل الثمرة لنقلناه هنا ، فمن أراده فلیراجعه هناک.

أمّا ما قاله الشیخ من أنّ العمل علی الروایة الأُولی أظهر فقد قیل : إنّ الوجه فیه فوز الثانیة بالقراءة المتعینة وبما یوازی فضیلة تکبیرة الإحرام وهو الرکعتان ، وقیل : إنّ علیاً علیه السلام صلّی الصورة الأُولی (3) ؛ والتأسّی به مرجّح.

بقی شی ء ، وهو أنّ الخبر الثانی لا یخلو من دلالة علی وجوب التسلیم ، حیث جعله مقابلاً لتکبیر الافتتاح ، ووقوعه قبل إتمام المأموم لا یضر بالحال ، کما لو قدّم الإمام تکبیرة الافتتاح علی المأموم ، ولعلّ القائل

بیان ما دل علی کیفیة صلاة المغرب حال الخوف

ص: 324


1- الروضة 1 : 365.
2- الذکری 4 : 347.
3- التذکرة 4 : 429 430 ، الذکری 4 : 348 ، الروضة البهیة 1 : 365.

بالاستحباب یحمله علی أنّه لمّا کان ختام الصلاة صَدَق الاشتراک فی أنّ الفرقة الأُولی أدرکت الافتتاح والثانیة الاختتام ، وفیه : أنّ الاستحباب یقتضی جواز الترک ، فلا یتمّ الاشتراک علی الإطلاق. ویمکن أنْ یقال : إنّ الاشتراک فی الجملة کافٍ. ولم أر الآن من ذکر هذا فی أدلّة وجوب السلام.

والعجب من بعض محققی المعاصرین سلّمه الله أنّه ذکر الخبر فی أدلّة وجوب التسلیم ، من حیث قوله : « ثم سلّموا » قال سلّمه الله - : إنّ الخبر بمعنی الأمر ، ثم قال : إنّ دلالته أبلغ من غیره ؛ لأنّ أمرهم بالتسلیم فی ذلک الوقت المناسب للتخفیف ظاهر [ فی المراد ] (1)، انتهی.

وغیر خفی أنّ ما ذکرناه فی الروایة أظهر وأبعد عن احتمال أنْ یقال : إنّ فعل الجماعة مستحب فلا بعد فی الأمر بالتسلیم ، مضافاً إلی غیر ذلک ، فلیتأمّل.

قوله :

باب صلاة المُغمی علیه

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سمعته یقول فی المغمی علیه ، قال : « ما غلب الله علیه فالله أولی بالعذر ».

عنه ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن إبراهیم الخزّاز أبی أیّوب ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن رجل أُغمی علیه أیّاماً لم یصلّ ، ثم أفاق ، أیصلّی ما فاته؟ قال : « لا شی ء علیه ».

دلالة روایة زرارة علی وجوب التسلیم

صلاة المغمی علیه

اشارة

ص: 325


1- البهائی فی الحبل المتین : 255 ، وما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.

أحمد بن محمّد ، عن علی بن حدید ، عن مرازم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المریض لا یقدر علی الصلاة؟ قال : فقال : « کلّ ما غلب الله علیه فالله أولی بالعذر ».

عنه ، عن الحجّال ، عن ثعلبة (1) ، عن معمر بن عمر قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن المریض یقضی الصلاة إذا أُغمی علیه؟ قال : « لا ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن محمّد بن سلیمان قال : کتبت إلی الفقیه أبی الحسن العسکری علیه السلام أسأله عن المُغمی علیه یوماً أو أکثر هل یقضی ما فاته من الصلاة أم لا؟ فکتب علیه السلام : « لا یقضی الصوم ولا یقضی الصلاة ».

سعد ، عن أیّوب بن نوح قال : کتبت إلی أبی الحسن الثالث علیه السلام أسأله عن المُغمی علیه یوماً أو أکثر هل یقضی ما فاته من الصلاة أم لا؟ فکتب : « لا یقضی الصوم ولا یقضی الصلاة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن المریض یُغمی علیه؟ قال : « إذا جاز ثلاثة أیّام فلیس علیه قضاء ، فإذا أُغمی علیه ثلاثة أیّام فعلیه قضاء الصلاة فیهن ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن المُغمی علیه؟ قال : فقال : « یقضی صلاة یوم ».

عنه ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن سنان ، عن العلاء

ص: 326


1- فی « رض » زیادة : بن میمون.

ابن الفضیل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یُغمی علیه یوماً إلی اللیل ثم یفیق؟ قال : « إنْ أفاق قبل غروب الشمس فعلیه قضاء یومه هذا ، وإنْ أُغمی علیه أیّاماً ذوات عدد فلیس علیه أنْ یقضی إلاّ آخر أیّامه إذا أفاق ، قبل غروب الشمس ، ( وإلاّ فلیس ) (1) علیه قضاء ».

فالوجه فی هذه الأخبار أنْ نحملها علی ضربٍ من الاستحباب ؛ لأنّ الأوّلة (2) محمولة علی أنّه لا یجب علیه قضاء ما فاته فی حال الإغماء ، وهذه محمولة علی الترغیب فی قضاء ما فاته.

السند :

فی الأوّل : حسن بتقدیر سلامة حفص بن البختری ، وقد قدّمنا فی أوّل الکتاب (3) ، والحاصل أنّ النجاشی وثّقه قائلاً : روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، ذکره أبو العبّاس ، وإنّما کان بینه وبین آل أعیَن نَبوَة فغمزوا علیه بلعب الشطرنج ، إلی آخره (4).

وأبو العبّاس المذکور یحتمل ابن عقدة وابن نوح ، والأوّل مشهور الحال بالزیدیة (5) ، غیر أنّه لا یبعد کون الذکر للروایة عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام لا للتوثیق. وأمّا الغمز علیه ففیه تأمّل قدّمنا وجهه

بحث حول حفص بن البختری

ص: 327


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « م » : قال : ولیس ، وفی « فض » : قال : قال : ولیس ، وما أثبتناه موافق للتهذیب 3 : 303 / 931 ، والاستبصار 1 : 458 / 1778.
2- فی الاستبصار 1 : 458 / 1778 و « م » : الأدلّة.
3- راجع ج 1 ص 221.
4- رجال النجاشی : 134 / 344.
5- انظر رجال النجاشی : 94 / 233 ، الفهرست : 28 / 76 ، وخلاصة العلاّمة : 203 / 13.

مفصّلاً (1) ، ولم أقف علی جازمٍ بضعفه سوی المحقّق فی المعتبر (2).

والثانی : ضمیر « عنه » یرجع إلی علی بن إبراهیم ، لروایته عن محمّد ابن عیسی فی الکافی بکثرة (3) ، وخصوصاً فی هذه الروایة ، فإنها مرویة عن علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، إلی آخره (4). وأمّا روایة محمّد بن عیسی ( عن یونس ) (5) فقد تکرّر القول فیها بما یغنی عن الإعادة (6). وإبراهیم الخزّاز لا ارتیاب فیه.

والثالث : فیه علی بن حدید ، وقد ضعّفه الشیخ فی هذا الکتاب (7). ومرازم وثّقه النجاشی (8) ، وفی الخلاصة أنّه بضم المیم (9).

والرابع : ضمیر « عنه » فیه یرجع لأحمد بن محمّد ، ولا یضرّ بالحال عدم روایته عنه فی الرجال. أمّا ثعلبة فهو ابن میمون ، لروایة الحجّال عنه ، وقد قدّمنا حاله مفصّلاً (10). ومعمر بن عمر مذکور فی رجال الشیخ مهملاً (11) ، وفی فوائد شیخنا قدس سره علی الکتاب أنّه غیر مذکور فی کتب الرجال ، ثم احتمل کونه ابن یحیی فصُحّف ؛ لأنّ ثعلبة بن میمون یروی

روایة علی بن إبراهیم عن محمد بن عیسی

إبراهیم الخزاز لا ارتیاب فیه

علی بن حدید ضعیف

مرازم ثقة

تمییز ثعلبة

بحث حول معمر بن عمر

ص: 328


1- راجع ج 1 ص 221 223.
2- المعتبر 2 : 395.
3- الکافی 3 : 401 / 17 ، 405 / 4 و 6.
4- الکافی 3 : 412 / 3.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- راجع ج 1 ص 75 82 ، ج 4 ص 8 10 ، 179 181 ، ج 5 ص 134 136.
7- الاستبصار 1 : 40.
8- رجال النجاشی : 424 / 1138.
9- خلاصة العلاّمة : 170 / 7.
10- راجع ج 1 ص 379 ، ج 4 ص 167 ، 291 ، 361.
11- رجال الطوسی : 316 / 575.

عنه فی النجاشی (1) ، وله وجه ، إلاّ أنّ فی التهذیب والکافی ابن عمر (2) ، والاتفاق (3) علی التصحیف فی غایة البُعد ، فلیتأمّل.

والخامس : فیه علی بن محمّد بن سلیمان ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وقد یحتمل أن یکون « ابن » موضع « عن » ، فإنّ فی الرجال : علی بن محمّد المنقری یروی عنه محمّد بن علی بن محبوب (4) ، وحینئذٍ سلیمان یکون ابن حفص المروزی ؛ لروایته بهذه الصورة کثیراً ، وهو مجهول الحال ، فالفائدة منتفیة.

والسادس : واضح الصحّة ، ورواه الصدوق فی الفقیه عن أیّوب بن نوح (5) ، وهو واضح الصحّة أیضاً.

والسابع : موثّق ، والحسن أخو الحسین.

والثامن : معلوم الحال ممّا تقدّم عن حفص ، لأنّه ابن البختری ؛ لروایة ابن أبی عمیر عنه.

والتاسع : فیه محمّد بن سنان ، وهو غنی عن البیان. والعلاء بن الفضیل ثقة.

المتن :

فی [ الثانی ] (6) : ظاهر فی أنّ المُغمی علیه أیّاماً ولم یصلّ ثم أفاق

بحث حول علی بن محمد بن سلیمان

سلیمان بن حفص المروزی مجهول

العلاء بن الفضیل ثقة

بیان ما دل علی أنه لیس علی المغمی علیه قضاء الصلاة والصوم بعد الإفاقة

ص: 329


1- رجال النجاشی : 425 / 1141.
2- التهذیب 3 : 303 / 926 ، الکافی 3 : 412 / 2.
3- فی « فض » : وإلاّ بقاؤه.
4- رجال النجاشی : 257 / 674 ، الفهرست : 97 / 411.
5- الفقیه 1 : 237 / 1041.
6- فی النسخ : الأوّل ، والصحیح ما أثبتناه ، وأما الحدیث الأوّل فلیس له تعلیقة حول متنه ولعله لاتحاده مع الثالث.

لا قضاء علیه ، وهو یتناول الإفاقة فی وقت ما للصلاة وعدمه ، وستستمع من الأخبار ما یمکن تقییده به.

[ والثالث (1) ] : واضح الدلالة علی عدم وجوب الصلاة علیه ، أمّا (2) القضاء فدلالته علی نفیه محتملة ، والظاهر منه عدم القدرة علی الصلاة بجمیع مراتبها.

[ والرابع : ظاهر کالخامس (3) ] ( غیر أنّ حکم الصوم سیأتی فی بابه إن شاء الله ما لا بُدّ منه.

[ والسادس : کالخامس ) (4).

والسابع (5) ] : فیه تفصیل من وجه ، وإطلاق من جهة الإفاقة فی وقتٍ وعدمها.

[ والثامن (6) ] : مثله فی الإطلاق.

[ والتاسع (7) ] : مفصّل فی صدره ، غیر أنّ الإفاقة قبل الغروب تتناول ما یتّسع الصلاة وعدمه بالنسبة إلی ذات الوقت ولمّا خرج وقتها.

وأمّا عجزه ففی حیّز الإجمال ، من حیث إفادته قضاء آخر أیّامه إنْ أفاق قبل الغروب ثم نفی القضاء ، ( ولعلّ المراد نفی القضاء لباقی الأیّام ،

توجیه ما دل علی لزوم القضاء

ص: 330


1- فی النسخ : والثانی ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « فض » : لا.
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : والثالث ظاهر کالرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- بدل ما بین المعقوفین فی « رض » و « فض » : والخامس کالرابع. والسادس. وفی « م » : والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
6- فی النسخ : والسابع ، والصحیح ما أثبتناه.
7- فی النسخ : والثامن ، والصحیح ما أثبتناه.

ویحتمل عدم لزوم القضاء ) (1) وقضاء آخر الأیّام علی الاستحباب.

ومن هنا یعلم أنّ إطلاق الشیخ الحمل علی الاستحباب فی المُغمی علیه ، ثم عدم التعرّض للمریض محلّ تأمّل ، إلاّ أنْ یقال : إنّ المرض إذا لم یحصل معه الإغماء یجب به القضاء ، وفیه احتمال تعذّر الصلاة بغیر الإغماء. أمّا ما قیّده الشیخ فیما یأتی ستسمع الکلام فیه. وفی الفقیه ما یقتضی الحمل علی الاستحباب فی قضاء المُغمی علیه فی الجملة (2).

اللغة :

قال فی القاموس : الغَلبة بفتح الغین القهر (3).

قوله :

فأمّا الصلاة التی یفیق فی وقتها فإنّه یلزمه قضاؤها علی کلّ حال ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن أبی بصیر ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن المریض یُغمی علیه ثم یفیق کیف یقضی صلاته؟ قال : « یقضی الصلاة التی أدرک وقتها ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن المریض هل

معنی الغلبة

ص: 331


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- الفقیه 1 : 237.
3- القاموس المحیط 1 : 116.

یقضی الصلاة إذا أُغمی علیه؟ قال : « لا ، إلاّ الصلاة التی أفاق فیها ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یقضی الصلاة التی أفاق فیها ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کلّ ما ترکته من صلاتک لمرضٍ أُغمی علیک فیه فاقضه إذا أفقت ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یُغمی علیه ثم یفیق؟ قال : « یقضی ما فاته ، یؤذّن فی الأُولی ویقیم فی البقیة ».

عنه ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبد الله علیه السلام (1) قال : « یقضیها کلّها ، إنّ أمر الصلاة شدید ».

عنه ، عن عبد الله بن محمّد قال : کتبت إلیه : جُعلت فداک روی عن أبی عبد الله علیه السلام فی المریض یُغمی علیه أیّاماً (2) ، فقال بعضهم : یقضی صلاة یومه الذی أفاق فیه ، وقال بعضهم : یقضی صلاة ثلاثة أیّام ویدع ما سوی ذلک ، وقال بعضهم : إنّه لا قضاء علیه ، فکتب : « یقضی صلاة الیوم الذی یفیق فیه ».

فالوجه فی هذه الأخبار ما ذکرناه (3) من الاستحباب والندب دون الفرض والإیجاب.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ، عن

ص: 332


1- هنا فی التهذیب والاستبصار زیادة أشار إلیها فی ص : 333.
2- لیست فی « رض ».
3- فی الاستبصار 1 : 459 / 1786 زیادة : أوّلاً.

أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یُغمی علیه نهاراً (1) ثم یفیق قبل غروب الشمس؟ فقال : « یصلّی الظهر و (2) العصر ، ومن اللیل إذا أفاق قبل الصبح قضی صلاة اللیل ».

فهذا الخبر موافق لما قدّمناه من أنّه یجب علیه قضاء الصلاة التی یفیق فی وقتها ، وهذا الوقت هو آخر وقت المضطر ، فیجب علیه (3) القضاء.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو بصیر ، وقد قدّمنا حاله بما یغنی عن الإعادة (4).

والثانی : صحیح ، وحمّاد فی النسخة التی نقلت منها ، وفی اخری ساقطة ، وفی التهذیب موجود بزیادة : ابن عثمان (5) ، فالساقط سهو.

والثالث : معلوم ممّا تقدم فی حفص ، ( إذ هو ) (6) ابن البختری ، لروایة ابن أبی عمیر عنه (7).

والرابع : صحیح علی الظاهر من أنّ ابن سنان عبد الله علی ما قدّمنا القول فیه مفصّلاً من أنّ محمداً لا یروی عن أبی عبد الله (8) ؛ نعم فی

تمییز حفص

بحث حول ابن سنان

ص: 333


1- لیست فی « م ».
2- فی الاستبصار 1 : 460 / 1787 : أو.
3- فی الاستبصار 1 : 460 / 1787 : حینئذٍ.
4- راجع ج 1 ص 72 ج 2 ص 90 94 ، 210 ، ج 4 ص 16 ، 392.
5- التهذیب 3 : 304 / 933 ، الوسائل 8 : 258 أبواب قضاء الصلوات ب 3 ح 1.
6- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « م ».
7- راجع ص 326.
8- راجع ج 2 ص 334 336.

الرجال : محمّد بن سنان أخو عبد الله (1) ، إلاّ أنّ روایته فی غایة الندرة ، بل لا أعلم وقوعها الآن ، لکن یعلم من هذا أنّ ردّ بعض الأصحاب احتمال محمّد بن سنان بأنّه لم یرو عن أبی عبد الله علیه السلام ( محلّ تأمّل ؛ لأنّ أخا عبد الله من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (2) ، أمّا محمّد بن سنان غیر أخی عبد الله ) (3) ، فلیس من رواة الصادق علیه السلام .

والخامس : صحیح کالسادس علی ما قدّمنا فی الطریق إلی الحسین ابن سعید وغیره (4). لکن ینبغی أنْ یُعلم أنّ فی التهذیب متن روایة منصور : عن أبی عبد الله علیه السلام ( فی المُغمی علیه ، قال : « یقضی کلّ ما فاته » (5). ثم بعدها : عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن رفاعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ) (6) قال : سألته عن المُغمی علیه شهراً ما یقضی من الصلاة؟ قال : « یقضیها (7) ، إنّ أمر الصلاة شدید » (8). ولا یبعد أنْ یکون ما هنا سهو قلم من الشیخ أو غیره ، وسند التهذیب صحیح أیضاً.

والسابع : فیه عبد الله بن محمّد ، وهو مشترک (9).

إشارة إلی صحة طریق الشیخ إلی الحسین بن سعید

الاختلاف بین التهذیب والاستبصار

عبد الله بن محمد مشترک

ص: 334


1- رجال الطوسی : 288 / 129.
2- رجال الطوسی : 288 / 129.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- راجع ج 1 ص 69 ، 414 ، ج 3 ص 24.
5- التهذیب 3 : 305 / 937 و 938 ، الوسائل 8 : 265 أبواب قضاء الصلوات ب 4 ح 3 و 4.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».
7- فی التهذیب 3 : 305 / 938 ، والاستبصار 1 : 459 / 1785 زیادة : کلّها.
8- التهذیب 3 : 305 / 937 و 938 ، الوسائل 8 : 265 أبواب قضاء الصلوات ب 4 ح 3 و 4 ، وفی الاستبصار کما نقله عن التهذیب عیناً ، فالظاهر أنّ الإشکال کان فی النسخة التی اعتمد علیها المؤلف.
9- انظر هدایة المحدثین : 206.

والثامن : فیه أبو بصیر.

المتن :

فی الأوّل : دالّ علی قضاء الصلاة التی أدرک وقتها ، وغیر خفی أنّ إدراک الوقت تابع لتحقیق الوقت السابق فی بحث المواقیت ، ولمّا کان فی آخر الوقت مذکور الاکتفاء برکعة فی إدراک الوقت فهو داخل فی الروایة ، وفی الأخبار السابقة ما یدلّ علی أنّ من أفاق قبل الغروب علیه قضاء یومه ، فقول الشیخ هنا : إنّ الصلاة التی یفیق فی وقتها یلزمه قضاؤها ؛ یقتضی انحصار القضاء واجباً فی الفریضة ، وحینئذٍ ما دلّ علی قضاء الیوم الذی أفاق فیه قبل الغروب لا یتمّ إطلاق الاستحباب فیه ، بل إمّا بعضه واجب أو کلّه ، علی تقدیر عدم إدراک رکعة من الوقت.

وأمّا الثانی : فالظاهر منه نحو الأوّل. وکذلک الثالث. وبهذا یتّضح أنّ إطلاق الشیخ لا یخلو من تأمّل.

والرابع : کما تری لو حُمل علی ما قاله الشیخ من الاستحباب لزم أنْ یخصّ الإفاقة بعد خروج الوقت.

وأمّا الخامس : فکذلک. وما تضمّنه من الأذان للأُولی والإقامة فی البقیة یقتضی بظاهره (1) أنّ القضاء یکفی فیه أذانٌ واحد ، سواء جمع أم لا ، إلاّ أنْ یُحمل علی الجمع بقرینة الأخبار الدالّة علی سقوط الأذان ثانیاً مع الجمع (2). وفیه : إمکان التخصیص بغیر القضاء.

بیان ما دل علی أن المغمی علیه یقضی الصلاة التی أدرک وقتها

حکم الأذان والإقامة فی صلاة القضاء

ص: 335


1- لیست فی « م ».
2- انظر التهذیب 3 : 159 / 342 و 304 / 936 ، الوسائل 8 : 254 أبواب قضاء الصلوات ب 1 ح 3 و 270 ب 8 ح 1.

فإنْ قلت : ظاهر الخبر الأذان للأُولی من دون إقامة ، ثم الإقامة للبواقی.

قلت : الظاهر ما ذکرت ، إلاّ أنّ فی خبر لزرارة معتبر ما یدلّ علی أنّه یؤذّن للأُولی ویقیم ، ثمّ یصلّی ما بعدها بإقامة إقامة (1).

وینبغی أنْ یُعلم أنّ العلاّمة فی المنتهی علی ما نقل عنه قال : لو أذّن لکلّ واحدة کان أفضل ، واستدلّ بحدیث : « من فاتته فریضة فلیقضها کما فاتته » (2) قال : وقد کان حکم الفائتة تقدیم الأذان علیها فکذا القضاء (3).

واعترضه بعض محققی المعاصرین سلّمه الله بأنّه یقتضی کون الأمر فی حدیث زرارة بما هو خلاف الأفضل (4) ؛ وعنی سلّمه الله بخبر زرارة ما أشرنا إلیه ، فإنّه تضمّن الأمر بصلاة ما بعد الأُولی بإقامة إقامة.

وقد یقال : إنّ الأمر بخلاف الأفضل لا مانع منه إذا کان فی المأمور به فضل کما فی کثیر من النظائر ، ومنه الأمر بالتسبیحة الواحدة فی الأخیرتین ، فالفائدة بیان جواز الاقتصار علی المأمور به.

ولعلّ الأولی فی الجواب : أنّ ما دلّ علی قضاء الصلاة کما فاتت یفید أنّ الفائتة إذا لم یتحقق فیها مقتضی سقوط الأذان ثانیاً یمکن تتمیم الدلیل فیه کما لو فرّق القضاء ، أمّا لو جمع فالسقوط هو حکم الفائتة ، علی أنّ حدیث : « من فاتته فریضة » لا یخرج عن الإطلاق أو العموم ، وخبر زرارة مقیّد أو خاص ، نعم ما دلّ علی سقوط الأذان ثانیاً مع الجمع قد

ص: 336


1- الکافی 3 : 291 الصلاة ب 12 ح 1 ، التهذیب 3 : 158 / 340 ، الوسائل 4 : 290 أبواب المواقیت ب 63 ح 1.
2- انظر غوالی اللئالی 2 : 54 / 143.
3- المنتهی 1 : 260 ، حکاه عنه فی الحبل المتین : 205.
4- البهائی فی الحبل المتین : 206.

یصلح للتقید ، لکن الحال ما سمعته ، فتأمّل.

والسادس : علی ما فی الکتاب مجمل ، وعلی ما فی التهذیب کما سمعته (1) یقتضی القضاء لجمیع ما فات ، والحمل علی الاستحباب کما قاله الشیخ علی الإطلاق مشکل ؛ لِما تقدّم (2). وخبر رفاعة فی التهذیب کذلک.

وأمّا السابع : فما تضمّنه من قوله : فقال بعضهم ؛ یراد به صورة ما روی ، والمعنی أنّ الروایة عن أبی عبد الله علیه السلام مختلفة فروی البعض کذا ، وروی البعض کذا ، والجواب کما تری یدلّ علی قضاء الیوم الذی یفیق فیه ، وحمله علی الاستحباب کما قاله الشیخ واضح الإشکال ؛ لدخول الإفاقة فی الوقت ولو فی الجملة.

والثامن : ظاهر فی أنّ الإفاقة قبل الغروب توجب فعل الصلاة لا قضاءها ، وکذلک قبل الصبح ؛ لما ذکره الشیخ من أنّه وقت المضطرّ ، فلا حاجة إلی الحمل علی القضاء ؛ نعم لا بُدّ من الحمل علی سعة الوقت للأداء بالنحو المقرّر فی المواقیت ، ولا یخفی ما فی کلام الشیخ من النظر حینئذٍ ، فلیتأمّل.

ولا یبعد فی بعض الأخبار حمل القضاء علی الفعل کما ذکرناه فی الأخیر ، بل الخبر الأخیر ممّا سبق ربما کان ظاهراً فی هذا المعنی ، حیث قال : « إنْ أفاق قبل غروب الشمس فعلیه قضاء یومه » (3).

وبالجملة : فالأخبار لا تخلو من اضطراب ( والحمل علی الاستحباب

توجیه ما دل علی أن المغمی علیه یقضی کل ما فاته

توجیه ما دل علی قضاء الیوم الذی یفیق فیه

حکم المغمی علیه إذا أفاق قبل الغروب أو قبل الصبح

ص: 337


1- راجع ص : 333.
2- فی ص 334.
3- راجع ص 326.

لا یخلو من إشکالٍ کما قررناه (1) ) (2) وحمل المطلق علی المقیّد لا یتمّ علی الإطلاق. أمّا حمل بعض الأصحاب علی اختلاف حال الإغماء ، فإذا کان بسبب الإنسان فعلیه القضاء ، وإلاّ فلا ، أو علی إغماءٍ یزیل العقل وعدمه (3) ؛ فمن البعد بمکان ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

باب الزیادات فی شهر رمضان

الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « صلّ فی لیلة إحدی وعشرین ولیلة ثلاث وعشرین من رمضان فی کل واحدة منهما إنْ قویت علی ذلک مائة رکعة سوی الثلاث عشرة رکعة ».

علی بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن خالد ، عن سیف بن عمیرة ، عن إسحاق بن عمّار ، عن جابر بن عبد الله قال : إنّ أبا عبد الله علیه السلام قال له : « إنّ أصحابنا هؤلاء أبَوا أنْ یزیدوا فی صلاتهم فی شهر رمضان ، وقد زاد رسول الله صلی الله علیه و آله فی صلاته فی شهر رمضان ».

عنه ، عن محمّد بن علی ، ( عن علی ) (4) بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبی بصیر ، أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام : أیزید الرجل فی الصلاة فی شهر رمضان؟ فقال : « نعم إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله

الزیادات فی شهر رمضان

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی

ص: 338


1- فی ص 336.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 209.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

قد زاد فی رمضان فی الصلاة ».

عنه ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسین بن الحسن المروزی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن الجعفری ، أنّه سمع العبد الصالح علیه السلام یقول : « فی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین مائة رکعة ، [ یقرأ ] (1) فی کلّ رکعة قل هو الله أحد عشر مرّات ».

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ابن عبید ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن أبی العبّاس البقباق وعبید ابن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یزید فی صلاته فی شهر رمضان ، إذا صلّی العتمة صلّی بعدها ، یقوم الناس خلفه فیدخل ویدعهم ، ثم یخرج أیضاً فیجیؤون فیقومون خلفه فیدخل ویدعهم ، ( ثم یخرج أیضاً فیجیؤون فیقومون خلفه فیدخل ویدعهم ) (2) مراراً » قال : « وقال : لا یُصلّی بعد العتمة فی غیر شهر رمضان ».

علی بن حاتم ، عن حُمَید بن زیاد قال : حدّثنا عبید الله بن أحمد النهیکی (3) ، عن علی بن الحسن ، عن محمّد بن زیاد ، عن أبی خدیجة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا جاء (4) شهر رمضان زاد فی الصلاة ، وأنا أزید فزیدوا ».

ص: 339


1- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 3 : 61 / 210 ، والاستبصار 1 : 461 / 1791.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- فی « فض » : عبید الله النهیکی ، فی « م » : عبد الله النهیکی ، فی « رض » : عبد الله الشهینکی ، وفی التهذیب 3 : 60 / 204 : عبد الله بن أحمد النهیکی ، والصواب ما أثبتناه ؛ وهو موافق لما فی الاستبصار 1 : 461 / 1793.
4- فی الإستبصار 1 : 461 / 1739 : دخل.

عنه ، عن محمّد بن جعفر المؤدّب ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسین ، عن النضر بن شُعیب ، عن جمیل بن صالح ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنْ استطعت أنْ تصلّی فی شهر رمضان وغیره فی الیوم واللیلة ألف رکعة فافعل ، فإنّ علیاً علیه السلام کان یصلّی فی الیوم واللیلة ألف رکعة ».

علی بن الحسن بن فضّال ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسین بن الحسن المروزی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن محمّد ابن یحیی قال : کنت عند أبی عبد الله علیه السلام فسُئل : هل یُزاد فی شهر رمضان فی صلاة النوافل؟ فقال : « نعم قد کان رسول الله صلی الله علیه و آله یزید بعد العتمة فی مصلاّه فیکثر (1) وکانوا (2) یجتمعون خلفه لیصلّوا بصلاته ، فإذا کثروا (3) خلفه ترکهم ودخل ( منزله ، فإذا تفرّق الناس عاد إلی مصلاّه فصلّی کما کان یصلّی ، فإذا کثر (4) الناس خلفه ترکهم ودخل ) (5) وکان یصنع ذلک مراراً ».

السند :

فی الأوّل : موثق کما تکرر القول فیه (6).

ص: 340


1- فی الاستبصار 1 : 462 / 1795 ، و « فض » : فیکبّر ، وفی « م » : فکبّر ، وفی « رض » : فیکبّروا ؛ والصحیح ما أثبتناه ، وهو موافق للتهذیب 3 : 60 / 205 ، والوسائل 5 : 174 أبواب نافلة شهر رمضان ب 2 ح 3.
2- فی الاستبصار 1 : 462 / 1795 : وکان النّاس.
3- فی الاستبصار 1 : 462 / 1785 وجمیع النسخ : کبّروا. ، والصحیح ما أثبتناه ، وهو موافق للتهذیب 3 : 60 / 3. والوسائل 5 : 174 أبواب نافلة شهر رمضان ب 2 ح 3.
4- فی الاستبصار 1 : 462 / 1795 : کبّر.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- راجع ج 1 ص 108 111 ، 165 ، 332.

( والثانی : فیه ) (1) علی بن الحسن ( بن فضّال ، وقد تکرّر ذکره فیما ذکرناه من المقال (2) ، والطریق إلیه فیه علی بن محمّد بن الزبیر ، وقد مضی القول فیه مفصّلاً (3). ومحمّد بن خالد هو الطیالسی فی الظاهر ؛ لأنّ علی ابن الحسن ) (4) یروی عنه علی ما ذکره الشیخ فی من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام (5) ، وحال محمّد بن خالد لا یزید علی الإهمال. وأمّا سیف بن عمیرة وإسحاق فتکرّر القول فیهما (6).

وجابر بن عبد الله الراوی عن الصادق علیه السلام لم أقف علیه فی الرجال ، وفی فوائد شیخنا قدس سره علی الکتاب : لعلّ الصواب عن جابر أبی عبد الله ، فإنّ أبا عبد الله کنیة جابر بن یزید ، وهو من رجال الباقر والصادق علیهماالسلام ، انتهی. ولا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ فی التهذیب عن صابر بن عبد الله فی نسخة معتبرة علیها الاعتماد ، حیث قوبلت بنسخة جدّی قدس سره المصححة من أصل الشیخ (7). ( وفی الرجال صابر بن عبد الله من أصحاب الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ ) (8) لکنه مهمل (9).

والثالث : فیه محمّد بن علی ولا یبعد کونه ابن محبوب ، إلاّ أنّ غیره

بحث حول جابر بن عبد الله الذی یروی عن الصاق علیه السلام

تمییز محمد بن علی

ص: 341


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- راجع 1 ص 140 ، ج 2 ص 160.
3- راجع ج 1 ص 139 ، ج 2 ص 134.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- رجال الطوسی : 493 / 11.
6- راجع ج 1 ص 241 ، 249 ، ج 3 ص 104 ، 203.
7- التهذیب 3 : 60 / 206.
8- ما بین القوسین لیس فی « م ».
9- انظر رجال الطوسی : 220 / 34.

فی حیّز الإمکان. وعلی بن النعمان تکرّر القول فیه (1) کمنصور بن حازم (2) فی علوّ الشأن. وأبو بصیر یغنی ما سبق فیه عن الإعادة (3).

والرابع : فیه إسماعیل بن مهران ، وهو ثقة فی النجاشی (4) ، والراوی عنه علی بن الحسن بن فضّال. أمّا الحسین بن الحسن المروزی فلم أقف علیه فی الرجال. ویونس بن عبد الرحمن معلوم الحال. والجعفری ( هو سلیمان بن جعفر الثقة فی النجاشی (5) والفهرست (6). والعبد الصالح یقال لموسی بن جعفر ) (7) علیهماالسلام ، وهو من أصحابه.

والخامس : واضح الحال بعد ما تقدّم فی محمّد بن عیسی عن یونس من المقال (8).

والسادس : فیه أنّ الطریق إلی علی بن حاتم مشتمل علی الحسین ابن علی بن شیبان فیما وقفت علیه من النسخ ، وهو غیر معلوم الحال ، ولا یبعد أنْ یکون هو ابن سفیان البزوفری الثقة فصُحّف ؛ لأنّ الراوی عنه أحمد بن عبدون فی الرجال (9) ، وفی المشیخة : الراوی عن ابن شیبان ابن عبدون (10) ، أمّا علی بن حاتم ففی النجاشی إنّه ثقة فی نفسه یروی عن

إشارة إلی جلالة علی بن النعمان ومنصور بن حازم

إسماعیل بن مهران ثقة

الحسین بن الحسن المروزی غیر مذکور فی الرجال

تمییز الجعفری

حال طریق الشیخ إلی علی بن حاتم

بحث حول الحسین بن علی بن شیبان

علی بن حاتم ثقة یروی عن الضعفاء

ص: 342


1- راجع ج 4 ص 209.
2- راجع ج 6 ص 50 51.
3- راجع ج 1 ص 72 ، ج 2 ص 90 210 ح 4 ص 16 ، 392.
4- رجال النجاشی : 26 / 49.
5- رجال النجاشی : 182 / 483.
6- الفهرست : 78 / 318.
7- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
8- راجع ج 1 ص 75 82 ، ج 4 ص 8 10 ، 179 181 ، ج 5 ص 134 136.
9- الفهرست : 57 / 209 ، رجال الطوسی : 466 / 27 ، رجال النجاشی : 68 / 162.
10- مشیخة التهذیب 10 : 81.

الضعفاء (1). وحمید بن زیاد تقدّم القول فیه (2) کعلی بن حاتم (3) ، وإنّما أعدناه لما ذکرناه.

وممّا یؤید کون السابق ابن سفیان أنّ فی الطریق إلی حمید : ابن سفیان ، ولا بعد فی روایته عنه بواسطة علی بن حاتم علی تقدیره.

وأمّا النَّهیکی فهو ثقة فی النجاشی (4). وعلی بن الحسن لا یبعد کونه الطاطری ؛ لروایته عن محمّد بن زیاد بکثرة ، واحتمال غیره ممکن. ومحمّد بن زیاد قد قدّمنا احتمال کونه ابن أبی عمیر (5) ، وفی المقام قد یؤیده روایة ابن نَهیک عن ابن أبی عمیر فی الرجال (6) ، والواسطة لا تضرّ بالحال ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

وأبو خدیجة یقال لسالم ابن مُکرَم ، وهو ثقة فی النجاشی (7) ، والشیخ اضطرب قوله فیه (8). ولا یخفی حقیقة الأمر علی من راجع الرجال ؛ ویقال لغیره أیضاً ، والأمر سهل هنا.

والسابع : فیه محمّد بن جعفر المؤدّب ، والظاهر أنّه ابن بطة ؛ لما یأتی التصریح به فی هذا الباب ، وفیه کلام یأتی (9) ؛ ویقال لغیره فی الرجال

النهیکی ثقة

تمییز علی بن الحسن

تمییز محمد بن زیاد

بحث حول أبی خدیجة سالم بن مکرم

بحث حول محمد بن جعفر المؤدب

ص: 343


1- رجال النجاشی : 263 / 688.
2- راجع ج 3 ص 342 344 ، 439.
3- راجع ج 5 ص 25 27.
4- رجال النجاشی : 232 / 615.
5- فی ص : 238.
6- انظر رجال النجاشی : 326 / 887 ، الفهرست : 142 / 607.
7- رجال النجاشی : 188 / 501.
8- الفهرست : 79 / 327 ، رجال الطوسی : 209 / 116 و 125 / 24.
9- انظر ص : 360.

أیضاً (1) ، وحاله لا یزید علی أنّه حسن العلم بالعربیة والحدیث. والنضر بن شعیب مجهول الحال ؛ إذ لم نقف علیه فی الرجال ، وتوهّم أنّه ابن سوید لا التفات إلیه.

وبقیة الرجال لا ارتیاب فی شأنهم ، سوی أنّ جمیل بن صالح قال النجاشی : إنّه ثقة وجه روی عن أبی عبد الله ( وأبی الحسن علیهماالسلام ) (2) ذکره أبو العبّاس (3). وقد کرّرنا القول فی مثل هذا من احتمال أبی العبّاس لابن عقدة ، وظهور احتمال رجوع الذکر للروایة عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام لا للتوثیق (4) ؛ والشیخ لم یوثقه (5) ، والعلاّمة فی الخلاصة قال کالنجاشی (6) ، فلیتأمّل.

والثامن : معلوم ممّا تقدّم فی رجاله (7) ، سوی محمّد بن یحیی ، وهو مشترک بین الخزّاز الثقة وغیره (8).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی صلاة مائة رکعة فی اللیلتین سوی الثلاث عشرة المراد بها صلاة اللیل مع رکعتی الفجر ، ( لما یأتی (9)

النضر بن شعیب مجهول الحال

بحث حول جمیل بن صالح

بیان ما دل علی صلاة مائة رکعة فی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین من شهر رمضان وأن رسول الله صلی الله علیه و آله کان یزید فی صلاته فی شهر رمضان

ص: 344


1- انظر رجال النجاشی : 373 / 1020 و 376 / 1025 ، هدایة المحدثین : 231.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- رجال النجاشی : 127 / 329.
4- راجع ج 1 ص 84 ، 221 ، وص 327 من هذا الجزء.
5- رجال الطوسی : 163 / 40 ، الفهرست : 44 / 144.
6- انظر خلاصة العلاّمة : 34 / 2.
7- راجع ص 341.
8- انظر هدایة المحدثین : 258.
9- فی ص 346 ، 354.

مفصّلاً ) (1) ، وربما کان فی تخصیصها من دون ذکر نوافل المغرب والوتیرة دلالة علی کونها بعد العشاء والوتیرة ، والمذکور فی کلام بعض جعل الوتیرة آخر ما یصلّیه الإنسان (2).

وأمّا ما تضمّنه خبر سماعة الآتی (3) من فعل الثلاثین فی العشر الأخیرة کلّ لیلة قد ینافی هذا الخبر ، من حیث إنّ ما بعد العشاء من الثلاثین لا یوافقه قوله هنا : « مائة سوی الثلاث عشرة » إذ الظاهر حینئذٍ سوی الثلاث عشرة مع غیرها من الموظّف بعد العشاء ، ولا یبعد أنْ یوجّه بأنّ المائة بعد الموظّف علی نحو ما قلناه فی الوتیرة ، وعلی هذا لا مانع من فعل الوتیرة بعد الموظّف لا بعد الجمیع علی تقدیر ثبوت تأخیرها عن الموظّف أیضاً ، لکن الآن لم أقف علی دلیله إلاّ مما سیأتی علی احتمال (4).

فإنْ قلت : ظاهر الخبر المبحوث عنه انتفاء غیر المائة فی اللیلتین ، فما وجه ما ذکرته؟.

قلت : الظاهر ما ذکرت ، لکن ما قلناه علی تقدیر ثبوت الزائد ، وستسمع القول فی ذلک إن شاء الله (5).

والثانی : فیه إطلاق الزیادة ، وسیأتی ما هو مقیّد فی الجملة فیمکن حمل المطلق علی المقیّد.

والثالث : کذلک.

والرابع : واضح الدلالة علی المائتین فی اللیلتین بالقراءة المذکورة ،

ص: 345


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- انظر المبسوط 1 : 76 و 133 ، والنهایة : 60 و 119.
3- فی ص 346.
4- فی ص 353.
5- فی ص 354.

أمّا دلالته علی وقتهما فمجملة ، وتفصیلها من غیرها.

والخامس : فیه دلالة علی الزیادة فی الجملة ، لکن النهی عن الصلاة بعد العتمة فی غیر شهر رمضان یحتمل أنْ یراد به الموظّف فیه ، أمّا إرادة مطلق الصلاة فلا أظنّ قائلاً بها فیما عدا الوتیرة.

والسادس : فی الإجمال کغیره.

أمّا السابع : فظاهر الدلالة علی ما یغایر المعروف ، ولعلّ مراد الشیخ به الدلالة علی مشروعیة زیادة الصلاة فی شهر رمضان ، لکن ذکر غیره لا یوافق ما ذکرناه.

والثامن : له دلالة علی الزیادة فی الجملة.

قوله :

عنه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : کان ممّا (1) یصنع فی شهر رمضان کان یتنفّل فی کلّ لیلة ( ویزید علی صلاته التی کان یصلّیها قبل ذلک منذ أوّل لیلة إلی تمام عشرین لیلة ، فی کلّ لیلة عشرین رکعة ، ثمان رکعات منها بعد المغرب ، واثنتی عشرة رکعة فی کلّ لیلة (2))(3) بعد العشاء الآخرة ، ویصلّی فی العشر الأواخر فی کلّ لیلة ثلاثین رکعة ، اثنتی عشرة رکعة منها بعد المغرب وثمانی عشرة رکعة بعد العشاء الآخرة ویدعو ویجتهد اجتهاداً شدیداً ، وکان یصلّی فی لیلة إحدی وعشرین

ص: 346


1- فی الاستبصار 1 : 462 / 1796 : ممّا کان.
2- فی الاستبصار 1 : 462 / 1796 لا یوجد : رکعة فی کلّ لیلة.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

مائة رکعة ، ویصلّی فی لیلة ثلاث وعشرین مائة رکعة ویجتهد فیهما.

الحسین بن سعید ، عن ( الحسن ) (1) عن زرعة ، عن سماعة بن مهران ، قال : سألته عن رمضان کم یُصلّی فیه؟ فقال : « کما یُصلّی فی غیره ، إلاّ أنّ لرمضان علی سائر الشهور من الفضل ما ینبغی للعبد أنْ یزید فی تطوعه ، فإنْ أحبّ وقوی علی ذلک أنْ یزید فی أوّل لیلة من الشهر إلی عشرین لیلة ، کلّ لیلة عشرین رکعة سوی ما کان یصلّی قبل ذلک من هذه العشرین ، اثنتی عشرة رکعة بین المغرب والعتمة ، وثمانی رکعات بعد العتمة ، ثم یصلّی صلاة اللیل التی کان یصلّی قبل ذلک ، ثمانی رکعات والوتر ثلاث رکعات ، رکعتین یسلّم فیهما ، ثم یقوم فیصلّی واحدة یقنت فیها فهذا الوتر ، ثم یصلّی رکعتی الفجر حین ینشقّ الفجر ، وهذه ثلاث عشرة رکعة ، فإذا بقی من رمضان عشر لیالٍ فلیصلّ ثلاثین رکعة فی کلّ لیلة سوی هذه الثلاث عشرة رکعة ، یصلّی بین المغرب والعشاء اثنتین وعشرین رکعة ، وثمانی رکعات بعد العتمة ، ثم یصلّی بعد صلاة اللیل ثلاث عشرة رکعة کما وصفت ، وفی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین یصلّی فی کلّ واحدة منهما إذا قوی علی ذلک مائة رکعة سوی هذه الثلاث عشرة رکعة (2) ، ولیسهر فیهما حتی یصبح ، فإنّ ذلک یستحب أنْ یکون فی صلاةٍ ودعاءٍ وتضرّع ، فإنّه یُرجی أنْ تکون لیلة القدر فی إحداهما ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم ، عن علی بن أبی حمزة ، قال : دخلنا علی أبی عبد الله علیه السلام فقال له أبو بصیر : ما تقول فی الصلاة فی

ص: 347


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 3 : 63 / 214 ، والاستبصار 1 : 462 / 1797.

رمضان؟ ( فقال : « إنّ لرمضان لحرمةً وحقّاً لا یشبهه شی ء من الشهور ، صلّ ما استطعت فی رمضان ) (1) تطوّعاً باللیل والنهار ، وإنْ استطعت فی کلّ یوم ألف رکعة فصلّ ، إنّ علیاً علیه السلام کان فی آخر عمره (2) یصلّی فی کلّ یوم ولیلة ألف رکعة ، ( وصلّ یا أبا محمّد زیادة (3) رمضان » فقال : کم جعلت فداک؟ فقال : « فی عشرین لیلة ) (4) تمضی فی کلّ لیلة عشرین رکعة ، ثمانی رکعات قبل العتمة ، واثنتی عشرة بعدها سوی ما کنت تصلّی قبل ذلک ، فإذا دخل العشر الأواخر فصلّ ثلاثین رکعة کلّ لیلة ، ثمانی رکعات قبل العتمة واثنتین وعشرین بعد العتمة سوی ما کنت تصلّی (5) قبل ذلک ».

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن محمّد ، عن محمّد بن أحمد بن مطهّر (6) ، أنّه کتب إلی أبی محمّد علیه السلام یخبره بما جاءت الروایة أنّ النبی صلی الله علیه و آله ما کان یصلّی فی شهر رمضان وغیره من اللیالی سوی ثلاث عشرة رکعة ، منها الوتر ورکعتی الفجر ، فکتب : « فضّ الله فاه ، صلّی (7) فی شهر رمضان فی عشرین لیلة ، کلّ لیلة عشرین رکعة ، ثمانی بعد المغرب ، واثنتی عشرة رکعة بعد العشاء الآخرة ، واغتسل لیلة سبع عشرة ، ولیلة تسع عشرة ، ولیلة إحدی وعشرین ، ولیلة ثلاث

ص: 348


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- فی « رض » : عشرة.
3- فی الاستبصار 1 : 463 / 1798 زیادة : فی.
4- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
5- فی الاستبصار 1 : 463 / 1798 : تفعل.
6- فی « رض » : عن أحمد بن محمّد بن مطهّر.
7- فی الاستبصار 1 : 463 / 1799 : صلّ.

وعشرین (1) وصلّی (2) فیهما مائة رکعة ، یقرأ فی کلّ رکعة فاتحة الکتاب مرّة وقل هو الله أحد عشر مرّات ، وصلّ (3) إلی آخر الشهر کلّ لیلة ثلاثین رکعة علی ما فسّرت ».

السند :

فی الأوّل : فیه مع ما تقدّم هارون بن مسلم وهو ثقة ، إلاّ أنّ له مذهباً فی الجبر والتشبیه ، وقد قدّمنا أنّ معنی هذا غیر واضح (4) ؛ إذ یحتمل القدح فی عقیدته ، ویحتمل عدمه علی بعد ، بأنْ یراد المذهب فی نفیهما علی وجهٍ خاص. ومسعدة بن صدقة حاله لا یزید علی الإهمال فی النجاشی (5).

والثانی : موثق ، ولا یبعد اتحاده مع الخبر المذکور فی أوّل [ الباب] (6) علی أنْ یکون ملخّصاً من هذا ؛ لأنّ الصدوق قال فی الفقیه : وممّن روی الزیادة فی التطوّع فی شهر رمضان زرعة ، عن سماعة ، وهما واقفیان ، قال : سألته ، إلی آخره. ثم قال الصدوق : إنّما أوردت هذا الخبر فی هذا الباب مع عدولی عنه وترکی لاستعماله ، لیعلم الناظر فی کتابی کیف

بحث حول هارون بن مسلم

بحث حول تصریح الصدوق بوقف زرعة وسماعة مع اعتماده علی روایاتهما

ص: 349


1- فی التهذیب 3 : 68 / 222 ، والاستبصار 1 : 463 / 1799 یوجد : وصلّ فیهما ثلاثین رکعة ، اثنتی عشرة رکعة بعد المغرب ، وثمان شعرة رکعة بعد العشاء الآخرة.
2- فی الاستبصار 1 : 463 / 1799 : وصلّ.
3- فی « رض » و « م » : صلّی ، والصحیح ما أثبتناه کما سیجی ء التصریح به منه رحمه الله فی ص : 354.
4- راجع ج 1 ص 335 ، ج 3 ص 435.
5- رجال النجاشی : 415 / 1108.
6- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : الکتاب ، والظاهر ما أثبتناه.

یروی ومن رواه ، ولیعلم من اعتقادی فیه أنی لا أری بأساً باستعماله (1) ، انتهی.

وقد ذکرت فی معاهد التنبیه ما لا بُدّ منه فی المقام ، والحاصل أنّه ینبغی أنْ یُعلم أنّ ذکر الوقف من الصدوق قد یُستغرب فی الظاهر ؛ لأنّ الأخبار المودعة فی الفقیه أکثرها عن سماعة وزرعة ، فإنْ کان اعتماده کما هو الظاهر منه ومن المتقدمین علی القرائن المقتضیة لصحّة الخبر ، فلا وجه لذکر الوقف ، بل لو فرض عدم الوقف ولم ینضمّ إلی الخبر ما یوجب صحّته فهو مردود. وإنْ کان اعتماده علی الأسانید وصحّتها علی اصطلاح المتأخرین فالموجود بخلاف ذلک ، کما یعلم من مراجعة الکتاب وأسانیده.

ثم إنّ الشیخ المعلوم منه فی الکتابین اعتماده علی القرائن فی العمل بالخبر ، وقد أورد هذه الروایة مع غیرها ، فإنْ لم یکن علی ذلک من القرائن ما یوجب الصحّة خالف طریقته ، وإنْ وجدت نافی قول الصدوق.

والذی یخطر فی البال أنّ القرائن التی اعتمد علیها الشیخ لم یکتف بها الصدوق أو لم تحصل له ؛ إذ مرجعها إلی الوجدان ، ولا مانع من حصولها لبعضٍ دون بعض ، غایة الأمر استبعاد حصول القرائن للمتأخر مثل الشیخ ولم تحصل للمتقدم کالصدوق.

ثم إنّ ذکر الوقف فی الفقیه کأنّ الوجه فیه بیان الاحتیاج إلی زیادة القرائن ، بخلاف ما إذا کان الرجل خالیاً من الوقف ( وشبهه ) (2) فإنّ القرائن المطلوبة حینئذٍ تکثر ، وقد نبّهنا علی هذا فی أوّل الکتاب (3) وغیره.

ص: 350


1- الفقیه 2 : 88 / 397.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- فی ص : 33.

فإنْ قلت : قد ذکر الصدوق ما ینافی ما ذکرت وغیر ما قدّمته فی أوّل الکتاب ، وهو أنّه فی کتاب الحج فی باب الطواف ذکر حدیثین ، أحدهما متّصل والآخر مرسل ، ثم قال : إنّ الثانی لا أعمل به ؛ لأنه مرسل (1). ولو کان التفاته إلی القرائن لما توجّه الردّ بالإرسال والقبول بعدمه.

قلت : والجواب عن هذا یعلم ممّا ذکرناه ؛ لأنّ التنبیه علی إرساله کذکر الوقف فی سماعه ونحوه من إرادة زیادة القرائن. ومن هنا یتّضح المعنی الذی ذکرناه فی قولهم : فلان أجمع علی تصحیح ما یصحّ عنه ، من دون الاکتفاء بتوثیقه ، کما أسلفناه مفصّلاً (2).

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر اقتصار الصدوق علی الروایة المذکورة یشعر باتحادها مع الاولی ، وإنْ أمکن أنْ یقال : إنّ التعدد مع اتحاد الراوی اقتضی اقتصار الصدوق علی أحدهما.

[ والثالث:](3) فیه القاسم ، وهو ابن محمّد الجوهری ، وقد تکرّر القول فی حقیقته (4) ، کعلی بن أبی حمزة (5). وفی الخبر دلالة علی أنّ أبا بصیر یقال له أیضاً : أبو محمّد ، کما یفهم من الکشّی (6) ، فیندفع احتمال السهو فی الکنیة ، لکن روایة ابن أبی حمزة عن أبی بصیر قرینة علی أنّه المطعون فیه فی معتبر الأخبار کما قدّمناه ، فیفید الخبر الکنیة الأُخری للمطعون فیه فقط ، فلیتأمّل.

تمییز القاسم

أبو بصیر المطعون فیه یکنی بأبی محمد أیضا

ص: 351


1- الفقیه 2 : 241 / 1153 1155.
2- راجع ج 1 ص 59 62.
3- فی النسخ : الثانی ، والصحیح ما أثبتناه.
4- راجع ج 1 ص 1730 ، 270 ، ج 2 ص 116 ، 199 ، ج 3 ص 107 ، 256.
5- راجع ج 1 ص 173 ، 250 ، ج 2 ص 117.
6- رجال الکشی 1 : 404 / 296.

[ والرابع (1) ] : علی بن محمّد فیه علاّن الثقة. أمّا محمّد بن أحمد بن مطهّر (2) فهو مهمل فی رجال الهادی والعسکری علیهماالسلام من کتاب الشیخ (3) ، وفی الفقیه فی باب دفع الحج إلی من یخرج فیها روی عن سعد بن عبد الله ، عن موسی بن الحسن ، عن أبی علی أحمد بن محمّد بن مطهّر ، قال : کتبت إلی أبی محمّد علیه السلام ، الحدیث (4). وهنا کما تری تضمّن الکتابة إلی أبی محمّد علیه السلام أیضاً والراوی عنه علی بن محمّد.

وفی مشیخة الفقیه : وما کان فیه عن أحمد بن محمّد بن مطهّر صاحب أبی محمّد علیه السلام فقد رویته عن أبی ومحمّد بن الحسن ، عن سعد ابن عبد الله وعبد الله بن جعفر جمیعاً ، عن أحمد بن محمّد بن مطهّر (5).

وقد یظنّ أنّ ما فی رجال الشیخ من محمّد بن أحمد موهوم ، وإنّما هو أحمد بن محمّد ، لکن وجود السند یؤید صحّته ، إلاّ أنْ یکون السهو وقع من السند فأثبته الشیخ فی الرجال محمّد بن أحمد ، واحتمال المغایرة لیکونا رجلین یدفعه الاتفاق فی أصل الفقیه والمشیخة ، لکن قد یتعجب من کون السند فی الفقیه روایة سعد بواسطة موسی بن الحسن وفی المشیخة بدونه ؛ ویدفعه عدم المانع من روایة سعد بواسطةٍ تارةً وبدونها اخری ، علی أنّ الذی یقتضیه النظر أنّ الصدوق فی المشیخة ذکر الطریق إلی ما رواه عن أحمد بن محمّد بن مطهر فی الکتاب ابتداءً ، والسند الذی نقلناه فی کتاب الحج أتی به عن سعد تامّاً ، لبیان المغایرة للسند الذی فی

تمییز علی بن محمد

بحث حول محمد بن أحمد ( أحمد بن محمد ) بن مطهر

ص: 352


1- فی النسخ : الثالث ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « رض » : أحمد بن محمّد بن مطهّر.
3- رجال الطوسی : 422 / 13 ، 435 / 1.
4- الفقیه 2 : 260 / 1266.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 119.

المشیخة ، هذا.

وممّا یؤید الاتحاد روایة علی بن محمّد وسعد عنه ، وکونه صاحب أبی محمّد علیه السلام ، إلاّ أنّ الشیخ ( فی التهذیب ) (1) روی عن علی بن حاتم ، عن علی بن سلیمان ، قال : حدثنا علی بن أبی خلیس ، قال : حدّثنی أحمد ابن محمّد بن مطهّر ، قال : کتبت إلی أبی محمّد علیه السلام أنّ رجلاً روی عن آبائک ، إلی آخره (2). ثم روی عن محمّد بن یعقوب الروایة التی هنا عن محمّد بن أحمد (3) بن مطهّر (4).

وهذا ربما یقتضی المغایرة ؛ لأنّ روایة أحمد بن محمّد بن مطهّر الاولی بعیدة المرتبة عن اتحاده مع محمّد بن أحمد بن مطهّر فی الثانیة الراوی [ عنه] (5) علی بن محمّد علاّن ، لکن لا یخفی أنّ الروایة عن أبی محمّد علیه السلام یؤید الاتحاد ، والوسائط الکثیرة لا تضرّ بالحال مع قرب المرتبة ؛ لأنّ رجال الاولی قریبو المرتبة ، إلاّ علی بن أبی خلیس ، فإنّه لیس فیما وقفت علیه فی الرجال ، غیر أنّ روایة علی بن سلیمان عنه یدلّ علی قرب مرتبته ؛ لأنّ علی بن سلیمان هو ابن الجهم المذکور أنّ له اتصالاً بصاحب الأمر علیه السلام ، لروایة علی بن حاتم عنه ، وحینئذٍ فعلی بن أبی خلیس فی المرتبة.

وبالجملة : فالأمر لا یخلو من غرابة ، وإنّما أوضحت القول فیه مع عدم اعتبار الرجل المبحوث عنه ، لفائدة التنبیه لمثل هذا فی الرجال.

ص: 353


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- التهذیب 3 : 68 / 221.
3- فی « رض » : أحمد بن محمّد.
4- التهذیب 3 : 68 / 222.
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

وما تضمّنه الخبر من الدعاء باللفظ المخصوص یشعر بالذم إنْ عاد الضمیر إلیه ، وإنْ عاد إلی من روی عن النبی صلی الله علیه و آله فلا ذمّ بالنسبة إلی محمّد.

المتن :

فی الأوّل : یدلّ علی فعل الثمان بعد المغرب ، والباقی بعد العشاء ، واحتمال استفادة تأخیر الوتیرة عن الزائدة لقوله : بعد العشاء ، محلّ تأمّل ؛ لأنّ الخبر تضمن بعد المغرب وبعد العشاء ، وسیأتی فی خبرٍ آخر ما یقتضی التفصیل وأنّ فعل الزائدة بعد النافلتین. ثم إنّ الظاهر من المغرب والعشاء فعل الصلاتین سواء وقعتا فی أوّله أو آخره.

وما تضمنه من کیفیة فعل الثلاثین واضح بعد الکلام الأوّل ، أمّا فعل المائتین فی اللیلتین فالظاهر أنّه بعد الثلاثین بترتیبها ، واحتمال غیره بعید.

والثانی : کما تری تضمن عکس الأوّل فی فعل العشرین ، فالتخییر فی الجمع بینهما واضح الوجه. وأمّا الثلاثون فی العشر الأخیرة فالخبر الأوّل تضمن فعل اثنتی عشرة بعد المغرب والباقی بعد العشاء ، وهذا الخبر تضمن خلاف ذلک ، والتخییر أیضاً طریق الجمع.

وما تضمنه من أنّ الوتر ثلاث یدفع ما ظنّه الشیخ رحمه الله فی بعض کتبه من أنّه اسم للواحدة (1). وفیه أیضاً دلالة علی القنوت فی المفردة فقط ، کما یدلّ علیه معتبر بعض الأخبار فی التهذیب (2) ، وقد مضی القول فیه (3).

اختلاف الأخبار فی کیفیة فعل الزیادات والجمع بینها

ص: 354


1- انظر الخلاف 1 : 536 ، المبسوط 1 : 71 ، الاقتصاد : 256.
2- التهذیب 3 : 63 / 214.
3- فی ص : 1739.

أمّا دلالته علی بقاء (1) رکعتی الفجر إلی أن ینشق الفجر فلها ظهور ، واحتمال إرادة الفجر الأوّل بعید. وما تضمنه من قوله : « مائة رکعة سوی هذه الثلاث عشرة » قد قدّمنا فیه القول فی الخبر الأوّل فی أوّل الباب (2) فلا ینبغی الغفلة عنه.

والثالث : یدل علی أنّ صلاة کلّ یوم ولیلة ألف رکعة فی شهر رمضان مرغب فیها. واحتمال إرادة کل یوم ولیلة من شهر رمضان وغیره بعید عن ظاهر الخبر ، لکن فیما تقدم ما یدل علی ذلک. وما تضمنه فی کیفیة فعل الثلاثین یقتضی أنّ التخییر فیها علی ثلاث مراتب ، أوّلها : فعل اثنتی عشرة بعد المغرب وثمانی عشرة بعد العشاء ، وثانیها : فعل اثنتین وعشرین بعد المغرب وثمانی رکعات بعد العشاء ، وثالثها : فعل ثمانی رکعات بعد المغرب واثنتین وعشرین بعد العشاء کما لا یخفی ، والأمر سهل إذا ثبت الأصل.

والرابع : کما تری بلفظ « صلّی » فی النسخة التی نقلت منها ، والظاهر منه العود إلی النبی صلی الله علیه و آله ، وفی نسخة « صلّ » بالأمر ، وعلی النسخة الأُولی « اغتسل » علی صیغة الماضی ، وعلی الثانیة أمر ، ولفظ « صلّی » الثانیة کالأُولی ، وأمّا الثالثة فالنسخ متّفقة علی الأمر ولعلّه قرینة علی الجمیع.

ثم الضمیر فی قوله : « وصلّ فیهما » یعود إلی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین لما تقدم فی خبر الجعفری (3).

ص: 355


1- فی « فض » زیادة : وقت.
2- فی ص : 343.
3- راجع ص : 338.

اللغة :

قال فی القاموس : الفضّ الکسر بالتفرقة (1).

قوله :

علی بن حاتم ، عن الحسن بن علی ، عن أبیه قال : کتب رجل إلی أبی جعفر علیه السلام یسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان وعن الزیادة فیها ، فکتب علیه السلام (2) کتاباً قرأته بخطه : « صلّ فی أوّل (3) شهر رمضان فی عشرین لیلة عشرین رکعة ، صلّ منها ما بین المغرب والعتمة ثمانی رکعات وبعد العشاء اثنتی عشرة رکعة ، وفی العشر الأواخر ثمان رکعات بین المغرب والعتمة ، واثنتین وعشرین رکعة بعد العتمة ، إلاّ فی لیلة إحدی وعشرین ( وثلاث وعشرین ) (4) فإنّ المائة تجزئک إن شاء الله ، وذلک سوی الخمسین ، وأکثر من قراءة إنّا أنزلناه ».

عنه ، عن أحمد بن علی ، قال حدّثنی محمّد بن أبی الصهبان ، عن محمّد بن سلیمان قال : إنّ عدة من أصحابنا أجمعوا علی هذا الحدیث ، منهم یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله ؛ وصباح الحذّاء عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی الحسن ؛ وسماعة بن مهران ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال محمّد بن سلیمان :

معنی الفض

ص: 356


1- القاموس المحیط 2 : 352.
2- فی الاستبصار 1 : 464 / 1800 زیادة : إلیه.
3- فی « رض » : أوائل.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

وسألت الرضا علیه السلام عن هذا الحدیث فأخبرنی به ، وقال هؤلاء : ( سألناه جمیعاً ) (1)عن الصلاة فی شهر رمضان کیف هی وکیف فعل رسول الله صلی الله علیه و آله ؟ فقالوا جمیعاً : « إنّه لمّا دخلت أوّل لیلة من شهر رمضان صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله المغرب ، ثم صلّی أربع رکعات التی کان یصلّیهن (2) فی کلّ لیلة ، ثم صلّی ثمانی رکعات ، فلمّا صلّی العشاء الآخرة وصلّی الرکعتین اللتین کان یصلّیهما بعد العشاء الآخرة وهو جالس فی کلّ لیلة (3) ، فصلّی اثنتی عشرة رکعة ، ثمّ دخل بیته ، فلمّا رأی ذلک الناس ونظروا إلی رسول الله صلی الله علیه و آله قد زاد فی الصلاة حین دخل شهر رمضان سألوه عن ذلک فأخبرهم أنّ هذه الصلاة صلّیتها لفضل شهر رمضان علی الشهور ، فلمّا کان من اللیل قام یصلّی فاصطفّ الناس خلفه ، فانصرف إلیهم فقال : أیّها الناس ، إنّ هذه الصلاة نافلة ، ولن یجمع (4) للنافلة ، فلیصلّ کل رجل منکم وحده ولیقل ما علّمه [ الله ] (5) من کتابه ، واعلموا أنّه لا جماعة فی نافلة ، فافترق الناس وصلّی کل واحد منهم علی حیاله لنفسه ، فلمّا کان فی لیلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حین غابت الشمس ، وصلّی المغرب بغسل ، فلما صلّی المغرب وصلی أربع رکعات التی کان یصلّیها فیما مضی فی کل لیلة بعد المغرب دخل إلی بیته ، فلمّا أقام

ص: 357


1- بدل ما بین القوسین فی التهذیب 3 : 64 / 217 ، والاستبصار 1 : 464 / 1801 : جمیعاً سألنا ؛ ولعلّه هو الأنسب.
2- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 زیادة : بعد المغرب.
3- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 زیادة : قام.
4- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 : یجتمع.
5- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.

بلال لصلاة العشاء الآخرة خرج النبی صلی الله علیه و آله فصلّی بالناس ، فلما صلّی ( الرکعتین ) (1) وهو جالس کما کان یصلّی کل لیلة ، ثم قام فصلّی مائة رکعة یقرأ فی کل رکعة فاتحة الکتاب وقل هو الله أحد عشر مرّات ، فلمّا فرغ من ذلک صلّی صلاته التی کان یصلّی (2) کل لیلة فی آخر اللیل ، فلمّا کانت (3) لیلة عشرین فی شهر رمضان فعل ما (4) کان یفعل قبل ذلک من اللیالی فی شهر رمضان ، فصلی ثمانی رکعات بعد المغرب واثنتی عشرة رکعة بعد العشاء الآخرة ، فلمّا کانت لیلة إحدی وعشرین اغتسل حین غابت الشمس وصلّی فیها مثل ما فعله فی لیلة تسع عشرة ، فلمّا کان فی لیلة اثنتین وعشرین زاد فی صلاته فصلّی ثمانی رکعات بعد المغرب واثنتین وعشرین رکعة بعد العشاء الآخرة ، فلمّا کانت لیلة ثلاث وعشرین اغتسل أیضاً کما اغتسل فی (5) لیلة إحدی وعشرین ثم فعل مثل ذلک » قالوا : فسألوه عن صلاة الخمسین ما حالها فی شهر رمضان؟ فقال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی هذه الصلاة ویصلّی صلاة الخمسین علی ما کان یصلّی فی غیر شهر رمضان ولا ینقص منها شیئاً ».

علی بن حاتم ، عن محمّد بن جعفر (6) بن بطة القمی ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن

ص: 358


1- فی الإستبصار 1 : 464 / 1801 رکعتین.
2- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 زیادة : فی.
3- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 : کان.
4- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 : کما.
5- فی الاستبصار 1 : 464 / 1801 زیادة : لیلة تسع عشرة وکما اغتسل فی.
6- فی الاستبصار 1 : 466 / 1802 زیادة : عن أحمد.

أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « یصلّی فی شهر رمضان زیادة ألف رکعة » قال : قلت : ومن یقدر علی ذلک؟ قال : « لیس حیث تذهب ، ألیس تصلّی فی شهر رمضان زیادة ألف رکعة ، فی تسع عشرة منه فی کل لیلة عشرین رکعة ، وفی لیلة تسع عشرة مائة رکعة ، وفی لیلة إحدی وعشرین مائة رکعة ، وفی لیلة ثلاث وعشرین مائة رکعة ، وتصلّی فی ثمان لیال منه فی العشر الأواخر ثلاثین رکعة ، فهذه تسعمائة وعشرون رکعة » قال : قلت : جعلنی الله فداک فرّجت عنّی لقد کان ضاق بی الأمر ، فلمّا أتیت بالتفسیر فرّجت عنّی فکیف تمام ألف رکعة؟ قال : « تصلّی فی کل یوم جمعة فی شهر رمضان أربع رکعات لأمیر المؤمنین علیه السلام وتصلّی رکعتین لابنة محمّد صلی الله علیه و آله ، وتصلّی بعد الرکعتین أربع رکعات لجعفر الطیار ، وتصلّی لیلة الجمعة فی العشر الأواخر لأمیر المؤمنین علیه السلام عشرین رکعة ، وتصلّی فی عشیة الجمعة لیلة السبت عشرین رکعة لابنة محمّد صلی الله علیه و آله ثم (1) اسمع وعه وعلّم ثقات إخوانک (2) » وساق الحدیث.

إبراهیم بن (3) إسحاق الأحمری النهاوندی ، عن محمّد بن الحسین وعمرو بن عثمان ومحمّد بن خالد وعبد الله بن الصلت ومحمّد ابن عیسی وجماعة أیضاً عن محمّد بن سنان قال : قال الرضا علیه السلام : « کان أبی یزید فی العشر الأواخر فی شهر رمضان فی کل لیلة عشرین رکعة ».

ص: 359


1- فی الاستبصار 1 : 466 / 1802 زیادة : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 466 / 1802 زیادة : المؤمنین.
3- فی الاستبصار 1 : 466 / 1803 زیادة : أبی.

السند :

فی الأوّل : فیه الحسن بن علی ، وهو غیر معلوم لاشتراکه (1) ، وفی کلام بعض المتأخرین : إنّه ابن یقطین ؛ لروایة علی بن حاتم عنه فی النجاشی (2). والذی وقفت علیه فی النجاشی روایته عنه بوسائط (3).

والثانی : فیه أحمد بن علی وهو الفائدی (4) الثقة ؛ لروایة علی بن حاتم عنه فی الرجال (5). ومحمّد بن سلیمان لا یبعد کونه الدیلمی الضعیف.

ثم إنّ ما تضمّنه السند من قوله : قال ، الظاهر أنّ القائل محمّد بن سلیمان والحاکی محمّد بن أبی الصهبان ، والإشارة بهذا الحدیث فی الظاهر لما یأتی من المتن ، واحتمال العود لما مضی بعید ، لکن المذکور تضمّن طرقاً ، فالأول : عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام . والثانی : عن صباح الحذّاء ، عن إسحاق بن عمار ، ( عن أبی الحسن علیه السلام ) (6) والثالث : سماعة بن مهران ، عن أبی عبد الله علیه السلام .

ثمّ إنّ محمّد بن سلیمان روی الحدیث عن الرضا علیه السلام وقوله : فقال هؤلاء جمیعاً : سألناه ؛ یقتضی العود إلی الرضا علیه السلام ، والحال أنّ ما تقدم

الحسن بن علی مشترک

تمییز أحمد بن علی

تمییز محمد بن سلیمان

طرق حدیث محمد بن سلیمان

ص: 360


1- هدایة المحدثین : 190.
2- انظر مجمع الفائدة والبرهان 3 : 24.
3- رجال النجاشی : 45 / 91.
4- فی « رض » : العائدی.
5- رجال النجاشی : 95 / 237.
6- ما بین القوسین ساقط عن « رض » وبدله فی « فض » و « م » : عن الحسن ، والصواب ما أثبتناه.

یفید کونه عن أبی عبد الله فی البعض. وعبد الله بن سنان لم یذکر فی أصحاب الرضا علیه السلام لیکون سأله علیه السلام أیضاً ، وکذلک إسحاق بن عمار ، لم یذکر فی أصحاب الرضا علیه السلام ، وسماعة بن مهران کذلک. وعلی هذا فیمکن عود الضمیر فی « سألناه » إلی کلّ إمام ، وفیه ما لا یخفی.

والثالث : فیه محمّد بن جعفر بن بطة ، وقد قدّمنا احتماله (1) سابقاً بقرینة : ذکره هنا ، وقد ذکر النجاشی أنّه کان کبیر المنزلة بقم ، کثیر الأدب والعلم والفضل ، یتساهل فی الحدیث. ونقل عن ابن الولید أنّه قال : کان محمّد بن جعفر ضعیفاً مخلطاً (2). وأمّا محمّد بن الحسین ، فالظاهر أنّه ابن أبی الخطاب لروایته عن ابن سنان فی الرجال (3). وأمّا المفضل بن عمر ، فهو ضعیف.

والرابع : فیه إبراهیم بن إسحاق ، وهو ضعیف أیضاً. ومحمّد بن سنان معلوم الحال ، ( ولا حاجة حینئذٍ إلی النظر ) (4) فی طریق الشیخ إلی إبراهیم فی المشیخة وغیرها.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة ، وهو صریح فی الاکتفاء بالمائتین فی اللیلتین ، والخمسون المذکورة فیه یراد بها الفرائض والنوافل المرتبة فی الیوم واللیلة ، وفیه دلالة إمّا علی سقوط الوتیرة أو علی عدّها من المائتین.

بحث حول محمد بن جعفر بن بطة

تمییز محمد بن الحسین

المفضل بن عمر ضعیف

إبراهیم بن إسحاق الأحمری النهاوندی ضعیف

بیان طائفة أخری من الروایات الواردة فی کیفیة الزیادات فی شهر رمضان

ص: 361


1- راجع ص 342.
2- رجال النجاشی : 372 / 1019.
3- رجال النجاشی : 328 / 888.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « م » : ولا وجه حینئذٍ.

وما تضمّنه من قوله : « وأکثر من قراءة إنّا أنزلناه » إمّا أنْ یراد به فی الصلاة ، أو فیها وعلی الانفراد ، أو علی الانفراد.

والثانی : واضح الدلالة علی أنّ فعل الزیادة بعد نافلة المغرب والوتیرة ، کما أنّ فیه دلالة علی أنّ المائة رکعة فی لیلة تسع عشرة بعد الوتیرة ، وکذلک فی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین ، وحینئذٍ یقیّد غیره وهو الأوّل ، ولا یبعد أنْ یکون ذکر الخمسین فیه لأنّها الکاملة المبحوث عنها ، أو لأنّ الوتیرة لیست من الرواتب.

وفی الخبر المبحوث عنه دلالة علی وقت الغسل فی اللیالی المذکورة.

والثالث : لا خفاء فی دلالته إلاّ من جهة قوله : « وتصلّی لیلة الجمعة فی العشر الأواخر » فإنّ جدّی قدس سره فی الروضة فهم منها الجمعة الأخیرة (1) ، وفیه تأمّل غیر خفی.

وقوله : « وتصلّی فی عشیة » محتمل لأنْ یراد عشیة الجمعة الواقعة فی العشر الأخیر احتمالاً ربما کان ظاهراً ، ویحتمل غیرها ، فقول جدّی قدس سره أیضاً فی الروضة : یصلّی آخر سبت (2) ؛ محلّ تأمّل. وقد ذکرنا وجهه فی حواشی الروضة ، هذا.

وفی التهذیب زیادة فی آخر الروایة بعد قوله : « إخوانک » : « هذه الأربع والرکعتین ، فإنّهما أفضل الصلوات بعد الفرائض ، فمن صلاّها فی شهر رمضان أو غیره انفتل ولیس بینه وبین الله عزّ وجلّ من ذنب » ثم قال : « یا مفضل بن عمر تقرأ فی هذه الصلوات کلّها أعنی صلاة شهر رمضان الزیادة فیها بالحمد وقل هو الله أحد ، إنْ شئت مرّة ، وإنْ شئت ثلاثاً ، وإنْ

ص: 362


1- الروضة 1 : 321.
2- الروضة 1 : 321.

شئت خمساً ، وإنْ شئت سبعاً ، وإنْ شئت عشراً ، فأمّا صلاة أمیر المؤمنین علیه السلام فإنّه یقرأ فیها بالحمد فی کلّ رکعة وخمسین مرّة قل هو الله أحد ، ویقرأ فی صلاة ابنة محمّد علیهماالسلام فی أوّل رکعة بالحمد وإنّا أنزلناه فی لیلة القدر مائة مرة ، وفی الرکعة الثانیة بالحمد وقل هو الله أحمد مائة مرة » الحدیث (1).

وفیه دلالة علی أنّ الخبر السابق الدال علی الإکثار من إنّا أنزلناه محمول علی غیر الصلاة إنْ عملنا بالجمیع.

وأمّا دلالة هذا الخبر علی صلاة أمیر المؤمنین علیه السلام بالکیفیة المذکورة فهی موقوفة علی الصحة ، والصدوق فی الفقیه قال : باب الصلاة التی یسمیّها الناس صلاة فاطمة ویسمّونها صلاة الأوّابین. روی عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من توضّأ فأسبغ الوضوء وافتتح الصلاة یصلّی أربع رکعات یفصل بینهن بتسلیمة یقرأ فی کلّ رکعة فاتحة الکتاب وقل هو الله أحد خمسین مرّة انفتل حین ینفتل ولیس بینه وبین الله عزّ وجلّ ذنب إلاّ غفره له ».

وأمّا محمّد بن مسعود العیاشی ، فقد روی فی کتابه عن عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعیل بن السماک ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام ابن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من صلّی أربع رکعات فقرأ فی کلّ رکعة بخمسین مرّة قل هو الله أحد کانت صلاة فاطمة ( سلام الله علیها ). وهی صلاة الأوّابین ».

وکان شیخنا محمّد بن الحسن بن الولید یروی هذه الصلاة وثوابها ویقول : إنّی لا أعرفها بصلاة فاطمة ، وأمّا أهل الکوفة فإنّهم یعرفونها بصلاة

استحباب صلاة أمیر المؤمنین وفاطمة علیهماالسلام فی شهر رمضان

ص: 363


1- التهذیب 3 : 66 / 218 ، الوسائل 8 : 28 أبواب نافلة شهر رمضان ب 7 ح 1.

فاطمة (1). ( ولا یبعد أنْ یکون علی علیه السلام فعلها مع فاطمة ( سلام الله علیها ) فصحّ الإسناد إلیهما علیهماالسلام ) (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ استفادة ما ذکره الأصحاب الذین رأینا کلامهم من صلاة ألف رکعة فی شهر رمضان بغیر ما فی روایة المفضل (3) لا یخلو من تأمّل ، فقول الشهید رحمه الله فی الذکری : إنّ الألف رواها جمیل بن صالح ، وعلی بن أبی حمزة ، وإسحاق بن عمّار ، وسماعة بن مهران (4) لا یخلو من غرابة ؛ لاختلاف مدلول الأخبار وعدم المطابقة لمراده ، إلاّ أن یدعی أنّه یستفاد من مجموعها ما ذکره ، وفیه نظر بیّن لمن تأمّل الأخبار.

وأمّا الرابع : فهو أوضح من أن یبیّن ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی قال : سألته عن الصلاة فی شهر رمضان ، فقال : « ثلاث عشرة رکعة منها الوتر ورکعتا الصبح بعد الفجر ، کذلک کان رسول الله صلی الله علیه و آله ، وأنا کذلک أُصلّی ، ولو کان خیراً لم یترکه رسول الله صلی الله علیه و آله ».

عنه ، عن حمّاد ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة فی شهر رمضان ، قال : « ثلاث

کلمة حول مستند صلاة ألف رکعة فی شهر رمضان

ص: 364


1- الفقیه 1 : 356 / 1559 و 1560 و 1561 ، الوسائل 8 : 112 أبواب بقیة الصلوات المندوبة ب 10 ح 1 و 2 و 3.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- انظر الکافی فی الفقه : 159 ، المعتبر 2 : 368.
4- الذکری : 254.

عشرة رکعة منها الوتر و (1) رکعتان قبل صلاة الفجر ، کذلک کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی ، ولو کان فضلاً کان رسول الله صلی الله علیه و آله اعمل (2) وأحقّ ».

علی بن الحسن بن فضال ، عن محمّد بن عبید الله الحلبی والعباس بن عامر الثقفی جمیعاً عن عبد الله بن بکیر ، عن عبد الحمید الطائی ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « کان رسول الله 6 إذا صلّی العشاء الآخرة آوی إلی فراشه ، لا یصلّی شیئاً إلاّ بعد انتصاف اللیل ، لا فی شهر (3) رمضان ولا فی غیره ».

فالوجه فی هذه الأخبار وما جری مجراها أنّه لم یکن رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی صلاة النافلة جماعة فی شهر رمضان ، ولو کان فیه خیر لما ترکه ، ولم یرد أنّه لا یجوز أن یصلّی علی الانفراد حسب ما ذهب إلیه قوم ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة وابن مسلم والفضیل ، قالوا : سألناهما عن الصلاة فی

شهر (4) رمضان نافلة باللیل جماعة فقالا : « إنّ النبی صلی الله علیه و آله کان إذا صلّی العشاء الآخرة انصرف إلی منزله ثم یخرج من آخر اللیل إلی المسجد ، فیقوم فیصلّی ، فخرج من أوّل لیلة من شهر رمضان لیصلّی کما کان یصلّی فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلی بیته و (5) ترکهم ففعلوا ثلاث

ص: 365


1- لیس فی الاستبصار 1 : 467 / 1805.
2- فی الاستبصار 1 : 467 / 1805 زیادة : به.
3- لیس فی الاستبصار 1 : 467 / 1806.
4- لیس فی الاستبصار 1 : 467 / 1806.
5- فی الاستبصار 1 : 467 / 1807 : فَ.

لیال ، فقام فی الیوم الرابع علی منبره ، فحمد الله وأثنی علیه ، ثم قال (1) أیها الناس إنّ الصلاة باللیل فی شهر رمضان فی النافلة جماعة بدعة ، وصلاة الضحی بدعة ، ألا فلا تجتمعوا لیلاً فی شهر رمضان لصلاة اللیل ، ولا تصلّوا صلاة الضحی فإنّ ذلک معصیة ، ألا وإنّ کلّ بدعة ضلالة وکل ضلالة سبیلها إلی النار ، ثم نزل وهو یقول : قلیل فی سنّة خیر من عمل (2) کثیر فی بدعة ».

أ لا تری أنّه صلی الله علیه و آله (3) أنکر الاجتماع فیها (4) ولم ینکر نفس الصلاة ، ولو کان نفس الصلاة منکراً بدعة لأنکره کما أنکر الاجتماع فیها ، وقد استوفینا ما یتعلق بهذا الباب فی کتابنا الکبیر ، فمن أراد الوقوف علیه وقف علیه من هناک.

السند :

فی الأوّل : واضح الحال بما کررناه فی رجاله من المقال (5) ، والإضمار فیه لا یضر ؛ لما قدمناه ، وبتقدیر الشک فالصدوق فی الفقیه صرّح بأنّ المسئول أبو عبد الله علیه السلام (6).

والثانی : کالأوّل ، والریب فی عبد الله بن المغیرة مضی دفعه (7).

ص: 366


1- فی الاستبصار 1 : 467 / 1807 زیادة : یا.
2- لیس فی الاستبصار 1 : 467 / 1807.
3- فی « رض » و « فض » زیادة : لما ، وفی الاستبصار 1 : 468 زیادة : لمّا أنکر. وما أثبتناه من « م » هو الأنسب.
4- فی الاستبصار 1 : 467 / 1807 زیادة : فنهی عنه.
5- راجع ج 1 ص 69 ، 141 ، 146 ، 62 ، 196 ، 257 ، ج 2 ص 23.
6- الفقیه 2 : 88 / 395.
7- راجع ج 1 ص 133 134 ، ج 3 ص 17 18.

والثالث : فیه علی بن الحسن والطریق إلیه وقد مضیا (1). ومحمّد بن عبید الله الحلبی لم أقف علیه الآن فی الرجال ، وفی النجاشی ذکر آل أبی شعبة وأنّ جمیعهم ثقات (2) ؛ فیحتمل دخوله فیهم. وعبد الحمید الطائی ثقة ، وغیره معلوم الحال.

والرابع : لا ارتیاب فیه علی ما قدّمناه (3).

المتن :

فی الجمیع ما ذکره الشیخ فیه وإن بعد لا بُدّ منه عند العامل بالأخبار من الطرفین ، أمّا جواب العلاّمة فی المختلف عن بعض الروایات بجواز کون السؤال عن النوافل الراتبة هل تزاد أم لا؟ لا عن مطلق النافلة ، فمن البُعد بمکان ، لکن نقل عن ابن الجنید أنّه قال : وقد روی عن أهل البیت علیهم السلام زیادة فی صلاة اللیل علی ما کان یصلّیها الإنسان فی غیره أربع رکعات (4). وهذا قد یقرّب جواب العلاّمة.

ونقل فی المختلف عن سلاّر دعوی الإجماع علی استحباب ألف رکعة زائدة عن نوافل الشهر ، وعن ابن بابویه أنّه قال : لا نافلة زیادة فیه علی غیره (5). والذی تقدم من عبارته فی الفقیه لا یعطی المنع رأساً. وحکی العلاّمة نوع اختلاف فی الترتیب (6) ، والأخبار قد سمعت القول فیها.

محمد بن عبید الله الحلبی محتمل الوثاقة

عبد الحمید الطائی ثقة

توجیه ما دل علی نفی الزیادة فی شهر رمضان

ص: 367


1- راجع ج 1 ص 140 ، ج 2 ص 160 ، 362 ، ج 3 ص 403.
2- رجال النجاشی : 230 / 612.
3- راجع ج 1 ص 56 ، 69 ، ج 4 ص 187 190 ، ج 6 ص 191.
4- المختلف 2 : 346.
5- المختلف 2 : 345.
6- المختلف 2 : 346.

قوله :

أبواب الصلاة علی الأموات

باب وجوب الصلاة علی کلّ میّت مسلم

مقتولاً کان أو میتاً حتف أنفه شهیداً کان أو غیره

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ، عن النضر ابن سوید ، عن هشام بن الحکم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : شارب الخمر والزانی والسارق یصلّی علیهم إذا ماتوا؟ فقال : « نعم ».

سعد ، عن أیوب بن نوح ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهیم ابن مهزم ، عن طلحة بن زید ، عن أبی عبد الله ، عن أبیه علیهماالسلام (1) قال : « صلّ علی من مات من أهل القبلة ، وحسابه علی الله ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن أبی همام إسماعیل بن همام ، عن محمّد بن سعید بن غزوان (2) السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه : ، قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : صلّوا علی المرجوم من أُمّتی ، وعلی القتّال نفسه من أُمّتی ، لا تَدَعُوا أحداً من أُمّتی بلا صلاة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه : « إنّ علیاً علیه السلام لم یغسّل عمار بن یاسر ولا هاشم بن عتبة وهو المرقال ، دفنهما ( فی

أبواب الصلاة علی الأموات

وجوب الصلاة علی کل میت مسلم

اشارة

ص: 368


1- فی « م » : عن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عن آبائه علیهم السلام ، فی « فض » : عن أبی عبد الله علیه السلام ، وما أثبتناه موافق للتهذیب 3 : 328 / 1025 ، والاستبصار 1 : 468 / 1809 و « رض ».
2- فی التهذیب 3 : 328 / 1026 ، والاستبصار 1 : 468 / 1810 زیادة : عن.

ثیابهما ) (1) بدمائهما ، ولم یصلّ علیهما ».

فما تضمّن هذا الخبر من أنّه لم یصلّ علیهما وهم من الراوی ، لأنّا قد بیّنا وجوب الصلاة علی کلّ میت ، وهذه المسألة إجماع من الفرقة المحقّة ، وقد ذکرنا فی أحکام الشهداء ما فیه کفایة فی کتابنا الکبیر ؛ ویجوز أنْ یکون الوجه فیه حکایة ما یرویه بعض العامّة عن أمیر المؤمنین علیه السلام ، فکأنّه علیه السلام قال : إنّهم یروون عن علی علیه السلام أنّه لم یصلّ علیهما ، وذلک خلاف الحقّ کما بیّنّاه.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته بناءً علی ما قدّمناه فی رجاله (2).

والثانی : فیه إبراهیم بن مهزم ، وهو ثقة فی النجاشی (3) ؛ وفی الخلاصة : ابن مهزم بفتح الزای (4). إمّا طلحة بن زید فقد تقدّم عن قریبٍ وبعید أنّه عامّی أو بتری ، لذکر الشیخ الأمرین (5) ؛ وفی الفهرست : إنّ کتابه معتمد (6). وهذا وإنْ لم یثمر فائدةً لعدم العلم بکون الخبر من الکتاب ، إلاّ أنّه ربما یقال : إنّ الشیخ یبعد منه نقل الخبر من غیر الکتاب مع ما یظهر من کلام الشیخ فی مواضع من مصنفاته ، وقد یشکل الحال هنا بما نذکره فی المتن إن شاء الله.

إبراهیم بن مهزم ثقة

بحث حول طلحة بن زید

ص: 369


1- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 469 / 1811.
2- راجع ج 1 ص 69 ، 185 ، وص 290 ، من هذا الجزء.
3- رجال النجاشی : 22 / 31.
4- خلاصة العلاّمة : 6 / 19.
5- تقدّم فی ج 4 ص 337 ، وص 81 ، 181 ، 295 من هذا الجزء.
6- الفهرست : 86 / 362.

والثالث : کما تری فیه السکونی وصفاً لمحمّد بن سعید علی ما وقفت علیه من النسخ ، والظاهر أنّه سهو ، والصواب ما فی التهذیب من قوله : عن السکونی (1) ، وقد تکرّر فیه القول (2). ومحمّد بن سعید مهمل فی الرجال (3).

والرابع : رجاله تکرّر القول فیهم عن قریبٍ وبعید (4) ، والحاصل أنّ مسعدة بن صدقة عامّی علی ما قاله الشیخ.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّه یصلّی علی شارب الخمر والزانی والسارق ، وترک الاستفصال من الإمام علیه السلام فی کونهم مؤمنین أو غیرهم یفید العموم ، کما هو مقرّر فی الأُصول ، إلاّ أنْ یدّعی أنّ السائل المؤمن یبعد سؤاله عن المخالف ، وعموم الجواب تابع لمورد السؤال ؛ إذ لیس فیه صیغة العموم ، بل من ترک الاستفصال.

ومع الاحتمال الذی ذکرناه ینبغی العموم ، إلاّ أنّ المنقول عن العلاّمة فی المنتهی دعوی الإجماع علی أنّ الصلاة تجب علی المیت البالغ من المسلمین ، والمراد بالمسلم هنا کلّ مظهر للشهادتین ما لم یظهر منه خلافه بإنکار ما علم بالضرورة ثبوته من الدین (5). وهذه العبارة أعنی بیان المراد -

محمد بن سعید بن غزوان مهمل

مسعدة بن صدقة عامی

بیان ما دل علی وجوب الصلاة علی کل میت ولو کان فاسقا أو مخالفا

ص: 370


1- التهذیب 3 : 328 / 1026.
2- راجع ج 1 ص 188 ، ج 2 ص 109 ، 397 ، ج 3 ص 140 ، 420 ، ج 4 ص 96.
3- رجال النجاشی : 372 / 1017.
4- راجع ج 1 ص 335 ، ج 3 ص 435 ، وص 348 من هذا الجزء.
5- نقله عنه فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 425 ، وهو فی المنتهی 1 : 447 ؛ مع تفاوت یسیر.

لا أدری من الناقل أو من العلاّمة. وقد احتجّ البعض علی العموم بصحیح هشام (1) ، وفیه ما قدّمناه.

وفی المقنعة قال المفید : ولا یجوز لأحدٍ من أهل الإیمان أنْ یغسّل مخالفاً للحقّ فی الولایة ، ولا یصلّی علیه ، إلاّ أنْ تدعوه ضرورة إلی ذلک من جهة التقیة فیغسّله تغسیل أهل الخلاف (2).

وفی التهذیب قال الشیخ : إنّ الوجه فیه أنّ المخالف لأهل الحقّ کافر ، فیجب أنْ یکون حکمه حکم الکفّار ، إلاّ ما خرج بالدلیل ، وإذا کان غسل الکافر لا یجوز فیجب أنْ یکون غسل المخالف غیر جائز. وأمّا الصلاة علیه فتکون علی حدّ ما کان یصلّی النبی صلی الله علیه و آله والأئمّة علیهم السلام علی المنافقین ، وسنبین فیما بعد کیفیة الصلاة (3) ، انتهی.

ولا یخفی أنّ ظاهر ( کلام الشیخ ) (4) بقاء حکم الصلاة فی آخر کلامه ، غایة الأمر أنّ وجوب الصلاة مسکوت عنه ، وأوّل الکلام یقتضی أنّه کافر وصحّة الصلاة علی الکافر منتفیة ، فالتأمّل فی قوله حاصل.

وفی المختلف نقل عن ابن إدریس وأبی الصلاح أیضاً المنع من وجوب الصلاة علی غیر المؤمن ، قال العلاّمة : وأوجبها الشیخ (5). وأنت خبیر بأنّ الشیخ فی التهذیب کلامه لا یخلو من نظر ، وفی الکتاب کما تری یدلّ العنوان علی کلّ میت ، والخبر الأوّل له دلالة علی ما قدّمناه.

والثانی : ظاهر الدلالة ، فعلی تقدیر الاعتماد علی أنّ الشیخ یذکر

توجیه ما دل علی عدم وجوب الصلاة علی الشهد

ص: 371


1- مجمع الفائدة 2 : 425.
2- المقنعة : 85.
3- التهذیب 1 : 335.
4- ما بین القوسین لیس فی « م ».
5- المختلف 2 : 307.

مختاره هنا فهو قائل بالوجوب ، أمّا نفی الوجوب من المفید کما فی المختلف (1) ومن معه ، فهو محتمل لأنْ یراد التحریم کما تقتضیه عبارة الشیخ فی التهذیب ، أو أنّ المراد بنفی الوجوب عدم اللزوم ، بل یجوز التغسیل. ویشکل بأنّ الجواز فی مثل الغسل مشکل ، والاستحباب [ کذلک ] (2) إلاّ أنّ العجب فی المقام من دعوی العلاّمة الإجماع مع نقله فی المختلف الخلاف (3). [ و ] (4) فی المدارک قال شیخنا قدس سره : إنّ الإجماع إنّما انعقد علی وجوب الصلاة علی المؤمن (5). والأمر کما قال بالنسبة إلی کلام المختلف ، إلاّ أنّ احتمال انعقاد الإجماع فی زمن العلاّمة حیث ادّعاه فی المنتهی (6) لا بُدّ من دفعه. والحقّ ما قدّمناه من أنّ الإجماع بعید التحقق.

والثالث : کما تری یؤید الأوّلین لو صحّ. أمّا الثانی : فیمکن ادّعاء کون الشیخ أخذه من کتاب طلحة ، فلا یقصر عن توثیق الشیخ للرجال ، وفیه تأمّل قدّمنا وجهه (7).

أمّا ما تضمّنه الرابع : فما ذکره الشیخ فیه له وجه ، إلاّ أنّ (8) دعوی الإجماع علی ما هو الظاهر من کلامه توافق العلاّمة فی المنتهی ، وتخالف المختلف.

ما المراد بضروری الدین؟

ص: 372


1- المختلف 2 : 307.
2- فی النسخ : لذلک ، والصحیح ما أثبتناه.
3- ادّعی العلاّمة الإجماع فی المنتهی 1 : 447 ، ونقل الخلاف فی المختلف 2 : 307.
4- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة العبارة.
5- المدارک 4 : 151.
6- المنتهی 1 : 447.
7- فی ص 81.
8- فی زیادة : یقال.

وقد یقال : إنّ غرض الشیخ بالإجماع علی الصلاة علی الشهید ، فیراد بهذه المسألة خصوص الشهید ؛ وهذا وإنْ کان متکلفاً إلاّ أنّ الخلاف إذا کان منقولاً لا تتمّ دعوی الإجماع ( إلاّ بإرادة معنی آخر له.

أمّا کلام المفید فربما فهم الشیخ منه عدم المنع من الصلاة ، ولولاه لما کان لدعوی الإجماع ) (1) معنی ، کما أنّ ما ذکره فی باب الصلاة علی الأموات من الأخبار الدالّة علی الصلاة علی المنافق بعد عبارة المفید کذلک.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العبارة السابقة المتضمّنة لإنکار ما عُلم بالضرورة لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ الضرورة أمّا أنْ یراد بها الأولویة أو مطلق الضرورة ، فإنْ کان الأوّل فإطلاق کفر بعض الناس محلّ کلام ، وإنْ أُرید مطلق الضرورة فیشکل باستلزامه کفر من لا یقولون بکفره. وقد احتمل بعض محققی الأصحاب رحمه الله أنْ یراد بالضروری ما یعرفه الأکثر من المسلمین ، أو یراد بالضروری عند المنکر بأن یعلم ذلک منه. وللکلام فی المقام مجال واسع.

قوله :

باب وقت الصلاة علی الأموات (2)

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی جعفر محمّد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : إذا

وقت الصلاة علی الأموات

اشارة

ص: 373


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- فی الاستبصار 1 : 469 : المیت.

حضرت الصلاة علی الجنازة فی وقت مکتوبة فبأیّهما أبدأ؟ فقال : « عجّل المیت إلی قبره ، إلاّ أنْ تخاف فوت (1) وقت الفریضة ، ولا تنتظر بالصلاة علی الجنازة طلوع الشمس ولا غروبها ».

محمّد بن یعقوب ، عن حمید بن زیاد ، عن الحسن بن محمّد ابن سماعة ، عن غیر واحد ، عن أبان ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام هل یمنعک شی ء من ( هذه الساعات ) (2) عن الصلاة علی الجنائز؟ فقال : « لا ».

أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن یحیی ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : « یصلّی علی الجنازة فی کلّ ساعة ، إنّها لیست بصلاة رکوع وسجود (3) ، وإنّما تکره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التی فیها الخشوع والرکوع والسجود ، لأنّها تغرب بین قرنی شیطان وتطلع بین قرنی شیطان ».

أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان (4)، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بالصلاة علی الجنائز حین تغرب (5) الشمس وحین تطلع ، إنّما هو استغفار ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « تکره الصلاة

ص: 374


1- فی الاستبصار 1 : 469 / 1812 : تخاف أن یفوت.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : هذا.
3- فی الاستبصار 1 : 470 / 1814 : ولا سجود.
4- فی الاستبصار 1 : 470 / 1815 : حمّاد بن عیسی.
5- فی الاستبصار 1 : 470 / 1815 : تغیب.

علی الجنائز حین تغرب (1) الشمس وحین تطلع ».

فهذا الخبر صریح بالکراهیة دون الحظر ، ویمکن أنْ یکون الوجه فیه التقیة ، لأنّه مذهب العامّة.

السند :

فی الأوّل : فیه محمّد بن سالم ، وهو مشترک (2). وأحمد بن النضر ثقة. وعمرو بن شمر مع جابر مضی القول فیهما مفصّلاً (3).

والثانی : فیه مع الإرسال حمید بن زیاد وابن سماعة ، فالأوّل واقفی ثقة فی النجاشی (4) ، والثانی کذلک (5).

والثالث : واضح الصحّة بعد ما قدّمناه (6).

[ والخامس : (7) ] فیه القاسم بن محمّد وهو الجوهری ، وقد تکرّر القول فیه (8). أمّا أبان فلا یبعد کونه ابن عثمان ؛ لتصریح الشیخ فیما یأتی فی باب ترتیب الجنائز فی مثل هذا السند بابن عثمان ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان ، والفائدة فی الترجیح مستغنی عنها هنا.

محمد بن سالم مشترک

أحمد بن النضر ثقة

حمید بن زیاد والحسن بن محمد بن سماعة واقفیان ثقتان

تمییز أبان

ص: 375


1- فی الاستبصار 1 : 470 / 1816 : تصفرّ.
2- هدایة المحدثین : 238.
3- راجع ج 1 ص 185 186 ، ج 2 ص 28 29 ، ج 3 ص 363 364.
4- رجال النجاشی : 132 / 339.
5- رجال النجاشی : 40 / 84.
6- راجع ج 1 ص 146 ، ج 3 ص 181.
7- فی النسخ : والرابع ، والصحیح ما أثبتناه ، ولم یبحث فی سند الخبر الرابع.
8- راجع ج 1 ص 173 ، 270 ، ج 2 ص 116 ، 119 ، ج 3 ص 107 ، 256.

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من إجمال بالنسبة إلی خوف فوات وقت الفریضة ؛ لاحتمال وقت الفضیلة وغیره ، إلاّ أنّه ربما یدّعی رجحان إرادة وقت الفضیلة ؛ لما رواه الشیخ فی التهذیب صحیحاً عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام قال : « إذا وجبت الشمس فصلّ المغرب ، ثم صلّ علی الجنائز » (1) لکن لا یخفی أنّ هذا مع عدم الخوف علی الجنازة ؛ لما صرّح به الأصحاب.

أمّا مع تضیّق الحاضرة والخوف علی المیت فقد قیل بتقدیم الحاضرة (2) ، وینقل عن الشیخ فی المبسوط القول بتقدیم صلاة الجنازة ؛ لأنّ حرمة المسلم میتاً کحرمته حیّاً (3). وفیه ما فیه.

ثمّ إنّ الخبر کما تری تضمّن المکتوبة ، ولا یبعد انصرافها إلی الیومیة ، أمّا غیرها فلم أقف الآن علی کلام الأصحاب فیها.

فإنْ قلت : الخبر تضمّن ذکر الفریضة أیضاً ، فیتعین إرادة الیومیة.

قلت : عدم صدق الفریضة علی غیرها محلّ تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر فی الخبر سهل.

ومن هنا یعلم أنّ (4) ما تضمّنه الخبر من تعجیل الدفن ربما یقتضی تقدیمه علی الفریضة ، وکذلک ما تضمّنه من [ عدم] (5) انتظار طلوع الشمس

بیان ما دل علی تقدیم صلاة الجنازة علی المکتوبة

ص: 376


1- التهذیب 3 : 320 / 996 ، الوسائل 3 : 124 أبواب صلاة الجنازة ب 31 ح 3.
2- المدارک 4 : 189.
3- حکاه عنه فی المدارک 4 : 189 ، وهو فی المبسوط 1 : 185.
4- فی « فض » زیادة : لا حاجة حینئذٍ إلی بیان ، وفی « رض » : لا حاجة إلی بیان.
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.

وغروبها ، فإنّه لا یخلو من شی ء بالنسبة إلی العبارة (1).

والثانی : واضح المعنی ، والتعریف فی الساعات للعهد الذهنی ، مع احتمال غیره.

والثالث : واضح أیضاً ( فی صدره ) (2) ، إلاّ أنّ فیه نوع ارتیاب من حیث التعلیل ؛ لأنّ أوّله یقتضی الاختصاص بصلاة الرکوع والسجود ، وآخره یفید زیادة الخشوع. ثم التعلیل بأنّها تغرب بین قرنی شیطان ربما یفید الاختصاص بالسجود ؛ لورود بعض الأخبار فی أنّ الشیطان یقول لقومه : إنّ الناس یسجدون لی (3) ، وقد یلحق به الرکوع. ویمکن أنْ یقال فی التوجیه : إنّ نفی کون صلاة الجنازة ذات رکوع وسجود یستلزم نفی الخشوع حیث إنّه من لوازم ذات الرکوع والسجود ، وذکر الخشوع للتصریح به.

وعلی کلّ حال یستفاد من الخبر عدم اعتبار الخشوع علی أنّه سبب للقبول ، کما فی أخبار الصلاة من أنّها لا یقبل منها إلاّ ما أقبل علیه القلب (4) ، وإنْ کان فی صلاة الجنازة لو حصل الإقبال تحقّق الثواب الزائد.

وما عساه یقال : إنّ زیادة الثواب بالإقبال مشترکة.

یمکن الجواب عنه : بتفاوت الأکملیة. وممّا ینبّه علی عدم اعتبار الخشوع فی صلاة الجنازة عدم اشتراط الطهارة فیها فی الجملة.

فإنْ قلت : هل یستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ صلاة الجنازة

بیان ما دل علی عدم کراهة صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وغروبها

ص: 377


1- فی « رض » : العبادة.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- الوسائل 4 : 234 أبواب المواقیت ب 38.
4- الوسائل 5 : 476 أبواب أفعال الصلاة ب 3.

مجاز أم لا؟.

قلت : فی الاستفادة تأمّل ؛ لأنّ المنفی لیس مطلق الصلاة.

وما عساه یقال : إنّ الأخبار الواردة بکراهة الصلاة فی الأوقات تدلّ علی أنّ المراد بها غیر الجنازة بمعونة هذا الخبر ، فدلّ علی عدم دخولها فی مطلق الصلاة ، وهو علامة الحقیقة.

یمکن الجواب عنه : بأنّ عدم الدخول بقرینة هذا الخبر لا (1) یفید المطلوب ، وفی المقام کلام لیس هذا محلّه.

أمّا ما تضمّنه الخبر من الطلوع بین قرنی الشیطان فقد قدّمنا فیه القول فی المواقیت ، وذکرنا احتمال التقیة ، لکن فی (2) هذا الخبر نوع منافرة للتقیة ، إلاّ بتکلّف.

وما تضمّنه من الکراهة غیر صریح فی إرادة المعنی الأُصولی ؛ لوجوده فی معنی التحریم فی الأخبار ، إلاّ أنّ الحقّ أنّه مشترک ، فلا یستدلّ به علی أحد الأمرین ، إلاّ بقرینة.

والرابع : یدلّ من حیث الحصر علی أنّ صلاة الجنازة محض الدعاء ، فربما یؤید کونها مجازاً.

واستشکال هذا بوجوب تکبیرة الإحرام وغیرها یمکن دفعه بأنّه لا مانع من اشتراک (3) بعض لوازم الصلاة غیرها معها ، والحصر إضافی ، بمعنی أنّ المقصود منها (4) الاستغفار ، بخلاف غیرها من الصلاة ، فإنّ

ص: 378


1- فی النسخ : فلا ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « فض » زیادة : ذکر.
3- فی « م » : اشتراط.
4- فی « م » : منه.

المقصود الاستغفار وغیره ، غایة الأمر أنّ قوله علیه السلام « إنّما هو » غیر ظاهر المرجع ، ولعلّ المراد به فعل الصلاة.

وأمّا الخامس : فما ذکره الشیخ فیه أوّلاً لا یخلو من غرابة ، لأنّ قوله : إنّه صریح بالکراهة ، یدلّ علی أنّ غیره محمول علی التحریم ، والحال أنّ الکراهة فی غیر صلاة الجنازة موجودة فی الخبر السابق.

واحتمال أنْ یقال : إنّ الکراهة إذا کانت مشترکة فلا مانع من حملها علی التحریم فی غیر صلاة الجنازة ، وعلی الکراهة فیها ، لتعارض الأخبار ؛ فیه ما لا یخفی. أمّا الحمل علی التقیّة فله وجه.

قوله :

باب موضع الوقوف من الجنازة

محمّد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر (1)، عن موسی بن بکر ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : « إذا صلّیت علی المرأة فقم عند رأسها ، وإذا صلّیت علی الرجل فقم عند صدره ».

فأمّا ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن بعض أصحابنا (2) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : من صلّی علی المرأة فلا یقوم فی وسطها ویکون ممّا یلی صدرها ، وإذا صلّی علی الرجل فلیقم فی وسطه ».

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ قوله : « یکون ممّا یلی صدرها »

توجیه ما دل علی کراهة صلاة الجنازة حین اصفرار الشمس وطلوعها

موضع الوقوف من الجنازة

اشارة

ص: 379


1- فی الإستبصار 1 : 470 / 1817 : أحمد بن أبی نصر.
2- فی « رض » : عن عدّة من أصحابنا.

المعنی فیه إذا کان قریباً من الرأس ، وقد یعبّر عنه بأنّه یلی الصدر ، لقربه منه ، ویؤکد ذلک أیضاً :

ما رواه علی بن الحسین ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : کان رسول الله صلی الله علیه و آله یقوم من الرجل بحیال السرّة ، ومن النساء أدون من ذلک قبل الصدر.

السند :

فی الأوّل : فیه سهل بن زیاد ، وقد تکرّر القول فی حقیقة حاله (1).

والثانی : فیه الإرسال ، وتوجیه عدم قدحه بالإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن ابن المغیرة فیه أوّلاً : ما قدّمناه فی معنی الإجماع (2). وثانیاً : إنّ الصحّة غیر معلومة لإبراهیم بن هاشم ، أمّا الوقف فی عبد الله بن المغیرة فمحلّ کلام یعرف من مراجعة ما سبق (3).

والثالث : مضی عن قریب القول فی رجاله (4).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی الأمر بالقیام عند رأس المرأة وعند صدر الرجل ، وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن الشیخین القول بوقوف

کلمة حول عبد الله بن المغیرة

بیان ما دل علی القیام عند رأس المرأة وعند صدر الرجل وتوجیه ما یعارضه والأقوال فی المسألة

ص: 380


1- راجع ج 1 ص 129 ، ج 3 ص 222.
2- راجع ج 1 ص 59 62.
3- راجع ج 1 ص 133 134.
4- فی 374.

الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة ، قال : وللشیخ قول آخر فی الخلاف أنّه یقف عند رأس الرجل وصدر المرأة ، وبه قال علی بن بابویه ، ونقل عن ابنه فی المقنع القول بالوقوف عند الصدر فی الرجل والمرأة ، قال العلاّمة : وللشیخ فی الاستبصار قول ثالث : أنّه یقف عند رأس المرأة وصدر الرجل ، والمشهور الأوّل (1) ، انتهی.

ولا یخفی أنّ کلام الاستبصار لا یخلو من تأمّل ؛ فإنّ الخبر المبحوث عنه علی تقدیر الاعتماد علیه یدلّ علی ما ذکره العلاّمة ، إلاّ أنّ توجیه الشیخ للخبر الثانی من جهة المرأة فقط (2) یقتضی إبقاءه من جهة الرجل ، وهو وقوفه فی وسطه ، والحال أنّ الخبر الأوّل تضمّن الصدر ، إلاّ أنْ یقال : إنّ التوجیه للأمرین ، واکتفی الشیخ بأحدهما عن الآخر. وقد ذکر فی التهذیب : إنّ قوله : « عند صدره » یعنی الوسط ، استعمالاً لاسم الشی ء فیما یجاوره (3) ، وکذلک الرأس (4).

لکن الثالث یأبی التوجیه ؛ لأنّ الوقوف بحیال السرّة یبعد عن الصدر فی الرجل ، والوقوف قبل الصدر یبعد عن الرأس فی المرأة ، لکن البعد أقلّ من الأوّل.

وبالجملة : فالتزام الشیخ بالمذهب فی الکتاب بعید عن الاعتبار.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شیخنا قدس سره نقل عن العلاّمة فی المنتهی أنّ

ص: 381


1- المختلف 2 : 306.
2- فی « رض » : فقد.
3- فی « رض » : یجاوزه ، فی « م » : تجاوز ، فی « فض » : تجاوزه ، وما أثبتناه من المصدر.
4- التهذیب 3 : 190 بتفاوت یسیر.

هذه الکیفیة مستحبة بلا خلاف (1). وظاهر الإشارة العود إلی ما قاله المحقّق فی الشرائع : إنّ من سنن صلاة الجنازة أنْ یقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة. لأنّه قدس سره نقل أنّ مدلول العبارة قول معظم الأصحاب ، ثم نقل عن الشیخ فی الاستبصار القول بمضمون الخبر الأوّل علی نحو ما ( نقله العلاّمة فی المختلف ، ثم استدلّ بالأخبار المذکورة ، وحکی احتجاج الشیخ ، ثم قال ) (2) : وهذه الروایات کلّها ضعیفة ، لکن المقام مقام استحباب ، فالعمل بکلّ منها حسن (3) ، انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ عبارة بعض المتقدمین لا تقتضی اعتبار الإمام علی ما حکاه فی المختلف (4) ، وعبارة الصدوق فی المقنع بلفظ الأمر بالوقوف (5) ، لکن العلاّمة ربما استفاد الاستحباب من کلام القائلین ، أمّا الاختصاص بالإمام فالإجماع المنقول لیس فی الکلام ما یدلّ علیه ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : لی قِبَلَه بکسر القاف أی عنده (6).

معنی قبل

ص: 382


1- المدارک 4 : 174.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : قاله.
3- المدارک 4 : 174.
4- المختلف 2 : 306.
5- المقنع : 20.
6- القاموس المحیط 4 : 35.

قوله :

باب ترتیب جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت

سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته کیف یصلّی علی الرجال والنساء؟ فقال : « یوضع الرجال (1) ممّا یلی الرجال ، والنساء خلف الرجال (2) ».

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن طلحة بن زید ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « کان (3) إذا (4) صلّی علی المرأة والرجل قدّم المرأة وأخّر الرجل ، وإذا صلّی علی العبد والحرّ قدم العبد وأخّر الحرّ ، وإذا صلّی علی الکبیر والصغیر قدّم الصغیر وأخّر الکبیر ».

أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن یحیی ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن الرجال والنساء کیف یصلّی علیهم؟ قال : « الرجال أمام النساء ممّا یلی الإمام یُصَفّ بعضهم علی أثر بعض ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن زرارة والحلبی (5) ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : فی الرجل

ترتیب جنائز الرجال والنساء

اشارة

ص: 383


1- فی الاستبصار 1 : 471 / 1820 : الرجل.
2- فی « فض » و « م » : یوضع الرجال والنّساء خلف الرجال.
3- لیست فی « م ».
4- فی الفقیه 1 : 106 / 492 : وکان علی علیه السلام إذا.
5- لیست فی « م ».

والمرأة کیف یصلّی علیهما؟ فقال : « یجعل الرجل (1) وراء المرأة ، ویکون الرجل ممّا یلی الإمام ».

علی بن الحسین ، عن عبد الله بن جعفر ، عن إبراهیم بن مهزیار ، عن أخیه علی بن مهزیار ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن ابن بکیر ، عن بعض أصحابه ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی جنائز الرجال والنساء (2) والصبیان ، قال : « توضع النساء ممّا یلی القبلة ، والصبیان دونهم ، والرجال دون ذلک ، ویقوم الإمام ممّا یلی الرجال ».

فأمّا ما رواه علی بن الحسین بن بابویه ، عن محمّد بن أحمد بن الصلت ، عن عبد الله بن الصلت ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، قال سألته عن الرجل والمرأة یصلّی علیهما؟ قال : « یکون الرجل بین یدی المرأة ممّا یلی القبلة ، ویکون (3) رأس المرأة عند ورک الرجل ممّا یلی یساره ، ویکون رأسها أیضاً ممّا یلی یسار الإمام ، ورأس الرجل ممّا یلی (4) الإمام ».

حمید بن زیاد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غیر واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت؟ فقال : « یقدّم الرجال فی کتاب علی علیه السلام ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن

ص: 384


1- فی الاستبصار 1 : 472 / 1823 : المرأة.
2- لیس فی الاستبصار 1 : 472 / 1824.
3- فی الاستبصار 1 : 472 / 1825 : فیکون.
4- فی التهذیب 3 : 323 / 1008 ، والاستبصار 1 : 473 / 1825 زیادة : یمین.

عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی الرجل یصلّی علی میتین أو ثلاثة موتی کیف یصلّی علیهم؟ قال : « إن کان ثلاثة أو اثنین أو عشرة أو أکثر من ذلک فلیصلّ علیهم صلاةً واحدة ، یکبّر علیهم خمس تکبیرات کما یصلّی علی میتٍ واحد ، ومن صلّی علیهم جمیعاً یضع میتاً واحداً ، ثم یجعل الآخر إلی ألیة الأوّل ، ثم یجعل رأس الثالث إلی ألیة الثانی شبه المدرّج حتی یفرغ منهم کلّهم ما کانوا ، فإذا سوّاهم هکذا قام فی الوسط فکبّر خمس تکبیرات ، یفعل کما یفعل إذا صلّی علی میتٍ واحد » سُئل وإن کانوا موتی (1) رجالاً ونساءً؟ قال : « یبدأ بالرجال فیجعل رأس الثانی (2) إلی ألیة الأوّل حتی یفرغ من الرجال کلّهم ، ثم یجعل رأس المرأة إلی ألیة الرجل الأخیر ، ثم یجعل رأس المرأة الأُخری إلی [ ألیة ] (3) المرأة الأُولی حتی یفرغ منهم کلّهم ، فإذا سوّی هکذا قام [ فی ] (4) الوسط وسط الرجال [ فکبّر ] (5) علیهم کما یصلّی علی میتٍ واحد ».

فالوجه فی هذه الأخبار التخییر ؛ لأنّ العمل بأیّها کان کان جائزاً ، یدلّ علی ذلک :

ص: 385


1- فی الاستبصار 1 : 472 / 1827 : سُئل فإن کان الموتی. ولعلّه هو الأنسب.
2- فی النسخ : یبدأ بالرجل ویجعل رأس الثانیة ، وما أثبتناه موافق للتهذیب 3 : 322 / 1004 ، والاستبصار 1 : 472 / 1827.
3- فی النسخ : رأس ، وما أثبتناه موافق للکافی 3 : 174 / 2 ، والاستبصار 1 : 472 / 1827 ، والوسائل 2 : 809 أبواب صلاة الجنازة ب 32 ح 2.
4- فی النسخ : إلی ، وما أثبتناه من المصادر.
5- فی النسخ : یکبّر ، وما أثبتناه من المصادر.

ما رواه علی بن الحسین ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن (1) محمّد بن إسماعیل بن بزیع ، عن هشام بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أنْ یُقدّم الرجل وتؤخر المرأة ، ویؤخّر الرجل وتقدّم المرأة » یعنی فی الصلاة علی المیت.

السند :

فی الأوّل : معلوم الحال بسهل بن زیاد.

والثانی : کذلک بمحمّد بن سنان وطلحة بن زید. وضمیر عنه فیه یرجع (2) إلی سهل ، للتصریح به فی الکافی ، حیث رواها عن سهل ، عن محمّد بن سنان (3).

والثالث : صحیح کالرابع.

والخامس : فیه إبراهیم بن مهزیار ، وقد قدّمنا فیه القول (4). والحاصل أنّ العلاّمة وصف طریق الصدوق إلی بحر السقّاء بالصحّة (5) ، وهو فیه. والنجاشی لم یذکر ما یدلّ علی مدحٍ ولا توثیق (6). وقول بعض : إنّه ممدوح فی الکشّی ، فیه نظر واضح یعرف من مراجعة الکشّی (7) ، وبقیة

بحث حول إبراهیم بن مهزیار

ص: 386


1- فی الاستبصار 1 : 473 / 1828 : و.
2- فی « رض » و « م » زیادة : فی الظاهر.
3- الکافی 3 : 175 / 3.
4- راجع ج 3 ص 403.
5- الخلاصة : 279.
6- رجال النجاشی : 16 / 17.
7- رجال الکشی 2 : 813.

القول فی غیر هذا الموضع. والحسن بن علی بن فضال وابن بکیر مضیا (1). والإرسال واضح الحال ، بعد ما قدّمناه عن قریبٍ وبعیدٍ من المقال.

والسادس : فیه محمّد بن أحمد بن الصلت ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، نعم فی مشیخة الفقیه فی الطریق إلی عیسی بن أعین روی الصدوق رحمه الله عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن علی بن الصلت ، ( عن أبی طالب عبد الله بن الصلت (2) ) (3). واستفادة شی ءٍ من هذا الطریق غیر الإهمال فی الظاهر منتفیة ، لکن التأمّل فیما أسلفناه من أحوال شیوخ الأجلاّء مثل علی بن الحسین بن بابویه قدس سره ربما یفید الکمال للرجل المذکور.

ویؤید بأنّ الکشی ذکر فی ترجمة أحمد بن إسحاق الأشعری ما صورته : محمّد بن علی بن القاسم القمّی ، قال : حدّثنی أحمد بن الحسین القمّی الآبی أبو علی ، قال : کتب محمّد بن أحمد بن الصلت إلی الدار کتاباً ذکر فیه قصّة أحمد بن إسحاق القمّی وصحبته ، وأنّه یرید الحجّ واحتاج إلی ألف دینار ، فإنْ رأی سیدی أنْ یأمر بإقراضه إیّاه ویسترجع منه فی البلد إذا انصرفنا فأفعل. فوقّع ( صلّی الله علیه ) (4) « هی له متّأصلةً ، فإذا رجع فله عندنا سواها » الحدیث (5).

بحث حول محمد بن أحمد بن الصلت

ص: 387


1- راجع ج 1 ص 121 ، 361 ، ج 2 ص 61 ، 312 ، ج 3 ص 17 ، 125 ، 203 ، ج 4 ص 37 ، 124.
2- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 112.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- فی المصدر : علیه السلام .
5- رجال الکشی 2 : 831 / 1051.

وهو یعطی أنّ له بالإمام علیه السلام اختصاصاً ( فإنّ الدار کنایة عن الإمام علیه السلام ) (1) إلاّ أنّ الطریق غیر معلوم علی وجهٍ یفید الاعتماد علیه بجهالة أحمد بن الحسین. أمّا محمّد بن علی فالظاهر أنّه ماجیلویه (2) ، وقد قدّمنا حاله.

ولا یخفی أنّ ما وقع فی السند المبحوث عنه من قوله : عن محمّد بن أحمد بن الصلت موافق لما فی الکشّی ، أمّا ما فی المشیخة من زیادة لفظ « علی » فلا یضرّ بالحال ، لتعارف مثل هذا فی الرجال.

ثم إنّ طریق المشیخة عن عبد الله بن الصلت کما فی السند ، والذی یظهر من الرجال أنّ عبد الله جدّ لمحمّد بن أحمد المذکور ؛ لأنّ النجاشی ذکر الطریق إلی عبد الله عن علی بن عبد الله بن الصلت ، عن أبیه (3) ، وقد علمت من المشیخة للصدوق أنّ محمّداً هو ابن أحمد بن علی بن الصلت (4) ، وعلی ما (5) فی السند ، وفی الکشّی قد یتخیل عدم ذلک ، ویدفعه ما أسلفناه ، وأثر هذا هیّن بعد ما ذکرناه.

أمّا عبد الله بن الصلت وغیره فقد کرّرنا القول فیهم (6).

السابع : تقدّم مثله فی الباب السابق (7) ، وبیّنّا أنّ فی هذا قرینة علی

کلمة حول عبد الله بن الصلت والطریق إلیه

ص: 388


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : فالدار کنایة مشهورة عن الإمام علیه السلام ، وفی « م » لا یوجد : عن الإمام علیه السلام .
2- فی « رض » : محمّد بن ماجیلویه.
3- رجال النجاشی : 217 / 564.
4- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 112.
5- فی « م » زیادة : قاله.
6- راجع ج 3 : 320 وج 4 : 304.
7- أی فی باب وقت الصلاة علی المیت.

أنّ أبان مع الإطلاق هو ابن عثمان فی الظاهر (1).

والثامن : موثق.

والتاسع : صحیح علی ما مضی (2).

المتن :

فی الأوّل : واضح ، و [ کذا] (3) الثانی.

[ و ] الظاهر أنّ المراد بما یلی الرجال ما یلی المصلّی علی الجنائز ، واحتمال إرادة الرجال الأموات علی معنی جعل الرجال علی تقدیر التعدد غیر مفصولین بالنساء بعید. واستشکال بعض الأصحاب الاجتزاء بالصلاة الواحدة مع اختلاف الوجه فی الصغیر والکبیر (4) لو صحّ الخبر یدفعه ، وغیر بعید تصحیحه من الفقیه ؛ لأنّ الصدوق رواه مرسلاً عن علی علیه السلام (5) ، وقد قدّمنا الوجه فی ذلک مراراً (6).

وینقل عن العلاّمة فی التذکرة الجزم بالمنع ، ثم قال : ولو قیل بإجزاء الواحدة المشتملة علی الوجهین بالتقسیط أمکن (7). وفیه : أنّ الجمع بین الشیئین المتنافیین فی الفعل الشخصی موقوف علی الدلیل.

وفی الذکری : أنّه یمکن الاکتفاء بنیة الوجوب لزیادة الندب

تقدیم الرجال علی النساء

إجزاء الصلاة الواحدة علی الصغیر والکبیر

ص: 389


1- فی ص 374.
2- راجع ج 1 ص 39 ، 244 ، ج 4 ص 430.
3- أضفناه لاستقامة العبارة.
4- انظر المدارک 4 : 176.
5- الفقیه 1 : 106 / 492.
6- فی ص : 745.
7- التذکرة 2 : 67.

تأکیداً (1) ؛ وفیه نظر واضح.

ولا یخفی أنّ المراد بالتقدیم ( فی الخبر ، التقدیم ) (2) إلی جهة القبلة.

والثالث : واضح المعنی أیضاً ، وربما کان فی قوله : « یُصفّ بعضهم علی أثر بعض » قرینة علی المعنی الذی استبعد فی الأوّل ، إلاّ أنّه محلّ کلام.

أمّا [ السادس](3) فظاهر المنافاة من وجهین ، الأوّل : جعل المرأة ممّا یلی الإمام ، والثانی : فی کیفیة الوضع ، إلاّ أنّ هذا الوجه یمکن أنْ یقال فیه : إنّ الأخبار الأُول مطلقة وهذا مقیّد. وفیه أنّ ظاهر الأخبار الأُول الوضع کیف کان علی الإطلاق حیث إنّ الجواب فی مقام التعلیم (4) الکافی عن الاحتیاج إلی غیره ، إلاّ أنْ یقال : إنّ هذا وارد فی کلّ مطلق ومقید ، والتزامه مشکل.

أمّا ما قد یقال من أنّه یجوز اختصاص الکیفیة المذکورة فی الروایة بصورة جعل المرأة ممّا یلی الإمام ، والأخبار الأُول فی غیر هذه الصورة ؛ ففیه عدم معلومیة القائل. وفی التهذیب : « ورأس الرجل ممّا یلی یمین الإمام » (5) والظاهر سقوط لفظ « الیمین » هنا فیما وجدت من النسخ.

وفی الخبر دلالة علی وقوف الإمام عند رأس المرأة ووسط الرجل ، إلاّ أن یُخصّ بحال الاجتماع ، بل وجعل المرأة ممّا یلی الإمام ، والقول فی عدم القائل نحو ما مضی.

بیان ما دل علی تقدیم النساء علی الرجال والجمع بینه وبین ما دل علی تقدیم الرجال

ص: 390


1- الذکر : 63.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه ، ولم یبحث فی الخبر الرابع والخامس.
4- فی « رض » : التسلیم.
5- التهذیب 3 : 323 / 1008.

[ والسابع ](1) : کما تری غیر صریح المنافاة ؛ إذ التقدیم فیه محتمل لأنْ یراد به جعله ممّا یلی الإمام ؛ إذ التقدیم لا یأباه ، واحتمال أنْ یراد تقدیمهم فی الصلاة ثم الصلاة علی النساء ممکن علی بعد.

أمّا [الثامن](2) : فظاهره ترتیب الرجال إذا لم یکن معهم نساء علی ما ذکر ، ثم القیام فی وسط الجمیع ، وهو یقتضی عدم اعتبار ما ورد فی المیت الواحد ، فیؤید ما قدّمناه من احتمال اختلاف الحال مع الاجتماع.

وأمّا إذا کان معهم نساء فالرجال ممّا یلی الإمام علی ظاهر الخبر ، فیوافق الأخبار الأُول ، وإنّما یخالف فی الترتیب.

وفیه دلالة علی اعتبار وسط الرجال علی الترتیب لا وسط الرجل.

وربما یدلّ الخبر علی جواز الصلاة علی الصغیر والکبیر فی غیر صورة یکون الرجال والنساء ، لأنّ الموتی یشملهم ، إلاّ أنْ یدّعی تبادر الرجال ، أو أنّ ذکر الصورة الثانیة وهی الرجال مع النساء قرینة علی أنّ الاولی رجال من غیر نساء ولا صبیان.

وما تضمّنه من قوله أخیراً : « کما یصلّی علی میتٍ واحد » محتمل لأنْ یراد به ما ذکر فی أوّل الروایة من التکبیر خمس تکبیرات ( علی معنی أنّه لا یکبّر لکل میت خمس تکبیرات ) (3) وحینئذٍ یبقی حکم الدعاء من التذکیر والتأنیث مسکوتاً عنه. ویحتمل أنْ یراد جمیع ما یذکر للمیت الواحد فهو للرجال مع النساء ، وحینئذٍ لا مانع من قصد المیت ، لشموله الکلّ ، هذا.

وما ذکره الشیخ من التخییر قد ینظر فیه بعد ما قرّرناه ، إلاّ أنّ المنقول

ص: 391


1- فی النسخ : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی النسخ : السادس ، والصحیح ما أثبتناه.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

عن العلاّمة فی المنتهی : أنّ الترتیب لیس واجباً بلا خلاف ، واستدلّ علیه بما رواه الشیخ (1) ، وهو [ التاسع ] (2).

وقد یقال : إنّ الخبر محتمل لأنْ یراد بالتقدیم والتأخیر فی الصلاة علی المیت علی معنی أنّ المرأة لو قدّمها الولی وأخّر الرجل جاز وبالعکس ، لکن لا یخفی بعده عن سیاق الخبر ، کاحتمال غیره.

وربما یقال بتقدیر الاستحباب إنّ الجمع بین الأخبار ممکن بغیر التخییر ، لکن الحال ما سمعت ، والله تعالی أعلم.

اللغة :

قال فی القاموس : الوَرک بالفتح والکسر ککتف ، ما فوق الفخذ (3). وفیه : الألیة العجیزة ، أو ما رکب العجز من شحمٍ ولحم (4). وفیه العَجْز مثلّثة ، وکَنَدُسٍ وکَتِفٍ : مؤخّر الشی ء (5).

قوله :

باب المواضع التی یصلّی فیها علی الجنائز

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملک قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام : هل یصلّی علی المیت فی المسجد؟ قال : « نعم ».

معنی الورک والألیة والعجز

المواضع التی یصلی فیها علی الجنائز

اشارة

ص: 392


1- المنتهی 1 : 457.
2- فی النسخ : السابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- القاموس المحیط 3 : 333.
4- القاموس المحیط 4 : 302.
5- القاموس المحیط 2 : 187.

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن سنان ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام مثل ذلک.

فأمّا ما رواه محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین (1) ، عن موسی بن طلحة ، عن أبی بکر بن عیسی بن أحمد العلوی قال : کنت فی المسجد وقد جی ء بجنازة ، فأردت أنْ أُصلّی علیها فجاء أبو الحسن الأوّل علیه السلام فوضع مرفقه فی صدری فجعل یدفعنی حتی أخرجنی من المسجد ، ثم قال : « یا أبا بکر إنّ الجنائز لا یصلّی علیها فی المسجد ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الکراهیة دون الحظر.

السند :

فی الأوّل : معدود من الصحیح ، ولا یبعد کون أبان هو ابن عثمان ، لکن لم یحضرنی الآن تعیّنه ، إلاّ أنّ فی الظن کثرة روایة فضالة عنه ، کما أنّ تبادره مع الإطلاق ربما یدّعی ، أو أنّ الخبر من غیر الکتاب (2).

والثانی : ضعیف بابن سنان علی ما مضی القول فیه (3).

والثالث : فیه موسی بن طلحة ، وفی النجاشی : إنّه قریب الأمر (4). أمّا أبو بکر فمجهول الحال.

تمییز أبان

موسی بن طلحة قریب الأمر

أبو بکر بن عیسی بن أحمد العلوی مجهول الحال

ص: 393


1- فی الاستبصار 1 : 473 / 1831 : عن محمّد بن الحسن.
2- فی « رض » : الکتابین ، فی « فض » : الکتابی.
3- راجع ج 1 ص 117 ، 334 ، ج 2 ص 334.
4- رجال النجاشی : 405 / 1074.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر.

والثالث : ما ذکره الشیخ فیه غیر متعین ؛ لجواز کون المیت من قسم من لا یصلّی علیه فی المسجد. واستقرب بعض الأصحاب الکراهة (1) ؛ للروایة المذکورة ، وما رواه الجمهور عن النبی صلی الله علیه و آله (2) ، وفیه ما لا یخفی.

وینقل عن أکثر الأصحاب ثبوت الکراهة فی جمیع المساجد ، إلاّ بمکّة شرّفها الله (3) ، وفی المنتهی علّل استثناء مکّة بأنّ کلّها مسجد ، فلو کرهت الصلاة فی بعض مساجدها لزم التعمیم فیها أجمع ، وهو خلاف الإجماع (4) ؛ هکذا نقل عنه. وأنت خبیر بما فیه ، والأصل یقتضی عدم الکراهة ( إلی أن تثبت ) (5).

قوله :

باب عدد التکبیرات علی الأموات

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « التکبیر علی المیت خمس تکبیرات ».

عنه ، عن القاسم بن محمّد ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « کبّر رسول الله صلی الله علیه و آله خمساً ».

حکم صلاة المیت فی المساجد

عدد التکبیرات علی الأموات

اشارة

ص: 394


1- کما فی مجمع الفائدة 2 : 444.
2- سنن ابن ماجة 1 : 486 / 1517.
3- حکاه عنهم فی المدارک 4 : 182.
4- المنتهی 1 : 459.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».

سعد بن عبد الله ، عن إبراهیم بن مهزیار ، عن أخیه علی بن مهزیار (1) ، عن حمّاد بن شعیب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « التکبیر علی المیت خمس تکبیرات ».

علی بن الحسین ، عن محمّد بن أحمد بن الصلت ، عن عبد الله ابن الصلت ، عن الحسن بن علی ، عن ابن بکیر (2) ، عن قدامة بن زائدة ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی علی ابنه إبراهیم فکبّر خمساً ».

عبد الله بن الصلت ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبی ولاّد ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر علی المیت ، فقال : « خمساً ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن کلیب الأسدی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التکبیر علی المیت ، فقال بیده : خمساً.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن خالد البرقی ، عن أحمد بن النضر الخزّاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن التکبیر علی الجنازة هل فیه شی ء موقت؟ فقال : « لا ، کبّر رسول الله صلی الله علیه و آله إحدی عشرة ، وتسعاً ، وسبعاً ، وخمساً ، وستّاً ، وأربعاً ».

فما تضمّن هذا الخبر من زیادة التکبیر علی الخمس مرّات متروک بالإجماع ، ویجوز أنْ یکون علیه السلام أخبر عن فعل النبی صلی الله علیه و آله بذلک ، لأنّه کان یکبّر ( علی جنازةٍ ) (3) واحدة أو اثنتین فیجاء بجنازةٍ

ص: 395


1- لا یوجد فی الاستبصار 1 : 474 / 1834 : عن أخیه علی بن مهزیار.
2- فی « رض » و « م » : عن بکیر.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».

اخری فیبتدئ من حیث انتهی خمس تکبیرات ، فإذا أُضیف ذلک إلی ما کان کبّر زاد علی الخمس تکبیرات ، وذلک جائز علی ما بیّناه فی کتابنا الکبیر.

وأمّا ما تضمّن من الأربع تکبیرات فمحمول علی التقیة ؛ لأنّه مذهب جمیع من خالف الإمامیة ، أو یکون إخباراً عن فعل النبی صلی الله علیه و آله مع المنافقین أو المتهمین بالإسلام ، لأنّه علیه السلام کذا کان یفعل ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن حمّاد ابن عثمان وهشام بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یکبّر علی قومٍ خمساً وعلی آخرین أربعاً ، فإذا کبّر علی رجلٍ أربعاً اتهم ».

علی بن الحسین ، عن عبد الله بن جعفر ، عن إبراهیم بن مهزیار ، عن أخیه علی ، عن إسماعیل بن همام ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : « قال أبو عبد الله علیه السلام : صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله علی جنازة فکبّر علیه خمساً ، وصلّی علی آخر فکبّر علیه أربعاً ، فأمّا الذی کبّر علیه خمساً فحمد الله ومجّده فی التکبیرة الأُولی ، ودعا فی الثانیة للنبی صلی الله علیه و آله ، ودعا فی الثالثة للمؤمنین والمؤمنات ، ودعا فی الرابعة للمیت ، وانصرف فی الخامسة ، وأمّا الذی کبّر علیه أربعاً فحمد الله ومجّده فی التکبیرة الأُولی ، ودعا لنفسه وأهل بیته فی الثانیة ، ودعا للمؤمنین والمؤمنات فی الثالثة ، وانصرف فی الرابعة ، ولم یدعُ له ، لأنّه کان منافقاً ».

علی بن الحسین ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن سالم ،

ص: 396

عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر قال : قلت لجعفر بن محمّد علیهماالسلام : جعلت فداک إنّا نتحدث بالعراق أنّ علیاً علیه السلام صلّی علی سهل بن حنیف ، فکبر علیه ستّاً ، ثم التفت إلی من کان خلفه فقال : « إنّه کان بدریاً » قال : فقال جعفر علیه السلام : « إنّه لم یکن کذلک ، ولکنه صلّی علیه خمساً ، ثم رفعه ومشی به ساعة ، ثم وضعه وکبّر علیه خمساً ، ففعل ذلک خمس مرّات حتی کبّر علیه خمساً وعشرین تکبیرة ».

ویحتمل أنْ یکون أراد بقوله : « أربعاً » إخباراً عمّا یقال بین التکبیرات من الدعاء ، لأنّ التکبیرة الخامسة لیس بعدها دعاء ، وإنّما ینصرف بها عن الجنازة ، یدلّ علی ذلک ما رواه :

علی بن الحسین ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد الکوفی ولقبه حمدان ، عن محمّد بن عبد الله ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن محمّد بن یزید ، عن أبی بصیر قال : کنت عند أبی عبد الله علیه السلام جالساً فدخل رجل فسأله عن التکبیر علی الجنائز ، فقال : « خمس تکبیرات » ثم دخل آخر فسأله عن الصلاة علی الجنائز ، فقال له : « أربع صلوات » فقال الأوّل : جعلت فداک سألتک فقلت : خمساً وسألک هذا فقلت : أربعاً؟ فقال : « إنّک سألت (1) عن التکبیر وسألنی هذا عن الصلاة » ثم قال : « إنّها خمس تکبیرات بینهن أربع صلوات » ثم بسط کفه فقال : « إنهن خمس تکبیرات بینهن أربع صلوات ».

وقد استوفینا ما یتعلق بهذا الباب فی کتابنا الکبیر.

ص: 397


1- فی الإستبصار 1 : 476 / 1842 : سألتنی.

السند :

فی الأوّل : صحیح.

والثانی : فیه القاسم بن محمّد ، وهو الجوهری الواقفی. وعلی بن أبی حمزة البطائنی کذلک. وأبو بصیر تکرّر القول فیه کغیره (1).

والثالث : مضی غیر (2) بعید (3) ، وبیّنا حال إبراهیم بن مهزیار إجمالاً. إمّا حمّاد بن شعیب ( فهو کذلک فی النسخ التی رأیتها ، وفی نسخةٍ معتبرةٍ للتهذیب : عن حمّاد ، عن شعیب (4) ) (5) والظاهر أنّه الصواب ؛ لأنّ حماداً یروی عن شعیب العقرقوفی الثقة فی الرجال (6) ، وهو یروی عن أبی بصیر ؛ وأمّا حمّاد بن شعیب فهو موجود فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (7) ، إلاّ أنّ روایته عن أبی بصیر لم أقف علیها الآن فی غیر هذا الموضع ، وباب الاحتمال واسع ، إلاّ أنّ الأمر سهل فی المقام.

والرابع : تقدّم بعینه عن قریب (8) ، وذکرنا جهالة محمّد بن أحمد. والحسن بن علی تقدّم فی السند السابق مفسراً بابن فضّال (9). وقدامة بن زائدة زائد عن السند السابق ، وهو مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی

بحث حول حماد بن شعیب

شعیب العقر قونی ثقة

بحث حول قدامة بن زائدة

ص: 398


1- راجع ج 1 ص 72 ، ج 2 ص 90 ، 210 ، ج 4 ص 16 ، 392 ، ج 6 ص 46.
2- فی « رض » : عن.
3- فی ص 385.
4- التهذیب 3 : 315 / 978.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- رجال النجاشی : 195 / 520.
7- رجال الطوسی : 173 / 130.
8- فی ص 385 387.
9- راجع ص 382 ، 385.

الشیخ (1) ، والروایة هنا عن أبی جعفر علیه السلام ، فیحتمل کونه غیره ، أو روایته عنهما ، والشیخ لم یذکر ذلک ، والأمر سهل.

والخامس : فیه أنّ الطریق إلی عبد الله بن الصلت غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفهرست له طریق إلی کتابه (2) ، فلا یفید مع أنّه غیر سلیم.

فإنْ قلت : قد ذکر الشیخ فی الفهرست طرقاً إلی جمیع کتب الحسن ابن محبوب وروایاته (3) ، وهذا من جملة روایاته ، فینبغی الاعتماد علی ذلک ؛ لما تقدّم من أنّ إخبار الشیخ بأنّ هذا الخبر من روایاته کافٍ ، وإنْ لم یکن الطریق إلیه صحیحاً هنا.

قلت : لما ذکرت وجه فصّلناه فیما مضی (4) ، إلاّ أنّ الطریق إلی الحسن بن محبوب فیها نوع کلامٍ یعرف من مراجعة الفهرست ، وغیر بعید توجیه الصحّة ؛ لأنّ من الطرق عدّة من أصحاب الشیخ ، عن أبی جعفر محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه ، ومن الطرق ابن أبی جید ، والأوّل فیه العدّة ومعلومیتها غیر ظاهرة ، أمّا الثانی فابن أبی جید ظاهر جماعة من الأصحاب الاعتماد علیه ، لأنّه من الشیوخ المعتبرین (5).

فإن قلت : یحتمل أن یکون إسناد هذا الخبر هنا السابقَ علیه ، علی طریق الکلینی من البناء علی الإسناد السابق ، فلا یکون صحیحاً ؛ لجهالة محمّد بن أحمد المذکور فی السابق.

قلت : هذا غیر معهود من الشیخ ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع ، وعلی

بحث حول طریق الشیخ إلی عبد الله بن الصلت والحسن بن محبوب

ص: 399


1- رجال الطوسی : 275 / 33.
2- الفهرست : 104 / 437.
3- الفهرست : 46 / 151.
4- راجع ج 2 ص 31 33.
5- الدرایة : 69.

تقدیره لا ینافی الصحّة من الجهة التی أشرنا إلیها ، فینبغی تأمّل ذلک کلّه فإنّه مهم.

والسادس : فیه کلیب الأسدی ، وهو مهمل فی الرجال (1).

والسابع : معلوم الحال بما تکرّر من المقال (2).

والثامن : صحیح.

والتاسع : تقدّم القول فی المهمّ من رجاله (3).

والعاشر : أیضاً مضی الکلام فی رجاله مکرّراً (4) ، لکن فی النسخة التی نقلت منها : علی بن إدریس ، ( عن أحمد بن إدریس ) (5) ، وهو سهو ، وفی التهذیب : علی بن الحسین (6) ، فنقلت ما هنا علی ما فی التهذیب ، للجزم بذلک ؛ وفی الظن أنّ الأصل کان : علی ، عن (7) أحمد بن إدریس ، فاشتبه علی الناسخ.

والحادی عشر : فیه محمّد بن أحمد الکوفی الملقّب حمدان ، وفی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام من کتاب الشیخ : حمدان بن سلیمان النیشابوری ، روی عنه محمّد بن یحیی العطّار (8). والنجاشی قال : ( حمدان ابن سلیمان أبو سعید النیشابوری ثقة من وجوه أصحابنا ، ذکر ذلک أبو عبد الله ) (9) أحمد بن عبد الواحد ، ثم ذکر الطریق إلی کتابه ، والراوی عنه

کلیب الأسدی مهمل

بحث حول محمد بن أحمد الکوفی الملقب حمدان

ص: 400


1- رجال الطوسی : 133 / 2.
2- راجع ج 1 ص 185 186 ، ج 2 ص 28 29 ، ج 3 ص 363 364.
3- راجع ج 3 ص 403 ، وص 385 من هذا الجزء.
4- راجع ج 1 ص 185 ، ج 2 ص 28 ، ج 3 ص 363.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- التهذیب 3 : 317 / 984.
7- فی « رض » و « م » : بن.
8- رجال الطوسی : 472 / 58.
9- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

محمّد بن یحیی (1).

والظاهر من هذا أنّه الرجل المذکور ؛ لأنّ الراوی عنه هنا محمّد بن یحیی ، إلاّ أنّ وصفه بالکوفی فی الروایة وبالنیشابوری فی الرجال لا یوافقه ، إلاّ أن یکون انتقل إلی أحد البلدین.

ثم إنّ استفادة توثیقه من النجاشی یتوقف علی ثبوت توثیق أحمد بن عبد الواحد ، وقد تقدّم القول فیه مفصّلاً (2). واحتمال رجوع الإشارة من النجاشی إلی أنّه من وجوه الأصحاب ، لا إلی التوثیق ، بعید عن إشارة البعید ، ویقرّبه أنّ الظاهر عود الإشارة إلی الجمیع من التوثیق وکونه من الوجوه ، ولو رجع إلی البعید فقط لزم ما لا یخفی ، فلیتأمّل.

أمّا محمّد بن عبد الله فمشترک (3). ومحمّد بن أبی حمزة تکرّر القول فیه من أنّه الثقة علی الظاهر (4) ، واحتمال غیره بعید. أمّا محمّد بن یزید فهو مشترک بین مهملین (5). وأبو بصیر معلوم ممّا تکرّر الکلام فیه (6).

المتن :

فی الأخبار الستّة الأُول ظاهر الدلالة علی أنّ تکبیرات صلاة الجنازة خمس ، أمّا الدلالة علی الوجوب فغیر ظاهرة ، لکن بعض الأصحاب ذکر

محمد بن عبد الله مشترک

تمییز محمد بن أبی حمزة

محمد بن یزید مشترک

بیان ما دل علی أن تکبیرات صلاة الجنازة خمس وعدم دلالة الأخبار علی وجوبها

ص: 401


1- رجال النجاشی : 138 / 357.
2- راجع ج 4 ص 193 194.
3- هدایة المحدثین : 241.
4- راجع ج 1 ص 140 ، ج 2 ص 232 ، ج 3 ص 266 ، 331 ، ج 4 ص 271 ، 492 ، ج 5 ص 16.
5- هدایة المحدثین : 259.
6- راجع ج 1 ص 72 ، ج 2 ص 90 ، 210 ، ج 4 ص 16 ، 392 ، ج 6 ص 46.

الإجماع علی الوجوب ، وأسنده إلی العلاّمة فی المنتهی (1) ، وعبارة المنتهی المنقولة : وهی خمس تکبیرات بینها أربعة أدعیة ، وعلیه علماؤنا أجمع (2). وغیر خفی عدم دلالتها علی الوجوب ؛ إذ الأدعیة الخلاف فیها موجود ، فإنّ المحقّق فی الشرائع قال : والدعاء بینهن غیر لازم ، ولو قلنا بوجوبه لم نوجب لفظاً (3).

وما قاله الشهید رحمه الله فی الذکری من أنّ الأصحاب بأجمعهم یذکرون ذلک فی کیفیة الصلاة ، ولم یصرّح أحد منهم بندبیته ، والمذکور فی بیان الواجب ظاهره الوجوب (4) ؛ لا یخلو من غرابة بعد قول المحقّق.

فإنْ قلت : ما وجه عدم دلالة الأخبار علی الوجوب؟

قلت : لأنّ الأوّل یدلّ علی أنّ التکبیرات خمس ، وهذا لا یستفاد منه الوجوب ، إلاّ بتقدیر إرادة ( التکبیر الواجب ) (5) ، وهو غیر معلوم.

والثانی : یدلّ علی أنّ النبی صلی الله علیه و آله کبّر خمساً ، والتأسّی إنّما یجب فیما علم وجهه عند المحققین.

والثالث : کالأوّل.

والرابع : کالثانی.

والخامس : والسادس کذلک (6).

نعم روی الصدوق فی الفقیه بطریقه الصحیح عن عبد الله بن سنان ،

ص: 402


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 431.
2- المنتهی 1 : 451.
3- الشرائع 1 : 106.
4- الذکری 1 : 433.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » : التکبیرات الوجوب.
6- أی کالأوّل.

عن الصادق علیه السلام ، أنّه قال : « لمّا مات آدم علیه السلام فبلغ إلی الصلاة علیه فقال هبة الله لجبرئیل : تقدّم یا رسول الله فصلّ علی نبی الله ، فقال جبرئیل علیه السلام : إنّ الله أمرنا بالسجود لأبیک فلسنا نتقدّم أبرار ولده وأنت من أبرّهم ، فتقدّم فکبر خمساً عدّة الصلوات التی فرضها الله عزّ وجلّ علی امّة محمّد صلی الله علیه و آله ، وهی السنّة الجاریة فی ولده إلی یوم القیامة » (1).

وهذا الخبر ربما یقتضی الوجوب وإنْ کان فی البین کلام ، غیر أنّ عدم الخلاف یسهّل الخطب. ومن هنا یعلم أنّ ما عساه یقال من أنّ بعض الأخبار الدالّة علی أنّ صلاة الجنازة استغفار (2) (3) ، لا یخلو من دلالة علی عدم وجوب ما سوی المذکور ؛ یدفعه ما ذکرناه ، مضافاً إلی وجوب غیر ما ذکر بلا ریب فیما یعلم.

وبالجملة : فالمقصود ممّا قلناه مجرّد التنبیه علی حقیقة الحال ، لیتّضح ما یأتی من المقال.

أمّا السابع : فما ذکره الشیخ فی توجیهه أوّلاً لا یخلو من وجاهة وإنْ بعد عن الظاهر.

أمّا ما قاله من حمل الأربع علی التقیة فقد یتوجه علیه أنّ الخبر إذا کان واحداً فحمل بعضه علی التقیة والبعض علی وجهٍ یوافق المذهب الحقّ مستبعد.

وجوابه أنّ من أهل الخلاف من قال بالخمس (4) ، علی ما یقتضیه

توجیه ما دل علی زیادة التکبیرات علی الخمس

ص: 403


1- الفقیه 1 : 100 / 468 ، الوسائل 3 : 76 أبواب صلاة الجنازة ب 5 ح 13.
2- الوسائل 3 : 59 أبواب صلاة الجنازة ب 1.
3- فی « فض » زیادة : ونحو ذلک.
4- حکاه فی شرح النووی عن ابن أبی لیلی ، ( إرشاد الساری 4 ) : 285.

کلام الشیخ بعد الخبر الآتی فی ما بعد هذا الباب المتضمّن للانصراف بالخامسة مع قراءة الفاتحة فی صلاة الجنازة ، من أنّه محمول علی التقیة ، وحینئذٍ لا مانع من الحمل علی التقیة ، ولو فرض انتفاؤه أمکن توجیه الخمس بما قاله الشیخ ، ویندفع به شرّ المخالفین.

وحمل الشیخ علی أنّه إخبار عن فعل النبی صلی الله علیه و آله مع المنافقین إنْ أراد به کما هو الظاهر غیر التقیة ففیه أنّه لا ینافی التقیة ، والأمر سهل.

والثامن : المستدلّ به قد ذکره فی التهذیب بزیادة قوله : یعنی بالنفاق. والروایة بطریقٍ حسن فی الزیادات عن محمّد بن یعقوب (1) ، وکذلک فی الکافی (2) ، وهی محتملة لأن تکون من محمّد بن یعقوب ، أو من الراوی ، لکن احتمال کونها من الراوی عن الإمام علیه السلام له قرب ، إذ الجزم بقوله : یعنی ، یقتضی ذلک ، ولولاه لأمکن احتمال غیر النفاق وإنْ بعد.

ثم إنّ التفسیر باتّهام النفاق ربما یدلّ علی أنّ غیر المنافق یصلّی علیه بالخمس ، فیدخل فیه المخالف بتقدیر الصلاة علیه ، إلاّ أنْ یدّعی دخوله فی المنافق ، وفی الذکری بعد ذکر الخبر قال : وهو جمع حسن بین ما رواه العامّة لو کانوا یعقلون (3) ، انتهی.

وما عساه یقال : إنّ التکبیر أربعاً یقتضی تحقق النفاق ، فما وجه ذکر التهمة؟.

عدد التکبیرات علی المنافق والمخالف والدعاء علیهما

ص: 404


1- ذکرها الشیخ فی موضعین ، الأوّل فی الزیادات : التهذیب 3 : 197 / 454 عن محمّد بن یعقوب ، وفیه زیادة قوله : یعنی بالنفاق ، والآخر فی الصلاة علی الأموات کما هنا فی ، التهذیب 3 : 317 / 982.
2- الکافی 3 : 181 / 2.
3- الذکری 1 : 431.

یمکن الجواب عنه بقیام احتمال التخییر فی التکبیرات بین الخمس والأربع ونحو ذلک.

أمّا التاسع : فظاهر فی أنّ التکبیر أربعاً علی المنافق ، حیث قال : « ولم یدعُ له لأنّه کان منافقاً » فیؤید إرادة الاتّهام بالنفاق فی الثامن.

وقد ذکر شیخنا قدس سره فی المدارک عند قول المحقق : وإنْ کان منافقاً اقتصر المصلّی علی أربع وانصرف بالرابعة - : إنّ المراد بالمنافق هنا المخالف ، کما یدلّ علیه ذکره فی مقابلة المؤمن فی الأخبار وکلام الأصحاب (1) ، انتهی.

وما ذکره من دلالة الأخبار فالذی وقفت علیه ما رواه الشیخ فی الباب الآتی (2) عن أحمد بن محمّد ، عن إسماعیل بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة علی المیت؟ فقال : « أمّا المؤمن فخمس تکبیرات ، وأمّا المنافق فأربع ».

وهذا الحدیث لا یقتضی انحصار المنافق فی المخالف ، وإذا عملنا بالخبر المبحوث عنه دلّ علی المنافق غیر المخالف ؛ لأنّ فعله صلی الله علیه و آله علی المنافق یقتضی ما ذکرناه ، والخبر الثامن مع صحّته یدلّ أیضاً ، غایة الأمر إمکان أنْ یقال : إنّ المخالف یُدعی علیه والمنافق غیره لا یُدعی علیه ولا له ؛ لدلالة الخبر المبحوث عنه علی الانصراف فی الرابعة. وقد یقال : إنّ الخبر یدلّ علی عدم الدعاء له ، أمّا الدعاء علیه فلا مانع منه ، والانصراف بالرابعة یحتمل أنْ یراد به عدم الاحتیاج إلی تکبیرٍ خامس.

فإنْ قلت : إثبات الدعاء علی المنافق غیر المخالف محتاج إلی الدلیل.

ص: 405


1- المدارک 4 : 169.
2- باب : أنه لا تسلیم فی الصلاة علی المیت ، انظر ص 414.

قلت : قد روی الصدوق عن عبید الله بن علی الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه قال : « إذا صلّیت علی عدو الله فقل » إلی آخره (1). وروی فی الکافی ( الحدیث عن الحلبی فی الحسن نحوه ) (2) (3). وروی أیضاً فی الحسن عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « إنْ کان جاحداً للحقّ فقل : اللهم » إلی آخره (4).

ولا یخفی أنّ تمییز المنافق من المخالف بعد النبی صلی الله علیه و آله محلّ خفاء ، هذا.

ویظهر من بعض الأصحاب التوقف فی وجوب الدعاء علی المخالف ، من حیث إنّ الأربع یخرج بها من الصلاة (5) ، واعترضه شیخنا قدس سره بأنّ الدعاء للمیت أو علیه لا یتعین کونه بعد الرابعة ، قال قدس سره : وقد ورد بالدعاء علی المنافق روایات ، منها : ما رواه ابن بابویه فی الصحیح عن صفوان بن مهران الجمّال ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « مات رجل من المنافقین فخرج الحسین بن علی علیهماالسلام یمشی فلقی مولیً له ، فقال له : إلی أین تذهب؟ فقال : أفرّ من جنازة هذا المنافق أنْ أُصلّی علیه ، فقال له الحسین علیه السلام : قم إلی جنبی فما سمعتنی أقول فقل مثله ، فرفع یدیه فقال. » (6) (7).

ص: 406


1- الفقیه 1 : 105 / 491.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض » ، وفی « م » بنقیصة : نحوه.
3- الکافی 3 : 189 / 4.
4- الکافی 3 : 189 / 5 ، الوسائل 3 : 71 أبواب صلاة الجنازة ب 4 ح 5.
5- الذکری 1 : 439.
6- الفقیه 1 : 105 / 490.
7- المدارک 4 : 170.

وهذا الحدیث لا یخفی أنّه غیر دالّ علی أنّه علیه السلام صلّی علی المنافق لیصلح لردّ ما ذکره القائل من الانصراف بالرابعة ، ولا یثبت الدعاء فی غیر الرابعة ، علی أنّ فی وصفه بالصحّة تأمّلاً ، لولا ما قدّمناه من إخبار الصدوق.

وقد ذکر قدس سره الخبر الذی نقلناه ( عن الکافی حسناً (1). ولا یخفی أنّه ظاهر فی الصلاة علی عدوّ الله ، وقد سبق ما قلناه ) (2) عنه من أنّ وجوب الصلاة علی المؤمن انعقد علیها الإجماع ، وغیر المؤمن لا تخلو الأدلّة علی الوجوب علیه من ضعفٍ فی سند ، أو قصورٍ فی دلالة ، والواجب التمسک بمقتضی الأصل ، إلی أنْ یقوم علی الوجوب دلیل.

وغیر خفی أنّ خبر الکلینی ظاهر الدلالة علی الصلاة علی عدوّ الله ، والخبر الثامن من المبحوث عنها هنا کذلک ، والخبران عند شیخنا معتمد علیهما ، فالقصور من جهة السند منتفٍ ، ومن جهة الدلالة علی الوجوب یمکن توجیههما ، لکن ینبغی الکلام فی مشروعیة الصلاة ؛ لدلالة الخبرین وغیرهما علیها ، غایة الأمر أنّ هذه الصلاة إمّا أنْ توصف بالاستحباب أو هی نوع من الدعاء المستحب ، ولم أر الآن من أوضح المقام ، وفعل النبی صلی الله علیه و آله یقتضی استحباب التأسّی ، فلیتأمّل.

وأمّا العاشر : فذکره من الشیخ فی مقام الاستدلال علی مطلوبه غیر واضح الوجه ؛ لأنّ مفاده جواز تکرار الصلاة علی الوجه المبیّن فی الروایة ، والمطلوب إثبات الإخبار عن فعل النبی صلی الله علیه و آله مع المنافقین ، ویمکن أنْ یوجّه مراد الشیخ بأنّ الخبر تضمّن صدره السؤال عن ما روی أنّ [علیّاً علیه السلام ] (3)

دلالة الأخبار علی مشروعیة الصلاة علی غیر المؤمن

ص: 407


1- المدارک 4 : 170 ، وهو خبر محمّد بن مسلم المتقدّم فی ص 404.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی النسخ : النبی صلی الله علیه و آله ، والصواب ما أثبتناه.

کبّر علی سهل بن حنیف ستّاً فنفاه الإمام علیه السلام ، ونفیه یدلّ علی أنّ التکبیر لا یکون أزید من خمس ، إلاّ علی الوجه المذکور ، فیدلّ علی أنّ الخبر الذی بصدد توجیهه الشیخ منتفٍ عنه الموافقة لغیر المخالفین ، لا أنّه موافق لهم.

لکن لا یخفی أنّ الشیخ فی التهذیب زاد احتمالاً فی الخبر الذی هو بصدد توجیهه ، وهو أنّه إذا کان أهل المیت یریدون أنْ یکبّروا علیه أربعاً فیترکون مع اختیارهم ، واستدلّ علی هذا بما رواه عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن إسماعیل ( بن بزیع ، عن محمّد بن عذافر ، عن عقبة ، عن جعفر ، قال : سُئل جعفر علیه السلام ) (1) عن التکبیر علی الجنائز؟ فقال : « ذاک إلی أهل المبیت ما شاؤوا کبّروا » [ فقیل] (2) إنّهم یکبّرون أربعاً ، فقال : « ذاک إلیهم » ثم قال : « أما بلغکم أنّ رجلاً صلّی علیه علی علیه السلام فکبّر علیه خمساً حتی صلّی خمس صلوات » الحدیث (3).

وفیه دلالة علی أنّ التکبیرات تابعة للإرادة.

ومن عجیب ما وقع للشیخ فی التهذیب أنّه قال بعد الخبر المتضمّن للإحدی عشرة تکبیرة والتسع والست والأربع - : ما تضمّنه من الزیادة علی الخمس مرّات متروک بالإجماع ، ویجوز أنْ یکون أخبر عن فعل النبی ، إلی آخر ما ذکره هنا (4) ، ثم ذکر احتمال إرادة أهل المیت الأربع ، واستدلّ بما قدّمناه من الروایة عنه.

بیان ما دل نفی الست وجواز تکرار الصلاة

هل التکبیرات تابعة لإرادة أهل المیت؟

ص: 408


1- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
2- فی النسخ : فقال ، وما أثبتناه من المصدر.
3- التهذیب 3 : 318 / 985 ، الوسائل 3 : 86 أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 18.
4- التهذیب 3 : 316.

وأنت خبیر بأنّ الإجماع علی نفی الزائد عن الخمس ینافی مدلول الروایة المستدلّ بها ، حیث تضمّنت قوله : « ما شاؤوا کبّروا » وذکر الأربع فی الروایة بعد ذلک لا یدلّ علی اختصاص النقیصة بالإرادة ، هذا.

ثم إنّ ( الجواب ) (1) فی الخبر المبحوث عنه المتضمّن لنفی الست لیس علی وجه المنع منها لکونها غیر مشروعة ، بل لأنّ الواقع من علیّ علیه السلام علی غیر ما نقل ، فلا یتمّ توجیه مرام الشیخ بالخبر المبحوث عنه فی الکتابین ؛ لأنّه ذکره فی التهذیب کما هنا.

وعلی کلّ حال إنْ تحقق المنع من زیادة التکبیر أمکن حمل النفی فی الخبر علی عدم المشروعیة ، وبدونه فاحتمال نفی الواقع ممکن.

ومن هنا یعلم أنّ إطلاق بعض الأصحاب بطلان صلاة الجنازة بالنقیصة عن الخمس إذا لم یمکن تدارکه (2) محلّ تأمل إذا لم یثبت الإجماع.

وقول شیخنا قدس سره : إنّ الصلاة لا تبطل بالزیادة ؛ لتحقق الخروج بالخامسة ، نعم یأثم مع اعتقاد المشروعیة (3). محلّ بحث ؛ لأنّ الزیادة إنْ کانت من أوّل الصلاة بمعنی قصد فعل الستّة مثلاً فالبطلان بتقدیر ثبوت عدم شرعیتها له وجه ؛ وإنْ کان الشروع بقصد الخمس أمکن ما ذکر.

ویظهر من کلام بعض رکنیة التکبیرات (4) ، والکلام فی الدلیل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما حرّرناه فی المقام قد أشرنا إلیه فی أوّل

هل تبطل صلاة الجنازة بالنقیصة عن الخمس أو الزیادة علیها؟

ص: 409


1- بدل ما بین القوسین فی « فض » : الخبر المستدلّ به الشیخ فی التهذیب قد ذکر قبله الخبر المبحوث عنه هنا ، وربما کان فی خبر التهذیب دلالة علی أن.
2- کما فی المدارک 4 : 165.
3- المدارک 4 : 165.
4- جامع المقاصد 1 : 422.

البحث من جهة الإجماع ، وبالتأمّل الصادق تظهر حقیقة الأمر.

وأمّا توجیه الشیخ الأخیر فمن البعد بمکان ؛ لأنّه یوجب زیادة التخالف بین الأعداد فی الخبر ، الموجب لمنافرة الحکمة فی بیان الأحکام ، ولعلّ الشیخ لو ذکر هذا فی مقام التقیة علی معنی أنّ التقیة تندفع بذکر الأربع مع کون الکلام صحیحاً بإرادة الدعوات کان أولی.

والخبر الحادی عشر : واضح المعنی ، والله تعالی أعلم.

قوله :

باب أنّه لا قراءة فی الصلاة علی المیت

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة (1) ، عن محمّد بن مسلم وزرارة ومعمّر بن یحیی وإسماعیل الجعفی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لیس فی الصلاة علی المیت قراءة ولا دعاء موقّت ، تدعو بما بدا لک ، وأحقّ الموتی أنْ یدعی له (2) أنْ یبدأ بالصلاة علی رسول الله صلی الله علیه و آله ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن عمّه حمزة بن بزیع ، عن علی بن سوید عن الرضا علیه السلام فیما نعلم قال فی الصلاة علی الجنائز ، قال : « تقرأ فی الأُولی بأُمّ الکتاب ، وفی الثانیة تصلّی علی النبی صلی الله علیه و آله ، وتدعو فی الثالثة للمؤمنین والمؤمنات ، وتدعو فی الرابعة لمیتک ، والخامسة تنصرف بها ».

لا قراءة فی الصلاة علی المیت

اشارة

ص: 410


1- فی الاستبصار 1 : 476 / 1843 یوجد : عمر بن أُذینة.
2- فی الاستبصار 1 : 476 / 1843 یوجد : المؤمن و.

وما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن جعفر بن محمّد ، عن (1) عبد الله القمّی ، عن عبد الله بن میمون القدّاح ، عن جعفر ، عن أبیه : « أنّ علیاً علیه السلام کان إذا صلّی علی میت قرأ بفاتحة الکتاب ، ویصلّی علی النبی صلی الله علیه و آله » تمام الحدیث.

فالوجه فی هذین الخبرین التقیة ، لأنّهما موافقان لمذاهب بعض العامّة.

السند :

فی الأوّل : حسن ، ورجاله المشارکون لمحمّد بن مسلم مضی القول فیهم مفصّلاً (2).

والثانی : فیه حمزة بن بزیع ، وحاله فی الرجال أنّه غیر ممدوح ولا موثق (3) ، وغیرهما السکوت عنه أولی ، وقول العلاّمة فی الخلاصة : إنّه من الثقات (4). موهوم من النجاشی ، فإنّه ذکر فی ترجمة محمّد بن إسماعیل بن بزیع (5) ما أوقع العلاّمة فی الوهم ، کما نبّه علیه الوالد - قدس سره فی فوائد المنتقی (6).

بحث حول حمزة بن بزیع

ص: 411


1- فی الاستبصار 1 : 477 / 1845 : بن.
2- راجع ج 1 ص 56 ، ج 2 ص 355 ، 400 ، ج 3 ص 166 ، 307 ، ج 4 ص 261 ، 292 ، ج 5 ص 66 ، 297 ، ج 6 ص 114.
3- رجال الطوسی : 374 / 36.
4- الخلاصة : 54 / 5.
5- رجال النجاشی : 330 / 893.
6- منتقی الجُمان : 18.

أمّا علی بن سوید فقد وثّقه الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه (1) ، والنجاشی ذکره بما لا یزید عن الإهمال ، وذکر أنّه روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام ، وقیل : إنّه روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، ولیس أعلم (2). وفی الخلاصة قال العلاّمة : إنّه ثقة من أصحاب الرضا علیه السلام ، ثم حکی روایةً عن الکشّی تشهد بأنّه نزل من آل محمّد منزلةً خاصّة (3). وفی فوائد جدّی قدس سره علیها ما هذه صورته : فیه مع عدم سلامة السند أنّه شهادة لنفسه ، ففی إثبات مدحه بذلک نظر ، فضلاً عن توثیقه (4) ، انتهی.

ولا یخفی أنّ العلاّمة استند فی توثیقه إلی الشیخ لا إلی الروایة ، وإنّما ذکرها لزیادة فائدة فی الجملة.

وما تضمّنه السند من قوله : فیما نعلم ، محتمل لأن یکون من الرواة غیر علی بن سوید ، لکن الشیخ فی التهذیب ذکر أنّ الشک من الراوی ، وهو علی بن سوید ، لأنّه قال : ( أوّل ما فی هذا الخبر : ) (5) أنّه قال : عن الرضا فیما نعلم ، ولم یروه متیقناً وإنما رواه شاکّاً ، وما یکون الراوی شاکّاً فیما یخبر عنه یجوز أنْ یکون قد وَهَم فی قوله : « تقرأ فی الأُولی بأُمّ الکتاب » وأیضاً فإنّه روی أحمد بن محمّد ، وساق السند إلی علی بن سوید السّائی ، عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام مثل ذلک. ثم قال الشیخ : وروی فی هذه الروایة عن أبی الحسن الأوّل یعنی موسی علیه السلام ، وفی الروایة الأُولی

بحث حول علی بن سوید السائی

ص: 412


1- رجال الطوسی : 380 / 6.
2- رجال النجاشی : 276 / 724.
3- الخلاصة : 92 / 5.
4- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 16.
5- بدل ما بین القوسین فی « م » : فی أوّل هذا الحدیث.

عن الرضا علیه السلام ، والراوی واحد ، وهذا یبیّن أنّه وهم فی الأصل (1) ، انتهی.

ولا یخفی أنّه یتوجه علی الشیخ أوّلاً : أنّ الظاهر العلم لا الشک ، ثم التعبیر بقوله : نعلم ، ربما کان دالاًّ علی أنّ القائل الرواة عن علی بن سوید ، والوجه فی ذلک احتمال کون علی بن سوید رواه مضمراً ، فظهر لکلّ راوٍ أنّه عن الرضا علیه السلام ، فوقع التعبیر بما ذُکر. ولو نوقش فی هذا فاحتمال القول من علی بن سوید أو من غیره للشک بعید ، وبتقدیره لا مانع من الشک فی الروایة عن الرضا علیه السلام والجزم بالروایة عن موسی علیه السلام .

وأمّا ثانیاً : فلأنّ النجاشی قد سمعت قوله فی علی بن سوید ، وهو یدلّ علی أنّه لم یرو عن الرضا علیه السلام ، وربما یعطی هذا أنّ القائل غیر علی ابن سوید ، فلیتأمّل.

والثالث : فیه جعفر بن محمّد ، وفی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ : جعفر بن محمّد الکوفی روی عنه محمّد بن أحمد بن یحیی (2). وفی کتاب الرجال (3) لشیخنا قدس سره کلام فی هذا حاصله أنّ الذی ینبغی أحمد بن محمّد بن یحیی ، لوجهٍ ذکره ، وأظنّه موهوماً.

والحاصل أنّه بعد ما ذکرناه عن الشیخ قال : وفیه نظر ، لأنّه روی أبو جعفر بن بابویه عنه کتاب عبد الله بن المغیرة ، وأبو جعفر یروی عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی. والذی رأیته روایته (4) عن جعفر بن علی الکوفی لا ابن محمّد.

بحث حول جعفر بن محمد

تمییز عبد الله القمی

ص: 413


1- التهذیب 3 : 193.
2- رجال الطوسی : 461 / 23.
3- منهج المقال : 85.
4- لیست فی « رض » و « م ».

وأمّا عبد الله القمّی [ فالظاهر ] (1) أنّه عبد الله بن الصلت ، لأنّه الراوی عن عبد الله بن میمون فی الفهرست ، ویروی عن عبد الله بن میمون : جعفر ابن محمّد بن عبید (2) الله (3). ولا یبعد کون جعفر بن محمّد المذکور هو هذا وإنْ کان بواسطة عبد الله. وجعفر مهمل فی الفهرست (4). وعبد الله بن میمون ثقة فی النجاشی (5) ، وفی الکشّی فیه قدح (6) لا یخفی حاله علی من راجعه.

المتن :

فی الأوّل : استدلّ به بعض الأصحاب علی عدم تعین لفظ مخصوص فی الدعاء بین التکبیرات (7) ؛ لأنّ الظاهر من قوله : « موقّت » الموظف علی التعیّن (8) ، بقرینة قوله : « تدعو بما بدا لک » وما ورد فی بعض الأخبار (9) بما ظاهره التوظیف یحمل علی الأکملیة.

وفی الخبر أیضاً دلالة علی ذلک من قوله : « وأحقّ الموتی » علی ما هنا وفی التهذیب (10) ، لکن فی الکافی : « أحقّ الموتی أنْ یدعی له

جعفر بن محمد بن عبید الله مهمل

بحث حول عبد الله بن میمون

بیان ما دل علی أنه لیس فی صلاة المیت قراءة ولا دعاء مخصوص وتوجیه ما یعارضه

ص: 414


1- فی النسخ : والظاهر ، والأنسب ما أثبتناه.
2- فی المصدر : عبد.
3- الفهرست : 103 / 431.
4- الفهرست : 43 / 139.
5- رجال النجاشی : 213 / 557.
6- رجال الکشی 2 : 687 / 732.
7- جامع المقاصد 1 : 423.
8- فی « فض » : التعیین.
9- الوسائل 3 : 88 أبواب صلاة الجنازة ب 7.
10- التهذیب 3 : 189 / 429.

المؤمن وأنْ یبدأ » (1) والظاهر سقوط « المؤمن » هنا.

ثم إنّ قوله علیه السلام « أحقّ الموتی أنْ یدعی له » یشمل ما بدا للإنسان وغیره. وقوله : « وأنْ یبدأ » إلی آخره. لا یقتضی تعین البدأة بالصلاة ، لاحتمال إرادة البدأة قبل الدعاء للمؤمن ، واحتمال البدأة بعد التکبیر الأوّل ، والأخبار فی الدعاء مختلفة ، والخبر لا یأبی الحمل علی ما یوافق غیره.

ولا یخفی ما فی ترکیب قوله : « وأحقّ » إلی آخره. من الغموض علی تقدیر ما فی الکافی ، أمّا علی ما هنا فالغموض أزید. وغیر بعید الاستئناف فی قوله : « وأنْ یبدأ » والخبر محذوف من جنس المذکور ، واحتمال غیر هذا فی غایة البعد.

وأمّا الخبران الآخران فما ذکره الشیخ فیهما واضح ؛ لأنّه أعلم بالحال ، والأوّل یدلّ قول الشیخ فیه علی أنّ بعض العامّة یقول بالخمس تکبیرات کما قدّمنا الإشارة إلی ذلک (2).

قوله :

باب أنّه لا تسلیم فی الصلاة علی المیت

محمّد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن الحلبی قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لیس فی الصلاة علی المیت تسلیم ».

عنه ، عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن

لا تسلیم فی الصلاة علی المیت

اشارة

ص: 415


1- الکافی 3 : 185 / 1.
2- فی ص 402.

عثمان ، عن الحلبی وزرارة (1) عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام ، قالا : « لیس فی الصلاة علی المیت تسلیم ».

أحمد بن محمّد ، عن إسماعیل بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة علی المیت؟ قال : « أمّا المؤمن فخمس تکبیرات و [ أمّا ] المنافق (2) فأربع ، ولا سلام فیها ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة علی المیت؟ قال : « خمس تکبیرات ، فإذا فرغت منها سلّمت عن یمینک ».

فالوجه فی هذه الروایة التقیة ؛ لأنّها موافقة لمذاهب العامّة.

السند :

فی الأوّل : ضعیف بسهل بن زیاد ومحمّد بن سنان علی ما مضی (3) ، وربما کان فیه قرینة علی أنّ ما فی کثیر من الأخبار من ابن سنان ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی ، یراد به المفسّر هنا.

والثانی : حسن.

والثالث : صحیح.

والرابع : موثق.

إشارة إلی ضعف سهل بن زیاد ومحمد بن سنان

ص: 416


1- فی النسخ : عن حمّاد بن عثمان وزرارة ، والصحیح ما أثبتناه ، وهو موافق لما فی التهذیب 3 : 192 / 438 ، والاستبصار 1 : 477 / 1847.
2- فی النسخ : والمنافق ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 477 / 1848 ، والتهذیب 3 : 192 / 439.
3- راجع ج 1 ص 117 ، 129 ، 334 ، ج 2 ص 334 ، ج 3 ص 222.

المتن :

فی الثلاثة الأُول : ظاهر فی نفی التسلیم.

والثالث : قدّمنا فیه کلاماً من جهة المؤمن والمنافق یغنی عن الإعادة (1).

وأمّا الرابع : فما ذکره الشیخ من أنّه موافق لمذاهب العامّة یقتضی أنّ جمیعهم قائل بمضمون الخبر ، والحال أنّه اشتمل علی خمس تکبیرات والأکثر لا یقولون بذلک ، وإرادة التسلیم فقط مع انضمامه للخمس لا یخفی أنّها غیر تامّة ، ولعلّ مراد الشیخ فی موافقة المذاهب فی الجملة.

قوله :

باب رفع الیدین فی کلّ تکبیرة

أخبرنی أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازی ، قال : أخبرنی (2) أحمد بن محمّد بن سعید بن عقدة ، قال : حدّثنی أحمد بن عمر بن محمّد بن الحسن (3) ، قال : حدّثنی أبی ، قال : حدّثنا محمّد ابن عبد الله بن خالد مولی بنی الصیداء أنّه صلّی خلف جعفر بن محمّد علیهماالسلام علی جنازة فرآه یرفع یدیه فی کلّ تکبیرة.

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن عبد الرحمن العرزمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام (4) ، قال : صلّیت خلف

بیان ما دل علی نفی التسلیم فی صلاة المیت والمناقشة فی توجیه الشیخ للمعارض

رفع الیدین فی کل تکبیرة

اشارة

ص: 417


1- راجع ص 402 405.
2- فی الاستبصار 1 : 478 / 1850 : أخبرنا.
3- فی « م » : الحسین.
4- فی الاستبصار 1 : 478 / 1851 لا یوجد : علیه السلام .

أبی عبد الله علیه السلام علی جنازة فکبّر خمساً ، یرفع یدیه فی کلّ تکبیرة.

محمّد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس قال : سألت الرضا علیه السلام [ قلت ] : جعلت فداک إنّ الناس یرفعون أیدیهم فی التکبیر علی المیت فی التکبیرة الأُولی ولا یرفعون فیما بعد ذلک ، فأقتصر علی التکبیرة الأُولی کما یفعلون ، أو أرفع یدی فی کلّ تکبیرة؟ فقال : « ارفع یدک فی کلّ تکبیرة ».

فأمّا ما رواه علی بن الحسین بن بابویه ، عن سعد بن عبد الله ، عن سلمة بن الخطّاب ، قال : حدّثنی إسماعیل بن إسحاق بن أبان الورّاق ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « کان أمیر المؤمنین علیه السلام یرفع یدیه فی أوّل تکبیرة علی الجنازة ، ثم لا یعود حتی ینصرف ».

سعد ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن أبی عبد الله ، ( عن أبیه ) (1) ، عن علی علیه السلام : « إنّه کان لا یرفع یدیه فی الجنازة إلاّ مرّة » یعنی فی التکبیرة.

فالوجه فی هاتین الروایتین ضرب من الجواز ورفع الوجوب ، وإنْ کان الأفضل ما تضمنته الروایات الأوّلة ، ویمکن أنْ یکونا وردا مورد التقیة ؛ لأنّ ذلک مذهب کثیر من العامّة.

السند :

فی الأوّل : أحمد بن محمّد فیه هو ابن موسی المعروف بابن

بحث حول أحمد بن محمد بن موسی المعروف بابن الصلت

ص: 418


1- ما بین القوسین لیست فی « رض ».

الصلت علی ما یستفاد من الفهرست ، وکتاب الرجال للشیخ ، حیث قال فی الأوّل فی ترجمة أحمد بن محمّد بن سعید بن عقدة : أخبرنا بجمیع روایاته وکتبه أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسی الأهوازی ، وکان معه خطّ أبی العباس بإجازته وشرح روایاته (1).

وقال فی الثانی فی ترجمة المذکور : روی عنه التلعکبری من شیوخنا وغیره ، سمعنا من ابن المهتدی (2) ومن أحمد بن محمّد المعروف بابن الصلت رویا عنه ، وأجاز لنا ابن الصلت عنه جمیع روایاته (3).

وفی کتاب شیخنا قدس سره فی الرجال أنّه یستفاد من إجازة ابن الصلت للشیخ صحّة روایته عنه بخصوصه ، واعتبار الرجل (4). ولا یخفی علیک الحال.

أمّا ما قد یقال : إنّ ما فی کتاب الشیخ من روایة التلعکبری عن أحمد ابن محمّد بن سعید یقتضی أنّ روایة الشیخ عنه بواسطتین ؛ لأنّ الشیخ یروی عن التلعکبری بواسطة جماعة ، کما فی الرجال للشیخ (5) ، لا ما ظنّه العلاّمة من روایته عنه بغیر واسطة (6).

ثم إنّ الشیخ کما تری روی عن ابن عقدة بواسطة أحمد بن محمّد بن الصلت فقط ؛ ولا بعد فی هذا ، کما یعرف من مواضع أکثر من أنْ

ص: 419


1- الفهرست : 29 / 76.
2- فی المصدر : ابن المهدی.
3- رجال الطوسی : 441 / 30.
4- منهج المقال : 47.
5- رجال الطوسی : 516 / 1.
6- خلاصة العلاّمة : 282.

تحصی (1).

( وأحمد بن محمّد (2) فلم أقف علیه ) (3) کأبیه ومحمّد بن عبد الله بن خالد ، والظاهر أنّهم (4) من الزیدیة.

والثانی : لا ارتیاب فیه إلاّ من جهة عبد الرحمن ، وقد قدّمنا ما یدفعه (5).

والثالث : معلوم الحال ممّا تکرّر من المقال (6).

والرابع : سلمة بن الخطّاب فیه ضعیف فی الرجال (7). وإسماعیل بن إسحاق لم أقف علیه الآن.

والخامس : مضی من القول فی رجاله ما یغنی عن الإعادة (8).

المتن :

فی الأوّل : واضح.

والثانی : فی الظن أنّه کذلک ، وما قاله العلاّمة فی المختلف مجیباً عن الروایة حیث نقل احتجاج الشیخ بها بالمنع من صحّة السند ؛ لأنّ

أحمد بن عمر بن محمد وأبوه ومحمد بن عبد الله بن خالد من الزیدیة.

إشارة إلی ضعف سلمة بن الخطاب وجهالة إسماعیل بن إسحاق بن أبان

بیان ما دل علی استحباب رفع الیدین فی کل تکبیرة وتوجیه ما دل علیه فی الأولی فقط

ص: 420


1- فی « رض » : یخفی.
2- أی أحمد بن عمر بن محمّد ، وذلک نسبة إلی جدّه.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- فی « فض » : أنّه.
5- فی ص 63.
6- أی ضعیف بسهل بن زیاد وروایة محمّد بن عیسی عن یونس ، راجع ج 1 : 76 ، 134 وج 3 : 235 وج 4 : 8 ، 187 وج 5 : 141.
7- رجال النجاشی : 187 / 498.
8- راجع ج 1 : 60 ، 139 وج 3 : 18 ، 188 ، 295 ، 438 وج 4 : 410 وج 5 : 278 وج 6 : 309.

الذی روی عن أبی عبد الله علیه السلام إنْ کان هو الإمام فالروایة صحیحة ، لکنه غیر معلوم ؛ لاحتمال أنْ یکون المراد غیره (1) ؛ لا یخلو من غرابة.

وفی الظن أنّه تخیّل من قوله : عن أبی عبد الله قال : صلّیت خلف أبی عبد الله علیه السلام ( أنّ الأوّل محتمل للإمام وغیره ، بناءً منه علی نسخةٍ لیس فیها علیه السلام ، والأمر کما تری.

أمّا ما یتخیل من أنّ قوله : صلّیت ، لا یمکن عوده إلی الإمام علیه السلام ، فیتعین کون الأوّل غیر الإمام علیه السلام ) (2) ؛ فجوابه : أنّ الروایة أوّلاً عن أبی عبد الله علیه السلام إجمالاً ، ثم إنّ عبد الرحمن فصّل القول ثانیاً ، وهذا أکثر من أنْ یحصی فی الأخبار ، فیقال : عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته ، ونحو ذلک.

والثالث : ظاهر الأمر فیه بتقدیر العمل به الوجوب بناءً علی کونه حقیقةً فیه ، إلاّ أنّی لم أقف علی قولٍ بالوجوب.

وفی المختلف قال : فی استحباب رفع الیدین فی التکبیرات الخمس للشیخ قولان ، أحدهما : أنّه لا یستحب إلاّ فی الأُولی خاصّةً ، اختاره فی النهایة والمبسوط ، وبه قال المفید والمرتضی وأبو الصلاح وابن البرّاج وسلاّر وابن إدریس وابن حمزة ، وفی الاستبصار : یرفع یدیه فی الجمیع ، ثم اختار العلاّمة الأوّل محتجّاً بالشهرة والرابع من الأخبار والخامس (3).

وفی المعتبر قال المحقّق بعد أنْ أورد الأخبار من الطرفین - : ما دلّ

ص: 421


1- المختلف 2 : 304.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- المختلف 2 : 303 ، وهو فی النهایة : 145 ، والمبسوط 1 : 185 ، والمقنعة : 227 ، وجمل العلم والعمل ( رسائل السیّد المرتضی 3 ) : 52 ، والکافی فی الفقه : 157 ، والمهذب 1 : 131 132 ، والمراسم : 79 ، والسرائر 1 : 356 ، والوسیلة : 120.

علی الزیادة أولی ؛ لأنّ رفع الیدین مرادٌ فی أوّل التکبیر وهو دلیل الرجحان ، فیسوغ فی الباقی تحصیلاً للأرجحیة ، ولأنّه فعل مستحب فجاز أنْ یُفعل مرّة ویُخلّ به اخری ، فلذلک اختلفت الروایات (1) ، انتهی.

ولا یخفی ما فی الوجه الأوّل ؛ لأنّ الأحکام الشرعیة موقوفة علی ما یصلح للدلالة ، والرجحان فی الأوّل لا یستلزم الرجحان فی الجمیع ، إذ الإجماع مدّعی منه فی الشرائع علی الرفع فی الأوّل (2) ، والخلاف فی غیره موجود ، فالفرق ظاهر.

أمّا الوجه الثانی فالشیخ یقارب قوله فیه ما ذکر أوّلاً ، ویشکل بظاهر الخبرین (3) الدالّ علی المداومة ، کما یقال فی « کان » ؛ أمّا الحمل علی التقیة فقد یُستبعد من فعل أمیر المؤمنین علیه السلام ، ویمکن دفعه بتکلّف ، فلیتأمّل.

بقی شی ء ، وهو أنّ رفع الیدین فی الدعاء للمیت لم أقف علی ما یقتضیه خصوصاً ، واستقرب شیخنا قدس سره تناول إطلاق الأمر برفع الیدین فی الدعاء لهذا النوع منه (4).

قوله :

باب الصلاة علی الأطفال

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبی ، عن (5) زرارة ، عن

رفع الیدین فی الدعاء للمیت

الصلاة علی الأطفال

بحث حول طریق الصدوق إلی زرارة وعبید الله الحلبی

ص: 422


1- المعتبر 2 : 356 بتفاوت.
2- الشرائع 1 : 106.
3- أی : الرابع والخامس.
4- المدارک 4 : 179.
5- فی الاستبصار 1 : 479 / 1855 : و.

أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه سُئل عن الصلاة علی الصبی متی یصلّی علیه؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متی تجب الصلاة علیه؟ فقال : « إذا کان ابن ستّ سنین ، والصیام إذا أطاقه ».

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن زرارة قال : رأیت ابناً لأبی عبد الله علیه السلام فی حیاة أبی جعفر علیه السلام یقال له عبد الله ، فطیم [ قد ] درج ، فقلت له : یا غلام من ذا الذی إلی جنبک؟ لمولی لهم فقال : هذا مولای ، فقال له المولی یمازحه : لست لک بمولی ، فقال : ذاک شرّ لک ، فطعن فی حیاة (1) الغلام فمات (2)فاخرج فی سفط إلی البقیع ، فخرج أبو جعفر علیه السلام وعلیه جبّة خزّ صفراء ( وعمامة خزّ صفراء ) (3) ومطرف خزّ أصفر ، فانطلق یمشی إلی البقیع وهو معتمد علیّ والناس یعزّونه علی ابن ابنه ، فلمّا انتهی إلی البقیع تقدّم أبو جعفر [ فصلّی علیه] (4) فکبّر علیه أربعاً ، وأمر به فدُفن ، ثم أخذ بیدی فتنحّی بی ، ثم قال : « إنّه لم یکن یصلّی علی الأطفال إنّما کان أمیر المؤمنین علیه السلام یأمر بهم فیدُفنون من وراء وراء ، ولا یصلّی علیهم ، وإنّما صلّیت علیه من أجل أهل المدینة کراهیة أنْ یقولوا : لا یصلّون علی أطفالهم ».

فأمّا ما رواه ابن أبی عمیر ، عن عبد الله بن سنان ، عن

ص: 423


1- فی جمیع المصادر : جنازة.
2- فی هامش الکافی 3 : 207 : قوله : فمات ، هذا تفسیر لقوله : فطعن فی جنازة الغلام ، والعرب تقول : طعن فلان فی جنازته ورمی فی جنازته إذا مات المغرب 1 : 96 ( جنز ).
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- ما بین المعقوفین ، أثبتناه من المصدر.

أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یصلّی علی المنفوس ، وهو المولود الذی لم یستهلّ ولم یصح ولم یورّث من الدیة ولا من غیرها ، فإذا استهلّ صلّ علیه وورّثه ».

فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الاستحباب علی ما قدّمناه ، أو التقیة حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل ، ویؤکد ما قلناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه سُئل عن المولود ما لم یجر علیه القلم هل یصلّی علیه؟ قال : « لا ، إنّما الصلاة علی الرجل والمرأة إذا جری علیهما القلم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن رجلٍ ، عن أبی الحسن (1) علیه السلام ، قال : قلت له : لِکم یصلّی علی الصبی إذا بلغ من السنین؟ قال : « یصلّی علیه علی کلّ حال ، إلاّ أنْ یسقط لغیر تمام ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام لکم یصلّی علی الصبی إذا بلغ من السنین والشهور؟ قال : « یصلّی علیه علی کلّ حال ، إلاّ أنْ یسقط لغیر تمام ».

فالوجه فی هذین الخبرین ما قلناه فی خبر عبد الله بن سنان من الحمل علی التقیة ، أو ضرب من الاستحباب دون الفرض والإیجاب.

ص: 424


1- فی الاستبصار 1 : 480 / 1859 : عن أبی الحسن الرضا علیه السلام . ، وفی نسخة منه : عن أبی الحسن الماضی.

السند :

فی الأوّلین : حسن ، والصدوق روی الأوّل عن زرارة وعبید الله الحلبی (1) ، وقد وصفه الوالد (2) وشیخنا (3) 0 بالصحّة ، نظراً إلی أنّ الطریق إلی کلّ واحدٍ صحیح ، وقد یتوجه احتمال عدم الصحّة ؛ لأنّ طرق المشیخة إلی کلّ واحد لا إلیهما ، وینبّه علی ذلک أنّ الصدوق یذکر الطرق إلی الشخص الواحد والاثنین ، ویذکر الشخص بکنیته واسمه متعدداً ، وهذا یدلّ علی أنّ خصوص الانفراد له مدخلیة ، لکن ما کرّرنا القول فیه یسهّل الخطب.

والثالث : فیه عدم سلامة الطریق فی المشیخة إلی ابن أبی عمیر ، لکن فی الفهرست یمکن استفادة الصحّة ؛ لأنّه ذکر الطرق إلی جمیع کتبه وروایاته (4) ، وفیها من الاعتماد علیه له وجه قدّمناه فی الکتاب (5) ، وبعضها حسن بإبراهیم.

وما عساه یقال : إنّ انتظام هذا فی جملة روایات ابن أبی عمیر موقوف علی الصحّة إلیه ، وفی المشیخة غیر معلوم.

یمکن الجواب عنه : بما کرّرنا القول فیه من الشیخ (6) ، فقد نقل هنا أنّه من روایاته فلا یقصر عن القبول علی نحو إخبار الشیخ بالتوثیق ، وفی البین کلام قدّمناه.

بحث حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر

ص: 425


1- الفقیه 1 : 104 / 486.
2- منتقی الجمان 1 : 279.
3- مدارک الأحکام 4 : 152.
4- الفهرست : 142 / 607.
5- راجع ج 2 ص 31 33.
6- راجع ج 2 ص 31 33.

والرابع : موثق علی ما علیه المعروفون من الأصحاب المتأخرین (1) ، وقد أسلفنا بعض کلام فی هذا (2).

والخامس : مرسل.

والسادس : صحیح علی ما مضی القول فیه (3).

المتن :

فی الأوّل : استدل به بعض القائلین بوجوب الصلاة علی الصبی إذا بلغ ستّ سنین (4) ، وقد قیل : إنّ هذا القول مشهور (5). وقد ینظر فی الخبر علی تقدیر العمل بالحسن بأنّ الظاهر من قوله : « والصیام إذا أطاقه » إرادة الصلاة منه علی معنی أمره بها تمریناً ، وإطلاق الوجوب بهذا المعنی لا مانع منه ، وحینئذٍ یکون صدر الخبر فی الصلاة علیه ، ( وعجزه فی فعله الصلاة تمریناً أو شرعیاً ، فصدره یفید تعلیق الصلاة علیه ) (6) [ علی ] (7)تعقّل الصلاة وفهمها ، غایة الأمر أنّ حقیقة هذا غیر واضحة ، وقد تقدّم من الشیخ فی باب الصبیان متی یُؤمرون بالصلاة حدیث صحیح عن محمّد بن مسلم تضمّن السؤال عن الصبی متی یصلّی؟ فقال علیه السلام : « إذا عقل الصلاة » قلت : متی یعقل الصلاة؟ قال : « لستّ سنین ».

بیان ما دل علی وجوب الصلاة علی الصبی الذی بلغ ست سنین

ص: 426


1- انظر الخلاصة : 173 / 26 ، و 243 / 6 ، منهج المقال : 246 ، 334 ، المدارک 4 : 153.
2- راجع ج 2 ص 375.
3- راجع ج 6 ص 34.
4- کالمحقق فی المعتبر 2 : 344 ، وصاحب المدارک 4 : 152.
5- کما فی مجمع الفائدة 2 : 430.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».
7- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

وبهذا الخبر یمکن أنْ یستفاد بیان إجمال صدر الخبر المبحوث عنه ، بل وعجزه أیضاً ، لأنّه فی قوّة أنْ یقال : متی یتحقق عقل الصلاة ویؤمر بها؟ غایة الأمر أنّ الصوم لا تعلّق له بوجوب الصلاة علیه.

وممّا یؤید ما ذکرناه من إطلاق الوجوب علی ابن ستّ سنین ما تقدّم من الشیخ فی الباب المشار إلیه فی روایة إسحاق بن عمّار ، حیث قال فیها : « إذا أتی للصبی ستّ سنین وجب علیه الصلاة ، فإذا أطاق الصوم وجب علیه الصوم ».

فإنْ قلت : ما المانع علی تقدیر کون العجز فی حکم الصلاة علی الصبی أنْ یعمل به فی جهة الصوم ، علی معنی وجوب الصلاة علیه إذا کان حیّاً یطیق الصوم؟

قلت : المانع عدم القائل ، وهذا إنّما تظهر فائدته بتقدیر القدرة علی الصوم فی أقلّ من ستّة.

وقد روی الشیخ فی التهذیب صحیحاً عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام ، قال : سألته عن الصبی أیصلّی علیه إذا مات وهو ابن خمس سنین؟ قال : « إذا عقل الصلاة صلّی علیه » (1) وهذا یدلّ علی أنّ اعتبار الستّ سنین غیر لازم ، إلاّ أنْ یحمل علی الاستحباب إذا عقل ، وفیه ما فیه ، لکن العجب من عدم تعرّض الشیخ للخبر فی المقام.

ومن هنا یعلم أنّ استدلال العلاّمة فی المختلف (2) وغیره (3) بالخبر المبحوث عنه ( علی ما ذکرناه ) (4) غیر تامّ فی نظری القاصر ، بل ینبغی

ص: 427


1- التهذیب 3 : 199 / 458 ، الوسائل 3 : 96 أبواب صلاة الجنازة ب 13 ح 4.
2- المختلف 2 : 308.
3- کصاحب المدارک 4 : 152.
4- ما بین القوسین لیس فی « م ».

الالتفات إلی الخبرین ( الأخیرین والمعارض للأخیرین ) (1).

وأمّا الثانی : فالحاصل من معناه أنّ الصبی وصل إلی حدٍّ یصدر منه الجواب للمولی بوجه ینبئ عن تمام عقله ، وهو قوله : ذاک شرّ لک.

ثم إنّ الشیخ کما تری ذکره فی مقام الدلالة علی مدلول الخبر الأوّل ، فإنْ کان مراده بمدلول الأوّل من عقل الصلاة والوصول إلی السنّ المذکور [ فالخبر ] (2) الثانی لا یدلّ علی ذلک ، بل علی أنّ الطفل عقله له کمال. وإنْ کان مراد الشیخ أنّ الخبر الأوّل تضمّن أمرین : صحّة الصلاة إذا عقل ، والوجوب إذا بلغ الستّة ، والخبر الثانی یدلّ علی الأوّل فقط ففیه : أنّ الخبر فی آخره ما یدلّ علی أنّ الصلاة إنّما وقعت تقیة فلا یتمّ المطلوب ؛ علی أنّ الخبر یتضمن أربع تکبیرات ، فهو مخالف لغیره من الأخبار ، ولعلّ الشیخ ترک التعرّض لهذا لما ذکره فی التهذیب من أنّ أهل المیت لهم الاقتصار علی الأربع ، کما تقدّم فی الخبر المنقول عن التهذیب (3).

وفی نظری القاصر أنّ الأولی فی توجیه هذا الخبر : أنّ التکبیر أربعاً لأجل التقیة ، فیؤید (4) أنّ الصلاة من أصلها تقیة.

فإنْ قلت : لا حاجة إلی دلیل التقیة وقد صرّح الإمام بذلک.

قلت : الوجه فی الاحتیاج احتمال أنْ تکون الصلاة علی الطفل ترکها أرجح ، وإنْ کان فعلها فیه نوع رجحان ، وهذا لا یخلو من بعد ، إلاّ أنّ الشیخ قائل به ؛ لتصریحه فی الأخبار الآتیة بالاستحباب ، مع دلالة هذا الخبر

توجیه ما دل علی أن الأطفال لا یصلی علیهم إلا لتقیة

ص: 428


1- بدل ما بین القوسین فی « فض » و « م » : الآخرین ، والمعارض الآخرین.
2- فی النسخ : والخبر ، والأنسب ما أثبتناه.
3- فی ص 406 407.
4- فی « رض » : یؤید.

علی نفیه ، فلا بُدّ من التوجیه الذی ذکرناه ، ومثل الشیخ لا یغفل عن هذا ؛ وممّا ینبّه علیه قوله بعد الثالث : فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الاستحباب علی ما قدّمناه ، فإنّه لم یتقدّم منه ما یقتضی هذا لولا ما ذکرناه.

والثالث : ظاهره وجوب الصلاة علی المستهلّ ، بناءً علی أنّ الأمر للوجوب ، لکن المعارض وهو الخبر الأوّل اقتضی اعتبار الستّ سنین بناءً علی ما ذکرناه ، فلا بُدّ من صرف الأمر عن الوجوب إلی الندب أو التقیة کما ذکره الشیخ.

وقد یقال : إنّ الخبر الأوّل لا یدلّ صریحاً علی الوجوب ، فیجوز أنْ تکون الستّ سنین مقتضیة لکمال الاستحباب ؛ لدلالة الرابع علی البلوغ ، فلا بُدّ من الحمل الذی ذکرناه.

وقول الشیخ : إنّ الرابع یؤکد ما قاله ، لا یخلو من نظر ؛ لأنّه قدس سره التفت إلی صدره ولم یلتفت إلی عجزه ، والعامل بالموثق له أنْ یذکر ما قلناه.

أمّا ما قاله العلاّمة فی جواب احتجاج ابن أبی عقیل بالخبر حیث نقل عنه أنّه قال : لا یصلّی علی الصبی ما لم یبلغ من عدم صحّة السند ، والمنع من عدم تناوله صورة النزاع ؛ لأنّ من بلغ ستّ سنین جری علیه القلم امتثالاً للتمرین (1).

ففیه أوّلاً : أنّ الروایة تضمّنت الرجل والمرأة فکیف یدخل ابن ستّ سنین؟

وثانیاً : أنّه صرّح فی المختلف فیما حکیناه عنه سابقاً فی بحث

توجیه ما دل علی وجوب الصلاة علی المستهل

بیان ما دل علی أن المولود لا یصلی علیه ما لم یجر علیه القلم

ص: 429


1- المختلف 2 : 309.

الجماعة من أنّ عبادة الصبی لا یتحقق بها الثواب (1) ، ولا ریب أنّ جریان القلم ینافیه. وقد اقتفی أثر العلاّمة الشهید فی الذکری (2) ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن ابن الجنید القول بمضمون الثالث ، وقد وصفه العلاّمة بالصحّة ، وأجاب بما ذکره الشیخ (3). ولا یخفی علیک الحال بعد ما قرّرناه فی الاستحباب.

وأمّا الخامس والسادس : فما قاله الشیخ فیهما قد اتضح حاله ، غیر أنّ ما تضمّناه من التمام کأنّ المراد به عدم الاستهلال بقرینة خبر عبد الله بن سنان ، ویحتمل إرادة سقوطه قبل تمام الخلقة ، إلاّ أنّ الجمع بینه وبین خبر ابن سنان یقتضی ترجیح الأوّل ، والله أعلم.

اللغة :

قال فی الصحاح : درج الرجل یدرج مشی (4).

وما تضمّنه الثانی من قوله : فی حیاة الغلام ، الظاهر أنّه تصحیف ، وفی التهذیب : فی جنان الغلام ، فی نسخة ، وفی أُخری : فی حیاة ، بالألف ، والظاهر أنّه تصحیف جنان ، کما أنّ ما هنا تصحیف جنان أیضاً بواسطة کتابتها بالألف ، وفی القاموس : الجنان ، القلب (5).

وفی الکافی : حتار الغلام (6) ، وفی القاموس : الحتار بالحاء المهملة

توجیه ما دل علی أن الصبی یصلی علیه علی کل حال إلا أن یسقط لغیر تمام

معنی درج

بحث حول قوله : فطعن فی حیاة الغلام

ص: 430


1- راجع ص 85.
2- الذکری 1 : 405.
3- انظر المختلف 2 : 309.
4- الصحاح 1 : 313.
5- القاموس المحیط 4 : 212.
6- فی نسخة الکافی الموجودة لدینا : جنازة الغلام الکافی ، 3 : 206 / 3.

والتاء المثناة فوق حلقة الدبر ، أو ما بینه وبین القبل (1).

وفی القاموس : الطاعون الوباء ، والجمع طواعین ، وکعُنِیَ أصابه (2).

( وفیه : السفط محرّکة الجوالق أو کالقُفّة (3).

وفیه : المُطرَف کمُکرَم رداء من خزّ مربّع ذو أعلام (4) ) (5).

وفیه : وراء مثلثة الآخر مبنیة ، والوراء معرفة یکون بمعنی خلف وقُدّام ضدّ ، أو [ لا ] لأنّه بمعنی وهو ما تواری عنک (6). ولا یخفی أنّ ما تضمّنه الخبر من قصّة أمیر المؤمنین علیه السلام یحتمل للأمرین.

وفی القاموس : استهلّ الصبی رفع صوته بالبکاء کأهَلَّ (7).

بقی شی ء ، وهو أنّه ربما یستفاد من موثق عمّار عند القائل به عدم وجوب الصلاة علی المجنون إذا مات لرفع القلم ، لکن لا قائل بذلک فیما أعلم.

وما عساه یقال : إنّ اللاّزم من هذا عدم الصلاة عن کلّ من رفع عنه القلم إذا مات فی تلک الحالة ، وهو منتفٍ.

یمکن الجواب عنه بأنّ المراد برفع القلم عدم التکلیف أصلاً بخلاف غیره ، إلاّ أنّ هذا یستلزم التخصیص بالجنون دائماً (8).

معنی طعن ، السفط ، المطرف ، وراء ، استهل

حکم الصلاة علی المجنون

ص: 431


1- القاموس المحیط 2 : 4 ؛ بتفاوت یسیر.
2- القاموس المحیط 4 : 246.
3- القاموس المحیط 2 : 378 ؛ وفیه : کالجوالق.
4- القاموس المحیط 3 : 173.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- القاموس المحیط 4 : 402 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر لاستقامة المعنی.
7- القاموس المحیط 4 : 71.
8- لیست فی « فض ».

أمّا ما قد یقال : إنّ اللاّزم خروج الخنثی ، إذ لیس برجلٍ ولا امرأة ؛ فجوابه سهل.

قوله :

باب من فاته شی ء من

التکبیرات علی المیت هل یقضی أم لا؟

الحسین بن سعید ، عن صفوان بن یحیی ، عن عیص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یدرک من الصلاة علی المیت تکبیرة؟ قال : « یتمّ ما بقی ».

سعد (1) ، عن محمّد بن الحسین ، عن النضر بن شعیب ، عن خلف بن زیاد القلانسی ، عن رجل ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سمعته یقول فی الرجل یدرک مع الإمام فی الجنازة تکبیرة أو تکبیرتین ، فقال : « یتمّ التکبیر وهو یمشی معها ، فإذا لم یدرک التکبیر کبّر عند القبر ، فإنْ کان أدرکهم وقد دفن کبّر علی القبر ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن أبی جمیلة ، عن زید الشحّام ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة علی الجنائز إذا فات الرجل منها التکبیرة أو الثنتان أو الثلاث؟ قال : « یکبّر ما فاته ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسی الخشّاب ، عن غیاث بن کلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، عن

من فاته شیء من التکبیرات علی المیت هل یقضی أم لا؟

اشارة

ص: 432


1- فی الاستبصار 1 : 481 / 1862 زیادة : بن عبد الله.

أبیه علیه السلام : « أنّ علیاً علیه السلام کان یقول : لا یُقضی ما سبق من تکبیر الجنازة ».

فالوجه فی هذه الروایة أنّه لا یقضی کما کان یبتدئ من الفصل بینهما بالدعاء ، وإنّما یقضی متتابعاً ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن عبد الله بن مسکان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أدرک الرجل التکبیرة والتکبیرتین فی الصلاة علی المیت فلیقض ما بقی متتابعاً ».

السند :

فی الأوّل : صحیح.

والثانی : فیه مع الإرسال النضر بن شعیب ، وهو مجهول الحال ، وکذلک خلف بن زیاد.

والثالث : فیه أبو جمیلة ، وقد تقدّم تضعیفه عن العلاّمة فی الخلاصة (1).

والرابع : فیه غیاث بن کلوب ، وحاله لا یزید علی الإهمال.

والخامس : واضح الرجال.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی إتمام ما بقی ، وربما دلّ علی إتمام بقیة

النضر بن شعیب مجهول الحال

خلف بن زیاد مجهول الحال

إشارة إلی ضعف أبی جمیلة

غیاث بن کلوب مهمل

بیان ما دل علی أن من أدرک تکبیرة یتم ما بقی

ص: 433


1- فی ص 89.

التکبیر ظاهراً بقرینة السؤال ، إلاّ أنّ احتمال العموم لکلّ ما بقی من الدعاء والتکبیر ممکن ؛ ودفعه بأنّ « ما » مشترکة بعید ، والجملة الخبریة قد تقدّم القول فی دلالتها علی الوجوب.

وما عساه یقال : إنّ الواجب الکفائی یسقط بفعل البعض ، فإذا أتمّ الإمام صلاته لا وجه لوجوب الإتمام.

یمکن دفعه : بأنّ الجملة الخبریة علی تقدیر دلالتها علی الوجوب لا مانع من وجوب الإتمام ، ولو توقف فی هذا أمکن تأییده بالنهی عن إبطال العمل ، وما فیه قد تقدّم.

والثانی : یدلّ علی التکبیر ماشیاً ، سواء استقبل القبلة أم لا ، وفی الظن أنّ بعض الأصحاب قیّد الحکم (1) ، لکن الخبر لا یخفی حاله ، وسیأتی خبر فی باب الصلاة علی الجنازة مرّتین یدلّ علی الاستقبال ، وستستمع القول فیه إن شاء الله (2).

أمّا ما تضمّنه من قوله : « إنْ لم یدرک التکبیر » إلی آخره. فالذی یستفاد من عبارة بعض الأصحاب أنّ الجنازة لو رفعت أو دفنت أتمّ ولو علی القبر (3) ، فکأنّه فهم من الروایة هذا المعنی ، فیراد بعدم الإدراک عدم إتمام التکبیر.

وقد یقال : إنّ الروایة یحتمل أنْ یراد منها أنّ من لم یصلّ یصلّی علی القبر ؛ وفیه نوع بعد ، لکن سیأتی فی الخبر المشار إلیه سابقاً المذکور فی باب الصلاة علی الجنازة مرتین ما یؤید ما قلناه.

بیان ما دل علی إتمام التکبیرات الفائتة ولو علی القبر

ص: 434


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 465 ، 466.
2- فی ص 448.
3- انظر المنتهی 1 : 456.

وفی الذکری : إنّ فی الخبر دلالة علی الاشتغال بالدعاء ، ( إذ مع الولاء لا یبلغ الحال إلی الدفن (1).

والثالث : ظاهره الدلالة علی أنّه یکبّر ما فاته ، أمّا ) (2) الدعاء فلا یدلّ علیه ، إلاّ بأن یراد یکبّر التکبیر المعروف ، وهو ما بعد الدعاء ؛ وفیه ما فیه ، لکن الأمر سهل بعد دلالة الخامس.

وأمّا الرابع : فما ذکره الشیخ لا یخلو من بعد ، ولو حمل علی أنّه لا یعاد بتقدیر سبق المأموم أمکن قربه. أمّا الحمل علی فوات الوقت فبعید أیضاً. ویمکن حمله علی أنّ ما سبق لا یقضی علی أنّه السابق ، بل یؤتی به علی أنّه فی محلّه.

والخامس : المستدلّ به فالذی فهمه جماعة کالشیخ عدم الفصل بالدعاء ، ویحتمل أنْ یراد به ما تضمّنه خبر إسحاق من عدم قضاء ما سبق ، فیراد بالتتابع قصد التکبیر فی محلّه ، إلاّ أنّه بعید. ویحتمل أنْ یراد بالمتتابع الإتیان بالدعوات علی ما وردت ، ولعلّه غیر بعید.

اللغة :

قال بعض شرّاح حدیث العامّة : الجنازة بالفتح والکسر بمعنی واحد ، ویقال بالفتح هو المیت ، وبالکسر النعش (3) ، وقد تقدّم هذا فی باب تغسیل الأموات.

توجیه ما دل علی عدم قضاء التکبیرات الفائتة

معنی الجنازة

ص: 435


1- الذکری 1 : 462.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- إحکام الأحکام لابن الأثیر الحلبی 2 : 169.

قوله :

باب الصلاة علی المدفون

سعد بن عبد الله ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أنْ یصلّی الرجل علی المیت بعد ما یدفن ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن عبد الله بن مسکان ، عن مالک مولی الحکم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا فاتتک الصلاة علی المیت حتی یدفن فلا بأس بالصلاة علیه وقد دفن ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن یوسف ، عن معاذ ابن ثابت الجوهری ، عن عمرو بن جمیع ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا فاتته الصلاة علی المیت صلّی علی القبر ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن زیاد بن مروان ، عن یونس بن ظبیان ، عن أبی عبد الله ، عن أبیه علیهماالسلام قال (1) : « نهی رسول الله صلی الله علیه و آله أنْ یصلّی علی قبر ، أو یقعد علیه (2) ، أو یبنی علیه ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق ابن صدقة ، عن عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه سُئل عن میت صلّی علیه فلمّا سلّم الإمام إذا المیت مقلوب رجلاه إلی موضع

الصلاة علی المدفون

اشارة

ص: 436


1- فی « رض » و « م » زیادة : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 482 / 1869 زیادة : أو یتکأ علیه.

رأسه؟ قال : « یسوّی وتعاد الصلاة علیه وإنْ کان قد حمل ما لم یدفن ، فإذا دفن فقد مضت الصلاة علیه ، ولا یصلّی علیه وهو مدفون ».

عنه ، عن السیّاری ، عن محمّد بن أسلم ، عن رجلٍ من أهل الجزیرة قال : قلت للرضا علیه السلام : یصلّی علی المدفون بعد ما یدفن؟ قال : « لا ، لو جاز لأحدٍ لجاز لرسول الله صلی الله علیه و آله ، بل لا یصلّی علی المدفون بعد ما یدفن ولا علی العریان ».

والوجه فی هذه الأخبار أحد شیئین ، أحدهما : ما کان یذهب إلیه شیخنا وهو أنّه إنّما تجوز الصلاة علی القبر یوماً ولیلة لا أکثر من ذلک ، فما ورد من جواز الصلاة علیه بعد الدفن کان یحمله علی ذلک الیوم ، وما ورد من أنّه لا یجوز یحمله علی ما بعد الیوم.

والوجه الثانی : أنْ یکون المراد بجواز الصلاة علی المدفون الدعاء له دون الصلاة المرتّبة فی ذلک ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه علی بن الحسین ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن الحسن بن موسی (1) ، عن جعفر بن عیسی قال : قدم أبو عبد الله علیه السلام فسألنی عن عبد الله بن أعین فقلت : مات ، قال : « (2) أفتدری موضع قبره؟ » قلت : نعم ، قال : « فانطلق بنا إلی قبره حتی نصلّی علیه » قلت : نعم ، فقال : « لا ، ولکن نصلّی علیه ها هنا » فرفع یدیه یدعو واجتهد فی الدعاء وترحّم علیه.

ص: 437


1- فی الاستبصار 1 : 483 / 1872 : الحسین بن موسی.
2- فی الاستبصار 1 : 483 / 1872 زیادة : مات؟!

الصفّار ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن نوح بن شعیب ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم أو زرارة ، قال : الصلاة علی المیت بعد ما یدفن إنّما هو الدعاء ، قال : فالنجاشی لم یصلّ علیه النبی صلی الله علیه و آله ؟ فقال : لا ، إنّما دعا له.

ویحتمل أنْ یکون الوجه فی الأخبار التی تضمّنت جواز الصلاة علی القبر ما لم یوار بالتراب ، فإذا ووری لم یجز ذلک ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه علی بن الحسین ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « والمیت یصلّی علیه ما لم یوار بالتراب وإنْ کان قد صلّی علیه ».

عنه ، عن محمّد بن الولید ، عن یونس بن یعقوب ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الجنازة لم أُدرکها حتی بلغت القبر أُصلّی علیها؟ قال : « إنْ أدرکتها قبل أنْ تُدفن فإنْ شئت فصلّ علیها ».

السند :

فی الأوّل : صحیح.

والثانی : فیه غیر من مضی القول فی شأنه مالک مولی الحکم فإنّه مجهول الحال ، إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وفی التهذیب : مولی الجهم (1) ، وهو مجهول أیضاً.

مالک مولی الحکم مجهول الحال

ص: 438


1- التهذیب 3 : 201 / 467.

والثالث : فیه الحسن بن علی بن یوسف ، ( وهو ابن بقّاح الثقة فی النجاشی ، لکن فیه الحسن بن علی بن بقّاح (1). وفی الفهرست فی ترجمة معاذ بن ثابت الجوهری ما یدلّ علی أنّه حسن بن علی بن یوسف (2) ) (3) ، والروایة هنا کما تری عن معاذ بن ثابت ، ومعاذ بن ثابت مذکور مهملاً فی الفهرست (4).

أمّا عمرو بن جمیع فهو ضعیف فی النجاشی (5) ، وفی الکشّی أنّه بتری (6).

والرابع : فیه زیاد بن مروان ، وفی النجاشی أنه واقفی (7). ویونس ابن ظبیان وقد قیل : إنّه غالٍ کذّاب (8).

والخامس : موثق علی ما مضی (9) ، لکن ینبغی أنْ یعلم أنّ الشیخ فی التهذیب نقل متن هذا الخبر فی جملة الخبر السابق فی باب ترتیب الجنائز (10) بهذا السند ، وصورته بعد ما تقدم : سُئل عن میت ، إلی آخره (11). فکأنّ الشیخ اقتطعه من المتن وجعله مستقلا بالسند ، وله نظائر فی

بحث حول الحسین بن علی بن یوسف

معاذ بن ثابت الجوهری مهمل

عمرو بن جمیع ضعیف

زیاد بن مروان واقفی

یونس بن ظبیان غال کذاب

تقطیع الشیخ موثقة عمار الساباطی

ص: 439


1- رجال النجاشی : 40 / 82.
2- الفهرست : 168 / 745.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- الفهرست : 168 / 745.
5- رجال النجاشی : 288 / 769.
6- رجال الکشی 2 : 688 / 733.
7- رجال النجاشی : 171 / 450.
8- حکاه العلاّمة فی الخلاصة : 266.
9- فی ص 424.
10- فی ص 383.
11- التهذیب 3 : 322 / 1004.

الکتابین کما أشرنا إلیه فی موضعٍ آخر ، وفی الکافی (1) کما فی التهذیب.

والسادس : فیه مع الإرسال السیّاری ، وهو أحمد بن محمّد بن سیّار ، وفی النجاشی : إنّه فاسد المذهب ضعیف الحدیث ، ذکر ذلک الحسین بن عبید الله (2) (3). وقد یظنّ من هذا أنّ ابن الغضائری هو الحسین لا أحمد ابنه ، فینافی ما قدّمناه من أنّه أحمد ؛ ویجاب بأنّه لا مانع من ذکر الحسین ما نقل ، وإنْ کان إطلاق ابن الغضائری ینصرف لأحمد کما بیّناه مفصّلاً فی أوّل الکتاب (4). ومحمّد بن أسلم ضعیف أیضاً.

والسابع : الحسن بن موسی فیه غیر معلوم ؛ لأنّ فی الرجال : ابن موسی الأزدی فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (5) ، وابن موسی الحنّاط کذلک (6) ، والروایة هنا کما تری عن جعفر بن عیسی ، وفی الرجال جعفر بن عیسی من أصحاب الرضا علیه السلام مهملاً فی کتاب الشیخ (7) ، وأمّا ابن موسی الخشّاب فهو متأخر ؛ لأنّ الراوی عنه الصفّار ، وعلی هذا فالرجل مجهول. وجعفر بن عیسی کذلک. وفی التهذیب : الحسین بن موسی (8) ، وفی الرجال ما یناسبه ، لکنّه مهمل (9).

بحث حول السیاری أحمد بن محمد بن سیار

محمد بن أسلم ضعیف

بحث حول الحسن ( الحسین ) بن موس

جعفر بن عیسی مجهول

ص: 440


1- الکافی 3 : 174 / 2.
2- فی « فض » و « م » : الحسین بن عبد الله ، وفی « رض » : الحسین بن عبید ، وما أثبتناه موافق لما فی المصدر.
3- رجال النجاشی : 80 / 192.
4- راجع ج 1 ص 85 87.
5- رجال الطوسی : 168 / 42.
6- رجال الطوسی : 168 / 41.
7- رجال الطوسی : 370 / 2.
8- التهذیب 3 : 202 / 472.
9- رجال النجاشی : 45 / 90 ، رجال الشیخ : 373 / 24.

والثامن : فیه نوح بن شعیب ، وفیه کلام قدّمناه مفصّلاً (1) ، والحاصل أنّ حاله لا یزید عن الإهمال.

والتاسع : کما تری یروی فیه علی بن الحسین ، عن أحمد بن الحسن ، ولا ریب أنّه غیر تامّ ؛ إذ علی بن الحسین لم یلق أحمد بن الحسن ، والنسخ التی وقفت علیها متفقة علی ما نقلته ، والظاهر أنّه علی بن الحسن أخو أحمد کما فی التهذیب فی الزیادات (2). وفی الرجال : إنّ علیاً یروی عن أخیه أحمد (3). وبالجملة : فوصفه بالموثق علی تقدیر علی بن الحسن موقوف علی سلامة طریقه إلیه فی المشیخة ، وفیه ابن عبدون وابن الزبیر.

والعاشر : ضمیر « عنه » فی الظاهر یرجع لعلی بن الحسین ، وقد یظن تمامیة روایته عن محمّد بن الولید علی أنّه الخزّاز ؛ إذ الراوی عنه فی الرجال سعد والصفّار (4) ، وعلی بن الحسین ( یروی عن سعد ، إلاّ أنّ الممارسة تدفعه ؛ لأنّ روایة علی بن الحسین ) (5) عن سعد لا تقتضی روایته عن محمّد بن الولید ، وحینئذٍ یترجح کون الصواب علی بن الحسن ، ( لأنّه فی مرتبة سعد ) (6). وفی التهذیب صرّح بأنّ الراوی عن محمّد بن الولید علی بن الحسن (7).

نوح بن شعیب مهمل

کلمة حول روایة علی بن الحسین عن أحمد بن الحسن

بحث حول محمد بن الولید والراوی عنه

ص: 441


1- راجع ج 1 ص 267 ، ج 2 ص 150 151.
2- التهذیب 3 : 334 / 1045.
3- رجال النجاشی : 80 / 194 ، الفهرست : 24 / 62.
4- النجاشی : 345 / 931 ، الفهرست : 148 / 625.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
7- التهذیب 3 : 334 / 1046.

وممّا یؤید کون محمّد بن الولید هو الخزاز أنّ الشیخ فی التهذیب کما سمعت روی الاولی عن سعد (1) ، وهو یروی عن محمّد بن الولید الخزّاز ، وعلی ما هو الظن من أنّ علی بن الحسین هنا سهو ، وإنّما هو علی بن الحسن ، ( فاتحاد مرتبة علی بن الحسن ) (2) وسعد یقرّب کون محمّد بن الولید الخزّاز ، مضافاً إلی اشتراک الخزّاز مع أحمد ومن معه فی الفطحیة علی ما فی الکشّی (3).

وفی الرجال : محمّد بن الولید الصیرفی شباب ضعیف ذکره العلاّمة (4) (5) غیر مصرّح بمرتبته ، إلاّ أنّ فی الکافی فی باب ما عند الأئمّة علیهم السلام من سلاح رسول الله صلی الله علیه و آله : عن علی بن محمّد ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن الولید شباب الصیرفی ، عن أبان بن عثمان (6). وهذا یقتضی بعد مرتبته فی الجملة ، إلاّ أنّ احتماله فی حیّز الإمکان ، وقد یبعد احتماله ؛ لعدم شهرته فی الروایات ، وفیه ما فیه.

أمّا غیر الرجلین فمن أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (7). وبالجملة : فالمقصود بیان حقیقة الحال وإنْ کانت الثمرة منتفیة.

المتن :

فی الأخبار الثلاثة الأُول : ظاهر الدلالة علی الصلاة بعد الدفن ، إلاّ

بیان ما دل علی جواز الصلاة بعد الدفن

ص: 442


1- التهذیب 3 : 200 / 466.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- رجال الکشی 2 : 835 / 1062.
4- خلاصة العلاّمة : 257 / 62 ؛ وفیه : سیار ، بدل : شباب.
5- فی « فض » زیادة : وهو.
6- الکافی 1 : 236 / 9.
7- رجال الطوسی : 247 / 388 ، 335 / 44 ، 320 / 650 ، 250 / 436.

أنّ الأوّل یدلّ علی جواز الصلاة لمن صلّی علی المیت قبل الدفن وبعده ، ومن لم یصلّ أصلاً ، سواء صلّی غیره علیه أم لا ، من حیث الإطلاق.

والثانی : خاص بمن فاتته الصلاة ، ومتناول لمن صلّی علیه ومن لم یصلِّ علیه ، وتقیید الأوّل به ممکن.

والثالث : کالثانی ، إلاّ أنّ الفرق بینهما حاصل ، من حیث إنّ الثانی بمقتضی مفهوم الشرط یفید وجود البأس إذا لم تفت الصلاة ، ومع المنافاة یحتاج إلی تقیید المطلق کما قرّر فی الأُصول ؛ وأمّا الثالث : فلا یفید منافاةً ، بل ذکر أحد أفراد المطلق ، ومثل هذا کثیراً ما یغفل عنه ، وقد نبّهنا علیه فی الکتاب غیر مرّة ، کما بیّنّا أنّ منافاة المقیّد إنّما تتمّ بتقدیر حجیّة مفهوم الوصف ، فلیتأمّل.

وأمّا الرابع : فالذی یظهر أنّه لا ینافی ما تقدم إلاّ من جهة إطلاق الصلاة فیه ، وتبادر غیر صلاة الجنازة من الصلاة کأنّه معلوم ، بل تبادر الیومیة ربما یدّعی ، فالعجب من الشیخ حیث ذکر الخبر وتکلّف توجیهه بغیر ما ذکرناه.

والخامس : فیما یظن أنّه غیر منافٍ إلاّ من جهة إطلاق أوّل الأخبار الشامل لمن صلّی علیه ، وهذا یدلّ علی أنّ من صلّی علیه لا یصلّی علیه بعد الدفن ، غایة الأمر احتمال ظهور کونه مقلوباً ربما یوجب بطلان الصلاة ، وربما لا یوجب البطلان والإعادة قبل الدفن علی الاستحباب ، وتصریح بعض الأصحاب بوجوب جعل رأس المیت إلی یمین المصلّی (1) إنْ کان للإجماع أمکن القول به إنْ ثبت ، وإنْ کان للروایة المذکورة مع

توجیه ما دل علی عدم جواز الصلاة بعد الدفن

ص: 443


1- کالعلاّمة فی المنتهی 1 : 457 وإرشاد الأذهان 1 : 262 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 439.

التأسّی أمکن المناقشة فی الروایة والتأسّی. وعلی تقدیر تمامیة الدلالة یجوز الاکتفاء بالصلاة إذا دفن وإنْ کان مقلوباً ، أو یخصّ جواز الصلاة علی القبر بغیر هذا النوع.

والسادس : له ظهور فی المنافاة.

وما ذکره الشیخ فی الوجه الأوّل لم یذکر دلیله ، ومجرّد الجمع لا یقتضی ما ذکره ، وقد أشار إلی هذا العلاّمة فی المختلف قائلاً : إنّه لم یقف علی مستند (1). ثم إنّ الوجه المذکور لا یخفی عدم تمامیته فی خبر عمّار بعد ما قدّمناه.

وأمّا الوجه الثانی ، ففیه : أنّ بعض الأخبار تضمّن الفوات ، والدعاء لا یختصّ بذلک ، کما أنّ نفی الجواز کذلک ، والخبر المستدلّ به لا یدفع ما قلناه ، ولا یعیّن مراد الشیخ ، وخبر محمّد بن مسلم یزید الإشکال الذی أشرنا إلیه من الفوات ، ویمکن حمله علی وجهٍ یوافق غیره بالتخییر.

وأمّا الوجه الثالث : فله وجه. والخبر المستدلّ به أوّلاً لا یأتی علی جمیع الأخبار ، وحمله علی رجحان الترک ممکن ، والخبر الثانی کذلک ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول فی المسألة من الأقوال غیر ما ذکره الشیخ عن سلاّر الصلاة إلی ثلاثة أیّام ، وعن ابن الجنید ما لم تتغیر الصورة ، وعن ابن بابویه عدم التقدیر بوقت (2).

وفی المختلف استقرب العلاّمة الصلاة علی القبر إنْ لم یصلّ علی المیت أصلاً ودفن بغیر صلاة ، وإلاّ فلا ، واستدلّ علی الحکم الأوّل بخبر

الأقوال فی المسألة

ص: 444


1- المختلف 2 : 314.
2- حکاه عن الثلاثة فی المختلف 2 : 313 ، وهو فی المراسم : 80.

السکونی المتضمن لقول رسول الله صلی الله علیه و آله : « لا تَدَعُوا أحداً من أمّتی بلا صلاة » (1) ووجّه الاستدلال بأنّه عام للمدفون وغیره. واستدلّ علی عدم کون الدفن مانعاً بخبر هشام بن سالم الأوّل والخبر الثانی ، وعلی الحکم الثانی بالخبر المرسل وهو السادس ، ( وبخبر محمّد بن مسلم أو زرارة (2) واصفاً له بالحسن (3). ولا یخفی علیک الحال فی هذا الاستدلال ) (4).

وینقل عن المحقّق فی المعتبر الجزم بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقاً ، وأنّه قال : ولا أمنع الجواز (5) ، واستدلّ علی عدم الوجوب بأنّ المدفون خرج بدفنه عن أهل الدنیا فساوی من فنی فی قبره. وعلی الجواز بالأخبار الواردة بالإذن فی الصلاة علی القبر ، کصحیحة هشام.

وأنت خبیر بما یتوجه علی استدلاله الأوّل ، وأمّا الثانی فوجاهته ظاهرة.

والعجب من شیخنا قدس سره أنّه اختار عدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقاً ، ثم قال : لکن لا یبعد اختصاص الجواز بیوم الدفن (6). ووجه التعجّب أنّ الخبر الصحیح عنده لا معارض له یصلح لذلک ، فالمنع مطلقاً والاختصاص بیوم الدفن غیر واضح الدلیل ، والله تعالی الهادی إلی سواء السبیل.

ص: 445


1- تقدّم فی ص 367.
2- أی الخبر الثامن من المبحوث عنها.
3- المختلف 2 : 314.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- حکاه عنه فی المدارک 4 : 188 ، وهو فی المعتبر 2 : 358.
6- المدارک 4 : 188.

قوله :

باب الصلاة علی الجنازة مرّتین

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کبّر أمیر المؤمنین علیه السلام علی سهل ابن حنیف وکان بدریاً خمس تکبیرات ، ثم مشی ساعةً ، ثم وضعه وکبّر علیه خمسةً أُخری ، فصنع مثل ذلک حتی کبّر علیه خمساً وعشرین تکبیرة ».

علی بن الحسین ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن أبی عبد الله علیه السلام (1) ، قال : قلت : أرأیت إنْ فاتتنی تکبیرة أو أکثر؟ قال : « تقضی ما فاتک » قلت : استقبل القبلة؟ قال : « بلی وأنت تتبع الجنازة ، فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله خرج علی جنازة امرأةٍ من بنی النجّار فصلّی علیها فوجد الحَفَرة لم یمکنوا فوضعوا الجنازة فلم یجی ء قوم إلاّ قال لهم علیه السلام : صلّوا علیها ».

فأمّا ما رواه علی بن الحسین (2) ، عن سعد ( بن عبد الله ) (3) ، عن الحسن بن موسی الخشّاب ، عن غیاث بن کلوب بن فَیْهَس البجلی ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی علی جنازة ، فلمّا فرغ جاء قوم فقالوا : فاتتنا الصلاة علیها ،

الصلاة علی الجنازة مرتین

اشارة

ص: 446


1- فی الاستبصار 1 : 484 / 1877 : عن أبی جعفر علیه السلام .
2- فی « م » : الحسن.
3- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 484 / 1878.

( فقال صلی الله علیه و آله : إنّ الجنازة لا یصلّی علیها مرّتین ، ادعوا له وقولوا خیراً ».

فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الکراهیة ، ویجوز أنْ یکون قوله علیه السلام : « إنّ الجنازة لا یصلّی علیها ) (1) مرّتین » وجوباً وإنْ جاز أن یصلّی علیها مرّتین ندباً واستحباباً ، وإنّما الواجب دفعة واحدة وما زاد فإنّه مستحب مندوب إلیه.

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی علی جنازة ، ( فلمّا فرغ جاء ناس فقالوا : یا رسول الله لم ندرک الصلاة علیها ، فقال : لا یصلّی علی جنازةٍ ) (2) مرّتین ، ولکن ادعوا له ».

فالوجه فی هذه الروایة أیضاً ما قدّمناه فی الخبر الأوّل سواء.

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : تقدّم القول فی رجاله عن قریب فی باب عدد التکبیرات وغیره ممّا بعد.

والثالث : مضی القول فیه أیضاً (3) ، والحاصل أنّ غیاث بن کلوب مهمل ، لکن فی النجاشی (4) والفهرست (5) أنّ الحسن بن موسی الخشّاب

بحث حول غیاث بن کلوب والراوی عنه

ص: 447


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- راجع ج 1 ص 182 ، 279 ، ج 2 ص 237 ، ج 3 ص 76 ، 352.
4- رجال النجاشی : 305 / 834.
5- الفهرست : 123 / 550.

یروی عنه ، وفی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام أنّ الصفّار یروی عنه (1). ولا یخفی عدم بعد مرتبة الحسن عن الصفّار ؛ لأنّ الصفّار مذکور فی رجال العسکری علیه السلام من کتاب الشیخ (2) کالحسن (3) ، غایة الأمر أنّ الصفّار یروی عن الحسن فی الرجال (4) ، ولا بعد فی روایته عنه ( وعمّن یروی الحسن عنه ، ) (5) واحتمال المغایرة ینفیه أنّ فی رجال من لم یرو : غیاث بن کلوب بن فیهس البجلی ، وفی الروایة المبحوث عنها بعینه ، واحتمال المشارکة فی الوصف مع المغایرة فی غایة البعد ، فلیتأمّل.

أمّا الرابع : ففیه وهب بن وهب ، وهو أبو البختری ، وقد مضی أنّه کان قاضیاً عامیّاً (6).

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة ، إلاّ أنّ فی التهذیب روی عن عقبة ، عن جعفر ، قال : سُئل جعفر علیه السلام عن التکبیر علی الجنائز ، وساق الحدیث علی ما مضی ذکره فی باب عدد التکبیرات ، إلی أنْ قال : « أما بلغکم أنّ رجلاً صلّی علیه علی علیه السلام » إلی أنْ قال : ثم قال : « إنّه عقبی بدری أُحدی ، وکان من النقباء الذین اختارهم رسول الله صلی الله علیه و آله من الاثنی عشر ، وکانت له خمس مناقب فصلّی علیه لکلّ منقبةٍ صلاة » (7).

وهب بن وهب عامی

بیان ما دل علی جواز تکرار الصلاة علی المیت ، والأقوال فیه

ص: 448


1- رجال الطوسی : 489 / 3.
2- رجال الطوسی : 436 / 16.
3- رجال الطوسی : 430 / 5.
4- الفهرست : 49 / 160.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- راجع ج 1 ص 323 ، ج 3 ص 186.
7- التهذیب 3 : 318 / 985 ، الوسائل 3 : 86 أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 18.

وهذا الحدیث کما تری ینبئ عن کون الخبر المبحوث عنه فیه نوع اختصاص ، والأمر سهل ؛ غیر أنّ فی البین احتمال اختصاص سهل بما ذکر من المناقب ، فلا یدلّ علی جواز تکرار الصلاة مطلقاً ، وقد ذکر هذا العلاّمة فی المختلف قائلاً : إنّ حدیث سهل مختصّ بذلک الشخص إظهاراً لفضله ، کما خصّ النبی صلی الله علیه و آله عمّه بسبعین تکبیرة (1) ، انتهی.

وقد یقال : إنّ التعلیل بإظهار الفضیلة علی الإطلاق محلّ کلام ؛ لما نقلناه من خبر التهذیب ، ولعلّ الخبر المتضمن للصلاة علی حمزة (2) یدلّ علی مطلق الفضیلة.

وفی المختلف نقل فی المسألة أنّ المشهور کراهة تکرار الصلاة علی المیت ، وقال ابن أبی عقیل : لا بأس بالصلاة علی من صلّی علیه مرّة ، فقد صلّی أمیر المؤمنین علیه السلام علی سهل بن حنیف خمس مرّات. وقال ابن إدریس : ( تکره جماعةً ، وتجوز فرادی. وقال الشیخ فی الخلاف : من صلّی خلف جنازة ) (3) یکره له أنْ یصلّی علیها ثانیاً. وهو یشعر باختصاص الکراهة بالمصلّی المتّحد (4) ، انتهی.

ولا یخفی أنّ الخبر المبحوث عنه خاص بالجماعة ، لکن الشیخ فی التهذیب روی عن أبی بصیر أنّ علیاً علیه السلام کبّر علی سهل بن حنیف خمساً وعشرین ( تکبیرة ، قال : « کبّر خمساً خمساً ، کلّما أدرکه الناس قالوا : یا أمیر المؤمنین لم ندرک الصلاة علی سهل ، فیضعه » الحدیث (5). وهو

ص: 449


1- المختلف 2 : 310.
2- الکافی 3 : 211 / 2 ، التهذیب 1 : 331 / 970 ، الوسائل 2 : 509 أبواب غسل المیت ب 14 ح 8.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- المختلف 2 : 309 ، وهو فی السرائر 1 : 360 ، وفی الخلاف 1 : 726.
5- التهذیب 3 : 197 / 455 ، الوسائل 3 : 81 أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 5.

یدلّ علی نوع اختصاص أیضاً مع الجماعة.

وأمّا الثانی : فذکره فی مقام تکرار الصلاة لدلالة عجزه علی ذلک ، وفیه دلالة علی رجحان الصلاة ثانیاً وما زاد جماعةً وفرادی.

وما تضمّنه من قوله : « بلی وأنت تتبع الجنازة » یدلّ علی الاستقبال مع المشی فی الصلاة لأجل إتمامها ، وقد قدّمنا القول فی هذا (1) ، والعجب من عدم ذکر الشیخ هذا الخبر هناک.

والثالث : کما تری فی ظاهره المنافاة ، وحمل الشیخ الأوّل له وجه ، إلاّ أنّ فعل أمیر المؤمنین علیه السلام المکروه مستبعد.

ویمکن أنْ یوجّه نفی الکراهة فی فعله علیه السلام نظراً إلی حصول المناقب لسهل ، وفعل النبی صلی الله علیه و آله مع حمزة لنحو ذلک ، وحینئذٍ فإطلاق الکراهة من الشیخ محلّ تأمّل مع عمله بالأخبار ، أمّا الحمل علی بیان الجواز فقد قدّمنا القول فیه غیر مرّة.

وأمّا الوجه الثانی من الحمل فمن البعد بمکان ؛ لأنّ الأمر بالدعاء ظاهر فی نفی أصل الصلاة ، ولو کان المنفی الوجوب لأتی علیه السلام بما یدلّ علی التخییر.

والرابع : کالثالث.

ولا یخفی أنّ ظاهر النفی فی الخبرین یتناول ما بعد الدفن ، فیؤیّدان بعض الأخبار السابقة ، إلاّ أنْ یحمل النفی علی حال عدم الدفن ، لأنّه مورد الروایتین ؛ وفیه تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر سهل.

توجیه ما دل علی أن الجنازة لا یصلی علیها مرتین

ص: 450


1- فی ص 432.

قوله :

باب الصلاة علی جنازةٍ معها امرأة

علی بن الحسن (1) ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران وسندی بن محمّد ومحمّد بن الولید جمیعاً ، عن عاصم بن حمید ، عن یزید بن خلیفة قال : کنت عند أبی عبد الله علیه السلام فسأله رجل من القمیین (2) فقال : یا أبا عبد الله أتصلّی النساء علی الجنائز؟ قال : فقال أبو عبد الله علیه السلام : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان فیما هدر دم المغیرة بن أبی العاص » وحدّث حدیثاً طویلاً ، وأنّ زینب بنت النبی صلی الله علیه و آله توفیت ، وأنّ فاطمة ( سلام الله علیها ) خرجت فی نساءها فصلّت علی أختها.

عنه ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبی المعزی ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه قال : « لیس ینبغی للمرأة الشابّة تخرج إلی جنازةٍ تصلّی علیها ، إلاّ أنْ تکون امرأة قد دخلت فی السن ».

فأمّا ما رواه علی بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن علی ، عن محمّد بن یحیی ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن أبی عبد الله ، عن أبیه علیهماالسلام قال (3) : « لا صلاة علی جنازةٍ معها امرأة ».

فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الکراهیة دون الحظر.

الصلاة علی جنازة معها امرأة

اشارة

ص: 451


1- فی الاستبصار 1 : 485 / 1880 : الحسین.
2- وهو عیسی بن عبد الله ، علی ما فی الکافی 3 : 251 / 8.
3- فی الاستبصار 1 : 486 / 1881 زیادة : قال.

السند :

فی الأوّل : علی بن الحسن فیه ابن فضّال علی الظاهر (1) ، لتصریحه به فی التهذیب فی سندٍ غیر هذا (2) ، إلاّ أنّ روایته عن عبد الرحمن بن أبی نجران مستبعدة ؛ لأنّ ابن أبی نجران من أصحاب الرضا علیه السلام والجواد علیه السلام ، وعلی بن الحسن من أصحاب الهادی والعسکری علیهماالسلام ، إلاّ أنّ التوجیه ممکن.

وأمّا سندی بن محمّد فهو ثقة ، والراوی عنه الصفّار وأحمد بن أبی عبد الله فی الرجال (3) ، فالمرتبة واضحة. وفی الرجال : إنّ الراوی عن ابن أبی نجران محمّد بن خالد (4) ، وهو یؤید البعد السابق. ومحمّد بن الولید قد مضی أنّه الخزّاز علی الظاهر مع احتمال غیره (5). وأمّا عاصم بن حمید فهو ثقة ، کما أنّ یزید بن خلیفة واقفی.

والثانی : فیه قرینة علی أنّ علی بن الحسن هو ابن فضّال ؛ لأنّ الراوی عن العبّاس فی النجاشی سعد (6) ، وهو فی مرتبة علی بن الحسن. وما فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام والفهرست من أنّ الراوی عنه أیّوب بن نوح (7) فقد یظن بعده ، لکن التوجیه فی حیّز الإمکان.

والثالث : محمّد بن علی فیه مشترک (8) ، واحتمال ابن محبوب قد

تمییز علی بن الحسن وروایته عن عبد الرحمان بن أبی نجران

سندی بن محمد ثقة

تمییز محمد بن الولید

عاصم بن حمید ثقة

یزید بن خلیفة واقفی

محمد بن علی مشترک

ص: 452


1- فی « رض » زیادة : للشیخ.
2- کما فی التهذیب 3 : 326 / 1019 ، و 4 : 293 / 891.
3- الفهرست : 81 / 331.
4- رجال النجاشی : 235 / 622 ؛ إلاّ أنّه فیه : عبد الله بن محمّد بن خالد.
5- فی ص 440.
6- رجال النجاشی : 281 / 744.
7- رجال الطوسی : 487 / 65 ، الفهرست : 118 / 517.
8- هدایة المحدثین : 244.

یقرّبه الإطلاق ، وفیه ما فیه. وأمّا محمّد بن یحیی وغیاث فقد تکرّر القول فیهما (1).

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من إجمال ، ولفظ « فیما » الظاهر أنّه زائد ؛ إذ (2) لیس فی التهذیب (3) ، وعلی کلّ حال المقصود من الخبر غیر خفی.

والثانی : ربما دلّ علی کراهیة خروج الشابّة من قوله : « لیس ینبغی ».

والثالث : حمل الشیخ له متوجه. قوله :

باب من أحقّ بالصلاة علی المرأة

الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : المرأة تموت ، مَن أحقّ الناس بالصلاة علیها؟ قال علیه السلام : « زوجها » قلت : الزوج أحقّ بها من الأب والولد والأخ؟ قال : « نعم ویغسّلها ».

فأمّا ما رواه علی بن الحسین بن بابویه ، عن محمّد بن أحمد (4) ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال :

بیان ما دل علی جواز صلاة المرأة علی الجنازة وتوجیه ما یعارضه

من أحق بالصلاة علی المرأة؟

اشارة

ص: 453


1- راجع ج 1 : 375 وج 3 : 295 ، 438 وج 5 : 278 وج 6 : 309.
2- لیست فی « رض ».
3- التهذیب 3 : 333 / 1043.
4- فی الاستبصار 1 : 486 / 1884 : عن محسن بن أحمد.

سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة علی المرأة ، الزوج أحقّ بها أو الأخ؟ قال : « الأخ ».

أحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر (1) ، عن حفص بن البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، فی المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أیّهما یصلّی علیها؟ فقال : « أخوها أحقّ بالصلاة علیها ».

فالوجه فی هذین الخبرین ضرب من التقیة ؛ لأنّهما موافقان لمذاهب العامّة.

تمّ الجزء الأوّل من الاستبصار فیما اختلف فیه من الأخبار ، ویتلوه کتاب الزکاة إن شاء الله تعالی فی الجزء الثانی ، والحمد لله وحده ، وصلّی الله علی من لا نبی بعده وآله الطیبین الطاهرین الأئمّة المعصومین ، والحمد لله ربّ العالمین (2). السند :

فی الأوّل : تکرّر القول فیه (3).

والثانی : فیه محمّد بن أحمد فی النسخة التی نقلت منها ، وفی اخری محسن بن أحمد ، والظاهر أنّه الصواب ؛ لأنّ فی التهذیب محسن بن

بحث حول تمییز محمد بن أحمد ووجود الاختلاف فیه بین النسخ

ص: 454


1- فی « رض » : عن أبی عمر.
2- فی الاستبصار 1 : 487 : تمّ الجزء الأوّل. ویتلوه فی الجزء الثانی کتاب الزکاة بحمد الله ومنّه وحسنِ توفیقه والصلاة علی سیّد المرسلین محمّد وعترته الطیبین الطاهرین.
3- راجع ج 1 ص 72 ، 173 ، 250 ، 270 ، ج 2 ص 90 ، 116 117 ، 199 ، 210 ، ج 3 ص 107 ، 256 ، ج 4 ص 16 ، 392 ، ج 6 ص 46 ، 179.

أحمد (1) ، لکن ابتداء سند ، والطریق إلیه فی المشیخة غیر مذکور ، وهو مذکور مهملاً فی الرجال ، والراوی عنه أحمد بن محمّد بن خالد (2) ، وهنا کما تری علی تقدیر کونه محسن بن أحمد الراوی عنه علی بن الحسین بن بابویه ، والمرتبة لا توافقه.

وأمّا علی تقدیر محمّد بن أحمد فیحتمل أنْ یکون محمّد بن أحمد ابن الصلت ؛ لروایة علی بن الحسین عنه فی باب ترتیب الجنائز (3) ، لکن بیّنّا فیما سبق احتمال الوهم فیه وإنما هو أحمد بن محمّد بن الصلت (4) ، وعلی تقدیر أنْ یکون صحیحاً فروایته عن أبان بن عثمان فی حیّز الإمکان. وفی الرجال روایة محسن بن أحمد عن أبان بن عثمان موجودة (5).

وعلی تقدیر کونه أحمد بن محمّد بن الصلت ، یبعد روایته عن أبان ابن عثمان ، بل الظاهر انتفاء احتمال الروایة ؛ لأنّ أحمد یروی عن ابن عقدة المتأخر ، وحینئذٍ لا بُدَّ من إبقائه علی ما هو علیه من دون إبداء ذاک الاحتمال.

والفرق بین المقامین أنّ السابق روی فیه عن عبد الله بن الصلت ، وهو من أصحاب الجواد علیه السلام مع الرضا علیه السلام ، بخلاف أبان ، فإنّه من أصحاب الصادق والکاظم علیهماالسلام .

وبالجملة : فالحیرة فی هذا الإسناد واقعة ، لا سیّما بعد ما سمعت من التهذیب.

ص: 455


1- التهذیب 3 : 205 / 485.
2- رجال النجاشی : 423 / 1133.
3- راجع ص 383.
4- فی ص : 2354.
5- الفهرست : 19 / 52.

والثالث : معلوم الحال بما تکرّر من المقال (1) ، والطریق فی المشیخة : عن محمّد بن یعقوب ، عن العدّة (2) ، وقد قدّمنا القول فیها (3).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر ، وحمل الشیخ الخبرین الأخیرین متوجه علی تقدیر العمل بالأخبار ، أمّا من یتوقف عمله علی الصحّة أو (4) الحسن فالأمر بالنسبة إلیه غیر خفی ، والمشهور بین الأصحاب ) (5) علی ما قیل مضمون الخبر الأوّل (6) ، وحکی شیخنا عن المعتبر أنّ فیه الحکم بسلامة سند الأوّل ، وتعجّب منه (7) ، وهو فی محلّه ، وتأویل السلامة بموافقة الشهرة خروج عن الظاهر.

ثم إنّ الأحقّ فی الخبر لا یخلو معناه من إجمال ، وینقل عن المنتهی أنّ فیه : وأحقّ الناس بالصلاة علیه أولاهم بالمیراث ، قاله علماؤنا ؛ لأنّه أولی بماله ، فکذا بالصلاة علیه ، [ و ] لقوله تعالی ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ ) (8) ولمرسلة ابن أبی عمیر فی الحسن ، عن بعض أصحابه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یصلّی علی الجنازة أولی الناس بها ، أو یأمر من

طریق الشیخ إلی أحمد بن أبی عبد الله

بیان ما دل علی أن الأحق بالصلاة علی المرأة زوجها وتوجیه ما یعارضه والأقوال فی المسألة

ص: 456


1- راجع ص 326 327.
2- مشیخة الإستبصار ( الإستبصار 4 ) : 314.
3- فی ص 67.
4- فی « رض » : و.
5- من بدایة ص 448 ، إلی هنا ساقطة عن « م ».
6- کما فی مجمع الفائدة 2 : 458 ، والمدارک 4 : 158 ، وفیه : المعروف من مذهب الأصحاب.
7- المدارک 4 : 159 ، وهو فی المعتبر 2 : 346.
8- الأنفال : 75.

یحبّ » (1) (2).

واعترض علیه بعض محققی المتأخرین رحمه الله بأنّ الأوّل قیاس ، ودلالة الثانی غیر واضحة ، والثالث مرسل ، وفیه إجمال من جهة عدم ظهور معنی الأولی بالجنازة (3) ، انتهی.

والظاهر أنّ مراده بعدم ظهور معنی الأولی أنّه یحتمل إرادة الاستحباب ، إمّا علی أنّه یستحب استئذانه ، أو یستحب له الفعل علی معنی أنّ لفعله کمالاً فی الثواب علی غیره إذا فعل. ویحتمل إرادة الوجوب ، وستسمع الإشکال فیه إن شاء الله تعالی.

وأمّا عدم دلالة الآیة فلأنّ المذکور فی الکشّاف : أنّ الأولویة فی المیراث فی قوله تعالی ( فِی کِتابِ اللهِ ) (4) فی حکمه وقسمته ، وقیل : فی اللوح ، وقیل : فی القرآن ، وهی آیة المواریث (5) ، انتهی.

وقد یقال : إنّ إرادة المواریث غیر مجزوم بها ، بل هی احتمال ، لکن لا عموم فی الآیة ؛ إذ کون البعض أولی غیر معلوم فی أیّ شی ء ، وقوله سبحانه ( فِی کِتابِ اللهِ ) محتمل لما ذکر غیره ، وعلی تقدیر ما ذکره لا یتحقق العموم ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الظاهر من الآیة کون بعض اولی الأرحام أولی ببعضٍ علی الإطلاق ، وهو معنی العموم. وفیه : أنّ احتمال قوله

ص: 457


1- الکافی 3 : 177 / 1 ، التهذیب 3 : 204 / 483 ، الوسائل 3 : 114 أبواب صلاة الجنازة ب 23 ح 1.
2- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 455 ، وهو فی المنتهی 1 : 450 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 456.
4- الأنفال : 75.
5- الکشاف 2 : 240.

تعالی ( فِی کِتابِ اللهِ ) للقرآن یدلّ علی أنّه مفصّل فی کتاب الله ، فیحتاج إلی العلم به.

فإنْ قلت : الظاهر من الآیة إرادة المواریث ؛ لقوله تعالی قبل الآیة المذکورة ( وَالَّذِینَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَکُمْ فَأُولئِکَ مِنْکُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) الآیة (1). وقد ذکر فی الکشّاف : أنّ الآیة الأخیرة ناسخة للتوارث بالهجرة والنصرة (2).

قلت : تعیّن کون الآیة الأُولی للتوارث بالهجرة والنصرة محلّ تأمّل ؛ لتوقفه علی الثبوت ، وباب الاحتمال واسع ، هذا.

والروایة المرسلة رواها الشیخ فی التهذیب عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابه (3).

وقد روی الشیخ فی التهذیب ما یقتضی أنّ المصلّی بدون إذن الولی غاصب (4) ، لکن السند غیر سلیم.

وللأصحاب فی المقام تفریعات یتوقف الکلام فیها علی ثبوت الأصل.

وفی الفقیه نقل روایة أبی بصیر (5) ، واعتبارها حینئذٍ واضح مع الشهرة.

وینبغی أنْ یعلم أنّ جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد قال : إنّ ظاهر الأصحاب أنّ إذن الولی إنما یتوقف علیها الجماعة لا أصل الصلاة ؛ لوجوبها

ص: 458


1- الأنفال : 75.
2- الکشاف 2 : 240.
3- التهذیب 3 : 204 / 483.
4- التهذیب 3 : 206 / 490.
5- الفقیه 1 : 102 / 474.

علی الکفایة ، فلا یناط برأی أحد من المکلّفین ، فلو صلّوا فرادی من دون إذن أجزأ (1).

واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّه لا منافاة بین کون الوجوب کفائیاً وبین إناطته برأی بعض المکلّفین ، علی معنی أنّه إنْ قام به سقط الفرض عن غیره ، وکذا إنْ أذن لغیره وقام به الغیر ، وإلاّ سقط اعتباره (2) ، انتهی.

وفی نظری القاصر : أنّ الاعتراض محلّ بحث ؛ لأنّ الوجوب الکفائی إنْ کان مشروطاً بالإذن فلا یتحقق بدونه ، والمفروض وصف الصلاة بالوجوب الکفائی علی کلّ أحد ، وحینئذٍ فالتقسیم بأنّ الولی إنْ فعل أو أذن ، ینافی الوجوب علی کلّ أحدٍ کفایةً. وغیر بعید أنْ یقال : إنّ المتوقف علی الإذن الفعل لا الوجوب علی حدّ الواجب العینی المتوقف فعله علی شرط ، وقد أوضحت الحال فی موضعٍ آخر.

والعجب منه قدس سره أنّه صرّح فی المسالک (3) وغیرها بأنّ الواجب الکفائی لا ینافیه التوقف علی الإذن ، وفی شرح الإرشاد ذکر ما سمعت ، وإنْ کان إطلاق قوله قدس سره بعدم المنافاة علی وجه الإجمال لا یخلو من شی ء أیضاً لولا احتمال ما قدّمناه.

وبالجملة : إنْ ثبت الإجماع علی توقف الجماعة فلا کلام ، وإلاّ أمکن القول بالتوقف علی الإذن فی الصلاة جماعةً وفرادی إنْ تمّ الدلیل ، وقد سمعت الکلام فیه.

أمّا ما یقال : من أنّ الأوامر العامّة بالصلاة علی الأموات یحتاج

ص: 459


1- روض الجنان : 311.
2- المدارک 4 : 156.
3- المسالک 1 : 12.

تخصیصها بالإذن إلی دلیل ، والأدلّة المذکورة لا تصلح للتخصیص ، مضافاً إلی عدم النقل عن السلف من أنّهم کانوا یستأذنون ، والأصل یقتضی العدم.

ففیه : أنّ بعض ما ذکرناه من الأدلّة یصلح للتخصیص إنْ تمّ العموم ، وعدم النقل عن السلف محلّ کلام فی إثبات الأحکام ، علی أنّ ظاهر العلاّمة فی المنتهی دعوی الإجماع علی بعض الأحکام (1) ، والاحتیاط مطلوب مع الإمکان ، وعلی الله سبحانه فی جمیع الأُمور التکلان.

ولیکن هذا آخر الجزء الثالث من کتاب استقصاء الاعتبار فی شرح الاستبصار ، ویتلوه إن شاء الله تعالی فی الرابع کتاب الزکاة ، والله سبحانه المسئول لتوفیق إکماله بجاه محمّدٍ المصطفی وآله.

واتّفق بتوفیق الله تمام هذا الجزء فی أواخر شهر ذی الحجة الحرام سنة 1037.

ص: 460


1- المنتهی 1 : 450.

فهرست الموضوعات

أبواب الجمعة وأحکامها

تقدیم النوافل یوم الجمعة قبل الزوال........................................... 5

إشارة إلی ضعف سهل بن زیاد................................................. 7

بحث حول الحسین بن المختار................................................... 7

علی بن عبد العزیز مشترک..................................................... 7

مراد بن خارجة مهمل......................................................... 7

یعقوب بن یقطین ثقة.......................................................... 7

بیان ما دل علی أن النافلة یوم الجمعة ست رکعات صدر النهار وست رکعات عند ارتفاعه ورکعتان إذا زالت وست رکعات بعد الفریضة .................................................................... 8

بیان ما دل علی أن النافلة یوم الجمعة کسائر الأیام................................ 9

عقبة بن مصعب مجهول الحال................................................. 12

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار.............................................. 12

بیان ما دل علی أفضلیة تقدیم نوافل الجمعة علیها................................ 12

توجیه ما دل علی أفضلیة تأخیر نوافل الجمعة عنها.............................. 13

عبد الرحمان بن عجلان مجهول الحال.......................................... 16

ص: 461

بحث حول سند فیه : ابن مسکان عن أبی عمر أو أنب أبی عمیر.................. 16

أبو عمر مجهول.............................................................. 17

تمییز ابن مسکان............................................................ 17

إشارة إلی حال موسی بن بکر وعمر بن حنظلة................................. 17

إشارة إلی حال محمد بن أبی حمزة وسعید الأعرج................................ 17

المناقشة فی ما استدل به الشیخ علی أفضلیة التقدیم قبل الزوال وأفضلیة التأخیر بعده. 17

القراءة فی الجمعة.......................................................... 19

تمییز أبی أبواب.............................................................. 21

إشارة إلی حال عبد الله بن المغیرة.............................................. 21

الحسین بن عبد الملک مجهول وأبوه مهمل....................................... 21

محمد بن سهل مهمل......................................................... 21

توجیه ما دل بظاهره علی وجوب قراءة الجمعة والمنافقین فی صلاة الجمعة.......... 22

توجیه ما دل علی أن من ترک الجمعة والمنافقین متعمدا لا صلاة له................ 24

تمییز یونس.................................................................. 28

صباح بن صبیح ثقة.......................................................... 28

بحث حول أبی الفضل العباس بن عامر......................................... 28

أبان مشترک................................................................ 28

بحث حول یحیی الأزرق...................................................... 29

توجیه ما دل علی أن من صلی الجمعة بغیر الجمعة والمنافقین یعید.................. 29

بیان ما دل علی صحة الجمعة بالتوحید......................................... 30

هل یجوز العدول من الفرض إلی النفل؟........................................ 31

الجهر بالقراءة لمن صلی منفردا أو کان مسافرا................................ 32

تمییز حماد بن عثمان......................................................... 33

الحسین بن عبد الله الأرجانی مهمل............................................ 34

ص: 462

محمد بن مروان مشترک...................................................... 34

بیان ما دل علی لزوم الجهرة بالقراءة فی ظهر الجمعة............................. 34

توجیه ما دل علی نفی الجهر فی ظهر الجمعة فی السفر........................... 35

القنوت فی صلاة الجمعة................................................... 38

تمییز أبی أیوب الخزاز........................................................ 40

تمییز إسماعیل الجعفی......................................................... 40

إشارة إلی حال عمر بن حنظلة................................................ 40

عبد الملک بن عمرو غیر معلوم المدح والتوثیق................................... 40

بحث حول داود بن الحصین.................................................. 40

بحث حول معمر بن رئاب.................................................... 41

بیان ما دل علی أن القنوت یوم الجمعة فی الرکعة الأولی......................... 41

توجیه ما دل علی عدم القنوت فی الجمعة....................................... 42

العدد الذی تجب علیهم الجمعة............................................. 43

إشارة إلی حال أحمد بن محمد بن یحیی.......................................... 44

الحکم بن مسکین مهمل..................................................... 45

هل تجب صلاة الجمعة من غیر حضور إمام الأصل أو من نصبه؟.................. 45

الجمع بین ما دل علی أن العدد المعتبر السبعة وبین ما دل علی أنه الخمسة؟........ 50

القوم یکونون فی قریة هل یجوز لهم أن یجمعوا أو لا........................... 52

الفضل بن عبد الملک ثقة..................................................... 54

تمییز عبد الملک.............................................................. 54

تمییز محمد بن یحیی........................................................... 54

بیان ما دل علی أن أهل القری إذا لم یکن لهم من یخطب یصلون أربعا............ 55

المناقشة فی بعض الشروط المذکورة لإمام الجمعة................................ 55

تعریف العدالة والتقوی والمروءة............................................... 55

ص: 463

صراحة روایة الفضل بن عبد الملک فی أن أهل القری إذا کان لهم من یخطب جمعوا.. 57

هل الجمعة واجب تخییری أو تعیینی؟........................................... 57

توجیه ما دل علی عدم الجمعة علی أهل القری................................. 58

سقوط الجمعة عمن کان علی رأس أکثر من فرسخین........................ 58

إشارة إلی حال علی بن السند................................................. 59

بیان ما دل علی وجوب الجمعة علی من کان علی فرسخین والأقوال فی المسألة..... 60

توجیه ما دل علی وجوب الجمعة علی من إذا صلی الغداة فی أهله أدرکها......... 61

من لم یدرک الخطبتین...................................................... 62

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری...................................... 63

بحث حول عبد الرحمان العرزمی.............................................. 63

تمییز علی بن الحکم.......................................................... 64

بیان ما دل علی أن من لم یدرک الخطبتین وأدرک رکعة من الصلاة أدرک الجمعة.... 64

توجیه ما دل علی أنه لا جمعة إلا لمن أدرک الخطبتین............................. 66

أبواب الجماعة وأحکامها

الصلاة خلف المجذوم والأبرص............................................. 67

کلمة حول العدة التی یروی عنها الحسین بن عبید الله............................ 67

بحث حول العدة التی یروی عنها محمد ین یعقوب............................... 68

عبد الله بن یزید مشترک...................................................... 68

بحث حول ثعلبة بن میمون................................................... 68

بیان ما دل علی المنع من إمامة المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابی....... 68

هل المنع من إمامة الأعرابی علی وجه التحریم أو الکراهة؟........................ 69

حکم إمامة المحدود........................................................... 72

ص: 464

بحث حول العمل بالحدیث الحسن............................................. 72

بحث حول اعتماد الشیخ فی العمل بالأخبار بالقرائن............................. 73

معنی الأعرابی والمهاجر....................................................... 73

کلمة فی قوله علیه السلام : « وهل کتب البلاء إلا علی المؤمن؟ »..................... 74

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایة المعارضة....................................... 74

الصلاة خلف العبد........................................................ 74

تمییز أبی إسحاق............................................................. 75

بیان ما دل علی جواز إمامة العبد وشرائط ، والأقوال فی المسألة.................. 76

بحث حول إمامة الصبی وعبادته............................................... 79

توجیه ما دل علی أن العبد لا یوم إلا أهله وبحث حول معنی الإباحة والکراهة فی العبادة 80

الصلاة خلف الصبی قبل أن یبلغ الحلم...................................... 81

غیاث بن کلوب مهمل....................................................... 82

طلحة بن زید عامی أو بتری وکتابه معتمد..................................... 82

محمد بن یحیی مشترک........................................................ 82

بیان ما علی جواز أذان الغلام قبل أن یحتلم والنهی عن إمامته..................... 82

بحث حول عبادة الصبی ، شرعیتها واتصافها بالصحة والفساد.................... 83

توجیه ما دل علی جواز إمامة الصبی........................................... 84

قول الشیخ بجواز إمامة المراهق الممیز العاقل وجواب العلامة عنه................... 86

المناقشة فی جواب العلامة..................................................... 86

معنی الحلم.................................................................. 87

المتیمم لا یصلی بالمتوضئین................................................. 88

بحث حول عباد بن صهیب................................................... 89

ص: 465

تقدیم الجارح علی المعدل محل تأمل............................................ 90

بحث حول عنان بن محمد وأبیه محمد بن عیسی................................. 90

أبو جمیلة المفضل بن صالح مهمل أو ضعیف.................................... 90

إشارة إلی حال محمد بن عبد الحمید........................................... 90

بحث حول عبد الله بن بکیر................................................... 90

حمزة بن حمران مهمل........................................................ 91

محمد بن عیسی الأشعری ممدوح.............................................. 91

بحث حول عبد الله بن المغیرة.................................................. 91

بیان ما دل علی المنع من إمامة المتیمم بالمتوضئین والجمع بینه وبین ما یعارضه....... 92

الأقوال فی المسألة............................................................ 93

إفادة خبر جمیل تقدیم الإمام الراتب............................................ 93

المسافر یصلی خلف المقیم.................................................. 94

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی واستثناء ابن الولید ما تفرد به.............. 95

تمییز عمران ومحمد بن علی................................................... 98

تمییز حماد بن عثمان......................................................... 98

بحث حول داود بن الحصین.................................................. 98

بیان ما دل علی جواز صلاة المسافر خلف المقیم ومعنی جعل الأخیرتین سبحة....... 99

توجیه ما دل علی المنع من صلاة المسافر خلف المقیم والعکس.................... 99

دلالة خبر أبی العباس علی جواز صلاة العصر مع من یصلی الظهر................. 99

الأقوال فی مسألة ائتمام الحاضر بالمسافر والعکس.............................. 100

المرأة تؤم النساء......................................................... 101

بحث حول حماد بن عیسی وعثمان بن عیسی................................. 103

بحث حول سند فیه : ابن سنان ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد........ 103

بحث حول محمد بن عبد الحمید............................................. 104

ص: 466

بحث حول الحسن بن الجهم................................................. 105

بحث حول محمد بن مسعود العیاشی وطریق الشیخ إلیه........................ 106

أبو العباس بن المغیرة مجهول الحال............................................ 106

بیان ما دل علی جواز إمامة المرأة للنساء والجمع بینه وبین ما دل علی المنع فی المکتوبة 106

توجیه ما دل علی المنع من إمامة المرأة فی النافلة والمکتوبة إلا فی صلاة المیت....... 108

القراءة خلف من یقتدی به............................................... 109

إشارة إلی حال عبد الرحمان بن الحجاج...................................... 112

تمییز محمد بن الحسین...................................................... 112

إشارة إلی حال محمد بن إسماعیل............................................. 112

قتیبة ثقة.................................................................. 112

بحث حول علی بن النعمان ومن روی عنه.................................... 112

تمییز الحسن بن علی الذی یروی عنه أحمد بن محمد بن عیسی.................. 116

اختلاف الفقهاء فی مسألة القراءة خلف بن یقتدی به.......................... 116

بیان ما دل علی المنع من القراءة إلا فی الجهریة التی لا تسمع قراءة الإمام......... 119

ما المراد بالأمر فی قوله علیه السلام : « إنما اُمر بالجهر لینصت من خلفه »؟............ 119

بیان ما دل علی الإنصات والتسبیح فی النفس................................. 121

توجیه ما دل علی النهی عن القراءة خلف المرضی مطلقا........................ 122

مختار صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه.................................. 123

توجیه ما دل علی أن من قرأ خلف إمام یأتم به فمات بعث علی غیر الفطرة...... 123

کلمة حول طریق الصدوق إلی زرارة ومحمد بن مسلم......................... 124

معنی الهمهمة.............................................................. 124

وجوب القراءة خلف من لا یقتدی به..................................... 124

بحث حول بکیر بن أعین ومعنی الإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل........ 126

ص: 467

بحث حول محمد بن إسحاق................................................ 128

بحث حول محمد بن أبی حمزة وکلمة حول معنی الإجماع علی التصحیح.......... 129

ما المراد بالإمام فی قوله علیه السلام : « إذا صلیت خلف إمام لا یقتدی به فاقرأ »؟.... 129

جواز التقیة من المؤمن والمخالف............................................. 130

من هو فاعل « قرأ » فی قوله علیه السلام : « إذا کان قد قرأ أم الکتاب أجزأه »؟.... 131

توجیه ما دل علی وجوب الإنصات والاکتفاء بقراءة المخالف إذا جهر بها........ 131

بیان ما دل علی الاکتفاء بالقراءة مثل حدیث النفس خلف من لا یقتدی به...... 132

بحث حول موسی بن الحسن................................................ 134

إشارة إلی ضعف أحمد بن هلال............................................. 134

تمییز الحسن بن علی........................................................ 134

أحمد بن عائذ ثقة.......................................................... 135

محمد بن الحصین ومحمد بن الفضیل مشترکان................................. 135

توجیه ما دل علی عدم وجوب القراءة خلف من لا یقتدی به................... 135

قول صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه................................... 135

الإجماع علی اشتراط العدالة فی إمام الجماعة.................................. 136

عدم تحقق الإجماع من المتأخرین............................................. 137

ما یستفاد من الأخبار حول اشتراط العدالة فی إمام الجماعة..................... 138

تحقیق حول حقیقة العدالة وتعریفها.......................................... 142

فی تعریف الکبائر وعدها................................................... 147

فی منافیات المروءة.......................................................... 161

فی ما تعرف به العدالة...................................................... 164

کلام صاحب المعالم فی المسألة والمناقشة فیه................................... 167

بحث حول روایة الصدوق مرسلة ابن أبی عمیر من دون ذکر الإرسال........... 172

هل یکتفی بحسن الظاهر فی إمام الجماعة؟.................................... 173

من صلی بقوم علی غیر وضوء............................................ 174

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحکم................................... 176

ص: 468

والد عبد الرحمان العرزمی مجهول............................................ 176

بیان ما دل علی عدم وجوب الإعادة علی من صلی خلف إمام غیر متطهر........ 176

توجیه ما دل علی وجوب الإعادة فی المسألة.................................. 177

وصف العلامة خبر ابن بکیر بالصحة والمناقشة فیه............................. 179

الإمام إذا أحدث فیقدم من فانته رکعة أو رکعتان لإتمام الصلاة.............. 180

محمد بن سنان ضعیف...................................................... 182

طلحة بن زید عامی أو بتری................................................ 182

الحکم بن مسکین مجهول الحال.............................................. 182

أحمد بن الحسین بن فضال فطحی ثقة........................................ 182

معاویة بن شریح مهمل..................................................... 182

تمییز النضر................................................................ 182

بیان ما دل علی جواز إمامة المسبوق......................................... 183

هل یجوز نیة الانفراد للإمام اختیارا؟......................................... 183

هل یجب جلوس الإمام المسبوق لأجل تشهد المأمومین؟......................... 186

التسلیم یمینا وشمالا......................................................... 187

توجیه ما دل علی لزوم التسلیم فی المسألة..................................... 188

توجیه ما دل علی النهی عن استنابة المسبوق.................................. 188

معنی العلة................................................................. 189

من لم یلحق تکبیرة الرکوع.............................................. 189

تمییز جمیل والنضر وعاصم وهشام........................................... 191

عبد الله بن محمد بن عیسی مهمل............................................ 191

تمییز أبان................................................................. 191

بیان ما دل علی أن من لم یدرک تکبیرة الرکوع لم یدرک الصلاة................ 192

توجیه ما دل علی أن من أدرک الإمام قبل أن یرفع رأسه من الرکوع أدرک الصلاة 193

ص: 469

ما المراد برفع الرأس؟....................................................... 193

حکم ما إذا شک فی الإدراک................................................ 194

کلمة حول آیة النهی عن إبطال العمل....................................... 195

قول العلامة فی المسألة والمناقشة فیه.......................................... 195

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایات المعارضة.................................... 197

من فاتته مع الإمام رکعة أو رکعتان....................................... 199

حکم قراءة الحمد والسورة لمن لحق الإمام فی غیر الأولتین...................... 201

هل یستفاد من روایة زرارة وجوب السورة؟.................................. 203

حکم ضمیمة الدعاء إلی التسبیح فی الأخیرتین................................. 205

حکم التجافی لمن أدرک الإمام فی الثانیة....................................... 205

معنی التجأ فی والحمقی..................................................... 206

بحث حول مروک بن عبید.................................................. 207

بحث حول محمد بن مسعود وروایته عن الحسن بن علی بن فضال............... 207

توجیه ما دل علی أن من أدرک الإمام فی الأخیرتین یقرأ فی کل رکعة بفاتحة الکتاب 208

معنی الإمهال.............................................................. 209

من رفع رأسه من الرکوع قبل الإمام...................................... 209

محمد بن سهل مهمل وأبوه ثقة.............................................. 210

بحث حول غیاث بن إبراهیم................................................ 210

بحث حول محمد بن عیسی الأشعری......................................... 210

حال السند المشتمل علی إمامی ممدوح وغیر إمامی ثقة......................... 211

نقل ما فی غیر الاستبصار من أخبار الباب..................................... 212

بحث حول سند فیه : أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن عثمان وخلف بن حماد 213

ص: 470

الأقوال فی مسألة رفع الرأس من الرکوع أو السجود قبل الإمام................. 215

قول صاحب المدارک فی المسألة والمناقشة فیه................................... 215

قول الشهید الثانی فی المسألة والمناقشة فیه..................................... 216

هل یترتب الإثم علی عدم المتابعة؟........................................... 217

ترجیح ما دل علی عدم العود وتأییده بأصالة الصحة........................... 219

المناقشة فی جمع الشیخ للأخبار.............................................. 221

من یصلی خلف من یقتدی به العصر قبل أن یصلی الظهر................... 224

سلیم الفراء ثقة............................................................ 225

حکم من صلی خلف من یصلی العصر ظانا أنها الظهر ، والجمع بین أخبار الباب. 225

قول صاحب المدارک فی الجمع والمناقشة فیه................................... 226

المناقشة فی توجیه الشیخ.................................................... 227

الإمام إذا سلم ینبغی له أن لا یبرح من مکانه حتی یتم من خلفه ما فاته من صلاته 228

تمییز أحمد بن الحسن وعمار والحسن......................................... 229

طریق الشیخ إلی جمیل غیر مذکور فی المشیخة................................. 229

بیان ما دل علی استحباب بقاء الإمام فی مکانه حتی یقضی المأموم ما فاته وتوجیه ما یعارضه 229

المناقشة فی توجیه الشیخ للمعارض وبیان ما دل علی ضمان الإمام إثباتا ونفیا..... 231

قول صاحب المدارک بوجوب سجدتی السهو علی الإمام والمأموم مع الموجب...... 233

صلاة الجماعة فی السفینة................................................. 234

عنبسة مشترک............................................................. 235

إبراهیم بن میمون مجهول الحال.............................................. 235

محمد بن أحمد العلوی مهمل................................................ 235

ص: 471

طریق الشیخ إلی سهل بن زیاد لا یفید اعتبار السند............................ 236

أبو هاشم الجعفری ثقة جلیل................................................ 236

بیان ما دل علی جواز الصلاة جماعة فی السفینة للرجال والنساء وکیفیتها........ 236

توجیه ما دل علی المنع...................................................... 237

بئر الغائط یتخذ مسجدا................................................. 238

القاسم بن محمد مشترک.................................................... 239

سلیمان مولی طربال مهمل.................................................. 239

محمد بن مضارب مهمل.................................................... 240

أو الجارود زیاد بن المنذر زیدی............................................. 240

بحث حول هارون بن مسلم................................................. 240

بحث حول مسعدة بن صدقة................................................ 240

جواز اتخاذ بئر الغائط مسجدا إذا طم بالتراب وانقطعت رائحته ، ومعنی قوله علیه السلام : « الأرض کلها مسجد » 241

معنی المسجد.............................................................. 242

معنی الحش................................................................ 242

کراهیة أن یبصق فی المسجد.............................................. 242

موسی بن یسار مجهول الحال................................................ 244

أبواب إسحاق النهاوندی إبراهیم بن إسحاق ضعیف الحدیث.................. 244

محمد بن مهران مجهول الحال................................................ 244

طریق الشیخ إلی علی بن مهزیار فی المشیخة لا ارتیاب فیه...................... 244

بیان ما دعل علی کراهة البصاق فی المسجد وتوجیه ما یعارضه................. 244

معنی البزاق ، التوقیر ، النخامة.............................................. 245

ص: 472

أبواب صلاة العیدین

صلاة العیدین فریضة.................................................... 246

بحث حول أبی جمیلة المفضل بن صالح........................................ 247

تمییز جمیل وصحة طریق الصدوق إلیه........................................ 247

کلمة حول سند فیه : علی بن حدید ، عن عبد الرحمان....................... 247

بیان ما دل علی أن صلاة العیدین فریضة..................................... 248

حکم التطوع والقضاء قبل صلاة العیدین وبعدها.............................. 249

عدم وجوب العیدین إلا عند حضور الإمام................................... 251

لا تجب صلاة العیدین إلا مع الإمام....................................... 252

معلی بن محمد مضطرب الحدیث والمذهب.................................... 254

بحث حول الوشاء.......................................................... 255

بحث حول معمر بن یحیی................................................... 255

بحث حول عمر بن أذینة................................................... 255

بحث حول علی بن حاتم.................................................... 255

تمییز الحسن بن علی........................................................ 256

تمییز محمد بن جعفر........................................................ 256

عمر بن جعفر مجهول الحال................................................. 256

بحث حول محمد بن الولید الخزاز............................................ 256

عبد الله بن محمد مشترک.................................................... 257

تمییز منصور وطریق الصدوق إلیه............................................ 257

إشارة إلی حال محمد بن علی ماجیلویه....................................... 257

الاختلاف بین التهذیب والاستبصار فی اسناد روایات الباب.................... 257

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی.......................................... 258

أبو قیس مهمل............................................................ 258

ص: 473

بحث حول یزید بن إسحاق................................................. 258

بیان ما دل علی أنه لا صلاة یوم العید إلا مع الإمام............................ 258

توجیه ما دل علی أن من لم یشهد الجماعة یصلی العید وحده................... 258

قول صاحب المدارک بعدم اعتبار حضور إمام الأصل فی وجوب صلاة العید والمناقشة فیه 260

قول الشهید الثانی بعدم وجوب صلاة العید حال حال الغیبة والمناقشة فیه......... 262

الأقوال فی المسألة.......................................................... 263

معنی الجبانة............................................................... 267

من یصلی وحده کم یصلی؟............................................. 267

تمییز علی................................................................. 268

کلمة حول روایة محمد بن عیسی عن یونس.................................. 269

بحث حول معاویة بن حکیم والجمع بین کونه ثقة وفطحیاً...................... 269

صحة طریق الشیخ إلی أحمد بن أبی عبد الله البرقی............................. 270

بحث حول أبی البختری وهب بن وهب...................................... 270

التفات المتقدمین إلی القرائن دون حال الراوی................................. 270

بیان ما دل علی أن صلاة العیدین رکعتان جماعة وفرادی....................... 270

لیس فی صلاة العیدین أذان وإقامة........................................... 271

کلمة حول طریق الشیخ والصدوق إلی إسماعیل بن جابر....................... 272

توجیه ما دل علی أن من فاتته صلاة العید یصلی أربعا......................... 273

سقوط صلاة العیدین عن المسافر.......................................... 274

کلمة حول سند فیه : محمد بن سنان ، عن حماد وخلف....................... 274

بیان ما دل علی سقوط صلاة العیدین عن المسافر کالجمعة..................... 275

توجیه ما دل علی عدم السقوط............................................. 275

ص: 474

عدد التکبیرات فی صلاة العید............................................ 276

محمد بن الفضیل مشترک.................................................... 277

تمییز جمیل................................................................. 277

کلمة حول یزید بن إسحاق................................................ 278

عبد الملک بن أعین فیه کلام................................................ 278

الأقوال فی عدد التکبیرات ووضعها فی صلاة العیدین........................... 278

بیان ما دل علی أن التکبیرات سبع وخمس.................................... 279

توجیه ما دل علی أن التکبیرات خمس وأربع.................................. 279

توجیه ما دل علی أن التکبیرات ثلاث وثلاث أو ثلاث وخمس أو خمس وسبع.... 280

کیفیة التکبیر فی صلاة العیدین............................................ 281

تمییز علی................................................................. 281

تمییز معاویة............................................................... 283

علی بن أبی حمزة محتمل للثقة والضعیف...................................... 284

بحث حول أحمد بن عبد الله القروی......................................... 284

بحث حول إسماعیل الجعفی.................................................. 284

عبد الله بن بحر مهمل...................................................... 285

بیان ما دل علی کیفیة التکبیرات والقنوت بینها والمراد به...................... 285

الأقوال فی وجوب القنوت واستحبابه......................................... 286

عدم تعین دعاء مخصوص فی القنوت.......................................... 287

هل تتعین فی صلاة العید سورة مخصوصة؟.................................... 287

إسماعیل بن سعد الأشعری ثقة............................................... 290

محمد بن الفضیل مشترک.................................................... 290

إشارة إلی حال هشام بن الحکم.............................................. 291

توجیه ما دل علی أن التکبیر فی الأولی قبل القراءة وفی الثانیة بعدها.............. 291

ص: 475

الغسل یوم العیدین...................................................... 293

کلمة حول عثمان بن عیسی................................................ 293

بیان ما دل علی استحباب غسل العیدین...................................... 293

توجیه ما دل علی لزوم الغسل وإعادة الصلاة للناسی.......................... 294

صلاة الاستسقاء هل تقدم الخطبة فیها أو تؤخر؟............................ 295

موسی بن بکر واقفی....................................................... 295

طلحة بن زید عامی أو بتری................................................ 296

بیان ما دل علی أن الخطبة فی صلاة الاستسقاء بعدها وتوجیه ما یعارضه......... 296

أبواب صلاة الکسوف

عدد رکعات صلاة الکسوف............................................ 297

تمییز علی بن أبی حمزة...................................................... 298

تمییز علی بن الحکم........................................................ 298

تمییز أحمد بن الحسن....................................................... 298

علی بن یعقوب مجهول الحال................................................ 298

مروان بن مسلم ثقة........................................................ 298

أبو البختری عامی......................................................... 298

المحسن بن أحمد مهمل...................................................... 298

بحث حول بنان بن محمد.................................................... 298

بیان ما دل علی أن صلاة الکسوف عشر رکعات وأربع سجدات وتوجیه ما یعارضه 299

من فاتته صلاة الکسوف هل علیه قضاء أم لا؟............................. 299

تمییز أحمد بن محمد......................................................... 301

ص: 476

تمییز أحمد بن الحسن....................................................... 301

عبید بن زرارة ثقة ثقة...................................................... 302

بحث حول تمییز أحمد والراوی عنه........................................... 302

إشارة إلی عدم الطریق للشیخ إلی عمار الساباطی فی الاستبصار................. 302

علی بن خالد حاله غیر معلوم............................................... 303

توجیه ما دل علی أن من فاتته صلاة الکسوف لا قضاء علیه مطلقا.............. 303

بیان ما دل علی أن من علم علیه القضاء والغسل ومن لم یعلم علیه القضاء وحده.. 305

بیان ما دل أن احتراق القرص کله یوجب القضاء مع العلم بعد................. 306

حکم ناسی صلاة الکسوف................................................ 306

هل یحصل العلم بإخبار الواحد؟............................................. 308

معنی الکسوف والخسوف.................................................. 308

معنی الکسل............................................................... 309

الصلاة فی السفینة....................................................... 309

القاسم بن محمد الجوهری واقفی............................................. 310

علی بن أبی حمزة البطائنی ضعیف............................................ 310

بحث حول علی بن إبراهیم الذی روی عنه ابن أبی حمزة....................... 310

کلمة حول مراسیل ابن أبی عمیر............................................ 312

بیان ما دل علی اشتراط الاستقبال فی الصلاة فی السفینة........................ 312

هل تجوز الصلاة فی السفینة اختیارا؟......................................... 313

توجیه ما دل علی الصلاة منحنیاً مع عدم القدرة علی القیام..................... 316

بیان ما دل علی أن الصلاة فی السفینة إیماء................................... 317

معنی الجد والجدد وأکفأ.................................................... 317

صلاة الخوف........................................................... 318

تمییز ابن أذینة............................................................. 319

ص: 477

کلمة حول أبان بن عثمان.................................................. 320

هل تجب علی الفرقة الأولی نیة الانفراد بعد تمام الرکعة الأولی؟................. 320

ما المراد بقوله علیه السلام : « یسلم بعضهم علی بعض »؟.......................... 322

هل تبقی القدوة للفرقة الثانیة فی ثانیتهم؟..................................... 322

بیان ما دل علی کیفیة صلاة المغرب حال الخوف.............................. 324

دلالة روایة زرارة علی وجوب التسلیم....................................... 325

صلاة المغمی علیه....................................................... 325

بحث حول حفص بن البختری.............................................. 327

روایة علی بن إبراهیم عن محمد بن عیسی.................................... 328

إبراهیم الخزاز لا ارتیاب فیه................................................ 328

علی بن حدید ضعیف...................................................... 328

مرازم ثقة................................................................. 328

تمییز ثعلبة................................................................. 328

بحث حول معمر بن عمر................................................... 328

بحث حول علی بن محمد بن سلیمان......................................... 329

سلیمان بن حفص المروزی مجهول........................................... 329

العلاء بن الفضیل ثقة....................................................... 329

بیان ما دل علی أنه لیس علی المغمی علیه قضاء الصلاة والصوم بعد الإفاقة...... 329

توجیه ما دل علی لزوم القضاء.............................................. 330

معنی الغلبة................................................................ 331

تمییز حفص............................................................... 333

بحث حول ابن سنان....................................................... 333

إشارة إلی صحة طریق الشیخ إلی الحسین بن سعید............................. 334

الاختلاف بین التهذیب والاستبصار......................................... 334

عبد الله بن محمد مشترک .................................................. 334

ص: 478

بیان ما دل علی أن المغمی علیه یقضی الصلاة التی أدرک وقتها.................. 335

حکم الأذان والإقامة فی صلاة القضاء........................................ 335

توجیه ما دل علی أن المغمی علیه یقضی کل ما فاته........................... 337

توجیه ما دل علی قضاء الیوم الذی یفیق فیه.................................. 337

حکم المغمی علیه إذا أفاق قبل الغروب أو قبل الصبح.......................... 337

الزیادات فی شهر رمضان................................................ 338

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی.......................................... 338

بحث حول جابر بن عبد الله الذی یروی عن الصاق علیه السلام ...................... 341

تمییز محمد بن علی......................................................... 341

إشارة إلی جلالة علی بن النعمان ومنصور بن حازم............................ 342

إسماعیل بن مهران ثقة...................................................... 342

الحسین بن الحسن المروزی غیر مذکور فی الرجال............................. 342

تمییز الجعفری............................................................. 342

حال طریق الشیخ إلی علی بن حاتم.......................................... 342

بحث حول الحسین بن علی بن شیبان........................................ 342

علی بن حاتم ثقة یروی عن الضعفاء......................................... 342

النهیکی ثقة............................................................... 343

تمییز علی بن الحسن........................................................ 343

تمییز محمد بن زیاد......................................................... 343

بحث حول أبی خدیجة سالم بن مکرم......................................... 343

بحث حول محمد بن جعفر المؤدب........................................... 343

النضر بن شعیب مجهول الحال............................................... 344

بحث حول جمیل بن صالح................................................... 344

بیان ما دل علی صلاة مائة رکعة فی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین من شهر رمضان وأن رسول الله صلی الله علیه و آله کان یزید فی صلاته فی شهر رمضان........................................................... 344

ص: 479

بحث حول هارون بن مسلم................................................. 349

بحث حول تصریح الصدوق بوقف زرعة وسماعة مع اعتماده علی روایاتهما....... 349

تمییز القاسم............................................................... 351

أبو بصیر المطعون فیه یکنی بأبی محمد أیضا.................................... 351

تمییز علی بن محمد......................................................... 352

بحث حول محمد بن أحمد ( أحمد بن محمد ) بن مطهر......................... 352

اختلاف الأخبار فی کیفیة فعل الزیادات والجمع بینها.......................... 354

معنی الفض................................................................ 356

الحسن بن علی مشترک..................................................... 360

تمییز أحمد بن علی......................................................... 360

تمییز محمد بن سلیمان...................................................... 360

طرق حدیث محمد بن سلیمان.............................................. 360

بحث حول محمد بن جعفر بن بطة........................................... 361

تمییز محمد بن الحسین...................................................... 361

المفضل بن عمر ضعیف..................................................... 361

إبراهیم بن إسحاق الأحمری النهاوندی ضعیف............................... 361

بیان طائفة أخری من الروایات الواردة فی کیفیة الزیادات فی شهر رمضان....... 361

استحباب صلاة أمیر المؤمنین وفاطمة علیهماالسلام فی شهر رمضان................... 363

کلمة حول مستند صلاة ألف رکعة فی شهر رمضان.......................... 364

محمد بن عبید الله الحلبی محتمل الوثاقة........................................ 367

عبد الحمید الطائی ثقة...................................................... 367

توجیه ما دل علی نفی الزیادة فی شهر رمضان................................ 367

أبواب الصلاة علی الأموات

وجوب الصلاة علی کل میت مسلم...................................... 368

إبراهیم بن مهزم ثقة....................................................... 369

بحث حول طلحة بن زید................................................... 369

ص: 480

محمد بن سعید بن غزوان مهمل............................................. 370

مسعدة بن صدقة عامی..................................................... 370

بیان ما دل علی وجوب الصلاة علی کل میت ولو کان فاسقا أو مخالفا.......... 370

توجیه ما دل علی عدم وجوب الصلاة علی الشهد............................ 371

ما المراد بضروری الدین؟................................................... 372

وقت الصلاة علی الأموات............................................... 373

محمد بن سالم مشترک...................................................... 375

أحمد بن النضر ثقة......................................................... 375

حمید بن زیاد والحسن بن محمد بن سماعة واقفیان ثقتان......................... 375

تمییز أبان................................................................. 375

بیان ما دل علی تقدیم صلاة الجنازة علی المکتوبة.............................. 376

بیان ما دل علی عدم کراهة صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وغروبها........... 377

توجیه ما دل علی کراهة صلاة الجنازة حین اصفرار الشمس وطلوعها........... 379

موضع الوقوف من الجنازة................................................ 379

کلمة حول عبد الله بن المغیرة................................................ 380

بیان ما دل علی القیام عند رأس المرأة وعند صدر الرجل وتوجیه ما یعارضه والأقوال فی المسألة 380

معنی قبل.................................................................. 382

ترتیب جنائز الرجال والنساء............................................. 383

بحث حول إبراهیم بن مهزیار............................................... 386

بحث حول محمد بن أحمد بن الصلت......................................... 387

کلمة حول عبد الله بن الصلت والطریق إلیه.................................. 388

تقدیم الرجال علی النساء................................................... 389

ص: 481

إجزاء الصلاة الواحدة علی الصغیر والکبیر.................................... 389

بیان ما دل علی تقدیم النساء علی الرجال والجمع بینه وبین ما دل علی تقدیم الرجال 390

معنی الورک والألیة والعجز.................................................. 392

المواضع التی یصلی فیها علی الجنائز........................................ 392

تمییز أبان................................................................. 393

موسی بن طلحة قریب الأمر................................................ 393

أبو بکر بن عیسی بن أحمد العلوی مجهول الحال............................... 393

حکم صلاة المیت فی المساجد................................................ 394

عدد التکبیرات علی الأموات............................................. 394

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی............ 398

بحث حول حماد بن شعیب.................................................. 398

شعیب العقر قونی ثقة...................................................... 398

بحث حول قدامة بن زائدة.................................................. 398

بحث حول طریق الشیخ إلی عبد الله بن الصلت والحسن بن محبوب.............. 399

کلیب الأسدی مهمل...................................................... 400

بحث حول محمد بن أحمد الکوفی الملقب حمدان................................ 400

محمد بن عبد الله مشترک.................................................... 401

تمییز محمد بن أبی حمزة..................................................... 401

محمد بن یزید مشترک...................................................... 401

بیان ما دل علی أن تکبیرات صلاة الجنازة خمس وعدم دلالة الأخبار علی وجوبها. 401

توجیه ما دل علی زیادة التکبیرات علی الخمس............................... 403

عدد التکبیرات علی المنافق والمخالف والدعاء علیهما.......................... 404

ص: 482

دلالة الأخبار علی مشروعیة الصلاة علی غیر المؤمن........................... 407

بیان ما دل نفی الست وجواز تکرار الصلاة.................................. 408

هل التکبیرات تابعة لإرادة أهل المیت؟....................................... 408

هل تبطل صلاة الجنازة بالنقیصة عن الخمس أو الزیادة علیها؟................... 409

لا قراءة فی الصلاة علی المیت............................................. 410

بحث حول حمزة بن بزیع................................................... 411

بحث حول علی بن سوید السائی............................................ 412

بحث حول جعفر بن محمد.................................................. 413

تمییز عبد الله القمی........................................................ 413

جعفر بن محمد بن عبید الله مهمل............................................ 414

بحث حول عبد الله بن میمون............................................... 414

بیان ما دل علی أنه لیس فی صلاة المیت قراءة ولا دعاء مخصوص وتوجیه ما یعارضه 414

لا تسلیم فی الصلاة علی المیت............................................ 415

إشارة إلی ضعف سهل بن زیاد ومحمد بن سنان............................... 416

بیان ما دل علی نفی التسلیم فی صلاة المیت والمناقشة فی توجیه الشیخ للمعارض.. 417

رفع الیدین فی کل تکبیرة................................................ 417

بحث حول أحمد بن محمد بن موسی المعروف بابن الصلت...................... 418

أحمد بن عمر بن محمد وأبوه ومحمد بن عبد الله بن خالد من الزیدیة............. 420

إشارة إلی ضعف سلمة بن الخطاب وجهالة إسماعیل بن إسحاق بن أبان.......... 420

بیان ما دل علی استحباب رفع الیدین فی کل تکبیرة وتوجیه ما دل علیه فی الأولی فقط 420

ص: 483

رفع الیدین فی الدعاء للمیت................................................ 422

الصلاة علی الأطفال..................................................... 422

بحث حول طریق الصدوق إلی زرارة وعبید الله الحلبی.......................... 422

بحث حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر..................................... 425

بیان ما دل علی وجوب الصلاة علی الصبی الذی بلغ ست سنین................ 426

توجیه ما دل علی أن الأطفال لا یصلی علیهم إلا لتقیة......................... 428

توجیه ما دل علی وجوب الصلاة علی المستهل................................ 429

بیان ما دل علی أن المولود لا یصلی علیه ما لم یجر علیه القلم................... 429

توجیه ما دل علی أن الصبی یصلی علیه علی کل حال إلا أن یسقط لغیر تمام..... 430

معنی درج................................................................. 430

بحث حول قوله : فطعن فی حیاة الغلام....................................... 430

معنی طعن ، السفط ، المطرف ، وراء ، استهل................................ 431

حکم الصلاة علی المجنون................................................... 431

من فاته شیء من التکبیرات علی المیت هل یقضی أم لا؟.................... 432

النضر بن شعیب مجهول الحال............................................... 433

خلف بن زیاد مجهول الحال................................................. 433

إشارة إلی ضعف أبی جمیلة.................................................. 433

غیاث بن کلوب مهمل..................................................... 433

بیان ما دل علی أن من أدرک تکبیرة یتم ما بقی............................... 433

بیان ما دل علی إتمام التکبیرات الفائتة ولو علی القبر........................... 434

توجیه ما دل علی عدم قضاء التکبیرات الفائتة................................ 435

معنی الجنازة............................................................... 435

الصلاة علی المدفون..................................................... 436

مالک مولی الحکم مجهول الحال.............................................. 438

ص: 484

بحث حول الحسین بن علی بن یوسف....................................... 439

معاذ بن ثابت الجوهری مهمل............................................... 439

عمرو بن جمیع ضعیف..................................................... 439

زیاد بن مروان واقفی....................................................... 439

یونس بن ظبیان غال کذاب................................................. 439

تقطیع الشیخ موثقة عمار الساباطی.......................................... 439

بحث حول السیاری أحمد بن محمد بن سیار................................... 440

محمد بن أسلم ضعیف...................................................... 440

بحث حول الحسن ( الحسین ) بن موس....................................... 440

جعفر بن عیسی مجهول..................................................... 440

نوح بن شعیب مهمل...................................................... 441

کلمة حول روایة علی بن الحسین عن أحمد بن الحسن......................... 441

بحث حول محمد بن الولید والراوی عنه...................................... 441

بیان ما دل علی جواز الصلاة بعد الدفن...................................... 442

توجیه ما دل علی عدم جواز الصلاة بعد الدفن................................ 443

الأقوال فی المسألة.......................................................... 444

الصلاة علی الجنازة مرتین................................................ 446

بحث حول غیاث بن کلوب والراوی عنه..................................... 447

وهب بن وهب عامی...................................................... 448

بیان ما دل علی جواز تکرار الصلاة علی المیت ، والأقوال فیه.................. 448

توجیه ما دل علی أن الجنازة لا یصلی علیها مرتین............................. 450

الصلاة علی جنازة معها امرأة............................................. 451

تمییز علی بن الحسن وروایته عن عبد الرحمان بن أبی نجران..................... 452

سندی بن محمد ثقة........................................................ 452

ص: 485

تمییز محمد بن الولید........................................................ 452

عاصم بن حمید ثقة......................................................... 452

یزید بن خلیفة واقفی....................................................... 452

محمد بن علی مشترک...................................................... 452

بیان ما دل علی جواز صلاة المرأة علی الجنازة وتوجیه ما یعارضه................ 453

من أحق بالصلاة علی المرأة؟............................................. 453

بحث حول تمییز محمد بن أحمد ووجود الاختلاف فیه بین النسخ................ 454

طریق الشیخ إلی أحمد بن أبی عبد الله........................................ 456

بیان ما دل علی أن الأحق بالصلاة علی المرأة زوجها وتوجیه ما یعارضه والأقوال فی المسألة 456

ص: 486

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.