استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار المجلد 6

هویة الکتاب

محمد بن الحسن ، 980 - 1030 ق . شارح .

استقصاء الاعتبار / المؤلف محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني ؛ تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام الإحياء التراث . - مشهد : مؤسسةآل البيت علیهم السلام الإحياء التراث ، مشهد ، 1419 ه- ق = 1377 ه- ش .

ج 10 نموذج .

المصادر بالهامش

هذا الكتاب شرح للاستبصار للشيخ الطوسي .

1. الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار - نقد و تفسير .

2. أحاديث الشيعة - القرن 5 ق . ألف . الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار . شرح . ب . عنوان . ج . عنوان : الاستبصار . شرح .

25 الف 502 الف 9ط/ 130 BP

شايك (ردمك) 9 - 172 - 319 - 964 دوره 7 جزء

ISBN 964 - 319 - 172 - 9 / 7 VOLS.

شابك (ردمك ) 8 - 178 - 319 - 964 / ج 6

ISBN 964 - 319 - 178 - 8 / VOL. 6

الكتاب : استقصاء الاعتبار / ج 6

المؤلف : الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث

الطبعة : الأولى - ربیع الثانی - 1421 ه- ق

الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : تیز هوش - قم

المطبعة : ستارة - قم

الكمية : 5000 نسخة

السعر : 8000 ریال

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

قوله :

أبواب السهو والنسیان

باب من نسی تکبیرة الافتتاح

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الولید ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن بکیر ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل أقام الصلاة فنسی أن یکبّر حتی افتتح الصلاة قال : « یعید الصلاة ».

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن الرجل ینسی تکبیرة الافتتاح ، قال : « یعید ».

عنه ، عن فضالة ، وصفوان ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما علیهماالسلام : فی الذی یذکر أنّه لم یکبّر فی أوّل صلاته ، فقال : « إذا

أبواب السهو والنسیان

من نسی تکبیرة الإفتتاح

اشارة

ص: 5

استیقن أنّه لم یکبّر فلیعد ، ولکن کیف یستیقن؟! ».

أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن ذریح بن محمد المحاربی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل ینسی أن یکبّر حتی قرأ ، قال : « یکبّر ».

عنه ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل ینسی أن یفتتح الصلاة حتی یرکع ، قال : « یعید الصلاة ». السند :

فی الجمیع ظاهر ممّا قدّمناه (1) ، غیر أنّه ینبغی أنْ یعلم أوّلاً : أنّ جدّی قدس سره فی درایة الحدیث وثّق أحمد بن محمد بن الحسن بن الولید (2) ، ومأخذ ذلک لم أعلمه إلاّ من تصحیح العلاّمة بعض الطرق الموجود فیها ، وقد سبق فی هذا کلام ، واحتمال الالتفات إلی أنّ أحمد بن محمد من الشیوخ یوجب عدم الفرق بینه وبین غیره من الشیوخ کما لا یخفی ، واحتمال الالتفات إلی إیثار الشیخ الروایة عن أحمد علی غیره فی هذا الکتاب والتهذیب ، فیکون الاعتماد علیه من الشیخ ، محل تأمّل یعرف من الممارسة لطرق الشیخ ، مضافاً إلی مشارکة غیره ، فلیتأمّل.

وثانیاً : أنّ جمیل المذکور ، فی الظاهر أنّه ابن درّاج ؛ لأنّ الراوی عنه ابن أبی عمیر فی الرجال (3) ، وحاله فی الجلالة أظهر من أنْ یبیّن ، واحتمال

بحث حول أحمد بن محمد بن الحسن بن الولید

بحث حول جمیل بن درّاج

ص: 6


1- راجع ص 1153 ، 39 ، 76 ، 1229 ، 104.
2- الدرایة : 128.
3- انظر رجال النجاشی : 126 / 328.

ابن صالح لما یظهر من النجاشی أنّ ابن أبی عمیر یروی عنه ممکن لولا ما فی النجاشی من نوع ارتیاب ؛ لأنّه قال : ابن صالح الأسدی ثقة وجه ، روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، ذکره أبو العباس فی کتاب الرجال ، روی عنه سماعة وأکثر ( ما یروی عنه ) (1) نسخة روایة الحسن بن محبوب أو محمد بن أبی عمیر ، طریق القمیین إلیه ما أخبرنی به الحسین بن عبید الله إلی أن قال عن الحسن بن محبوب عنه به ، وأمّا روایة الکوفیین فأخبرنا محمد بن عثمان إلی أن قال عن ابن أبی عمیر عنه به (2).

ولا یخفی أنّ قوله أوّلاً : أو محمد بن أبی عمیر ، ثم قوله : طریق القمیین إلی قوله : وأمّا روایة الکوفیین ، یقتضی التردد فی الأوّل بالنسبة إلی الراوی عن جمیل ، والجزم فی الثانی بأنّ الراوی کل من الرجلین عنه. ولا یبعد أن یکون النجاشی متوقفاً فی الراوی علی التعیین ، ووجه التوقف کون القمیین یروون عن الحسن بن محبوب عنه ، والکوفیین عن ابن أبی عمیر عنه ، إلاّ أنّه غیر خفی إمکان الجمع بین الأمرین فلا وجه للتوقف من هذه الحیثیة ، ولا یبعد أن یکون « أو » فی النسخة التی وقفت علیها وإن تکثرت (3) غیر صحیحة ، وإنّما هی روایة الحسن بن محبوب وابن أبی عمیر ، ثم إنّه ذکر روایة القمیین والکوفیین لبیان أنّ الروایتین مختلفتان من جهة الرواة.

ثم إنّ قوله : روی عنه سماعة وأکثر ما یروی عنه نسخة ، إلی آخره. لا یخلو من إجمال أیضاً ؛ لأنّ لفظ « نسخة » إمّا أن یکون جمعاً أو مفرداً ،

بحث حول جمیل بن صالح الأسدی

ص: 7


1- فی المصدر : ما یُری منه.
2- رجال النجاشی : 127 / 329.
3- فی « رض » : تکرّرت.

وعلی التقدیر فسماعة فی أوّل الکلام ظاهر فی أنّه یروی عن جمیل ، وقوله : وأکثر ما یروی ، إنْ رجع إلی سماعة علی معنی أنّ أکثر ما یروی عنه سماعة نسخة روایة الحسن بن محبوب ، إلی آخره. ففیه : أنّ سماعة غیر مذکور فی الطرق إلی الحسن بن محبوب وابن أبی عمیر ، وإنْ کان فاعل یروی مجهولاً « ونسخة » نائب الفاعل یشکل بأنّ الحسن بن محبوب وابن أبی عمیر معلومان ، علی أنّ ذکر روایة الحسن خالیة من الفائدة ، فلیتأمّل.

ثم إنّ التوثیق من النجاشی ربما یظن رجوعه إلی أبی العباس ، وفیه اشتراک (1) کما تقدم بیانه بین ابن نوح وابن عقدة ، وإن کان احتمال ابن نوح له قرب ، حیث إنّه شیخ النجاشی ، مع احتمال أن یعود ضمیر « ذکره » لکونه روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام .

وأمّا ثالثاً : فذریح کما تری فی السند ابن محمد ، وهو کذلک فی النجاشی (2) ، وفی الفهرست ذریح المحاربی (3) ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ ذریح بن یزید المحاربی (4) ، والنجاشی قال : ذریح بن محمد بن یزید (5) ، والأمر سهل کما لا یخفی ؛ إذ لا ریب فی الاتحاد ، والاختلاف فی النسبة کثیر الوقوع.

وما عساه یقال : إنّ الشیخ قد وثق الرجل فی الفهرست (6) ، والنجاشی لم یذکر توثیقه (7) ، ومن المستبعد اطلاع الشیخ علی ما لم یطلع

بحث حول ذریح المحاربی

ص: 8


1- انظر هدایة المحدثین : 288.
2- رجال النجاشی : 163 / 431.
3- الفهرست : 69 / 279.
4- رجال الطوسی : 191 / 1.
5- رجال النجاشی : 163 / 431.
6- الفهرست : 69 / 279.
7- رجال النجاشی : 163 / 431.

علیه النجاشی ، یمکن الجواب عنه ، لکن لا یخفی أنّ للکلام مجالاً.

وفی الفقیه روی فی الصحیح عن عبد الله بن سنان قال : أتیت أبا عبد الله علیه السلام فقلت : جعلنی الله فداک [ ما معنی ] قول الله عز وجل ( ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) ؟ قال : « أخذ الشارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلک » قال : قلت : جعلت فداک فإنّ ذریحاً المحاربی حدّثنی عنک أنک قلت ( لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) لقاء الإمام ، ( وَلْیُوفُوا نُذُورَهُمْ ) تلک المناسک ، قال : « صدق ذریح وصدقت ، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ، ومن یحتمل ما یحتمل ذریح؟! » (1).

وقد کان الوالد قدس سره یعتمد علی ذریح بسبب انضمام الخبر المذکور إلی توثیق الشیخ بناءً علی أصله من اعتبار تزکیة الشاهدین فی الراوی (2).

وربما یقال علیه : إنّ الأصل علی تقدیر تمامه یشکل الاعتماد علی الرجل بهذه الروایة ؛ لأنّ الشیخ إذا استبعد اطلاعه علی ما لم یطلع علیه النجاشی فالروایة لا تدل علی التوثیق المعتبر فی الروایة ، ولا یخفی إمکان الجواب بعد ملاحظة کنه الروایة ، أمّا تمامیة اعتماد الوالد قدس سره فلا یخلو من تأمّل.

وله قدس سره کلام فی الأصل المذکور أوضحه فی المنتقی والمعالم (3) ، إلاّ أنّه محل بحث ؛ لا لما ذکره بعض محققی المعاصرین سلّمه الله حیث أتی الوالد قدس سره بأنّ التزکیة ( شهادة فیعتبر ) (4) فیها التعدد کغیرها من

ص: 9


1- الفقیه 2 : 290 / 1437 ، ما بین المعقوفین من المصدر. والآیة فی سورة الحج : 29.
2- منتقی الجمان 1 : 16.
3- منتقی الجمان 1 : 16 ، معالم الدین : 204.
4- بدل ما بین القوسین فی « فض » : زیادة فیفسر.

الأحکام (1). فاعترض علیه بأنّ هذه الدعوی غیر بیّنة ولا مبیّنة (2) ؛ لإمکان الجواب بأنّ الدعوی بیانها موکول ( إلی جوابه عن حجة المکتفی بالواحد ، وقد یؤیّده (3) النهی ) (4) عن اتباع الظن بقول مطلق ، فإذا خرج منه شهادة الشاهدین بالإجماع بقی ما عداه ، ومن جملته تزکیة الواحد ، وعموم الآیة بسبب المفهوم یخص بما ذکر.

وما قد یقال : إنّ آیات النهی عن الظن مخصوصة بالعقائد ، فیه : أنّ بعضها ممکن فیه ذلک للسیاق ، أمّا جمیعها فلا.

وما عساه یقال : إنّ النهی عن الظن فیها یقتضی عدم العمل بها لإفادتها الظن ، قد ذکرنا جوابه ( فی أول الکتاب وغیره مما حاصله أن التخصیص ممکن بالنهی عن اتباع الظن فی غیرها جمعاً.

بل إنّما (5) وجه البحث احتمال کون التزکیة خبراً فیدخل فی مفهوم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ ) وفیه إشکال ذکرناه فی الرسالة المفردة ) (6) وهذا البحث وإن کان موضعه بالذات الأُصول ، إلاّ أنّ له مناسبة هنا.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الضمیر فی قوله : عنه عن الحسن بن علی ابن یقطین ، فی الظاهر یرجع إلی أحمد بن محمد بن عیسی ، وفی التهذیب « وعنه » بالواو بعد أن سبق منه : وعنه عن فضالة ، وعنه عن ابن

ص: 10


1- منتقی الجمان 1 : 17.
2- انظر الحبل المتین : 271.
3- فی « رض » و « فض » زیادة : من.
4- بدل ما بین القوسین فی « م » : إلی ما أجاب به عن حجة المکتفی بتزکیة الواحد کما أوضحنا القول فیه فی رسالة مفردة ویؤید قول الوالد قدس سره وجود النهی.
5- فی « فض » : إتمام.
6- بدل ما بین القوسین فی « م » : فی مواضع وتمام القول فی الرسالة المشار إلیها.

أبی عمیر (1) ، وقد یظن منه العود إلی الحسین بن سعید ، والضمیر فی « عنه » أوّلاً هنا للحسین بن سعید ، ومن الرجال لا یستفاد روایة أحمد بن محمد ابن عیسی عن الحسن ولا الحسین بن سعید عن الحسن ، لکن المرتبة قریبة ، والأمر سهل علی کل حال.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی إعادة الصلاة بنسیان تکبیرة الافتتاح ، وظاهر العلاّمة فی المنتهی دعوی الإجماع علی ذلک (2). وقد ینظّر فی الإجماع ( بأنّ ظاهر الصدوق فی الفقیه العمل بمضمون الخبر الآتی کما سنذکره (3) ، إلاّ أن یقال : الإجماع ) (4) بعد الصدوق ، وفیه ما فیه. وما تضمنه الخبر من قوله : حتی افتتح ، کأنّ المراد به حتی شرع فی القراءة ، ویحتمل إرادة التوجه المطلوب فی أوّل الصلاة ، ویحتمل أن یکون المراد نسیان تکبیرة الافتتاح والتعبیر بلفظ « حتی » قابل للتوجیه ، وفی بعض النسخ « حین » ولا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ الأکثر ما نقلناه.

والثانی : واضح الدلالة علی البطلان مع النسیان.

والثالث : کذلک ، إلاّ أنّ قوله علیه السلام : « ولکن کیف یستیقن » قیل إنّه استفهام إنکاری یتضمن استبعاد عدم التکبیر ، وله وجه ، غیر أنّه یحتمل أن یراد أنّ ترک السبع تکبیرات جملةً مستبعد ، فإذا أوقع بعضها کفی ، وفیه

بیان ما دل علی وجوب الإعادة بنسیان تکبیرة الافتتاح

ص: 11


1- التهذیب 2 : 143 / 560.
2- المنتهی 1 : 408.
3- انظر ص 1760.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

ما یأتی.

والرابع : واضح الدلالة علی إعادة التکبیر إذا نسیه حتی قرأ ، أمّا إعادة القراءة فلا دلالة فیه علیها ، کما لا دلالة له علی الإعادة بعد الرکوع.

والخامس : یدل علی الإعادة بعد الرکوع ، فیخص به غیره فی الجملة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبرین الأوّلین تضمّنا الإعادة مع النسیان ، وقد یستفاد منهما الإعادة مع العمد بطریق أولی لو احتیج الأمر إلی ذلک وعملنا بمفهوم الموافقة.

والثانی : تضمن نسیان تکبیرة الافتتاح ، وفیه دلالة علی أنّه لا بدّ من قصد الافتتاح بواحدة من السبع ، أو لا بدّ من الإتیان بالسبع لتکون تکبیرة الافتتاح فی جملتها ، فلا یتحقق نسیانها ، ویحتمل ادعاء ظهور إرادة الأوّل من النسیان.

وما عساه یقال : إنّ ما دلّ من بعض الأخبار علی أنّ من أراد الصلاة یکبّر بعد الإقامة ثلاثاً واثنتین واثنتین ثم یقول : وجّهت وجهی ، إلی آخره. یدل علی أنّ مجرد فعل السبع کافٍ فی الصحة من دون قصد الافتتاح ، لأنّه علیه السلام بیّن للحلبی کیفیة الدخول فی الصلاة (1) ، فلو کان القصد بالتکبیرة للافتتاح واجباً لذکره.

یمکن الجواب عنه بأنّ متن الروایة المذکورة « إذا افتتحت الصلاة فارفع یدیک ثم ابسطها بسطاً ثم کبّر ثلاث تکبیرات ثم قل » إلی آخره. ولا یبعد استفادة قصد الافتتاح فی الأوّل من قوله : « إذا افتتحت الصلاة » إذ

هل یعتبر قصد الافتتاح بإحدی التکبیرات؟

ص: 12


1- الکافی 3 : 310 / 7 ، التهذیب 2 : 67 / 244 ، الوسائل 6 : 24 أبواب تکبیرة الإحرام ب 8 ح 1.

المراد أردت افتتاح الصلاة ، وهذا القصد کاف ، والمستفاد من معتبر الأخبار أنّ الاولی تکبیرة الافتتاح ، وحینئذ یتم المطلوب.

وقد یقال : إنّ غایة ما یدل علیه الخبر إرادة الافتتاح بمجموع التکبیرات بتقدیر فهم القصد ، والقائل بالاکتفاء فی تکبیرة الافتتاح بهذا غیر معلوم ، ولو سلّم فالخبر تضمن مجموعة ذکر السبع ، فلا دلالة فیه علی تعیین الاولی.

وعلی تقدیر إرادة الافتتاح من التکبیر الأوّل لا دلالة علی الاولی ، والخبر المتضمن للأُولی وهو خبر زرارة (1) المتضمن لقصة الحسین علیه السلام لا یخلو من إجمال کما یعلم من مراجعته فی حاشیة التهذیب.

ثم إنّ فی الخبر المنقول عن الحلبی « ثم تکبر تکبیرتین ، ثم تقول : وجّهت وجهی » إلی آخره وغیر خفی أنّ التکبیر مرّتین یتناول الإتیان بهما بالوصل فی الثانیة والقطع ، فما قاله شیخنا قدس سره (2) من أنّ الآتی بالنیّة لفظاً إن وصل خالف المنقول ، وإن قطع خالف اللغة ( مع المقارنة وبدونها بطلت صلاته ) (3) محل تأمّل یعرف وجهه ممّا قلناه.

نعم فی بعض الأخبار الإتیان بالتکبیر بالقطع ، وهو لا ینافی غیره ، وإذا تحققت هذا یتضح لک ما أشرنا إلیه من الاحتمال فی قوله علیه السلام : « وکیف یستیقن » فی الخبر الثالث.

أمّا ما تضمنه الخبر الثالث أیضاً من قوله : إنّه لم یکبّر فی أوّل صلاته ، إلی آخره. فمحتمل لأن یراد بالأوّل أوّل أفعال الصلاة الواجبة ،

ص: 13


1- الفقیه 1 : 199 / 918 ، الوسائل 6 : 21 أبواب تکبیرة الإحرام ب 7 ح 4.
2- المدارک 3 : 319 320.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

فیدل علی أنّ تکبیرة الافتتاح الأخیرة من السبع ، ویحتمل أن یراد بالأوّل بعد الإقامة فلا یدل ( علی ما دل ) (1) علیه الاحتمال الأوّل ، لکنه یدل علی أنّ الإتیان بتکبیرة الافتتاح فی أحد السبع کافٍ ، إلاّ أن یحمل علی إرادة عدم التعرض للسبع.

وعلی تقدیر الاحتمالین لا صراحة للخبر فی الدلالة علی أنّ الأخیرة من السبع تکبیرة الإحرام ، وقد یدعی الظهور ، فما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من عدم الوقوف علی ما یقتضی ذلک (2) ، محل تأمّل ، مضافاً إلی ما ذکرناه فی حاشیة التهذیب من دلالة بعض الأخبار أیضاً ، فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل ینسی أن یکبّر حتی دخل فی الصلاة ، قال : « ألیس کان من نیته أن یکبّر؟ » قلت : نعم ، قال : « فلیمض فی صلاته ».

سعد ، عن أبی جعفر ، عن علی بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز بن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قلت له : الرجل ینسی أوّل تکبیرة من الافتتاح فقال : « إن ذکرها قبل الرکوع کبّر ثم قرأ (3) ، وإن ذکرها فی

ص: 14


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- البهائی فی الحبل المتین : 221.
3- فی الاستبصار 1 : 352 / 1331 زیادة : ثم رکع.

الصلاة کبّرها فی قیامه فی موضع التکبیر قبل القراءة وبعد القراءة » قلت : فإن ذکرها بعد الصلاة ، قال : « فلیقضها ولا شی ء علیه ».

علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن الحسین بن عثمان ، عن سماعة بن مهران ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل قام فی الصلاة ونسی أنْ یکبّر فبدأ بالقراءة ، قال : « إن ذکرها وهو قائم قبل أن یرکع فلیکبّر ، وإن رکع فلیمض فی صلاته ».

فالوجه فی هذه الأخبار أنْ نحملها علی من یشک فی تکبیرة الافتتاح ولا یذکرها ذکراً یقیناً ، فإنّه إذا کانت هذه حاله فإنّه یکبّر ما لم یرکع استظهاراً ، فإذا رکع مضی فی صلاته لأنّه قد انتقل إلی حالة اخری ، ولو کان [ علم (1) ] علماً یقینا لکان علیه إعادة الصلاة حسب ما قدّمناه فی الأخبار الأوّلة.

السند :

فی الجمیع قدّمنا فی رجاله ما فیه کفایة عن الإعادة (2).

فالأوّل صحیح. وکذا الثانی علی ما قدّمناه فی حریز (3) ، وأبو جعفر فیه أحمد بن محمد بن عیسی علی ما مضی القول (4) فیه نقلاً عن العلاّمة فی الخلاصة (5). ووجود روایة فی الکافی مشتمل سندها علی سعد عن

أبو جعفر الذی یروی عنه سعد هو أحمد بن محمد بن عیسی

ص: 15


1- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 352.
2- راجع ص 1350 ، 39 ، 51.
3- راجع ص 38.
4- راجع ص 121.
5- الخلاصة : 13 و 14.

أبی جعفر مفسراً بغیر أحمد کما تقدم (1) لعلّه لا یضر بالحال ؛ لما یعرف من ممارسة کتابی الشیخ.

والثالث : واضح الحال بأبی بصیر. والطریق إلی علی بن مهزیار فی مشیخة الکتاب : عن المفید ، عن محمد بن علی بن بابویه ، عن أبیه ومحمد بن الحسن ، عن سعد والحمیری ومحمد بن یحیی وأحمد بن إدریس کلهم ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف (2).

المتن :

فی الأوّل : وإن کان ظاهراً فی النسیان الدال علی تحقق الترک إلاّ أنّه لا بُدّ من التأویل علی تقدیر بطلان الصلاة بترک تکبیرة الإحرام مطلقاً. وما ذکره الشیخ من الحمل علی الشکّ وإن بعد لا یخلو من وجه ، غیر أنّ الدخول فی الصلاة بتقدیر النسخة التی نقلت منها وهی ما فیها لفظ « حتی » إن أرید به الدخول فی القراءة أمکن التوجیه ؛ لدلالة معتبر بعض الأخبار علی أنّ الشک فی التکبیر مع القراءة لا یلتفت إلیه ، وستسمعه عن قریب (3) ، ولو أُرید بالدخول ما یتناول التوجه قبل القراءة یشکل بعدم معلومیة القائل به ، وإن کان فی نظری القاصر إمکان دعوی تناول النصّ المشار إلیه لما ذکر ، وتوضیح الحال یتوقف علی ذکر الخبر وسنذکره بعد نقل فائدة شیخنا قدس سره علی الکتاب.

أمّا علی تقدیر النسخة الأُخری ، وهی « حین دخل » فالذی یظن أنّها

طریق الشیخ إلی علی بن مهزیار

توجیه ما دل علی أنّ ناسی تکبیرة الإحرام یمضی فی صلاته

ص: 16


1- راجع ص 121.
2- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 338.
3- انظر ص 1755.

الصواب. لکن الأکثر علی خلافها ، والمعنی علی النسخة ظاهر (1).

أمّا ما تضمنه الخبر من قوله علیه السلام : « ألیس کان من نیّته » إلی آخره.

ففی الظاهر أنّه لا یوافق تأویل الشیخ ؛ لأنّ الشک مع الدخول فی الصلاة لا یلتفت إلیه (2).

ولا یبعد أن یوجّه بأنّ المقصود بیان عدم الالتفات للشک بتقدیر الدخول فی القراءة ونحوها بنوع تقریب وإنْ کان مجرد الدخول کافیاً ، علی أنّه لا یبعد تخصیص ما دلّ علی عدم الالتفات للشک بعد الدخول فی فعل بمن کان ناویاً قبله الفعل ، عملاً بمقتضی الخبر. وعدم التصریح به فی کلام من رأینا عبارته لا یضرّ بالحال ، إلاّ أنّ الخبر غیر صریح فی الشک ، وحینئذ لا یقع فی القول.

ولو حمل النسیان علی توهّم النسیان ، کما قد یفیده عبارة بعض محققی المعاصرین سلّمه الله حیث قال فی معنی الحدیث : إنّه یراد به أنّ من قام إلی الصلاة قاصداً افتتاحها بالتکبیر ، ثم لمّا تلبّس بها خطر له أنّه نسی التکبیر فإنّه لا یلتفت ؛ لأنّ الظاهر جریانه علی ما کان قاصداً وعدم افتتاحه الصلاة بغیر التکبیر ، فیکون هذا من المواضع التی یرجّح فیها الظاهر علی الأصل (3). انتهی.

وإنّما ذکرنا الوهم فی ظاهر کلامه لأنّ إرادة غیره لا وجه لها. وفی نظری القاصر أنّ کلامه سلّمه الله محل تأمّل أیضاً ؛ لأنّ خطور النسیان إن أُرید به الوهم فترجیح الظاهر علی الأصل لا وجه له ، لأنّ الأصل لا یصلح

ص: 17


1- فی « م » زیادة : حاصله نسی تکبیرة الافتتاح.
2- فی « م » زیادة : سواءً کان فی النیّة أوّلاً الفعل أم لا.
3- البهائی فی الحبل المتین : 220.

دلیلاً للوهم ، ولو أُرید تحقق الترک فالظاهر لا وجه لمعارضته الأصل ، بل الأصل لا وجه له بعد التحقق ، ولو أُرید الشکّ کما ذکره الشیخ فالأصل لا وجه له بعد حکم الشارع بعدم الالتفات للشک بعد الدخول فی الفعل ، ولعلّ ما قدّمناه من التقریب أولی ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه یمکن حمل النسیان علی عدم علم التکبیر ، بمعنی أنّه لم یخطر فی باله التکبیر ، لا أنّه علم عدم التکبیر ، واستعمال النسیان فی مثل هذا لا مانع منه ؛ إذ عدم ذکر شی ء نوع منه ، غایة الأمر أنّ التعبیر بقوله : « نسی أن یکبّر » لا

یفی به ، لکن التأویل لا بدّ منه ، فلا یضر مخالفة الظاهر. وحینئذ یمکن حمل التعلیل علی أنّ المقصود به إزاحة ظن دخوله فیمن نسی التکبیر علی معنی تحقق ترکه ، لکن لا یخفی أنّ اللازم من هذا کون من لم ینو التکبیر أوّلاً لا بُدّ من استحضاره التکبیر فی أثناء الصلاة ، فلو حصل له الشکّ لزم إعادة الصلاة وإن دخل فی القراءة ، وهو واضح الإشکال ، إلاّ أن یقال : إنّ التعلیل خاص فلا یعم (1).

وأمّا الثانی : فالذی یقتضیه قوله : ینسی أوّل تکبیرة من الافتتاح ، أن تکون تکبیرة الإحرام هی الاولی من السبع ، بل ربما دلّ التقریر من الإمام علیه السلام علی تحتم کونها الأولی ، وقد نقل الإجماع علی التخییر فی السبع أیّها اختار المصلّی جعلها تکبیرة الافتتاح (2) ، وقدّمنا ما یدل علی الأخیرة فی الجملة ، وأشرنا إلی أنّ فی التهذیب روی الشیخ ما یدل علی الأخیرة أیضاً (3).

دلالة روایة زرارة علی أنّ تکبیرة الإحرام هی الأُلی من السبع

ص: 18


1- فی « م » زیادة : وفی هذا دقة لا ینبغی الغفلة عن تدقّقها.
2- انظر الحبل المتین : 221.
3- راجع ص 1748.

ویمکن أن یحمل الخبر علی أنّ قوله : أوّل تکبیرة من الافتتاح ، (1) المراد به تکبیرة الافتتاح سواء کانت فی الأوّل أو غیره ، وذکر الأوّل لإخراج تکبیرة الرکوع والسجود ، وحینئذ یکون قوله : من الافتتاح بیاناً للتکبیرة.

وفیه : أنّ تکبیرة الافتتاح علی تقدیر وحدتها لا وجه لجعلها أوّلاً إلاّ بتکلّف.

وما ذکره الشیخ من الحمل علی الشک لا یخلو من تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلأنّ من شک فی التکبیر وقد قرأ لا یلتفت علی ما یقتضیه خبر زرارة المعتبر ، کما أشار إلیه شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب ، حیث قال : مقتضی هذا الحمل أنّ من شک فی التکبیر وقد قرأ یأتی بالتکبیر ما لم یرکع ، وهو خلاف ما صرّح به الأصحاب ویدلُّ علیه صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام ، حیث قال فیها : رجل شک فی التکبیر وقد قرأ ، قال : « یمضی » انتهی.

وهذا الکلام منه وإن کان یحتمل المناقشة من حیث إنّ الحکم إذا لم یکن إجماعیاً لا یضر بالشیخ ، بل له أن یقول : تعارض خبر زرارة والخبر المبحوث عنه یقتضی جواز التکبیر إذا قرأ ، وربما یدل علیه قوله : استظهاراً ، وإن احتمل کلام الشیخ أن یرید لزوم التکبیر قبل الرکوع من قوله : لأنّه قد انتقل ، إلی آخره. فإنّه یعطی أنّ الانتقال المقتضی لعدم التکبیر هو الرکوع ، إلاّ أنّ قوله سابقاً : استظهاراً ، قد یفید عدم اللزوم.

ویختلج فی البال أنّ خبر زرارة لا یدل علی انحصار عدم الالتفات إلی الشک بالقراءة ، بل لو وقع الشک بعد التوجه المطلوب فی الصلاة أمکن مساواته للقراءة ؛ لأنّ آخر الروایة : « یا زرارة إذا خرجت من شی ء ثم

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دل علی أنّ ناسی التکبیرة إن ذکرها قبل الرکوع کبّر وإلاّ فلیمض

ص: 19


1- فی النسخ زیادة : علی أنّ ، حذفناها لاستقامة العبارة.

دخلت فی غیره فشکک لیس بشی ء » (1) وهذا وإن احتمل أن یعود لما سأل عنه زرارة من الشک فی التکبیر وقد قرأ ، والقراءة وقد رکع ، إلی غیر ذلک من المسئول عنه ، إلاّ أنّه یحتمل احتمالاً یظن ظهوره أن یکون علیه السلام أراد بیان قاعدة کلیة لما سأل عنه وغیره ، ولو نوقش فی الظهور أمکن الإحالة فی الجواب علی الإنصاف.

وإذا عرفت هذا فیتوجه علی الشیخ ثانیاً : أنّ الروایة تضمنت أنّه إذا ذکرها فی الصلاة کبّرها فی قیامه فی موضع التکبیر قبل القراءة أو بعدها فإن حملها علی الشک فی الجمیع لزم نوع تدافع ؛ إذ یقتضی أوّلها عدم التکبیر بعد الرکوع ، والحال أنّ بعضها یفید التکبیر مطلقاً.

ولو حمل التکبیر فی الصورة الثانیة علی الاستحباب کما قد یشعر به قوله علیه السلام : « قبل القراءة أو بعد القراءة » توجه علیه احتمال إرادة التکبیر واجباً سواء کان قبل القراءة أو بعدها ثم القراءة بعدها ، والاعتماد علی فهم هذا من أوّل الروایة حیث قال : « ثم قرأ » غیر بعید.

غایة الأمر إمکان أن یقال : إنّ قوله : « کبّرها فی موضع التکبیر » مجمل ؛ إذ یحتمل أن یراد کبّرها قبل الرکوع الأوّل ، إذ هو موضع التکبیر فی الجملة ، ویحتمل أن یراد کبّرها فی حال القیام المشروط به التکبیر ، فلا یکبّرها جالساً ولا فی غیر القیام المعتبر ، ویحتمل أن یکون قوله : « وإن ذکرها فی الصلاة » وصلیاً لما قبله ، والمعنی : إن ذکرها قبل الرکوع کبّر ثم قرأ وإن کان ذکرها فی الصلاة ، وقوله : « کبّرها فی قیامه » بیان لأوّل الکلام ، وقوله : « قبل القراءة أو بعدها » یراد به القراءة فی الأُولی.

ص: 20


1- التهذیب 2 : 352 / 1459 ، الوسائل 8 : 237 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 23 ح 1.

وفی الظن أنّ الشیخ فهم هذا من الروایة ، ولولاه لکان قوله بعد الرکوع : قد انتقل ، لا وجه له ، ولو حمل علی الاستحباب کان أشد بعداً ، بل لا وجه له.

ویتوجه علی الشیخ ثالثاً : أنّ ما تضمنه آخر الروایة من قوله : « فلیقضها » إمّا أن یراد به قضاء التکبیرة والقائل بذلک غیر معلوم إلاّ من الشیخ إن کان ما یذکره هنا یصلح لذلک ، وإن عاد إلی الصلاة لا یتم الحکم ؛ لأنّ مع الشک لا وجه للإعادة کما لا یخفی.

ومن العجب ما اتفق للشیخ فی التهذیب أنّه ذکر هذه الروایة فی مقام التأیید لبطلان الصلاة مع الإخلال بتکبیرة الإحرام ، وفی المتن : قلت : فإن ذکرها ( فی ) (1) الصلاة قال : « فلیقضها » ثم قال الشیخ : قوله علیه السلام : « فلیقضها » یعنی الصلاة ، ولم یرد التکبیرة وحدها (2). وهنا کما تری متن الروایة فیما وقفت علیه « بعد الصلاة » وحملها علی الشک.

ثم إنّه فی التهذیب قال بعد الخبر الأخیر وهو خبر أبی بصیر : إنّ تقدیر الکلام فیه إن ذکرها وهو قائم قبل أن یرکع فلیکبّر ، وإن رکع من غیر أن یذکر فلیمض فی صلاته. قال : ولیس فی الخبر أنّه إذا رکع وهو ذاکر أنّه لم یکبّر فلیمض فی صلاته (3).

ولا یخفی علیک أنّ ما تضمنه کلامه هنا یقتضی أنّ بعد الرکوع لا یلتفت مع الشک ، فبیْن کلام التهذیب وما هنا نوع اضطراب کما یعلم کنهه من راجع الکلامین.

ص: 21


1- فی المصدر : بعد.
2- التهذیب 2 : 145.
3- التهذیب 2 : 145.

وبالجملة : فالأخبار لا تخلو من اضطراب ، وعلی تقدیر الإجماع علی الإبطال مع الإخلال بالتکبیر مطلقاً یشکل الجمع ، وبدونه یحتمل فی البین شی ء ما لا یخفی علی المتأمّل.

وقد وجدت لبعض محققی المتأخرین رحمه الله (1) کلاماً یفید ما ذکرناه من الاحتمال ، وهذه عبارته : ولو لم یکن الإجماع لکان حملها یعنی روایة ابن أبی نصر الدالة علی إجزاء تکبیرة الرکوع عن تکبیرة الإحرام کما یأتی إن شاء الله علی الإجزاء مع تکبیرة الرکوع ، والأول یعنی ما دل علی البطلان علی عدم الإجزاء مع عدمه ، کان جیّداً ، لحمل المطلق علی المقید (2). انتهی. وسیأتی إن شاء الله ما یوضح المقام (3) ، وبالله سبحانه الاعتصام.

قوله :

باب من نسی تکبیرة الافتتاح

هل یجزؤه تکبیرة الرکوع عنها أم لا؟

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن الحسین بن محمد الأشعری ، عن عبد الله بن عامر ، عن علی بن مهزیار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملک و (4) ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال فی الرجل یصلّی فلم

من نسی تکبیرة الافتتاح هل یجزئه تکبیرة الرکوع عنها أم لا؟

اشارة

ص: 22


1- فی « رض » : سلمه الله.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 194.
3- انظر ص 1759.
4- فی الاستبصار 1 : 353 : أو.

یفتتح بالتکبیر ، هل تجزؤه تکبیرة الرکوع؟ قال : « بل یعید صلاته إذا حفظ أنّه لم یکبّر ».

فامّا ما رواه سعد ، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطّاب ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : قلت له : رجل نسی أن یکبّر تکبیرة الافتتاح حتی کبّر للرکوع ، فقال : « أجزأه ».

فالوجه فی هذا الخبر أیضاً ما قلناه فی الأخبار المتقدمة من أنّه لا یتحقق أنّه لم یکبّر تکبیرة الافتتاح ، فإذا کبّر تکبیرة الرکوع أجزأه ذلک عن التکبیرة التی قلنا أن یستظهر بها ، ولو کان یتحقق ترکه لکان لا بدّ من استئناف الصلاة علی ما بیّنّاه.

السند :

فی الأول : واضح الحال بعد ما تکرّر من المقال (1). وأبان فیه لا یخلو من اشتراک (2) ؛ إذ لم أقف من کتب الرجال علی ما یقتضی تعینه ، ولا یبعد ادعاء تبادر ابن عثمان. والحسین بن محمد الأشعری ثقة ، لکن فی النجاشی ابن محمد بن عمران بن أبی بکر الأشعری القمی أبو عبد الله ثقة - إلی أن قال فی روایة کتابه - : عن محمّد بن یعقوب (3). والشیخ فی الفهرست قال : الحسین بن محمد بن عامر الأشعری یروی عن عمّه عبد الله

أبان مشترک

بحث حول الحسین بن محمد الأشعری

ص: 23


1- راجع ص 1061 و 1404.
2- انظر هدایة المحدثین : 6.
3- رجال النجاشی : 66 / 156.

ابن عامر وابن أبی عمیر (1). والنجاشی قال فی ترجمة عبد الله بن عامر : عبد الله بن عامر بن عمران بن أبی عمر الأشعری فی نسخة ، وفی اخری ابن أبی عمیر مصغّراً - إلی أن قال فی الروایة بکتابه - : حدّثنا الحسین بن محمد بن عامر عن عمّه به (2).

ولا یخفی علی من تأمّل الکلام أنّ الحسین بن عامر هو ابن عمران ، لا أنّهما متغایران. أمّا ما قاله الشیخ فلا یبعد أن یکون لفظ « وابن أبی عمیر » سهواً ، وإنّما هو ابن أبی عمر أو عمیر ، والمراد بیان جد عبد الله ابن عامر ، إذ روایة الحسین عن ابن أبی عمیر لا وجه لها ، وقد یحتمل أن یکون الواو سهواً والصواب عن ابن أبی عمیر ، ولعلّ الأوّل أوضح کما یعرف بأدنی ملاحظة.

وأمّا الثانی : فرجاله معلوم الحال.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی أنّ من لم یأت بتکبیرة الافتتاح یعید الصلاة ، لکن لا یخفی أنّ ظاهر السؤال لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ عدم الافتتاح بالتکبیرات إن أُرید به تکبیرة الافتتاح المقصود بها ذلک مع الإتیان ببقیة السبع فالعبارة لا تدل علیه صریحاً بل ولا ظاهراً ، وإن أُرید عدم الإتیان بالسبع یشکل بما لو أتی بالبعض غیر قاصد به الافتتاح.

وفی بعض الأخبار المعتبرة ما یدل علی أنّ السبع یقال لها تکبیر

بیان ما دل علی أنّ ناسی تکبیرة الافتتاح لا تجزئه تکبیرة الرکوع وتوجیه ما یعارضه

ص: 24


1- لم نعثر علیه فی الفهرست ، وفی معجم رجال الحدیث 6 : 73 قال : إذ أن الشیخ لم یتعرض لترجمته فی الفهرست.
2- رجال النجاشی : 218 / 570.

الافتتاح (1) ، ولا یبعد استفادة تکبیرة الإحرام من الروایة بضمیمة الإجماع وإنْ کان فی البین نوع کلام.

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الخبر إذا حمل علی الشک فقد تقدم من الشیخ أنّه یکبّر ما لم یرکع ، وحینئذ فالخبر المبحوث عنه إمّا أن یحمل قوله : کبّر للرکوع ، علی أنّه رکع وإن کان خلاف الظاهر لکن لا بدّ من ذکره ، أو یحمل ما مضی علی ما قبل الرکوع إذا لم یکبّر ، ولم یسبق منه ذلک صریحاً ، والإجمال فی مثل هذا غیر لائق. وقوله هنا : الذی قلنا أن یستظهر بها ، ربما یؤید عدم لزوم التکبیر کما نبّهنا علیه سابقاً.

أمّا ما ذکره بعض محققی المعاصرین سلّمه الله من الحمل علی المأموم إذا نسی التکبیر ثم ذکره حال تکبیر الرکوع أجزأه التکبیر عن الرکوع وتکبیرة الإحرام (2) ، وتوجیهه بأنّ له نظیراً وهو الصلاة علی میت تجب الصلاة علیه ومیت لا تجب الصلاة علیه معاً ، ففیه : أنّه من البُعد بمکان ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع تقتضیه فی الجملة ، وعلی تقدیر تمامه لا یبعد أن یقرب کون الضمیر فی « کبّر للرکوع » محتملاً للرجوع إلی الإمام لوقوع خلاف فی ذلک وتعارض الأخبار ، أمّا التنظیر فهو موقوف علی الثبوت فی غیر المذکور ، ومجرّد الاحتمال لا یسوّغ الفعل.

فإن قلت : قد روی الشیخ فی التهذیب ما یدل علی إجزاء تکبیرة واحدة للرکوع والإحرام إذا جاء المأموم مبادراً والإمام راکع ، والروایة عن

ص: 25


1- الفقیه 1 : 200 / 920 ، الوسائل 6 : 22 أبواب تکبیرة الإحرام ب 7 ح 6 و 7.
2- البهائی فی الحبل المتین : 221.

عبد الله بن معاویة بن شریح عن أبیه (1).

قلت : الروایة لا تخلو من ضعف بجهالة بعض رجال السند وغیرها ، ومع ذلک فی دلالتها علی حکم الناسی تأمّل ، وقد نقل الصدوق الروایة المبحوث عنها فی الفقیه وظاهره العمل بمضمونها (2) ، فلا یکون الحکم إجماعیاً إلاّ بتقدیر الإجماع بعده ، وفیه ما فیه ، وقد ذکرنا فی حاشیة الفقیه ما لا بدّ منه ، فمن أراده وقف علیه.

قوله :

باب من نسی القراءة

أخبرنی الحسین بن ( عبید الله (3) ، عن عدة من أصحابنا ، عن محمد بن یعقوب ، عن محمد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ) (4) حماد بن عیسی ، عن ربعی بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « إنّ الله عزّ وجل فرض الرکوع والسجود ، والقراءة سنّة ، فمن ترک القراءة متعمداً أعاد الصلاة ، ومن نسی القراءة فقد تمت صلاته ولا شی ء علیه ».

عنه ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن یونس بن یعقوب ، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی صلّیت المکتوبة فنسیت أنْ أقرأ فی صلاتی

من نسی القراءة

اشارة

ص: 26


1- التهذیب 3 : 45 / 157 ، الوسائل 5 : 449 أبواب صلاة الجماعة ب 49 ح 6.
2- الفقیه 1 : 265 / 1214.
3- فی الاستبصار 1 : 353 / 1335 زیادة : الغضائری.
4- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

کلّها ، فقال : « ألست قد أتممت الرکوع والسجود؟ » قلت : بلی ، قال : « قد تمت صلاتک إذا کنت ناسیاً ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی (1) وفضالة ، عن معاویة ابن عمار ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت : الرجل یسهو عن القراءة فی الرکعتین الأوّلتین فیذکر فی الرکعتین الأخیرتین أنّه لم یقرأ ، قال : « أتم الرکوع والسجود؟ » قلت : نعم ، قال : « إنّی أکره أن أجعل آخر صلاتی أوّلها ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی بصیر قال : « إذا نسی أن یقرأ فی الأُولی والثانیة أجزأه تسبیح الرکوع والسجود ، وإن کانت الغداة فنسی أن یقرأ فیها فلیمض فی صلاته ».

السند :

فی الأوّل : فیه العدّة ، وقد تقدم من الشیخ بیانها فی باب ترتیب الوضوء ، وفیها من یعتمد علیه (2) ، وغیر بعید عدم الاختصاص بالمحل المذکور فیه البیان کما نبهنا علیه فی مواضع مما مضی. وأما محمّد بن إسماعیل فقد تقدم فیه ما یغنی عن الإعادة (3). وغیره لا ارتیاب فیه.

وما ورد فی ذم الفضل بن شاذان ممّا نقله الکشی غیر سلیم الطریق ، مع إمکان حمله علی التقیة.

إشارة إلی بیان العدّة الذین روی عنهم الشیخ بواسطة ابن الغضائری

بحث حول الفضل بن شاذان

ص: 27


1- فی الاستبصار 1 : 353 / 1335 : عن ، بدل « و».
2- راجع ص 348.
3- راجع ص 31.

وذَکَر الکشی روایة الفضل عن جماعة منهم ابن أبی عمیر وصفوان ابن یحیی والحسن بن محبوب والحسن بن فضّال ومحمد بن إسماعیل بن بزیع ومحمد بن الحسن الواسطی ومحمد بن سنان وغیرهم (1) ، ولم یذکر حمّاد بن عیسی ، وإن کان مراده ذکر البعض إلاّ أنّ البعض المذکور لا ینقص حال غیره عنه إن لم یزد ، والأمر سهل.

وفی روایة الفضل عن محمد بن إسماعیل بن بزیع تأیید لأنّ محمد ابن إسماعیل الراوی عن الفضل لیس ابن بزیع ، وإن کان احتمال روایة کل منهما عن الآخر فی حیِّز الإمکان.

والثانی : ضمیر « عنه » فیه لمحمد بن یعقوب. وابن فضال فیه الحسن ، لروایة أحمد بن محمد عنه بکثرة کما یُعلم من الممارسة ، فالخبر موثق بابن فضال ویونس بن یعقوب ، وما یقتضیه کلام النجاشی من رجوع کل منهما عن الفطحیة (2) لا یضرّ بالحال ؛ إذ لم یعلم أنّ الروایة قبل الرجوع أو بعده.

وینبغی أن یعلم أنّ العلاّمة فی الخلاصة بعد أن نقل قول النجاشی عن یونس أنّه قال بعبد الله ثم رجع ، حکی عن أبی جعفر بن بابویه أنّه فطحی فی مقام تعارض الکلامین ، ثم نقل عن الکشی عن حمدویه عن بعض أصحابه أنّ یونس بن یعقوب فطحی کوفی مات بالمدینة وکفّنه الرضا علیه السلام ، وروی الکشی أحادیث حسنة تدل علی حسن عقیدة هذا الرجل ، والذی اعتمد علیه قبول روایته. انتهی (3).

إشارة إلی حال الحسن بن فضّال

بحث حول یونس بن یعقوب

ص: 28


1- رجال الکشی 2 : 821 / 1029.
2- رجال النجاشی : 34 / 72 و 446 / 1207.
3- الخلاصة : 185 / 2.

وناقش بعض الفضلاء العلاّمة بأنّ کلام ابن بابویه لا ینافی قول النجاشی ؛ لجواز أن یکون قول ابن بابویه بالفطحیة قبل الرجوع (1).

ولا یذهب علیک اندفاع المناقشة ؛ لأنّ مثل الصدوق لا یلیق منه الحکم بالفطحیة من دون ذکر الرجوع لو اطلع علیه ، وعدم الاطلاع مع اطلاع النجاشی بعید ، فالتعارض لا ارتیاب فیه.

أمّا کلام الکشی فلا یثمر حکماً بعد الإرسال ، وربما أفاد تکفین الرضا علیه السلام له نوع دلالة علی الرجوع.

وفی بعض أخبار الکشی غیر ما نقله العلاّمة ما هو أوضح دلالةً علی الرجوع.

وقول العلاّمة إنّ الأخبار حسنة غیر واضح کما یعلم من مراجعتها ، ولعلّ المراد بحسنها الدلالة علی مدح یونس ، هذا.

وأمّا الشیخ رحمه الله فقد ذکره فی الفهرست (2) ورجال الصادق علیه السلام من کتابه من دون ذکر الفطحیة والتوثیق ، وفی رجال الکاظم علیه السلام ذکره موثقاً ، وکذلک فی رجال الرضا علیه السلام (3) ، ولا یخلو عدم ذکر الفطحیة من غرابة بعد ذکر ابن بابویه ذلک ، فلیتأمّل.

وأمّا الثالث : فواضح الرجال ، وقد قدمنا فی روایة الحسین بن سعید عن فضالة نوعاً من المقال (4).

والرابع : معلوم مما تکرّر ، وفی شأن رجاله تقرّر (5).

ص: 29


1- حاوی الأقوال 2 : 357.
2- الفهرست : 182 / 800.
3- رجال الطوسی : 335 / 44 ، 363 / 4 ، 394 / 1.
4- راجع ص 1515 و 1525.
5- راجع ص 49 ، 51 ، 78 ، 131 ، 289.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ الرکوع والسجود واجبان من القرآن ، وقد تقدم (1) فی باب الرکوع حدیث عن سماعة أنّه سئل عن الرکوع والسجود ، هل نزل فی القرآن؟ فقال علیه السلام : « نعم قول الله ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا ) » (2).

وربما یستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ السجدتین مفروضتان ، وقد یلزم من ذلک أنّ من ترک الواحدة غیر عامد أعاد ، لما یستفاد من التعلیل فی القراءة ، إلاّ أنّ المستفاد من معتبر الأخبار عدم الإبطال فی الجملة کما سیأتی (3) ، وحینئذ تحمل الروایة علی أنّ المفروض السجود من حیث هو. وللأصحاب کلام فی السجود بالنسبة إلی الرکنیة قد أنهیناه فی حاشیة الروضة.

وما تضمنه الخبر السابق الذی أشرنا إلیه من ذکر الآیة فیه دلالة علی أنّ الأمر للتکرار ، إلاّ أن یقال : إنّ استفادة التکرار من خارج ، وفیه : أنّ استفادة التکرار من السنّة یقتضی أنّ التکرار غیر مفروض ، إذ لا یستفاد من القرآن. وجوابه أنّ السنّة تثبت أنّ القرآن یراد بالأمر فیه التکرار ، فالاستفادة من القرآن بواسطة السنّة ، فلیتأمّل.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من أنّ القراءة سنّة ظاهر فی دفع استدلال جماعة من الأصحاب علی وجوب السورة بالقرآن (4) فی قوله

دلالة روایة محمد بن مسلم علی أنّ الرکوع والسجود واجبان من القرآن

ص: 30


1- راجع ص 1622.
2- الحج : 77.
3- انظر ص 1802.
4- کالمحقق الکرکی فی جامع المقاصد 1 : 111 ، الشهید الثانی فی روض الجنان : 260 ، الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 203.

تعالی : ( فَاقْرَؤُا ما تَیَسَّرَ مِنْهُ ) (1) وقد سلف فیه کلام (2).

والعجب من العلاّمة حیث أطال الکلام فی توجیه الاستدلال بالآیة (3) مع عدم الالتفات إلی هذا الخبر.

وأعجب منه جواب بعض محققی المعاصرین سلّمه الله عن استدلال القائلین بالوجوب بالآیة بأنّه إنما یتم لو کانت ما موصولة لا موصوفة ، بأنّ یکون المعنی فاقرءوا شیئاً تیسّر ، فإنّه یتحقق بقراءة الفاتحة وحدها ، ثم ذکره کلام بعض المفسِّرین فی الآیة ولم یتعرض لهذا الخبر فی الجواب وقد ذکره فی الصحاح ، ووجّهه بأنّ المراد بالفرض ما ثبت فی القرآن ، وبالسنّة ما ثبت وجوبه بالسنّة (4).

أمّا ما تضمنه الخبر من أنّ من ترک القراءة متعمداً أعاد الصلاة ومن نسی ، إلی آخره. فقد یستفاد منه أنّ النسیان یقابل العمد فیتناول السهو ، بل والجهل ؛ إذ الجاهل غیر عامد بنوع من الاعتبار ، ویحتمل أنْ یکون من ذُکر مسکوتاً عنه فی الروایة ، وقد نقل الإجماع علی أنّ من أخلّ بشی ء من واجبات الصلاة عمداً أبطل صلاته (5) ، وصرّح بعض الأصحاب بأنّ من ترک ما یجب فعله جهلاً بوجوبه أبطل صلاته إلاّ الجهر والإخفات ، واستدل علیه بعدم تحقق الامتثال مع الإخلال (6) ، واستثناء الجهر والإخفات قال فی المعتبر : إنّه اتفاق من القائلین بوجوبهما (7) ، وقد تقدم فی خبر زرارة ما

وجوب القراءة ثابت بالسنّة

ص: 31


1- المزمل : 20.
2- راجع ص 1529.
3- المختلف 2 : 161.
4- انظر الحبل المتین : 225 ، وذکر الخبر فی ص 222 ، والتوجیه فی ص 223.
5- کما فی المدارک 4 : 211.
6- کما فی المدارک 4 : 212.
7- المعتبر 2 : 377.

یدل علی أنّ الجاهل فی الجهر والإخفات والناسی والساهی لا شی ء علیه.

أمّا البطلان بترک الواجب جهلاً فربما یقال فیه : إنّ الخبر المبحوث عنه دل علی الإبطال مع العمد ، والجاهل غیر عامد ، ویتوجه علیه ما أشرنا إلیه من أنّ ظاهر الروایة أنّ الناسی یتم صلاته فیبقی ما عداه فی حکم المسکوت عنه ، وإذا تحقق عدم الامتثال یبقی المکلف تحت العهدة.

وما عساه یقال : إنّ المتبادر من المتعمد فی الخبر هو القاصد للفعل أو الترک مع علمه بوجوبه ، لأنّه مقابل الناسی ، ولمّا کان الناسی قاصداً للترک غیر عالم بالمنع کان مقابله العالم القاصد ، وحینئذ لا یکون الجاهل داخلاً فی العامد ، وإذا لم یکن داخلاً فی العامد فالحکم ببطلان صلاته یقتضی أنّ قوله علیه السلام : « فمن ترک القراءة متعمداً أعاد الصلاة » لا وجه للحصر فیه المستفاد من ظاهره.

فجوابه : أنّ الحصر لا وجه له بعد احتمال إرادة بیان فردین من أفراد ، إمّا لأنّ غیرهما غیر مهم ، أو لاحتمال استفادة غیرهما من محل آخر ، أو منهما بنوع من الاجتهاد ونحوه.

وبالجملة : فالمقام لا یخلو من کلام ، إلاّ أنی لم أجد الآن توقفاً فیه لأحد من الأعلام.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ترک القراءة » إلی آخره. ربما یدعی ظهوره فی ترک القراءة کلا أو بعضاً ، إذ لو أُرید الکل لزم أنّ من ترک بعضها عمداً لا تبطل صلاته إذا استدرک ، ولا اعلم الآن القائل به ، وعلی تقدیر الکل فالفرق بین فوات المحل وعدمه غیر مبیّن فی الروایة ، والحال معه لا یخلو من إشکال کالأول ، وعلی تقدیر إرادة الأعم من الکل والبعض قد یشکل فی جهة النسیان ؛ إذ مقتضی الحکم أنّ ناسی القراءة کلا أو بعضاً

بیان ما دل علی أنّ تارک القراءة متعمّداً یعید صلاته وناسیها لا شیء علیه

ص: 32

تمت صلاته وإن کان المحل باقیاً فلا تجب علیه إعادة ما ترک ، وقد صرّح بعض الأصحاب (1) بوجوب الإتیان بالقراءة وأبعاضها للناسی قبل الرکوع ؛ لظاهر الأمر بالقراءة ، وخصوص روایة سماعة الآتیة فیمن نسی فاتحة الکتاب (2) ، وغیر بعید أن یدعی استفادة نسیان مجموع القراءة من ظاهر الخبر ، لکن استفادة ترک المجموع عمداً ربما یضر بالحال ، وبالجملة لا ینبغی الغفلة عن هذا کلّه.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ولا شی ء علیه » ربما دل علی نفی الإثم وسجدتی السهو والقضاء ، فیدفع به القول بسجود السهو لکل زیادة ونقیصة غیر مبطلة ، إلاّ أنْ یقال : إنّ المتبادر هنا غیر سجود السهو ، والحقّ أنّه لو ثبت ما یدل علی سجود السهو لکل نقیصة فالتخصیص ممکن لهذا الخبر بما عدا سجود السهو ، وسیجی ء بیان ما لا بدّ منه فی ذلک إن شاء الله (3).

وأمّا الثانی : فالظاهر منه أنّ من أتم الرکوع والسجود إذا نسی القراءة لا یعید صلاته (4) ، ویستفاد منه إعادة غیر الناسی من العامد والجاهل ، وحینئذ یتأیّد ما قدّمناه فی الخبر الأوّل ، غیر أنّه ربما یقال : إنّ مفاد الخبر إتمام الرکوع والسجود ، فلو حصل نقصان فی أحدهما مع نسیان القراءة لزم إعادة الصلاة ، ولا أعلم الآن القائل بذلک ، إلاّ أنّ غیر العامل بالموثق فی راحة من تکلّف القول فی المقام.

وما تضمنه من قوله : أن أقرأ فی صلاتی کلّها ، الظاهر أنّ المراد

بیان ما دل علی أنّ ناسی القراءة إذا أتمّ الرکوع والسجود لا یعید

ص: 33


1- مجمع الفائدة 2 : 220 221.
2- فی ص 1769.
3- انظر ص 1803.
4- فی « م » زیادة : إذا کان ناسیاً.

بالصلاة الأوّلتان ؛ إذ لو شمل الحکم الأخیرتین حصل نوع إشکال فی الروایة عند العامل بها ، والإجماع علی عدم وجوب القراءة عیناً فی الأخیرتین لا ینفع هنا بالنسبة إلی الناسی کما یعرف من مراجعة أقوال العلماء (1) ، وسیأتی من الشیخ ما ینبّه علی أنّ من نسی القراءة فی الأُولیین لا بدّ له من القراءة فی الأخیرتین (2).

وبالجملة : قد یستفاد من الروایة أنّ ناسی القراءة فی جمیع الصلاة إذا أتم الرکوع والسجود فی الجمیع أیضاً لا یعید ، وبدونه یعید ، والإشکال بعد هذا غیر خفی ، فلیتأمّل.

والثالث : کما تری تضمن السهو عن القراءة فی الأوّلتین ، والذکر فی الأخیرتین أنّه لم یقرأ ، وحقیقة السهو علی ما صرّح به سلطان المحققین فی التجرید مفارقة للنسیان ، والخبران الأوّلان تضمنا النسیان والعمد ، فإن حُمل السهو فی هذا الخبر علی المغایرة أفاد ثبوت مشارکة النسیان للسهو فی الحکم ، ویتحقق ما أسلفناه سابقاً (3) من احتمال أنّ النسیان یقابل العمد فیتناول السهو ، أو أنّ السهو مسکوت عنه فیستفاد من هذا الخبر حکمه ، ولا بدّ قبل بیان ما لا بدّ منه فی جواب الخبر من نقل ما ذکره الشارح الجدید للتجرید فی الفرق بین السهو والنسیان.

وحاصله أنّ للنفس الناطقة بالنسبة إلی مدرکاتها أحوالاً ثلاثة : الإدراک وهو حصول الصورة عندها ، والذهول المسمی بالسهو وهو زوال الصورة عنها بحیث یتمکن من ملاحظتها من غیر تجشم إدراک جدید لکونها

بحث حول حقیقة السهو والنسیان

ص: 34


1- انظر المبسوط 1 : 106 ، المعتبر 2 : 167 ، المنتهی 1 : 276.
2- انظر ص 1768 ، وهو فی الخلاف 1 : 341.
3- فی ص 1764.

محفوظة فی خزانتها ، والنسیان وهو زوال الصورة عنها بحیث لا یتمکن من ملاحظتها إلاّ بتجشم إدراک جدید لزوالها عن خزانتها ، فالسهو حالة متوسطة بین الإدراک والنسیان ، ففیها زوال الصورة من وجه وبقاؤها من وجه (1).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ربما یستفاد من بعض الأخبار ترادف السهو والنسیان ، وفیما نحن فیه قد یکون کذلک. وفی الخبر السابق (2) فی الجهر والإخفات من قوله علیه السلام : « فإن فعل ذلک ساهیاً أو ناسیاً أو لا یدری » إلی آخره ، دلالة علی المغایرة ، وربما یحتمل الترادف أیضاً. وأثر هذا إنّما یظهر لو تغایر الحکم ، ویظهر من کلام المحقق فی الشرائع عدم الفرق بین السهو والنسیان ، لأنّه قال : الخلل الواقع فی الصلاة إمّا عن عمد أو سهو أو شک (3).

والکلام فی الأخبار قد سمعته ، وحینئذ فالجواب المذکور فی الخبر المبحوث عنه من قوله علیه السلام : « أتم الرکوع والسجود » قد قدّمنا فیه القول فی الخبر السابق إلاّ أنّ ما سبق کان له نوع ظهور فی إتمام الرکوع والسجود فی جمیع الصلاة.

وأمّا هذا الخبر فالظهور له فی البعض مع احتمال الجمیع أیضاً علی وجه یساوی غیره ؛ لأنّ ذکره عدم القراءة فی الأوّلتین حال کونه فی الأخیرتین لا یقتضی انحصار إتمام الرکوع والسجود فی الأوّلتین ، بل یحتمل أن یراد أنّ هذا الساهی الذاکر فی الأثناء هل أتم رکوعه وسجوده فی

ص: 35


1- شرح التجرید للقوشجی : 259.
2- راجع ص : 1550.
3- الشرائع 1 : 113.

صلاته جمیعها أم لا؟ ومعه فالإشکال السابق آتٍ هنا.

وقد یمکن أن یقال فی توجیه ظهور الإتمام فی الأوّلتین : إنّ قوله علیه السلام : « إنّی أکره » إلی آخره. له دلالة علی ذلک.

فإنْ قلت : ما معنی قوله علیه السلام : « إنّی أکره » لیدل علی ما ذکر.

قلت : الذی نظن أنّ المکروه فعل القراءة التی فی الأوّلتین فی الأخیرتین لیجعل الآخر الأوّل ، والمعنی أن الأخیرتین ما هو مقرّر لها شرعاً باق علی حاله ، فیفید أنّ ما وقع من نقصان القراءة لا یضر بالحال إذا أتم الرکوع والسجود.

ولا یخفی أنّ ما تضمن جواز القراءة فی الأخیرتین لا ینافیه هذا الخبر ؛ إذ لا دلالة فیه علی تعین عدم القراءة ، بل المنفی فیه عدم القراءة المقررة فی الأوّلتین.

( فإن قلت : إذا کانت السورة مستحبة فلا فرق بین الأوّلتین ) (1) والأخیرتین ؛ إذ الفاتحة تجزئ فی الجمیع ، والحال أنّ الحدیث یستفاد منه الفرق ، فلا بدّ أنْ یقال بتعین قراءة السورة لیحصل الفرق ، فالخبر أوضح دلیل علی وجوب السورة ، فلمَ لا یذکر فی أدلة الوجوب؟!

قلت : لا دلالة فی الخبر علی ما ذکرت ؛ لاحتمال حصول الفرق بقصد القراءة عن الأوّلتین والأخیرتین بتقدیر اختیار القراءة ، أو بقصد تعین القراءة فی الأخیرتین بسبب ترکها فی الأوّلتین ، وبدون ذلک کان فعل القراءة علی وجه التخییر ، أو بجواز فعل السورة مع الفاتحة ولو علی سبیل الاستحباب علی تقدیر قصد القراءة عن الأوّلتین ، بخلاف ما إذا کانت

ص: 36


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

القراءة بقصد الأخیرتین ، فإنّ قصد السورة أو جوازها منتف ، وغیر ذلک من الوجوه التی لا تخفی علی المتأمّل.

وقد یمکن أن یستفاد من الخبر ترجیح التسبیح فی الأخیرتین بنوع من التدبر فی حقیقة الجواب ، والله الموفق للصواب.

وأمّا الرابع : فربما کان فیه دلالة علی أنّ المراد بالإتمام فی الخبرین السابقین الإتیان بتسبیحات الرکوع والسجود ، فعلی هذا لو تم التسبیح وحصل نقص فی الرکوع والسجود من غیر التسبیح لا یضر بالحال ، وإن کان فی کلام من رأینا کلامه من الأصحاب قد هجر بیان جمیع ما ذکرناه ، ولو لا أنّ هذا الخبر لا یستحق صرف العنایة فیه لأوضحنا أحکاماً تستفاد منه ومما سبق.

أمّا قوله : « وإن کانت الغداة » إلی آخره. فلا یبعد أنْ یراد به أنّ الثنائیة لمّا کانت مظنة البطلان بالشک أزاح علیه السلام الحکم بالبطلان فیها مع نسیان القراءة وإن کان حکم الشک غیر حکم النسیان إلاّ أنّ فی بعض الأخبار ما یقتضی اعتبار سلامة الثنائیة من النقص مطلقاً ، والشک نوع منه فی الجملة.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن الذی لا یقرأ بفاتحة الکتاب فی صلاته ، قال : « لا صلاة له إلاّ أن یقرأ بها فی جهر أو إخفات ».

فالوجه فی هذه الروایة أنْ نحملها علی من لم یقرأها متعمداً دون النسیان ، فإنّه لا صلاة له حسب ما فصّلناه فی الأخبار الأوّلة ،

ص: 37

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل یقوم فی الصلاة فینسی فاتحة الکتاب ، قال : « فلیقل : أستعیذ بالله من الشیطان الرجیم إنّ الله هو السمیع العلیم ، ثم لیقرأها ما دام لم یرکع ، فإنّه لا صلاة له حتی یقرأ بها فی جهر أو إخفات ، وإنّه إذا رکع أجزأه إن شاء الله ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبی الجوزاء ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زید بن علی قال : صلّیت مع (1) أبی المغربَ فنسی فاتحة الکتاب فی الرکعة الأُولی فقرأها فی الثانیة.

سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبی نصر ، عن عبد الکریم ابن عمرو ، عن الحسین بن حمّاد ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : أسهو عن القراءة فی الرکعة الأُولی ، قال : « اقرأ فی الثانیة » قلت : أسهو فی الثانیة ، قال : « اقرأ فی الثالثة » قلت : أسهو فی صلاتی کلّها ، قال : « إذا حفظت الرکوع والسجود فقد تمت صلاتک ».

قوله علیه السلام : إذا فاتک فی الأُولی فاقرأ فی الثانیة. لم یرد أن یعید قراءة ما فاته فی الأوّلة ، وإنّما أراد أن یقرأ فی الثانیة والثالثة ما یخصّهما من القراءة ، فأمّا الأوّلة فقد مضی حکمها ، ویکون الوجه فی ذلک أنّ من نسی القراءة فی الرکعتین الأوّلتین فلا بدّ من أن یقرأ فی الثالثة والرابعة ویترک التسبیح الذی کان یجوز له لو قرأ فی الأوّلتین حتی لا تکون صلاته بلا قراءة أصلاً.

ص: 38


1- فی الاستبصار 1 : 355 : خلف.

السند :

فی الجمیع تکرر القول فیه (1) ، فالأوّل صحیح. والثانی ضعیف بعثمان بن عیسی. والثالث ، أبو الجوزاء فیه اسمه منبّه بن عبد الله ، وفی النجاشی أنّه صحیح الحدیث (2) ، والعلاّمة فی فوائد الخلاصة وثّقه (3) ، ولا یبعد أنْ یکون ظن التوثیق من صحیح الحدیث ، والحال أنّ هذا لا یدل علی التوثیق ؛ لأنّ صحة الحدیث عند المتقدمین بمعنی لا یستلزم التوثیق ، نعم فیما بین المتأخّرین لمّا کان الصحیح ما رواه الإمامی الثقة فالإتیان بالصحیح منهم یفید التوثیق ، مع نوع کلام مضی مفصلاً (4).

والنجاشی ذکره أیضاً فی الکنی قائلاً : إنّ کتابه روایة محمد بن الحسن الصفار ، وروی عنه محمد بن عبد الجبار (5). وفی الاسم ذکر أنّ الراوی لکتابة الصفّار (6). وهنا کما تری الراوی سعد ، وإن کانت المرتبة واحدة إلاّ أنّ ظاهر النجاشی حصر الراوی فی من ذکره ، والأمر سهل.

وأمّا الحسین بن علوان ففی النجاشی ما هذا لفظه : ابن علوان ، الکلبی مولاهم ، کوفی عامی وأخوه الحسن ، یکنی أبا محمد ثقة ، رویا عن أبی عبد الله علیه السلام ، إلی آخره (7).

إشارة إلی ضعف عثمان بن عیسی

بحث حول أبی الجوزاء منبّه بن عبد الله

بحث حول الحسین بن علوان

ص: 39


1- راجع ص 76 ، 87 ، 910 ، 1652.
2- رجال النجاشی : 421 / 1129.
3- الخلاصة : 271 / 37.
4- راجع ص 909.
5- رجال النجاشی : 459 / 1252.
6- رجال النجاشی : 422 / 1129.
7- رجال النجاشی : 52 / 116.

وغیر خفی إجمال قوله من جهات ، الأوّل : قوله : وأخوه الحسن ، فإنّه یحتمل أنّ الحسین عامی وأخاه کذلک ، ویحتمل أن یراد أنّ أخاه یکنی أبا محمد وهو ثقة دون الحسین.

والثانی : یحتمل قوله : وأخوه الحسن ، أن یکون إخباراً عن اخوّة الحسن له من دون الإخبار عن المشارکة فی کونه عامیا.

الثالث : یحتمل أنّ قوله : یکنی أبا محمد ، هو یرید به الحسین والتوثیق له دون الحسن ، ولعلّ هذا هو الظاهر ، وقد ذکر النجاشی الحسن قائلاً : إنّه کوفی ثقة ، روی عن أبی عبد الله علیه السلام هو وأخوه الحسین ، وکان الحسین عامیا ، وکان الحسن أخصّ بنا (1).

والعلاّمة فی الخلاصة فی القسم الثانی قال : الحسین بن علوان الکلبی مولاهم کوفی عامی ، وأخوه الحسن یکنی أبا محمد ، رویا عن الصادق علیه السلام ، والحسن أخص بنا وأولی ، قال ابن عقدة : إنّ الحسن کان أوثق من أخیه وأحمد عند أصحابنا (2). انتهی. فلیتأمّل فی کلام النجاشی وکلام العلاّمة.

وفی هذا الکتاب فی باب وجوب المسح علی الرجلین ذکر الشیخ فی ردّ حدیث فیه الحسین بن علوان ومن معه فی باب المسح علی الرجلین ما یقتضی أنّ الحسین إمّا عامی أو زیدی (3).

وأمّا عمرو بن خالد ففی الکشی أنّه عامی (4) ، وفی النجاشی عمرو

بحث حول عمرو بن خالد

ص: 40


1- رجال النجاشی : 52 / 116.
2- الخلاصة : 216 / 6.
3- الاستبصار 1 : 66.
4- رجال الکشی 2 : 687 / 733.

ابن خالد أبو خالد الواسطی روی عن زید (1). ( والشیخ فی رجال الباقر علیه السلام من کتابه قال : إنّه بتری (2). والعلاّمة فی الخلاصة جمع بین کونه روی عن زید ) (3) وأنّه بتری (4). وفیما مضی من هذا الکتاب فی باب المسح علی الرجلین ما یدل علی أنّه زیدی أو عامی. والأمر سهل.

والرابع : فیه عبد الکریم بن عمرو ، وهو واقفی ثقة فی النجاشی (5). وأمّا الحسین بن حماد فهو مهمل فی الرجال (6).

المتن :

فی الأوّل : قد مضی القول فیه مفصّلاً (7) ؛ لتقدمه مع زیادةٍ عمّا هنا واختصار ما فی المتن. وما ذکره الشیخ فی الجمع واضح ، وحصر الشیخ الحکم فی العمد والنسیان قد عرفت ما فیه.

وأمّا الثانی : فزیادة البیان به غیر واضحة ، إلاّ من جهة أنّه إذا رکع أجزأه. وهذا کما تری یدل علی أنّ الأخبار الأوّلة محمولة علی أنّ النسیان مطلقاً لا یؤثر فی الصحة ، بل إذا کان الذکر بعد الرکوع ، فقول الشیخ فی الخبر الأوّل : إنّه محمول علی العمد دون النسیان ، محتاج إلی التفصیل ثم ذکر ما یدل علیه کما هو واضح.

عبد الکریم بن عمرو واقفی ثقة

الحسین بن حماد مهمل

بیان ما دل علی أنّ من لم یقرأ بفاتحة الکتاب لا صلاة لا

ص: 41


1- رجال النجاشی : 288 / 771.
2- رجال الطوسی : 131 / 69.
3- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
4- الخلاصة : 241 / 4.
5- رجال النجاشی : 245 / 645.
6- انظر رجال النجاشی : 55 / 124 ، رجال الطوسی : 169 / 67.
7- راجع ص 1525 1529.

وقد یستفاد من الخبر المبحوث عنه والذی قبله أنّ السورة غیر واجبة.

وما یستفاد من قوله : ینسی فاتحة الکتاب ، من أنّ المراد مجموعها فیکون البعض مسکوتاً عنه جوابه یظهر من الجواب.

نعم ربما یستفاد من قوله : « فی جهر أو إخفات » أنّ ناسی الجهر فی الجهریة والإخفات فی الإخفاتیة علی تقدیر ذکره قبل الرکوع یرجع إلی قراءتها علی الوجه المعتبر.

وفیه : أنّ للخبر معنیین قدّمناهما ، وهما احتمال إرادة الجهریة والإخفاتیة ، أو قراءة الفاتحة جهراً أو إخفاتاً ، ومع الاحتمالین لا یتم المطلوب ، فلیتأمّل.

ویظهر من بعض الأصحاب الرجوع إلی الفاتحة لو نسی الجهر أو الإخفات (1) ، ویدفعه قوله علیه السلام فی صحیح زرارة : « فإن فعل ذلک یعنی الجهر فی موضع الإخفات أو عکسه ناسیاً أو ساهیاً أو لا یدری فلا شی ء علیه » (2).

وقد یتوجه علی هذا شی ء سهل وهو أنّ السؤال فی الروایة عمن وقع منه ذلک فلا (3) یتناول الذاکر قبل الرکوع. وجوابه غیر خفی.

نعم قد یقع الإشکال فی ناسی قراءة بعض الفاتحة جهراً فی موضع الإخفات وعکسه ، وقد ذکرنا ما لا بدّ منه فی حواشی الروضة.

إذا عرفت هذا فما تضمنه الخبر من صورة التعویذ یخالف ما هو المشهور من صورته ، ولم أقف الآن علی ما یقتضی الصورة المشهورة ، ولو

ص: 42


1- انظر المدارک 3 : 378.
2- راجع ص 1550.
3- فی « م » : قد.

صحّ الخبر لکان اتباع مدلوله أولی.

وأمّا الثالث : فما ذکره الشیخ فی تأویله لا بأس به ، إلاّ أنّ فیه اعترافاً بوقوع النسیان من الإمام علیه السلام ، وسیأتی من الشیخ ما ینافیه ، فکان علیه التنبیه علی حقیقة الحال ، ولا یخفی ما فی متن الحدیث من القصور.

أمّا الرابع : فما قاله الشیخ فی توجیهه محل تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلأنّ إرادة ما تخصّ الرکعات من القراءة إنْ کان جمیع الرکعات المذکورة فی السؤال فالثالثة لا تختص بالقراءة ، واختصاصها لمن نسی القراءة فی الأوّلتین علی ما ظنه الشیخ فرع دلالة الروایة علی التعین ، واحتمال إرادة القراءة الفائتة إذا قام لا یتم الاستدلال ، إلاّ أن یقال : إنّه إذا ثبت انتفاء قضاء الفائت فی اللاحق تعیّن أنّ الأمر بالقراءة دون التخییر لأجل نسیان القراءة سابقاً ، وفیه : أنّا إذا حملنا القراءة علی ما یخص یصیر حاصل الجواب : اقرأ فی الثالثة ما یخصها ، وإذا ثبت أنّ ما یخصها الفاتحة علی وجه التخییر بقی الحکم علی ما کان ، فلیتأمّل.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ قوله : أمّا الأوّلة فقد مضی حکمها (1) ، علی الظاهر أن المراد به کون الرکعة الأولی مضی حکمها بسبب النسیان ، وهذا أوّل المدعی ، وعلی تقدیر ثبوته لا وجه لاختصاصه بالأوّلة.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الرابعة لا تستفاد من الروایة ، وکون الصلاة بلا قراءة لو ضرّ بالحال لم یتم الحکم بصحة صلاة الناسی فی جمیع الرکعات إذا أتم الرکوع والسجود. واحتمال أن یقال : إنّ هذا خرج بالنص ، فیه : أنّ الموجب للإتیان بالقراءة فی الأخیرتین غیر مذکور ، إذ الروایة غیر صریحة ،

بیان ما دل علی أنّ من فاتته القراءة فی الأوّلتین قرأ فی الأخیرتین

ص: 43


1- راجع ص 1770.

بل ولا ظاهرة ، وقد یمکن تسدید بعض الوجوه بما لا یخفی.

أمّا ما تضمنته الروایة من قوله : « إذا حفظت الرکوع والسجود » فقد مضی القول فیه (1) ، وما یظن من أنّ ظاهر الروایة اعتبار الإتمام فی ناسی القراءة فی مجموع الرکعات یمکن توجیهه ، إلاّ أنّه لا یضر بالحال بعد دلالة غیره ، وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : من نسی القراءة فی الأوّلتین لم تبطل صلاته (2) ، وإنما الأولی له القراءة لئلاّ تخلو الصلاة من القراءة ، وقد روی أنّه إذا نسی القراءة فی الأوّلتین تعین فی الأخیرتین ، وقال ابن أبی عقیل من نسی القراءة فی الأوّلتین وذکر فی الأخیرتین سبح فیهما ولم یقرأ فیهما شیئاً (3). انتهی.

ولا یخفی دلالة کلام المبسوط علی أنّه فهم من الروایة تعین القراءة فی الأخیرتین ، وقد عرفت الحال ، ولا وجه لعدم ذکر قول الشیخ فی هذا الکتاب من العلاّمة کما هو دأبه من نقل ما فیه لظنه مذهباً للشیخ.

ثم العجب من العلاّمة أنّه ذکر الروایة المبحوث عنها وقال بعد الردّ بضعف السند : إنّا نقول بموجبها ؛ إذ الأمر بالقراءة لا ینافی التخییر ، فإنّ الواجب المخیّر مأمور به.

ووجه التعجب یظهر ممّا ذکرناه من عدم صراحة الروایة ، وقوله : إنّ المخیّر مأمور به ، فیه : أنّ الأمر للوجوب العینی حقیقة ، والتخییر إنّما هو من خارج ، إلاّ أن یدعی إرادته ، هذا ، وفیه : أنّ الکلام لا یدل علیه ، فلیتأمّل.

ص: 44


1- راجع ص 1765 1766.
2- کذا فی جمیع النسخ ، وفی المختلف : تخییره ، بدل صلاته. وکذا فی المبسوط 1 : 2. وهو الصواب.
3- المختلف 2 : 166.

قوله :

باب من نسی الرکوع.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أیقن الرجل أنّه ترک رکعة من الصلاة وقد سجد سجدتین وترک الرکوع استأنف الصلاة ».

عنه ، عن فضالة ، عن رفاعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل نسی أن یرکع حتی یسجد ویقوم ، قال : « یستقبل ».

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن رفاعة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل نسی أن یرکع حتی یسجد ویقوم ، قال : « یستقبل ».

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل نسی أن یرکع ، قال : « علیه الإعادة ».

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن الرجل نسی أن یرکع ، قال : « یستقبل حتی یضع کل شی ء موضعه ».

السند :

فی الجمیع تکرّر القول فیه مفصلاً (1) ، والإجمال أنّ فی الأوّل

من نسی الرکوع

اشارة

ص: 45


1- راجع ص 51 ، 736 ، 121 ، 146.

أبا بصیر ، وهو وإن کان فیه الاشتراک بین الإمامی الثقة وبین الثقة المخلط علی قول والوارد فیه الروایة المعتبرة فی هذا الکتاب فیما یأتی الدالة علی ما یوجب الشک فی الإمام ، إلاّ أنّ روایة صفوان عنه فی الخبر تفید نوع رجحان لحدیثه ، لما ذکره النجاشی فی ترجمة صفوان : من أنّه کانت له منزلة من الزهد والعبادة (1). والشیخ فی الفهرست قال : إنّه أوثق أهل زمانه وأعبدهم (2). فیبعد مع ذلک روایته عن أبی بصیر المخلط بل الشاک. واحتمال کون الروایة لا یقتضی العمل بعید فی المقام. نعم الحقّ أنّ اعتماد الأوائل لیس علی الرواة من حیث هم ، بل علی القرائن المفیدة للصحة.

فإن قلت : صفوان مشترک (3) ، فما المراد هنا؟.

قلت : هو ابن یحیی ، بقرینة روایة الحسین بن سعید عنه. کما یستفاد من الفهرست (4).

والثانی : صحیح علی ما تقدم (5). وکذلک الثالث.

والرابع : ضعیف بابن سنان وأبی بصیر.

( وما عساه. یقال : إنّ روایة الحسین بن سعید مع جلالة قدره کروایة صفوان عن أبی بصیر ، له وجه ، إلاّ أنّ مراتب الرجال متفاوتة علی تقدیر تسلیم ما ذکر فروایة ابن مسکان ربما تؤید رجحان کون أبی بصیر الثقة الإمامی کما ذکره شیخنا قدس سره بل جزم به فی مواضع من مصنفاته. ووالدی قدس سره

بحث حول أبی بصیر

ص: 46


1- رجال النجاشی : 197 / 524.
2- الفهرست : 83 / 346.
3- انظر هدایة المحدثین : 82.
4- الفهرست : 84.
5- راجع ص 49 ، 289 ، 736.

حکی أنّه رأی روایة ابن مسکان عن أبی بصیر عن المذکور. وبالجملة فللکلام فی مثل هذه المواضع مجال واسع ) (1).

والخامس : موثق فی المشهور بین المتأخرین (2). وفیه نوع تأمّل أشرنا إلی وجهه مراراً من أنّ النجاشی لم یذکر أنّه کان فطحیاً (3) ، والشیخ ذکر ذلک (4) ، ومن المستبعد اطلاع الشیخ علی ما لم یطلع علیه النجاشی (5).

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من نوع رکاکة لظهور النقل بالمعنی ، والحاصل أنّ المراد بترک الرکعة ترک الرکوع ، وقوله : « وقد سجد » تفسیر لذلک. ودلالته علی بطلان الصلاة بترک الرکوع ظاهرة. وکذلک الثانی والثالث.

والرابع : ظاهره البطلان بنسیان الرکوع وإن لم یسجد ، وهو مقید بالسجود بلا ریب.

والخامس : کالرابع ، وما قد یقال : إنّ التقیید للخبرین إن کان من الأخبار السابقة ، ففیه : أنّ مفادها السؤال عمن نسی الرکوع حتی یسجد ، وهو لا ینافی البطلان فیما إذا نسی الرکوع ولمّا یسجد. وإن کان من غیرها فأیّ شی ء هو؟. یجاب عنه : بأنّ الدلیل هو الإجماع المدعی علی أنّ ناسی الرکوع إذا ذکره قبل أن یسجد یرجع فیرکع.

بحث حول إسحاق بن عمار

بیان ما دل علی بطلان الصلاة بنسیان الرکوع

ص: 47


1- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « فض ».
2- کما وصفه به العلاّمة فی المختلف 2 : 367.
3- رجال النجاشی : 71 / 169.
4- الفهرست : 15 / 52.
5- راجع ص 79.

وربما یستدل علیه بما رواه الصدوق صحیحاً عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « إذا نسیت شیئاً من الصلاة رکوعاً أو سجوداً أو تکبیراً فاقض الذی فاتک سهوا » (1) وقد ینظر فی الروایة بتناولها قضاء الرکوع بعد السجود ، وجوابه الخروج بالإجماع. والتعبیر بالقضاء عن الإتیان بالفعل کثیر. وقد رواها الشیخ فی التهذیب (2) ، وفی المتن : « فاصنع ».

أمّا ما قد یقال فی الروایة : أنّها واردة فی السهو وهو غیر النسیان ، فیجاب عنه : بما قدّمناه من أنّ ظاهر بعض الأخبار وهذا من جملتها إرادة ما یتناول النسیان من السهو ؛ لأنّ الروایة تضمنت أوّلاً النسیان وثانیاً السهو ، فلا بدّ من إرادة الاتحاد ، إلاّ أن یتکلّف غیره ، فلیتدبّر.

وما یقال : من أنّ ظاهر الروایة قضاء السجود ، وهو شامل للسجدتین من رکعة ، والبطلان بذلک مشهور. ( جوابه : أنّ القضاء إذا أُرید به الإتیان بالفعل لا مانع من فعل السجدتین قبل الدخول فی الرکن ) (3).

وینبغی أن یعلم أنّ نسیان الرکوع إمّا أن یکون لأصله ، علی معنی أن یهوی بقصد السجود حال القیام ، أو یکون بعد الهُویّ للرکوع قبل الانتهاء إلی حدّه ، أو بعد الوصول إلی حدّه ، ففی الأوّل یرجع إلی القیام لاستدراک الهویّ له ؛ إذ هو من الواجبات فیه ولم یقصد ، علی ما قاله بعض الأصحاب (4) ، وعلی الثانی قیل : یقوم منحنیاً إلی حدّ الراکع (5). ویشکل مع

ص: 48


1- الفقیه 1 : 228 / 1007 ، الوسائل 8 : 244 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 26 ح 1.
2- التهذیب 2 : 350 / 1450 ، الوسائل 8 : 238 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 23 ح 7.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- کصاحب المدارک 4 : 234.
5- کما فی المدارک 4 : 234.

تحقق صورة الرکوع ، لاستلزام العود زیادة الرکن ، لأنّ الرکوع حقیقة هو الانحناء المخصوص والبواقی من واجباته ، إلاّ أن یقال : إنّ الرکن الشرعی مجموع ما أعدّه الشارع ، وفیه ما فیه. ولو اشتبه الحال فی محل النسیان فإشکال.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن الحکم ابن مسکین ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام : فی رجل شک بعد ما سجد أنّه لم یرکع ، قال : « فإن استیقن فلیلق السجدتین اللتین لا رکعة لهما فیبنی علی صلاته علی التمام ، وإن کان لم یستیقن إلاّ بعد ما فرغ وانصرف (1) فلیصلِّ رکعة وسجدتین ، ولا شی ء علیه ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحملها علی من نسی الرکوع من الرکعتین الأخیرتین ، فإنّه یلقی السجدتین ویتم صلاته ، فامّا إذا کان نسیانه فی الرکعتین الأوّلتین فإنّه یجب علیه إعادة الصلاة علی ما تضمنته الأخبار الأوّلة.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن منصور ، عن أبی بصیر ، قال : « إذا أیقن الرجل أنّه ترک الرکعة (2) من الصلاة وقد سجد سجدتین وترک الرکوع استأنف الصلاة ».

ص: 49


1- فی الاستبصار 1 : 356 / 1348 زیادة : فلیقم.
2- فی الاستبصار 1 : 356 / 1349 : رکعة.

فلا ینافی ما قلناه ؛ لأنّ هذا الخبر نحمله علی من نسی الرکوع من صلاة لا یجوز فیها السهو ، مثل الغداة والمغرب ، أو علی الرکعتین الأوّلتین علی ما قلناه فی الأخبار الأوّلة ، والذی یکشف عما ذکرناه :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن حکم بن حکیم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل نسی من صلاته رکعة أو سجدة أو أکثر منها ثم یذکر ، قال : « یقضی ذلک بعینه » ( قلت : أیعید ) (1) الصلاة؟ قال : « لا ».

السند :

فی الأول : فیه الحکم بن مسکین ، وهو مذکور فی الرجال بما لا یزید علی الإهمال (2).

والثانی : فیه أبو بصیر ، ولا یخفی علیک أنّ هذا بعینه ما تقدم فی أوّل الباب ، وقد رواه الشیخ هناک عن صفوان عن أبی بصیر ، وذکرنا احتمال رجحان الاعتماد بروایة صفوان عن أبی بصیر (3) ، وهنا قد رواه صفوان بواسطة منصور. وفی التهذیب مرویة أیضاً مرّتین ، وفی الاولی بروایة صفوان عن أبی بصیر ، والثانیة بواسطة منصور (4). ومنصور هو ابن حازم ، للتصریح فی الفهرست بروایة صفوان عنه (5). ( والثناء المذکور لمنصور بن

الحکم بن مسکین مهمل

إشارة إلی حال منصور بن حازم

إشارة إلی حال أبی بصیر

ص: 50


1- فی النسخ : قلنا یعید. وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 357 / 1. هو الظاهر.
2- انظر رجال النجاشی : 136 / 350.
3- راجع ص 1775.
4- التهذیب 2 : 148 / 580 و 149 / 587.
5- الفهرست : 164 / 718.

حازم فی النجاشی : أنّه ثقة عین صدوق من جِلّة أصحابنا وفقهائهم (1) ، فربما لا یقصر عن صفوان لاحتمال تمامیة ما قدمناه ) (2).

والثالث : فیه حکم بن حکیم ، وفی النجاشی : أنّه کوفی مولی ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، ذکر ذلک أبو العباس فی کتاب الرجال (3). وقد قدّمنا الکلام فی مثل هذه العبارة من النجاشی (4) ( والظاهر هنا أنّ أبا العباس ابن عقدة ، لأنّ النجاشی ذکر بعد هذا ) (5) عن ابن نوح أنّ الحَکَم ابن عم خلاد بن عیسی. والعلاّمة فی الخلاصة نقل عن ابن بابویه أنّ حکم بن حکیم ابن أخی خلاد (6). وفی إیضاح الاشتباه (7) نقل عن ابن نوح ما حکاه النجاشی. وفی الفقیه ذکر فی المشیخة أنّ ما کان فیه عن حکم بن حکیم ابن أخی خلاد (8). وکذلک فی باب ما ینجس الثوب والجسد (9).

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من قصور ، وهو فی التهذیب کذلک (10). وفی الفقیه روی بطریق صحیح عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن

بحث حول حکم بن حکیم

ص: 51


1- رجال النجاشی : 413 / 1101.
2- ما بین القوسین زیادة من « م ».
3- رجال النجاشی : 137 / 353.
4- راجع ص 1746.
5- بدل ما بین القوسین فی « م » : وذکر النجاشی أیضاً.
6- الخلاصة : 60 / 2.
7- إیضاح الاشتباه : 142 / 164.
8- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 13.
9- الفقیه 1 : 40 / 158.
10- التهذیب 2 : 149 / 585.

أبی جعفر علیه السلام : فی رجل شک بعد ما سجد أنّه لم یرکع ، فقال : « یمضی فی صلاته حتی یستیقن أنّه لم یرکع ، فإن استیقن أنّه لم یرکع فلیلق السجدتین اللتین لا رکوع لهما ویبنی علی صلاته (1) علی التمام ، وإن کان لم یستیقن إلاّ بعد ما فرغ وانصرف فلیقم ولیصلِّ رکعة وسجدتین ولا شی ء علیه » (2) وهذا المتن أوضح من المذکور فی الکتاب.

ثم إنّ المنقول عن الشیخ فی المبسوط أنّ الإخلال بالرکوع نسیاناً إنّما یبطل فی الأوّلتین أو ثالثة المغرب ، وإن کان فی الأخیرتین من الرباعیة حذف الزائد وأتی بالفائت ، فلو ترک الرکوع فی الثالثة حتی سجد سجدتیها أسقطهما ورکع وأعاد السجدتین ، ولو لم یذکر حتی رکع فی الرابعة أسقط الرکوع وسجد للثالثة ثم أتی بالرابعة (3) ، قال شیخنا قدس سره : ونحوه قال فی کتابی الأخبار (4).

ثم قال قدس سره : احتج الشیخ فی التهذیب علی البطلان فی الرکعتین الأوّلتین وثالثة المغرب بما تلوناه من الأخبار وعنی بها الأخبار السابقة وعلی إسقاط الزائد والإتیان بالفائت فی الرکعتین الأخیرتین من الرباعیة بما رواه عن محمد بن مسلم إلی آخره (5) ، وفی الصحیح عن العیص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل نسی رکعة من صلاته حتی فرغ منها ثم ذکر أنّه لم یرکع ، قال : « یقوم فیرکع ، ویسجد سجدتی السهو » (6).

حکم الإخلال بالرکوع نسیاناً ، الأقوال فی المسألة والمناقشة فیها

ص: 52


1- فی النسخ والمصدر زیادة : التی ، حذفناها لاستقامة المعنی.
2- الفقیه 1 : 228 / 1006.
3- المبسوط 1 : 109 و 119 ، وحکاه عنه فی المدارک 4 : 216.
4- المدارک 4 : 216.
5- التهذیب 2 : 149 / 585 ، الوسائل 6 : 314 أبواب الرکوع ب 11 ح 2.
6- التهذیب 2 : 149 / 586 ، الوسائل 6 : 315 أبواب الرکوع ب 11 ح 3.

وأجاب فی المعتبر عن الروایة الأُولی بأنّ ظاهرها الإطلاق ، وهو متروک ، وتخصیصها بالأخیرتین تحکم. ویتوجه علیها أیضاً أنّها ضعیفة السند ، وعلی الروایة الثانیة أنّها غیر دالة علی مطلوبه وإنّما تدل علی وجوب الإتیان بالمنسی خاصة ، وهو لا یذهب إلیه ، بل یوجب الإتیان بما بعده ، ثم قال قدس سره : لکن الصدوق أورد روایة محمد بن مسلم بطریق صحیح وذکرها ثم قال : ومقتضی الروایة وجوب الإتیان بالرکوع وإسقاط السجدتین مطلقاً کما هو أحد الأقوال فی المسألة ، ویمکن الجمع بینها وبین ما تضمن الاستئناف بالتخییر بین الأمرین (1). انتهی کلامه.

وفی نظری القاصر أنّ فیه تأمّلاً من وجوه :

الأوّل : ما ذکره قدس سره من أنّ کلام الشیخ فی کتابی الأخبار نحو ما فی المبسوط غیر واضح کما یعرف من مراجعة التهذیب ، فإنّه صنع کما هنا وزاد احتمال أن یکون المراد بقوله فی روایة أبی بصیر « استأنف الصلاة » یعنی الرکعة التی فاتته (2) ، أمّا الحکم المذکور فی المبسوط من إسقاط الرکوع الذی فعله فی الرابعة فغیر مذکور.

الثانی : أنّ مقتضی عبارة التهذیب والاستبصار هی مدلول الروایة ، أعنی إلقاء السجدتین وإتمام الصلاة ، أمّا وجوب الإتیان بما بعده من السجود کما ذکره قدس سره من أنّ مراد الشیخ ذلک فی الکتابین فلا ، نعم عبارة المبسوط تقتضی ذلک ، والحال أنّ الذی نقله (3) من الاستدلال بالروایة لما فی التهذیب ، وربما یقال : إنّ المتبادر من قوله علیه السلام : « فلیلق السجدتین »

ص: 53


1- المدارک 4 : 219.
2- التهذیب 2 : 149.
3- فی « فض » : فعله.

حذفهما وقوله : « ویبنی علی صلاته علی التمام » ظاهره الإتیان ببقیة الأفعال التی بعد الرکوع المأتی به ، ومن جملة البقیة السجدتان ، فلیتأمّل.

الثالث : ما قاله من وضوح متن روایة الصدوق (1) إن کان من حیث قوله علیه السلام : « یمضی فی صلاته حتی یستیقن أنّه لم یرکع » فهو کذلک ، إلاّ أنّ کلامه قدس سره بصدد دلالة ما رواه الشیخ علی خلاف مطلوبه ، وذکر روایة الصدوق بالاستدراک یوهم أنّ متنها یدل علی مطلوبه ، ولیس ذلک ، بل هما متحدان فی المدلول کما لا یخفی. وإن کان المراد وضوح الدلالة فی المتن بزیادة التفصیل فهو کذلک أیضاً ، والکلام واحد ، ونحن قد أشرنا إلی ذلک فی أوّل القول.

الرابع : أنّ مدلول الروایة علی التقدیرین أنّ الذکر إذا کان بعد الفراغ فلیتم ولیصلِّ رکعة وسجدتین ولا شی ء علیه ، وهذا غیر معلوم القائل به ، وعدم التعرض له غریب ، فقول شیخنا قدس سره : إنّ متنها أوضح. یوهم عدم الارتیاب فیما ذکرناه (2) ، والأمر کما تری. وقد یحتمل أن یراد بالرکعة الرکوع ، واستعمالها موجود حتی فی روایة الشیخ ، حیث قال : « اللتین لا رکعة لهما ». ویراد بالسجدتین سجدتا السهو ، وهذا وإن کان أیضاً لا قائل به فیما نعلم إلاّ أنّ ما دل علی قضاء الرکوع فی الخبر السابق عن الصدوق یتناوله. والإجماع هنا غیر متحقق ، والمنقول من الأقوال فی المسألة لا یفید الإجماع ، وإن کان الحق أنّ ما ذکرناه متکلِّف ، غیر أنّ الغرض بیان ما فی المتن.

الخامس : ما نقله قدس سره عن المعتبر من التحکم فی الظاهر متوجه ، إلاّ

ص: 54


1- انظر المدارک 4 : 219.
2- فی « رض » : ذکره.

أنّه یمکن أن یقال : إنّ فی معتبر الأخبار ( ما یدل علی مراعاة حفظ الأوّلتین کما یأتی بیانه إن شاء الله ، وحینئذ مع تعارض الأخبار ) (1) یخص الحکم المذکور بالأخیرتین.

وقد یتکلف أن یقال : إنّ ما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « فلیصلِّ رکعة وسجدتین » فیه دلالة علی حمل الشیخ ، بأنْ یراد حصول النسیان فی الرابعة من الرباعیة ، فإنّه إذا نسی الرکوع وألقی السجدتین أتی برکعة وسجدتین ، وحینئذ یراد بالرکعة حقیقتها ، وبالسجدتین سجدتا السهو ، ولو أُرید بالرکعة الرکوع لا یفید المطلوب.

وینبغی أنْ یعلم أنّ العلاّمة نقل فی المنتهی عن الشیخ القول بإسقاط السجدتین والإتیان بالرکوع من غیر فرق بین الأوّلتین والأخیرتین (2).

ویحکی عن ابن الجنید أنّه قال : لو صحّت الاولی وسها فی الثانیة سهواً لم یمکنه استدراکه ، کأن أیقن وهو ساجد أنّه لم یرکع فأراد البناء علی الرکعة الأُولی التی صحت له رجوت أنْ یجزئه ذلک ، ولو أعاد إذا کان فی الأوّلتین وکان الوقت واسعاً کان أحبّ إلیّ (3).

إذا تمهّد هذا فاعلم أنّ القائلین بالبطلان فی المسألة نقل احتجاجهم شیخنا قدس سره بالأخبار الأوّلة ، مع ضمیمة أنّ الناسی للرکوع إلی أن یسجد لم یأت بالمأمور به علی وجهه فیبقی فی العهدة ، واعترض علی هذا بأنّ الامتثال یتحقّق بالإتیان بالرکوع ثم السجود ، فلا یتعین الاستئناف ، نعم لو لم یذکر إلاّ بعد السجدتین اتجه البطلان ؛ لزیادة الرکن ، کما هو مدلول

ص: 55


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- المنتهی 1 : 408.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 365.

الروایتین الأوّلتین ، والروایة الثالثة ضعیفة السند فلا تنهض حجة فی إثبات حکم مخالف للأصل (1). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّه محل تأمّل ، أمّا أولاً : فلأنّ تحقّق الامتثال غیر مسلّم ؛ إذ الإتیان بالرکوع بعد السجدة خارج عن الصلاة المأمور بها ، والعبادة کیفیة متلقاة من الشارع فتتوقف الصحة مع الفعل المخصوص علی الدلیل.

فإنْ قلت : إذا حکم بصحة الصلاة بالدخول فیها فالبطلان بما ذکر یتوقف علی الدلیل.

قلت : یکفی فی البطلان تغیّر الکیفیة المطلوبة ، وغیر خفی أنّ تغییر الکیفیة یقتضی عدم الامتثال إلاّ ما خرج بالدلیل ، وما نحن فیه لا دلیل علیه.

فإنْ قلت : النهی عن إبطال العمل موجود ، والمخصص وهو نسیان الرکوع علی الوجه المذکور غیر معلوم الدلیل ، فیبقی النهی علی عمومه ، مضافاً إلی أصالة الصحة المحکوم بها أوّلاً.

قلت : النهی عن إبطال العمل متوقف علی العمل الشرعی ، والحال أنّ المدعی عدم الفعل الشرعی بما ذکر ، والأصل کذلک ، فلیتأمّل.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره قدس سره من أنّ مدلول الروایتین البطلان بزیادة السجدتین ، یرید به أنّ روایتی رفاعة وأبی بصیر یدلان علی ذلک ، أمّا روایة رفاعة فمن جهة قوله : حتی یسجد ویقوم. وفی هذا تأمّل ؛ لأنّ القیام کما یتحقق بعد السجدتین یتحقق من السجدة ، واحتمال أن یقال : إنّ القیام من السجدة یقال له : رفع ، واضح الدفع ، وأمّا روایة أبی بصیر فهی وإن کانت صریحة إلاّ أنّها غیر صالحة للاعتماد.

ص: 56


1- المدارک 4 : 217.

وأمّا ثالثاً : فما ذکره قدس سره من البطلان بزیادة السجدتین لیس أولی من نقصان الرکوع ؛ إذ لا ریب فی تحقق النقصان بالدخول فی السجود ، ولو نظرنا إلی أنّ البطلان بزیادة الرکن إجماعی ، ومع نقصان الرکوع الخلاف واقع ، أمکن الجواب بأنّ الخلاف فی الأمرین حاصل ، بل الظاهر أنّ القائل بالتفصیل المذکور غیر موجود ، بل المنقول البطلان مطلقاً والتلفیق السابق.

وحکی فی المختلف عن المفید القول بأنّ من ترک الرکوع ناسیاً أو متعمداً أعاد علی کل حال (1). وظاهر هذا یشمل ما لو ذکر قبل السجود ، لکن العلاّمة قال : إن قصد الإعادة وإن ذکر قبل السجود (2) فهو ممنوع. ونقل فی المختلف عن الشیخ أنّه قال : وإن ترکه یعنی الرکوع ناسیاً وسجد السجدتین أو واحدة منهما أسقط السجدة وقام ورکع وتمم صلاته (3). وهذا وإن اقتضی القول بالسجدة إلاّ أنّ التخصیص بها غیر حاصل ، وکلامنا فی ذلک ، فلا یشکل ما قلناه من عدم القائل بالفرق ، هذا.

وما یقتضیه کلام الشیخ فی الخبر الثانی بعد ذکره لا یخلو من غرابة ؛ لدخول الخبر فی الأخبار الأوّلة ، ومغایرته إنّما هی بمجرد ذکر الواسطة بین صفوان وأبی بصیر ، وهذه لا توجب إفراده.

ثم الحمل علی صلاة الغداة والمغرب دون غیره من الأخبار الأوّلة لا وجه له ، بل ذکر الغداة أیضاً کذلک ، ولو جعل الحمل علی الأوّلتین وثالثة المغرب والغداة کان أولی ؛ إذ ربما یفید قوله : أو علی الرکعتین الأوّلتین. أنّ الغداة خارجة مع أنّ حکم الأوّلتین یشترک فیه الغداة. وذکر المغرب

ص: 57


1- المختلف 2 : 364.
2- فی النسخ : الرکوع ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.
3- المختلف 2 : 365.

لا أعلم وجهه ، وقد سمعت کلامه فی المبسوط (1).

والعجب من العلاّمة فی المختلف أنّه لم ینقل قول الشیخ هنا مع اعتنائه بأقواله فی الکتاب ، وقد اتفق له رحمه الله توجیه للاستدلال علی البطلان حیث اختاره ، وفی نظری القاصر أنّه محل بحث ، والذی ذکره هذا لفظه :

لنا : أنّه لم یأت بالمأمور به ، فیبقی فی عهدة التکلیف ، أمّا المقدمة الأُولی فلأنّه مأمور بإتیان کل رکعة برکوعها ، ولم یأت به ، إذ التقدیر ذلک. وأمّا الثانیة فظاهرة.

لا یقال : المقدمتان ممنوعتان ، أمّا الأُولی : فللمنع من کونه مأموراً حالة النسیان ، وإلاّ لزم تکلیف ما لا یطاق ، وأمّا الثانیة : فلا نسلم البقاء فی عهدة التکلیف ؛ لأنّه إنّما یلزم ذلک لو قلنا إنّ الإتیان بالمأمور به لا علی وجهه یوجب الإعادة ، وهو ممنوع ، فإنّ الإعادة تفتقر إلی دلیل خارجی ، ولم یثبت. سلّمنا المقدمتین ، لکن لا نسلّم دلالتهما علی محل النزاع ، فإنّ مذهبکم بطلان الصلاة والمقدمتان لا تدل علیه ، إنّما تدل علی بقاء التکلیف بالرکوع ، ونحن نقول بموجبه ؛ إذ مع حذف السجدتین والإتیان بالرکوع یکون التکلیف به باقیاً ولا یخرج عن العهدة بدونه.

لأنّا نقول : الناسی لا یسقط عنه الفعل مطلقاً ، بل الإثم ، وتکلیف ما لا یطاق لازم لو قلنا إنّه مکلَّف حالة النسیان بالإتیان به حینئذ ، أمّا لو قلنا إنّه مکلَّف بأن یأتی به حالة الذکر فلا ، وظاهر أنّ النسیان لا یسقط التکالیف بالإجماع.

وأمّا وجوب الإعادة فظاهر ؛ إذ الإتیان بالمأمور به لا علی وجهه لیس

ص: 58


1- راجع ص 1780.

إتیاناً بالمأمور به ، فوجوب الإعادة حینئذ ظاهر.

وأمّا دلالة المقدمتین علی محل النزاع فظاهرة ؛ لأنّ إعادة الرکوع من دون إعادة السجدتین مخل بهیئة الصلاة ، فلا یقع المأمور به علی وجهه ، وهو خلاف الإجماع أیضاً ، وإعادة السجدتین بعد الإتیان بالرکوع مخل بهیئة الصلاة أیضاً ، ومقتض لزیادة رکن (1). انتهی المراد منه.

ولا یخفی علیک ما فیه ، أمّا أولاً : فما ذکره من أنّه مأمور بإتیان کل رکعة برکوعها إن أراد به (2) برکوعها قبل السجود فهو مسلّم والعبارة لا تدل علیه ، وإن أراد غیر ذلک فلا وجه له ، لکن جواب هذا سهل. نعم قد یتوجه علیه أنّ الإتیان بالرکوع قبل علی الإطلاق إنْ کان بالإجماع فهو مردود فی موضع النزاع ، وإن کان من المعروف فی العبادة أمکن أن یقال : إنّ مثل هذا لا یصلح للحجیّة ، وفیه نوع تأمّل أظنه لا یخفی.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره فی السؤال من أنّ الإعادة تفتقر إلی أمر خارجی ولم یثبت ، إن أراد به أنّ القضاء یتوقف علی أمر خارجی فمسلّم ، والکلام لیس فیه ، وإن أراد الأداء فغیر متوقف علی أمر خارج ، بل عدم الإتیان بالمأمور به علی وجهه یقتضی بقاء التکلیف کما هو واضح. وعدم التعرض فی الجواب لهذا لا وجه له ، وقوله : وأمّا وجوب الإعادة ، إلی آخره. غیر وافٍ بما قلناه.

وأمّا ثالثاً : فالجواب الذی ذکره من أنّ الناسی لا یسقط عنه الفعل بل الإثم ، إن أراد به فی حال النسیان فالفعل عنه ساقط مع الإثم ، وإن أراد حال الذکر فالفعل باق إذاً ، وکذلک الإثم لو ترکه. وقوله : إنّ النسیان لا یسقط

ص: 59


1- المختلف 2 : 366.
2- لیست فی « رض ».

التکالیف بالإجماع ، غریب.

وأمّا رابعاً : فقوله : إنّ دلالة المقدمتین ظاهرة ، إلی آخره. فیه أنّ المُورِد قال إنّ التکلیف بالرکوع باقٍ مع الإتیان بالسجدتین ، والجواب کما تری یقتضی أنّ الفعل یخل بهیئة الصلاة ، فإن أراد هیئة الصلاة لغیر الناسی فلا یضر بالحال ، وإن أراد للناسی فالإخلال محل کلام ، والأولی أن نقول : إنّ الناسی مکلّف بمجموع الصلاة لا بالرکوع.

وما قاله من زیادة الرکن ، فیه : أنّ هذا مختص بما لو ذکر بعد السجدتین ، فکان الأولی الاقتصار علی تغییر الهیئة ، ولعلّ مراده بیان فردٍ ما.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الذی ذکره الشیخ لکشف ما قاله لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ ظاهر الخبر أنّ ما ینسی من الرکعة والسجدة وأکثر منها یقضی ولا تعاد الصلاة بسببه ، والحال أنّه لا بدّ من تخصیصه ، ومعه لا یتم الکشف ، بل یوجب الغموض ، فلیتأمّل.

قوله :

باب من شک وهو قائم فلا یدری أرکع أم لا

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد ، عن عمران الحلبی قال : قلت : الرجل یشک وهو قائم فلا یدری أرکع أم لا ، قال : « فلیرکع ».

عنه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل شک وهو قائم فلا یدری أرکع

من شک وهو قائم فلا یدری أرکع أم لا

اشارة

ص: 60

( أم لا (1)؟ ) قال : « یرکع ویسجد ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسین ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر والحلبی : فی رجل (2) لا یدری أرکع أم لم یرکع ، قال : « یرکع ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضیل بن یسار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أستتمّ قائماً فلا أدری رکعت أم لا ، قال : « بلی قد رکعت ، فامض فی صلاتک ، فإنّما ذلک من الشیطان ».

فلا ینافی ما ذکرناه ؛ لأنّ الوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من یستتم قائماً من السجود إلی الثانیة أو إلی الثالثة من التشهد الأوّل ثم یشک فی الرکوع فی الرکعة التی مضی حکمها ، فإنّه لا یلتفت إلی ذلک الشکّ ، لأنّه قد انتقل إلی حالة اخری ، وذلک لا یوجب حکماً للشک ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أشک وأنا ساجد فلا أدری رکعت أم لا ، قال : « امض ».

عنه ، عن صفوان ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أشک وأنا ساجد فلا أدری رکعت أم لا ، فقال : « قد رکعت امض ».

سعد ، عن أبی جعفر ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء بن رزین ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته

ص: 61


1- فی « رض » : أم لا أیرکع ، وفی الاستبصار 1 : 357 / 1352 : أم لم یرکع.
2- فی الاستبصار 1 : 357 / 1353 : الرجل.

عن رجل شکّ بعد ما سجد أنّه لم یرکع ، قال : « یمضی فی صلاته ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل أهوی إلی السجود ( فلم یدر رکع ) (1) أم لم یرکع ، قال : « قد رکع ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسماعیل بن جابر قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « إن شکّ فی الرکوع بعد ما سجد فلیمض ، وإن شک فی السجود بعد ما قام فلیمض ، کل شی ء شک فیه بعد ما جاوزه ودخل فی غیره فلیمض علیه ».

السند :

فی الأوّل : حمّاد فیه وإن کان مشترک الاسم (2) إلاّ أنّ ابن عثمان له نوع قرب فیما یظن من الإطلاق فی مثل هذا المکان ، وسیأتی فی الخامس التصریح بذلک ، ولو لا احتمال أن یکون تفسیره بابن عثمان فی الخامس لا یقتضی اتحاده دائماً لأمکن الجزم بأنّه ابن عثمان فی ما نحن فیه ، وغیر بعید الجزم لما ذکرناه.

والثانی : واضح الحال کالثالث ، وحسین فیه هو ابن عثمان.

والرابع : فیه أبان ، والکلام فیه نحو حمّاد من الاشتراک (3) ، واحتمال

تفسیر حمّاد عند الإطلاق

تفسیر أبان عند الإطلاق

ص: 62


1- فی الاستبصار 1 : 358 / 1358 : فلا یدری أرکع.
2- انظر هدایة المحدثین : 48.
3- انظر هدایة المحدثین : 6.

ابن عثمان من الإطلاق.

والخامس : واضح بعد ما کرّرنا القول فیه (1) ، کالسادس والسابع.

[ والتاسع (2) ] فیه محمد بن عیسی الأشعری المعبّر عنه بأبیه ، وقد قدمنا عدم معلومیة ما یوجب تصحیح حدیثه إذا خلا من الموانع غیره (3). وقد وصفه شیخنا قدس سره بالصحة فی المدارک (4) ، ولا أدری أهو من الکتابین أو من غیرهما ، ولا یبعد أن یکون اعتماده علی توثیق محمد بن عیسی وقد وصف العلاّمة الطرق المشتملة علیه بالصحة ، سیّما هذه الروایة ، فإنّه فی المنتهی وصفها بذلک (5) ، ولم أجد الآن طریقاً لها غیر ما ذکر ، وقد مضی الکلام فی الاکتفاء بوصف العلاّمة (6).

وأمّا إسماعیل بن جابر فالقول فیه مضی مفصّلاً ، وکذلک عبد الله بن المغیرة (7).

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی أنّ من شک وهو قائم فی الرکوع یرکع ، ولعلّ الظاهر من القیام قیام الرکعة الشاک فی رکوعها ، وعلی تقدیر

بحث حول محمّد بن عیسی الأشعری

بیان ما دل علی أنّ من شک فی الرکوع وهو قائم یرکع

ص: 63


1- راجع ص 49 ، 289 ، 84.
2- فی النسخ : والثامن ، والصواب ما أثبتناه ، وأما الحدیث الثامن فلم یتکلم فی سنده.
3- راجع ص 57.
4- المدارک 4 : 247.
5- المنتهی 1 : 414.
6- یستفاد منه ذلک فی ص 62.
7- راجع ص 99 و 701.

الإجمال فالبیان الواقع فی خبری حماد بن عثمان کافٍ فی دفعه ، واحتمال الفرق بین السجود والقیام لا وجه له کما لا یخفی. والثانی کالأوّل.

والثالث : إطلاقه مقیّد بما ذکرناه ، والحکم المذکور فی الروایات علی الإطلاق مشهور بین من رأینا کلامه ویعبر عنه بالشک فی فعل ومحله باق ، واستدل علیه أیضاً بإطلاق الأمر بفعل الرکوع فیجب ؛ لأنّ الأصل عدم الإتیان به.

وحکی العلاّمة فی المختلف عن الشیخ فی النهایة أنّه قال : من شک فی الرکوع والسجود فی الرکعتین الأوّلتین أعاد الصلاة ، فإن کان شکه فی الرکوع فی الثالثة أو الرابعة وهو قائم فلیرکع ، إلی آخره (1).

وفی المعتبر حکی عن الشیخ القول بوجوب الإعادة بکل شک یتعلق بکیفیة الأوّلتین کأعدادهما (2).

ونقل شیخنا قدس سره عن المفید فی المقنعة أنّه قال : کل سهو یلحق الإنسان فی الرکعتین الأوّلتین من فرائضه فعلیه إعادة الصلاة (3).

والمنقول فی التهذیب عن المقنعة لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ الشیخ قال : قال الشیخ رحمه الله فإنْ شک فی الرکوع وهو قائم ، وإنْ کان دخل فی حالة اخری من السجود وغیره مضی فی صلاته ولیس علیه شی ء. وهذا أیضاً إذا کان فی الرکعتین الأخیرتین ؛ لأنّه إذا کان فی الرکعتین الأوّلتین یجب علیه استئناف الصلاة ، لأنّه لم یستکمل عددهما وهو شاک فیهما ، وقد قیل : إنّ

الأقوال فی المسألة والمناقشة فیها

ص: 64


1- المختلف 2 : 361.
2- المعتبر 2 : 388 وفیه : لا العدد ، بدل کأعدادهما.
3- المدارک 4 : 246 ، وهو فی المقنعة : 145.

کل سهو یلحق الإنسان فی الأوّلتین فإنّه یجب علیه (1) إعادة الصلاة (2).

ثم إنّ الشیخ استدل علی القسمین. وغیر خفی أنّ الکلام محتمل لأنْ یکون جمیعه من المفید أو بعضه.

وقد ذکرنا فی حاشیة التهذیب ما لا بدّ منه ، ونقول هنا : إنّ القائلین بعدم الفرق بین الأوّلتین والأخیرتین استدلوا بالأخبار المذکورة (3).

ونقل فی المختلف عن الشیخ الاحتجاج لما قاله عنه بالاحتیاط ؛ لأنّ الذمّة مشغولة بالصلاة قطعاً ولا یخرج عن العهدة إلاّ بیقین ، ومع الشک فی الصلاة لا یقین. وما رواه الفضل بن عبد الملک فی الصحیح قال لی : « إذا لم تحفظ الرکعتین الأولّتین فأعد صلاتک » وعن عنبسة بن مصعب وستأتی فی الکتاب (4) الدالة علی أنّ الشک فی الأوّلتین یوجب الإعادة. ولأنّ الرکوع جزء لماهیة الرکعة ، والشک فی الجزء یستلزم الشک فی الماهیة ، ولو شک فی الرکعة الأُولی أو الثانیة بطلت صلاته إجماعاً ، وکذا لو شک فی الملزوم. ولأنّ مسمی الرکعة إنّما یتم بالرکوع ؛ لاستحالة صدق المشتق بدون المشتق منه ، فإذا شک فی المشتق منه حصل الشک فی المشتق.

وأجاب العلاّمة عن الروایتین بالقول بموجبهما ، وهو العدد ، والاحتیاط معارض بالبراءة ، والشک فی الجزء لا یستلزم الشک فی باقی الأجزاء ، والإعادة منوطة بتناول الشک لجمیع الأجزاء ، إذ هو مسمی

ص: 65


1- فی « م » و « فض » والتهذیب : منه.
2- التهذیب 2 : 150 ، وهو فی المقنعة : 138 ، إلی قوله : ولیس علیه شی ء.
3- کما فی المعتبر 2 : 378 ، الذکری : 220 ، المدارک 4 : 246.
4- انظر ص 1792.

الرکعة. قال : وهو الجواب عن الأخیر (1).

وفی نظری القاصر أنّ الجواب محل تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الروایة الأُولی المعتبرة دالة علی عدم حفظ الأوّلتین سواء کان فی أعدادهما أو أجزائهما ، ومع الشک لا ریب فی انتفاء الحفظ ، ویؤید ذلک : ما رواه الصدوق صحیحاً ، وقد تقدم فی باب التسبیح فی الأخیرتین (2) ، المتضمن لاعتبار الیقین فی الأوّلتین. والروایة الثانیة مؤیدة للأُولی.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره من أنّ الاحتیاط معارض بالبراءة إن أراد به کما هو الظاهر أنّ الأصل براءة الذمّة ، ففیه : أنّ براءة الذمّة قد زالت بالتکلیف ، والتلبس بالعبادة لا یکفی فی البراءة ما لم توافق الشارع ، والحال أنّه قد دل الدلیل علی اعتبار الیقین فی الأوّلتین ، ومع الشک لا یقین ، فیبقی المکلف فی العهدة. نعم ما قاله الشیخ من التوقف علی الیقین محل کلام ، بل التوقف علی ما أعده الشارع کما لا یخفی.

فإن قلت : إذا فرض الدخول فی العبادة بوجه شرعی فالبطلان لا بدّ له من دلیل.

قلت : قد ذکرنا دلیل البطلان من اعتبار الیقین.

وما عساه یقال : إنّ الأخبار الدالة علی الإتیان بالرکوع إذا شک فی حال القیام تدل علی عدم الإبطال ، فکیف یحکم به.

جوابه أنّ الأخبار مطلقة ، فلا مانع من تقییدها بغیر الأوّلتین.

وأمّا ثالثاً : فما ذکره من أنّ الشک فی الجزء لا یستلزم الشک فی باقی الأجزاء ، فیه : أنّ المستدل لا یدعی أنّ الشک فی الجزء یستلزم الشک

توجیه ما دل علی أنّ من شک فی الرکوع بعد ما استتم قائماً لا یلتفت

ص: 66


1- المختلف 2 : 363.
2- راجع ص 1608.

فی کل جزء ، بل یقول : إنّ الشک فی الجزء یستلزم الشک فی الماهیة ، بمعنی عدم یقین حصولها کاملة ، وما دلّ علی الیقین یقتضی کونها تامة یقیناً ، وانتفاء التمام یتحقق بالإخلال ببعضها وجمیعها أو بالشک فی ذلک. ومن هنا یعلم معنی قول المستدل : لأنّ مسمی الرکعة ، إلی آخره.

أمّا ما قاله المستدل : من أنّه لو شک فی الرکعة الأُولی أو الثانیة بطلت إجماعاً ، فقد یتوجه علیه : أنّ الإجماع علی الشک فی نفس الأُولی أو الثانیة بمعنی عدم تحقق فعلها أصلاً ، والمدّعی عدم تحقق فعلها تامة ، فالإجماع لا یتمشی فی موضع النزاع ، هذا.

وقد أُجیب عن الروایتین باحتمال إرادة الشک فی العدد ، وإذا قام الاحتمال لا یتم الاستدلال. وعلی هذا اعتمد شیخنا قدس سره (1) وفیه تأمّل ؛ لأنّ الظاهر من الروایة العموم لا الإجمال. والروایة الدالة علی الیقین أظهر ، وستأتی إن شاء الله تعالی مع روایة البزنطی الدالة علی الشک فی السجدتین فی الأوّلتین (2) ، وفیها تأیید لما ذکرناه ، لکن فی متنها کلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الرابع من الأخبار الراوی له الفضیل بن یسار ، ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من وجه وإن بعُد لضرورة الجمع.

وقد یحتمل التخییر بین الرکوع وعدمه لتعارض الأخبار ، غیر أنّ القائل بذلک غیر معلوم.

أمّا حمله علی کثیر الشک فمن البعد بمکان.

ولا یبعد أن یقال : إنّ قوله : أستتم قائماً. مشعر بقیام من حالة دنیا ، فإذا شک فی الرکوع وعدمه فی قیام الرکعة المشکوک فی رکوعها کان

بیان ما دل علی أنّ من شک فی الرکوع وهو ساجد لا یلتفت

ص: 67


1- المدارک 4 : 249.
2- انظر ص 1819.

الظاهر معه فی وقوع الرکوع ، لأنّ من لم یرکع لا یتحقق منه حرکة من حالة دنیا إلی علیا.

إلاّ أن یقال : إنّ الشک فی الرکوع بمعنی الشک فی وصوله إلی حدّ الراکع أم لا ، فالحرکة المشعور بها لا تدل علی ما ذکرناه ، وعلی هذا تصیر مسألة أُخری مستفادة من الخبر ، وهی أنّ من شک بعد قیامه فی وصوله إلی حد الراکع (1) أم لا لا یلتفت ، وذلک محتمل الاستفادة ممّا دلّ علی أنّ الشک بعد الانتقال من حالة إلی حالة لا یوجب الالتفات کما سیجی ء بیانه (2).

ولا ینافی ما ذکرناه من الاحتمال ما رواه الشیخ فی التهذیب بطریق صحیح فیه أبان بن عثمان وقد قدّمنا حاله (3) ، وفیه : رجل رفع رأسه من السجود فشک قبل أن یستوی جالساً فلم یدر أسجد أم لم یسجد ، قال : « یسجد » (4) وسیجی ء نقل تمامه أیضاً عن قریب (5) ؛ لإمکان الجواب بالحمل علی عدم الانتقال فی هذه الصورة لخصوص الخبر.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله علیه السلام : « بلی قد رکعت » لعلّ المراد به قد رکعت شرعاً من حیث إنّ الشارع حکم بعدم الالتفات فکأنّه رکع شرعاً ، واحتمال الجزم بالرکوع منه علیه السلام بعید.

وأمّا الخامس : فهو ظاهر الدلالة علی أنّ من شک فی الرکوع وهو ساجد لا یلتفت کالسادس ، والکلام فی قوله علیه السلام : « قد رکعت » کالکلام فی الرابع.

ص: 68


1- فی « رض » الرکوع.
2- انظر ص 72 و 102.
3- راجع ج 1 : 183.
4- التهذیب 2 : 153 / 603 ، الوسائل 6 : 369 أبواب السجود ب 15 ح 6.
5- انظر ص 99 100.

والسابع : واضح الدلالة.

واستفاد من إطلاق الثلاثة جماعة من الأصحاب عدم الفرق بین الأوّلتین والأخیرتین. وقد سمعت من الکلام السابق ما یغنی عن الإعادة (1) ، بل فی المقام المذکور قد یزید الإشکال من حیث إنّ الإتیان بالرکوع فی الحکم السابق ربما یظن منه حفظ الأوّلتین بخلاف ما نحن فیه.

وینقل عن العلاّمة فی التذکرة أنّه استقرب البطلان إن تعلق الشک برکن من الأوّلتین قال : لأنّ ترک الرکن سهواً مبطل کعمده ، فالشک فیه فی الحقیقة شک فی الرکعة ؛ إذ لا فرق بین الشک فی فعلها وعدمه وبین الشک فی فعلها علی وجه الصحة والبطلان (2).

واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّ حاصل ما ذکره أنّ الشک فی الرکن علی هذا الوجه شک فی أعداد الأوّلتین وهو ممنوع (3). انتهی.

وأنت خبیر بما فی الاعتراض بعد ما قدّمناه.

وأمّا الثامن : فهو ظاهر الدلالة علی أنّ من أهوی إلی السجود وشک فی الرکوع لا یلتفت. وقوّی جدی قدس سره فی المسالک وجوب العود ما لم یصر إلی حد السجود (4). ولا یبعد أن یکون توقفه فی الخبر من حدیث أبان بن عثمان وإن کان الحق اندفاعه کما قدّمناه مراراً (5). واحتمال التفاته قدس سره إلی ما تضمنه التاسع من قوله علیه السلام : « إن شک فی الرکوع بعد ما سجد فلیمض » فإنّ مفهومه إذا شک قبل السجود لا یمضی ، فیه : أنّ

بیان ما دل علی أنّ من خرج من شیءٍ ودخل فی غیره لا یلتفت إلی شکه

ص: 69


1- راجع ص 1790.
2- التذکرة 3 : 316.
3- المدارک 4 : 248.
4- المسالک 1 : 41.
5- راجع ص 130 ، 1789.

المنطوق إذا دلّ علی الحکم فهو أولی من المفهوم ، لاحتمال المفهوم غیر النفی عما عداه بسبب المعارض.

واحتمال أنْ یقال بجواز أن یراد بقوله علیه السلام فی الخبر الثامن : « أهوی إلی السجود » نفس السجود لدلالة التاسع علیه ، فیه : أنّه خلاف الظاهر ، مع إمکان التوجیه فی المفهوم.

وما عساه یقال : إنّ ما دل علیه التاسع من قوله : « کل شی ء جاوزه ودخل فی غیره » إلی آخره. صریح فی اعتبار الدخول فی غیره ، والهوی لا یقال : إنّه دخول فی غیره ، فیه : أنّ الدخول فی الغیر یتحقق بالهوی ، إذ هو غیر الرکوع. والحقّ أنّ فی تحقیق الدخول فی الغیر إجمالاً فی کلام الأصحاب والأخبار ، وسنشیر إلیه (1) إن شاء الله تعالی.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره بعد حکایة قول جدّی قدس سره : إنّه ضعیف (2). لا یخلو من غرابة ، فإنّ الضعف علی الإطلاق مشکل ، بل لا وجه له.

إذا تمهد هذا فاعلم أنّ ما تضمنه التاسع من قوله : « وإن شک فی السجود بعد ما قام فلیمض » صریح فی عدم الالتفات بعد القیام ، والظاهر منه تمام القیام.

ولو نوزع فی الظاهر فالشیخ قد روی فی التهذیب ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبی نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل رفع

ص: 70


1- فی ص 1796.
2- المدارک 4 : 250.

رأسه (1) ، وقد ذکرنا المتن فیما مضی عن قریب (2) ، إلی أن قال : قلت : فرجل نهض من سجوده فشک قبل أن یستوی قائماً فلم یدر أسجد أم لم یسجد ، قال : « یسجد ».

وما عساه یقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه یقتضی بمعونة قوله : « کل شی ء » إلی آخره. عدم الالتفات بعد الأخذ فی القیام لحصول الدخول فی القیام. جوابه أنّ الدخول فی الغیر إذا وقع مبیّناً فی الخبر لا مانع منه ، غایة الأمر أنّ حقیقة الدخول فی الغیر مجملة کما أشرنا إلی ذلک عن قریب (3). وهذا الخبر من حیث محمد بن عیسی قد بینا أنّ الاعتماد علیه مشکل (4).

فالبحث فی المسألة مع البناء علیه قلیل الفائدة ، نعم أشرنا فیما مضی (5) إلی خبر رواه زرارة یتضمن نحو الخبر المبحوث عنه ، وهو مروی فی باب الزیادات من التهذیب فی باب السهو ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن حماد بن عیسی ، عن حریز بن عبد الله ، عن زرارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل شک فی الأذان وقد دخل فی الإقامة ، قال : « یمضی » قلت : رجل شک فی الأذان والإقامة وقد کبّر ، قال « یمضی » قلت : رجل شک فی التکبیر وقد قرأ ، قال : « یمضی » قلت : شک فی القراءة وقد رکع ، قال : « یمضی » قلت : شک فی الرکوع وقد سجد ،

ص: 71


1- التهذیب 2 : 153 / 603.
2- راجع ص 1793.
3- راجع ص 1795.
4- راجع ص 1789.
5- راجع ص 1755.

قال : « یمضی علی صلاته » ثم قال : « یا زرارة إذا خرجت من شی ء ثم دخلت فی غیره فشکک لیس بشی ء » (1).

وهذا الحدیث قد قدّمنا فیه (2) احتمال أن یکون قوله : « إذا خرجت من شی ء » من المذکورات فی السؤال ، واحتمال أن یراد المذکورات وغیرها ، وفی الظن أنّ الثانی له ظهور ، وحینئذ یستفاد منه أُمور.

الأول : الشک فی الفاتحة وهو فی السورة ، فإنّ المنقول عن ابن إدریس عدم الالتفات (3) ، وکذلک عن المفید ، حکاه ابن إدریس (4).

قال شیخنا قدس سره : ویظهر من المعتبر اختیار ذلک ، فإنّه قال یعنی المحقق بعد أن نقل عن الشیخ القول بوجوب الإعادة : ولعلّه بنی علی أنّ محل القراءتین واحد ، وبظاهر الأخبار یسقط هذا الاعتبار.

ثم قال شیخنا قدس سره : وهو غیر جیّد ؛ فإنّ الأخبار لا تدل علی ما ذکره ، بل ربما لاح من قوله : قلت رجل شک فی القراءة وقد رکع ، أنّه لو لم یرکع لم یمض (5). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ هذا الکلام غریب ، لأنّه جزم بصحة خبر إسماعیل بن جابر (6) ، وظهوره فی أنّ الدخول فی الغیر یقتضی عدم الالتفات لا ریب فیه ، وخبر زرارة قد سمعت احتماله الظاهر ، فقول المحقّق إنّ ظاهر الأخبار یسقط الاعتبار حق بلا مریة.

ص: 72


1- التهذیب 2 : 352 / 1459 ، الوسائل 8 : 237 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 23 ح 1.
2- راجع ص 1755.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 396 ، وهو فی السرائر 1 : 248.
4- السرائر 1 : 248.
5- المدارک 4 : 249.
6- المدارک 4 : 247.

وقول شیخنا قدس سره : ربما لاح ، لا وجه له ؛ لأنّ هذا من کلام السائل ، ولا ریب أنّ الشک فی القراءة بعد الرکوع أحد الأفراد ، فلا یفید تقیید الإطلاق ، کما نبّهنا علیه مراراً من أنّ کلام السائل لا یفید ذلک ، إلاّ إذا کان فی جواب الإمام نوع تقریر ، وفی المقام لا یظهر التقریر.

أمّا ما عساه یقال : إنّ العموم فی خبر إسماعیل مخصوص به ، حیث تضمن اعتبار تمام القیام کما دل علیه الخبر السابق منّا عن التهذیب. والجواب عن هذا واضح ، غایة الأمر أنّ ما عدا موضع التخصیص یقع فیه الإشکال ، وستسمع بعض المقال (1).

الثانی : لو شک فی السجود من یتشهد ، أو فی التشهد من قام فاحتمال عدم الالتفات ظاهر بعد ما سمعته ، وقد جزم شیخنا قدس سره بذلک ، نظراً إلی إطلاق خبر زرارة (2).

وفی نظری القاصر أنّه غریب منه أیضاً ؛ لأنّ خبر زرارة إنّما یصیر مطلقاً إذا جعلنا قوله علیه السلام : « یا زرارة إذا خرجت » إلی آخره. أمّا مع احتمال الرجوع إلی المسئول عنه فلا إطلاق ، وعلی تقدیر الإطلاق لا وجه للتوقف فی الشک فی الفاتحة لمن کان فی السورة ، بعد ما مضی منه أنّه یلوح من قوله علیه السلام : وقد رکع ، إلی آخره. فإنّ هذا یناقض الإطلاق کما هو واضح. ولو جعل الاستدلال ما فی خبر إسماعیل کان أولی ، وإن کان فی خبر إسماعیل نوع احتمال ، لکنه واضح الدفع.

ثم إنّ شیخنا قدس سره نقل عن الشیخ فی المبسوط القول بالرجوع إلی

ص: 73


1- انظر ص 1821 1822.
2- المدارک 4 : 249.

السجود والتشهد ما لم یرکع ، ثم قال : وهو بعید (1). وهذا الاستبعاد لا وجه له ، بل ینبغی الجزم بنفیه بعد الدخول فی الإطلاق ، سیّما وقد دل الخبر السابق عن إسماعیل بن جابر علی أنّ القیام التام دخول فی الغیر صریحاً.

ویحکی عن الشیخ الاستدلال لما قاله بروایة الحلبی الآتیة الحسنة الواردة فیمن سها فلم یدر سجد سجدة واحدة أو اثنتین قال : « یسجد اخری » والإطلاق یتناول من قام وغیره (2).

وقد یجاب عن هذا الاستدلال بأنّ المطلق یحمل علی المقید. واحتمال أن یقال : إنّ تأخیر البیان عن وقت الحاجة لا یجوز ، یدفعه ما کرّرنا القول فیه من عدم العلم بانتفاء البیان عن وقت الحاجة بالنسبة إلی السائل ، إذ هو المعتبر کما لا یخفی.

والعجب من عدم تعرض شیخنا قدس سره لاستدلال الشیخ ، بل الحکم بالبعد مجرداً.

الثالث : الشک فی السورة (3) حال القنوت ، ویظهر من الاستدلال علی الرجوع للفاتحة إذا شک فیها حال کونه فی السورة حیث قیل إنّ محل القراءة باقٍ ، لزوم الرجوع ، وقد یشکل بما قدمناه (4). وفی الظن الخلاف فی المسألة ، لکن لا یحضرنی الآن خصوص القائل.

وما عساه یقال : إنّ الدخول فی الغیر لو کان علی إطلاقه لزم أنّ من شک فی آیة وهو فی أُخری من الفاتحة أو السورة لا یلتفت ، وکذا من شک

ص: 74


1- المدارک 4 : 250.
2- حکاه عنه فی المختلف 2 : 401 ، بتفاوت یسیر فی الروایة.
3- فی « م » و « رض » زیادة : وقت.
4- فی ص 1797.

فی شی ء من آخر الأذان أو الإقامة ، والحال فی ذلک الرجوع ، یمکن الجواب عنه : بأنّ الإجماع إن ثبت أو غیره فهو الحجة ، وإلاّ فللکلام مجال. وقد قدّمنا (1) قولاً فی الشک فی التکبیر وهو فی التوجه المطلوب فی أوّل الصلاة لا ینبغی الغفلة عنه ، وقوله فی خبر زرارة (2) : شک فی التکبیر وقد قرأ. لا ینافی ما قلناه کما لا یخفی.

ومن عجب ما وقع للعلاّمة فی المنتهی أنّه نقل عن الشیخ فی مسألة الشک فی الفاتحة وهو فی السورة أنّه حکم بالإعادة لاتحاد محل القراءتین. ثم قال العلاّمة : وذلک معارض بما رواه بکر بن أبی بکیر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی ربما شککت فی السورة فلا أدری قرأتها أم لا ، فأُعیدها؟ قال : « إن کانت طویلة فلا ، وإن کانت قصیرة فأعدها » (3). ولا یخفی حال الروایة سنداً ومتناً ، لجهالة بکر ، واختصاص المتن بالسورة والشک فی أجزائها ثم الفرق بین الطویلة والقصیرة.

وقد روی الشیخ فی الزیادات من التهذیب فی باب السهو ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن معاویة بن وهب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أقرأ سورة فأسهو فأنتبه وأنا فی آخرها ، فأرجع إلی أوّل السورة أو أمضی؟ قال « بل امض » (4) وهذه الروایة معتبرة فی الإسناد کما یعلم مما کرّرنا القول فیه فی الکتاب (5) ،

ص: 75


1- فی ص 1752.
2- المتقدم فی ص 1796.
3- المنتهی 1 : 412.
4- التهذیب 2 : 351 / 1458 ، الوسائل 6 : 95 أبواب القراءة فی الصلاة ب 32 ح 1.
5- راجع ص 44 ، 45 ، 99 ، 1082.

ویحتمل أن یراد بالسهو فیها الشک ، إذ احتمال السهو غیره وإن أمکن بناءً علی جواز التبعیض ، إلاّ أنّ الظاهر خلافه ، وبتقدیر عدم الظهور قد یقال : إنّ مع الترک إذا جاز عدم الرجوع [ فمع (1) ] الشک أولی ، غیر أنّ فی مفهوم الموافقة کلاماً تقدم بیان وجهه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الدخول فی الغیر محتمل لشمول الدخول بغیر فصل (2) ، ومحتمل للدخول فی الأکثر. وهل الاعتبار بالأرکان أم مطلق الأفعال؟ ثم الأرکان هل یعتبر تمامها أو جزؤها کافٍ؟ احتمالات ، للکلام فیها مجال.

وفی المنتهی : لو شک فی شی ء بعد انتقاله عنه لم یلتفت واستمر علی فعله ، سواء کان رکناً أو غیره ، مثل أن یشک فی تکبیرة الافتتاح وهو فی القراءة ، أو فی القراءة وهو فی الرکوع ، أو فی الرکوع وهو فی السجود ، أو فی السجود وقد قام ، أو فی التشهد وقد قام ، کل ذلک لا اعتبار بالشک فیه ، وإلاّ لزم الحرج المنفی ؛ لأنّ الشک یعرض فی أکثر الأوقات بعد الانتقال ، فلو کان معتبراً لأدّی إلی الحرج (3). انتهی. ولا یخفی علیک أنّ الاستدلال بالحرج لا وجه له.

وفی المنتهی کلام فی بیان محل النزاع بالنسبة إلی الدخول فی الفعل ، حاصله أنّ النزاع فی الفعل المحقق لا فی مقدمته ، وأنّ الشروع فی المقدمة لیس مما فیه نزاع (4). وکأنّه یرید به أنّ مثل النهوض إلی القیام لما

ص: 76


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : فمن.
2- فی « فض » : فعل.
3- المنتهی 1 : 411.
4- المنتهی 1 : 412.

دل الدلیل علی أنّه غیر مانع من السجود لو شک فیه ، بل المانع القیام ، فمع النهوض لا یتحقق القیام.

وأنت خبیر بأنّ هذا لا یصلح سنداً ؛ لأنّ الهوی إلی السجود قد مضی أنّه مانع مع أنّه مقدمة للسجود ، إلاّ أن یقال ما قدمناه من أنّ الهوی عبارة عن السجود. ولعلّ جدّی قدس سره نظر إلی کلام العلاّمة (1).

والحق إمکان البحث فی المقام بأنّ إطلاق الأخبار یتناول مطلق الدخول فی الغیر إلاّ ما خرج بالدلیل. ومن هنا یتفرع حکم الشک فی القراءة وقد أخذ فی هوی الرکوع ونحو ذلک مما لا یخفی ، فینبغی تأمّل ما ذکرناه ، فإنّه حریّ بالتأمّل التام ، وبالله الاعتصام.

قوله :

باب من ترک سجدة واحدة من السجدتین ناسیاً حتی یرکع

الحسین بن سعید ، عن محمد بن سنان (2) ، عن أبی بصیر قال : سألته عمن نسی أن یسجد سجدة واحدة فذکرها وهو قائم ، قال : « یسجدها إذا ذکرها ما لم یرکع ، فإن کان قد رکع فلیمض علی صلاته ، فإذا انصرف قضاها ، ولیس علیه سهو ».

سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسماعیل بن جابر ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی رجل نسی أن یسجد سجدة من الثانیة حتی قام ، فذکر وهو قائم أنّه لم یسجد ، قال

من ترک سجدة واحدة من السجدتین ناسیاً حتی یرکع

اشارة

ص: 77


1- روض الجنان : 349 350.
2- فی الاستبصار 1 : 358 / 1360 زیادة : عن ابن مسکان.

« فلیسجد ما لم یرکع ، فإذا رکع فذکر بعد رکوعه أنّه لم یسجد فلیمض علی صلاته حتی یسلّم ثم یسجدها ، فإنّها قضاء ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی الرجل ینسی سجدة فذکرها بعد ما قام ورکع ، قال : « یمضی فی صلاته ولا یسجد حتی یسلّم ، فإذا سلّم سجد مثل ما فاته » قلت : وإن لم یذکر إلاّ بعد ذلک؟ قال : « یقض ما فاته إذا ذکره ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن علی بن إسماعیل ، عن رجل ، عن المعلّی بن خنیس قال : سألت أبا الحسن الماضی علیه السلام فی الرجل ینسی السجدة من صلاته ، قال : « إذا ذکرها قبل رکوعه سجدها وبنی علی صلاته ثم یسجد سجدتی السهو بعد انصرافه ، وإن ذکرها بعد رکوعه أعاد الصلاة ، ونسیان السجدة فی الأوّلتین والأخیرتین سواء ».

فما تضمن هذا الخبر من قوله : « إذا ذکرها بعد رکوعه أعاد الصلاة » یحتمل شیئین ، أحدهما : أن یکون إشارة إلی من ترک السجدتین معاً ، فإنّ من هذه صورته تجب علیه إعادة الصلاة ، ولأجل هذا قال : « ونسیان السجدة فی الأوّلتین والأخیرتین سواء » یعنی فی السجدتین معاً.

والثانی : أن یکون محمولاً علی السجدة الواحدة ، ویکون ذلک الحکم مختصاً بالرکعتین الأوّلتین ، ویکون قوله : « ونسیان السجدة فی الأوّلتین والأخیرتین سواء » حکماً مستأنفاً فی السجدتین معاً.

ص: 78

السند :

فی الجمیع تکرر القول فیه بما یغنی عن الإعادة ، والإجمال أنّ الأوّل ضعیف (1) ، لکن فی التهذیب عن ابن مسکان بدل ابن سنان (2) ، والظاهر أنّ ما هنا أصوب. والثانی : فیه محمد بن عیسی الأشعری ، ومضی عن قریب القول فیه (3). والثالث : موثق (4). والرابع : فیه مع الإرسال جهالة علی بن إسماعیل ، وفی التهذیب عن محمد بن إسماعیل فی نسخة معتبرة (5) ، وفی اخری کما هنا. والمعلی بن خنیس فیه کلام مضی مفصلاً (6) ، وسیجی ء ما لا بدّ منه.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی قضاء السجدة المنسیة لو صحّ ، والتعبیر بالقضاء حینئذ لعله باعتبار فعل السجدة فی غیر محلها ، أو أنّ المراد بالقضاء الفعل ، فإنّ إطلاقه علیه واقع فی الأخبار. وما تضمنه من أنّه لیس علیه سهو مخالف لما دلّ علی سجود السهو کما یأتی مع کلام الشیخ فیه.

والثانی : ظاهر الدلالة ، والقضاء توجیهه کالأوّل. وفیه دلالة واضحة علی أنّ نسیان السجدة من الرکعة الثانیة لا تبطل الصلاة ، وستسمع القول

إشارة إلی جهالة علی بن إسماعیل

بیان ما دل علی قضاء السجدة المنسیة

ص: 79


1- راجع ص 85.
2- التهذیب 2 : 152 / 598.
3- فی ص 1789.
4- انظر ص 1913.
5- هذه النسخة لا توجد لدینا ، وما فی نسختنا عن علی بن إسماعیل.
6- فی ص 877.

فیما استدل به الشیخ علی الفرق (1).

والثالث : دلالته واضحة أیضاً ، وسیأتی فی خبر ابن أبی یعفور فی الباب الآتی ما یؤید هذا الحکم (2) ، وقد ذکره بعض القائلین فی الاستدلال لقضاء السجدة المنسیة (3) ، لکن فیه نوع مخالفة لمذهب القائل کما ننبّه علیه إن شاء الله تعالی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول فی المختلف عن ابن أبی عقیل أنّ الظاهر من کلامه إعادة الصلاة بترک سجدة واحدة ، سواء کان فی الرکعتین الأوّلتین وغیرهما ؛ لأنّه قال : من سها عن فرض فزاد فیه أو نقص منه أو قدّم منه مؤخّراً أو أخّر منه مقدّماً فصلاته باطلة ، وعلیه الإعادة.

وقال فی موضع آخر : الذی یفسد الصلاة ویوجب الإعادة - إلی أن قال - : والترک لشی ء من فرائض أعمال الصلاة ساهیاً ، مع أنّه قسّم أعمال الصلاة إلی فرض وسنّة وفضیلة ، وعدّ من الفرائض الرکوع والسجود ، ثم قال : ومن ترک شیئاً من ذلک أو قدّم منه مؤخّراً أو أخّر مقدماً ، ساهیاً کان أو متعمداً ، إماماً کان أو مأموماً أو منفرداً بطلت صلاته (4). انتهی ما حکاه العلاّمة.

وقد یظن عدم دلالة کلامه علی البطلان بنقصان السجدة ، أمّا أوّله فلأنّه یعطی نقصان الفرض ، والسجود المفروض لا یدری أهو مجموع السجدتین أو المجموع والواحدة. وأمّا الکلام الآخر فهو نحوه فی الظاهر ،

قول ابن أبی عقیل ببطلان الصلاة بترک سجدة واحدة

ص: 80


1- انظر ص 90.
2- انظر ص 90.
3- کما فی المختلف 2 : 374.
4- المختلف 2 : 372 ، 375.

إلاّ أنّ العبارة کما تری ملخص کلامه.

وقد حکی العلاّمة احتجاجه بالخبر الرابع (1) ، وهو ظاهر فی البطلان بنقصان السجدة ، فعلی تقدیر أنْ یکون الاحتجاج له لا ریب فی دلالته علی أنّه قائل بالبطلان بنقصان السجدة ، فقول العلاّمة : الظاهر من کلام ابن أبی عقیل ، قد یوهم أنّ فیه نوع شک ، وإن کان الاستدلال منه لابن أبی عقیل کما یفعله کثیراً فی الکتاب ، فالأمر کما تری.

وأجاب عن الروایة أوّلاً : بأنّ الراوی علی بن إسماعیل عن رجل ، وثانیاً : بأنّ معلّی بن خنیس ضعیف وقد اختلف فی مدحه وذمه ، فلا تعویل علی ما ینفرد به (2).

ولا یخفی أنّ الجواب بالضعف فی المعلّی ثم قوله : وقد اختلف ، إلی آخره. محل کلام ؛ لأنّ الضعف إن کان بسبب تعارض المدح والذم فیه ، والذم مقدم ، فالأولی أنْ یقال : إنّ الخلاف واقع فی المدح والذم ، فلا تعویل علی ما ینفرد به ، وإن کان الضعف من غیر الاختلاف فلا وجه له.

وقد ذکر فی الخلاصة أنّ النجاشی ضعّفه ، ونقل عن ابن الغضائری أنّه کان أوّل أمره مغیریاً (3) ، ثم دعا إلی محمد بن عبد الله ، والغلاة یضیفون

بحث حول المعلّی بن خنیس

ص: 81


1- المختلف 2 : 373.
2- المختلف 2 : 373.
3- المغیریة هم أتباع المغیرة بن سعید ، قالوا لا إمامة فی بنی علی بن أبی طالب بعد أبی جعفر علیه السلام وأن الإمامة فی المغیرة بن سعید إلی خروج المهدی وهو عندهم محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علی بن أبی طالب فرق الشیعة للنوبختی : 63.

إلیه کثیراً ، ولا أری الاعتماد علی شی ء من حدیثه ، وروی فیه أحادیث تقتضی الذم وأُخری تقتضی المدح ، قال : وقد ذکرناها فی کتابنا الکبیر. ثم نقل عن الشیخ فی کتاب الغیبة بغیر إسناد أنّه کان من قوّام أبی عبد الله ، وکان محموداً عنده ، ومضی علی منهاجه. قال العلاّمة وهذا یقتضی وصفه بالعدالة (1).

وأنت خبیر بأنّ تعدیل الشیخ محل کلام ، وتضعیف النجاشی واضح. وأمّا قول ابن الغضائری فلا یخلو من إجمال ؛ إذ قول « لا أری » محتمل لأن یکون من العلاّمة أو منه ، وإن کان حال ابن الغضائری فیه ما فیه. وقد روی الشیخ فی التهذیب حدیثاً فی باب الدین فی الحسن یقتضی نوع مدح للمعلّی (2) ، وفی الکافی فی الروضة کذلک (3). وقد مضی ذلک (4) ، وإنّما أعدناه لأمر ما ، والمقصود غیر خفی.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ما ذکره الشیخ فیه فی غایة البعد ، ویمکن حمله علی الاستحباب فی إعادة الصلاة ، ویبقی حکم قضاء السجدة مستفاداً من الأخبار الأُخر ، وإنّما احتجنا إلی بیان هذا لئلاّ یلزم أنّ استحباب الإعادة کافٍ عن القضاء. وما تضمنه الخبر من سجود السهو فیه ما لا یخفی ، وربما کان قرینة الاستحباب عند من لا یقول بالسجود لکل زیادة ونقیصة غیر مبطلة.

توجیه ما دل علی وجوب الإعادة بترک السجدة نسیاناً

ص: 82


1- الخلاصة : 259 / 1.
2- التهذیب 6 : 186 / 386.
3- الکافی 8 : 304 / 469.
4- فی ص 877.

قوله :

والذی یدل علی التفصیل الذی ذکرناه :

ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل صلّی رکعتین ثم ذکر فی الثانیة وهو راکع أنّه ترک سجدة فی الأُولی ، قال : « کان أبو الحسن یقول : إذا ترکت السجدة فی الرکعة الأُولی فلم تدر واحدة أو اثنتین استقبلت حتی تصح لک ثنتان ، وإن کان فی الثالثة والرابعة فترکت سجدة بعد أن تکون قد حفظت الرکوع أعدت السجود ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن أحمد ، عن موسی بن عمر ، عن محمد بن منصور قال : سألته عن الذی ینسی السجدة الثانیة من الرکعة الثانیة أو شک فیها ، فقال : « إذا خفت أن لا تکون وضعت وجهک إلاّ مرّة واحدة فإذا سلّمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهک مرّة واحدة ولیس علیک سهو ».

فلیس ینافی التفصیل الذی قدّمناه ؛ لأنّ قوله : الذی ینسی السجدة الثانیة من الرکعة الثانیة ، یحتمل أن یکون أراد من الرکعة الثانیة من الرکعتین الأخیرتین ، ولیس فی ظاهر الخبر من الرکعة الثانیة ( من الرکعتین الأوّلتین والأخیرتین ) (1) ، ( بل هو محتمل لهما معاً ، وإذا احتمل ذلک حملناه علی الرکعة الثانیة من الأخیرتین ) (2) ، لیطابق ما فصّل فی الخبر الأوّل.

ص: 83


1- فی الاستبصار 1 : 360 : من الأولتین أو الأخیرتین.
2- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 360 / 1365.

السند :

فی الأوّل : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (1).

والثانی : فیه علی بن أحمد ، ولا یبعد أنّه ابن أشیم المجهول فی کتاب الشیخ من رجال الرضا علیه السلام (2) ، واحتمال غیره فی حیّز الإمکان. وأمّا موسی بن عمر ففیه اشتراک کمحمد بن منصور (3).

المتن :

فی الأوّل : نوقش الشیخ فی الاستدلال به أنّ مقتضاه الاستقبال مع الشک ، وعلی ذلک مشی شیخنا قدس سره فی الجواب عن احتجاج الشیخ به (4). وقد یقال : إنّ الاستقبال إذا لزم مع الشک فمع الیقین أولی ، إلاّ أنّ فی مفهوم الموافقة تأمّلاً أشرنا إلیه فی الکتاب (5). وفی المختلف أجاب عنه بأنّ المراد بالاستقبال الإتیان بالسجود المشکوک فیه ، لا استقبال الصلاة ، قال : ویکون قوله علیه السلام : « وإذا کان فی الثالثة والرابعة » إلی آخره. راجعاً إلی من تیقن ترک السجدة فی الأوّلتین فإنّ علیه إعادة السجدة لفوات محلها ولا شی ء علیه لو شک ، بخلاف ما لو کان الشک فی الأُولی ، لأنّه لم ینتقل عن محل السجود فیأتی بالمشکوک فیه (6). انتهی.

کلمة حول علی بن أحمد

إشارة إلی اشتراک موسی بن عمر ومحمد بن منصور

بیان ما دل علی أنّ ناسی السجدة فی الأُلی یستقبل وفی الأخیرتین یعیدها ، وبحث حول مفهوم الموافقة

ص: 84


1- راجع ص : 68 ، 302.
2- رجال الطوسی : 382 / 26.
3- انظر هدایة المحدثین : 262 و 263 ، 255.
4- المدارک 4 : 241.
5- راجع ص 1803.
6- المختلف 2 : 370.

وأنت خبیر بما فیه من الغرابة ؛ لأنّ السؤال تضمن ذکر السجدة وهو راکع فکیف یأتی بها. وأعجب منه قول شیخنا قدس سره بعد نقل الجواب : وهو بعید.

فإن قلت : ما وجه التوقف فی مفهوم الموافقة؟

قلت : من وجهین. أحدهما : عدم ثبوت العلة کما هو رأی المحققین وعلیه اعتماد شیخنا قدس سره (1). وثانیهما : بتقدیر العلّة لا یخلو إمّا أن تکون مستنبطةً أو منصوصةً ، فالأُولی لیست حجة عند الأصحاب ، والثانیة تقتضی عدم اعتبار کون المسکوت عنه أولی من المنطوق کما هو الشرط فی مفهوم الموافقة.

وقد یمکن أن یوجه ثبوت العلّة من حیث قوله : « حتی تصح لک ثنتان » فإنّ مقتضی هذا اعتبار صحة الرکعتین ، بمعنی خلوّهما من النقص ، وفی هذه العلّة یتحقق مع یقین الترک ، وغیر بعید إثبات الحکم فی صورة الیقین بالعلّة وإن لم یسمّ مفهوم الموافقة.

فإن قلت : لو کانت العلّة ما ذکر لزم أنّ کل خلل وقع فی الأوّلتین یبطل ، والحال أنّه غیر واضح.

قلت : لا مانع من القول به فیما لم ینعقد الإجماع علی خلافه ، وفی الظن أنّ هذا الخبر إذا انضم إلی ما قدّمناه من الأخبار الدالة علی أنّ الیقین فی الأوّلتین معتبر وحفظهما کذلک ، أفاد تأکیداً واضحاً لصحة ما ذهب إلیه البعض (2) ، فلیتأمّل.

وربما یقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه أنّ من ترک السجدة یقیناً

ص: 85


1- المدارک 4 : 241.
2- کالمفید فی المقنعة : 145.

ولم یدر هل هی وحدها أو معها غیرها یعید ، وحینئذ یرجع إلی عدم تحقق السجدتین المعبّر عنه بقوله : « حتی تصح لک ثنتان » وإذا رجع إلی عدم تحقق السجدتین فالإعادة بسبب خاص ، لا بمجرد الإخلال بالواحدة ، ولا بالشک فی الواحدة بمعنی أنّه أخلّ بها أم لا کما ظنه الشیخ فی الأوّل والعلاّمة فی الثانی ، وتبعه شیخنا قدس سره فیه فی الجملة ، ویمکن الجواب عن هذا بأنّ ظاهر الفاء یأبی الاحتمال ، وفیه : أنّه لا مانع من توجیه الفاء علی وجه یوافق المعنی.

فإن قلت : الثنتان المعبّر عنهما بقوله : « حتی تصح لک ثنتان » ما المراد بهما ، السجدتان أم الرکعتان؟ فإن کان المراد السجدتین دلّ الخبر علی أنّه لا بدّ فی الأوّلتین من السجدتین جزماً ، فلو حصل الشک وجبت الإعادة ، أو حصل الجزم بفوات واحدة فکذلک ، وإن کان المراد الرکعتین دلّ علی أنّه لا بدّ من تمام الرکعتین الأوّلتین بسلامتهما من الشک والنقصان ، وحینئذ یدل الخبر علی ما مضی.

قلت : هذا یرجع بنوع تقریب إلی ما ذکرناه سابقاً.

وما قد یقال علیه : إنّ مع احتمال إرادة السجدتین لا یتم المطلوب من أنّ الشک فی الأوّلتین فی أجزائهما یوجب الإعادة کما مضی القول فیه بهذا الخبر ، لخصوصه فی السجدتین.

یمکن الجواب عنه بأنّ المطلوب البطلان فی الشک فی السجدة فی الأوّلتین أو الیقین.

فإن قلت : مفاد الخبر الاستقبال حتی تصح السجدتان بتقدیر العود إلیهما ، ومن المعلوم انّ الاستقبال کما یصحح (1) السجدتین فتدارک السجدة

ص: 86


1- فی « رض » و « فض » إذا صحّح.

قبل الرکوع فی الأوّلتین یصحح (1) السجدتین ، وحینئذ لا یدل علی جمیع المطلوب السابق.

قلت : علی تقدیر کون الإعادة تصحح یدل علی أنّ الأوّلتین من شرطهما الإتیان بسجودهما علی وجهه ، بمعنی کونهما من غیر فصل قیام وغیره ومن دون ارتیاب. أمّا اعتبار الفصل فلأنّه علی تقدیر یقین الترک والذکر قبل الرکوع یتحقّق الفصل ، وأمّا الارتیاب فعلی تقدیر الشک متحقّق کما لا یخفی ، علی أنّ الظاهر من الثنتین هما الرکعتان بقرینة ذکر الثالثة والرابعة ، وإن أمکن فتح باب الاحتمال المساوی مع ذکرهما.

ویمکن ادعاء دلالة الروایة علی یقین الترک فی الأوّلتین من حیث قوله : « وإذا کان فی الثالثة أو الرابعة فترک سجدة » فإنّ هذا کما تری یدل علی بیان الفرق بین الأوّلتین والأخیرتین بترک السجدة ، إذ لو کان فی الأوّل الشک لم یتحقق الفرق ، وإن أمکن إبداء الفرق بوجه آخر ، إلاّ أنّه متکلف ، وقد ذکرت غیر هذا من الفوائد فی الخبر فی حواشی مدارک شیخنا قدس سره والذی لا بدّ منه هنا ما ذکرناه.

وینبغی أن یعلم أنّ قوله علیه السلام : « بعد أن تکون قد حفظت الرکوع » ربما یدل علی أنّ السجود وإن تعدد فی الفوات یعاد مع حفظ الرکوع ، وأنّ الرکوع إذا حصل فیه شک ( بعد السجود ) (2) ثم حصل نسیان السجدة لا یعاد السجود بل تعاد الصلاة ، والقائل بالأمرین غیر معلوم ( بل الأوّل معلوم ) (3)

ص: 87


1- فی « رض » و « م » : تحصل.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الانتفاء من کتب الأصحاب التی وقفت علیها. وغیر بعید أن یکون المراد بحفظ الرکوع عدم تیقن ترکه لا نفی الشک فیه ، فلیتأمّل ما حرّرناه فی المقام ، فإنّه حریّ بالتأمّل التام.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الثانی ظاهر الدلالة علی أنّ الشک فی السجدة فی الأوّلتین یقتضی الإتیان بها بعد التسلیم ، وحمل الشیخ من البعد بمکان ، بل الظاهر أنّ ترک ذکره أولی ، ویحمل الخبر علی الاستحباب کما یدل علیه قوله : « ولیس علیک سهو » إذ لو کانت السجدة متروکة لزم سجود السهو عند الشیخ ، إلاّ بتأویل إرادة نفی حکم الساهی کما یأتی من الشیخ فی الباب الذی بعد هذا (1) ، وفیه ما لا یخفی.

فإنْ قلت : السؤال فی الروایة تضمن النسیان أو الشک ، والجواب لا بدّ من مطابقته للسؤال ، وإذا طابق أفاد أنّ نسیان السجدة یقتضی قضاءها ، وحینئذ لا بدّ من حمل نفی السهو علی ما یقوله الشیخ لا ما ذکرت.

قلت : الجواب کما تری ظاهر فی بیان صورة الشک ، ویمکن إحالة صورة العلم علیه ، فاکتفی علیه السلام بصورة الشک لذلک ، فإذا أفاد علیه السلام نفی السهو مع الشک أمکن أن یستفاد منه نفی السجود للسهو مع یقین الترک وثبوته بدلیل آخر ، ولا مانع من ذلک کما یعرف بالتأمّل الصادق ، وسیأتی فی خبر ابن أبی یعفور ما یدل علی حکم الشاک فی السجدة ، ویتکلم فیه (2) إن شاء الله.

توجیه ما دل علی أنّ من ترک سجدة من الثانیة یأتی بها بعد التسلیم

ص: 88


1- انظر ص 1818.
2- انظر ص 1811.

قوله :

باب وجوب سجدتی السهو علی من ترک

سجدة واحدة ولم یذکرها إلاّ بعد الرکوع.

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « إذا نسی الرجل سجدة وأیقن أنّه ترکها فلیسجدها بعد ما یقعد قبل أن یسلّم ، وإن کان شاکاً فلیسلّم ثم لیسجدها ولیتشهد تشهداً خفیفاً ولا یسمیها نقرة ، لأنّ النقرة نقرة الغراب ».

أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابنا ، عن سفیان بن السمط ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « تسجد سجدتی السهو فی کل زیادة تدخل علیک أو نقصان ».

ولا ینافی هذا الخبر الذی قدمناه فی الباب الأوّل عن أبی بصیر (1) من قوله : « لیس علیه سهو » لأنّ قوله : « لیس علیه سهو » إنّما معناه لا یکون حکمه حکم الساهی ، بل یکون حکمه حکم القاطع ، لأنّه إذا ذکر ما فاته فقضاه لم یبق علیه شک فیه فخرج عن حد السهو.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب بعد ما کررنا القول فی رجاله (2).

والثانی : فیه الإرسال ، وما قد یظن من قبول مراسیل ابن أبی عمیر

وجوب سجدتی السهو علی من ترک سجدةً واحدة ولم یذکرها إلاّ بعد الرکوع

اشارة

ص: 89


1- مرّ فی ص 1801.
2- راجع ص 49 ، 108 ، 502.

قد أنهینا القول فیه أیضاً فی أوّل الکتاب (1) وغیره. أمّا سفیان بن السمط فهو مذکور فی رجال الصادق علیه السلام مهملاً من کتاب الشیخ (2).

المتن :

فی الأوّل : لا تخفی دلالته علی قضاء السجدة المنسیة لکن قبل التسلیم ، وقد قدمنا أنّ بعض القائلین بذلک علی الإطلاق الشامل للأوّلتین والأخیرتین استدل بها (3) ، والحال فیها ما تری.

ویمکن أن یقال : إنّ قوله : « قبل أن یسلّم » لیس راجعاً إلی قوله : « فلیسجدها » بل إلی قوله : « یقعد » والمراد أنّ فعلها بعد القعود الحاصل قبل التسلیم وهو التشهد ، وهذا الحمل وإن بَعُد لا یقصر عن محامل الشیخ ، والاحتیاج إلیه بناءً علی مختار الأکثر من أنّ محل قضاء السجدة بعد التسلیم (4) ، ودلالة روایة إسماعیل بن جابر السابقة علی أنّ قضاء السجدة بعد التسلیم.

وینقل عن المفید القول بأنّه إذا ذکر السجدة بعد الرکوع فلیسجد ثلاث سجدات واحدة منهن قضاء (5). وعن علی بن بابویه أنّ السجدة المنسیة من الرکعة الأُولی إذا ذکرت بعد رکوع الثانیة تقضی فی الرکعة الثالثة ، وسجود الثانیة إذا ذکر بعد رکوع الثالثة یقضی فی الرابعة ، وسجود الثالثة بعد التسلیم (6).

سفیان بن السمط مهمل

بیان ما دل علی قضاء السجدة المنسیة قبل التسلیم ، وقضائها بعده إن کان شاکّاً

ص: 90


1- راجع ص 73.
2- رجال الطوسی : 213 / 164.
3- راجع ص 1803.
4- انظر المقنعة : 147 ، المبسوط 1 : 120 ، المختلف 2 : 373.
5- حکاه عنه فی المختلف 2 : 374.
6- حکاه عنه فی المختلف 2 : 373 بتفاوت یسیر.

ولا یخفی عدم دلالة الروایة المبحوث عنها علی ذلک ، کما لا یدل علی قول الأکثر ، وقد یمکن الجمع بالتخییر لو سلمت روایة إسماعیل مما قدمناه (1) ، وبدونه فالحمل المذکور ممکن علی تقدیر عدم القائل بقبلیة التسلیم علی الإطلاق. هذا علی تقدیر القول بوجوب التسلیم ، ولو قیل باستحبابه فالأمر لعلّه سهل ، أمّا ما قاله فی المختلف علی ما نقله شیخنا قدس سره من حمل الروایة علی الذکر قبل الرکوع (2) ، فممّا لا ینبغی ذکره.

أمّا ما تضمنته الروایة من حکم الشک فلا یخلو من إجمال ؛ إذ یحتمل احتمالاً ظاهراً أن یراد بالسجدة ( المشکوک فیها والتشهد بعدها غیر ظاهر الوجه ، ویحتمل أن یراد بالسجدة ) (3) سجدتا السهو ، واللازم من هذا اختلاف الضمیر فی « یسجدها » الاولی والثانیة ، وکون الضرورة تبیح مثل هذا فی غایة البعد ، کما أنّ احتمال إرادة سجدتی السهو من الأُولی أیضاً لا وجه له إلاّ بتقدیر ما قاله العلاّمة من الحمل علی ما قبل الرکوع (4) ، وحینئذ یأتی بالسجدة وتکون السجدة المأمور بها سجدتی السهو ولو علی الاستحباب ، کما یستفاد من خبر معلی بن خنیس السابق الکلام فیه (5).

وغیر خفی أنّ مثل هذه التکلفات لا تخلو من إشکال ، غیر أنّ عدم التعرض للأخبار فی محل الحاجة من (6) الشیخ غریب.

وربما یحتمل أن یکون قوله : « ثم یسجدها » بیاناً للسجدة المذکورة

ص: 91


1- فی ص 1802.
2- المختلف 2 : 374 ، وحکاه عنه فی المدارک 4 : 243.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- المختلف 2 : 374.
5- راجع ص 1804 ، 1805.
6- فی « رض » و « م » زیادة : کلام.

أوّلاً ، وإنّما ذکر التشهد الذی فی سجود السهو لبیان خفّته ، إذ من الجائز علم السائل بالسجدتین للسهو دون التشهد. وقوله : « ولا یسمیها » راجع إلی السجدة المنسیة علی احتمال ، ویراد بتسمیتها فعلها ، ونقرة الغراب إشارة إلی عدم السرعة فی فعلها ، ویحتمل استحباب التشهد للسجدة المشکوک فیها ، لکن القائل به غیر معلوم ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

وأمّا الثانی : فقد استدل به القائل بوجوب سجدتی السهو لکل زیادة أو نقیصة غیر مبطلتین (1) ، لکن قد عرفت الکلام فی السند. وروایة أبی بصیر المعارضة جواب الشیخ عنها فی غایة البعد ، وضعف روایة أبی بصیر ربما تجبره موافقة الأصل ، لکن المنقول عن العلاّمة فی التذکرة دعوی الإجماع علی وجوب سجدتی السهو مع السجدة المنسیة (2).

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الروایة المبحوث عنها وإن کان سندها غیر سلیم ، إلاّ أنّ الشیخ روی عن الحلبی فیما یأتی فی باب التشهد فی سجدتی السهو عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلم واسجد سجدتی السهو » الحدیث (3).

وقد استدلّ بها بعض الأصحاب علی وجوب سجود السهو لکل زیادة ونقیصة ، موجّهاً أنّ مع الشک إذا وجب السجود فمع الیقین أولی (4).

وفیه ما قدّمناه من جهة مفهوم الموافقة (5) ، علی أنّ المستفاد من الخبر الشک فی الزیادة والنقیصة ، وفیه احتمالات سنذکرها (6) فیما بعد

بیان ما دل علی وجوب سجدتی السهو لکل زیادة ونقیصة

ص: 92


1- الروضة البهیة 1 : 327.
2- التذکرة 1 : 138 ، وحکاه. عنه فی المدارک 4 : 241.
3- راجع ص 1922.
4- انظر تحریر الاحکام 1 : 50.
5- فی ص : 1806.
6- فی ص 1923.

حیث یذکر هذا الشیخ ، والبعض منها الشک فی الزیادة والنقیصة معاً علی معنی لم یدر زاد أم نقص ، والمطلوب هنا من مفهوم الموافقة إنّما یتم لو أُرید الشک فی الزیادة وحدها والشک فی النقیصة وحدها کما لا یخفی.

وهذا وإن احتمل فی حیّز الشک کما سنذکره (1) إن شاء الله ، إلاّ أنّه بعید من سیاق لفظه إذا أعطاه المتأمّل حق النظر ، وقد روی الشیخ فی الصحیح علی ما حکاه شیخنا قدس سره لکن لم أقف الآن علیه فی الکتابین بعد النظر ، عن الفضیل بن یسار أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن السهو ، فقال : « من یحفظ سهوه فلیس علیه سجدتا السهو وإنّما السهو علی من لم یدر أزاد فی صلاته أم نقص منها » (2).

وهذه مرویة فی الفقیه عن الفضیل بن یسار (3) ، والطریق إلیه فیه کلام إلاّ أنّ روایة الصدوق قد کرّرنا القول فیها (4).

ویستفاد من الروایة (5) أنّ من حفظ السهو لا سجود علیه ، والذی یظهر من قوله : « إنّما السهو » إلی آخره. أنّ المراد من حفظ الزیادة والنقصان لا سجود علیه ، والمخالفة حینئذ (6) لما دل علی سجود السهو مع نقصان السجدة ظاهرة ، واحتمال أن یراد بمن حفظ سهوه من تدارکه قبل فوات محلّه لا یناسبه قوله : « وإنّما السهو » إلی آخره.

ولا یخفی معارضته للخبر المبحوث عنه أیضاً ، وحینئذ یحتمل أن

ص: 93


1- انظر ص 1923 1928.
2- حکاه عنه فی المدارک 4 : 279.
3- الفقیه 1 : 230 / 1018 ، الوسائل 8 : 225 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 6.
4- انظر ص 58.
5- فی « رض » : الروایتین.
6- لیست فی « فض ».

یراد بقوله فی الخبر المبحوث عنه : « فی کل زیادة أو نقصان » مضمون خبر الفضیل بن یسار علی معنی : أنّ السجود فی محل یتردد بین الزیادة والنقصان. وفیه : أنّه مخالف للظاهر جدّاً ، والتأویل ممکن بوجه آخر وهو ما قدّمناه من احتمال استدراک الفعل ، ویکون قوله : « وإنّما السهو » حصراً إضافیاً ؛ إذ لا بدّ من ذلک بعد ثبوت سجود السهو فی مواضع أُخر ، هذا کلّه علی تقدیر العمل بالروایة المبحوث عنها ، وعدم تعرض الشیخ لذلک (1) واضح الغرابة لا یخفی.

ویخطر (2) بالبال احتمال أن یراد بمن لم یدر أزاد أم نقص ، من علم أحدهما قطعاً واشتبه علیه التعیین ، لا ما هو الظاهر ؛ إذ من المستبعد إرادته ، ولم أقف الآن علی کلام الأصحاب فی حقیقة معنی هذا.

ویفهم من شیخنا قدس سره أنّ المعنی فیه عدم العلم بالزیادة والنقیصة کما هو الظاهر منه حیث قال : ویمکن أن یستدلّ به علی قول المفید من وجوب سجدتی السهو علی من لم یدر أزاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد رکوعاً أو نقص رکوعاً وکان الذکر بعد تجاوز محلّه ، لکنها غیر صریحة فی ذلک ؛ لاحتمالها الشک فی زیادة رکعة أو نقصانها. انتهی (3).

وأنت خبیر بأنّ الاستدلال بها علی قول المفید المذکور یقتضی فهم ما ذکرناه علی معنی الشک فی الزیادة والنقیصة ؛ لأنّ المنقول عن المفید فی المقنعة علی ما فی المختلف فی تعداد مواضع سجود السهو : وإن لم یدر أزاد سجدة أو نقص سجدة ، أو زاد رکوعاً أو نقص رکوعاً ولم یستیقن

ص: 94


1- فی « م » و « فض » : کذلک.
2- فی « م » : وما یخطر.
3- مدارک الاحکام 4 : 279.

ذلک ، وکان الشک له فیه حاصلاً بعد تقضّی وقته وهو فی الصلاة ، سجد سجدتی السهو (1). انتهی.

وهذا الکلام کما تری یدل علی أنّ الشک فی المذکور یقتضی سجود السهو ، فإذا استدل علیه بخبر الحلبی کان معنی الخبر أنّ من شک فی الزیادة والنقیصة علیه السجود. وغیر خفی (2) أنّه لا وجه للتخصیص بقول المفید ، بل ینبغی کلّ شک فی زیادة ونقیصة ، وهو واضح الإشکال.

ثم إنّ احتمال زیادة الرکعة ونقصانها کما نقله عن الدورس (3) کأنّه یرید به ما قاله فی المختلف جواباً عن سؤال ، وحاصل السؤال أنّ المراد بالزیادة والنقصان فی الروایة فی عدد الرکعات لا فی الأفعال ؛ لأنّه المتبادر إلی الفهم ، خصوصاً عقیب قوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم خمساً » والجواب حاصله أنّ اللفظ یتناول کلّ زیادة ونقصان ، وتقدیم الشک بین الأربع والخمس لا یقتضی الحصر فی الثانی (4).

وفی نظری القاصر أنّ الرکعات إن أُرید بها ما ذکر فی الروایة أعنی الأربع والخمس لیکون بیاناً للشک بین الأربع والخمس ، والمعنی أنّ الظن لم یغلب علی شی ء من أحد الأمرین فالمقرّر أنّ التأسیس خیر من التأکید ، وبتقدیر التأسیس یلزم أنّ کلّ من شکّ فی زیادة الرکعات ونقصانها علیه سجود السهو ، والزیادة والنقصان لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ کلاًّ منهما إمّا أن یراد به الزیادة علی المفروض والنقصان عنه ، أو یراد به الزیادة فی

ص: 95


1- المختلف 2 : 416 ، نقله عن الرسالة العزیة.
2- فی « فض » زیادة : أولاً.
3- انظر مدارک الأحکام 4 : 279.
4- المختلف 2 : 421.

نفس المفروض والنقصان عن تلک الزیادة ، وکلاهما مشکل.

أما الأوّل : فلأنّ حاصله لزوم سجود السهو لمن شک بین الثلاث والخمس ، لأنّ الزیادة عن المفروض محتملة والنقیصة کذلک ، والحال أنّ الروایة تضمّنت أنّ الشک بین الأربع والخمس فقط ، إلاّ أن یقال : إنّ حکم النقیصة والزیادة المشتبهة إذا تضمّنها الخبر فلا حصر ، وفیه مخالفة الظاهر وعدم العلم بالقائل الآن.

وأمّا الثانی : فلأنّ حاصله لزوم السجود لمن شک بین الثلاث والأربع ؛ إذ الرابعة زائدة أو ناقصة ، وإشکاله أیضاً ظاهر ، لکن لا یخفی بُعد هذا بل نفیه.

وعلی کلّ حال یحتاج ذکر زیادة الرکعات إلی البیان.

ولو احتمل التأکید نظراً إلی لزوم المحذور فی التأسیس لزم انحصار سجود السهو فی رکعات الأربع والخمس ، وربما کان فی کلام العلاّمة من جهة ذکر الحصر إشعار بذلک.

وقد خطر فی البال بعض هذا فذکرته فی حواشی الفقیه ، إلاّ أنّه لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الزیادة فی الخمس واضحة دون النقیصة ، وإرادة النقیصة عن الزیادة أبعد.

وما عساه یقال : إنّه لا بدّ بعد الحمل علی الرکعات من ذلک ؛ إذ لا معنی لنقصان الرکعة إلاّ هذا ، فله وجه ، وجوابه : بأنّ النقصان یتحقق بتقدیر الشک فی نقصان الفرض عن مقداره ، مدخول بلزوم سجود السهو لمن شک فی غیر صورة الأربع والخمس کما لا یخفی.

وبالجملة : فالمقام بالنسبة إلی الخبر واسع البحث ، والذی یظن من

ص: 96

الحدیث ما قدّمناه (1) من احتمال إرادة تحقق أحد الأمرین من الزیادة أو النقیصة وعدم العلم بالتعیّن ، وما عدا هذه الصورة فالإشکال لا خروج عنه إلاّ بتکلّف ( وسیأتی (2) تتمة الکلام فیه عند ذکر الشیخ له ) (3).

وما قاله العلاّمة فی المختلف مستدلاًّ لوجوب سجود السهو لکل زیادة ونقیصة ، من : أنّهما مع الزیادة یجبان وکذا مع النقصان فیجبان فیهما مع الشک ، وبروایة الحلبی ، وبما رواه ابن بابویه عن الفضیل بن یسار ، وذکر الروایة السابقة قائلاً : إنّ وجه الاستدلال بها أمران ، أحدهما : مفهوم الشرط فی قوله : « من حفظ سهوه » إلی آخره. فإنّه یدلّ علی أنّ من لیس یحفظ سهوه علیه السجدتان ، الثانی : قوله « إنّما السهو » إلی آخره. فإنّه یقتضی وجوب السجدتین علی الشاک فی الزیادة والنقصان ، لأنّه المفهوم من إثبات السهو (4).

فی نظری القاصر محلّ تأمّل ، أمّا أولاً : فلأنّ الوجوب مع الزیادة والنقصان إن أُرید به مع کلّ زیادة ونقصان فإثباته غیر معلوم ؛ إذ لم یتقدم منه ما یدل علیه وفیما رأیته بعد النظر ، فإنّه ذکر المواضع التی فیها البحث فی سجود السهو ولم یذکر المسألة منها ، بل ذکر ترک السجود واستدل علیه بروایة سفیان السمط ، والروایة حالها قد علم. وفی الدروس : إنّ القول بوجوب سجود السهو لکلّ زیادة لم نظفر بقائله ولا بمأخذه (5). ونقل عن

ص: 97


1- فی ص 1816.
2- انظر ص 1923.
3- ما بین القوسین ساقط من « م ».
4- المختلف 2 : 421.
5- الدروس 1 : 207.

الشیخ فی الخلاف : أنّه حکاه عن بعض الأصحاب (1) ، ( وفی الروضة (2) ناقش جدّی قدس سره الشهید رحمه الله فیما قاله بوجه غیر خفیّ الوجاهة بعد مراجعته ) (3) ، وما قدّمناه من احتمال الاستدلال علیه بروایة الحلبی وجدته فی کلام بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله (4).

وأمّا ثانیاً : فلأنّ نقصان القراءة لا یجب فیه سجود السهو ؛ للخبر المتقدم عن محمد بن مسلم من قوله : « ولا شی ء علیه » وخبر منصور بن حازم ، وما دلّ علی عدم الالتفات إلی الشک بعد تجاوز المحل کذلک بتقدیر تناول الشک فی النقصان لمثل هذا ، وخبر ابن أبی یعفور الذی فی أوّل الباب أیضاً یدل علی ذلک ظاهراً ، والخبر الدال علی أنّ الجهر فی موضع الإخفات جهلاً وعکسه لا یوجب شیئاً کذلک ، وغیر ما ذکر کما فی خبر علی بن یقطین المعدود من الصحیح الدال علی أنّ من نسی تسبیح الرکوع والسجود لا شی ء علیه.

وأما ثالثاً : فلما عرفته فی روایة الفضیل ، وعدم ذکر الشیخ لها یدل علی أنّ ما ذکره شیخنا من النقل عن الشیخ لا یخلو من شی ء ؛ وتوجیه العلاّمة للاستدلال بها لا یخفی ما فیه ؛ إذ الاعتراف بدلالة الشرط یقتضی عدم وجوب سجود السهو للزیادة والنقیصة علی الإطلاق.

وأمّا رابعاً : ( فلما سبق منّا عن قریب من ذکر بعض الاحتمالات ) (5).

ص: 98


1- الخلاف 1 : 459.
2- الروضة البهیة 1 : 327.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 152.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».

وبالجملة : فالمقام حری بالتأمّل التام ، ولم أجد الآن من حام حول تحقیقه من العلماء الأعلام وبالله الاعتصام.

قوله :

باب من شکّ فلم یدر واحدة سجد أم اثنتین

محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی قال : سئل أبو عبد الله علیه السلام عن رجل سها فلم یدر ( سجد واحدة أو اثنتین ) (1) قال : « یسجد اخری ولیس علیه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو ».

عنه ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین ابن سعید ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل شک فلم یدر سجد سجدة أم سجدتین؟ قال : « یسجد حتی یستیقن (2) ».

عنه ، عن علی ، عن أبیه ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن زید الشحام ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل شبّه علیه فلم یدر واحدة سجد أم ثنتین؟ قال : « فلیسجد اخری ».

عنه (3) ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبی نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام

من شک فلم یدر واحدة سجد أم اثنتین

اشارة

ص: 99


1- بدل ما بین القوسین فی الاستبصار 1 : 361 / 1368 : سجدة سجد أم ثنتین.
2- فی الاستبصار 1 : 361 / 1369 ، والکافی 3 : 349 / 1 زیادة : أنّهما سجدتان.
3- فی الاستبصار 1 : 361 / 1371 : سعد ، بدل عنه.

رجل رفع رأسه من السجود فشک قبل أن یستوی جالساً فلم یدر أسجد أم لم یسجد؟ قال : « یسجد » قلت : فرجل نهض من سجوده قبل أن یستوی قائماً فلم یدر أسجد أم لم یسجد؟ قال : « یسجد ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الرجل یکثر علیه الوهم فی الصلاة فیشک فی الرکوع فلا یدری أرکع أم لا؟ وشک فی السجود فلا یدری أسجد أم لا؟ فقال : « لا یسجد ولا یرکع ، ویمضی (1) فی صلاته حتی یستیقن یقیناً ».

فهذا الخبر یحتمل شیئین ، أحدهما : أن یکون یشک بعد أن یدخل فی حالة اخری ولا یذکر یقیناً ترک الرکوع أو السجود ، فإنّه ینبغی أن یمضی فی صلاته علی ما بیناه فیما مضی.

والثانی : أنْ یکون مخصوصاً بمن یکثر علیه السهو فرخّص له المضیّ فی صلاته تخفیفاً ، ( ولأنّ الناسی ) (2) کلّما سجد ( شک فیحتاج ) (3) أن یسجد فلا ینفک عنه ، فلأجل ذلک رخّص له فی المضی فیه.

السند :

فی الأوّل : حسن کما لا یخفی.

والثانی : واضح الضعف بما تکرر القول فیه (4) وابن مسکان فیه

تفسیر ابن مسکان

ص: 100


1- فی الاستبصار 1 : 362 / 1372 : یمضی.
2- فی نسخة من الاستبصار : ولأنه لا یأمن.
3- فی الاستبصار 1 : 362 : فشک یحتاج.
4- راجع ج 1 : 73 و 120 و 130.

عبد الله کما یأتی مفسراً فی الباب الآتی (1) ، وإن أمکن نوع کلام لکن الظن حاصل فی مثل هذا بإرادة عبد الله.

والثالث : فیه المفضل بن صالح ، وقد ضعّفه العلاّمة قائلاً : إنّه کذّاب (2) ، وغیره لا یزید حاله فی کلامه علی الإهمال (3). أمّا عمرو بن عثمان فهو الثقة ؛ للتصریح فی التهذیب بالخزاز (4) ، وعلی تقدیر عدم التصریح لا یبعد أن یکون هو الثقة لقرب المرتبة ، وفی الرجال من سمّی بالاسم متعدداً من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (5). وروایة إبراهیم ابن هاشم عن أصحاب الصادق علیه السلام وإن کانت موجودة لروایته عن حماد ابن عیسی ، إلاّ أنّه ربما یدّعی ظهور من هو قریب المرتبة ، وقد ینظر فیه ، إلاّ أنّ الفائدة هنا منتفیة کما هو ظاهر.

والرابع : ضمیر « عنه » فیه لمحمد بن یعقوب ، وروایته عن أحمد بن محمد الذی هو ابن عیسی بغیر واسطة العدّة لا وجه لها إلاّ من جهة احتمال اعتماد الشیخ علی المعلومیة ، وقد قدمنا أنّ الشیخ ینقل الخبر من الکافی کما هو فیه ، ومن عادة الکلینی رحمه الله البناء علی الإسناد السابق ، فکأنّ العدة کانت فی الخبر السابق علی هذا الخبر فبنی علیه ، والشیخ نقله بصورته.

والخامس : موثق کما هو واضح مما تکرر (6).

المفضل بن صالح ضعیف

بحث حول عمرو بن عثمان

کلمة حول روایة محمد بن یعقوب عن أحمد بن محمد بن عیسی بغیر واسطة العدّة

ص: 101


1- انظر ص : 107.
2- الخلاصة : 258 / 2.
3- رجال الطوسی : 315 / 565.
4- التهذیب 2 : 152 / 601.
5- رجال الطوسی : 247 / 386 و 250 / 428.
6- لان رجاله فطحیّة ، انظر ج 1 : 79 ، 379.

المتن :

فی الأوّل : قدّمنا فیه أنّ الشیخ استدلّ به علی ما ذهب إلیه فی بعض کتبه علی الرجوع للسجدة المشکوک فیها ما لم یرکع نظراً إلی إطلاق الخبر ، وقد حکی فی المختلف ذلک عن نهایة الشیخ ، وزاد فی الاستدلال نقلاً عن الشیخ فی التوجیه بأنّ الأمر یتناول حالة الجلوس وغیرها ، تُرک العمل به مع الرکوع للإجماع والأخبار فیبقی الباقی ، ولأنّه إن وجب الرجوع مع الذکر وجب مع الشک ، والمقدم حق للدلیل فکذا التالی (1). ثم بیّن الشرطیة بما أظن أنّ ترک ذکرها أولی ، بل ترک الجمیع کذلک ، والحاصل : أنّ المقیّد من الأخبار یحکم علی المطلق.

فإن قلت : المقید إن عنی به خبر إسماعیل بن جابر السابق الدال علی أنّ من شک فی السجود بعد ما قام فلیمض ، ففیه : أنّ فی السند محمد ابن عیسی الأشعری وقد مضی ما فیه (2) ، وإن کان خبر زرارة السابق عن التهذیب الدال بعمومه علی أنّ من خرج من شی ء ثم دخل فی غیره فشکه لیس بشی ء ، فقد مضی (3) احتمال أن یراد بالشی ء الخارج منه الداخل فی غیره هو المسئول عنه ولیس ما نحن فیه منه.

قلت : خبر محمد بن عیسی لا یقصر عن خبر الحلبی ؛ لأنّ المدح له یستفاد من الرجال (4) ، فعلی تقدیر العمل بالحسن لا فرق بینهما ،

بیان ما دل علی أنّ من شک أنّه سجد واحدة أم اثنتین یسجد ولیس علیه سجدتا السهو

ص: 102


1- المختلف 2 : 401.
2- انظر ص 147.
3- انظر ص 1796.
4- رجال النجاشی : 338 / 905 ، الخلاصة : 154 / 83.

والاحتمال المذکور فی خبر زرارة بعید ، والاعتبار بعموم الجواب.

نعم ربما یقال : إنّ خبر زرارة عام وخبر الحلبی خاصّ ، فیجوز أن یخصّ ذاک العام بغیر الشک فی السجدة ویبقی حکمها الإتیان بها وإن دخل فی فعل آخر غیر الرکوع للإجماع.

ویمکن الجواب : بأنّ خبر الحلبی لا یخرج عن الإجمال ، والتخصیص بمثله بعید. وما عساه یقال : إنّ مقام الجواب ینافیه الإجمال قد قدمنا جوابه. والحقّ أنّ فی البین کلاماً إلاّ أنّ من لم یعمل بالحسن یسهل الأمر عنده.

وما تضمنه الخبر من نفی سجدتی السهو ربما قیل : إنّ فیه دلالة علی عدم الکلّیّة المدّعاة فی سجود السهو لکل زیادة ، وقد یقال : إنّ الزیادة هنا محل تأمّل ؛ لأنّ الزیادة یراد بها زیادة القیام ونحوه ، فیحتمل أن یکون المنفی فی الروایة السجود لأجل السجدة حیث أتی بها ، وحینئذ یبقی ما دل علی سجود السهو لکل زیادة علی عمومه ، ولو ردّ ذاک الخبر الدال علی حکم کل زیادة أمکن أن یقال بسجود السهو للقیام فی موضع قعود ، إنْ عملنا بالروایة الدالة علیه المرویّة فی الکافی بسند فیه محمد بن عیسی عن یونس (1).

ویحتمل أن یقال : بعدم صدق مدلول الخبر علی ما نحن فیه ؛ لأنّ القیام فی موضع القعود المتبادر منه فیما یتحقّق فیه وجوب القعود ، ( ومع الشک لم یعلم ، ووجوب القعود ) (2) للسجود وإن کشف عن أنّ القیام کان فی موضع القعود ، إلاّ أنّ الحکم جزماً مشکل.

ص: 103


1- الکافی 3 : 357 / 9.
2- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

وربما یوجه تمامیة الدخول فی الخبر ، غیر أنّه یخطر فی البال أنّ فی الخبر نوع إجمال ؛ لأنّ القعود إن أُرید به ما یعم السجود أمکن أن یقال بالدخول فی الخبر ، وإن أُرید به الجلوس فی مثل التشهد والفصل بین السجدتین احتیج إلی زیادة تقیید بما لا یخفی (1) ( وسیأتی (2) إن شاء الله ذکر ما لا بدّ منه فی بابه ) (3).

أمّا ما تضمّنه الخبر من قوله : سها ، ففیه دلالة علی إطلاق السهو علی الشک ، لکنّ القرینة فی قوله : فلم یدر ، إلی آخره. لا یعلم کونها لبیان المجاز أو للاشتراک.

وأمّا الثانی : ففیه دلالة علی ما ادّعاه الشیخ ، والجواب واحد. والثالث مثله.

أمّا الرابع : فما تضمّنه من قوله : شک قبل أن یستوی جالساً ، محتمل لأن یراد به الجلوس للفصل بین السجدتین ، والمعنی أنّه لم یستقرّ بعد نوع حرکة ، وغیر خفی أنّ الشک مع هذه الحالة بین فعل السجود وعدمه من رأس لا یخلو من خفاء.

واحتمال أن یراد الشک مع هذه الحالة فی کون حرکته للقیام من السجدة الأُولی أو الثانیة له نوع وجه ، کما أنّ احتمال أن یراد بالجلوس التشهد [ کذلک (4) ] لتعارف إطلاقه علیه فی الأخبار ، والفائدة حینئذ لبیان أنّه

ص: 104


1- فی « م » زیادة : ثم إن القیام فی موضع القعود قد یتناول القعود المستحبّ کجلسة الاستراحة عند من یستحبّها والجلوس بمستحبّات التشهّد وأمثال ذلک.
2- انظر ص 1826 ، 1827.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة العبارة.

لو جلس وشرع فی التشهد کان له حکم آخر ، وسیأتی إن شاء الله (1).

وقوله : قلت فرجل نهض ، إلی آخره. أیضاً لا یخلو من إجمال إلاّ أنّ الظاهر من النهوض من السجود تحقق السجود فی الجملة ، وإنّما الشک فی واحدة من السجدتین.

ویحتمل أن یراد النهوض من حالة معدّة للسجود ثم شک فی أصل وقوع السجود ، وإنّما احتمل هذا لظاهر الروایة من قوله : سجد أم لا ، لکن احتمال الواحدة قد عرفته.

ولا یخفی تخصیص ما دل علی الدخول فی الغیر بغیر صورة الأخذ فی القیام.

ویخطر فی البال : أنّ الخبر إذا اختص بالسجدة الواحدة کان حکم السجدتین إذا حصل الشک فیهما بعد الأخذ فی القیام ینبغی عدم الالتفات لعموم خبر زرارة ، فما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ من شک فی السجود وقد أخذ فی القیام ولم یستکمله فالأقرب وجوب الإتیان به کما اختاره الشهیدان لما رواه الشیخ فی الصحیح عن عبد الرحمن (2) ، وذکر الروایة (3) محل تأمّل لا ینبغی الغفلة عنه.

وأمّا الخامس : فحمل الشیخ له قد یشکل ، أمّا الأوّل : فلأنّ قوله : « حتی یستیقن یقیناً » یفید أنّ مع یقین ترک السجدة لا یمضی فی صلاته مع تجاوز المحل.

وأمّا الثانی : فلاستلزامه أنّ کثیر الشک لا یلتفت إلاّ مع الیقین ،

ص: 105


1- انظر ص 1826 ، 1827.
2- مدارک الاحکام 4 : 250.
3- تقدم فی ص 1819.

والحال أنّ الظن إذا حصل له ارتفع الشک ، فکیف یلزمه الحکم المتعلق بالشک؟ والمفروض انتفاؤه.

ویمکن الجواب عن الأوّل بأنّ : المفهوم إذا عارضه شی ء لا یبقی علی مدلوله.

وعن الثانی : أنّ حکم الظن فی کثیر الشک موضع بحث ، إلاّ أنّی لم أقف علی مصرّح بحقیقة الحال الآن ، غیر أنّی أظن ذکره فی کلام بعض الأصحاب ، وللقول فیه موضع آخر ، حیث إنّ الروایة لا تصلح للاعتماد ؛ إذ ما ذکر فیها احتمال من الشیخ ، وعلی تقدیر الالتفات إلی لفظ الکثرة فیها فالسند محل کلام.

قوله :

باب من نسی التشهد الأوّل حتی رکع فی الثالثة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل (1) یصلّی الرکعتین من المکتوبة لا یجلس فیهما حتی یرکع فی الثالثة ، قال : « فلیتمّ صلاته ثم لیسلّم ویسجد سجدتی السهو وهو جالس قبل أن یتکلّم ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل نسی أن یجلس فی الرکعتین الأوّلتین ، فقال : « إذا ذکر قبل أن یرکع فلیجلس ،

من نسی التشهّد الأوّل حتی رکع فی الثالثة

اشارة

ص: 106


1- فی الاستبصار 1 : 362 / 1373 : الرجل.

وإن لم یذکر حتی یرکع فلیتم صلاته (1) حتی إذا فرغ وسلم سجد (2) سجدتی السهو ».

عنه ، عن فضالة ، عن العلاء عن ابن أبی یعفور قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل صلّی الرکعتین من المکتوبة فلا یجلس فیهما حتی یرکع ، فقال : « یتمّ صلاته ثمّ یسلّم ویسجد سجدتی السهو وهو جالس قبل أن یتکلّم ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن محمد بن علی الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یسهو فی الصلاة فینسی التشهد ، فقال : « یرجع فیتشهّد » قلت : أیسجد سجدتی السهو؟ فقال : « لا ، لیس فی هذا سجدتا السهو ».

( فالوجه فی هذا الخبر : أنّه إذا ذکر قبل الرکوع فرجع فتشهّد فلیس علیه سجدتا السهو ) (3) وإنّما یجبان علی من لم یذکر حتی رکع (4) فإنّه یمضی فی صلاته ویسلّم ویقضی التشهد ثم یسجد سجدتی السهو علی ما بیّناه.

السند :

فی الأول : فیه الحسین بن أبی العلاء ، وقد قدّمنا فیه أنّا لم نعلم

بحث حول الحسین بن أبی العلاء

ص: 107


1- فی الاستبصار 1 : 363 / 1374 : الصلاة.
2- فی الاستبصار 1 : 363 / 1374 : فلیسجد.
3- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
4- فی الاستبصار 1 : 363 : یرکع.

توثیقه ، بل غایة ما یستفاد المدح ، والوجه فیه مفصّلاً سبق (1).

ثمّ إنّ روایة أحمد بن محمد بن عیسی عن الحسین قد یستبعد ؛ لأنّ الذی فی الرجال روایة ابن أبی عمیر عنه ، وصفوان کذلک ، ولعلّ التوجیه غیر بعید ، إلاّ أنّ فی التهذیب (2) أحمد بن محمد بن عیسی عن علیّ بن الحکم عن الحسین. وکأنّه الصواب والله أعلم.

والثانی : فیه سلیمان بن خالد ، وقد مضی أیضاً فیه الکلام (3) ، مع إمکان تسدید حاله علی وجه یوصف روایته بالصحة.

والثالث : واضح.

والرابع : ظاهر الضعف (4).

المتن :

فی الأخبار الثلاثة الأوّل لا دلالة فیه علی قضاء التشهد ، فقول الشیخ : ویقضی التشهد ، کأنّ المراد به علی ما هو مقرر ، وقوله : علی ما بیّناه ، یرید به فی کتب الاستدلال إن عاد إلی جمیع ما ذکر ، وإن عاد إلی سجود السهو وقع نوع قصور فی العبارة ؛ إذ البیان فی الأخبار ، وقد یرجع إلی بیان الشیخ أیضاً ، والأمر سهل.

وقد استدل علی وجوب قضاء التشهد بما رواه الشیخ فی التهذیب عن الحسین بن سعید ، عن فضالة. وعن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد ،

إشارة إلی حال سلیمان بن خالد

حکم من نسی التشهّد الأوّل

ص: 108


1- فی ص 109.
2- التهذیب 2 : 157 / 616.
3- فی ص 274.
4- من جهة محمد بن سنان ، راجع ص : 85.

عن أحدهما علیهماالسلام فی الرجل یفرغ من صلاته وقد نسی التشهد حتی ینصرف فقال : « إن کان قریباً رجع إلی مکانه فتشهد ، وإلاّ طلب مکاناً نظیفاً فتشهد فیه » وقال : « إنّما التشهد سنّة فی الصلاة » (1).

ونقل شیخنا قدس سره فی المدارک عن المفید وابنی بابویه إجزاء التشهد الذی فی سجدتی السهو عن قضاء التشهد المنسی ، قال : ویدلُّ علیه مضافاً إلی الأصل ظاهر الأخبار الکثیرة المتضمنة لأنّ ناسی التشهد إلی أن یرکع یجب علیه سجدتا السهو من غیر ذکر القضاء قال : وهذا القول لا یخلو من قوة وإن کان ما علیه الأکثر أولی وأحوط (2). انتهی.

وفی فوائده علی الکتاب ملخّصاً : إنّه لیس فی ما أورده الشیخ من الروایات دلالة علی وجوب قضاء التشهد الأوّل. والأصحّ أنّه لا یجب قضاؤه بل یکفیه سجدتا السهو ، کما تضمنته الأخبار الصحیحة المستفیضة ، وإلیه ذهب ابنا بابویه وشیخنا المفید رحمهم الله انتهی.

ولقائل أن یقول : إنّ ما دل علی قضاء التشهد لا وجه للاکتفاء عنه بما دلّ علی سجود السهو ؛ لأنّ ما دل علی السجود لا ینافی ثبوت حکم القضاء إلاّ من حیث ترک ذکره فی الأخبار ، وهذا لو اقتضی عدم الوجوب أشکل الحال فی کثیر من الأحکام الساقطة من بعض الأخبار الثابتة فی بعض.

وقوله قدس سره : إنّ الأصحّ عدم الوجوب بل یکفیه سجدتا السهو. إن أراد به کما هو الظاهر عدم وجوب القضاء لخلوّ الأخبار منه ، فالمنقول عن ابنی بابویه والمفید إجزاء تشهد سجدتی السهو عن قضاء التشهد ، وحینئذ ظاهر کلامهم القول بالقضاء والإجزاء عنه بتشهد سجود السهو.

ص: 109


1- التهذیب 2 : 157 / 617 ، الوسائل 6 : 401 أبواب التشهد ب 7 ح 2.
2- مدارک الاحکام 4 : 242.

والذی هو منقول عن الفقیه فی المختلف : إن ذکرت بعد ما رکعت یعنی التشهد فامض فی صلاتک ، فإذا سلّمت سجدت سجدتی السهو وتشهدت فیهما التشهد الذی فاتک ، قال العلاّمة : وکذا فی رسالة أبیه وکذا فی الرسالة العزّیّة للمفید (1).

وهذا کما تری یعطی أنّهم قائلون بقضاء التشهد ، فإن أراد قدس سره ما قاله الجماعة فالعبارة لا تساعد علیه.

ثم إنّ تخصیص التشهد بالأوّل فی فوائد الکتاب ، لأنّ الظاهر من الأخبار ذلک ، والخبر المنقول من التهذیب ربما یظن منه نسیان التشهد الأخیر (2) ، وعلی تقدیر الشمول للتشهدین ربما یظن من ظاهره أنّ القضاء غیر واجب ؛ لأنّ الرجوع إلی المکان وطلب المکان النظیف غیر معلوم الوجوب ، إلاّ أن یقال : إن أُخرج هذا بالدلیل من الإجماع بقی ما عداه. وفیه نوع تأمّل.

ومن عجب ما اتفق لشیخنا قدس سره أنّه ذکر فی الاستدلال لقضاء التشهد الأخیر والسجود الأخیر روایة محمد بن مسلم ، وروایة ابن سنان السابق نقلها ، حیث قال فیها علیه السلام : « إذا نسیت شیئاً من الصلاة رکوعاً أو سجوداً أو تکبیراً فاقض الذی فاتک سهواً » (3).

وأنت خبیر بأنّ ظاهر الروایة لا یمکن إرادته ، بل لا بدّ أن یراد بالقضاء فعل الشی ء فی محلّه ، ومعه لا یتم المطلوب فی قضاء السجود.

وینبغی أن یعلم أنّ ابن إدریس قال : لو أخلّ بالتشهد الأخیر حتی

حکم من نسی التشهّد الأخیر

ص: 110


1- المختلف 2 : 405.
2- راجع ص 1826.
3- مدارک الأحکام 4 : 237 238.

سلّم وأحدث أعاد الصلاة ؛ لأنّه أحدث فی الصلاة لوقوع التسلیم فی غیر موضعه (1).

واعترضه المحقق فی المعتبر : بأنّ التسلیم مع السهو مشروع فیقع موقعه ، ویقضی التشهد ؛ لما رواه حکم بن حکیم عن أبی عبد الله علیه السلام : فی رجل نسی رکعة أو سجدة أو الشی ء منها ثم یذکر بعد ذلک ، قال : « یقضی ذلک بعینه » قلت : أیعید الصلاة؟ قال : « لا » انتهی (2).

والاستدلال بالروایة لا یخفی غرابته ، أمّا اعتراضه بأنّ التسلیم فی موضعه ، فقد یقال علیه : إنّ موضعه إن أراد به الموضع بحسب الوهم أشکل بما ذکره هو وغیره من سجود السهو للتسلیم فی غیر محله ، إلاّ أن یراد غیر هذا التسلیم ، وفیه : أنّه لا یخرج عن التحکّم ، إلاّ أن یقال : إنّ ما دل علی قضاء التشهد مطلق بحیث یشمل ما لو أحدث وعدمه ، وفیه : أنّ فی هذا خروجاً عن المناقشة کما هو واضح.

والعجب من استحسان شیخنا قدس سره کلام المحقق.

وقوله قدس سره بعد الاستحسان : إنّ الظاهر أنّ المراد بالرکعة یعنی فی خبر حکم بن حکیم مجموعها لا نفس الرکوع خاصة ، وبالشی ء منها القنوت والتشهد ونحو ذلک ممّا لم یقم دلیل علی سقوط تدارکه ، وهذه الروایة معتبرة الإسناد (3).

لا یخلو أیضاً من غرابة ، أمّا أوّلاً : فلأنّ القضاء فی الروایة إن أُرید به المعروف منه فقضاء الرکعة واضح الإشکال ، وإن أُرید فعل الشی ء لا یتم

ص: 111


1- السرائر 1 : 259.
2- المعتبر 2 : 386 ، وتقدم الحدیث بتفاوت یسیر فی ص 1778.
3- مدارک الاحکام 4 : 238.

المطلوب فی التشهد ، ( وذکر القنوت لا وجه له ، وأمّا ثانیاً : فلأنّ التشهد ) (1) غیر داخل فی الرکعة.

وربما یتبادر من الروایة عود الضمیر للسجدة والمراد شی ء من أجزائها ، وقضاؤه حینئذ غیر خفی الحال ، هذا.

وأمّا الخبر الأخیر : فواضح الدلالة ، ومنافاته لما سبق من روایة سفیان ابن السمط الدالة علی سجود السهو لکل نقیصة واضحة ، وکان علی الشیخ التنبیه علی ذلک لعلمه بالخبرین ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن القائلین بإجزاء تشهد سجدتی السهو عن تشهد الفریضة الاحتجاج بأنّ التشهد فی السجدتین لیس بواجب علی ما سیأتی ، قال : وقد وردت أخبار بأنّه یسجد للسهو من غیر ذکر قضاء التشهد فیکفی تشهده فیهما (2).

ثم ذکر روایة سلیمان بن خالد والحلبی الأخیرة موجِّهاً بما ترکه أولی من ذکره ، وإنّما ذکرنا الأوّل لنوع فائدة وهو أنّ مقتضاه عدم وجوب التشهد فی سجدتی السهو.

وقد نقل شیخنا قدس سره عن المحقق فی المعتبر والعلاّمة فی المنتهی أنّ وجوب التشهد والتسلیم قول علمائنا أجمع (3) ؛ والحال أنّه فی المختلف اختار الاستحباب (4) ، ونقل عن بعض الأصحاب ما یفید ذلک ، والاستدلال المذکور فی المقام تحققه. وبالجملة فالأمر لا یخلو من غرابة والله تعالی

هل یجزئ تشهّد سجدتی السهو عن تشهّد الفریضة؟

ص: 112


1- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
2- المختلف 2 : 405.
3- المدارک 3 : 425 ، وهو فی المعتبر 2 : 221 ، والمنتهی 1 : 292.
4- المختلف 2 : 191.

أعلم بالحقائق.

بقی شیئان ، أحدهما : أنّ ظاهر الأمر فی الخبر الأوّل بالتسلیم الوجوب ، لکن قد قدّمنا (1) فی بحث التسلیم أنّ الأوامر فی أخبارنا غیر معلوم کونها حقائق فی الوجوب فقط کما قرّر فی أُصول المعالم (2) ، وربما یقال : إنّ الأمر فی هذا الخبر للوجوب بقرینة قوله : « فلیتمّ صلاته » إذ من المستبعد اختلاف الأمرین فی خبر واحد. وفیه : عدم استبعاد الاختلاف لوجوده فی أخبارنا بکثرة.

أمّا الثانی : فلیس فیه أمر بالتسلیم ، غیر أنّه ربما یدل علی الوجوب من حیث تعلیق فعل سجود السهو علیه ، والسجود واجب فیکون التسلیم واجباً. وقد یجاب بجواز التعلیق علی المستحب ، لا بمعنی أنّ الوجوب معلّق علیه ، بل بمعنی أنّ الفعل لا یقع إلاّ بعده بتقدیر فعله ، فلیتأمّل.

والثالث : له نوع دلالة من جهة قوله : « یتمّ صلاته » والکلام فیه کالأوّل.

وثانیهما : أنّ ظاهر الأوّل إیقاع السجود والتسلیم عقیب الإتمام ، وربما کان فیه دلالة علی عدم وجوب قضاء التشهد ، أو علی أنّ قضاءه بعد السجود ، لکن الثانی ظاهر الأصحاب نفیه ، أمّا الأوّل فیمکن أن یقال - بتقدیر وجوب قضاء التشهد وحده - : إنّ الخبر من قبیل المطلق فلا مانع من تقییده.

والثانی مثله من حیث قوله : « حتی إذا فرغ وسلم سجد » بل هو أوضح دلالة. والثالث کذلک فی الجملة ، فلیتأمّل هذا کلّه.

کلمة حول وجوب التسلیم

ص: 113


1- راجع ص 1731 1733.
2- معالم الأصول : 45.

قوله :

باب السهو فی الرکعتین الأوّلتین

الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن عاصم ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل شکّ فی الرکعة الأُولی ، قال : « یستأنف ».

عنه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن عنبسة بن مصعب قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إذا شککت فی الرکعتین الأوّلتین فأعد ».

عنه ، عن القروی ، عن أبان ، عن إسماعیل الجعفی وابن أبی یعفور ، عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام أنّهما قالا : « إذا لم تدرِ أواحدة صلّیت أم ثنتین فاستقبل ».

عنه ، عن النضر ، عن موسی بن بکر قال سأله الفضیل عن السهو فقال : « إذا شککت فی الأوّلتین فأعد ».

عنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال : « إذا سها الرجل فی الرکعتین الأوّلتین من الظهر والعصر (1) فلم یدر واحدة صلّی أم ثنتین فعلیه أن یعید الصلاة ».

عنه ، عن فضالة ، عن رفاعة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل لا یدری أرکعة صلّی أم اثنتین؟ قال : « یعید ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن هارون بن

السهو فی الرکعتین الأوّلتین

اشارة

ص: 114


1- فی الاستبصار 1 : 364 / 1381 زیادة : والعتمة.

خارجة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا سهوت فی الأوّلتین فأعدهما حتی تثبتهما ».

عنه ، عن فضالة ، عن حمّاد ، عن الفضل بن عبد الملک قال : قال لی : « إذا لم تحفظ الرکعتین الأوّلتین فأعد صلاتک ».

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : قلت له : رجل لا یدری أواحدة صلّی أم اثنتین؟ قال : « یعید ».

محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علی الوشّاء قال : قال لی أبو الحسن الرضا علیه السلام : « الإعادة فی الرکعتین الأوّلتین والسهو فی الرکعتین الأخیرتین ».

السند :

فی الأوّل : النضر فیه ابن سوید ، وعاصم فیه اشتراک بین ابن حمید وغیره (1) ، ولم یظهر لی من الرجال ما یعیّنه ، لکن فی الأخبار علی ما أظن : النضر بن سوید عن عاصم بن حمید ؛ والعلاّمة فی المنتهی وصفها بالصحّة (2) ، وغیر بعید استفادته ذلک ، وعلی کل حال ربما یصلح قرینة فی الجملة.

والثانی : فیه محمد بن سنان ، أمّا عنبسة بن مصعب فقیل : إنّه ناووسیّ (3) وقد مضی (4) فیه کلام ما.

تفسیر عاصم

إشارة إلی حال عنبسة بن مصعب

ص: 115


1- انظر هدایة المحدثین : 87.
2- المنتهی 1 : 410.
3- کما فی رجال الکشی 2 : 659.
4- فی ص 498.

والثالث : فیه القروی ، وقد مضی (1) مثله فی خبر واحتملنا فیه أن یکون الهروی فصحّف وهو عبد السلام ، [ ونبّهنا (2) ] علی أنّه سیأتی فی هذا الکتاب فی باب صلاة العیدین روایة الحسین بن سعید عن أحمد بن عبد الله القروی وهو مجهول الحال. أمّا إسماعیل الجعفی فهو وإن کان مشترکاً (3) بین ابن عبد الرحمن الضعیف وبین ابن جابر الثقة مع نوع کلام ، إلاّ أنّ الظاهر کونه الثقة ؛ لما تقدّم من أنّ ابن جابر قال النجاشی : إنّه روی حدیث الأذان (4) ، والراوی فی حدیث الأذان عنه أبان بن عثمان ، وحینئذ یکون أبان هو ابن عثمان أیضاً ، وإن کان فی البین کلام من جهة أبان ، وإسماعیل الجعفی ؛ لاحتمال عدم انحصار روایة أبان عن ابن جابر ، وعدم تعیّن أبان لابن عثمان ، والأمر سهل فی المقام بعد القروی.

والرابع : فیه موسی بن بکر ، وهو إمّا مهمل کما فی النجاشی (5) والفهرست (6) ، أو واقفی کما فی کتاب الشیخ (7). والعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه واقفی (8) ، وفی المنتهی وصف الخبر بالصحة (9) ؛ وکأنّها إضافیة.

والخامس : الحسن فیه ابن سعید ، وسماعة تکرّر القول فیه (10) مع زرعة.

بحث حول القروی

بحث حول إسماعیل الجعفی

بحث حول موسی بن بکر

ص: 116


1- فی ص 1582.
2- بدل ما بین المعقوفین فی « م » : ومنها ، وفی « فض » : وهاهنا ، وفی « رض » : وانتهی ، والصواب ما أثبتناه.
3- رجال الطوسی : 104 / 15 و 105 / 18.
4- رجال النجاشی : 32 / 71.
5- رجال النجاشی : 407 / 1081.
6- الفهرست : 162 / 705.
7- رجال الطوسی : 359 / 9.
8- الخلاصة : 257 / 1.
9- المنتهی 1 : 410.
10- فی ص 49 و 78.

والسادس : صحیح.

والسابع : فیه مع أبی بصیر هارون بن خارجة ، وفی النجاشی : ثقة متحد (1) ، والشیخ ذکره متعدداً مع الإهمال (2) ، وقد مضی القول (3) فی ذلک.

والثامن : صحیح ؛ لأنّ حمّاداً علی الظاهر ابن عثمان ، لتقدم ذکره (4) عن قریب مبیناً بابن عثمان مع روایة فضالة عنه ، والاحتمال السابق فی المقام بعید کما لا یخفی.

والتاسع : حسن کالعاشر بالوشّاء علی ما قدّمناه فیه من الکلام (5).

المتن :

فی الأوّل : له دلالة علی أنّ الشک فی الرکعة الأُولی مبطل ، أمّا الشک فیها فیحتمل أن یراد به الشک فی کونها واحدة أو معها غیرها ، ویحتمل أن یراد به عدم تحقق فعلها کاملة ، وقد مضی فی خبر أحمد بن محمد بن أبی نصر الدال علی أنّه إذا ترک سجدة فی الرکعة الأُولی یستقبل (6) ، احتمال ربما یؤیّده هذه الروایة بتقدیر الاحتمال الثانی ، لکن قد بیّنا سابقاً بُعد ذاک عن ظاهر الروایة.

وباقی الأخبار واضح الدلالة علی أنّ الأوّلتین یوجب الشک فیهما الإعادة ، والإجمال فی خبر أبی بصیر منها کالأوّل.

بحث حول هارون بن خارجة

تفسیر حمّاد

إشارة إلی حال الوشّاء

بیان ما دل علی أنّ الشک فی الأوّلتین یوجب الإعادة

ص: 117


1- رجال النجاشی : 437 / 1176.
2- رجال الطوسی : 328.
3- فی ص 1350.
4- فی ص 1788.
5- فی ص 111.
6- فی ص 1805.

أمّا خبر الفضل بن عبد الملک الدال علی حفظ الرکعتین فیحتمل أن یراد بالحفظ للأعداد والأجزاء کغیره ممّا ذکرناه ، وفیه مع ذلک احتمال الحفظ للیقین أو الظن ، والخلاف واقع فی الاکتفاء بالظن فی الأوّلتین کما سنذکره إن شاء الله تعالی.

وفی المختلف نقل عن علی بن بابویه أنّه قال : إذا شککت فی الرکعة الأُولی والثانیة فأعد صلاتک ، وإن شککت مرّة أُخری فیهما وکان أکثر وهمک إلی الثانیة فابنِ علیها واجعلها ثانیة فإذا سلّمت صلّیت رکعتین من قعود بأُمّ القرآن ، وإن ذهب وهمک إلی الأُولی جعلتها الاولی وتشهدت فی کل رکعة ، ( فإن استیقنت بعد ما سلّمت ) (1) أنّ التی بنیت علیها واحدة کانت ثانیة وزدت فی صلاتک رکعة لم یکن علیک شی ء ، لأنّ التشهد حائل بین الرابعة والخامسة ، وإن اعتدل [ وهمک ] فأنت بالخیار إن شئت صلیت رکعة من قیام وإلاّ رکعتین وأنت جالس (2).

ونقل العلاّمة عند الاحتجاج بالأخبار الآتیة وستسمعها (3) ، وإنّما قدّمنا هذا القول هنا لأنّ المشهور فیما قیل الإعادة إذا حصل الشک فی الأوّلتین من الرباعیة وغیرها.

أمّا الاکتفاء بالظن فی الأوّلتین وفی الثنائیة فقد جزم به جماعة من الأصحاب (4) ، لکن المحقق یفهم ذلک من إطلاق عبارته (5) ، وجدّی قدس سره

هل یکتفی بالظن أم یعتبر الیقین؟

ص: 118


1- فی « م » : فإذا استیقنت بعد ما صلّیت.
2- المختلف 2 : 378 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
3- فی ص 126.
4- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 128.
5- کما فی المعتبر : 390.

بالتصریح (1) ، وقبله الشهید (2) رحمه الله کذلک ، وتبعهما شیخنا قدس سره (3) ، والوالد قدس سره أطلق فی الرسالة أیضاً.

والذی یمکن اعتباره هو الیقین ، للخبر الصحیح الذی نقلناه عن الصدوق فی الفقیه فی بحث التسبیح فی الأخیرتین (4) ، والخبر مذکور فی باب فرض الصلاة من الفقیه ، وراویه (5) زرارة بن أعین عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « کان الذی فرض الله علی العباد عشر رکعات وفیهن القراءة ولیس فیهنّ وهم یعنی سهواً فزاد رسول الله صلی الله علیه و آله سبعاً وفیهنّ السهو ولیس فیهن قراءة ، فمن شک فی الأوّلتین أعاد حتی یحفظ ویکون علی یقین ، ومن شک فی الأخیرتین عمل بالوهم » (6) وغیر خفیّ دلالة الخبر علی الیقین مع الشکّ غایة الأمر أنّ الشک محتمل احتمالاً ظاهرا للرکعات ویحتمل التناول للأجزاء.

وفی نظری القاصر أنّ فیه تفسیراً لخبر الفضل بن عبد الملک من الأخبار المبحوث عنها المتضمن لقوله : « إذا لم تحفظ الرکعتین الأوّلتین » فیکون المراد بالحفظ الیقین. وقد یتعجب من غفلة هؤلاء الأجلاّء عن هذا الخبر إلاّ من الوالد قدس سره فإنّه وإن ذکره فی المنتقی (7) إلاّ أنّه غیر صحیح علی أُصوله.

ما المراد بالحفظ فی قوله : « إذا لم تحفظ الرکعتین ... »؟

ص: 119


1- کما فی المسالک 1 : 42.
2- فی الذکری : 222.
3- المدارک 4 : 263.
4- راجع ص : 1608.
5- فی « م » و « رض » : وروایة.
6- الفقیه 1 : 128 / 605 ، الوسائل 8 : 187 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 1 ح 1.
7- منتقی الجمان 2 : 317.

ویمکن أن یناقش من جهة أُخری ، وهو أنّ ما دل علی الاکتفاء بالظن مع الشک وارد فی غیر الأوّلتین کما یعلم من التتبع ، وما قد یتناول الأوّلتین ستسمعه (1) ، وسنده محل تأمّل ؛ والإجماع علی الظن منتفٍ ، فإنّ المنقول عن ابن إدریس فیما قاله الشهید رحمه الله فی الذکری أنّ الظاهر من کلامه اعتبار الظن فیما عدا الأوّلتین (2) ؛ إلاّ أن یقال : إنّ کلام ابن إدریس لا یضرّ مع مخالفته لفتوی الأصحاب کما قاله الشهید فی الذکری أیضاً ، وفیه ما لا یخفی ، من حیث إنّ اطلاع الشهید علی أقوال جمیع العلماء علی وجه یتحقق الإجماع فی زمانه یعدّ من الأُمور الممتنعة عادةً.

ومن عجیب ما اتفق للشهید رحمه الله فی الذکری أنّه قال فی ردّ قول ابن إدریس : إنّ فیه تخصیصاً لعموم الأدلة مع مخالفة فتوی الأصحاب. والحال أنّ عموم الأدلّة لم نقف علیه ؛ إذ الأخبار کما ذکرناه واردة فی الأخیرتین.

نعم ذکر فی أدلته رحمه الله أنّ تحصیل الیقین عسر فی کثیر من الأحوال ، فاکتفی بالظن تحصیلاً للیسر ودفعاً للحرج ، وبما رواه الجمهور عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه قال : « إذا شک أحدکم فی الصلاة فلینظر أحری ذلک إلی الصواب فلیبن (3) علیه ».

وما روی عن الصادق علیه السلام بعدة طرق أنّه قال : « إذا وقع همک علی الثلاث فابن علیه ، وإن وقع وهمک علی الأربع فسلّم وانصرف » (4).

وأنت خبیر بأنّ مثل هذه الأدلة لا تصلح لإثبات العموم المانع من

ص: 120


1- فی ص 1837.
2- الذکری : 222 ، وهو فی السرائر 1 : 250.
3- فی « رض » : فلیبیّن ، وفی « فض » : فلیمض.
4- الذکری : 222.

التخصیص.

وقد احتمل شیخنا قدس سره الاستدلال للاکتفاء بالظن مطلقا بما رواه الکلینی ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن محمد ابن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن صفوان ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : « إن کنت لا تدری کم صلّیت ولم یقع وهمک علی شی ء فأعد الصلاة » (1).

قال قدس سره : وهذه الروایة معتبرة الإسناد ؛ إذ لیس فیها من قد یتوقف فیه سوی محمد بن خالد البرقی ، لقول النجاشی : إنّه کان ضعیفاً فی الحدیث. إلاّ أنّ ذلک لا یقتضی الطعن فیه نفسه. وجزم العلاّمة فی الخلاصة بالاعتماد علی قوله لنص الشیخ علی تعدیله ، ولا بأس به (2). انتهی.

ولا یذهب علیک أنّ الروایة بتقدیر صحتها مخصوصة بخبر زرارة ، وأمّا أحوال محمد بن خالد فقد أوضحناها (3) فی الکتاب وغیره.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر زرارة من اعتبار الیقین فی الأوّلتین علی تقدیر تناوله للأجزاء لو حصل الشک فی شی ء منها قبل تجاوز المحل فأتی به احتمل أن یقال بحصول الیقین نظراً إلی تحقق الفعل بعد العود إلیه ، ویحتمل العدم ؛ لأنّ الیقین محتمل لأن یراد به تحقق أفعالهما من غیر زیادة ولا نقصان ، ومع الشک لا یحصل هذا المعنی.

وقد قدّمنا عن الشیخ فی التهذیب کلاماً فی الشک فی الرکوع محتملاً لأن یکون منه أو من المفید ، دالاًّ علی أنّ الشک فی أجزاء الأوّلتین شک

ص: 121


1- الکافی 3 : 358 / 1 ، الوسائل 5 : 327 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 15 ح 1.
2- مدارک الأحکام 4 : 264 ، وهو فی رجال النجاشی : 335 / 898. وفی الخلاصة : 139 / 14.
3- راجع ص 68.

فیهما (1).

( وقد یتفرع هنا حکم لکثیر الشک ، فإنّ ما دلّ علی عدم التفاته یشمل الأوّلتین ، وخبر زرارة تضمن الیقین ، فیمکن أن یقال : إنّ الیقین لغیر کثیر الشک ، أمّا لو ظن کثیر الشک الفعل أو عدمه کما مضی فیه القول (2) احتمل هنا الخروج عن الصحة فی الأوّلتین کما یعلم بالتأمّل (3).

وللأصحاب الذین رأینا کلامهم تصریح بتناول الاکتفاء بالظن مع الشک للأجزاء کالرکعات (4). وربما یشکل فی الأوّلتین بتقدیر تناول خبر زرارة للأجزاء ) (5) فینبغی التأمّل فی المقام.

بقی شی ء وهو أنّ قوله علیه السلام فی الخبر الأخیر : « الإعادة فی الرکعتین الأوّلتین والسهو فی الرکعتین الأخیرتین » لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ السهو فی الأخیرتین یحتمل لأن یراد به حکم السهو المقرّر فی الأخبار علی وجه لا یقتضی الإعادة ، ویحتمل أن یراد به أنّ حصول السهو فی الأخیرتین لا یقتضی البطلان بخلاف الأوّلتین.

والفرق بین الاحتمالین أنّ الأوّل یراد به الإخبار عن حکم السهو المقرّر ، والحکم حینئذ مجمل ، لکن یستفاد منه عدم الإعادة بقرینة الإعادة فی الأوّلتین ویبقی حکم البناء علی الأقلّ أو الأکثر مجملاً.

والثانی یستفاد منه الحکم بعدم البطلان فی الأخیرتین بالسهو. ویبقی ما دل علی أحکام السهو یفید فائدة أُخری لا مبیِّنا للإجمال.

بیان قوله علیه السلام : « الإعادة فی الأوّلتین والسهو فی الأخیرتین »

ص: 122


1- فی ص : 1790.
2- راجع ص 1834.
3- فی « رض » : بالتأویل.
4- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 128.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».

ویحتمل أن یراد بالسهو : الظن المعبّر عنه بالوهم فی الأخبار ، والإعادة تدل (1) علی هذا ، وأثر هذا الاحتمال واضح.

وربما یستفاد من قوله علیه السلام : « الإعادة فی الأوّلتین » أنّ الشک فیهما یوجب الإعادة ؛ لأنّ الیقین فیهما وهو الواحدة بتقدیر الشک فی الاثنین یقتضی البناء علیه کما قد نبّه علی ذلک خبر زرارة حیث قال فی آخره : « ومن شک فی الأخیرتین عمل بالوهم » فإنّ هذا الکلام یقتضی احتمال کون الفارق العمل بالظن فی الأخیرتین ، وأمّا فی الأوّلتین فیعمل بالمتیقّن وهو الواحدة.

وما عساه یقال : إنّ الخبر الأخیر لا یقاوم خبر زرارة لیصلح بیاناً للحکم ، وإذا لم یصلح فخبر زرارة إذا قام فیه الاحتمال أمکن الاستدلال علی البناء علی الواحدة کما هو مفاد الأخبار الآتیة.

یمکن الجواب عنه : بأنّ خبر زرارة ظاهره إرادة انتفاء الشک فی الأوّلتین ، بمعنی أنّ شرط صحتهما عدم الشک ( فیهما ، لا أنّ مع الشک یبنی علی المتیقن ، ومما ینبّه (2) علی هذا أنّ الحکم بالبناء علی الیقین من أحکام الشک ) (3) فهو فرع صحة العبادة مع الشک ، وإذا دل الدلیل علی بطلان الأوّلتین بالشک انتفی عنهما الحکم بالرجوع إلی الیقین ، علی أنّ الحکم بالرجوع إلی الیقین من الأخبار الآتیة یتوقف علی إمکان الاستدلال بها والحال أنّ المعارض موجود ، وستسمع القول فیها إن شاء الله تعالی (4).

ص: 123


1- فی « فض » : فیها.
2- فی « رض » : نبّه.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- فی ص 1839.

( بقی شی ء وهو أنّ کثیر الشک فی الأوّلتین وإن لم یحصل له الیقین ربّما لا یلتفت إلی الشک بل یبنی علی المشکوک فیه علی المشهور فی معنی عدم التفاته ، وحینئذ یخص خبر زرارة الدال علی الیقین فی الأوّلتین ، ولم أَرَ من صرّح بذلک عن القائلین باعتبار الیقین فی الأوّلتین ، فینبغی تأمّل ذلک ؛ وما ذکرناه فی کثیر الشک من معناه المشهور إشارة إلی أنّ عدم التفات کثیر الشک کما یحتمل ما ذکر یحتمل عدم فعله الاحتیاط أو بناؤه علی الیقین ، لکن المعلوم من المتأخّرین ما قدّمناه ، والله أعلم ) (1).

( قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل لا یدری أرکعتین صلّی أم واحدة؟ قال : « یتم ».

وما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن السندی بن الربیع ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : فی الرجل لا یدری رکعة صلّی أم ثنتین؟ قال : « یبنی علی الرکعة » ) (2).

وما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن عبد الکریم بن عمرو ، عن عبد الله بن أبی یعفور قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن (3) الرجل لا یدری أرکعتین

کلمة حول کثیر الشک فی الأوّلتین

ص: 124


1- ما بین القوسین زیادة من « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
3- فی الاستبصار 1 : 365 / 1389 : فی.

صلّی أم واحدة؟ قال : « یتمّ برکعة ».

فأوّل ما فی هذه الأخبار أنّها لا تعارض ما قدّمناه ؛ لأنّها أضعاف هذه ، ولا یجوز العدول عن الأکثر إلی الأقلّ لما قد بیّناه فی غیر موضع ، ولو کانت معارضة لها ومساویة لم یکن فیها تناقض ؛ لأنّه لیس فی شی ء من هذه الأخبار أنّ الشک إذا وقع فی الأوّلة والثانیة من صلاة الفرائض و (1) النوافل ، وإذا لم یکن هذا فی الخبر حملناها علی النوافل ، لأنّ النوافل عندنا لا سهو فیها ، ویبنی المصلّی إن شاء علی الأقلّ وإن شاء علی الأکثر ، والبناء علی الأقل أفضل ، فحملنا هذه الأخبار علی ما ذکرناه من النوافل لئلاّ تتناقض الأخبار.

السند :

فی الأوّل : واضح بعد ما أشرنا إلیه عن قریب (2) من أنّ الحسین بن أبی العلاء لم یثبت توثیقه ، بل غایة ما یستفاد المدح ، وفی السند دلالة علی أنّ ما سبق من روایة أحمد بن محمد بن عیسی عن الحسین بن أبی العلاء بغیر واسطة سهو ، وینبه علیه ما فی التهذیب (3) ، واحتمال الروایة تارة بواسطة وأُخری بعدمها بعد روایة التهذیب لا وجه له.

والثانی : فیه السندی ، وحاله لا یزید علی الإهمال کما یستفاد من الرجال (4) ، نعم فی الرجال أنّ الراوی عنه صفوان وغیره ، وروایة محمد بن

بحث حول الحسین بن أبی العلاء

بحث حول السندی بن الربیع

ص: 125


1- فی الاستبصار 1 : 365 : أو.
2- فی ص 1825.
3- التهذیب 2 : 157 / 616.
4- رجال النجاشی : 187 / 496 ، رجال الطوسی : 378 / 8.

أحمد بن یحیی فیها نوع تأمّل ، وجوابه غیر خفی.

والثالث : فیه عبد الکریم بن عمرو وهو واقفی ثقة ثقة (1) فی النجاشی (2).

المتن :

فی الجمیع قد قدّمنا (3) أنّ العلاّمة فی المختلف جعله حجة علی بن بابویه ، وزاد : أنّه شک فی عدد فیبنی علی الأقل لأنّه المقطوع به. وأجاب العلاّمة بالمنع من صحة سند الأوّل ؛ لأنّ الحسین بن أبی العلاء لا یحضره حاله وهو غریب منه وکذلک قال فی السندی بن الربیع والحال واحدة ، ثم ذکر الحمل علی النوافل وقال : إنّ ما تدلّ علیه هذه الأحادیث لا یقول به ، والذی یقول به لا تدلّ علیه الأحادیث ، والأمر کما قال.

أمّا ما أجاب به بعد ذلک عن قوله بالبناء علی الأقل لأنّه المتیقن ، من أنّه ممنوع لأنّه کما یحرم علیه النقصان تحرم علیه الزیادة (4). فقد یقال علیه : إنّ استدلاله مبنیّ علی بعض الأخبار مثل ما رواه الصدوق بقوله : وروی عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو الحسن علیه السلام : « إذا شککت فابن علی الیقین » قال : قلت : هذا أصل؟ قال : « نعم » (5).

وروی الشیخ فی زیادات الصلاة عن الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن محمد بن أبی حمزة عن عبد الرحمن بن الحجاج وعلی ، عن

عبد الکریم بن عمرو واقفی ثقة

تفصیل علی بن بابویه فی الشک فی الأوّلتین بین المرّة الأُولی والثانیة والمناقشة فیه

ص: 126


1- لیست فی « م » و « رض ».
2- رجال النجاشی : 245 / 645.
3- فی ص 1833 ، 1834.
4- المختلف 2 : 379.
5- الفقیه 1 : 231 / 1025 ، الوسائل 8 : 212 أبواب الخلل ب 8 ح 2.

أبی إبراهیم علیه السلام فی السهو فی الصلاة ، فقال : « تبنی علی الیقین وتأخذ بالجزم وتحتاط بالصلوات کلّها » (1).

وما عساه یقال : إنّ هذین الخبرین لا یدلان علی الأخذ بالأقلّ بجواز أن یراد دفع الشک بالإعادة.

یمکن الجواب عنه : بأنّه خلاف الظاهر ، وعلی کل حال تفصیل ابن بابویه المنقول فی المختلف لا یدل علیه الاستدلال ، غایة الأمر أنّه یبقی الکلام فیما دل علی البناء علی الأقل بعمومه من الأخبار الدالة علی الأخذ بالیقین مؤیّداً للأخبار المبحوث عنها ، فقول الشیخ : إنّ الأخبار الأوّلة أضعاف هذه ؛ قد یتوجّه علیه أنّ مؤیّدات هذه لا وجه لعدم التعرض لها وإن کانت لا تبلغ مرتبة السابقة فی الکثرة.

فإن قلت : الخبران المذکوران من الفقیه والتهذیب ما حالهما؟

قلت : أمّا خبر الفقیه فقد علمت صورة إیراده ، وقد سألت شیخنا المحقق میرزا محمد أیّده الله عن دخول مثل هذه الروایة فی طریق المشیخة للفقیه من حیث إنّ ظاهر الروایة الإرسال ، وظاهر المشیخة أنّ کل ما رواه طریقه إلیه کذا ، والمتبادر من روایته أن یقول : روی إسحاق ونحو ذلک؟ فأجاب أیّده الله : بأنّه محل تأمّل.

لکن لم أجد فی کتب الوالد قدس سره ما یقتضی التوقف ، وجزم شیخنا قدس سره فی المدارک بأنّ هذه الروایة من الموثق نظراً إلی طریق الصدوق إلی إسحاق ابن عمار من الموثق (2) ؛ وأری هذا غریباً منه ؛ لأنّ فی الطریق علی بن

ص: 127


1- التهذیب 2 : 344 / 1427 ، الوسائل 8 : 213 أبواب الخل ب 8 ح 5 ، بتفاوت یسیر فیهما.
2- المدارک 4 : 256.

إسماعیل ، وفیه ما قدّمناه (1) من عدم زیادة حاله عن الإهمال أو الجهالة ، وفی طرق الفقیه من کتاب شیخنا أیّده الله فی الرجال تصحیح الطریق إلی إسحاق بن عمار إلاّ أنّ فی إسحاق قولا (2) ، والصحة لا یخفی حالها.

وأمّا خبر الشیخ ففیه محمد بن أبی حمزة ، ولا یبعد کونه الثقة کما کرّرنا القول فی ذلک (3) من أنّ احتمال المذکور مهملاً فی کتاب الشیخ (4) بعید ؛ أمّا علی الواقع فیه فمشترک (5) إلاّ أنّه لا یضرّ بالحال ، واحتمال ابن أبی حمزة له قرب ، وفی عبد الرحمن بن الحجاج نوع کلام ذکرناه (6) فی محل آخر.

لکن ربما یؤیّد الأخبار المبحوث عنها ما رواه الصدوق صحیحاً عن زرارة : « إنّ الصلاة لا تعاد إلاّ من خمسة » (7) وقد مضی (8) ، ولیس فیه شک فی الأوّلتین ، وفیه : أنّ الظاهر کون الحصر إضافیاً ، ومعه لا یتم المطلوب إلاّ بتکلّف.

وینقل عن السید المرتضی رضی الله عنه فی المسائل الناصریة أنّه جوّز البناء علی الأقلّ فی جمیع صور الشک (9). وقد یؤیّده بعض الأخبار الواردة فی الوضوء المتضمنة لأنّ الیقین لا یعارضه الشک ، ولأنّ الأصل عدم الإتیان

ص: 128


1- فی ج 2 : 184.
2- منهج المقال : 408.
3- راجع ج 1 : 146.
4- رجال الطوسی : 306 / 417.
5- هدایة المحدثین : 224.
6- فی ج 2 : 367.
7- الفقیه 1 : 225 / 991.
8- انظر أحکام السهو ص 11.
9- کما فی المدارک 4 : 256 ، وانظر المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 201.

بالمشکوک فیه ؛ إلاّ أن یقال : إنّه یجوز اختصاص الوضوء بما ذکر ، والأصل المذکور لا یصلح للحکم بالصحة مع دلالة الأخبار علی الإبطال.

وحکی شیخنا قدس سره عن ابن بابویه القول بالتخییر بین البناء علی الأقلّ والاستئناف وقال : إنّ الأخبار المذکورة لولا ضعف سندها لأمکن القول بما قاله ابن بابویه (1). ولا یخفی أنّ الروایة الاولی لا وجه لردّها إلاّ من جهة الحسین بن أبی العلاء ، أمّا علی بن الحکم فلا ، لما کرّرنا القول فیه أنّه الثقة بتقدیر الاشتراک ، لروایة أحمد بن محمد بن عیسی عنه (2).

إذا عرفت هذا فما ذکره الشیخ من الجمع فی أعلی مراتب البُعد ، ولعلّ الضرورة تقرّبه ، والحمل علی التقیّة لا یخلو من

قرب ، لأنّی وجدت فی صحیح مسلم روایات تدلّ علی البناء علی الیقین (3) ، فلیتأمّل.

قوله :

باب الشک فی فریضة الغداة

محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری وغیره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا شککت فی المغرب فأعد ، وإذا شککت فی الفجر فأعد ».

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یصلّی ولا یدری أواحدة صلّی أم ثنتین؟ قال : « یستقبل حتی یستیقن أنّه قد

الشک فی فریضة الغداة

اشارة

ص: 129


1- المدارک 4 : 244.
2- راجع ص 180.
3- صحیح مسلم 1 : 400 السهو فی الصلاة والسجود له ب 19 ح 88.

أتمّ وفی الجمعة وفی المغرب وفی الصلاة فی السفر ».

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن رجل ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لیس فی الفجر والمغرب (1) سهو ».

الحسین بن سعید ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن عنبسة بن مصعب قال ، قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا شککت فی المغرب فأعد وإذا شککت فی الفجر فأعد ».

عنه ، عن الحسن (2) ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن السهو فی صلاة الغداة؟ قال : « إذا لم تدر واحدة صلّیت أم ثنتین فأعد الصلاة من أوّلها ، والجمعة أیضاً إذا سها فیها الإمام فعلیه أن یعید الصلاة لأنّها رکعتان ، والمغرب إذا سها فیها ولم یدر (3) رکعة صلّی فعلیه أن یعید الصلاة ».

عنه ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل شکّ فی الفجر ، قال : « یعید » قلت : المغرب؟ قال : « نعم ، والوتر والجمعة » من غیر أن أسأله.

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام . وابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری وغیر واحد ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا شککت فی المغرب فأعد ، وإذا شککت فی الفجر فأعد ».

ص: 130


1- فی الاستبصار 1 : 366 / 1392 : المغرب والفجر.
2- فی « م » : الحسین.
3- یوجد فی الاستبصار 1 : 366 / 1394 : فلم یدرِ کم رکعة.

السند :

فی الأوّل : حسن علی تقدیر اندفاع ما قدمناه (1) فی حفص بن البختری ، من أنّ التوثیق من النجاشی له (2) محتمل لأن یکون من أبی العباس المشترک (3) بین ابن نوح وابن عقدة ، وضمیمة « غیره » لا یفید.

والثانی : لا ارتیاب فی حسنه (4).

والثالث : فیه الإرسال مع روایة محمد بن عیسی عن یونس ، وقد قدّمنا کلاماً فی إمکان دفع هذا عن الروایة لو سلمت من غیره (5).

والرابع : واضح الضعف (6).

والخامس : موثق.

والسادس : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (7). وقد یظن أنّ محمد بن مسلم هو الراوی عن الإمام علیه السلام لأنّه المتعارف.

والسابع : لا ارتیاب فیه. وابن أبی عمیر إمّا یروی عنه الحسین بن سعید أو أنّه ابتداء سند بالطریق إلیه فی المشیخة فیکون معطوفاً علی الحسین بن سعید.

إشارة إلی حال حفص بن البختری

ص: 131


1- فی ص 167.
2- رجال النجاشی : 134 / 344.
3- هدایة المحدثین : 288.
4- بإبراهیم بن هاشم.
5- فی ص 54.
6- من جهة محمد بن سنان ، انظر رجال النجاشی : 328 / 888 ، رجال الطوسی : 386 / 7 ، الفهرست : 143 / 609.
7- راجع ص 289 ، 865.

المتن :

فی الجمیع ظاهر الدلالة علی أنّ الشک فی المغرب والفجر والجمعة وصلاة السفر یوجب الإعادة ، لکن الأوّل کما تری له دلالة علی أنّ الشک فی المغرب یوجب ما ذکره وإن تعلق بغیر الأوّلتین ، أمّا الثانی فربما یختص بالأوّلتین من المغرب ؛ لأنّ صدره تضمن حکم الشک فی الواحدة والثنتین ، ثم الفجر (1) اقتضی ضمیمة المغرب ، والظاهر من ذلک المشارکة فی الحکم المذکور فی الصدر ، ویحتمل أن تکون المشارکة فی الاستقبال حتی یستیقن لا فی جمیع ما ذکر فی الصدر من الشک بین الواحدة والثنتین.

والثالث : تضمن نفی السهو فی الفجر والمغرب ، وقد مضی فی مثله الکلام من احتمال نفی حکم السهو من (2) البناء علی الظن ، إلاّ أنّ فیه لا یتم هذا ؛ لأنّ الظن یعتبر فی الفریضة (3) علی المعروف بین الأصحاب ، فلعلّ المراد بنفی السهو الإعادة علی تقدیر أن یراد به الشک ، ولو أُرید به ظاهر معناه فإشکاله غیر خفی ، ( وعلی تقدیر البناء علی الیقین فی الشک یحتمل نفی السهو نفی الحکم المذکور بل یکون الحکم الإعادة فتأمّل ) (4).

والرابع : کالأول.

والخامس : کما تری یدلّ علی أنّ الجمعة إذا سها الإمام فیها علیه

بیان ما دل علی أنّ الشک فی المغرب والفجر والجمعة وصلاة السفر یوجب الإعادة

بیان ما دل علی نفی السهو فی الفجر والمغرب

بحث حول سهو الإمام والمأموم

ص: 132


1- أی ذکر الفجر فی الأوّل.
2- فی « رض » زیادة : أن.
3- فی « رض » : الفرضین ، وفی « فض » : الفریضین.
4- ما بین القوسین ساقط عن « رض » ویوجد فی السطر التالی بعد قوله : والتخصیص بالإمام.

الإعادة ، والتخصیص بالإمام خفی الوجه (1).

ویختلج فی الخاطر أنّ الخبر لا یحتاج ( إلی أن یقید بعدم ) (2) حفظ المأموم علیه سهوه کما هو المقرّر من أنّه لا حکم لسهو الإمام إذا حفظ علیه من خلفه ، والوجه فی عدم الاحتیاج أنّ ما دل علی الیقین فی الأوّلتین والثنائیة وهو خبر زرارة (3) یفید أنّ الإمام لو شک فی ما یشترط فیه الیقین لا یرجع إلی قول المأموم ، لأنّه إنما یفید الظن والفرض اعتبار الیقین ، والجمعة من هذا القبیل ؛ ولم أجد من صرّح من الأصحاب بما ذکرته ، وهو حریّ بالتأمّل فیه.

ویتفرع علیه شک الإمام فی الأوّلتین والثنائیة بل وشک المأموم ، والجمعة غیر خارجة عن ذلک لما یظهر من الأخبار أنّها الظهر فی الحقیقة.

وما عساه یقال : إنّ ما دل علی أنّه لا حکم لسهو الإمام والمأموم مع الحفظ مطلق فلا وجه لتقییده.

یمکن الجواب عنه : بأنّ التقیید بعد وجود الخبر الصحیح ما المانع منه؟

فإن قیل : هو الإجماع من الأصحاب إذ لم ینقل ما ذکر ، احتمل أن یقال : إنّ ابن إدریس القائل بالیقین فی الأوّلتین أطلق (4) ، واللازم من إطلاقه

ص: 133


1- فی « م » زیادة : قد یخطر فی البال توجیه ما ذکره : بان فیه بیاناً للفرد الأخفی ، وهو أن الأمام لو فرض سهوه یعید فکیف المأموم؟ والإمام إن کان إمام الأصل فواضح وإن کان غیره احتمل أن یکون الوجه فی ذکره اشتراط الکمال بالعدالة وغیرها ومع هذا یعید فکیف المأموم؟ ویحتمل أن یکون ذکر الإمام لأنه المهمّ أولاً غیر ذلک ، فلا یفید نفی الحکم عن المأموم.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : الی تقیید بعد.
3- راجع ص 1834.
4- السرائر 1 : 250.

القول بما ذکرناه ، ولا یحضرنی الآن کتاب ابن إدریس لأعلم قوله فی الإمام والمأموم.

وما عساه یقال : إنّ الخبر الدال علی أنّه لا سهو علی الإمام ولا علی من خلفه ، یقتضی أنّ الحکم من حیث کونه إماماً أو مأموماً ، لا من حیث الظن ، والتفریع بالظن من کلام بعض المتأخّرین ، وهو مع إشکاله باستلزام اعتبار مراتب الظن وحصول الاختلاف بالمأموم العدل وغیره لا دلیل علیه.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الخبرین المذکورین فی الإمام والمأموم لا یصلحان للاعتماد عند جمیع الأصحاب ؛ إذ أحدهما (1) : رواه الشیخ فی التهذیب فی زیادات الصلاة عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لیس علی الإمام سهو ولا علی من خلف الإمام سهو » إلی آخر الحدیث (2). وهو معدود من الحسن والعامل (3) به بعض الأصحاب (4).

وثانیهما : رواه الشیخ فی التهذیب عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن محمد بن عیسی (5) ، عن رجل ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الإمام یصلّی بأربعة أنفس أو خمسة أنفس فیسبّح اثنان علی أنّهم صلّوا [ ثلاثاً ، ویسبّح ثلاثة علی أنّهم صلّوا ] أربعاً ، یقولون هؤلاء : قوموا ، ویقولون هؤلاء : اقعدوا ، والإمام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما یجب علیه؟ قال : « لیس علی الإمام سهو إذا حفظ علیه من خلفه سهوه

ص: 134


1- فی « م » زیادة : حسن.
2- التهذیب 2 : 344 / 1428 ، الوسائل 8 : 240 أبواب الخلل ب 24 ح 3.
3- فی « م » : والقائل.
4- کصاحب المدارک 4 : 267.
5- فی التهذیب زیادة : عن یونس.

بإیقان منهم ، ولیس علی من خلف الإمام سهو إذا لم یسهُ الإمام ، ولا سهو فی سهو ، ولیس فی المغرب والفجر سهو ، ولا فی الرکعتین الأوّلتین من کل صلاة ، ولا سهو فی نافلة ، فإذا (1) اختلف علی الإمام من خلفه فعلیه وعلیهم فی الاحتیاط الإعادة والأخذ بالجزم » (2).

وهذه الروایة لا یخلو متنها بتقدیر تسلیم سندها من إجمال ، والظاهر منها اعتبار اتفاق المأمومین علی الحکم ، فلو اختلفوا لا یتحقق نفی السهو عن الإمام.

والمعروف بین متأخری الأصحاب الذین رأینا کلامهم أنّ مع الاختلاف ( بین الإمام والمأموم ) (3) إذا حصلت الرابطة رجعوا إلیها (4).

وظاهر الروایة اعتبار یقین المأموم فلا یکفی ظنه ، وقد صرّح شیخنا قدس سره برجوع الشاک إلی الظان (5) ، والحال فی الروایة ما تری.

فإن قلت : الزیادة المذکورة فی آخر الروایة الدالة علی الاختلاف لا یبعد أن یکون من کلام الشیخ أو المفید ، ومن ثمّ لم یذکرها البعض ، وفی المدارک نقلت من دونها (6).

قلت : الذی وجدته فی الفقیه منقولاً عن نوادر إبراهیم بن هاشم بالمتن المنقول فی التهذیب مع زیادة مصححة له ، وفیها : « فإذا اختلف

ص: 135


1- ذیل الحدیث من قوله : فإذا. إلی آخر الحدیث ساقط عن « م » و « رض ».
2- التهذیب 3 : 54 / 187 ، الوسائل 8 : 241 أبواب الخلل ب 24 ح 8 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- کالشهید الثانی فی المسالک 1 : 42 ، وصاحب المدارک 4 : 270.
5- المدارک 4 : 270.
6- المدارک 4 : 270.

علی الإمام » إلی آخره. والزیادة المصححة : فیسبّح اثنان علی أنّهم صلّوا ثلاثاً ویسبّح ثلاثة علی أنّهم صلّوا أربعاً ، إلی آخره (1). وهذا کما تری یفید أنّ الجواب مبیّن للاختلاف المذکور وأنّه یقتضی أخذ کل من الإمام والمأموم بالجزم.

ثم إنّ فی متن روایة الصدوق : « إذا حفظ من خلفه سهوه باتفاق منهم وفی التهذیب : « یإیقان » والفرق بین الأمرین ظاهر ، والاعتبار یشهد لما فی الفقیه ، لأنّ الاختلاف قد ذکر فی الروایة أخیراً بین الإمام والمأموم ، والاتفاق أوّلاً بین المأمومین وفیه : أنّ التفصیل لا یناسبه ، وعلی کل حال المخالفة لکلام من رأینا کلامه موجودة.

والعجب من عدم تعرض شیخنا قدس سره لذلک ، والحکم بمجرد روایة الشیخ (2) ، والروایة فی الفقیه حسنة ، لأنّ طریقه إلی إبراهیم بن هاشم لا ریب فیه ، وظن أنّ الطریق فی المشیخة إلی إبراهیم لا إلی نوادره ، بعید ، بل الظاهر انتفاؤه ، وروایة إبراهیم بن هاشم لا یقصر عن الصحیح عنده.

روی الشیخ فی التهذیب فی الزیادات عن محمد بن علی بن محبوب ، عن محمد بن الحسین ، عن موسی بن القاسم ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهماالسلام ، قال : سألته عن رجل یصلی خلف إمام (3) لا یدری کم صلّی هل علیه سهو؟ قال : « لا » (4).

وهذه الروایة قال شیخنا قدس سره : إنّها دالة علی حکم المأموم فی مسألة

ص: 136


1- الفقیه 1 : 231 / 1028.
2- فی « م » زیادة : وقوله ما رواه الشیخ عن یونس عن رجل ، مع أن محمد بن عیسی رواها عن یونس.
3- فی « رض » : الإمام.
4- التهذیب 2 : 350 / 1453 ، الوسائل 8 : 239 أبواب الخلل ب 24 ح 1.

الشک (1).

ویمکن أن یقال : إنّها محتملة لأن یکون السؤال فیها عمّن صلّی خلف إمام لا یدری هل هو فی أوّل الصلاة أو فی أثنائها ، لا أنّ المأموم شک فی صلاته ، إلاّ أنّ الظاهر من الروایة خلاف هذا.

وإذا تقرّر جمیع ما ذکر فاعلم أنّ الأخبار المذکورة فی الإمام والمأموم بین مطلق ومقید بالحفظ ، والدال علی الحفظ قد سمعت القول فیه ، والمانع من التخصیص بخبر زرارة لیس إلاّ احتمال الاتفاق من الأصحاب علی عدم الفرق بتقدیر عدم العمل بالأخبار أو العمل ، وإثبات الاتفاق مشکل. فینبغی النظر فی ما ذکرناه ، فإنّی لا أعلم أحدا ( حام حوله ) (2).

وینبغی أن یعلم أن الأخبار المبحوث عنها مقیدة بما دل علی الظن مع الشک عند الأصحاب الذین رأینا کلامهم (3).

وما عساه یقال : إنّ مدلول بعضها الإعادة مع الشک ، فالصحة مع الظن بعد البطلان لا وجه لها.

یمکن الجواب عنه - بعد ثبوت العمل بالظن فی المذکورات من الفرائض - : بأنّ البطلان لا یحصل إلاّ بعد عدم الظن ، ویشکل بصیرورة العبادة قبل الظن موقوفة غیر محکومة بصحتها ولا ببطلانها ، والحال أنّ العبادة لا تخرج عنهما. وقد خطر فی البال هذا الإشکال فی تقسیم الأُصولیین العبادة إلی الصحیحة والباطلة.

وقد ذکر جدّی قدس سره وجوب التروّی عند الشک فی أفعال الصلاة (4) ،

حکم ما إذا حصل الظن فی ما یبطله الشک .

ص: 137


1- المدارک 4 : 270.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » و « رض » : ذکره.
3- راجع ص : 1846.
4- المسالک 1 : 42.

وغیر خفی أنّ الوجوب محل إشکال ؛ لعدم الوقوف علی دلیله ، بل المستفاد من الأخبار أنّ الظن لو حصل یعمل علیه ، وما ذکرناه من الإشکال فی مثل الفرائض التی یبطلها لک لا یخلو اعتبار الظن فیها من غموض ؛ لأنّ التروی إذا لم یجب فالمرتبة المقتضیة للصحة مع الظن لا حدّ لها ، فلیتأمّل.

وما وقع فی کلام بعض المتأخّرین من ذکر غلبة الظن (1) غیر ظاهر الدلیل ، بل المستفاد مطلق الظن.

ویختلج فی البال أنّ غلبة الظن وقعت فی عبارة المتقدمین ، ویراد بها غلبة الظن علی الشک ، فالمتأخّرون جعلوا غلبة الظن للشاک مریدین غلبة ظنه علی شکه ، والعبارة أوهمت أنّ غلبة الظن یراد به الظن الغالب فی نفسه (2) ، والحال غیر خفیّة.

بقی فی المقام شی ء وهو أنّ ما تضمّنه خبر العلاء من أنّ الشک فی الوتر یقتضی (3) الإعادة یخالف (4) إطلاق جماعة من الأصحاب کالشیخ فیما مضی (5) عن قریب من أنّ النافلة یبنی فیها علی الأقلّ وإن شاء علی الأکثر ، وعدم تعرض الشیخ وغیره للخبر مع صحته غریب.

وقد أشار شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب إلی مدلول الروایة ، غیر أنّها لا یخلو من إجمال بالنسبة إلی الوتر ، فإنّه اسم للثلاثة علی ما یستفاد من الأخبار ، فالشک فیه إمّا أن یراد فی مجموع الثلاثة أو فی شفعة وحده أو المفردة وحدها ، والأوّل یفید أنّ الشک مع الانفصال یقتضی إعادة

حکم الشک فی الوتر

ص: 138


1- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 128.
2- المسالک 1 : 42.
3- فی « م » : یلزم.
4- فی « م » : بخلاف.
5- فی ص 1838 ، 1839.

المجموع ، وفیه ما لا یخفی ، والحمل علی الاتصال یخالف ما مضی ، والثانی ممکن الإرادة ، کما أنّ الأوّل ممکن التسدید بوجه غیر بعید.

وأمّا ما یقتضیه ظاهر الأخبار من إطلاق إبطال الشک فی الفرائض المذکورة ربما یظن منه التناول للرکعات وأجزائها ، إلاّ أنّ تبادر الرکعات یمکن ادعاؤه ، والوتر کذلک ، فلیتأمّل المقام فإنّه حریّ بالتأمّل التامّ وبالله سبحانه الاعتصام.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن معاویة بن حکیم (1) ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن حماد الناب ، عن عمار الساباطی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل لم یدرِ کم (2) صلّی الفجر رکعتین أو رکعة؟ قال : « یتشهد وینصرف ثم یقوم فیصلی رکعة ، فإن کان (3) صلّی رکعتین کانت هذه تطوّعا ، وإن ( کان صلّی ) (4) رکعة کانت هذه تمام الصلاة » (5).

فهذا خبر شاذ مخالف للأخبار کلّها ، واجتمعت الطائفة علی ترک العمل به ، علی أنّه یحتمل أن یکون إنّما شک فی رکعتی الفجر النافلتین ، فجاز له أن یبنی علی الواحدة ویصلّی رکعة أُخری استظهاراً ، ولیس فی الخبر ذکر الفریضة ، وإنّما ذکر صلاة الفجر وذلک

ص: 139


1- فی « م » : معاویة بن الحکم.
2- لیس فی الاستبصار 1 : 366 / 1397.
3- فی الاستبصار 1 : 367 / 1397 زیادة : قد.
4- فی « م » : کانت صلاته. وفی الاستبصار 1 : 367 / 1397 : کان قد صلی.
5- فی الاستبصار 1 : 367 / 1397 ، عن التهذیب زیادة : وهذا والله ممّا لا یقضی أبداً.

یعبّر به عن الفرض والسنّة ، وعلی هذا التأویل لا ینافی ما تقدم من الأخبار.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سئل عن رجل دخل مع الإمام فی صلاته وقد سبقه برکعة ، فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس ثم ذکر أنه فاتته رکعة ، قال : « یعیدها رکعة واحدة ».

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عبد الله بن بکیر ، ( عن عبید بن زرارة ) (1) قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یصلّی الغداة رکعة ویتشهد ، ثم ینصرف ویذهب ویجی ء ، ثم یذکر بعدُ أنّما صلّی رکعة ، قال : « یضیف إلیها رکعة ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والأخبار الأوّلة ؛ لأن الشک الذی یوجب الإعادة إنّما هو إذا لم یذکر کم صلّی ، فأمّا من ظن أنّه صلّی رکعتین وعمل علیه ثم ذکر وعلم بعد ذلک أنّه کان صلّی رکعة لا یکون شاکاً ، ویکون فرضه إتمام ما فاته ما لم یستدبر القبلة.

السند :

فی الأوّل : فیه معاویة بن حکیم ، وقد وثقه النجاشی (2). وفی الخلاصة نقلاً عن الکشی : أنّه فطحی (3). والموجود فی اختیار الشیخ للکشی ذلک نقلاً عن محمد بن مسعود (4). وقد یقال : إنّ محمد بن مسعود

بحث حول معاویة بن حکیم

إشارة إلی حال محمد بن مسعود

ص: 140


1- فی الاستبصار 1 : 367 / 1399 : عن ابن زرارة.
2- رجال النجاشی : 412 / 1098.
3- الخلاصة : 167 / 3.
4- رجال الکشی 2 : 635 / 639.

فیه کلام ذکرته فی محل آخر ، والحاصل أنّ النجاشی قال : إنّه کان عامیا ورجع إلینا (1).

وحینئذٍ فالنقل عنه غیر معلوم الوقت ؛ إلاّ أن یقال : إنّ الظاهر تأخر ذلک. وفیه ما فیه. وفی الکشی فی مصدق بن صدقة ما یقتضی أنّ معاویة ابن حکیم فطحی من غیر نقل (2) ؛ ویحتمل أن یکون مرجعه إلی محمد بن مسعود ، ویحتمل غیر ذلک ، فتأمّل.

أمّا عمّار الساباطی فمشهور الحال. وحمّاد الناب هو ابن عثمان الثقة.

والثانی : واضح الصحة. ومحمد هو ابن مسلم ، والعلاء : ابن رزین.

والثالث : فیه عبد الله بن بکیر ، وقد تکرر القول فیه (3).

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی فعل الاحتیاط فی الفجر ، والقائل به علی هذا الوجه منتفٍ کما ذکره الشیخ رحمه الله . وما ذکره العلاّمة فی المنتهی : من أنّ الإعادة بالشک فی الثنائیة قول علمائنا أجمع إلاّ ابن بابویه ، فإنّه جوّز له البناء علی الأقل والإعادة (4). لا ینافی قول الشیخ بعدم الخلاف ؛ لأنّ المنقول عن ابن بابویه لا دلالة فی الروایة علیه ، بل علی خلافه ( وهو البناء علی الأکثر ) (5) کما هو واضح.

أمّا حمل الشیخ فدفعه ممکن بعد قوله علیه السلام : « کانت هذه تطوّعاً » فإنّ

إشارة إلی حال حمّاد الناب

توجیه ما دل علی أنّ الشک فی الفجر لا یوجب الإعادة

ص: 141


1- رجال النجاشی : 350 / 944.
2- رجال الکشی 2 : 835 / 1062.
3- فی ج 1 : 125.
4- المنتهی 1 : 410.
5- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

هذا الکلام ظاهر (1) فی أنّ الصلاة فریضة ، إلاّ أن یقال : إنّ المراد بالتطوع زیادة التطوع ، وبالتمام المذکور تمام الموظف. وفیه ما فیه ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع تقتضیه.

وأمّا الثانی : فقد ظن شیخنا قدس سره عدم ارتباطه بالباب مع غیره من الروایات الآتیة ؛ لأنّه قال فی فوائد الکتاب : لا یخفی أنّ هذه الروایة مع ما بعدها خارج عما وضع له الباب وهو الشک فی فریضة الغداة. انتهی. وقد یقال : إنّ العنوان وإن کان یفید ما قاله قدس سره إلاّ أنّ ظاهر بعض الأخبار السابقة نفی السهو فی الفجر ، وفی الخبر المبحوث عنه والثانی ما قد ینافیه.

وغیر خفی أنّ جواب الشیخ لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ [ مفاد الأخبار ] (2) الأولة الدالة علی بطلان الفجر مع الشک هو أنّه إذا لم یدر کم صلّی ، واللازم من ذلک أن یحمل الخبرین علی من دری کم صلّی ؛ والحال أنّه حملهما علی من ظن أنّه صلّی رکعتین وعمل علیه فلا یکون شاکاً.

ویتوجه علی هذا أنّ بعض الأخبار السابقة المتضمن لنفی السهو فی الفجر یتناول ما ینافی الخبرین ؛ إذ یحتمل أن یراد بالسهو عزوب المعنی عن القوة ( الذاکرة ) (3) لا الشک ، والظن بأنّه صلّی رکعتین غیر معلوم الحصول. وحمل السهو فی الخبر الدال علیه علی الشک لا وجه له إن کان لوجود الأخبار غیره الدالة علی الشک ؛ إذ لا مانع من الإبطال بالشک والسهو ، وکون السهو یستعمل فی الأخبار بمعنی الشک لا یقتضی انصرافه إلیه.

ص: 142


1- فی « رض » زیادة : وهو البناء علی الأکثر.
2- فی النسخ : مفاده حمل الأخبار ، والظاهر ما أثبتناه.
3- بدل ما بین القوسین فی « م » : علی ما ذکره فی تعریفه.

والحق أن یقال : إنّ کلام الشیخ فی مقام الجمع لا بأس به ، والعدول عن الظاهر لا خیر فیه لذلک ، وإن کانت عبارة الشیخ توهم أنّ مدلول الأخبار الأوّلة صریحاً ما ذکره.

أمّا ما قاله الشیخ رحمه الله من اشتراط عدم استدبار القبلة فستسمع القول فیه (1).

وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : من نقص رکعة أو ما زاد سهواً ولا یذکر حتی یتکلم أو یستدبر القبلة أعاد. قال العلاّمة : وهو اختیاره فی النهایة ، قال - یعنی الشیخ - : وفی أصحابنا من قال : إنّه إذا نقص ساهیاً لم یکن علیه إعادة الصلاة ؛ لأنّ الفعل الذی یکون بعده فی حکم السهو. قال - یعنی الشیخ - : وهو الأقوی عندی ، سواء ذلک فی صلاة الغداة أو المغرب أو صلاة السفر أو غیرها من الرباعیات ، فإنّه متی تحقق ما نقص قضی ما نقص وبنی علیه. قال - یعنی الشیخ - : وفی أصحابنا من یقول : إنّ ذلک یوجب استئناف الصلاة (2).

ونقل العلاّمة عن أبی جعفر بن بابویه فی المقنع أنّه قال : إن صلّیت رکعتین ثم قمت فذهبت فی حاجتک فأضف إلی صلاتک ما نقص منها ولو بلغتَ الصین ولا تعد الصلاة ، فإنّ إعادة الصلاة فی هذه المسألة مذهب یونس بن عبد الرحمن (3). انتهی.

وفی الفقیه نقل روایة عبید بن زرارة المذکورة هنا (4). وظاهره العمل

ص: 143


1- فی ص 1857.
2- المختلف 2 : 394 ، وهو فی المبسوط 1 : 121.
3- المختلف 2 : 396 ، ولم نعثر فی المقنع علی هذه العبارة والموجود فیه : وإن صلیت رکعتین ثم قمت فذهبت فی حاجة لک فأعد الصلاة ولا تبن علی رکعتین ، المقنع : 31.
4- الفقیه 1 : 229 / 1013.

بها ، وهی صریحة فی الفجر إذا صلّی منها رکعة ، وطریقه إلی عبید فیه الحکم بن مسکین ، إلاّ أنّ روایته مؤیّدة بما أسلفناه.

والذی نقله فی المختلف یقتضی التخصیص بصلاة رکعتین ، فما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب من : أنّه یستفاد من الأخبار المعتبرة أنّ من نقص من صلاته رکعة فصاعداً ناسیاً ثم یذکر بعد الانصراف والفعل الکثیر یبنی علی صلاته ویتم ما بقی ، وبمضمونها أفتی ابن بابویه فی المقنع. محل تأمّل ، إلاّ أن یکون وقف علی عبارة المقنع. وفی الفقیه نقل العبارة المنقولة فی المختلف روایةً عن عمار (1).

قوله :

یدل علی ذلک : ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب ابن یزید ، عن علی بن النعمان ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبد الله ، علیه السلام قال : قلت : أجی ء إلی الإمام وقد سبقنی برکعة فی الفجر ، فلمّا سلّم وقع فی قلبی أنّی قد أتممت ، فلم أزل ذاکراً لله حتی طلعت الشمس ، فلمّا طلعت نهضتُ فذکرتُ أنّ الإمام کان قد سبقنی برکعة ، قال : « إن کنت فی مقامک فأتم برکعة ، وإن کنت قد انصرفت فعلیک الإعادة ».

قوله علیه السلام : « وإن کنت قد انصرفت فعلیک الإعادة » محمول علی أنّه قد استدبر القبلة ، وما تضمنه خبر عبید بن زرارة من قوله : یذهب ویجی ء. محمول علی أنّه لم یستدبرها ، ولا تنافی بینهما.

ص: 144


1- الفقیه 1 : 229 / 1012.

یدل علی هذا التفصیل :

ما رواه محمد بن مسعود ، عن جعفر بن محمد (1) ، قال : حدثنی علی بن الحسن (2) وعلی بن محمد ، عن العبیدی ، عن یونس ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سئل عن رجل دخل مع الإمام فی صلاته وقد سبقه برکعة ، فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس ثم ذکر أنّه فاتته رکعة ، قال : « یعید رکعة واحدة ، یجوز له ذلک إذا لم یحوّل وجهه عن القبلة ، فإذا حوّل وجهه فعلیه أن یستقبل الصلاة استقبالاً ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر ابن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلّی رکعة من الغداة ثم انصرف وخرج فی حوائجه ، ثم ذکر أنّه صلّی رکعة ، قال : « فلیتمّ ما بقی ».

عنه ، عن ابن أبی نجران ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن رجل صلّی بالکوفة رکعتین ، ثم ذکر وهو بمکة أو بالمدینة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنّه صلّی رکعتین ، قال : « یصلّی رکعتین ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی أنّ الشک وقع فی النوافل دون الفرائض ، ویحتمل أن یکون ذلک مخصوصاً بمن یظن أنّه کان ترک شیئاً من الصلاة ولا یتحقق ، فلا یجب علیه الإعادة فإنّه انتقل إلی حالة اخری ، والشک لا تأثیر له ، ویکون ما تضمّن من الأمر بإتمام

ص: 145


1- فی الاستبصار 1 : 368 / 1041 والتهذیب 2 : 184 / 732 : أحمد.
2- فی « م » والتهذیب 2 : 184 / 732 : الحسین.

الصلاة محمولاً علی ضرب من الاستحباب ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی أیوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الرجل یشک بعد ما ینصرف من صلاته ، قال : فقال : « لا یعید ولا شی ء علیه ».

علی أنّ الخبر الثانی إنّما تضمن ذکر من صلّی رکعتین ( ونسی رکعتین ) (1) ، وذلک یکون فی الرباعیات دون صلاة الغداة ، غیر أنّه وإن کان الحکم کذلک فالحکم فی ذلک أیضاً مثل الحکم فی صلاة الغداة من أنّه متی انصرف إلی استدبار القبلة کان علیه إعادة الصلاة ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من حفظ سهوه فأتمّه فلیس علیه سجدتا السهو ، فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی بالناس الظهر ثم سها فسلّم ، فقال له ذو الشمالین : یا رسول الله أنزلَ فی الصلاة شی ء؟ فقال : وما ذاک؟ قال : إنّما صلّیت رکعتین. فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : أتقولون مثل قوله؟ قالوا : نعم (2). فأتمّ بهم الصلاة وسجد سجدتی السهو » قال : قلت : أرأیتَ من صلّی رکعتین وظن أنّها أربع فسلّم وانصرف ، ثم ذکر بعد ما ذهب أنّه إنّما صلّی رکعتین؟ قال : « یستقبل الصلاة من أوّلها » قال : قلت : فما بال رسول الله صلی الله علیه و آله لم یستقبل الصلاة وإنّما أتمّ لهم ما بقی من صلاته؟ فقال : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لم یبرح ( من مکانه ، فمن ) (3) کان لم یبرح من مجلسه فلیتم ما نقص من صلاته ».

ص: 146


1- ما بین القوسین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 369.
2- فی الاستبصار 1 : 369 / 1405 زیادة : فقام.
3- فی الاستبصار 1 : 369 / 1405 ، والتهذیب 2 : 247 / 1428 : من مجلسه فإن.

السند :

فی الأوّل : واضح الحال بعد ما قدمناه فی الحسین بن أبی العلاء عن قریب إجمالاً وبعیدٍ تفصیلاً (1). وعلی بن النعمان مضی القول فیه وأنّه ثقة (2).

والثانی : فیه أنّ الطریق إلی محمد بن مسعود وهو العیاشی غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفهرست (3) وإن روی جمیع مرویاته الداخل فیها ما نحن فیه نظراً إلی إخبار الشیخ بذلک فی النقل ، إلاّ أنّ فی الطریق إلیه أبا المفضل الشیبانی ، وقد ضعّف فی الرجال (4).

وما عساه یقال : إنّ کون الروایة من روایاته یتوقف علی ثبوت صحة الطریق إلیه والحال ما ذکرته.

جوابه یعرف مما أشرنا إلیه مجملاً (5) وفصّلناه سابقاً من : أنّ الظاهر من روایة الشیخ عن محمد بن مسعود أنّ الخبر من مرویات محمد ابن مسعود.

واحتمال أن یقال : إنّ الشیخ إنّما حکم بأنّه من مرویاته بالسند المذکور فی الفهرست إلیه. والسند فیه ما فیه.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الشیخ حاکم بأنّه من مرویاته ، وإنّما ذکر

إشارة إلی حال علی بن النعمان

بحث حول محمد بن مسعود العیاشی وطریق الشیخ إلیه

ص: 147


1- تقدم فی ص 125 وج 1 : 152.
2- راجع ج 2 : 9 وج 4 : 217.
3- الفهرست : 136 / 593.
4- رجال النجاشی : 396 / 1059 ، الفهرست : 140 / 600.
5- فی ص 140 141.

السند لفائدة أُخری.

وما قد یقال : إنّا لو نظرنا إلی اعتماد الشیخ لزم الحکم بصحة الروایات وإن کان فیها الضعیف.

یمکن الجواب عنه : بالفرق بین الجزم بکون الروایات من مرویات الشخص وبین الحکم بالصحة ، فلیتأمّل.

ثم إنّ محمد بن مسعود قد أشرنا إلی مجمل حاله عن قریب (1) ، ( والحاصل أنّ النجاشی قال : إنّه کان فی أوّل عمره عامی المذهب ثم تبصّر وعاد إلینا ، وعلی هذا فقبول روایته موقوف علی العلم بتأخرها عن رجوعه ، وکذلک الاعتماد علیه فی تزکیة الرجال ؛ إلاّ أن یقال : إیراده الروایات بعد الرجوع ) (2).

وأمّا ( جعفر بن محمد ففیه اشتراک (3) ، وقد یظن أنّ الصواب : جعفر ابن محمد عن محمد بن مسعود ؛ لأنّ ) (4) جعفر بن محمد بن مسعود یروی عن أبیه (5). والجواب وجود جعفر بن محمد فی المرتبة. ( وفی التهذیب عن جعفر بن أحمد (6) ، وفی الرجال جعفر بن أحمد بن أیّوب (7) ، قال العلاّمة فی الخلاصة : روی عنه ) (8) محمد بن مسعود العیاشی (9). وقد

بحث حول جعفر بن محمد

ص: 148


1- فی ص 1850.
2- ما بین القوسین ساقط عن « فض » و « رض ».
3- انظر هدایة المحدثین : 183.
4- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
5- انظر رجال الطوسی : 459 / 10.
6- التهذیب 2 : 184 / 732.
7- خلاصة العلاّمة : 32 / 14 ، رجال النجاشی : 121 / 310.
8- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
9- الخلاصة : 32 / 14.

یظن أنّ الصواب حینئذٍ ابن أحمد ؛ وفیه نوع تأمّل ؛ لأنّ الذی فی النجاشی روی عن محمد بن مسعود والطریق إلیه یؤیّد ذلک ، لأنّه قال : إنّ الراوی عنه أبو عمرو الکشی (1). واحتمال غیر ذلک بعید.

أمّا علی بن الحسن ( فکأنه ابن فضال کما یعرف من الرجال (2) ، حیث قیل : إنّ محمد بن مسعود روی عن أصحاب علی بن الحسن بن فضال ) (3).

وعلی بن محمد مشترک (4) ، واحتمال ابن قتیبة ربما یدعی ظهوره ، وفیه ما فیه.

والعبیدی محمد بن عیسی ، وقد تقدم القول فیه مع روایته عن یونس (5).

والثالث : لا ارتیاب فیه.

والرابع : کذلک بالنسبة إلی رجاله ، إلاّ أنّ فی روایة سعد عن ابن أبی نجران نظراً واضحاً ؛ لأنّ ابن أبی نجران من أصحاب الرضا والجواد علیهماالسلام وأین هو من سعد. ویحتمل أن یعود ضمیر « عنه » لمحمد ابن الحسین بن أبی الخطاب ؛ لأنّه معدود من رجال الجواد علیه السلام مع العسکری علیه السلام لکن لا یخفی مخالفة عادة الشیخ فی الکتاب ، ولا بدّ من اعتبار ما قلناه ، أو النقل من الشیخ لا یخلو من الخلل ، والعجب أنّ فی

تفسیر علی بن الحسن

تفسیر علی بن محمد

تفسیر العبیدی

بحث حول روایة سعد بن عبد الله عن ابن أبی نجران

ص: 149


1- رجال النجاشی : 121 / 310.
2- رجال النجاشی : 350 / 944.
3- بدل ما بین القوسین فی « م » : هو بن فضال ، وفی هذا نوع دفعٍ للظن السابق ، لأنّه روی عن الأصحاب لا عنه مع احتمال ما.
4- هدایة المحدثین : 218.
5- فی ص 54.

التهذیب : فأمّا ما رواه سعد ابن عبد الله عن ابن أبی نجران ، إلی آخره (1). وبالجملة فالخبر غیر واضح الصحة.

والخامس : صحیح علی ما تقدم من القول فی رجاله (2).

والسادس : موثق کذلک (3).

المتن :

فی الأوّل : کأنّ الشیخ یرید به الدلالة علی أنّ حکم الظن غیر حکم الشک ، لتضمن الخبر قوله : وقع فی قلبی ، إلی آخره. وهو یدل علی الظن فی الجملة ، إلاّ أنّ غیره من الأخبار مطلق ، والسؤال لا یقیّد الإطلاق بل هو أحد أفراد المطلق ، کما کررنا القول فیه (4).

ولو أراد الشیخ الدلالة علی عدم الاستدبار فالإشکال فیه واضح ؛ لأنّ کونه فی مقامه لا یدل علی عدم الاستدبار ، إلاّ أن یدّعی تبادر ذلک منه ، والحقّ أنّ الشیخ لیس هذا غرضه بدلالة قوله : إنّه محمول علی الاستدبار ، فإنّ الحمل إن کان من غیره فکیف یکون دلیلاً؟.

وأمّا الثانی : فربما دل علی الاستدبار من تحویل الوجه ، فإنّه یستعمل فی الانحراف عن القبلة بکله ؛ ولو أرید بالانحراف عن القبلة ولو بالوجه کان الخبر صریحاً فی مطلوب الشیخ ، إلاّ أنّه مستبعد من قول الشیخ : ما لم یستدبر ، فإنّ الاستدبار یبعد عنه تحویل الوجه.

بیان ما دل علی أنّ ناسی الرکعة یتمّها ما لم یستدبر

ص: 150


1- التهذیب 2 : 347 / 1440.
2- انظر ج 1 : 70 ، 93 ، 102 ، 106 ، 429.
3- بزرعة فإنه واقفی ، راجع ج 1 : 174.
4- فی ص 140 ، 143 ، 145.

وفی التهذیب فی نسخة معتبرة : « فإذا حوّل وجهه بکلیته استقبل الصلاة استقبالاً » (1) وهنا کما تری « فعلیه » والظاهر أنّ ما فی التهذیب أصح فیدل علی مطلوب الشیخ فی الجملة.

وقد یحتمل أن یقال : إنّ الأخبار الکثیرة غیر المبحوث عنه الدالة علی عدم التفات من ذهب وجاء المستلزمة لتحویل الوجه بلا ریب لا بُعد معها فی حمل ما تضمن تحویل الوجه علی الاستحباب فی الإعادة ، وقد نقلنا الأخبار من زیادات التهذیب فی حواشیه ، فمن أرادها وقف علیها.

وأمّا الثالث والرابع : فما ذکره الشیخ فیهما من الحمل علی النافلة الظاهر أنّ ترکه أولی ؛ لأنّ الثانی صریح فی صلاة رکعتین بعد الذکر ولیس فی النوافل ما هو أربعة ، وإرادة غیر ذلک لا وجه لها ؛ وقد أوضحت الکلام فی حواشی التهذیب زیادةً علی هذا المقدار ، وفی الظن أنّ الاختصار هنا أولی من الإکثار.

أمّا الخامس : فدلالته من جهة أُخری ، والدخول فی مضمونها یتوقف علی تکلف زائد ؛ لأنّ الظاهر منها بل الصریح الشک ، وأین هذا من ظاهر الأخبار الأوّلة ، بل الصراحة فی الجانبین.

وما ذکره الشیخ من أنّ الخبر الثانی مختص بالرباعیات لا ریب فیه ، إلاّ أنّه یستلزم ردّ توجیهه. والکلام أیضاً لا یخلو من تشویش ، بل الظاهر أنّ فیه غلطاً ، والمحصّل منه واضح لو ثبت الدلیل.

أمّا السادس : فقد یستفاد منه نوع دلالة علی عدم الاستدبار إن کان المراد بعدم براح النبی صلی الله علیه و آله من مجلسه استقباله القبلة کما قد یشعر به ،

ص: 151


1- التهذیب 2 : 184 / 732.

وإن کان فیه کلام.

ولا یخفی دلالة الخبر المبحوث عنه علی أنّ من أتم سهوه لیس علیه سجود السهو ، إلاّ أنّ سجود النبی صلی الله علیه و آله ینافی ذلک لإتمام سهوه.

( والظاهر أنّ سجوده صلی الله علیه و آله لأجل التسلیم ، والمنفی أوّلاً السجود لأجل النقص ) (1).

والشیخ فی التهذیب قال : إنّ الخبر شاذ ، وإنّ سجود السهو یحتمل أن یکون للشک فی الزیادة ، ویجوز أن یکون فعل ذلک لأنّه خبر واحد لم یقطع به ، أو یکون غلطاً من الراوی وإنّما سجد السجدتین احتیاطاً (2). وأراد بالغلط الإشارة إلی الروایة التی تکلم بعدها الدالة علی أنّهما سجدتا السهو. وجمیع ما ذکره الشیخ بمعزل عن التسدید.

وما عساه یقال : من احتمال سجود السهو للکلام منه علیه السلام بقوله : « ما ذاک » قد یشکل بأنّ جوابهم یقتضی ذلک ، فعدم أمره علیه السلام لهم بالسجود یدل علی نفیه عن جهة الکلام. وفیه : استلزامه عدم سجود السهو للکلام فی غیر محله ، إلاّ أن یفرق بأنّ الکلام من قبیل المستثنی فی الصلاة ، أو جواب النبی واجب. وکلامه علیه السلام محتمل کون السجود له مع التسلیم فیکفی سجدتان عنهما.

وفی التهذیب فی الزیادات روی الشیخ بطریق صحیح عن سعید الأعرج قضیة النبی صلی الله علیه و آله ، وفی المتن : « وسجد سجدتین لمکان الکلام » (3) وعلی هذا یرتفع الإشکال فی الجملة.

حکم الکلام فی أثناء الصلاة المنسی بعضها

ص: 152


1- ما بین القوسین ساقط عن « فض » و « رض ».
2- التهذیب 2 : 350.
3- التهذیب 2 : 345 / 1433 ، الوسائل 8 : 203 أبواب الخلل ب 3 ح 16.

وفی المقام کلام یعرف من حواشی التهذیب. ولا یبعد أن یکون سؤال النبی صلی الله علیه و آله من القوم لتحصیل الیقین ، والله أعلم بالحال.

إذا عرفت هذا فهنا أُمور لا بدّ من التنبیه علیها :

الأول : یستفاد من بعض الأخبار المذکورة بتقدیر المشی مع کلام الشیخ وعدمه أنّ الکلام فی أثناء الصلاة المنسی منها بعضها لا یوجب سجود السهو لإطلاق الإعادة من دون ذکر سجود السهو.

وحکی شیخنا قدس سره عن العلاّمة فی المنتهی : اتفاق الأصحاب علی أنّ التکلم فی الصلاة ناسیاً موجب السجود (1). وسیأتی من الشیخ ما قد یدل علی ذلک. وقد ذکر الصدوق روایة عمار المتضمنة لعدم الإعادة وإن بلغ الصین (2). وذکر أنّ من تکلم فی صلاته ناسیاً یقول : أقیموا صفوفکم ، علیه سجود السهو (3) ؛ کما هو مفاد روایة الشیخ الآتیة (4).

فیحتمل أن یکون اعتماده علی روایة عمّار من حیث عدم الإعادة وعدم السجود ، وتخصیص سجود السهو بمضمون الروایة التی ذکرها.

ویحتمل أن تکون روایة عمّار فی الإعادة وحکم سجود السهو أمر آخر.

ویحتمل أن یکون الحکم مخصوصاً بالکلام بنوع آخر من النسیان ، کما قد یظهر من الخبر الآتی فی الباب الآتی عن قریب (5).

وفی المختلف ذکر الخلاف فی سجود السهو فی الکلام ناسیاً ،

ص: 153


1- مدارک الاحکام 4 : 275 ، وهو فی المنتهی 1 : 417.
2- الفقیه 1 : 229 / 1012.
3- الفقیه 1 : 232 / ذیل الحدیث 1028.
4- فی ص : 1910.
5- انظر ص 1862.

واحتج علی الوجوب بروایة عبد الرحمن بن الحجاج الآتیة ، ونقل عن المانع الاحتجاج بما رواه الشیخ فی الصحیح عن زرارة ، عن الباقر علیه السلام فی الرجل یسهو فی الرکعتین ویتکلم ، فقال : « یتم ما بقی من صلاته تکلم أو لم یتکلم ، ولا شی ء علیه » وأجاب عنها بنفی الإعادة (1). ولا یخفی منافاة ما ذکره لدعوی الاتفاق فی المنتهی (2). والروایة المستدل بها قد سمعت القول فیها (3).

الثانی : فی بعض الأخبار (4) أیضاً ما یدل علی أنّ الحدث الواقع فی الأثناء ونحوه من الفعل الکثیر الذی تمحی به صورة الصلاة لا یبطل الصلاة ، والمنقول عن أکثر الأصحاب وجوب الإعادة (5) ، وقد سمعت قول الصدوق ، واستدل علی الإعادة بأخبار (6). وقال شیخنا قدس سره إنّه یمکن الجمع بحمل ما دل علی عدم الإبطال علی الجواز ، وما تضمن الاستئناف علی الاستحباب (7).

ولا یخفی أنّ ما تضمن البناء مختلف المعانی ، وما تضمن الإعادة هو ما رواه الشیخ فی الصحیح عن جمیل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلّی رکعتین ثم قام ، قال : « یستقبل » قلت : فما یروی الناس فذکر له حدیث ذی الشمالین فقال : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لم یبرح من مکانه ولو برح استقبل » (8).

توجیه ما دل علی أنّ الفعل الکثیر لا یبطل الصلاة

ص: 154


1- المختلف 2 : 419.
2- المنتهی 1 : 417.
3- ص 149 150.
4- انظر الوسائل 7 : 237 أبواب قواطع الصلاة ب 1 ح 11.
5- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 255 ، مدارک الاحکام 4 : 226.
6- انظر الوسائل 7 : 233 أبواب قواطع الصلاة ب 1.
7- مدارک الاحکام 4 : 228.
8- التهذیب 2 : 345 / 1434 ، أبواب الخلل ب 3 ح 7.

وعن محمد بن مسلم السابق فی الأخبار المبحوث عنها المتضمن لتحویل الوجه ، وما رواه الشیخ عن أبی بصیر المتضمن لأنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لم ینتقل من موضعه. وهذه الأخبار لا یخفی عدم دلالتها علی المطلوب جمیعه ؛ والثانی فیه محمد بن عیسی عن یونس ؛ والثالث واضح الحال.

الثالث : سیأتی فی قواطع الصلاة أخبار تدل علی أنّ الالتفات الفاحش یقطع الصلاة وکذلک الانحراف بوجه آخر. وحینئذٍ یمکن الجمع بین الأخبار المبحوث عنها وبین تلک بالعمد وعدمه ، وفیه تأمّل یعرف وجهه ممّا یأتی.

ولعلّ الجمع بحمل هذه علی مواردها وهی ما لو ترک بعض الصلاة بخلاف تلک. وسیجی ء إن شاء الله تعالی تمام الکلام هناک (1).

ولا یخفی أنّه علی تقدیر الإتمام فالفعل إمّا علی طریق الأداء کما هو ظاهر الأخبار ، ویحتمل القضاء ، ولم أر من صرّح بالتفصیل ، وإدراک الرکعة من الوقت یتناوله کما لا یخفی.

قوله :

باب السهو فی صلاة المغرب

الحسین بن سعید ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد ابن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن السهو فی المغرب ، فقال : « یعید حتی یحفظ ، إنها لیست مثل الشفع ».

عنه ، عن النضر ، عن موسی بن بکر ، عن الفضیل قال : سألته

وجه الجمع بین ما دل علی أنّ الالتفات الفاحش یقطع الصلاة وما یعارضه

السهو فی صلاة المغرب

اشارة

ص: 155


1- فی ص 1863 و 1864.

عن السهو؟ فقال : « فی صلاة المغرب ( إذا جاز ) (1) الثلاث إلی الأربع فأعد صلاتک ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن هارون بن خارجة ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا سهوت

فی المغرب فأعد الصلاة ».

قال محمد بن الحسن : وأکثر الروایات التی قدّمناها فی الباب الأوّل یتضمن ذکر المغرب أیضاً مع ذکر الغداة وهی تؤکد هذه الأخبار.

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی قال : صلّیت بأصحابی المغرب ، فلمّا أن صلّیت رکعتین سلّمت ، فقال بعضهم : إنّما صلّیت رکعتین ، فأعدتُ ، فأخبرت أبا عبد الله علیه السلام ، فقال : « لعلّک أعدت؟ » فقلت : نعم ، فضحک ثم قال : « إنما کان (2) یجزئک أن تقوم فترکع رکعة ، لأنّ رسول الله صلی الله علیه و آله سها فسلّم فی رکعتین » ثم ذکر حدیث ذی الشمالین ، قال : « ثم قام فأضاف إلیها رکعتین ».

وروی سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن الحارث بن المغیرة النصری (3) قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام :

ص: 156


1- کذا فی النسخ ، وفی الاستبصار 1 : 370 / 1407 : إذا لم تحفظ ، وفی التهذیب 2 : 179 / 719 : إذا لم تحفظ ما بین.
2- لیس فی الاستبصار 1 : 370 / 1409.
3- فی النسخ والتهذیب 2 : 180 / 725 : الحرث بن المغیرة النصری ، وفی الاستبصار 1 : 371 : الحارث بن المغیرة النضری ، والصواب ما أثبتناه ، انظر رجال النجاشی : 139 / 361 ، ورجال الطوسی : 117 / 42 ، 179 / 233 ، ومعجم رجال الحدیث 4 : 204 208.

إنّا صلینا المغرب ، فسها الإمام فسلّم فی الرکعتین فأعدنا الصلاة ، فقال : ( ولِمَ أعدتم؟ ألیس قد انصرف رسول الله صلی الله علیه و آله وآله فی الرکعتین فأتم برکعتین ، ألا أتممتم؟ ».

فلیس فی هذین الخبرین ما ینافی ما قدمناه ؛ لأنّ السهو إنّما وقع ها هنا فی أن سلّم فی الرکعة الثانیة ، ولم یقع السهو فی أعداد الصلاة ، ومن سها فسلّم فی الرکعتین الأوّلتین لا تجب علیه الإعادة بل یجب علیه جبرانها برکعة حسب ما تضمنه الخبران.

السند :

فی الأول : واضح الصحة لما تکرر من القول فی رجاله (1).

والثانی : فیه موسی بن بکر ، وهو واقفی غیر ثقة فیما وجدت ، وقد مضی عن قریب الکلام فیه (2).

والثالث : فیه أبو بصیر. أمّا هارون بن خارجة فمضی عن قریب وبعید (3) القول فیه (4) ، والحاصل أنّ هارون بن خارجة ثقة ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : هارون بن خارجة مهملاً (5).

موسی بن بکر واقفی غیر ثقة

بحث حول هارون بن خارجة

ص: 157


1- انظر ص 49 ، 76 ، 108 ، 289 ، 865.
2- فی ص 1832.
3- فی ص 1350 و 1832.
4- فی « م » زیادة : کأبی بصیر.
5- رجال الطوسی : 328 / 4.

والرابع : الحسین فیه ابن سعید. وأبو بکر الحضرمی تقدم مراراً أنّا لم نعرف من حاله ما یزید علی الإهمال (1). وسیف بن عمیرة ثقة ، والقول بالوقف فیه قائله (2) وهو محمد بن شهرآشوب غیر معلوم الحال.

والخامس : صحیح ، لأنّ الحارث بن المغیرة ثقة ثقة فی النجاشی (3) ، والنضری فی الخلاصة بالنون والصاد المهملة (4).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ السهو فی المغرب یوجب الإعادة حتی یحفظ ؛ لکن السهو محتمل لإرادة الشک والمعنی السابق (5) ، والحفظ محتمل لإرادة الیقین والظنّ ، غیر أنّی لم أقف الآن لأحد من أصحابنا علی قول فی أنّ السهو فی المغرب بمعناه یقتضی الإعادة.

وما عساه یقال : إنّ السهو هنا ظاهر فی الشک ، إذ قوله : « حتی یحفظ » یدل علیه ، حیث إنّ حفظ السهو لا معنی له.

یمکن الجواب عنه : باحتمال إرادة أنّ عُزوب شی ء من أجزاء المغرب إذا حصل یقتضی الإعادة ، ویراد بالحفظ الذکر ؛ والفائدة تظهر فی فوات شی ء من القراءة ونحوها من الواجبات ، لکن الظاهر ما ذکر مضافاً إلی عدم ظهور القائل.

وما عساه یقال : إنّ السهو فی المغرب یتناول الأوّلتین والأخیرة ،

أبو بکر الحضرمی مهمل

سیف بن عمیرة ثقة

محمد بن شهرآشوب غیر معلوم الحال

بیان ما دل علی أنّ السهو فی المغرب یوجب الإعادة

ص: 158


1- فی ص 430.
2- معالم العلماء : 56 / 377.
3- رجال النجاشی : 139 / 361. فی النسخ : الحرث ، والصواب ما أثبتناه.
4- الخلاصة : 55 / 10.
5- فی ص 1852.

والحال أنّ السهو فی الرکعتین ربما قیل بتناوله للأجزاء کما یظهر من التهذیب (1) وإذا کان کذلک فالسهو فی المغرب إذا أُرید به الشک دل علی اعتبار الیقین من الحفظ ، لدلالة خبر زرارة السابق (2) علی الیقین فی الأوّلتین ، فیدل إطلاق هذا الخبر علی الیقین فی المغرب فی الأخیرة ؛ ولو أُرید بالسهو غیر الشک أمکن من حیث دخول الأوّلتین ویصیر معونة علی الأخیرة ، ولا مانع من اختصاص المغرب بما ذکر.

یمکن الجواب عنه : بأنّ القول فی الأوّلتین بالشمول للأجزاء محل کلام ، وإرادة الشک هنا لا تستلزم الیقین فی الأخیرة ؛ لأنّ الظاهر من قوله علیه السلام : « إنّها لیست مثل الشفع » أنّها لیست الرباعیة ، فیدل علی أنّ الحکم ( بنفی السهو ) (3) فی الأخیرة لو تعلق الشک بها إمّا فی الزیادة أو فی النقیصة ، بعد إکمال الأولتین أو قبله ، بخلاف الرباعیة.

ویؤیّد هذا أنّ الشفع لو أُرید به ما یشمل الثنائیة ، لم یتم الفرق لحصول مشارکة الثنائیة ، فینبغی تأمّل ما ذکرته (4).

وفی المختلف نقل عن الشیخ أبی جعفر بن بابویه القول فی کتاب المقنع بأنّ من شک فی المغرب ولم یدر فی ثلاث هو أو فی أربع ، وقد أحرز الثنتین یضیف إلیها أُخری ولا یعتد بالشک ؛ وإن ذهب وهمه إلی [ الثلاثة ] سلّم وصلّی رکعتین وهو جالس (5).

ص: 159


1- التهذیب 2 : 182.
2- فی ص 1834.
3- بدل ما بین القوسین فی « رض » : یبقی.
4- فی « م » زیادة : فقد خطر فی نظری القاصر من غیر وقوفٍ علی کلام لأحد من الأصحاب.
5- المختلف 2 : 388 ، وبدل ما بین المعقوفین فی المصدر : الثالثة.

ثم إنّ العلاّمة اختار الإعادة سواء کان فی الزیادة أو النقصان ، واستدل بأخبار منها الخبر المبحوث عنه ، وفی آخره : « لیست مثل الشفع الرباعیة ». وهذه الزیادة لم أقف علی مأخذها ؛ وقول العلاّمة : سواء کان فی الزیادة أو النقصان. علی الظاهر یرید به الرکعات ، والأخبار التی استدل بها سبق نقلها فی الباب السابق ، وغیر خفی أنّ إجمالها أیضاً حاصل (1).

وأمّا الثانی : فما تضمنه من قوله : « إذا جاز الثلاث إلی الأربع فأعد صلاتک » یقتضی بمفهومه أنّ ما لم یتجاوز لا یقتضی الإعادة ، ویجاب عن ذلک بأنّ المفهوم إذا عارضه منطوق غیره لا یعتدّ بدلالته.

وما عساه یقال : إنّ ما عداه لا یخلو عن الإطلاق وهو مقید.

یمکن الجواب عنه : بعدم معلومیة القائل علی تقدیر صحة الخبر ، والإطلاق فی الأخبار أیضاً محل کلام. ولا یبعد أن یکون ذکر الثلاث والأربع لبیان الفرق بینها وبین الرباعیة ، کما تضمنه الخبر الأوّل من أنّها لیست کالشفع ، وعلی هذا فمورد الخبر محل الاشتباه ، فلیتأمّل.

وفی التهذیب بهذا السند عن الفضیل قال : سألته عن السهو؟ فقال : « فی صلاة المغرب إذا لم تحفظ ما بین الثلاث إلی الأربع فأعد صلاتک » (2). ولا یخفی أنّ ما نقله الشیخ هنا فیه نوع تغییر للحدیث ، وفی خبر التهذیب دلالة علی أنّ الحفظ فی المغرب معتبر ، فیؤیّد ما مضی القول فیه (3) من أنّ أخبار الشک فی المغرب والفجر مطلقة فی الإبطال. إلاّ أنّ الظاهر عدم الخلاف فی اعتبار الظن ، فالخبر مؤیّد مع الخبر الذی نقلناه

ص: 160


1- فی « م » زیادة : فلیتأمّل.
2- التهذیب 2 : 179 / 719 ، الوسائل 8 : 195 أبواب الخلل ب 2 ح 9.
3- فی ص 1843.

سابقاً (1) عن التهذیب فی حکم الثنائیة والاکتفاء بالظن فیها ، کما ظنّه شیخنا قدس سره (2). وستأتی الأخبار الدالة علی الظن ، لکن فی تناولها للفجر والمغرب تأمّل یأتی بیانه فی ذکرها.

وأمّا ما ذکره الشیخ من أنّ الأخبار السابقة تدل علی المغرب فهو صحیح.

والکلام فی الثالث کغیره.

أمّا الرابع والخامس : فما ذکره الشیخ فیهما من الدلالة علی أنّ السهو وقع فی التسلیم دون أعداد الصلاة ؛ فیه دلالة علی ما قدّمناه من أنّ السهو المنفی فی المغرب راجع إلی الأعداد فی الرکعات ، وقد تقدم منه فی الأخبار الواردة فی صلاة الغداة المنافیة لما مضی منها : أنّ الشک الذی یوجب الإعادة إنّما هو إذا لم یدرِ کَم صلّی ، أمّا من ظن فلا (3) ، وهنا کلامه یقتضی أنّ السهو إذا وقع فی التسلیم لا یضر بحال الصلاة بخلاف ما إذا وقع فی الأعداد.

( وظاهر قوله هنا وهناک نوع مغایرة ؛ لأنّ السابق یقتضی أنّ من لم یدرِ کَم صلّی فی المغرب یعید ، والحال ) (4) أنّ مع الشک فی المغرب الأقل متیقن فی بعض الأوقات ؛ ومقتضی قوله هنا أنّ السهو فی الأعداد یوجب الإعادة مطلقا ، سواء تحقق الأقل أم لا.

ولا یبعد التسدید بوجه یتفق به مآل المعنی علی تقدیر عدم الخلاف

توجیه ما دل علی أنّ السهو فی المغرب لا یوجب الإعادة

ص: 161


1- فی ص 1844.
2- المدارک 4 : 262.
3- راجع ص 1850.
4- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

فی البین ، لکن ابن بابویه قد سمعت قوله (1) ، وسیأتی من الأخبار ما یقال : إنّه دلیله ؛ فعلی تقدیر العمل بالخبر الآتی لا یتم إطلاق الشیخ أنّ الشک فی المغرب مطلقاً یقتضی الإعادة.

أمّا ما عساه یقال : من أنّ الخبر الأوّل من الخبرین یفید أنّ الکلام فیما یتعلق بالصلاة من المأموم ، وقبول قوله فی الشک مذکور ، أمّا فی صلاة رکعتین فقط فالقبول یحتاج إلی دلیل.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الخبر یفید ذلک ؛ واحتمال حصول العلم من قول أصحابه غیر کافٍ فی الجزم باعتباره ، إذ عدم استفهامه علیه السلام من السائل لحصول العلم کافٍ. لکن الخبر قد علمت حال سنده ، فالمشقة ( فی الکلام فیه غیر مفیدة لولا کونه مؤیّداً لما یأتی إن شاء الله تعالی.

والثانی من الخبرین إنّما تضمن ذکر ) (2) قضیة النبی صلی الله علیه و آله إجمالاً ، فلا صراحة فیه بقبول قول المأمومین علی الإطلاق ، والاعتماد علی ما سبق من الأخبار (3) الدالة علی سؤاله علیه السلام للقوم یتوقف علی الصحة فی السابق ، ولعلّ فیما یأتی کفایة.

قوله :

والذی یکشف عما ذکرناه : ما رواه سعد ، عن أیوب بن نوح ، عن علی بن النعمان الرازی قال : کنت مع أصحاب لی فی سفر وأنا

ص: 162


1- فی ص 143.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- راجع ج 1 : 203.

إمامهم ، فصلّیت بهم المغرب فسلّمت فی الرکعتین الأوّلتین ، فقال أصحابی : إنّما صلّیت بنا رکعتین ، فکلّمتهم وکلّمونی ، فقالوا : أمّا نحن فنعید ، فقلتُ : ولکنی لا أُعید وأُتمّ برکعة ، فأتممت برکعة ، ثم سرنا فأتینا (1) أبا عبد الله علیه السلام ، فذکرتُ له الذی کان من أمرنا ، فقال لی : « أنت کنت أصوب منهم فعلاً ، إنّما یعید من لا یدری کم صلّی ».

فبیّن علیه السلام فی هذا الخبر أنّ من لا یدری ما صلّی یجب علیه الإعادة دون من تیقّن ، مع أنّ فی الحدیثین ما یمنع من التعلق بهما وهو حدیث ذی الشمالین وسهو النبی صلی الله علیه و آله ، وذلک ممّا تمنع منه الأدلّة القاطعة فی أنّه لا یجوز علیه السهو والغلط.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد والحکم بن مسکین ، عن عمّار الساباطی قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل شک فی المغرب فلم یدر رکعتین صلّی أو ثلاثاً؟ قال : « یسلّم ثم یقوم فیضیف إلیها رکعة » ثم قال : « هذا والله ممّا لا یقضی (2) أبداً ».

وما رواه أحمد بن محمد ، عن معاویة بن حکیم ، عن محمد بن أبی عمیر عن حماد (3) الناب ، عن عمّار الساباطی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلی المغرب فلم یدر اثنتین صلّی أم ثلاثاً؟ قال : « یتشهد وینصرف ، ثم یقوم فیصلّی رکعة ؛ فإن کان صلّی ثلاثاً کانت هذه تطوعاً ، وإن کان صلّی اثنتین کانت هذه تمام الصلاة ، وهذا

ص: 163


1- فی الاستبصار 1 : 371 / 1411 والتهذیب 2 : 181 / 726 والفقیه 1 : 228 / 1011 : فأتیتُ.
2- فی الاستبصار 1 : 372 / 1412 زیادة : لی.
3- فی الاستبصار 1 : 372 / 1413 زیادة : ذی.

والله مما لا یقضی (1) أبداً ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن لا تعارض بهما الأخبار الأوّلة ، لأنّ الأصل فیهما واحد وهو عمّار الساباطی ، وهو ضعیف فاسد المذهب لا یعمل علی ما یختص بروایته ، وقد اجتمعت الطائفة علی ترک العمل بهذا الخبر ؛ ویجوز أن یکون الوجه فیهما من سها فی نافلة المغرب جاز له أن یبنی علی ما تضمنه الخبر ویتم ما بقی ؛ ویحتمل أیضاً أن یکون محمولاً علی من یغلب علی ظنه ذلک ، وإن لم یکن متحققاً جاز له أن یبنی علی الأکثر ، ویکون ما تضمن من إضافة الرکعة إلیه علی وجه الاستحباب.

السند :

فی الأوّل : فیه علی بن النعمان الرازی ، وهو غیر موجود فیما وقفت علیه من الرجال بهذا الوصف ، وفی الفقیه : وروی عن النعمان الرازی إلی آخر المتن (2) فالظاهر أنّه الصواب ، والنعمان الرازی مذکور مهملاً فی کتاب الشیخ من رجال الصادق علیه السلام (3) ؛ ولا یخفی أنّ إیداع الخبر فی الفقیه ظاهر المزیة کما کررنا القول فیه (4).

والثانی : فیه الحکم بن مسکین ، وهو مذکور فی الرجال مهملاً (5).

بحث حول علی بن النعمان الرازی

الحکم بن مسکین مهمل

ص: 164


1- یوجد فی الاستبصار 1 : 372 / 1413 زیادة : لی.
2- الفقیه 1 : 228 / 1011 ، والموجود فیه : وروی علی بن النعمان الرازی.
3- رجال الطوسی : 325 / 24.
4- راجع ص 48.
5- رجال النجاشی : 136 / 350.

والثالث : فیه مع معاویة بن حکیم السابق عن قریب (1) عمار کالثانی ، وقد ذکر الشیخ کما تری أنه ضعیف ؛ والنجاشی قال : إنّه ثقة فی الروایة (2) ، ولم یذکر الفطحیة فیه ؛ والشیخ فی الفهرست قال : إنّه فطحی من غیر توثیق (3). وقد قدّمنا القول فی مثل هذا الواقع من النجاشی والشیخ (4). أمّا ما قاله الشیخ فی الفهرست : من أنّ له کتاباً معتمداً (5) ؛ فلا ینافی قوله هنا : إنّه ضعیف ، إلاّ إذا کان الخبر من کتابه وذلک غیر معلوم ، فلیتأمّل. وما عساه یتوجه علی الشیخ ستسمعه (6) فی المتن إن شاء الله تعالی.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ من سلّم فی الرکعتین الأوّلتین من المغرب لا یعیدها ؛ وما تضمنه من عدم ذکر سجود السهو للتسلیم والکلام ، یمکن (7) توجیهه بأنّ السؤال من حیث البطلان ، والسجود أمر آخر.

نعم ربما یقال : إنّ تکلیمه لهم بعد أن کلّموه یدل علی أنّ الکلام وقع عمداً ، لأنّ الإتمام یقتضی قبول قولهم ، ومعه یشکل الحال.

ویجاب : بأنّ تکلیمه لم یکن بعد کلامهم له علی وجه یعتمد علیه الإمام فی صریح الروایة ، إذ یجوز أن یکون الأصحاب غیر معتمدی القول

بحث حول عمّار الساباطی

بیان ما دل علی أنّ من سلّم فی الأوّلتین من المغرب لا یعید

ص: 165


1- فی ص : 1850.
2- رجال النجاشی : 290 / 779.
3- الفهرست : 117 / 515 ، ولکن وثقه فی التهذیب 7 : 101 / 435.
4- فی ص 79.
5- الفهرست : 117 / 515.
6- فی ص 1870.
7- أثبتناه من « رض ».

فی أوّل الأمر. ولا یخفی إشکال الجواب بقوله : فقلت : ولکنی [ لا أُعید (1) ]. فإنّه متأخّر عن کلامهم المفید لوقوع التسلیم فی غیر محله ، مضافاً إلی أنّ اعتبار (2) العدالة فی المصلّین غیر معلوم. ویحتمل أن یکون قوله : ولکنی لا أُعید. من قبیل المستثنی فی الصلاة ، وفیه ما فیه.

وبالجملة : لم أجد تحقیق الحال فی الروایة لأحد الآن ، والشیخ کما تری أجمل الکلام ، وذکرت فی حواشی التهذیب ما لا بدّ منه مفصلاً. والاتکال علی ضعف الروایة یشکل بروایة الصدوق لها.

وما تضمنه من قوله : « إنّما یعید » إلی آخره. الظاهر أنّ المراد من لم یدرِ کم صلّی علی الوجه المذکور فیها وهو تحقق الرکعتین ، لا أنّه متناول لمن یشک فی المغرب ولم یتحقق الأوّلتین ، وفی الظاهر دلالته غیر بعیدة.

وما تضمنه من حدیث ذی الشمالین لا یخلو من إجمال ، لکن الشیخ فی زیادات التهذیب روی قصة ذی الشمالین بطریق صحیح عن سعید الأعرج (3) ، فیتأیّد بالأخبار المذکورة الحکم.

وأمّا قول الشیخ من جهة السهو فللکلام فیه مجال ، وقد تابع (4) الصدوق فی إنکار نفی السهو عن الإمام بما لا مزید علیه (5) ، والعجب من عدم تعرّض الشیخ فی الخبر السابق فی الباب الذی قبل هذا لردّ الخبر وقد تضمن قصّة النبی صلی الله علیه و آله .

توجیه ما دل علی أنّ من شک فی المغرب بین الثنتین والثلاث یسلّم ثم یصلّی رکعة

ص: 166


1- فی النسخ : أُعید ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی « رض » و « فض » : حصول.
3- التهذیب 2 : 345 / 1433.
4- فی « رض » : بالغ.
5- الفقیه 1 : 234.

و أمّا الثانی : فقد ذکره العلاّمة فی المختلف حجة لابن بابویه ، وأجاب بالطعن فی السند (1). وغیر خفی أنّ دلالته علی المنقول من قوله غیر واضحة إلاّ بتکلف أظن ترکه أولی.

أمّا حمل الشیخ علی النوافل للمغرب فحاله فی البُعد أظهر من أن یخفی ، والحمل علی غلبة الظن محتمل فی الجملة. أمّا ردّ الحدیث بالضعف فهو منافٍ لما مضی منه رحمه الله من أنّه لا یردّ الخبر بالضعف فی السند إلاّ إذا انتفی إمکان حمله.

وینبغی أن یعلم أنّ ما تقدم من بعض الأخبار الدالة علی الأخذ بالجزم وما رواه الصدوق فی الفقیه عن عمار ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنه قال له : « أجمع لک السهو فی کلمتین ، متی شککت فخذ بالأکثر ، فإذا سلّمت فأتم ما ظننت أنّک نقصت » (2) ربما یدل علی قول ابن بابویه إذا لوحظ تفصیله ، لکن التکلف لا محید عنه.

وما تضمنه الخبر ان من قوله : « لا یقضی أبداً » مجمل المرام ؛ إذ یحتمل أن یراد إخفاء الحکم فیه عن غیر أهله ، فیراد بالقضاء الحکم ؛ ویحتمل القضاء الإعادة ؛ ویحتمل أن یراد أنّ هذا لا یحکم به غیرهم علیهم السلام ؛ وهم أعلم بالحقائق صلوات الله علیهم.

بقی شیئان ، الأوّل : أنّه یحتمل أن یکون الإعادة فی خبر النعمان علی سبیل الاحتیاط لعدم ثبوت غیر الشک من المأموم ، وعلی هذا فکلامه لا یضر بالحال بعد کلامهم ؛ والتعبیر فی الحدیث بأنّه « أصوب منهم فعلاً » ربما یدل علی أنهم لو أتمّوا جاز ، وإشکاله بعد الکلام عمداً واضح ؛ إلاّ أن

ص: 167


1- المختلف 2 : 389.
2- الفقیه 1 : 225 / 992 ، الوسائل 8 : 213 أبواب الخلل ب 8 ح 1.

یقال : إنّ کلامهم لفائدة لا بدّ منها. وفیه إمکان الإشارة ؛ إلاّ أن یقال : إنّ المراد بالکلام ذلک. وفیه بُعد. ویحتمل أن یکون تقصیرهم بسبب الکلام ، وفیه أیضاً ما لا یخفی. وبالجملة فتمام تحقیق الروایة یطلب من حواشی التهذیب ، والمهم هنا ما ذکرناه.

الثانی : تقدم فی خبر زرارة (1) المنقول من الفقیه أنّ : « من شک فی الأولتین أعاد ، ومن شک فی الأخیرتین عمل بالوهم ». وغیر خفی أنّ المغرب خارجة عنه من حیث ذکر الأخیرتین ؛ والدخول فی الأوّلتین من المغرب ربما یستبعد ، ویجاب : بأنّ سیاق الحدیث یدل علی أنّ العشر رکعات یعتبر فیها الیقین ، والسبعة یعتبر فیها الوهم ، فیحتمل أن یغلب الأخیرتان علی أخیرة المغرب. والحقّ أنّ الدخول محل تأمّل ، فلا تظن دلالتها علی حکم الأخیرة إلاّ بالتکلّف الذی ذکرناه ، فینبغی عدم الغفلة عن ذلک.

قوله :

باب من شک فی اثنتین وأربعة

الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلّی رکعتین فلا یدری رکعتان هی أم أربع ، قال : « یسلّم ثم یقوم ، فیصلّی رکعتین بفاتحة الکتاب وینصرف ، ولیس علیه شی ء ».

محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمد بن عیسی ،

من شک فی اثنتین وأربعة

اشارة

ص: 168


1- فی ص 1834 ، وهو فی الفقیه 1 : 128 / 605.

عن یونس ، عن ابن مسکان ، عن ابن أبی یعفور قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل لا یدری رکعتین صلّی أم أربعاً ، قال : « یتشهد ویسلّم ، ثم یقوم فیصلّی رکعتین وأربع سجدات یقرأ فیهما بفاتحة الکتاب ثم یتشهد ویسلّم ؛ فإن صلّی أربعاً کانت هاتان نافلة ، وإن صلّی رکعتین کانت هاتان تمام الأربعة ؛ وإن تکلم فلیسجد سجدتی السهو ».

عنه ، عن علی ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : قلت له : من لم یدر فی أربع هو أو فی ثنتین وقد أحرز الثنتین ، قال : « یرکع رکعتین وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الکتاب ویتشهد ولا شی ء علیه ، وإذا لم یدر فی ثلاث هو أم فی أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إلیها (1) أُخری ولا شی ء علیه ، ولا ینقض الیقین بالشک ولا یدخل الشک فی الیقین ولا یخلط أحدهما بالآخر ولکن ینقض الشک بالیقین ویتم علی الیقین فیبنی علیه ولا یعتد بالشک فی حال من الحالات ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمد قال : سألته عن الرجل لا یدری ( رکعتین صلّی ) (2) أو أربعاً ، قال : « یعید الصلاة ».

فلا ینافی الأخبار الأوّلة لأنّ الوجه فیه أن نحمله علی صلاة لا یجوز فیها الشک مثل الغداة والمغرب علی ما قدّمناه.

ص: 169


1- فی الاستبصار 1 : 373 / 1416 زیادة : رکعة.
2- فی الاستبصار 1 : 373 / 1417 : صلی رکعتین.

السند :

فی الأوّل : واضح الصحة.

والثانی : فیه محمد بن عیسی عن یونس ( وقد مضی القول فیه مفصّلاً (1) ) (2) ، وأمّا ابن مسکان فلا یبعد ادعاء کونه عبد الله ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع والأمر سهل.

والثالث : حسن.

والرابع : صحیح ، ومحمد فیه هو ابن مسلم ، کما أنّ العلاء ابن رزین ، والإضمار غیر قادح کما بیناه مراراً (3).

المتن :

فی الأوّل والثالث : استدل به بعض القائلین بأنّ الشک فی الصورة المذکورة لا یفید البطلان (4) ، والقول محکی فی المختلف بما ذکر عن الشیخین وعلی بن بابویه وابن أبی عقیل والسید المرتضی وأبی الصلاح وابن البراج وابن إدریس ، ونقل عن أبی جعفر بن بابویه فی المقنع القول بإعادة الصلاة ، ثم قال - یعنی أبا جعفر - : وروی أنّه یسلّم ثم یقوم فیصلّی رکعتین (5).

إذا عرفت هذا فالخبر الأوّل صریح فی البناء علی الأربع ثم صلاة

تفسیر ابن مسکان

تفسیر محمد

تفسیر العلاء

بیان ما دل علی أنّ من شک فی الثنتین والأربع یبنی علی الأکثر ویصلّی رکعتی الاحتیاط

ص: 170


1- راجع ص 53.
2- ما بین القوسین زیادة فی « م ».
3- راجع ص 51.
4- المختلف 2 : 387 و 388.
5- المختلف 2 : 387.

رکعتین قائماً بفاتحة الکتاب ، وقوله علیه السلام : « لیس علیه شی ء » لعل المراد به سجود السهو ، واحتمال ما یعم الإثم أو یخصه ممکن کاحتمال نفی الإعادة.

والثانی : کالأوّل إلاّ أنّ فیه سجود السهو للکلام (1) ، ولا یخلو من إجمال ؛ إذ الکلام محتمل لأن یکون فی الصلاة أو بین فعل الاحتیاط والصلاة ، وقد یقرّب الثانی قربه ویبعّده عدم تحقق الجزئیة من الصلاة ، واحتمال الکلام فی الاحتیاط مشکل لنفی السهو فی السهو کما قیل (2).

وقد یحتمل أن یراد بقوله : « فإن صلّی أربعا » إن علم أنّه صلّی أربعاً ، وحینئذ یکون قوله : « وإن صلّی رکعتین » ( مراداً به أنّه ) (3) علم ، فلو فرض وقوع الکلام بین الاحتیاط والصلاة أو فیه أو فیها سجد للسهو ، فلیتأمّل.

وقد روی الصدوق فی الفقیه صحیحاً عن الحلبی مدلول الخبر الثانی من دون ذکر سجود السهو (4) (5) ، وظاهره العمل به ، فکأنّه رجوع عمّا فی المقنع (6).

وأمّا الثالث : فالشیخ کما تری ظن اتحاد دلالته علی مدلول الأوّلین کالعلاّمة ( فی المختلف والمنتهی (7) ) (8).

وربّما یقال : إنّه یدل علی البناء علی الأقل المتیقن والإتمام ،

توجیه ما دل علی وجوب الإعادة فی المسألة

ص: 171


1- فی « رض » زیادة : فیه.
2- اللمعة ( الروضة البهیة 1 ) : 340.
3- بدل ما بین القوسین فی « م » : مراد به إن ، وفی « فض » : مراد انه إن ، والأولی ما أثبتناه من « رض ».
4- لیس فی « م ».
5- الفقیه 1 : 229 / 1015.
6- المقنع : 31.
7- المختلف 2 : 388 ، المنتهی 1 : 416.
8- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

والرکعتان المأمور بفعلهما بلفظ الخبر تمام الصلاة.

إلاّ أن یقال : إنّ تعین الفاتحة فی الأخیرتین کما هو الظاهر یدل علی أنّهما رکعتا الاحتیاط.

وفیه : أنّ الأمر بفاتحة الکتاب فی الأخیرتین موجود فی کثیر من الأخبار مع ثبوت التسبیح ، وبالجملة فلا أقلّ من الاحتمال ، ومعه لا یتم الاستدلال.

ولا یخفی دلالته علی عدم وجوب التسلیم إمّا فی الصلاة أو فی الاحتیاط ، إلاّ أن یقال : إنّ التشهد اسم للمجموع حتی التسلیم ، وفیه ما فیه.

وأمّا الرابع : فقد نقل العلاّمة احتجاج ابن بابویه به ، وأجاب بما ذکره الشیخ ، وزاد إمکان حمله علی الشک فی حال القیام ، کأنّه یقول : لا أدری قیامی لثانیة أو رابعة (1) ، ولا یخفی أنّه لو قال : قبل إکمال السجود ، کان أولی.

وینبغی أن یعلم أنّ فی الخبر الثالث علی الاحتمال (2) دلالة علی ما ینقل عن السید المرتضی من البناء علی الیقین فی الشک فی الجملة (3).

وما تضمنه من قوله : « ولا ینقض الیقین بالشک » قد یقال : إنّه صریح فی نفی احتمال إرادة الاحتیاط من الرکعتین والرکعة ، فلا وجه للاحتمال.

ویمکن الجواب : بأنّه یحتمل أن یراد لا یبطل الیقین الأوّل بالشک فیبطل الصلاة ، وحینئذ لا ینافی البناء علی الأکثر.

وفیه : أنّ المتبادر من عدم نقض الیقین عدم رفعه بالبناء علی الأکثر ؛

بیان قوله علیه السلام : « ولا ینقض الیقین بالشک ... »

ص: 172


1- المختلف 2 : 388.
2- فی « فض » : الإجمال.
3- حکاه عنه فی المدارک 4 : 256 ، وهو فی المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 201.

( إذ البناء علی الأکثر ) (1) یستلزم عدم الالتفات إلی الیقین ، والإبطال للیقین بمعنی إبطال الصلاة لا وجه له ، فإنّ إبطال الیقین یتحقق من دون إبطال الصلاة کما هو واضح ، ومن هنا یعلم أنّ الاحتمال الذی ذکرناه فی الخبر یکاد أن یتعین.

وما عساه یقال : إنّ عدم نقض الیقین بالشک محتمل لأن یراد به عدم تغییر الیقین عن کونه یقیناً بالشک ، فالیقین فی الأوّلتین حاصل ، فلا یتوهم أنّ عدم الیقین فی الأوّلتین إذا حصل لزم البطلان ، لما مضی (2) فی خبر زرارة الدال علی الیقین فی الأولتین ، وحینئذ فمفاد الخبر البناء علی الجزم أو علی الأکثر والاحتیاط ، ثم بیان فائدة ، وهی أنّ الیقین فی الأولتین ( لا یضرّه الشک یمکن توجیهه ، إلاّ أنّ الظاهر بعده عن السیاق.

وما قد یقال : إنّ الیقین فی الأوّلتین ) (3) إن أُرید به یقین فعل الرکعتین فقط فلا ریب أنّ الشک فی الأربع یرفعه ، وإنْ أُرید یقین الأوّلتین فی الجملة بمعنی الأعم من کونهما وحدهما أو مع ضمیمة الأخیرتین فالشک قد نقض الیقین بالانفراد عن الأخیرتین.

یجاب عنه : بأنّ هذا لا یضر بحال یقین الأوّلتین ، إذ هو حاصل فی الجملة ، وذلک کاف فی الصحة.

نعم ما تضمنه الخبر من قوله : « ولا یدخل الشک فی الیقین » لا یخلو من إجمال ؛ إذ یحتمل أن یراد أنّ للیقین حکماً وللشک حکماً فلا یدخل أحدهما فی الآخر ، وهذا لا یخفی أنّه لا یطابق حکم الروایة من البناء علی

ص: 173


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- راجع ص 1834.
3- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

الجزم أو علی الأربع ، إلاّ أن یقال : أنّه حکم آخر لا دخل له بالأوّل.

ویحتمل أن یراد أنّ الشک فی الأخیرتین لا تعمل به کما تعمل بیقین الأوّلتین فتبنی علی الأربع لتکون أدخلت حکم الشک فی حکم الیقین ، وهذا کما تری یطابق أول الروایة ، ویؤید احتمال إرادة البناء علی الجزم فی جمیع صور الشک أو فی هاتین المسألتین أو فی الأخیرة.

وقوله علیه السلام : « ولا یخلط أحدهما بالآخر » معناه کمعنی لا یدخل الشک فی الیقین ، وربما یقال - بتقدیر القول بالبناء علی الأکثر - : إنّ الخبر لا ینافی ذلک ؛ لأنّ عدم الإدخال والخلط یتحقق بأنّ حکم الشک فعل الاحتیاط دون الیقین فالتمیّز بینهما حاصل.

أمّا قوله : « ولکن ینقض الشک بالیقین » فواضح ، غیر أنّ الظن أیضاً ینقض الشک فی المقام ، فلعلّ المراد بالیقین عدم الشک أعم من الیقین ، إلاّ أنّه یشکل بأنّ الیقین لو أُرید به هذا المعنی کان فی جمیع ما ذکر ویشکل فی الأوّلتین ، ویمکن أن یقال : إنّ مفاد الروایة الیقین ، والظن مستفاد من غیرها.

ولا یخفی أنّ قوله : « ویتم علی الیقین. ولا یعتد بالشک » ربّما یعطی عدم جواز البناء علی الشک ، والحال أنّ الأخبار ناطقة بخلافه ، ویمکن توجیه قوله : « ویتم علی الیقین » بأنّ المراد عدم نقض الشک له (1) ، أمّا عدم الاعتداد بالشک فمشکل ، إلاّ أن یقال : إنّ المقصود عدم الاعتداد بالشک من دون الاحتیاط ، أو عدم الاعتداد به مطلقاً بل فی بعض الصور الواردة فی الأخبار ؛ والأمر کذلک فإنّ بعض صور الشک لا یعمل فیها بأحکامه ، هذا ما یخطر فی البال فی کشف غامض الحدیث فینبغی تأمّله

ص: 174


1- لیس فی « م ».

لأنّی لم أجد من (1) ذکر ذلک من الأصحاب ، غیر أنّ بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله قال بعد ذکر الخبر إجمالاً : إنّه علیه السلام أراد بالیقین أصل العدم الذی کان یقیناً وأنّ حکمه باق ولا یدفعه الشک (2) ، ولا یخفی علیک الحال فیما یتوجه من المقال.

بقی شی ء ، وهو أنّ الذی سمعته من کلام المختلف یقتضی أنّ الصدوق قائل بالإعادة فی الصورة المذکورة وأنّ التسلیم والاحتیاط روایة (3). وفی شرح الإرشاد لجدّی قدس سره ما یفید أنّ الصدوق قائل بالتخییر (4). ویمکن أن یکون استفادة ذلک من حیث إنّ ذکر الروایة مع عدم ردّها یشعر باختیاره العمل بها فیفید قوله التخییر ، ویحتمل أن یکون ذکر الروایة فی الفقیه مع اعتماده علی ما ینقله فیه یدل علی التخییر إذا انضم إلی کلامه فی المقنع ، وفیه ما فیه.

وبالجملة : یمکن القول بالتخییر لتعارض الأخبار إن لم ینعقد الإجماع علی خلافه.

وفی التهذیب روی الشیخ عن الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم رکعتین فقم وارکع رکعتین ثم سلّم (5) واسجد سجدتین وأنت جالس ثم تسلم بعدهما » (6).

قول الصدوق فی المسألة

ص: 175


1- لیس فی « م ».
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 3 : 184.
3- فی ص 1872.
4- روض الجنان : 351 ، وفیه : وذهب الصدوق إلی بطلان الصلاة هنا.
5- فی التهذیب 2 : 185 / 738 زیادة : وارکع رکعتین ثمَّ سلّم.
6- التهذیب 2 : 185 / 738 ، الوسائل 8 : 221 أبواب الخلل ب 11 ح 8.

وهذه الروایة ضعیفة السند إلاّ أنّ فیها تأییداً لما دلّ علی البناء علی الأقل ؛ إذ الظاهر من الرکعتین المأمور بهما تمام الصلاة.

وما تضمنه من سجود السهو (1) لعلّه علی الاستحباب ، ( واستبعاد الاستحباب فیه ربما یدفعه تصریح الشیخ به فی الکتاب ، إلاّ أنّ الاعتماد علی کلام الشیخ مشکل ) (2) ، وربما کان قرینة علی عدم تعین البناء علی الأقل ، وینقل عن الشیخ أنه حمل الروایة المذکورة علی من تکلم فی الصلاة بالنسبة إلی سجدتی السهو (3).

قوله :

باب من شک فلم یدر صلّی رکعة أو ثنتین أو ثلاثاً أو أربعاً

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن علی بن إسماعیل ، عن حماد ، عن حریز ، عن ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن (4) شککت فلم تدر فی ثلاث (5) ( أنت أم فی اثنتین ) (6) أو (7) فی واحدة أو أربع فأعد الصلاة ولا تمض علی الشک ».

عنه ، عن عباد بن سلیمان ، عن سعد بن سعد ، عن صفوان ،

من شک فلم یدر صلّی رکعة أو ثنتین أو ثلاثاً أو أربعاً

اشارة

ص: 176


1- فی « فض » : السجود.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی مجمع الفائدة والبرهان 3 : 182.
4- فی « رض » : إذا.
5- فی الاستبصار 1 : 373 / 1418 : أفی ثلاث.
6- فی « م » : کنتَ أم ثنتین.
7- فی الاستبصار 1 : 373 / 1418 : أم.

عن أبی الحسن علیه السلام قال : « إن کنت لا تدری کم صلّیت ولم یقع وهمک علی شی ء فأعد الصلاة ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه ، عن أبیه قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یدری کم صلّی واحدة أم ثنتین أم ثلاثاً؟ قال : « یبنی علی الجزم ( ویسجد سجدتی السهو ویتشهد تشهداً خفیفاً ».

فلا ینافی الخبرین الأوّلین ؛ لأنّه قال : یبنی علی الجزم ) (1) والذی یقتضیه الجزم استئناف الصلاة علی ما بیناه ، والأمر بسجدتی السهو یکون محمولاً علی الاستحباب ( لا لجبران ) (2) الصلاة.

فأمّا ما رواه ( محمد بن أحمد بن یحیی ) (3) ، عن معاویة بن حکیم ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن علی بن أبی حمزة ، عن رجل صالح (4) ، قال : سألته عن الرجل یشک فلا یدری واحدة صلّی أو اثنتین أو ثلاثاً أو أربعاً تلتبس علیه صلاته ، قال : « کلّ ذا قال : قلت : نعم ، قال : « فلیمض فی صلاته ویتعوّذ بالله من الشیطان الرجیم فإنّه یوشک أن یذهب عنه ».

فالوجه فی هذا الخبر أحد شیئین ، أحدهما : أن نحمله علی النافلة ولیس فی الخبر أنّه شک فی صلاة فریضة ، والوجه الثانی : أن

ص: 177


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- فی « م » و « رض » : لجبران ، وفی « فض » : بجبران ، والصواب ما أثبتناه من الإستبصار 1 : 374 / 1421.
3- بدل ما بین القوسین فی « رض » : أحمد بن محمد ابن یحیی ، وفی « م » : أحمد ابن یحیی.
4- فی الاستبصار 1 : 374 / 1421 زیادة : علیه السلام .

یکون المراد من یکثر سهوه ولا یمکنه التحفّظ جاز له أن یمضی فی صلاته ، لأنّه إذا وجب علیه الإعادة وهو من شأنه السهو فلا ینفک من الصلاة علی حال ، فأمّا من کان شکه أحیاناً فإنّه یجب علیه الإعادة حسب ما قدمناه.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ؛ ومحمد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان جمیعاً عن حماد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة وأبی بصیر قالا : قلنا له : الرجل یشک کثیراً فی صلاته حتی لا یدری کم صلّی ولا ما بقی (1) علیه ، قال : « یعید » قلنا : فإنّه یکثر علیه ذلک کلما أعاد شک ، قال : « یمضی فی شکه » ثم قال : « لا تعوّدوا الخبیث من أنفسکم نقض (2) الصلاة فتطمعوه (3) فإنّه إذا فعل ذلک (4) مرّات لم یعد إلیه الشک » قال زرارة : وقال : « إنّما یرید أن یطاع فإذا عُصی لم یعد إلی أحدکم ».

السند :

فی الأوّل : فیه علی بن إسماعیل ولم أتحقق کونه الممدوح الذی ذکر النجاشی : أنّه من وجوه من روی الحدیث وهو ابن [ التمّار (5) ] -

بحث حول علی بن إسماعیل

ص: 178


1- فی « رض » : یبقی.
2- فی الاستبصار 1 : 375 / 1422 : بنقض.
3- فی الاستبصار 1 : 375 / 1422 زیادة : فإن الشیطان خبیث معتاد لما عوّد فلیمض أحدکم فی الوهم ولا یکثرن نقض الصلاة.
4- فی الاستبصار 1 : 375 / 1422 زیادة : ثلاث.
5- رجال النجاشی : 251 / 661 ، وفیه : کان من وجوه المتکلمین من أصحابنا ، وبدل ما بین المعقوفین فی النسخ : عمّار ، والظاهر ما أثبتناه.

بتقدیر دلالة لفظ الوجه علی المدح ، أو غیره من المجهولین ، وقد وصف شیخنا (1) ( المحقق میرزا محمد أیّده الله روایة الصدوق ) (2) عن إسحاق ابن عمار بالصحة إلیه مع أنّ فی الطریق علی بن إسماعیل. وفی مدارک شیخنا قدس سره وصف هذه الروایة بالصحة (3) قائلاً : ما رواه الشیخ ، والروایة فی التهذیب کما هنا (4) ، فلا أدری الوجه فی الصحة.

والثانی : ضمیر « عنه » فیه یحتمل عوده إلی محمد بن یحیی العطار ، لأنّ الشیخ فی الفهرست (5) قال : إنّ الراوی عنه الصفار. ویحتمل أنّ العود لمحمد بن أحمد بن یحیی ، لأنّ النجاشی ذکر أنّ الراوی عنه محمد بن خالد البرقی (6).

فإن قلت : أیّ فرق بین قول الشیخ فی الفهرست وقول النجاشی؟.

قلت : لأن محمد بن خالد البرقی لحق الجواد علیه السلام والصفار لم یذکر إلاّ فی أصحاب العسکری علیه السلام فی کتاب الشیخ (7) ، فروایته عمن یروی عنه محمد بن خالد الذی هو آخر من لقی الجواد علیه السلام لا وجه لها إلاّ بتقدیر تعمیر عبّاد إلی زمن العسکری علیه السلام ولم ینقل ما یقتضی ذلک ، وقد ذکر الشیخ عبّاداً فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام (8).

بحث حول عباد بن سلیمان ومن روی عنه

ص: 179


1- منهج المقال : 408.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : قدس سره روایة.
3- المدارک 4 : 253.
4- التهذیب 2 : 187 / 743.
5- لم نعثر علیه فی الفهرست ، ولکن ذکره فی الرجال : 484 / 43.
6- رجال النجاشی : 293 / 792.
7- رجال الطوسی : 436 / 16.
8- رجال الطوسی : 484 / 43.

فإن قلت : محمد بن أحمد بن یحیی (1) من رجال أیّ إمام؟

قلت : لم أجد ذلک فی الرجال إلاّ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ (2) ؛ لکن الراوی عنه سعد ومحمد بن یحیی العطار ، فیکون فی مرتبة ( من (3) یروی ) (4) عن العسکری علیه السلام وما ضاهاها.

واحتمال أن یقال : کیف یروی عن عبّاد الراوی عنه محمد بن خالد الذی هو من رجال الجواد علیه السلام ؟. یمکن تکلّف الجواب عنه ، إلاّ أنّ عباداً مهمل فی الرجال (5) ، فالحال یغنی عن مشقة القول ، وإنّما ذکرنا ما ذکرناه للتنبیه علی ما وقع فی الفهرست والنجاشی.

وأمّا سعد بن سعد فهو الأشعری ولا ریب فی ثقته ، وإنّما قلنا وهو الأشعری مع أنّ فی الرجال غیره لأنّ الشیخ فی الفهرست ذکره مکرّراً فی أحدهما سعد الأحوص وفی الأُخری سعد بن سعد الأشعری له کتاب (6) ، وفی رجال الرضا علیه السلام من کتابه سعد الأحوص ثقة (7) ، وکذلک فی النجاشی (8) : الموثق الأحوص ، وفیه زیادة : ابن سعد الأشعری ، وقد نبّهنا فیما سبق علی أنّ الشیخ یذکر الرجل الواحد مکرراً بمجرد الاختلاف فی

بحث حول سعد بن سعد الأشعری

ص: 180


1- فی « فض » : محمد بن یحیی.
2- رجال الطوسی : 493 / 12.
3- فی « رض » زیادة : لم.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- رجال الطوسی : 384 / 54.
6- الفهرست : 76 / 307 ، 309.
7- رجال الطوسی : 378 / 4.
8- رجال النجاشی : 179 / 470.

الوصف ، حتی أنّه یوقع فی توهم الاشتراک فیمن لیس بمشترک ، ومن عرف طریقه یسهل علیه الخطب فی بعض المواضع الذی فی النجاشی ، وما لم یکن فیه یشکل الحال بالنسبة إلی وجود الاحتمال.

وأمّا صفوان فهو ابن یحیی لما یظهر من الکشی (1) وتصریح النجاشی بروایته عن الرضا علیه السلام (2) ، وروایة ابن مهران عن أبی عبد الله علیه السلام (3) ، والرجلان ثقتان فالأمر سهل ، وغیرهما من المسمی بالاسم لا یحتمله المقام کما لا یخفی علی من راجع الرجال.

والثالث : واضح الصحة.

والرابع : فیه معاویة بن حکیم وقد مضی عن قریب (4). وعلی بن أبی حمزة ( کأنّه البطائنی الواقفی لروایته عن الإمام موسی علیه السلام المعبّر عنه برجل صالح ، واحتمال ابن أبی حمزة ) (5) الثمالی ( فی حیّز الإمکان ، وما عساه یقال : إنّ مرتبة ابن أبی حمزة الثمالی ) (6) تأبی الوصول إلی موسی علیه السلام ، لأنّ علی بن أبی حمزة مذکور مع إخوته ومرتبتهم أعلی ، جوابه غیر خفی.

وینبغی أن یعلم أنّه اتفق فی علی بن أبی حمزة البطائنی شی ء لا بأس بالتنبیه علیه ، وهو أنّ العلاّمة فی الخلاصة قال - فی ترجمة علی بن أبی حمزة بعد نقل قول الشیخ فیه بالوقف - : وقال أبو الحسن علی بن

تمییز صفوان

بحث حول علی بن أبی حمزة

ص: 181


1- رجال الکشی 2 : 792.
2- رجال النجاشی : 197 / 524.
3- رجال النجاشی : 198 / 525.
4- راجع ص 1850.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

الحسن بن فضال : علی بن أبی حمزة کذّاب متّهم ملعون وقد رویت عنه أحادیث کثیرة ( وکتب تفسیر القرآن ) (1) من أوّله إلی آخره إلاّ أنّی لا أستحلّ أن أروی عنه حدیثاً واحداً (2).

وقال العلاّمة فی الحسن بن علی بن أبی حمزة : قال ( الکشی : حدثنی محمد بن مسعود قال : سألت علی بن الحسن بن فضال عن الحسن ابن علی بن أبی حمزة ) (3) قال : کذّاب ملعون رویت عنه أحادیث کثیرة وکتبت عنه تفسیر القرآن من أوّله إلی آخره إلاّ أنّی لا أستحل أن أروی عنه حدیثاً واحداً (4).

ولا یخفی علیک أنّ کلام الکشی المنقول یقتضی أن یکون فی الحسن فکیف یذکره فی علی؟ وإرسال الحدیث فی علیّ مع إسناده فی الحسن غریب ، والذی فی النجاشی ما نقله فی الحسن (5) ، وقد تبع فی ذلک ابن طاوس (6) ، وأوهامه فی الکتاب کثیرة.

وأمّا الخامس : فقد تکرر القول فی رجاله بما یغنی عن الإعادة (7).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ من لم یدر ( فی ثلاث أم ) (8) فی اثنتین أو (9)

ص: 182


1- بدل ما بین القوسین فی المصدر : وکتبت عنه تفسیر القرآن کلّه.
2- الخلاصة : 231 / 1.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- الخلاصة : 212 / 7.
5- رجال النجاشی : 36 / 73.
6- التحریر الطاوسی : 124 / 96.
7- راجع ص 31 ، 38 ، 1872.
8- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
9- فی « رض » : أم.

فی واحدة أو أربع یعید.

والثانی : یدل علی أنّ من لم یدرِ کَم صلّی ولم یقع وهمه علی شی ء یعید ، والمعروف من الوهم فی الأخبار الظن ، وحینئذ یحتمل أن یکون قوله : « ولم یقع وهمک » راجعاً لمن لم یدرِ کَم صلّی ، وحاصله أنّ من لم یدر کم صلّی هو الذی لم یقع وهمه علی شی ء ، ویحتمل أن یکون بیاناً لصورتین یجب فیهما الإعادة ، أحدهما من لم یدرِ کَم صلّی ، وثانیهما من لم یقع وهمه علی شی ء ، والفرق بین الأمرین أنّ الأوّل یقتضی أنّ من لم یدرِ کَم صلّی یعید ولا یلتفت فیه إلی الوهم ، والثانی یفید أنّ من دری کم صلّی إذا لم یقع وهمه علی شی ء یعید.

فإن قلت : کلا الأمرین غیر تام ، أمّا الأوّل : فلأنّه یقتضی إعادة کل من لم یدر وإن ظن ، والحال أنّ ما دل علی البناء علی

الوهم یتناوله ؛ وأمّا الثانی : فلأنّ من لم یقع وهمه علی شی ء لا یلزمه الإعادة مطلقاً بل یلزمه أحکام الشک ( إمّا من البناء علی المقرر أو الإعادة ) (1) بمعنی أنّه إن تحقق الأوّلتین أو ظنهما وشک لزمه حکم الشک ، وإن لم یتحقق الأوّلتین لزمه الإعادة ، وکذا فی بعض صور الشک.

قلت : من لم یدر یصیر فی حکم المجمل والخبر الأوّل الدال علی أنّ من لم یدر فی ثلاث أو اثنتین أو واحدة أو أربع مبیّن ، والصحة فی هذه الصورة مع الظن محلّ تأمّل ؛ لأنّ الأوّلتین لم یتحقق والشرط فیهما التحقق علی وجه الیقین کما تضمنه خبر زرارة.

نعم علی قول من اعتبر الظن فی الأوّلتین ربما یلزمه عدم الإعادة ، إلاّ

بیان ما دل علی أنّ من لم یدرِکم صلّی ولم یقع وهمه علی شیء یعید

ص: 183


1- ما بین القوسین ساقط عن « م » و « رض ».

أن یقول : إنّ ما دل علی الظن مع الشک یخص بهذا الخبر ، وفیه : أنّ الخبر الأوّل یدل علی أنّ من لم یدر ، ومن ظن فقد دری ، والخبر الثانی : ظاهره عدم المضیّ علی الشک ، ومع الظن لا شک.

ولم أجد الآن کلاما للأصحاب فی خصوص هذه المسألة ، وإطلاق الظن فی کلام من رأینا کلامه ربما یتناول ما نحن فیه.

وأمّا ما ذکر من جهة الوهم فلأنّ من لم یقع وهمه علی شی ء ربما یتبادر منه أنّ من لم یظن شیئاً من الصلاة یعید ، وحینئذ یخرج عنه من تحققت منه الأوّلتان أو ظنتا ، نعم یدخل فیه من ظن واحدة ، ولا مانع من تخصیصه بما دل علی ظن الأوّلتین أو تحققهما ، ویبقی فیه من وقع همه علی الزائد عن الأربع ونحوها ، والمخصص أیضاً موجود ، هذا بتقدیر الاحتمال الثانی. وأمّا الاحتمال الأوّل : فله نوع قرب من حیث الظاهر واحتیاج الاحتمال الثانی إلی زیادة تخصیص.

وقد یحتمل أن یراد أنّ من لم یدر فی أوّل الأمر ولم یقع وهمه بعد ذلک علی شی ء ، لا أنّه تفسیر لمن لم یدر ، والفرق بینه وبین الأوّل أنّ الأوّل یقتضی أنّ من لم یقع وهمه علی شی ء هو (1) من لم یدر ، ولیس کذلک ، أمّا أوّلاً : فلأنّ من لم یدر فی الظاهر لا بدّ من تقییده بالخبر الأوّل ، وعلی تقدیر عدم التقیید لو فسّر بمن لم یقع وهمه علی شی ء یصیر المعنی أنّ کل من لم (2) یقع وهمه علی شی ء کان ممن لم یدر فیلزمه الإعادة ، والحال أنّ إشکال هذا واضح ؛ لأنّ حاصل المعنی أنّ من شک ولم یقع

ص: 184


1- لیس فی « فض ».
2- ساقط عن « م ».

وهمه علی شی ء فهو من لم یدر فحینئذٍ (1) یعید ، وهو یتناول صور عدم الإعادة ، إلاّ أن یقال : إنّ التفسیر (2) بعد التخصیص بالخبر الأوّل ، علی معنی أن لم یدر بأحد الأُمور المذکورة فی الخبر الأوّل ، وعدم الدرایة أن لا یقع وهمه علی شی ء ، ولا یخلو من تکلف ، بخلاف ما إذا قیّدناه بالأوّل وجعلنا عدم وقوع الوهم بعد الحصول للشک فإنّه خال من التکلف الأوّل ، وقد یظن اتحادهما مآلاً ، والتأمّل ینفیه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ هذه الروایة رواها الکلینی بطریق فیه محمد ابن خالد ، وقد ذکرناها سابقاً فی حکم الظن فی الأوّلتین حیث استند إلیها شیخنا قدس سره حتی أنّه فی المدارک ذکرها فی مسألة من لم یدرِ کَم صلّی ، مستدلاًّ بها علی الحکم ، واصفاً لها بالصحة (3).

وفی نظری القاصر أنّ الاستدلال بها علی الحکمین لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الاستدلال بها علی حکم الظن فی الأوّلتین یقتضی شمول من لم یدرِ کَم صلّی المذکور فیها للأوّلتین والأخیرتین ، أو للأوّلتین وحدهما وللأخیرتین وحدهما ، والشمول یضرّ بالحال فی الأخیرتین ( وحدهما إلاّ أن یقال بالمخصص من خارج ، والشمول یقتضی أنّ حکم الأوّلتین ) (4) وحدهما خارج فلا یتم الاستدلال بها علی حکم الأوّلتین بالانفراد ، وربما یمکن التسدید ، إلاّ أنّ عدم التعرض له غیر لائق ، هذا.

وأمّا الثالث : فدلالته واضحة علی البناء علی الجزم فی صورة الشک

توجیه ما دل علی أنّ من شک بین الواحدة والثنتین والثلاث یبنی علی الجزم

ص: 185


1- ساقط عن « فض » و « م ».
2- فی « فض » : التعبیر ، وفی « رض » : الیقین ، والصواب ما أثبتناه من « م ».
3- المدارک 4 : 254.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

بین الواحدة والاثنتین والثلاث ، فالمعارضة للأوّل غیر ظاهرة ؛ لأنّ الأوّل یجوز کون الإعادة فیه لضمیمة الأربع ، إلاّ أن یقال : إنّ المقصود عدم تحقق الأوّلتین ، فإذا دلّ الخبر علی أنّه لا یضر حصلت المعارضة بینه وبین الأوّل ، وضمیمة الأربع لا دخل لها حینئذ.

فإن قلت : هل معارضتها للثانیة واضحة أم لا؟

قلت : لا وضوح لها لجواز أن تکون الثانیة مطلقة والأولی مقیدة ، ویرجع حاصل الأمر إلی أنّ من لم یدرِ کَم صلّی هو الشاک فی مضمون الروایة الأُولی ، وأمّا ما تضمنته الثالثة (1) من البناء علی الجزم فقد یظن منافاته لما دل علی تحقق الأوّلتین بل وظن الأوّلتین ؛ لأنّ التحقق وإن ظن حصوله بالبناء علی الواحدة حیث إنّه إذا أتی بالثانیة فقد فعل الأوّلتین جزماً ، إلاّ أنّ احتمال وقوع الأوّلتین سابقاً یقتضی عدم تحققهما علی وجههما ، والظاهر من التحقق ذلک ، إلاّ أن یقال : إنّ التحقق مرجعه إلی الدلیل ، فإذا وجد عمل به ، غایة الأمر فی صورة لا یوجد الدلیل یقال لا بدّ من التحقق علی الوجه المأمور به ، وأمّا مع الظن فکذلک.

وحمل الشیخ فی أعلی مراتب البعد بل لا وجه له ؛ لأنّ سجود السهو مع الإبطال یتوقف علی صراحة الروایة لیقال إنه تعبّد وقوله : بجبران (2) الصلاة ، هکذا فی النسخة التی وقفت علیها ، ولا وجه له ، وفی التهذیب : دون جبران الصلاة (3).

والذی یقتضیه ظاهر الخبر العمل بالمتیقن واحتمال استحباب

ص: 186


1- فی النسخ : الثانیة ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی الاستبصار 1 : 374 / 1420 : لا لجبران الصلاة.
3- فی التهذیب 2 : 188 / 745 : لا لجبران الصلاة.

سجدتی السهو أو الوجوب لاحتمال الزیادة ؛ لکن احتمال الزیادة وحدها لم أقف علی القائل به ، وقد یشعر به کثیر من الأخبار کما یعرف بالتتبّع وما سیأتی (1) من کلام الصدوق.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ربما یؤیّد القول المنقول فی الشکوک بالأخذ بالمتیقن ، وقد أجاب عن الروایة العلاّمة فی المختلف علی ما نقله شیخنا قدس سره (2) بالحمل علی کثرة (3) الشک ، ولم أقف علیه فی المختلف ، وهو غریب ؛ لأنّ کثیر الشک لا یبنی علی الجزم بل علی الفعل المشکوک فیه.

ونقل شیخنا قدس سره أیضاً عن الصدوق فی الفقیه القول بجواز البناء علی الأقل فی مسألة من لم یدرِ کَم صلّی (4).

والذی رأیته فی الفقیه : وروی عن علی بن أبی حمزة عن العبد الصالح ، وذکر الروایة الرابعة ، ثم قال : وروی سهل بن الیسع فی ذلک عن الرضا علیه السلام أنّه « یبنی علی یقینه ویسجد سجدتی السهو بعد التسلیم ویتشهد تشهداً خفیفاً » وقد روی أنّه « یصلی رکعة من قیام ورکعتین وهو جالس » ولیست هذه الأخبار مختلفة ، وصاحب السهو بالخیار بأیّ خبر منها أخذ فهو مصیب ، وروی عن إسحاق بن عمار أنّه قال : قال لی أبو الحسن الأوّل علیه السلام : « إذا شککت فابن علی الیقین » الحدیث (5). وقد مضی نقله.

ولا یخفی أنّ کلام الصدوق صریح فی العمل بالتخییر.

فإن قلت : ما حال أسانید الأخبار المذکورة فی الفقیه؟

ص: 187


1- فی ص 1887.
2- المدارک 4 : 254.
3- فی « رض » : کثیر.
4- المدارک 4 : 252.
5- الفقیه 1 : 230 و 231 : بتفاوت یسیر.

قلت : أمّا الأوّل فالطریق إلی علی بن أبی حمزة فیه محمد بن علی ماجیلویه (1) وفیه کلام ، والعلاّمة صحّح بعض الطرق المشتملة علیه (2). وعلی بن أبی حمزة قد ذکرناه (3) ، ولم یستفد (4) من الفقیه تعین کونه البطائنی أو غیره ، لکن العبد الصالح فی الفقیه یفید تعیین کونه الإمام علیه السلام ، دون ما فی الکتاب من قوله : رجل صالح ، وإن کان الظاهر عدم الفرق.

وأمّا الطریق إلی الثانی ففیه أحمد بن زیاد الهمدانی ، والعلاّمة وثّقه بصورة أنّه کان رجلاً ثقة دیّناً فاضلاً (5). ولم نجد ذکره فی غیر الخلاصة ( من کتب الرجال ) (6) ، وقول ابن داود : إنّه فی لم (7) ، هو أعلم به ، نعم فی کتاب کمال الدین للصدوق روی حدیثاً فیه أحمد بن زیاد المذکور ، ثم قال الصدوق : قال مصنف هذا الکتاب : لم أسمع هذا الحدیث إلاّ من أحمد بن زیاد بن جعفر الهمدانی وکان رجلاً ثقة دیّناً فاضلاً (8). والظاهر أنّ توثیق العلاّمة من الکتاب المذکور.

ثم إنّ فی الطریق إلی سهل إبراهیم بن هاشم فالحدیث حسن بل صحیح بروایته فی الفقیه (9).

بحث حول طریق الصدوق إلی علی بن أبی حمزة

بحث حول أحمد بن زیاد الهمدانی

ص: 188


1- مشیخة الفقیه 4 : 87.
2- خلاصة العلاّمة : 278 ، وهو طریق الصدوق إلی إسماعیل بن ریاح الکوفی کما فی منهج المقال : 309.
3- فی ص 180 179.
4- فی « رض » : لم نستفد.
5- خلاصة العلامة : 19 / 37.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».
7- رجال ابن داود : 38 / 77 وفیه زیادة : ثقة.
8- کمال الدین : 369 / 6.
9- الفقیه 1 : 230 / 1022.

وأمّا الأخیرة فقد قدّمنا القول (1) فی طریقها بأنّ فیه علی بن إسماعیل ، مع أنّ صورتها کما تری : روی عن إسحاق ، فدخولها فی المشیخة لا یخلو من شی ء.

ثم إنّ حدیث سهل دال علی سجود السهو فیؤیّد روایة علی بن یقطین المذکورة هنا ، وربما یستفاد منه أنّ فی خبر علی بن یقطین نوع سهو وهو سقوط الأربع ؛ لأنّ ظاهر روایة سهل أنّ مضمونها مضمون السابقة علیها وهی روایة علی بن أبی حمزة ، وقد تضمنت الواحدة والاثنتین والثلاث والأربع ، وعلی هذا فالمعارضة بین روایة ابن یقطین والأولی ظاهرة وإن احتمل أن یقال : إنّ سجود السهو لا مانع منه فی الصورتین أعنی مضمون روایتی (2) ابن یقطین وسهل.

ولا یخفی أنّ ظاهر الصدوق القول بسجود السهو علی تقدیر اختیار البناء علی الیقین.

فإن قلت : کلامه صریح فی ذلک فما وجه ما ذکرت أوّلاً من عدم الوقوف علی القائل؟

قلت : المنفی أوّلاً عدم الوقوف علی القائل بسجود السهو لاحتمال الزیادة ؛ إذ یجوز أن یکون سجود السهو هنا لخصوص هذه الصورة وإن کان ربما یدعی الظهور ، والاحتیاط مطلوب فی هذه الصورة بعد احتمال قول الصدوق.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الرابع (3) یدل من حیث السؤال علی أنّ

بیان ما دل علی سجود السهو فی المسألة

ص: 189


1- فی ص 1879.
2- فی « فض » : روایة.
3- کذا فی النسخ ، ولعلّ الأنسب : الخامس.

الرجل کلما أعاد شک ، والکثرة بهذا المعنی لم أعلم معتبرها من الأصحاب ، وبتقدیر التوجیه علی ما یوافق ما ذکروه یدل بظاهره علی عدم الالتفات والمضی فی صلاته ، لکن المضی لا یخلو من احتمالین ، أحدهما البناء علی فعل المشکوک فیه ، وثانیهما البناء علی الجزم وهو الواحدة.

والشیخ کما تری ذکر فی ثانی وجهی الجمع ما یقتضی البناء علی فعل المشکوک فیه ، کما هو مقرر فی کثیر الشک بین من رأینا کلامه من الأصحاب (1). وإن کان یخطر فی البال احتمال أن یقال : إنّ کثیر الشک إذا ورد أنّه لا یلتفت فاحتمال إرادة عدم لزوم الاحتیاط له کاحتمال البناء علی المشکوک فیه ؛ لکن عدم معلومیّة القائل یوجب الاقتصار علی ما قالوه ، وحینئذ فالخبر إذا حمل علی کثیر الشک لزمه البناء علی الأکثر.

والصدوق کما نقلناه عنه من إیراد الروایة مع غیرها ممّا ذکر قال بالتخییر فی مضمون الروایات (2) ، والتخییر محتمل للرجوع إلی مضمون الاولی وهی المبحوث عنها ، فیعمل علی المشکوک فیه من غیر فعل شی ء ، والثانیة الدالة علی سجود السهو مع العمل علی الیقین وهی روایة سهل ، والثالثة المرسلة الدالة علی رکعة من قیام ورکعتین وهو جالس.

ویحتمل العود إلی المجموع ، ویکون اعتقاده من الاولی البناء علی الیقین من غیر فعل شی ء ، وبعد اعتبار الروایة المبحوث عنها بروایة الصدوق یمکن أن یوجّه حملها علی مضمون روایة علی بن یقطین من البناء علی الجزم ، وخبر إسحاق فی الفقیه أیضاً مؤیّد مع احتمال البناء علی

بیان ما دل علی حکم کثیر الشک

ص: 190


1- انظر المعتبر 2 : 393 ، والتذکرة 3 : 322 ، والمدارک 4 : 271.
2- الفقیه 1 : 231.

المشکوک فیه (1).

واعتبار الکثرة المذکورة فی کلام الأصحاب الذین رأینا کلامهم إن انعقد الاتفاق علیه فالاحتمال منتف ، وإلاّ أمکن أن یراد بالکثرة فی الأخبار ما یتناول مدلول الروایة فیراد بالکثرة کثرة متعلق الشک وما دل علی الإعادة علی الاستحباب یکون محمولاً.

فإن قلت : استحباب الإعادة إن أُرید به فعل العبادة بعد البناء علی المشکوک فیه فله وجه ، أمّا إن أُرید به القطع والاستئناف فمشکل.

قلت : لو أُرید الثانی فلا مانع منه (2) وإن کان الأوّل أقرب إلی الاعتبار.

وما عساه یقال : إنّ المانع موجود ، وهو النهی (3) عن إبطال العمل. یمکن الجواب عنه : بأنّ ما دل علی الإعادة مخصص إلاّ أن یقال : بأنّ ما دل علی الإعادة معارض بما دل علی البناء علی الجزم فالعموم باق ، ویمکن ادعاء أنّ الأولی الإتمام ثم الإعادة ، لکن فیه مخالفة المشهور.

وأمّا الخامس : فما تضمنه السؤال من قوله : یشک کثیراً فی صلاته ، محتمل لأن یراد به کثرة الشک فی کل صلاة ، وأن یراد الکثرة فی مجموع الصلاة ؛ ثم علی التقدیر الأوّل یحتمل الکثرة فی متعلق الشک کما قدّمنا إلیه الإشارة ، وکذلک علی الثانی ؛ والسؤال وإن لم یفد حکماً إلاّ أنّ الجواب له تعلق بالسؤال ، وذلک لأنّ قوله علیه السلام : « یعید » دالّ علی أنّ المراد لیس إلاّ

ص: 191


1- الفقیه 1 : 231 / 1025.
2- لیس فی « فض ».
3- لیس فی « م ».

الشک فی فریضة بأن یکثر متعلقه ، کأن یشک بین الواحدة والاثنین والثلاث والأربع ، إذ لو حمل السؤال علی بقیّة الاحتمالات لم یتم الإعادة علی الإطلاق فی الجواب.

وعلی هذا فقوله فی السؤال : فإنّه یکثر علیه ذلک ، یراد به أنّ من لم یدرِ کَم صلی یتکرر منه هذا ، وحینئذٍ الجواب بأنّه یمضی یدل علی أنّ من لم یدرِ کَم صلّی إذا تکرّر منه ذلک لا یلتفت ، والإجمال فی الحدیث واقع بالنسبة إلی عدم الالتفات ، بل ربما کان الظاهر من قوله علیه السلام : « لا تعوّدوا الخبیث نقض الصلاة » عدم قطعها أعم من البناء علی الجزم أو علی فعل المشکوک فیه ، هذا ما خطر فی نظری القاصر من معنی الخبر ، وعلیه فالاستدلال به علی أنّ کثیر الشک لا یلتفت بل یبنی علی فعل المشکوک فیه کما فعله شیخنا قدس سره (1) وقبله جماعة من المتأخرین (2) ، محلّ تأمّل.

نعم یمکن أن یستنبط من آخره حکم غیر الصورة المسئول عنها بنوع من التوجیه لو احتیج إلی الخبر ، لکن فی الأخبار ما یدل علی کثیر الشک وإن کان فیها نوع إجمال ، والله تعالی أعلم بحقیقة الحال.

قوله :

باب من شک فلا یدری صلّی اثنتین أو ثلاثاً.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أحدهما قال : قلت له : رجل لا یدری

من شک فلا یدری صلّی اثنتین أو ثلاثاً

اشارة

ص: 192


1- المدارک 4 : 271.
2- انظر المنتهی 1 : 411 ، والروضة البهیة 1 : 338.

أواحدة صلّی أم اثنتین؟ قال : « یعید » قال : قلت (1) : رجل لم یدر اثنتین صلی أم ثلاثاً؟ قال : « إنْ دخله الشک بعد دخوله فی الثالثة مضی فی الثالثة (2) ثم یسلم ولا شی ء علیه ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر ، عن حمّاد ، عن عبید بن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن رجل لم یدر رکعتین صلّی أم ثلاثاً ، قال : « یعید » قلت : ألیس یقال : لا یعید الصلاة فقیه؟ فقال : « إنّما ذلک فی الثلاث والأربع ».

فمحمول علی صلاة المغرب أو الغداة ؛ لأنّ هاتین الصلاتین لا سهو فیهما وتجب (3) الإعادة علی کل حال.

وأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل (4) لا یدری أثلاثاً صلّی أم ثنتین (5) ، قال : « یبنی علی النقصان ویأخذ بالجزم ویتشهد بعد انصرافه تشهداً خفیفاً کذلک من أوّل الصلاة وآخرها ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إنّما یبنی علی النقصان إذا ذهب وهمه علیه (6) ویصلّی تمامه استحباباً ، فأمّا مع اعتدال الوهم فالبناء علی الأکثر أحوط إذا تمم بعد الفراغ من الصلاة علی ما بیناه ، والذی یؤکّد ذلک

ص: 193


1- فی « رض » زیادة : له.
2- فی الاستبصار 1 : 375 / 1423 زیادة : ثمّ صلی الأخری ولا شی ء علیه.
3- فی الاستبصار 1 : 375 / 1424 زیادة : فیهما.
4- فی الاستبصار 1 : 375 / 1425 : الرجل.
5- فی الاستبصار 1 : 375 / 1425 : اثنتین.
6- فی الاستبصار 1 : 375 / 1425 : إلیه.

ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن علی ، عن معاذ بن مسلم ، عن عمار بن موسی الساباطی قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « کل ما دخل علیک من الشک فی صلاتک فاعمل علی الأکثر ، فإذا انصرفت فأتمّ ما ظننت أنّک نقصت ».

( ویحتمل أن یکون الخبر ) (1) مخصوصاً بالنوافل ، فإنّ الأفضل فی النوافل البناء علی الأقل علی ما بیناه.

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أیوب بن نوح عن صفوان ، عن عنبسة قال : سألته عن رجل لا یدری رکعة رکع أو ثلاثاً قال : « یبنی صلاته علی رکعة واحدة یقرأ (2) بفاتحة الکتاب ویسجد سجدتی السهو ».

فالوجه فی هذا الخبر ایضاً أن نحمله علی النوافل ، لأنّ المسنون فیها البناء علی الأقل ، ولیس ذلک فی الفرائض.

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : صحیح علی تقدیر اتحاد حماد بن عثمان ، لأنّه الراوی عن عبید بن زرارة فی الرجال (3) ، لکن اتحاد حماد محل کلام ، وقد وصف الروایة بعض محقّقی المتأخّرین (4) وتبعه شیخنا قدس سره بالصحة (5) ، ولا أظن

بحث حول حمّاد

ص: 194


1- فی الاستبصار 1 : 376 / 1426 بدل ما بین القوسین : ویحتمل الخبر أن یکون.
2- الاستبصار 1 : 376 / 1427 : فیقرأ فیها.
3- رجال النجاشی : 233 / 618.
4- مجمع الفائدة 3 : 176.
5- المدارک 4 : 256.

شیخنا یحکم باتحاد حماد ، نعم الوالد قدس سره کان جازماً به (1).

والثالث : فیه محمد بن سهل ، وحاله لا یزید علی الإهمال ، وفی التهذیب : عن محمد بن سهل عن أبیه (2) ، وهو الصواب ، لأنّ فی الفقیه روی مضمونها عن سهل (3).

والرابع : فیه محمد بن خالد ، وقد تکرر القول فیه (4). والحسن بن علی فیه اشتراک (5) ، وما عساه یقال : إنّ الظاهر کونه ابن عبد الله بن المغیرة ، لأنّ الراوی عنه فی النجاشی البرقی (6). یدفعه أنه خلاف الظاهر ؛ لاحتمال البرقی لأحمد ، سیما وقد ذکر الشیخ فی الفهرست أنّ الراوی عن الحسن محمد بن علی بن محبوب (7) ، ومرتبته مرتبة أحمد. ویؤیّد هذا أنّ ابن بطّة روی (8) عن أحمد فی الرجال (9) ، والراوی عنه محمد بن خالد فی السند.

وأمّا معاذ بن مسلم فالعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه ثقة (10) ( وقد قدّمنا أنه یمکن استفادة توثیقه من النجاشی فی ترجمة محمد بن الحسن بن أبی سارة (11).

محمد بن سهل مهمل

بحث حول الحسن بن علی

بحث حول معاذ بن مسلم

ص: 195


1- منتقی الجمان 2 : 312.
2- التهذیب 2 : 193 / 761.
3- الفقیه 1 : 230 / 1023.
4- راجع فی ص 68.
5- هدایة المحدثین : 190.
6- رجال النجاشی : 50 / 108.
7- الفهرست : 50 / 166.
8- فی « فض » : رأو.
9- رجال النجاشی : 50 / 108.
10- الخلاصة : 171 / 12.
11- رجال النجاشی : 324 / 883.

و ) (1) یستفاد من الفقیه فی باب الصوم إذا صحت الرؤیة یوم الفطر أنّ معاذ بن مسلم هو معاذ بن کثیر (2) ، ومعاذ بن کثیر مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (3). إلاّ أنّ المفید فی إرشاده ذکر أنّه من شیوخ أصحاب أبی عبد الله وثقاته ، وعدّ معه المفضل بن عمر (4). وهذا یوجب نوع تعجّب ؛ لأنّ النجاشی قال : إنّ المفضّل بن عمر فاسد المذهب (5). والنجاشی ثبت ، واحتمال کون توثیق المفید سابقاً بعید أیضاً ؛ إذ لا یخفی علیه رجوعه ، وبالجملة مثل هذا یوجب الحیرة ، کما مرّ فی محمد بن سنان (6).

والخامس : فیه عنبسة وهو ابن بجاد : لروایة صفوان عنه فی الفهرست (7). وقد وثّقه النجاشی قائلاً : إنّه کان قاضیاً (8).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر صدره الدلالة علی أنّ الشک فی الأوّلتین یوجب الإعادة ، وقد یؤیّد به ما دل علی إعادة من لم یدر صلّی واحدة أو اثنتین أو ثلاثاً ، إلاّ أن یقال بجواز اختصاص بعض الصور إذا حصل زیادة الشک.

بحث حول عنسبة بن بجاد

بیان ما دل علی أنّ من شک بین الاثنتین والثلاث یبنی علی الأکثر

ص: 196


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : ولم یقف علیه فی غیره موثقاً ، نعم.
2- الفقیه 2 : 110 / 471.
3- رجال الطوسی : 314 / 542.
4- إرشاد المفید 2 : 216.
5- رجال النجاشی : 416 / 1112.
6- فی ص 85.
7- الفهرست : 120 / 533.
8- رجال النجاشی : 302 / 822.

وأمّا عجزه فلا یخلو من إجمال ، وقد ذکر بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله أنّ المراد بدخوله فی الثانیة إکمال السجدتین ، ومعنی المضیّ فی الثالثة البناء علیها (1). وشیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب وغیرها قال : إنّ من (2) المعلوم کون المراد بالرکعة الثالثة المتردد فی کونها ثالثة أو رابعة ، قال قدس سره : ومقتضی ذلک البناء علی الأقل فی هذه الصورة ، ولم یتعرض علیه السلام لحکم الشک بین الاثنتین والثلاث قبل دخوله فی الثالثة ، وربما کان فی ذلک إشعار بالبطلان ، وعلی ذلک یحمل روایة عبید بن زرارة ؛ لأنّ المطلق یحمل علی المقیّد. انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ الوجه الأوّل أقرب إلی الاعتبار ؛ إذ علی الثانی یلزم عدم جواب السؤال وهو غیر لائق ، واحتمال استفادته من الجواب حیث إنّ من لوازم الشک بین الثلاث والأربع الشک بین الاثنتین والثلاث ، فإذا أفاد أنّ الصحیح هو الشک فی الثلاث والأربع کان غیره لیس بصحیح ، فیه من التکلّف ما لا یخفی. والإنصاف أنّه لا استبعاد فی إرادة إکمال السجدتین من الدخول فی الثالثة ویکون من قبیل مجاز المشارفة ، وحینئذ یفید الخبر البناء علی الأکثر فی الصورة المذکورة.

ویحمل الثانی علی الاستحباب فی الإعادة ، وربما یؤیّد الاستحباب أنّ حدیث : « لا یعید الصلاة فقیه » إذا انحصر فی الثلاث والأربع أفاد الإعادة فی کل ما عداها ، والظاهر أنّه منتف ، فلا بدّ أن یحمل المنفی الاستحباب فی الثلاث والأربع ، إلاّ أن یقال : إنّ الاستحباب فی الثلاث والأربع أیضاً موجود ، أو یقال : إنّ معنی الخبر : ما أعادها فقیه یحتال فیها ویدبّرها ، کما

توجیه ما دل علی الإعادة فی المسألة والمناقشة فی توجیه الشیخ

ص: 197


1- مجمع الفائدة 3 : 177.
2- لیس فی « م » و « رض ».

فی بعض الأخبار غیر سلیمة الإسناد فی التهذیب (1) ، فلیس المنفی مطلق الإعادة ، غایة الأمر أنّ الاحتیال مجمل یرجع بیانه إلی الإمام علیه السلام کنفی الإعادة مع وجود المشارک ، فلیتأمّل.

وأمّا حمل الشیخ ففی أعلی مراتب البعد ، بل لا وجه له مع قوله علیه السلام : « إنّما ذاک فی الثلاث والأربع » إلاّ أن یقال : إنّ غرض الإمام علیه السلام إعلام السائل بأنّ ذکر الخبر فی کل مقام لا وجه له ، فإنّه خاص ، وفیه ما فیه.

وأمّا الثالث : فقد مضی من القول فیه بما یغنی عن الإعادة ، وتوجیه الشیخ غریب فی الظاهر ؛ لأنّ البناء علی النقصان مع الظن یقتضی وجوب الإتمام ، فکیف یقول : ویصلّی تمامه استحباباً؟! ولعلّ مراده أنّ البناء علی النقصان مع فعل تمام الصلاة مستحب ویجوز الإعادة ، فیکون الإتمام مع الأخذ بالجزم أفضل الفردین ؛ وأمّا مع اعتدال الوهم فالأکمل العمل علی الأکثر والاحتیاط المعبّر عنه بالإتمام ، لکن لا یخفی أنّ مع غلبة الظن یخرج عن حکم الشک ؛ إذ الأقل فی نفسه متیقن وإنّما الشک فی کون الأقلّ مفرداً أو مع غیره ، فإذا حصل الظن بالأقل انتفی الشک ، إلاّ أن یقال : إنّ مراده عدم یقین الأقل بل ظنه فقط ، واحتمال إرادة الشیخ أنّ الإتمام مستحب ثم یعید ، فی غایة البُعد.

وأمّا قوله : علی ما بیناه ، فلا أدری البیان فی ( أیّ محل ) (2) ، ولعل مراده بالبیان فی غیر هذا الکتاب وهو أنّ من شک بین الاثنتین والثلاث یحتاط بعد الفراغ برکعتین جالساً أو رکعة قائماً ، فقوله : إذا تمّم ، یرید به

ص: 198


1- التهذیب 2 : 351 / 1455 ، الوسائل 8 : 247 أبواب الخلل ب 29 ح 1.
2- فی « م » بدل ما بین القوسین : ماذا.

إذا أتی بما هو تمام للنقص ( لو کان ویحتمل ) (1).

أمّا ما تضمنه الخبر من التشهد الخفیف فهو کنایة عن سجود السهو لکن الظاهر السهو فی النقل لما یظهر من الفقیه وقد مضی (2).

أمّا قوله : « کذلک من أوّل الصلاة وآخرها » فلیس فی الفقیه ، والمراد فیه مجمل ، واحتمال إرادة البناء علی الجزم فی الأوّلتین والأخیرتین له وجه مؤیّد لقول بعض الأصحاب بالبناء علی الجزم فی جمیع الشکوک. واحتمال أن یراد أنّ تشهد سجود السهو أو سجوده کما یجب فی الشک المتعلق بالأوّلتین کذلک یجب فی الأخیرتین ، و (3) کما یستحب ( یستحب ، بعید ) (4).

وأمّا الرابع : فالکلّیة فیه قد تشکل فی بعض صور دلّت الأخبار علی البناء علی الأقلّ فیها ، ویجاب : بأنّ العام یخص ، أو یحمل البناء علی الأکثر مع الاحتیاط علی الجواز الراجح ، والبناء علی الأقل کذلک من دون رجحان ، لکن الشیخ لا یوافق ما أطلقه سابقاً هذا الخبر کما لا یخفی.

ولعلّ المراد بقول : « ما ظننت » الشک ، أو المراد أنّک لو ظننت بعد الصلاة النقصان لا یکتفی بالاحتیاط ، وفی الفقیه روی عن عمّار هذا المضمون (5).

أمّا حمل الشیخ علی النوافل فلا وجه له بعد ما تضمّنته الروایة من قوله علیه السلام : « ویتشهد » إلی آخره. إلاّ أن یقال : إنّه تشهد النافلة ، وفیه ما فیه.

توجیه ما دل علی البناء علی النقصان فی المسألة ومعنی التشهد الخفیف

ص: 199


1- ما بین القوسین ساقط عن « م » وفی « رض » : لو کان.
2- فی ص 193 ، وهو فی الفقیه 1 : 230 / 1023.
3- فی « فض » : أو.
4- ما بین القوسین ساقط عن « فض » وفی « م » : بعید.
5- الفقیه 1 : 225 / 992.

وأمّا الخبر الأخیر فالحمل علی النافلة لا یوافقه سجود السهو إلاّ بتکلّف استحبابه فی النافلة ، وغیره من التأویلات متکلِّف أیضاً.

(1) إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن علی بن بابویه القول بأنّ من شک بین الاثنتین والثلاث إن ذهب وهمه إلی الثالثة (2) أضاف إلیها رابعة ، فإذا سلّم صلّی رکعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمه إلی الأقلّ بنی علیه وتشهد فی کل رکعة ثم سجد للسهو ، وإن اعتدل الوهم فهو بالخیار بین البناء علی الأقل والتشهد فی کل رکعة والأکثر مع ما وصف (3). قال الشهید فی الذکری ولم نقف علی مأخذه (4).

وغیر بعید استفادة التخییر بین البناء علی الأقل والأکثر مع الاحتیاط کما یلوح من الفقیه (5) لاختلاف الأخبار ، فیکون هذا مستند علی بن بابویه فی قوله : وإن اعتدل الوهم ، ویرید بما وصف : الاحتیاط ، واعتدال الوهم یرید به الشک بمعنی عدم الترجیح ، والتشهد فی کل رکعة یرید به فی الرکعات الواقعة بعد الشک ، واستفادة هذا من الأخبار بعیدة.

أمّا ما ذکره من ذهاب الوهم إلی الأقلّ أو الأکثر فقول الشهید رحمه الله من عدم الوقوف علی المأخذ فیه ظاهر ، نعم سجود السهو ربما یستفاد فی الجملة من بعض الأخبار ، کما فی روایة سهل.

بقی ، شی ء وهو أنّ جدّی قدس سره ذکر أنّ إکمال الرکعتین یتحقق بتمام

بماذا یتحقق إکمال السجدتین؟

ص: 200


1- فی « فض » زیادة : ولکن.
2- فی « فض » : الثلاثة.
3- حکاه عنه فی الذکری : 226.
4- الذکری : 226.
5- الفقیه 1 : 230 و 231.

ذکر الثانیة (1) ، وقال بعض محققی المتأخرین : إنّه یتحقق بوضع الجبهة (2) ، وقد یظن أنّه لا یتحقق إلاّ بالرفع ، والاحتیاط مطلوب. والله تعالی أعلم بحقائق الأحکام.

قوله :

باب من تیقن أنّه زاد فی الصلاة

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة وبکیر ابنی أعین ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا (3) استیقن أنّه زاد فی صلاته (4) المکتوبة لم یعتدّ بها واستقبل صلاته استقبالاً إذا کان قد استیقن یقیناً ».

علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن أبان بن عثمان ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « من زاد فی صلاته فعلیه الإعادة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل استیقن بعد ما صلّی الظهر أنّه صلّی خمساً ، قال : « فکیف استیقن؟ » قلت : علمَ ، قال : « إن کان علم أنّه کان جلس فی الرابعة

من تیقّن أنّه زاد فی الصلاة

اشارة

ص: 201


1- روض الجنان : 351.
2- مجمع الفائدة 3 : 179.
3- فی الاستبصار 1 : 376 / 1428 : ان.
4- فی الاستبصار 1 : 376 / 1428 : الصلاة.

فصلاة الظهر تامّة ، فلیقم فلیضف إلی الرکعة الخامسة رکعة ویسجد سجدتی السهو وتکونان رکعتی نافلة ولا شی ء علیه ».

أحمد بن محمد ، عن ابن أبی نصر ، عن جمیل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّی خمساً فقال : « إن کان جلس فی الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبرین الأوّلین ؛ لأنّ من جلس فی الرابعة وتشهّد ثم قام وصلّی رکعة لم یخلّ برکن من أرکان الصلاة وإنما أخلّ بالتسلیم ، والإخلال بالتسلیم لا یوجب إعادة الصلاة حسب ما قدّمناه.

فأمّا ما رواه سعد (1) ، عن أبی الجوزاء ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زید بن علی ، عن آبائه ، عن علی علیه السلام قال : « صلّی بنا رسول الله صلی الله علیه و آله الظهر خمس رکعات ثم انفتل ، فقال له بعض القوم : یا رسول الله هل زید فی الصلاة شی ء (2)؟ فقال : وما ذاک؟ قال : صلیت بنا خمس رکعات ، قال : فاستقبل القبلة وکبّر وهو جالس ثم سجد سجدتین لیس فیهما قراءة ولا رکوع ثم سلّم ، وکان یقول : هما المرغمتان ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّ نحمله علی أنّ النبی صلی الله علیه و آله إنّما سجد سجدتین لأنّ قول واحد له لا یوجب علماً فیحتاج أن یستأنف الصلاة وإنّما یقتضی الشک ، ومن شک فی الزیادة ففرضه أن یسجد سجدتی السهو علی ما بیناه فی کتابنا (3) الکبیر وهما المرغمتان.

ص: 202


1- فی الاستبصار 1 : 377 / 1432 زیادة : بن عبد الله.
2- لیس فی « رض ».
3- التهذیب 2 : 349.

السند :

فی الأوّل : قد قدمنا أن العدّة ذکرها الشیخ فی باب ترتیب (1) الوضوء (2) وفیها ( من یعتمد علیه ) (3) ، والظاهر عدم الاختصاص بذلک الموضع ، وإن کان باب الاحتمال واسعاً ، وعلی الظاهر فالخبر حسن.

والثانی : فیه أبو بصیر ، أمّا أبان فقد مضی (4) أنّه لا وجه للتوقف فیه.

والثالث : فیه محمد بن عبد الله بن هلال وهو مجهول الحال ؛ لعدم ذکره فیما وجدت من الرجال.

والرابع : صحیح.

والخامس : مشتمل علی من هو عامّی وزیدیّ کما مضی القول فیه (5) ، والشیخ ذکر فی باب مسح الرجلین ما یقتضی أنّ عمرو بن خالد إمّا زیدی أو عامی (6).

المتن :

فی الأوّل : ظاهره الإطلاق فی أنّ الزیادة فی الصلاة مبطلة مع الیقین ، غایة الأمر ربما یدعی ظهور الزیادة فی الرکعات ، أمّا المکتوبة فتتناول الرباعیة وغیرها ، وستسمع الکلام فیما یقتضی التقیید (7).

کلمة حول العدّة الواقعة فی طریق الشیخ إلی محمد بن یعقوب

محمد بن عبد الله بن هلال مجهول الحال

عمرو بن خالد زیدی أو عامی

بیان ما دل علی أنّ الیقین بزیادة رکعة یوجب الإعادة ومع الجلوس فی الرابعة لا یوجب

ص: 203


1- لیس فی « م ».
2- فی ص 347.
3- بدل ما بین القوسین فی « م » : وفیها ثقة.
4- فی ص 130.
5- فی ص 318.
6- الاستبصار 1 : 66 / 196.
7- فی ص 1900.

والثانی : کالأول ، إلاّ أنّه لیس فیه اعتبار الیقین ، فهو مطلق والأوّل مقید من هذه الجهة.

أمّا الثالث : فله اختصاص بالظهر فی السؤال ، وظاهر الجواب البناء علیه ، وکأنّ الرابعة یرجع تعریفها إلی رابعة الظهر ، لکن بعد توجیه الشیخ لا یظهر تفاوت بین الظهر وغیرها ، واحتمال اختصاص الرباعیة مع توجیه الشیخ لا وجه له ، بل ینبغی اختصاص الظهر ، لکن الرابع یدل علی الشمول لغیر الظهر من الرباعیات.

والمنقول عن الشیخ فی جملة من کتبه (1) والسید المرتضی (2) وابن بابویه (3) القول بالبطلان مع زیادة الرکعة سواء الرباعیة وغیرها ، وجلس فی آخر الصلاة أو لا ، وعلی هذا ظاهر عبارة الشرائع (4) ، وینقل عن الخلاف الاحتجاج بتوقف یقین البراءة علی الإعادة ؛ وإنّما یعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنیفة (5) بناءً علی أنّ الذکر فی التشهد لیس بواجب ، ولا یخفی دلالة الخبرین الأوّلین علیه أیضاً ، ویحکی عن ابن الجنید القول بأنّ الجلوس مقدار التشهد فی الرباعیة کاف (6) ، وفی المختلف اختاره (7).

ونقل شیخنا قدس سره عن المحقق فی المعتبر اختیار القول أیضاً (8) ، لکن

الأقوال فی المسألة والمناقشة فیها

ص: 204


1- کما فی النهایة : 92 ، الاقتصاد : 265.
2- فی جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 35.
3- فی المقنع والهدایة : 31.
4- الشرائع 1 : 114.
5- الخلاف 1 : 451 ، وحکاه عنه فی المختلف 2 : 394.
6- حکاه عنه فی المختلف 2 : 392.
7- المختلف 2 : 392.
8- کما فی المدارک 4 : 221.

العلاّمة فی المختلف استدل بما حاصله أنّ مع الجلوس قدر التشهد قد أتی بالمأمور به ؛ لأنّه مکلّف بأربع رکعات وقد فعل ، وما أورده علی نفسه من أنّه مأمور بالتشهد ولم یأت به ، ومأمور بترک الزیادة أیضاً ولم یفعل ، أجاب عنه : بأنّ الأمر بالتشهد للذاکر دون الناسی ، ولهذا لم یجب الإعادة بنسیان التشهد ، لأنّه لیس رکناً ، وترک الزیادة حصل بالجلوس لأنّه بالجلوس أکمل صلاته ویکون قیامه عن صلاة نسی تشهدها وأکمل عددها فلا تعدّ زیادة بل هو أمر خارج ، أمّا لو لم یجلس فإنّ هیئة الصلاة ، لم تحصل فتجب الإعادة (1).

وفی نظری القاصر أنّه موضع تأمّل ؛ لأنّ المکلف به أربع مع التشهد ) (2) فمع الإخلال بشی ء من ذلک لم یأت بالمأمور به ، فیبقی تحت العهدة إلاّ ما أخرجه الدلیل.

وقوله ( فی الجواب : إنّ الناسی غیر مأمور ، إلی آخره. ففیه : أنّه غیر مأمور حال النسیان ، أمّا بعد الذکر فی الوقت أو خارجه ) (3) إن أراد أنّه غیر مأمور بالإعادة أو القضاء مع البطلان فهو لا یقول بعدم إعادة الناسی مطلقاً ، کما صرح به فی الکتاب من أنّ إعادة الناسی لعدم الإتیان بالمأمور به.

وقوله : إنّه بالجلوس أکمل صلاته. لا وجه له ؛ لأنّ الإکمال فرع الإتیان بکمال الأجزاء سواء کانت رکناً أو غیره ، وعدم الإعادة بالإخلال بالواجب للدلیل ، لا لمجرد عدم الرکن.

وقوله : إنّ القیام عن صلاة نسی تشهدها. فیه : أنّه لو لم یجلس

ص: 205


1- المختلف 2 : 392.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

کذلک ؛ إذ التشهد لیس برکن سواء کان جلوسه أو غیره ، وحصول هیئة الصلاة مع الجلوس إن أراد به الصلاة المأمور بها وهی المجموع من الرکعات والتشهد فغیر حاصلة ، وإن أراد مجرد الرکعات فغیر مأمور بها ، ونسیان التشهد المأمور بقضائه لو سلّم تناوله للأخیر یقال : ذاک فیما إذا لم یزد رکعة فی محله ؛ لأنّ المتبادر من الأخبار ذلک بتقدیر شمولها للأخیر.

علی أنّه ربما یقال : إنّ ما دل علی أنّ زیادة الرکعة مبطل ( یخصّ ) (1) تلک الأخبار الواردة بقضاء التشهد بالتشهد الأوّل ، ولو نوقش فی ذلک فالأخبار الواردة هنا الدالة علی الجلوس بتقدیر حملها علی ظاهرها تدل علی أنّ الزیادة لا بدّ فیها من أمر زائد علی نسیان أصل التشهد الموجب للقضاء ، ومن ثم لم یجب هنا قضاء التشهد عند القائلین بمجرد الجلوس ، فعلم أنّ نسیان التشهد الغیر المضر بالحال فی الأخبار السابقة یراد به المجموع ، فلا یمکن أن یستند إلی تلک الأخبار فی عدم الإعادة هنا ، ویؤیّد ذلک دلالة بعض تلک (2) الأخبار علی أنّ الذی یقضی التشهد یجلس ثم یقضی (3) ، وإذا رجع الحال إلی الأخبار کان الاستدلال بها أولی من التکلفات التی لا تلیق بکتب الاستدلال.

( إذا عرفت هذا فنقول : ) (4) إنّ الخبرین الأوّلین وإن دلاّ علی الإعادة إلاّ أنّهما کما قدّمنا لا یخرجان عن الإطلاق ، والخبران الآخران علمت

ص: 206


1- فی « رض » : نحنُ نخصّ.
2- لیس فی « رض ».
3- فی « م » زیادة : وفی بعض.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

ما فیهما من القید.

وفی الفقیه روی عن جمیل بن دراج عنه والظاهر أنّه الصادق علیه السلام لذکره قبل هذا قال فی رجل صلّی خمساً : « إنّه إن کان جلس فی الرابعة مقدار التشهد فعبادته جائزة » (1).

وروی أیضاً عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل صلی الظهر خمساً ، فقال : « إن کان لا یدری جلس فی الرابعة أم لم یجلس فلیجعل أربع رکعات منها الظهر ویجلس ویتشهد ثم یصلّی وهو جالس رکعتین وأربع سجدات ویضیفهما إلی الخامسة فتکون نافلة (2).

والطریقان صحیحان إلی جمیل والعلاء فی کلام مشایخنا وغیرهم (3) ، لکن قد یحصل نوع توقف فی الأوّل ، لأنّ الصدوق فی المشیخة نقل طریقه إلی محمد بن حمران وجمیل (4) ، وهو صحیح ، لکن لا یدری (5) أنّ غرضه الطریق إلی الرجلین معاً أو إلی کل واحد ، واستبعاد الأوّل یقربه أنّه کثیراً ما یذکر الطریق إلی الرجل وحده وإلیه مع غیره ، إلاّ أن یقال : إنّ هذا مع تصریحه بالطریقین أعنی الاجتماع والانفراد ، والحال فی جمیل لیس کذلک. وفیه : أنّ الاحتمال موجود ، هذا ما خطر فی البال فینبغی تأمّله ، وعلی کل حال الخبر معتبر بروایة الصدوق وتأییده ظاهر.

وأمّا خبر العلاء فظاهره لا یخلو من منافرة لمدلول غیره من حیث إنّ

بحث حول طریق الصدوق إلی جمیل بن درّاج والعلاء

بیان خبر العلاء الدالّ علی أنّ مع عدم العلم بالجلوس یجلس ویتشهد

ص: 207


1- الفقیه 1 : 229 / 1016 ، الوسائل 8 : 232 أبواب الخلل ب 19 ح 6.
2- الفقیه 1 : 229 / 1017 ، الوسائل 8 : 232 أبواب الخلل ب 19 ح 7.
3- کما فی خلاصة العلاّمة : 277 ، 278.
4- مشیخة الفقیه ( الفقیه ) 4 : 17.
5- فی « م » : لا ندری.

مقتضی الغیر اعتبار الجلوس فی صحة الصلاة ، بل ظاهر الأوّل من الأخیرین فی الکتاب أنّه إن کان علم بالجلوس فصلاته تامّة وظاهر القائلین الاعتماد علی ذلک ، ومفاد خبر العلاء أنّ مع عدم العلم بالجلوس یجلس ویتشهد ثم یصلّی رکعتین ، إلی آخره وغیر خفی وجه المنافرة.

والعجب من العلاّمة فی المختلف (1) أنّه جعل خبر العلاء فی جملة الأدلة علی أنّ الجلوس کافٍ مع عدم التنبیه ( لظاهره ، وفی نظری القاصر إمکان أن یقال ، إنّ قوله : إن کان لا یدری ، کلام مستقل ) (2) وقوله : جلس أم لا ، یراد به بیان عدم الفرق بین الجلوس وعدمه فی حال عدم الدرایة بل إنّما یعتبر الجلوس فی حال الدرایة وهی الیقین ، فإذا لم یدر بالزیادة بل کان شاکّاً ینبغی یبنی علی الأربع ویصلّی رکعتین وهو جالس لاحتمال الزیادة فتکون نافلة ، وعدم ذکر سجدتی السهو إمّا لاحتمال التخییر بینهما وبین الرکعتین المذکورتین أو لعلم السائل بهما أو نحو ذلک ، وأمّا الجلوس والتشهد (3) فتوجیهه سهل ، وهذا التأویل وإن بعد لکنه لا بدّ منه عند القائلین بالجلوس ، ولو عملنا بظاهر الخبر وأنّ الصدوق عامل به لا بدّ أن یقال : إنّ مع نسیان التشهد مع الجلوس یجلس ویتشهد ویأتی بما ذکر ، ومع الجلوس لا یحتاج إلی المذکور فی الروایة.

وقد نقل شیخنا قدس سره عن المعتبر الاستدلال لما اختاره بأنّه إذا جلس فقد فصل بین الفرض والزیادة ، وبروایتی زرارة ومحمد بن مسلم.

ثم اعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّ الروایتین ظاهرهما أنّ المراد من

ص: 208


1- المختلف 2 : 393.
2- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
3- فی « م » : فی التشهد.

الجلوس بقدر التشهد التشهد ؛ لشیوع مثل هذا الإطلاق وندور تحقق الجلوس من دون التشهد.

ثم نقل عن الشهید فی الذکری أنّه حکی حمل الشیخ المذکور فی الکتاب ، وهو ما قاله من أنّ المراد جلس وتشهد ، کما فهمه شیخنا قدس سره قائلاً : واستحسن الشهید حمل الشیخ ، ثم قال - یعنی الشهید - : فیکون فی هذه الأخبار دلالة علی ندب التسلیم ، وإلی هذا القول ذهب ابن إدریس فی سرائره فقال : من صلّی الظهر مثلاً أربع رکعات وجلس فی دبر الرابعة فتشهد الشهادتین وصلّی علی النبی وآله ثم قام ساهیاً عن التسلیم فصلّی خامسة فعلی مذهب من أوجب التسلیم فالصلاة باطلة ، ومن لم یوجبه فالأولی أن یقال : إنّ الصلاة صحیحة لأنّه ما زاد فی صلاته رکعة لأنّه بقیامه خرج من صلاته ، ثم قال شیخنا قدس سره انتهی کلامه یعنی الشهید رحمه الله وهو فی محله. انتهی (1).

وفی نظری القاصر أنّ فی البین تأمّلاً من وجوه :

الأول : ما ذکره الشیخ هنا فیه : أنّ قوله : لم یخلّ برکن. یقتضی أنّ المبطل الإخلال بالرکن ، والحال أنّ الإخلال بکل جزء مبطل إلاّ ما أخرجه الدلیل ، لعدم الإتیان بالمأمور به علی وجهه ، وخروج بعض الأجزاء بدلیل لا یقتضی خروج الجمیع ، ومن ثم حکم الأصحاب بأنّ الجاهل إذا ترک ما یجب فعله أبطل صلاته عدا ما استثنی (2).

وعلی تقدیر تسلیم ما ذکر فقوله : والإخلال بالتسلیم ، إلی آخره. یقتضی أنّ العلّة استحباب التسلیم لا عدم رکنیّته کما عقله عنه من نقل

قول الشهید وابن إدریس فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 209


1- المدارک 4 : 222 ، وهو فی الذکری : 219 ، والسرائر 1 : 245.
2- منهم العلاّمة فی التحریر : 49 ، وصاحب المدارک 4 : 212.

کلامه ، فآخر الکلام ینافی أوّله ، إلاّ أن یقال : إنّ غرضه أوّلاً عدم الإبطال بالتسلیم لعدم الرکنیّة وإن کان واجباً ثم ینزل عن ذلک بأنّه غیر واجب ، وفیه : أنّ هذا یقتضی عدم الفائدة فی قوله : وتشهد ؛ لأنّ التشهد لیس برکن ، فلو أخلّ به لا یبطل.

فإن قیل : إن البطلان للنص ؛ والجواب أنّه عدول عن التوجیه ، والنص لا یدل علی التشهد صریحاً ، بل ولا ظاهراً کما نذکره.

الثانی : ما قاله شیخنا قدس سره من أنّ الظاهر إرادة التشهد للإطلاق ، صحیح فی أنّ الإطلاق موجود فی الأخبار کما سبق ، لکن خبر العلاء فی الفقیه (1) صریح فی أنّ ترک التشهد یقتضی صحة الصلاة مع الزیادة ، فلا وجه للحمل علی التشهد والغفلة عن الخبر.

ثم إنّ الظاهر فی الخبر الأوّل من الخبرین الأخیرین یمکن توجیهه ، أمّا الثانی فالظاهر من قدر التشهد خلافه.

الثالث : ما ذکره الشهید (2) من دلالة الأخبار علی ندب التسلیم (3). لا وجه له ؛ لأنّ عدم البطلان لا یدل علی الندب ، بل یجوز أن یکون التسلیم واجباً مع عدم الإبطال للنص ، ولو نوزع فی ذلک فخبر العلاء دال علی أنّ التشهد مع وجوبه لا یبطل ( الإخلال به ، کما دل غیره من الأخبار علی أنّ النقصان لبعض الواجبات لا یبطل ) (4).

وما عساه یقال : إنّ ما دل علی الزیادة للرکعة یبطل کالخبر الأول مع

ص: 210


1- راجع ص 1901.
2- فی « رض » : الشیخ.
3- راجع ص 1902.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الخبرین الدالین علی الصحة مع الجلوس هو المقتضی لقول الشهید باستحباب التسلیم.

فیه : أنّ ما دل علی البطلان مطلق قابل للتقیید بغیر الرباعیة أو الاستحباب سیما بعد خبر العلاء.

الرابع : ما ذکره ابن إدریس من أنّه علی مذهب من أوجب التسلیم الصلاة باطلة ، غیر مسلّم ؛ لدلالة الأخبار المعتبرة علی الصحة ، فلا مانع من وجوب التسلیم مع الصحة ، وقوله : مع الاستحباب الأولی (1) ، إلی آخره. فیه : أنّ مع الاستحباب لا وجه لقوله : لأنّه بقیامه ، إلی آخره. إذ الفراغ من التشهد یوجب الخروج من الصلاة ، وعلی کل حال فالزیادة إمّا أن تکون من أوّل التشهد أو من أثنائه أو قبل التسلیم بعد الفراغ من التشهد ، وإطلاق الصحة مع استحباب التسلیم موضع نظر یعرف وجهه بأدنی تأمّل.

إذا عرفت هذا کلّه وتحققته فاعلم أنّ الخبرین الأخیرین المبحوث عنهما بتقدیر دلالتهما علی فعل جلوس قدر التشهد أو هو مع التشهد ، والعمل علی إطلاق الثانیة لا بخصوص الظهر فی سؤال الأُولی ، فإنّما یدلاّن علی عدم البطلان مع زیادة الرکعة الرباعیة علی الوجه المذکور ، فلو اختلف الحال بأن کانت الزیادة فی الثنائیة ، أو الثلاثیة ، أو الزیادة فی الرباعیة من دون الجلوس ، أو بین السجدتین ، أو قبلهما ، أو ذکر الزیادة قبل إکمال الرکعة المزادة إمّا قبل سجودها أو فی أثنائه أو قبل رکوعها ، فللأصحاب هنا کلام لکن لمّا لم یلتفتوا إلی روایة العلاء الدالة علی عدم اعتبار الجلوس أوجب ذلک وقوع النظر فی توجیه البعض لعدم الإبطال فی بعض الصور ،

حکم الزیادة فی غیر الرباعیة أو فیها مع عدم الجلوس

ص: 211


1- راجع ص 1902.

وتوجیه بعض الإبطال بزیادة الرکن وعدمه مع عدم زیادة الرکن ، ثم التعمیم فی کلام بعض لغیر الرباعیة بناءً علی عدم وجوب التسلیم.

وربما یقال : إنّ (1) ما دل علی الإعادة مع یقین الزیادة کالخبرین الأوّلین وإن کانا غیر صحیحین ( إلاّ أنّ ) (2) تأیّدهما (3) بعدم تحقق الامتثال حیث یتحقق تغیر (4) صورة الصلاة یوجب (5) العمل بهما بتقدیر عدم العمل بالحسن ، وخبر العلاء وارد فی الرباعیة کما لا یخفی علی ( من راجعه ) (6) ، وحینئذ ( فالصحة مع الزیادة فی الثنائیة أو الثلاثیة والزیادة فی الرباعیة بین السجدتین محل تأمّل.

فإن ) (7) قلت : علی تقدیر استحباب التسلیم أیّ فرق بین الرباعیة وغیرها؟

قلت : مقتضی الروایتین الأخیرتین اعتبار الجلوس ، فإمّا مع التشهد أو عدمه ، والحال الاختصاص بالرباعیة ، فإذا حصلت الزیادة فی الثنائیة والثلاثیة بعد الجلوس والتشهد أمکن الإبطال ، من حیث دلالة بعض الأخبار الواردة ( علی الإعادة فی من صلی أربعاً فی السفر ) (8) کما تقدم (9) فی بحث التسلیم مع القول باستحبابه ، فکما یقال هناک یقال هنا.

ص: 212


1- لیس فی « فض » و « رض ».
2- یوجد فی « رض » و « فض » یمکن.
3- فی « م » : تأییدهما.
4- فی « م » : بغیر.
5- فی « رض » و « فض » : فوجب.
6- فی « م » : مراجعة.
7- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
8- بدل ما بین القوسین فی « م » : فی من صلی خمساً فی السفر الإعادة.
9- فی ص : 1724.

ومع الجلوس من دون التشهد فی الثنائیة والثلاثیة فالصحة لا وجه لها ؛ لعدم عموم الخبرین لهما ، فعلی تقدیر إرادة الجلوس فقط فی الروایتین لا یتم الحکم بأنّ الجلوس فقط فی الثنائیة والثلاثیة یفید الصحة ؛ لعدم تناول الدلیل ، والإخلال بالواجب المقتضی لعدم تحقق فعل المأمور به ، وخبر العلاء خاص بالرباعیة.

ومن هنا یندفع ما قد یقال علی کلامنا علی ابن إدریس - حیث قال : إنّه بقیامه خرج من صلاته (1) ، فأوردنا علیه أنّه لا وجه للقیام بعد استحباب التسلیم - : من أنّ اعتباره القیام لأجل احتمال أن یقول باستحباب التسلیم مع تحقق الخروج ، کما فی مسألة المسافر ؛ ووجه الاندفاع أنّ هذا یقتضی عدم الصحة ، ولأنّ فیه اعترافاً باعتبار شی ء مع التسلیم ، ومع الزیادة لا یتم الشی ء المطلوب ، فینبغی تأمّل هذا فإنّه حریّ بالتأمّل.

ومن هذا التحریر یعلم أنّ ما فی کلام بعض الأصحاب حیث قال : وأمّا إذا ذکر یعنی الزیادة بین السجدتین ( أی الذکر بین السجدتین بمعنی ذکره زیادة رکعة حال کونه بین السجدتین والحال أنّه جلس بعد الرابعة ) (2) فالظاهر أنّه مثل الأوّل یرید فی عدم الإبطال - ( فیجعلها نافلة ویکملها مع احتمال الإبطال ) (3) وکذا بین الرکوع والسجود ، وهذا إلی البطلان أقرب من الأوّل ، والظاهر الصحة فی الکل للروایة فإنّه إذا لم تبطل بالرکعة فبالبعض أولی (4). محل تأمّل.

حکم ما إذا ذکر الزیادة بین السجدتین أو قبل الرکوع

ص: 213


1- السرائر 1 : 246.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- مجمع الفائدة 3 : 87.

کما أنّ قول شیخنا قدس سره : ولو ذکر الزیادة قبل الرکوع صحت صلاته مطلقاً بغیر إشکال ؛ لأنّ زیادة القیام سهواً غیر مبطلة (1). محل بحث أیضاً ؛ لأنّ نفی الإشکال موضع إشکال ، والوجه فیه یعرف مما قررناه ، فلا وجه لإعادته مفصّلاً.

والإجمال أنّ النص مخصوص بزیادة الرکعة ، وزیادة البعض مع النص الوارد بالإبطال لمطلق الزیادة المؤیّد بترک فعل المأمور به علی وجهه (2) تقتضی البطلان إلاّ ما خرج بالدلیل ، فإن ثبت الإجماع علی عدم ضرر زیادة القیام فلا کلام ، أو علی أنّ التسلیم ( بتقدیر استحبابه لا یضر ما یفعل من شبه (3) الصلاة من دون فعله مطلقاً ( فکذلک ) (4) ، وإلاّ فالبحث واسع المجال.

فإن قلت : بتقدیر وقوع التشهد کما هو رأی من ذکرته فأیّ ضرر بالإخلال بالتسلیم ) (5) بتقدیر الاستحباب؟

قلت : الضرر من حیث ورود بعض الأخبار ببطلان صلاة المسافر أربعاً مع استحباب التسلیم ، والحمل علی قصد الأربع من الأوّل قد تکلمنا فیه سابقاً ، وبتقدیر تمامه فالتشهد إن وقع بقصد الأخیر أمکن التوجیه ، لکن النص مطلق بوقوع التشهد ، فلو وقع عقیب الرابعة بقصد التشهد الأوّل ظاهر النص الصحة ، لکن النص دل علی الرکعة التامة فنقول : لو کانت

ص: 214


1- المدارک 4 : 222.
2- فی « م » زیادة : بل الصحیح عند شیخنا قدس سره .
3- فی « فض » : بهیئة.
4- أثبتناه من « رض ».
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

ناقصة خرج عن النص فیرد الإشکال فی وقوع التشهد بقصد الأوّل ، فلا یکون مجزئاً عن الثانی ، وإذا استحب التسلیم (1) وزیادة القیام إنما لا یضر بالحال بتقدیر التشهد الأخیر المقصود به الأخیر لا مطلقا ، إلاّ إذا ثبت إجماع علی الإطلاق.

فإن قلت : قد روی الشیخ فی زیادات التهذیب فی باب السهو خبراً حسناً بإبراهیم عن الفضیل بن یسار تضمن أنّ من صلّی رکعتین ثم نسی وقام قبل أن یجلس ، قال : « یجلس ما لم یرکع وقد تمت صلاته ، وإن لم یذکر حتی رکع فلیمض فإذا سلّم نقر ثنتین وهو جالس » (2) وهذا یدل علی أنّ القیام لا یضر زیادته.

قلت : هذا وارد فی التشهد الأوّل فهو خاص ، واحتمال الاستدلال بالخبر الدال علی أنّ سجود السهو للقیام فی موضع قعود فإنّه عام ، یمکن أن یقال علیه : إنّه قابل للتخصیص ، هذا.

وأمّا الخامس : فالذی أظن أنّ علامات الوضع فیه لائحة ، لا من حیث تضمنه سهو النبی صلی الله علیه و آله فإنّ نفی ذلک محل کلام بعد ورود معتبر الأخبار ، وإن کان الأولی بالشیخ ردّه من هذا الوجه کما سبق منه فی غیره بل لتضمّنه (3) أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام کان یصلّی مع النبی صلی الله علیه و آله ولم ینبّه لسهوه ویکون المنبّه غیره ، مضافاً إلی تضمنه الصحة مع عدم الجلوس بعد الرابعة ، وعلی تقدیر وقوع الجلوس کیف لم ینتبه علی علیه السلام ؟

بیان ما دل علی أنّ الزیادة توجب سجدتی السهو ، وما یقال علیه

معنی المرغمتان

ص: 215


1- فی « رض » زیادة : وزیادة التسلیم.
2- التهذیب 2 : 345 / 1431 ، الوسائل 6 : 405 أبواب التشهد ب 9 ح 1.
3- فی النسخ : لأنّ تضمنه ، غیّرناها لاستقامة العبارة.

ثم جلوسه من غیر تشهد أشد بُعداً ، وقد روی مسلم فی صحیحه الحدیث وزاد فیه أنّه لما قیل له : زدت فی صلاتک ، قال : کلاّ ، قالوا : بلی (1) ؛ وهذا أیضاً من العلامات.

أمّا ما قاله الشیخ فقد یتوجه علیه أنّ الواحد غیر معلوم الروایة ، واعتبار التعدد فی المأموم ( غیر معلوم الاعتبار ، إلاّ أن یقال : إنّ المأموم ) (2) مقبول القول فی الشک لا فی النقصان ، أو یقال : إنّ المأموم خرج عن الایتمام ظاهراً ، ومن هنا یتجه الجواب عما ذکرناه سابقاً فی بعض الأخبار المتضمنة لإخبار بعض المأمومین بالنقص حیث تکلم الإمام بعد کلام المنبّهین له (3) ولم یبطل الصلاة بالکلام ، فیقال : إنّ المأموم خرج عن الایتمام باعتقاد الإمام.

وأمّا قول الشیخ : إنّ سجدتی السهو للشک فی الزیادة فقد (4) ذکره فی الکتاب الکبیر لم أقف علیه الآن بعد النظر ، لکن قدّمنا (5) نوع کلام فی الخبر الدال علی سجود السهو لمن زاد أو نقص ، وذکرنا أیضاً ما تضمن سجود السهو فی الحدیث المتضمن لقوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم خمساً أم زدت أو (6) نقصت ».

ویمکن أن یقال هنا : إنّ ما دل علی الزیادة قد یستفاد منه السجود مع

ص: 216


1- صحیح مسلم 1 : 401 باب السهو فی الصلاة والسجود 92.
2- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
3- فی « فض » زیادة : فی الخبر.
4- فی « فض » : قد.
5- راجع ص 1814.
6- فی « رض » : أم.

الشک بطریق أولی ، وفیه : ( أنه (1) ) محل کلام ذکرناه مکرّراً (2) ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم أنّ الحدیث المتضمن لقوله : « أم زدت أم نقصت » قد سبق فیه احتمال بل احتمالان.

ویزید هنا احتمال آخر ، وهو أنّ المراد وجوب سجود السهو لثلاثة أُمور : الشک بین الأربع والخمس ، والزیادة المحققة ، والنقیصة المحققة ، وحینئذ یکون مفاد الخبر تأکید ما دلّ علی سجود السهو لزیادة الرکعة وعلی سجود السهو لنقیصة الرکعة ، وعلی هذا ربما یترجح إرادة هذا المعنی من الخبر بما دل علی سجود السهو فی نقصان الرکعة أو زیادتها بل نقصان الأکثر من ذلک وزیادته کما مضی فیه القول (3) والأخبار.

وأمّا احتمال إرادة الشک فی الزیادة والنقیصة أو الشک فی أحد الأمرین إمّا الزیادة أو النقیصة ففی تعین إرادته من الخبر نظر ، غایة الأمر أنّ ترکیب الخبر بالنسبة إلی المعنی المذکور لا یخلو من خفاء ؛ لأنّ قوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم خمساً أم زدت أم نقصت » غیر واضح العطف ، بل یحتاج إلی نوع توجیه.

وما قدّمنا من قول بعض الأصحاب أنّ المراد بالزیادة فیه والنقصان فی الرکعات ، وإن تأیّد بما ذکرناه هنا ، إلاّ أنّ ما ورد من السجود فی نقصان السجدة قد یؤیّد احتمال إرادة ما یتناول الأجزاء ، وسیأتی فی الخبر عند ذکر الشیخ له زیادة توضیح إن شاء الله تعالی ، فلیتأمّل فی المقام فإنّه حریّ بالتأمّل التام ، وبالله سبحانه الاعتصام.

ص: 217


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : التوقف علی العلّة ومعها أیضاً.
2- راجع ص 1817.
3- فی ص 1900.

اللغة :

قال فی القاموس (1) : رغم أنفی الله (2) تعالی مثلّثة ذلّ عن کره ، ولا یخفی أنّ المرغمتین فی الخبر اسم فاعل علی ما فی القاموس واضح ، ویحتمل غیر ذلک ممّا فیه أیضاً ) (3).

قوله :

باب من تکلم فی الصلاة ساهیاً أو عامداً.

محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ومحمد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، جمیعاً عن صفوان بن یحیی ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتکلم ناسیاً فی الصلاة یقول : أقیموا صفوفکم ، فقال : « یتم صلاته ثم یسجد سجدتی (4) السهو » فقلت : سجدتی السهو قبل التسلیم هما أو بعده؟ قال : « بعده ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبی جعفر ، عن أبیه والحسین بن سعید ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام فی الرجل یسهو فی الرکعتین ویتکلّم ، قال : « یتم ما بقی من صلاته تکلّم أو لم یتکلّم ولا شی ء علیه ».

من تکلّم فی الصلاة ساهیاً أو عامداً

اشارة

ص: 218


1- القاموس 4 : 122 ( الرغم ).
2- فی المصدر : لله.
3- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
4- فی الاستبصار 1 : 378 / 1433 : سجدتین.

فلا ینافی الخبر الأوّل فی وجوب سجدتی السهو ؛ لأنّه لیس فی الخبر أنّه لیس علیه سجدتا السهو ، وإنّما قال : لیس علیه شی ء ، ویجوز أن یکون ذلک إشارة إلی غیر ذلک من الإثم والوزر.

فأمّا ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن محمد بن الحسین ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل دعاه رجل وهو یصلّی فسها فأجابه بحاجته کیف یصنع؟ قال : « یمضی علی صلاته ویکبّر تکبیراً کثیراً ».

فلا ینافی الخبرین الأوّلین فی وجوب سجدتی السهو ( علیه ؛ لأنّه لیس فی الخبر أنّه لیس علیه سجدتا السهو ، وإنّما أمَره بأن یکبّر ، ولیس یمتنع بأن (1) یکبّر استحباباً ویسجد سجدتی السهو ) (2) وجوباً (3).

فأمّا الکلام عامداً یجب فیه (4) إعادة الصلاة بلا خلاف ، ولا ینافی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن القاسم بن برید (5) ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام فی رجل صلّی رکعتین من المکتوبة فسلّم وهو یری أنّه قد أتمّ (6) وتکلم ثم ذکر أنّه لم یصل رکعتین ، قال (7) : « یتم ما بقی من صلاته ولا شی ء علیه ».

ص: 219


1- فی الاستبصار 1 : 378 / 1435 : أن.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی الاستبصار 1 : 378 / 1435 : جبراناً.
4- فی الاستبصار 1 : 378 / 1435 : منه.
5- فی النسخ : یزید ، والصواب ما أثبتناه من الاستبصار 1 : 379 / 1436.
6- فی الاستبصار 1 : 379 / 1436 زیادة : الصلاة.
7- فی الاستبصار 1 : 379 / 1436 : فقال.

وروی محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ابن فضال ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل نسی التشهد فی الصلاة ، قال : « إن ذکر أنّه قال سبحان الله فقط فقد جازت صلاته ، وإن لم یذکر شیئاً من التشهد أعاد الصلاة » (1) والرجل یذکر بعد ما قام وتکلم ومضی فی حوائجه أنّه إنّما صلّی رکعتین من الظهر أو العصر أو العتمة أو المغرب ، قال : « یبنی علی صلاته ویتمها (2) ولو بلغ الصین ولا یعید الصلاة ».

فلیس بین هذین الخبرین وبین ما ذکرناه تناف ؛ لأنّ من سها فسلّم ثم تکلّم بعد ذلک فلم یتعمّد الکلام فی الصلاة ، لأنّه إنّما تکلم (3) حین ظن أنّه فرغ من الصلاة ، فجری مجری من هو فی الصلاة وتکلم لظنه أنّه لیس فیها ، ولو أنّه حین ذکر أنّه قد فاته شی ء من هذه الصلاة ثم تکلم بعد ذلک عامداً لکان یجب علیه إعادة الصلاة حسب ما قدّمناه فی المتکلم عامداً ، علی أنّ هذا الخبر الأخیر قد تکلمنا علیه فیما مضی وأنّه لیس بمعمول علیه ؛ لأنّه ینافی الأُصول ؛ لأنّ المعمول علیه من الأخبار هو أنّه إذا استدبر القبلة وجب علیه استئناف الصلاة ، وإنّما یجوز له البناء إذا ذکر وهو مستقبل القبلة ، وهذا الخبر یتضمن أنّه لو بلغ الصین لم یعد الصلاة ، وذلک خلاف ما قدّمناه.

ص: 220


1- فی الاستبصار 1 : 379 / 1436 زیادة : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 379 / 1436 : فیتمها.
3- فی الاستبصار 1 : 379 / 1436 : یتکلم.

السند :

فی الأول : معلوم مما تکرر الکلام فیه (1) فی محمد بن إسماعیل وغیره سیما عبد الرحمن بن الحجاج ، والحاصل فی أمره أنّ النجاشی قال : إنّه رمی بالکیسانیة ، والرامی غیر معلوم الحال ( إلاّ أنّ قول النجاشی بعد النقل : ثم رجع (2) ، یدل علی جزمه بأنّه کیسانی ، إلاّ أن یقال : إنّ الرجوع منقول أیضاً ممّن رماه ، وفیه بُعد ) (3) و (4) الصدوق فی مشیخة الفقیه ذکر أنّ عبد الرحمن بن الحجاج کان موسی علیه السلام إذا ذکر عنده قال : إنّه لثقیل علی الفؤاد (5). وهذا ربما یقتضی الطعن فیه ، وأنّ الصدوق جازم بذلک ، وفی نفسه طعن علیه ، وقد ذکرنا الجواب فیما مضی باحتمال التقیّة علیه من الخلاف ، لکن خفاء ذلک عن الصدوق بعید.

ولعلّ المراد أنّه ثقیل علی أهل الخلاف ، لشدّة إیمانه وورعه ؛ واحتمل شیخنا المحقق سلّمه الله أن یکون المراد ثقل اسمه واسم أبیه أیضاً (6) ؛ وبالجملة لم نر من مشایخنا من توقف فیه (7).

والثانی : فیه محمد بن عیسی الأشعری وقد کرّرنا القول فیه (8) ؛

بحث حول عبد الرحمان بن الحجاج

ص: 221


1- فی ص 31.
2- رجال النجاشی : 237 / 630.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- فی « فض » و « م » : لکن.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 41.
6- منهج المقال : 191.
7- من هنا إلی قوله : کأنه غیر معتبر ، فی ص 1917 ساقط عن نسخة « م ».
8- راجع ص 147.

وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عیسی ، والحسین بن سعید إمّا معطوف علی محمد بن عیسی ، أو علی سعد فیکون ابتداء سند ، وعلی کل حال لا ارتیاب فی الرجال بعد ما قدمناه (1).

والثالث : فیه محمد بن عبد الله بن هلال وقد مضی (2) أنّه مجهول ؛ وأمّا عقبة بن خالد فقد ذکره فی الفهرست مهملاً وأنّ الراوی عنه محمد بن عبد الله بن هلال (3) ، والنجاشی ذکره مهملاً (4) ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب [ الشیخ (5) ] عقبة بن خالد مهملاً ثم عقبة بن خالد کذلک (6) ، والعلاّمة فی الخلاصة ذکر فی القسم الأوّل ما هذه صورته : عقبة بن خالد روی الکشی عن محمد بن مسعود قال : حدثنی عبد الله بن محمد ، عن الوشاء قال : حدثنا علی بن عقبة عن أبیه قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ لنا خادماً لا تعرف ما نحن فیه (7) فإذا أذنبت ذنباً أو (8) أرادت أن تحلف بیمین قالت : لا وحق الذی إذا ذکرتموه بکیتم ، فقال : « رحمکم الله من أهل البیت » انتهی (9).

ولا یخفی أنّ هذا الخبر لا یقتضی دخول الرجل فی قسم المقبولین ؛ وحکی شیخنا سلمه الله فی کتاب الرجال أنّ فی الکافی فی باب

محمد بن عبد الله بن هلال مجهول

بحث حول عقبة بن خالد

ص: 222


1- فی ص 39 ، 49 ، 68 ، 72 ، 209.
2- فی ص 1898.
3- الفهرست : 118 / 521.
4- رجال النجاشی : 299 / 814.
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المتن.
6- رجال الطوسی : 261 / 624 ، 625.
7- فی المصدر : علیه.
8- فی المصدر : و.
9- الخلاصة : 126.

ما یعاین المؤمن والکافر حدیثاً یدل علی إیمان الرجل وحسن عقیدته (1).

والرابع : واضح ؛ لأنّ القاسم بن برید ثقة.

والخامس : موثق (2).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ من تکلّم فی الصلاة بالکلام الخاص ناسیاً علیه سجدتا السهو ، وأنّهما بعد التسلیم ، ولا یبعد ادعاء ظهور نسیان کونه مصلّیاً ، ویحتمل نسیان التحریم ، لکن العلاّمة فی المنتهی ینقل عنه دعوی الإجماع علی أنّ التکلم فی الصلاة موجب لسجود السهو (3) ، وفی المختلف کلامه یقتضی الخلاف فی المسألة کما سبق نقله (4) ، والحاصل أنّه بعد استدلاله بالخبر المبحوث عنه علی وجوب السجدتین قال : احتج المانع ، وذکر الخبر الثانی وأجاب بنحو جواب الشیخ ، وحکی قبل ذلک عن ابن بابویه أنّه قال : وإن تکلمت فی صلاتک ناسیاً فقلت : أقیموا صفوفکم ، فأتم صلاتک واسجد للسهو ؛ وهذه العبارة فی الفقیه (5) ، والظاهر منها الاختصاص من جهة الکلام فی الصلاة.

وفی الظن أنّ هذا القول لا یعارضه الخبر الثانی ؛ لاحتمال الخبر

القاسم بن بُرید ثقة

بیان ما دل علی أنّ من تکلّم فی الصلاة نسیاناً علیه سجود السهو وتوجیه ما یعارضه

ص: 223


1- انظر منهج المقال : 221.
2- بأحمد بن الحسن وعمرو بن سعید ومصدق بن صدقة وعمّار بن موسی لأنّهم کلّهم فطحیة ، انظر رجال الکشی 2 : 524 / 471 ، 835 / 1062 ، 869 / 1137 ، ورجال النجاشی : 80 / 194 ، والفهرست : 117 / 515.
3- المنتهی 1 : 417.
4- راجع ص 151 ، وهو فی المختلف 2 : 419.
5- الفقیه 1 : 232.

احتمالاً ظاهراً أن یراد بالسهو فی الرکعتین توهم الفراغ من الصلاة ، وقوله : ویتکلم ، یراد (1) به الکلام مع الوهم ، فنفی السجود عنه الداخل فی نفی الشی ء لا مانع منه ، والأخبار الدالة علی أنّ من سها فی الرکعتین یتمهما من دون ذکر سجود السهو والحال أنّ الکلام واقع بین الرکعتین من الإمام ، کما مضی ذلک تؤیّد عدم وجوب سجدتی السهو لخصوص هذا الکلام ، أمّا ما دل علیه بعض الأخبار من کلام المأمومین مع ذکر سجود السهو فلا ینافی ما ذکرناه ؛ لأنّ ما تضمن ذلک لیس فیه أنّ المأمومین أتموا صلاتهم لیتوجه ما أُورد ، وقضیّة النبی صلی الله علیه و آله لم تتضمن سجود أصحابه ، وتضمن الخبر المذکور فی زیادات التهذیب أنّه علیه السلام سجد لمکان الکلام (2) ، فیه : أنّ اختصاصه علیه السلام بالسجود مع أنّ الکلام وقع منه ومنهم ، فلو کان الکلام موجباً للسجود لما اختص یمکن حمله علی الاستحباب ، وعدم فعلهم تبعاً له ولو مستحباً لا ضیر فیه.

وینقل عن الکلینی أنّ مذهبه وجوب السجود للکلام بعد التسلیم لا لمطلق الکلام (3) ، فیمکن حمل الخبر علیه ولا ینافی ما ذکرناه.

ویخطر فی البال إمکان أن یقال : إنّ کلام أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله کان واجباً ، أمّا من جهة جواب سؤاله فواضح ؛ لتصریح بعض الأصحاب لوجوب إجابته فی الصلاة ، وأمّا من جهة أوّل السؤال له علیه السلام ، فربما یوجه بأنّ العلم بأحوال الصلاة واجب وإمکان الاستفادة بغیر الکلام لعلّه منتف.

ولو نوقش فی ذلک أمکن أن یقال : إنّ سجوده علیه السلام مع عدم

توجیه ما دل علی أنّه یمضی علی صلاته ویکبّر کثیراً

ص: 224


1- فی « رض » : المراد.
2- التهذیب 2 : 345 / 1433.
3- حکاه عنه فی المدارک 4 : 276. وهو فی الکافی 3 : 360.

سجودهم فی ظاهر الخبر یقتضی مخالفة ما ذکره بعض الأصحاب من أنّ المأموم یسجد مع الإمام واجباً إن عرض له السبب (1) ؛ وقد استدل علی ذلک بالاشتراک.

ومشی شیخنا قدس سره فی الاستدلال علی المسلک المذکور بعد عبارة المحقق الدالة علی ما نقلناه ، ثم نقل عن الشیخ أنّه لا سجود علی المأموم وإن عرض له السبب ، وأنّ الشیخ فی الخلاف ادعی الإجماع علی ذلک مع روایة عمار المتضمنة لأنّه لیس علی المأموم إذا سها خلف الإمام سهو ، وردّها بالضعف مع عدم التعرض للإجماع (2).

وفی نظری القاصر أنّ الخبر الصحیح الوارد فی قضیّة النبی صلی الله علیه و آله من أکبر المؤیّدات لدعوی الشیخ الإجماع ، وحینئذ لا مانع من عدم سجود المأمومین فی القصة المذکورة ، مضافاً إلی ما قدمناه من بعض الاحتمالات فی الخبر.

وإذا تمهد هذا فاعلم أنّ الثالث ربما یظن منه عدم وجوب سجدتی السهو مع الکلام المذکور فیه ، ویتأکّد اختصاص السجدتین بالکلام السابق.

وما یفهم من کلام الشیخ أنّه حمل قوله : « ویکبّر تکبیراً کثیراً » علی التکبیر المستحب فی سجود السهو ، یمکن دفعه بأنّ التکبیر محتمل لأن یراد به تعلیم جواب السؤال (3) فی الصلاة إذا وقع بأن یکبّر إعلاماً بأنّه یصلّی ، والوصف بالکثرة محتمل لأن یراد به عدم الاقتصار علی المرّة وما وظف فی الصلاة بل یسوغ وإن کثر ، ویحتمل أن یراد إکثار التکبیر

ص: 225


1- المبسوط 1 : 124 ، المدارک 4 : 280.
2- المدارک 4 : 280 و 281.
3- فی « رض » : السائل.

لیخرج عن تکبیر الصلاة فإنّ الاجتماع لیس من وظائفها.

فإن قلت : کلام الشیخ لا صراحة فیه بأنّ التکبیر لسجدتی السهو ، بل لا یأبی أن یرید بالتکبیر ما ذکرت.

قلت : بل الظاهر من قوله : أن یکبر ویسجد ، وقوع التکبیر بعد الصلاة ، ولا یخفی عدم ملائمة الکثرة لتکبیر سجود السهو.

وأمّا الرابع : فدلالته علی ما ذکرناه من احتمال عدم وجوب سجدتی السهو إلاّ للکلام الخاص ممکنة ، ولا یضر بالحال لزوم عدم السجود للتسلیم مع وجوبه ؛ لأنّ القائل بنفیه موجود ، کما صرح به العلاّمة فی المختلف قائلاً إنّه احتج بهذا الخبر (1) ، ونقل شیخنا قدس سره عن المنتهی دعوی الاتفاق علی وجوب السجدتین للتسلیم (2) ، غریب منه ، کادعاء العلاّمة ، فإنّ المختلف یحتاج إلیه فی المسائل المحتملة للخلاف.

وأعجب من ذلک أنّه قدس سره اعترض علی الاستدلال لهذا المطلب من العلاّمة بحدیث النبی صلی الله علیه و آله الذی نقلنا عن الشیخ روایته فی باب الزیادات صحیحاً المتضمّن لأنّه علیه السلام سجد سجدتین لمکان الکلام (3) ، بأنّه یجوز أن یکون السجود للکلام بعد التسلیم لا لنفس التسلیم ، کما هو مذهب الکلینی (4) ، ثم قال بعد الجواب عن الروایة المبحوث عنها : بأنّ المراد ب : لا شی ء علیه ، نفی الإعادة ، ولو لا الاتفاق علی هذا الحکم لأمکن الجمع بین الروایات بحمل ما تضمن السجود علی الاستحباب (5).

توجیه ما دل علی عدم وجوب سجود السهو للسلام والکلام

ص: 226


1- المختلف 2 : 419.
2- المدارک 4 : 276.
3- التهذیب 2 : 345 / 1433.
4- الکافی 3 : 360.
5- المدارک 4 : 276.

ولیت شعری کیف یحمل الاولی علی الاستحباب بمجرد معارضة الثانیة وهی المبحوث عنها ، مع أنّها مجملة لا تأبی التقیید بغیر سجود السهو إذا دلت علیه الاولی وهی الواردة فی قضیّة النبی صلی الله علیه و آله ، وإذا کانت الاولی غیر صریحة فی سجود السهو للتسلیم فهی صریحة فی سجود السهو للکلام ، والثانیة متضمنة الکلام والسلام ، ونفی الشی ء یعم سجود السهو ، فإذا حملت الاولی علی الاستحباب فی الکلام لمعارضة الثانیة کان له وجه ، أمّا السلام لا وجه للاستحباب فیه ، إذ لا تضمن للروایة الاولی له إلاّ بتقدیر شمول الکلام له ، وشموله له لا یوافق قول الکلینی المنقول عنه أوّلاً ، وجعله وجهاً للنظر فی الاستدلال ، وبالجملة فالبحث فی وجوب سجود السهو لمطلق الکلام واسع المجال ، والله سبحانه أعلم بحقائق الأحوال.

وأمّا ما ذکره الشیخ رحمه الله فی الخامس فاستدراکه یدفع المناقشة عنه فی الجملة ، لکن یبقی فیه أنّ العامل به وهو الصدوق موجود فلا إجماع فی الظاهر ، ومعه لا یتم الردّ ، إلاّ أن یدعی انعقاد الإجماع بعد الصدوق ، وفیه ما فیه.

ثم إنّ الخبر تضمن إعادة الصلاة مع عدم ذکر شی ء من التشهد والاکتفاء بقول « سبحان الله » عنه ، وهذا مما یرجح عدم الاعتماد علیه.

والصدوق روی عن عمار البعض المتضمن لعدم إعادة الصلاة بالنقیصة الأخیرة (1) ، ولا أدری ترک باقیه لعدم صحته عنده ، أو لاطراح ما خالف الإجماع منه ، ومع الاحتمال لا یصلح الاستدلال به علی جواز ترک بعض الخبر لدلیل والعمل بباقیه ، والخبر کما تری ظاهر فی عدم سجود

ص: 227


1- الفقیه 1 : 229 / 1012 ، الوسائل 8 : 204 أبواب الخلل ب 3 ح 20.

السهو کما قدمنا فیه القول والشیخ لم یتعرض هنا فی أوّل الکلام لذلک ، بل إنما ذکر عدم الإبطال ، وعلی ما ذکره رحمه الله ینبغی أن یراد بالکلام المبطل ما تکلم به مع العلم بالصلاة ، وحینئذ فاشتراط العلم بالتحریم کأنّه غیر معتبر (1) أو أنّ له محلاًّ آخر.

وفی المنتهی : وقد أجمع أهل العلم کافّة علی أنّ من تکلم فی الصلاة عالماً أنّه فیها وأنّه محرّم علیه لغیر مصلحة الصلاة ولا لأمر یوجب الکلام ولا داعیاً یبطل صلاته (2). وقد یستفاد من هذا وجه عدم بطلان صلاة المأمومین بکلامهم السابق فی بعض الأخبار لاحتمال جهلهم بالتحریم ، ومن هنا یعلم أنّ اقتصار الشیخ علی ذکر ظن الفراغ لیس للحصر بل لبیان ما لا بدّ منه فی المقام ، أمّا قوله : فقد تکلمنا علیه فیما مضی ، فیرید به الکلام علی مثله ؛ إذ لم یتقدم نفسه.

وقد روی فی زیادات التهذیب حدیثاً فی الموثق تضمن السؤال عما یجب فیه سجدتا السهو ، فقال علیه السلام : « إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت (3) أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبّحت ، أو أردت أن تسبّح فقرأت فعلیک سجدتا السهو ، ولیس فی شی ء مما یتم به الصلاة سهو » وعن الرجل إذا أراد أن یقعد فقام ثم ذکر من قبل أن یقوم (4) شیئاً أو یحدث شیئاً ، قال : « لیس علیه سجدتا السهو حتی یتکلم بشی ء » وعن الرجل إذا سها فی الصلاة فنسی أن یسجد سجدتی السهو ، قال : « یسجدها متی ذکر »

ص: 228


1- من قوله : والثانی. فی ص 1912 إلی هنا ساقط عن نسخة « م ».
2- المنتهی 1 : 308.
3- فی « فض » و « م » : وأردت.
4- کذا فی النسخ ، وفی المصدر : یقدم.

وعن الرجل یصلّی ثلاث رکعات وهو یظن أنّها أربع فلمّا سلّم ذکر أنّها ثلاث قال : « یبنی علی صلاته متی ما ذکر ویصلّی رکعة ویتشهد ویسجد سجدتی السهو وقد جازت صلاته » (1).

وما تضمنه من القیام فی موضع قعود قد مضی القول فیه (2) إجمالاً ، وأشرنا إلی نوع إشکال فی صورتی القعود بین السجدتین وجلسة الاستراحة علی القول بوجوبها ، فإنّ الواجب إذا کان المسمی فالسجود للسهو إمّا منتف مع تحقق المسمی أو یستحب لمجرد الاستحباب ، والتشهد کذلک فی قعود مستحباته ، والفرق بین إرادة فعلها وعدمها.

وما تضمنه من قوله : من قبل أن یقوم شیئاً. لا یبعد أن یکون « شیئاً » مفعولاً ل- « ذکر » والمعنی أنّه ذکر شیئاً من الأذکار الموظفة للقیام والحال أنّها فی غیر محلها إذ هو محل القعود ، وحینئذ فالجواب [ بنفی (3) ] سجود السهو عن ذلک واضح.

وقوله : أو یحدث. کأنّ المراد به التردد فی أنّه قال : ذکر أو یحدث ، والمآل واحد ، ویدلُّ علی إرادة هذا المعنی ذکر الکلام ، ولو أُرید إحداث شی ء وهو تأثیره بشی ء من الأفعال غیر الکلام أمکن.

ولا یخفی أنّ الخبر وإن کان فی سنده کلام بالنسبة إلی العمل إلاّ أنّ فیه تأییداً ما ، فلیتأمّل.

ص: 229


1- التهذیب 2 : 353 / 1466.
2- فی ص 1822.
3- فی رض : ینبغی ، وفی فض : یبقی ، وفی « م » ینفی ، ولعل الأنسب ما أثتبناه.

قوله :

باب فی أن سجدتی السهو بعد التسلیم وقبل الکلام (1)

أخبرنی الشیخ رحمه الله ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسی بن الحسن ، عن محمد بن الحسین ابن أبی الخطاب ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبد الله بن میمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن علی علیه السلام قال : « سجدتا السهو بعد التسلیم وقبل الکلام ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن البرقی ، عن سعد ابن سعد الأشعری قال : قال الرضا علیه السلام فی سجدتی السهو : « إذا نقصت قبل التسلیم ، وإذا زدت بعده » (2).

وما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبی (3) الجارود قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : متی أسجد سجدتی السهو؟ قال : « قبل التسلیم ، فإنّک إذا سلمت فقد ذهبت حرمة صلاتک ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی ضرب من التقیّة ؛ لأنّهما موافقان لمذاهب (4) کثیر من العامة ، وقال أبو جعفر بن بابویه : إنّما أُفتی بهما فی حال التقیّة.

فی أنّ سجدتی السهو بعد التسلیم وقبل الکلام

اشارة

ص: 230


1- فی « م » : قوله باب موضع سجدتی السهو.
2- فی الاستبصار 1 : 380 / 1439 : وإذا زادت فبعده.
3- لیست فی « رض ».
4- فی « رض » : لمذهب.

السند :

فی الأوّل : فیه محمد بن قولویه ، وقد مضی القول فیه (1).

وأمّا موسی بن الحسن فلا یبعد أن یکون هو ابن عمران الأشعری الثقة ؛ لأنّ فی الرجال موسی بن الحسن مهملاً فی رجال الکاظم علیه السلام (2) ، ومحمد بن الحسین من رجال الجواد والهادی والعسکری علیهم السلام (3). وفی الرجال موسی بن الحسن النوبختی ، ومرتبته غیر مبینة (4) ، وکأنّه لیس من الرواة ، بل ذُکر أنّ له کتاباً فی النجوم (5).

وممّا یؤید الأوّل أنّ الراوی عن الأشعری الحمیری عن أبیه عنه ، والظاهر من الحمیری وإن کان عبد الله فیکون الراوی جعفر الحمیری ، والراوی هنا سعد ، وهو أقرب من جعفر ، لأنّ سعداً فی مرتبة عبد الله بن جعفر ، إلاّ أنّه یمکن معاصرة سعد لعبد الله وأبیه ، أو أنّ الحمیری محمد بن عبد الله ، ولا بُعد فی الإطلاق علیه.

وأمّا عبد الله بن میمون فهو ثقة فی النجاشی (6) ، وللعلاّمة فیه عبارة غریبة یعرفها من راجعها ، والحاصل أنّه ذکر عبارة النجاشی ولم یحکها عنه ، ثم نقل عن الکشی روایة وقال : إنّها ضعیفة ، والاعتماد علی قول النجاشی (7).

بحث حول موسی بن الحسن

بحث حول عبد الله بن میمون

ص: 231


1- فی ص 81.
2- رجال الطوسی : 361 / 35.
3- رجال الطوسی : 407 / 28 ، 423 / 23 ، 435 / 8.
4- فی « م » زیادة : إلاّ أنه فی الرجال غیر مذکور الطریق إلیه.
5- رجال النجاشی : 407 / 1080.
6- رجال النجاشی : 213 / 557.
7- خلاصة العلاّمة : 108 / 29.

والحال أنّ النجاشی لم یتقدم له ذکر ، لکن الممارسة تقتضی أنّ الخلاصة منقولة من النجاشی غالباً بواسطة کتاب ابن طاوس ، ولمّا کان فی ذهنه رحمه الله ذلک اکتفی به (1).

والثانی : تقدم القول فیه عن قریب (2).

والثالث : فیه ابن سنان ، وهو محمد. وأبو الجارود وهو زیاد بن المنذر ، یقال إنّه زیدی (3).

المتن :

فی الأوّل : استدل به القائلون بأنّ سجود السهو محله بعد التسلیم مطلقاً (4) ، بل قیل : إنّه قول معظم الأصحاب (5). والخبر وإن کان غیر سلیم عند بعض (6) ، إلاّ أنّ له مؤیّدات من الأخبار ، وسیأتی فی الباب الذی بعد هذا ما یفید ذلک.

ونقل شیخنا قدس سره فی المسألة صحیحة عبد الله بن سنان (7) ، والذی وقفت علیه بالمتن المنقول عن عبد الله بن سنان فیه محمد بن عیسی عن یونس ، وقد رواه الشیخ عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، قال :

أبو الجارود زیدی

بیان ما دل علی أن سجدتی السهو بعد التسلیم وتوجیه ما یعارضه

ص: 232


1- فی « م » زیادة : والعجلة هی العذر.
2- فی ص 1577.
3- انظر خلاصة العلاّمة : 223 / 1.
4- کما فی المعتبر 2 : 399 ، والتذکرة 3 : 355.
5- کما فی المدارک 4 : 281.
6- انظر المختلف 2 : 427 ، والمدارک 4 : 282.
7- انظر المدارک 4 : 281.

« إذا کنت لا تدری أربعاً صلّیت أم خمساً فاسجد سجدتی السهو بعد تسلیمک » (1) وهذا المتن هو الذی نقله ، والحال غیر خفیة.

ونقل شیخنا قدس سره أیضاً (2) صحیحة ابن أبی یعفور الواردة فی التشهد إذا نسی ولم یذکر إلاّ بعد الرکوع ، حیث قال فیه : « فلیتم صلاته ثم یسجد سجدتین وهو جالس قبل أن یتکلم » (3) وقد یقال إنّ فی دلالته خفاء ؛ لأنّ تمام الصلاة لا یعلم بأیّ شی ء إلاّ بتقدیر إثبات أنّ السلام مستحب أو خارج عن الصلاة ، نعم صحیح عبد الرحمن بن الحجاج السابق فی الکلام یقول : أقیموا صفوفکم (4). صریح الدلالة علی البعدیة.

وروی الشیخ فی التهذیب فی نسیان التشهد خبراً عن سلیمان بن خالد ، ولیس فیه توقف إلاّ من جهته ، وقد عرفت الحال مما مضی ، والمتن فی آخره : « فلیتم الصلاة حتی إذا فرغ فلیسلّم ویسجد سجدتی السهو » (5) وربما کان فیه دلالة علی أنّ الإتمام بغیر السلام فیتأیّد الإشکال السابق فی الجملة ، لکن مقام التأیید واسع الباب ، هذا.

وأمّا الثانی : فالقول بمضمونه منقول عن ابن الجنید (6).

أمّا الثالث : فمضمونه منقول عن بعض الأصحاب (7) ، لکن لم یعلم قائله.

ص: 233


1- التهذیب 2 : 195 / 767 ، الوسائل 8 : 207 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 5 ح 2.
2- المدارک 4 : 281.
3- الفقیه 1 : 231 / 1026 ، التهذیب 2 : 159 / 624 ، الوسائل 6 : 402 أبواب التشهد ب 7 ح 4.
4- تقدّم فی ص 1910.
5- التهذیب 2 : 158 / 618 ، الوسائل 6 : 402 أبواب التشهد ب 7 ح 3 وفیه : ولیسجد.
6- حکاه عنه فی المختلف 2 : 426.
7- انظر المدارک 4 : 282.

وجواب الشیخ کما تری لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ الحاکم بصحة خبر سعد بن سعد لو قال بجواز العمل بمضمونه علی الأکملیة قد یظن أنّه لا مانع منه ، إلاّ أن یقال : إنّ هذا لا قائل به ، وما عساه یسأل عن وجه التوقف فی الصحة جوابه یعلم ممّا قدّمناه فی البرقی (1) ، لکن فی الفقیه رواه عن صفوان بن مهران (2) ، وله إلیه طریقان فیهما نوع کلام ، إلاّ أنّ التأیید بروایة الصدوق جلی ، ولعل جزم الصدوق بالتقیة یوجب الرجحان للجمع ، والله أعلم.

قوله :

باب التسبیح والتشهد فی سجدتی السهو

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله بن علی الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّیت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتی السهو بغیر رکوع ولا قراءة ، وتشهّد فیهما تشهداً خفیفاً ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار (3) الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن سجدتی

التسبیح والتشهد فی سجدتی السهو

اشارة

ص: 234


1- تقدّم فی ص 68.
2- الفقیه 1 : 225 / 995.
3- فی الاستبصار 1 : 381 / 1442 : عمّار بن موسی الساباطی.

السهو ، هل فیهما تکبیر أو تسبیح؟ فقال : « لا إنما هما سجدتان فقط ، فإن کان الذی سها هو الإمام کبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه ، لیعلم من خلفه أنّه قد سها ، ولیس علیه أن یسبح فیهما ، ولا فیهما تشهد بعد السجدتین ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه لیس فیهما تسبیح وتشهد علی سبیل الإطالة ، لأنّ المسنون فیهما تشهد خفیف علی ما تضمن الخبر الأوّل.

السند :

فی الأوّل : فیه محمد بن قولویه ، وقد مضی فیه القول (1) ، لکن فی التهذیب روی الخبر عن سعد (2) ، والطریق إلیه لا ارتیاب فیه ؛ لأنّ له طریقین إلیه ، أحدهما کما هنا ، وثانیهما عن المفید ، عن محمد بن علی بن الحسین بن بابویه ، عن أبیه ، عن سعد.

والثانی : موثق.

المتن :

فی الأوّل : قد قدّمنا فیه کلاماً علی الإجمال ، والتفصیل أنّ الذی یخطر بالبال أنّ فی قوله : « أم نقصت أم زدت » احتمالات ، أحدها : أن یراد الشک فی الزیادة والشک فی النقصان علی الانفراد.

وثانیها : أن یراد الشک فی الأمرین معاً ، بمعنی أن یشک زاد أم نقص ، وهذا یتحقق بوجهین ، أحدهما أن یعلم وقوع أحدهما ویشک فی

طریق الشیخ إلی سعد بن عبد الله

تحقیق حول ما فی قوله علیه السلام : « أم نقصت أم زدت » من الاحتمالات

ص: 235


1- تقدّم فی ص 81.
2- التهذیب 2 : 196 / 772.

تعیینه ، وثانیهما أن لا یعلم ذلک ، ویحصل الشک.

وثالثها : أن یراد النقص بالفعل ، أو الزیادة بالفعل.

والذی یظهر من العلاّمة فی المختلف أنّه فهم من الخبر الشک فی أنّه زاد أو نقص ؛ لأنّه ذکر صورة سادسة لوجوب سجدتی السهو ، وهی من شک فلا یدری زاد أو نقص ، واستدل بالخبر المذکور ، ثم ذکر الاعتراض الذی أسلفناه عنه ، من أنّ ظاهر الخبر الرکعات ، وأجاب بأنّ اللفظ یتناول (1) ، وتقدیم الشک فی الرکعات لا یقتضی الحصر فیها (2).

وهذا کما تری یقتضی أنّ فی الخبر احتمالاً رابعاً ، وهو أنّ الزیادة والنقصان فی الرکعات فقط. وخامساً : أنّه یتناول الرکعات والأجزاء. وسادساً : أسلفنا الإشارة إلیه (3) ، وهو أن یراد الشک فی الأربع والخمس ، بمعنی أنّه لا یدری زاد فصلّی خمساً أم نقص عن الخمس ، ولا یخفی بعده.

وإذا تقررت الاحتمالات یظهر ( لک أنّ استدلال العلاّمة بالخبر موقوف علی انحصار الاحتمال الذی هو مطلوبه ، وإن کان کلامه لا یخلو ) (4) من احتمالین ، أحدهما الشک فی الزیادة وحدها والنقیصة وحدها ، وثانیهما الشک فیهما بنحو ما قدمناه. وقد استدل مع الخبر بأنّ سجدتی السهو مع الزیادة تجبان ، وکذا مع النقصان ، فمع الشک بینهما کذلک ، لعدم الانفکاک منهما. وهذا الاستدلال یقتضی أنّ مراده تحقق أحد

ص: 236


1- فی المصدر زیادة : کل زیادة ونقصان ، سواء کانت فی الأفعال أو الإعداد.
2- المختلف 2 : 421.
3- فی ص 1901.
4- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

الأمرین ، والشک فی [ التعین (1) ].

وأنت إذا تأمّلت الخبر وراعیته بعین العنایة تراه من جهة الترکیب العربی لا یخلو من غموض ؛ لأنّ العطف بأم ، إمّا علی أصل الجملة الأُولی ، أو علی معمول تدر ، وعلی التقدیرین فالترجیح مشکل فی الاستدلال ، والصحة فی البعض عندی فیها نوع توقف ، یعلم اندفاعه من مراجعة کلام أهل العربیة الموثوق بهم ، ولم یحضرنی الآن ، غیر أنّ الاستدلال من العلاّمة مدخول فیما یظهر فی بادئ النظر.

کما أنّ نقل شیخنا قدس سره الاستدلال به للقول بوجوب السجدتین لکل زیادة ونقیصة ، نظراً إلی أنّ الوجوب مع الشک یقتضی الوجوب مع الیقین (2) ؛ محل بحث أیضاً ، لا لما ذکره فی الاعتراض علی الاستدلال بالخبر ، بأنّ العلة فی المفهوم شرط ، وهی غیر معلومة هنا ، بل لما قررناه فی الحدیث من الاحتمالات التی لا ینطبق بعضها علی المدعی.

ویزید هنا احتمالاً سابعاً ، وهو أنّ مرجع الزیادة والنقصان إلی المذکور ، وهو الشک بین الأربع والخمس ، لا علی الوجه السابق ، بل لو اتفق الشک فی أنقص من المذکور ، أو أزید منه ، کما لو وقع الشک فی الثلاث والخمس ، أو الست.

وقد یدفع هذا بشدة البعد ، کما یقرّب الاحتمال الأوّل موثقة سماعة فی زیادات التهذیب (3) ، وروایة الفضیل بن یسار فی الفقیه (4) ، المتضمن

ص: 237


1- فی النسخ : الیقین ، والصحیح ما أثبتناه.
2- انظر المدارک 4 : 279.
3- التهذیب 2 : 346 / 1438.
4- الفقیه 1 : 230 / 1018 ، الوسائل 8 : 225 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 6.

متنهما أنّ من حفظ سهوه فأتمه فلیس علیه سجدتا السهو ، إنّما السهو علی من لم یدر أزاد أم نقص. فإنّ هذا یدل علی أنّ المراد بمن لم یدر أزاد أم نقص : من لم یحفظ السهو بعینه ؛ لأنّ قوله : « من حفظ سهوه » یدل علی الیقین. وقوله : « فأتمه » محتمل لأن یراد به فعله فی موضعه ، وحینئذ من لم یدر أزاد أم نقص لا یمکنه إتمامه.

وقد یشکل الأمر فی المتن المذکور بأنّ اللازم أنّ من حفظ ولم یتم بالإتیان به یلزمه سجود السهو مطلقاً. والحال أنّه فی التشهد والسجدة ممکن ، لوجود ما یدل علیه فی الجملة ، بخلاف غیره. یمکن الجواب عنه : بأنّ الحکم مسکوت عنه ، فیرجع إلی الأدلة.

نعم یشکل المتن بوجه آخر ، وهو أنّ خبر سماعة فیه بعد ما ذکر : « فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی بالناس الظهر رکعتین ، ثم سها » وذکر قصة ذی الشمالین وسجوده علیه السلام للسهو ، وهذا لا یطابق إرادة ما احتمل فی المتن کما هو ظاهر ، بل ولا غیره بعد التأمّل. ولو ترک متن خبر سماعة ، فخبر الفضیل محتمل لما ذکر ومحتمل لبعض الاحتمالات غیر ما ذکر ، کاحتماله لأُمور یطول بشرحها الکلام ، والفائدة منتفیة بسبب عدم التعیّن (1).

ویبقی فی الخبر القول من جهة الشک بین الأربع والخمس ، والمذکور فی کلام بعض أن له أربع صور (2) ، وفی کلام بعض ثمانیة (3) ، بل وأکثر. والحاصل أنّ الشک إمّا أن یکون قبل القراءة ، أو فی أثنائها ، أو بعدها قبل الرکوع ، أو بعده قبل السجود ، أو بین السجدتین ، أو بعدهما

الصور المتصوّرة فی الشک بین الأربع والخمس وحکمها

ص: 238


1- فی « رض » : الیقین.
2- انظر المدارک 4 : 277.
3- کما فی الذکری : 227.

قبل التشهد ، أو بعده ، والمقرر فی کلام جماعة أنّ الشک قبل الرکوع یوجب الهدم ، ویصیر الشک بین الثلاث والأربع (1). ولا سجود للسهو فیما یظهر من کلام البعض ، حیث لم یذکر سوی الاحتیاط (2).

( وصرح جدّی قدس سره فی الروضة ، بأنّ علیه سجود السهو ، لما هدمه من القیام (3). وفیه المطالبة بدلیل وجوب السجود لمثل هذا ) (4).

وقد ینظر فی عدم وجوب سجدتی السهو للخبر من جهة قوله : « أم نقصت أم زدت » ویجاب : بأنّ الاحتمالات فیه تخرجه عن الصلوحیة ، والاستدلال بما دل علی السجود للزیادة المحتملة ، فیه ما سبق ، وهذا الخبر المبحوث عنه ، فیه ما ذکر.

واحتمال قوله : « أربعاً صلّیت » لتمام الرکعات ثم الشک بعد ذلک ظاهر الخبر ، وهو یقتضی تمام الرکعة ، أمّا بالرفع ، أو بتمام الذکر ، واللازم حینئذ عدم سجود السهو لو حصل الشک بین السجدتین ، وظاهر البعض سجود السهو فی هذه الصورة (5) ، وفیه ما لا یخفی إن کان الدلیل الخبر.

وقول جدّی قدس سره فی الروضة (6) ، بعد قول الشهید بوجوب سجود السهو لو حصل الشک بعد الرکوع : سواء سجد أم لا ، لإطلاق النص بأنّ من لم یدر أربعاً صلّی أم خمساً یتشهد ویسلّم ثم یسجد سجدتی السهو (7). قد

قول الشهیدین فی المسألة والمناقشة فیه

ص: 239


1- الذکری : 227 ، التنقیح 1 : 263 ، الروضة البهیة 1 : 330.
2- الذکری : 227.
3- الروضة البهیة 1 : 330.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- کما فی المدارک 4 : 277.
6- الروضة البهیة 1 : 330.
7- ورد مؤدّاه فی الفقیه 1 : 230 / 1019 ، التهذیب 2 : 196 / 772 ، الإستبصار 1 : 380 / 1441 ، الوسائل 8 : 224 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 4.

یقال علیه : إنّ ظاهر قوله علیه السلام : « یتشهد ویسلّم » وقوع الشک بعد السجود ، إلاّ أن یقال : إنّ هذا کنایة عن إتمام الصلاة. وفیه : أنّ الشک لو کان قبل الرکوع دخل فی الخبر ، والحال أنّه یقول بالهدم ، ولعلّ هذا سهل الجواب بجواز المخصص.

ومن العجب أنّ الشهید رحمه الله فی اللمعة قال : وقیل تبطل الصلاة لو شک ولمّا یکمل السجود إذا کان قد رکع ، والأصح الصحّة (1) ؛ لقولهم علیهم السلام : « ما أعاد الصلاة فقیه » (2) وفی الروضة قال جدّی قدس سره بعد قوله : قد رکع : لخروجه عن المنصوص ، فإنّه لم یکمل الرکعة حتی یصدق علیه أنّه شک بینهما ، ولتردّده بین محذورین : الإکمال المعرِّض للزیادة ، والهدم المعرِّض للنقصان ، ثم قال قدس سره بعد قوله : فقیه ، : یحتال فیها ویدبّرها ، حتی لا یعیدها ، ولأصالة عدم الزیادة ، واحتمالها لو أثّر لأثّر فی جمیع صورها ، والمحذور إنّما هو زیادة الرکن (3). انتهی.

ووجه التعجب فی نظری القاصر أُمور ، الأوّل : ما ذکره جدّی قدس سره من الخروج عن المنصوص ، یقتضی أنّ النص مختص بإکمال الرکعة ، والحال أنّه قائل بسجود السهو بعد الرکوع ، سواء سجد أم لا ، لإطلاق النص ، وبین الأمرین تدافع.

الثانی : قول الشهید رحمه الله : ولمّا یکمل السجود ، یقتضی أنّ القائل بالبطلان عمّم الحکم للشک بین السجدتین ، والمنقول عن العلاّمة القول بالبطلان لو حصل الشک بین الرکوع والسجود ، لمحذور زیادة الرکن

ص: 240


1- اللمعة ( الروضة البهیة 1 ) : 330.
2- التهذیب 2 : 351 / 1455 ، الوسائل 8 : 247 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 29 ح 1.
3- الروضة البهیة 1 : 330.

ونقصانه (1) ، فإن کان القول المحکی هنا غیره ، فاستدلال جدّی قدس سره لخروجه عن النص ، فیه : أنّه لا یوجب البطلان.

وذکره التردّد بین المحذورین ، إن أراد به ما یشمل الشک بین السجود ، فالمحذوران غیر ظاهرین إلاّ بإرادة زیادة السجدة ونقصانها ، فإن کان القائل بالبطلان وجّهه بذلک کان فی غایة البعد ، وإن أراد قدس سره بیان احتمال زیادة الرکن ونقصانه ومخالفة المنصوص لما إذا کان الشک بین السجدتین ، ففیه : أنّ الکلام لا یدل علیه ، بل علی خلافه ، وفی الظن عدم القائل بهذا.

فإن قلت : إذا خرج عن النص فالصحة من أین؟

قلت : یمکن ادعاء أصالة الصحة ، واحتمال الزیادة والنقیصة لا یقتضی (2) البطلان ، ولو لا تصریحه بالرکن أمکن صرف کلامه إلی ما قلناه بتقدیر القول به کما هو ظاهر.

الثالث : ما ذکره الشهید فی دلیل الصحة ، فیه : أنّ الخبر المتضمن لما قاله غیر صحیح ، ومعارضه خبر صحیح دال علی أنّ قولهم علیهم السلام : « لا یعید الصلاة فقیه » خاص بالثلاث والأربع ، وقول جدّی قدس سره : یحتال فیها. هو أیضاً من تتمة الخبر الضعیف ، فعدم التعرض للصحیح غریب منه.

وعلی تقدیر العمل بالخبر فنفی الإعادة إذا توقف علی الاحتیال فمرجعه إلی الاستدلال لا إلی الخبر ، فدعوی الصحة بمجرد الخبر لا وجه لها ، نعم علی تقدیر عدم زیادة یحتال فیها ربما یتخیل أنّ ظاهر النص أنّ الذی یعید صلاته لا یکون فقیهاً ، بل یکون جاهلاً ، فیدل علی عدم جواز

ص: 241


1- حکاه عنه فی المدارک 4 : 277 ، وهو فی التذکرة 3 : 347.
2- فی « فض » : لا یقضی ، وفی « رض » : لا ینبغی ، والأنسب ما أثبتناه.

الإعادة ، لکن فیه مع هذا احتمال أظهر منه یوافق تتمته من قوله : یحتال فیها ، إلی آخره. فإذا انضمت إلیه الزیادة استغنی عن ذکر الاحتمال ، وبالجملة فوقوع مثل هذا الاستدلال من هذین الجلیلین قدّس الله سرّهما فی غایة الغرابة ، وقد ذکرت بعض القول فی حواشی الروضة.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه یختلج فی الخاطر أنّه یستفاد من قوله : « فتشهّد وسلم » بعد ذکر الشک فی الزیادة والنقیصة مع الشک فی الأربع والخمس ، أنّ الشک لو وقع بعد التشهد لا یوجب السجود ، فلیُتأمّل (1). وفی المقام أبحاث أُخر ، والمهم ما ذکرناه.

وأمّا الثانی : فعدم سلامة سنده من الکلام یوجب عدم التعرض له ، إلاّ أنّ الصدوق رواه (2) فله مزیة ، وقد تضمّن کما تری نفی التکبیر عن غیر الإمام ، والمحقق فی الشرائع ذکر استحباب التکبیر مطلقاً (3). والخبر بتقدیر ضعفه والعمل فی المستحب بمثله ینبغی اتّباعه ، وقد تضمن التکبیر بعد الرفع أیضاً ولم یُذکر.

وأمّا التشهد والتسلیم فادعی فی المنتهی الإجماع علی وجوبهما فیما نقل (4) ، وفی المختلف ما یخالف ذلک (5) ، وعمل الصدوق بظاهر الخبر یقتضی نفی التشهد والتسلیم ، إلاّ أنّه ذکر روایة الحلبی (6) المتضمنة للتشهد

کیفیة سجدتی السهو

ص: 242


1- فی « م » زیادة : أمّا ما عساه یقال : إنّ الصحّة مع الهدم قبل الرکوع هل فیها سجود السهو للزیادة المحتملة ، والصحّة بعد الرکوع وبین السجود ، مع إطلاق بعض الأخبار بالبناء علی الأکثر فی الشک؟ والجواب عنه یغنی عنه ما مضی.
2- الفقیه 1 : 226 / 996 ، الوسائل 8 : 235 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 20 ح 3.
3- الشرائع 1 : 119.
4- حکاه عنه فی المدارک 4 : 283 ، وهو فی المنتهی 1 : 418.
5- المختلف 2 : 428.
6- الفقیه 1 : 230 / 119 ، الوسائل 8 : 225 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 4.

الخفیف ، وربما قیل : إنّ الخفیف الخالی من الزائد عن الواجب.

وقد یدل نفی التسبیح علی مرجوحیة فعله إن قیل بإجزاء مطلق الذکر فیه ، وتعین النوع الخاص من الدعاء فی بعض الأخبار محتمل لأن یکون علی وجه الأکملیة.

أمّا کون السجود مثل سجود الصلاة فمذکور فی کلام بعض (1) ، وادعی أنّه هو المتبادر من السجود عند إطلاقه ، وفی بعض الأخبار ما یدل علی نوع مغایرة لسجود الصلاة کما رواه الشیخ فی الزیادات ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن الفضیل بن یسار ، عن أبی جعفر علیه السلام ، فی الرجل یصلّی الرکعتین من المکتوبة ثم ینسی فیقوم قبل أنْ یجلس - إلی أنْ قال - : « فإذا سلّم نقر ثنتین وهو جالس » (2) وغیر خفی أنّ الطمأنینة مع النقر بعیدة الحصول ، إلاّ بتقدیر عدم وجوب ( الذکر ، إلاّ أنْ یقال : إنّ النقر یتحقق معه مسمی الذکر. وفی کلام بعض الأصحاب وجوب ) (3) النیة (4) ، والظاهر من المنقول عن المنتهی دعوی الإجماع علی ذلک ، مع ضمیمة غیره من السجود علی الأعضاء والتشهد والتسلیم (5) ، وکلامه فی المختلف أشرنا إلیه ، لکنه حکم بوجوب النیة (6) ( وفی الروضة : والنیة مقارنة لوضع الجبهة علی ما یصح السجود

ص: 243


1- کما فی مجمع الفائدة 3 : 161.
2- التهذیب 2 : 345 / 1431 ، الوسائل 6 : 405 أبواب التشهد ب 9 ح 1. وفیه : سجد سجدتین بدل ( نقر ثنتین ).
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- کما فی مجمع الفائدة 3 : 162.
5- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 3 : 162.
6- المختلف 2 : 428.

علیه ، أو بعد الوضع ، علی الأقوی (1). وهو أعلم بالوجه ؛ إذ ربما یظن أنّ النیة بعد الوضع لا یخلو من إشکال ، فإنّ حقیقة السجود وضع الجبهة ، أمّا استمرار الوضع فالتحقق به محل کلام ، فلیتأمّل ) (2) وظاهر المحقّق فی الشرائع التردد فی الذکر ، وفی تعین اللفظ علی تقدیر الوجوب (3).

وذکر بعض الأصحاب : إنّ الظاهر الوجوب قبل الکلام ، لدلالة بعض الأخبار ، ولو لم یفعل فعل بعد ذلک ؛ لدلالة خبر عمّار (4) ، وقد مضی نقله من التهذیب (5). وللبحث فی الوجوب بالنسبة إلی بعض الفروع مجال ، والله تعالی أعلم بحقیقة الحال.

ص: 244


1- الروضة البهیة 1 : 328.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- الشرائع 1 : 119.
4- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 162.
5- فی « فض » زیادة : وفی الروضة والنیة.

قوله :

أبواب ما یجوز الصلاة فیه

وما لا یجوز من اللباس والمکان

باب الصلاة فی جلود الثعالب والأرانب

أخبرنی الشیخ قدس سره عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن جلود الثعالب أیصلّی فیها؟.

فقال : « ما أحب أنْ أُصلّی فیها ».

عنه ، عن محمّد بن إبراهیم قال : کتبت إلیه أسأله عن الصلاة فی جلود الأرانب ، فکتب : « مکروهة ».

أحمد بن محمد ، عن جعفر بن محمّد عن (1) ابن أبی زید قال : سئل الرضا علیه السلام عن جلود الثعالب الذکیة ، فقال : « لا تصلّ فیها ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن علی ابن مهزیار ، عن رجل سأل الماضی (2) علیه السلام عن الصلاة فی جلود الثعالب؟ فنهی عن الصلاة فیها وفی الثوب الذی یلیه ، فلم یدر أیّ الثوبین الذی یلصق بالوبر أو الذی یلصق بالجلد؟ فوقّع بخطه :

أبواب ما یجوز الصلاة فیه وما لا یجوز من اللباس والمکان

الصلاة فی جلود الثعالب والأرانب

اشارة

ص: 245


1- لیس فی « م » و « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 381 / 1446 : الرضا.

« الثوب الذی یلصق بالجلد ».

وذکر أبو الحسن أنّه سأله عن هذه المسألة فقال : « لا تصلّ فی الذی فوقه ولا فی الذی تحته ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الصلاة فی جلود الثعالب؟ فقال : « إذا کانت ذکیة فلا بأس ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن جمیل ، عن الحسن بن شهاب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن جلود الثعالب إذا کانت ذکیّة أیُصلّی فیها؟ قال : « نعم ».

عنه ، عن علی بن السندی ، عن صفوان بن یحیی ، عن عبد الرحمن (1) بن الحجاج قال : سألته عن اللحاف من الثعالب أو الخوارزمیة (2) أیُصلّی فیها أم لا؟ قال : « إذا کان ذکیا فلا بأس به ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی ضرب من التقیة دون حال الاختیار ؛ لأنّ ذلک مذهب جمیع العامة ، ویؤکد ما قدّمناه :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الولید بن أبان قال : قلت للرضا علیه السلام أُصلی فی الفَنَک (3) والسنجاب (4)؟ قال : « نعم » فقلت : یُصلی فی

ص: 246


1- فی الاستبصار 1 : 382 / 1449 : عبد الله.
2- خوارزم : هی جرجانیة وهو اسمها الأصلی. والخوارزمیة منسوب إلی خوارزم. مجمع البحرین 6 : 56 ( خرزم ).
3- الفنک : دویبة بریة غیر مأکول اللحم یؤخذ منها الفرو. ویقال أن فروها أطیب من جمیع أنواع الفراء. مجمع البحرین 5 : 285 ( فنک ).
4- السنجاب : حیوان علی حد الیربوع أکبر من الفأرة شعره فی غایة النعومة ، یتخذ من جلده الفراء یلبسه المتنعمون ، مجمع البحرین 2 : 84 ( سنجب ).

الثعالب إذا کانت ذکیّة؟ قال : « لا تصلّ فیها ».

علی بن مهزیار قال : کتب إلیه إبراهیم بن عقبة : عندنا جوارب وتکک تعمل من وبر الأرانب ، فهل تجوز الصلاة فیها من غیر ضرورة ولا تقیة؟ فکتب علیه السلام : « لا تجوز الصلاة فیها ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن عیسی ، عن علی بن مهزیار ، عن احمد بن إسحاق الأبهری قال : کتبت إلیه : جعلت فداک عندنا جوارب وتکک تعمل من وبر الأرانب ، فهل تجوز الصلاة فی وبر الأرانب من غیر ضرورة ولا تقیة؟ فکتب علیه السلام : « لا تجوز الصلاة فیها ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الجبار قال : کتبت إلی أبی محمّد علیه السلام أسأله : هل یُصلّی فی قلنسوة علیها وبر ما لا یؤکل لحمه ، أو تکة حریر محض ، أو تکة من وبر الأرانب؟ فکتب : « لا تحل الصلاة فی الحریر المحض ، وإذا (1) کان الوبر ذکیا حلّت الصلاة فیه إن شاء الله ».

السند :

فی الأوّل : واضح مما تکرر القول فیه (2).

والثانی : ضمیر « عنه » الواقع فیه لا یخلو من اشتباه هنا ، نظراً إلی اشتباه محمّد بن إبراهیم ، حیث إنّ فی الرجال من یحتمل الاسم غیر

بحث حول محمد بن إبراهیم والراوی عن

ص: 247


1- فی الاستبصار 1 : 383 / 1453 : فإن کان.
2- فی ص 26 ، 27 ، 38 ، 49 ، 76 ، 1788.

واحد (1) ، لکن فی التهذیب ما یدل علی رجوعه للحسین بن سعید ؛ لأنّه ذکر الحسین بن سعید فی حدیث ، ثم قال : وعنه ، عن حماد ، إلی أنْ قال : وعنه ، عن محمّد بن إبراهیم (2). ثم إنّ محمّد بن إبراهیم لا یبعد أن یکون هو الهمدانی المذکور فی الکشی بما لا یزید عن الإهمال (3).

والثالث : فیه کما تری جعفر بن محمّد بن أبی زید ، ولیس فی الرجال من هو بهذه النسبة ، وفی نسخة : عن ابن أبی زید (4) ، والظاهر أنّه الصواب.

وجعفر بن محمّد هو یحتمل ابن عون الأسدی المقول فی حقه : إنّه وجه ، علی ما فی الخلاصة (5) ؛ لأنّ الراوی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی فیها أیضاً ، ویحتمل جعفر بن محمّد بن یونس الأحول الثقة فی الخلاصة (6) ؛ وکتاب الشیخ فی رجال الجواد علیه السلام (7) ؛ لأنّ النجاشی قال : روی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی (8). واحتمال غیرهما قائم.

وأمّا ابن أبی زید ففی الرجال داود بن أبی زید (9) فیما أعلمه الآن ، لکن کأنّه لیس فی هذه المرتبة ، وهو ثقة ، وقد یمکن توجیه القرب ، إلاّ أنّ احتمال غیره فی حیّز الإمکان ، فلا یفید تکلّف القول إلاّ ضیاع الزمان.

بحث حول جعفر بن محمد

بحث حول ابن أبی زید

ص: 248


1- انظر هدایة المحدثین : 224.
2- التهذیب 2 : 205 / 802 ، 803.
3- رجال الکشی 2 : 866 / 1131.
4- الاستبصار 1 : 381 / 1445 : عن ابن أبی زید.
5- الخلاصة : 33 / 25.
6- الخلاصة : 31 / 3.
7- رجال الطوسی : 399 / 1.
8- رجال النجاشی : 120 / 307.
9- الفهرست : 68 / 273.

والرابع : فی ظاهر الحال قد یرتاب فیه بالإرسال ، وربما یقال : إنّه لا ارتیاب فیه ؛ لأنّ جهالة السائل یدفع ضررها جزم ابن مهزیار بالتوقیع فی قوله : فوقّع بخطه. لکن لا یخفی أنّ فی المتن نوع شی ء ؛ لأنّ الرجل السائل فی ظاهر الکلام أنّه لیس بمکاتبة ، والجواب منه علیه السلام بقوله : فنهی. یدل علی ذلک أیضاً ، ثم قول : فلم یدر ، والجواب : فوقّع (1). فیه عدم الموافقة بحسب الظاهر ، ولا یبعد أن یکون فی الروایة اختصار ، وحاصل الأمر أنّ السائل أخبر بالنهی عن الصلاة فیما ذکر لعلی بن مهزیار ، فلمّا أخبره لم یعلم ابن مهزیار ما المراد ، فکتب إلی الإمام علیه السلام ، وجاءه الجواب ، أو أنّه علیه السلام علم بعدم فهم المراد ، فأجاب من دون السؤال.

وما تضمنه من قوله : وذکر أبو الحسن. یراد بأبی الحسن علی بن مهزیار فی الظاهر ؛ لأنّها کنیته. وفائدة هذا الکلام بعد ما قرّرناه غیر واضحة ؛ إذ هو فی قوة إعادة السؤال بعد الجواب ، إلاّ بتقدیر أن یقال : إنّ الجواب الأوّل تضمن النهی عما یلصق بالجلد ، وفی الثانی عما یلصق بالأمرین ، واستبعاد السؤال بعد جوابه علیه السلام أوّلاً ، یمکن تقریبه ، إلاّ أنّه متکلف.

وربما یقال : إنّ ( القائل : لم أدر ) (2) محمّد بن عبد الجبّار ، فیکون الجواب أوّلاً له ، ثم حکی محمّد بن عبد الجبّار ، عن علی بن مهزیار أنّه سأل أیضاً عن ذلک ، فأجابه علیه السلام بما ذکره. والفائدة فی ذکر هذا کلّه من محمّد بن عبد الجبّار أنّ الجواب فیه نوع تغایر ، نظراً إلی تضمن توقیعه أحد الأمرین ، وجواب علی بن مهزیار الشمول للأمرین.

ولا یخفی أنّ هذا لا یضر بالحال کما سنذکره فی المتن ، وإنّما

بحث حول مکاتبة علی بن مهزیار

ص: 249


1- فی « رض » : توقّع.
2- کذا فی النسخ والأولی : قائل لم یدر.

تعرضنا هنا لما ذکرناه لاحتمال الحدیث نوع إرسال من جهة الرجل السائل ، بأن یکون هو المخبر عن النهی ، ولا یبعد ذلک ، لیکون إخباره لمحمد هو السبب للتوقیع ، من جهة عدم درایة محمّد ، وإن کان فی حال سماع محمّد النهی یجوز أن یخطر فی باله ما ذکره ، فیأتی الجواب مبیّناً لمراده ، إلاّ أنّ الأوّل أبلغ فی إظهار المغیبات.

لکن لا یخفی أنّ الإرسال الأوّل غیر مضر بعد إخبار محمّد بالجواب الثانی ، غایة الأمر أنّ فی البین احتمال أنْ یکون القائل : لم یدر ، الرجل ، وهو المخبر عن التوقیع ، وفیه بُعد ظاهر ، وبتقدیره فأخبار محمّد ، عن أبی الحسن علی بن مهزیار کافٍ ، إلاّ أنْ یقال : إنّ المخبر عن أبی الحسن یجوز أن یکون الشیخ رحمه الله وفیه : أنّ طریقه إلی علی بن مهزیار لا ارتیاب فیه ، فلیتأمّل.

والخامس : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (1) مراراً.

والسادس : فیه الحسن بن شهاب ، وهو مهمل فی الرجال (2).

والسابع : فیه علی بن السندی ، وقد ذکرنا حاله (3) بما یغنی عن الإعادة ، غیر أنّ فی روایة علی بن السندی ، عن صفوان بن یحیی نوع قرینة علی ما قدمناه (4) ، من أنّ علی بن السندی یقال له علی بن إسماعیل ، لأنّ فی مشیخة الفقیه : علی بن إسماعیل ، عن صفوان بن یحیی ، عن إسحاق بن عمار (5) ، وذکرنا سابقاً (6) ما یدفع الإنکار هنا علی ما قلناه ، من

الحسن بن شهاب مهمل

بحث حول علی بن السندی

ص: 250


1- فی ص 49 ، 72 ، 1670.
2- رجال الطوسی : 167 / 27.
3- تقدّم فی ص 257.
4- فی ص 257.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 5.
6- فی ص 257.

حیث إنّه لا مانع من روایة علی بن إسماعیل وعلی بن السندی ، عن صفوان ، فلا دلالة علی الاتحاد ، والذی قدمناه لیس ببعید أنّه یفید الاتحاد بنوع تقریب تحتاج إعادته إلی تطویل ، والاحتیاج إلی هذه الفائدة اندفاع ما تخیل أنّ علی بن إسماعیل هو علی بن السری أو السدی ، ونحو ذلک.

والثامن : فیه الولید بن أبان ، وهو مذکور مهملاً فی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ (1).

والتاسع : واضح الصحة ، وعدم توثیق إبراهیم ومدحه لا یضر بالحال ؛ لأنّ الظاهر من علی بن مهزیار جزمه بالجواب کما لا یخفی.

والعاشر : فیه أحمد بن إسحاق الأبهری ، ولم أقف علیه فی الرجال ، وفی التهذیب (2) کما هنا ، وقد یحتمل التصحیف بالأشعری ، إلاّ أنّه بعید.

والحادی عشر : واضح.

المتن :

فی الأوّل : یدل علی عدم محبته علیه السلام أن یُصلّی فی جلود الثعالب ، وهو أعمّ من التحریم والکراهة إنْ لم یکن له ظهور فی الکراهة.

والثانی : فی معنی الأوّل ؛ إذ المکروه یستعمل فی غیر المحبوب ، کما یستعمل فی المکروه شرعاً ، وفی المحرّم ، والظاهر أنّ الشیخ فهم التحریم من المکروه ، وإلاّ فلا وجه لعدم ذکره ( فی المعارض ، وللشیخ رحمه الله نوع اضطراب فی مثل هذا اللفظ ، فتارةً یحکم بأنّه صریح فی الکراهة ) (3)

الولید بن أبان مهمل

إشارة إلی حال إبراهیم بن عقبة

کلمة حول أحمد بن إسحاق الأبهری

بیان ما دل علی المنع من الصلاة فی جلود الثعالب والأرانب

ص: 251


1- رجال الطوسی : 394 / 1.
2- التهذیب 2 : 206 / 805.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الأُصولیة حتی یجعله مفسِّراً لمراده إذا جمع بین الأخبار ، وتارة یذکره کما هنا فی مقام المنع ، ولعلّ مراده هنا التحریم بقرینة غیره ، وفیه ما لا یخفی.

والثالث : ظاهر فی النهی ، لکن لا مانع من حمله علی الکراهة ، لدلالة ما قبله ، إلاّ أن یقال : إنّ النهی حقیقة ( فی التحریم ، وما قبله لیس نصّاً فی الکراهة المخالفة للتحریم ، بل یستعمل فی التحریم وغیره ، فیبقی (1) النهی علی حقیقته ) (2). وفیه : أنّ ما سیأتی من الأخبار یؤیّد العدول عن النهی حقیقة.

والرابع : لا مانع من حمله علی الکراهة ، للمعارض ، لکن الشیخ رحمه الله کأنّه نظر إلی ما ذکرناه.

وما تضمنه الجواب فیه من التخصیص بما یلصق بالجلد ، قد یدل بظاهره علی أنّ النهی لیس متوجهاً إلی الثوب الملاصق للوبر ، مع أنّ الجواب الآخر ) (3) یقتضی النهی عنه أیضاً ، فبتقدیر الحمل علی التحریم ربما یقال من جانب الشیخ : إنّ السائل لمّا سأل عن الجلد کان الجواب بعدم الصلاة فیه وما یتصل من الثیاب ، لاحتمال انفصال جزء منه ، وإنْ کان الوبر حکمه حکم الجلد ، إلاّ أنّه لم یسأل عنه ، ولو فُرض أنّ الجلد یعمّ الوبر ، أمکن أنْ یکون الجواب مطابقاً أیضاً ، لأنّ ما فوقه یحتمل توجه النهی عنه ، بسبب بعد خلّوه عن الشعر وإنْ کان قلیلاً ، فیستفاد ما تحته بطریق أولی ، وقد ینظر فی هذا بأنّ المقام لا یوافقه ، ولعل الأولی أنْ یقال : إنّ سؤال الرجل کان عن نفس الجلد ، والذی لم یدرِ أتاه الجواب علی مراد

ص: 252


1- فی « رض » : فینبغی.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

السائل.

وأمّا أبو الحسن فسؤاله عن الجلد والوبر محتمل ؛ إذ لم یبیّن السؤال ما هو ، وقوله : عن هذه المسألة ، یحتمل إرادة الجلود مع الوبر ، وارتباطها بالأُولی لتعلقٍ ما. وأنت خبیر بأنّ التکلف لا محید عنه ، بخلاف ما إذا قلنا بالکراهة ، فإنّه یجوز اختلافها شدة وعدمها ، ففی کل جواب علی حسب المقتضی.

وأمّا [ الخامس (1) ] : فهو ظاهر الدلالة علی جواز الصلاة فی جلود الثعالب إذا کانت ذکیّة ، وکذلک [ السادس والسابع (2) ] ، وفی التهذیب الجرز (3) منه (4).

هذا والحمل علی التقیة لا یخلو من وجه بالنسبة إلی الشیخ ، لکن لا یخفی أنّ مفاد کلام الشیخ حمل الجواز فی الأخبار علی حال یکون فیها تقیة ، ولو حمل الحکم بالجواز فیها من الأمام علیه السلام تقیةً ، أمکن أیضاً (5).

وأمّا من یلتفت إلی تصحیح الأحادیث ، فربما ینظر إلی أنّ الصحیح من الأوّل الدال علی التحریم هو الأوّل وخبر ابن مهزیار علی تقدیر التوجیه السابق ؛ والأخبار الدالة علی عدم التحریم ( وإن کان الصحیح منها هو الأوّل أیضاً فقط ، لکن سیأتی فی الباب الآتی (6) خبران صحیحا السند ، یدلان

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی جلود الثعالب إذا کانت ذکیة

رجحان أخبار الجواز علی أخبار المنع

ص: 253


1- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی النسخ : الخامس والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
3- الجِرز بالکسر والراء المهملة والزای المعجمة : لباس من لباس النساء من الوبر قاله الجوهری ویقال هو الفرو الغلیظ. مجمع البحرین 4 : 9 ( جرز ).
4- التهذیب 2 : 367 / 1528.
5- فی « رض » و « م » زیادة : هذا.
6- فی ص 1942.

علی عدم التحریم ) (1) کما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب قائلاً : إنّ المحقق فی المعتبر ( بعد أن أوردهما یعنی الخبرین الآتیین قال : وطریق هذین الخبرین أقوی من تلک الطرق ، ولو عمل بهما عامل ) (2) جاز (3) ، انتهی. وعلی هذا فالرجحان لأخبار العدم ، أمّا الالتفات فی الترجیح إلی ما فی سند الأوّل من أخبار المنع من جهة ابن أبان وابن الولید ، فهو مردود عند جماعة من المتأخّرین (4).

نعم ربما یقال : إنّ مفاد الأوّل نفی [ ترجیحه (5) ] علیه السلام ، وهو غیر صریح فی التحریم ، فلا یقاوم غیره ، لکن المنقول عن المنتهی أنّ فیه ترجیح عدم الجواز فی الثعالب والأرانب بالشهرة وکثرة الأخبار والاحتیاط (6) ، وما ذکره من الاحتیاط لا یصلح لإثبات التحریم ، وأمّا کثرة الروایات والشهرة ففیها نوع کلام ، لکن الاحتیاط فی المقام مطلوب ، وسیأتی (7) بقیة القول فی الخبرین الواردین فی الفنک وغیرهما ، مما یدل علی المنع فی الثعالب. ولا یخفی أن الخبر الأوّل تضمن الثعالب فقط ، وأمّا الأرانب فما تضمنها غیر سلیم هنا ، لکن سیأتی (8) فیما أشرنا إلیه ما یشملها.

ص: 254


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- المعتبر 2 : 87.
4- نقد الرجال : 29 / 130 و 103 / 31.
5- فی « رض » : توجیهه ، وفی « فض » و « م » : توجیه والظاهر ما أثبتناه ، أو : تحبیبه ، علی احتمال.
6- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 100 ، وهو فی المنتهی 1 : 227.
7- فی ص 1942.
8- فی ص 1945.

وما قد یقال : إنّ الخبر الأوّل والأخیر من الأخبار الدالة علی المنع مطلقة ، وما دل علی الجواز مقید بالتذکیة ، فیحمل المطلق علی غیر المذکی ، فیه تأمّل ، لکنه قابل للتوجیه.

[ والثامن (1) ] کما تری لا یحتاج فی توجیهه علی وجهٍ لا ینافی غیره إلی إعادة ما قدمناه ، وما تضمنه من الجواز فی الفنک یأتی (2) بیانه فی بابه إن شاء الله.

[ والتاسع (3) ] مع صحته واضح الدلالة علی عدم جواز الصلاة فی وبر الأرانب المنسوج.

[ والعاشر (4) ] کذلک ، ویندفع بالأوّل عند من یعتبر الصحة قول من جوز الصلاة فی التکة من الوبر ، لکونها مما لا تتم الصلاة فیها منفردة ، وهو منقول عن الشیخ فی النهایة (5) وعن المحقق المیل إلی ذلک والتعدیة لکل ما لا یتم الصلاة فیه منفرداً (6) ، وعن الشهید فی الذکری : أنّ الأشبه المنع ، وأنّ الاستثناء إنّما یثبت فی النجاسة ، وهی مانع عرضی (7).

وهذا کلّه حکاه بعض محققی المعاصرین سلّمه الله بعد ذکر الخبر [ الحادی عشر (8) ] الدال بظاهره علی أنّ التکة من وبر الأرانب یصلّی فیها إذا

بیان ما دل علی عدم جواز الصلاة فی الجوارب والتکک المعمولة من وبر الأرانب والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز

ص: 255


1- فی النسخ : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی ص 1942.
3- فی النسخ : والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
4- فی النسخ : والسابع ، والصحیح ما أثبتناه.
5- حکاه عنه فی المعتبر 2 : 82 ، وهو فی النهایة : 98.
6- المعتبر 2 : 83.
7- الذکری : 144.
8- فی النسخ : الثامن ، والصحیح ما أثبتناه.

کان الوبر ذکیا ، وحکی عن الشهید رحمه الله أنّه أجاب عن الخبر وهو [ الحادی عشر (1) ] أوّلاً : بضعف المکاتبة. و ( ثانیاً : ) (2) بوروده فی قلنسوة علیها وبر فلا یلزم جواز الصلاة فی المتخذ من الوبر ، وقد اعترض علی الشهید من حکینا عنه بتصریح الحدیث بأنّ التکة من وبر الأرانب (3) ، والأمر کذلک ، وقد أوردنا هذا فی معاهد التنبیه وغیره علی شیخنا قدس سره حیث ذکر نحو ما قاله الشهید (4).

ونزید فی المقام کلاماً وهو : أنّ الخبر [ العاشر (5) ] قد دل علی عدم الجواز ، والخبر [ الحادی عشر (6) ] لو أرید فیه الجواز فی التکة المعمولة من الوبر حصلت المنافاة ، فعدم التفات الشیخ إلی ذلک غریب کعدم التفات الشهید رحمه الله فی کلامه إلیه ، بل إلی [ الحادی عشر (7) ].

وربّما یقال فی دفع المنافاة : أنّ [ الحادی عشر (8) ] یحمل علی الشعرات التی علی القلنسوة ، والعاشر علی المنسوج ، أو یحمل العاشر علی الکراهة [ والحادی عشر (9) ] علی الجواز.

ولعل الثانی له ظهور ، من حیث إنّ الشعرات وقعت مع غیرها ، وهی التکة المنسوجة من الوبر ، فالتخصیص بعید مع اتحاد الجواب ، وإن دُفع هذا بوقوع نظیره فی مواضع أمکن أن یوجّه الظهور : بأنّ اشتراط التذکیة فی جواز

ص: 256


1- فی النسخ : الثامن ، والصحیح ما أثبتناه.
2- ما بین القوسین أضفناه من المصدر.
3- انظر الحبل المتین : 183.
4- الذکری : 144.
5- فی النسخ : السابع والصواب ما أثبتناه.
6- فی النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.
7- فی النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.
8- فی النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.
9- فی النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.

الشعرات الملقاة علی القلنسوة دون المعمولة من الوبر ، بحیث لا تجوز الصلاة فیها وإن کان الوبر مذکی ، بعید ، لأنّ العلة عدم الصلاة فی القلنسوة منفردة.

وقد یقال بجواز اختصاص الشیخ بما لا یشارکه غیره ، وفیه : أنّ ما دل علی الصلاة فی شعر الإنسان یدل علی أنّ الذکاة لا تعتبر فی غیر المنسوج ، لکن لا یخفی عدم ورود هذا بعد ملاحظة ما ذکرناه فی معاهد التنبیه فی الحدیث المتضمن لشعر الإنسان ، من أنّ الخبر المنقول فی الفقیه ظاهر فی شعر الإنسان نفسه (1) ، وإنّما الشیخ نقله ، والراوی واحد ، لکن المتن فیه تغییر یظن منه شمول شعر الإنسان لمن یصلّی به وغیره ، وإذا تحقق الاختصاص فلا مشارکة لما نحن فیه ، بل وعلی تقدیر ثبوت شعر مطلق الإنسان لا مشارکة.

والحقّ أنّ الخبرین متعارضان ، أعنی [ الحادی عشر والعاشر ] (2) والجمع بالکراهة ظهوره من جهة احتیاج اعتبار المنسوج وعدمه إلی زیادة بعدٍ عن ظاهر الجواب والسؤال فی [ الحادی عشر (3) ].

وإذا عرفت هذا کلّه ظهر لک ما فی إجمال الشیخ فی المقام ، فتأکید الأخبار لمطلوبه محل کلام.

وفی التهذیب بعد ذکر حدیث جمیل وهو الخامس قال : یحتمل أن یکون لا بأس به إذا کان علی مثل القلنسوة وما أشبهها ممّا لا تتم الصلاة بها ، قال : والذی یکشف عما ذکرناه : ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، وذکر [ الحادی عشر (4) ] ، ثم احتمل التقیة ، واحتمل أیضاً أن تکون « فی »

حکم الصلاة فی قلنسوة علیها وبر ما لا یؤکل لحمه

ص: 257


1- الفقیه 1 : 172 / 812 ، الوسائل 3 : 277 أبواب لباس المصلی ب 18 ح 1.
2- فی النسخ : الثامن والسابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- فی النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.
4- فی النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.

بمعنی « علی » فکأنّه علیه السلام قال : لا بأس بالوقوف علیه (1) ، انتهی.

وفی کلام بعض محققی المعاصرین سلّمه الله أنّ هذا یقتضی تعدیة الحکم إلی کل ما لا تتم الصلاة فیه من التکة وغیرها من الأرانب والثعالب (2) ، انتهی. وأنت إذا تأمّلت عبارة الشیخ إلی آخرها یظهر لک حقیقة الحال.

ثم ما تضمنه الخبر المبحوث عنه وهو [ الحادی عشر (3) ] من قوله : علیها وبر ما لا یؤکل لحمه ، وقوله علیه السلام فی الجواب : « إذا کان الوبر ذکیا » إلی آخره. فیه شمول بحسب الظاهر فی السؤال للطاهر ونجس العین ، والجواب : یحتمل أن یراد بالذکاة فیه : الطهارة ، لاستعمالها فی ذلک ، کما فی قوله علیه السلام ( « کل یابس ذکی » وقراءتها بالزاء تصحیف ، والوجه فی اشتراط الطهارة لإخراج نجس ) (4) العین.

ویحتمل ( أن یراد بالذکاة ) (5) : المقررة.

فالأول : یمکن ادعاء عدم صحته ؛ لأنّ طاهر العین لا تصح الصلاة فیه إذا کان من میتة ، مع أنّه طاهر ، لعدم الخلاف المحقق فی ذلک ، نعم فی الظن نوع إطلاق فی بعض الأخبار.

وأمّا الثانی : فالذکاة حینئذٍ فیما یقبلها لا ارتیاب فی الحکم معها ، أمّا ما لا یقبلها فلا یبعد عدم جواز الصلاة فیه ، لظاهر النص.

وقد یشکل بأنّ الذکی یقال للطاهر فلا مانع من إرادته فی الخبر ، فإذا

ص: 258


1- التهذیب 2 : 206 / 809.
2- البهائی فی الحبل المتین : 183.
3- فی النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

خرج ما میتته نجسة بالإجماع بقی الباقی ، وفیه : أنّ اشتراک الذکاة کافٍ فی المنع ، إلاّ أن یقال : إنّ الاشتراک ینافی الاستدلال من أصله فی الحکمین ، فلا بدّ من الاعتماد علی الظهور.

وما عساه یقال : إنّ المنسوج من وبر الأرانب هو المسئول عنه ، والجواب حینئذٍ یفید أنّ المنسوج من وبر الأرانب ( إذا کان الوبر ذکیا جاز ، فلا یعم الخبر جمیع الوبر. یمکن الجواب عنه : بأنّ الوبر المذکور أوّلاً عام فیتم ) (1) المطلوب ، وفیه : أنّ ( الوبر الأوّل لما کان علی القلنسوة فلا ینفع عمومه فی المنسوج ، ومن هنا یظهر أنّ ) (2) إطلاق جواب بعض محققی المعاصرین سلّمه الله عن کلام الشهید رحمه الله (3) غیر تام.

وقد ذکرت فی حاشیة التهذیب ما یدل علی عدم جواز الصلاة فیما لا یتم فیه منفرداً ، بل وعلی عدم جوازها مع حمله إذا کان غیر طاهر ، بسبب عدم الذکاة ، وهو ما رواه علی (4) بن جعفر فی الصحیح ، وحاصله السؤال عن الصلاة مع فأرة المسک ، والجواب أنّه لا بأس إذا کان ذکیا (5) ، وغیر ذلک من الأخبار المؤیدة (6).

وما قاله شیخنا قدس سره (7) وبعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - (8) من

حکم الصلاة فی ما لا تتم فیه منفرداً إذا کان غیر طاهر

ص: 259


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- تقدّم فی ص 1938.
4- فی التهذیب 2 : 362 : عبد الله.
5- التهذیب 2 : 362 / 1500 ، الوسائل 4 : 433 أبواب لباس المصلی ب 41 ح 2.
6- الوسائل 4 : 433 أبواب لباس المصلی ب 41.
7- مدارک الاحکام 2 : 275.
8- حبل المتین : 101.

احتمال الحدیث لإرادة الطهارة من النجاسة العارضة ، قد ذکرنا فیه أنّه لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ المنع مع النجاسة العارضة یقتضی ذلک مع الأصلیة بطریق أولی عند الموجهین. ( وعلی تقدیر عدم التسلیم فاشتراط عدم النجاسة العارضیة (1) کأنّه لا قائل به.

وأمّا ما تضمنه الخبر ) (2) من عدم حل الصلاة فی الحریر المحض فسیأتی (3) القول فیه فی بابه ان شاء الله.

قوله :

باب الصلاة فی الفنک والسمّور (4) والسنجاب

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن بکیر قال : سأل زرارة أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة فی الفنک والثعالب والسنجاب وغیره من الوبر؟ فأخرج کتاباً زعم أنّه إملاء رسول الله صلی الله علیه و آله : « إنّ الصلاة فی وبر کل شی ء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وکل شی ء منه فاسد لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلّی فی غیره مما أحلّ الله أکله ، ثم قال : یا زرارة هذا من رسول الله صلی الله علیه و آله فاحفظ ذلک یا زرارة ، فإن کان مما یؤکل لحمه فالصلاة فی وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وکل شی ء منه جائزة إذا علمت أنّه ذکی قد ذکّاه الذبح ، وإن کان غیر ذلک ممّا قد نهیت عن

الصلاة فی الفنک والسمّور والسنجاب

اشارة

ص: 260


1- لیس فی « فض » و « م ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- فی ص 1954.
4- السمور : بالفتح کتنور دابة معروفة یتخذ من جلدها فراء مثمنة تکون ببلاد الترک تشبه النمر ومنه أسود لامِع وأشقر. مجمع البحرین 3 : 336 ( سمر ).

أکله أو حرم علیک أکله فالصلاة فی کل شی ء منه فاسدة ، ذکّاه الذبح أو لم یذکّه ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن عمر بن علی بن عمر بن یزید (1) ، عن إبراهیم بن محمّد الهمدانی قال : کتبت إلیه یسقط علی ثوبی الوبر والشعر مما لا یؤکل لحمه من غیر تقیة ولا ضرورة ، فکتب علیه السلام : « لا تجوز الصلاة فیه ».

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن محمّد ، عن عبد الله بن إسحاق ، عمن ذکره ، عن مقاتل بن مقاتل قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الصلاة فی السمّور والسنجاب والثعالب ، فقال : « لا خیر فی [ ذلک ] (2) کلّه ، ما خلا السنجاب ، فإنّه دابة لا تأکل اللحم ».

علی بن مهزیار ، عن أبی علی بن راشد قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام ما تقول فی الفراء ، أیّ شی ء یصلّی فیه؟ قال : « أیّ الفراء؟ » قلت : الفنک والسنجاب والسمّور ، قال : « فصلّ فی الفنک والسنجاب ، وأمّا (3) السمّور فلا تصلّ فیه » قلت : فالثعالب یصلّی فیها؟ قال : « لا ، ولکن تُلبس بعد الصلاة » قلت : أُصلّی فی الثوب الذی یلیه؟ قال : « لا ».

محمّد بن أحمد ( بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ) (4) ، عن داود

ص: 261


1- فی « فض » و « م » : عمر بن علی عن عمر بن یزید ، وفی « رض » : عمرو بن علی عن عمر بن یزید ، وفی الاستبصار 1 : 384 / 1455 : عمر بن علی بن یزید ، والصواب ما أثبتناه من التهذیب 2 : 209 / 819. انظر معجم رجال الحدیث 13 : 48 49.
2- فی النسخ : ذا ، وما أثبتناه من الاستبصار.
3- فی الاستبصار 1 : 384 / 1457 : فأما.
4- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الصرمی قال : حدّثنی بشیر بن یسار (1) قال : سألته عن الصلاة فی الفنک والفراء والسمّور والسنجاب والحواصل التی تصاد ببلاد الشرک أو ببلاد الإسلام (2) أُصلّی فیه بغیر تقیة؟ قال : فقال : « صلّ فی السنجاب والحواصل الخوارزمیة (3) ، ولا تصلّ فی الثعالب ولا السمّور ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن العباس ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الفراء والسمّور والسنجاب والثعالب وأشباهه؟ قال : « لا بأس بالصلاة فیه ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، ( عن أبیه علی ) (4) بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن لباس الفراء والسمّور والفنک والثعالب وجمیع الجلود؟ قال : « لا بأس ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی ضرب من التقیة علی ما بیناه فی غیرهما من الأخبار ، لأنّ ذلک لا یوافقنا علیه أحد ، ویجوز أن یکون قوله : « لا بأس به » مخصوصاً ببعض ما تضمنه السؤال وهو السنجاب ، لأنّ ذلک قد رخص فی الصلاة فیه علی ما بیناه فی بعض الأخبار ، ویکون عوّل فی الجواب عما عدا السنجاب علی

ص: 262


1- فی « فض » : بشیر بن بشار.
2- فی الاستبصار 1 : 384 / 1458 زیادة : أن.
3- الحواصل الخوارزمیة : حیوانات منسوبة إلی خوارزم اسم بلدة. مجمع البحرین 4 : 9 ( جرز ).
4- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».

ما تقدم منه ومن آبائه علیهم السلام من البیان ، وأمّا (1) السمّور خاصة فیدل علی کراهیته أیضاً :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن جلود السمّور؟ فقال : « أیّ شی ء هو ، ذلک الأدبس؟ » فقلت : هو الأسود ، فقال : « یصید؟ » فقلت : نعم یأخذ الدجاج والحمام ، قال : « لا ».

السند :

فی الأوّل : معدود فی الموثق بابن بکیر ، لکن لا یخفی أنّ فیه إبراهیم ابن هاشم الممدوح ، فالظاهر أنّه لا یؤثّر فی الوصف ، لعدم اشتمال باقیه علی ضعف ، کما هو مأخوذ فی تعریف الموثق ، غایة الأمر أنّ العامل بالموثق إن کان عاملاً بالحسن فالأمر سهل ، أمّا لو لم یعمل به احتیج إلی الفرق بین ما اشتمل باقیه علی ممدوح وغیره ، والظاهر أنّ الفرق غیر موجود کما یقتضیه إطلاق من رأینا کلامه ، وإن کان باب الاحتمال واسعاً.

والثانی : فیه عمر بن علی ، والذی فی الرجال یحتمله هو ابن علی ابن عمر المذکور فی النجاشی مهملاً (2) ، وکذا فی الفهرست (3) ، والراوی لکتابة محمّد بن علی بن محبوب ، أمّا غیر هذا فلیس فی المرتبة ، وفی الکشی فی ترجمة إبراهیم بن محمّد الهمدانی ذکر حدیثاً یرویه محمّد بن أحمد ، عن عمر بن علی بن عمر بن یزید ، عن إبراهیم (4) ، لکن الاعتماد

بحث حول السند المشتمل علی موثّقٍ وممدوحبحث حول السند المشتمل علی موثّقٍ وممدوح

بحث حول عمر بن علی

ص: 263


1- فی الاستبصار 1 : 385 : فأمّا.
2- رجال النجاشی : 286 / 761.
3- الفهرست : 115 / 503.
4- رجال الکشی 2 : 869 / 1136.

علی الکشی مشکل ، وعلی کل حال لیس فی الرجال من نقلناه.

أمّا إبراهیم بن محمّد الهمدانی فالعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه وکیل بطریق الجزم ، ونقل عن الکشی ما یفید توثیقه روایة (1) ، والروایة فی طریقها جهالة کما ذکره جدّی 1 فی حواشی الخلاصة ، لکن فی الفوائد اللاحقة بالخلاصة ذکر العلاّمة ما صورته : ومنهم أحمد بن إسحاق وجماعة ، وقد خرج التوقیع فی مدحهم ، وقد روی أحمد بن إدریس ، ( عن محمد بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ) (2) ، عن أبی محمّد الرازی (3) قال : کنت أنا وأحمد بن أبی عبد الله بالعسکر ، فورد علینا من قبل الرجل فقال : أحمد بن إسحاق الأشعری وإبراهیم بن محمّد الهمدانی واحمد بن حمزة ابن الیسع ثقات (4).

ولا یبعد أن تکون هذه الروایة من کتاب الغیبة للشیخ (5) ، والطریق فی الفهرست إلی جمیع روایات أحمد بن إدریس صحیح (6) ، فیستفاد التوثیق کما ظنه بعض (7) ، ( بناءً علی ما قدّمناه فی مثل هذا. ) (8) ( وفیه انّ أبا محمّد الرازی مجهول ) (9) ، والأمر فی المقام سهل ، وإنما ذکرنا ذلک لفائدة ما.

وأمّا التوکیل فیستفاد من النجاشی فی ترجمة محمّد بن علی بن

بحث حول إبراهیم بن محمد الهمدانی

ص: 264


1- الخلاصة : 6 / 23.
2- فی النسخ : عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، وما أثبتناه من المصدر. الخلاصة : 275.
3- فی « فض » : الزراری ، وفی الخلاصة : أبی أحمد الرازی.
4- الخلاصة : 275.
5- الغیبة : 258.
6- الفهرست : 26 / 71.
7- حاوی الأقوال 1 : 132 / 16.
8- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».
9- بدل ما بین القوسین فی « م » : إلاّ أن الجزم بکونه من روایات الشیخ مشکل.

إبراهیم المذکور (1) ، فالعجب من شیخنا المحقق أیّده الله حیث لم یذکر ذلک فی کتاب الرجال ، وعلی کل حال الوکالة لا تثبت التوثیق کما قرّرناه سابقاً مفصّلاً.

والثالث : فیه مع الإرسال عبد الله بن إسحاق ، والذی وجدته فی الرجال عبد الله بن إسحاق الهاشمی مهملاً فی أصحاب الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2) ، وروایة علی بن محمّد الذی هو علاّن ، عنه ، لا وجه لها ، فالرجل مجهول.

أمّا مقاتل بن مقاتل فالشیخ قال : إنّه واقفی خبیث (3) ، وهو من أصحاب الرضا علیه السلام .

والرابع : فیه أبو علی بن راشد ، وهو الحسن بن راشد الثقة فی رجال الجواد علیه السلام من کتاب الشیخ (4) ، وورد فیه أخبار فی المدح ، لیس هذا محل ذکرها ، فالعجب من شیخنا قدس سره أنّه قال فی کتاب الخمس من المدارک : إنّ أبا علی بن راشد لم یوثق صریحاً (5).

والخامس : فیه داود الصرمی ، وهو ابن مافِنَّة المهمل فی الرجال (6). وبشیر بن یسار هو الموجود فیما رأیته من النسخة ، وفی الرجال بشر بن یسار بغیر یاء (7) ، وهو مهمل علی کل حال.

بحث حول عبد الله بن إسحاق

مقاتل بن مقاتل واقفی خبیث

بحث حول أبی علی الحسن بن راشد

داود الصرمی مهمل

بشیر بن یسار مهمل

ص: 265


1- رجال النجاشی : 344 / 928.
2- رجال الطوسی : 223 / 12.
3- رجال الطوسی : 390 / 40.
4- رجال الطوسی : 400 / 8.
5- المدارک 5 : 304.
6- رجال النجاشی : 161 / 425 ، الفهرست : 68 / 268.
7- الفهرست : 40 / 120.

والسادس : واضح ، والعباس هو ابن معروف فی الظاهر من ممارسة الأخبار ، وغیره ممن یضر بالحال فی غایة البعد.

والسابع : لا ارتیاب فیه.

والثامن : مضی فیه القول مفصلاً من جهة البرقی (1).

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من نوع حزازة فی التعبیر ومنشأه النقل بالمعنی ، ومن أمثال هذا یظهر أنّ الالتفات إلی نکت المعانی فی

أخبارنا (2) محتاج إلیه.

وقد استفاد بعض محققی المعاصرین سلّمه الله من الخبر التناول لجلود الأرانب والثعالب وأوبارها ، بل فی الشعرات العالقة بالثوب منها ومن سائر ما لا یؤکل ، سواء کانت له نفس سائلة أم لا ، وسواء کان قابلاً للذکاة أم لا ، إلاّ ما أخرجه الدلیل کالخز وشعر الإنسان نفسه والحریر غیر المحض ، فلا تجوز الصلاة فی جمیع ذلک ، بل عدم الجواز فی ثوب أصابه فضلات غیر مأکول اللحم کعرقه ولعابه ولبنه ، وکذلک البدن ، فیستفاد عدم صحة صلاة المتلطخ بالزباد (3) ، انتهی ملخصاً.

ولقائل أن یقول : إنّ الخبر تضمن أنّ الصلاة فی الأشیاء المذکورة ، والظرفیة حقیقةً فی البعض غیر ممکنة ، فإمّا أن یتجوّز فیها بإرادة المعیّة ، أو یراد بها الحقیقة فیما یمکن ، والمجاز فی غیره ، والأوّل وإنْ کان أقرب

بیان ما دل علی عدم جواز الصلاة فی جلود ما لا یؤکل وأوباره وأشعاره وفضلاته

ص: 266


1- فی ص 68.
2- فی « فض » و « رض » زیاده : غیر.
3- انظر الحبل المتین : 184 ، والزَّباد : الطیب المتخذ من سِنّور الزَّباد.

بالنظر إلی أنّ استعمال اللفظ فی الحقیقة والمجاز یقتضی تعدد المجاز کما حققناه فی الأُصول ، إلاّ أنّه یعارض بلزوم محذور زیادة التخصیص ، من حیث اقتضائه عدم جواز الصلاة فی لعاب الحیوانات ، مثل الذباب وفضلاتها ، وعدم الجواز فی الثوب الذی أصابه العسل. والظاهر عدم القائل بهذا ، والأوّل إجماعی.

ثم العرق یتناول عرق غیر الإنسان ( نفسه من الإنسان ) (1) ، ولم ینقل عدم جواز الصلاة فی المعار من الثیاب أو المشتری إلاّ بعد غسله عن السلف ، بل الظاهر خلاف ذلک من الآثار ، واحتمال الخروج بالإجماع کما خرج غیر ما ذکر بالدلیل ممکن ، إلاّ أنّ مثل هذا العام وإنْ خص ، وکان العام المخصوص حجة ، إلاّ أنّ اللائق بالحکمة فی تعلیم الأحکام غیر هذا الإجمال ، ( إلاّ علی التوجیه الآتی ) (2).

واستثناء شعر الإنسان نفسه إن کان مستنده الروایة المنقولة من المستثنی فهی عامة ، وادعاء ظهور أنّ المراد بها شعر المصلّی ، کما قاله العلاّمة فی المنتهی (3) ، محل بحث ، بل الأولی الاعتماد علی ما أشرنا إلیه سابقاً ، من إیراد (4) متن الروایة فی الفقیه صریحة فی الاختصاص (5).

وعلی کل حال ففضلة الإنسان نفسه غیر الشعر من البصاق ونحوه ، إن کانت خارجة بسبب المشقة ، فالمشقة غیر منضبطة ، والأخبار الواردة فی معانقة الزوجة ( ونحوها ) (6) مع العرق وهی حائض صریحة فی عدم المنع

ص: 267


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
2- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
3- المنتهی 1 : 235.
4- فی « رض » : إرادة.
5- تقدّم فی ص 257.
6- أثبتناه من « رض ».

من الصلاة ، بل معانقة غیرها کما یظهر من الأخبار.

ثم إنّ الخبر کما تری یدل علی اشتراط العلم بالذکاة فی المأکول ، والقائل بهذا نادر إن وجد. ولو أُرید العلم الشرعی أمکن ، لکنه بعید عن الظاهر ؛ ثم التقیید بأنّ الذبح ذکّاه یشکل بذکاة غیره کالجراد والسمک والمنحور وغیر ذلک ممّا یطول بشرحه الکلام.

ولو حمل اللفظ علی حقیقته ومجازه ربما قربه غیر ما ذکرناه ما تقدم فی خبر علی بن مهزیار الدال علی عدم جواز الصلاة فی الجوارب والتکک من وبر الأرانب ، والمعارضة بما دل علی المنع تقدم القول فیها (1) ، ویمکن تخصیص الجواز بغیر المنسوج.

ویقرب ما ذکرناه أیضاً أنّ السؤال عن السنجاب فی جملة غیره ، والإجماع مدعی علی الجواز فیه ، فیبعد أنْ یکون علیه السلام عمم الحکم فیه مع دعوی الإجماع وإنْ قرّب هذا ما یوجد فی الإجماع المنقول بکثرة من مخالفة الناقل نفسه.

وما یقال فی السنجاب : من أنّ بعض الأخبار الواردة فیه متعارضة ، فستسمع القول فی ذلک إن شاء الله (2).

أمّا تأیید الخبر لما دل علی النهی عن الصلاة فی الحریر المحض ، وهو خبر محمّد بن عبد الجبار ، فالحال غیر محتاجة إلیه ، نعم ذاک الخبر قد یقال فیه نحو ما ذکرناه هنا من أنّ « فی » حقیقة فی الظرفیة ، فإذا دلّ الخبر علی انّ الصلاة فی الحریر غیر جائزة ظهر منه أن یکون الحریر ظرفاً علی الحقیقة أو ما یقرب منها ، حیث کان السؤال عن التکة ، ولا یبعد حقیقة

ص: 268


1- فی ص 1931.
2- انظر ص 1948 و 1949 و 1950.

الظرفیة عنها بعد التأمّل.

أمّا مثل القطعة فی الثوب فیمکن أیضاً ادّعاء الظرفیة ، بخلاف مثل الزرور ونحوها فإنّها فی المعنی من قبیل المحمول.

وما یقال من أنّه لو جاز الحریر فی الزرور لجاز الذهب ، أمکن الاعتراف به ، کما أنّ الحریر لو کان مجرد الحصول کافیاً فی المنع لزم فی مثل الخیوط المنع ، ولا أظن قائلاً بذلک.

أمّا القلنسوة من الحریر فورد فی بعض الأخبار ما یقتضی المنع منها ، وهو ما رواه الشیخ فی ما یأتی عن محمّد بن عبد الجبار (1) ، وسیأتی (2) أنّ الخبر لولا أنّه ظاهر فی صدق الظرفیة علی القلنسوة لأمکن أنْ یقال : إنّ الجواب محتمل لأن یراد الإخبار عن اشتراط الظرفیة ، والقلنسوة لیست ظرفاً ، غیر أنّ الظاهر ما سمعته.

ولا یبعد أن یراد بظرفیة الصلاة مثل هذا ، کما فی التکة ، مع احتمال أنْ یقال فی التکة کما فی القلنسوة : من أنّه علیه السلام أراد بیان اشتراط الظرفیة ، وسیأتی بقیة الکلام فی الحریر إن شاء الله (3) ، وإنّما ذکرنا ما هنا للنقل السابق.

ثم إنّ الثانی کما تری علی تقدیر تسلیم السند یدل بسبب عدم الاستفصال من الإمام علیه السلام علی العموم فی الشعر للآدمی وغیره ، والمخصص قد سبق القول فیه ، والظرفیة ربما تنافی صریحاً ما قررناه ، إلاّ أنّ إمکان إرادة عدم الصلاة فی الثوب الذی أصابه الشعر والوبر ، وغیر خفی

ص: 269


1- فی ص 1952.
2- فی ص 1952.
3- فی ص 1954.

الفرق حینئذ بینه وبین الأوّل من هذه الجهة ، إلاّ أنّ فی هذا دلالة علی أنّ المراد فی الخبر الأوّل الأعم من الشعر المنسوج وغیره.

والثالث : واضح الدلالة علی جواز الصلاة فی السنجاب لو صحّ السند ، والتعلیل بأنّه لا یأکل اللحم ، قیل : إنّ المراد به نفی کونه من السباع ؛ لأنّ السبع هو الذی لا یکتفی فی الغذاء بغیر اللحم (1) ، وقد ادعی العلاّمة فی المنتهی الإجماع علی التحریم فی السباع وکذلک فی المسوخ (2) ، ولا یخفی ما فی الإجماع الأوّل من النظر ، والتفسیر کذلک ، لکن إنّما ذکرنا ما نقله العلاّمة لاحتمال أنّ یقال : إنّه یستفاد عدم صحة الصلاة فی جلود السباع. والثعلب یأکل اللحم ، فالخبر یدل علی الثعلب من نفی الخیر والتعلیل.

والرابع : یدل علی أنّ الفنک والسنجاب یُصلّی فیهما ، فیؤیّد الإجماع المنقول فی السنجاب (3) ، وبعض الأخبار یؤیده (4) ، ومعارضة الخبر الأوّل له توجب تخصیص الأوّل ، والجواب عن الخبر المبحوث عنه بتضمنه الفنک ، وهم لا یقولون به یمکن أن یقال علیه : إنّه یجوز إخراج الفنک بالدلیل ، ولا مانع من ذلک ، وفیه : کمال استبعاد التخصیص ، مع نصوصیة الخبر فی تخصیص الفنک والسنجاب.

وما عساه یقال : من إمکان ذکر الفنک مع السنجاب للجواز فی الأمرین ، والنص علی المنع فی الفنک غیر معلوم من القائلین بالسنجاب ،

بیان ما دل علی عدم الجواز فی الثعالب والسمّور والجواز فی السنجاب والفنک والحواصل ، والأقوال فی المسألة

ص: 270


1- کما فی المدارک 3 : 170.
2- المنتهی 1 : 226.
3- المدارک 3 : 170.
4- الوسائل 4 : 347 أبواب لباس المصلی ب 3.

والإجماع علی المنع معلوم الانتفاء من ظاهر الصدوق فی الفقیه (1).

یمکن أن یجاب عنه : بأنّ المنقول القول بالجواز عن الشیخ فی النهایة والمبسوط ، حتی قال ( فی المبسوط ) (2) : وأمّا السنجاب والحواصل فلا خلاف فی أنّه تجوز الصلاة فیهما. والظاهر من هذا نفی الجواز فی الفنک ، هکذا حکاه العلاّمة فی المختلف عنه (3).

وأمّا المتأخّرون عن العلاّمة فالشهید فی الذکری ینقل عنه القول بالجواز (4) ، وتبعه المحقّق الشیخ علی (5) ؛. وغیر خفی أنّ الجواب بقول إنهم لا یقولون بالفنک ، منحصر فی الشیخ علی ما فی المختلف ؛ لأنّه الناقل للقول ، ثم القائل : احتج المجوزون بالروایة المبحوث عنها ، ثم المجیب : بأنّهم لا یقولون (6). والحال أنّه نقل عن الشیخ فی الخلاف أنّه قال : کلّ ما لا یؤکل لحمه لا تجوز الصلاة فی جلده ، إلی أن قال : ووردت رخصة فی جواز الصلاة فی الفنک والسمور والسنجاب ، والأحوط ما قلناه (7) ، یعنی المنع.

ونقل عن ابن الجنید المنع (8) ، وکذا عن أبی الصلاح (9) ، وعن السیّد

ص: 271


1- الفقیه 1 : 170.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- المختلف 2 : 93 ، وهو فی النهایة : 97 ، وفی المبسوط 1 : 82 ، 83.
4- الذکری : 144 ، وحکاه عنه فی الحبل المتین : 182.
5- جامع المقاصد 2 : 79.
6- المختلف 2 : 95.
7- حکاه عنه فی المختلف 2 : 93 ، وهو فی الخلاف 1 : 511.
8- حکاه عنه فی المختلف 2 : 93.
9- حکاه عنه فی المختلف 2 : 93 ، وهو فی الکافی فی الفقه : 140.

المرتضی فی الجمل (1) ، وابن زهرة (2) وعن سلاّر (3) نحو ما قاله الشیخ فی الخلاف وعن ابن بابویه ما ذکره فی رسالة أبیه له المتضمنة لأنّه : إذا کان علیک من سنجاب أو سمّور أو فنک فانزعه ، وقد روی فیه رخص (4).

وأنت خبیر بأنّ القائل بالجواز حینئذٍ الشیخ وسلاّر ، وظاهر کلام علی ابن بابویه ، وقد ذکروا الرخصة فی الفنک ، فالجواب بأنّهم لا یقولون بالفنک ، إن أُرید به مطلقاً ، فتوجّه الکلام فیه ظاهر ، وإن کان علی سبیل الاختیار ، إن أُرید بالرخصة الاضطرار ، أو أنّ الأولی ترک الصلاة فیه ، فکان الأولی بیان حقیقة الحال ، ( لا الجواب بأنّهم ) (5) لا یقولون علی الإطلاق.

وأمّا الصدوق فقد روی عقیب ما نقله عن أبیه ما یدل علی جواز الصلاة فی الفنک والسنجاب ، والروایة عن یحیی بن أبی عمران ، أنّه قال : کتبت إلی أبی جعفر الثانی 7 فی السنجاب والفنک والخزّ ، وقلت : جعلت فداک أُحب أن لا تجیبنی بالتقیة فی ذلک ، فکتب بخطه إلیّ : « صلّ فیها » (6).

وهذه الروایة وإن کان فی سندها محمّد بن علی ما جیلویه ، وفیه کلام مضی ، ویحیی بن أبی عمران غیر مذکور فی الرجال (7) ، إلاّ أنّ

ص: 272


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 94 وهو فی جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 28.
2- حکاه عنه فی المختلف 2 : 94 ، وهو فی الغنیة : 555.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 94 ، وهو فی المراسم : 64.
4- حکاه عنه فی المختلف 2 : 94 ، وهو فی الفقیه 1 : 170.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- الفقیه 1 : 170 / 804 ، الوسائل 4 : 349 أبواب لباس المصلی ب 3 ح 6.
7- ذکره الکشی فی ترجمة أحمد بن سابق ، رجال الکشی 2 : 828 ، وذکر الصدوق طریقه إلیه فی مشیخة ( الفقیه 4 ) : 44. وراجع معجم رجال الحدیث 20 : 26 28.

المقصود من ذکرها کون الظاهر من نقلها اعتماد الصدوق علی مضمونها ، وهی تعطی انتفاء الضرورة ، فلا یکون قائلاً بالرخصة کما قاله أبوه فی رسالته ، إلاّ أن یقال : إنّ المستفاد من الروایة الإفتاء من غیر تقیة ، وهذا لا ینافی الجواز ( لضرورة اخری ، وفیه ما فیه.

والحاصل أنّ الروایة لها اعتبار بما کررنا القول فیه ، ودلالتها علی مذهب الصدوق کذلک ) (1) فیکون قائلاً بالفنک ، فلا إجماع علی نفی الجواز ، إلاّ أن یثبت تأخّره ، وفیه ما فیه. کما أنّ القائل بالجواز فی السنجاب غیر مانع من الفنک مطلقاً ، فلا مانع من العمل بظاهر الخبر المبحوث عنه ، غایة الأمر احتمال اختصاص الفنک والسنجاب بالرخصة ، کما یظهر من بعض القائلین بالجواز فی السنجاب من المتقدمین (2).

ومن هنا یظهر ما فی کلام العلاّمة من النظر ، والمشی علی قوله فی عبارة جدّی 1 فی شرح الإرشاد (3) ، وکلام بعض محققی المعاصرین (4) سلّمه الله أغرب.

نعم یبقی الکلام فی ضمیمة الحواصل للسنجاب فی دعوی الشیخ عدم الخلاف (5) ، وهو أعلم بالحال ، کما أنّ السمّور فی الخبر المبحوث عنه قد نهی عنه ، والشیخ ادعی الرخصة فیه ، فإن استند إلی الخبر [ السادس ] (6) فهو محمول هنا علی التقیة ، ولو أراد بالرخصة التقیة لم یتم حکمه فی

ص: 273


1- ما بین القوسین ساقط عن « رض ».
2- تقدّم فی ص 1949 وهو الشیخ فی الخلاف 1 : 511 وسلار فی المراسم 64.
3- روض الجنان : 213.
4- الحبل المتین : 182.
5- کما فی المبسوط 1 : 82 83.
6- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.

السنجاب ، لمشارکته للفنک والسمور ، وبالجملة فالأمر لا یخلو من اضطراب.

ولو نظرنا إلی الأصل فی جواز الصلاة ما لم یعلم التحریم ، ومع تعارض الأخبار فی السنجاب لا یتحقق الخروج عن الأصل ، احتمل أنْ یقال : إنّ ما دل علی المنع من الصلاة فی جلد غیر المأکول بعمومه موجود ، فیخرج عن الأصل ، وفیه : أنّ من یعمل بالموثق یمکنه أنْ یستدل بخبر ابن بکیر علی ما ذکر ، ومن لم یعمل فالأصل عنده له وجه ، واحتجاج العلاّمة فی المختلف بأنّ الذمة مشغولة بیقین ، فلا یحصل الیقین فی السنجاب (1) ، فیه نظر واضح ، ذکرنا وجهه فی الکتاب ، والاحتیاط مطلوب.

وأمّا [ الخامس (2) ] : فالخلل الواقع فی متنه غیر خفی ، وأظن أنّ عدم التعرض له بعد معرفة حال السند أولی.

[ والسادس (3) ] : قد قدّمنا فیه القول ، بأنّ شیخنا 1 ذکره فی جملة الأخبار الصحیحة الدالة علی جواز الصلاة فی الثعالب (4) ، وغیر خفی اشتماله علی ما یتعین بسببه الحمل علی التقیة.

وما عساه یقال : إنّ ما تضمنه من قوله : وأشباهه ، لعلّ المراد به أشباهه ممّا تضمنه غیره من الأخبار ، لا ما ادّعی علیه الإجماع فی المنتهی من السباع والمسوخ (5) ، وحینئذٍ یراد بالأشباه الفنک والحواصل علی قول الشیخ من الإجماع فی الحواصل.

توجیه ما دل علی الجواز فی السمّور والثعالب

ص: 274


1- المختلف 2 : 95.
2- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- فی النسخ : الخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
4- المدارک 3 : 170.
5- المنتهی 1 : 226.

یمکن الجواب عنه : بأنّ السمّور لا قائل به علی وجه الاختیار ، وظاهر النص خلافه ، وعلی هذا یبعد إطلاق الحکم فی الثعالب ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الغرض من النص أصل الجواز ، ویبقی حکم الضرورة فی البعض موکولاً إلی غیره من الأدلة. وفیه : أنّ المستدل بالخبر لو قال بهذا أمکن التوجیه ، وإلاّ فلا وجه للاستدلال بالخبر.

[ والسابع (1) ] : ظاهر فی جواز اللبس ، أمّا الصلاة فأمر آخر ، إلاّ أن یُدّعی أن إطلاق الجواب مع احتمال الصلاة فیه کافٍ فی الجواز ، وفیه : أنّه لا مانع من التخصیص ، ولعلّ احتمال التقیة ، کما قاله الشیخ أقرب إلی الاعتبار ، أمّا احتمال الجواب عن البعض فلا ینبغی أن ینسب إلی الأئمّة الأطهار.

وأما [ الثامن (2) ] : فالظاهر من الشیخ حیث عبّر بالکراهة أنّه فهم من النهی فیه ذلک ، بمعونة غیره من الأخبار ، وللبحث فیه مجال.

اللغة :

قال فی القاموس : الفنک بالتحریک : دابة فروها أطیب أنواع الفراء وأعدلها (3). وفی الحبل المتین : أنّه حیوان غیر مأکول اللحم ، یتخذ من جلده الفراء ، والسمّور علی وزن تنور ، أو بکسر السین وتشدید المیم المفتوحة (4).

معنی الفَنَک

ص: 275


1- فی النسخ : والسادس ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی النسخ : السابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- القاموس المحیط 3 : 327.
4- الحبل المتین : 180.

قوله :

باب کراهیة الصلاة فی الإبریسم المحض.

محمّد بن یعقوب ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن عبد الجبار ، قال : کتبت إلی أبی محمّد علیه السلام أسأله هل یُصلّی فی قلنسوة حریرٍ محض أو قلنسوة دیباج؟ فکتب علیه السلام : « لا تحل الصلاة فی حریر محض ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن إسماعیل بن سعد الأشعری ، قال : سألته عن الثوب الإبریسم ، هل یصلّی فیه الرجل؟ قال : « لا ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن عدة من أصحابنا ، عن علی بن أسباط ، عن أبی الحارث قال : سألت الرضا علیه السلام هل یصلّی الرجل فی ثوب إبریسم؟ قال « لا ».

فأمّا ما رواه سعد ( بن عبد الله ) (1) ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد ابن إسماعیل بن بزیع قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الصلاة فی ثوب دیباج؟ فقال : « ما لم یکن فیه التماثیل فلا بأس ».

فأوّل ما فی هذا الخبر أنّا قد روینا عن أبی الحسن علیه السلام ما ینافی هذه الروایة ، ولا یجوز أن تختلف أقواله علیه السلام إلاّ لوجهٍ ( أو تأویلٍ ) (2) صحیح ، علی أنّه لیس فی ظاهر الخبر أنّه لا بأس علی کل حال ، وإذا لم یکن ذلک فیه حملناه علی حال الحرب دون حال الاختیار ، یدل علی ذلک :

کراهیة الصلاة فی الإبریسم المحض

اشارة

ص: 276


1- لیس فی الاستبصار 1 : 386 / 1465.
2- فی « فض » : أو لتأویل ، وفی « فض » : والتأویل ، وفی « م » : أو التأویل ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 386.

ما رواه سعد ، عن محمّد بن عیسی ، عن سماعة بن مهران ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن لباس الحریر والدیباج؟ قال : « أمّا فی الحرب فلا بأس وإن کان فیه تماثیل ».

ویجوز أن یکون المراد بالدیباج ما یکون مخلوطاً بالقطن أو الکتان ، لأنّ ذلک تجوز الصلاة فیه ، ویکون تسمیته بالدیباج علی ضربٍ من التجوّز ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان بن یحیی ، عن یوسف ابن إبراهیم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « لا بأس بثوبٍ (1) أن یکون سداه وزرّه وعلمه حریراً ، وإنما کره الحریر المبهم للرجال ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام ینهی عن لباس الحریر للرجال والنساء ، إلاّ ما کان من حریر مخلوطٍ (2) بخزّ أو سداه خزّ أو کتان أو قطن ، وإنّما یکره الحریر المحض (3) للرجال والنساء.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحته ، کالثانی.

والثالث : فیه مع الإرسال جهالة أبی الحارث ؛ إذ لم أقف علیه فی

أبو الحارث مجهول

ص: 277


1- الاستبصار 1 : 386 / 1467 : بالثوب.
2- فی « رض » : مخلوطاً.
3- فی النسخ : محضاً ، وما أثبتناه من التهذیب 2 : 367 / 1524 والاستبصار 1 : 386 / 1468.

الرجال. أمّا علی بن أسباط فمعلوم الحال.

والرابع : لا ریب فی صحته ، ومنه یعلم أنّ روایة محمّد بن یعقوب عن محمّد بن إسماعیل بن بزیع بواسطتین ، فیبعد الروایة (1) عنه بلا واسطة ، کما یخیل فی محمّد بن إسماعیل الذی یروی عن الفضل بن شاذان أنّه ابن بزیع.

والخامس : فیه محمّد بن عیسی وقد قدّمنا (2) رجحان قبول روایته فی غیر موضع الاستثناء (3). کما ذکرنا حال سماعة بن مهران (4).

والسادس : فیه یوسف بن إبراهیم ، وهو مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (5).

والسابع : فیه موسی بن بکر ، وهو واقفی غیر ثقة.

المتن :

فی الأوّل : استدل به المانعون من الصلاة فی الحریر إذا کانت الصلاة لا تتم فی الثوب وحده ، حکاه فی المختلف بعد أن نقل عن الشیخ أنّه قال : تکره الصلاة فی التکة والقلنسوة إذا عملتا من حریرٍ محض ، واختاره ابن إدریس ، وقال أبو الصلاح : ومعفو عن الصلاة فی القلنسوة والتکة والجورب والنعلین والخفین ، وإن کان نجساً أو حریراً ، والتنزه عنه أفضل. وکذا قال الشیخ فی المبسوط ، ولم یستثن المفید ولا ابن بابویه

کلمة حول روایة الکلینی عن محمد بن إسماعیل بن بزیع

یوسف بن إبراهیم مهمل

موسی بن بکر واقفی غیر ثقة

حکم الصلاة فی الحریر إذا کان مما لا تتم فیه والأقوال فی المسألة

ص: 278


1- فی « رض » : فیبعد وجه الروایة ، وفی « م » فلا وجه للروایة ، وما أثبتناه من « فض ».
2- فی « رض » زیادة : احتمال.
3- تقدم فی ص 53.
4- فی ص 78.
5- رجال الطوسی : 336 / 57.

ولا ابن الجنید شیئاً ، والظاهر من مذهبهم عموم المنع (1).

ثم نقل احتجاج الشیخ بالأصل وهو عدم التکلیف بالتحریم ، ولأنّ تسویغ الصلاة فیهما مع النجاسة وإخراجهما عن عموم حکم الثیاب یستلزم تسویغ الصلاة فیهما إذا کانا من إبریسم محض ؛ لاشتراکهما فی المصلحة المطلوبة من الصلاة فیهما.

وبما رواه الحلبی ، عن الصادق علیه السلام قال : « کل ما لا تجوز الصلاة فیه وحده فلا بأس بالصلاة فیه ، مثل التکة الإبریسم والقلنسوة والخفین والزّنار (2) یکون فی السراویل ویصلّی » (3).

وأجاب العلاّمة عن الحجة المذکورة ، أمّا عن الأصل : فبالمعارضة بما دل علی المنع ، وبالفرق بین النجس والحریر ؛ لأنّ المانع فی النجس عارض ، وفی الإبریسم ذاتی.

والحدیث فی طریقه أحمد بن هلال ، وهو غالٍ ، وابن الغضائری وإن عمل بروایته فیما یرویه عن ابن أبی عمیر ، أو الحسن بن محبوب ، إلاّ أنّ عندنا غلوّه یمنع من قبول روایته ، ثم قال العلاّمة : وروایة محمّد بن عبد الجبّار (4) قویّة ، فإذن الأقوی المنع (5). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ فی المقام بحثاً من وجوه :

الأوّل : روایة محمّد ابن عبد الجبّار کما تری ظاهرة فی المنع فی

وجه الجمیع بین ما دل علی المنع وما دل علی الجواز

ص: 279


1- المختلف 2 : 98.
2- الزنّار کتُفّاح : شی ء یکون علی وسط النصاری والیهود ، والجمع زنانیر مجمع البحرین 3 : 319 ( زنر ).
3- الوسائل 4 : 377 أبواب لباس المصلی ب 14 ح 2.
4- المتقدّمة فی ص 1931.
5- حکاه فی المختلف 2 : 98 ، 99.

الصلاة من الحریر المحض بعد السؤال عما ذکر فیها ، وقد قدّمنا (1) نوع احتمال من جهة الظرفیة ، إلاّ أنّ الظاهر دخول القلنسوة ، لبعد الجواب علی وجه یخرج عن السؤال ، لکن لا یخفی أنّ روایة محمّد بن إسماعیل دالة علی الجواز ، وحمل الشیخ لا یعیّن الروایة ، بل هو احتمال ، وغیره لا یمتنع ، بل یجوز حمله علی الجواز والأوّل علی الکراهة ، والتعبیر بلفظ « لا تحل » لا مانع منه ، بسبب المعارض ، والإجماع الواقع (2) للکراهة ، حیث لم ینقل بالجواز فی الحریر المحض للرجال ، فیه : أنّ ما لا تتم الصلاة فیه منفرداً قد تحقق فیه الخلاف ، فانتفی الإجماع ، وحینئذٍ فالأصل لا یُخرج عنه بمجرد خبر محمّد ابن عبد الجبّار بعد وجود المعارض له.

فإن قلت : إنّ الشیخ فی ظاهر العنوان حاکم بالکراهة فی الحریر المحض ، فکیف الإجماع؟

قلت : الظاهر أنّ الشیخ ذکر الکراهة قاصداً بالباب ما لا تتم الصلاة فیه منفرداً ، ولمّا کان عنده فیه الکراهة کما نقله العلاّمة (3) ، جعل العنوان بما فی ذهنه ، مع احتمال إرادة التحریم من الکراهة ، إذ هی تُستعمل فی ذلک ، وربّما یؤید الثانی ما ینقله من الأخبار الأُخر مع المعارض کما لا یخفی.

وفی الظن أنّ من الوجه الذی ذکرناه یمکن الاستدلال علی جواز صلاة النساء فی الحریر المحض ، وإن کان الجواب فی خبر محمّد بن عبد الجبار عاما ، فیقال : إنّ الأصل لا یخرج عنه مع التعارض ، والإجماع منتفٍ من جهة النساء.

ص: 280


1- فی ص 1948.
2- فی « م » و « فض » : الرافع.
3- المختلف 2 : 98.

فإن قلت : الخبر الدال علی المنع لا یمکن حمله علی الکراهة مطلقاً ، لأنّ من الحریر المحض ما لا خلاف فی تحریم الصلاة فیه ، وحینئذٍ لا بدّ من الحمل علی التحریم ، وما دل علی الجواز یحمل علی ما قاله الشیخ ، ولو حمل ما دل علی المنع علی الأعم من الکراهة والتحریم ، أشکل بأنّ حمل اللفظ علی الحقیقة والمجاز ممنوع منه فی مثل المقام ، أو مطلقاً.

قلت : یمکن توجیه حمل اللفظ علی الحقیقة والمجاز ، ولا مانع منه مجازاً ، والقرینة فی مثله لا یضر خفاؤها عنّا ، والمعارض وهو ما دل علی الجواز قرینة المجاز بالنسبة إلینا ( بنوع من ) (1) التوجیه.

ولو نوقش فی ذلک ، أمکن الحمل علی عموم المجاز ، وربما کان أقرب من الأوّل ، کما قُرر (2) فی الأُصول ، وحینئذٍ یراد مطلق المرجوحیة. وعلی التقدیرین یبقی الخبر الدال علی المنع مجملاً ، فیتم مطلوبنا.

فإن قلت : علی تقدیر حمل الشیخ یبقی الخبر الأوّل علی حقیقته ، وهو أولی من المجاز.

قلت : لا بدّ من التجوّز فی الخبر الأوّل علی تقدیر إرادة التحریم ، لا من حیث جواز صلاة النساء فی الحریر ، لإمکان أن یقال : إنّ الظاهر من السؤال الرجال ، بل لأنّ الشیخ قائل بجواز الصلاة فیما لا تتم الصلاة فیه منفرداً من الحریر.

ولو نوقش فی هذا ، بأنّ الشیخ له أنّ یوجّه الخبر الأوّل ، بأنّ إطلاقه یُقید بما ظنه مقیداً ، أمکن أن یقال بأنّ التجوّز حینئذٍ لازم.

ص: 281


1- ما بین القوسین أثبتناه من « رض ».
2- فی « رض » : قررنا.

وأمّا ما ذکره العلاّمة فی المختلف : من أنّ الخبر لمّا کان السؤال فیه عن ملابس الرجال ، فالظاهر اختصاصه بالرجال وإن عمّ (1) ؛ ففیه نوع کلام ؛ لأنّ قولهم : الاعتبار بعموم الجواب ، یأبی ما ذکره ، کما أوضحنا القول فی المسألة فی معاهد التنبیه علی کتاب من لا یحضره الفقیه ، حیث اختار المنع مطلقاً (2) ، لکن هذا النحو من الاستدلال لم یتقدم منا.

وما عساه یقال : إنّ خبر محمّد بن إسماعیل فیه الدیباج ، ومن أین یعلم أنّه الحریر؟ بل یجوز کونه الممزوج بالقطن ونحوه ، کما ذکره الشیخ.

یجاب عنه : بتصریح أهل اللغة فیما وقفت علیه منقولاً عنهم بأنّه نوع من الثیاب متخذ من الحریر (3) ، والظاهر من الشیخ الاعتراف بهذا ، لأنّه قال : علی ضربٍ من التجوز ، فعُلم منه أنّه الحریر المحض حقیقة.

ویؤید خبر محمّد بن إسماعیل خبر رواه الصدوق ، عن إبراهیم بن مهزیار (4) ، وحمله علی وجهٍ بعید ، ( یعلمه من راجعه ) (5).

[ و (6) ] روی أیضاً الشیخ فی زیادات التهذیب ، عن الحسین بن سعید ، قال : قرأت کتاب محمّد بن إبراهیم إلی أبی الحسن الرضا علیه السلام ، یسأله عن الصلاة فی ثوبٍ حشوه قزّ فکتب إلیه : « قرأته ، لا بأس بالصلاة فیه » (7) فلیتأمّل هذا کلّه.

ص: 282


1- المختلف 2 : 97.
2- الفقیه 1 : 171.
3- انظر : لسان العرب 2 : 262 ، المصباح المنیر : 188. وفی الجمیع : وهی الثیاب المتخذة من الإبریسم.
4- الفقیه 1 : 171 / 807 ، الوسائل 4 : 444 أبواب لباس المصلی ب 47 ح 4.
5- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».
6- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
7- التهذیب 2 : 364 / 1509 ، الوسائل 4 : 444 أبواب لباس المصلی ب 47 ح 1.

وهذا الخبر مع صحته یؤید أنّ المنع من الحریر لیس مطلقاً ، کما یستفاد من خبر محمّد بن عبد الجبّار ، وتفسیر القزّ بقزّ الماعز ، کما ذکره الصدوق فی خبر إبراهیم بن مهزیار (1) ، فی غایة البعد.

وینقل عن الشهید فی الذکری القول بجواز الصلاة فی ثوبٍ حشوه قز (2) ، والمحقق فی المعتبر منع ، نظراً إلی عموم النهی (3) ، وفیه نظر واضح ، یعرف ممّا قرّرناه.

( أمّا ما قاله المحقق أیضاً : من أنّ الحسین بن سعید فی الخبر المنقول عن الشیخ ، لم یسمعه من محدّث ، وإنّما وجده فی کتاب (4) ) (5) ، فقد اعترضه فی الذکری بأنّ الظاهر جزم الحسین بن سعید ، والمکاتبة المجزوم بها فی قوة المشافهة (6) ، والأمر کما قال.

الثانی : ما ذکره العلاّمة فی جواب الشیخ ، من أنّ الفرق بین الحریر والنجس ظاهر ، للفرق بین العارض والذاتی (7) ، لا یخفی أنّه یقتضی کون ما لا تتم الصلاة فیه منفرداً إذا کان من عین النجاسة لا تصح الصلاة ، بل إذا کان منجّساً تجوز ، لأنّ العارض فی المقام لا یفهم له معنی إلاّ من هذه

بحث حول وجود الفرق بین الحریر والنجس

ص: 283


1- الفقیه 1 : 171.
2- الذکری : 145.
3- المعتبر 2 : 91.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » : أمّا ما قاله المحقق أیضاً أن الحسین بن سعید فی الخبر المنقول عن الشیخ لم یسمعه من یحدث وإنّما هو وجده فی کتاب. وفی « فض » : أمّا ما قیل من أنّ الحسین بن سعید فی الخبر المنقول عن الشیخ لم یسمعه من محدث قاله المحدث أیضاً وجده فی کتاب. وما أثبتناه من « م ».
5- المعتبر 2 : 91.
6- الذکری : 145.
7- المختلف 2 : 99.

الجهة ، والحال أنّهم فی بحث نجاسة ما لا تتم الصلاة فیه لم یذکروا الفرق ، وإن کان یفهم من التمثیل بالخف النجس ونحوه کون النجاسة ( عارضة ، أمّا أنّه من نفس النجاسة ) (1) کالمیتة مثلاً فلا ، وهذا قد یمکن توجیهه بما دل علی عدم الصلاة فی المیتة ولو بشسعٍ منها وما دلّ علی فأرة المسک کما قدّمناه (2). فکان علی العلاّمة أنْ یوضح الحال فی مسألة ما لا تتم الصلاة فیه منفرداً من بیان الفرق ، ولعلّه اعتمد علی ظاهر کلامه المفید للنجاسة العارضیة.

فإن قلت : ما الفرق بین العارضیة والذاتیة؟

قلت : قد ذکر بعض محققی المعاصرین سلّمه الله أنّ الذاتی مثل التکة من جلد المیتة ، أو غیر المأکول (3) ، وکأنّ المراد أنّ النجس هو الثوب الذی تعرض له النجاسة ، فالعفو عن القلنسوة ونحوها إذا کانت نجسة من خارج ، بخلاف ما إذا کانت من نفس النجاسة ، والحریر نفس الثوب ممنوع من الصلاة فیه ، وکذا القلنسوة ونحوها من الحریر.

وغیر خفی إمکان أن یقال : إنّ ما تقدم من خبر محمّد بن عبد الجبّار (4) صریح فی أنّ القلنسوة من وبر ما لا یؤکل لحمه إذا کان ذکیا تصح الصلاة فیه ، فأیّ فرق [ بینها (5) ] وبین الحریر؟ إذ الأمران ذاتیان ، والتکة من المیتة علی تقدیر المنع منها بما قدمناه ، یقال : إنّها خارجة

ص: 284


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- فی ص 259.
3- کالبهائی فی الحبل المتین : 184.
4- تقدّم فی ص 247.
5- فی النسخ : بینهما ، والظاهر ما أثبتناه.

بالنص ، لا لکون النجاسة ذاتیة ، علی أنّ النجاسة لا معنی لها إلاّ ما توقفت العبادة علی إزالتها ، ونحو ذلک ، فالثوب النجس ذاتاً وعرضاً یحتاج الفرق بینهما إلی مشقة ، غایة الأمر أنّ مقام البحث یکفیه ما ذکر ، لولا قضیة القلنسوة من الوبر.

ولعلّ الأولی أن یقال فی الجواب : إنّ المانع النص علی المنع من الحریر مطلقاً ، والنص فی القلنسوة من غیر الحریر ، وإن نظرنا إلی ما احتملناه فی الحریر من الرجوع إلی الإجماع ، لاختلاف الأخبار ، یتحصل لقول الشیخ وجه ، إذ الإجماع فی القلنسوة ونحوها منتفٍ ، نعم وجدت فی روایة معتبرة (1) ما یدل علی أنّ الدیباج غیر الحریر ، وهی ما رواه علی بن جعفر فی الصحیح ، عن أخیه ، وفیها السؤال عن فراش حریر ، ومثله من الدیباج ، ومصلّی من حریر ، ومثله من الدیباج (2).

وعلی هذا فخبر محمد بن إسماعیل بن بزیع الوارد فی الدیباج غیر صریح ، إلاّ أن یقال : إنّ الدیباج حریر مختلف الألوان ، کما یشعر به قوله فی الخبر (3) : « ما لم یکن فیه التماثیل » لکنی لم أرَ مَن صرّح بذلک من أهل اللغة ، فلیتأمّل.

الثالث : ما ذکره العلاّمة : من أنّ روایة الحلبی وإن عمل ابن الغضائری ، إلی آخره. یرید به أنّ الروایة سندها عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبی عمیر ، وذکر فی الخلاصة عن ابن الغضائری ، أنّه توقف فی روایة أحمد بن هلال : إلاّ فیما یرویه عن ابن أبی عمیر من نوادره (4) ، ثم رجّح

بحث حول روایة أحمد بن هلال عن ابن أبی عمیر

ص: 285


1- فی « فض » : مفسّرة.
2- التهذیب 2 : 373 / 1553 ، الوسائل 4 : 378 أبواب لباس المصلی ب 15 ح 1.
3- المتقدم فی ص 1955.
4- الخلاصة : 202 / 2.

العلاّمة عدم العمل بما یرویه ، کما فی المختلف (1).

وقد یتوجه علیه : أنّ المنقول روایته عن ابن أبی عمیر من نوادره ، والعلم بأنّ الروایة من نوادره غیر حاصل.

ثم إنّ قول ابن الغضائری ، إن کان مقبولاً عنده فلا وجه لعدم قبول روایة أحمد مطلقاً ، وإن کان غیر مقبول فکیف یعتمد علیه فی کثیر من المواضع؟ ولعلّ الوجه فی عدم قبول قول ابن الغضائری هنا تعارض الأقوال فی أحمد ، وما عساه یقال : إنّ الشیخ قد ذکر فی الفهرست إلی جمیع روایات ابن أبی عمیر وکتبه (2) ، ما یوجب القبول ، وهذه الروایة من روایات ابن أبی عمیر بنقل الشیخ ، فجوابه قد قدمناه بما یغنی عن الإعادة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الثانی غنی عن البیان بعد ما ذکرناه فی الأوّل کالثالث.

والرابع : مضی أیضاً ما لا بدّ منه فیه ، وقول الشیخ : قد روینا عن أبی الحسن علیه السلام ما ینافی هذه الروایة صریح فی أنّه فهم من الدیباج الحریر ، أمّا ما استدل به علی الحمل فقد یدل علی المغایرة فی الجملة ، وفیه نوع منافاة للخبر المحمول علی حال الحرب ؛ لتضمن الخبر ما لم یکن فیه تماثیل ، والخبر الدالّ تضمن الجواز وإن کان فیه تماثیل ، ولعل الحمل علی الکراهة فی التماثیل ممکن ، فیندفع المحذور عن الشیخ.

أمّا [ السادس (3) ] : فالدلالة فیه کأنها من حیث إنّ المبهم یراد به

توجیه ما دل علی الجواز فی دیباج لم یکن فیه تماثیل

ص: 286


1- المختلف 2 : 99.
2- الفهرست : 142 / 607.
3- فی النسخ : الخامس ، والصحیح ما أثبتناه.

المحض ، لکن الکراهة تنافی مطلوب الشیخ إن أراد التحریم فی العنوان ولعل مراده بالکراهة التحریم کما سبق (1) ، ولو صح الخبر دل علی اختصاص الرجال بالتحریم ، لکن قد علمت حال السند.

[ والسابع (2) ] : یدل علی اشتراک الرجال والنساء فی التحریم ، لکن القائل بالتحریم مطلقاً غیر معلوم ، بل ظاهر الصدوق القائل بمنع الصلاة فی الحریر للمرأة جواز اللبس (3) ، وکذا ینقل عن المفید (4) ، لکن الخبر فیه موسی بن بکر ، فالأمر سهل والاحتیاط مطلوب.

قوله :

باب الصلاة فی الخزّ المغشوش

محمّد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد یرفعه ، عن (5) أبی عبد الله علیه السلام : « فی الخزّ الخالص أنّه لا بأس به ، فأمّا الذی یخلط فیه وبر الأرانب أو (6) غیر ذلک مما یشبه هذا فلا یصلّی فیه ».

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عیسی ، عن أیوب بن نوح ، رفعه ، قال : قال أبو عبد الله : علیه السلام « الصلاة فی الخزّ الخالص لا بأس به (7) ،

بیان ما دل علی کراهة الحریر المحض للرجال وما دل علیها للرجال والنساء

الصلاة فی الخز المغشوش

اشارة

ص: 287


1- فی ص 1956.
2- فی النسخ : السادس ، والصحیح ما أثبتناه.
3- الفقیه 1 : 171.
4- المقنعة : 25.
5- فی الاستبصار 1 : 387 / 1469 : إلی.
6- فی « رض » و « م » : و.
7- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 2 : 212 / 831 ، والاستبصار 1 : 387 / 1470.

فأمّا الذی یخلط فیه وبر الأرانب أو (1) غیر ذلک مما یشبه هذا فلا تصلّ فیه (2) ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن داود الصرمی ، قال : حدّثنی بشیر بن یسار (3) ، قال : سألته عن الصلاة فی الخزّ یغشّ بوبر الأرنب؟ فکتب : « یجوز ذلک ».

فهذا خبر شاذ ؛ إذ لم یروه إلاّ داود الصرمی ، وإن تکرر فی الکتب بأسانید مختلفة ، ویجوز أن یکون الوجه فیه ضرباً من التقیّة ، کما قلناه فی غیره من الأخبار.

السند :

فی الأوّل : مرفوع ، أمّا العدة إلی أحمد بن محمّد فقد بیّنّاها مفصلةً فی أوّل الکتاب (4).

والثانی : مرفوع أیضاً ، ومحمّد بن عیسی مضی مکرراً (5).

والثالث : تقدّم (6) بعینه سنداً ، وإنْ اختلف متناً ، وفیه بشیر ، وذکرنا (7)

بشیر بن یسار مهمل

ص: 288


1- فی « م » : و.
2- فی « رض » و « م » : فلا یصلّی فیه ، وفی « فض » فلا یصل فیه ، وما أثبتناه من التهذیب 2 : 212 / 831 ، والاستبصار 1 : 387 / 1470.
3- فی « فض » و « م » : بشر بن بشار ، وفی « رض » : بشیر بن بشار ، والصحیح ما أثبتناه من الاستبصار 1 : 387 / 1471 راجع معجم رجال الحدیث 3 : 331 / 1805.
4- فی ص 26.
5- تقدّم فی ص 53.
6- فی ص 1942.
7- فی ص 1945.

أنّ الظاهر بشر بغیر یاء ، کما هو فی الرجال (1) ، وعلی کل حال لا یزید علی الإهمال.

المتن :

فی الأوّلین : ظاهر فی نفس الوبر ، ولفظ « ما یشبه هذا » فی الخبر یراد به ما یشبهه فی کونه غیر مأکول اللحم فی الظاهر ، وقد ادعی عدم الخلاف فی وبر الخزّ ، وإنّما الخلاف فی الجلد ، فنقل العلاّمة فی المختلف عن ابن إدریس المنع من الصلاة فیه ، مستدلاً بعموم النهی عن الصلاة فی جلد ما لا یؤکل لحمه ، واستقرب العلاّمة الجواز (2) ، مستدلاً بروایة سعد بن سعد فی الصحیح المتضمّنة : أنّ کل ما حل وبره حل جلده ، والروایة فی التهذیب مذکورة فی الزیادات (3) ، وفی طریقها البرقی ، وفیه کلامٌ مضی (4) ، وفی غیر التهذیب لم أقف الآن علی مأخذها ؛ إذ الضرورة غیر داعیة إلی ذلک ، لجهالة الحال فی الخز.

وتعریفه فی کلام جماعة بأنّه دابّة ذات أربع ، بحریة ، إذا فارقت الماء ماتت (5) ، لا أدری مأخذه أیضاً. وفی المعتبر : حدّثنی جماعة من التجار أنّه القندس ، ولم أتحققه (6). وفی الذکری : لعلّه ما یسمی فی زماننا بمصر

حکم الصلاة فی الخز الخالص وجلده

تعریف الخز

ص: 289


1- رجال الطوسی : 155 / 8.
2- المختلف 2 : 95.
3- التهذیب 2 : 372 / 1547 ، الوسائل 4 : 366 أبواب لباس المصلی ب 10 ح 14.
4- فی ص 68.
5- کما فی المعتبر 2 : 84 ، المنتهی 1 : 231 ، المسالک 1 : 23.
6- المعتبر 2 : 84.

وبر السمک (1). وفی بعض الأخبار ما یقتضی تعریفه فی الجملة (2) ، والأمر سهل بعد ما ذکرناه. أمّا الأخبار فی وبره فکثیرة معتبرة (3).

وأمّا الأخیر : فالظاهر منه أنّه لا بأس بالغش المذکور ، أمّا جواز الصلاة فلا ظهور له فیه ، إلاّ من حیث التعمیم المحتمل ، لعدم التفصیل من الإمام علیه السلام ، والتسدید ممکن لو احتیج إلیه ، لکن الحال کما تری.

قوله :

باب کراهیة المئزر فوق القمیص فی الصلاة

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهم علیهم السلام ، قال : « الارتداء فوق التوشّح (4) فی الصلاة مکروه ، والتوشّح (5) فوق القمیص مکروه ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن هشام بن سالم ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال (6) « لا ینبغی أن تتوشح بإزار فوق (7) القمیص إذا أنت صلّیت ، فإنّه من زیّ الجاهلیة ».

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی الخز المغشوش بوبر الأرانب

کراهیة المئزر فوق القمیص فی الصلاة

اشارة

ص: 290


1- الذکری : 144.
2- التهذیب 2 : 211 / 828.
3- الوسائل 4 : 326 أبواب لباس المصلی ب 10.
4- فی النسخ : التوشیح ، وما أثبتناه من التهذیب 2 : 214 / 839 ، والاستبصار 1 : 387 / 1472.
5- فی النسخ : التوشیح ، وما أثبتناه من التهذیب 2 : 214 / 839 ، والاستبصار 1 : 387 / 1472.
6- فی الاستبصار 1 : 388 / 1473 : قال : قال.
7- فی الاستبصار 1 : 388 / 1473 زیادة : قمیص وأنت تصلی ، ولا تتزر بإزارٍ فوق. وفی الحاشیة : زیادة من الکافی.

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، أنه قال : « إیّاک والتحاف الصمّاء » قلت : وما التحاف الصمّاء؟ قال : « أن تدخل الثوب من (1) تحت جناحک ، فتجعله علی منکبٍ واحد ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن محمّد بن الحسن (2) ، عن موسی بن عمر بن یزید (3) قال : قلت للرضا علیه السلام : أشدّ الإزار والمندیل فوق قمیصی فی الصلاة؟ فقال : « لا بأس ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن موسی بن القاسم البجلی قال : رأیت أبا جعفر الثانی علیه السلام یصلّی فی قمیصٍ قد اتزر فوقه بمندیل ، وهو یصلّی.

عنه ، عن علی بن إسماعیل ، عن حماد بن عیسی قال : کتب الحسن بن علی بن یقطین إلی العبد الصالح علیه السلام : هل یصلّی الرجل الصلاة وعلیه إزار متوشح (4) به فوق القمیص؟ فکتب : « نعم ».

فالوجه فی هذه الاخبار رفع الحظر والجواز ، والأخبار الأولة متناولة للفضل والاستحباب ، ولیس بینهما تناف.

السند :

فی الأوّل : فیه الإرسال ، أمّا محمّد بن إسماعیل ففیه اشتراک (5) ، وإن

محمد بن إسماعیل مشترک

ص: 291


1- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 2 : 214 / 840 ، والاستبصار 1 : 388 / 1474.
2- فی التهذیب 2 : 214 / 842 ، والاستبصار 1 : 388 / 1475 : محمّد بن الحسین.
3- فی التهذیب 2 : 214 / 842 ، والاستبصار 1 : 388 / 1475 : بن بزیع.
4- فی « م » : متشح.
5- انظر هدایة المحدثین : 227.

أمکن تقریب ابن بزیع ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

والثانی : فیه أبو بصیر.

والثالث : حسن.

والرابع : فیه موسی بن عمر بن یزید ، وهو مهمل فی الرجال (1) ، وبعض الأصحاب نقل عن المنتهی أنّ فیه عمر بن بزیع ، ووصفه بالصحّة (2) ، وهو کذلک إنْ کان ابن بزیع.

والخامس : واضح الصحّة.

أمّا السادس : ففیه علی بن إسماعیل ، وهو مشترک ، کما قدّمنا القول فیه (3).

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی [ أنّ (4) ] الارتداء فوق التوشح فی الصلاة مکروه ، کما أنّ التوشح فوق القمیص مکروه.

والثانی : تضمن النهی عن التوشح فوق القمیص. والذی یفهم من الشیخ فی ذکر المعارض أنّه استفاد من الخبرین النهی عن الإزار فوق القمیص ، وقد کتب شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب أنّه لیس فی الروایات التی رواها الشیخ فی هذا الباب دلالة (5) علی کراهة الاتزار فوق القمیص ، وإنّما تضمنت کراهة التوشح فوق القمیص ، والتوشح خلاف الاتزار.

موسی بن عمر بن یزید مهمل

علی بن إسماعیل مشترک

کراهة التوشح والاتزار فوق القمیص

ص: 292


1- انظر الفهرست : 163 / 709.
2- حکاه عنه فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 89.
3- فی ص 503 و 745.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
5- فی « م » زیاده : الأکثر.

قال الجوهری : یقال توشّح الرجل بثوبه أو سیفه ، إذا تقلد بها (1) ، ونحوه قال فی القاموس (2) ، وعلی هذا فلا تعارض ، والأجود کراهة التوشح فوق القمیص دون الاتزار فوقه ، فإنّه غیر مکروه ، کما اختاره المحقق فی المعتبر (3) وبعض من تأخّر عنه (4) ونقل بعض الأفاضل أنّ فی الکافی فی روایة أبی بصیر المذکورة : « لا ینبغی أن تتوشح (5) بإزار فوق القمیص وأنت تصلّی ، ولا تتّزر بإزارٍ فوق القمیص إذا أنت صلّیت ، فإنّه من زیّ الجاهلیة » (6).

والظاهر أنّ هذا سقط من قلم الشیخ ؛ هنا ، وفی التهذیب (7) ؛ لأنّ ذکر المعارض یؤیّده.

ویحکی عن العلاّمة فی المنتهی أنّه نقل عن الشیخ والسیّد کراهة الاتزار فوق القمیص ، وردّه بخبری موسی بن عمر بن بزیع ، وموسی بن القاسم ، ثم قال العلاّمة : إنّما المکروه التوشح ، ونقل عنه أیضاً : إنّ التوشح شدّ الوسط بما یشبه الزنّار (8).

وربما یظن من روایة أبی بصیر أنّ التوشح هو الاتزار ، إلاّ أن یفرق بین الأمرین بنوعٍ من العمل ، کما قد یفهم من بعض أهل اللغة (9) ، لکن

ص: 293


1- انظر الصحاح 1 : 415.
2- القاموس المحیط 1 : 264.
3- المعتبر 2 : 96.
4- کالعلاّمة فی المنتهی 1 : 232 ، والشهید فی الذکری : 148 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 89.
5- فی النسخ توشح ، والصحیح ما أثبتناه من المصادر.
6- الکافی 3 : 395 الصلاة ب 64 ح 7 ، الوسائل 4 : 395 أبواب لباس المصلی ب 24 ح 1.
7- التهذیب 9 : 214 / 840.
8- المنتهی 1 : 232.
9- انظر مجمع البحرین 2 : 423 وج 3 : 204 ، والمصباح المنیر : 13 ، 661.

المنقول من شیخنا (1) قدس سره عن الجوهری والقاموس لا یخلو من إباءٍ عن موافقة الاتزار ، هذا وقد یتخیل من روایة الکلینی شی ء ، وأظنه لا یخفی مع جوابه.

وأمّا ما تضمنه الثالث من تفسیر الصمّاء فلا یخلو من إجمال ، لکن ربّما یستفاد منه أنّ الشیخ جعله التوشح المنهی عنه أو شبهه ، لأنّ ذکره معه فی الباب یشعر بذلک ، لکن المنقول عنه فی المبسوط والنهایة أنّه فسّره بأنْ یلتحف بالإزار ، ویدخل طرفیه تحت یدیه ، ویجمعهما علی منکبٍ واحد (2). والعلاّمة فی المنتهی استدل له بالحدیث (3) ، وهو یعطی استفادة الیدین من الخبر ، ولا ظهور لذلک (4).

وینقل عن الصحاح أنّ فیه تفسیراً له بأن تجلِّل جسدک بثوبک ، نحو شِملة الأعراب بأکسیتهم ، وهو أنْ یردّ الکساء من قبل یمینه علی یده الیسری وعاتقه الأیسر ، ثم یردّه ثانیة من خلفه علی یده الیمنی وعاتقه الأیمن فیغطّیهما جمیعاً (5).

وعن أبی عبیدة : أنّ اشتمال الصمّاء عند العرب ( أنْ یشتمل الرجل بثوب یجلّل به جسده کلّه ، ولا یرفع منه جانباً یخرج منه یده (6).

ولا یخفی ما فی الخبر ) (7) المبحوث عنه من الإجمال ، وما ذکره

تفسیر التحاف الصماء

ص: 294


1- انظر المدارک 3 : 203.
2- المبسوط 1 : 83 ، النهایة : 97.
3- المنتهی 1 : 233.
4- فی « فض » : کذلک.
5- الصحاح 5 : 1968.
6- لسان العرب 11 : 368 ( شمل ).
7- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الشیخ فی الجمع لا یخلو من وجه ، والله تعالی أعلم بالحال.

اللغة :

قال فی القاموس : الوشاح بالضم والکسر کرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان أو أدیم عریض یرصَّع بالجوهر ، تشدّه المرأة بین عاتقها وکشحیها ، ثم قال : وتوشح بسیفه وثوبه : تقلده (1). فلیتأمّل.

قوله :

باب أنّ المرأة الحرّة لا تصلی بغیر خمار

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن أدنی ما تصلّی فیه المرأة؟ قال : « درعٌ وملحفة تنشرها علی رأسها وتجلل بها » (2).

عنه ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبی الحسن علیه السلام قال « لیس علی الإماء أنْ یتقنّعن فی الصلاة ، ولا ینبغی للمرأة أنْ تصلّی إلاّ فی ثوبین » (3).

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن ابن أبی یعفور قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « تصلّی المرأة فی ثلاثة أثواب : إزار ودرع وخمار ، ولا یضرها بأن تقنع بالخمار (4) ، فإن

معنی الوشاح

المرأة الحرة لا تصلی بغیر خمار

اشارة

ص: 295


1- القاموس المحیط 1 : 264.
2- فی الاستبصار 1 : 388 / 1478 : به.
3- فی « رض » : ولا ینبغی للمرأة إلاّ أن تصلی فی ثوبین.
4- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 2 : 217 / 856 ، والاستبصار 1 : 389 / 1480.

لم تجد فثوبین ، تأتزر (1) بأحدهما ، وتقنع بالآخر » قلت : فإن کان درعاً وملحفةً ، لیس علیها مقنعة؟ فقال : « لا بأس إذا تقنّعت بملحفة ، فإن لم تکفها (2) فلتلبسها طولاً ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ( عن محمّد ) (3) بن عبد الله الأنصاری ، عن صفوان بن یحیی ، عن عبد الله بن بکیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بالمرأة المسلمة الحرّة أن تصلّی وهی مکشوفة الرأس ».

عنه ، عن أبی علی محمّد بن عبد الله بن أبی أیوب المکی ، عن علی بن أسباط ، عن عبد الله بن بکیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أن تصلّی المرأة المسلمة ولیس علی رأسها قناع ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی الصغر من النساء دون البالغات ؛ لأنه لا یجوز لهن أن یصلین بغیر قناع ، ویحتمل (4) أنْ یکون إنّما جوّز لهن فی حال لا یتمکّن من شی ء یتقنّعن به (5) ، فإنّه یجوز والحال علی ما وصفناه أنْ یصلین بغیر قناع ، ویحتمل أنْ یکون المراد بذلک إذا کان علیها ثوب یسترها من رأسها إلی قدمیها مثل إزارٍ وما أشبهه.

وأمّا الخبر الأخیر : فلیس فیه ذکر الحرّة ، ویجوز أنْ یکون ذلک

ص: 296


1- فی الاستبصار 1 : 389 / 1480 : تتزر.
2- فی النسخ : یکن ، وما أثبتناه من التهذیب 2 : 217 / 856 ، والاستبصار 1 : 389 / 1480.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- فی الاستبصار 1 : 389 / 1482 زیادة : أیضاً.
5- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الإستبصار 1 : 389 / 1482.

مختصاً بالإماء ؛ لأنّ الأمة یجوز لها أن تصلّی ولیس علیها قناع ، یدل علی ذلک ما قدمناه من الأخبار ، ویزیده بیاناً :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد (1) وعبد الله ابنی محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : الأمة تغطّی رأسها؟ قال : « لا ، ولا علی أُمّ الولد أن تغطّی رأسها إذا لم یکن لها ولد ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ابن دراج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة تصلّی فی درع وخمار؟ فقال : « تکون علیها (2) ملحفة تضمها علیها ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الاستحباب ، ویجوز أن یکون المراد به إذا کان الدرع والخمار ممّا لا یواری شیئاً ، فإنّه إذا کان کذلک فلا بدّ من ساتر ، والذی یدل علی ما قلناه :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حماد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یصلح (3) للمرأة المسلمة أن تلبس من الخمر والدروع ما (4) لا یواری شیئاً ».

ص: 297


1- فی النسخ زیادة : بن محمّد ، وما أثبتناه موافق للتهذیب 2 : 218 / 859 ، والاستبصار 1 : 390 / 1483.
2- لیست فی النسخ ، أثبتناها من التهذیب 2 : 218 / 860 ، والاستبصار 1 : 390 / 1484.
3- فی « رض » : لا یصحُّ.
4- فی الاستبصار 1 : 390 / 1485 : ممّا.

السند :

فی الأوّل : صحیح علی ما مضی (1) ، کالثانی ، والکلام فی عبد الرحمن ابن الحجاج لا یغفل عنه.

والثالث : ( واضح الحال ) (2) لما قدمناه أیضاً.

والرابع : فیه محمّد بن عبد الله الأنصاری ، وفی الرجال محمّد بن عبد الله بن غالب الأنصاری ثقة فی الروایة علی مذهب الواقفة علی ما فی النجاشی والراوی عنه حمید (3) ، وفی بعض النسخ عن الأنصاری ، وحینئذٍ محمّد بن عبد الله مشترک (4) ، والأنصاری محتمل لمن ذکر ، لکن المرتبة فیها نوع بُعد ، ویحتمل غیره.

والخامس : فیه محمّد بن عبد الله بن أبی أیوب المکّی ، والذی وقفت علیه فی الرجال محمد بن عبد الله المکّی فی رجال من لم یرو عن الأئمّة : من کتاب الشیخ مهملاً (5) ، وفی الفهرست أیضاً ، والراوی عنه حمید (6) ، واحتمل شیخنا المحقق سلّمه الله أن یکون هو المسلی الثقة علی وجه الظهور ، لروایة حمید عنه أیضاً (7) ، وفیه تأمّل.

لکن لا یخفی أنّ من فی السند المبحوث عنه بالکنیة والجدّ غیر

بحث حول محمد بن عبد الله الأنصاری

بحث حول محمد بن عبد الله بن أبی أیوب المکی

ص: 298


1- فی ص 39 ، 49 ، 72 ، 209.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : ضعیف بعثمان بن عیسی.
3- رجال النجاشی : 340 / 913.
4- انظر هدایة المحدثین : 241.
5- رجال الطوسی : 499 / 53.
6- الفهرست : 152 / 659.
7- انظر منهج المقال : 304.

مذکور فی الرجال ، فالظاهر أنّه غیره ، وفی نسخة عن المکّی ، فیحتمل کونه المذکور فی الرجال ، أمّا محمّد بن عبد الله فهو حینئذٍ مجهول.

والسادس : صحیح ، لکن قد تقدّم عن النجاشی ، نقلاً عن الکشی ، عن نصر بن الصباح أنّ أحمد بن محمّد بن عیسی کان لا یروی عن ابن محبوب ، وذکرنا ما فیه ، فلا ینبغی الغفلة عنه.

والسابع : صحیح علی ما تقدّم (1). کما أنّ الثامن حسن.

المتن :

فی الأوّل : دال علی أنّ أدنی ما تصلّی فیه المرأة درع وملحفة تنشرها علی رأسها وتجلل بها ، وقد یستدل به علی وجوب تغطیة الشعر ، إذ الملحفة تقتضی ذلک ، إلاّ أنْ یقال : إنّ تغطیة الملحفة جمیع الشعر غیر معلوم ، وفیه : احتمال عدم الفارق ، إلاّ أنْ یقال : إنّ ما دل علی اکتفاء المرأة بالقناع یقتضی حمل الملحفة علی الاستحباب ، فلا تکون تغطیة الشعر واجبة.

وما عساه یقال : إنّ ما دل علی القناع فیه عثمان بن عیسی ، فلا یصلح للاعتماد.

یجاب عنه : بأنّ الشیخ روی فی التهذیب ، عن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، وفی المتن : « والمرأة تصلّی فی الدرع والمقنعة إذا کان الدرع کثیفاً وفی تتمته أنّه -

حکم تغطیة الشعر للمرأة فی الصلاة

ص: 299


1- فی ص 49 ، 72 ، 1670.

لیس علی الأمة قناع » (1).

وما عساه یقال : إنّ الخبر المبحوث عنه تضمن السؤال عن أدنی ما تصلّی فیه المرأة ، فلو کان القناع یغنی عن الملحفة ، لکان هو الأدنی.

یمکن الجواب عنه : باحتمال إرادة الأدنی بالنسبة إلی ما دل علی ثلاثة أثواب ، ولو نوقش فی ذلک بأنّ ما تضمن الثلاث ضعیف ، أمکن الجواب : بأنّ خبر جمیل بن دراج الآتی (2) صحیحاً یدل کما سنذکره علی الثلاث.

فإن قیل : هو احتمال فیه فلا یفید.

قلت : بل ربما یدعی ظهوره کما سنذکره إن شاء الله ، وبتقدیر المنع یمکن أنْ یوجه الخبر المبحوث عنه بأنّ الضرورة فی الجمع (3) بالنسبة إلی ما دل علی القناع تقتضی الحمل علی الأکملیة فی القناع ، فتکون الملحفة أدنی ، کما یدل علیه خبر الفضیل المتضمن لأنّ فاطمة علیهاالسلام صلّت فی درعٍ وخمار ، لیس علیها أکثر مما وارت به شعرها (4). فإنّ الخبر یدل علی أکملیة الخمار علی الملحفة ، والقناع هو (5) الخمار ، وإنّما دلّت علی الأکملیة ، لأنّ فاطمة علیهاالسلام إنّما تفعل الأکمل.

وقد نقل عن العلاّمة فی المنتهی أنّه ادعی الإجماع علی عدم وجوب الإزار ، وأنّه یستحب (6) ، فالملحفة المذکورة إن کانت هی الإزار أشکل

ص: 300


1- التهذیب 2 : 217 / 855 ، الوسائل 4 : 387 أبواب لباس المصلی ب 21 ح 1.
2- فی ص 1973.
3- فی « م » : الجمیع.
4- الفقیه 1 : 167 / 785 ، الوسائل 4 : 405 أبواب لباس المصلی ب 28 ح 1.
5- فی « فض » و « م » : نحو.
6- المنتهی 1 : 237.

الحال بترک فاطمة علیهاالسلام ذلک ، وإن أُرید بها الخمار أو القناع ولو بالتجوز أمکن ، لکن علی کل حال ترک فاطمة علیهاالسلام الإزار ینافی الإجماع المنقول ، إلاّ بتوجیه بیان الجواز ، وقد یسهّل الأمر قصور سند روایة الفضیل.

والعجب من الشهید أنّه استقرب وجوب ستر الشعر ، لروایة الفضیل (1) ، ولو نظر إلی ما دل علی الملحفة کان أولی ، وإن کان للنظر فیه مجال یعرف ممّا قررناه.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه استفاد منه بعض الأصحاب عدم وجوب ستر الکفین (2) ، لأنّ الدرع قیل : إنّه القمیص ( نقلاً عن الصحاح ) (3) ، وهو لا یسترهما ، وکذا لا یستر القدمین (4) ، بل قیل ولا العقبین (5) ، وأمّا الوجه فقیل : إنّ المقنعة لا تستره ، وقد وردت فی الخبر السابق من التهذیب (6).

وربّما یناقش فی بعض ما ذکر ، إلاّ أنّ الذی یخطر فی البال وقد ذکرته فی مواضع أنّ دلیل کون بدن المرأة عورة من الأخبار غیر موجود علی وجه یعتمد علیه ، وإذا لم یوجد فالأمر یسهل ، من حیث إنّ ما دل علی الدرع والمقنعة ونحوهما یحتاج أنْ یعلم أنّه ساتر للوجه والکفین والقدمین لیحکم بالوجوب ، وما لم یعلم فالأصل عدم الوجوب ، إلاّ ما اتفق علیه ، وهذا بخلاف الرجل ؛ فإنّ إطلاق العورة قد وجد فیه فی الأخبار ، فیحتاج إخراج بعض ما وقع فیه الخلاف إلی دلیل ، ولم أرَ من ذکر هذا

عدم وجوب ستر الکفین والقدمین والوجه

ص: 301


1- کما فی الذکری : 140.
2- کما فی الذکری : 139 ، والمدارک 3 : 188.
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
4- کما فی المنتهی 1 : 237.
5- کما فی المدارک 3 : 189.
6- تقدّم فی ص 1969.

المسلک.

فإنْ قلت : قد ورد فی بعض الأخبار عن النبی صلی الله علیه و آله أنّ المرأة عورة.

قلت : الروایة حکاها العلاّمة فی المنتهی (1) ، وسندها غیر معلوم الحال.

وأمّا الإجماع فقد ذکره البعض علی غیر الوجه والقدمین والکفین (2) ، بل نقل عن المنتهی الإجماع علی عدم کون الوجه والکفین عورة فی الصلاة من الإمامیة ، وفی الوجه من المسلمین (3).

أمّا استدلال العلاّمة ؛ بقوله تعالی : ( وَلا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (4) لأنّ ابن عباس قال : إنّه الوجه والکف. ثم قوله : إنّ القدمین لیس بأفحش من الوجه والکفین (5).

ففی نظری القاصر أنّه غریب ، کما أنّ موافقة بعض الأصحاب له (6) فی الجملة أغرب ؛ لأنّ الآیة بتقدیر تسلیم تفسیرها إنّما تدل علی عدم جواز إبداء الزینة إلاّ ما ظهر ، لکن الشرطیة فی الصلاة حکم آخر.

والتوجیه بأنّ الاستدلال لیس إلاّ من جهة استثناء الوجه والیدین ، لأنّ جواز إظهارهما مطلق یتناول الصلاة. فیه : أنّ جواز إظهار سائر البدن للزوج مثلاً لا یبیح الصلاة مع إظهاره ، فالمعلوم من الآیة أنّ الحکم بالنسبة إلی الأجانب والصلاة حکم آخر ؛ وعلی تقدیر تمامیة ما ذکر فالقدمان انتفاء

بیان ما دل علی أن المرأة لا تصلی إلا فی ثوبین

ص: 302


1- المنتهی 1 : 236.
2- کما فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 104.
3- حکاه عنه فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 104 ، وهو فی المنتهی : 236.
4- النّور : 31.
5- المنتهی : 236.
6- کما فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 104.

کون ظهورهما أفحش لا یقتضی الجواز کما هو ظاهر ، واحتمال مفهوم الموافقة فی غایة البعد ، مضافاً إلی ما قدمناه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الثانی ربما یستفاد منه عدم الوجوب من حیث قوله : « لا ینبغی » وربما کان الوجه فیه أنّ الثوبین مع الإطلاق یراد بهما الشاملان کالدرع والملحفة ، إلاّ أنْ یقال : إنّ الثوب لا بُعد فی إرادة الخمار منه ، کما أنّ « لا ینبغی » یستعمل فی الواجب.

أمّا الثالث : فقوله : « ولا یضرّها بأن تقنع » فالظاهر أنّ المراد به عدم کراهة القناع لها فی مادة الاکتفاء به أو زیادته. وفی قوله : « ثوبین » إلی آخره. دلالة علی إطلاق الثوب علی القناع إن أُرید به القناع ، ولو أُرید أن تعمل بالإزار کالقناع فلا دلالة. وقوله : فإن کان ، إلی آخره. یحتمل أنْ یراد به أنّ فعل الملحفة عوض القناع من دون مقنعة هل یجزئها أم لا؟ ویحتمل أنْ یراد أنّ الملحفة لو لم تتقنع بها هل یضرّها أم لا؟. وفی الخبر احتمالات إلاّ أنّه غیر مستحق لإظهارها فیه ، ولو لا أمر ما لم نتعرض لما ذکرناه.

والرابع : ظاهر فی المنافاة لو صحّ.

أمّا الخامس : فلا ، لاحتمال إرادة عدم لزوم القناع بل الستر للرأس شرط بأیّ وجه کان.

وحمل الشیخ الأوّل لا وجه له بعد قوله : « المرأة » إلاّ أنْ یقال بالتجوّز ، أمّا الحمل الثانی فهو وإنْ بَعُد له وجه. والحمل الثالث لا وجه له بعد قوله فی الأوّل : « وهی مکشوفة الرأس ». وأمّا ما ذکره رحمه الله : من احتمال الأمة وأنّ الأخبار السابقة دالة علی الحرة. فالأوّل ممکن وإنْ بَعُد ؛ وأمّا الثانی فدلالة الأخبار علیه غیر معلومة.

بیان ما دل علی أنها تصلی فی ثلاثة أثواب

توجیه ما دل علی عدم وجوب ستر الرأس

ص: 303

والسادس : المستدل به یدل علی عدم التغطیة مطلقا ، إلاّ أنّ الصلاة داخلة فی الحکم ، وقد سبق فی الخبر المنقول من التهذیب دلالة علی الأمة فی الصلاة (1).

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « إذا لم یکن لها ولد » لا یخلو من إجمال ، بل قد یظن أنّ الظاهر إذا کان لها ولد ، ویراد به الحی لیکون أبلغ فی بیان الحکم من حیث قربها إلی الحریة ..

ولعلّ المراد أنّ أُمّ الولد إذا مات ولدها لیس علیها تغطیة الرأس ، فیدل علی أنّ مع وجوده تجب علیها التغطیة ؛ لکن لا أعلم القول بذلک الآن ، بل الظاهر من البعض عدم وجوب الستر ما لم یعتق (2). وقد یحتمل أنْ یراد أنّ أُمّ الولد من حیث کونها أُمّ ولد لا یجب علیها الستر وإنْ لم یکن لها ولد ، إلاّ أنّ العبارة لا تساعد علیه ظاهراً.

أمّا السابع : فالذی یظهر منه إرادة فعل الساتر الکامل ، فکأنّه علیه السلام أراد أنّ الملحفة فوق الخمار أولی (3). واحتمال أنْ یراد أنّ الملحفة أولی من الخمار فی حیّز الإمکان ، کاحتمال إرادة أنّ ما ذکر فی السؤال یجوز مع جواز الاکتفاء بملحفة تضمها (4) عن الدرع والخمار ، إلاّ أنّهما بعیدان ، والثانی أبعد.

وفی التهذیب احتمل الشیخ الأوّل علی وجه الجزم ، حیث قال بعد الخبر : فإنّ المراد بذکر الملحفة زیادة علی الدرع والخمار زیادة الفضل. ثم

عدم وجوب تغطیة الرأس علی الأمة وأم الولد

توجیه ما دل علی زیادة الملحفة علی الدرع والخمار

ص: 304


1- تقدم فی ص 1969.
2- المنتهی 1 : 237 ، جامع المقاصد 2 : 98.
3- فی « م » : أوفی.