الحاشیة علی مدارک الأحکام المجلد 3

هوية الکتاب

المؤلف: محمّد باقر الوحید البهبهانی

المحقق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: ستاره

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاریخ النشر : 1420 ه-.ق

ISBN (ردمک): 964-319-171-0

ص: 1

اشارة

المکتبة الإسلامیة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

[ الرکن الثانی فی أفعال الصلاة ]

قوله : ما أقبح بالرجل منکم. ( 3 : 305 ).

الظاهر أنّ حمادا أتی بواجبات الصلاة إلاّ أنّه لم یأت بالآداب والمستحبات ، ولذا ما أمر علیه السلام بإعادته لصلاته ، وقال : فلا یقیم صلاة واحدة بحدودها تامّة ، ثم شرع بالإتیان بالآداب والمستحبات ، إذا جلّ ما ذکر فیها آداب ومستحبات وقلّما توجّه إلی ذکر الواجب ، والقلیل الذی توجّه إلیه إنّما ذکره تقریبا وبیانا لکیفیة الإتیان بآدابه ومستحباته.

قوله : وغمض عینیه. ( 3 : 306 ).

الظاهر أنّ حمادا توهم ذلک ، حیث کان علیه السلام ینظر إلی ما بین رجلیه فشبّه عینیه عین الغامض ، علی أنّ ذلک علی سبیل التخییر بینه وبین النظر إلی ما بین الرجلین الذی أمر به فی الصحیحة الآتیة (1) ، بل وأمر بفتح العین مطلقا فی غیر الصحیحة المذکورة أیضا (2).

قوله : بین یدی رکبتیه. ( 3 : 306 ).

لعل حمادا شبّه علیه هذا أیضا بأنّ الیدین لم تکونا بین یدی الرکبتین بل کان علیه السلام حرّفهما عن ذلک شیئا یسیرا ، علی حسب ما سیذکر فی الصحیحة

أفعال الصلاة

بحث حول صحیحة حمّاد الواردة فی بیان أفعال الصلاة وآدابها

ص: 5


1- فی المدارک 3 : 307.
2- التهذیب 2 : 314 / 1280 ، الوسائل 7 : 249 أبواب قواطع الصلاة ب 6 ح 1.

الآتیة ، وحماد لم یتفطّن بهذا القدر من التحریف.

قوله : وابدأ بیدیک تضعهما علی الأرض قبل رکبتیک. ( 3 : 307 ).

قال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه لا یجوز وضع الرکبتین علی الأرض فی السجود قبل الیدین (1) ، ویظهر من التهذیب أیضا ذلک (2).

قوله : لأنّ الأصل عدم دخولها فی الماهیة. ( 3 : 308 ).

فیه : أنّ کون الشی ء جزء الشی ء وإن کان الأصل عدمه لکونه من الأمور الحادثة والأصل عدمها حتی یثبت ثبوتها ، إلاّ أنّ کون شی ء شرطا لشی ء یکون کذلک أیضا ، للعلّة المذکورة بعینها.

مع أن هذا الأصل مرجعها إلی الاستصحاب ، والشارح رحمه الله لا یقول بحجیته (3) ، وإن کان دائما یتمسّک بأصالة العدم التی لا نجد لها أصلا ولا معنی سوی استمرار العدم السابق.

وإن أراد منه أصل البراءة ، ففیه : أنّه - مع بعد الإرادة من هذا اللفظ - لا یمکن إرادته بعد ثبوت التکلیف بها وکونه مسلّما ، وعدم الفائدة لهذه المسألة فی ما یتعلّق بالعمل ، وظهور الفائدة بعنوان الندرة لیس من مقتضیات أصل البراءة ، إذا ربما یکون الدخول أوفق ( له وربما یکون الخروج أوفق ) (4) ، فتأمّل جدّا.

النیّة

هل النیّة شرط أو جزء

ص: 6


1- أمالی الصدوق : 512.
2- التهذیب 2 : 78 ، 79.
3- انظر المدارک 1 : 46.
4- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

قوله : فلو کانت جزءا منها لتعلّق الشی ء بنفسه. ( 3 : 308 ).

فیه : أنّ الخصم لا یسلّم تعلّقها بجمیع الأجزاء ، وبعد التسلیم (1) فالمغایرة الاعتباریة کافیة ، فتأمّل ، وبالجملة لا تعلّق لها بالصلاة سوی کون الصلاة مفتقرة إلیها ، فإن کانت النیّة أیضا مفتقرة إلیها یلزم التسلسل ، وهذا بعینه الدلیل الآتی ومنع الشارح الملازمة فیه وجوّز کونها جزءا لا یفتقر إلیها.

وإن أراد من التعلّق أمرا غیر ما ذکرنا فلا نسلّم تعلّقها بالصلاة ، بل ظاهر أنّه لا تعلّق لها بها سوی ما ذکرنا.

قوله : ولا تلزم منها الشرطیة. ( 3 : 308 ).

فیه : أنّ لفظ الأعمال لغة وعرفا شامل لکلّ جزء جزء من الصلاة ، فلو کانت النیّة أیضا عملا داخلا فیه لزم التسلسل ، وهذا قرینة علی عدم الدخول وکون المراد من الأعمال غیر النیّة ، فتأمّل جدّا.

قوله : لانتفاء الدلیل علیه رأسا. ( 3 : 309 ).

وعلی تقدیر التسلیم لا دلیل علی أنّه إذا اعتبر فیها ما یعتبر فی الصلاة یکون جزءا للصلاة.

قوله : وهو جیّد لو ثبت توقّف المقارنة علی ذلک. ( 3 : 309 ).

لا خفاء فی توقّف المقارنة للتکبیر الصحیح علی ذلک ، وسیجی ء من الشارح اعترافه بذلک عند قول المصنّف : ویجب أن یکبّر قائما (2) ، إلاّ أن یکون مراده التأمّل فی ثبوت الاشتراط بحسب حکم الشرع بأنّ الشارع قال :

ص: 7


1- لیس فی « أ » و « ب » و « ج » و « د ».
2- المدارک 3 : 322 ، 323.

إنّه شرط ، ولم یثبت ، لعدم ثبوت کون مقدّمة الواجب المطلق واجبا شرعا بمجرّد إیجاب ذی المقدّمة ، فتأمّل جدّا.

قوله : فإنّ صلاة الظهر مثلا. ( 3 : 310 ).

لا یخفی فساد ما ذکره الشارح رحمه الله إذ لا شبهة فی أنّه یمکن أن یصلّی المکلف الظهر بقصد الندب وإن کانت واجبة علیه واقعا ، وبقصد الوجوب وإن لم تکن واجبة علیه واقعا ، وهکذا الکلام فی الأداء والقضاء ، غایة الأمر أنّها لا تکون صحیحة شرعا ، لعدم الموافقة لمطلوب الشارع ، ولهذا أمر الفقهاء بقصد ما هو المطلوب حتی یصیر فعله صحیحا ، مثلا من لم یکن علیه سوی صلاة الظهر الواجبة لو صلّی بقصد الصبح أو العصر أو الزلزلة أو أمثال ذلک ، سواء صلّی کذلک عمدا أو سهوا أو جهلا ، لا تکون صلاته صحیحة قطعا ، وکذا لو صلاّها بقصد المستحبة ، لأنّها لیست بالتی أمر بها الشارع فکیف تکون صحیحة؟!

وإمکان الوقوع علی أکثر من وجه بحسب قصد المکلف وجعله - سواء کان بعنوان العمد أو الجهل أو السهو - یکفی للحکم بقصد التعیین ، ولذا یحکم الشرع بوجوب قصد القربة والإخلاص. ولا یجب کون الأکثر من وجه واحد صحیحا شرعیا وإلاّ لم یجب قصد نفس کونها ظهرا مثلا ، بل نفس کونها صلاة إذا لم یکن علیه واجب آخر.

وبالجملة : قصد التعیین إنّما یجب لتحقّق الامتثال ، وهو الإتیان بخصوص ما هو مکلف به ، فإن کان واحدا فی الواقع لا بحسب اعتقاد المکلف بأنّه یعتقد تعدده من جهله أو سهوه فلا بدّ من التعیین حتی یتحقّق امتثاله العرفی ویقال : إنّه امتثل ، من دون فرق بینه وبین التعدد فی الواقع ، لأنّ المکلف إذا اعتقد أنّ صلاة الظهر ابتداء تکون واجبة وتکون مندوبة

اعتبار قصد القربة والتعیین فی النیّة

ص: 8

وحین الإتیان لم یعیّن إحداهما وترکها متزلزلة متردّدة بین الأمر کیف یعدّ ممتثلا بالنسبة إلی الواجبة ، ولا یعد من کانت ذمته مشغولة بکلّ من الواجبة والمستحبة ، مثل صلاة نافلة الفجر وفریضته ، ممتثلا بالنسبة إلی الواجبة؟ وکذا الحال إذا بنی المکلف علی التعدّد عمدا وتشریعا.

وأمّا إذا کان فی الواقع واحدا وعند المکلف أیضا کذلک ، ولم یبن علی التعدّد أصلا وقصد ذلک الواحد فقد قصد الذی هو متّصف بالوجوب أو متّصف بالندب ، لأنّه أحضر المنوی ، وهو الأمر المتصف بالوجوب واقعا ، لأنّ النیّة أمر بسیط ، إلاّ أن یقال : فی الصورة الأخیرة لا یجب الإحضار بصفة الوجوب أو الندب وإن کان متصفا بهما واقعا ، لأنّ الامتثال یتحقّق بقصد المعیّن ، وإن کان الواجب أن لا یحضر ما هو متصف بالوجوب بصفة الندب وما هو متصف بالندب بصفة الوجوب ، لأنّ المندوب غیر الواجب وبالعکس ، فلا یکون هو المعیّن فی الواقع ، فتأمّل.

قوله : قال بعض الفضلاء. ( 3 : 311 ).

فیه : أنّه لا شبهة فی أنّ الفاعل المختار لا یمکن أن یتحقّق منه الفعل بغیر ملاحظة العلّة الغائیة لکن العلّة الغائیة یمکن أن تکون التقرّب إلیه تعالی والإخلاص له ، وأن تکون غیر ذلک من الریاء وغیره من الأغراض ، والإخلاص فی غایة الصعوبة ، فکیف یکون فی غایة السهولة؟ وکذا لا بدّ من التعیین بالتوجّه إلی المعیّنات لتحقّق الامتثال إذا تعدد الاحتمال ، ولیس الأمر کذلک فی سائر الأفعال ، فتأمّل.

قوله : ما کانوا یذکرون النیّة فی کتبهم الفقهیة. ( 3 : 311 ).

کانوا یذکرون بعنوان الکلّیة ، لکونها شرطا فی جمیع العبادات ، وان کانوا لا یذکرون فی موضع موضع علی حدة.

ص: 9

قوله : أمر لا یکاد یمکن الانفکاک عنه. ( 3 : 311 ).

قد عرفت أنّ الأمر لیس کذلک ، وأنّ الإخلاص فی غایة الصعوبة ، والأخبار فی هذا المعنی فی غایة الکثرة ، بل ورد : أنّ الریاء أخفی من دبیب النملة فی اللیلة السوداء علی الصخرة الصمّاء ، وأشدّ من هذا (1) ، والعلماء المتقدّمون والمتأخّرون بالغوا فی هذا غایة المبالغة وحذّروا نهایة التحذیر ، وعرفت أنّهم ما کانوا یذکرون فی خصوصیات المقامات ، کما أنّهم ما کانوا یذکرون العقائد الأصولیة والإیمان وأمثاله ممّا هو شرط الصحة بلا شائبة شبهة ، مع کون تلک الشرائط ومعرفتها ربما کانت فی غایة الإشکال والصعوبة.

قوله : وممّا یؤیّد ذلک عدم ورود النیّة. ( 3 : 311 ).

غایة ما ثبت ممّا ذکر أنّ النیّة لیست جزءا للعبادات بل شرط لها ، کما هو الأظهر ، وأمّا اعتبارها فی العبادات فلا شکّ فیه ، بل لعله صار من الضروریات ، وثابت ذلک من الأخبار (2) بعد الآیة (3) ومسلّم عنده.

نعم ما ذکره رحمه الله من أنّ التلفظ بها وغیر ذلک من الخرافات المحدثة حق ، وکذا التفکّر فی النیّة ، وهذا هو مراده رحمه الله وهو الحق ، وإن کان الإشکال فی أمر آخر.

قوله : ووقتها عند أوّل جزء من التکبیر. ( 3 : 313 ).

قد مرّ فی مبحث الوضوء أنّ النیّة لیست هی الأمر المخطر بالبال ، بل لیست إلاّ الأمر الداعی إلی الفعل ، فلا حاجة إلی اعتبار المقارنة ولا الاستدامة

ص: 10


1- انظر إحیاء العلوم 3 : 305.
2- انظر الوسائل 1 : 46 أبواب مقدّمة العبادات ب 5.
3- البیّنة : 5.

الحکمیة (1).

قوله : مع النیّة کیف حصلت. ( 3 : 315 ).

لا بدّ من دلیل یثبت به هذا ، وإلاّ فالعبادات وظیفة الشرع لا بدّ أن یثبت ماهیتها من الشارع ، والمنقول عن النبی والأئمّة صلوات الله علیهم اتصال النیّة واستمرارها وعدم القطع فی الأثناء ، وسیعترف الشارح رحمه الله بما ذکرنا عند قول المصنف : وصورتها : الله أکبر. (2). وغیر ذلک ، فتأمّل جدّا.

وکذا الکلام فی المسألة الثالثة ، نعم من قال بجریان أصل العدم فی العبادات وإثبات ماهیتها به یمکنه الإثبات به ، وتحقیق ذلک فی الأصول ، والشارح رحمه الله أراه ربما یحکم بالجریان وربما یقول بالنحو الذی ذکرناه ، من غیر فرق بین الموضعین علی ما أظنّ.

قوله : أجمع الأصحاب. ( 3 : 318 ).

الواجب من تکبیرات الصلاة هو تکبیرة الإحرام فقط دون غیرها ، لما ستعرف فی تکبیر الرکوع (3).

قوله : ولکن کیف یستیقن. ( 3 : 318 ).

فیه دلالة علی عدم اعتبار الظنّ أیضا وکونه کالشک ، وسیجی ء تمام الکلام إن شاء الله تعالی.

قوله : أ لیس کان من نیّته أن یکبّر؟. ( 3 : 318 ).

لعل المراد أنّ من کان من نیّته أن یکبّر لا یمکن عادة أن یکون

حکم نیّة قطع الصلاة

تکبیرة الإحرام

رکنیّة التکبیر

ص: 11


1- راجع ج 1 : 250 - 256.
2- المدارک 3 : 319.
3- انظر ص 85.

لا یکبّر ، لکونه أوّل صلاته ، وهذا النسیان لا أصل له ، بل الظاهر أنّه یکبّر ، والظهور یکفی ، إذا سیجی ء فی بحث الشک والظنّ أن الظنّ فی الأفعال کاف کالظنّ فی الرکعات (1) ، ومن هذا یظهر الکلام فی صحیحة البزنطی ، وأنّ قوله علیه السلام : « أجزأه » غیر باق علی ظاهره بالقرینة المذکورة.

ویشهد علی ما ذکرناه استبعاده علیه السلام فی صحیحة ابن مسلم السابقة ، وما رواه الصدوق رحمه الله مرسلا عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « الإنسان لا ینسی تکبیرة الافتتاح » (2).

وممّا ذکرنا ظهر أنّه لا یعارض ما ذکر من الإجماع والأخبار صحیحة زرارة عن الباقر علیه السلام : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والرکوع ، السجود » (3) الحدیث. ولا حاجة إلی القول بالتخصیص وارتکابه ، فتدبّر.

قوله : وفیها ما یأبی هذا الحمل. ( 3 : 319 ).

إن أراد من الإباء أنّه خلاف الظاهر ، ففیه : أنّ الحمل فی المقامات إنّما یکون إذا خالف الظاهر ، وإلاّ فلا وجه للحمل.

وإن أراد منه معناه الحقیقی - أعنی الإباء الواقعی - فمع أنّه لیس کذلک ، ینافیه قوله : إلاّ أنّ مخالفة. إلاّ أن یکون مراده أنّ هذا الحمل وإن کان بعیدا إلاّ أنّه لا بدّ من ارتکابه ، فیکون معتذرا للشیخ لا معترضا علیه ، فمع أنّه خلاف مدلول کلامه قد عرفت فی الحاشیة السابقة قرب هذا الحمل بل نهایة قربه ، لوجود القرینة الظاهرة غیر الإجماع.

ص: 12


1- انظر ص 303 - 307.
2- الفقیه 1 : 226 / 998 ، الوسائل 6 : 15 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 11.
3- الفقیه 1 : 225 / 991 ، الوسائل 1 : 371 أبواب الوضوء ب 3 ح 8.

وبالجملة : هذا الحمل أقرب المحامل التی یرتکبها الشارح فی المقامات من دون تأمّل منه وتزلزل وإظهار حزازة فیها.

قوله : إرادة قلبیة لا دخل للّسان فیها. ( 3 : 319 ).

کونها إرادة قلبیة لا یقتضی السکوت ولا یستلزم قطع الکلام ، کیف؟! وهو رحمه الله قد قال - عند قول المصنّف : وحقیقتها. : إنّ حمادا لم یقل : إنّه فکّر فی النیّة ، بل قال : الله أکبر (1) ، فتأمّل.

فالأولی الاستدلال بأن القدر الثابت من النبی والأئمّة علیه السلام أنهم علیه السلام کبروا بعنوان القطع ، للإجماع علی صحته بل الضرورة ، مضافا إلی ما یظهر من بعض الأخبار بل وغیر واحد منها (2) ، ولم ینقل إلینا أنّهم علیه السلام بعنوان الوصل کبّروا ، والعبادات توقیفیة.

قوله : والمصلّی بالخیار فی التکبیرات السبع. ( 3 : 321 ).

فی الفقه الرضوی : « واعلم أنّ السابعة هی الفریضة ، وهی تکبیرة الافتتاح ، وبها تحریم الصلاة » (3) انتهی.

لکن ربما یظهر من بعض الأخبار أنّ الأولی تکبیرة الافتتاح (4) ، وسائر الأخبار لا یظهر منها شی ء من الأمرین ، بل الظاهر منها عدم وجوب تعیین تکبیرة الافتتاح ، بأنّ أقل ما یجزی تکبیرة ، وأفضل منها ثلاث ، وأفضل منها الخمس ، وأفضل منها السبع (5) ، ومقتضی هذه الأخبار أیضا کون الأولی تکبیرة الافتتاح ، لأنّ بعد الأولی تتحقّق براءة الذمة عن القدر

صورة تکبیرة الإحرام

تخییر المصّلی فی تعیین تکبیرة الإحرام من التکبیرات السبع.

ص: 13


1- المدارک 3 : 312.
2- انظر سنن أبی داود 1 : 194 ، 201 والوسائل 6 : 9 أبواب تکبیرة الإحرام ب 1.
3- فقه الرضا علیه السلام : 105.
4- انظر الوسائل 6 : 21 أبواب تکبیرة الإحرام ب 7 ح 4 ، 6.
5- الوسائل 6 : 10 أبواب تکبیرة الإحرام ب 1 ح 4 ، 8.

الواجب ، وربما قیل بالتخییر بین الصور الأربع (1) ، فإن کان مراده ما ذکر فله وجه ، وإلاّ فلا ، فتأمّل.

قوله : فإنّ أقصی ما یستفاد من الروایات. ( 3 : 322 ).

لا یخفی ما فیه ، لأنّ الحکم ببطلان الصلاة غیر منحصر فی الصدور فی الروایات ، کیف؟ وهو قد أکثر من الحکم بالبطلان من جهة کون العبادة توقیفیة وعدم النقل کذلک ، منها : ما مرّ عند قول المصنّف رحمه الله : وصورتها : أن یقول : الله أکبر (2) ، وغیر ذلک مما لا یحصی.

ومعلوم بالضرورة أنّ المنقول عن النبی والأئمّة علیه السلام أنّهم کبّروا للإحرام تکبیرة واحدة ، وما کبّروا له وبقصد الوجوب والافتتاح الواجب سوی واحدة ، بل المنقول أمّا الواحدة أو الثلاث أو الخمس أو السبع باختیار الأفضل والأولی فی غیر الأولی.

علی أنّه لو تمّ ما ذکره لزم صحة قول الشیخ رحمه الله بجواز الإتیان بالتکبیر فی حال الانحناء ، لأنّ أقصی ما یستفاد من الروایات بطلان الصلاة بترکه عمدا وسهوا ، وهو لا یستلزم البطلان بفعله فی حال الانحناء ، والشارح لا یرضی بذلک وأمثاله ، فتأمّل جدّا.

قوله : فیجب فیه کلّ ما یجب فیها. ( 3 : 322 ).

ویدل علیه موثقة عمار عن الصادق علیه السلام : عن رجل سها خلف الإمام فلم یفتتح الصلاة ، قال : « یعید الصلاة ولا صلاة بغیر افتتاح » وعن رجل وجبت علیه صلاة من قعود فنسی حتی قام وافتتح الصلاة وهو قائم ، ثم ذکر ، قال : « یقعد ویفتتح الصلاة وهو قاعد ، وکذلک إن وجبت علیه الصلاة

بطلان الصلاة بإعادة تکبیرة الافتتاح

یشترط فی تکبیرة الافتتاح ما یشترط فی الصلاة

ص: 14


1- انظر روضة المتقین 2 : 280 ، والبحار 81 : 358.
2- المدارک 3 : 319.

من قیام فنسی حتی افتتح الصلاة وهو قاعد ، فعلیه أن یقطع صلاته ویقوم فیفتتح الصلاة وهو قائم ، ولا یعتدّ بافتتاحه وهو قاعد » (1).

قوله : والهاء زیادة علی القدر الطبیعی. ( 3 : 323 ).

یلزم علی هذا بطلان الصلاة ، لأنّه لم ینقل عن النبی والأئمّة علیه السلام المدّ بهذه الزیادة ، بل حالها أسوء من حال وصل همزة « الله » فی التکبیر ، وقد مرّ من الشارح رحمه الله الحکم بالبطلان به بالعلّة التی ذکرها (2) ، وهی جاریة فی ما نحن فیه ، بل بطریق أولی ، وکذا الکلام فی قوله : وإلاّ ففیه وجهان ، وقوله فی الشرح الآتی : ولا بدّ من تقییده ، إلاّ أن یکون مراده أنّ أمثال هذه الأمور عدم ضررها إجماعی ، سوی ما یخرج بسببه عن صیغة الأخبار ، فتأمّل.

قوله : المستند فی ذلک روایات کثیرة. ( 3 : 323 ).

فی العیون عن الرضا علیه السلام : « أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یکبّر واحدة ویجهر بها ، ویسرّ ستّا » فی جواب من قال : روی عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه کان یکبّر واحدة (3).

قوله : وهو حسن. ( 3 : 325 ).

لکن یشکل بأنّ مقتضی صحیحة زرارة عن الباقر علیه السلام : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والرکوع ، والسجود » (4) عدم رکنیته مطلقا.

سنن تکبیرة الإحرام

أن یأتی بلفظ الجلالة من غیر مدّ

إسماع الإمام من خلفه

القیام

رکنیّة القیام

ص: 15


1- التهذیب 2 : 353 / 1466 ، الوسائل 5 : 503 أبواب القیام ب 13 ح 1 ، و 6 : 14 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 7.
2- المدارک 3 : 319.
3- العیون 1 : 217 / 18 ، الوسائل 6 : 33 أبواب تکبیرة الإحرام ب 12 ح 2.
4- الفقیه 1 : 225 / 991 ، الوسائل 1 : 371 أبواب الوضوء ب 3 ح 8.

إلاّ أن یقال : إنّ الصحیحة مخصّصة بالإجماع وغیره ، مثل قوله : « من لم یقم صلبه فلا صلاة له » رواه الصدوق فی الصحیح فی باب القبلة (1) ( والکافی فی الصحیح عن أبی بصیر ، عن الصادق ، عن أمیر المؤمنین علیه السلام ) (2) فتأمّل.

أو یقال : إنّ الرکوع من غیر قیام مثلا لیس برکوع فی الفریضة ، فإنّ الرکوع فیها هو أن ینحنی من قیام ، فإنّ الإعادة من الرکوع والسجود تشمل ما نحن فیه ، وعدم الإعادة من جهة نسیان الذکر فیهما مثلا ثبت من دلیل من الخارج.

مع أنّ الإتیان بنفس الرکوع والسجود وترک القیام لهما سهوا فی الفریضة - بأن یکون المکلف آتیا بالرکوع والسجود وغیرهما من الأرکان فیها إلاّ أنّه نسی کون رکوعه وانحنائه عن قیام وکذا السجود - من الفروض البعیدة غایة البعد ، والقیام المتصل بهما لا ینفکّ عنهما غالبا أو متعارفا ، وأخبارنا محمولة علی الفروض المتعارفة واردة فیها ، فلا یظهر ضرر (3) من قبلها للفروض البعیدة ، سیّما وأن تکون غایة البعد.

وکیف کان لا یتحقّق ضرر أصلا فی الحکم برکنیته من طرف هذه الصحیحة وغیرها أصلا ، ومقتضی الدلیل الرکنیة علی حسب ما ذکره الشهید رحمه الله هذا هو مراد الفقهاء.

قوله : وفی أثنائها. ( 3 : 327 ).

ص: 16


1- الفقیه 1 : 180 / 856 ، الوسائل 5 : 488 أبواب القیام ب 2 ح 1.
2- الکافی 3 : 320 / 4 ، الوسائل 5 : 489 أبواب القیام ب 2 ح 2 ، وما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- فی « و » : ظهور.

لا یخفی ما فیه ، لأنّه یرد علیه ما أورده علی المحقّق الشیخ علی من دون تفاوت أصلا ، ولعله کتبه أوّلا ثم ضرب علیه ، ولهذا لا یوجد فی بعض النسخ.

قوله نسخة : مدفوع. ( 3 : 327 ).

بدل من قوله : هو إشکال ضعیف.

قوله : وهو غیر بعید. ( 3 : 328 ).

مشکل ، لأنّ المعارض أقوی من حیث عمل الأصحاب ، والإطلاقات والعمومات الدالة علی وجوب القیام ، لأنّ المتبادر منه فیها ما لا یکون باستناد علی شی ء ، وکون العبادة توقیفیة ، والمنقول عن النبی والأئمّة علیه السلام أنّهم علیه السلام ما کانوا یستندون ، وعدم صراحة کون الاستناد فی هذه علی سبیل الاعتماد ، وتوقّف شغل الذمّة الیقینی علی البراءة الیقینیة. وحصول الشبهة من جمیع ما ذکر لا أقلّ منه ، فتأمّل جدّا.

قوله : ما رواه ابن بابویه مرسلا. ( 3 : 331 ).

الأولی والأحوط العمل بمضمون هذه المرسلة ( بل متعیّن تحصیلا للبراءة الیقینیة ، مع اعتضادها بالإجماع المدعی من المحقق وغیره (1) أیضا ، وفتاوی الفقهاء ، وموثقة عمار الآتیة ، وتحصیل الاستقبال للقبلة مهما أمکن ، والله یعلم ) (2).

قوله (3) : ویستفاد من هذه الروایة استحباب وضع الجبهة علی ما یصح السجود علیه حال الإیماء. ( 3 : 333 ).

وجوب الاستقلال بالقیام

لو عجز المصلّی عن القعود صلّی مضطجعاً

لو عجز المصلّی عن الاضطجاع صلّی مستلقیاً

ص: 17


1- کالشیخ فی الخلاف 1 : 420 ، والعلاّمة فی المنتهی 1 : 265.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « أ ».

لا یخفی أنّ مع التمکن من السجود علی الأرض یجب بلا تأمّل ، وهذا الرجل المسؤول عن حاله لا یمکنه الجلوس کما سأل ، فالرفع للوضع فاسد ، مع أنّه علیه السلام قال : « أن یضع جبهته علی الأرض » لا أن یرفع لوضعها علیها ، فالظاهر حملها علی المستلقی أو المضطجع الذی یعسر علیه ، ویشهد وضع الجبهة کما هو الغالب فی المرضی ، لأنّ إطلاق المریض ینصرف إلی الکامل لا إلی السهل.

قوله : ویمکن أن یرید بالاستمرار. ( 3 : 333 ).

لا خفاء فی أنّ مراده هو هذا ، لا السابق ، إذ لا وجه له ، مع بعده عن العبارة.

قوله : شرط مع القدرة. ( 3 : 334 ).

لم نجد دلیلا علی اشتراط الاستقرار بالمعنی الذی ذکره ، لا إجماعا ولا حدیثا ، أمّا الحدیث فظاهر فقده ، وامّا الإجماع فقد عرفت کلام المشهور من أنّه ینتقل إلی ما دونها مستمرا.

إلاّ أن یقال : إنّ توقیفیة العبادة تقتضی ذلک.

وفیه أیضا تأمّل ، لما عرفت من کلام الأصحاب وتعلیلهم ، وظاهرهما یقتضی التعیین ، فتأمّل جدّا ، ( مع أنّ القدر المتصل بالقیام والواقع فی حدّه یجب تحقّق القراءة فیه للعموم ، فکذا غیره ، لعدم قائل بالفصل ) (1).

قوله : والأصل فیه. ( 3 : 335 ).

هذا کما یقتضی وجوب قراءة الحمد کذا یقتضی وجوب قراءة السورة تماما أو بعضا ، لأنّ فعل النبی والأئمّة علیه السلام بالنسبة إلیهما واحد من

لو عجز المصلّی عن حالة فی أثناء الصلاة انتقل إلی ما دونها

القراءة

وجوب القراءة

ص: 18


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

دون تفاوت أصلا ، وکذا الکلام فی الأخبار المستفیضة ، فإنّ لفظ القراءة فیها مطلق شامل للحمد والسورة ، مع أنّ الشارح رحمه الله سیذکر فی بحث وجوب السورة : أنّ التعریف فی أمثال المقام لیس للعهد ، ولا للحقیقة ، ولا للعهد الذهنی ، فیکون للاستغراق.

وممّا یؤیّد : أنّ الواجب لو کان خصوص الحمد فقط لکان المناسب أن یقول - بدل القراءة - : الحمد أو الفاتحة ، لأنّه أخصر وأظهر فی المطلوب ، ولعدم المناسبة حینئذ بالتعبیر بلفظ القراءة ، لأنّ الواجب حینئذ هو الحمد من حیث إنّه حمد لا من حیث إنّه قراءة ، ولأنّ التعلیق بلفظ القراءة له ظهور فی کون الواجب هو القراءة من حیث إنّه قراءة ، وخصوصیة کونها الحمد والسورة تظهر من الخارج ، ولیس المقام مقام العنایة بإظهار تلک الخصوصیة ، بخلاف ما لو کان الواجب خصوص الحمد من حیث إنّه حمد ، فإنّه لا یناسبه التعبیر فی المقام بالقراءة من حیث إنّها قراءة ( مع أنّه لا عنایة بالقراءة من حیث إنّها قراءة ) (1) أصلا.

ویؤکّد ما ذکرناه ما رواه فی العلل عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا علیه السلام : « أمر الناس بالقراءة فی الصلاة لئلاّ یکون القرآن مهجورا مضیّعا. ، وإنّما بدئ بالحمد دون سائر السور لأنّه لیس شی ء من القرآن. » (2) الحدیث ، وما رواه فی الفقیه أیضا (3).

وفیه شهادة واضحة علی کون القراءة من حیث إنّها قراءة مأمورا بها ، وکون الحمد بخصوصها مأمورا بها أیضا ، وکون البدأة بالحمد مأمورا بها ،

ص: 19


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
2- علل الشرائع : 260 ، الوسائل 6 : 38 أبواب القراءة فی الصلاة ب 1 ح 3.
3- الفقیه 1 : 203 / 927.

وفیها دلالة علی وجوب السورة ، وکونها مأمورا بها من وجوه متعدّدة.

قوله : کصحیحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیه السلام . ( 3 : 335 ).

ورواه الصدوق رحمه الله فی الصحیح ، عن زرارة ، عن أحدهما علیه السلام (1).

قوله : حتی یبدأ بها. ( 3 : 336 ).

یظهر منه وجوب السورة أیضا ، فإنّه یظهر أنّ القراءة لا بدّ منها ، وأنّه لا قراءة صحیحة حتی یبدأ بالحمد ، فالابتداء بالحمد أیضا لا بدّ منه ، والابتداء به لا یتحقّق إلاّ مع وجوب السورة ووجودها ، ولو لم تکن للسورة مدخلیة فی الوجوب لما حسن أن یقال : حتی یبدأ بالحمد ، بل کان المناسب أن یقول - موضع قوله : « فإنّه لا قراءة. » - : فإنّه لا صلاة إلاّ بفاتحة الکتاب.

ومثل روایة سماعة روایة محمد بن مسلم - رواها الشیخ عنه - قال : سألته عن الذی لا یقرأ بفاتحة الکتاب فی صلاته ، قال : « لا صلاة له إلاّ أن یبدأ بها فی جهر أو إخفات » (2).

قوله (3) : وقد نقل جدّی رحمه الله عن بعض محقّقی القراءة. ( 3 : 338 ).

لا یخفی أنّ القرآن عندنا نزل بحرف واحد من عند الواحد ، والاختلاف جاء من قبل الروایة (4) ، فالمراد بالمتواتر ما تواتر صحة قراءته

تعیین فاتحة الکتاب

بیان المراد من تواتر القراءات السبع.

ص: 20


1- الفقیه 1 : 227 / 1005 ، الوسائل 6 : 87 أبواب القراءة ب 27 ح 1.
2- التهذیب 2 : 147 / 576 ، الوسائل 6 : 37 أبواب القراءة ب 1 ح 1.
3- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « ا ».
4- انظر الکافی 2 : 630 / 12 ، 13.

فی زمان الأئمّة علیه السلام ، بحیث یظهر أنّهم کانوا یرضون به ویصحّحونه ویجوّزون ارتکابه فی الصلاة وغیرها ، لأنّهم کانوا راضین بقراءة القرآن علی ما هو عند الناس ، بل وربما کانوا یمنعون من قراءة الحق وکانوا یقولون : هی مخصوصة بزمان ظهور القائم علیه السلام (1).

قوله : لکن قد لا یخرج بذلک عن کونه قرآنا. ( 3 : 342 ).

هذا لا یقتضی صحة التدارک مطلقا قبل الرکوع ، فالأولی حمل الإعادة علی الأعمّ من الصّلاة والقراءة ، إن تدارک یکون إعادة القرآن ، وإن لم یتدارک یکون إعادة الصلاة ، وکذلک إن خرج بالمخالفة عن کونه قرآنا ، فتدبّر.

قوله (2) : ولو لفوات الموالاة. ( 3 : 342 ).

یعنی عدم الإمکان بفوات الموالاة.

قوله (3) : لإطلاق الأمر. ( 3 : 342 ).

یمکن أن یقال : الإطلاق ینصرف إلی المتعارف الغالب ، والمتعارف کان أنّ من یحفظ القراءة کان یقرأ من الحفظ ، ولا کان یرتکب عناء أخذ المصحف والقراءة منه وتحصیل السراج للقراءة والقراءة بالسراج ، ومنه یظهر الجواب عن روایة الصیقل أیضا.

وروی علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام المنع من ذلک ، وعدم الاعتداد بالصلاة تکون قراءتها کذلک ووجوب إعادتها ، رواها الحمیری بطریقه عنه (4). ومن هذا منع فی الدروس عنه (5) ، ولعل غیر ذلک.

وجوب مراعاة الترتیب بین آیاتها وکلماتها علی الوجه المنقول

وجوب التعلّم علی الجاهل بالفاتحة مع الإمکان

ص: 21


1- انظر الکافی 2 : 633 / 23.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
3- هذه الحاشیة واثنتان بعدها لیست فی « أ » و « و ».
4- قرب الاسناد : 195 / 742 ، الوسائل 6 : 107 أبواب القراءة ب 41 ح 2.
5- الدروس 1 : 172.

قوله : وجب علیه الإتیان به إجماعا. ( 3 : 343 ).

وللأخبار الدالة علی أنّ المیسور لا یسقط بالمعسور (1) أو ممّا ذکر ظهر أنّ الوجوب غیر منحصر فی صورة کون الشی ء الذی نقله (2) من الفاتحة قرآنا ، کما اختاره فی الدروس بعد العلاّمة (3) ، ونظرهما إلی ما سنذکر فی الحاشیة الآتیة فی وجوب حصول القراءة موضع الحمد لو لم یعلم شیئا منها ، أو یعلم لکن بعوض الفائت.

قوله : تمسّکا بمقتضی الأصل السالم عن المعارض. ( 3 : 343 ).

الأصل لا یجری فی ماهیة العبادات ، ولذا وجب فی تکبیرة الإحرام الاقتصار علی « الله أکبر » مع کون ما دل علی وجوب تکبیرة مطلقا ، سیّما مع کون المراد : الله أکبر من کلّ شی ء ، أو من أن یوصف ، أو عن أن یتوهم ، ومع ذلک لا یجوز إظهار شی ء من ذلک ، وکذا لا یجوز : الله الأکبر ، وغیرها ممّا هو أصح بحسب اللغة عن المشهور ، وغیر ذلک من المواضع المسلّمة عند الشارح ، مع أنّه ثبت ممّا تقدّم أنّ وجوب القراءة أمر علی حدة ، ووجوب کونها الحمد والسورة أمر علی حدة ، ودل علی الأوّل الإجماع والأخبار التی لا تحصی ، وعلی الثانی أیضا.

وفی العلل : عن الرضا علیه السلام : « إنّما أمر بالقراءة فی الصلاة لئلاّ یکون القرآن مهجورا » إلی أن قال : « وإنّما بدئ بالحمد دون سائر السور ، لأنّه لیس شی ء من القرآن جمع فیه من جوامع الخیر والحکمة ما جمع فی الحمد » ،

حکم من یعلم بعض الفاتحة

ص: 22


1- عوالی اللآلئ 4 : 58.
2- کذا فی النسخ ، والأنسب : یعلمه.
3- المنتهی 1 : 272. الدروس 1 : 172.

ثم شرع علیه السلام فی بیان الخیر والحکمة فی کلّ جزء جزء منها إلی قوله ( وَلَا الضّالِّینَ ) (1).

فظهر ممّا ذکر أنّ وجوب مطلق القراءة غیر وجوب مقیّدها وکلّ منهما علی حدة ، فمن تعذّر أحدهما أو تعسّره لا یسقط الآخر ، وإن کان فی المقیّد اجتمع الوجوبان ، فإن لم یتیسّر لم یسقط المطلق ، ولذا وجب القراءة من غیرها.

وروی العامّة عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه قال : « فإن کان معک قرآن فاقرأ به » (2) فمع التمکن من قراءة بعض الحمد یمکن أن یقال بتعویض الفائت ، بملاحظة أنّ أمر الشارع بوجوب الحمد تماما ربما یظهر [ منه ] (3) کون هذا المقدار من القراءة مطلوبا مطلقا ، وکونها فی ضمن الحمد وبالحمد مطلوبا آخر.

مع أنّه لو قلنا بعدم الظهور فالاحتمال موجود البتة ، والبراءة الاحتمالیة لا تکفی عند اشتغال الذمّة بالعبادة التوقیفیة یقینا.

ودعوی ظهور عدم المدخلیة علی المجتهد بحیث یکتفی به فی تحصیل البراءة الیقینیة ، فیه ما فیه ، وعلی أیّ حال الاحتیاط فی مثله لا یترک.

واعلم أنّه علی القول بوجوب تعویض الفائت هل یجب تکرار ما یعلمه إلی ان یحصل مقدار الحمد لکونه أقرب إلی الحمد؟ أو یجب کونه بغیر الحمد ممّا یعرفه من القرآن؟ لعدم ظهور تکرار القراءة فی خبر من

ص: 23


1- علل الشرائع : 260 / 9 ، الوسائل 6 : 38 أبواب القراءة ب 1 ح 3.
2- سنن أبی داود 1 : 228 / 861 ، سنن الترمذی 1 : 185 / 301.
3- ما بین المعقوفین أضفناه العبارة.

الأخبار ، بل مقتضی ما ذکرنا من العلل عن الرضا علیه السلام تعیین الغیر ، [ إذ ] (1) بالقراءة (2) یحصل عدم الهجر ، فما الفائدة فی التکرار إذا کان العلّة عدم الهجر بالمرّة والحفظ والدرس ، والمعرفة وعدم الجهل ، إذ کلّ ذلک یقتضی کون عوض الفائت من غیرها من باقی السور؟

أو أنّه یجوز الأمران ومخیّر بینهما ، لحصول العوض علی أیّ تقدیر؟

ولعل الأوسط خیر.

ولو لم یعرف شیئا من الحمد ویعرف شیئا من باقی القرآن لا یوازی الحمد ، فهل یجب تکراره إلی أن یوازی الحمد بناء علی ما قلناه من وجوب الإتیان بقدر الحمد من القرآن؟ أو یعوّضه بالذکر إلی أن یوازی الحمد بناء علی ما ذکرناه من عدم الفائدة فی التکرار؟ أو لا تلزم الموازاة بل یکفی ذلک القلیل ، بحصول مسمّی القراءة وعدم التمکن بما یوازی الحمد ، لعدم وجود التکرار فی خبر ، ولعدم الفائدة فیه؟.

إشکال ، وإن کان الأوّل ربما لا یخلوا من قوّة لا عدم التکرار ، بناء علی ما هو المتعارف من حصول القراءة إن کانت حاصلة ، ووجوب تحصیلها إن لم تکن ، ولو لم یمکن فالمیسور لا یسقط بالمعسور ، مع أنّ الاحتمال کاف فی لزوم مراعاته ، کما لا یخفی والاحتیاط.

ولو أمکنه تفسیر الحمد أو مرادفها ، فهل هو مقدّم علی القراءة من غیرها أم لا؟.

الأظهر الثانی ، لأنّ التفسیر لیس بقرآن.

وهل هو مقدّم علی التسبیحات أم لا؟

حکم من لم یعرف شیئاً من الفاتحة ویعرف شیئاً من باقی القرآن

حکم من یعرف تفسیر الحمد أو مرادفها

ص: 24


1- فی النسخ : أو ، والظاهر ما أثبتناه.
2- فی النسخ زیادة : من.

اختار فی المنتهی تقدیم التسبیح ، لقول النبی صلی الله علیه و آله : « إن کان معک قرآن فاقرأ وإلاّ فاحمد الله وکبّره وهلّله » (1).

وفیه : أنّ الروایة من العامّة ، نعم فی صحیحة ابن سنان المذکورة فی الشرح ما یدل علیه ، لکن یمکن أن یقال : فرض معرفة تفسیر الحمد وعدم معرفة الحمد فی غایة البعد والندرة ، لأنّ المتعارف أنّ من لا یعرف الحمد لا یعرف تفسیره أیضا البتّة ، بل محال عادی عدم معرفتها ومعرفته ، فلذا قال علیه السلام : « أجزأ أن یکبّر ویسبّح ویصلّی ».

وممّا ذکر ظهر أنّه لو لم یعرف الحمد أصلا ویعلم السورة یقرأ السورة علی القول بوجوب السورة بعد ما یقرأ عوض الحمد من القرآن علی حسب ما ذکره.

ولو کان یعلم الحمد ولا یعلم السورة أصلا ، فمقتضی ما ذکر وجوب إتیان ما یکون عوض السورة علی حسب ما ذکره ، لکن فی الذخیرة ادعی الإجماع علی عدم وجوب عوض السورة حینئذ (2) ، وهو أعرف ، إذ لم یظهر بعد لی ما ادعاه ، وسیجی ء فی بحث السورة (3).

قوله : والمصلّی فی کلّ ثالثة ورابعة بالخیار. ( 3 : 344 ).

وفی الفقه الرضوی : « وفی الرکعتین الأخراوین الحمد وحده ، وإلاّ فسبّح فیهما ثلاثا ثلاثا ، تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أکبر ، تقولها فی کلّ رکعة ثلاث مرّات » (4).

التخییر بین الحمد والتسبیح فی الثالثة والرابعة

ص: 25


1- المنتهی 1 : 274.
2- الذخیرة : 272.
3- انظر ص 32 - 40.
4- فقه الرضا علیه السلام : 105 ، المستدرک 4 : 202 أبواب القراءة ب 31 ح 1.

قوله : أفضلیة التسبیح. ( 3 : 345 ).

هذا هو الظاهر من أخبار کثیرة وصریح بعضها ، مثل صحیحة زرارة عن الباقر علیه السلام : « لا تقرأ فی الرکعتین الأخیرتین من الأربع الرکعات المفروضات [ شیئا ] ، إماما کنت أو غیر إمام » قال : قلت : فما أقول فیهما؟ قال : « إذا کنت إماما أو وحدک فقل : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله أکبر ، ثلاث مرّات » (1).

بل یظهر من الأخبار أنّ أفضلیة التسبیح کانت ظاهرة عند الشیعة فی زمان الأئمّة علیه السلام ، وکانوا یسألونهم عن علّة کونه أفضل من القراءة ، وکانوا علیه السلام یجیبونهم عن العلّة ویظهرون أنّ العلّة ما ذا ، ویظهر أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام کان یسبّح فی الأخیرتین مع أنّه کان إماما ( وفی بعض الأخبار : أنّ الأفضل للإمام أن یسبّح ، بل ورد أنّه علی الإمام أن یسبّح ) (2) وفی کثیر من الأخبار : أنّه جعل القراءة فی الأوّلتین والتسبیح فی الأخیرتین ، إلی غیر ذلک (3).

قوله (4) : لکن ربما لاح منها أنّ القراءة أفضل للمنفرد. ( 3 : 345 ).

لم نجد التلویح فیها أصلا.

قوله : وقریب منها فی الدلالة. ( 3 : 345 ).

فی دلالتها تأمّل أیضا.

ص: 26


1- السرائر 1 : 219 ، الوسائل 6 : 123 أبواب القراءة فی الصلاة ب 51 ح 2 ، وما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- انظر الوسائل 6 : 122 أبواب القراءة ب 51.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

قوله : ( ویدل علیه أیضا. ) (1).

ویمکن حمل هذه الأخبار علی الاتقاء ، فإنّ الشیعة إذا کانوا یسبّحون ربما یطّلع علی فعلهم العامّة ، فهذا أقرب إلی التقیّة والاتقاء ، وما أشرنا أقرب إلی الحق والواقع.

قوله : لأنّا نجیب عنها بالحمل علی أنّ « لا » نافیة. ( 3 : 346 ).

علی هذا التقدیر أیضا لها ظهور فی أنّ القراءة مرجوحة ، کما لا یخفی علی المتأمّل.

قوله : وقراءة سورة کاملة. ( 3 : 347 ).

فی الفقه الرضوی : « ولا تقرأ فی المکتوبة سورة ناقصة » ، قال ذلک بعد ما قال : « ویقرأ سورة بعد الحمد فی الرکعتین الأوّلتین » (2).

وقال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ القراءة فی الأوّلتین من الفریضة الحمد وسورة لا تکون من العزائم ، ولا ألم تر کیف ولإیلاف ، أو الضحی وألم نشرح ، لأنّ الأوّلتین سورة واحدة ، والأخیرتین سورة واحدة ، فلا یجوز التفرّد بواحدة منهما فی الفریضة ، فمن أراد أن یقرأها فیها فلیقرأ الأوّلتین فی رکعة ، والأخیرتین فی رکعة (3). وقال مثل ذلک فی الفقیه (4).

وقال المرتضی فی الانتصار وممّا انفردت به الإمامیة القول بوجوب

وجوب قراءة سورة کاملة بعد الحمد وبیان الأقوال فیها

ص: 27


1- بدل ما بین القوسین فی الطبعة الجدیدة من المدارک : وتؤیّده روایة. 3 : 346.
2- فقه الرضا علیه السلام : 105 ، المستدرک 4 : 160 أبواب القراءة ب 3 ح 3.
3- أمالی الصدوق : 512.
4- الفقیه 1 : 200.

قراءة سورة تضمّ إلی فاتحة الکتاب فی الفرائض خاصّة علی غیر العلیل والمستعجل ، ولا تجوز قراءة بعض سورة فی الفریضة ولا سورتین. (1).

والشیخ فی عدّة من کتبه حکم بالوجوب (2) ، بل لا (3) یظهر من النهایة أیضا - کما ستعرف - بل العلاّمة رحمه الله أیضا فی جمیع کتبه قال بالوجوب (4) ، واختاره کثیر من المتأخّرین (5) ، مضافا إلی ما ذکره الشارح.

وأمّا ابن الجنید فستعرف حاله ، ولیس عندی کتاب سلاّر ، وفی التهذیب قال : وعندنا أنّه لا تجوز قراءة هاتین السورتین - یعنی الضحی وألم نشرح - إلاّ فی رکعة (6). وهو مشعر بأنّ الإجماع علی وجوب سورة کاملة ، وفی الخلاف والمبسوط صرّح بأنّ الظاهر من روایات الأصحاب ومذهبهم وجوب السورة الکاملة بعد الحمد (7).

قوله : وقال ابن الجنید. ( 3 : 347 ).

المستفاد من کلام ابن الجنید عدم إجزاء الحمد وحدها حیث قال : لو قرأ بأمّ الکتاب وبعض السورة فی الفرائض أجزأ (8) ، ومثله الشیخ فی المبسوط حیث قال : قراءة سورة بعد الحمد واجب ، علی أنّه إن قرأ بعض

ص: 28


1- الانتصار : 44.
2- کالاقتصاد : 261 ، والجمل والعقود : 68.
3- کذا فی النسخ.
4- نهایة الإحکام 1 : 461 ، إرشاد الأذهان 1 : 253 ، التحریر 1 : 38 ، القواعد 1 : 32 ، التذکرة 3 : 130 ، المختلف 2 : 161.
5- انظر الجامع للشرائع : 81 ، والدروس 1 : 171 ، والبیان : 81 ، والروضة 1 : 257 ، وکنز العرفان 1 : 123 ، وجامع المقاصد 2 : 242 ، وکشف اللثام 1 : 216.
6- التهذیب 2 : 72.
7- الخلاف 1 : 335 ، المبسوط 1 : 107.
8- حکاه عنه فی المعتبر 2 : 274.

السورة لا یحکم ببطلان الصلاة (1) ، فتأمّل.

وقیل : العلاّمة فی المنتهی قائل بالوجوب البتّة ، ولا یظهر منه أصلا میل (2).

وعبارة الشیخ فی النهایة فی غایة التشویش ، حیث حکم أوّلا بوجوب القراءة وقال : أدنی ما یجزئ الحمد وسورة معها لا یجوز الزیادة ولا النقصان عنه ، فمن صلّی بالحمد وحدها من غیر عذر لم یجب علیه إعادة الصلاة ، غیر أنّه ترک الأفضل ، وإن اقتصر علی الحمد ناسیا لم یکن به بأس وکانت صلاته تامّة - إلی أن قال - : ولا یجوز أن یقرن بین سورتین مع الحمد فی الفرائض ، فمن فعل ذلک متعمّدا کانت صلاته فاسدة ، وکذلک لا یجوز أن یقتصر علی بعض سورة وهو یحسن تمامها ، فمن اقتصر علی بعضها وهو متمکن لقراءة جمیعها کانت ناقصة وإن لم یجب علیه إعادتها ، - إلی أن قال - : وأمّا صلاة النوافل فلا بأس فیها أن یقتصر علی الحمد وحدها ، غیر أنّ الأفضل أن یضیف إلیها غیرها من السور - إلی أن قال - : وقراءة بسم الله الرحمن الرحیم واجبة فی جمیع الصلاة قبل الحمد وبعدها إذا أراد أن یقرأ سورة معها ، - إلی أن قال - : ومن ترک بسم الله الرحمن الرحیم فی الصلاة متعمّدا قبل الحمد أو بعدها قبل السورة فلا صلاة له ووجب علیه إعادتها - إلی أن قال - إذا أراد أن یقرأ سورة الفیل فی الفریضة جمع بینها وبین سورة لإیلاف ، لأنّهما سورة واحدة ، وکذا الضحی وألم نشرح (3) ، انتهی.

ص: 29


1- المبسوط 1 : 107.
2- انظر کشف اللثام 1 : 215 ، وهو فی المنتهی 1 : 271.
3- النهایة : 75 - 78.

فظهر من هذا أنّه قال بالوجوب فیه أیضا ، ومقتضی کلامه فی المبسوط أنّ بترک السورة علیه العقاب ، وقراءة بعض السورة توجب صحة الصلاة وإن کان معاقبا.

ومقتضی کلام العلاّمة رحمه الله فی المنتهی أنّ القول بعدم الوجوب منحصر فی نهایة الشیخ ، وقد عرفت عبارته.

قوله : ومال إلیه فی المنتهی. ( 3 : 347 ).

فی المنتهی فی غایة التشدید فی الوجوب من دون ظهور میل منه أصلا ورأسا ، وما أدری من أیّ شی ء یقول الشارح رحمه الله بمیله؟ نعم فی مسألة تبعیض السورة اختار عدم الجواز ، ثم قال فی آخر کلامه : لو قیل : فیه روایتان ویحمل المنع علی کمال الفضیلة کان وجها (1). ولا یخفی أنّه لا یدلّ علی میله فی التبعیض ، فضلا عن میله إلی استحباب السورة ، کما لا یخفی.

قوله : والأصل عدمه. ( 3 : 348 ).

لیت شعری کیف ما استدل فی حکایة قطع همزة « الله أکبر » بأنّ وجوبه زیادة تکلیف والأصل عدمه؟ کما قال به بعض المحقّقین ، وکذا فی نظائره؟ بل استدل علی الوجوب بکون العبادة توقیفیة ، والقدر الثابت من النقل هو القطع ، ولیت شعری هذا الدلیل کیف لم یجرها هنا؟ بأنّ المنقول عن النبی والأئمّة علیه السلام أنّهم کانوا یقرؤون السورة بعد الحمد ویلتزمون ذلک وما کانوا یکتفون بقراءة الحمد وحدها ، یظهر ذلک من الأخبار المتواترة :

منها : أنّهم علیه السلام کانوا یصلّون الغداة بکذا ، والظهر بکذا ، والعصر

أدلّة القائلین بعدم وجوب سورة کاملة بعد الحمد والمناقشة فیها

ص: 30


1- المنتهی 1 : 272.

بکذا ، وهکذا (1) ، إلی غیر ذلک.

ومنها : أنّهم کان لهم سکتتان : سکتة بعد الحمد وسکتة بعد السورة (2).

ومنها : أنّهم کانوا یقرؤون فی صلاة الجماعة بکذا (3) ، إلی غیر ذلک.

وأمّا صحیحة إسماعیل بن الفضل فلیس فیها الاقتصار علی الحمد ، ومع ذلک سیجی ء الکلام فیها ، فتأمّل. مع أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یواظب بلا تأمّل ، ولعله للعبادة التوقیفیة واجب الاتباع ، لعدم معلومیة العبادة من طریق آخر ، فتأمّل.

قوله : وفی الصحیح عن الحلبی. ( 3 : 348 ).

الظاهر أنّ الصحیحتین واحدة ، کما نبّه علیه فی المنتقی (4) ، لأنّ ابن رئاب لو کان سمع الحکم من المعصوم علیه السلام مشافهة لما کان یقتصر فی النقل بواسطة ، بل کان یقول : وسمعته مشافهة ، کما هو دأب الرواة والمحدّثین ، ویشهد علیه الاعتبار أیضا ، وکیف کان لا یبقی وثوق بالتعدّد.

وأمّا الدلالة وإن لم یکن لها عموم بحسب اللغة ، إلاّ أنّ الظاهر العموم من جهة ما ذکر من القرینة ، أو یقول : إنّ الحکم دائر مع الطبیعة ، بناء علی أنّ التعریف حقیقة فی الجنس ، لکن (5) نقول : إنّ الظهور المذکور ینفع إذا

ص: 31


1- انظر الوسائل 6 : 78 أبواب القراءة فی الصلاة ب 23 ، و : 80 ب 24 ، و : 116 ب 48.
2- التهذیب 2 : 297 / 1196 ، الوسائل 6 : 114 أبواب القراءة فی الصلاة ب 46 ح 2.
3- انظر المستدرک 4 : 216 أبواب القراءة فی الصلاة ب 47.
4- منتقی الجمان 2 : 19.
5- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : ربما کان ( یستحق للغیر ومانعا ) مثل الرجل خیر من المرأة وأمثاله ، ومع ذلک. والظاهر أنّ الصحیح بدل ما بین القوسین : یتحقّق للفرد مانع.

لم یمنع مانع ولم یکن معارض یظهر منه الوجوب ، وهو کثیر.

مع أنّ الحلبی الذی هو راوی هذا الحدیث روی عن الصادق علیه السلام أنّه : « لا بأس أن یقرأ بفاتحة الکتاب فی الفریضة إذا ما أعجلت به حاجة ، أو تخوّف شیئا » ، والمطلق یحمل علی المقیّد والعامّ علی الخاصّ ، سیّما وأن یکون الراوی للمطلق هو بعینه الراوی للمقیّد ، وکذا المروی عنه ، وخصوصا إذا انضمّ إلی المقیّد مقیّد آخر ، مثل صحیحة ابن سنان الآتیة وغیرها ، ومعاضدات آخر ، ومؤیّدات کثیرة ، کما ستعرف.

قوله : ویدل علیه الأخبار الکثیرة المتضمّنة لجواز. التبعیض. ( 3 : 348 ).

لا دلالة لجواز التبعیض علی استحباب مجموع السورة إلاّ من جهة عدم القول بالفصل ، وقد عرفت القائل ، ومع ذلک یظهر الجواب بوجه آخر ، کما ستعرف أیضا.

قوله : احتجّ الموجبون. ( 3 : 349 ).

لا یخفی أنّ حجّة الموجبین لا تنحصر فی ما ذکره ، بل کثیرة ، منها : ما سیجی ء فی صلاة العیدین من الإجماع علی وجوب قراءة السورة فیها ، واعترف الشارح به ، بل هو ادعی الإجماع أیضا (1) ، ویظهر من الأخبار الواردة فیها اتحادها مع الفریضة الیومیة ، غیر أنّه یزاد فیها تکبیرات (2) ، فلاحظ.

أدلّة القائلین بوجوب سورة کاملة بعد الحمد

ص: 32


1- المدارک 4 : 108.
2- انظر الوسائل 7 : 433 أبواب صلاة العیدین ب 10.

ومنها : ما أشرنا إلیه فی صدر مبحث القراءة عند قول المصنف : القراءة ، وهی واجبة. (1)

ومنها : ما أشرنا إلیه عند قوله : یتعیّن بالحمد فی کلّ ثنائیة. (2)

ومنها : ما ذکرناه ها هنا عن الفقه الرضوی وعن الصدوق رحمه الله وعن التهذیب والخلاف والمبسوط ، وعن السیّد (3) رحمه الله فإنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ومسلّم کما تبیّن فی محلّه.

ومنها : ما رواه فی الفقیه والتهذیب فی الصحیح ، عن الباقر علیه السلام - فی ما إذا أدرک الرجل بعض الصلاة مع الإمام وفاته بعض - أنّه علیه السلام قال : « قرأ فی کلّ رکعة ممّا أدرک فی نفسه بأمّ الکتاب وسورة ، فإن لم یدرک السورة أجزأه أمّ الکتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّی رکعتین لا یقرأ فیهما ، لأنّ الصلاة إنّما یقرأ فیها بأمّ الکتاب وسورة » إلی أن قال : « فإذا سلّم الإمام قام فقرأ بأمّ الکتاب وسورة » (4) ، وغیر خفی أنّ الإجزاء إنّما یکون ظاهرا فی أقلّ الواجب ، فمفهوم الشرط عدم الإجزاء والوجوب ، مع أنّ الجملة الخبریة ظاهرة فی الوجوب سیّما فی أمثال المقام ، ففی الخبر دلالات متعدّدة ، ومن التعدّد یتحقّق التأکّد.

ومنها : فی الصحیح عنه علیه السلام ، قلت : رجل جهر فی ما لا ینبغی الجهر فیه ، وأخفی فی ما لا ینبغی الإخفاء فیه ، وترک القراءة فی ما ینبغی القراءة فیه ، أو قرأ فی ما لا ینبغی القراء فیه ، فقال : « أیّ ذلک فعل ناسیا

ص: 33


1- راجع ص 18 - 19.
2- راجع ص 20.
3- راجع ص 27 - 28.
4- الفقیه 1 : 256 / 1162 ، التهذیب 3 : 45 / 158 ، الوسائل 8 : 388 أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 4.

[ أو ساهیا ] فلا شی ء علیه » (1) وهی شاملة للسورة أیضا ، لعموم کلمة « ما » وکون « ینبغی » أعمّ من الواجب ، والقراءة أعمّ من خصوص فاتحة الکتاب.

مع أنّه لا وجه لتخصیص السؤال بالفاتحة ، لأنّ الاختلال کما یتحقّق من جهة الفاتحة کذا یتحقّق من جهة السورة : بأن یقرأ سورة فی ما لا ینبغی قراءة السورة فیه أو یترک السورة فی ما ینبغی أن تقرأ فیه ، بل السورة أولی بالسؤال عن ترکها من الحمد ، ( لأنّ الوجوب فی الحمد ممّا لا یکاد یخفی علی أحد ، سیّما علی زرارة وهو الراوی هنا ) (2) فالسؤال عن الحمد یقتضی السؤال عن السورة بطریق أولی ، ولهذا سأل عن القراءة مطلقا من غیر تقیید بالحمد وأتی بلفظ « ینبغی » کی لا یکون صریحا فی الواجب فلا یکون للسؤال عن ترکها مناسبة ، سیّما بالنسبة إلی مثل زرارة.

وتخصیص سؤاله بحالة النسیان - مع أنّه خلاف ظاهر اللفظ - لا یناسب الجواب بأنّه « أیّ ذلک فعل ناسیا أو ساهیا فلا شی ء علیه » کما لا یخفی ، مع أنّک قد عرفت أنّ قراءة السورة فی ما لا ینبغی اختلال البتّة ، مع أنّ البناء علی أنّ الراوی لعله کان یعلم جزما أنّ السورة بخصوصها مستحبة (3) ، فالمعصوم علیه السلام أجابه بمقتضی ما یعلم لا ما یکون کلامه ظاهرا فیه ، فمع أنّه مخالف للأصل والظواهر المذکورة یوجب سدّ باب التمسّک بالظواهر.

ومنها : ورود الأمر بقراءة السورة بعد الحمد ، مثل الصحیحة التی

ص: 34


1- التهذیب 2 : 147 / 577 ، الوسائل 6 : 86 أبواب القراءة فی الصلاة ب 26 ح 2 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- فی « ا » زیادة : کفته ، وفی بقیة النسخ : فمع مخالفته ، حذفناها لاستقامة العبارة.

رواها الکلینی فی بحث الأذان (1) ، وهی طویلة ، وفیها أحکام کثیرة ، والأمر حقیقة فی الوجوب.

ومنها : الصحیح فی الکافی والتهذیب عن محمد بن إسماعیل ، قال : قلت أکون فی طریق مکّة ، فننزل للصلاة فی مواضع فیها الأعراب ، أنصلّی المکتوبة علی الأرض فنقرأ أمّ الکتاب وحدها أم نصلّی علی الراحلة فنقرأ فاتحة الکتاب والسورة؟ فقال : « إذا خفت فصلّ علی الراحلة المکتوبة وغیرها ، وإذا قرأت الحمد وسورة أحبّ إلیّ ، ولا أری بالذی فعلت بأسا » (2).

فإنّ الظاهر منها أنّه کان خائفا إذا قرأ الحمد والسورة معا ، وأمّا مع الاکتفاء بالحمد وحدها فلم یکن خائفا ، کما یتفق فی بعض الأوقات ، فأجاب علیه السلام : « إذا خفت » أی الخوف الذی ذکرت ، وهو أن تقرأ السورة فی الصلاة ، لا مطلقا « فصلّ علی الراحلة المکتوبة وغیرها » یعنی کما أنّک تصلّی غیرها حینئذ علی الراحلة صلّ المکتوبة أیضا ، وهذا الأمر منه علی سبیل التخییر لا التعیین وکونه الأفضل بقرینة قوله : « إذا قرأت » فتأمّل.

ویؤیّد الوجوب أنّ ما ورد فی الأخبار فی السهو عن القراءة وحکمه ، ورد الکلّ بلفظ القراءة فی السؤال والجواب ، من دون تخصیص بالحمد (3).

ویؤیّده أیضا ما ورد فی الصحیح من أنّ المریض یجزیه فاتحة

ص: 35


1- الکافی 3 : 482 / 1 ، الوسائل 5 : 465 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.
2- الکافی 3 : 457 / 5 ، التهذیب 3 : 299 / 911 ، الوسائل 6 : 43 أبواب القراءة فی الصلاة ب 4 ح 1.
3- انظر الوسائل 6 : 90 أبواب القراءة فی الصلاة ب 29 ، و : 92 ب 30.

الکتاب وحدها حین یصلّی علی الدابّة (1).

وما ورد فی الصحیح من أنّ « قل هو الله أحد تجزی فی خمسین صلاة » (2).

ویؤیّده أیضا : قوله علیه السلام : « لکل سورة رکعة » (3).

ویؤیّده أیضا : أنّ قدماء أصحابنا والمتأخّرین منهم صرّحوا بأنّ المنع فی إفراد الضحی وألم نشرح ، والفیل ولإیلاف ، من جهة کونهما سورة واحدة.

وما ورد فی من صلّی الجمعة بسبّح اسم وقل هو الله أحد « أنّه أجزأه » (4) وأمثال ذلک.

وروایة الصیقل عن الصادق علیه السلام أنّه قال له : أیجزی عنّی أن أقول فی الفریضة فاتحة الکتاب وحدها إذا کنت مستعجلا أو أعجلنی شی ء؟ فقال : « لا بأس » (5).

وأنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یواظب (6) ، وقال : « صلّوا کما رأیتمونی أصلی » (7).

وأنّ الشیعة شعارهم قراءة السورة کما أنّ أهل السنّة شعارهم عدم قراءة سورة کاملة.

ویؤیّده أیضا أنّ أهل السنّة یقولون بعدم وجوب السورة (8) ، وورد

ص: 36


1- التهذیب 3 : 308 / 952 ، الوسائل 4 : 325 أبواب القبلة ب 14 ح 1.
2- التهذیب 2 : 96 / 360 ، الوسائل 6 : 48 أبواب القراءة فی الصلاة ب 7 ح 1.
3- التهذیب 2 : 70 / 254 ، الوسائل 6 : 50 أبواب القراءة فی الصلاة ب 8 ح 1.
4- التهذیب 3 : 242 / 654 ، الوسائل 6 : 158 أبواب القراءة فی الصلاة ب 71 ح 5.
5- التهذیب 2 : 70 / 255 ، الاستبصار 1 : 314 / 1170 ، الوسائل 6 : 40 أبواب القراءة فی الصلاة ب 2 ح 4.
6- انظر المنتهی 1 : 272 ، وکنز العرفان 1 : 123 ، وسنن أبی داود 1 : 212 ، 213.
7- عوالی اللآلئ 1 : 197 / 8 ، سنن البیهقی 2 : 124.
8- انظر المجموع للنووی 3 : 388.

فی أخبار کثیرة أنّ الرشد فی خلافهم ، وما هم من الحنیفیة فی شی ء (1) ، وأمثال ذلک.

وممّا ذکر ظهر الجواب الآخر عمّا استدل به الشارح مضافا إلی ما أجبنا أوّلا ، وکذا ظهر الجواب عن صحیحة إسماعیل وصحیحة ابن یقطین أیضا. مع أنّهم علیه السلام کان قولهم حجّة ویتبعون قولهم ویطیعونهم ، فلا وجه لأن یرتکبوا المکروه الشدید فی مثل صلاتهم التی هی أقرب التقرّبات وأهمّ الطاعات عندهم ، مع أنّهم علیه السلام کانوا ینکرون علی التبعیض ویأمرون بالإتمام وبالإعادة (2) وأمثال ذلک ، فمع ذلک کیف کانوا بأنفسهم یرتکبون!؟ وحاشاهم أن یکونوا من الذین یأمرون الناس بالبرّ وینسون أنفسهم ، إلی غیر ذلک ، مثل أن یقولوا ما لا یفعلون وأمثاله ، فتأمّل جدّا.

وبالتأمّل فی ما ذکرنا یظهر فساد ما قال بعض بالحمل علی الاستحباب (3) جمعا بین الأدلّة ، لأنّ الجمع إنّما هو بعد التقاوم ، وإلاّ فعند التعارض یعمل بما هو مخالف للعامّة ، أو موافق للشهرة بین الأصحاب أو السنّة النبویة أو الکتاب ، أو ما هو أکثر ، إلی غیر ذلک من المرجّحات والمؤیّدات ، کما وردت به الأخبار (4) ، ویدل علیه الاعتبار ، ومسلّم عند المتقدّمین والمتأخرین إلی زمان الشارح ، وعلیه المدار فی الفقه ، وهو طریقة الشیعة فی الأعصار والأمصار ، وواحد من تلک المرجّحات یکفی فضلا عن اجتماعها ، سیّما مثل هذه المرجّحات ، فإنّ الشهرة کادت تبلغ

أدلّة القائلین باستحباب سورة کاملة بعد الحمد والمناقشة فیها

ص: 37


1- انظر الوسائل 27 : 106 ، أبواب صفات القاضی ب 9.
2- الوسائل 6 : 87 أبواب القراءة فی الصلاة ب 27.
3- انظر الذخیرة : 268 - 270.
4- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

الإجماع لو لم نقل بحجّیة الإجماع المنقول ، سیّما مثل هذا المنقول الذی نقله جماعة (1) ، والسنّة من الرسول صلی الله علیه و آله بل الأئمّة علیه السلام - المداومة والمواظبة ، والعامّة شعارهم عدم الوجوب والتبعیض ، والخاصّة عکسهم ، وکثرة الأدلة من الموجبین ما عرفت من الأدلة التی ذکرناها ، مضافا إلی التی ذکرها الشارح ، فإنّها أیضا تمام لا غبار علیها ، کما ستعرف ، والمقویّات (2) أیضا عرفتها ، فالراجح هو الحجّة ، والمرجوح یطرح أو یؤوّل حتی یرجع إلی الراجح ، نعم بعد التقاوم یجمع بینهما ، کما حقّق فی محلّه ، والله یعلم.

قوله : أمّا الروایة الاولی فلأنّ فی طریقها محمد بن عبد الحمید ، وهو غیر موثق. ( 3 : 350 ).

لم یوثق صریحا ، وإلاّ فالوارد فیه لا یقصر عن التوثیق لو لم یزد علیه ، منه أنّ القمیین ما استثنوه من نوادر الحکمة ، من أراد فلیرجع إلی التعلیقة (3) ، مع أنّه قیل : توثیق النجاشی یرجع إلیه ، لذکره فی ترجمته (4) ، فتأمل ، مع أنّ العلاّمة حکم بصحة حدیثه ، مع أنّ الروایة منجبرة بالإجماعات التی نقلناها ، واقلاّ (5) الشهرة العظیمة ، وهی تکفی ، کما حقّق ، والحمل فی الأکثر علی الکراهة لا وجه له ، کما ستعرفه.

وأمّا یحیی بن أبی عمران - کما نقله الکلینی - فهو الواقع فی مشیخة الصدوق (6) ، فیظهر منه اعتداده به ، ومع ذلک هذه الروایة من حیث إنّه

بحث رجالی حول محمد بن عبد الحمید ویحیی بن أبی عمران

ص: 38


1- منهم القاضی فی شرح الجمل : 86 ، وابن زهرة فی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 557 ، وابن حمزة فی الوسیلة : 93 ، وراجع ص 28 - 38.
2- فی « ب » و « ج » و « د » : المقوّمات.
3- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 302.
4- انظر روضة المتقین 14 : 439.
5- فی « أ » : وأقرها.
6- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 44.

رواها الکلینی أیضا لا تکون قاصرة عن الصحیح ، لأنّه ذکر فی أوّل کتابه ما ذکر (1) ، هذا علی طریقة الشارح ، وإلاّ فالروایة قویّة وحجّة عندی أیضا ، سیّما مع أنّ العلاّمة حکم بصحتها ، ورواها أحمد بن محمد بن عیسی بواسطة علی بن مهزیار الجلیل ، وأحمد أخرج من قم من کان یروی الحدیث عن المجاهیل والمراسیل (2). هذا مع قطع النظر عن الانجبار بالشهرة وعمل الأصحاب ، لو لم نقل : الإجماع بل الإجماعات.

والدلالة فی غایة الوضوح ، لأنّ الراوی لمّا قال : قال العباسی : لیس بذلک بأس ، کتب : « یعیدها - مرّتین - علی رغم أنفه » یعنی : العباسی ، ولعمری العباسی ما قال إلاّ ما قاله الشارح ومن وافقه ، والمعصوم علیه السلام أجاب بما أجاب من التشدید والتغلیظ ، ولذا لم یتعرّض الشارح علی دلالتها.

وأمّا محمد بن عیسی فهو ثقة کما هو الحق ، ویونس أیضا ثقة جزما ، وقول ابن الولید لا حجّة فیه ، سیّما بعد رد الماهر فی معرفة الرجال إیّاه ، کما ظهر فی محلّه (3). ومثل هذا المفهوم له ظهور فی الدلالة بلا تأمّل کما لا یخفی ، فتأمّل.

وأمّا الکلام فی صحیحة الحلبی ففیه أنّ الظاهر من الحاجة فی مثل المقام الضروریة ، سیّما بعد تقدیمه علی قوله : « أو تخوّف شیئا » إذ انضمامه معه یشهد علی الضرورة ، فضلا عن تقدیمه علیه. هذا مضافا إلی ما عرفت من السید فی الانتصار (4) ، فإنّ الظاهر أنّه إشارة إلی ما فی هذه

بحث حول ما ذکره الصدوق من أنّه لا یعمل بما تفرد محمد بن عیسی عن یونس

ص: 39


1- الکافی 1 : 8.
2- انظر رجال النجاشی : 185 / 490 ، ورجال العلاّمة : 14.
3- انظر رجال النجاشی : 333 / 896 ، و 348 / 939.
4- راجع ص 27 - 28.

الروایة ، والبأس هنا ظاهر فی الحرمة ، بقرینة تعلیق الشرط علی الخوف والحاجة الضروریة ، وفی قوله علیه السلام : « إذا ما أعجلت به حاجة » إشارة إلی الضرورة ، لأنّ الظاهر منها أنّ الحاجة أوقعت فی التعجیل ، والظاهر من هذا أنّها ألجأته إلیه ، کما لا یخفی علی المتأمّل.

وبالجملة : العدول عن قوله : له حاجة ، إلی تلک العبارة مع کون الأوّل أخصر وهو المتعارف ، والثانی صیغة التعدیة ومادّته التعجیل ، والفاعل هو الحاجة ، والمفعول هو المکلف ، له زیادة ظهور فی ما ذکرنا ، سیّما مع انضمام ذلک بما ذکرنا من تقدیمه علی التخوّف ، وقول السید رحمه الله .

وما ذکره من أنّه لا قائل بوجوب. فیه أنّه غیر ظاهر ، ولو سلّم فغیر مضرّ عند الشارح ، لأنّه صرّح بأنّه لا یشترط فی حجیّة الحدیث وجود قائل بمضمونه ، بل هو حجّة وإن لم یقل بمضمونه قائل (1).

سلّمنا ، لکن أقرب المجازات حجّة ومتعیّن عند تعذّر الحقیقة ، ومن المسلّمات عند الشارح أیضا أنّه إذا تعذّر الحقیقة فالحمل علی أقرب المجازات لازم ومتعیّن ، هذا علی تقدیر أن نقول : إنّ الأمر حقیقة فی الوجوب العینی دون التخییری ، وإنّ التخییری معنی مجازی ، لأنّه من الأفراد التی لا یسبق الذهن إلیها ، مثل الإنسان الذی له رأسان أو ید زائدة أو إصبع زائد وأمثال ذلک بالنسبة إلی لفظ الإنسان ، ومعلوم أنّ الوجوب التخییری أقرب مجاز إلی صیغة الأمر ، سیّما مثل هذه الصیغة ، وخصوصا إذا کان الواجب المخیر المراد أرجح من غیره وأولی من حیث إنّه یحفظه کلّ واحد ویعرفه ، وثواب عظیم یعدل ثلث القرآن.

لا یشترط فی حجّیة الحدیث وجود قائل بمضمونه

ص: 40


1- لاحظ المدارک 1 : 132 ، 295 ، و 8 : 188 ، 198.

مع أنّه کما لم یوجد قائل بوجوبه کذلک لم یوجد قائل باستحبابه ، فتعیّن الحمل علی الوجوب التخییری حینئذ [ و ] کون ذکر التوحید علی سبیل المثال والأولی ، فتأمّل جدّا.

قوله : من جملة رجالها یحیی بن عمران الهمدانی. ( 3 : 350 ).

العلاّمة فی المنتهی قال : فی الصحیح عن یحیی بن عمران ، ورواها فی صدر الروایات التی استدل بها علی الوجوب (1).

قوله : وهو غیر واضح. ( 3 : 351 ).

دلیله کون العبادة توقیفیة علی نقل الشرع ، والمنقول منه خلافه ، کما مرّ من الشارح رحمه الله ، وسیجی ء أیضا أنّه یستدل کذلک.

قوله : وکل هذه المقدّمات لا یخلو من نظر. ( 3 : 352 ).

فیه نظر ، لأنّ العبادة التوقیفیة کیف یکتفی فیها بوقوع هذا الأجنبی فی خلالها وتغییر هیئتها به؟! والفوریة لعلها إجماعیة ، وسیجی ء عن الشارح تسلیمه إیّاها (2) ، وتحریم القران سیجی ء الکلام فیه ، ومضی الکلام فی وجوب الإکمال (3) ، والروایة قویّة ومنجبرة بالشهرة لو لم یکن إجماعا ، مع أنّ القاسم بن العروة قوی ، وابن بکیر ممّن أجمعت العصابة ، مع أنّه نقل علماء الرجال وورد فی الأخبار أنّه رجع عن الفطحیة من قال بعبد الله من أصحاب الصادق والکاظم علیهماالسلام إلاّ طائفة عمار (4) ، والأخبار المعارضة

وجوب إعادة السورة لو قدّمها علی الحمد

عدم جواز قراءة العزائم فی الفرائض

القاسم بن عروة قویّ

بحث حول عبد الله بن بکیر

ص: 41


1- المنتهی 1 : 272.
2- المدارک 3 : 354.
3- راجع ص 28 - 38.
4- انظر الإرشاد للمفید 2 : 223 ، ورجال الکشی 2 : 567.

محمولة علی التقیة أو النافلة علی سبیل منع الخلو ، فتأمّل ، ومرّ عبارة أمالی الصدوق وهی صریحة فی عدم الجواز وکونه من دین الإمامیة (1).

قوله : فقال الشیخ فی النهایة والمبسوط : إنّه غیر جائز. ( 3 : 354 ).

وفی التهذیب أیضا (2) وکذا فی الخلاف وإنّه مفسد للصلاة (3) ، والمرتضی فی الانتصار نقل إجماع الفرقة علیه (4) ، واختاره فی المسائل المصریة أیضا (5) ، وقال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه لا یجوز القرآن بین سورتین فی الفریضة ، وأمّا النافلة فلا بأس (6) ، وفی الفقیه أیضا صرّح بالمنع عنه (7) ، وما قال فی الاستبصار فلا شبهة فی أنّه قول رجع عنه.

قوله : لنا الأصل. ( 3 : 355 ).

بناء علی جریان الأصل فی العبادات ، وإلاّ فالمنقول فی العبادات التوقیفیة عن الرسول والأئمّة علیه السلام الاقتصار علی سورة واحدة لا أزید ، والعمومات الدالة علی الکراهة لم نجدها ، بل هی تدل علی الاستحباب ، والقول بالاستحباب خلاف المجمع علیه.

إلاّ أن یقال : إنّ الکراهة عندهم بمعنی أقلّیة الثواب وإلاّ فالقراءة فی

حکم القِران بین السورتین فی الفرائض

أدلّة القائلین بعدم الحرمة والمناقشة فیها

ص: 42


1- راجع ص 27.
2- التهذیب 2 : 72.
3- الخلاف 1 : 336 ، 337.
4- الانتصار : 44.
5- رسائل المرتضی 1 : 220.
6- أمالی الصدوق : 512.
7- الفقیه 1 : 20.

نفسها مستحبة.

وفیه : أنّ العمومات الدالة علی الکراهة بهذا المعنی أیضا لم نجدها ، بل الظاهر منها عدم هذه الکراهة أیضا.

إلاّ أن یقال : إنّ الکراهة ترجع إلی خصوص کونها فی الصلاة ، فالرجحان یظهر من العمومات ، والکراهة تظهر من دلیل آخر.

وفیه : أنّ دلیل الکراهة إن کان مخصّصا لدلیل الاستحباب ومخرجا لهذه الصورة من العمومات فلا وجه للتمسک بالعمومات ، لأنّ العمومات تدل علی ضد المطلوب.

وإن أراد عدم التخصیص بأنّ العمومات تدل علی استحباب القراءة ، والخصوص تدل علی مرجوحیة الخصوصیة ، فهذا بعینه رأی الأشاعرة ، والشیعة یتحاشون عنه ، ولذا یحملون الکراهة علی أقلّیة الثواب ، کما مرّ عن الشارح رحمه الله التصریح به (1).

وإن أراد أنّ العمومات تدل علی الاستحباب والخصوص یدل علی أقلیة الثواب ، ففیه : أنّه إن أراد تخصیص العمومات فلا وجه للتمسک بالعمومات ، علی حسب ما عرفت ، وإن أراد عدم التخصیص ، فیه : أنّ مقتضی العمومات عدم أقلیّة الثواب ، ومقتضی الخصوص أقلیّة الثواب وبینهما تناقض ، واجتماعهما محال ، کما لا یخفی.

قوله : قال : « لا بأس ». ( 3 : 355 ).

الظاهر من هذا عدم الکراهة أیضا ، لکون البأس نکرة فی سیاق النفی ، إلاّ أن یؤوّل بأنّ المراد منه عدم الحرمة. ففیه : أنّ الحدیث المؤوّل

ص: 43


1- انظر المدارک 1 : 117.

لا یکون حجّة ، لأنّ الظاهر هو الحجّة والظاهر متروک بالإجماع ، مع أنّه مسلّم عند الشارح ، ومسلّم عنده أیضا أنّ الحدیث إذا کان متروک الظاهر لا یکون حجّة ، کما مرّ عنه فی مسألة وجوب السورة (1).

مع أنّک عرفت فی المسألة المذکورة أنّ الجمع بعد التقاوم ، ولا تقاوم بعد ملاحظة أنّ الصدوق رحمه الله قال : من دین الإمامیّة الإقرار بعدم جواز القرآن ، والسید رحمه الله جعله ممّا انفردت به الإمامیة ، وفیهما شهادة علی کون ذلک ممّا اشتهرت بین الشیعة لا أقلّ من ذلک ، وکون خلافه من العامّة ، وقد أمر الأئمّة علیه السلام فی أخبار کثیرة غایة الکثرة بترک ما وافق العامّة والأخذ بما خالفهم ، وما اشتهر بین الشیعة ، وما وافق السنّة (2) ، ولا شبهة فی أنّ طریقة النبی والأئمّة علیه السلام بل الشیعة أیضا فی الأعصار والأمصار عدم القران ، هذا.

مع أنّ العبادات توقیفیة موقوفة علی النقل ، والمنقول من فعلهم هو ما ذکرنا. وأمّا قولهم فقد وقع فیه التعارض ، وقد حکموا فی تعارضه بما ذکرنا.

وعلی تقدیر الشکّ لا یمکن الاکتفاء فی الأمر التوقیفی ، لوجوب الإطاعة العرفیة والبراءة الیقینیة وعدم جواز الاکتفاء بمجرّد احتمال کون ذلک هو المکلّف به بعد الیقین بشغل الذمة.

مع أنّ ابن یقطین وزیر الخلیفة ، والتقیّة کانت فی زمان الکاظم علیه السلام فی غایة الشدّة ، فیترجّح من ذلک أیضا کون الروایة علی سبیل التقیّة.

ص: 44


1- المدارک 3 : 351.
2- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9 ، والمستدرک 17 : 302 أبواب صفات القاضی ب 9.

مضافا إلی أنّ ظاهرها ممّا أجمعت المتقدّمون والمتأخّرون من الشیعة علی خلافه ، وقد أمروا علیه السلام بطرح مثل هذا الخبر یقینا ، وما أمر واحد منهم فی موضع من المواضع بحمل مثله وتوجیهه.

وقد بسطنا الکلام فی رسالة الجمع بین الأخبار (1) وغیرها ، وأظهرنا أنّ هذا الجمع وتقدیمه علی اعتبار المرجّحات من الأمور التی حدثت فی زمان الشارح ومن بعده ، وإلاّ فمن القواعد المسلّمة عند المتقدّمین والمتأخّرین الثابتة من العقل والنقل علی الیقین ملاحظة المرجّحات والمقوّمات أوّلا ، وجعل الراجح هو حکم الله تعالی ، والمرجحون إمّا مطروح أو مؤوّل بحیث یرجع إلی الراجح ، لأنّ الشک فی کون حکم هو حکم الله تعالی لا یکفی فی مقام الفتوی ، فکیف الوهم؟ لأنّ معناه أنّ الظاهر أنّه لیس حکم الله ، ( فکیف یجعل حکم الله؟ ) (2) وقد مضی فی بحث وجوب السورة ، وسیجی ء أیضا ما یزید فی البیان.

وممّا یضعّف التمسّک بهذه الصحیحة ویعیّن حملها علی التقیّة : أنّها تتضمّن جواز التبعیض فی السورة فی الفریضة علی کراهیة ، وقد عرفت الکلام فی التبعیض ، فتأمّل.

قوله : قال ابن إدریس. ( 3 : 355 ).

لا شبهة فی فساد هذا ، إذ یلزم علی هذا أنّ کلّ مکلّف یفعل فعلا علی أنّه صلاة یکون ذلک الفعل صلاة صحیحة ، بل لا شبهة فی أنّ الصحة تحتاج إلی دلیل وثبوت من الشرع. وقوله : وأصحابنا. ، لا یخفی فساده بعد ما عرفت من النهایة والخلاف وغیرهما (3) ، وأنّ مقتضی العبادة أن

أدلّة القائلین بالحرمة وبطلان الصلاة بالقِران

ص: 45


1- رسالة الجمع بین الأخبار ( الرسائل الأصولیة ) : 451.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- راجع ص 42.

تکون علی الکیفیة المنقولة والثابتة عنه ، فتدبر (1).

قوله : والجواب بالحمل علی الکراهة جمعا بین الأدلة. ( 3 : 355 ).

لا یخفی أنّ الروایة الموثقة لیست بحجّة عند الشارح رحمه الله ، وعند من یقول بالحجّیة لا تصح مقاومتها للصحیحة ، مع أنّ مضمونها الکراهة ، ولیس المراد منها الکراهة الاصطلاحیة عند من لا یقول بثبوت الحقیقة الشرعیة کالشارح ، وأمّا عند من یقول بثبوتها فجمع منهم لا یقول بثبوتها فی مثل الکراهة والسنّة ، مع أنّ الکراهة فی الأخبار استعماله فی المعنی الأعمّ کثیر ، مع أنّ زرارة راوی هذا الحدیث روی عن الصادق علیه السلام فی القران ، أنّه قال : « لکلّ سورة حقّ فأعطها حقّها من الرکوع والسجود » (2).

وأمّا روایة ابن یقطین فقد عرفت الکلام فیها ، وفی الفقه الرضوی : إنّ القران غیر جائز فی الفریضة (3).

والعیّاشی روی بإسناده ، عن المفضل بن صالح ، عن الصادق علیه السلام قال : « لا تجمع بین سورتین فی رکعة إلاّ الضحی وألم نشرح ، وألم تر کیف ولإیلاف » ، روی عنه فی مجمع البیان (4).

وفی شرح مولانا الأردبیلی علی الإرشاد : نقل عن کتاب الثقة الجلیل أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی ، عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « لا تجمع

ص: 46


1- لیس فی « أ » و « و ».
2- التهذیب 2 : 73 / 268 ، الوسائل 6 : 50 أبواب القراءة فی الصلاة ب 8 ح 3.
3- فقه الرضا علیه السلام : 125 ، مستدرک الوسائل 4 : 163 أبواب القراءة فی الصلاة ، ب 6 ح 5 ، بتفاوت.
4- مجمع البیان 5 : 543 ، 544 ، الوسائل 6 : 55 أبواب القراءة فی الصلاة ب 10 ح 5.

بین سورتین فی رکعة واحدة إلاّ الضحی وألم نشرح ، والفیل ولإیلاف » (1).

وفی التهذیب بسنده المعتبر إلی ابن أبی یعفور عن الصادق علیه السلام قال : « لا بأس أن تجمع فی النافلة من السور ما شئت » (2).

وما رواه عن عمر بن یزید قال : قلت للصادق علیه السلام : أقرأ سورتین فی رکعة؟ قال : « نعم » ، قلت : ألیس یقال : أعط کلّ سورة حقّها من الرکوع والسجود؟ فقال : « ذلک فی الفریضة » (3). الحدیث.

وروی الکلینی والشیخ فی الموثق ، عن عبید بن زرارة أنّه سأل الصادق علیه السلام عن ذکر السورة من الکتاب ندعو بها فی الصلاة مثل « قل هو الله أحد » فقال : « إذا کنت تدعو بها فلا بأس » (4).

قوله : غیر آت بالمأمور به علی وجهه. ( 3 : 355 ).

فیه : أنّه من أین علم أنّ المکلّف حینئذ ممتثل وآت بالمطلوب؟ إلاّ أن یقول الشارح رحمه الله بأنّ الصلاة اسم لمجرّد الأرکان ، فهو آت بالأرکان والشرائط الثابتة.

وفیه : أنّه موقوف علی ثبوت الحقیقة الشرعیة ، أو أنّه من القرینة یعرف أنّ المراد مجرّد الأرکان ، لأنّه إذا تعذّر الحقیقة اللغویة فالمعیّن هو الحقیقة عند المتشرعة ، لأنّها التی قد کثر استعمال الشارع فیها غایة الکثرة ، بخلاف معنی آخر مجازی.

ص: 47


1- مجمع الفائدة 2 : 243.
2- التهذیب 2 : 73 / 270 ، الوسائل 6 : 51 أبواب القراءة فی الصلاة ، ب 8 ح 7.
3- التهذیب 2 : 70 / 257 ، الاستبصار 1 : 316 / 1179 ، الوسائل 6 : 51 أبواب القراءة فی الصلاة ب 8 ح 5.
4- الکافی 3 : 302 / 4 ، التهذیب 2 : 314 / 1278 ، الوسائل 6 : 53 أبواب القراءة فی الصلاة ب 9 ح 1.

وفیه : أنّ المتشرّعة عندهم نزاع فی أنّ الصلاة اسم لخصوص الصحیحة أو مجرّد الأرکان ، ومن أین یثبت حتی تثبت البراءة عن اشتغال الذمّة الیقینی؟ إلاّ أن یتمسّک بأصل البراءة ، وفیه أیضا : [ أنّه ] (1) علی جریانه فی العبادات خلاف ما یصرّح فی بعض المقامات ، فتأمّل (2).

قوله : فی جواز القنوت ببعض الآیات. ( 3 : 356 ).

تدل علیه موثقة عبید التی ذکرناها ، وحکایة فعل أمیر المؤمنین علیه السلام مع ابن الکوّاء ، حیث قرأ له ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ) . (3) مع أنّه علیه السلام لم یظهر لابن الکوّاء بطلان صلاته ، مع أنّه قرأ فی صلاته ما قرأ تعریضا ، فتأمّل.

قوله : ونقل فیه الشیخ فی الخلاف الإجماع. ( 3 : 356 ).

وکذا ابن زهرة ، فإنّه أیضا ادعی الإجماع (4) ، وقال السید رحمه الله : هو من وکید السنن ، وغیر ظاهر أنّ مراده من السنّة هو المعنی المصطلح علیه الآن ، بل مراده الطریقة الشرعیة المقرّرة وغیر بعید هذا من السید رحمه الله کما لا یخفی علی من اطّلع علی حاله. ویؤیّد ذلک أنّه قال بعد ذلک : حتی روی أنّ من ترکها عامدا أعاد (5) ، انتهی.

فإن قلت : [ هذا ] (6) یؤیّد الاستحباب.

وجوب الجهر بالقراءة فی الصبح وأولیی العشاءین

ص: 48


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- لیس فی « ج » و « د ».
3- التهذیب 3 : 35 / 127 ، الاستبصار 1 : 430 / 1661 ، الوسائل 8 : 367 أبواب صلاة الجماعة ب 34 ح 2 ، والآیة فی سورة الروم : 60.
4- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 558.
5- حکاه عنه فی المعتبر 2 : 176.
6- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.

قلت : لا نسلّم ، لأنّهم ربما یقولون بالوجوب أو الحرمة ، ومع ذلک یحکمون بصحة الصلاة ، کما عرفت فی وجوب السورة وحرمة القرآن بین السورتین.

وبالجملة : بعد دعوی الفاضلین الجلیلین الإجماع لا یثبت مخالفة المرتضی رحمه الله لما ادّعیا ، فتأمّل.

والعلاّمة نسب القول بالاستحباب فی المنتهی إلی ابن الجنید ، ثم قال : وهو مذهب الجمهور کافّة (1) ، قال ذلک بعد ما نقل عن السیّد ما ذکرنا ، وهذا ینادی بأنّه لم یفهم من کلام السید الاستحباب ، بل إمّا فهم خلافه أو متردّد فیه ، کما لا یخفی.

وابن إدریس رحمه الله قال : لا خلاف بیننا فی أنّ الإخفاتیة لا یجوز الجهر فیها بالقراءة (2) ، وفی موضع آخر نقل الخلاف عن السید فی وجوب الجهر فی ما یجب الجهر فیه (3) ، فلعلّه أیضا توهّم منه ، فتأمّل. وسیجی ء فی مسألة الجهر بالبسملة ما یؤکّد ویؤیّد وجوب الجهر والإخفات ، وکونه إجماعیا (4) ، فلاحظ.

قوله : وجه الدلالة. ( 3 : 357 ).

لیس الدلالة منحصرة فی ما ذکره ، مع أنّه أیضا تامّ بالضاد المعجمة یکون أو بالمهملة ، کما ستعرف ، مع أنّ المعجمة أظهر ، کما هو عند الفقهاء ، ولذا سلّمه الشارح رحمه الله ، وإنّما قلنا غیر منحصرة ، لأنّ فی

ص: 49


1- المنتهی 1 : 227.
2- السرائر 1 : 218.
3- السرائر 1 : 223.
4- انظر المدارک 3 : 359 ، ویأتی فی ص 60.

الروایة تتمّة أسقطها الشارح ، وهی قول الراوی - بعد قوله : فی ما لا ینبغی الإخفات فیه - : وترک القراءة فی ما ینبغی القراءة فیه ، أو قرأ فی ما لا ینبغی القراءة فیه ، فأجاب علیه السلام : ( « أیّ ذلک. » ، إشارة إلی الجمیع ، فجعل المعصوم علیه السلام ) (1) حکم الکلّ واحدا من دون تفاوت أصلا ، ومن ( ضروریات المذهب بل ) (2) ضروریات الدین أنّ ترک القراءة عمدا مبطل للصلاة.

وأمّا فعلها فی موضع لا ینبغی فمثل قراءة السورة فی الرکعة الثالثة والرابعة وخلف الإمام فی الإخفاتیة ، أو القران بین السورتین ، وأمثال ذلک ، ویمکن أن یکون المراد أیضا فعلها بقصد أنّها وظیفة شرعیة فی أیّ موضع کان ، فالظاهر البطلان من جهته أیضا ، لما مرّ وجهه مرارا ، والظاهر من الروایة هو هذا العموم ، وهذه الروایة فی غایة الصحة.

ویحتمل أن یکون ما نقل الشارح رحمه الله غیر هذه الصحیحة ، إذ وردت صحیحة أخری لزرارة بمضمون ما ذکره الشارح (3) ، لکن لا وجه لاقتصاره علیها ، بل کان علیه الاستدلال بهما جمیعا.

ففی الصحیح خمس دلالات علی المطلوب ، کلّ واحدة منها تامّة لا غبار علیها ، دلالتان ذکرهما الشارح ، ودلالة ذکرناها ، ودلالتان من قوله علیه السلام : علیه ، الدال علی اللزوم المذکور فی المنطوق ، والمفهوم یستدل الشارح وغیره دائما به علی الوجوب ، فإذا کان واحدة منها تکفی فکیف مع اجتماع الکلّ؟!

ص: 50


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و ».
3- التهذیب 2 : 147 / 577 ، الوسائل 6 : 86 أبواب القراءة فی الصلاة ب 26 ح 2.

مضافا إلی فهم الفقهاء ، ( وفتواهم إلاّ من شذّ ، سیّما مع الموافقة للإجماعات المنقولة التی کلّ واحد حجّة مستقلّة ، فضلا عن المجموع ، وخصوصا مع الموافقة للسنّة وفعل النبی والأئمّة علیه السلام والفقهاء ) (1) فی الأعصار والأمصار ، وما ورد من وجوب المتابعة (2) ، وکذا الأوامر الواردة فی الأخبار الصحیحة (3) مع تعدّدها بیّن الصحیحتین ونقلهما فی الکتب المعتبرة ، مع المخالفة للعامّة والموافقة للکتاب - کما ستعرف - وللمشتهر بین الرواة والأصحاب ، إلی غیر ذلک ممّا سنذکر.

فمع جمیع ذلک کیف صارت صحیحة علی بن جعفر أظهر دلالة ، سیّما مع ما ستعرف من فساد دلالتها؟! وعلی تقدیر الصحة تکون محمولة علی التقیة البتّة ، کما ستعرف ، بل مع الاحتمال أیضا کیف تکون أرجح؟! فتأمّل جدّا.

قوله (4) : بالضاد المعجمة. ( 3 : 357 ).

لا یخفی أنّ الاستدلال لا یتوقّف علی هذا ، بل لو کان بالمهملة یکون دالاّ أیضا ، لأنّ نقص الصلاة معناه أنّه ما أتی بالمأمور به بتمامه ، بل بقی بعض منه ما أتی به ، ولیس معناه نقص الثواب وأمثاله ، لأنّه معنی مجازی بلا شبهة.

قوله : کما قرّر فی محلّه. ( 3 : 357 ).

المقرّر فی محلّه لیس هذا محلّه ، إنّما هو إذا فعلوا فعلا ابتداء وأوّلا ،

بحث حول التأسی بفعل المعصوم علیه السلام

ص: 51


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- انظر عوالی اللآلئ 1 : 197 / 8 ، سنن الدار قطنی 1 : 346 / 10.
3- انظر الوسائل 6 : 82 أبواب القراءة فی الصلاة ب 25.
4- هذه التعلیقة لیست فی « ج » و « د ».

لا أن یفعلوا هیئة العبادة التوقیفیة التی هی وظیفة الشرع ولا طریق إلی معرفتها إلاّ بنص الشارع أو فعله ، وحیث أنتفی الأوّل یتعیّن الثانی ، فلا بدّ من الاقتصار علی متابعة فعلهم علیه السلام حتی یثبت عدم الوجوب ، واعترف الشارح بهذا مرارا ، منه فی قطع همزة « الله أکبر » ، وسیعترف کثیرا (1) ، ووجهه أیضا واضح.

إلاّ أن یتمسّک بأصل العدم ، فمع أنّه مخالف لطریقته فی أکثر المواضع موقوف علی ثبوت العبادة به ، وهو محلّ تأمّل ، کما قرّر فی محلّه.

مع أنّه صلی الله علیه و آله قال : « صلّوا کما رأیتمونی أصلّی » (2) ، وورد أیضا : أنّ کل خبر خالف السنّة وطریقة الرسول یجب ردّه ، وکلّما وافقها یجب الأخذ به (3) ، وأیضا الظاهر من الأئمّة علیه السلام أیضا التزامهم بذلک ، والطریقة فی الأعصار والأمصار بین الفقهاء کذلک ، حتی أنّهم کانوا یسألون عن الجهر فی صلاة الصبح مع کونها من النهاریة فیجابون بما أجیبوا (4) ، إلی غیر ذلک ممّا سنذکره وغیره.

قوله : وهو شامل للصلوات کلّها. ( 3 : 357 ).

فیه : أنّ الأمر حقیقة فی الوجوب ، فتکون الآیة حجّة علی القائل بالاستحباب ، لا أنّها حجّة له. وعلی تقدیر أن یکون المراد من الأمر الاستحباب ، فیکون المراد علی ما ذکر استحباب القراءة المتوسطة التی

ص: 52


1- المدارک 3 : 319.
2- عوالی اللآلئ 1 : 197 / 8 ، سنن الدار قطنی 1 : 346 / 10.
3- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
4- الفقیه 1 : 203 / 926 ، الوسائل 6 : 84 أبواب القراءة فی الصلاة ب 25 ح 3.

تشمل جمیع الصلوات ، وهذا أیضا یضرّ القائل بالاستحباب ، لأنّ المستحبّ عنده أن یکون بعض الصلاة جهریّة وبعض الصلاة إخفاتیّة ، لا أن یکون بین الصلوات تفاوتا فی الجهر والإخفات البتّة ، فالآیة علی ما قرّره تکون متروکة الظاهر بالإجماع والاتفاق حتی من الشارح.

وإن أراد أن المراد من الوسط الوسط من الجهر فی ما یجهر والوسط من الإخفات فی ما یخافت ، فالآیة لا تکون حجّة له ولا حجّة علی القائل بالوجوب ، ولا نفع ولا ضرر فیها أصلا لشی ء من المذهبین.

وبالجملة : لا نزاع فی کون الإخفات الذی یقصر عن السماع حراما ومفسدا للصلاة ، وأنّ الجهر العالی منهیّ عنه ، وأنّ المطلوب عدم هذا وعدم ذاک ، وکذا لا نزاع فی کون الجهر والإخفات فی موضعیهما مطلوبین شرعا من دون شائبة تأمّل ، إنّما النزاع فی الوجوب والاستحباب ، فما أدری أنّ مراد الشارح من الاستدلال ما ذا؟ وبالجملة : استدلاله عجیب ، فتأمّل جدّا.

قوله : وهو تحکّم من الشیخ. ( 3 : 358 ).

هذا منه ومن الشارح رحمه الله فی غایة الغرابة ، إذ جلّ المواضع التی یحمل لأجله علی التقیّة - بل کلّها - لیست ممّا اتفقت علیه الأصحاب. علی أنّه لو کان ممّا اتفقوا علیه لکان مجمعا علیه عندهم علی ما هو الظاهر من طریقتهم ، فلا حاجة فیه إلی التمسّک بالخبر ، فضلا عن الحمل علی التقیّة لأن یصح الفتوی والعمل.

ولو لم یکن إجماعا عندهم یکون الخبر المعمول به عند الجمیع حجّة بلا شبهة ، ومعارضة یکون من الشواذّ التی لا عمل علیها عندهم ویجب طرحها بلا شبهة ، من دون توقّف علی التمسّک بموافقته للعامّة ، إذ

المناقشة فی حمل الشیخ الروایات الدالة علی التخییر بین الجهر والإخفات علی التقیة

ص: 53

الشذوذ علّة لطرح الخبر ، والتقیّة علّة أخری ، بل الشذوذ موجب لطرح الخبر علی أیّ حال بخلاف الموافقة للعامّة ، إذ الموافق لهم ربما یعمل به ویفتی من جهة موافقته للکتاب والسنّة وغیرهما ، إذا کان أقوی من الموافقیة لهم ، کما حقّق فی محلّه ، وبالجملة : المدار علی ما هو أقوی وأحری ، ومن جهة اجتماع المرجّحات أو القرائن للمرجّح فی خصوص المقام.

علی أنّه علی تقدیر أن لا یکون متفقا علیه بل یکون القائل به هو المشهور وجلّ الفقهاء فهو أیضا راجح من جهة الشهرة بین الأصحاب ، لأنّها من المرجّحات المستقلّة من دون حاجة إلی انضمامها إلی المخالفة للعامة ، بل هی علّة للعمل وطرح المعارض ، والمخالفة للعامّة علّة أخری ، کلّ واحدة منهما علّتان مستقلّتان ، فإذا تحقّق الشهرة فلا حاجة إلی ضمّ المخالفة ، نعم یکون من المقوّمات والمؤیّدات.

مع أنّه لم یظهر فی المقام قائل بالاستحباب سوی ابن الجنید ، وهو رحمه الله فی أمثال المقام موافق للعامّة ، وطریقته طریقة العامّة ، مثل قوله بحجیّة القیاس ونقض الوضوء ببعض الأشیاء التی یقول به العامّة ، وأمثال ذلک ممّا لا یحصی ، ولا یعتنی بخلافه أحد ، بل یحکمون بأنّ الأخبار الدالة علیها محمولة علی التقیّة بلا شبهة ، بل وإن انضمّ إلی قوله قول بعض آخر ، مثل مسّ باطن الدبر فی نقض الوضوء (1) وغیر ذلک.

والحاصل : أنّ علّة الحمل علی التقیّة فی مقام التعارض لیست إلاّ کون العامّة یقولون بمضمونه ، بل لا یجب أن یکون الکلّ قائلین به ، بل

ص: 54


1- انظر الفقیه 1 : 39 ، والمعتبر 1 : 113.

العامّة الذین کانوا فی عصر صدور الروایة ، بل لا یجب أن یکون کلّهم یقولون به ، بل المشهور منهم فی ذلک العصر ، بل لا یجب أن یکون کلّهم ، بل المشهور منهم فی بلد الراوی أو المعصوم علیه السلام ، بل لا یجب أن یکون کلّهم ، بل المتسلّط منهم أو الحاکم منهم ، کما حقّق فی محلّه ، ودل علیه العقل والنقل ، ولم یشترط أحد من الفقهاء فی أصول الفقه وفروعه وکتب الاستدلال ما ذکراه ، بل [ هو ] (1) خلاف ما ذکره الکلّ ، وخلاف ما دل علیه العقل والنقل ، وخلاف طریقة کلّ الفقهاء حتی المحقق والشارح ، وخلاف طریقة الشیعة فی الأعصار السابقة فی زمن الأئمّة علیه السلام : إنّهم متی رأوا ما یشبه طریقة العامّة قالوا : أعطاک من جراب النورة (2) ، والأئمّة علیه السلام کانوا یقولون بترک ما یشبه قول العامّة ، ویقولون : « الرشد فی خلافهم » (3) وإن لم یتحقّق مذهب فی تلک المسألة بین الشیعة ، کما لا یخفی علی من لاحظ الأخبار ، ولم یأمروا قطّ بالجمع بین إخبارهم المتعارضة بالحمل والتأویل ، فما ذکراه خلاف قول المعصوم من جهتین : عدم الحمل ، والبناء علی اعتبار الموافقة للعامّة.

وممّا یؤیّد روایة زرارة : أنّه ورد عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « أصحاب أبی کانوا یأتونه ویفتیهم بمرّ الحق ، ویأتونی شکّاکا فأفتیهم بالتقیّة » (4) ، بل

ص: 55


1- أضفناه لاستقامة العبارة.
2- کمال الدین : 361 ، التهذیب 9 : 332 / 1195 ، الاستبصار 4 : 174 / 657 ، الوسائل 26 : 238 أبواب میراث ولاء العتق ب 2 ح 16 الضعفاء الکبیر للعقیلی 2 : 97.
3- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
4- التهذیب 2 : 135 / 526 ، الاستبصار 1 : 285 / 1043 ، الوسائل 4 : 264 أبواب المواقیت ب 50 ح 2 ، بتفاوت.

صدر هذا المضمون منه علیه السلام فی غیر واحد من الأخبار. مع أنّ بالاستقراء یظهر أنّ الأمر کما ذکره علیه السلام ، إذ ندر ما کان خبره موافقا للتقیّة إن کان.

وأیضا کان الباقر علیه السلام لا یتقی من العامّة من جهة أنّ جابرا الأنصاری کان یصل إلی خدمته مکرّرا بعنوان الإخلاص ، وکان العامّة یقولون : إنّه یأخذ الحکم عن الرسول صلی الله علیه و آله بواسطة جابر. والسبب الآخر أنّ جابرا کان مأمورا من قبل الرسول بإبلاغ السلام إلیه وقوله : « إنّه یبقر علم الدین بقرا » (1). وکان هذا ظاهرا علی العامّة غایة الظهور. والسبب الآخر أنّ بنی أمیّة وبنی العباس کانوا مشغولین بأنفسهم ، ومن هذا ارتفعت التقیّة فی ذلک الزمان بالمرّة ، بخلاف زمان الکاظم علیه السلام فإنّه کان فی غایة الشدّة من التقیّة.

وممّا یؤیّد أیضا أنّ التقیّة تظهر لنا من قول فقهائنا القدماء ، کسائر المرجّحات مثل العدالة والأعدلیة والشهرة بین الأصحاب و [ الشذوذ ] (2) وغیر ذلک ، والقدماء (3) صرّحوا بأنّ هذا الخبر موافق للعامّة ، ولسنا نعمل به ، کما قال الشیخ فی کتابیه وغیره ( ووافقه غیره حتی من المتأخّرین أیضا ، وقال العلاّمة قال ) (4) مع أنّ الشیخ هو الذی روی هذه الروایة ولم یروها غیره ، وهو أعرف بحال ما خرج من یده ، فتدبّر (5).

ص: 56


1- رجال الکشی 1 : 218 ، إرشاد المفید 2 : 159 ، مناقب آل أبی طالب 4 : 197 بحار الأنوار 46 : 222 / 6 ، وفی « ا » : یبقر العلم بقرا.
2- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : الشدّة ، والأنسب ما أثبتناه.
3- فی « أ » و « و » زیادة : ما.
4- التهذیب 2 : 162 ، الاستبصار 1 : 313 ، وانظر الذکری : 189 ، والحبل المتین : 229 ، والمفاتیح 1 : 133 ، وکشف اللثام 1 : 216 ، وراجع ص 48 - 49 ، وما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
5- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : مع أنّه مرّ عن العلاّمة أنّ الاستحباب مذهب الجمهور کافّة.

ومن المرجّحات أنّ الراوی زرارة ، وورد فیه : « أنّ أحدا لیس بأصدع بالحقّ منه » (1) وورد فیه وفی نظرائه : « أنّهم حفّاظ دین الله وأمناء فی حلال الله وحرامه ، لولا هؤلاء لاندرست آثار النبوّة ، وأنّه إذا أراد بأهل الأرض سوءا صرف بهم ، [ هم ] نجوم شیعتی ، بهم یکشف الله کلّ بدعة ، ینفون عن هذا الدین انتحال المبطلین وتأویل الغالین » (2) إلی غیر ذلک من أمثال ما ذکر. مع اشتهار أصله عند الشیعة کالشمس ، وخصوصا هذا الحدیث ، لما عرفت من الاشتهار التامّ والإجماعات المنقولة ، لو لم یکن هنا إجماع یقینی ، مع أنّ الظاهر ذلک ، فتأمّل ، ومرّ أنّ فعل الرسول یجب اتباعه فی المقام وما یخالف السنّة وطریقته یجب طرحه ، إلی غیر ذلک.

قوله : لأنّ الثانیة أوضح سندا وأظهر دلالة. ( 3 : 358 ).

هذا أیضا فاسد ، لأنّ روایة زرارة رواها الشیخ رحمه الله بطریق صحیح ( فی التهذیب وبطریق صحیح ) (3) فی الاستبصار مفتیا فی کلّ واحد من کتابیه بمضمون هذه الصحیحة ، والصدوق أیضا رواها بطریق صحیح مفتیا بمضمونه ، والطریق فی غایة الصحّة ، ویعضد هذه الصحیحة صحیحة أخری رواها عن زرارة عن الباقر علیه السلام ذکرناها (4).

ویعضدها أیضا : ما رواه فی الکافی فی الصحیح أنّه سئل الصادق علیه السلام عن القراءة خلف الإمام ، فقال : « أمّا الصّلاة التی لا یجهر فیها بالقراءة فذلک

ص: 57


1- التهذیب 2 : 6 / 10 ، الاستبصار 1 : 219 / 776 ، رجال الکشی 1 : 355 ، الوسائل 4 : 60 أبواب أعداد الفرائض ب 14 ح 5.
2- رجال الکشی 1 : 136 ، 137 ، 398 ، الوسائل 27 : 142 - 145 أبواب صفات القاضی ب 11 ح 14 ، 21 ، 25 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
3- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
4- راجع ص 50.

جعل إلیه فلا تقرأ خلفه ، وأمّا التی یجهر فیها فإنّما أمر بالجهر لینصت من خلفه (1). الحدیث.

ویعضدها أیضا : ما ورد فی غیر هذه الصحیحة من الأخبار الکثیرة من لفظ « تجهر » فیها و « لا تجهر » (2) الظاهر فی الاستمرار شرعا الظاهر فی کون المقرّر کذلک فی الشرع.

ویعضدها أیضا : أنّ الصدوق روی فی الفقیه - مع ضمانه صحّة جمیع ما یروی فیه - عن الفضل ، عن الرضا علیه السلام : العلّة التی جعل من أجلها الجهر فی بعض الصلوات دون بعض أنّ الصلاة التی یجهر إنّما هی فی أوقات مظلمة فوجب ان یجهر فیها لیعلم المار أنّ هناک جماعة (3). وفی الفقیه أیضا عن الصادق علیه السلام بطریقه إلیه : علّة الجهر فی صلاة الجمعة والمغرب والعشاء والفجر أنّ الله تعالی أمر نبیّه بالإجهار فیها لکذا وکذا (4) ، فتأمّل.

هذا مضافا إلی أنّ هذه الصحیحة والصحیحة الأخری أفتی بمضمونها جمیع الأصحاب سوی شاذّ منهم علی النهج الذی ذکرنا فی الحاشیة السابقة ، بل ذکرنا فی صدر المسألة الإجماع علی مضمونها ، کما نقل الشارح رحمه الله الإجماع کذلک ، إلی غیر ذلک ممّا مرّ فی الحاشیتین ، مضافا إلی ما ورد فی الأخبار ، وأنّ زرارة کان أصدع بالحقّ من غیره ، وأنّه لولاه لاندرست آثار النبوة ، إلی غیر ذلک ممّا ظهر من الرجال.

ص: 58


1- الکافی 3 : 377 / 1 ، الوسائل 8 : 356 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 5.
2- انظر الوسائل 8 : 355 أبواب صلاة الجماعة ب 31.
3- الفقیه 1 : 204 / 927 ، الوسائل 6 : 82 أبواب القراءة فی الصلاة ب 25 ح 1.
4- الفقیه 1 : 202 / 925 ، الوسائل 6 : 83 أبواب القراءة فی الصلاة ب 25 ح 2.

وأمّا صحیحة علی بن جعفر فلم یروها غیر الشیخ ، وهو أعرف بحالها من الشارح وغیره البتّة ، ولم یفت بها بل صرّح بأنّها واردة فی مقام التقیّة ( ولم یفت بها غیره أیضا ، لعدم روایتهم إیّاها ، بل من قال بعدم الوجوب صرّح بأنّه مستحبّ مؤکّد ، وهذه ینفی الاستحباب أیضا بظاهرها ) (1).

وأمّا کونها أظهر دلالة ففاسد أیضا ، لأنّ ظاهرها عدم رجحان الجهر فی ما یجهر فیه أصلا ورأسا ، وهذا مخالف للإجماع من الکلّ ، وهذا مضعّف للدلالة بالبدیهة ، للاحتیاج إلی التأویل ، والمؤوّل لیس بحجّة ، مع کونه مذهب العامّة ، بل الحجّة إنّما هو الظاهر والظاهر متروک ، مضافا إلی ما فی متنها من الاختلاف والتشویش ، کما لا یخفی علی من لا حظ الکتابین ، فتأمّل ، ومرّ عن الشارح رحمه الله أنّ الحدیث الذی ظاهره متروک لا یکون حجّة (2).

وأمّا الاعتضاد بالأصل - فمع أنّه محلّ نزاع ، إذ قال بعض الأصحاب : إنّه سبب للمرجوحیّة (3) کما ذکر فی محلّه - معلوم أنّ الأصل ( لا یجری فی العبادات ، ومع ذلک ) (4) لا یقاوم الدلیل والمرجّحات الشرعیة ، وإلاّ لینسدّ باب الفقه بالمرّة ، کما لا یخفی.

مع أنّ اشتغال الذمّة الیقینی مستصحب شرعا حتی یثبت خلافه وحتی یتحقّق عرفا إطاعته ، ولا یثبت (5) الخلاف فی العبادات التوقیفیة إلاّ

ص: 59


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
2- المدارک 3 : 351.
3- انظر مبادئ الوصول : 237.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
5- فی « ا » زیادة : دلائل.

أن یراعی الجهر والإخفات ، کما مرّ عن الشارح نظائره.

وأمّا قوله : وظاهر القرآن ، ففیه ما عرفت من أنّه لو لم یضرّه لم ینفعه.

علی أنّ الظاهر من القرآن حرمة الجهر من حیث إنّه جهر ، وکذا الإخفات من حیث إنّه إخفات ، ولفظ : ( صلاتک ) مطلق لا عموم فیه بحسب اللفظ ، بل مقتضی ما هو بحسب اللفظ الصلاة فی الجملة ، فلا یخرج من جهته ما هو مقتضی لفظ ( لا تَجْهَرْ ) و ( لا تُخافِتْ ) ( خصوصا بعد ملاحظ فعل الرسول صلی الله علیه و آله ) (1) فظاهر الآیة من مؤیّدات روایتی زرارة ومبعّدات روایة علی بن جعفر ، کما لا یخفی ، سیّما مع ظهورها من قول النبی صلی الله علیه و آله وفعله وفعل الأئمة علیه السلام .

قوله : لا یجب علیهنّ الجهر فی موضع الجهر. ( 3 : 358 ).

تخصیص عدم الوجوب بالجهر ربما یشعر بأنّ الإخفات لیس کذلک ، وأنّه واجب علیهنّ فی الموضع الذی یجب علی الرجل ، ولا دلیل علی هذا ، والأصل براءة ذمّتها ، وهو مقتضی الإطلاقات والعمومات ، وما دل علی وجوب مراعاة الإخفات مختصّ بالرجل ، ویدل علی وجوب مراعاة الجهر أیضا من دون تفاوت أصلا.

وقال مولانا المقدّس الأردبیلی : لا دلیل علی وجوب الإخفات علیها (2). وفی الذخیرة : ربما أشعر بعض العبارات بثبوت التخییر لها (3) ، والظاهر أنّ الأمر کذلک ، وإن کان الأحوط إخفاتها فی الظهرین وأخیرتی

عدم وجوب الجهر علی المرأة

ص: 60


1- ما بین القوسین أثبتناه من « و ».
2- مجمع الفائدة 2 : 228.
3- الذخیرة : 275.

المغرب والعشاء ، فتأمّل.

قوله (1) : وللکلام فی ذلک محلّ آخر. ( 3 : 359 ).

فیه : أنّه علی تقدیر ثبوت النهی لا فساد أیضا ، لتعلّقه إلی أمر خارج عن الصلاة.

قوله : لأنّ المشهور من شعار الشیعة الجهر بالبسملة. ( 3 : 360 ).

الصدوق فی أمالیه قال : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه یجب الجهر بالبسملة عند افتتاح الفاتحة ، وعند افتتاح السورة بعدها (2).

وفی عیون أخبار الرضا : أنّه علیه السلام کتب للمأمون من محض الإسلام : « الإجهار ببسم الله الرحمن الرحیم فی جمیع الصلوات [ سنّة ] (3) ».

وفی کشف الغمّة : قال أبو حاتم : روی عبد العزیز بن الخطاب عن عمرو بن شمر عن جابر قال : أجمع آل الرسول صلی الله علیه و آله علی الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم ، وأن لا یمسحوا علی الخفّین ، قال ابن خالویه : هذا مذهب الشیعة ومذهب أهل البیت علیه السلام (4) ، انتهی.

وفی الخصال فی باب شرائع الدین ، عن الأعمش عن الصادق علیه السلام : « أنّ الإجهار ببسم الله الرحمن الرحیم فی الصلاة واجب » (5).

وفی العیون فی روایة رجاء بن أبی ضحّاک : أنّ الرضا علیه السلام کان یجهر

مستحبات القراءة

الجهر بالبسملة

ص: 61


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- أمالی الصدوق : 511.
3- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 120 / 1 ، الوسائل 6 : 76 أبواب القراءة فی الصلاة ب 21 ح 6 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
4- کشف الغمة 1 : 43.
5- الخصال : 603 / 9 ، الوسائل 6 : 75 أبواب القراءة فی الصلاة ب 21 ح 5.

ببسم الله الرحمن الرحیم فی جمیع صلواته باللیل والنهار (1).

وفی روضة الکافی فی خطبة أمیر المؤمنین علیه السلام التی یشکو فیها عن الناس ، قال علیه السلام : « لو أمرتهم بالجهر ببسم الله الرحمن الرحیم إذا لتفرّقوا عنّی » (2).

ویظهر ممّا ذکر أنّ العامّة کانوا متحاشین عن الجهر به کذلک ، فربّما یظهر أنّ الجهر ببسم الله کان داخلا فی روایتی زرارة الصحیحتین ، فاحتمل وجوبه مطلقا ، کما هو رأی ابن البرّاج ، بل لا یخلو من قوّة ، لأنّ المذکور فیهما لفظ « ینبغی » ولا شکّ فی أنّ الجهر فیها ممّا ینبغی بملاحظة ما ذکرنا. وحمل « ینبغی » علی الواجب خلاف الظاهر ، بل یوجب الحزازة ، وقد أشرنا إلی ذلک فی مسألة وجوب السورة ، فتأمّل.

قوله (3) : أنّه یستحب القراءة فی الصلاة بسور المفصّل. ( 3 : 362 ).

روی الکلینی بسنده إلی سعد الإسکاف أنّه قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : « أعطیت السور الطوال مکان التوراة ، والمئین مکان الإنجیل ، وأعطیت المثانی مکان الزبور ، وفضّلت بالمفصّل ثمان وستّون سورة ، وهو مهیمن علی سائر الکتب » الحدیث (4) ، فتأمّل جدّا.

قوله : أنّ أفضل ما یقرأ فی الفرائض. ( 3 : 364 ).

قراءة السور المعیّنة

ص: 62


1- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 178 / 5 ، الوسائل 6 : 76 أبواب القراءة فی الصلاة ب 21 ح 7.
2- الکافی 8 : 58 / 21 ، بتفاوت فی العبارة.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و ».
4- الکافی 2 : 601 / 10 ، البحار 89 : 27 / 31.

وفی العیون عن أبی الحسن الصائغ [ عن عمّه ] (1) أنّ الرضا علیه السلام من المدینة إلی خراسان کان یقرأ فی الفریضة فی الرکعة الأولی الحمد وإنا أنزلناه ، وفی الثانیة الحمد وقل هو الله أحد (2).

وکذلک روی رجاء بن أبی ضحّاک ، إلاّ أنّه قال : « إلاّ فی الغداة والظهر والعصر یوم الجمعة فالجمعة والمنافقون ، وفی عشائها الآخرة فی الأولی الجمعة ، وفی الثانیة سبّح اسم ربّک الأعلی ، وغداة الاثنین والخمیس هل أتی علی الإنسان فی الأولی ، وهل أتاک حدیث الغاشیة فی الثانیة » (3).

وفی الاحتجاج عن الصاحب علیه السلام : « إذا ترک سورة فیها الثواب وقرأ التوحید والقدر لفضلهما ، اعطی ثوابهما وثواب السورة التی ترک » (4).

وربما کان فیه إشعار بکون التوحید فی الأولی والقدر فی الثانیة ، عکس ما ظهر من الروایة السابقة ، وورد هذا العکس فی الحدیث الصحیح الطویل الذی ذکره فی الکافی فی بحث الأذان (5) ، والکلّ حسن ، والله یعلم.

قوله : قراءة الغاشیة. ( 3 : 364 ).

ظهر لک مستنده.

قوله (6) : هذا قول الشیخ فی النهایة والمبسوط. ( 3 : 364 ).

مرّ فی الحاشیة السابقة ما له دخل فی المقام.

قوله : مرفوعة حریز. ( 3 : 366 ).

ص: 63


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
2- العیون 2 : 206 ، البحار 82 : 34.
3- العیون 2 : 178 / 5 ، الوسائل 6 : 156 أبواب القراءة فی الصلاة ب 70 ح 10.
4- الاحتجاج : 482 ، الوسائل 6 : 79 أبواب القراءة فی الصلاة ب 23 ح 5.
5- الکافی 3 : 482 / 1 ، الوسائل 6 : 78 أبواب القراءة فی الصلاة ب 23 ح 2.
6- هذه الحاشیة واللتان بعدها لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

ومرّ ذلک عن الرضا علیه السلام أیضا.

قوله : الجمعة والمنافقین. ( 3 : 366 ).

وقال فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه یجب أن یقرأ فی صلاة الظهر یوم الجمعة بالجمعة والمنافقین ، فبذلک جرت السنّة (1). وفی کلامه إشعار بأنّهم ما کانوا یصلّون صلاة الجمعة ، وإلاّ فهی أولی بأن یقرأ فیها الجمعة والمنافقون ، فتأمّل.

قوله : اختلف الأصحاب فی قول آمین فی أثناء الصلاة. ( 3 : 371 ).

قال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیّة أنّه لا یجوز قول آمین بعد فاتحة الکتاب (2).

قوله : فقد تقدّم الکلام فیه مرارا. ( 3 : 373 ).

قد عرفت أنّه إجماع منقول بخبر الواحد ، وحجّة عند من یقول بحجیّة خبر الواحد ، ودلیلها دلیلها ، ویعضده ما نقلناه عن الصدوق.

قوله (3) : أنّ آمین من کلام الآدمیین. ( 3 : 373 ).

لعلّ مراد الشیخ أنّ « آمین » اسم للفعل ، مثل صه ونحوه ، وهذا إجماعی عند أهل العربیة ، بل بدیهی ، فلا یلزم من تجویز « اللهم استجب » فی الصلاة تجویز ما هو شبهه (4) ، فإنّه من کلام الآدمیّین ، یعنی الکلام الذی لا یناسب وقوعه فی العبادة التوقیفیة ، کما لا یناسب أن یکبّر للإحرام بلفظ : « خدا بزرگتر » کما هو طریقة الشیعة.

قراءة الجمعة والمنافقین فی ظهری الجمعة

مسائل فی القراءة

حرمة قول « آمین » فی آخر الحمد

ص: 64


1- انظر الأمالی : 512.
2- انظر الأمالی : 512.
3- هذه التعلیقة واللتان بعدها لا توجد فی « أ ».
4- فی « ج » و « د » : اسمه.

والحاصل : أنّ فقهاءنا متفقون علی جواز الدعاء فی الصلاة وعدم جواز کلام الآدمیین فیها ، وعند فقهائنا آمین من کلام الآدمیین علی قیاس المهملات ، مثل جسق ، فتأمّل ، فإنّه لیس بدعاء ، وأمّا آمین فهو اسم لما یفهم منه الدعاء ولیس نفسه ، فتأمّل.

قوله : وقد صرّح بذلک. ( 3 : 373 ).

حال آمین حال الله أکبر من کلّ شی ء ، أو أکبر من أن یوصف ، فمع أنّ معنی « الله أکبر » هو الذی قلنا لا یجوز أن یکبّر للإحرام بالمعنی المذکور بلا شکّ ، بل لا یجوز أن یقول : الله أکبر بضمّ الراء بقطع همزة الوصل منه ، والحال فی المقام أیضا کذلک ، والعلّة واحدة ، ویجوز قول : آمین ، لو جوّز تغییر قول : الله أکبر ، بل لفظ : الله أکبر ، بالنحو الذی ذکرنا ، فتدبّر.

قوله : إنّما توجّه إلی أمر خارج عن العبادة فلا یقتضی فسادها. ( 3 : 373 ).

العبادة توقیفیة لا بدّ من ثبوت ماهیتها من الشرع ، فإذا منع الشارع عن فعل شی ء فی أثنائها وفعل فیه لم تکن هذه العبادة هی التی أمرنا الشارع ، کما أشرنا فی : الله أکبر من کلّ شی ء ، فإنّ وقوع : من کلّ شی ء فیها یوجب عدم معلومیة کون هذه الصلاة هی التی أمرنا الشارع ، مثل إذا منع الطبیب عن إدخال شی ء فی معجون أو دواء لم یجعل ذلک المعجون الدواء الذی أمر الطبیب به ، بل فعله غیره.

قوله : والأولی حمل هذه الروایة علی التقیّة. ( 3 : 374 ).

بل یتعین ، لما عرفت ممّا ذکرناه فی مسألة وجوب السورة والجهر والإخفات وغیرهما.

قوله : وکثرة استعمال النهی فی الکراهة. ( 3 : 374 ).

ص: 65

فیه ما فیه ، فإنّ مداره علی إثبات الحرمة بمجرّد النهی ، وکثرة الاستعمال لا یوجب رفع الید عن الحقیقة ، کما هو الحال فی ألفاظ العموم وغیرها ، مع أنّه من المسلّمات : ما من عامّ إلاّ وقد خصّ.

قوله : لا تفوت به الموالاة قطعا. ( 3 : 375 ).

لا یخفی أنّه لم ینقل عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه کان یقرأ القدر الیسیر ، وحاله وحال الکثیر واحد بالقیاس إلی المنقول منه صلی الله علیه و آله نعم إطلاقات الأوامر الواردة بالقراءة تشمل ما ذکره قطعا ، والإطلاق حجّة ، ویکفی لکون المقصود والمعنی معلوما معروفا.

قوله : ویتوجّه علیه منع کون ذلک مقتضیا للبطلان. ( 3 : 375 ).

فیه : أنّ العبادة توقیفیة ، وإطلاق القراءة ینصرف إلی الفرد الشائع ، ولا عموم فیه ، مع أنّه رحمه الله لم یتمسّک بالإطلاق بل بالتأسّی ، ولا شکّ فی أنّه علیه السلام ما کان یفعل کذلک ، فالآتی لم یکن آتیا بالمأمور به ، کما عرفت مرارا ، فتأمّل.

قوله : ما ذکره المصنف. ( 3 : 377 ).

فی الفقه الرضوی : « ولا تقرأ فی الفریضة : والضحی وألم نشرح ، وألم تر ولإیلاف ، ولا المعوّذتین ، فإنّه قد نهی عن قراءتهما فی الفرائض ، لأنّه روی أنّ الضحی وألم نشرح سورة واحدة ، وکذلک ألم تر کیف ولإیلاف سورة واحدة بصغرها ، وأنّ المعوذّتین من الرقیة لیستا من القرآن أدخلوهما فی القرآن ، وقیل : إنّ جبرئیل علّمه رسول الله ، فإن أردت بعض هذه السور الأربع فاقرأ الضحی وألم نشرح ولا تفصل بینهما ، وکذلک ألم

وجوب الموالاة فی القراءة

وحدة سورتی « الضحی » و « ألم نشرح » و سورتی « الفیل » و « الإیلاف »

ص: 66

تر کیف ولإیلاف » (1) وسیجی ء عن المصنّف والشارح أنّ المعوّذتین من القرآن (2) ، فما هنا محمول علی الاتّقاء ، فتأمّل.

والصدوق رحمه الله فی أمالیه قال : من دین الإمامیّة الإقرار بأنّ الضحی وألم نشرح سورة واحدة ، وکذا ألم تر ولإیلاف ، وأنّه لا یجوز التفرّد بواحدة منهما فی رکعة واحدة (3). وفی الفقیه قال مثل ذلک (4).

والمرتضی فی الانتصار صرّح بذلک ، وقال : إنّه ممّا انفردت به الإمامیّة عن غیرهم (5).

وفی کتاب القراءات لأحمد بن محمد بن سیار : روی البرقی عن القاسم بن عروة ، عن أبی العبّاس ، عن الصادق علیه السلام قال : « الضحی وألم نشرح سورة واحدة » والبرقی عن القاسم بن عروة ، عن شجرة أخی بشیر النبّال ، عن الصادق علیه السلام : « ألم تر ولإیلاف سورة واحدة » ومحمد بن علی ابن محبوب عن أبی جمیلة ، عنه علیه السلام مثله (6).

وفی مجمع البیان عن العیّاشی بسنده إلی المفضّل بن صالح عن الصادق علیه السلام قال : « لا تجمع بین سورتین فی رکعة واحدة إلاّ الضحی وألم نشرح ، ولإیلاف وألم تر » ، وعن أبی العباس عن أحدهما علیهماالسلام قال : « ألم تر ولإیلاف سورة واحدة » ، وروی أنّ ابیّ بن کعب لم یفصل بینهما فی مصحفه (7) ، انتهی.

ص: 67


1- فقه الرضا علیه السلام : 112 ، المستدرک 4 : 164 أبواب القراءة فی الصلاة ب 7 ح 3.
2- المدارک 3 : 383.
3- أمالی الصدوق : 512.
4- الفقیه 1 : 200.
5- الانتصار : 44.
6- المستدرک 4 : 163 أبواب القراءة فی الصلاة ب 7.
7- مجمع البیان 5 : 543.

فقد عرفت الأخبار والإجماعات ، ومعلوم أنّ الخبر المنجبر بالشهرة حجّة فضلا عن الأخبار المنجبرة بالإجماعات. مضافا إلی تصریح الأصحاب مثل المصنف وغیره بروایة ذلک عن الأئمّة علیه السلام (1) ، مع أنّ المنع عن القرآن مطلقا والأمر بالقران فیها شاهد علی الاتّحاد ومؤیّد.

وفی شرح الإرشاد لمولانا الأردبیلی : نقل عن کتاب أحمد بن محمد البزنطی : سمعت الصادق علیه السلام یقول : « لا تجمع بین سورتین فی رکعة واحدة إلاّ الضحی وألم نشرح ، والفیل ولإیلاف » (2).

قوله : والنهی هنا الکراهة. ( 3 : 377 ).

قد سبق الکلام فیه ، مضافا إلی ما ذکرنا هاهنا (3).

قوله : تسمیتهما سورتین. ( 3 : 378 ).

إنّما هی بالقیاس إلی ما عرفت بین الناس ، وإلاّ فقد عرفت أنّهما سورة واحدة.

وما ورد فی بعض الأخبار عن زید الشحّام قال : « صلّی أبو عبد الله علیه السلام فقرأ فی الاولی والضحی ، والثانیة ألم نشرح » (4) یمکن أن یکون تلک الصلاة نافلة ، أو أنّه وقع وهم من بعض الرواة ، لأنّه روی عن زید المذکور بطریق صحیح قال : صلّی بنا أبو عبد الله علیه السلام فقرأ بنا بالضحی وألم نشرح (5) والظاهر کونهما فی رکعة واحدة ، فتأمّل.

قوله : وهو الظاهر من کلام ابن أبی عقیل. ( 3 : 379 ).

ص: 68


1- انظر التبیان 10 : 371.
2- مجمع الفائدة 2 : 243.
3- راجع ص 42 - 46.
4- التهذیب 2 : 72 / 265 ، الوسائل 6 : 54 أبواب القراءة فی الصلاة ب 10 ح 3.
5- التهذیب 2 : 72 / 264 ، الوسائل 6 : 54 أبواب القراءة فی الصلاة ب 10 ح 2.

وبه قال الشهید فی الدروس وغیره (1) ، ونسب بعض العلماء الصدوق إلیه ، وهو الظاهر فی الفقیه فی کتاب الصلاة فی النسخة المشهورة المتداولة (2) ، وإن کان روی روایة التسع فی کتاب الجماعة (3) ، ولذا نسب العلاّمة القول بالتسع إلی والد الصدوق (4).

قوله : ولم نقف له علی مستند. ( 3 : 379 ).

قال الشیخ المفلح : مستند الأقوال الروایات ، یعنی هذین القولین وغیرهما ، ومستند الاثنتی عشرة الفقه الرضوی ، وقد ذکرنا عبارته عند قول المصنف : والمصلّی بالخیار فی کل ثالثة. (5) ، والروایة التی رواها فی العیون (6) ، وهی معتبرة ، لتضمّنها أحکاما کثیرة مفتی بها عند القدماء والمتأخّرین ، ونهایة الشیخ کلّ مسألة منها مضمون متن الخبر ، کما لا یخفی علی المطّلع ، ونقلنا عن الشیخ المفلح ما نقلناه.

وروایة الاثنتی عشرة منجبرة بالشهرة بین الأصحاب ، لأنّهم بین قائل بمضمونها بعنوان الوجوب (7) ، وقائل به بالوجوب التخییری مثل المحقق الشیخ علی وجماعة (8) ، وقائل به بالاستحباب ، مثل العلاّمة ومشارکیه (9).

التخییر بین الحمد والتسبیح فی الثالثة والرابعة

ما یُجزی من التسبیح فی الأخیرتین

ص: 69


1- الدروس 1 : 173 ، البیان : 159.
2- الفقیه 1 : 209.
3- الفقیه 1 : 256.
4- المختلف 2 : 164.
5- راجع ص 25.
6- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 180 ، الوسائل 6 : 110 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 8 ، ولیس فیهما : « والله أکبر ».
7- کالشیخ فی النهایة : 76 ، والاقتصاد : 261 ، والشهید فی البیان : 83.
8- جامع المقاصد 2 : 256 ، التنقیح 1 : 205.
9- القواعد 1 : 33 ، التحریر 1 : 38 ، غایة المراد 1 : 164 ، کشف اللثام 1 : 218

وقائل بأنّه أحوط مثل المصنّف وجمع ممّن وافقه (1) ، وهو الصواب ، کما ستعرف ، وقائل بأنّه أحد أفراد الواجب المطلق (2) ، فلم یوجد لها رادّ.

ویشهد لها أنّها أقرب إلی سورة الحمد ، والبدل یکون بمقدار المبدل منه أو ما یقاربه بحسب الفهم العرفی ، ولذا تری الفقهاء فی أبواب الفقه یجرون فی البدل جمیع أحکام المبدل منه إلاّ ما أخرجه الدلیل ، مثل الترتیب فی مسح الیدین فی التیمّم وکون الابتداء فیه من الأعلی ، إلی غیر ذلک ، ومن ذلک حکمهم بوجوب الإخفات فی التسبیح.

ویشهد لها أیضا أنّه یظهر من أخبار متعددّة کون التسبیح بمقدار الحمد أو ما یقاربه ، مثل صحیحة معاویة بن عمار التی نقلها الشارح رحمه الله عند قول المصنف : والمصلّی بالخیار. (3) ، وکذا الأخبار الصحیحة الدالة علی أنّ المأموم یجب علیه أن یقرأ خلف الإمام بالحمد والسورة معا فی رکعتیه الأولیین إذا فاتتاه مع الإمام ولحقه فی الأخیرتین (4).

وروایة أبی خدیجة عن الصادق علیه السلام : « إذا کنت إمام قوم فعلیک أن تقرأ فی الرکعتین الأوّلتین ، وعلی الذین خلفک أن یقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أکبر ، وهم قیام ، فإذا کان فی الرکعتین الأخیرتین فعلی الذین خلفک أن یقرؤوا فاتحة الکتاب ، وعلی الإمام التسبیح مثل ما سبّح القوم فی الرکعتین » (5).

ص: 70


1- منهم الشهید الثانی فی روض الجنان : 261.
2- انظر الجامع للشرائع : 94 والبیان : 188.
3- المدارک 3 : 344.
4- الوسائل 8 : 386 أبواب صلاة الجماعة ، ب 47.
5- التهذیب 3 : 275 / 800 ، الوسائل 6 : 126 أبواب القراءة فی الصلاة ، ب 51 ح 13.

وکذا الأخبار التی سألوا فیها عن المعصوم علیه السلام : ما نصنع فی الرکعتین الأخیرتین؟ فأجاب : « إن شئت فاتحة الکتاب ، وإن شئت فاذکر الله ، وإن شئت فسبّح » (1) من غیر تعیین أصلا لمقدار الذکر والتسبیح ، ومعلوم أنّ مرادهم علیه السلام لیس کفایة مثل سبحان الله مرّة واحدة ، ولا معیّن للمقدار إلاّ المساواة والمقاربة ، کما لا یخفی.

ویشهد أیضا صحیحة عبید بن زرارة : أنّه سأل الصادق علیه السلام عن الرکعتین الأخیرتین ، قال : « تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبک ، وإن شئت فاتحة الکتاب فإنّها تحمید ودعاء » (2) ومعلوم أنّه إذا اختار الفاتحة تجب قراءة جمیعها ، والظاهر من التعلیل أنّ قرائتها من کونها ذکرا وتسبیحا ، فلو کان التسبیح القلیل کافیا لما کان الحمد بأجمعها واجبة ، بل کان یکفی آیة منها ، فتأمّل جدّا.

قوله (3) : وأبو الصلاح. ( 3 : 379 ).

الظاهر منه علی ما نقله فی المنتهی أنّه قائل بثلاث تسبیحات (4).

قوله (5) : والمستند ما رواه زرارة فی الصحیح. ( 3 : 379 ).

لا یخفی أنّ الصدوق قائل بالاثنتی عشرة ، موافقا لغیره من القدماء ، وفتواه فی الفقیه نص فی ذلک ، وإن کان فی نسخة نادرة یظهر منها التسع ، لکنها غیر المتداولة المشهورة المعروفة ، ولذا نسب فی المختلف التسع إلی

ص: 71


1- التهذیب 2 : 98 / 369 ، الوسائل 6 : 108 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 3.
2- التهذیب 2 : 98 / 368 ، الوسائل 6 : 107 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 1.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ج » و « د ».
4- المنتهی 1 : 275.
5- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

والد الصدوق (1) ، ولم ینسبه إلی الصدوق. مع أنّ عادته العمل بالفقه الرضوی ، بل ونقل عبارته فی مقام فتواه ، والعبارة فی الاثنتی عشرة وعدم جواز نقص منها. وفی المختلف جعل مستند والده غیر هذه الصحیحة وذکر الصدوق هذه الصحیحة فی کتاب صلاة الجماعة مثل ذکره سائر الأخبار التی خلاف ما أفتی ، بل وربما یصرّح بأنّه عادل عنها مفت بغیرها (2) ، ولذا حکم جدّی العلاّمة بأنّه بدا له فی ما ذکره فی أوّل کتابه (3) ، فالصدوق لم یظهر کونه عاملا بها ، بل یظهر خلافه ، ولم یروها غیر الصدوق.

وأمّا والد الصدوق فمستنده غیر هذه ، علی ما صرّح به فی المختلف ، مع أنّ مقتضاها أنّ المأموم لیس علیه القراءة ولا ذکر ولا تسبیح فی الرکعتین الأخیرتین ، ولعلّه لهذا عدل الصدوق عنها ، مضافا إلی مخالفتها الاثنتی عشرة التی صرّح بها الفقه الرضوی ، وهو فی غایة الاعتقاد به ونهایة الاعتماد علیه ، کما لا یخفی علی المطّلع ، وصرّح به جدّی العلاّمة (4) رحمه الله .

وینادی بما ذکرنا أنّ الصدوق روی عقیب هذه الصحیحة الروایة الدالة علی کفایة « سبحان الله » ثلاث مرّات (5) ، مع أنّه لو کان کلّ ما ذکره فتواه لکان مذهبه مطلق الذکر البتّة ، فنسبته إلی القول بالتسع غلط علی أیّ

ص: 72


1- راجع ص 69.
2- انظر الفقیه 2 : 89.
3- روضة المتقین 14 : 350.
4- روضة المتقین 1 : 17 و 204.
5- الفقیه 1 : 256.

حال ، کما لا یخفی.

قوله : لمجرّد اتصال السند. ( 3 : 380 ).

فیه : أنّهم لا یکتفون بهذا ، ولهذا لو کان واسطة النقل ضعیفا یحکمون بالضعف البتّة ، وبسطنا الکلام فی التعلیقة (1).

( مع معارضته لأخبار کثیرة غایة الکثرة ، کثیر منها أصحّ منه سندا ، ومنها ما هو أشهر منه فتوی ، بل لا یکون لها رادّ ظاهرا ، کما مرّ (2) ، ومع ذلک الأخبار الدالة علی کفایة مطلق الذکر وجواز الکلّ أوضح منه دلالة البتّة ، لجواز إرادة کون أربع تسبیحات أیّ نحو تکون ، أو هذا المقدار من الذکر أقلّ ما یجزی ، بل فی مقام الجمع لا محیص عن هذا الاحتمال ، وبملاحظة مجموع الأخبار یظهر ظهورا تامّا کون المراد ما ذکر من الاحتمال جزما ، فلم یکن حینئذ مستند المفید ومن وافقه ) (3).

قوله : وان کانت الروایة الأولی أولی. ( 3 : 381 ).

لا یخفی فساد ما ذکره ، إذ غایة ما یمکن جواز العمل بها ، لا أنّ العمل بها أولی ، مع أنّ الجواز أیضا لا یخلو عن إشکال ظهر لک وجهه فی الحواشی السابقة والآتیة.

والأظهر بالنظر إلی مجموع الأخبار کفایة مطلق الذکر بحسب الکیفیة لا الکمّیة ، کما هو الظاهر عن صاحب البشری (4) ، وأنّه بحسب الکمیّة لا بدّ أن تکون له کمیّة معتدّ بها ، بل وأن تقارب الحمد فی الجملة ، کما هو

ص: 73


1- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 12.
2- راجع ص 69 - 71.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- حکاه عنه فی الذکری : 189.

الحال فی الاثنتی عشرة أو العشرة أو التسع أیضا ، فتأمّل. وکیف کان ، الأحوط اختیار الاثنتی عشرة ، وبعده العشرة ، وبعده التسع ، أو بالعکس.

قوله : والأولی الجمع بین التسبیحات الأربع والاستغفار. ( 3 : 381 ).

لا یخفی ما فیه بعد الحکم بعدم نقاء السند ، ونقله الخبر الصحیح عن الصدوق ، وأنّه عمل به ، وطریقته الاقتصار علی الصحیح لا غیر ، وطریقة الکلّ کذلک إذا کان تعارض ، فإنّهم جمیعا یرجّحون الصحیح علی غیره ، والأصحّ علی الصحیح ، إلاّ أن یرجّح غیر الصحیح بمرجّحات أخر ، هذا مع أنّ ضمّ الاستغفار خلاف مدلول الخبر.

فإن قلت : مدلول الخبر الاجتزاء بالتسبیحات الأربع ، والاجتزاء ظاهر فی صحّة ما زاد ، بل مشعر برجحانه ، فلا مانع من ضمّ الاستغفار.

قلت : إن أردت الأولی والأحوط فلا شکّ فی أنّ الأولی والأحوط العمل بالاثنتی عشرة ، وبعده بالتسع ، بل بضمّ الاستغفار أیضا ، لما فی کلام العلاّمة فی المنتهی من الإشعار بوجود القول بوجوبه (1). وإن أردت الاجتزاء فلا وجه للضمّ أصلا ، سیّما بعد القول بأنّه أولی ، فتأمّل.

قوله : تسویة بینه وبین المبدل. ( 3 : 381 ).

نظره إلی ما أشرنا إلیه من أنّ أهل العرف یفهمون التسویة ، ألا تری الآن أنّ العوام یجزمون بأنّ الفاتحة فی الأخیرتین یجب إخفاتها؟ کما هو مسلّم عند القائلین بوجوب الجهر والإخفات ، ومع هذا إذا قلنا لهم : إن شئت اقرأ الفاتحة وإن شئت فسبّح وهما سواء ، أو قلنا لهم : القراءة أفضل

حکم الإخفات بالتسبیحات

ص: 74


1- المنتهی 1 : 275.

من التسبیح ، أو قلنا لهم عکس ذلک وأمثال هذه الأقوال ممّا ورد فی الأخبار ، ولم ننبّههم أنّ التسبیح لیس مثل القراءة فی وجوب الإخفات ولم نشر إلی ذلک أصلا لا یفهمون غیر المساواة ، وإن شئت فامتحن.

ویؤیّده ورود هذه المضامین فی الأخبار الکثیرة غایة الکثرة ، ومع نهایة کثرتها لم یقع فی شی ء منها إشارة.

وممّا یؤیّده - بل ربما یکون دالا - صحیحة عبید بن زرارة التی ذکرناها فی الحاشیة السابقة المکتوبة علی قول الشارح : ولم نقف علی مستنده. (1) إذ مقتضاها أنّ قراءة الفاتحة إنّما هی من حیث إنّها تحمید وذکر لا من حیث إنّها قراءة الفاتحة ، ولا نزاع فی وجوب الإخفات فیها ، کما أشرنا فتأمّل جدّا.

علی أنّ أخبار التسبیح لیس فیها إلاّ الإطلاق ، والإطلاق لا عموم فیه ، کما هو مسلّم ، نعم یرجع إلی العموم فی مثل الأحکام الشرعیة إذا لم یکن أحد الأفراد أسبق ، ولا نسلّم فی المقام عدم الأسبقیة ، لجواز الأسبقیة علی حسب ما أشرنا.

وبالجملة : الأصل عدم العموم حتی یثبت ، وفی مثل المقام لا نسلّم الثبوت ( سیّما بعد ملاحظة توقیفیة العبادة ) (2) فتأمّل.

قوله : وهو ضعیف. ( 3 : 382 ).

لا یخلو من تأمّل ، لکون العبادة توقیفیة ، ولم یعهد من صاحب الشرع ، وما ذکر من الإطلاق من حیث إنّه لا عموم فیه إلاّ بمعونة القرینة ربما یشکل شموله له ، لانصرافه إلی ما هو المتعارف ، بل هو المتبادر ، نعم

ص: 75


1- راجع ص 71.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

لو قلنا بکفایة مطلق الذکر وأنّه لا یعتبر فیه خصوصیة کیفیة حتی بین القراءة والتسبیح أمکن ، فتأمّل.

قوله : وهو بعید. ( 3 : 385 ).

وإلاّ فهو قائل برکنیته مطلقا.

قوله : فقال فی المعتبر. ( 3 : 385 ).

ونقل الإجماع علی ذلک العلاّمة والشهید وغیرهما من الفقهاء (1).

قوله : فیجب التأسّی به. ( 3 : 385 ).

لا یخفی أنّ الشارح رحمه الله منع مکرّرا کون التأسّی دلیل الوجوب ، وهذه الصحیحة تدل علی أنّ وصول أطراف الأصابع یکفی ، فإن کان المراد من وضع الید وضع شی ء منها فهی تدل ، وإلاّ فلا ، وظاهر عبارة المصنف وصریح عبارة العلاّمة وصول الراحة (2) ، فالحجّة إذن الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وهذه الصحیحة تکون حجّة علیهم لا لهم ، بل یجب علیهم طرحها. وصرّح المحقّق الشیخ علی والشهید الثانی بأنّ وصول شی ء من رءوس الأصابع لا یکفی (3).

ویمکن حمل قوله علیه السلام فی الصحیحة : « فإن وصلت أطراف أصابعک. إلی رکبتیک » علی أنّ المراد الوصول إلی مجموع عین الرکبة ، لأنّ من الأصابع الإبهام ، وباقی الأصابع أیضا بینها تفاوت کثیر فی الطول والقصر ، وهو شرط وصول أطراف مجموع الأصابع ، وصحیحة حمّاد

الرکوع

رکنیة الرکوع

وجوب الانحناء فیه وتحدیده

ص: 76


1- المنتهی 1 : 281 ، الذکری : 197 ، وانظر جامع المقاصد 2 : 283 ، والمفاتیح 1 : 138.
2- نهایة الإحکام 1 : 480.
3- جامع المقاصد 2 : 284 ، الروضة البهیة 1 : 270.

لا دلالة فیها علی الوجوب ، مع أنّ نفس الوضع غیر واجب عندهم ، فتأمّل.

قوله : لأنّه بعض الواجب. ( 3 : 386 ).

لعل نظره رحمه الله فی هذا إلی استصحاب الوجوب حال عدم العجز ، وإلاّ یرجع هذا إلی الدلیل السابق ، مع أنّه رحمه الله لا یعمل بحدیث : « المیسور لا یسقط بالمعسور » وما ماثله ، بل دائما یطعن علیها.

قوله : الأظهر أنّ هذه الزیادة علی سبیل الاستحباب. ( 3 : 387 ).

لا یخفی أنّ ما ذکره مبنی علی جریان أصل العدم فی ماهیة العبادات ، والشارح أیضا لا یرضی به ، کما ظهر ممّا سبق وممّا سیجی ء فی مسألة أنّه هل یعتبر فی السجود للعزیمة ما یعتبر فی سجود الصلاة أم لا (1)؟ وغیر ذلک.

مع أنّه معلوم أنّ الواجب علی غیر العاجز لیس الانحناء إلی أقلّ الواجب فقط ، بل الواجب أعمّ منه جزما ، ولذا هو أقل الواجب وأقلّ ما یجزی ، ولو انحنی أکثر منه فلا تأمّل عندهم فی کونه رکوعا مأمورا به ، فعلی هذا یکون الواجب هو الکلّی الذی یکون أقلّ ما یجزی من جملة أفراده ، فإذا عجز عنه لا یسقط عنه التکلیف بالکلّی ( لأنّ العجز عن فرد من الکلّی لا یوجب سقوط التکلیف بالکلّی ) (2) ، بل یجب إیجاده فی الفرد الممکن ، فتأمّل جدّا.

قوله (3) : لأنّا نمنع وجوب الفرق علی العاجز. ( 3 : 387 ).

حکم العاجز عن الانحناء

ص: 77


1- انظر المدارک 3 : 420.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».

فیه : أنّه مأمور بإیجاد الرکوع ، والانحناء الدائم الخلقی لیس إیجادا للانحناء حال الصلاة ، فلا یکون إیجادا للرکوع وهو قادر علی إیجاده باختیار الفرد الذی یمکنه ، فتأمّل جدّا.

قوله : ولا یسقط أحد الواجبین بتعذّر الآخر. ( 3 : 388 ).

فمراده من الأولی هو الوجوب ، وهذا منه یحقق ما ذکرناه فی الحاشیة السابقة من أنّ الواجب علی الراکع خلقة أن ینحنی أزید ، وینافی ما اختاره من الاستحباب ، کما لا یخفی علی المتأمّل.

قوله : وجعلها الشیخ فی الخلاف رکنا. ( 3 : 389 ).

حکم الشیخ بالرکنیة لما یظهر من بعض الأخبار ، مثل روایة أبی بصیر عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « إذا رفعت رأسک من الرکوع فأقم صلبک ، فإنّه لا صلاة لمن لا یقیم صلبه » (1). وفی الصحیح عنه عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : من لم یقم صلبه فی الصلاة فلا صلاة له » (2).

ومرّ عن الشارح فی بحث وجوب القیام ورکنیته أنّه استدل علی الرکنیة بأنّ من أخلّ بالقیام مع القدرة لا یکون آتیا بالمأمور به علی وجهه (3). ومعلوم أنّ هذا شامل لما نحن فیه ، ومعلوم أیضا أنّ هذه الصحیحة (4) کما تدفع قول الشیخ تدفع القول برکنیة القیام مطلقا ، وإن کنّا أجبنا هناک بجوابین ، إلاّ أنّ أحد الجوابین لا یتمشّی فی المقام ، وهو أنّ

بحث حول رکنیة القیام المتصل بالرکوع

ص: 78


1- انظر المدارک 3 : 388.
2- الکافی 3 : 320 / 4 ، الوسائل 6 : 321 أبواب الرکوع ب 16 ح 1.
3- انظر المدارک 3 : 326.
4- یعنی صحیحة زرارة : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة. ».

الفرض نادر الوقوع غایة الندرة ، والأخبار محمولة علی غیر هذه الفروض ، بل الجواب الثانی أیضا یشکل أن یتمشّی هنا ، فتأمّل.

وکیف کان ، الأحوط مراعاة مذهب الشیخ رحمه الله لأنّ التعارض من باب العموم من وجه.

قوله : فقال : الواجب الذکر مطلقا. ( 3 : 390 ).

لکن المشهور وجوب التسبیح ، ونقل الشیخ فی الخلاف الإجماع علی ذلک (1) ، وکذا السید رحمه الله فی الانتصار (2) ، وابن زهرة فی الغنیة (3) ، لکن عبارة الصدوق فی أمالیه أنّ من دین الإمامیة الإقرار بأنّ القول فی الرکوع والسجود ثلاث تسبیحات - إلی أن قال - : ومن لم یسبّح فلا صلاة له ، إلاّ أن یهلّل أو یکبّر أو یصلّی علی النبی صلی الله علیه و آله بعدد التسبیح ، فإنّ ذلک یجزیه (4). ویستفاد منها أنّ الأصل هو التسبیح ، والذکر یجزی عنه.

قوله : أن یقول : « سبح سبح سبح ». ( 3 : 390 ).

أی یسارعون ویستعجلون إلی أن یقع منهم الاندماج (5) التامّ فی سبحان الله ثلاثا ، کأنّه لا یظهر من قولهم وکلامهم سوی سبح سبح سبح بضمّ السین وسکون الباء.

قوله : مذکور فی کتب الرجال ، لکن لم یرد فیه مدح. ( 3 : 392 ).

إلاّ أنّها متأیّدة بأخبار صحاح تتضمّن أنّ أقلّ ما یجزی ثلاث

وجوب التسبیح فی الرکوع

ص: 79


1- الخلاف 1 : 349.
2- الانتصار : 45.
3- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 558.
4- أمالی الصدوق : 512.
5- فی « ج » و « د » : الاندراج.

تسبیحات.

قوله (1) : واعلم أنّ کثیرا من الأخبار لیس فیها لفظ وبحمده. ( 3 : 392 ).

فی صحیحة زرارة (2) وصحیحة حماد (3) المشهورتین لفظ « وبحمده » موجود ، وکذا فی صحیحة عمر بن أذینة المرویة فی الکافی فی علّة أمر الأذان والصلاة (4) ، وهی مشهورة مستجمعة لجمیع أجزاء الصلاة التی أمر الله تعالی نبیّه صلی الله علیه و آله فی العرش ، وجعلها وظیفة مقرّرة من الشرع ، والصدوق أیضا رواها فی العلل فی باب علّة الأذان والصلاة بطرق متعدّدة صحیحة ووساطة الأجلاّء الأعاظم الکثیرین عن ابن أذینة (5).

وکذا موجود فی روایة إسحاق بن عمار التی رواها فی العلل عن الکاظم علیه السلام فی باب علّة کون الصلاة رکعتین وأربع سجدات (6).

وکذا فی روایة هشام بن الحکم عن الصادق علیه السلام فی ذلک الباب (7).

وکذا فی باب علّة کون التکبیرات الافتتاحیة سبعا عن هشام عن الکاظم علیه السلام (8).

وکذا فی روایة أبی بکر الحضرمی المرویة فی التهذیب وغیره ،

وجوب ضمّ « وبحمده » إلی التسبیحة الکبری

ص: 80


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».
2- لا یوجد هذا اللفظ فی صحیحته المشهورة الواردة فی بیان أفعال الصلاة.
3- الکافی 3 : 311 / 8 ، التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ، ب 1 ح 1.
4- الکافی 3 : 482 / 1 ، الوسائل 5 : 465 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.
5- علل الشرائع : 312 / 1.
6- علل الشرائع : 334 / 1 ، الوسائل 5 : 468 أبواب أفعال الصلاة ، ب 1 ح 11.
7- علل الشرائع : 335 / 2.
8- علل الشرائع : 332 / 4.

وذکرها الشارح (1).

وکذا فی صحیحة زرارة وحسنته عن الباقر علیه السلام قال : « إذا أردت أن ترکع فقل وأنت منتصب : الله أکبر ، ثمّ ارکع وقل : اللهم لک رکعت » إلی آخر قوله : « ولا مستحسر ، سبحان ربّی العظیم وبحمده ، ثلاث مرّات » ، الحدیث ، ورواها کذلک فی التهذیب ، والصدوق روی بالمضمون المذکور بتفاوت فی الذکر قبل التسبیح المذکور (2).

وفی الموثّق کالصحیح عن ابن بکیر عن حمزة بن حمران والحسن ابن زیاد ، قالا : دخلنا علی أبی عبد الله علیه السلام وعنده قوم فصلّی بهم العصر فعددنا فی رکوعه « سبحان ربّی العظیم » أربعا أو ثلاثا وثلاثین مرّة ، وقال أحدهما فی حدیثه : « وبحمده » فی الرکوع والسجود سواء (3).

ویظهر من هذه وجه الجمع بین الأخبار الکثیرة الصریحة فی وجود لفظ وبحمده ، ونادر من الأخبار الذی لم یذکر فیه اللفظ صریحا ، وهو المسامحة فی ترک تتمة الذکر تخفیفا للتعبیر عنه ، اتّکالا علی الظهور من الخارج ، کما نقول : بسم الله ، ونرید : بسم الله الرحمن الرحیم ، وأمثال ذلک ، إذ لا شکّ فی أنّ الرسول صلی الله علیه و آله کان یقول هذا اللفظ فی رکوعه وسجوده ، والمسلمون تابعوه فی ذلک ، وشاع وذاع فی الأعصار والأمصار إلی أن ادعی الإجماع من ادعی واتفق فتاوی الکلّ علی ذلک.

وعرفت أنّ وجه ذکر الرسول إیّاه لهما أنّ الله أمره بذلک حین علّمه

ص: 81


1- المدارک 3 : 392.
2- الکافی 3 : 319 / 1 ، الفقیه 1 : 205 ، التهذیب 2 : 77 / 289 ، الوسائل 6 : 295 أبواب الرکوع ب 1 ح 1.
3- الکافی 3 : 329 / 3 ، التهذیب 2 : 300 / 1210 ، الوسائل 6 : 304 أبواب الرکوع ب 6 ح 2.

کیفیة الصلاة فی العرش ، فصنعه وجعله سنّة جاریة إلی یوم القیامة ، وکذلک کان الأئمّة علیه السلام بعده ، کانوا یذکرون ویدامون.

وتظافر الأخبار بذلک ، کما أشرنا إلی بعضها ، مع أنّ بعضه هو المشهور المعروف المتداول بین جمیع الفقهاء ، المذکور فی أکثر الکتب المعتبرة ، مثل صحیحة حماد وصحیحة زرارة وما مثلهما ، وبعضها بطرق صحاح فی غایة المتانة ، مع القرائن الکثیرة مثل صحیحة ابن أذینة ، مع أنّها فی کلّ جزء جزء من الصلاة بیّن العلة فی اعتباره فی الصلاة ، والکلّ معتبر عند الکلّ.

والعجب أنّ الشارح باعتبار هذین الخبرین یقول : کثیر من الأخبار خال عنه ، مع ما عرفت من وهن الدلالة علی الخلوّ ، بل بالتأمّل فی ما ذکرنا ظهر لک عدم الخلوّ.

وممّا یؤیّد أنّ صحیحة الحبلی فی مقام ذکر المستحبات ، فکیف یترک أهمّ المستحبات وأشدّها لو فرض استحبابه؟ ولیس ذکر الواجب إلاّ نادرا غایة الندرة فی جنب باقی الأذکار ، وقریب منه الکلام فی روایة هشام ، لعدم مقصودیتها فی الذکر الواجب ، بل واجبه ، قلیل. مع أنّ استحباب قول : سمع الله لمن حمده ، عند رفع الرأس وشدّة استحبابه یشهد علی ذکر : وبحمده ، فی الرکوع علی سبیل التعارف.

وممّا یشهد علی ما ذکرنا أنّ العلاّمة فی المنتهی عند ذکر وجوب الذکر فی الرکوع والسجود وقدر ذلک الذکر نقل من العامّة روایتهم عن ابن مسعود أنّ النبی صلّی الله علیه قال : « إذا رکع أحدکم فلیقل ثلاث مرّات

ص: 82

سبحان ربّی العظیم وبحمده » (1) ، وعن حذیفة بعد أنّه سمع الرسول صلی الله علیه و آله إذا رکع یقول : « سبحان ربّی العظیم وبحمده » (2).

ثمّ قال : اتفق الموجبون للتسبیح من علمائنا علی أنّ الواجب من ذلک سبحة کبری وصورتها : سبحان ربّی العظیم وبحمده ، أو ثلاث صغریات صورتها : سبحان الله ، هذا مع الاختیار ، ومع الاضطرار یجزی الواحدة من الصغری.

ثم استدل علی إجزاء الواحدة الکبری للمختار بروایة هشام بن سالم التی ذکرها الشارح ، واستدل علی إجزاء ثلاث من الصغری بصحیحة معاویة بن عمار بن الصادق علیه السلام الاجتزاء بواحدة من الصغری مستفاد من الإجماع.

ثم قال : ویستحب أن یقول فی رکوعه : سبحان ربّی العظیم وبحمده ، وفی سجوده : سبحان ربّی الأعلی وبحمده ، ذهب إلیه علماؤنا أجمع.

لعل مراده استحباب اختیار الأولی فی الرکوع ، والثانیة فی السجود ، وإن جاز العکس ، أو کون المستحب کون ذلک ثلاث مرّات ، وسقط هذا فی ما سیجی ء.

قال : وتوقّف أحمد فی زیادة : وبحمده ، وأنکرها الشافعی وأبو حنیفة ، لنا ما رواه الجمهور عن حذیفة أنّ الرسول صلی الله علیه و آله کان یقول فی رکوعه : « سبحان ربّی العظیم وبحمده » ، وفی سجوده : « سبحان ربّی الأعلی وبحمده ».

ص: 83


1- سنن الدار قطنی 1 : 341 / 1.
2- سنن الدار قطنی 1 : 341 / 2.

ثمّ قال : ویستحب للإمام التخفیف فی التسبیح ، وقال الثوری : ینبغی للإمام أن یقول خمسا لیدرک المأموم ثلاثا ، لنا ما رواه الجمهور عن عتبة بن عمار قال : کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا رکع قال : « سبحان ربّی العظیم » ثلاثا ، وإذا سجد قال : « سبحان ربّی الأعلی » ثلاثا ، ومن طریق الخاصّة (1).

إلی آخر ما قال ، فتدبّر ، فإنّ فیه شواهد علی ما ذکر وفوائد متعدّدة.

قوله : ومقتضی ذلک الاستحباب وبه قطع فی المعتبر. ( 3 : 393 ).

ویحتمل أن یکون إشارة إلی التامّة المعهودة ، کما تعارف الآن التعبیر بها کذلک اختصارا ، وربما یؤیّده أنّه ورد فی بعضها : أنّها التامّة (2) ، یعنی سبحان ربّی العظیم (3) وسبحان ربّی الأعلی ، فتأمّل.

والأحوط مراعاة مذهب الشیخ فی التهذیب ، وإنّ المثلّث التامّ ربما یکون فیها احتیاط مّا ، فتأمّل.

قوله : تفسیر : معنی سبحان ربّی. ( 3 : 393 ).

فی صحیحة هشام بن الحکم أنّه سأل الصادق علیه السلام : ما معنی سبحان الله؟ قال : « أنفة لله » (4) ألا تری أنّ الرجل إذا أعجب من الشی ء قال : سبحان الله؟ فتأمّل.

ویظهر من هذا أنّ أعاظم الأصحاب ربما کانوا لا یعرفون المعنی مع

إشارة إلی معنی التسبیح

ص: 84


1- المنتهی 1 : 283 - 283.
2- التهذیب 2 : 76 / 283 ، الاستبصار 1 : 323 / 1205 ، الوسائل 6 : 299 أبواب الرکوع ب 4 ح 2.
3- فی « ج » و « د » زیادة : وبحمده.
4- الکافی 1 : 188 / 10 ، التوحید : 312 / 2 ، معانی الأخبار : 9 / 1 ، البحار 90 : 176.

أنّهم من الفحول من العرب.

قوله (1) : قال : « تکبیرة واحدة ». ( 3 : 394 ).

وفی علل الفضل بن شاذان ذکر مرّتین : - مرّة فی علّة رفع الید فی التکبیرات ، و [ مرّة فی ] (2) علّة کون صلاة المیّت خمس تکبیرات - عنهم علیه السلام : أنّ التکبیر المفروض فی الصلاة لیس إلاّ واحدة (3). ویستفاد من الروایتین المنجبرتین بالشهرة العظیمة أنّ سائر التکبیرات مستحبة وإن ورد الأمر بها.

قوله : ولا ریب فی الجواز. ( 3 : 395 ).

لا یخلو من تأمّل ، نعم ببالی أنّ بعض الروایات ورد کذلک (4) ، إلاّ أنّه ضعیف.

قوله : فهو قول معظم الأصحاب. ( 3 : 395 ).

بل قال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیّة الإقرار بأنّه یستحبّ رفع الیدین فی کلّ تکبیرة فی الصلاة (5).

قوله (6) : بوجوب رفع الیدین فی تکبیرات الصلاة کلها. ( 3 : 395 ).

ربما کان مراده بالوجوب ما ذکره الشیخ : أنّ الوجوب عندنا علی ضربین : ضرب علی ترکه العقاب ، وضرب علی ترکه العتاب (7). بل هذا

حکم التکبیر للرکوع

مستحبات الرکوع

رفع الیدین بالتکبیر

ص: 85


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- علل الشرائع : 264 ، و 267.
4- انظر الوسائل 6 : 296 أبواب الرکوع ب 2.
5- أمالی الصدوق : 511.
6- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
7- التهذیب 1 : 112 و 4 : 18.

هو الظاهر ، لعدم قائل من الإمامیّة بالوجوب ، فضلا عن إجماعهم علیه.

قوله : کما هو مذهب ابنی بابویه. ( 3 : 396 ).

لکن المحقّق فی المعتبر ادّعی أنّ مذهب علمائنا عدم الاستحباب (1) ، والشهید فی الذکری استقرب استحبابه ، ومع ذلک قال : وعلیه جماعة من العامة (2). فیظهر من کلامهما ومن الأخبار الظاهرة فی عدم استحبابه مثل صحیحتی زرارة وحمّاد ورود هذین الصحیحین علی التقیّة ، ومرادی من صحیحة زرارة ما سیذکرها الشارح ، فإنّها مع استجماعها لجمیع الآداب والمستحبّات لم یذکر فیها هذا الرفع ، بل ذکر الرفع حال إرادة السجود والهویّ خاصّة ، وکذا الحال فی صحیحة حماد ، بل دلالتها أظهر ، کما لا یخفی.

ویدل علیه أیضا صحیحة زرارة الطویلة فی مجموع آداب الصلاة (3) ، لکن دلالتها أضعف ، وتتقوی الدلالات بفتاوی المعظم والإجماع المنقول.

قوله (4) : إنّ السبع نهایة الکمال. ( 3 : 397 ).

وفی الرضوی : أو تسعا (5) أیضا ، کما أقرّ به بعض الفقهاء.

قوله : وروی الکلینی. ( 3 : 39 ).

بل فی بعض الأخبار أنّ الصادق علیه السلام سبّح فی سجود فی الصلاة خمسمائة تسبیحة (6).

التسبیح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو

ص: 86


1- المعتبر 2 : 199.
2- الذکری : 199.
3- الکافی 3 : 334 / 1 ، الوسائل 5 : 461 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
5- فقه الرضا علیه السلام : 106 ، المستدرک 4 : 423 أبواب الرکوع ب 4 ح 2.
6- الکافی 8 : 143 / 111 ، الوسائل 6 : 379 أبواب السجود ب 23 ح 6.

قوله : ربّنا لک الحمد. ( 3 : 399 ).

« وإن کان وحده إماما أو غیره قال : سمع الله لمن حمده ، الحمد لله ربّ العالمین » (1) انتهی.

قوله : ویشهد لهما أیضا. ( 3 : 402 ).

فی الاستشهاد بالروایتین تأمّل.

قوله (2) : إذ لا قائل بوجوبه. ( 3 : 405 ).

نسب إلی ابن الجنید القول بوجوبه فی المفاتیح (3) ولم نعرف مأخذه.

قوله : یخرج بذلک عن الهیئة المنقولة عن صاحب الشرع.

( 3 : 407 ).

إن أراد أنّ الظاهر المنقول عن صاحب الشرع الاستواء العرفی ، ففیه بعد التسلیم ینافی فتواهم وما نقل عن الشیخ. وإن أراد غیر ذلک ، ففیه أیضا ما فیه ، لأنّه حوالة علی أمر مجهول غیر ثابت ، فما فعله فی المنتهی أصوب.

قوله : وهو مشترک بین جماعة. ( 3 : 407 ).

الظاهر أنّه الهیثم بن أبی مسروق الفاضل (4) ، بقرینة روایة ابن محبوب عنه ، فالحدیث من الحسان التی هی حجّة ، کما حقّق ، مع أنّه منجبر بعمل الأصحاب ، والصحیح مهجور أو محمول علی الاستحباب.

السمعلة بعد رفع الرأس

السجود

وجوب السجود علی الأعضاء السبعة

عدم جواز کون موضع السجود أعلی من قدر لبنة

النهدی الذی یروی عنه ابن محبوب هو : الهیثم بن أبی مسروق الفاضل

ص: 87


1- تتمّة روایة محمد بن مسلم.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- المفاتیح 1 : 143.
4- انظر رجال الکشی 2 : 670.

قوله (1) : روایتا حریز وزرارة. ( 3 : 409 ).

لعلّه توهّم.

قوله : وهو بعید جدّا. ( 3 : 410 ).

لأنّ المیسور لا یسقط بالمعسور ، وما لا یدرک.

قوله : وروی زرارة فی الصحیح عن أبی جعفر علیه السلام . ( 3 : 411 ).

قال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة أنّه لا یجوز وضع الرکبتین علی الأرض قبل الیدین (2).

وکذا یظهر من الشیخ فی التهذیب (3) ، فتأمّل.

قوله (4) : وأقلّ مراتب الأمر الاستحباب. ( 3 : 411 ).

لأنّه إذا تعذّر الحقیقة فالحمل علی أقرب المجازات متعیّن.

قوله : وقد أجمع علماؤنا. ( 3 : 411 ).

لا یخفی أنّ الإرغام سنّة ، ووضع الأنف علی ما یصح السجود سنّة مؤکّدة ، والأوّل أفضل ، ویؤدّی الأخیر بالأوّل.

قوله : وهو معارض بما رواه الشیخ عن زرارة. ( 3 : 413 ).

ربما یظهر من بعض الأخبار أنّ عدم الجلوس لأجل التقیّة ، وهو روایة أصبغ بن نباتة : أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام کان إذا رفع رأسه من السجود قعد حتی یطمئنّ ثم یقوم ، فقیل له : یا أمیر المؤمنین کان من قبلک أبو بکر

حکم السبق بالیدین إلی الأرض عند الهویّ للسجود

مستحبات السجود

مساواة موضع السجود للموقف

الإرغام بالأنف

أن یجلس عقیب السجدة الثانیة مطمئنّاً

ص: 88


1- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « ا ».
2- أمالی الصدوق : 512.
3- التهذیب 2 : 78 و 79.
4- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».

وعمر إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نهضوا علی صدور أقدامهم کما ینهض الإبل ، فقال علیه السلام : « إنّما یفعل ذلک أهل الجفاء من الناس ، إنّ هذا من توقیر الصلاة » (1) فکیف یصحّ أن یکونا من أهل الجفاء؟

ویشهد علی ذلک روایة رحیم أنّه قال للرضا علیه السلام : أراک إذا رفعت رأسک من السجود تستوی جالسا ثم تقوم ، فنصنع کما تصنع؟ فقال : « لا تنظروا إلی ما أصنع أنا ، اصنعوا ما تؤمرون » (2) وجه الشهادة ظاهر علی المتأمّل.

وما ذکر ربما یؤیّد کلام السید رحمه الله ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ روایة أصبغ ظاهرة فی الاستحباب ، ومثل هذا الإجماع من السید لا وثوق به ، والاحتیاط عدم الترک بلا شبهة.

قوله (3) : وقال المفید رحمه الله . ( 3 : 414 ).

مستند المفید ما فی الاحتجاج للطبرسی ، عن الصاحب علیه السلام : « إنّ فی القیام من التشهّد الأوّل حدیثین ، أمّا أحدهما : فإنّه إذا انتقل من حالة إلی حالة اخری فعلیه التکبیر ، وأمّا الآخر : فإنّه روی إذا رفع رأسه من السجدة الثانیة وکبّر ثم جلس ثم قام فلیس علیه فی القیام تکبیر ، وکذلک التشهّد الأوّل یجری هذا المجری ، فبأیّهما أخذت من جهة التسلیم کان صوابا » (4).

قوله : عن معاویة بن عمار ومحمد بن مسلم. ( 3 : 415 ).

الدعاء عند القیام إلی الرکعة الأخری

ص: 89


1- التهذیب 2 : 314 / 1277 ، الوسائل 6 : 347 ، أبواب السجود ب 5 ح 5.
2- التهذیب 2 : 82 / 304 ، الاستبصار 1 : 328 / 1230 ، الوسائل 6 : 347 أبواب السجود ب 5 ح 6.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
4- الاحتجاج : 483 ، الوسائل 6 : 362 أبواب السجود ب 13 ح 8.

لعل مرادهما إقعاء الکلب ، کما رویا ، فتأمّل.

قوله : « لا تقع فی الصلاة بین السجدتین کإقعاء الکلب ». ( 3 : 415 ، 416 ).

لا یخفی ما فی الاستدلال بهذه ، ویمکن حمل الموثق أیضا علی إقعاء الکلب لهذه الصحیحة ، ولعدم مناسبة التأکید بقوله : « إقعاء » وکذا الوحدة ، فیکون المراد نوعا منها ، وللجمع بین هذه الصحیحة وصحیحة الحلبی ، سیّما والراوی فی الروایتین واحد ، فتأمّل.

لکن یمکن الحمل علی النوع ، ویکون المراد نفی جمیع الأنواع ، لکونه نکرة فی سیاق النفی.

ویمکن الحمل علی التأکید ، ویکون المراد تأکید النهی ، فتأمّل ، إذ الظاهر منه أنّه الذی ذکره الفقهاء لفهمهم ، ویحصل منه الظنّ البتّة ، مضافا إلی دعواهم الإجماع ، وأنّ العامّة لا یعدّونه مکروها ، بل یرتکبونه ، وإن کانوا نقلوا عن الرسول صلی الله علیه و آله المنع عن الإقعاء ، لأنّهم یحملونه علی إقعاء الکلب (1) ، وهذا أیضا من المؤیّدات ، فإنّ الأئمّة علیه السلام کانوا یأمرون بمخالفتهم مهما تیسّر ، وهم یخالفون الشیعة مهما أمکنهم.

ویؤیّده أیضا أنّ إقعاء الکلب بین السجدتین فی غایة الصعوبة بحیث لا یکاد یرتکبه أحد حتی یحتاج إلی المنع منه ، سیّما والتأکید فی المنع ، بخلاف ما ذکره الفقهاء ، فإنّه فی غایة السهولة ، سیّما فی مقام العجلة یرتکبونه ، وخصوصا العامّة ، لما عرفت ، مع أنّ الحمل علی التأکید غیر مناسب علی أیّ حال ، فالأظهر أنّ النهی عن جمیع الأفراد ، مع أنّ النکرة

کراهة الإقعاء بین السجدتین

ص: 90


1- انظر سنن الترمذی 1 : 174 ، 175 ، وسنن البیهقی 2 : 119 ، 120 ، وبدایة المجتهد 2 : 142 ، 143.

فی سیاق النفی تفید العموم. علی أنّ المطلق ینصرف إلی الأفراد الشائعة ، فکیف یصرف إلی ما لا یتحقّق؟

فظهر أنّ الإقعاء بمعنییه مکروه ، کما یظهر من ابن الجنید (1) بل الفقهاء أیضا ، وعدم تصریحهم لعله لما ذکرناه من عدم الارتکاب حتی یحتاج إلی المنع.

قوله : « إیّاک والقعود علی قدمیک. » ( 3 : 416 ).

غیر معلوم کون المراد منه الإقعاء ، وکذا جریان العلّة ، وهی عدم الصبر فی غیر التشهّد الطویل ، نعم دلالته علی المنع من الإقعاء فی التشهّد الطویل ظاهرة.

قوله : « لا بأس بالإقعاء بین السجدتین ». ( 3 : 416 ).

الأظهر أنّه الذی ذکره الفقهاء فتأمّل.

قوله : واحتجّ علیه فی المعتبر. ( 3 : 417 ).

فی هذا الاحتجاج ما لا یخفی ، نعم یصلح کونها مؤیّدة للدلیل ، وهو الإجماع.

وفی الفقه الرضوی : « فإن کان علی جبهتک علّة لا تقدر علی السجود فاسجد علی قرنک الأیمن ، فإن تعذّر فعلی قرنک الأیسر ، فإن لم تقدر فاسجد علی ظهر کفّک ، فإن لم تقدر فاسجد علی ذقنک » (2) ثمّ استشهد بالآیة (3).

ولعلّ قوله : « فإن لم تقدر فاستجد علی ظهر کفّک » من غلط النسخة ،

حکم من کان بجبهته دمل

ص: 91


1- انظر الذکری : 202.
2- فقه الرضا علیه السلام : 114 ، المستدرک 4 : 459 أبواب السجود ب 10 ح 1.
3- الإسراء : 107.

أو یکون علیلا من علّة أخری ، ولذا لم یفت بها إلاّ فی شدّة الحرّ. نعم أفتی به الصدوقان حیث قالا : یحفر الحفیرة من فی جبهته دمل ، فإن کان علّة تمنعه عن السجدة سجد علی قرنه الأیمن ، فإن عجز فعلی قرنه الأیسر ، فإن عجز سجد علی ظهر کفّه ، وإن لم یقدر فعلی ذقنه (1). ولا یخفی أنّ مستند الصدوقین هو عبارة الفقه الرضوی.

قوله (2) : ولم أقف فیه علی نص یعتدّ به. ( 3 : 419 ).

روایة أبی بصیر ظاهرة فیه ، إذ لا معنی للإباحة فی ما هو من العبادات ، فتدبّر.

قوله : فتعاد علیه مرارا فی المقعد الواحد. ( 3 : 419 ).

لا یخفی ظهوره فی صورة الاستماع ، مع أنّ المعلّمین حالة التعلیم یسمعون البتّة ، فلا وجه لاستدلاله لصورة السماع. وموثقة أبی عبیدة صحیحة أیضا بسند آخر رواه الکلینی (3).

قوله : وقد نقل الصدوق عن شیخه ابن الولید. ( 3 : 420 ).

قد ذکرنا مکرّرا أنّ هذا من ابن الولید لا یقتضی طعنا علی الثقتین الجلیلین ، وباقی القمیین طعنوا علی ابن الولید ، کما نقله هنا ، ونقله أهل الرجال أیضا (4) ، ویؤیّد هذه الروایة الأصل.

قوله : لعدم دلیل یدل علی الاشتراط. ( 3 : 420 ).

هذا بناء علی کون لفظ العبادة اسما للأعمّ من الصحیحة والفاسدة ، أو

وجوب السجود عند قراءة العزائم علی القارئ والمستمع

بحث حول ما ذکره الصدوق من أنّه لا یعمل بما تفرّد محمد بن عیسی عن یونس.

اشتراط الطهارة والستر والاستقبال فی سجود العزائم

ص: 92


1- انظر الفقیه 17561 ، والمقنع : 26.
2- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « ا ».
3- الکافی 3 : 106 / 3 ، الوسائل 2 : 340. بواب الحیض ب 36 ح 1.
4- انظر رجلا النجاشی : 333 / 896 و : 348 / 939 ورجال ابن داود : 275 / 474 والخلاصة 1426 / 22.

یکون اسما للصحیحة لکن یتمسّک لعدم شرط بأصالة العدم ، وأمّا لو قیل بعدم التمسّک فیتعیّن الستر والاستقبال ، وأمّا الطهارة من الحدث والخبث فلا ، لما دل علی أن الحائض تسجد (1). ( لکن عرفت عدم الوجوب علیها (2) ، فلعلّ استحبابها اقتضی عدم لزوم الطهارة ، فتأمّل ) (3).

قوله : وفی اشتراط وضع الجبهة. نظر. ( 3 : 420 ).

هذا بناء علی توقّفه فی جریان أصل العدم فی ثبوت ماهیة العبادة ، لأنّ الأمور المذکورة إن کانت ثابتة تکون أجزاء للعبادة داخلة فی ماهیتها ، أو یحتمل أن تکون (4) أجزاءها وإن احتمل الشرطیة فی جمیعها أو بعضها ، وکیف کان ، توقّف هنا فی جریان أصل العدم فی ثبوت الماهیة وأجزائها وحکم بالجریان فی الشرط الخارج ، وإن کان فی بعض المقامات یحکم بالجریان فی الماهیة أیضا ، وربما یتوقّف فی الشرط أیضا ، فتأمّل.

وعلی أیّ حال ، الأحوط مراعاة الجمیع إلاّ ما ثبت عدم وجوب مراعاته ، للإشکال فی جریان الأصل فی العبادات ، والإشکال فی کون أسامیها أسامی الأعمّ ، وشغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة أو العرفیة.

قوله (5) : لعدم التوقیت. ( 3 : 421 ).

هذا هو الأظهر ، لأنّ الفوریة لا تستلزم التوقیت بلا تأمّل ، فإنّها أعمّ ، فإذا ظهر أنّ بعد فوات وقت وجود السبب لا بدّ من الإتیان ظهر عدم

اشتراط وضع الجبهة علی ما یصح السجود علیه

فوریّة وجوب سجود العزائم

ص: 93


1- انظر الوسائل 2 : 340 أبواب الحیض ب 36.
2- راجع ج 1 : 386.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
4- فی « أ » و « و » زیادة : العبادة.
5- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

التوقیت ، ولذا لم یقل المعصوم علیه السلام : فلیقضها ، وقال : « یسجد ».

قوله : انحصار الواجب من التشهّد فی ما ذکره المصنّف. ( 3 : 426 ).

فی أمالی الصدوق ، أنّه قال : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه یجزئ فی التشهّد الشهادتان والصلاة علی النبی وآله ، فما زاد تعبّد (1). والمحقق أیضا نقل الإجماع علی وجوب الصلاة علی النبی وآله (2).

فما ذکره فی الفقیه لعله بناء علی ظهور الحال فی أنّ الناس یصلّون عقیب اسم الرسول صلی الله علیه و آله ، ومنه یظهر الجواب عمّا ورد فی الأخبار ، جمعا بینها وبین الإجماع المنقول والأخبار المتضمّنة لها ، فتأمّل.

قوله : وقال فی کتاب من لا یحضره الفقیه. ( 3 : 426 ).

فی الکافی فی الحدیث الصحیح فی بحث الأذان : « بسم الله وبالله ، ولا إله إلاّ الله ، والأسماء الحسنی کلّها لله » (3) مستحب فی التشهّد مطلقا.

قوله : وقال الشیخان. ( 3 : 429 ).

قال المفید فی المقنعة فی صلاة الوتر : إنّ التسلیم فی رکعتیه لا یجوز ترکه (4). وقال فی التهذیب عند ذکره ذلک : عندنا أنّ من قال : السلام علینا ، فی التشهد فقد انقطعت صلاته ، فإن قال بعد ذلک : السلام علیکم ، جاز ، وإن لم یقل جاز (5). وبه جمع بین ما دل علی وجوب التسلیم فیهما وما دل علی التخییر. وهذا إشارة إلی أنّ العامّة لا یجعلون : السلام علینا ،

التشهد

ما یجزئ من الشهادتین

وجوب الصلاة علی النبی وآله

ص: 94


1- انظر أمالی الصدوق : 512.
2- المعتبر 2 : 226.
3- انظر الکافی 3 : 486.
4- لم نعثر علیه فی المقنعة ، وهو موجود فی التهذیب 2 ، 127.
5- التهذیب 2 ، 129.

مخرجا (1) ، ویظهر ذلک من الخارج ومن الأخبار الأخر (2) أیضا ، ولذا تری العامّة یذکرونه فی التشهد الأوّل أیضا ، والخاصّة یترکونه فیه ، مع أنّه لم یعهد من الشیعة اختصاص ما ذکر بالوتر ، وکذا العامّة ، بل ظاهر أنّ الأمر لیس کذلک ، وظاهر عبارة الشیخ أیضا عدم الاختصاص ، وأنّ مراده القاعدة فی الصلاة من حیث هی هی.

وسیجی ء فی الشرح الآتی بعد هذا الشرح ما یتمّ التوضیح ، وسیظهر لک أنّ المعهود عند الخاصّة والعامّة فی ما سبق أنّهم إذا قالوا : التسلیم ، یریدون منه : السلام علیکم ، وأنّه الظاهر من الأخبار ، ووجهه أنّ العامة لمّا کانوا قائلین بأنّ : السلام علینا ، من أجزاء التشهّد ولیس بتسلیم شاع وذاع ذلک منهم بحیث تحقّق الاصطلاح ، کما هو الحال عندنا الآن فی : السلام علیک أیّها النبی ورحمة الله وبرکاته ، لیس بسلام بل من تتمّة التشهّد ، ولمّا کان الحکم مخالفا للحق أظهر الأئمّة علیه السلام ذلک بأنّ من قال : السلام علینا ، یخرج من الصلاة البتّة ، ومع ذلک ربما لم یتعرّضوا لفساد الاصطلاح ، بل وتابعوا ذلک الاصطلاح فی تعبیرهم ، إمّا تقیّة ، کما یحتمل فی بعض المواضع ، أو مماشاة وبناء علی أنّه لا مشاحّة فی الاصطلاح بعد ما یعلم أنّ الخروج یتحقّق ب : السلام علینا ، فلذا نبّهوا علی الخروج به وأطلقوا التسلیم علی خصوص : السلام علیکم ، تبعا للاصطلاح ، وإن کان فی بعض صرّحوا بأنّ التسلیم هو : السلام علینا ، کما ستعرف.

ولعلّه من هذا وقع التوهّم فی کون التسلیم مستحبا ، أو واجبا خارجا ، أو مستحبا خارجا ، فتأمّل.

التسلیم

أدلّة القائلین باستحباب التسلیم والجواب عنها

ص: 95


1- انظر المجموع للنووی 3 : 355.
2- انظر الوسائل 6 : 409 أبواب التشهّد ب 12.

والصدوق فی أمالیه قال : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ التسلیم فی الصلاة یجزئ مرّة واحدة مستقبل القبلة ویمیل بعینه إلی یمینه ، ومن کان فی جمع من أهل الخلاف یسلّم تسلیمتین : تسلیمة عن یمینه ، وتسلیمة عن یساره کما یفعلون ، للتقیّة (1). انتهی.

قوله : وما رواه الشیخ. ( 3 : 430 ).

استدلاله بهذا الخبر وأمثاله فی عدم وجوب التسلیم فی غایة الغرابة ، بل هو غفلة ، لأنّه علیه السلام قال : « ثم ینصرف » ، ولم یقل : انصرفت ، والظاهر من الأوّل أنّه طلب منّا الإتیان بالانصراف وتحصیله لو لم نقل بدلالته علی وجوب الإتیان به ، لأنّ الجملة الخبریة فی أمثال المقام بمعنی الأمر ، کما اعترف به الشارح مرارا (2) ، ودلالتها علی الطلب لا تأمّل فیه ، فإذا طلب منّا تحصیل الانصراف وإیجاد ماهیته فلا جرم یکون الانصراف غیر حاصل وغیر موجود ما لم یوجد ویحصل ، لاستحالة تحصیل الحاصل ، فعلی هذا یکون الخبر صریحا فی عدم خروجنا عن الصلاة بعد التشهّد ، وبقائنا فیها حتی نأتی بالمخرج ، فلم نخرج إلاّ بالتسلیم ، إذا لا مخرج بعده غیره وفاقا ، ولا یظهر من الأخبار أیضا غیره.

علی أنّه سنذکر الأخبار الدالة علی أنّ المراد من الانصراف التسلیم.

علی أنّا نقول : لا شکّ فی أنّ المراد من الانصراف لیس الانتقال من موضع الصلاة إلی غیره ، بل إمّا الفراغ والخروج أو الإتیان بالتسلیم ، والثانی مثبت للمطلوب ، والأوّل لا یصیر مکلّفا به ومطلبوبا إلاّ بفعل اختیاری ، وهو إمّا بالتسلیم فیثبت المطلوب أیضا ، أو بغیره فیلزم خلاف الإجماع بل

ص: 96


1- أمالی الصدوق : 512.
2- انظر المدارک 1 : 211 و 2 : 84.

ضروری الدین ، إذ السلام مطلوب بالضرورة من الدین ، فکیف یؤمر المکلف بترکه ویطلب منه الخروج بغیره معیّنا؟ فتعیّن أن یکون المراد الخروج (1) ( بالتسلیم ).

علی أنّ الذی یظهر من الأخبار أنّ الانصراف عنها یکون بالتسلیم ، کما أنّ افتتاحها یکون بالتکبیر ، فالظاهر من « انصرف » هو الظاهر من « افتتح ».

ویعضده أنّ المدار فی الأعصار والأمصار کان علی التسلیم فی الانصراف ، فإنّه کان ذلک طریقة الرسول والأئمّة علیه السلام والمعروف من الأمّة من ابتداء الشرع إلی زمان صدور الروایة.

ویعضده أیضا أنّ بالتسلیم یصدق الانصراف ، قطعا ، ویقال لمن سلّم : إنّه انصرف إجماعا ، کما هو الحال فی الافتتاح بالتکبیر علی النحو المعهود الذی ذکر فی مبحث التکبیر ، بخلاف من لم یسلّم وأتی بما ینافی الصلاة عوض التسلیم ، إذ لم یظهر بعد أنّه یقال له : انصرف عن الصلاة ، بعنوان الحقیقة ، أو إنّه أفسد الصلاة ، وقد عرفت أنّها عبادة توقیفیة لا طریق للعرف ولا للّغة ولا غیرهما إلیها ، فلئن سلّمنا أنّه یقال عرفا : إنّه انصرف عنها ، علی سبیل الحقیقة لم یظهر بعد نفعه ، فضلا عن أنّه لم یظهر أصلا ، لو لم نقل بظهور خلافه لتوقیفیة العبادة ، وقد عرفت ثمرتها ، کما أنّ من قال : « الله أعظم » أو « خدا بزرگتر » ، أو کبّر لا بالنحو المعهود لم یظهر أنّه افتتح الصلاة ، بل صلاته فاسدة ، کما اعترف به الشارح فی مبحث التکبیر (2) وغیره.

ص: 97


1- من هنا إلی قوله : المعصوم علیه السلام فی ص 98 ، لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- المدارک 3 : 319.

علی أنّک عرفت أنّ الانصراف بعنوان التسلیم کان هو المشهور المتعارف قطعا ، والإطلاق ینصرف إلی المتعارف جزما ، وهو مسلّم عند الشارح ومن وافقه ، بل الکلّ ، کما حقّق ، ولا شکّ فی أنّه علیه السلام أمر بالانصراف المطلق ، وقد عرفت أنّه أعمّ من کونه بالتسلیم وبغیره - لو لم نقل بالاختصاص بالتسلیم ، کما ظهر وجهه وسیظهر أیضا - فکیف یدل علی کون المراد هو الانصراف لا بالتسلیم؟ لأنّ العامّ لا یدل علی الخاصّ جزما ، مع ما عرفت من الفساد القطعی فی إرادة لا بالتسلیم ، هذا حال الروایة فی نفسها ، فکیف إذا صارت [ معارضة ] (1) للأدلّة الکثیرة الدالة علی وجوب التسلیم وکون الانصراف والتحلیل به؟ کما ستعرف بعضها ، ووجه الجمع یظهر من صریح کلام المعصوم علیه السلام ).

وحمل قوله علیه السلام : « ثمّ تنصرف » و : « ینصرف » علی مجرّد الإخبار بالخروج بنفس الفراغ من التشهد بعید یأباه الذوق السلیم ، ( وکون الأصل فی الألفاظ الحمل علی الحقیقة والظاهر ) (2) ، سیّما بعد ملاحظة کلمة « ثمّ » فی الأوّل ، وقوله علیه السلام : « ویدع الإمام » بل و : « یتشهّد » أیضا فی الثانی ، ولو سلّمنا عدم البعد فکونه أقرب محلّ منع ، سیّما بعد ملاحظة ما ذکرنا وما سنذکر ، فتأمّل جدّا.

قوله : ثمّ تنصرف ( 3 : 430 ).

لا یخفی أن المراد بالانصراف هو الإتیان بالسلام ، کما یظهر من الأخبار ، منها : صحیحة الحلبی عن الصادق علیه السلام : « کلّ ما ذکرت الله عزّ وجلّ والنبیّ صلی الله علیه و آله فهو من الصلاة ، فإن قلت : السلام علینا وعلی عباد الله

ص: 98


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

الصالحین ، فقد انصرفت » (1) وروایة أبی کهمس ، عنه علیه السلام أنّه سأله عن : السلام علیک أیّها النبی ورحمة الله وبرکاته ، انصراف هو؟ قال : « لا ، ولکن إذا قلت : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین ، فهو انصراف » (2).

علی أنّ السلام مستحب بلا شبهة ، بل ومن وکید السنن ، إن لم یکن واجبا ، و « تنصرف » جملة خبریة بمعنی الأمر ، عطف علی قوله صلوات الله علیه : « قل : اشهد. » فکیف یأمر المعصوم علیه السلام بترک التسلیم؟ فلا شکّ فی أنّ المراد هو ما ذکرناه.

ویشهد أیضا صحیحة الفضلاء ، ولعل المراد منها صلاة المأموم خلف الإمام ، کما یظهر من الأخبار (3) ، أو أنّ المراد من مضی الصلاة مضی معظمها ، بحیث کأنّه لم یبق شی ء منها ، یعنی لا یحتاج فی حال الاستعجال إلی قوله : السلام علیک ، أو الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله ، ممّا قال القائل بوجوبه ، أو أنّ السلام واجب خارج عن الصلاة ، کما قال صاحب البشری (4) وغیره ، فتأمّل.

وأمثال هذه الأحادیث تدل علی وجوب [ السلام ] (5) کما ستعرف.

وممّا یؤیّد ما ورد فی الأخبار : « إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن یمینک » (6) والوارد فی الأخبار وکلام الفقهاء استحباب ذلک فی السلام

ص: 99


1- الکافی 3 : 337 / 6 ، التهذیب 2 : 316 / 1293 ، الوسائل 6 : 426 أبواب التسلیم ب 4 ح 1.
2- الفقیه 1 : 229 / 1014 ، التهذیب 2 : 316 / 1292 ، الوسائل 6 : 426 أبواب التسلیم ب 4 ح 2.
3- ولعل الشیخ فهم کما ذکرنا ، لأنّه روی بعد هذه الروایة المتضمّنة لما ذکرناه صریحا. ( منه قدس سره ) انظر التهذیب 2 : 317 / 1299.
4- حکاه عنه فی الذکری : 208.
5- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : السورة ، والظاهر ما أثبتناه.
6- الفقیه 1 : 245 / 1090 ، الوسائل 6 : 500 أبواب التعقیب ب 38.

لا غیر ، فتأمّل.

وممّا یشهد علی ما ذکرنا أنّ محمد بن مسلم سأل المعصوم علیه السلام - بعد ما قاله - إنّ التحیات. کیف حالها؟ فأجاب بأنّها « لطف من الدعاء یلطف العبد ربّه » (1) فلو کان فهم عدم وجوب التسلیم أیضا لکان هو أولی بالسؤال بأنّ الناس لم یسلّمون ویلتزمون التسلیم؟ لأنّ التزامهم به أشدّ ، واحتمال الوجوب فیه آکد ، فتأمّل.

قوله (2) : وفی الصحیح عن الفضیل وزرارة. ( 3 : 430 ).

لا یخفی أنّ هذه الصحیحة من الفضلاء ظاهرة فی وجوب التسلیم ، فإن الإجزاء ظاهر فی أقلّ الواجب ، کما اعترف به الشارح رحمه الله واستدل به مرارا ، سیّما فی المقام ، لتعلیقه علی شرط الاستعجال فی أمر یخاف فوته ، إذ مع هذا الشرط وفی هذا الحال یقول : یجزئک السلام.

وأمّا صدر الروایة فلا ضرر أصلا علی القول بوجوب التسلیم وخروجه عن الصلاة ، وأمّا علی شرط الاستعجال فی أمر یخاف فوته ، إذ مع هذه الشرط وفی هذا الحال یقول : یجزئک السلام.

وأمّا صدر الروایة فلا ضرر أصلا علی القول بوجوب التسلیم وخروجه عن الصلاة ، وأمّا علی القول بالدخول فلا بدّ من التأویل إمّا علی أنّ المراد مضی الواجبات لا المستحبات ، أو مضی معظم الصلاة ، فکأنّه لم یبق شی ء إلاّ : السلام علیکم ، وهذا فی جنب أفعال الصلاة لیس بشی ء.

والثانی أرجح ، لبقاء الصلاة علی محمد وآله بعد ، وللزوم التدافع فی الأوّل ، والحاجة إلی رفعه بارتکاب التکلّف زیادة علی ما ذکر ، بل تکلّف بعید ، ولأنّه إذا کان غرض المعصوم إظهار استحباب السلام کان المناسب إظهار عدم وجوبه ، بأنّه لا بأس بترک السلام مطلقا ، لا أن یقول : إن کان

ص: 100


1- التهذیب 2 : 101 / 379 ، الاستبصار 1 : 342 / 1289 ، الوسائل 6 : 397 أبواب التشهد ب 4 ح 4.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

مستعجلا فی أمر یخاف فوته یجزئک (1) السلام للانصراف ، ولأنّ الظاهر أنّ مراد المعصوم نفی ما التزمه العامّة من أجزاء التشهد (2) ، کما لا یخفی علی الفطن لا نفی السلام أیضا ، ولذا قال ما قال بعد قوله : « قد مضت صلاته » لئلاّ یتوهّم متوهّم عدم لزوم السلام أیضا.

ثمّ إنّه بعد اللتیّا والتی الاستدلال بها علی الاستحباب فیه ما فیه ، إذ غایة ما فی الباب الإجمال والاضطراب ، وسیجی ء تتمّة الکلام.

قوله : قال : « لا بأس علیک ». ( 3 : 430 ).

لا یخفی أنّ هذا الحدیث کالأخبار السابقة ظاهره وجوب السلام لا عدم وجوبه ، فإنّ التسلیم علیهم غیر التسلیم فی الصلاة ، ینادی هذا الحدیث وغیره من الأحادیث بذلک ، منها : روایة أبی بصیر التی سیذکرها الشارح رحمه الله فی شرح قول المصنف الآتی بعد هذا المقام ، وسیجی ء عن الشارح أنّ التسلیم المخرج فی الأخبار هو السلام علینا ، نعم الإجماع واقع علی صحة الإخراج بالسلام علیکم ، وسیجی ء تمام التحقیق هناک (3).

قوله : ثم تشهّد. ( 3 : 431 ).

لا یخفی علی من له أدنی تأمّل أنّ المقام لیس مقام إظهار عدم الإتیان بالسلام الذی هو من السنن الأکیدة والمکمّلات للصلاة ، سیّما بعد الأمر بقراءة قل هو الله أحد ، وقال یا أیّها الکافرون ، ولا شکّ فی کونهما من المستحبات ، وکذا الأمر بإتیان آداب خارجة ( عن الصلاة والمکمّلات ) (4)

ص: 101


1- کذا فی النسخ ، والمناسب : یجزئه.
2- انظر بدایة المجتهد لابن رشد 1 : 130 ، والمجموع للنووی 3 : 455.
3- المدارک 3 : 435 ، ویأتی فی ص 709 - 710.
4- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و » : من مکملات الصلاة.

لأجل استجابة دعواه ، وأنّ الله یقبل طاعته ، بل المراد إمّا الإتیان بالتشهّد وما بعده إلی أن یخرج ، ذکر کذلک مسامحة ، کما هو الحال فی ترک ذکر الصلاة علی النبی وآله هنا وغیره من الأحادیث ، أو یکون المراد من التشهّد وما بعده مستحبات تؤتی بعد الرکعتین بقرینة اتحاد السیاق ، وأنّ التعرّض بخصوص التشهد دون سائر واجبات الصلاة لا وجه له. مع أنّه لا وجه للتعرّض لذکر الواجبات هنا ، لأنّ الصلاة ماهیتها معروفة ، فالمهم إظهار کون القراءة فیها کذا ، والدعاء بعدها کذا وکذا.

قوله : أمّا الملازمة فإجماعیّة. ( 3 : 431 ).

فیه ما فیه ، فإنّه رحمه الله سینقل خلافا عظیما ویختار هو عدم بطلان الصلاة ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : فلما رواه زرارة فی الصحیح. ( 3 : 431 ).

لا یخفی أنّ هذه الروایة مع أنّ فی طریقها أبان بن عثمان فالحکم بالصحة محلّ مناقشة. مضافا إلی ما فیها ممّا سیجی ء فیها بعد ما نقله الشارح رحمه الله أنّه قال علیه السلام : « إن کان مع إمام فوجد فی بطنه أذی فسلّم فی نفسه وقام فقد تمّت صلاته » ولا یخفی ظهور هذا فی وجوب التسلیم ، وکذا ما فی آخر روایة غالب بن عثمان ، فظاهرهما متروک ، ومثل هذا یضرّ الاستدلال عند الشارح رحمه الله ومن أسباب المرجوحیة عند غیره ، فیمکن ورودهما مورد التقیّة ، مع أنّ روایة غالب تدل علی عدم وجوب الصلاة علی النبی وآله أیضا ، فمن قال بوجوبها کیف یستدل بها؟

وکذا الکلام فی روایة الحسن بن الجهم عن أبی الحسن علیه السلام : « أنّ من أحدث بعد ما قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله لا یعید

ص: 102

الصلاة » (1) ونقل فی الذکری عن صاحب الفاخر أنّ الحدث بعد الشهادتین لا یضرّ ، مع أنّه من القائلین بوجوب التسلیم (2) ، ومستنده هذه الأخبار ، مع بعض الأخبار الواردة فی أنّ من أحدث قبل التشهّد لا یعید الصلاة ، بل یتوضّأ ویتشهّد (3) ، وسینقل الشارح رحمه الله هذه الروایة فی بحث تخلّل الحدث فی الصلاة (4) ، وسیجی ء تمام التحقیق هناک.

ولا یبعد أن یکون أمثال هذه الروایات واردة علی التقیّة ، فإنّ أبا حنیفة جعل الحدث محلّلا للصلاة مخرجا عنها ، کالتسلیم (5).

قوله : فیحدث قبل أن یسلّم. ( 3 : 431 ).

سیجی ء عن الشارح رحمه الله فی شرح قول المصنّف الآتی ، أنّ المعهود من التسلیم عند الخاصّة والعامّة هو السلام علیکم ، وأنّ الخروج عن الصلاة یتحقّق ب : السلام علینا ، وأنّ المعروف عدّ : السلام علینا ، من التشهّد (6) ، فلا وجه لاستدلاله بهذه الأخبار علی وجوب مطلق السلام ، وسیجی ء تمام التحقیق.

مضافا إلی أنّ الاستدلال یتوقّف علی القول بکون السلام جزءا ، وصاحب البشری قائل بالوجوب والخروج (7) ، ووافقه غیره من المتأخّرین (8).

ومع ذلک موقوف علی کون تخلّل الحدث بین أیّ جزء من أجزاء

ص: 103


1- التهذیب 2 : 354 / 1467 ، الوسائل 7 : 234 أبواب قواطع الصلاة ب 1 ح 6.
2- الذکری : 206.
3- الوسائل 6 : 410 أبواب التشهّد ب 13.
4- المدارک 3 : 458.
5- انظر بدائع الصنائع 1 : 194 ، والمحلّی 3 : 276.
6- انظر المدارک 3 : 434 - 437.
7- حکاه عنه فی الذکری : 208.
8- انظر المفاتیح 1 : 152.

الصلاة مبطلا لها ، وهو أیضا محلّ کلام سیجی ء فی موضعه (1) إن شاء الله تعالی.

وأیضا هذه الأخبار لیست بصحیحة ، فلیس فیها حجّیة عند الشارح ، وعند من یقول بحجیّة مثلها یقول بعدم مقاومتها للصحیح ، وهذه الروایة أیضا لیست بصحیحة ، لأنّ فی طریقها أبان.

قوله : وجوابه منع المقدّمتین. ( 3 : 432 ).

لا یخفی أنّه کثیرا کان یستدل به ، بل ولا یستدل بغیره ، فکیف یمنع؟ مع أنّ العبادة التوقیفیة تحتاج إلی بیان ، وهو إمّا قول أو فعل ، والأوّل مفقود فتعیّن الثانی ، ولا یضرّ ثبوت استحباب بعض أفعالهم من دلیل ، ولا یقتضی ذلک رفع الحاجة إلی البیان ، وتمام الکلام فی رسالتنا ملحقات الفوائد الحائریة.

قوله : الحدیث. ( 3 : 432 ).

والصدوق رواه فی العیون عن الرضا علیه السلام بتفاوت من المتن.

قوله : بضعف هذا الحدیث. ( 3 : 433 ).

لا یخفی أنّ الشارح رحمه الله کان یعمل بالحدیث الذی یرویه فی الفقیه معلّلا بأنّه قال فی أوّل کتابه ما قال (2) ، مع أنّ هذه الروایة رواها الصدوق رحمه الله فیه ، والکلینی رواها أیضا ، مع أنّه أیضا قال فی أوّل کتابه ما قال ، ورواها الشیخ فی کتابیه (3) ، والسیّد ومن وافقه فی عدم جواز العمل بخبر ما لم یکن علمیا ویقینیا فقد عملوا بها (4) ، فلا وجه لقدح الشارح رحمه الله

أدلّة القائلین بوجوب التسلیم

ص: 104


1- المدارک 4 : 211.
2- انظر المدارک 1 : 197 ، 5 : 133.
3- لم نعثر علیها فی التهذیب والاستبصار ، وهی موجودة فی الخلاف 1 : 376.
4- الناصریات ( الجوامع الفقه یة ) : 196 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 558.

سیّما مع اعتضاده بأخبار أخر تدل علی کون الخروج عن الصلاة بالتسلیم.

وفی کتاب العلل حدیث یدل علی انحصار التحلیل فی التسلیم ، وأنّه واجب (1) ، کما یظهر من أخبار کثیرة أخری ، کما ستعرف.

ویعضدها أیضا ما رواه فی العیون عن الرضا علیه السلام فی ما کتب للمأمون من محض الإسلام : « ولا یجوز أن تقول فی التشهّد الأوّل : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین ، لأنّ تحلیل الصلاة التسلیم ، فإذا قلت هذا فقد سلّمت » (2).

مع أنّ نقلها مرسلا قرینة علی الاعتماد والاعتداد ، حیث نسبوا الحکم والقول إلی أمیر المؤمنین علیه السلام من دون أن یقولوا : روی عنه ، وخصوصا إذا کانوا یحتجّون بها ویتمسّکون.

وأمّا الدلالة ففی غایة الوضوح ، من دون حاجة إلی وجه الاستدلال المذکور ، لأنّه لو لم یکن واجبا لکان الخروج عن واجبات الصلاة یتحقّق بالتشهّد والصلاة ( وعبدها یتحقّق الحلیّة قطعا ، ولا تحریم أصلا جزما ، فالتحلیل یتحقّق بالتشهّد والصلاة ) (3) لا بالتسلیم ، إذا لا یبقی شی ء حرام علی المکلف بعدهما حتی یکون التسلیم محلّلا له ورافعا لحرمته.

واستحباب السلام بعد الخروج عن الواجبات لا یقتضی کونه محلّلا لشی ء حرام ، بل ینافیه ، لأنّ بقاء التحریم وعدم بقائه متنافیان ، إذ بعد التشهّد والصلاة یحلّ جمیع منافیات الصلاة قطعا ، فکیف یتصوّر وقوع التحلیل بالتسلیم فی وجه من الوجوه؟!

ص: 105


1- علل الشرائع : 359 / 1 ، الوسائل 6 : 417 أبواب التسلیم ب 1 ح 11.
2- العیون 2 : 121 ، الوسائل 6 : 410 أبواب التشهّد ب 12 ح 3.
3- ما بین القوسین لیس فی « د ».

ومعلوم قطعا أنّ التحلیل حقیقة فی رفع الحرام ، والحرام والحلال متضادّان متنافیان بالبدیهة ، ألا تری أنّه بعد التسلیم یستحبّ أن یکون المکلّف علی هیئة الصلاة مستقبل القبلة طاهرا من الحدث والخبث غیر متکلّم ولا آت بشی ء من منافیات الصلاة؟ فالبقاء علی حال الصلاة بعنوان الاستحباب یکون بعد التسلیم قطعا ، ولا محلّل بعد ذلک ولا یمکن ، وحال قبل التسلیم وبعد الصلاة حال بعد التسلیم عند القائل باستحبابه فی ارتفاع الحرمة وحصول الحلّیة ، وتحصیل الحاصل من المحالات بالبدیهة.

وبالجملة : القول باستحباب التسلیم یقتضی ما ذکرناه ، وأدلة القول بالاستحباب أیضا یقتضی ذلک ، ولا دلیل لهم سواها ، وسیجی ء تمام الکلام فی الشرح الآتی.

وممّا یدل علی الوجوب أو یؤیّده أمرهم علیه السلام فی الأخبار بالتسلیم قبل صلاة الاحتیاط فیما إذا شکّ المصلی بین الثنتین وما زاد (1) ، لأنّ الاحتیاط معرض لأن یکون تتمّة الصلاة إذا اتفق وقوعها ناقصة ، بل وإذا ذکر النقصان أیضا بعد الاحتیاط ، ولا یجوز أن یتحقّق السلام فی أثناء الصلاة مع عدم الاضطرار إلیه ، سیّما فی صورة الشک بین الثنتین والأربع ، وقد ورد فی الأخبار أنّ البناء علی الأکثر والإتیان بالاحتیاط من أنّه لو کانت تامّة تکون هذه نافلة ، ولو کانت ناقصة تکون تتمّتها (2) ، فتأمّل جدّا.

وممّا یؤیّد أیضا الأمر بقضاء الأجزاء المنسیة بعد التسلیم (3).

وممّا یدل ورود الأمر بالتسلیم فی أخبار لا تحصی بلغت مبلغ التواتر

ص: 106


1- انظر الوسائل 8 : 212 - 219 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ، 9 ، 10 ، 11.
2- الوسائل 8 : 219 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 11.
3- الوسائل 8 : 244 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 26.

وتزید ، واردة فی موارد الشکّ والسهو وقضاء الفوائت ، وأدعیة التعقیب ، وجمیع الصلوات إلاّ صلاة المیت. وبالجملة : مواضع الذکر لا تحصی فضلا عن الأحادیث. ( وصحیحها فی غایة الکثرة فضلا عن غیر الصحیح ، وغیر الصحیح أکثرها معتبر ، والأمر حقیقة فی الوجوب ، والدلالة یعضد بعضها بعضا ) (1).

قوله : وثانیا أنّ ما قرّر فی إفادة الحصر غیر تامّ. ( 3 : 433 ).

قد عرفت أنّه لا حاجة إلی دعوی الحصر ، بل فی الجملة کاف ، مع أنّه لا قائل بالفصل ، لأنّ القائل بالاستحباب یقول بحلّیة فعل المنافی قبل التسلیم قطعا.

مع أنّ السیاق والمقایسة قرینة الحصر ، لأنّ المحرّم منحصر فی التکبیر بلا شبهة ، وکذا المفتاح فی الطهور علی الظاهر ، والشارح رحمه الله یعتمد علی مثلها.

مع أنّ العلماء شنّعوا علی أبی حنیفة بأنّ النبی صلی الله علیه و آله قال : « تحلیل الصلاة بالتسلیم » وأنت تعدّیت وجعلت فعل المنافی مثل الضرطة تحلیلا أیضا.

مع أنّ الحصر ظاهر ، لأنّ ظاهره أنّ التحلیل من حیث هو هو ومن حیث إنّه تحلیل منحصر فی التسلیم ، وإضافة المصدر حیث لا عهد تفید العموم عند المحققین ، وصحة الاستثناء أیضا دلیل ، وأهل العرف یفهمون کذلک بلا شبهة ، والبناء فی الفقه علی العموم بلا تأمّل ، وطریقة الشارح رحمه الله وغیره التمسک بالمطلقات علی العموم ، فضلا عن مثل هذا المطلق ، لأنّ

ص: 107


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

ظاهر هذه الإضافة وحقیقتها کونها للجنس ، لأنّ لفظ المصدر اسم لجنس المصدر وطبیعته من حیث هی هی ، من دون خصوصیة فرد ، لأنّ خصوصیته أمر زائد عن مفهومه. والإضافة فی الإشارة والتعریف وکون الجنس منحصرا فی شی ء إفادتها للحصر أظهر من أن یخفی. مع أنّه مر عن الشارح رحمه الله أنّ العهد الذهنی یخرج کلام الحکیم عن الفائدة ، والخارجی موقوف علی سبق معهود (1).

ومما ذکر ظهر فساد الاعتراض الذی ارتکبه صاحب الذخیرة من أنّ التحلیل یتحقّق بفعل المنافی للصلاة وإن کان ذلک الفعل حراما ، فحینئذ لا بدّ من تأویل التحلیل بالتحلیل الذی قرّره الشارع ، وحینئذ کما أمکن إرادة التحلیل الذی علی سبیل الوجوب أمکن إرادة التحلیل الذی قرّره علی سبیل الاستحباب ، ولیس للأوّل علی الأخیر ترجیح واضح (2). انتهی.

وفیه : أنّ التحلیل عبارة عن شی ء یحلّل فعل المنافی ، لأنّ الحرام لیس إلاّ الفعل المنافی ، وهو المحتاج إلی ما یحلّله شرعا ، وظاهر المحلّل الشرعی للفعل المنافی والمتبادر منه أنّه غیر المنافی.

علی أنّا قد أشرنا إلی تشنیع جمیع العلماء علی أبی حنیفة لجعل المنافی داخلا فی تحلیل الصلاة ، حتّی أنّ الحنیفة أیضا وقعوا فی الخزی والخجالة والفضیحة من هذه الشنیعة ، ورجع بعضهم عن مذهبه ، واختار مذهب الشافعیة لخصوص هذه الشنیعة ، وما قدر الباقون الذبّ عنه (3).

وأیضا تحلیل الصلاة غیر تخریب الصلاة وإبطالها ، فإنّ الظاهر منها

ص: 108


1- لاحظ المدارک 3 : 348.
2- الذخیرة : 290.
3- انظر وفیات الأعیان 5 : 180.

أن تکون الصلاة صلاة وهو محلّلها لا أن [ لا ] (1) تکون الصلاة صلاة بل تکون لغوا محضا ، بل حراما موجبا لدخول النار ، ولا شکّ فی أنّ المراد من الصلاة هنا الصلاة الصحیحة ، وإن قلنا بأنّ الصلاة اسم للأعمّ ، لأنّ الصحیحة هی التی تحتاج إلی محلّل ومحرّم ومفتاح.

وقوله : فلا بدّ من تأویل. فیه : أنّه أیضا من المسلّمات أنّه إذا تعذّر الحقیقة فعلی أقرب المجازات ، وجمیع ما قرّر هو الأقرب ، وعندکم أنّ المحلّل علی سبیل الوجوب هو التشهّد والصلاة بحسب المقرّر الشرعی. مع أنّ التحلیل علی سبیل الاستحباب لا معنی له ، کما عرفت من أنّ التحلیل رفع الحرمة ، لأنّ الحلّ فی مقابل الحرام ، ولا حرمة عندکم بعد التشهّد والصلاة ، ولو بقی حرمة فلا معنی لجعل التسلیم مستحبا لإزالتها ، وأنّه لو لم یسلّم یرتفع الحرمة من غیر محلّل. سلّمنا لکنّ المحلّل علی سبیل الوجوب أقرب إلی کونه محلّلا من المحلّل علی سبیل الاستحباب.

ثم لا یخفی أنّه ممّا یدل علی وجوب التسلیم - مضافا إلی ما ذکره الشارح رحمه الله وما ذکرنا وأشرنا إلیه من الأخبار المتواترة - وما ورد عنهم علیه السلام أنّ علّة وجوب التسلیم فی الصلاة کذا وکذا (2) ، فلاحظ ، وما ورد من النهی عن الترک (3) ، وما ورد من إجزاء تسلیمة واحدة (4) ، إلی غیر ذلک ممّا ستعرف.

ویدل أیضا الموثق کالصحیح ، عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام : « إذا نسی الرجل أن یسلّم فإذا ولّی وجهه عن القبلة وقال : السلام علینا وعلی

ص: 109


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.
2- الوسائل 6 : 415 أبواب التسلیم ب 1.
3- التهذیب 2 : 93 / 349 ، الوسائل 6 : 421 أبواب التسلیم ب 2 ح 8.
4- التهذیب 2 : 92 / 345 ، الوسائل 6 : 419 أبواب التسلیم ب 2 ح 3.

عباد الله الصالحین ، فقد فرغ من صلاته » (1). وورد أنّ تسلیم الإمام یجزی عن المأموم إذا نسی (2).

قوله : والعهد الذهنی والخارجی. ( 3 : 433 ).

قد عرفت أنّه علی تقدیر کون الإضافة للعهد الذهنی أو الخارجی یکفی ، لتمامیة الاستدلال بعدم القول بالفصل ، وأنّ کونها للجنس لا شبهة فی إفادته للحصر.

قوله : وبأنّ من جملة رجاله عثمان بن عیسی. ( 3 : 433 ).

لا یخفی أنّه ممّن أجمعت العصابة ، وقال الشیخ فی العدّة ما قال (3) ، وسماعة قال النجاشی : ثقة ثقة ، وغیر ذلک من غیر تعرّض للوقف (4) ، واشتراک أبی بصیر بین ثقات ثلاثة أو ثقتین وموثق ، والأوّل أصحّ کما حقّقنا فی الرجال (5).

قوله : آخر أفعال الصلاة. ( 3 : 433 ).

لا شکّ فی کون الظاهر منها أنّه آخر الواجبات ، إذا لا معنی للتعلیل بکون السلام مستحبا للصلاة وجائز الترک له للحکم بوجوب الخروج وغسل الأنف وإتمام الصلاة.

ومتروکیة الظاهر لا تضر المستدل ، لتقییدهم بعدم تحقّق المنافی ، وهذا لا یوجب خروج الحدیث عن الحجیّة ، وإلاّ لخرج جلّ الأحادیث عن الحجّیة مثل العامّ المخصّص ، والمطلق المقیّد وغیر ذلک ، مع أنّ الشارح رحمه الله

إشارة إلی أنّ عثمان بن عیسی من أصحاب الإجماع ، وسماعة ثقة

إشارة إلی أنّ أبا بصیر مشترک بین ثلاث ثقات

ص: 110


1- التهذیب 2 : 159 / 626 ، الوسائل 6 : 423 أبواب التسلیم ب 3 ح 1.
2- التهذیب 2 : 160 / 627 ، الوسائل 6 : 624 أبواب التسلیم ب 3 ح 3.
3- عدّة الأصول : 381.
4- رجال النجاشی : 193.
5- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 371.

لا یقول بوجوب وجود القائل بمضمون الحدیث فی حجیّته ، فتأمّل.

قوله (1) : فإنّ الأفعال تشمل الواجب والمندوب. ( 3 : 433 ).

لا یخفی فساده ، لأنّ قوله علیه السلام : « فإنّ آخر الصلاة التسلیم » تعلیل لأمره بإتمام الصلاة ، بأن یتشهّد ویصلّی علی النبی وآله ویسلّم ، ولا شکّ فی وجوب التشهّد والصلاة علیه وعلی آله ، والمستحب کیف یصیر علّة للواجب؟ بل یصیر [ علّته ] (2) عدم الإتیان بالتشهّد والصلاتین. وفیه ما فیه.

مع أنّ المتبادر من أوّل الشی ء ووسطه وآخره جزؤه الذی لا یتحقّق إلاّ به جزما ، مثلا : المتبادر من آخر الوضوء علی الإطلاق لیس إلاّ مسح الرجل لا الدعاء أو عقیبه.

قوله : إذ الظاهر من مذهب القائل بالاستحباب. ( 3 : 434 ).

ومقتضی أدلته أیضا ، فلو لم یکن قائلا بمضمونها لکان قوله قولا من غیر دلیل ، بل ومخالفا لجمیع الأدلة ، وتکون الأدلة الدالة علی وجوبه والدالة علی استحبابه بأجمعها حجّة علیه ، مع أنّه علی القول بالاستحباب لا وجه للقول بخلاف ذلک ، کما نبّهنا علیه فی ما سبق ، فتأمّل.

قوله : ویمکن أن یقال. ( 3 : 434 ).

فیه : أنّ ما ذکره لا نفع فیه أصلا ، لأنّه کثیرا مّا یقول بأنّ النهی تعلّق بأمر خارج عن الصلاة ، فلا یقتضی بطلانها ، منه ما عرفت فی بحث الوضوء ثلاثا ثلاثا (3). وحال هذا حال من زاد رکعة بعد التشهّد والتسلیم معا ، فإنّه بعد التسلیم برأت ذمّته وخرج عن عهدة التکلیف ، والزیادة أمر

ص: 111


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».
2- فی النسخ : علّة ، والظاهر ما أثبتناه.
3- انظر المدارک 1 : 234 و 2 : 203 و 3 : 373.

خارج عن المکلّف به ، ففعلها حرام إن کان من تقصیر المکلّف ، فلو کان نسیانا لا یکون حراما ، وکذا جهلا عند الشارح فی کلّ موضع ، وعند المشهور فی مواضع مخصوصة ، منها الإتمام فی موضع القصر ومعلوم أنّ حال الساهی ( والمتعمّد ) (1) فی المسألتین واحد ، فلا وجه للفرق. والبناء علی التمام من أول الصلاة سواء کان تعمّدا أو جهلا أو نسیانا إن کان مبطلا یکون کذلک فی المسألتین.

مع أنّ الشارح رحمه الله یتأمّل فی فساد العبادة بمخالفة النیّة للواقع إذا کانت مشتملة علی قصد القربة والتعیین (2). فالعذر لا ینفع الشارح ولا غیره ، لأنّهم یقولون بالبطلان عمدا وسهوا أو عمدا فی مسألة المسافر ، وأمّا جهلا فیحکمون بالصحة البتّة ، وفی المسألة الثانیة یحکمون بالصحة مطلقا ، مع أنّهم یقولون بعدم معذوریة الجاهل فی هذه المسألة أیضا ، بخلاف المسألة الأولی ، فالمراد فی المسألة الأولی المتعمّد أو الناسی مطلقا أو فی الوقت.

وکیف کان ، کلامهم مطلق غیر مختص بما ذکره ، وکذا کلامهم فی الثانیة مطلق ، وتخصیص کلامهم - فی الأولی بما ذکره وفی الثانیة بما إذا لم یقع شی ء من صلاته ولو کان جزءا من التشهّد أو الصلاة علی النبی وآله بنیّة غیر مطابقة للواقع ، ووقع الجمیع بنیّة مطابقة له إلاّ أنّه تجدّد النیّة بعد الفراغ من جمیع الواجبات - تحکّم فاسد البتّة.

مضافا إلی أنّهم فی صدد بیان حکم المسألة فی الأولی والثانیة ، فلا وجه لعدم التعرّض إلی بعض صورها ، مع أنّ عادتهم بیان حکم

ص: 112


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- انظر المدارک 1 : 189 ، 194.

الجمیع ، مع أنّهم فی الأولی کیف تعرّضوا لحکم ما إذا وقع العبادة أو شی ء منها علی ذلک الوجه؟ ولم یتعرّضوا لحکم ما إذا لم یقع؟ وفی الثانیة جعلوا أمرهم بالعکس؟ فهذا أیضا تحکّم آخر.

ثمّ لا یخفی أنّ اقتصار الشارح رحمه الله علی هذه الأدلة لا وجه له ، لأنّ أدلة الموجبین کثیرة.

منها : ما سنذکره فی المسألة الآتیة.

ومنها : ما ذکرناه فی صدر المسألة.

ومن أدلتهم الاستصحاب ، وهو کونهم فی الصلاة وحرمة منافیاتها علیهم حتی یثبت خلافه.

ومنها : استصحاب اشتغال ذمّتهم حتی یثبت المخرج.

ومنها : ورود الأمر بالتسلیم فی أخبار کثیرة ، منها صحیحة (1) ، والأمر حقیقة فی الوجوب.

ومنها : أنّه ورد بلفظ الإجزاء الظاهر فی أقلّ الواجب ، مثل صحیحة عبد الحمید بن عواض عن الصادق علیه السلام : « إن کنت تؤمّ قوما أجزأک تسلیمة » ، الحدیث (2).

ومنها : ورود النهی عن ترکه ، مثل ما فی روایة أبی بصیر عنه علیه السلام : « لا تدع التسلیم علی یمینک » الحدیث (3). فلاحظ وتأمّل.

ویشهد علیه موثقة عمار عن الصادق علیه السلام : سأله عن التسلیم ما هو؟ قال : « إذن » (4) وظاهره أنّه لا إذن قبل التسلیم ، لأنّه لولا التسلیم لا یکون إذن.

ص: 113


1- راجع ص 109.
2- التهذیب 2 : 92 / 345 ، الوسائل 6 : 419 أبواب التسلیم ب 2 ح 3.
3- التهذیب 2 : 93 / 349 ، الوسائل 6 : 421 أبواب التسلیم ب 2 ح 8.
4- التهذیب 2 : 317 / 1296 ، الوسائل 6 : 416 أبواب التسلیم ب 1 ح 7.

ویدل علیه أیضا الأخبار الدالة علی أنّ المسافر إذ أتمّ یعید الصلاة (1) ، وکذا من زاد فی صلاته (2).

وفی صلاة ذات الرقاع فی الصحیح : « فصار للأوّلین التکبیر ، وللآخرین التسلیم » (3) وهذا أیضا فی غایة الظهور فی وجوبه. ومرّ أیضا ما یدل علیه وسیجی ء أیضا.

قوله : فذهب الأکثر إلی تعیّن : السلام علیکم ، للخروج. ( 3 : 434 ).

قد ذکرنا فی المسألة السابقة عبارة عن الشیخ تدل علی اتفاق الشیعة علی أنّ الخروج عن الصلاة یتحقّق ب : السلام علینا ، فلاحظ ، بل ذکرنا أنّ ذلک شعارهم (4).

قوله : من حیث لا یشعر قائله. ( 3 : 435 ).

قد عرفت فساد کلام الشهید ، وأنّ الخروج ب : السلام علینا ، إجماعی عند الشیعة ، وشعارهم ذلک.

قوله : نقله جماعة. ( 3 : 435 ).

لا یخفی أنّه فی الغالب یطعن علی الإجماع المنقول بأنّه خبر مرسل إن أرادوا النقل إلیهم من زمان الأئمّة علیه السلام ، وإن أرادوا التحقّق فی زمان الناقل فبعدم العلم بقول المعصوم علیه السلام ، لتوقّفه علی العلم بمجهول النسب ، وهو محال عادة ، مع أنّ هذا الإجماع مخالف لظواهر أخبار کثیرة ، لکن

صور التسلیم وبیان الأقوال فیها

ص: 114


1- الوسائل 8 : 505 أبواب صلاة المسافر ب 17.
2- الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 19.
3- التهذیب 3 : 301 / 917 ، الوسائل 8 : 436 أبواب صلاة الخوف ب 2 ح 2.
4- راجع ص 94 - 95.

أجبنا عمّا ذکره فی کلا الشقّین.

قوله : « وإن قلت : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین ، فقد انصرفت ». ( 3 : 435 ).

مفهومه أنّه إن لم یقل : السلام علینا ، کان داخلا فی الصلاة ، وظاهر هذا حرمة المنافیات علیه ، فیکون ظاهره منافیا للقول باستحباب التسلیم ، ودلیلا علی وجوب السلام للخروج عن الصلاة وتحقّق التحلیل ، وشاهدا علی أنّ المراد من الانصراف فی صحیحة محمد بن مسلم (1) وما وافقها (2) هو التسلیم ، وأنّ التحلیل منحصر فی التسلیم ، کما مرّ.

قوله : « فإذا قلت ذلک. » ( 3 : 436 ).

أیضا یدل علی وجوب التسلیم ، بالتقریب الذی تقدّم.

قوله : وتحلیلها التسلیم. ( 3 : 436 ).

المراد من التسلیم فی قوله : « وتحلیلها التسلیم » هو : السلام علیکم ، ولما کان ظاهر الروایة الحصر - کما عرفت ، وبناء القوم أیضا علیه ، خصوصا المشهور منهم - لزم کون : السلام علینا ، غیر مخرج ، ولمّا ثبت من الأخبار کونه أیضا مخرجا ثبت کون التسلیم هنا بالمعنی الأعمّ.

وعلی تقدیر القول بعدم الحصر نقول : لا وجه للتعرض لخصوص : السلام علیکم ، مع أنّ المتعارف بین العامّة والخاصّة تقدیم : السلام علینا ، بحیث لا تأمّل فیه ، وکذا مداومتهم فی القول ، ولأجل ذلک ورد فی الأخبار اشتراط الخروج : السلام علینا ، فالمناسب التعرّض لذکر : السلام علینا ، بل اللازم ذلک ، ولذا ورد فی الأخبار کذلک.

ص: 115


1- التهذیب 2 : 101 / 379 ، الوسائل 6 : 397. أبواب التشهّد ب 4 ح 4.
2- راجع ص 96 - 98.

وما ورد فی بعض الأخبار من قوله : « ویسلّم » بعد « السلام علینا » (1) فلا شبهة فی أنّه لیس السلام المحلّل ، لوقوعه خارجا عن الصلاة ، وأنّ المحلّل هو : السلام علینا.

وبالجملة : المستفاد من تتبّع الأخبار أنّ السلام المحلّل المخرج هو : السلام علینا ، ولو ثبت إجماع علی کون : السلام علیکم ، أیضا یصیر محلّلا فلا شبهة فی أنّه خلاف ما یظهر من تتّبع الأحادیث ، والمستفاد منها کون التسلیم اسما للخارج الذی لا یحلّل ، لو تمّ ما ذکره.

مع أنّ روایة أبی بصیر نصّ فی فساد ما ذکره ، حیث أتی بکلمة الحصر ولفظ التسلیم ، وجعله أعمّ من : السلام علی النبی ، و : السلام علینا ، من دون ذکر : السلام علیکم ، بل وصرّح بانقطاع الصلاة ب : السلام علینا ، وأنّ : السلام علیکم ، لا دخل له فی التحلیل ، بل هو إذن (2) الامام للمأموم والمأموم للآخر ، وتسلیم بعضهم علی بعض ، ولذا لم یذکر للمنفرد أنّه یقول : السلام علیکم ، بل اکتفی له ب : السلام علینا.

ومثلها موثقة یونس بن یعقوب المتقدّمة (3) وغیرها من الأخبار ، وسندها أحسن من الروایة التی ذکرها ، فی أنّه علیه السلام قال : « ویسلّم » بعد : السلام علینا ، ویمکن حملها علی المأموم ، ( أو الإمام (4) ، أو أنّه علیه السلام ذکر ذلک جریا علی العادة المتعارفة بینهم الناشئة من العامّة من أنّ السلام هو : السلام علیکم ، فقط ، لا : السلام علینا ، وهذا هو الأظهر ، لأنّه ورد فی غیر

ص: 116


1- التهذیب 2 : 99 / 373 ، الوسائل 6 : 393 أبواب التشهّد ب 3 ح 2.
2- فی « أ » و « و » : أذان.
3- فی المدارک 3 : 430.
4- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

واحد من الأخبار أنّ الإمام یسلّم واحدة ، والمنفرد کذلک ، والمأموم تسلیمتین (1) ، فتأمّل جدّا.

قوله : ثمّ یقال : ویسلّم. ( 3 : 437 ).

فی صحیحة سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السلام : فی الرجل نسی أن یجلس فی الرکعتین الأوّلتین - إلی أن قال - : « فلیتمّ الصلاة حتی إذا فرغ فلیسلّم ، ولیسجد سجدتی السهو » (2).

وعن الحسین بن أبی العلاء عنه علیه السلام ، فی الرجل یصلّی الرکعتین - إلی أن قال - : « ولیتمّ صلاة ثمّ یسلّم ولیسجد سجدتی السهو » (3) ، إلی غیر ذلک ، وهذه تدل علی وجوب السلام ، وظاهرها خروجه عن الصلاة ، کما قال به جمع (4) ، وقال المرتضی : لم أجد لأصحابنا فیه - أی الخروج أو الدخول - نصّا ، ویقوی عندی أنّها من الصّلاة (5) ، انتهی.

لکن یظهر من غیر واحد من الأخبار أنّها داخلة ، فلا بدّ من توجیه أحد الطرفین ، أو البناء علی أنّ السلام المخرج داخل ، والمعهود إن وقع بعد : السلام علینا ، کما هو المعهود المتعارف یکون خارجا ، وإنّ هذا صار منشأ لتوهّم الخروج أو الاستحباب ، وإلاّ فالسلام المخرج لازم علی أیّ حال ، لأن تحلیلها التسلیم ، کما مرّ ، فتأمّل جدّا.

قوله : وقد ثبت کونه قاطعا للصلاة. ( 3 : 437 ).

ص: 117


1- الوسائل 6 : 419 أبواب التسلیم ب 2.
2- التهذیب 2 : 158 / 618 ، الوسائل 6 : 402 أبواب التشهّد ب 7 ح 3.
3- التهذیب 2 : 159 / 623 ، الوسائل 6 : 403 أبواب التشهّد ب 7 ح 5.
4- منهم الشهید فی القواعد والفوائد 2 : 306 ، والکاشانی فی المفاتیح 1 : 152 ، وانظر الحبل المتین : 254.
5- الناصریات ( الجوامع الفقهیة ) : 195.

إن أراد القاطعیة بعنوان الفساد فلا نسلّم الثبوت ، بل الثابت خلافه بلا تأمّل. وإن أراد بعنوان الصحة والخروج عن الصلاة الصحیح فهو أحد الأقوال والمذهب الحق ، فلا وقع لهذا الاعتراض فی هذا المقام. وإن أراد أنّه ینافی الاحتیاط فهو فاسد بالبدیهة ، لأنّ ما ذکره صحیح باتفاق العلماء واتفاق الأخبار ، ولم یظهر من خبر فساده ، ولم نجد قائلا به أصلا ، فإنّ القائل بأنّ الخروج یتحقّق ب : السلام علیکم ، خاصّة یقول بصحة هذه الصورة قطعا ، وأدائها شرعا.

وإن کان إشکالها مبنیا علی القول بوجوب نیّة الوجه أو الخروج فلا وجه لما علّل به من قوله : وقد ثبت. ، ومع ذلک یکون الاحتیاط منحصرا فی ما ذکره الشهید رحمه الله بلا شبهة ، وقصد الوجه والخروج فی مقام الاحتیاط إمّا معفوّ عنه ، أو یکفی قصد التردید ، أو قصد الخروج عن الشبهات مهما أمکن ، وإلاّ لم یتحقّق احتیاط أصلا بناء علی ما ذکر ، مع أنّ الاحتیاط أحسن عند الکلّ بلا شبهة ، ومدار الشارح وجمیع المحقّقین علی ذلک.

قوله : وبه قال ابن بابویه وابن أبی عقیل. ( 3 : 437 ).

فی دلالة عبارتهما علی الوجوب فتأمّل.

قوله : وروی ابن بابویه فی الصحیح. ( 3 : 441 )

فی الاستدلال بها نظر ظاهر ، بل بغیرها أیضا ، بعد ما قال : إنّ الإطلاق ینصرف إلی الفرائض.

ثم الظاهر من الروایة المذکورة کون الأولی تکبیرة الافتتاح ، ومن الفقه الرضوی کون الأخیرة تکبیرة الافتتاح (1) ، ولذا قال بعض الأصحاب :

مستحبات الصلاة

التوجه بست تکبیرات

ص: 118


1- فقه الرضا علیه السلام : 105.

الأولی جعلها الأخیرة (1). ویستفاد من أکثر الأخبار کون المجموع تکبیرة الافتتاح ، وأنّ المکلّف مخیّر بین جعلها واحدة أو ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، من غیر تعیین فی خصوص تکبیرة الافتتاح ، ومقتضی ذلک کون الأولی هی الفریضة ، لتحقّق الامتثال والخروج عن العهدة بها. فتأمّل جدّا.

قوله : باشتراک أبی بصیر بین الثقة والضعیف. ( 3 : 447 ).

لا ضعف من جهة اشتراکه ، لأنّه إمّا المرادی الثقة الجلیل ، أو یحیی ابن القاسم ، وهو أیضا ثقة عدل إمامی ، کما حقّقته فی الرجال بحیث لم یبق شبهة ، وأنّ الواقفی غیره بلا شبهة (2) ، مع أنّ الشهرة تکفی للجبر.

قوله : قضاه بعد الفراغ. ( 3 : 448 ).

لعل دلیله قوله : « ما لا یدرک کلّه لا یترک کلّه » (3) ، و « إذا أمرتکم بشی ء فأتوا منه ما استطعتم » (4) ، ویؤیّده أیضا عدم القول بالفصل بین إتیانه بعد رکوع الأولی أو الثانیة أو الثالثة ، فتأمّل.

قوله : بالتخییر بین الأمرین. ( 3 : 449 ).

لیس کذلک ، بل العمل بروایة زرارة متعیّن ، لأنّه قوله المعصوم علیه السلام صریحا ، بخلاف نقل حماد ، إذ لعله کان متوهّما ، لأنّ النظر إلی ما بین الرجلین إذا کان بحالة الخشوع ربما یورث الاشتباه ، ویؤیّده أیضا عموم المنع عن التغمیض ، کما مرّ (5).

أبو بصیر لیث المرادی ثقة کما أنّ یحیی بن القاسم ثقة أیضا

حکم نسیان القنوت

النظر فی حال الرکوع إلی ما بین رجلیه

ص: 119


1- کالشیخ فی المبسوط 1 : 104 ، والکرکی فی جامع المقاصد 2 : 239 ، والشهید الثانی فی روض الجنان : 260.
2- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 371.
3- عوالی اللآلئ 4 : 58 / 207.
4- عوالی اللآلئ 4 : 58 / 206.
5- المدارک 3 : 449.

قوله : بما روی من الأدعیة. ( 3 : 452 ).

فی الفقه الرضوی : « فإذا فرغت من صلاتک فارفع یدیک وأنت جالس ، فکبّر ثلاثا ، وقل : لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له أنجز وعده » (1) إلی آخر الدعاء المشهور.

وفی روایة مفضل بن عمر عن الصادق علیه السلام : « أنّ النبی صلی الله علیه و آله لمّا فتح مکّة صلّی الظهر عند الحجر الأسود ، فلمّا سلّم کبّر ثلاثا وقال : لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له. » ونقله الصدوق رحمه الله فی الفقیه (2) أیضا « ثم أقبل النبی صلی الله علیه و آله علیهم وقال : لا تدعوا هذا التکبیر وهذا القول فی دبر کلّ مکتوبة ، فإنّ من فعل ذلک وقال هذه القول کان قد أدّی ما یجب علیه من شکر الله تعالی علی تقویة الإسلام وجنده » (3).

قوله : ربما ظهر من کلام ابن بابویه تقدیم التسبیح علی التحمید. ( 3 : 453 ).

نقل فی الفقیه ذلک نسخة ، والنسخة الأخری علی وفق المشهور ، ثم روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام حکایة تعلیم رسول الله صلی الله علیه و آله هذه التسبیحة له ولفاطمة علیهماالسلام ، والحکایة مشهورة ، وفی آخر الروایة هکذا : « إذا أخذتما منامکما فکبّرا أربعا وثلاثین تکبیرة وسبّحا ثلاثا وثلاثین تسبیحة واحمدا ثلاثا وثلاثین تحمیدة » الحدیث (4).

وکتب جدّی رحمه الله : روی الصدوق هذا الحدیث مسندا فی کتبه عن رجال العامّة ، واعتمد علیه فی الترتیب ، وعلی تقدیر صحته یمکن القول به

التعقیب

ص: 120


1- فقه الرضا علیه السلام : 115 ، المستدرک 5 : 51 أبواب التعقیب ب 12 ح 1.
2- الفقیه 1 : 210 / 945.
3- علل الشرائع : 360 / 1 ، الوسائل 6 : 452 أبواب التعقیب ب 14 ح 2.
4- الفقیه 1 : 211 / 947 ، الوسائل 6 : 446 أبواب التعقیب ب 11 ح 2.

عند النوم لا مطلقا ، والظاهر الترتیب المشهور مطلقا (1) ، انتهی ، وهو کما قال رحمه الله بل المشهور متعیّن.

قوله : أجمع العلماء کافة. ( 3 : 455 ).

قال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیة أنّ الصلاة یقطعها الریح إذا خرج من المصلّی ، أو غیرها ممّا ینقض الوضوء ، أو یذکر أنّه علی غیر وضوء ، أو وجد أذی أو ضربا لا یمکنه الصبر علیه ، أو رعف فخرج من أنفه دم کثیر ، أو التفت حتی یری من خلفه. ولا یقطع صلاة المسلم شی ء یمرّ بین یدیه من کلب أو امرأة ، أو غیر ذلک (2) ، انتهی.

وعن أبی الصباح الکنانی - فی الصحیح عندی - عن الصادق علیه السلام ، فی الرجل یخفق فی الصلاة : « إن کان لا یحفظ حدثا منه - إن کان - فعلیه الوضوء وإعادة الصلاة » (3) ، الحدیث.

وفی القوی عن الحسن بن الجهم عن الکاظم علیه السلام ، فی الرجل صلّی الظهر فأحدث حین جلس فی الرابعة ، فقال : « إن کان شهد الشهادتین فلا یعید ، وإن کان لم یتشهّد قبل أن یحدث فلیعد » (4).

( وورد فی الحائض الّتی تحیض فی أثناء الصلاة أنها تبطل الصلاة ) (5).

ویشهد له أیضا ما مرّ فی کتاب الطهارة فی بحث الوضوء أنّ صاحب

قواطع الصلاة

بطلان الصلاة بما یبطل الطهارة

ص: 121


1- روضة المتقین 2 : 365.
2- أمالی الصدوق : 513.
3- التهذیب 1 : 7 / 8 ، الوسائل 1 : 253 ، أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 6.
4- التهذیب 1 : 205 / 596 ، الوسائل 7 : 234 ، أبواب قواطع الصلاة ب 1 ح 6.
5- ما بین القوسین لیس فی « أ » ، وانظر الکافی 3 : 104 / 1 ، والوسائل 2 : 355 أبواب الحیض ب 44 ح 1.

البطن الغالب یتوضّأ ویبنی (1).

وقال الشیخ فی التهذیب : لا خلاف بین أصحابنا فی أنّ من أحدث فی الصلاة ما یقطع الصلاة یجب علیه استینافها (2) ، فلاحظ.

وورد فی الصحیح أنّ الفرض فی الصلاة : الوقت والقبلة والطهور (3).

وورد فیه أیضا أنّه « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والرکوع ، والسجود » (4). وورد أیضا فیه : « لا صلاة إلاّ بطهور » (5).

وأیضا العبادات ماهیتها توقیفیة موقوفة علی الثبوت من الشرع ، ولم یثبت کون مثل تلک الصلاة صلاة شرعیة.

وأیضا شغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة ، کما هو المحقّق ومرّ مرارا الإشارة إلی وجهه.

قوله : ونقل عن الشیخ. ( 3 : 455 ).

هذا النقل عنه محلّ نظر ، بملاحظة کلامه فی کتبه ، - سیّما التهذیب - کما نقلنا.

قوله : ویتوجّه علی الأوّل. ( 3 : 456 ).

المتبادر ممّا دل علی اشتراطها به کونها من أوّلها إلی آخرها علی

ص: 122


1- راجع ج 1 : 305 - 308.
2- التهذیب 1 : 205.
3- الکافی 3 : 272 / 5 ، التهذیب 2 : 241 / 955 ، الوسائل 4 : 295 أبواب القبلة ب 1 ح 1.
4- الفقیه 1 : 181 / 857 ، التهذیب 2 : 152 / 597 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 1.
5- التهذیب 1 : 49 / 144 ، الاستبصار 1 : 55 / 160 ، الوسائل 1 : 365 أبواب الوضوء ب 1 ح 1.

الطهارة علی سبیل الاتصال والاستمرار ، والمتبادر من الصحیح المتضمّن لکون فرض الصلاة الوقت والطهور أنّه مثل الوقت من فرائضها ، فتأمّل.

ویؤیّده جریان العادة فی الأخبار وکلام الأصحاب بأنّ منافیات الصلاة تقطع الصلاة بخلاف الوضوء وغیره ، فإنّه لا یقال : یقطع الوضوء فتأمّل.

هذا.

علی أنّه من أین ظهر کون هذه الصلاة شرعیة وعبادة؟ مع کونها توقیفیة موقوفة علی الثبوت من الشرع ، هذا إن قلنا إنّ ألفاظ العبادات أسام لخصوص الصحیحة ، کما هو أحد القولین ، ولعله أقربهما بالنظر إلی الدلیل ، کما حقّقناه فی محلّه.

وأمّا علی القول الآخر فإنّه لمّا ثبت من الشرع جزما أنّها لا تصح بغیر الظهور وحصل الشک فی أنّ الطهور علی سبیل الدوام شرط أم علی سبیل التوزیع یکفی ، فقد قلنا : إنّ الظاهر من الأدلة هو الأوّل ، ویعضده عدم جواز التوزیع عمدا ، وعدم الصحة حینئذ یقینا وإن کان جهلا.

وحمل الأدلة علی سبیل الدوام فی حال العمد والجهل ، وعلی سبیل التوزیع فی حال النسیان ، فیه ما فیه.

والقول بأنّ الظاهر منه علی سبیل التوزیع خاصّة وثبوت الدوام فیه فی غیر حال النسیان من دلیل آخر أیضا بعید لعله لا یرضی به المنصف بعد ملاحظة الأدلة وما أشرنا إلیه ، ولذا لو لم تکن الأخبار الصحیحة لما کان القائل بالصحة یقول بها بلا شبهة ، ولا یبنی علی کون المراد حال التوزیع البتّة ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، سیّما مع ملاحظة تحقّق أفعال کثیرة ( کلّ

ص: 123

واحد منها فعل کثیر ) (1) ( فباجتماع ) (2) الکلّ یمحو عند المتشرعة صورة الصلاة المتلقّاة من الشرع ، المنقولة عنه ، وعلی وتقدیر تسلیم عدم الظهور الذی ذکرناه فلا أقلّ من الشکّ ، والشک فی الشرط یوجب الشک فی المشروط ، فتأمّل جدّا.

علی أنّه سیجی ء من السید رحمه الله أنّه حکم ببطلان الصلاة بمجرّد وضع الیمین علی الشمال محتجّا بأنّه فعل کثیر خارج من الصلاة (3) ، فما ظنّک بأفعال کثیرة خارجة عنها؟

قوله : من منع الإجماع فی موضع النزاع. ( 3 : 456 ).

فیه ما مرّ مرارا أنّ إجماعنا غیر إجماع العامّة ، فلا یضرّ خروج معلوم النسب ولو کان جماعة ، کما حقّق فی محلّه ، والإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة کما حقّق فی محلّه ، ومرّ الکلام فیه مرارا ، خصوصا مثل الإجماع الذی نقلناه عن الصدوق ، وأنّه جعله من عقائد الإمامیة التی یجب الإقرار بها ، ویعضده الإجماع الذی نقله الشیخ ( وغیره ) (4).

وضعف سند الروایات - علی تقدیر التسلیم - منجبر بفتاوی الأصحاب ، کما هو المحقّق فی محلّه ، والمسلّم عند الکلّ حتی عند الشارح فی غیر واحد من المواضع (5) ، وإن کان یناقش أیضا (6) ، ولیست بمکانها بلا شبهة ، فإنّ العدالة المشترطة فی قبول الخبر یکتفی الشارح فیها

بیان الأقوال فی المسألة

ص: 124


1- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
2- فی « ب » و « ج » و « د » : فبإجماع.
3- المدارک 3 : 459.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » ، وراجع ص 121 - 122.
5- منها فی المدارک 1 : 47.
6- لاحظ المدارک 1 : 132.

بظنون ضعیفة ، فکیف لا یکتفی فی التبیّن بمثل هذا الظن الذی کاد أن یتاخم الیقین؟ مع أنّ مانع الاکتفاء بالظنّ فی الکل واحد ، کما أنّ المقتضی أیضا واحد ، فالتفکیک تعسّف بحث ، ولذا اتفق الفقهاء علی ذلک.

وکون الأصل فی العبادات وتحقّق ماهیتها عدم الزیادة فی التکلیف فاسد ، کما حقّق فی محلّه ، ولذا لا یعتمد علیه الشارح رحمه الله أیضا فی غالب المواضع ، ولم یستدل القائل بالصحة فی المقام به ، ولا أحد ممّن تقدّم علی الشارح فی مثل المقام مطلقا ( فتأمّل جدّا ) (1).

هذا علی تقدیر قطع النظر عن الإجماعات وکونها صحیحة حقّا ، وبعده لا مجال لما ذکره أصلا ، فتأمّل.

قوله : بصحیحة الفضیل بن یسار. ( 3 : 457 ).

لکن یتوجه علی المستدل أنّ المطلوب کان الحدث سهوا ، والروایة تدل علی الصحة فی الحدث عمدا وهو غیر محلّ النزاع ، بل هو محلّ الإجماع ، وحمل الروایة علی صورة الاضطرار - مع أنّ الظاهر منها عدم الوصول إلی حدّ الاضطرار ، لأنّ المعصوم لم یستفصل بل قال مطلقا ما قال - غیر نافع أصلا ، لما عرفت من أنّه لا یخرجه من العمد ولا یدخله فی النسیان ، وقیاس النسیان علی الاضطرار باطل قطعا ، هذا.

مع مخالفة الروایة لما ذکره الشارح رحمه الله وذکرناه ، وللأخبار الدالة علی أنّ الالتفات فی الصلاة یبطل الصلاة (2) ، وهی صحیحة مفتی بها عند الأصحاب ( وللأخبار الدالة علی أنّ استدبار القبلة وتقلیب الوجه عنها مبطل

ص: 125


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- الوسائل 7 : 244 أبواب قواطع الصلاة ب 3.

للصلاة (1) ، وکذا الآیة القرآنیة (2) ، وهما مفتی بهما عند الأصحاب ) (3).

وکذا یخالف ما دل علی أنّ الفعل الکثیر مبطل للصلاة (4) ، مع أنّ فیها أفعالا متعدّدة کثیرة کلّ واحد منها فعل کثیر ، فباجتماعها یمحو صورة الصلاة ، وسیجی ء أنّها تبطل الصلاة. مضافا إلی الإجماع علی الإبطال ، کما سیجی ء (5). مع أنّه ورد عنهم علیه السلام الأمر بأخذ ما اشتهر بین الأصحاب وترک ما خالف القرآن ، بل ترک ما لم یوافق القرآن (6).

قوله : قال : سمعت رجلا یسأل أبا عبد الله. ( 3 : 458 ).

هذه الروایة - مع ضعفها ، ومخالفتها لما مرّ ، وکون حالها حال الروایة السابقة فی جمیع ما ذکرنا ، سیّما أنّها لا دخل لها فی المطلوب بوجه - تتضمّن حکایة سهو النبی صلی الله علیه و آله فیناسب حملها علی التقیّة ، وکذا الخبر السابق. ویؤیّد حملها علی التقیة ما سنذکره فی الروایة الآتیة ، فلاحظ وتأمّل ، فالأظهر کون أمثال هذه الروایات واردة مورد التقیّة.

قوله : وصحیحة زرارة. ( 3 : 458 ).

هذه الروایة أیضا لا یظهر منها کون الحدث سهوا ، بل الظاهر منها کونه بغیر اختیار ، ومع ذلک تتضمّن ما لا یقول به أحد من قوله : « فإنّ شاء رجع » إلی آخر الحدیث ، ومع جمیع ذلک معارضة لما ذکره الشارح رحمه الله

ص: 126


1- الوسائل 7 : 244 أبواب قواطع الصلاة ب 3.
2- البقرة : 144.
3- ما بین القوسین لیس فی « د ».
4- الوسائل 7 : 265 أبواب قواطع الصلاة ب 15.
5- انظر المدارک 3 : 465.
6- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

وذکرنا ، سیّما روایة الحسن بن الجهم (1) التی هی أوفق بطریقة الإمامیة ، علی ما قال الصدوق ، وإجماع الشیعة علی ما قال الشیخ ، وموافقة لغیر واحد من الأخبار المتضمّنة لکون التشهّد سنّة (2) ، ولأجل کونه سنّة لا یضرّ الحدث قبله ، وحملها الشهید رحمه الله علی التقیّة بسبب کون التشهّد الثانی غیر واجب عند أبی حنیفة ، والثوری ، والأوزاعی ، وسعید بن المسیّب ، والنخعی ، والزهری ، والعامة رووا ذلک عن علی علیه السلام (3) ، ومعلوم إجماع الشیعة علی وجوب هذا التشهّد أیضا ، وأخبارهم متظافرة (4) فیه ، ومن هذا یظهر قدح آخر.

ویظهر من هذه الأخبار أیضا أنّ الحدث فی الصلاة مبطل لها ، کما لا یخفی ، نعم هذه الصحیحة لا یظهر منها ، نعم یظهر أنّه من قبیل تلک الأخبار ، کما لا یخفی علی من لاحظ المجموع ، فلاحظ.

علی أنّه نقل عن الصدوق أنّ تخلّل الحدث فی أثناء الصلاة غیر ضارّ إذا وقع بعد الفراغ من أرکان الصلاة (5) ، فهذا الحدیث حجّة له لو کان ، لا حجّة المستدل ، لعدم تحقّق الإجماع المرکّب ، وروایة ابن الجهم مستند صاحب الفاخر ، فإنّه نقل عنه أنّ الحدث بعد الشهادتین لا یضرّ ، وهو ممّن قال بوجوب السلام (6). وما الکلام بالنسبة إلی ما نقل عن الصدوق وصاحب الفاخر یظهر من التأمّل فی ما ذکرناه وما مرّ فی بحث التشهّد والصلاة علی

ص: 127


1- راجع ص 102.
2- انظر الوسائل 6 : 401 أبواب التشهّد ب 7.
3- الذکری : 204 ، وانظر المجموع للنووی 3 : 462.
4- فی « ا » : متواترة.
5- حکاه عنه فی الحبل المتین : 257 ، وانظر الفقیه 1 : 233.
6- نقله فی الذکری : 206.

النبی والتسلیم.

وکذا یظهر من جمیع ما ذکرنا الکلام فی ما احتجّ به الشیخان علی البناء فی التیمم خاصّة ، مضافا إلی استبعاد الصحة فی التیمّم دون المائیة بالنظر إلی المقتضیات والموانع ، والسؤال وقع عن المتیمّم فأجاب بالبناء ، لأنّ البناء من خصائص التیمّم ، مع أنّه لو صحّ فیه لعله یصح فیها بطریق أولی ، علی أنّه قیل : إنّ المراد من أحدث : أمطر (1) ، وفی القاموس : الأحداث : أمطار أوّل السنة (2) ، وفی صدر الروایة ما یشعر بذلک ، فلاحظ وتأمّل.

مع أنّ کلمة الفاء فی قوله : فأصاب الماء ، أیضا یشعر به ، لعدم الارتباط لو کان المراد الحدیث المتعارف.

وفی الوافی أیضا صرّح بأنّ المراد لیس الحدیث المتعارف ، لکن قال : أحدث بالبناء علی المفعول : أی سنح أمر من أمطار السماء وغیرها من أسباب وجدان الماء ، والکنایة عن مثله بالحدث شائعة فی کلامهم (3) ، انتهی.

قوله : لأنّ الإجماع لا تصادمه الروایة ، ولا بأس بالعمل بها. ( 3 : 459 ).

وعلی هذا یتحقّق وهن فی الروایة ، لأنّ حملها علی خصوص صورة النسیان بعید ، بل ربما لا یصح ، لأنّ صورة النسیان فی الحدث من الفروض

ص: 128


1- انظر روضة المتقین 1 : 279.
2- القاموس المحیط 1 : 170.
3- الوافی 6 : 563.

النادرة ، وحمل المطلق فی الأخبار علی الفروض النادرة فیه ما فیه ، بل لیس بمطلق بل عامّ ، لأنّ ترک الاستفصال فی مقام السؤال مع قیام الاحتمال یفید العموم ، فضلا عن أن یکون الاحتمال أظهر ، بل الاحتمال الآخر فی غایة البعد ، ومخالفة الظاهر ، وصرف العام إلی الفرد النادر أشدّ قبحا ومنعا.

قوله : ونقل الشیخ والمرتضی فیه الإجماع. ( 3 : 459 ).

وقال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه لا یجوز التکفیر فی الصلاة (1).

قوله : واستوجهه فی المعتبر. ( 3 : 460 ).

هذا لا یدل علی الکراهة ، بل ترک المستحب ، وإن کان ما ذکره أخیرا یدل علی الکراهة ، ففی کلامه تدافع فی الجملة.

قوله : وضعهما کیف شاء. ( 3 : 460 ).

هذا - علی تقدیر التسلیم - إنّما هو فی صورة لم یقصد کونه من الصلاة ، وإنّما قلنا : علی تقدیر التسلیم ، لأنّ هیئة العبادة توقیفیة ، والمنقول عن الشرع غیر هذه الهیئة ، ولم یتحقّق إجماع علی صحة هذه الهیئة ، ولا ثبتت من نص ، وأصل العدم لا یجری فی العبادات ، کما حقّق فی محلّه ، مع أنّه نوع من الاستصحاب ، فمن لا یقول بحجّیته کیف یتمسّک به؟

إلاّ أن یقول بأنّ الصلاة اسم لمجرّد الأرکان عند المتشرعة ، وعدم الوضع خارج عنها البتّة عندهم ، ومراد الشارع من لفظ الصلاة لیس إلاّ ما هو مجرّد الأرکان عند المتشرعة. وإثبات ما ذکر محلّ صعوبة ، فتأمّل جدّا ، هذا. مع ما عرفت من الأمالی وغیره من دین الإمامیة وإجماعهم.

بطلان الصلاة بالتکفیر

ص: 129


1- أمالی الصدوق : 512.

قوله : وهو جیّد. ( 3 : 460 ).

جودة کلامه فرع عدم ورود النهی التحریمی من الشارع ، وهو فاسد ، کما اعترف به الشارح رحمه الله فأیّ جودة بقیت بعد ذلک؟

قوله : فی الکراهة نظر. ( 3 : 461 ).

بل هو أظهر فی التحریم ، لما ورد عنهم : « من تشبّه بقوم فهو منهم » (1) ، مضافا إلی فهم الأصحاب ، والإجماعات المنقولة ، وما ورد عنهم علیه السلام من أنّ الرشد فی خلاف العامّة (2) ، وغیر ذلک.

قوله : لتوجّه النهی إلی أمر خارج عن العبادة. ( 3 : 461 ).

قد عرفت التأمّل فی ذلک ، وهذا وما سبق منه ومن المحقّق مبنیان علی کون الصلاة اسما للأعمّ من الصحیحة کما هو أحد القولین ، وأنّ الوضع وعدمه لا مدخل لهما أصلا فی ماهیة الصلاة بحسب الشرع.

قوله (3) : والالتفات. ( 3 : 461 ).

مرّ عبارة الأمالی فی إبطال الالتفات (4).

قوله : وهو الاستقبال. ( 3 : 461 ).

مقتضی هذا کون الشرط هو الاستقبال علی سبیل الاتصال والاستمرار ، کما ذکرنا فی مسألة الحدث فی أثناء الصلاة ، ومقتضی کلامه هنا فی صورة السهو أنّ الاستقبال لیس شرطا علی سبیل الاستمرار (5) بل

بطلان الصلاة بالالتفات

ص: 130


1- عوالی اللآلئ 1 : 165 / 170 ، مستدرک الوسائل 17 : 440 أبواب الشهادات ب 35 ح 5 ، مسند أحمد 2 : 50.
2- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ج » و « د ».
4- راجع ص 120.
5- فی « ب » و « ج » و « د » : الاتصال.

علی التوزیع ، وفیه ما فیه ، ومع ذلک مقتضی تعلیله أنّ الالتفات إلی ما بین المغرب والمشرق أیضا موجب لبطلان الصلاة ، إلاّ أن یقول بأنّ ما بینهما قبلة مطلقا ، وفیه ما فیه ، ومرّ الکلام فی بحث القبلة (1).

قوله : هذا کلّه مع العمد. ( 3 : 462 ).

مقتضی الأخبار أنّ الالتفات الفاحش یبطل الصلاة وإن کان سهوا ، وأما غیر الفاحش وإن کان لا یبطل الصلاة إلاّ أنّه نهی عنه ، کما یظهر من صحیحة زرارة ، وصحیحة محمد بن مسلم أنّه سأل الباقر علیه السلام عن الرجل یلتفت فی الصلاة قال : « لا ، ولا ینقض أصابعه » (2).

نعم ورد فی روایة عبد الملک عن الصادق علیه السلام : « أنّ الالتفات لا یقطع الصلاة ، وما أحبّ أن یفعل » (3) لکن لا یقاوم سندا ، مع أنّ الحسنة متضمّنة لتعلیل ثابت ظاهر ، فهی أرجح من هذه الجهة أیضا ، کما أنّ فی الروایة غیر الصحیحة وهن آخر من جهة الحکم بعدم قاطعیة الالتفات مطلقا ، ومع ذلک یمکن حمل « ما أحبّ » علی المنع ، لأنّهم کثیرا مّا یستعملونه فیه.

وکیف کان ، التفصیل الذی سیذکره مناسب لجعله فی صورة عدم الفاحش ، وأنّه إن کان عمدا وأتی شیئا من الأفعال فی هذه الحالة یبطل الصلاة إن کانت زیادته مبطلة للصلاة عمدا ، وإن لم تکن مبطلة عمدا لکن یجب فعله فی الصلاة ولم یأت به مستقبل القبلة أتی به مستقبل القبلة ، وإلاّ

ص: 131


1- راجع ج 2 : 324 - 328.
2- الکافی 3 : 366 / 12 ، التهذیب 2 : 199 / 781 ، الوسائل 7 : 244 أبواب قواطع الصلاة ب 3 ح 1.
3- التهذیب 2 : 200 / 784 ، الوسائل 7 : 245 أبواب قواطع الصلاة ب 3 ح 5.

فیصحّ ، فتأمّل.

وأمّا سهوا ، فإن کانت زیادته مبطلة سهوا فکذلک ، وإلاّ فیأتی به مستقبل القبلة ، وإن لم یمکن تدارکه وهو رکن فیبطل ، وإن لم یکن رکنا فلا یضرّ بل یسجد للسهو أو یقضی ویسجد معا علی النحو المقرّر ، فإذا لم یتفطّن فی أثناء الصلاة بل تفطّن بعدها فالأمر علی ما ذکره الشارح رحمه الله فتدبّر.

وجمیع ما ذکرنا فی السهو إنّما هو إذا بلغ حدّ الیمین أو الیسار ، وإلاّ فلا یضرّ أصلا ، کما ذکره أیضا ، والله یعلم.

قوله : وحسنة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 3 : 463 ).

المتبادر من الروایتین وغیرهما کون التکلّم عمدا ، سیّما بملاحظة انصراف المطلق إلی الأفراد الشائعة ، ونسیان کونه فی الصلاة ثم التکلّم لعله نادر ، نعم نسیان عدم جواز التکلّم فیها والتکلّم غفلة لعله غیر نادر.

نعم ورد فی غیر واحد من الأخبار أنّ التکلم ناسیا لا یبطل الصلاة (1) ، وإن کان ورد فی بعضها أنّه یکبّر تکبیرا کثیرا (2) ، وحمل علی الاستحباب (3) ، والسند منجبر بعمل الأصحاب ، ومرّ فی صحیحة الفضیل (4) وغیرها أنّ التکلّم فی الصلاة ناسیا غیر مضرّ أصلا ، فتأمّل.

قوله : وموثقة سماعة. ( 3 : 464 ).

لا یخفی أنّ الأخبار مطلقة ، والتقیید بصورة العمد من جهة أنّ

بطلان الصلاة بالکلام عمداً

بطلان الصلاة بالقهقهة

ص: 132


1- الوسائل 7 : 281 أبواب قواطع الصلاة ب 25.
2- الفقیه 1 : 232 / 1029 ، الوسائل 7 : 281 أبواب قواطع الصلاة ب 25 ح 2.
3- کما فی الاستبصار 1 : 378.
4- انظر المدارک 3 : 457.

المطلق ینصرف إلی الفرد الشائع المتبادر ، وفرض وقوع الضحک حال نسیان الصلاة نادر وغیر متبادر ، أمّا الوقوع بغیر اختیار ( فلعله داخل فی العمد ، لأنّ المراد منه ما یقابل السهو ، کما عرفت ، والغالب وقوعه بغیر اختیار ) (1) فالظاهر شمول الأخبار له أیضا.

قوله : ما تنمحی به صورة الصلاة بالکلّیّة. ( 3 : 466 ).

لعل المراد الانمحاء عند المتشرعة ، بناء علی ثبوت الحقیقة الشرعیة مطلقا ، أو فی مثل الصلاة مطلقا ، أو فی زمان الصادقین ومن بعدهما من الأئمة علیه السلام ، والتحقیق فی الأصول ، بل علی تقدیر القول بعدم الثبوت مطلقا أیضا یتمّ ، لأنّ مع وجود القرینة الصارفة عن المعنی اللغوی یتعیّن حقیقة المتشرعة إجماعا ، لنهایة کثرة الاستعمال فیها إلی أن قال أعاظم الفحول بصیرورته حقیقة ، فینصرف إلیها لا إلی ما لم یعهد استعمال الشرع فیه مطلقا أو إلاّ نادرا. لکن بعض ما ورد فی الأخبار أنّه غیر مضرّ (2) یمحو صورة الصلاة عند المتشرعة ، حتی عند المجتهدین والمقلدین ، فتأمّل جدّا.

قوله : اقتصارا فی ما خالف الأصل علی موضع الوفاق. ( 3 : 466 ).

فیه : أنّ هذا إن تمّ فإنّما یتمّ علی القول بأنّ الصلاة اسم لمجرّد الأرکان ، وقد مرّ الکلام فی أمثال المقام مرارا.

قوله : باشتماله علی عدّة من الضعفاء. ( 3 : 466 ).

بطلان الصلاة بالفعل الکثیر

بطلان الصلاة بالبکاء لشیء من أمور الدنیا

ص: 133


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».
2- انظر الوسائل 7 : 278 أبواب قواطع الصلاة ب 21 ح 3 ، وب 22 ح 1 ، و : 280 ب 24 ح 1 ، 2.

السند منجبر بالشهرة ، وجریان الأصل فی ماهیة العبادات التوقیفیة محلّ کلام حقّق فی محلّه.

قوله : ومنعه المصنّف فی المعتبر. ( 3 : 467 ).

لیس بمکانه ، لأنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ، بل الظاهر أنّه إجماع ، ویؤیّده ما نقله فی المنتهی (1).

مضافا إلی أنّ العبادات ماهیتها توقیفیة ، فکیف یکتفی بما وقع فیه هذا الأجنبی الغریب؟

ویؤیّده أیضا قوله علیه السلام : « صلّوا کما رأیتمونی أصلّی » (2) ، وتتبّع تضاعیف أحوال الصلاة ومفسداتها ، ومرّ الکلام فی مثله فی وضع الیمین علی الشمال وغیره (3).

قوله : الضابط فی کراهة التأوّه والأنین. ( 3 : 470 ).

روی : أنّ من أنّ فی صلاته فقد تکلّم ، وعمل بها الصدوق (4) ، رواه الشیخ فی التهذیب بسنده عن طلحة بن زید ، عن أبی جعفر ( عن أبیه عن علیّ ) (5) علیه السلام (6).

قوله : لأنّه لا یسمّی تحیّة. ( 3 : 472 ).

فیه تأمّل ظاهر ، روی الصدوق فی آخر کتاب الخصال فی حدیث طویل عن أبی جعفر علیه السلام عن آبائه عن أمیر المؤمنین علیه السلام ممّا علّمه

بطلان الصلاة بالأکل والشرب

کراهة التأوّه فی الصلاة

الکلام فی تسمیت العاطس

ص: 134


1- المنتهی 1 : 312 ، وفی « أ » و « و » زیادة : وغیره.
2- عوالی اللآلئ 1 : 197 / 8 ، سنن الدار قطنی 1 : 346 / 10 ، سنن البیهقی 2 : 124.
3- راجع ص 129 - 130.
4- الفقیه 1 : 232.
5- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
6- التهذیب 2 : 330 / 1356 ، الوسائل 7 : 281 أبواب قواطع الصلاة ب 25 ح 4.

أصحابه فی مجلس واحد من أربعمائة باب ممّا یصلح للمسلم فی دینه ، قال علیه السلام : « إذا عطس أحدکم فسمّتوه قولوا : یرحمکم الله ، وهو یقول : یغفر الله لکم ویرحمکم ، قال الله عزّ وجلّ ( إِذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّةٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) (1).

قوله : من حیث السند. ( 3 : 474 ).

ومن حیث المعارضة لصحیحة ابن مسلم وغیرها (2) ، ولظاهر القرآن (3) والعمومات فی ردّ السلام ، مع إمکان حملهما

علی عدم زیادة الجهر المنافیة لحرمة الصلاة ، فتأمّل.

قوله : ولا یجب ردّ غیر السلام من الدعوات. ( 3 : 475 ).

إذا سلّم علیه سلام ملحون فالأحوط أن یردّ علیه بصورة الآیة القرآنیة ، مثل ( سَلامٌ عَلَیْکُمْ بِما صَبَرْتُمْ ) (4) ، فتأمّل.

قوله : ولم أقف علی روایة تدل بمنطوقها علیها. ( 3 : 477 ).

تکفی دلالة ظاهر الآیة والمفهومات فی الروایات وظواهرها ، منها روایة حریز وسماعة الآتیتان ، وموثقة عمار فی قتل الحیّة فی الصلاة أنّه « إن کان بین المصلّی وبین الحیّة خطوة فلیخط ولیقتلها ، وإلاّ فلا » (5) ، وغیرها (6).

کلمة فی جواز ردّ السلام فی أثناء الصلاة

ص: 135


1- الخصال : 633 ، الوسائل 12 : 88 أبواب أحکام العشرة ب 58 ح 3.
2- انظر الوسائل 7 : 267 أبواب قواطع الصلاة ب 16.
3- النساء : 86.
4- الرعد : 24.
5- الفقیه 1 : 241 / 1072 ، التهذیب 2 : 331 / 1364 ، الوسائل 7 : 273 أبواب قواطع الصلاة ب 19 ح 4 ، بتفاوت یسیر.
6- انظر الوسائل 7 : 274 أبواب قواطع الصلاة ب 19 ح 5.

وکذا ما ورد من المنع من فعل المنافیات فی الصلاة (1) ، وما ورد فی الصحیح فی کثیر الشکّ : « لا تعوّدوا الخبیث من أنفسکم نقض الصلاة فتطمعوه » إلی قوله : « إنّما یرید الخبیث أن یطاع فإذا عصی لم یعد إلی أحدکم » (2) وغیر ذلک ، فتتّبع الأخبار وتأمّل فیها یظهر لک ما قلنا.

مع أنّ ذلک إجماعی أیضا ، بل الظاهر أنّه من ضروریات الدین ، فما ذکره من انتفاء الدلیل علی التحریم فیه ما فیه.

قوله (3) : ولم أقف علی روایة. ( 3 : 477 ).

الأخبار المتواترة المتضمّنة لقولهم : « وتحریمها التکبیر » ، وقولهم علیه السلام : « وتحلیلها التسلیم » (4) وأمثال ذلک دالة علی المطلوب بالمنطوق ، وبالجملة ، الأخبار متواترة ، منها ما ورد فی المنع من منافیات الصلاة فیها.

قوله : أجمع العلماء کافّة علی وجوب صلاة الجمعة. ( 4 : 5 ).

المجمع علیه هو ضروری الدین لا یحتاج إلی الدلیل ، فضلا عمّا ارتکبه من التطویل والتأکید والتشدید ، سیّما والأدلة ظنّیة نظریة فکیف یستدل بها علی الضروری الیقینی؟ اللهم إلاّ أن یکون مراده إثبات عدم اشتراط الإمام أو نائبه ، کما یظهر من آخر کلامه ، لکن فی الدلالة نظر ستعرفه ، فلاحظ.

حرمة قطع الصلاة إختیاراً

صلاة الجمعة

حکمها فی زمان الغیبة

ص: 136


1- الوسائل 7 : أبواب قواطع الصلاة ، الأبواب 3 ، 7 ، 25 ، 29.
2- الکافی 3 : 358 / 2 ، التهذیب 2 : 188 / 747 ، الاستبصار 1 : 374 / 1422 ، الوسائل 8 : 228 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 16 ح 2.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- الوسائل 6 : 415 ، 417 أبواب التسلیم ب 1 ح 1 ، 8.

قوله : وهو هنا. ( 4 : 5 ).

تنبیه علی أنّ صیغة الأمر لا تدل علی التکرار ، کما حقّق فی محلّه ومسلّم عند المحققین ، ومنهم الشارح ، فیرد علیه أنّ التکرار إذا کان من اتفاق العلماء یکون متقدّرا بقدره ، ولا نزاع لأحد فی التکرار المتفق علیه ، بل نقلوا الإجماع علی اشتراط الإمام أو نائبه ، فیکون التکرار المتفق علیه فی صورة وجود الإمام أو نائبه بحیث یکونان إمام الجمعة بالاتفاق منهم.

علی أنّه علی تقدیر عدم العلم بتحقّق هذا الإجماع فالظنّ به لا شکّ فیه ، لأنّه إجماع نقله جماعة کثیرة من الفقهاء الفحول ، کما ستعرف.

وعلی تقدیر عدم الظنّ فالاحتمال لا شکّ فیه بالبدیهة ، بل علی تقدیر الظنّ بعدم الاشتراط لا شبهة فی کون التکرار الذی اتفق علیه العلماء هو الذی لا نزاع لأحد فیه ، فالظنّ بعدم الاشتراط من جهة أمر خارج لا ینفع المستدل فی استناده إلی القدر المتفق علیه ، کما هو ظاهر.

وبالجملة لا شبهة فی فساد استدلاله ، بل الآیة تکون حجّة علی الشارح لا له ، لأنّ الأمر لا یقتضی التکرار ، بل المقتضی له هو الإجماع ، ففی موضع الخلاف لا تکون واجبة ، کما لا یخفی.

قوله : للتکرار. ( 4 : 5 ).

إن أراد التکرار فی الجملة فمسلّم ، لکن لا فائدة ، کما أشرنا ، وإن أراد علی سبیل الدوام فممنوع ، بل باطل ، وبالجملة التکرار فی نفسه لیس له حدّ مضبوط معیّن ، بل إنّما هو علی حسب ما یقتضیه مقتضیه ، فإذا کان المقتضی هو اتفاقهم فلا جرم یکون المقتضی هو الأمر المتفق علیه.

علی أنّه إن أراد التکرار بعد النداء ففساده لا یخفی ، وإن أراد علی

تحقیق فی أنّ صیغة الأمر لا تدلّ علی التکرار

أدلّة القائلین بالوجوب العینی والجواب عنها :

الأوّل : الآیة الشریفة

ص: 137

حسب النداء فلا وجه للقول بأنّ الأمر للتکرار ، بل المناسب أن یقول : کلمة إذا هنا للعموم ، وإن لم تفد لغة ، کما هو الحق عنده ومعظم المحقّقین (1) ، اللهم إلاّ أن یؤول کلامه إلی ذلک بضرب من العنایة ، وکیف کان ، فالاعتراض باق بحاله ، کما لا یخفی.

وربما استدل علی العموم بأنّ الحمل علی المعیّن ترجیح من غیر مرجّح ، وعلی غیر معیّن ینفی الفائدة.

وفیه : أنّه لو تمّ فهو من باب إرجاع المطلق إلی العموم ، وغیر خفی أنّه إنّما یرجع إلیه إذا لم یکن هناک شائع غالب ، وإلاّ فالذهن ینصرف إلیه ، وهو المرجّح ، والشارح اعترف بذلک فی مواضع شتّی ، والشائع الغالب - بل المتعارف - کان فی زمان نزول الآیة وقوع النداء عند حضور السلطان أو نائبه ، بل وما بعده أیضا کان کذلک ، کما سیجی ء عن المحقّق ، وکذا الکلام فی لفظ الصلاة.

مضافا إلی أنّ الظاهر المتبادر النداء الصحیح الشرعی ، وکذا الصلاة الصحیحة الشرعیة ، سیّما علی رأی القائل بأنّ ألفاظ العبادات أسام للصحیحة المستجمعة لشرائط الصحة ، وکون الواقع بغیر حضور السلطان أو نائبه صحیحا محلّ نظر ، بل أوّل الکلام ، وباقی الکلام سیجی ء فتربّص.

علی أنّ المحقّق فی الأصول أنّ الأمر للطبیعة ، وأنّ امتثاله مرّة یکفی ، بل لا یجوز أزید من المرّة لو کان عبادة ، فالتکرار إذا کان من الإجماع (2) ففی موضع الخلاف لا تکرار ، فیکفی الواحدة ولا یلزم التکرار ، فتأمّل.

ص: 138


1- انظر تمهید القواعد : 381 ، والحدائق 9 : 399.
2- فی « أ » و « و » زیادة : فمسلّم وإلاّ.

قوله : والتعلیق بالنداء مبنی علی الغالب. ( 4 : 5 ).

دفع إیراد یرد علیه ، وهو أنّ مفهوم الشرط حجّة ، کما حقّق ، ومسلّم عندکم ، وهو هنا عدم الوجوب عند عدم النداء ، والموجبون نافون لذلک ومتحاشون عنه ، فأجاب بأنّ الشرط هنا وارد مورد الغالب ، ولا اعتبار لمفهوم مثله ، لأنّ المتعارف لمّا کان فی ذلک الزمان أنّهم ینادون غالبا - بل والبتّة - قال الله عزّ وجلّ کذلک ، لا أنّه إذا لم یتحقّق النداء علی الندرة أو فرضا فلا یجب السعی.

لکن یرد علیه : أنّه بعد التسلیم غایة ما یلزم عدم ظهور حکم المفهوم ، لا أنّه یظهر من المنطوق أنّ الحکم فی صورة المفهوم أیضا موافق لحکم المنطوق ، وهو واضح ، إذ کیف یصحّ أنّ یقال : إنّه تعالی قال : اسعوا مکرّرا إذا نودی أو لم یناد للصلاة إذا نودی للصلاة؟ فإنّ السفیه لا یتکلم کذلک فضلا عن الحکیم ، فضلا عن الله تعالی ، فضلا عن القرآن الذی هو فی غایة البلاغة ، فغایة ما ثبت من الآیة وجوب الجمعة فی الغالب لیس إلاّ ، ولا نزاع فیه ، لما عرفت من أنّ الغالب کما کان بأنّهم کانوا ینادون کذا ، کان ذلک النداء عند حضور السلطان أو نائبه ، فتدبّر.

قوله : ولا یخفی علی من تأمّله من أولی الأفهام. ( 4 : 6 ).

فیه : أنّ الأمر بالعکس ، لقوله تعالی ( ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ ) ولأنّ الأوامر المتأخّرة أکثرها لیس للوجوب ، ومثل هذا یضرّ عند الشارح فتأمّل.

قوله : وصحیحة منصور عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 4 : 6 ).

فی الاستدلال بها وبصحیحة فضل الآتیة ونظائرهما علی عینیة الوجوب نظر یظهر ممّا سیجی ء فی بیان العدد ، مع أنّ الشارح رحمه الله حمل

الثانی : الروایات

ص: 139

الوجوب فیها علی التخییر ، فکیف یستل بها علی العینی؟ فتأمّل.

ویرد علی صحیحة الفضل أنّ « جمّعوا » لیس صیغة الأمر ، ولا یرجع إلیه أیضا عند الشارح ونظرائه. مضافا إلی أنّ الأمر الواقع عقیب الحظر الصریح أو المستفاد من : صلّوا أربعا ، بوجه من الوجوه دلالته علی الوجوب محلّ کلام ونظر ، کما ذکر فی الأصول (1) ، فلاحظ.

قوله : وصحیحة زرارة. ( 4 : 7 ).

الاستدلال بها علی عینیة الوجوب فی غایة الغرابة ، إذا الحثّ لا دلالة له علیها ( لأنّه لا یدل علی أزید من الترغیب فقط ، فلا یدل علی المنع من الترک بإحدی الدلالات ، والأصل عدم المنع من الترک وبراءة الذمّة من الفعل ، فیدل علی مذهب المخیّر ) (2) ، بل لا خفاء فی ظهوره فی الاستحباب ( کما هو الحال فی لفظ ینبغی ) (3).

سیّما وزرارة - مع عدالته وفقاهته وجلالته ورئاسته علی من تبعه من الشیعة الذین کانوا یعبّرون عنهم بالزراریة. إلی غیر ذلک ممّا ورد ، فیه ویظهر من حاله - کیف یروی کرّات ومرّات متعدّدة عن الباقر علیه السلام أنّ الجمعة فریضة فرضها الله فی جماعة ، ولیست موضوعة إلاّ عن تسعة ، ولیس هو منهم ، و : « أنّها واجبة علی من صلّی الغداة » ، الحدیث ، و : « أنّهم متی اجتمع سبعة ولم یخافوا » الحدیث ، إلی غیر ذلک ممّا لم یذکر الشارح رحمه الله وضبطها فی أصله المشتهر اشتهار الشمس فی الشیعة ، والأجلّة کانوا رووا عنه ودوّنوا فی أصولهم ، ومع ذلک کان یترکها حتی

ص: 140


1- انظر الوافیة : 74 ، الإحکام فی أصول الأحکام 2 : 398.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
3- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

احتجاج إلی حثّ الصادق علیه السلام .

ومع ذلک کیف اکتفی علیه السلام بالحثّ؟ مع أنّه ما نفعه التعریضات والإیجابات والتأکیدات والتشدیدات ، بل وفضاعة عدم العمل بها وشناعته ، بل کان المناسب أن یستفسر أوّلا وجه ترکه ، فإن أتی بالعذر وکان صوابا ترکه علی حاله ، وإن کان خطأ بیّنه له ونبّه علیه ، وإن لم یأت به أنکر علیه أشدّ الإنکار وهدّد وشدّد أزید ممّا فعله والده علیه السلام .

کیف؟ وهو علیه السلام أنکر علی حماد بعدم إتیانه بالصلاة بحدودها تامّة مع أنّها من المستحبات والآداب بقوله : « ما أقبح بالرجل منکم » (1) ، الحدیث ، بل کانوا ینکرون بترک مثل غسل الجمعة والنوافل الیومیة وأمثال ذلک ، فکیف فی مثل هذه الفریضة من مثل هذا الجلیل؟!

سیّما بعد إیجابات کثیرة سابقة أکیدة شدیدة رواها هو بنفسه ، وکذا شرکاؤه ونظراؤه مثل ابن مسلم وأبی بصیر وغیرهما من الأجلّة ، ودوّنوها فی أصولهم المعمولة المشهورة ، مع أنّهم دائما کانوا یقرؤون القرآن وسورة الجمعة ویفهمون المعنی أحسن منّا ، وکذا الحال فی الأخبار الصادرة عن الرسول وأهل البیت علیه السلام ، سیّما ما رووه بأنفسهم ، وکان المعصوم علیه السلام عندهم ، یتمکّنون من الرجوع إلیه فی معرفة القیود والشرائط ویمکنهم استفصال أنّ الآیة بأیّ شی ء مقیّدة ، وکانوا أحسن منّا فی المعرفة ومعانی أحادیثهم وأحادیث غیرهم حتی ما ورد عن الرسول.

وزرارة کان من فقهاء العامّة فاستبصر ، فکیف اتفقوا علی الترک فی مدّة مدیدة ولم یتفطّن أحد منهم ولا ممّن تبعهم ولا من غیرهم من

ص: 141


1- الکافی 3 : 311 / 8 ، الفقیه 1 : 196 / 916 ، التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.

صدیقهم أو عدوّهم تشنیعا ، أو غیرهم حیرة وتعجّبا (1)؟ فکیف لم یتفطّن واحد منهم ، أو تفطّنوا لکن لم یقبل منهم واحد؟

مع أنّه یورث التهمة فی أحادیثهم ، فکیف اتفق الرواة والفقهاء فی أخذ الأحادیث منهم دائما؟ مع أنّهم کانوا یحتاطون فی أخذ الحدیث غایة الاحتیاط ، ویلاحظون الوثاقة غایة الملاحظة ، کما لا یخفی علی المطّلع بأحوالهم.

مع أنّه یظهر من الرجال أنّه رحمه الله کان محسودا بسبب غایة تقرّبه إلی المعصوم علیه السلام ونهایة جلالته واشتهاره عند الشیعة ، [ و ] کان جمع منهم فی غایة التفتیش فی عثرة أو عیب لعلّه یکون فیه ، وربما کانوا یخترعون ، وربما کانوا علیه السلام یذبّون عنه (2) ، ومع ذلک لم یشر إلی ذلک أحد أصلا ، وکذا الحال بالنسبة إلی نظائره.

ویؤکد الاستحباب قوله : ظننت ، إذ لو کان الحث علی سبیل الوجوب ولم یکن فعلها منصبا للإمام بل واجبا علی کل مکلّف - کما یدّعون ، ویدّعون ظهور ذلک من روایات زرارة عن الباقر علیه السلام ، بل وربما یدّعون کونها کالصریحة فی ذلک - فلا وجه لأن یتوهّم من زیادة الحثّ الغدو علیه ، بل کان المناسب خلاف ذلک ، مثل أنّ یتوهّم فعلها خلف غیر العادل أیضا مثلا.

علی أنّ الوجوب غیر قابل للدرجات بهذا النحو ، إذ علی ترکه العقاب ، فبعد دخول جهنم کیف یبقی شی ء آخر حتی یقول : وقع الحثّ

ص: 142


1- فی « ا » زیادة : أنّه لا مانع منها فکیف اتفقتم علی ترکها فإنّ العادة تقضی بتفطّن الجمیع.
2- انظر رجال الکشی 1 : 348 - 352.

إلی حدّ ظنّنا کذا وکذا؟ نعم الواجب درجاته التزیید (1) فی العقاب ، والتشدید فیه کمّا وکیفا ، بل غیر خفی علی المنصف أنّ مراد زرارة أنّه من شدّة حثّه ومبالغته فیه توهّمنا الوجوب ، ولمّا کان یدری أنّه منصبه علیه السلام ولم یکن له منصوب فی العراق لعدم بسط یده توهّم أنّه یرید أن یغدو علیه ، ویظهر من عبارة زرارة أنّ ظنّه کان توهّما منه ، لا أنّه کان فی موقعه ، فتدبّر.

وممّا ذکرنا ظهر حال استدلاله بسائر روایات زرارة وروایات نظرائه أیضا ، فتأمّل جدّا.

وممّا یدل بظاهره علی عدم الوجوب عینا ما رواه الشیخ فی مصباحه والصدوق فی أمالیه بسند صحیح أنّه علیه السلام قال : « إنّی أحبّ للرجل أن لا یخرج (2) من الدنیا حتی یتمتّع ولو مرّة ، وأن یصلّی الجمعة فی جماعة ولو مرّة » (3) ویظهر منه رحمه الله فی المصباح أنّ مستند التخییر عندهم هو هذا الحدیث ، فلاحظ ، إلی غیر ذلک من الأخبار الکثیرة التی ستعرفها.

ویؤیّده أیضا روایة عبد الملک أنّه قال له الصادق علیه السلام : « مثلک یهلک ولم یصلّ فریضة فرضها الله تعالی؟ » (4).

والمراد من الهلاک الموت ، لأنّه معناه ، ولأنّ الظاهر منه فی المقام ذلک ، لأنّ مناسب الهلاک بمعنی الوقوع فی العذاب التعلیل بترک الفریضة ،

ص: 143


1- فی « ج » و « د » : التردید.
2- فی « ب » و « ج » و « د » : إنّی أحبّ لشیعتی أن لا یذهب.
3- مصباح المتهجّد : 324 ، الوسائل 21 : 14 أبواب المتعة ب 2 ح 7 ، بتفاوت فیهما ، ولم نعثر علیه فی أمالی الصدوق.
4- التهذیب 3 : 239 / 638 ، الاستبصار 1 : 420 / 1616 ، الوسائل 7 : 310 أبواب صلاة الجمعة ب 5 ح 2.

لا الإتیان بالواو الحالیة ( والجملة الحالیة ) (1).

ولأنّ عبد الملک کان یترک ویظهر من الخبر أنّ ترکه لم یکن فسقا وعصیانا ، بل من جهة أنّه ما کان یدری ما یصنع ، بل کان یعتقد أنّه لا یجوز بغیر المنصوب من قبل الإمام ، ولذا أزال حیرته بقوله علیه السلام : « صلّ جماعة » أی لا تتوقّف علی المنصوب واکتف بالجماعة.

ولو کان ترکه لأجل التقیّة لما کان لسؤاله مناسبة ، وکذا جواب المعصوم علیه السلام ، کما لا یخفی علی المتأمّل فی مضمون الخبر : إنّ مثلک یذهب من الدنیا ولم یصدر منه فریضة فرضها الله ، لأنّ معنی « لم یصلّ فریضة » ما صلاّها أصلا ، وهذا منشأ التوبیخ له ، کما هو الظاهر ، ومفهومه أنّه إن صدر منه فریضة لما کان کذلک ، وإیجاب الواجب مطلقا والمنع عن الترک بالمرّة لا یکون بتلک العبارة ، بل المناسب أن یقول له : کیف یجوز لک أن تترک مرّة واحدة فریضة الله فی مدّة عمرک؟ لا أن یقول : کیف ینقضی مدّة عمرک ولم یتحقّق منک فریضة فرضها الله ولم توجد من هذه الطبیعة فرد منها؟

مع أنّ الأمر الوارد بقوله : « صلّوا جماعة » ورد فی مقام توهّم الحظر ، فدلالته علی الوجوب محلّ نظر ، بل لا یدل ، کما حقّق فی محلّه.

علی أنّا نقول : « الوجوب التخییری لا شکّ فی کونه وجوبا ، وواجبه من أفراد الواجب ، وصدق تعریف الواجب والتعبیر عنه ب : افعل ، متعارف متداول فی الآیات والأخبار ، غایة الأمر أنّه إذا قیل لشی ء : افعل هذا الشی ء ، یکون ظاهرا فی العینی ، فالمدار علی الظهور ، وبناء الاستدلال علیه ، وإن کان الاخبار یحتمل الأعمّ من العینی والتخییری ، وإذا کان البناء علی الظهور

ص: 144


1- ما بین للقوسین لیس فی « ج ».

فلا شبهة فی أنّ هذه الروایة زرارة وغیرها ظاهرة فی الاستحباب.

وأمّا روایة ابن مسلم : فراوی هذه الروایة بعینه - وهو ابن مسلم - روی اشتراط من یخطب ، کما ذکرت وعرفت الحال فیه ، وروی أیضا اشتراط الإمام وقاضیه وغیرهما ممّن سیذکر فی بحث اشتراط السلطان أو من نصبه (1) ، وإنّ الصدوق أفتی بمضمونه (2) ، والحدیث صحیح ، والدلالة ظاهرة ، والقائل بمضمونه موجود (3) ، مع أنّ الشارح یشترط (4) وجود القائل بمضمون الحدیث لکونه حجّة - وسیجی ء تتمّة الکلام هنالک (5) - ، فلا شبهة فی جواز أن یکون المراد بعد استجماع شرائط الصلاة ، بل هذا هو الظاهر ، ولعلّ الإذن من الشرائط ، کما نقل جماعة کثیرة الإجماع (6) ، وظهر ذلک من غیر واحد من الأخبار ، فتدبّر.

ثم لا یخفی أنّه ورد فی شأن زرارة أنّه لیس أحد أصدع بالحقّ منه (7) ، وورد فیه وفی نظرائه أنّهم أمناء الله علی الحلال والحرام والأحکام ، ولولا هؤلاء لاندرست آثار النبوّة ، وأنّهم حفّاظ دین الله ، وأنّ الباقر علیه السلام ائتمنهم علی حلال الله وحرامه ، وکانوا عیبة علمه ، وأنّهم عند الصادق علیه السلام أیضا کانوا کذلک ، وکانوا (8) مستودع سرّه ، وأنّه إذا أراد الله بأهل الأرض

ص: 145


1- انظر المدارک 4 : 21.
2- الفقیه 1 : 267 ، الهدایة : 34.
3- قال به الشیخ فی الخلاف 1 : 599 ، والنهایة : 103 ، وابن البراج فی المهذّب 1 : 100.
4- کذا فی النسخ ، ولعل الصحیح : لم یشترط ، وانظر المدارک 2 : 139.
5- انظر ص 191 - 203.
6- منهم الشیخ فی الخلاف 1 : 626 ، والمحقّق فی المعتبر 2 : 279 ، والعلاّمة فی المنتهی 1 : 317 ، والفاضل السیوری فی کنز العرفان 1 : 168 ، والمحقّق الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 370.
7- رجال الکشی 1 : 355 / 225.
8- فی « د » زیادة : شیوخا.

سوءا صرفه بهم ، وأنّهم نجوم الشیعة یکشف الله بهم کلّ بدعة ، وأنّهم ینفون عن الدین انتحال المبطلین وتأویل الغالین ، صلوات الله علیهم أحیاء وأمواتا ، إلی غیر ذلک من المدائح (1) ، فکیف مثل هؤلاء کانوا یترکون الجمعة مع کونهم الرواة لوجوبها کرّاتا ومرّاتا؟ إلی غیر ذلک ممّا ذکرنا.

والبناء علی أنّ ترکهم کان تقیّة ینافی الحثّ علی فعلها ، بل الشیعة زهّادهم وعبّادهم کانوا حریصین علی ترک التقیّة ، بل وعدولهم فضلا عن غیرهم ، وکان الأئمّة علیه السلام حریصین علی ترک التقیّة ، بل وعدولهم فضلا عن غیرهم ، وکان الأئمّة علیه السلام حریصین علی أمرهم بالتقیّة ، وکانوا یشکون عنهم فی مخالفتهم للتقیّة ، فکیف صار الأمر فی المقام بالعکس؟

مع أنّ زرارة ونظراءه فی غایة الفقاهة والعدالة وغیرهما ممّا أشرنا إلیه ، وکانوا عارفین بالتقیّة ووقت التقیّة ، وکانوا یلاحظون مقام عدم التقیّة ومکان التقیّة ، فلو کان ترکهم للتقیّة فکان لخوفهم علی أنفسهم ، والتقیّة صاحبها أبصر بها وأعرف ، کما فی الأخبار (2) ، فکیف کان علیه السلام یأمر أمثال هؤلاء بخلاف ما کان یأمر شیعتهم ویصرّح بأنّ التقیّة موکولة إلی معرفة صاحب التقیّة وهو أبصر بها؟ والعمل فی الشرع فی التقیّة علی ما ذکر بلا تأمّل ، کما لا یخفی علی المطّلع بالأخبار والفتاوی وطریقة الشیعة فی الأعصار والأمصار وطریقة سلوک الأئمّة معهم وأمرهم بها.

مع أنّه علیه السلام علی فرض أن یکون فی خصوص المقام مخالفا للطریقة المعهودة الثابتة بأنّه کان یعلم من باب المعجزة أنّه ما کان تقیّة لهم وخوفهم کان عبثا لا بحسب الحال ولا بحسب المآل لکان یقول لزرارة وغیره هذا المعنی فقط ، ولا معنی للحثّ والترغیب وغیر ذلک ممّا عرفت.

ص: 146


1- رجال الکشی 1 : 348 / 220 ، والوسائل 27 : 145 أبواب صفات القاضی ب 11 ح 25.
2- الوسائل 23 : 225 ، 227 أبواب الأیمان ب 12 ح 7 ، 15.

والقول بأنّهم کانوا یعلمون بأنّ الشیعة کانوا متمکّنین من فعلها فی القری والبیوت خفیة فلذا أمرهم وحثّهم.

فاسد ، لأنّه أیضا ینافی التقیّة بحسب الوجدان ، لأنّ مثله یشیع ویذیع عادة فی بلاد التقیّة ، ومع ذلک یبعد أنّ هؤلاء الفقهاء جمیعا لم یتفطّنوا بذلک أصلا.

ومع ذلک لم یظهر مما ذکر فی خبر أصلا ، خبر أصلا ، إذ حکایة القری والبیوت والإخفاء وأمثالها لیس فی الروایات منها عین ولا أثر ، فکان اللازم أن یکون المذکور فی الأخبار هذا الذی ذکر ، لا مجرّد الأمر والحثّ وغیرهما. علی أنّ الحثّ لا معنی له علی ما ذکر أیضا ، بل اللازم إظهار التمکّن.

ولا یخفی أنّ بنی أمیّة وبنی العبّاس فی ذلک الزمان کانوا مشغولین بأنفسهم ، والکوفة کانت بلد الشیعة ، ورؤساؤهم وطوائفهم وقبائلهم کانوا شیعة أو مائلین إلی آل فاطمة علیهاالسلام ، فما کانت تقیّة حین صدور الحثّ ، إلاّ أنّ الأئمّة علیه السلام ما کانوا متمکّنین من النصب فی إمام الجمعة ، لأنّه منصب السلطنة ، وکانوا علیه السلام یعلمون أنّ بنی العبّاس یغلبون ویتسلّطون ویؤاخذون إن وجدوا منصوبا من قبلهم علیه السلام ، وکانوا یطلعون البتّة ویقولون : إنّهم علیه السلام یدّعون السلطنة ، وکانوا یؤاخذون أشدّ المؤاخذة ، ولا کذا نفس فعل الجمعة لو وقعت خفیة فی تلک الفترة ، سیّما بعد ملاحظة أنّ العامة کثیر منهم أو أکثرهم یجوّزون فعل الجمعة من غیر وجود منصوب ، سیّما فی أوقات الفترة واشتغال السلاطین ، فتأمّل جدّا.

قوله : یصلّون أربعا. ( 4 : 7 ).

مفاد الحدیث أنّه إذا لم یکن من یخطب یکون المطلوب منهم أربعا علی الحتم والتعیین ، فمفهوم الشرط لا یقتضی وجوب الجمعة علی الحتم

ص: 147

والتعیین ، کما لا یخفی.

مع أنّ الإمام یجب أن یکون عادلا عارفا بأحکام الصلاة ومتعلّقاتها التی من جملتها أحکام الإمامة ، ومع ذلک لا یقدر علی أقلّ الواجب من الخطبة بعید جدّا.

مع أنّهم لا یشترطون القدرة علی الإنشاء ، فکان المناسب أن یقول : یحصّل خطیبه من البلاد ، فإن لم یتمکّن یصلّون أربعا ( لأنّ الخطبة مقدّمة الواجب المطلق لا المشروط بمقتضی کلامهم وأدلّتهم ، وسیجی ء تمام الکلام ) (1).

قوله : وصحیحة عمر بن یزید عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 4 : 7 ).

ربما یأبی السیاق عن الحمل علی الواجب العینی ، لأنّ جلّ الأوامر علی الاستحباب ، والشارح ربما یمنع بمثل ما ذکر فی أمثال ما ذکر ، فتدبّر ، وبالجملة لا یبقی وثوق بعد ملاحظة السیاق.

مع أنّ الکلام فی أنّ الإمام الوارد فیها هو إمام الجمعة أو الجماعة؟ مع أنّه یظهر من الأخبار المغایرة بین الإمامین ، فتأمّل جدّا.

قوله : أدرک الجمعة. ( 4 : 8 ).

لم یقل أحد بالوجوب علی من إن صلّی الغداة أدرک الجمعة وفرغ من العصر فی وقت الظهر ووصل بیته قبل اللیل ، فإنّ هذا یصیر أربعة فراسخ لا أقلّ منه ، فتأمّل ، ولعلّ هذا مذهب بعض العامّة ، فهی محمولة علی الاستحباب أو التقیّة ، کما سیجی ء.

( سلّمنا ، لکن غایة ما یثبت من ظاهرها أنّ الموضع الذی انعقد فیه

ص: 148


1- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : فتأمّل.

الجمعة یجب علی أهل الأطراف للفرسخین حضور تلک الجمعة ، فلو کان المراد من هذا الوجوب العینی لزم أن یکون من لم یحضر هذه الجمعة منهم معاقبا ، وإن تیسّر معه اجتماع سبعة نفر أحدهم قابل لإمامتهم ، تیسّر فی مکانه أو بعد الفرسخین أو مساویهما أو قبلهما إلی فرسخ إلی موضع تلک الجمعة ، وهذا باطل عند الشارح وموافقیه أیضا ، ولا وجه لإیجاب المشی فرسخین حینئذ.

وأیضا مفهومها عدم وجوب الجمعة مطلقا علی من لم یدرک تلک الجمعة إن صلّی الغداة فی أهله ، سواء تیسّر معه ذلک الاجتماع أم لا ، وهذا أیضا باطل عندهم ، مع أنّ الغالب التیسّر فی المنطوق والمفهوم جمیعا ، بل التحقّق والغفلة بالبدیهة ، ولذا یکون المتعارف تیسّر الصلاة متعدّدا فی سعة أربعة فراسخ فی أربعة طولا أو عرضا وعلی شکل الاستدارة بحسب الغالب ، فحمل الروایة علی الفروض النادرة باطل وفاقا قطعا ، فدعوی أنّها مقیّدة بصورة فقد التیسّر باطل قطعا ، مع أنّ بناء استدلالهم إنّما هو علی کون الأخبار مطلقة ، فکیف یمکن دعوی التقیید فی مقام الاستدلال؟ وکذا الحال إن ادّعوا خلاف ظاهر آخر.

لا یقال : ما ذکر وارد علی مشترط السلطان أو المنصوب أیضا.

لأنّ نصبه کان علی حسب رأیه ، فلعلّه کان نصبه بحیث لا یتحقّق المفسدتان غالبا ، وإطلاقات الأخبار محمولة علی الغالب ، فتأمّل جدّا.

وبالجملة : الظاهر منه أنّ الإمام رجل مشخّص یجب علی أهل الأطراف إلی فرسخین أو ما زاد الحضور لدیه [ و ] (1) الصلاة معه ، کما کان

ص: 149


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

السنّة فی زمان الرسول صلی الله علیه و آله ذلک ، لا أنّ أی رجل یکون قابلا للإمامة وتیسّر معه أربعة أو ستة یجب علیهم الجمعة معه أو مع غیره بحیث لا یفوت من أحدهم فعلها.

وممّا ذکر ظهر الکلام فی الأخبار الآخر التی استدلّ بها الشارح وغیره (1) ، وتضمّنت ذکر السقوط عمّن کان علی رأس الفرسخین ، والثبوت علی من کان دونه ، فتأمّل جدّا ) (2).

قوله : فإذا اجتمع سبعة. ( 4 : 8 ).

فیه - مضافا إلی ما سبق - : أنّ هذا یحتمل أن یکون من کلام الصدوق بملاحظة طریقته فی الفقیه ، وملاحظة صدر الروایة ، ووقع کثیرا أمثال هذا الاشتباه ونبّهوا علیه ، والفاضل المحشّی علی الفقیه مولانا مراد حکم بکونه من کلام الصدوق (3) ، هذا مع المناقشة فی الدلالة علی الوجوب العینی ، سیّما مع ملاحظة الورود مورد توهم الحظر ، فتأمّل.

قوله (4) : إذ لا إشعار فیها بالتخییر بینها وبین فرد آخر. ( 4 : 8 ).

یظهر من هذا أنّ استدلاله جدل لا برهان ، وردّ لمذهب المشهور لا القائل بالتحریم ، إلاّ أن یقال : إنّ نفس الوجوب یردّه ، وفیه ما عرفت وستعرف.

ص: 150


1- انظر الحدائق 9 : 412.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د » وهو موجود فی « أ » و « و » فی ذیل التعلیقة علی صحیحة عمر بن یزید ، ولکنّه غیر مرتبط بها فنقلناه إلی هنا للتناسب.
3- انظر الفقیه ( طبعة جامعة المدرسین ) 1 : 412.
4- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

قوله : قوله علیه السلام : من ترک الجمعة. ( 4 : 8 ).

فیه - مضافا إلی ما عرفت سابقا - : أنّ راوی هذه الروایة بعینه - [ و ] (1) هو ابن مسلم - روی اشتراط من یخطب ، کما ذکرت ، وقد عرفت الحال فیه ، وروی أیضا اشتراط الإمام وقاضیه وغیرهما ممّن سیذکر فی بحث اشتراط السلطان أو من نصب ، وأنّ الصدوق أفتی بمضمونه ، والحدیث صحیح ، والدلالة ظاهرة ، والقائل بمضمونه موجود ، مع أنّ الشارح یشترط وجود القائل بمضمون الحدیث لکونه حجّة (2) ، وسیجی ء تتمّة الکلام هنالک.

قوله : ولیس فیها دلالة علی اعتبار حضور الإمام. ( 4 : 8 ).

لا یجب أن یکون فیها دلالة ، بل فاسد ، إذ لا دلالة فیها علی شرط من الشروط المسلّمة ، مع أنّه فرع مسلّمیة کون ما ذکره صلاة الجمعة ، وهو أوّل النزاع فی موضوع الحکم لا نفس الحکم ، فتأمّل.

قوله : بل الظاهر من قوله علیه السلام . ( 4 : 8 ).

یظهر ممّا ذکره وأخبار کثیرة صحاح ومعتبرة ، مثل ما رواه الفضل بن عبد الملک عن الصادق علیه السلام : « إذا کان قوم فی قریة صلّوا الجمعة أربع رکعات ، فإذا کان لهم من یخطب بهم جمّعوا » (3).

وفی الموثق کالصحیح بابن بکیر - بل الصحیح - عنه علیه السلام : عن قوم فی قریة لیس لهم من یجمّع بهم ، أیصلّون الظهر یوم الجمعة فی جماعة؟

ص: 151


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- انظر المدارک 3 : 351 ، وراجع ص 144.
3- التهذیب 3 : 238 / 634 ، الاستبصار 1 : 420 / 1614 ، الوسائل 7 : 304 أبواب صلاة الجمعة ب 2 ح 6.

قال : « نعم إذا لم یخافوا » (1).

وعن الباقر علیه السلام : « فمن صلّی بقوم یوم الجمعة فی غیر جماعة فلیصلّها أربعا » (2) فتأمّل.

وفی موثقة سماعة عن الصادق علیه السلام : « فأمّا إذا لم یکن إمام یخطب فهی أربع رکعات وإن صلّوا جماعة » (3) إلی غیر ذلک :

أنّ إمام الجمعة غیر إمام الجماعة ، وأنّه یعتبر فیه أمر زائد علی ما یعتبر فی إمام الجماعة ، والفقهاء یقولون : هذا الأمر الزائد هو الإذن والنصب ، والشارح یقول غیره ، فلیس هو ذلک ، فإطلاق الآیة والأخبار مقیّد بذلک الزائد علی أیّ تقدیر ، فکیف یمکن للشارح ومن وافقه أن یتمسک بإطلاقاتهما علی عدم اشتراط الإذن والنصب ، مع أنّ تقییدها بالأمر الزائد مسلّم عند الکلّ ثابت ( من الأدلة ) (4) بلا تأمّل ، وإنّما الکلام فی أنّه ما ذا وکیف یثبت من الإطلاقات أنّ ذلک القید المسلّم الثابت لیس ما ذکره الفقهاء من جهة أنّ الآیة والأخبار ( مطلقة أیضا ) (5)؟ بل هو الذی یدّعیه الشارح وموافقوه من جهة أنّهما مطلقتان؟ بل عرفت وستعرف أیضا أنّ الحق مع الفقهاء ، وأنّ الشرط الزائد الثابت علی أیّ تقدیر هو الإذن

ص: 152


1- التهذیب 3 : 15 / 55 ، الاستبصار 1 : 417 / 1599 ، الوسائل 7 : 327 أبواب صلاة الجمعة ب 12 ح 1.
2- تفسیر العیاشی 1 : 127 / 416 ، البرهان 1 : 231 / 5 ، المستدرک 6 : 15 أبواب صلاة الجمعة ب 6 ح 1.
3- الکافی 3 : 421 / 4 ، التهذیب 3 : 19 / 70 ، الوسائل 7 : 310 أبواب صلاة الجمعة ب 5 ح 3.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
5- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : موافقة.

والنصب.

فإن قلت : قراءة الخطبتین شرط قطعا عند الکل ، وإنّما الکلام فی ما زاد علیهما.

قلت : قراءة أقلّ الواجب منهما أمر یتمکّن منها الأطفال بالبدیهة ، سیّما بعنوان التعلیم والتلقین ، فما ظنّک بإمام الجماعة للقوم؟ بل یحصل القطع للمتأمّل فی هذه الأخبار أن لیس المراد مجرّد قراءة : « الحمد لله ، وصلّی الله علی محمد وآله ، واتقوا الله ».

فإن قلت : لعلّ المراد التمکّن من إنشاء الخطبة بنفسه أو أمثال ذلک.

قلت : لیس ذلک من الشروط المجمع علیها التی اتفق علی اعتبارها کل الفقهاء ، فإذا ادعی الشارح رحمه الله وموافقوه ذلک ویستدلّون بالإطلاقات علی ثبوت دعواهم دون دعوی الفقهاء یتوجّه علیهم ما ذکرناه.

مع أنّ ثبوت اشتراط النصب صار بحیث لم یتفق فی کثیر من الشروط تحقّق هذا المقدار من الأدلّة من الأخبار والإجماعات والاعتبار والشواهد والآثار ، مثلا عدالة إمام الجمعة شرط عند هؤلاء بلا تأمّل ، ولم یرد فیها ما ورد فی النصب من الأخبار والإجماعات والشواهد عشر معشاره ، کما لا یخفی علی من له أدنی ملاحظة وتأمّل.

قوله (1) : « فإن کان لهم من یخطب ». ( 4 : 8 ).

لا شبهة فی أنّ الظاهر ممن یخطب لیس ما ذکره الشارح رحمه الله وقد مرّ وجهه.

قوله : فی رسالته الشریفة. ( 4 : 8 ).

المناقشة فیما قاله الشهید فی رسالته من إثباته الوجوب العینی لصلاة الجمعة

ص: 153


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

فی هذه الرسالة ما لا یرضی المتأمّل أن ینسب إلی جاهل ، فضلا عن العاقل ، فضلا عن الفقیه ، فضلا عن الشهید رحمه الله فإنّه ما کان یرضی أن ینسب الفسق إلی المجاهر بالفسق ، فکیف یحکم بفسق علمائنا وفقهائنا العظام ، الزهاد الکرام ، الثقات العدول بلا کلام ، أمناء الله فی الحلال والحرام ، وحجج الله علی الأنام بعد الأئمّة ، المتکفّلین لأیتامهم ، والمؤسّسین لشرعهم وأحکامهم ، والمروّجین لحلالهم وحرامهم ، وعلیهم المدار فی الدین والمذهب فی الأعصار والأمصار ، الراد علیهم کالرادّ علی الله (1) ، إلی غیر ذلک ممّا ورد عن الله ورسوله والأئمّة علیه السلام حیث قال - بعد التوبیخ والتقریع والتشنیع والتفظیع - : فلیحذر الذین یخالفون عن أمره (2) ، إلی آخره.

مع انّ الفقهاء فی زمانه ومقلّدیهم وسائر الشیعة ما کانوا متمکّنین من صلاة الجمعة من جهة التقیّة ، ولذا کان هو أیضا لا یصلّی الجمعة ، ومن کان متمکّنا منها أکثرهم کانوا یصلّونها لکونها واجبة عندهم وإن کان بالوجوب التخییری ومستحبّة عندهم عینیّا ، ومن لا یصلّی لأنّه کان یعتقد الحرمة ، فکیف یمکنه فعل الحرام؟ وکیف یتأتّی منه قصد القربة؟ فما ندری أنّ تشنیعه علی أیّ جماعة وأی شخص؟.

علی أنّا لا ندری أنّ الأمر الأوّل الذی أصابهم ما ذا؟ فإن کان المحنة والشدّة من أعدائهم فلیست تلک إلاّ بتمسّکهم بحبل أولیائهم علیه السلام ، وإلاّ فلم یصبهم أمر یکون ذلک بسبب ترک صلاة الجمعة ، بل الذی قال

ص: 154


1- الوسائل 27 : 136 أبواب صفات القاضی ب 11 ح 1 بتفاوت یسیر.
2- رسائل الشهید الثانی : 56.

بوجوبها لم یکن محنه وفتنة أقلّ بلا تأمّل ، کیف؟ وصار شهیدا فی غایة الغربة والکربة والمحنة! وهذا الذی ذکرناه وغیره ممّا فی الرسالة ینادی بأعلی صوته إنّ الرسالة لیست من الشهید ، ولو کانت منه لکان مریضا حین تألیفها وقیل : إنّه کتبها فی الطفولیة وصغر السن وحاشاه ثم حاشاه من هذه الشنائع والقبائح ، کیف؟ وهو فی جمیع تألیفاته المعلومة أنّها منه اختار عدم الوجوب العینی ، فکیف حکم بفسق نفسه أیضا فی جمیع تألیفاته إلی آخر عمره؟.

مع أنّ العدالة شرط فی الاجتهاد لا شبهة ، ومسلّم هذا عنده بلا مریة ، فکیف ما حکم بأنّ جمیع تألیفاته باطلة عاطلة لیست باجتهاد فقیه؟ بل کان اللازم علیه محو هذا الفسق من تألیفاته.

وأیضا لا شکّ عنده فی أنّ العدالة شرط فی قبول الروایة بل هو فی غایة الإصرار والمبالغة والتشنیع علی العلاّمة وغیره فی قبول خبر غیر العادل ، کما لا یخفی علی من لاحظ تألیفاته ، سیّما ما کتبه علی الخلاصة ، فعلی هذا کیف یتمسّک بالأحادیث مع فسق الشیخ رحمه الله وغیره من رواة الأخبار حتی زرارة وغیره من الأعاظم؟ إذ یظهر من الرسالة أنّ جمیعهم کانوا فسّاقا یترکون الفریضة التی [ هی ] (1) أشدّ الفرائض وأوجبها بعد المعرفة إلی أن صار ذلک سبب الشبهة علی الناس فی توهّم اشتراط الإذن الخاصّ.

ویلزم علیه أن لا یتمسک بالإجماع أیضا ، لأنّه اتفاق الفقهاء لا اتفاق

ص: 155


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

الفسقة.

وأیضا مسلّم عنده أنّ خطاء المجتهد فی الفروع لا ضرر فیه ، بل یکون مثابا البتّة أیضا ، فکیف یقول : ولینتظر العذاب ( الألیم؟! بعد إصابة الفتنة ، وأنّهما یجتمعان فیه ، لا یکفی أحدهما عذابا له ، وسائر الفسوق علیها عذاب واحد ) (1) ، مع أنّه تعالی قال ( أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ ) (2) لا : وعذاب ألیم.

وأیضا مسلّم عنده أنّ المجتهد یجب علیه استفراغ وسعه والعمل بما أدّی إلیه اجتهاده ، ویجب علی العامی أیضا تقلیده ، فکیف یکون الشی ء واجبا علیهم وموجبا لعذاب الدنیا والآخرة والفتنة والعذاب الألیم؟ سیّما وأن یکونوا بأجمعهم کذلک.

إلاّ أن یقول : إنّهم اتفقوا علی عدم استفراغ الوسع وعدم السعی والإغماض عن طلب الحق ، مع أنّ الجاهل یلاحظ ویری أنّهم کانوا یبحثون ویفحصون ویتتبّعون ویتأمّلون ویناظرون ویباحثون ویسعون ویجتهدون ، وهذا حال الجاهل ، فکیف یکون حال العالم بفعلهم وطریقتهم وتألیفاتهم واستدلالاتهم؟!.

وأیضا طریقته رحمه الله فی کتبه مثل المسالک وغیره أنّه یطرح الأحادیث الصحیحة والمعتبرة بسبب مخالفتها لفتوی المشهور أو القاعدة المشهورة أو الإجماع المنقول بخبر الواحد (3) ، وربما کان الناقل هو وحده ، بل ربما لا یوجد الفتوی بذلک من غیره ، وأین طرح الحدیث بالمرّة من

ص: 156


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
2- النور : 63.
3- انظر المسالک 1 : 204 ، 526 ، وروض الجنان : 133.

تقیید المطلق الذی یقیّد بتقییدات کثیرة؟ وأین الشهرة فی الفتوی من الإجماع الذی من اتفاق الفتاوی ، مع نقل جماعة کثیرة غایة الکثرة الإجماع؟ وتؤیّد تلک الإجماعات والفتاوی بأخبار کثیرة ، کما ستعرف ، وبعد الإغماض غایة الأمر التساوی ، وبعد الإغماض عن التساوی أیضا غایة الأمر کون ما فعله أرجح ، إمّا التفسیق فکیف یمکن؟ سیّما بالفسق الذی علیه أشدّ العذاب؟.

ومن شنائع ما فی الرسالة أنّه قال : بخلاف بعض الفقهاء (1) ، وما أدری کیف عدّ جمیع فقهائنا المتقدّمین والمتأخّرین الذین یکون الشهید الثانی واحدا منهم بعض العلماء؟ حیث قال : بخلاف بعض العلماء ، بل ستعرف أنّه لم یوجد مخالف ، فکیف یکون جمیع الشیعة مخالفین؟

وأعجب منه دعواه الإجماع علی عینیة الوجوب ( فی محلّ النزاع ) (2) کما یظهر من الرسالة (3) (4).

فإن قلت : هذه المسألة عنده لیست ممّا یتعلّق بها الاجتهاد والتقلید.

قلت : ضروریّ الدین أو المذهب لا یتعلّق بها الاجتهاد والتقلید ، والشیعة من زمان الأئمّة علیه السلام إلی زمانه کانوا تارکین للجمعة صلحاؤهم وزهّادهم وعدولهم وعلماؤهم وفقهاؤهم (5) ، والفقهاء أفتوا ما أفتوا ، ونقل الإجماع جماعة کثیرة ، بل هو - من باب : الغریق یتشبّث بکل حشیش - فی

ص: 157


1- رسالة الجمعة ( رسائل الشهید الثانی ) : 56.
2- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : فی زمان الغیبة.
3- رسالة الجمعة ( رسائل الشهید الثانی ) : 63.
4- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : وغیر ذلک من الشنائع.
5- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : وغیرهم.

الرسالة ما نقل الخلاف إلاّ عن نادر منهم من بعض کتبه ، وإلاّ ففی باقی الکتب وافق غیره إلاّ من شذّ ممّن لم یظهر بعد اعتبار قوله فی مقام الإجماع ، مع أنّ المحقّقین من علمائنا صرّحوا بأنّ عبارة النادر فی بعض الکتب أیضا لا یظهر منها الخلاف ، وسیظهر لک أنّه حق ، وکیف کان هذه المسألة خلاف ما ذکره أشبه بالضروریة ممّا ذکره.

فإن قلت : القرآن والأخبار المتواترة یفیدان العلم والیقین ، ومنکر العلمی آثم غیر معذور ، والخطاء غیر مأمون علی الظنون لا العلمیّات ، وإلاّ لزم معذوریة الخاطئ فی أصول الدین ومنکر غدیر خمّ.

قلت : لو تمّ ما ذکرت لزم خروج الفقهاء عن الإیمان ، بل والإسلام أیضا ، ومع ذلک نقول : القدر الثابت منهما وجوب صلاة الجمعة عینا ، وأمّا أنّ صلاة الجمعة ما هی؟ فلم یثبت ، والکلام فی الثانی فی أنّ الإذن الخاصّ هل هو شرط لتحقّق ماهیة صلاة الجمعة ، أو شرط لصحتها ، أو شرط لعینیّة وجوبها لا تخییریته ، أو الإذن العامّ ینوب مناب الخاصّ فی بعض الصور ، أو لیس بشرط أصلا إن تحقّق هذا القول؟ وسیجی ء الکلام فیه.

فإن قلت : یظهر من بعض الأخبار أنّ الإذن لیس بشرط ، مثل ما أشار إلیه الشارح من قوله علیه السلام : « فإذا کان لهم من یخطب » ، وقوله : « فإذا اجتمع سبعة » وکذا غیره من الصحاح الدالة علی أنّ مع عدم إمام الجمعة یصلّون الجمعة جماعة أربعا.

قلت : قد عرفت أنّ الأوّل له ظهور فی اشتراط الإذن والنصب ، سلّمنا لکن الظاهر منه اشتراط شی ء زائد علی ما یقول به الشارح وصاحب الرسالة

ص: 158

ومن وافقهما ، ( بل لا شکّ فی هذه الدلالة ولا شبهة ) (1) ، فالأخبار لا دلالة لها علی ما یقولون بوجه ، لثبوت الشرط الزائد علی أیّ حال ، واعتمادهم لیس إلاّ علی کون الآیة والأخبار مطلقة ، وتمسّکهم إنّما هو بذلک ، فإطلاقهما کیف یدل علی أنّ الزائد لیس ما یقول الفقهاء الماهرون المطّلعون ، بل غیره ، بحیث لا یضرّ القول بالوجوب العینی؟ بل عدم الضرر أیضا لا ینفعهم فی مقام استدلالهم ، بل لا بدّ من النفع.

وحملها علی قراءة أقلّ الواجب من الخطبة المتفق علیه عند الکلّ قد عرفت فساده ، وأنّ الأطفال یمکنهم هذه القراءة ، سیّما بعنوان التلقین ، فما ظنّک بإمام جماعة قوم مستجمع لشرائط الإمامة مع کونه عربا؟ ولم یشترط أزید من نفس القراءة.

وحمل الزائد علی أمر زائد عن نفس القراءة یوجب ورود ذلک الاعتراض علیهم بالنحو الذی عرفت ، بل نقول بتعیّن کونه الإذن والنصب ، لما عهد من طریقة الرسول صلی الله علیه و آله وعلی والحسن علیهماالسلام ، ویظهر من الأخبار المنجبرة بالشهرة وعمل الأصحاب ، ومن الإجماعات المنقولة الکثیرة ( وغیر ذلک ممّا مرّ وسیجی ء ) (2) مع أنّ ما دلّ علی حجّیة الخبر الواحد یشمل الإجماع المنقول بلا شبهة.

والقول بأنّ الشرط الزائد لعلّه الأمر المتفق علیه وهو قراءة أقلّ الواجب من الخطبة فاستدلالهم من جهة الإطلاق بمکانه.

فاسد ، لأنّ القدر الذی لم یتحقّق من أحد خلاف فی اعتباره هو

ص: 159


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

نفس قراءة أقلّ الواجب ، وهو الحمد لله ، والصلاة علی محمد وآله ، وقول : اتقوا الله ، مع أنّ المعتبر هو الإجماع لا عدم الخلاف.

سلّمنا الإجماع علی هذا القدر ، لکن لم یعتبر أزید من نفس هذا القول ، فیصحّ وإن کان بعنوان التلقین حال الخطبة ، وهذا یتمکّن منه الأطفال الغیر الممیّزة فضلا عن الممیّز ، فضلا عن البالغ ، فضلا عن العارف ، فضلا عن کونه إمام قوم ، فلا معنی لعدم إمام الجمعة مع وجود إمام الجماعة لقوم وأهل قریة وجماعة ، وهذا فساده فی غایة البداهة.

وإن اعتبر أزید من هذا - أیّ شی ء یکون - یتوجّه علیهم الاعتراض المذکور ، إذ لا معنی لأن یقال : الإطلاق یدل علی أنّ القید الزائد الذی ثبت من الصحاح لیس ما فهمه القوم واعتبروه ، بل أمر لم یعتبره أحد من الفقهاء ، أو اعتبره فلان منهم إذا ( اعتبرته أنا ) (1) - یعنی المستدل.

وأمّا الثانی وهو قوله : « إذا اجتمع » فقد عرفت أنّه لا یظهر کونه کلام المعصوم علیه السلام ، بل یحتمل کونه کلام الصدوق رحمه الله لأنّ فتاواه مخلوطة مع الأخبار التی أوردها فیه ، وصرّح بذلک المحققون الماهرون ، بل عرفت أنّ الراجح کونه کلام الصدوق (2).

مع أنّ الدلالة علی الوجوب العینی محلّ مناقشة ، لأنّه قال : « إذا اجتمع سبعة ولم یخافوا أمّهم بعضهم » فلعل المعنی أنّ مع الخوف لا یصلّون الجمعة ، وإذا لم یخافوا یصلّون ، أی یصحّ لهم أن یصلّوا ، بأنّه أمر فی مقام توهّم الحظر ، فتأمّل ، سیّما وهو جملة خبریة ، ویؤیّده أنّ

ص: 160


1- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و » : اعتبر به.
2- راجع ص 150.

فتوی الصدوق فی بعض کتب فتاویه کذلک (1) علی ما أظنّه ، فتأمّل.

سلّمنا الدلالة لکن یعارضها ما ستعرف من الأخبار ، ( مضافا إلی الإجماعات وغیرها ) (2) ، مع أنّ المشتهر بین الأصحاب حجّة دون غیر المشتهر ، سیّما مع تأیّدها بما ستعرف وما عرفت من الأخبار الظاهرة فی استحباب صلاة الجمعة ، المتأیّدة بالشهرة بین الأصحاب والإجماع الذی نقله الشیخ ( وغیر ذلک ) (3). وعلی أیّ تقدیر لا أقلّ من التساوی والتقاوم.

سلّمنا ما ذکرت فالحکم بالفسق من أین؟ لأنّ الخطاء غیر مأمون علی الظنون.

فإن قلت : یطلقون علی ما نحن فیه لفظ صلاة الجمعة.

قلت : الإطلاق أعمّ من الحقیقة وهو مسلّم عند الموجبین أیضا.

فإن قلت : المتبادر الآن من لفظ صلاة الجمعة هذه.

قلت : القرینة موجودة ، وهی عدم تحقّق الإذن والنصب ، مع أنّ المتبادر الصلاة الصحیحة بعنوان اللابشرط ، فتأمّل.

مع أنّ النزاع العظیم واقع فی مطلق العبادات وفی خصوص المقام أیضا وقع نزاع خاصّ غیر النزاع العامّ.

فإن قلت : المصنف یقول : الجمعة رکعتان کالصبح.

قلت : النزاع واقع بینهم أنّها نفس الرکعتین أو الرکعتین الصحیحتین ، أعنی المستجمعتین للشرائط ، مع أنّ اصطلاح الفقهاء فی کتبهم إنّما هو اصطلاحهم فی کتبهم ، ولا یصیر بهذا حقیقة المتشرعة بأجمعهم ، فضلا أن

ص: 161


1- انظر الهدایة : 34.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
3- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

یصیر حقیقة الشارع ، وتحقیق المقام فی الأصول ، وسیجی ء تتمّة الکلام.

قوله (1) : فکیف یسع المسلم الذی یخاف الله تعالی. ( 4 : 8 ).

إن أردت أنّ الأئمّة علیهم السلام طلبوا من الرواة وسائر الشیعة فعل الجمعة بعنوان الوجوب العینی ، ففیه أوّلا : أنّهم علیه السلام کیف أوجبوا وألزموا کلّ واحد من الشیعة أن یحضروا من کلّ طرف إلی فرسخین وما زاد ویجتمعوا علی إمام لهم سوی غیر المکلّفین منهم والمرأة والمسافر والمملوک ومن ماثلهم ، مع أنّهم علیه السلام أوجبوا علیهم الجمعة أیضا إذا

حضروا إلاّ قلیلا منهم ، مع أنّ رواة إخبارک جمیعهم من أکابر أهل الکوفة ، وما کانوا ممّن لا یعبأ أهل السنّة فی عدم حضورهم صلاة جمعة أهل السنّة ولا یصلّوا خلف إمام سلطان فیهم ، فکیف کان یمکنهم ترک الصلاة معهم وعقد الصلاة علی حدة بطریق الشیعة؟!

وبالجملة کیف أوجبوا علی جمیع هؤلاء الاجتماع فی کلّ جمعة علی إمام یصعد ذلک الإمام بینهم المنبر ویخطب الخطبة علی طریقة الشیعة ویذکر أئمّتنا علیهم السلام لا أئمّة الجور - علی ما هو مقتضی روایتک - ویصلّی الرکعتین علی طریقة الشیعة ویترک بدع العامّة ولا یراعی شرائط العامّة من التمدّن وغیره ممّا هو ظاهر من هذه الروایات؟ فإنّهم لو فعلوا ذلک جمعة واحدة لاشتهروا بالتشیّع اشتهار الشمس فی وسط النهار وبلغ صیتهم الأمصار والأقطار بحیث لا یخفی أمرهم علی الصغار فضلا عن الکبار.

مع أنّ الجمعة منصب السلطنة عند العامّة قالوا بذلک أو لم یقولوا علی ما هو المشاهد بالعیان والمعروف منهم فی کل زمان ، بحیث لو کان

ص: 162


1- من هنا إلی قوله : وسیجی ء تتمّة الکلام ، فی ص 182 ساقط من « أ ».

فقیه منهم یفعل ذلک بغیر رخصة من السلطان وإن صلّی بطریقة أهل السنّة لربما قتلوه ، فما ظنّک بإمام الشیعة وأن یصلّی علی طریقة الشیعة مخالفة للعامّة؟

مع أنّ الشیعة وأهل السنّة فی زمانهم کانوا مخلوطین غایة الخلطة ، ومع ذلک کان بینهم غایة العداوة والعصبیة ، فکیف کان إمام الشیعة مع جمیع ما ذکرناه یتأتّی منه أن یقوم علی المنبر علی رؤوس الأشهاد فی ذلک المشهد العظیم غایة العظمة فی جمعة واحدة فی صلاة الجمعة؟ وإنّ عوام أهل السنّة کانوا یقتلونه بالحجارة وما کانوا یدعون أن یصل خبرهم إلی سلطانهم ، وسلاطینهم فی غایة العداوة مع الشیعة کانوا یتفحّصون ویتجسّسون عسی أن یعثروا علی واحد منهم فیقتلونه ، وربما کانوا بمجرّد المظنّة أو التوهم کانوا یقتلون ، فإذا کانت جمعة واحدة لا یمکنه ذلک ولا للشیعة فکیف الإیجاب علیهم فی کلّ جمعة؟

مع أنّ (1) ما کان جمیعهم أرباب الأحلام ، بل غالبهم أرباب الجمعة ، ولذا کانوا فی الغب یخالفون التقیّة ، فلو کان الأمر علی ما ذکرت لکانوا یدعون الإمام المنصوب من قبل سلطان الجور فیهجمون الشیعة علی إمام الشیعة ، لأنّهم سمعوا من إمامهم أنّه أوجب علیهم الحضور عند إمام الشیعة الساعة وفتنة کبیرة یبقی صیتها إلی یوم القیامة ، هذا.

مع أنّ سلطان الجور کان شاهرا سیفه علی الأئمّة علیهم السلام ، ینتهزون فرصة وتهمة ویسارعون بأدنی مظنّة ، کما لا یخفی علی من له أدنی فطنة.

ص: 163


1- کذا ولعلّ المناسب : أنّه.

وبالجملة مع جمیع ما ذکرنا وأضعاف ذلک بحیث لا یخفی علی من له أدین فطنة کیف کان الأئمّة علیهم السلام یأمرونهم بمضمون روایاتک ویؤکّدون ویشدّدون ویبالغون ویهدّدون ، مع ما عرفت من المفاسد الیقینة والمخالفة للتقیّة الجزمیة؟

مع أنّهم صلوات الله علیهم کانوا یأمرون الشیعة بإخفاء أنفسهم عن نسائهم من العامّة وجیرانهم منهم بحیث یتعقدون أنّهم من أهل السنّة ، ویبالغون فی هذا المعنی نهایة المبالغة ، وکانوا یوقعون بینهم الاختلاف بهذه الجهة ویأمرونهم بترک الواجبات وفعل المحرّمات وأباحوا لهم جمیع ذلک ، بل أوجبوا علیهم سوی الدماء لأجل التقیّة ، إلی غیر ذلک ممّا یدل علی سبیل الیقین علی أنّهم علیه السلام ما کانوا یأمرون الشیعة بشی ء عسی أن یؤول إلی خلاف التقیّة ، فیما ظنّک بمضمون تلک الروایات؟

مع أنّ الشیعة أیضا ما کانوا یفعلون - کما یظهر من الأخبار - وکانوا یترکون مع کونهم هم الروایة لتلک الأخبار ، وربما کان بعض الأئمّة علیهم السلام یرغّب جمعا منهم بفعل الجمعة بأن یقول : « أحبّ للرجل أن لا یخرج من الدنیا إلاّ ویتمتّع ولو مرّة ، ویصلّی الجمعة جماعة ، ولو مرّة » (1) وأمثال هذه العبارة الظاهرة فی غایة الظهور فی الاستحباب ، لا علی حسب مضمون روایاتک.

ومعلوم یقینا أنّهم ما یریدون إلاّ بحیث لا ینافی التقیّة ، وما ینافی ذلک إلاّ بأن یفعل جماعة من أولیی أحلام الشیعة ، الحاذقین فی أمر التقیّة المتحفّظین خلافه ، لا بأن یفعلوا فی خبایا بعض البیوت الخفیّة البعیدة عن

ص: 164


1- الوسائل 21 : 14 أبواب المتعة ب 2 ح 7 ، بتفاوت.

البلد والمصر الواقعة بین جماعة کلهم شیعة.

ومع ذلک لا یمکن ذلک إلاّ من عدد قلیل ، عشرة وما قاربها ، ویفعلوا ذلک بنحو لا یتفطّن به نساء الشیعة وأطفالهم وجهّالهم ، إذا لم یکن علی أفواههم وألسنتهم الأوکیة ، کما کان الأئمّة علیهم السلام یشکون من ذلک (1).

ومعلوم أنّ ذلک لا یتأتّی من الحاذقین أیضا إلاّ نادرا غایة الندرة ، ولا یناسب ذلک الإیجاب علیهم ، إذ ربما یؤدّی ذلک إلی الحرج ، لعدم معروفیته لأحد الذی بسببه یترک الواجب والفریضة الشدیدة ، وربما یؤدّی التزامه إلی خلاف التقیة [ بمقتضی العادة ] (2) إلی غیر ذلک ممّا سنذکر الوجه فی استحبابها عند عدم بسط ید الإمام ، ولو ضایقت عن الاستحباب أیضا فلا مضایقة معک ، لأنّ الکلام فی بطلان أسند لا لک.

وثانیا : أنّ الطلب فرع معروفیة المطلوب ، ولفظ صلاة الجمعة معناه لیس بضروری ، بل محلّ نزاع عظیم ، کما ستعرف ، ومعناه له أجزأه کثیرة وترتیب وهیئة وأحکام وشروط کثیرة وأحکام لها ، وجمیع ذلک نظریات ، بل کثیر منها فی أخفی النظریات.

فهل کان الرواة یعرفونها أم لا؟

والثانی بطلانه واضح ، لعدم جواز تأخیر البیان عن وقت الحاجة.

إلاّ أن یقول : وقت صدور الروایات ما کان وقت الحاجة ، لکن بیّنوا لهم عند وقت الحاجة.

ففیه : أنّه یرجع إلی الشقّ الأوّل من التردید ، وسنورد علیه إیرادات.

مضافا إلی أنّه کیف فی جمیع هذه الروایات ما أشیر إلی وقت

ص: 165


1- انظر مجمع البحرین 1 : 454 ، والوسائل 16 : 235 أبواب الأمر والنهی ب 32.
2- فی السنخ : یقتضی للعادة ، والظاهر ما أثبتناه.

الحاجة؟ ولا إلی البیان بعد وقت الحاجة؟ مع أنّهم عادتهم أنّهم یروون کلّ ما بلغهم عن المعصوم علیه السلام ، فکیف ما رووا هذه الأمور مع اتفاقهم علی روایة أصل الوجوب ، مع کون هذه الأمور یحتاج إلی البیان ، : وما بلغهم بیان لهم؟ وأیضا کیف ما ذکروا البیانات عند ورود (1) تلک الروایات للراوین عنهم ، وکذلک الراوین عنهم ، وهکذا إلی أن وصل روایاتهم إلی فقهائنا؟

فإن قلت : إنّ الرواة عنهم أیضا ما کان قوت روایتهم وقت حاجتهم ، وهکذا إلی زمان الفقهاء ، ووصلهم البیانات بعد ذلک.

قلت : کیف ما نقلوا إلی زمان الفقهاء؟ مع أنّ ما ذکر لا یتأتّی فی نفسه ، کما لا یخفی علی المتدبّر.

فإن قلت : إنّهم کانوا یعرفون جمیع هذه الأمور المذکورة التی لیست بضروریة ، بل وکلّ ما کانت مشکلة.

ففیه أوّلا : أنّه کیف یمکن أن یکونوا یعرفون هذه الأمور وما کانوا یعرفون وجوب الجمعة؟ بل هذا فاسد قطعا ، إذ کثیر من هذه الأمور فرع وجوبها.

مع أنّها کیف یجوّز عاقل أن یکون بعد أن یعرف معنی العبادة الواجبة وأجزاءها وأحکامها وشرائطها لا یعرف نفسه وجوبها؟

وثانیا : أنّ نفس الوجوب من بدیهیات الدین ، فکیف کأنی یخفی علیهم بأجمعهم حتی احتاجوا إلی معرفة الوجوب؟ مع أنّ کلّ واحد واحد من شرائط الجمعة وآدابها وأحکامها کان وصل إلیهم من الرسول صلی الله علیه و آله وعلیّ والحسن والحسین علیه السلام بعنوان التواتر ، ولو لم یکن الکلّ فکثیر

ص: 166


1- فی « أ » : ما رووا.

منها ، مثل أنّهم علیه السلام یمنعون عن البیع وقت النداء ، ویوجبون الحضور علی البعیدین ، وغیر ذلک ممّا هو فی کتب الأحادیث والتواریخ مذکور ، بحیث لا یختلجه ریب.

مع أنّهم کانوا یقرؤون القرآن ویفهمونه أحسن منّا کیف ما قرؤوا سورة الجمعة ، أهم ما کانوا یفهمون العربیة ، مع أنّهم یستدلون ، ولیسوا بأقصر منکم؟! ومع أنّه لم یتأمّل أحد من المحرّمین والمخیّرین أنّ وجوب الجمعة بحسب الأصل کان عینیا ، وأنّه عند حضور الإمام أو نائبه الخاص وبسط یدهما تکون الجمعة واجبة علی کلّ کافر فضلا عن المسلم وجوبا عینیا من یوم نزول الآیة إلی یوم القیامة ، وادعوا الإجماع ، فمع ذلک کیف یحتاج الرواة إلی إظهار وجوب الجمعة مع کونه من أجلی البدیهیات ، وما احتاجوا إلی معرفة جمیع تلک النظریات ، وسیّما الخفیات منها ، وکان معرفتها أجلی من معرفة نفس قصر الجمعة؟! هذا فاسد قطعا.

علی أنّ الرواة عنهم أیضا کانوا یعرفون کما کانوا یعرفون أم لا؟ وعلی الثانی کیف ما عرّفوهم؟ لأنّهم مشارکون معهم فی التکلیف ، والتکلیف فرع المعرفة ، ولو کانوا عرّفوهم وکانوا هؤلاء أیضا یعرفون فننقل الکلام إلی (1) الراوی ، وهکذا إی زمان الفقهاء فإن کانوا یعرفون أو یعترفون علی وفق ما قاله الفقهاء فهذه الروایات حجّة علیک لا لک. وإن کانوا یعرفون ویعترفون علی من توافق إلیه فکیف اتفق فقهاؤنا المتقدّمون والمتأخّرون حتی الشهید الثانی علی خلافه ، ونقلوا الإجماعات المتواترة مع عدالتهم وورعهم؟! وأعجب من هذا أنّک [ تفهم ] (2) خلاف الفقهاء ،

ص: 167


1- فی النسخ : عن ، والأنسب ما أثبتناه.
2- فی النسخ : معهم ، والظاهر ما أثبتناه.

مع أنّه لا طریق إلی الفهم لک سوی ما نقلوا وذکروا.

وثالثا : أیّ فائدة فی استدلالک وقد عرفت أنّه لا تأمّل لأحد فی وجوب الجمعة عینیا علی الکافرین أیضا مع اجتماع جمیع الشرائط ، إنّما تأمّلهم فی ما ذکرت من أنّهم کانوا یعرفون ، فمن أین کانوا یعرفون علی وفق مرادک ، وما کانوا یعرفون علی ما علیه الفقهاء؟ بل الثانی أولی ، کما عرفت.

فإن قلت : الوارد فی تلک الروایات لیس إلاّ وجوبها علی کل أحد ، وکون شی ء شرطا یحتاج إلی الثبوت ، فما ثبت نقول به.

قلت ، إن أراد الوجوب من غیر اشتراط شی ء فقد عرفت فساده ، وإن أراد الوجوب بشرطه وشروطه ، فقد عرفت ، الحال ، وإن أراد القدر المشترک بینهما ، ففیه : أنّه أیضا لیس محلّ النزاع ، لأنّ الخاصّ إذا لم یکن محلّ نزاع أحد فالعامّ بطریق أولی ، ومع ذلک العامّ لا یدل علی الخاصّ ، فأیّ فائدة فی استدلالک؟

فإن قلت : لعله یثبت مطلوبه بضمیمة الأصل.

ففیه : أنّه إذا کان الأصل حجّة ونافعا فهو دلیل مستقل لا حاجة إلی الآیات والأخبار أصلا ، مع ما عرفت من أنّ الوجوب بشرط ولا بشرط لیس محلّ نزاع أحد ، والکلام فی دلالة الآیة والأخبار ، والأصل لو کان دلیله فهو دلیل واحد لیس إلاّ ، مع ذلک ما أشار إلیه المستدل أصلا ، وما ذکروا لا طائل تحته ، لأنّ الضروری لا یتوقّف علی الدلیل ، فضلا عن کون الدلیل ظنّیا.

ومع ذلک ستعرف أنّ الأصل لا ینفعه أصلا ، بل إن کان المراد أصل البراءة فهو ینفع المخیّر ، وإن کان أصل العدم فینفع المحرّم لا غیر.

ص: 168

فإن قلت : لعله یثبت بالإطلاقات.

ففیه : إن أراد الإطلاق من غیر تقیید أو بقیوده ، فقد عرفت حالهما.

وإن أراد الإطلاق المطلق ، ففیه : أنّه فرع معرفة المطلق ، وفیه النزاع ، کما عرفت وستعرف ، ومع ذلک فرع أن یکون المراد طلب الأرکان المخصوصة من غیر اعتبار الشرائط فهو فاسد قطعا ، لأنّ ضرورة الدین یحکم بأنّ الأرکان المخصوصة مع قطع النظر عن الشرائط لیست مطلوبة علی الیقین ، بل ومبغوضة ، وبدیهی أنّ المراد بشروطه ، فقد عرفت الحال.

وإن أراد أنّ المقام لیس مقام الطلب بل مقام حکایة نفس الوجوب ، فما اقتضته الدواعی علی هذا النقل ، مع عدم داع إلی نقل الشرائط؟ کما کانوا یقولون : الجهاد واجب ، وأمثاله.

مضافا إلی أنّ الأصل عدم إرادة ما هو زائد عن اللفظ والعبارة ، فهو کلام حقّ ، لکن لا ینفعه فی الاستدلال ، فإنّ المحرّمین والمخیّرین أیضا علی سبیل الحکایة یقولون : الله تعالی جعل من الواجبات العینیة صلاة الجمعة ، وأنتم أیضا حینما تقولون لا تریدون إلاّ الحکایة ، لا أنّکم تطلبون من أحد أن یقوم إلی صلاة الجمعة ، لأنّ کلامکم فی الغالب لیس یوم الجمعة وبعد دخول وقت الصلاة وعند اجتماع الشرائط ، إنّ مرادکم : من الموجودین والمعدومین معا ، کما هو الحال فی روایاتک ، ولا شک فی أنّکم إن أردتم أن یقوموا إلیها فمرادکم بشروطها وبعد تحقّقها ، وإن أردت الإجمال فالإجمال لا یناسب الاستدلال.

فإن قلت : ما ذکرت من الإیرادات یرد علی المخیّرین والمحرّمین أیضا.

قلت : لیس کذلک ، لأنّهم یقولون : متی حصل جمیع الشرائط

ص: 169

والتمکّن یجب وجوبا عینیا علی الکافرین فضلا عن المسلمین ، ومن الشرائط الأمن من الضرر مطلقا ، ولو اختلّ أحد الشرائط یصیر حراما فضلا عن أن یکون واجبا ، وهذا هو مقتضی الأدلة قطعا بحیث لا یخفی علی من له أدنی فهم ، إلاّ أنّ المخیّرین یقولون : إذا کان المختلّ هو خصوص حضور الإمام أو نائبه تصیر مستحبة ، کصلاة العیدین ، لما اقتضاه الأدلة ، کما عرفت وستعرف ، وأمّا إذا کان شرط آخر فهی حرام ، کما اقتضته القاعدة.

فإن قلت : لعل المستدل أیضا کذلک ، إلاّ أنّه یطالب بدلیل اشتراط الإمام أو نائبه ، لأنّ الاشتراط حکم وضعی شرعی ، وکلّ حکم شرعی موقوف علی الثبوت.

قلت : عینیة وجوب الجمعة بالنحو المذکور من بدیهیات الدین ، فلا وجه لاستدلاله ، وعلی من یحتجّ؟ إذ لا منکر لها إلاّ وهو کافر ، وکلامنا فی أنّه لا وجه لاستدلاله أیضا ، إذ کون استدلاله من جهة الإطلاقات قد عرفت فساده ، وکذا من جهة الأصل لو استدل به.

وأمّا مطالبته بدلیل الاشتراط ف- - مع أنّها لا دخل لها فی استدلاله بما استدل ویکون أمرا آخر - مشترک الورود ، لأنّ کون الواجب فی زمان الغیبیة هو الجمعة لا غیر حکم شرعی أیضا ، بل هو أولی بالتوقّف علی الثبوت ، سیّما بملاحظة أنّ الواجب بالضرورة من الدین إمّا الجمعة أو الظهر ، وشغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة ، ولذا یکون الواجب علی المکلّفین فعلهما جمیعا ، لانصار البراءة الیقینة والامتثال العرفی فیه بلا شبهة

ص: 170

ومسلّم عند الفقهاء ، وعلیه أدلة ظاهرة حقّقناه فی الفوائد (1).

نعم إذا اجتهد مجتهد وحصل له رجحان معتدّ به وحصل له الیقین بجواز تعویله علی رجحانه بحیث یکتفی به وإن کان فی مقام لزوم تحصیل الیقین والتمکن من الیقین فإنّ هذا المجتهد والمقلّد له یکتفیان [ ب ] (2) ترجیحه ، مع کون الاحتیاط والمستحب فعلهما معا لو (3) لم یمنع مانع من الاحتیاط ، کما حقّقنا فیها (4) ، وخصوصا أیضا بعد ملاحظة أنّ التکلیف کان أوّلا بالظهر یقینا ، وتغیّر التکلیف إلی الجمعة لم یکن بالنسبة إلی جمیع المکلّفین ، فلم یثبت التغیّر فی ما نحن فیه ، هذا ، وغیر ذلک ممّا ستعرف وعرفت.

هذا مع أنّ من یقول بالاشتراط یدعی الإجماع ، وهو من الأدلة الیقینیة بل أقواها ، والمستدل یکتفی بالظنّی فکیف بالیقینی؟ فإن ادعی ظهور بطلان إجماعهم بسبب وجود المخالف فهو غلط قطعا من وجوه متعدّدة ستعرفها.

وإن ادعی أنّه لم یحصل له العلم بکونه حقا ، ففیه : أنّ غالب البدیهیات مثل الحسیّات والتجربیات والمشاهدات وغیرها لا یظهر علی غالب الناس ، فما ظنّک بالکسبیات التی مثل الإجماع ، ولیس لمن لا یعلم حجّة علی من یعلم.

وإن أراد أنّه لم یثبت علیه ، فمعلوم أنّ أخبار الآحاد أیضا لا تثبت

ص: 171


1- الفوائد الحائریة : 443.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- فی « ب » و « و » : و.
4- الفوائد الحائریة : 443 - 445.

علیه ، إلاّ أنّ الأدلّة الدالة علی کونها حجّة اقتضت حجّیتها ، ومعلوم أنّها شاملة للإجماع المنقول بخبر الواحد ، مع أنّ نقل الإجماع فیه متواتر ، کما لا یخفی علی المطّلع.

ویدل علی الاشتراط - بعد الإجماع - الأخبار الکثیرة بل المتواترة ، کما عرفت وستعرف ، مضافا إلی الاعتبار الیقینی ، وستعرفه أیضا.

هذا حال المخیّر والمحرّم فی اشتراطهم ، مضافا إلی الأصول التی عرفت وستعرفها ومنها : کون العبادات توقیفیة ، فمع اجتماع جمیع الشرائط الإجماعیة والنزاعیة تکون عبادة مطلوبة قطعا ، ومع عدم النزاعی تکون عبادة مطلوبة تتوقّف علی الثبوت من الشرع ولم یثبت ، وستعرف هذا أیضا مفصّلا.

وأمّا المستدل فلیس له دلیل أصلا ، کما عرفت ، ولا له أصل ولا قاعدة ولا اعتبار ظنّی فضلا عن القطعی ، ولا إجماع ظنّی فضلا عن المتواتر ، بل ولا شهرة له لو قلنا بوجود موافق له فإنّه شاذّ البتّة ، مع أنّک ستعرف ما فیه ، ولیس له مؤیّد ، بل الکلّ علیه ، کما ستعرف.

فإن قلت : إذا صلّی المصلّی صلاة الجمعة فی زمان الغیبة صدق علیه عرفا أنّه صلّی الجمعة ، فهی صلاة الجمعة ، وکلّ صلاة الجمعة واجبة عینا بالآیة والأخبار ، فهی واجبة عینا.

قلت : الکلّیة ممنوعة بوجوه متعدّدة ، أمّا الآیة فقد مرّ الاعتراضات الکثیرة ، وسیجی ء أیضا ، وأمّا الأخبار فقد مرّ أیضا الاعتراضات علی الاستدلال بخصوص کل حدیث حدیث ، والاعتراضات علی سبیل الکلیّة بأنّ المقام لیس مقام الطلب ، علی أنّه لا أقلّ من عدم ثبوت کون المقام مقام الطلب ، والسند قد عرفت ، وعلی تسلیم کون المقام مقام الطلب فلا شک

ص: 172

فی کون المراد بشرطها وشروطها ، کما عرفت ، فالواجب لیس مطلق صلاة الجمعة ، بل بشروطها ، وصدق بشروطها أیضا علی ما نحن فیه عرفا مصادرة ومکابرة.

سلّمنا ، لکن لیس فی الأخبار أنّ کل ما یطلق علیه لفظ صلاة الجمعة بأیّ إطلاق فی أی عرف واجبة ، بل صلاة الجمعة واجبة علی کل مکلّف.

وعموم المفرد المحلّی باللام علی تقدیر التسلیم لا یستلزم العموم الذی ذکرت ، لکن العموم إنّما هو بالنسبة إلی أفراد المعنی الذی أراد المعصوم علیه السلام ، لا بالنسبة إلی کل معنی استعمل هذا اللفظ فیه بأیّ استعمال ومن أیّ مستعمل ، وذلک واضح.

وکون ما نحن فیه بعینه المعنی الذی أراده المعصوم علیه السلام أو ممّا صدق علیه حقیقة أوّل الکلام ، إذ یتوقّف علی ثبوت مقدّمات نزاعیة غیر ثابتة :

الأولی : کون الأصل فی الاستعمال الحقیقة ، إذ کون ما نحن فیه صلاة الجمعة مجازا لا فائدة فیه أصلا ، وهو ظاهر.

والثانیة : کونه حقیقة عند جمیع المتشرعة ، وفیه أیضا نظر ومنع قد عرفت وستعرف السند.

والثالثة : ثبوت الحقیقة الشرعیة سیّما فی مثل ما ذکرت.

سلّمنا ، لکن صدق : صلّی الجمعة ، علی من صلّی الصلاة الفاسدة بمرتبة لا یحصی ، لعدم إحصاء الصلوات الفاسدة ، مثلا من صلّی الجمعة فی حال شدّة التقیّة وخالف التقیّة صدق علیه أنّه صلّی الجمعة ، وقس علی هذا سائر الشروط وجمیع الأبعاض حتی مثل تشدید ربّ العالمین وفتحة الراء وترتیبه ، إلی غیر ذلک ، وتخصیص العامّ إلی هذا القدر لا یرضی به

ص: 173

المحقّقون ، مع أنّا لم نجد فرقا بین هذا الصدق والصدق الذی فی ما نحن فیه أصلا ، فمثل هذا الصدق کیف ینفع؟

مع أنّه کما یجوز التخصیص کذا یجوز أن یکون المراد فی الأخبار صلاة الجمعة الصحیحة علی القول بأنّ صلاة الجمعة اسم لمجرّد الأرکان المخصوصة ، وإلاّ فعلی القول بأنّها اسم لخصوص الصحیحة - کما هو أحد القولین وأقواهما - فلا معارضة ، فلا غبار أصلا.

علی أنّه لا شک فی کون صحة ما نحن فیه مشکوک فیها ، والصحة عبارة عن موافقة الأمر أو إسقاط القضاء ، فأی فائدة فی الصدوق المذکور ، لأنّ الصحة لا بدّ منها قطعا ، سیّما بالمعنی الأوّل ، فتأمّل.

قوله : إذا سمع مواقع أمر الله. ( 4 : 8 ).

إن أراد أن بمجرّد سماع اللفظ یجب المبادرة إلی الامتثال وإن لم یعرف المطلوب والمرام ولم یتمکّن منه ، ففاسد قطعا ، لأنّ الفهم والتمکّن شرط فی التکلیف بضرورة العقل والدین والآیات القرآنیة والأخبار المتواترة ، بل هو أعظم الشروط وأصلها واسّها ، وعموم الوجوب علی کل مسلم مسلم لا نزاع فیه ، بل وإن لم یکن مسلما ، إلاّ أنّه مشروط بما ذکر ومخصّص به.

وإن أراد أنّه لا سترة فی المطلوب أیضا إلاّ أنّ فقهاءنا المتقدّمین والمتأخّرین صاروا أحمقین ، فحاشا الشهید الثانی وحاشاهم.

وإن أراد أنّه کشف السترة ، فلیس فی کلامه عین ولا أثر ، إذ لم یزد علی الإتیان بما دل علی وجوب الجمعة ، وهو بدیهی الدین ، والنزاع فی أمر آخر ، فما لا نزاع فیه أطال فی القیل والقال ، وما فیه النزاع لم یشر إلیه أصلا.

ص: 174

فإن قلت : لا سترة فی المطلوب ، لأنّ صلاة الجمعة یعرفها کلّ أحد.

قلت : فاسد قطعا ، لأنّ العبادة وظیفة الشرع لا طریق للعقل ولا للعرف إلیها أصلا ، فإن أراد الثبوت من الشرع ، فستعرف فساده.

وإن أراد أنّه لم یتحقّق من الفقهاء نزاع فیها بل نزاعهم فی أنّ من شروطها الإمام أو نائبه أم لا ، فلذا ما تعرّض لشأنها وأبطل اشتراطها.

قلت : صریح عبارة المحرّمین أو بعضهم أنّ المقام لیس بصلاة الجمعة ، بل هو أمر حرام ، وهو تعالی أوجب الأوّل دون الثانی.

وأیضا النزاع واقع فی أنّ العبادات أسام للصحیحة أم للأعمّ ، ولا شک فی أنّ المحرّم یقول بعدم الصحة ، فالنزاع فی الماهیة موجود.

فإن قلت : یظهر من بعض الأخبار أنّها رکعتان مثل سائر الصلوات.

قلت : الکلام فی الرکعتین هل هو اسم للصحیحة أم لمجرّد الأرکان؟

ولا شک فی أنّ الجمعة للصحیحة لیست مثل سائل الصلوات الصحیحة ، فعلی القول بأنّها اسم للصحیحة کیف یثبت وجوب المقام مع خلّوها عن الشرط المتنازع؟ فما لم یثبت أنّه صحیح کیف تقول : لا سترة فیه؟

فإن قلت : الأظهر عندی أنّه اسم للأعم.

قلت : الأظهر أنّه اسم للصحیح ، للتبادر عند الإطلاق ، وصحة السلب ، وغیر ذلک ممّا حقّقناه فی الفوائد (1) ، خصوصا بملاحظة الأوامر الواردة.

سلّمنا ، لکن ثبوت ما ذکرت من أین؟ فضلا أن تقول : لا سترة فیها ولا شبهة.

ص: 175


1- الفوائد الحائریة : 101 - 103.

سلّمنا ، لکن ضروری الدین أنّ الجمعة بغیر الشروط لا تصیر ولا تکون مطلوبة ، فبمجرّد استماع الآیة والأخبار یتبادر إلی ذهننا أنّ المراد ما هو بالشرائط قطعا ، لأنّ الضرورة من الدین تصیر منشأ للتبادر والسبق إلی الفهم ، کما یفهم من الأمر بقراءة دعاء العرفة الاستحباب ، وغیر ذلک ممّا أشرنا إلیه فی رسالة الإجماع والفوائد (1) مع غایة وضوحها ، فعلی هذا یرجع إلی الأوّل ویصیر مثل القول بکونه اسما للصحیحة من دون تفاوت ، کما لا یخفی.

مع أنّ عدم التعرّض للشروط الإجماعیة کاشف عن کون المقام مقام بیان نفس الوجوب لا التعرّض إلی الشروط ، والوجوب علی کل أحد مقام وکونه مشروطا بشروط مقام آخر ، کما لا یخفی علی العارف ، وأشرنا إلی مثل ذلک فی مبحث الحیض (2).

وبالجملة : لا شک فی وجوبها علی کلّ أحد ، ومع ذلک لا شک فی کونها مشروطة بشروط کثیرة ، وکونها واجبة علی کل أحد لا یقتضی ان لا تکون مشروطة ، فإذا لم یکن المقام مقام التعرّض لذکر الشروط لا یکون عدم الذکر دلیلا علی العدم ، وعلی فرض أن لا یکون حدیث یدل علی اشتراطه لا یقتضی أن لا یکون شرطا ، لأنّ مع الاحتمال لا یعلم کون الخالیة عنه صلاة الجمعة صحیحة ، نعم مع الوجود تعلم الصحة ، فیعلم کونه مطلوبا ، فکیف لا یکون سترة أصلا فی کون الخالیة صلاة الجمعة؟ مع أنّ الظاهر والموافق للقاعدة أنّها لیست صلاة الجمعة ، کما عرفت.

فإن قلت : لعله بنی علی أنّ الأصل عدم الاشتراط.

ص: 176


1- رسالة الإجماع ( الرسائل الأصولیة ) : 260 ، 261 ، الفوائد الحائریة : 290.
2- راجع ج 1 : 357.

قلت : إن أراد من الأصل أصل البراءة ف- - مع أنّه لا یجری فی ماهیة العبادة کما حقّق - مقتضاه رفع التکلیف لا إثباته ، ولذا جعل من شروطه رفع التکلیف ، وهو ظاهر أیضا ، لأنّه مقتضی أدلة هذا الأصل ، نعم هذا الأصل ینفع القائل بالتخییر فی المقام.

وإن أراد استصحاب العدم الأصلی ، ففیه - مضافا إلی أنّه لیس حجّة عند جمع من المحقّقین (1) - : [ أنّهم ] (2) متفقون علی عدم جریانه فی بیان العبادات ، ویدل علیه أدلة قطعیة ذکرناها فی الملحقات. وعلی تقدیر الجریان فکما یجری فی صلاة الجمعة کذا یجری فی صلاة الظهر ، فالترجیح من غیر مرجّح باطل.

ومع ذلک الترجیح فی الظهر ، لاستصحاب بقائها وعدم ثبوت الخلاف ، لأنّ الظهر کانت واجبة قبل الجمعة ثمّ تغیّر التکلیف إلی الجمعة لا بالنسبة إلی جمیع المکلّفین ، بل بالنسبة إلی المستجمع لشرائطها ، وکون المقام مستجمعا للشرائط أوّل الکلام ، فالأصل بقاء الظهر ولم یثبت خلافه ، مع أنّ الأصل عدم الاستجماع ، مع أنّه کما أنّ الأصل عدم شرط کذلک الأصل عدم کون الباقی صلاة الجمعة ، کما هو ظاهر وحقّقناه مشروحا فی الملحقات.

وبالجملة : الأصول مع المحرّم بلا شبهة ، مع أنّه کیف یکون المقام لا سترة فیه أصلا؟.

ص: 177


1- منهم الأسترآبادی فی الفوائد المدنیة : 144 ، والفاضل التونی فی الوافیة : 179 ، 217.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

فإن قلت : فی بعض الأخبار قالوا : « فرضها الله فی جماعة » (1) وهذا یدل علی أنّ الجماعة من حیث هی هی تکفی.

قلت : هذا غلط واضح ، لأنّ إثبات الشی ء لا ینفی ما عداه ، وهذا بعینه مفهوم الوصف الذی عند المحققین أنّه لیس بحجّة (2). نعم ربما یکون فیه إشعار ، إلاّ أنّه منتف فی المقام ، لأنّ العدد شرط فی الجماعة بل هو أنسب إلی الجماعة وأقرب إلیها ومع ذلک لم یتعرّضوا له ولا لغیره ( من الشروط ) (3) ، فحصل الیقین بأنّ المقام لیس مقام التعرّض إلی الشروط.

فإن قلت : لعله وکلّ معرفة الشروط التی لم تذکر إلی المعروفیة من الخارج.

قلت : هذا فاسد ، لأنّ وجوب الجمعة مع کونه من ضروری الدین وکذا سقوطها عن مثل الصغیر والمجنون وأمثالهما تعرّضوا للذکر ، فکیف وکلّوا إلی الظهور ما لم یثبت إلاّ بحدیث؟ کما سیجی ء ، وتأخیر البیان عن وقت الحاجة لا یجوز قطعا.

مع أنّ الأصل عدم إرادة ما زاد عن مدلول العبارة ، فإنّ المقام مقام بیان نفس الوجوب الذی لا نزاع فیه ، وکذا لا نزاع فی کونه مشروطا بشروط کثیرة.

سلّمنا ، لکن الشروط المسلّمة عنده ربما تثبت بدلیل ظنّی مثل خبر الواحد ، فکیف لا یثبت کون الجمعة منصب الإمام علیه السلام بالإجماعات

ص: 178


1- الکافی 3 : 419 / 6 ، الفقیه 1 : 266 / 1217 ، التهذیب 3 : 21 / 77 ، الوسائل 7 : 295 أبواب صلاة الجمعة ب 1 ح 1.
2- منهم السید المرتضی فی الذریعة 1 : 392 ، والفاضل التونی فی الوافیة : 232.
3- ما بین القوسین لیس فی « و ».

المتواترة والأخبار المتواترة والدلیل العقلی (1) القینی الذی یأتی؟! ومن جملة الأخبار : الصحیفة السجّادیة المتواترة بین الشیعة والزیدیة وأهل السنّة أنّها من المعصوم علیه السلام ، مع أنّ متن الأدعیة ینادی بأعلی صوت أنّها منه.

وأمّا الدلالة فهی أیضا قطعیة ، لأنّه لو کان صلاة الجمعة واجبة عینا علیهم لما قال علیه السلام : ابتزّوها (2) وغصبوها من غیرهم ، مضافا إلی باقی العبارات ، ولذا لو شهد أحد واتفق أنّه لم یکن عادلا لا یقال : هذا المقام لخلفائک ابتزّها منهم ، فضلا عن سائر العبارات وضمّ صلاة العیدین ، وسیجی ء کونها منصبهم بلا تأمّل.

ومنها : قولهم علیه السلام : کلّ عید یجدّد حزنا لآل محمد علیه السلام ، لأنّهم یرون حقّهم فی ید غیرهم (3) ، مشیرین إلی العیدین. وکذا قول معلّی بن خنیس حینما یصعد إمامهم المنبر : اللهمّ إنّ هذا المقام (4) ، الدعاء.

وبالجملة : الخدشة فی دلالة هذه مثل الخدشة فی قول النبی صلی الله علیه و آله : « من کنت مولاه فعلیّ مولاه » (5) بل أشدّ بمراتب.

وأمّا الإجماعات فقد بلغت حدّ التواتر وفاضت وزادت ، ولم نجد مسألة من مسائل الفقه بهذه المثابة ، مضافا إلی جمیع ما ذکرناه وسنذکر ممّا

ص: 179


1- فی « و » زیادة : القطعی.
2- الصحیفة السجادیة : الدعاء 48.
3- الکافی 4 : 169 / 2 ، الفقیه 1 : 324 / 1484 ، التهذیب 3 : 289 / 870 ، الوسائل 7 : 475 أبواب صلاة العید ب 31 ح 1.
4- رجال الکشی 2 : 679 / 715 ، المستدرک 6 : 146 أبواب صلاة العید ب 26 ح 1.
5- الکافی 4 : 566 / 2 ، الفقیه 1 : 149 / 688 ، التهذیب 3 : 263 / 746 ، الوسائل 5 : 286 أبواب أحکام المساجد ب 61 ح 1.

یظهر من الأخبار والإجماعات المتواترة والفتاوی ، وطریقة النبی صلی الله علیه و آله وعلی والحسن والحسین علیه السلام والشیعة ، والقواعد الشرعیة ، إذ الإجماعیات ربما نقلوا [ فیها ] إجماعا واحدا أو اثنین أو ثلاثا ، لا عدد التواتر ، ولا طریق إلی الخدشة فیه ، لأنّه لا یمکن الخدشة فی المتواترات بأن یقال : السند مرسل ، أو فلان خارج ، وأمثال ذلک.

مع أنّ خروج معلوم النسب غیر مضرّ بإجماع الشیعة إجماعا من الشیعة ، ولذا لا یضرّ خروج ابن الجنید فی الإجماع علی حرمة القیاس ، وکذا غیره ، ولیس المقام مقام البسط ، وقد أشرنا فی الجملة فی رسالة الإجماع (1) وغیرها ، مع أنّه ستعرف عدم وجود مخالف ، وبعد اللتیا والتی کیف یقول : لا سترة فیه؟

فإن قلت : لعله تعرّض بالقائل بالتخییر ، لأنّه یقول بصحة المقام ومع ذلک یقول بالتخییر ، مع أنّ الأدلة تقتضی العینیة ولا تعریض له بالمحرّم.

قلت : هذا فاسد ، کما لا یخفی ، ومع ذلک نقول : قد عرفت کونها منصب الإمام ، وجمیع مناصبه یباشرها بنفسه أو بنائبه حتی الإمامة والحکومة ، لأنّ مباشرتها بنفسه إنّما کانت فی بلده ، وفی بعض الأوقات وأکثرها لا جمیع الأوقات ، فإذا کانت منصبه فله أن یرخّص غیره بعنوان الخصوص ( کما قلنا ) (2) وله أن لا یرخّص کما هو الأمر فی الجهاد ، وله أن یرخّص وینصب بعنوان العموم ، کما هو الأمر فی القضاء ، وله أن یرخّص بعنوان العموم أن یفعلوا بعنوان الندب والاستحباب ، کما هو الأمر فی صلاة العیدین ، وله أیضا أن یرخّص بعنوان الوجوب ، إلاّ أنّ الثابت منه هو

ص: 180


1- رسالة الإجماع ( الرسائل الأصولیّة ) : 285.
2- ما بین القوسین لیس فی « د ».

الأوّل ، کما سیجی ء.

ومجرّد قوله : الجمعة واجبة ، لا یفید النصب ، لأنّه نقل نفس وجوب الصلة ، لأنّ المتبادر منه هو الفرض الأصلی المقرّر من الله ، ولا لما هو من رخصة المعصوم علیه السلام لکونه منصبا کما قال : علی الناس واجبة ، وأمثال ذلک ، ولذا فی زمان الحضور وبسط یدهم بمجرّد استماع وجوب صلاة الجمعة لا یصیرون منصوبین من قبلهم ، وما کانوا یفعلون ، وکانوا یترکونها إلی أنّ حجّهم المعصوم علیه السلام ، مع کونهم هم الرواة لأحادیث الوجوب ، ومع ذلک قال لهم أن یفعلوا ، ومثله.

مع أنّک عرفت أنّ الوجوب مشروط بشروط من جملتها الإمام أو نائبه جزما ، والمشروط عدم عند عدم شرطه.

وأیضا قد عرفت أنّ المقام لیس مقام الحاجة.

وأیضا حالها حال صلاة العیدین ، وسیجی ء فی مبحثهما.

وأیضا ورد أخبار صحیحة السند واضحة الدلالة علی الاستحباب ، وهی موافقة للشهرة بین الأصحاب بل شعار الشیعة فی الأعصار والأمصار ، کما اعترف به منهم أنّهم یترکونها.

ومع ذلک مخالفة للعامّة ، والأخبار متواترة فی الأمر بأخذ ما خالفهم ، وأنّ الرشد فی خلافهم ، وأخذ ما اشتهر بین الأصحاب (1).

ولا یعارضها ما دل علی الوجوب ، لما عرفت من اشتراطه بالإمام أو نائبه ، إلی غیر ذلک ممّا [ عرفت ] مثل أنّ الأخبار الدالة علی الوجوب واردة فی مقام النقل والحکایة لا مقام الطلب ، بخلاف الدالة علی الاستحباب ،

ص: 181


1- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

فإنّها واردة فی مقام الطلب یقینا ، وغیر ذلک.

ولهم أیضا أصل البراءة ، وأنّ ما دل ( علی وجوب الظهر مطلق ویشمل المقام.

وأیضا دلالة الآیة وأمثالها من الأخبار ) (1) علی وجوب المقام بواسطة الإجماع ، کما عرفت ، ولم یثبت من الإجماع أزید من القدر المشترک من الوجوب العینی والتخییری ، وبأصل البراءة والعدم یتعیّن التخییر ظاهرا.

ومثل ذلک الکلام فی الأخبار التی لا تدل علی أزید من الرجحان والمطلوبیة ، ولا تدل علی أزید من القدر المشترک بین الوجوب العینی والتخییری ، هذا مع ادعائهم الإجماع وظهور أخبار کثیرة موافقا لدعواهم وهم الخبیرون المطلعون الشاهدون ، والشاهد یری ما لا یراه الغائب ، وسیجی ء تتمّة الکلام (2).

قوله : نسأل الله العفو والرحمة بمنّه وکرمه. ( 4 : 9 ).

لا شکّ فی وجوب الجمعة وکونه من ضروریات الدین ، ومنکره خارج من فرق المسلمین ، والأخبار متواترة عن الحجج المعصومین ، بعد ما نصّه الله فی کتابه المبین ، إنّما النزاع فی وجوب ما فعل بغیر الإذن الخاصّ والنائب الخاصّ ، فمنهم من أنکر کون ذلک صلاة الجمعة ، بل یقول : فعل لغو ، بل تشریع لیس هو بصلاة الجمعة أصلا ، ومنهم من یقول : إنّه صلاة الجمعة إلاّ أنّها فاسدة بفساد شرط صحته ، ومنهم من یقول : صلاة صحیحة إلاّ أنّ وجوبه تخییری ، والواجب العینی هو ما فعله المنصوب ، ومنهم من یقول : واجب عینی ، لو ثبت هذا القول.

ص: 182


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».
2- من قوله : فکیف یسع ، فی ص 162 إلی هنا ساقط من « أ ».

فعلی هذا نقول : دلالة الأوامر الصادرة فی القرآن والأخبار علی وجوبه موقوفة علی ثبوت کونه صلاة الجمعة ، إذ مجرّد تسمیة الخصم ذلک بصلاة الجمعة کیف یثبت مطلوبه؟ إذ لا شکّ فی أنّ العبادات توقیفیة ، موقوفة بیانها ومعرفتها علی النصّ من الشارع ، وقد صرّح الشارح أیضا بذلک فی مواضع غیر عدیدة ، منها : ما سیجی ء عن قریب فی شرح قول المصنف : وتجب بزوال الشمس. (1) ، فلو سلّم أحد أنّه صلاة الجمعة أمکن الاحتجاج بها علیه بعنوان الجدل ، أمّا البرهان أو الاحتجاج علی (2) منکر ذلک فلا ، وقد صرّح بالإنکار من صرّح منهم (3).

وبالجملة : دلالة المطلق أو العامّ علی مطلب فرع معرفة معنی ذلک المطلق وذلک العام ، ولا یمکن المعرفة إذا کان عبادة إلاّ من صاحب الشرع ، بنصّه أو فعله أو تقریره ، والأوّل والآخر مفقودان ، وأمّا الفعل فلا شکّ فی أنّه کان السلطان المعصوم علیه السلام وکان فی زمانه یفعل بإذنه الخاص ونصبه ، کما سیجی ء.

ولو نوقش فی ذلک فنقول : لم یثبت فعلها من غیر المنصوب فی زمانه حتی یمکن إثبات البیان بتقریره لو أمکن.

ثم نقول : علی القول بعدم ثبوت الحقیقة الشرعیة غایة ما فی الآیة والأخبار وجود القرائن الصارفة عن المعنی اللغوی ، أمّا المعینة للمعنی الشرعی بحیث تنفع المستدل فی المقام فلا. مع أنّ الشارح رحمه الله لا یکتفی

أدلّة القائلین بعدم الوجوب العینی

ص: 183


1- المدارک 4 : 11.
2- فی « ب » و « و » زیادة : کلّ.
3- انظر المسائل المیافارقیات ( رسائل الشریف المرتضی 1 ) : 272 ، والاقتصاد : 267 ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 190 ، والوسیلة : 103 ، والسرائر 1 : 303 - 304.

بالقرینة الصارفة عن اللغوی فی جعل المعنی هو الشرعی الذی [ هو ] حقیقة عند المتشرّعة.

وأمّا علی القول بثبوت الحقیقة الشرعیة فمعلوم أنّ المتشرّعة علی فرقتین : فرقة تقول بأنّ ألفاظ العبادات حقائق فی الصحیحة المستجمعة لشرائط الصحة الشرعیة ، مع أنّ بعض المنکرین للوجوب العینی صرّح فی المقام بأنّ صلاة الجمعة اسم للصحیحة التی تکون مع الإذن الخاصّ ، وأنّه بلا (1) هذا لا تکون صلاة الجمعة أصلا (2). وعلی هذا أیضا لا یمکن الإثبات إلاّ بواسطة انضمام أصالة عدم الزیادة ، لکن عرفت حال الانضمام ومفاسده ، ومع ذلک یتوقّف الإثبات علی ثبوت حجّیة هذا الأصل وجریانه فی بیان العبادات ، ومع ذلک یتوقّف الإثبات علی ثبوت حجّیة هذا الأصل أن لا یکون ( مثبتا ) (3) للتکلیف ، ومع ذلک إنّه معارض بمثله فی جانب العمومات الدالة علی وجوب صلاة الظهر ، وکذا معارض بأصالة عدم تغیّر تکلیف الظهر بالنسبة إلی المقام ، بل تعراضه أصالة عدم کونه صلاة الجمعة ، فتأمّل.

نعم علی القول بأنّ تلک الألفاظ حقائق فی مطلق الأرکان یمکن الاستدلال إن لم یناقش أحد فی ذلک أیضا بأن یقول : الإطلاق منصرف إلی الأفراد الصحیحة و (4) أنّه لا یثبت عموم له أزید من هذا ، مضافا إلی ما عرفت سابقا.

ویؤیّد المناقشة خلوّ الآیة والأخبار الدالة علی الوجوب بأسرها عن

ص: 184


1- فی « ب » و « و » زیادة : تأمّل.
2- انظر کشف اللثام 1 : 247.
3- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : مبیّنا.
4- فی « ب » و « ج » و « و » : لا ، وفی « د » : إلاّ.

الإشارة إلی شرائط الوجوب المسلّمة المتفق علیها.

نعم یمکن أن یقال : یؤیّد عدم اشتراط المنصوب خلوّ الأخبار بأسرها عن الإشارة إلی ذلک.

لکن یمکن أن یقال : ورد الإشارة فی بعضها ، مثل صحیحة محمد بن مسلم المتقدّمة وغیرها ممّا مرّ ، وقد أشرنا إلی وجه الإشارة ، ومثل دعاء الصحیفة السجادیة : « اللهمّ إنّ هذا المقام » ، إلی قوله : « اختصصتهم بها قد ابتزّوها » (1) ( بل وما بعده أیضا ، فلاحظ ) (2) فلو لم یکن فعلها منصبا لهم کیف یحسن هذه العبارة حینئذ؟ إذ یکون حال الجمعة حینئذ حال صلاة الظهر والعصر ، هل یحسن أن یقال بالنسبة إلی الظهر والعصر : أنّ هذا المقام لخلفائک ، إلی قوله : فی الدرجة الرفیعة التی اختصصتهم بها قد ابتزّوها.؟

وأمّا فعل النائب فهو فعل المنوب عنه ، وهو یؤکّد الاختصاص لا أنّه یرفعه ( کما أنّ الحکومة مع کونها من أخصّ خصائص الإمام إنّما تصدر منه بنوّابه ، فإن شرق الأرض وغربها بید نوّابه غیر بلد نفسه. مع أنّ بلد نفسه أیضا کثیرا تصرّفه فیه بواسطة النوّاب ، مثل وقت مرضه أو سفره أو شغله الضروری المانع ، وکذا الحال فی سائر مناصبه.

هذا مع أنّه لا قائل بالفصل ، مع أنّ عدم الفصل فی المقام ضروری الدین ، إذ بدیهی أنّ صلاة الجمعة غیر منحصرة فی فعل المعصوم بعنوان مباشرة نفسه ، بل کلّ العالم علیهم صلاة الجمعة إمّا مع السلطان أو من

ص: 185


1- راجع ص 179.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

نصبه ، وإمّا مطلقا ، فتأمّل ، جدّا ) (1). ومثل ذلک من الأخبار التی أشرت إلیها فی رسالتی التی کتبتها فی هذا المقام ، فلیراجع.

ومن جملتها : ما رواه فی الأشعثیات « أنّ الجمعة والحکومة لإمام المسلمین » (2).

ومنها : ما فی العلل : « لأنّ الصلاة مع الأمیر أتمّ » إلی قوله : « یخبرهم. » (3) وما ورد من أنّ الصلاة مع الإمام رکعتان ، وبغیر الإمام أربع وإن صلّوا جماعة (4). ( وما ورد من أنّه لیس علی أهل القری حضور الجمعة وصلاة العید (5) منها الصحاح الدالة علی الصلاة أربع رکعات جماعة إذا لم یکن من یجمّع بهم (6) ، وإذا لم یکن من یخطب (7) ، وغیر ذلک ممّا مرّ.

ومنها : الأخبار الدالة علی اشتراط الإمام ، وأنّه لا بدّ منه (8) ، والمتبادر من لفظ الإمام علی الإطلاق إمام الأصل ، کما قال الفقهاء وفهموا ، مع أنّ المطلق ینصرف إلی الفرد الکامل ، وفهم إمام الجماعة موقوف علی القرینة من إضافة أو غیرها.

ص: 186


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- الأشعثیات : 42 - 43 ، المستدرک 6 : 13 أبواب صلاة الجمعة ب 5 ح 2 ، بتفاوت.
3- علل الشرائع : 265 ، الوسائل 7 : 312 أبواب صلاة الجمعة ب 6 ح 3 ، بتفاوت یسیر.
4- الکافی 3 : 421 / 4 ، الوسائل 7 : 314 أبواب صلاة الجمعة ب 6 ح 8.
5- التهذیب 3 : 248 / 679 ، الاستبصار 1 : 420 / 1618 ، الوسائل 7 : 307 أبواب صلاة الجمعة ب 3 ح 4.
6- الوسائل 7 : 327 أبواب صلاة الجمعة ب 12 ح 1.
7- الوسائل 7 : 306 أبواب صلاة الجمعة ب 3 ح 1 ، وب 5 ح 3.
8- الوسائل ، 7 : 303 ، 309 أبواب صلاة الجمعة ب 2 ، 5.

ومنها : أیضا الأخبار الدالة علی استحباب صلاة الجمعة (1) ، ویؤیّدها استحباب صلاة العیدین التی توافق الجمعة فی الشروط وأدلة الوجوب (2) (3) إلی غیر ذلک (4).

هذا مضافا إلی الإجماعات المنقولة الکثیرة جدّا المتأیّدة بالآثار والاعتبار التی أشرت إلیها فی الرسالة ( مع أنّ المنقول بخبر الواحد یشمله ما دل علی حجّیة خبر الواحد ) (5).

ومن الآثار حکایة المازندرانی الذی وصل إلی جزیرة الصاحب علیه السلام (6) ، وهی تنادی بالاختصاص بالإمام ومنصوبه.

( علی أنّ ما دل علی اشتراط النصب أزید ممّا دل علی اشتراط العدالة وبعض الشروط المسلّمة ، بل زیادته علیه بمراتب شتّی ، کما مرّت الإشارة هنا وسابقا ، وسیجی ء أیضا ، وما یظهر من الإجماع علی اعتبار العدالة لیس عشر معشار ما یظهر من الإجماع علی اعتبار النصب ، کما لا یخفی ) (7).

وبالجملة : إن کانت الأدلة من الطرفین لا تخلو عن الخدشة والمناقشة فالاحتیاط الإتیان بالجمعة والظهر معا تحصیلا للبراءة الیقینیة أو العرفیة ، والله یعلم.

ثم لا یخفی أنّ استدلاله بالآیة وأمثالها ممّا یتضمّن وجوبها بعنوان

ص: 187


1- انظر الوسائل 7 : 295 أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 1.
2- الوسائل 7 : 424 أبواب صلاة العید ب 3.
3- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
4- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : وسیجی ء بعضها.
5- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
6- بحار الأنوار 52 : 167.
7- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

الخطاب مبنی علی المذهب السخیف من کون الخطاب شاملا للمشافه والغائب جمیعا ، ولا شکّ فی سخافته ، لأنّهم إن أرادوا الشمول بحسب الوضع العربی (1) الحقیقة اللغویة والعرفیة فلا شکّ فی فساده ، لکون الصیغة موضوعة للخطاب مع حاضر وحقیقة فیه ، بل الخطاب لا یتأتّی مع الغائب ، ولا شبهة فی قبحه. ولذا أنکر الشیعة والمعتزلة وجمیع من له فهم علی الأشاعرة فی قولهم بقدم القرآن ، بأنّه کیف یخاطب الله المعدوم؟ ولا یفعل ذلک إلاّ مجنون.

وإن أرادوا أنّ الشمول بعنوان المجاز بأنّه لیس بحطاب حقیقة ، بل غیبة ، أو خطاب وغیبة ، غلب جانب الخطاب علی الغیبة واستعمل لفظه فیها ، ففیه : أنّ الأصل فی الاستعمال الحقیقة بلا شبهة.

فإن قلت : الاشتراک فی التکالیف الثابت بالإجماع قرینة.

قلت : غلط ، إذ یمکن أن یکون الحکم بالاشتراک بعد الخطاب ، وعلی تقدیر أن یکون قبل الخطاب أیضا لا یستلزم الاشتراک فی التکلیف الاشتراک فی الخطاب ، ألا تری أنّا نخاطب العوام حین استفتائهم وجوابهم فی الفتوی : افعل کذا ، وللمرأة : افعلی کذا؟ لیس خطابنا إلاّ معه أو معها خاصّة بلا شائبة تأمّل ، لا أنّ الخطاب معه ومع غیره من المکلّفین جمیعا ، وکذا معها ومع جمیع المکلّفین قاطبة ، لأنّه باطل بالبدیهة ، سیّما المکلّفین المعدومین الذین انعدموا أو ما خلقوا بعد.

سلّمنا ، لکن نقول : فی موضع ثبت اشتراک التکلیف یصیر ذلک قرینة ، واشتراک التکلیف ثبوته إنّما هو من الإجماع ، والإجماع ثبوته فی

ص: 188


1- فی « ب » و « ج » و « د » : العرفی.

موضع النزاع غیر متحقّق بالبدیهة ، سیّما مثل ما نحن فیه ، لأنّ الفقهاء صرّحوا باشتراط الإمام أو نائبه ، وجماعة کثیرة منهم ادعوا الإجماع علی ذلک ، فکیف یمکن دعوی اشتراک من لم یکن له الإمام ولا نائبه مع من کان له الإمام أو نائبه؟ ولا شکّ فی فساد ذلک بالبدیهة.

علی أنّا نقول : الإجماع إنّما تحقّق فی اشتراک التکلیف بین الغائب والحاضر إذا اتحد حالهما بالنسبة إلی ذلک التکلیف لا مطلقا ، فإذا کان الحاضر صلاته مع الإمام أو نائبه فلا شک فی أنّ الغائب أیضا إن کان کذلک یکون حکمه حکم الحاضر بالإجماع ، والإجماع حینئذ متحقّق ، وأمّا إذا تغیّر حالهما فی ذلک فلا إجماع علی الاشتراک لو لم نقل بالإجماع علی عدم الاشتراک.

وبالجملة : إذا کان دلیل الاشتراک هو الإجماع فالاشتراک دائر مع الإجماع ، فکلّ موضع یتحقّق فالاشتراک متحقّق ، وکلّ موضع وقع الخلاف فعلی القول باختصاص الخطاب بالمشافهین لا یثبت الحکم فی حق غیر المشافهین ، بل الحکم فیه ما اقتضاه الأصول والأدلة ، وعلی القول بشمول الخطاب للغائبین یکون الحکم شاملا لهم حتی یثبت القید من الخارج ، ویثبت من جهة الاختصاص بالمشافهین ومن یکون حاله حالهم ، وهذا ثمرة من ثمرات هذا النزاع. وإذا کان الحکم مختصّا بالمشافه بالإجماع یقول الفقهاء : حکم فی خصوص واقعة ، ولا یتعدّون البتّة.

فإن قلت : فأیّ فائدة فی الاستدلال بالآیة والأخبار؟

قلت : الفائدة فی الموضع الذی وقع الإجماع علی اتحادنا فی التکالیف ولا نزاع فی الاتحاد ، لکن لا یدرون أنّ الحکم ما ذا؟ کما هو الحال فی غالب الأحکام ، فإنّ العلم الإجمالی حاصل باتحاد المکلّفین فیه ،

ص: 189

ولذا یبادرون بالحکم بالاشتراک وإن کان الخطاب بعنوان الاختصاص بلا شبهة ، مثل : افعل أنت کذا ، أو حکمک کذا ، أو أشدّ من هذا فی الظهور فی الاختصاص ، وتمام التحقیق فی الأصول ، وسیجی ء بعض الکلام فی المباحث الآتیة.

قوله : فیقتصر علی صفتها المنقولة ، والمنقول من فعله. ( 4 : 11 ).

سیجی ء فی مسألة اشتراط وجوب الجمعة بالسلطان العادل أو من نصبه منع الشارح دلالة فعل النبی صلی الله علیه و آله علی الشرطیة ، وأنّ العامّ لا یدل علی الخاصّ (1) ، وهو رحمه الله لا ضابطة فی کلامه کثیرا ، إذ کثیرا ما یقول بشی ء وکثیرا ما ینکره علی سبیل المزج ، یقول وینکر ثمّ یقول وینکر وهکذا فی کثیر من الأمور ، ومنها الاقتصار فی العبادة علی المنقول ، ولا شکّ فی أنّ الأمر کما ذکره هنا ، وما ذکره من عدم الاقتصار غلط فاحش ، کما حقّق فی محلّه ، ومن هنا ظهر فساد ما ذکره فی أوّل المبحث من الأدلة علی عینیة الوجوب ، کما عرفت وستعرف أیضا ، فتأمّل جدّا.

قوله : ویدفعه ما رواه. ( 4 : 13 ).

لم أفهم وجه الدفع ، لعدم معلومیة کون الساعة المذکورة تزید عن المقدار المذکور ، لعدم معلومیة المراد منها ومن الخطبة ، وأضعف منه الاستدلال بروایة الفضیل ، فتأمّل.

قوله : ولم نقف علی مأخذه. ( 4 : 20 ).

فی الاحتجاج عن الحمیری عن الصاحب صلوات الله علیه أنّه : « إذا

وقت صلاة الجمعة

ص: 190


1- المدارک 4 : 21.

لحق مع الإمام من تسبیح الرکوع تسبیحة واحدة اعتدّ بتلک الرکعة » (1).

قوله : مؤذنا بدعوی الإجماع علیه. ( 4 : 21 ).

کلامه صریح فی دعوی الإجماع ، حتی قال : مخالفته خرق للإجماع ، وجمع کثیر من فقهائنا ادعوا الإجماع صریحا (2) ، کما أشرنا إلیه سابقا.

قوله : ویتوجّه علی الأوّل. ( 4 : 21 ).

هذا لا یلائم ما صرّح مرارا أنّ الوظائف الشرعیة إنّما تستفاد من صاحب الشرع ، فتقتصر علی صفتها المنقولة من فعله صلوات الله علیه ، ومنه ما سیجی ء من لزوم کون الخطبة عربیة ، وکون الخطیب قائما ومطمئنّا وغیر ذلک (3) ، فتأمّل جدّا.

علی أنّه لا شبهة فی أنّ مراد المحقق أنّ الجمعة کانت مقصورة فی صورة نصب الإمام ، منحصرة فیما إذا تحقّق المنصوب من قبله صلوات الله علیه ، فلا شکّ فی أنّ ذلک صریح فی الشرطیة ، کیف یمکن منع الدلالة؟

اللهم إلاّ أن یبنی علی أنّه علیه السلام کان فاسقا! العیاذ بالله منه ، لأنّ الجمعة إذا لم تکن مشروطة بالمنصوب لم تکن مقصورة فیه ، ولا منحصرة فیما إذا تحقّق المنصوب من قبله ، بل کان اللازم علیه والواجب علیه أن یأمر أمّته بفعل الجمعة متی ما حصل إمام الجمعة ، من دون توقّف علی المنصوب من قبله أصلا ورأسا ، بل کان الواجب علیه المبالغة التامّة فی

شرائط صلاة الجمعة

السلطان العادل

أدلّة القائلین بعدم الاشتراط والجواب عنها

ص: 191


1- الاحتجاج : 488 ، الوسائل 8 : 383 أبواب صلاة الجماعة ب 45 ح 5.
2- منهم الشیخ فی الخلاف 1 : 626 ، ابن البراج فی شرح الجمل : 124 ، ابن زهرة فی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 560 ، العلاّمة فی المنتهی 1 : 317 ، الشهید فی الذکری : 230.
3- المدارک 4 : 35 ، 37 ، 38 ، 39.

ذلک ، لأنّ الواجب یکون علی ترکه العقاب البتّة ، سیّما مثل هذه الفریضة التی هی من أوجب الفرائض ، وکان علیه السلام من غایة الاهتمام فی هدایة الأمّة وإتمام الحجّة علیهم ، فکیف یجعل ما لا یتوقّف علی النصب موقوفا علیه؟ بل لو کانت الجمعة مستحبة ما کان یفعل کذلک قطعا ، فکیف إذا کانت من أوجب الفرائض؟ ألا تری أنّ الجماعة والأذان ما جعلهما مقصورین علی المنصوب وبالغ فی ذلک حتی صار من ضروریات الدین وأمر بفعلهما من دون توقّف علی المنصوب بحیث یظهر علی الأطفال والنساء والجواری فی البیوت؟ لاقتضاء العادة فی مثله ، وکان یصل إلی من بعده بعنوان التواتر ، وفوق التواتر ، وکذا الحال والکلام فی علی علیه السلام فی أیّام خلافته.

وإن کان مراده منع الحصر والقصر فی المنصوب ، فمع أنّه خلاف مدلول کلامه غیر خفیّ فساده ، لأنّ النبی وعلیّا علیهماالسلام لو کانا یبالغان فی عدم القصر والحصر ویأمران بفعل الجمعة فی کلّ فرسخ فرسخ من مملکتهم الوسیعة - وسیّما مملکة علی علیه السلام - لکان یشیع ویذیع أزید من الشیوع والذیوع الواقع فی الجماعة والأذان ، ویظهر علی العواتق فی البیوت ، لما عرفت من نهایة شدّة الداعی إلی فعل أشدّ الفرائض ، بخلاف المستحب.

مع اجتماع أمور کثیرة کلّ واحد منها یقتضی الاشتهار والانتشار والشیوع ، مثل فعلها جهارا فی مجمع جماعة یکون أقلّهم سبعة وأکثرهم لا حدّ له ، وفی الغالب یجتمع الأکثر بل یجب اجتماع الجمیع ولا یعذر إلاّ نادر ، ویجب الحضور علی من کان علی رأس فرسخین من موضع إقامة الصلاة ، ومنع المکلّفین عن البیع والشراء والسفر وغیر ذلک من الأشغال المانعة عنها ، وقراءة الخطبة المتضمّنة للتهدید والوعد والوعید علی أفعال کثیرة ، ووجود إمام یتصف بأمور کثیرة ، وأنّه ربما یمنعه بحسب العادة

ص: 192

موانع من قبیل المرض والسفر وغیرها ، وربما یموت ، فیکف یصیر الحال؟ إلی غیر ذلک من الأمور التی تتفاوت الحال بین اشتراط المنصوب وعدمه ، وأنّ مع عدم المنصوب هل کانوا یصلّون أم ینتظرون وجوده؟ وربما کان بین موت المنصوب ووصول الخبر إلی الإمام یطول الزمان من بعد المسافة أو غیره ، وکذا بین نصب الإمام غیره ووصول الخبر إلی الموضع ، وربما لم یتحقّق من له أهلیة النصب ، أو لم یتیسّر له سکنی هذا الموضع ، إلی غیر ذلک مما لا یحصی.

ومع جمیع ذلک کیف یبقی خفاء علی الأطفال ، فضلا عن غیرهم؟ سیّما العلماء الماهرین الباذلین للجهد ، وکلّما طال الزمان فی مثل ذلک یزید الاشتهار ، فکیف صار الأمر بالعکس؟ لأنّ کلّ الأمّة أذعنوا بأنّ الجمعة فی زمانهما علیهماالسلام وزمان سائر الخلفاء کانت تفعل بالمنصوب لا بغیره أصلا ، ولذا طعنوا علی الخلفاء الذین أحدثوا بعد الرسول صلی الله علیه و آله وغیّروا طریقته بکلّ ما أحدثوا وغیّروا ، ولم یطعن علی أحد منهم أحد فی حکایة نصبهم وقصرهم فی المنصوب ، بل قالوا : إنّ طریقتهم کانت طریقة الرسول صلی الله علیه و آله وعلی والحسن صلوات الله علیهما فی ذلک من زمان أوّل الخلفاء إلی زمان فقهائنا.

والعامّة مع شدّة اختلافهم فی اشتراط النصب وغایة قربهم فی زمان الصادقین علیهماالسلام إلی زمان الخلفاء سلّموا قصر النبی صلی الله علیه و آله والخلفاء فی المنصوب ، ولم یشر أحد منهم إلی تأمّل فی ذلک.

وأمّا الشیعة فإنّهم اتفقوا فی ذلک ، حتی صرّح فقهاؤهم بالاشتراط ، إمّا مطلقا أو فی الجملة ، وادعی جماعة کثیرة منهم الإجماع علی الاشتراط وهم ثلاثون ، وربما کانوا أربعین بل أزید منهم ، والباقون منهم اتفقوا علی

ص: 193

التصریح بذلک ، والنادر وإن لم یقع منهم التصریح إلاّ أنّه ظهر من القرائن ، کما حقّق فی محلّه ، وورد فی الأخبار وغیرها دلالة علیه أو إشارة إلیه ، علی ما عرفت وستعرف ، بل لو تأمّل المنصف حصل له القطع بأنّه ما کانت تفعل الجمعة فی زمانهما إلاّ بالمنصوب ، ولذا ما منع الشارح رحمه الله ذلک ، مع أنّه فی غایة الحرص فی هدم قوانین أدلة الفقهاء فی المقام ، ولذا صدر عنه ما صدر من الأغلاط الواضحة علی ما عرفت ، فتأمّل.

قوله : إنّما هو لحسم مادّة النزاع فی هذه المرتبة. ( 4 : 21 ).

حسم مادّة النزاع إنّما هو من الأمور اللازمة ، فلو کان تحقّقه بالنصب لزم النصب ، مع أنّه إذا کان فی زمانه علیه السلام وعند حضوره کانت الأمّة محتاجین إلی حسم مادّة النزاع ، مع أنّه کان أمره علیه السلام فیهم فی غایة النفوذ لکانت الأمّة فی زمان الغیبة أحوج إلی حسم مادّة النزاع وأحوج بمراتب شتّی ، فتدبّر.

علی أنّا نقول : التعیین إمّا أن یکون واجبا أو مستحبا أو لا هذا ولا هذا ، وعلی الأوّل إمّا أن یکون فعل الجمعة مقصورا علی تعیینه أو لا ، فعلی الأوّل ثبت المطلوب ، سیّما بملاحظة کون العبادات توقیفیة ووظائف شرعیة ، ولم یتحقّق منه بیان قولی ، فوجب الاقتصار علی صفتها المنقولة من فعله ، بل مرّ فی بحث تکبیرة الإحرام أنّه یجب الاقتصار علی « الله أکبر » علی وزن أفعل مجزوم الراء ، مقطوعا همزة الوصل فی « الله » (1) وغیر ذلک ممّا هو فی هذه الهیئة ، لا یجوز تغییره أصلا ، مع أنّه ورد فی أخبار لا تحصی أنّهم قالوا : کبّر ، وأمثال ذلک من العبارات الظاهرة فی مطلق

ص: 194


1- المدارک 3 : 319.

التکبیر ، من دون تخصیص بهیئة ، هذا ، وغیر ذلک من مباحث العبادات المسلّمة عند الشارح رحمه الله .

وإمّا أن لا یکون فعلها مقصورا علی الإذن ، وقد عرفت فی الحاشیة السابقة القطع بفساده ، وإن لم یتحقّق من الفقهاء دعاوی الإجماعات والتصریحات فی الفتاوی ونقلهم فی مقام الاستدلال ، ولم یتفق اتفاق جمیع علماء الشیعة والسنّة وما ذکره أصحاب التواریخ وظهر منهم ، وکذا لم یتفق ورود الأخبار الصریحة والأخبار الظاهرة والمشیرة والآثار ، کیف؟! وقد تحقّق جمیع ما ذکر واتفق ، فکیف یبقی لمن له أدنی فهم التأمّل فی ذلک؟ ومن هذا ظهر حال الشقّین الآخرین وقطعیة فسادهما.

قوله : کما أنّهم کانوا یعیّنون إمام الجماعة والأذان. ( 4 : 21 ).

لا یخفی أنّ المسلمین فی زمانه ومن بعده إلی زماننا فی الأعصار والأمصار ما کانوا یقتصرون فی الجماعة والأذان علی المنصوب ، کسائر العبادات ، بخلاف صلاة الجمعة ، فقیاسها بهما قیاس مع الفارق الظاهر فی غایة الظهور.

قوله : وهو مجهول. ( 4 : 22 ).

لا یخفی أنّه قوی ، بل المحقّق حکم بصحة روایته وحجّیتها (1) ، فتأمّل. مع أنّه قال : روی بعدّة طرق (2) ، فتأمّل. علی أنّ الصدوق رواها بطریق صحیح (3) ، کما حقّق ، ومنه یظهر أنّه قائل بمضمونه مفت به ، لما

ص: 195


1- لم نعثر علیه فی کتبه.
2- المعتبر 2 : 280.
3- انظر الفقیه 1 : 267 / 1222. لا یخفی أن الطریق ضعیف ذکره القهپائی فی مجمع الرجال 7 : 278.

ذکر فی أوّل کتابه ، ولما ستعرف.

سلّمنا لکن الانجبار بعمل الأصحاب متحقّق ، ومع ذلک ذکر المحقّق ذلک من باب التأیید لا الاستدلال.

وأمّا الإیراد الثانی وإن کان متوجّها ظاهرا ، إلاّ أنّه ربما کان مراد المحقق من التأیید أنّه ربما یظهر من الخبر أنّ وجه اختیار السبعة فی أقلّ ما ینعقد به الجمعة أنّ الجمعة من متعلّقات الحکومة ، والحکومة وثمرتها تتحقّق غالبا بوجود هذه السبعة ، ولذا اختیر فیها هذا العدد.

مع أنّ توجیه بعض الخبر أو ردّه لا یقتضی ردّ مجموع الخبر عند فقهائنا ، کما مرّ مرارا ومرّ وجهه ، ومدار الشارح وغیره علی ذلک ، وإلاّ فیخرج کلّ أخبارنا عن الحجّیة أو جلّها.

قوله : علی ترک العمل بظاهرها. ( 4 : 22 ).

لیس کذلک ، لأنّ قدماءنا الذین ذکروا هذا الحدیث فی المقام من دون تعرّض لتوجیه أو تأویل أو طرح ظاهرهم العمل ، بل ربما یحصل القطع بعدم الطرح ، بل الصدوق فی کتاب فتواه صرّح باشتراط مجموع السبعة المذکورة فی وجوب صلاة الجمعة ، وأنّه لا بدّ من حضورهم جمیعا حتی تجب الجمعة (1) ، فهذا یدل علی أنّه فی الفقیه أیضا قائل بمضمونه کما أشرنا ، ومسلّم عند المحقّقین سیّما الشارح أنّ ما ذکره فی الفقیه فتواه بظاهره ومضمونه ، وهذا یؤیّد أیضا ما ذکرناه من أنّ قدمائنا بل من روی الروایات الدالة علی أنّ إمام الجمعة غیر إمام الجماعة ، وأنّ أحدهم الإمام ، واستحباب الجمعة ، وغیر ذلک من الروایات الدالة علی المذهب المشهور

ص: 196


1- الهدایة : 34.

حاله حال راوی هذه الروایة.

قوله : إنّ هذه الروایة خصّت السبعة. ( 4 : 22 ).

لا دلالة فی هذا القول علی ما ذکره من إطباق المسلمین کافّة علی ترک العمل.

قوله : وهی کالنصّ. ( 4 : 22 ).

قد عرفت أنّه لیس کذلک ، بل الظاهر منها خلاف ذلک ، فهی بالدلالة علی الخلاف أشبه ، بل دلیل علی الخلاف ، کما مرّ التقریب.

قوله : لأنّه یعدّ من قبیل الألغاز المنافی للحکمة. ( 4 : 22 ).

لا یخفی أنّه إذا کان معهودا أنّ الخطیب من هو؟ لم یکن فیه إلغاز ، کما هو الشأن فی أمثال زماننا فی البلاد التی معهود فیها أنّ الخطیب من هو ، وکون إمام الجماعة العادل العارف بمسائل الصلاة والجماعة الذی هو من العرب غیر قادر علی أقلّ الواجب من الخطبة فی غایة الغرابة.

مع أنّه کان اللازم أن یقول : لا بدّ من تحصیل الخطبة والسعی فی أدائها بأیّ نحو یکون ، لا أنّه إذا لم یکن من یخطب یصلّی أربعا ، من غیر تنبیه علی أنّه یفعل کذلک حینئذ ، بل یناسبه تنبیه آخر ، وهو أنّه یجب التحصیل والسعی لما بعد ذلک ، فتأمّل.

قوله : إذ من المعلوم أنّ المراد من الإمام فیها إمام الجماعة. ( 4 : 123 ).

لا یخفی أنّ بعض الأخبار ظاهر فی أنّ المراد غیر إمام الجماعة ، حیث صرّح فیه بأنّه یصلی أربعا وإن کان یصلّی جماعة (1). وفی الفقیه

ص: 197


1- الوسائل 7 : 310 أبواب صلاة الجمعة ب 5 ح 3.

قال أبو جعفر علیه السلام : « انّما وضع الرکعتان اللتان أضافهما النبی صلی الله علیه و آله لمکان الخطبتین مع الإمام ، فمن صلّی یوم الجمعة من غیر جماعة فلیصلّها أربعا کصلاة الظهر فی سائر الأیّام » (1).

وأمّا جواز فعلها للنائب فغیر مضرّ ، لأنّ فعل النائب فعل المنوب عنه ، فإنّ الحاکم کثیرا من الأحکام التی هی منصبه یوکّل وینیب ولا یباشر بنفسه.

مع أنّه للعلاّمة أن یقول : خرج ما خرج بالدلیل وبقی الباقی ، وأنتم فی جمیع الأخبار والآیة لا محیص لکم عن ضمّ هذه المقدّمة ، لدلالتها علی الوجوب علی غیر من اجتمع فیه الشرائط المسلّمة أیضا ، فتدبّر.

قوله : قطعا. ( 4 : 23 ).

دعوی العلم أوّلا والقطع ثانیا مقطوع بفسادهما ، لأنّ المتبادر من لفظ الإمام علی الإطلاق إمام الأصل ، وأمّا مع القرینة فعلی حسب ما اقتضاه القرینة ، وأمّا مع الإضافة فإمام المضاف إلیه ، فإن کان المضاف إلیه الجماعة فإمام الجماعة ، وإن کان الجمعة فإمام الجمعة ، وحال القرینة الدالة علی المضاف حال نفس المضاف إلیه.

مع أنّه یظهر من غیر واحد من الأخبار أنّ إمام الجماعة غیر إمام الجمعة ، مثل روایة سماعة حیث قال : « أمّا مع الإمام فرکعتان ، وأمّا من صلّی وحده فأربع وإن صلّوا جماعة » ، وروایة الباقر علیه السلام : « فمن صلّی بقوم یوم الجمعة فلیصلّها أربعا » بعد قوله : « إنّما وضع. » وروایة ابن

ص: 198


1- الفقیه 1 : 267 / 1219 ، الوسائل 7 : 312 أبواب صلاة الجمعة ب 6 ح 1 ، بتفاوت یسیر.

مسلم الصحیحة : « یصلّون الجمعة جماعة أربعا إذا لم یکن من یخطب » (1) وروایة الأشعثیات : الجمعة والحکومة لإمام المسلمین (2) ، ودعاء الصحیفة السجادیة (3) والأخبار الکثیرة الظاهرة فی استحباب صلاة الجمعة ، وغیر ذلک ، ومرّ الإشارة إلی کثیر منها فی بحث وجوب صلاة الجمعة.

هذا مع أنّ فهم الفقهاء له مدخلیة عظیمة فی فهم الأخبار ، لأنّهم الشهود المطّلعون الخبیرون ، وفی کثیر من المقامات یکون البناء علی فهمهم ، مثل الإقعاء وکیفیة الإقامة وغیر ذلک ممّا لا یحصی کثرة ، ولا یخفی علی المطّلع ، فتأمّل جدّا.

قوله (4) : واعتبار حضوره. ( 4 : 23 ).

قد عرفت أنّهم یقولون : إنّه منصب الإمام ومخصوص به وحقّه ، أعمّ من أن یفعل بنفسه ویباشر به أو ینوب آخر منابه ویقیمه مقامه کسائر الأمور التی هی منصبه ، بل ربما لا یمکنه مباشرة الجمیع ، لغایة الکثرة ونهایة الوفور إلاّ أنّ الاختیار إلیه فی اختیاره ما یباشره ووکول غیره إلی نائبه ، وفعل النائب فعل المنوب عنه ، مع أنّه ثبت من الإجماع وغیره جواز النائب خاصّة ، فلا تضرّ هذه الأخبار ، کما هو الحال فی الأخبار التی استدل بها الشارح علی وجوب الجمعة.

ص: 199


1- التهذیب 3 : 238 / 633 ، الاستبصار 1 : 419 / 1613 ، الوسائل 7 : 306 أبواب صلاة الجمعة ب 3 ح 1.
2- الأشعثیات : 42 - 43 ، المستدرک 6 : 13 أبواب صلاة الجمعة ب 5 ح 2 ، بتفاوت.
3- الصحیفة السجادیة : الدعاء : 48.
4- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

قوله (1) : وجب الاجتماع فی الظهر یوم الجمعة. ( 4 : 23 ).

الوجوب عند المفید ومن ماثله أعمّ من العینی والتخییری.

قوله : وظاهره عدم الفرق فی ذلک بین الأزمان. ( 4 : 24 ).

( فیه : أنّه لم یتعرّض لاشتراط العدالة أیضا ، مع أنّه تعرّض لذکر جمیع ما هو شرط فی إمام الجمعة أو أکثره ، بل تعرّض لذکر السلامة من المعرّة ، فما هو الجواب له هو الجواب للفقهاء.

مع أنّ تلامذته رؤساء الفقهاء صرّحوا بإجماع فقهاء الشیعة علی اشتراط الإذن والنصب ، والمفید عندهم أفقه الفقهاء ورئیسهم ومؤسّس مذهب الشیعة ، وإنّه فی الواقع أیضا کان کذلک ، مع أنّ تصانیفه غیر منحصرة فی ما ذکر فی الإشراف فی خصوص هذا الموضع. مع أنّ الظاهر من کتابه الإرشاد موافقة باقی الفقهاء (2) ، فلاحظ ، بل فی المقنعة أیضا إشارة إلیه وإلی أنّ إذنهم حصل بما ورد فی الأخبار (3) علی حسب ما نذکر فی حاشیتنا علی کلام الشهید. مع أنّ باقی کلامه فی الإشراف لم یظهر لنا ، إذ ربما یظهر الموافقة من موضع آخر ) (4).

ص: 200


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و ».
2- الإرشاد 2 : 342.
3- المقنعة : 163 ، 811.
4- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : لم یتعرّض لاشتراط العدالة أیضا سیّما مع تعرّضه للسلامة من المعرفة بالحدود ، وخصوصا مع ذکره لجمیع ما هو شرط فی إمامة سائر الصلوات ، مع أنّ تلامذته مثل الشیخ والسید وغیرهما صرّحا بأنّ نصب الإمام من شرائط الجمعة بإجماع فقهاء الشیعة ، مع أنّ المفید عندهم من أعظم فقهاء الشیعة بل مؤسّس مذهبهم ، مع أنّ تصانیفه فی ذلک غیر منحصر فیما ذکر فی الإشراف فی خصوص هذا الموضع ، مع أنّ الظاهر من کتابه الإرشاد موافقته للقوم ، ومن مقنعته الإشارة إلیه وإلی أنّهم أذنوا ورخّصوا بما ذکروا فی أخبارهم علی حسب ما سنذکر فی حاشیتنا علی کلام الشهید ، مع أنّه ربما کان فی کتابه الإشراف أیضا ما یظهر منه الحال فی غیر ما ذکره الشارح رحمه الله .

علی أنّا نقول : العادل أخبرنا بالإجماع ، فلا بدّ من تصدیقه والتمسّک بقوله ، لما دل علی حجّیّة خبر الواحد ، إلاّ أنّ یثبت الخلاف ، ولم یثبت ممّا ذکر ، لما عرفت. مضافا إلی أنّ خروج معلوم النسب غیر مضرّ عند الشیعة.

فإذا کان نقل الإجماع من واحد من العدول یکون هذا حاله فما ظنّک باتفاق المتقدّمین والمتأخّرین من الفقهاء فی نقلهم الإجماع إلی أن بلغوا حدّ التواتر؟ فإنّا إذا عددنا قول مثل الشهید الثانی (1) ومن ضاهاه فی نقل الإجماع فلا شک فی بلوغهم عدد التواتر.

علی أنّا نقول : لا یثبت ممّا ذکره من الإشراف الخلاف ، إذ لو ثبت منه الخلاف لزم أن یکون العدالة أیضا خلافیا بین الشیعة ، واللازم باطل مسلّم عند هؤلاء ، فکذا الملزوم ، والملازمة ظاهرة ، وأیّ عاقل یمکنه أن یقول : یثبت الخلاف فی اشتراط الإمام أو نائبه من تلک العبارة ولا یثبت الخلاف باعتبار العدالة؟ فإنّه تحکّم بیّن ، بل والأمر فی العدالة أشدّ بمراتب کثیرة ، لأنّ ناقل الإجماع فی العدالة جماعة قلیلة ، وناقل الإجماع فی اشتراط الإمام ونائبه جماعة کثیرة ، بل متواترة. مع أنّ جمعا کثیرا منهم تلامذة المفید ، کما قلنا.

مع أنّ المفید رحمه الله فی الکتاب المذکور فی صلاة العیدین أظهر اشتراط الإمام أو نائبه (2) ، ولذا لم ینبّه الشارح ولا غیره إلی القول بعدم

ص: 201


1- الروضة 1 : 301.
2- المقنعة : 194.

اشتراط الإمام أو نائبه فی صلاة العیدین ، مع أنّهم یذکرون فی صلاة العیدین أنّها متساویة لصلاة الجمعة فی الشرائط ، واعترف الشارح رحمه الله بذلک (1) ، کما ستعرف ، وادعوا علی ذلک إجماعات متعدّدة ، کما سیجی ء الإشارة إلی ذلک فی الجملة فی مبحثها ، وهذا ینادی بأنّ المفید رحمه الله فی هذا الکتاب أیضا موافق للقوم ، مضافا إلی ما عرفت.

مع أنّ الفقهاء متفقون علی أنّ القضاء منصب الإمام علیه السلام ، والفقیه منصوب من قبله ، لمقبولة ابن حنظلة (2) وروایة أبی خدیجة (3) ، ومع ذلک لا یذکرون فی کتبهم الفقهیة فی مبحث القضاء هذا المعنی ، بل یقتصرون علی صفات الفقیه ، وهذا لا یقتضی أنّ الفقهاء رحمه الله لا یقولون بأنّ القضاء منصب الإمام وأنّ الفقیه منصوب منه ، وممّا ذکرنا ظهر حال ما ذکره عن أبی الصلاح والقاضی أبی الفتح.

قوله (4) : وهی صریحة فی الاکتفاء - عند تعذّر الأمرین - بصلاة العدد المعیّن. ( 4 : 23 ).

أسقط الشارح من کلامه أنّ شرط الجمعة الأذان والإقامة أیضا ، فإنّه رحمه الله قال - بعد قوله : عند تعذّر الأمرین : وأذان وإقامة ، فلاحظ المختلف (5) ، فعلی هذا کیف یبقی لکلامه اعتداد؟ فلا بدّ للشارح إمّا أن یقول باشتراط الأذان والإقامة أیضا ، أو یرفع الید عن کلامه ، ولا معنی لما

ص: 202


1- المدارک 4 : 93.
2- الکافی 1 : 67 / 10 ، الاحتجاج : 355 - 356 ، الوسائل 27 : 136 أبواب صفات القاضی ب 11 ح 1.
3- التهذیب 6 : 303 / 846 ، الوسائل 27 : 139 أبواب صفات القاضی ب 11 ح 6.
4- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
5- مختلف الشیعة 2 : 251 ، الکافی فی الفقه : 151.

فعله.

مع أنّ العلاّمة وغیره بنوا علی أنّ مراده الوجوب التخییری (1) ، أی الأعمّ من العینی والتخییری ، ولا شکّ فی ذلک ، فإنّ الانعقاد لا یدل علی العینیة مطلقا ، لا مطابقة ولا تضمّنا ولا التزاما بالبدیهة ، وما نقله بعد ذلک منه فلا بدّ من ملاحظة کتابه ، فإنّه رحمه الله کثیرا نقل عن کتاب فلاحظنا الکتاب فوجدناه فی غایة الظهور فی خلاف ما فهمه ، کما أشرنا.

قوله : وأنّ دعوی الإجماع فیها غیر جیّدة ، کما اتفق لهم فی کثیر من المسائل. ( 4 : 24 ).

هذا أیضا من الغفلات الصادرة منه وممّن تبعه ووافقه ، فإنّ الإجماع عندنا لیس إجماع الکلّ حتی یلزم من خروج بعض عدم تحقّقه ، بل عند العامّة أیضا لا یضرّ خروج بعض ، لأنّ الإجماع عندهم اتفاق أهل عصر.

مع أنّ فی خروج من ذکره والتمسّک بظواهر ما ذکره کلام یطول ذکره ، ومن أراد التحقیق فعلیه بمطالعة رسالة المحققین فی نفی الوجوب العینی ، مثل رسالة المحقّق جمال الملّة والدین رحمه الله وغیرها.

مع أنّه ما لم یلاحظ ( مجموع کلام أبی الصلاح وغیره لم یفهم مرادهم ، ووجدنا الشارح رحمه الله کثیرا » (2) ینقل عن المختلف والمنتهی کلاما من العلاّمة ، ووجدنا فی الکتابین أنّه لیس کذلک ، بل ربما یدل کلامه علی خلاف ما ذکره وادّعاه ، بل ضدّه ، ( هذا مضافا إلی ما عرفت فی

ص: 203


1- انظر المختلف 2 : 251 - 253 ، والمهذّب البارع 1 : 413 ، والتنقیح 1 : 231 ، وروض الجنان : 291.
2- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : مجموع الکلام لم یفهم حق المرام ، فإنّا وجدنا أنّه رحمه الله ربما.

الحاشیة السابقة ) (1).

قوله : إنّ من ادعی الإجماع علی اشتراط الإمام أو نائبه. ( 4 : 25 ).

لیس کذلک ، بل القائل بالوجوب التخییری یدّعی کذلک ، وأمّا القائل بالحرمة فهو یقول بالحرمة من حیث إنّ الإذن شرط مطلقا ، وما کانت تفعل إلاّ بالإمام أو نائبه الخاصّ.

نعم یمکن أن یقال : إنّ القدر الذی ثبت الإجماع فیه هو فی الوجوب العینی أو بسط ید الإمام ، ولذا ورد الأخبار بجواز فعلها إذا اجتمع العدد ولم یکن الإمام ولا المنصوب ، وعمل بها جمع من الأصحاب ، بل الکلّ إلاّ القلیل ، فتأمّل جدّا.

والخبر الذی یدل دلالة ظاهرة علی الوجوب التخییری ما رواه الشیخ فی مصباحه والصدوق فی أمالیه فی الصحیح ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام ، عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « إنّی أحبّ للرجل أن لا یخرج من الدنیا حتی یتمتّع ولو مرّة ، وأن یصلّی الجمعة جماعة » (2) وفی الأمالی بعد هذا ذکر عبارة : « ولو مرّة » أیضا (3).

ویظهر من الشیخ رحمه الله فی المصباح أنّ هذا الخبر دلیل علی الوجوب التخییری.

ومرّ روایة زرارة وحثّ الصادق علیه السلام إیّاه وأصحابه ، وروایة عبد الملک (4) ، والقرائن الدالة علی إرادة الاستحباب ، إلی غیر ذلک ممّا مرّ

ص: 204


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- مصباح المتهجد : 324 ، الوسائل 21 : 14 أبواب المتعة ب 2 ح 7.
3- لم نعثر علیه.
4- المدارک 4 : 7 ، وراجع ص 140 و 143.

فی المباحث السابقة وسیجی ء أیضا. ( وما رواه الشیخ فی کالصحیح إلی حفص الذی ادعی فی العدّة إجماع الشیعة علی العمل بروایة أمثاله (1) ، عن الصادق علیه السلام عن أبیه ، قال : « لیس علی أهل القری جمعة ولا خروج فی العیدین » (2) (3).

قوله : ویبقی عموم القرآن خالیا عن المعارض. ( 4 : 26 ).

هذا منه بناء علی أنّ الأمر حقیقة فی مطلق الوجوب أعمّ من العینی والتخییری وغیر ذلک ، ولا یخلو من تأمّل ، فإنّ ظاهر القرآن الوجوب العینی لا الجواز الذی ادعیت.

مع أنّ معنی الاشتراط أنّه إذا لم یتحقّق الشرط لم یتحقّق المشروط ، فکیف مع عدم الشرط یسقط اعتباره ویبقی عموم وجوب المشروط بحاله؟ مع أنّ ما دل علی اشتراط الإذن أیضا مطلق وعامّ ، کما عرفت.

فالأولی ما ذکره أوّلا ، موافقا لما ذکره الشیخ رحمه الله وغیره. (4).

وتوجیهه : أنّ الأمر الذی یکون منصب الإمام علیه السلام لا یلزم أن یباشره بنفسه المقدّسة ، بل له أن یباشره بنفسه وبنائبه الخاصّ ، فإنّ فعل النائب فعل المنوب عنه ، والنائب یجوز أن یکون خاصّا وأن یکون عامّا ، فإنّ الحکومة علی الناس مع کونها من أشدّ خصائصه وأخصّ مناصبه کان مباشرته إیّاها بنوّابه إلاّ ما شذّ ، فإنّ جمیع أقطار العالم بید نوّابه إلاّ بلد

ص: 205


1- عدّة الأصول 1 : 380.
2- التهذیب 3 : 248 / 679 ، الاستبصار 1 : 420 / 1618 ، الوسائل 7 : 307 أبواب صلاة الجمعة ب 3 ح 4.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
4- من هنا إلی نهایة هذه الحاشیة یوجد فیه اختلاف کثیر بین النسخ ، وما أثبتناه من « أ » و « و ».

نفسه ، مع أنّه أیضا فی کثیر من الأوقات بید نوّابه ، مثل أوقات کونه مریضا أو مسافرا أو غیر ذلک ، مع أنّ مناصبه خارجة عن حدّ الإحصاء ولا یمکنه مباشرة الجمیع بالبدیهة ، بل جلّها بالنوّاب الخاصّة ، ولا یباشرها بنفسه أصلا ، ولو لم یکن جلّها کذلک فلا شک فی أنّ کثیرا منها کذلک ، وصرّح الفقهاء بذلک ، ومع ذلک فی حال بسط یدهم یباشرون با ( لنوّاب الخاصّة ، وحال عدم البسط ربما کانوا یباشرون بالنائب ) (1) العامّ ، کما اتفق منهم علیه السلام فی القضاء وحاکم الشرع فی مقبولة عمر بن حنظلة وروایة أبی خدیجة ، وکذا فی إمام العیدین وإمام الجمعة ، لکن فی القاضی والحاکم قال : جعلته قاضیا وحاکما ، وفی إمامة تلک الصلوات لم یقل ذلک ، بل أذن ورغّب ، فهو بمنزلة أن یقول : جعلته منصوبا ، ففعل الإمام تلک الصلوات من جهة النصب لا علی سبیل الغصب ، لکون المنصب منصبه مطلقا ، کما عرفت ، فلیس فعله مثل صلاة الظهر الواجبة علیه أو الواجب التخییری من حیث وجوب نفس الصلاة ، بل من کونه منصوبا بالأدلة التی عرفت وستعرف ، لکن نصبه بعنوان العموم لیس للصلاة علی سبیل الوجوب العینی ، بل علی سبیل الاستحباب والوجوب التخییری ، لأنّ ذلک هو مقتضی تلک الأدلة ، کما هو الحال فی صلاة العیدین أیضا ، وسیجی ء فی مبحثه.

وأمّا أدلة الجمعة فقد عرفت الأخبار الدالة علی الاستحباب بمتون عباراتها والقرائن الدالة علیه علی وجه لا یقبل التوجیه ، مع نقل الإجماع علی الاستحباب والوجوب التخییری صریحا ، والإجماع المنقول حجّة کما عرفت

ص: 206


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

مضافا إلی أفهام الفقهاء الماهرین الخبیرین المعاصرین للمعصوم علیه السلام ، أو قریبی العهد إلیه ، وکون ذلک الطریقة المستمرّة بین الشیعة فی الأعصار السابقة مع بسط یدهم فی کثیر من الأوقات بحیث ارتکبوا ما ینافی التقیّة أشدّ من صلاة الجمعة.

مع الصحاح الصریحة فی أنّ مع عدم إمام الجمعة یصلّی أربعا جماعة ، وما ورد من الأمر الوارد مورد الحظر أو توهمه ، فیفید الإذن والرخصة ، کما حقّق فی محلّه ، ویمکن الحمل علی الوجوب علی من لم یرد فیه الإذن ، أو لم یصل إلیه ، أو کان قبل صدور الإذن العامّ منهم علیه السلام .

مع أنّا لم نجد ما یدل علی عینیة الوجوب حینئذ ، لأنّ ما استدل به علیها قد عرفت حاله ، خصوصا أنّه لم یذکر فیه الشروط أصلا ، وربما ذکر فی بعضها بعض الشروط ، فالمقام لم یکن مقام ذکر کلّ الشروط بالبدیهة ، ( ففی مثل هذا لا یکون عدم الذکر دلیلا علی العدم بلا شبهة ، فلم یتحقّق تعارض بالبدیهة ) (1) فلا وجه لحمل ما دل علی الاستحباب علی الوجوب بوجه من الوجوه ، مع أنّ غالب الواجبات التخییریة ورد بلفظ الوجوب مطلقا وظهر التخییر فیه من القرینة ، ولیست بأقوی ممّا فی المقام ، فتدبّر.

قوله : حکم شرعی. ( 4 : 26 ).

فیه : أنّ الحکم بالصحة یتوقّف علی الدلیل ، فإن ثبت ، وإلاّ یبقی تحت عهدة التکلیف ، وهو معنی البطلان.

إلاّ أن یکون مراده أنّه دخل فی الصلاة دخولا مشروعا وکانت الصلاة حینئذ صحیحة ، فالصحة مستصحبة حتی یظهر خلافها.

حکم ما لو مات الإمام فی أثناء الصلاة

ص: 207


1- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

وفیه : أنّ ذلک مبنی علی القول بحجّیة الاستصحاب ، وهو لا یقول بها.

ومع ذلک یمکن إثبات البطلان بأنّ مقتضی الأدلة أنّه لا بدّ فی الجمعة من إمام یأتمّون به ، وصلاة الجمعة اسم لمجموع الأفعال والأبعاض ، ومقتضی ذلک أن یکون للمجموع إمام ، والمتبادر منه هو الإمام الذی یأتمّون به أوّلا ، فتأمّل ، إذ یمکن منع التبادر وکیف کان إذا کان إجماع یکفی.

وممّا ذکر ظهر وجه تقدیم الجماعة من یتمّ بهم بل وجوبه ، کما ذکر العلاّمة فی المنتهی.

وظهر أیضا ضعف الوجه الثانی الذی ذکره فی التذکرة ، وأمّا الوجه الأوّل فإنّه یصحّ بالنظر إلی الوجوب العینی لا جواز الفعل ، فتأمّل جدّا.

وظهر أیضا ضعف ما ذکره من قوله : ولو لم یتفّق. إلاّ أن یکون إجماع علی ما ذکره ولم یثبت ، فالأولی الإتیان بصلاة الظهر أیضا تحصیلا للبراءة.

قوله : وهی کالصریحة فی عدم اعتبار حضور الإمام أو نائبه. ( 4 : 29 ).

قد مرّ الکلام فی المقام فی صدر مبحث الجمعة ، ویظهر منه التدافع فی کلام الشارح ، فتأمّل.

قوله : وأصالة عدم اشتراط الموالاة. ( 4 : 29 ).

وعلّة الوجه الآخر أنّ المنقول إلینا خلاف ذلک ، والمتبادر من الخطبة أیضا الموالاة ، وعدم جریان الأصل فی العبادات.

العدد

ص: 208

قوله : ولأنّ اشتراط استدامة العدد منفی بالأصل. ( 4 : 29 ).

الظاهر من الأخبار اشتراطها وعدم اختصاص العدد بابتداء الصلاة ، بل هو فی الصلاة التی هی اسم للمجموع ، فإن کان إجماع ، وإلاّ أشکل الحکم کما مرّ.

قوله : قبل انفضاض العدد یقطع الصلاة. ( 4 : 30 ).

للروایة ظهور فی عدم الإضافة ، فلا یبقی إلاّ البطلان ، فتأمّل.

قوله : وهو متّجه. ( 4 : 30 ).

لا اتجاه ، کما عرفت.

قوله : لعدم تحقّق الخطبة بدونه عرفا. ( 4 : 32 ).

فیه تأمّل ظاهر إن أراد العرف العامّ ، وإن أراد المتشرّعة فیتوقّف علی ثبوت الحقیقة الشرعیة ، وأنّه عند جمیع المتشرّعة لا یتحقّق بدونه ، وکیف کان فالتمسّک بالإجماع لعله أولی ، فتأمّل.

قوله : وهو حسن. ( 4 : 35 ).

هنا یقول : حسن ، وفی نظائره یمنع الوجوب من جهة التأسّی ، ومن هذا القبیل نصب النبی صلی الله علیه و آله وعلی والحسن علیهاالسلام إمام الجمعة ، وعند حضور هم وفی بلدهم کانوا یفعلون بأنفسهم ، ومرّ من الشارح رحمه الله أنّه لا یدل علی الشرطیة ، إذ العامّ لا یدل علی الخاصّ ، والتأسی إن کان واجبا فواجب مطلقا ، وإلاّ فلا کذلک.

قوله : أوجب السعی بعد النداء. ( 4 : 36 ).

لو تمّ هذا الدلیل لاقتضی عدم وجوب الجمعة إلاّ بعد النداء ، وهو

الخطبتان

اشتراط کون الخطبة العربیّة

حکم إیقاع الخطبتین قبل الزوال

ص: 209

لا یقول به ، کما مرّ الکلام فیه (1) ، ومع ذلک لا دخل له فی المقام ، کما لا یخفی.

ویمکن المناقشة فی حسنة ابن مسلم أیضا ، لتضمّنها المستحبات ، مع ذکر الجملة الخبریة ، مع أنّها حسنة ولم تثبت العدالة ، إلاّ أن یقول بالانجبار بالشهرة ، وهو لا یقول به.

وأمّا حکایة البدلیة وحکمها فیظهر من الشارح رحمه الله عدم اعتقاده به (2) ، کما سیجی ء (3) ، ومرّ أیضا فی بحث التیمّم وغیره (4).

وکذا حکایة استحباب الرکعتین لا دلالة بل ولا تأیید لها ، کما هو ظاهر ، فإنّ جواز فعل الظهر أوّل الوقت إجماعی متواتر من المعصومین علیه السلام ، وهذا لا یمنع استحباب نافلة الزوال.

مع أنّ الرکعتین وقتهما قیام الشمس إن کان عند الزوال ، کما فی بعض الأخبار (5) ، وأمّا فی أکثر الأخبار فبعد زوال الشمس (6) ، ولا مانع من حیلولتهما بین الخطبة والصلاة ، فتأمّل.

فالأولی له الاستدلال بکون العبادات توقیفیة ، وشغل الذمة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة أو العرفیة ، ولا یثبت ممّا ذکره (7) الشیخ رحمه الله یقین

ص: 210


1- راجع ص 139.
2- فی « ب » و « و » : حرمته ، وفی « ج » و « د » : حرمة.
3- انظر المدارک 4 : 39 ، 41.
4- انظر المدارک 2 : 228 ، و 3 : 381.
5- التهذیب 3 : 11 / 37 ، الاستبصار 1 : 410 / 1567 ، الوسائل 7 : 324 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 9.
6- الوسائل 7 : 323 أبواب صلاة الجمعة ب 11.
7- فی « أ » و « و » زیادة : وما سیذکر.

ولا ظنّ شرعی ، لأنّ نقل الإجماع فی موضع الخلاف الذی لیس بنادر محلّ الریبة فضلا عن أن یکون المعظم علی خلافه.

وأمّا الخبر ، ففیه ما ذکره الشارح وما سنذکر.

والحسنة أیضا حجّة ، لانجبارها سندا ومتنا ، مع عدم الضرر من جهة الجملة الخبریة ولا تضمّن المستحبات ، لظهور الأولی فی الوجوب ، وکون مداومة النبی صلی الله علیه و آله فی مخالف المستحب واختیاره ما هو مرجوح بعیدا جدّا ، مع أنّه مرّ أنّه إذا ثبت خروج بعض الخبر عن الظاهر لا یستلزم ذلک خروج الکلّ ، فلاحظ. وکذا حکایة البدلیة تؤیّد بل تدل ، کما حقّق فی محلّه.

قوله (1) : فلو وقعت الخطبة قبل الزوال. ( 4 : 36 ).

لا یخفی أنّ الخصم یقول بجواز التقدیم لا تحتّمه.

قوله : وکیف کان فهذه الروایة. ( 4 : 37 ).

فیه إشارة إلی أنّ ما ذکره رحمه الله من الاحتمال أیضا لا یخلو عن مرجوحیة ، إلاّ أنّه کیف کان لا یکون فی الروایة ظهور یصلح لمقاومة الآیة والأخبار المعتبرة والأصول.

علی أنّ الظاهر منها مداومة النبی صلی الله علیه و آله بذلک ، فیدل علی رجحان تامّ لو لم نقل بدلالتها علی الوجوب ، لکونه فعله فی مقام امتثال الأمر المطلق ، سیّما مع مداومته ، فتعارضها الآیة والمعتبرة قطعا ، أمّا المعتبرة ففی غایة الوضوح ، وقد أشرنا فی الجملة ، وأمّا الآیة فلأنّ کون الشرط واردا مورد الغالب والمتعارف یقتضی کون صلاة الرسول صلی الله علیه و آله بعد النداء کذلک ، کما

ص: 211


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».

هو ظاهر.

وتعضد الآیة والمعتبرة أخبار أخر (1) والأصول ، وأنّ الظاهر أنّه لم یقل بالرجحان قبل الزوال أحد ، وإن بنی علی المرجوحیة ، ففیه ما عرفت أنّه لا معنی للقول باختیار الرسول صلی الله علیه و آله المرجوح دائما ، فتدبّر.

( لکن لا یخفی أنّ للروایة المذکورة قرائن کثیرة علی إرادة ما ذکره الشارح ، منها : ما ذکره من دلالة هذه الروایة علی کون صلاته حین ما یزاد الفی ء قدر شراک ، وأنّ جبرئیل قال له : انزل لأجل الصلاة ، فیکون هذا القول أیضا منه ذلک الحین ، ومعلوم أنّ هذا القول منه بعد الزوال المذکور بلا فصل ، کما تنادی به العبارة ، فتعیّن أن یکون المراد الزوال الذی ذکره الشارح ، ولا محیص عنه ، ولا یمکن حمله [ علی ] الزوال عن دائرة نصف النهار جزما.

مضافا إلی قرائن أخر ، منها : قوله علیه السلام : « هی صلاة حتی ینزل الإمام » لأنّ الصلاة معلوم أنّها تفعل بعد دخول الوقت.

ومنها : ذکر هذا القول فی هذا المقام.

ومنها : قوله : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی » المفید للاستمرار وأنّ ذلک کان عادته ، ولو کان کذلک لاشتهر فی العالمین اشتهار الشمس ، سیّما والجمعة ممّا تعمّ به البلوی تفعل حینئذ کلّ جمعة بمشهد عظیم من الناس علی رؤوس الأشهاد ، مع أنّ الأخبار وفتاوی الأخیار وطریقة المسلمین فی الأعصار والأمصار علی خلاف ذلک ) (2).

قوله : هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب. ( 4 : 37 ).

ص: 212


1- انظر الوسائل 7 : 315 أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 8.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

لکن الصدوق قال : کانت مؤخّرة عن الصلاة فقدّمها فلان (1) ، والظاهر أنّه توهّم منه ، ولذا ادعی العلاّمة والشارح عدم الخلاف ، فتأمّل.

قوله : فالظاهر جواز الجلوس. ( 4 : 38 ).

هذا مشکل ، لما سیجی ء فی بحث الجماعة من عدم جواز إمامة القاعد للقائم (2).

قوله : أنّه قیاس محض. ( 4 : 39 ).

نظر العلاّمة إلی قاعدة البدلیة ، کما أنّ الشارح [ اعتمد علیها ] (3) فی جواز الجلوس وغیره (4).

قوله : بل منع استلزام هذا القول للاحتیاط. ( 4 : 41 ).

لا یخفی أنّ شغل الذمّة بالعبادة یقینی ، وهی توقیفیة لا نعلم کونها العبادة المطلوبة إذا لم تکن طهارة ، ویعلم إذا کانت ، فیجب تحصیلا للبراءة الیقینیة أو العرفیة أو الشرعیة ، والکلّ واحد بحسب التحقیق ، والبراءة الاحتمالیة لا تکفی جزما ، وجریان الأصل فی العبادات محلّ نظر ، لأنّ أصل البراءة لا یعارض الدلیل وهو استصحاب شغل الذمة الیقینی بالتکلیف بأمر مجمل ، بل وأشدّ من المجمل ، ویتأتّی الامتثال بارتکاب الطهارة. وأمّا أصل العدم فیعارضه أصل عدم حصول البراءة وبقاء شغل الذمة ، وأصالة عدم کون الخالی عن الطهارة عبادة شرعیة وصحیحة ، وغیر ذلک ، وبالجملة : حصول الیقین بالامتثال غیر ظاهر.

وجوب تقدیم الخطبتین علی الصلاة

وجوب کون الخطیب قائماً

هل یجب اتحاد الخطیب والإمام

اشتراط الطهارة فی الخطبتین

ص: 213


1- الفقیه 1 : 278.
2- المدارک 4 : 348 و 349.
3- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
4- انظر المدارک 4 : 36 ، 38.

قوله : والتأسی إنّما یجب فی ما علم وجوبه. ( 4 : 41 ).

لا یخفی أنّه فعل فی مقام بیان الواجب ، کما مرّ فی وجوب الخطبة قائما ومطمئنا وغیر ذلک ، مع أنّه صلی الله علیه و آله قال : « صلّوا کما رأیتمونی أصلّی » (1) وهذا یشمل الکلّ إلاّ ما ثبت استحبابه ، فتأمّل.

قوله : لا یستلزم أن یکون من جمیع الوجوه. ( 4 : 41 ).

لا یخفی أنّ الظاهر کونها من جمیع الوجوه ، لأنّ عند تعذّر الحقیقة یتعیّن أقرب المجازات ، إلاّ أن یکون وجه الشبه أمرا شائعا ظاهرا ینصرف إلیه الذهن ، کما حقّقناه فی موضعه.

قوله (2) : وإن کان العدد حاصلا. ( 4 : 42 ).

لا یخفی أنّه کما یکون العدد شرطا کذلک الجماعة أیضا ، وربما کان کذلک وجود الإمام أیضا.

قوله : لصدق الامتثال. ( 4 : 43 ).

دعوی الصدق بعد اطّلاعهم بحقیقة الحال فیه ما فیه ، لأنّهم اطّلعوا علی أنّ الذی فعلوه ما کان المأمور به علی وجهه.

وأمّا إطلاق قوله علیه السلام فیخدشه ما هو من المسلّمات عنده وعند غیره أنّه ینصرف إلی الأفراد الشائعة المتبادرة ، وانصراف الذهن إلی الجمعة أیضا فی زمانه علیه السلام مع عدم تمکّن الشیعة منها غالبا لو لم نقل کلّیا فیه ما فیه ، سیّما إلی صورة یکون الإمام من جملة العدد.

قوله : ولمانع أن یمنع تعلّق النهی بالسابقة مع العلم بالسبق ... ( 4 : 46 ).

الجماعة

حکم ما لو أقیمت جمعتان

ص: 214


1- عوالی اللآلئ 1 : 197 / 8 ، سنن الدار قطنی 1 : 346 / 10 ، سنن البیهقی 2 : 124.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

هذا من الفروض العقلیة ، وإلاّ فبحسب العادة کیف یتیسّر العلم؟ نعم ربما یحصل الظن ، وفی کونه حجّة إشکال ، لعدم دلیل علی الحجّیة ، والأصل والعمومات تقتضی عدمها ، ویظهر من کلام الشارح أیضا أنّ الظنّ غیر معتبر ، حیث قال : لعدم جزم کلّ منهما.

علی أنّه معلوم أنّ المعتبر العلم بالسبق حین النیة والتکبیر ، وهذا لا یمکن تحقّقه إلاّ فی صورة صدور جمعة کلّ واحد من الطائفتین بمحضر الأخری ، وحصل للسابقین الیقین بعدم تمامیة جمیع شرائط الجمعة ومقدّماتها للاّحقین ، فحینئذ دخول السابقین فی الصلاة حرام ، لکونه مفوّتا للواجب الذی هو تحصیل الوحدة فی الجمعة فی ما دون ثلاثة أمیال ، لأنّ الجمعة فرض علی السابقین واللاحقین جمیعا ، وکلّهم مخاطبون بتحصیل الوحدة التی هی شرط وهی واجبة کما هم مخاطبون بإتیان الجمعة ، ولیس الخطاب بتحصیل الوحدة مختصّا بطائفة دون طائفة ومکلّف دون مکلّف ، فإذا بادر طائفة بالدخول فیها فربما لم یتیسّر للآخرین الدخول معهم ، فیصیر المبادرة منشأ لترک الفریضة التی هی أشدّ الفرائض ، مع ما عرفت من توجّه الخطاب بتحصیل هؤلاء المبادرین أیضا ، فیجب علیهم عدم المبادرة وتحصیل الوحدة بأن یتفق هؤلاء مع اللاّحقین. ولو فرض أنّ إمام اللاّحقین صار فاسقا بترکه إطاعة الأمر بالوحدة یکون مشترک الورود ، لأنّ إمام السابقین أیضا ترکها.

لا یقال : لعل کلّ واحدة من الطائفتین لا یعتقد بإمام الأخری.

لأنّا نقول : إن کان واحدة منهم یحکم ببطلان صلاة غیرهم یخرج عن فرض المسألة ، لأنّ ما نحن فیه وقوع جمعتین صحیحتین عند الکلّ لولا السبق والمسبوقیة ، ولذا لم تتعیّن صحة صلاة طائفة منهما إلاّ بالسبق ،

ص: 215

فاللاّحق إن اتفق سبق صلاتهم کانت صلاتهم صحیحة ، وإن کان کلّ منهم یحکم بصحة صلاة الآخرین لولا الاقتران أو المسبوقیة یعود المحذور.

نعم لو کان إمام الأصل علیه السلام حاضرا یتعیّن علی الجمیع الحضور عنده ، وهذا أیضا خلاف مفروض المسألة ، کما أنّه یمکن صحة صلاة السابقین إذا أرادوا تحصیل الوحدة والإطاعة فی التکلیف به إلاّ أنّ اللاّحقین یمنعونهم ولا یدعونهم یصلّون ، لأنّ الصحة علی هذا لیست من جهة السبق ، بل لو کانوا هم اللاّحقین لصحت صلاتهم أیضا ، وإن کان مانعهم غیر اللاحقین ، بل اللاحقین أیضا یریدون الامتثال ، فحینئذ یعود الإشکال أیضا ، إذ ربما کان اللاحقون لا یتیسّر لهم الخروج إلی الفرسخ الآخر ، أو تیسّر إلاّ أنّ البناء علی تعیین إخراجهم یحتاج إلی معیّن شرعی ، فتأمّل جدّا.

وبما ذکرنا ظهر أنّ الصورة التی ذکرناها لم یکن مدّ نظر الفقهاء جزما ، إذ عرفت أنّ الصحة لو کانت فیها لم تکن من جهة السبق ، ویکون مرادهم من سبق أحدهما تحقّق السبق بعد الدخول فی الصلاة ، کما یشیر إلیه قول المصنّف بعد ذلک : ولو لم تتحقّق السابقة. فعلی هذا تعیّن ما ذکره فی الروض ، وعلم یقینا أنّ مراد الفقهاء أیضا ، فتأمّل جدّا.

قوله (1) : وعدم ثبوت شرطیة الوحدة علی هذا الوجه. ( 4 : 46 ).

ظاهر الدلیل الشرطیة علی هذا الوجه ، لأنّ الظاهر منه عدم کون الفرسخ واقعا بینهما واقعا ، فلو جزم أحدهما بالعدم ثمّ ظهر خلافه یشکل

ص: 216


1- هذه التعلیقیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

الحکم بصحّة صلاتهما فضلا عمّا ذکرت ، وإشکال الحکم بالصحة مقتض للحکم بعدم تحقّق الامتثال ، وهو عین عدم الصحة کما عرفت.

لا یقال : إنّه لو کان الشرط کما ذکرت لزم بطلان صلاة الجمعة الصادرة عن المکلّفین إلاّ فی ما ندر ، لعدم العلم حین الدخول فی الصلاة بعدم جمعة أخری ( فی ما دون الفرسخ منها.

لأنّا نقول : الدلیل یقتضی العلم بعدمها ، إلاّ أنّ العلم الواقعی إن لم یحصل یکفی العلم الشرعی ، وهو عدم نقض الیقین السابق بعدم جمعة اخری ) (1) بالشک اللاحق ، والکفایة إجماعی العلماء ، ولذا لم یستشکلوا أصلا إلاّ فی صورة تحقّق جمعتین ، وعمل المسلمین فی الأعصار والأمصار شاهد واضح ، مع أنّ الضرورة أیضا قاضیة بذلک ، إذ لو لم یکن کذلک لینسدّ باب الجمعة والامتثال بها غالبا ، کما لا یخفی.

قوله (2) : واعلم أنّ المصنف. ( 4 : 47 ).

لا یخفی أنّ ظاهر عبارة المصنف یشمل الخامسة أیضا ، فظاهره موافقته مع التذکرة.

قوله : بل یکفی فی الصحة عدم العلم بسبق اخری. ( 4 : 47 ).

فیه ما عرفت ، مع أنّه لو کان کافیا لزم صحة [ صلاة ] (3) کل من الطائفتین فی صورة عدم علمهم بالسبق ، فلم یحتاجون إلی صلاة أخری؟ والمسألة مفروضة کذلک ، یعنی أنّه إذا فسد صلاتهما کیف یفعلون؟ منهم

ص: 217


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- هذه التعلیقة وثلاث بعدها لیست فی « أ ».
3- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

من عیّن الظهر ، ومنهم من عیّن الجمعة ، ومنهم من عیّن الجمع ، والشارح شارک معنی بما ذکره ، وفیه ما لا یخفی (1).

قوله : أنّه یمکن إدراج هذه الصورة. ( 4 : 47 ).

فیه : أنّ ظاهر العبارة ما ذکره الشارح قدس سره لا ما ذکره هو ، مع أنّ عدم تعرّض ذکر الصورة الخامسة بعید مع کونه بصدد ذکر الصور.

قوله : إلاّ أنّا لم نقف فی هذه الصورة. ( 4 : 47 ).

فیه ما فیه ، فإنّه بعینه ما احتمله فی التذکرة ، [ مع ] (2) أنّه لا تأمّل فی عدم لزوم قائل موافق للفقیه فی صحة فتواه.

قوله : نادر جدّا. ( 4 : 52 ).

والأخبار لم ترد علی الفروض النادرة ، بل ربما کان مجرّد فرض عقلی ، فعلی هذا لا تعارض بین الأخبار ، ویمکن أن یکون کلام الفقهاء أیضا کذلک ، فتأمّل.

قوله : وجهالة المروی عنه. ( 4 : 55 ).

الروایة منجبرة بفتاوی الأصحاب کلّهم وصحیحة أبی همام ، مع أنّ الظاهر أنّها من کتابه ، وکتابه معتمد ، کما فی الفهرست (3) ، مع أنّه یظهر من الشیخ فی العدّة أنّ الشیعة أجمعوا علی العمل بروایات أمثاله (4) ، فلا وجه لتأمله فیها ، وما ذکره من أنّ وجوب الجمعة علیها مخالف لاتفاق الفقهاء ظاهر الفساد ، إذ ظهر أنّ أصحابنا قطعوا بإجزاء الجمعة لها عوضا عن

شرائط من تجب علیه الجمعة

أن لا یکون بینه وبین الجمعة أزید من فرسخین

ص: 218


1- فی « ب » و « ج » و « د » و « و » زیادة : وذکره الشارع قدس سره .
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.
3- الفهرست : 61.
4- عدّة الأصول 1 : 380.

الظهر.

قوله (1) : وحکی الشهید فی الذکری أنّ الظاهر. ( 4 : 56 ).

لو تمّ ما ذکره لزم أن تکون الجمعة واجبة علی المسافرین أیضا بالوجوب التخییری بل العینی ، لما مرّ من أنّهم إذا حضروها لزمهم الدخول وزال رخصة عدم السعی ولزمهم الفرض الأوّل ، ولا یخفی أنّ المسافرین فی الغالب أزید من الخمسة والسبعة ، وفیهم من یصلح للاقتداء به ، فلو کانت واجبة علیهم لکانوا یلتزمونها فی الأعصار والأمصار ، وکانوا کغیر المسافرین ، مع أنّه خلاف الأخبار المتواترة وإجماع المسلمین بل وضروری الدین. فظهر الفرق بین محسوبیة بعضهم من العدد ووجوب دخوله وبین الانعقاد من المسافرین.

مع أنّ المحسوبیة من العدد أیضا محلّ نظر ، فإنّ وجوب الجمعة علی المکلّف غیر انعقاد الجمعة به ، ولم یظهر من الأخبار أزید من الأوّل.

وما ذکرناه جار فی البعید أیضا ، والإجماع الذی نقلوه [ إنّما هو ] (2) فی احتسابه من العدد ، وهو الحجّة ، وأمّا الإجماع علی انعقادها بمجموع البعیدین [ ف- ] (3) لم ، یظهر إجماع علی ذلک ، ولو ظهر لم یثبت ، مع أنّ الإجماع علی الانعقاد أیضا ظنّی ، فلا بدّ من ملاحظة مقاومته لظاهر الأخبار ، فإنّ الظاهر منها أنّهم إذا حضروا الجمعة المنعقدة لزمهم الدخول ، لا أنّه ینعقد بهم ، فتأمل.

هل تجب الجمعة علی فاقد الشرط لو حضر

هل ینعقد عدد الجمعة بحضور فاقد الشرط

ص: 219


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- بدل ما بین المعقوفین فی « ب » : إذ ، وفی « ج » و « د » و « و » : إذا ، غیّرناه لاستقامة العبارة.

قوله : لاستفاضة الروایات. ( 4 : 56 ).

هذا التعلیل فیه ما لا یخفی.

قوله : واستدل علیه فی التذکرة. ( 4 : 59 ).

لو تمّ هذا الدلیل لاقتضی المنع من السفر فی یومها مطلقا ، والتقیید بما بعد الزوال خاصّة بعید جدّا.

قوله (1) : « ولا یعان علی حاجته ». ( 4 : 59 ).

هکذا نقله المخالفون (2) ، وفی المصباح : « ما یؤمن من مسافر یوم الجمعة قبل الصلاة أن لا یحفظه الله تعالی فی سفره ، ولا یخلفه فی أهله ، ولا یرزقه من فضله » (3) ، وفی النهج : « لا تسافر فی یوم الجمعة حتی تشهد الصلاة إلاّ قاصدا فی سبیل الله أو فی أمر تعذر به » (4).

قوله : ویتوجّه علیه أیضا. ( 4 : 59 ).

لا یخفی أنّ الغالب عدم التمکّن من فعل الجمعة التی حضر وقتها قبل السفر فی السفر ، فهذا الإیراد غیر متوجّه بالقیاس إلیه ، وأمّا علی الفروض النادرة فالظاهر أنّ السفر حلال بلا تأمّل ، إذ اللازم فعل الجمعة یومها.

هذا إذا أراد فعلها حال السفر وهو علی وثوق بإدراکها فیه ، وإن لم یکن علی وثوق فاظاهر أنّ حکمه حکم غیر المتمکّن.

وأمّا إذا کان قصده عدم الفعل فی السفر فالحرام هو قصده لا سفره ،

مسائل تتعلق بالصلاة الجمعة

حرمة السفر یوم الجمعة

ص: 220


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و ».
2- کنز العمال 6 : 715 / 17540.
3- مصباح الکفعمی : 184 ، الوسائل 7 : 406 أبواب صلاة الجمعة ب 52 ح 5.
4- نهج البلاغة 3 : 141 / 69 ، الوسائل 7 : 407 أبواب صلاة الجمعة ب 52 ح 6 ، بتفاوت یسیر.

لأنّ السفر لا یحرم إلاّ من جهة عدم التمکّن من فعل هذه الجمعة ، وهو متمکّن ، والجمعة التی حضر وقتها یجب فعلها علی أیّ حال ، والسفر لا یصیر منشأ لسقوطها کما هو ظاهر ، فنظر المستدل إنّما هو بالنسبة إلی الغالب ، لأنّه الذی یستلزم سفره الإخلال بالجمعة ، فتأمّل جدّا.

قوله : ویمکن أن یستدل. ( 4 : 60 ).

سیجی ء فی مبحث حرمة البیع وقت النداء ما یظهر منه الإشکال فی هذا الاستدلال.

قوله : واستلزام الحرج. ( 4 : 60 ).

فیه ما فیه ، لأنّ تعلّم الواجبات إن کان واجبا علیه ولا یمکن فی السفر فلا شکّ فی أنّه مؤاخذ معاقب بترک التعلّم ، سواء قلنا بحرمة السفر أیضا أم لا ، والاشتغال یستلزم ترک السفر علی أیّ تقدیر ، والحرج ینافی التکلیف ، فلا یکون حرج ، وإن کان فلا یکون واجبا بالنحو الذی ذکره ، وإن بنی علی عدم منافاة الحرج لوجوب التعلّم فلا اعتراض علی القائل أیضا.

قوله : وبأنّه لیس فی الکتاب والسنّة. ( 4 : 61 ).

لا شکّ فی ورود الأخبار الکثیرة بل المتواترة علی وجوب طلب العلم والمعرفة علی کلّ مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ووجوب التفقّه وإصابة السنّة ووجوب أخذ أعماله من أهل البیت ، وأن یکون جمیع أعماله بدلالة ولیّ الله الذی هو الإمام المفترض الطاعة ، وأنّ العامل بغیر بصیرة کالسائر بغیر طریق لا یزید کثرة السیر إلاّ بعدا ، وأنّه لا عمل إلاّ بالفقه والمعرفة ، وأنّه کلّ ما یخرج عن غیر بیت الأئمّة علیه السلام فهو باطل ، وأنّ الله والرسول صلی الله علیه و آله والأئمّة علیه السلام طاعتهم مفترضة ، والطاعة هی امتثال الأمر ،

ص: 221

فلا بدّ من معرفة أوامرهم حتی یتحقّق إطاعتهم ، وکذا فی معصیتهم وغیرها.

مع أنّ من أقرّ بنبی أو إمام علم یقینا أنّ لهما شرع ومنهج ودین وملّة ، وأنّه لا بدّ من التشرّع بشرعهما والتدین بدینهما.

وأیضا ضروریات الدین والمذهب من الوضوء والغسل والتیمّم والنجاسات ووجوب إزالتها وغیرها من الأحکام ، وکذا الصلاة والصوم والزکاة وغیرها من الضروریات الواجبة من الکثرة بحیث لا تحصی ، وکذا المحرّمات وغیرها ، والضروری یعرفها کلّ من هو من أهل الدین والمذهب ، فبعد معرفة الوجوب والحرمة کیف تجوز المساهلة والمسامحة فی معرفة الماهیات والشرائط والأحکام؟ وبالجملة : أنواع أسباب وجوب التعلّم والمعرفة لا حصر لها فضلا عن أشخاصها.

والتمسّک بتیمّم عمّار وطهارة أهل قبا فی غایة الغفلة والغرابة ، وأظهرنا شنائعها فی الفوائد ونشیر إلی شی ء منها (1) ، إنّ أهل قبا أحدثوا فی الدین وغیّروا حکم شرع خیر المرسلین کما فعلوا فی الوصیة بدفنهم متوجّها إلی الرسول مع أنّ شرعهم کان غیر ذلک (2) ، لکنّ الله تعالی أمضی فعلهم ومدحهم بعد ما کانوا خائفین فی أنّه تعالی یؤاخذهم ویعاقبهم فی ما فعلوا.

وأمّا تیمم عمّار فلا شکّ فی أنّ العبادات کیفیات متلقّاة من الشرع توقیفیة موقوفة علیه مسلّم ذلک عند الشارح وشیخه رحمهما الله وعند الکلّ بل الأطفال والجهّال أیضا ، لغایة وضوح دلیله ، بل الجهال لا یرضون أن یفعلوا

ص: 222


1- الخصال : 192 / 267 ، الوسائل 1 : 356 أبواب أحکام الخلوة ب 34 ح 6.
2- الفوائد الحائریة : 423 - 424.

من قبل أنفسهم عبادة توقیفیّة بمحض جعل أنفسهم واختراعهم ، یجزمون أنّ الله تعالی یؤاخذهم بذلک بلا تأمّل ، والظاهر أنّ عمّارا أعتقده من قاعدة البدلیة التی أشار إلیه الشارح رحمه الله مرارا ، وبنی علیها الأحکام کثیرا ، وما کان حین الحاجة متمکّنا من الرجوع إلی الرسول صلی الله علیه و آله ، أو کان القاعدة ظاهرة عنده ، والرسول صلی الله علیه و آله خطّأ فعله ، ومراده [ عن ] : « أفلا صنعت هکذا؟ » أفلا تعلّمت حتی تصنع هکذا؟ والمراد ظاهر بالبدیهة ، لأنّ الإنکار علی أمر محال محال عن الحکیم ، وفعل التیمّم کذلک بدون الرجوع إلی الشرع محال بالبدیهة ..

انظر أیّها الفطن أنّ بأمثال هذه الشبهات کیف یمکن ردّ ما ثبت من الآیات والأخبار المتواترة بالنوع فضلا عن الشخص ، مع الدلیل العقلی؟

وقد بسطنا الکلام فی الفوائد ، بل بأدنی تأمّل یظهر ظهورا تامّا أنّ ما ذکره بعینه کلام الأشاعرة ردّا علی العدلیة ، وأنّه ینافی قاعدة العدل ویهدم بنیانه.

قوله : وهو قویّ متین. ( 4 : 61 ).

لا قوّة ، بل لا یخفی فساده ، مضافا إلی أنّ الواجبات غیر منحصرة فی تحصیل العلم ، والضدّ غیر منحصر فی السفر ، واقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن الضدّ فی غایة الوهن بل ظهور الفساد ، والشارح رحمه الله لا یقول به ، فالمانع مفقود من أصله ، لا أنّ دفع الشبهة منحصر فی ما قاله ، إذ عرفت أنّه غیر [ دافع ] (1) علی فرض التمامیة.

قوله : تمسّکا بالعموم. ( 4 : 61 ).

لم نجد العموم الذی ادعاه سوی روایة التذکرة وصحیحة أبی بصیر ،

ص: 223


1- فی النسخ : واقع ، والأنسب ما أثبتناه.

وقد عرفت عدم دلالة الروایة علی الحرمة وروایة أبی بصیر مع أنّ الاستدلال بطریق أولی محلّ تأمّل ، سیّما عند الشارح رحمه الله إذ لو بنی علی أنّ السفر لا مدخلیّة له فی المنع ، بل کلّ ما هو ضدّ ، وکذا صلاة العید لا مدخلیّة لها ، بل کلّ ما هو صلاة فریضة ، بل کلّ ما هو فریضة فمقتضاها أنّ الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن الضدّ فی الفرائض لو لم نقل فی کلّ واجب ، سیّما ما هو أوجب من العید ، وإن أجاز أن یکون للخصوصیّة مدخل فلا یتأتّی القیاس المذکور ، ومع ذلک لا عموم فیها یشمل صورة فعل العید والجمعة فی موضع آخر ، لأنّ الإطلاق ینصرف إلی الأفراد الشائعة ، کما هو مسلّم عنده.

ومنه یظهر جواب آخر عن روایة التذکرة.

ومنه یظهر الجواب عمّا ذکره من إطلاق الأخبار المتضمّنة للسقوط عن المسافر. مضافا إلی ما ذکره سابقا من أنّ سقوطها یوجب حرمة السفر ، وما صرّح هنا أنّ السفر غیر سائغ ، ومعلوم أنّه مع عدم الجواز یجب فعل الجمعة ویخرج عن تلک الإطلاقات جزما. ویظهر ممّا ذکرناه ما فی قوله : ولو قیل باختصاص. ، فتأمّل جدّا.

قوله (1) : إذا قام الإمام یخطب. ( 4 : 63 ).

ومن حدیث أمیر المؤمنین علیه السلام حیث قال فیه : « لا کلام والإمام یخطب ولا التفات. » (2) وفی حدیث المناهی فی الفقیه : « نهی رسول الله صلی الله علیه و آله عن الکلام فی یوم الجمعة والإمام یخطب » (3) وفی حدیث

حرمة الکلام أثناء الخطبة

ص: 224


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- الفقیه 1 : 269 / 1228 ، المقنع : 45 ، الوسائل 7 : 331 أبواب صلاة الجمعة ب 14 ح 2.
3- الفقیه 4 : 2 / 1 ، الوسائل 7 : 331 أبواب صلاة الجمعة ب 14 ح 4.

ابن وهب کذا : وقال أبو عبد الله علیه السلام فی حدیث له : « الخطبة وهو قائم خطبتان ، یجلس بینهما جلسة لا یتکلّم فیها قدر ما یکون فصل ما بین الخطبتین » (1).

قوله : ولفظ لا ینبغی صریح فی الکراهة. ( 4 : 64 ).

فیه تأمّل ظاهر ، سیّما بملاحظة قوله فی الروایة : « فإذا فرغ تکلّم ما بینه وبین أن تقام الصلاة » لأنّه إباحة فی مقام الحظر إلی أن تقام الصلاة ، ومعلوم أنّه بعد الإقامة حرام ، فتأمّل.

قوله : وذهب الشیخ فی المبسوط والخلاف. ( 4 : 64 ).

ومستنده حسنة ابن المغیرة - بإبراهیم بن هاشم - عن غیاث بن إبراهیم عن الصادق علیه السلام : « لا بأس بالغلام الذی لم یبلغ الحلم أن یؤمّ القوم وأن یؤذّن » (2) وروایة طلحة عنه علیه السلام بهذا المضمون (3). وروایة سماعة عنه علیه السلام : « یجوز صدقة الغلام وعتقه ، ویؤمّ الناس إذا کان له عشر سنین » (4).

وسند الأولی معتبر إلاّ أنّها من جهة عدم القائل بظاهرها لا تکون حجّة أو لا تقاوم المعارض ، مضافا إلی أنّ الراوی عامی ، فلعل حکمها موافق للعامّة ، فتأمّل.

قوله : « لا تقرأ خلفه » ... ( 4 : 66 ).

شرائط إمام الجمعة

أن یکون بالغاً

ص: 225


1- التهذیب 3 : 20 / 74 ، الوسائل 7 : 334 أبواب صلاة الجمعة ب 16 ح 1.
2- الکافی 3 : 376 / 6 ، الوسائل 8 : 321 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 3.
3- التهذیب 3 : 29 / 104 ، الاستبصار 1 : 424 / 1633 ، الوسائل 8 : 323 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 8.
4- الفقیه 1 : 358 / 1571 ، الوسائل 8 : 322 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 5.

وفی بعض الروایات : لا تصلّ خلف المجاهر بالفسق (1).

وفی روایات أبی ذر : « إمامک شفیعک عند الله ، فلا تجعل شفیعک سفیها ولا فاسقا » (2).

وفی روایة زید بن علی علیه السلام عن آبائه عن علی علیه السلام : « الأغلف لا یؤمّ القوم وإن کان أقرأهم ، لأنّه ضیّع من السنّة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا یصلّی علیه إلاّ أن یکون ترک ذلک خوفا علی نفسه » (3).

وفی الفقیه فی الصحیح علی الظاهر ، عن محمد بن مسلم ، عن الباقر علیه السلام : « لا تصلّ خلف من یبغی علی الأذان والصلاة بالناس أجرا » (4).

وفی التهذیب فی باب أحکام الجماعة ، فی الموثق کالصحیح عن حمران - إلی أن قال - فقال زرارة : هذا - یعنی الصلاة خلف العامة - لا یکون ، عدوّ الله فاسق لا ینبغی لنا أن نقتدی به (5) ، الحدیث. وفی باب الأذان عن یونس الشیبانی عن الصادق علیه السلام : « إذا دخلت المسجد فکبّرت وأنت مع إمام عادل ثم مشیت إلی الصلاة أجزأک » (6).

وفی العیون وغیره عن علل الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام - فی

أن یکون عادلاً

أن لا یکون سفیهاً

أن لا یکون أغلفاً

ص: 226


1- الفقیه 1 : 248 / 1117 ، التهذیب 3 : 31 / 109 ، الوسائل 8 : 310 أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 6.
2- الفقیه 1 : 247 / 1103 ، التهذیب 3 : 30 / 107 ، علل الشرائع : 326 / 1 ، الوسائل 8 : 314 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 2.
3- الفقیه 1 : 248 / 1107 ، التهذیب 3 : 30 / 108 ، الوسائل 8 : 320 أبواب صلاة الجماعة ب 13 ح 1.
4- الفقیه 3 : 27 / 75 ، الوسائل 27 : 378 أبواب الشهادات ب 32 ح 6.
5- التهذیب 3 : 28 / 96 ، الوسائل 7 : 349 أبواب صلاة الجمعة ب 29 ح 1 وفیه ذیل الحدیث.
6- التهذیب 2 : 282 / 1125 ، الوسائل 5 : 403 أبواب الأذان والإقامة ب 13 ح 9.

علّة قصر الجمعة - : « ومنها أنّ الصلاة مع الإمام أتمّ وأکمل ، لعلمه وفقهه وعدله » الحدیث (1).

وفیه أیضا عن الرضا علیه السلام فی ما کتب للمأمون من محض الإسلام : أنّه « لا صلاة خلف الفاجر ولا یقتدی إلاّ بأهل الولایة » (2).

وفی التهذیب فی الموثق عن سماعة ، قال : سألته عن رجل کان یصلّی ، فخرج الإمام وقد صلّی الرجل رکعة من صلاة الفریضة ، قال : « إن کان إماما عدلا فلیصلّ رکعة أخری وینصرف ویجعلها تطوّعا ولیدخل مع الإمام فی صلاته ، فإن لم یکن إمام عدل فلیبن علی صلاته کما هو ویصلّی مع الإمام » إلی أن قال : « فإنّ التقیّة واسعة » (3).

وفی الکافی فی باب ما یردّ منه الشهود عن الباقر علیه السلام : « لو أن أربعة شهدوا علی رجل بالزنا وفیهم ولد الزنا [ لحددتهم ] (4) جمیعا ، لأنّه لا تجوز شهادته ولا یؤمّ الناس » (5) وفیها کبعض الأخبار السابقة شهادة علی اتحاد حال الشهادة وإمامة الناس فی الصلاة فی اعتبار العدالة ، کما هو عند الفقهاء ، فمقتضی ذلک اعتبار العدالة.

لکن یعارضها ما تضمّن من المنع خلف الفاسق والمجاهر بالفسق (6) ، أمّا الثانی فظاهر ، وأمّا الأوّل فلأنّ الفاسق لا یطلق شرعا إلاّ علی

أن یکون من أهل الولایة

أن یکون طاهراً من حیث الولادة

ص: 227


1- علل الشرائع : 265 ، عیون الأخبار 2 : 110 ، الوسائل 7 : 312 أبواب صلاة الجمعة ب 6 ح 3.
2- عیون الأخبار 2 : 121 ، الوسائل 8 : 315 أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 5.
3- التهذیب 3 : 51 / 177 ، الوسائل 8 : 405 أبواب صلاة الجماعة ب 56 ح 2.
4- فی النسخ : یحدّونهم ، وما أثبتناه من المصدر.
5- الکافی 7 : 369 / 8 ، الوسائل 27 : 376 أبواب الشهادات ب 31 ح 4.
6- راجع ص : 226.

من ظهر فسقه ، فلا یقال علی مستور الحال : جاء الفاسق ، وذهب الفاسق ، وأمثال ذلک.

إلاّ أن یقال : إنّ الأخبار لیست بمتعارضة إلاّ علی رأی من قال بأنّ العدالة غیر عدم ظهور الفسق ، إذ بعض القدماء یقول باتحادهما ، کما أشار إلیه الشارح رحمه الله لکن الذی حقّقناه فی بحث الشهادة عدم الاکتفاء بما ذکروه ، وأنّه لا بدّ من حسن الظاهر (1) ، کما قال بعض الفقهاء (2) ، ولعله الظاهر من أکثر القدماء والمعروف منهم إلاّ من شذّ ، فیمکن حمل الأخبار المتعارضة علی من وقع المعاشرة الظاهرة معه ، فإنّه إن لم یظهر فسقه یکون حسن الظاهر البتّة ، وإلاّ یکون فاسقا.

علی أنّا نقول : المعارض منحصر فی الأولی والثانیة ممّا ذکرته ، وهما ضعیفتا السند من دون انجبار للضعف ، بل یضعّفهما ندرة القائل ، وکونهما مخالفا لما اشتهر بین الأصحاب لو لم نقل بالإجماع ، ومع ذلک حمل الأولی علی أنّ المراد من الفاسق فیها ما هو أعمّ من ظاهر الفسق أیضا. علی أنّ مفهوم الوصف أو اللقب لیس بحجة.

وکذا الکلام فی الثانیة ، وإن کان مضمونها : ثلاثة لا یصلّی خلفهم : الغالی والمجهول والمجاهر بالفسق (3) ، لاحتمال کون المجهول داخلا فی المجهول. مضافا إلی الجزم بأنّ من لا یصلّی خلفه أزید من الثلاثة ، فتأمّل جدّا.

وما ورد فی بعض الأخبار : « إذا کان الرجل لا تعرفه یؤمّ الناس فقرأ

ص: 228


1- حاشیة مجمع الفائدة والبرهان : 762.
2- انظر المقنعة : 726 ، والنهایة : 327.
3- الوسائل 8 : 310 أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 6.

القرآن فلا تقرأ خلفه واعتدّ بصلاته » (1) فمع ضعفه محمول علی ظهور الحسن بقرینة کون إمام القوم من الشیعة ، وقوله : « یؤمّ » یفید الاستمرار التجدّدی.

وکذا الکلام فی ما ورد فی من صلّی خلف إمام إلی خراسان ثمّ ظهر أنّه یهودیّ : أنّه لا إعادة علیه (2) ، فتأمّل جدّا.

قوله : إلاّ أنّ المصیر إلی ما ذکره الأصحاب أحوط. ( 4 : 66 ).

( لا یخفی علی المتأمّل فی ما ذکره الشارح هنا لاعتبار العدالة وجعل اعتبارها أحوط ، وخصّص عمومات القرآن والأخبار المتواترة بأن جعل التخصیص أحوط ، وفی اشتراط الإذن والنصب بالغ ما بلغ فی عدم التخصیص بل القطع بعدم اشتراطه ، مع ما ذکره الفقهاء من الأدلة والفتاوی والأخبار والآثار والاعتبار ، فإنّها أضعاف ما ذکره الشارح رحمه الله بمراتب شتّی ، مع قطع النظر عمّا ذکرنا فی اشتراط الإذن ، إذ بعد ملاحظته لا یصیر ما ذکره الشارح طرف النسبة ، فلاحظ وتأمّل ) (3).

قوله : علی ملازمة التقوی والمروءة. ( 4 : 67 ).

إن حمل علی أنّ الملازمة بحیث یستحیل التخلّف فهو باطل قطعا ،

بِمَ تعرف العدالة؟

ص: 229


1- التهذیب 3 : 275 / 798 ، الوسائل 8 : 319 أبواب صلاة الجماعة ب 12 ح 4.
2- الوسائل 8 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 37.
3- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » هکذا : لا یخفی أنّ حال العدالة واشتراطها أحسن من حال النصب والإذن ، فکیف قطع بعدم اشتراط الإذن ووجوب الجمعة عینا فی زمان الغیبة ، وطعن فی الإجماعات المنقولة وبالغ بما بالغ ، وهنا یقول : الأحوط ما ذکره الأصحاب ، بل المصیر إلی ما ذکروه؟! مع أنّ من تأمّل الإجماعات الکثیرة المنقولة غایة الکثرة فی اشتراط الإذن وتراکم الفتاوی وتوافقها وغیر ذلک ما ( ممّا ) ذکرنا ظهر له ، واشتراط الإذن أظهر بمراتب شتّی ، بل لا مناسبة بینهما فی نقل الإجماعات والفتاوی ، فتأمّل جدّا.

لأنّ ذلک مرتبة العصمة ، ولأنّهم یقولون بجواز التخلّف قطعا ، وأنّ العادل ربما یصیر فاسقا ، وأنّه بمجرّد التوبة یرجع إلی العدالة ، کما هو الظاهر منهم.

وإن حمل علی أنّها بحیث یستبعد التخلّف فیرجع إلی حسن الظاهر ، إلاّ أنّهم اعتبروا المعاشرة الباطنیة ، ولعل نظرهم إلی أنّه تعالی أمر بالتبیّن فی خبر الفاسق (1) ، والفسق خروج عن الطاعة واقعا ، فلا بدّ من العلم بعدم الفسق إن أمکن ، وإلاّ فما هو أقرب إلی العلم.

وفیه منع کون الفاسق ما ذکر ، لما عرفت ، ولملاحظة شأن نزول الآیة ، مع أنّه یقتضی عدم الاکتفاء بشهادة العدلین فی ثبوت العدالة ، مع أنّ المشهور یکتفون بالعدل الواحد فی خبر الواحد.

هذا مضافا إلی ما عرفت وستعرف من الأدلة علی عدم الحاجة إلی المعاشرة الباطنیة ، بل والمنع عنها وحرمتها ، وتمام الکلام فی بحث الشهادات.

قوله : ویستفاد من هذه الروایة أنّه یقدح فی العدالة. ( 4 : 69 ).

وهذه الروایة - مع أنّها وقع فیها اختلاف واضطراب من حیث إنّ الشیخ نقلها بتغییر وتفاوت (2) - تتضمّن أمورا تخالف إجماع الشیعة :

الأوّل : أنّها ظاهرة فی وجوب الجماعة وعدم التخلّف عن الصلاة فی المسجد مع جماعة المسلمین إلاّ من علّة ، هذا لمن هو جار للمسجد ، وأمّا وجوب الجماعة فمطلقا ، لاحظ تتمّة الروایة التی لم یذکرها الشارح.

ص: 230


1- الحجرات : 6.
2- التهذیب 6 : 241 / 596 ، الاستبصار 3 : 12 / 33.

الثانی : کون ذلک شرطا للجماعة.

الثالث : کونه شرطا لمعرفة العدالة ، مع أنّ الجماعة مستحبة بالضرورة والأخبار وترک المستحب لا ینافی العدالة بالإجماع.

الرابع : قصر معرفة العادل فی ما ذکر فیها ، مع أنّه یعرف بالمباشرة الباطنیة وشهادة العدلین ، ومقتضی الروایة أن یکون المسلمون یعرفونها کذلک حتی یصیر عادلا أو یعرف أنّه عادل ، وأنّه إذا سئل عنه فی قبیلته وأهل محلّته یقولون : ما رأینا. وأن یکون ساترا لجمیع عیوبه حتی یحرم علی المسلمین تفتیش ما وراء ذلک ممّا هو فی باطن أمره ویظهر بالتفتیش والتجسّس.

مع أنّ القاضی وحده إذا عرفه عادلا یکفی ، وإن کان أحد آخر لا یعرف عدالته بل لا یعرفه أصلا ، وکذا إن عرفه شاهدان فقط ، بل ربما یکون عادلا عند بعض غیر عادل عند آخر ، بأنّه اطّلع اتفاقا علی مکنون سرّه ، أو اشتبه علیه فاعتقد الفسق ، إلی غیر ذلک ، ولذا کثیر من الرواة والعدول عدالتهم محلّ خلاف.

ومع جمیع ذلک یخالف طریقة الرسول وأمیر المؤمنین والحسن صلوات الله علیهم بالنسبة إلی شهود الحکم وأئمّة الصلاة والقضاء وغیرهم ممّن اعتبر عدالته.

وکذا طریقة المسلمین فی الأعصار والأمصار ، مع أنّ العدالة من الأمور التی یعمّ بها البلوی ویکثر لدیها الحاجة ، وجمیع البلدان کذلک ، ولیس بلد لا یحتاج إلیها ولا یکثر حاجته إلیها ولا یعمّ بلواه ، وانتظام الدین والدنیا بها ، کما لا یخفی ، بل ربما یظهر من سائر الأئمّة علیه السلام أیضا موافقتهم للرسول وعلی والحسن صلوات الله علیهم ، وورد فی أخبار کثیرة

ص: 231

غایة الکثرة ما یخالفها من الاکتفاء بحسن الظاهر مطلقا أو عدم ظهور الفسق ، مع إمکان حملها أو إرجاعها إلی حسن الظاهر أو التقیّة أو غیرهما ، کما حقّقناه فی حاشیتنا علی شرح المقدّس الأردبیلی رحمه الله علی کتاب القضاء من الإرشاد (1).

فیمکن حمل هذه الروایة علی عدل المسلمین بحیث تقبل شهادته لهم کلّهم وعلیهم کلّهم کما یشیر إلیه سؤال الراوی ، فتأمّل.

قوله (2) : فی صحیحة الحلبی : « لا بأس بأن یصلی الأعمی بالقوم ». ( 4 : 73 ).

التهذیب ، عن الشعبی ، قال قال علی علیه السلام : « لا یؤمّ الأعمی فی البریة ، ولا یؤمّ المقیّد المطلقین » (3).

قوله (4) : لأنّ الواقع أوّلا هو المأمور به. ( 4 : 76 ).

الأولی أن یعلّل بأنّ المنهی عنه هو المعبّر عنه بالثانی أو الثالث لا الأوّل ، فتدبّر.

قوله : فهو إنّما یقتضی تحریم المنافی من ذلک. ( 4 : 77 ).

لا تأمّل فی أنّ مراده هو هذا لا غیر ، بل الآیة أیضا دلالتها علی حرمة غیر المنافی محلّ نظر ، لما ذکره العلاّمة من العلّة المومأ إلیها واستوجهه الشارح رحمه الله ، ولأنّ الإطلاق ینصرف إلی المتعارف الشائع وهو [ ما ] (5) ینافی الصلاة.

حرمة البیع بعد النداء

ص: 232


1- حاشیة مجمع الفائدة والبرهان : 766.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
3- التهذیب 3 : 269 / 773 ، الوسائل 8 : 338 أبواب صلاة الجماعة ب 21 ح 2.
4- هذه التعلیقة وستّ بعدها لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

قوله : إمّا لأنّ النهی فی المعاملات. ( 4 : 78 ).

لیس کذلک ، لتصریحه بخلافه (1).

قوله : لم یثبت کونه سببا فی النقل. ( 4 : 78 ).

وذلک حقّ ، لأنّ الصحة هنا حکم شرعی ، لکونها عبارة عن ترتّب الأثر شرعا ، فیتوقّف علی الدلیل الشرعی ، والمعهود من فقهائنا انحصار الدلیل فی البیع فی ( أَحَلَّ اللهُ الْبَیْعَ ) (2) و ( إِلاّ أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (3) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (4) و ( أَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) (5) لا غیر ، وإن ذکر بعضهم : « المسلمون عند شروطهم » (6) أیضا (7) ، لکن المحقّقون علی عدم الدلالة علی الوجوب ، لاستلزامه التخصیص الذی لا یرضی به المحقّقون.

وأمّا الآیتان الأوّلتان فنقیضا صریح للحرمة ، فکیف تشملانها؟ وأمّا الأخیرتان فتنافیانها عرفا ، لأنّ العقد الذی نهی الله عنه کیف یأمر بالوفاء به؟ فإنّ النهی إیجاب لإعدامه فیکون فعله قبیحا شرعا ، والأمر بالوفاء إیجاب للوفاء بالقبح وإبقائه علی حاله ، وبالجملة : لا یفهم منها وجوب الوفاء بما لا یرضی به الله تعالی وحرّمه ویعاقب علیه.

وأمّا قوله : « البیّعان بالخیار ما لم یفترقا » (8) وأمثاله فلم یعهد منهم

ص: 233


1- انظر مجمع الفائدة 2 : 380.
2- البقرة : 275.
3- المائدة : 1.
4- النساء : 29.
5- الإسراء : 34.
6- الوسائل 21 : 299 ، 300 أبواب المهور ب 40 ح 2 ، 4.
7- مجمع الفائدة والبرهان 8 : 383.
8- الکافی 5 : 170 / 6 ، التهذیب 7 : 20 / 85 ، الاستبصار 3 : 72 / 240 ، الخصال : 127 / 128 ، الوسائل 18 : 6 أبواب الخیار ب 1 ح 3.

الاستدلال بها ، ولعله لعدم إفادة المفرد المحلّی العموم لغة ، کما هو مسلّم عند الشارح رحمه الله ، وعمومها إنّما هو من جهة الإطلاق ، والإطلاق ینصرف إلی الأفراد الشائعة ، وکون البیع المنهی عنه منها محلّ تأمّل ، وکذا البیوع التی لا تستجمع شرائط الصحة شرعا.

وأیضا المطلق إنّما ذکر تقریبا لحکم آخر لا لحکم نفسه ، فعدم إفادته العموم غیر مضرّ ، لحصول الفائدة منه فی کلام الحکیم علی تقدیر عدم الشمول أصلا.

نعم یمکن أن یقال : إنّ النهی فی الآیة تعلّق بأمر خارج عن ماهیّة البیع وهو عدم درک صلاة الجمعة ، کما هو الظاهر عن سیاق الآیة وإن وقع الأمر بترک البیع ، وظاهر أنّ الغرض منه إدراک الجمعة لا غیر ، فتأمّل.

قوله : ویتوجّه علیه ما حقّقناه سابقا. ( 4 : 79 ).

قد ذکر سابقا عدم توجّه ما ذکره (1) علیه ، بل فساده ، بل ظهور فساده ، وأشرنا إلی حقیقة الإجماع ، بحیث لا مجال للتأمّل فیها ، وأشرنا إلی الأخبار الدالة علی عدم وجوب الجمعة عند عدم المنصوب ، بل ووضوح دلالة کثیر منها علی الاستحباب ، وأنّها مستند الأصحاب فیه ، فتأمّل.

قوله : وهذا ممّا یقطع بتعذّره فی زمن ابن إدریس وما شاکله ... ( 4 : 80 ).

هذا عجیب ، لأنّ الشارح رحمه الله تمسّکه بالإجماع بحیث أخذه مستند الحکم بلا شکّ ولا شبهة کان فی غایة الکثرة ونهایة الوفور ، بل وربما یعترض علی من تقدّم علیه بأنّ کذا إجماعیّ ، فکیف یمکنک أن

أدلّة القول بعدم جواز فعل الجمعة فی زمان الغیبة

ص: 234


1- راجع ص 136 - 139.

تقول : کذا؟ مثل ما أورده علی جدّه رحمه الله فی مسألة توالی دم الحیض وعدم توالیه ، وفی مسألة تقوّی الأعلی من الغدیرین بالأسفل وعدمه علی المحقّق الشیخ علی (1) ، إلی غیر ذلک ، فکیف فی زمانه یحصل العلم بالإجماع المصطلح ولا یحصل لابن إدریس والسیّد وأمثالهما؟ هذا من العجائب ، مع أنّک عرفت فساد ما ادّعاه ووضوح فساده ، وکتبنا رسائل متعدّدة فی تحقیق الإجماع ، وأظهرنا شنائع هذه الدعوی ونظائرها من الشبهات المخالفة للبدیهة ، من أراد الاطّلاع فلیلاحظها (2) ، مع أنّا نبّهنا هاهنا فی ما سبق علی ما نبّهتک علی حقّیة هذا الإجماع بخصوصه ، فلاحظ.

قوله : بل الظاهر أنّ المتیقّن یوم الجمعة. ( 4 : 80 ).

أمّا تیقّن عینیة الجمعة فی صورة النزاع فقد ظهر فساده بعنوان الیقین ، فلاحظ ، وإن لم یحصل لک الیقین فعلیک بمطالعة رسالتنا فی صلاة الجمعة ، ولا أظنّ أنّ القلب إذا کان خالیا لا یحصل له حتی ممّا ذکرنا فی هذا الکتاب ، وأشرنا إلی ما دل علی الحرمة أیضا من دعاء الصحیفة وغیره من الأخبار ، وکذا الأخبار الدالة علی الاستحباب وعدم الوجوب ، وکذا الإجماع ، وعرفت أیضا عدم تمامیة دلالة الآیة والأخبار التی ادّعاها الشارح رحمه الله بالنسبة إلی محلّ النزاع ، فلاحظ وتأمّل ، مضافا إلی الإجماعات ، فدعوی الیقین بعد ذلک فی غایة الغرابة.

ومرادهم من ثبوت الظهر فی الذمة بیقین أنّ الله تعالی ما أوجب الجمعة إلاّ بعد مدّة مدیدة من البعثة ، وکان الفریضة بالنسبة إلی جمیع

ص: 235


1- انظر المدارک 1 : 321 ، 45.
2- انظر رسالة الإجماع ( الرسائل الأصولیة ) : 253.

المکلّفین فی تلک المدّة هو الظهر یقینا ، ثم بعد تلک المدّة تغیّر التکلیف بالنسبة إلی بعض المکلّفین ، ولم یتغیّر بالنسبة إلی بعض آخر بالإجماع والضرورة من الدین والمذهب والأخبار المتواترة ، فمن ثبت تغیّر حکمه فلا نزاع ، ومن لم یثبت فالأصل بقاء الظهر التی کانت یقینیة حتی یثبت خلافه ، ولم یثبت ، ودلیلهم هذا هو مقتضی الأصل حتی یثبت خلافه ، وهو الاستصحاب ، وقولهم : « لا تنقض الیقین بالشک » أو « إلاّ بیقین مثله » والعمومات والإطلاقات علی طریقة الشارح رحمه الله فی موضع الاستصحاب ، فالجواب لیس إلاّ أنّ خلافه ثبت والإتیان بالدلیل ، لا ما ذکره الشارح رحمه الله لفساده یقینا.

وربما استدلوا هکذا : إنّ الظهر مبرئ للذمة یقینا ، للإجماع والعمومات علی صحته بخلاف الجمعة ، هذا بناء علی عدم النزاع فی ما ذکروه ، کما هو الظاهر منهم.

قوله : وهذه الروایة ضعیفة السند. ( 4 : 81 ).

الظاهر أنّ الروایة متفق علیها بین الأصحاب ، ویؤیّدها صحیحة عبد الرحمن الآتیة ، فالضعف منجبر ، فلا وجه لما ذکره ، نعم الاحتیاط عدم الاکتفاء حتی بمضمون الصحیحة ، وهو أمر آخر سوی الفتوی.

قوله : ولعلّه الأظهر. ( 4 : 82 ).

لم نجد وجهه ، وما ذکره من أنّ الجماعة. لم نجده إلاّ مجرّد دعوی خال عن الدلیل ، وکیف یکتفی فی العبادات التوقیفیة والبراءة الیقینیة من شغل الذمّة الیقینی بما ذکره؟.

قوله : ومقتضی ذلک اختصاص. ( 4 : 83 ).

لا شکّ فی أن ما ذکره العلاّمة نکتة لاختیار الشرع لا أنّه دلیل ، إذ

حکم من لم یتمکن من السجود مع الإمام

سنن یوم الجمعة

التنفل بعشرین رکعة

ص: 236

لا شک فی عدم صلاحیته ، فلعلّ النکتة بملاحظة وضع الجمعة لا فعلیّتها.

قوله (1) : لما رواه عبد الله بن سنان. ( 4 : 84 ).

ولما رواه فی الکافی بسنده عن الباقر علیه السلام أنّه کان یبکر یوم الجمعة إلی المسجد حین تکون الشمس قید رمح (2).

قوله : فلم أقف فیه علی أثر. ( 4 : 85 ).

یمکن إدخاله فی ما ورد من الأمر بالتزیّن یوم الجمعة (3). ( فلا خفاء ولا تأمّل ، بل ورد فی بعض الأخبار أنّ الصادق علیه السلام کان یحلق رأسه فی کلّ جمعة ) (4) (5).

قوله : لقصور سند الحدیث. ( 4 : 87 ).

کثیرا ما یقول بالمسامحة فی أدلة السنن ، منها : ما مرّ فی نوافل یوم الجمعة (6) ، مع أنّ الحدیث منجبر بعمل الأصحاب.

قوله (7) : أمّا استحباب العدول مع عدم تجاوز النصف. ( 4 : 88 ).

یتحقق الدخول فی السورة بالدخول فی البسملة التی قرئت بقصد تلک السورة وبالدخول فیما بعد البسملة ، مثل أن قرأ قل هو الله أحد ، وإن

المباکرة فی المضی إلی الجمعة

حلق الرأس وأخذ الشارب

أن یسلم الإمام إذا صعد المنبر

العدول إلی سورتی الجمعة والمنافقین إن سبق بغیرهما

ص: 237


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- الکافی 3 : 429 / 8 ، الوسائل 7 : 348 أبواب صلاة الجمعة ب 27 ح 2.
3- الوسائل 7 : 395 أبواب صلاة الجمعة ب 47.
4- الکافی 6 : 485 / 7 ، الفقیه 1 : 71 / 286 ، الوسائل 2 : 107 أبواب آداب الحمّام ب 60 ح 7.
5- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
6- المدارک 4 : 84 ، 155 ، 174.
7- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».

لم یقرأ البسملة بقصد سورة الإخلاص ، بل وإن قرأها بقصد سورة أخری علی إشکال.

ولو قرأ البسملة بقصد سورة القدر مثلا وشرع فی قراءة الإخلاص فإن کان هذا الشروع مجرّد السهو من غیر شعور وإرادة أصلا فالظاهر عدم العبرة به ، فله أن یقرأ القدر مثلا ، ولعلّ الأحوط الرجوع إلی الإخلاص بإعادة البسملة بقصدها ثم إتمام الإخلاص.

وإن کان بشعور وإرادة إلاّ أنّه سهی عن أنّه قرأ البسملة بقصد القدر وأنّه کان یرید القدر فالظاهر جواز العدول إلی الإخلاص ، لکن الأحوط العدول إلیها بإعادة البسملة بقصدها.

وإن قرأ البسملة بقصد الجحد مثلا ثمّ قرأ قل هو الله أحد فإن کان بغیر شعور وإرادة فلا عبرة به. وإن کان بهما وبالغفلة من کونه مریدا للجحد وأنّه قرأ البسملة بقصدها فإشکال ، والأقوی الرجوع إلی الحجة ، لصدق أنّه دخل وقرأ الجحد ، وحکمه عدم جواز العدول من الجحد إلی غیرها وإن کان الغیر هو سورة الإخلاص. وکذلک الحال لو قرأ البسملة بقصد الإخلاص ثم قرأ قل یا أیّها الکافرون ، فإنّ الأمر بعکس ما قلنا.

هذا کلّه بناء علی ما هو المعروف بین الفقهاء من أنّ جزئیة البسملة لسورة إنّما هی بقصد تلک السورة فی قراءة البسملة ، وأنّها جزؤها ، وأمّا علی ما اختاره بعض متأخّری المتأخّرین من أنّ الجزئیة لا تتحقّق إلاّ بضمّ أجزاء تلک السورة (1) فبقراءة قل هو الله ، دخل فی سورة الإخلاص وإن قرأ البسملة بقصد الجحد ، وفی العکس بالعکس ، ولکنّه مشکل بغیر

ص: 238


1- الذخیرة : 281.

إشکال.

والحاصل : أنّه لا بدّ من الصدق العرفی والعمل بمقتضاه ، وإن لم یتحقّق أو لم یعرف فیترک العدول إن لم یتحقّق الإشکال ، وإلاّ فیترک تلک الصلاة وتعاد حتی یخلص من الإشکال ، ویتحقّق الامتثال والبراءة للذمّة یقینا أو عرفا.

قوله : ویدل علیه روایات. ( 4 : 88 ).

هذا الاستدلال لا یناسب المصنف ومن وافقه فی القول بعدم جواز العدول من الجحد والتوحید هنا أیضا.

وأیضا الروایتان تدلان علی العدول منهما مطلقا ، فاللازم منهما جوازه فی غیرهما بطریق أولی ، فیخالف ما ذکره بقوله : فلا خلاف بین الأصحاب ، والظاهر عدم الخلاف کما قال.

قوله : فلم أقف له علی مستند. ( 4 : 88 ).

الظاهر شمول الروایتین لظهر الجمعة وصلاة الجمعة جمیعا ، وشمولهما للعدول عن الجحد بالإجماع المرکب وعدم القول بالفصل ( مع عموم روایات دالة علی جواز العدول مطلقا ، والجحد والإخلاص وإن خرجا إلاّ أنّهما خرجا معا ، ولمّا خرج الإخلاص فی المقام ظهر دخولها فی العمومات الدالة علی الجواز ، فظهر دخول الجحد أیضا ، لأنّ المخرج عن العموم کان شاملا لهما دالا علی أنّهما معا خارجان ، مع أنّه یمکن أن یقال بالقیاس بطریق أولی ، لأنّ بعض الأخبار الخاص (1) فی منع العدول عن

ص: 239


1- فی « ب » و « ج » و « د » : خاصّ.

الإخلاص (1) یظهر [ منه ] (2) أنّ المنع فیها أهمّ فی نظر الشارع ، فتأمّل ) (3).

قوله : واعترف الشهید فی الذکری. ( 4 : 88 ).

فی الفقه الرضوی علی ما ( فی نسختی ) (4) : « وتقرأ فی صلاتک کلّها یوم الجمعة ولیلتها : الجمعة والمنافقین وسبّح اسم ربّک ، وإن نسیتها أو فی واحدة منها فلا إعادة علیک ، فإن ذکرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلی الجمعة ، وإن لم تذکر إلاّ بعد ما قرأت نصف سورة فامض فی صلاتک » (5). لکن هذا یناسب رأی الشهید رحمه الله فی الذکری والدروس وابن إدریس من اعتبار عدم بلوغ النصف (6) ، بل فی الذکری نسبه إلی الأکثر.

وأمّا الموافق لمذهب المصنّف والشیخین والعلاّمة من اعتبار عدم تجاوز النصف (7) ما رواه البزنطی عن أبی العبّاس فی الرجل یرید أن یقرأ سورة فیقرأ أخری ، قال : « یرجع إلی التی یرید وإن بلغ النصف » (8) وحیث ظهر عدم الخلاف فی نفس القید فالروایتان منجبرتان به متأیّدة کل منهما بالأخری ، فتأمّل جدا.

قوله : بمجرّد الشروع. ( 4 : 89 ).

ص: 240


1- دعائم الإسلام 1 : 161 ، المستدرک 4 : 200 أبواب القراءة فی الصلاة ب 27 ح 1.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : سیجی ء.
5- فقه الرضا علیه السلام : 130 ، المستدرک 4 : 223 أبواب القراءة فی الصلاة ب 53 ح 1.
6- الذکری : 195 ، الدروس 1 : 173 ، ابن إدریس فی السرائر 1 : 222 ، 297.
7- المقنعة : 147 ، النهایة : 77 ، والإرشاد 1 : 254.
8- الذکری : 195 ، الوسائل 6 : 101 أبواب القراءة فی الصلاة ب 36 ح 3.

کما ذکره المصنف ، وقیل : ظاهر کلام ابن الجنید أیضا (1) ، وإنّ المرتضی نقل الإجماع علی عدم العدول مطلقا (2) ، ومع ذلک ، المشهور جواز العدول فی یوم الجمعة إلی الجمعة والمنافقین ما لم یتجاوز النصف أو لم یبلغه ، کما مرّ.

واشتراط المحقّق الشیخ علی والشهید الثانی کون الشروع فی قراءة التوحید والجحد نسیانا ، بأن کان قصد المصلّی قراءة الجمعة والمنافقین فقرأهما (3) ، لعدم دلالة الدلیل علی أزید من ذلک ، فلاحظ وتأمّل.

قوله ( وَانْحَرْ ) . ( 4 : 92 ).

وروی عن علیه السلام أنّه رفع الیدین عند تکبیرة الافتتاح وغیرها (4) ، وغیر ذلک.

قوله : وفی موثقة سماعة. ( 4 : 94 ).

یظهر من موثقة سماعة أنّ المراد من الإمام غیر إمام الجماعة ، بل الإمام علیه السلام أو المنصوب من قبله ونائبه الخاص ، حیث قال للصادق علیه السلام : متی یذبح؟ قال : « إذا انصرف الإمام » ، قلت : فإن کنت فی أرض لیس فیها إمام فأصلّی بهم جماعة؟ فقال : « إذا استقلّت الشمس » وقال : « لا بأس أن تصلّی وحدک ، ولا صلاة إلاّ مع إمام » (5) ویظهر منها أنّ التنکیر والجماعة لا شهادة لهما.

صلاة العیدین

شرائط صلاة العیدین

ص: 241


1- قاله الشهید فی الذکری : 195 ، والسبزواری فی الذخیرة : 280.
2- الانتصار : 44.
3- المحقق الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 280 ، الشهید الثانی فی روض الجنان : 270.
4- الوسائل 6 : 26 أبواب تکبیرة الإحرام ب 9.
5- التهذیب 3 : 287 / 861 ، الوسائل 7 : 474 أبواب صلاة العید ب 29 ح 3.

وورد أنّ من لم یخرج إلی الجبّانة فلیس علیه صلاة العید (1) ، وغیر ذلک.

وورد فی الأخبار أنّه ما من عید فطر أو أضحی إلاّ ویجدّد فیه بآل محمّد حزنا ، لأنّهم یرون حقّهم فی ید غیرهم (2) ، ویظهر منه أنّ صلاة العید حقّ الإمام علیه السلام ومنصبه ، یفعلها بنفسه أو بنائبه ، فإنّ فعل النائب فعل المنوب عنه ومنصبه وحقّه ، فتأمّل جدّا.

وربما یؤیّده ما ورد من أنّه بعد قتل الحسین نادی [ مناد ] (3) من بطنان العرش : « أیّتها الأمّة المتحیّرة الضالة بعد نبیها لا وفقکم الله لأضحی ولا فطر » ثم قال الصادق علیه السلام : « فلا جرم والله ما وفّقوا ولا یوفّقون حتی یثأر بثأر الحسین علیه السلام » (4).

ویؤیّده ما ورد أنّ الإمام علیه السلام علیه أن یخرج المحبوسین فی السجن وبعد الصلاة یدخلهم فیه ، ویوکّل علیهم فیما بین (5).

( ویدل صریحا علی أنّ هذه الصلاة منصب الإمام ، وصلاة الجمعة أیضا ما فی دعاء الصحیفة السجادیة : « اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائک » (6) إلی آخره ) (7).

ص: 242


1- التهذیب 3 : 285 / 851 ، الاستبصار 1 : 445 / 1720 ، الوسائل 7 : 423 أبواب صلاة العید ب 2 ح 9.
2- الوسائل 7 : 475 أبواب صلاة العید ب 31 ح 1.
3- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
4- الکافی 4 : 170 / 3 ، الوسائل 10 : 295 أبواب أحکام شهر رمضان ب 13 ح 2.
5- التهذیب 3 : 285 / 852 ، الوسائل 7 : 340 أبواب صلاة الجمعة ب 21 ح 1.
6- الصحیفة السجادیة : الدعاء 48.
7- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

قوله : فکلام ظاهری. ( 4 : 95 ).

لا یخفی أنّ هذا الکلام من الشارح فی غایة الحزازة ، لأنّ الشهید رحمه الله فی مقام إتیان العلّة لعدم قول أحد باعتبار الفقیه فی العیدین مع اعتبار بعضهم ذلک فی الجمعة ، مع أنّ الجمعة والعیدین حکمهما واحد عندهم إلاّ فیما شذّ ، والعلّة التی اقتضت اعتبار الفقیه مشترکة بینهما من دون تفاوت ، والنکتة التی ذکرها فی غایة الوجاهة ، لأنّ الفقهاء متفقون علی نفی الوجوب العینی فی الجمعة ، کما هو المعروف بینهم إلی مثل زمان الشارح رحمه الله والمناقشة إنّما صدرت من الشارح ومن بعده ، حتی أنّ صدورها من الشهید الثانی أیضا محلّ تأمّل علی ما عرفت ، وعلی تقدیر صدورها عنه أیضا فإنّما صدرت فی وقت تألیف الرسالة لا فی أوقات تألیفه تصنیفاته المشهورة المعروفة عنه ، فإنّه فی تلک الأوقات کان موافقا لباقی الفقهاء.

وعلی فرض أن یکون فی وقت الإتیان بهذه النکتة متأمّلا غیر موافق لسائر الفقهاء معلوم أنّه فی مقام الإتیان بالنکتة لفعل الفقهاء ، ولا شبهة فی أنّ من اعتبر الفقیه فإنّما اعتبره فی الوجوب التخییری لا العینی ، بل العینی منصب الإمام ونائبه الخاصّ ، ولا شبهة فی أنّ العیدین عندهم لیست بواجبة لا عینا ولا تخییرا.

أو بناء سرّه علی أنّ الجمعة والعیدین حکمهما واحد عندهم ، وأنّ المقتضی لنفی العینیة فی الجمعة مشترک بینها وبین والعیدین ، وهو ما ذکر ، مضافا إلی الإجماع والأخبار علی کون الصلاة منصب الإمام علیه السلام إذا وقعت علی سبیل الوجوب العینی. ولا شکّ فی أنّ الدلیل إذا اقتضی تغیّر الحکم فیهما یکون الأمر علی ما ذکره الشارح رحمه الله إلاّ أنّه ظاهر عدم اقتضائه

ص: 243

التغیّر ، بل الظاهر أنّ مقتضاه فیهما واحد ، ولذا بنی الشارح (1) علی اتحاد حکمهما ، بل عینیة الوجوب فی هذه الصلاة أخفی ، ولذا یظهر من الشارح - رحمه الله - تأمّل ما فی وجوب هذه الصلاة بخلاف الجمعة ، فإنّه فی غایة الإصرار والتشدید

علی الوجوب العینی ، فتأمّل.

قوله : وهو غیر متحقّق هنا. ( 4 : 95 ).

إن بنی علی أنّ القطع لا یحصل له فلا وجه للقدح فی الإجماع ، إذ لعله یحصل القطع لغیره ، بل لا تأمّل فی الحصول ، سیّما مع أنّ الغیر جمع کثیر من الفقهاء الفحول الماهرین المتتبّعین المطّلعین قریبی العهد بصاحب الشرع والحاضرین.

وإن بنی علی أنّ العلم بدخول قول المعصوم علیه السلام غیر ممکن فی هذه الأزمان ، والوصول إلینا من زمان المعصوم علیه السلام یخرج الخبر عن المسند ویرسله ، کما صرّح به (2) ، فقد مرّ الجواب عنه بأنّ المراد من العلم بدخول قوله موافقة قوله لأقوالهم ، وهذا ممکن یتیسّر فی جمیع الأزمان ، کما هو الحال فی ضروریات الدین والمذهب والإجماعات التی تمسّک بها الشارح رحمه الله غیر مرّة ، ویتمسّک أیضا ، بل لا یحصی من الکثرة ، وأنا أتعجّب کیف حصل فی هذا الأزمان ولا یمکن حصوله لهؤلاء الفحول المطّلعین؟ بل مرّ منه أنّ فتاوی الأصحاب تکفی للحکم الشرعی منه فی نجاسة المنی (3) وغیر ذلک.

قوله : والظاهر الاکتفاء فیه بالخمسة. ( 4 : 95 ).

تحقیق حول الإجماع المنقول بخبر واحد

ص: 244


1- فی « ب » و « ج » و « د » : الشارع.
2- المدارک 1 : 275.
3- المدارک 2 : 266.

للجواز لا للوجوب ، لأنّ کلمة « أو » یمنع من ذلک ، فیکون حالها حال صلاة الجمعة علی حسب ما مرّ.

قوله : لصحیحة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 4 : 95 ).

فی آخر هذه الصحیحة بعد ما ذکره الشارح قال علیه السلام : « القنوت فی الرکعة الثانیة » (1) فتأمّل فیه.

قوله : وهما لا یدلان علی المنع. ( 4 : 96 ).

الشارح ربما یستدل بالدلیل الأوّل ، ومرّ وجهه مرارا.

قوله : حیث أطلق مساواتها للجمعة فی الشرائط. ( 4 : 96 ).

ویدل علی ذلک ما ورد فی أخبار کثیرة ، منها : أنّ الخطبة بعد الصلاة فی مقام بیان کیفیة صلاة العید ، مثل صحیحة ابن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام ، فی صلاة العید ، قال : « قبل الخطبة ، والتکبیر بعد القراءة » (2). الحدیث.

وصحیحة معاویة ، قال : سألته عن صلاة العیدین ، فقال : « رکعتان » إلی قوله : « والخطبة بعد الصلاة » (3). الحدیث.

وروایة سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السلام فی صلاة العیدین ، قال : « کبّر ستة تکبیرات » إلی أن قال : « والخطبة بعد الصلاة » (4) إلی غیر ذلک من الأخبار ، منها : صحیحة یعقوب بن یقطین الآتیة فی بحث القنوت (5)

حکم الخطبتین

ص: 245


1- الفقیه 1 : 331 / 1489 ، الوسائل 7 : 482 أبواب صلاة العید ب 39 ح 1 ، بتفاوت.
2- التهذیب 3 : 287 / 860 ، الوسائل 7 : 435 أبواب صلاة العید ب 10 ح 5.
3- الکافی 3 : 460 / 3 ، التهذیب 3 : 129 / 278 ، الوسائل 7 : 434 أبواب صلاة العید ب 10 ح 2.
4- التهذیب 3 : 130 / 281 ، الاستبصار 1 : 448 / 1735 ، الوسائل 7 : 436 أبواب صلاة العید ب 10 ح 9.
5- المدارک 4 : 103.

وغیرها.

ویدل أیضا صحیحة زرارة الآتیة عند قول المصنف رحمه الله : ولو فاتت لم تقض (1) ، فلاحظ.

وأیضا لا تأمّل فی أنّ النبی صلی الله علیه و آله وغیره من الخلفاء ، ومنهم أمیر المؤمنین والحسن علیهماالسلام کانوا یأتون بالخطبة بعد الصلاة ، ولذا ورد أنّ أوّل من قدّمها علیها عثمان (2) ، لا أنّه أحدثه فیها ، مع أنّ الإجماع علی عدم الإحداث ، وکونها مشروعة وموظفة بعدها ممّا لا تأمّل فیه ، فالصلاة بغیر خطبة ممّا لم یعهد فعله من الشارع ، والصلاة وظیفة شرعیة ، فیجب التأسی فیها والاقتصار فیها علی ما عهد من الشرع ، کما مرّ عن الشارح رحمه الله نظیر ذلک مرارا ، فلاحظ وتأمّل.

مع أنّ کون الصلاة اسما لمجرّد الأرکان محلّ نظر ، بل ربما کان اسما للمستجمع لشرائط الصحة ، کما علیه بعض الفقهاء (3) ، بل هو أظهر بالنظر إلی الدلیل ، کما حقّق فی محلّه.

قوله : ولا یجب استماعهما إجماعا. ( 4 : 96 ).

هذا الإجماع موقوف علی الثبوت ، ومع ذلک دلالة عدم وجوب الاستماع علی عدم الشرطیة محلّ تأمّل ، ألا تری أنّ جمعا من الأصحاب قالوا بعدم وجوب استماع خطبة الجمعة (4)؟ مع أنّ اشتراطها من

ص: 246


1- المدارک 4 : 101.
2- الکافی 3 : 460 / 3 ، التهذیب 3 : 129 / 278 ، المقنعة : 202 - 203 ، الوسائل 7 : 440 أبواب صلاة العید ب 11 ح 1 ، 2.
3- منهم العلاّمة فی القواعد 2 : 136 ، وفخر المحققین فی إیضاح الفوائد 4 : 38.
4- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 294 ، والعلاّمة فی تبصرة المتعلمین : 31 ، والمحقق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 384.

ضروریات الدین ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء ما یدل علی العموم فی من تجب علیه. ( 4 : 96 ).

لا یخفی أنّه ورد فی الأخبار أنّ صلاة العیدین فریضة ، منها صحیحة جمیل الآتیة (1).

قوله : أی لا صلاة واجبة. ( 4 : 99 ).

یمکن أن یکون المراد : بحسب نفس الأمر وتقدیر الشارع لا صلاة (2) إلاّ مع الإمام ، وأمّا مع خفاء الإمام وعدم بسط یده وعدم تمکن الشیعة من الصلاة معه أو مع من نصبه تجوز الصلاة وحده وتکون مأمورا بها ، إلاّ أنّ الإجماع الذی ادعوه وما أشرنا إلیه مما یشهد علی کونه حقا یدل علی الندب ، فتأمّل جدّا.

قوله (3) : أذانهما طلوع الشمس ». ( 4 : 99 ).

وجه الدلالة أنّ الأذان إعلام وقت الصلاة ، مع أنّ الخروج مستحب ، فتدل علی جواز الصلاة لو لم یخرجوا.

قوله : إلاّ إذا وصل فی حال الخطبة. ( 4 : 101 ).

روی الشیخ فی الصحیح عن زرارة عن الصادق علیه السلام أنّه قال : أدرکت الإمام علی الخطبة ، قال : « تجلس حتی تفرغ ثم تقوم وتصلّی » قلت : القضاء أوّل صلاتی أو آخرها؟ قال : « لا بل أوّلها ، ولیس ذلک إلاّ فی هذه الصلاة » قلت : فما أدرکت مع الإمام من الفریضة وما قضیت ، قال : « أمّا

حکم صلاة العیدین مع فقد بعض الشرائط

وقت صلاة العیدین

سقوطها بفوات الوقت

ص: 247


1- انظر المدارک 4 : 104.
2- فی « ج » و « د » زیادة : صحیحة.
3- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».

ما أدرکت من الفریضة فهو أوّل صلاتک ، وما قضیت فآخرها » (1).

وهذه الروایة تدل علی قضاء هذه الصلاة علی من أدرک الخطبة وکون الخطبة آخر الصلاة أدرکها أداء ، والقضاء أوّلها وهو نفس الصلاة ، وتدل علی وجوب الخطبة بل کونها آخر الصلاة ومن تتمتها ، حتی أنّه لا یجوز الصلاة حتی یفرغ الإمام ، وفیها إشعار بوجوب استماع الخطبة ، فتأمّل.

قوله : وظاهر الأمر. ( 4 : 104 ).

وفی الفقیه عن علل الفضل ، عن الرضا علیه السلام ما یدل علی وجوب التکبیرات وکونها اثنتی عشرة (2).

قوله : وهو حسن. ( 4 : 107 ).

لا حسن فیه ، بل لا معنی لما ذکره ، لأنّ ذکر ابن بابویه فی کتابه وعمله به لا یقتضی عدم الموافقة للعامة ، لأنّه رحمه الله أورد کثیرا من الأخبار الموافقة لهم ، وعمل بها لاعتقاده بصحتها ، بل غالب ما حمله الشارح وغیره علی التقیّة لیس ممّا اتفق علیه ، ومرّ الکلام فی ذلک فی بحث الجهر والإخفات فی قراءة الصلاة (3).

قوله : للأمر به. ( 4 : 107 ).

روایة یعقوب مع صحتها دلالتها واضحة ، ولیست منحصرة فی الأمر ، فإنّه قال : سألت الکاظم علیه السلام عن التکبیر فی العیدین ، أقبل القراءة أم بعدها؟ وکم عدد التکبیر فی الاولی والثانیة والدعاء بینها؟ وهل فیها قنوت

کیفیة صلاة العیدین

محل التکبیرات

حکم القنوت

ص: 248


1- التهذیب 3 : 136 / 301 ، الوسائل 7 : 425 أبواب صلاة العید ب 4 ح 1.
2- الفقیه 1 : 330 / 1488 ، الوسائل 7 : 433 أبواب صلاة العید ب 10 ح 1.
3- راجع ص 52 - 58.

أم لا؟ فقال تکبیر العیدین للصلاة قبل الخطبة یکبّر [ تکبیرة ] یفتتح بها ، ثم یقرأ ویکبّر خمسا ویدعو بینها ، ثم یکبّر اخری یرکع بها ، ثم یکبّر فی الثانیة خمسا یقوم ویقرأ ، ثم یکبّر أربعا ویدعو بینهنّ ، ثم یکبّر الخامسة (1). فالدلالة فیها من وجوه متعدّدة ، منها الأمر ، ومنها أنّه سئل أنّه هل فیها قنوت أم لا؟ فأجاب : نعم ، والظاهر أنّ مراده بعنوان الوجوب ، کما هو الظاهر من السیاق ، ومنها ذکرها علی نهج الواجبات الأخر.

ویدل علی الوجوب روایة علی بن أبی حمزة عن الصادق علیه السلام ، وادعی الشیخ إجماع الشیعة علی العمل بروایته (2) - أنّه سأله عن صلاة العیدین ، قال : یکبّر ثم یقرأ ، ثم یکبّر خمسا ، فیقنت بین کلّ تکبیرتین ، ثم یکبّر السابعة فیرکع بها ، ثم یقوم ویقرأ ویکبّر أربعا ، فیقنت بین کلّ تکبیرتین (3). وفیها الدلالة من جهتین : من الأمر ومن الذکر فی مقام بیان الصلاة للسائل الذی سأل عن البیان. وکذا الحال فی روایة إسماعیل بن جابر.

ویدل أیضا روایة بشیر بن سعید عن الصادق علیه السلام ، قال : « تقول فی دعاء العیدین بین کل تکبیرتین : الله ربی. » (4) ویدل أیضا روایات کثیرة سنذکرها فی بحث عدد القنوت ، فلاحظ.

قوله : لا تنهضان حجّة فی إثبات حکم مخالف للأصل. ( 4 : 107 ).

ص: 249


1- التهذیب 3 : 132 / 287 ، الاستبصار 1 : 449 / 1737 ، الوسائل 7 : 435 أبواب صلاة العید ب 10 ح 8 ، بتفاوت.
2- انظر العدّة 1 : 381.
3- الکافی 3 : 460 / 5 ، التهذیب 3 : 130 / 279 ، الاستبصار 1 : 448 / 1734 ، الوسائل 7 : 434 أبواب صلاة العید ب 10 ح 3.
4- التهذیب 3 : 286 / 856 ، الوسائل 7 : 469 أبواب صلاة العید ب 26 ح 4.

قد عرفت أنّ الروایات کثیرة فی غایة الکثرة ، وبعضها صحیح ، والدلالة واضحة متأکّدة ، مع أنّ الأمر وما فی معناه حقیقة فی الوجوب مسلّم عند المحققین ، ومنهم الشارح رحمه الله فإنّه کثیرا ما یستدل بالجملة الخبریة علی الوجوب ، ویستدل أیضا بالذکر فی مقام البیان علیه ، ویستدل أیضا بالسیاق ومقتضاه.

قوله : بعدّة أخبار واردة فی مقام البیان. ( 4 : 107 ).

لم نجد ما ذکره سوی روایة معاویة ( بن وهب (1) (2) وهی مع الإضمار ، فی سندها محمد بن عیسی عن یونس ، والشارح رحمه الله کثیرا ما یطعن من جهته (3) ، ومع ذلک تتضمّن ذکر مستحبات کثیرة ، فلیست مقصورة فی بیان الواجبات ، ولا شکّ فی کون القنوت من الراجحات المؤکّدة ، فربما ترک ذکر القنوت ، لغایة وضوح کون التکبیرات تکبیرات القنوت ، وأنّ المعهود المعروف ذکر القنوت بینها ، کما یشهد علیه صحیحة ابن مسلم (4) التی سیذکرها الشارح رحمه الله والشهادة ظاهرة علی الفطن.

مع أنّ فی روایة معاویة : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صنع کذلک ، وغیر خفی أنّ الرسول صلی الله علیه و آله ما کان یترک القنوت ، وما کان یکبّر ولاء ، وهذا ینادی إلی ما ذکرناه.

نعم فی روایة سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السلام فی صلاة العیدین ، قال : « کبّر ستّ تکبیرات وارکع بالسابعة ، ثم قم فی الثانیة ، فاقرأ ثم کبّر

ص: 250


1- الکافی 3 : 460 / 3 ، التهذیب 3 : 129 / 278 ، الاستبصار 1 : 448 / 1733 ، الوسائل 7 : 434 أبواب صلاة العید ب 10 ح 2.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ » والمصادر ، وفی الوسائل : معاویة یعنی ابن عمّار.
3- انظر المدارک 1 : 111 ، 2 : 169 ، 3 : 350 ، 6 : 96.
4- المدارک 4 : 108.

أربعا ، وارکع بالخامسة » (1) لکنّها ضعیفة السند وضعیفة الدلالة أیضا ، إذ ظاهر أنّها لیست فی مقام بیان جمیع ما هو واجب فیها ، وما بیّن المعصوم علیه السلام جمیعها ، فظهر أنّ السؤال کان عن أمر خاصّ ، ولذا قال علیه السلام - بعد ما ذکرنا - : « والخطبة بعد الصلاة » هذا مضافا إلی ما ذکرناه فی روایة معاویة.

وممّا ذکر ظهر حال صحیحة ابن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام أیضا فی صلاة العیدین ، قال : « الصلاة قبل الخطبتین ، والتکبیر بعد القراءة ، سبع فی الأولی ، وخمس فی الأخیرة ، وکان أوّل من أحدثها بعد الخطبة عثمان » الحدیث (2) ، إذ یظهر من الجواب أنّ السؤال کان عن الأمور المذکورة خاصّة لا عن مجموع الماهیة ، هذا مضافا إلی ما ذکرنا ، والروایات التی ذکرها الشارح منحصرة فی ما ذکرنا ، وعلمت حال الکلّ ، وأنّها أضعف ممّا دلّ علی وجوب القنوت ، فکیف تقاومه؟ مع أنّ أکثریة الفتوی أیضا ربما یؤیّد ، بل المخالف نادر جدّا ، فتأمّل.

قوله : لصحة مستنده. ( 4 : 108 ).

لکن تضمّنها لذکر الأشباه یفید عدم التفاوت بینها وبین ما تتضمّنه روایة إسماعیل ، فلا وجه لما ذکره من أنّ العمل علی الأوّل.

قوله : لأنّه إذا کانت التکبیرات أربعا. ( 4 : 109 ).

فی الفقه الرضوی : « وتکبّر فی الرکعة الأولی بسبع تکبیرات ، وفی الثانیة خمس تکبیرات تقنت بین کل تکبیرتین » (3).

وجوب قراءة سورة بعد الحمد فی صلاة العیدین

ص: 251


1- التهذیب 3 : 130 / 281 ، الاستبصار 1 : 448 / 1735 ، الوسائل 7 : 436 أبواب صلاة العید ب 10 ح 9.
2- التهذیب 3 : 278 / 860 ، الوسائل 7 : 441 أبواب صلاة العید ب 11 ح 2.
3- فقه الرضا علیه السلام : 131 ، المستدرک 6 : 126 أبواب صلاة العید ب 7 ح 4.

وفی الروایة التی هی سند القنوت المشهور المعروف عن محمد بن عیسی بن أبی منصور ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « تقول بین کلّ تکبیرتین فی صلاة العیدین : اللهمّ أهل الکبریاء والعظمة. » (1) وهذه مطلقة تشمل کلّ تکبیرتین ، ومثلها روایة جابر عن الباقر علیه السلام (2) ، وکذا روایة بشیر بن سعید عن الصادق علیه السلام (3) ، وکذا صحیحة (4) محمد بن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام (5).

وروایة محمد بن الفضیل عن أبی الصباح (6) صریحة فی کون القنوت فی الأولی خمسة ، کلّ واحد بین کلّ تکبیرتین ، وفی الثانیة أربعة ، وصریحة علی الظاهر فی عدم کون القنوت فی الثانیة ثلاثة بل أزید ، وإن کانت ربما یتراءی دلالتها علی مذهب ابن الجنید (7) ، لکنّه لیس کذلک ، بل لیس فیها إلاّ التقدیم الذکری ، وبلفظ واو ، وهو لا یفید الترتیب ، بل یفید الجمعیة فقط ، فلاحظ وتأمّل ، مع أنّ الشارح ربما لا یحمل مثلها علی التقیّة ، بل یقول بکونه حقّا.

والروایات التی ذکرها الشارح رحمه الله ظاهرة فی ما ذکره ، والظاهر لا یعارض الصریح ، بل ولا الظاهر الذی موافق لفتوی المعظم ، لصیرورته بذلک أقوی ، فیمکن حمل ما ذکرها علی أنّ المراد من کلمة « بین » معنی :

ص: 252


1- التهذیب 3 : 139 / 314 ، الوسائل 7 : 468 أبواب صلاة العید ب 26 ح 2.
2- التهذیب 3 : 140 / 315 ، الوسائل 7 : 468 أبواب صلاة العید ب 26 ح 3.
3- التهذیب 3 : 286 / 856 ، الوسائل 7 : 469 أبواب صلاة العید ب 26 ح 4.
4- فی « ج » و « د » : روایة.
5- التهذیب 3 : 288 / 863 ، الوسائل 7 : 467 أبواب صلاة العید ب 26 ح 1.
6- التهذیب 3 : 132 / 290 ، الاستبصار 1 : 450 / 1743 ، الوسائل 7 : 469 أبواب صلاة العید ب 26 ح 5.
7- حکاه عنه فی الذکری : 241.

مع ، أو : بعد ، أو یکون الضمیر فی « بینهنّ » راجعا إلی مجموع التکبیرات ، وذلک لأنّه لمّا کان فی شرف البینونة ویصیر فی المآل بینا ووسطا أطلق علیه لفظ البین ، فتأمّل.

وربما کان الظاهر من التکبیرتین هو المتواصلتین ، سیّما بضمیمة الإجماع علی عدم کون القنوت فی الأولی ستّا ، وأنّه یظهر من الأخبار أنّ القنوت بعد القراءة وتکبیرة له ، وأنّها من آدابه وأحکامه ، فتدبّر.

( وفی دعائم الإسلام عن الصادق علیه السلام : وصلاة العید رکعتان یبدأ بتکبیرة یفتتح بها ، ثمّ یقرأ فاتحة الکتاب والشمس وضحیها ، ویکبّر خمس تکبیرات ، ثمّ یکبّر للرکوع - إلی أن قال - : ویتشهّد ویسلّم ویقنت بین کلّ تکبیرتین قنوتا خفیفا (1).

وفی علل الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام : « فإن قال : فلم جعل اثنتا عشرة تکبیرة؟ قیل : لأنّه یکون فی الرکعتین اثنتا عشرة تکبیرة ، فإن قال : فلم جعل فی الأولی سبع وفی الثانیة خمس ولم یسو بینهما؟ قیل : لأنّ السنّة فی الفریضة أن یفتتح بسبع تکبیرات ، فلذا بدأ هنا بسبع تکبیرات وجعل فی الثانیة خمس تکبیرات ، لأنّ التحریم من التکبیر فی الیوم واللیلة خمس تکبیرات » (2) الحدیث ، فلاحظ علل الصدوق ) (3).

قوله : لأنّها لیست أرکانا. ( 4 : 109 ).

لم نجد دلیلا علی عدم الرکنیة ، مع أنّ الأصل فی أجزاء العبادات

حکم نسیان التکبیرات أو بعضها

ص: 253


1- دعائم الإسلام 1 : 186 ، المستدرک 6 : 125 أبواب صلاة العید ب 7 ح 3.
2- علل الشرائع : 270 ، عیون الأخبار 2 : 114 ، الوسائل 7 : 433 أبواب صلاة العید ب 10 ح 1.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

الرکنیة ، لأنّ مع ترک الجزء لا یکون المکلّف آتیا بالمأمور به علی وجهه ، فلا یکون ممتثلا ، لأنّ الامتثال هو الإتیان بما أمر به ، ومع الترک لا یکون ما بقی عین ما أمر به جزما ، ولم یرد أمر آخر بالنسبة إلی ما بقی.

وأمّا عموم قوله علیه السلام [ فهو ] (1) فرع ظهور الشمول لمثل هذه الصلاة ، وهو محلّ تأمّل ، والشارح رحمه الله کثیرا ما یقول : الإطلاق ینصرف إلی الفرائض الیومیة ، فتأمّل.

قوله : إلاّ مکّة زادها الله شرفا. ( 4 : 111 ).

لیس طریقة الشارح رحمه الله العمل بالخبر الضعیف ، سیّما مع معارضته للصحاح الکثیرة ، فضلا عن أن یقدّم علیها ، والحق التخصیص ، لانجباره بعمل الأصحاب.

قوله : وهذا الحکم مجمع علیه بین الأصحاب. ( 4 : 113 - 114 ).

والصدوق فی أمالیه نسبه إلی الإمامیة بأنّ السنّة جرت کذلک (2).

قوله : لمن کان به علّة. ( 4 : 114 ).

وإن ورد بالإفطار بها بعض الأخبار (3) ، لضعف السند ، وعدم الانجبار ، بل الشذوذ ، فتأمّل.

قوله : صلاة الظهرین. ( 4 : 115 ).

روی فی الفقیه روایة سعید النقّاش ، ثم قال : وفی غیر روایة سعید : « وفی صلاة الظهر والعصر » (4).

سنن صلاة العیدین

الإصحار بها

الأکل قبل الخروج فی الفطر وبعد العود فی الأضحی.

ص: 254


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- أمالی الصدوق : 517 ، 518.
3- فقه الرضا علیه السلام : 210 ، المستدرک 6 : 130 أبواب صلاة العید ب 10 ح 2.
4- الفقیه 2 : 108 / 464 ، الوسائل 7 : 456 أبواب صلاة العید ب 20 ح 3.

قوله : وإن ضعف سندها. ( 4 : 115 ).

والصدوق فی العیون روی بطریق معتبر أنّ ممّا کتب الرضا علیه السلام للمأمون من محض الإسلام : والتکبیر فی العیدین واجب فی الفطر عقیب خمس صلوات أوّلها المغرب ، وفی الأضحی عقیب عشرة صلوات بغیر منی ، وخمس عشر بمنی (1) ، وما کتب من محض الإسلام کلّها علی وفق مذهب الشیعة.

ومع ذلک یشکل إثبات الوجوب من جهة السند والدلالة أیضا ، لعدم ثبوت الحقیقة الشرعیة فی مثل لفظ الوجوب ، ومن حیث المعارضة لروایة سعید النقاش ، بل هی أقوی دلالة علی الاستحباب ، کما قاله الشارح رحمه الله ومن جهة أنّه لو کان واجبا لشاع وذاع ، لعموم البلوی بمقتضی العادة لا أن یکون الأمر بالعکس ، حتی أنّ الصدوق رحمه الله یظهر من کلامه فی أمالیه أنّ الإمامیة مجمعة علی الاستحباب ، لأنّه قال : من دین الإمامیة أنّه جرت السنّة فی الإفطار یوم النحر بعد الرجوع من الصلاة ، وفی الفطر قبل الخروج إلیها ، والتکبیر فی أیّام التشریق بمنی (2). إلی آخر ما قال ، ولا یخفی الظهور فی الاستحباب.

وروی فی التهذیب عن علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام ، قال : سألته عن التکبیر أیام التشریق أواجب أم لا؟ قال : « یستحب ، وإن نسی فلا شی ء علیه » (3) قال : سألته : وهل النساء علیهنّ تکبیر أیّام التشریق؟

التکبیر فی العیدین

ص: 255


1- عیون الأخبار 2 : 124 ، تحف العقول : 315 ، الوسائل 7 : 456 أبواب صلاة العید ب 20 ح 5.
2- أمالی الصدوق : 518.
3- التهذیب 5 : 488 / 1745 ، الوسائل 7 : 461 أبواب صلاة العید ب 21 ح 10.

قال : « نعم ولا یجهرن » (1) وهذا الخبر فی غایة الوضوح فی عدم الوجوب ، مع موافقته للمشهور وما ذکرناه.

قوله (2) : فلقوله فی صحیحة زرارة. ( 4 : 117 ).

لا یخفی أنّ ظاهرها عدم المشروعیة وعدم الجواز ، کما نقل عن أبی الصلاح وابن حمزة وابن البرّاج (3) ، ویدل علیه أیضا صحیحة زرارة - المرویة فی التهذیب فی باب المواقیت ، وقیل باب الأذان والإقامة - عن الباقر علیه السلام : « لا تقض وتر لیلتک إن فاتک حتی تصلّی الزوال یوم العیدین » (4).

وفی روایة أخری ضعیفة عن زرارة عنه علیه السلام : « إنّ صلاة العیدین مع الإمام سنّة لیس قبلها ولا بعدها صلاة ذلک الیوم إلی الزوال ، وإن فاتک الوتر فی لیلتک قضیته بعد الزوال » (5).

وفی صحیحة ابن سنان : « صلاة العید رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء » (6) الحدیث. ولعل المراد : شی ء من الصلاة بملاحظة الأخبار والفتاوی ، سیّما مثل ما رواه فی ثواب الأعمال بسنده إلی الحلبی أنّه سأل الصادق علیه السلام عن صلاة العیدین ، هل قبلهما صلاة أم بعدهما؟ قال : « لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء » (7) ویحتمل اتحاد هذه الروایة مع صحیحة ابن

حکم التنفل قبل الصلاة وبعدها

ص: 256


1- التهذیب 5 : 488 / 1745 ، الوسائل 7 : 463 أبواب صلاة العید ب 22 ح 1.
2- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « ا ».
3- نقله عنهم الشهید فی الذکری : 240 ، والفاضل الهندی فی کشف اللثام 1 : 263.
4- التهذیب 2 : 274 / 1088 ، الوسائل 7 : 430 أبواب صلاة العید ب 7 ح 9.
5- التهذیب 3 : 129 / 277 ، الوسائل 7 : 420 أبواب صلاة العید ب 1 ح 3.
6- التهذیب 3 : 128 / 271 ، الاستبصار 1 : 446 / 1722 ، الوسائل 7 : 429 أبواب صلاة العید ب 7 ح 7.
7- ثواب الأعمال : 78 ، الوسائل 7 : 429 أبواب صلاة العید ب 7 ح 6.

سنان ، لأنّ هذه الروایة عن عبد الله بن سنان عن الحلبی عن الصادق علیه السلام ، فلعل فی الصحیحة سقط لفظ ( عن الحلبی ) سهوا [ إذ ] (1) یبعد کون عبد الله یروی بغیر واسطة أیضا ولا یذکر فی الروایة الأخری ، أو بواسطة ولا یذکر فی الآخری مع اتحاد الحکم.

وفی الکتاب المذکور أیضا روی فی الصحیح عن عبد الله بن سنان عن الصادق علیه السلام : « وصلاة العیدین رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء » (2).

وفی الصحیح أیضا عن ابن مسلم عن الصادق علیه السلام : « إنّ صلاة العیدین لیس فیها أذان ولا إقامة ، ولیس قبل الرکعتین ولا بعدهما صلاة » (3).

وفی الصحیح عن زرارة عن الباقر علیه السلام : « أنّه « لیس یوم الفطر ولا یوم الأضحی أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا ، ولیس قبلهما ولا بعدهما صلاة ، ومن لم یصلّ مع إمام فی جماعة فلا صلاة له ولا قضاء علیه » (4).

قوله : عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 4 : 119 ).

وفی دعائم الإسلام أیضا روی هکذا (5) ، وظهور الکلّ فی الاختصاص ظاهر بلا شبهة.

قوله : بأنّ دلیل الحضور فیهما قطعی. ( 4 : 120 ).

لا یخفی أنّه قطعی السند لا الدلالة ، لأنّ دلالة العموم ظنّیة ، فیکافئها

ص: 257


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : أما ، والأنسب ما أثبتناه.
2- ثواب الأعمال : 78 ، الوسائل 7 : 429 أبواب صلاة العید ب 7 ح 7.
3- ثواب الأعمال : 78 ، الوسائل 7 : 428 أبواب صلاة العید ب 7 ح 4.
4- الکافی 3 : 59 / 1 ، التهذیب 3 : 129 / 276 ، الوسائل 7 : 429 أبواب صلاة العید ب 7 ح 5.
5- دعائم الإسلام 1 : 187 ، المستدرک 6 : 132 أبواب صلاة العید ب 12 ح 2.

الخبر المعمول به عند الأصحاب ، سیّما إذا کان صحیحا ومتأیّدا بغیره من الأخبار ، وکذا ظاهر الکتاب وما وافقه من الأخبار.

قوله : « قبل الخطبتین ». ( 4 : 120 ).

الظاهر سقوط عبارة : والتکبیر.

قوله : وادعی علیه الإجماع. ( 4 : 121 ).

مرّ فی بحث شرائط الجمعة أنّ الشیخ یقول بکون الخطبتین شرطا فی صلاة العید ، وأنّ هذا ظاهر کلام المصنّف رحمه الله أیضا ، ومرّ کلامنا فی ذلک.

قوله : من الجمل الخبریة. ( 4 : 121 ).

الشارح رحمه الله فی غالب المواضع یستدل بالجملة الخبریة علی الوجوب ، ولا تأمّل فی ظهورها فیه ، کما لا یخفی ، ومرّ فی بحث شرائط هذه الصلاة ما ذکرنا ممّا یشهد علی الوجوب (1).

قوله : وهو دلیل قوی علی الاستحباب. ( 4 : 121 ).

فیه تأمّل قد أشرنا إلی وجهه فی بحث الشرائط (2).

قوله : مشترک بین الثقة والضعیف. ( 4 : 123 ).

قد حققنا أنّه مشترک بین الثقتین ، وعلی المشهور مشترک بین الثقة والموثق لا الضعیف ، وقد مرّ الکلام فی ذلک (3).

قوله : لقول النبی صلی الله علیه و آله . ( 4 : 128 ).

ولقول النبی صلی الله علیه و آله : « فإذا انکسفتا أو واحدة منهما فصلّوا » (4).

مسائل

الخطبتان فی العیدین بعد الصلاة

عدم وجوب استماع الخطبة

أبو بصیر مشترک بین الثقتین

صلاة الکسوف

وقت صلاة الکسوف

ص: 258


1- راجع ص 245 و 246.
2- راجع ص 246.
3- انظر ص 119 وج 1 : 96 ، وج 2 : 114.
4- الکافی 3 : 463 / 1 ، التهذیب 3 : 154 / 329 ، المحاسن : 313 / 31 ، الوسائل 7 : 485 ، أبواب صلاة الکسوف ب 1 ح 10.

قوله : وقول الصادق علیه السلام . ( 4 : 128 ).

فی صحیحة جمیل - بعد ما ذکره الشارح - قال علیه السلام : « عند طلوع الشمس وعند غروبها » (1) ، وهذه الأخبار ظاهرة فی کون هذه الصلاة موقّتة ، فتأمّل.

قوله : لإطلاق الأمر. ( 4 : 130 ).

فی التمسّک بالإطلاق تأمّل ظاهر ، وکذا قوله : وعدم. بل المتمسّک لیس إلاّ الاستصحاب ، وهو حجّة ، لکن الشارح رحمه الله لمّا لم یقل بحجّیته تمسّک بأمثال ما ذکره ممّا لا شهادة فیه فضلا عن الدلالة.

قوله : إنّما ثبت فی الیومیة. ( 4 : 131 ).

الأصحاب رووا عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه قال : « من أدرک رکعة من الصلاة فقد أدرک الصلاة » (2) ومرّ عنه أنّ عمل الطائفة علی هذه الروایات (3) ، إلاّ أن یقول : المتبادر الیومیة ، لکن ربما یستدل بأمثالها علی العموم ، کما مرّ ویجی ء ، فتأمّل.

قوله : کما هو الظاهر. ( 4 : 131 ).

للأخبار التی مرّت فی البحث السابق ، والأخبار التی سیجی ء فی بحث قضاء هذه الصلوات ، لأنّها تدل علی عدم القضاء فی بعض الصور والقضاء فی بعض آخر ، وکلّ من الحکمین یدل علی کونها موقّتة ، لأنّ عدم القضاء صریح ، والقضاء ظاهر بل وصریح أیضا. ولروایة ابن الفضل

ص: 259


1- الکافی 3 : 464 / 4 ، التهذیب 3 : 293 / 886 ، الوسائل 7 : 488 أبواب صلاة الکسوف ب 4 ح 2.
2- الذکری : 122 ، الوسائل 4 : 218 أبواب المواقیت ب 30 ح 4.
3- المدارک 3 : 93.

أنّه کتب إلی الرضا علیه السلام : إذا انکسفت الشمس وأنا راکب لا أقدر علی النزول؟ فکتب : « صلّ علی مرکبک » (1) ووجه الدلالة ظاهر. ولما سیذکر الشارح رحمه الله من قول المعصوم علیه السلام : « کلّ أخاویف السماء. » (2) ووجه الدلالة سیذکرها أیضا.

قوله (3) : وعلی الأوّل یثبت التوقیت صریحا. ( 4 : 132 ).

لأنّ المعنی أنّ غایة طلب هذه الصلاة وقوع السکون ، فلیس بعد ذلک طلب.

واعترض علیه بأنّه یحتمل أن یکون توقیتا لتکرار الصلاة - کما فی الکسوف - لا لأصلها ، بل هو أظهر ، لأنّ الشی ء إذا کان غایة لفعل لا بدّ من تکرّره قبل الغایة ، فیصحّ أن یقال : ضربته حتی قتلته ، ولا یقال : ضربت عنقه حتی قتلته (4). انتهی.

وفیه : أنّ جعله غایة للتکرار یوجب تقدیر التکرار ، والأصل عدمه ، ویوجب أیضا کون الأمر علی الاستحباب ، لما سیجی ء ، وهو أیضا خلاف الأصل ، ویوجب أیضا طلب التکرار فی غیر الکسوف ، وهو خلاف ما یظهر من الفتاوی والأخبار واستدلالهم بها ، فلاحظ ، بل الظاهر منها کون التکرار فی الکسوفین.

وأیضا فرق بین قوله تعالی : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی

وقت صلاة الآیات فی غیر الکسوفین والزلزلة

ص: 260


1- الکافی 3 : 465 / 7 ، الفقیه 1 : 346 / 1531 ، التهذیب 3 : 291 / 878 ، الوسائل 7 : 502 أبواب صلاة الکسوف ب 11 ح 1.
2- الکافی 3 : 464 / 3 ، الفقیه 1 : 346 / 1529 ، التهذیب 3 : 155 / 330 ، الوسائل 7 : 486 أبواب صلاة الکسوف ب 2 ح 1.
3- هذه التعلیقة واثنتان بعدها لیست فی « ا ».
4- بحار الأنوار 88 : 159.

غَسَقِ اللَّیْلِ ) (1) وبین ما ذکره من قوله : ضربته حتی قتلته ، لأنّه [ إخبار ] (2) عن فعل لا یفی غالبا واحدة بالقتل ، ولأنّ الغایة فیه لا یتصور إلاّ بما ذکره ، وأمّا الآیة فیصح جعل الغایة غایة الطلب ، ولذا استدلوا علی هذا الطلب ، وجعله غایة للمطلوب یوجب التقدیر من التطویل أو التکریر أو وقته أو کونه أداء وأمثال ذلک ، والأصل عدم التقدیر ، وبالجملة : فرق بین الغایة للطلب والغایة للفعل ، إذ فی الثانی یحتاج إلی امتداد وتطویل أو تکرار بخلاف الأوّل ، وعلی تقدیر جعلها للفعل فالأقرب تقدیر الطول والامتداد لا التکرار ، لأنّ الشی ء الواحد یکون واحدا طویلا أقرب إلی نفسه من أن یکون متعدّدا ، فتأمّل.

علی أنّ الظاهر أنّ « حتی » هنا للتعلیل ، لأنّ ما بعد « حتی » داخل فیما قبله ، وجعلها بمعنی إلی مجاز لا یصار إلیه إلاّ بالقرینة ، إذ الأصل الحقیقة ، ولأنّها علی تقدیر کونها غایة یحتاج إلی عنایة علی أیّ تقدیر ، فتدبّر.

وما اعترض علی هذا الشقّ بأنّ التعلیل یمکن أن یکون للشروع فی الصلاة لا لنفس الصلاة کما إذا قیل : صلّ الصلاة الفلانیة حتی یغفر الله لک عند الشروع فیها ، ومثله کثیر فی الأخبار (3). انتهی.

فاسد ، إذ لم نجد ما ذکره سیّما وأن یکون کثیرا ، وعلی فرض الوقوع لا یصیر علّة لرفع الید عن الأصل والظاهر من حدیث آخر ، کیف؟ والعامّ استعمل فی الخاصّ إلی أن قال المحققون : ما من عامّ إلاّ وقد خصّ ، وأخبارنا لا یکاد یسلم واحد منها عن توجیه بملاحظة الأدلة الآخر من

ص: 261


1- الإسراء : 80.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- بحار الأنوار 88 : 159.

الأخبار وغیرها ، ولا یصیر هذا منشأ لرفع الید عن الأصل والظاهر فی غیر الموضع الذی ثبت الخلاف فیه.

قوله : فلا وجه لقولهم : إنّها تصلّی بنیّة الأداء. ( 4 : 132 ).

لعلّ الوجه أنّها أداء کما أنّها قضاء ، کما یقول بعضهم ، وهذا الوجه ظاهر.

قوله : ولا یخفی ما فیه من التکلّف. ( 4 : 133 ).

لا تکلّف بعد تحقّق الإجماع علی التوقیت ، لأنّ الإجماع کاشف عن قول المعصوم صلوات الله علیه ، فتدبّر.

قوله : ومن العجب ادعاؤه الإجماع. ( 4 : 133 ).

لا تعجّب ، إذ لا منافاة بین الفوریة والتوقیت ، بمعنی أنّه یجب الإتیان فورا عند حصول الآیة ، وأنّه إذا فاتت الفوریة یکون جمیع الأوقات وقتا للفعل علی سبیل السعة ، علی ما یشیر إلیه کلام الذکری (1).

قوله : بانتفاء ما یدل علی ثبوت الفوریة هنا. ( 4 : 133 ).

ظاهر صحیحة محمد بن مسلم وبرید بن معاویة الآتیة فی مسألة وقوع الکسوف فی وقت الفریضة الفوریة (2) ، ویؤیّدها صحیحة زرارة ومحمد السالفة (3).

ویدل علیها أیضا ظاهر روایة سلیمان الدیلمی عن الصادق علیه السلام أنّه سأله عن الزلزلة ما هی؟ - إلی أن قال - : قلت : فإذا کان ذلک فما أصنع؟ قال : « صلّ صلاة الکسوف ، فإذا فعلت خررت لله ساجدا وتقول فی

وقت الصلاة فی الزلزلة

ص: 262


1- الذکری : 244.
2- المدارک 4 : 145.
3- المدارک 4 : 127.

سجودک : یا من یمسک السموات والأرض أن تزولا - الآیة - یا من یمسک السماء أن تقع علی الأرض إلاّ بإذنه أمسک عنّا السوء إنّک علی کل شی ء قدیر » (1). فتأمّل جدّا.

نعم ظاهر صحیحة (2) ابن مسلم الآتیة فی تلک المسألة عدم الفوریة فیها إلاّ أن یحمل وقت الفریضة فیها علی المضیّق ، فتأمّل.

قوله (3) : لأنّ السبب. ( 4 : 134 ).

مراده من السبب علّة وجوب الصلاة ، وهی التضرّع والاستکانة فی الصلاة لرفع ضرر الآیة ، والله یعلم.

قوله : فقاصرة بالإرسال. ( 4 : 136 ).

إلاّ أنّها إلی حماد صحیحة ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، فهی حجّة لمن قال بالغسل ، ومن لم یقل یحمله علی الاستحباب بملاحظة الأخبار الآخر ، تأمّل.

مع أنّ الصدوق قال فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ الغسل فی سبعة عشر موطنا ، وعدّ منها الغسل إذا احترق القرص ولم یعلم به الرجل (4) ، ویظهر منه أنّه لیس بواجب ، لأنّه عند ذکر الأغسال الواجبة صرّح بأنّها واجبة (5).

قوله : فباشتمال سنده علی جماعة من الفطحیة. ( 4 : 136 ).

هی موثقة ، والموثق حجّة ، علی ما حقّق فی محلّه ، وعلی القول

وجوب القضاء مع التفریط والنسیان

ص: 263


1- الفقیه 1 : 343 / 1517 ، علل الشرائع : 556 / 7 ، الوسائل 7 : 505 أبواب صلاة الکسوف ب 13 ح 3.
2- فی « ج » و « د » : روایة.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- أمالی الصدوق : 515.
5- أمالی الصدوق : 515.

بعدم الحجّیة فانجبارها بالشهرة وتأیّد الأخبار السابقة فی الجملة یکفی ، لأنّ تلک الأخبار تصلح للتأیید وإن لم تکن بأنفسها حجّة ، علی أنّ الشهرة کافیة.

ویؤیّدها أیضا ما فی الکافی :

وفی روایة أخری : « إذا علم بالکسوف ونسی أن یصلّی فعلیه القضاء ، وإن لم یعلم فلا قضاء علیه ، هذا إذا لم یحترق کلّه » (1) انتهی ، وقال فی أوّله : إنّ جمیع ما فیه من الآثار الصحیحة الصادرة عن الأئمّة علیه السلام علی سبیل الیقین ، فتأمّل جدّا.

قوله (2) : تخییرا. ( 4 : 143 ).

لا یخفی أنّ التخییر أیضا خلاف ظاهر الروایتین ، بل ظاهرهما التعیین ، فتعیّن الجمع الذی یقول القائل (3) ، کما لا یخفی.

قوله : عند أکثر الأصحاب. ( 45 : 145 ).

قد مرّ عند قول المصنّف رحمه الله : وفی الزلزلة تجب وإن لم یطل المکث ، ما ینبغی أن یلاحظ لأجل المقام.

قوله : فیتخیّر المکلف بینهما. ( 4 : 145 ).

لکن الأولی تقدیم الحاضرة ، لکونها أهمّ فی نظر الشارع ، ولکون صحیحة ابن مسلم نصّا فی الأمر بالتقدیم ، بخلاف صحیحة ابن مسلم وبرید ، لاحتمال إرادة جواز تقدیم الکسوف ، لکون الأمر فیها علی صورة

حکم تزاحم صلاة الکسوف مع فریضة حاضرة

ص: 264


1- الکافی 3 : 465 / ذیل الحدیث 6 ، الوسائل 7 : 500 أبواب صلاة الکسوف ب 10 ح 3.
2- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».
3- فی « ب » : قائلا.

الأمر الوارد فی مقام توهّم الحظر ، مع أنّ الأمر مفاد الجملة الخبریة ، ولیس بمثابة الأمر بالصیغة ، لأنّه أقوی ، کما لا یخفی. مع أنّ الشارح ربما یتأمّل فی إفادتها الوجوب (1).

ویؤیّده صحیحة ابن مسلم الآتیة (2) ، فتأمّل ، فإنّ (3) الظاهر منها خوف فوت وقت الفضیلة للفریضة لا الإجزاء ، ولعل ذلک یظهر أیضا من الأخبار فی أوقات الفرائض.

وأیضا وقت الآیة فی الغالب بحیث لا یأمن المکلّف من انقضائه لو اشتغل بالفریضة الیومیة أوّلا ، ولا یکون له وثوق بدرکه لصلاتها فی وقتها علی سبیل الاطمئنان إن قدّم الحاضرة وفعلها علی الاطمئنان ، فلعل صحیحة ابن مسلم وبرید محمولة علی هذا ، فهذا أیضا یؤیّد صحیحة ابن مسلم ، ویضعّف هذه الصحیحة.

ویؤیّد صحیحة ابن مسلم أنّ الراوی سأل بعد ما ذکره الشارح منها : فقیل له : فی وقت صلاة اللیل ، فقال : « صلّ الکسوف قبل صلاة اللیل » (4) إذ لا شبهة فی أنّ هذا الأمر علی سبیل الوجوب العینی ، فکذا ما تقدّم ، لأنّ السیاق واحد ، وکیف کان لا شبهة فی أنّ الاحتیاط فی تقدیم الحاضرة مع الوثوق التامّ بدرکهما معا أداء.

قوله : فی غیر هذا الموضع. ( 4 : 146 ).

لعل مراده أنّه ورد منهم علیه السلام : إذا ورد علیکم حدیث فاعرضوه علی

ص: 265


1- انظر المدارک 4 : 121.
2- المدارک 4 : 148.
3- من هنا إلی نهایة هذه الحاشیة وحاشیتان بعدها لیست فی « ا ».
4- الکافی 3 : 464 / 5 ، الوسائل 7 : 490 أبواب صلاة الکسوف ب 5 ح 1.

سائر أحادیثنا ، فإن وجدتموه یشبهها ویناسبها فخذوه ، وإلاّ فاترکوه (1).

قوله : الصحیحة المتضمّنة للبناء. ( 4 : 146 ).

لا یحصل منها الیقین ، غایة ما یحصل منها الظنّ الاجتهادی ، وکفایته فی تحصیل الیقین فی المقام محلّ نظر ، لقولهم : لا تنقضوا الیقین إلاّ بالیقین (2) ، نعم فی الموضع الذی لا یمکن حصول الیقین یکتفی فیه بالظنّ ، لاشتغال الذمة بالیقین ، وعدم إمکان تحصیل البراءة إلاّ بالظنّ ، وهذا طریقة جماعة من المجتهدین ، وإن کان جماعة منهم یکتفون بالظنّ الاجتهادی وإن أمکن تحصیل الیقین ، وتحقیق ذلک فی الأصول ، وحقّقناه فی الفوائد الحائریة (3) ، علی أنّه قد عرفت أنّه ورد منهم علیه السلام : « إذا ورد علیکم حدیث فاعرضوه علی سائر أحادیثنا » فتدبّر.

قوله : وصحیحة هشام بن سالم. ( 4 : 151 ).

لعل وجه الاستدلال بها أنّ کلّ واحد من شارب الخمر والزانی والسارق عامّ شامل لمن کان مؤمنا ومن کان مخالفا ، ولا یخلو من تأمّل ظاهر ، ومرّ الکلام فیه فی بحث غسل المیت.

قوله : قال فی الذکری. ( 4 : 153 ).

ویمکن أن یکون المراد جریان القلم فی کتابة الثواب له لا العقاب علیه أیضا ، لأنّ الحق أنّ عبادات الطفل شرعیة ، ولا مانع من ترتّب الثواب له ، بل هو الظاهر من الأخبار ، وحدیث رفع القلم عنه ظاهر فی رفع العقاب والمؤاخذة لا الثواب أیضا ، ولا إجماع علی عدم الثواب.

صلاة الأموات

من یصلّی علیه : وجوب الصلاة علی کل مسلم

وجوب الصلاة علی الطفل الذی بلغ ست سنین

ص: 266


1- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
2- الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
3- الفوائد الحائریة : 443.

قوله : وهو عامّی. ( 4 : 156 ).

هذا وهم من النسّاخ ، أو کان اللام قصیرا غایة القصر فتوهّم کونها میما.

قوله : ولو قیل : إنّ المراد. ( 4 : 156 ).

لا یخفی أنّ مراتب الإرث مبنیة علی الأنسبیة رحما ، والأشدّیة علاقة فی غالب الناس وبحسب العادة عندهم ، فلعل إطلاق الأولی ینصرف عندهم إلی ما ذکروه ، ولذا فهم الفقهاء الذین هم أرباب الفهم والأئمّة فی معرفة المعانی بحسب اللغة والعرف وغیرهما ما فهموا ، فحکموا بما حکموا ، فتأمّل.

قوله : أولویة بعض الورثة علی بعض. ( 4 : 158 ).

لا یخفی أنّ بناءهم علی الأولویة بحسب الإرث ، وأمّا تقدیم بعض الأولی علی بعض آخر فغیر لازم کونه من جهة الإرث أیضا ، بل لا یتأتّی ذلک ، بل له وجه آخر ، ولا یلزم کون الوجه منحصرا فی الأولویة فی الإرث فی جمیع المواضع وجمیع الوجوه ، فتأمّل.

قوله : لکنّها ضعیفة. ( 4 : 158 ).

الروایة وإن کانت ضعیفة إلاّ أنّها منجبرة بعمل الأصحاب ، بل إجماعهم علی ما هو الظاهر ، والصحیحة وغیرها شاذّة ، والشاذّ لا عمل علیه ، بالنصّ واتفاق الأصحاب الموافق للقواعد الثابتة المسلّمة.

قوله : هو یتوقّف علی وجود المعارض. ( 4 : 159 ).

قد عرفت أنّ المعارض موجود ، وأنّه أقوی ، بل وتعیّن کونه حجة دون معارضه بشذوذه ، وسیّما أن یکون موافقا لمذهب العامّة.

قوله : ولما رواه الکلینی. ( 4 : 164 ).

إشارة إلی أنّ سهل بن زیاد لیس بعامّیّ

من یصلّی علیه : أولی الناس بالصلاة علی المیت أولاهم بمیراثه

ص: 267

الدلالة علی ما ذکره غیر واضحة ، کاستدلاله الأوّل ، لتوقفه علی وجود عموم یشمل المقام ، ولا یخلو عن إشکال ، لأنّ المتبادر منه غیر المقام ، فلاحظ ، لکن لا تأمّل فی أنّ العمل إنّما هو علی ما ذکره الفقهاء بل لعلّه إجماعی ، ویمکن أن یفهم من العموم الشمول للمقام بواسطة استشمام العلّة ، وهی شرافة الرجل وخساسة المرأة ، فافهم.

قوله : ولا تبطل مع الزیادة. ( 4 : 165 ).

لا یخلو عن إشکال إذا اعتقد دخول الزائد فی الصلاة ، لأنّ هیئة العبادة متلقّاة من الشرع ، فإذا تغیّرت عمّا نقل عن الشرع فکیف یمکن الحکم بالصحة والخروج عن العهدة؟ فکما أنّ النقیصة مغیّرة للهیئة فکذا الزیادة ، فتأمّل جدّا.

قوله : ولو شکّ فی عدد التکبیرات بنی علی الأقل. ( 4 : 166 ).

هذا علی القول بحجّیة الاستصحاب - کما هو المشهور عند الأصحاب - واضح ، وأمّا علی القول بعدمها - کما هو عند الشارح رحمه الله فمشکل ، إلاّ أن یبنی علی ما ذکره من عدم البطلان بالزیادة ، وفیه ما عرفت ، فتأمّل جدّا.

قوله : الدالة بظاهرها. ( 4 : 167 ).

فی الظهور تأمّل ، لأنّ الظاهر منها کون السؤال والجواب بالقیاس إلی خصوص التکبیر ومقداره ، ولذا لم یذکر النیّة وغیرها ، فتأمّل.

قوله : وإن کانت الروایة الأولی أولی. ( 4 : 169 ).

الظاهر أنّ مراده منها صحیحة أبی ولاّد ، ووجه الأولویة صحة الروایة ، ویمکن أن یکون المراد منها روایة محمد بن مهاجر المعمول بها عند الأصحاب ، ووجه الأولویة عملهم بها والخروج عن الشبهة بسبب

حکم اقتداء النساء بالرجل فی صلاة الأموات

کیفیّة صلاة المیت

وهی خمس تکبیرات

حکم الشکّ فی عدد التکبیرات

ص: 268

الخلاف ، فیکون موافقا للمصنّف رحمه الله وغیره ، ولعل مراعاتهما تکون أولی وأحوط ، فتأمّل.

قوله : لأنّ التکبیر علیه أربع. ( 4 : 170 ).

مقتضی روایة محمد بن مهاجر التی هی مستند الأصحاب فی کیفیة الصلاة علی المیت عدم الدعاء له ، وإنّه لذلک اقتصر علی أربع تکبیرات ، حیث قال فیها : « فلمّا نهاه الله تعالی - یعنی النبی صلی الله علیه و آله - عن الصلاة علی المنافقین کبّر وتشهّد ، ثمّ کبّر وصلّی علی النبیین ، ثمّ کبّر ودعا للمؤمنین والمؤمنات ، ثمّ کبّر الرابعة وانصرف ، ولم یدع للمیت » (1) ونظر المحقّق إلی ما ذکر ، ووجه نظره أیضا یظهر ممّا ذکر ، فتأمّل.

قوله : لقیام العاجز بما هو فرضه. ( 4 : 171 ).

لا یخفی بعده.

قوله : لأنّها دعاء. ( 4 : 171 ).

الظاهر أنّ مراده الإشارة إلی ما ورد من التعلیل فی الأخبار من أنّها إنّما یکون تسبیحا وتحمیدا ودعاء ، مثل ما ورد فی موثقة یونس بن یعقوب الآتیة ، والقیاس المنصوص العلّة حجّة ، فما أجاب فی الذکری فیه ما فیه ، نعم لا شکّ فی کون الستر أحوط.

قوله : تمسّکا بمقتضی الأصل. ( 4 : 172 ).

والتعلیل الوارد فی موثقة یونس بن یعقوب.

قوله : فیرجع فیه إلی العرف. ( 4 : 172 ).

حکم الدعاء بین التکبیرات

عدم وجوب الستر فیها

ص: 269


1- الکافی 3 : 181 / 3 ، الفقیه 1 : 100 / 469 ، التهذیب 3 : 189 / 431 ، الوسائل 3 : 60 أبواب صلاة الجنازة ب 2 ح 1.

فیه تأمّل ، لأنّ العرف لیس مرجعا فی نفس الحکم ، بل المرجع فیها هو الشرع لا غیر ، نعم هو مرجع فی معرفة معانی الألفاظ الصادرة عن الشرع ، علی حسب ما قرّر فی محلّه ، ولا لفظ هاهنا ، فلا بدّ لتحقّق البراءة والامتثال من وقوف الإمام قریب الجنازة الواحدة ، وقریب الجنازة التی فی طرف الإمام فی الجنائز المتعدّدة ، والمأمومین قریب الإمام ، والصفّ قریب الصفّ ، فتأمّل.

قوله : قاصرة من حیث السند عن إثبات الوجوب. ( 4 : 173 ).

لا قصور بعد الانجبار بعمل کلّ الأصحاب. مضافا إلی کونها موثقة ، وسیّما موثقة عمار ، لأنّ الشیخ قال فی العدّة : أجمعت الشیعة علی العمل بروایته (1) ، مع أنّک قد عرفت عدم جواز التباعد الذی ذکره.

قوله : فالعمل بکلّ منها حسن إن شاء الله. ( 4 : 174 ).

بل الأولی العمل بمضمون الروایتین الأوّلتین ، لقول المعظم به ، ولأنّ عبد الله بن المغیرة ممّن أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصح عنهم.

قوله : لکنّها سلیمة من المعارض. ( 4 : 186 ).

لکن کون المراد من الصبیان من لا یجب علیه الصلاة غیر ظاهر ، بل الأظهر خلاف ذلک.

قوله : ولا بأس به. ( 4 : 176 ).

لا یخفی أنّ الحکم بالاستحباب بمجرّد ما ذکر محلّ تأمّل ، سیّما علی طریقة الشارح رحمه الله .

عدم جواز تباعد المصلّی عن الجنازة

کیفیة الصلاة علی فاقد الکفن

سنن صلاة الجنازة

وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة

ص: 270


1- عدّة الأصول 1 : 381.

قوله : وهو دلیل الرجحان. ( 4 : 179 ).

فیه تأمّل ظاهر ، والصواب التمسّک بما ورد فی استحباب الرفع فی کلّ تکبیرة ، سیّما مع صحة السند والمخالفة للعامّة ، مضافا إلی التسامح فی أدلّة السنن ، مع أنّ المعارض موافق للعامّة ضعیف السند ، بل الراوی من العامّة.

قوله : فی الدعاء المتناول لذلک ولغیره. ( 4 : 179 ).

فی استفادة الشمول للمقام من الإطلاق الذی ذکره نظر ، سیّما بعد ملاحظة ما ورد فی کیفیة الصلاة علی المیت وآدابها ومستحباتها.

قوله (1) : وفسّر ابن إدریس المستضعف. ( 4 : 180 ).

المستضعف قسمان : قسم لیس له قوّة ممیّزة ، وهم کثیرون ، سیّما فی النساء ، وقسم آخر له قوّة ممیّزة إلاّ أنّه لم یطّلع علی اختلاف الناس فی المذاهب ، مثل ابنة سلطان الإفرنج فی أمثال زماننا ، وفی زمان الأئمة علیهم السلام من لم یطّلع علی مذهب الشیعة أصلا ، وباعتقاده انحصار المسلم فی أهل السنّة ، وإن ورد عن الصادق علیه السلام أنّه قال : الآن لم یبق مستضعف (2) ، ومراده أنّه علیه السلام أبلغ إلی الکلّ ارتداد الناس من بعد وفات الرسول صلی الله علیه و آله إلاّ ما قلّ ، وأنهم سمعوا ذلک ، والظاهر أنّ مراده الغالب ، والله یعلم.

قوله : وما رواه الشیخ فی الصحیح. ( 4 : 183 ).

مقتضی الروایتین جواز الصلاة ، فلا ینافی ذلک أولویة الترک ، لما عرفت من المسامحة فی أدلة السنن ، سیّما والأکثر أفتوا کذلک ، وربما یعبّرون عن أولویة الترک بالکراهة ، فتأمّل.

رفع الیدین بالتکبیرات

تعریف المستضعف

الدعاء للمیت فی الرابعة

الصلاة فی المواضع المعتادة

ص: 271


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- انظر بحار الأنوار 57 : 213 / 23.

قوله : لتکرار الصحابة الصلاة علی النبی. ( 4 : 183 ).

لا یخفی أنّ الظاهر أنّ ذلک کان من خواصّه ، علی ما یظهر من العلّة المرویة فی ذلک (1) ، فلا یقتضی ذلک ما ذکره من التقیید ، فتأمّل.

قوله : کلّها قاصرة. ( 4 : 184 ).

لکن روایة الجواز أقوی سندا ، لکونها من الموثقات والموثق حجّة ، کما بیّنا فی محلّه. مع أنّه أولی من غیر الموثق وأقوی البتّة.

مع أنّ هاتین الروایتین مع ضعف سندهما أضعف دلالة من الموثقتین ، لأنّ مضمونهما حکایة عن الرسول صلی الله علیه و آله قوله ، ولعله کان لخصوصیة ومصلحة ، أو کان کذلک من أوّل الأمر ثم صار مستحبا ، وإن کان الظاهر من نقل الإمام کون الحال کذلک فی زمانه علیه السلام أیضا مطلقا ، لکن هذا الظاهر لیس مثل التصریح الوارد فی الموثقتین.

وأیضا الاتفاق علی الجواز یؤیّد الموثقتین ، فالأقوی الجواز ، لما ذکر ، وللعمومات.

والکراهة أیضا محلّ تأمّل ، لأنّ مدلول الضعیفین المنع وعدم الجواز ، ومقتضی الموثقتین الرجحان للفعل ، ولا تقاوم بین الضعیفین والموثقتین ، لما عرفت ، ولأنّ وهب بن وهب عامی ، وکذا الراوی عن إسحاق بن عمار ، وهو غیاث بن کلوب ، إذ ربما یظهر من الأخبار أیضا کونه عامیا (2) ، فتأمّل.

فتعیّن الموثقتان والعمومات للحجّیة ، ولا مساغ للحکم بالکراهة ،

حکم الصلاة علی الجنازة الواحدة مرتین

وهب بن وهب عامیّ.

یظهر من الأخبار أنّ غیاث بن کلوب عامیّ

ص: 272


1- الوسائل 3 : 83 أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 10.
2- انظر تعلیقات الوحید ( منهج المقال ) : 256.

بناء علی المسامحة فی أدلة السنن ، لما عرفت من ثبوت الرجحان فی الفعل ، فتأمّل.

وممّا یضعف الضعیفین ویقوی الموثقتین والعمومات فعل أمیر المؤمنین علیه السلام بالنسبة إلی سهل بن حنیف ، والرسول صلی الله علیه و آله بالنسبة إلی حمزة (1). علی أنّ المسامحة فی أدلّة السنن تعیّن أولویة الفعل ، کما لا یخفی ، فتدبّر.

قوله : ومقتضی الروایة الأولی. ( 4 : 186 ).

ویمکن حملها علی أنّ المراد من الأمر بالتتابع رفع الحظر ، لوروده مورد توهّم الحظر ، لأنّ المتعارف رفع الجنازة عقیب فراغ الإمام عن الصلاة ، ولذا یستحب وقوفه حتی ترفع الجنازة ، ولذا قیّده العلاّمة بما قیّده ، ونفی الشارح رحمه الله منه البأس.

قوله : بأنّ المدفون خرج بدفنه. ( 4 : 188 ).

فیه تأمّل ظاهر ، وکذا فی قوله : من فنی فی قبره ، إذ العمومات - مثل : « لا تدعوا أحدا من أمّتی بغیر صلاة » (2) وغیره ومنه صحیحة هشام المذکورة إذ نفی البأس المتوهّم لا یرفع الوجوب الثابت ، فتأمّل - تقتضی وجوب الصلاة علیه حتی یثبت المخرج منها.

وممّا ذکر ظهر التأمّل فی ما ذکره الشارح رحمه الله : والأصحّ.

فالأحوط الصلاة علیه مطلقا إن لم یصلّ علیه ، وأمّا إذا صلّی علیه فلعل الأحوط الترک ، لما مرّ من موثقة عمار وموثقة یونس بن یعقوب ، ومرسلة

أحکام صلاة الجنازة

حکم من أدرک بعض التکبیرات مع الإمام

حکم ما لو دفن المیت بغیر صلاة

ص: 273


1- الوسائل 3 : 82 ، 87 أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 7 ، 21.
2- الفقیه 1 : 103 / 480 ، التهذیب 3 : 328 / 1026 ، الاستبصار 1 : 468 / 1810 ، الوسائل 3 : 133 أبواب صلاة الجنازة ب 37 ح 3.

محمد بن أسلم عن الرضا علیه السلام : یصلّی علی المدفون بعد ما دفن؟ قال : « لا ، لو جاز لأحد لجاز لرسول الله صلی الله علیه و آله ، قال علی علیه السلام : لا یصلّی علی المدفون ولا علی العریان » (1).

وفی الموثق أیضا عن عمار أنّه إذا صلّی علی میت وهو مقلوب أنّه یسوّی ویعاد الصلاة ما لم یدفن ، فإن کان قد دفن فقد مضت الصلاة ، ولا یصلّی علیه وهو مدفون (2).

وفی الحسن عن محمّد بن مسلم أو زرارة قال : « الصلاة علی المیت بعد ما یدفن إنّما هو الدعاء » الحدیث (3) ، فلعل ما ورد ممّا یدل علی الجواز محمول علی هذا أو علی من لم یصلّ علیه ، فتأمّل.

قوله : ولا ریب فی ضعفه. ( 4 : 189 ).

لا ضعف فیه ، بل هو أیضا محتمل ، فتأمّل.

قوله : من أوصاف المتذلّل الخاشع. ( 4 : 196 ).

فعل الرضا علیه السلام عند خروجه إلی العید ، وصلاتهما واحدة ، بل ربما کان عند خروجه للاستسقاء أیضا ، فلاحظ عیون أخبار الرضا (4).

قوله (5) : فالظاهر أنّه یستحب قضاؤه نهارا وهو غیر واضح. ( 4 : 204 ).

بعض الصلوات

المرغبات صلاة الاستسقاء

نافلة شهر رمضان

ص: 274


1- التهذیب 3 : 201 / 471 ، الاستبصار 1 : 483 / 1871 ، الوسائل 3 : 106 أبواب صلاة الجنازة ب 18 ح 8.
2- التهذیب 3 : 201 / 470 ، الاستبصار 1 : 482 / 1870 ، الوسائل 3 : 107 أبواب صلاة الجنازة ب 19 ح 1.
3- التهذیب 3 : 202 / 473 ، الاستبصار 1 : 483 / 1873 ، الوسائل 3 : 105 أبواب صلاة الجنازة ب 18 ح 5.
4- عیون الأخبار 2 : 165 / 1 ، الوسائل 8 : 8 أبواب صلاة الاستسقاء ب 2 ح 2.
5- من هنا إلی أربعین تعلیقة لیست فی « ا ».

الظاهر وضوحه ، لما ورد فی بعض الأخبار فی تفسیر قوله تعالی : ( وَهُوَ الَّذِی جَعَلَ اللَّیْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) (1) الآیة (2) ، مع أنّ الظاهر من الآیة لعله ذلک أیضا.

وأیضا یظهر ممّا ورد فی مدح من یقضی نافلة اللیل فی النهار من أنّه تعالی یباهی به الملائکة من أنّه یقضی ما لم أفترض علیه (3) ، والظاهر یفید العموم ، والله یعلم.

قوله : کما فی الکلام والالتفات ونحوهما. ( 4 : 211 ).

لا شبهة فی ثبوت البطلان ، کما نقله ، لأنّ العبادة هیئة توقیفیة ، والمنقول من الشارع لیس فیها ما ذکر ، بل ونهی عنه فیها ، فکیف تکون العبادة التوقیفیة؟ نعم لو لم یکن النهی (4) عنه نهیا عنه فی العبادة مثل النظر إلی الأجنبیة فالظاهر عدم الضرر ، والله یعلم.

قوله : لأنّه فی حکم التالف. ( 4 : 213 ).

الظاهر عدم تأمّل فی الجواز ، لوجوب إعطاء قیمة الماء التالف لصاحبه بلا تأمّل ، فیکون الماء التالف ملکه أو صحیح التصرّف ، ولا شکّ فی أنّه إذا أتلفه تعیّن القیمة علیه ، فلا معنی للمنع بعد التلف ، وهو واضح.

ثم اعلم أنّ الأئمّة علیه السلام والفقهاء وجمیع المسلمین فی الأعصار والأمصار کانوا یتوضّؤون من الأنهار الجاریة ویشربون ، بل ویأخذون لشربهم من غیر استحصال إذن من المالک أصلا ، ولا تأمّل فیه ، وکذا کانوا یصلّون فی الصحراء من الأراضی المملوکة من دون رخصة من المالک.

الخلل الواقع فی الصلاة

بطلان الصلاة بفعل ما لا یجوز فعله

حکم الوضوء بالماء المغصوب

ص: 275


1- الفرقان : 62.
2- تفسیر القمی 2 : 116 ، البرهان 3 : 172 / 1 ، 2.
3- الوسائل 4 : 275 ، 278 أبواب المواقیت ب 57 ح 5 ، 15.
4- فی « ب » و « و » : المنهی.

واعتذر السیّد بأنّ المنشأ تحقّق إذن الفحوی جزما من المالک (1).

وفیه : أنّه ربما کان المالک صغیرا أو مجنونا أو سفیها أو مخالفا للشیعة ، سیّما المتعصّبین منهم ، بل الظاهر أنّ المنشأ أنّ للمؤمنین حقّا فی جمیع ما ذکر ، ولقولهم علیه السلام : « المسلمون شرکاء فی الماء والنار والکلاء » (2).

قوله : والامتثال یقتضی الإجزاء. ( 4 : 213 ).

الأظهر الاستدلال بصحة الصلاة فی اللباس النجس وغیر اللباس منه جهلا ، کما حقّق فی محلّه ، فلاحظ.

قوله : إذا کان الجلد مأخوذا من غیر المسلم عملا بالظاهر من حاله. ( 4 : 213 ).

الأولی أن یقول : عملا بالأصل ، لأنّ التذکیة الشرعیة شرط للطهارة والحلّیة ، ویکفی أخذه من المسلم ووجوده فی یده أو فی سوق المسلمین ، لأصالة الصحة فیهما ، وإن کان الأحوط أن لا یصلّی فی الجلود المأخوذة من أهل السنّة الذین یستحلّون الصلاة فی المیتة باعتقادهم أنّ الدباغة تطهّرها ، کما ورد فی الأخبار من أنّ الأئمّة علیه السلام ما کانوا یصلّون فی ما أخذ من أهل العراق وسوقهم معلّلین بما ذکر ، وإن کانوا یلبسون فی غیر حالة الصلاة (3) ، وحقّق الجواز والحلّیة فی محلّه.

قوله : وهو مشکل. ( 4 : 214 ).

لا إشکال ، وقد مرّ التحقیق (4).

حکم الصلاة بجلد المیتة

ص: 276


1- حکاه عنه الشهید فی الذکری : 150 والفاضل الهندی فی کشف اللثام 1 : 194.
2- الفقیه 3 : 150 / 662 ، التهذیب 7 : 146 / 648 ، الوسائل 25 : 417 أبواب إحیاء الموات ب 5 ح 1.
3- الکافی 3 : 397 / 2 ، الوسائل 4 : 462 أبواب لباس المصلی ب 61 ح 2.
4- راجع ص ج 2 : 339 - 342.

قوله : بما لا یعلم تعلّق النهی به. ( 4 : 214 ).

فیه : أنّ هذا الاحتمال إنّما هو إذا کان الثابت من الشارع أنّ الشرط کما ذکره ، وأمّا إذا کان الثابت منه المنع عن المیتة ، وعن کلّ شی ء حرام أکله ، وعن الحریر المحض فمقتضاه هو ما ذکره الأصحاب ، لأنّ لفظة المیتة وحرام الأکل والحریر المحض أسام لما هو فی نفس الأمر میتة وحرام وحریر محض ، من غیر التقیید بالعلم وعدمه ، علی حسب ما مرّ التحقیق فی باب لباس المصلّی (1).

قوله : کون القیام فی حال النیّة رکنا. ( 4 : 214 ).

وجهه اشتراط المقارنة للتکبیر ، والمقارنة لا تتحقّق إلاّ حال القیام ، کما لا یخفی ، سواء کانت رکنا أو شرطا.

قوله : وأجاب عنها الشیخ فی کتابی الأخبار بالحمل. ( 4 : 216 ).

هذا الجواب بعید ، لأنّه فی صورة الشکّ لا یلائمها قوله : حتی دخل فی الصلاة ، و : حتی کبّر للرکوع.

مع أنّ الشک فی شی ء وقد خرج منه ودخل فی غیره لیس بمعتبر بمقتضی الأدلة ، وإجماعی أیضا ، فالصواب الحمل علی أنّ المعصوم علیه السلام بنی علی أنّ الظاهر وقوع التکبیر ، وأنّ ترکه من حیث کونه أوّل الصلاة بعید جدّا ، وإن کان الرجل عنده أنّه نسی ، لأنّه حال من کثر سهوه فلا عبرة بسهوه ، [ لا ] (2) لأنّ السهو واقعی وبموضعه ومع ذلک لا اعتداد به ، بل لما ذکر من أنّه بعید جدّا أن یکون یسهی ، کما صرّحوا به فی بعض الأخبار :

حکم الإخلال برکن سهوا

ص: 277


1- راجع ج 2 : 340 - 342 وانظر المدارک 3 : 173 - 176.
2- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة المعنی.

« أنّ الإنسان لا ینسی تکبیرة الافتتاح » (1) والظنّ فی تحقّق الأفعال حجّة ومعتبر ، کما سیجی ء ، والمعصوم علیه السلام اعتبره هاهنا.

قوله : أنّ الامتثال یتحقّق بالإتیان. ( 4 : 218 ).

الامتثال هو الإتیان بالمأمور به علی وجهه ، والعبادة التوقیفیة یتوقّف علی الثبوت من الشرع ، والثابت المنقول إلینا من قول الشارع وفعله لیس علی ما ذکرت ، وهذا خلاف المعهود منک فی مواضع لا تحصی ، ومنها فی بحث الخلل الواقع فی کیفیة الصلاة (2).

قوله : لزیادة الرکن. ( 4 : 218 ).

لم یقل أحد بهذا التفصیل ، فبضمیمة عدم القول بالفصل یثبت المطلوب بالروایتین أیضا.

قوله : والروایة الثالثة ضعیفة السند. ( 4 : 218 ).

الضعف منجبر بعمل الأصحاب ، سیّما مع الموافقة للقواعد الثابتة فی العبادات التوقیفیة ، وعمل الجماعة الذین لا یعملون بأخبار الآحاد مثل السید ومشارکیه ، وکونها فی الکافی (3) ، وموافقتها بعض الأخبار الآخر ، مثل روایة ابن سنان عن ابن مسکان عن أبی بصیر عن الباقر علیه السلام عن رجل نسی أن یرکع ، قال : « علیه الإعادة » (4) وقد حقّقنا فی الرجال أنّ ابن سنان هذا ثقة لا ضعف فیه (5) ، موافقا للعلاّمة فی غیر الخلاصة (6). ویؤیّدها

ص: 278


1- الفقیه 1 : 226 / 998 ، الوسائل 6 : 15 أبواب تکبیرة الافتتاح ب 2 ح 11.
2- انظر المدارک 4 : 223.
3- لم نعثر علیها فی الکافی.
4- التهذیب 2 : 149 / 584 ، الاستبصار 1 : 356 / 1346 ، الوسائل 6 : 313 أبواب الرکوع ب 10 ح 4.
5- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 300.
6- انظر المختلف : 518.

أیضا إطلاق الأخبار الدالة علی أنّ من زاد فی الصلاة فعلیه الإعادة (1) ، فتأمّل.

قوله : ویمکن الجمع بینها. ( 4 : 219 ).

هذا فرع التکافؤ ، ومنتف قطعا علی ما ظهر لک. مضافا إلی أنّ روایة ابن مسلم هذه تتضمّن ما لم یقل به أحد ، وهو قوله : « وإن کان لم تستیقن إلاّ بعد ما فرغ. » وهذا أیضا من المضعّفات بلا شبهة فی مقام الترجیح ، بل الشارح کثیرا صرّح بأنّ ذلک مانع من الاحتجاج بالروایة مطلقا (2).

قوله : واستدل علیه فی المعتبر. ( 4 : 221 ).

إن سلّم ما ذکر لم یکن خصوصیة بالرباعیة ، فیلزم الصحة فی الثنائیة والثلاثیة أیضا ، بل لا خصوصیة له بالرکعة الأخیرة ، فیلزم ما ذکره بالنسبة إلی رکعات أخر أیضا ، وفیه ما فیه. [ وقوله : وبما رواه. ] (3) معارض بالروایتین المذکورتین المنجبرتین بالشهرة ، والمعتضدتین بالقواعد وعمل من لم یعمل بأخبار الآحاد ، مع کونه مخالفا للشهرة ، وموافقا للتقیّة ، والوهن فی دلالته ، لما یقول الشارح ، وقابلا للتأویل القریب ، لما سبق أنّ المعهود عند الخاصّة والعامّة أنّهم إذا قالوا : التسلیم ، یریدون منه : السلام علیکم ، إلی آخر ما حققناه فی بحث التسلیم (4).

قوله : دلالة علی ندب التسلیم. ( 4 : 222 ).

حکم من زاد فی صلاته رکعة

ص: 279


1- الکافی 3 : 355 / 5 ، التهذیب 2 : 194 / 764 ، الاستبصار 1 : 376 / 1429 ، الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 19 ح 2.
2- انظر المدارک 3 : 319 ، 351 ، و 6 : 47 ، 77.
3- ما بین المعقوفین لیس فی « ب » و « ج » و « و » وبدله فی « د » : قوله ، وما أثبتناه لاستقامة المعنی.
4- راجع ص 94 - 102.

فیه ما مرّ فی بحث التسلیم ، فلاحظ.

قوله : لم تقتض تغییرا لهیئة الصلاة. ( 4 : 224 ).

لا شکّ فی تغییر الهیئة فی العبادة التوقیفیة ، فإنّما الأعمال بالنیّات ، فلو کبّر لا بنیّة تکبیرة الإحرام لا ینفع ، وکذا لو کبّر مرّتین بنیّة تکبیرة الإحرام تبطل الصلاة ، کما لا یخفی ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء ما یدل علی بطلان الصلاة. ( 4 : 224 ).

هذا لا یناسب العبادة التوقیفیة ، إذ لا بدّ فیها من دلیل للصحة ، لا أنّه یکفی عدم الدلیل علی البطلان ، إلاّ أن یکون مستنده العمومات ، فتأمّل.

قوله : لأنّ من سهی فی الفریضة. ( 4 : 224 ).

مما لا ربط له فی المقام ، لأنّ العلّة فیه کون الصلاة علی ما افتتح به ، وعلی ما قام له ودخل فیها حینئذ. مع أنّ القیاس عندنا حرام جزما. مع أنّ القیاس مع الفارق ، لأنّ الهوی لیس من مستحبات الصلاة. مع أنّ الدخول فی الرکوع بقصد الواجب الرکنی والهوی لا دخل له فی الرجحان الشرعی ، لأنّه من المقدّمات الخارجة ، فتأمّل.

قوله : تمسّکا بمقتضی الأصل السالم من المعارض. ( 4 : 225 ).

التمسّک بالأصل فی العبادة التوقیفیة غلط ، وخلاف طریقة الشارح أیضا ، وکذلک العمل بهذا الصحیح ، فالأولی الاستدلال علیه بما سیستدل به للثانیة الآتیة بلا شکّ.

قوله : وقوّی فی المبسوط. ( 4 : 225 ).

قوّی علی طریقة الصدوق ، لا علی طریقة المشهور ، فکیف نسب الصورة الثالثة إلی خصوص المقنع؟

حکم من نقص من صلاته رکعة

ص: 280

قوله : ویمکن الجمع بینها بحمل هذه علی الجواز. ( 4 : 228 ).

لا شکّ فی فساد هذا الحمل ، لکونه خلاف مدلول المتعارضین البتّة ، وخلاف فتوی جمیع الفقهاء ، بل خلاف الإجماع المرکب. والظاهر حمل الطرفین أحدهما علی خصوص التقیّة والآخر علی محض الحق ، فإنّ فقهاء أهل السنّة الحجازیین منهم علی أحدهما إجماعا منهم فی زمان أئمّتنا علیه السلام والعراقیین منهم اتفقوا علی الآخر ، والذی ببالی علی ما أظنّ : أنّ العراقیین منهم علی الإعادة ، والحجازیین علی البناء (1) ، والله یعلم.

قوله : ویحتمل الصحة. ( 4 : 230 ).

هذا الاحتمال باطل ، لأنّ العبادة توقیفیة ، وتحقّقها مع الاحتمال المذکور باطل ، إذا مع الاحتمال یحصل الشکّ فی الامتثال ، فکیف یکون ممتثلا؟ مع أنّ شغل الذمّة بالصلاة یقینی ، ولا ینقض الیقین إلاّ بالیقین ، کما مرّ عن الشارح (2) ، وثبت عن المعصوم علیه السلام (3) ، فتأمّل.

قوله : ولأنّ نسیان السجدتین من الرکعة الواحدة خلاف الظاهر. ( 4 : 230 ).

وعلی هذا یحصل الظنّ بکونهما من الرکعتین ، وهذا خلاف المفروض ، ومع ذلک لا بدّ من العلم بکفایة هذا الظهور فی المقام ، والله یعلم.

بطلان الصلاة بترک السجدتین

ص: 281


1- انظر بدایة المجتهد 1 : 179 ، المهذّب 1 : 88 ، المجموع 4 : 75 ، 76 ، 196 ، المبسوط للسرخسی 1 : 169 ، 195 ، الخلاف 1 : 409 ، 410 ، التذکرة 1 : 132 ، 135.
2- انظر المدارک 4 : 230 ، و 2 : 335.
3- 1 : الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1.

قوله : ومقتضی العبارة وجوب الرجوع. ( 4 : 231 ).

هذا علی القول بعموم المفهوم ، والشارح لا یقول به ، وأمّا المصنّف فإنّه فی صدد بیان هذا الشقّ والشقّ الثانی أیضا ، أی الذی یتدارک ، وسیذکر صورة نسیان القراءة ولا یشیر أصلا إلی نسیان الجهر والإخفات ، وهذا منه ینادی بأنّه لم یبن کلامه علی مفهومیة المفهوم والبناء علیها ، بل بناؤه علی المنطوق ، وکلامه فی المنطوق ینادی بأنّ الجهر والإخفات لیس فیهما تدارک أصلا وإن لم یرکع ، لجعل ما یجب تدارکه فی ما ذکره فی الثانی ، وهذا واضح ، إذ لو قال المولی لعبده : أعط زیدا درهما إن أکرمک ، وإن لم یکرمک فأعط الدرهم المذکور ، لا شکّ فی أنّ المفهوم لا عبرة به قطعا وإجماعا.

ومراد المصنّف من الإخلال بالواجب غیر الرکن أعمّ من أن یکون مع الرکن أم لا ، کما أنّه لو قال : من أخلّ بالرکن ، أعم من أن یکون مع غیر الرکن أم لا ، فهو یرید بیان الأحکام فی الصورتین.

مع أنّ قول المصنّف : وکذا لو نسی الرکوع. مراده أنّ نسیان الرکن أیضا مثل القسم الثانی ، لا أنّه عینه وقسم منه ، وهذا متعارف أنّهم یجعلون الشی ء الآخر مثل القسم من المقسم ، یعنی الأشیاء الأجنبیّة حکمه حکم هذا القسم منه ، ولا غبار علیه أصلا.

قوله : فلا یکون مجزئا عنه. ( 4 : 234 ).

ولأنّ الرکوع هو الانحناء وأنّه من القائم لا یتحقّق إلاّ قائما ، کما هو الظاهر والمتبادر من الدلیل.

قوله : فلا ، بل یقوم منحنیا إلی حد الراکع. ( 4 : 234 ).

هذا لیس نسیان الرکوع ، بل نسیان واجبات الرکوع التی لیست برکن ،

حکم الإخلال بواجب غیر رکن

ص: 282

إلاّ أن یکون مراده منه أنّه لم یصر إلی حدّ الرکوع ، فلا بدّ أن یقوم إلی الحدّ الذی وقع فیه فی النسیان ثم یرکع ، أی بالانحناء إلی أن یصل إلی حدّ الرکوع ، لا أن یقوم منحنیا إلی حدّ الراکع ، إلاّ أن یؤوّل قوله بما ذکر فی التعلیقة الواقعة علی کلام الشارح علی کلام المصنّف.

قوله : أشکل العود إلیه. ( 4 : 234 ).

لعل مراده العود إلی نفس الرکوع ، فهو بعینه الصورة المتقدّمة ، فیجب أن یقوم منحنیا إلی حدّ الرکوع فیأتی بالواجبات التی ترکها من الذکر والطمأنینة فیها والطمأنینة بعدها.

قوله : فإنّها واجبات فیه خارجة عن حقیقته. ( 4 : 234 ).

نعم ، لکن یجب تدارکها ، لأنّها واجبات متروکة نسیانا یمکن تدارکها فیجب ، ومنها الطمأنینة بعد القیام.

قوله : لأنّ الکلام فی نسیان الواجب الذی لیس برکن. ( 4 : 235 ).

أی کلام المصنف حیث قال : وکذا لو نسی الرکوع ، [ و ] عرفت أنّه لا غبار علیه ، فلاحظ.

قوله : لا نفس الرکوع خاصّة. ( 4 : 238 ).

فعلی هذا یرجع إلی المسألة السابقة فی نسیان الرکعة والإتیان بالحدث ومثله فی أثنائه ، وظهر لک الفساد.

قوله : فتعیّن فعله. ( 4 : 239 ).

هذا علی القول بأنّ القضاء تابع للأداء ، لقوله علیه السلام : « المیسور

ص: 283

لا یسقط بالمعسور » (1) و « ما لا یدرک کلّه لا یترک کلّه » (2) و « إذا أمرتکم بشی ء فأتوا منه ما استطعتم » (3). مع أنّ الصلاة الخالیة عنها وعن القضاء لا دلیل علی صحّتها ، بخلاف صورة القضاء ، فإنّ الإجماع والأخبار دلیل براءة الذمّة.

قوله : وبأنّ التشهّد یقضی بالنصّ. ( 4 : 239 ).

دلیله الأخبار التی ذکرت ، مضافا إلی الاستصحاب ، فإنّ شغل الذمّة الیقینی لا ینتفی إلاّ بذلک.

قوله : ویتوجّه علی الأول. ( 4 : 239 ).

قد ظهر فساد هذه الاعتراضات.

قوله : وهو منتف. ( 4 : 239 ).

مقتضی هذا أنّه لو نسی الشهادتین أو إحداهما لا یکون القضاء أیضا ، لأنّه أتی بالصلاة علی النبی وآله ، [ و ] فیه ما فیه ، [ و ] مقتضی ذلک أنّه لو نسی الکلّ أیضا لا یکون علیه قضاء إلاّ من جهة خصوص النصّ ، وقد عرفت فساده.

قوله : علی أنّ فی وجوب الأداء خلافا بین الأصحاب. ( 4 : 239 ).

لا شکّ فی فساد هذا الاعتراض ، والکلام علی القول بالوجوب ، وهو المعروف بین الأصحاب ، وإلاّ فالخلاف فی ثبوت الله وثبوت الرسالة والإمامة وغیر ذلک.

ص: 284


1- عوالی اللآلئ 4 : 58 / 205.
2- عوالی اللآلئ 4 : 58 / 207.
3- عوالی اللآلئ 4 : 58 / 206.

قوله : مع أنّه لا یقول بالتسویة بین الکلّ والجزء مطلقا. ( 4 : 239 ).

هذا أیضا فاسد ، لأنّ الفقهاء فی کلّ وقت لهم رأی مخالف للرأی الآخر ، بل لو لم یتغیّر رأی فیهم یتأمّلون فی کونه فقیها ، بل إمّا مقلّد جامد أو لیس له قریحة ، کما حقّق فی محله.

قوله : لأنّ حمله علی التشهد. ( 4 : 239 ).

قد عرفت أنّ الدلیل لیس هو القیاس بلا شکّ ، وقد عرفت أنّه لو لم یقض لم یوجد دلیل علی صحة الصلاة ، مع عدم القضاء بلا شبهة.

قوله : « قبل أن یسلّم ». ( 4 : 240 ).

یحتمل أن یکون المراد من السلام هو خصوص : السلام علیکم ، لما عرفت فی بحث التسلیم ، وأنّه ب : السلام علینا. یخرج من الصلاة البتّة ، لکن لا یخلو عن الإشکال علی القول بوجوب : السلام علیکم ، وکونه جزءا من الصلاة. ویمکن أن یکون هذا الخبر موافقا لما ورد من الأخبار الظاهرة فی عدم وجوب خصوص : السلام علیکم ، أو وجوبه خارجا عن الصلاة بالسلام علینا ، ومرّ التحقیق فی مبحث السلام (1).

قوله : من أنّ الظاهر استحباب التسلیم. ( 4 : 234 ).

هذا لا ینفعه ، لأنّه جزء الصلاة ، فلا معنی لوجوب کون السجود المقتضی قبل الخروج.

قوله : فإنّه جوّز البناء علی الأقلّ والإعادة. ( 4 : 244 ).

نسبة هذا إلی الصدوق محض توهّم ، فإنّه رحمه الله قال فی أمالیه : من

أحکام الشک

بطلان الصلاة بالشک فی الثنائیّة والثلاثیة

ص: 285


1- راجع ص 94 - 117.

دین الإمامیة بحیث یجب الإقرار أنّ من شکّ فی الأوّلتین أو فی المغرب أعاد ، ومن شکّ فی الأخیرتین بنی علی الأکثر (1). ومع ذلک قال فی الفقیه : من سهی فی الرکعتین الأوّلتین من کلّ صلاة فعلیه الإعادة ، ومن شکّ فی المغرب فعلیه الإعادة ، ومن شکّ فی الفجر فعلیه الإعادة ، وکذلک الجمعة ، ومن شکّ فی الثانیة والثالثة أو فی الثالثة والرابعة أخذ بالأکثر - إلی أن قال - : ومعنی الخبر الذی روی أنّ « الفقیه لا یعید الصلاة » إنّما هو فی الثلاث والأربع لا فی الأوّلتین (2).

انظر إلی ما فیه من التصریح والتأکید ، ثم التأکید بقوله بعد ذلک : لا فی الأوّلتین. ومجرّد ذکر الخبر المتضمّن للبناء علی الیقین (3) لا یقتضی تجویزه البناء علی الأقلّ ، لوجوه کثیرة واضحة ذکرنا فی شرحنا علی المفاتیح.

قوله : بل ربما لاح من قوله : قلت : رجل شکّ فی القراءة وقد رکع ، أنّه لو لم یرکع لم یمض. ( 4 : 249 ).

لا یخفی ما فیه ، فإنّ الظاهر أنّه شکّ فی مجموع القراءة ، ولا شکّ فی أنّ الحکم حینئذ کذلک.

علی أنّه یلزم ممّا ذکره أنّه إن شکّ قبل الانحناء للرکوع بعد تمامیة السورة أنّه هل قال فی « بسم الله » : حرف الباء أو السین أو المیم أو غیر ذلک مثل مدّ أو تشدید؟ أنّه یرجع. وفیه ما فیه ، فتأمّل.

علی أنّه رحمه الله غیر قائل بعموم المفهوم ( سیما مثل هذا المفهوم ) (4)

حکم ما لو شک فی شیء من أفعال الصلاة بعد التجاوز عن المحلّ

ص: 286


1- أمالی الصّدوق : 513.
2- الفقیه 1 : 225.
3- الفقیه 1 : 230 / 1023.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

فإنّه لا یقول بحجّیة نفسه فضلا عن عمومه.

مع أنّ قوله علیه السلام : متی شککت فی شی ء وقد خرجت منه ودخلت فی غیره فشکّک لیس بشی ء (1) ، وأمثاله ، یقتضی عدم وجوب الإعادة ، بل عدم الالتفات أصلا ، لأنّ الحمد شی ء قطعا ، والسورة غیر الحمد قطعا.

وألفاظ هذا الحدیث کسائر الأحادیث یرجع فیها إلی العرف واللغة حتی یثبت اصطلاح مغایر لهما من الشرع ، ولم یثبت ، بل ثبت عدمه ، لأنّ الأصل العدم ، وللاتفاق من الفقهاء وغیرهم علی أنّه متی لم یثبت یکون معدوما وفی حکم المعدوم البتة ، ومسلّم عند الشارح رحمه الله أیضا ، وبمجرّد أنّ راویا من الروایة قال : قلت : رجل شکّ فی القراءة وقد رکع ، لا یثبت اصطلاح من الشرع فی أنّ مقام الحمد ( لیس مغایرا ) (2) لمقام نفس الحمد ، ألا تری أنّ الرواة کانوا یسألون عن الشکّ فی الرکوع وقد أهوی إلی السجود ، والشکّ فی السجود وقد قام ، إلی غیر ذلک؟ وذلک لا یقتضی ثبوت اصطلاح فی محلّ واجبات الرکوع والسجود مثل الذکر وغیره بأنّ محلّها محلّ نفس الرکوع والسجود وغیر ذلک ، بل لیس کذلک قطعا ووفاقا ، وکذا کانوا یسألون عن الشکّ فی الرکعة ، وفی فعل نفس الصلاة وغیر ذلک ، ولا یقتضی ذلک کون أبعاض الرکعة وأبعاض نفس الصلاة محلّهما محلّ نفس الرکعة ونفس الصلاة ، بل لیس کذلک قطعا ووفاقا ، فتأمّل.

وممّا ذکر ظهر مراد المحقق ، وأنّ الحق معه ومع مشارکیه ، بل یظهر من الأخبار أنّ محل کلّ آیة غیر محل الأخری ، إلاّ أن یثبت إجماع علی

ص: 287


1- الوسائل 8 : 237 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 23 ح 1.
2- بدل ما بین القوسین فی « ا » « ب » « ج » « د » : مغایر.

الاتحاد ، ولم یثبت ، کما لا یخفی.

قوله : وقوّی الشارح وجوب العود ما لم یصر إلی حدّ السجود. ( 4 : 250 ).

الظاهر أنّ حکمه بوجوب العود مبنی علی أنّ الهوی والنهوض من الأفعال التکوینیة لا التکلیفیة الشرعیة ، ولذا حکموا علیه السلام فی الشک فی حال النهوض بالعود.

وأمّا حکمهم علیه السلام بالمضی فی الشکّ فی حال الهوی فلا یظهر منهم أنّهم علیه السلام حکموا کذلک لأنّ الهوی فعل تکلیفی وقد دخل فیه وخرج من الرکوع ، بل الظاهر خلاف ذلک ، لأنّه قال : قد رکع ، والمراد منه أنّ الهوی إلی السجود بغیر رکوع بعید وخلاف الظاهر ، کما مرّ نظیره فی تکبیرة الإحرام ، فحکموا علیه السلام بالبناء علی الظنّ والظاهر ، والفقهاء یحکمون بالبناء علی الظنّ فی کلّ فعل من أفعال الصلاة ، ومسلّم ذلک عند الشارح رحمه الله أیضا ، کما سیجی ء ، فتدبّر ، فظهر أنّ البناء علی عدم العود والحکم بالصحة لیس من جهة مغایرة محلّ الهوی لمحلّ الرکوع ، کما هو الظاهر من الشارح رحمه الله فتدبّر.

قوله (1) : وقال الشیخ فی المبسوط. ( 4 : 252 ).

فیه : أنّ المحکی فی المبسوط إنّما هو الموافقة لما ذکره ، وصرّح بذلک الحلّی فی السرائر والفاضل فی المختلف ، والشهید فی الذکری ، وغیرهم (2) ، نعم ما عزاه إلیه هنا هو الظاهر منه فی النهایة (3).

ص: 288


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- السرائر 1 : 253 ، المختلف : 137 ، الذکری : 224 ، وانظر الذخیرة : 375.
3- النهایة : 92 ، 93.

قوله : إلاّ أبا جعفر ابن بابویه. ( 4 : 252 ).

لکن قال فی أمالیه : من دین الإمامیّة أنّ من سهی فی الأولیین أعاد الصلاة ، ومن شک فی المغرب أعاد ، ومن شکّ فی الثانیة والثالثة أو فی الثالثة والرابعة فلیبن علی الأکثر فإذا سلّم أتمّ ما ظنّ أنّه نقصه (1). انتهی.

ولا یخفی أنّ ما ذکره مضمون روایة عمار (2). وفی الفقیه حکم وأفتی صریحا بذلک (3) ، وأتی بروایة عمار عقیبه بلا فصل ، فظهر أنّ المستند فی فتواه تلک الروایة ، فیظهر اعتبار تلک الروایة ، وکونها معتبرة وحجّة ، مضافا إلی ما ستعرف وظهر أیضا أنّ الصدوق رحمه الله موافق للأصحاب ، غایة ما فی الباب أنّه روی فی ذلک الباب فی آخر بحث الشکّ روایة تتضمّن البناء علی الیقین (4) ، وسیجی ء الکلام فی ذلک.

قوله : وروایة عبد الله بن أبی یعفور. ( 4 : 253 ).

فی حاشیة خالی العلاّمة المجلسی المکتوبة علی هذا الحدیث : الظاهر أنّه محمول علی التقیّة ، لأنّ العامّة رووا عن عبد الرحمن بن عوف هذا المضمون ، وعلیه عملهم (5). انتهی. وکتب علی باقی هذه الأخبار : یمکن الحمل علی التقیة ، لموافقته لمذهب أکثر العامّة ، حیث ذهبوا إلی البناء علی الأقلّ (6).

قلت : مذهب العامّة علی ما نقل فی الانتصار البناء علی الأقل

بطلان الصلاة بالشک فی الأولیین من الرباعیّة

ص: 289


1- أمالی الصدوق : 513.
2- الفقیه 1 : 225 / 992 ، الوسائل 8 : 212 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 1.
3- الفقیه 1 : 225.
4- الفقیه 1 : 231 / 1025 ، الوسائل 8 : 212 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 2.
5- انظر ملاذ الأخیار 4 : 109 ، 132.
6- انظر ملاذ الأخیار 4 : 109 ، 132.

مطلقا (1) ، والأمر بالبناء علیه شاهد آخر علی ورود هذه الأخبار علی سبیل التقیّة.

ویشهد أیضا ما ذکرناه عن أمالی الصدوق. مضافا إلی أنّ ظاهر هذه الأخبار لم یقل به أحد مطلقا. ویشهد أیضا أنّ ما ورد فی البطلان من الکثرة والشهرة بمکان ، والله یعلم.

ولم یتعرّض رحمه الله لحکم الشکّ فی المغرب لعلّه حوالة إلی حکم الشکّ فی الأولیین ، لأنّه نظیره فتوی ودلیلا ، لما ذکرناه عن الأمالی ، وادعی الشیخ رحمه الله فی الاستبصار الإجماع علی البطلان (2) ، والأخبار الدالة علیه کثیرة ، لکن فی روایة عمار الساباطی البناء علی الأکثر والاحتیاط (3) ، وهذه وإن کانت ربما تأبی عن التقیّة ، إلاّ أنّ الراوی عمار ، فالاعتماد علیه ورفع الید عمّا ذکرنا مشکل.

وبالجملة : مرجّح مستند المشهور الصحة ، وکثرة الصحاح ، وکثرة الأخبار المعتبرة ، والشهرة العظیمة ، بل الإجماع ، بل إجماع الکلّ حتی ابن بابویه ، کما عرفت ، والمخالفة للعامّة ، بل کلّ واحد یکفی وإن کان أضعف ممّا فی المقام بمراتب ، کما هو الحال فی غیر المقام ، فکیف ما فی المقام؟ وکیف إذا اجتمع؟ مع أنّ الضعیف لیس بحجّة ، فکیف إذا خالف ما ذکرناه؟ بل المسألة لیست بخلافیة کما توهّم البعض (4) ، فلا حاجة إلی ما ذکرنا.

ص: 290


1- الانتصار : 48.
2- الاستبصار 1 : 372.
3- التهذیب 2 : 182 / 728 ، الاستبصار 1 : 366 / 1397 ، الوسائل 8 : 196 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 2 ح 12.
4- انظر المنتهی 1 : 410.

قوله (1) : والاستئناف. ( 4 : 253 ).

هو خلاف ظاهر الأخبار ، بل ربما یأبی عنه بعض الأخبار الواردة فی البطلان ، فلاحظ.

قوله (2) : وتأوّلها الشیخ فی الاستبصار. ( 4 : 254 ).

ویمکن أن یقال أیضا بحمل الجزم الوارد فی الحدیث علی الظنّ ، فإنّ الجزم مقول علی أفراده بالتشکیک ، فإذا بلغ فرد من أفراده غایة الشدّة قارب الجزم ، فیصدق علیه مجازا من باب تسمیة الشی ء باسم ما قاربه.

وهذا غیر عزیز ، کما فی غسل الجمعة ، یحمل قوله علیه السلام : « غسل الجمعة واجب » (3) علی شدّة الاستحباب ، مع أنّ القاعدة المسلّمة من أنّه إذا تعذّرت الحقیقة فأقرب المجازات متعیّن أیضا یقتضی ذلک ، لأنّه مع تعذّر الحمل علی الجزم حقیقة فأقرب المجازات وهو الظنّ متعیّن ، وهو معتبر فی الواحد والثلاث والاثنین ، ویحمل فعل سجدة السهو علی الاستحباب ، لعموم [ قوله ] (4) علیه السلام فی صحیحة عبد الله بن علی الحلبی الآتیة فی مبحث سجدتی السهو : « وسلّم واسجد سجدتین بغیر رکوع ولا قراءة وتشهّد فیهما تشهّدا خفیفا » (5).

قوله : فلا ریب أنّ الاستئناف أولی وأحوط. ( 4 : 254 ).

بل هو متعیّن ، لأنّ هذه الصحیحة إذا لم تقبل التأویل تکون واردة

بطلان الصلاة إذا لم یدر کم صلّی

ص: 291


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و ».
3- عوالی اللآلئ 1 : 46 / 63 ، الوسائل 3 : 311 أبواب الأغسال المسنونة ب 6.
4- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : فعله ، والظاهر ما أثبتناه.
5- الفقیه 1 : 230 / 1019 ، التهذیب 2 : 196 / 772 ، الاستبصار 1 : 380 / 1441 ، الوسائل 80 : 224 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 4.

مورد التقیّة ، لما عرفت ، مع أنّ الکثرة والشهرة بین الأصحاب والموافقة لأخبار أخر والأوفقیة لها وأوضحیة الدلالة سیّما بسبب تعاضد بعضها ببعض ، کلّ واحد منها مرجّح آخر ، فاجتمعت مرجّحات کثیرة.

ومن مؤیّدات المرجّحات شدّة التقیّة فی زمان الکاظم علیه السلام ، وکون الراوی وزیر الخلیفة ، وبالجملة : مرجّح واحد یکفی للحکم فضلا عن اجتماع الکثرة. ومن المرجّحات قول الصدوق فی أمالیه ، وادعی غیره أیضا الإجماع فی المسألة السابقة.

قوله (1) : لانتفاء ما یدل علی التفرقة بینها وبین غیرها من الأحکام. ( 4 : 255 ).

الذی یفرّق هو عموم البلوی بها وندرة الحاجة إلی غیرها ، وعدم ثبوت الحکم فیه علی وجه محقّق ، کما لا یخفی.

قوله : فلا تنهض حجّة. ( 4 : 256 ).

الروایة منجبرة بالشهرة بل بإجماع الإمامیة ، وکون ذلک معروفا من دینهم ، وأنّه یجب الإقرار به ، کما قاله الصدوق فی أمالیه (2) ، مع أنّ تلک الروایة مرویة عن عمار من طرق متعدّدة (3). وعمار ممّن أجمعت الشیعة علی العمل بروایاته ، کما قاله الشیخ فی العدّة. (4)

ومع ذلک متأیّدة بروایة زرارة السابقة بالترتیب الذی ذکرناه.

ومتأیّدة أیضا بالروایات الواردة فی الشکّ بین الاثنتین والأربع ،

حکم الشک بین الاثنین والثلاث

ص: 292


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و ».
2- أمالی الصدوق : 513.
3- الوسائل 8 : 212 ، 213 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 1 ، 3 ، 4.
4- عدة الأصول 1 : 381.

والثلاث والأربع ، والاثنتین والثلاث والأربع ، وعمل الأصحاب بمضمونها ، وأنّ طریقة العامّة البناء علی الأقل ، والمعروف من الشیعة البناء علی الأکثر ، منضمّا مع ما ورد من أنّ من أحرز الثنتین فصلاته صحیحة ، مثل ما رواه الصدوق عن عامر بن جذاعة عن الصادق علیه السلام : « إذا سلمت الرکعتان الأولتان سلمت الصلاة » (1).

ویؤیّدها أیضا التعلیلات الواردة بأنّه إن کان نقص یکون هذه تمام الأربع (2) ، إلی غیر ذلک ، فتأمّل.

قوله : وهو مبطل. ( 4 : 256 ).

لا یخفی أنّ السؤال کان بلفظ الماضی ، حیث قال : لا یدری اثنتین صلّی أم ثلاثا ، وظاهر ذلک کون الشکّ بعد الفراغ من الرکعة المتردّدة وتمامیتها وانقضائها ، والمعصوم علیه السلام شرط الدخول فی الثالثة للحکم بالصحة تأکیدا لما سأله ، فإنّ الشکّ إذا وقع حین الدخول فی السجدة الثانیة ، خصوصا بعد تمامیة الذکر ربما یقال : لا یدری صلّی کذا وکذا فتأمل (3).

فعلی هذا یکون الشکّ بعد إکمال السجدتین ورفع الرأس عن السجدة الأخیرة ، بل لا شبهة فی ذلک ، والظاهر منها أنّ الشکّ إذا وقع بعد تمامیة الرکعة المتردّدة وانقضائها یکون بعد الدخول فی الثالثة التی لیست هی المتردّدة ، لأنّه بعد رفع الرأس عن السجدة الأخیرة لم یبق شی ء من

ص: 293


1- الفقیه 1 : 228 / 1010 ، الوسائل 8 : 188 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 1 ح 3.
2- الوسائل 8 : أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 3 ، وب 10 ح 8 ، وب 11 ح 1 ، 2 ، وب 13 ح 4.
3- لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

الرکعة السابقة أصلا ، فلا جرم یکون المکلّف داخلا فی الرکعة الآتیة.

نعم علی هذا لم یتوجّه المعصوم علیه السلام إلی صلاة الاحتیاط ، ولعله بنی علی الظهور من الخارج. وقوله : « لا شی ء علیه » لعل المراد لا إثم علیه ، ولا حاجة إلی الإعادة.

ویؤیّده تتمّة الروایة المذکورة حیث قال بعد ذلک : قلت : فإنّه لا یدری فی اثنتین هو أم أربع ، قال : « یسلّم ویقوم فیصلّی رکعتین ، ثم یسلّم ولا شی ء علیه » فتأمّل جدّا.

والثالثة فی قوله : « مضی فی الثالثة » غیر الثالثة فی قوله : « بعد دخوله فی الثالثة » بالقرینة التی أشرنا إلیها.

مضافا إلی أنّ عبارة : مضی فی کذا ، بعد سؤال : شکّ فی کذا ، لعلها ظاهرة فی الذی شکّ فیه ، یعنی أنّ الذی شکّ فیه یبنی علی أنّه کذا ویمضی ، فعلی هذا یکون المراد أنّه فی ما شکّ فیه أنّه اثنتین أو ثلاث یبنی علی الثلاث ، ویقول : هی الثالثة ویمضی ، فتأمّل.

ویمکن أن یکون المراد من : « مضی فی الثالثة » أنّه یتمّ الصلاة ولا یعید ، فلاحظ الأخبار حتی یظهر لک جواز ذلک ، فتأمّل.

والإنصاف أنّ الاستدلال بها لا یخلو عن الإشکال بل مشکل البتة ، وربما تصلح للتأیید ، فتأمّل.

قوله : فقال : « إنّما ذلک فی الثلاث والأربع ». ( 4 : 256 ).

ربما یظهر منها کون الشکّ قبل إحراز الثنتین ، لأنّه بعد الإحراز یکون الشکّ فی الثلاث والأربع ، فلا منافاة ولا إشکال ، بل یکون هذه الروایة مؤیّدة للصحة ، فتأمّل.

قوله : فی کتابه المقنع. ( 4 : 256 ).

ص: 294

لا یخفی أنّه نقل هذا المضمون فی الفقیه أیضا علی وجه یظهر منه أنّه فهم کما أشرنا فی الحاشیة السابقة من أنّ الإعادة بناء علی عدم إحرازه الثنتین وعدم إکماله السجدتین ، مع أنّک عرفت کلامه فی الأمالی ، فلاحظ الکتابین (1).

قوله : ما رواه فی الموثق. ( 4 : 256 ).

قد عرفت أنّ مثل هذه الروایة محمولة علی التقیّة لو کانت صحیحة ، وکلام الأمالی عرفت ، وفی الفقیه أیضا قال کما قال فی الأمالی ، وأفتی بالبناء علی الأکثر علی سبیل الیقین لا التخییر ، غایة ما فی الباب أنّه أتی بهذه الروایة ولا یظهر منه أنّه بنی علی أنّ المراد البناء علی الأقلّ وأنّه یفتی به أیضا ، إذ علی هذا یظهر التدافع فی کلامه ومخالفته لمذهب الإمامیة علی ما نقل ، إذ یمکن أن یکون فهم منها البناء علی الأکثر ، موافقا لما قال بعض الأصحاب أنّ البناء علی الیقین هو البناء علی الأکثر ، لأنّه لا یحصل منه الزیادة المحتملة (2) ، ومع ذلک غیر ظاهر أنّه نقلها مفتیا بها ، ولذا قال بعض الأصحاب : إنّه فی أثناء کتابه رجع عمّا قال فی أوّل کتابه (3) ، فتأمّل.

وأمّا المسائل الناصریة فلیس عندی.

نعم قال الصدوق فی الفقیه - بعد ما أورد روایة فی من شکّ بین الاثنتین والثلاث والأربع أنّه یصلّی رکعة من قیام ثم یسلّم ویصلّی رکعتین من جلوس ، ثم روی فی من شکّ فی أعداد الصلاة کلّها لا یدری واحدة أم اثنتین أم ثلاثا أم أربعا أنّه لا یفعل شیئا ویصحّ صلاته علی وجه یظهر غایة

ص: 295


1- الفقیه 1 : 225 ، الأمالی : 513.
2- انظر الوسائل 8 : 212.
3- انظر الحدائق 10 : 246.

الظهور أنّه کثر شکّه - : وروی سهل بن الیسع فی ذلک أنّه یبنی علی الیقین ویسجد سجدتی السهو ، وروی أنّه یصلّی رکعة من قیام ورکعتین وهو جالس ، ثم قال : وهذه الأخبار لیست بمختلفة ، وصاحب السهو بالخیار بأیّهما أخذ فهو مصیب ، ثم روی روایة إسحاق المذکورة (1).

ففی کلامه تشویش لا یدری ، فیحتمل أن یکون مراده حال کثیر السهو أنّه إن لم یبن علی شی ء فهو صحیح ، وکذا إن بنی علی الأقلّ ویسجد سجدتی السهو ، أو یصلّی رکعة من قیام ورکعتین من جلوس ، وهذا هو الظاهر من عبارته ، فإنّ غیر کثیر الشکّ لا یمکنه عدم تدارک شی ء والاکتفاء بما فعله أوّلا ، وهو إجماعی بل هو ضروری ، وربما یومئ إلیه قوله : وهذه الأخبار. والله یعلم.

قوله : هو غیر بعید. ( 4 : 257 ).

لا یخلو عن الإشکال ، لأنّ إحراز الثنتین الذی هو شرط للصحّة علی ما یظهر من الأخبار لا یعلم تحقّقه ولا یظنّ ، بل ربما یکون المظنون خلافه ، لوجوب رفع الرأس وکونه من تتمّة الرکوع ، فتأمّل جدّا.

والشارح لم یتوجّه إلی ما ذکره المصنف من التخییر بین الرکعة من قیام والرکعتین من جلوس ، مع أنّ الظاهر من قوله : « أتمّ ما ظننت أنّک نقصت » (2) هو الرکعة من قیام ، إلاّ أن یقال : ما ورد فی الشکّ بین الثلاث والأربع یکشف عن کون المراد أعمّ من الرکعة من قیام أو الرکعتین جلوسا ، فتأمّل ، وسیجی ء الکلام فیه فی الصورة الرابعة (3).

ص: 296


1- الفقیه 1 : 230 ، 231.
2- الفقیه 1 : 225 / 992 ، الوسائل 8 : 212 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 1.
3- یأتی فی ص : 299 - 300 ، المدارک 4 : 261 ، 262.

قوله : وقال ابن بابویه. ( 4 : 258 ).

فی نسبة هذا إلی ابن بابویه تأمّل ظهر وجهه.

قوله : وهی ضعیفة بالإرسال. ( 4 : 259 ).

إلاّ أنّها منجبرة بالشهرة والأوفقیة للعمومات الواردة من قولهم فی روایة عمار : « أتمّ ما ظننت أنّک نقصت » وظهر لک من الأمالی والفقیه أنّ مستند الإمامیة فی البناء علی الأکثر علی سبیل الکلّیة ، والقاعدة هو هذه الروایة ، ویظهر ذلک من ملاحظة کلام القدماء والمتأخّرین : ، حیث قدّموها علی الصحاح الدالة علی البناء علی الأقلّ بعنوان الکلّیة ، وفی خصوصیات المقامات فی المقام ، والشیخ فی العدّة ادعی إجماع الشیعة علی العمل بروایات عمار (1) ، والأخبار الواردة فی خصوصیات مباحث الشکّ أیضا تؤیّده.

قوله (2) : وإذا لم یدر فی ثلاث هو أو فی أربع. ( 4 : 259 ).

هذه واردة علی طریقة العامة ، فتعیّن الحمل علی التقیة بلا شبهة ، فلا وجه أصلا لما ذکره الشارح : لا یخلو من رجحان.

قوله : وهما نصّ فی المطلوب. ( 4 : 260 ).

وکذا صحیحة الحلبی التی سنذکرها عن الکافی والفقیه (3) ، مع أنّهما قالا فی أوّلهما ما قالا.

قوله : ویحتمل قویا التخییر فی هذه المسألة. ( 4 : 260 ).

حکم الشکّ بین الثلاث والأربع

حکم الشکّ بین الاثنین والأربع

ص: 297


1- عدّة الأصول 1 : 381.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
3- ستأتی فی ص : 300.

لا قوّة أصلا بل ضعیف البتّة ، لما عرفت وستعرف ، مع أنّه مخالف لما علیه کلّ الفقهاء ، ولذا جعله مجرّد احتمال من غیر نقل خلاف وقائل.

قوله : وبین ما رواه الکلینی. ( 4 : 260 ).

لا یخفی أنّه ربما یظهر من قوله : « وهو قائم » وقوله : « بفاتحة الکتاب » کون المراد من الرکعتین صلاة الاحتیاط ، إذ الرکعتان الأخیرتان کونهما من قیام من بدیهیات الدین ، ومع ذلک لا وجه لتعیین کونهما بفاتحة الکتاب ، وربما یؤیّده قوله : « لا یدخل الشکّ فی الیقین ، ولا یخلط أحدهما بالآخر » فتأمّل.

علی أنّ مقتضی الروایة فی الشکّ بین الثلاث والأربع أنّه یبنی علی الأقلّ ، وقد ثبت خلافه ، فتأمّل.

قوله : وأجاب عنها الشیخ فی کتابیه. ( 4 : 260 ).

ویمکن الحمل علی کونه قبل رفع الرأس من السجدة الأخیرة والدخول فی الثالثة ، فتأمّل.

قوله : وهو قویّ. ( 4 : 261 ).

لا قوّة فیه من حیث الاعتبار ، لو لم نقل بالضعف من الحیثیة المذکورة ، لأنّ الانضمام ( کیف یغنی ) (1) مع وقوع التشهّد والتسلیم بینهما ، وکون أحدا الرکعتین من قیام لا غیر ، والأخری رکعتین من جلوس لا غیر [ من دون ] (2) مناسبة وشباهة له بالصلاة المعهودة؟ بل الأوّل أولی وأوفق بحسب الاعتبار ، لما عرفت.

حکم الشکّ بین الاثنین والثلاث والأربع

ص: 298


1- بدل ما بین القوسین فی « و » : کیف کان کیف یبنی.
2- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : قیامه ، والأنسب ما أثبتناه.

قوله : وهی قاصرة بالإرسال. ( 4 : 261 ).

لا قصور فیها ، لأنّ مرسلات ابن أبی عمیر فی حکم المسانید عند المحققین من فقهائنا القدماء والمتأخّرین ، لما یظهر ممّا ذکر فیه بخصوصه فی الرجال ، ولکونه ممّن أجمعت العصابة ، ولقول الشیخ فی العدّة : إنّه لا یروی إلاّ عن الثقة (1) ، ولکونها فی المقام منجبرة بالشهرة ومتأیّدة بالاعتبار ، وبالنسخة الصحیحة فی صحیحة ابن الحجاج ، مع أنّ المرسلة مرویة فی الکافی أیضا فی غایة علوّ السند (2) ، وصرّح فی أوّل کتابه بأنّ جمیع ما فیه من الأخبار الیقینیة عنده ، فتأمّل.

قوله : صریحة. ( 4 : 261 ).

لکن قال فی الوافی : وربما یوجد فی بعض النسخ : « رکعتین » مکان : « رکعة » فحینئذ لا إشکال (3).

قلت : ویؤیّده قول الشهید فی الذکری (4) ، فلعل نسخته کانت کذلک ، ونسختی صحیحة غایة الصحة ، وهذه النسخة موجودة فیها أیضا ، فلا إشکال مطلقا ، فتأمّل ، جدّا.

قوله : غیر معهود. ( 4 : 261 ).

سیّما وأن یقول : قلت لأبی عبد الله علیه السلام .

قوله : کما تضمّنته الروایة. ( 4 : 261 ).

لأنّ العطف فیها بکلمة ثم المفیدة للترتیب ، ویؤیّده أیضا صحیحة

کلمة فی أنّ مراسیل ابن أبی عمیر فی حکم المسانید

ص: 299


1- عدة الأصول 1 : 386.
2- الکافی 3 : 353 / 6 ، الوسائل 8 : 223 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 13 ح 4.
3- الوافی 8 : 981.
4- الذکری : 226.

ابن الحجاج ، فتأمّل.

قوله (1) : ولم نقف علی مأخذه. ( 4 : 262 ).

قد أشرنا إلی مأخذه ، فلاحظ ، لکن المقام العمل فیه علی الروایة لا غیر ، فتأمّل.

قوله : وبما رواه الجمهور عن النبی صلی الله علیه و آله . ( 4 : 263 ).

منجبر ضعفها بعمل الأصحاب والشهرة وغیر ذلک ممّا سیذکر.

قوله : وإن وقع وهمک علی الأربع. ( 4 : 263 ).

وکذا فی کصحیح الحلبی عن الصادق علیه السلام المروی فی الکافی والفقیه : « إذا لم تدر ثنتین صلّیت أم أربعا ولم یذهب وهمک إلی شی ء فتشهّد وسلّم ثم صلّ رکعتین » الحدیث (2).

قوله : إذا لم یکن الحکم إجماعیا. ( 4 : 263 ).

إذا اتفق کلّهم فالشارح ربما یجعله حجّة ، کما مرّ فی نجاسة المنی وغیرها (3) ، مع أنّه ربما یحصل العلم بأنّه عن رئیسهم ، مع أنّ الشهرة حجّة عند الشهید (4) ، مع أنّ الظنّ القوی لا شبهة فی حصوله منها ، وهو یکفی للاعتراض ، فتأمّل.

قوله (5) : عامی ... ( 4 : 263 ).

لکن منجبر بالشهرة فتأمّل.

حکم الظن

ص: 300


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- الکافی 3 : 353 / 8 ، الفقیه 1 : 229 / 1015 ، الوسائل 8 : 219 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 11 ح 1.
3- انظر المدارک 2 : 266 ، و 5 : 315.
4- انظر الذکری : 5.
5- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

قوله : نعم یمکن الاستدلال علی اعتبار الظنّ فی الأوّلتین. ( 4 : 263 ).

الاستدلال بها یتوقّف علی عموم المفهوم ، والشارح رحمه الله لا یقول به ، وإن کان الظاهر بل المحقّق الثابت هو عمومه ، کما حقّقنا ومرّ الإشارة فی کتاب الطهارة فی مبحث المیاه (1) ، فراجع وتأمّل.

ویمکن الاستدلال بالأخبار الواردة فی رجوع کلّ واحد من المأموم والإمام إلی الآخر عند شکّه (2) ، لشمولها الأولیین أیضا ، والظاهر أنّه إجماعی أیضا. والتقیید بما إذا حصل العلم فیه ما فیه ( إذ کیف یحصل العلم بأنّه حقّ؟ وإن حصل للآخر ، مع أنّه أیضا محلّ تأمّل ، فتأمّل ) (3).

وبروایة إسحاق بن عمار عن الصادق علیه السلام : قال : « إذا ذهب وهمک إلی التمام أبدا فی کلّ صلاة فاسجد سجدتین بغیر رکوع ، أفهمت؟ » قال : نعم (4). والضعف منجبر بالشهرة ، والسجدة محمولة علی الاستحباب.

وفی الکافی عقیب کالصحیح الحلبی إلی الحدّ الذی رواه فی الفقیه : « وإن کنت لا تدری ثلاثا صلّیت أم أربعا » إلی أن قال « فإن ذهب وهمک إلی الأربع فتشهّد وسلّم ثم اسجد سجدتی السهو » انتهی.

وهو رأیه کما هو الظاهر ، فتأمّل.

وروایة أبی بصیر : قال رجل للصادق علیه السلام : إنّی رجل کثیر السهو فی الصلاة ، فقال : « فهل یسلم منه أحد؟ » إلی أن قال : « یا أبا محمد إنّ العبد

ص: 301


1- انظر ج 1 : 49 - 52.
2- الوسائل 8 : 239 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 24.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- التهذیب 2 : 183 / 730 ، الوسائل 8 : 211 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 7 ح 2.

یرفع له ثلث صلاته ونصفها وثلاثة أرباعها وأقلّ وأکثر علی قدر سهوه فیها ، لکنّه یتم له من النوافل » (1) فتأمّل.

وصحیحة ابن مسلم فی الذی یذکر أنّه لم یکبّر فی أوّل صلاته ، فقال : « إذا استیقن أنّه لم یکبّر فلیعد ، ولکن کیف یستیقن؟ » (2) وکذا ما یؤدّی معناها فی نسیان التکبیر (3).

وصحیحة الفضیل : أستتمّ قائما فلا أدری رکعت أم لا؟ قال : « بلی قد رکعت فامض ، فإنّ ذلک من الشیطان » (4) فإنّ الظاهر ظنّ حصوله ، لأنّه قال : أستتمّ قائما.

وفی الموثّق کالصحیح عن الصادق علیه السلام قال : فی من أهوی إلی السجود وشکّ فی الرکوع ، قال : « قد رکع » (5) فإنّ ظاهرها البناء علی الظاهر ، وترجیحه علی الأصل فی المقام ، کحکایة التکبیر ، فتأمّل.

ویمکن الاستدلال لابن إدریس بروایة ابن مسلم عن الصادق علیه السلام فی من لا یدری واحدة صلّی أو اثنتین ، قال : « یستقبل حتی یستیقن » (6)

ص: 302


1- الکافی 3 : 363 / 3 ، التهذیب 2 : 342 / 1416 ، الوسائل 4 : 71 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 17 ح 4.
2- التهذیب 2 : 143 / 558 ، الاستبصار 1 : 351 / 1327 ، الوسائل 6 : 13 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 2.
3- المستدرک 4 : 137 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 4.
4- التهذیب 2 : 151 / 592 ، الاستبصار 1 : 357 / 1354 ، الوسائل 6 : 317 أبواب الرکوع ب 13 ح 3.
5- التهذیب 2 : 151 / 596 ، الاستبصار 1 : 358 / 1358 ، الوسائل 6 : 318 أبواب الرکوع ب 13 ح 6.
6- الکافی 3 : 351 / 2 ، التهذیب 2 : 179 / 715 ، الاستبصار 1 : 365 / 1391 ، الوسائل 8 : 189 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 1 ح 7.

وغیرها ممّا یؤدّی مؤدّاها (1).

ویمکن الجمع بحمل الیقین علی عدم الشک ، لوقوعه فی مقابله ، ولأنّه فی الاستقبال یحصل الیقین غالبا ، ولهذا قال کذا ، فتأمّل.

نعم یومئ إلی ما ذکره وقوع الاستفصال فی الشکّ فی الثالثة والرابعة وعدم وقوعه فی الشکّ فی الأولیین بالمرّة مع کثرته.

وممّا یؤیّد المشهور أیضا ما ورد من أنّه لا یعید الصلاة فقیه ، بل یحتال لها حتی یصحّحها (2) ، وأنّ المدار فی الأعصار والأمصار کان علی الظنّ غالبا ، لعسر الیقین کما هو المشاهد ، فتأمّل.

قوله : وإذا ثبت ذلک ثبت اعتبارهما فی أفعالهما بطریق أولی. ( 4 : 264 ).

لا یخفی أنّ الامتثال العرفی لو تحقّق بالظنّ فلا یحتاج إلی هذا الاستدلال ، وإن لم یتحقّق به ، بل لا بدّ من العلم ، فإذا ثبت من الشرع الاکتفاء بالظنّ فی مجموع الفعل ثبت اکتفاؤه فی أبعاضه بطریق أولی.

وبعبارة أخری : إذا ثبت اکتفاؤه بالظنّ فی کلّ واحد من الأبعاض مع ظنّیّة باقی الأبعاض فمع علمیتها بطریق أولی.

والظاهر أنّ ذلک من باب مفهوم الموافقة ، وذلک لأنّ السید إذا قال لعبده : ایتنی بألف عدد من شی ء ، ثم قال : یکفیک ظنّک بإتیان هذا الألف ، لیحکم أهل العرف بأنّه یکفیه الظنّ بواحد من هذا الألف مع القطع بالبواقی قطعا ، بل یحکمون بأنّه یکفیه الظنّ لکلّ واحد واحد من هذا الألف البتّة ، لأنّ الألف لیس إلاّ کلّ واحد واحد منها جمیعا ، وکلّ واحد واحد منها

ص: 303


1- الوسائل 8 : 187 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 1.
2- الوسائل 8 : 247 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 29 ح 1.

جمیعا صرّح باکتفائه فیه بالظنّ فیه.

وأیضا إذا صرّح بکفایة الظنّ بتحقّق الرکعة یکون تصریحه قرینة واضحة علی أنّ المراد من الرکعة الرکعة المظنونة ، أی ما یکتفی فیه بالظنّ ، فیلزم من ذلک أن یکون أجزاء تلک الرکعة - ومنها الهیئة الترکیبیة ، إذ هی أیضا جزء منها - مظنونة بهذا المعنی ، إذ لا معنی لکون الکلّ مظنونا والجزء مقطوعا ، إلاّ أن یکون وقع فی الجزء طلب سوی مطلوبیته فی ضمن الکلّ.

فإن قلت : غایة ما ثبت ممّا ذکرت أنّ المطلوب الرکعة المظنونة فی صورة خاصّة لا مطلقا ، وهی ما إذا تعلّق الظنّ بنفس الرکعة ، وأمّا إذا تعلّق بجزئها خاصّة فلا ، بل المطلوب حینئذ الرکعة المقطوع بها ، وذلک لأنّ مقتضی ما دل علی وجوبها تحصیل الیقین بإتیانها مطلقا ، خرج منه الصورة الخاصّة المذکورة وبقی الباقی تحت الإطلاق.

قلت : قد عرفت من المفهوم الموافق الاکتفاء بالظنّ فیما إذا تعلّق بالجزء خاصّة بطریق أولی ، ولو ضایقت عن ذلک نقول : اقتضاء (1) ما دل علی الوجوب تحصیل الیقین لعله محلّ تأمّل بعد ملاحظة أمور ، وهی أنّ الشارع جوّز الاکتفاء بالظنّ مطلقا ، أی سواء أمکن تحصیل البراءة الیقینیة أم لا ، وسواء وقع الاهتمام التام فی تحصیل الیقین وتحفّظ النفس فی الضبط أم لا ، کما هو ظاهر النص والفتاوی ، وأنّ الرکعة المطلوبة تکون علی ضربین : قطعی وظنّی ، ویتخیّر المکلف بینهما مطلقا إلاّ إذا اتفق تعلّق الظنّ بجزء منها ، فتعیّن حینئذ القطعی ، ولا یخفی أنّه بعید غایة البعد ، مع أنّ تحصیل القطع غیر ممکن ، لأنّه إن أتی بالمظنون یلزم زیادة جزء فی

ص: 304


1- فی « أ » و « و » : أقصی.

الصلاة ، مع أنّ المطلوب عدم الزیادة مثل الرکوع والسجدتین وغیرهما ، ولو أبطل الصلاة واستأنف لم یکن المطلوب منه حینئذ خصوص القطعی بل یکون مخیّرا.

وأیضا جوّز الشارع الاکتفاء بالشکّ فی فعل إذا وقع الشکّ بعد الدخول فی فعل آخر ، واللازم من ذلک الاکتفاء بالظنّ بطریق أولی ، فإنّه إذا شکّ أنّه فعل یبنی علی الصحة ، قطعا ، فإذا ظنّ أنّه قد فعل فلا شکّ فی البناء علی الصحة حینئذ ، بل هو أولی وأولی ، وهذا أیضا کالسابق فی التعمیم ، بأنّه أعمّ من أن یکون تحصیل البراءة الیقینیة ممکنا.

وأیضا لا شکّ فی أنّه إذا کثر السهو یبنی علی الصحة قطعا ، فإذا کثر الظنّ بأنّه قد فعل فهو أولی بالبناء علی الصحة وأولی قطعا ، ومعلوم أنّ غالب المکلفین کثیر الظنّ ، إذ قلّما یتحقّق القطع بجمیع أجزاء الصلاة ، بل إلزام تحصیل القطع بالجمیع ربما یوجب العسر والحرج المنفیّین بالنسبة إلی الغالب.

وأیضا جوّز الشرع رجوع کل واحد من المأموم والإمام إلی الآخر مطلقا ، وقد أشرنا إلی حکمه باکتفاء الظنّ فی الرکوع ، وربما یظهر من بعض الأخبار ذلک بالنسبة إلی التکبیرة (1) أیضا.

وأیضا الروایة النبویة مطلقة تشمل الرکعات والأبعاض ، ولعل ضعفها منجبر بعمل الفقهاء ، فتأمّل ، والله یعلم.

قوله : ولا ریب أنّ اعتبار ذلک أولی وأحوط. ( 4 : 264 ).

لا یخفی أنّ المکلفین فی جمیع أفعال الصلاة وأجزائها لیسوا

ص: 305


1- الوسائل 6 : 13 أبواب تکبیرة الإحرام ب 2 ح 2.

بمتفطّنین مستحضرین ، بل فی الغالب یکونون غافلین غیر مستحضرین ، بل لا یمکنهم عادة التحفّظ والاستحضار حین الفعل بالنسبة إلی کلّ واحد واحد من الأجزاء ، فلو التفتوا إلیها یحصل لهم الشکّ بدارا ومن أوّل الأمر ، ولا یکون لهم العلم الحضوری ، نعم بعد التروّی وقلیل من التأمّل یظهر لهم حقیقة الحال أو یحصل لهم الظنّ بالحال أو یبقی شکّهم علی حاله ویستقرّ ، ولعل المتبادر من الأخبار هو هذا الشکّ أی الباقی علی حاله المستقرّ ، لا الذی عرض غفلة وبدارا ومن أوّل الأمر ، وفی الغالب یتبدّل ویتغیّر بتوجّه النفس والتفاتها وتأمّلها.

مع أنّه لو کان هذا معتبرا یلزم الحرج والعسر فی الدین ، لو لم نقل بلزوم تکلیف ما لا یطاق.

( وأیضا علی هذا ربما یلزم أن یکون کلّ المکلفین کثیری الشکّ ، وأنّه یجب علیهم العمل بمقتضی کثرة الشکّ.

وأیضا إذا کان المکلف یعلم بحسب العادة أنّ هذا الشکّ العارض بدارا یزول فی الغالب ویظهر علیه حقیقة الحال أو الظنّ به المعلوم حکمه فکیف یجی ء ویسأل المعصوم عن حکمه وعن العلاج فیه؟ مع أنّ العلاج غالبا یکون بیده ، ورفع الشکّ یحصل منه من دون حصول سکوت طویل یخرج عن الصلاة ، إذ ظاهر أنّ سؤاله من جهة تحصیل العلاج ) (1).

وأیضا إذا کان یدری أنّه بعد هذا الشکّ یظهر الحال فی الغالب فکیف یبنی علی أحکام الشکّ من إبطال الصلاة وهو حرام إلاّ فی ما لا علاج ، أو أصل العدم فیفعل؟ مع أنّه ربما کان رکنا فیبطل صلاته ، أو

ص: 306


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

غیر رکن وغیر ظاهر أنّ زیادته مع إمکان العلاج وتیسّره مغتفر ، فکیف یکون هذا احتیاطا؟ بل لعله داخل فی العامد ، بل الظاهر أنّه کذلک ، وکذا الحال فی غیرهما من الأحکام ، ولعله لما ذکرنا حکموا بالتروّی ویکون مرادهم منه القدر الذی یخرج الشکّ من الشکّ الذی یعرض بدارا وغفلة وذهولا ، فتأمّل.

قوله : لا یقتضی صیرورته جزءا من الصلاة. ( 4 : 266 ).

لا یخفی أنّ شرعیته لأنّ یکون معرضا لتمامیة الصلاة حیث قالوا : فإن کان صلّی ثلاثا أو اثنتین کانت هاتان تمام الأربع ، ولا یصیر تماما له إلاّ أن یکون جزءا فی صورة النقص ، ولذا لو ذکر النقص بعد ذلک تکون صلاته صحیحة ، کما هو ظاهر الأخبار ، بل روی فی التهذیب بسنده عن عمار قال : سألت الصادق علیه السلام عن شی ء من السهو فی الصلاة ، فقال : « ألا أعلّمک شیئا إذا فعلت ثم ذکرت أنّک أتممت أو نقصت لم یکن علیک شی ء؟ إذا سهوت فابن علی الأکثر ، فإذا سلّمت فقم وصلّ ما ظننت أنّک نقصت ، فإن کنت قد أتممت لم یکن علیک فی هذه شی ء ، وإن ذکرت أنّک کنت نقصت کان ما صلّیت تمام ما نقصت » (1) مع أنّ هذا مسلّم عند الفقهاء.

مع أنّ الأخبار متواترة فی أنّ الفریضة خمسة وأنّ الصلاة فی الیوم واللیلة خمسة ، إلی غیر ذلک ممّا یتضمّن هذا المعنی فیکون الاحتیاط إمّا جزءا أو نافلة ، کما نطقت به الأخبار ، واعتبار الانفصال بالأمور الثلاثة للضرورة ، لاحتمال أن یکون ما فعله تماما ، فیکون صلّی ما هی أربع

لزوم عدم تخلل المنافی بین الصلاة وصلاة الاحتیاط

ص: 307


1- التهذیب 2 : 349 / 1448 ، الوسائل 8 : 213 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 3.

خمسا أو ستّا أو سبعا أو ثمان.

وبالجملة : المحذور دائر بین محذورین رجّح أحدهما علی الآخر ، قال فی الوافی : لأنّه مع الفصل إذا ذکر بعد ذلک ما فعل وکانت صلاته مع الاحتیاط مشتملة علی الزیادة فلا یحتاج إلی الإعادة بخلاف ما إذا وصل (1) ، انتهی. والسید فی الانتصار علّل بعلّة أخری (2) ، فلیلاحظ. وعلی قول الصدوق (3) یجوز المحذور الآخر أیضا.

نعم یدل ذلک علی وجوب التسلیم والاضطرار إلیه أیضا ، لأنّ الخروج عن الصلاة إنّما یتحقّق به.

وأمّا الجلوس والرکعتان فلوقوع المحذور أیضا بین محذورین : عدم الموافقة إن روعی هیئة الصلاة الصحیحة المستقلّة ، ولذا روعی التکبیر والنیّة ، إذ لا صلاة إلاّ بهما وکونهما رکنا ، وأمّا کونها رکعتین وإن لم یکن مثلهما فی الرکنیة وعدم التحقّق إلاّ به ، لکنّ الأصل المقرّر فیها أن یکون کذلک.

وعدم هیئة الصلاة المستقلّة إن روعی الجزئیة ، ولذا یترک السورة والقنوت ، ویختار الإخفات والمبادرة بعد السلام وعدم فعل المنافیات عمدا فیما بین ، ویعتدّ به جزءا إن ظهر النقص ، فإمّا أن یعتبر الموافقة کما هو رأی بعض ، أو مقتضی الأصل فی الهیئة کما هو رأی بعض وورد فی الصحاح ، أو کلاهما کما هو المشهور وورد فی الخبر.

وبالجملة : کونه فی معرض الجزئیة بأن یکون جزءا لو کان ما فعله

ص: 308


1- الوافی 8 : 980.
2- الانتصار : 49.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 382 ، وانظر الفقیه 1 : 230 و 231.

ناقصا ظاهرا ، وظهور ذلک فی مراعاتها مهما أمکن غیر خفی ، وثبوت عدم المراعاة بالنسبة إلی خصوص شی ء لا یقتضی العدم مطلقا ، إذ لعله لجهة ومصلحة غیر منافیة لمطلق المراعاة أو مطلقا ، فتأمّل.

علی أنّ الصلاة عبادة توقیفیة لا یعلم صحتها أو حقیقتها إلاّ من جهة الشرع ، فلا نعلم بعد الإتیان بالمبطل قبله أنّها صحیحة أو صلاة ، وشغل الذمة بها یقینی ، وتحقّق الامتثال بمجرد ما ذکر من الأصل غیر معلوم ، إذ لم یعلم بعد حجّیته بحیث ینفع فی المقام ، فتأمّل.

وسیّما بعد ورود صحیحة ابن أبی یعفور المتأیّدة بروایة أبی بصیر المطابقة لما ذکرناه.

وحملها علی ما ذکره خلاف الظاهر ، کما لا یخفی ، إذ الظاهر الوقوع بعدها ، وأنّه بعد فی حرمة الصلاة ، وارتکاب الحرام سهوا حلال ، بل لا حرام حینئذ ، وعمدا لا ینفع سجود السهو ولا یؤمر به له ، بل نقول : لا خفاء فی أنّ سجدة السهو مقرّرة للسهو والشکّ فی الصلاة ، أعنی المعنی الشامل للشکّ. مع أنّ التحریم یکفی ، لعدم القائل به بخصوصه ، وظهور کون ذلک لحرمة الصلاة ، وظهور ذلک فی عدم الخروج بالمرّة. والاتفاق علی المبادرة مؤیّد أیضا.

وبالجملة : الامتثال یقتضی الإتیان بجمیع الأجزاء بکیفیاتها المطلوبة والعلم بالإتیان أو الظنّ المعتبر ، ومع الإخلال الإعادة تحصیلا لها إلاّ أن یأمر الشارع فی صورة الإخلال وعدم تحقّق الامتثال بعلاج ، فلا بدّ من الوقوف علی علاجه وعدم التعدّی والتصرّف ، فکیف یتأتّی الاستناد إلی الأصل والتمسّک به فی تحصیل الامتثال والخروج عن العهدة؟

اللهم إلاّ أن یکون المراد التمسّک به بعد الاستناد إلی إطلاق کلامه فی

ص: 309

بیان العلاج.

وفیه : أنّه إن أفاد إطلاقه شمولا لمحلّ النزاع فلا حاجة إلی الأصل ، وإلاّ فلا منفعة له ، لوجوب الاقتصار علی القدر الذی یفهم من الإطلاق ، وغیر خفی أنّ القلب الغافل السالم عن الشوائب لا ینساق ذهنه من مجرّد سماع هذا الإطلاق إلی صورة تخلّل الأحداث والمنافیات أیضا ، سیّما وأن یثق بشموله لها وظهوره فیها أیضا ، خصوصا بعد ملاحظة ما ذکرنا ، مضافا إلی الصحیحة وروایة أبی بصیر ، والاتفاق علی وجوب المبادرة وترک السورة والقنوت ، فتأمّل (1).

مضافا إلی ما ستعرف من دلالة الأخبار الصحیحة الکثیرة والمعتبرة الکثیرة علی وجوب الإتیان بصلاة الاحتیاط علی الفور بالتقریب الذی ستعرف.

قوله : ودلالة هذه الفاء علی الفوریة. ( 4 : 266 ).

لا یخفی أنّ المتبادر من الحدیث القیام إلی الرکعتین تلک الساعة ، فلا وجه لما ذکره من أنّه لا یلزم من ذلک بطلان الصلاة بتخلّل الحدث ، لأنّه إذا تخلّل لا یمکن المبادرة ، بل لا بدّ من الوضوء أو غیره من الطهارات ، وذلک ینافی المبادرة ، فیصیر الإتیان بهما حینئذ إتیانا بالمأمور به علی غیر وجهه ، فیکون المکلف به داخلا تحت العهدة باقیا فیها ، وهذا معنی البطلان.

نعم إن ثبت من دلیل أقوی ممّا ذکر نرفع الید عنه ، ونعمل بذلک الدلیل ، وأین هو؟ فتأمّل جدّا.

ص: 310


1- لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

والروایة صحیحة کما حقّق فی محلّه ، مع أنّها إلی حماد صحیحة ، وهو ممّن أجمعت العصابة.

علی أنّه ورد أخبار کثیرة صحیحة بهذا المضمون ، فلا وجه للاستناد إلی خصوص هذه الروایة. مع أنّ روایة عمار (1) التی هی مستند القوم فی البناء علی الأکثر مطلقا علی ما عرفت إنّما هی بهذا المضمون.

مع أنّ المحقّق فی الأصول أنّ المأمور به إذا کان مأمورا به علی سبیل الفور فبزوال الفور یفوت المأمور به ، ولم یبق مطلوب أصلا ، کالموقّت ، سیّما فی المقام ، فإنّ المکلّف لم یخرج عن عهدة الفریضة الیومیة ولم یمتثل ، لأنّه أوقع فیها خللا ، والشارع قال : علاج الخلل فعل الاحتیاط فورا ، فتأمّل جدّا.

قوله : وکونها بدلا. ( 4 : 267 ).

لا یخفی أنّ الشارح رحمه الله کثیرا ما یستدل بأنّ البدل یساوی المبدل ، لأنّه مقتضی البدلیة ، منها ما مرّ فی مباحث خطبة صلاة الجمعة (2).

ومع ذلک غیر خفی أنّ صلاة الاحتیاط لیست بدلا ، بل تفعل لأنّها معرضة للإتمام ، فإنّ الصلاة لو کانت تامّة تکون هذه نافلة ، وإلاّ تکون تتمّة الصلاة وجزءها ، لا أنّها بدل عن الجزء ، بل هی هو علی ذلک ، وکون الجزء فی بعض یفعل بعد التسلیم لا یقتضی الخروج عن الجزئیة ، کما فی تدارک أبعاض الصلاة ، فتدبّر.

قوله : ولا ینافی ذلک تبعیة الجزء فی بعض الأحکام. ( 4 : 267 ).

ص: 311


1- الوسائل 8 : 212 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 8 ح 1 ، 3 ، 4.
2- المدارک 4 : 36 ، 38.

لا خفاء فی عدم اندفاعه ، لأنّ البدلیة لو اقتضت المساواة فی کلّ حکم إلاّ أن یثبت من الخارج عدمه فلا وجه للحکم بعدم البطلان ، وإن لم یقتض فلا وجه للحکم ببقاء التخییر من جهة البدلیة.

قوله (1) : لو ثبتت التبعیة. ( 4 : 267 ).

لا یخفی أنّ ابن إدریس قائل بالتخییر من جهة البدلیة ، فالاعتراض لا یندفع أصلا وإن ثبتت من الخارج.

قوله : وهو ضعیف. ( 4 : 267 ).

لا یخفی ما فی تضعیفه ، لأنّ الخروج عنها بالنسبة إلی ما ذکر لا یقتضی الخروج محضا وکونه غیر جزء یتدارک بعد الصلاة ، بل یکون من قبیل الأجنبی مثل سجود السهو وجب الإتیان بها بعد الصلاة مثله ، فتأمّل.

قوله : علی فعل المشکوک فیه. ( 4 : 268 ).

بل یبنی علی المصحح ، إذ ربما کان الشکّ فی الزیادة ، وما علّل به أوّلا لا یقتضی انحصار السهو ، لأنّ الدلیل ربما یکون أخصّ من المدعی ، ویتمّ المدعی به وبدلیل آخر ، مع أنّ ما ذکره لیس علّة حقیقیة ، بل نکتة لعدم اعتبار الشرع ، وإلاّ فالدلیل هو الخبر ، فتأمّل.

قوله : وأکثر هذه الأحکام مطابق لمقتضی الأصل. ( 4 : 269 ).

لا یخفی أنّ السهو والشکّ خللان فی الصلاة مانعان عن تحقّق الامتثال والإتیان بالمأمور به علی وجهه ، إلاّ أن ( یثبت من الشارع عدم ضررهما ، أو ) (2) یثبت منه تدارک لهما ، وإن لم یثبت شی ء منهما فلا بدّ من

حکم السهو فی السهو

حکم الشک فی الشک

ص: 312


1- هذه التعلیقة لیست فی « د ».
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

الإعادة حتی یتحقّق المأمور به علی وجهه ، فکیف یکون أکثر هذه الأحکام مطابقا لمقتضی الأصل؟ لأنّ الغرض تصحیح الصلاة.

نعم لو کان الخلل أمرا خارجا عن حقیقة الصلاة أمکن أن یقال : الأصل صحتها وعدم ضرر من جهته بالنسبة إلی ماهیة الصلاة ، هذا علی القول بأن الصلاة اسم للأعمّ لا خصوص الصحیحة شرعا ، إذ علی التقدیر الثانی لا یمکن التمسّک بالأصل فی هذا الخلل أیضا ، فتأمّل جدّا.

قوله : لکونه سببا فیه. ( 4 : 269 ).

أی لعلاقة السببیة ، وللقرینة ، وهی کون الظاهر أنّ المراد من السهو ... والحاصل : أنّ المجاز محتاج إلی العلاقة والقرینة وکلتاهما هنا موجودة.

لا یقال : إنّ القرینة تقتضی کون المراد من السهو الشکّ لا ما یتناوله.

لأنّا نقول : إذا تعذّر الحقیقة فالحمل علی أقرب المجازات متعیّن ، والقرینة هنا لا تأبی عن المجاز العامّ ، وهو أقرب من الشکّ الذی بینه وبین السهو تباین کلّی ، فتأمّل.

والأولی أنّ السهو هو الزوال عن القوّة الذاکرة ، أعمّ من أن یجی ء بعد فی الخاطر أنّه زال عن الذاکرة أو لم یجی ء [ بل ] (1) یصیر متردّدا فی أنّ الأمر کیف صار أوّلا؟ خرج من قوله : « ولا علی الإمام سهو ولا علی من خلف الإمام » ما إذا [ وقع ] (2) منهما سهو یجب علیهما التدارک البتّة ویبقی الباقی ، أو یکون تقدیر : مع حفظ الآخر ، قرینة علی استعمال الکلّی فی الفرد فیهما خاصّة إن ثبت التقدیر ، فتأمّل جدّا.

ص: 313


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

وأمّا تقدیر الموجب فی الثانی مع کونه خلاف الأصل فلکونه أظهر فی إفادة الحکم والثمرة فی المقام ، فتأمّل.

ثم لا یخفی أنّ قول المنتهی : لا سهو فی السهو ، لیس مضمون حدیث ، إذ الوارد فی حسنة حفص : « ولا علی السهو سهو » ولا جائز أن یکون المراد نفس السهو فی الموضعین ، إذ لا معنی لأن یقال : لیس علی نفس السهو نفس السهو ، إلاّ بتقدیر حکم نفس السهو فیصیر کذبا ، ولا جائز أیضا أن یکون المراد من الأوّل نفس السهو ومن الثانی موجبه أو تدارکه أو حکمه وما یؤدّی هذا المعنی ، إذ یصیر کذبا قطعا ، فتعیّن أن یکون المراد فیهما معا الموجب والتدارک ، ولا جائز أن یکون المراد فی الأوّل الموجب وفی الثانی نفس السهو إلاّ بتأویل یرجع إلی المتقدّم.

وأمّا مرسلة یونس الآتیة فهکذا : « ولا سهو فی سهو ، ولیس فی المغرب والفجر سهو ، ولا فی الرکعتین الأولتین من کل صلاة ، ولا فی نافلة » الحدیث. هذا بعد القدر الذی نقله الشارح رحمه الله ویظهر من السیاق أنّ المراد من السهو الأوّل موجبة وتدارکه ، فیکون المراد من الثانی أیضا الموجب والتدارک موافقا لما فی الحسنة. ولا جائز أن یکون المراد فی الثانی نفس السهو ، إذ یصیر کذبا إلاّ بتأویل یرجع إلی المتقدّم.

فالحقّ ما ذکره العلاّمة لا القائل المذکور ، لأنّه لیس مفاد عبارة الحدیث ، ولا کلام ، بل مفاد عبارة أخری ، وهی أنّه : لا سهو فی السهو الکائن فی السهو ، فتأمّل.

ویظهر من مرسلة یونس ظهورا تامّا أنّ المراد من السهو هو الشکّ أو الأعمّ بالتقریب الذی ذکر ، فتأمّل ، والأحوط قصر الحکم فی الشکّ ، والله یعلم.

فی بیان المراد من قوله علیه السلام : ولا علی السهو سهو

ص: 314

ثم اعلم أنّ قوله علیه السلام : « ولا علی الإعادة إعادة » إنّما هو بالنسبة إلی کثیر السهو ، کما سیجی ء ، لأنّ الغالب أنّه یسهو فی الإعادة وأمّا غیره فقلّما یسهو فی الإعادة أیضا ، وإطلاق الأخبار محمول علی الغالب لا النادر ، وسیجی ء فی مسألة کثیر السهو ما یظهر منه أنّ من لم یکثر سهوه یعتبر سهوه ویتدارک ، للأخبار المعتبرة المعمول بها عند الفقهاء ، وربما یتحقّق الکثرة بمرّتین لهذا الخبر ، وضعفه ظاهر ، لما عرفته ، وربما حمل علی أنّ المراد عدم استحباب الإعادة ثانیا فی صورة استحباب الإعادة (1) ، وهو بعید.

قوله : وإطلاق النص. ( 4 : 270 ).

شموله لصورة عدم حصول المظنّة أصلا محلّ تأمّل ، لأنّ الغالب المتعارف حصول المظنّة ، وإطلاقات الأخبار محمولة علیه ، فلعل حال ما نحن فیه وحال غیر المأموم واحدة ، ومفهوم اللقب لیس بحجّة ، سیّما مع الورود مورد الغالب ، فتأمّل.

قوله : کذا یرجع الظانّ إلی المتیقّن. ( 4 : 270 ).

لا دلیل علی ذلک لا من جهة النص ولا من القاعدة ، بل القاعدة تقتضی کون الظانّ یرجع إلی ظنّه ، وهو الذی کلّف به ، کما تقدّم ، فکیف بالرجوع إلی غیره؟ إذ غایة ما یحصل منه الظنّ التقلیدی ، والظنّ الاجتهادی لو لم یکن أقوی من التقلیدی لم یکن أضعف ...

اللهم إلاّ أن یحصل من تقلیده ظنّ أقوی فی نظره من ظنّ نفسه ، فحینئذ یرتفع ظنّه وینحصر فی الظنّ التقلیدی ، فیکون عاملا بظنّه لا أنّه یرجع إلی المتیقن مطلقا. والوارد فی النص لیس إلاّ لفظ « السهو » ولفظ « لا

فی بیان المراد من قوله علیه السلام : ولا علی الإعادة إعادة

حکم سهو الإمام أو المأموم

ص: 315


1- انظر الذخیرة : 369.

یدری » وشمول معناهما للمظنّة فی غایة البعد ، بل لا یکاد یستقیم ، سیّما بعد ملاحظة ما ذکرنا ، فتدبّر.

قوله : فإن جمعتهما رابطة رجعا إلیها. ( 4 : 270 ).

إذا حصل الظنّ من جهة الرابطة.

قوله : لعدم الوثوق بخبرهم مع الاختلاف. ( 4 : 270 ).

لا یخفی أنّ الاختلاف مختلف ، فربما یرفع الوثوق وربما لا یرفع ، ولذا نعمل بالأخبار والأمارات والظنون مع الاختلاف فیها جلاّ أو کلاّ ، فتأمّل.

قوله : فالظاهر بطلان صلاته. ( 4 : 272 ).

لا أنّ البناء علی الوقوع رخصة ، ویدل علیه مضافا إلی ما ذکره الشارح رحمه الله أنّه یظهر من الأخبار أنّ الإتیان حینئذ إطاعة الشیطان وهی حرام البتّة ، وورد فی هذه الأخبار أیضا النهی عنها.

وممّا ذکرنا یظهر أنّه لو شکّ فی کونه کثیر الشکّ أم لا یشکل البناء علی عدمه بالإتیان ، بل الظاهر أنّ هذه الحالة غالبا تحصل لکثیر الشکّ ، وأنّ (1) الکثرة العرفیة لا تخفی علی أحد ، ولذا لو سئلوا لیقولون فی الجواب : نشکّ کثیرا ولا ندری أنّا کثیر الشک عرفا أم لا ، وربما یصرّحون بأنّ الشیطان لا یدعنا وأنّ هذه الحالة من الشیطان ، فالواجب علیهم الترک والبناء علی الوقوع والمصحّح ، وربما یقولون نحتاط ، ولا شکّ فی أنّه لیس باحتیاط بل حرام ، فتدبّر.

قوله : السالم من المعارض. ( 4 : 272 ).

حکم کثیر السهو

ص: 316


1- فی « أ » و « و » : إلاّ.

فیه نظر ظاهر ، لأنّ عموم قولهم : « إذا کثر علیک السهو. » یشمل ما ذکره کما یشمل غیره ، وکما أنّ ما ذکره له عموم فکذا غیره أیضا من دون تفاوت ، فالفرق تحکّم ، والعموم الأوّل أقوی من الثانی ، بل ربما یکون من قبیل الخاصّ والعامّ ، ولذا قدّم علیه ، بل ربما یتأمّل فی شمول الثانی للأوّل ، لکونه فردا غیر متبادر منه ، ویدل علیه التعلیلات الواردة فی الأخبار من أنّه من الشیطان یرید أن یطاع فلا تطیعوه (1) ، إلی غیر ذلک ، بل حکم فی کثرة الشکّ فی الوضوء بعدم الالتفات والمضی بهذه التعلیلات (2) ، فکیف یحکم هنا بوجوب الإتیان تمسّکا بعموم. إلی آخر ما قال؟ فتأمّل.

ثم لا یخفی أنّ مراده من السهو هنا لیس الشکّ ، لأنّ تجاوز المحلّ فی الشکّ یوجب عدم الالتفات مطلقا ، وإن لم یکن کثیر الشکّ ، فمع کثرة الشکّ بطریق أولی.

فإن کان المراد من السهو فی الأخبار الدالة علی أنّه لا سهو إذا کثر هو الشکّ - کما هو صریح المعتبر (3) والظاهر من العلاّمة أیضا (4) - فلا وجه لما ذکره من قوله : ولو کثر السهو. لأنّ الکثرة لا عبرة بها حینئذ فی السهو مطلقا ، فما دل علی حکم السهو من التدارک له وغیره یکون باقیا علی حاله من دون مانع أصلا.

وإن کان المراد من السهو فیها معناه الحقیقی وما هو أعمّ من الشکّ

ص: 317


1- الکافی 3 : 358 / 2 ، التهذیب 2 : 188 / 747 ، الاستبصار 1 : 374 / 1422 ، الوسائل 8 : 228 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 16 ح 2.
2- المدارک 1 : 257.
3- المعتبر 2 : 393.
4- المنتهی 1 : 411.

والسهو المصطلح فی کلام الفقهاء - کما هو مقتضی الأصل والظاهر ، وهو الظاهر من کلام الأکثر - فلا وجه أیضا لما ذکر من قوله : ولو کثر السهو. أیضا علی ما ذکرنا أوّلا ، فتأمّل.

قوله : وعدم الالتفات إلی الشکّ. ( 4 : 272 ).

بل ظاهرها عدم التدارک بسجود السهو أیضا ، ویؤیّده التعلیلات ، وکون الأوامر المتضمّنة لسجود السهو شاملة لما نحن فیه محلّ مناقشة ، سیّما بعد ما ذکرنا ، فتأمّل.

فالأظهر ما اختاره فی الذکری ، لا لما ذکره ، بل لما ذکرنا ، نعم ربما یصلح للتأیید.

فالأظهر ما اختاره فی الذکری ، لا لما ذکره ، بل لما ذکرنا ، نعم ربما یصلح للتأیید.

قوله : وأنکر المصنف فی المعتبر هذا القول. ( 4 : 273 ).

ونقل فی الذکری القول بتحقّقها بمرّتین من قائل مجهول (1) ، وقد أشرنا فی مسألة : لا سهو فی سهو (2).

قوله : فی ما لم یرد فیه تقدیر من الشارع. ( 4 : 273 ).

ولأنّه یظهر من الأخبار أنّه من الشیطان یرید أن یطیعه الإنسان فیجب عدم الاعتداد به ، ولا شبهة فی أنّه یظهر من الکثرة العرفیة أنّه من الشیطان وأنّهم یحکمون بذلک.

قوله : وهو کذلک. ( 4 : 274 ).

فیه تأمّل ، فإنّ الحکم بعدم الإعادة لا یستلزم الکثرة ، ولم یقل به أحد.

قوله : من شکّ فی النافلة بنی علی الأکثر. ( 4 : 274 ).

الرجوع فی کثرة السهو إلی العادة

حکم الشک فی النافلة

ص: 318


1- الذکری : 223.
2- راجع ص 313 - 315.

قال الشیخ رحمه الله فی التهذیب : النوافل عندنا لا سهو فیها ، ویبنی الإنسان إن شاء علی الأقل وإن شاء علی الأکثر ، وإن کان البناء علی الأقلّ أفضل (1).

ویظهر من هذا الإجماع علی ذلک ، وأنّ المراد من نفی السهو فی النافلة علی ما ورد فی صحیحة ابن مسلم (2) ومرسلة یونس (3) هو ما ذکره ، وقال فی المنتهی - علی ما نقل - : إنّه - یعنی ما ذکره الشیخ - قول علمائنا أجمع إلاّ ابن بابویه فإنّه جوّز البناء علی الأقلّ والإعادة (4).

قلت : لعله رحمه الله فهم من نفی السهو فی روایة یونس البطلان ، لکن قال فی أمالیه : من دین الإمامیة أن لا سهو فی النافلة ، فمن سهی فی النافلة فلیبن علی ما شاء ، وإنّما السهو فی الفریضة (5).

قوله : وأمّا جواز البناء علی الأکثر. ( 4 : 274 ).

فی الکافی : وروی أنّه « إذا سهی فی النافلة بنی علی الأقل » (6). وأمّا البناء علی الأکثر فلعموم ما دل علیه ، وللإجماع ، وما علّل به الشارح رحمه الله لیس علّة للأفضلیة بل علّة لتعیین الأقلّ لو کان بناؤها علی الاستصحاب ، وإلاّ فلا یصیر علّة أصلا ، وأمّا علّة الأفضلیة فهی التی أشرنا إلیه.

ص: 319


1- التهذیب 2 : 178.
2- الکافی 3 : 359 / 6 ، التهذیب 2 : 343 / 1422 ، الوسائل 8 : 230 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 18 ح 1.
3- الکافی 3 : 358 / 5 ، التهذیب 3 : 54 / 187 ، الوسائل 8 : 242 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 24 ذیل الحدیث 8.
4- لم نعثر علیه.
5- أمالی الصدوق : 513.
6- الکافی 3 : 359 / ذیل الحدیث 9 ، الوسائل 8 : 230 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 18 ح 2.

قوله : أنّ وجوب السجود. ( 4 : 275 ).

سنذکر عبارة أمالی الصدوق فی المسألة الآتیة ، فلاحظ.

قوله : بصحیحة سعید الأعرج. ( 4 : 276 ).

هذه الصحیحة واردة فی مقام التقیّة ، وإلاّ فقد ورد أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لم یسجد سجدة السهو قط (1) ، وللأدلّة الدالة علی عدم سهو النبی ولا إسهائه من الآیة مثل قوله تعالی ( أَفَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلاّ أَنْ یُهْدی ) (2).

وما ورد فی الآیة والأخبار من أنّه صلی الله علیه و آله والأئمّة علیه السلام هداة الخلق ومع الحق لا یفارقونه طرفة عین ، وأنّهم لیسوا بضالّین ، وما ذا بعد الحق إلاّ الضلال ، بل ورد أنّ من تمسّک بقولهم أو اقتدی بهم لن یضلّ أبدا (3).

وقال الله تعالی ( وَمَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً ) (4) و : ( مَنْ یُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِیَ لَهُ ) (5) وقال ( وَوَجَدَکَ ضَالًّا فَهَدی ) (6) و : ( وَمَنْ یُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلاً ) (7) وفسّر بما فسّر (8).

وورد الأمر بمتابعتهم ، والنهی عن المخالفة والمشاقّة (9) ، فإذا جاز أن

مواضع وجوب سجدتی السهو

ص: 320


1- التهذیب 2 : 350 / 1454 ، الوسائل 8 : 202 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 3 ح 13.
2- یونس : 35.
3- الکافی 1 : 191 والبحار 37 : 86 وج 23 : 132 و 134.
4- الکهف : 17.
5- الأعراف : 186.
6- الضحی : 7.
7- النساء : 88 ، 143.
8- انظر مجمع البیان 2 : 86 و 2 : 129.
9- الوسائل 27 : 62 أبواب صفات القاضی ب 7.

یأمر الله بما هو خلاف الواقع وخلاف الحق جاز أن یکون جمیع ما أمر الله تعالی به أو أمر رسوله صلی الله علیه و آله أو الأئمّة علیه السلام خلاف الحق وغیر مطابق للواقع ، ویکون ضلالا وخطاء ، العیاذ بالله منه.

وورد أیضا : اسلبوا منّا الربوبیّة وقولوا فینا ما شئتم من الفضائل والمحاسن (1).

وورد منهم أنّ کلّ حدیث لا یوافق القرآن فلیس منّا أو موضوع ، أو اضربوه علی الحائط (2).

وکما أنّ قوله صلی الله علیه و آله حجّة کذا فعله أیضا حجّة وإن کان فی مقام عبادة ربه قال صلی الله علیه و آله : « صلّوا کما رأیتمونی أصلّی » (3) و : « خذوا عنّی مناسککم » (4) وأمثال ذلک ، وهو إجماعی أیضا ، فأیّ فرق بین القول والفعل؟ فتدبّر.

قوله : لأمکن الجمع بین الروایتین. ( 4 : 276 ).

بل علی هذا لا معارضة أصلا ، لأنّ فعله صلی الله علیه و آله لا یدل علی الوجوب ، بل علی الأعمّ ، والمشهور أنّ متابعته مستحبة حتی یظهر الوجوب والإباحة ، فتدبّر.

قوله : کصحیحة عبد الله بن سنان. ( 4 : 276 ).

فی السند محمد بن عیسی عن یونس ، والشارح رحمه الله متأمل فی

ص: 321


1- الخصال : 614 ، البحار 25 : 274 ، 283 / 30.
2- التبیان 1 : 5 ، تفسیر الصافی 1 : 33 ، البرهان 1 : 28 ، انظر الوسائل 27 : 110 ب 9 ح 12 و 14 و 15.
3- عوالی اللآلئ 1 : 179 / 8 ، سنن البیهقی 2 : 124.
4- عوالی اللآلئ 1 : 215 / 73 ، مسند أحمد 3 : 318.

صحته (1) ، نعم فی المشهور صحیح ، وفی الواقع أیضا صحیح ، کما حقّقنا فی محلّه. وروی الکلینی أیضا فی الصحیح عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام مضمون هذه الصحیحة (2).

قوله : وصحیحة عبید الله بن علی الحلبی. ( 4 : 277 ).

فی الاستدلال بهذه الصحیحة تأمّل ظاهر.

قوله (3) : « ولا قراءة ، تتشهّد فیهما تشهّدا خفیفا ». ( 4 : 277 ).

وحکی العلاّمة فی المنتهی عن الشیخ أنّه حکم ببطلان الصلاة بالشکّ المذکور ، ووجوب الإعادة ، وعدم وجوب سجدتی السهو (4) ، وظاهر الصدوق فی الفقیه أیضا الإعادة ، وأنّ حاله حال الشکّ فی الأولتین من الرباعیة ، وحاله حال عدم وجوب سجدتی السهو له (5). وفی المختلف صرّح بأنّ الصدوق قال بعدم وجوب سجدتی السهو فی هذا الشکّ ، وحکی فیه عن المفید وجماعة آخرین عدم وجوب سجدتی السهو فیه (6) ، وظاهر المفید عدم صحة الصلاة أیضا ، لأنّه لم یتعرّض لهذا الشکّ أصلا ، بل تعرّض للشکّ بین الثلاث والأربع والاثنین والثلاث لا غیر (7) ، وإنّ کلّ من لم یتعرّض لوجوب سجدتی السهو فی هذا الشکّ تکون الصلاة باطلة أیضا عنده ، لا أنّها صحیحة ویبنی علی الأقل من دون سجدة سهو کما

ص: 322


1- انظر المدارک 6 : 96.
2- الکافی 3 : 355 / 6 ، الوسائل 8 : 224 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 3.
3- هذه التعلیقة واثنتان بعدها لیست فی « ا ».
4- المنتهی 1 : 417.
5- الفقیه 1 : 225.
6- المختلف 2 : 416 - 418.
7- المقنعة : 145.

توهم المتوهمون. والصدوق فی المقنع لیس رأیه وجوب سجدة السهو ، بل وجوب الرکعتین جالسا (1) ، کما سیذکره الشارح عن الدروس.

وبالجملة : المسألة فیها خلاف متعدّد ، ومستند القائل بالبطلان صحیحة عبید بن زرارة عن الصادق علیه السلام : إنّ ما یقال : إنّ الفقیه لا یعید الصلاة فی الشکّ إنّما هو فی الشکّ بین الثلاث والأربع (2) ، وکون الصحاح الواردة فی الصحة موافقة لمذهب العامّة وروایاتهم وقاعدتهم.

قوله : وحکی الشهید فی الدروس. ( 4 : 277 ).

وحکاه العلاّمة منه فی المختلف (3) ، وأوّل کلامه بما أوّله الدروس ، وغیر خفی عدم قبوله للتأویل المذکور ولا غیره ، فلاحظ.

قوله : واحتمل فی الذکری. ( 4 : 277 ).

وفی نکت الإرشاد حکم بالبطلان علی ما أظنّ.

قوله : لعدم الإکمال. ( 4 : 277 ).

لعل مراده أنّه لم یکمل الرکعة حتی یصدق علیه أنّه لا یدری أنّه أربعا صلّی أم خمسا ، لأنّ « صلّی » صیغة الماضی ، والرکعة اسم للمجموع عند المتشرّعة ، فعلی تقدیر ثبوت الحقیقة الشرعیة فالأمر واضح ، وعلی تقدیر عدم ثبوته حتی فی کلام الصادق علیه السلام ومن بعده فمع أنّه لا شکّ فی فساده وأنّه لا تأمّل فی ثبوتها فی کلامهم فالقرینة المانعة عن المعنی اللغوی تعیّن الشرعی ، لما مرّ مرارا ، ومسلّم عند الشارح أیضا : لفظ الرکعة الواردة

ص: 323


1- المقنع : 31.
2- التهذیب 2 : 193 / 760 ، الاستبصار 1 : 375 / 1424 ، الوسائل 8 : 215 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 9 ح 3.
3- المختلف 2 : 390.

فی الأخبار لا یراد منه إلاّ المجموع ، وإطلاق لفظ « صلّی » علی من هو بین السجدتین لعله مجاز. وکیف کان لا وثوق بإرادته. وممّا ذکرنا ظهر أنّ ما احتمله فی الذکری یکون فی موقعه ، فتأمّل.

قوله : وهو قوی متین. ( 4 : 278 ).

ما ذکره مبنی علی تحقّق الأصل وجریانه فی المقام ، ومع ذلک یشکل الحکم بوجوب سجود السهو ، إذ لا دلیل علیه ، إلاّ أن یستند إلی الإجماع المرکب إن کان.

وأمّا نظر العلاّمة رحمه الله فإلی عدم جریان الأصل هنا ، وأنّه لا دلیل علی وجوب سجود السهو لو بنی علی الأصل ، والبناء علی عدم السجود حینئذ ممّا لم یقل به أحد ، فأمّا إذا کان الشکّ بعد السجود فیدخل فی الصحاح الواردة فی أنّه یسجد للسهو ویبنی علی الصحة.

وممّا ذکر ظهر ما فی قوله : ولأنّ تجویز. والأحوط فی جمیع هذه الصور إتمام الصلاة والسجدة بعدها والإعادة ، أمّا فی الثانیة والثالثة فظهر وجهه ، وأمّا فی الرابعة فلعدم وروده فی نص ولا ظهور دخوله تحت قاعدة ثابتة من الشرع ، بل فی الأولی أیضا تکون الإعادة غیر خالیة عن الاحتیاط ، لوجود الخلاف فیها بین الأصحاب ، وإن کان المشهور هو ما ذکره ، وأمّا النصوص وإن کنت صحیحة إلاّ أنّ العامّة بناؤهم علی البناء علی الأقلّ ، والخاصّة علی الأکثر ، فتأمّل.

( مع أنّ أصل العدم لو کان جاریا فی المقام وصحیحا لما جاز هدم القیام والذکر فی الصورة الرابعة ، لکونهما صحیحین غیر زائدین ، لأنّ الأصل عدم کونهما زائدین ، والأصل صحتهما ، والفرق بین الرکن وغیره فی الأصل المذکور ظاهر الفساد ، فظهر عدم اعتباره هنا علی المشهور ، بل

ص: 324

بعضهم حکم بالهدم المذکور فی الشکّ حال الرکوع أیضا (1) ، بناء علی جواز هدمه لو ظهر کونه زائدا ، کما مرّ فی مبحثه ) (2).

قوله : تمسّکا بالإطلاق. ( 4 : 278 ).

فیه : أنّ الإطلاق لو کان شاملا لما نحن فیه فلا وجه للتصحیح بالأصل ، بل اللازم التمسّک بالإطلاق أیضا ، وإن لم یکن شاملا - کما هو الظاهر ومرّ وجهه - فلا وجه للتمسّک بالإطلاق للسجدتین ، فتأمّل جدّا.

قوله : ولم نظفر بقائله. ( 4 : 278 ).

مع أنّه أفتی به فی اللمعة ، وقال شارحه : وهو من جملة القائلین به ، وقبله الفاضل وقبلهما الصدوق (3) ، انتهی.

قوله : بالإرسال وجهالة الراوی. ( 4 : 278 ).

لا یخفی أنّ مرسلات ابن أبی عمیر فی حکم المسانید ، کما هو حقّق فی محلّه ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا یروی إلاّ عن الثقة ، نعم ربما یعارضها أخبار کثیرة وردت فی حکم الزیادة والنقیصة یظهر منها عدم الوجوب (4) ، فربما کانت الجملة الخبریة هنا فی معنی الطلب لا الأمر والوجوب.

وأمّا الاستدلال بصحیحة الحلبی فلا یمکن إلاّ أن یقول بوجوب السجود للشکّ فی الزیادة والنقیصة أیضا حتی یمکن له التمسّک بقیاس الأولویة علی تقدیر تحقّقه ، فتأمّل.

ص: 325


1- انظر الذکری : 227 ، والذخیرة : 380.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- الروضة البهیة 1 : 327.
4- الوسائل 6 : 405 ب 9 من أبواب التشهد ، وص 88 ب 28 و 29 و 30 من أبواب القراءة وص 364 ب 14 و 15 من أبواب السجود وغیر ذلک فی الأبواب المختلفة.

وقال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه لا یجب سجدتا السهو علی المصلّی إلاّ إذا قام فی حال قعود ، أو قعد فی حال قیام ، أو ترک التشهّد ، أو لم یدر زاد فی صلاته أم نقص (1).

قوله : کما ذکره فی الدروس. ( 4 : 279 ).

ویؤیّده قوله : « فتشهّد وسلّم واسجد. » فتأمّل.

قوله : « علی من لم یدر زاد فی صلاته أم نقص منها ». ( 4 : 279 ).

لکن الثابت من الروایات أعمّ ممّا ذکره المفید رحمه الله إلاّ أن یتمسّک فی نفی غیره بالإجماع ، ولم یثبت ، ( بل ثبت خلافه ، لأنّ جماعة أفتوا بمضمون هذه الصحاح ، بل ذکرنا عن أمالیه أنّه من دین الإمامیة ) (2).

قوله : وابن بابویه. ( 4 : 279 ).

قد عرفت أنّه جعله من دین الإمامیة.

قوله : وفی هذا السند کلام. ( 4 : 279 ).

قد مرّ أنّه لا یضرّ ، والثقة روی عن الثقة.

قوله : وضعفها یمنع عن العمل بها. ( 4 : 280 ).

هذه الروایة موثقة موجودة فی الفقیه والتهذیب ، ومع ذلک ادعی الشیخ الإجماع ، وهو أیضا یقوّیها ، إلاّ أنّها معارضة بصحیحة عبد الرحمن الواردة فی سهو التکلّم فی الصلاة (3) ، وروایة منهال القصاب قال : قلت

ص: 326


1- أمالی الصدوق : 513.
2- بدل ما بین القوسین فی « ا » : فتأمّل.
3- الکافی 3 : 356 / 4 ، التهذیب 2 : 191 / 755 ، الاستبصار 1 : 378 / 1433 ، الوسائل 8 : 206 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 4 ح 1.

لأبی عبد الله علیه السلام : أسهو فی الصلاة وأنا خلف الإمام ، قال : « إذا سلّم فاسجد سجدتین ولا تهب » (1) وکذا العمومات المتضمّنة للأمر بهما علی من سهی ، وهی من الکثرة بمکان ، وکذا الأخبار الکثیرة الدالة علی أنّ الإمام لیس بضامن (2) ، بل یظهر من صحیحة ابن وهب (3) أنّ حکایة الضمان من زعم العامّة ومخترعاتهم ، فیترجّح فی الظنّ ورود روایة عمار مورد التقیّة ، ونسب إلی المنتهی أیضا أنّه نسب القول بالسقوط إلی العامّة (4) ، فلیلاحظ ، وربما تشعر روایة منهال بذلک أیضا ، فتأمّل.

قوله : فإنّه متبوع فی أفعال الصلاة دون غیرها. ( 4 : 281 ).

لکن روی الشیخ فی التهذیب فی الموثق عن عمار ، عن الصادق علیه السلام : عن الرجل یدخل مع الإمام وقد صلّی الإمام رکعة أو أکثر فسهی الإمام کیف یصنع الرجل؟ قال : « إذا سلّم فسجد سجدتی السهو فلا یسجد الذی دخل معه ، وإذا قام وبنی علی صلاته وأتمّها وسلّم سجد سجدتی السهو » (5) لکن فی جملة تلک الموثقة أنّه إذا نسی من علیه سجدة السهو فذکر صلاة الفجر « لا یسجد للسهو حتی تطلع الشمس ویذهب شعاعها » ومع ذلک نسب قول الشیخ هذا إلی جمهور العامّة (6) ، وعلی أیّ تقدیر الأحوط مراعاته.

قوله : قول معظم الأصحاب. ( 4 : 281 ).

ص: 327


1- التهذیب 2 : 353 / 1464 ، الوسائل 8 : 241 أبواب الخلل الواقع ب 24 ح 6.
2- الوسائل 8 : 353 أبواب صلاة الجماعة ب 30.
3- التهذیب 3 : 277 / 813 ، الوسائل 8 : 373 ب 36 ح 6.
4- انظر الحدائق 9 : 280 ، المنتهی 1 : 412.
5- التهذیب 2 : 353 / 1466 ، الوسائل 8 : 241 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 24 ح 7.
6- انظر الحدائق 9 : 285.

قال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة أنّ سجدتی السهو بعد التسلیم فی الزیادة والنقصان (1).

قوله : إنّه قول علمائنا أجمع. ( 4 : 283 ).

لعل المراد التشهّد الخفیف ، کما ذکره المصنّف رحمه الله ودل علیه الصحیحة ، ویمکن أن یکون المراد مطلق التشهّد ، وکونه خفیفا من مستحباته ، أو أنّه یجوز الاکتفاء به علی بعد.

والأحوط الاقتصار علی الخفیف ، بل ویتعیّن ، والمراد من الخفیف : « أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمدا رسول الله » أو : « أشهد أنّ محمدا رسول الله » بلا واو أو مع الواو.

وربما قیل بأنّ زیادة « وحده لا شریک له » و « عبده ورسوله » مع الصلاة علی محمد وآله لا یخرجه عن الخفّة ، بل هو أیضا خفیف بالنسبة إلی التشهّد الطویل المشهور (2) ، وهو محتمل إلاّ أنّ الاقتصار علی ما ذکرنا أحوط مع الصلاة علی محمد وآله.

قوله : مع ورودهما فی مقام البیان. ( 4 : 283 ).

فی ورود الثانیة فی مقام البیان تأمّل ظاهر.

قوله : قولان أحوطهما الوجوب. ( 4 : 284 ).

قد مرّ الکلام فی بحث السجود للعزیمة (3) ، فلاحظ.

قوله : قال : وسمعته مرّة أخری یقول ... ( 4 : 285 ).

الصدوق فی أمالیه عند ذکر دین الإمامیة قال : ویقال فیهما - یعنی

محلّ سجدتی السهو بعد التسلیم

وجوب التشهد والتسلیم فی سجدتی السهو

ص: 328


1- أمالی الصدوق : 513.
2- انظر الحدائق 9 : 337.
3- تقدّم فی ص 92 - 93.

سجدتی السهو - : « بسم الله وبالله ، السلام علیک أیّها النبی ورحمة الله وبرکاته » (1) فتأمّل.

قوله : فظاهر. ( 4 : 285 ).

لا یخفی أنّ سجدتی السهو لأجل خلل واقع فیها ، ولا شبهة فی أنّها مع الخلل لا یکون الآتی بها آتیا بالمأمور به علی وجهه ، وقد جعل الشارع هذه السجدة تدارکا للخلل الواقع فیها ، فمع ترکها عمدا کیف یکون آتیا بالصلاة علی وجهها؟ إلاّ أن یبنی علی الأصل بأنّ الأصل عدم کون الخلل مضرّا فی حال السهو والشکّ وعلاجه شرطا فی صحة الصلاة ، وأنّ الصلاة اسم للأعمّ من الصحیحة والفاسدة ، فالمکلف آت بما کلّف به ، ولم یثبت علیه أزید منه.

وفیه تأمّل ظهر وجهه ممّا ذکر ، والتحقیق فی موضع آخر ، والشارح رحمه الله فی أکثر المواضع حکم بالبطلان أو وجوب الإعادة بنحو ما ذکر ، فتأمّل جدّا.

قوله (2) : ویستفاد من ذلک أنّه لا یخاطب بالقضاء. ( 4 : 289 ).

یجوز أن یکون مخاطبا بالقضاء وإن کان الإسلام شرطا لصحته وقبوله ، وأنّه بعد تحقّق الإسلام وفعلیته یسقط ، إذ السقوط معناه رفع ما ثبت من التکلیف والوجوب ، وثمر هذا التکلیف عقاب الکافر لو مات کافرا ، فیعاقب بترک القضاء کما یعاقب بترک الواجبات الآخر الفروعیة ،

حکم إهمال سجدتی السهو

قضاء الصلوات

موارد سقوط القضاء

ص: 329


1- أمالی الصدوق : 513.
2- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « أ ».

ومصداق قوله علیه السلام : « الإسلام یجبّ ما قبله » (1) هو هذا القضاء وما ماثله من الأمور التی کانت لازمة علیه قبل الإسلام وساقطة عنه بعده ، لا التکلیف بمثل أداء الواجبات التی تکون بعد الإسلام باقیة علی حالها غیر ساقطة عنه أصلا ، فإنّه إذا لم یسقط عنه بعد الإسلام فأین الجبّ والسقوط الذی صرّح الرسول صلی الله علیه و آله بقوله : « إنّ الإسلام یجبّ »؟ وإن لم یکن واجبا قبل الإسلام فأیّ شی ء یجبّه الإسلام؟

وتخصیصه بالواجبات من المعاملات التی لا یکون قصد القربة شرطا فیها ولا الإسلام شرطا لصحتها لتحقّق الامتثال بها حال الکفر أیضا لا وجه له ، سیّما بعد ملاحظة أنّ غالب هذه الواجبات لا تجبّ بالإسلام ، فتأمّل.

علی أنّا نقول : لا فرق بین الکافر وغیره من المخالفین للشیعة ، فما هو جوابک فهو جواب العموم ، وسنذکر حال المخالف ، فتأمّل.

قوله : وأمّا أنّه لا یجب علیهم إعادة ما فعلوه فی تلک الحال. ( 4 : 289 ).

لا یخفی أنّ المخالف کافر بالکفر المقابل للإیمان ، فإنّ أصول دیننا خمسة ، منها : الإمامة والعدل ، والمنکر لواحد منهما منکر لأصول الدین ، فلا یکون باقیا أبدا ولا قابلا للقرب إلیه تعالی کالکافر ، بل الظاهر من الأخبار أنّهم أشدّ من الکفّار وأخبث ، والموافق للأدلة والاعتبار أیضا کذلک ، وضررهم علی الدین وعلی المؤمنین أشدّ من ضرر الکفّار وأشدّ بمراتب.

وبالجملة : لا تأمّل فی عدم تأتّی التقرّب إلیه تعالی لهم ، ویظهر من

هل الکافر مخاطب بالقضاء أو لا؟

حکم قضاء ما فات عن غیر المؤمن من فرق المسلمین

ص: 330


1- مسند أحمد 4 : 199 ، الجامع الصغیر 1 : 474 / 3064.

الأخبار عدم قبول طاعاتهم وعباداتهم أصلا ، کالکفّار وأشدّ منهم ، وأنّ معرفة الإمام وکون ما فعلوه [ بهداه وتعلیمه ] (1) وإرشاده والقبول منه شرط للصحة والقبول ، کما لا یخفی علی المطّلع علی الأخبار وطریقة الشیعة فی أصول الدین ومسلّم عند الشارح ، وصرّح به فی قوله : وان کان الحق بطلان عباداتهم (2).

فعلی هذا فکیف یحکم الشارح بصحة ما فعلوه فی تلک الحال؟ فحال کفرهم لم تکن عبادتهم صحیحة ، لما عرفت ، وبعد إیمانهم ومعرفتهم وکون أعمالهم بدلالة إمامهم لم تکن هذه العبادات أیضا صحیحة ، لأنّهم کانوا یغسلون الرجل ویمسحون بالماء الجدید وغیر ذلک ممّا هو مفسد علی طریقة الحق ، فحال کفرهم کان شرط صحتها معرفة الإمام وکونها بدلالته والأخذ منه.

فإنّهم فی حال کفرهم کانوا مکلفین بالمسح مثلا وکونه ببقیة البلل کذلک ، إلی غیر ذلک مثل السجود علی الأرض وما أنبتته وغیر ذلک ، لا أنّهم کانوا (3) بالباطل والفاسد.

وبعد الإیمان لم یرد منهم الحق فی ما فعلوه حال الکفر ، بل لو فعلوا الحق حینئذ کان باطلا والباطل یصیر حقا بعد الإیمان ، فما هو جوابه فهو الجواب فی الکافر ، فتدبّر.

قوله : بأنّ سقوط القضاء عنهما عزیمة. ( 4 : 292 ).

ویمکن الفرق بأنّ الأخبار الدالة علی عدم القضاء علی المغمی علیه

حکم أکل ما یؤدی إلی الإغماء أو الحیض

ص: 331


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : بهذا وتعلّمه ، والظاهر ما أثبتناه.
2- انظر المدارک 4 : 290.
3- أی : کانوا مکلّفین ، ولعل کلمة : کانوا تصحیف کلّفوا.

یظهر منها کون الإغماء من جهة مرض بالمکلّف ، وأنّه کلّما غلب الله فهو أولی بالعذر ، فیظهر أنّ الإغماء فیها غیر هذا الإغماء ، هذا بخلاف الأخبار الدالة علی سقوط القضاء عن الحائض والنفساء ، بل ربما کانت المرأة تختار أیّاما معینة للحیض کما فی المضطربة ، فیکون ذلک حیضها ولیس علیها قضاؤه ، فتأمّل.

قوله : لا یتناول الجاهل نصا. ( 4 : 296 ).

عدم التناول للجاهل إن کان من جهة کون التکلیف بالنسبة إلیه تکلیفا بما لا یطاق أو الحرج ، ففیه : أنّه یمکن الامتثال بالتکرار المحصّل له إلی أن لا یتحقّق حرج ، مع أنّ بین قوله تعالی ( وَما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ ) (1) وبین قوله صلی الله علیه و آله : « فلیقضها کما فاتته » (2) عموما من وجه ، إلاّ أن یترجّح الأوّل بالأصل.

وإن کان ممّا دل علی معذوریة الجاهل ، ففیه : أنّ الکلام فی ما إذا علم وجوب تحصیل المعرفة ، فهو عالم بعلم إجمالی مقصّر ، فلیس هذا داخلا فیه ، وما دل علی وجوب الترتیب عامّ مثل قوله : « من فاتته. » الحدیث.

وإن بنی علی أنّه لیس من الأفراد المتبادرة لهذا المقام فلعله محلّ تأمّل.

قوله : ما رواه الشیخ فی الصحیح. ( 4 : 299 ).

ظاهر الروایة أنّه یصلّیها قبل أن تفوته خصوص المغرب ، وإلاّ صلاّها ثم صلّی الفائتة ثم صلّی العشاء. وحملها علی العشاءین لیس بأولی من حملها علی ما یحمل علیه صحیحة زرارة بأن یکون المراد فوتها من وقت الفضیلة بتفاوت مرتبة الاستحباب ، وحمل الفوت علی هذا المعنی

وجوب الترتیب فی قضاء الفوائت

حکم اجتماع الفائتة مع الحاضرة

ص: 332


1- الحج : 78.
2- عوالی اللآلئ 2 : 54 / 143 ، 3 : 107 / 150.

فی غایة القرب ، کما لا یخفی علی من تتبّع الأخبار الواردة فی بیان أوقات الفرائض وأقوال الفقهاء فیها أیضا ، خصوصا فی وقت المغرب ، وتحمل علیه صحیحة زرارة ، بل الظاهر منها عدم التفاوت ( بین الواحدة والمتعدّدة ، ولیس فی هذه الروایة إشعار بالتفاوت ) (1) ، کما أنّه لیس فی صحیحة ابن سنان ذلک الإشعار أیضا ، مضافا إلی أنّ الروایات الواردة فی هذا الباب لا إشعار فیها أصلا ، بل وظاهرة فی عدم التفاوت أصلا ، فیتعیّن الحمل الثانی ، مع احتمال التقیّة أیضا ، وصحیحة زرارة معارضة لهاتین الصحیحتین معا ، فلو کانت محمولة علی الاستحباب لم یبق وجه یعتدّ به ، بحیث یکون حجّة للتفرقة ، مع أنّ صحیحة ابن سنان متضمّنة للأمر بتقدیم الحاضرة.

قوله : وهذه الروایة مع صحتها صریحة فی المطلوب. ( 4 : 299 ).

لا یخفی أنّ الأمر عنده حقیقة فی الوجوب ، وبناء استدلالاته علیه حتی فی الحدیث السابق ، وظاهر هذه العبارة أیضا کذلک ، فعلی هذا کیف تکون صریحة فی الجواز؟ سیّما وأن یکون مرجوح الفعل راجح الترک ، کما سیشیر إلیه.

علی أنّه لو کان حقیقة فی الطلب أیضا لا تکون صریحة ، بل فی الإباحة أیضا کذلک. وبالجملة : حمل الوجوب علی المرجوح الفعل فی غایة الصعوبة ، فکیف یدّعی الصراحة فیه؟

وحمل الأمر علی کونه واقعا فی مظنة الحظر بعید جدّا فی هذه

ص: 333


1- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

الصحیحة ، مع أنّه لیس بأولی من حمل الصحیحة السابقة علیه ، لأنّ المعارض معارض لهما معا ، کما أشرنا. مع أنّه لقائل أن یقول : لیس بأولی من حمل « ثم » علی عدم الترتیب ، لوروده کثیرا فی الأخبار کذلک ، وإن کان فی هذه الروایة خلاف الظاهر.

والحاصل : أنّ الروایة تصیر مستند الصدوقین بعد ضمّ الإجماع علی عدم الوجوب مثل روایة جمیل ، وکذا صحیحة أبی بصیر المتضمّنة لما فی هذه الصحیحة ، وزاد فی آخرها : « فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدی الصلاتین فلیصلّ المغرب ویدع العشاء الآخرة حتی تطلع الشمس ویذهب شعاعها ثم لیصلّها » (1).

وبملاحظة هذه الزیادة یحصل وهن بالنسبة إلی هذه الأخبار ، ومرجوحیة بالقیاس إلی معارضها ، سیّما ومع اعتضاد المعارض بالشهرة بین القدماء ، کما هو الظاهر ، بل ربما یکون إجماعا ، کما سیذکر ، وخروج ابنی بابویه غیر مضرّ ، کما هو المذهب فی الإجماع.

مع أنّ مقتضی صحیحة ابن سنان وأبی بصیر امتداد وقت المغرب والعشاء إلی الصبح ، وهو خلاف المشهور وما یظهر من أخبار کثیرة ، فتأمّل.

لکن تؤیّد الصحیحتین مرسلة جمیل عن الصادق علیه السلام أنّه قال له : تفوت الرجل الأولی والعصر والمغرب ، وذکرها عند العشاء الآخرة ، قال : « یبدأ بالوقت الذی هو فیه ، فإنّه لا یأمن الموت ، فیکون قد ترک صلاة فریضة فی وقت قد دخلت ، ثم یقضی ما فاته ، الأولی فالأولی » (2).

ص: 334


1- التهذیب 2 : 270 / 1077 ، الاستبصار 1 : 288 / 1054 ، الوسائل 4 : 288 أبواب المواقیت ب 62 ح 3.
2- التهذیب 2 : 352 / 1462 ، الوسائل 8 : 257 أبواب قضاء الصلاة ب 2 ح 5.

وفی هذه شی ء ، والظاهر أنّها واردة فی مقام التقیّة ، کموثقة عمار فی من فاتته المغرب حتی دخل العشاء أنّه مخیّر بین فعل المغرب وتقدیمها علی العشاء وعکس ذلک (1) ، فعلی هذا تکونان مضعّفتین للصحیحتین لا أنّهما مؤیّدتان لهما ، فتدبّر.

ومرّ فی بحث أوقات الصلاة أنّ الصحیحتین المذکورتین وأمثالهما واردة مورد التقیّة (2) ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : سألته عن الرجل تفوته صلاة النهار. ( 4 : 299 ).

لعل المراد من صلاة النهار النافلة ، کما قال به بعض المحدّثین (3) ویظهر من ملاحظة الأخبار ، وفی بعض النسخ : صلاة اللیل ، مکان : صلاة النهار.

قوله : وتؤیّده الأخبار المتضمّنة. ( 4 : 299 ).

لا ربط لتأییدها لما اختاره من وجوب التقدیم إذا کانت الفائتة واحدة ، وعدمه إذا لم تکن ، کما لا یخفی ، وسیّما صحیحة ابن سنان ، لأنّ الفائتة فیها واحدة ، ففیها تأیید لبطلان ما اختاره ، إلاّ أنّ جواز النافلة لمن علیه الفائتة لا یستلزم عدم وجوب التقدیم ، ولا ینافیه أیضا ، فعلی هذا یزول الربط بین ما ذکره من المؤیّدات وبین المطلوب بالمرّة.

نعم یؤیّد بطلان من یقول بما یزید علی وجوب تقدیم الفائتة من الفوریة المنافیة للأمور المذکورة ، لکن لم یشر إلی هذا القول ولم یظهر بعد

ص: 335


1- التهذیب 2 : 271 / 1079 ، الاستبصار 1 : 288 / 1055 ، الوسائل 4 : 288 أبواب المواقیت ب 62 ح 5.
2- راجع ج 2 : 306 - 307.
3- کالفیض الکاشانی فی الوافی 8 : 1028 ، وصاحب الحدائق 6 : 266.

وجوده ، فتأمّل.

قوله : کصحیحة عبد الله بن سنان. ( 4 : 299 ).

هذه الروایة وما وافقها وإن کانت صحیحة لکنها متضمّنة لما لا یقول به أحد من الشیعة ودل علی فساده العقل والکتاب والأخبار من کون نومه من الشیطان ، لقوله : « نمتم بوادی شیطان » ومع ذلک کان ینام عیناه ولا ینام قلبه ، فیبعد ذهوله عن الصلاة التی هی من أوجب الواجبات وأقرب القربات ، بل کیف یکون یذهل؟ وروی فی الکافی إخبارا فی أنّ لرسول الله صلی الله علیه و آله خمسة أرواح منها روح القدس وأنّه لا یصیبه الحدثان ولا یلهو ولا ینام (1) ، فلاحظ.

قوله : فی صحیحة زرارة وغیرها. ( 4 : 300 ).

قال فی الذکری وروی زرارة فی الصحیح عن أبی جعفر علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : « إذا دخل وقت صلاة مکتوبة فلا صلاة نافلة حتی یبدأ بالمکتوبة » قال : فقدمت الکوفة فأخبرت الحکم بن عتیبة وأصحابه فقبلوه منّی ، فلمّا کان فی القابل لقیت الباقر علیه السلام فحدّثنی : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله عرّس فی بعض أسفاره وقال : من یکلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتی طلعت الشمس ، فقال : یا بلال ما أرقدک؟ فقال : أخذ بنفسی ما أخذ أنفاسکم ، فقال : قوموا فتحوّلوا عن مکانکم الذی أخذتکم فیه الغفلة ، فقال : یا بلال أذّن ، فأذّن فصلّی رسول الله صلی الله علیه و آله رکعتی الفجر ، ثم قام فصلّی بهم الصبح ، ثم قال : من نسی شیئا من الصلاة فلیصلّها إذا ذکرها فإنّ الله عزّ وجلّ یقول ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِکْرِی ) (2) » قال

ص: 336


1- الکافی 1 : 271.
2- طه : 14.

زرارة : فحملت الحدیث إلی الحکم وأصحابه فقال : نقضت حدیثک الأوّل ، فقدمت إلی أبی جعفر علیه السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : « یا زرارة إلا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان جمیعا ، وأنّ ذلک کان قضاء من رسول الله صلی الله علیه و آله » (1).

ویظهر منها فوائد کثیرة ، والتی تناسب المقام أنّ المراد من الوقت فی أخبار المنع وقت الأداء ، ولا مانع بالنسبة إلی القضاء ، فیقرب هذا کون التضیّق فی الفوائت علی الاستحباب ، لا لما ذکره ، لأنّ النافلة من متعلّقات الفریضة إذ الفور والتضیّق عرفی ، ولذا لا یقتضی ذلک الاقتصار علی الواجبات فی الصلاة ، والاستعجال عند أدائها مهما أمکن ، بل وترک مثل السورة ممّا یترک عند الاستعجال الضروری مثله. نعم هذه حجّة علی من منع من النافلة حینئذ ، ومؤیّد بالنسبة إلی غیر المانع ، کما ذکره.

بل لأنّه ورد فی صحیحة زرارة الواردة فی تضیّق الفائتة أنّه علیه السلام قال : « ولا یتطوّع برکعة حتی یقضی الفریضة کلّها » (2) إذ ربما یظهر من السیاق أنّ الأمر بتقدیمها علی الحاضرة أیضا لا یکون علی الوجوب ، بل علی الاستحباب ، ولا ینافیها فعله صلی الله علیه و آله ، لأنّ الظاهر أنّه علیه السلام منع من التطوّع لأجل أن یشتغل بالفریضة ، فحیث یکون الراجح تأخیرها أو الجائز فلا مانع ، فالخبر صریح فی الجواز وظاهر فی الرجحان.

ویظهر من هذه الجهة أیضا وهن فی ما دل علی التضییق ویکون حجّة علی الحلبی ومن قال بمقالته إلاّ أن یستثنوا ذلک ، فیکون حینئذ مؤیّدا

ص: 337


1- الذکری : 134 ، الوسائل 4 : 285 أبواب المواقیت ب 61 ح 6.
2- الکافی 3 : 292 / 3 ، التهذیب 2 : 266 / 1059 ، الاستبصار 1 : 286 / 1046 ، الوسائل 4 : 284 أبواب المواقیت ب 61 ح 3.

للاستحباب ، کما ذکره الشارح فی النافلة والأذان والإقامة ، والظاهر من الروایة أنّ النافلة لا مانع منها بالنسبة إلی من علیه فائتة ، لا أنّ صورة الجماعة مستثناة ، فتدبّر.

قوله : والمراد بها الفائتة. ( 4 : 300 ).

لا یخفی أنّ الأخبار الصحیحة الدالة علی ذلک کثیرة ، منها : صحیحة زرارة عن الباقر علیه السلام حیث قال فیها : « یقضیها إذا ذکرها فی أیّ ساعة ذکرها ، فإذا دخل وقت الصلاة ولم یتمّ ما قد فاته فلیقض ما لم یتخوّف أن یذهب وقت هذه الصلاة التی حضرت ، وهذه أحقّ بوقتها فلیصلّها ، فإذا قضاها فلیصلّ ما فاته ، ولا یتطوّع برکعة حتی یقضی الفریضة کلّها » ولا یخفی ما فیها من التأکید.

ومضمون صحیحة زرارة الأوّلة التی ذکرها أنّه صلی الله علیه و آله قال : « إذا فاتتک صلاة فذکرتها فی وقت أخری فإن کنت تعلم أنّک إذا صلّیت التی فاتتک کنت من الأخری فی وقت فابدأ بالتی فاتتک ، فإنّ الله تعالی یقول ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِکْرِی ) ».

وفی کالصحیح عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله عن الصادق علیه السلام عن رجل نسی صلاة حتی دخل فی وقت اخری ، قال : « یصلّی حین یذکرها ، وإن ذکرها وهو فی صلاة بدأ بالتی نسی ، وإن ذکرها مع الإمام فی صلاة المغرب أتمّها برکعة ثم صلّی المغرب » الحدیث (1).

ومنها : صحیحة صفوان التی ذکرها ، فإنّها تدل علی تقدیم الفائتة من غیر تقیید بالوحدة علی حسب ما أشرنا ، فتأمّل.

ص: 338


1- الکافی 3 : 293 / 5 ، التهذیب 2 : 269 / 1071 ، الوسائل 4 : 291 أبواب المواقیت ب 63 ح 2.

ومنها : ما رواه أبو بصیر فی القوی (1).

قوله : ثمّ صلّ المغرب. ( 4 : 300 ).

الظاهر أنّه وقت الفضیلة.

قوله : فبالمنع منه فی موضع النزاع. ( 4 : 301 ).

لیس فی موضعه ، لأنّ اتفاق الکلّ لیس شرطا فی إجماعنا ولا إجماع المشهور من العامّة ، کما مرّ مرارا.

قوله : وإعمال الدلیلین أولی من إطراح أحدهما. ( 4 : 302 ).

لا یخفی أنّ ما هو حجّة فی الأخبار إنّما هو الحقائق والظواهر ، وأمّا خلاف الظاهر فلم یثبت بعد حجّیته ، بل الثابت خلافه ، سیّما وأن یکون فی شدّة المخالفة للظاهر ، فإنّ إطلاق الأمر الذی هو حقیقة فی الوجوب وإرادة استحباب الترک من أین إلی أین؟ فلیس ما ذکره إعمالا للحجّتین بل طرحا لهما وتخریبا إیّاهما ما ، سیّما المتضمّن للأمر بتقدیم الحاضرة ، فتأمّل.

فإن قلت : کثیر من الأحکام الفقهیة یثبت من الجمع بین الأدلّة.

قلت : ما هو من قبیل المقام فالکلام فیه الکلام ، وما یتفاوت فلا کلام ، إمّا لعدم ورود هذه المفسدة فیه ، أو ارتفاعها بسبب یستند إلیه المجتهد.

مع أنّه لو کان ما ذکره إعمالا للدلیلین فمثل هذه الإعمال غیر منحصر فی ما ذکره ، لما أشرنا إلیه ، بل کما یمکن الجمع بما ذکره یمکن أیضا بحمل روایة ابن سنان علی الاستحباب ، کما ذهب إلیه ابنا بابویه ومن

ص: 339


1- الکافی 3 : 292 / 2 ، التهذیب 2 : 268 / 1069 ، الوسائل 4 : 290 أبواب المواقیت ب 62 ح 8.

تبعهما.

علی أنّا أشرنا إلی أنّ هذه الروایة وما وافقها واردة مورد التقیّة ، فالطرح معیّن ، فتأمّل.

قوله (1) : وردّه المصنّف فی المعتبر. ( 4 : 303 ).

لا یخفی عدم البعد بالنسبة إلی المحامل المسلّمة عنده من باب مجاز المشارفة ، وهی شائعة ذائعة. مع أنّه أولی من حمل الأمر علی أولویة الترک کما مرّ ، فکیف یقول الشارح : وهو کذلک؟ فتأمّل.

قوله : لدخول الواجب فی أحدها یقینا. ( 4 : 306 ).

هذا فاسد یقینا ، بل لو لم ترد الروایة المنجبرة بالشهرة لم یتحقّق ظنّ بالدخول فضلا عن الیقین ، بل ولا شکّ ، بل الظاهر عدم الدخول بعد اعتبار التعیین (2) فی النیة ووجوب الجهر والإخفات ، إذ علی التقدیرین یتوجّه حجّة القائل بالخمس ، نعم الروایة حجّة فی ذلک.

قوله : کما بیّناه. ( 4 : 306 ).

ما بیّن ، بل ادعی الیقین من غیر دلیل.

قوله : الدالة علی استحباب. ( 4 : 306 ).

فی دلالتها علیه تأمّل ، فتأمّل.

قوله : ولأنّ الظاهر من حال المسلم أنّه لا یترک الصلاة. ( 4 : 307 ).

الظاهر عدم ترک المتقیّدین المعتنین بشأن الدین صلاتهم من غیر عذر ، بل ربما یحصل العلم ، أمّا غیر هم أو هم مع عذر یرفع الاختیار فلا.

حکم مع فاتته فریضة غیر معیّنة من الخمس

ص: 340


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ ».
2- فی « ج » و « د » : الیقین.

مع أنّ الظهور عبارة أخری للرجحان والظنّ ، فإذا حصل لمکلّف ذلک بملاحظة حاله کما ذکرت یحصل له الظنّ بالوفاء ، فتأمّل.

وأمّا الأصل والحسنة فإنّما یتمّان فی ما إذا لم یحصل یقین أصلا ، کمن رأی فی ثوبه الخاصّ منیّا وعلم قدرا خاصّا من صلاته کانت مع الاحتلام ، وأمّا إذا حصل له الیقین أوّلا فأوّلا أو فی زمان ثم طرأ الشکّ فی مقدار ما حصل فلا ، لأنّ الذمّة اشتغلت به قبل یقینا ، وشغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة ، ولا أقلّ من الظنیّة.

إلاّ أن یضمّ إلی هذا الأصل أصل عدم التحقّق سابقا ، إلاّ أنّ فی حجّیة مثل هذا الأصل فی مثل هذا المقام لا بدّ من تأمّل ، مع أنّه معارض بأصالة عدم تحقّق الصلاة ، مع أنّ الصلاة بأجزائها وشرائطها حوادث کثیرة ، فتأمّل.

قوله (1) : والاکتفاء فی ما قبله بغلبة الظنّ. ( 4 : 308 ).

لا یخفی أنّ عدم معلومیة تعیّن الفائتة - کما مرّ فی المسألة الأولی من أنّه لا بدّ من العلم ولا یکفی الظنّ ، ولذا یصلّی صبحا ومغربا وأربعا متردّدة بین الظهرین والعشاء علی تقدیر العمل بروایة ابن أسباط ، أو خمسا علی تقدیر عدم العمل - بخلاف عدم معلومیة العدد ، فإنّهم یکتفون بالظنّ ، وإنّ ذلک مقطوع به بین الأصحاب ، فهو إجماعی ، أو له مستند یقینی الثبوت ، أو یقینی العمل ، فتأمّل.

قوله : من قید الاستحلال. ( 4 : 308 ).

بل ورد فی الأخبار علّة الحکم بکفره بمجرّد الترک (2) ، وهی أنّه لیس من جهة غلبة الشهوة أصلا ، بل من جهة عدم اعتناء بالدین ، لأنّها من أشدّ

قتل تارک الصلاة مستحلاً

ص: 341


1- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « ا ».
2- الوسائل 4 : 41 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 11.

الواجبات والفرائض وأظهرها فرضا ، ولا داعی للترک من طرف شهوة النفس أصلا ، بل البناء علی عدم المبالاة ، فتأمّل. إلاّ أنّ الاستعمال أعمّ من الحقیقة ، کما صرّح به مرارا (1).

قوله (2) : مستحلّ ترکه. ( 4 : 308 ).

إلاّ أنّه إذا کان ضروری المذهب یکون مستحلّه خارجا عن المذهب.

قوله (3) : ویندرج فی الفرائض : الیومیة. ( 4 : 310 ).

لیس فی عبارة المنتهی التأکید بلفظ « کلّها » ولا التصریح بالاندارج المذکور ، والحکم بالاندراج من الشارح من جهة ظهور لفظ الفرائض.

وعلی هذا ففی قوله : وفی استفادة هذا التعمیم. لعلّه نظر ، لظهور هذا القدر من العموم من الأخبار أیضا ، مثل صحیحة زرارة والفضیل ، قالا : قلنا له : الصلاة فی جماعة فریضة هی؟ قال : « الصلاة فریضة ، ولیس الاجتماع بمفروض فی الصلوات کلّها ، ولکنّها سنّة ، من ترکها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنین من غیر علّة فلا صلاة له » (4) فلیتأمّل.

مع أنّه ربما کان عبارة بعض الأخبار أوهن ممّا ذکر ، مثل عبارة الصدوق فی أمالیه وغیره (5).

وکیف کان الأحوط الإتیان بصلاة الاحتیاط مع رکعتی الطواف من غیر جماعة ، لأنّ الرسول صلی الله علیه و آله لو کان صلّی رکعتی الطواف جماعة لاشتهر

صلاة الجماعة

مواضع استحباب الجماعة وتأکدها

ص: 342


1- انظر المدارک 1 : 63 ، 64 ، 4 : 171.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- الکافی 3 : 372 / 6 ، التهذیب 3 : 24 / 83 ، الوسائل 8 : 285 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2.
5- أمالی الصدوق : 513 ، وانظر الفقیه 1 : 245.

اشتهار الشمس ، وکذلک غیره من الأئمّة علیه السلام ، ولکان یصل إلینا من ذلک خبر بمقتضی العادة ، وترک الرسول والأئمّة الجماعة فیها مع استحبابه وشدّة رغبة الناس فی الصلاة جماعة معهم فیه ما فیه.

وأمّا صلاة الاحتیاط فلما مرّ من دورانها بین أن تکون نافلة برأسها أو تتمّة فریضة کما مرّ ، ولذا جعلت خارجة عن الصلاة ، وجعل البناء فی الشکّ علی الأکثر ، وسیجی ء المنع من الجماعة فی النافلة ، فتأمّل.

قوله : بالنهی الأکید عن ترکها. ( 4 : 311 ).

النهی حقیقة فی الحرمة ، سیّما وأن یکون أکیدا ، ولم یتعرّض الشارح رحمه الله للتوجیه والحمل ، وسببه الاکتفاء بما سیذکره فی قول المصنف : ولا یجب إلاّ فی الجمعة. ، فالظاهر منه أنّه حمله علی شدّة الکراهة.

ویمکن الحمل علی التقیّة ، لما سیذکره من کون القول بالحرمة من خواصّ العامّة ، بل المشهور منهم ذلک ، والخاصّة متفقون علی خلافه ، بل إجماعی ذلک ، وظاهر من أخبار کثیرة ، منها ما مرّ وسیأتی ، ومنها أخبار أخر لم یذکر هنا ، مثل ما روی أنّ رجلا سأل المعصوم علیه السلام : أصلّی وحدی أفضل أو أصلّی بقوم جماعة؟ فقال : « صلّ جماعة » (1) فإنّ الظاهر منه أنّها أفضل ، وغیر ذلک من الأخبار.

ویمکن حمل النهی علی ما إذا ترک الجماعة رغبة عنها ، کما یشیر إلیه صحیحة ابن أبی یعفور ، وصحیحة زرارة والفضیل (2) ، وصحیحة

ص: 343


1- لم نعثر علی هذا النص.
2- الکافی 3 : 372 / 6 ، التهذیب 3 : 24 / 83 ، الوسائل 8 : 285 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2.

عبد الله بن سنان ، بل فیها ما یشیر إلی أنّ الذمّ بالقیاس إلی من فیه خلّة النفاق وترکه لذلک ، فتأمّل.

( ویؤیّد هذا التوجیه أنّ قوله : « لا صلاة » ظاهر فی نفی جمیع ما یصدر من المکلف من صلاة ، لا خصوص التی ترک الجماعة فیها ، وهذا کما یؤیّد الأخیر یؤیّد الأوّل أیضا ، فتأمّل ) (1).

قوله : وضعف سند الثانیة. ( 4 : 315 ).

إلاّ أنّها منجبرة بالشهرة لو لم نقل بالإجماع. ( وفی کتاب الخصال فی باب شرائع الدین عن الأعمش عن الصادق علیه السلام ، وهی أحکام کثیرة کلّها علی وفق الصواب ، وفیها : « ولا تصلّ التطوّع فی جماعة ، لأنّ ذلک بدعة ، وکلّ بدعة ضلالة ، وکلّ ضلالة فی النار » (2) (3).

قوله : « صلّ بأهلک ». ( 4 : 315 ).

الظاهر أنّها محمولة علی التقیّة ، وأمّا صحیحة هشام وما وافقها فسیجی ء الکلام فیهما ، مع أنّهما دالتان علی الجواز فی النافلة فی الجملة ، ولا کلام فیه ، فتأمّل. مع أنّه علی فرض الدلالة علی العموم تکونان محمولتین علی التقیّة ، فتأمّل.

قوله : ومن هنا یظهر أنّ ما ذهب إلیه بعض الأصحاب. ( 4 : 316 ).

لا یخفی أنّ ما ذهب إلیه إنّما ذهب إلیه من جهة الروایة ، لا ممّا ذکره ، وإلاّ کان یحکم بالاستحباب فی کلّ نافلة لا خصوص صلاة الغدیر ،

عدم جواز الجماعة فی النافلة

استحباب الجماعة فی خصوص صلاة الغدیر

ص: 344


1- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و ».
2- الخصال : 603 / 9 ، الوسائل 8 : 335 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 5.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

ولم یذهب أحد من فقهاء الشیعة إلی الجواز فی النافلة مطلقا ، فتأمّل.

قوله : « إلاّ من کان حیال الباب ». ( 4 : 317 ).

قال الفاضل المحقق مولانا مراد رحمه الله إنّ هذا الاستثناء منقطع (1).

قلت : یمکن أن یکون متصلا ، لأنّ المعصوم علیه السلام حکم ببطلان صلاة الصفّ الذی بینه وبین السابق سترة ، سواء کان السابق هو الإمام أو الصفّ ، واستثنی من ذلک صلاة بعض ذلک الصفّ ، إذ لو لم یستثن لکان صلاة هذا البعض أیضا باطلا ، لکونه من الصفّ الذی له سترة ، إذ لا مانع من بطلان صلاة الصفّ بأجمعهم بسبب الستر فی الجملة ، لأنّ العبرة بالصفّ لا آحاده ، کما سیجی ء ، فتأمّل.

قوله : کما یدل علیه ذکر حکم الحائل. ( 4 : 318 ).

لم أجد فیه دلالة ، لجواز أن یکون [ المراد ] (2) منه الساتر وحکایة الستر ، لا عدم التخطّی إلی الإمام ، فالأولی أن یقول : یدل علیه قوله فی آخر الروایة : « لا یکون بین الصفّین ما لا یتخطّی ، یکون قدر ذلک مسقط جسد الإنسان ».

وأیضا ظاهر قوله علیه السلام : « بینهم وبین الذی یتقدّمهم قدر ما لا یتخطّی » هو التباعد.

قوله : وشاهد بعض المأمومین صحت صلاته. ( 4 : 318 ).

لم نجد فی الأخبار ذکر المشاهدة للإمام وکونها لازمة حتی یذکر الشارح ما ذکره ، بل الوارد فی هذه الصحیحة أن لا یکون بین الإمام وبین المأمومین سترة أو جدار ، ولا یخفی أنّ المتبادر منهما غیر صفّ المأموم ،

اشتراط عدم الحائل بین الإمام والمأموم وبین الصفوف

ص: 345


1- لاحظ تعلیقة من لا یحضره الفقیه 1 : 386 من طبعة جامعة المدرسین.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

والأساطین أیضا لیست داخلة فیهما بالنص والوفاق ، وفی هذه الصحیحة دلالة علی خروج الصفوف أیضا ، وإن قلنا بأنّها لیست فردا متبادرا منهما حیث قال علیه السلام : « وأیّ صفّ کان أهله. » وفی آخر الخبر أیضا : « ینبغی أن تکون الصفوف تامّة متواصلة بعضها ببعض » الحدیث ، فلا حاجة إلی ما ذکره الشارح رحمه الله بقوله : وهو معلوم البطلان.

وإن کان مراده إثبات حکم زائد علی ما ذکرنا ، وهو صحة صلاة من علی یمین الباب ویساره ، ویجعل الحصر فی قوله علیه السلام : « إلاّ من کان حیال الباب » إضافیا - کما سیصرّح - فدون ثبوته خرط القتاد ، إذ دعوی العلم لم یظهر وجهه أصلا ، لعدم نص ولا إجماع حتی یرفع الید عن المعنی الحقیقی للحدیث والمفاد الظاهر منه إلی المجازی وخلاف الظاهر ، فإنّ الصفوف التی بعد من هو بحیال الباب إنّما تصح صلاة من هو بحیال الباب ومحاذیها منهم لا غیرهم ممّن هو علی الیمین والیسار ، ولم نر إجماعا ولم ینقل إلینا إجماع منقول بالآحاد ، ولم نر حدیثا صحیحا ولا ضعیفا یدل علی صحة صلاتهم ، سیّما وأن یکون أقوی من هذه الصحیحة حتی یرفع الید عن مدلولها بسببه.

قوله : لأنّهم یرون من یری الإمام. ( 4 : 318 ).

قد عرفت الکلام فی حکایة الرؤیة والمشاهدة ، وأنّه لا أصل لها أصلا ، فکیف تجعل علّة؟

ومع ذلک إن أراد المشاهدة بدون إدارة الوجه کما یکون الوجه إلی القبلة فغیر خفی عدم تحقّق المشاهدة بالنسبة إلی من علی یمینه وشماله.

وإن أراد بإدارة الوجه أو بطرف العین فی الجملة فقد یتحقّق بالنسبة إلی الصف الواقف بین یدیهم فی الجملة ، فتأمّل.

ص: 346

إلاّ أن یرید الذین لا یشاهدون أصلا من فی المسجد.

وفیه : أنّ ذلک لا یصیر إلاّ بحائل یمنع مشاهدة الصفّ المتأخّر ، فلا یختصّ بالصفّ المتقدّم ، فتأمّل.

إلاّ أن یرید بالمشاهدة کما یکون الوجه إلی القبلة ، وبمن علی الیمین والیسار خصوص الذی یری الإمام لا غیره.

وفیه : أنّ الظاهر من قوله : « من کان حیال الباب » من یری الإمام من الباب ، فلا حاجة إلی ذکر من هو علی الیمین والیسار ، لأنّه داخل فی من یری الإمام ومن هو بحیال الإمام ، فتأمّل.

وممّا ذکرنا فی الحاشیة السابقة وهنا ظهر أنّ ما تداول فی البلاد من الحکم بصحة صلاة من علی یمین الباب ویساره وإن کان صفّا لا یرون الإمام وکذا صلاة من خلفهم بمجرّد تقلید ظاهر عبارة الشارح أو غیره مشکل ، بل فی غایة الإشکال. ووافقنا علی ما ذکرنا صاحب الذخیرة (1) وغیره من المحققین ، ومنهم المصنف رحمه الله (2) ، وسیجی ء تصریحه بذلک ، فتأمّل جدّا.

وعبارات الأصحاب التی وقفت علیها کلّها متفقة فی بطلان صلاة من علی یمین الباب ویسارها من الصفّ الأوّل دون من حاذی الباب من ذلک الصف ، لا أنّ صلاة من علی الیمین والشمال أیضا صحیحة ، وأنّ الباطل هو صلاة من وقف بین یدی الصفّ الأوّل عن یمین الباب ویسارها ، کما ذکره الشارح رحمه الله ، فما ذکره خلاف ما علیه الأصحاب أیضا ، فلاحظ عباراتهم ، فإنّها مثل عبارة المصنف الآتیة ، وهی أنّ الإمام إن صلّی فی

ص: 347


1- الذخیرة : 394 ، والکفایة : 31.
2- انظر الشرائع 1 : 126 ، والمعتبر 2 : 418 ، 445.

محراب داخل فصلاة من یقابله صحیحة دون من إلی جانبیه إذا لم یشاهدوه ، وتجوز صلاة الصفوف الذین وراء الصفّ الأوّل ، لأنّهم یشاهدون من یشاهد الإمام (1). ومثلها عبارة التحریر (2).

وفی القواعد : لو صلّی الإمام فی محراب داخل صحت صلاة من یشاهده من الصفّ الأوّل خاصّة وصلاة الصفوف الباقیة أجمع ، لأنّهم یشاهدون من یشاهده (3). إلی غیر ذلک من عباراتهم.

فظهر منها أنّ مرادهم من مشاهدة من یشاهد الإمام هو المشاهدة بطریق المواجهة علی طریق مشاهدة أهل الصفّ الأوّل للإمام إذا کان خارجا عن صفّهم وواقفا قدّامهم ، وظاهر أنّ مرادهم من المشاهدة لیس المشاهدة بالفعل ، لأنّها لیست شرطا قطعا ، بل المراد عدم الحائل المانع من المشاهدة.

وینادی إلی ذلک عدم وجدان حکایة المشاهدة فی خبر من الأخبار ، ولیس لها عین ولا أثر ، وأنّ دلیلها منحصر فی هذا الخبر ، ولم یفهم الأصحاب إلاّ منه ، ولذا جعلوها متفرّعة علیه مدلولة من مدلولاته مستنبطة منه ، کما لا یخفی علی من له أدنی تأمّل.

وظاهر أیضا أنّ هذا المعنی معتبر عندهم فی الصفّ الأوّل بالقیاس إلی الإمام ، وأمّا الصفّ الثانی فمعتبر بالقیاس إلی الصفّ الأول المتقدّم علیه ، سواء کان أهله واحدا أو متعدّدا ، وأمّا الثالث فبالقیاس إلی الثانی وهکذا.

ص: 348


1- انظر الشرائع 1 : 126.
2- التحریر 1 : 51.
3- القواعد. 1 : 46.

کما أنّ القرب والبعد یراعیان بالقیاس إلی الصفوف لا بالقیاس إلی أشخاص الصفوف ، ولذا یجوز أن یکون الصفّ المتقدّم فی غایة القصر ، والمتأخّر فی غایة الطول وبالعکس ، وأن یکون الصفّ الأوّل طویلا لیس قدّامهم سوی الإمام [ و ] کذا حکایة الستر والحائل عندهم ، لکن ثبوت ذلک من الروایة مشکل ، بل ظاهرها بطلان صلاة من علی یمین الباب ویسارها مطلقا إلاّ من کان حیال الباب مطلقا.

نعم دلالتها علی حکایة القرب والبعد کما ذکر ، یعنی أنّهما بالقیاس إلی الصفّ والإمام ، والصفّ الثانی والصفّ الأوّل ، وهکذا ، فتأمّل.

قوله (1) : والظاهر أنّ الحصر إضافیّ. ( 4 : 319 ).

فیه ما عرفت ، فلاحظ وتأمّل.

قوله (2) : وهذه الروایة ضعیفة السند. ( 4 : 302 ).

لا یخفی أنّ الموثقة حجّة کما حقّق فی محلّه ، سیّما موثقة عمار ، لدعوی الشیخ إجماع الطائفة علی العمل بها (3) ، مع أنّا نری من الفقهاء لم یشهد علی کون الأمر کما ذکره ، خصوصا هذه الموثقة ، لأنّ مضمونها مجمع علیه بین الکلّ ، وإن نقل عن الخلاف ما نقل ، إذ حمله العلاّمة علی إرادة الحرمة (4) ، وهی غیر بعیدة من القدماء ، سیّما إذا اتفق فتاوی الشیخ علی الحرمة فی غیره (5) ، ولیس نسخة الخلاف عندی ، فلا وجه لتردّد المصنف بعد ذلک ، مع أنّه ورد بمضمونها روایتان من العامّة أیضا.

اشتراط عدم کون الإمام أعلی من المأموم مکاناً

ص: 349


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
3- عدّة الأصول 1 : 381.
4- المختلف : 160.
5- النهایة : 117 ، المبسوط 1 : 160.

وأمّا الدلالة فلم نجد فیها غبارا.

وأمّا ما ذکره من التهافت فهو منتف فی نسخة التهذیب ، لأنّه ذکر فیها فی موضع : « بطن مسیل » : « بقدر یسیر » وفی نسخة منه موضعه : « بقدر شبر » لأنّه جعل الأرض قسمین : مبسوطة وغیر مبسوطة ، والمبسوطة علی قسمین : مستویة وما یکون فیها انحدار ، وحکم بجواز صلاة المأمومین خلف الإمام فی المبسوطة بقسمیه مطلقا ، وعدم جواز صلاتهم خلفه فی غیر المبسوطة إذا کان الإمام فی المرتفع والمأموم فی غیر المرتفع ، والمراد من غیر المبسوطة ما یکون فیه ارتفاع دفعی.

وجعله المصنف أیضا علی قسمین : قسم ارتفاعه ارتفاع معتدّ به وهو ما یشبه الدکّان ، لأنّ الغالب المتعارف منه ذلک ، وقسم ارتفاعه أقلّ من الدکّان بأن یکون ارتفاعه قدر طول إصبع أو أکثر أو أقلّ إذا کان الارتفاع بقدر یسیر لا قدر کثیر ، کما هو الغالب فی الدکاکین.

والحاصل : إنّ المبسوطة من جهة تساوی نسبة کلّ جزء منها مع الآخر فی بادئ النظر تصح الجماعة فیها کیف کان قیام الإمام والمأموم ، وإن کان فیها انحدار علی سبیل تساوی نسبة الأجزاء بعضها ببعض لا علی سبیل التفاوت الدفعی.

وأمّا إذا کان التفاوت لا علی سبیل تساوی النسبة ، بل یکون دفعیا ، وکان الإمام علی المرتفع والمأموم علی المنخفض فصلاة المأموم غیر جائزة ، سواء کان الارتفاع کثیرا أو یسیرا.

وأمّا إذا کان المأموم علی المرتفع والإمام علی المنخفض فصلاة الکلّ جائزة وإن کان المأموم أرفع بشی ء کثیر ، کما صرّح به فی آخر الخبر ، وما صرّح به یرجّح نسخة : « بقدر یسیر » علی نسخة : « بقدر شبر » مع کونها

ص: 350

أرجح فی النظر أیضا.

نعم یتراءی فی النظر تهافت علی نسخة الکافی ، وهی التی ذکرها الشارح حیث ذکر موضع : « بقدر یسیر » : « ببطن مسیل ».

ویمکن أن یقال : المراد أنّ التفاوت یصیر علی سبیل تساوی النسبة کما قلنا ، فتصح الجماعة مطلقا کما عرفت ، [ و ] یصیر أیضا علی سبیل تفاوت النسبة بأن یکون دفعیا بالدفعة الواحدة ، کما هو الحال فی الدکّان أو شبهه ، أو دفعات متعدّدة بینها تساو أو شبهة تساو ، کما هو الحال فی بطن مسیل ، فإنّ الغالب فیه وقوع الهیئة المذکورة من جهة سیلان السیل فی المنحدرة ، وأنّ کلّ واحد من الارتفاعات الدفعیة المتعدّدة بقدر إصبع أو أکثر أو أقلّ لیس له حدّ مضبوط بحیث لا یتعدّی عنه أصلا.

وهذا التوجیه بعینه توجیه النسخة المشهورة من الفقیه حیث ذکر فیها موضع : « بطن مسیل » : « بقطع سیل » ، والنسخة الأخری من الفقیه لا تهافت فیها أصلا کنسخة التهذیب ، لأنّه ذکر فیها موضع : « مسیل » : « سئل » بعنوان الماضی المجهول ، وذکر فیها : قال : « لا بأس به » موضع : « فلا بأس » وجعل موضع : « ببطن » : « یقطع » بعنوان المضارع المجهول ، فظهر أنّ هذه الروایة من عمار من أمتن روایاته ، فتأمّل.

قوله : وهی ضعیفة بجهالة الراوی ... ( 4 : 321 ).

الظاهر أنّه محمد بن عبد الله بن زرارة ، وقد ذکرنا حسن حاله ، مع أنّ الروایة إلی صفوان صحیحة ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا یروی إلاّ عن الثقة ، إلاّ أنّ روایة عمار منجبرة بالشهرة ، فالحمل علی الاستحباب له وجه ، وإن کان العمل بها أحوط ، کما ذکره.

قوله : لوقوع التصریح فی الروایة. ( 4 : 322 ).

إشارة إلی حال محمد بن عبد الله بن زرارة

ص: 351

قد تقدّم الکلام فیه.

قوله : ینبغی للبعید. ( 4 : 322 ).

لم نجد لما ذکره منشأ ، فإنّ الوارد فی الصحیحة لفظ الصف ، وغیر مأخوذ فیه قید الدخول فی الصلاة ، بل لا یمکن أخذ القید فیه کما لا یخفی.

مع أنّه علی ما ذکره ربما لا یمکن لحقوق بعض الصفوف رکوع الإمام ، بل بعضهم لا یمکنهم اللحوق فی الرکعة الثانیة ، وبعضهم فی الثالثة ، وبعضهم فی الرابعة إذا کثر الصفوف ، وخصوصا إذا طال الصفّ ، بل فی الصف الأوّل ربما لا یمکن اللحوق إذا طال ، إذ البعید من الإمام علیه أن لا یحرم حتی یحرم من یزول معه التباعد ، وکلّ ما ذکر معلوم البطلان ، بل ظاهر أنّ المأمومین فی الأعصار والأمصار ما کانوا یلاحظون ما ذکر ، ولو کانوا یلاحظون لشاع وذاع ، لعموم البلوی وکثرة الحاجة ، فتأمّل.

قوله (1) : تجب متابعة الإمام. ( 4 : 326 ).

الظاهر أنّ المراد من الأفعال الأقوال أیضا ، لأنّها أیضا أفعال ، لأنّ الناقل لا یتعرّض لذکر الأقوال أصلا ولا لتوجیه الحدیث بإخراج الأقوال ، مع أنّ أفعال الصلاة لغة وعرفا تشملها البتّة ، فإنّ الأذکار فعل المصلّی کالحرکات ، ولهذا قال فی المنتهی : متابعة الإمام واجبة ، وهو قول أهل العلم ، قال علیه السلام : « إنّما جعل الإمام إماما لیؤتمّ به » (2).

وقال فی التذکرة : یجب أن یتابع إمامه فی أفعال الصلاة ، لقوله علیه السلام : « إنّما جعل الإمام إماما لیؤتمّ به » ولم یذکر باقی الروایة ، وقال : وروی عنه :

عدم جواز تباعد المأموم بما یخرج عن العادة

وجوب متابعة الإمام فی الأفعال

ص: 352


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- المنتهی 1 : 379.

« أما یخشی الذی رفع رأسه والإمام ساجد أن یحوّل الله رأسه رأس حمار؟ » (1) ولأنّه تابع له فلا یسبقه ، وبه قال الشافعی - إلی أن قال - : مسألة : یصح أن یکبّر المأموم بعد تکبیر الإمام ، وهل یصح معه؟ إشکال ینشأ من تحقّق المتابعة معه أم لا ، أمّا لو کبّر قبله فلا یصح قطعا ، ولا بأس بالمساوقة فی غیر التکبیر من الأفعال (2).

فظهر من کلامه قرائن علی إرادته من الأفعال معناه اللغوی والعرفی ، مضافا إلی کون ذلک معناه الحقیقی ، وأنه ادعی فی المنتهی ما ادعی.

فعلی هذا تفکیک الشارح بین الأقوال والأفعال لا وجه له أصلا بالنظر إلی الإجماع المنقول والفتاوی ، ولا الحدیث الذی هو مستند الإجماع ، لأنّ تعلیله علیه السلام بقوله : « یؤتمّ به » لقوله علیه السلام : « إنّما جعل الإمام. » ثم تفریعه بقوله : « فإذا رکع. » مع القطع بعدم انحصار الأفعال فی الدخول فی الرکوع والدخول فی السجود ، والقطع بأنّ تکبیرة الافتتاح مع کونه قولا داخل قطعا بل أهمّ ، کلّ ذلک دلیل علی العموم.

مضافا إلی أنّ الإمام معناه هو السابق المقتدی لا المسبوق غیر المقتدی ، وستعرف معنی الاقتداء ، ومن جمیع ما ذکر سلّم الشهید العموم.

وأمّا ما ذکره من الأصل - مع فساد جریانه فی العبادات ، کما هو مسلّم عند الشارح أیضا ، ونبّهنا فی مبحث الجمعة (3) وغیره - لو تمّ لاقتضی عدم وجوب المتابعة فی غیر الأقوال أیضا ، إذ عرفت حال الإجماع والفتاوی والحدیث بل الأخبار المتضمّنة لاقتداء المأموم وائتمامه

ص: 353


1- صحیح البخاری 1 : 177 ، صحیح مسلم 1 : 320 / 427 ، سنن البیهقی 2 : 93.
2- التذکرة 1 : 185.
3- راجع ص 167 - 177.

ونحوهما ، لما ستعرف بعد وجه الدلالة.

مع أنّ الأصل لا یعارض دلیلا أبدا ، إذ معناه أنّ عند عدم الدلیل علی التکلیف مثلا یکون الأصل عدمه مثلا.

وأمّا ما ذکره من أنّه لو وجبت المتابعة فی الأقوال لوجب علی الإمام الجهر ، لو تمّ لاقتضی وجوب الجهر علیه فی تکبیرة الافتتاح أیضا ، مع أنّه خلاف الإجماع ، ولم یقل به الشارح أیضا کما مرّ فی مبحث التکبیر (1).

مع أنّه لو تمّ لاقتضی وجوب الجهر فی الأذکار الدالة علی الانتقالات من الإمام مثل قول : سمع الله ، والله أکبر ، لأنّ المأموم غیر منحصر فی من یری انتقالات الإمام بالبدیهة ، کما أنّ الصلاة غیر منحصرة فی أوقات الضیاء وعدم الظلمة.

وممّا یدل علی العموم ما سیجی ء عن المصنف : لا یجوز للمأموم مفارقة الإمام لغیر عذر ، وعن الشارح فی شرحه (2) ، فلاحظ.

والشهید فی المسالک قال بعدم وجوب المتابعة فی الأقوال (3). والمحقق الشیخ علی صرّح بوجوب المتابعة فیها أیضا (4).

قوله : السالمة من المعارض. ( 4 : 326 ).

کیف تکون سالمة منه؟ مع أنّه استدل بما روی عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه : « إنّما جعل الإمام ... » والظاهر منها وجوب التأخّر.

نعم ما قاله ابن بابویه هو بعینه مضمون حدیث روی عن النبی صلی الله علیه و آله

هل تجوز المقارنة؟

ص: 354


1- المدارک 3 : 324.
2- المدارک 4 : 376.
3- المسالک 1 : 43.
4- الرسالة الجعفریة ( رسائل المحقق الکرکی 1 ) : 128.

فی کتاب جامع الأخبار (1) ، فلو کانت صحیحة لکانت الحجّة هی لا غیر ، سیّما مع کون العبادات توقیفیة والقراءة واجبة لا تسقط إلاّ فی الجماعة الصحیحة الثابتة عن الشرع.

( مع أنّ الظاهر من المتابعة عدم المقارنة ، وکذا الاقتداء والائتمام ونحوها ، ألا تنظر أنّه إذا قیل : فلان تابع فلانا فی کذا ، أو : اقتدی به ، أو : ائتمّ به ، لا یستفاد منه إلاّ أنّ المتبوع صدر منه کذا فتبعه التابع؟ وکذا الحال فی الاقتداء بل الائتمام ونحوها ممّا ورد فی الأخبار.

وظهر من کلام الأخیار مراد الصدوق ، حتی أنّ القدماء لا یتعرّضون لذکر وجوب المتابعة فی کتبهم ، حتی الشیخ فی نهایته لم یذکر سوی حکم رفع رأس المأموم عن الرکوع والسجود قبل الإمام (2) ، بل ربما کان مراد الصدوق المقارنة العرفیة ، وإن وقع آن شروع الإمام وأوّله مقدّما. وما رواه الصدوق لا یفی للمعارضة والغلبة ، سیّما أن یحصل البراءة الیقینة فی العبادة التوقیفیة ) (3).

قوله : مذهب الأصحاب. ( 4 : 327 ).

هذا القول منه مع ما نقل عن ابن بابویه عجیب ، وفی المبسوط أیضا : أنّ المأموم لو فارق الإمام لا لعذر بطلت صلاته (4) ، والشهید نقله فی الدروس فی المقام وما ردّه (5). ( بل نقل الإجماع علی وجوب المتابعة

حکم ما لو رفع المأموم رأسه قبل الإمام عمداً

ص: 355


1- جامع الأخبار : 196 / 483.
2- النهایة : 115.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- المبسوط 1 : 157.
5- الدروس 1 : 221.

والخبر المذکور ، وصحة الصلاة ، مع جرحه (1) ترک المتابعة فی الجماعة ، وترک القراءة الواجبة فیها ربما لا یخلو عن شی ء ، بل روعی وجوب المتابعة إلی أن جوّز تکرار الرکن ، مع ما عرفت من أنّ زیادة مبطلة للصلاة ، وکذا زید فی التشهّد والقنوت وأوجب المکث لهما علی من لم یجبأ علیه ، وزیادة الجلوس والقیام مع عدم مطلوبیتهما منه ، وغیر ذلک ) (2).

قوله : وإطلاق کلامه یقتضی. ( 4 : 327 ).

ربما یکون إطلاقه محمولا علی الصورة الصحیحة من المسلم ، فتأمّل.

قوله : وقع علی سبیل العمد. ( 4 : 328 ).

بل دلالته علیه بعیدة بملاحظة قوله : أیعود. ، فلیتأمّل. ویؤیّده أنّ الأصل فی أفعال المسلمین الحمل علی الصحة ، وکون الظاهر منهم الصحیح ، کما مرّ عن الشارح رحمه الله (3) ، سیّما فی المقام ، فإنّ من یرید صلاة الجماعة فإنّما غرضه الفضیلة والثواب ، وکون صلاته صلاة کاملة ، فلا یرتکب فی هذا المقام العصیان والإثم والحرام ، وجعل صلاته ناقصة بل وباطلة ، لعدم الموافقة لمطلوب الشارع.

والبناء علی أنّ العود عمدا ربما کان لجهل المسألة ، یناسب استفصال المعصوم علیه السلام أو حکمه علی سبیل التفصیل بأنّه إن فعل عمدا أثم وعصی ودخل النار ، ولا یفعل ذلک بعد ذلک أبدا.

ص: 356


1- فی « ج » ونسخة فی « د » : حرمة.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- المدارک 3 : 159.

والبناء علی أنّه کان هناک قرینة دالة علی أنّه کان یعلم الحرمة والإثم وانحطاط صلاته بل وصحة صلاته أیضا ، وسؤاله إنّما هو لصحة العود خاصّة ، بعید وخلاف الأصل والظاهر ، ومع ذلک کان المناسب توبیخ المعصوم وتقریعه وذمّه کما لا یخفی ، هذا.

( مع أنّ الراوی بتری عامی علی ما قیل (1) ، فتکون الروایة واردة علی طریقة العامّة ، فتأمّل ) (2).

قوله : مطلقة. ( 4 : 328 ).

فیه تأمّل مرّ الإشارة إلیه.

قوله : علی الاستحباب. ( 4 : 329 ).

هو أیضا بعید ، لأنّ الظاهر من روایة غیاث المنع عن العود ، کما أفتی به الفقهاء.

قوله (3) : لقضاء حقّ المتابعة. ( 4 : 329 ).

لا شکّ فی أنّ سقوط القراءة الواجبة إنّما هو من جهة المتابعة المطلوبة بل المأمور بها ، فکیف تصح صلاته مع ترک المتابعة بل فسادها؟

فتأمّل.

قوله : لا تقصر عن الصحیح. ( 4 : 330 ).

لکن لا دلالة فیها علی وجوب العود ، ومع ذلک یتوقّف علی اتحاد النسیان مع المظنّة بحسب الحکم الشرعی ، ولا دلیل علی ذلک من جهة النص ، فإن کان إجماع فهو الحجّة ، فتأمّل.

غیاث بن إبراهیم بتری عامیّ

حکم ما لو رفع المأموم رأسه قبل الإمام عمداً

غیاث بن إبراهیم بتری عامیّ

حکم ما لو رفع المأموم قدام الإمام

ص: 357


1- انظر رجال الطوسی : 132.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».

قوله (1) : أو وجوبه. ( 4 : 331 ).

هذه صریحة فی مذهب ابن إدریس فی المأموم الأکثر من واحد ، وأمّا الواحد فلعله له ظهور فی ما ذکره الشارح ، لکن الظاهر لا یقاوم الصریح ، فعلی القول بعدم الفصل لأن رفع الید عن الظاهر وإرجاعه إلی الصریح لا العکس. إلاّ أن یتمسّک بالشهرة العظیمة والإجماع المنقول.

والأحوط مراعاة رأی ابن إدریس.

قوله : بالعقب والأصابع معا. ( 4 : 331 ).

هذا هو الأظهر بحسب العرف دلیل المصنف.

قوله : فی التساوی. ( 4 : 331 ).

هذا مشکل بحسب ما یتبادر من الحدیث لغة وعرفا.

قوله : فی کلّ الأعصار السالفة. ( 4 : 331 ).

لم یعهد ذلک من الشیعة ولا غیر (2) الطائفة المحقّة ، وغیرهم لا عبرة بفعلهم. إلاّ أن یقال : عدم تعرّض أحد من الأئمّة علیه السلام ولا الشیعة ولا غیرهم للطعن علی هذا الفعل فی عصر من الأعصار دلیل علی الصحة ، وفیه تأمّل ، فتأمّل.

قوله : ولم أقف فی ذلک علی روایة. ( 4 : 332 ).

مقتضی ظاهر الروایات الواردة عن الأئمّة علیه السلام عدم الصحة کما یقوله العلاّمة. مع أنّ الجماعة عبادة توقیفیة ، فما لم تثبت الصحة لا یمکن الحکم بها ، والمنقول من الأقوال والأفعال لا یشملها ، فتأمّل.

هل تجب علی الإمام نیة الإمامة فی الجماعة الواجبة؟

ص: 358


1- هذه التعلیقة واثنتان بعدها لیست فی « أ ».
2- لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

قوله (1) : وفی اعتبار نیّة الإمامة. ( 4 : 332 ).

وسیجی ء فی کلام المصنف التصریح بذلک.

قوله : فی الجماعة الواجبة. ( 4 : 332 ).

إذا علم أنّها جماعة واجبة ویفعلها فهذا عین النیّة ، وإذا لم یعلم ولم یکن متفطّنا فکیف یکون ممتثلا وخارجا عن العهدة؟ فکیف تکون صحیحة؟. إلاّ أن یقال : تعیینها بالتوجه إلی خاصّة من خواصّها یکفی للامتثال ولا یحتاج إلی نیّة إمامتها ، لکن فی [ تأتّی ] (2) ذلک تأمّل ، فتأمّل.

قوله (3) : وجب الانفراد. ( 4 : 333 ).

هذا قبل أن یصدر منه طریقة المأمومیة من ترک القراءة الواجبة ونحوه ، ولعله لا إشکال فیه ، لاستجماع شرائط الصحة من النیّة أی قصد القربة وتعیین الصلاة ، نعم بعده مشکل البتّة ، بل لعله لا یصح ، لعدم دلیل الصحة ، فتدبّر.

قوله : وجب البناء علیه قطعا. ( 4 : 333 ).

هذا أیضا محلّ تأمّل ، لعدم وجدان دلیل یعتمد علیه.

قوله (4) : لإخلال کلّ منهما بالقراءة الواجبة. ( 4 : 333 ).

وکذا لو قرأ کلّ منهما مع علمه بتحریم القراءة علی المأموم وتفطّنه بذلک ، بل یشکل الصحة أیضا مع القراءة جهلا أو غفلة ، لعدم ثبوت کون هذه القراءة محسوبة عن القراءة الواجبة واقعا علی التعیین ، ولا صحة صلاة

وجوب نیة الائتمام بإمام معیّن

عدم اشتراط تساوی فرض الإمام والمأموم

ص: 359


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- بدل ما بین المعقوفین فی « ا » : باب ، وفی بقیة النسخ : باقی ، والظاهر ما أثبتناه.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

الجاهل الذی اتفق وقوعها موافقة للواقع.

قوله : لکنها ضعیفة جدّا. ( 4 : 334 ).

لیس کذلک ، کما حقّقناه فی الرجال (1) ، مع أنّها منجبرة بفتوی الأصحاب والموافقة للقاعدة الثابتة والمسلّمة.

قوله : من جملتها القراءة. ( 4 : 334 ).

مقتضی الإطاعة والامتثال والخروج عن عهدة التکلیف الإتیان بالقراءة أو ما جعل الشارع بدلا عن القراءة وثبت عنه ، ولم یثبت منه کون فعل الآخر الذی توهّم أنّه إمامه - والحال أنّه ما کان إمامه ولا قرأ أصلا بدلا عن قراءته - صحیحا بالنسبة إلیه ، وثبوت الصحة والبدلیة فی الإمام المحدث أو الفاسق لا یقتضی الثبوت فی غیر ذلک ، والقیاس لا یقول به. وممّا ذکر ظهر ما فی کلام الشارح رحمه الله : فإن دخل.

قوله : یمکن تنزیل الروایة. ( 4 : 334 ).

لا یمکن أصلا ، لأنّ کلاّ منهما یدّعی بعد الفراغ من الصلاة المأمومیة وإمامة الآخر ، فضلا عن حال الصلاة والدخول فیها.

قوله : ولا بأس به. ( 4 : 335 ).

إذا کان العموم الدال علی أنّ الشک إذا وقع بعد التجاوز عن المحلّ فلیس بشی ء شاملا لهذه الصورة فالحق مع المحقق المذکور ، وإلاّ فلا فائدة فی کون الدخول دخولا مشروعا ، لما عرفت. مع أنّ الشکّ فی ما أضمراه شکّ فی کون الدخول مشروعا أم لا ، فتأمّل (2).

قوله : أکثر من المباینة. ( 4 : 335 ).

ص: 360


1- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 55.
2- لیس فی « أ » و « و ».

لا یخلو من التأمّل.

قوله : وهو خیال ضعیف. ( 4 : 336 ).

مع أنّه لو تمّ لزم عدم جواز اقتداء العشاء بالمغرب ، بل وعدم جواز اقتداء الظهر بالعصر والمغرب بالعشاء وغیر ذلک ممّا قال الصدوق بصحته ، ولا یکون مقصورا فی الصورة المذکورة.

قوله (1) : اقتداء المتنفّل بالمفترض. ( 4 : 338 ).

وفی العوالی عن شعبة ، عن جابر بن یزید بن أبی الأسود ، عن أبیه ، أنّه صلّی مع رسول الله صلی الله علیه و آله وإذا رجلان لم یصلّیا فی ناحیة المسجد فدعاهما فجاءا یرتعد فرائصهما فقال : « ما منعکما أن تصلّیا معنا؟ » فقالا : قد صلّینا فی رحالنا ، فقال : « فلا تفعلوا ، إذا صلی أحدکم فی رحله ثم أدرک الإمام وقد صلّی فلیصلّ معه فإنّها له نافلة » (2).

وفی هذا دلالة علی استحباب إعادة الصلاة للمنفرد مع الجماعة ، ویکون من باب اقتداء المتنفّل بالمفترض ، فإنّ الأمر فیها للاستحباب ، بدلالة قوله : « فإنّها له نافلة ».

قوله : ولیس ذلک لمن فرغ من صلاته. ( 4 : 342 ).

وربما یشهد له أنّ هاشم بن سالم روی ما ذکره بعینه عن سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السلام (3) ، فیکون المراد أنّه إذا وجد الجماعة وهو مشغول بصلاته وحده ، کما هو ظاهر صیغة المضارعة ، فیکون الجواب أنّه إن شاء

حکم اقتداء المتنفل بالمفترض وبالعکس

استحباب إعادة المنفرد صلاته إذا وجد جماعة

کیفیة نیّة من أراد أن یعید صلاته جماعة

ص: 361


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- عوالی اللآلئ 1 : 59 / 92.
3- الکافی 3 : 379 / 3 ، التهذیب 3 : 274 / 792 ، الوسائل 8 : 404 أبواب صلاة الجماعة ب 56 ح 1.

أن یصلّی الفریضة معهم برفعه الید عن التی هو مشغول بها فعل کذلک ، فیصیر التی هو مشغول بها نافلة فی صورة صلاحیة جعلها نافلة.

وإنّما قلنا : إن شاء ، لأنّ فی روایة هشام زاد فی آخرها : « إن شاء ».

ویحتمل أن یکون المراد أنّه ینوی أنّ هذه التی یصلّی معهم هی الفریضة ، بمعنی أنّه یختار الله تعالی هذه له فریضة ، کما ورد فی بعض الأخبار أنّ الله تعالی یختار أفضلهما وأتمهما (1) ، وفی بعض آخر : « یختار أحبّهما إلیه » (2) وظاهر أنّ المراد : یختار فی جعلها فریضة ، وإلاّ فالنافلة لا تخلو عن الثواب والرجحان البتّة ، فتأمّل.

قوله (3) : إذا أعاد من صلّی صلاته جماعة. ( 4 : 343 ).

قد تقدم فی قوله : والمتنفّل بالمفترض. روایة رواها فی العوالی صریحة فی ذلک ، فلیراجع.

ویدل علی ذلک أیضا ما رواه فی الکتاب المذکور عن معن بن عیسی ، عن سعید بن السائب. عن نوح بن صعصعة ، عن یزید بن عامر ، قال : جئت والنبی صلی الله علیه و آله فی الصلاة فجلست ولم أدخل معهم ، فانصرف علیه السلام وقال : « ما منعک أن تدخل مع الناس فی صلاتهم؟ » قال : قلت إنّی کنت صلّیت فی منزلی وکنت أحسب أنّکم صلّیتم ، فقال : « إذا جئت فوجدت الناس یصلّون فصلّ معهم ، وإن کنت قد صلّیت تکن لک نافلة ، وهی لهم مکتوبة » (4) ولا یضرّ الضعف ، للتسامح فی أدلة السنن ،

ص: 362


1- الفقیه 1 : 251 / 133 ، الوسائل 8 : 401 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 4.
2- الکافی 3 : 379 / 2 ، التهذیب 3 : 270 / 776 ، الوسائل 8 : 403 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 10.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- عوالی اللآلئ 1 : 60 / 93 ، سنن أبی داود 1 : 157 / 577 ، سنن البیهقی 2 : 302.

ولانجباره بالشهرة.

وفی ذلک الکتاب أیضا عن سلیمان مولی میمونة قال : أتیت ابن عمر علی البلاط وهم یصلّون ، قلت : إلا تصلّی معهم قال : قد صلّیت ، إنّی سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله یقول : « لا تصلّوا الصلاة فی یوم مرّتین » (1) فالظاهر أنّه لا یصلّی صلاة الفریضة مرّتین ، لتحقّق الامتثال بالأوّل.

قوله : لکن الأولی العمل بروایة إسحاق. ( 4 : 348 ).

لا یخفی أنّ الشیخ أیضا عمل بروایة إسحاق للمرجّح ، لکن أوّل روایة طلحة جمعا بین الأخبار ، وإرجاعا للخبر الذی لیس بحجّة إلی ما هو حجّة ، لأنّ الجمع مهما أمکن خیر من الطرح ، وللعذر الذی اعتذر به فی أوّل التهذیب ، وطریقة المحقّق وسائر الفقهاء أیضا ذلک فی سائر مقامات الفقه.

قوله : وإن کان للتوقّف فیه مجال. ( 4 : 350 ).

لا وجه له ، لأنّ مع التمکّن من الصلاة الصحیحة کیف یمکن الحکم بالاکتفاء بالفاسدة؟ وإن کانت کافیة فی مقام العذر ، والله یعلم.

قوله : لعدم توجّه النهی إلیه. ( 4 : 351 ).

قد تقدّم الکلام فی ذلک ، وأنّ الأظهر أنّه مکلف بما قصّر فی تعلّمه ومعرفته ، بل إنّه عالم إجمالا غیر عالم تفصیلا ، وعالم بوجوب معرفة التفصیل.

قوله : نعم یمکن الاستدلال علیه بما رواه الشیخ. ( 4 : 352 ).

فی الاستدلال به تأمّل ، إذ لا نزاع فی إمامتها فی الجملة ، إنّما النزاع

بعض شرائط إمام الجماعة

أن یکون بالغاً

عدم جواز إمامة الأمیّ القارئ

عدم جواز إمامة المرأة للرجل

ص: 363


1- عوالی اللآلئ 1 : 60 / 94 ، سنن أبی داود 1 : 158 / 579 ، سنن البیهقی 2 : 303.

فی الفرائض ، وهذا الإطلاق فی کلام الراوی ذکر لبیان حکم آخر ، فتأمّل.

قوله : هو استدلال ضعیف. ( 4 : 354 ).

مراد العلاّمة رحمه الله أنّه إذا ثبت صحة صلاته یکون صالحا للإمامة مطلقا ، لعموم ما دل علی صحة الجماعة ، وأنّ الإمام یصلح أن یصیر کلّ أحد ما لم یکن فاسقا ، إلاّ ما ( أخرجه الدلیل ) (1) کالأمّی (2) والأخرس. إلاّ أن یقال : الدلیل الذی أخرجهما أخرج غیرهما أیضا ، فتأمّل.

قوله : ومن أصالة البراءة. ( 4 : 355 ).

الأصل لا یعارض الدلیل ، وإطلاق الحدیث مقیّد بالدلیل ، فالعمدة کون الدلیل دلیلا ووجها. فتأمّل.

قوله : وصاحب المسجد. ( 4 : 356 ).

فی أمالی الصدوق : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ أولی الناس بالتقدّم فی الجماعة أقرؤهم للقرآن ، فإن کانوا فیه سواء فأقدمهم هجرة ، فإن کانوا فیه سواء فأسنّهم ، فإن کانوا فیه سواء فأصبحهم وجها ، وصاحب المسجد أولی بمسجده ، ومن صلّی بقوم وفیهم من هو أعلم منه لم یزل أمرهم إلی سفال إلی یوم القیامة (3). انتهی.

وفیه شهادة علی تقدیم الأعلم مطلقا ، کصاحب المسجد ، کما أنّ روایة أبی عبیدة أیضا ظاهرة فی تقدیم صاحب المنزل والإمارة مطلقا ، کما أفتی به المصنف رحمه الله .

قوله : فلأنّه یجری. ( 4 : 356 ).

عدم جواز إمامة المُلحِن بالمُتقن

أولویّة إمامة صاحب المسجد والمنزل

ص: 364


1- فی « ب » و « ج » و « د » : خرج بدلیل.
2- فی « ب » و « ج » و « د » و « و » : کالأعمی.
3- أمالی الصدوق : 513.

فیه ما فیه ، وکذا فی ما ذکره بعده. مع أنّ العمومات تدل علی الجواز ، لکن عبارة الأمالی تدل علی ذلک.

قوله (1) : فلو تأخّر روسل لیحضر. ( 4 : 357 ).

فی ما ذکره نظر ، لعدم ظهور مأخذه ، بل یظهر من الأخبار خلافه ، وکذا کلام فقهائنا ، قال فی المنتهی : إذا حضر جماعة المسجد وکان الإمام الراتب له غائبا صلّوا جماعة یتقدّمهم أحدهم لا ینتظرونه ، وقال الشافعی : یراسلونه إن کان قریبا.

فظهر منه أنّ المراسلة المذکورة لم تکن مذهبا لأحد من فقهائنا إلی زمانه ، بل هو مذهب الشافعی.

ثم قال : لنا ما رواه الجمهور أنّ الرسول صلی الله علیه و آله مضی فی غزاة تبوک فی حاجة له ، فقدّم الناس واحدا فصلّی بهم ، فجاء الرسول صلی الله علیه و آله وقد صلّوا رکعة ، قال : « أحسنتم » (2).

ومن طریق الخاصّة ما رواه معاویة بن شریح عن الصادق علیه السلام ، قال : « إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة ، ینبغی لمن فی المسجد أن یقوموا علی أرجلهم ویقدّموا بعضهم ولا ینتظروا الإمام » قال : قلت : وإن کان الإمام هو المؤذّن؟ قال : « وإن کان ، فلا ینتظرونه ویقدّموا بعضهم » (3) ولأنّ فی الانتظار تأخیر للعبادة عن أوّل وقتها ، وذلک شی ء رغب عنه (4).

أقول : وروی الشیخ والصدوق أیضا فی الصحیح عن الحناط ، قال :

ص: 365


1- هذه التعلیقة لست فی « ا ».
2- صحیح مسلم 1 : 317 / 105 ، سنن أبی داود 1 : 37 / 149.
3- التهذیب 3 : 42 / 146 ، الوسائل 8 : 380 أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 2.
4- المنتهی 1 : 382.

سألت الصادق علیه السلام إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة ، أیقوم القوم علی أرجلهم ، أو یجلسون حتی یجی ء إمامهم؟ قال : « لا ، بل یقومون علی أرجلهم ، فإن جاء إمامهم ، وإلاّ فلیؤخذ بید رجل من القوم فیقدّم » (1).

والمتبادر من قوله صلی الله علیه و آله : « ولا یتقدّمنّ أحدکم الرجل فی منزله » (2). حضوره ، بل لا معنی [ له ] إلاّ ذلک ، إذ لو لم یکن حاضرا فیهم وتقدّم غیره علی غیره وصلّوا لا یصدق أنه یقدّم صاحب المنزل. فتدبّر.

قوله : المراد بالأقرإ. ( 4 : 358 ).

وقیل : الأکثر قراءة (3) ، لأنّه الظاهر من حال أصحاب النبی صلی الله علیه و آله ، یعنی من کان قرأ من القرآن أکثر من الذی لم یقرأ هذا القدر یقدّم علیه.

فتأمّل.

ویدل علیه ما رواه الصدوق عن الصادقین علیهماالسلام : « لا بأس أن یؤمّ الأعمی إذا رضوا به وکان أکثرهم قراءة وأفقههم » (4).

قوله : وقد قطع المصنف. ( 4 : 358 ).

یشکل الأمر بالنسبة إلی المصنّف ، فإنّه قدّم الأفقه علی الأقدم هجرة وغیره من المرجّحات المذکورة فی الروایة ، مع أنّ المذکور فی الروایة أنّه مؤخّر عن جمیع المرجّحات المذکورة.

قوله : لکنها ضعیفة السند. ( 4 : 359 ).

حکم تشاحّ الأئمة

ص: 366


1- الفقیه 1 : 252 / 1137 ، التهذیب 2 : 285 / 1143 ، الوسائل 8 : 379 أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 1.
2- الکافی 3 : 376 / 5 ، التهذیب 3 : 31 / 113 ، علل الشرائع : 326 / 2 ، الوسائل 8 : 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 1.
3- انظر البیان : 233.
4- الفقیه 1 : 248 / 1109 ، الوسائل 8 : 338 أبواب صلاة الجماعة ب 21 ح 3.

وعلی تقدیر الصحة أیضا لا تقاوم ما ورد فی مدح الفقهاء وتعظیمهم.

سیّما وقد رجّح فی هذه الروایة الأسنّیة أیضا علی الفقاهة والعلم بالسنّة ، ولم یعتبر فیها الأصلحیة والأزهدیة والأورعیة ممّا هو سبب لقبول العمل وإجابة الدعاء والتقرّب إلیه وقبول الشفاعة. مع أنّه ورد فی غیر هذه الروایة الأمر بتقدیم الخیار الأفاضل معلّلا بأنّ إمام القوم وافدهم (1). بل ورد فی الصحیح عن زرارة أنّه سأل الباقر علیه السلام عن الصلاة خلف العبد فقال : « لا بأس إذا کان فقیها ولم یکن هناک أفقه منه » (2) وهذا صریح فی تقدیم الأفقه. ومثل صحیحة زرارة موثقة سماعة (3) ، فروایة أبی عبیدة ربما کانت واردة مورد التقیّة ، فتأمّل ، أو أنها کانت مختصّة بزمن الرسول صلی الله علیه و آله لمصلحة کانت فیه ، ومرّ عبارة الأمالی ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : ورواه المرتضی. ( 4 : 361 ).

ورواه الصدوق فی کتاب العلل (4).

قوله : أحسنهم صورة. ( 4 : 361 ).

لأنّ حسن الصورة تدل علی حسن السیرة وجودة الأخلاق بحسب ما یظهر من علم القیافة والتجربة ، والتخلّف نادرا إنما هو بحسب العارض ومن جهته. ولا ینافی ذلک سوء الاعتقاد فإنّ ذلک من المرجّحات ولا مانع من أن یجتمع مع الکفر وغیره ، کما هو الحال فی غیره من المرجّحات

ص: 367


1- الفقیه 1 : 247 / 100 ، الوسائل 8 : 347 أبواب صلاة الجماعة ب 26 ح 2.
2- الکافی 3 : 375 / 4 ، الوسائل 8 : 325 أبواب صلاة الجماعة ب 16 ح 1.
3- التهذیب 3 : 29 / 101 ، الاستبصار 1 : 423 / 1630 ، الوسائل 8 : 326 أبواب صلاة الجماعة ب 16 ح 3.
4- علل الشرائع : 326 / 2 ، الوسائل 8 : 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 2.

الأخر ، فتأمّل.

قوله (1) : روایة معاویة بن میسرة. ( 4 : 367 ).

هذا لیس دلیلة ، لأنّه یقتضی کراهته أعمّ ممّا ذکره ، ولعله أیضا کذلک.

قوله : وروایة أبی بصیر. ( 4 : 368 ).

هذه الروایة صحیحة ، کما لا یخفی علی من تأمّل فی سندها.

قوله : وأطلق الأکثر. ( 4 : 369 ).

ویظهر من المعتبر ادعاء بعض الفقهاء الإجماع ، ولعله بناء علی المتعارف الغالب من کون المکلف متمکّنا من الاختتان ، فتأمّل.

قوله : إلاّ أن نقول باقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن الضدّ الخاصّ. ( 4 : 370 ).

علی هذا القول أیضا لا تکون صلاته باطلة إلاّ إذا أوقعها فی سعة الوقت مع التمکّن من الاختتان ، أمّا مع حال عدم التمکّن فلا ، وکذا عند ضیق الوقت.

قوله : وفی الروایتین ضعف من حیث السند. ( 4 : 372 ).

روایة عباد بن صهیب صحیحة ، إذ لیس فی سندها من یتوقّف فیه إلاّ عباد وهو أیضا ثقة بنص النجاشی (2) ، ووافقه فی الإیضاح (3) ، والشیخ نقله فی مواضع متعدّدة ، نقله فی الفهرست والرجال متعدّدا مکرّرا (4) ، ولم

کراهة استنابة المسبوق

حکم إمامة الأجذم

کراهة إمامة الأغلف

حکم ائتمام المتطهر بالمتیمم

بحث رجالی حول عباد بن صهیب

ص: 368


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- رجال النجاشی : 293.
3- إیضاح الاشتباه : 232.
4- الفهرست : 120 ، رجال الشیخ : 131 ، 240.

یتعرّض لقدح فیه أصلا ، بل یظهر من الفهرست وعدّته کونه ثقة ، لأنّ فی الفهرست ذکر أنّ ابن أبی عمیر یروی عنه ، وفی العدّة ذکر أنّه لا یروی إلاّ عن الثقة (1) ، والکشی أیضا روی فیه ما یدل علی حسنه (2) ، نعم روی فیه ما یدل علی ذمّه (3) ولیس فیه ، بل هو فی عباد بن کثیر البصری ، فلما ذکر فیه عباد البصری توهّم کونه ابن صهیب ، لأنّه أیضا بصری ، والأوّل کان عدوّا للصادق علیه السلام مؤذیا له ، والثانی کان من خواصّه وخلّص أصحابه ، فوقع الاشتباه من العلاّمة (4).

وأمّا روایة السکونی فقد مرّ الکلام فیها مرارا (5).

هذا مع أنّهم یسامحون فی المستحبات والمکروهات ، ومرّ وجهه فی أوّل الکتاب (6).

مع أنّه ربما روی فی الکافی المنع بطریق صحیح عن الصادق علیه السلام (7) ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : فکانت مجزئة. ( 4 : 373 ).

إتمام هذا الدلیل یتوقّف علی ثبوت کبری کلّیة ، ولیست بثابتة ، ولا هی من المسلّمات. مع أنّها مخالفة لما یذکره مرارا من أنّ سقوط القراءة وإجزاء الصلاة التی قراءتها ساقطة إنّما یکون فی موضع ثبت من

أحکام صلاة الجماعة

حکم ما لو علم المأموم بعد الصلاة بأن الإمام ما کان واجداً للشرائط

ص: 369


1- عدة الأصول 1 : 386.
2- رجال الکشی 2 : 604.
3- رجال الکشی 2 : 689 ، 690.
4- انظر الخلاصة : 243.
5- منها فی ص 360.
6- فی ج 1 : 20 - 24.
7- انظر الکافی 3 : 375 / 2 ، الوسائل 8 : 328 أبواب صلاة الجماعة ب 17 ح 7.

الشرع (1) ، وکذا ما یذکر من أنّ العبادات توقیفیة موقوفة علی النص.

هذا إذا کان مراده من المأمور به المأمور به بحسب مظنّة المکلف وعند ظنّه وفی اعتقاده.

وأمّا إذا أراد المأمور به فی الواقع فالصغری ممنوعة ، بل مصادرة ، فالأولی الاقتصار علی الأخبار المذکورة الصحیحة والحسنة ، سیّما مع تأیید الشهرة العظیمة لها وخلوّها عن المعارض المکافئ.

بل الأخبار الدالة علی عدم الإعادة فی غایة الکثرة ، فتأمّل.

قوله : تبیّن فسادها. ( 4 : 374 ).

لعل مراده من الفساد عدم مطابقتها للثابت من الشرع والمنقول منه ، وهو رحمه الله لا یعمل بأخبار الآحاد.

قوله : وبأنّها صلاة منهی عنها. ( 4 : 374 ).

لعله بالنظر إلی جاهل المسألة والمسامح فی موضع المسألة ، وإلاّ فلا معنی للنهی عنها ، ودلیل الفقیه ربما یکون أخصّ من المدعی إذا کان المدعی ثبت من دلیل آخر کلّه أو بعضه الذی یکون غیر ما ثبت من الأخصّ ، فتأمّل.

قوله : وکذا صلاة من إلی جانبیه. ( 4 : 376 ).

هذا مخالف لما ذکره المصنف ، ومخالف لما دل علیه الصحیحة المرویة عن زرارة عن الباقر علیه السلام ، وهی دلیل المصنف رحمه الله وقد مرّت (2) ، وذکرنا وجه الدلالة واشتباه الشارح وإمکان توجیه کلامه ، فلاحظ.

حکم من یقف إلی جانب المحراب

ص: 370


1- انظر المدارک 4 : 348 ، 350.
2- تقدّم فی ص 344 - 349.

قوله (1) : وقال الشیخ فی المبسوط. ( 4 : 377 ).

بل الظاهر منه فی غیر المبسوط أیضا ذلک ، بل الصدوق (2) أیضا ، لإیراده الأخبار الظاهرة فی عدم جواز الفعل لا الانفراد - کما ستعرف - ولم یوجّهها أصلا ، مع أنّه صنّف الفقیه لمن لا یحضره الفقیه فکیف لم یوجّهها ولم یورد فیه حکایة النقل المذکور أصلا ولم یشر إلیها مطلقا؟ مع أنّه لو کان مجوّزا ذلک لکان اللازم ذکر ذلک لمن لا یحضره الفقیه ، لابتلائه بما هو علاجه العدول المذکور ، فضلا أن یظهر خلاف ذلک وأنّ العلاج منحصر فی غیر العدول ، کما ستعرف.

ومن ذلک یظهر حال الکلینی أیضا ، بل الشهید فی الدروس (3) أیضا ما اعتبره أصلا ، کما لا یخفی علی الملاحظ المتأمّل فیه ، بل غیره أیضا لعله کذلک ، ولیس عندی نسخه ، بل ربما کان الظاهر من اللمعة وشرحه (4) أیضا ذلک ، فلیلاحظ.

قوله : وعلی الروایتین. ( 4 : 378 ).

الروایة الأولی لا دلالة لها علی محلّ النزاع بوجه ، وأمّا الثانیة فیمکن الاستدلال بها ، لأنّ المعصوم علیه السلام حکم بنفی البأس من دون استفسار بأنّ التسلیم قبل الإمام کان لعذر أم لا ، والظاهر من کلام الشارح رحمه الله أنّه سلّم هذا ، لکن قال بمنع التعدّی عن هذه الصورة.

ویرد علیه : أنّه قول ثالث وقول بالفصل ، فیثبت مطلوب المشهور

حکم مفارقة الإمام

ص: 371


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- الفقیه 1 : 257 / 1163 و 261 / 1191.
3- الدروس 1 : 221.
4- انظر الروضة 1 : 384.

بضمیمة عدم القول بالفصل ، ولعل نظر الشارح إلی ما سیذکره بعد أوراق من اتفاق القائلین بالوجوب والاستحباب علی جواز تسلیم المأموم قبل الإمام من غیر ضرورة أیضا (1) ، فإن تمّ فکلامه وجیه.

هذه ویمکن حمل الروایة علی أنّه سلّم قبل الإمام سهوا ، بل ورد هذه الروایة عن أبی المعزا بطریق آخر صحیح أیضا ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یکون خلف الإمام فیسهو فیسلّم قبل أن یسلّم الإمام ، قال : « لا بأس » (2) فظهر أنّه وقع فیها سهو فی الطریق الذی ذکره الشارح رحمه الله کما لا یخفی. وقصاری ما یکون أنّه وقع اضطراب یمنع من الوثوق فی مقام الاستدلال ، فتدبّر (3).

قوله ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَکُمْ ) . ( 4 : 378 ).

یعنی أنّ الجماعة أیضا عمل بلا تأمّل ، فإبطاله إبطال العمل ، وکثیرا ما یستدلون بهذه الآیة علی المنع عن إبطال العمل ، والظاهر أنّ للآیة إطلاق یرجع إلی العموم.

قوله : دلیل یعتدّ به. ( 4 : 378 ).

لکن هذا الدلیل یقتضی المنع عن الانفراد فی موضع یفوت القراءة ولا یمکن تدارکها ، لا قبل الدخول فی القراءة وبعده بحیث یمکن استدراک القراءة. إلاّ أن یتمسّک بعدم القول بالفصل ، فتأمّل.

قوله (4) : « لا صلاة لهم إلاّ بإمام ». ( 4 : 378 ).

ص: 372


1- المدارک 4 : 387.
2- التهذیب 2 : 349 / 1447 ، الوسائل 8 : 414 أبواب صلاة الجماعة ب 64 ح 5.
3- لیس فی « أ » و « و ».
4- هذه التعلیقة وسبع بعدها لیست فی « ا ».

سیّما بملاحظة التتمّة ، وهی قوله علیه السلام : « فلیتقدّم بعضهم فلیتمّ بهم ما بقی منها وقد تمّت صلاتهم » فظهر منها أنّه متی ما تیسّر أن یتقدّمهم بعضهم ویتمّ بهم لا یجوز لهم العدول ولا تصح صلاتهم إلاّ بذلک.

وهذه الصحیحة [ رواها ] (1) الصدوق فی الفقیه والشیخ فی التهذیب ولم یوجّها أصلا ، فظهر أنّهما ما کانا یجوّزان العدول مطلقا ، بل رویا أخبارا کثیرة ظاهرة فی عدم جواز ذلک العدول ، لأنّهما رویا أخبارا کثیرة موافقة لمضمون هذه الصحیحة.

ورؤیا أیضا عن داود بن الحصین ، عن الصادق علیه السلام : أنّ المسافر لا یؤمّ الحضری ، فإن ابتلی بذلک سلّم بعد إتمام الرکعتین ، ثم أخذ بید بعضهم فقدّمه ، فأمّهم (2). وهذه أیضا ظاهرة فی انحصار العلاج حینئذ فی تقدیم من یتمّ بهم.

ورؤیا أیضا الأخبار الواردة فی أنّ من سبق الإمام من المأمومین یجب علیه أن یعود ویتابع الإمام (3) ، وهی أیضا کثیرة صحیحة ومعتبرة ، وذکرها الشارح فی مسألة وجوب متابعة المأموم للإمام ، والدلالة أیضا ظاهرة ، لجعل المعصوم علیه السلام العلاج منحصرا فی الرجوع والعود مع الإمام ، لا أنّه مخیّر بین ذلک وبین العدول المذکور ، وبالجملة : أمثال هذه الأخبار أورداها ولم یتعرّضا إلی توجیه أصلا.

ص: 373


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : وأمّا ، والظاهر ما أثبتناه.
2- الفقیه 1 : 259 / 1180 ، التهذیب 3 : 164 / 355 ، الاستبصار 1 : 426 / 1643 ، الوسائل 8 : 330 أبواب صلاة الجماعة ب 18 ح 6.
3- الفقیه 1 : 258 / 1172 ، التهذیب 3 : 47 / 163 ، الوسائل 8 : 390 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 2.

وممّا ذکر ظهر حال الکلینی رحمه الله أیضا وأنّه موافق لهما (1) ، بل وکثیر من الفقهاء حیث ذکروا أمثال ما ذکرناه فتوی من دون توجیه أصلا ، ولا إظهار لجواز العدول المذکور ، مع أنّ المقام مقام لزوم الإظهار لو کانوا قائلین ، والله یعلم.

قوله : لعدم ثبوت التعبّد بذلک. ( 4 : 379 ).

ولما یظهر من أخبار متعدّدة أنّ من کان فی الصلاة فانعقدت الجماعة یتم صلاته رکعتین ویستأنف مع الإمام والجماعة صلاته ویجعل ما صلّی أوّلا تطوّعا ، منها : صحیحة سلیمان بن خالد (2) ، ومنها : موثقة سماعة (3) ، وسیجی ء عند قول المصنف : وان کانت فریضة نقل. دعوی الإجماع علی ذلک أیضا وأنّه مقطوع به فی کلام الأصحاب (4).

قوله : کان له الاقتداء فی التتمّة. ( 4 : 379 ).

لم نعلم دلیل حکمه بالجواز هنا من دون تردّد وتردّده فی جواز الاقتداء بإمام آخر أو منفرد. وإلحاقهما بمسألة ما لو مات الإمام فی الأثناء أو عرض له مانع فیه ما فیه.

قوله : وهو حسن. ( 4 : 381 ).

لا حسن فیه أصلا ، أمّا الأوّل فلأنّه لو تمّ لزم جواز القطع لکلّ ما هو أفضل من الأذان أیّ شی ء یکون ، مع أنّ قطع الفریضة من غیر ضرورة

جواز العدول من الفریضة إلی النافلة لإدراک الجماعة

ص: 374


1- الکافی 3 : 381.
2- الکافی 3 : 379 / 3 ، التهذیب 3 : 274 / 792 ، الوسائل 8 : 404 أبواب صلاة الجماعة ب 56 ح 1.
3- الکافی 3 : 380 / 7 ، التهذیب 3 : 51 / 177 ، الوسائل 8 : 405 أبواب صلاة الجماعة ب 56 ح 2.
4- المدارک 4 : 381.

حرام وفاقا ونصوصا ، کما حقّقنا ، إلاّ ما ورد من الأئمّة علیه السلام ، مثل القطع لتدارک الأذان والإقامة.

مع أنّه لما ثبت حرمة القطع وجاز العدول إلی النفل - کما مرّ - فلا وجه للقطع حینئذ. وأمّا الثانی فلأنّه من البدیهیات أنّ العدول غیر القطع ، ولا وجه للخفاء علی أحد ، والله یعلم.

قوله : لأنّ النهی فی الروایة الأولی. ( 4 : 383 ).

لا یخفی ما فیه ، لأنّ قوله علیه السلام : « لا یقرأ » نفی لا نهی ، کما هو ظاهر علی من تأمّل أدنی تأمّل ، مع أنّه بحسب الصورة یحتمل النفی کما یحتمل النهی من دون تفاوت ، ولا قرینة علی کونه نهیا إن سلّمنا عدم الظهور فی کونه نفیا ، فعلی هذا لم یثبت من الروایة ما یمنع بقاء الأمر علی حقیقته التی هی الوجوب ، والأصل بقاؤه علیها حتی یثبت المانع ، بل هذا الأصل أیضا یرجّح کونه نفیا لا نهیا.

ویرجّحه أیضا أنّه لو کان نهیا لکان مجازا من دون قرینة فی الحدیث ، والمجاز خلاف الأصل ، سیّما إذا لم یکن فی الحدیث ما یصلح للقرینة.

هذا کلّه بعد تسلیم عدم الظهور فی النفی ، ومثل هذا النفی باق علی حقیقته لا داعی أصلا إلی الحمل علی المجاز الذی هو النهی ، لأنّ مراد المعصوم علیه السلام أنّ فی الرکعتین الأخیرتین تکون القراءة منتفیة ، بل المقرّر التسبیح والتحمید والدعاء ، وإن شاء المکلف أن یقرأ فاتحة الکتاب لا مانع منه ، لأنّها تسبیح وتحمید ودعاء علی ما صرّحوا بذلک فی الأخبار

حکم من أدرک الإمام فی أثناء الصلاة

ص: 375

الأخر (1) ، وهذا الخبر موافق لها.

هذا کلّه علی تقدیر تسلیم ما ذکره بقوله : ومع اشتمال الروایة.

وفیه نظر ظاهر ، لأنّ الأصل الحقیقة حتی یثبت خلافها ، وقد مرّ الکلام فی ذلک فی أوّل الکتاب ، وأنّ ذلک خلاف طریقة الفقهاء ، وأنّه ربما یوجب ذلک سرایة الوهن فی جلّ أخبارنا لو لم نقل کلّها ، فلاحظ وتأمّل.

علی أنّ فی هذه الروایة ما یمنع عن الحمل علی الاستحباب ، مع قطع النظر عن کون الاستحباب معنی مجازیا للأمر ، وأنّه لا بدّ من ثبوت قرینة صارفة ، لأنّ قوله علیه السلام : « قرأ فی کل رکعة. » تفسیر وبیان لقوله علیه السلام : « جعل أوّل ما أدرک أوّل صلاته » ولا شکّ فی أنّه واجب ، وأنّه لا یجوز قلب الصلاة.

وممّا ذکرنا ظهر ما فی کلامه فی الروایة الثانیة ، فتدبّر.

مع أنّ قوله : قال : وسألته. کلام علی حدة وسؤال وجواب لا دخل لهما فی السابق فیبعد غایة البعد أن یسری السابق فی هذا ، وقوله علیه السلام : « فإنّهما لک الأوّلتان » تعلیل للأمر بالقراءة ، وکذا نهیه علیه السلام عن جعله أوّل صلاته آخرها ، فتأمّل.

قوله : وهو لا یدل صریحا. ( 4 : 383 ).

لا یخفی أنّ القراءة حقیقة فی التلفّظ ، وکونها فی النفس ظاهر فی أنّه لا یسمعها الإمام والمأمومین ، وهکذا أفتوا ، ولا وجه للتأمّل من جهة ما ذکره أصلا. وممّا یشیر إلی کون المراد القراءة الحقیقیة لا المجازیة صحیحة الحلبی ، والعلة المنصوصة وغیر ذلک ممّا ذکر فی الحاشیة السابقة.

ص: 376


1- الوسائل 6 : 107 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42.

قوله (1) : وهی غیر صریحة فی وجوب الاستیناف. ( 4 : 385 ).

بل ولا ظاهرة لو لم نقل بظهورها فی عدم الاستیناف ، فتأمّل.

قوله : فی روایة محمد بن مسلم الصحیحة. ( 4 : 385 ).

فی هذه الروایة لا دلالة علی المنع ، لأنّه روی عن الباقر علیه السلام أنّه « لا یعتدّ بالرکعة التی لم یشهد تکبیرها مع الإمام » (2) نعم فی روایته عن الصادق علیه السلام روی النهی (3) ، ویمکن أن یکون المراد المنع عن الدخول علی وجه یعتدّ بالرکعة ، کما هو المتعارف جمعا بین روایتیه ، فتأمّل.

قوله : بل لعدم ثبوت التعبّد بذلک. ( 4 : 385 ).

ظاهر روایة معلّی مع الشهرة العظیمة یکفی للعبادة المستحبة.

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 4 : 386 ).

إلاّ أنّها منجبرة بالشهرة وغیرها.

قوله : عن غایة ما یدرک به الجماعة. ( 4 : 387 ).

یمکن الفرق بین إدراک الجماعة وإدراک شی ء من الجماعة ، وروایة عمار محمولة علی الثانی ومنجبرة بالشهرة ، فتأمّل.

قوله : والظاهر أنّ الاقتصار علی الجلوس أولی. ( 4 : 387 ).

بعید ، بل الظاهر الإتیان بالسجود ، بل بالتشهّد أیضا متابعة للإمام ، لأنّه الظاهر من إدراک الصلاة مع الإمام ، فتأمّل.

ص: 377


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- التهذیب 3 : 43 / 150 ، الاستبصار 1 : 435 / 1677 ، الوسائل 8 : 381 أبواب صلاة الجماعة ب 44 ح 3.
3- الکافی 3 : 381 / 2 ، الوسائل 8 : 381 أبواب صلاة الجماعة ب 44 ح 4.

( مع أنّ أولویة الاقتصار علی الجلوس إن کانت من جهة عدم التصریح بالإتیان بالسجود والتشهّد ، ففیه : أنّ الجلوس أیضا کذلک ، فإن قال : إنّ مقتضی الظاهر من الإدراک الإتیان بما فعله الإمام ، قیل : فیلزم الإتیان بالکلّ ، فتأمّل جدّا ) (1).

قوله : فی الصحیح عن أبی المعزا. ( 4 : 387 ).

مرّ الکلام فی هذه الصحیحة من أنّ الظاهر وقوع سهو فیها (2) ، والثالثة صورة العذر ولا غبار علیه ، نعم الثانیة یصح الاستدلال بها بأنّ خصوصیة تطویل الإمام التشهّد وعروض الحاجة لا دخل لهما فی فتوی الفقهاء ، فتأمّل.

قوله (3) : مبنی علی تحریم المحاذاة. ( 4 : 388 ).

کون البناء علی ذلک محلّ تأمّل ، لأنّ هیئة الجماعة وظیفة شرعیة ، والظاهر من الأخبار تعیّن تأخیر النساء فیها ، فتأمّل.

قوله : عامی. ( 4 : 389 ).

إلاّ أنّ الشیخ فی العدّة ادعی إجماع الشیعة علی العمل بروایات أضرابه [ فی ما ] (4) لم ینکروا [ ه ] ولم یکن عندهم خلافه (5) ، وفی الفهرست أن کتابه [ معتمد ] (6). وفی رجال النجاشی أنّ کتابه یرویه

جواز تسلیم المأموم قبل الإمام

تحقیق رجالی حول طلحة بن زید

ص: 378


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- راجع ص 372.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : و، والظاهر ما أثبتناه من المصدر.
5- عدّة الأصول 1 : 380.
6- الفهرست : 86 ، وما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.

جماعة (1). وابن مسکان ممّن أجمعت العصابة ( ویروی عنه صفوان فی الصحیح ، وهو أیضا ممّن أجمعت العصابة ) (2) فتأمّل.

قوله : ومع المطر لا یتأکّد استحباب التردّد إلی المساجد ... ( 4 : 392 ).

یظهر من صحیحة أبی عبیدة التی مضت فی مبحث أوقات الصلاة فی وقت صلاة العشاء أنّ الرسول صلی الله علیه و آله کان فی لیلة المطر والریح یصلّی فی المسجد (3) ، علی ما هو الظاهر. ویمکن أن یکون عریشه کان علی وجه لا یقطر السقف علی المصلّین ، کما نشاهد الآن بیوت القصب وغیرها ، فتأمّل.

قوله (4) : ویمکن حمل الوضوء فیها. ( 4 : 393 ).

لا وجه للحمل علی ما ذکره ، لما ثبت فی محلّه من ثبوت الحقیقة فی زمان الصادق علیه السلام ، سیّما فی مثل هذه الألفاظ ، وخصوصا بعد فتاوی الفقهاء الخبیرین الماهرین ، مع بعده عن دلالة هذا الحدیث ، کما لا یخفی.

قوله : علّله فی المعتبر. ( 4 : 394 ).

وعلّل تقدیم الیسری عند دخول الخلاء والیمنی عند الخروج عنه بأنّ الشیخ وجماعة من الأصحاب ذکروا ذلک ، ومتابعتهم حسن (5).

أقول : قد ورد النص فی استحباب تقدیم الیمنی دخولا فی المسجد ،

أحکام المساجد

استحباب اتخاذ المساجد غیر مسقفة

استحباب کون المیضاة علی أبوابها

آداب الدخول فی المسجد

ص: 379


1- رجال النجاشی : 207.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج ».
3- التهذیب 2 : 35 / 109 ، الاستبصار 1 : 272 / 985 ، الوسائل 4 : 203 أبواب المواقیت ب 22 ح 3.
4- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
5- انظر المعتبر 1 : 134.

والیسری خروجا عنه ، رواه فی الکافی بسنده إلی یونس عنهم علیه السلام ، قال : قال : « الفضل فی دخول المسجد أن تبدأ برجلک الیمنی إذا دخلت ، وبرجلک الیسری إذا خرجت » (1).

قوله : والتعهّد أفصح من التعاهد. ( 4 : 395 ).

سمعت عن بعض مشایخی أنّ اختیار التعاهد علی التعهّد تشبیها للمتعاهد والنعل بالمتعاهدین من حیث إنّ المتعاهد یخلع نعله ویرفعه إلی حذاء وجهه للمشاهدة وملاحظة حاله ، فتأمّل.

قوله : فیکون إحداثه بدعة. ( 4 : 398 ).

فیه ما فیه ، لأنّ البدعة اللغویة لیست بحرام.

قوله : وهذه الروایة ضعیفة السند. ( 4 : 398 ).

فتصلح سندا للکراهة لا الحرمة أیضا. مع أنّ المتن أیضا لا یدل علی الحرمة دلالة واضحة.

قوله (2) : لا یعطی أزید من الکراهة. ( 4 : 398 ).

لم نجد فیه دلالة علی الکراهة أیضا.

قوله : إذا استلزم تنجیس المسجد. ( 4 : 399 ).

لما فی بعض الأخبار من جواز دخول الحائض المسجد مجتازة (3).

قوله : ولم أقف علی نص یتضمّن کراهة المحاریب. ( 4 : 401 ).

المتعارف جعل المحراب فی الجدار ، کما قیل ونشاهد الآن ، لکن

حکم زخرفة المساجد ونقشها بالصور

حرمة إدخال النجاسة إلیها إذا استلزم تنجیس المسجد

کراهة جعل المحاریب داخلة فی الحائط

ص: 380


1- الکافی 3 : 308 / 1 ، الوسائل 5 : 246 أبواب أحکام المساجد ب 40 ح 2.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
3- الوسائل 2 : 213 أبواب الجنابة ب 17 ح 2.

لیس داخلا فی الجدار بحیث إذا قام الإمام فیه خفی علی الصفّ الأوّل إلاّ من کان بحیاله ، بل إمّا أنّها لیست بداخلة أصلا أو تکون بدخول قلیل ، فالمراد بالمحاریب الداخلة ما یکون بحیث إذا دخلها الإمام تصیر حائلة بینه وبین المأمومین إلاّ من کان بحیال الباب من قبیل المقاصیر التی أحدثها الجبّارون ، أو یکون نفس المقاصیر ، وهذا یناسبه الکسر ، لأنّه فی الحقیقة بیت ، ولذا قال علیه السلام : « کأنّها مذابح الیهود » لا أنّها مجرّد أثر فی الحائط أو دخول قلیل حتی لا یناسبه الکسر.

وما قیل من أنّ المراد من المذابح نفس المحاریب فی هذا الحدیث لما فی القاموس (1) ، بعید ، کما لا یخفی علی المتأمّل.

قوله : فی المساجد الموضوعة للطاعات. ( 4 : 401 ).

کونها موضوعة لکلّ طاعة محلّ تأمّل ، بل الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها ، وحکم أمیر المؤمنین علیه السلام مجرّد اتفاق ، ودکّة القضاء أیضا حصلت من قضاء اتفاقی ، کما نقل (2) ، والممنوع فی الروایة إنفاذ الأحکام ، وکذا فی فتوی الفقهاء ، وضعف السند منجبر بالشهرة ، مع أنّ المقام مقام التسامح فی الدلیل ، کما حقّق فی أوّل الکتاب. مع أنّه سیجی ء فی صحیحة ابن مسلم تعلیل المنع ببری النبل فیها بأنّها بنیت لغیر ذلک ، وتعریف الضوالّ أیضا طاعة ، وکذا البیع والشراء مطلقا أو فی بعض الوجوه ، وکذا الصنائع وغیرها ، فتأمّل. مع أنّ من إنفاذ الأحکام یحصل تشویش الخاطر للمصلّین غالبا ، فتأمّل.

قوله : لما رواه الکلینی فی الصحیح. ( 4 : 402 ).

کراهة انفاذ الأحکام وإنشاد الشعر فیها

ص: 381


1- القاموس 1 : 228 ، ملاذ الأخیار 5 : 477.
2- انظر کشف اللثام 1 : 201.

فی الصحیح عن موسی بن جعفر علیهماالسلام عن الشعر أیصلح أن ینشد فی المسجد؟ قال : « لا بأس » وعن الضالّة أیصلح أن تنشد فی المسجد؟ قال : « لا بأس » (1).

قوله : لا یوجب إعادة الصلاة. ( 4 : 405 ).

بل الأخبار الأوّلة ظاهرة فی عدم الإعادة وعدم المنع عن الصلاة أیضا ، فتأمّل.

قوله : ما رواه الشیخ عن غیاث بن إبراهیم. ( 4 : 405 ).

روی فی الصحیح : أنّ الجواد علیه السلام تفل فی ما بین الرکن الیمانی والحجر الأسود ولم یدفنه (2). وفی روایة : أنّ الباقر علیه السلام یصلّی فی المسجد فیبصق أمامه وعن یمینه وعن شماله وخلفه ولم یدفنه (3).

قوله : واستحباب ستره بالتراب. ( 4 : 405 ).

فی الصحیح : أنّ الباقر علیه السلام إذا وجد قملة فی المسجد دفنها فی التراب (4).

قوله : نقضهما. ( 4 : 406 ).

النقض بضم النون آلات بنائهما لا المصدر ، إذ لا وجه لنقضهما لجعلهما مسجدا ، مع أنّه خلاف ظاهر العبارة أیضا. فتأمّل.

قوله : وفعل النبی صلی الله علیه و آله وقع اتفاقا. ( 4 : 414 ).

حکم البصاق والتنخّم فیها

صلاة الخوف

کیفیة الجمع فی صلاة الخوف

ص: 382


1- التهذیب 3 : 249 / 683 ، قرب الاسناد : 289 / 1143 ، 1144 ، الوسائل 5 : 213 أبواب أحکام المساجد ب 14 ح 2.
2- الکافی 3 : 370 / 13 ، التهذیب 3 : 257 / 717 ، الوسائل 5 : 221 أبواب أحکام المساجد ب 19 ح 1.
3- التهذیب 3 : 257 / 718 ، الوسائل 5 : 221 أبواب أحکام المساجد ب 19 ح 3.
4- الکافی 3 : 367 / 4 ، الوسائل 7 : 275 أبواب قواطع الصلاة ب 20 ح 4.

لا یقال : إنّهم إن کانوا فی جهة القبلة یمکنهم الصلاة علی الاجتماع ، لأنّا نقول : یمکنهم الصلاة بالإیماء لا الرکوع والسجود ، نعم إن أمنوا من الرکوع والسجود أمکنهم الاجتماع ولو کان الخصم فی غیر جهة القبلة ولا یکون خوف ، فتأمّل.

قوله : لخائف العدوّ. ( 4 : 425 ).

لا یخفی أنّ مضمون صحیحة زرارة هو أنّ صلاة خائف اللّص والسبع واحدة بحسب الکیفیة والعدد ، ومع ذلک قال : « یصلّی صلاة المواقفة » (1) وصلاة الموافقة قصر.

وأیضا صحیحة زرارة التی استدل بها الشارح رحمه الله علی تحقّق القصر فی الخوف فی الحضر أیضا یدل علی أنّ مطلق الخوف یصیر سببا للقصر ، سیّما بملاحظة قوله علیه السلام : « وصلاة الخوف أحقّ من أن تقصر من صلاة السفر الذی لا خوف فیه » (2). هذا مع ادعاء المحقق إجماع علمائنا علی ذلک (3).

وصحیحة عبد الرحمن أیضا صریحة فی أنّ صلاة الزحف تکبیر وتهلیل ، واستشهد بقوله تعالی ( فَإِنْ خِفْتُمْ ) . (4) الآیة ، فلو کان الخوف یشمل ما نحن فیه فظاهرها أنّه یصلّی صلاة الزحف ، وهی مقصورة قطعا.

وفی غیر واحد من الأخبار أنّ صلاة خائف اللص والسبع بنحو

حکم الخائف من سیل أو سَبُع

ص: 383


1- الفقیه 1 : 295 / 1348 ، الوسائل 8 : 441 أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب 3 ح 8.
2- الفقیه 1 : 294 / 1342 ، التهذیب 3 : 302 / 921 ، الوسائل 8 : 433 أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب 1 ح 1.
3- المعتبر 2 : 461.
4- النساء : 101.

واحد (1). إلاّ أن یقال : إنّ الغالب کون الخوف من اللصّ والسبع فی السفر ، ( ولا یخلو من تأمّل ، سیّما وأن یکون السفر سفرا شرعیا ) (2) فتأمّل.

قوله : فالظاهر أنّه یقصر العدد أیضا. ( 4 : 426 ).

لعل هذا الحکم منه بناء علی کون هذا الخوف فردا من الخوف الذی یجب لأجله القصر.

قوله : سوی ما رواه ابن بابویه. ( 4 : 429 ).

لا یخفی أنّ ما رواه ابن بابویه رواه الکلینی أیضا ، وفیها ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع (3) ، فظهر أنّه وقع فی روایة الصدوق سقط ، مع أنّ القطع حاصل بفسادها ، لأنّ البریدین مسیرة یوم من بیاضه إلی بیاضه ، کما نطقت به الأخبار.

ویمکن الجمع بینه وبین ما ذکره القوم بحمل الذراع علی ما هو أطول ممّا ذکروه بقلیل بحیث یصیر ثلاثة آلاف وخمسمائة أربعة آلاف ، والمیل مثل سائر الموضوعات والألفاظ یرجع فیه إلی اللغة والعرف ، والروایتان ضعیفتان مع القطع بفساد الثانیة. فتأمّل.

قوله : جازما به. ( 4 : 430 ).

لیس کذلک بلا شبهة ، بل ذکره بعنوان کلمة « أو » بل وأخّره ، والنسبة إلی الشهرة بین الناس تنبیه علی مأخذ الحکم ، وهو من المسلّمات عنده وعند غیره من الفقهاء أنّهم یرجعون فی الموضوعات للأحکام وألفاظها إلی اللغة والعرف.

صلاة المسافر

شروط التقصیر

الأوّل : المسافة

اشارة

ص: 384


1- الوسائل 8 : 439 أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب 3.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- الکافی 3 : 432 / 3 ، الوسائل 8 : 460 أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 13.

قوله : فیحتمل قویا. ( 4 : 432 ).

لیس بشی ء ، بل الأولی اعتبار الاعتدال فیه أیضا ، لأنّ المراد من مسیرة یوم هو السیر أربعة وعشرین میلا ، کما نطقت به الأخبار وفتاوی الأخیار ، وهو المطابق للاعتبار ، إذ لا وجه فی تغیّر الحکم بتغیّر أمارة المقدار ، فتأمّل جدّا.

قوله : لا ریب فی الاکتفاء بالسیر. ( 4 : 432 ).

فیه تأمّل ظاهر ، إذ لا بدّ من مساواة السیر للمقدار واعتبار الموازنة ، کما نبّهنا علیه فی الحاشیة السابقة ، وإن احتمل الاکتفاء بالتقریب فی السیر ، بل هذا هو الأظهر ، کما سنشیر إلیه. فتأمّل.

قوله : مع ثبوت المسافة بالأذرع. ( 4 : 432 ).

لعل هذا التقیید منه بناء علی أنّه لا یعرف مسافة السیر إلاّ بفعلیة السیر ، وفیه ما فیه ، بل الظاهر أنّ المعرفة بالسیر أیضا یحصل بالسیر السابق ، ومعلوم أنّ الحکم هو ما ذکره مع ثبوت المسافة مطلقا.

قوله : إذا أراد الرجوع لیومه. ( 4 : 434 ).

الظاهر أنّ المراد نهاره وبیاضه ، وربما قیل بدخول اللیلة فیه (1) مدعیا التبادر ، وفیه ما فیه.

قوله : وإذا کان سفره أربعة فراسخ. ( 4 : 434 ).

فی الفقه الرضوی : « التقصیر واجب إذا کان السفر ثمانیة فراسخ ، فإن کان السفر بریدا واحدا وأردت أن ترجع من یومک قصّرت ، لأنّ ذهابک ومجیئک بریدان ، وإن عزمت علی المقام وکان سفرک بریدا واحدا ثمّ تجدّد

مقدار المیل
حکم ما لو کانت المسافة أربعة فراسخ وأراد الرجوع لیومه

ص: 385


1- انظر الذکری : 259 ، والروضة البهیة 1 : 370.

لک فیه الرجوع من یومک فلا تقصّر » إلی أن قال : « وإن سافرت إلی موضع مقداره أربعة فراسخ ولم ترد الرجوع من یومک فأنت بالخیار ، فإن شئت أتممت ، وإن شئت قصّرت ، وإن کان سفرک دون أربع فالتمام علیک واجب » (1).

وقال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ حدّ السفر الذی یجب فیه القصر فی الصلاة والإفطار فی الصوم ثمانیة فراسخ ، فإن کان سفر الرجل أربعة فراسخ ولم یرد الرجوع من یومه فهو بالخیار إن شاء أتمّ وإن شاء قصّر ، وإن أراد الرجوع من یومه فالتقصیر علیه واجب (2).

وسیجی ء فی روایة ابن مسلم الإشارة إلی اعتبار الرجوع لیومه (3).

ولما ذکرنا تری الفقهاء الفحول الذین هم أئمّة فی الفهم والفقه کانوا یفهمون من الرجوع کونه لیومه من دون تأمّل ولا تزلزل ولا اعتراض لأحدهم علی الآخر فی ذلک ، إلی أن بعد العهد وخفی منشؤ فهمهم فشرعوا فی الاعتراض علیهم مثل الشارح وأمثاله ممّن بعده عهده ، فظهر أنّ الأقوی مذهب هؤلاء الأعاظم ، وبه یتحقّق الجمع بین أخبار هذا الباب.

وقیل : الأقوی مذهب ابن أبی عقیل ، لحکایة توبیخ أهل عرفات فی عدم قصرهم (4) (5).

ص: 386


1- فقه الرضا علیه السلام : 159 ، المستدرک 6 : 527 ، 528 أبواب صلاة المسافر ب 1 ، 2 ح 3 ، 1.
2- أمالی الصدوق : 514.
3- تأتی فی ص : 391 - 392 ، المدارک 4 : 436.
4- الکافی 4 : 519 / 5 ، الفقیه 1 : 286 / 1302 ، التهذیب 3 : 210 / 507 ، الوسائل 8 : 463 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 1.
5- انظر الذخیرة : 406. والحدائق 11 : 326.

وفیه : أنّ ما ذکرناه هنا صریح فی خطأ ابن أبی عقیل. وأمّا توبیخ أهل عرفات فلعلّه لأنّهم لا یجعلون هذا القدر من المسافة مسافة للقصر أصلا ، ویحکمون بسبب هذا بوجوب الإتمام. وقولهم علیه السلام : « أیّ سفر أشدّ منه » لعله إقناعی وجدل ، کما هو دأبهم علیه السلام ، بأنّه ظاهر أنّ منشأ القصر التخفیف علی المسافر من شدّة تکون بهم غالبا ، فتأمّل.

وممّا یشهد علی بطلان مذهبه أنّه ورد فی بعض الأخبار القصر فی الأربعة التی لم ینضمّ إلی أربعة الإیاب ، وهو خبر عمران عن الجواد علیه السلام أنّه یقصّر فی طریقة إلی ضیعته ویتمّ فی الضیعة (1) ، والمسافة إلیها خمسة فراسخ ، فلاحظ وتأمّل.

مع أنّ المنقول من مذهبه لا شاهد له فی الأخبار. وتأویل کلامه بأنّ مراده من : ما دون عشرة ، عدم قصد الإقامة فی الأثناء ، وأنّه أحد القواطع الثلاث یعنی أنّه لا یقطع سفره بالوصول إلی الوطن أو البقاء متردّدا ثلاثین یوما ، بعید ، مع أنّه لا شاهد له ، فتأمّل جدّا.

قوله : ونحوه قال المفید. ( 4 : 434 ).

الظاهر من الکلینی رحمه الله تحتّم القصر إذا کان المسافة أربعة فراسخ مطلقا ، لأنّه لم یأت فی الکافی فی باب صلاة المسافر إلاّ بأحادیث الأربعة ، ولم یرو أحادیث الثمانیة ولم یعتن بشأنها مطلقا (2).

ویمکن أن یکون مراده : أدنی مسافة یتحقّق فیها القصر أربعة ، أعمّ من أن یکون القصر بعنوان الوجوب أو الجواز ، لما ذکرنا فی الحاشیة

ص: 387


1- التهذیب 3 : 210 / 509 ، الاستبصار 1 : 229 / 811 ، الوسائل 8 : 496 أبواب صلاة المسافر ب 14 ح 14.
2- الکافی 3 : 432.

السابقة ، ولأنّه لم ینسب إلیه أحد القول بالأربعة مطلقا علی سبیل الوجوب ، ولأنّه ترک بعض الحدیث فی بعض الأخبار وأتی بالبعض وهو أنّ المسافة أربعة ، والمتروک هو أنّه إذا رجع یصیر ثمانیة فراسخ (1) ، وأنّ الغالب الرجوع ، فتأمّل.

قوله : ثم قال : علی أنّ الذی. ( 4 : 434 ).

الظاهر من قوله : علی أنّ الذی نقول. ، کون هذا القول علاوة لما ذکره من التوجیه وتتمّة له ، کما هو رأیه فی النهایة ، والنهایة فتاویه علی طبق ما فی کتابیه کما لا یخفی علی المطلع ، فهو فی کتابه الحدیث أیضا موافق لشیخه المفید والصدوق. وکون التهذیب شرح کلام المفید قرینة أخری علی ما ذکرناه ، فما سیذکره الشارح من أنّ مذهبه التخییر فی الأربعة علی الإطلاق (2) ، فیه ما فیه.

ومن المؤیّدات لما ذکرناه کلام الصدوق فی أمالیه (3).

ومن المؤیّدات إنّه استشهد بروایة ابن مسلم وابن وهب وغیرهما مع کونها نصا فی أنّ المراد من البرید والأربعة هو الثمانیة بناء علی اعتبار الرجوع واعتباره ، ولم یتوجّه إلی توجیه هذه الروایات أصلا. وبالجملة : لا تأمل فی ما ذکرناه ، کما لا یخفی ( علی المتأمّل ) (4).

قوله : أنّ إطلاق الأمر. ( 4 : 436 ).

إن أراد أنّه لا یجوز ورود الإطلاق فی حدیث ویکون مقیّدا ما لم

ص: 388


1- لم نعثر علیه.
2- المدارک 4 : 437.
3- راجع ص 386.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

یذکر فی ذلک الحدیث لفظ یدل علی القید ، فهو بدیهی الفساد ، لأنّ جلّ المطلقات - لو لم نقل کلّها - لیست کذلک ، بل یظهر القید من دلیل آخر : خبر ، أو آیة ، أو إجماع ، أو غیرها.

وإن أراد أنّه یکفی ورود القید فی دلیل آخر من خبر أو غیره ، ففیه : أنّ الصحاح المذکورة وغیرها ممّا سنذکره صریحة فی أنّ المطلقات مقیّدة بالرجوع ، مضافا إلی أنّ الغالب فی الأسفار الرجوع ، والمطلق ینصرف إلی الغالب ، کما صرّح به مرارا (1).

وإن أراد أنّ قید کون الرجوع من یومه لا یظهر من دلیل ، فهذا بعینه هو اعتراضه الثانی.

مع أنّک قد عرفت وجه التقیید بیومه ، وهو الإجماع المنقول عن الصدوق ، والإجماع المنقول حجّة ، کما حقّق فی محلّه ، والفقه الرضوی أیضا حجّة ، کما حقّقنا (2) ، سیّما إذا کان منجبرا بطریقة الإمامیة وعمل قدمائنا الفقهاء ، وإن شئت قلت : الإجماع المنقول ، وکذا منجبر بالإشعار فی صحیحة ابن مسلم وغیر ذلک ممّا أشرنا.

مع أنّ مجرّد الإشعار فی الصحیحة کاف للجمع ، لأنّه رفع التناقض عن أقوال المعصومین علیه السلام ، وهو أولی من الطرح عندهم ، والشارح رحمه الله ربما یکتفی بالجمع المجرّد عن الإشعار وغیره ، فتأمّل.

وبالجملة : الإشعار یصلح لتأیید جمع وترجیحه علی جمع آخر ، لأنّ فیه مظنّة ، فکیف إذا اجتمع مع الإجماع المنقول وعبارة الفقه الرضوی وغیر ذلک؟

ص: 389


1- المدارک 4 : 431.
2- انظر خاتمة مستدرک الوسائل 1 : 234.

مع أنّه قال فی شرحه لقول المصنف : الشرط الأوّل المسافة : إنّه لا فرق مع ثبوت المسافة بالأذرع بین قطعها فی یوم. (1) وهو ظاهر فی أنّ المسافة لو ثبتت بالسیر لا بدّ من قطعها فی یوم واحد ، ولا شکّ فی أنّ الوارد فی روایة ابن مسلم هو القطع بالسیر ، فتأمّل.

وإن أراد أنّ کثرة المطلقات مع قلّة المقیّد لا یجوز ، ففیه : أنّ المدار فی الفقه علی ذلک ، ألا تری أنّ الإطلاقات فی وجوب الجمعة کثیرة غایة الکثرة ، والتقییدات فیها فی الغالب بخبر أو خبرین؟ بل ربما لا یکون بخبر مثل عدالة إمامها ، فإنّها لا تثبت من خبر صحیح واضح الدلالة ، فتأمّل.

ویؤیّدهم أیضا موثقة عمار ( عن الصادق علیه السلام : عن الرجل یخرج فی حاجته فیسیر خمسة فراسخ أو ستّة فراسخ ، فیأتی قریة فینزل فیها ، ثم یخرج منها خمسة فراسخ أو ستّة لا یجوز ذلک ، ثم ینزل فی ذلک الموضع ، قال : « لا یکون مسافرا حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ ، فلیتمّ الصلاة » (2).

إذ فی غایة [ الظهور ] (3) أنّه من جهة الحاجة یسیر خمسة أو ستّة فراسخ. وحملها علی عدم إرادة الرجوع إلی وطنه أصلا والحیرة بالمرّة ، بعید جدّا ، وکذا علی قصد الإقامة ، فیکون المراد ممّا دل علی الرجوع وانضمامه حتی یصیر ثمانیة هو الرجوع لیومه أو لیلته ، والموثق حجّة سیّما إذا کان منجبرا بالشهرة.

ص: 390


1- المدارک 4 : 432.
2- التهذیب 4 : 225 / 661 ، الاستبصار 1 : 226 / 805 ، الوسائل 8 : 469 أبواب صلاة المسافر ب 4 ح 3.
3- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

وفی التهذیب حمله علی الهائم بقرینة روایته الأخری عن الهائم (1).

وهو فاسد من وجوه :

الأول : أنّ روایته الأخری أمر فیها بالقصر بعد ثمانیة ، وفی هذه أمر بالإتمام بعد اثنی عشر.

الثانی : أنّ الضمیر فی قوله : « لا یکون » راجع إلی الرجل المذکور ، فمقتضی هذا أنّه یقصّر بعد ثمانیة فراسخ ، فکیف أمره بالإتمام بعد اثنی عشر فرسخا؟

وأیضا لو کان المراد هو الهائم لکان علیه السلام یقول : لا یکون مسافرا حتی یکون هذا السیر عن قصده ، إذا الأربعة المقصودة تکفی للقصر حتما أو تخییرا ، فضلا عن ستّة ، فضلا عن اثنی عشر ، هذا.

مع أنّ ترک الاستفصال عن کونه هائما أم لا یفید العموم ، فضلا عمّا عرفت من عدم إمکان کونه هائما ) (2).

قوله : لا یدل علیه اللفظ. ( 4 : 436 ).

فی الکشی فی ترجمة محمد بن مسلم بسنده إلی محمد بن حکیم وصاحب له أنّهما سألا من شریک - وهو قاض من قضاة العامّة - فی کم یجب التقصیر؟ فقال : ابن مسعود یقول کذا ، وفلان قال کذا ، فقالا : شرطنا علیک أن لا تحدّثنا إلاّ عن رسول الله صلی الله علیه و آله ، ثم سألاه : علی من تجب الجمعة؟ فقال أیضا : ما عندی فی هذا عن رسول الله صلی الله علیه و آله ، ثم قال لهما : لم تسألوا عن هذا إلاّ وعندکم علم منه فقالا : نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفی عن محمد بن علی عن أبیه عن جدّه عن النبی صلی الله علیه و آله « أنّ التقصیر

ص: 391


1- التهذیب 4 : 225 / 662.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

یجب فی بریدین ، وإذا اجتمع خمسة أحدهم الإمام فلهم أن یجمّعوا » (1) أخذناه من الکشی مختصرا.

قوله : بعید جدّا. ( 4 : 436 ).

لا یخفی فساد هذا الاعتراض ، لأنّ التأویل للجمع هو ارتکاب البعید ، وما ذکر لیس بذلک البعید ، وما قال من أنّه قبیح فیمتنع. أظهر فسادا وأقبح وأشدّ شناعة ، لأنّه سدّ لباب الجمع بین الأخبار والآیات ، ومداره کلّه ومدار کلّ الفقهاء علی الجمع ، والفقه مبتن علیه.

بل فی المقام یجمع هو أیضا بین الأخبار بحمل الأربعة مطلقا علی التخییر ، مع أنّه أبعد ، لأنّ صحیحة زرارة وصحیحة ابن وهب وصحیحة محمد بن مسلم کلّ واحد منها صریحة فی أنّ المراد من الأربعة ما یصیر ثمانیة ، وأنّه فرد من الثمانیة ، ولا شکّ فی أنّ القصر فی الثمانیة بعنوان الوجوب ، ألا تری أنّ ابن مسلم تعجّب من قوله : « برید »؟ لأنّه کان سمع أنّه بریدان ، علی ما یظهر من علم الرجال ، فأجاب علیه السلام أنّه أیضا ثمانیة ، ولم یقل : مرادی القصر علی سبیل الجواز.

ومضمون هذه الصحاح لیس منحصرا فیها ، بل ورد فی غیرها أیضا ، مثل ما رواه الکلینی عن إسحاق بن عمار ، عن أبی الحسن علیه السلام عن قوم خرجوا فی سفر فلمّا انتهوا إلی الموضع الذی یجب علیهم فیه التقصیر (2) ، إلی آخر الحدیث ، وزاد فی العلل فی آخره : « لأنّ التقصیر فی بریدین ولا یکون فی أقلّ من ذلک ، فإن کانوا ساروا بریدا وأرادوا أن ینصرفوا کانوا قد

ص: 392


1- رجال الکشی 1 : 389 / 279.
2- الکافی 3 : 433 / 5 ، الوسائل 8 : 466 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 10.

سافروا سفر التقصیر ، وإن کانوا ساروا أقلّ من ذلک لم یکن لهم إلاّ إتمام الصلاة » (1).

وقریب منها صحیحة أبی ولاد عن الصادق علیه السلام (2) ، وروایة المروزی عن الفقیه علیه السلام : « أنّ التقصیر فی الصلاة بریدان أو برید ذاهبا وبرید جائیا ، والبرید ستّة أمیال ، وهو فرسخان ، فالتقصیر فی أربعة فراسخ ، فإذا خرج من منزله یرید اثنی عشر میلا وذلک أربعة فراسخ ، ثم بلغ فرسخین ونیّته الرجوع أو فرسخین آخرین قصّر » (3). الحدیث ، وظاهر أنّ المراد الفرسخ الخراسانی وهو فرسخان ، لأنّ الراوی مروزی ، وربما نقل الحدیث بالمعنی لأهل المرو ، فتأمّل جدّا.

ویدل علی ذلک روایة إسحاق بن عمار التی سنذکرها فی حکم منتظر الرفقة (4) ، هذا.

مع أنّ ما اختاره من الجمع لا قائل به من القدماء بل والمتأخّرین ، ومجرّد التقویة من الذکری (5) لیس قولا به ، وکذا مثل روض الجنان (6) إن صحّ ، وأین هذا ممّا نقل عن أمالی الصدوق وتصریحات القدماء والمتأخّرین حتی الشهیدین (7)؟ فتأمّل.

ص: 393


1- علل الشرائع : 367 / 1 ، الوسائل 8 : 466 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 11.
2- التهذیب 3 : 298 / 909 ، الوسائل 8 : 469 أبواب صلاة المسافر ب 5 ح 1.
3- التهذیب 4 : 226 / 664 ، الاستبصار 1 : 227 / 808 ، الوسائل 8 : 457 أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 4.
4- تأتی فی ص : 394 - 395.
5- الذکری : 257.
6- روض الجنان : 384.
7- انظر الروضة البهیة 1 : 369 ، البیان : 259 ، المسالک 1 : 48.

قوله : وثالثا. ( 4 : 437 ).

الظاهر أنّه یمکن توجیهه فی مقام الجمع بین الأخبار ، والتصریح لیس فی الخبر الصحیح ، ولیس الحجّة عند الشارح رحمه الله إلاّ الصحیحة ، فتأمّل ، مع أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله ما کان وطنه مکّة وبیته فیها باعه عقیل ، ورسول الله رفع یده عنه لذلک. مع أنّه سیجی ء عن الشارح أنّ المعتبر استیطان ستّة أشهر فی کلّ سنة (1) ، فتأمّل.

قوله (2) : ویدل علیه أیضا أنّ مقتضی الأصل. ( 4 : 438 ).

فیه أنّ الأصل فی المسافر القصر ، للعمومات ، إلاّ أنّ اشتراط الثمانیة أو الأربعة مع العود اقتضی کون الأقلّ یجب التمام فیه ، لأنّ المراد من الثمانیة لو کان سیرها کیف کان لما کان لذکر خصوص الأربعة والبرید وجه ، بل کان اللازم أن یقولوا : أقلّ مسافة القصر نصف فرسخ بل ثلثه ، بل أقلّ منه أیضا ، فتأمّل.

قوله : وإلاّ وجب علیه الإتمام. ( 4 : 441 ).

ویدل علی هذه الأحکام روایة إسحاق بن عمار عن الکاظم علیه السلام عن قوم خرجوا فی سفر ، فلمّا انتهوا إلی الموضع الذی یجب فیه التقصیر قصّروا ، فلمّا أن صاروا علی رأس فرسخین أو أربعة تخلّف عنهم من لا یستقیم سفرهم إلاّ بمجیئه - إلی أن قال علیه السلام - : « إن کانوا بلغوا أربعة فراسخ فلیقیموا علی تقصیرهم ، أقاموا أم انصرفوا ، وإن ساروا أقلّ من أربعة فلیتموا الصلاة ما أقاموا ، فإذا مضوا فلیقصّروا » ثم قال : « هل تدری کیف صار کذلک؟ » قلت : لا ، قال : « لأنّ التقصیر فی بریدین ، ولا یکون

حکم التردد فی ثلاثة فراسخ

الثانی : قصد المسافة

حکم منتظر الرفقة فی الطریق

ص: 394


1- المدارک 4 : 445.
2- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « أ ».

فی أقلّ من ذلک ، فلمّا ساروا بریدا وأرادوا أن ینصرفوا بریدا قد ساروا سفر التقصیر ، وإن ساروا أقلّ من ذلک لم یکن لهم إلاّ إتمام الصلاة » قلت : ألیس بلغوا الموضع الذی لا یسمعون فیه أذان مصرهم؟ قال : « بلی إنّما قصّروا فی ذلک الموضع ، لأنّهم لم یشکّوا فی مسیرهم ، فلمّا جاءت العلّة فی مقامهم دون البرید صار هکذا » (1) عجز هذه الروایة مذکور فی العلل ، وصدرها مذکور فیه ، وفی التهذیب (2) أیضا.

قوله : وفی الصحیح عن علی بن یقطین. ( 4 : 442 ).

اعترض علیه بأنّ غایة ما یثبت من الأخبار وجوب الإتمام فی موضع الإقامة ، وفی المنزل الذی یستوطنه ، لا أنّ الشرط أن لا یقطع السفر بأحد القواطع (3).

ویمکن الجواب بأنّ ما دل علی اشتراط المسافة للقصر ومقدار تلک المسافة المشترطة ظاهر فی کون المسافة المشترطة بأجمعها یقصّر فیها ، وأنّها لیست بحیث یقصّر فی بعضها ویتمّ فی بعضها ، فإذا حکم الشارع بوجوب الإتمام فی موضع لم تکن تلک المسافة هی المسافة المشترطة ، إلاّ أن یتحقّق بعد الموضع مسافة یقصّر فی جمیع أجزائها ، ویکون الحکم بحسب ظاهر الدلیل الشرعی التقصیر فی کلّ جزء جزء إلی آخرها ، فلاحظ الأخبار وتأمّل فیها.

مع أنّه ربما کان وطنه بحیث إذا دخل فیها خرج عن المسافر عرفا ،

الثالث : عدم قطع السفر بالوصول إلی الوطن

اشارة

ص: 395


1- المحاسن : 312 / 29 ، الکافی 3 : 433 / 5 ، علل الشرائع : 367 / 1 ، الوسائل 8 : 466 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 10.
2- لم نعثر علیها فیه.
3- انظر الذخیرة : 408.

بل الذی فی وطنه یصدق علیه عرفا أنّه غیر مسافر الآن. وصحیحة ابن یقطین وغیرها یشیر إلی ذلک ، فتأمّل. فیکون السفر بعد ذلک سفرا جدیدا وعلی حدة ، فتدبّر.

ولا یخفی أنّ حکم الثلاثین متردّدا حکم المذکورین.

ویدل أیضا علی ما ذکرنا صحیحة زرارة عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « من قدم قبل الترویة بعشرة أیّام وجب علیه التمام ، وهو بمنزلة أهل مکّة » الحدیث (1).

وصحیحة صفوان عن إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن علیه السلام عن أهل مکّة إذا زاروا علیهم إتمام الصلاة؟ قال : « نعم ، والمقیم إلی شهر بمنزلتهم » (2) وجه الدلالة عموم المنزلة من غیر تخصیص. فتأمّل.

وفی الموثق عن سماعة قال : قال : « من سافر قصّر الصلاة وأفطر إلاّ أن یکون مشیّعا لسلطان جائر أو خرج إلی صید أو إلی قریة له یکون مسیر یوم یبیت إلی أهله ، لا یقصّر ولا یفطر » (3) فتأمّل.

وأیضا إذا تعلّق بالمکلف الحکم بوجوب الإتمام حین الإقامة أو الکون فی الوطن أو ثلاثین یوما یکون الحکم مستصحبا حتی یثبت خلافه ، ولا یثبت إلاّ بالسفر بعد ذلک سفرا مستجمعا لشرائط القصر.

وأیضا الظاهر من صحیحة أبی ولاد (4) وجوب الإتمام علی ناوی الإقامة إلی أن یسافر السفر المستجمع ، کما ستعرف.

ص: 396


1- التهذیب 5 : 488 / 1742 ، الوسائل 8 : 501 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 10.
2- التهذیب 5 : 487 / 1741 ، الوسائل 8 : 501 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 11.
3- التهذیب 3 : 207 / 492 ، الاستبصار 1 : 222 / 786 ، الوسائل 8 : 477 أبواب صلاة المسافر ب 8 ح 4.
4- التهذیب 3 : 298 / 909 ، الوسائل 8 : 469 أبواب صلاة المسافر ب 5 ح 1.

وأیضا غیر واحد من الأخبار مطلق فی وجوب الإتمام بعد نیّة الإقامة ، وکذا الحال فی الوطن وبعد ثلاثین یوما ، فتأمّل جدّا.

قوله : والوطن الذی یتمّ فیه. ( 4 : 443 ).

لعل مراد المصنف من الوطن الوطن الذی أشار إلیه فی قوله : وفی طریق له ملک قد استوطنه ستة أشهر ، لما ستعرف فی الحاشیة الآتیة.

قوله : هو کل موضع. ( 4 : 443 ).

لا یخفی أنّ الأصل فی الصلاة هو الإتمام ( وأنّ وضعها علیه ، وأنّ القصر أمر یعرض ) (1) ، وأنّ القصر لا یجوز إلاّ لخوف أو سفر ، وبمجرّد السفر أیضا لا یجوز حتی یتحقّق شرائط ، وکون المکلف فی السفر هو ما إذا کان المکلّف خارجا عن وطنه ومنزله ومسکنه ، والکائن فی الوطن حاضر غیر مسافر ، ولا دخل للملک فی هذا المعنی ، ولیس کلّ من لا یکون له ملک مسافرا ، وإلاّ لزم أن یکون غالب الناس مسافرین فی جمیع أوقاتهم من یوم تولّدهم إلی أن یموتوا ، وهو بدیهی البطلان ، والمکلفون فی الأعصار والأمصار غالبهم لم یکن لهم ملک یستوطنون فیه ، کما هو ظاهر.

والفقهاء لیس لهم تعریف الحاضر وغیر المسافر (2) ومن هو فی بلده وفی بیته وداره وأهله ، لأنّ ذلک من أظهر البدیهیات ، بل لمّا وجدوا باعتقادهم مسافرا یجب علیه التمام بسبب وصوله إلی منزل استوطنه ستّة أشهر فی وقت من الأوقات عند بعضهم ، أو فی کلّ سنة عند آخر ، ورأوا أنّ الأئمّة علیه السلام أمروا فی بعض الأخبار بالإتمام فی الملک وأنّه معتبر فی

بیان المراد من الوطن الذی یتمّ فیه

ص: 397


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- فی « أ » و « و » : الحاضر.

الإتمام أحیانا ، ولذا اعتبر بعضهم خصوص الملک وأکثرهم الملک مع الاستیطان المذکور دعاهم ذلک إلی التعرّض لحال هذا المسافر والموضع الذی یتمّ فیه.

فالمراد - والله یعلم - : الوطن الذی یقطع السفر ، علی ما هو مقتضی الأخبار التی هی مستند هذا الحکم ، إذا لا تدل علی أنّ الوطن الذی یتمّون فیه منحصر فی ذلک ، بل تدل علی أنّ ذلک الوطن یقطع به السفر ، کما لا یخفی علی المتدبّر.

مع أنّ مقتضی الأخبار الصحاح الکثیرة کون المعتبر الوطن واستیطان المنزل سواء کان ملکا أو لا ، إذ غیر مأخوذ فی معنی المنزل قید الملکیة.

لا لغة ولا عرفا ، بل بینهما عموم من وجه بلا شبهة ، والحکم معلّق علی الاستیطان ، والإتمام دائر معه بمقتضی الصحاح الکثیرة.

وما فی بعض الأخبار من الأمر بالإتمام فی الملک (1) من دون اعتبار الاستیطان محمول علی التقیّة ، لکونه مذهب مالک (2). وقال خالی العلاّمة المجلسی رحمه الله : هو قول جماعة من العامّة ، ونقل أهل السنّة عن ابن عباس والشافعی (3). انتهی.

ولا یخفی علی من تأمّل الصحاح الکثیرة أنّ مراد الأئمّة علیه السلام فیها ردّ هذا القول.

مع أنّ هذا القول مخالف لظاهر الآیة أیضا ، وکذا العمومات المتواترة الدالة علی أنّ فرض المسافر القصر ، والصحاح الکثیرة موافقة للاعتبار أیضا

هل یعتبر الملک فی الوطن

ص: 398


1- الوسائل 8 : 496 ، 497 أبواب صلاة المسافر ب 14 الأحادیث 14 ، 15 ، 17 ، 18.
2- انظر المغنی لابن قدامة 2 : 135.
3- بحار الأنوار 86 : 36.

من جهة أنّ من دخل وطنه لا یکون مسافرا حین کونه فیه ، واعتبار الستّة أشهر فی کلّ سنة شاهد علی أنّ أقصر ما یتحقّق به الوطن أن یستوطن ستّة أشهر فی کلّ سنة ، وبما ذکرنا صرّح بعض المحققین بل غیر واحد منهم (1).

ومع ذلک لا یقاوم ما دل علی الإتمام فی الملک تلک الصحاح الکثیرة من حیث السند أیضا ، وکذا من حیث الدلالة ، لإمکان حملها علی تحقّق الاستیطان ، وإن کان بعیدا ، لأنّ الظاهر لا یقاوم الصریح ، وکذا من جهة الکثرة والشهرة فی الفتوی.

ومع جمیع ذلک لا یدل علی اشتراط الملکیة ، بحیث إنّه لو لم یکن ملکا لا یجوز الإتمام فیه ، وهو ظاهر علی الملاحظ المتأمّل ، سیّما بعد الاطلاع علی ما ذکرناه هنا وفیما سیأتی من الحواشی.

علی أنّه لو فرض أن یکون ورد فی بعض الأخبار اشتراط الملکیة فی المنزل والوطن الذی یتمّ فیه فلا بدّ من الطرح أو التأویل والتوجیه ، لما عرفت من القطع بعدم الاشتراط ، مع أنّه لم یرد خبر فی الاشتراط ، فتدبّر.

قوله : ویدل علیه. ( 4 : 443 ).

لا یخفی أنّ الراوی لمّا سمع التمام فی الضیعة والملک من فقهاء أهل السنّة وسمع أیضا الأخبار عن الأئمّة علیه السلام فی ذلک ووقع له ریبة من جهة أنّه ربما یکون تقیّة أو غیر ذلک سأل الإمام علیه السلام عن ذلک ، فأجاب بأنّه لیس الأمر کذلک ، بل لا بدّ من القصر ، کما هو الحال فی غیر الضیعة ( إلاّ أن ینوی الإقامة ، کما هو الحال فی غیر الضیعة ، أو یکون له منزل یستوطنه

ص: 399


1- منهم المحقق السبزواری فی الذخیرة : 408 ، والکفایة : 34 ، والمجلسی فی البحار 86 : 37.

ستّة أشهر ، کما هو الحال فی غیر الضیعة ) (1) أیضا.

والحاصل : أنّ الإمام علیه السلام صرّح بعدم الفرق بین الضیعة وغیرها فی وجوب القصر إلاّ فی صورتین ، وأنّ الصورتین أیضا لیستا من خصائص الضیعة ، فهذه الصحیحة لا دلالة فیها علی اشتراط الملک مع الاستیطان لا مطابقة ولا تضمّنا ولا التزاما ، لما عرفت ، ولما عرفت أیضا أنّ المنزل أعمّ من وجه من الملک قطعا ، و [ لما ] عرفت أیضا من تشریک قصد الإقامة مع المنزل الذی یستوطنه ، وأنّهما لیستا من خصائص الضیعة ، بل المعصوم علیه السلام أظهر ذلک للتنبیه علی عدم الفرق بین الضیعة وغیرها ، وأیضا قصد الإقامة لا یشترط فیه الملک فکذا الاستیطان بحکم السیاق والتشریک ، فتأمّل.

قوله : وبهذا المعنی صرّح. ( 4 : 444 ).

قد عرفت أنّ المراد استیطان ستّة أشهر فی کل سنة حتی یتحقّق الوطن ( الحقیقی العرفی ، أی أقلّ ما یتحقّق به الوطن ) (2) وما فی صحیحة [ حماد بن ] عثمان : « إنّما هو المنزل الذی توطّنه » لعله بصیغة المضارع بحذف إحدی التائین ، أو المضارع من باب الإفعال ، جمعا بین الأخبار والاعتبار ، بل لعل الماضی لا یصیر مناسبا ، أو غیره أنسب ، لعدم المناسبة للحصر.

مع أنّ الظاهر أنّه لم یجئ بحسب اللغة « توطّن » من باب التفعّل بمعنی : اتّخذ وطنا ، کما یظهر من القاموس ، بل جاء بمعنی : مهّد (3) ، وأمّا بالمعنی المذکور فقد جاء باب الاستفعال والإفعال والتفعیل.

فی معنی الاستیطان

ص: 400


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- القاموس 4 : 278.

مع أنّ الغرض فی المقام عدم الاکتفاء بالمنزلیة حتی یتحقّق الوطنیة ، لا أنّ مجرّد استیطان ستّة أشهر فی ما مضی یکفی ولو کان مرّة واحدة والآن یکون معرضا عن توطّنه ، إذا لا دلالة للحدیث علی هذا الوجه.

وممّا ذکر ظهر الکلام فی روایة علی بن یقطین عن الکاظم علیه السلام : عن الدار یکون للرجل بمصر أو الضیعة فیمرّ بها ، قال : « إن کان ممّا قد سکنه أتمّ فیه الصلاة ، وإن کان ممّا لم یسکنه فلیقصّر » (1). مع أنّ علی بن یقطین نقل الحدیث فی طریق آخر بلفظ : « یستوطنه » موضع : « سکنه » (2) فظهر أنّ المراد واحد ، والله یعلم.

قوله : وألحق العلاّمة. ( 4 : 445 ).

قد عرفت أنّ هذا داخل فی الأخبار ، وأنّه وطن حقیقة قطعا بلا شبهة ، لا أنّه ملحق بالوطن ، ویشیر إلی ذلک أیضا الأخبار الواردة فی حدّ الترخّص من اعتبار البیت والبلد والأهل وما ماثل ذلک من دون اعتبار ملک أصلا (3) ، وکذا الأخبار الواردة فی من سافر بعد دخول الوقت وهو فی منزله أو بیته أو بلده ، ولم یصلّ حتی یخرج ، وعکس هذه المسألة (4) ، إلی غیر ذلک مثل ما ورد فی علّة القصر وغیر ذلک ، ویؤیّد أیضا ما ورد فی الأخبار من أنّ الأعراب لا یقصّرون ، لأنّ منازلهم معهم ، وأنّ الملاّحین والأعراب لیس علیهم تقصیر ، لأنّ بیوتهم معهم (5) ، فتأمّل جدّا.

ص: 401


1- التهذیب 3 : 212 / 518 ، الاستبصار 1 : 230 / 819 ، الوسائل 8 : 494 أبواب صلاة المسافر ب 14 ح 9.
2- التهذیب 3 : 213 / 519 ، الوسائل 8 : 494 أبواب صلاة المسافر ب 14 ح 10.
3- الوسائل 8 : 470 أبواب صلاة المسافر ب 6.
4- الوسائل 8 : 512 أبواب صلاة المسافر ب 21.
5- الوسائل 8 : 484 أبواب صلاة المسافر ب 11.

قوله : لأنّ الاستیطان علی هذا الوجه. ( 4 : 445 ).

فیه نظر ، لأنّ المعتبر فی الوطن العرفی هو فعلیة الاستیطان بحیث یصدق عرفا أنّه حاضر فی وطنه وفی بیته وفی أهله وأمثال ذلک ، فإذا أعرض عن هذا الوطن وهجره وجعل بلدا آخر وطنه وبیته وفیه أهله ثمّ سافر منه وصل إلی الوطن السابق فلا شکّ فی أنّه الآن مسافر وغیر حاضر ولیس فی بیته وعند أهله ، فیجب علیه القصر بلا شکّ ولا شبهة.

بخلاف الوطن الشرعی علی فرض أن یکون حقا ، فإنّه لا یعتبر فیه الاستیطان بالفعل جزما ، إذا لو کان المعتبر هو فعلیة الاستیطان علی حسب ما ذکرنا فلا شکّ فی أنّه علی هذا یصیر اعتبار الملکیة غلطا جزما ، والملکیة لغوا محضا ، إذ غیر المسافر صلاته تامّة ، وصومه واجب أداء ، إلی غیر ذلک من أحکام الحاضرین ، فأیّ فائدة فی الملکیة؟.

فلا بدّ من أن تکون الفائدة منحصرة فی صورة الإعراض عن استیطانه وعدم کونه وطنا بالفعل ، وحیث عرفت عدم اشتراط الملک وأنّ المعتبر هو الوطن عرفت أنّ الاستیطان الشرعی والعرفی یکونان واحدا ، وإذا اعتبر استیطان ستّة أشهر سنة واحدة کما هو المشهور وإن کان بعدها معرضا فلاعتبار الملکیة وجه حتی یتحقّق الشرعی الذی یکون مغایرا.

وأمّا إذا اعتبر استیطان ستّة أشهر فی کلّ سنة کما اختاره الشارح رحمه الله وهو المستفاد من الدلیل کما عرفت ، فلعله لم یبق حاجة إلی اشتراط الملک حینئذ ، لأنّ الإنسان کما یکون بعضهم متوطّنا فی بلد واحد یکون بعضهم متوطّنا فی بلدین عرفا بأن یکون له أهل وزوجة فی بلدة وأهل وزوجة فی بلدة أخری ، یتوطّن ویسکن فی عرض السنة تارة مع إحداهما وتارة مع الأخری ، فالوطنان معا وطنه عرفا ، والبیتان معا بیته ، والأهلان معا أهله ،

ص: 402

فلذا قال المعصوم علیه السلام : إذا استوطنه ستّة أشهر فی کلّ سنة یکفی فی کونه وطنا.

وهذا أیضا وجه آخر لعدم اشتراط الملکیة ( مضافا إلی الوجوه التی ذکرناها فی الحواشی السابقة ، ولم یظهر من الصدوق أنّه اشتراط الملک ) (1) بوجه من الوجوه. نعم لو قلنا بأنّ الوطن العرفی لا یتحقّق باستیطان ستّة أشهر ، بل لا بدّ من دوام الاستیطان فی السنة فلاعتبار الملک وجه.

ویمکن أن یکون مراد الشهید والشارح أنّ أقلّ ما یتحقّق به الاستیطان العرفی ستّة أشهر کأقلّ ما یتحقّق به الشرعی ، وإن لم یکن بینهما تفاوت فی الحکم أصلا سوی اشتراط الملکیة لأجل تحقّق الشرعیة ، والثمرة بین [ العرفی و ] (2) الشرعی تتحقّق فی النذر والعهد والیمین وأمثالها لا فی حکم القصر والإتمام ، فتأمّل فیه.

قوله (3) : فی روض الجنان. ( 4 : 446 ).

قد مرّ الکلام فی بحث صلاة الجمعة فی حرمة السفر بعد زوال الشمس (4).

قوله : وهو جیّد. ( 4 : 448 ).

ربما یتوجه علیه أنّه جعل فیما سبق مجرّد وجوب الإتمام قاطعا للسفر ، إذ ما علّل لقطع السفر بنیّة الإقامة أو الوصول إلی المنزل إلاّ بأنّ المعصوم علیه السلام حکم بوجوب الإتمام فیهما (5) ، فتأمّل.

الرابع : أن یکون السفر سائغاً

اشتراط استدامة إباحة السفر

ص: 403


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- راجع ص 220 - 221.
5- انظر المدارک 4 : 441.

وفی الفقه الرضوی : « ولو أنّ مسافرا یجب علیه القصر مال من طریقه إلی الصید لوجب علیه التمام لطلب الصید ، فإن رجع بصیده إلی الطریق فعلیه فی رجوعه التقصیر » (1) ومثله روایة السیّاری عن العسکری علیه السلام (2).

قوله (3) : ما رواه الشیخ فی الصحیح. ( 4 : 448 ).

نقل ابن المفلح فی شرحه علی الشرائع الإجماع علی قصر الصوم والخلاف فی قصر الصلاة ، والعمومات أیضا تقتضی قصر الصوم ، وأمّا قصر الصلاة وإن کان کذلک لو لم یرد ما دل علی المنع من القصر فیها ، وورد روایة عمران بن محمد القمی المتضمّنة لمنع القصر فیها حیث قال علیه السلام : « إن کان صیده لقوته وقوت عیاله یقصّر الصلاة ، وإن کان لطلب الفضول فلا ولا کرامة » (4) ، وظاهر أنّ المتبادر من [ طلب الفضول ] (5) طلب زیادة المال ، والروایة منجبرة بالفتاوی ، لأنّ الظاهر أنّها مستند فتاویهم للقصر فی صید القوت ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، والصدوق رواها فی الفقیه مفتیا بها (6).

وفی الفقه الرضوی : « وإذا کان صیده للتجارة فعلیه الإتمام فی الصلاة والتقصیر فی الصوم ، وإن کان صیده اضطرارا لیعود علی عیاله فعلیه التقصیر فی الصلاة والصوم » (7) وقال قبل ذلک : « وإذا کان صیده بطرا

حکم الخروج للصید

ص: 404


1- فقه الرضا علیه السلام : 162 ، المستدرک 6 : 548 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 1.
2- التهذیب 3 : 218 / 543 ، الاستبصار 1 : 237 / 846 ، الوسائل 8 : 480 أبواب صلاة المسافر ب 9 ح 6.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
4- الکافی 3 : 438 / 10 ، الفقیه 1 : 288 / 1312 ، التهذیب 3 : 217 / 538 ، الاستبصار 1 : 236 / 845 ، الوسائل 8 : 480 أبواب صلاة المسافر ب 9 ح 5 ، بتفاوت یسیر.
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
6- الفقیه 1 : 288.
7- فقه الرضا علیه السلام : 162 ، المستدرک 6 : 533 أبواب صلاة المسافر ب 7 ح 2 ، بتفاوت یسیر.

وتنزّها فعلیه التمام » (1).

قوله : وجب اعتبار صدق هذا الاسم. ( 4 : 451 ).

اعتباره لا یخلو عن الإشکال ، لما ستعرف ، مع أنّ الإطلاق منصرف إلی الأفراد الشائعة المتعارفة ، وقلّما نجد مکاریا لمّا یسافر بعد ، أو یکون السفر أوّل سفره أو ثانیه.

مع أنّ صحیحة محمد بن جزک التی سنذکرها تدل علی اعتبار الخروج مع الدابّة فی الأسفار (2) ، ولا یکفی إطلاق اسم المکاری علیه ، فتأمّل.

قوله : کیف کان. ( 4 : 451 ).

لیس کذلک ، فإنّ صحیحة هشام قیّد فیها المکاری والجمّال بالذی یختلف ولیس له مقام (3) ، ومثلها روایة السندی بن ربیع (4) ، والمراد مقام عشرة أیّام أو ما هو أعمّ ، خرج الأقلّ منه وبقی الباقی.

مع أنّ الأقلّ لا یعدّ مقاما فی المقام ، للقطع بأنّ لهم مقاما ، بل الغالب الشائع أنّهم یقیمون ستة أشهر أو سبعة أو ما قاربهما ، مع أنّ أخبارهم ربما یفسّر بعضها بعضا ، ویظهر من صحیحة ابن سنان (5) ومرسلة یونس أنّه مقام عشرة (6) ، وکذا من اتفاق الأصحاب ، فتأمّل.

الخامس : أن لا یکون سفره أکثر من حضره

الضابط فی کثرة السفر

ص: 405


1- فقه الرضا علیه السلام 162 ، بتفاوت یسیر.
2- تأتی فی ص : 410.
3- الکافی 4 : 128 / 1 ، التهذیب 4 : 218 / 634 ، الوسائل 8 : 484 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 1.
4- التهذیب 4 : 218 / 636 ، الوسائل 8 : 487 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 10.
5- الفقیه 1 : 281 / 1278 ، الوسائل 8 : 489 أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 5.
6- التهذیب 4 : 219 / 639 ، الاستبصار 1 : 234 / 837 ، الوسائل 8 : 488 أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 1.

وأیضا الباقر علیه السلام فی صحیحة زرارة قال : « قد یجب علیهم التمام » (1) فلعله إشارة إلی هذا الشرط.

وربما یؤیّده قوله علیه السلام : « لأنّ السفر عملهم » لأنّ ظاهره دوام السفر واستمراره ، ولا أقلّ من أکثریته بحیث یکون الحضر فی جنبه مضمحلاّ وبمنزلة العدم.

ویؤیّده أیضا روایة السکونی (2) ، لما فیها من لفظ « یدور » الظاهر فی الاستمرار ، ولعله لذا فهم الأصحاب کثرة السفر أو أکثریته ، فتأمّل.

ویمکن أن یکون ما ورد فی بعض الأخبار من أنّ المکاری یجب علیه التقصیر أیضا (3) إشارة إلی ذلک ، جمعا بینه وبین ما دل علی وجوب الإتمام ، وشاهد الجمع الأخبار الظاهرة فی التفصیل وفتاوی الأصحاب ، کما أشرنا. هذا حال الأخبار.

وأمّا فتاوی الأصحاب فظاهر أنّ المراد بعد حصول الشرط ، نعم فی صحیحة ابن مسلم : « لیس علی الملاّحین فی سفینتهم تقصیر ولا علی المکاری والجمّال » (4) لکن تقیید هذا الحدیث الواحد بقید واحد من جهة ما ذکرنا لیس ببعید وإن فرضنا أنّ المکاری قلّما لا یقیم فی بلده أو البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیّام (5) ، مع أنّه أیضا غیر ظاهر بحیث یتحقّق فی

ص: 406


1- الکافی 3 : 436 / 1 ، الفقیه 1 : 281 / 1276 ، التهذیب 3 : 215 / 526 ، الاستبصار 1 : 232 / 828 ، الوسائل 8 : 485 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 2.
2- الفقیه 1 : 282 / 1282 ، التهذیب 3 : 214 / 524 ، الاستبصار 1 : 232 / 826 ، الوسائل 8 : 486 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 9.
3- الوسائل 8 : 490 أبواب صلاة المسافر ب 13.
4- الکافی 3 : 437 / 2 ، الفقیه 1 : 281 / 1277 ، الوسائل 8 : 485 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 4.
5- لیس فی « أ » و « ب » و « و ».

التقیید استبعاد سیّما فی زمان صدور الأخبار ، لعدم علمنا بکیفیة الحال ، فتأمّل.

قوله : باشتمالها علی ما لا یقول به الأصحاب. ( 4 : 452 ).

یمکن حمل الأقلّ علی أنّ المراد منه الأقلّ من العشر ، بقرینة کانت فی صدر الکلام ذهبت من تقطیع الحدیث ، فإنّ أحادیثنا منقطعة بعضها عن بعض ، إذا فی الأصول کانت متصلة غالبا وجُلاّ ، وربما وجدنا أنّ الشیخ رحمه الله روی عن الکافی بعض حدیثه بأن قطعه وأتی بما هو المناسب للباب وترک غیره فحصل التفاوت فی معناه والتغیّر فی حکمه ، وما ذکر هو السبب فی تقطیع الأصحاب أحادیث الأصول. وهذا هو السبب الأعظم فی حصول الاختلاف فی الأخبار ، مثل اختلاف المطلق والمقیّد ، والخاص والعام ، وأمثالهما ممّا یکون أحد جزئیة مبیّنا للآخر ، لأنّ تأخیر البیان عن وقت الحاجة قبیح ومحال عن الحکیم قطعا ووفاقا ، وجلّ الأخبار المحتاجة إلی البیان فی غایة الظهور والوضوح کون الوقت فیها وقت الحاجة ، وأنّ المبیّن رواه راو آخر عن معصوم آخر ، أو عن ذلک المعصوم لکن أحد الروایتین (1) فی بلد والآخر فی بلد آخر ، إلی غیر ذلک ممّا یمنع أو یبعّد کون الخبر الآخر بیانا واردا قبل حضور وقت العمل.

والقرینة علی الحمل الذی ذکرناه اتفاق الأصحاب علی عدم القول به ، وکثیرا ما یوجّه الخبر بسبب اتفاق الأصحاب ، سیّما بعد ملاحظة ما ستعرف من ظهور اتحاد الأخبار الثلاثة عن یونس (2) ، ووقوع تشویش واضطراب فی ضبطه.

ص: 407


1- فی « ب » و « ج » و « د » : الراویین.
2- الوسائل 8 : 488 أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 1 ، 5 ، 6.

وبمثل ما ذکر نجیب عن الطعن المتقدّم أیضا بأنّ المراد من کلمة ( واو ) معنی کلمة ( أو ) کما صرّح به فی مرسلة یونس ، فتأمّل.

وربما یشیر إلی هذا الحمل جعل مقام عشرة أیّام فی مقابل خمسة أیّام ، فکیف یجعل خمسة وما دونها فی مقابل خصوص العشرة وما فوقها من دون تعرّض لذکر ما فوق الخمسة إلی العشرة؟ فجعل العشرة وما فوقها فی مقابل الخمسة وأقلّ مشیر إلی أنّ المراد أقلّ من العشرة التی سیذکر وسیجعل فی مقابلها ، فتأمّل.

علی أنّه لو لم یرض بهذا الحمل نقول : اتفاق الأصحاب دلیل علی کون هذا اللفظ زیادة وقعت فی الروایة ، ولا محذور فی ذلک.

قوله (1) : وألحق المصنف فی النافع. ( 4 : 453 ).

ربما کان فی هذا الکتاب أیضا رأیه کذلک بأنّ قوله : بلد ، باق لا بالإضافة إلی الضمیر ، فتأمّل.

قوله : إسماعیل بن مرار. ( 4 : 453 ).

إسماعیل هذا مقبول الحدیث عند القمیین ، وهذا شاهد علی وثاقته ، لما یظهر من أحوال القمیین ، فإنّهم کانوا یخرجون من قم من کان یروی عن المجهول وأمثاله ، ورجال یونس بحسب الظاهر الجماعة الذین کان یعتمد علیهم ، والظاهر أنّه عبد الله بن سنان ، وأنّ الروایة واحدة حصل التفاوت من جهة النقل بالمعنی وتفاوت الضبط فی الأصول ، فربما [ کانت ] حکایة الخمسة اشتباها من بعض الرواة ، أو کانت لمصلحة خاصّة.

مع أنّ خروج بعض الروایة عن الحجّیة لا یقتضی خروج الکل عنها ،

إسماعیل بن مرار ثقة
خروج بعض الروایة عن الحجّیة لا یقتضی خروج الکل عنها

ص: 408


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

سیّما إذا کانت منجبرة بالشهرة العظیمة لو لم نقل بالإجماع.

وبالجملة : الحجیّة دائرة مع حصول الظنّ ، فإذا حصل الظنّ فلا یضرّ عدم موافقة بعضها للواقع ، لما ذکرنا ، ولأنّه لذلک ترک فی هذه الروایة لمّا ظهر علی راویها ، فتأمّل. وصرّح بعض المحققین بوحدة الروایات الثلاث.

قوله : غیر دالة ... ( 4 : 455 ).

لکن مشیرة إلی ما ذکر ، فهو أقرب المحامل بعد اعتبار وجود القائل ، وإلاّ فما ذکره الشارح.

قوله : وهو قریب ... ( 4 : 456 ).

نفس الحکم قریب لا توجیه الروایتین ، ویدل علی نفس الحکم ما رواه الفقیه والشیخ فی الصحیح عن ابن المغیرة ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام : « سبعة لا یقصّرون الصلاة : الجابی الذی یدور فی جبایته ، والأمیر الذی یدور فی إمارته ، والتاجر الذی یدور فی تجارته من سوق إلی سوق ، والراعی ، والبدوی الذی یطلب مواضع القطر ومنبت الشجر ، والرجل الذی یطلب الصید یرید به لهو الدنیا ، والمحارب الذی یقطع السبیل » (1) فإنّ الظاهر منه أنّهم فی هذه الأسفار یتمّون ، وابن المغیرة ممّن أجمعت العصابة ، مع أن السکونی ثقة کما حقّقت فی موضعه (2).

والصحیحة الدالة علی أنّهم یتمّون لأنّه عملهم (3) أیضا ظاهرة فی أنّ الإتمام فی ما هو عملهم. وما دل علی أنّ الأعراب یتمّون لأنّ بیوتهم

حکم ما لو أقام کثیر السفر خمسة أیّام فی بلده

ص: 409


1- الفقیه 1 : 282 / 1282 ، التهذیب 3 : 214 / 524 ، الاستبصار 1 : 232 / 826 ، الوسائل 8 : 486 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 9.
2- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 55.
3- الکافی 3 : 436 / 1 ، الفقیه 1 : 281 / 1276 ، التهذیب 3 : 215 / 526 ، الاستبصار 1 : 232 / 828 ، الوسائل 8 : 485 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 2.

معهم (1) أیضا کالصریح فی أنّهم إذا سافروا عن بیوتهم لیسوا کذلک.

ویؤیّده الأخبار الدالة علی أنّ السفر الباطل یتمّ المکلّف فیه ، والحقّ یقصّر فیه (2) ، فتأمّل.

وکذا ما رواه المحمدون الثلاثة فی الصحیح عن محمد بن جزک ، قال : کتبت إلی أبی الحسن الثالث علیه السلام : أنّ لی جمالا ولی قوّاما علیها ، ولست أخرج فیها إلاّ فی طریق مکّة لرغبتی فی الحج أو فی الندرة إلی بعض المواضع ، فما یجب علیّ إذا أنا خرجت معهم أن أعمل؟ أیجب علیّ التقصیر أو التمام؟ فوقّع علیه السلام : « إذا کنت لا تلزمها ولا تخرج معها فی کلّ سفر إلاّ إلی طریق مکة فعلیک تقصیر وإفطار » (3) إذ ربما یظهر منها أنّ السفر لا بدّ أن یکون من الأسفار التی یخرج فی کلّ منها ، فتأمّل.

وورد أخبار متعدّدة فی أنّ المکارین علیهم التقصیر (4) ، وحملت علی ما إذا سافروا إلی غیر ما یختلفون فیه (5).

قوله : ما اختاره المصنف من الاکتفاء. ( 4 : 457 ).

لا یخفی أنّ اختلاف الحکم باعتبار الأمرین مستبعد بحسب الواقع وخلاف ظاهر الحدیثین ، إذ کیف یجوز وجوب القصر إن اعتبر خفاء الأذان ، والإتمام إن اعتبر خفاء الجدران أو بالعکس؟

مع أنّ الظاهر من کلّ واحد من الخبرین لزوم التمام قبل الوصول إلی

السادس : تواری جدران البلد أو خفاء أذانه

اشارة

ص: 410


1- الوسائل 8 : 485 ، 486 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 5 ، 6.
2- الوسائل 8 : 476 أبواب صلاة المسافر ب 8.
3- الکافی 3 : 438 / 11 ، الفقیه 1 : 282 / 1280 ، التهذیب 3 : 216 / 534 ، الاستبصار 1 : 234 / 835 ، الوسائل 8 : 489 أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 4.
4- الوسائل 8 : 490 أبواب صلاة المسافر ب 13.
5- انظر الوافی 7 : 170.

الحدّ المذکور فیه ولزوم القصر بعده ، فإذا کان مسافة کلّ واحد من الأمرین واحدا والمقصود منهما شیئا واحدا وامتدادا واحدا فلا معنی لما ذکره من الاکتفاء فی جواز التقصیر ، فإنّ کلّ واحد من الأمرین أمارة علی أمر واحد وشی ء معیّن متحد ، فالأظهر أنّ المراد منهما شی ء واحد ومقدار واحد إن اعتبر خفاء الأذان وإن اعتبر خفاء الجدران لا یکون فرق بینهما.

نعم لمّا لم یکن المفهوم من کلّ واحد واحد من الخبرین ذلک الأمر الواحد والشی ء المعیّن اعتبر ضمّهما معا لیحصل ذلک الواحد وإن کان المراد من کلّ واحد منهما وسطه الذی لیس بالإفراط ولا التفریط ، فإنّ الوسط أیضا لا یفید ذلک الواحد والمعیّن ما لم یعتبر ضمّهما معا ، فتأمّل.

ولو فرض حصول ذلک الواحد من کل واحد علی حدة لا یحتاج إلی الضمّ ، ومعلوم أنّ الأمر لیس کذلک ، بل الضمّ أضبط وأدل علیه ، ومع ذلک أیضا لا یکاد یضبط ویتشخّص ، إلاّ أنّ المکلّف عند شکّه فی وصوله إلی حدّ الترخّص یتمّ ، لأنّ الإتمام مستصحب حتی یثبت خلافه ، فتأمّل.

( ویمکن أن یکون مراد الأکثر أنّ الأمارتین لا تفاوت بینهما أصلا فبأیّهما یعمل یکفی ولا حاجة إلی ضمّ الأخری ، لأنّ المتضمّن والمنفرد مفادهما واحد ، ولهذا اکتفی المعصوم علیه السلام بواحدة منهما للراوی ، ولا یعلم من الخارج تفاوت حتی یحتاج إلی التوجیه ، والاحتیاط فی أمثال المقام مما لا ینبغی أن یترک. وذکرنا فی حکم منتظر الرفقة روایة إسحاق بن عمار (1) الدالة علی اعتبار حدّ الترخص وأنّه خفاء الأذان ) (2).

قوله : ومقتضی الروایة اعتبار التواری من البیوت. ( 4 : 457 ).

هل الشرط خفاء أحدهما أو هما معاً

ص: 411


1- الکافی 3 : 433 / 5 ، الوسائل 8 : 466 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 10.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

هذا هو الحق ، فیکفی تواری الإنسان الذی عند البیوت عن المسافر. ویمکن حمل الجدران فی کلامهم علی الجدران الذی یکون بمقدار إنسان ، إذ ربما لا یکون عند البیوت إنسان ، أو یکون لکن یشتبه علی المسافر بواسطة الجدران ، لکنه بعید ، فتأمّل.

ویمکن (1) أن یقال : إنّ باب التفاعل مأخوذ فیه التفاعل من الطرفین وإن کان أحدهما فاعلا کباب المفاعلة ، فإنّه مأخوذ فیه المفاعلة من الطرفین ، فإذا کان التفاعل من الطرفین [ فالعبرة تکون بخفاء ] (2) البیوت علیه ، لأنّه هو الذی یدرکه ، أمّا خفاء نفسه علی البیوت فلا یدرکه فکیف یجعله المعیار؟ والتخمین غیر معلوم اعتباره ، لأنّه خلاف الأصل وخلاف ظاهر الأخبار ، فتأمّل.

نعم یمکن أن یعرف تواریه منهم بأن لا یری من کان عند البیوت ، فإنّه أیضا لا یراه ، لاتحاد حالهما فی رؤیة الآخر ، لکن من أین یدری أنّ هناک أحد لکن لا یراه؟ إلاّ بضرب من التخمین. ومع هذا معلوم أنّ العبرة إنّما هی فی المبیت والمنزل لا أهله ، ومع ذلک لمّ الحکم وسرّه ، وهو أنّه إذا خفی عن أهل البیوت فقد غاب عنهم ولم یکن حاضرا ، والقصر إنّما هو علی المسافرین لا الحاضرین.

وممّا ذکر ظهر أنّ اعتبار حدّ الترخّص إنّما هو بالنسبة إلی من سافر من وطنه ، لا من هو مسافر مثل الهائم الذی قصد المسافة فی السفر ، والعاصی الذی زال عصیانه فی أثناء السفر. وأمّا ناوی الإقامة والمتردّد فی محلّ ثلاثین یوما فیمکن أن یکون حکمهما حکم المتوطّن ، بعموم

المعتبر فی التواری : تواری الانسان الذی عند البیوت عن المسافر

ص: 412


1- من هنا إلی نهایة التعلیقة لیس فی « ا ».
2- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : فالغیر یکون بحذاء ، والظاهر ما أثبتناه.

المنزلة ، کما عرفت.

قوله : ویمکن قویا الاکتفاء بالتواری فی المنخفضة کیف کان لإطلاق الخبر. ( 4 : 458 ).

بعید ، لأنّ الإطلاق ینصرف إلی الأفراد الغالبة الشائعة ، علی ما هو مسلّم ومبیّن ، ومع ذلک سماع الأذان أیضا مطلق ، فالحکم فی الرجوع فیه إلی الأذان المتوسّط دون التواری تحکّم بحت ، ومع ذلک الاکتفاء فی المنخفضة کیف کان دون العالیة تحکم آخر ، فتأمّل.

قوله : وإنّما لم یکتف المصنّف هنا بأحد الأمرین. ( 4 : 458 ).

قد عرفت أنّ المراد من کلّ منهما شی ء واحد ، ولذا لم یفرّقوا بینهما فی العود وإن لم یکن دلیل علی الآخر ، بل کون المصنف ما ذکره الشارح غیر معلوم ، لأنّه بحسب الظاهر قول فصل ، ولأنّ قوله : وکذا فی عوده ، یشیر إلی أنّ حکمه حکم الذهاب ، وإلاّ کان یقول : وفی عوده ، حتی یحصل التنبیه ، فإنّ الأصحاب لم یفرقوا ، وکیف کان قد عرفت أنّه لا فرق بینهما.

قوله : فیکون بمنزلة من دخل منزله. ( 4 : 459 ).

یؤیّده أنّه ورد فی غیر واحد من الأخبار أنّ المسافر یقصّر إذا خرج من بیته (1) ، وأنّ المتداول المتعارف الشائع عندنا أیضا کذلک ، بل نقول : یقصّر إلی أن یرجع إلی بیته ، وأمثال هذه العبارة ، مع أنّه عندنا أنّه فی العود أیضا یقصّر إلی أن یصل إلی حدّ الترخص.

یعتبر هذا الشرط فی العود من السفر أیضاً

ص: 413


1- الوسائل 8 : 475 أبواب صلاة المسافر ب 7 ح 5.

وممّا یؤیّد أیضا بل یدل علیه أنّه إذا کان فی بلده لا یقال عرفا ولا لغة : إنّه مسافر ، بل یقال : إنّه حاضر ، وإنّه فی وطنه ، وإنّه رجع عن سفره ، أو إنّه یذهب إلی السفر ، أو یرید أن یذهب إلیه ، وأمثال ذلک ، وقد عرفت أنّ شرط القصر أن یکون مسافرا بالإجماع والکتاب والأخبار المتواترة ، وأنّ الحاضر یجب علیه الإتمام بالأدلة المذکورة. بل ربما یکون فی أطراف بلده المتصلة به أو القریبة إلیه [ و ] لا نقول : إنّه الآن فی السفر ، علی حسب ما ذکرنا بأنّه رجع عن السفر أو یرید أن یذهب ، بل ربما فی حدّ الترخّص أیضا یشکل القول عرفا : إنّه الآن فی السفر ، بل یقال : إنّه رجع عنه ، أو یرید أن یذهب إلیه ، فتأمّل.

وممّا یؤیّد أیضا بل یدل أنّه لو کان المراد الدخول إلی بیته علی حسب الحقیقة اللغویة أو العرفیة أنّه إذا رجع من سفره ودخل بلده ودخل بیتا فی جنب بیته أو فی دهلیز بیته بقی فیهما مدّة أو یکون متردّدا فی اختیار بیت من بیوت بلده أنّه یکون فی هذه الصورة وهذه المدّة مسافرا أو یجب علیه القصر ، وفیه ما فیه.

فإن قلت : جمیع ما ذکرت تامّ بالنسبة إلی صحیحة العیص ، فأمّا بالقیاس إلی موثقة إسحاق فلا ، بل حمله علی ما ذکر فی غایة البعد.

قلت : الموثقة لا تقاوم الصحیحة ، سیّما الصحیحة التی هی المفتی بها عند معظم الفقهاء ، بل کاد أن یکون عند کلّهم ، مع شدّة قوّة دلالتها. ومع ذلک تعارضها أیضا صحیحة زرارة عن الصادق علیه السلام قال : « من قدم مکّة قبل الترویة بعشرة أیّام وجب علیه إتمام الصلاة » إلی أن قال : « فإذا زار

ص: 414

البیت أتمّ الصلاة وعلیه إتمام الصلاة إذا رجع إلی منی حتی ینفر » (1).

وممّا ذکر ظهر ما فی الحسن : « إنّ أهل مکّة إذا زاروا البیت ودخلوا منازلهم أتمّوا ، وإن لم یدخلوا منازلهم قصّروا » (2). مع أنّا نقول : إنّ الکوفة کانت فی غایة الوسعة وبیوتها متشتّتة کانوا قبائل من العرب وطوائف کثیرة.

وأمّا ما فی الحسنة فیمکن أن یکون المراد من قوله علیه السلام : « ودخلوا منازلهم » عطف تفسیر لقوله : « زاروا » تنبیها له علی علّة الإتمام ، فتأمّل. هذا.

مع أنّ الإتمام فی مکّة ولو کان مسافرا أولی عند الشارح رحمه الله وغیره ممّن وافق المشهور فی ما ذکر ، فتأمّل.

قوله (3) : ولو قیل بالتخییر. ( 4 : 459 ).

هذا القول ممّا لم یقل به أحد ، والشارح رحمه الله ربما یطعن علی من یقول بالجدید (4) ، ومع ذلک خلاف المستفاد من جمیع أخبار هذا الباب ، ومع ذلک لا وجه له ، لأنّه فرع التکافؤ فی الأخبار ولیس بمتحقّق کما عرفت ، فتأمّل.

قوله (5) : ولو نوی الإقامة. ( 4 : 459 ).

قصد الإقامة هنا أعمّ من أن یکون له قصد ونیة أم لا ، بل یحصل له الیقین والقطع بمقامه فیه بحیث لا یحتمل عنده خلافه أصلا سواء کان له قصد وإرادة بالمقام أم لا ، ویحصل أیضا بأن یکون له قصد وعزم وإرادة

فی بیان نیّة الإقامة

ص: 415


1- التهذیب 5 : 488 / 1742 ، الوسائل 8 : 464 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 3.
2- الکافی 4 : 518 / 1 ، الوسائل 8 : 464 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 7.
3- هذه التعلیقة لیست فی « ج » و « د » و « ب ».
4- انظر المدارک 4 : 452.
5- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

بالمقام هناک ، سواء کان له الیقین والقطع بالمقام هناک أم لم یکن بل یکون عنده وفی نظره أنّه یقیم وإن احتمل احتمالا بعیدا أن یبدو له ویرجع عن عزمه بسبب حوادث لم یکن نظره إلیها بل نفسه الآن مطمئنّة بعدمها ، وربما لا یکون حین القصد والعزم احتمال الخلاف ملحوظ نظره ، ولذا عزمه علی المقام ، فلا ینافی ذلک وقوع البداء له وحصول الندامة عن قصده الإقامة ، وإن لم یکن أمر تضرّه (1) الإقامة وبسببه یضطرّ إلی الرجوع ، بل یکون أولی فی نظره أن لا یقیم وهکذا یعجبه ، فضلا عن حصول الأمور الاضطراریة.

وإن لم یکن له إرادة المقام ولا یجزم أیضا بالمقام لا یکون قصد الإقامة وإن حصل له المظنّة بالإقامة.

قوله : فلا یقدح فیها الخروج إلی بعض البساتین والمزارع المتصلة بالبلد. ( 4 : 460 ).

لا یخفی أنّ الشهیدین اعتبرا التوالی بحیث لا یخرج فی ظرف العشرة إلی خارج موضع الإقامة أصلا ورأسا إلاّ إلی حدّ الترخّص ، لأنّه إذا سافر یتمّ إلی الحدّ ، فمع عدم السفر یتمّ بطریق أولی ، وأنّه ربما یظهر من هذا أنّه داخل فی موضع الإقامة وجزء منه شرعا ، وهذا مبنی علی ما ذکر من أنّه إذا سافر یتمّ إلی الحدّ ، وسیجی ء الکلام.

وأمّا الشارح فقد وافقهما فی اعتبار التوالی علی حسب ما ذکرنا أنّه جعل موضع الإقامة موکولا إلی العرف فأدخل فیه بعض البساتین والمزارع المتصلة.

والسید السند الأستاد (2) اعتبر الإقامة العرفیة مطلقا من غیر اعتبار

قول السید صدر الدین فی المقام

ص: 416


1- فی « ب » و « ج » و « و » : نظره.
2- هو السیّد الأجلّ صدر الدین محمد بن محمد باقر الرضوی القمی الهمدانی الغروی ، المتوفّی فی عشر الستین بعد المائة والألف ، کان من أعاظم محقّقی عهد الفترة بین الباقرین : المجلسی والبهبهانی ، من مصنّفاته شرحه المفصّل علی وافیة مولانا عبد الله التونی فی أصول الفقه. انظر روضات الجنات 4 : 2. أعیان الشیعة 7 : 386 ، فوائد الرضویة : 213.

التوالی المذکور ، بل اکتفی بالتوالی العرفی ، فلا یضرّ عنده لو خرج من موضع الإقامة إلی خارج عنه ورجع إلی موضع الإقامة بحیث یقال عرفا : إنّه مقیم فی موضع الإقامة ، من جهة أنّ رحله فیه ومقرّه ومنامه وأمثال ذلک فیه ، وخروجه إلی الخارج بقدر قلیل زمانا أو مسافة.

والحاصل : أنّه أحال إلی العرف مطلقا ، وهذا هو الصواب بعد تحقّق الصدق الحقیقی العرفی ، لعدم اصطلاح من الشرع فیکون الحوالة إلی العرف کما هو الحال فی سائر ألفاظ الآیة والحدیث ، ووافقنا علی ذلک المحقق الأردبیلی وغیره (1) بعد الشهید الثانی ، ویمکن توجیه کلام الشارح رحمه الله إلی هذا ، وإن کان الظاهر منه ما ذکرناه. ومن الفقهاء من اکتفی فی قصد الإقامة عدم السفر إلی المسافة المعتبرة شرعا (2).

وروی زرارة فی الصحیح عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « من قدم مکّة قبل الترویة بعشرة أیّام وجب علیه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مکّة ». الحدیث (3).

حکم علیه السلام بوجوب الإتمام مطلقا سواء خرج من مکّة أم لا ، فلو کان عدم الخروج شرطا لذکره ولما حکم بالإتمام مطلقا ، وأیضا جعله بمنزلة

ص: 417


1- انظر مجمع الفائدة والبرهان 3 : 409 ، والکفایة : 33.
2- حکاه الشهید فی نتائج الأفکار عن فخر المحققین ( رسائل الشهید الثانی ) : 191.
3- التهذیب 5 : 488 / 1742 ، الوسائل 8 : 464 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 3 وفیهما عن الباقر علیه السلام .

أهلها ، وعموم المنزلة یقتضی أن یکون حاله حال أهل مکّة.

ثمّ قال علیه السلام : « فإذا خرج إلی منی وجب علیه التقصیر ، وإذا زار البیت أتمّ الصلاة ، وعلیه إتمام الصلاة إذا رجع إلی منی حتی ینصرف » وهذا یدل علی أنّ سفر عرفات موجب للقصر ، ومع ذلک لا یبطل قصد الإقامة ، ویکون حال قاصد الإقامة حال المتوطّن کما ذکر أوّلا ، ولذا أوجب علیه الإتمام فی الرجوع إلی منی حتی ینصرف.

وعدم هدم سفر عرفات للإقامة لعله لکون هذا السفر لیس مسافة القصر علی سبیل الوجوب العینی ، کما اخترناه ، وعلی تقدیر أن تکون هذه المسافة أیضا هادمة للإقامة و (1) یکون القصر فیها علی الوجوب العینی فلا بدّ من تقدیر نیّة الإقامة فی الرجوع أیضا ، فتأمّل.

وفی الصحیح عن علی بن مهزیار عن الحضینی أنّه استأمر الجواد علیه السلام فی الإتمام والتقصیر فی مکة فقال علیه السلام : « إذا دخلت الحرمین فانو المقام عشرة أیّام وأتمّ الصلاة » قلت : إنّی أقدم مکّة قبل الترویة بیوم أو یومین أو ثلاثة ، قال : « انو مقام عشرة أیّام وأتمّ الصلاة » (2). وهذا بظاهره یدل علی أنّ سفر عرفات لا ینافی قصد الإقامة ، أمّا علی المشهور فلا محذور ، لأنّه لیس مسافة القصر وأمّا علی ما اخترناه فلأنه لیس مسافة القصر بعنوان العزیمة ، أو یوجّه بأنّک إن أردت الإتمام فلا یصح إلاّ بنیّة الإقامة ، فتأمّل.

ولا یخفی أنّ هذا کلّه فی حال قصد الإقامة بأنّه کیف یقصدها ، وأمّا

ص: 418


1- فی « أ » و « و » : أو.
2- التهذیب 5 : 427 / 1484 ، الاستبصار 2 : 332 / 1180 ، الوسائل 8 : 528 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 15.

إذا قصد الإقامة بالنحو المعتبر وصلّی فریضة بتمام ثمّ خرج من موضع الإقامة مع قصد الرجوع أو مع عدم القصد أو قصد العدم أو مع قصد إقامة جدیدة أو مع عدم قصد فکیف یصلّی؟ فسیجی ء حکمه مفصّلا.

قوله (1) : قد عرفت أنّ نیة الإقامة تقطع السفر. ( 4 : 461 ).

أشرنا إلی دلیل ذلک عند قول المصنف رحمه الله : الشرط الثالث.

قوله : رجل یرید السفر. ( 4 : 461 ).

یمکن ان یقال : إذا کان إرادة السفر تشمل ما نحن فیه فیجوز أن یکون القدوم من السفر أیضا شاملا ، ومقتضی صحیحة ابن سنان (2) أنّ القادم من السفر یقصّر إلی حدّ الترخّص ، وإذا قال : إنّ ظاهرها القدوم إلی الوطن فیمکن المناقشة أیضا فی شمول إرادة السفر للمقام ، فتأمّل.

وفی صحیحة أبی ولاّد : « إذا نویت المقام وصلّیت فریضة واحدة بتمام فلیس لک أن تقصّر حتی تخرج منها » (3) وظاهر هذا الاکتفاء فی القصر بمجرّد الخروج من البلدة ، إلاّ أن یقال : إلی محلّ الترخّص داخل فی البلدة التی هی موضع إقامته ، فعلی هذا یلزم الإتمام فی الدخول ، لأنّه نوی الإقامة فی البلدة التی محلّ الترخّص داخل فیها ، فتأمّل.

قوله : الکلام السابق. ( 4 : 462 ).

مع أنّه علی تقدیر الرجوع إلی الخمسة أیضا لا یدل علی الاکتفاء بها ، إذ الظاهر أنّه علیه السلام قال ذلک فی موضع خاصّ لمصلحة خاصّة ، ولذا

حکم الخروج من موضع الإقامة إلی المسافة

ص: 419


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- التهذیب 4 : 230 / 675 ، الاستبصار 1 : 242 / 862 ، الوسائل 8 : 472 أبواب صلاة المسافر ب 6 ح 3.
3- التهذیب 3 : 221 / 553 ، الاستبصار 1 : 238 / 851 ، الوسائل 8 : 508 أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 1 ، بتفاوت یسیر.

ذکر إقامة العشرة واعتبرها وشرطها فی هذه الحسنة.

قوله (1) : وهو حمل بعید. ( 4 : 462 ).

لا بعد فیه ، لأنّ محمد بن مسلم راوی هذه الروایة سأل عنه علیه السلام عن المسافر یقدم الأرض ، فقال : « إن حدّثته نفسه أن یقیم عشرا فلیتمّ ،. ولا یتمّ فی أقلّ من عشرة إلاّ بمکّة والمدینة ، وإن أقام بمکّة والمدینة خمسا فلیتم » (2) فبملاحظة اتحاد الراوی واتحاد الحکایة - بل واتحاد متن الروایة حیث قال : حدّث نفسه ، فیهما - ولم یعهد فی خبر من الأخبار التعبیر عن قصد الإقامة بحدیث النفس إیّاها - یظهر ظهورا تامّا کون الروایتین بالأصل واحدة عرضها التفاوت من تفاوت الروایتین (3) عن ابن مسلم ونقلهما بالمعنی فی الجملة ، مع أنّه لا أقلّ من کشف المراد.

قوله : وإطلاق الروایة. ( 4 : 463 ).

لا یخفی أنّ إطلاقات الأخبار محمولة علی الأفراد الشائعة دون الفروض النادرة ، وحصول التردّد فی خصوص الیوم وما بعده فرض نادر ، والمتعارف الکثیر الوقوع حصوله فی عرض أیّام الشهر ، بل ربما یتبادر إلی الذهن عرفا من هذه الجهة ثلاثون یوما أو یحصل الشکّ فی إرادة غیره ، أی المعنی الأعمّ من الثلاثین الذی هو المعتبر فی الأغلب إذا وقع الأمر فی غیر الیوم الأوّل من الشهر ، أو الهلالی إذا وقع فی الیوم الأوّل ، فتأمّل.

قوله : وألحق العلاّمة. ( 4 : 464 ).

حکم المتردد فی الإقامة عشراً

ص: 420


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- التهذیب 3 : 220 / 549 ، الاستبصار 1 : 238 / 850 ، الوسائل 8 : 502 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 16.
3- فی « ج » : الراویین ، وفی « د » : الراوین.

وألحق أیضا ما إذا دخل فی الفریضة بقصد الإتمام وتجاوز عن الرکعتین بالدخول فی الثالثة أو الرابعة وبدا له قبل الإتمام (1) ، للنهی عن إبطال العمل.

وفیه : أنّه ربما کان العمل بطل بنفسه ، بل هذا هو الظاهر من الأصل والقاعدة ومدلول صحیحة أبی ولاّد التی هی الأصل فی هذا الباب ، فتدبّر.

قوله : وقال ابن بابویه. ( 4 : 467 ).

یظهر من صحیحة علی بن مهزیار أنّ رأی الصدوق کان رأیا مشهورا عند فقهاء أصحاب الأئمّة علیه السلام وفی عصرهم ، وربما یظهر ذلک من غیرها من الأخبار أیضا ، فلاحظ وتأمّل.

( وفی کامل الزیارة : أنّ سعد بن [ عبد الله ] (2) سأل أیّوب بن نوح عن تقصیر الصلاة فی هذه الأماکن الأربعة والذی روی فیها ، فقال : أنا أقصّر وکان صفوان یقصّر وابن أبی عمیر وجمیع أصحابنا یقصّرون (3). انتهی ) (4).

قوله : والمعتمد الأوّل. ( 4 : 467 ).

لا یخفی أنّ حمل ما دل علی تحتّم الإتمام علی التخییر - مع ما فیه من البعد - لعله لا بأس به فی مقام الجمع ، أمّا ما دل علی تحتّم التقصیر علی مرجوحیته ففی غایة البعد وشدّة المخالفة للظاهر لا یرضی به خصوصا عند الشارح ، کما صرّح به مرارا غیر عدیدة.

حکم الصلاة فی المواطن الأربعة

ص: 421


1- انظر المختلف : 169 ، والتحریر 1 : 56 ، ونهایة الأحکام 2 : 185.
2- فی النسخ : عمّار ، والصحیح ما أثبتناه من المصدر.
3- کامل الزیارات : 248 ، المستدرک 6 : 545 أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 3.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

مع أنّه وقع التصریح فی بعض الأخبار بأنّ أمرهم علیه السلام بالإتمام ما کان إلاّ لجهة التقیّة ، وهو صحیحة معاویة بن وهب أنّه سأل الصادق علیه السلام عن التقصیر فی الحرمین والتمام ، قال : « لا تتمّ حتی تجمع علی مقام عشرة أیّام » فقلت : إنّ أصحابنا رووا عنک أنّک أمرتهم بالتمام ، فقال : « إنّ [ أصحابک ] (1) کانوا یدخلون المسجد فیصلّون ویأخذون نعالهم ویخرجون والناس یستقبلونهم یدخلون المسجد للصلاة ، فأمرتهم بالتمام » (2).

( وفی العلل فی الصحیح عن معاویة بن وهب عن الصادق علیه السلام أنّه قال له : مکّة والمدینة کسائر البلدان؟ قال : « نعم » قلت : روی عنک بعض أصحابنا أنّک قلت لهم : « أتمّوا بالمدینة لخمس » فقال : « إنّ أصحابکم کانوا یقدمون فیخرجون من المسجد عند الصلاة فکرهت ذلک لهم ، فلهذا قلته » (3) (4).

ویعضده أنّ عمدة أسباب اختلاف الأحکام منهم علیه السلام التقیّة ، بل کاد أن یکون السبب هی لا غیر ، کما ورد فی النصوص (5) ، ویظهر من التتبّع فیها وفی الآثار ، ویشهد علیه الاعتبار.

مع أنّ کلاّ من الحرمین مشهد عامّ فیناسبه الأمر بالتمام أو الإفتاء بالتخییر مع أولویة التمام ، کما هو رأی العامّة فی السفر.

ویؤیّده أیضا استشمام التشویش فی مقالتهم ، وفی التعلیل عند

ص: 422


1- فی النسخ : أصحابنا ، وما أثبتناه من المصادر.
2- التهذیب 5 : 428 / 1485 ، الاستبصار 2 : 332 / 1181 ، الوسائل 8 : 534 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 34.
3- علل الشرائع : 454 / 10 ، الوسائل 8 : 531 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 27.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
5- الوسائل 1 : 443 أبواب الوضوء ب 32.

حکمهم بالإتمام ، فلاحظ وتأمّل.

ویؤیّده أیضا اشتهار الفتوی بالقصر عند فقهاء أصحابهم علیه السلام ، کما أشرنا ، فإنّهم أبصر بمواقع التقیّة وعلل الاختلاف.

وأیضا ما دل علی القصر موافق للأخبار المتواترة فی لزوم القصر علی المسافر والتوبیخ والتقریع علی من یتمّ ، مع ورودها من أهل الحرمین فی نفس الحرمین ، وکذا بالنسبة إلی أهلهما وأهل الکوفة غالبا ، من دون إشعار باستثناء لأهل مورد صدور الحکم ولا لأهل الکوفة ، مع أنّ عمدة موضع الصلاة المساجد الثلاثة ، مع أنّ الشارح استقرب الإتمام فی جمیع مکة والمدینة ، وکذا أکثر الأصحاب.

مع أنّ ما دل علی لزوم القصر علی المسافر فی غایة ظهور الشمول لأهل البلدین ، فلیلاحظ ولیتأمّل. ومرادی من الأهل المسافر الذی هو فیها ومن توطّن.

وکذا ما دل علی القصر موافق لما دل علی اتحاد حکم الصلاة والصوم ، وکذا ما دل علی انّ التمام إنّما یکون بنیّة الإقامة ، وغیر ذلک من الأحکام الکثیرة ، بل کثیر منها نصّ بالنسبة إلی أهل البلدان الثلاثة من السکنة والواردین ، مثل صحیحة أبی ولاّد السابقة عند قول المصنّف رحمه الله : ولو نوی الإقامة ثمّ بدا له ، فإنّها مع صحتها وصراحتها هی الأصل فی الحکم المجمع علیه علی ما اعترف به (1). مع أنّ الثابت من الأخبار والمستفاد منها کون الإتمام فی مجموع مکّة والمدینة ، کما ستعرف.

مع أنّه علی فرض القول بأنّ الإتمام فی نفس المسجدین دلالة

ص: 423


1- انظر المدارک 4 : 463.

الصحیحة علی ما ذکرناه أیضا ظاهرة ، لأنّ المعصوم علیه السلام حکم بالقصر علی الإطلاق من غیر تقیید بخارج المسجدین. مع [ أنّ ] وقوع الصلاة فی الخارج عنهما فی غایة الندرة بالنسبة إلی الغرباء الذین یسافرون إلی المدینة لأجل العبادة والطاعة ، بل ومطلقا ، فتدبّر.

( وما دل علی لزوم التمام مخالف للکل ، وکذا الموافقة والمخالفة بالنسبة إلی علل القصر والإتمام.

علی أنّه لقائل أن یقول : حمل ما دل علی التمام علی البناء علی الإقامة ثمّ التمام - کما فعله الصدوق - لیس بأضعف ممّا ذکره رحمه الله ، بل یمنع کونه أولی والسند قاصر ، فتدبّر ) (1).

قوله : وصحیحة علی بن مهزیار. ( 4 : 467 ).

فی الاستدلال بهذه الصحیحة إشکال ، لأنّها هکذا : کتبت إلی أبی جعفر الثانی علیه السلام : أنّ الروایة قد اختلفت عن آبائک علیهم السلام فی الإتمام والتقصیر فی الحرمین ، فمنها : بأنّ یتمّ ولو صلاة واحدة ، ومنها : أن یقصّر ما لم ینو مقام عشرة ، ولم أزل علی الإتمام فیها إلی أن صدرنا من حجّنا فی عامنا هذا ، فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا علیّ بالتقصیر إذا کنت لا أنوی المقام عشرة أیّام ، فصرت إلی التقصیر وقد ضقت بذلک حتی أعرف رأیک ، فکتب بخطه : « یرحمک الله ، قد علمت فضل الصلاة فی الحرمین علی غیرهما ، فأنا أحبّ لک إذا دخلتهما أن لا تقصّر وتکثر فیهما من الصلاة » إلی آخر ما ذکره الشارح. وفی التهذیب بعد هذا : « ومتی إذا توجّهت من منی فقصّر الصلاة ، فإذا انصرفت من عرفات إلی منی وزرت

ص: 424


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

البیت ورجعت إلی منی فأتمّ الصلاة تلک الثلاثة أیّام » وقال بإصبعه ثلاثا ، إذ جواب المعصوم یحتمل أن یکون تکذیب فقهاء أصحابه وتصدیق ما ورد من أنّه یتمّ الصلاة ولو واحدة ، کما فهمه الشارح رحمه الله .

لکن علی هذا لا یبقی لقوله رحمه الله : « ومتی توجّهت. » معنی ولا وجه له ، لأنّ المسافر إذا أتمّ الصلاة من غیر نیّة الإقامة بل بمحض أنّ له التخییر کیف یتمّ الصلاة فی رجوعه إلی منی؟ فإنّ منی غیر داخلة فی مکّة ، ومع ذلک کیف یتمّ فی رجوعه إلیها خاصّة؟ مع أنّ الأخبار صریحة فی وجوب القصر فی منی علی أهل عرفات (1).

ویبعّد هذا أیضا أنّه علیه السلام کیف کان یکذّب فقهاء أصحابه بالتعلیل الذی ذکره؟ إذ لیس ذلک علّة واستدلالا. فیحتمل أیضا أن یکون مراده علیه السلام تصدیق فقهاء أصحابه ، وأنّ مراده أنّه یتمّ الصلاة بأن ینوی الإقامة ، ولذا قال : « قد علمت فضل الصلاة فیهما فأحبّ لک أن لا تقصّر » إذ یظهر من التعلیل أنّ الإتمام باختیارک وأنت تعلم هذا المعنی فأحبّ لک أن تختاره ، فلو کان مراده ما ذکره الشارح رحمه الله کان المناسب أن یقول : الحق مع تلک الروایة والفقهاء أخطأوا ، وأین هذا من ذلک الجواب؟ ویصح علی هذا أیضا الإتمام بمنی حال الرجوع إلیها ، لأنّها من توابع مکّة ، ومکّة موضع الإقامة ، ومن نوی الإقامة فی موضع یتمّ الصلاة فی توابعه أیضا ، علی ما سیجی ء ، فلاحظ وتأمّل جدّا.

وربما یظهر ممّا ذکر وجه التوجیه للصدوق رحمه الله فتأمّل.

( علی أنّ ظاهر هذه الصحیحة استحباب الإتمام ، لقوله علیه السلام : « قد

ص: 425


1- الوسائل 8 : 463 أبواب صلاة المسافر ب 3.

علمت فضل الصلاة فی الحرمین » وقوله : « فأنا أحبّ لک أن لا تقصّر » فیکون من القسم الثانی ، یعنی الدال علی التخییر صریحا.

ومع إشکال آخر وهو : أنّ التخییر وأفضلیة الإتمام لو کان من الله تعالی فأیّ معنی لقوله علیه السلام : أحبّ لک ( أن تختار خصوص الإتمام فی المسألة ) (1) فأیّ معنی لذلک القول؟ إلاّ أن یکون المراد أنّک تعلم أنّک مخیّر بین القصر والإتمام فأنا أحبّ لک أن تختار خصوص الإتمام فی الحرمین ، فتصیر الروایة بحسب ظاهرها علی طریقة العامّة.

قال جدّی رحمه الله : إنّ التوقیعات کثیرا ما کانت غیر خالیة عن اضطراب أو موافقة للتقیّة خوفا من أن یقع التوقیع بید عدوّهم (2). فمن هذا ظهر وهن آخر فی الاحتجاج مضافا إلی ما سیأتی.

وجعل المعنی أنّک قد علمت التخییر فی خصوص الحرمین فأحبّ لک. فیه ما فیه ) (3).

قوله : کصحیحة محمد بن إسماعیل بن بزیع. ( 4 : 467 ).

هذه الصحیحة مستند الصدوق ، ویدل علی مذهبه أیضا صحیحة معاویة بن وهب التی ذکرناها ( وصحیحة أبی ولاّد التی أشرنا إلیها ) (4) وصحیحة معاویة بن عمار أنّه قال : سألت الصادق علیه السلام عن الرجل قدم مکّة فأقام علی إحرامه قال : « فلیقصّر الصلاة ما دام محرما » (5) والظاهر أنّ

ص: 426


1- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : أن تتمّ ، بل الله أحبّه ، وإلاّ فإنّک له.
2- انظر روضة المتقین 2 : 156.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
4- ما بین القوسین لیس فی « ج ».
5- التهذیب 5 : 474 / 1668 ، الوسائل 8 : 525 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 3.

مراده أنّه یرید الذهاب إلی عرفات ولذا أقام علی إحرامه ، ففرض النائی التمتّع ، والمتمتّع یتمّ العمرة ویتحلّل ثمّ یحرم بالحجّ ، إلاّ أن یتضیّق الوقت عن إتمام العمرة فیعدل إلی الإفراد ویذهب إلی عرفات.

وصحیحة علی بن مهزیار عن محمد بن إبراهیم الحضینی ، قال : استأمرت أبا جعفر علیه السلام فی الإتمام والتقصیر ، قال : « إذا دخلت الحرمین فانو مقام عشرة وأتمّ الصلاة » فقال : إنّی أقدم مکة قبل الترویة بیوم أو یومین أو ثلاثة ، قال : « انو مقام عشرة أیّام وأتمّ الصلاة » (1) یعنی أنّ التمام ما یمکن إلاّ بنیّة عشرة أیّام ، إن أمکنک المقام فأتمّ ، وإلاّ فلا ، وفیها من التأکید ما لا یخفی.

وروایة علی بن حدید أنّه قال للرضا علیه السلام : أصحابنا اختلفوا فی الحرمین ، فبعضهم یتمّ وبعضهم یقصّر ، وأنا ممّن یتمّ لروایة رواها أصحابنا ، وذکرت عبد الله بن جندب أنّه کان یتمّ ، قال : « رحم الله ابن جندب » ثمّ قال : « لا یکون الإتمام إلاّ أن یجمع علی مقام عشرة أیّام » الحدیث (2).

هذا مضافا إلی ظاهر الآیة والعمومات المتواترة والمؤیّدات التی أشرنا إلیها.

وورد أخبار معتبرة متعدّدة فی أنّ أهل عرفات إذا رجعوا إلی مکّة لزیارة البیت یقصّرون فی مکّة وفی المسجد الحرام ، کما هو الظاهر منها ،

ص: 427


1- التهذیب 5 : 427 / 1484 ، الاستبصار 2 : 332 / 1180 ، الوسائل 8 : 528 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 15.
2- التهذیب 5 : 426 / 1483 ، الاستبصار 2 : 331 / 1179 ، الوسائل 8 : 533 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 33.

إلاّ أن یدخلوا منازلهم ، فلاحظ.

ومستنده أیضا روایة حمزة بن عبد الله الجعفری ، قال : لمّا أن نفرت من منی نویت المقام بمکّة فأتممت الصلاة حتی جاءنی خبر من المنزل ، فلم أجد بدّا من المصیر ، فقصصت علی أبی الحسن علیه السلام القصّة ، فقال : « ارجع إلی التقصیر » (1) والروایة صحیحة عنده.

وروی الشیخ فی الصحیح عن الصادق علیه السلام فی الرجل یدخل مکّة من سفره وقد دخل وقت الصلاة ، قال : « یصلّی رکعتین » الحدیث (2).

وفی الحسن کالصحیح عن الصادق علیه السلام : « إنّ أهل مکّة إذا زاروا البیت ودخلوا منازلهم أتمّوا ، وإن لم یدخلوا منازلهم قصّروا » (3).

وقریب منه ما فی الحسن کالصحیح عن الحلبی عن الصادق علیه السلام : « إنّ أهل مکة إذا خرجوا حجّاجا قصّروا ، وإذا زاروا البیت ورجعوا إلی منازلهم أتمّوا » (4) فلاحظ.

قوله : ویدل علی التخییر. ( 4 : 468 ).

یمکن أن یقال : إنّ الحدیث وارد فی مقام التقیّة ، لموافقة حکمه لمذاهب العامّة ، وعلی بن یقطین کان وزیر الخلیفة ، والکاظم علیه السلام کانت التقیّة فی زمانه أشدّ ، وصحیحة ابن بزیع وما یؤدّی مؤدّاها لا تقبل التقیّة أصلا ، کما هو الظاهر (5).

حمل الروایة الدالة علی التخییر بین القصر والإتمام علی التقیة

ص: 428


1- التهذیب 3 : 221 / 554 ، الاستبصار 1 : 239 / 852 ، الوسائل 8 : 509 أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 2.
2- التهذیب 2 : 13 / 28.
3- الکافی 4 : 518 / 1 ، الوسائل 8 : 464 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 7.
4- الکافی 4 : 518 / 2 ، الوسائل 8 : 465 أبواب صلاة المسافر ب 3 ح 8.
5- من هنا إلی نهایة التعلیقة لیس فی « أ ».

وورد فی الأخبار التی کادت تبلغ التواتر أنّ کلّ حدیث وافق العامّة فاترکوه ، خذوا بما خالفهم فإنّ الرشد فی خلافهم ، وعند تعارض الأخبار عیّنوا لنا ذلک ، وما أجازوا لنا غیر ذلک حاجة (1) أمروا بالأخذ بما اشتهر بین الأصحاب ، ولا شکّ فی أنّ وجوب القصر فی هذه الأماکن مخالف للعامّة ، فالرشد فیه ویجب علینا الأخذ به ، کما أنّ التخییر هو عین مذهبهم ، والتخییر فی هذه الأماکن فرد من التخییر الذی یقولون ، وما یظهر منه الاختصاص سیجی ء الجواب عنه ، مع أنّه أوفق بمذهبهم قطعا.

وأیضا أمرونا بأخذ ما وافق کتاب الله وترک ما خالفه ، وعلمت أنّ کتاب الله یدل علی وجوب القصر بنصّ أهل البیت ، وترک غیر المشهور ، ومعلوم أنّ المعتبر هو المشهور بین أصحاب الراوی والمعصوم علیه السلام لا المتأخّرین ، إلاّ أن یدل دلیل علی أنّ الشهرة بین المتأخّرین هی الشهرة بین أصحاب الراوی ، وعرفت فی المقام أنّ أصحاب الراوی والمعصوم کلّهم کانوا یقصّرون.

وأیضا أمروا بالأخذ بالحدیث الذی وافق سائر أحکامهم ، ومعلوم أنّ المستفاد من الآیة والأخبار المتواترة أنّ المسافر یجب علیه القصر.

وأیضا أمروا بالأخذ بما وافق السنّة ، ومعلوم أنّ الرسول کان یقصّر ، کما یظهر من الأخبار (2).

وأیضا أمروا بالعرض علی سائر أحادیثهم والأخذ بما وافقها ، وأحادیثهم متواترة فی وجوب القصر والمبالغة فیه وردّ التخییر والإصرار

ص: 429


1- کذا.
2- الوسائل 8 : 452 ، 454 أبواب صلاة المسافر ب 1 ح 4 ، 12 ، وص 472 ب 6 ح 4.

فیه.

وأیضا ما ورد فی علّة التقصیر یشمل المقام ، وما ورد من أنّ الله تصدّق بالرکعتین ولا یرضی بأن یردّ صدقته (1). إلی غیر ذلک.

مضافا إلی تصریحهم بأنّ الأمر بالتمام إنّما هو اتّقاء علی الشیعة ، کما عرفت. مضافا إلی شهادة الاعتبار وغیر ذلک بما عرفت وستعرف.

وأیضا المسافر یقصّر قطعا قبل الوصول إلی هذه ، فهو مستصحب حتی یحصل الیقین بخلافه ، لقولهم : « لا تنقض الیقین إلاّ بیقین » (2) وغیر ذلک. مضافا إلی تصریحهم فی خصوص المقام بأنّ الإتمام الذی ورد منّا إنّما ورد تقیّة.

وممّا ذکر ظهر الکلام فی الأخبار التی أمروا بالإتمام ، إذ عرفت أن کان تقیّة ، والعامّة أیضا یأمرون بالإتمام وإن کانوا یجوّزون القصر ، ویجعلون القصر شعار الشیعة.

فإن قلت : ما ورد من أنّ الإتمام فی أربعة مواطن (3) من مخزون علم الله تعالی لا یمکن حمله علی التقیّة.

قلت : الموانع الأخر تکفی لرفع الید عنه والأخذ بما خالفه ، فإنّ الأئمّة علیه السلام أمرونا بطرح ما خالف الکتاب وضربه علی الحائط وأنّه باطل (4) إلی غیر ذلک من أمثال هذه العبارات.

وکذا الحال فی الشهرة بین أصحاب الراوی وغیر ذلک ممّا ذکرت ،

ص: 430


1- الکافی 4 : 127 / 2 ، الوسائل 8 : 519 أبواب صلاة المسافر ب 22 ح 7.
2- الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
3- الوسائل 8 : 524 أبواب صلاة المسافر ب 25.
4- المحاسن 1 : 221 ح 129 ، الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

فإنّهم علیه السلام جعلوا کلّ واحد منها حجّة مستقلّة برأسها وأمرونا باتباعه واعتباره ، وما جوّزوا لنا رفع الید عنه ، وکلّها مجتمعة فی ما ذکر من الحدیث أیضا ، وواحد منها یکفی ، والمدار فی الفقه علی ذلک.

مع أنّ وجوب القصر مخالف لرأی العامة جزما ، والرشد فی خلافهم علی ما صرّحوا به وأمرونا باتباعه والأخذ به.

علی أنّا نقول : مرادنا من التقیّة هی الاتّقاء ، قالوا کذلک لأجل أنّ الشیعة إذا کانوا فی تلک الأربعة أتمّوا الصلاة ، ولذا ذکروا ذلک فی إتمام الصلاة خاصّة ، والعامّة إذا رأوا أنّهم أتمّوا لا یؤذونهم ، بخلاف ما إذا رأوهم یقصّرون ، وما کانوا یدورون مع الشیعة حتی یرونهم یقصّرون ، مع أنّهم لو وجدوهم یقصّرون لکانوا یؤذونهم البتة.

ووجه تخصیص هذه الأربعة بالاتقاء لکونها مشهد مجمع أهل السنّة مع الشیعة بعنوان الکثرة والازدحام سیّما الحرمین ، ولذا أکثر الأخبار ورد فی الحرمین ، بل بعضها ظاهر فی اختصاصهما به ، مثل ما ورد فی بعضها : أنّ أبی کان یری للحرمین ما لا یراه لغیرهما (1) ، وزیارة الحسین علیه السلام لم یکن من خصائص الشیعة ، إذ لو کان کذلک لعرفوا وقتلوا ، لأنّ السلاطین فی غایة بذل جهدهم فی تحصیل معرفة الشیعة ، وهم فی غایة بذل الجهد فی إخفاء أنفسهم ، فکان یؤدّی ذلک إلی ترک زیارة الحسین علیه السلام ومنع الأئمّة إیّاهم من الزیارة ، مع أنّ أمرهم بزیارته بلغ حدّ التواتر ، والمتوکّل منع الناس عن زیارته ، فلمّا منعوا وکان یقع الکثرة والازدحام فی زیارته وربما صار منعه [ سببا ل- ] (2) زیادة الازدحام علیها فلذا أمر بمحو آثار

ص: 431


1- الکافی 4 : 524 / 7 ، التهذیب 5 : 426 / 1478 ، الاستبصار 2 : 330 / 1174 ، الوسائل 8 : 524 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 2.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

قبره علیه السلام ، ومع ذلک ازدحام الشیعة وأهل السنة فی زیارته إلی الآن باق علی حاله.

وعلی فرض البعد یقدّر بقصد الإقامة ، وبعد ذلک لیس بأزید من حمل أخبار وجوب القصر علی مرجوحیته ، إذ أقلّ مراتب الأمر الرجحان ، سیّما مع ما فی بعضها من القرائن الدالة علی إرادة التقصیر وطلبه علی سبیل التعیّن ، والدلالة أیضا منتفیة.

مع أنّک عرفت أنّ الواجب علینا مراعاة المرجّحات من موافقة الکتاب والشهرة بین الأصحاب ومخالفة العامّة وغیر ذلک ، وأیضا ستعرف أنّ بین الأخبار التی هی مستند المشهور اختلافا شتّی ، مضافا إلی ما ذکرنا من الإیرادات ، وهذه أیضا یضعف التمسّک بها.

قوله : فلا یبعد أن یکون. ( 4 : 468 ).

سیّما بعد ملاحظة ما نبّهنا علیه ، بل لولا الشهرة العظیمة لکان مذهب الصدوق متعیّنا بحسب ما یظهر من الأخبار والأصل بعد الآیة ، والله یعلم.

قوله : ولأنّ الأخبار الواردة بالإتمام. ( 4 : 468 ).

وأمّا مذهب ابن الجنید والمرتضی فلا احتیاط من جهتهما ، لکونهما خلاف الآیة والأخبار المتواترة والأصول وطریقة الشیعة بل المسلمین فی الأعصار والأمصار.

قوله (1) : ولم نقف لهما علی مأخذ فی ذلک. ( 4 : 471 ).

لا یخفی أنّ قوله فی صحیحة علی بن مهزیار : « قد علمت فضل الصلاة » فی مقام التعلیل لأمره بالإتمام ، وقیاس منصوص العلّة حجّة عنه

وجوب القصر فی هذه المواطن إذا ضاق الوقت إلاّ عن أربع

ص: 432


1- هذه التعلیقة والتی بعدها لیست فی « ا ».

الشارح (1) رحمه الله والمشهور ، فمقتضاه أن کلّ موضع یکون للصلاة فیه [ فضل ] یکون الإتمام فیه مأمورا به ، وخروج غیر (2) المشاهد للأئمّة عنه لعله للإجماع أو غیره ، فتأمّل.

ومثل صحیحة علی بن مهزیار صحیحة البزنطی عن إبراهیم بن شیبة ، إذ فیها : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان یحبّ إکثار الصلاة فی الحرمین ، فأکثر فیهما وأتمّ » (3).

لکن الأخبار الدالة علی أنّ موضع الإتمام أربعة تعارضه وتغلب علیه ، لکون دلالتها أقوی وکونها معمولا بها عند المعظم ، وغیر ذلک من المرجّحات التی أشرنا إلیها فی ترجیح رأی الصدوق. وما ذکر یضعّف [ بأنّ ] أفرادا کثیرة من المواضع التی للصلاة فیها فضل لا یتمّ الصلاة فیها إجماعا ، کما أنّ کثیرا من مواضع الإتمام لیس فیها فضل إجماعا ، فیضعف الاحتجاج بمثل صحیحة علی بن مهزیار.

مع أنّ الأخبار التی هی مستند المشهور بینها اختلاف بحسب الظاهر ، إذ بعضها یظهر منه أنّ کل موضع یکون للصلاة [ فیه ] فضل یتمّ ، وبعضها یدل علی الاختصاص بالأربعة المعهودة ، وبعضها ظاهر فی اختصاص الحکم بالحرمین ، مثل کالصحیح عن مسمع ، عن الکاظم علیه السلام وأنّه قال : « کان أبی یری لهذین الحرمین ما لا یراه لغیرهما ویقول : الإتمام فیهما من الأمر المذخور » (4) ومثلها صحیحة علی بن مهزیار وإبراهیم بن شیبة ، ومنها

ص: 433


1- انظر المدارک 1 : 32.
2- لیس فی « ب » و « د » و « و ».
3- الکافی 4 : 524 / 1 ، التهذیب 5 : 425 / 1476 ، الاستبصار 2 : 330 / 1172 ، الوسائل 8 : 529 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 18.
4- التهذیب 5 : 426 / 1478 ، الاستبصار 2 : 330 / 1174 ، الوسائل 8 : 524 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 2.

[ ما ] یدل علی ثلاثة أماکن : المدینة ومکّة وعند قبر الحسین علیه السلام ، وهو روایة حسین عن الصادق علیه السلام (1) ، ومنها [ ما ] یدل علی الحرمین ، ومنها [ ما ] یدل علی خصوص المسجدین. إلی غیر ذلک من الاختلافات الظاهرة فیها ، مثل أنّ بعضها ظاهر فی وجوب التمام وبعضها فی أفضلیته ، وبعضها فی تساویه مع القصر ، وبعضها بالحرم ، وبعضه بالحائر ، وبعضها عند القبر ، إلی غیر ذلک ، وهذه الاختلافات ممّا یضعف التمسّک بها. مع أنّ مجرّد فضل الصلاة کیف ( کان مستحب ، فکیف یغیّر الواجب ویصیر منشأ ) (2) لتغیّر الحکم الواجبی؟!.

قوله : فی التذکرة. ( 4 : 471 ).

والمرتضی - رضی الله عنه - فی الانتصار أیضا ادعی الإجماع علیه (3).

قوله : ما رواه الشیخ فی الصحیح عن الحلبی. ( 4 : 471 ).

حمل هذه الصحیحة علی صورة العلم والعمد لعله بعید ، بل وعلی الأعم أیضا ، فالحمل علی النسیان لعله أقرب. فتأمّل.

قوله : أو فعل ما به یحصل کالتسلیم. ( 4 : 471 ).

فیه : أنّه علی هذا یخرج الأخبار التی استدلوا بها علی استحباب التسلیم عن الحجّیة ، لأنّ استدلالهم بها لیس إلاّ من جهة أنّ مقتضاها خروج المصلّی عن الصلاة بمجرّد التشهّد لیس إلاّ ، فإذا بنی علی أنّه لا بدّ

وجوب إعادة الصلاة لو أتمّ المقصر عامداً

ص: 434


1- الکافی 4 : 586 / 4 ، کامل الزیارات : 249 ، الوسائل 8 : 530 أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 22.
2- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : فإن المستحب کیف یغیر الواجب منشأ ، وفی « و » : کان مستحب فکیف یصیر الواجب منشأ. والظاهر ما أثبتناه.
3- الانتصار : 52.

من مخرج سوی التشهّد لم یبق تلک الأخبار علی ظواهرها ، لأنّ التقدیر واجب ، فیتعیّن تقدیر التسلیم حتی توافق الأخبار الدالة علی وجوب التسلیم وکونه مخرجا لا غیر ، وتکون هذه الأخبار خالیة عن المعارض ، لأنّ المجمل لا یعارض المبیّن والمفصّل.

مع أنّ هذه الأخبار علی ما ذکره یکون مقتضاها لزوم أحد الأمرین : إمّا التسلیم أو نیّة الخروج ، ومقتضی تلک الأخبار لزوم خصوص التسلیم ، فالجمع متعیّن بحمل أحدهما علی خصوص التسلیم ، فتدبّر.

قوله : إنّ الصلاة المقصورة إنّما تبطل بالإتمام. ( 4 : 472 ).

فیه : أنّ هذا مناف لما صرّح به فی مسألة من توضّأ ثلاثا ثلاثا ، ومسألة التکفیر فی الصلاة ، ومسألة قول آمین فیها ، وغیرها من أمثال هذه المسائل من أنّ الصلاة والوضوء صحیحتان ، لأنّ النهی تعلّق بأمر خارج (1).

ومع ذلک مقتضی هذه الأخبار وما ورد فی أنّ الناسی أیضا یعید أنّهما یعیدان مطلقا ، وکذلک فتاوی الأصحاب ، فلا وجه للتقیید الذی ذکره ، وهذا کلّه دلیل علی وجوب التسلیم ، فتدبّر.

قوله : إذا وقعت ابتداء علی ذلک الوجه. ( 4 : 472 ).

کون قصد الإتمام مضرّا محلّ تأمّل ومخالف لما صرّح به مرارا ، وسیجی ء تمام الکلام فی مسألة الناسی ، فلاحظ.

قوله : ویدل علیه قوله علیه السلام . ( 4 : 472 ).

ولو علم بالحال فی أثناء الصلاة فإن أمکنه العدول إلی القصر قصّر ، وإلاّ بأن تعدّی موضعه مثل أن دخل فی الرکوع فی الرکعة الثالثة أعادها بأن

حکم ما لو أتمّ المقصر جاهلاً

ص: 435


1- انظر المدارک 1 : 234 ، 3 : 373 ، 461.

یستأنفها ، وإن لم یدخل فی الرکوع فلا یبعد أنّه یهدم القیام ویجلس ویسلّم ، لکونه معذورا لو أتمّ الصلاة أربعا ، ففی المقام بطریق أولی ، ویحتمل عدم المعذوریة فی المقام اقتصارا علی مورد النص والفتوی.

قوله : فیمکن حملها علی الناسی. ( 4 : 472 ).

ظاهرها العموم ، لترک الاستفصال فی مقام الاحتمال ، لکن یمکن أن یقال بخروج العالم العامد ، لبعد ذلک ، فإنّ الظاهر أنّ المصلّی یصلّی طاعة لله تعالی وعبادة له ، وکذا خروج الجاهل ، لما دل علی صحّة صلاته ، بل یتعیّن ذلک ، لأنّه صحیح وصریح ومعمول به عند الأصحاب ، وهذا الصحیح لا صراحة فیه ، لإمکان إرادة الناسی أو الاستحباب.

والحاصل : أنّ غیر الصریح لا یعارض الصریح ، سیّما إذا کان الصریح معمولا به عند الجلّ ، والمدار فی الفقه علی ذلک ، بل ربما کان سیاق العبارة له ظهور فی النسیان حیث قال أوّلا : صلّی وهو مسافر ، ثمّ فرّع علیه بقوله : فأتمّ الصلاة ، فإنّ فیه إیماء ظاهر ، فتأمّل جدّا.

ویؤیّده أیضا روایة أبی بصیر (1) ، إذ بملاحظتها ربما یظهر أنّ مضمون هذه الروایة مضمونها ، فتأمّل.

قوله : وکأنّ المراد أنّه یجوز. ( 4 : 473 ).

الظاهر أنّ مراده عدم وجوب الإعادة ، لأنّه ثبت من الشرع بحیث لا تأمّل فیه ، ولا منافاة بینه وبین عدم معذوریة الجاهل بأنّه یؤاخذ ویعاقب مطلقا ، وعلیه الإعادة أیضا إذا لم یثبت من الشارع عدم وجوبها ، فتدبّر.

قوله : والاشتراک فی العذر. ( 4 : 473 ).

ص: 436


1- الفقیه 1 : 281 / 1275 ، التهذیب 3 : 169 / 373 ، الاستبصار 1 : 241 / 861 ، الوسائل 8 : 506 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 2.

لا یخفی أنّ هذا هو القیاس الحرام بعینه. مع أنّه لو کانت العلّة هی الجهل لزم معذوریته مطلقا ، ولا یقولون به ، بل هو فاسد. مع أنّ صحة عبادته من جهة الجهل فیه ما فیه.

قوله : فالظاهر الإعادة. ( 4 : 473 ).

الظاهر أنّ هذا الحکم مبنی علی أنّ الحدیث الصحیح المذکور لا یقاوم القاعدة الثابتة حتی یخصّصها ، کما یقول الفقهاء من أنّ النص مخالف للقاعدة فی موضع لا یعملون به ، لأنّ شرط تخصیص العامّ مقاومة الخاصّ له ، والمقاومة شرط فی جمیع المتعارضین إذا حمل أحدهما من جهة الآخر فی مقام الإفتاء لا مجرّد الجمع ورفع التناقض.

قوله (1) : هذا هو المشهور بین الأصحاب. ( 4 : 473 ).

بل المرتضی فی الانتصار ادعی الإجماع علیه ، وکذا الشیخ فی الخلاف ، والحلّی فی السرائر ، والعلاّمة فی ظاهر التذکرة (2).

قوله : ویتوجّه علی الروایة الأولی أنّها ضعیفة السند. ( 4 : 474 ).

السند صحیح کما حقّق فی محلّه ، ومع ذلک منجبر بالشهرة ، والظاهر من الیوم هو بیاض النهار ، وعدم مذکوریة حکم العشاء غیر مضرّ قطعا ، فإنّ الأخبار التی یستدلون بها فی الفقه غالبا أخصّ من المدعی ، والمدار فی الفقه علی ذلک وعلی الإتمام بعدم القول بالفصل أو بغیره من دلیل آخر لروایة أو أصل أو غیر ذلک ، ومدار الشارح رحمه الله أیضا علی ذلک. وفی المقام عدم القول بالفصل موجود ، وکذا صحیحة العیص ، والأصل أیضا ،

حکم ما لو أتمّ المقصر ناسیاً

ص: 437


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
2- الانتصار : 52 ، 53 ، الخلاف 1 : 586 ، السرائر 1 : 328 ، التذکرة 1 : 193.

لأنّ القضاء فرض جدید ، وشمول دلیله له محلّ مناقشة ، وأمّا إذا کان الوقت باقیا وظهر علیه أنّه ما أتی بالصلاة التی أمر بها یجب علیه الإتیان بها قطعا ، فتأمّل.

ویدل علی ذلک أیضا صحیحة الحلبی التی ذکرها فی إعادة العامد (1) لو قلنا أنّ الإعادة مختصّة بالوقت. ولو قلنا بأنّها أعمّ فهی مستند علی بن بابویه والمبسوط.

قوله : أحدهما : الإعادة مطلقا. ( 4 : 474 ).

یدل علیه إطلاق الأمر بالإعادة فی صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم (2) وصحیحة الحلبی (3). ویمکن حملهما علی الإعادة فی الوقت جمعا بین الأخبار ، أو أنّ المراد غیر الناسی ، فتأمّل.

قوله : اختاره الصدوق فی المقنع. ( 4 : 474 و 475 ).

الظاهر أنّ فتواه موافق للمشهور ، ومعلوم أنّ فتواه فیه نقل متون الأخبار مفتیا بمضمونها ، فحاله فی المقام حاله فی غیر المقام ، وحال کلامه حال متون الأخبار ، فتأمّل.

قوله : وقد بیّنا. ( 4 : 475 ).

بل الأصحّ أنّ ذلک مبطل للصلاة ، لوجوب التسلیم وعدم إتیان المأمور به علی وجهه.

قوله : اتّجه القول بالإعادة. ( 4 : 476 ).

أی بنیّة التمام ، وفیه : أنّ کون هذا مضرّا مع عدم تحقّق الإتمام غیر

ص: 438


1- المدارک 4 : 471.
2- الفقیه 1 : 278 / 1266 ، التهذیب 3 : 226 / 571 ، الوسائل 8 : 506 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 4.
3- التهذیب 2 : 14 / 33 ، الوسائل 8 : 507 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 6.

ظاهر ، إذ ربما کان بنیّة الإتمام إلی آخر التشهّد الأوّل فتفطّن أنّ علیه القصر فسلّم ، فإنّ صلاته صحیحة ، لاستجماعها جمیع الواجبات وعدم المانع منها ، لأنّ المعتبر فی النیّة قصد القربة ، سیّما عند الشارح ، وقصد التعیین أیضا متحقّق ، لأنّه قصد ما فی ذمّته ، غایة ما فی الباب أنّه توهّم کونها تماما ، فتفطّن فقصّر ، وهذا القدر من التعیین کاف لتحقّق الامتثال العرفی ، ولیس له دلیل سواه. وبالجملة : ما ذکره هنا خلاف ما صرّح به مرارا (1) ، فتأمّل.

قوله : لما یجب علیه من ترک نیّة التمام. ( 4 : 476 ).

الظاهر أنّه لا إشکال من جهة نیّة التمام ناسیا ، فإنّه لو تذکّر المصلّی قبل إتمام التشهّد الأوّل ، فسلّم تکون صلاته صحیحة ظاهرا ، بل الإشکال فی التسلیم ناسیا ، وأنّه لو أتی المکلّف الأمر الذی کلّف به علی وجهه علی سبیل النسیان هل یکون ممتثلا؟ مع أنّه لم یأت به باختیاره بل أتی به سهوا ، ومثل هذا کیف یعدّ امتثالا؟ إذ الامتثال هو أن یأتی به علی سبیل الاختیار والشعور والإرادة ، فتأمّل.

قوله : ولو کانت صریحة لأمکن الجمع. ( 4 : 478 ).

ومع الصراحة أیضا یشکل الجمع ، لأنّه بعد التکافؤ ، وما دل علی القصر أرجح ، لموافقته العمومات والتأکید الذی فیه بقوله : « فإن لم تفعل. » ولکونه أشهر علی ما ذکره المصنّف ، ولموافقته لصحیحة العیص الآتیة ، وصحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام : عن الرجل یقدم من الغیبة فیدخل علیه وقت الصلاة ، قال : « إن کان لا یخاف أن یخرج الوقت فلیدخل ولیتمّ ، وإن کان یخاف أن یخرج الوقت قبل أن یدخل فلیصلّ

بطلان الصلاة لو قصر المسافر اتفاقاً
حکم ما لو دخل وقت الصلاة فسافر

ص: 439


1- انظر المدارک 1 : 188 ، وج 3 : 310 و 311.

ولیقصّر » (1) وقد عرفت أنّ راوی تلک الصحیحة هو راوی هذه الصحیحة ، فالراوی بعینه روی ضدّ ما رواه لو کان المراد ما فهمه المستدل ، فمن هذا یحصل وهن عظیم ، بل ربما کان المراد من تلک الصحیحة مضمون هذه الصحیحة بأنّها خرجت مفسّرة لها ، بل ربما کان التفاوت حصل من نقل أحدهما من الرواة بالمعنی.

ویؤکّد ما ذکرناه أیضا أنّ محمد بن مسلم روی أیضا فی الصحیح عن الصادق : الرجل یرید السفر متی یقصّر؟ قال : « إذا تواری من البیوت » قال : قلت : الرجل یرید السفر فیخرج حین زوال الشمس ، قال : « إذا خرجت فقصّر » (2).

وممّا یؤکّد أیضا ما قال بعض المحققین من أنّ أکثر العامّة قائلون باعتبار حال الوجوب ، فیکون ما دل علیه محمولا علی التقیّة ، ویشیر إلیه صحیحة إسماعیل ، فتأمّل.

نعم ورد فی التخییر روایة فی سندها محمد بن عبد الحمید عن الصادق علیه السلام : « إذا کان فی سفر فدخل علیه وقت الصلاة قبل أن یدخل فسار حتی یدخل أهله ، فإن شاء قصّر وإن شاء أتمّ ، والإتمام أحبّ إلیّ » (3) لکن لا تقاوم ما ذکرناه من حیث السند وغیره. وکیف کان الأولی والأحوط اعتبار حال الأداء.

ص: 440


1- التهذیب 3 : 164 / 354 ، الوسائل 8 : 514 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 8.
2- الکافی 3 : 434 / 1 ، الفقیه 1 : 279 / 1267 ، التهذیب 2 : 12 / 27 ، الوسائل 8 : 470 أبواب صلاة المسافر ب 6 ح 1.
3- التهذیب 3 : 223 / 561 ، الاستبصار 1 : 241 / 859 ، الوسائل 8 : 515 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 9.

قوله (1) : « فلیقصّر ». ( 4 : 478 ).

وروی الحکم بن مسکین بمن رجل عنه علیه السلام مثل ذلک (2).

قوله : قال فی المعتبر : وقوله : « یجب » ، یرید به الاستحباب ... ( 4 : 480 ).

لأنّ الظاهر من الأخبار الکثیرة سقوط الرکعتین الأخیرتین من دون بدل وعوض ، وللإجماع بل الضرورة من الدین ، ولما یظهر من بعض الأخبار أنّ التقصیر عفو وتخفیف وصدقة ، وأمثال ذلک (3) ، ولضعف سند الروایة.

قوله (4) : ولا ریب فی وجوب الإتمام فی هذه الصورة. ( 4 : 481 ).

ولذا من کان ینوی الإقامة فی المدینة یذهب إلی مسجد قباء وأحد لزیارة حمزة ومشربة أمّ إبراهیم وغیر ذلک من دون إشکال ، ولذا لم یتحقّق منهم سؤال ولا من الأئمّة علیه السلام استفصال.

قوله : ولو قصد العود من دون نیّة الإقامة قیل : وجب التقصیر بمجرّد خروجه. ( 4 : 481 ).

نسب هذا القول إلی الشیخ والعلاّمة وغیرهما (5) ، واحتجّوا لهذا القول

إذا عزم علی الإقامة فی غیر بلده عشرة أیّام ثمّ خرج إلی ما دون المسافة

ص: 441


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- التهذیب 3 : 223 / 560 ، الاستبصار 1 : 241 / 858 ، الوسائل 8 : 514 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 7.
3- الوسائل 8 : 517 أبواب صلاة المسافر ب 22.
4- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».
5- نسبه إلیهم الشهید الثانی فی رسالة صلاة المسافر ( رسائل الشهید ) : 173 ، وانظر المبسوط 1 : 138 ، والمنتهی 1 : 398 ، والسرائر 1 : 345 ، والذکری : 262.

بأنّه نقض المقام بالمفارقة ، فیعود إلی حکم السفر.

وفیه : أنّ هذا ینافی ما هو مسلّم عندهم وثابت بالأدلّة أیضا ، کما ذکرنا فی الشرط الثالث ، من أنّ نیّة الإقامة قاطعة للسفر ، فإذا انقطع السفر فلا جرم یکون اللازم الإتمام حتی یتحقّق السفر المستجمع للشرائط ، کما عرفت وستعرف. وأی فرق بین هذا وبین من بلغ وطنه وخرج منه؟ فإنّ توقّف القصر علی مسافة مستجمعة لها لیس إلاّ لانقطاع سفره ، کما عرفت فی الشرط الثالث.

وأیضا هذا مناف لما علّلوا به للإتمام ذهابا وإیابا وفی ما خرج إلیه فی المسألة المتقدّمة.

ومع ذلک نقض المقام بالمفارقة ممنوع ، وکذا العود إلی حکم السفر ، وسند المنعین ظهر ممّا مرّ ، وسیظهر أیضا فی الحاشیة الآتیة.

هذا ولکن عبارة المبسوط هکذا : لأنّه نقض مقامه بسفر بینه وبین بلده یقصّر فی مثله (1) ، وهذه ظاهرة فی أنّ الشیخ جعل المقتضی للقصر قصد المسافة ، وأنّه ( یلزم بمجرّد الخروج ) (2) تحقّق قصد المسافة ، لأنّه یرید الإیاب إلی بلده البتّة ولم ینو إقامة أخری ، فیکون حال موضع إقامته حال سائر المواضع.

لکن یرد علیه : أنّ الذهاب لا یضمّ إلی الإیاب إجماعا إلاّ فی صورة أو صورتین ، وقد مرّ الدلیل علی ذلک أیضا ، وأیضا لا بقال عرفا : إنّه الآن یسافر إلی وطنه ، بل یقولون بخلاف ذلک ، وأنّه لا یسافر البتّة. وأیضا قد عرفت وستعرف أن موضع الإقامة حکمه حکم الوطن ، وأنّ الإتمام

ص: 442


1- المبسوط 1 : 138.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

مستصحب حتی یثبت خلافه ، إلی غیر ذلک ممّا ستعرف.

واستدل أیضا بأنّ المتبادر من الأخبار الدالة علی أنّ ناوی الإقامة یتمّ الصلاة أنّه یتمّ الصلاة فی موضع الإقامة.

وفیه : أنّه إن أرید أنّه یتمّ فیه الصلاة ولا یتمّ فی غیره فالتبادر ممنوع ، وإن أرید أنّه یتمّ فیه أی المعنی اللابشرط فمسلّم لکن لا یضرّنا ، فإنّ إثبات الشی ء لا ینفی ما عداه ، وستعرف الأدلة علی الإتمام فی غیره أیضا.

مع أنّا لا نسلّم التبادر سیّما فی صحیحة أبی ولاّد (1) ، بل عرفت أنّ الظاهر منها خلاف ذلک ، کما ستعرف ، بل غیرها أیضا حیث جعل الإتمام فی مقابل القصر بأن قال علیه السلام : إن عزمت علی الإقامة أتممت وإلاّ قصّرت إلی ثلاثین (2).

وظاهر أنّ القصر مطلق سواء کان فی موضع الإقامة أو غیره ، فتأمّل.

وبالجملة : لو تمّ دلیله فهو تمسّک بمفهوم اللقب ، ولیس بحجة إن ذکر اللقب صریحا ، فکیف إذا لم یکن مذکورا أصلا؟ بل یدعی تبادره ، وتمام الکلام ستعرف.

قوله : وهو جیّد ... ( 4 : 481 ).

بناء علی أنّ الذهاب لا یضمّ إلی العود وکون ناوی الإقامة ذاهبا إلی وطنه قطعا من دون نیّة إقامة ثانیة ، وکونه بخروجه عن موضع الإقامة خارجا عن مسمّی المقیم ، وکونه مسافرا عرفا ، بل وشرعا أیضا ، لعدم کونه

ص: 443


1- الفقیه 1 : 280 / 1271 ، التهذیب 3 : 221 / 553 ، الاستبصار 1 : 238 / 851 ، الوسائل 8 : 508 أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 1.
2- فقه الرضا علیه السلام : 160 ، المستدرک 6 : 536 أبواب صلاة المسافر ب 10 ح 3.

مقیما فی ما نوی (1) الإقامة ، لکن یجب عند الشارح تقییده بما إذا حصل مع العود قصد المسافة ، فلو عاد ذاهلا.

ووافق الشارح رحمه الله جماعة مثل مولانا الأردبیلی ومولانا عبد الله التستری وغیرهما (2) ، لکن غیرهم یقول : إنّه یذهب إلی وطنه قطعا فی وقت من الأوقات ، ولا یشترط قصد (3) المسافة فی زمان معیّن ، نعم لا بدّ أن لا یقطع سفره أحد القواطع الثلاثة ، والذهول أو التردّد إنّما یکونان بالنسبة إلی السفر عن قریب لا مطلق السفر.

نعم لو فرض بعنوان الندرة عدم إرادة الذهاب إلی وطنه أصلا ولو بعنوان الذهول أو التردد یکون الأمر کما ذکره الشارح رحمه الله .

وجوابه أنّ إرادة الوطن فی الجملة أعمّ من أن یکون هذا العود إنشاء السفر إلیه بحسب قصده مع استمرار هذا القصد ، والمعتبر هو هذا الخاصّ لا الأعمّ ، لأنّ هذا الخاصّ هو المتبادر من الأخبار وفتاوی الأصحاب ، بل الثابت المحقّق هو لا غیره.

وأیضا ستعرف فی الحاشیة الآتیة أنّ دار الإقامة بمنزلة الوطن إلاّ أن تثبت المغایرة ، ولم تثبت ، وتمام الکلام فی الحاشیة الآتیة.

وممّا ذکر ظهر أنّه لو کان بإرادته السفر إلی الوطن أو غیره وإنشاؤه من دار الإقامة لا من موضع العود لا یجب علیه القصر أیضا إلاّ بعد إنشاء السفر من دار الإقامة.

ثمّ لا یخفی أنّ دار الإقامة ربما تکون فی الطرف المخالف للوطن أو

ص: 444


1- فی « أ » و « و » : بنی.
2- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 441 ، وانظر الحدائق 11 : 488.
3- فی « ب » و « د » : قطع.

الموضع الذی یرید السفر إلیه فیتعیّن الإتمام فی العود ودار الإقامة من جهة عدم ضمّ الذهاب إلی الإیاب ، فتفطّن.

قوله : وذلک کلّه معلوم من القواعد المتقدّمة. ( 4 : 482 ).

قد أشرنا عند ذکر الشرط الثالث للقصر إلی أدلة ذلک ، وهی ورود الخبر المعمول به عند الأصحاب أنّ ناوی الإقامة بمنزلة أهل البلد (1).

مضافا إلی عدم الخلاف بین الأصحاب فی أنّ قصد الإقامة قاطع للسفر ، وأنّ الأصل هو الإتمام حتی یثبت شرائط القصر ولا یثبت بعد قصد الإقامة وإتمام الصلاة إلاّ أن یتحقّق شرائط القصر بالمسافة المستجمعة للشرائط ، وأنّ الحکم بالإتمام بعد نیّة الإقامة وفعل الفریضة التامّة مستصحب حتی یثبت خلافه ، ولم یثبت قبل تلک المسافة.

وأیضا صحیحة أبی ولاّد (2) ظاهرة فی وجوب الإتمام إلی أن یسافر السفر المستجمع ، لأنّه علیه السلام قال فیها : « فلیس لک أن تقصّر حتی تخرج منها » ولیس المراد مطلق الخروج ، إذ یلزم علی هذا أن یقصّر بمجرّد أن یخرج من البلدة ولو قلیلا ، وهو باطل وفاقا ، ولأنّه کان المناسب أن یقول : إلاّ أن یخرج ، أو ما یؤدّی مؤدّی هذه العبارة.

وقوله : « حتی تخرج » ظاهر فی أنّ المراد الخروج المترقّب الوقوع المتحقّق الحصول ، وهو السفر من المدینة إلی الکوفة أو إلی مکة ، ولم یکن المترقّب المتحقّق البتّة الخروج إلی فرسخ أو فرسخین مثلا ، کما لا یخفی ، فإنّ أبا ولاّد کان من أهل الکوفة ذهب إلی المدینة

ص: 445


1- راجع ص 396.
2- التهذیب 3 : 221 / 553 ، الاستبصار 1 : 238 / 851 ، الوسائل 8 : 508 أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 1.

لزیارة رسول الله صلی الله علیه و آله وملاقاة الإمام أو للحج علی سبیل منع الخلوّ.

وأیضا غیر واحد من الصحاح حکم فیها بوجوب الإتمام بعد نیّة الإقامة علی سبیل الإطلاق (1) ، ومرّ أیضا فی مسألة أنّ نیّة الإقامة موجبة للإتمام ما له دخل تامّ فی المقام (2) ، فلاحظ.

ثمّ اعلم أنّه إذا خرج وعزم العود والإقامة الثانیة فی موضع الإقامة فالإتمام ذهابا وإیابا وفی الموضع الذی خرج إلیه إجماعی ، لعدم تحقّق السفر المقتضی للقصر ، وکذا إذا لم یعزم العود ، بل عزم الذهاب إلی ما دون مسافة أخری وإقامة ثانیة فیه ، وهکذا ، وکذا لو عزم العود والإقامة الثانیة فی غیر موضع الإقامة ممّا هو دون المسافة ، وبالجملة : کلّما کان بعد الخروج إقامة أخری فی ما دون المسافة یکون الواجب الإتمام مطلقا.

قوله : والمسألة محلّ تردّد ... ( 4 : 482 ).

بل الثانی هو الأظهر ، لأنّ صحیحة أبی ولاّد التی هی الأصل فی المسألة لم یعتبر فیها أزید من وقوع فریضة واحدة بتمام ، وعلّق الحکم علیه خاصّة ، والعبرة بعموم لفظ الحکم لا خصوص المحلّ ، فتأمّل.

قوله : ما رواه الشیخ ... ( 4 : 484 ).

ربما یظهر من الروایة کون الاعتبار بحال الوجوب مطلقا بملاحظة التعلیل المذکور فیها ، فیکون حالها حال سائر الأخبار الدالة علی ذلک ، فعلی رأی القائل بأنّ المعتبر حال الوجوب لا إشکال أصلا ، وعلی الرأی الأقوی فالجواب عنها هو الجواب عن سائر الأخبار ، وجواب المعتبر یناسب القائل بالتفصیل لا غیره ، فتأمّل.

حکم من دخل فی صلاته بنیة القصر ثم عنّ له الإقامة

ص: 446


1- الوسائل 8 : 498 أبواب صلاة المسافر ب 15.
2- راجع ص 395 - 396.

قوله : تعویلا علی روایة سلیمان بن حفص المروزی. ( 4 : 485 ).

لا یخفی أنّ فی صحیحة أبی ولاّد (1) أیضا الأمر بالإعادة علی سبیل الفور ، فالجواب أنّ صحیحة زرارة أرجح من جهة الموافقة للقاعدة وندرة الفتوی بالمعارض ، مع أنّه علی تقدیر التکافؤ فالحمل علی الاستحباب.والحمد لله أوّلا وآخرا.

حکم قضاء صلاة السفر فی الحضر وبالعکس

ص: 447


1- الوسائل 8 : 469 أبواب صلاة المسافر ب 5 ح 1.

ص: 448

فهرس الموضوعات

أفعال الصلاة

بحث حول صحیحة حمّاد الواردة فی بیان أفعال الصلاة وآدابها................... 5

النیّة

هل النیّة شرط أو جزء...................................................... 6

اعتبار قصد القربة والتعیین فی النیّة........................................... 8

حکم نیّة قطع الصلاة..................................................... 11

تکبیرة الإحرام

رکنیّة التکبیر............................................................. 11

صورة تکبیرة الإحرام...................................................... 13

تخییر المصّلی فی تعیین تکبیرة الإحرام من التکبیرات السبع..................... 13

بطلان الصلاة بإعادة تکبیرة الافتتاح........................................ 14

یشترط فی تکبیرة الافتتاح ما یشترط فی الصلاة.............................. 14

ص: 449

سنن تکبیرة الإحرام

أن یأتی بلفظ الجلالة من غیر مدّ............................................ 15

إسماع الإمام من خلفه..................................................... 15

القیام

رکنیّة القیام.............................................................. 15

وجوب الاستقلال بالقیام.................................................. 17

لو عجز المصلّی عن القعود صلّی مضطجعاً................................... 17

لو عجز المصلّی عن الاضطجاع صلّی مستلقیاً................................ 17

لو عجز المصلّی عن حالة فی أثناء الصلاة انتقل إلی ما دونها.................... 18

القراءة

وجوب القراءة............................................................ 18

تعیین فاتحة الکتاب........................................................ 20

بیان المراد من تواتر القراءات السبع......................................... 20

وجوب مراعاة الترتیب بین آیاتها وکلماتها علی الوجه المنقول.................. 21

وجوب التعلّم علی الجاهل بالفاتحة مع الإمکان............................... 21

حکم من یعلم بعض الفاتحة................................................ 22

حکم من لم یعرف شیئاً من الفاتحة ویعرف شیئاً من باقی القرآن............... 24

حکم من یعرف تفسیر الحمد أو مرادفها.................................... 24

التخییر بین الحمد والتسبیح فی الثالثة والرابعة................................ 25

وجوب قراءة سورة کاملة بعد الحمد وبیان الأقوال فیها....................... 27

أدلّة القائلین بعدم وجوب سورة کاملة بعد الحمد والمناقشة فیها................ 30

أدلّة القائلین بوجوب سورة کاملة بعد الحمد................................. 32

أدلّة القائلین باستحباب سورة کاملة بعد الحمد والمناقشة فیها.................. 37

ص: 450

بحث رجالی حول محمد بن عبد الحمید ویحیی بن أبی عمران.................... 38

بحث حول ما ذکره الصدوق من أنّه لا یعمل بما تفرد محمد بن عیسی عن یونس. 39

لا یشترط فی حجّیة الحدیث وجود قائل بمضمونه............................ 40

وجوب إعادة السورة لو قدّمها علی الحمد................................... 41

عدم جواز قراءة العزائم فی الفرائض......................................... 41

القاسم بن عروة قویّ..................................................... 41

بحث حول عبد الله بن بکیر................................................ 41

حکم القِران بین السورتین فی الفرائض...................................... 42

أدلّة القائلین بعدم الحرمة والمناقشة فیها...................................... 42

أدلّة القائلین بالحرمة وبطلان الصلاة بالقِران................................. 45

وجوب الجهر بالقراءة فی الصبح وأولیی العشاءین............................. 48

بحث حول التأسی بفعل المعصوم علیه السلام ....................................... 51

المناقشة فی حمل الشیخ الروایات الدالة علی التخییر بین الجهر والإخفات علی التقیة 53

عدم وجوب الجهر علی المرأة............................................... 60

مستحبات القراءة

الجهر بالبسملة........................................................... 61

- قراءة السور المعیّنة...................................................... 62

- قراءة الجمعة والمنافقین فی ظهری الجمعة.................................. 64

مسائل فی القراءة

حرمة قول « آمین » فی آخر الحمد......................................... 64

وجوب الموالاة فی القراءة................................................... 66

وحدة سورتی « الضحی » و « ألم نشرح » و سورتی « الفیل » و « الإیلاف » 66

التخییر بین الحمد والتسبیح فی الثالثة والرابعة................................ 69

ص: 451

ما یُجزی من التسبیح فی الأخیرتین.......................................... 69

حکم الإخفات بالتسبیحات................................................ 74

الرکوع

رکنیة الرکوع........................................................... 76

وجوب الانحناء فیه وتحدیده................................................ 76

حکم العاجز عن الانحناء................................................... 77

بحث حول رکنیة القیام المتصل بالرکوع..................................... 78

وجوب التسبیح فی الرکوع................................................ 79

وجوب ضمّ « وبحمده » إلی التسبیحة الکبری............................... 80

إشارة إلی معنی التسبیح.................................................... 84

حکم التکبیر للرکوع..................................................... 85

مستحبات الرکوع

رفع الیدین بالتکبیر....................................................... 85

- التسبیح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو ....................................... 86

- السمعلة بعد رفع الرأس................................................. 87

السجود

وجوب السجود علی الأعضاء السبعة....................................... 87

عدم جواز کون موضع السجود أعلی من قدر لبنة........................... 87

النهدی الذی یروی عنه ابن محبوب هو : الهیثم بن أبی مسروق الفاضل......... 87

حکم السبق بالیدین إلی الأرض عند الهویّ للسجود.......................... 88

مستحبات السجود

مساواة موضع السجود للموقف............................................ 88

ص: 452

- الإرغام بالأنف........................................................ 88

- أن یجلس عقیب السجدة الثانیة مطمئنّاً................................... 88

- الدعاء عند القیام إلی الرکعة الأخری..................................... 89

کراهة الإقعاء بین السجدتین............................................... 90

حکم من کان بجبهته دمل................................................. 91

وجوب السجود عند قراءة العزائم علی القارئ والمستمع...................... 92

بحث حول ما ذکره الصدوق من أنّه لا یعمل بما تفرّد محمد بن عیسی عن یونس. 92

اشتراط الطهارة والستر والاستقبال فی سجود العزائم......................... 92

اشتراط وضع الجبهة علی ما یصح السجود علیه.............................. 93

فوریّة وجوب سجود العزائم............................................... 93

التشهد

ما یجزئ من الشهادتین.................................................... 94

وجوب الصلاة علی النبی وآله.............................................. 94

التسلیم

أدلّة القائلین باستحباب التسلیم والجواب عنها................................ 95

أدلّة القائلین بوجوب التسلیم............................................. 104

إشارة إلی أنّ عثمان بن عیسی من أصحاب الإجماع ، وسماعة ثقة............ 110

إشارة إلی أنّ أبا بصیر مشترک بین ثلاث ثقات............................. 110

صور التسلیم وبیان الأقوال فیها........................................... 114

مستحبات الصلاة

- التوجه بست تکبیرات................................................ 118

أبو بصیر لیث المرادی ثقة کما أنّ یحیی بن القاسم ثقة أیضاً.................. 119

ص: 453

حکم نسیان القنوت..................................................... 119

- النظر فی حال الرکوع إلی ما بین رجلیه................................. 119

- التعقیب............................................................. 120

قواطع الصلاة

بطلان الصلاة بما یبطل الطهارة........................................... 121

بیان الأقوال فی المسألة................................................... 124

بطلان الصلاة بالتکفیر................................................... 129

بطلان الصلاة بالالتفات................................................. 130

بطلان الصلاة بالکلام عمداً.............................................. 132

بطلان الصلاة بالقهقهة.................................................. 132

بطلان الصلاة بالفعل الکثیر.............................................. 133

بطلان الصلاة بالبکاء لشیء من أمور الدنیا................................ 133

بطلان الصلاة بالأکل والشرب........................................... 134

کراهة التأوّه فی الصلاة.................................................. 134

الکلام فی تسمیت العاطس............................................... 134

کلمة فی جواز ردّ السلام فی أثناء الصلاة.................................. 135

حرمة قطع الصلاة إختیاراً................................................ 136

صلاة الجمعة

حکمها فی زمان الغیبة................................................... 136

تحقیق فی أنّ صیغة الأمر لا تدلّ علی التکرار............................... 137

أدلّة القائلین بالوجوب العینی والجواب عنها :

الأوّل : الآیة الشریفة.................................................... 137

الثانی : الروایات........................................................ 139

المناقشة فیما قاله الشهید فی رسالته من إثباته الوجوب العینی لصلاة الجمعة..... 153

ص: 454

أدلّة القائلین بعدم الوجوب العینی......................................... 183

وقت صلاة الجمعة...................................................... 190

شرائط صلاة الجمعة

السلطان العادل......................................................... 191

أدلّة القائلین بعدم الاشتراط والجواب عنها................................. 191

حکم ما لو مات الإمام فی أثناء الصلاة.................................... 207

- العدد............................................................... 208

- الخطبتان............................................................. 209

اشتراط کون الخطبة العربیّة.............................................. 209

حکم إیقاع الخطبتین قبل الزوال.......................................... 209

وجوب تقدیم الخطبتین علی الصلاة........................................ 213

وجوب کون الخطیب قائماً.............................................. 213

هل یجب اتحاد الخطیب والإمام........................................... 213

اشتراط الطهارة فی الخطبتین.............................................. 213

- الجماعة............................................................. 214

حکم ما لو أقیمت جمعتان............................................... 214

شرائط من تجب علیه الجمعة

أن لا یکون بینه وبین الجمعة أزید من فرسخین............................. 218

هل تجب الجمعة علی فاقد الشرط لو حضر................................ 219

هل ینعقد عدد الجمعة بحضور فاقد الشرط................................. 219

مسائل تتعلق بالصلاة الجمعة

حرمة السفر یوم الجمعة.................................................. 220

حرمة الکلام أثناء الخطبة................................................. 224

ص: 455

شرائط إمام الجمعة

أن یکون بالغاً.......................................................... 225

- أن یکون عادلاً...................................................... 226

- أن لا یکون سفیهاً................................................... 226

- أن لا یکون أغلفاً.................................................... 226

- أن یکون من أهل الولایة.............................................. 227

- أن یکون طاهراً من حیث الولادة...................................... 227

بِمَ تعرف العدالة؟....................................................... 229

حرمة البیع بعد النداء.................................................... 232

أدلّة القول بعدم جواز فعل الجمعة فی زمان الغیبة............................ 234

حکم من لم یتمکن من السجود مع الإمام.................................. 236

سنن یوم الجمعة

التنفل بعشرین رکعة.................................................... 236

- المباکرة فی المضی إلی الجمعة........................................... 237

- حلق الرأس وأخذ الشارب............................................ 237

- أن یسلم الإمام إذا صعد المنبر.......................................... 237

- العدول إلی سورتی الجمعة والمنافقین إن سبق بغیرهما...................... 237

صلاة العیدین

شرائط صلاة العیدین.................................................... 241

تحقیق حول الإجماع المنقول بخبر واحد..................................... 244

حکم الخطبتین.......................................................... 245

حکم صلاة العیدین مع فقد بعض الشرائط................................. 247

وقت صلاة العیدین...................................................... 247

ص: 456

سقوطها بفوات الوقت................................................... 247

کیفیة صلاة العیدین

محل التکبیرات.......................................................... 248

حکم القنوت........................................................... 248

وجوب قراءة سورة بعد الحمد فی صلاة العیدین............................. 251

حکم نسیان التکبیرات أو بعضها......................................... 253

سنن صلاة العیدین

الإصحار بها............................................................ 254

- الأکل قبل الخروج فی الفطر وبعد العود فی الأضحی...................... 254

- التکبیر فی العیدین.................................................... 255

حکم التنفل قبل الصلاة وبعدها........................................... 256

مسائل :

الخطبتان فی العیدین بعد الصلاة........................................... 258

عدم وجوب استماع الخطبة.............................................. 258

أبو بصیر مشترک بین الثقتین.............................................. 258

صلاة الکسوف

وقت صلاة الکسوف................................................... 258

وقت صلاة الآیات فی غیر الکسوفین والزلزلة.............................. 260

وقت الصلاة فی الزلزلة.................................................. 262

وجوب القضاء مع التفریط والنسیان...................................... 263

حکم تزاحم صلاة الکسوف مع فریضة حاضرة............................ 264

ص: 457

صلاة الأموات

من یصلّی علیه : وجوب الصلاة علی کل مسلم............................ 266

وجوب الصلاة علی الطفل الذی بلغ ست سنین............................ 266

إشارة إلی أنّ سهل بن زیاد لیس بعامّیّ.................................... 267

من یصلّی علیه :

أولی الناس بالصلاة علی المیت أولاهم بمیراثه............................... 267

حکم اقتداء النساء بالرجل فی صلاة الأموات............................... 268

کیفیّة صلاة المیت

وهی خمس تکبیرات..................................................... 268

حکم الشکّ فی عدد التکبیرات........................................... 268

حکم الدعاء بین التکبیرات............................................... 269

عدم وجوب الستر فیها.................................................. 269

عدم جواز تباعد المصلّی عن الجنازة....................................... 270

کیفیة الصلاة علی فاقد الکفن............................................ 270

سنن صلاة الجنازة

وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة................................ 270

- رفع الیدین بالتکبیرات................................................ 271

تعریف المستضعف...................................................... 271

- الدعاء للمیت فی الرابعة............................................... 271

- الصلاة فی المواضع المعتادة.............................................. 271

حکم الصلاة علی الجنازة الواحدة مرتین................................... 272

وهب بن وهب عامیّ................................................... 272

ص: 458

یظهر من الأخبار أنّ غیاث بن کلوب عامیّ................................ 272

أحکام صلاة الجنازة

حکم من أدرک بعض التکبیرات مع الإمام................................. 273

حکم ما لو دفن المیت بغیر صلاة.......................................... 273

بعض الصلوات

المرغبات صلاة الاستسقاء................................................ 274

نافلة شهر رمضان....................................................... 274

الخلل الواقع فی الصلاة

بطلان الصلاة بفعل ما لا یجوز فعله....................................... 275

حکم الوضوء بالماء المغصوب............................................. 275

حکم الصلاة بجلد المیتة.................................................. 276

حکم الإخلال برکن سهواً............................................... 277

حکم من زاد فی صلاته رکعة............................................ 279

حکم من نقص من صلاته رکعة.......................................... 280

بطلان الصلاة بترک السجدتین............................................ 281

حکم الإخلال بواجب غیر رکن.......................................... 282

أحکام الشک

بطلان الصلاة بالشک فی الثنائیّة والثلاثیة.................................. 285

حکم ما لو شک فی شیء من أفعال الصلاة بعد التجاوز عن المحلّ............. 286

بطلان الصلاة بالشک فی الأولیین من الرباعیّة.............................. 289

بطلان الصلاة إذا لم یدر کم صلّی........................................ 291

حکم الشک بین الاثنین والثلاث.......................................... 292

ص: 459

حکم الشکّ بین الثلاث والأربع.......................................... 297

حکم الشکّ بین الاثنین والأربع.......................................... 297

حکم الشکّ بین الاثنین والثلاث والأربع.................................. 298

کلمة فی أنّ مراسیل ابن أبی عمیر فی حکم المسانید.......................... 299

حکم الظن............................................................. 300

لزوم عدم تخلل المنافی بین الصلاة وصلاة الاحتیاط.......................... 307

حکم السهو فی السهو................................................... 312

حکم الشک فی الشک................................................... 312

فی بیان المراد من قوله علیه السلام : ولا علی السهو سهو.......................... 314

فی بیان المراد من قوله علیه السلام : ولا علی الإعادة إعادة........................ 315

حکم سهو الإمام أو المأموم............................................... 315

حکم کثیر السهو....................................................... 316

الرجوع فی کثرة السهو إلی العادة......................................... 318

حکم الشک فی النافلة................................................... 318

مواضع وجوب سجدتی السهو............................................ 320

محلّ سجدتی السهو بعد التسلیم........................................... 328

وجوب التشهد والتسلیم فی سجدتی السهو................................. 328

صورة الذکر فی سجدتی السهو........................................... 328

حکم إهمال سجدتی السهو............................................... 329

قضاء الصلوات

موارد سقوط القضاء.................................................... 329

هل الکافر مخاطب بالقضاء أو لا؟........................................ 330

حکم قضاء ما فات عن غیر المؤمن من فرق المسلمین........................ 330

حکم أکل ما یؤدی إلی الإغماء أو الحیض................................. 331

وجوب الترتیب فی قضاء الفوائت......................................... 332

ص: 460

حکم اجتماع الفائتة مع الحاضرة.......................................... 332

حکم مع فاتته فریضة غیر معیّنة من الخمس................................ 340

قتل تارک الصلاة مستحلاً................................................ 341

صلاة الجماعة

مواضع استحباب الجماعة وتأکدها........................................ 342

عدم جواز الجماعة فی النافلة.............................................. 344

استحباب الجماعة فی خصوص صلاة الغدیر................................ 344

اشتراط عدم الحائل بین الإمام والمأموم وبین الصفوف....................... 345

اشتراط عدم کون الإمام أعلی من المأموم مکاناً............................. 349

إشارة إلی حال محمد بن عبد الله بن زرارة.................................. 351

عدم جواز تباعد المأموم بما یخرج عن العادة................................. 352

وجوب متابعة الإمام فی الأفعال........................................... 352

هل تجوز المقارنة؟....................................................... 354

حکم ما لو رفع المأموم رأسه قبل الإمام عمداً.............................. 355

غیاث بن إبراهیم بتری عامیّ............................................. 357

حکم ما لو رفع المأموم رأسه قبل الإمام عمداً.............................. 357

غیاث بن إبراهیم بتری عامیّ............................................. 357

حکم ما لو رفع المأموم قدام الإمام........................................ 357

هل تجب علی الإمام نیة الإمامة فی الجماعة الواجبة؟......................... 358

وجوب نیة الائتمام بإمام معیّن............................................ 359

عدم اشتراط تساوی فرض الإمام والمأموم.................................. 359

حکم اقتداء المتنفل بالمفترض وبالعکس..................................... 361

استحباب إعادة المنفرد صلاته إذا وجد جماعة.............................. 361

کیفیة نیّة من أراد أن یعید صلاته جماعة................................... 361

بعض شرائط إمام الجماعة

أن یکون بالغاً.......................................................... 363

ص: 461

عدم جواز إمامة الأمیّ القارئ............................................ 363

عدم جواز إمامة المرأة للرجل............................................. 363

عدم جواز إمامة المُلحِن بالمُتقن............................................ 364

أولویّة إمامة صاحب المسجد والمنزل....................................... 364

حکم تشاحّ الأئمة...................................................... 366

کراهة استنابة المسبوق................................................... 368

حکم إمامة الأجذم...................................................... 368

کراهة إمامة الأغلف.................................................... 368

حکم ائتمام المتطهر بالمتیمم............................................... 368

بحث رجالی حول عباد بن صهیب........................................ 368

أحکام صلاة الجماعة

حکم ما لو علم المأموم بعد الصلاة بأن الإمام ما کان واجداً للشرائط......... 369

حکم من یقف إلی جانب المحراب......................................... 370

حکم مفارقة الإمام...................................................... 371

جواز العدول من الفریضة إلی النافلة لإدراک الجماعة........................ 374

حکم من أدرک الإمام فی أثناء الصلاة...................................... 375

جواز تسلیم المأموم قبل الإمام............................................. 378

تحقیق رجالی حول طلحة بن زید.......................................... 378

أحکام المساجد

استحباب اتخاذ المساجد غیر مسقفة....................................... 379

استحباب کون المیضاة علی أبوابها........................................ 379

آداب الدخول فی المسجد................................................ 379

حکم زخرفة المساجد ونقشها بالصور..................................... 380

حرمة إدخال النجاسة إلیها إذا استلزم تنجیس المسجد....................... 380

کراهة جعل المحاریب داخلة فی الحائط..................................... 380

ص: 462

کراهة انفاذ الأحکام وإنشاد الشعر فیها................................... 381

حکم البصاق والتنخّم فیها............................................... 382

صلاة الخوف

کیفیة الجمع فی صلاة الخوف............................................. 382

حکم الخائف من سیل أو سَبُع............................................ 383

صلاة المسافر

شروط التقصیر :

الأوّل : المسافة.......................................................... 384

مقدار المیل............................................................. 385

حکم ما لو کانت المسافة أربعة فراسخ وأراد الرجوع لیومه................. 385

حکم التردد فی ثلاثة فراسخ.............................................. 394

الثانی : قصد المسافة

حکم منتظر الرفقة فی الطریق............................................. 394

الثالث : عدم قطع السفر بالوصول إلی الوطن.............................. 395

بیان المراد من الوطن الذی یتمّ فیه......................................... 397

هل یعتبر الملک فی الوطن................................................. 398

فی معنی الاستیطان....................................................... 400

الرابع : أن یکون السفر سائغاً............................................ 403

اشتراط استدامة إباحة السفر............................................. 403

حکم الخروج للصید.................................................... 404

الخامس : أن لا یکون سفره أکثر من حضره............................... 405

الضابط فی کثرة السفر.................................................. 405

إسماعیل بن مرار ثقة..................................................... 408

خروج بعض الروایة عن الحجّیة لا یقتضی خروج الکل عنها................. 408

ص: 463

حکم ما لو أقام کثیر السفر خمسة أیّام فی بلده............................. 409

السادس : تواری جدران البلد أو خفاء أذانه............................... 410

هل الشرط خفاء أحدهما أو هما معاً....................................... 411

المعتبر فی التواری : تواری الانسان الذی عند البیوت عن المسافر............. 412

یعتبر هذا الشرط فی العود من السفر أیضاً................................. 413

فی بیان نیّة الإقامة....................................................... 415

قول السید صدر الدین فی المقام........................................... 416

حکم الخروج من موضع الإقامة إلی المسافة................................. 419

حکم المتردد فی الإقامة عشراً............................................. 420

حکم الصلاة فی المواطن الأربعة........................................... 421

حمل الروایة الدالة علی التخییر بین القصر والإتمام علی التقیة................. 428

وجوب القصر فی هذه المواطن إذا ضاق الوقت إلاّ عن أربع.................. 432

وجوب إعادة الصلاة لو أتمّ المقصر عامداً.................................. 434

حکم ما لو أتمّ المقصر جاهلاً............................................. 435

حکم ما لو أتمّ المقصر ناسیاً.............................................. 437

بطلان الصلاة لو قصر المسافر اتفاقاً....................................... 439

حکم ما لو دخل وقت الصلاة فسافر..................................... 439

إذا عزم علی الإقامة فی غیر بلده عشرة أیّام ثمّ خرج إلی ما دون المسافة........ 441

حکم من دخل فی صلاته بنیة القصر ثم عنّ له الإقامة....................... 446

حکم قضاء صلاة السفر فی الحضر وبالعکس............................... 447

ص: 464

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.