الحاشیة علی مدارک الأحکام المجلد 2

هوية الکتاب

المؤلف: محمّد باقر الوحید البهبهانی

المحقق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: ستاره

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاریخ النشر : 1420 ه-.ق

ISBN (ردمک): 964-319-170-2

ص: 1

اشارة

 المکتبة الإسلامیة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

[ غسل الاستحاضة ]

قوله : وما ذکره المصنف من الصفات خاصة. ( 2 : 7 ).

فیه ما ذکرناه سابقا فی الحیض (1).

قوله : وأمّا الخروج بفتور. فلم أقف له علی مستند. ( 2 : 8 ).

مستنده حسنة حفص البختری (2) حیث جعل فیها من خواص دم الحیض أن له دفعا ، والظاهر منها أن المرأة التی یستمر بها الدم وسئل عن حالها التی دمها دائر بین الحیض والاستحاضة ، کما لا یخفی علی من أمعن النظر فیها ، مضافا إلی أن الظاهر والغالب أن التی استمر بها الدم أمرها دائر بین الحیض والاستحاضة ، مع أنّ الظاهر من کون الدفع من خواص الحیض أن غیره لیس له دفع ، والاستحاضة غیر الحیض فلیس له دفع ،

الاستحاضة

صفات دم الاستحاضة

ص: 5


1- راجع ج 1 : 354 - 355.
2- الکافی 3 : 91 / 1 ، التهذیب 1 : 151 / 429 ، الوسائل 2 : 275 ، أبواب الحیض ب 3 ح 2.

وهو معنی الفتور ، وإن کان غیر الاستحاضة أیضا یکون کذلک ، والغرض کون الفتور من خواص الاستحاضة بالنسبة إلی الحیض لا القروح والجروح ، ونظر الفقهاء فی نقل الأوصاف والخواص إنما هو لتمییز الحیض عن الاستحاضة وبالعکس لا تمییزها عن القروح والجروح أیضا ، کما هو غیر خفی.

قوله : وکلام الأصحاب فی هذه المسألة غیر منقح. ( 2 : 8 ).

کلامهم منقح ، کما ذکرناه فی بحث الحیض (1) ، نعم ، مخالف لفهم الشارح والقاعدة التی قررها علی حسب فهمه ، ومما یشیر إلی فساد قاعدته أنه یظهر من الأخبار انحصار دم المرأة فی الحیض والنفاس والاستحاضة إذا لم یکن من قرح أو جرح ، فلئلا حظ ولیتأمّل.

ومع ذلک ، الدم الذی لا یجتمع فیه مجموع صفات الحیض ومجموع صفات الاستحاضة کثیر ، فتدبر.

قوله : وهی مع صحتها صریحة فی المدعی فیتعین العمل بها. ( 2 : 12 ).

تقیید جمیع الأخبار بما فی هذا الصحیح مع ما فیها من التعلیلات بعید جدا ، بل ربما لا یمکن ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : احتج المفید بروایة السکونی. ( 2 : 12 ).

ویشهد له ما ورد فی الاستبراء والعدة بحیضة ، أو حیضتین ، أو ثلاثة (2) ، فتأمّل.

ما قلّ عن ثلاثة وما تجاوز العشرة فهو استحاضة

ص: 6


1- راجع ج 1 : 353 - 356.
2- انظر الهوامش علی الحاشیة الآتیة ، وهذه الحاشیة لیست فی « ا ».

قوله : وصحیحة حمید بن المثنی. ( 2 : 12 ).

هذه لا دلالة لها علی مدعاهم ولم یجعلوها دلیلا ، بل الذی له دلالة ما ورد فی استبراء الجاریة (1) واستبراء الزنا (2) وعدّة الجاریة (3) والمتعة (4) وغیرهما ، وکونها بالحیض ، وأن العدة بالحیض ، وکذا الاستبراء لبراءة الرحم ، وأن بالحمل یرتفع الطمث ، أو بفساد الرحم والدم (5) ، وأن بانقضاء شهر یحصل الریبة ، ورد (6) فی تفسیر قوله تعالی ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) . (7) ، وکذا فی تسمیة الحیض استبراء ، کتسمیة مضی خمسة وأربعین یوما ، إلی غیر ذلک ، فلاحظ تلک الأخبار وتأمّل وتتبع الکل ، وهی فی کتاب النکاح ، والطلاق ، والبیع.

وفی الخبر : « إن الرجل یأتی جاریته فتعلق منه ، فتری الدم وهی حبلی فتری أن ذلک طمث فیبیعها فما أحب للرجل المسلم » الحدیث (8).

قوله : واحتج علیه بأن الحیض یعمل فیه بالعادة وبالأمارة. ( 2 : 16 ).

هذا وإن اقتضی أن تکون المضطربة أیضا ترجع إلیها إلاّ أن الفرض لا یتحقق هناک ، إذ ربما کان من قبیل المحال أن تکون عادة نسائها متفقة

حکم المبتدأة

رجوع المبتدأة إلی عادة نسائها أو أقرانها عند فقد التمییز

ص: 7


1- انظر الوسائل 18 : 257 ، أبواب بیع الحیوان ب 10 ح 1.
2- انظر الوسائل 22 : 265 ، أبواب العدد ب 44.
3- انظر الوسائل 22 : 256 ، أبواب العدد ب 40.
4- انظر الوسائل 22 : 277 أبواب العدد ب 53.
5- انظر الوسائل 22 : 224 أبواب العدد ب 25 ح 4 و 5.
6- الوسائل 2 : 292 ، أبواب الحیض ب 9 ح 1.
7- الطلاق : 4.
8- التهذیب 8 : 178 / 623 ، الوسائل 21 : 87 ، أبواب نکاح العبید والإماء ب 5 ح 1.

وعادتها عادة نسائها وتعلم ذلک ثم تنسی ، کما لا یخفی.

قوله : قال المصنف فی المعتبر : ونحن نطالب بدلیله فإنه لم یثبت. ( 2 : 17 ).

لعل القائل کان نسخة حدیثه المروی عن زرارة وابن مسلم : « أقرانها » بالنون ، وهذا هو الظاهر ، لکن یظهر بین الروایتین تعارض ، إلاّ أن یجمع بینهما بالتخییر أو (1) عند عدم النسب یرجع إلی الأقران : وکیف کان ، العمل علی المشهور ، لانجبار روایة سماعة بعمل الأصحاب.

قوله : لأنّ ذلک خلاف المتبادر من اللفظ. ( 2 : 18 ).

وإن کانت الإضافة تصدق بأدنی ملابسة ، لأنّ الصدق وصحة الإطلاق أمر ، ودلالة اللفظ عند عدم القرینة أمر آخر.

قوله : وقال المرتضی. ( 2 : 19 ).

( ویدل علیه أیضا [ ما روی ] (2) بسند معتبر عن الخزاز ، عن أبی الحسین علیه السلام ، أنّه سأله عن المستحاضة کیف تصنع إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة؟ فقال : « أقل الحیض ثلاثة ، وأکثره عشرة ، وتجمع بین الصلاتین » (3) (4).

وتدل ( علیه أیضا ) (5) مضمرة سماعة المتقدمة (6).

تحیّض المبتدأة بسبعة أیّام عند اختلاف نسائها

ص: 8


1- فی « ج » : و.
2- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة العبارة.
3- التهذیب 1 : 156 / 449 ، الاستبصار 1 : 131 / 450 ، الوسائل 2 : 291 ، أبواب الحیض ب 8 ح 4.
4- ما بین القوسین لیس فی : « ج » و « د ».
5- فی « ب » و « ج » و « د » : علی مذهبه.
6- فی المدارک 2 : 16.

ویؤیده اختلاف الأخبار فی التحدید ، وإن کان کل واحد من العدد من الثلاثة إلی العشرة یحتمل کونه آخره ویصلح له ، فیصح أن یؤخذ له حتی یثبت خلاف ذلک.

لکن الأولی أن تختار الستة أو السبعة ، لغایة قوة سند روایتهما ومتنها أیضا ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، وأن تختار خصوص السبعة لما یظهر من آخر تلک الروایة.

قوله : ولا یخلو من قوة. ( 2 : 21 ).

فیه تأمّل ظاهر ، أمّا أصالة لزوم العبادة فقد مرّ ما فیه فی بحث اشتراط التوالی فی الثلاثة وغیره (1).

وأمّا الاستظهار فإن کان المراد منه الاحتیاط فلا بدّ من مراعاة الاحتیاط ، فکیف تکتفی بهذا الصوم؟ ومع ذلک کیف یجامعها الزوج ، وتدخل المسجد؟ إلی غیر ذلک ، وکیف تکتفی بالغسل الواقع بعد الثلاثة ، وتصلی وتصوم بخصوص هذا الغسل مطلقا ، إلی أن تحیض ثانیا؟

وإن أراد غیر الاحتیاط فلا نعلم معناه ولا وجهه. مع أنّ الحیض مستصحب حتی یثبت خلافه ، ومقتضی عموم قوله علیه السلام : « لا تنقض الیقین أبدا » (2) أیضا ذلک.

مع أن القاعدة الکلیة وهی : أن ما یمکن أن یکون حیضا فهو حیض ، مسلمة عنده ، بل هو الذی ادعی علیها الإجماع. مضافا إلی ما مر مما یصلح أن یصیر مستندا لها.

مع أن الروایة الواردة فی هذا الباب وإن کانت ضعیفة إلاّ أنّها معتبرة

ص: 9


1- راجع ج 1 : 362 - 364.
2- التهذیب 1 : 8 / 11 ، الوسائل 1 : 245 ، أبواب نواقض الوضوء ، ب 1 ح 1.

عند الأصحاب ، سیّما ما دل علی أنّها ترجع إلی عادة نسائها ، فإنها حجة عنده أیضا ، مع أنّ من لم یعمل بأخبار الآحاد عمل بها ، فیظهر أنها من الأخبار القطعیة عنده ، وأنّها من المشهورات المسلمات عند القدماء ، فتأمّل.

قوله : فإن توافقا فی الوقت أو مضی بینهما أقل الطهر فلا بحث. ( 2 : 21 و 22).

فیه : أن مقتضی العادة عدم کون التمیز فیه معتبرا ، لمنافاته لها ، لاقتضاء کون حیضها علی مقتضاها ، فتأمّل جدا.

قوله : ولما رواه محمّد بن مسلم. ( 2 : 23 ).

الشیخ وغیره لا تأمّل لهم فی کون الصفرة فی أیام العادة حیضا فی صورة عدم التجاوز عن العشرة ، إنّما کلامهم فی التجاوز ، فالاستدلال إنّما هو بإطلاق هذه الصحیحة ، فیمکنهم المعارضة بإطلاق ما دلّ علی اعتبار الصفة ، بل أکثره وارد فی صورة التجاوز ، بل وروایة إسحاق وردت فی التجاوز عن أیام العادة العددیة (1) ، فالأولی الترجیح بالأکثریة والأصحیة والأوضحیة فی الدلالة ، بل وفی قویة یونس تصریح بتقدیم العادة (2) ، وأن الاعتبار بالصفة إنما هو إذا لم تکن عادة یرجع إلیها ، وتعضده أیضا الشهرة فی الفتوی ، وکونها أقوی فی الدلالة.

قوله : وهو ضعیف. ( 2 : 23 ).

حکم ذات العادة

ذات العادة تجعل عادتها حیضاً وما سواه استحاضة

ص: 10


1- الکافی 3 : 91 / 3 ، التهذیب 1 : 151 / 431 ، الوسائل 2 : 275 ، أبواب الحیض ، ب 3 ح 3.
2- الکافی 3 : 83 / 1 ، التهذیب 1 : 381 / 1183 ، الوسائل 2 : 276 ، أبواب الحیض ، ب 3 ح 4.

إن کان الضعف من جهة إطلاق ما دل علی کون العادة أقوی ، ففیه :

أن الإطلاق ینصرف إلی الأفراد الغالبة ، والعادة المأخوذة من التمیز فی غایة القوة لو لم یکن من فروض الفقهاء ، فتأمّل.

قوله : وذهب الأکثر إلی أنّها تتخیر. ( 2 : 25 ).

ویمکن الاستدلال بروایة یونس الطویلة حیث قال : « تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حیضها ». الحدیث (1) ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : وعلی القول برجوعها إلی الروایات. ( 2 : 26 ).

بناء علی أن قوله فی آخر مرسلة یونس : « فإن لم یکن الأمر کذلک ولکن الدم أطبق علیها فلم تزل الاستحاضة دارّة وکان الدم علی لون واحد وحال واحدة فسنّتها السبع والثلاث والعشرون. » (2) مطلق یشمل ما نحن فیه ، فلاحظ وتأمّل.

قوله (3) : أو تجعله نهایة عشرة. ( 2 : 27 ).

الصواب أن یکون الواو بدل أو ، کما فی کثیر من النسخ.

قوله : أما الأوّل فلضعف مستنده بالإرسال وبأن فی طریقه محمّد بن عیسی عن یونس. ( 2 : 28 ).

لا ضرر أصلا ، لانجباره بعمل الأصحاب ، سیّما هذا العمل ، مع أنّ المرسل یونس بن عبد الرحمن ، فلا ضرر فی مرسلته ، ولا ضرر أیضا من جهة محمّد بن عیسی عن یونس ، لاتفاق علماء الرجال والحدیث والفقهاء والمجتهدین علی عدم الضرر ، نعم تأمّل فیه الصدوق وشیخه (4) ، وطعن

حکم المضطربة إذا فقدت التمییز

حکم ذاکرة العدد ناسیة الوقت

حکم ذاکرة الوقت ناسیة العدد

بحث رجالی حول محمّد بن عیسی عن یونس

ص: 11


1- الکافی 3 : 83 / 1 ، الوسائل 2 : 281 أبواب الحیض ب 5 ح 1.
2- الکافی 3 : 83 / 1 ، الوسائل 2 : 288 أبواب الحیض ب 8 ح 3.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
4- انظر رجال النجاشی : 333 / 896.

علیهما بعض علماء الرجال (1) بأن محمّد بن عیسی کان علی العدالة ، فلا وجه لاستثنائه ، فتدبر.

وربما توهّم أن الرجوع إلی الروایة مخصوص بالمبتدئة ، ولیس کذلک ، لما یظهر بالتأمّل فی آخر هذه الروایة.

قوله : وعملا بالأصل فی لزوم العبادة وهو متجه. ( 2 :29 ).

قد عرفت أن هذا الأصل لا أصل له أصلا ، ولا اتجاه فیما ذکره ، سیما بعد ما عرفت من الروایة التی هی حجة ، ونقل الإجماع ، وعدّ ذلک من المعروف من المذهب.

قوله : أن لدم الاستحاضة. ( 2 : 29 ).

فی الفقه الرضوی : « فإن لم یثقب الدم الکرسف صلت کل صلاة بوضوء ، وإن ثقب ولم یسل صلت صلاة اللیل والغداة بغسل واحد ، وسائر الصلوات بوضوء ، وإن ثقب وسال صلت صلاة اللیل والغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، تؤخر الظهر قلیلا وتعجل العصر ، وتصلی المغرب والعشاء بغسل ، تؤخر المغرب قلیلا وتعجل العشاء ، ومتی ما اغتسلت علی ما وصفت حل لزوجها وطؤها » (2).

وروی الشیخ فی کتاب الحج ، عن موسی بن القاسم ، عن العباس عن ابان ، ( هذه کالصحیحة باعتبار أبان ، بل صحیحة ، کما حققناه فی

حکم ناسیة الوقت والعدد

أقسام الاستحاضة وأحکامها : الاستحاضة القلیلة

ص: 12


1- هو أبو العباس بن نوح علی ما حکی عنه تلمیذه النجاشی فی الرجال :348 / 939.
2- فقه الرضا علیه السلام : 193 ، المستدرک 2 : 43 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1 ، و 2 : 45 ، ب 3 ح 1 ، بتفاوت یسیر.

الرجال ) (1) عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، عن المستحاضة أیطأها زوجها ، وهل تطوف بالبیت؟ قال : « تقعد قرأها الذی کانت تحیض فیه ، فإن کان مستقیما فلتأخذ به ، وإن کان فیه خلاف فلتحتط بیوم أو یومین ،

سل ، ولتستدخل کرسفا ، فإذا ظهر علی الکرسف فلتغتسل ، ثم تضع کرسفا آخر ثم تصلی ، فإذا کان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلی الصلاة ، ثم تصلی صلاتین بغسل واحد ، وکل شی ء استحلت به الصلاة فلیأتها زوجها ولتطف بالبیت » (2).

وستجی ء صحیحة نعیم وصحیحة زرارة ووجه دلالتهما.

وفی الموثق کالصحیح بیونس بن یعقوب - بل هو ثقة علی الأظهر عند الشارح - قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : امرأة رأت الدم فی حیضها حتی جاوز وقتها ، متی ینبغی لها أن تصلی؟ قال : « تنتظر عدتها التی کانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أیام ، فإن رأت الدم دما صبیبا فلتغتسل فی وقت کل صلاة » (3) شرط علیه السلام فی الاغتسال فی وقت کل صلاة کون الدم صبیبا ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، فلا یکفی مجرد الثقب.

وفی الصحیح أیضا ، عن یونس ، عن الصادق علیه السلام ، عن امرأة ولدت فرأت الدم أکثر مما کانت تری ، قال : « فلتقعد أیام قرئها ثم تستظهر بعشرة ، فإن رأت دما صبیبا فلتغتسل عند وقت کل صلاة ، وإن رأت صفرة فلتتوضأ ولتصل » (4) ، والتقریب ما تقدم ، وعدم التعرض للمتوسطة غیر مضر ، کما

ص: 13


1- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و» ، وانظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 17 ، 18.
2- التهذیب 5 : 400 / 1390 ، الوسائل 2 : 375 ، أبواب الاستحاضة ، ب 1 ح 8.
3- التهذیب 1 : 402 / 1259 ، الاستبصار 1 : 149 / 516 ، الوسائل 2 : 376 ، أبواب الاستحاضة ب 1 ح 11.
4- التهذیب 1 : 175 / 502 ، الاستبصار 1 : 151 / 522 ، الوسائل 2 : 383 ، أبواب النفاس ب 3 ح 3.

ستعرف.

وفی الصحیح أیضا ، عن أبی بصیر ، عن الصادق علیه السلام ، عن المرأة تری الدم - إلی أن قال علیه السلام - : « فإذا تمت ثلاثون یوما فرأت دما صبیبا اغتسلت ، واستثفرت ، واحتشت بالکرسف فی وقت کل صلاة ، فإذا رأت صفرة توضأت » (1) والتقریب أیضا ما تقدم.

وفی موثقة سماعة عنه علیه السلام : « وغسل الاستحاضة واجب ، وإذا احتشت بالکرسف فجاز الدم الکرسف فعلیها الغسل لکل صلاتین ، وللفجر غسل ، فإن لم یجز الکرسف فعلیها الغسل کل یوم مرة ، والوضوء لکل صلاة ، هذا إذا کان عبیطا ، وإن کان صفرة فعلیها الوضوء » (2).

وظاهرها تجاوز الدم عن الکرسف إلی غیره مثل الخرقة فی صورة الأغسال الثلاثة ، ولعل الظاهر من عدم التجاوز إلی الغیر وقوع الثقب ، إلاّ أنه لم یتعد إلی الغیر ، وعلی تقدیر الشمول خرجت القلیلة بالنص والإجماع.

ونسب إلی ابن الجنید القول بالغسل الواحد فیها أیضا (3) ، وفی بعض الأخبار (4) إشعار بمذهبه ، فلعله محمول علی الاستحباب ، أو برفع الید عن الإشعار.

وقوله علیه السلام : « وإن کان صفرة. » لعله محمول علی کونه من جهة

ص: 14


1- التهذیب 1 : 380 / 1180 ، الوسائل 2 : 286 ، أبواب الحیض ب 6 ح 3.
2- الکافی 3 : 40 / 2 و 89 / 4 ، التهذیب 1 : 104 / 270 ، و 170 / 485 ، الوسائل 2 : 173 أبواب الجنابة ب 1 ح 3 ، و 374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6.
3- نسبه إلیه فی المختلف 1 : 210.
4- الکافی 3 : 99 / 4 ، التهذیب 1 : 173 / 496 ، الوسائل 2 : 373 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5.

القلة ، ولأنّ الغالب فی القلیلة الصفرة ، والغالب فی ما کان عبیطا الکثرة ، أو أن المراد منها إذا کانت قلیلة ، وأن القید یظهر من الدلیل الخارج ، کما هو الطریقة فی الأدلة الفقهیة ، سیّما أحادیث الاستحاضة ، إذ بعضها ورد متضمنا للأغسال الثلاثة علی الإطلاق (1) ، وبعضها الوضوء کذلک ، علی ما هو ببالی (2) ، فلیلاحظ.

وبالجملة : ورد غیر واحد من الروایات فی أن الصفرة فیه الوضوء ، فلیلاحظ.

قوله : أما وجوب تغییر القطنة فعلّل بعدم العفو عن هذا الدم. ( 2 : 30 ).

یظهر من بعض الأخبار عدم العفو ، حیث قال علیه السلام : « اغتسلت واستثفرت واحتشت بالکرسف وقت کل صلاة » (3) ( وفی روایة إسماعیل الجعفی : « فإذا ظهر الدم أعادت الغسل وأعادت الکرسف » (4) ، فتأمّل ) (5) ، ولیس متن ( الحدیثین ) (6) ببالی ، لکنه بهذا المضمون.

وفی صحیحة ابن سنان : « فتستدخل قطنة بعد قطنة » (7) ، وتغییر

ص: 15


1- انظر الوسائل 2 : 376 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 12.
2- انظر الوسائل 2 : 376 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 13.
3- راجع ص 14 هامش 1.
4- التهذیب 1 : 171 / 488 ، الاستبصار 1 : 149 / 512 ، الوسائل 2 : 375 ، أبواب الاستحاضة ب 1 ح 10.
5- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
6- فی « ب » و « ج » و « د » : الحدیث.
7- لم نعثر علی ورودها من ابن سنان ووردت فی صحیحة صفوان ، أنظر الکافی 3 : 90 / 6 ، الوسائل 2 : 372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 3.

الخرقة ربما یکون من باب القیاس بطریق أولی (1) ، ( ویدل علی وجوب تغییر القطنة صحیحة عبد الرحمن بن أبی عبد الله (2) التی ذکرنا ) (3).

قوله : تصلی کل صلاة بوضوء. ( 2 : 30 ).

ظهور الدلالة إنما هو من تنکیر لفظ الصلاة والوضوء فی الحدیثین ، فتأمّل.

قوله : وترک الوضوء یدل علی عدم وجوبه. ( 2 : 30 ).

لعل مراده أن ترک التعرض لذکر مستحاضة یکون علیها الوضوء یدل علی عدم تحققها ، إذ لو کانت لقال : لو لم یثقب دمها الکرسف تتوضأ لکل صلاة ، ولو ثقب تغتسل ، لأنّ المقام مقام بیان الأحکام المختصة بها ، فحیث اقتصر علی الغسل ظهر أن الحکم المختص بها الذی یجب التعرض فی مقام حکمها هو الغسل لا الوضوء لکل صلاة أیضا.

والحاصل أنّ قوله علیه السلام : « المستحاضة تغتسل » ، فی قوة القول بأن الاستحاضة سبب للغسل ، فلو کان سببا للوضوء أیضا وإن کان فی صورة ما ، لما اقتصر علی ذکر الغسل ، وحیث علم بالأخبار والإجماع أن القلیلة لیست سببا للغسل ظهر أنها لیست سببا للوضوء أیضا ، وابن الجنید رحمه الله وإن حکی عنه أنه قائل بوجوب الغسل فی القلیل أیضا فهو غیر مطّلع علی قوله ، مع أنّه لا یضر خروج معلوم النسب ، مع أنّه یقول بالغسل الواحد فیها لا الأغسال الثلاثة ، وحمل کلامه علی ما ذکرنا أولی منه علی ما ذکره الشارح رحمه الله إذ فساده غیر خفی علی ذی عقل ، فضلا عن مثله.

ص: 16


1- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : تأمّل.
2- راجع ص 13.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».

والجواب عنه بأن المستحاضة فی هذا الخبر مخصصة بغیر القلیلة قطعا ، کما ذکر ، ولعلها لها حکم آخر لم یتعرض فی المقام.

وبالجملة : لو لم یکن دلیل یدل علی أن القلیلة سبب للوضوء ومن جملة موجباته أمکن الاستناد إلی هذه الصحیحة فی الجملة ، للحکم بعدم السببیة فیها ، فتأمّل.

قوله : قال : المستحاضة تنتظر أیامها. ( 2 : 32 ).

فی ذیل هذه الروایة ما یمکن أن یجعل قرینة علی إرادة الکثیرة ، وهو أنه علیه السلام قال بعد ذلک : « وتحتشی وتستثفر ولا تحنی وتضم فخذیها فی المسجد وسائر جسدها خارج » (1).

قوله : « تحتشی » فسر بربط خرقة محشوة بالقطن للتحفظ من تعدی الدم ، فظهر من هذه أن بعد الاحتشاء والاستثفار تربط الخرقة المذکورة.

وفی بعض النسخ : « تحتبی » أی تجمع الساقین والفخذین إلی الظهر بعمامة لأجل زیادة تحفظها من خروج الدم.

مع أن قوله علیه السلام : « تضم فخذیها فی المسجد » یکفی للإشارة والقرینة ، وکذا المنع عن صلاة التحیة أو عن الاحتباء أو عن الانحناء ، والمنع عن دخولها المسجد لیس إلاّ من خوف تلویث المسجد.

مع أن الإطلاق فی الثقب ربما ینصرف إلی الفرد الکامل ، کما هو مسلم فی الإطلاقات ، ویظهر من بعض الاخبار أنّهم علیهم السلام أطلقوا لفظ الثقب وأرادوا التجاوز ، فلاحظ.

هذا ، مضافا إلی الأخبار الکثیرة والشهرة العظیمة ، کما عرفت.

الاستحاضة المتوسطة

ص: 17


1- الکافی 3 : 88 / 2 ، التهذیب 1 : 106 / 277 ، الوسائل 2 : 371 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1.

وعدم التعرض للمتوسطة غیر مضر لأن جلّ أخبار المستحاضة قاصرة فی ذکر بعض منها ، والمقامات کانت متفاوتة. مع أن المتوسطة من الأفراد النادرة ، کما سنشیر إلیه ، وإطلاق الأخبار یحمل علی الغالب.

قوله : خرج منها من لم یثقب دمها الکرسف بالنصوص المتقدمة فیبقی الباقی. ( 2 : 32 ).

فیه ما أشرنا [ إلیه من ] (1) أنّ أخبار باب المستحاضة عامتها وغالبها لا تخلو عن قصور ، و [ ما أشرنا إلیه من ] (2) وجه القصور.

مع أن فی صدر الروایة فی طریق الشیخ : « المرأة المستحاضة التی لا تطهر تغتسل عند کل صلاة » الحدیث ، وربما یکون فیه إیماء إلی الکثیرة ، لأنّ الغالب بحسب الظاهر أنّها التی لا تطهر ویدوم دمها ویستمر ، مع أن الکثرة مظنة الدوام والقلة فی معرض الانقطاع ، کالمتوسطة. وفی کتب اللغة أنّ المستحاضة من یسیل دمها من عرق العاذل ، وهذا ظاهر فی الکثرة ، مع أنّ المطلق ینصرف إلی الکامل ، فتأمّل ویؤیده عدم ذکر القلیلة.

مع أنه علی تقدیر العموم الضعیف وردت مخصصات کثیرة عرفت بعضها وستعرف ، متأیدة بعمل الأصحاب والشهرة العظیمة وأصالة البراءة عن التکالیف الکثیرة الزائدة والأوفقیة إلی الملة السهلة السمحة. مع أنّه « ما من عام إلاّ وقد خص » من المسلّمات المشهورة ، سیّما العموم الذی یکون من المفرد المحلّی باللام ، حیث لم یوضع للعموم ولا عموم فیه لغة.

مع أنّ المتوسطة ربما تکون أقل وجودا ، لاشتراط الثقب مع عدم التجاوز ، إذ الغالب أنّه إن ثقب تجاوز ، ولعله لهذا لم یتعرض لذکرها

ص: 18


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

بالخصوص فی صحیحة معاویة وما ماثلها ، فتأمّل.

مع إمکان حملها علی الاستحباب بالنسبة إلیها.

مع أنّ الشارح رحمه الله ومن وافقه کثیرا ما یعترضون بأن الجملة الخبریة لیست حقیقة فی الوجوب أو صریحة فیه ، بل ربما یتأملون فی الدلالة.

مضافا إلی أنّ المقام لا بدّ فیه من ارتکاب خلاف الظاهر قطعا ، فکون التخصیص بما ذکره الشارح أولی من الحمل علی الطلب مع وجود ما أشرنا محل تأمّل. مع أنّه لا یخفی علی المتأمّل أن هذا المقام الإجمال لا التفصیل ، وکذا الکلام فی صحیحة صفوان الآتیة.

قوله : احتج المفصلون. ( 2 : 33 ).

عبارة الفقه الرضوی (1) صریحة فی مذهبهم ، وموثقة سماعة (2) ظاهرة فیه ، وکذا کل خبر یتضمن لکون الشرط فی الأغسال الثلاثة کون الدم صبیبا ومثل هذه العبارة ( وقد تقدم الکلام ) (3).

قوله : والجواب عن الروایة الأولی : أنّ موضع الدلالة فیها. ( 2 : 33 ).

لیس کذلک ، بل موضع الدلالة قوله علیه السلام : « فإن کان الدم فیما بینها وبین المغرب لا یسیل من خلف الکرسف فلتتوضأ ، ولتصل عند وقت کل صلاة » فإنه نص فی أنّه ما لم یتحقق السیلان من خلف الکرسف لم یکن علیها غسل لصلاة المغرب والعشاء بل تتوضأ لکل واحدة منهما ، وهذا

ص: 19


1- راجع ص 12.
2- راجع ص 14.
3- ما بین القوسین لم یرد فی « ب » و « ج » و « د ».

شامل للمتوسطة یقینا ، وهو الموافق للمشهور وحجة علی الشارح وشیخه.

وکذا قوله علیه السلام : « فإن کان الدم إذا أمسکت الکرسف. » فإنه ظاهر فی أنّ الغسل ثلاث مرات مشروط بالسیلان من خلف الکرسف ، سیما بعد ملاحظة العبارة الأولی ، إذ یظهر أنّ هذه العبارة فی مقابل الأولی ، وأنّ هذا الشق شق مقابل للأولی. وأمّا قوله : « صبیبا » تأکید وتوضیح للسیلان ، لأنّه المحقق له غالبا ، وتأکید أیضا فی أنّ الثلاثة الأغسال لیست فی صورة عدم السیلان ، وأنّه ما لم یتحقق السیلان لا یکون البتة ، ولا یکون بمجرد الظهور البتة (1) ، وحیث ثبت بالدلالة الواضحة المتعددة المتأکدة انحصار الأغسال الثلاثة فی الکثیرة ثبت مذهبهم وبطل مذهب الخصم ، وثبت کون المتوسطة - کما یقول به المفصلون - موافقا للقلیلة فی المغرب والعشاء ، وللإجماع علی کونها حدثا والإجماع علی کونها مغایرة للقلیلة بحسب الحکم ، والإجماع بل والضرورة فی أنّها لیست لها حکم آخر ، وکل ذلک من مسلّمات الخصم أیضا.

وأمّا قوله علیه السلام : « وإن طرحت الکرسف. » ظاهر فی أن المراد السیلان فی صورة طرحها الکرسف ، لا فی صورة إمساکها الکرسف ، ولا خفاء فی ذلک علی من له أدنی تأمّل وملاحظة فی الحدیث.

فالمستفاد منه أن عدم الغسل فی صورة عدم السیلان سواء أمسکت الکرسف أم لا ، وفی صورة السیلان یکون الغسل البتة ، أما مع الإمساک فثلاثة أغسال ، وأمّا مع عدمه وجب علیها الغسل ، وفیه إجمال لا یضر المستدل أصلا بلا شبهة ، بل ینفعه ، فإنّ المراد غسل صلاة المغرب

ص: 20


1- لیس فی « ج » و « د ».

والعشاء ، کما هو مقتضی السیاق.

فهذه أیضا دلالة أخری علی مراد المشهور علی ما اعترف من أنّ هذا الغسل لأجل السیلان وبشرطه.

بل لو رفعنا الید من السیاق أیضا ینفعه ، بأنّ المراد غسل واحد ، کما هو ظاهر لفظة المفرد ، مع أنّه لم یعرف من الفقهاء مساواته للأوّل مع أنّه مع عدم الکرسف یتحقق السیلان بأدنی دم.

مع أنّه لا یخفی أن المتعارف فی النساء أنهن فی صورة کثرة السیلان وزیادته وشدته یمسکن الکرسف البتة ولا یترکنه صونا لأثوابهن من الدم وفساده وتخریبه ، فالسیلان بلا کرسف سیلان سهل قلیل ، ولعله مساوق للظهور من خلف الکرسف فی صورة الإمساک واقعا أو بحسب الظن والظهور ، وعدم الإشعار لکون الغسل للفجر غیر مضر ، للإجماع علی کونه له ، فلعل المقام کان مع قرینة ، أو کان المقام مقام إجمال لهذا المعنی أو کان هذا المعنی واضحا فی ذلک الزمان أو عند الراوی ، وهو الثقة الجلیل ، کما هو الحال فی سائر الأخبار ، لأن الأمر والبناء فیها علی التعارض والجمع ، ولا بدّ من أن یکون حال الراوی فی المعارض المؤوّل علی ما أشرنا وإلاّ لا یستقیم.

علی أنّه لو وقع فی المقام حدیث صحیح صریح فی أنّه علیها الغسل لخصوص الفجر لکان الشارح رحمه الله یحمل الغسل فی هذا الحدیث علیه البتة ، وأیّ فرق بین الحدیث والإجماع فی هذا؟ بل کثیر من المواضع یعتنون بالإجماع من دون تأمّل حتی من الشارح رحمه الله أیضا.

علی أنّه غایة ما یکون أن فی هذا الأمر إجمالا ، وهذا لا یضر الاستدلال بصدر الخبر وذیله ، کما أشرنا ، لعدم توقف دلالتهما علیه.

ص: 21

ویمکن أن یقال : إنّه علیه السلام أمر بإیجاد الغسل ، والألف واللام ظاهر فی الجنس وحقیقة فی الحقیقة ، وإیجاد الحقیقة یتحقق فی ضمن فرد ، کما حقق فی محله ، وظاهر أن الغسل لأجل الصلاة ، فیکون مقدما علیها ، فحیث لم یعین الصلاة یکون المراد جمیع الصلوات الیومیة ، مثل قولهم : زید یعطی ویمنع.

قوله : فإنّ موضع الخلاف ما إذا لم یحصل السیلان. ( 2 : 33 ).

الدلالة علی أی تقدیر واضحة : لأنه علیه السلام جعل السیلان شرطا ، فعلی تقدیر حمل الغسل علی الجنس یکون دلالتها للمشهور فی غایة الوضوح أیضا ، ( مع أنک عرفت أن الظاهر من السیاق غسل صلاة المغرب والعشاء وقد عرفت الحال ) (1).

قوله : وعن الروایة الثانیة أنّها قاصرة من حیث السند بالإضمار. ( 2 : 33 ).

هذا الاعتراض منه فی غایة السقوط ، لتصریحه رحمه الله غیر مرّة بأنّ أمثال هذه الإضمارات لا ضیر فیها أصلا (2).

علی أنّ هذا الحدیث علی ما وجدت فی التهذیب لا إضمار فیه ، بل قال : عن زرارة عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : النفساء. الحدیث ، ولیس عندی غیر التهذیب. ویحتمل أن یکون زرارة روی هذا الحدیث عن الباقر علیه السلام أیضا ، لأنّ الشیخ نبّه فی موضع آخر علی ما ذکرنا ، لأنّه قال بعد ذلک بصفحة تقریبا : وقد مضی حدیث زرارة (3).

إشارة إلی أنّ الشهرة جابرة لضعف الروایة

ص: 22


1- لم یرد ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د ».
2- انظر المدارک 1 : 106 و 8 : 407.
3- التهذیب 1 : 175.

ولم یتقدم ما یصلح لذلک سوی الخبر المذکور. مع أنّ الشارح رحمه الله سیذکر عن قریب صحیحة زرارة (1) مریدا هذا الخبر ، وکیف کان ، لا وجه لهذا الطعن أصلا ( سیّما بعد انجبارها بالشهرة بین الأصحاب ) (2).

قوله : ومن حیث المتن بأنّها لا تدل علی ما ذکروه نصّا. ( 2 : 33 ).

فیه تنبیه علی وجود دلالة بحسب الظاهر ، وهو کذلک ، فإنّ الظاهر کون الغسل الواحد غیر غسل النفاس ، بل کالصریح ، لأنّه أمر أوّلا بغسل النفاس فقال لها بعد ما اغتسلت للنفاس : إن جاز دمها تغتسل ثلاثة أغسال ، وإن لم یجز صلّت بغسل واحد ، ولو کان المراد غسل النفاس لکان یقول : صلّت بذلک الغسل ، بل قد لا یحتاج إلی ذکر هذه العبارة بعد ما ذکر بأنّها تغتسل للنفاس وتفعل کذا وکذا.

مع أنّ ما ذکرنا متأیّد بأنّ القسمین المتردد بینهما مذکوران بکلمة الفاء الدالة علی التعقیب ، فیکون کلاهما عقیب غسل النفاس وما بعده ، وأیضا متأیّد بقرینة المقابلة وتقیید الغسل بالوحدة ، وظهور أنّ المراد من الصلاة فی قوله : « صلّت بغسل واحد » هی الصلوات الخمس المذکورة لا مطلق الصلوات. مع انّه لم یعهد تعلیق الصلاة بغسل الحیض أو النفاس وإضافتها ونسبتها إلیهما.

مع أنّ تنکیر لفظ الغسل یشهد علی کون هذا الغسل غیر غسل النفاس المذکور.

وأیضا تقییده بالوحدة شاهد آخر ، فإنّ غسل النفاس المذکور لا شبهة

الخدشة فی أدلّة القائلین بالتسویة بین المتوسطة والکثیرة

ص: 23


1- المدارک 2 : 35.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

فی کونه واحدا.

وتؤیّد الظهور عبارة الفقه الرضوی التی أشرنا إلیها (1) ، وصحیحة الحسین المذکورة ( وغیر ذلک ممّا ذکرناه فی صدر المبحث ، وکذا ) (2) الشهرة بین الأصحاب وفهمهم حیث استدلوا بها لمطلوبهم ، فتأمّل.

هذا ، ولا یخفی أنّ الظهور کاف للاستدلال ولا یحتاج إلی النصّیة.

علی أنّا نقول : موضع الدلالة هو قوله علیه السلام : « فإن جاز. » حیث شرط للأغسال الثلاثة جواز الدم عن الکرسف ، وفرق بینه وبین ثقب الکرسف ، فإنّ الجواز هو التعدی عن الشی ء والوصول إلی شی ء آخر.

والجواب عن قوله : فإنّ الغسل. کما مرّ ، مضافا إلی أنّ إیجاد الصلاة بغسل ، ظاهر فی کون الغسل قبلها ، فالصلوات الخمس بغسل ظاهر فی کون الغسل قبل الجمیع ، فیظهر کونه قبل صلاة الفجر ، فتدبّر.

وأمّا عدم ذکر الوضوءات فمشترک الورود ، بل ضرره علی الشارح رحمه الله أزید. والجواب أنّ المقام فیه مقام إجمال ، والاحتیاط واضح بحمد الله.

قوله : تمسکا بعموم قوله تعالی. ( 2 : 34 ).

شموله لما نحن فیه محل تأمّل ، لکونه من الأفراد التی لا ینساق الذهن إلیها عند الإطلاق ، ولا عموم لغة ، مع أنّ شموله للنساء من الإجماع ولم یتحقّق فی المقام ، فتأمّل.

قوله : مضافا إلی العمومات الدالة علی ذلک. ( 2 : 35 ).

صحیحة معاویة بن عمار ونظائرها کالنص فی عدم الوضوء لصلاة العصر والعشاء ، وصدرها ذکرها الشارح ، وفی ذیلها : « وإن کان الدم

الاستحاضة الکثیرة

عدم وجوب الوضوء مع کلّ غسل فی الاستحاضة الکثیرة

ص: 24


1- راجع ص 12.
2- ما بین القوسین ساقط من « ب » و « ج » و « د ».

لا یثقب الکرسف توضأت ( ودخلت المسجد وصلّت کل صلاة بوضوء » (1) وبقرینة المقابلة یظهر أنّ الکثیرة لا تتوضأ ) (2) لکل صلاة وأمّا الوضوء مع الغسل فقد مرّ الکلام والتحقیق فیه (3).

قوله : والثانی : لا ، للأصل. ( 2 : 36 ).

والأقوی هو الأوّل ، لأنّ هذا الدم حدث عندهم ، ولأنّ الظاهر من الأخبار أیضا ذلک ، فیظهر من هذا تعقیب الصلاة له ، وإن لم یذکر صریحا فی الأخبار ، کما لم یذکر بالنسبة إلی الغسل أیضا ، لأنّه یفهم من الأخبار کذلک.

قوله : والأظهر جواز دخولها المساجد. ( 2 : 37 ).

لعل نظر من منع دخولها إلی بعض الروایات ، مثل صحیحة معاویة ابن عمار السابقة ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : وفی السند ضعف وفی المتن احتمال. ( 2 : 38 ).

قد ذکرنا فی مسألة بیان أقسام الاستحاضة روایة عبد الرحمن بن أبی عبد الله (4) ، وهی کالصحیحة ، بل صحیحة ، فی آخرها : « وکل شی ء استحلت به الصلاة فلیأتها زوجها » ، ولا یتمشی فیها التوجیه الذی ذکره الشارح ، فیمکن الحمل علی الاستحباب أو تقیید الأدلة السابقة بها ، والأحوط الثانی ، ویؤیده الخبران المذکوران ، لأنّ ما ذکره الشارح رحمه الله لا یخلو عن مخالفة ما للظاهر.

هل تجب مقارنة الغسل والوضوء للصلاة؟

جواز دخول المستحاضة المساجد

حکم وطء المستحاضة

ص: 25


1- الکافی 3 : 88 / 2 ، التهذیب 1 : 106 / 277 ، الوسائل 2 : 371 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- راجع ج 1 : 393 - 394.
4- راجع ص 13.

وروی الشیخ والکلینی ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، قال : قال : « المستحاضة إذا ثقب الدم الکرسف اغتسلت لکل صلاتین وللفجر غسلا ، فإن لم یجز الدم الکرسف فعلیها الغسل کل یوم مرّة ، والوضوء لکل صلاة ، وإن أراد زوجها أن یأتیها فحین تغتسل » (1).

بل نقول : فی دلالة الآیة والصحیحتین تأمّل ، أمّا الآیة فلأنّ الظاهر منها رفع الحظر الذی کان من جهة الحیض ، والغالب عدم حظر آخر ، وأمّا الروایة فلأنّ المعصومین علیهماالسلام أمرا فیهما بأن تعمل المستحاضة عمل الاستحاضة من الأغسال الثلاثة ، ثم بعد ذلک ذکرا ما ذکره الشارح رحمه الله من قوله : ویأتیها زوجها إن شاء. فتأمّل. وبالجملة : الدلالة فی غایة الضعف بالقیاس إلی دلالة ما ذکرناه ، فتأمّل.

ومرّت عبارة الفقه الرضوی (2) فإنّها صریحة فی أنّ شرط الحلیة العمل بالأغسال ، ویظهر منها عدم الاشتراط بالوضوء فی القلیلة.

( وروی الکلینی بسنده إلی أبی عبیدة وفیه سهل ، سأل (3) عن الصادق علیه السلام عن الحائض تری الطهر فی السفر ، ولیس معها من الماء ما یکفیها لغسلها - إلی أن قال - : فیأتیها زوجها فی تلک الحال؟ قال : « نعم ، إذا غسلت فرجها وتیممت فلا بأس » (4) (5).

ص: 26


1- الکافی 3 : 89 / 4 ، التهذیب 1 : 170 / 485 ، الوسائل 2 : 374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6.
2- راجع ص 12.
3- أثبتناه من « و».
4- الکافی 3 : 82 / 3 ، التهذیب 1 : 400 / 1250 ، الوسائل 2 : 312 أبواب الحیض ب 21 ح 1.
5- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

قوله (1) : والأصل فیه. ( 2 : 38 ).

الکلام فیه ما ذکرناه فی صدر الکتاب (2).

قوله : مدفوع بعموم الإذن. ( 2 : 42 ).

فی العموم نظر ، لأنّ فرض العلم بالانقطاع فرض نادر.

قوله : قال المصنف فی المعتبر. ( 2 : 43 ).

لکن ظاهره عدم کون الدم الخارج مع الولد - أی مع ظهور شی ء منه - نفاسا ، فتأمّل.

قوله : وقال فی الذکری :. ( 2 : 43 ).

ولعلّ نظرهم فی ذلک وفی ما سبق إلی ما یظهر من الأخبار - مضافا إلی الاعتبار - : أنّ دم الحیض یحبس لتکوّن الولد ولغذائه ، وربما یزید فیهراق ، فإذا علم أنّه مبدأ نشوء الآدمی علم أنّ هذا الدم هو المحبوس لتکوّن الولد وغذائه وخرج ، فعلم شرعا وعرفا أنّه النفاس ، وظهر أنّه لا دم سوی الحیض ، أو الاستحاضة ، أو النفاس ، أو العذرة ، أو القروح. لکن لا یخلو بعد من تأمّل فی کونه مسمّی بالنفاس عرفا وشرعا بحیث ینصرف الإطلاق إلی مثله أیضا ، فتأمّل. وسیجی ء عن الشارح أنّ النفاس حیض فی المعنی ، ولذا قال : أقصاه عشرة للمبتدئة (3).

قوله : ولما رواه علی بن یقطین. ( 2 : 44 ). فی الاستدلال بها تأمّل.

قوله : وفی اشتراط تخلّل أقل الطهر بینه وبین النفاس قولان ،

غسل النفاس

معنی النفاس

حکم من تری الدم قبل الولادة

ص: 27


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- راجع ج 1 : 32.
3- المدارک 2 : 48.

أظهرهما العدم. ( 2 : 44 ).

الأخبار کادت تبلغ حدّ التواتر فی أنّ النفساء بعد نفاسها تصیر مستحاضة تعمل عملها وتصلی (1) ، من دون تفصیل أصلا ، نعم فی بعض الأخبار أنّ الدم إن کان أصفر تعمل عمل الاستحاضة (2) ، لکن لیس عملهم علیه.

وفی الموثق کالصحیح عن أبی الحسن علیه السلام ، فی امرأة نفست وترکت الصلاة ثلاثین یوما ، ثم تطهرت ، ثم رأت الدم بعد ذلک ، قال : « تدع الصلاة لأنّ أیّامها أیّام الطهر قد جازت مع أیّام نفاسها » (3).

ویؤیّده ما سیجی ء من اشتراک النفاس مع الحیض فی جمیع الأحکام إلاّ ثلاثة ، ولعل ( مراد العلاّمة ) (4) خصوص الحیض المتقدم علی النفاس مع النفاس ، لا المتأخر أیضا ، (5) تأمّل فیه.

قوله : وأکثر النفاس عشرة. ( 2 : 45 ).

فی الفقه الرضوی : « والنفساء تدع الصلاة أکثره مثل أیّام حیضها ، وهی عشرة أیّام ، وتستظهر بثلاثة أیّام ثم تغتسل ، وقد روی ثمانیة عشر یوما ، وروی ثلاثة وعشرین ، وبأیّ هذه الأحادیث أخذ جاز » (6) انتهی.

أکثر النفاس

ص: 28


1- انظر الوسائل 2 : 382 أبواب النفاس ب 3.
2- انظر الوسائل 2 : 387 أبواب النفاس ب 3 ح 16 ، وب 5 ح 2.
3- الکافی 3 : 100 / 1 ، التهذیب 1 : 402 / 1260 ، الوسائل 2 : 393 أبواب النفاس ب 5 ح 1.
4- فی « ا » : مراده.
5- فی « ج » و « د » زیادة : لا.
6- فقه الرضا علیه السلام : 191 ، المستدرک 2 : 47 أبواب النفاس ب 1 ح 1 ، وفیهما بتفاوت یسیر.

قوله : وذهب جماعة. ( 2 : 46 ).

لا یخفی أنّ الظاهر أنّ مذهب المفید رحمه الله أیضا کذلک ، کما أنّ مذهب الشیخ کذلک ، لأنّهما قالا : أقصی مدّة النفاس عشرة أیّام ، یعنی لا یزید عن ذلک ، وأمّا أنّه أقل من ذلک یصیر أم لا فهو کلام آخر ، ولا شک أنّ المبتدئة علی هذا یکون نفاسها عشرة ، وأمّا ذات العادة فهی أیضا کذلک ، لأنّ عادتها أمّا العشرة وإمّا دونها ، وعلی التقدیرین یکون الأقصی عشرة ، أمّا علی الأوّل فظاهر ، وأمّا علی الثانی فلأنّ أقصی ما یمکن کونه حیضا عشرة أیضا البتة ، مع أنّ الاستظهار إلی العشرة ، والاستظهار لا یکون إلاّ مع احتمال العشرة للنفاس ، مع أنّه یظهر من الأخبار أنّه مثل الحیض فی الأحوال ، سیّما فی ما نحن فیه.

وممّا یشیر إلی أنّ مراد المفید والشیخ رحمهما الله ما ذکر : أنّ المفید صرّح بأنّ الأخبار المعتمدة دعته إلی ما ذکر ، ولا یخفی أنّها لیست إلاّ هذه الأخبار الواردة فی الکتب الأربعة ، والشیخ أیضا استدل بهذه الأخبار للمفید ، والتألیف کان فی حیاة المفید ، حیث کان یقول : أیّده الله ، ولم یتعرض لغایة له أصلا. وبالجملة ما ذکرنا واضح علی الملاحظ.

قوله (1) : بأنّها لا تصلح لمعارضة الاخبار. ( 2 : 48 ).

فی نسخة أخری : والجمع بین هذه الأخبار یتحقق بوجوه :

أحدها : حمل أخبار الثمانیة عشر علی غیر المعتادة ، وإبقاء الأخبار المتضمّنة للرجوع إلی العادة علی ظاهرها.

وثانیها : الحمل علی التخییر بین الأعداد.

ص: 29


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

وثالثها : حمل أخبار الثمانیة عشر علی ما إذا بقی الدم بصفة دم النفاس إلی تلک الغایة ، وأخبار الرجوع إلی العادة علی ما إذا تغیر عن تلک الصفة.

والأوّل متّجه إلاّ أنّه مستلزم لحمل الأخبار المتضمّنة للثمانیة عشر مطلقا علی الفرد النادر ، وهو مشکل.

والثانی لیس ببعید من الصواب ، ولا ینافیه استلزام التخییر بین فعل الصلاة وترکها وثبوت مثله من أیّام الاستظهار ، علی ما سبق تحقیقه ، وقد ورد حینئذ. إلی آخر ما قال فیها ، فتأمّل فیها.

قوله (1) : وإنّما یحصل التردد فی المبتدئة خاصّة. ( 2 : 48 ).

لا یخفی وضوح دلالتها فی الشمول للمبتدئة أیضا : لأنّ مضامینها أنّ النفساء تکفّ عن الصلاة مقدار ما کانت تکفّ عنها فی حیضها ، والمبتدئة کانت تکفّ قدرا معینا لا أزید ولا أنقص ، حسب ما مرّ فی الحیض.

قوله : ومن أنّ مقتضی رجوع المعتادة إلی العادة. ( 2 : 48 ).

هذا أقوی ، لأنّ الروایات محمولة علی التقیة البتة ، لأنّ أحدا من العامة لم یذهب إلی الرجوع إلی عادة الحیض ، کما صرّح به الشیخ (2) ، وذهبوا إلی الثمانیة عشر ، ولأنّ حمل تلک الأخبار علی خصوص المبتدئة فاسد قطعا ، لاستلزام حملها علی خصوص الأفراد النادرة ، وهو غیر جائز قطعا ، مع کثرتها وغایة شهرتها ، وظاهر ما رواه الشیخ عن ابن سنان بقوله : روینا. (3) أنّ المبتدئة أیضا عددها عدد الحیض ، مع أنّ عبارة الفقه

ص: 30


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- التهذیب 1 : 178.
3- المدارک 2 : 47.

الرضوی تدل علی ذلک (1).

قوله : ویحرم علی النفساء ما یحرم علی الحائض ( 2 : 50 ).

ربما یدل علی اتحاد حکمهما بعض الروایات ، مثل ما رواه الشیخ فی کتاب الحج فی الصحیح عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الحائض تسعی بین الصفا والمروة؟ فقال : « إی لعمری ، لقد أمر رسول الله صلی الله علیه وسلم أسماء بنت عمیس فاستثفرت وطافت بین الصفا والمروة » (2). ووجه الدلالة أنّ أسماء کانت نفساء ، فلو لم یکن حکمهما واحدا لما صحّ الاستناد إلی أمر رسول الله صلی الله علیه وسلم أسماء ، وهو ظاهر.

قوله : لاستحضاره عقله. ( 2 : 52 ).

حال الاحتضار لیس بمستحضر لعقله ، بل هو قبله ، فلا یناسب کونه مبدأ الاشتقاق ، فتأمّل.

قوله : ویمکن المناقشة. ( 2 : 53 ).

هذه المناقشة لیست فی مکانها ، سیّما بالنسبة إلی سلیمان ، لمسلّمیّة کونه ثقة عندهم ، حتی الشارح رحمه الله ، ولم یتأمّل فیه أصلا.

قوله : أنّ التسجیة تجاه القبلة. ( 2 : 53 ).

التسجیة غیر التوجیه ، وظاهرها أنّ التسجیة متأخّرة عنه مترتّبة علیه ، والفقهاء وجمیع المسلمین فی الأعصار والأمصار بناؤهم فی الفتوی والعمل علی الفعل قبل حال الاحتضار ، لا بعد الموت ، ولم یفت أحد به ولا عمل ،

النفساء کالحائض فی الأحکام

أحکام الأموات

الاحتضار

سلیمان بن خالد ثقة عند العلماء

وجوب توجیه المحتضر إلی القبلة

ص: 31


1- فقه الرضا علیه السلام : 191 ، المستدرک 2 : 47 أبواب النفاس ب 1 ح 1.
2- التهذیب 5 : 396 / 1378 ، الاستبصار 2 : 316 / 1119 ، الوسائل 13 : 460 أبواب الطواف ب 89 ح 3.

فهو قرینة علی إرادة کونه فی شرف الموت ، ویقربه قوله : « إذا غسل. » ، لأنّ السیاق واحد ، ولیس المراد بعد تحقّق الغسل قطعا ، وتؤیّده أیضا مرسلة الصدوق فی الفقیه - مع حکمه بصحة جمیع ما فیه ، وکونه حجة بینه وبین الله تعالی - عن علیّ علیه السلام : « دخل رسول الله صلی الله علیه وسلم علی رجل من ولد عبد المطلب ، وهو فی السوق وقد وجّه لغیر القبلة ، فقال : وجّهوه إلی القبلة ، فإنّکم إذا فعلتم ذلک أقبلت علیه الملائکة وأقبل الله علیه بوجهه ، فلم یزل کذلک حتی یقبض » (1). ویؤیّده أیضا أنّه استرحام واستجلاب للرحمة ، فوقته حال الاحتضار البتّة ، وإن کان بعده أیضا وقت ، لما ستعرف.

قوله : والثانی لإطلاق روایة. ( 2 : 54 ).

مضافا إلی الاستصحاب.

قوله : ولم أقف علی ما ذکره. ( 2 : 54 ).

فی المرسلة التی ذکرناها ربما کان إشعار بذلک.

قوله : وربما قیل بسقوطه. ( 2 : 55 ).

لکن الطریقة المستمرة فی الأعصار والأمصار الاکتفاء بالظن ، وبناء أمور المسلمین وأفعالهم علی الصحّة. ( خصوصا علی ) (2) الظن بقیامهم ( سیّما إذا کان قویّا ) (3) وما کانوا یقتصرون علی الیقین ، وبشهادة العدلین.

مع أنّ کون الثانی حجّة فی المقام لا دلیل علیه عند الشارح وموافقیه ، بل

التوجیه واجب کفائی

ص: 32


1- الفقیه 1 : 79 / 352 ، علل الشرائع : 297 ، الباب 234 ، الوسائل 2 : 453 أبواب الاحتضار ب 35 ح 6.
2- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و» : مضافا إلی.
3- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

ربما کان مشکلا واقعا.

قوله : وإنّما یستحبّ ذلک إذا تعسّر علیه الموت. ( 2 : 56 ).

لم یشترط الأصحاب التعسر ، ولعل وجهه أنّه یظهر من الأخبار - مضافا إلی الاعتبار - أنّ نفس الکون فی المصلّی سبب لجلب الرحمة ، ولهذا ینفعه فی شدّة النزع ، لا أنّه لا یصیر سببا لجلب الرحمة إلاّ فی صورة شدّة النزع ، فإذا خیف وقوع الاشتداد لا یحمل إلیه ولا ینفع حتی یتحقّق الاشتداد ویذوق مرارته ، فتأمّل.

قوله : یندرج فیه المدّعی. ( 2 : 57 ).

بعید ، فتأمّل ، لأنّ موته علیه السلام إن کان لیلا یقتضی أن یکون خالیا عن السراج إلی أن وقع الموت ، إذ ظاهر أنّ بعد القبض أمر بالسراج ، ولا شکّ فی أنّه ما کان کذلک ، مع أنّ التعبیر بالبیت الذی کان یسکنه فیه ما فیه ، فتأمّل.

قوله : وقد ذکر من علاماته. ( 2 : 58 ).

فی الاکتفاء بأمثالها إشکال ، لأنّها مظنّة للموت ، فالأصوب الصبر إلی أن یتیقّن الموت.

قوله : إنّما تتناول من یمکن وقوع الغسل منه. ( 2 : 60 ).

یظهر من اتفاق الأصحاب وبعض الأخبار - مثل کون الزوج أحق ، مع أنّ الأولی اجتنابه - أنّ المراد لیس المباشرة بنفسه ، بل یجوز التوکیل وکون آخر نائبا عنه ، وفعل النائب فعل المنوب عنه شرعا ، فتأمّل.

قوله : وإلاّ أمکن المناقشة فیها. ( 2 : 61 ).

هذه المناقشة غیر واردة علی الشیخ وغیره من القدماء ، کما لا یخفی علی المطلع بطریقتهم ، وأمّا المتأخرون فمن قال بحجّیة الموثق فکذلک ،

استحباب نقل المحتضر إلی مصلاّه

استحباب الإسراج عنده إن مات لیلاً

وجوب الصبر لمن اشتبه موته

التغسیل

الکلام فی الغاسل

أولی الناس بالتغسیل أولاهم بالمیت
فی أنّ الزوج أولی بالمرأة
الخبر الضعیف المعمول به مقدم علی الصحیح غیر المعمول به

ص: 33

لکونه حجّة ومفتی به عند الفقهاء بخلاف الصحیحة ، وأمّا من لم یقل بها فاشتهار الفتوی والعمل جابر ، وعدم الفتوی والعمل بالصحیحة مضعف لها ، سیّما إذا وافقت مذهب العامة ، فمثل هذه الصحیحة لا یقاوم ما ذکر ، سیّما إذا انضمّ بها ما ذکر ، فکم من ضعیف معمول به قدّمه المتقدمون والمتأخرون علی الصحیح غیر المعمول به فی الأحکام الفقیه ، فضلا عن أن یکون من الموثقات والصحیح موافقا للعامة ، ومسلّم ذلک عندهم بلا تأمّل ولا تزلزل من أحد منهم ، وقد أثبتنا حقیّته فی الرجال ( وغیره ، مع وضوحها ) (1) والشاذّ لیس بحجة نصّا وإجماعا ، فکیف یصیر معارضا للحجة وراجحا علیها؟!

قوله (2) : وهو إنّما یتمّ مع التکافؤ فی السند. ( 2 : 61 ).

فیه ما قد عرفت.

قوله : ویدلّ علی أنّ الأفضل کونه من وراء الثیاب. ( 2 : 62 ).

ربما یظهر منها عدم الأفضلیة إذا کان المیت رجلا ، فلا یمکن التمسک بعدم القول بالفصل ، لأنّه یصیر منشأ للوهن فیها ، إلاّ أن یحمل علی تفاوت مراتب الاستحباب ، ویؤیّده ما قال : إنّ الأفضل فی مطلق التغسیل ذلک.

قوله : لأنّ الغسل مفتقر إلی النیّة. ( 2 : 64 ).

لأنّه لا یعتقد شرعیة هذا الغسل وکونه مقرّبا إلی الله تعالی ، أو کونه امتثالا لأمره ، والروایة تدلّ علی طهارة النصاری ، کسائر الروایات الدالة

هل یجوز أن یغسل الکافر المسلم؟

ص: 34


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- هذه الحاشیة أثبتناها من « و».

علیها ، ولمّا ثبت کون النجاسة مذهب أهل البیت علیهم السلام ، وطریقة الشیعة ، کما سیجی ء (1) ، وأنّ الطهارة شعار العامّة تعیّن حمل هذه الروایة علی التقیّة ، کحمل نظائرها. وأمّا توقف الغسل علی النیّة فقد مضی الکلام فیه (2).

وعلی تقدیر تسلیم العمل بالروایة فموردها أهل الذمّة ، لا أیّ کافر یکون ، کما هو ظاهر عبارة المصنف ، إلاّ أن یتمسک بعدم القول بالفصل ، أو عدم تعقل فرق عند من یقول بنجاسة الکل ، وأنّ بناء المحقق ومن وافقه علی أنّ الحکم فی صورة لا یباشر الکافر الماء ، وأمّا النیّة فالحال فی الکل واحد ، بأنّ الکافر من قبیل الآلة ، فینوی الآمر ، أو أنّه لا یشترط فی هذا الغسل النیّة ، کما نقل عن السیّد (3) ، فتأمّل.

قوله : لاعتضادهما بالأصل. ( 2 : 68 ).

لم نجد لهذا الأصل أصلا ، لأنّ العبادة لا تصیر مشروعة ولا صحیحة بمجرّد الأصل.

قوله : بأنّ المخالف لأهل الحق کافر. ( 2 : 69 ).

مراده أنّ أصول الدین خمسة ، وهم أنکروا الإمامة ، وبعضهم أنکر العدل أیضا ، والمخالف فی أصول الدین - وإن کان فی اصطلاحنا - کافر بالکفر المقابل للإیمان لا الإسلام ، والکافر لا حرمة له إلاّ ما خرج بالدلیل (4) ، وحرمة غسل الکافر إجماعی فکذا المخالف.

الکلام فی المغسول

حکم تغسیل المخالف للحق

ص: 35


1- فی ص 199.
2- المدارک 1 : 289.
3- انظر المدارک 2 : 81.
4- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : فهؤلاء لا حرمة لهم إلاّ ما خرج بالدلیل.

والحاصل : أنّه لا یجب علینا تکریم بالنسبة إلی مخالف الحق إلاّ ما خرج بالدلیل ، ولم یخرج التغسیل ، لأنّ الأدلة الدالة علی وجوبه لا یظهر منها عموم بحیث یشمل المخالف.

واستشکال الشارح رحمه الله من إطلاقات الأخبار الدالة علی تغسیل المیّت ، وأنّ الإطلاق ربما کان منصرفا إلی المؤمنین ، کما ورد فی بعض الأخبار : « من غسل مؤمنا. » (1) وأنّه فی أکثر الأخبار قرائن علی إرادة المؤمن.

والأظهر عدم الوجوب ، لعدم الثبوت ، ویؤیّده ( ما یظهر من ) (2) بعض الأخبار أنّ التغسیل وأمثاله لحرمة المیت (3) ، وأنّه إذا لم تکن له حرمة فلا یجب ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : فقد یجب الجهاد وإن لم یکن الإمام علیه السلام موجودا. ( 2 : 71 ).

المشهور بل کاد أن یکون إجماعا أنّ الجهاد ( یشترط فی وجوبه الإمام أو من نصبه ، لروایات رووها وإن لم تبلغ درجة الصحة ، لانجبارها بالشهرة ، سیما مثل تلک الشهرة کادت أن تکون شعار الشیعة ) (4) إلاّ أنّ الوارد فی الروایات هنا المقتول فی سبیل الله ، أو بین الصفّین ، وغیر ذلک ، ممّا یشبههما ، إلاّ أن یقال : هذه الإطلاقات تنصرف إلی الجهاد ، لأنّه

سقوط الغسل عن الشهید

ص: 36


1- انظر الوسائل 2 : 494 أبواب غسل المیت ب 7.
2- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و» : ما فی.
3- انظر الوسائل 2 : 477 أبواب غسل المیت ب 1.
4- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و» : مشروط بوجود الإمام علیه السلام أو من نصبه لروایات کثیرة ، وإن لم تبلغ درجة الصحة ، إذ الانجبار بعملهم یکفی ، بل کاد أن یکون شعار الشیعة.

الفرد الکامل ، إذ لیس هنا عموم لغوی ، فتأمّل.

قوله : وإنّه لا یعلم فیه للأصحاب خلافا. ( 2 : 72 ).

هذا یکفی جبرا لضعف السند ، فتأمّل.

قوله : وهو مناف لما صرّح به. ( 2 : 74 ).

لا یخفی أنّ الشارح رحمه الله مداره علی التمسک بالإجماع ، ومع ذلک کثیرا مّا یطعن بنحو لا یمکن معه التمسک به ، ولا شبهة فی أنّه لا بدّ من توجیه کلامه فی مقام الطعن ، فما وجه کلامه یمکن أن یکون مراد الشهید ، وإذا کان التوجیه لا یتمشّی للبعد أو غایة البعد فکلام الشارح أولی بهذا ثم أولی ، فتأمّل.

مع أنّ طعن الشهید رحمه الله یکون فی بعض الإجماعات المنقولة بخبر الواحد ، لعروض شبهة وریبة فی کونه إجماعا ، وأمّا کلام الشارح فمقتضاه عدم إمکان العلم بالإجماع فی أمثال زمان الشیخ ومن تقدم علیه إلی زمان الکلینی والصدوق - رحمهم الله - مطلقا.

قوله : وفیه ما فیه. ( 2 : 76 ).

لا مناقشة فیه أصلا ورأسا.

قوله : أنّ الحکم فی الروایة الثانیة وقع معلّقا علی استواء الخلقة. ( 2 : 76 ).

لکن فی الروایة الأولی وقع معلّقا علی کمال أربعة أشهر ، فیظهر أنّه استواء الخلقة ، وأخبارهم یفسّر بعضها بعضا ، ویدل علیه أیضا ما قد ورد فی الأخبار من أنّ الرجل له أن یدعو أن یجعل الله ما فی بطن الحبلی ذکرا

بیان المراد من الشهید
إشارة إلی حجّیة الإجماع المنقول.

ص: 37

سویّا ما بینها وبین أربعة أشهر (1) ، والظاهر أنّ الأطبّاء أیضا یقولون : إنّه بکمال أربعة أشهر یتم خلقته. وفی بعض الأخبار أنّه یتردد النطفة فی الرحم أربعین یوما ، ثم تصیر علقة أربعین یوما ، ثم مضغة أربعین ، ثم بعد ذلک یبعث الله ملکین خلاّقین ینفخان فیه الروح والحیاة ویشقّان له السمع والبصر وجمیع الجوارح (2) ، الحدیث.

قوله : إلی قول أهل الخبرة. ( 2 : 76 ).

لا یخفی أنّ مراد المصنف أنّه لا یکون له أربعة أشهر کملا ، وعبّر عنه بوقت عدم ولوج الروح تنبیها علی أنّ الولوج یتحقّق بکمال أربعة أشهر لا أقلّ منه ، وقد أشرنا إلی الأخبار الدالة علی ذلک ، وأنّ الحق ما قاله المصنّف ، لدلالة الأخبار المنجبرة بعمل الأصحاب ، التی لا شبهة فی حجّیتها ، کما حقق فی محله. وأیضا نبّه علی أنّ الغسل للمیت ولأجل الموت ، ولا یتحقق إلاّ بعد ولوج الروح ، فلا حاجة إلی الرجوع إلی أهل الخبرة ، ولا تأمّل فی الدلیل ، ولا غبار علیه.

قوله : بل الظاهر أنّه یدفن مجرّدا. ( 2 : 77 ).

لا یخفی أنّ استدلاله إنّما هو لأجل عدم وجوب الغسل خاصة.

قوله : وقد یناقش فی هذا الحکم بأنّ اللازم منه. ( 2 : 78 ).

ویمکن أن یقال : لیس المراد تحصیل الطهارة الشرعیة ، بل إزالة النجاسة الخارجیة الأجنبیة ، لئلاّ ینجس ماء الغسل بملاقاته ، کما ذکره فی المعتبر ، بل لعل الظاهر هو هذا.

قوله : ومقتضاه أنّه لا یجب تقدیم الإزالة. ( 2 : 79 ).

حکم تغسیل السقط

الکلام فی الغسل

واجبات الغسل

إزالة النجاسة عن بدن المیت

ص: 38


1- الوسائل 7 : 140 أبواب الدعاء ب 64.
2- انظر الکافی 6 : 13 / 4 ، البحار 57 : 344 / 31.

لا یخفی أنّ الإشکال المنفی بقوله : هذا الإشکال منتف ، لیس إلاّ أنّ اللازم منه طهارة المحل الواحد من نجاسة دون نجاسة ، لا أنّه لم یقدّم الإزالة علی الشروع فی الغسل ، إذا لا إشکال فیه بعد ورود النص ، ولم یستشکل أحد لا فی المقام ولا فی غسل الجنابة والحیض والنفاس والاستحاضة ، إذ غسل الفرج فی الکل مقدم علی الشروع بحسب الروایة ، بل والفقهاء فی کتبهم نقلوا وأمروا کذلک.

مع أنّ ما ذکره من قوله : أو یقال. وجعله أولی ، مقتضاه أنّه لا یجب تقدیم الإزالة علی الشروع ، بل یکفی طهارة کلّ جزء قبل غسله.

قوله : وتغسل رأسه. ( 2 : 79 ).

الأمر إنّما ورد بغسل الرأس ثلاث مرّات ، ولم یقولوا بوجوبه ، وأیضا قوله علیه السلام : « بماء وکافور وشی ء من حنوط » فیه شی ء. والروایة الثانیة أیضا ضعیفة الدلالة ، والعمدة فهم الفقهاء ، وورد ذلک فی کثیر من الأخبار.

قوله : والأخبار فی ذلک کثیرة جدّا. ( 2 : 80 ).

لا یخفی أنّ الإثبات علی طریقة الشارح رحمه الله ممّا لا یمکن أصلا (1) ، وقد نبّهنا فی الحاشیة السابقة إلی عدم إمکانه.

نعم یمکن الاستدلال بصحیحة سلیمان بن خالد أنّه سأل الصادق علیه السلام عن غسل المیت کیف یغسل؟ قال : « بماء وسدر ، واغسل جسده کله ، واغسله أخری بماء وکافور ، ثم اغسله أخری بماء » قلت : ثلاث مرّات؟ قال : « نعم » قلت : فما یکون علیه حین یغسله؟ قال : « إن استطعت أن یکون علیه قمیص فتغسل من تحته » (2).

تغسیله بماء السدر

ص: 39


1- فی « أ » و « و» : أیضا.
2- التهذیب 1 : 446 / 1443 ، الوسائل 2 : 483 أبواب غسل المیت ب 2 ح 6.

وبأخبار أخر غیر صحیحة ، مثل ما رواه الکلینی وغیره عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبی ، عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « یغسل المیت ثلاث غسلات : مرّة بالسدر ومرّة بالکافور ، ومرّة أخری بالماء القراح ، ثم یکفّن » (1) ، الحدیث ، وما ماثل هذه الروایة.

والضعف منجبر بالشهرة ، وأنّ الأخبار الکثیرة متوافقة فی ذکر الکل علی السواء ، وأنّ کثیرا منها یذکر الثلاثة فی مقام البیان ، وبعضها یذکر فیه وجوب الغسل علی الإطلاق ، والغسل عبادة توقیفیّة ، فإذا قالوا : یجب غسل المیت ، وأمثال هذه العبارة ، فلا بدّ من بیان هذه العبادة.

قوله : « یغسل غسلا واحدا ». ( 2 : 80 ).

الدلالة لا تخلو عن الظهور ، إذ لو لا المعارض لم یفهم إلاّ وحدة الغسل ویؤیّدها قوله علیه السلام بعد ذلک : « ثم اغتسل أنت » (2) والسند کالصحیح ، وفی حسنة أبی بصیر عن أحدهما علیهماالسلام فی الجنب إذا مات : « لیس علیه إلاّ غسلة واحدة » (3).

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 2 : 81 ).

لیست بضعیفة ، بل الظاهر أنّها حسنة ، ویؤیّدها أخبار کثیرة منقولة فی علّة غسل المیت.

قوله : وتردّد فیه فی المعتبر ، وهو فی محله. ( 2 : 81 ).

النیّة

ص: 40


1- الکافی 3 : 140 / 3 ، التهذیب 1 : 300 / 876 ، الوسائل 2 : 481 أبواب غسل المیت ب 2 ح 4.
2- التهذیب 1 : 433 / 1389 ، الاستبصار 1 : 195 / 685 ، الوسائل 2 : 540 أبواب غسل المیت ب 31 ح 5.
3- التهذیب 1 : 432 / 1385 ، الاستبصار 1 : 194 / 681 ، الوسائل 2 : 540 أبواب غسل المیت ب 31 ح 4.

فیه : أنّ دلیل وجوب النیّة فی الأغسال والأعمال إن کان هو الإجماع أمکن التردد فیه ، وإن کان الآیة والأخبار فالفرق بین هذا الغسل وغیره تحکّم بالنظر إلی الدلیل ، ومرّ عن الشارع أن الدلیل هو الآیة والأخبار (1) ، فلاحظ ، ومرّ التحقیق فی مبحث الوضوء (2).

قوله : لأنّها فی الحقیقة فعل واحد مرکّب. ( 2 : 81 ).

لیس کذلک ، إذ یلزم علی هذا أن یسقط عند تعذر السدر أو الکافور أو القراح ، ولیس کذلک قطعا ، ولیس مثل التمکن من بعض الأفعال فی الغسل الواحد دون بعض. وکذا الوضوء وغیره من العبادات.

قوله : والأولی الطعن فیها من حیث السند. ( 2 : 84 ).

هذا أیضا مناف لما سبق منه من الطعن فی الدلالة ، مع أنّ الطعن من حیث السند مناف لاستدلاله بها ، فکیف یکون أولی؟ مع أنّه مرّ ما یشیر إلی عدم غبار فی السند ، ونهایة قوته ، وأنّ الدلالة لها ظهور.

فالأولی الجواب بأنّ الأخبار الواردة فی کیفیة الغسل وصحیحة یعقوب وغیرها خاصّ ، والخاصّ مقدم یخرج منها ما نحن فیه ، سیّما مع ضعف ما فی شمول المرسلة لتغسیل المیت. وأیضا یظهر من الأخبار أنّ غسل المیت مثل غسل الجنابة ، بل وربما یظهر أنّه غسل جنابة فی الأصل (3).

قوله (4) : بالحمل علی الاستحباب. ( 2 : 84 ).

هل یجب تعدد النیّة بتعدد الغسلات

حکم توضئة المیت

ص: 41


1- المدارک 1 : 184.
2- راجع ج 1 : 237 - 258.
3- الوسائل 2 : 486 أبواب غسل المیت ب 3 ، وفی « ب » و « ج » و « د » زیادة : فتأمّل.
4- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».

ویمکن الحمل علی التقیّة.

( قوله : ولو عدم الکافور. ) (1). ( 2 : 84 ).

قال جدّی رحمه الله : مذهب أکثر القدماء أنّ الکافور یجب أن یکون من جلاله یعنی الخام الذی لم یطبخ. ونقل عن الشیخ أبی علی فی شرح نهایة والده حیث أوجب أن یکون الغسل والحنوط من الجلال أنّ الکافور صمغ یقع من شجرة ، فکلما کان جلالا - وهو الکبار من قطعه - لا حاجة له إلی النار ، ویقال له : الخادم ، وما یقع من صغاره فی التراب فیؤخذ ویطرح فی قدر ماء ویغلی حتی یتمیز من التراب ، فذلک لا یجزئ فی الحنوط (2). انتهی.

ولعل منشأ حکمهم ما یقال : إنّ مطبوخه یطبخ بلبن الخنزیر لیشتدّ بیاضه ، أو بالطبخ ربما یحصل العلم العادی بالنجاسة من حیث إنّ الطابخ من الکفار.

لکن ظاهر الأخبار إجزاء المطبوخ أیضا ، ووجهه عدم حصول الیقین بالنجاسة ، والأصل فی الأشیاء الطهارة حتی یحصل العلم بعدمها ، ولهذا ما فصّل المتأخرون. وربما حکم باستحباب الخام ، ولعل وجهه الخروج عن الخلاف والخلوص عن شبهة النجاسة ، فتأمّل.

قوله : وأظهرهما العدم. ( 2 : 84 ).

یمکن أن یقال : إنّ الامتثال إنّما هو لأجل الضرورة ، والضرورة تتقدّر بقدرها ، والعمومات تشمل ما نحن فیه ، فتأمّل. وأمّا بعد الدفن ، فلعل عدم الإعادة حینئذ فیه إجماعیّ ، ومع ذلک موجب للنبش الحرام ومع ذلک

لو تعذّر السدر والکافور

ص: 42


1- ما بین القوسین لیس فی « و» وبدله فی « ا » : تذنیب.
2- روضة المتقین 1 : 387.

لم یثبت من ( العمومات ) (1) الشمول له ، لأنّه واجب قبل الدفن لا مطلقا.

ولو عدم أحدهما دون الآخر لم یسقط غسل الآخر ، لأنّه واجب علی حدة. وعلی تقدیر أن یکون جزء الواجب فلقول علیّ علیه السلام : « المیسور لا یسقط بالمعسور » (2) ، وقوله علیه السلام : « ما لا یدرک کله لا یترک کله » (3). ولعله إجماعیّ أیضا.

ولو فقد الماء دون الخلیط لا ینفع ، ولو وجد بقدر أحدهما فظاهر الدلیل التخییر. ولو وجد بقدر أحد الأغسال فالظاهر تقدیم القراح ، مع احتمال الجمع بحیث لا یخرج الماء عن الإطلاق ، والله عالم بأمثال هذه الأحکام وغیرها.

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 2 : 85 ).

انجبار سندها بعملهم کاف ، سیّما مع تأیّدها بالعمومات الدالة علی أنّ التیمم بمنزلة المائیة ، وما دلّ علیه الصحیحة مطلب آخر ، والقیاس حرام. مع أنّه لو لم یجز الانفکاک بین هذا المذهب المذکور وما تضمّنته الصحیحة یتعین حمل الصحیحة علی لزوم التیمم للمیت أیضا ورفع الید عن ظاهرها.

قوله : وإنّما استحبّ ذلک. ( 2 : 86 ).

ولما رواه عبد الله بن سنان فی الصحیح : أن یفتق القمیص وینزع من تحته (4).

تیمّم المیت لو خیف تناثر جلده

سنن غسل المیت

وضع المیت علی شیء مرتفع

ص: 43


1- فی « أ » و « ب » و « و» : العموم.
2- عوالی اللآلی 4 : 58 / 205 ، 207.
3- عوالی اللآلی 4 : 58 / 205 ، 207.
4- الکافی 3 : 144 / 9 ، التهذیب 1 : 308 / 894 ، الوسائل 3 : 8 أبواب التکفین ب 2 ح 8.

قوله : أسهل علی المیت. ( 2 : 88 ).

والاحتیاج إلی الفتق بناء علی ضیق الجیب ، فإنّ الظاهر أنّ المتعارف فی تلک الأزمنة کان الجیب علی العاتق الأیمن أو الأیسر بمقدار ما یدخل الرأس.

قوله : ولا تغمز له مفصلا. ( 2 : 89 ).

الظاهر أنّ الغمز غیر التلیین ، فإنّ الأوّل فیه عنف لا یناسب المیت.

قوله : المستفاد من الأخبار أنّ تغسیل الرأس. ( 2 : 89 ).

ربما یظهر من صحیحة یعقوب بن یقطین (1) ، وصحیحة معاویة بن عمار (2) ما یدلّ علی ما ذکره المحقق وغیره ، فلاحظ.

مع أنّ رغوة السدر غیر ماء السدر ، والمستفاد من الأخبار وکلام الفقهاء کون التغسیل بماء السدر لا الرغوة ، فالحدیثان الأوّلان لا دخل لهما فی المقام ، وروایة یونس لا بدّ من تأویلها بما یوافق الأخبار والفتاوی.

قوله : ولا معنی لتنزیلها علی التقیة. ( 2 : 91 ).

فیه ما فیه. والأقرب الحمل علی التقیّة ، سیّما بعد ملاحظة طریقة العامة والخاصة ، والإجماع الذی ادّعاه الشیخ ، والمنع فی بعض الأخبار ، فلا معنی للأمر حینئذ ، إذ لا أقلّ من الرجحان ، مع أنّه فیها ما یشیر إلی التقیة.

قوله : وإلاّ کان تغسیله مکروها. ( 2 : 92 ).

فیه إشکال ظاهر ، لأنه عبادة إلاّ علی رأی السیّد (3) ، إلاّ أن یکون عند

فتق قمیصه ونزعه

تلیین الأصابع والمفاصل

غسل رأسه برغوة السدر

کراهة إقعاد المیت

کراهة تغسیل المخالف

ص: 44


1- التهذیب 1 : 446 / 1444 ، الاستبصار 1 : 208 / 731 ، الوسائل 2 : 483 أبواب غسل المیت ب 2 ح 7.
2- التهذیب 1 : 303 / 882 ، الاستبصار 1 : 207 / 729 ، الوسائل 2 : 484 أبواب غسل المیت ب 2 ح 8.
3- انظر المدارک 2 : 81.

المصنف خصوص هذا التغسیل لا یکون عبادة.

قوله : وکفّن أبو جعفر علیه السلام فی ثلاثة أثواب. ( 2 : 92 ).

لا یخفی أنّ أحد أثواب أبی جعفر علیه السلام کان قمیصا ، ولعلّ أحد أثواب الرسول صلی الله علیه وسلم کان کذلک. بل الظاهر ذلک ، بملاحظة الأخبار الدالة علی استحباب کون إحدی القطع ممّا یصلی المیت فیه (1) ، أو غیره أیضا ، علی ما قیل ، وکذا استحباب کونه القمیص ، علی ما یذکره الشارح رحمه الله بل وتعیین کونه قمیصا ، کما یظهر منها.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ موثقة سماعة هذه وأمثالها تنادی بأنّ ذکر ثلاثة أثواب إنّما هو لإظهار عدد القطع خاصة ، أمّا أنّ کل قطعة منها أیّ شی ء فلیس المقام مقام بیانه ، ولیس ملحوظ نظرهم أصلا ، بل ملحوظ نظرهم عدم التعدی عن الثلاثة ، کما لا یخفی علی المتأمّل فی الأخبار.

فما یذکره الشارح بقوله : ویستفاد من هذه الروایات التخییر. محلّ نظر ، إذ لیس فی ما دلّ علی ثلاثة أثواب إطلاق یمکن الاستدلال به ، بل الظاهر عدم ذلک ، کما عرفت ، وعلی تقدیر تسلیم الإطلاق فیمکن المناقشة أیضا بأنّ ما دل علی اعتبار القمیص مستفیضة جدّا ، فبملاحظة ذلک لا یبقی وثوق بالإطلاق ، بل ربما یترجّح فی النظر التقیید من حیث ضعف دلالة مثل هذا الإطلاق ، وعدم المقاومة لما دلّ علی اعتبار القمیص.

وأمّا روایة محمد بن سهل ففی المقاومة سندا - بل ودلالة أیضا - محلّ مناقشة ، إذ صدرها هکذا : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الثیاب التی یصلّی فیها الرجل ویصوم ، أیکفّن فیها؟ قال : « أحبّ ذلک الکفن » یعنی

التکفین

الواجب من الکفن ثلاث قطع : الإزار والقمیص والمئزر

ص: 45


1- الوسائل 3 : 15 أبواب التکفین ب 4.

قمیصا ، قلت : یدرج فی ثلاثة أثواب؟ قال : « لا بأس به ، والقمیص أحبّ إلیّ » إذ لعل الألف واللام فی القمیص للعهد ، یعنی القمیص المذکور ، ویکون المراد من قوله : ویدرج. أنّه یدرج فیها کما یدرج غیره مع وجود ذلک القمیص له. ویقرّبه أنّ القمیص المعتبر فی الکفن المعمول المتعارف لیس بقمیص حقیقة عرفا ، فتأمّل فیه ، إذ الإنصاف أنّه لا یخلو عن ظهور ، لکن یبعد عن طریقة الشارح رحمه الله العمل بمثلها ، فتأمّل.

وربما یظهر من أخبار کثیرة مثل ما ورد فی بیان کیفیة وضع الجریدة (1) ، وروایة معاویة التی سنذکرها ، وغیرها من الأخبار تعین فعل القمیص ، مضافا إلی فهم الأصحاب ، نظیر ما مرّ فی وجوب التغسیل ثلاثة أغسال ، فتأمّل.

قوله : وفی بعض نسخ التهذیب : ثلاثة أثواب وثوب تامّ لا أقلّ منه. ( 2 : 93 ).

لا یخفی أنّ هذا هو الأصح ، بل الأوّل وهم ، یشهد علی ذلک حزازة العبارة ، مضافا إلی أنّ الکلینی رحمه الله نقلها علی ما فی هذه النسخة (2) ، ولا شکّ أنه أضبط ، سیّما إذا وافقه بعض نسخ التهذیب وعاضدة الحزازة.

فعلی هذا ظهر أنّ القطع الثلاثة لا یعتبر فی کل قطعة منها أن تکون شاملة لجمیع الجسد ، بل الظاهر منها خلاف ذلک ، فما یظهر من عبارة الشارح رحمه الله من کون الثلاث کل واحدة منها شاملة له محلّ نظر ، وسیجی ء الکلام.

قوله : وهو غیر واضح. ( 2 : 93 ).

قال شیخنا البهائی فی الحبل المتین :

إشارة إلی أن الکلینی أضبط من الشیخ

ص: 46


1- الوسائل 3 : 26 أبواب التکفین ب 10.
2- الکافی 3 : 144 / 5.

وفی بعض النسخ المعتبرة من التهذیب : أو ثوب تامّ بلفظ « أو » بدل الواو (1) ، وقال الفاضل مولانا عبد الله التستری فی آخر حاشیته هاهنا : ولعل الأظهر « أو » کما فی نسختنا (2) ، انتهی الکلامان.

وفی النسخة الصحیحة المعتبرة عندی أیضا بلفظ « أو » وکتب فوقه بخط [ الناسخ ] : کذا رأیت ، انتهی. وفی نسخة أخری صحیحة أیضا بلفظ « أو ». ( وفی الوافی أیضا أنّ فی بعض النسخ بلفظ « أو » وکأنّه الصحیح (3) ، انتهی ) (4).

( والظاهر أنّ المراد : الکفن المفروض ثلاثة فی صورة ، وثوب تامّ فی صورة ، وهما صورتا الاختیار والاضطرار ) (5).

وممّا (6) ذکرنا ظهر ما فی قوله : وهو إنّما یتم. مع أنّ کونها بمعنی « أو » لعله الأظهر ، کما یشیر إلیه قوله : لا أقل منه ، فتأمّل.

هذا مع أنّه یمکن أن یکون مستند سلاّر الإطلاقات الواردة فی الکفن ، مع مناقشة فی دلالة هذه الأخبار المستفیضة علی وجوب الثلاثة بأنّه لعل المراد : یکفن فی الثلاثة لا أزید ، لا أنّه لا یجوز أقل منها ، هذا بالقیاس إلی أقواها دلالة ، وهی روایة سماعة ، مع أنّها موثقة مضمرة ، والشارح لا یعمل بمثلها ، ولا یقول بالانجبار بالشهرة.

دلیل من اقتصر فی التکفین علی ثوب واحد

ص: 47


1- الحبل المتین : 66.
2- حکاه عنه فی ملاذ الأخیار 2 : 465.
3- الوافی 24 : 359.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
5- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
6- من هنا إلی قوله : بتلک الدلالة فتأمّل جدّا ، فی ص 371 ساقط من « ب » و « ج » و « د ».

والأظهر حجّیة مثلها ، وظهور دلالتها ودلالة بعض الأخبار الأخر أیضا ، مثل ما رواه الکلینی فی الکافی عن العدّة ، عن سهل ، عن البزنطی ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « المیت یکفن فی ثلاثة سوی العمامة ، والخرقة یشدّ بها ورکیه کی لا یبدو منه شی ء ، والخرقة والعمامة لا بدّ منهما ولیستا من الکفن » (1).

هذا مع الشهرة العظیمة التی تکاد تکون إجماعا ، وأنّه مع نهایة کثرة الأخبار الواردة فی عدد الأثواب وکیفیة التکفین وغیر ذلک لم ترد روایة تشیر إلی أقلّ من الثلاثة ، مع عموم البلوی وشدّة الحاجة ، وأنّه ربما یکفن من یکون وارثه صغیرا أو غائبا أو مجنونا ، مع أنّه لم یرد أخذ الرخصة من الکبیر والاسترضاء ، مع أنّ الکفن یخرج من الأصل ، فتأمّل.

قوله : ویستفاد من هذه الروایات التخییر. ( 2 : 94 ).

لا یخفی أنّ ملحوظ نظرهم علیهم السلام فی هذه الأخبار بیان عدد القطع ، وأنّه لا یزاد علی الثلاث ، أمّا أنّ کلّ قطعة ما هی وبأیّ نحو فلا ، ألا تری إلی روایة سماعة أنّه علیه السلام قال فیها : « وکفّن أبو جعفر علیه السلام فی ثلاثة أثواب » مع أنّه لا تأمّل فی أنّ أحد الأثواب کان قمیصا له علیه السلام ، ولعل کفن رسول الله صلی الله علیه وسلم کان کذلک ، وکذا أکفان سائر الأئمّة علیهم السلام الواردة فی الأخبار.

بل لا یخفی أنّ أکفانهم کانت کذلک ، وأنّهم ما کانوا یکفنون بغیر قمیص ، بملاحظة الأخبار الدالة علی استحباب کون إحدی القطع القمیص الذی کان یصلّی فیه ، والأخبار المستفیضة الدالة علی کون إحدی القطع هی القمیص خاصة ، بل الأخبار الدالة علی ذلک کثیرة ، مثل ما ورد فی بیان

بحث حول الروایات الدالة علی التخییر بین الأثواب الثلاثة وبین القمیص والثوبین

ص: 48


1- الکافی 3 : 144 / 6 ، التهذیب 1 : 293 / 856 ، الوسائل 3 : 9 أبواب التکفین ب 2 ح 12.

کیفیة التکفین ووضع الجریدة وغیرهما ، مضافا إلی أخبار سیذکر بعضها الشارح ، ونذکر بعضها.

وممّا یدل علی ما ذکرناه ما سنذکر من أنّ أحد الأثواب هو المئزر.

وبالجملة : الأخبار التی ورد فیها ثلاثة أثواب مجملة بالنسبة إلی خصوصیة کون القطعة أیّ شی ء هی ، ولا شبهة فی أنّ القمیص أیضا ثوب ، کما أنّ غیره ثوب من دون تفاوت بینهما أصلا فی مفهوم الثوبیة لو لم نقل کون القمیص أظهر فی کونه ثوبا من قطعة الکرباس التی یحکم الشارح بأنّها الثوب خاصة ، فلا معنی لقوله : إنّ الأخبار تدلّ علی التخییر بین الثلاثة أثواب ، وبین القمیص والثوبین ، فتأمّل.

قوله : وهو محمول علی الاستحباب ، کما تدل علیه روایة محمد بن سهل. ( 2 : 94 ).

فیه : أنّه رحمه الله لا یقول بحجّیة مثل روایة محمد بن سهل ، فکیف یرجّحها علی الروایات الصحیحة والحسنة (1) ، سیّما مع انجبارهما بأخبار أخر کثیرة معتبرة ، وبالشهرة العظیمة بل کاد أن یکون إجماعا ، لخروج معلومی النسب ، واتفاق غیرهما علی التعیین ، وکون المدار ( فی الأعصار علی ذلک علی الظاهر ) (2) فتأمّل جدّا.

مع أنّ لروایة محمد بن سهل صدرا یظهر منه أنّ القمیص الذی یقول المعصوم علیه السلام : « أحبّ إلیّ » هو القمیص الذی سأله أنّه کان یصلّی فیه ، والمراد من قوله : یدرج فی ثلاثة ، أنّه یدرج کما یدرج غیره من الأموات

ص: 49


1- فی « ا » : الموثّقة.
2- فی « أ » : فی الأعصار والأمصار علی ذلک علی الأظهر.

من دون أن یکفن فی القمیص المسؤول عنه ، ویقرّبه أنّ القمیص المعتبر فی الکفن لیس بقمیص حقیقة ، بل له شباهة بالقمیص ببعض الوجوه ، وأنّ المیت یدرج فی ذلک القمیص أیضا ، فتأمّل جدّا.

وبالجملة : الروایة - مع وحدتها وضعف سندها ، وضعف دلالتها ، ومخالفتها لما هو المفتی به عند المعظم والمعمول به فی الأعصار - کیف ترجّح علی الأخبار الکثیرة الصحیحة ، والحسنة ، والمعتبرة ، المعمول بها مع الشهرة فتوی وعملا ، مع وضوح الدلالة ، فإنّ دلالتها علی لزوم کون إحدی القطع هو القمیص لیست بأقصر من دلالتها علی لزوم کون القطع ثلاثا ، والشارح رحمه الله ردّ مذهب سلار بتلک الدلالة ، فتأمّل جدّا.

( ویستفاد بحسب الظاهر أن یکون طول اللفافة أزید من قامة المیت بقدر ، وعرضه یحیط بقطر بدنه ویزید بقدر یتحقق مع اللفّ والدرج ، والمتعارف فی الرداء لا یزید علی القطر إلاّ قدرا بحسب الطول ، أمّا العرض فلا یزید عمّا بین العاتق وموضع الحزام ، ولو کان فشی ء قلیل ، فتأمّل ) (1).

قوله : والثوبین الشاملین. ( 2 : 95 ).

لا (2) یخفی ما فیه ، لأنّ حکایة الشمول للجسد فی کل منهما غیر مستفادة ، لأنّ الثوب غیر مأخوذ فیه الشمول ، بل هو أعمّ البتّة. وسیجی ء فی مسألة جواز الصلاة فی النجس إذا کان ممّا لا تتمّ الصلاة به ، وفی غیرها ما یظهر من الشارح (3) ومن غیره أیضا ما ذکرنا.

مع أنّ حسنة الحلبی التی هی مستند ما ذکره من اعتبار القمیص

بحث فی تعیین المراد من الثوبین

ص: 50


1- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « ج » و « د ».
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- انظر المدارک 2 : 322.

والثوبین صریحة فی أنّ أحد الثوبین کان رداء له یصلّی فیه یوم الجمعة ، وغیر خفی علی المتأمّل أنّ الرداء المعروف المتعارف لیس بشامل لجمیع الجسد بعنوان اللفّ والإدراج ( والجسد بادن ) (1).

وفی التهذیب بسنده عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام أنّه قال : « کفنت أبی فی ثوبین شطویین کان یحرم فیهما ، وفی قمیص من قمصه ، وفی عمامة کانت لعلی بن الحسین علیه السلام ، وفی برد اشتریته بأربعین دینارا » (2) ولا بدّ من حمل ثوبی إحرامه علی عدم شمول کل واحد لجمیع الجسد ، وإلاّ لزم القمیص مع ثلاث لفائف ، وهو خلاف ما یظهر من الأخبار ، فتدبّر.

وربما یقرّبه کون أحد ثوبی الإحرام المئزر ، فتأمّل ، سیّما وأن یکون یلفّ فیه فیکون لفافة أخری ، بل هو خلاف ما یظهر من الأخبار ، مثل روایة معاویة بن وهب عن الصادق علیه السلام : « یکفن المیّت فی خمسة أثواب : قمیص وإزار ، وخرقة یعصّب بها وسطه ، وبرد یلفّ فیه ، وعمامة » (3) ، فظهر منها أنّ الإزار لا یلفّ فیه المیت ، ویظهر منها إطلاق الثوب علی الخرقة أیضا ، فکیف یکون الثوب من شأنه الشمول لجمیع الجسد؟! مع أنّ القمیص أحد الأثواب قطعا ، ولیس بشامل له.

وممّا ذکر ظهر فساد ما لو ادّعی ظهور الشمول فی الحسنة المذکورة

ص: 51


1- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : للبدن ، بل هو موافق ومتقارب للمئزر الذی ذکره الفقهاء ، وأنّ الباقر علیه السلام کان بادنا ، وعلی تقدیر عدم الظهور نمنع ظهوره فی الشمول.
2- التهذیب 1 : 434 / 1393 ، الاستبصار 1 : 210 / 742 ، الوسائل 3 : 10 أبواب التکفین ب 2 ح 15.
3- الکافی 3 : 145 / 11 ، التهذیب 1 : 293 / 858 ، الوسائل 3 : 10 أبواب التکفین ب 2 ح 13.

من قوله علیه السلام فی آخر الخبر : « إنّما یعدّ ما یلفّ به الجسد » إذ معلوم أنّ المراد اللفّ فی الجملة ، مضافا إلی ظهور ذلک فی نفسه ، فتأمّل.

علی أنّا نقول : موثقة عمّار صریحة فی عدم الشمول مع وجود القمیص ، حیث قال فیها : « ثم الإزار طولا حتی تغطّی الصدر والرجلین. » (1) ، وهذه نصّ فی إطلاق الإزار علی المئزر من جهة عدم تغطیة الجمیع ، ومن جهة قید الطول ، فتدبّر.

وکذا مرسلة یونس أیضا ظاهرة فی عدم الشمول حیث قال فیها : « ابسط الحبرة بسطا ، ثمّ ابسط علیها الإزار ، ثمّ ابسط القمیص علیه ، ویرد بعد القمیص علیه » الحدیث (2). إذ یظهر بملاحظتها - مضافا إلی ما سنذکر فی الحاشیة الآتیة فی الإزار - ما ذکرنا أیضا.

وأمّا حسنة حمران فمن عبارة : « ولفافة » یظهر ما ذکرناه. وأمّا قوله : « وبرد یجمع » ففیه أنّ فیه تجوّزا وخروجا عن الظاهر قطعا ، لأنّ البرد من الکفن جزما ، فالخروج عن الظاهر إمّا فی « یجمع » أو کلمة « فی » أو مرجع الضمیر ، أو لفظ الکفن ، فتعین أحدهما بحیث یکون أظهر من الظهور السابق ومن جمیع ما ذکرناه سابقا فمحلّ تأمّل ، مع أنّها متضمّنة لوضع الکافور فی المنخر وجمیع المفاصل ، فتأمّل.

قوله : والثوبین الشاملین. ( 2 : 95 ).

فیه (3) - مضافا إلی ما عرفت فی الحاشیة السابقة - : أنّ قید الشمول

فی معنی الإزار وأنّه غیر اللفافة

ص: 52


1- التهذیب 1 : 305 / 887 ، الوسائل 3 : 33 أبواب التکفین ب 14 ح 4.
2- الکافی 3 : 143 / 1 ، التهذیب 1 : 306 / 888 ، الوسائل 3 : 32 أبواب التکفین ب 14 ح 3.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

غیر مأخوذ فی الثوب قطعا ، وهذا - مع وضوحه - سیجی ء من الشارح الاعتراف به فی مسألة نجاسة ثوب المصلّی ، والعفو عمّا لا یتمّ الصلاة (1).

وروی الکلینی والشیخ ، عن معاویة بن وهب ، عن الصادق علیه السلام :

« یکفن المیت فی خمسة أثواب : قمیص ، وإزار ، وخرقة یعصب بها وسطه ، وبرد یلفّ فیه المیت » (2) ، وهذه فی غایة الظهور فی أنّ الإزار غیر اللفافة ، وأنّ الثوب یطلق علی الخرقة ، ویدل علی ذلک أخبار کثیرة ، ومعلوم أنّ المراد من الإزار هنا هو الذی یسمیه الفقهاء بالمئزر.

فی الصحاح أنّ موضع الإزار من الحقوین - إلی أن قال - : المئزر الإزار ، کقولهم : الملحف واللحاف (3). وفی القاموس : الإزار : الملحفة [ ویؤنّث ] کالمئزر (4). وعرّفوا فی اللغة الرداء بأنّها ملحفة معروفة (5) ، وفیه أیضا : الحقو : الإزار أو معقده (6) ، وفی باب الراء : الأزر بالضم : معقد الإزار (7) ، وفی الکنز : الإزار : لنگ کوچک (8) ، والظاهر أنّ غیرهم من اللغویین صرّحوا (9) ، ولیس عندی من کتبهم حتی أذکر.

ص: 53


1- انظر المدارک 2 : 322.
2- المتقدمة فی ص 51.
3- الصحاح 2 : 578.
4- القاموس 1 : 377 ، بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : وثوب ، وما أثبتناه من المصدر.
5- کما فی القاموس 4 : 35.
6- القاموس 4 : 320.
7- القاموس 1 : 377.
8- کنز اللغات 1 : 118.
9- کالفیومی فی المصباح المنیر : 13 و 145.

وصرّح شیخنا البهائی (1) وغیره أنّ الإزار هو المئزر ، ویظهر من الفقهاء أیضا فی مبحث الاتزار فوق القمیص من مبحث الصلاة وغیر ذلک.

والأخبار متواترة فی ذلک ، بل لا یظهر من الأخبار إلاّ کون الإزار هو المئزر ، مثل ما ورد فی الإزار فوق القمیص (2) والإمامة بغیر رداء (3) ، والصلاة مکشوف الکتفین (4) ، وما ورد فی دخول الحمام ، وقراءة القرآن فیه (5) ، والنورة فیه بأنّ یلفّ الإزار علی الإحلیل (6) ، وفی ثوبی الإحرام (7) ، إلی غیر ذلک ممّا لا یحصی کثرة.

بل روی عبد الله بن سنان فی الصحیح ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : کیف أصنع بالکفن؟ قال : « تؤخذ خرقة فتشدّ علی مقعدته ورجلیه » قلت : فالإزار؟ قال : « إنّها لا تعدّ شیئا ، إنّما تصنع لتضمّ ما هناک » إلی أن قال : « ثمّ الکفن قمیص غیر مزرور ، وعمامة یعصّب بها رأسه ، ویردّ فضلها علی رجلیه » (8) یعنی إذا کانت الخرقة لا بدّ منها فما یصنع بالإزار ، لأنّها تغنی عن الإزار ، فأجاب علیه السلام بأنّ الخرقة لا تعدّ شیئا من الکفن بل إنّما تصنع لتضمّ ما هناک ، وأمّا الإزار فإنّه یعدّ من الکفن ، وهو أحد قطعه.

وهذا ینادی بأنّ المراد من الإزار المئزر ، وأنّه لا بدّ منه فی الکفن ،

ص: 54


1- الحبل المتین : 66.
2- الوسائل 4 : 395 أبواب لباس المصلی ب 24.
3- الوسائل 4 : 452 أبواب لباس المصلی ب 53.
4- الوسائل 4 : 389 أبواب لباس المصلی ب 22.
5- الوسائل 2 : 38 أبواب آداب الحمام ب 9.
6- الوسائل 2 : 53 أبواب آداب الحمام ب 18.
7- الوسائل 12 : 502 أبواب تروک الإحرام ب 53.
8- الکافی 3 : 144 / 9 ، التهذیب 1 : 308 / 894 ، الوسائل 3 : 8 ، أبواب التکفین ب 2 : ح 8.

وأنّ أخذه من الکفن کان مشهورا معروفا عند الشیعة ، بحیث ما کان عندهم تأمّل فی ذلک ، وهذه الصحیحة صریحة أیضا فی أنّ القمیص لا بدّ منه فی الکفن.

وفی الفقه الرضوی أیضا عین عبارة هذه الصحیحة ، مع صراحة رجوع ضمیر « إنّها » إلی الخرقة ، مع أنّه لا شبهة فی رجوعه إلیها.

وفی الفقه الرضوی أیضا أنّه علیه السلام قال : « یکفن بثلاثة أثواب : لفّافة وقمیص وإزار » (1).

وهذا أیضا ینادی بأنّ المراد من الإزار هو المئزر ، موافقا لغیره من الأخبار ، وکلام اللغویین ، وکلام الفقهاء ، إذ لو کان المراد منه اللفافة لکان یقول : قمیص ولفافتان ، وهذا أیضا ممّا یدل علی اعتبار القمیص فی الکفن کغیره من الأخبار.

وفی صحیحة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام : « یکفن الرجل فی ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا کانت عظیمة فی خمسة : درع ومنطق وخمار ولفافتین » (2) والمراد من المنطق هو الإزار ، کما سیجی ء مفصّلا مشروحا.

وفی موثقة عمار فی کیفیة تکفین المیت : « ثم تبدأ فتبسط اللفافة طولا ، ثمّ تذر علیها من الذریرة ، ثم الإزار طولا حتی یغطّی الصدر والرجلین ، ثمّ الخرقة عرضها قدر شبر ونصف ، ثم القمیص ، تشدّ الخرقة علی القمیص » (3) ، الحدیث.

بحث حول المئزر

ص: 55


1- فقه الرضا علیه السلام : 182 ، المستدرک 2 : 205 أبواب التکفین ب 1 ح 1.
2- الکافی 3 : 147 / 3 ، التهذیب 1 : 324 / 945 ، الوسائل 3 : 8 أبواب التکفین ب 2 ح 9.
3- التهذیب 1 : 305 / 887 ، الوسائل 3 : 33 أبواب التکفین ب 14 ح 4.

وهذا أیضا صریح فی أنّ الإزار هو المئزر ، وأنّه لا بدّ منه فی الکفن ، بأنّه أحد قطعه ، وأنّ القمیص أیضا لا بدّ منه ، غایة ما فی الباب أنّه یظهر منه کون الإزار فوق القمیص ، ولعله من تشویشات روایة عمّار ، أو یکون ذلک أیضا جائزا ، کما أنّ شدّ الإزار من الصدر إلی الرجلین لعله أیضا من المستحبات کالأحیاء ، فتأمّل.

وفی مرسلة یونس عنهم علیهم السلام : « ابسط الحبرة بسطا ثم ابسط علیها الإزار ، ثم ابسط القمیص علیه ، وترد بعد - کما فی نسخة - أو مقدّم - کما فی أخری - القمیص علیه » الحدیث (1).

وهذا أیضا ظاهر فی کون الإزار هو المئزر ، مضافا إلی ثبوت ذلک لغة وأخبارا ونقلا من الفقهاء ، کما عرفت.

ویدل علی اعتبار القمیص أیضا ما فی حسنة الحلبی من قوله علیه السلام :

« أحدها رداء له یصلّی فیه الجمعة » (2) ربما یکون له ظهور ، لأنّ الرداء علی ما هو المتعارف لا یکاد یکون شاملا لمجموع الشخص ، سیّما وأن یکون بادنا ، فإنّه علیه السلام کان کذلک.

وفی التهذیب بسنده عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام ، قال : « کفنت أبی فی ثوبین شطویین کان یحرم فیهما ، وفی قمیص من قمصه ، وفی عمامة کانت لعلی بن الحسین علیه السلام ، وفی برد اشتریته بأربعین دینارا » (3) ، الحدیث ، ولا بدّ من أن یکون أحد أثوابه غیر شامل لجمیع جسده علیه السلام البتّة ، لأنّه یلزم کون الکفن قمیصا وثلاث لفائف ، وهو ممنوع منه ، کما

ص: 56


1- راجع ص 52.
2- المدارک 2 : 92.
3- راجع ص 51.

یظهر من الأخبار وکلام الأخیار.

مع أنّ المتعارف أنّ ثوبی الإحرام لیس کل واحد منهما شاملا لجمیع الجسد.

وقد ظهر من جمیع ما ذکرناه أنّ الأخبار متفقة علی الدلالة علی ما ذکره الأصحاب والمشهور منهم ، وتدل بأجمعها علی خلاف ما ذکره الشارح. مضافا إلی أنّ ما ذکره المشهور من المئزر والقمیص لا شک فی دخولهما تحت ثلاثة أثواب ، لما عرفت من عدم قید الشمول فی الثوب قطعا ، فالتکفین علی طریقة المشهور لا شک فی صحته ولا تأمّل فی شرعیته ، وإن قطعنا النظر عمّا ذکرنا من الأخبار وکلام اللغویین وغیر ذلک مع أنّهم یقولون باستحباب اللفافة الأخری.

فإن قلت : یمکن أن یکون حسنة حمران لها ظهور فی ما ذکره.

قلت : لیس کذلک ، إذ لیس قید الشمول لجمیع الجسد مأخوذا فی اللفافة أیضا بحسب اللغة ، بل فی بعض الأخبار استعمل لفظ اللفافة فی الخرقة ، ومع ذلک ، الظاهر من قوله علیه السلام : « وبرد یجمع فیه الکفن » أنّه الشامل لجمیع الجسد ، ولیس اللفافة المذکورة شاملة له ، فتأمّل جدّا.

وما ذکره عن الصدوق فی من لا یحضره الفقیه فی غایة الظهور فی کون المراد من الإزار المئزر ، وصرّح جدّی بأنّ ذلک مراده (1). هذا مضافا إلی ما ذکرناه عن اللغویین والفقهاء ، خصوصا الصدوق ، فتأمّل کلامه فی الفقیه فی المواضع التی أشرنا إلیها.

ص: 57


1- یأتی فی ص 60.

قوله (1) : أو الأثواب الثلاثة. ( 2 : 95 ).

مقتضی ما یظهر من کلامه أنّ کل واحد منها یکون شاملا لجمیع الجسد ، وفساده ظاهر ، إذ الثوب غیر مأخوذ فیه قید الشمول قطعا ، مضافا إلی ما ذکرناه.

وممّا یعضد ذلک أنّه ورد فی الأخبار المستفیضة الأمر بنشف المیت بعد الغسل بثوب (2) ، ولا شک فی تحققه وصدقه علی النشف بالمئزر ، بل المنشفة أظهر أفراد ما ذکر. وإن أراد أن ذلک یظهر من الأخبار ، ففیه : أنّه لیس فیها إلاّ کونها ثلاثة أثواب ، مضافا إلی ما أشرنا من أنّ الغرض لیس إلاّ ذکر العدد ، وأمّا الکیفیة فلا ، بل یظهر خلاف ذلک من أنّ أحدها القمیص ، وأنّ کل واحد منها لیس بتامّ ، إلی غیر ذلک.

وإن أراد أنّ الثوب مطلق غیر مقید بکونه مئزرا ، وإن کان المئزر أحد أفراده ، وأنّ ما ذکره الشیخان یتحقّق به الکفن الصحیح قطعا إلاّ أنّ الکلام معهما فی التعیین وعدم صحة الغیر ، بل مقتضی الأخبار صحة کلما صدق علیه اسم الثوب.

ففیه : أنّه خلاف ظاهر کلامه.

مضافا إلی ما أشرنا إلیه من وهن دلالة الإطلاق ، بل وعدمها ، وقد أشرنا أیضا إلی ما یمکن أن یجعله عذرا لهما ، ولمن تبعهما ، متأیّدا بالشهرة التامّة بین الفحول من فقهائنا المتقین الماهرین ، الموصین غیرهم بالمبالغة التامّة والاحتیاط الزائد فی مقام الإفتاء ، فکیف یتفقون فی الإفتاء بما لا منشأ له أصلا ، بل مخالف لمقتضی الأخبار التی هی مستندهم فی

بحث حول الأثواب الثلاثة

ص: 58


1- هذه الحاشیة واللتان بعدها لیست فی « ا ».
2- الوسائل 2 : 479 أبواب غسل المیت ب 2.

فتاواهم؟! ومع ذلک یتفقون بحیث لا یظهر لهم مخالف ، إذ الصدوق ستعرف أنّه موافق لهم لا مخالف.

وأمّا ابن الجنید فکونه مخالفا لهم غیر معلوم ، إذ لا یظهر من کلامه کون کل قطعة شاملا لجمیع الجسد ، لأنّه قال : یدرج فی مجموع الثلاثة ، لا کل واحد واحد منها ، غایة ما یظهر عدم وجوب المئزر لا عدم صحته ، ومثل هذا الخلاف منه سهل ، کما لا یخفی علی المطّلع بحاله فی سائر المسائل ، فتأمّل.

وبالجملة : لا یظهر من تأمّل فی حکمهم إلاّ الشارح وبعض من تبعه (1) ، بل ربما یکون مقلّدا له ، فتأمّل.

لکن المستفاد من بعض الأخبار کون القمیص تحت الإزار الذی یظهر کونه المئزر ، بل وتحت الخرقة التی یشدّ بها الفخذین أیضا.

وبالجملة : لو بنی علی أنّ الثوب الوارد فی تلک الروایات مطلق شامل لکل ما یصدق علیه اسم الثوب فلا شک فی شموله للمئزر وصدقه علیه ، فیجب الحکم بصحة جعله أحد الأثواب قطعا ، سیّما مع ملاحظ کثیر من الأخبار الدالة علی أنّ أحدها المئزر ، مثل صحیحة عبد الله بن سنان ، وصحیحة محمد بن مسلم الآتیة فی بحث النمط ، وروایة معاویة بن وهب ، وموثقة عمار (2) وغیرها ممّا أشرنا وما لم نشر ، مضافا إلی کلام الفقهاء. ولو بنی علی أنّها لیست شاملة سوی ما یشمل جمیع الجسد ، فقد عرفت الفساد ، وممّا دل علی فساده أیضا صحیحة زرارة ، کما أشرنا. ولو بنی

ص: 59


1- انظر الذخیرة : 86.
2- راجع ص 51 و 52 ، وانظر المدارک 2 : 105.

علی عدم الإطلاق والشمول أصلا کما أشرنا ، فکیف یدعی أنّ المستفاد التخییر الذی ادعاه؟! فتأمّل.

قوله : وقریب منه عبارة الصدوق فی من لا یحضره الفقیه ، فإنّه قال : والکفن المفروض ثلاثة : قمیص وإزار ولفافة. ( 2 : 95 ).

(1) قال جدّی العلاّمة المجلسی رحمه الله فی شرحه علی الفقیه : الظاهر أنّ المراد منه المئزر (2) ، ووجهه ظهر ممّا ذکرنا فی الحاشیة السابقة ، وقال أیضا فیه : ویظهر من بعض الأخبار جواز إبدال أحد الثوبین بالمئزر (3) ، فتأمّل.

قوله : سوی العمامة والخرقة. ( 2 : 95 ).

لا یخفی أنّ الإزار یطلق علی الملحفة وعلی المئزر لغة وعرفا وفی اصطلاح الشارع إطلاقا شائعا متعارفا لا شک فیه ولا شبهة تدانیه ، وفی القاموس : الحقو : الکشح والإزار ، ویکسر ، أو معقده. وفی باب الراء : الأزر بالضم : معقد الإزار ، وبالکسر : الأصل ، وبهاء : هیئة الائتزار (4).

ویظهر من الفقهاء ، ومنهم الصدوق فی الفقیه فی مواضع ، منها فی کراهة التوشح والائتزار فوق القمیص للمصلّی ، وسیجی ء فی مبحثه (5).

ویظهر من الأخبار الکثیرة غایة الکثرة ونهایة الوفور ( فورد ما قالوا فی ثوبی الإحرام وما ورد من الأخبار فیهما (6) ، إلی غیر ذلک ) (7) علی ما

قال الصدوق : الکفن المفروض ثلاثة : قمیص وإزار ولفافة والمناقشة فیه

ص: 60


1- فی « و» زیادة : فی الکنز ( 1 : 118 ) : إزار : لنگ کوچک.
2- روضة المتقین 1 : 398.
3- روضة المتقین 1 : 374.
4- راجع ص 53.
5- الفقیه 1 : 168 ، ویأتی فی المدارک 3 : 203.
6- راجع ص 51 - 53.
7- ما بین القوسین لیس فی « ب » ، « ج » ، « د ».

أظن ، ومنها ما ورد فی ذلک المبحث ، وما ورد فی الصلاة فی الثوب الواحد غیر الحاکی (1) ، وما ورد فی الإمامة بغیر رداء (2) ، وما ورد فی الصلاة مکشوف الکتفین (3) ، وما ورد فی دخول الحمام ، وقراءة القرآن فیه (4) ، ولفّ الإزار علی الإحلیل حال إطلاء النورة (5) ، إلی غیر ذلک.

ولا یخفی أنّ الظاهر من الصدوق رحمه الله هنا أیضا المئزر لا لفافة أخری ، مع أنّ الملحفة إنّما هی الثوب الذی یلبس فوق الثیاب کلها ، ونصّ علیه أهل اللغة أیضا ، فیبعد إرادته هنا غایة البعد ، کما لا یخفی ، والظاهر من عبارة الفقه الرضوی أیضا ذلک ، کما قاله خالی العلاّمة المجلسی (6) رحمه الله والظاهر من موثقة عمار أیضا ذلک.

وفی التهذیب فی الصحیح عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : کیف أصنع بالکفن؟ قال : « تؤخذ خرقة فتشدّ علی مقعدته ورجلیه » قلت : فالإزار؟ قال : « إنّها لا تعدّ شیئا ، إنّما تصنع لتضمّ ما هناک ، لئلاّ یخرج منه شی ء » (7).

ولا یخفی علی المتأمّل أنّ مراده من الإزار هنا المئزر ، لأنّ الراوی لمّا سمع حکایة الخرقة قال : فالإزار لأیّ شی ء یعتبر بعد اعتبار الخرقة؟ لأنّ الخرقة تغنی عنه ، فأجاب علیه السلام أنّ الخرقة لیست معدودة من الکفن ، بل لفائدة أخری لا دخل لتلک الفائدة فی حکایة الکفن.

ویعنی علیه السلام أنّ الکفن یعتبر من حیث إنّ المیت یلفّ فیه ، کما مرّ فی

ص: 61


1- الوسائل 4 : 389 ، أبواب لباس المصلی ب 22.
2- تقدمت مصادرها فی ص 54.
3- تقدمت مصادرها فی ص 54.
4- تقدمت مصادرها فی ص 54.
5- تقدمت مصادرها فی ص 54.
6- البحار 78 : 319.
7- راجع ص 54.

حسنة الحلبی ، وغیر خفی أنّ الإزار إذا کان لفافة لا مناسبة لها فی کونها مستغنی عنها بعد الخرقة ، لأنّ الخرقة تستر العورة ستر المئزر لها ، ولا یستر جمیع البدن.

مع أنّ القمیص لیس بأدون من اللفافة ، إن لم یکن أولی منها فی الأمر المذکور ، مع أنّ الظاهر منها أنّ المعتبر إزار واحد لا إزارین ، ولا ثلاثة آزار ، فتأمّل.

علی أنّا نقول : الملحفة ما هی فوق جمیع الثیاب ، کما أشرنا ، ولیس بمأخوذ فیه قید الشمول لجمیع الجسد ، ولذا عرّفوا الرداء بأنّها ملحفة معروفة ، فحمل ما نحن فیه علی الملحفة وإرادة الشمول فاسد من جهتین ، فلا بدّ من الحمل علی المئزر ، لانحصار الإطلاق فیهما ، بل قال فی الصحاح : موضع الإزار من الحقوین - إلی أن قال - : المئزر الإزار ، کقولهم : الملحف واللحاف (1) ، ولعل هذا هو الظاهر من القاموس أیضا (2) ، فلاحظ.

وکتب شیخنا البهائی فی الحبل المتین علی صحیحة ابن سنان المذکورة : الإزار یراد به المئزر وهو الذی یشدّ من الحقوین إلی أسافل البدن وقد ورد فی اللغة إطلاق کل منهما علی الآخر (3) ، إلی آخر ما قال. ووافقه علی کون الإزار فی هذه الصحیحة هو المئزر غیره من الفقهاء (4).

وممّا یشیر إلی کون الإزار فی کلام الصدوق هو المئزر - وعلی ما ذکرناه وذکر جدّی (5) - قوله بعد ذلک : فمن أحبّ أن یزید لفافتین حتی

ص: 62


1- صحاح اللغة 2 : 578.
2- القاموس 1 : 377.
3- الحبل المتین : 66.
4- کجمال الدین الخوانساری فی الحواشی علی الروضة : 103.
5- راجع ص 60.

یبلغ العدّة خمسة أثواب فلا بأس ، فتأمّل. لکن کلامه رحمه الله نصّ فی أنّ الإزار فوق القمیص ، کما یظهر من موثقة عمار ومرسلة یونس ، لکن فی بعض نسخ التهذیب فی المرسلة : « وبردا بعد القمیص علیه » بالألف الذی هو علامة النصب ، فتکون صریحة فی کون البرد هنا هو المئزر ، وأنّه تحت القمیص ، وربما کان فی صحیحة ابن سنان إشعار بذلک أیضا ، وربما کان ما ذکرنا مستند القوم فی کونه تحتا ، فتأمّل.

وفی الفقه الرضوی : « یکفن بثلاثة أثواب : لفافة وقمیص وإزار » (1) انتهی ، ولا تأمّل فی أنّ الإزار هنا لیس اللفافة ، وإلاّ کان یقول : لفافتین ، فظهر أنّه المئزر. وأنت لو تتبعت الأخبار وجدت أنّ إطلاق الإزار علی المئزر لا حدّ له ولا إحصاء ، وفی الفقه الرضوی عبّر عن الخرقة المشقوقة بالمئزر ، وتبعه الصدوق ، وفی الفقه الرضوی عین عبارة صحیحة عبد الله بن سنان المتقدمة مع صراحة رجوع ضمیر إنّها إلی الخرقة التی تشدّ بها الورکین ، وسیجی ء عند قول المصنف : ونمطا ، ما یزید علی ما فی المقام (2).

قوله : وذلک لأنّ الضرورة تجوّز دفنه بغیر کفن ، فبعضه أولی. ( 2 : 95 ).

لا یصیر هذا دلیلا لوجوب القطعة ، ولا رجحانها ، ولا دلیل عدم وجوب الباقی ، لمنع تأتّی الأولویة الشرعیة ، بل دلیله ما سیجی ء من عدم وجوب بذل الکفن علی المسلمین فی صورة ، وعدم الحرج والتکلیف بالمحال فی صورة ، ودلیل وجوب القطعة لعله الاستصحاب ، أو الأخبار ،

إجزاء قطعة عند الضرورة

ص: 63


1- فقه الرضا علیه السلام : 182.
2- فی ص 66 - 67.

مثل : « المیسور لا یسقط بالمعسور » (1) وغیره ، وعمومات التکفین وإطلاقاته ، والإجماع ، فتأمّل ، وصحیحة زرارة (2) ربما تدل علی ذلک. فتأمّل.

قوله : فعلم منه أنّه لو کان القزّ صرفا لم یجز. ( 2 : 96 ).

فیه : أنّه ظاهر فی اشتراط کون القطن أکثر ، وأنّه لو لم یکن کذلک یکون فیه بأس ، مع ضعف السند. فالعمدة الإجماع المدّعی ، وتمامیته فی المرأة تتوقف علی الثبوت ، وإن کان ظاهر الدعوی العموم ، فتأمّل ، فلا شکّ فی أنّ الأحوط والأولی المنع.

قوله : لأنّ الثوب إنّما یطلق فی العرف علی المنسوج. ( 2 : 96 ).

فیه تأمّل ، وإن کان الأحوط الترک حال الاختیار.

قوله : لصدق اسم الثوب. ( 2 : 96 ).

والأحوط أن یکون ساترا للّون والحجم.

قوله : وینبغی العمل علی الروایة الأولی. ( 2 : 97 ).

لعله لا یخلو عن الإشکال بعد ورود المنع فی غیر واحد من الأخبار بالنسبة إلی البعض ، مثل المسامع والبصر فی بعض الأخبار (3) ، مع الاعتضاد بعمل الأصحاب والشهرة.

قوله : وطالبه ابن طاوس بالمستند. ( 2 : 99 ).

لعل المستند عبارة الفقه الرضوی فإنّها صریحة فی ما ذکره الأصحاب ، إلاّ أنّه فی الفقه الرضوی : لا أقلّ من مثقال (4).

عدم جواز التکفین بالحریر والجلد

وجوب مسح مساجد المیت بالکافور

القدر الواجب من الحنوط

ص: 64


1- عوالی اللآلی 4 : 58 / 205.
2- المذکور فی المدارک 2 : 93 ، وتقدم وجه دلالتها فی ص 46 - 47.
3- الکافی 3 : 143 / 1 ، التهذیب 1 : 306 / 888 ، الوسائل 3 : 32 أبواب التکفین ب 14 ح 3.
4- فقه الرضا علیه السلام : 168 ، المستدرک 2 : 209 أبواب التکفین ب 2 ح 2.

قوله : وأنت خبیر بأنّ هذه الروایات. ( 2 : 100 ).

روی الشیخ بسنده عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام یقول : « کفنت أبی فی ثوبین شطویین ، وفی قمیص من قمصه وفی عمامة کانت لعلی بن الحسین علیه السلام ، وفی برد اشتریته بأربعین دینارا » (1) یظهر منها أنّ البرد زائد عن الثلاثة ، لکن تعارضها الأخبار الکثیرة المتضمّنة لکون الکفن ثلاثة أثواب ، بل والمنع عن الزیادة ، مثل حسنة الحلبی ، وصحیحة زرارة المتقدمة ، إلاّ أن تحمل هذه الروایة علی کون البرد غیر داخل فی الکفن حقیقة ، کما تدل علیه صحیحة عبد الله بن سنان عن الصادق علیه السلام ، قال : « البرد لا یلفّ ولکن یطرح علیه ، فإذا أدخل القبر وضع تحت خدّه وتحت جنبه » (2) وربما یؤیّده ما ورد فی الأخبار من کون الکفن أبیض (3) ، وما ورد من کونه قطنا (4) ، مضافا إلی ما نقله المحقق ، وما ورد من أنّ شقران مولی رسول الله صلی الله علیه وسلم فرش تحت الرسول فی القبر قطیفة (5) ، فتأمّل.

قوله : وخذ خرقة طویلة عرضها شبر. ( 2 : 102 ).

وفی روایة عمّار : طولها ثلاثة أذرع ونصف (6) ، کما ذکره المصنف.

قوله : ولفافتین. ( 2 : 105 ).

ربما یقال : إنّ الظاهر أنّ أحد اللفافتین فی هذا الحدیث هو ما یشدّ به الثدیان ، کما فهمه الشیخ ، ولذا جعل الحدیث دلیلا علیهما ، والأظهر أنّه

سنن التکفین

ازدیاد الحبرة للرجل

ازدیاد لفافة لثدیی امرأة ونمطاً

ص: 65


1- التهذیب 1 : 434 / 1393 ، الوسائل 3 : 10 أبواب التکفین ب 2 ح 15.
2- التهذیب 1 : 436 / 1400 ، الوسائل 3 : 34 أبواب التکفین ب 14 ح 6.
3- الوسائل 3 : 41 أبواب التکفین ب 19.
4- الوسائل 3 : 42 أبواب التکفین ب 20.
5- الکافی 3 : 197 / 2 ، الوسائل 3 : 189 أبواب الدفن ب 27 ح 2.
6- التهذیب 1 : 305 / 887 ، الوسائل 3 : 33 أبواب التکفین ب 14 ح 4.

اللفافة الزائدة ، کما فهمه المستدلون وستعرف.

قوله : ولعل المراد به هنا ما یشدّ به الثدیان. ( 2 : 105 ).

بعید جدّا ، لعدم المناسبة بین معنی المنطق وبینه لغة ، لا بالنسبة إلی موضع الشدّ ، ولا بالنسبة إلی الهیئة ، إذ الناطقة لغة الخاصرة ، فالمنطق والمنطقة والنطاق ما یشدّ بها ، وفی القاموس : المنطق شقّة تلبسها المرأة وتشدّ وسطها ، إلی آخر ما قال (1) ، فلاحظ.

وممّا یبعّد إرادة ما ذکره اشتراط کون المرأة عظیمة ، إذ الظاهر أنّ المراد کونها متموّلة ، کما صرّح جدّی رحمه الله (2) وهو المناسب للمقام ، والموافق لفتوی الأصحاب ، والخبر الآخر ، فتأمّل.

فالأظهر أنّ المراد هو المئزر ، کما حکم به الشهید فی الذکری (3) ، وشیخنا البهائی (4) ، وغیرهما من الفقهاء ، ومنهم المستدلّون. فالظاهر أنّ الزائد هو الخمار وإحدی اللفافتین ، والباقی مشترک بین الرجل والمرأة.

لا یقال : المنطق - علی ما یظهر من القاموس - شقّة تلبسها المرأة ، فکیف یجعل مشترکا؟!

قلت : الدرع أیضا لغة قمیص المرأة لا مطلقا (5) ، ولا شکّ فی أنّ القمیص هناک من الثوب المشترک ، فمن حیث النسبة إلی المرأة سمّی درعا ، فکذا الحال فی المنطق ، والخصوصیة فیهما غیر معتبرة إجماعا ، ولا یقتضی ذلک العدول إلی معنی أجنبی علی ما أشرنا ، بل الظاهر أنّ الإضافة

بحث فی معنی المنطق الوارد فی الروایات

ص: 66


1- القاموس 3 : 295.
2- روضة المتقین 1 : 399.
3- الذکری : 47.
4- الحبل المتین : 65.
5- لسان العرب 8 : 82.

إلی المرأة صارت منشأ للإطلاقین.

علی أنّه یظهر من اللغویین تسمیة تلک الشقّة بالمنطق والنطاق من جهة شدّها علی الخاصرة ، بل ربما کان حقیقة لغة مع عدم الخصوصّیة کالجبّة ، فلاحظ اللغة وتدبّر ، ومرّ فی ما سبق ما یؤکّد ما فی المقام ، وفی المفاتیح : المنطق بکسر المیم : الإزار (1).

نعم لا یدل علی کونها نمطا ، ولا علی زیادة لفافتین ، کما هو ظاهر عبارة المحقّق ومن شارکه ، وفی الظن أنّ المستدلین ما استدلوا بها إلاّ علی ما ذکر ، لا علی أحد الأمرین المذکورین ، وأیّ عاقل یستدل علیه؟ فضلا عن أن یکون فقیها ، فضلا عن اتفاق جمع من الفقهاء علیه.

مع أنّه لم یظهر قائل بثلاث لفائف ، بل یقولون : إنّ النمط یستحب للمرأة ، کما ذکره الشارح عن الأصحاب ، وعبارة المصنّف لا دلالة فیها علی الثلاث ، وإن کانت ربما توهم ، وهم متفقون علی أنّ المنطق فی هذه الروایة هو المئزر ، کما أشیر إلیه ، فاستحباب نفس الزیادة یظهر من هذه الصحیحة ، کما استدلوا ، وکون الزائد النمط یظهر من فتاواهم ، ومرّ جواز التسامح فی أدلة السنن (2) ، وبناء الشارح أیضا علی التسامح فی أمثال المقام ، فتأمّل.

قوله : ویستحب کونه أبیض ( 2 : 106 ).

ورد الأمر بکون الکفن أبیض فی خبرین (3).

قوله : وتنثر علی الحبرة. ( 2 : 106 ).

أن یکون الکفن قطناً أبیضاً

أن یطیّب الکفن بالذریرة

ص: 67


1- المفاتیح 2 : 165.
2- راجع ج 1 : 20.
3- الوسائل 3 : 41 أبواب التکفین ب 19.

فی بعض الأخبار أنّ المیت لا یقرب إلیه طیب سوی الکافور ، لأنّه بمنزلة المحرم (1).

قوله : ولم نقف علی مستنده. ( 2 : 107 ).

یظهر ذلک من بعض الأخبار (2).

قوله : ولا بأس به وإن کان الاقتصار علی ما ورد به النقل أولی. ( 2 : 107 ).

لأنّ المقام مقام العمل من دون إفتاء بکون ذلک مستحبا من الشرع ، فإنّ الحرام والممنوع هو التشریع ، فإذا فعل فعل لا بنیّة الإدخال فی الدین والبناء علیه لا یکون فیه ضرر ولا مانع شرعا ، لأنّ الأصل براءة الذمّة ، فإذا رجا أحد أن یکون [ فعل ] من الأفعال وشی ء من الأشیاء یصیر حرزا ویعفو الربّ بواسطته بحسب رجائه من عقله لا یکون إدخالا فی الدین وزیادة فی الحکم الشرعی ، لأنّه لم یحکم أنّه حکم الشارع ، لکن ظاهر المصنّف أنّه مستحب شرعی ، إلاّ أنّ یوجّه کلامه ، أو یقال : إنّه اطلع علی دلیل ، أو یقال : إنّه یستحسنه العقل ، فیکفی کلّ ذلک للحکم شرعا فی مقام الاستحباب ، للتسامح فیه.

وفی الاحتجاج فی مسائل الحمیری عن الصاحب علیه السلام : روی لنا أنّ الصادق علیه السلام کتب علی إزار ابنه إسماعیل : « إسماعیل یشهد أن لا إله إلاّ الله » فهل یجوز لنا أن نکتب مثل ذلک بطین القبر أم غیره؟ فأجاب : « یجوز ذلک » (3).

بحث حول التشریع المحرم

کتابة الشهادتین والإقرار بالأئمّة علی الحبرة والقمیص والإزار بالتربة الحسینیّة

ص: 68


1- الکافی 3 : 147 / 3 ، التهذیب 1 : 295 / 863 ، الوسائل 3 : 18 أبواب التکفین ب 6 ح 5.
2- التهذیب 1 : 305 / 887 ، الوسائل 2 : 484 أبواب غسل المیت ب 2 ح 10.
3- الاحتجاج 2 : 489 ، الوسائل 3 : 53 أبواب التکفین ب 29 ح 3.

وفی کشف الغمة أنّ بعض الأمراء السامانیة کتب الحدیث الذی رواه الرضا علیه السلام لأهل نیشابور بسنده عن آبائه عن الربّ تعالی بالذهب ، وأمر بأن یدفن معه ، فلمّا مات رئی فی المنام فقال : غفر الله لی بتلفظی بلا إله إلاّ الله ، وتصدیقی بمحمد صلی الله علیه وسلم ، وأنّی کتبت هذا الحدیث تعظیما واحتراما (1) ، فتأمّل.

وفی الاحتجاج أیضا : سئل الصاحب علیه السلام عن طین القبر یوضع مع المیت فی قبره ، یجوز أم لا؟ فأجاب : « یوضع مع المیت فی قبره ویخلط بحنوطه إن شاء الله » (2).

وفی غیبة الشیخ عن أبی الحسن القمّی أنّه دخل علی أبی جعفر محمد بن عثمان العمری رضی الله عنه ، وهو من النواب الأربعة وسفراء الصاحب علیه السلام ، فوجده وبین یدیه ساجة ونقاش ینقش علیها آیات من القرآن وأسماء الأئمّة علیهم السلام علی حواشیها ، فقلت : یا سیدی ما هذه الساجة؟ فقال : لقبری ، یکون فیه وأوضع علیها - أو قال : أسند علیها - وفرغت منه وأنا فی کل یوم انزل علیه أجزاء من القرآن (3) ، الحدیث. وربما یستفاد ممّا ذکر أنّ أمثال الأمور المذکورة لا استخفاف فیها ، فتأمّل.

ونقل أنّ الکاظم علیه السلام کفّنه العباس بکفن مکتوب فیه تمام القرآن (4) ، فتأمّل.

قوله : ویجعل معه جریدتان. ( 2 : 108 ).

أن یجعل مع المیت جریدتان من سعف النخل

ص: 69


1- کشف الغمّة 2 : 308.
2- الاحتجاج 2 : 489 ، الوسائل 3 : 29 أبواب التکفین ب 12 ح 1.
3- غیبة الطوسی : 222 ، المستدرک 2 : 332 أبواب الدفن ب 27 ح 4.
4- العیون 1 : 81 / 5 ، إکمال الدین : 38 - 39 ، الوسائل 3 : 53 أبواب التکفین ب 30 ح 1.

خضراوان ، کما هو مقتضی الأخبار ، بل ورد المنع عن الیابس صریحا فی بعض الأخبار (1).

قوله : وهذه الروایة معتبرة السند. ( 2 : 110 ).

وبعد هذه قال الشیخ والکلینی : وروی علی بن إبراهیم فی روایة أخری قال : « یجعل بدلها عود الرّمان » (2) ، والشهید بعد ذکر شجر الخلاف ذکر عود الرّمان (3).

قوله : أو فی قبره. ( 2 : 112 ).

مستنده فیه روایة سماعة عن الصادق علیه السلام : « یستحب أن یدخل معه فی قبره جریدة رطبة » (4) ، الحدیث.

قوله : وهو حسن. ( 2 : 112 ).

لا یخلو من تأمّل ، إذ مع قطع النظر عن الروایات لم نجد العموم الذی ادّعاه ، واقتضاء الجزم بالقدر المشترک إیّاه محلّ تأمّل ، ووظائف المیت متلقاة توقیفا ، کما ستعرف به. مع أنّ الظاهر من الأقوال جمیعا الوضع فی القبر اختیارا ، کما هو مقتضی غیر واحد من الأخبار. مع أنّ مستند المشهور معتبر من حیث السند ، مع الانجبار بالشهرة ، فلا عدول عنه.

قوله : ولم أقف فی هذا الحکم علی أثر. ( 2 : 113 ).

مع فقد الجریدة یجعل بدلها عود الرمان

کیفیّة وضع الجریدتین

أن یطوی جانب اللفافة الأیسر علی الأیمن وبالعکس

إشارة إلی عمل الأصحاب بروایات کتاب فقه الرضا علیه السلام

ص: 70


1- التهذیب 1 : 432 / 1381 ، الوسائل 3 : 25 أبواب التکفین ب 9 ح 1.
2- الکافی 3 : 154 / 12 ، التهذیب 1 : 294 / 861 ، الوسائل 3 : 25 أبواب التکفین ب 8 ح 4.
3- الذکری : 49.
4- الکافی 3 : 199 / 2 ، التهذیب 1 : 320 / 932 ، الوسائل 3 : 22 أبواب التکفین ب 7 ح 8.

دلیله عبارة الفقه الرضوی (1) ، وهو من الکتب التی عند الصدوق صحیحة ، وحجّة بینه وبین الله ، کما لا یخفی علی المطلع بفتاویه فی الفقیه ، وکذا المفید فی المقنعة ( فإنّها کثیرا من عبارة فقه الرضا ) (2) والأصحاب أیضا یعملون بما فیه ، کما لا یخفی علی المطلع.

قوله : ولا تجعل فی منخریه. ( 2 : 114 ).

وفی حسنة حمران : « ولا تقرب أذنیه شیئا من الکافور » (3) ، وورد فی بعض الأخبار النهی عنه مؤکّدا (4) ، وضعف السند منجبر بعمل الأصحاب ، فالأولی اختیار (5) هذا.

قوله : وجب غسلها ولم یجب إعادة الغسل. ( 2 : 116 ).

فی الفقه الرضوی کما ذکره المصنف بعد التصریح بعدم إعادة الغسل ، وبناء فتوی الأصحاب علی هذا ، کما لا یخفی علی المطلع.

قوله : فإن انتقض منه شی ء استقبل به الغسل استقبالا. ( 2 : 116 ).

فی هذه العبارة إشعار بأنّ مراد ابن أبی عقیل بالحدث فی أثناء الغسل ، لأنّه قال : استقبل استقبالا ولم یقل : یعید إعادة ، فتأمّل.

قوله : والجواب أوّلا بالطعن فی السند. ( 2 : 117 ).

مراسیل ابن أبی عمیر مقبولة علی ما هو التحقیق ، سیّما مثل هذه المرسلة التی شارکه غیره ، وسیّما وهو أیضا مثله لا یروی إلاّ عن الثقة ،

کراهة جعل الکافور فی سمع المیت وبصره

بعض مسائل التکفین

حکم النجاسة الخارجة من المیت

إشارة إلی مقبولیّة مراسیل ابن أبی عمیر

ص: 71


1- فقه الرضا علیه السلام : 168.
2- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و» : فإنّهما کثیرا متن فقه الرضا علیه السلام .
3- التهذیب 1 : 447 / 1445 ، الوسائل 3 : 34 أبواب التکفین ب 14 ح 5.
4- التهذیب 1 : 445 / 1441 ، الوسائل 2 : 497 أبواب غسل المیت ب 9 ح 2.
5- فی « ب » : إجبار ، وفی « ج » و « د » : اجتناب.

وخصوصا وهما معا یقولان عن غیر واحد المؤذن بشیوع ذلک وثبوته لدیهما عن مشایخهما وهم الأعاظم ، ولا أقل فیهم عظیم منهم.

قوله : وعدم توثیق الکاهلی. ( 2 : 117 ).

لکنّه من الممدوحین ، مع أنّ الراوی عنه أحمد بن محمد بن أبی نصر.

قوله : وثانیا بالمعارضة بروایة روح المتقدمة. ( 2 : 117 ).

وورد أخبار أخر موافقة لروایة روح (1) ، لکن دلالة الروایتین أقوی ، لاحتمال إرادة الخروج من غیر إصابة الکفن فی تلک الأخبار ، ویقرّبه أنّ إحدی تلک الروایات روایة الکاهلی ، فتأمّل.

نعم ربما یؤیّد تلک الروایات ما ذکره من أنّ فی القرض إتلافا للمال.

وحمل الروایتین علی ما بعد الدفن بعید ، إذ لو کان المراد ذلک وکان فرق بین الصورتین شرعا لما قال : بعد الغسل وبعد ما یکفن.

ویمکن الحمل علی ما إذا تعسّر الغسل بناء علی أنّ غالب الصور کذلک ، فتأمّل.

وحمل تلک الروایات علی عدم التعدی إلی الکفن محتمل ، لکن قد عرفت ما أشرنا عن الفقه الرضوی.

قوله : کفن المرأة علی زوجها. ( 2 : 118 ).

کونه من تتمّة الخبر غیر ظاهر ، لاحتمال کونه من کلام الصدوق ، کما لا یخفی علی المطلع ، بل الثانی أقرب ، وأنّه إشارة إلی نفس روایة السکونی ، کما لا یخفی علی من له ذوق سلیم ، وکیف کان لا تأمّل فی

عبد الله بن یحیی الکاهلی من الممدوحین

الکفن الواجب للمرأة علی زوجها

ص: 72


1- انظر الوسائل 2 : 542 أبواب غسل المیت ب 32.

الحجّیة ، للانجبار بعمل الأصحاب.

مع أنّ الضعف من جهة السکونی لا یخلو عن الضعف ، کما کتبناه فی الرجال (1).

وممّا یؤیّد کون التتمّة من کلام الصدوق أنّ الشیخ روی الصحیحة المذکورة بعینها إلی قوله : من جمیع المال ، من دون ذکر التتمّة ، ثم بعد ذلک بورقتین تقریبا روی روایة السکونی (2). والأصحاب مثل المحقق وغیره (3) نقلوا روایة السکونی مستندا للمسألة. مع أنّه لو کان تتمّة لکان المناسب أن یقول : وکفن المرأة علی زوجها بدون ذکر ( وقال علیه السلام ) لأنّه علی هذا یکون لغوا بل مشیرا إلی خلاف المطلوب.

قوله (4) : لأنّها التی ینصرف إلیها الذهن عند الإطلاق. ( 2 : 118 ).

وکذا المطیعة ، إلاّ أنّ الأحوط اعتبار العموم.

قوله : وهو کذلک. ( 2 : 119 ).

مع أنّه لا یخلو عن إشکال ، لکون الصورة من الفروض النادرة بالقیاس إلی الرهن ، فتأمّل.

قوله : یکون من الثلث. ( 2 : 119 ).

بل یقدم ما هو اللائق بحاله أیضا. ومع وجود الصغیر والمجنون ونزاع الورثة یحتمل ، بناء علی إطلاق الأخبار ، بل ولعلّه أظهر الأفراد ،

وجوب إخراج الکفن من أصل الترکة

ص: 73


1- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 55.
2- التهذیب 1 : 437 / 1407 ، و 445 / 1439.
3- کالشهید فی الذکری : 50 ، والفاضل المقداد فی التنقیح 1 : 124.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

ویحتمل العدم ، لقوة ما دل علی تعلق حق صاحب الحق ، ولأنّ المستحبات أیضا من اللائق بحاله ، فأیّ فرق بینهما؟ ولعله أحوط بالنظر إلی مثل الطفل وأمثاله ، والحال فی الدین أشدّ.

قوله : کحرمته حیّا. ( 2 : 120 ).

احترام المؤمن من حیث إنّه احترامه مستحب ، فعله لذا لا دلالة فی الخبر علی الوجوب ، فتأمّل.

قوله : علی أنّ الفضل بن یونس کان واقفیا. ( 2 : 120 ).

وإن کان واقفیا إلاّ أنّه ثقة ، فیکون خبره حجّة علی ما حقّقناه فی الرجال (1) ، سیّما والراوی عنه الحسن بن محبوب ، ومع ذلک مضمونه موافق للأخبار الأخر والعمومات ، لأنّ حرمة المیت کحرمة الحیّ من المؤمن ، وورد فی الأخبار (2) ، ولا شبهة فی الجواز بالنسبة إلی الحی. مع أنّه داخل فی سبیل الله علی الأقوی. مع أنّ الظاهر أنّ الخبر معمول به وحجة عند المشهور وکثیر من الأصحاب. مع أنّ ما ذکره من القیاس بطریق أولی لا یخلو من تأیید ظاهر ، فمع جمیع ما ذکر لا وجه للتوقف ، فتأمّل.

نعم المستفاد منه تقدیم الدفع إلی الورثة حتی أنّهم یجهّزون ، ولا شبهة فی ذلک صونا للمؤمنین عن خلاف الحرمة.

قوله : ولا محلّ له سوی الترکة إجماعا. ( 2 : 121 ).

لم یستدل علی التقدیم ، لعدم ظفره بدلیله ، إلاّ أن یکون مراده الإجماع علی وجوبه فی الترکة ، وإن کان الحقوق الأخر موجودة ، لکنه خلاف مدلول کلامه. وبالجملة : إن کان إجماع علی التقدیم ، وإلاّ فالظاهر

الفضل بن یونس واقفی ثقة

ص: 74


1- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 11 ، 261.
2- انظر الوسائل 3 : 219 أبواب الدفن ب 51.

من الأخبار خلاف ذلک.

قوله : أجمع العلماء کافة علی استحباب تشییع الجنازة. ( 2 : 122 ).

ویکره الرکوب ، لما رواه فی التهذیب فی الصحیح عن الصادق علیه السلام :

إنّ الرسول صلی الله علیه وسلم لم یرکب ، قائلا : إنّی لأکره الرکوب ، لأنّ الملائکة یمشون (1).

قوله : کراهة المشی أمامها. ( 2 : 123 ).

ولعله لکونه من شعار العامة ، وورد المنع من التشبّه بهم ، وروی الشیخ بسنده عن السکونی ، عن جعفر ، عن آبائه ، عن علی علیهم السلام : « قال : سمعت النبی صلی الله علیه وسلم یقول : اتبعوا الجنازة ولا تتبعکم ، خالفوا أهل الکتاب » (2) وروی بسنده عن الباقر علیه السلام أنّه قال : « مشی النبی خلف جنازة فقال : إنّ الملائکة یمشون أمامها ونحن نتبع لهم » (3).

قوله : وقال ابن أبی عقیل. ( 2 : 123 ).

روی الشیخ بسنده عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « إذا کان مخالفا فلا تمش إمامها ، فإنّ ملائکة العذاب یستقبلونه بأنواع العذاب » (4).

قوله : لکن فی السند ضعف. ( 2 : 124 ).

لکنه منجبر بعمل الأصحاب ، مع أنّه یکفی للاستحباب ، ولا ینافی صحیحة ابن مسلم ذلک.

الدفن

ما یتعلق بالدفن : استحباب تشییع الجنازة

کراهة الرکوب فی تشییع الجنازة

استحباب المشی وراء الجنازة أو أحد جانبیها

ص: 75


1- التهذیب 1 : 312 / 906 ، الوسائل 3 : 152 أبواب الدفن ب 6 ح 1.
2- التهذیب 1 : 311 / 901 ، الوسائل 3 : 149 أبواب الدفن ب 4 ح 4.
3- التهذیب 1 : 311 / 903 ، الوسائل 3 : 148 أبواب الدفن ب 4 ح 2.
4- التهذیب 1 : 312 / 905 ، الوسائل 3 : 150 أبواب الدفن ب 5 ح 5.

قوله : ویکره للمشیع الجلوس. ( 2 : 124 ).

سیجی ء فی بحث إهالة التراب علی المیت حسنة داود بن النعمان أنّ أبا الحسن علیه السلام جلس قبل أن یدخل المیت لحده (1).

قوله : وأن تربع الجنازة. ( 2 : 125 ).

فی الفقه الرضوی : « إذا أردت أن تربعها فابدء بالشقّ الأیمن فخذه بیمنک » إلی أن قال : « تدور علی الجنازة کدورک علی الرحا » (2).

قوله (3) : ذکر الشیخ ذلک فی المبسوط. ( 2 : 126 ).

وکذا فی مصباح المتهجد أیضا (4).

قوله : ویمکن حمله علی التربیع. ( 2 : 127 ).

بأن یراد من الأیسر أیسر المیت ، وانّ المستحب أنّه یؤخذ بالکتف الأیمن ، وهذا بعینه مفاد عبارة الفقه الرضوی.

قوله : والروایات کلها قاصرة من حیث السند. ( 2 : 127 ).

لا یضر القصور ، للانجبار بعمل الأصحاب ، وکون المقام مقام الاستحباب ، ولا تنافی الصحیحة وغیرها.

قوله : ممّا یلی رجلیه. ( 2 : 129 ).

روی الشیخ رحمه الله فی الموثق عن عمّار ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « لکل شی ء باب ، وباب القبر من قبل الرجلین ، إذا وضعت الجنازة فضعها ممّا یلی الرجلین ، ویخرج المیت ممّا یلی الرجلین » (5) وبسنده عن جبیر

کراهة الجلوس للمشیّع

استحباب تربیع الجنازة

استحباب وضع الجنازة قرب القبر

ص: 76


1- المدارک 2 : 142.
2- فقه الرضا علیه السلام : 170 ، المستدرک 2 : 302 أبواب الدفن ب 8 ح 1.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
4- مصباح المتهجّد : 19.
5- التهذیب 1 : 316 / 919 ، الوسائل 3 : 182 أبواب الدفن ب 22 ح 6.

الحضرمی عن النبیّ صلی الله علیه و آله : « إنّ لکلّ بیت بابا ، وباب القبر من قبل الرجلین » (1) وفی الصحیح عن الباقر علیه السلام : « قال : کفن الرسول فی ثلاثة أثواب » ، الحدیث ، وفیه : قال الراوی : فسألته أین وضع السریر؟ أی عند الدفن ، فقال علیه السلام : « عند رجل القبر ، وسلّ سلاّ » (2) ، وسیجی ء ما یناسب المقام.

قوله : وأکثر الأخبار واردة بسلّ المیت من قبل الرجلین. ( 2 : 130 ).

أقول : ففیها شهادة علی کون وضع الجنازة ممّا یلی رجلی القبر ، لأنّ المراد رجلی القبر ، ورجلی المیت فی صورة یکون فیه ، فالسلّ لیس من قبل رجلی المیت ، بل من قبل رجلی القبر ، یسلّ من قبل رأسه لیسبق إلی القبر رأسه ، کما سبق إلی الدنیا فی خروجه إلیها ، وهذا هو الظاهر من المفید ، بل الشیخ أیضا (3).

قوله : کحسنة الحلبی. ( 2 : 131 ).

هذه الحسنة علی ما ستعرف یتضمّن دعاء مختصّا بالرجل ، وروایة عبد الصمد منجبرة بعمل الأصحاب ، معلّلة بعلّة ظاهرة صحیحة متأیّدة بروایة الشیخ بسنده عن زید عن آبائه عن علی علیهم السلام : « یسلّ الرجل سلاّ ، ویستقبل المرأة استقبالا » (4) ، فإنّها أیضا ظاهرة فی الفرق والتفاوت ، ولعل المراد : توضع ممّا یلی قبلة القبر لتؤخذ عرضا ، ولم یظهر لهذا معنی سوی

کیفیة إرسال المیت فی القبر

ص: 77


1- التهذیب 1 : 316 / 918 ، الوسائل 3 : 183 أبواب الدفن ب 22 ح 7.
2- التهذیب 1 : 296 / 869 ، الوسائل 3 : 184 أبواب الدفن ب 24 ح 2.
3- المفید فی المقنعة : 80 ، الشیخ فی النهایة : 38 ، والمبسوط 1 : 186.
4- التهذیب 1 : 326 / 951 ، الوسائل 3 : 204 أبواب الدفن ب 38 ح 2.

ما ذکر.

قوله : هذا مذهب الأصحاب. ( 2 : 131 ).

وفی روایة محمد بن إسماعیل بن بزیع أنّه رأی أبا الحسن علیه السلام دخل القبر ولم یحلّل أزراره (1).

قوله : فإنّ فی خلع الخفّ شناعة. ( 2 : 131 ).

لأنّه یطلع علیه العامة ، فلا یناسب التقیة.

قوله : لأمر النبی صلی الله علیه و آله به. ( 2 : 133 ).

ولحفظ حرمة المیت ، ودفع الأذیّة عن الأحیاء.

قوله : فإن تعذّر لم یتربص به. ( 2 : 134 ).

وقد حدّ التعذر بحصول الفساد فی المیت لو صبر به.

قوله : وظاهر المفید فی المقنعة. ( 2 : 134 ).

عبارته علی ما نقلت فی التهذیب لا ظهور لها ، لو لم نقل بظهورها فی خلافه ، والمعتبر لیس عندی ، وکیف کان لعل الأخبار لیس لها ظهور فی العموم إلاّ من جهة ترک الاستفصال.

ویمکن أن یقال : لما کان مثل هذا السؤال ظاهرا بالنسبة إلی صورة التعذّر ترکه ، وذلک لأنّ دفن المیت من ضروریات دیننا ، بل ودین الیهود والنصاری وأکثر الکفار الأخر أیضا ، فإذا کان متمکنا من الدفن ولا تعذّر فیه أصلا فبأی جهة یسأل أنّه کیف یصنع به؟ الا تری أنّه لو کان میتة فوق السطح أو الغرفة مثلا هل یسأل أنّه کیف یصنع به فی دفنه؟ ویدلّ علی ذلک أیضا قوله علیه السلام فی روایة سهل بن زیاد : « إذا مات الرجل فی السفینة

استحباب تحفّی النازل فی القبر وکشف رأسه

فروض الدفن

مواراة المیت

کیفیّة دفن من مات فی البحر

ص: 78


1- التهذیب 1 : 314 / 912 ، الاستبصار 1 : 213 / 752 ، الوسائل 3 : 171 أبواب الدفن ب 18 ح 6.

ولم یقدر علی البرّ یکفن ویحنط فی ثوب ویرمی فی الماء » تأمّل فیه.

وروایة أبی البختری وإن کان فیها إطلاق ، إلاّ أنّ رجوعه إلی العموم محلّ تأمّل ، لما ذکر ، وبالجملة : مثل إطلاقات هذه الأخبار لا یکافئ ما دل علی وجوب الدفن بحیث یرفع الید اختیارا أیضا.

قوله : فکان الاقتصار علی العمل بمضمونها أولی. ( 2 : 135 ).

الاقتصار علیه یوجب الهتک المحرم المعلوم إلاّ نادرا ، لأنّ وجود الخابیة التی تفی بجسد المیت وتضمّه بحیث یوکأ رأسها ولا یتحقّق بالنسبة إلی المیت قطع عضو ولا کسره ، ولا خلاف حرمة أصلا ، ومع ذلک تکون تلک الخابیة لا حاجة إلیها ولا ضرورة فی إبقائها فی السفینة أصلا فی غایة الندرة ، ومع ذلک یوجب طرح أخبار کثیرة معمول بها عند الفقهاء ، منجبر ضعفها بالفتاوی منهم ، بل مثل المفید منهم أفتی بها خاصّة (1) ، إلاّ أن یکون مراده رحمه الله أنّ مع التمکن منها جمیعا یکون الاقتصار علی الخابیة أولی ، وعلی هذا لا بأس بما قاله ، فتأمّل.

قوله : والأصل فی هذا الحکم. ( 2 : 136 ).

سواء کان الوجوب أو الاستحباب فلا یرد علیه أنّ التأسّی والروایة التی ذکرها لا یدلاّن علی الوجوب ، مع أنّ فعلهم علیهم السلام وفعل المسلمین فی الأعصار والأمصار بعنوان الالتزام ظاهره الوجوب ، فتأمّل.

قوله (2) : التأسّی بالنبی والأئمّة صلوات الله علیهم. ( 2 : 136 ).

اضجاع المیت علی جنبه الأیمن

ص: 79


1- المقنعة : 86.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».

بل صار ذلک شعار المسلمین والإسلام ، وهذا ظاهر فی الوجوب ، فتأمّل.

قوله : ابن أشیم ضعیف. ( 2 : 137 ).

لیس هذا الذی ضعّفه النجاشی ، بل هو موسی بن أشیم (1).

قوله : أو إلی الترقوة. ( 2 : 137 ).

هذا بالنسبة إلی المستوی الخلقة ، وربما جوّز کونه أقل ما یتحقّق به ، وهو بعید.

قوله : والمستند فیه ما رواه ابن بابویه. ( 2 : 137 ).

هذا دلیل الترقوة لا القامة ، بل ربما یدل علی عدم کونه قامة ، موافقا لما رواه السکونی ، إلاّ أن یقال : مراده من بعضهم أحد الأئمّة علیهم السلام ، وهو مع عدم الظهور - بل وظهور العدم - یقتضی عدم الاقتصار علی القامة ، وإدخال الثدی أیضا ، والظاهر أنّ دلیلهم شی ء آخر.

قوله : أسنده إلی سهل. ( 2 : 138 ).

ویظهر من هذا أنّه کلام سهل ، لکن الظاهر من الفقیه أنّه کلام المعصوم ، وربما وجد فی بعض الأخبار أنّه یحکی.

قوله : قدر ما یجلس فیه الجالس ( 2 : 138 ).

ولعل المراد المستوی الخلقة أو المیت ، ولعل الثانی أظهر.

قوله : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لحّد له. ( 2 : 138 ).

لکن ورد أنّ الباقر علیه السلام أوصی بأن یشقّ له ، مع التصریح بأنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لحّد له (2) ، ولعله لکونه علیه السلام بادنا وأرض البقیع رخوة من

سنن الدفن

موسی بن أشیم ضعّفه النجاشی

حفر القبر إلی الترقوة

جعل اللحد للمیت

ص: 80


1- لم نعثر علیه فی رجال النجاشی لا بعنوان أحمد بن أشیم ولا موسی بن أشیم.
2- الکافی 3 : 166 / 2 ، التهذیب 1 : 451 / 1468 ، الوسائل 3 : 166 أبواب الدفن ب 15 ح 2.

کثرة دفن الموتی ، کما هو المشاهد الآن ، أو للتقیة ، ولعله بعید.

قوله : من قبل رأسه ورجلیه. ( 2 : 138 ).

الظاهر من الأخبار حلّ جمیع العقد ، بل صریح بعض (1).

قوله : وقد یقال : إنّ مخالفة الخبر. ( 2 : 139 ).

فیه تأمّل ، وهو رحمه الله ربما یطعن فی الخبر لمخالفته لما علیه الأصحاب مع أنّ الأصحاب عملوا بالخبر الصحیح ، وغیر الصحیح منجبر بعملهم ، وحمل بعض العلماء هذه الروایة علی التقیة.

قوله : والإفساد غیر ضائر. ( 2 : 139 ).

هذا مخالف لما ذکره فی بحث خروج النجاسة عن المیت بعد الغسل (2).

قوله : مع إذن الشرع فیه. ( 2 : 139 ).

إذا ثبت الإذن فلا کلام ، إنّما الکلام فیه.

قوله : من تربة الحسین علیه السلام . ( 2 : 139 ).

وفیه دلالة علی فضل الدفن فی أرض کربلاء مع قطع النظر عن کونه فی جواره علیه السلام .

قوله : ( ولا یخفی ما فیه ) (3). ( 2 : 140 ).

لا غبار فی ما قاله.

قوله : بظهور الأکفّ والترجیع فی تلک الحالة ، ولم أقف فیها علی أثر. ( 2 : 14 ).

حل عقد کفنه

جعل تربة الحسین علیه السلام مع المیت

إهالة الحاضرین التراب بظهور الأکف

ص: 81


1- الوسائل 3 : 172 أبواب الدفن ب 19.
2- المدارک 2 : 116.
3- فی المدارک : وفیه ما فیه.

روی الشیخ بسنده عن محمد بن الأصبغ ، عن بعض أصحابنا ، قال : رأیت أبا الحسن علیه السلام وهو فی جنازة ، فحثا التراب علی القبر بظهر کفّیه (1). وأمّا قول ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ ) فلعلّه لقوله تعالی وغیره من العمومات ، مع احتمال خصوص أثر لم نقف ، کما ذکره.

قوله : قدر أربع أصابع. ( 2 : 143 ).

یظهر من بعض الأخبار أربع أصابع مضمومة (2) ، لکن روایة المفرّجات صحیحة ومتعددة (3) ، علی ما هو ببالی.

قوله : « أن لا تنازع ». ( 2 : 144 ).

أی فی ما ذکرته ، أو فی الإمامة بظهور کونک وصیّی.

قوله : والکل حسن. ( 2 : 146 ).

إلاّ أنّ عموم ما دل علی رجحان استقبال القبلة یرجّح الأوّل.

قوله : وعلیه عمل الأصحاب. ( 2 : 152 ).

ولأنّ الشیخ سیذکر عنه ورود الروایة بجواز النقل بعد الدفن (4) ، فقبله بطریق أولی.

قوله : لأنّه مثلة بالمیت. ( 2 : 153 ).

ولأنّ الدفن واجب اتفاقا ، کما مرّ ، وقد ارتکب الواجب ، والظاهر منه دوام المواراة بعد تحققها ، لأنّ النبی صلی الله علیه و آله لما أمر بالدفن الذی هو مواراته

رفع القبر مقدار أربع أصابع

صب الماء علی القبر

تلقین الولی المیت بعد انصراف الحاضرین

نقل المیت إلی المشاهد الشریفة

لواحق تتعلق

بالدفن حرمة نبش القبر

ص: 82


1- التهذیب 1 : 318 / 925 ، الوسائل 3 : 191 أبواب الدفن ب 29 ح 5.
2- الکافی 3 : 199 / 2 ، التهذیب 1 : 320 / 933 ، الوسائل 3 : 192 أبواب الدفن ب 31 ح 4.
3- انظر الوسائل 3 : 192 أبواب الدفن ب 31.
4- المدارک 2 : 154.

فغیر خفیّ أنّ الظاهر منه دوام المواراة لا کونها أیّاما (1) ، فتأمّل.

قوله : وأمّا علیهما فیجوز. ( 2 : 155 ).

یظهر من النصّ ، فإنّ العسکری علیه السلام شقّ ثوبه علی أبیه ، نقله فی الفقیه (2) وموسی علی هارون ، والمعصوم علیه السلام احتجّ به علی فعله (3) ، فلیلاحظ.

قوله : وهو حسن. ( 2 : 158 ).

لا حسن فیه ، لوجود الروایة الموافقة للقاعدة الشرعیة ، وهی أن لا تهتک حرمة المیت ، بل ربما یکون أشدّ مثلة.

قوله : وقال ابن بابویه. ( 2 : 159 ).

الذی یظهر من کلامه فی الأمالی أنّه قائل بالاستحباب (4) ، ونسبته إلی الإمامیة فیه تشعر بعدم قول والده والکلینی بالوجوب ، کما نسبه بعض إلیهما (5) ، لأنّ الکلینی رحمه الله أستاده.

ویؤیّده أیضا أنّ الشیخ رحمه الله فی الخلاف نقل الإجماع علی الاستحباب (6) ، بل ظاهر کلامه فی التهذیب أیضا مشعر بأنّ استحباب غسل الجمعة إجماعی (7) ، فلاحظ.

مع أنّ عبارته فی الفقیه لو بنیت علی ثبوت الحقیقة الشرعیّة فلا دلالة

حرمة شق الثوب علی غیر الأب والأخ

حکم ما إذا ماتت الحامل دون الولد

الأغسال المسنونة

غسل الجمعة

معنی قوله علیه السلام : غسل الجمعة سنة واجبة

ص: 83


1- فی « أ » و « و» : زمانا.
2- الفقیه 1 : 111 / 511 ، الوسائل 3 : 274 أبواب الدفن ب 84 ح 4.
3- الوسائل 3 : 273 أبواب الدفن ب 84.
4- أمالی الصدوق : 515.
5- نسبه إلی والد الصدوق فی المنتهی 1 : 128 ، وإلی الکلینی فی الذخیرة : 6.
6- الخلاف 1 : 219.
7- التهذیب 1 : 112.

لها علی الوجوب ، لاحتمال کون السنّة حقیقة فی المعنی المصطلح علیه فی زمانه ، بل وظهور ذلک حینئذ ، فیکون ظاهرا فی الاستحباب سیّما بعد ملاحظة تقدیم لفظ السنّة علی الوجوب فی قوله : سنّة واجبة.

مع أنّ مراده لو کان الوجوب لم یقید بالسنّة ، لأنّه یوهم خلاف المقصود علی أی حال.

وعلی تقدیر عدم ثبوت الحقیقة الشرعیة فی زمانه فعدم الدلالة ظاهر ، سیّما بعد التقیید والتقدیم ، وکون السنّة ظاهرة فی القدر المشترک ، فتدبّر.

قوله : إلاّ أن یخاف المسافر. ( 2 : 160 ).

ویدل علی ذلک مرسلة یونس : « الغسل فی سبعة عشر موطنا ، منها الفرض ثلاثة. » (1) مشیرا إلی غسل الجنابة ومسّ المیت والإحرام. والأخیران غیر ظاهرین من الکتاب.

وفی عیون الأخبار أیضا أنّه کتب إلی المأمون من محض الإسلام : « وغسل الجمعة سنّة ، وغسل العیدین ودخول مکة والمدینة والزیارة والإحرام ، وأوّل لیلة من شهر رمضان وسبعة عشر وتسعة عشر وإحدی وعشرین وثلاثة وعشرین ، وهذه الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فریضة ، وغسل الحیض مثله » (2).

ویؤیّده عدم التزام الشیعة فی الأعصار والأمصار التزامهم للفریضة ،

ص: 84


1- التهذیب 1 : 105 / 271 ، الاستبصار 1 : 98 / 316 ، الوسائل 2 : 174 أبواب الجنابة ب 1 ح 4.
2- عیون أخبار الرضا 2 : 121 ، الوسائل 3 : 305 أبواب الأغسال المسنونة ، ب 1 ح 6.

وسیّما النساء ، بل وعدم شهرة الفتوی منهم ، بل وشهرة الفتوی بخلافه ، بل وعدم ظهور قائل بالوجوب منهم ، بل وظهور العدم ، ونقلوا الإجماع. مع ورود لفظ الوجوب فی أخبار کثیرة غایة الکثرة ، وکثیر منها صحاح ومن الأجلّة المشاهیر ، سیّما وورد فی بعضها الأمر بالإعادة والقضاء والاستغفار (1).

ویؤیّده أیضا روایة علی عن الصادق علیه السلام : غسل العیدین أواجب هو؟ فقال : « سنة » فقلت : فالجمعة؟ فقال : « سنة » (2).

قوله : والمفهوم فی اللغة. ( 2 : 160 ).

فیه تأمّل ، ولعل مراده أنّ الوجوب یقتضی بظاهره تأدیته بعبارة واضحة حتی یفهم منها اللزوم والتشدید فیلتزم ، لا بعبارة هی قدر مشترک بین الوجوب والاستحباب ، فإنّ الظاهر أنّ مثل هذه العبارة یؤدّی الاستحباب ، ولا یکتفی فی الوجوب بها.

قوله : إنّما وقع عن تحتم فعله. ( 2 : 160 ).

أی بحسب الظاهر لا جزما.

قوله : لا عن مأخذ حکمه. ( 2 : 160 ).

ویؤیّده ظهور أنّ فی القرآن وظاهره لا مأخذ له أصلا ، فکیف یخفی علی مثل هذین الفقیهین الجلیلین. مع أنّ تقدیر لفظ المأخذ فی العبارة خلاف الأصل ، والظاهر ، والمتعارف السؤال عن الحکم الشرعی ، کما هو الطریقة فی جمیع المواضع ، ولذا ما استفصل المعصوم علیه السلام بأنّ مرادک من السؤال أیّ شی ء هو؟

ص: 85


1- الوسائل 3 : 319 أبواب الأغسال المسنونة ب 8.
2- التهذیب 1 : 112 / 297 ، الوسائل 3 : 314 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 12.

مع أنّ السؤال لو کان عن المأخذ کان المناسب فی الجواب أن یقول : من السنّة ، لا من الکتاب ، لا أن یقول : « سنّة ولیس بفریضة » ویؤیّده أیضا الاستثناء بقوله : « إلاّ أن یخاف. » فإنّه لا یناسب الجواب عن مأخذ الحکم ، ویؤیّده أیضا ضمّ غسل الأضحی والفطر فی روایة علی بن یقطین.

قوله : للحثّ العظیم. ( 2 : 161 ).

بل عبّروا بعبارات ملزمة وألفاظ موجبة ، کیلا یسامح فی هذا الخطب الجسیم والفوز العظیم ، فإنّه وإن لم یکن فی ترکه العقاب لکن یکون فی ترکه العتاب وما یقرب من العقاب من البعد عن رحمته والطرد عن ألطافه ، ومراتب المطلوبیة متفاوتة شدّة وضعفا ، فربما یصل إلی حدّ یقرب مطلوبیة الواجب ولکن لا یصله ، ومثل هذا أیضا ما کانوا علیهم السلام یرخّصون فی ترکه بل وربما یحذّرون عن ترکه کیلا تقع المسامحة فتتحقّق المحرومیة عن سبب المصلحة العظیمة ، بل وربما تکون المفسدة فی ترکه ، ولا تکون المفسدة عقابا.

قوله : إنّ الله تعالی أتمّ صلاة الفریضة. ( 2 : 161 ).

فی هذا الخبر ظهور فی استحبابه وعدم وجوبه.

قوله : أن یوبّخ الرجل. ( 2 : 161 ).

هذا أیضا ظاهر فی عدم الوجوب.

قوله : ولیکن فراغک من الغسل. ( 2 : 162 ).

هذا یدل علی استحباب کونه قبل الزوال.

قوله : یوم الخمیس لیوم الجمعة. ( 2 : 162 ).

هذه الروایة رواها الکلینی والصدوق فی الفقیه مع ضمانهما صحة ما نقلاه فی کتابیهما ، مع أنّها مستندة إلی أبی الحسن موسی علیه السلام حیث قالتا

وقت غسل الجمعة

جواز تقدیمه یوم الخمیس لمن خاف عوز الماء

ص: 86

کنا مع أبی الحسن علیه السلام فی البادیة.

قوله : مدعیا علیه الإجماع. ( 2 : 163 ).

وهذا یکفی لکونه دلیلا علی الاستحباب.

قوله : وقضاؤه یوم السبت. ( 2 : 163 ).

وفی الفقه الرضوی : « فإن فاتک الغسل یوم الجمعة قضیت یوم السبت ، أو بعده من أیّام الجمعة » (1).

قوله : فلا وجه لإخلال المصنّف بذلک. ( 2 : 164 ).

وتأمّل بعض فی القضاء لیلة السبت (2) ، لعدم النص ، بل وربما یظهر من الروایتین عدمه.

قوله : ولم أقف فیه علی نصّ. ( 2 : 165 ).

ویظهر من نهایة العلاّمة أنّ فیه نصّا (3) ، والنص موجود ذکره ابن طاوس فی إقباله (4) ، وکذا النص فی استحبابه فی فرادی شهر رمضان (5).

قوله : لنا أصالة البراءة ممّا لم یثبت وجوبه. ( 2 : 168 ).

والإجماع الذی نقله الشیخ ، وما رواه فی العیون أنّ الرضا علیه السلام کتب إلی المأمون من محض الإسلام : « وغسل الجمعة سنّة ، وغسل العیدین ودخول مکة والمدینة ، والزیارة والإحرام ، وأوّل لیلة من شهر رمضان ، وسبعة عشر ، وتسعة عشر وإحدی وعشرین ، وثلاث وعشرین ، وهذه

جواز قضائه یوم السبت

غسل لیلة النصف من شهر مضان

غسل لیالی فرادی شهر رمضان

غسل الإحرام

ص: 87


1- فقه الرضا علیه السلام : 129 ، المستدرک 2 : 507 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 1.
2- الذخیرة : 7.
3- نهایة الإحکام 1 : 177.
4- الإقبال : 14 ، 150 ، الوسائل 3 : 325 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 1 ، 9.
5- الإقبال : 121.

الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فریضة ، وغسل الحیض مثله » (1) انتهی.

قوله : ومحمد بن عیسی ضعیف. ( 2 : 169 ).

لا ضعف فیه ، کما حقّق فی موضعه ، وکذا لا ضرر من جهة عدم عمل ابن الولید.

قوله : وغسل زیارة النبی. ( 2 : 169 ).

وفی الکافی فی الصحیح عن ابن عمار عن الصادق علیه السلام أنّه یقول : « الغسل من الجنابة ، ویوم الجمعة ، والعیدین وحین تحرم ، وحین تدخل مکة والمدینة ، ویوم عرفة ، ویوم تزور البیت ، وحین تدخل الکعبة. » (2) الحدیث ، وصحیحة ابن مسلم وروایة سماعة أیضا بهذا السیاق ، إلاّ أنّه لیس فیهما التصریح بلفظ البیت ، فلاحظ.

قوله : ویوم الزیارة. ( 2 : 169 ).

الظاهر منها أنّ المراد زیارة البیت ، وکذا من روایة سماعة ، فلیلاحظ.

لکن الغسل لأجل زیارتهم صلوات الله علیهم لا تأمّل فی ورود النصّ به ، کما ذکر فی کتب المزار (3).

قوله : وهذه مرسلة. ( 2 : 171 ).

لا یضر بعد الانجبار بعمل الأصحاب ، کما هو مسلّم عنده أیضا ، هذا مع التسامح فی أدلّة السنن ، وهو أیضا مسلّم عنده ، والعموم یظهر من العلّة المذکورة فیها.

بحث رجالی حول محمّد بن عیسی

غسل زیارة النبی صلی الله علیه و آله والأئمة علیهم السلام

غسل التوبة

ص: 88


1- راجع ص 84.
2- الکافی 3 : 40 / 1 ، الوسائل 3 : 303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
3- انظر کامل الزیارات : 26 ، 184 ، 309 ، والفقیه 2 : 370 / 1625 ، والوسائل 3 : 338 أبواب الأغسال المسنونة ب 29 ، و 14 : 390 أبواب المزار ب 29.

قوله : منضمّا إلی أنّ الغسل خیر. ( 2 : 171 ).

لا بدّ من دلیل یدل علی کونه فی نفسه خیرا ، وقد مرّ الکلام فی صدر الکتاب عند قوله : وقد تجب الثلاثة بنذر وشبهة (1).

قوله : والاکتفاء فیها بنیّة القربة. ( 2 : 173 ).

فی استحقاق الثواب مع عدم قصد المستحب وعدم فعله بقصد الامتثال ، أو لله تعالی ، تأمّل ظاهر ، وقد مرّ الکلام (2).

قوله : وموافقة لفتوی. ( 2 : 174 ).

ولاحتمال حقیّة الروایة وصدقها ، والتجنب عن الشبهات مطلوب شرعا.

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 2 : 174 ).

ومع ذلک أطلق الواجب فیها علی کثیر ممّا لیس بواجب قطعا ، فیحصل منه وهن آخر فی الاستدلال علی الوجوب.

قوله (3) : عدا ضیق الوقت. ( 2 : 177 ).

لا یخفی أنّ هذا أیضا داخل ، لما ستعرف.

قوله : والعلاّمة فی المنتهی. ( 2 : 179 ).

والتذکرة ، وابن زهرة (4).

قوله : فإنّ عدم الوجدان لا یتحقق. ( 2 : 179 ).

لا یخفی أنّ عدم الإصابة حین الطلب وبعد الفراغ منه یکفی لصدق

مسائل

کلمة فی تداخل الأغسال

حکم غسل السعی لرؤیة المصلوب

حکم غسل المولود حین ولادته

التیمم

مسوغات التیمم

عدم وجدان الماء

ص: 89


1- راجع ج 1 : 236 - 242.
2- راجع ص 236 - 242.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
4- التذکرة 2 : 149 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 555.

عدم الوجدان ، وأنّ الطلب لا یجب أن یکون من أوّل الوقت إلی وقت خشیة فوت الفریضة ، بل یصدق بالطلب أوّل الوقت أیضا.

قوله : فی الحسن عن زرارة. ( 2 : 179 ).

لکن هذه وردت بإسناد آخر « فلیمسک » بدل « فلیطلب » (1).

قوله : فإنّ مقتضاهما سقوط الطلب مع الخوف. ( 2 : 180 ).

لکن روایة الرقّی وردت بطریق آخر هکذا : فقال له داود بن کثیر : فأطلب الماء یمینا وشمالا؟ فقال : « لا تطلب یمینا ولا شمالا ولا فی بئر ، إن وجدته فی الطریق فتوضّأ وإلاّ فامض » (2).

والتوجیه بالنسبة إلیه بعید ، إلاّ أنّ هذا الطریق أیضا ضعیف ، ووقوعها بالطریق الأوّل أیضا أوجب التزلزل وعدم الوثوق بظاهر ما ورد فی هذا الطریق ، بل ومظنّة أنّه سقط منه قوله علیه السلام : « فإنّی أخاف علیک التخلف » ، فإنّ الظاهر الإسقاط لا الازدیاد ، والظاهر أنّ الروایتین واحدة ، بل علی تقدیر التعدد أیضا یکون الظاهر إرادته ، جمعا بین الأخبار ، فتأمّل. وکیف کان ، لا یقاوم هذا ما ذکره من الإجماع والنص.

قوله : وهی ضعیفة السند جدّا. ( 2 : 181 ).

لا وجه لهذه المبالغة فی التضعیف ، بل نفس التضعیف محلّ تأمّل ، بملاحظة ما ذکره الشیخ فی العدّة (3) من أنّ الشیعة عملت بما رواه السکونی وأمثاله من الثقات فحکم بتوثیقه أیضا.

وجوب طلب الماء ومقداره

بحث رجالی حول السکونی

ص: 90


1- التهذیب 1 : 194 / 560 ، الوسائل 3 : 367 أبواب التیمم ب 14 ذ ح 3.
2- التهذیب 1 : 202 / 587 ، الوسائل 3 : 343 أبواب التیمم ب 2 ح 3.
3- عدّة الأصول 1 : 380.

مع أنّ ما ذکره ظاهر من طریقة الأصحاب ، إذ قلّ ما یکون باب من أبواب الفقه لم یرووا فیه حدیثا منه ، ومع ذلک عملوا به وتلقّوه بالقبول ، بل وربما رجّحوه علی الأخبار الصحاح والمعتبرة ، منه فی هذا الموضع.

مع أنّه بملاحظة ما ذکره ابن إدریس وغیره ربما یحصل أنّ هذا الخبر کان فی ذلک الزمان متواترا إلاّ أنّه ثبت بطریق واحد ، کما صرّح بنظائره المرتضی وقال : کثیر من أحادیث کتبنا هکذا (1). مع أن الضعف منجبر بعمل الأصحاب.

قوله : والروایة واضحة السند. ( 2 : 181 ).

الروایة حسنة فلم تثبت العدالة المشترطة المسلّمة عنده ، ولم ینجبر أیضا بعمل الأصحاب ، بل وعمل الأصحاب علی خلافها ، بل وعارضها الروایة التی عملوا بها ، مضافا إلی باقی ما ذکرناه.

مع أنّه مرّ أنّ هذه الحسنة وردت بطریق آخر - وهو قوی - « فلیمسک » موضع « فلیطلب ».

مع أنّه یعارضها ظواهر أخبار کثیرة صحاح ومعتبرة ، بل ویظهر من بعضها أنّ التأخیر مستحب (2).

مع أنّه یمکن حمل « فلیطلب » علی الإمساک عن التیمم ابتغاء لحصول الماء والطهارة المائیة ، جمعا بین النسختین ، بل وجمعا بین الأدلة أیضا ، فتأمّل.

قوله (3) : دفعا للضرر. ( 2 : 182 ).

ص: 91


1- انظر رسائل الشریف المرتضی 1 : 26.
2- التهذیب 1 : 203 / 590 ، الوسائل 3 : 382 أبواب التیمّم ب 21 ح 3.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».

هذا إذا لم یمکنهم أخذ الماء معهم ، وإذا أمکنهم فلا ضرر ، لکن إذا قصّروا ولم یأخذوا فلیتیمّموا ولیصلّوا ، وأعادوا إذا تطهروا بالماء احتیاطا ، لما سیجی ء.

قوله : کما هو روایة السکونی. ( 2 : 183 ).

والمفتی به عنده.

قوله : والأمر یقتضی الإجزاء. ( 2 : 183 ).

إن (1) أراد الإجزاء بالقیاس إلی القضاء فهو مسلّم وإن أراد بالنسبة إلی الإعادة فی الوقت أیضا فمشکل ، لعدم ثبوت الخروج عن عهدة التکلیف الثابت من العمومات الدالة علی وجوب الصلاة مع الطهارة المائیة مع الإمکان فی الوقت ، بمجرد تقصیره فی الطلب وخطائه فی ظنّه تضیّق الوقت ، فتأمّل جدّا.

قوله : وأهمل حتی ضاق الوقت. ( 2 : 184 ).

التقیید بالإهمال مشعر بأنّه مع عدم الإهمال والتقصیر لو اتفق کذلک یکون الواجب علیه التیمم من دون إعادة.

قوله : وهی مع ضعف سندها. ( 2 : 185 ).

هی (2) مطابقة للعمومات الدالة علی التکلیف مع بقاء الوقت ، ومتأیّدة

حکم من أخل بالطلب

ص: 92


1- بدل هذه الحاشیة فی « ب » و « ج » و « د » : إن أراد أنّ القضاء لیس علیه فالأمر کما ذکره ، وإن أراد أنّه فی الوقت والتمکّن من الطهارة المائیة لیس علیه إعادة للامتثال ، ففیه : أنّه ربما کانت العمومات تقتضی الإعادة ، إذ بمجرّد تقصیره فی الطلب وخطائه فی ظنّه الضیق لا یقتضی خروجه عن عهدة التکلیف الثابت بها مع بقاء وقته واستجماعه لشرائط التکلیف.
2- بدل هذه التعلیقة فی « ب » و « ج » و « د » : لا یخفی أنّها مطابقة للعمومات الدالة علی أنّ المکلف یجب علیه الصلاة بعد دخول الوقت وفی الوقت بالطهارة المائیة وموافقة لما دلّ علی وجوب التأخیر إلی ضیق الوقت فی التیمّم والصلاة به ، ولهذا قال الشارح : هو خلاف محلّ النزاع إن کان محلّ النزاع القضاء ، وإن کان الإعادة فی الوقت فالأظهر الإعادة ، والنسیان مشعر بإخلال الطلب وقت السعة ، فتأمّل جدّا.

بما دلّ علی اعتبار الضیق فی التیمم ، فإن کان محل النزاع القضاء فالأمر کما ذکره ، وإلاّ فلا ، لما عرفت ، مع أنّ النسیان مشعر بالإخلال فی الطلب فی سعة الوقت.

قوله : لأنّ الصلاة واجب مشروط بالطهارة. ( 2 : 185 ).

هذه العلة بعینها جاریة فی المسألة السابقة المنقولة عن المنتهی من أنّه لو کان بقرب المکلف ماء. إلی آخر المسألة ، لأنّه متمکن من استعمال الماء بالمشی إلیه ، سیّما إذا کان المشی إلیه بخطوات یسیرة ، غایة الأمر أنّه یخرج الوقت ، فإن کان خروجه مانعا من التمکن ففی ما نحن فیه أیضا کذلک ، بسبب أنّه لا یوجد دلیل شرعی یقتضی المانعیة ، سوی عموم ما دل علی وجوب مراعاة الوقت ، وحرمة فوت الصلاة وترکها حتی یخرج الوقت ، وإلاّ فیجب أن یمشی إلیه ویتطهر به ، لعدم عجزه عن الاستعمال.

علی أنّ تقیید هذه المسألة بقید الإخلال بالاستعمال یؤذن بأنّه لو لم یخلّ بالاستعمال ولم یقصّر واتفق ضیق الوقت عن المائیة ، مثل أن کان نائما فاستیقظ فی ضیق الوقت وغیر ذلک من أمثال هذا المثال لکان الواجب علیه التیمم ، ولا یخفی عدم الفرق بین هذه الأمثلة وبین الإخلال.

قوله : والحال أنّ المکلف واجد للماء متمکن من استعماله. ( 2 : 185 ).

لا نسلّم کونه متمکنا ، لأنّ عموم ما دل علی وجوب مراعاة الوقت

ص: 93

وحفظ الصلاة من الفوت والترک یمنع عن الاستعمال ، سیّما علی القول بأنّ القضاء فرض جدید ومستأنف ، کما هو الحق والمحقّق والمسلّم عند المحقّقین.

مع أنّ وجوب الطهارة المائیة إنّما هو لأجل الصلاة ، کما هو الحق والمحقّق ، ولیس لها وجوب أصلا إلاّ من جهة فعلها وأدائها ، فلا معنی لترجیح إیجابها علی إیجاب الصلاة واختیار فعلها علی ترک الصلاة.

مع أنّه علی القول بالوجوب لنفسه غیر خفی أنّ الوجوب موسّع لا یتضیّق إلاّ بتضیّق وقت العبادة أو ظن الموت ، فبتضیّق وقت العبادة یتضیّق ، فکیف یقدم علیها؟! ووجوب الصلاة أداء مضیّق ومعیّن لا تخییر فیه بینه وبین القضاء أصلا ، سیّما علی القول بأنّه فرض علی حدة.

ولهذا تؤدّی الصلاة بنجاسة الثوب والبدن ، ومع عدم ستر العورة ، ومع عدم استقبال القبلة ، ومع عدم الاستقرار ، ومع غصبیة المکان ، إلی غیر ذلک ، وکذا تؤدّی مع عدم الحمد والسورة والرکوع والسجود وغیرهما من الأرکان والواجبات ، ویکتفی بتکبیرتین بدلا عن الرکعتین ، بل وترجمة التکبیرتین ، مع عدم استقبال القبلة وغیره من الشرائط ، کل ذلک صونا عن الفوات الذی هو الترک حقیقة.

بل وربما قیل بتقدیم الوقت علی مطلق الطهور أیضا (1) ، فعلی هذا کیف یقدم خصوص المائیة التی هی أحد الطهورین علی نفس الفوت والترک؟!

مع أنّه لو کان یقدم لکان یقدم فی غیر هذه الصورة من صور التمکن

ص: 94


1- حکاه فی الحدائق 4 : 318 عن السیّد نعمة الله الجزائری.

من استعمال المائیة بعد خروج الوقت.

علی أنّه بتتبع أحادیث باب التیمم یظهر ظهورا تاما أنّ اختیاره إنّما هو لئلاّ تخرج الصلاة عن وقتها ، ولا یتحقّق فوتها وترکها ، فتأمّل.

ولما ذکرنا اختار جلّ الفقهاء ومعظمهم الثانی ووافقوا العلاّمة ، هذا من المتأخّرین ، وأمّا القدماء فلم یظهر منهم رأیهم ، وکیف کان ، الجمع بین الأداء والقضاء - کما ذکره الشارح - لا یخلو عن الاحتیاط.

قوله : واستدل علیه بأنّ من خشی من لصّ. ( 2 : 188 ).

لعلّ نظره فی هذا إلی الإجماع الذی سیذکره فی هذه المسألة عند ذکر المسوّغ الثالث ، وسیظهر أنّ المسوّغ هو خوف اللصّ مطلقا ، من غیر مدخلیة خصوص أخذ ما یجحف به ، وکذلک الکلام فی روایة یعقوب ، إلاّ أن یتمسک بالقیاس بطریق أولی ، وفیه ما فیه ، لأنّ الإجحاف هنا شرط وعدمه مانع وموجب للشراء والطهارة بالماء.

فانحصر المستند فی فتوی الأصحاب وعموم قوله تعالی ( ما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ ) (1) الآیة ، وقوله تعالی ( یُرِیدُ اللهُ بِکُمُ الْیُسْرَ ) (2) الآیة ، وهو رحمه الله لم یجعل دلیلا أصلا ، وجعل الأخیرین مؤیّدین ، ولعل المجموع کاف دلیلا علی المقام.

ویؤیّده أیضا قوله صلی الله علیه و آله : « لا ضرر ولا ضرار » (3) ونظائر ذلک فلیلاحظ.

عدم الوصول إلی الماء

عدم وجوب شراء الماء إذا أضرّ فی الحال

ص: 95


1- الحج : 78.
2- البقرة : 185.
3- الکافی 5 : 292 باب الضرار ، الفقیه 3 : 147 / 648 ، التهذیب 7 : 146 / 651 ، الوسائل 25 : 427 أبواب إحیاء الموات ب 12 ، مسند أحمد 5 : 327 ، سنن ابن ماجة 2 : 784 / 2340.

ویمکن أن یکون نظر المصنف رحمه الله إلی عموم نفی الضرر ، کما یظهر من آخر کلامه ، إلاّ أنّه لا وجه حینئذ للتمسک بحکایة الخشیة من لصّ أخذ ما یجحف به ، فتأمّل.

قوله : باقیا فی ید المالک. ( 2 : 190 ).

هذا مقید بإمکان الاستعمال ، بأن لا تخرج الصلاة عن الوقت ولا تفوت بسبب استعماله ، ومرّ وجه التقیید.

قوله : فإنّه لا غضاضة فیه. ( 2 : 191 ).

هذا بالقیاس إلی ضیاع المال من جهة اللصّ تمام ، لکن کلام المصنّف أعم من ذلک ، وکذا ما ذکره من قوله : ولا فی المال بین أن یکون. ، وبالجملة : التعمیم لا یخلو عن الإشکال ، لصدق واجد الماء والمتمکن منه علیه ، وعدم ظهور مانع ، إلاّ أن یکون إجماع علیه ، فیکون حینئذ هو الفارق ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء الضرر معه. ( 2 : 193 ).

فیه نظر ، لأنّ المرض ضرر کیف کان ، نعم یسیره ضرر یسیر ، بل غالبا لا یؤمن من الانجرار إلی الشدید ، بل وإلی التهلکة فی کثیرین ، ثم فی جعل وجع الرأس والضرس یسیرا نظر ظاهر ، إلاّ أن یرید الیسیر منهما.

قوله : وربما کان الخلاف مرتفعا فی المعنی. ( 2 : 193 ).

لعل مراده رحمه الله أنّ الشهید لمّا استند فی استشکاله إلی نفی العسر والحرج ظهر أن لیس لهم نزاع فی المعنی ، إذ لا یکون عسرا وحرجا حتی یکون فیه شدّة ، والسهل لا یکون عسرا ولا حرجا.

وفیه نظر ، لأنّ السهل أمر إضافی ، فربما یوصف الشی ء العسیر بالسهولة بالقیاس إلی فرده الشدید ، وکیف کان ، المرض السهل والیسیر

الخوف

الخوف من اللص والسبع أو ضیاع المال

جواز التیمم مع خوف المرض

ص: 96

حرج عند الشهید ، إلاّ أنّه الفرد الیسیر من الحرج ، وهذا هو الظاهر من کلامه ، فالمرض عنده - کیف کان - یکون حرجا ، وإن کان فی غایة یسر وسهولة من الحرج ، ولا یخلو من قرب ، وکذلک هو ضرر ، کما أشرنا.

ویؤیّد الشهید العمومات الدالة علی کون الترابیة بمنزلة المائیة (1) ، وکذا العمومات الواردة فی الجروح والقروح ، والخائف علی نفسه یتیمم ، وما یظهر من مواضع متعدّدة من أنّه بأدنی عذر یتیمم (2) ، فلاحظ.

قوله : وقال الشیخان. ( 2 : 193 ).

فی التهذیب قال : الأولی أن یغتسل ، وصرّح بجواز التیمم له مع إعادة الصلاة عند رفع العذر (3).

قوله : بتعمّد الجنابة. ( 2 : 194 ).

بل ظاهر صحیحة ابن مسلم عدم التعمّد.

قوله : ولا قائل بمضمونهما. ( 2 : 194 ).

لقائل أن یقول : خرج ما خرج بالإجماع وبقی الباقی ، فالعمدة فی الجواب ما ذکره وما سنذکر.

قوله : وضعف سندهما. ( 2 : 194 ).

مضافا إلی مخالفته للقرآن فی آیات متعددة ، وورد فی کثیر من الأخبار أنّ مخالفة القرآن یوجب منع العمل (4) ، فکیف فی مخالفته فی مواضع متعددة ، مضافا إلی غیر القرآن من الأدلة العقلیة والنقلیة الیقینیة ،

حکم الجنب المختار لو خاف بالغسل التلف أو الزیادة فی المرض

ص: 97


1- الوسائل 3 : 385 ، أبواب التیمم ب 23.
2- الوسائل 3 : 342 ، أبواب التیمم ب 2 و 3 و 5.
3- التهذیب 1 : 196.
4- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

فضلا عن الظنّیة ، ومنها النصوص المطلقة فی جواز التیمم ، مع أنّ تتبع تضاعیف مواضع معارضة حفظ النفس مع التکلیف ینادی بتقدیم حفظها علیه ، حتی أنّه یقدم علی نفس الصلاة ، فکیف یقدم أحد الطهورین علیه ، مضافا إلی ما أشرنا فی الحاشیتین السابقتین.

قوله : وأمّا الشّین فقیل إنّه عبارة. ( 2 : 194 ).

تقیید المرض بالشدّة ، وإبقاء الشین علی إطلاقه مشکل جدّا ، بل ربما کان تقییده موجبا لتقیید الشین ، فإنّه إن کان من المرض فظاهر ، وإن کان من الحرج والعسر فعند الشارح رحمه الله وموافقیه فکذلک ، وعند الشهید غیر مقید أصلا ، وتحقّق إجماع یقتضی زیادة حکمه علی حکم المرض وکونه أشدّ منه محلّ تأمّل.

قوله : أمّا بالنظر إلی الدوابّ فمشکل. ( 2 : 196 ).

لا إشکال علی طریقة الفقهاء ، لأنّهم ادعوا الإجماع فی خوف ضیاع المال وإن کان قلیلا ، فما نحن فیه داخل فیه ، بل بطریق أولی ، لما فی ذی الروح من حرمة تمنع عن الأذیة والقتل عبثا ، أی لا لأجل أکل اللحم أو الانتفاع بالجلد ، فتأمّل.

قوله : وهو جیّد إن ثبت. ( 2 : 196 ).

لا تأمّل فیه ، وإنّه یتعین علیه حینئذ ، لعموم المنزلة ، وعموم تحریم النجس.

قوله : ونقله تغلب (1) عن ابن الأعرابی. ( 2 : 197 ).

فیه : انّ الجوهری صرّح بکونه هو التراب مع نقله عن ابن الأعرابی

جواز التیمم مع خوف الشین

جواز التیمم مع خوف العطش علی رفیقه أو دوابّه

ما یجوز التیمم به

بحث لغوی فی معنی الصعید

ص: 98


1- راجع ص 41.

أنّه الأرض (1) ، وفیه شهادة واضحة علی أنّه زیّف قوله وصحّح کونه التراب ، وهو أعرف باللغة ، وأضبط وأمتن ، والاعتماد علیه أزید عند العلماء. وبعد الجوهری صاحب القاموس ، فإنّه قال : التراب أو وجه الأرض (2) ، وهذا ینادی بعدم تعیین کونه وجه الأرض ، بل ربما یومئ إلی ترجیح ما لکونه التراب ، حیث قدمه علی وجه الأرض ، مع أنّه أخص منه ، فکان المناسب تأخیر ذکره عنه. والسید رحمه الله حکم بکونه التراب بالنقل عن أهل اللغة (3) ، وهذا یشیر إلی کون المعرف عندهم هو التراب ، وحکاه ابن درید عن أبی عبیدة ، وقال : هو التراب الخالص الذی لا یخالطه سبخ ولا رمل (4). وقال ابن الفارس : الصعید هو التراب (5). ( وقال ابن عباس الصعید التراب ) (6) وقال المفید : الصعید هو التراب ، وإنّما سمی صعیدا لأنّه یصعد من الأرض (7).

ویؤیّد ذلک ظواهر بعض الأخبار ، مثل قوله علیه السلام فی الطین : « إنّه الصعید » وقوله علیه السلام فیه أیضا : « صعید طیّب وماء طهور » (8) وفی صحیحة زرارة : « ثم أهوی بیدیه إلی الأرض فوضعهما علی الصعید » (9) إلی غیر

ص: 99


1- الصحاح 2 : 498.
2- القاموس 1 : 318.
3- حکاه عنه فی المعتبر 1 : 372.
4- جمهرة اللغة 2 : 654.
5- مجمل اللغة 3 : 226.
6- تنویر المقباس فی تفسیر ابن عباس ( الدرّ المنثور ) 1 : 259 ، وما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج ».
7- المقنعة : 59.
8- التهذیب 1 : 190 / 547 ، الوسائل 3 : 354 أبواب التیمّم ب 9 ح 5 و 6.
9- الفقیه 1 : 57 / 212 ، الوسائل 3 : 360 أبواب التیمّم ب 11 ح 8.

ذلک ممّا سنذکر بعضها ، فعلی هذا تکون الآیة حجّة علیه لا له ، إذ ما ذکره لا یقاوم ما ذکرنا ، کما لا یخفی.

سلّمنا ، لکن نمنع کونها حجّة له ، وهو أیضا ظاهر ، مع أنّ الآیة ظاهرة فی التراب ، لأنّ قوله تعالی ( مِنْهُ ) فی هذه الآیة ظاهره أنّ « من » فیه للتبعیض ، کما حقّقه المحقّقون ، فظاهرها اشتراط العلوق وکون المسح به ، وورد النص الصحیح أیضا بذلک ، وأنّ المراد منها ما ذکر (1) ، وظاهر أنّ الغالب الشائع تحقّق العلوق من التراب لا من الحجر والرخام ، وأمّا الغبار فإن کان من الأرض فهو من التراب البتّة ، وإلاّ فهو خارج عن حکم الآیة ، فإنّ الظاهر کون العلوق ممّا یتیمم به ، کما لا یخفی.

ومما ذکرنا ظهر فساد ما ذکره فی الذخیرة من أنّ الأقوی صحة التیمم بالحجر ونحوه ، لکن لا یبعد أن یقال : بشرط أن یکون علیه شی ء من الغبار ونحوه ، لما سیجی ء من دلالة بعض الأخبار الصحیحة علی اشتراط العلوق (2) ، انتهی.

وبالتأمّل فی ما ذکرنا یظهر أیضا فساد ما أورده المحقّق علی السید فی تمسکه بقول اللغویین من أنّه لا یلزم. ، إذ یظهر من کلماتهم أنّ التراب متعین فی کونه معنی الصعید ، وأنّ الظاهر منهم الردّ علی من یدعی أنّه وجه الأرض.

مضافا إلی أنّ اللغوی إذا ذکر للفظ معنی واحدا لیس إلاّ لا شک فی کون معنی اللفظ عنده هو هذا المعنی خاصّة ، وأنّه لو کان عنده أنّ معناه

ص: 100


1- الکافی 3 : 30 / 4 ، الفقیه 1 : 56 / 212 ، التهذیب 1 : 61 / 168 ، الوسائل 3 : 364 أبواب التیمّم ب 13 ح 1.
2- الذخیرة : 98.

متعدد لما اقتصر بالواحد ، یظهر القطع بذلک لمن تتبع کلماتهم ، سیّما وأن یذکروا معرّفا باللام مع ضمیر الفصل ، ویقولوا : الصعید هو التراب ، فإنّ الحصر فی غایة الظهور.

مع أنّ ما ذکره إثبات اللغة بالترجیح ، وهو فاسد ، لأنّه سماعی. بل ما ذکره ردّ علی اللغوی لا بیان لکلامه ، کما لا یخفی.

مع أنّ استعماله فی الأرض محلّ منع ، ولو سلّم فکون الاستعمال ظاهرا فی الحقیقة وأصلا فیه ممنوع أیضا ، لأنّ الاستعمال أعم من الحقیقة ، وصرّح بعض المحقّقین بأنّ المجاز هو الأصل والظاهر ، لأنّ أکثر الاستعمالات مجاز ، وکذا اللغات أکثرها مجازات ، کما صرّح به ، وکون الأصل هو الحقیقة إنّما هو فی موضع علم المعنی الحقیقی وشکّ فی استعماله فیه ، وأمّا فی ما نحن فیه فلا ، کما عرفت.

ولو سلّم کون الأصل فیه أیضا الحقیقة لا جرم یتحقّق الاشتراک ، لأنّ الاستعمال إنّما وقع فی خصوص التراب لا الطبیعة الأرضیة الکائنة فیه ، وحمل کلام اللغوی علیه فاسد ، إذ متی ذکروا للفظ معنی وأرادوا منه نصفه وبعضه؟

مع أنّ ما ذکره لو سلّم فإنّما هو فی استعمالات أهل المحاورات ، بناء علی أنّهم یستعملون مع القرینة ، فیمکن أن یکون مرادهم من اللفظ خصوص القدر المشترک ، ومن القرینة الخصوصیة ، وأین هذا من قول أهل اللغة من أنّ لفظ کذا معناه کذا؟

ویمکن أن یقال من قبل الشارح : إنّ الإجماع واقع علی جواز التیمم

حکم التیمم بغیر التراب

ص: 101

بغیر التراب ، وورد منهم علیهم السلام أنّ ( الطهور إنّما هو الماء والصعید ) (1).

وفیه : أنّ التیمم جائز بالغبار قطعا مع أنّه لیس من الصعید عند الشارح ، فتأمّل.

علی (2) أنّا نقول : عمدة الأرض التراب ، بل أصلها التراب ، وغیر التراب عرضتها حرارة إحالتها إلی الحجریة والرملیة وأمثالهما ، ولذا یقال : أرض ذات أحجار ، وذات الحصاة وذات الرمل وأمثال ذلک ، ولا یقال : أرض ذات تراب ، أو أرض فیها تراب ، نعم یقال : ترابها خالص ، ویقال : أرض فیها أحجار وحصاة ورمل ، ومن هذا قوله تعالی ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً. وَالْجِبالَ أَوْتاداً ) (3).

مع أنّ معظم الأرض التراب وغالبها ، والإطلاق ینصرف إلی الغالب. مع أنّ استعمال الکلّی فی الفرد حقیقة متعارف شائع ، وبهذا یحصل الجمع بین أقوال اللغویین ، سیّما استعمال لفظ الأرض فی خصوص التراب ، لأنّه حقیقة شائعة فی الأخبار. نعم الجوهری وصاحب القاموس أظهرا المخالفة بینهما بحسب الواقع (4) ، فتأمّل.

وممّا یؤیّد المطلوب أنّ المعادن مثل الزرنیخ والکحل ونحوهما إذا کانت فی محالّها یطلق علیها اسم الأرض ، ولذا جوّز بعض العلماء التیمم بها حینئذ (5) والمشهور نافون له متحاشون عنه ، کما سیجی ء ، وإذا أخذ

حکم التیمم بالمعادن

ص: 102


1- فی النسخ : التیمم إنّما هو بالماء والصعید ، والصواب ما أثبتناه ، انظر التهذیب 1 : 188 / 540 ، والاستبصار 1 : 14 / 26 ، والوسائل 1 : 201 أبواب الماء المضاف ب 1 ح 1.
2- من هنا إلی آخر هذه الحاشیة لیس فی « أ » و « و».
3- النبإ : 6 ، 7.
4- انظر الصحاح 2 : 498 و 3 : 1064 ، والقاموس 1 : 318 و 2 : 335.
5- حکاه فی المعتبر 1 : 372 عن ابن أبی عقیل.

النورة والجصّ - بل والحجر أیضا - عن محالّها فغیر معلوم إطلاق لفظ الأرض علی القطعة المأخوذة المنفردة عرفا ، ومن هذا قال ابن إدریس بأنّ الجصّ والنورة معدنیان (1) ، فتأمّل.

وفی المختلف - بعد أن نقل من الشیخ فی النهایة ، والمفید ، وابن إدریس ، وسلاّر ، المنع من التیمم بالحجر مع وجود التراب ، ومن ابن الجنید المنع منه مطلقا - قال : احتجّ المانع بأنّ المأمور به التیمم بالصعید ، والصعید هو التراب ، وإنّما سمّی صعیدا لتصاعدها علی وجه الأرض ، فلا یجزی ما عداه. وأجاب بالمنع من عدم الحقیقة فی التراب ، فإنّه تراب اکتسب رطوبة لزجة ، وعملت حرارة الشمس فیه حتی تحجّر ، فإذا کانت الحقیقة فیه دخل تحت الأرض ، ولأنّها لو لم تکن باقیة لم یکن التیمم بها مجزیا عند فقد التراب ، کالمعدن ، والتالی باطل إجماعا فکذا المقدم (2). انتهی.

ویظهر منه أنّ سلار ، وابن إدریس ، والشیخ فی النهایة شرکاء مع المفید فی کون الصعید هو التراب ، وکذلک ابن الجنید ، إلاّ أنّه لم یجوّز مطلقا ، والباقون جوّزوا مع فقد التراب ، للإجماع الذی ادعاه ، والعلاّمة أیضا مسلّم کون الصعید هو التراب ، إلاّ أنّه ادعی عدم خروج الحجر من الحقیقة ، مثل ما ادعوا فی الخزف ، کما سیجی ء ، وهذا دعوی آخر ، إلاّ أنّ الصعید لیس لغة اسم التراب بل هو أعم ، ولذا قال فی الجواب : إنّه لغة هو الأرض ، وما تمسک بقول لغوی فی ذلک ، وهذا ینادی بأنّه لم یکن معتقدا بأنّه لغة اسم الأرض ، وأنّ لغویا قال کذلک.

جواز التیمم بالحجر عند فقد التراب

ص: 103


1- السرائر 1 : 137.
2- المختلف 1 : 260 ، 261.

کما أنّ المحقق فی مقام الجواب عن استدلال السید بأنّه لغة هو التراب لم یذکر قول لغوی بأنّه الأرض مع غایة إصراره فی الجواب عن دلیل السید ، وفی الصعید اسما للأرض ، حتی أنّه تمسک بما تمسک فی مقام الردّ علی قول اللغوی وأثبت اللغة بالدلیل ، ولا یخفی شناعته. ولعل رأیه رأی العلاّمة من کون الأرض هو التراب الخالص ، والمستحیل بما لا یخرج من الحقیقة.

وممّا ذکر [ ظهر ] (1) أنّ الأکثر یقولون بکون الصعید اسما للتراب ، ولیس کما ذکره الشارح ، فتأمّل.

قوله : فلیمسح من الأرض. ( 2 : 197 ).

ظاهر « من » هنا أنّه للتبعیض ، کما هو ظاهر الآیة أیضا ، فظاهره العلوق والمسح به ، فظاهرها التراب ، لأنّ الحجر لا یمسح منه وغالب أجزاء الأرض هو التراب ، والغالب أنّ التیمم یکون به ، ولیس فی لفظ الأرض عموم ، بل هو مطلق ، والمطلق یرجع إلی العموم حیث لا یکون شائع ینصرف إلیه ، فتأمّل.

مع أنّه یرجع إلی العموم إذا کان فی مقام بیان حکم نفسه لا أنّه ذکر تقریبا لحکم آخر ، لأنّ البناء علی العموم بسبب أن لا یخرج کلام الحکیم عن الفائدة ، وإذا ذکر تقریبا لحکم آخر ، فالفائدة حاصلة بنی علی العموم أم لا ، ولا حاجة لها فیه.

وبالجملة : أمثال هذه الأخبار لا یخلو عن الضعف فی الدلالة لتطرّق هذه المناقشات فیها. مضافا إلی أنّ غیر واحد منها ذکر فیها الأمر بنفض الید

ص: 104


1- أضفناه لاستقامة العبارة.

بعد الضرب علی الأرض (1) ، وهذا ظاهر فی أنّهم علیهم السلام وإن کانوا یذکرون لفظ الأرض إلاّ أنّهم یریدون منها جزءها الغالب الذی هو التراب.

وممّا یؤیّد : ما مرّ فی الحاشیة السابقة من ظهور اشتراط العلوق والمسح به من الآیة والحدیث ، وما مرّ فیها من ظهور کون الصعید هو التراب ورجحانه ، وورد فی الحدیث أنّ الطهور إنّما هو الماء والصعید (2).

وممّا یؤیّد : أنّ الفقهاء - إلاّ من شذّ منهم - فهموا من الصعید التراب ، ولذا حکموا بکون الحجر بعد العجز عن التراب ، وفی حالة الاضطرار ، بل وبعضهم أخّره عن الغبار وغیره (3).

وممّا یؤیّد : ما سنذکر من الأخبار الدالة علی أنّ التیمم یکون بالتراب ، فلاحظ وتأمّل.

وبالجملة : لا شک فی أنّ التراب أرض ومعظم الأرض ، فإطلاق لفظ الأرض علیه من قبیل إطلاق لفظ الکلی علی الفرد ، مع أنّ ما نحن فیه معظم الأفراد ، وإطلاق الکلی علی الفرد شائع ، بل وحقیقة (4) ، غایة الأمر أن یکون خلاف الظاهر بالقیاس إلی إطلاقه علی نفس القدر المشترک ، لا أنّه خلاف النص.

مع أنّک عرفت ما به یضعف هذا الظهور مطلقا أو ضعفا فی الجملة ، فتأمّل.

علی أنّه لعله لا تأمّل فی صحة التیمم بالأرض من حیث هی هی فی

بحث فی أنّ إطلاق لفظ الأرض علی التراب یکون من قبیل إطلاق الکلی علی الفرد

ص: 105


1- الوسائل 3 : 358 أبواب التیمّم ب 11 ح 7 وب 12 ح 2.
2- راجع ص 102.
3- کالکاشانی فی المفاتیح 1 : 61.
4- فی « ا » زیادة : عرفا.

الجملة ، إنّما التأمّل فی الصحة مطلقا واختیارا ، وسیجی ء ، فتأمّل.

قوله : احتج السید. ( 2 : 198 ).

ویدل علی مذهبه أیضا أنّ العبادات وظیفة شرعیة موقوفة علی نصّ الشرع ، کنفس الأحکام الشرعیة ، ولم تثبت صحة التیمم بغیر التراب ، مثل الحجر وغیره ، أو (1) لم یثبت کونه تیمما ، لاختلاف الأدلة والأمارات ، ولو لم نقل برجحان أدلة السید وأماراته.

ویدل علیه أیضا حسنة رفاعة عن الصادق علیه السلام : « إذا کانت الأرض مبتلّة لیس فیها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتیمم منه ، فإنّ ذلک توسیع من الله » إلی أن قال : « فإن کان لا یقدر إلاّ علی الطین فلا بأس أن یتیمّم منه » (2) ، فلو کان التیمم بالحجر مثل التراب من دون تفاوت لما قال : فإن لم تجد ترابا فانظر أجفّ موضع. مضافا إلی أنّ التیمم بالصخر والحجر لا مانع منه أن یکون مبتلاّ ، فإنّه حجر والضرب یقع علیه ، وفی قوله : « منه » فی الموضع إشارة إلی العلوق والمسح به.

وقریب من الحسنة روایة علی بن مطر ، عن بعض أصحابنا ، عن الرضا علیه السلام ، عن الرجل لا یصیب الماء ولا التراب ، أیتیمم بالطین؟ قال : « نعم ، صعید طیب ، وماء طهور » (3) ( وفیه أیضا شهادة ما علی کون الصعید هو التراب ) (4) ، ( والمستفاد من الأخبار وکلام الفقهاء أنّ التیمم بالطین بعد

دلیل ما قاله السیّد المرتضی من أنّه لا یجزئ فی التیمم إلاّ التراب الخالص

ص: 106


1- فی « ا » : إذ.
2- التهذیب 1 : 189 / 546 ، الاستبصار 1 : 156 / 539 ، الوسائل 3 : 354 أبواب التیمّم ب 9 ح 4.
3- التهذیب 1 : 190 / 547 ، الوسائل 3 : 354 أبواب التیمّم ب 9 ح 6.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

العجز عن التراب ) (1) أو الأرض ، ولم یقل علیه السلام هل عنده حجر أم لا؟ ، فإن کان فلیتیمم به. ویؤیّده أیضا قوله علیه السلام فی صحیحة جمیل ، فی إمام القوم الجنب یتیمم ویصلی بهم : « إنّ الله جعل التراب طهورا کما جعل الماء طهورا » (2) وأمثال هذه ممّا یتضمّن لفظ التراب ، مثل قوله علیه السلام : « التراب طهور المسلم » (3) ، وقوله فی حسنة معاویة بن میسرة : الرجل فی السفر لا یجد الماء ، ثم صلی ، ثم أتی الماء - إلی قوله - : « یمضی علی صلاته ، فإنّ ربّ الماء ربّ التراب » (4) ، وغیر ذلک ، ومرّ فی الحاشیتین السابقتین ما یصلح للاستناد والاستدلال علی مذهب السید.

وأقوی ما یمکن أن یقال من طرف المحقّق وموافقیه إنّ الوصف فی هذه الأخبار خارج مخرج الغالب ، لکن هذا یوجب ضعف دلالة لفظ الأرض فی أخبارهم علی العموم ، کما لا یخفی.

وکیف کان ، الحکم بصحة التیمم بالحجر ومثله مع وجود التراب والتمکن منه لا یخلو عن إشکال ، بملاحظة ما ذکرنا فی هذه الحواشی ، سیّما وأن یکتفی به فی تحصیل البراءة عن شغل الذمّة الیقینی ، والخروج عن عهدة الأمر الجزمی القطعی.

وأمّا فی صورة عدم التمکن من التراب أو عدم التمکن عن غیر الحجر مثلا فیشکل ترک التیمم به بعد ما ظهر من بعض الأخبار من صحة التیمم بالأرض من حیث إنّها أرض ، وأنّ الصلاة لا تفوت إلاّ بفوت

ص: 107


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- الفقیه 1 : 60 / 223 ، الوسائل 3 : 386 أبواب التیمم ب 24 ح 2.
3- انظر المعتبر 1 : 373.
4- التهذیب 1 : 195 / 564 ، الاستبصار 1 : 160 / 554 ، الوسائل 3 : 370 أبواب التیمم ب 14 ح 13.

الأرض (1) ، للإشکال فی شمول أدلة السید لهذه الصورة ، بحیث یرتفع بسببها هذا الظنّ والظهور أصلا ورأسا ، ولعله لهذا اختار المفصّل التفصیل ، فتأمّل.

قوله : تمسک بدلالة الخطاب. ( 2 : 198 ).

السید رحمه الله لم یستدل بمفهوم الوصف ، فإنّه لیس حجة عنده ، بل استدل بأنّ الأرض لو کانت هی الطهور فالطهور صفتها وحالها وحکمها ، لا التراب ، والأرض مذکورة فی العبارة بلفظها ومصرّح بها ، والطهور المذکور وصف هذه الأرض المذکورة وحالها ومن أحکامها ، فاللازم أن یسند إلیها ، لا إلی التراب الذی لیس هذا الوصف المذکور وصفه وحکمه ، فلا بدّ من أن یکون ذکره لغوا محضا وفاسدا ظاهرا ، سیّما وهو مذکور فی معرض التسهیل والتخفیف والتوسیع منه تعالی ، وإظهار منّته سبحانه علی هذه الأمّة ، وشفقته علی خاتم الرسل.

فلو کان غیر التراب أیضا طهورا لکان التخصیص بذکر التراب غلطا مخلاّ بالمقصود مخرجا عن البلاغة ، لعدم جریان الکلام علی مقتضی الحال ، بل وجریانه علی ضدّ مقتضی الحال ، ولا یخفی أنّ آحاد الناس بل والأطفال منهم لا یفعل کذلک ، فضلا عن أفصح العرب وأعلمهم بالبلاغة وأشدّهم بمراعاتها.

والاحتمالات التی ذکرت فی نفی حجّیة المفهوم وجعلت مساویة لنفی الحکم فیه غیر ملائمة للمقام ولا مقاومة لما ذکرنا بلا تأمّل ، فتأمّل. ویستدل الشارح والمحقّق وغیرهما ( من المحققین ) (2) بمقام الامتنان بما

ص: 108


1- انظر الوسائل 3 : 349 أبواب التیمّم ب 7 و 384 ب 22.
2- لیس فی « أ ».

هو أدنی ممّا فی المقام بمراتب شتی ومسلّم ذلک عندهم ، فتأمّل.

قوله : إنّ الروایة موجودة. ( 2 : 198 ).

الذی یظهر من کلام السید الذی لا یعمل بأخبار الآحاد والظنون أنّ هذه الروایة علی ما هو قطعی مذکور فیها لفظ التراب ، فلو وجد فی الآحاد وبطریق مظلم بغیر هذا اللفظ لا یضرّه ، سیّما مع ظهور أنّ السقط أولی وأقرب من الازدیاد وأظهر جزما ، فتأمّل.

قوله (1) : علی حجّة یعتد بها. ( 2 : 200 ).

قد أشرنا إلی ما یصلح لکونه حجّة لهم ، مضافا إلی ما ادعاه فی المختلف من الإجماع (2).

قوله (3) : ویجوز التیمم بأرض النورة. ( 2 : 201 ).

جواز التیمم بأرض النورة ، لا نفس النورة ، ولعل مراده : إذا کانت علی الأرض یسمی أرضا ، وإلاّ فلا.

قوله : ومتی ثبت ذلک جاز التیمم بهما. ( 2 : 201 ).

لا یخفی أنّ بناءه علی أنّ صدق الأرض علیهما حقیقة بلا ریبة ولا شبهة ، فلا وجه للتردید ، کما أنّه لا وجه للتردید المذکور فی الحجر ، لأنّ الشیخ فی النهایة جمع بینهما وبین الحجر فی الحکم ، کما نقل عنه سابقا (4).

وقد أشرنا إلی وجه اختیار الأکثر هذا التفصیل ، لأنّ اختیار عملهم

جواز التیمم بأرض الجصّ والنورة

ص: 109


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- المختلف 1 : 261.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
4- المدارک 2 : 199.

بعینه هو نفس فتواهم ، وهذه طریقتهم ، ولا یخفی حسنها ، لأنّ الفتوی فائدتها العمل ، لا مثل طریقة الشارح ومن وافقه ، من أنّهم یناقشون فی دلیل الفقهاء مناقشات ثم یقولون : إلاّ أنّ العمل علی ما ذکروه ، أو ما یقرب هذه العبارة ، مثل أن یقولوا : لا ریب فی أنّ اختیار ما ذکروه أولی وأحوط ، وغیر ذلک من أمثال هذه العبارات ، حتی أنّه وقع اصطلاح جدید : أنّ مقام الإفتاء غیر مقام العمل.

ومنها ما ذکره الشارح هنا ، فإنّه بعد المناقشة الطویلة فی أدلة السید فی أنّ التیمم بالتراب ، وتسقیم تلک الأدلة وتضعیفها ، قال : ولا ریب أنّ التیمم بالتراب الخالص أولی وأحوط. وغیر خفی أنّه رحمه الله عمله مقصور علی ما ذکره مهما أمکنه ، وکذا أمره لغیره مقصور فی اختیاره فی العمل ذلک مهما أمکنه ، کما هو طریقة غیره من فقهائنا فی أمثال هذه الأزمان ، وطریقتنا أیضا کذلک ( ولا شک فی أنّه متی یمکننا التیمم بالتراب لا نعدل إلی التیمم بمثل الحجر فی مقام العمل کما أنّ الشارح أیضا کان کذلک ) (1).

ثم إنّه لو تعذر التراب فلا شک أنّ الشارح کان یتیمم بالحجر وأمثاله فی مقام العمل ، وکان یأمر غیره أیضا بذلک فی ذلک المقام کما أن غیره من فقهائنا فی هذه الأزمان أیضا کذلک ، ونحن أیضا کذلک ، وهذا التفصیل فی العمل هو بعینه نفس فتوی المشهور من فقهائنا ، إلاّ من مثل ظاهر عبارة ابن الجنید والشیخ فی الخلاف والمبسوط.

مع أنّا قد أشرنا إلی وجه فتواهم أیضا بأنّه لا شک فی أنّ الفتوی منوطة بالظنّ والوثوق والاعتماد فبعد التمکن من التراب والحجر لا شک

ص: 110


1- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

فی أنّ شغل الذمّة بالصلاة یقینی کما أن بعد التمکن من التراب خاصة أیضا کذلک ، وبعد التمکن منهما لو اخترنا التراب فلا شک فی حصول البراءة ، وأمّا لو اخترنا الحجر فلا یحصل العلم بل ولا الظنّ بحصول البراءة حینئذ ، لما عرفت من تعارض الأدلة والأمارات بحیث لا یمکن ترجیح یعتمد علیه ویستند إلیه ، سیّما فی مقام تحصیل البراءة عن شغل الذمّة الیقینی.

وأمّا بعد العجز عن التراب ووجود مثل الحجر فیحصل للمجتهد - بملاحظة بعض الأخبار المتضمّنة لکون التیمم بالأرض - الظنّ بوجوب التیمم بما یسمی أرضا ، أی شی ء کان ، وأنّه لا تفوت الصلاة إلاّ أن تفوت الأرض أصلا وبالمرة (1).

وبالجملة : دلالتها علی کون التیمم بالأرض من حیث هی أرض ظاهرة فی الجملة لا تأمّل فیها ، إلاّ أنّ عمومها وشمولها لجمیع الأحوال والأوقات حتی مع وجود التراب - بحیث یقاوم ذلک العموم والشمول مقتضی ما دل علی خصوص التراب وظهر منه ، بل ویغلب علیه إلی أن یحصل للمجتهد الظن والوثوق والاعتماد علی تیمم الحجر أیضا - محلّ نظر ، یظهر وجهه من ملاحظة ما ذکرناه فی الحواشی السابقة.

کما أنّ شمول ما دل علی التراب لجمیع الأحوال والأوقات - حتی حال فقد التراب - واقتضاءه ترک الصلاة وفوتها حینئذ بحیث یقاوم دلالة تلک الأخبار المقتضیة لکون التیمم علی الأرض من حیث هی أرض واجبا وصحیحا ، وأنّ الصلاة لا تفوت إلاّ بفوت جمیع ما هو أرض ، وعدم وجدان أرض أصلا ورأسا أیضا محلّ تأمّل ، هذا.

ص: 111


1- راجع ص 106.

مع أنّهم ادّعوا الإجماع علی التیمم بمثل الحجر فی الجملة - علی ما أظنّ - کما أشرنا ، فلاحظ المختلف (1) ، ویظهر ذلک بملاحظة فتاواهم ، إذ المخالف هو ظاهر عبارة ابن الجنید ، کما مرّ ، فتدبّر.

قوله (2) : لخروجه بالطبخ عن اسم الأرض. ( 2 : 202 ).

ورد فی التیمم لصلاة الجنازة الأمر بضرب الید علی حائط اللبن والتیمم به (3) ، وظاهره المنع من الآجر مع کون غالب حیطان الکوفة بالآجر ، وغالب حیطان المدینة ومکة وأمثالهما بالأحجار ، فیظهر منه [ المنع ] (4) عن التیمم بالحجر أیضا ، فتأمّل.

قوله : إلی أمر خارج عن العبادة. ( 2 : 203 ).

لا یخفی أنّه فی التیمم ضرب علی التراب ، ومسح علی الوجه والیدین ، والضرب والمسح حرکة وسکون ، وهما کونان ، ولا أقل من الحرکة وهی کون قطعا ، مع أنّ المنهی لیس إلاّ التصرف فی ملک الغیر غصبا ، وهذه الحرکة تصرف ، بل التیمم فعل وعمل فی ملک الغیر ، وهو هواؤه المملوک ، فتأمّل.

قوله : فلا بأس أن یتیمم. ( 2 : 204 ).

إن أمکن أن یطلی به شیئا ویجفف لا إلی حدّ یصیر ترابا بل مثل التراب المبلّل فهو أیضا أولی وأحوط ، کما هو الظاهر من حسنة رفاعة ، وإن لم یمکن أو یکون عسرا وحرجا فیتیمم بالطین ، ولم یبین فی الأخبار

حکم التیمم بالخزف

حکم التیمم فی المکان المغصوب

عدم صحة التیمم بالوحل مع وجود التراب

ص: 112


1- راجع ص 103.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- الکافی 3 : 178 / 5 ، الوسائل 3 : 111 أبواب صلاة الجنازة ب 21 ح 5.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

کیفیة التیمم به ، والظاهر من الاخبار أنّ کیفیة التیمم به کیفیة التیمم بالتراب.

وقیل : یضع یدیه علی الطین ، ثم یصبر حتی ییبس ثم یتیمم (1).

وهو خلاف ما یظهر من الأخبار ، فالعمل به مشکل ، سیّما مع تضمّنه عدم الموالاة ، والظاهر من الأخبار أنّ التیمم بالطین متأخر عن کل ما یمکن التیمم به مثل الغبار والحجر ، فربما یظهر منها عدم التیمم بالثلج ، فتأمّل.

قوله : فی الحسن عن أبی عبد الله علیه السلام . ( 2 : 204 ).

وزرارة فی الموثق عن الباقر علیه السلام (2).

قوله : وما أصاب الخلیط من الید لم یماسّ التراب. ( 2 : 205 ).

هذا علی تقدیر أن لا یصعد من جهة الضرب تراب وغبار منه یحیط بجمیع الکف ویلصق به ، أمّا مع الصعود والإحاطة فالحکم بالبطلان مشکل ، وإن کان الاحتیاط عدم الاعتداد به.

مع أنّه یمکن المناقشة فی الأوّل أیضا بأنّه تحقّق ضرب الید علی التراب عرفا فی صورة یتحقّق ، ولعلها محلّ نظر العلاّمة رحمه الله أو الأوّل حیث قال : لا یمنع الحائل. ، فتأمّل.

وعلی أی تقدیر ، الاحتیاط مع الشارح رحمه الله ولا عدول عنه فی مقام العمل والأمر به.

قوله : فإنّ الرمل أجزاء أرضیّة. ( 2 : 205 ).

ببالی أنّه ورد روایة تدل علی أنّ الرمل لیس من جنس الأرض.

کراهة التیمم بالأرض السبخة

ص: 113


1- الوسیلة : 71 ، التحریر : 22.
2- التهذیب 1 : 189 / 545 ، الوسائل 3 : 360 أبواب التیمّم ب 9 ح 2.

قوله (1) : لا تخرج به عن الحقیقة الأرضیة. ( 2 : 205 ).

فی الکافی فی الصحیح عن محمد بن الحسین أنّ بعض أصحابنا کتب إلی أبی الحسن الماضی یسأله عن الزجاج ، قال : فلمّا نفذ کتابی إلیه تفکرت وقلت : هو ممّا أنبتت الأرض ، وما کان لی أن أسأل عنه ، قال : فکتب إلیّ : « لا تصلّ علی الزجاج وإن حدّثتک نفسک أنّه ممّا نبتت الأرض ، ولکنه من الملح والرمل وهما ممسوخان » (2).

قوله : وخلاف بعض العامة. ( 2 : 205 ).

فی غایة البعد ، بل لعله لما أشرنا إلیه من وجود الروایة ( الصحیحة وکونه مسخا کالملح ) (3).

قوله : ولروایة غیاث بن إبراهیم. ( 2 : 206 ).

الظاهر منها الکراهة ، وأنّ الکراهة لأجل الاستطراق ، کما رواه هو بطریق آخر أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام قال : « لا وضوء من موطإ ». أی ما تطأ علیه برجلک (4) ، فظهر أنّه لیس من جهة کونه من المهابط.

قوله : والمستند فیه روایة أبی بصیر. ( 2 : 206 ).

إنّها صحیحة عندی ، إلاّ أنّها قویة عند المشهور ، لاشتراک أبی بصیر عندهم بین الثقة والموثق.

قوله : علی أنّ تنفضه ( 2 : 206 ).

استحباب التیمم من ربا الأرض

جواز التیمم بغبار الثوب أو لبد السرج عند فقد التراب

إشارة إلی أنّ أبا بصیر مشترک بین الثقات

ص: 114


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- الکافی 3 : 332 / 14 ، التهذیب 2 : 304 / 1231 ، الوسائل 5 : 360 أبواب ما یسجد علیه ب 12 ح 1.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
4- الکافی 3 : 62 / 5 ، التهذیب 1 : 186 / 537 ، الوسائل 3 : 349 أبواب التیمّم ب 6 ح 1.

الظاهر منها وقوع النفض أوّلا ثم التیمم بما نفضه ، کما علیه بعض الأخیار مثل سلار وظاهر المفید وغیرهما (1). وقال الشیخ : یتیمم بغبار ثوبه وغیره (2) ، ولعله الأظهر بملاحظة مجموع الأخبار ، وإن کان الأحوط والأولی هو الأوّل إن أمکن. ثم المستفاد من الأخبار اشتراط وجود الغبار والإحساس به.

قوله : لأنّه لا یسمی صعیدا ( 2 : 207 ).

الحکم بعدم التسمیة عرفا لعله محلّ إشکال ، لأنّهم یطلقون علیه لفظ التراب ویقولون : تراب الغبار ، إذا اجتمع الغبار ، وربما یظهر ذلک من ملاحظة أنّ الطین الذی هو من الصعید - وورد أنّه صعید طیب وماء طهور (3) - مؤخر عنه بالنصوص والإجماع ، مع أنّهم علیهم السلام فی الغبار أمروا بالتیمم منه ، وأمّا الطین فقالوا : لا بأس بالتیمم منه ، فیؤذن هذا بصعوبة ما فی الطین من جهة الماء المخلوط به وإن کان هو من الصعید ، والغبار لا تأمّل فیه أصلا ولا صعوبة فیه رأسا.

وورد أنّ التیمم إنّما هو من الماء والصعید (4) ، وورد : « جعلت لی الأرض مسجدا وترابها طهورا » (5) بالتقریب الذی مرّ (6) ، وورد : « إنّ الله جعل التراب طهورا کما جعل الماء طهورا » (7) ، وورد أن الطهورین الماء

ص: 115


1- المراسم : 53 ، المقنعة : 59 ، الهدایة : 19.
2- انظر النهایة : 49.
3- التهذیب 1 : 190 / 549 ، الوسائل 3 : 354 أبواب التیمّم ب 9 ح 6.
4- راجع ص 102 و 106.
5- الفقیه 1 : 155 / 724 ، الوسائل 3 : 350 أبواب التیمّم ب 7 ح 2.
6- راجع ص 107.
7- الفقیه 1 : 60 / 223 ، الوسائل 3 : 386 أبواب التیمّم ب 24 ح 2.

والصعید (1) ، وغیر ذلک ، فتأمّل ، بل ربما لا یظهر من الأخبار تأخیر الغبار عن التراب أصلا ، وفیه أیضا إشعار ، ویؤیّده أیضا التیمم للنوم ، مع عدم اشتراطه بفقد التراب ، فتأمّل.

لکن العمل علی المشهور.

قوله : والثالثة بحال الثلج المانعة. ( 2 : 207 ).

فیه منع بملاحظة ذیل الروایة. مع أنّ الروایة الأولی لا ضعف فیها ، لأنّ أبا بصیر مشترک بین ثقات ، کما حقّق فی محلّه ، ومع ذلک منجبر بعمل الأصحاب علی تقدیر ضعفه. وفی الموثق کالصحیح عن زرارة عن الباقر علیه السلام : « إن أصابه الثلج فلینظر لبد سرجه فیتیمم من غباره أو من شی ء معه ، فإن کان فی حال لا یجد إلاّ الطین فلا بأس أن یتیمم منه » (2).

ثم إنّه ظهر من هذه الأخبار أنّه لا ترتیب فی الأمور المغبرة التی یتیمم بغبارها ، خلافا لها ذکره الشیخ من الترتیب (3) ، فتأمّل.

قوله : وظاهر المرتضی. ( 2 : 208 ).

ونقل عن سلار أیضا (4) ، وأنّه احتج بصحیحة محمد بن مسلم عن الصادق علیه السلام : الرجل یجنب فی السفر ، فلا یجد إلاّ الثلج أو ماء جامدا؟ قال : « بمنزلة الضرورة یتیمّم ، ولا أری أن یعود إلی هذه الأرض التی توبق دینه » (5) ولعل مستند غیره أیضا هذه الصحیحة ، لکن الدلالة غیر واضحة ، إذ لعل المراد التیمم بالصعید ، وأنّه لا یجد إلاّ الثلج والماء الجامد لا غیر

دلیل السیّد المرتضی بجواز التیمم بالثلج والمناقشة فیه

ص: 116


1- التهذیب 1 : 197 / 571 ، الوسائل 3 : 370 أبواب التیمّم ب 14 ح 15.
2- راجع ص 113.
3- النهایة : 49.
4- المراسم : 53.
5- المراسم : 53.

الجامد وإن وجد التراب ، کما هو الغالب ، فتأمّل.

قوله : أجمع الأصحاب علی عدم جواز. ( 2 : 208 ).

الظاهر أنّه فی صورة رجاء التیمم فی الوقت وبعد دخوله ، أمّا لو علم یقینا أو ظنّ أنّه بعد دخول الوقت لا یمکن التیمم مطلقا ، أو لا یمکن التیمم إلاّ بالطین مثلا فالحکم بعدم الجواز مشکل ، لشمول کثیر من الأدلة ، مثل کونه بمنزلة المائیة ، ویکفیک الصعید عشر سنین وغیر ذلک ، ولأنّه واجد للطهور ومتمکن من أداء الصلاة وإیجادها فی وقتها ، فیجب ، لعموم ما دل علیه ، وعدم سقوطها عن کل مکلف ولو بغیر ستر العورة وغیره من الشرائط المماثلة له ، وبغیر الحمد والسورة والرکوع وغیرها من الأجزاء.

وبالجملة لا یسقط إلاّ أن یموت المکلف ، أو یخرج عن التکلیف ، أو لا یتمکن منها أصلا ورأسا ، فتأمّل.

هذا ، مع عدم ظهور شمول إجماعهم لمثل ما نحن فیه ، لکونه من الفروض النادرة ، فلم یظهر دخوله تحت إطلاق کلام المجمعین. مضافا إلی عدم ثبوت هذا الإجماع ، لما مرّ عن الشهید من نقل القول بوجوب الطهارات أجمع لأنفسها وجوبا موسّعا (1) ، غایة ما فی الباب أن یکون إجماعا منقولا بخبر الواحد ، فعلی القول بحجّیته وأنّه لا یضرّ خروج الفقیه الغیر المعروف لا شبهة فی کونه ظنیّا ( فلا یقاوم ما ذکرناه من العموم ، لأنّه أقوی ، کما أشرنا ) (2) ، مضافا إلی ضعف دلالته أیضا ، کما أشرنا.

ویعضد ما ذکرنا ما ورد من المنع عن السفر إلی بلد یحتاج فیه إلی التیمم للصلاة ، وعدّهم علیهم السلام ذلک هلاک الدین ، فکیف یجوّزون ترک

کیفیة التیمم

وقت التیمم

ص: 117


1- مدارک الأحکام 1 : 10.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

التیمم أیضا مع التمکن والوجدان العقلی والعرفی ، فیترک الصلاة لأجله ، مع کونه من مقدمات الواجب المطلق لا المشروط ، وحاله حالها ، مع أنّ المقدمات ترتکب قبل دخول الوقت البتّة ، ولا مانع فی غیر الموضع ، مع التمکن منها فی الوقت فکیف مع عدم التمکن ، مثل تحصیل الدلو والرشاء لاستقاء ماء الطهارة واشتراء أسباب السفر للحج وغیر ذلک ، ومفهوم : « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة » (1) یقتضی عدم الوجوب لا عدم الجواز ، وعدم الوجوب العقلی الذی هو فی المقدّمات ، مع التأمّل فی عموم المفهوم ، ثم شموله للفرد النادر ، ثم مقاومته لما أشرنا.

وممّا ذکرنا ظهر أنّ قبل الوقت لو تمکن من الوضوء والغسل تعین إتیانهما حینئذ لو علم أو ظنّ عدم التمکن منهما فی الوقت ، فتأمّل.

قوله : وجمع من الأصحاب. ( 2 : 209 ).

منهم أبو الصلاح ، وسلار ، وابن حمزة ، وابن إدریس وظاهر المفید (2).

قوله : ونقل علیه السید الإجماع. ( 2 : 209 ).

والشیخ أیضا ، کما سیذکر.

قوله (3) : وقوّاه فی المنتهی. ( 2 : 209 ).

والتحریر أیضا (4).

تحقیق فی الاجماع المنقول

ص: 118


1- الفقیه 1 : 22 / 67 ، التهذیب 2 : 140 / 546 ، الوسائل 1 : 372 أبواب الوضوء ب 4 ح 1.
2- الکافی فی الفقه : 136 ، المراسم : 54 ، الوسیلة : 70 ، السرائر 1 : 135 ، المقنعة : 61.
3- هذه الحاشیة أثبتناها من « و».
4- تحریر الأحکام 1 : 22.

قوله : وقال ابن الجنید. ( 2 : 209 ).

وظاهر الجعفی وظاهر البزنطی علی ما نقل (1).

قوله : واختاره العلاّمة فی أکثر کتبه. ( 2 : 209 ).

ویومئ إلیه کلام ابن أبی عقیل ( علی ما قیل ) (2).

قوله (3) : احتج الشیخ. ( 2 : 209 ).

فی الفقه الرضوی : « ولیس للمتیمم أن یتیمم إلاّ فی آخر الوقت » (4).

قوله : أمّا الإجماع فبالمنع منه. ( 2 : 210 ).

فإنّ الخلاف وإن لم یضرّ الإجماع المعتبر عندنا ، لعدم کونه وفاق الکل ، إلاّ أنّه یضرّه من حیث إنّه یمنع من حصول العلم بقول المعصوم ، لأنّ العلم علی فرض حصوله من مجرّد الاتفاق فإنّما یحصل من اتفاق جمیع الفقهاء بحیث لا یشذّ عنهم أحد ، وأمّا مع اتفاق بعضهم فحصول العلم غیر ممکن ، إلاّ بضمیمة قرینة تفید ضمّها العلم ، وهی فی أمثال زماننا مفقودة إلاّ ما شذّ ، مثل العلم بحرمة القیاس ونظائرها ، وما نحن فیه لا یوجد فیه قرینة ، بل القرائن علی خلافه ، فإنّ کثیرا من الأخبار یظهر منها عدم وجوب التأخیر إلی ذلک.

فإن قلت : الإجماع الذی هو حجّة لا ینحصر فی القطعی ، لعموم ما دل علی حجّیة ظنّ المجتهد ، فیکفی کونه ظنیّا ، والعادل الضابط الماهر أخبر بالإجماع ، ومخالفة الغیر غیر مضرّ ، إذ لعله لم یحصل له العلم

أدلّة القائلین بوجوب تأخیر التیمم ... إلی آخر الوقت والجواب عنها

ص: 119


1- انظر الذکری : 106.
2- لا یوجد فی « أ » و « و». انظر الذکری : 107.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ج » و « د ».
4- فقه الرضا علیه السلام : 89 ، المستدرک 2 : 547 أبواب التیمم ب 17 ح 1.

وحصل لمدعی الإجماع ولا منافاة.

قلت : ربما یحصل بسببه الوهن فی دعوی المدعی ، بسبب أنّ جمعا من الماهرین العادلین الضابطین - مع بذل جهدهم واستفراغ وسعهم - لم یتفطّنوا بهذا الإجماع مع اتحاد زمانهم بزمان المدعی ، أو قرب عهدهم أو تقدمهم علیه ، فإنّ هذا ربما یورث لنا الوهم والریبة ، فعلی تقدیر بقاء ظنّ بعد ذلک فظنّ ضعیف لا یقاوم الأخبار ، بل ملاحظة الأخبار توجب ضعفا آخر زائدا علی الأوّل.

مع أنّ من لم یقل بحجّیة المنقول بخبر الواحد لا ینفعه هذا الإجماع أصلا وبالمرّة ، ومن یقول بها ولا یوجب له ما ذکرناه وهنا أصلا یکون عنده مثل الخبر ، فحکمه حکم خبر آخر رواه ، فیصیر التعارض ، فلا بدّ من الجمع الوجیه أو الترجیح کذلک ، فتأمّل.

قوله : وأمّا الروایة الأولی. ( 2 : 210 ).

یشکل هذا الجواب علی الطریقة الأخری فی هذه الروایة ، فإنّه « فلیمسک » بدل « فلیطلب » ، کما ذکرنا (1) ، لکن الجواب عنه وقوع الاضطراب ، وعدم ظهور کون هذه الطریقة حقا ، سیّما والطریقة المذکورة فی کلام الشارح أصح سندا وأشهر روایة.

قوله (2) : یقتضی الشک. ( 2 : 210 ).

یقتضی احتمال الفوت فی الواقع ، لا بالنضر إلی رأی المکلف ، إذ کثیرا ما لا یرجو الماء ومع ذلک یحصل له ، بل وربما یقطع بعدمه ومع ذلک یوجد له ، وتخلف القطع غیر نادر.

ص: 120


1- راجع ص 90.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».

قوله : ویمکن حملهما علی الاستحباب. ( 2 : 210 ).

لعل مراده الجدل ، وإلاّ فهو رحمه الله کثیرا ما یستدل بأمثالهما ویصرّح بعدم الضرر. وکذا الکلام فی قوله : متروکة الظاهر ، لتصریحه بأنّ الخبر الصحیح حجّة ، وإن لم یکن بمضمونه قائل ، إلاّ أن یکون مراده أنّ الفقهاء قالوا بخلافه ، لکن المحقق مال إلیه ، وطریقة الشارح رحمه الله العمل بمثله أیضا.

فالأولی أن یتمسک - لأجل الحمل علی الاستحباب - بملاحظة معارضة ظاهرهما لظواهر کثیر من الأدلة ومقاومته لها ، فلا بد من الملاحظة والتأمّل فی المعارضات.

وممّا ذکر ظهر الکلام فی عبارة الفقه الرضوی أیضا ، فإنّها هکذا : « ولیس للمتیمم أن یتیمم إلاّ آخر الوقت » (1) ولعل هذه العبارة مستند القائلین بالتأخیر مطلقا ، ویمکن أن یکون المراد فیها أیضا أنّه مع الرجاء یتأخر ، لأنّه الغالب ، ویقربه ملاحظة هذین الخبرین وأمثالهما ، حیث أمر فیها بالتأخیر مطلقا ، وعلّل بأنّه إن فاته الماء لم تفته الأرض.

قوله : حجّة القول الثانی. ( 2 : 210 ).

یدل علی هذا القول عمومات وإطلاقات کثیرة فی أنّ الوقت یدخل بمجرّد الزوال ، وأنّه وقت إلی الغروب مثلا ، وفی أنّ فاقد الماء والعاجز عن استعماله یتیمم ویصلی ، مضافا إلی ما ذکره الشارح.

ویدل علیه أیضا صحیحة محمد بن حمران وجمیل بن دراج ، عن الصادق علیه السلام ، فی إمام قوم أصابته جنابة ولیس معه ماء یکفیه للغسل ،

أدلّة القائلین بجواز التیمم مع سعة الوقت

ص: 121


1- راجع ص 119.

أیتوضّأ بعضهم ویصلّی بهم؟ قال : « لا ، ولکن یتیمم الجنب - الإمام - ویصلّی بهم ، إنّ الله قد جعل التراب طهورا کما جعل الماء طهورا » (1) ، فإنّ الظاهر عدم إیجابه علیه السلام علی المأمومین والإمام تأخیرهم الصلاة إلی ضیق الوقت ، وإلاّ لکان أمرهم فی المقام ، لشدّة الحاجة ، ونهایة بعد أن یکون علی المأمومین (2) التأخیر إلی ذلک الوقت لدرک فضیلة الجماعة مع خصوص هذا الإمام المتیمم مع وجود إمام متوضّئ.

مع أنّ تأخیر الصلاة إلی هذا الحدّ فی غایة الشدة من الکراهة وکمال المرجوحیة ، کما یظهر من کثیر من الأخبار ، وأمّا علی القول بالاختیار والاضطرار فالأمر أشدّ. هذا مضافا إلی کراهة اقتداء غیر المتیمم بالمتیمم ، فتأمّل.

قوله (3) : وموثقة یعقوب بن سالم. ( 2 : 211 ).

ولقائل أن یقول : کما یدل علی عدم وجوب التأخیر کذا یدل علی عدم وجوب الطلب وغیره من شرائط التیمم المسلّمة ، والبناء علی أنّ المراد أنّه إذا تیمم تیمما صحیحا مستجمعا لجمیع الشرائط لا یجب علیه ، یوجب انسداد باب استدلالهم ، لأنّ التیمم فی أوّل الوقت من أین ظهر صحته؟ مع نقل الإجماعات وورود الأخبار الکثیرة المانعة إمّا مطلقا أو مع رجاء ارتفاع العذر للمائیة ، فإنّ الضیق المعتبر عند معتبرة إنّما هو بحسب الظن والتخمین ، ومع عدم مداقة ومضایقة فی الأجزاء الواجبة وکیفیة أدائها ، ولا مانع من وجدان الماء بعد الصلاة بالتیمم الصحیح ، وبقاء شی ء

ص: 122


1- الفقیه 1 : 60 / 223 ، الوسائل 3 : 386 أبواب التیمم ب 24 ح 2.
2- فی « ج » و « د » : المؤمنین.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».

من الوقت ، ولو بقدر رکعة من الفریضة.

قوله : لا یتناول المتیمم. ( 2 : 212 ).

هذا علی القول بوجوب التأخیر مطلقا وجیه ، لکن القائل بالثانی إنّما یقول به بناء علی اختیاره القول بالتفصیل ، کما هو صریح کلامه ، ومعلوم علی القول بالتفصیل أنّ الأمر بتأخیر التیمم لیس إلاّ لرجاء حصول الماء وحصول الصلاة بالطهور الاختیاری مهما أمکن ، وأنّ التیمم طهور اضطراری لا یرتکب إلاّ أن یضطر إلیه ، ومع الرجاء ما حصل الاضطرار ، وقد أشرنا إلی أنّهم علیهم السلام نهوا عن المسافرة إلی بلد ربما یتحقّق فی المسافرة إلیه الصلاة بالتیمم ، وحکموا بأنّ فی ذلک هلاک الدین ، ومعلوم أیضا أنّ الطهور إذا کان لأجل الصلاة لا یکون حینئذ مطلوبا لنفسه ، بل مطلوبیته حینئذ منحصرة فی کونها لأجل الصلاة خاصّة ، وممّا ذکرنا ظهر أنّ تضعیفه لا یخلو عن الضعف.

فإن قلت : تیممه صحیح البتّة ، ولا معنی لصحته إلاّ جواز الدخول به فی الصلاة.

قلت : لا نسلم أن یکون المعنی جواز الدخول فی أوّل الوقت ، بل جواز الدخول فی الجملة ، لأنّ معنی الصحة هو ترتّب الأثر فی الجملة.

فإن قلت : الحین حدثه مرفوع بالتیمم ، والحدث هو الحالة المانعة من الصلاة.

قلت : سیجی ء الکلام فی کونه رافعا للحدث ، وعلی تقدیر کونه رافعا لم یعلم أنّه رفع مطلقا ، فإنّه أوّل الکلام ، بل رفع فی الجملة ، وهو أنّه إن حصل الیأس فتجوز الصلاة حینئذ ، وإلاّ فعند حصول الیأس أو ضیق الوقت.

هل یجوز للمتیمم الصلاة فی أوّل الوقت؟

ص: 123

وبالجملة : علی القول بوجوب تأخیر التیمم عند رجاء المائیة لا یخلو ما ذکره عن الإشکال ، ویؤیّد هذا الإشکال ما سنذکر فی قوله : وعلی هذا فینتفی اعتبار فائدة التضییق. فتدبّر.

قوله : وتشهد له صحیحة زرارة. ( 2 : 212 ).

فی الشهادة إشکال.

قوله : لعموم قوله علیه السلام . ( 2 : 213 ).

شموله لحالة العذر من المائیة لا یخلو عن تأمّل.

قوله : فینتفی اعتبار فائدة التضییق. ( 2 : 213 ).

والانتفاء خلاف مدلول الأخبار وضدّ مقتضاه ، لأنّ الأوقات صالحة للنافلة ، والتیمم صحیح لها متی أرادها ، علی ما ذکر ، والصلاة الفریضة تصح بالتیمم السابق فی أوّل الوقت ، کما اختاره الشارح أیضا ، فلأیّ جهة أمروا بالتأخیر إلی آخر الوقت؟!

لا یقال : ما ذکره مبنی علی ترجیحه کون التأخیر علی سبیل الاستحباب. لانّه علی هذا لا یبقی لقوله : وعلی هذا فینتفی. معنی ، لأنّه علی أیّ تقدیر کان اعتبارها منتفیا.

فظهر ممّا ذکرنا أنّه علی القول باعتبار التضییق إمّا لا یصح التیمم للنافلة متی أرادها ، أو یصح لکن لا یمکن أداء الفریضة بالتیمم السابق فی غیر وقت الضیق. ولا یخفی أنّ الظاهر من الأخبار صحة التیمم للنافلة متی أرادها ولا یوجد مانع من ذلک من قبلها أصلا ، فظهر أنّ المانع هو الثانی ، کما أشرنا وظهر لک فی الحاشیة السابقة ، فتأمّل.

قوله : فمتی زالت تلک الحالة. ( 2 : 215 ).

لا یخفی أنّ تلک الحالة إذا زالت فلا جرم أنّها بوجود الماء لا بدّ أن

حکم التیمم للنافلة

واجبات التیمم

النیّة

ص: 124

تحدث وتعود ، ویصیر غیر الجنب جنبا ، وغیر الحائض حائضا ، وهکذا ، وغیر خفی أنّ وجود الماء لیس من موجبات تلک الحالة ، ولیس هو من الأحداث ، لأنّ موجبها هو الجنابة ، أعنی التقاء الختانین أو نزول المنی ، أو الحیض ، أو الاستحاضة ، أو النفاس ، أو مسّ المیت إذا کان ، لیس إلاّ ، مثلا.

( مع أنّ المحقق نقل الإجماع علی أنّ وجود الماء لیس بحدث (1) ، وسیجی ء عن الشارح أیضا ادعاء الإجماع علیه (2) ، وحین وجود الماء أو رفع المرض لا یقال : إنّه أجنب الآن ، أو أنّها حاضت ، أو أنّهما أحدثا ) (3) ، والأخبار دالة علی هذا المعنی من غیر خفاء.

وأیضا إنّ التیمم یبیح ما تبیحه المائیة فی حال الاضطرار لا مطلقا ، فعدم الإباحة فی الجملة باق لم یرفع منه ، إنّما المرفوع هو عدم الإباحة حال الاضطرار.

وأیضا قد عرفت فی الحاشیة السابقة المکتوبة علی قوله : وهو لا یتناول المتیمم. (4) أنّ رفع الحدث یکون فی الجملة لا مطلقا ، فغیر المرتفع من الحالة لم یرتفع مطلقا ، والمرتفع منها ارتفع مطلقا ، والحدث موجب لحدوثها ، ووجدان الماء لیس موجبا لحدوث هذا المرتفع ، بل المانع هو الحالة الباقیة ، لأنّ المکلف حینئذ مختار لا مضطر ، فتأمّل.

وبالجملة : ما ذکره علی تقدیر تمامه یجعل النزاع لفظیا ، کما اعترف

ص: 125


1- المعتبر 1 : 394.
2- المدارک 2 : 252.
3- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
4- راجع ص 123.

به ، فلا ثمرة فیه أصلا.

وممّا یشهد علی أن التیمم لا یرفع الحدث ما ورد فی الأخبار المتعددة من إطلاق لفظ الجنب علی المتیمم بعد تیممه ، وکراهة الإمامة علیه ( بل بعض الأمور الأخر ، مثل الأکل والشرب والجماع وأمثال ذلک ، بل ولعل منع بعض الأمور یکون باقیا ، فتأمّل ) (1).

وورد فی العوالی ، عن النبی صلی الله علیه و آله ، أنّه قال لبعض أصحابه : « أتصلّی بالناس وأنت جنب؟ » فسمّاه جنبا بعد التیمم (2) ، انتهی ، وسیجی ء تمام الکلام عند شرح قول المصنّف : السابع : إذا تیمم الجنب بدلا (3). ، فلاحظ.

قوله (4) : وهو مشکل. ( 2 : 216 ).

لکن یظهر من بعض الأخبار کونه خارجا عن التیمم ، لأنّهم علیهم السلام قالوا : « یضرب بیده ویتیمم » أو : « فیتیمم » أو : « ثم یتیمم » (5) ، ولیس ببالی.

قوله : بخلاف مسح الأعضاء. ( 2 : 216 ).

لا یخفی أنّه اعتبر کون المسح بالکف ، إلاّ أنّه جعل الضرب بمنزلة أخذ الماء ، فعدم إجزاء ما ذکره لیس لکون أوّل أجزاء التیمم هو الضرب ، بل لعدم المسح المعتبر ، فتأمّل.

قوله : وضع الیدین معا. ( 2 : 217 ).

وقت النیّة

وضع الیدین معاً علی الأرض

ص: 126


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
2- عوالی اللآلئ 2 : 209 / 132 ، سنن أبی داود 1 : 92 / 334 ، بتفاوت یسیر.
3- المدارک 2 : 252.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
5- انظر الوسائل 3 : 354 أبواب التیمّم ب 9 ح 5.

أی لا یتقدم أحدهما علی الآخر ، بأن یکون وضعهما دفعة واحدة ، ویدل علیه بعد الإجماع المنقول ظواهر الأخبار ، مثل « تضرب بیدیک » و « ضربة للوجه » و « ضربة للکفین » ، وأمثال ذلک ، ولتوقّف الوظائف الشرعیة علی النقل ، والقدر الثابت منه هو الوضع معا ، فتأمّل.

قوله : فلو استقبل فی العواصف. ( 2 : 217 ).

لا یخفی ما فیه ، فإنّ المسح فی هذه منتف ، فکان علیه أن یقول : لو استقبل العواصف حتی لصق صعیدها ببطن کفیه فمسح به لم یجز ، لتوقف. ، لکن لا یخفی أنّه رحمه الله کثیرا ما یمنع ثبوت وجوب شی ء بمجرّد نقله فی کیفیة التیمم ، مثل البدأة بالأعلی ، والموالاة ، وغیر ذلک ، کما ارتکب فی الوضوء أیضا کذلک.

إلاّ أن یکون مراده من النقل هنا أعم من القول ، لکن فیه : أنّ بعض العمومات مثل آیة التیمم یقتضی صحة هذه الصورة.

إلاّ أن یکون مراده أنّه ورد فی الأخبار لفظ الضربة والوضع ، فیکون مخصصا ، لکن لا یخفی أنّ هذا کلام آخر ولیس ذلک الاستدلال. ومع ذلک نقول : لأحد (1) أن یناقش فی ثبوت التخصیص بمجرّد هذا ، إمّا لوروده مورد الغالب ، أو لبنائه علی الاستحباب ، لکنه خلاف الظاهر والإنصاف ، فتدبّر ، وهو رحمه الله استدل فی المسألة السابقة بورود الأمر بالضرب.

وقوله : أجمع الأصحاب. ( 2 : 217 ).

ربما یخدشه ما نقله عن العلاّمة فیها ، فتأمّل.

قوله : لتوقف الوظائف الشرعیة. ( 2 : 217 ).

ص: 127


1- فی « و» زیادة : لیس.

لعلّ (1) هذا التعلیل بناء علی عدم اعتماده علی ما ادعاه من الإجماع ، بأنّ المراد مجرّد الاتفاق ، أو أنّه مستند إجماعهم ، أو أنّه دلیل آخر ، کما أنّ الأمر بالضرب أیضا دلیل آخر. ثم إنّ هذا التعلیل مبنی علی ثبوت التکلیف بالمجمل ، وأنّ البیان منحصر فی فعل الشارع.

قوله : فی صحیحة زرارة. ( 2 : 217 ).

ربما یناقش الشارح فی دلالة الجملة الخبریة علی الأمر ، سیّما مع انضمام قوله علیه السلام : « ثم تنفضهما » لأنّه مستحب قطعا ، فربما کان نفس الضرب أیضا مستحبا بناء علی ذلک.

قوله : وهو حاصل بالوضع. ( 2 : 218 ).

أشار به إلی ظاهر الآیة ، بأنّ الضرب لو کان واجبا فی التیمم لما اکتفی سبحانه بمجرّد القصد ، فظاهرها أنّ قصد الصعید الذی یحصل به مسح الوجه والید یکفی کیف کان ، إلاّ أن یثبت من إجماع أو نص زائد علی ذلک ، کما ثبت منهما وجوب الوضع معا.

قوله : فإنّا نمنع حصول الغرض. ( 2 : 218 ).

یظهر من هذا أنّ الشارح رحمه الله سلم کون الظاهر من الآیة حصول الغرض من قصد الصعید کیف کان ، إلاّ أنّ الأخبار تقید وتخصص ، وهذا لا یوافق ما ذکر سابقا فی المقام من أنّ الوظائف الشرعیة تتوقف علی النقل. ، فتأمّل.

ومع ذلک یتوقف ما ذکره علی کون دلالة الأخبار علی وجوب الضرب أقوی من دلالة الآیة والأخبار الموافقة لها ، ولعله کذلک.

ص: 128


1- لیس فی « و».

قوله : والمنقول خلافه. ( 2 : 218 ).

إن أراد أنّه لم یصل إلینا منهم علیهم السلام تیمم بهذه الکیفیة ، ففیه : أنّه لم یصل أیضا ما ذکره من الضرب علی تراب بدنه أو بدن غیره ، وأمثال ذلک ، وإن أراد أنّه بملاحظة التیممات الواردة یظهر أنّه لا فرق بینها وبین هذه التیممات سوی التیمم بتراب الوجه. ففیه أیضا تأمّل.

قوله : لانتفاء الدلیل علیه. ( 2 : 218 ).

فیه : أنّ العبادة تتوقف علی النقل. وأیضا الطهور شرط للصلاة مثلا ، والشک فی الشرط یوجب الشک فی المشروط. وأیضا الأصل عدم الصحة حتی تثبت الصحة بدلیل شرعی ، فعدم الدلیل لا یکفی ، بل لا بدّ من الدلیل علی عدم الاشتراط ولو کان إطلاقا یرجع إلی العموم ، والمطلقات مثل قوله علیه السلام : « جعل التراب طهورا ، کما جعل الماء طهورا » وقوله علیه السلام : « هو بمنزلة الماء » وقوله علیه السلام : « ضربة للوجه وضربة للکفین » وقوله علیه السلام : « فضرب بیدیه علی الأرض فمسح بهما وجهه » وغیر ذلک ، لو لم یفهم منها العلوق وکون المسح به لم یفهم منها عدم العلوق وکون المسح بمجرّد الید الخالی عن الغبار أصلا والمعرّی عن أثر مطلقا ، ولعل الراجح بحسب فهم العرف هو الأوّل ، وعلی تقدیر تسلیم عدمه ففهم الثانی محلّ نظر.

هذا مع قطع النظر عمّا أشرنا إلیه فی بحث ما یجوز به التیمم من وجود الدلیل من الآیة والصحیح من الحدیث علی اشتراط العلوق (1) ، فتأمّل.

قوله : ما کان عرضة لزواله. ( 2 : 219 ).

المناقشة فی اشتراط علوق التراب بالید وعدمه

ص: 129


1- راجع ص 100.

کونه فی عرضة الزوال ممنوع ، لأنّ مجرّد النفض لا یزیل العلوق بالتمام البتّة ، بل وإن بولغ فیه ، إلاّ أن یمسح الیدین بشی ء أو یمسح أحدهما بالآخر ویبالغ فی المسح إلی أن یزول الأثر ، وهذا غیر النفض وخلافه. بل لا یظهر من الأخبار المبالغة فی النفض ، بل ربما یظهر منها کون النفض مرّة واحدة کالضرب ، والظاهر أنّه لقلّة التشویه. علی أنّه یلزم علی ما ذکره أن یکون عدم العلوق واجبا أو مستحبا شرعا ، وأنّه إن کان المسح بالعلوق یکون حراما باطلا أو مرجوحا ، وفیه ما فیه.

قوله : ولأنّا بیّنّا أنّ الصعید وجه الأرض. ( 2 : 219 ).

وقد مرّ الکلام فیه (1).

قوله : إذ الغالب عدم بقاء الغبار. ( 2 : 219 ).

فیه نظر ، بل الغالب البقاء. علی أنّه لعلّه لهذا أمروا بالضربتین ، لأنّه ربما یقلّ العلوق فیستحب الضرب الثانی ، أو ینعدم نادرا فیجب ، هذا علی تقدیر تسلیم ما ذکره من الکفایة.

قوله (2) : ونقل عن ظاهر ابن الجنید. ( 2 : 219 ).

یظهر من هذا أنّ ابن الجنید منفرد بهذا ، ولیس کذلک ، بل ظاهر جماعة کذلک ، کما صرّح به بعض المتأخرین (3) ، بل ظاهر الکل کذلک ، لحکمهم باستحباب النفض مطلقا ، بل ربما یظهر من بعضهم الأمر به مطلقا (4) ، موافقا لما هو الظاهر من الأخبار ، لتضمّنها الأمر بالنفض مطلقا ، لا أنّه إن اتفق العلوق یستحب أو یؤمر به ، وإلاّ فلا ، ومعلوم أنّ النفض فرع

ص: 130


1- راجع ص 98 - 104.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- انظر المفاتیح 1 : 62.
4- المقنع : 9 ، الهدایة : 18.

العلوق وهو شرطه ، إذ یتوقّف علیه ، فیظهر أنّ العلوق عند من قال بالنفض مطلق ، إلاّ أن یظهر من کلامه عدم اشتراط العلوق ، فیصیر قرینة علی عدم الإطلاق.

وملاحظة کلام الفقهاء فی کیفیة التیمم فی الوحل ونحوه یکشف عن اعتبارهم العلوق مطلقا ، لعدم القول بالفصل جزما.

ومنشأ نسبة الاشتراط إلی خصوص ابن الجنید أنّ العلاّمة فی المختلف قال : من قال باستحباب [ النفض ] (1) ناف للاشتراط البتّة ، لعدم اجتماعه مع الاشتراط ، ولم یتأمّل رحمه الله أنّه لا منافاة أصلا ، بل یلزمه البتّة ، فدلالته علی الاشتراط أولی ، کما صرّح به بعض المتأخرین (2) ، مع أنّ القائل بالاشتراط قائل باستحباب النفض ، أو آمر به ، ولذا ادعی الإجماع علی النفض ، فافهم.

قوله : والجواب المنع من عود الضمیر. ( 2 : 219 ).

ظاهر الآیة عود الضمیر إلی الصعید ، وأمّا الحدیث فعلی تقدیر تسلیم تأویل الآیة بمثله وارتکاب خلاف ظاهرها بسببه لا یظهر منه ما یخالف ظاهرها ، فإنّ الظاهر منه أنّ المراد من التیمم المتیمّم بقرینة قوله علیه السلام : « لأنّه علم أنّ جمیع ذلک ».

مع أنّ هذا الحدیث ینادی باشتراط العلوق ، وأنّه السبب فی جعله تعالی المسح ببعض الوجه والیدین ، وإذا کان الحدیث تفسیرا بالنسبة إلی الآیة یظهر منه اعتبار العلوق فی الآیة أیضا وإن أبقینا التیمم علی مقتضی ظاهر نفس اللفظ ، فتأمّل.

ص: 131


1- فی النسخ : العلوق ، والظاهر ما أثبتناه.
2- انظر الحبل المتین : 89.

( وعرفت أیضا أنّ صحیحة ابن سنان وصحیحة الحلبی تدلاّن علی العلوق ، لقوله علیه السلام فیهما : « یمسح من الأرض » (1) ، ویؤیّده أیضا صحیحة زرارة ، لقوله علیه السلام فیها : « ولم یمسح الذراعین بشی ء » (2) ، وکذا ما ورد من أنّ التراب طهور ، أو طهور مثل الماء ، وغیرهما ممّا دل علی عموم البدلیة وعموم المنزلة. مضافا إلی أنّ الظاهر من طهوریة التراب أنّه طهور الوجه والیدین فیکون طهورا مطلقا ، لا أنّ جلد باطن الکف طهور بسبب ملاقاته التراب ، فتأمّل ) (3).

قوله : أو علی أنّ المراد بمسح الوجه مسح بعضه. ( 2 : 221 ).

هو الأظهر بملاحظة أنّ الروایات المتضمّنة لحکایة عمّار حکایة قضیة واحدة ، ففی صحیحة زرارة أنّه علیه السلام مسح جبینه فقط ، وهذا نصّ فی عدم الاستیعاب ، ومع ذلک عبّروا عن تلک الحکایة بعینها أنّه علیه السلام مسح الوجه علی ما هو الظاهر.

ویؤیّد ذلک أنّهم علیهم السلام فی الید کثیرا ما یقولون : امسح بیدیک ، ومسح یده ، وأمثال هذه العبارة علی سبیل الإطلاق ، مع أنّ المسح ببعض الید قطعا.

ویؤیّده أیضا أنّه ورد مرّة للوجه ومرّة للیدین أیضا علی سبیل الإطلاق ، فیظهر أنّهم علیهم السلام کانوا یسامحون فی التعبیر فی حکایة مسح الوجه. مع أنّ مسح جبینیه أظهر دلالة فی عدم الاستیعاب من مسح وجهه فی الاستیعاب ، فیرجّح.

مسح الجبهة

ص: 132


1- راجع ص 104.
2- التهذیب 1 : 208 / 603 ، الوسائل 3 : 359 أبواب التیمم ب 11 ح 5.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».

وبالجملة التخییر بعید ، سیّما بعد ملاحظة فتوی قدمائنا ، قال الصدوق فی أمالیه : وعلیه - أی علی مسح الجبینین وظاهر الکفین - مضی مشایخنا رضی الله عنهم (1) ، فربما یظهر أنّ والده أیضا ما کان قائلا بمسح کل الوجه ، ولعله کان مراده من الوجه الوجه الوارد فی الأخبار علی حسب ما ورد فیها ، وهذا غیر بعید عن طریقة القدماء ، فإنّهم ربما کانوا یفتون بمتن ما ورد فی الخبر ( وذکر فی أمالیه : أنّ من دین الإمامیة مسح الجبینین وظهر الکف ، وهذا أیضا صریح فی أنّ مذهب علی بن بابویه لم یکن مسح الوجه وکل الید ، فتأمّل ) (2). وسنذکر عبارة الأمالی فی بحث عدد الضربات (3) ، فلاحظ ، ومنها أیضا یظهر ذلک ، بل هی أظهر فیه ، فتأمّل.

قوله : وضعفهما ظاهر. ( 2 : 222 ).

لعل تضعیفه هنا وأمثال الموضع - مع قوله فی کثیر من المواضع من أنّ العبادة تتوقف علی النقل فما وصل إلینا یقتصر علیه - مبنی علی أن المسح معلوم معناه یعرفه کل من یفهم کلام العرب ، فهو ظاهر فی کونه بأیّ وجه حصل ، بخلاف الموضع الذی لم یرد فیه مثل هذا الکلام.

وفیه : أنّ سائر المواضع یمکن الاستناد إلی الإطلاقات والعمومات ، وأیضا ظهور ما نحن فیه وأمثاله بحیث یطمأنّ إلیه لا یخلو من ضعف.

ولذا ورد فی الأخبار کثیرا أنّهم کانوا یسألون عن کیفیة التیمم مطلقا من غیر تخصیص بجزء دون جزء ، وهم علیهم السلام أیضا فی مقام الجواب ما کانوا یخصّصون ، بل وما کانوا یجیبون بالقول - فی غالب الأوقات ، بل

وجوب الابتداء فی مسح الجبهة بالأعلی

ص: 133


1- أمالی الصدوق : 515.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
3- یأتی فی ص 139.

وجمیع أوقاتهم - سؤالهم عن کیفیة نفس التیمم ، بل کانوا یأتون بالفعل فی مقام البیان.

ولعل ذلک لأنّ أصحابهم ما کانوا یطمئنّون فی الفهم الظاهری ، لکون المقام عبادة غریبة عجیبة خارجة عن قانون اعتبارهم ، أو کان وصل إلیهم أنّ ظاهر الآیة لیست باقیة علی حالها ، بحیث إنّه ما اعتبر شرعا زائدا عمّا ذکر أمور وشرائط أو أجزاء آخر ، وهم علیهم السلام ما قالوا قط فی الجواب : أنتم عرب ، فما وجه سؤالکم عن کیفیة التیمم ، بل کانوا یأتون بالکیفیة مطلقا.

وظاهر أنّ الأصحاب کانوا یسألون عن التیمم المأمور به الذی أوجبه الله تعالی ، وهم ما کانوا یشیرون قط إلی أنّ هذا الجزء أو الکیفیة واجب وهذا مستحب أو لیس بواجب ، ولا یخفی أنّ السائلین أیضا ما سألوا عن أمثال ذلک. وکونهم یفهمون ذلک من الخارج ومع ذلک کانوا یسألون عن کیفیة التیمم بعید.

وما ذکر یقتضی الاقتصار علی نفس ما فعلوا من دون دخل وتصرف وجعل ، وهم علیهم السلام إن بدؤوا بالأعلی یثبت المطلوب ، وإلاّ یلزم عدم البدأة بالأعلی ، وهو فاسد البتّة ، وبالجملة المخالفة والاکتفاء بعدم البدأة فی غایة الإشکال ، فتأمّل.

قوله : لنا قوله تعالی ( فَامْسَحُوا ) . ( 2 : 223 ).

لا دلالة فیه ، أمّا علی القول المشهور من أنّ الید حقیقة فی ما هو طرفه متصل بالمنکب ، والطرف الآخر رؤوس الأصابع ، وکذا علی القول بالاشتراک اللفظی بینه وبین أبعاضه فظاهر.

وأمّا علی ما سیذکره من أنّ الید هی الکف ولا یتناول ما فوق الرسغ حقیقة فیضرّه فضلا عن أن ینفعه ، لأنّه یقتضی أن یکون المسح ببعض

ص: 134

الکف ، إلاّ أنّه یرید من البعض خصوص ظهر الکف ، لکن علی هذا لا یکون الدلالة علی مطلوبه من جهة الباء ، بل من جهة کون الید هی الکف. وبالجملة بین استدلالیه تدافع ظاهر ، مع قطع النظر عن عدم التمامیة ، فتدبّر.

قوله : وما ذاک إلاّ لعدم تناول. ( 2 : 223 ).

فیه منع ظاهر ، مع أنّ من لاحظ کلام فقهائنا وفقهاء العامة فی الأصول والفروع لا یبقی له تأمّل فی عدم اتفاقهم علی کون الید غیر متناول لما فوق الرسغ ، بل القول بکون مجموع ما بین المنکب ورؤوس الأصابع معنی حقیقیا ، والقول بالاشتراک بینه وبین الأبعاض مشهوران معروفان. مع أنّ الحق هو الأوّل ، للتبادر عند الإطلاق ، ویشهد علیه قوله تعالی : ( وَأَیْدِیَکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ ) ، فتدبّر.

قوله : وفهم العلاّمة فی المختلف. ( 2 : 223 ).

العلاّمة حمل لفظ « فوق الکف » علی ظهر الکف ، فحمل « قلیلا » علی أنّه لا یجب.

قوله : وأجاب الشیخ. ( 2 : 225 ).

نسب فی الاستبصار هذا التوجیه إلی القیل (1).

قوله : مع أنّه لا یجری فی صحیحة. ( 2 : 225 ).

لا یخفی أنّ الغسل فی هذه الصحیحة بفتح الغین لا بضمّها ، والمراد : العضو الذی فیه الغسل فی الوضوء یتیمم ، لا الموضع الذی فیه المسح فیه ، فتأمّل. هذا علی النسخة التی لا تکون کلمة واو ما بین لفظ الغسل وکلمة

مسح ظاهر الکفین

ص: 135


1- الاستبصار 1 : 171.

« فی » فی الوضوء (1) ، فتأمّل.

قوله : ویمکن حملها. ( 2 : 225 ).

بعید ، بل الظاهر حمل هذه الروایات علی التقیّة ، کما فعله فی الاستبصار.

قوله : الدالة علی وجوب مسح الکف. ( 2 : 225 ).

مضافا إلی أنّ ظاهرها یقتضی عدم کون الباء للتبعیض ، وعلی تقدیر الصحة فالظاهر أنّه علیه السلام کان فی مقام الجدل مع العامة وإثبات الحق علی طریقتهم ، فتدبّر.

قوله : مجمع علیه. ( 2 : 226 ).

فیمکن الاستدلال بعدم القول بالفصل والإجماع المرکب.

قوله : إذ لا دلالة. ( 2 : 226 ).

ظاهرها الاستیعاب لو لم یکن مانع من الخارج ، مثل فهم الفقهاء ، والإجماع المرکب ، وحسنة الکاهلی المنجبرة بعمل الأصحاب ، ومضمونها نص فلا تقاومه الظواهر ، سیّما بعد اعتضاده بما ذکر.

قوله : لمساواة الوضوء. ( 2 : 226 ).

مضی الکلام فیه فی بحث البدأة بالأعلی (2).

قوله : وربما کان فی صحیحة. ( 2 : 226 ).

فی التمسک به إشکال ظاهر. ومضی فی مثل ما نحن فیه فی بحث البدأة بالأعلی.

قوله : ودلت علیه ظواهر النصوص. ( 2 : 227 ).

وجوب مسح ظاهر الکفین

الترتیب

ص: 136


1- انظر الوافی 6 : 585 ، والحبل المتین : 87.
2- راجع ص 133 - 134.

لم نجد إلاّ حسنة الکاهلی ، ومع ذلک لا یظهر منه جمیع الترتیب ، ومضی الکلام فی بحث البدأة بالأعلی ، وورد عنهم علیهم السلام أنّهم قالوا : « ابدؤوا بما بدأ الله به » (1) والعبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحلّ ، فتأمّل.

( ویشهد علیه أیضا عموم المنزلة ، وتوقیفیة العبادة ، وقاعدة البدلیة ، لأنّ أهل العرف إذا علموا بهیئة وکیفیة فی المائیة ثم سمعوا أنّه إذا لم یوجد الماء فالتراب ، أو بدله التراب عند العذر ، وأمثال هذه العبارات لا یفهمون منها إلاّ أنّ الترابیة بهیئة المائیة ، إلاّ أن تثبت المخالفة من الخارج.

ومن هذا تری عمارا مع کونه مدنیا مطیعا من أهل الفهم جزما فعل فی مقام إطاعة الواجب من [ الله ] (2) تعالی ما فعل ولیس ذلک إلاّ من الجهة التی ذکر ، ولذا لم یشنّع علیه بأنّ هذا الخیال من أین؟ وبأیّ جهة؟ ، بل مازح معه بما مازح.

ومن هذه الجهة أیضا قال فی بحث التیمم فی التذکرة : یجب فیه تقدیم الیمنی علی الیسری بإجماعنا ، لأنّه بدل مما یجب فیه التقدیم (3) ، إذ یظهر منه أنّ جمیع المجمعین استندوا إلی قاعدة البدلیة [ فی ] (4) الحکم المجمع علیه ، واستندوا أیضا فی وجوب البدأة بالأعلی فی الوجه والکفین بهذه القاعدة.

وکذا الحال فی أحکام آخر فی المقام وغیره ، مثل الخطبتین فی الجمعة ، والتسبیح فی الرکعتین الأخیرتین ، وغیر ذلک ممّا لا یحصی

ص: 137


1- الکافی 4 : 431 / 1 ، التهذیب 1 : 96 / 250 ، الوسائل 13 : 482 أبواب السعی ب 6 ح 3 و 7.
2- فی النسخ : أنّه ، والظاهر ما أثبتناه.
3- المدارک 2 : 226 ، وانظر التذکرة 2 : 196.
4- بدل ما بین المعقوفین فی « ب » : لا ، وفی « ج » و « د » : إلی ، والظاهر ما أثبتناه.

کثرة.

[ ولذا ] (1) اتفق أفهام الکل فی قول الفقهاء : إن لم یوجد التراب فالغبار ، وإن لم یوجد فالطین ، إلی غیر ذلک. وکذا فی ما ورد فی الأخبار ، بل فی بعضها : فتیمم بالطین ، أو تیمم بالغبار ، أو ما یؤدّی ما ذکرت من العبارة ، وإن کان بتفاوت فی التعبیر.

وبالجملة : أیّ فرق بین أن یقال : إن لم تجدوا ماء فبالتراب ، وإن لم تجدوا ترابا فبالغبار ، وأمثال ذلک ، کما ورد فی الأخبار ، وأمّا فی الغبار والطین یفهم اتحاد الهیئة علی الیقین من دون شک ، ولیس ذلک من الاطلاع عن الخارج ، إذ لو عرض هذه العبارة علی أهل العرف یفهمون کذلک البتّة ، حتی لو وجدوا من الفقهاء مخالفة فی ذلک کلا أو بعضا لحکموا بثبوت مانع ، أی دلیل شرعی یمنع من الإطلاق [ أو ] العموم ، أو یمنع عموما. کما أنّ الحال فی الماء کذلک ، مثل قوله : إن لم یکن ماء فجمدا وثلجا ، یفهم أنّ الوضوء أو الغسل من الجمد والثلج مثل الماء ، فتأمّل جدّا ) (2).

قوله : وفیه نظر. ( 2 : 228 ).

لم یستدل بوجوب التأسّی بفعله علیه السلام حتی یقال : لا یجب حتی یعلم وجوبه ، کما هو أحد المذاهب فی التأسی ، بل استدلاله لیس إلاّ بالتیمم البیانی الوارد فی مقام بیان الواجب الذی هو عبادة توقیفیة ، فلو کان جواب له فهو أنّ البیان غیر منحصر بالفعل ، بل إطلاق قوله تعالی - مثلا - بیان ،

إشارة إلی معنی التأسی بفعل المعصوم علیه السلام

ص: 138


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».

لکن مرّ الکلام فی هذا الجواب فی بحث البدأة بالأعلی (1).

قوله : والصحة لصدق التیمم المأمور به. ( 2 : 228 ).

علی تقدیر ثبوت الوجوب من وجوب التأخیر لعله یتعین الاحتمال الثانی ، لأنّ الوجوب حینئذ لأجل عدم فوت الصلاة ، وهو أمر خارج عن التیمم ، فتأمّل.

قوله (2) : قیاس محض. ( 2 : 228 ).

لیس کذلک ، بل نظره إلی عموم البدلیة وعموم المنزلة وقد اعترف بذلک فی ما سبق ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : ویجزیه فی الوضوء ضربة. ( 2 : 229 ).

فی الموثق عن عمار أنّه سأل الصادق علیه السلام عن التیمم ، من الوضوء ومن الجنابة ومن الحیض للنساء سواء؟ فقال : « نعم » (3). وقد بیّنّا أنّ الموثق حجّة ، سیّما إذا وافق الأخبار.

لکن الصدوق فی أمالیه عدّ ما اختاره فی الفقیه هو والمشهور من جملة دین الإمامیة ، حیث قال : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ من لم یجد الماء - إلی قوله - : ضرب علی الأرض ضربة للوضوء ویمسح بها وجهه من قصاص الشعر إلی طرف الأنف الأعلی ، وإلی الأسفل أولی ، ثم یمسح ظهر یده الیمنی ببطن الیسری من الزند إلی أطراف الأصابع ، ثم یمسح الیسری کذلک ، ویضرب بدل غسل الجنابة ضربتین ضربة یمسح بها

اختلاف الأقوال فی عدد الضربات

ص: 139


1- راجع ص 133 - 134.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- الفقیه 1 : 58 / 215 ، التهذیب 1 : 212 / 617 ، الوسائل 3 : 362 أبواب التیمّم ب 12 ح 6.

وجهه ، واخری ظهر کفیه (1) ، انتهی. ویظهر من الشیخ فی التهذیب أیضا أنّ هذا مذهب الشیعة (2) ، فلاحظ.

( وقال فی التبیان : صفة التیمم ثلاثة : ضربة للوجه ، وضربة للیدین إلی المرفقین ، ذهب إلیه أکثر فقهاء العامة وقوم من أصحابنا. الثانیة : ضربة للوجه ، وضربة للیدین إلی الزندین ، ذهب إلیه عمار بن یاسر ، ومکحول والطبری ، وهو مذهبنا إذا کان التیمم بدلا من الجنابة ، وإن کان بدلا من الوضوء فکیفیته ضربة واحدة یمسح بها الوجه إلی طرف انفه والیدین إلی الزندین. الثالثة : إلی الإبطین ، قاله أبو الیقظان والزهری (3). وکذلک قاله الطبرسی فی مجمع البیان (4).

ویظهر منهما إجماع الشیعة علی التفصیل ، وأنّ القول بالضربتین مطلقا رأی العامة ، ویظهر منهما ومن غیرهما أنّ أحدا من العامة لم یذهب إلی التفصیل ، بل ذهبوا إلی الضربتین. ونقل أنّ علیا وعمارا وابن عباس وجمعا من التابعین قالوا بالضربة الواحدة مطلقا (5) ، فالأخبار الدالة علی الضربتین محمولة علی التقیة ، وما دل علی الضربة مطلقا إمّا مجملة أو محمولة علی التقیّة أیضا أو کلیهما ، بأنّهم علیهم السلام من جهة أنّ جماعة من التابعین کانوا یقولون بالضربة سکتوا عن التعرض لذکر الضربة الثانیة فی الغسل واکتفوا بالإجمال ، فتأمّل.

ص: 140


1- أمالی الصدوق : 515 ، بتفاوت.
2- التهذیب 1 : 211.
3- التبیان 3 : 208.
4- مجمع البیان 2 : 52.
5- انظر البحار 78 : 150.

[ لا یقال : ] (1) صحیحة ابن همام عن الرضا علیه السلام تتضمّن ذکر الکفّین ، فکیف تحمل علی التقیة؟.

لأنّا نقول : کما تضمّنت الکفّین تضمّنت الوجه أیضا ، وهو ظاهر فی المجموع ، وکون التیمم ضربة للوجه ( وضربة ) (2) للکفّین مذهب أحمد بن حنبل إمام الحنابلة (3) ، وهو کان معاصرا للرضا علیه السلام .

وممّا ینادی بکون الضربتین للتقیة أنّ جمیع ما ورد فیه هذا اللفظ إمّا صریح فی تیمم أهل السنّة والمعروف من العامة ، وإمّا بلفظ الوجه الظاهر فی المجموع والید المجمل [ أو ] (4) الظاهر فی المجموع ، کما هو عند بعض أهل السنّة ، وکذا یقول بمسح جمیع الید إلی الإبطین للعلّة التی ذکرناها ، فتأمّل.

وبما ذکر ظهر أنّ ما دل علی کون التیمم فی الوضوء والغسل واحدا محمول علی التقیة ) (5).

قوله : ومقتضی کلامه فی الرسالة. ( 2 : 230 ).

لیس ما ذکره ثلاث ضربات حقیقة ، بل ضربة للوجه وضربة للیدین علی التعقیب ، ولعلّه لذلک نسب إلیه الضربتان ، لکن الإشکال فی ما حکاه فی المعتبر ، وقد نقلنا عن أمالی الصدوق فی بحث مسح الجبهة ما ینبغی أن یلاحظ (6).

ص: 141


1- بدل ما بین المعقوفین فی « ج » : فإنّ ، وفی « ب » و « د » : لأنّ ، والظاهر ما أثبتناه.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « د ».
3- المغنی لابن قدامة 1 : 278.
4- فی النسخ : إذ ، والظاهر ما أثبتناه.
5- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
6- راجع ص (133).

قوله : قال : سألته عن التیمم. ( 2 : 230 ).

لعلّ الظاهر منه کون المسح مرّتین لا الضرب ، والمستفاد من بعض الأخبار أنّه علیه السلام مسح مرّة ولم یعد المسح (1) ، فلیلاحظ ولیتأمّل.

قوله (2) : والمتّجه الاکتفاء بالمرّة فی الجمیع. ( 2 : 232 ).

هذا الجمع أیضا لا دلیل علیه من الأخبار ولا غیرها ، کیف والسؤال فی أخبار المرّتین وقع عن کیفیة التیمم وماهیته ، فکیف یمکن أن یجعل جواب هذا السؤال استحباب الضربة الثانیة ، سیّما مع اعترافه بأنّه صحیح صریح الدلالة ، والمعارض له مجمل الدلالة ، والظاهر أنّه کذلک ، إذ لعلّ حال الضربة الثانیة حال تقدیم الیمنی علی الیسری ، وغیره من الواجبات المسلّمة ، مع أنّ الضربة الأولی داخلة فی الکیفیة جزما ، وجعلوها کذلک جزما ، لجعل الجواب جوابا عن سؤال الکیفیة ، فکیف یستقیم حمل الثانیة علی الاستحباب والخروج عن الماهیة؟

مضافا إلی أنّ خطر مخالفة العامة شدید کخطر مخالفة الأحادیث ، بل لا یجوز لهم المخالفة أصلا ، فکیف خالفهما المعظم من القدماء وکل المتأخّرین إلاّ من شذّ منهم؟!.

قوله : وهو حسن. ( 2 : 232 ).

لیس کذلک ، بل فاسد ، لأنّ ما تضمّن المرّة فی غایة الضعف من الدلالة فی جنبة ما تضمّن المرّتین ، کما ستعرف ، مع أنّ کثیرا من الروایات المتضمّنة للمرّة ورد بلفظ الوجه والید والکفّ ، وقد عرفت أنّ مذهب

ص: 142


1- الوسائل 3 : 360 أبواب التیمم ب 11 ح 8.
2- من هنا إلی قوله : إلاّ فی ما ثبت من الشرع ، فی ص 440 ساقط من « أ » و « و».

جماعة من التابعین علی ما قاله العامة فی کتبهم ، والبواقی روایة (1) زرارة عن الباقر علیه السلام فی حکایة تیمم عمار ، ولا شک فی کون الحکایة واحدة عن أمر واحد شخصی ، لأنّ الفعل لیس له عموم بل شخص واحد ، والفعل هنا لیس إلاّ ما صدر عن الرسول صلی الله علیه و آله بالنسبة إلی عمار ، ومن البدیهیات أنّه کان شخصا واحدا.

ومع ذلک روی زرارة وغیره هذا الفعل الشخصی تارة بلفظ الضرب ، وتارة بلفظ ( الوضع ، وتارة بلفظ الوجه ، وتارة بلفظ الجبهة ، وتارة بلفظ الجبین ، وتارة بلفظ ) (2) الید ، وتارة بلفظ الکف ، وتارة بلفظ الأرض ، وتارة بلفظ المسح ، وتارة بغیر لفظ ( وتارة بلفظ ) (3) وتارة بلفظ النفض بعد الضرب ، وتارة بترکه ، إلی غیر ذلک من الاختلافات فی حکایة جزئی واحد وشخصی واحد.

ومع ذلک روایة زرارة عن الباقر علیه السلام بخصوصه ، فی ثلاث روایاته ، بل وأربع روایاته عنه ، بلفظ الضربة الواحدة مقدّما علی مسح الجبهة والوجه ، من دون التعرض لذکر ضربة أخری ( للیدین ، وفی روایة أخری من زرارة أیضا عن الباقر علیه السلام أیضا بلفظ الضربتین ، کما لا یخفی علی المطّلع ) (4) ، فظهر أنّ ترک الضربة الأخری إنّما هو مسامحة من الراوی أو غیره ، وقع المسامحة فی الأمور الکثیرة التی عرفتها ، مضافا إلی واجبات مسلّمة أخری لم یتعرض لها ، مثل تقدیم الیمنی علی الیسری ، وتقدیم

ص: 143


1- فی « ب » و « د » : روایات.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- ما بین القوسین لیس فی « ب ».
4- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

الأعلی ، وغیرهما ممّا هو کثیر.

ووجه المسامحة إمّا عدم الداعی إلی التعرض له فی مقام فعل الثانی ، کما هو الحال فی العام والخاص المتنافیة الظاهر ، وکذا المطلق والمقید ، والأمر والنهی ، وغیر ذلک من الأخبار المتعارضة المسلّمة تعارضها ، ویدفع بالجمع المسلّم الذی بناء الفقه علیه.

وإمّا من جهة التقیة ، لما عرفت الحال ، فعلی هذا کیف یقدّم ما دل علی الضربة علی ما دل علی الضربتین؟ مع غایة ضعف دلالته بالنسبة إلیه حتی أنّه بمنزلة الإجمال فی جنبه ، بل لا بدّ من کون الأمر بالعکس ، فإنّ الضعیف یؤوّل ویرجع إلی القوی لا العکس.

لا یقال : لعلّ ترجیحه علیه بناء علی ظهور کونه تقیة کما قلت.

لأنّا نقول : هو لم یبن الأمر علی التقیة ، کما یظهر من کلامه هنا ، سیّما قوله : لصحة مستنده وصراحته ، ومع ذلک لا وجه للحمل علی الاستحباب ، فإنّ ما هو تقیة یجب طرحه وترک العمل به ، ومع ذلک ما دل علی الضربة لیس خالصا عن الثلاث بالمرّة ، لما عرفت من اتفاق جماعة من التابعین علی الضربة للوجه والکفّین [ و ] ظاهر أنّ الظاهر من الوجه کلّه ، بل لا شبهة فی أنّ مراد من نسبهم إلی ذلک هو مجموع الوجه ، هذا کلّه مع المخالفة للإجماعات المنقولة وغیرها.

فظهر أنّ کل واحد من القول بالضربة مطلقا ، والقول بالضربتین مطلقا ضعیف لا دلیل له بحیث یصیر منشأ العمل به خاصّة. بقی القول بالتفصیل ، لانحصار الاحتمال فی أربعة ، والقول بالمرّة فی الغسل والمرّتین فی الوضوء خلاف ما أجمع علیه أمّة رسول الله صلی الله علیه و آله ، بل خلاف ضروری الدین ، فانحصر القول بما ذهب إلیه مشهور الشیعة ، وادّعی علیه إجماعات

ص: 144

کثیرة.

مع أنّ العمل ( به محمل لجمع ) (1) الأخبار الواردة فی الباب ، فإنّ المکلف فی التیمم عن الوضوء یختار ما دل علی ( المرّة ، [ و ] لا مانع منه جزما ، ولیس العمل به فی الوضوء مشروطا بالعمل به فی الغسل بلا شبهة ، وفی التیمم عن الغسل یختار ما دلّ علی ) (2) المرّتین.

فإن قلت : إذا کان الأخبار من الطرفین موافقا للتقیة فکیف یجوز العمل بها من دون تقیة؟

قلت : هی تضمّنت حکما تقیة لا أنّ جمیع ما فیها تقیة ، لأنّ الأخبار الواردة فی مقام التقیة ربما کان کثیر من أحکامها حقّا ، لأنّ الحدیث حجّة مطلقا ، فإن ظهر من الخارج أنّ شیئا منها تقیة یرفع الید عن خصوص ذلک الشی ء فی مقام عدم التقیة ، ویعمل بالباقی بالضرورة ، لوجود المقتضی وعدم المانع ، ولذا تری الشیخ وغیره یعملون بما ورد فی الأخبار الدالة علی سهو النبی صلی الله علیه و آله وأمثاله.

فما تضمّن الضربتین تکون التقیة فی إطلاقه ، وأنّ بدل الغسل وبدل الوضوء کلیهما کذلک ، وإلاّ فکون بدل الغسل خاصّة ضربتین حقّ جزما من وجود المقتضی وعدم المانع.

لا یقال : یجوز أن یجعل المراد أنّ بدل الوضوء خاصّة بضربتین ، فإنّه أیضا مخالف للعامة.

لأنّا نقول : الأمر وإن کان کذلک ، إلاّ أنّه مخالف لضروری الدین ، کما عرفت ، إذ معنی کون بدل الوضوء خاصّة کذلک أنّ بدل الغسل یکون

ص: 145


1- فی « ج » : مجملا مجمع.
2- ما بین القوسین ساقط من « ج » و « د ».

بضربة واحدة.

وممّا ذکرنا ظهر حال ما دل علی الضربة الواحدة أیضا إذ حملها علی ظاهرها عرفت ما فیه من المفاسد ، مضافا إلی أنه یوجب طرح ما ثبتت حجّیته فی ما تضمّن للضربتین من دون داع ، إذ ذلک لیس أولی من الغسل ، بل عرفت أولویة العکس ، فظهر أنّ المشهور عملهم بجمیع ما ورد من الأخبار فی الطرفین بخلاف غیرهم ، فتأمّل جدّا.

قوله : لصحة مستنده وصراحته. ( 2 : 232 ).

هذا وإن کانت صحیحة صریحة إلاّ أنّها موافقة للتقیة ، لما عرفت من التبیان وغیره (1) ، مع أنّ الفقهاء الأربعة منهم علی ذلک ، والأخبار الواردة فی الضربتین إمّا صریحة فی مذهب العامة ، أو واردة بلفظ الوجه والید کما فی القرائن (2) فهی ملائمة لهم. نعم فی صحیحة ابن همام : الوجه والکفّین ، لکنه بعینه مذهب أحمد بن حنبل إمام الحنابلة ، وهو کان فی عصر الرضا علیه السلام ، وتلک الصحیحة من الرضا علیه السلام (3).

فیجب ترک العمل بظاهر هذه الصحاح الصراح ، فضلا أن یطرح بالعمل به الصحاح الکثیرة المتضمّنة للضربة الواحدة بأنّ یقال : هی مجملة ، أو ضعیفة الدلالة فتطرح ، ویعمل بما دل علی الضربتین لصراحته ، مضافا إلی کون الصحاح الصراح مخالفة للمشهور بین الأصحاب أیضا ، بل الإجماعات المنقولة الکثیرة. مع أنّه ورد فی الأخبار الکثیرة منع العمل

ص: 146


1- راجع ص 140.
2- کذا فی النسخ ، ولعلّ الصواب : القرآن.
3- راجع ص 141.

حینئذ بما وافق العامة ، وکذا ورد منع العمل بالشاذّ بعد الأمر بأخذ ما اشتهر بین الأصحاب (1).

فظهر عدم جواز العمل بالصحاح الصراح ، فضلا عن کونه احتیاطا.

قوله : لا الکمّیة. ( 2 : 233 ).

قد عرفت أنّ الأظهر الحمل علی التقیة.

قوله : فیکون جاریا مجری أسباب الوضوء. ( 2 : 233 ).

هذا مشکل ، لما عرفت من أنّ الأصل عدم التداخل إلاّ فی ما ثبت من الشرع (2).

قوله : وإن قطعت کفّاه. ( 2 : 233 ).

للاستصحاب ، وعموم قول النبی صلی الله علیه و آله : « إذا أمرتکم بشی ء فأتوا منه ما استطعتم » وقول علی علیه السلام : « المیسور لا یسقط بالمعسور » ، وقوله علیه السلام : « ما لا یدرک کلّه لا یترک کلّه » (3) ولأنّ الظاهر أنّه إجماعی ، ولأنّه لو لم یجب التیمم إلاّ ببقاء جمیع الأعضاء علی حالها سالمة لزم أن یکون بمجرّد ذهاب شی ء من عظم الإصبع بل وشی ء من لحم العضو من جهة الدمامیل أو الجروح لم یکن علی المکلف تیمم ، بل ولا صلاة ، فتأمّل.

قوله : ولم نقف له فی ذلک علی حجّة. ( 2 : 237 ).

لعلّ حجّته روایة السکونی الآتیة فی التیمم للزحام (4) ، وفیه تأمّل.

حکم مقطوع الکفین

أحکام التیمم

حکم من صلّی متیمماً

ص: 147


1- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9 ، والمستدرک 17 : 302 أبواب صفات القاضی ب 9.
2- راجع ج 1 : 255 - 258.
3- راجع ج 1 : 218.
4- انظر المدارک 2 : 241.

قوله (1) : وفی الحسن عن زرارة عن أحدهما. ( 2 : 238 ).

استدلاله به فی غایة الغرابة ، لأنّ السیّد [ یقول ] (2) بذلک فی الحاضر دون المسافر ، فلو کان مفهوم الشرط فیه وفی أمثاله لا یکون حجّة للسیّد لم یکن حجّة علیه قطعا ، بل استدلاله بالصحیحة أیضا لیس بشی ء ، لأنّ « إذا » لیست من أدوات العموم لغة ، فیبقی الإطلاق المفید للعموم عرفا فی مثل الأحکام الشرعیة ، والإطلاقات لا تنصرف إلاّ إلی الأفراد الشائعة ، وعدم وجدان الماء فی الحضر إلی أن یحتاج إلی التیمم ثم یجد بعد ما صلّی به بعید جدّا.

قوله : الثانیة : لو تیمم. ( 2 : 238 ).

والصدوق فی أمالیه عدّ من دین الإمامیة أنّ من تیمم وصلّی ثم وجد الماء وهو فی وقت أو قد خرج الوقت فلا إعادة علیه ، لأنّ التیمم أحد الطهورین ، فلیتوضّأ لما یستقبل (3) ، انتهی. وهذا ظاهر فی أنّ الوضوء عند الإمامیة کان واجبا لغیره ، کما لا یخفی.

قوله : کون الجنابة وقعت عمدا. ( 2 : 240 ).

بل الظاهر منها الاحتلام.

قوله : عن الرجل تصیبه الجنابة. ( 2 : 240 ).

وهذا أیضا ظاهر فی الاحتلام.

قوله : أولی من التخصیص. ( 2 : 240 ).

لا یخفی أنّ التخصیص أولی ، لنهایة غلبة شیوعه ، إلاّ أن یرید أنّ

جواز التیمم لمتعمد الجنابة إذا خشی علی نفسه

ص: 148


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
3- أمالی الصدوق : 515.

الجملة الخبریة لا ظهور لها فی الوجوب ظهورا معتدّا به ، بل ظهور ضعیف غایة الضعف ، ولذا کثیرا ما یمنع الظهور.

ومع ذلک التخصیص المذکور فی غایة الضعف ، لعدم الدلالة علی خصوص التعمّد ، والحمل علیه من جهة الجمع بین الأخبار أیضا فی غایة الضعف ، لأنّ الخاصّ مقدّم من جهة الدلالة ، بل ربما یقول الأصولیون : إنّ الخاص قطعی الدلالة ، ولیس المراد أنّه کذلک حقیقة ، بل کاد أن یکون مثل القطعی من جهة القوّة ، وما نحن فیه لا دلالة له علی الخصوص أصلا ، فضلا أن تکون ظاهرة ، فضلا أن تکون قطعیة ، بل قد عرفت أنّ الظاهر منهما الاحتلام.

وممّا ذکر ظهر أنّ ما ذکره من أنّ القول بالوجوب لا یخلو عن قوّة ، لا یخلو عن غرابة ، سیّما بعد ما مرّ منه مرارا أنّه صلّی صلاة مأمورا بها ، وهو یقتضی الإجزاء ، مضافا إلی الأخبار الصحیحة الدالة علی عدم الإعادة ، سیّما مع عدم کون الجنابة علیه حراما ، فتأمّل.

قوله : ویشکل بأنّ مقتضی. ( 2 : 240 ).

شمولها لما نحن فیه محلّ تأمّل ، لما یظهر من الأخبار أنّه مهما أمکن یصلّی بالمائیة إلاّ أن یتحقّق العذر عنها ، وتحقّقه غیر معلوم. وقد أشرنا إلی أنّهم علیهم السلام عدّوا الصلاة بالتیمم هلاک الدین ، وغیر ذلک ، مثل ما روی فی الصحیح أیضا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، أنّه سئل عن الرجل یقیم فی البلاد الأشهر لیس فیها ماء من أجل المراعی وصلاح الإبل ، قال : « لا » (1) وغیر ذلک.

ص: 149


1- التهذیب 1 : 405 / 1270 ، الوسائل 3 : 391 أبواب التیمم ب 28 ح 1.

علی أنّه لو سلّم أنّ تفویت الصلاة المائیة حرام - لأنّ الواجب هو المائیة إلاّ أن یتحقّق العذر - لم یکن فرق بین جواز التأخیر وعدمه ، وإن لم نقل بحرمته لم یکن أیضا فرق ، والقول بالحرمة عند الضیق وعدمها مع جواز التأخیر مع العلم بعدم التمکّن من المائیة بعد ذلک أو الظنّ به ممّا لا وجه له بالنظر إلی الأخبار والأدلة ، بل مع احتمال عدم التمکّن أیضا یشکل الفرق بالقیاس إلی الأخبار وغیرها ، فتأمّل.

قوله : والأجود عدم الإعادة. ( 2 : 241 ).

الأحوط الإعادة ، للعمومات الدالة علی وجوب الصلاة مع الطهارة المائیة عند القدرة ، وإن کان شمولها لما نحن فیه لا یخلو عن ضعف ، فتأمّل ، ولأنّ السکونی ادعی الشیخ إجماع الشیعة علی العمل بروایاته ، وصرّح بأنّه ثقة فی العدّة (1).

قوله (2) : قبل فوات الجمعة. ( 2 : 241 ).

هذا مخالف لما اختاره من أنّ خوف فوات الصلاة لا یصیر منشأ لصحة التیمم مع کونه متمکّنا من الطهارات المائیة (3).

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 2 : 241 ).

الأحوط مراعاة مضمون هذه الروایة ، لما ذکرنا من کون الموثّق حجّة ، وإن کان الأخبار الصحیحة الدالة علی عدم وجوب الإعادة فی الصلاة بالتیمم ، وعلی عدم وجوب الإعادة فی الصلاة فی الثوب (4) النجس

جواز التیمم لمن منعه زحام الجمعة علی الخروج

بحث رجالی حول السکونی

حکم المتیمم إذا صلّی وعلی جسده النجاسة

ص: 150


1- عدة الأصول : 380.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- انظر المدارک 2 : 185.
4- انظر الوسائل 3 : 366 ، أبواب التیمم ب 14 ، و 484 أبواب النجاسات ب 45.

بإطلاقاتها تعارضها ، إلاّ أنّه لا قوة فی تلک الإطلاقات ، فتأمّل.

قوله : ویلزم من سقوط التکلیف. ( 2 : 242 ).

القائل بذلک لا یجعل الصلاة مشروطة بالطهارة إلاّ حال التمکّن من الطهور ، حملا للحدیث علی الصورة المتعارفة الشائعة ، وما دل علی نفسها علی الوجوب مطلقا ، لتأکّد الدلالة ، وظهور شمولها لصورة عدم التمکّن من الطهور ، ویحتاج ذلک إلی ملاحظة العمومات والتأمّل فی دلالتها ، وإلاّ فیشکل التفریق بین العمومین ، والظاهر أنّ التفریق مشکل ، والفعل قضاء لازم ، لما ستعرف ، والأداء مع ذلک لعلّه لا یخلو من احتیاط ، فتأمّل.

قوله (1) : ولعلّه أشار بذلک. ( 2 : 242 ).

فیه تأمّل ظاهر.

قوله : واحتجّ علیه. ( 2 : 243 ).

لعلّ المراد أنّه باعتبار هذا الحدث لم یتعلق الخطاب بالصلاة ، لأنّه لا صلاة إلاّ بطهور ، فلم تکن فائتة ، لأنّ الفوت فرع کونها مطلوبة ، فاتت بعذر أو غیر عذر ، وأمّا إذا لم تکن مطلوبة کالصلاة قبل دخول الوقت فلا معنی للفوت فیها ، وإذا لم تکن فائتة فلا معنی لقضائها ، لأنّ القضاء تدارک ما فات.

ویمکن أن یقال : إنّها مطلوبة إلاّ أنّها لا یمکن تحقّقها ووجودها ، فیتحقّق معنی الفوت ، فیجب قضاؤها ، لما دل علی وجوب قضاء الفوائت ، فتأمّل.

قوله : وإطلاق کلامهم یقتضی. ( 2 : 244 ).

عدم سقوط الصلاة مع عدم التمکن من التیمم

حکم من تیمم ثم وجد الماء قبل الشروع فی الصلاة

ص: 151


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » « ج » « د ».

فیه تأمّل ظاهر ، لأنّ المشهور عند فقهائنا أنّه یتیمم ویصلّی أداء ، فکیف یتمسّک بهذا الإطلاق فی کلامهم؟! مع أنّ ما نحن فیه مسألة أخری وملحوظ نظرهم فیها حیثیة أخری ، کما لا یخفی علی المتأمّل. مع أنّ قوله : فلو فقده. غیر باق علی ظاهر إطلاقه ، لما سیجی ء فی المبحث الأوّل (1) ( وفی قول المصنف : الثامن إذا تمکّن. (2) ) (3) ، إلاّ أن یحمل قوله : بعد التمکّن ، علی التمکّن الشرعی ، یعنی بعد ما تمکّن من فعل الطهارة وإتمامهما جمیعا ، فتأمل.

قوله : ولو تلبّس بتکبیرة الإحرام. ( 2 : 245 ).

فی الفقه الرضوی : « فإذا کبّرت تکبیرة الافتتاح وأوتیت بالماء فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تیمّمک وامض » (4).

قوله : للأصل. ( 2 : 245 ).

لعلّ المراد منه الاستصحاب ، لأنّهم فی مقام البحث عن حجّیة الاستصحاب أتوا بهذه المسألة مثالا ، وحکموا بالإمضاء بمجرّد الدخول بناء علی حجّیة الاستصحاب ، وعدمه بناء علی عدمها ، والتعلیل المستفاد من صحیحة زرارة وابن مسلم مشیر إلی حجّیة الاستصحاب ، فتأمّل.

ویمکن أن یکون المراد منه أصالة البراءة عن التکلیف الزائد ، لکن یعارضه أنّ شغل الذمّة بالصلاة یقینی ، والبراءة الاحتمالیة غیر کافیة حتی تثبت البراءة بدلیل شرعی ، والبراءة تتحقّق بالعود البتّة ، فتأمّل.

حکم من تیمم ثم وجد الماء فی أثناء الصلاة

ص: 152


1- المدارک 2 : 247.
2- المدارک 2 : 254.
3- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
4- فقه الرضا علیه السلام : 90 ، المستدرک 2 : 546 أبواب التیمم ب 16 ح 3.

قوله : وروایة ابن حمران ( 2 : 246 ).

یظهر من المحقّق أنّه لم یتأمّل فیها إلاّ من جهة عبد الله بن عاصم خاصّة ، وأنّه لا یخلو عن عدالة ، فتأمّل ( وممّا یرجّح روایة عبد الله أنّها رویت بطرق کثیرة ، ولذا قال المحقق : وإن تکثّرت إلاّ أنّ أصلها عبد الله بن عاصم ، هذا ، مضافا إلی موافقتها لصحیحة زرارة المستجمعة لوجوه کثیرة من الرجحان علی ما ستعرف فی بحث صلاة الجمعة (1) ) (2).

قوله (3) : لم یکن لروایته محمل. ( 2 : 246 ).

یمکن الحمل علی الدخول الکامل ، ویؤیّده ما ورد فی بعض الأخبار أنّ أوّل الصلاة هو الرکوع (4) ، فتأمّل.

قوله : والعمومات الدالة. ( 2 : 246 ).

فیه تأمّل ظاهر ، لأنّ قطع الصلاة المحرّم هو أن یکون المکلف یقطع الصلاة الصحیحة اختیارا ، وما نحن فیه لیس کذلک ، إذ لا یعلم صحة الصلاة بعد وجدان الماء ، فانقطاع الصلاة محتمل شرعا احتمالا مساویا لعدمه. علی أنّ المکلف لو لم یقطع الصلاة بل یتمّها لا یعلم کون صلاته صحیحة غیر منقطعة أم فاسدة منقطعة ، ومجرّد الاحتمال لا یکفی للحکم بالحرمة ثم الحکم بالصحة من جهة الحکم بالحرمة ، فتدبر.

قوله : ویمکن الجمع. ( 2 : 247 ).

لم نجد مطلقا أصلا سوی روایتی محمد بن حمران والتعلیل

ص: 153


1- یأتی فی ج 3 : 140 - 143.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
3- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
4- التهذیب 2 : 97 / 362 ، الوسائل 6 : 311 أبواب الرکوع ب 9 ح 6.

المستفاد ، وظاهرهما وإن اقتضی الصحة إلاّ أنّ روایتی زرارة وابن عاصم نصّان فی أنّه یرجع ما لم یرکع ، ویؤیّدهما ما ورد من أنّ أول صلاتکم الرکوع (1) ، وأنّ الصلاة ثلث طهور ، وثلث رکوع ، وثلث سجود (2) ، وأمثال هذا ، وأنّه ورد هذا التعلیل بعینه فی صحیحة زرارة مع تصریح المعصوم بوجوب الإعادة ما لم یرکع ، وأنّ العلّة تنفع ما بعد الدخول فی الرکوع خاصّة.

ولعلّ شغل الذمّة یقینی والبراءة لا بدّ منها ، للقطع بأنّا مأمورون بالإطاعة والخروج عن العهدة ، ولا یتحقّق ذلک إلاّ بالامتثال الیقینی أو الظنّی الذی اعتباره شرعا یقینی ، لقاعدة الاستصحاب ، فإنّ ثبوت الخلاف إنّما یتحقّق بما ذکر ، ولقوله علیه السلام : « لا تنقض الیقین إلاّ بیقین مثله » (3) ، وهو وفاقی أیضا بین الفقهاء ، وتتبّع الأحکام الشرعیة أیضا یشهد علی ذلک ، وکون الظنّ من حیث هو هو لا دلیل علی حجّیته واعتباره بل ورود النهی عن اعتباره فی الآیات والأخبار أیضا یقتضی ما ذکرنا ، فحیث قلنا : شغل الذمّة الیقینی یقتضی البراءة الیقینیة نرید المعنی الذی ذکرنا.

وبالجملة : الأحوط الإعادة وعدم الاکتفاء بتلک الصلاة ، وإن کان الأحوط من هذا أیضا الإتمام ثم الإعادة ، فتأمّل.

قوله (4) : ( لإطلاق الأخبار. ( 2 : 248 ).

فی هذا الإطلاق ضعف ظاهر.

ص: 154


1- راجع ص 153.
2- الکافی 3 : 273 / 8 ، الوسائل 6 : 310 أبواب الرکوع ب 9 ح 1.
3- التهذیب 1 : 8 / 11 ، الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ب » « ج » « د ».

قوله (1) : لما رواه ابن بابویه. ( 2 : 251 ).

لکن روی هذه الصحیحة بعینها عن عبد الرحمن بن أبی نجران ، عن رجل حدثه ، قال سألت أبا الحسن علیه السلام (2) ، الحدیث. والظاهر سقوط هذه الواسطة فی طریق الصدوق ، لأنّ زیادة ما ذکر مستبعد ، وعلی تقدیر تسلیم عدم الظهور فالحدیث لا یخلو عن اضطراب وتحقّق احتمال ، فلا وثوق بکونه صحیحا ، نعم هو منجبر بالشهرة.

قوله : والتخییر حسن. ( 2 : 252 ).

الحکم بالتخییر بالنسبة إلی الکل لا یخلو عن الإشکال بعد ملاحظة العلّة الواردة فی الحدیث الصحیح من أنّ الغسل من الجنابة فریضة ، فتأمّل.

قوله : لکن لا یلزم منه امتناع الرفع فیه إلی غایة معینة ... ( 2 : 253 ).

قد ظهر ما فی هذا الکلام ممّا ذکرنا فی بحث النیّة (3) ، إذ لو أراد أنّه بعد الغایة لم یرتفع ففیه : أنّه إذا ارتفع بالمرّة ولم یکن باقیا أصلا ، فکیف یمکن أن یقال : إنّه بعد الغایة لم یرتفع.

وإن أردت أنّه بعد الغایة یعود فالعود لیس إلاّ الحدوث بعد الانعدام ، فیکون الحادث حدثا جدیدا ، وهذا الحدث لیس إلاّ الحالة المانعة ، ومحال تحقّقها من غیر سبب ، والسبب منحصر فی وجود الماء مثلا ، وهو لیس بحدث بالإجماع ، بل بالضرورة ، ومسلّم عند الشارح حیث قال : ولا ریب فی ما ذکره ، ویقول بعد ذلک : إنّ التمکّن لیس بحدث إجماعا ، فلا یبقی

حکم اجتماع المیت والجنب والمحدث مع کفایة الماء لأحدهم

فی أن التیمم لا یرفع الحدث

ص: 155


1- هذه الحاشیة لیست فی « ج » و « د ».
2- التهذیب 1 : 109 / 285 ، الوسائل 3 : 375 أبواب التیمم ب 18 ح 1.
3- راجع ص 124 - 126.

لما ذکره من قوله : لکن لا یلزم منه. ، مجال.

ولعلّ مراده من الارتفاع الکمون ، وبعد الغایة یصیر بارزا ، وهذا بعینه مراد القوم مع المناقشة فی العبارة.

قوله : وهی إنّما تدل علی النهی. ( 2 : 253 ).

لا یخفی أنّه مطلق غیر مقید بخصوص ما قبل التیمم عن الجنابة ، وکذا یتیمم أیضا مطلقا ، ومدار الشارح الاستدلال بأمثال هذا الإطلاق ، بل استصحابه لیس إلاّ هذه الإطلاقات والأخبار التی یظهر منها کون التیمم بدلا من الغسل من غیر فرق بین التیمم الأوّل والثانی والثالث وهکذا ، وکذا یظهر أنّه یتیمم مطلقا سواء کان متمکّنا من الوضوء أم لا ، مضافا إلی الاستصحاب والإجماع المنقول. هذا مع فساد القول بارتفاع الحدث ، کما بیّنا فی ما سبق فی بحث نیّة التیمم.

قوله (1) : إذا کان ذا نفس سائلة. ( 2 : 258 ).

هذا الإجماع یدل علی نجاسة البول والغائط من الطیور التی لا یحلّ أکلها أیضا ، لعدم التخصیص بغیر الطیور.

قوله : أنّ الأمر حقیقة فی الوجوب. ( 2 : 259 ).

یتوقّف الاستدلال علی مقدّمات :

الأولی : کون الأمر حقیقة فی الوجوب ، کما ذکره.

الثانیة : أنّه لیس واجبا لنفسه ، إذ لو کان واجبا لنفسه لم یکن بینه وبین النجاسة مناسبة ، لأنّ النجس لا یجب إزالته بعنوان الوجوب النفسی ، ولیس مثل وجوب الحجّ عند الاستطاعة ، والصلاة عند دخول الوقت ، وغیر ذلک.

فیما إذا تیمم الجنب بدلاً من الغسل ثم أحدث حدثاً

النجاسات

أنواع النجاسات

البول والغائط

ص: 156


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » « و».

الثالثة : أنّ إزالتها لأجل الصلاة من حیث النجاسة ، لأنّ المنع عن الصلاة فیه لا ینحصر وجهه فی النجاسة ، لاحتمال کونه تعبّدا ، وسیصرّح الشارح بأنّ المنع عن الصلاة لا ینحصر وجهه فی النجاسة ، فی مسألة فأرة المسک (1) ، وفی مسألة نجاسة المیتة (2).

الرابعة : أنّ النجاسة الشرعیة عبارة عن تکلیفات متعدّدة کثیرة ، مثل : المنع عن الصلاة والأکل والشرب ، وإدخال المساجد ، وکونه مع المصحف وأمثاله ممّا یعظّم شرعا ، إلی غیر ذلک ، وکذا عمّا لاقاه رطبا بجمیع التفصیل الذی مرّ ، وکذا ما لاقی ما لاقاه بجمیع التفصیل المذکور ، وهکذا دائما.

وبالجملة : النجاسة الشرعیة مجموعة تکالیف لا تعدّ ولا تحصی ، بل ولا نهایة لها ، ولم یرد آیة ولا حدیث یدل علی هذا المجموع ، حتی یکون الدلیل علی تحقّق واحد من تلک الأحکام دلیلا علی تحقّق المجموع ( من حیث المجموع ) (3) ویحکم بتحقّق المجموع شرعا.

الخامسة : ثبوت التلازم شرعا بین کلّ واحد من تلک الأحکام وبین المجموع ، بحیث لا ینفکّ عنه شرعا حتی یتأتّی الاستدلال به علیها.

السادسة : اتحاد حکم الثوب مع البدن وغیر ذلک فی ذلک حتی یحکم ب « اغسل ثوبک » علی « اغسل بدنک » وغیر ذلک ، مع أنّه علی القول بحجّیة هذا المفهوم یکون ظاهر الحدیث عدم وجوب غسل غیر الثوب.

السابعة : ثبوت التلازم بین حکم البول والروث ، مع أنّه علی القول بحجّیة مثل هذا المفهوم یکون الظاهر من الحدیث عدم نجاسة الروث ،

ص: 157


1- المدارک 2 : 275.
2- المدارک 2 : 268.
3- ما بین القوسین لیس فی « د ».

فالاستناد فی فهم المطلوب من هذا الحدیث إنّما یکون بإجماعات کثیرة ، فلا یکون الحدیث دالاّ علی المطلوب بنفسه ، فتدبّر.

قوله : ومتی ثبت وجوب الغسل. ( 2 : 259 ).

لم یقل أحد بوجوب غسل النجاسة بالوجوب الشرعی ، بل یقولون به بالوجوب الشرطی ، بل لا یوجبون الغسل أصلا ، لا علی صاحب الثوب الذی هو المخاطب فی الحدیث والمأمور ولا علی غیره ، بل لو وقع فی الماء فطهر یکفی ، وکذا لو غسله غاصب ، وکذا لو غسل بالماء الغصبی ، بل یوجبون کون الصلاة فی الثوب الطاهر.

وبالجملة من تأمّل حق التأمّل علم أنّ منشأ فهم النجاسة من الحدیث هو الإجماع لا غیر ، ولذا لا یفرّقون بین الرجل والمرأة وغیرهما ، وإن کان المخاطب هو الرجل لا غیر.

قوله : وقال فی الخلاف. ( 2 : 259 ).

حکی العلاّمة فی المختلف عن السید فی جواب المسائل المیافارقیات : أنّ البول قد عفی عنه فی ما یرشّش عند الاستنجاء (1). ونقل ابن إدریس عن بعض الأصحاب فی مطلق النجاسة (2). ویدفع القولین العمومات ، وخصوص ما سیذکره عن الفقه الرضوی ، فی مسألة العفو عمّا دون الدرهم (3).

قوله : ویشکل بأنّها إنّما تضمّنت. ( 2 : 260 ).

الاستدلال بها بناء علی أنّ الأمّة لم تفرّق بین البول والروث ، کما

حکم رجیع الطیر

ص: 158


1- المختلف 1 : 332 ، رسائل الشریف المرتضی 1 : 288.
2- السرائر 1 : 180.
3- یأتی فی ص 217 - 218.

لا یخفی ، فتأمّل.

قوله : وترک الاستفصال. ( 2 : 260 ).

لا یخفی أنّ خرء غیر المأکول لیس من الأفراد الشائعة التی یجب الاستفصال من جهتها ، بعد بناء الراوی الجلیل علی أنّ خرء الطیر لا یضرّ وجودها للصلاة ، فهل یضرّ حکّها فیها أم لا؟ وغیر خفیّ أن الحکّ لیس من المطهّرات بالضرورة حتی یتوهّم التطهیر من جهته ، فتأمّل.

وممّا یؤیّد ما ذکرنا ویضعّف استدلاله ضمیمة قوله : وغیره ، وعطفه علی خرء الطیر ، کما هو الظاهر. مع أنّ قید ( وهو فی الصلاة ) علی هذا مستدرک ، فتدبّر.

قوله (1) : یفید العموم. ( 2 : 260 ).

فی التمسّک بمثله تأمّل یظهر للمتأمّل.

قوله : وفی الحسن. ( 2 : 261 ).

لا یخفی : أنّ الشارح ( یشترط العدالة فی حجّیة خبر الواحد ) (2) ، فکیف عمل بهذا الخبر ، حتی رجحه علی ما هو حجّة عند جمیع الأصحاب؟! مع أنّ أبا بصیر ( یحکم باشتراکه (3) فیضعف الخبر عنده ) (4).

قوله : فلمنع الإجماع ( 2 : 261 ).

هذا لیس بمکانه بعد معلومیة أنّ معلوم النسب خروجه غیر مضرّ ، والإجماع المنقول حجّة ، لشمول ما دلّ علی حجّیة خبر الواحد. والطعن

ص: 159


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » « ج » « د ».
2- بدل ما بین القوسین فی « ب » « ج » « د » : ما کان یعمل بمثل هذا الخبر.
3- انظر المدارک 1 : 49.
4- بدل ما بین القوسین فی « ب » « ج » « د » : مشترک ومثل ضعیف عنده.

بکونه خبرا مرسلا ( أمر آخر ، مع أنّه ) (1) قد عرفت جوابه ، مع أنّ الشیخ رحمه الله فی التهذیب نسب ما دلّ علی طهارته إلی الشذوذ ، وإلی موافقة التقیة (2) ، وهذا یؤیّد (3) العلاّمة ، فتأمّل.

قوله : ونقل استثناء. ( 2 : 261 ).

یعنی أنّ نقل الاستثناء عن خصوص الشیخ ، مع موافقته لابن بابویه وابن أبی عقیل ، دلیل علی بنائه رحمه الله علی أنّ ابن بابویه وابن أبی عقیل لم یستثنیا ، ولیس مراده أنّ العلاّمة یقول بأنّ القائل منحصر فی الشیخ ، کما أنّه ربما یوهمه ظاهر عبارته ، لفساده قطعا.

قوله : إنکار العمل بها. ( 2 : 261 ).

لا یخفی أنّ العلاّمة لم یستدلّ علی نجاسة بول وذرق غیر المأکول من الطیور بالقیاس المزبور ، بل ولا شکّ فی أنّ استدلاله علیها إنّما هو بروایة ابن سنان الحسنة المشهورة المعمول بها عند أکثر الفقهاء ومعظمهم ، بل وعند الجمیع فی الجملة ، بل رفع عن مستنده ( ضرر الخبر المعارض بحدوث وهن ومرجوحیة فی الظنّ والاعتبار ، بأنّ التعارض بینه وبین مستنده ) (4) تعارض عموم من وجه ، یصحّ أن یصیر کلّ منهما مخصّصا ، لکن الحسنة من جهة الانجبار بما ذکرنا جعلها أصلا ومعارضها معارضا ، وهذا وإن کان مرجّحا کافیا لجعل مستنده مخصّصا وصیرورته أصلا ، کما ارتکبه ، إلاّ أنّه تمسّک بأمر آخر یعضد ویرجّح ، وهو خروج الخشّاف من

ص: 160


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- التهذیب 1 : 266.
3- فی « و» زیادة : نقل.
4- ما بین القوسین ساقط من « أ ».

المعارض بالإجماع.

وهذا وإن کان مرجّحا آخر مورثا وهنا آخر فی طرف المعارض ، لأنّ العامّ المخصّص لیس مثل العامّ الغیر المخصّص إلاّ أنّه أیّده وتمّم مرجّحیته بالاعتبار ، وأیضا (1) الفقهاء - رضی الله عنهم - یجعلون الاعتبار من المؤیّدات ( لأنّه یحصل منه ظنّ ما ، کما لا یخفی علی من تتّبع کلامهم ، حیث یقولون : مؤیّده الاعتبار ، فتأمّل ، إلاّ أنّه لا یجوز أن یجعله دلیلا علی الحکم ، لا أنّه لا یجوز أن یجعل من المؤیّدات ، کیف؟! والمؤیّدات ) (2) والمرجّحات لا یجب أن تکون ممّا هو حجّة شرعیة بنفسه ، بل لیس کذلک قطعا ، إذ غالبها ممّا لا یصحّ أن یجعل بنفسه دلیلا ، ولا یجوز ذلک بالنسبة إلیه ، کما لا یجوز بالنسبة إلی القیاس ، فإذا کانوا یجعلون الاعتبار من المؤیّدات ، فکیف لا یتأتّی للعلاّمة أن یجعله من مؤیّدات المرجحّات ومتمّمات المؤیّدات؟! سیّما بالنسبة إلی راجح برجحان آخر معتدّ به عندهم ، فتأمّل جدّا.

قوله : ویمکن ترجیح الثانی. ( 2 : 261 ).

قد مرّت الإشارة إلی ما به یرجّح الأوّل ، ویؤیّده أنّ عبد الله بن سنان من أعاظم ثقات الأجلّة ، ولا غبار فیه أصلا ، بخلاف أبی بصیر ، فإنّه لا یخلو عن غبار ما ، وأنّ روایة ابن سنان متأیّدة بأخبار أخر ، مثل : ( ما روی عنهم علیهم السلام فی کتاب المطاعم والمشارب : أنّ « ذرق الخطّاف طاهر ، لأنّه یحلّ أکله » (3) و) (4) ما فی الکافی بسنده - کالصحیح - عن زرارة أنّهما قالا :

إشارة إلی أنّ عبد الله بن سنان ثقة

ص: 161


1- لیس فی « ب » « ج » « د ».
2- ما بین القوسین ساقط من « ج » « د ».
3- الوسائل 23 : 393 أبواب الصید ب 39 ح 5.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » « ج » « د ».

« لا تغسل ثوبک من بول شی ء یؤکل لحمه » (1).

وفی الموثّق عن عمّار ، عن الصادق علیه السلام قال : « کلّ ما أکل لحمه فلا بأس بما یخرج منه » (2).

وفی القوی عن زرارة عن أحدهما علیه السلام فی أبوال الدواب تصیب الثوب ، فکرهه. فقلت : ألیس لحومها حلالا؟ قال : « بلی ولکن لیس ممّا جعله الله للأکل » (3) إلی غیر ذلک.

وسیجی ء فی کتاب الصلاة الموثّق کالصحیح بابن بکیر : أنّ کلّ شی ء حرام أکله فالصلاة فی کلّ شی ء منه حرام ، حتی فی بوله وروثه (4) ، ومضمونه إجماعی ، کما سیجی ء (5) ، فإذا کان الصلاة فی بوله وروثه حراما باطلا فکیف یقول هنا : لا بأس أصلا؟! مع أنّ العمدة فی أمثال المقام هی الصلاة وجوازها فیه ، بل الأمر بالغسل وعدم المنع عن الغسل یرجعان إلی الصلاة بلا تأمّل ، کما عرفت الوجه.

بل بملاحظة هذه الروایة الموثّقة وما وافقها ( من الأخبار الکثیرة الصحیحة والمعتبرة ) (6) وطریقة الشیعة فی العمل ، وکونه شعارهم ، وکون العمل بما خالفها شعار العامة - مضافا إلی ما ذکره الشیخ فی بول الخشّاف -

حکم بول ما لا یؤکل لحمه

ص: 162


1- الکافی 3 : 57 / 1 ، الوسائل 3 : 407 أبواب النجاسات ب 9 ح 4.
2- التهذیب 1 : 266 / 781 ، الوسائل 3 : 409 أبواب النجاسات ب 9 ح 12.
3- الکافی 3 : 57 / 4 ، التهذیب 1 : 264 / 772 ، الوسائل 3 : 408 أبواب النجاسات ب 9 ح 7.
4- الکافی 3 : 397 / 1 ، التهذیب 2 : 209 / 818 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّی ب 2 ح 1.
5- یأتی فی ص 345.
6- ما بین القوسین لیس فی « ب » « ج » « د ».

یترجّح کون روایة أبی بصیر موافقة للتقیة ، لو کان عمومها باقیا علی حاله.

وممّا یرجّح أیضا أنّ روایة ابن سنان أعلی سندا ، وتکرّر الطریق إلیه.

وسیجی ء فی ذرق الدجاج الإجماع علی نجاسة ذرق الجلاّل منه ، معلّلا بأنّه غیر مأکول اللحم (1) ، والشیخ حمل روایة فارس علیه (2) ، فتأمّل.

قوله : والمدّعی أعمّ من ذلک. ( 2 : 262 ).

لا یخفی أن المدّعی یتمّ بضمیمة عدم القول بالفصل.

قوله : وقد ظهر من ذلک. ( 2 : 262 ).

لا یخفی ما فی دعوی القطع فی أمثال هذه الأحکام ، سیّما مع ما عرفت.

قوله : إنّ فرض وقوعه. ( 2 : 262 ).

الروایة التی هی المستند صریحة فی الوقوع ، فلا وجه للتأمّل فیه والاستناد إلیها ، فتأمّل.

قوله (3) : وهذه الروایة أوضح سندا. ( 2 : 262 ).

فیه تأمّل.

قوله : بالشذوذ والحمل علی التقیة. ( 2 : 262 ).

لا یخفی أنّ المرجّحات من قبیل العدالة والأعدلیة ، والشهرة والأشهریة ، والشذوذ ، والتقیة التی نعتبرها غالبا إنّما هی ظنیّة حاصلة لنا من أقوال الشیخ وأمثاله من المقاربین للعهد والمطّلعین الخبیرین ، فلا وجه للحکم بالإشکال.

ص: 163


1- المدارک 2 : 265.
2- الاستبصار 1 : 178.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » « و».

مع أنّه لم یظهر مانع ومخالف لما ذکره الشیخ أصلا ، ویؤیّده ادعاء العلاّمة الإجماع (1) ، وکون الراوی من العامة.

ومن جملة مرجّحات روایة داود أنّها وإن کانت ضعیفة إلاّ أنّها منجبرة بفتاوی الأصحاب ، لو لم نقل بحجّیة الإجماع المنقول ( أو تحقّقه ) (2) وهذه الروایة ضعیفة لا جابر لها ، بل ومضعّفاتها کثیرة ، کما عرفت ، ومن جملة مضعّفاتها ما ذکرنا فی ترجیح روایة ابن سنان علی روایة أبی بصیر.

قوله : خصوص حسنة الحلبی. ( 2 : 263 ).

لا یخفی أنّ الشارح ذکر فی صدر المسألة أنّ النجاسة إنّما استفیدت من أمر الشارع بالغسل (3) ، فکیف یستدلّ بهذه الحسنة علی النجاسة؟! مع أنّ مقتضاها أنّه لا یغسل بل یصبّ علیه الماء ، مع أنّه فی کثیر من الموارد ورد الأمر بالرشّ والصبّ ، مثل الکلب إذا لاقی یابسا ، وغیره ، کما سیجی ء (4). مع أنّه رحمه الله لا یعمل بالإجماع المنقول بخبر الواحد ، سیّما مثل هذا الإجماع ، ولذا لم یقل : بالإجماع قاله فلان ، بل قال : المشهور أنّه نجس.

وأمّا العمومات فوجود عمومات تدلّ علی نجاسة البول من غیر تحقّق غسل فیه ، واعتباره له بأن لیس الغسل مذکورا فیها محلّ تأمل واضح ، فلاحظ العمومات وتأمّل.

حکم بول الرضیع

ص: 164


1- المختلف 1 : 299.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- المدارک 2 : 259.
4- انظر المدارک 2 : 341 - 343.

وسیجی ء فی مسألة غسل المربیة للصبی أنّها تغسل ثوبها کلّ یوم مرّة (1) ما یمکن أن یستدلّ به ، مضافا إلی الإجماع ، فتأمّل.

وفی کشف الغمة ، عن زینب بنت جحش قالت : کان النبی صلی الله علیه و آله نائما فجاء الحسین علیه السلام - إلی أن قالت - فاستیقظ الرسول صلی الله علیه و آله وهو یبول ، فقال : « دعی ابنی حتی یفرغ من بوله » ، ثمّ دعا بماء فصبّ علیه ، ثم قال : « یجزی الصبّ علی بول الغلام ویغسل بول الجاریة » (2) وسنذکر فی بحث غسل النجاسات واستثناء بول الرضیع ما ینبغی أن یلاحظ.

قوله : ومن أنّ ما لا نفس له. ( 2 : 263 ).

کون هذا منشأ للتردّد محلّ نظر ظاهر ، بل الأظهر أنّ منشأ التردّد شمول عموم الأمر الذی ذکره ، بأنّ الحجّة وما یجب اعتباره هو أصالة حمل اللفظ - أی لفظ العامّ - علی معناه الحقیقی ، وإن کان بعض أفراده من النادر بحیث لا ینصرف الذهن إلیه عند الاستعمال والإطلاق ، أو الحجّة وما هو معتبر هی الأفراد التی ینصرف الذهن إلیها وتکون متعارفة ، أو أنّه بعد اعتبار الثانی لا یدری أنّه غیر المأکول من جملة المتعارف المذکور أم لا؟

ویمکن أن یکون مراده أنّ من الاستقراء یظهر أنّ ما هو طاهر المیتة والدم یکون فضلاته طاهرة ، وهذا الظنّ یعارض ظنّ العموم والشمول ، بحیث یحصل الشکّ فی الإرادة والفهم ، فتأمّل.

قوله : قاله فی المختلف ، لأنّه غیر مأکول اللحم ( 2 : 265 ).

یظهر من هذا أنّ کلّ ما لا یؤکل لحمه ، بوله وروثه (3) نجس عندهم

حکم رجیع ما لا نفس له

حکم ذرق الدجاج الجلاّل

ص: 165


1- المدارک 2 : 355.
2- کشف الغمة 2 : 57.
3- فی « ب » و « ج » و « د » : ذرقة.

البتّة ، وهذا أیضا من مؤیّدات حسنة ابن سنان ومرجّحاتها علی حسنة أبی بصیر.

قوله : بل هما طاهران. ( 2 : 266 ).

مرّ الکلام فی ذلک فی مبحث الوضوء (1).

قوله : والأمر بالاستصباح. ( 2 : 268 ).

الأمر الذی أورده علی العلاّمة رحمه الله وارد علیه من دون تفاوت وفرق ، فإنّ مراد العلاّمة من قوله : تحریم ما لیس بمحرّم ، التحریم الوارد فی الأخبار ، فکیف لا یکون التحریم الوارد فی الأخبار الشاملة لما ذکره من الروایات وغیرها دلیلا علی النجاسة ویکون ما ذکره دلیلا؟! وقوله : غیر صریح ، ظاهر فی أنّها ظاهرة فی النجاسة ، والظهور یکفی للحکم ، فیثبت مراد العلاّمة رحمه الله . غایة الأمر أنّ الشارح رحمه الله ادعی الظهور من غیر تعرض لقوله : تحریم ما لیس بمحرّم ولا فیه ضرر ظاهر فی ذلک. ولا شکّ فی أنّه لا بدّ من اعتبار ذلک ، إذ الزیت لو کان حراما لما دلّ النهی عن أکله علی النجاسة ، وکذا لو کان فیه ضرر کالسمّ ، بأن صبّ فیه سمّ. ولذا لو کان فی الحدیث موضع الفأرة الحیّة أو غیرها ممّا فیه سمّ لما دلّ الحدیث علی النجاسة أصلا ، لا ظاهرا ولا نصّا ، کما أنّه لو کان موضع الزیت السمّ أو لبن الخنزیر أو غیرها من المحرّمات لما دلّ علی النجاسة أصلا ، فتأمل.

نعم ربما کان الظاهر من کلام العلاّمة أنّ ما ذکره مختصّ بالحیوان المأکول اللحم ونفس میتته لا أعمّ منه ومن غیر المأکول اللحم وممّا لاقاه ،

المیتة

میتة غیر الآدمی

ص: 166


1- راجع ج 1 : 210 - 211.

ولعلّ بناء کلامه علی التعمیم أولی ، فتأمّل.

قوله : لکنّه غیر صریح فی النجاسة. ( 2 : 268 ).

وإن لم تکن صریحة لکنّها ظاهرة ، سیّما مع ملاحظة اختصاص المنع بالمائع دون الجامد ، وظهور الاستفصال فیها. وکذا تدلّ الأخبار الواردة فی المنع عن استعمال الماء الذی وقعت فیه ، وخصوصا إذا أنتنت وتغیّر الماء بسببه ، وسیّما بعد ملاحظة الإجماع والأخبار الدالة علی أنّ الماء إذا تغیّر بالنجاسة أحد أوصافه الثلاثة ینجس ، مع أنّ نجاسة الأشیاء کثیرها لم یثبت إلاّ من الأمر بالغسل أو التنزّه.

قوله : لا یتعیّن کونه للنجاسة. ( 2 : 268 ).

لا یخفی أنّ الظاهر أنّه للنجاسة ، إذ لا یفهم من مجرّد الغسل إزالة الأجزاء العالقة.

مع أنّه لو علم تعلّقها به فزوالها من مجرّد الغسل لعلّه غیر ممکن ، لأنّها لو انقلعت من الجلد بقلع الأشیاء لانقلعت متصلة بها منضمّة معها ، وإن لم تتعلق فلا علوق.

مع أنّ منها ما لا علوق له بالجلد أصلا.

مع أنّ طریقة الإزالة غیر منحصرة بالغسل ، بل غیرها أولی بها منه.

مع أنّ المناسب علی ما ذکرت أن یقول علیه السلام : لا تأخذها بالقلع والنتف ، بل خذها بالجزّ ومثله.

مع أنّ بنتف مثل الصوف لا یتحقّق العلم بالعلوق ، بل ولا الظنّ ، فإیجاب الغسل بمجرّد الاحتمال فیه ما لا یخفی ، وکذا حمل إیجابه علی صورة تحقّق العلم أو الظنّ لا مطلقا ، أو حمله علی الاستحباب. وأمّا قلع مثل القرن فغیر خفی أنّ الغسل لا یزیل ما تعلّق به بسبب القلع قطعا ، مع

ص: 167

أنّ تقیید المفهوم بخصوص عدم جواز الصلاة ربما لا یخلو عن خروج عن الظاهر.

مع أنّ هذه الشهرة العظیمة بین الأصحاب فی نجاستها - بل الظاهر أنّه إجماعیّ ، وقد ادعی الإجماع الشیخ ، والمصنّف ، والعلاّمة ، وابن زهرة ، والشهید (1) - ممّا یرجّح حمل الروایات علی النجاسة وإرادتها ، بل الظاهر أنّ المشایخ المتقدّمین علی الشیخ ما کانوا یفهمون منها إلاّ النجاسة.

وممّا یرشد اتّفاق الأصحاب سوی ابن الجنید علی عدم مطهّریة الدباغ ، وقول ابن الجنید بالمطهریة (2) ، فتدبّر.

قوله : بل یحتمل أن یکون لإزالة. ( 2 : 268 ).

لا یخفی أنّ بمجرّد احتمال العلوق لا یحکم الشرع بالغسل مطلقا.

قوله : کما یشعر به. ( 2 : 268 ).

لا إشعار فیه أصلا إن لم نقل بالاشعار علی خلافه ، کما هو الطریقة فی معرفة النجاسات بمجرّد الغسل.

قوله (3) : فلم أقف فیها علی نصّ. ( 2 : 268 ).

فیه - مضافا إلی ما عرفت من النصّ ، بل النصوص الکثیرة - أنّ مرسلة الصدوق دلالتها علی الطهارة من جهة صحة الاستعمالات والانتفاعات المذکورة ، [ و ] (4) الأخبار الصحیحة مانعة عن الانتفاع به مطلقا ، کما اعترف ، فکیف یجوز له التمسّک بهذه المرسلة؟! بل یمکن أن

ص: 168


1- الخلاف 1 : 60 ، المعتبر 1 : 420 ، نهایة الإحکام 1 : 269 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 551 ، الذکری : 13.
2- حکاه عنه فی المختلف 1 : 342.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
4- فی النسخ : فی ، والظاهر ما أثبتناه.

یکون مراد الصدوق جلود ما لا نفس له ، لما ذکر ، ولما دلّ علی نجاسة ما له نفس.

قوله : روی فی أوائل کتابه. ( 2 : 268 ).

یعارضها ما دلّ علی عدم الانتفاع من المیتة بوجه من الوجوه ، وما یظهر منه نجاسة أجزاء المیتة التی تحلّ فیها الحیاة ، مثل روایة الحلبی الآتیة ، وغیرها ، وکذا الإجماعات التی أشرنا إلیها ، وغیرها ممّا ذکرنا ، فکیف تقاوم جمیع ما ذکر؟! وإن صحّ سندها ، مع أنّها غیر صحیحة.

والشارح رحمه الله لم یعتبر ما ذکره الصدوق لصحّة روایته فی مقام ، بل یشترط العدالة ، بل صرّح بأنّ الخبر الذی لیس بصحیح لا یکون حجّة وإن انجبر بعمل الأصحاب وفتاواهم ، بل قال : اتفاق الأصحاب إن بلغ حدّ الإجماع فهو حجّة برأسه ، وإلاّ فلا فائدة فیه (1) ، فکیف یمکنه الحکم بالحجّیة بمجرّد تصحیح واحد من الفقهاء؟! ولیس إلاّ واحدا من الألف ، والألف لا ینفع فکیف الواحد ینفع؟! فتأمّل.

قوله : إنّما قصدت إلی إیراد ما افتی به واعتقد فیه أنّه حجّة. ( 2 : 269 ) (2).

لا یخفی أنّه کثیرا یروی فی الفقیه ما یعلم أنّه لیس فتواه ، أو یظنّ ، أو صرّح هو فیه ، فهو إمّا یرجع عمّا قال کما صرّح به جدّی (3) ، أو أنّه قائل بشمولها وتوجیهها.

بحث حول ما ذکره الصدوق فی مقدمة الفقیه

ص: 169


1- انظر المدارک 1 : 75.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- انظر روضة المتقین 1 : 17 - 19 ، 14 : 350.

کما ذکر الکلینی الأحادیث الظاهرة فی الجبر وغیره ، ممّا هو کیف (1) والشیعة مبرّؤن عنه ، من دون إظهار توجیه وتأویل ، وأنّ الظاهر لیس معتقده ، بل وکثیرا ما یروی فی فروع الفقه وغیرها أخبارا نجزم أنّه لیس قائلا بظواهرها ، من دون تعرّض منه إلی توجیه ، وکذلک الحال بالنسبة إلی غیر الکلینی والصدوق - رحمهما الله.

ومن هذا روی فی الفقیه مقدّما علی المرسلة المذکورة مرسلة أخری ظاهرها طهارة جلد الخنزیر ، وعدم انفعال الماء القلیل ، وعدم انفعال البئر بالملاقاة (2) ، مع أنّ شیئا من ذلک لیس برأیه جزما ، فظهر أنّه کان قائلا بها بعنوان التأویل ، کما روی ما یظهر منه وجوب الأدعیة والأذکار فی التعقیب والأیّام وغیرها.

ویحتمل أن یکون مراده الجلود المدبوغة ، ( ویکون قائلا بالطهارة بالدباغة وأنّها فی مقام العمل بالتقیة ، ولا تأمّل فی ظهورها فی الجلود المدبوغة ) (3) إذ لا یجعل ظرف اللبن والسمن ( غیرها ) (4) علی الدوام ، علی ما یشیر إلیه قوله : « تجعل » الظاهر فی الاستمرار التجدیدی ، بل لا یبعد فی أنّ هذه تکون مضمون صحیحة الحسین بن زرارة عن الصادق علیه السلام فی جلد شاة میتة یدبغ ویصبّ فیه اللبن والماء ، فأشرب منه وأتوضّأ؟ قال : « نعم » ، وقال : قال : « یدبغ فینتفع به ولا یصلّی فیه » الحدیث (5).

قوله : وإطلاق الروایتین. ( 2 : 270 ).

ص: 170


1- کذا فی النسخ ، ولعله تصحیف.
2- الفقیه 1 : 9 / 14.
3- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
4- فی النسخ : وغیرهما ، والظاهر ما أثبتناه.
5- التهذیب 9 : 78 / 332 ، الوسائل 24 : 186 أبواب الأطعمة المحرّمة ب 34 ح 7.

لیس کذلک ، إذ مقتضاهما وجوب غسل الشی ء الذی أصاب الثوب ، وإزالته عنه بالماء ، فتکونان ظاهرتین فی الرطوبة وما یسری إلی الثوب ویتصل به ، ویدلّ علی ذلک ( أیضا ) (1) ما فی الروایة الأخری : « إن کان غسّل فلا تغسل منه ما أصاب ثوبک ، وإن کان لم یغسّل فاغسل ما أصاب ثوبک منه » (2) ، فتأمّل.

( ومنع دلالتهما علی نجاسة المیت - کما صدر من صاحب المفاتیح (3) - فاسد ، إذ لو کان طاهرا لم یجب إزالة رطوباته وغیرها عن الثوب ، واحتمال کون المانع عن الصلاة فیه والمقتضی لوجوب الغسل هو الموت فاسد ، لأنّ کلمة « ما » من أدوات العموم اللغوی ، ومع ذلک لم یقل أحد بوجوب الغسل من جهة الموت خاصّة ، بل کلّ من أوجب الغسل حکم بالنجاسة ، لعدم القائل بالفصل وغیر خفی أنّ دلالة الأخبار بمعونة الإجماع عدّ لنا وفی بحث النجاسات ) (4). ولا دلالة فی شی ء من الأخبار علی ما ذکره ، فربما کان الظاهر النجاسة والتأثیر فی حال الرطوبة لا الیبوسة أیضا ، فتأمّل.

قوله : إلاّ مع الرطوبة للأصل. ( 2 : 270 ).

وصحیحة علی بن جعفر السابقة ، وبعض الأخبار الأخر منها الصحیح : وقع ثوبه علی کلب میّت ، قال : « ینضحه ویصلّی فیه ، ولا بأس » (5).

میتة الآدمی

ص: 171


1- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د » وبدله فی « أ » و « و» : بالضرورة.
2- الکافی 3 : 61 / 5 ، التهذیب 1 : 276 / 811 ، الوسائل 3 : 461 أبواب النجاسات ب 34 ح 1.
3- المفاتیح 1 : 66.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
5- الفقیه 1 : 43 / 169 ، التهذیب 1 : 277 / 815 ، مسائل علی بن جعفر : 117 / 52 ، الوسائل 3 : 442 أبواب النجاسات ب 26 ح 7.

قوله (1) : ومقتضی کلامه أنّ ما لاقی. ( 2 : 271 ).

وفیه : أنّ صدر العبارة وإن أوهم ذلک ، إلاّ أنّ تعلیله کالصریح فی نجاسة الملاقی ، وأنّه إذا لاقی المائع لجسده ، نجس کما لا یخفی.

قوله : وإنّما یتعلّق به الحکم المذکور. ( 2 : 271 ).

فی الاحتجاج عن مولانا القائم علیه السلام : « إذا مسّ المیت بحرارته لم یکن علیه إلاّ غسل یده » (2).

قوله : وضعفه ظاهر. ( 2 : 272 ).

لعلّ نظر العلاّمة إلی العلّة المنصوصة فی صحیحة الحلبی الآتیة ، فإنّ الظاهر منها أنّ النجاسة من جهة ذهاب الروح وتحقّق الموت ، فلا حظ وتأمّل. ( بل ما رواه الفضل بن شاذان فی علله عن الرضا علیه السلام (3) صریح فی ذلک ، فلاحظ ) (4).

ویؤیّده أیضا ما ذکره فی المسألة السابقة من : أنّ نجاسة المیّت إنّما هی بعد برده ، لعدم تحقّق انتقال الروح منه بالکلّیة ، فتأمّل.

ویعضده أیضا الأخبار الآتیة عند قول المصنف : ویجب الغسل علی من مسّ میّتا ، فتأمّل.

قوله : ما یستفاد من الأخبار. ( 2 : 272 ).

لو تمّ ما ذکره یلزم طهارة المیت الثابت نجاسته بمجرّد تفریقه وتقطیعه ، بل وبقدّه نصفین ، بل وبانفصال جزء منه بحیث لا یصدق علی ما

نجاسة ما قطع من المیتة

ص: 172


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- الاحتجاج : 482 ، الوسائل 3 : 296 أبواب غسل المیت ب 3 ح 5.
3- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 114 / 1 ، الوسائل 2 : 478 أبواب غسل المیت ب 1 ح 4.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا » « ج » « د ».

بقی جسد المیّت ، بل ومطلقا أیضا ، لأنّ المتبادر من جسد المیت علی الإطلاق هو التّام الکامل ، فیلزم ممّا ذکره کون التقطیع من جملة المطهّرات. مع أنّ میتة مأکول اللحم إذا صارت طاهرة بمجرّد التقطیع یمکن الحکم بحلّیة الأکل أیضا ، لأنّ الأصل فی الأشیاء الإباحة ، والمانع کان نجاسة المیتة وقد ارتفع ، فتأمّل.

علی أنّه سیذکر فی نجاسة الکلب والخنزیر : أنّ الکلّ إذا کان نجسا یلزم أن یکون جمیع الأجزاء نجسا أیضا حتی الشعر وأمثاله (1) ، فکیف یتأمّل هنا؟! ( مع أنّ الأدلّة التی استدلّ بها علی النجاسة لیس فیها کون النجاسة متعلّقة بجسد المیت من حیث هو جسد المیّت ، کما لا یخفی ، بل ) (2) صحیحة حریز فی غایة الوضوح فی نجاسة الأجزاء التی یکون فیها روح ، وکذا ما أشرنا إلیه من الأخبار ، فتأمّل.

قوله : وترک الاستفصال. ( 2 : 272 ).

لا یخلو عن ظهور فی ما ذکره ، لأنّه علیه السلام استفصل فی خوف خروج الدم ، فیظهر أنّه علیه السلام فی مقام إتمام المسألة للعمل ودفع المفسدات الشرعیة ، ورطوبة الید ویبوستها فی درجة خوف الدم لو لم یکن أقرب ، فتأمّل.

قوله (3) : ویدلّ علیه صحیحة حریز. ( 2 : 272 ).

ویدلّ علی ذلک روایة فضل بن شاذان أیضا فی علله عن الرضا علیه السلام (4).

طهارة ما لا تحلّه الحیاة من المیتة

ص: 173


1- المدارک 2 : 275 - 276.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».
4- لم نعثر علیه فیه.

قوله : قال النجاشی : إنّه کان کذّابا. ( 2 : 274 ).

کذبه أنّه نقل للرشید : أنّ الرسول صلی الله علیه و آله قال : « لا سبق إلاّ فی خفّ أو حافر أو ریش » (1) فقال الرشید : أشهد أنّ قفاه قفا کذّاب علی رسول الله (2). فاشتهر بالکذب ، لکن لا یخفی أنّ الحدیث بهذا المضمون ورد فی کتبنا المعتبرة (3) علی وجه یظهر أنّ الإلحاق المذکور لیس کذبا ، بل فی الحقیقة صحیح ، لکن لمّا لم یکن ذلک فی أحادیث العامة نسبوه إلی الکذب واشتهر به ، مع أنّه قال بعض الماهرین : إنّ الحدیث والحکایة کان من غیاث بن إبراهیم (4) ، وقیل : کان عن حفص بن غیاث (5) ، ولم یظهر بعد أنّه کان عن وهب ، وقد حقّق فی الرجال.

علی أنّ الحدیث الضعیف یصیر حجّة بانجباره من جوابر ، والجابر هنا قول ابن إدریس فی السرائر : هذا اللبن نجس بغیر خلاف عند المحصّلین ، لأنّه مائع فی میتة (6). ووافقه علی الحکم جماعة من أصحابنا منهم الفاضلان (7) ، ویعضد هذا الجابر ما ورد فی الأخبار المسلّمة من أنّ الفأرة إذا ماتت فی السمن والزیت وغیره أنّه ینجس ویحرم أو یسرج به (8) ،

توضیح ما ذکره النجاشی من أنّ وهب بن وهب کذّاب

ص: 174


1- فی « ب » زیادة : فألحق الریش.
2- انظر تفسیر القرطبی 1 : 79 ، میزان الاعتدال 3 : 338 ، حیاة الحیوان 1 : 370 الشهید فی الدرایة : 56 ، باختلاف فی المتن والمسند والمسند إلیه.
3- لاحظ الفقیه 3 : 30 / 88 ، والتهذیب 6 : 284 / 785 ، الوسائل 27 : 413 أبواب الشهادات ب 54 ح 2 ، 3.
4- تاریخ بغداد 12 : 324.
5- ملاذ الأخیار 10 : 174.
6- السرائر 3 : 112.
7- المحقق فی شرائع الإسلام 3 : 223 ، والعلاّمة فی نهایة الأحکام 1 : 270.
8- الوسائل 24 : 194 أبواب الأطعمة المحرّمة ب 43.

واللبن فی الضرع رقّته أزید ومساورته أشدّ.

ویعضده أنّ کل نجس من نجاسات الشرع ینجس کل رطب ، وکل رطب من الأشیاء ینجّسه کلّ نجاسة ، حتی هذا اللبن لو لاقاه نجاسة أیّ نجاسة تکون ینجس ، حتی أنّه لو خرج عن الضرع فلاقاه جسد هذه المیتة أو وقع فیه جلد من هذه المیتة أو لحم منه ینجس ، وورد منهم علیه السلام « أنّ کلّ حدیث ورد إلیکم فأعرضوه علی سائر أحکامنا ، فإن کان یشبه تلک الأحکام فهو منّا ، وإلاّ فلا ( تعملوا به » أو « زخرف » أو غیر ذلک من أمثال ما ذکر ، ولیس ببالی ، وورد أیضا عنه « أعرضوه علی السنّة ، فإن کان یشبه سائر الأحکام فهو منّا ، وإلاّ فلا » (1) ) (2).

ویعضده أیضا أنّ کل متنجّس ینجّس کل شی ء ، فکیف النجس لا ینجّس؟! ویعضده أیضا أنّ هذه المیتة لو لاقت الماء ینجس ، إلاّ أن یکون قدر کرّ ، والماء أقوی من اللبن ، لوقوع الخلاف فی انفعال الماء القلیل ، والوفاق فی عدم انفعال بعض منه ، وعدم انفعال الکثیر.

علی أنّا نحکم حکما قطعیا (3) بأنّ المیتة ینجّس الأشیاء الرطبة والمائعات من دون تأمّل ولا تزلزل ، ولیس فی هذا الحکم سبب وجهة سوی إجماع أو حدیث.

فإمّا ( أن یقال : ) (4) إنّ کل موضع موضع بخصوصه ورد فیه إجماع أو حدیث دالاّن علی انفعال ذلک الموضع بخصوصه وتنجسه من حیث

أدلّة القائلین بنجاسة ما لا تحله الحیاة من المیتة والجواب عنها

ص: 175


1- الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
2- ما بین القوسین لیس فی « د ».
3- فی « ب » زیادة : باتّا.
4- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

الخصوص ، بحیث لا یمکن الحکم بنجاسة موضع آخر من جهة هذا الحدیث وهذا الإجماع ، لاختصاص دلالة هذا الحدیث وهذا الإجماع بهذا الموضع بخصوصه ، و (1) یکون الحکم بنجاسة موضع آخر من حدیث آخر علی حدة وإجماع آخر علی حدة وهکذا الحال فی کلّ موضع بخصوصه.

فلما لم نر فی اللبن الخارج من ضرع المیتة إجماعا ولا حدیثا یدلّ علی نجاسته سوی الروایة الضعیفة ، نحکم بعدم ثبوت النجاسة فیه ، لأنّ الإجماع والحدیث الوارد فی موضع آخر لا یشمل هذا اللبن ، لاختصاص کل موضع بحدیث خاصّ به أو إجماع خاصّ به لا یتعدّی إلی غیره.

وإن کان جمیع المواضع بحیث لا یشذّ عنها موضع ورد فی کل منها بخصوصه حدیث مختصّ به أو إجماع کذلک لا یتعدّی إلی غیر نفسه ، حتی أنّ هذا اللبن لو خرج من ضرع المیتة فلاقاه جسد المیتة من خارج ، أو بعض لحم ، أو شی ء ممّا تحلّ فیه الحیاة ، یکون تنجس المیتة بإجماع مختصّ بکل واحد من الجسد أو بعض اللحم أو شی ء تحلّ فیه الحیاة علی حدة ، وهکذا حدیث علی حدة ، لکن لمّا لم یتحقّق إجماع بخصوصه ، ولا حدیث کذلک فی اللبن الخارج عن الضرع یحکم بالطهارة من جهة عدم دلیل النجاسة ، مضافا إلی الصحیحتین المذکورتین.

لکن غیر خفّی ، أنّ هذا فاسد قطعا ، والوجدان یکذّبه جزما ، لأنّا لا نری إجماعا إجماعا فی خصوص موضع موضع ، وکذلک حدیثا حدیثا ، بل کلّ موضع یحکم فیه بالنجاسة فإنّما هو بدلیل مشترک بینه وبین الموضع الآخر الذی یحکم فیه بالنجاسة ، من دون تفاوت أصلا ولا خصوصیة

ص: 176


1- فی « أ » و « ب » و « و» : أو.

مطلقا.

وهذا لا یکون إلاّ أن یکون مقتضی الدلیل قضیة کلّیة وقاعدة عامّة شاملة لکل موضع موضع ، من دون تفاوت ولا خصوصیة ، ولا کون القضیة الثابتة مهملة ، لأنّها مرادفة للجزئیة المجملة التی لا تنفع أصلا ، ولا تجری فی موضع مطلقا ، ولا یمکن إثبات حکم موضع واحد فضلا عن جمیع المواضع ، بل القضیة الثابتة من الدلیل الذی یکون مستند حکمنا - إجماعا یکون المستند أو الحدیث - هی الکلّیة التامّة العامّة الشاملة الجاریة فی کلّ موضع ، کما قلنا ، بحیث لو لم یرد فی اللبن الخارج عن ضرع المیتة حدیث أو أمر آخر لکنّا نحکم بنجاسته أیضا ، کما کنّا نحکم بنجاسة غیره من دون تفاوت أصلا ، ولیس هذا الحکم إلاّ من دلیل البتّة.

فهذا الدلیل فی الحقیقة معارض للصحیحتین الدالّتین علی الطهارة ، ومعاضد لروایة وهب المعتضدة بما ذکرنا ، ففی مقام التعارض لا بدّ من ملاحظة قوّة کلّ واحد من المتعارضین ومقاومتهما ، فلاحظ تلک القوّة الحاصلة فی ذهنک عند حکمک بنجاسة المواضع الأخر بأنّها بأیّة مرتبة تکون تلک القوّة لک؟ واطمئنانک بأیّ قدر یکون؟ ثم ضمّ إلی تلک القوّة الحاصلة الظنّ الحاصل کذلک من روایة وهب وما یعضدها ، واجعل المجموع معا معارضا للصحیحتین وما یعضدهما ، فتأمّل ، ولا تقنع ببادئ نظرک ، إذ ربما کنت فی مقام الحکم بنجاسة سائر المواضع مطمئنّا غایة الاطمئنان ، فکیف إذا انضمّ إلی هذا الاطمئنان التامّ الظنّ الحاصل لک من ملاحظة روایة وهب وما یعضدها؟

فإذا کان فقیه فی مقام حکمه بنجاسة سائر المواضع جازما یکون جزمه من اعتقاد حصل له بإجماع ، فکیف یمکنه العمل بمضمون

ص: 177

الصحیحتین؟ لأنّ الظنّ لا یعارض الجزم. وإذا لم یکن جازما بل یکون ظانا ، لکن ظنّه أقوی من الحاصل من الصحیحتین ، فیکون الظاهر عنده إجماع ظنّی بظنّ قوی ، فهو أیضا یشکل أن یعمل بالصحیحتین ویطرح ما هو أقوی منهما ، سیّما مع انضمام الأقوی بروایة ابن وهب المعتضدة ، ومرادی من الصحیحتین الصحیحتان مع دعوی الشیخ فی الخلاف الإجماع فی جمیع المراتب ، فإذا تساوی القوّتان أو ترجّح الثانیة إذن یفتی بالحلّیة ، لکن یحتاط ، سیّما فی صورة التساوی ، فتأمّل.

قوله : لنا قول الصادق علیه السلام . ( 2 : 276 ).

الأولی الاستدلال بصحیحة ابن مسلم الآتیة فی بحث نجاسة الکلب والخنزیر : أنّ الکلب إذا أصاب ثوب الرجل یغسل ذلک المکان الذی أصابه (1) ، بحملها علی صورة الرطوبة ، لعدم غسل الملاقی بعنوان الیبوسة ، فلیتأمّل.

وأمّا غیر الصحیحة فلا دلالة له ، لدلالته علی رطوبة الکلب والخنزیر ، ولا کلام فیه.

وأمّا هذه الروایة فإنّه سیعترض بمنع دلالة لفظ النجاسة علی هذا المعنی الشرعی (2) ، فالرجس لا یدل بطریق أولی ، علی تقدیر کون الشعر داخلا فی مسمّاه حقیقة ، فتأمّل. مع أنّه یختار هنا طهارة شعر الکافر مع أنّه قد ورد فیه ( إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ ) (3) وغیر ذلک ، فتأمّل.

قوله : أمّا الکافر فلم أقف علی نصّ. ( 2 : 276 ).

حکم ما لا تحله الحیاة من نجس العین

ص: 178


1- انظر المدارک 2 : 285.
2- انظر المدارک 2 : 291 ، 294.
3- التوبة : 28.

لا یخفی أنّه یصیر قولا بالفصل ، وسیجی ء الکلام فی ما دل علی نجاسته (1) ، فربما ورد فیه نظیر ما ورد فی الکلب ، فتأمّل.

قوله : ویجب الغسل علی من مسّ میتا. ( 2 : 277 ).

أمّا کون وجوب هذا الغسل لنفسه أو لغیره فقد مرّ الکلام فیه فی أوّل الکتاب (2). ویدل علی کون المسّ حدثا وهذا الغسل طهارة له (3) (4) عبارة الفقه الرضوی : وإنّ من صلّی قبل هذا الغسل علیه إعادة الصلاة بعد هذا الغسل (5) ، وفی بحث أنّ کل غسل قبله وضوء إلاّ الغسل من الجنابة التصریح أیضا بأنّ من صلّی ونسی هذا الوضوء أنّ علیه إعادة تلک الصلاة بعد ما توضّأ (6).

ویدلّ علیه أیضا : وفاق الأصحاب علی الظاهر ، لأنّ منهم من صرّح (7) ، والباقی یقسّمون الغسل إلی واجب ومندوب ، ثم یقولون : فالواجب من الغسل ما کان لأحد الأمور الثلاثة - أی الصلاة والطواف ومسّ کتابة القرآن - ثم یذکرون أمورا ، ثم فی ذکر الواجب من الغسل یقسّمونه إلی ستّة ویذکرون هذا الغسل منها.

وغسل [ المیت ] (8) یخرج من القرینة ، أو أنّه أیضا شرط للصلاة علی

وجوب الغسل بمس المیت

ص: 179


1- یأتی فی ص 199 - 202.
2- راجع ج 1 : 26.
3- فی « ب » زیادة : صریح.
4- من هنا إلی قوله : علی ذلک أیضا ، لیس فی « ا ».
5- فقه الرضا علیه السلام : 175 ، المستدرک 2 : 494 أبواب غسل المسّ ب 8 ح 1.
6- فقه الرضا علیه السلام : 82 ، المستدرک 1 : 476 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
7- انظر الذکری : 23.
8- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

المیت ، فتأمّل جدّا.

وممّا یدل أیضا : أنّ صیغة الأمر فی الأحداث والأخبار یتبادر [ منها ] (1) الوجوب للغیر مثل الصلاة أو غیرها ، بلا تأمّل من أحد من الإشارة إلی وجهها ، ولیس فی جمیع ما هو مسلّم عند الشارح ومن وافقه ( فی المناقشة ) (2) فی المقام ما یدلّ علی کون الوجوب لأجل الصلاة. وأمّا ما ورد فی بعضه ممّا یدل علیه لا ینفع بالنسبة إلی ما لم یرد ، علی تقدیر صحة هذه المناقشة. ومع ذلک فی المقام الذی ورد ربما لا یستجمع شرائط الحجّیة عند مثل الشارح ، ومع ذلک لا یتوقّف فهم الوجوب علی ملاحظته ، بل یتبادر کون الوجوب لمثل الصلاة لا لنفسه ، وإن لم یدر ورود ما یدل علی ذلک ، مع أنّ ما یدل ظنّی والتبادر قطعی.

وممّا یدل علی ذلک أیضا : ما ورد : من أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام اغتسل حین غسّل الرسول لجریان السنّة ، وإلاّ فالرسول طاهر مطهّر (3) ، هذا مضمون الحدیث ، ولیس متنه ببالی.

وفی العلل - فی باب غسل المیت والغسل من مسّه - بسنده عن الباقر علیه السلام : « علّة غسل المیت لأنّه جنب ، ولتلاقیه الملائکة وهو طاهر ، وکذلک الغاسل لتلاقیه المؤمنین » (4) وفی حدیث آخر : « المیت إذا خرج الروح عنه بقی أکثر آفته ، فلذلک یتطهّر له ویطهر » (5).

ص: 180


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- بدل ما بین القوسین فی « ب » : الثابتة. وفی « ج » و « د » : من الناس.
3- التهذیب 1 : 469 / 1541 ، الوسائل 3 : 291 أبواب غسل المسّ ب 1 ح 7.
4- علل الشرائع : 299 / 2 ، الوسائل 2 : 488 أبواب غسل المیت ب 3 ح 6.
5- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 89 / 1 ، علل الشرائع : 300 / 3 ، الوسائل 3 : 292 أبواب غسل المسّ ب 1 ح 12.

هذا (1) مع اتفاق المتشرّعة علی کونه طهارة ، لأنّ الطهارة عندهم عن الحدث الأصغر وهو الوضوء ، أو الأکبر وهو الغسل ، ویجعلونه ستّة :

الجنابة ، والحیض ، والاستحاضة ، والنفاس ، والموت ، ومسّ المیت ، من دون فرق منهم بین الأمور المذکورة فی نصوص عباراتهم وظواهرها ، ولا یطلقون لفظ الطهارة علی وضوء الحائض ، کما لا یطلق علیه فی الأخبار أیضا ، مثل ما رواه ابن مسلم عن [ الصادق ] (2) علیه السلام أنّه قال له : الحائض تتطهّر یوم الجمعة وتذکر الله تعالی؟ فقال علیه السلام : « أمّا الطهر فلا ، ولکن تتوضّأ وقت کلّ صلاة ، وتستقبل القبلة وتذکر الله تعالی » (3) وذکر بعض الفقهاء (4) مثله فی مبحث الطهارات استطراد وتقریب. ( وأمّا الطهارات المستحبة قبل دخول وقت الصلاة والواجبة بعد دخوله فکلها واجبة لغیرها قطعا ، بل عند المشهور أنّ جمیع الطهارات کذلک ) (5).

وأمّا الطهارات المستحبة مطلقا - مثل غسل الإحرام وغیره - فمن جهة عدم وجوبها أصلا ورأسا لا یمکن أن تصیر واجبة لغیرها. فعلی هذا کل ما ورد فی الأخبار من اشتراط الصلاة أو غیرها - مثل مسّ کتابة القرآن وغیره - علی الطهارة أو الطهور یشمل غسل مسّ المیت أیضا ، کما یشمل غسل الجنابة والحیض والاستحاضة والنفاس أیضا ، من دون تفاوت.

وکذا ما ورد فی الأخبار من أنّ الطهور لا یجب إلاّ بعد دخول وقت

ص: 181


1- من هنا إلی نهایة التعلیقة لیس فی « أ ».
2- فی النسخ : الباقر علیه السلام ، والصحیح ما أثبتناه من المصادر.
3- الکافی 3 : 100 / 1 ، الوسائل 2 : 314 أبواب الحیض ب 22 ح 3.
4- کالعلاّمة فی القواعد 1 : 2 ، ونهایة الإحکام 1 : 20.
5- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».

الصلاة (1) ، یشمل غسل المسّ أیضا من دون تفاوت ، ولذا اتفق أفهام الفقهاء علی ذلک ، وأطبق فتاواهم علیه. فما صدر عن الشارح من قوله : لم أقف علی ما یقتضی وجوب غسل المسّ للصلاة مثلا واشتراط الصلاة به (2) ، لا وجه له بعد کون النصوص المقتضیة لاشتراط الطهور عامّة شاملة لجمیع أفراد الطهور الواجبة ، وکذا النصّ المقتضی لعدم وجوب الطهور إلاّ بعد دخول وقت الصلاة ، وغیر ذلک.

وإنّما قلنا بشمول الکل لغسل المسّ أیضا ، لما عرفت من الأخبار أنّه طهارة ، وکذا من اتفاق المتشرّعة. ومعلوم أنّه إذا کان فی الحدیث قرینة صارفة عن إرادة المعنی اللغوی ، یکون المراد هو المعنی الذی عند المتشرّعة حقیقة ، کما هو مسلّم ومحقّق ، فبعد ثبوت کونه طهارة من الأخبار وغیرها ، یکون هذا الغسل أیضا داخلا فی العمومات مثل قولهم : « لا صلاة إلاّ بطهور » (3) إذ لیس فیه تخصیص بطهور دون طهور.

فیظهر منه أنّ اشتراط الصلاة وتوقّفها علی الطهور ، نسبته إلی جمیع أفراد الطهور علی السواء ، والترجیح تحکّم ، لعدم مرجّح فی الحدیث أصلا ، سیّما مع قبول توقّف الصلاة علی جمیع الطهارات الواجبة ، والتأمّل فی فرد واحد منها بأنّی لم أقف علی نصّ یقتضی اشتراط الصلاة به. ألیس هذا نصّا وظاهرا فی التوقف؟! وأمثال هذه المطلقات ترجع إلی العموم ، کما هو مسلّم من الشارح وسائر الفقهاء.

ص: 182


1- الفقیه 1 : 22 / 67 ، التهذیب 2 : 140 / 546 ، الوسائل 1 : 372 أبواب الوضوء ب 4 ح 1.
2- المدارک 1 : 16.
3- الفقیه 1 : 35 / 129 ، الوسائل 1 : 366 أبواب الوضوء ب 1 ح 6.

وممّا یشمل هذا الغسل ، ممّا دلّ علی اشتراط الصلاة بالطهارة : قوله علیه السلام : « مفتاح الصلاة الطهور » (1). وقول الباقر علیه السلام فی الصحاح : « إنّ الفرض فی الصلاة : الوقت ، والطهور ، والقبلة ، والرکوع ، والسجود » (2). وأنّه « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت » الحدیث (3). وقوله علیه السلام : « الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور ، وثلث رکوع » الحدیث (4). إلی غیر ذلک من أمثالها ، مع أنّ المفرد المحلّی باللام فی أمثال المقام یفید العموم بلا کلام ، وبناء الشارح علیه ، کسائر الفقهاء.

ویشمله أیضا ما ورد ، من أنّ من صلّی بغیر طهور أو نسیها یقضیها فی أیّ ساعة تکون (5). إلی غیر ذلک ممّا دلّ علی بطلان الصلاة بترک الطهارة.

وأیضا یشمل قوله : « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ». ممّا دلّ علی أنّ الطهور لا یجب لنفسه ، بل یجب بعد دخول وقت الصلاة. والحکم الشرعی معلّق علی الطهور الواجب ، فیدور معه ، ومسلّم أیضا العموم. والمناقشة فی عدم الدلالة علی الوجوب للغیر ، قد عرفت غایة وضوح فسادها. والقول بالنسبة إلی بعض دون بعض تحکّم لا یرضی به

ص: 183


1- سنن أبی داود 1 : 16 / 61 ، سنن ابن ماجة 1 : 101 / 275.
2- الکافی 3 : 272 / 5 ، الخصال : 604 ، التهذیب 2 : 241 / 955 ، الوسائل 1 : 365 أبواب الوضوء ب 1 ح 3.
3- الفقیه 1 : 225 / 991 ، التهذیب 2 : 152 / 597 ، الوسائل 1 : 371 أبواب الوضوء ب 3 ح 8.
4- الکافی 3 : 273 / 8 ، الفقیه 1 : 22 / 66 ، التهذیب 2 : 140 / 544 ، الوسائل 1 : 366 أبواب الوضوء ب 1 ح 8.
5- الکافی 3 : 292 / 3 ، التهذیب 2 : 172 / 685 ، الوسائل 8 : 256 أبواب قضاء الصلوات ب 2 ح 3.

الشارح ، سیّما مع القبول فی الکلّ إلاّ نادرا منه.

ویدلّ علیه أیضا قوله : « مفتاح الصلاة الطهور ، وتحریمها التکبیر ، وتحلیلها التسلیم ». والتقریب کما تقدّم.

ویدلّ علیه أیضا قوله تعالی ( لا یَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (1).

قوله : وضعف الوجهین ظاهر. ( 2 : 279 ).

لکن ما دل علی وجوب الغسل ، شموله لما نحن فیه لعلّه لا یخلو عن تأمّل ، سیّما أن یکون قد تمّ غسل جمیع أعضائه ، ولم یبق إلاّ قدر رأس إبرة ، وأمثاله ممّا لم یتمّ الغسل بغیر غسله ، وهو فی غایة الصغر ، لکونه من الأفراد التی لا ینصرف الذهن إلیها بمجرّد سماع ما دل علیه ، لعدم کونه من الفروض الشائعة.

مضافا إلی أنّه ورد فی غسل الجنابة : أنّه « ما جری علیه الماء فقد طهر » (2). وورد : أنّ « غسل المیت مثل غسل الجنابة » (3). وإن کان ما ذکره الشارح أیضا لا یخلو عن قوّة ، والاحتیاط واضح ، فتأمّل.

قوله : والعمل بها قلیل. ( 2 : 280 ).

الظاهر أنّ المراد [ أنّ ] العمل بالمقطوعة من حیث هی هی قلیل ، لکن لا یخفی أنّ الضعف منجبر بعمل الأصحاب ، ودعوی الشیخ علی تقدیر عدم الثبوت ثبوت الشهرة منها لا أقلّ منه ، فتنجبر الروایة بها.

مع أنّ الإجماع المنقول حجّة عند جمع من المحققین (4) ، بناء علی

حکم مس عضوٍ کمل غسله

ص: 184


1- الواقعة : 79.
2- الکافی 3 : 43 / 1 ، التهذیب 1 : 132 / 365 ، الوسائل 2 : 229 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
3- التهذیب 1 : 447 / 1447 ، الوسائل 2 : 486 أبواب غسل المیت ب 3 ح 1.
4- منهم الشهید فی الذکری : 4 ، والشیخ حسن فی المعالم : 182 ، والشیخ البهائی فی الزبدة : 71.

أنّ ما دلّ علی حجّیة خبر الواحد - بحیث یکون تامّا خالصا من إشکالات الإیرادات - شامل للإجماع المنقول أیضا ، فلیلاحظ.

ویعضد الروایة والإجماع ما سیذکره الشهید ، فتأمّل.

قوله : ویتوجّه علی الأوّل أنّ کون هذه القطعة. ( 2 : 280 ).

لا یخفی أنّه استدلّ علی نجاسة جمیع أجزاء الکلب ولو کانت ممّا لا تحلّه الحیاة بما ورد أنّه : « رجس نجس » (1) ، ولم یورد علی نفسه بمثل ما أورده فی المقام ، فتأمّل.

قوله : وهذا المعنی مفقود مع الانفصال. ( 2 : 280 ).

لا یخفی أنّ الاستصحاب حجّة وجار فی أمثال ما نحن فیه ، مثل : نجاسة الماء بالتغیّر بالنجاسة ، وقد مرّ الکلام فی مبحثها (2) ، فلیلاحظ.

قوله (3) : منع بطلان اللازم. ( 2 : 280 ).

هذا المنع فی غایة البعد.

قوله : إن اجتمع قدر حمّصة فاغسله. ( 2 : 282 ).

الظاهر أنّه قدر حمّصة وزنا أو جثّة فیمکن الحمل علی ما إذا وقع شائعا ، والشائع یجی ء بقدر الدرهم. وفی بعض نسخ الفقیه : الخمصة - بالخاء المعجمة - أی أخمص الراحة ، فیکون المراد قدر الدرهم ، بناء علی أنّ هذا قدره ، فلا إشکال حینئذ.

قوله : ونقل الشیخ فی المبسوط. ( 2 : 284 ).

الدم

طهارة القیح والقیء

ص: 185


1- المدارک 2 : 276.
2- راجع ج 1 : 57 و 91.
3- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

یمکن أن یکون استناده إلی ما رواه فی الکافی والتهذیب والاستبصار بسند قریب من الصحّة ، عن الصادق علیه السلام : « إذا قاء الرجل وهو علی طهر فلیتمضمض » (1) ، فتأمّل.

قوله (2) : لو اشتبه الدم المرئی. ( 2 : 284 ).

لکن الظاهر من إطلاقات الأخبار کون الأصل فی الدم النجاسة وعدم العفو ، کما صرّح به بعض (3) ، وهو الظاهر من الشیخ (4) وغیره ، حیث وجّه الموثّق الدالّ علی عدم البأس برؤیة الدم فی أثناء الصلاة : بأنّ المراد الأقلّ من الدرهم ، ولم یعترض علیه ، فتأمل جدّا.

قوله : والإطلاق أعمّ من الحقیقة. ( 2 : 289 ).

لا حاجة إلی هذا ، لأنّ الاشتراک أیضا لا ینفع المستدل ، إلاّ أن یقول بجواز الجمع بین المعانی فیه ، وکونه عند الإطلاق ظاهرا فی الجمیع ، وهذا قول سخیف مردود ، ومسلّم عند الفقهاء والمحقّقین المشهورین فساده.

وإن أراد من الاشتراک الاشتراک المعنوی ، فهو خیر من المجاز ، ومراد المستدل هو الاشتراک المعنوی ، کما هو الظاهر من کلامه ، بل لا بدّ من حمل کلامه علیه لو لم یکن ظاهرا فیه ، فضلا عن أن یکون ظاهرا.

هذا بالنظر إلی الدلیل الأوّل. والجواب عنه هو الذی ذکره من أنّ اللغة لا تثبت بالاستدلال ، بل تثبت إمّا بنصّ الواضع ، أو أمارات الحقیقة ، أو الاستعمال بناء علی أنّ الأصل فیه هو الحقیقة ، کما قال بعض (5).

حکم ما لو اشتبه الدم بالطاهر والنجس

المسکر

حکم الخمر

ص: 186


1- الکافی 3 : 37 / 10 ، التهذیب 1 : 15 / 31 ، الاستبصار 1 : 85 / 270 ، الوسائل 1 : 260 أبواب نواقض الوضوء ب 6 ح 2.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- المعتبر 1 : 428 ، 430.
4- التهذیب 1 : 423.
5- الذریعة إلی أصول الشریعة 1 : 132.

والظاهر أنّ الشارح رحمه الله أیضا جوابه عن الأوّل هو ما ذکر.

وأمّا قوله : الإطلاق أعمّ من الحقیقة ، جواب عن الثانی ، لکن لا یخفی أنّ المستدلّ ما أراد إثبات الحقیقة منه ، بل أراد : ما کان فعلها فعل الخمر فحکمه حکم الخمر ، کما یظهر من الحدیث حیث قال : « لم یحرّم الخمر لاسمها ».

فظهر أنّ لفظ الخمر حقیقة فی الخمر خاصّة. وأمّا غیر الخمر ، فحرمته لیست باعتبار کون الخمر اسمه أیضا ، بل باعتبار المشارکة فی علّة تحریم الشارع ، وهو السکر.

فظهر أنّ قوله علیه السلام : « فهو خمر » لیس المراد إلاّ أنّه مثل الخمر فی الحکم الشرعی ، ولم یعیّن الحکم الشرعی ، فیکون المراد جمیع الأحکام إلاّ ما أخرجه الدلیل.

إلاّ أن یقال : إنّ الظاهر المتبادر منها هو الحرمة ، ولا ینصرف الذهن إلی غیرها ، فتأمّل ، لأنّه ربما یظهر من الأخبار دخول النجاسة أیضا ، مثل روایة أبی جمیلة : قال کنت مع یونس ببغداد ، وأنا أمشی معه فی السوق ، ففتح صاحب الفقّاع فقاعة فقفز (1) فأصاب ثوب یونس فاغتمّ لذلک حتی زالت الشمس ، فقلت : یا أبا محمد إلا تصلّی؟ فقال : لا ، حتی أرجع إلی البیت فأغسل هذا الخمر من ثوبی. فقلت : رأی رأیته أو شی ء ترویه؟ فقال : أخبرنی هشام بن الحکم أنه سأل الصادق علیه السلام عن الفقّاع ، فقال : « لا تشربه فإنّه خمر مجهول ، فإذا أصاب ثوبک فاغسله » (2).

ص: 187


1- قفز أی : وثب ، المصباح المنیر : 511.
2- الکافی 6 : 423 / 7 ، التهذیب 1 : 282 / 828 ، الوسائل 3 : 469 أبواب النجاسات ب 38 ح 5.

والأخبار الدالّة علی نجاسة النبیذ أیضا مستفیضة ، کما ستعرف شطرا منها ، وکلها موافقة لفتوی المشهور ، ومنجبرة أیضا بذلک. ولا یمکن الحمل علی التقیة ، لأنّ العامة یحللونهما ، ویحکمون بطهارتهما أیضا جزما (1) ، ولا یخفی ذلک علی من تتبّع الأخبار. فظهر أنّه لا یمکن حمل ما دلّ علی نجاسة الخمر علی التقیة ، کما فعله بعض علمائنا المتأخّرین (2) ، مضافا إلی ما ستعرفه فی الحواشی الآتیة.

ویدل أیضا علی نجاسة المسکرات المائعة عدم القول بالفصل.

ویدل أیضا أنّ الأمراء والسلاطین فی زمانهم علیهم السلام - وهو یوازی ثلاث مائة سنة تقریبا - کانوا مولعین بشرب الخمر ، وسائرهما کانوا مولعین بشرب الفقّاع والنبیذ ، بل وقاطبتهم. فلو کانوا علیهم السلام قائلین بالطهارة لاشتهر منهم اشتهار الشمس بمقتضی العادة وتوفّر الدواعی ، مع أنّهم أظهروا الطهارة مکرّرا ، ومع ذلک الأمر وقع بالعکس ، فإنّ القدماء ادّعوا الإجماع علی النجاسة ، والمتأخّرین اتفقوا علی ذلک.

قوله : الإجماع نقله الشیخ. ( 2 : 290 ).

وکذا ابن زهرة وابن إدریس (3).

قوله : علی ما ذکره بعض أهل اللغة. ( 2 : 290 ).

یومئ إلیه روایة خیران الخادم : أنّه کتب إلی الرجل یسأله عن الثوب یصیبه الخمر ولحم الخنزیر ، أیصلّی فیه أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا

حکم النبیذ

أدلّة نجاسة الخمر

ص: 188


1- المجموع للنووی 2 : 564 ، المبسوط للسرخسی 24 : 17 ، وظاهرهما ان الأکثر قائلون بنجاسة النبیذ المسکر وحرمة شربه وفی المجموع ان أبا حنیفة وطائفة قلیلة قالوا بطهارته وحلیة شربه.
2- انظر مشارق الشموس : 333 ، والبحار 77 : 98.
3- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 550 ، السرائر 1 : 178.

فیه ، فقال بعضهم : صلّ فیه ، فإن الله إنّما حرّم شربها ، وقال بعضهم لا تصلّ فیه ، فکتب علیه السلام : « لا تصلّ فیه فإنه رجس حتی تغسله » (1). وهذه الروایة أیضا من أدلّة المشهور ومرجّحات أخبار المنع علی أخبار الجواز ، والضعف منجبر بالشهرة.

وکذا مرسلة یونس عن الصادق علیه السلام : « إذا أصاب ثوبک خمر أو نبیذ مسکر فاغسله إن عرفت موضعه ، وإن لم تعرف موضعه فاغسل الثوب کله ، وإن صلّیت فیه فأعد صلاتک » (2).

وکذا روایة زکریّا بن آدم عن أبی الحسن علیه السلام : عن قطرة خمر أو نبیذ مسکر قطرت فی قدر فیه لحم کثیر ومرق کثیر ، قال : « یهراق المرق ، أو یطعمه أهل الذمة ، أو الکلب ، واللحم أغسله وکله » قلت : فخمر أو نبیذ قطرت فی عجین أو دم فقال : « فسد » ، قلت : أبیعه من الیهود والنصاری وأبین لهم؟ قال : « نعم فإنهم یستحلّون شربه » قلت : والفقّاع بتلک المنزلة إذا قطر فی شی ء من ذلک؟ فقال : « أکره أن آکله إذا قطر فی شی ء من طعامی » (3).

وفی الموثّق عن عمّار عن الصادق علیه السلام : عن الدنّ ، یکون فیه خمر ، هل یصلح أن یکون فیه الخلّ ، أو الکامخ (4) ، أو زیتون؟ قال : « إذا غسل

ص: 189


1- الکافی 3 : 405 / 5 ، التهذیب 2 : 358 / 1485 ، الوسائل 3 : 418 أبواب النجاسات ب 13 ح 2.
2- الکافی 3 : 405 / 4 ، التهذیب 1 : 278 / 818 ، الوسائل 3 : 469 أبواب النجاسات ب 38 ح 3.
3- التهذیب 1 : 279 / 820 ، الوسائل 3 : 470 أبواب النجاسات ب 38 ح 8.
4- ( الکامخ ) بفتح المیم وربما کسرت : الذی یؤتدم به ، معرّب. ( مجمع البحرین 2 : 441 ).

فلا بأس » وعن الإبریق فیه خمر ، أیصلح أن یکون فیه ماء؟ قال : « إذا غسل فلا بأس » (1).

وهذه الأخبار - مع کثرتها وموافقتها لما اشتهر بین الفقهاء وانجبارها - لا یمکن حملها علی الاستحباب ، لنهایة قوّة الدلالة ، وکون المعارض محمولا علی التقیة ، کما عرفت وستعرف أیضا.

قوله : خذ بقول أبی عبد الله علیه السلام . ( 2 : 291 ).

هذا الحدیث فیه تأکیدات مانعة عن الحمل علی الاستحباب ، ومؤیّدة بحمل المخالف علی التقیة ، فتأمّل.

قوله : بمنع الإجماع. ( 2 : 291 ).

الإجماع عندنا لیس اتفاق الکلّ ، فلا یضرّ وجود المنازع ، بل علی تقدیر کونه اتفاق الکلّ أیضا لا یضرّ وجوده ، لأنّ اتفاق الکلّ فی عصر یکفی.

وإن أراد أنّه یحتمل أن لا یکون إجماع ، ففیه : أنّ مع عدم العثور علی المنازع أیضا یکون الاحتمال موجودا ، فلا یصحّ الاستناد إلی المنازع فی مقام المنع ، مع أنّ العبرة بنقل الفاضل الماهر الفقیه. فإن ثبتت حجّیة الإجماع المنقول بخبر الواحد فلا وجه للتمّسک بالاحتمال ، لأنّ معنی الحجّیة لیس إلاّ أنّ الاحتمال غیر مضرّ أصلا ، ولا خلل من جهته مطلقا ، وإن لم تثبت الحجّیة فلا وجه للمنع بأنّه فی موضع النزاع.

والحاصل : أنّ بناء الاستدلال علی حجّیة المنقول ، کما علیه الفقهاء الفحول ، واستندوا فی الحجّیة إلی أدلة ، بل وقالوا : ما دل علی حجّیة الخبر

ص: 190


1- الکافی 6 : 427 / 1 ، التهذیب 1 : 283 / 830 ، الوسائل 3 : 494 أبواب النجاسات ب 51 ح 1.

الواحد یشمله (1) ، والشارح أیضا فی کثیر من المواضع یذکر الإجماع المنقول بخبر الواحد علی وجه یظهر منه اعتماده علیه ، فتأمّل.

قوله : کما فی المسیر. ( 2 : 291 ).

قال الشیخ الحرّ رحمه الله : وفی روایة : جواز الأکل علی الخوان الذی أصابته إذا کان یابسا (2).

قوله : وما رواه الحسن بن أبی سارة فی الصحیح. ( 2 : 291 ).

الحکم بالصحّة ربما لا یخلو عن خدشة ، لأنّ بعض النسخ الحسین بدل الحسن ، مع أنّ محمد بن خالد فیه کلام ، فتأمّل.

قوله : مع اختلاف الأصحاب والأحادیث. ( 2 : 292 ).

الأحادیث الدالة علی النجاسة من الکثرة بمکان لم یذکرها الشارح ، منها مذکورة فی کتاب النجاسات ، ومنها فی تطهیر الأوانی والثیاب ، ومنها فی المطاعم والمشارب وغیر ذلک مثل ظروف النبیذ ، فلا یضرّ ضعف اسناد بعضها ، سیّما مع الانجبار بالشهرة العظیمة بین الأصحاب ( علی فرض عدم الإجماع ) (3) بل المظنون کون مضمونها مجمعا علیه بین الأصحاب ، کما یظهر من نقل الجلیلین الفقیهین النبیلین ، مع ابن زهرة وابن إدریس (4).

فعلی هذا لا تقاوم هذه الأخبار والإجماع المنقول ، الأخبار الدالة علی

ص: 191


1- انظر زبدة الأصول : 71 ، والمعالم : 182.
2- انظر الوسائل 24 : 233 أبواب الأطعمة المحرمة ب 62 ح 4.
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 550 ، السرائر 1 : 178.

الطهارة ، سیّما مع أنّه ورد فی الصحیح المذکور الأخذ بقول الصادق علیه السلام ، وإن وردت الروایة عنه وعن الباقر علیهماالسلام ، فی أنّها طاهرة.

مع أنّ الفقهاء الخبیرین الماهرین أخبروا بأنّ الدال علی الطهارة محمول علی التقیة (1). مع أنّ المدار فی أکثر المرجّحات علی أقوالهم ، مثل العدالة والأعدلیة والشهرة والشذوذ وغیرها ، لکونهم من أهل الشهود والمهارة.

وکون أکثر العامة قائلین بالنجاسة ، لا یردّ قولهم ، لأنّ المعتبر فی التقیة حال زمانهم علیهم السلام لا حال زماننا ، فلعلهم علیهم السلام فی زمانهم کانوا عن أهل زمانهم یتقون. مع أنّ أمراءهم وسلاطینهم کانوا مولعین بشرب الخمر ، بل النبیذ والفقاع کان حلالا عند فقهائهم ، فکان طاهرا عندهم البتّة.

ویظهر من تضاعیف الأحادیث أنّ المدار عند أهل السنة والمتداول عندهم الحلّیة والطهارة ، ومع ذلک ورد عن أئمّتنا علیهم السلام الحکم بالنجاسة والحرمة ، بل ورد : أنّ المیل منه ینجّس حبّا من الماء (2) ، وأشدّ من ذلک.

وظهر من الأخبار المتواترة - مضافا إلی الاعتبار - أن جلّ الاختلافات فی الأخبار من جهة التقیة ، وأمروا علیهم السلام بترک ما وافق العامة ، وما یکون حکّام العامة إلیه أمیل. فما دلّ علی نجاسة (3) النبیذ حق جزما ، وما دل علی طهارته باطل جزما ، ولا قائل بالفصل قطعا.

مع أنّ نجاسة النبیذ یقتضی نجاسة الخمر بطریق أولی ، سیّما بعد ملاحظة أنّ حکّامهم أمیل إلی الطهارة. مع أنّ الأئمّة علیهم السلام لو کانوا قائلین

ص: 192


1- انظر التهذیب 1 : 279 - 281 ، والمختلف 1 : 313 ، والحبل المتین : 103.
2- الکافی 6 : 413 / 1 ، الوسائل 3 : 470 أبواب النجاسات ب 38 ح 6.
3- فی « ب » زیادة : مثل.

بالطهارة لاشتهر منهم غایة الاشتهار بحکم العادة ، وکان العامة ینسبونهم إلیه ، ( من حیث کون حکمهم علی وفق مشتهی الحکّام ومخالفا لحکمهم ) (1). مع أنّ الأمر صار بالعکس.

وبالجملة : إن کان البناء فی الفقه علی الترجیحات فلا شک فی أنّ الرجحان فی طرف النجاسة ، وإلاّ قلّما یتحقّق مسألة فقهیة ، بل لا یکاد یوجد ، فتأمّل. وسیجی ء فی بحث نجاسة الکافر ما ینبغی ان یلاحظ (2).

لا یقال : وجوب الغسل لا یدل علی النجاسة إلاّ بضمیمة الإجماع ، کما مرّ (3) ، ولا إجماع هنا.

لأنّا نقول : الإجماع واقع علی أنّ ( الغسل إن کان واجبا فبسبب نجاستها ، وإن لم یکن نجسة فلا یجب غسلها ) (4) البتّة.

قوله : ولا نعلم مأخذه. ( 2 : 293 ).

لعل المأخذ ، هو الأخبار التی رواها فی الکافی فی باب أصل تحریم الخمر وبدوه (5) ، ورواه الصدوق فی العلل (6) أیضا ، إذا یظهر من تلک الأخبار أنّ العصیر بمجرّد الغلیان یدخل فی حدّ الخمر حقیقة.

والصدوق فی الفقیه - فی باب حدّ شرب الخمر - قال : قال أبی فی رسالته إلیّ : اعلم أنّ أصل الخمر من الکرم ، إذا أصابته النار أو غلی من غیر

حکم العصیر العنبی

ص: 193


1- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج ».
2- یأتی فی ص 199 - 202.
3- راجع ص 188.
4- ما بین القوسین فی « أ » و « و» : وجوب الغسل إن کان فإنّما هو بسبب النجاسة لا غیر ، وأنّها إذا لم یکن نجسة لا یکون واجب الغسل.
5- الکافی 6 : 393.
6- علل الشرائع : 477.

أن تمسّه ، فیصیر أعلاه أسفله فهو خمر ، فلا یحلّ شربه ، إلاّ أن یذهب ثلثاه. ثمّ أتی بعبارات أخر صریحة فی أنّ مراده الخمر المعهود الحقیقی ، ثم قال : ولها خمسة أسامی : العصیر من الکرم (1). والظاهر من الصدوق أیضا ذلک فی الفقیه وفی العلل معا ، وهو الظاهر أیضا من الکلینی ، فلاحظ الکافی وتأمّل.

وهو الظاهر من البخاری من العامة فی صحیحة (2) ، فلاحظه. ( وسنذکر من فقهاء العامة أیضا أنّ الخمر هو العصیر من العنب إذا غلا واشتدّ (3) ، فلاحظ ) (4).

وممّا یشیر إلیه : أنّه سئل الصادق علیه السلام عن ثمن العصیر قبل أن یغلی ، فأجاب وقال : « إذا بعته قبل أن یکون خمرا وهو حلال فلا بأس » (5). وفی خبر آخر عنه علیه السلام ، عن بیع العصیر قبل أن یغلی ، قال : « لا بأس ، وإن غلا فلا یحل » (6).

ویؤیّده أنّ شاربه یحدّ حدّ شرب الخمر ، بل وصرّح بعض المتأخّرین (7). بمساواته للخمر فی جمیع الأحکام ، ولیس فی النصوص شی ء یشیر إلی شی ء من الأحکام سوی ما أشرنا.

ص: 194


1- الفقیه 4 : 40.
2- صحیح البخاری 7 : 139.
3- یأتی فی ص 196.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
5- الکافی 5 : 231 / 3 ، التهذیب 7 : 136 / 602 ، الوسائل 17 : 229 أبواب ما یکتسب به ب 59 ح 2.
6- الکافی 5 : 232 / 12 ، الوسائل 17 : 230 أبواب ما یکتسب به ب 59 ح 6.
7- المسالک 2 : 439.

وممّا یؤیّد ، ما ورد فی النبیذ والنقیع ، وقد بسطنا الکلام فی رسالتنا العصیریة (1) ، ومن أراد البسط فلیراجع ولیتأمّل. لکن القائل بعدم المأخذ ، بناؤه علی أنّه لیس بمسکر فکیف یکون خمرا؟ وأجبنا عن ذلک فی الرسالة ، فلیراجع ولیتأمّل.

قوله : بأنّه لم یقف علی دلیل. ( 2 : 293 ).

قد أشرنا إلی الدلیل والمأخذ ، ویمکن أیضا أن یکون نظرهم إلی أنّ لفظ الخمر أطلق علیه فی کثیر من الأخبار. فإن کان حقیقة ثبت المطلوب أی حقیقة فی القدر المشترک ، أو أنّ استعمال المشترک فی معانیه جائز ، وظاهر أیضا إذا کان الجمع ممکنا.

وإن کان مجازا فمعلوم أنّه لا بدّ من علاقة ، والعلاقة فی أمثال المقام لیست إلاّ المشابهة والمشارکة فی الحکم الشرعی ، فحیث لم یعیّن یحمل علی الجمیع ، علی طریقة حمل المطلق والمفرد والمحلّی باللام علی العموم.

لکن یمکن المناقشة بأنّ الإطلاق أعمّ من الحقیقة ، والمجاز خیر من الاشتراک ، والعلاقة وإن کانت المشارکة فی حکم شرعی ، لکن یمکن أن یکون هو الحرمة خاصّة. والإرجاع إلی العموم فیما إذا تساوی الأحکام فی الظهور والخفاء ، وهنا لیس کذلک ، لشیوع الحکم الذی هو الحرمة ، وانسباق الأذهان إلیها عند الإطلاق ، لکن لا بدّ من التأمّل فی هذه الدعوی ، وأنّها هل تکون صحیحة أم لا. والامتحان والاختبار والمراجعة حتی یتضح الحال.

ص: 195


1- رسالة فی حکم العصیر التمری والزبیبی ( الرسائل الفقهیّة ) : 10.

وأمّا حکایة الاشتداد - بالمعنی الذی ذکره الشارح - فغیر ظاهر من الأصحاب ، وغیر ظاهر المأخذ مطلقا. ویمکن أن یکون المراد بالاشتداد أن یصیر أعلاه أسفله وأسفله أعلاه ، کما أشار إلیه کلام والد الصدوق. لکن المأخذ غیر ظاهر ، إلاّ أن یدّعی تبادر هذا الغلیان من الأخبار ، ولا بدّ من التأمّل.

لکن الفاضلین ذکرا الاشتداد ، وأنّ العصیر بعد الاشتداد ینجس البتّة وتأمّلا فی نجاسته قبل الاشتداد (1).

وفی فقه العامّة أنّ الأشربة أربعة : الأوّل : الخمر ، وهو عصیر العنب إذا غلا واشتدّ وقذف بالزبد. الثانی : العصیر إذا طبخ یذهب أقلّ من ثلثه. إلی أن قال : وعصیر العنب إذا طبخ وذهب ثلثاه حلّ (2). وفی هذا شهادة أنّ العصیر إذا غلا واشتدّ یکون خمرا البتّة ، بل هو الخمر ، بخلاف ما لم یشتدّ وإن کان حراما ) (3).

قوله : وذکر أنّ المصرّح. ( 2 : 293 ).

لیس کذلک ، کما لا یخفی علی من لاحظ المختلف (4) وغیره ، ومنه قول الشهید الثانی : إنّ القول بالنجاسة من المشاهیر بغیر أصل (5) ، إذ مع اعتقاده بأنّه لا أصل له حکم بأنّه من المشاهیر ، فتأمّل.

وأیضا نقل القول بالطهارة عن ابن أبی عقیل خاصة ، وهو قائل

ص: 196


1- المعتبر 1 : 424 ، المنتهی 1 : 167 ، تذکرة الفقهاء 1 : 65.
2- انظر المغنی والشرح الکبیر 10 : 323.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
4- المختلف 1 : 310.
5- المسالک 1 : 17 ، الروضة 7 : 321 ، روض الجنان : 164.

بطهارة الخمر أیضا (1). ومنها قول الشارح : إنّه مشهور بین المتأخرین ، وبالجملة : لا شکّ فی شهرته.

قوله : وهو عجیب. ( 2 : 293 ).

ما ذکره الشارح عجیب ، إذ لا غرابة فی أن یطلع الفقیه علی ما لم یطلع قبل ، مع أنّ طریقة الفقهاء تغیّر الرأی ، بل ربما جعلوا عدم تغیّر الرأی قدحا فی الاجتهاد ، لأنّه یشیر إلی نوع تقلید أو مسامحة ، فتأمّل.

قوله (2) : والحکم بنجاسته مشهور بین الأصحاب. ( 2 : 293 ).

بل ادّعی الإجماع علیها ابن زهرة وکذلک العلاّمة (3) ، والشیخ قال : ألحق أصحابنا الفقّاع بالخمر فی التنجیس وهذا انفراد الطائفة (4) ، انتهی. وصرّحوا بأنّ حرمة الفقاع ونجاسته یدوران مع الاسم والغلیان لا السکر ، فهو حرام نجس وإن لم یکن مسکرا ، لأنّ الرسول صلی الله علیه و آله حکم بالحرمة من دون استفصال فی أنّه مسکر أم لا (5) ، مع أنّه فی مقام حکمه بحرمة النبیذ استفصل وقال : « أفیسکر؟ » فقالوا : نعم ، فقال : « إذا أسکر فهو حرام » (6).

قوله : ضعیفة السند. ( 2 : 293 ).

ضعفها منجبر بالشهرة ( وصریحة فی الدلالة ، مضمونها : أنّ یونس بن عبد الرحمن أصاب ثوبه فقّاع فترک الصلاة أوّل وقتها وقال : ما أصلّی حتی

الفقاع

ص: 197


1- حکاه عنه فی المختلف 1 : 310.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 550 ، المنتهی 1 : 167.
4- حکاه عنه فی المعتبر 1 : 424 ، وانظر المبسوط 1 : 36.
5- انظر موطّإ مالک 2 : 845 / 10 ، السنن الکبری للبیهقی 8 : 292 والانتصار : 199.
6- الکافی 6 : 417 / 7 ، الوسائل 25 : 355 أبواب الأشربة المحرّمة ب 24 ح 6.

أدخل البیت وأغسل هذه الخمرة من ثوبی ، لأنّ هشام بن الحکم سأل الصادق علیه السلام عنه فقال : « خمر مجهول فإذا أصاب ثوبک فاغسله » (1) ) (2).

قوله (3) : وقد نقل المصنف فی المعتبر وغیره. ( 2 : 294 ).

وهم المرتضی والشیخ وابن زهرة ، والعلاّمة (4) رحمهم الله .

قوله : وهو غیر ثابت. ( 2 : 294 ).

فیه : أنّ القائل بثبوت الحقیقة الشرعیة لا یمکنه هذا الاعتراض ، وأمّا المنکر فیقال فی جوابه : إن قوله تعالی ( فَلا یَقْرَبُوا ) قرینة علی إرادة المعنی الشرعی ، إذ لا وجه لتفریعه علی المعنی اللغوی ، ولم نجد معهودا من الإسلام والمسلمین أمرا یقتضی المنع من الدخول فی المسجد إلاّ ذلک المنع الشرعی ، فضلا عن أن یکون یعبّر عنه بلفظ النجس.

وأیضا ، المشرک من حیث هو هو کیف یکون قذرا بالمعنی اللغوی؟! لأنّ المعنی اللغوی أمر یعرفه أهل اللغة والعرف.

وأیضا ، کیف یناسب أن یکون الشارع مفیدا معنی لغویا یعرفه أهل اللغة؟! وأیضا ، القذارة اللغویة من حیث هی هی لا مانع من دخولها فی المسجد ، وإلاّ لزم أن یکون کثیر من المسلمین یمنع عن دخوله المسجد ، وکذلک النخامة وأمثالها.

وإرادة معنی شرعی آخر لا قرینة علیها ، بل القرینة متحقّقة بالنسبة

الکافر

ص: 198


1- راجع ص 187.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- هذه الحاشیة لیست فی « ب » « ج » « د ».
4- الناصریات : 180 ، التهذیب 1 : 223 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 551 ، المنتهی 1 : 168.

إلی النجس الشرعی ، لما عرفت ، ولشیوع الاستعمال فیه إلی أن وقع الخلاف فی کونه حقیقیا ، ولأنّ غیره لم یعهد من الشارع استعمال فیه أصلا ، فضلا عن الکثرة.

وفی الکشّی ، فی ترجمة فارس ، عنه علیه السلام : « توقّوا مساورته » (1).

وأیضا ما دلّ علی نجاسة الیهود وغیره ، یدلّ علی نجاسة المشرک بطریق أولی ، فتأمّل ، وحمل النجس علی المتنجّس بعید.

قوله : بل ادّعی علیه المرتضی وابن إدریس الإجماع. ( 2 : 295 ).

بل الظاهر أنّ الحکم بالنجاسة شعار الشیعة یعرفه علماء العامّة منهم ، بل وینسبونهم إلیه بلا تأمّل ، بل وعوامهم یعرفون أیضا أنّ هذا مذهب الشیعة ، بل وربما کان نساؤهم وصبیانهم أیضا یعرفون کذلک وینسبونهم ، بل والیهود والنصاری والمجوس والصابئون وغیرهم من الکفار أیضا یعرفون أنّ ذلک مذهب الشیعة ومسلکهم فی العمل ، بل ربما کان نساؤهم وصبیانهم أیضا یعرفون کذلک وینسبون.

وأمّا الشیعة فهم أیضا یعرفون أنّ مذهبهم کذلک ، ومسلکهم فی الأعصار والأمصار کان کذلک ، حتی نساؤهم وصبیانهم. فلا یضرّ خروج مثل ابن الجنید ، سیّما وهو أنکر حرمة القیاس مع أنّها من ضروریات مذهبنا ، فلا مانع من خروج ابن أبی عقیل أیضا ، لما ذکرت ، ولما مرّ فی نجاسة الخمر (2).

قوله : ونقل عن ابن الجنید ، وابن أبی عقیل. ( 2 : 295 ).

ص: 199


1- رجال الکشی 2 : 806 و 810 ، وفیه وفی « ب » : مشاورته.
2- راجع ص 187 - 189.

لا یخفی أنّه لا یقول بانفعال الماء القلیل بالملاقاة ، والمعهود من الفقهاء أنّ السؤر هو الماء القلیل الذی لاقاه فم حیوان أو جسم حیوان ، فلا یحسن جعل ابن أبی عقیل من القائلین بعدم نجاسة هؤلاء ، مع تخصیصه عدم النجاسة بأسآرهم ، فتأمّل.

وأمّا ابن الجنید فإنّه أنکر حرمة القیاس التی هی ضروری المذهب! والکراهة فی کلام المفید لعلّه یرید منها المعنی اللغوی. أو أنّه رجع عن القول بها ، فلا عبرة به ، فتأمّل.

قوله (1) : احتجّ القائلون بالطهارة بوجوه. ( 2 : 297 ).

لم یوجد قائل بالطهارة فضلا عن أن یکونوا محتجّین بما ذکره ، إذ لم ینسب إلی أحد احتجاجه.

قوله : شامل لما باشروه وغیره. ( 2 : 297 ).

إنّ أراد أنّه تعالی أراد بیان حکم ما باشروه برطوبة وما لم یباشروه برطوبة جمیعا ، ففیه : أنّ ما لم یباشروه برطوبة مندرج فی الطیّبات ، ولانتفاء الفائدة فی تخصیص أهل الکتاب.

وأمّا ( طَعامُکُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) فإن کان مخصوصا بأهل الکتاب فهذا القدر یکفی فائدة للتخصیص ، وإلاّ فأیّ فائدة للتخصیص فیه أیضا؟ مع أنّ المراد الطعام من حیث إنّه طعام ، والمباشرة وعدمها أجنبیان. ککونه مغصوبا ، أو مسموما ، أو ممزوجا بهما ، أو فاسدا مضرّا ، أو متنجّسا بنجس العین ، أو غیر ذلک ، إذ لا یفهم شی ء منها من تلک العبارة.

وإن أراد أنّه تعالی أراد بیان حکم ما باشروه برطوبة خاصّة ، ففیه : أنّ

أدلّة القائلین بطهارته والمناقشة فیها

ص: 200


1- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « أ » و « و».

الدلالة لا بدّ أن تکون مطابقة أو تضمّنا أو التزاما ، وقد عرفت أنّه أجنبی بالنسبة إلی هذه العبارة ، وأین اللزوم؟.

مع أنّه لا وجه للتخصیص بالطعام ، ولا بعبارة الحلّیة ، بل اللازم التعمیم ، والمناسب عبارة الطهارة. بل التخصیص بتلک العبارة یمنع من الدلالة علی الطهارة ، بل الشراب أولی من الطعام بذلک ، بل التخصیص بهما یکون ظاهرا فی نجاسة غیرهما ، کما یظهر من تفسیر أهل البیت علیهم السلام فی أخبار صحاح کثیرة وأخری معتبرة (1).

قوله : وتخصیصه بالحبوب. ( 2 : 297 ).

لا یخفی أنّ الوارد فی غیر واحد من الأخبار أنّ المراد منه الحبوب وأشباهها (2). وهذه الأخبار أیضا ممّا یدلّ علی نجاستهم.

ویظهر من أهل اللغة أنّ الطعام اسم للحنطة ، کما یظهر من الصحاح والمغرب وغیرهما (3) ، ویظهر من عبارة بعضهم ضمّ دقیقها أیضا (4).

فإنّ قلت : الحبوب وأشباهها کانت داخلة فی الطیّبات فی قوله تعالی ( الْیَوْمَ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ ) وعطف الخاصّ علی العامّ إنّما یجوز لنکتة ، والنکتة أنّ تعلیق التحلیل بالطیّبات یؤذن بأنّ طعام أهل الکتاب لیس محلّلا علی الإطلاق ، إذ المائع لا ینفکّ عن النجاسة غالبا ، مع أنّ هذا لا یناسب العموم ، لأنّ أکثر الأفراد من الطیّبات علی ما ذکرت ، بل الکل من الطیّبات بحسب الذات. والنجاسة - لو عرضت - فعارض خارجی ، فحسن إفراده بالذکر.

ص: 201


1- الوسائل 24 : 203 أبواب الأطعمة المحرمة ب 51.
2- الوسائل 24 : 203 أبواب الأطعمة المحرمة ب 51.
3- الصحاح 5 : 1974 ، المغرب 2 : 14 ، القاموس 4 : 145.
4- حکاه عن الأقطع فی الذخیرة : 151.

قلت : قوله تعالی ( وَطَعامُکُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) یأبی عن هذه النکتة ، کما لا یخفی علی الفطن. مع أنّ هذه النکتة فرع نجاستهم ، إلاّ أن یکون المراد النجاسات العارضیّة مثل البول ، فعلی هذا یمکن اعتبار هذه النکتة علی تقدیر الاختصاص بالحبوب أیضا ، إذ لا یؤمن ملاقاتها مع الرطوبة المنجّسة. وبالجملة : النکتة لیس إظهار عدم النجاسة وعدم المنع من جهة توهم النجاسة ، لإباء قوله تعالی ( وَطَعامُکُمْ ) عنه.

علی أنّ النکتة لعلّها شی ء آخر ، علی طریقة ما یقولون فی منع حجّیة مفهوم الوصف.

علی أنّ النکتة یمکن أن تکون إظهار دخول طعامهم فی الطیّبات وإن کان یابسا ، لأنّ معنی الطیّب لیس بدیهیا ، ألا تری أنّه تعالی قال ( لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ یَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ؟ لو قال مثل ذلک فی طعامهم وطعامنا لکان یظهر أنّ حکایة الطعام حکایة المزاوجة من دون غرابة. لکن لمّا لم یقل هذا وظهر لدینا الآن عدم الحرمة نستغرب ونتعجّب من توهّم الحرمة ، وإلاّ فحکایة الطعام وحکایة المزاوجة لا یوجد فرق بینهما إلاّ من جهة الشرع ، فلا مانع من أن یکون سبحانه أظهر أنّ الطعام لیس مثل المزاوجة ، لا أنّه أظهر طهارتهم ، إذ قد عرفت فساده.

ووجه التخصیص ، لأنّ أهل المدینة کانوا أهل الکتاب ، أو غیر ذلک من الوجوه التی تعتبر فی مقام منع حجّیة مفهوم الوصف.

وأیضا یمکن أن یکون الفائدة استثناء هذا المعنی من بین الموادّة المنهی عنها علی وجه العموم ، بأنّه وإن استلزم الموادّة فی الجملة إلاّ أنّه لا مانع منه ، لاحتمال حصول الإلف والإنس المؤدّی إلی الإسلام.

ویمکن أن یکون المراد إظهار أنّ أکلکم من طعامهم وأکلهم من

ص: 202

طعامکم لیس فیه من حیث هو هو موادّة ، فلا مانع منه ، إلاّ أن یتحقّق فیه موادّة فیمنع عنه (1) ، لا لأجل أکل الطعام ، فتأمّل.

قوله (2) : لاندراجها فی الطیبات. ( 2 : 297 ).

لم یعلم الاندراج ، لوجوه : الأوّل : عدم العلم بمشروعیة التحصیل والتکسّب لأنّهم لا یتشرّعون بشرع الإسلام.

الثانی : مع احتمال مباشرتهم رطبا ، سیّما علی طریقة المستدل من کون المراد من الطعام المطبوخ أو ما یشمله ، فإنّ الظنّ حاصل بالمباشرة ، وإن کان طاهرا عند الفقهاء ، لعدم الیقین بالنجاسة.

الثالث : کونه ملک الإمام ومن یجاهد معه ، ولذا سمّی الغنیمة [ فیئا ] (3).

الرابع : کونه مورثا للموادّة المنهی عنها.

علی أنّه علی تقدیر الظنّ أو العلم بالاندراج [ لا نسلّم ] (4) کونه بدیهیا حتی لا یحتاج إلی الإعلام. مع أن البدیهی أیضا ربما یتوقّف علی التنبیه ، فتدبّر.

قوله : لا بأس إذا کان. ( 2 : 297 ).

لا دلالة فیها ، لو لم نقل بالإشارة إلی خلاف مرادک.

قوله : إمّا حمل هذه علی التقیّة. ( 2 : 298 ).

ص: 203


1- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : لأجل الموادة.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : فیها ، والظاهر ما أثبتناه.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

لا یخفی أنّ الإجماع المنقول یرجح الحمل علی التقیة ، سیّما مع کونه بالنحو الذی أشرت ، فإنّه یعیّن الحمل علیها ، سیّما بملاحظة أنّ العامّة شعارهم القول بطهارة هؤلاء. وورد عنهم علیهم السلام أخبار کثیرة فی أنّ الرشد فی ما خالف العامّة ، لا الخبر الذی وافقهم ، وورد منهم الأمر بترک ما وافقهم والأخذ بما خالفهم (1) ، مع أنّه ورد منهم : أن من أسباب اختلاف الأخبار منهم - بل وعمدتها - التقیة (2) ، والاعتبار أیضا شاهد علی ذلک.

وأیضا دیدن الشیعة فی الأعصار والأمصار ترک ما وافق العامّة ، والأخذ بما خالفهم فی المسائل الشرعیة ، حتی أنّهم لو کانوا یرون من حدیث ما یومئ (3) إلی التقیة قالوا : أعطاک من جراب النورة (4).

وأیضا صحیحة إسماعیل بن جابر فیها شهادة واضحة علی التقیة ، لأنه منع عن الأکل بعبارة دالة علی التحریم ، ثم سکت هنیئة ، وهو هیئة من تأمّل فی أنّه ما ذا یصنع ویقول ، ثم منع بالعبارة الدالة علیه ، ثم سکت بالهیئة المذکورة ، ثم منع بالنحو السابق ، ثم قال : لا یقال : إنّه حرام ، ولکن تترکه تنزّها عنه من جهة الخمر والخنزیر فی آنیتهم. وهذا هو المناسب لمذهب العامّة ، وما سبق منه یشهد علی أنّ المقام مقام اضطراب ، فتأمّل.

وأیضا صحیحة علی بن جعفر فیها شهادة واضحة علی التقیة ، لأنّه منع عن الوضوء بعبارة تکون حقیقة فی الحرمة ، ثم استثنی صورة الاضطرار - لیس إلاّ - والضرورات ، هی التی تبیح المحظورات ، ولو کان طاهرا لما فعل کذا قطعا ، والظاهر أنّ الاضطرار هنا من جهة التقیة.

ص: 204


1- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9 ، والبحار 2 : 219.
2- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9 ، والبحار 2 : 219.
3- فی « ج » و « د » : یؤدّی.
4- انظر الضعفاء لأبی جعفر العقیلی 2 : 97.

وإطلاق النهی فی صحیحة علی ، لا یکون شاهدا أصلا علی الطهارة ، إذ علی تقدیر أن یکون إطلاق الحرمة غیر صحیح ، غایته أنّ النهی محمول علی طلب الترک لا خصوص الکراهة.

وبالجملة : القرائن والمرجّحات للنجاسة کثیرة ، فمع ذلک کیف یتمسّک بالأصل؟! لأنّه حجّة ومرجّح فی مقام لا یکون دلیل ولا مرجّح أصلا ، إذ لو تشبّث به مطلقا فإنّا لله وإنّا إلیه راجعون علی موت الشرع واستیصال الفقه ، لأنّ الإجماع لا یرضی به ، وبناؤه علی أنّه غیر ثابت ، والآیة الشریفة لا تنفع المقامات إلاّ نادرا غایة الندرة لو کان ، والاستصحاب أیضا لیس بحجّة. بقی الخبر ، وغیر الصحیح منه لیس بحجّة عند الشارح ، وأمّا الصحیح فلا یکاد یتحقّق بدون التعارض مع الآخر أو حجّة أخری ، ومع ذلک یکون الأصل عند الشارح عدم التکلیف ، فلا یبقی علی هذا تکلیف وحکم شرعی!

قوله : والمراد منه ما یعمّ عرقه حال الفعل وبعده. ( 2 : 299 ).

وخصّصه بعض الفقهاء بما هو فی حالة الفعل (1).

قوله : قال : سألت أبا عبد الله. ( 2 : 299 ).

فی استدلاله بهذه تأمّل لا یخفی ، لأنّ الجنابة من الحرام من الأفراد التی لا ینساق الذهن إلیها عند الإطلاق ، مضافا إلی أنّ الأصل فی فعل المسلم الصحة ، فتأمّل.

قوله : احتجّ الشیخ فی التهذیب. ( 2 : 299 ).

حکم عرق الجنب من الحرام

ص: 205


1- حکاه فی جامع المقاصد 1 : 165. وکشف اللثام 1 : 1. ولم نعثر علی قائله.

احتجاجه بهذه الروایة غفلة منه ، وإلاّ فقد روی الکلینی - فی الحمّام - عن الرضا علیه السلام قال : « من أخذ آجرّة (1). » إلی أن قال : « یغتسل فیه الجنب من حرام والزانی والناصب » الحدیث (2). وعن أبی الحسن علیه السلام : « لا تغتسل من غسالته فإنّه یغتسل فیه من الزنا » (3).

وروی محمد بن همام بإسناده إلی إدریس الکفرثوثی أنّه کان یقول بالوقف ، فدخل سرّ من رأی فی عهد أبی الحسن علیه السلام ، وأراد أن یسأله عن الثوب یعرق فیه الجنب ، أیصلّی فیه؟ فبینا هو واقف فی طاق باب لانتظاره علیه السلام إذ حرّکه أبو الحسن علیه السلام بمقرعة وقال : « إن کان من حلال فصلّ فیه ، وإن کان من حرام فلا تصلّ فیه ».

وهذه الروایة مذکورة فی الکتب المعتمدة المصنّفة فی الإمامة وظهور معجزتهم علیهم السلام ، مثل کشف الغمّة وغیره (4) ، ولیس الآن ببالی ، ولها ظهور. والروایتان الأولیان ربما تصلحان لتأییدها وتقویتها. وبمضمونها أفتی الصدوق رحمه الله فی الفقیه (5) ، وجعله المفید احتیاطا (6) ، وبالجملة : لا خفاء فی أنّ مستند الصدوق إنّما هو هذه الروایة.

وأمّا الشیخ رحمه الله فلعلّ مستنده أیضا هذه الروایة ، إلاّ أنّه حین تألیفه التهذیب فی هذا المقام ربما غفل عن نفس المستند ، لکثرة علمه وغزارته

ص: 206


1- فی المصدر : خزفة.
2- الکافی 6 : 503 / 38 ، الوسائل 1 : 219 أبواب الماء المضاف ب 11 ح 2.
3- الکافی 6 : 498 / 10 ، الوسائل 1 : 219 أبواب الماء المضاف ب 11 ح 3.
4- إثبات الوصیة : 201 ، الذکری : 14 ، الوسائل 3 : 447 أبواب النجاسات ب 27 ح 12 ، ولم نعثر علیها فی کشف الغمّة.
5- الفقیه 1 : 40 / 153.
6- المقنعة : 71.

ووفور اشتغاله ، فتشبّث بأمر آخر ، وقد اتفق أمثال ذلک منه ، وظهر فی موضع آخر أنّ مستنده لیس ذلک ، بل وأظهر نفس مستنده ، کما لا یخفی علی المتتبع.

منها : ما فعله فی صلاة الجمعة وکون وجوبها تخییریا ، فقد ذکر فی المصباح دلیله وذکر أنّه الدلیل (1) ، فلاحظ وتأمّل.

فإن قلت : المنع من الصلاة فیه من أین ظهر کونه للنجاسة؟

قلت : النجاسات تثبت غالبا بالأمر بالغسل ، ومعلوم أنّه لأجل الصلاة وأمثالها ، مثل أن یقول : اغسل ثوبک منه وصلّ ، أو مطلقا ، وأی عاقل یفرق بین هذا وبین : لا تصلّ فیه؟ ومعلوم أنّه إذا غسله وزوال العرق بالمرّة بالماء فی طریق التطهیر الشرعی أنّه یجوز الصلاة حینئذ ، فتدبّر.

وفی الفقه الرضوی : « وإن عرقت فی ثوبک وأنت جنب وکانت الجنابة من حلال فیجوز الصلاة فیه ، وإن کانت حراما فلا یجوز الصلاة فیه حتی تغتسل » (2).

والصدوق فی أمالیه نسبه إلی عقائد الإمامیة (3) ، فظهر أنّه لم یکن أحد من القدماء قائلا بخلافه ، فإن ثبت الإجماع فهو ، وإلاّ کان ما دلّ علی الحکم ضعفه منجبرا ، لو کان فیه ضعف. مع أنّ الشیخ رحمه الله فی الخلاف ادعی الإجماع (4).

قوله (5) : لصحیحة هشام بن سالم. ( 2 : 300 ).

ص: 207


1- مصباح المتهجد : 324.
2- فقه الرضا علیه السلام : 84.
3- أمالی الصدوق : 516.
4- الخلاف 1 : 483.
5- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و».

وروی ابن بابویه فی من لا یحضره الفقیه بإسناده إلی أبی عبد الله علیه السلام قال : ونهی علیه السلام عن رکوب الجلاّلات وشرب ألبانها ، فقال : « إن أصابک شی ء من عرقها فاغسله » الحدیث ، رواه فی المطاعم والمشارب (1).

قوله : ومثلها روی حفص. ( 2 : 300 ).

فی روایة حفص هکذا : « لا تشرب ألبان الإبل الجلاّلة ، وإن أصابک من عرقها فاغسله ». فالظاهر أنّها مستند الشیخین. وأمّا صحیحة هشام فربما تحمل علی کون المراد من الجلاّل هو الإبل ، فتأمّل.

قوله : فقال : لا بأس به. ( 2 : 301 ).

ویدلّ علیه أیضا أصالة البراءة واستصحاب الحالة السابقة ، وأصالة طهارة الأشیاء ، ولزوم العسر بل والحرج بالنسبة إلی المکارین وأمثالهم ممّن هو مبتلی بها ، وأنّها لو کانت نجسة لاقتضی ذلک شیوع الحکم بالنجاسة ، وذیوع الاحتراز عنها فی الأعصار والأمصار ، لعموم الوجود ، بل والحاجة أیضا بالنسبة إلی مثل المکاری. بل کثیر من البیوت غیر خالیة من (2) واحد منها ، بل الغالب فی الأسفار الابتلاء ، فلو کانت نجسة لکانت مثل سائر النجاسات تشیع وتذیع نجاستها فی الأعصار والأمصار والقری والدساکر (3) والخانات ، مع أنّ الأمر بالعکس فی مقام العمل بالنسبة إلی المسلمین ، وفی مقام الفتوی بالنسبة إلی المعظم والجلّ ، بل الظاهر عدم مخالف سوی ابن الجنید (4) الذی خالف القوم کثیرا ، وخرج عمّا هم علیه

حکم عرق الإبل الجلالة

طهارة أبوال البغال والحمیر والدواب

ص: 208


1- الفقیه 3 : 214 / 991 ، الوسائل 24 : 165 أبواب الأطعمة المحرّمة ب 27 ح 6.
2- فی « و» زیادة : غیر.
3- الدسکرة : بناء علی هیئة القصر فیه منازل وبیوت للخدم والحشم ، النهایة لابن الأثیر 2 : 117 ، مجمع البحرین 3 : 302.
4- انظر المعتبر 1 : 413.

مکررا ، بل وفی ما هو ضروری مذهبهم أیضا. وأمّا الشیخ فقد رجع عنه (1).

وممّا یدل علیه أیضا ما رواه الشیخ - فی القوی بقاسم بن عروة - عن زرارة عن أحدهما علیهماالسلام فی أبوال الدوابّ تصیب الثوب : فکرهه ، فقلت : ألیس لحومها حلالا؟ قال : « بلی ، ولکن لیس ممّا جعله الله للأکل » (2) إذ الدلالة علی القول بثبوت الحقیقة الشرعیة فی أمثال هذه العبارات أیضا بالنسبة إلی زمان الصادقین علیهماالسلام ومن بعدهما واضحة.

ولو قلنا بعدم الثبوت فغیر خفی أنّ الظاهر منها الکراهة ، إذ النجاسة لا یعبّر عنها بهذه العبارة الرخوة التی لا دلالة فیها علی النجاسة ، فکیف یکتفی بها عنها؟! وذلک ظاهر.

ویمکن الاستدلال للطهارة بجمیع الأخبار الدالة علی طهارة الروث ، لعدم القائل بالفصل ، فیکون الأمر بغسل البول محمولا علی الاستحباب. وعلی تقدیر الإغماض عن حجّیته فلا شکّ فی کونه من جملة المؤیّدات للطهارة والمرجّحات لدلیلها والجابرات لضعف السند.

وممّا یرجّح : کون هذه الروایات مخالفة لمذهب العامّة جمیعا ، بخلاف ما دل علی النجاسة ، فإنّها تحمل علی التقیة ، لموافقتها لمذهب بعض العامّة (3) ، ولعلّه المذهب الشائع فی وقت صدور الأخبار فی البلد الذی صدر عنه الخبر ، أو بلد الراوی ، فإنّ ذلک هو المعتبر فی الحمل علی

ص: 209


1- انظر التهذیب 1 : 422 ، والاستبصار 1 : 179 ، والمبسوط 1 : 36.
2- الکافی 3 : 57 / 4 ، التهذیب 1 : 264 / 772 ، الوسائل 3 : 408 أبواب النجاسات ب 9 ح 7.
3- انظر بدایة المجتهد 1 : 80 ، والمجموع 2 : 548.

التقیة. ویقرّب الحمل علی التقیة أنّ من العامّة من یقول بحرمة لحوم هذه الحیوانات (1) ، فتأمّل.

وممّا یعضد هذه الأخبار عموم حسنة زرارة.

( ویدلّ علی الطهارة دلالة واضحة موثقة ابن بکیر الآتیة فی کتاب الصلاة فی بحث لباس المصلی (2) ، فلاحظ الموثّقة من أوّلها إلی آخرها.

و [ تتمّة ] (3) الروایة لم یذکرها فی المدارک ) (4).

قوله : وأجیب عن الروایتین. ( 2 : 302 ).

لا یخفی أنّ الشهرة العظیمة التی کادت أن تکون اتفاق الکل - علی ما أشرنا إلیه فی الحاشیة السابقة - تجبر ضعفها ، بل ربما کانت أقوی من بعض التوثیقات ، بل ومن کثیر منها ، کما لا یخفی علی المطّلع علی الرجال ، فإنّ المدار فیها علی الظنون ، وترجیحاتها علی الظنون الضعیفة ، وبسطنا الکلام فی الرجال ( من أراد الاطّلاع فلیرجع إلی تعلیقتنا علی رجال ) المیرزا محمّد رحمه الله (5) ) (6). مع أنّ الحکم بن مسکین قوی ، بل ربما حکموا بصحة حدیثه. وإسحاق بن عمّار قد بسطنا الکلام فیه فی الرجال (7).

أدلّة القائلین بعدم النجاسة

بحث رجالی حول الحکم بن مسکین

ص: 210


1- انظر بدایة المجتهد 1 : 469 ، والمغنی 11 : 66.
2- المدارک 3 : 162 ، الکافی 3 : 397 / 1 ، التهذیب 2 : 209 / 818 ، الوسائل 3 : 408 أبواب النجاسات ب 9 ح 6.
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : یعمّه ، والظاهر ما أثبتناه.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
5- انظر تعلیقات الوحید ( منهج المقال ) : 4.
6- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
7- انظر تعلیقات الوحید ( منهج المقال ) : 52 ، 122.

وأمّا روایة أبی الأغر ، فقد رواها الصدوق فی الفقیه (1) ، مع أنّه قال فی أوّل الفقیه ما قال ، ورواه الکلینی أیضا (2) ، مع أنّه قال فی أوّل کتابه ما قال. وأبو الأغر یروی عنه صفوان وابن أبی عمیر ، وهما ممّن قال الشیخ : إنّهما لا یرویان إلاّ عن الثقات (3) ، مع أنّهما ممّن أجمعت العصابة ، هذا ، مضافا إلی ما ذکرت فی الحاشیة السابقة ، فإنّه یعیّن العمل بهذین الحدیثین.

قوله : وهو لا یصلح معارضا. ( 2 : 302 ).

عدم الصلاحیة إنّما یکون إذا لم یکن یوافقه أخبار خاصّة أخر ، سیّما مع انضمام تلک الأخبار بما مرّ.

قوله : بمقتضی الأصل السالم. ( 2 : 303 ).

ویدلّ علی طهارة الروث ما ورد من المنع عن الاستنجاء بالروث (4) ، فإنّه کالصریح فی الطهارة.

قوله : ولم نقف له فی ذلک علی مستند ( 2 : 304 ).

بل إطلاقات الأخبار وصریح بعضها حجّة علیه.

قوله : واستدلوا علی ذلک. ( 2 : 305 ).

وادعی ابن إدریس الإجماع (5).

قوله : « جنّبوا مساجدکم ». ( 2 : 305 ).

بحث رجالی فی أبی الأغر النخاس

طهارة أرواث البغال والحمیر والدواب

أحکام النجاسات

وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة ونحوها

وجوب إزالة النجاسة عن المساجد

ص: 211


1- الفقیه 1 : 41 / 164.
2- الکافی 3 : 58 / 10.
3- عدّة الأصول 1 : 386.
4- الفقیه 4 : 3 / 1 ، الوسائل 1 : 358 أبواب أحکام الخلوة ب 35 ح 5.
5- السرائر 1 : 163.

ویؤیّده الأمر بتعاهد النعل (1) ، ومنع الکفّار عن دخوله فی الأعصار والأمصار ، والأمر بتعظیم شعائر الله ، والمنع عن تمکین الصبیان والمجانین (2) ، والنهی عن دخولها إلاّ طاهرا (3) ، وعن البصاق فیها (4) ، والأمر بجعل المطاهر علی أبوابها (5). وأمّا حرمة تنجیسها فإجماعی ، بل ربما کان بدیهی الدین.

قوله (6) : ویتوجه علی الأوّل. ( 2 : 305 ).

فیه ما عرفت.

قوله : یحتاج إلی الدلیل. ( 2 : 305 ).

الدلیل هو عدم القول بالفصل ، إلاّ أن یقال : الإجماع واقع علی منع الکفّار مطلقا ، مع الخلاف فی أنّ الحرام هو إدخال المسری أو مطلقا ، ومع هذا لا یتأتّی التمسّک بعدم القائل بالفصل ، فتأمّل. ولکن تفریع عدم قربهم للمسجد علی النجاسة دلیل علی أنّ نجاستهم من حیث هی هی مانعة ، فهذا من باب منصوص العلّة ، لأنّ المعنی : أنّهم لا یقربوا المسجد الحرام لأنّهم نجسون ، فتأمّل.

قوله : وعدم الظفر بالقائل. ( 2 : 305 ).

لو تمّ ما ذکره هنا امتنع استناده بعدم القول بالفرق فی المواضع التی استند فیها ، وقد مرّ کثیرا ، وسیجی ء أیضا ، وما نحن فیه لیس بأدون من تلک

ص: 212


1- التهذیب 3 : 255 / 709 ، الوسائل 5 : 229 أبواب أحکام المساجد ب 24 ح 1.
2- الوسائل 5 : 233 أبواب أحکام المساجد ب 27.
3- التهذیب 3 : 263 / 743 ، الوسائل 1 : 380 أبواب الوضوء ب 10 ح 1.
4- الوسائل 5 : 221 أبواب أحکام المساجد ب 19 ، 20.
5- التهذیب 3 : 254 / 702 ، الوسائل 5 : 231 أبواب أحکام المساجد ب 25 ح 3.
6- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».

المواضع ، کما لا یخفی علی المتأمّل.

قوله : فیحصل به الامتثال. ( 2 : 305 ).

هذا ربما کان بعیدا ، نعم بعد ملاحظة المعارض یقرب هذا الاحتمال ، ویحتمل أن یراد من المساجد موضع الجبهة فی السجود.

قوله : ما نقله الشیخ فی الخلاف من الإجماع. ( 2 : 306 ).

بل ما دل علی جواز الجنب أیضا ، وعدم حرمة تمکین المجانین والصبیان ، والإجماع الذی نقله الشهید علی جواز دخول الحیّض من النساء ، وکذا الصبیان (1) ، والأخبار الدالّة علی جواز اجتیازهنّ والجنب (2).

ویؤیّده أیضا ، العمومات الدالّة علی الحثّ والتحریض علی الصلاة فی المساجد ، وخلف الإمام جماعة ، الشاملة لمن به القروح والجروح الدامیة وأمثاله. وکذا عدم استثناء هؤلاء فی من استثنی من وجوب الحضور إلی صلاة الجمعة ، مثل المریض والأعرج والمرأة وغیرهم ، مع أنّ المعهود والمتعارف وقوع صلاة الجمعة فی المساجد ، بل کان المتعین فی مکّة والمدینة والکوفة صلاة الجمعة فی مساجدها المعهودة ، وکذا الحال فی صلاة العیدین فی مکة المشرّفة.

وبالجملة : لو کان إدخال مطلق النجاسة حراما لتوجه الشارع إلی حال من به القروح والجروح وأمثاله فی صلاة الجمعة والعیدین ، بل والجماعة أیضا ، بأن یصدر منه استثناء هؤلاء ، أو یأمر بأن تقع الصلاة خارج المسجد ، کی یتأتّی لأمثال هؤلاء الحضور ، ولو فعل أحد الأمرین لاشتهر فی الأعصار والأمصار ، مع أنّ المشهور بین المسلمین خلاف ذلک. مضافا

حکم إدخال النجاسة الغیر المتعدیة إلی المسجد أو فرشه

ص: 213


1- الذکری : 157.
2- الوسائل 2 : 205 أبواب الجنابة ب 15.

إلی الأخبار الحاصرة للاستثناء فی الجماعة المذکورین فیها (1) ، وکذلک فتاوی الفقهاء.

إلاّ أن یقال باستثناء هؤلاء فی إدخال النجاسة ، بأنّ هؤلاء لا یحرم علیهم الدخول ، أو یقال بأنّ حرمة دخولهم المساجد کانت فی الظهور بحیث لم یتحقّق الاحتیاج إلی التعرض للاستثناء ، وإنّ استثناءهم کان بحیث لم یحتج إلی مراعاة حالهم ، بأنّ یفعل الجماعة والصلاة خارجا عن المسجد ، لکنّه بعید ، فتأمّل.

قوله : وفیه توقّف. ( 2 : 306 ).

الأمر کما ذکروه ، بالنظر إلی الظاهر من الإجماع وغیره من الأدلة ، وقد أشیر إلیه ، بل التوقّف إن کان لعموم الخطاب - کما هو الظاهر من کلامه - فلم نجد له وجها ، لعموم « جنّبوا » ، والأصحاب عملوا به ، وبناؤهم علی العمل به. وکون من أدخلها یتعین علیه الإخراج لا یمنع وجوب الکفایة.

قوله : لا امتناع فی أن یقول الشارع. ( 2 : 307 ).

لقائل أن یقول : فرق بین التصریح والإطلاق ، إذ لعلّه عند الإطلاق یظهر من حال الآمر أنّه کاره للضد والمانع - کما سیذکر وإن کان یجیب عنه - هذا بخلاف التصریح ، فإنّه لا مجال للقول بالکراهة. نعم لمّا کان یظهر من کلام القائل وأدلته أنّه یدّعی استحالة عدم النهی عن الضدّ یتوجه علیه ما ذکره رحمه الله .

وممّا یشیر إلی بطلان رأیهم أنّه لو کان الأمر کما یقولون لزم بطلان

تحقیق فی أنّ الأمر بالشیء هل یقتضی النهی عن ضدّه أو لا؟

ص: 214


1- الوسائل 7 : 295 أبواب صلاة الجمعة ب 1.

صلاة عامّة الناس ، وعدم جوازها إلاّ فی آخر الوقت بمقدار أدائها ، وکذا الحال فی أمثال الصلاة ، إذ لا یکاد یتحقّق من لا یکون علیه واجب مضیّق ، مثل معرفة أصول الدین بالدلیل ، وفروعه ممّا یتعلق بالتکالیف التی یجب علیه امتثالها بالأخذ عن المجتهد ، والتوبة بأداء حقوق الناس وإرضائهم ، وطلب العفو والحلّیة ، وغیر ذلک. ویلزم أیضا عدم جواز القصر فی الصوم والصلاة إلاّ لأوحدیّ الناس ، وأمثال ما ذکر. وکل ذلک خلاف المستفاد من الآیات والأخبار ، وطریقة المسلمین فی الأعصار والأمصار ، فتأمّل.

قوله : کما فی الضدّ العام. ( 2 : 307 ).

لقائل أن یقول : إنّ قصد الجزء متحقّق فی ضمن قصد الجمیع ، أو المجموع ، غایة الأمر أنّه لیس علی حدّة ، بل عدم تجویز الترک إنّما هو فصل ومقوّم لا یکون له وجود مغایر ولا امتیاز ، بل وجوده عین وجود الکل ، کما هو الحال فی الأجزاء العقلیة ، فإنّ الکل موجود واحد بسیط ، إنّما الأجزاء فی ظرف تحلیل العقل ، وإلاّ حین ما یسمع اللفظ لا یخطر فی الذهن إلاّ صورة واحدة بسیطة ، فقصد الجزء عین قصد الکل ، فتأمّل.

قوله : ومع امتناع ذلک الواجب. ( 2 : 308 ).

لا یخفی أنّ وجود الصارف وانتفاء الداعی إنما هما من أفعاله الاختیاریة ، وهو قادر علی إزالة الصارف وإیجاد الداعی ، ویجب علیه أن یجعل المقدّمة وسیلة إلی المطلوب ، بل کل واحد من إزالة الصارف وإیجاد الداعی أیضا من مقدّمات الواجب المطلق ومقدور المکلف ، فیجب ، ویجب التوصّل بکل واحد منهما إلی ذی المقدّمة من دون فرق بین المقدّمات ، مع أنّ القائل بوجوب المقدّمة یقول بوجوبها مطلقا من غیر قید ، فکذا دلیله یقتضی الوجوب کذلک. فتأمّل.

ص: 215

قوله : من باب المقدّمة. ( 2 : 308 ).

أی السبب ، فی ما ذکره رحمه الله رجوع عن القول بوجوب ما لا یتمّ الواجب إلاّ به إلی القول بوجوب خصوص السبب منها ، والمشهور من المنکرین عدم إنکار هذا ، فهو رجوع إلی قول المنکرین ، فتأمّل.

قوله (1) : یمکن اختیار الشق الثانی. ( 2 : 308 ).

الأولی اختیار الشقّ الأوّل ، ومنع استحالة التکلیف بالضدّین إذا کان التکلیف بأحدهما موسّعا ، إذ محلّ النزاع لیس إلاّ هذا ، فکما لا یستحیل التکلیف بالضدّین إذا کان التکلیف بأحدهما موسّعا إجماعا فکذا فی ما نحن فیه.

قوله : ولا إعادة علیک. ( 2 : 313 ).

فی الکافی : « لا إعادة علیک ما لم یزد علی مقدار الدرهم ، وما کان أقلّ من ذلک فلیس بشی ء » الحدیث (2). وهو الصواب.

قوله : لاعتضاد الثانی. ( 2 : 313 ).

لکن یعضد الأوّل العمومات.

قوله : وأمّا الأوّل فلما أشرنا. ( 2 : 313 ).

لا یخفی أنّ الأمر وإن کان کما یقول من أنّ الظاهر أنّ ابن مسلم لا یروی عن غیر المعصوم ، لکن الظاهر لا یقاوم النص. وأیضا روایة ابن مسلم حسنة فلا تقاوم الصحیح.

وأیضا ، مقتضاها العموم سیّما وقدر الدرهم من أفراده النادرة غایة الندرة ، فلا یکون داخلا فیه ، فتأمّل ، والعموم لا یعارض الخصوص

العفو عما دون الدرهم من الدم فی الصلاة

ص: 216


1- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
2- الکافی 3 : 59 / 3 ، الوسائل 3 : 431 أبواب النجاسات ب 20 ح 6.

والمنصوص ، حیث صرّح فی صحیحة ابن أبی یعفور بالغسل وإعادة الصلاة إن کان قدر الدرهم ، وأیضا صحیحة ابن أبی یعفور معتضدة بالعمومات وبروایة جمیل التی هی أیضا صریحة ، بخلاف روایة إسماعیل فإنّه لا دلالة فیها أصلا ، فضلا عن الصراحة ، لأنّ الظاهر منها عدم تحقّق مقدار الدرهم بحسب التعارف ، وهو کذلک ، إذ وقوع الدم بحیث لا یزید عن قدر الدرهم أصلا ولا ینقص ، من الفروض النادرة جدّا ، وکذا الحال فی ضرب الدرهم وتحقّق السعة منه ، فما فی بعض الأخبار من لفظ الدرهم وقدره فإنّما هو بحسب التخمین ، وما فی البعض الآخر من التعرض لخصوص الأقل أو الأکثر فإنّما هو بالنظر إلی التحقّق بحسب الواقع ونفس الأمر.

ویحتمل أن یکون الأوقات کانت مختلفة فی تحقّق السعة فی الضرب ، کما هو المشاهد فی أمثال زماننا ، ولهذا اختلفت الأخبار ، بأن کان فی بعض الأوقات لم یتحقّق انضباط غالب ، فحکموا بالأقل والأکثر فقط ، وفی بعض الأوقات کان یتحقّق ، أما بسعة زائدة فحکموا بوجوب الغسل والإعادة ، أو بسعة ناقصة فحکموا بوجوب غسل ما زاد والإعادة منه.

ویمکن أن یکون الدرهم فی ما دل علی وجوب إزالته هو الوافی ، وما دل علی عدم الإزالة هو الدرهم المتداول فی زمانهم علیهم السلام ، أعنی غیر الوافی علی ما سنشیر ، فتأمّل.

قوله : وذکر الصدوق. ( 2 : 314 ).

ما ذکره الصدوق والمفید إنّما أخذاه من الفقه الرضوی (1).

ص: 217


1- فقه الرضا علیه السلام : 95 ، المستدرک 2 : 565 أبواب النجاسات ب 15 ح 1.

قوله : وهو متقدّم علی زمن الصادق علیه السلام . ( 2 : 315 ).

لا یخفی أنّ العامّة أیضا رووا عن النبی صلی الله علیه و آله هذا الحکم ، وأنّه لو کان أقل فلا بأس ، وإذا کان درهما أو أکثر یجب غسله (1) ، فلعلّ هذا کان مشهورا معروفا منه ، فلذا قال الصادق علیه السلام أیضا کذلک ، مع أنّه غیر معلوم هذا الذی ذکره. والظاهر أنّ الدرهم الوافی کان له منشأ ، کما ذکرنا ، فلیحمل علیه.

قوله : باستثناء دم الحیض. ( 2 : 315 ).

وفی الفقه الرضوی أیضا أنّه قال علیه السلام : « إلاّ أن یکون دم الحیض فاغسل ثوبک منه ، ومن البول والمنی قلّ أو کثر » (2).

قوله : من دم لم تبصره. ( 2 : 316 ).

لعل المراد من : لم یبصر ، أنّه لم یبصر من جهة القلّة ، بشهادة قوله علیه السلام : « فإن قلیله وکثیره. » ولأنّ الجهل لا خصوصیة له بالدم ، فتأمّل ، ولأنّ أحدا من الأصحاب لم یقل بأنّ الجهل فی دم الحیض یوجب إعادة الصلاة ، وفی غیره من الدماء لا إعادة فیه ، فهذا الحدیث مع ما نقلناه من الفقه الرضوی وما سنذکره أیضا دلیل ، مضافا إلی عدم عموم لغوی فی الدم الذی عفی عن أقل الدرهم منه.

وما ورد فی عدّة أخبار من أنّ الحائض تصلّی فی ثیابها ما لم یصبها دمها (3) ، وما ورد فی الأخبار من الأمر بالصبغ بمشق إذا بقی أثره (4) ، ربما

عدم العفو عن الدماء الثلاثة فی الصلاة

ص: 218


1- سنن الدار قطنی 1 : 401 ح 1 و 2.
2- فقه الرضا علیه السلام : 95 ، المستدرک 2 : 566 أبواب النجاسات ب 16 ح 1.
3- الوسائل 3 : 449 أبواب النجاسات ب 28.
4- الوسائل 2 : 369 أبواب الحیض ب 52.

یکون فیه تأیید ، فتأمّل.

قوله : وهی مع ضعف سندها ( 2 : 316 ).

الضعف منجبر بعمل الأصحاب ، وکذا الوقف ، فإنّ الظاهر أنّه ما رواه إلاّ عن المعصوم علیه السلام ، فتأمّل ، مع أنّه ورد فی بعض النسخ زیادة قول : عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام قالا. الحدیث (1).

قوله : وألحق به الشیخ رحمه الله دم الاستحاضة. ( 2 : 316 ).

یمکن الاستدلال علی إثباته بما مرّ فی مبحث الاستحاضة من دعوی الإجماع علی وجوب تغییر القطنة والخرقة إذا وصل الدم إلیها (2) ، والأخبار المستفیضة الدالة علی ذلک (3).

ومنه یظهر وجوب غسل دم الحیض والنفاس بطریق أولی ، مع أنّه مرّ فی مبحث النفاس ما یشیر إلی اتحاد حکم النفاس مع الحیض ، بل وکونه حیضا فی المعنی (4).

قوله : یجری مجری النطق به. ( 2 : 316 ).

فیه تأمل ، لأنّ مع النطق لا یمکن التخصیص والبناء علی عدم الشمول ، وهو رحمه الله ربما یقول بعدم شمول العام للأفراد النادرة ، مع أنّ ملاحظة ما دل علی أنّ الدم المعفوّ إذا لاقاه نجاسة خارجة لم یکن معفوّا عنه ربما یمنعنا عن الحکم بدخول هذا الدم فی العموم المقتضی للعفو ، بل جعله مثل دم الحیض والاستحاضة والنفاس أیضا محل نظر ، لما عرفت ،

ص: 219


1- انظر التهذیب 1 : 257 / 745.
2- انظر المدارک 2 : 30.
3- راجع ص 12 - 17.
4- راجع ص 29 - 31.

ولعدم کونها مثل دم نجس العین فی الشذوذ والندرة وعدم انصراف الذهن إلیه ، فتأمّل.

قوله : واسمها ضمیر یعود إلی نقط الدم. ( 2 : 319 ).

الظاهر من الحدیث هو هذا الاحتمال ، لأنّ ضمیر « یکون » راجع إلی نقط (1) الدم ، فیکون « مجتمعا » علی هذا حالا مقدّرة ، لأن هذا هو الظاهر ، لأنّ النقط المتفرّقة لا تکون مجتمعة إلاّ علی التقدیر ، فالحدیث حجّة علی المحقّق لا له.

نعم روایة جمیل المتقدّمة ربما کانت ظاهرة فی ما ذکره ، فتأمّل ، لکنها لا تقاوم الصحیحة سندا ولا دلالة ، ولا بحسب المؤیّدات الخارجیة ، مثل العمومات الدالة علی وجوب طهارة الثوب ، والإطلاقات فی الدم الذی یجب إزالته ، وإطلاق قدر الدرهم ، والاستقراء الذی ذکره.

قوله : ممّا لا یدل علیه اللفظ. ( 2 : 319 ).

قد عرفت وجه الدلالة ، وأنّ هذا هو الظاهر.

قوله : مختصّا بما قدّر فیه. ( 2 : 319 ).

لا یخفی أنّ السؤال لم یکن إلاّ عن حال النقط المتفرّقة ، فالجواب إنّما هو جواب عمّا سئل ، مع أنّه یظهر حال ما حقّق بطریق أولی ، فتأمّل ، ویظهر من الروایة وجوب الإعادة فی صورة النسیان ، وسیجی ء الکلام فیه (2).

قوله : لا یتفاوت الحال. ( 2 : 319 ).

الظاهر أنّ نظره فی هذا إلی الاستقراء ، فتأمّل.

حکم الدم المتفرق الذی یبلغ مجموعه الدرهم

ص: 220


1- فی « ا » : لفظ.
2- یأتی فی ص 242 - 243.

قوله : معلوم ممّا قرّرناه. ( 2 : 320 ).

قد ظهر لک حال ما قرّره!

قوله : یتوقّف علی الدلالة. ( 2 : 320 ).

یکفی للدلالة عدم عدّ أحد من الأمة هذا من خصائصه صلی الله علیه و آله ، مع أنّ الاشتراک لعلّه الأصل ، إلاّ أن یظهر الاختصاص ، کما یظهر من المعاملة بالنسبة إلی سائر ما کلّف به ، مع أنّ الدلیل غیر منحصر فی ما ذکر ، لأن الإطلاق والعموم موجود.

قوله : بأنّه مصادرة. ( 2 : 320 ).

قد عرفت أنّ نظره إلی الاستقراء لا أنّه مجرّد المصادرة ، ولا یخفی أنّه لم یقل : إنّ ما نحن فیه لیس فیه تفاوت أصلا ، حتی یکون مصادرة ، بل قال : إنّ القاعدة الظاهرة من تضاعیف مباحث النجاسات یقتضی ذلک ، فتأمّل جدّا.

قوله : لما أشرنا إلیه سابقا. ( 2 : 322 ).

فیه : أنّ استثناء مثل التکّة والقلنسوة والکمرة (1) والنعل والخفّ والجورب وما أشبه ذلک - ممّا لا یتمّ فیه الصلاة منفردا ، من حیث إنّه لا یتم الصلاة فیه منفردا کما هو المستفاد من الأخبار وکلام الأصحاب - دلیل علی عموم المنع وشموله لغیر الثوب عند الأصحاب ، موافقا لمدلولات الأخبار ، فلا یضرّ ضعف الاسناد ، للانجبار بعملهم وفاقا منهم فی العمل ، علی أنّا قد أثبتنا مشروحا فی موضعه أنّ روایة الموثق حجّة ، سیّما وأن یکون مثل علی بن أسباط ، وروایة حماد فیها صفوان أیضا ، وهما ممّن أجمعت

جواز الصلاة فیما لا تتم الصلاة فیه مع نجاسته

ص: 221


1- الکمرة : الحافظ ، وفی بعض کلام اللغویین : کیس یأخذها صاحب السلس ، مجمع البحرین 3 : 477.

العصابة علی تصحیح ما یصح عنهم وبیّنا حجّیة ما یصح عنهم ، مع أنّ صفوان ممّن لا یروی إلاّ عن الثقات ، وقد أشرنا إلی ذلک وإلی اعتبار ذلک.

وقوله علیه السلام فی روایة زرارة : « فلا بأس أن یکون علیه الشی ء ».

وفی روایة ابن سنان : « کلّما کان علی الإنسان أو معه » ظاهران فی التعمیم والمشول. وعبارة الصدوق أیضا کالنص فی الشمول وعدم الاختصاص بالثوب ، واستثناؤه العمامة معلّلا بعدم تمامیة الصلاة فیها وحده أیضا شاهد علی ما ذکرنا ، فلعل مراده العامة الصغیرة ، إذ العمامة الکبیرة یصدق علیها عرفا أنّه یجوز الصلاة فیه وحده ویتم.

مع أنّ المحمدین الثلاث رحمهم الله رووا فی الصحیح عن العیص بن القاسم عن الصادق علیه السلام : « الرجل یصلّی فی ثوب المرأة ویعتمّ بخمارها إذا کانت مأمونة » (1) ، والظاهر منها المنع لو علم بنجاسته ، فتأمّل.

قوله (2) : لا یصدق علیها اسم الثوب. ( 2 : 322 ).

إذا تعمم بثوب یصدق علیه أنّه ثوب یعمّم به ، فتأمّل.

قوله : لو جبره بعظم میّت. ( 2 : 324 ).

لعل مراده غیر ما لا یؤکل لحمه ، للمنع من الصلاة فی شی ء یکون ممّا لا یؤکل لحمه وإن کان طاهرا ، إلاّ أن یقول : لا یصدق أنّه صلّی فیه ، لکن سیجی ء الکلام فی موضعه إن شاء الله.

قوله : تعیین القول بالمنع. ( 2 : 324 ).

لعل مراده خصوص المنع عن الجبر ، لا حکایة الصلاة فیه ، لأنّ الأمر

حکم من جبر عظمه بعظم نجس

ص: 222


1- الکافی 3 : 402 / 19 ، الفقیه 1 : 166 / 781 ، التهذیب 2 : 364 / 1511 ، الوسائل 4 : 447 أبواب لباس المصلّی ب 49 ح 1.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

بالشی ء لیس نهیا عن ضدّه عنده ، فتأمّل.

قوله : وإن کان فی تعیینه نظر. ( 2 : 324 ).

لا تأمّل فی وجوب الإخراج ، کما لا یخفی علی المتأمّل فی الأخبار والأدلة الدالة علی المنع والتحریم ، إلاّ أن یرید ذلک بالقیاس إلی صحة الصلاة فیه ، فتأمّل.

قوله : ولا ریب فیه. ( 2 : 326 ).

فیه : أنّ بناءه علی أنّ الغسل مفهومه خال عن العصر ، کما هو الأظهر ، فبعد تحقّق الغسل یلزم علیه الحکم بالطهارة ، لأنّ المطهّر شرعا إنّما هو الغسل ، ومفروض الکلام أیضا ذلک ، فعدم تحقّق العصر الذی لیس داخلا فی الغسل أیّ ضرر فیه؟

فإن قلت : العصر وإن لم یکن داخلا فیه إلاّ أنّه ربما یتوقّف علیه ، لأنّه لیس إلاّ إخراج النجاسة أو الشی ء من الثوب مثلا بالماء ، وربما لا یخرج بالماء إلاّ بمعونة العصر ، کالصابون ، فإنّ استعماله خارج قطعا ، لکن ربما یتوقّف الإخراج بالماء علیه ، بل ربما یتوقّف علی أمر آخر فی القیر وأمثاله.

قلت : ما ذکرت حق ، إلاّ أنّه معلوم أنّ الغسالة نجسة عند المستدلّین إذا وقع الغسل فی القلیل ، فیکون حالها حال عین النجاسة ، والنجس أعمّ من نجس العین والمتنجّس ، والظاهر أنّ المراد إذا وقع الغسل بالقلیل ، علی ما یشیر إلیه الدلیل الثانی والدلیل الثالث.

( ویشهد علی ما ذکرناه - من أنّ المراد الغسل بالقلیل - ملاحظة کلام المحقّق فی ما مضی فی صدر الکتاب من الحکم بانفعال غسالة الجنب

وجوب عصر الثیاب من النجاسات

ص: 223

مطلقا ، وکذا فی ما سیجی ء (1) ، فلاحظ ) (2).

فعلی هذا نقول : إن وضعنا الثوب المتلطّخ بالعذرة مثلا فی القلیل ، وترکناه فیه إلی أنّ انماث (3) العذرة فیه ، فصار الماء متغیّرا بلون العذرة أو رائحته ، ولم یبق فی الثوب أجزاء العذرة أصلا ، أو یبقی أجزاء فی غایة اللطافة والرقّة ممزوجة من الماء ، فأخرجنا الثوب من الماء ونشرناه علی الشمس أو الریح ، فأزالت الشمس فقط ، أو بانضمام تصفیق الریاح جمیع الماء المتغیّر بحیث لم یبق تغیّر فی الثوب ، أو بقی لکن العبرة بإزالة العین لا اللون والرائحة ، والعین أزیلت من الثوب قطعا ، لعدم بقاء شی ء منها أصلا ، وهذا الفرض کثیر الوقوع ، کما لا یخفی علی المطلع ، فعلی هذا وقع الإزالة بالماء بمعونة الشمس والتصفیق ، ولا شکّ فی عدم تحقّق الغسل والطهارة شرعا.

بخلاف ما لو وقع العصر موضع تجفیف الشمس والتصفیق ، بأنّ عصر الثوب بالماء بحیث لم یبق فیه من العین أثر ولا من الماء المتغیّر ، واکتفی بالمرّة المزیلة للعین ، فإنّه یحکم بالغسل والطهارة ، إلاّ أن یکون الاکتفاء بالمرّة عند القائل به فی صورة عدم تغیّر الغسالة ، وفی صورة التغیّر یکون حکمها حکم عین النجاسة ، فلا بدّ من غسل الثوب مرّة ثانیة.

فلو وضعنا فی الماء القلیل فلا شکّ فی أنّه ینجس عند المستدل ، فالحکم بطهارة الثوب ونجاسة الماء الذی یکون الثوب منغمرا فیه ممّا لا یجتمع عنده ، مع أنّه لا معنی للطهارة إلاّ جواز الصلاة مثلا ، ولا یجوز

ص: 224


1- انظر المدارک 1 : 120 ، و 2 : 377.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».
3- انماث ، أی : ذاب ، مجمع البحرین 2 : 265.

الصلاة حینئذ البتّة.

فإن وقع العصر وإخراج النجاسة به تحقّق الغسل عرفا وشرعا ، وإن لم یقع العصر واخرج الثوب من دون عصر ونشر فی الشمس أو فی الریح أو ترک حتی یجفّ ، فمقتضی ما ذکر أنّه إلی حین الجفاف کان نجسا البتّة ، والشمس وغیرها لیست بمطهرة له ، لعدم معلومیة إسناد إزالة النجاسة حینئذ إلی الغسل وإخراج الماء إیّاها عن الثوب ، لو لم نقل بظهور إسناد الإخراج إلی الشمس أو غیرها.

وبالجملة : القدر الثابت أنّ الغسل هو إخراج الماء شیئا علی أن یکون المخرج لذلک الشی ء هو الماء ، وإن کان بمعونة شی ء ، لا أن یکون المخرج شی ء آخر بمعونة الماء ، ویکون نسبة الإخراج إلیه حقیقة ، أو لا یکون الإسناد حقیقة إلی شی ء منهما ، بل إلی المجموع ، أو لا یعلم الإسناد.

وأیضا لو لم یعلم أنّه هل حصل طهارة الثوب مع نجاسة ما یلاقیه من الغسالة وینغمر فیها أم لا کیف یمکن إسناد الإزالة والطهارة بمجرّد الملاقاة للثوب إلی الماء؟! مع أن الأصل بقاء النجاسة إلی أن یثبت المطهّر الشرعی ، فبمجرّد النشر فی الشمس ومثلها والجفاف منهما کیف یمکن الحکم بحصول الطهارة بالغسل؟! مع کون الثوب إلی الآن نجسا ، أو لم یعلم طهارته إلی الآن ، مع أنّه لا عموم یشمل صورة التجفیف بالشمس ، والإطلاق منصرف إلی المتعارف ، وهو حصول العصر وإخراج النجاسة به ، لا بمثل التجفیف والتصفیق وغیرهما ، فتأمّل.

قوله : فلأنّا لا نسلّم. ( 2 : 326 ).

لا یخفی أنّ الفقهاء یحکمون بوجوب الصبّ فی بول الصبی

ص: 225

لا الغسل ، مع حکمهم بوجوب إخراج عین النجاسة عن الثوب وإن کان بول الصبی ، فإذا کان الصبّ المخرج للعین صبّا لا غسلا ولا یکون إخراج عین النجاسة فارقا بل مشترکا بینهما فلا یبقی فرق آخر إلاّ العصر المتحقّق بالغمز واللیّ والکبس ، وسیجی ء ما یتمّ به الکلام ، فتأمّل. وسیجی ء فی بحث الصبّ فی بول الصبی ما یظهر منه کون ذلک مسلّما عند العامة أیضا (1) ، فتأمّل.

قوله : بما تحصل به الإزالة. ( 2 : 326 ).

فیه بعد ، إذ الظاهر کون الإزالة بالإخراج عن الثوب حین الغسل ، لا الإبقاء حتی یخرج بمجرّد الیبوسة ، کما ذکرناه فی الحاشیة السابقة ، فتأمّل.

قوله : فدعوی مجرّدة عن الدلیل. ( 2 : 326 ).

لعل الظاهر والمظنون صحة هذه الدعوی ، فیکفی کونه دلیلا ، ( مع أنّ احتمال ذلک کاف ، لأنّ التکلیف بالإزالة یقینی ، فلا یکتفی فی التحقیق بمجرّد الاحتمال ) (2). مع أنّه علی ما ذکرت یکون المطهّر بحسب الحقیقة هو الجفاف الحاصل من الشمس أو غیرها لا الغسل ، لأنّ النجاسة معناها المنع من الاستعمال شرعا ، والمنع باق علی حاله حال الغسل وبعده قبل الجفاف ، فلا یکون الغسل مطهّرا ، وهو کما تری ، فتأمّل.

قوله : علی أنّه یمکن أن یقال. ( 2 : 326 ).

بعد تسلیم النجاسة بمجرّد الملاقاة فلا وجه لهذا المنع ، إذ النجاسة لیس معناها إلاّ وجوب التنزّه والإزالة وأمثال ذلک ، فکیف یبقی العموم مع

ص: 226


1- انظر المدارک 2 : 332.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

ذلک علی حاله؟!

والحکم بطهارة المتخلّف بعد العصر المتعارف إجماعی ، بل وضروری الدین ، ظاهر من الأخبار المتواترة أو المستفیضة ، بحیث لا یعارضه معارض ولا یقاومه مقاوم. والقیاس عندنا باطل قطعا ، سیّما مع کونه مع الفارق ، والفارق فی غایة الظهور ، ولذا العامّة القائلون بالقیاس قالوا بطهارة المتخلّف قطعا ، مع التأمّل فی نجاسة الغسالة بمجرّد الملاقاة أو الحکم بها ، علی ما هو الظاهر منهم (1) ، فتأمّل.

قوله : والحکم واحد عند التأمّل. ( 2 : 326 ).

محلّ تأمّل ، إذ الأحکام منوطة بالمتعارف ، مثل قطنة المستحاضة ومقدار تربّصها ، فی الفرق بین القلیلة وغیرها ، ومثل ثلاثة أشبار ونصف ، فی حدّ الکرّ ، وغیر ذلک ممّا لا یحصی ، فتأمّل.

قوله : ویمکن حملها علی الاستحباب. ( 2 : 327 ).

مع هذا الإمکان لا تکون متروکة عندهم ، مع إمکان الحمل علی العصر المتعارف لأجل الجفاف.

ویمکن الحمل علی ما إذا توقّف علیه زوال عین النجاسة ، علی ما یومئ إلیه لفظ « قلیلا » ، بأن یکون مخیّرا بین الصبّ بالقلیل والعصر ، أو الصبّ المتعارف المتوسط أو الکثیر ، لأنّه یزیل العین ، فتأمّل ، وسیجی ء الکلام عن قریب ، فإنّه یقول : إنّ إخراج عین النجاسة واجب ، علی القول بنجاسة بول الصبی ، فلو کان الغسل یتحقّق بالصبّ المخرج للنجاسة - سواء وقع العصر أم لا ، کما قاله - کان المعصوم علیه السلام یقول : اغسل البول

ص: 227


1- انظر المغنی لابن قدامة 1 : 77.

مرّتین ، وبول الصبی مرّة واحدة ، وهو خلاف ظاهر هذه الروایة ، وخلاف فتوی الأصحاب وفتوی الشارح أیضا.

إلاّ أن یلتزم الشارح بکفایة وصول الماء إلی البول ، وعدم لزوم إخراج عینه عن الثوب ، کما سیشیر إلیه بقوله : مع احتمال الاکتفاء به مطلقا (1).

وفیه : أنّه حکم غریب ، إذ بعد تصریح الشارح بنجاسة بول الصبی وکونه من الأعیان النجسة موافقا لغیره من الفقهاء - وخالف فی ذلک ابن الجنید (2) - کیف یتأتّی له الحکم بطهارة الثوب الذی کان نجسا یقینا بسبب النجاسة العینیة الموجودة فیه بمجرّد وصول ماء قلیل إلیه ، مع عدم إخراجه ذلک النجس أصلا ، وبقاء ذلک النجس العین فی الثوب بحاله من دون خروج أو استهلاک؟! ولذا حکم أوّلا بوجوب الإخراج مرتین فظهر أنّه حکمه ، ثم ذکر الأخیر من باب الاحتمال ، ومع ذلک اعترف بوجوب الإخراج عند القائل.

ومعلوم أنّ مذهبهم ذلک بلا تأمّل ولا تزلزل ، وبناء استدلال المستدل علی هذا المذهب ، ردّا علی من لا یعتبر العصر من الأصحاب لو کان موجودا ، أو إظهارا لمناط الحکم الذی هو من المسلّمات عندهم.

وغیر خفی أنّ أحدا من الأصحاب لا یجوّز طهارة الثوب مع بقاء النجس العین فیه بحال ، ولیس الاحتجاج علی مثل الشارح أو لمثله ممّن ینکر أمثال هذه الأمور الظاهرة المسلّمة عندهم التی لعلها عندهم من البدیهیات ، وإنکاره إنکار البدیهی عندهم ، ولا یخطر ببالهم أصلا أنّه

ص: 228


1- المدارک 2 : 333.
2- حکاه عنه فی المختلف : 56.

سیجی ء فی زمان شخص ینکر أمثال هذه حتی یکون ذلک الشخص مدّ نظرهم فی مقام الاستدلال ، فتأمّل.

قوله : وربما کان الوجه فیه. ( 2 : 328 ).

لا یخفی أنّ المصنف فی أوّل الکتاب قال : والماء المستعمل فی غسل الأخباث نجس (1). ، وسیجی ء أیضا مثل ذلک عن قریب (2) إلاّ أن یقال : إنّ المتبادر منه الغسل بالقلیل ، لکن یمکن أن یقال : إنّ المتبادر منه هنا أیضا هو القلیل ، لما أشرنا سابقا ، فتأمّل.

قوله : لما فیه من الاستظهار. ( 2 : 328 ).

لعل مراده من الاستظهار حصول الاطمئنان بزوال عین النجاسة ، ولیس الغسل إلاّ بعنوان إزالة العین ، إذ بغیره لا یتحقّق الغسل ، والاطمئنان لا بدّ منه ، نعم ربما یحصل الاطمئنان بدون الدلک ، ولعل مراده رحمه الله فیما إذا لم یحصل إلاّ به ، وأنّه الغالب. وبالجملة : بناؤه علی أنّ شغل الذمّة بالإزالة یقینی ، فلا بدّ من البراءة الیقینیة ، فالحمل علی الاستحباب علی هذا لا وجه له ، فتأمّل.

ویظهر من الأخبار الواردة فی الاستنجاء من البول وغسل البول من الجسد عدم الحاجة إلی الدلک فیه (3).

قوله : لئلا یتصل. ( 2 : 328 ).

العلاّمة رحمه الله بناؤه علی أنّ الفرض هو هذا ، وأنّه لا فرق بین الخمر وما هو مثلها من النجاسات ، فإنّ البول مثلا إذا کان مستکنا لا بدّ من إزالته

وجوب دلک الصلب فی تطهیره

حکم ما یعسر عصره

ص: 229


1- المدارک 1 : 118.
2- المدارک 2 : 377.
3- انظر الوسائل 1 : 343 أبواب أحکام الخلوة ب 26.

لئلا یتصل بما فیه من المأکول والمشروب ، فعلی هذا قوله : واحتمال أن یکون. فیه ما فیه ، فتأمّل.

قوله : ولم لم تزل عین النجاسة. ( 2 : 329 ).

إن أراد : لو لم یعلم الإزالة إلاّ بالدلک ، فهو بعینه کلام العلاّمة ، إلاّ أن یدعی الکلیة ، فالوجه منع هذه الدعوی حصول العلم بغیره أحیانا ، لا أنّ الاستظهار مستحب.

وإن أراد : لو لم تزل فی الواقع وجب ، علمنا أو لم نعلم ، ففیه ما فیه.

وإن أراد : لو علمنا أنّها لا تزال إلاّ به وجب ، وأنّ الوجوب منحصر فیه ، ومع احتمال الزوال والشکّ فیه یکون الثوب طاهرا إلاّ أن یعلم بقاء العین ، فهذا أیضا فاسد ، لأنّه من المسلّمات عند الفقهاء وعند الشارح أیضا أنّ النجاسة ثابتة شرعا ، فلا بدّ من الحکم بزوالها شرعا ، فمجرّد احتمال الزوال کیف یکفی؟!

وإن أراد أنّه یکفی الظنّ ف - مع عدم ظهور ذلک من عبارته - الکلام فی حجّیة هذا الظنّ واعتباره ، فلا بدّ من الإتیان بالدلیل الدال علیه حتی ینظر إلیه وإلی تمامیته ، إلاّ أن یرید منه العمومات والإطلاقات الواردة فی الغسل ، لکن لا بدّ من التأمّل فی أنّها هل تکون شاملة لصورة لم یتحقّق اطمئنان فی زوال عین النجاسة ، واحتمال بقائها بعد موجود؟ سیّما بعد ملاحظة الأدلة الدالة علی وجوب التنزّه عن النجاسة والاحتراز عنه مطلقا. مضافا إلی الاستصحاب ، وقوله : « لا تنقض الیقین إلاّ بیقین مثله » (1) فتأمّل.

ص: 230


1- الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.

قوله : « اغسل ما أصاب ». ( 2 : 329 ).

نظره فی استدلاله إلی قوله علیه السلام : « اغسل ما أصاب منه » الظاهر فی وجوب غسل جمیع ما أصاب ، وغسل الجمیع لا یتأتّی إلاّ بإیصال الماء إلیه ، وإخراج عین النجاسة عنه ، ولا یتأتّی ذلک إلاّ بالدقّ والتغمیز ، فتأمّل.

قوله : وهو مشکل. ( 2 : 330 ).

قد مضی الکلام فیه وأنّه لا إشکال ، ونقلنا الأقوال فی الغسالة وأدلتهم (1).

قوله : وما جری هذا المجری لا یطهر. ( 2 : 331 ).

الظاهر أنّ هذه فی صورة سریان النجاسة فی أعماقها ، وإلاّ فعند الأصحاب لا تسری النجاسة فی الشی ء الرطب بمجرّد وصولها إلیه ، فیکون صبّ الماء کافیا فی التطهیر عندهم. وأمّا مع سریان النجاسة فی العمق فبمجرّد ملاقاة الماء مع عدم خروج النجاسة کیف یمکن الحکم بالتطهیر؟ والرطوبة الکامنة فیها لا تدع أن یدخل الماء فی العمق حتی یلاقی النجاسة ویذیبها ویغسلها ویزیلها ، إلاّ أن یکون مفروض الشارح : إذا کانت الأمور المذکورة یابسة وتترک فی الماء حتی یدخل الماء فی عمقها ، أو رطبة أیضا وتترک حتی یحصل العلم بالدخول فی الأجزاء تماما والسریان فیها ، وأنّه یکفی حینئذ خروج الغسالة بجفاف من الشمس ، وإن کان عین النجاسة موجودة فی الغسالة ، لأنّها یخرج مع الغسالة بمجرّد الجفاف.

والأصحاب لم یظهر منهم أنّهم حکموا بطهارة ما بقی بعد الدقّ

حکم الصابون وأمثاله إذا تنجس

ص: 231


1- انظر ج 1 : 186 - 188.

والتغمیز ، وإن کان عین النجاسة موجودة فیه ، بل الذی یظهر منهم أنّ المحکوم بطهارته حینئذ هو الغسالة الخالیة عن عین النجاسة ، بأن یکون من الغسلة الثانیة أو الأولی ، بعد زوال عین النجاسة.

والحاصل أنّ فی صورة عدم سریان النجاسة فی العمق أصلا وتنجّس السطح الظاهر لا یحتاج إلی إدخال الماء أصلا ، ویکفی الصبّ البتّة ، والغسالة تنفصل من دون توقّف علی عصر أصلا ، ولا حاجة إلی غمز مطلقا. ولیس کلام الأصحاب فی مثله البتّة.

وفی صورة سریان النجاسة وبکونها فی الداخل إن کان رطبا ، فلا بدّ من خروج هذه الرطوبة النجسة ، لأنّها إمّا نجس العین أو متنجسة منه ، وعلی الأوّل : کیف یطهر نجس العین بمجرّد ملاقاة الماء؟ فإنّ نجس العین لا یصیر طاهرا بنفسه إلاّ بالاستحالة أو الانتقال ، بل لو تغیّر الماء منه ینجس ، فکیف یطهّره الماء؟ سیّما بمجرّد الملاقاة.

وبالجملة : نجس العین لا شبهة فی عدم قبوله للطهارة.

وأمّا المتنجس : فمع الرطوبة لا تدع الماء ینفذ فیه ، وعلی تقدیر النفوذ فلا یکفی النفوذ فی الجملة ، بل لا بدّ من الوصول إلی جمیع الأجزاء ، مع بقائه علی الإطلاق ، وعدم صیرورته ماء مضافا حال سریانه فی الأعماق ونفوذه فیها ، وهذا أیضا لا یکفی ، بل لا بدّ من العلم به أو الظنّ المعتبر شرعا ، لأنّ النجاسة ثابتة ، فلا یحکم بالطهارة بمجرّد الاحتمال ، ولا یحصل العلم إلاّ فی صورة اضمحلال جمیع الأجزاء وتفشّیها فی الماء ، وعدم الخروج عن کونه ماء مطلقا.

وأمّا إذا کانت یابسة وغسلت فی القلیل بمعنی أنّها ترکت فیه إلی أن حصل العلم بوصول الماء المطلق بجمیع الأجزاء ، مع بقائه علی إطلاقه ،

ص: 232

فإن قلنا بعدم انفعال الغسالة أمکن الحکم بطهارتها ، وإن قلنا بانفعالها بمجرّد الملاقاة - کما هو المشهور - فکیف یمکن الحکم بطهارتها وطهارة الغسالة مطلقا؟ ( وکیف یجتمع الحکم بنجاسة الغسالة بمجرّد الملاقاة مع الحکم بطهارة الغسالة مطلقا؟ ) (1) فإنّهما متضادّان لا یجتمعان أبدا ، إلاّ أن یکون مراده رحمه الله أنّ الطهارة یحصل بعد جفافها وذهاب الغسالة بالجفاف ، وغیر خفی أنّهم متفقون علی عدم الطهارة من جهة الجفاف ، وظهر وجهه فی الجملة.

وممّا ذکر ظهر أنّ الحرج والضرر غیر لازمین ، لأنّه علی فرض السرایة فی الأعماق والیبوسة بعدها ، وکون الساری هو المتنجّس خاصّة ، وعدم إمکان عصر وإخراج الغسالة إلاّ بالتجفیف ، وعدم التمکن من الجاری أو الکرّ. وعدم تیسّرهما فی غایة الندرة. مع أنّه لو تمّ ما ذکره رحمه الله لزم الحکم بطهارة الساری الذی هو نجس العین ، وغیر ذلک من الفروض التی لا یرضی به الشارح.

والقول بأن ذلک خرج بالدلیل - لأنّ الحرج والضرر غیر عزیزین بعد اقتضاء الدلیل الشرعی - یوجب القول بمثله فی ما نحن فیه ، لما عرفت من أنّ کلامهم مبنی علی القول بانفعال الغسالة مطلقا ، وغیر ذلک ، فتأمّل.

قوله : مع العلم بوصول الماء. ( 2 : 332 ).

هذا العلم لا یکفی ، بل لا بدّ من العلم ببقاء ذلک الماء الواصل إلی کل جزء علی إطلاقه ، وعدم خروجه عن الإطلاق ، وعدم صیرورته مضافا.

قوله : لانتفاء العموم. ( 2 : 332 ).

عدم وجوب العصر فی بول الصبی

ص: 233


1- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « ب ».

فیه ما مرّ فی بحث نجاسة البول.

قوله : وثانیا بالحمل علی الاستحباب. ( 2 : 333 ).

ویمکن حمله علی العصر المتعارف الذی یرتکبونه فی غسل الثوب ، والمراد أن ذلک یفعل بعد الصبّ من دون حاجة إلی الغسل ، فتأمّل. ومرّ الکلام فیه فی بحث عصر الثیاب فی غسلها (1).

والفرق بین الغسل والصبّ أنّ العصر معتبر فی الغسل ، إمّا فی ماهیته أو فی إخراج عین النجاسة أو الغسالة المتنجّسة ، بخلاف الصبّ ، فإنّه یکفی للتطهیر ، أمّا لو لم یکن العین موجودة - مثل أن یکون البول یابسا ، والثوب جافّا ، أو أزیلت العین بمزیل غیر الماء - فظاهر ، وأمّا مع بقائها وتوقّف إخراجها علی الماء فالمطهّر هو الصبّ بشرط عدم العین.

وإخراجها کیف کان وبأی نحو یکون یکفی بعد ما تحقّق المطهّر.

وأمّا علی احتمال احتمله الشارح فملاقاة الماء نجس العین یطهّر ذلک النجس العین أیضا ویصیر طاهرا ، ومرّ الکلام فیه (2) ، فتأمّل.

قوله : وهو بعید. ( 2 : 333 ).

لا تأمّل عندهم فی البعد ، إلاّ أنّ الأصحاب لمّا عملوا بروایة السکونی المتضمّنة للأمر بغسل بول الجاریة (3) ، وغیرها من العمومات ارتکبوا هذا التوجیه فی هذا الخبر.

نعم روایة السکونی تضمّنت الأمر بغسل لبن الجاریة أیضا ،

ص: 234


1- راجع ص 223 - 225.
2- راجع ص 225 - 226.
3- الفقیه 1 : 40 / 157 ، التهذیب 1 : 250 / 718 ، الوسائل 3 : 398 أبواب النجاسات ب 3 ح 4.

والمشهور لا یقولون به ، والعمومات لا تقاوم الخاص ، لکن الشأن فی مقاومة مثل هذا الخاص لها وتقدیمه علیها ، بعد وقوع الشهرة العظیمة علی خلافه ، وکون الخاص من الحسان ، فتأمّل. والاحتیاط واضح. ولعل مستند المشهور الروایة التی رویناها عن کشف الغمة ، وذکرناها فی بحث نجاسة بول الصبی (1).

وفی الفقه الرضوی : « وإن أصابک بول فی ثوبک فاغسله بماء جار مرّة ومن ماء راکد مرّتین ، ثم أعصره ، وإن کان بول الغلام الرضیع فتصب علیه الماء صبّا ، وإن کان قد أکل الطعام فاغسله ، والغلام والجاریة سواء » ثم نقل الحدیث عن علی علیه السلام : لبن الجاریة وبولها یغسل منهما الثوب دون الغلام (2) ، فتأمّل.

قوله : ویشکل بأنّ تعیّن النجاسة. ( 2 : 334 ).

لا یخفی أنّ المستدل قال : لا بدّ من الیقین بالزوال ، لا زوال الیقین ، حتی تورد علیه بما ذکرت ، فإنّ کان ما ذکره تماما فلا وجه لهذا الإیراد أصلا ، وإلاّ فلا بدّ من مطالبته بالإتمام ، لا أن تورد علیه بذلک. وغیر خفی أنّ مراده من الیقین الیقین الشرعی. وغیر خفی أنّ النجاسة یثبت شرعا ، فلا بدّ لزوالها والحکم بالطهارة من دلیل شرعی ، والمتحقّق إنّما هو فی صورة غسل الجمیع لا البعض.

ولا یخفی أنّ النجاسة بمحض احتمال الزوال لا یحکم بالزوال إجماعا ، واستصحابا للحالة السابقة ، وللعموم والإطلاق الواردین فی المنع

لزوم غسل أطراف الشبهة المحصورة

ص: 235


1- راجع ص 165.
2- فقه الرضا علیه السلام : 95 ، المستدرک 2 : 553 أبواب النجاسات ب 1 ح 1 وب 2 ح 1.

والحکم بالنجاسة ، ولقوله علیه السلام : « لا تنقض الیقین إلاّ بیقین مثله » (1) ، والظاهر أنّ الاستصحاب فی موضوع الحکم لیس محلاّ للخلاف ، ولو وقع خلاف ففی غایة الوهن والضعف ، إنّما النزاع فی نفس الحکم ، فلیتأمّل.

قوله (2) : نعم لو قیل باختصاص. ( 2 : 336 ).

جمیع ما ذکر کان موجودا فی الثوب أیضا سوی عدم صحة سند المتضمّن مرّتین ، لکنه حسن ، وکثیرا ما یحتجّ بالحسن فقط (3) ، ومع ذلک حسن معمول به ، ومع ذلک عدم القول بالفصل یقتضی العمل بالحسن ، وکثیرا ما یتمسّک بعدم القول بالفصل وإن لم یرد روایة أصلا (4) ، فما ظنّک بما إذا ورد حدیث حسن ، سیّما مثل ذلک الحسن.

قوله : وإنّما استفید نجاستها من أحد أمرین. ( 2 : 338 ).

هذا الحصر محلّ تأمّل ، إذ ربما یثبت بأمر آخر ، مثل الحکم بإعادة الصلاة ، وصبّ الماء وغیر ذلک.

قوله : لضعف التمسک به. ( 2 : 338 ).

الاستصحاب حجّة ، کما بیّناه فی رسالة الاستصحاب (5) ، وأشرنا إلیه فی مسألة عدم طهارة الماء المتغیر بالنجاسة بمجرّد زوالها (6) ، ومرّ عن الشارح رحمه الله التمسّک بقولهم : « لا تنقض الیقین بالشک أبدا » فی مواضع

اعتبار التعدد فی غسل الثوب من البول

ص: 236


1- الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- انظر المدارک 5 : 51 ، 268 ، 269 ، 270 ، 271.
4- انظر المدارک 2 : 259 ، 6 : 313 ، 319.
5- الرسائل الأصولیة : 423.
6- راجع ج 1 : 90 - 92.

متعدّدة ، منها فی المسألة السابقة (1) ، مع أنّ النجاسة إذا تحقّقت فالحکم بأنّ زوالها وحصول الطهارة منها یحتاج إلی دلیل شرعی ، لعله لیس محلّ ( نزاع فقیه ) (2).

قوله : إنّما یتمشّی فی الحکم المطلق لا المقید. ( 2 : 338 ).

قبل تحقّق الغسل کان الحکم بالنجاسة قطعیا ، أی وجوب التجنّب من حیث هو هو ، وهو مستصحب - علی القول به - حتی یثبت خلافه شرعا ، وهذا یکفی فی الاستصحاب ، بل الاستصحاب قلّما یحتاج إلیه فی الحکم المطلق الذی ذکرت إلاّ علی الطریقة التی ذکرت من أنّ الاستصحاب یرجع إلی الإطلاق والعموم ، فتدبّر.

قوله : فإن غسلته بماء جار فمرّة واحدة. ( 2 : 339 ).

ظاهر هذا کونه مرّتین فی غیر الجاری ، لمفهوم الشرط ، إلاّ أن یقال بعدم العموم فی المفهوم ، أو أنّ الراکد الکثیر کان نادرا ، والإطلاق ینصرف إلی المتعارف ، ولذا حکم بأنّ الظاهر من الأخبار المتضمّنة للمرّتین کونه فی القلیل ، فتأمّل.

قوله : قال : وعلیه إجماع العلماء. ( 2 : 340 ).

ویدل علیه أیضا أنّ النجس إنّما هو الدم مثلا لا لونه أو رائحته ، لعدم صدق الدم علیهما لغة وعرفا ، بل یصدق علیهما لون الدم ورائحته ، وهذان غیر نفس الدم الذی هو النجس وإن قلنا بعدم انتقال العرض فی مثل ما

عدم وجوب إزالة اللون والرائحة

ص: 237


1- انظر المدارک 2 : 336.
2- بدل ما بین القوسین فی « ج » و « د » : النزاع فیه.

نحن فیه أیضا وبقاء الأجزاء الجوهریة ، لعدم صدق الدم علیها (1) ، والمناط فی الشرع هو الصدق اللغوی والعرفی لا الضابطة الحکمیّة ، سیّما وأن لا تکون ثابتة ، فتأمّل.

قوله : وهو مشکل لقبح تکلیف الغافل. ( 2 : 344 ).

فیه - مضافا إلی ما ستعرف - : أنّ المکلف به إن کان هو الصلاة التی لا یعلم المکلف بها أنّه نجس جسده وثوبه وأنّ شرط صحتها عدم علم المکلف أنّه نجس ثوبا أو جسدا وأنّه إن علم النجاسة یکون مکلفا بالإزالة خاصّة ، فصلاة هذا المکلف صحیحة ، لأنّه لا یعلم أنّه نجس ، فصلاته صحیحة ، لأنّه صلّی صلاة مأمورا بها ، والامتثال یقتضی الإجزاء ، ولا حاجة إلی الإعادة ولا القضاء ، کما سیذکر فی الناسی وجاهل نفس النجاسة.

وإن کان الصلاة التی شرط صحتها أن لا یکون بدنه وثوبه نجسا فی الواقع ، ففیه : أنّه مناف لما سیصرّح به فی الناسی والجاهل من أنّه صلّی صلاة مأمورا بها (2).

ومع ذلک إذا ترک الصلاة مطلقا مع علمه بأنّ الله تعالی کلفه بها وعلمه بسائر شرائطها مضافا إلی علمه بواجباتها تماما هل هو معاقب عندک أم لیس بمعاقب فی ترکه جمیع صلواته أصلا؟ فعلی الأوّل یکون مکلفا قطعا ، لأنّ العقاب فرع التکلیف ، مع أنّه عندک غیر مکلف أصلا بالصلاة! وعلی الثانی نقول : لا شک عند العقلاء فی أنّ مثل هذا الشخص عاص معاند ، لأنّه یجزم بأنّه واجب علیه من الله تعالی صلوات کثیرة ، وأنّها کیت وکیت ، وأنّه یمکنه إتیانها بلا مشقة ، ومع ذلک یبنی أمره علی عدم الإطاعة

حکم من أخلّ بإزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه فصلّی

ص: 238


1- فی « أ » و « و» : علیهما.
2- انظر المدارک 2 : 349.

أصلا ورأسا.

وأیضا إذا کان العلم شرطا للتکلیف عندک فمع عدم العلم لا یکون مکلفا أصلا إلی حین العلم ، فلا معنی لقوله : لعدم حصول الامتثال المقتضی لبقاء المکلف تحت العهدة ، إذ لا تکلیف ، فلا امتثال ، ولا عهدة ، ولا بقاء تحت العهدة أصلا ، بل فی وقت العلم یتعلق به التکلیف الآن ، کما لو بلغ الصبی وأفاق المجنون ، بل ولا قضاء أیضا ، لأنّ القضاء تدارک ما فات ، وان قلنا بأنّه فرض مستأنف ، فتأمّل.

قوله (1) : فإن ثبت مطلقا أو فی بعض الصور ، ثبت الوجوب ، وإلاّ فلا. ( 2 : 344 ).

سیجی ء عن الشارح رحمه الله حکمه بالثبوت مطلقا.

قوله : لأنّ تکلیف الجاهل بما هو جاهل به تکلیف بما لا یطاق. ( 2 : 345 ).

إذا کان قادرا علی تحصیل العلم والمعرفة کیف یکون تکلیفا بما لا یطاق؟!

فإن قلت : هو غافل ، وتکلیف الغافل قبیح.

قلت : کیف یکون غافلا؟ مع أنّه معلوم بالضرورة من الدین بعنوان الإجمال أنّ فی الدین أحکاما کثیرة بالنسبة إلی أمّة النبی صلی الله علیه و آله ، وأنّ رسول الله فی هذه الأحکام مأمور بإبلاغها ، وأنّا أمّه النبی صلی الله علیه و آله ، بل وعلمنا أنّه یجب تعلّمها والتشرّع بها کالأمم السابقة بالنسبة إلی أحکامهم وشرعهم ، ففی الحقیقة هو عالم بها إجمالا من وجوه متعدّدة :

ص: 239


1- هذه الحاشیة لیست فی « ج » و « د ».

الأوّل : انّه یعلم أنّه من أمة النبی صلی الله علیه و آله ، ولا یکون نبی عادة بغیر شریعة.

الثانی : یعلم بالضرورة من الدین وجود تکالیف وبقاءها.

والثالث : یعلم بالضرورة خصوص الصلاة والصوم وأمثالهما ، وإن لم یکن تفصیلا ، ومتمکّن من التفصیل ، ومسامح فیه ، ومقصّر ، وتارک لما یعلمه إجمالا.

علی أنّه علی تقدیر التسلیم فمثل هذا التکلیف لا یکون محالا ، لأنّ المکلف هو بنفسه جعله محالا علی نفسه ، فتأمّل.

علی أنّه علی ما ذکره ربما یکون الصرفة بالنسبة إلی المکلفین عدم إطاعة الشارع مطلقا بان لا یتعلّموا مسائل دینهم أصلا حتی لا یکون علیهم تکلیف إلاّ تکلیف واحد ، وهو تکلیف البحث إذا علم وجوبه ، إذ الغالب فی المکلفین عدم خروجهم عن عهدة التکالیف ، وبحسب العادة یأثمون کثیرا ، والناجون من الرجال قلیلون ، ومن النساء أقل وأقل.

علی أنّه لو تمّ ما ذکره لزم أن لا یکون الکفار مکلفین بالفروع علی ما ذهب إلیه بعض العامة (1) ، وشنّع علیه باقی العامة وجمیع الخاصّة ، والخاصّة مطبقون علی تکلیفهم بها.

وأیضا لیس حال هذا المکلف إلاّ حال عبد أعطاه سیده طومارا ملفوفا وقال : أمرتک فیه بأوامر لو ترکتها أو ترکت واحدا منها لعاقبتک ، وکذلک نهیتک عن أمور. ولا یفتح العبد الطومار ولا یعتنی بشأنه أصلا ، استنادا إلی أنّی جاهل بما فی الطومار ، وتکلیف الجاهل قبیح ، بل وإنّه

ص: 240


1- بدائع الصنائع 2 : 5 و 69.

تکلیف بما لا یطاق ، ویقول أعصی عصیانا واحدا وأخلّص نفسی عن التکالیف الکثیرة والمتاعب الوافرة ، وجهاد النفس فی کل ساعة ودقیقة ، ومن العقوبات التی لا تعدّ ولا تحصی ، وجلّ الناس مبتلون بها ، إذ بعد ملاحظة النفس ومراقبتها ومحاسبتها بالحذاقة التامة یظهر علیه أنّه فی کل دقیقة مرتکب لموبقة إلاّ من عصمه الله تعالی.

مع أنّه لا شک فی أنّ إرسال الرسل لتکمیل النفوس الأمّارة ، وتخلیصها عن الهلکات الردیة والشقاوة الأبدیة ، وتحصیل السعادة السرمدیة ، ورفعها عن رتبة البهیمیة والشیطانیة ، ولذا یجب وجود الحجّة من الله تعالی فی کل زمان وساعة ودقیقة ، وکان الحجج یتعبون فی الإبلاغ ویسعون غایة السعی ، حتی أنّهم کانوا یقتلون ویقتلون ویأسرون ویؤسرون ، کما فعل بالحسین علیه السلام وغیره ، وکان یحصل بذلک الفتن وخراب البلاد وهلاک العباد وغیر ذلک ، بل لا شبهة فی أنّ خلق الإنسان للعبادة والطاعة ، بل الدنیا جمیعها مخلوقة لحصول المعرفة والعبادة. مع أنّ الحسن والقبح عندنا [ عقلیان أو ذاتیان ] (1) فتأمّل.

قوله : لا بترک ذلک المجهول. ( 2 : 345 ).

إن کان جاهلا بأنّ الله أوجب علیه شیئا وأنّه یطلب منه شی ء فکیف یتأتّی منه البحث والفحص؟ لأنّ طلب المجهول مطلقا محال ، وتکلیف الغافل بالبحث عمّا هو غافل عنه محال. وإن علم أنّه یطلب منه شی ء وأوجب الله علیه أمرا وتیسّر له معرفته أو تحصیله فکیف یعدّه غافلا وتکلیفه تکلیف الغافل؟!

ص: 241


1- بدل ما بین المعقوفین فی « أ » و « و» : عقلیین أو ذاتیة ، وفی « ب » و « ج » و « د » : عقلیة أو ذاتیة ، والأنسب ما أثبتناه.

وهذا عجیب ، فتأمّل.

قوله : وابن إدریس. ( 2 : 345 ).

والعلاّمة فی قواعده (1).

قوله : وهذه الروایة مع صحة سندها. ( 2 : 345 ).

حملها الشیخ علی الشذوذ (2) ، ولعل وجهه ما سنشیر إلیه فی الحاشیة الآتیة ، ولعله لما ذکره الشیخ ذکر المحقق : أنّها حسنة (3) ، فتأمّل.

قوله : والأصول تطابقها. ( 2 : 346 ).

لم نجد الأصول ، بل الأصل عدم الصحة وعدم الخروج عن العهدة ، والأخبار الدالة علی وجوب الإعادة من الکثرة بمکان ، وکذا جلّها صحیحة ومعتبرة ، مع أنّ الضعیفة مطابقة لفتوی الأصحاب ، مضافا إلی الإجماع ، والإطلاقات الواردة فی وجوب غسل النجاسة للصلاة.

وغفران الخطأ والنسیان لیس دلیلا علی صحة الفعل ، کما أنّ من نسی عن فعل نفس الصلاة أو رکعاتها أو أرکانها أو شرائطها أو غیر ذلک فإنّ نسیانه لا مؤاخذة فیه ، لا أنّ صلاته صحیحة ، أو أنّه تعالی لا یرید منه ما أوجب علیه. وأمّا أنّه صلّی صلاة مأمورا بها فهو مصادرة ، إذ کونها مأمورا بها لا دلیل علیه سوی ما ذکره.

نعم ورد روایات آخر دالة علی عدم وجوب الإعادة ، منها : صحیحة علی بن جعفر ، وسنذکرها عند قول المصنّف : ولو رأی النجاسة وهو فی الصلاة.

ص: 242


1- قواعد الأحکام 1 : 8.
2- التهذیب 2 : 360.
3- المعتبر 1 : 441.

ومنها حسنة المثنی الحناط ، عن عمرو بن أبی نصر ، عن الصادق علیه السلام أنّه قال له : إنّی صلّیت فذکرت أنّی لم أغسل ذکری بعد ما صلّیت ، أفأعید؟ قال : « لا » (1).

وفی الموثق عن عمار بن موسی عن الصادق علیه السلام یقول : « لو أنّ رجلا نسی أن یستنجی من الغائط حتی یصلّی لم یعد الصلاة » (2) ، وورد فی الضعیف بأحمد بن هلال (3) أیضا ، إلاّ أن یقال بالفرق بین ترک الاستنجاء وغسل النجاسة ، لکن عند المشهور لیس فرق ، إلاّ أنّ الأخبار الدالة علی وجوب الإعادة أکثر ممّا ذکر بمراتب ، وحمل هذه الأخبار علی محامل (4).

قوله : أن تعید الصلوات التی کنت صلّیتهن بذلک الوضوء. ( 2 : 347 ).

لعل الباء سببیة ، والظرف متعلق بقوله : « تعید الصلوات » ، أو بقوله : « حقیقا » ، والمراد أنّه یجب إعادة الصلاة ما کان فی وقتها وما خرج وقتها معا بسبب ذلک الوضوء بعینه ، أی من غیر مدخلیة نجاسة ثوبه الذی تنجّس من التمسّح بالدهن ، وکذا بدنه ، لأنّه حکمه حکم الثوب ، ولذا فی الغالب فی بحث النجاسات لا یذکرون سوی الثوب ، وإن کان المقام فی غایة الخصوصیة لذکر البدن ، فکأنّ الأصل فی الاعتبار هو الثوب ، والبدن حاله حال الثوب ، ومتفرّع حکمه علیه ، ویظهر ذلک من تتبّع الأخبار فی

ص: 243


1- التهذیب 1 : 51 / 148 ، الوسائل 1 : 295 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 6.
2- التهذیب 1 : 49 / 143 ، الوسائل 1 : 318 أبواب أحکام الخلوة ب 10 ح 3.
3- التهذیب 1 : 48 / 140 ، الوسائل 1 : 317 أبواب أحکام الخلوة ب 10 ح 2.
4- انظر التهذیب 1 : 48 ، 49 ، 51 ، وملاذ الأخیار 1 : 214.

هذا المبحث فالمراد : أنّ إشکالک من جهة الثوب النجس والوضوء ، أعنی الحدث والخبث ، فعلیک إعادة جمیع ما کان فی الوقت وما فات وقتها من جهة الحدث لا الخبث ، فلا إعادة علیک من قبل أنّ ثوبک نجس ، فإنّ الثوب النجس لا یعید الصلاة من قبله إلاّ ما کان فی وقت ، فقوله : « وما فات وقتها » عطف علی ما تقدم لا استیناف کلام ، وقوله : « لا إعادة علیک » ابتداء کلام وتفریع علی ما تقدّم ، أی فلا إعادة علیک من قبل أنّ الرجل إذا کان ثوبه نجسا لم یعد الصلاة إلاّ ما کان فی وقت ، والحاصل : أنّ الراوی ما کان علیه إعادة الصلاة من جهة النجاسة ، لأنّ الظاهر من القرینة الحاصلة من جواب المعصوم علیه السلام أنّ التفطّن بالمفسدة کان بعد خروج وقت الصلاة ، فالإعادة علیه من جهة الوضوء.

ویمکن أن یکون المراد من جهة ذلک الوضوء بعینه ، لأنّ الظاهر من حال الراوی أنّه بعد ما تفطّن ، طهّر مواضع الطهارة وغیّر ثوبه ، وإشکاله کان من جهة الصلاة الفائتة.

ویمکن أن یکون المراد بذلک الوضوء أی بهذا النحو من الوضوء ، فیکون الإشارة إلی نوعه ، یعنی : ما کان من الصلوات بهذا النحو ، من الوضوء تجب إعادته ، لا بغیر هذا النحو ، مثل أن صار جنبا فاغتسل ، أو اتفق أنّه غسل أعضاءه من جهة غسل آخر أو جهة أخری ، فإنّ الوضوء الذی یکون بعد هذا صحیح لا تعاد الصلاة من جهته ، وأمّا الثوب وإن لم یتغیّر لا یحتاج إلی الإعادة إلاّ ما کان فی وقت.

ویمکن أن یکون قوله علیه السلام : « من قبل » ظرفا محذوف الإضافة ، أی من قبل أن یتحقّق ویجزم به ، فیکون هذا مرتبطا بما تقدم ، أی ما توهمت لیس بشی ء إلاّ أن یتحقّق ویحصل لک الیقین به ، فقبل التحقّق لا إعادة

ص: 244

علیک أصلا ، وبعده تعید ما کان فی الوقت وخارجه ما کان بذلک الوضوء بعینه ، أی بنحوه بعینه ، کما ذکرنا ، أو بذلک الوضوء الذی تحقّق علی سبیل القطع بأنّ موضعه نجس ، لا الوضوء الذی توهم کون موضعه نجسا.

وقوله علیه السلام : « إنّ الرجل. » علی هذا ابتداء کلام وتحقیق فی الفرق بین الثوب والجسد ، وتعلیل للحکم السابق ، وتأکید له ، فتأمّل.

قوله (1) : « بذلک الوضوء بعینه ». ( 2 : 347 ).

تأکید لدفع توهم الوضوء الذی توهم نجاسة موضعه.

قوله : « من قبل إنّ الرجل ». ( 2 : 347 ).

أی من قبل أن تکون تحقّقت ، و « إنّ الرجل » ابتداء کلام وتحقیق.

قوله : لأنّ الأمر یقتضی الإجزاء. ( 2 : 349 ).

فیه ما عرفت فی مسألة جاهل العلم بحکم النجاسة ، وأنّه أیّ فرق بین هذا الجهل وذلک عند الشارح ، حیث حکم فی ذلک بما حکم وقال هنا بما قال؟

ویمکن أن یقال أیضا علی طریقة الشارح : إنّ الأصل براءة الذمّة عن التکلیف ، غایة ما یثبت من الإجماع والأخبار عدم جواز الصلاة مع العلم بالنجاسة وعدم صحتها حینئذ ، وأمّا مع الجهل فلا دلیل ، لکن هذا بناء علی کون الصلاة اسما لمجرّد الأرکان ، وأمّا علی القول بأنّها اسم للصحیحة فلا ، إذ شغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة ، إلاّ أن یقال بجریان الأصل فی العبادات ، فتأمّل.

قوله : لو غسلته لأزلت النجاسة فلم یکن علیک إعادة. ( 2 : 350 ).

عدم وجوب الإعادة والقضاء مع الجهل بالنجاسة حتّی فرغ من صلاته

ص: 245


1- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

لعله لا یخلو عن بعد ، لکن یمکن أن تکون المسألة خارجة عمّا نحن فیه ، لأنّ المصلّی کان عالما بالنجاسة قطعا ، لکن کان ظنّه أنّها زالت ، ومقتضی الاستصحاب تحصیل الیقین بالزوال ، أو الظنّ الذی یکون حجّة شرعا ، والظاهر أنّ الجاریة سامحت فی الإزالة ، والمصلّی أیضا سامح حیث لم یلاحظ أنّها زالت بغسلها أم لا ، وصلّی مع هاتین المسامحتین ، وفی الروایة : ثم یوجد وهو یابس ، ومثل ذلک (1) یکون مبرءا للذمّة عند جمیع القائلین بعدم إعادة الجاهل بالنجاسة یحتاج إلی الثبوت والظهور ، فتأمّل.

ویمکن الاستدلال للشهید بما رواه الشیخ رحمه الله عن میمون الصیقل ، عن الصادق علیه السلام ، عن الرجل أصابته جنابة فی اللیل فاغتسل ، فلمّا أصبح نظر فإذا فی ثوبه جنابة ، فقال : « الحمد لله الذی لم یدع شیئا إلاّ وله حدّ ، إن کان حین قام نظر فلم یر شیئا فلا إعادة علیه ، وإن کان حین قام لم ینظر فعلیه الإعادة » (2).

ویؤیّده أنّ الأخبار الدالة علی عدم الإعادة علی الجاهل شمولها لما نحن فیه - وهو ما إذا تحقق أمارة موجبة لاحتمال الوقوع وتحقق مسامحة مّا ومساهلة - ربما یکون محلّ مناقشة.

قوله : ولا یبعد أن یکون لا یعید إذا لم یکن علم. ( 2 : 350 ).

أو یکون استفهاما إنکاریا بملاحظة قوله : إذا لم یکن علم ، فتأمّل.

نعم روی بسنده عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام أنّه سأله عن رجل صلّی وفی ثوبه بول أو جنابة ، فقال : « علم به أو لم یعلم فعلیه إعادة الصلاة إذا علم » (3) ، لکنها لا تقاوم أصلا ما دل علی عدم الوجوب ، فالحمل فیها

ص: 246


1- فی « و» زیادة : لا.
2- التهذیب 2 : 202 / 791 ، الوسائل 3 : 478 أبواب النجاسات ب 41 ح 3.
3- التهذیب 2 : 202 / 792 ، الوسائل 3 : 476 أبواب النجاسات ب 40 ح 9.

متعین إمّا علی الاستحباب ، أو علی العلم وعدم العلم حال الصلاة لا قبلها.

قوله : قال فی المعتبر : وعلی قول الشیخ الثانی یستأنف. ( 2 : 351 ).

یظهر من هذا أنّه لو کان ناسی النجاسة وتذکّر فی أثناء الصلاة یکون علیه الإعادة عندهم ، ویدل علیه ما رواه الشیخ فی الصحیح عن علی بن جعفر ، عن الکاظم علیه السلام ، عن رجل ذکر وهو فی صلاته أنّه لم یستنج من الخلاء ، قال : « ینصرف ویستنجی ویعید الصلاة ، وإن ذکر وقد فرغ من صلاته أجزأته ذلک ولا إعادة علیه » (1).

وفی الموثق عن سماعة ، عن الصادق علیه السلام ، عن الرجل یری بثوبه الدم فینسی أن یغسله حتی یصلّی ، قال : « یعید صلاته کی یهتمّ بالشی ء إذا کان فی ثوبه عقوبة لنسیانه » (2). والمنصوص العلة حجّة.

ویدل علیه بعض الإطلاقات فی الأمر بالإعادة الشامل لما رأی فی الصلاة وبعدها. علی أنّه إذا کان جاهلا وعلم فی الأثناء تجب علیه الإعادة بالنصوص الصحیحة الخالیة عن المعارض ، ففی صورة النسیان بطریق أولی. بل یجیئان فی صورة وقوع النجاسة.

قوله (3) : ویشکل بمنع الملازمة. ( 2 : 351 ).

لا یخفی ما فیه ، لأنّه نقل آنفا أنّ الشیخ فی المبسوط احتجّ علی قوله بإعادة الجاهل بأنّه لو علم بالنجاسة فی أثناء الصلاة وجب علیه الإعادة ، وکذا إذا علم فی الوقت بعد الفراغ ، فالشیخ مصرّح بالملازمة ، بل جعل

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع العلم بسبقها

ص: 247


1- التهذیب 1 : 50 / 145 ، الوسائل 1 : 318 أبواب النجاسات ب 10 ح 4.
2- التهذیب 1 : 254 / 738 ، الوسائل 3 : 480 أبواب النجاسات ب 42 ح 5.
3- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « أ » و « و».

وجوب الإعادة علی العالم فی الأثناء أصلا مسلّما مفروغا عنه ، وفرّع علیه وجوب الإعادة فی الوقت علی الجاهل العالم بعد الفراغ.

قوله : وبأنّ الشیخ قطع فی المبسوط. مع حکمه فیه بإعادة الجاهل فی الوقت. ( 2 : 351 ).

قد عرفت أنّه صرّح فی المبسوط بوجوب الإعادة علی الجاهل بالنجاسة العالم بها فی أثناء الصلاة بحیث کونه مسلما مفروغا عنه لا تأمّل فیه ، وجعل ذلک علة لوجوب الإعادة علی الجاهل العالم بعد الفراغ فی الوقت ، فکیف یجتمع هذا مع ما صرّح به؟ فیجوز أن یکون مراده ممّا ذکر هنا وجوبه علی غیر الجاهل الذی علم النجاسة فی أثناء الصلاة من دون علم بسبقها ، إذ الأصل عدم السبق وعدم النجاسة إلاّ القدر الذی علم.

قوله : ومقتضی هاتین الروایتین وجوب المضی فی الصلاة. ( 2 : 352 ).

لیس فی الروایتین دلالة واضحة علی ما ذکره بحیث تقاوم الروایتین الأوّلتین ، سیّما مع کون مدلولهما لم یعلم أنّ أحدا قال به ، وسیجی ء عن الشارح فی المسألة الثانیة أنّه یقول : إلاّ أنّی لا أعلم قائلا به. أمّا عدم وضوح الدلالة فإنّ فیها تتمّة حیث قال : « لا إعادة علیک ما لم یزد علی مقدار الدرهم ، وما کان أقلّ من ذلک فلیس بشی ء ، رأیته أو لم تره ، وإذا رأیته وهو أکثر من درهم فضیّعت غسله وصلّیت فیه صلاة کثیرة ، فأعد ما صلّیت فیه » (1) هکذا فی الکافی ، وهو أمتن وأصحّ ممّا فی التهذیب والاستبصار ، مع أنّ الذی فیهما أیضا ربما یمنع عن الدلالة. وأمّا الروایة

ص: 248


1- الکافی 3 : 59 / 3 ، الوسائل 3 : 431 أبواب النجاسات ب 20 ح 6.

الثانیة فلاحتمال رجوع الاستثناء إلی الحکمین والشقّین معا.

مع أنّ الروایتین الأولتین فی أعلی درجة من الصحة والاعتبار ، وموافقتان لغیرهما من الأخبار ، مثل صحیحة أبی بصیر ، عن الصادق علیه السلام ، فی رجل صلّی فی ثوب فیه جنابة. رکعتین ، ثم علم به ، قال : « علیه أن یبتدئ الصلاة » قال : وسألته عن رجل صلّی فی ثوب فیه جنابة أو دم حتی فرغ من صلاته ثم علم ، قال : « قد مضت صلاته ولا شی ء علیه » (1) ویعضدهما بعض الإطلاقات المتضمّنة للإعادة ، فلیلاحظ.

قوله : وإلاّ استأنف. ( 2 : 353 ).

حکمه بوجوب الاستئناف هنا وعدم الوجوب فی المسألة السابقة لا یخلو عن غرابة ، فإنّه فی قوة أن یقول : إن کان مجموع صلاته مع النجاسة فصحیحة ، وإن کان بعضها مع النجاسة فباطلة ، وأنّه یجوز الأوّل دون الثانی!

قوله (2) : لنا علی وجوب الاستمرار. ( 2 : 353 ).

فیه ما عرفت ممّا ذکرنا فی السابق.

قوله : مع إطلاق الأمر بالاستیناف المتناول لهذه الصورة. ( 2 : 354 ).

لا یخفی أنّ المتبادر منها هو الاستئناف فی الوقت ، لظهور لفظ الإعادة ، ولکون ما نحن فیه من الفروض النادرة ، وشمول الإطلاقات لها محلّ نظر وتأمّل ، والشارح لا یرضی بالشمول فی غیر ما نحن فیه ، کما

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع عدم العلم بسبقها

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع ضیق الوقت

ص: 249


1- الکافی 3 : 405 / 6 ، التهذیب 2 : 360 / 1489 ، الوسائل 3 : 474 أبواب النجاسات ب 40 ح 2.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».

صرّح به مرارا. وعلی تقدیر الشمول فمقاومته (1) لما اعترف به - من أنّ وجوب الصلوات الخمس فی الأوقات المعیّنة قطعی - فیه ما فیه ، سیّما بعد ورود الأخبار الدالة علی أنّ من کان ثوبه أو جسده نجسا ولا یمکنه التطهیر فی ذلک یجب علیه الصلاة قطعا ، ولا یجوز له التأخیر والقضاء (2) ، وهو مفتی به عند العلماء ، إلی غیر ذلک ممّا مرّ فی مسألة التیمم (3).

قوله : عملا بالأصلین : الصحة وعدم النجاسة. ( 2 : 354 ).

أصالة الصحة فی مثل المقام لم نجد لها أصلا ، إلاّ أن یکون المستند أصالة عدم التکلیف بالإعادة ، وکون الامتثال یقتضی الإجزاء ، وأمثال ذلک.

قوله : وهی ضعیفة السند. ( 2 : 355 ).

وإن کانت ضعیفة ، إلاّ أنّها منجبرة بعمل المتأخّرین الذین یشترطون العدالة فی الراوی.

قوله : اقتصارا فی ما خالف الأصل علی مورد النص. ( 2 : 355 ).

فیه : أنّ تحقّق البول خاصّة من الصبی دون الغائط من خرق العادة ، إلاّ أن یبنی علی أنّها کانت تتحرّز عن الغائط ولا تخلّیة یصل إلی ثوبها ، وما کان یمکنها التحرّز عن البول. لکن بعید ، بل ربما شاع استعمال لفظ البول فی البول والغائط فی مثل قولهم : یبول کذا ، وتعارف ، إلاّ أن یبنی علی أنّها یجب علیها غسل الغائط بخصوصه کلما وقع وإن وقع مع البول ، کما هو الغالب ، ولا یغسل ثوبها من جهة البول فی الیوم إلاّ مرّة.

المربیّة للصبی إذا لم یکن لها ثوب تغسل ثوبها مرّة بالیوم

ص: 250


1- فی « ج » و « د » : فمعارضته.
2- انظر الوسائل 3 : 484 أبواب النجاسات ب 45.
3- راجع ص 150 - 151.

وفیه : أنّه فی غایة البعد من ظاهر الروایة ونهایة الخروج عنه ، ولعله لهذا حکم المصنّف - بل وغیره أیضا (1) - بالإطلاق ، فلیلاحظ ولیتأمّل ، ومع ذلک لا یخلو عن تأمّل.

قوله : کون الصلاة واجبة وجه یقع علیه الصلاة فلا یؤثر فیه ما یتأخّر. ( 2 : 357 ).

هذا وارد فی الصلاة عریانا أیضا ، إذ قصد الوجوب فرع العلم ( بالوجوب ) (2) ، وبمجرّد عدم تأتّی العلم هنا لا یثبت العلم بالوجوب فی الصلاة عریانا ، فتأمّل.

قوله : قال فی المختلف بعد حکمه بوجوب الصلاتین من باب المقدّمة. ( 2 : 357 ).

ظاهره أنّه مبتن وفرع علی المسألة الأصولیة ، وهی أن مقدّمة الواجب واجبة شرعا ، کما هو المشهور ، مع احتمال کون المراد من الوجوب هنا مطلق اللزوم ، وأنّه کاف فی نیّة الوجوب ، فتأمّل.

ویمکن الاستدلال علی وجوبها شرعا بالاستصحاب ، بأنّ شغل الذمّة یقینی فلا بدّ من البراءة الیقینیة ، ولا تتحقّق إلاّ بفعلهما معا ، إذ بفعل أحدهما لا تتحقّق إلاّ البراءة الاحتمالیة ، بأنّه یحتمل أن یکون مبرء الذمّة ، ومقتضی الاستصحاب - بل والإجماع أیضا - عدم الاکتفاء بالبراءة الاحتمالیة ، لأنّهم علیهم السلام ما کانوا یرضون بمخالفة الاستصحاب إلاّ فیما ثبت الخلاف شرعا ، وقالوا أیضا : « لا تنقض الیقین بالشک أبدا » (3) إلی غیر ذلک

حکم الصلاة فی الثوب المشتبه بالنجس

ص: 251


1- المصنف فی الشرائع 1 : 54 ، المعتبر 1 : 444 ، الشهید فی الدروس 1 : 127.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- انظر الوسائل 1 : 245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1.

ممّا ذکرنا فی رسالتنا فی الاستصحاب (1).

ویمکن أن یستدل أیضا بأنّا مأمورون بالإطاعة والامتثال یقینا ، والمرجع فیهما إلی العرف ککثیر من الألفاظ الأخر ، بل وغالبها ، ومعلوم أنّ فی العرف لا یقال لمن احتمل أن یکون أتی بما کلّف به أنّه ممتثل مع أنّه یحتمل أنّه ما أتی بما کلّف به ، وبالجملة : بمجرّد احتمال أنّه أتی بما طلب منه وأنّه لم یأت به لا یعدّ ممتثلا قطعا ، فتأمّل.

وأیضا قد ظهر من حسنة صفوان المذکورة فی المقام وجوب الصلاة فی کل واحد من الثوبین معا ، والأصحاب أفتوا کذلک ، إلاّ أنّ هذا الأخیر غیر متوجه علی ابن إدریس.

قوله : ونحن نقول : إن اشترطت القطع بعدم النجاسة فهو غیر متحقّق. ( 2 : 357 ).

فیه : أنّ الشرط هو الطهارة الشرعیة ولیست بمتحقّقة بمجرّد عدم القطع بالنجاسة الواقعیة ، وإلاّ لکان اللازم الاکتفاء بصلاة واحدة فی الثوب الواحد ، بل ومع وجود الثوب الطاهر أیضا ، وهو رحمه الله مع وجود الطاهر لا یجوز الصلاتین فی الثوبین ، بل یوجب فعلها فی الطاهر ، کما سیذکر فی الفرع الأوّل.

قوله : ومن هنا ینقدح الاکتفاء بصلاة واحدة فی أحد الثوبین. ( 2 : 358 ).

قد مرّ فی مسألة الإنائین المشتبهین اللذین وقع فی أحدهما نجاسة ما یظهر منه اندفاع هذا القدح.

ص: 252


1- الرسائل الأصولیة : 432.

قوله : قال فی المنتهی. ( 2 : 358 ).

حکمه بالوجوب بناء علی اشتراطه قصد الوجه ، ولمّا کان فی صورة عدم الثوب الطاهر یکون الصلاتان معا واجبتین - علی ما ظهر وجهه - یتأتّی قصد الوجه ، وفی هذه الصورة لا یمکن الحکم بوجوب الصلاتین ، وأیضا یظهر من الأخبار وجوب کون الصلاة فی الثوب الطاهر ، وعدم جوازها فی الثوب النجس اختیارا ومهما أمکن ، سیّما علی رأی الأکثر من الصلاة عریانا فی من لیس له إلاّ ثوب نجس وتعذّر تطهیره ، کما سیجی ء.

قوله : احتمل التخییر للحرج. ( 2 : 358 ).

لو لم یکن ظنّ أصلا ، ویحتمل القرعة فی هذه الصورة أو التعدّد بقدر لا یتحقّق الحرج.

قوله : قیل : صلّی فی الآخر وعاریا. ( 2 : 358 ).

هذا بناء علی جواز الصلاة عریانا إذا کان الثوب نجسا یقینا وتعذّر غسله.

قوله : لم أستبعد جوازه. ( 2 : 359 ).

یؤذن هذا بتحقّق إشکال فیه ، ولعل وجهه أنّ فعل الصلاة الأخری من باب المقدّمة تحصیلا للبراءة الیقینیة والإتیان بالمأمور به ، والظهر مقدّمة علی العصر یقینا ، فلا بدّ من إکمالها ثم الإتیان بالعصر ، والإکمال والامتثال یتوقّف علی الصلاة الأخری ، فتأمّل.

قوله : احتجّ الشیخ رحمه الله بما رواه عن سماعة. ( 2 : 360 ).

احتجّ بإجماع الفرقة ، وأنّ النجاسة ممنوع عن الصلاة فیها ، ثم بما رواه سماعة.

قوله : قصور من حیث السند. ( 2 : 360 ).

حکم من لیس له ثوب طاهر

ص: 253

لعله ینجبر بأنّه لا رادّ لهما ، وادعی الشیخ والعلاّمة الإجماع ، کما سنذکر.

قوله (1) : کصحیحة محمد بن علی الحلبی. ( 2 : 360 ).

الحکم بصحته من الخلاصة ، وفیها حکم بصحة أحادیث فی طریقها محمد بن عبد الحمید ، منها طریق الصدوق إلی منصور بن حازم (2).

قوله : وصحیحة عبد الرحمن بن أبی عبد الله. ( 2 : 361 ).

فی طریقها أبان بن عثمان الناووسی علی المشهور (3) ، وعلی بن الحکم المشترک عندهم (4).

قوله : ولا یخفی ما فی ذلک من التکلف والخروج عن مقتضی الظاهر. ( 2 : 361 ).

الأمر کذلک ، إلاّ أنّ إجماع الفرقة الذی ادعاه لعله دعاه إلی ذلک ، وهو الظاهر. ویمکن تقویة الجمع الأوسط الذی هو خیر - یعنی ما ذکره من أنّه إذا لم یتمکن من نزعه - بأنّ أکثر الأوقات لا یمکن النزع بسبب البرد ، أو الحرّ ، أو الناظر المحترم ، أو المرض ، أو خوف حدوث المرض ، أو شدته ، أو بطؤ برئه ، أو عسر علاجه. وأمّا ما ورد فی الروایتین فإنّما هو فی الفلاة ، ومع ذلک لا شبهة فی أنّه محمول علی ما إذا لم یکن مانع من النزع.

وجمع الشارح وإن کان أقرب من حیث اللفظ إلاّ أنّه ربما یأباه الإجماع الذی ادعاه الشیخ ، وذهب الأکثر إلی خلافه ، وأنّ الظاهر من کل

ص: 254


1- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « ا ».
2- الخلاصة : 277.
3- انظر رجال الکشی 2 : 640 ، والخلاصة : 21.
4- انظر المسالک 1 : 438 ، وهدایة المحدّثین : 216.

أخبار الطرفین تحتّم الفعل ، والاحتیاط الصلاة فی ذلک الثوب وعریانا معا.

ویعضد المشهور أنّ القائلین بعدم حجّیة الخبر الواحد قالوا بقولهم (1) ، والعلاّمة فی المنتهی ادعی الإجماع علی جواز الصلاة عریانا (2).

قوله : إلاّ أنّ ذلک موقوف علی تکافؤ السند. ( 2 : 361 ).

الروایتان الأوّلتان یجبرهما الشهرة بل الإجماع الذی ادعاه الشیخ (3) ، وغیر ذلک ممّا ذکر.

قوله : والأصح عدم الإعادة ، لأنّه صلّی صلاة مأمورا بها ، والأمر یقتضی الإجزاء. ( 2 : 362 ).

الشیخ قائل بکونها مأمورا بها ، وأنّ امتثالها یقتضی الإجزاء ، لکن یقول بوجوب صلاة أخری أیضا ، فالأولی التمسّک بأصل البراءة وإطلاقات الأخبار الصحیحة المتضمّنة للصلاة فی الثوب من غیر تعرض للإعادة (4).

قوله (5) : فقال المفید رحمه الله فی المقنعة. ( 2 : 362 ).

هذا مضمون عبارة الفقه الرضوی مع زیادة فیها ، وهی قوله علیه السلام بعد ذلک : « وأمّا الثیاب فلا تطهر إلاّ بالغسل » (6).

قوله : وربما کان فی کلام ابن الجنید إشعار به. ( 2 : 363 ).

لا إشعار فیه ، بل ظاهر فی المشهور.

المطهرات

مطهریة الشمس وموردها

ص: 255


1- منهم ابن إدریس فی السرائر 1 : 186.
2- المنتهی 1 : 182.
3- الخلاف 1 : 474.
4- فی « ج » و « د » زیادة : قطّ.
5- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و».
6- فقه الرضا علیه السلام : 304 ، المستدرک 2 : 574 أبواب النجاسات ب 22 ح 5.

قوله (1) : احتجّ الشیخ فی الخلاف بإجماع الفرقة. ( 2 : 363 ).

واعلم أیضا : من مقتضی الملة السمحة مطهّریة الشمس ، إذ لو لم تطهّر لزم الحرج والعسر.

لا یقال : إنّهما یتقدران بقدرهما.

لأنّا نقول : ربما یتردّد فی المقامات کونه حرجا أم لا ، وینجر هذا إلی الحرج ، ومع ذلک أیضا فی الغالب ینجرّ النجاسة وحال الحرج إلی وجوب الاحتراز حال عدم الحرج أیضا ، فیلزم منه الحرج أیضا ، وکذا الحال فی نجاسة شخص یکون الاحتراز حرجا علیه یجرّ الاحتراز إلی غیره أیضا ، للاحتیاج إلی المساورة فی المعاشرة ، فقلّما یتحقّق عدم الحرج. وربما یتحقّق الضرر أیضا بالاجتناب عن مساورة المساجد ونحوها ، ومع ذلک لم یقل أحد بهذا الفعل ، لأنّ القائل بالنجاسة یکون المقام عنده مثل سائر النجاسات یوجب الإضرار مطلقا ، فتأمّل.

قوله : إذا جفّت من غیر أن تغسل. ( 2 : 364 ).

هذا وإن کان مطلقا إلاّ أنّه مقید بکون الجفاف من الشمس أو الریح ، لما دل علی ذلک ، کما هو الطریقة فی حمل المطلق علی المقید ، مع أنّ الغالب کون جفاف الباریة بهما.

قوله : ویمکن أن یستدل بما رواه أبو بکر الحضرمی عن أبی جعفر علیه السلام . ( 2 : 364 ).

ویمکن أن یستدل أیضا بما رواه الکلینی بسنده عن الکاظم علیه السلام أنّه

ص: 256


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

قال : « حق علی الله تعالی أن لا یعصی فی دار إلاّ أضحاها بالشمس لتطهّرها » (1) فإنّ فیها شهادة واضحة علی کون الشمس من المطهّرات واشتهارها فیها ، إذ لو لم تکن مطهّرة لکان مثل أن یقال : یطهّرها نجم الجدی ، أو نظر الإنسان وأمثال ذلک ، فتأمّل.

ویمکن أن یستدل بروایة زرارة وحدید بن حکیم (2) التی سنذکرها لمذهب الشیخ.

ویمکن أن یستدل أیضا بصحیحة علی بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام : عن الباریة یبلّ قصبها بماء قذر ، هل یجوز الصلاة علیها؟ فقال : « إذا یبست فلا بأس » (3).

وفی الموثق ، عن عمّار : عن الباریة یبلّ قصبها بماء قذر ، هل یجوز الصلاة علیها؟ فقال : « إذا جفّت فلا بأس بالصلاة علیها » (4) والتقریب فی هذین الخبرین هو ما ذکر فی صحیحة علی بن جعفر المذکورة فی المتن.

قوله (5) : فلأنّها ضعیفة السند. ( 2 : 364 ).

الموثق حجّة ، سیّما مع الانجبار بعمل الأصحاب.

قوله : جواز الصلاة فی ذلک المحلّ مع الیبوسة. ( 2 : 364 ).

ص: 257


1- الکافی 2 : 272 / 18 ، الوسائل 15 : 306 أبواب جهاد النفس ب 41 ح 2.
2- الکافی 3 : 392 / 23 ، التهذیب 2 : 376 / 1567 ، الوسائل 3 : 451 أبواب النجاسات ب 29 ح 2.
3- مسائل علی بن جعفر : 132 / 122 ، قرب الإسناد : 212 / 830 ، التهذیب 2 : 373 / 1553 ، الوسائل 3 : 453 أبواب النجاسات ب 30 ح 2.
4- الفقیه 1 : 158 / 738 ، التهذیب 2 : 370 / 1539 ، الوسائل 3 : 454 أبواب النجاسات ب 30 ح 5.
5- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « ب » و « ج » و « د ».

إن أردت مع الیبوسة من حیث هی هی من غیر مدخلیة الشمس ، ففیه : أنّ المستفاد من الروایة وغیرها أنّ جواز الصلاة مشروط بکون الجفاف من الشمس ، سیّما صدر هذه الروایة حیث قال : سئل علیه السلام عن الموضع القذر یکون فی البیت أو غیره فلا تصیبه الشمس ، ولکنه قد یبس الموضع القذر ، قال : « لا یصلّی علیه وأعلم الموضع حتی تغسله » هذا یدل علی عدم مطهّریة الریح أیضا ، لأنّه علیه السلام لم یستفصل فی سؤاله وحکم بالمنع مطلقا ، وقوله علیه السلام فی آخر الخبر : « وإن کان غیر الشمس. » یدل أیضا علیه.

والحاصل أنّ الصور ثلاثة : الأولی : الجفاف من غیر إصابة شی ء بل بنفسها وطول المدّة. الثانیة : بإصابة الشمس. الثالثة : بإصابة غیر الشمس ، وظهر حکم الکل من الحدیث : وعن الشمس هل تطهّر. ویؤیّده أنّ السؤال کان عن التطهیر فالظاهر المطابقة له. وبالجملة المستفاد من هذه الروایة وغیرها أنّ الجفاف إذا لم یکن من الشمس لا یجوز الصلاة.

وإن أردت أنّ الجواز واللاجواز حینئذ لیسا دلیلین علی الطهارة والنجاسة لجواز کونهما من جهة أخری ، ففساده ظاهر ، لمخالفته الإجماع ، لو لم نقل ضروری الدین ، وکذا مخالفته للطریقة المسلّمة المعهودة فی إثبات نجاسة الأشیاء وعدم نجاستها ، کما لا یخفی علی المطلع علی مواضعه ، وکذا مخالفته للمستفاد من هذه الروایة وغیرها من الروایات ، إذ غیر خفی أنّ عدم الجواز من جهة النجاسة الباقیة التی لم تزل من جفاف غیر الشمس ، فیستفاد أنّ موضع السجود لا بدّ أن یکون خالیا من تلک النجاسة ، فیستفاد اعتبار طهارته ، ویستفاد من جواز الصلاة ارتفاع ذلک المانع ، فالظاهر منه الطهارة ، کما لا یخفی.

ص: 258

وممّا ینبّه أنّ الظاهر أنّ السائل سأل عن حکم الموضع القذر الیابس من غیر الشمس مطلقا ، فأجیب بالمنع عن الصلاة ولزوم غسله ، ثم سأل عن حکمه ما إذا أشرقت علیه الشمس ، وأنّه هل یکون ذلک سببا لطهارته أم لا؟ فأجیب بأنّ الإشراق إذا صار بحیث جفّ به الموضع جاز الصلاة علیه ولا حاجة إلی غسله ، کما هو الظاهر من سکوته عنه فی هذه الصورة ، إذ لو کان باقیا علی النجاسة کان الغسل أولی بالذکر فیها منه فی الصورة الأولی ، لأنّ توهم الطهارة فی هذه الصورة فی غایة الشدّة ، بل لا یفهم الراوی فیها إلاّ الطهارة ، من حیث إنّ جواز الصلاة فیها بإزاء عدم جوازها فی الصورة الاولی ، ولا خفاء فی أنّه فهم منه بقاء النجاسة ، کما أنّه فهم منه فی الصورتین الأخیرتین أیضا کذلک ، لسکوته عن الغسل فیها بإزاء إیجابه فی الصورة الأولی ، وسکوته فی الصورتین من جهة أنّه علم أنّ البقاء علی النجاسة یقتضی الغسل لو أرید الطهارة ، مضافا إلی عدم خفائه فی نفسه.

فإن قلت : الأمر علی ما ذکرت لو لم یکن الإشعار ببقاء النجاسة فی آخر الروایة.

قلت : أولا : أنّه خلاف ما ذکرت.

وثانیا : لو سلّم الاشعار لا بدّ من عدم اعتباره ، لما ذکرنا ، ولمخالفته الإجماع الذی نقله جمع من الأصحاب فی اشتراط طهارة المسجد (1) ، ( مضافا إلی ظهور ذلک من غیر واحد من الأخبار ) (2) ولم یظهر من الراوندی وشریکه المخالفة ، بل الظاهر منهم اعتبار طهارته ، إلاّ أنّهم یقولون بأنّ الأرض والباریة والحصیر حسب إذا جفّفت بالشمس لا غیرها

ص: 259


1- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 555 ، المعتبر 1 : 433 ، المختلف 2 : 130.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

یکون حکمها حکم الطاهر فی جواز السجود ، مع أنّ مخالفتهم غیر مضرّة ، کما هو المحقق.

مضافا إلی ظهور أنّها اجتهاد منهم ، لفهمهم ذلک من روایة عمّار ، وأنّهم مخطئون.

علی أنّ المحقّق اختار فی النافع وفی هذا الکتاب خلاف ذلک (1) ، وفی المعتبر وإن رجّح مختار الراوندی وشریکه (2) ، إلاّ أنّه ادعی الإجماع علی اشتراط طهارة المسجد (3) ، بل وصرّح فی هذا الموضع باشتراط طهارة المسجد ، فتأمّل ، وهو ناظر إلی ما ذکرنا.

وأمّا صاحب الوسیلة فربما نقل منه المنع من السجود ، إلاّ أنّه یجوز الصلاة (4) ، فلعله یعتبر طهارة مکان المصلّی ، وهو أحد الأقوال ، لکنه یکتفی فی غیر المسجد بتجفیف خصوص الشمس خصوص الثلاثة ، فتأمّل کلامه.

وأیضا لا بدّ من عدم اعتبار الإشعار ، للإجماع الذی نقله الشیخ ، مضافا إلی ظهور ذلک من روایة زرارة وأبی بکر وغیرهما. مع أنّ البقاء علی النجاسة وتأثیر الطهارة فی خصوص الصلاة علیه من خصوص الشمس فی خصوص المحلّ مخالف للاعتبار وما یظهر من تضاعیف أحکام الطهارة والنجاسة ، بل هو أمر غریب بالنسبة إلیها ، ولذا لو یعرض جواز الصلاة علیه علی عرف أمّة النبی صلی الله علیه و آله لا یفهم إلاّ الطهارة ، ولا یذهب

ص: 260


1- المختصر النافع : 27 ، الشرائع 1 : 73.
2- المعتبر 1 : 445.
3- المعتبر 1 : 433.
4- حکاه عنه فی الذخیرة : 170 ، وانظر الوسیلة : 79.

ذهنه إلی ما ذکرت ، اللهم إلاّ بعد أن یسمع ذلک الاحتمال منکم ، وأیضا هذا مخالف لظاهر صحیحة ابن بزیع ، کما لا یخفی ، فتأمّل.

وثالثا (1) : الکلام فی الإشعار ، وفی ادعائه تأمّل ظاهر ، لمکان الاختلالات فی آخر الخبر وتعدّد الاحتمالات ، سیّما وبعضها ظاهر فی طهارة المحلّ ، مثل أن یکون قوله علیه السلام : « وإن کان غیر الشمس » بالغین المعجمة والراء ، کما وجدناه فی أکثر نسخ التهذیب ، موافقا للاستبصار ، ویکون کلمة « إن » وصیلة فی الموضعین ، ولا یخفی رجحانه علی الشرطیة بعد إمعان النظر.

أو یکون شرطیة ویکون قوله علیه السلام : « وإن کانت رجلک. » مرتبطا بالیبس بغیر الشمس بعد إصابة الشمس ، بأنّ یکون المراد من قوله : « وإن أصابته الشمس » ذلک لا الیبس بالشمس ، فیکون علیه السلام حکم بالطهارة به ، وبجواز الصلاة مع بقاء المحلّ علی النجاسة بالأوّل ، وعدم الجواز مطلقا مع عدم إصابتها مطلقا والجفاف بغیرها.

وهذا الاحتمال أظهر بحسب العبارة ، لخلوّها عن التکرار والتأکید الذی هو خلاف الأصل. وعدم ظهور القائل به غیر مضرّ بعد القول بالتوقّف فی اشتراط طهارة محل السجود ، من جهة عدم ثبوتها من الخبر ، إذ لو سلّمنا عدم ثبوت الإجماع لکن لا شک فی عدم ظهور قائل بعدم الاشتراط ، فتدبّر.

وعلی تقدیر أن یکون « عین الشمس » بالعین المهملة والنون ، یحتمل أن یکون قوله بعد ذلک : « حتی ییبس » متعلقا بقوله : « فلا تصلّ » ویکون المراد الیبس بالشمس علی قیاس ما مرّ ، وما یقتضیه سیاق العبارة. ومقرّب

ص: 261


1- فی النسخ زیادة : فی.

هذا الاحتمال أنّ الشیخ فی باب الزیادات ذکر هذه الروایة خالیة عن عبارة : « وإن کان عین الشمس أصابته » (1) ولا شک أنّه حینئذ یکون « حتی ییبس » متعلقا بقوله : « فلا تصلّ » ، والجمع مهما أمکن لازم ، وهذا أیضا من مرجّحات کون کلمة « إن » وصلیة مطلقا ، ویقرّبه أنّ الوصل مزیة فی الکلام لا حاجة إلی ذکرها فی إفادة أصل المطلوب ، فتدبّر.

فهذه (2) احتمالات ثلاثة ظاهرة فی طهارة المحلّ متأیّدة بالمؤیّدات والمقرّبات.

وممّا یؤیّد أیضا خلوّ الخبر عن مخالفة ظاهر آخره لظاهر أوّله ، وغیر ذلک ، علی ما أشرنا إلیه سابقا. علی أنّه علیه السلام فی مقام جواب السؤال صرّح بالمنع فی النجس الرطب ، وکذا مع رطوبة ملاقیه وفصّل وطوّل ، فکیف یکتفی فی ما هو الأصل فی الجواب والعمدة فی البیان بمجرّد الإشعار؟! سیّما مع غرابة نفس الحکم ومخالفتها لکل من أحکام الطهارة والنجاسة والمعهود بین المسلمین والمتعارف بینهم فیهما ، علی حسب ما أشرنا إلیه ، فتأمّل.

علی أنّ متن الروایة إنّما هو من عمّار کسائر متون روایاته ، فإشعاره لا اعتداد به کما لا یخفی علی الممارس ، فتأمّل.

وممّا لا یلائم الاحتمال الذی فیه الإشعار أنّه کان المناسب حینئذ ذکر الجبهة خاصّة فی قوله علیه السلام : « وإن کانت رجلک. » وعدم ضمّ الرجل وغیره إلیه ، بعد ما أطلق اشتراط جواز الصلاة فی الموضع بکون التجفیف من الشمس ، وربط هذا القول به ، إذ یشعر حینئذ باشتراط طهارة سائر

ص: 262


1- التهذیب 2 : 372 / 1548.
2- من هنا إلی آخر الحاشیة لیس فی « ا ».

المواضع أیضا ، فلیتأمّل. ولو سلّمنا الإشعار فلعله من غرائب روایات عمّار ، وقد مرّ ما یشیر إلی ( الوجه ) (1) فتأمّل.

وبالجملة : هذه الموثقة واضحة الدلالة علی أمور :

الأوّل : کون جفاف غیر الشمس لا یطهّر ولا ینفع.

الثانی : اشتراط طهارة المسجد حیث صرّح بأنّه لا یصلّی علیه إذا یبس لغیر الشمس ، وشرط فی الصلاة علیه کون الیبس بالشمس.

الثالث : أنّ جفاف الشمس لیس مثل جفاف غیر الشمس قطعا ، لأنّ الراوی بعد ما سأل عن حال جفاف غیر الشمس وسمع الجواب عن حکمه سأل عن الشمس هل تطهّر؟ فأجیب بجواب آخر قطعا (2) ، وصرّح بأنّ حکمه لیس حکم جفاف غیر الشمس ، فلو کان حکمهما واحدا لاجیب بأنّ حکمهما واحد ، وأنّه مثل الأوّل من دون حاجة إلی تغییر وتبدیل وتفصیل فی الآخر وتطویل ، ولکان جمیع ما ذکره فی جوابه لغوا بحتا ، وتطویلا بلا طائل مضرّا بالمقصود ، لأنّه صریح فی خلافه.

الرابع : أنّ تجفیف الشمس مطهّر ، لما ذکر من القرائن الواضحة الکثیرة.

وممّا یؤیّد أیضا أنّه علیه السلام لم یقل : تجفیف الشمس مطهّر ، بل قال : « إذا کان الموضع قذرا من البول وغیره » ، أی ما یشبه البول فی أنّه لا جرم له حتی یمکن تطهیره بالشمس ، وبالجملة : شرط فی تطهیرها کون القذارة من مثل البول.

وممّا یؤیّد أیضا أنّه لم یقل فی الجواب : إنّه مطهّر ، بل قال : « صلّ

ص: 263


1- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : المقصود.
2- لیس فی « د ».

علیه » حتی لا یتوهم من الطهارة معنی آخر ، کما أنّ فی الصورة الأولی قال : « لا تصلّ علیه » ولم یقل : إنّه نجس. وبالجملة : نبّه علی اتحاد المراد من الصلاة علیه وعدم الصلاة علیه ، وأنّ فی الصورتین لیس المراد إلاّ أمرا واحدا ، وهو الطهارة الشرعیة وعدمها ، بأنّه : کما أنّ المراد من عدم الصلاة هو إظهار النجاسة وبقاؤها ، فکذا فی الصورة الثانیة المراد عدم النجاسة وعدم بقائها ، ونبّه أیضا علی أنّ مفهوم النجاسة الشرعیة هو عدم جواز الصلاة مثلا ، کما أنّ مفهوم الطهارة الشرعیة هو جواز الصلاة.

الخامس : قول الراوی فی الصورة الاولی : لا تصیبه الشمس ، وفی الصورة الثانیة : الشمس هل تطهّر؟ فیه شهادة واضحة علی اشتهار (1) مطهّریة الأرض مثلا بالشمس وکونها مطهّرة لها ، کما یظهر ذلک من الأخبار الأخر أیضا. مضافا إلی ظهور ذلک من الخارج من فتاوی الشیعة وأهل السنّة ، وفیه أیضا شهادة واضحة علی أنّ المراد من مطهّریة الشمس وحصول الطهارة بها هو المعنی المعروف المعهود بین المسلمین فی هذه الموثقة وغیرها من الأخبار.

وبالجملة : الإشعار یتوقّف علی ظهور کون النسخة بالعین المهملة أو کون « أن » شرطیة والأوّل قد عرفت حاله ، وأمّا الثانی فبعید أیضا ، لبعد کون ذلک إشارة إلی ما ذکر فی صدر الحدیث من جواز الصلاة فی خصوص صورة الیبوسة ، مضافا إلی أنّه قد صرّح فی الصدر بالمنع ، فیکون هذا تکرارا ، مع أنّه علی هذا لا یناسب ذکر کلمة « إنّ » مع الضمیر فی الجواب ، لمرجوحیة کون الضمیر راجعا إلی الشأن المقدر ، لأصالة عدم التقدیر.

ص: 264


1- فی « و» : اشتراط.

وأیضا ظاهر قوله : « فإنّه » عدم کونه جواب الشرط ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، فتأمّل.

قوله (1) : لا یقال : إطلاق الإذن فی الصلاة. ( 2 : 365 ).

لقائل أن یقول : إطلاق الإذن وعدم اشتراط جفاف الثوب والبدن ممّا یلاقیه ظاهر فی الطهارة ، فالإطلاق والعموم وإن کان یشمل ما إذا جفّت بغیر الشمس ، لکن خرج ما خرج بالوفاق والدلیل ، وبقی الباقی.

قوله (2) : جواز السجود علیها. ( 2 : 365 ).

بل ظاهر کون الصلاة علیها السجود علیها أیضا.

قوله : فإنّا لم نقف له علی مستند سوی الإجماع المنقول. ( 2 : 365 ).

نقله المصنف فی المعتبر ، والعلاّمة فی التذکرة والمنتهی والمختلف ، وابن زهرة ، والشهید فی الذکری (3).

قوله : فیجوز أن یکون هذا الفرد من النجس ممّا یجوز السجود علیه. ( 2 : 365 ).

بعد تسلیم الاشتراط لا یبقی لما ذکره وجه ، إذ لا دلیل علی استثناء هذا الفرد ، ( بل ظاهر الأدلة یصیر هو الطهارة البتّة.

قوله (4) : لهذه الأدلة. ( 2 : 365 ).

ص: 265


1- هذه الحاشیة لا توجد فی « ب ».
2- هذه الحاشیة لا توجد فی « ب » و « ج » و « د ».
3- المعتبر 1 : 445 ، التذکرة 2 : 399 ، المنتهی 1 : 253 ، المختلف 2 : 130 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 555 ، الذکری : 160.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

لم نجد دلیلا علی بقاء النجاسة ) (1) حتی یثبت خلاف الشرط.

قوله : قد روی عن أخیه علیه السلام جواز الصلاة علی المحل. ( 2 : 365 ).

( لم یرو کذلک ، بل ورد الصلاة فی البیت والدار ، والصلاة فی البیت غیر الصلاة علی الباریة ، کما هو ظاهر ) (2).

قوله : وأمّا روایة أبی بکر فضعیفة السند جدّا. ( 2 : 365 ).

لا یخفی أنّ الضعف منجبر بشهرة العمل ( مع أنّ الراوی عنه أحمد بن محمد بن عیسی ، بقرینة علی بن الحکم ، وأحمد هو الذی أخرج البرقی عن قم بسبب روایته عن المجاهیل (3) ) (4).

والمراد هو غیر المنقول بالنص والإجماع ، خرج ما خرج بهما وبقی الباقی ، بل یمکن أن یقال : إنّ المعهود عند الشیعة طهارة هذا القسم خاصّة لیس إلاّ ، لو کان واقعا طاهرا.

وبالجملة : المعهود المستأنس من الأخبار وکلام الفقهاء من الشیعة وأهل السنّة ، أنّ السؤال والجواب فی مطهّریة الشمس ومثلها ، وکذا الحکم بها ، إنّما هی فی غیر المنقول ، وأمّا المنقول مثل الثوب والظرف فلا ، بل الأمر بالنسبة إلیه التطهیر بالماء خاصّة ( وکذا الحال فی طهارة النعل والقدم بالمشی ، والکفر بالإسلام ، فتدبّر ) (5) کما هو الوارد فی النصوص ، بل نقول : عدم مدخلیة الشمس فی المنقول من ضروریات الدین فکان ظاهرا

ص: 266


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- بدل ما بین القوسین فی « أ » و « و» : لیس کذلک ، بل الوارد فیها جواز الصلاة فی المحلّ المذکور لا علی المحل المذکور ، کما سنذکر الروایة. وتأتی الروایة فی ص 526.
3- انظر الخلاصة : 14.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
5- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

عند الراوی ، ولم یحتج إلی التقیید والتخصیص ، کما هو ظاهر.

قوله : ومع ذلک فهی متروکة الظاهر. ( 2 : 365 ).

إن وقع إجماع أو دل دلیل علی متروکیة الظاهر فکیف یقول : لا دلیل علیه؟! ، وإلاّ فکیف یحکم بکونها متروکة الظاهر؟! وهذا تناقض ظاهر ، فتدبر.

قوله : وتخصیصها بغیر المنقول لا دلیل علیه. ( 2 : 365 ).

لا یبعد أن یقال : لم یعهد أن یقال للثوب : أشرقت علیه الشمس ، ولا للظرف کذلک ، بل المعهود المأنوس عند الإطلاق من دون قرینة ، أنّ ما أشرقت علیه الشمس شی ء من شأنه الموضوعیة ، یقال : للجبل : أشرقت علیه الشمس ، وکذا للأرض وأمثالهما ، ولا یقال لمثل الخاتم ، والدرهم والدینار وأمثال ذلک ، فنمنع تبادر مثل الثوب والظرف أیضا ، فتأمّل.

قوله : وقد یناقش فی الروایة من حیث المتن بجواز حمل الطاهر علی المعنی اللغوی. ( 2 : 365 ).

لا یخفی أنّ النظافة اللغویة ( أمر تعرفها النساء ، فضلا عن الرجال ، فضلا عن مثل زرارة ، فضلا عن أن یسأل عن حصولها عن مثل الباقر علیه السلام من أهل الحکم الشرعی ، وخصوصا فی هذا المقام ، إذ لا ربط للسؤال عن حصول النظافة اللغویة ) (1) بالنسبة إلی النجس بالنجاسة الشرعیة ، ولا ربط لحکایة الصلاة وکونها فی مکانها ، وکذا لا ربط لاشتراط التجفیف بالشمس ، ولا لکون الجزاء جواز الصلاة علیه ، ولا للتعلیل بکونه نظیفا لغویا ، وبالجملة ما احتمله أمر عجیب.

ص: 267


1- ما بین القوسین ساقط من « أ ».

فإن قلت : لعل غرضه [ أنّ ] (1) الحمل علی المجاز اللغوی وإن کان معنی شرعیا لکنه غیر معلوم کونه المعنی المصطلح علیه.

قلت : المدار فی جمیع مواضع الفقه أنّه بعد وجود القرینة الصارفة عن المعنی اللغوی یحمل علی المصطلح علیه البتة ، ولعل وجهة أنّ الشارع استعمل فیه قطعا وکثر استعماله إلی أن وقع النزاع بین الفحول فی صیرورته حقیقة شرعیة وقال به الأعاظم ، بل ویظهر ذلک من تتبّع الأحادیث ، ولا شک فی صیرورته حقیقة فی قرب من الزمان بعد الشارع ، فعلی تقدیر عدم الثبوت لم یکن هذا المعنی مثل سائر المعانی المجازیة التی لم یظهر بعد استعمال الشارع ، فضلا عن کثرة الاستعمال ، بل وغیر مأنوس ولا معهود عند العلماء ، بل ولا معروف أنّه ما ذا؟. ( علی أنّ المحققین ) (2) علی أن زمان الباقر والصادق علیهماالسلام حاله حال زمان المتشرّعة لا الشارع ، وإنّه لیس ذلک محلاّ للنزاع ( کیف؟ وهذا النزاع کان فی زمانهما علیهماالسلام أو من أهل ذلک العصر أو ما قاربه ، فکیف یتصور کونه محلا للنزاع؟ ) (3) وبالجملة لتحقیق المرام مقام آخر ، فتدبر.

مع أنّ حمل سؤال زرارة علی کونه من خصوص الکراهة واستحباب التجنب فی غایة البعد ، بل یمکن القطع بفساده ، إذ ظاهر أنّ سؤاله عن حکایة النجاسة وجواز الصلاة وعدمه من جهتها ( والکلینی رواها بسنده (4).

وهذا نص فی کون الطهارة بالمعنی المصطلح ، ویؤیّده أیضا اشتهار هذا

ص: 268


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج ».
3- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
4- انظر الکافی 3 : 392 / 23.

المعنی بین الشیعة وغیرهم.

وفی الصحیح ، عن علی بن جعفر عن أخیه علیهماالسلام : عن البیت والدار لا یصیبهما الشمس ویصیبهما البول ویغتسل فیهما من الجنابة ، یصلی فیهما إذا جفّا؟ قال : « نعم » (1). وفیها شهادة واضحة علی اشتهار کون الشمس من المطهرات عند الشیعة. مع أنّه یظهر منها أنّ علی بن جعفر الجلیل کان یعتقد مطهّریة الشمس ، وأنّه لما لم تصبهما وقع إشکال علیه ، والمعصوم علیه السلام قرّره علی اعتقاده.

ویظهر أنّ الصلاة فی المکان لا یشترط فیه طهارة المکان إذا کان جافّا ، والصلاة فی المکان غیر الصلاة علی الأرض مثلا ) (2).

وفی الفقه الرضوی (3) : « وما وقعت علیه الشمس من الأماکن التی أصابها شی ء من النجاسة مثل البول وغیره طهّرتها ، وأمّا الثیاب فلا تطهر إلاّ بالغسل » (4).

علی أنّ المناقشة إنّما یکون إذا کان الاستدلال بخصوص لفظ الطهارة لا بمفهوم الشرط الذی هو حجّة. ومرّ عن الشارح الاعتراف بأنّ النجاسة إنّما تستفاد غالبا من أمر الشارع بالغسل (5) ، وغیر خفی أنّه لیس مراده خصوص الغسل ، بل هو وأمثاله ، لأنّ بعض النجاسات إنّما یستفاد من منع

ص: 269


1- قرب الاسناد : 196 / 743 ، الفقیه 1 : 158 / 736 ، الوسائل 3 : 453 أبواب النجاسات ب 30 ح 1.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ ».
3- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : الفقه الرضوی منجبر بعمل القدماء ، سیّما فی المقام فإنّه منجبر بعمل الأصحاب.
4- فقه الرضا علیه السلام : 303 ، المستدرک 2 : 574 أبواب النجاسات ب 22 ح 5.
5- مدارک الأحکام 2 : 259.

الصلاة ، فیظهر من المقایسة والمقابلة إرادة الطهارة التی هی بإزاء النجاسة وفی مقابلها ، سیّما مع ضمّ قوله : « فهو طاهر » وتفریعه.

ویمکن الاحتجاج بمثل هذه الروایة من جهة أخری ، وهو الإذن فی الصلاة علیها علی الإطلاق ، والرخصة ، من دون شرط یبوسة الثوب والبدن وموضع ملاقاتهما ، سیّما وحکم بعده بالطهارة علی الإطلاق ، وإن قلنا إنّها بالمعنی اللغوی ، لأنّ الحکم بالنظافة علی الإطلاق - من غیر تنبیه ببقاء کثافة وقذارة ولزوم تنزّه واحتراز عنها فی حال من الأحوال - دلیل علی الطهارة الشرعیة ، بل هو عینها ، إذ لا نعنی بها إلاّ ذلک ، ففی الخبر وجوه متعدّدة من الدلالة یؤکّد بعضها بعضا ویعاضد ، فتدبّر.

قوله : هل تطهّره الشمس من غیر ماء؟. ( 2 : 366 ).

فیه شهادة علی أنّ الطهارة الاصطلاحیة کانت معهودة فی السؤال عنها من جهة إشراق الشمس ، وأنّها کانت محل إشکالهم ، ومشهورة ومعهودة بین المسلمین ، لا المعنی الغریب الأجنبی غیر المعهود وغیر المأنوس ، فتأمّل.

قوله (1) : وأجاب الشیخ عنها فی التهذیب. ( 2 : 366 ).

حمل هذه الروایة علی التقیة ، لموافقتها جماعة من العامة (2).

قوله : بأنّ المراد به إذا لم یجفّفه الشمس. ( 2 : 366 ).

یعنی أنّ « یصیبه » فعل مضارع ، وهو یفید الاستمرار التجدّدی ، فالمعنی : یصیبه إصابة بعد إصابة علی الدوام والاستمرار ، فیکون من قبیل

ص: 270


1- هذه التعلیقة لیست فی « ج » و « د ».
2- کما فی الوسائل 3 : 453 ، وانظر الأم للشافعی 1 : 52 ، والمغنی لابن قدامة 1 : 775 ، والمجموع للنووی 2 : 596.

الموضع الذی یتخذ مبالا ، وسیجی ء فی روایة زرارة وحدید بن حکیم استثناء المتخذ للمبال (1) ، فلاحظ ، وغیر خفی أنّه قلّما یتفق فی مثل هذه الصورة الجفاف التام من الشمس بالنسبة إلی کل إصابة إصابة ، ومعلوم أنّ مثل هذا لا تطهّره الشمس ، کما هو مضمون روایة زرارة وحدید ، ومجمع علیه بین الأصحاب.

مع أنّ السائل سأل وقال : هل تطهّره الشمس من غیر ماء؟ ولم یقل هل تطهّره الشمس؟ وظاهر أنّ قوله : من غیر ماء ، قید لقوله : هل تطهّره الشمس ، والنفی والإثبات إنّما یرجعان إلی القید ، کما هو المحقّق ، فالمعنی أنّه هل تطهّره جافّا من غیر رطوبة ولا صبّ ماء أم یحتاج تطهیرها إلی التجفیف ونشف الرطوبة؟ فلا بدّ من صبّ الماء لو لم یکن رطوبة ، ویشیر إلی ذلک أیضا تنکیر لفظ الماء.

وحمل العبارة علی أنّ المراد هل تطهره الشمس أم لا تطهره بل المطهّر هو الماء خاصّة ، بعید وخروج عن مقتضی العبارة ، کما لا یخفی.

فظهر أنّ ما ذکره رحمه الله لیس حملا بل هو الظاهر المستفاد من مقتضی العبارة ، ولو سلّم عدم الظهور فلا نسلم المرجوحیة ، ولو سلّمت فهو حمل فی غایة القرب ، وأین هو من المحامل البعیدة المسلمة عند الشارح فی مواضع لا تحصی؟ کما لا یخفی ، بل لا شک أنّه أقرب من حمل الطاهر علی المعنی اللغوی ، کما ارتکبه فی الحدیث ، وبیّنا فساده بما لا مزید.

ویمکن الحمل علی أنّه إذا تراکم الأبوال أو النجاسات - علی ما

ص: 271


1- یأتی فی ص 273.

اقتضاه ظاهر « تصیبه » - لا یذهب عین النجاسة بالشمس ، فلا بدّ من إذهابها بالماء حتی یطهّره الشمس ، یعنی ذهاب الأثر الذی هو النجاسة بالشمس.

أو یحمل علی أنّه فی هذه لا یطهر بالشمس بل یطهر بالماء ، أو یکون سؤاله عن طهارة نفس الأرض والسطح لا ظاهرهما ، ولهذا قیّد بالماء الذی هو المسری فی الأعماق ، وأرجع الضمیر إلی نفس السطح والأرض فقال : کیف یطهر المجموع من کل واحد منهما من غیر ماء؟ أو یحمل علی الاتّقاء ، لأنّ الراوی وزیر الخلیفة (1).

وأمّا حکایة الإضمار فلأنّ الظاهر أنّ المسؤول هو الإمام علیه السلام ، لکن الظاهر لا یعارض النص ، کما هو ظاهر ، وظاهر أنّ هذا الطعن منهم إنّما هو فی مقام الترجیح لا مطلقا عند من یعمل بالظاهر مطلقا ، فتدبّر.

فظهر المرجوحیة فی هذا الخبر - علی تقدیر تسلیم التعارض - من وجوه کثیرة : من السند ، والدلالة ، ومخالفة الإجماع أو الشهرة إن لم نقل بتحقّق الإجماع ، وکذا حجّیة الإجماع المنقول بخبر الواحد ، والأوفقیة بمذهب العامة أو التقیة ، فتأمّل ، والشذوذ والندرة بحسب العدد أیضا ، من حیث إنّه معارضه مستفیض ، والأبعدیة عن الملّة السمحة السهلة ، بل واقتضاؤه الحرج ، کما هو غیر خفی ، والمخالفة لما هو الظاهر من العادة المستمرة فی الأعصار والأمصار من عدم غسلهم الحبوب والخضروات والثمرات والبقولات ، وإن عرض لها النجاسة سابقا ، بل منها ما یربّی بالعذرة والنجاسات فی جمیع الأمصار ، ومنها ما یربّی فی أکثر الأمصار ، ومنها ما یربّی فی مصر دون مصر ، وکذا الحال فی عدم الاحتراز عن

ص: 272


1- انظر رجال الکشی 2 : 835 ، ورجال النجاشی : 330.

الأبنیة ، فإنّها فی غالب البلدان لا تتحقّق إلاّ متنجّسة بالنجاسات المشاهدة المحسوسة ، إمّا فی مائها ، أو مختلطة مع ترابها ، أو جصّها ، أو صاروجها ، أو اللّبن ، والظاهر أنّ الحال کان کذلک أیضا فی الأعصار السابقة ، کما لا یخفی علی المتأمّل المنصف.

قوله : وبالجملة فالمسألة محلّ توقّف. ( 2 : 366 ).

فیه - مضافا إلی ما عرفت - : أنّه مضی عنه وسیجی ء فی بحث مطهریّة الأرض وغیره أنّ الأصل عدم التکلیف بغسل النجاسة عن هذه الأشیاء (1).

قوله : فإن جواز الصلاة فی المحلّ لا یستلزم الطهارة ، کما بیّنّاه. ( 2 : 366 ).

ولا یخفی أنّ الصلاة فیهما لا یستلزم وضع الجبهة علی أرضهما ، والجواب عن أحدهما لا یستلزم الجواب عن الآخر. وعلی تقدیر الاستلزام لعله محمول علی التقیة ، لما مرّ. ولعل حال عدم الطهارة بمجرّد الجفاف وحال طهارة موضع السجدة واحدة بالقیاس إلی الإجماع ، فلا وجه للتشبّث به فی إثبات عدم اشتراط الطهارة من الروایة ، فتدبّر.

قوله : علی أنّ المراد أنّها تطهر. ( 2 : 367 ).

لا یخفی أنّ نظر الشیخ فی حکمه فی الموضع الآخر إلی ما رواه هو والکافی بسندهما الصحیح إلی زرارة وحدید بن الحکیم ، قالا : قلنا لأبی عبد الله علیه السلام : السطح یصیبه البول ، أیصلّی فی ذلک الموضع؟ فقال : « إن کان یصیبه الشمس والریح وکان جافّا فلا بأس به ، إلاّ أن یتخذ مبالا » (2) ،

حکم الجفاف بغیر الشمس من ریح أو غیرها

ص: 273


1- المدارک 2 : 374.
2- الکافی 3 : 392 / 23 ، التهذیب 2 : 376 / 1567 ، الوسائل 3 : 451 أبواب النجاسات ب 29 ح 2.

وکلمة الواو بمعنی « أو » ، لأنّ اشتراط التطهیر بهما معا مخالف للإجماع والأخبار المستفیضة ، إذ المستفاد من کل منهما أنّ الشمس إمّا مطهّرة مطلقا أو لا مطلقا. ولمّا کان الظاهر منهما أنّها مطهّرة مطلقا ، وهذا الحدیث أیضا حجّة بمقتضی الدلیل والظاهر ، ویظهر منه أنّ الریح حاله حال الشمس ، ویظهر منه أیضا اشتراط جواز الصلاة بإصابة الشمس والریح ، فیظهر منه کونهما مطهّرین ، وکون حالهما واحدا فی التأثیر ، هذا.

مع أنّ الجمعیة معنی مجازی لکلمة « واو » أعنی المعیة ، بل معناه الحقیقی مشارکة المعطوف للمعطوف علیه فی ما حکم علیه ، وأیضا العطف فی قوة تکریر العامل ، فیصیر الحدیث هکذا : إن کان تصیبه الشمس وإن کان تصیبه الریح فلا بأس ، فظاهر هذا هو ما أفتی به الشیخ.

فظهر ممّا ذکرنا أنّ هذا الحدیث الصحیح من الشیخین فی الکتابین أیضا دلیل من الأدلة الدالة علی تطهیر الشمس ، وحمل علی إعانة الریح فی الجفاف (1) ، وهو لا ینافی مطهّریة الشمس.

ولا یخفی أنّ الکلینی رحمه الله ظاهره موافقة الشیخ فی هذا الموضع.

والتنافی فی کلامی الشیخ باق ، واختلاف الرأی منه ومن غیره من المجتهدین غیر عزیز ، بل العزیز عدم الاختلاف ، بل ربما جعل عدمه مانعا لتحقّق الاجتهاد وحصول الرتبة.

ویمکن الاستدلال لهما بروایتی علی بن جعفر المتقدّمتین ، وموثقة عمّار عن الصادق علیه السلام : الباریة یبلّ قصبها بماء قذر ، هل یجوز الصلاة

ص: 274


1- انظر مرآة العقول 15 : 298.

علیها؟ فقال : « إذا جفّت فلا بأس بالصلاة علیها (1) » (2) بحمل الأخبار علی هبوب الریح ، بناء علی عدم الانفکاک غالبا عادة ، لکن ما ذکر عن المنتهی فی الفرع الأوّل ربما یمنع عن الاعتماد والوثوق ، فلیتأمّل.

وبالجملة : إنّ کان مثل ما ذکره حجّة فلا وجه للتأمّل فی مطهّریة الشمس ، وإلاّ فلا وجه للتأمّل فی ما أفتی به الشیخ ، فتأمّل.

قوله : والمعتمد الطهارة. ( 2 : 368 ).

لعل الأولی أن یجعل الدلیلان دلیلا واحدا ، بأن یقال : الأصل طهارة الأشیاء ، ولا دلیل علی نجاسته سوی کونه عذرة مثلا ، والآن لیس بعذرة قطعا ، فتأمّل.

قوله (3) : لأنّها الأصل فی الأشیاء. ( 2 : 368 ).

ویمکن الاستشهاد بالإطلاقات الواردة فی إسراج الدهن النجس (4) ، فتأمّل.

قوله (5) : ولأنّ الحکم بالنجاسة معلّق علی الاسم فیزول بزواله. ( 2 : 368 ).

لعل مراده من زوال الاسم زوال الحقیقة والماهیة ، وإلاّ یشکل الأمر فی کثیر من المواضع ، مثل صیرورة الطین آجرا ، والعجین خبزا وغیر

مطهریة الاستحالة بالنار وغیرها

ص: 275


1- الفقیه 1 : 158 / 738 ، التهذیب 2 : 370 / 1539 ، الوسائل 3 : 454 أبواب النجاسات ب 30 ح 5.
2- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : بناء هذا الاستدلال علی ما ادّعاه الشارح ( الشیخ ) من الملازمة بین الصلاة فی المکان وإصابة الجبهة ، فتدبّر.
3- هذا الحاشیة لیست فی « ا ».
4- انظر الوسائل 17 : 97 أبواب ما یکتسب به ب 6.
5- هذه الحاشیة لیست فی « ب ».

ذلک ، فتأمّل.

قوله : کما یتوقّف علیه ابتداؤه. ( 2 : 368 ).

قد بیّنا فی رسالتنا فی الاستصحاب أنّه لا یجری فی الموضع الذی تتغیر ماهیته وتتحقّق استحالته (1) ، فلیلاحظ.

قوله (2) : وعلی هذا یکون إسناد التطهیر إلی النار حقیقة. ( 2 : 368 ).

فالضمیر یرجع إلی الجصّ الممزوج بالعذرة المحترقة عادة ، وأمّا استناد التطهیر إلی الماء فلعله لاحتمال أن یکون الجصّ ینجس بالدسومة الخارجة عن عظام الموتی بالاحتراق ، وورد : رشّ الماء وصبّه علی الموضع الذی شک فی نجاسته (3) ، فهذا الصبّ أیضا نوع تطهیر ورفع قذارة شرعا.

قوله : وتکون الطهارة الشرعیة مستفادة. ( 2 : 368 ).

لکن علی هذا لا یظهر أنّ المطهّر ما ذا؟ والمطهّرات محصورة معروفة لم یوجد شی ء فی المقام ، فتأمّل.

قوله : وخبر الحسن بن محبوب المقدم. ( 2 : 369 ).

وجه الاستدلال به أنّ المعصوم علیه السلام لم یفصّل بأنّ العظام کانت رطبة أو یابسة ، وکذا الجصّ ، مع أنّه فی الغالب بمجرّد الاحتراق یخرج منها دسومة وتصل الجصّ ، وفی الغالب تکون العظام المذکورة نجسة ، فتأمّل.

حکم اللبن المضروب من طین نجس

ص: 276


1- رسالة الاستصحاب ( الرسائل الأصولیة ) : 443.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- الوسائل 3 : 466 أبواب النجاسات ب 37 ح 2 ، المستدرک 2 : 583 أبواب النجاسات ب 30 ح 3.

قوله : جعل الله التراب طهورا. ( 2 : 369 ).

یمکن المناقشة بأنّ المفرد المحلّی باللام ینصرف إلی الأفراد المتعارفة الشائعة.

قوله : أمّا الثانیة فبالإرسال. ( 2 : 370 ).

لا طعن فیها ، لما عرفت مرارا.

قوله : ما یدل علی نجاسة العجین صریحا. ( 2 : 371 ).

الظهور کاف ، والظاهر منها النجاسة ، نعم بعد ما ثبت من الأدلة من أنّ البئر لا ینفعل بالملاقاة ترتفع الدلالة ، فتأمّل.

قوله : فجاز أن تکون طاهرة. ( 2 : 371 ).

بعید ، نعم لا یظهر منها تحقّق العلم بالنجاسة حال الاستعمال ، والأصل الطهارة حتی یستیقن النجاسة ، فتأمّل.

قوله : فلا مانع من جواز بیعه من المسلم. ( 2 : 371 ).

المانع من البیع عندهم لیس منحصرا فی عدم جواز الانتفاع ، بل الأعیان المتنجّسة التی لا تقبل الطهارة لا یجوز عندهم بیعها ، کما یعلم من موضعه.

قوله : لعدم ثبوت کون ذلک مأثما. ( 2 : 371 ).

الکفّار عندنا مکلّفون فی الفروع ، فتتحقّق الإعانة فی الإثم ، نعم یتوجه هذا علی العلاّمة رحمه الله أیضا من جهة حکمه بجواز البیع من الحربی ، فتأمّل.

قوله : وکذا الکلام فی الحنطة والسمسم إذا انتقعا فی الماء النجس. ( 2 : 371 ).

فیه ما مرّ عند قول المصنّف : ویعصر الثیاب من النجاسات ، عند

حکم العجین النجس

ص: 277

قولهم : إنّ ما لا ینفصل الغسالة عنه یطهر بالکثیر أو الجاری (1).

قوله : ومقتضی کلامه. ( 2 : 372 ).

فی دلالته ضعف وتأمّل.

قوله : وربما ظهر من کلام الشیخ فی الخلاف. ( 2 : 372 ).

فی الظهور تأمّل ، بل الظاهر أنّ استدلاله فیه غفلة منه ، فتأمّل جدّا.

قوله : قال : « لا بأس إذا کان خمس عشرة ذراعا أو نحو ذلک » ( 2 : 373 ).

لعل التخصیص بخمسة عشر بناء علی أنّ الغالب عدم التطهیر بأقل من ذلک من النجاسات المتعارفة ، فتأمّل.

قوله : ویعضد هذه الروایات. مع انتفاء الأمر به علی الخصوص ( 2 : 374 ).

هذا مبنی علی منعه حجّیة الاستصحاب ، لکنه مخالف لطریقته فی کثیر من المواضع ، حیث یقول : ثبت نجاسته شرعا ، فلا بدّ من ثبوت طهارته شرعا ، وأیضا حال الأرض حال الشمس ، وقد مرّ منه فی الشمس ما مرّ ، وسیجی ء فی عدم طهارة أسفل العصا والرمح أیضا ما یخالف المقام (2).

قوله : فما لا جرم له أولی. ( 2 : 374 ).

فی القیاس بطریق الأولویة هنا نظر ظاهر ، فالعمدة إطلاق النص والفتوی.

مطهریة الأرض

تطهر الأرض باطن الخف والقدم

ص: 278


1- راجع ص 231.
2- انظر المدارک 2 : 375.

قوله : ویبوستها. ( 2 : 374 ).

لا وجه لاعتبار الیبوسة ، بل اشتراط الطهارة مع یبوستها أیضا محلّ مناقشة ، فتأمّل.

وفی الصحیح عن جمیل بن درّاج ، عن المعلّی بن خنیس ، عن الصادق علیه السلام : الخنزیر یخرج من الماء فیمرّ علی الطریق فیسیل منه الماء ، وأمّر علیه حافیا ، فقال : « ألیس وراءه شی ء جافّ؟ » قلت : بلی ، قال : « فلا بأس ، إنّ الأرض یطهّر بعضها بعضا » (1) وربما کان فیها وفی روایة الأحول إیماء إلی طهارة الأرض المطهّر ، فتأمّل ، ولعله أحوط.

قوله : « ما أصابه من الماء أکثر منه ». ( 2 : 375 ).

وبما یظهر من قوله علیه السلام : « ما أصابه من الماء أکثر منه » عدم اختصاص هذا الحکم بماء المطر ، بل کون ذلک حکم الماء من حیث هو هو. وقوله : فیکف ، معناه : فیقطر ، وربما کان معناه : یقطر من السقف ، بعنوان غور الماء فیه وخروجه من طرف داخل البیت.

لکن روی الشیخ بإسناده الصحیح ، عن جعفر بن بشیر ، عن عمر بن الولید ، عن أبی بصیر ، عن الصادق علیه السلام : عن الکنیف یکون خارجا فتمطر السماء ، فتقطر علیّ القطرة ، قال : « لیس به بأس » (2) ویعضد الروایة عمل الأصحاب والشهرة فی الفتوی ، ومرسلة الکاهلی.

قوله : ثبوت البأس فی أخذ ذلک الماء للوضوء مع عدم الجریان. ( 2 : 376 ).

المتبادر من البأس فی مثل المقام هو النجاسة ، ومفهوم الشرط حجّة ،

حکم ماء الغیث الواقع علی النجاسة

ص: 279


1- الکافی 3 : 39 / 5 ، الوسائل 3 : 458 أبواب النجاسات ب 32 ح 3.
2- التهذیب 1 : 424 / 1348 ، الوسائل 1 : 147 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 8.

ویمکن حمل المطلق علی المقید ، سیّما إذا کان المقید أغلب ، فتأمّل. ویعضده استصحاب النجاسة حتی یثبت خلافها.

ثم إنّه نقل عدم الخلاف فی أنّ ماء المطر لا ینفعل بالملاقاة (1) ، فتأمّل فیه. والظاهر أن ماء المطر لا ینفعل بالملاقاة ، إلاّ أن تطهیره لا یبعد أن یعتبر فیه الجریان ، والله یعلم.

قوله : فلا یتعین کونه جاریا من میزاب ونحوه. ( 2 : 376 ).

لعل مراد الشیخ مجرّد الجریان ، ویکون مثل المیزاب علی سبیل المثال ، وأنّه المعروف (2) لتحقّق الجریان ، فتأمّل.

قوله : وروی أبو هریرة. ( 2 : 378 ).

قیل : هذه الروایة وردت بمتن آخر أیضا ، وهو أنّه صلی الله علیه و آله أمر بنقل التراب النجس ، ثم أمر بذنوب من الماء فأهریق علیه (3). ولهذا لم یعمل بها بهذا المتن.

قوله : لا بأس به. ( 2 : 378 ).

قد تقدم الکلام منا فی ذلک فی بحث انفعال الماء القلیل بالملاقاة (4).

قوله : قد روی بعض أصحابنا. ( 2 : 379 ).

فیه شهادة علی أنّ المراد من الآنیة أعم ممّا هو المتبادر منه ، فتأمّل.

قوله (5) : فیکون سرفا. ( 2 : 380 ).

الأوانی والجلود

حرمة الأکل والشرب فی آنیة الذهب والفضة

ص: 280


1- انظر الذخیرة : 121.
2- فی « ب » و « ج » و « د » : المعرّف.
3- انظر المعتبر 1 : 449 ، وسنن أبی داود 1 : 103 / 381.
4- راجع ج 1 : 60 - 63.
5- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».

فیه أیضا ما لا یخفی.

قوله : وطلب الرئاسة المهلکة ( 2 : 380 ).

لا یخفی ما فیه ، فإنّ طلب الرئاسة (1) لا ینحصر فی خصوص الظرف ، ولا فی الذهب والفضّة ، سیّما الفضّة ، إذ الجواهر لا مناسبة بینها وبین الفضّة فی علوّ الثمن (2) وحصول الرفعة ، فتأمّل.

قوله : تردّد ، منشؤه. ( 2 : 381 ).

لا تردّد فی کونهما آنیة حقیقة ، نعم یمکن دعوی عدم کونهما من الأفراد المتبادرة ، مع تأمّل فی ذلک ، مع أنّک عرفت أنّ صحیحة ابن بزیع یشهد علی المنع کیف کان ، وکذا ما سیذکره من تلک الصحیحة.

وفی الفقیه ، عن برید ، عن الصادق علیه السلام : کره الشرب فی الفضّة ، وفی القدح المفضّض ، وکذلک التدهّن من مدهن مفضّض ، والمشط کذلک (3).

وفی الکافی والتهذیب ، فی الصحیح عن الکاظم علیه السلام : عن السرج واللجام فیه الفضّة ، أیرکب به؟ قال : « إن کان مموها لا یقدر علی نزعه فلا بأس ، وإلاّ فلا یرکب به » (4) ، والمموه : ان یکون طلی بفضّة أو ذهب.

وفی الکافی ، بسنده عن الصادق علیه السلام : عن السریر فیه الذهب ، أیصلح إمساکه فی البیت؟ فقال : « إن کان ذهبا فلا ، وإن کان ماء الذهب

کراهة استعمال الإناء المفضّض

ص: 281


1- فی « ج » و « د » زیادة : المهلکة.
2- فی « ج » و « د » : الشأن.
3- الفقیه 3 : 222 / 1032 ، المحاسن : 582 / 66 ، الکافی 6 : 267 / 5 ، الوسائل 3 : 509 أبواب النجاسات ب 66 ح 2 ، 3.
4- الکافی 6 : 541 / 3 ، التهذیب 6 : 166 / 313 ، الوسائل 11 : 497 أبواب أحکام الدوابّ ب 21 ح 1.

فلا بأس » (1). لکن ورد فی الأخبار عدم البأس فی تحلیة السیف بالذهب والفضّة ، وأنّ نعل سیف رسول الله صلی الله علیه و آله وقائمته فضّة ، وفیه أیضا حلق من فضّة ، وکذا فی درعه (2).

قوله : فیه ضبّة فضّة. ( 2 : 383 ).

وفی الکافی ، بسنده إلی عمرو بن أبی المقدام : أنه رأی الصادق علیه السلام قد اتی بقدح من ماء فیه ضبّة من فضّة نزعها بأسنانه (3).

قوله : لأنّ الماء أسرع نفوذا من غیره. ( 2 : 389 ).

ربما یبقی فی مسامات الظروف المذکورة الأجزاء الخمریة الیابسة المنجمدة العالقة ، فإن علم زوالها فلا کلام فی حصول الطهارة ، وإلاّ فبمجرّد الاستدلال بکون الماء أسرع نفوذا لا یحصل العلم بالزوال ، بل ولا الظنّ.

قوله : والجواب عن الأوّل أوّلا بالمنع عن ما ذکره. ( 2 : 389 ).

المنع لا یکفی فی ثبوت المطهّر الشرعی بعد الحکم بالنجاسة الشرعیة.

قوله : فیتصل بما یحصل فیه من المأکول والمشروب ( 2 : 389 ).

فیه : أنّه ینجس المأکول والمشروب حینئذ ، والکلام إنّما هو علی تقدیر نجاسة الخمر ، کما هو المشهور والأقوی.

کراهة استعمال الأوانی الخشبیّة ونحوها

ص: 282


1- الکافی 6 : 476 / 10 ، الوسائل 3 : 510 أبواب النجاسات ب 67 ح 1.
2- الوسائل 5 : 104 أبواب أحکام الملابس ب 64.
3- الکافی 6 : 267 / 6 ، الوسائل 3 : 510 أبواب النجاسات ب 66 ح 6.

والحاصل : أنّ أجزاء الخمر إن کانت تزول بالغسل البتّة - کما ذکره - فلا وجه للنهی ، وإن کان من الجهة التی ذکرها ، مع أنّها بعینها کلام المستدل ومطلوبه ، وإلاّ فلا وجه لما ذکره : من أنّ الماء أسرع نفوذا ، ولا شی ء من جوابیه.

قوله : ویغسل الإناء. ( 2 : 390 ).

فی الفقه الرضوی : « فإن وقع فی الإناء وزغ أهریق ذلک الماء - أی ماء الإناء - ، وإن وقع کلب أو شرب منه أهریق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات ، مرّة بالتراب ، ومرّتین بالماء ، ثم یجفّف » (1).

قوله (2) : إلاّ أنّ المصنف فی المعتبر نقله بزیادة لفظ مرّتین. ( 2 : 390 ).

وفی الغوالی أیضا نقل الحدیث بلفظ مرّتین (3).

قوله : ولا یبعد أن تکون الزیادة وقعت سهوا. ( 2 : 391 ).

لا یخفی ما فیه ، إذ کیف یتحقق إجماع من الأصحاب ، واتفاق قدمائهم ومتأخّریهم علی الفتوی بتکرار الغسل ، وأفتی المصنّف أیضا فی کتبه کذلک ، ویأتی بدلیل لذلک ویرید إثباته من الحدیث (4) ، فکیف یجوز کون ذلک محض سهو من قلم الناسخ ، والباقون قلّدوه؟ إذ لعلهم اطلعوا علی کون الحدیث کذلک فی کتاب مدینة العلم أو غیره من الأصول ، ویشیر إلی ذلک وجود لفظ « مرّتین » فی الفقه الرضوی ، واتفاق القدماء

حکم الإناء الذی ولغ فیه الکلب

ص: 283


1- فقه الرضا علیه السلام : 93 ، المستدرک 2 : 602 أبواب النجاسات ب 45 ح 1.
2- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
3- عوالی اللآلئ 2 : 212 / 143 ، 4 : 48 / 171.
4- انظر الشرائع 1 : 56 ، والمعتبر 1 : 458.

والمتأخّرین ، ونقل الإجماع (1).

وکیف کان لا تأمّل فی الفتوی ، للإجماع المنقول ، والفقه الرضوی المنجبر بعمل الأصحاب ، سیّما فی المقام ، لاتفاقهم علی عدم الاکتفاء بالمرّة. ویعضده أیضا ما سیجی ء فی قول المصنف : ومن غیر ذلک مرّة. ، فتأمّل.

وأیضا کیف یوجب الغسل مرّتین فی نجاسة غیر الولوغ ، ویکتفی فیها بالمرّة؟ فیمکن أن یکون المراد : اغسله أوّل مرّة بالتراب ثم بالماء ، یعنی : علی الطریقة المعهودة فی الغسل ، فتأمّل.

قوله : واعتبار التجفیف. ( 2 : 391 ).

ذکر فی الفقه الرضوی (2) وطریقته العمل به.

قوله : ومع تعذّر الحقیقة یصار إلی أقرب المجازات. ( 2 : 392 ).

لکن یوجب کون التراب مستعملا فی معناه المجازی ، والأصل فی استعماله الحقیقة ، وهو أولی من أقربیة المجاز ، فعلی تقدیر المزج یتحقّق مجازان ، وعلی المشهور یتحقّق مجاز واحد ، فهو أولی جزما ، فتأمّل. والأحوط فعلهما معا ، تحصیلا للطهارة الیقینیة.

قوله : وألحق ابن بابویه. ولا نعلم مأخذه. ( 2 : 393 ).

قد عرفت مستنده ، وأنّه الفقه الرضوی.

قوله : لو أصاب الثوب أو الجسد أو الإناء. ( 2 : 393 ).

ص: 284


1- انظر الانتصار : 9 ، والخلاف 1 : 175 ، والغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 551 ، والمنتهی 1 : 187 ، والذکری : 15.
2- راجع ص 283.

لا یبعد الحکم بوجوب التعفیر وغسل الظرف بالماء مرّتین بانصباب ماء الولوغ فیه ، سیّما إذا انصبّ جمیع الماء فیه ، إذ مدخلیة کونه فی الإناء الأوّل فی الحکم المذکور لعلّه فی غایة البعد ، فیضعف شمول العمومات الدالة علی تطهیر النجاسات بمجرّد الغسل لهذه الصورة ، - علی تقدیر تسلیم العموم - والنجاسة ثابتة مستصحبة حتی یثبت خلافه. ویمکن أن یقال بمثل ذلک إذا انصبّ جمیع الغسالة فیه. بل استقرب العلاّمة فی النهایة إلحاق هذا الماء بالولوغ ، وعلّله بوجود الرطوبة اللعابیة (1) ، فتأمّل.

قوله : لحصول الغرض من الإزالة. ( 2 : 396 ).

الطهارة تحتاج إلی دلیل شرعی ، لأنّه محکوم بالنجاسة شرعا ، فلا بدّ من ثبوت رافع لها ، إلاّ أن یکون الغرض الاستناد إلی الإطلاقات والعمومات لو کانت ، والموثق حجّة ، والشیخ ادّعی إجماع الشیعة علی العمل بروایات عمّار ومن ماثله (2) ، فتأمّل.

قوله : بما رواه عن عمّار الساباطی. ( 2 : 397 ).

لعلّ مراده منها ما رواه عن الصادق علیه السلام أنّه سأله عن الدنّ یکون فیه الخمر ، هل یصلح أن یکون فیه خلّ أو ماء أو کامخ أو زیتون؟ قال : « إذا غسل فلا بأس وعن الإبریق وغیره یکون فیه خمر ، أیصلح أن یکون فیه ماء؟ قال : « إذا غسل فلا بأس ». لکن بعد هذا بلا فصل قال : فی قدح أو إناء یشرب فیه الخمر ، قال : « یغسله ثلاث مرّات » سئل : أیجزیه أن یصبّ فیه الماء؟ قال : « لا یجزیه حتی یدلکه بیده ویغسله ثلاث مرّات » سئل : أیجزیه أن یصبّ فیه الماء؟ قال : « لا یجزیه حتی یدلکه بیده ویغسله

وجوب غسل الإناء من الخمر ثلاث مرّات

حکم التعدد فی غسل الإناء من سائر النجاسات

ص: 285


1- نهایة الإحکام 1 : 295.
2- انظر عدّة الأصول 1 : 380.

ثلاث مرّات » (1) وفیه ما لا یخفی.

والموثق حجّة ، سیّما مع دعوی الشیخ اتفاق العصابة علی العمل بروایات عمّار ومن ماثله ، وخصوصا بعد ثبوت النجاسة وتحقّقها شرعا ، وکون الإزالة تحتاج إلی دلیل شرعی من إجماع أو عموم ، فتأمّل.

ص: 286


1- الکافی 6 : 427 / 1 ، التهذیب 1 : 283 / 830 ، الوسائل 3 : 494 أبواب النجاسات ب 51 ح 1.

کتاب الصلاة

قوله : والظاهر أنّ هذا المعنی لیس بحقیقة لغة. ( 3 : 5 ).

ویمکن أن یکون لفظ الصلاة ، والزکاة ، والحجّ ، والصوم ، والغسل وما یرادف هذه الألفاظ فی لغة غیر العرب صارت حقیقة فی العبادة المخصوصة فی الشرع المتقدّم علی شرع الرسول صلی الله علیه و آله ، فإنّ کفّار العرب کانوا قبل الرسول یحجّون وکانوا یسمّون ذلک حجّا ، وکذا الیهود والنصاری کانوا یصلّون بحسب شرعهم ، وکان العرب یسمّی صلاة ، وغیر العرب ما یرادف ذلک اللفظ ، وکذا کانوا یصومون ویزکّون ویغتسلون من الجنابة ، فلا یبعد صیرورة تلک الألفاظ حقائق فی عباداتهم قبل زمان الرسول صلی الله علیه و آله ، والرسول غیّر بعض أجزاء عباداتهم أو أکثرها ، ولا یقتضی ذلک تغیّر الاستعمال بحسب الحقیقة ، کما هو الحال فی المعاملات ، فتأمّل (1).

قوله : إذ لا یفهم عند الإطلاق من لفظ الصلاة عند أهل العرف إلاّ ذات الرکوع أو السجود أو ما قام مقامهما. ( 3 : 8 ).

کتاب الصلاة

فی معنی الصلاة لغةً

ص: 287


1- لیس فی « و».

سیذکر رحمه الله أنّ المتبادر من لفظ الصلاة هو الفریضة الیومیة ، وهو کذلک ، إلاّ أنّ عدم صحة السلب دلیل الحقیقة ، ولعلّه موجود فی صلاة المیّت أیضا ، فتأمّل.

قوله : ونقل الشیخ فیه الإجماع. ( 3 : 10 ).

ربما یظهر من کلامه فی التهذیب وقوع الخلاف فی النوافل النهاریة دون اللیلیة ، وأنّه فهم الخلاف من الأخبار (1).

قوله : إذ لا دلالة فی ما تضمّن الأقل علی نفی استحباب الزائد. ( 3 : 12 ).

فی جملة الحدیث المعروف الذی رواه عبد الله بن زرارة عن الصادق علیه السلام فی اعتذاره إلی زرارة من جهة ذمّة له - وهو مذکور فی الکشّی - : « فلا یضیقنّ صدرک من الذی أمرک أبی وآمرک وأتاک أبو بصیر بخلاف الذی أمرناک ، فلا والله ما أمرناک ولا أمرناه إلاّ بأمر وسعنا ووسعکم الأخذ به ، ولکل ذلک عندنا تصاریف ومعان یوافق الحق ». إلی أن قال : « وعلیک بالصلاة الستة والأربعین » إلی أن قال : « والذی أتاک به أبو بصیر من صلاة إحدی وخمسین والإهلال بالتمتّع بالعمرة إلی الحجّ فلذلک عندنا معان وتصاریف یسعنا ویسعکم ، ولا یخالف شی ء من ذلک الحقّ ولا یضادّه » (2) فلاحظ الحدیث وتأمّل مجموعه ، فإنّ فیه فوائد عظیمة.

قوله : ونافلة العصر ثمان رکعات قبلها ( 3 : 13 ).

قال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأنّ نافلة العصر ثمان رکعات قبلها ، والمغرب أربع رکعات بعدها ، والعشاء رکعتان من جلوس

أعداد الصلاة

نوافل الصلوات

نوافل الظهر والعصر

ص: 288


1- التهذیب 2 : 9.
2- رجال الکشی 1 : 349 / 221 ، الوسائل 11 : 257 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 11.

تحسبان برکعة ، وهی وتر لمن لم یلحق الوتر فی آخر اللیل (1) ، انتهی. وکذا فی عیون أخبار الرضا علیه السلام فی ما کتب للمأمون من محض الإسلام إلی قوله : « وهی وتر. » (2).

قوله : الأفضل المبادرة بها. ( 3 : 14 ).

فی کشف الغمّة أنّ الجواد علیه السلام صلّی المغرب ، فقرأ فی الأولی الحمد وإذا جاء نصر الله ، وفی الثانیة الحمد وقل هو الله أحد ، وصلّی الثالثة وتشهّد وسلّم ، ثم جلس هنیئة یذکر الله تعالی ، وقام من غیر أن یعقّب ، فصلّی النوافل أربع رکعات ، وعقّب بعدها ، وسجد سجدتی الشکر ، الحدیث (3) ، لکن فی روایة رجاء بن أبی ضحّاک فی العیون : أنّ الرضا علیه السلام کان إذا صلّی المغرب وسلّم جلس فی مصلاّه یسبّح الله ویحمده ویهلّله ما شاء الله ، ثم یسجد سجدة الشکر ، ثم یرفع رأسه ولم یتکلم حتی یقوم ویصلّی أربع رکعات بتسلیمتین ، الحدیث (4).

قوله : والظاهر أنّ المراد به سجدة الشکر والکل حسن. ( 3 : 16 ).

وقد ذکرنا ذلک عن الرضا علیه السلام ، وذکرنا عن الجواد علیه السلام أنّه سجد بعد السابعة ، فالکل حسن ، کما قال. ( لکن اختیار السابقة أولی ، لاحتمال کون ما نقل بعد الثلاث غیر سجدتی الشکر ) (5).

کراهة الکلام بین المغرب ونافلتها

ص: 289


1- أمالی الصدوق : 511.
2- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 121 / 1.
3- کشف الغمّة 2 : 358.
4- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 180 / 5 ، الوسائل 4 : 55 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.
5- ما بین القوسین لیس فی « ا ».

قوله : لورود النصّ علی الجلوس فیهما فی الروایات الکثیرة. ( 3 : 16 ).

الظاهر من الأخبار أنّ وضع هذه الصلاة من جلوس تکمیلا للخمسین (1) ، وإن صلّیت قائما فهو أفضل من الجلوس ، من حیث إنّه أحمز ، ومن روایة سلیمان والحارث. والقیام هنا أمر زائد علی نفس الصلاة بحسب الوضع ، کما أنّه یذکر فی الرکوع ألف تسبیح أو خمسمائة ، فإنّه ثواب زائد علی حدة.

قوله : السادسة : المستفاد من الروایات الصحیحة المستفیضة أنّ الوتر اسم للرکعات الثلاث. ( 3 : 17 ).

المستفاد هو الإطلاق ، وهو أعمّ من الحقیقة ، وأطلق فی الأخبار علی الرکعة الواحدة أیضا مکرّرا ، منها ما سنذکره فی الفائدة السابعة عن العیون (2) ، ولعلّه فی اصطلاحنا مشترک بینهما.

قوله : وتارة بأنّ المراد من التسلیم ما یستباح به من الکلام وغیره. ( 3 : 18 ).

هذا فی غایة الغرابة بعد ورود النص علی کون الوتر ثلاث رکعات مفصولة ، وأنّ الفصل بینها متفق علیه بین الأصحاب ، فیتعیّن أن یکون هو الحجّة ، وهو اللازم.

وأمّا ما ورد من الأخبار المعارضة فعلی القول باستحباب التسلیم - کما هو رأی الشیخ رحمه الله ومن وافقه - لا معارضة أصلا ، فإنّ القول بأنّ صلاة الظهر للإنسان أن یسلّم فیها وأن لا یسلّم ، لا یقتضی أن یجوز الفصل

إنّ الجلوس فی الرکعتین اللتین بعد الشعاء أفضل من القیام

المستفاد من الروایات أنّ الوتر اسم للرکعات الثلاثة

ص: 290


1- انظر الوسائل 4 : 94 أبواب أعداد الفرائض ب 29.
2- یأتی فی ص 292.

والوصل بین الظهر والعصر ، بأن یکون المکلّف مخیّرا بین الثمان الرکعات متصلات أو أربع وأربع.

وعلی القول بالوجوب فیمکن أن یقال بالاستحباب فی الصلاة المستحبّة ، کقراءة السورة بعد الحمد.

وعلی القول بالوجوب الشرطی فیها أیضا فیمکن استثناء الوتر ، بأن یقال بالاستحباب فیها خاصّة.

وإن کان إجماع مرکّب لا یمکن من [ جهته ] (1) القول بالفصل فیتعیّن الحمل علی التقیّة أو علی أن المراد « السّلام علیکم ». ومن تأمّل الأخبار یجد أنّ السّلام المطلق منصرف إلیه. فلا بعد أصلا بعد ظهور ذلک من أخبار متعدّدة ، والله یعلم.

مع أنّ الخبر إذا کان شاذّا لا بدّ من طرحه وعدم العمل به ، فعلی فرض دلالتها علی ما ذکر یکون اللازم عدم جواز العمل به ، وإذا احتمل التقیّة تعیّن الحمل ، إذ الراجح حینئذ الحمل علیها ، وکذا لو احتمل غیرها. والشیخ أعرف بمذاهب العامّة والخاصّة والضرورة وغیرها. والأئمّة علیهم السلام أمرونا بالأخذ بما خالف العامّة وترک ما وافقهم ، وأنّ الرشد فی خلافهم (2) ، وأمثال ذلک فی أخبار لا تحصی ، کما أمرونا بالأخذ بما اشتهر بین أصحابنا وما یشبه أحکامهم (3) وأمثال ذلک.

قوله : وکلّ ذلک خروج عن الظاهر من غیر ضرورة. ( 3 : 18 ).

حمل المعارض علی الاستحباب أیضا خروج عن الظاهر ، بل بعض

ص: 291


1- فی النسخ : جهة ، والظاهر ما أثبتناه.
2- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.
3- انظر الوسائل 27 : 106 أبواب صفات القاضی ب 9.

منها فی غایة البعد ، والشارح رحمه الله ما ذکره. مع أنّ الحمل علی « السّلام علیکم » لا خروج عن الظاهر بعد ملاحظة الأخبار ، وظهور تعارف إطلاق التسلیم علی خصوص « السّلام علیکم » ، وکذا الحمل علی التقیّة بعد ملاحظة ما ذکرنا ، بل ویتعیّن. مع أنّ رفع التعارض إن کان ضرورة فکیف یقول : من غیر ضرورة؟ وإلاّ فکیف یحمل علی الاستحباب الأخبار الکثیرة فی غایة الکثرة ، المتضمّنة لکون الثلاثة مفصولة شرعا ، والأمر بالفصل وغیر ذلک؟ مع کون ذلک مذهب الأصحاب موافقا لسائر الأخبار المتواترة ، والمعارض علی خلاف ذلک.

قوله : وقل هو الله أحد. ( 3 : 19 ).

وفی العیون فی روایة رجاء : أنّ الرضا علیه السلام کان یقرأ فی کلّ من رکعتی الشفع الحمد لله وقل هو الله أحد ثلاث مرّات ، وفی الوتر یتوجّه فیها ویقرأ بعد الحمد قل هو الله ثلاث مرّات ، وقل أعوذ بربّ الفلق مرّة ، وقل أعوذ بربّ الناس مرّة. وفی هذه الروایة : أنّه کان یقرأ فی الرکعتین الأوّلتین من صلاة اللیل ستّین مرّة قل هو الله فی کلّ رکعة ثلاثین مرّة (1). کما روی ذلک عن الصادق علیه السلام ، رواه الصدوق فی أمالیه : « وأنّه من فعل ذلک انفتل ولیس بینه وبین الله عزّ وجل ذنب » (2).

قوله : یستحبّ القنوت فی الرکعة الثالثة من الوتر. ( 3 : 19 ).

وفی العیون عن رجاء : أنّ الرضا علیه السلام کان یقنت فی الشفع أیضا بعد القراءة وقبل الرکوع (3).

آداب صلاة اللیل

ص: 292


1- راجع ص 289.
2- أمالی الصدوق : 462 / 5 ، الوسائل 6 : 130 أبواب القراءة فی الصلاة ب 54 ح 2.
3- راجع ص 289.

وما قیل : من أنّ فی الوتر - أی الرکعة الأخیرة - قنوتین ، أحدهما قبل الرکوع والآخر بعده (1) ، فلیس بشی ء بل الذی یقرأ بعد الرکوع هو دعاء ، وهو الذی یذکره الشارح رحمه الله ولیس کلّ دعاء قنوتا ، وإلاّ ففی الصلاة یتحقّق قنوتات کثیرة ، والقنوت مستحبّ فیه التکبیر ورفع الید فیه وفی تکبیره بالنحو المعهود.

قوله : الاستغفار سبعین مرّة. ( 3 : 19 ).

بأیّ کیفیة یکون ، لیس له کیفیة خاصّة ، وإن کان العمل بصحیحة عمر بن یزید أولی ، لأنّه مستحبّ علی حدة ، ولو قال : أستغفر الله ربّی وأتوب إلیه ، لعلّه أکمل ، فتأمّل.

قوله : وروی عن أبی الحسن علیه السلام . ( 3 : 21 ).

لا یخفی أنّ المستفاد من الروایة أنّ هذا مجرّد دعاء یقرأ بعنوان الدعاء ، لا أنّه قنوت یقرأ بعنوانه ، فلا حاجة إلی رفع الید وبسط الکفّ والتکبیر للرفع ، ولا نیّة القنوت ، ولا یستحبّ شی ء من ذلک له ، فما قیل : ( إنّ فی الوتر قنوتین : أحدهما قبل الرکوع والآخر بعده ، لم نجد مستنده ، وما قیل : ) (2) إنّ القنوت هو الدعاء (3) ، فیه ما فیه ، لما عرفت من أنّ الدعاء لا یستحبّ فیه شی ء مما ذکر ، ولا یفعل بنیّة القنوت ، مع أنّه لو کان کذلک ففیه قنوتات متعددة ، بل فی غیره أیضا من الصلوات ، فتدبّر.

قوله : من صلّی بین العشاءین رکعتین. ( 3 : 22 ).

وربما قیل : إنّ هاتین الرکعتین من جملة الأربع رکعات التی هی نافلة

ص: 293


1- انظر المعتبر 2 : 241.
2- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
3- انظر المعتبر 2 : 241.

المغرب (1) ، ولم نعرف مأخذه ، بل هذا خلاف ظاهر الخبر ، فتأمّل.

قوله : کان إذا اهتمّ ترک النافلة. ( 3 : 22 ).

مع أنّ مضمونهما ربما لا یخلو عن إشکال ، لأنّ همّ المعصوم علیه السلام لو کان من أمر دنیوی فهم علیهم السلام أمروا بالاستعانة بالصبر والصلاة ، وإلاّ کان اللازم الاهتمام بفعل الصلاة ، مع أنّه تعالی کان عندهم أحبّ کلّ شی ء ، وهمّهم کان مقصورا فیه ، وکانوا مستغرقین فی محبته تعالی لا یعتنون بشی ء بعده تعالی ، والله یعلم.

قوله : کصحیحة الحسن بن زیاد الصیقل. ( 3 : 25 ).

الروایتان الأوّلتان وإن لم تکونا صحیحتین ، إلاّ أنّهما منجبرتان بالشهرة العظیمة.

وأمّا صحیحة حمّاد فالظاهر منها أیضا صحة النافلة جلوسا ، إلاّ أنّ مقتضاها نقص مثل هذه عن صلاة القائم ، وهو موافق لعموم : « أفضل الأعمال أحمزها » (2) ، لکن ورد فی بعض الأخبار : أنّ النافلة جلوسا تامّة کاملة للشیعة أو للمؤمنین (3) ، فلاحظ وتأمّل ، ومع ذلک ظاهر أنّ القیام لهم أشقّ وأحمز ، فیکون هذا فضیلة زائدة عن نفس صلاتهم ، فتأمّل.

قوله : وربما کان مستنده ما رواه ابن بابویه عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام . ( 3 : 27 ).

وفی العیون فی روایة رجاء المعتمد علیها أنّ الرضا علیه السلام کان یصلّی

جواز الجلوس فی النافلة مع الاختیار

الکلام فی سقوط الوتیرة فی السفر

ص: 294


1- انظر روضة المتقین 2 : 289 ، والبحار 84 : 101.
2- النهایة لابن الأثیر 1 : 440 ، مجمع البحرین 4 : 16 ، البحار 67 : 191 ، 237.
3- الکافی 3 : 410 / 2 ، الفقیه 1 : 238 / 1048 ، التهذیب 2 : 170 / 677 ، الوسائل 5 : 492 أبواب القیام ب 5 ح 1.

الوتیرة فی السفر (1). ویؤیّده أیضا : ما ورد فی بعض الأخبار من تقیید الصلاة التی تصیر فی السفر رکعتین - لا قبلهما ولا بعدهما شی ء - بالنهاریة (2) ، فلاحظ.

ویؤیّده أیضا : ما فی بعض الأخبار أنّ الوتیرة وتر تقدّم من جهة أنّها ربما تفوت من الإنسان ، ومن کان یؤمن بالله ورسوله لا یبیتنّ إلاّ بوتر (3). مع أنّ السنن یسامح فی أدلّتها ، فتأمّل.

وفی الفقه الرضوی تصریح بعدم سقوط الوتیرة فیه (4). وقال الصدوق رحمه الله فی أمالیه : من دین الإمامیة الإقرار بأن لا یصلّی فی السفر من نوافل النهار شی ء ، ولا یترک فیه من نوافل اللیل شی ء (5).

قوله : ولم یثبت توثیقهما. ( 3 : 27 ).

لکنّهما من مشایخ الإجازة ، وربما یحکم الشارح بصحّة حدیث أمثالهما ، بل وصحّة حدیثهما (6) ، علی ما أظنّ.

قوله (7) : سواء قلنا بتعیّن الإتمام أو جوازه ( 3 : 28 ).

بل وتعیّن القصر أیضا ، کما یظهر من بعض الأخبار (8) ، فلاحظ

إشارة إلی أن عبد الواحد بن عبدوس وعلی بن محمّد القتیبی من مشایخ الإجازة

ص: 295


1- لم نعثر علی هذه الفقرة فی روایة رجاء ( العیون 2 : 180 - 183 ) ولکنها موجودة فی روایة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام ، انظر الفقیه 1 : 290 / 1320 ، الوسائل 4 : 95 أبواب أعداد الفرائض ب 29 ح 3.
2- الوسائل 4 : 81 أبواب أعداد الفرائض ب 21.
3- الوسائل 4 : 94 أبواب أعداد الفرائض ب 29.
4- فقه الرضا علیه السلام : 159 ، المستدرک 6 : 538 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 4.
5- أمالی الصدوق : 514.
6- انظر المدارک 6 : 84.
7- هذه الحاشیة لیست فی « ج ».
8- الوسائل 8 : 524 أبواب صلاة المسافر ب 25.

وتأمّل.

قوله : ولیس هذا ممّا یخالف الحدیث الأوّل أنّ لها وقتا واحدا. ( 3 : 31 ).

مقتضی ما ذکر أنّ بعد سقوط الشفق لا وقت للمغرب أصلا ، کما سننقله عن الخلاف. وأمّا علی طریقة القوم - غیر الخلاف - فلا یتمشّی هذا التوجیه ، لأنّ للمغرب وقتا بعد سقوط الشفق قطعا ، سواء قلنا بأنّه وقت الإجزاء أو وقت الاضطرار ، إلاّ أن یقال : إنّ سائر الصلوات لها ثلاثة أوقات : وقت الفضیلة ووقت الإجزاء ووقت الاضطرار ، بخلاف المغرب فإنّ لها وقتان : وقت الفضیلة والإجزاء - وهما وقت واحد - ووقت الاضطرار ، والمراد فی هذه الأخبار وقت الفضیلة والإجزاء ، کأنّ وقت الاضطرار لیس بوقت حقیقة ، فتأمّل.

قوله (1) : « من غیر علّة » (2) ( 3 : 32 ).

بدل من قوله : « إلاّ فی عذر ».

قوله : توفیقا بین صدر الروایة وآخرها. ( 3 : 32 ).

التوفیق غیر منحصر فی ما ذکره ، إذ یجوز أن یرفع الید عن ظاهر قوله علیه السلام : « وأوّل الوقت أفضل » ، بل هو أولی وأقرب ، لأنّ وقت الاختیار أفضل ، بخلاف قوله علیه السلام : « لیس لأحد. » ، فإنّ ظهوره أشدّ ، من جهة قوله : « لیس. » ومن جهة استثناء العذر والعلّة ، والحصر فی ذلک. إلاّ أن یقول : الأوّل معتضد بالأصل. وفیه : أنّ الأصل لا یعارض الدلیل ، والأظهریة والأقربیة دلیل للمجتهد ، فالأولی التمسّک فی توجیهه بالأخبار

مواقیت الصلاة

وقت المغرب

ص: 296


1- هذه الحاشیة لیست فی « ج » و « د ».
2- کما فی مصادر الحدیث ، والموجود فی المدارک : إلا من عذر أو علّة.

الدالة علی التوسعة.

قوله : ولو امتنع التأخیر اختیارا لتقیّد بالضرورة ( 3 : 32 ).

فیه : أنّ المتبادر من العذر والعلّة فی أمثال المقام ما یکون فیه ضرورة ما ، وهذا القدر یکفی ، فالأولی الجواب بالنحو الذی أشرنا.

قوله : وکذا مع النسیان. وانتفاء ما یدلّ علی الصحة مع المخالفة. ( 3 : 36 ).

یعنی : أنّ القدر الثابت من قول الشارع وفعله کون الصلاة الواقعة فی الوقت المشترک صحیحة إذا کان الوقوع نسیانا أو بعد فعل الأولی ، وأمّا إذا فعلت فی أوّل الوقت فلم یظهر من دلیل کونها صحیحة وموافقة لمطلوب الشارع ، والعبادات توقیفیة ، فیجب الاقتصار علی القدر الثابت.

ولا یتوجّه علیه منع کون الوقت المعلوم شرطا لصحتها ، وبناء هذا علی کون الصلاة اسما لمجرّد الأرکان من غیر اعتبار کونها صحیحة شرعا فمتی تحقّق الأرکان یحکم بتحقّق مطلوب الشارع ، إلاّ أن یثبت منه شرط للصحة ولم یتحقّق ذلک الشرط ، ولم یثبت کون الوقت المعلوم شرطا ، وعلی هذه الطریقة ربما یمشی الشارح متمسّکا بأصالة العدم.

لکن یتوجّه علیه أنّه لم یثبت کون الصلاة اسما للأعمّ ، ولم یثبت جریان الأصل فی العبادات أیضا ، ومع ذلک نقول : لا شکّ فی أنّ الصلاة من الواجبات الموقّتة ، یعنی أنّ الشارع جعل لها وقتا معیّنا وجعله شرطا لصحتها ، والوقت الذی ثبت من الشرع لها هو الوقت الذی بعد الوقت الأوّل ، ففعلها فی الوقت الأوّل الذی هو أوّل الوقت فعل وإتیان للمأمور به علی غیر الوجه الذی ثبت من الشرع ، فتأمّل جدّا.

ویدل علی ذلک أیضا قوله علیه السلام : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » علی سبیل

اختصاص الظهر بأوّل الوقت

ص: 297

الإطلاق ، وحکم ببطلان الظهر قبل الوقت قطعا ، والباطلة فی حکم المعدومة ، مع أنّه قال : « إذا زالت الشمس دخل وقتهما إلاّ أنّ هذه قبل هذه » فحال العصر بالنسبة إلی الظهر مثل حال الرکعة الثانیة للظهر بالنسبة إلی الرکعة الأولی ، والثالثة بالنسبة إلی الثانیة ، والرابعة بالنسبة إلی الثالثة.

وأیضا وقت التشهّد والتسلیم لم یدخل حین دخول وقت تکبیرة الإحرام والقراءة ، فبمجرّد الزوال وإن کان دخل وقت الظهر إلاّ أنّه بعنوان التوزیع ، لا أنّه بمجرّد الزوال دخل وقت الرکعة الثانیة والثالثة والرابعة والتشهّد والتسلیم أیضا ، بحیث لو فعلت فی أوّل الزوال یکفی ، إلاّ فی صورة الخطأ فی الاجتهاد ، کما سیجی ء ، مع أنّه لو لم یثبت صحّة هذه الصورة من الخارج لکنّا نحکم ببطلانها أیضا ، هذا علی تقدیر الثبوت ، وسیجی ء الکلام فیه ، فتأمّل.

علی أنّه ورد فی الصحاح : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان ، وإذا غربت دخل الوقتان » (1) حقیقة فی وقتین متعدّدین ، ومحال دخول وقتین کذلک بمجرّد الزوال والغروب وبابتدائهما وحینهما إلاّ علی سبیل التوزیع.

قوله : ویؤیّده روایة داود بن فرقد. ( 3 : 36 ).

لا وجه لجعلها مؤیّدة ، لوضوح الدلالة ، وانجبار السند بالشهرة العظیمة لو لم نقل باتفاق الفقهاء ، وکذا انجبارها بالأصول والقواعد وأخبار أخر ، منها : ما أشرنا إلیه وإلی وجه الدلالة ، ومنها : الأخبار الصحیحة والحسنة الدالّة علی أنّ الحائض إذا طهرت فی وقت العصر تصلّی العصر لا الظهر (2) ، ومنها : صحیحة ابن سنان وروایة الحلبی الآتیتین ، فتأمل.

ص: 298


1- الوسائل 4 : 125 أبواب المواقیت ب 4.
2- الوسائل 2 : 361 أبواب الحیض ب 49.

قوله : بأنّ المراد بالاشتراک ما بعد الاختصاص. ( 3 : 37 ).

لا یحتاج إلی هذا التوجیه والتقیید ، بل المراد دخول الثمانیة بعنوان التوزیع ، کدخول أربع رکعات الظهر علی حسب ما ذکرنا ، فلاحظ.

قوله : فیدل علیه ظاهر قوله تعالی. ( 3 : 39 ).

یدل علیه الاستصحاب أیضا ، لأنّ الوقت الیقینی مستصحب شرعا حتی یثبت خلافه.

قوله ( لِدُلُوکِ الشَّمْسِ ) . ( 3 : 39 ).

الدلالة خفیّة ، بل الآیة مجملة بالنسبة إلی ما ذکره (1).

قوله : سمّاهنّ وبیّنهنّ ووقّتهنّ. ( 3 : 39 ).

لا یخفی أنّ ظاهر هذا أنّه جعل لهنّ وقتا معیّنا أزید من کونها بین الزوال إلی الغسق ، بل إشارة إلی أوقات معیّنة لکلّ واحدة واحدة علی حدة ، علی حسب ما عرفت من الخارج ، فتأمّل.

قوله : لکن الظاهر أنّه أبو مالک الثقة. ( 3 : 39 ).

مضافا إلی أنّ ابن أبی نصر ممّن أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنهم ، وأنّه ممّن لا یروی إلاّ عن ثقة ، علی مصرّح به فی العدّة (2) ، مع أنّه یروی عنه ابن أبی عمیر أیضا ، وهو مثل ابن أبی نصر ، ویؤیّده أیضا أنّ العلاّمة وغیره حکموا بصحّتها (3) ، مع أنّ موافقة الشهرة أیضا جابرة.

قوله : کما یستفاد من النجاشی. ( 3 : 40 ).

فإنّه قال : الضحّاک أبو مالک الحضرمی ، وحکم بکونه ثقة فی

اختصاص العصر من آخر الوقت بمقدار أدائها

آخر وقت الظهر

الضحّاک بن زید هو أبو مالک الحضرمی الثقة

ص: 299


1- فی « أ » و « و» زیادة : فتأمّل.
2- عدّة الأصول 1 : 386.
3- انظر المختلف : 67 ، الحبل المتین : 136 ، ذخیرة المعاد : 186.

الحدیث ، والشیخ رحمه الله أیضا صرّح بأنّ الضحّاک أبو مالک الحضرمی (1) ، بل الظاهر أنّه لا یبقی التأمّل فی کونه أبا مالک الثقة.

قوله : روایتا داود بن فرقد. ( 3 : 40 ).

قد عرفت أنّها حجّة باعتبار الانجبار هناک وهنا أیضا انجبار آخر منضمّ إلی الانجبار الأوّل.

قوله : وروایة زرارة. ( 3 : 40 ).

لیس فی طریقها من یتوقّف فیه سوی موسی بن بکر ، روی کتابه ابن أبی عمیر وصفوان بن یحیی ، وهما ممّن لا یروی إلاّ عن الثقة ، علی ما صرّح به فی العدّة (2) ، وأشرنا فی الرجال إلی أمور کثیرة تشهد علی الاعتماد علیه أو علی کتابه (3).

قوله : وروایة عبید بن زرارة. ( 3 : 40 ).

لیس فی طریقها من یتوقّف فیه سوی القاسم بن عروة وهو ممّن یروی عنه ابن أبی عمیر وابن أبی نصر ، وفی کلّ واحد منهما شهادة علی وثاقته ، لما عرفت ، والعلاّمة رحمه الله ربما حکم بصحة حدیثه (4) ، وابن داود نقل عن الکشی حسنه (5). وفی الرجال فی ترجمة الفضل بن شاذان یظهر کونه من أصحابنا المعروفین ، ویظهر نباهة شأنه (6). ویروی عنه کثیرا غایة الکثرة الحسین بن سعید ، والعباس بن معروف ، ویروی عنه ابن

بحث فی وثاقة قاسم بن عروة وموسی بن بکر

ص: 300


1- رجال الشیخ : 221.
2- عدّة الأصول 1 : 386.
3- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 347.
4- انظر المنتهی 1 : 62.
5- رجال ابن داود : 153.
6- انظر رجال الکشی 2 : 821.

فضّال أیضا.

قوله : ویشهد له أیضا صحیحة زرارة. ( 3 : 40 ).

فی شهادتها تأمّل ، بملاحظة قوله : « فربما عجّل. » فتأمّل.

قوله : وصحیحة أحمد بن محمد. ( 3 : 41 ).

یمکن حملها (1) علی التقیة.

قوله : لکن یمکن أن یقال : إنّ التفریق یتحقّق بتعقیب الظهر وفعل نافلة العصر. ( 3 : 46 ).

بعید ، بالنسبة إلی النصوص والمصنّفات ، بل بعض منها لا یقبل ذلک ، والبحث وارد علی المحقّق أیضا ، فتأمّل بعد التتبّع والملاحظة.

مضافا إلی أنّه إذا کانت المبادرة مستحبّة علی ما ذکرت فلا وجه لاختیار النبی صلی الله علیه و آله فی بعض الأوقات التفریق ، مع أنّه مشقّة ظاهرة منضمّة إلی ترک فضیلة. وجواز التفریق المرجوح یتأتّی بالقول ، فلا حاجة إلیها ، کیف؟ وغالب الأوقات کان صلی الله علیه و آله یفرّق ، وما کان یجمع إلاّ نادرا ، کما یظهر من الأخبار ، ویعضدها الاعتبار الحاصل من الآثار ، والمستفاد من بعض أنّه صلی الله علیه و آله حین الجمع والإتیان بالنوافل ما أذّنوا له بل أقاموا فقط (2) ، فتأمّل.

قوله : ویمکن الجواب عنه أیضا. ( 3 : 47 ).

لا یخفی أنّ جواب المحقق لا یتمّ إلاّ بهذا ، إذ اعتراضه أنّه إذا کان الرسول صلی الله علیه و آله کان یجمع فلا وجه للأذان الثانی ولا حاجة إلیه ، ومعلوم أنّه کان متحقّقا والحاجة إلیه موجودة مطلقا. وکون جوابه أنّ المستحبّ ترک

أوّل وقت العصر وآخره

ص: 301


1- فی « ب » : حملهما.
2- التهذیب 2 : 35 / 109 ، الاستبصار 1 : 272 / 985 ، الوسائل 4 : 203 أبواب المواقیت ب 22 ح 3.

الأذان الثانی - لاستحباب الجمع وأنّ استحبابه إنّما هو فی خلاف المستحبّ - لعلّه فیه ما لا یخفی ، فتأمّل.

قوله (1) : فذهب الشیخ فی المبسوط والاستبصار. ( 3 : 49 ).

فیه نظر ، فإنّ عبارته صریحة فی موافقة المشهور ، کما لا یخفی علی من راجعه.

قوله : یعلم باستتار القرص وغیبته عن العین. ( 3 : 49 ).

اعلم أنّ الغیبة عن العین تتفاوت بتفاوت المواضع ، وبعض المواضع لا یتحقّق الغروب بمجرّد الغیبة عن العین قطعا ، فإنّا إذا کنّا فی ساحة البیت ربما یغیب القرص عن أعیننا مع کون شعاع الشمس علی الجدران والسطوح ، ولو صعدنا السطح نری القرص ونراه ما غاب عن افقنا ولا شکّ فی عدم المغرب بذلک ، ولا یقال عرفا : الآن وقت المغرب جزما ، فإذا کنّا فی البریّة وغاب القرص عن نظرنا ولم یکن سطح ولا جدار ، ولکن نعلم یقینا أنّه لو کان سطح أو جدار لکان الشعاع باقیا فیهما ، ولو صعدناهما لکنّا نری القرص جزما علی حسب ما قلناه فی العمران وساحة البیت وسطحه وجداره ، فهل یحکم الآن بأنّه وقت المغرب جزما من جهة عدم جدار ولا سطح ولا شجر ولا منار ولا جبل ولا تلّ؟ وإنّه لو کان واحد منها موجودا فی ذلک الموضع لکنّا نحکم بعنوان الجزم بأنّ الآن لیس وقت المغرب من جهة الشعاع ورؤیة القرص بالصعود.

وأیضا ربما کان الجدران والسطوح وأمثالهما متفاوتة بحسب الارتفاع ، فربما کان فی جدارنا وسطح بیتنا لا یکون شعاع ولا یری القرص

أوّل وقت المغرب وما یتحقق به الغروب

ص: 302


1- هذه التعلیقة لیست فی « ا ».

بصعودهما [ و ] (1) سطح الجار وجداره یکون فیهما الشعاع ، ویری القرص بصعودهما ، وهکذا ، لأنّ الارتفاع مقول بالتشکیک ، وننقل الکلام بعد السطح والجدار إلی المنار ، وبعده إلی التلال ، وبعدها إلی الجبال ، والجبال أیضا فی غایة التفاوت.

والأئمّة علیهم السلام ربما لا حظوا ما ذکرناه وحکموا بالتأخیر ، وأشاروا فی بعض الأخبار إلی ما ذکرنا حیث قالوا : « مسّوا بالمغرب قلیلا ، فإنّ الشمس تغیب عندکم قبل أن تغیب عندنا » (2) وذلک لأنّ أرض الکوفة لیس فیها تلال ولا جبال ، مثل ما کان فی الحجاز ، سیّما مکّة والمدینة ، ولعلّ الرسول صلی الله علیه و آله ما کان یفطر ویصلّی إلاّ بعد ذهاب الشعاع عن التلال والمواضع المرتفعة ، بل والجبال أیضا.

وأیضا غالب الأراضی لیست مستویة السطح حتی یعلم أوّل وقت غیبوبة القرص عن أفق المصلّی ، بل فیها تلال وجبال یمنع عن العلم ، فلعله لذینک الأمرین أمروا علیهم السلام بالتأخیر إلی ذهاب الحمرة المشرقیة ، وأقل منه أیضا ، احتیاطا ( أو حتما ) (3) والظاهر من الأخبار الأوّل ، کما ستعرف.

قوله : وأمّا الثانیة فبأنّ من جملة رجالها القاسم بن عروة. ( 3 : 51 ).

یمکن الجواب بأنّ ضعف الروایات منجبرة بالشهرة ، مضافا إلی اعتبار سند بعضها ، وهی کثیرة ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الأمر بالتأخیر فیها

ص: 303


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.
2- التهذیب 2 : 258 / 1030 ، الوسائل 4 : 176 أبواب المواقیت ب 16 ح 13.
3- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

للاحتیاط من الأمرین اللذین أشرنا إلیهما فی الحاشیة السابقة ، وأنّ ذلک لیس علی سبیل تعیین الوقت ، کما ذکره الشارح.

ویشهد علی ذلک اختلاف مقدار التأخیر وظاهر بعض تلک الأخبار ، منه قوله علیه السلام : « مسّوا بالمغرب قلیلا » فی الروایة المذکورة فی الشرح وفی غیرها ، فظاهر أنّ الإمساء قلیلا لیس بحدّ معیّن مضبوط ، بل فیه مسامحة وتوسعة.

ویؤکّد ما ذکرنا ما فی الخبر الآخر من التعلیل بقوله : « فإنّ الشمس تغیب عندکم قبل أن تغیب عندنا » (1) ، بعد قوله : « مسّوا قلیلا » فإنّ مقدار القبلیة غیر ظاهر أصلا ، مع أنّ التعلیل أیضا یومئ إلی عدم الإیجاب والإلزام ، فتأمّل.

ومنه روایة عبد الله بن وضّاح عن الکاظم علیه السلام أنّه کتب إلیه : یتواری القرص ویقبل اللیل ویزید اللیل ارتفاعا ، ویستر عنّا الشمس ، ویرتفع فوق الجبل حمرة ، أصلّی وأفطر ، أو أنتظر حتّی تذهب الحمرة التی فوق الجبل؟ فکتب علیه السلام : « أری لک أن تنظر حتّی تذهب الحمرة ، وتأخذ الحائطة لدینک » (2) ، وجه الدلالة : طلب الاحتیاط لدینه ، مضافا إلی الاکتفاء بذهاب الحمرة التی فوق الجبل ، وفیه إشارة أیضا إلی ما ذکرناه فی الحاشیة السابقة من أنّ الأمر بالتأخیر لتحقّق الغیبوبة بالمرّة.

ومنه روایة جارود وصحیحة بکر بن محمّد اللتان سیذکرهما الشارح رحمه الله وظهر لک أیضا اختلاف مقدار التأخیر.

وفی بعض الأخبار ما اکتفوا بذهاب الحمرة المشرقیة أیضا ، بل اعتبر

ص: 304


1- راجع ص 303.
2- التهذیب 2 : 259 / 1031 ، الوسائل 4 : 176 أبواب المواقیت ب 16 ح 14.

جواز الحمرة قمّة الرأس إلی طرف المغرب (1) ، والخبر أیضا ضعیف. وفی بعض الأخبار الضعیفة أنّ الصادق علیه السلام فی طریق مکّة صلّی أوّل غیبوبة الشمس (2) ، وظاهر ذلک عدم داع إلی ذلک من جهة التقیة ، والأخبار الدالة علی أنّ وقت المغرب مجرّد غیبوبة القرص من الکثرة بمکان (3) (4).

علی أنّه لا فرق بحسب الاعتبار بین طلوع الشمس وغروبها ، فلو کان وجود الحمرة المشرقیة دلیلا علی عدم غروب الشمس وبقائها فوق الأرض بالنسبة إلینا ، لکان وجود الحمرة المغربیة دلیلا علی طلوع الشمس ووجودها فوق الأرض بالنسبة إلینا من دون تفاوت ، لأنّ استصحاب بقاء النهار إلی أن یثبت خلافه فی الأوّل ، واستصحاب عدم النهار إلی أن یثبت خلافه فی الثانی ، وإن کان فارقا بینهما ، إلاّ أنّه لا تفاوت فی الثبوت والدلالة ، کما ذکرنا.

نعم بذهاب الحمرة المشرقیة یحصل الیقین بالغروب وان لم یکن بقاؤها دلیلا علی عدمه ، وهذا هو السرّ فی اعتباره وجوبا أو استحبابا فی الغروب وعدم اعتبار الحمرة المغربیة فی الطلوع ، فتأمّل جدّا ، ( والاحتیاط واضح ) (5).

قوله : وقال فی الخلاف : آخره غیبوبة الشفق وأطلق. ( 3 : 54 ).

وظهر ذلک من کلام الکلینی رحمه الله حسب ما ذکره الشارح فی أوّل

ص: 305


1- الکافی 3 : 279 / 4 و 4 : 100 / 1 ، التهذیب 4 : 185 / 516 ، الوسائل 4 : 173 أبواب المواقیت ب 16 ح 4.
2- أمالی الصدوق 75 / 16 ، الوسائل 4 : 180 أبواب المواقیت ب 16 ح 23.
3- انظر الوسائل 4 : 172 أبواب المواقیت ب 16.
4- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : والاحتیاط واضح.
5- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

مبحث الوقت (1) ، فلاحظ.

قوله : لکن لو قیل باختصاص هذا الوقت بالنائم والناسی کما هو مورد الخبر کان وجها قویا ( 3 : 56 ).

لکن مقتضاه تقدیم الحاضرة علی الفائتة ، وهو مخالف للمشهور عند القدماء والأخبار الکثیرة الصحیحة ، کما سیجی ء.

ومثل صحیحة ابن سنان روی أبو بصیر عن الصادق علیه السلام . إلی قوله : « قبل طلوع الشمس » ، ثمّ قال : « وإن خاف أن تطلع الشمس وتفوته إحدی الصلاتین فلیصلّ المغرب ویدع العشاء حتی تطلع الشمس ویذهب شعاعها ثم لیصلّها » (2) ، وربما یظهر من الروایتین بقاء الوقت بعد طلوع الفجر أیضا فی الجملة ، فتأمّل.

ومع ذلک یمکن الحمل علی التقیة ، کما یومئ إلیه الروایة الثانیة ، بل قال الشهید الثانی : وللأصحاب أن یحملوا الروایات الدالّة علی امتداد الوقت إلی الفجر علی التقیة ، لإطباق الفقهاء الأربعة علیه ، وإن اختلفوا فی کونه آخر وقت الاختیار أو الاضطرار (3). انتهی.

وظهر الجواب عن روایة عبید بن زرارة عن الصادق علیه السلام أیضا ، لأنّه قال فیها : « لا یفوّت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتّی تغیب الشمس ، ولا صلاة اللیل حتّی یطلع الفجر » (4). فتأمّل.

قوله : وجه الدلالة. ( 3 : 59 ).

آخر وقت المغرب

ص: 306


1- المدارک 3 : 31.
2- التهذیب 2 : 270 / 1077 ، الاستبصار 1 : 288 / 1054 ، الوسائل 4 : 288 أبواب المواقیت ب 62 ح 3.
3- روض الجنان : 180.
4- الفقیه 1 : 232 / 1030 ، الوسائل 4 : 125 أبواب المواقیت ب 4 ح 3.

یدلّ علی بطلان ما ذهب إلیه الشیخان ومن وافقهما وإتمام مذهب المشهور بضمیمة عدم القول بالفصل ، لکن الشیخ رحمه الله فی النهایة والتهذیب قائل بالفصل ، قائل بجواز التقدیم لعذر أو لضرورة إن لم یقدّم تفوت الصلاة (1) ، ولعلّ مثل السفر من الأعذار عنده ، بل الظاهر أنّه کذلک ، فالحجّة علیه أیضا الأخبار المطلقة ، وهی کثیرة : منها : ما ذکر.

ومنها : روایة داود بن فرقد المنجبرة بعمل الأصحاب ومرّت.

ومنها : الموثّق عن زرارة عن أبی عبد الله علیه السلام : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی المغرب والعشاء فی الحضر قبل أن یغیب الشفق من غیر علّة لیتّسع الوقت ، وکذلک فعل فی الظهرین ، لکن فی کتاب العلل ذکر موضع ( قبل أن یغیب الشفق ) : بعد أن یغیب الشفق (2) ، وبمضمونها روی إسحاق بن عمار عن الصادق علیه السلام (3).

ومنها : روایة إسماعیل بن مهران عن الرضا علیه السلام (4).

قوله : والجواب بالحمل علی وقت الفضیلة جمعا بین الأدلّة. ( 3 : 59 ).

الحمل علی التقیّة أو الاتقاء أقرب ، لکن الأولی والأفضل بل الأحوط أیضا أن لا یصلّی قبل غیبوبة الشفق ، خروجا عن الخلاف والریبة الحاصل

أوّل وقت العشاء وآخره وقت صلاة الفجر

ص: 307


1- النهایة : 59 ، التهذیب 2 : 34.
2- الکافی 3 : 286 / 1 ، التهذیب 2 : 263 / 1046 ، علل الشرائع : 321 / 3 ، الوسائل 4 : 222 أبواب المواقیت ب 32 ح 8.
3- التهذیب 2 : 263 / 1047 ، الوسائل 4 : 223 أبواب المواقیت ب 32 ح 10.
4- الکافی 3 : 281 / 16 ، التهذیب 2 : 260 / 1037 ، الوسائل 4 : 186 أبواب المواقیت ب 17 ح 14.

من اختلاف الأخبار ، وإن کان الظاهر جواز الفعل قبل غیبوبة الشفق ، لما ذکرناه ، فتدبّر.

قوله (1) : لأخّرت العتمة. ( 3 : 60 ).

وفی العلل ، فی الموثق کالصحیح ، عن الصادق علیه السلام : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : لو لا نوم الصبی وعلّة الضعیف لأخّرت العتمة إلی ثلث اللیل » (2).

قوله : إلی ثلث اللیل. ( 3 : 60 ).

وفی روایة رجاء بن أبی ضحّاک : أنّ الرضا علیه السلام کان یصلّی العشاء قریب ما یمضی من اللیل الثلث (3).

وصحیحة ابن سنان لا دلالة لها علی الاستحباب ، لأنّ فعله علیه السلام فی لیلة من اللیالی مخالفا لطریقته المستمرّة لا یکون ظاهرا فی رجحانه فی نفسه ، بل ربما کان مشیرا إلی خلافه ، وأنّه کان فی تلک اللیلة علّة وداع.

وأمّا غیر الصحیحة فلا یکون حجّة عند الشارح ، بل هو معارض للأخبار الکثیرة الدالّة علی رجحان المسارعة وأفضلیة أوّل الوقت ، ومرّ بعضها فی بحث أوّل وقت العصر (4) ، فلا حظ وتأمّل.

قوله : أجمع العلماء کافّة. ( 3 : 61 ).

مقتضی هذا الإجماع والأخبار الموافقة له تعیّن کونه ابتداء الفجر ، فما فی صحیحة زرارة : من أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان یصلّی إذا أضاء حسنا

وقت نوافل الظهر والعصر

ص: 308


1- هذه التعلیقة لیست فی « ج » و « د ».
2- علل الشرائع : 367 / 2 ، الوسائل 4 : 201 أبواب المواقیت ب 21 ح 6.
3- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 180 / 5 ، الوسائل 4 : 55 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.
4- المدارک 3 : 45.

- مع أنّه لا یدلّ علی کون ذلک أوّل وقت الإجزاء - لا یقاوم ما ذکرنا ، فلعلّه محمول علی الأفضلیة أو الاحتیاط التامّ فی تحقّق الصبح. وأمّا القبطیة البیضاء (1) إذا نشرت فی أفق المصلّی فی سواد اللیل فلعلّه لا یظهر منه أزید من الفجر المعترض المتحقّق ، فتأمّل جدّا.

قوله : « وأضاء حسنا » ( 3 : 61 ).

فی دلالتها علی ما ذکره تأمّل ، فالعمدة هو الإجماع والأخبار المنجبرة به ، وسیجی ء فی صحیحة ابن سنان وحسنة الحلبی : « انّ وقت الفجر حین ینشقّ الفجر إلی أن یتجلّل الصبح السماء » ، وفی الصحیح ، عن یزید بن خلیفة ، عنه علیه السلام : « وقت الفجر حین یبدو حتی یضی ء » (2).

قوله : وما رواه الشیخ فی الموثّق. ( 3 : 62 ).

فی هذه الموثقة شی ء ذکر سابقا (3) مع أنّ الشارح رحمه الله لا یقول بحجیة الموثق ، فالعمدة الأخبار المنجبرة بالشهرة وصحیحة ابن یقطین بعد ثبوت الإجماع المرکّب ، لکن فی دلالتها علی کون ما بعد الإسفار وقت الاختیار تأمّل.

قوله : فإنّ لفظ لا ینبغی ظاهر فی الکراهة. ( 3 : 63 و 64 ).

یمکن أن یقال : إنّ عدم الانبغاء أعمّ من الکراهة والحرمة ، لکن قوله قبل ذلک : « وقت الفجر حین ینشقّ الفجر إلی أن یتجلّل الصبح » مقتضاه أنّ بعد التجلّل لا یکون وقت الفجر بدلالة مفهوم الغایة ، وهو من أقوی

ص: 309


1- راجع الوسائل 4 : 209 أبواب المواقیت ب 27 ح 1.
2- الکافی 3 : 283 / 4 ، التهذیب 2 : 36 / 112 ، الوسائل 4 : 207 أبواب المواقیت ب 26 ح 3.
3- راجع ص 306.

المفاهیم ، وکذا قوله بعد ذلک : « ولکنّه وقت. » ظاهر فی کونه وقتا لهؤلاء الجماعة خاصّة ، فتعیّن کون « لا ینبغی » هنا للحرمة.

والشغل وإن کان أعمّ ، إلاّ أنّه ربما یکون الظاهر المتبادر فی أمثال المقام الضروری ، مع أنّه لم یقل : لمن له شغل ، بل قال : « شغل » ومعلوم أنّ المراد : شغل عن الصلاة وترکها من جهة شغله ، ومعلوم أنّه یصلّی حینئذ البتّة ، لا أنّه یترک الصلاة من جهة أنّه شغل عنها ، فلا مانع من أن یکون وقتا ، أمّا بالنسبة إلی الضروری فوقت الأداء ، وأمّا غیر الضروری فوقت القضاء ، وعلی أیّ تقدیر وقت لمن شغل عنها أو نسی أو نام ، لا أنّه وقت مطلقا ، لکنه لا یقاوم أدلة المشهور ، ومع ذلک الاحتیاط واضح ، فتأمّل.

ویدل علی مختار الشیخ ومن وافقه صحیحة أبی بصیر أنّه سأل الصادق علیه السلام : متی یحرم الطعام علی الصائم وتحلّ صلاة الفجر؟ قال : « إذا اعترض الفجر فکان کالقبطیة البیضاء ، فثم یحرم الطعام وتحلّ الصلاة » ، قلت : أو لسنا فی وقت إلی أن یطلع [ شعاع ] الشمس؟ قال : « هیهات ، أین تذهب؟ تلک صلاة الصبیان » (1).

قوله : لا یدل علی المطلوب. ( 3 : 68 ).

بل دلالتها علی خلاف المطلوب أظهر.

قوله (2) : فقال الشیخ فی النهایة وجمع من الأصحاب : وقت نافلة الظهر. ( 3 : 68 ).

وقت نافلة المغرب

ص: 310


1- الفقیه 2 : 81 / 361 ، التهذیب 4 : 185 / 514 ، الوسائل 4 : 209 أبواب المواقیت ب 27 ح 1 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصادر.
2- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و».

لا یخفی أنّ المصنّف نقل القول بابتداء النافلة ما دام وقت الاختیار باقیا ، وکذلک نقل الشهید فی الدروس ، ثم قال : وظاهر الشیخ فی المبسوط استثناء قدر الفریضتین (1).

أقول : القائل بوقت الاختیار والاضطرار کیف یجوّز فعل النافلة مقدّما علی الفریضة إلی آخر وقت الاختیار؟ إذ یلزم منه تأخیر الفریضة عنه من غیر اضطرار ، فلعله أیضا یقول مثل الشیخ ، ویحتمل أن یکون هذا القائل هو الشیخ ، کما یظهر من الشارح ویکون الشهید توهّم من ظاهر المصنّف.

وممّا ذکر ظهر مستند الشیخ ، إذ مرّ الأخبار الدالة علی انتهاء وقت الاختیار بصیرورة ظلّ کلّ شی ء مثله ، وسیجی ء أنّ حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان ذراعا ، فیکون ظاهر صحیحة زرارة الآتیة ابتداء وقت النافلة إلی أن یصیر ظلّ کلّ شی ء مثله ، لکن مقتضی ما دل علی انتهاء وقت الاختیار إلی ذلک أیضا استثناء مقدار الفریضة البتّة ، لعدم جواز تأخیر الفریضة عن المثل ، بل فی قویة سماعة المرویة فی الکافی والتهذیب : « ولیس بمحظور علیه أن یصلّی النوافل من أوّل الوقت إلی قریب من آخر الوقت » (2).

قوله : والطعن فی سند الروایات المتضمّنة لذلک. ( 3 : 69 - 70 ).

لا یخفی أنّه یحصل للمجتهد من أمثال هذه الأخبار ظنّ بل وقویّ منه ، لأنّ الخبر فی نفسه یفید الظنّ ، سیّما والمشایخ العظام ضبطوها واعتنوا

ص: 311


1- الدروس 1 : 140.
2- الکافی 3 : 288 / 3 ، التهذیب 2 : 264 / 1051 ، الوسائل 4 : 226 أبواب المواقیت ب 35 ح 1.

بشأنها ، بل وحکموا بصحتها إلی غیر ذلک من الأمارات ، وقد أشرت إلی کثیر منها فی تعلیقتنا علی الرجال الکبیر من المیرزا رحمه الله ، والمدار فی الفقه علی الظنون ، ولم نجد لکلّ ظنّ اعتبروا دلیلا قطعیا یدل علی اعتباره بالخصوص ، کما هو غیر خفی ، ولیس من جانب قوله تعالی ( إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ ) . (1) مانع ، کما بینته مبسوطا فی التعلیقة (2).

سلّمنا ، لکن لا یخفی أنّ المناط فی الألفاظ وموضوعات الأحکام هو الظنون ، ولیس هذه بأنقص من مثل قول صاحب القاموس ، وغیر خفی أنّه لو کان قال : المصطلح فی أمثال ذلک الزمان أنّه متی قالوا : القامة ، أرادوا به الذراع فی أمثال المقام ، کنتم تعتمدون علیه فی فهم الحدیث ، وفی المقام ورد أخبار متعدّدة متضمّنة لهذا المعنی ، منها : روایة صالح بن سعید (3) وغیرها من الأخبار ، فلا وجه لعدم الاعتماد بعد ما ظهر من اشتراک العلّة وعدم ضرر المانع ، وغیر خفی أنّ العلّة هی ما أشرنا من الاکتفاء بالظنّ فی موضوع الحکم الشرعی ، ولا یقدح فسق الناقل ولا کفره ، کما هو المحقّق فی موضعه ، نعم وقع الخلاف فی إثبات اللغة بالقیاس أو الدلیل ، والمشهور العدم ، فتأمّل.

قوله : صریح فی اعتبار قامة الإنسان. ( 3 : 70 ).

لا یخفی أنّه لیس بصریح بعد ما علم من أنّه یکفی فی الإضافة أدنی ملابسة ، غایة الأمر الظهور ، لکن بعد ما ثبت من أنّ لفظ القامة اصطلاح فی

ص: 312


1- الحجرات : 6.
2- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 3 ، 4.
3- الکافی 3 : 277 / 7 ، التهذیب 2 : 24 / 67 ، الوسائل 4 : 150 أبواب المواقیت ب 8 ح 34.

الذراع أو سلّم ذلک [ و ] (1) کان الظاهر بل المعنی الحقیقی الذی هو المنصوص من لفظ القامة هو الذراع ، لعلّه لا یبقی ظهور ، سیّما بعد ملاحظة الأخبار الواردة فی المثل والمثلین ، والقامة والقامتین ، والذراع والذراعین فتأمّل.

قوله : ویمکن أن یستدل للقول الثالث. ( 3 : 70 ).

فی الاستدلال بما ذکر نظر ظاهر ، لأنّ الروایتین تدلان دلالة واضحة علی أنّ النافلة صحیحة فی جمیع الأوقات ، لیس لصحتها شرط من طرف الوقت ، کما أنّ الهدیة لیس لها شرط من طرفه ، بل صرّح فی الأخیرة بأنکّ إن شئت فی أوّل النهار وإن شئت فی الوسط والآخر من دون تفاوت ، والقائل لا یجوّز ذلک جزما ، بل یجعلها من الموقّتة وقتها دائرا مع وقت الفریضة ( کوقت الفریضة ) (2).

والأخبار الدالّة علی عدم اشتراط الوقت لها کثیرة ، بل بعضها صریح فی أنّ فعلها فی أوقاتها المعهودة أفضل ، وإلاّ ففی أیّ وقت فعلت تکون صحیحة ، مثل روایة القاسم بن الولید : أنّه سأل الصادق علیه السلام : نوافل النهار کم هی؟ قال : « ستّ عشرة ، أیّ ساعات النهار شئت أن تصلّیها صلّیتها ، إلاّ أنّک إذا صلّیتها فی مواقیتها أفضل » (3).

وفی الصحیح عن عبد الأعلی : أنّه سأل الصادق علیه السلام عن نافلة النهار ، قال : « ستّ عشرة رکعة متی ما نشطت ، إنّ علی بن الحسین علیه السلام کان له ساعات من النهار یصلّی فیها ، فإذا شغله ضیعة أو سلطان قضاها ، إنّ النافلة

ص: 313


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج ».
3- التهذیب 2 : 9 / 17 ، الوسائل 4 : 51 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 18.

بمنزلة الهدیة متی أتی بها قبلت » (1).

ویظهر بملاحظة صدر هذه الروایة وذیلها أنّ القضاء هنا بمعنی الفعل خارج وقت الفضیلة.

فهذه الروایات صریحة فی أنّ النافلة فی جمیع الأوقات صحیحة ومجزئة ، إلاّ أنّ أوقاتها المعهودة لیست أوقات الصحة والإجزاء ، بل هی أوقات الفضیلة ، کما صرّح به فی بعضها ، ویقتضیه الجمع بین الأخبار.

فما ذکره فی الجواب فاسد أیضا ، لما عرفت ، ولأنّ المطلق والمقید لا دخل لهما فی ما نحن فیه ، فإنّ المقید نص ، والمطلق فیه ظهور ضعیف بالنسبة إلی عدم القید ، ولذا یرفع الید عن الضعیف بسبب القوی والنص ، وما نحن فیه لیس کذلک جزما ، کما عرفت ، وسیجی ء عن الشارح رحمه الله الاعتراف بما ذکرنا.

قوله : واستدل بما رواه فی الصحیح عن إسماعیل بن جابر. ( 3 : 72 ).

یدل علیه أیضا ما رواه هو والکلینی عن حمّاد بن عیسی فی الصحیح ، عن یزید بن ضمرة اللیثی ، عن محمد ، عن الباقر علیه السلام : الرجل یشتغل عند الزوال أیعجل من أوّل النهار؟ قال : « نعم إذا علم أنّه یشتغل فیعجّلها فی صدر النهار کلّها » (2) والظاهر أنّ هذا الشرط لأجل تدارک الفضیلة ، وإلاّ فظاهر الأخبار الجواز مطلقا ، کما یشیر إلیه الشارح رحمه الله بل بالنسبة إلی جمیع النوافل أیضا من غیر خصوصیة بنافلة الزوال.

ص: 314


1- التهذیب 2 : 267 / 1065 ، الوسائل 4 : 233 أبواب المواقیت ب 37 ح 7.
2- الکافی 3 : 450 / 1 ، التهذیب 2 : 268 / 1067 ، الوسائل 4 : 231 أبواب المواقیت ب 37 ح 1.

قوله : ویدل علیه أیضا حسنة محمد بن عذافر. ( 3 : 73 ).

وفی الکافی روی بسنده عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن یزید ، عن الصادق علیه السلام : « اعلم أنّ النافلة بمنزلة الهدیة متی ما أتی بها قبلت » (1).

قوله : إنّ النهی عن التطوع فی وقت الفریضة إنّما یتوجّه إلی غیر الرواتب. ( 3 : 74 ).

المستفاد من الأخبار شمول التطوّع للراتبة أیضا ، منها صحیحة زرارة المتقدّمة ، بل فی صحیحته الأخری التی سنذکرها فی مبحث قضاء الفوائت علی الضیق : « إذا دخل وقت صلاة مکتوبة فلا صلاة نافلة حتی تبدأ بالمکتوبة » (2) بل تتمّة هذه الصحیحة دالة علی شمولها للراتبة التی تزاحم فریضتها أیضا ، فالظاهر أنّ المراد من الوقت لیس وقت الجواز بل المقرّر الموظّف شرعا أن یصلّی فیه لأجل النافلة ، أو الأولویة ، وإن جاز التقدیم علیه ، فتأمّل.

قوله : وتشهد له صحیحة أبان بن تغلب. ( 3 : 74 ).

وروایة رجاء بن أبی ضحّاک أنّ الرضا علیه السلام کان إذا صلّی المغرب وسلّم جلس فی مصلاّه یسبّح الله ویحمده ویکبّره ویهلّله ما شاء الله ثم یسجد سجدتی الشکر ، ثم یرفع رأسه ولم یتکلّم حتی یقوم فیصلّی أربع رکعات بتسلیمتین (3) ، فتأمّل.

لکن یشهد للمشهور ما ورد فی أخبار متعدّدة أنّ المفیض من عرفة

وقت صلاة اللیل

ص: 315


1- الکافی 3 : 454 / 14 ، الوسائل 4 : 232 أبواب المواقیت ب 37 ح 3.
2- الذکری : 134 ، الوسائل 4 : 285 أبواب المواقیت ب 61 ح 6.
3- عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 180 / 5 ، الوسائل 4 : 55 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.

إذا صلّی المغرب فی المزدلفة یؤخّر النافلة إلی ما بعد العشاء (1). فلعلّ الأولی بل الأحوط متابعة المشهور فی العمل ، فتأمّل.

قوله (2) : قال : الثلث الثانی. ( 3 : 76 ).

فی بعض النسخ : الثلث الباقی (3) ، وهو الموافق لفتوی الأصحاب ، وفی کتاب العلل روی بطریق صحیح علی الظاهر ، عن الباقر علیه السلام : « أنّ قوله تعالی ( تَتَجافی جُنُوبُهُمْ ) (4) الآیة ، نزلت فی أمیر المؤمنین علیه السلام وأتباعه من شیعتنا ، ینامون فی أوّل اللیل ، فإذا ذهب ثلثا اللیل أو ما شاء الله فزعوا إلی ربّهم » (5) الحدیث ، وفی کتاب الخصال : فی الخصال التی سأل عنها أبو ذر رسول الله صلی الله علیه و آله : أیّ اللیل أفضل؟ قال : « جوف اللیل الغابر » (6) أی الباقی.

قوله : وهو مشترک بین جماعة منهم الضعیف. ( 3 : 77 ).

الضعف منجبر بالفتاوی ، مع أنّ الظاهر هارون بن مسلم.

قوله : واستدلوا علیه بروایة محمد بن مسلم. ( 3 : 88 ).

لا یخفی أنّ المستفاد من الأخبار المنع عن مطلق النافلة الراتبة وغیرها ، بل بعضها صریح فی الراتبة ، وأنّ المراد من وقت الفریضة لیس وقت الإجزاء بل الوقت المقرّر للفریضة بأن لا یصادم بالنافلة.

قوله : الطاطری. ( 3 : 88 ).

وقت النوافل الغیر الراتبة

ص: 316


1- انظر الوسائل 14 : 14 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6.
2- هذه الحاشیة والتی بعدها لیست فی « أ » و « و».
3- وهو الموافق للمصادر.
4- السجدة : 62.
5- علل الشرائع : 365 / 4.
6- الخصال : 523 / 13.

الموثّق حجّة ، کما قرّرنا فی محلّه ، مع أنّها منجبرة بعمل الأصحاب والشهرة العظیمة لو لم یثبت بالإجماع ، فتأمّل ، ومع ذلک منجبر بالصحیح أیضا.

قوله : ویمکن حمل هذه الروایات علی الأفضلیة. ( 3 : 89 ).

فیه : أنّ الحمل بعد التکافؤ ، والحسنة لیست متکافئة للصحیحة ، سیّما مع معاضدتها بالأخبار الکثیرة المنجبرة ، وقوّة الدلالة ، لعدم جواز الصوم النافلة ممّن علیه فریضة ، وجواز إرادة الفضل فی الأمر الواجب ، وإن کان الظاهر منه الاستحباب ، إلاّ أن یتمسک بصحیحة عمر بن یزید ویقوّی الحسنة بها ، لأنّ الظاهر منها عدم المنع فی غیر الوقت الذی شرع المقیم فیه بالإقامة : مقیم إمام المصلّی ، وهذا یخالف مقتضی صحیحة زرارة وغیرها ، ولم یقل أحد بهذا التفصیل ، مع أنّه یضرّ القائلین بالمنع علی أیّ حال ، فیجب حمل تلک الأخبار علی الاستحباب ، فتأمّل.

قوله (1) : فی صحیحة زرارة الواردة فی من فاته شی ء من الصلوات. ( 3 : 90 ).

سیجی ء الکلام فی المقام فی کتاب قضاء الصلاة (2).

قوله : کما بیّناه فیما سبق ( 3 : 92 ).

قد بیّنا فیما سبق (3) أنّ الحقّ مع العلاّمة رحمه الله وإن کان القضاء بفرض جدید ، کما صرّح به العلاّمة واختاره صریحا (4) ، وذلک لأنّ القضاء

أحکام المواقیت

حکم من حصل له مانع من الصلاة کالجنون قبل دخول الوقت

ص: 317


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».
2- یأتی فی ج 3 : 336 - 337.
3- راجع ج 1 : 382 - 383.
4- مبادئ الوصول : 112.

تدارک ما فات ، ولیس له معنی سوی ذلک ، والأدلة الدالة علی وجوب القضاء أیضا تقتضی ذلک ، لأنّهم حکموا بفعل الصلاة التی فاتت [ و ] (1) فیما لم یکن له وقت الصلاة لا یقال : فاتت الصلاة ، بل یقال : لم یجب بعد ولم یطلب. ألا تری أنّه فی وقت الضحی لا یقال : فاتت الصلاة ، أی صلاة الظهر الآتیة ، وهذا من البدیهیّات ، فکما أن وقت الضحی لا یقال : فاتت ، فکذلک أوّل الزوال أیضا لا یقال : فاتت ، لأنّها لم تجب بعد ، نعم فی الظنّ إدراک الصلاة ، ویمکن أن یقال : بحسب المظنّة تعلّق الخطاب ، لکن إذا ظهر یقینا أنّه ما تعلّق به الخطاب من جهة عدم الوقت - والوقت شرط للتکلیف والخطاب - لم یصدق الفوت والقضاء ، فتأمّل.

قوله : وهذه الروایات وإن ضعف سندها. فیتعین العمل بها ( 3 : 93 ).

هذا حقّ ، کما بیّنا سابقا ، لأنّ الله تعالی أمر فی خبر الفاسق بالتبیّن لا الردّ ، والتبیّن حاصل بعمل الطائفة ، وإن لم یصل إلی حدّ الإجماع ، لأنّ الله تعالی شرط للعمل بالخبر أحد شرطین : العدالة أو التبیین ، فکما یکتفون فی الأوّل بالظنّ کذا یکتفون فی الآخر ، لأنّ الدلیل واحد ، ولا یمکن إثبات العدالة فی جمیع سلسلة سند الحدیث بشهادة العدلین ، بل لا یمکن الشهادة أصلا ، کما حقّق فی محلّه ، وإنّ المدار علی الترجیحات الاجتهادیة ، هذا.

لکن هذا خلاف ما صرّح به الشارح مرارا من أنّ عمل الأصحاب لا ینفع ضعف السند ، لأنّه إن بلغ حدّ الإجماع فهو حجّة لا فائدة فی الخبر ،

حکم ما لو زال المانع والوقت باقٍ

ص: 318


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.

ولیس هو حجّة ، وإلاّ فأیّ فائدة فی عمل الأصحاب؟!

قوله : وإن کان بعضه وقتا للعصر لولا إدراک الرکعة. ( 3 : 95 ).

مقتضی الاستصحاب کونه وقتا للظهر ، وأیضا لا شکّ فی أنّ الآن لا یصح غیر الظهر فیه ، فکیف یکون وقتا للعصر؟! إلاّ أن یراد من الوقت ما یصح الفعل فیه فی الجملة ، فیکون بهذا المعنی وقتا للظهر والعصر معا ، ولا مشاحّة فی الاصطلاح ، إلاّ أنّه فی الواقع إلی الآن وقت الظهر ، کما لا یخفی.

قوله : وهو ضعیف جدّا. ( 3 : 97 ).

لعلّ مراده رحمه الله أنّ المولی إذا طلب من عبده أمرا فالامتثال موقوف علی الإتیان بذلک الأمر علی سبیل الیقین ، لأنّ الإطاعة والامتثال هو الإتیان بنفس ما طلب منه ، لا بما ظنّ أنّه الذی طلب ، إلاّ مع صورة تعذّر العلم به ، فهو قرینة علی أنّ المطلوب منه هو مظنونه ، فحیث یتأتّی الإتیان بنفس المطلوب لو أتی بما هو ظنّة یذمّه العقلاء ، ویعدّونه غیر المطیع ، ولا تأمّل فی ذمّ العقلاء حینئذ ، سیّما بعد ملاحظة الآیات والأخبار فی منع العمل بغیر العلم ، وأنّه لا یجوز التعویل علیه.

قوله : بانتفاء ما یدل علی ثبوت التکلیف مع الظنّ للمتمکّن من العلم. ( 3 : 97 ).

هذه العبارة لا یخفی ما فیها ، إذ لم یفهم منها معنی محصّل ، فالأولی الاستدلال بما ذکرناه ، أو تبدیل هذه بقول : التعویل علی الظنّ ، فتدبّر.

قوله : وتدل علیه صحیحة ذریح المحاربی. ( 3 : 98 ).

لا دلالة فی الروایتین علی ما ذکره ، سیّما الثانیة ، بل تدل علی خلاف ما ذکره ، فالأظهر أنّ المراد فیهما التعویل علی الأذان المفید للظنّ أیضا إذا

وجوب تحصیل العلم بالوقت مع التمکن

ص: 319

کان وثوق بالمؤذّن ، والروایة الأولی تدل علی عدم التعویل علی الظنّ مطلقا ، لا أذان الموثوق به ولا غیره.

فالأجود فی الجمع أنّ مع تیسّر العلم لا یجوز التعویل علی الظنّ. وفی صلاة الفجر یتیسّر العلم غالبا. وأمّا إذا لم یتیسّر العلم کما فی الظهر یجوز التعویل علی أذان الثقة أعمّ من أن یکون عادلا أم لا. وعدم تیسّر العلم غالبا فی الظهر ظاهر ، إذ تیسّر العلم فیه إنّما هو بالتأخیر لا أوّل الوقت ، والشارع یرضی بأذان الثقة ، بل بکلّ ظنّ إذا لم یتیسّر العلم ، کما سیجی ء ، فتأمّل.

قوله : وهذا یشمل الاجتهاد فی الوقت والقبلة. ( 3 : 99 ).

فی العموم تأمّل.

قوله : ویمکن المناقشة فی الروایتین الأوّلتین بضعف السند ، وفی الثالثة بقصور الدلالة. ( 3 : 99 ).

الضعف منجبر بالشهرة العظیمة والإجماع المدعی ، والدلالة فی الثالثة لا قصور فیها ، إذ لا خفاء فی أنّ الظاهر من مضیّ الصوم صحته وقبوله ، ویؤیّده قوله علیه السلام : « وتکفّ عن الطعام » إذ الصوم مطلق ، ویؤیّده أیضا عدم الأمر بالقضاء والکفّارة ، مع أنّ النهار مستصحب حتی یثبت خلافه. وأمّا الفرق بین الصوم والصلاة ففاسد ، لعدم القول بالفصل ، وابن الجنید لم یفرّق قطعا ، فکیف یقول : قوله لا یخلو من قوّة؟ مع أنّ المستفاد من قوله : « فإن رأیته بعد ذلک » أنّه إذا لم یره لا یکون علیه إعادة ، ومجرّد عدم الرؤیة لا یجعل ظنّه قطعا وعلما ، وهو ظاهر. فالروایة فی غایة الظهور فی أنّ الحکم فی الصلاة أیضا کذلک.

جواز التعویل علی الظن مع عدم التمکن من العلم

ص: 320

وحمل الروایة علی خصوص حصول الجزم (1) ، إلاّ أنّه تکلّف بعید ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، مع أنّه أیضا خلاف رأی ابن الجنید والشارح ، فإنّ الجهل المرکب غیر العلم ، ولم یقل أحد بالفرق بینه وبین الظنّ.

والأخبار الدالة علی جواز التعویل علی الظنّ کثیرة ، منها :

موثّقة ابن بکیر عن الصادق علیه السلام أنّه قال : ربما صلّیت الظهر فی یوم غیم فانجلت ، فوجدتنی صلّیت حین زوال النهار؟ فقال : « لا تعد ولا تعد » (2). ومنها : روایة إسماعیل بن ریاح الآتیة. ومنها : الأخبار الواردة فی جواز التعویل علی المؤذّنین (3) ، وعلی دیوک العراق (4) ، وغیر ذلک.

قوله : وضعف سندها یمنع من التمسّک بها. ( 3 : 100 ).

سند بعضها قویّ غایة القوّة ، بل کالصحیحة مع أنّه إذا حصل الظنّ فلا مانع من العمل به ، کما عرفت من جواز التعویل علی الظنّ ، فتأمّل (5).

قوله : لکنها قاصرة من حیث السند بجهالة الراوی. ( 3 : 101 ).

هذه الروایة رواها الکلینی رحمه الله فی الصحیح عن ابن أبی عمیر عن إسماعیل. وابن أبی عمیر ممّن أجمعت العصابة ، کما فی الرجال (6) ، وممّن لا یروی إلاّ عن الثقة ، کما فی العدّة (7) ، مع أنّ الکلینی قال فی أوّل کتابه :

ص: 321


1- انظر مشارق الشموس : 409.
2- التهذیب 2 : 246 / 979 ، الوسائل 4 : 129 أبواب المواقیت ب 4 ح 16.
3- انظر الوسائل 5 : 378 أبواب الأذان والإقامة ب 3.
4- الوسائل 4 : 170 أبواب المواقیت ب 14.
5- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : بل الشیخ والکلینی رویا فی الحسن بإبراهیم بن هاشم عن ابن أبی عمیر عن أبی عبد الله الفراء عن الصادق علیه السلام هذا المضمون ، فلاحظ وتدبّر.
6- رجال الکشی 2 : 830.
7- عدّة الأصول : 386.

جمیع ما فیه من الآثار الیقینیة عن الصادقین علیهم السلام (1). والشیخ رحمه الله أیضا رواها بطریق آخر صحیح إلی ابن أبی عمیر ، وهو عن إسماعیل (2) ، والصدوق أیضا رواها عن إسماعیل ، مع أنّه قال فی أوّل کتابه ما قال ، وطریقه إلی إسماعیل صحیح ، فالخبر قویّ غایة القوة من الوجوه المذکورة ، إلاّ أنّ الأحوط الإعادة وعدم الاکتفاء.

قوله : والأصحّ الثانی. ( 3 : 102 ).

فیه نظر ، وقد مرّ الکلام فیه ، وحقّقنا تمام التحقیق فی الفوائد الحائریة.

قوله : لروایة علیّ بن جعفر. ( 3 : 114 ).

الاستدلال بهذه الروایة لیس بشی ء ، فإنّ المکلّف له طریق إلی العلم غالبا فی صلاة الفجر ، ولذا استدل للمشهور بهذه الروایة ، إلاّ أن یقال : عموم الروایة یشمل من لم یتمکن من العلم وإن کان نادرا ، لکن ربما یقول : إنّ العموم منصرف إلی الأفراد الشائعة ، ومع ذلک مقتضاها عدم الإجزاء ، فالحمل علی الاستحباب لیس بأولی من حمل العموم علی الأفراد الشائعة ، مع أنّه رحمه الله مال إلی مذهب ابن الجنید ، وقوّاه ، وبنی علی عدم دلیل یدل علی جواز التعویل علی الظنّ ، وحینئذ فالأولی التعلیل بالخروج عن خلاف ابن الجنید ، واحتمال کون الحق معه ، وإن کان خلاف الظاهر ، کما بیّناه ، فتدبّر.

قوله : لصحیحة هشام بن الحکم. ( 3 : 114 ).

والظاهر منها وإن کان بطلان الصلاة ، إلاّ أنّ الإجماع واقع علی

أفضلیّة الصلاة فی أوّل الوقت إلاّ ما استثنی

ص: 322


1- الکافی 1 : 8.
2- التهذیب 2 : 35 / 110.

الصحة ، وربما یظهر ذلک من روایة صحیحة أنّهم علیهم السلام قالوا : « إن لم یخف إعجالا عن الصلاة فلا بأس » (1) ، هذا مضمون الصحیحة علی ما هو ببالی ، والله یعلم.

قوله : فی صورتیه المشهورتین. ( 3 : 114 ).

فی الغوالی عن النبی صلی الله علیه و آله : « إذا وضع عشاء أحدکم وأقیمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا یعجل حتی یفرغ » (2).

وفیه أیضا أنّ الخباب بن الأرتّ قال : شکونا إلی رسول الله صلی الله علیه و آله الرمضاء ، فقال : « أبردوا بالصلاة فإنّ شدّة الحرّ من فوح جهنّم » (3) انتهی.

قوله : بمثل هذا الخبر المجمل. ( 3 : 115 ).

لا إجمال فیها ، لأنّ ظاهرها التأخیر لتحصیل البرد ، وقد ذکرنا عن الغوالی ما یؤیّد وروی الصدوق رحمه الله فی العلل بسنده إلی أبی هریرة أنّ الرسول صلی الله علیه و آله قال : « إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة فإنّ الحرّ من فیح جهنّم » (4) الحدیث. والحدیثان معلّلان بعلّة واضحة ظاهرة. مع أنّه یظهر من الأخبار الکثیرة أولویة تحصیل حضور القلب ورفع ما یشوّش الخاطر ، وشدّة الحرّ تشویش بمقتضی طبع الإنسان ، وغایة ما یتیسّر المجاهدة للنفس ، وهذه أیضا تشوّش الخاطر وتمنع حضور القلب. نعم إن أمکن تحصیله من أوّل الصلاة إلی آخرها من دون تشویش من طرف المجاهدة یکون الأمر علی ما ذکره ، إلاّ أنّه ممّا لا یکاد یتیسّر عادة ، وغالب الناس

ص: 323


1- الکافی 3 : 364 / 3 ، الفقیه 1 : 240 / 1061 ، التهذیب 2 : 324 / 1326 ، الوسائل 7 : 251 أبواب قواطع الصلاة ب 8 ح 1.
2- عوالی اللئالی 1 : 146 / 77.
3- عوالی اللئالی 1 : 32 / 9 ، 10 ، بتفاوت.
4- علل الشرائع 1 : 247 / 1 ، الوسائل 4 : 142 أبواب المواقیت ب 8 ح 6.

لا یمکنهم ذلک ، وحمل الحدیث علی الفروض النادرة فیه ما فیه.

وقد ذکر رحمه الله : أنّه إذا کان التأخیر مشتملا علی صفة کمال - مثل التمکّن من استیفاء الأفعال علی الوجه الأکمل - یستحب التأخیر لذلک (1) ، فتأمّل.

قوله : فی الوقت المختص بالأولی أو المشترک. ( 3 : 115 ).

الوقوع فی الوقت المختص مع ظنّ الإتیان بالأولی من الفروض البعیدة ، والأخبار واردة فی الفروض الشائعة المتعارفة ، وقد مرّ الکلام فی ذلک ، فتأمّل.

قوله : فإن تمّ فهو الحجّة. ( 3 : 119 ).

لا تأمّل فی تمامیته ، وأنّ المسلمین فی الأعصار السابقة إلی الآن ما کانوا یصلّون فی المسجد الحرام إلاّ إلی الکعبة ، بل معلوم أنّ الرسول صلی الله علیه و آله والأئمّة علیهم السلام أیضا کانوا کذلک ، وربما یظهر من غیر واحد من الأخبار أنّ الله تعالی جعل الکعبة قبلة.

منها : ما سیجی ء فی المباحث الآتیة ، مثل کون القبلة جهة الکعبة لا البنیّة (2) ، ومثل الصلاة فوق الکعبة أو فی الکعبة ، وغیر ذلک ، وکذا الإجماعات الآتیة ، فلیلاحظ. والشهرة تجبر ضعف سند الروایة فضلا عن اتفاق کلّ المسلمین ، فتأمّل جدّا.

ومن الروایات الدالة علی ما ذکرنا : موثّقة معاویة بن عمّار ، عن الصادق علیه السلام أنّه سأله : متی صرف رسول الله صلی الله علیه و آله إلی الکعبة؟ قال : « بعد

القبلة

حقیقة القبلة

ص: 324


1- المدارک 3 : 114.
2- فی « أ » و « و» : البیت.

رجوعه من بدر » (1) وتوثیقها من الطاطری ، وهو ممّن ادعی الشیخ إجماع الشیعة علی العمل بروایته (2).

وفی الحسن کالصحیح ، عن الحلبی ، عن الصادق علیه السلام : « أنّ الرسول صلی الله علیه و آله فی المدینة کان یجعل الکعبة خلف ظهره فی الصلاة حتی حوّل إلی الکعبة » (3).

ومنها : روایة أبی بصیر عن أحدهما - فی سبب تسمیة مسجد بنی عبد الأشهل بذی القبلتین - أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله صرف إلی الکعبة بعد أن صلّوا الرکعتین الأولتین إلی البیت المقدّس (4).

ومنها : روایة علیّ بن إبراهیم بسنده عن الصادق علیه السلام ، فی شأن نزول آیة ( قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِکَ ) . (5) : « أنّ جبرئیل أخذ بعضد النبی صلی الله علیه و آله وحوّله إلی الکعبة » (6).

وبالجملة : الأخبار بحسب الظاهر متواترة فی کون الکعبة قبلة ، بل والمسجد الحرم کونهما قبلة من جهة الکعبة ، فلیلاحظ ولیتأمّل.

وأمّا الإجماع فلا شبهة فیه بل الظاهر أنّه ضروریّ الدین والمذهب ، حتی أنّه یلقّن الأموات - فضلا عن الأحیاء - الإقرار بأنّ الکعبة قبلتهم ، کالإقرار بأنّ الله ربّهم ، ومحمّدا نبیّهم ، والإسلام دینهم ، والقرآن کتابهم ، والأئمّة الاثنی عشر إمامهم.

ص: 325


1- التهذیب 2 : 43 / 135 ، الوسائل 4 : 297 أبواب القبلة ب 2 ح 1.
2- عدة الأصول : 381.
3- الکافی 3 : 286 / 12 ، الوسائل 4 : 298 أبواب القبلة ب 2 ح 4.
4- التهذیب 2 : 43 / 138 ، الوسائل 4 : 297 أبواب القبلة ب 2 ح 2.
5- البقرة : 144.
6- تفسیر القمّی 1 : 62 ، المستدرک 3 : 170 أبواب القبلة ب 2 ح 4.

قوله : وما رواه زرارة. ( 3 : 119 ).

استدلاله بهذه الروایة فیه ما فیه ، لأنّ الشطر والجهة لیس ما بین المشرق والمغرب ، وسیجی ء أحکام کثیرة مبنیّة علی ذلک والشارح رحمه الله قائل بها ، فلعلّ مراده الجهة فی صورة النسیان والخطأ ، فتأمّل.

قوله : فإنّ التکلیف بإصابة الحرم. ( 3 : 119 ).

لا یخفی أنّ الظاهر من کلام المصنّف رحمه الله ولعلّ من شارکه أیضا کذلک - أنّ نفس الحرم لیس قبلة للبعید بل جهتها ، کما سیجی ء فی الأحکام ، بل لعلّه لا تأمّل فی ذلک.

قوله : وبما رواه عن عبد الله بن محمّد الحجّال. ( 3 : 120 ).

ویدل علیه أیضا الروایتان اللتان تدلان علی استحباب التیاسر لأهل العراق (1) ، کما سیجی ء ، وما رواه الصدوق فی العلل فی علّة تحریف أهل العراق قبلتهم ذات الیسار (2) ، بل روی فیه أیضا بسنده عن الصادق علیه السلام : « أنّ الله تعالی جعل البیت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل مکّة ، ومکّة قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الدنیا » (3).

قوله : وحملهما الشهید فی الذکری علی أنّ المراد بالمسجد والحرم جهتهما. ( 3 : 120 ).

ولا شبهة فی صحة الحمل وتعیّنه ، لأنّ الجمیع اتفقوا علی أنّ علامة قبلة البعید کذا وکذا من دون تفاوت أصلا بین الفریقین.

کفایة استقبال جهة الکعبة

ص: 326


1- انظر المدارک 3 : 130.
2- علل الشرائع : 318 / 1 ، الفقیه 1 : 178 / 842 ، التهذیب 2 : 44 / 142 ، الوسائل 4 : 305 أبواب القبلة ب 4 ح 2.
3- علل الشرائع : 318 / 2 ، الوسائل 4 : 303 أبواب القبلة ب 3.

قوله : لأنّه لا یعلم إسلامهم ، فضلا عن عدالتهم. ( 3 : 121 ).

فیه : أنّ الموضوعات الشرعیة لیست بتوقیفیة ، بأن یکون موقوفة علی بیان الشرع سوی العبادات ، أی الکیفیة التی لا تصح إلاّ بالنیّة ، ولذا یرجعون إلی الظنون ، مثل قول اللغوی والنحوی والصرفی ، وأصالة العدم ، وأصالة البقاء ، والقرائن الظنیّة ، وقول أهل الخبرة فی الأرش وأمثاله ، وقول الطبیب ، وغیر ذلک من الظنون ، ومنها المرجّحات ، والتفصیل فی رسالتنا فی الاجتهاد والأخبار (1) ، ومع ذلک ورد هنا الأمر بالتحرّی ، وهو الأخذ بما هو أحری وأقرب فی النظر إذا لم یتحقّق العلم ، ومن الهیئة ربما یحصل العلم بالجهة ، ولا شکّ فی حصول الظنّ الأقوی والأحری منها ، وتقلید أهله ممکن ومشروع ، بل واجب إذا انحصر الأحری فیه ولم یکن أحری منه ، علی أنّه رحمه الله سیصرّح بجواز التعویل علی قول الکافر الواحد محتجّا بأنّه نوع من التحرّی (2) ، فتدبّر ، ( وأی فرق بین ما إذا تیسّر الرجل الکافر وما إذا تیسّر القواعد المقرّبة للیقین بالجهة والظنّ بالیقین ) (3).

قوله : ویدل علیه ظاهر الآیة الشریفة. ( 3 : 122 ).

لا دلالة فیها ، بل الشارح یمنع کون الکعبة قبلة من جهة دلالة الآیة ، فتأمّل.

قوله : وما رواه الشیخ عن عبد الله بن سنان. ( 3 : 122 ).

هذه الروایة موثّقة بالطاطری ، وهو ممّن ادعی الشیخ الإجماع علی العمل بروایته (4) ، وروایة أبی إسماعیل صحیحة إلی ابن مسکان ، وهو ممّن

إشارة إلی أنّ روایة الطاطری ، موثقة ، وأنّ ابن مسکان من أصحاب الإجماع

ص: 327


1- رسالة الاجتهاد والأخبار ( الرسائل الأصولیّة ) : 86.
2- المدارک 3 : 133.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
4- عدّة الأصول : 381.

أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصح عنه.

قوله : بعدم تسلیم کون القبلة هی الجملة. ( 3 : 124 ).

المراد من الجملة القطر والقدر الذی یحاذی المصلّی من قطر الکعبة ومجموعها ، والمصلّی داخلها لا یحصل له هذا ، والقدر الثابت من الأدلة کون الجملة قبلة ، وأمّا کون أیّ بعض منها قبلة فلم یثبت لو لم نقل بثبوت العدم ، بل الظاهر العدم ، لصحة ما دل علی المنع وتعدّده ، وظاهر الأخبار الکثیرة ، لو لم نقل متواترة فی أنّ الکعبة قبلة ، فإنّ المتبادر منها هو ما ذکرناه. مع أنّه لو کان أیّ جزء من الکعبة قبلة لکان یلزم استدبار الکعبة وعدم استقبالها أیضا فی حال استقبال أیّ جزء ، فتأمّل.

ویدل علی کون القبلة هی الجملة ما سیجی ء فی المسألة الآتیة.

قوله : وظهور لفظ « لا یصلح » فیه ، کما لا یخفی. ( 3 : 125 ).

الظهور محلّ نظر ، نعم ربما لا یکون ظاهرا فی الحرمة ، وإن کان ذلک أیضا ربما لا یخلو عن مناقشة ، لأنّ الصلاح فی مقابل الفساد ، فتأمّل.

مع أنّ النهی فی الروایة الأولی صریح فی الحرمة أو ظاهر فیها ، والموثّق لیس بحجّة عند الشارح ، مع أنّه فی مقام التعارض لا یقاوم الصحیح البتّة ، فتأمّل.

والنهی حقیقة فی الکراهة (1) ، والأصل الحقیقة حتی یثبت خلافها.

ویشیر إلی أنّ المراد من « لا یصلح » فی الصحیحة هو النهی : أنّ الشیخ روی فی الصحیح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال :

حکم المصلّی فی جوف الکعبة أو علی سطحها

ص: 328


1- کذا فی النسخ.

« لا تصلّ المکتوبة فی جوف الکعبة » (1) ، فظهر أنّ إحدی الروایتین نقل بالمعنی المراد من الأخری ، فلم یثبت ما یخالف صحیحة ابن عمّار ، لو لم نقل بظهور المؤکّد لها ، بل الظاهر أنّ المراد من « لا یصلح » هو النهی ، لأنّه قابل لإرادة النهی منه علی أی تقدیر ، بخلاف النهی الخالی عن القرینة ، فإنّه غیر قابل للکراهة ، کما لا یخفی ، فتدبّر.

واحتمال کونهما روایتین عن ابن مسلم بعید ، بملاحظة سند الاستبصار والراوی والمرویّ عنه ، وأنّه کیف ما روی روایته الأخری للراوی ، واقتصر بإحداهما لإحداهما وبالأخری للأخری؟ اللهمّ إلاّ أن یکون فهم اتحاد المراد ، وهو المطلوب ، فتدبّر.

مع أنّ فی آخر صحیحة معاویة بعد ما نقله الشارح رحمه الله قال : « فإن النبی صلی الله علیه و آله لم یدخل الکعبة فی حجّة ولا عمرة ، ولکن دخلها فی فتح مکّة ، وصلّی رکعتین بین العمودین ومعه أسامة بن زید » (2) انتهی. ولا یخفی علی المتأمّل فیه أنّ الظاهر منه کون جواز الفریضة فیها من بدع العامّة ، وأنّهم یحتجّون فی ذلک بفعل النبی صلی الله علیه و آله ، وأنّ الصادق علیه السلام کذّبهم وخطأهم فی ذلک ، فربما یکون الموثّقة واردة علی التقیة ، هذا.

مع أنّ العبادات توقیفیة ، وشغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة أو العرفیة ، فعلی تقدیر الاشتباه أیضا یشکل الاکتفاء.

ویمکن حملها علی حالة الاضطرار أیضا ، بناء علی وقوع الازدحام الشدید بعد ما دخل فیها ودخل الوقت ، فتأمّل.

قوله : والاستقبال والرکوع والسجود. ( 3 : 125 ).

ص: 329


1- التهذیب 2 : 376 / 1564 ، الوسائل 4 : 336 أبواب القبلة ب 17 ح 1.
2- التهذیب 5 : 279 / 953 ، الوسائل 4 : 337 أبواب القبلة ب 17 ح 3.

إلاّ أنّ الأمر فی الاستقبال ربما کان مشکلا ، لما مرّ ، إلاّ أن یقال : إنّه أولی من استقبال البیت المعمور بالنظر إلی الأدلة ، فتأمّل.

قوله : والروایتان ضعیفتا السند جدّا. ( 3 : 130 ).

قد بیّنا فی تعلیقتنا علی رجال المیرزا رحمه الله حجّیة أمثال هذه الروایات (1) ، مع أنّ الضعف منجبر بعمل الأصحاب مع أنّ المقام مقام الاستحباب ، فلا یضرّ الضعف ، لما بیّن فی محلّه.

وقوله : العمل بهما لا یؤمن معه. ، فیه : أنّ القبلة هی الجهة وفیها من السعة ما لا یخفی ، وإن قلنا بأنّ الحرم قبلة ، لما مرّ.

قوله : علی أقوی الظنّین. ( 3 : 133 ).

والتقلید حینئذ نوع من الاجتهاد ، والمدار فی جمیع الأمارات الاجتهادیة علی ذلک ، کما لا یخفی.

قوله (2) : وأسنده فی المعتبر. ( 3 : 136 ).

وکذا العلاّمة فی المنتهی (3) ، ونسبه المحقّق الثانی أیضا فی شرح القواعد إلی ظاهر الأصحاب (4) ، مؤذنا بدعوی الإجماع علیه أیضا ، وحکی التصریح به عن الغنیة (5).

قوله : لنا أصالة البراءة ممّا لم یقم دلیل علی وجوبه. ( 3 : 136 ).

الأصل لا یعارض العمومات الدالة علی وجوب الاستقبال ، إلاّ أن

استحباب التیاسر لأهل العرق

حکم فاقد الظن بالقبلة

ص: 330


1- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 8 و 341.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- المنتهی 1 : 219.
4- جامع المقاصد 2 : 71.
5- حکاه عنه فی کشف اللثام 1 : 179 ، وهو فی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 556.

یقال : العمومات مخصّصة بما سیذکر من الأخبار ، فیبقی الأصل سالما ، لکن لا یلائم هذا جعل الأصل دلیلا ( برأسه والخصوصیات دلیلا ) (1) برأسه.

قوله (2) : ونزلت هذه الآیة فی قبلة المتحیّر. ( 3 : 136 ).

الظاهر أنّه من کلام الصدوق ، لعدم المناسبة بینه وبین الصدر بحیث یصیر تتمّة ، فلاحظ وتأمّل ، فإنّ الصدر یتضمّن أنّ قبلة من سأل عن حاله ما بین المشرق والمغرب ، لا أنّه لا قبلة له أصلا ، ولأنّ الشیخ روی هذه الصحیحة ولم یکن فیها ما ذکره (3) ، ولأنّ الوارد عن الأئمّة علیهم السلام أنّ الآیة المذکورة نزلت فی النافلة ، کما فی التبیان ، وتفسیر علی بن إبراهیم ، وتفسیر العیاشی (4) ، بل لم یعهد فی تفسیر ورود نص عن الأئمة ع أنها نزلت فی المتحیّر ، بل هذا شی ء ذکره بعض المفسرین (5) ، علی أنّ احتمال کونه من الصدوق ممّا لا تأمّل فیه أصلا ، فکیف یمکن الاستدلال به؟

قوله : فلا تعویل علیها. ( 3 : 137 ).

یمکن أن یقال : الضعف منجبر بعمل الأصحاب ، و [ المراد بقوله ] (6) : کنّا وأنتم سواء فی الاجتهاد ، أی فی مسألة الاجتهاد وحکمه ، وهو أنّه إذا تأتّی الظنّ عمل به وإلاّ سقط اعتبار القبلة ، لأنّ أدنی ما یتحقّق به اعتبارها هو الظنّ.

ص: 331


1- ما بین القوسین لیس فی « ا ».
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- التهذیب 2 : 48 / 157 ، الاستبصار 1 : 297 / 1095.
4- التبیان 2 : 16 ، تفسیر القمّی 1 : 58. تفسیر العیاشی 1 : 56 / 80.
5- انظر الکشاف 1 : 180 ، وکنز العرفان 1 : 91.
6- فی النسخ : ویحمل قوله ، والأنسب ما أثبتناه.

علی أنّا نقول : الظاهر من الأخبار والآثار أنّ الاجتهاد کان اصطلاحا فی العمل بالرأی من دون استناد إلی النص بل بمجرّد الرأی والاستحسان ، ولذا صرّح بحرمته من صرّح من قدمائنا مثل السید المرتضی رحمه الله (1) فلاحظ کلامهم حتی یظهر ما ذکرناه لک ، فحرمة ذلک کان من شعار الشیعة وضروریات مذهبهم ، کما یظهر من هذا الخبر.

فحاصل اعتراضه : أنّکم تحرّمون وتنکرون علینا ، وفی هذه الصورة توافقوننا.

وحاصل الجواب : أنّه یجب تحصیل العلم وعدم الاکتفاء بالاجتهاد ، وبالصلاة إلی أربع وجوه یحصل العلم ، إلاّ أن یرد نص من الشارع بعدم لزوم تحصیل العلم والاکتفاء بالتحرّی ، فإذا أطبقت السماء یجب الصلاة لأربع وجوه مطلقا إلاّ أن ینص الشارع بعدم الوجوب ، فإذا نص فلیس حینئذ باجتهاد ، والحاصل : أنّ مقتضی قاعدتنا الصلاة لأربع وجوه ولا تنخرم تلک القاعدة لو فرض صدور نص من الشارع بالتحرّی فی صورة خاصّة ، فتأمّل.

مع أنّ الوارد فی الأخبار أنّ التحرّی یجزی ، لا أنه یجب بحیث إنّه لو صلّی لأربع وجوه وحصل العلم فعل حراما ، ففی الصورة الخاصّة أیضا مجرّد الإجزاء ، والاجتهاد عندهم حجّة مثل الیقین. والنص بالإجزاء لمّا کان منهم فلعلّه علیه السلام ما رأی المناسب والمصلحة التصریح بهذا ، لأنّه فی صدد الجواب عن اعتراض العامّة ، فتأمّل جدّا ، فإنّ وجه عدم المصلحة أنّهم علیهم السلام ما کان یعجبهم الإظهار عند أمثال هؤلاء من العامّة أنّهم بأنفسهم شرع وأنّ

ص: 332


1- انظر الذریعة إلی أصول الشریعة 2 : 636.

نصهم نص الشارع.

مضافا إلی أنّه علیه السلام لو کان یظهر لکانوا یعترضون بأنّ الاجتهاد لو کان قبیحا فلم جوّزتم؟ وإلاّ فلم شنعتم؟ والراوی ما کان یتحمّل جواب هذا الاعتراض ، لقصور الفهم وعدم القابلیّة ، أو لا ینفع المعترضین بل یصیر منشأ لتشنیعهم علی الشیعة وطول لسانهم ، إمّا لعدم قابلیتهم أو لعنادهم.

فإن قلت : الروایة حینئذ خرجت عن الحجّیة ، لأنّ المأمور به فیها لا قائل به ، ومحلّ النزاع لم یؤمر به.

قلت : إطباق السماء أعمّ من التمکّن من الاجتهاد وعدمه. وقوله : سواء فی الاجتهاد ، یعنی لو تمکّنّا ، فقوله علیه السلام : « إذا کان ذلک » یعنی : مطلق الإطباق ، لا بشرط الاجتهاد ، إذ یصیر حینئذ [ فیه ] حزازة ، لأنّ المعنی أنّه تجب الصلاة إلی جهة بشرط الظنّ بعدم کونها قبلة لو لم یظنّ بکونها قبلة ، أو بشرط التمکّن من الظنّ بعدم کونها قبلة ، وفیه ما فیه ، لأنّ مع الظنّ بالعدم لو کان واجبا فمع الاحتمال بطریق أولی ، فکیف وأن لا یکون مساویا؟ فتأمّل.

قوله : والجواب : إنّا لا نسلّم وجوب الاستقبال مع الجهل بالقبلة ، والسند ما تقدّم ( 3 : 137 ).

لا یخفی أنّ العمومات تقتضی الوجوب ، والسند عند المحقق یعارضه السند المعمول به.

ویمکن الجمع بینهما بحمل الأوّل علی الإجزاء ، کما هو صریح لفظه ، والثانی علی الأفضلیة ، وأنّ غرض المعصوم علیه السلام منع ما ادعاه المعترض من التسویة فی الاجتهاد ، فإنّ الاجتهاد عندهم نازل منزلة الیقین ، کما أشرنا ، فإذا کان فی صورة حصول الاجتهاد ، الأفضل یکون کذا ففی

ص: 333

غیره بطریق أولی ، مع أنّ جوابه علیه السلام عام ، کما أشرنا فی الحاشیة السابقة ، فتأمّل.

أو یکون المراد أنّ مقتضی الأصل والقاعدة عندنا الصلاة لأربع وجوه ، إلاّ أن یرد رخصة من الشارع ، کما مرّ.

أو یکون الأوّل محمولا علی التقیّة ، فتأمّل. أو یکون المصلحة فی الثانی الأمر بالصلاة لأربع وجوه ، لأنّه فی مقام ردّ شبهتهم ، فتدبّر.

قوله : یدل علیه ما رواه الشیخ. ( 3 : 139 ).

مضافا إلی ما دل علی وجوب القیام ووجوب الاستقرار.

قوله : وتجزیه فاتحة الکتاب. ( 3 : 139 ).

الظاهر من هذه الصحیحة وجوب السورة علی غیر المعذور ، کما سیجی ء.

قوله : ولم یثبت توثیقه. ( 3 : 139 ).

إلاّ أنّه لم یستثن من رجال نوادر الحکمة ، مع أنّه یروی عنه ، وفیه شهادة علی وثاقته ، والعلاّمة صحّح روایاته فی المنتهی والمختلف (1) ویظهر من ترجمة العمرکی أنّه من شیوخ أصحابنا (2) ، مع أنّه یروی عنه الأجلّة ، مع أنّ هذه الروایة مطابقة لمقتضی الأصل والقاعدة المقرّرة الثابتة شرعا.

قوله : ویستفاد من هذه الروایة عدم وجوب الاستقبال إلاّ بتکبیرة الإحرام خاصّة. ( 3 : 140 ).

المستفاد منها عدم الوجوب علی خائف اللصوص ، مثل عدم وجوب

إشارة إلی أن محمّد بن أحمد العلوی من شیوخ أصحابنا

عدم جواز الصلاة علی الراحلة إلاّ عند الضرورة

ص: 334


1- انظر المنتهی 2 : 563 ، 715 ، والمختلف : 297.
2- انظر رجال النجاشی : 303 / 828.

القیام والاستقرار.

قوله (1) : وکلام أکثر الأصحاب. إلاّ أنّ المصنّف اعتبر الضیق. ( 3 : 142 ).

وربما کان مستنده عبارة الفقه الرضوی : « إن کنت راکبا وحضرت الصلاة ، وتخاف أن تنزل من سبع أو لصّ أو غیر ذلک ، فلیکن صلاتک علی ظهر دابّتک ، وتستقبل القبلة وتومئ إیماء إن أمکنک الوقوف ، وإلاّ استقبلت القبلة بالافتتاح ، ثم امض فی طریقک التی ترید ، حیث توجّهت به راحلتک مشرقا ومغربا ، وتنحنی للرکوع والسجود ، ویکون السجود أخفض من الرکوع ، ولیس لک أن تفعل ذلک إلاّ فی آخر الوقت » (2).

قوله : وقال : لا علیه أن لا یخرج. ( 3 : 144 ).

یمکن أن یکون المراد : لا علیه فی الصورة المسؤول عنها ، بقرینة قوله : « سأله عن مثل هذه المسألة رجل » ، فلا وجه للاستدلال بهذه الروایة لمختاره ، فتدبّر.

واستدلاله بصحیحة معاویة وحسنة حماد أشکل ، إذ لیس فیهما سوی بیان کیفیة الصلاة فی السفینة ، أمّا أنّها فی أیّ حالة تفعل فلم یتعرّض فیهما البتّة ، فتدبّر.

قوله : وعن الروایتین. ( 3 : 146 ).

ظاهر الروایتین أنّ الحکم بالخروج من حیث لا یکون المصلّی متمکّنا من القیام ، بأن یکون فی معرض عدم التمکّن ، ولذا قالوا علیهم السلام : یصلّی جالسا إن لم یمکنه القیام ، ولا شکّ فی أنّ القیام من الواجبات

حکم الصلاة فی السفینة

ص: 335


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- فقه الرضا علیه السلام : 148 ، المستدرک 3 : 189 أبواب القبلة ب 10 ح 2.

الیقینیة للصلاة ، بل هو رکن جزما ، فکیف یمکن رفع الید عن الأمر الیقینی بإطلاق خبر الواحد؟

بل ربما کان الظاهر منه أنّ السؤال والجواب فیه إنّما وقعا بالنسبة إلی کون الصلاة فی السفینة من حیث کونها فی السفینة لا فی الأرض ، لا من حیث عدم التمکّن من القیام وغیره من الواجبات ، کما هو الحال فی بعض أحوال أهل السفینة ، فلو جعل هذا الإطلاق عموما لزم رفع الید عن کثیر من الواجبات الیقینیة مع التمکّن من فعلها وعدم داع إلی ترکها ، بل بمجرّد اختیار إیقاع الصلاة فی السفینة ، ولعل هذا مما لم یقل به أحد منهم ، ألا تری أنّ المانعین استدلوا للمنع بأنّ القرار رکن ، وأنّ الصلاة فیها مستلزم لحرکات خارجة؟ فلو کان مرادهم الشمول للقیام وغیره من الواجبات لکان الاستدلال بوجوب القیام وغیره من الواجبات مثل القبلة والرکوع والسجود ، فتأمّل.

قوله : فیکون فعلها کذلک تشریعا محرّما. ( 3 : 147 ).

ما ذکره إنّما یتوجّه إذا قلنا بأنّ الصلاة اسم للأرکان (1) المستجمعة لشرائط الصحة ، والشارح رحمه الله لا یقول به بل یقول : إنّه اسم لمجرّد الأرکان ، کما یظهر منه فی کثیر من المباحث ، منها ما سیجی ء فی وجوب صلاة الجمعة (2) ، وإن کان ربما یظهر من کلامه فی بعض المواضع أنّه اسم للصحیحة ، کما یظهر منه فی المقام ، ولو کان اسما للمجرّد فلا شکّ فی أن الإطلاقات الواردة فی الأخبار تکفی لثبوت مشروعیة المجرّد ، إلاّ أن یثبت اشتراطه بشی ء شرعا ، ولم یثبت فی المقام اشتراطه بالقبلة ، ولو ثبت لکان

حکم الاستقبال فی النوافل

ص: 336


1- فی « ج » زیادة : المخصوصة.
2- یأتی فی ج 3 : 173.

الدلیل ذلک لا ما ذکره.

إلاّ أن یقال لو کانت صحیحة بغیر القبلة اختیارا لصدر ذلک بمقتضی العادة عن إحدی الحجج علیهم السلام ونقل إلینا ، لکن هذا أیضا علی فرض تمامیته خلاف طریقة الشارح رحمه الله کما مرّ فی الوضوء وغیره.

فالأولی الاستدلال علی ذلک بما ورد فی صحیحة زرارة من قوله علیه السلام : « لا صلاة إلاّ إلی القبلة » (1) لکن ربما یظهر بملاحظة آخر الخبر کون المراد منها الفریضة ، حیث قال : قلت : فمن صلّی لغیر القبلة أو فی یوم غیم فی غیر الوقت؟ قال : « یعید ». وأیضا فی الصحیح عن زرارة ، عنه علیه السلام أنّه قال : « إذا استقبلت القبلة بوجهک فلا تقلّب وجهک فتفسد صلاتک ، فإنّ الله تعالی قال لنبیّه صلی الله علیه و آله فی الفریضة ( فَوَلِّ وَجْهَکَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (2) » الحدیث (3).

مع أنّه کان المتبادر من لفظ الصلاة الفریضة ( علی ما سیجی ء من الشارح - رحمه الله - ) (4) فتأمّل.

قوله : وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج. ( 3 : 148 ).

ما أورد الشارح رحمه الله خبرا یدل علی جواز النافلة ماشیا فی الحضر ، ویمکن الاستدلال له بما رواه الشیخ فی الصحیح عن عبد الله بن المغیرة ، عن عیینة ، عن إبراهیم بن میمون ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « إن صلّیت وأنت تمشی کبّرت ثم مشیت ثم قرأت ، فإذا أردت أن ترکع أومأت

ص: 337


1- الفقیه 1 : 180 / 855 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 2.
2- البقرة : 144.
3- الفقیه 1 : 180 / 856 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 3.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».

بالرکوع ثم أومأت بالسجود ، ولیس فی السفر تطوّع » (1) وفی الصحیح عن حمّاد ، عن حریز ، عمّن ذکره ، عن الباقر علیه السلام : أنّه لم یکن یری بأسا أن یصلّی الماشی وهو یمشی ولکن لا یسوق الإبل (2) ، فتأمّل.

قوله : لدخوله فی الصلاة دخولا منهیا عنه. ( 3 : 150 ).

هذا إنّما یتمّ إذا قلنا بأنّ الجاهل غیر معذور ، وهو خلاف ما اختاره الشارح رحمه الله وعلی القول بالمعذوریة لا یکون الإعادة علی کلّ حال ، بل إذا خالف الواقع.

قوله : فیتوقّف علی الدلالة ولا دلالة ( 3 : 151 ).

سیجی ء العمومات الدالة علی وجوب قضاء ما فات من الصلاة وتصریح الشارح رحمه الله بذلک واعترافه به ، ومعلوم أنّ الفوت أعمّ من أنّه لا یصلّی أصلا أو یصلّی صلاة فاسدة ، کما لا یخفی ، فالاعتبار إنّما هو بالأخبار الدالة علی ذلک.

قوله : لأنّه فرض مستأنف. ( 3 : 153 ).

قد أشرنا آنفا إلی الاعتراض علیه باعترافه بالعمومات الدالة علی وجوب قضاء ما فات من الصلاة.

قوله : فلقولهم : ما بین المشرق والمغرب قبلة. ( 3 : 154 ).

فظهر أنّ المراد بالیسیر کون الانحراف بحدّ لا یصل إلی حدّ المشرق والمغرب ، بل یکون ما بینهما.

قوله : فالأقرب أنّه ینحرف ولا إعادة. ( 3 : 154 ).

الأعمی یرجع إلی غیره فی معرفة القبلة

ص: 338


1- التهذیب 3 : 299 / 587 ، الوسائل 4 : 334 أبواب القبلة ب 16 ح 2.
2- الکافی 3 : 441 / 9 ، الفقیه 1 : 289 / 1318 ، التهذیب 3 : 230 / 592 ، الوسائل 4 : 335 أبواب القبلة ب 16 ح 5.

لا یخفی أنّ مراعاة الوقت مقدّم علی مراعاة القبلة ، ولذا یجب علی الجاهل بالقبلة وغیر المتمکّن من الاستقبال أن یصلّی بغیر القبلة ، بل ومراعاتها مقدّم علی جلّ واجبات الصلاة من الأجزاء والشرائط ، وقد مرّ الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة ، فلاحظ.

قوله : والامتثال یقتضی الإجزاء. ( 3 : 154 ).

والامتثال إنّما هو إذا لم یظهر المخالفة ، إذ الامتثال هو الإتیان بما هو مطلوب الله تعالی ، ومطلوبه تعالی هو الصلاة إلی القبلة لا إلی دبر القبلة ، ولو کان الامتثال متحقّقا علی تقدیر ظهور المخالفة للزم عدم وجوب الإعادة فی الوقت أیضا إذا ظهر الإخلال بالشرط فیه ، وهو رحمه الله صرّح مرارا بوجوب الإعادة فیه بسبب الإخلال بشرط الواجب ، فإذا أخلّ به یکون فاسدا ، وإن لم یکن فاسدا لم یکن إخلال بشرط ، والفریضة لم تکن إلاّ واحدة ، ولذا تکون الثانیة إعادة وعوضا عمّا فات شرطه ووقع الإخلال فیه ، ومقتضی ذلک وجوب القضاء أیضا ، لما مرّ مرارا.

نعم مقتضی روایتی عبد الرحمن وسلیمان أنّه بعد الفراغ عن الصلاة فی الوقت واستبانة الخطأ خارج الوقت لا تجب إعادة تلک الصلاة ، فتأمّل.

قوله : فالفارق بین الجلد والدم. ( 3 : 158 ).

لیس الفارق منحصرا فی ما ذکره بل عرفت غیرها ، وأنّ الأدلّة دالة علی نجاسة المیتة وعدم جواز الصلاة فیها. والمیتة اسم لما زهق روحه بغیر تذکیة فی الواقع من غیر مدخلیة العلم والجهل والمعروفیة وعدم المعروفیة فی المعنی ، کما هو ظاهر.

وأمّا الدم وإن ورد بعض الأخبار أنّه نجس لکن ورد أنّ دم ما لا نفس له طاهر ، وکذا الدم المتخلّف ، فإذا وقع الاشتباه یکون الأصل الطهارة ،

لباس المصلّی

حکم الصلاة فی جلد المیتة

ص: 339

لعدم العلم بالتکلیف ، ولیس شی ء یعارض هذا ، بخلاف الجلد فإنّه یعارض فیه ما ستعرف ، فتأمّل.

قوله : ومع انتفاء حجیّته. ( 3 : 158 ).

قد بیّنا فی کتاب الطهارة حجّیة الاستصحاب (1) ، مع أنّ تتبّع الأخبار الواردة فی کتاب الصید وکتاب الذباحة وکتاب الأطعمة وغیر ذلک یکشف عمّا ذکره الفقهاء من أصالة عدم التذکیة حتی تثبت (2) ، وما لم تثبت لا یکون طاهرا ولا حلالا ، ( فإنّ ثبوت التذکیة شرط للحکم بالطهارة ، والحلّیة ، وجواز الأکل ، والاستعمال باللبس فی الصلاة ، وأمثال ذلک ) (3) ، فتتبّع تجد الأخبار متواترة فی ما ذکرناه.

ومع ذلک نقول : إنّ ما استدل به علی المنع من الصلاة فی جلد المیتة مقتضاه عدم جواز الصلاة فی ما هو فی الواقع میتة ، کما ذکرنا ، لأنّ المیتة اسم لما هو فی الواقع میتة کالماء والخبز ، وغیر ذلک ، وقد جعلوا الفسق (4) اسما لما هو فی الواقع خروج عن الطاعة ، ولذلک أثبتوا اشتراط العدالة فی الراوی ، فمقتضی ما ذکر اشتراط ثبوت التذکیة للحکم بإباحة الصلاة وتحقّق الإطاعة والامتثال.

وأیضا فی موثقة ابن بکیر الآتیة عند قول المصنف رحمه الله : وما لا یحلّ أکله (5). ما یدل علی اشتراط العلم بالتذکیة ، حیث قال علیه السلام فی آخرها : « وإن کان ممّا یؤکل لحمه فالصلاة فی وبره وشعره وبوله وروثه

ص: 340


1- راجع ج 1 : 90 - 93.
2- فی « و» زیادة : خلافه.
3- ما بین القوسین أثبتناه من « و».
4- فی النسخ : الفاسق ، والأنسب ما أثبتناه.
5- انظر المدارک 3 : 161.

وکلّ شی ء منه جائزة إذا علمت أنّه ذکی قد ذکّاه بالذبح ». الحدیث.

وأیضا روی فی الکافی بسنده إلی علی بن أبی حمزة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام وأبا الحسن علیه السلام عن لباس الفراء والصلاة فیها ، فقال : « لا تصلّ فیها إلاّ ما کان منه ذکیّا » الحدیث (1).

وأیضا سیجی ء الأخبار الدالة علی أنّ ما یؤخذ من غیر سوق المسلمین یجب السؤال عن تذکیته ، وکذا ما یؤخذ من ید المشرک ، وأنّ ما یؤخذ من ید من یستحلّ المیتة لا یجوز أن یباع علی أنّه ذکیّ وإن أخبر ذو الید أنّه ذکی ، وغیر ذلک (2) ، والأخذ من المسلم أو من سوق المسلمین موجب للحکم بالتذکیة ، لحمل أفعال المسلم علی الصحة ، ولما استدل به الشارح فی ما سیأتی من صحیحة الحلبی وصحیحة ابن أبی نصر وصحیحة الجعفری وغیرها من الأخبار الدالة علی أنّ ما یؤخذ من السوق یجوز الصلاة فیه (3). وظاهر أنّ المتبادر والظاهر هو سوق المسلمین. ولئن سلّمنا عدم الظهور لا نسلّم العموم ، والمناط الظهور ، مع أنّه لیس ها هنا ما یدل علی العموم لغة ، فتأمّل.

قوله : وقد ورد فی عدّة أخبار. ( 3 : 158 ).

إن أراد من الأخبار ما استدل بها فالظاهر منها الأخذ من المسلم أو سوق المسلم ، ولا تأمّل فی ثبوت التذکیة به ، کما ستعرف. وإن أراد غیر ذلک فلا بدّ من ذکره حتی یعرف حاله.

ص: 341


1- الکافی 3 : 397 / 3 ، التهذیب 2 : 203 / 797 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّی ب 2 ح 2.
2- انظر الوسائل 1 : 490 أبواب النجاسات ب 50.
3- المدارک 3 : 159.

وفی الصحیح عن عبد الله بن المغیرة - وهو ممّن أجمعت العصابة - عن إسحاق بن عمار ، عن الکاظم علیه السلام : « لا بأس بالصلاة فی الفراء الیمانی وفی ما صنع فی أرض الإسلام » قلت : فإن کان فیها غیر أهل الإسلام؟ قال : « إذا کان الغالب علیها المسلمون فلا بأس » (1).

وفی التهذیب ، بسنده عن أبی الحسن علیه السلام أنّه سئل عن جلود الفراء یشتریها الرجل فی سوق من أسواق الجبل ، یسأل عن ذکاته إذا کان البائع مسلما غیر عارف؟ قال : « علیکم أن تسألوا إذا رأیتم المشرکین یبیعون ذلک ، وإذا رأیتم یصلّون فیه فلا تسألوا عنه » (2).

وفی الحسن کالصحیح عن الصادق علیه السلام : « تکره الصلاة فی الفراء إلاّ ما صنع فی أرض الحجاز ، أو ما علمت منه ذکاة » (3) ، فتأمّل.

وفی کالصحیح عن الهاشمی : أنّه سئل الصادق علیه السلام عن لباس الجلود ، والخفاف ، والنعال ، والصلاة فیها ، إذا لم تکن من أرض المسلمین (4) ، فقال : « أمّا النعال والخفاف فلا بأس بها » (5) ، وظاهرها أنّ لباس الجلود لا یجوز ، وأنّ عدم المنع من النعال والخفاف من جهة کونهما ممّا لا تتمّ الصلاة فیه ، ولا مانع إذا کان نجسا بالإجماع والأخبار ، فتأمّل.

قوله (6) : أو فی سوق المسلمین ( 3 : 158 ).

ص: 342


1- التهذیب 2 : 368 / 1532 ، الوسائل 4 : 456 أبواب لباس المصلّی ب 55 ح 3.
2- الفقیه 1 : 167 / 788 ، التهذیب 2 : 371 / 1544 ، الوسائل 3 : 492 أبواب النجاسات ب 50 ح 7.
3- الکافی 3 : 398 / 4 ، الوسائل 3 : 526 أبواب النجاسات ب 79 ح 1.
4- کذا فی النسخ والوافی ( 7 : 418 ) وفی بقیّة المصادر : المصلّین.
5- التهذیب 2 : 234 / 922 ، الوسائل 4 : 427 أبواب لباس المصلّی ب 38 ح 3.
6- هذه الحاشیة لیست فی « أ ».

من ید من لا یظهر کفره.

قوله : یسأله عن الفرو والخف. ( 3 : 159 ).

لا یخفی أنّ المطلق منصرف إلی الأفراد الشائعة ، وهی ما یؤخذ من سوق المسلمین أو من ید المسلم.

قوله : وعن عبد الرحمن بن الحجاج. ( 3 : 160 ).

هذا الخبر ظاهر فی کون أفعال المسلم محمولا علی الصحة إذا کان موافقا لرأیه واعتقاده ، لأنّ الراوی قال : ما أفسد ذلک؟

مع أنّ الکلام هو الذی قال المعصوم علیه السلام فی الجواب ، وأمّا مجرّد قول المسلم بأنّه کذا ، لا یقتضی أن یکون فی الواقع کذا. نعم فی الواقع هو قال کذا ، ومع ذلک استبعد الراوی عدم الحکم بکونه فی الواقع کذا بمجرّد قول المسلم ، فسأل عن السبب ، والمعصوم علیه السلام أقرّه علی معتقده وأجاب بأنّ العلة أمر آخر وهو استحلالهم بحسب معتقدهم ، فتدبّر.

قوله : وانتفاء ما یدل علی عموم المنع. ( 3 : 161 ).

سیّما فی مثل القمل والبرغوث والبقّ والذباب والنمل ونظائرها. وفی التهذیب عن علیّ بن مهزیار ، وفی الفقیه عن إبراهیم بن مهزیار ، عن أبی محمد علیه السلام أنّ الصلاة یجوز فی القرمز (1) ، فلیتأمّل.

وأمّا ما هو من قبیل السمک فربما یظهر من بعض الروایات المنع عنه مثل روایة محمد بن سلیمان الدیلمی التی وردت فی تحقیق الخزّ (2) ،

ص: 343


1- الفقیه 1 : 171 / 806 ، التهذیب 2 : 363 / 1502 ، الوسائل 4 : 435 أبواب لباس المصلّی ب 44 ح 1.
2- الکافی 3 : 399 / 11 ، التهذیب 2 : 211 / 828 ، الوسائل 4 : 359 أبواب لباس المصلّی ب 8 ح 4.

فلیلاحظ ولیتأمّل.

قوله : بل الظاهر تحریم استصحاب غیر الملبوس أیضا لقوله علیه السلام . ( 3 : 161 ).

وما رواه فی التهذیب عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن جعفر أنّه کتب إلی أبی محمد علیه السلام : یجوز للرجل أن یصلّی ومعه فارة المسک؟ فکتب : « لا بأس به إذا کان ذکیّا » (1). وفسّره فی الذکری بالطاهر (2) ، وفیه ما فیه.

وما رواه الصدوق رحمه الله عن الصادق علیه السلام : « لا بأس بتقلید السیف فی الصلاة فیه الفراء والکیمخت ما لم یعلم أنّه میتة » (3) وکذا روایة علی بن أبی حمزة الواردة بهذا المضمون (4). لکن قد مرّ الروایة الدالة علی عدم البأس فی الصلاة فی الخفاف والنعال المأخوذة من أرض غیر المسلمین ، والمنع من الصلاة فی الجلود المأخوذة منها.

قوله : فهو إجماعی أیضا علی ما نقله جماعة. ( 3 : 161 ).

والإجماع المنقول بخبر الواحد حجة ، کما حقّق فی محلّه ، بل ربما کان المنع من شعار الشیعة یعرفون بذلک ویتقون به من العامّة.

قوله : عن الصلاة فی جلود السباع. ( 3 : 162 ).

فی کتاب علل الشرائع بسنده المرفوع إلی الصادق علیه السلام أنّه قال : « لا تجوز الصلاة فی شعر ووبر ما لا یؤکل لحمه لأنّ أکثرها مسوخ » (5).

ص: 344


1- التهذیب 2 : 362 / 1500 ، الوسائل 4 : 433 أبواب لباس المصلّی ب 41 ح 2.
2- الذکری : 149.
3- الفقیه 1 : 172 / 811 ، الوسائل 3 : 493 أبواب النجاسات ب 50 ح 12.
4- التهذیب 2 : 368 / 1530 ، الوسائل 3 : 491 أبواب النجاسات ب 50 ح 4.
5- علل الشرائع : 342 / 1 ، الوسائل 4 : 347 أبواب لباس المصلّی ب 2 ح 7.

وفی الفقه الرضوی : « لا تجوز الصلاة فی سنجاب ، وسمّور ، وفنک ، وإیّاک أن تصلّی فی الثعالب ، وفی ثوب تحته جلد الثعالب » (1) ، وفیه أیضا : سألته عمّا یخرج من منخر الدابّة إذا أنخرت فأصاب ثوب الرجل ، قال : « لا بأس ، لیس علیک أن تغسله » (2).

قوله : وابن بکیر وإن کان ضعیفا. ( 3 : 162 ).

تضعیف ابن بکیر ضعیف ، للتوثیق الصریح مع إجماع العصابة علی تصحیح ما یصح عنه ، وکونه من فقهاء أصحابنا ، ولقول النجاشی : کتابه کثیر الرواة (3) ، الدال علی الوثوق والاعتبار ، کما حقّقناه فی الرجال ، ولقول الشیخ فی العدّة : إنّ الطائفة أجمعت علی العمل بروایته (4) ، وقول المفید رحمه الله فی رسالته : إنّه من فقهاء الأصحاب والرؤساء الأعلام المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتیا والأحکام ، وهم أصحاب الأصول المدوّنة والمصنّفات المشهورة (5) ، إلی غیر ذلک مثل کونه کثیر الروایة ، ومقبول الروایة ، وسدید الروایة ، وأنّه یروی عنه الثقات الأجلّة ، وغیر ذلک ممّا ذکرناه فی موضعه وحقّقنا الأمر فیه. وأمّا الفطحیة فالنجاشی لم یتعرّض ، وفی ترجمة هشام ابن سالم : أنّ الفطحیة رجعوا عن رأیهم إلاّ طائفة عمار (6).

عبد الله بن بکیر ثقة من فقهاء أصحابنا

ص: 345


1- فقه الرضا علیه السلام : 157 ، المستدرک 3 : 199 أبواب لباس المصلّی ب 4 ح 2 ، وص 201 ب 7 ح 1.
2- المستدرک 2 : 561 أبواب النجاسات ب 7 ح 1 ، البحار 77 : 72 ، ولم نعثر علیه فی فقه الرضا علیه السلام .
3- رجال النجاشی : 222 / 581.
4- عدّة الأصول 1 : 381.
5- رسالة الشیخ المفید فی العدد والرؤیة : 14.
6- انظر رجال الکشی 2 : 567.

وبالجملة : غایة الأمر أن یکون موثّقا کالصحیح ، بل روایته أقوی من کثیر من الصحاح ، ومع ذلک منجبر سندها بالشهرة العظیمة بل الإجماع ، وکذا منجبر بالأخبار الصحیحة (1) الدالة علی المنع فی جلود السباع والثعالب والأرانب وغیر ذلک ممّا ستعرف ، ولا قائل بالفصل.

وأیضا الراوی عنه فی هذه الروایة ابن أبی عمیر ، وهو أیضا ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا یروی إلاّ عن ثقة ، کما صرّح به فی العدّة (2) ، إلی غیر ذلک ممّا یذکر فی ترجمته ، ویظهر من حاله.

والأخبار الدالة علی المنع فی خصوص الأشیاء وعمومها کثیرة غایة الکثرة ، یظهر منها أنّ هذا الحکم کان مشتهرا بین رواة الأئمّة علیهم السلام حتی أنّهم کانوا یسألون عن شعر الإنسان وظفره (3).

قوله : ثم استدل علیه أیضا. ( 3 : 162 ).

سیجی ء استدلاله بأخبار کثیرة وقوله بأنّ العمل بها لازم (4).

قوله : أو قصور فی دلالة. ( 3 : 163 ).

الشارح ربما یتمسّک لإتمام الدلالة بعدم القول بالفصل کغیره من الفقهاء ، وتمسّکه کذلک کثیر ، فلا مانع من أن یتمسّک به ها هنا ، سیّما مع الانضمام بما عرفت ، وبعد تتبّع الأحادیث حتی الأخبار الواردة فی استثناء مثل الخزّ وشعر الإنسان وظفره ( إذ یظهر أنّ الحکم عند الشیعة فی ذلک الزمان کان فی غایة الظهور والمسلّمیة ، فلاحظ وتأمّل ) (5).

ص: 346


1- لیس فی « ا ».
2- عدّة الأصول 1 : 386.
3- انظر الوسائل 4 : 382 أبواب لباس المصلّی ب 18.
4- المدارک 3 : 165.
5- ما بین القوسین لیس فی « ج ».

قوله : وقد استثنی من هذه الکلّیة أشیاء. ( 3 : 163 ).

وشمول الکلیّة لمثل دود القزّ ونحل العسل والبقّ والذباب والبرغوث محلّ تأمّل من أصله ، لعدم کونها بحیث تکون لها قابلیة الأکل ومن شأنها ذلک ، لعدم تبادر مثل تلک من الخبر ، بل وعدم تبادر الإنسان أیضا ، فلا یحتاج إلی القول بأنّ القزّ خارج بالإجماع والأخبار والاجتناب عن غیره ، مع أنّه ربما یظهر من طریقة المسلمین فی الأعصار عدم الاجتناب عن عرق الإنسان وریقه ووسخه وأمثال ذلک ، وکذا الذباب والبرغوث والعسل والشمع ، بل ربما یظهر بعضها من الأخبار أیضا ، فتأمّل.

ثم اعلم أنّ الظاهر من غیر واحد من الفقهاء أنّ المنع غیر مختصّ باللبس ، بل شامل للاستصحاب أیضا (1) ، لأنّهم یذکرون الأخبار الدالة علی ذلک فی جملة أدلتهم من دون تعرّض لکون مدلولاتها غیر المطلوب ، بل ویذکرون ما دل علی جوازه ویتعرضون للعلاج من غیر تعرّض بأنّ ذلک غیر المطلوب فی المقام ، وسیجی ء ما ذکرناه عن الشارح أیضا ، وأری العلماء وأسمع أنّهم یتنزّهون عنه البتّة.

والأخبار الدالة علی المنع : روایة إبراهیم بن محمد ، قال : کتبت إلیه : یسقط علی ثوبی الوبر والشعر ممّا لا یؤکل لحمه من غیر تقیّة ولا ضرورة ، فکتب : « لا تجوز الصلاة فیه » (2). وما ورد من المنع عن الصلاة فی الثوب الذی تحت أو فوق هذه الجلود والأوبار (3). وما ورد من المنع عن الصلاة

حکم استصحاب شیء مما لا یؤکل لحمه حال الصلاة

ص: 347


1- انظر جامع المقاصد 2 : 81 ، وکشف اللثام 1 : 184 ، والکفایة : 16.
2- التهذیب 2 : 209 / 819 ، الوسائل 4 : 346 أبواب لباس المصلّی ب 2 ح 4.
3- الکافی 3 : 399 / 8 ، التهذیب 2 : 206 / 808 ، الوسائل 4 : 357 أبواب لباس المصلّی ب 7 ح 8.

فی القلنسوة التی علیها وبر (1) ، إلی غیر ذلک ، بل روایة ابن بکیر أیضا ظاهرة فیه ، فإنّ الصلاة فی الروث مثلا ظاهرة فی المعیّة ، وتقدیر الکلام بإرادة الثوب الذی یتلوّث به غلط ، لأنّ الأصل عدم التقدیر ، سیّما مثله ، وقرّر فی الأصول أنّه إذا دار الأمر بین المجاز والإضمار فالمجاز مقدّم ومتعیّن.

ویعضده تتبّع الأخبار الواردة فی هذا الباب ، کما أشرنا إلیه ، والأخبار الواردة فی باب کراهة الحدید والمنع عن الذهب ، کما سنشیر إلیه (2) ، بل التتبّع یکشف عن أنّ الظاهر أنّ الأمر کان کذلک عند الشیعة ، ولذا کانوا یسألون فیجابون علی نحو ربما یظهر منه تقریرهم ، فتأمّل جدا. ویعضده أیضا فهم الأصحاب ، مضافا إلی إطلاق لفظ الروث وغیره ، فتأمّل جدّا.

وبالجملة : الأحوط الاجتناب مهما أمکن البتّة ، سیّما علی القول بأنّ العبادات أسام للصحیحة منها ، مع أنّ شغل الذمّة الیقینی یستدعی البراءة الیقینیة ، إلی غیر ذلک ممّا ستعرف ، وسیجی ء تتمّة الکلام فی المقام ، فتأمّل.

قوله (3) : فإنّ کلّ ما دلّ علی جواز الاستعمال شامل للأمرین. ( 3 : 163 ).

یمکن أن یقال : إنّ الإطلاق ینصرف إلی المتعارف الشائع ، والاستعمال لیس سابقا متعارفا ، کما هو ظاهر.

قوله : ولا تصح الصلاة فی شی ء من ذلک إذا کان ممّا لا یؤکل

حکم الصلاة فی جلد ما لا یؤکل لحمه وحکم صوفه وشعره ووبره

ص: 348


1- التهذیب 2 : 207 / 810 ، الوسائل 4 : 377 أبواب لباس المصلّی ب 14 ح 4.
2- انظر ص 359 و 380.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».

لحمه. ( 3 : 164 ).

لا یخفی أنّ مراده من : ما لا یؤکل لحمه ، هو حرام الأکل ، کما تدل علیه روایة ابن بکیر التی هی الأصل فی هذا الباب ، وما ذکرنا من روایة سماعة المتضمّنة لجواز الصلاة فی الکیمخت (1).

قوله : صحیحة محمد بن عبد الجبار. ( 3 : 166 ).

لا دلالة لها علی ما ذکره ، کما لا یخفی علی المتأمّل ، مع أنّ التذکیة لیست شرطا لحلّیة الصلاة فی الوبر وغیره ممّا لا تحلّه الحیاة ، بإجماع الفقهاء والأخبار ، ومسلّم ذلک عند الشارح رحمه الله کما مرّ ، ففی الروایة شی ء لا یقول به أحد ، ومخالف للإجماع والأخبار ، ومثل هذا مانع عن الاحتجاج بها عند الشارح ، کما صرّح به مکرّرا.

ویمکن أن یکون المراد من التذکیة کونه ممّا یؤکل لحمه ، ویشیر إلی ذلک بعض الأخبار ، مثل روایة علی بن أبی حمزة عن الصادق والکاظم علیهماالسلام فی الصلاة فی الفراء ، فقال : « لا تصلّ فیها إلاّ ما کان ذکیّا » ، قال : قلت : ألیس الذکی ما ذکّی بالحدید؟ فقال : « بلی ، إذا کان ممّا یؤکل لحمه » الحدیث (2). ومثل روایة ابن أبی یعفور الواردة فی معرفة الخزّ (3).

ولعلّ المعصوم علیه السلام عبّر هنا کذلک ، لکون حکمه فی جواب المکاتبة ، وکان عادتهم فی جواب المکاتبات یفعلون أمثال ما ذکر تقیّة وتنبیها للراوی علی ذلک ، کما لا یخفی علی المطّلع بأجوبة المکاتبات

ص: 349


1- راجع ص 344 رقم 3.
2- الکافی 3 : 397 / 3 ، التهذیب 2 : 203 / 797 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّی ب 2 ح 2.
3- راجع ص 343 رقم 2.

منهم علیهم السلام ، وصرّح بذلک جدّی رحمه الله (1).

( فعلی هذا یمکن أن تکون هذه الروایة خارجة مخرج التقیّة ، لأنّ أحمد قال بعدم جواز الصلاة فی الحریر المحض مطلقا بل بطلانها فیه (2) ، فعلی هذا یکون قوله علیه السلام فیه : « إذا کان ذکیّا » تقیّة من أحمد المذکور ، والشافعی ، حیث شرطا کون الشعر ونحوه مأخوذا من الحیّ أو بعد التذکیة ، وإذا أخذ من المیت فهو نجس لا تصح الصلاة فیه (3) ، فیکون ما ذکر شاهدا آخر علی التقیّة ، إذ معلوم أنّ أحمد کان معاصرا للرضا علیه السلام ، والصحیحة مکاتبة العسکری علیه السلام ، وعرفت أنّ المکاتبة لا تخلو عن التقیّة ، إذا التقیة مشاهدة مع ظهور توجیههم فیه ، فهذا أیضا مؤیّد آخر للحمل علی التقیّة ، فتأمّل جدّا ) (4).

قوله : وصحیحة علی بن ریّان. ( 3 : 166 ).

الظاهر عدم دلالة هذه أیضا ، لأنّ الظاهر أنّ المراد ممّا لا یؤکل لحمه غیر الإنسان ، ولعل الأمر عند الأصحاب أیضا کذلک (5).

ص: 350


1- انظر روضة المتقین 2 : 156.
2- انظر المجموع 3 : 180.
3- الأمّ 1 : 54.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
5- فی « ب » و « ج » و « د » زیادة : فی الکافی بسنده عن الباقر علیه السلام أنّه سئل عن القرامل التی تصنعها النساء فی رؤوسهنّ ، یصلنه بشعورهنّ؟ فقال : « لا بأس علی المرأة بما تزیّنت به لزوجها » قلت : بلغنا أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله لعن الواصلة. ، الحدیث ، فلاحظ فی کتاب النکاح. وفی روایة أخری عن الصادق علیه السلام : « یکره للمرأة أن تجعل القرامل من شعر غیرها ، فإن وصلت شعرها بصوف أو بشعر نفسها فلا یضرّها ». وفی أخری : « إن کان صوفا فلا بأس وإن کان شعرا فلا خیر فیه من الواصلة والموصولة » فتأمّل. الکافی 5 : 119 / 1. و: 520 / 3 ، 4 ، التهذیب 6 : 361 / 1036 ، الوسائل 17 : 132 أبواب ما یکتسب به ب 19 ح 5 ، و 20 : 187 أبواب مقدّمات النکاح ب 101.

بل یمکن القطع بخروجه ، لأنّ لعاب کلّ واحد من الزوجین وسائر رطوباته یصل إلی الآخر بالتقبیل والملاصقة والملاعبة والمضاجعة غالبا ، وکذا لبن الزوجة ، وکذا الحال بالنسبة إلی الأطفال وغیرهم ، حتی أنّ المؤمنین فی المصافحة والتقبیل وسائر ملامساتهم یصل رطوباتهم إلی الآخر ، سیّما فی فصل الصیف وخصوصا فی البلاد الحارّة ، مع أنّهم کانوا یصلّون فی ثیاب الآخر ، وورد جواز ذلک فی الأخبار أیضا ، مع أنّه قلّما ینفکّ الثیاب الملبوسة عن الفضلات.

وبالجملة : الفرقة الناجیة فی جمیع الأمصار والأعصار السابقة واللاحقة کانوا یتنزهون عن فضولات الإنسان ورطوباته فی الصلاة ، وما کانوا یعاملون فیها معاملتهم فی السّمور والفنک وغیرهما ممّا اتفقوا علی المنع عن الصلاة أو اختلفوا ، مع أنّ العبادة تقتضی بالنصوص المتواترة ، لعموم البلوی وشدّة الحاجة وغلبة التحقّق ، لا الاکتفاء بخبر واحد غیر ظاهر الدلالة ، بل المتبادر منه غیر الإنسان.

مع أنّ صحیحة ابن ریّان وردت بطریقین : أحدهما ما ذکره الشارح رحمه الله والثانی یظهر منه أنّ المراد شعر نفس المصلّی (1) ، وخروج فضلات المصلّی نفسه لا شکّ فیه ، فتدبّر ، وورد فی الذی شرب المسکر وتفل ، أنّهم علیهم السلام قالوا بعدم وجوب غسله (2) ، فلاحظ.

ص: 351


1- انظر الفقیه 1 : 172 / 812.
2- التهذیب 1 : 280 / 825 و 282 / 827 ، الوسائل 3 : 473 أبواب النجاسات ب 39.

قوله : لروایة إبراهیم بن محمد الهمدانی وهی ضعیفة جدّا. ( 3 : 166 ).

لا یخفی أنّ إبراهیم هذا هو الوکیل الجلیل الذی هو وأولاده کانوا وکلاء ، والوکالة تستلزم العدالة ، کما اعترف به غیر واحد من المحققین (1) وحقّقناه فی الرجال (2) ، مع أنّه روی الکشّی فیه روایات متضمّنة لعدالته وجلالته (3) ، والظاهر اعتماد الکشی علیها ، وحقّقنا أیضا اعتبار مثله لثبوت العدالة ، فیظهر أنّه لا یضرّ إضماره ، لأنّ الظاهر أنّ مثله لا یروی ( مثل هذا ) (4) ، إلاّ عن المعصوم الذی وکّله.

وأمّا محمد بن علی الراوی عنه ، فهو یروی عنه محمد بن أحمد بن یحیی کثیرا ، وما استثنی القمیون روایته ، وهو دلیل علی عدالته ، کما لا یخفی علی من تأمّل فی ترجمته ، فالروایة معتبرة جدّا ، بل صحیحة علی الظاهر. مع أنّ الدلیل غیر منحصر فیها ، بل موثقة ابن بکیر الذی هی العمدة والأصل فی هذا الباب ، عمومها شامل لما نحن فیه.

وأیضا روی علی بن مهزیار فی الصحیح : أنّ رجلا سأل الماضی علیه السلام عن الصلاة فی جلود الثعالب فنهی عن الصلاة فیها ، وفی الثوب الذی یلیه ، فلم أدر أیّ الثوبین : الذی یلصق بالوبر ، أو الذی یلصق بالجلد؟ فوقّع بخطّه : « الذی یلصق بالجلد » وذکر أبو الحسن - یعنی علی ابن مهزیار - أنّه سأله عن هذه المسألة فقال : « لا تصلّ فی الذی فوقه ولا

بحث رجالی حول إبراهیم بن محمّد الهمدانی

ص: 352


1- انظر منتقی الجمان 1 : 19 ، والوسائل 30 : 289 ، وحکاه عن الشیخ البهائی فی مقباس الهدایة 2 : 259.
2- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 21.
3- رجال الکشی 2 : 831 ، 869.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ ».

فی الذی تحته » (1) وسنذکر عن الفقه الرضوی ما یؤیده (2) ، وکذا عن صحیحة أبی علی بن راشد (3) ، فتدبّر.

قوله : والنهی إنّما تعلّق بالصلاة فی غیر المأکول. ( 3 : 167 ).

هذه التفرقة غیر واضحة بحسب الدلیل ، مع أنّ روایة ابن بکیر الذی هی الأصل فی هذا الباب إنّما تضمّنت فساد الصلاة فی حرام الأکل ، وربما یظهر منها أنّ المنع فی الأخبار الأخر عن الصلاة فیه کنایة عن فسادها ، ویؤیّده کلام الفقهاء بل فهمهم أیضا. فعلی هذا نقول : إنّ المعلومیة والمشکوکیة أمران خارجان عن مفهوم حرام الأکل ، وفساد الصلاة إنّما تعلّق بمفهومه ، فإذا صلّی فی ما یحتمل کونه حرام الأکل فالفساد محتمل قطعا ، والصحة مشکوک فیها جزما ، کما ذکره العلاّمة رحمه الله فیبقی المکلّف تحت العهدة ، لعدم ثبوت الامتثال وتحققه.

وأمّا الصحیحة المؤیّدة فظهور شمولها لما نحن فیه لا یخلو من تأمّل ، ولذا جعله رحمه الله من المؤیّد ، وکذا شمول ما ورد من عدم التکلیف عند عدم العلم ، فتدبّر.

قوله : ولا نعلم به قائلا. ( 3 : 171 ).

لا یخفی أنّ الروایة الأخیرة أیضا لا قائل بمضمونها ، لمکان العلّة المنصوصة التی هی حجّة عند المحقّقین ، وعلی ما هو الحق ، وعند الشارح أیضا.

حکم الصلاة فی التکة والقلنسوة المعمولتین من وبر غیر المأکول

حکم الصلاة فی فرو السنجاب

ص: 353


1- الکافی 3 : 399 / 8 ، التهذیب 2 : 206 / 808 ، الوسائل 4 : 357 أبواب لباس المصلّی ب 7 ح 8.
2- انظر ص 354.
3- انظر ص 357.

قوله : إلاّ أنّ ذلک غیر قادح عند التحقیق کما بیّناه مرارا. ( 3 : 171 ).

الذی قاله مرارا علی تقدیر تسلیمه إنّما هو إذا کان الخبر صحیحا ولم یوجد قائل بمضمونه ، لا الذی أفتی الأصحاب بخلاف مضمونه وطرحوه وأعرضوا عنه ، کما هو الحال فی ما نحن فیه ، فإنّهم بأجمعهم أفتوا بالمنع من غیر استثناء هذه الأشیاء ، فالخبر یصیر من الشواذّ التی یجب ترک العمل بها عند الکلّ حتی عند الشارح رحمه الله أیضا ، کما صرّح به مرارا ، علی أنّ هذا یصیر سببا للمرجوحیة عند التعارض قطعا ، مع أنّ المعارض فی غایة القوّة ، کما عرفت. مع أنّ الشیخ رحمه الله لا یمکنه الاستدلال بها ، ولم یقل أحد بالفصل ، والشارح رحمه الله کثیرا ما یستدل بعدم القول بالفصل ، فالحمل علی التقیّة متعیّن. إلاّ أنّه ربما أشکل المنع عن السّمور فی صحیح ابن راشد ، إلاّ أن یکون هناک مندوحة بالنسبة إلیه ، فتأمّل ، أو یکون بعض العامّة راضیا بالمنع وإن لم نعرفه ، فتأمّل.

وفی الفقه الرضوی : « ولا تجوز الصلاة فی سنجاب ولا سمّور وفنک » إلی أن قال : « وإیّاک أن تصلّی فی الثعالب وفی ثوب تحته جلد الثعالب » (1).

والصدوق رحمه الله یظهر منه فی أمالیه - عند وصفه دین الإمامیة - الرخصة فی الصلاة فی کلّ ما ذکر ، وأنّ الأولی الترک (2). والظاهر أنّ نظره کان إلی هذه الأخبار ، وأن ما ذکره توهّم منه ، کما توهّم فی غیره من

ص: 354


1- فقه الرضا علیه السلام : 157 ، المستدرک 3 : 199 أبواب لباس المصلّی ب 4 ح 2 وص 201 ب 7 ح 1.
2- أمالی الصدوق : 513.

المواضع ، کما لا یخفی.

قوله : یجعلها کالنص فی المسؤول عنه. ( 3 : 171 ).

إن أراد من المماثلة عدم القابلیة للتخصیص ، فلا یخفی فسادها : إذ یصحّ أن یقول : إلاّ السنجاب وما یؤدّی مؤدّاه متصلا بالجواب أو منفصلا عند وقت الحاجة.

وإن أراد قوّة الدلالة فی الجملة ، فغیر خفی أن القوّة فیها لا تأبی عن التخصیص ، إذ یجوز أن یکون الخاصّ أقوی أو مساویا ، مع أنّ طریقته البناء علی التخصیص مطلقا ، استنادا إلی أنّ الجمع بین الأدلة أولی من طرح أحدهما بالمرّة ، ولا یراعی عدم التفاوت فی القوّة ، بل غالب المواضع التی یرتکب التخصیص فیها القوّة فیها متفاوتة ، بل فی کثیر منها تفاوت القوّة زائد ، وهذا هو الطریقة المتعارفة بین أکثر المتأخرین.

وإن أراد عدم القابلیة لخصوص التخصیص بالمنفصل ، فهو أیضا فاسد ، لما أشرنا إلیه ، مع أنّ هذا التفصیل غریب وخلاف ما حقّق فی الأصول ، وما علیه محققوهم ، وما علیه فقهاؤنا فی الفقه أیضا.

مع أنّه یجوز أن یکون هنا قرینة حالیة فهم منها خروج مثل السنجاب عن عموم الجواب ، ویکشف عنها الأخبار الواردة فی جواز الصلاة فی السنجاب ، والخبر الوارد بأنّ النبی صلی الله علیه و آله إنّما نهی عن السباع وما یأکل اللحم دون ما لا یأکل (1). ویظهر ذلک من غیر واحد من الأخبار أیضا (2).

وبالجملة : لا فرق فی أنّ السائل یقول فی سؤاله : ما تقول فی الصلاة

ص: 355


1- الکافی 3 : 397 / 3 ، التهذیب 2 : 203 / 797 ، الوسائل 4 : 348 أبواب لباس المصلّی ب 3 ح 3.
2- انظر الوسائل 4 : 347 أبواب لباس المصلّی ب 3.

فی ما لا یؤکل لحمه؟ فیجاب بالمنع عموما ، أو یقول فی السؤال : ما تقول فی الصلاة فی الثعالب والفنک والسنجاب وغیره من الوبر؟ فیجاب بالمنع عموما فی صحة التخصیص بالمتصل والمنفصل ، فإنّ ما ورد منهم علیهم السلام من النص علی صحة الصلاة فی السنجاب فی الأخبار الأخر کما یصح أن یصیر مخصّصا فی الصورة الأولی کذا یصح أن یصیر مخصّصا فی الصورة الثانیة من دون مانع.

ویرشد إلیه أنّ الخزّ تصح الصلاة فیه قطعا وخارج عن عموم الجواب البتّة ، مع أنّ من جملة سؤال السائل الصلاة فی الأوبار أیضا ، فتأمّل ، لکن عرفت حال المخصّص وأنّه یشکل العمل به وإن لم یکن له معارض ، فکیف إذا کان معارض قوی فی غایة القوّة؟!

قوله : من حیث صحّة أخبار الجواز. ( 3 : 173 ).

لا یخفی أنّ أخبار الجواز أکثرها یتضمّن صحة الصلاة فی ما لا یقول به الأصحاب ، وقد مرّ الکلام فی ذلک وأنّ الحمل علی التقیّة متعیّن ، سیّما وعلی بن یقطین کان وزیر الخلیفة ، فکان یناسبه التقیّة.

وأمّا صحیحة جمیل فالحکم بصحتها مشکل ، لأنّ الشیخ رحمه الله رواها بسند آخر عن جمیل ، عن الحسین (1) بن شهاب ، عن الصادق علیه السلام (2) والظاهر أنّ الروایتین واحدة ، وإلاّ کان اللازم علیه أن یذکر لهذا الراوی روایته عن الصادق علیه السلام بلا واسطة ، والراوی الأوّل روایته بالواسطة ، کما هو الظاهر من حالهم ، ولو قلنا بعدم ظهور الاتحاد فظهور التعدّد محلّ نظر ظاهر ، وکیف کان ، ثبوت العدالة بالنسبة إلی الجمیع محلّ تأمّل.

حکم الصلاة فی جلود الثعالب والأرانب

ص: 356


1- فی المصادر : الحسن.
2- التهذیب 2 : 367 / 1527 ، الوسائل 4 : 358 أبواب لباس المصلّی ب 7 ح 10.

سلّمنا ، لکنّها روایة واحدة تعارضها صحیحة علی بن مهزیار التی ذکرناها فی مسألة الشعرات الملقاة (1) ، وصحیحة أبی علی بن راشد حیث قال فی آخرها : قلت : الثعالب یصلّی فیها؟ قال : « لا ، ولکن یلبس بعد الصلاة » قلت : أصلیّ فی الثوب الذی یلیها؟ قال : « لا » (2).

وکذا تعارضها صحیحة ریّان بن الصلت عن الرضا علیه السلام وسنذکرها ، وکذا صحیحة ابن مسلم ، فإنّ : ( لا أحبّ ) یعارض : ( لا بأس ) لکونه نکرة فی سیاق النفی ، وکذا روایة ابن بکیر ، وهی صحیحة ، علی ما عرفت (3) ، بل أقوی من الصحاح. ویعضدها الإجماعات والأخبار الکثیرة الواردة فی المنع عن الثعالب (4) ، وعبارة الفقه الرضوی (5) ، وکذا الأخبار المتعدّدة الواردة فی المنع عن کلّ ما لا یؤکل لحمه (6).

وکذا الکلام فی الأرانب ، مع أنّ الشارح ما ذکر صحیحا یدل علی الجواز فیها ، وصحیحة محمد بن عبد الجبار جعلها الشارح دلیلا فی الشعرات التی ذکر أنّه لا مانع منها مطلقا ، مع أنّک عرفت ما فی تلک الصحیحة (7) ، فما ذکره رحمه الله فی هذا الکتاب أولی وأظهر ممّا ذکره فی المعتبر ، فتدبر.

قوله : وهو غیر جیّد. ( 3 : 175 ).

حکم لبس الحریر للرجال

ص: 357


1- راجع ص 352.
2- التهذیب 2 : 210 / 822 ، الوسائل 4 : 356 أبواب لباس المصلّی ب 7 ح 4.
3- راجع ص 345 - 346.
4- الوسائل 4 : 355 أبواب لباس المصلّی ب 7.
5- راجع ص 354.
6- الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّی ب 2.
7- راجع ص 349.

هو جیّد ، کما حقّقناه فی ما سبق ، علی أنّ وقفه محلّ تأمّل ، کما حققناه فی الرجال (1) ، فلاحظ.

قوله : وحملها الصدوق فی الفقیه علی قزّ الماعز. ( 3 : 175 ).

حیث روی عن إبراهیم بن مهزیار أنّه کتب إلی أبی محمد علیه السلام (2).

وروی الشیخ فی الصحیح عن ریّان بن الصلت عن الرضا علیه السلام عن لبس السّمور والسنجاب والحواصل وأشباهها والمحشوّ بالقزّ والخفاف من أصناف الجلود ، قال : « لا بأس بهذا کلّه إلاّ الثعالب » (3).

قوله : دون قزّ الإبریسم. ( 3 : 175 ).

ویظهر من الشیخ الموافقة له (4) ، وربما کان بناء حملها علیه ومنشؤه أنّ حشو الثوب یکون إبریسما أمر غیر معهود أصلا ( فی بلاد الراوی وما والاها ) (5) ولا یصدر عن عاقل ، لعلوّ القیمة وعدم المنفعة والزینة ، بخلاف قزّ الماعز ، سیّما فی البلاد الباردة بالنسبة إلی أهل الفقر والمسکنة ، لحصول کمال الدف ء مع رخص القیمة.

مضافا إلی أنّ حملها علی الظاهر ربما کان عندهما مخالفا لمذهب الشیعة ، کما یظهر من المؤلّف والعلاّمة رحمه الله حیث نسبا الخلاف إلی خصوص الشافعی من العامّة (6). مضافا إلی معارضة العمومات الدالة علی

ص: 358


1- تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 174.
2- الفقیه 1 : 171 / 807 ، الوسائل 4 : 444 أبواب لباس المصلّی ب 47 ح 4.
3- انظر التهذیب 2 : 364.
4- فی « ا » : عملها ، وفی « و» : عملهما.
5- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
6- المعتبر 2 : 91 ، التذکرة 2 : 475 ، وانظر الأمّ 1 : 221.

المنع حتی من مثل القلنسوة والتکّة (1). هذا کلّه مع قرب عهدهما إلی زمان صدور الروایة والأمور المعهودة فی ذلک الزمان.

ویمکن أن یقال : إنّ السؤال إنّما هو علی سبیل الفرض ، بناء علی ما عهد من العامّة من فرضهم هذه المسألة وتکلّمهم فیها ، وذهب الشافعی إلی الجواز ، فإذا کان المخالفة من العامّة علی حسب ما مرّ فلا یبعد الحمل علی التقیّة.

ویؤیّده أنّ المکاتبات لیست بمأمونة عن الأخذ والاطلاع علی ما فیها ، ولذا کثر تحقّق التقیّة فیها ، علی ما صرّح جدّی رحمه الله (2) ، مضافا إلی أنّ المشهور عند العامّة صحة الصلاة فی الحریر مطلقا.

ویؤیّده أیضا ما ورد فی روایة ریّان بن الصلت الموافقة لهذه من جواز الصلاة فی السمّور وسائر أصناف الجلود ، فاقتضی وجوه ثلاثة حملها علی التقیّة ، أشدّها أوسطها ، فتأمّل.

قوله : وتعلّق النهی فی أکثر الروایات. ( 3 : 176 ).

لا یخفی ما فیه ، سیّما بعد ملاحظة ما أشرنا إلیه فی الحاشیة السابقة.

تذنیب :

اعلم أنّه لم یتوجّه المصنف ولا الشارح إلی حکم الصلاة فی الذهب ، وحکم العلاّمة فی التذکرة والتحریر والشهید فی البیان والدروس بالمنع عن الصلاة فیه للرجال ، بل ومن المموّه به أیضا ، وکذا الافتراش ، بل وببطلان الصلاة فی الخاتم منه ومن المموه به (3) ، معلّلا بالنهی عن

حکم الصلاة فی الذهب للرجال

ص: 359


1- الوسائل 4 : 367 أبواب لباس المصلّی ب 11 و 376 ب 14.
2- انظر روضة المتقین 2 : 156.
3- التذکرة 2 : 471 ، التحریر 1 : 30 ، البیان : 121 ، الدروس 1 : 150.

الکون فیه ، وبقول الصادق علیه السلام : « جعل الله الذهب حلیة أهل الجنّة ، فحرّم علی الرجال لبسه والصلاة فیه » (1).

والصدوق فی کتابه العلل قال : باب العلّة التی من أجلها لا یجوز للرجل أن یتختم بخاتم حدید ولا یصلّی فیه ولا یجوز له أن یلبس الذهب ولا یصلّی فیه ، وروی موثقة عمار عن الصادق علیه السلام المتضمّنة لمنع الصلاة فی الحدید ، لأنّه من لباس أهل النار ، ومنع من الصلاة فی الذهب ، لأنّه من لباس أهل الجنّة ، وروایة أبی الجارود عن الباقر علیه السلام : « قال النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : إنّی أحبّ لک ما أحبّ لنفسی ، وأکره لک ما أکره لنفسی ، لا تتختّم خاتم ذهب فإنّه زینتنا فی الآخرة » الحدیث (2).

وعن ابن الجنید أنّه قال : ولا یختار للرجل خاصّة الصلاة فی الحریر والذهب (3) ، وفی الدروس : وقول أبی الصلاح بکراهة المذهّب ضعیف (4) ، والصدوق رحمه الله فی الفقیه نقل موثقة عمار المذکورة (5) ، فیظهر منه أنّه مفت بمضمونها فیه ، والکلینی رحمه الله روی روایة موسی بن أکیل النمیری ، فیظهر أنّه أیضا معتقد به ، والشیخ نقلها علی سبیل الاعتداد والاعتماد علیها ، ومضمون هذه الروایة أنّه قال الصادق علیه السلام فی الحدید : إنّه حلیة أهل النار ، والذهب حلیة أهل الجنّة ، جعله الله فی الدنیا زینة

ص: 360


1- التهذیب 2 : 227 / 894 ، الوسائل 4 : 414 أبواب لباس المصلی ب 30 ح 5.
2- علل الشرائع 348 / 1 ، 3 ، الوسائل 4 : 414 أبواب لباس المصلی ب 30 ح 6 ، وب 32 ح 5.
3- نقله عنه فی المختلف 2 : 100.
4- الدروس 1 : 150 ، وانظر الکافی فی الفقه : 140.
5- الفقیه 1 : 164 / 773.

للنساء ، فحرّم علی الرجال لبسه والصلاة فیه (1) ، ویظهر منه ومن الصدوق أنّ کلّ واحد من الروایتین صحیحة ، وفی الفقه الرضوی : « ولا تصلّ فی جلد المیتة علی کلّ حال ولا فی خاتم ذهب » (2).

لکن فی الکافی بسنده إلی الباقر علیه السلام : أنّه استرخت أسنانه فشدّها بالذهب (3). إلاّ أن یقال : المتبادر من الصلاة فیه کونه ملبوسا ، لکن الظاهر من روایة النمیری أنّه أعمّ منه ومن الاستصحاب.

وکیف کان ، الأولی والأحوط الاجتناب ، خصوصا فی صورة اللبس ، وربما یؤیّده کونه مثل الحریر فی حرمة اللبس ، وأنّ الإنسان فی حال الصلاة لا بدّ أن لا یکون مشتغلا بأمر حرام ، وهذا وإن کان أعمّ من حال الصلاة إلاّ أنّ حال الصلاة أهمّ فأهمّ ، فتأمل ، بل یظهر من الأخبار هذا المعنی ، فلاحظ ، هذا.

لکن مع خوف الضیاع وغیره من أسباب الحاجة یصلّی معه من غیر حاجة إلی الاحتیاط أصلا ، کما یشیر إلیه ما ورد فی طریق الحجّ للحاجّ : أنّه یجوز أن یجعل نفقته فی الهمیان ویشدّه فی وسطه (4). وظاهر أنّ النفقة أعمّ من الدینار والدرهم ، بل الدینار أظهر فردیها ، کما لا یخفی ، وفی روایة النمیری أیضا ما یشیر إلی الجواز ، فلاحظ ، وما نقلناه عن الکافی أیضا شاهد ، ( بل روی بسنده عن داود بن سرحان أنّه لیس بحلیة

ص: 361


1- الکافی 3 : 400 / 13 ، التهذیب 2 : 227 / 894 ، الوسائل 4 : 419 أبواب لباس المصلی ب 32 ح 6.
2- فقه الرضا علیه السلام : 157 ، المستدرک 3 : 218 أبواب لباس المصلی ب 24 ح 2.
3- الکافی 6 : 482 / 3 ، الوسائل 4 : 416 أبواب لباس المصلّی ب 31 ح 1.
4- الوسائل 12 : 491 أبواب تروک الإحرام ب 47.

المصاحف والسیوف بأس (1) ، وعن عبد الله بن سنان عنه علیه السلام : لیس بتحلیة السیف بالذهب والفضة بأس (2) (3).

قوله : فهو اختیار الأکثر. ( 3 : 176 ).

بل قال المحقق الشیخ علیّ : أجمع أهل الإسلام علی الجواز إلاّ الصدوق (4).

قوله : ویؤیّد ذلک. ( 3 : 177 ).

لا یخلو عن مناقشة ، فإنّ العبرة بعموم اللفظ فی الجواب لا خصوص محلّ السؤال ، کما حقّق.

لکن یمکن أن یقال : ما دل علی جواز اللبس للنساء أیضا مطلق ، فیصلح کلّ منهما لأن یکون مقیّدا للآخر ، والترجیح للمشهور ، لأصالة البراءة واستصحاب الحالة السابقة ، والشهرة التی کادت أن تکون إجماعا ، وللموثق کالصحیح الآتی ، وما سنذکر فی الحاشیة الآتیة.

مضافا إلی کثرة ما دل علی الجواز ، وکونها أقوی دلالة بلا شبهة ، وکون الروایة المانعة مع العلّة مکاتبة ، وهی أضعف بالقیاس إلی غیرها ، مع ضعف الدلالة ، إذ ربما کان المتبادر منها الرجال بملاحظة ما ذکره الشارح رحمه الله وما أشرنا إلیه.

قوله : ویشهد له أیضا موثقة عبد الله بن بکیر. ( 3 : 177 ).

لا یخفی أنّها کالصحیحة ، ومع ذلک منجبرة بعمل الأصحاب ، بل

حکم لبس الحریر للنساء

ص: 362


1- الکافی 6 : 475 / 7 ، الوسائل 5 : 105 أبواب أحکام الملابس ب 64 ح 3.
2- الکافی 6 : 475 / 5 ، الوسائل 5 : 104 أبواب أحکام الملابس 64 ح 1.
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
4- انظر جامع المقاصد 2 : 84.

ربما کان إجماعا ، لعموم البلوی وشدّة الحاجة ، وکون المرأة تحلّ لها لبسه ، فلو کان نزعه واجبا علیها فی حال الصلاة لشاع وذاع إلی أن لا یبقی خفاء بمقتضی العادة ، لا أن یکون الأمر بالعکس بحسب الفتوی ، بل وعمل المسلمین فی الأعصار والأمصار ، فتأمّل جدّا.

قوله : لأنّ وجود المنهی عنه کعدمه. ( 3 : 178 ).

فی هذا التعلیل نظر ، لأنّ الصلاة عاریا یستلزم فوت واجبات کثیرة ، رکنا وغیر رکن ، وشرطا ، والواجب ترکه حرام ، فالعمدة هو الإجماع الذی یظهر من قوله : عندنا ، إن کان متحقّقا.

قوله (1) : وابن إدریس وأبی الصلاح. ( 3 : 178 ).

والمصنّف فی المعتبر والنافع أیضا ، والشهیدین والعلاّمة فی بعض کتبه مثل الإرشاد (2) ، ولکن فی التحریر یظهر منه التوقّف (3) ، بل ربما یظهر منه الجواز ، وکون الأحوط المنع ، بملاحظة عدم القول بالفصل فی المقام وفی ما لا تتمّ فیه الصلاة فی ما لا یؤکل ، فلاحظ وتأمّل. وفی المختلف قوّی المنع (4) ، وکذا فی المنتهی بعد الاستبصار (5).

قوله (6) : ومستنده روایة الحلبی. ( 3 : 178 ).

استدلوا بالأصل ، وعدم وجود المنع أیضا ، مع کون صحیحة

حکم الصلاة فی ما لا تتم الصلاة فیه من الحریر کالتکة والقلنسوة

ص: 363


1- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و».
2- المعتبر 2 : 89 ، المختصر النافع : 24 ، الدروس 1 : 150 ، روض الجنان : 207 ، إرشاد الأذهان 1 : 246.
3- انظر التحریر 1 : 30.
4- المختلف 2 : 100.
5- المنتهی 1 : 229 ، الاستبصار 1 : 385.
6- هذه التعلیقة لا توجد فی « أ » و « و».

محمد بن عبد الجبار حجّة عندهم قطعا ، وهذا یشهد علی ما سنذکر من تبادر الثوب من لفظ الحریر ، بل ظهر ذلک من المختلف فی مسألة المکفوف صریحا (1) ، فلاحظ وتأمّل.

قوله (2) : وهو ضعیف. ( 3 : 178 ).

إلاّ أنّه یروی عن ابن أبی عمیر ، ومثل هذه الروایة معتبرة عند علماء الرجال ، لما ذکر فی ترجمته (3).

قوله (4) : ویدل علیه عموم الأخبار المانعة من الصلاة فی الحریر. ( 3 : 179 ).

لم نجد منها ما یدل علی العموم المذکور ، [ بل إنّما ] (5) ورد النهی عن ثوب الحریر - کما مرّ فی صحیحة إسماعیل بن سعد (6) - ولباسه إلاّ حالة الحرب من غیر مدخلیة کون الصلاة فیه ، مع تبادر الثوب من اللباس المطلق فی ما ورد بلفظ اللباس ، مع دعم معلومیة صحة السند ، نعم ورد خبر ضعیف بمضمون صحیحة إسماعیل بن سعد السابقة (7).

قوله : وروی محمد بن عبد الجبار فی الصحیح أیضا. ( 3 : 179 ).

ص: 364


1- المختلف 2 : 104.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
3- انظر ص 367.
4- هذه التعلیقة واللتان بعدها لیست فی « أ » و « و».
5- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
6- الکافی 3 : 400 / 12 ، التهذیب 2 : 205 / 801 ، الاستبصار 1 : 385 / 1463 ، الوسائل 4 : 367 أبواب لباس المصلی ب 11 ح 1.
7- انظر التهذیب 2 : 208 / 814 ، والوسائل 4 : 369 أبواب لباس المصلّی ب 11 ح 7.

هذه هی التی سبقت ما حکم (1) فی الصلاة فی ما لا یؤکل لحمه (2) ، وأنّها لعلها محمولة علی التقیّة بالوجوه التی ذکرت ، فلعل الصحیحة الأولی أیضا کذلک ، لاشتراک الوجوه أکثرها مع أحادیثها (3) سندا ومتنا ودلالة وغیر ذلک ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : من أنّ ابتناء العام. علی ذلک السبب. ( 3 : 179 ).

فیه ما ذکرناه هناک من أنّ ذلک لا یخرجه عن العموم الذی یقبل التخصیص ، لأنّ کالنص لیس مثل النص فی عدم قبوله للتخصیص ، غایة الأمر أنّه یصیر قوی الدلالة ، والعامّ القوی الدلالة یخصّص بالخاصّ ، بل العامّ القطعی السند القوی الدلالة یخصّص فضلا عن الظنیّ الذی حجیته معرکة للآراء ومحلّ إشکال عظیم ، فإنّ المکاتبة وقع النزاع فی حجیتها ، حتی أنّ القائلین بالجواز صرّحوا بضعف المکاتبة (4).

والحقّ أنّ فیها ضعفا من جهة الخط ، وإن أخبر الثقة أنّه خطّه ، لأنّ الخط غیر معتبر شرعا ، کما اتفقوا فی مقام الشهادة ، ولأنّها لا یؤمن من أن یطّلع علیها من لا یرضی الإمام علیه السلام بالاطلاع علیها ، ولذا لا تکاد تخلو مکاتبة عن حزارة ، کما شهد به الوجدان ، وصرّح به جدّی رحمه الله (5) ، فالمکاتبة وإن کانت صحیحة إلی محمد بن عبد الجبار إلاّ أنّها ضعیفة من الجهات المذکورة ، سیّما مع معارضتها لما سیجی ء من الأدلة المسلّمة عند

بحث حول المکاتبة

ص: 365


1- کذا فی النسخ.
2- راجع ص 349.
3- کذا فی « ج » و « د » ، وفی « ب » : إجازتها ، ولعلّ الصحیح : اتحاد بینهما.
4- انظر : المعتبر 2 : 56 ، روض الجنان : 207 و 214.
5- روضة المتقین 2 : 156.

القائلین بالمنع ، بل معارضة للصحیح وغیره ، علی ما مرّ فی الثوب المحشوّ (1).

وممّا یوهنها موافقتها للصحیحة السابقة فی حکم ما لا یؤکل لحمه (2) سندا ومتنا ومضمونا وراویا وکونها مکاتبة ، مع تضمّنها لصحة الصلاة فی ما لا یؤکل لحمه فی الجملة ، وقد عرفت ما فیها ، وربما کانت محمولة علی التقیّة ، فتأمّل.

وممّا یوهنها أیضا أنّ الحریر لغة هو الثوب المتخذ من الإبریسم المحض ، والمتبادر من لفظه المطلق الخالی عن القرائن لعله ذلک ، فلاحظ. نعم کثر استعمالا فی ما ینسج من الإبریسم ، فیکون الجواب مطابقا للسؤال ، لکن لیس هذا نصا حتی یقابل النص ، لما عرفت من احتمال عدم المطابقة لما رأی المصلحة فیه. وعرفت منشأ هذا الاحتمال ، ولو کان مخالفا للظاهر ، لعدم استحالة عدم المطابقة من جهة المصلحة ، وقد وجد کثیرا (3) ، ونبّه علیه الشیخ فی التهذیب والاستبصار مکرّرا ، فتتبّع وتأمّل.

وأمّا روایة الحلبی وإن کان فیها ابن الهلال الغالی إلاّ أنّها مرویة عن ابن أبی عمیر ، وابن الغضائری توقّف فی حدیثه إلاّ ما یرویه عن ابن أبی عمیر والحسن بن محبوب ، وقد سمع هذین الکتابین جلّ أصحاب الحدیث واعتمدوا علیهما (4) ، والنجاشی قال : صالح الروایة ، یعرف منها

بحث رجالی حول أحمد بن الهلال

ص: 366


1- راجع ص 358.
2- راجع ص 349 - 350.
3- راجع ص 349.
4- انظر الخلاصة : 202.

وینکر (1). ولعله یشیر إلی ما ذکره ابن الغضائری. والطبرسی قال : کتاب المشیخة لابن محبوب أشهر من کتاب المزنی عند المخالفین (2).

ونوادر ابن أبی عمیر ذکر فی أوّل الفقیه حاله (3) ، وابن الغضائری - مع أنّه لا یکاد یسلم عن قدحه جلیل - قبل ما رواه عن ابن أبی عمیر ، وتوقّف فی غیره ولم یروه ، والنجاشی وافقه فی الجملة ، مع أنّه سمع جلّ أصحاب الحدیث علی ما ذکر فی محلّه ، وکثیرا ما عمل القدماء - بل المتأخرون أیضا - بروایته ، مثل ما مرّ فی غسالة الجنب.

علی أنّ أحمد هذا کان علی الاستقامة ، ثم رجع فخرج التوقیع بلعنه والأمر بالبراءة منه ، فتبرّأ الشیعة منه ، وکانوا یقولون : ما یتفرّد به ابن هلال لا یجوز استعماله. سیّما سعد بن عبد الله الجلیل ، فلاحظ ، فکیف یروی هذه الروایة عنه بواسطة موسی بن الحسن الثقة الجلیل؟ وبالجملة : لاحظ ما ذکرته فی الرجال (4) یظهر علیک الحال.

ومع ذلک جلّ من أسّس اصطلاح المتأخرین من اقتصار الصحیح فی روایة العادل عن العادل ومعظم من اعتبر العدالة رجّح فی المقام هذه الروایة وقدّمها علی الصحیحة من حیث کونها خاصّا والخاصّ مقدّم ، وجمیع ما صار موهنا للصحیحة صار مقوّیا لهذه الروایة فی تقدیمها علی الصحیحة فتأمّل جدّا ، وکیف کان ، الروایات مشکل ، والاحتیاط واضح.

قوله : فإنّ النهی إنّما تعلّق بلبسه. ( 3 : 180 ).

ص: 367


1- رجال النجاشی : 83 / 199.
2- إعلام الوری 2 : 258.
3- الفقیه 1 : 3 - 5.
4- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 48 - 49.

قد ورد فی بعض الأخبار إطلاق التحریم ، وهو یرجع إلی العموم ، إلاّ أن یقال : المطلق فی المقام ینصرف إلی اللبس ، لأنّه المتعارف الشائع ، فتدبّر.

قوله : لصدق اسم اللبس علیه. ( 3 : 180 ).

هذا ممّا لا یخلو عن تأمّل ، ولذا حکم جدّه رحمه الله بأنّه مثل الافتراش (1) ، فتأمّل.

قوله : لأنّ الکراهة کثیرا ما تستعمل فی الأخبار بمعنی التحریم. ( 3 : 181 ).

مجرّد کثرة الاستعمال لا یقتضی عدم الدلالة ، کیف؟ والعام قد کثر استعماله فی الخاص ، والأمر فی الندب ، إلی غیر ذلک. وبناؤه علی عدم ثبوت الحقیقة الشرعیة فیه - کما هو عنده - یغنی عن هذا التعلیل.

إلاّ أن یقال : علی هذا التقدیر أیضا له ظهور ، لظهور المسامحة التی لا تناسب الواجبات ، إلاّ أنّه ظهور مّا ولیس بنص تفی دلالته لتخصیص العمومات ، نعم لو کان فی الأخبار لا تستعمل إلاّ فی المصطلح مطلقا أو إلاّ نادرا یمکن أن تکون دلالته وافیة ، لقوة الظهور.

ویمکن أن یقال : قوة ظهور شمول العمومات لما نحن فیه محلّ تأمّل ، حتی الشامل للتکة والقلنسوة نصا ، إذ بین مثل التکّة وبین ما نحن فیه فرق ظاهر.

مضافا إلی ما رواه الشیخ فی الصحیح عن صفوان بن یحیی - وهو ممّن لا یروی إلاّ عن الثقات ، وممّن أجمعت العصابة علی تصحیح ما

جواز الصلاة فی الثوب المکفوف بالحریر

ص: 368


1- روض الجنان : 208.

یصح عنهم - عن یوسف بن إبراهیم ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « لا بأس بالثوب أن یکون سداه وزرّه وعلمه حریرا ، وإنّما کره الحریر المبهم للرجال » (1).

وهذه الروایة رواها المحمدون الثلاثة ، مع أنّ الصدوق والکلینی - رحمهما الله - قالا فی صدر کتابهما ما قالا ، والشیخ روی مفتیا بها. وهذا - مع قوة السند ، بل وصحته ، وصراحة الدلالة ، والموافقة للشهرة - ربما یظهر منه أنّ الحریر المحض الوارد فی الأخبار ، المراد منه کون نفس الثوب حریرا محضا ، وکذا ما یماثل الثوب مثل التکّة.

لا یقال : لا یظهر منه صحة الصلاة ، فیجوز أن یکون لبسه فی غیر الصلاة جائزا.

لأنّا نقول : تجویز کون الثوب زرّه وعلمه حریرا مطلقا من غیر تعرّض لمنع الصلاة وأمر بالنزع فیها ظاهر فی العموم.

ویؤیّده أیضا الجمع بینهما وبین السدی فی الحکم ، فتأمّل.

مع أنّه علی ما ذکرت لا معارضة بین روایة جرّاح وقوله علیه السلام : « لا تحلّ الصلاة فی حریر محض ». وأمّا ما ذکره من أنّ الاحتیاط للعبادة فلعله کذلک.

قوله : أعنی القیام والقعود. ( 3 : 182 ).

لا شکّ فی أنّ الحرکات منهی عنها ، لکونها فی ملک الغیر بغیر إذن صاحبه ، ویکون المتصرف مشغول الذمّة فی أجرته وعوض ما تلف من

حرمة الصلاة فی الثوب المغصوب

ص: 369


1- الکافی 6 : 451 / 5 ، الفقیه 1 : 171 / 808 ، التهذیب 2 : 208 / 817 ، الوسائل 4 : 375 أبواب لباس المصلّی ب 13 ح 6 ، و: 379 ب 16 ح 1.

الحرکات أو تفاوت القیمة بسببها ، ولا شکّ فی أنّه یجب المنع عن الحرکات من باب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

وأیضا الکون فی الثوب استدامة منهی عنه - کما اعترف - ولیس ذلک إلاّ مجموع أجزاء من الکون ، والنهی عن الکلّ نهی عن جمیع أجزائه ، وتتفاوت الحرمة (1) بحسب الأجزاء قلّة وکثرة. وأیضا لا شکّ فی عدم الفرق بین الجزء الأوّل وسائر الأجزاء.

وأیضا سیعترف الشارح ( فی بحث مکان المصلّی ) (2) : أنّ الحرکات والسکنات الواقعة فیه منهی عنها (3) ، ولا شکّ فی أنّه لا فرق بینه وبین الثوب ، إذ علّة الحرمة هو التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه.

قوله : أمّا جواز الصلاة فی الساتر لظهر القدم ذی الساق. ( 3 : 183 ).

فی الاحتجاج فی توقیعات الصاحب علیه السلام إلی الحمیری : تجوز الصلاة وفی الرجل بطیط لا یغطّی الکعبین (4). وربما کان فیه شهادة للمنع عن مثل الشمشک ، فتأمّل.

قوله : ولعل الإطلاق أولی ( 3 : 185 ).

محلّ تأمّل لما ذکره ، لأنّ المطلق ینصرف إلی المتعارف ، ولیس ها هنا عموم لغوی.

ص: 370


1- فی « ج » و « د » : الحرکة.
2- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « ج » و « د ».
3- المدارک 3 : 217.
4- الاحتجاج : 484 ، الوسائل 4 : 427 أبواب لباس المصلّی ب 38 ح 4 ، والبطیط : رأس الخف بلا ساق ، القاموس 2 : 363.

قوله : وحصول الستر. ( 3 : 187 ).

فیه : أنّ الحاصل هو ستر اللون دون ستر الحجم ، إلاّ أنّ ستر اللون مجمع علیه بخلاف ستر الحجم ، والأصل عدم زیادة التکلیف وبراءة الذمّة. ویمکن أن یقال : إنّ مقتضی الأخبار الستر مطلقا لا الستر فی الجملة ، فإنّه إذا رئی الحجم وظهر لا یقال فی العرف : إنّه ستر عورته بعنوان الإطلاق ، فتأمّل.

ویؤیّده صحیحة ابن مسلم الآتیة فی ستر المرأة (1).

والأصل إنّما یجری إذا کانت الصلاة اسما لمطلق الأرکان ، لا خصوص الصحیحة منها کما قال به بعض الفقهاء ، إذ علی هذا القول یشکل جریان الأصل ، وثبوت کونها اسما لمجرّد الأرکان ربما لا یخلو عن الإشکال ، فتأمّل.

وما استدل به بعض الفقهاء (2) علی عدم وجوب ستر الحجم بقوله علیه السلام : « إنّ النورة سترة » جوابا لمن قال : رأیت عورتک (3) ، ظاهر الفساد ، لعدم حکایة الحجم فی النورة ، إذ حکایة الحجم هی أن یری الحجم بنفسه خلف ثوب رقیق أو مثل الثوب الرقیق ، لا أن یری النورة المطلیة علی الحجم وشکل مجموع النورة والحجم ، ولذا تکون المرأة اللابسة للثوب مستورة قطعا ، فتدبّر.

قوله : والدرع لا یستر الیدین ولا القدمین بل ولا العقبین غالبا. ( 3 : 189 ).

جواز الصلاة فی ثوب واحد للرجل دون المرأة

ص: 371


1- المدارک 3 : 188.
2- انظر الذخیرة : 236 ، والبحار 80 : 187.
3- الفقیه 1 : 65 / 250 ، الوسائل 2 : 53 أبواب آداب الحمّام ب 18 ح 1.

قمیص نساء العرب غیر ظاهر کونه غیر ساتر للقدمین والعقبین وأنّه کان کذلک فی زمن الباقر علیه السلام ، إلاّ أن یتمسّک بالأصل ، فلم تکن الروایة دالة ، ومع ذلک إنّما یتمّ التمسّک به إذا کانت الصلاة اسما لمجرّد الأرکان لا خصوص الصحیح وإلاّ أشکل التمسّک.

قوله : لا تدل علی الوجوب. ( 3 : 190 ).

لکن فیها إشعار بأنّ الخمار ممّا یواری الشعر عند نساء العرب ، والآن نشاهد نساءهم علی هذا النحو خمارهم ، والظاهر أنّ الملحفة والمقنعة الواردتین فی الصحیحتین السابقتین الخمار ، بل علی أیّ حال مقنعتهنّ وملحفتهنّ تستر شعرهنّ ، بل وعنقهنّ علی ما نشاهد ، بل ربما کان فی قوله علیه السلام : « وتجلل بها » إیماء إلی ذلک ، وکیف کان الأحوط الستر.

قوله : ویدل علیه قوله علیه السلام فی صحیحة علی بن جعفر المتقدّمة. ( 3 : 191 ).

هذه الصحیحة دالة علی حکم المضطر لا المختار ، فلا تعارض صحیحة زرارة. نعم الأخبار الدالة علی تعیین العورة (1) تدل علی تعیین ما ذکره ، وتعارض صحیحة زرارة من حیث أنّها منجبرة بعمل الأصحاب والشهرة بینهم.

قوله : قال : « لا ینبغی إلاّ أن یکون علیه رداء ». ( 3 : 192 ).

أقول : سیجی ء فی الصحیح أنّ الباقر علیه السلام أمّ الناس فی قمیص وحده ، وقال : « إنّ قمیصی کثیف فیجزئ عن الرداء » (2) فالظاهر عدم

ص: 372


1- الوسائل 2 : 34 أبواب آداب الحمّام ب 4.
2- التهذیب 2 : 280 / 1113 ، الوسائل 4 : 391 أبواب لباس المصلّی ب 22 ح 7 ، وانظر المدارک 3 : 202.

الکراهة إذا کان کثیفا ، فیمکن حمل هذه الصحیحة علی کونه غیر کثیف ، علی ما هو الأغلب فی قمیصهم ، أو الحمل علی ما هو أعمّ من الاستحباب ، إذا الاستحباب لا تأمّل فیه وإن کان کثیفا.

قوله : مفهوم الشرط. ( 3 : 192 ).

هذا الاستدلال فرع أن یرد حدیث یدل علی اشتراط الساتر ، ولم یرد ولم یستدل به ، بل الدلیل هو الإجماع المنقول وصحیحة علی بن جعفر المذکورة ها هنا.

والإجماع أمر معنوی لا لفظی حتی یقال : إنّ الساتر المذکور فیه إطلاقه ینصرف إلی الثیاب.

وأمّا صحیحة علی بن جعفر فغایة ما یظهر منها أنّ المتعارف إطلاق الساتر علی الثیاب ، ومراد الشارح رحمه الله من الاستدلال بها أیضا لیس إلاّ هذا ، إذ لا تدل علی اشتراط الساتر أصلا ، یعنی بالمعنی الذی ذکره. نعم تدل علی اشتراطه بالمعنی الأعمّ ، مع أنّ الصحیحة لیست بصحیحة عند الشارح وأمثاله ، کما یظهر من ملاحظة سندها ، فلاحظ ، هذا.

وروایة أبی یحیی الواسطی التی هی المستند فی تعیین العورتین فی الرجل صریحة فی أنّ الستر غیر منحصر فی الثوب ، حیث قال : « الدبر مستور بالألیتین » (1) إلاّ أن یقال : لا یظهر أنّه ستر للصلاة أو عن النظر المحرّم ، والثانی لا شکّ فی کفایة کلّ ما یکون ساترا وحاجبا عن النظر.

قوله : وهو بعید. ( 3 : 193 ).

حکم من لا یجد ثوباً یستر به العورة

ص: 373


1- الکافی 6 : 501 / 26 ، التهذیب 1 : 374 / 1151 ، الوسائل 2 : 34 أبواب آداب الحمّام ب 4 ح 2.

منشأ استبعاده ظاهر صحیحة علی بن جعفر.

قوله : استضعافا للروایة. ( 3 : 195 ).

الحدیث إلی ابن مسکان صحیح وهو ممّن أجمعت العصابة ، ومع ذلک انجبرت بالشهرة ، ومع ذلک الأصل القیام مع الإمکان وعدم مانع ، لأنّه من واجبات الصلاة ، بل رکن فیها ، بل رکنان ، بل أرکان فیها. وتدل علی ذلک صحیحة علی بن جعفر ، وصحیحة ابن سنان صریحة فی وجود المطلع أو الناظر المحترم ، وهذا مانع عن القیام.

وأمّا حسنة زرارة - فمع کونها حسنة والحسنة لا تقاوم الصحیحة - حملها علی وجود الناظر فی غایة القرب.

قوله (1) : وکلّ ذلک تقیید للنص من غیر دلیل. ( 3 : 195 ).

سوی جعل السجود أخفض من الرکوع ، لورود الأخبار به ، کصحیحة زرارة المرویة فی الفقیه ، فإنّ فی آخرها : « ویکون سجوده أخفض من رکوعه » (2) ومثلها ما رواه فی قرب الاسناد عن السندی بن محمد ، عن أبی البختری عن الصادق علیه السلام قال : « من غرقت ثیابه فلا ینبغی له أن یصلّی حتی یخاف ذهاب الوقت ، یبتغی ثیابا ، فإن لم یجد صلّی عریانا جالسا یومئ إیماء ، ویجعل سجوده أخفض من رکوعه » الحدیث (3).

قوله : لقوله علیه السلام فی صحیحة عبد الرحمن. ( 3 : 195 ).

لا یخفی أنّ صلاة المریض غیر ما نحن فیه فمن أین ظهر اتحاد حکمهما؟ وما ذکره الشهید أولی ممّا ذکره ، لأنّ مستنده ما سیذکر من

ص: 374


1- هذه الحاشیة وأربع بعدها لیست فی « أ » و « و».
2- انظر الفقیه 1 : 236 / 1037 ، 1038 ، الوسائل 5 : 485 أبواب القیام ب 1 ح 15 ، 16.
3- قرب الاسناد : 142 / 511 ، الوسائل 4 : 451 أبواب لباس المصلّی ب 52 ح 1.

قوله صلی الله علیه و آله : « إذا أمرتکم بشی ء » الحدیث (1) ، وقول علی علیه السلام : « المیسور لا یسقط بالمعسور » (2) ، وقوله علیه السلام : « ما لا یدرک کلّه لا یترک کلّه » (3) ، والله یعلم.

قوله : لتعلّق النهی به. ( 3 : 196 ).

لا یخفی أنّ النهی المطلق ینصرف إلی الأفراد الشائعة ، إلاّ أن یکون اتفاق الخاصّة ( والعامّة ) (4) علی المنع ، وإلاّ فلا شکّ فی تقدیم الصلاة مع الرکوع والسجود علی مجرّد الإیماء ، للأخبار المتواترة فی وجوبهما ، فتأمّل. والأحوط الجمع بین الصلاتین ، والله أعلم.

قوله : لأنّ مانعه عرضی. ( 3 : 197 ).

لا یخفی فساده ، مع أنّ الحریر غیر ممنوع بالنسبة إلی النساء ، بل الرجال أیضا فی بعض الوجوه.

قوله : وإطلاق النهی عن لبس الحریر. ( 3 : 197 ).

فیه ما عرفت ، مضافا إلی أنّ لبس الحریر حال الاضطرار جوازه إجماعی ، بل وجوبه ، نعم مع وجودهما لبس النجس مقدّم.

قوله : ویحتمل وجوب الاستمرار مطلقا. ( 3 : 197 ).

لا خفاء فی ضعف هذا الاحتمال.

قوله (5) : إنّما یلزم من الجوانب التی جرت العادة. ( 3 : 197 ).

ص: 375


1- عوالی اللآلی 4 : 58 / 206 ، سنن البیهقی 1 : 215 ، بتفاوت.
2- عوالی اللآلی 4 : 58 / 205 ، بتفاوت.
3- عوالی اللآلی 4 : 58 / 207.
4- ما بین القوسین لیس فی « ب » و « د ».
5- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».

لا خفاء فی وجوب سترها مطلقا عقلا ونقلا وعدم جواز کشفها کذلک ، وأیّ عاقل یرضی بأن یکشف عورته علی الناس من تحت لکون الکشف عن تحت حلال؟! أیّ عاقل یرضی بالحلیّة والکشف بوجه من الوجوه؟!

قوله : لیس الستر معتبرا فی صلاة الجنازة. ( 3 : 197 ).

هذا الاستدلال فرع أن یرد : لا صلاة إلاّ بالستر ، ولم یرد. وأمّا صحیحة علیّ بن جعفر (1) التی استدل بها علی ستر الحشیش والورق ، فالظاهر منها غیر صلاة المیت ، بل صریحها ، وإن قلنا بأنّها صلاة حقیقة.

قوله : فلا یحسن وصفها بالحسن. ( 3 : 198 ).

لا شبهة فی أنّه لیس مراده الحسن الاصطلاحی ، بل الحسن من حیث العمل ، لأنّ ابن جبلة وإن کان واقفیا إلاّ أنّه موثق ، وکذا الحال فی إسحاق إن لم یکن ابن عمار بن حیان الکوفی الثقة الإمامی الجلیل ، بل الظاهر أنّه هو ، وقد حقّقنا حجیّة الموثق (2) ، وفی المشهور أیضا أنّه حجّة ، ونبّه علی ذلک فی المعتبر (3) ، فتأمّل ، ومع ذلک هذا الموثق موافق للأصل من وجوب الرکوع والسجود مع عدم مانع منهما ، فتأمّل.

قوله : والأظهر العدم. ( 3 : 199 ).

ربما یظهر من العمومات حسن الستر والحیاء مهما أمکن ، وأمّا الروایة مع ضعفها ربما تکون واردة مورد التقیة ، لأنّ عمر کان أمر بضرب

عبد الله بن جَبَلة واقفی ثقة

إسحاق بن عمّار بن حیّان الکوفی ثقة

الأمة والصبیّة تصلّیان بدون خمار

ص: 376


1- انظر المدارک 3 : 190 ، 192.
2- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 4 - 5.
3- انظر المعتبر 2 : 88.

الأمة لذلک أو کان یضرب (1) ، وکان هذا مشهورا منه ، مع أنّ الضرب أذیّة لا یجوز أن یرتکب إلاّ لفعل حرام أو ترک واجب ، ولیس سترها حراما اتفاقا ، وورد النهی الشدید فی ضرب المملوک والأمر بالعفو عنه ، حتی أنّهم علیهم السلام أمروا بالعفو عنه سبعین مرّة ، وعن ضربه فی النسیان والزلّة (2) ، فکیف إذا کان مرادها الستر والعفاف والحیاء؟ مع أنّ الظاهر من الروایة الضرب من دون تقدیم منع وإصرار منها ، وفیه ما فیه. مع أنّ التعلیل بمعرفة المملوکة عن الحرّة أیضا فیه ما فیه ، فإنّها معروفة عنها بلا شبهة ، فتأمّل.

قوله (3) : والصلاة علی ما افتتحت علیه. ( 3 : 200 ).

وهی معارضة بالقاعدة الکلیة المسلّمة : الضرورات تتقدّر بقدرها.

قوله : عن قدر الطهارة ورکعة. ( 3 : 200 ).

الظاهر عدم الحاجة إلی الطهارة مع حصولها ، إذا الصلاة الفریضة بالطهارة المستحبة لا تأمّل فی صحتها لو لم نقل بالأولویة ، فتأمّل.

قوله : قال الجوهری. إذا تقلّد بهما. ( 3 : 203 ).

لیس فی الصحاح عبارة : إذا تقلّد بهما ، ولا یوجد منها فیه أثر أصلا ، فلاحظ ، نعم فی القاموس ذلک (4) ، وقول الصحاح أصحّ من قول القاموس مطلقا عند المحقّقین ، ومع ذلک یکون المکروه علی هذا مطلق التقلید فوق القمیص ، والمتبادر الشائع تقلّد غیر الثوب من الحمائل والتمائم والسیف

مکروهات لباس المصلّی

الاتزار فوق القمیص

ص: 377


1- کنز العمال 15 : 486 / 41925 ، 41928 ، المغنی لابن قدامة 1 : 674.
2- انظر البحار 71 : 139.
3- هذه الحاشیة واللّتان بعدها لیست فی « أ » و « و».
4- القاموس 1 : 264.

عند العرب ، والکلّ کان عادة الکلّ من غیر اختصاص بأهل الجاهلیة أو الیهود أو الجبابرة ، وأنّه لهذا کره فی الصلاة. مع أنّ الظاهر أنّ الرسول صلی الله علیه و آله والأئمّة علیهم السلام وأولادهم کانوا یقلّدون الحمائل والسیف والتمائم ، مع أنّ أحدا من الفقهاء لم یفت بکراهة تقلید أمثال ما ذکر ، والله یعلم.

قوله : قال ابن بابویه فی من لا یحضره الفقیه :. ( 3 : 204 ).

لا یخفی أنّ الصدوق رحمه الله أیضا فهم من التوشّح الائتزار ، وهو الظاهر من غیر واحد من الأخبار ، مثل روایة زیاد بن المنذر عن الباقر علیه السلام : الرجل یخرج من الحمّام فیتوشّح ویلبس قمیصه فوق الإزار فیصلی کذلک ، قال : « هذا عمل قوم لوط » قلت : فإنّه یتوشّح فوق القمیص ، فقال : « هذا من التجبر » (1) الحدیث ، وصحیحة ابن مسلم أنّه سأل الصادق علیه السلام : الرجل یصلّی فی قمیص واحد أو قباء طاق ولیس علیه إزار؟ فقال : « إذا کان القمیص صفیقا والقباء لیس بطویل الفرج والثوب الواحد إذا کان یتوشّح به والسراویل بتلک المنزلة ، کلّ ذلک لا بأس به » (2) الحدیث ، إلی غیر ذلک من الأخبار.

قوله : والمستفاد من الأخبار. ( 3 : 205 ).

لکن روی ابن أبی جمهور فی العوالی عن النبی صلی الله علیه و آله : النهی عن الصلاة مقتطعا ، رواه مکرّرا عنه (3) ، مع أنّ الإجماع المنقول یکفی ، بل

معنی التوشح

الصلاة فی عمامة لا حنک لها

ص: 378


1- الفقیه 1 : 168 / 795 ، التهذیب 2 : 371 / 1542 ، الوسائل 4 : 396 أبواب لباس المصلّی ب 24 ح 4.
2- الکافی 3 : 393 / 1 ، التهذیب 2 : 216 / 852 ، الوسائل 4 : 390 أبواب لباس المصلّی ب 22 ح 2.
3- عوالی اللآلی 1 : 74 / 143 ، و 2 : 214 / 6 ، المستدرک 3 : 215 أبواب لباس المصلّی ب 21 ح 2 ، و: 278 أبواب أحکام الملابس ب 23 ح 11.

الشهرة أیضا ، للتسامح فی أدلة السنن والمکروه ، مع أنّه یظهر من الأخبار أنّ ما هو ممنوع فی نفسه ممنوع الصلاة فیه.

قوله : وهو فاسد ، لأنّ شدّ القباء غیر التحزّم. ( 3 : 208 ).

لا یخفی أنّه إذا نهی عن التحزّم فالشدّ منهی عنه بطریق أولی ، لأنّ التحزّم قلیل شدّ ، إلاّ أن یقال : الفقهاء لم یفتوا بکراهة التحزّم ، والقیاس بطریق أولی حجّة إذا کان المقیس علیه صحیحا یقولون به ، إذا لا معنی للقول بالفرع مع عدم القول بالأصل.

ویمکن أن یقال بکراهة التحزّم أیضا ، أی استحباب عدمه ، والمستحب یسامح فی دلیله ومأخذه ، ولا یجب أن یکون له قائل من الفقهاء ، کما لا یخفی ، فتأمل.

تذنیب : فی جامع الأخبار عن النبی صلی الله علیه و آله : « لو أنّ رجلا متعمّما صلّی بجمیع أمتی بغیر عمامة یقبل الله صلاتهم جمیعا من کرامته علیه » (1) وفیه أیضا : « من صلّی رکعتین بعمامة فضله علی من لم یتعمّم کفضل النبی علی أمّته » (2) وفی الکافی عن الصادق علیه السلام : « صلاة متطیّب أفضل من سبعین صلاة بغیر طیب » (3) وفی العوالی عن الحسن بن علی علیهماالسلام : أنّه کان إذا قام إلی الصلاة لبس أجود ثیابه ، وکان یقول : « إنّ الله تعالی جمیل یحب الجمال » (4) ، لکن فی التهذیب روی عن الصادقین علیهماالسلام أنّهما کانا یلبسان أخشن ثیابهما وأغلظهما فی الصلاة (5) ، ولعله لإظهار التواضع والحاجة إلیه

الصلاة فی قباء مشدود

ص: 379


1- جامع الأخبار : 77.
2- جامع الأخبار : 77.
3- الکافی 6 : 510 / 7 ، الوسائل 4 : 434 أبواب لباس المصلّی ب 43 ح 2.
4- عوالی اللآلی 1 : 321 / 54 ، تفسیر العیاشی 2 : 14 / 29 ، المستدرک 3 : 226 أبواب لباس المصلّی ب 36 ح 2.
5- التهذیب 2 : 367 / 1525 ، الوسائل 4 : 454 أبواب لباس المصلّی ب 54 ح 3.

تعالی.

قوله : وهذا الحکم - أعنی کراهة الإمامة بغیر رداء - مشهور. ( 3 : 209 ).

لعل الشهرة کافیة فی مقام المسامحة فی الدلیل ، بل ربما یفتون بالاستحباب أو الکراهة بمجرّد فتوی فقیه واحد ، منها ما سیجی ء فی الصلاة إلی باب مفتوح وغیره ، ویؤیّدها صحیحة زرارة الآتیة ، کما لا یخفی عند التأمّل.

قوله : ولا تجوز الصلاة إذا کان مع الإنسان شی ء من حدید مشتهر. ( 3 : 210 ).

الظاهر من الکلینی والصدوق أیضا المنع (1) ، والأخبار الدالة علیه کثیرة ، منها موثقة عمار ، حیث نهی فیها عن الصلاة وعلیه خاتم حدید ، وعلّل بأنّه لباس أهل النار (2) ، فإن لم نقل بأنّ الموثق حجّة فالحکم الکراهة ، کما هو المشهور ، فإنّ الأخبار غیر الصحیحة وإن اتفقوا علی العمل بها فی المقام إلاّ أنّه لم یثبت أزید من کون العمل علی سبیل المسامحة فی أدلة السنن والکراهة ، فلا یمکن الحکم بالحرمة ، لما مرّ مرارا.

وأمّا علی القول بأنّ الموثق حجّة فیمکن إثبات الحرمة ، إلاّ أن یقال : تعلیل المنع عن الصلاة فیه ومعه بکونه نجسا شاهد واضح علی الکراهة ، لعدم کونه نجسا بالإجماع ، ولذا تجوز الصلاة معه مستورا ، مع أنّ متون روایات عمار ربما لا تخلو عن التشویش ، فالمراد کراهة الاستصحاب ، فقد

الإمامة بغیر رداء

حکم استصحاب الحدید الظاهر فی الصلاة

ص: 380


1- انظر الکافی 3 : 404 ، و 6 : 468 ، والفقیه 1 : 164 ، وعلل الشرائع : 348.
2- التهذیب 2 : 372 / 1548 ، الوسائل 4 : 418 أبواب لباس المصلّی ب 32 ح 5.

روی عمار هذا فی الموثق أیضا فی من قصّ أظفاره أو [ حلق ] (1) قفاه وصلّی من غیر مسح بالماء : أن یمسح به ویعید الصلاة ، لأنّ الحدید نجس ، وقال : « إنّ الحدید لباس أهل النار » (2) فتأمّل.

وربما قیل بکراهة الصلاة فی الخاتم الذی فصّه حدید صینی ، ولعله لما فی الاحتجاج من توقیع الصاحب علیه السلام إلی الحمیری : أنّ « الفصّ الخماهن فیه کراهة أن یصلّی فیه ، وفیه إطلاق ، والعمل علی الکراهة » (3) انتهی. فی تاج : الخماهن : سنگی باشد سیاه که از آن نگین سازند.

قوله : لا تصح الصلاة فی خلاخل النساء إذا کان لها صوت. ( 3 : 213 ).

لا یقال : لا اختصاص للروایة بحال الصلاة ، لأنّا نقول : هذه الروایة طویلة ، والمتقدّم علی هذا السؤال والجواب والمتأخّر عنهما سؤالات وجوابات کثیرة کلّها متعلّقة بأمر الصلاة بل المتأخر عمّا ذکر من الروایة بلا فصل : وسألته عن فأرة المسک تکون مع الرجل فی جیبه أو ثیابه ، قال : « لا بأس بذلک » (4) ولا شکّ فی أنّ المراد حال الصلاة ، مع أنّ تعلیل المنع عن الصلاة فی السواد والحدید بأنّه من لباس أهل النار ربما یشیر إلی أنّ ما هو ممنوع منه فی نفسه لا یصلح حال الصلاة ، فتأمّل جدّا.

قوله (5) : کصحیحة محمد بن إسماعیل بن بزیع. ( 3 : 213 ).

صلاة المرأة فی خلخال له صوّت

الصلاة فی ثوب علیه تماثیل

ص: 381


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصادر.
2- التهذیب 1 : 425 / 1353 ، الاستبصار 1 : 96 / 311 ، الوسائل 1 : 288 أبواب نواقض الوضوء ب 14 ح 5.
3- الاحتجاج 2 : 483 ، الوسائل 4 : 420 أبواب لباس المصلّی ب 32 ح 11.
4- الفقیه 1 : 164 / 775 ، الوسائل 4 : 433 أبواب لباس المصلّی ب 41 ح 1.
5- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».

یمکن أن یقال : المتبادر صورة الحیوان بناء علی أنّ الإطلاق ینصرف إلی الکامل ، ولما ورد فی أخبار کثیرة [ من ] (1) النهی عن تصویر الصور والتماثیل بعنوان الإطلاق ، ثمّ علّق علیه أنّ الله یعذّب المصوّر بنفخ الروح فیها وفی تلک التماثیل (2) ، ولما ورد من أنّ سلیمان علیه السلام کانوا یعملون له تماثیل الشجر وشبهه لا تماثیل الرجال والنساء (3) ، ولما ورد من عدم البأس إذا کانت بعین واحدة لا أن تکون لها عینان ، أو قطع رأسها (4) ، مع إطلاق النهی ، کما (5) فی محاسن البرقی فی الصحیح عن ابن مسلم ، عن الصادق علیه السلام : عن تماثیل الشجر والشمس والقمر ، فقال : « لا بأس ما لم یکن شیئا من الحیوان » (6) وفی الصحیح عن زرارة ، عن الباقر علیه السلام مثله (7) ، وفی الصحیح عن زرارة ، عنه علیه السلام قال : « لا بأس بتماثیل الشجر » (8).

هذا کلّه مضافا إلی استشمام العلّة والتصریح بلفظ الطیر فی موثقة عمار مکرّرا المؤذن بکون غیر ذلک من قبیل ما ذکر.

قوله : وقال الشیخ فی المبسوط. ( 3 : 213 ).

فی النهایة حکم بعدم جواز الصلاة (9) ، وابن البراج أیضا حرّم

مکان المصلّی

اشتراط الإباحة فی مکان المصلّی

ص: 382


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
2- انظر الوسائل 17 : 295 أبواب ما یکتسب به ب 94.
3- انظر الوسائل 17 : 295 أبواب ما یکتسب به ب 94.
4- انظر الوسائل 5 : 170 أبواب مکان المصلّی ب 32.
5- فی النسخ زیادة : فلیتأمّل.
6- المحاسن : 619 / 54 ، الوسائل 17 : 296 أبواب ما یکتسب به ب 94 ح 3.
7- لم نعثر علیه.
8- المحاسن : 619 / 55 ، الوسائل 17 : 296 أبواب ما یکتسب به ب 94 ح 2.
9- النهایة : 99.

الصلاة فی الخاتم الذی فیه صورة (1) ، ودلیلهم موثقة عمار. إلاّ أن یقال : ظاهر قوله فی صحیحة ابن بزیع : « کره ما فیه التماثیل » الکراهة وإن لم تثبت الحقیقة الشرعیة ، للمسامحة فی التأدیّة التی لا تناسب الحرمة.

وفی صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج فی الدراهم السود تکون مع الرجل فقال : « ما أشتهی » (2) ، وهو أیضا ظاهر فیها ، ویعضده الشهرة العظیمة ، وسیجی ء تتمّة الکلام فی استقبال النار ، فی مرسلة ابن أبی عمیر : « إن کان لها عین واحدة فلا بأس ، وإن کان لها عینان فلا » (3).

قوله : ولو کانت الصور مستورة خفّت الکراهة. ( 3 : 213 ).

بل (4) الظاهر من الصحیح زوالها.

قوله : هو قسیم للمملوک. ( 3 : 216 ).

لا یخفی أنّ الضمیر فی قوله : یکون ، راجع إلی المکان لا إلی منفعته ، فکیف یستقیم إدراج المستأجر فی المملوک؟ وأمّا ما فعله الأصحاب فالظاهر أنّهم جعلوا المنفعة مقسما لا العین ، فتدبّر.

قوله : غیر واضح. ( 3 : 216 ).

لا یخفی أنّ مراده من الإذن بالکون من حیث هو هو من دون زیادة کونه للصلاة ، إذ لا شکّ فی کونه أمرا زائدا ، إلاّ أنّ هذه الزیادة ربما یفهم

ص: 383


1- المهذب 1 : 75.
2- الکافی 3 : 402 / 21 ، الفقیه 1 : 166 / 779 ، الوسائل 4 : 437 أبواب لباس المصلّی ب 45 ح 3.
3- الکافی 3 : 392 / 22 ، التهذیب 2 : 363 / 1506 ، الوسائل 4 : 438 أبواب لباس المصلّی ب 45 ح 7.
4- هذه الحاشیة وأربع بعدها لیست فی « أ » و « و».

بطریق أولی ، لأن الکون لغیر العبادة لیست مطلوبیته مثل الکون لها ، بعد ما ظهر کون الکون من حیث هو مطلوب ، بخلاف الضیافة ، إذ لا ظهور فیها من حیث هی هی علی کون المطلوب هو الکون من حیث هو هو ، إلاّ أن یظهر من الخارج ، کما اعترف به بقوله : وهو إنّما یتمّ .. فلا وجه لهذا الإیراد أیضا.

قوله : اکتفاؤه فی شاهد الحال. ( 3 : 216 ).

لا یخفی أن الفقهاء ذکروا : بشاهد (1) الحال وأنّه یشهد ، والظاهر من الشهادة حصول الوثوق والاطمئنان ، وهو معنی العلم ، وصرّح غیر واحد بالعلم (2) ، مع أنّه ربما اکتفی بعض بالأعم لدلیل ما کان (3) علیه ولیس کل فقه بنهج الآخر.

والصواب الفرق بین الأراضی ، مثل البیوت وأمثالها والصحاری [ ففیها ] (4) تجوز من دون توقّف علی رضا المالک أصلا ، لما فی الأعصار والأمصار من الصلاة من دون إذن ، مع أنّه ربما کان المالک صغیرا أو مجنونا أو سفیها أو من أهل السنّة أو أهل الذمّة ، فلا تغفل.

قوله : کون المکان لمولّی علیه ، وهو کذلک. ( 3 : 217 ).

لا یخفی فساده ، إذ عدم الضرر فی التصرّف کیف یصیر منشأ لصحته؟ وکیف یسوغ للولی الإذن من العلّة المذکورة؟ نعم تجوز الصلاة ونحوها فی الصحاری من دون مراعاة إذن أصلا ، کما أفتی الفقهاء ، وإن

ص: 384


1- فی « ج » و « د » : لشاهد.
2- انظر الجامع للشرائع : 68 ، والمنتهی 1 : 242 ، والبیان : 129.
3- فی النسخ : کانوا ، والأنسب ما أثبتناه.
4- فی النسخ : والبناء ، والمناسب ما أثبتناه.

علّل بعضهم بإذن الفحوی (1) ، وفیه ما فیه ، لما عرفت.

قوله : کما فی سلوک الطریق المغصوب إلی المیقات عند وجوب الحجّ. ( 3 : 218 ).

فإن قلت : لعل مرادهم من الخیاطة فعل الخیاطة أی حرکة الید المخصوصة.

قلت : علی فرض تعلّق أمره بالحرکة المخصوصة یکون الغرض منه حصول الأثر الحاصل ، أو التمرین وتحصیل الملکة ، فهی لیست مطلوبة لنفسها ، بل مطلوبة من حیث الوصلة به إلی الغرض الحقیقی والمطلوب الواقعی الذی هو المطلوب لنفسه ، فلا یضرّ أن یکون مثل هذا أیضا حراما ، کسلوک الطریق المغصوب إلی المیقات ، وکالأمر بإنقاذ الغریق من المسلم وإطفاء حریقه ، فإنّ المقصود منهما رفع الضرر منه وحفظ نفسه أو ماله من التلف ، فالمقصود یحصل وإن وقع الإنقاذ والإطفاء بوجه حرام شدید الحرمة ، وهذا واضح.

فإن قلت : نفرض أنّ المولی یقول : مطلوبی ومحبوبی فعل الخیاطة ، أی حرکة الید المخصوصة من حیث هو هو ، وهو واجب علیک لنفسه لا لأثر حاصل ولا للتمرین ولا لغیر ذلک ، لکن إن فعلته فی حرم بیتی لعاقبتک ، لأنّک فعلت مبغوضی أیضا ، کما لو أمره بالرقص من حیث إنّه یعجبه ، ونهاه عن کونه فی بطن بیته عند نسائه من حیث إنّه یبغضه ویسوءه.

قلت : لا شکّ فی أنّه إذا رقص فی بطن بیته عند نسائه فأمّا أنّه یعجبه

ص: 385


1- انظر مجمع الفائدة 2 : 110.

فقط ، أو یبغضه فقط ، أو لا یعجبه ولا یبغضه.

وأمّا أنّه یعجبه ویبغضه معا من الحیثیتین فمحال ، لأنّ الحبّ والبغض لا یمکن اجتماعهما فی فعل واحد فی زمان واحد ، والذی صدر عن العبد إنّما کان فعلا واحدا بحسب الوجود الخارجی ، ولا أجزاء له مرتبة فی الخارج ، فمن هذا الفعل الواحد إن حصل للمولی السرور والطرب فکیف یمکن حصول نقیضه وهو عدم السرور وعدم الطرب؟ فضلا عن أن یکون حصل ضدّه وهو الحزن والانقباض ونفرة الطبع وأمثال ذلک ، فکیف یمکن أن یصیر هذا الفعل الواحد سببا لحصول أثرین متناقضین أو متضادّین فی زمان واحد ودفعة واحدة بحیث لا یکون بینهما ترتیب أصلا ولا تمایز مطلقا؟ لما عرفت من أنّ العلّة فعل واحد بسیط فی الخارج لا یکون له أجزاء فی الخارج أصلا ، فضلا عن أن یکون بین تلک الأجزاء ترتیب فی الخارج بحیث یکون أحدها مقدما علی الآخر ( بحسب الزمان فی الخارج ) (1) حتی یتأتّی أن یحصل بالجزء الأوّل الفرح والمحبّة ، وبعد انقضاء الجزء الأوّل ومجی ء الجزء الثانی یحصل الانقباض والکراهة والبغض ، أو بالعکس ، وهذا واضح لمن تأمّل أدنی تأمّل.

کما أنّ الفرق بینه وبین قطع الطریق المغصوب وإنقاذ الغریق الحرام والإطفاء الحرام أیضا واضح بحمد الله ، فإنّ متعلّق المحبّة مثلا هو اندفاع الضرر عن المسلم ، ومتعلّق الکراهة والبغض هو الکون والإطفاء بماء مغصوب مال شخص عطشان مضطرّ إلی ذلک الماء ، وأحدهما غیر الآخر ، لأنّ الأوّل أثر ومسبّب ، بل متأخّر بحسب الزمان أیضا ، بخلاف الآخر ، فإنّه

ص: 386


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».

مؤثّر وسبب ومتقدّم بحسب الزمان أیضا.

وأیضا العبادة من شأنها التقرّب إلی الله تعالی وإلی الثواب مثل الجنّة ، والحرام من شأنه التبعّد عن الله تعالی وعن الثواب والجنة ، فکیف یکون فعل واحد شخصی یقرّب إلیه تعالی وإلی الجنة حین ما هو یبعّد عنه تعالی وعن الجنّة ویقرّب إلی النار؟

وأیضا کیف ینوی العبد بهذا الشخص المعیّن من الفعل التقرّب إلیه تعالی مع یقینه بأنّه مبعّد عنه حین ما هو مقرّب إلیه؟

وأیضا کیف یقول الحکیم : ارکع مثلا إن شئت هذا الرکوع المشخّص ، وإن شئت غیره ، فإنّی أوجبت علیک هذا وذاک؟ ومع ذلک یقول : لا ترکع هذا الرکوع المشخّص ، فإنّک إن رکعت لعقابتک ، فإنّ هذا قبیح عن الحکیم ، فکیف الحال بالنسبة إلی کلّ واحد واحد من حرکاته وسکناته وأجزاء الحرکات والسکنات؟

وأیضا کیف یقول الله تعالی : تقرّب إلیّ بفعل هذا القبیح الذی یوجب البعد عنّی ویوجب سخطی علیک وعقابی وانتقامی؟ فلا تغفل.

قوله : لأنّ الکون لیس جزءا منها. ( 3 : 218 ).

لا یخفی أنّ المسح هو إمرار الماسح علی الممسوح وهو عین الحرکة ، فالوضوء والتیمم یکون الکون جزءا منهما.

وأمّا الغسل فلا یمکن تحقّقه بغیر حرکة علی ما هو المتعارف الشائع ، والمقدّمة إذا انحصرت فی الحرام فالتکلیف بذی المقدّمة إن کان باقیا لزم التکلیف بالمحال ، کما إذا انحصر طریق الحجّ فی المغصوب ، نعم إذا کان طریق الحجّ مغصوبا إلی خصوص المیقات وسلک المکلف بعنوان الحرام یصیر مکلفا بالحجّ بعد وصوله المیقات وارتکابه الحرام ، وإن لم

ص: 387

یکن باقیا لزم أن لا تکون المقدّمة واجبة مطلقا لأنّ وجوبها من جهة وجوب ذی المقدّمة ، کما هو المفروض ، فعلی هذا نقول : کلّ جزء من أجزاء المغسول لا یمکن غسله علی الفرض المتعارف من دون حرکة. ومن هذا ظهر حال الوضوء بالنسبة إلی غسل الأعضاء أیضا.

علی أنّا نقول : مطلق التصرّف فی المغصوب حرام قطعا بلا خصوصیة للکون فی ذلک ، والطهارة فی المکان المغصوب تصرّف فیه وانتفاع منه ، فکیف یتأمّل فی حرمتها؟!.

قوله : [ وهو بعید جدّا ] (1). ( 3 : 218 ).

لعل نظر المحقّق فی ذلک إلی الإجماع علی بطلان الصلاة فی المکان المغصوب ، فإنّه یصدق علی صلاة من صلّی فی المکان المغصوب وإن کان بإذن المالک ، بل وربما قیل : وإن کان صاحب المال ومالکه یصلّی فیه ، فإنّ صلاته باطلة من حیث وقوعها فی المکان الذی وقع علیه الغصب (2).

لکنه باطل ، لعدم کون المکان مغصوبا بالنسبة إلی المالک ولا المأذون من قبل المالک ، مع أنّ الإجماع إنّما وقع علی ما اقتضاه الدلیل العقلی لا أنّ الحرمة والبطلان مجرّد تعبّد ، فتأمّل.

قوله : ویضعف بتوجّه النهی المنافی للصحة. ( 3 : 220 ).

فی شمول النهی لهذه الصورة تأمّل ، لأنّ المفروض أنّ المالک رخّصه وأذن له بقدر الصلاة ، ویعلم قدر الصلاة ، ویعلم أنّه یجب علیه إتمام الصلاة ویحرم علیه قطعها. علی أنّه لعله فی هذا القدر یدخل فی أمر

ص: 388


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : وإن کان ناسیا. ( 3 : 219 ) والتعلیقة تناسب ما أثبتناه.
2- نسبه العلاّمة فی التذکرة 2 : 398 إلی الزیدیة.

لا یمکن شرعا قطعه ، إذ فی بعض الصور یجب عدم القطع قطعا ، کما لو کان مشغولا بجماع أو غیره مما لا یتیسّر له القطع ، لأنّه ربما یقتله أو یضرّه ضرر عظیم أو غیر عظیم ، إذ لا ضرر ولا ضرار ، فیمکن أن تکون الصلاة أیضا من قبیل الأمور المذکورة ، سیّما إذا وقع الإذن الصریح فی الصلاة فشرع فیها ، إذ ربما کان مستخفّا للصلاة ومؤذیا للمسلم وعارا له ، وبالجملة یکون عموم شامل لما نحن فیه بعد ملاحظة ما أشرنا إلیه ، لا یخلو من تأمّل.

قوله (1) : بحمل النهی فی الروایتین الأوّلتین علی الکراهة. ( 3 : 223 ).

الأخبار الواردة فی أنّ المرأة فی الجماعة واقتدائها بالرجل تؤخّر عنه (2) ، فی غایة الکثرة ونهایة الاعتبار ، والظاهر من صحیحة علی بن جعفر أیضا ذلک ، والأخبار المعارضة غیر ظاهرة فی الجماعة المذکورة لو لم نقل بظهورها فی خلافها ، فتأمّل.

قوله : للحکم ببطلان الصلاة ظاهرا بالمحاذاة. ( 3 : 224 ).

فلا یتأتی نیّة القربة حین الشروع.

قوله : حکی ذلک المصنف فی المعتبر. ( 3 : 225 - 226 ).

وجماعة کالعلاّمة وابن زهرة والشهید وغیرهم (3) ، ومرّ فی باب التطهیر بالشمس (4).

حکم تساوی الرجل والمرأة أو تقدّمها علیه فی موقف الصلاة

اشتراط طهارة موضع السجود

ص: 389


1- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
2- انظر الوسائل 8 : 332 أبواب صلاة الجماعة ب 19.
3- المختلف 2 : 130 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 555 ، الذکری : 160 ، جامع المقاصد 2 : 126.
4- راجع ص 260.

قوله : ولم أقف لأبی الصلاح. علی حجّة. ( 3 : 226 ).

یحتمل أن یکون احتجاجه بقوله علیه السلام : « جنّبوا مساجدکم النجاسة » (1) وبعض الأخبار أیضا له ظهور ، مثل الموثق کالصحیح بابن بکیر ، عن الصادق علیه السلام : عن الشاذکونة یصیبها الاحتلام أیصلّی علیها؟ قال : « لا » (2) ویحمل علی الاستحباب للمعارض.

قوله : وهی مع ضعف سندها. ( 3 : 227 ).

ودلالتها أیضا ، لأنّ من العشرة المذکورة ما ثبت من الصحیح والمعتبر عدم المنع من الصلاة فیه ، فلاحظ.

قوله : فإن کانت النجاسة لم تکره. ( 3 : 228 ).

ربما کان فی روایة علی بن جعفر إشارة إلی ذلک ، کما لا یخفی علی الفطن ، وکذا فی موثقة عمار عن الصادق علیه السلام (3).

قوله (4) : قال : سألته عن الصلاة فی مرابض الغنم. ( 3 : 229 ).

وفی الغوالی عن النبی صلی الله علیه و آله : أنّه نهی عن الصلاة فی أعطان الإبل ، فإنّها خلقت من الشیاطین (5).

قوله : ولا بعد فیه بعد ورود النص به. ( 3 : 233 ).

لا یخفی أنّ استبعادهم بمکانه ، فإنّه إذا کان الخمر فی البیت لم لا تجوز الصلاة فیه وإذا کانت فی ثوب المصلّی تجوز الصلاة فی ذلک الثوب؟! ولم یرد نص من الشارع بهذا النحو ، بل ورد النص علی بطلان

مکروهات مکان المصلّی

الصلاة فی الحمام

الصلاة فی معاطن الإبل

فی بیوت الخمور إذا لم تتعد إلیه نجاستها

ص: 390


1- الوسائل 5 : 229 أبواب أحکام المساجد ب 24 ح 2.
2- التهذیب 2 : 369 / 1536 ، الوسائل 3 : 455 أبواب النجاسات ب 30 ح 6.
3- التهذیب 2 : 370 / 1539 ، الوسائل 3 : 454 أبواب النجاسات ب 30 ح 5.
4- هذه التعلیقة لیست فی « أ » و « و».
5- عوالی اللآلی 1 : 36 / 23 ، المستدرک 3 : 338 أبواب مکان المصلّی ب 12 ح 2.

الصلاة وحرمتها فی ذلک الثوب ، وإن ورد النص بطهارتها أیضا (1) ، فظاهر أنّ ما دل علی المنع من الصلاة فی البیت الذی یکون فیه ، من قبیل النص الأوّل ولا یلائم الثانی ، لأنّه علیه السلام بمجرّد وجودها فی البیت ما جوّز الصلاة فیه فکیف یجوّز الصلاة فی الثوب الذی یکون الخمر فیه؟ فتأمّل (2).

قوله : وعدم صراحة الاولی فی التحریم. ( 3 : 235 ).

فیه إشعار بالظهور فی التحریم ، ولعله کذلک ، وظاهر أنّ الظهور یکفی ، إلاّ أن یقال بأنّه لیس ظهورا یوثق به ، بل یعدّ فی مکان الریبة والتزلزل ، لکن یقوّیه موثق عمار إن لم نقل بحجّیة الموثق وإلاّ فهو حجّة ، إلاّ أن یقال : إنّه یتضمّن المنع عن استقبال الحدید أیضا ولم یفت أحد بحرمته فهو مضعّف.

وکیف کان لا تأمل فی أنّ الاحتیاط التامّ فی الاجتناب ، لأنّ ما ذکره الصدوق رحمه الله وإن کان صحیحا عنده إلاّ أنّه لا یقاوم الموثق فضلا عن الصحیح ، إلاّ أن یقال باعتضاده بالشهرة أیضا ، وضعف دلالة الصحیح والموثق من هذه الجهة أیضا ، والله یعلم.

قوله : ولا ریب أنّ الاحتیاط یقتضی تجنّب استقبال النار. ( 3 : 236 ).

فی الاحتجاج ، عن الأسدی قال : فی ما ورد علی ید أبی جعفر محمد بن عثمان العمری رضی الله عنه فی جواب مسائله إلی صاحب الزمان علیه السلام : « أمّا ما سألت عنه من المصلّی والنار والصورة والسراج بین یدیه هل یجوز؟ فإنّ الناس قد اختلفوا فی ذلک قبلک ، فإنّه جائز لمن لم یکن من

کراهة الصلاة إذا کان بین یدی المصلّی نار مضرمة

ص: 391


1- الوسائل 3 : 468 أبواب النجاسات ب 38.
2- لیس فی « أ » و « و».

أولاد عبدة الأصنام والنیران » (1) فتأمّل ، إذ لم یفت بهذا التفصیل أحد ، ولا یظهر أنّ المراد من أولادهم الأولاد بغیر واسطة ، أو هم وأولاد أولادهم إلی یوم القیامة ، وما ذکرنا یوجب التأکید فی الاحتیاط لمن لم یکن من آل الرسول وأمیر المؤمنین علیهم السلام .

قوله : وفی الطریق ضعف. ( 3 : 236 ).

ظهر الکلام فی المقام ممّا مرّ فی الصلاة فی الکعبة (2).

قوله : وحمل النهی علی الکراهة أمکن. ( 3 : 244 ).

لا وجه له ، لأنّ صحیحة زرارة موافقة للعمومات المعمول بها عند الأصحاب فلا تقاومها فلا تکون حجّة ، لأن الراجح هو الحجّة والمرجوح لیس بحجّة ، لعدم الدلیل علی حجّیته ، والأصل عدمها ، ولأنّ معنی المرجوح أنّ الظاهر أنّه لیس بحق ولیس حکم الله ، والمشکوک فیه لا یمکن أن یصیر حجّة فضلا عن المرجوح ، فتعین طرح المعارض أو توجیهه بما یرجع إلی الحجّة ، بل الظاهر أنّ المعارض من الشواذّ التی لا عمل علیها أصلا ، فالحمل علی الضرورة من التقیّة أو غیرها متعیّن إن لم یطرح.

قوله : یصدق علیها اسم الأرض عرفا. ( 3 : 244 ).

فی الصدق عرفا إشکال ، سیّما وأن یکون من الأفراد الشائعة ، فتأمّل.

قوله : وتؤیّده الأخبار الکثیرة. ( 3 : 245 ).

فی التأیید نظر ، وکذا فی تأیید صحیحة معاویة ، مضافا إلی ما عرفت ممّا هو فیها.

ما یسجد علیه

عدم جواز السجود علی المعدن إلاّ عند الضرورة

ص: 392


1- الاحتجاج 2 : 480 ، الوسائل 5 : 168 أبواب مکان المصلّی ب 30 ح 5.
2- راجع ص 328 - 329.

قوله : ألیس هو من نبات الأرض؟ ( 3 : 247 ).

لا یبعد أن یکون المراد الحصر الطبریة ، فإنّ الطبری هو الحصیر الذی شغل أهل طبرستان. ( صرّح بذلک جدّی رحمه الله ومولانا مراد فی شرحهما علی الفقیه (1) ) (2).

قوله : فإن کان نبات الأرض. ( 3 : 248 ).

حمل المطلق علی المقید جائز ومتعارف ، سیّما فی مثل المقام.

قوله : وردّه المصنف فی المعتبر. ( 3 : 248 ).

لا یخفی أنّ کلّ راو إذا سأل المعصوم علیه السلام عن مسألة ، مراده حال عدم التقیّة وأنّها فی الواقع کیف ، صرّح بذلک أو لم یصرّح ، من دون تفاوت ، فإذا کان المقام اقتضی التقیّة أو الاتقاء فلا یمنع فرض سؤال الراوی. وکونها محمولة علی التقیّة فی غایة الظهور ، لأنها شعار العامة ، کما أنّ خلافها شعار الخاصة فی الأعصار ( والأمصار ) (3) مع أنّ الشیخ أعرف بالتقیّة ، وغیره أیضا من فقهائنا حملوا علی التقیّة (4) ، مع أنّ المکاتبة قلّما تخلو عن التقیّة خوفا من أن یقع بید الأعداء ، صرّح بذلک جدّی (5) رحمه الله ، والصدوق قال فی أمالیه ، : من دین الإمامیة الإقرار بأنّه یجوز السجود علی الأرض أو ما أنبتت الأرض إلاّ ما أکل أو لبس (6). هذا ، مضافا إلی الإجماعات المنقولة.

حکم السجود علی القطن والکتان

ص: 393


1- انظر روضة المتقین 2 : 177 ، ولیس عندنا شرح المولی مراد.
2- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
3- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « د » و « و».
4- انظر المختلف 2 : 133.
5- انظر روضة المتقین 3 : 406 ، و 7 : 208.
6- أمالی الصدوق : 512.

قوله : لخروجه بامتزاجه بالماء عن اسم الأرض. ( 3 : 248 ).

فیه نظر ، لأنّ الجبهة تلاصق التراب والأرض ، ولم یتحقّق استحالة قطعا بمجرّد مزج الماء معه ، بل هو ماء وتراب أو أرض ممزوجان ، نعم إن لم تستقرّ الجبهة فلا یجوز من هذه الجهة.

قوله : وإطلاق هذه الروایات. ( 3 : 249 ).

الإطلاق ینفع إذا علم أنّ القرطاس المأخوذ من الإبریسم کان فی ذلک الزمان موجودا وکان من الأفراد الشائعة ، والآن لیس کذلک فضلا عن حصول العلم بذلک فی ذلک الوقت.

قوله : ویظهر من الشهید فی الذکری. ( 3 : 250 ).

وادعی رحمه الله أنّ القرطاس الذی وقع فی الأخبار صحة السجود علیه هو الذی یؤخذ من العلف ، وببالی أنّه ادعی أنّ المتعارف فی ذلک الزمان کان کذلک (1) ، فلیلاحظ ولیتأمّل فیه ، إذ أحد من الأصحاب ما تعرض له ممّن تقدم علیه أو تأخر عنه.

قوله : علی أنّه یمکن المناقشة. ( 3 : 250 ).

الأحوط الاجتناب ، للشکّ فی دخوله تحت الأرض الوارد فی أخبار السجود أو کونه من أفرادها الشائعة ، فتأمّل.

قوله : أمّا أوّلا : فلأنّ. ( 3 : 252 ).

فیه ما مرّ فی مسألة الإنائین ( من الماء ) (2) المشتبهین فی أوائل کتاب الطهارة من أنّه لا معنی للنجس الشرعی إلاّ أنّه یجب الاجتناب عنه ، وإذا وجب لزم الإطاعة ، ولا تتحقّق إلاّ بالاجتناب عن الجمیع ، عن القدر

عدم جواز السجود علی الوحل

جواز الصلاة علی القرطاس

حکم اشتباه الموضع النجس بغیره

ص: 394


1- انظر الذکری : 160.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د ».

النجس بالأصالة ، وما بقی من باب المقدمة ، وإذا کان کلّ جزء جزء باقیا علی طهارته لزم ارتفاع النجس الیقینی ، وتعیین جزء خاصّ ترجیح من غیر مرجّح شرعی ، وأصالة الطهارة لا تعارض ما ذکرنا ، کالصلاة فی الثیاب التی أحدها نجس یقینا ، وغیر ذلک ، والفرق بین المحصور وغیره ذکرناه هناک ، فلاحظ جمیع ما ذکرناه (1).

قوله : مع انتفاء ما یدل علی طهارة محلّ السجود. ( 3 : 252 ).

قد مرّ الدلیل والإشارة إلیه فی مبحث مطهریّة الشمس (2) ، فلاحظ.

قوله : واختلف الأصحاب فی استحبابهما أو وجوبهما. ( 3 : 257 ).

وفی الفقه الرضوی : « وقد روی أنّ الأذان والإقامة فی ثلاث صلوات :

الفجر والظهر والمغرب ، وصلاتین بإقامة هما العصر والعشاء ، لأنّه روی خمس صلوات فی ثلاث أوقات » (3).

وفیه أیضا : « إنّهما من السنن اللازمة ، ولیستا بفریضة ، ولیس علی النساء أذان ولا إقامة ، وینبغی لهن إذا استقبلن القبلة أن یقلن : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله » (4). انتهی.

وفی الأخبار الدالة علی أنّ المؤذّن والمقیم یصلّی خلفه صفّان من الملائکة ، والمقیم وحده یصلّی خلفه صفّ أو ملک (5) ، إشعار باستحباب

الأذان والإقامة

اختلاف الأصحاب فی استحبابهما أو وجوبهما

ص: 395


1- راجع ج 1 : 162 - 172.
2- راجع ص 260 - 261.
3- فقه الرضا علیه السلام : 96 ، المستدرک 4 : 24 أبواب الأذان والإقامة ب 5 ح 2.
4- فقه الرضا علیه السلام : 98 ، المستدرک 4 : 35 أبواب الأذان والإقامة ب 13 ح 4 ، و 47 : ب 23 ح 2.
5- الوسائل 5 : 381 أبواب الأذان والإقامة ب 4.

الإقامة بعد ثبوت استحباب الأذان من أخبار کثیرة ، ومع ذلک ، الاحتیاط فی عدم ترک الإقامة مطلقا ، هذا فی غیر الجماعة.

وأمّا الجماعة فالأمر فی الإقامة کما ذکر ، وأشدّ منه ، والأذان فبعد تمامیة الاجتماع وعدم الانتظار فلا مانع من ترک الأذان ، مع أنّ الأولی والأحوط الفعل أیضا ، وأمّا الإقامة فلا تترک البتّة ، لعدم دلیل واضح علی جواز ترک القراءة خلف إمام لم یأت بالإقامة لا هو ولا أحد ممّن خلفه لأجل الجماعة ، مع أنّ شغل الذمّة بالقراءة کان یقینا.

قوله : ولو کان الأذان والإقامة واجبین لذکرا فی مقام البیان. ( 3 : 258 ).

لا یخفی فساد هذا الاستدلال ، لأنّه یتوقّف علی کون الأذان والإقامة داخلین فی ماهیة الصلاة ، ولیس کذلک إجماعا ، بل وضرورة من الدین ، والمعصوم علیه السلام ما توجّه إلی الأمور الخارجة عن الصلاة ، والتوجّه إلی خصوص الأصابع لعله لما رأی من أنّ حمادا ما راعی ذلک ، وهذا هو الظاهر ، کما لا یخفی ، مع أنّه من الآداب المرعیة حال الصلاة ، وعلی فرض أنّه اتفق بیان بعض الخارج لا یلزم منه ما ذکره ، لأنّ تأخیر البیان إنّما هو بالنسبة إلی ما هو بصدد بیانه. وأیضا لعل الأذان والإقامة من حماد ما کان فیهما حزازة أصلا ، فتأمّل.

علی أنّ المعصوم علیه السلام ما کان فی صدد بیان الواجبات فقط ، بل الظاهر أنّه کان بصدد بیان الآداب والمستحبات ، کما هو ظاهر ، وظاهر أیضا أنّ حمادا کان أتی بالواجبات ولذا ما أمر المعصوم علیه السلام بقضاء صلواته ، بل وبّخه بما هو ظاهر فی ما ذکرناه ، فعلی هذا لو کان الأمر کما ذکره الشارح رحمه الله لزم أن لا یکونا من مستحبات الصلاة أیضا ، مع أنّ

ص: 396

المعصوم علیه السلام تعرّض لإظهار آداب لیست بمثابة الأذان ، فکیف الإقامة؟ إذ ربما یظهر من کثیر من الأخبار وجوبها ، وغایة ما فی الباب أن تکون مستحبة قریبة إلی الواجب غایة القرب ، وسیجی ء الأمر بإعادة الصلاة للناسی لها (1) ، فتأمّل جدّا.

قوله (2) : اختلف الأصحاب فی أذان العصر یوم الجمعة. ( 3 : 263 ).

سیجی ء فی مبحث صلاة الجمعة تحقیق الحال (3).

قوله : هذا الحکم ذکره الشیخ وجمع من الأصحاب. ( 3 : 266 ).

لا یخفی أنّ الشیخ رحمه الله ما عمّم الحکم بهذا التعمیم ، بل خصّصه بالصلاة جماعة فی المرتبة الثانیة ، وکونهما فی المسجد جمیعا ، وکونهما فی صلاة واحدة ، ( قال فی النهایة : وإذا صلّی فی مسجد جماعة کره أن تصلّی دفعة أخری جماعة تلک الصلاة بعینها ، فإن حضر قوم وأرادوا أن یصلّوها جماعة فلیصلّ بهم واحد منهم ولا یؤذّن ولا یقیم ، بل یقتصر علی ما تقدّم من الأذان والإقامة فی المسجد إذا لم یکن الصفّ قد انفضّ ) (4).

وهذا هو المذکور فی معظم کتب فقهائنا ، والمستفاد منها ، ومنهم المفید رحمه الله فی المقنعة (5) ، والعلاّمة فی غیر واحد من کتبه ، مثل التحریر والتذکرة (6) ،

سقوط الأذان والإقامة عمّن أدرک الجماعة

ص: 397


1- المدارک 3 : 273.
2- هذه التعلیقة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
3- المدارک 4 : 74.
4- النهایة : 118 ، وکتب ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » بعد کلمة : التعمیم ، وفی « أ » و « و» فی نهایة التعلیقة فی ص 620 ، والأنسب ما أثبتناه.
5- لم نعثر علیه فی المقنعة وهو موجود فی التهذیب 3 : 55.
6- التحریر 1 : 34 ، التذکرة 1 : 106.

بل ظاهر المصنف رحمه الله فی النافع (1). ولیس عندی نسخة المعتبر (2).

والشیخ فی المبسوط خصّص السقوط بالأذان فقط بعد أن خصّص بالمسجد وبتلک الصلاة التی أذّن لها ، وإن کان عمّم بالنسبة إلی تفرّق الصف وغیره ، وکذا بالنسبة إلی مرید الجماعة وغیره ، ومع ذلک قال : ویجوز أن یؤذّن فیما بینه وبین نفسه ، وإن لم یفعل فلا شی ء [ علیه ] (3).

وظاهر العلاّمة فی القواعد والإرشاد تخصیص ذلک بمرید الجماعة وغیر ذلک من القیود ، إلاّ حکایة کونها فی المسجد فالظاهر منه التعمیم بالنسبة إلیها (4) ، وکذلک الشهید فی اللمعة والبیان والدروس (5) ، وقال فیه : یسقط ندبا لا وجوبا. وربما کان مراد المصنّف رحمه الله فی هذا الکتاب أیضا ذلک ، حیث قال : ولو صلّی الإمام جماعة وجاء آخرون ، فتأمّل.

قال الفاضل ابن المفلح (6) فی شرح هذا الکتاب : الأذان مستحب إلاّ فی أماکن : عصر عرفة ، عشاء مزدلفة ، عصر الجمعة ، والسقوط هنا للجمع لا المکان والزمان ، الرابع : القاضی یجتزئ بالأذان فی أوّل ورده والإقامة للبواقی ، وإنّ الجمع بینهما أفضل ، ثم استشکل بأنّ فی الأداء إمّا مکروه أو حرام ، ثم أجاب ، ثم قال : الخامس : الجماعة الثانیة إذا لم تتفرّق الأولی لأنّهم یدعون بالأذان الأوّل وقد أجابوا بالحضور فصاروا کالحاضرین فی

ص: 398


1- النافع : 27.
2- قال فی المعتبر ( 2 : 136 ) : ولو صلّی فی مسجد جماعة ثم جاء آخرون لم یؤذّنوا ما دامت الصفوف باقیة ، فلو انقضت أذّن الآخرون وأقاموا.
3- المبسوط 1 : 98 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
4- القواعد 1 : 30 ، الإرشاد 1 : 250.
5- اللمعة ( الروضة البهیة 1 ) : 242 ، البیان : 72 ، الدروس 1 : 164.
6- کذا فی النسخ ولعل الصحیح : المفلح.

الجماعة الأولی بعد الأذان ، فإذا کان کذلک جمّعوا بغیر أذان ولا إقامة وصلّوا فی ناحیة المسجد لا فی محرابه ، ولا یبرز لهم إمام لئلاّ تکرّر الصلاة الواحدة ، ولا بدّ أن تکون الصلاة واحدة ، فلو کان حضورها لصلاة أخری أذّنوا وأقاموا ، وإن لم تفرق الأولی بل کانوا فی الصلاة ، ثم شرط فی السقوط اشتغال الباقی من الصف بالصلاة والتعقیب ، فلو بقی الکل مشتغلین بالخیاطة مثلا ممّا لیس بدعاء ولا تسبیح فی المسجد فقد تفرّقوا ، ثم قال : لو صلّت الجماعة الثانیة من غیر تأذین فحضرت ثالثة فإن کان قبل تفرّق الأولی لم یؤذّنوا وإلاّ أذّنوا وإن لم تتفرّق الثانیة ، لأنّ الضابطة حضور جماعة بعد جماعة أذّنوا. انتهی.

وإنّما نقلناها لما فیه من الفوائد ، وربما یومئ هذا إلی أنّ مراد الکل واحد ، وإن لم یقیّدوا بالمسجد أو بالجماعة ، فتأمّل.

وفی تلخیص خلاف الشیخ : إذا صلّی فی مسجد جماعة وجاء آخرون ینبغی أن یصلّوا فرادی ، وهو مذهب الشافعی إلاّ أنّه قال : هذا إذا کان المسجد له إمام راتب ، وإن لم یکن له إمام راتب أو کان المسجد علی قارعة الطریق أو فی محلّة لا یمکن أن یجتمع أهله دفعة واحدة ، یجوز أن یصلّوا جماعة بعد جماعة ، وقد روی أصحابنا أنّهم إذا صلّوا جماعة وجاء قوم جاز لهم أن یصلّوا دفعة أخری إلاّ أنّهم لا یؤذّنون ولا یقیمون ویجتزون بالأذان الأوّل (1).

وقال العلاّمة فی التذکرة : یسقط الأذان والإقامة عن الجماعة الثانیة إذا لم تنصرف الاولی عن المسجد ، وهو أحد قولی الشافعی ، لأنّهم مدعوون

ص: 399


1- تلخیص الخلاف 1 : 181.

بالأذان الأوّل ، فإذا جاؤوا کانوا کالحاضرین [ فی المرّة الأولی ] (1) ومع التفرقة تصیر کالمستأنفة ، ولقول الصادق علیه السلام ، ثم أتی روایة أبی بصیر ، ثم قال : وفی الآخر یستحب مطلقا ، وبه قال أبو حنیفة لکن لا یرفع بها الصوت دفعا للالتباس. (2).

وقال فی بحث الجماعة : یکره تکرّر الجماعة فی المسجد الواحد ، فإذا صلّی إمام الحیّ فی مسجده وحضر آخرون ، صلّوا فرادی ، قاله الشیخ ، وبه قال اللیث والنخعی (3) والثوری ومالک وأبو حنیفة والأوزاعی والشافعی ، - إلی أن قال : - احتجّ الشیخ بالأخبار ، ولأنّ فیه اختلاف القلوب والعداوة والتهاون بالصلاة مع إمامه ، والذی روی أبو علی الحرّانی کراهة تأذین الجماعة الثانیة إذا تخلّف أحد من الأولی ، وروی زید [ عن أبیه ] (4) عن آبائه قال علیهم السلام : دخل رجلان المسجد وقد صلّی علی علیه السلام بالناس ، فقال : « إن شئتما فلیؤمّ أحدکما صاحبه ولا یؤذّن ولا یقیم » (5) إلی آخر ما قال.

وقال الصدوق رحمه الله فی الفقیه : ولا یجوز جماعتان فی مسجد فی صلاة واحدة ، فقد روی ابن أبی عمیر عن أبی علی الحرّانی. (6). وقال المفید فی المقنعة : وإذا صلّی فی مسجد جماعة لا یجوز أن یصلّی دفعة أخری جماعة بأذان وإقامة (7).

ص: 400


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
2- التذکرة 3 : 62.
3- فی المصدر : البتی.
4- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
5- التذکرة 4 : 233.
6- الفقیه 1 : 265.
7- لم نعثر علیه فی المقنعة ، وهو موجود فی التهذیب 3 : 55.

وبعد الإحاطة بما ذکرنا ظهر ما فی کلام الشارح ، وظهر أنّ المعظم فهموا الروایات فی خصوص الجماعة الثانیة فی المسجد.

والصدوق فی الفقیه قال : ومن أدرک الإمام وهو فی التشهد فقد أدرک الجماعة ولیس علیه أذان ولا إقامة ، ومن أدرکه وقد سلّم فعلیه الأذان والإقامة (1) ، وهو مضمون روایة عمار ( رواها الصدوق فی الفقیه والشیخ فی التهذیب بسند موثق ) (2) عن الصادق علیه السلام ، عن رجل أدرک الإمام حین سلّم ، قال علیه السلام : « علیه أن یؤذّن ویقیم » (3) ، وهو أوفق بالعمومات والتأکیدات والتشدیدات ، سیّما فی الإقامة ، وسیّما فی الجماعة ، وحمل علی تفرّق الصفّ (4) ، وفیه ما لا یخفی.

مضافا إلی ما فی أخبار السقوط من المخالفة والاختلاف ، حتی أنّ روایة السکونی فی غایة التأکید فی المنع مطلقا من دون قید التفرّق فی الصفّ (5) ، ومع ذلک فهی أوفق بمذاهب العامّة ، وألیق بالحمل علی الاتقاء من حیث ندرة وجود الإمام الراتب فی المسجد من الشیعة فی زمانهم علیهم السلام ، وقرب حملها علی الجماعة الثانیة فی المسجد ، کما فهم المعظم ، لأنّه المعهود فی الاستشکال والسؤال عن الحال علی ما بناه المعظم وفهمه (6) ، وفهم القدماء لو لم یکن معیّنا ومشخّصا للمعنی فلا أقلّ

ص: 401


1- الفقیه 1 : 265.
2- ما بین القوسین لیس فی « ج » و « د » و « و».
3- الفقیه 1 : 258 / 1170 ، التهذیب 3 : 282 / 836 ، الوسائل 5 : 431 أبواب الأذان والإقامة ب 25 ح 5.
4- انظر الوافی 7 : 609 ، والوسائل 5 : 431.
5- التهذیب 3 : 56 / 195 ، الوسائل 5 : 431 أبواب الأذان والإقامة ب 25 ح 4.
6- فی « أ » و « ب » و « و» زیادة : ولذا فهمه.

من کونه مقرّبا للحمل ، وقرب حمل موثّقة عمار علی غیر الصورة المذکورة.

والشارح أیضا فهم من الروایات ما فهمه المعظم حیث قال : ویجوز (1) أن تکون الحکمة فی السقوط. وما قاله حق ، وبالجملة الحکم بالسقوط مطلقا مع (2) ما أشرنا إلیه لعله فی غایة الإشکال سیّما فی الإقامة.

قوله : باشتراک راوی الأولی بین الثقة والضعیف. ( 3 : 267 ).

لا یضرّ اشتراکه ، لأنّه مشترک بین الثقتین أو ثقات ، کما حقّقنا أنّ یحیی بن القاسم ثقة (3).

قوله (4) : وجهالة راوی الثانیة. ( 3 : 267 ).

الراوی عنه ابن أبی عمیر ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا یروی إلاّ عن الثقة ، وطریق الصدوق إلی ابن أبی عمیر صحیح ، کما فی الخلاصة (5) ، والصدوق رواها عنه (6) ، ویعضدها روایة الحسین بن سعید عنه ، والطریق إلیه صحیح أیضا.

قوله : ویشکل بما بیّناه مرارا. ( 3 : 268 ).

نظره رحمه الله إلی ما ذکره من : أنّ الشهرة إذا وصلت إلی حدّ الإجماع تکون حجة فی نفسها من دون حاجة إلی الخبر ، وإلاّ فلا فائدة فیها (7).

أبو بصیر یحیی بن القاسم ثقة

إشارة إلی أن الشهرة جابرة لضعف الخبر

ص: 402


1- فی المدارک 3 : 267 : ولجواز.
2- فی « أ » و « و» زیادة : عدم.
3- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 371.
4- هذه الحاشیة لیست فی « ا ».
5- الخلاصة : 278.
6- الفقیه 1 : 266 / 1215.
7- انظر المدارک 1 : 132.

وفیه : أنّ الفائدة حصول التبیّن المأمور به فی خبر الفاسق ، ولا شکّ فی أنّها من أعظم أنواع التبیّن ، وهو تعالی کما جعل خبر العادل حجّة کذا جعل الخبر المتبیّن حجّة ، والشارح یکتفی فی تصحیح الحدیث بالظنون الضعیفة الحاصلة من القرائن الضعیفة لتعیین المشترک وغیره ، ومن الظنون الظنّ بعدم السقط والاشتباه وأمثالهما ، مع أنّ نفس توثیقات الرجال غالبا من الظنون ، کما حقّقنا (1) فکیف یکفی الظّن فی ثبوت العدالة التی هی شرط فی الصحة ولا یکفی الظنّ القوی فی التبیّن؟ إذ لغة یصدق علیه أنّه تبیّن وظهر ، فإنّ التبیّن طلب ظهور الحال.

مع أنّ کل دلیل دل علی کفایة الظنّ فی التعدیل یشمل التبیّن أیضا من دون تفاوت ، وبناء فقه الشیعة غالبا علی الأخبار المنجبرة بالجوابر التی هی تبیّنات ، بل ندر الصحیح فی المعاملات غایة الندرة والشارح أیضا کثیرا ما یقول : فتاوی الأصحاب تجبر ضعف السند ، کما قاله فی مسألة : من أدرک رکعة من الوقت فقد أدرک الوقت (2) ، وغیرها ، هذا.

لکن الکلام فی تحقّق الشهرة الجابرة ، کیف؟ والشیخ واتباعه قالوا ما قالوا ، وکذا لم یظهر کون أذان جعفر علیه السلام وإقامته للانفراد ، کما قال.

قوله : وکلام الأصحاب. ( 3 : 276 ).

لا یخلو من تأمّل ، لتبادر المنفرد ، بل وبعد النسیان فی صورة الجماعة ، لندرة التحقّق ، فتأمّل.

قوله : وربما حمل کلامه. من بیت المال. ( 3 : 276 ).

بناء علی أنّ الأجر الوارد فی الخبر المراد منه الأجرة ، وظهور النهی

تُعطی أجرة المؤذن من بیت المال إذا لم یوجد من یتطوع به

ص: 403


1- انظر تعلیقات الوحید علی منهج المقال : 4.
2- المدارک 3 : 93.

المؤکّد عن أخذه مؤذّنا فی حرمة نفس أخذ الأجرة أیضا. والسکونی نقل الشیخ فی عدّته ، أنّ الشیعة أجمعوا علی العمل بروایته ، وأنّه من الثقات (1) ، لکن الضعف من غیر جهة السکونی مضرّ.

ومع ذلک ، الظاهر أنّ الأجر أعمّ من الأجرة ویشمل الارتزاق ، إلاّ أن یقال : الارتزاق لیس أجر أذانه ، بل من جهة فقره واستحقاقه ، أو أنّ له حقا فی بیت المال ، وتحقیق الکلام فی کتاب التجارة.

قوله (2) : احتجّ المرتضی .. ( 3 : 278 ).

لا یخفی أنّ احتجاج السید بعینه هو الذی ذکره الشارح لعدم جواز الأذان للفریضة قبل وقتها فی غیر الصبح ، من أنّه وضع للإعلام بدخول وقته ، ومن المعلوم عدم الفرق فی ذلک بین الصبح وغیره لو لا ورود الروایات المذکورة ، وبدیهی أنّه لو لم ترد یکون حال الصبح حال غیره ، کما أنّه لو فرض ورود ما فی الصبح فی غیره أیضا لکان حکمهما واحدا ، فالجواب بالمنع من حصر فائدة الإعلام فاسد ، بل الجواب منحصر فی ورود الرخصة من تلک الأخبار ، لکنّها أخبار آحاد عند السید وان کانت متواترة عند ابن أبی عقیل.

قوله : لا أعلم فیه مخالفا. ( 3 : 279 ).

صرّح الشیخ فی العدّة بأنّ الشیعة مختلفون فی عدد الأذان والإقامة ، وأنّ التعیین بأخبار الآحاد (3). وقال الصدوق فی أمالیه : من دین الإمامیّة

اشتراط کون الأذان بعد دخول الوقت إلاّ فی الصبح

فصول الأذان والإقامة

ص: 404


1- عدّة الأصول 1 : 380.
2- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
3- عدّة الأصول 1 : 355.

الإقرار - إلی أن قال - : إنّ الأذان والإقامة مثنی (1).

ولعل مراد الشیخ بالخلاف فی الأذان ما حکی فی الخلاف عن بعض الأصحاب (2).

وأمّا ما ذکره الصدوق فلعل ظاهره غیر مراد له ، إذ یبعد نسبة ذلک إلی کلّ الإمامیة ، سیّما وأن یکون ذلک بحیث یدخل فی عقائدهم ، فلعل مراده أنّ أحدا من الشیعة لم یذهب إلی أنّ الأذان مثنی والإقامة واحدة ، بل کلاهما مثنی ، أی بالنحو المعهود عندهم ، وهو أنّ غالب الفصول مثنی ، وإن کان فی أوّل الأذان أربع وفی آخر الإقامة واحدة.

وبهذا یمکن الجمع بین الروایات بإرجاع غیر روایة إسماعیل إلی روایة إسماعیل ، لأنّها هی المشهورة بین الأصحاب ، حتی أنّ النجاشی عند ذکره إسماعیل بن جابر قال : إنّه الذی روی حدیث الأذان (3). وفیه إشعار تامّ بأنّ المعهود المتداول والحجّة المعمول بها هو روایته.

مضافا إلی أنّ الأذان والإقامة من الأمور المتکرّرة الصدور والمتکثّرة الوقوع فی کلّ یوم ولیلة بین الشیعة ، ووقوعهما کذلک علانیة وجهارا فی المجامع والجوامع کثیرا ، وأنّ الأصحاب مع أنّهم هم الذین رووا سائر الروایات ترکوها وأخذوا بهذه الروایة وترکوا غیرها ، مع [ إجمال ] (4) دلالتها بالنسبة إلی معرفة نفس الفصول ، وأنّ النقص فی الإقامة فی أیّ موضع ، وإن کان معرفة نفس الفصول بالإجماع والأخبار تتحقّق ، وکذا معرفة

ص: 405


1- أمالی الصدوق : 511.
2- الخلاف 1 : 279.
3- رجال النجاشی : 32 / 71.
4- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : احتمال ، والظاهر ما أثبتناه.

النقص ، إذ إجماعیّ عندهم أنّ النقص لو کان ففی آخرها ، مع أنّ المعمول به فی الأعصار والأمصار من الفقهاء هو هذا ، بل عدم کون غیر الفصل الآخر ناقصا لعله من ضروریات دین الشیعة والمعروف من مذهبهم وطریقتهم.

وورد فی بعض الأخبار أیضا ما یشهد بأنّ النقص فی التهلیل الآخر ، وهو أنّ المصلّی خلف العامّة إذا لم یتمکّن من الأذان والإقامة یقتصر علی قول : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أکبر ، الله أکبر ، لا إله إلاّ الله (1) ، هذا.

مع أنّ روایة إسماعیل لصراحتها فی أنّ العدد خمسة وثلاثون حرفا لا یمکن توجیهها ، بخلاف تلک الروایات ، فإنّه یمکن توجیهها بما ذکرناه.

ویؤیّده ما فی بعض الأخبار من أنّ الإقامة مثل الأذان علی سبیل الإطلاق (2). وقال الصدوق رحمه الله فی الفقیه بعد ذکر روایة أبی بکر وکلیب وعدم ذکره غیر تلک الروایة : وهذا هو الأذان الصحیح لا تزاد فیه ولا تنقص ، والمفوّضة لعنهم الله. (3). وفیه أیضا تأیید لما ذکرنا وشاهد علی أنّ مراده فی الأمالی هو ما ذکرنا ، فتأمّل.

ولعلّه لهذا استدل المحقق [ للسبعة ] وأتباعهم بروایة صفوان بن مهران (4) وإلاّ فهی لا تنطبق علی مذهبهم من جهتین : الأولی : تثنیة التهلیل

ص: 406


1- الکافی 3 : 306 / 22 ، التهذیب 2 : 281 / 1116 ، الوسائل 5 : 443 أبواب الأذان والإقامة ب 34 ح 1.
2- الفقیه 1 : 188 / 897 ، التهذیب 2 : 60 / 211 ، الوسائل 5 : 416 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 9.
3- الفقیه 1 : 188.
4- المعتبر 2 : 139 ، وبدل ما بین المعقوفین فی النسخ : للشیعة ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.

فی آخر الإقامة ، والثانیة : تثنیة التکبیر فی أوّل الأذان ، مع إمکان الجمع بحمل تثنیة التکبیر بأنّها الأصل وتربیعة علی أنّه زید لغرض التنبیه (1) علی ما ورد فی بعض الأخبار (2) ، وحمل تثنیة التهلیل فی آخر الإقامة علی الاستحباب ، لکن ذلک غیر معروف من أحد من الأصحاب ، فتأمّل.

قوله : وحکی الشیخ فی الخلاف. ( 3 : 282 ).

لکن اشتهر فی أمثال هذه الأزمان عن جمع قول بأنّ الأذان ثمانیة عشر - کما هو المشهور - والإقامة ثمانیة عشر بتثنیة التهلیل فی آخرها (3) ، وهذا القول لا یطابق شیئا من الأخبار ولا فتاوی الأصحاب ، ولو قال أحد : التهلیل الآخر بقصد أنّه إن کان من الإقامة فبها وإلاّ یکون ذکرا علی حدة وهو حسن علی کلّ حال ، لعله لا یکون به بأس ، لکن لعل حال تربیع التکبیر فی أوّل الإقامة أیضا کذلک ، فتأمّل.

وفی الفقه الرضوی : « أنّ الأذان ثمانی عشرة کلمة ، والإقامة سبع عشرة کلمة » وذکر فیه صورة الأذان والإقامة بالتفصیل ، یکون التکبیر أربعا فی أوّلهما والباقی مثنی مثنی ، إلاّ التهلیل فی آخر الإقامة فإنّه واحدة ، وکونه فی آخر الإقامة واحدة مذکور فیه صریحا ، مرّة فی مقام الإجمال ومرّة أخری فی مقام التفصیل ، ثم بعد تمام الذکر التفصیلی لهما قال : « الأذان والإقامة جمیعا مثنی مثنی علی ما ذکرت لک » (4) انتهی ، وفیه شهادة واضحة علی الجمع الذی ذکرناه سابقا.

ص: 407


1- فی « أ » و « ب » و « د » و « و» : التثنیة.
2- الفقیه 1 : 195 / 915 ، الوسائل 5 : 418 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 14.
3- انظر البحار 81 : 109.
4- فقه الرضا علیه السلام : 96 - 97 ، المستدرک 4 : 40 أبواب الأذان والإقامة ب 18 ح 2.

قوله : بالحمل علی حال التقیة. ( 3 : 282 ).

قالوا : إنّ الخلیفة الثانی جعل فصول الإقامة واحدا واحدا ، فرقا بینها وبین فصول الأذان ، ونقص من فصول الأذان التهلیل فی آخرها مرّة ، وکان فصول الإقامة کذلک ، کما قیل (1).

قوله : أمّا استحباب الفصل. ( 3 : 286 ).

فی الفقه الرضوی : « وإن أحببت أن تجلس بین الأذان والإقامة فافعل فإنّ فیه فضلا کثیرا ، وإنّما ذلک علی الإمام ، و [ أمّا ] (2) المنفرد فیخطو خطوة برجله الیمنی تجاه القبلة ، ثمّ تقول : بسم الله أستفتح » (3) إلی آخر الدعاء ، هکذا ، وسیجی ء (4).

قوله : ویدل علی استحباب الفصل بین أذان المغرب وإقامتها بالجلوس. ( 3 : 286 ).

لکن یظهر من روایة سیف الآتیة عدم الاستحباب ، وقال ابن طاوس : وقد رویت روایات أنّ الأفضل أن لا یجلس بین أذان المغرب وإقامتها » (5) ویؤیّده ضیق وقت المغرب وکون ذلک کذلک عند علمائنا ، فتأمّل.

قوله : فلم أجد به حدیثا. ( 3 : 287 ).

قد عرفت أنّ فی الفقه الرضوی ذکر ذلک ، وقال خالی العلاّمة المجلسی رحمه الله : نقل فیه روایة ، وورد فی استحباب الفصل - ورواه ابن

استحباب الفصل بین الأذان والإقامة

ص: 408


1- انظر الاستغاثة : 31 - 33.
2- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
3- فقه الرضا علیه السلام : 97 ، المستدرک 4 : 30 أبواب الأذان والإقامة ب 10 ح 2.
4- فی « ب » و « ج » و « د » : ما سیجی ء.
5- فلاح السائل : 228.

طاوس - بالسجدة أیضا روایة أو أکثر ، إلاّ أنّ التقیید بغیر المغرب غیر موجود ، کما أنّ التقیید بالمغرب فی الخطوة غیر موجود ، ولعل وجه التقیید ضیق وقت المغرب ، فیکون الأولی اختیار الأقصر دون الأطول (1) ، انتهی.

أقول : قد عرفت وجه تقیید الفقهاء بغیر المغرب.

وابن طاوس روی فی کتاب فلاح السائل روایات متعدّدة فی استحباب السجود بین الأذان والإقامة ، بعضها مطلق وبعضها مع ضمیمة دعاء خاصّ فیه هو : « ربّ لک سجدت خاضعا خاشعا ذلیلا » وفی روایة أخری : « لا إله إلاّ أنت ربی سجدت لک خاضعا خاشعا » (2).

( ثمّ الأولی والأحوط أن لا یزید الفصل بینهما عن الرکعتین أو قدرهما ، لصحیحة ابن سنان عن الصادق علیه السلام : « لا یکون بین الأذان والإقامة إلاّ الرکعتان » (3) ) (4).

قوله (5) : یستثنی من ذلک رفع الصوت ، فإنّه غیر مسنون فی الإقامة. ( 3 : 289 ).

فیه نظر ، لما ورد فی صحیحة معاویة (6) من استحباب جهرها أیضا لکن دون جهر الأذان ، ولذا قال فی النافع ما قال هنا (7) ، والمراد تأکّد الاستحباب لا تأکّد [ الجهر ] (8).

استحباب رفع الصوت فی الأذان والإقامة

ص: 409


1- انظر البحار 81 : 181.
2- فلاح السائل : 152 ، الوسائل 5 : 400 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 14 ، 15.
3- التهذیب 2 : 53 / 177 ، الوسائل 5 : 449 أبواب الأذان والإقامة ب 39 ح 4.
4- ما بین القوسین لیس فی « أ » و « و».
5- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و».
6- الفقیه 1 : 185 / 876 ، الوسائل 5 : 409 أبواب الأذان والإقامة ب 16 ح 1.
7- لم نعثر علیه فیه.
8- فی النسخ : الحمل ، والظاهر ما أثبتناه.

قوله : فتکون الزیادة فیه تشریعا محرّما. ( 3 : 290 ).

التشریع إنّما یکون إذا اعتقد کونه عبادة مطلوبة من الشرع من غیر جهة ودلیل شرعی ، والترجیع علی ما حقّقه لیس إلاّ مجرّد فعل وتکرار ، أمّا کونه داخلا فی العبادة ومطلوبا من الشارع فلا ، فیمکن الجمع بین القولین بأنّ القائل بالتحریم بناؤه علی ذلک ، والقائل بالکراهة بناؤه علی الأوّل. وکونه مکروها ، لأنّه لغو فی أثناء الأذان وکلام ، أو للتشبّه بالعامّة أو بعضهم ، فتأمّل.

وممّا ذکرنا ظهر حال « محمّد وآله خیر البریّة » و « أشهد أنّ علیا ولی الله » بأنّهما حرامان بقصد الدخول والجزئیّة للأذان لا بمجرّد الفعل.

نعم توظیف الفعل فی أثناء الأذان ربما یکون مکروها ( بکونه مغیّرا لهیئة الأذان ) (1) بحسب ظاهر اللفظ ، أو کونه کلاما فیه ، أو للتشبّه بالمفوّضة ، إلاّ أنّه ورد فی العمومات : أنّه متی ذکرتم محمدا فاذکروا آله ، أو متی قلتم : محمد رسول الله فقولوا : علی ولی الله ، کما رواه فی الاحتجاج (2) ، فیکون حاله حال الصلاة علی محمد وآله بعد قوله : « أشهد أنّ محمدا رسول الله » فی کونه خارجا عن الفصول ومندوبا إلیه عند ذکر محمد ، فتأمّل جدّا.

قوله : لکن هذه الروایة مخالفة لما علیه الأصحاب. ( 3 : 292 ).

فی هذا الاستدراک (3) ما لا یخفی ، لأنّ المخالفة لما علیه الأصحاب

حکم الترجیع فی الأذان والإقامة

ص: 410


1- بدل ما بین القوسین فی « ب » و « ج » و « د » : من کونه بغیر هیئة الأذان.
2- الاحتجاج : 158 ، البحار 81 : 112.
3- فی « ا » ، « ب » ، « ج » ، « د » : الاستدلال.

مؤیّدة للحمل علی التقیّة ، بل وتعیّنه وحدة التهلیل فی آخره.

قوله : إذا لم ینقل عنهم علیهم السلام الفصل بین فصولهما. ( 3 : 292 ).

لم ینقل عنهم أیضا الفصل بین فصولهما بالنوم أو الإغماء اللذین لا ینافیان الموالاة ، والعبادة سنّة متلقّاة من الشرع فیجب الاقتصار علی ما ورد به النقل.

قوله : ومنع الأولویة. ( 3 : 293 ).

فمقتضی ما ذکره عدم الجواز لا الاستشکال ، فتأمّل.

قوله (1) : ویستفاد منه. ( 3 : 293 ).

ربما لا یلائمه قوله : ویقیم غیره.

قوله : ذلک من قبیل الأسباب. ( 3 : 293 ).

فیه تأمّل علی تقدیر تسلیم بطلان العبادة بالردّة ، نعم بالنسبة إلی دخول الوقت یکون الأمر کما ذکره ، فتأمّل.

قوله : مجهولة الإسناد. ( 3 : 294 ).

بل لعلها من روایات العامّة ، لأنّها موافقة لطریقتهم (2).

قوله : وقال مثل ذلک حین یسمع أذان المغرب. ( 3 : 295 ).

الظاهر أن المراد لیس نفس الدعاء المذکور ، بل مثله للمغرب وهو : اللهمّ إنّی أسألک بإقبال لیلک وإدبار نهارک ، الدعاء ، فتأمّل.

قوله (3) : عن الرجل أیتکلّم بعد ما یقیم. ( 3 : 296 ).

استحباب استئناف الأذان والإقامة علی من نام فی خلالهما

استحباب حکایة الأذان

کراهة الکلام بعد الإقامة

ص: 411


1- هذه الحاشیة لیست فی « ب » و « ج » و « د ».
2- انظر صحیح مسلم 1 : 289 ، سنن النسائی 2 : 25 ، المغنی والشرح الکبیر 1 : 450 ، 474.
3- هذه الحاشیة لیست فی « أ » و « و ».

لا یخفی ما فیها من عدم دلالتها علی الجواز حتی یمکن الجمع بالحمل علی الکراهة ، لوجوه ثلاثة :

الأوّل : أنّ المتبادر منها ورودها فی [ المقیم ] (1) المنفرد ، وتلک الأخبار واردة فی الجماعة فی المسجد فلا مناسبة بینهما.

الثانی : أنّ قوله : یتکلّم بعد ما یقیم مطلق شامل للدخول فی الأذان بمعنی الذکر ببعض أجزائه کالتکبیر والشهادتین.

الثالث : أنّه - علی فرض التسلیم - کما یجوز الجمع بینهما بالحمل علی الکراهة ، کذا یجوز حمل المطلق علی المقیّد بحمل قوله : « نعم » بما یتعلّق بالصلاة کتقدیم إمام ، کما تقدّم فی تلک الأخبار ، فتدبّر.

قوله : فیتوقّف علی الدلالة وهی منتفیة. ( 3 : 301 ).

ورد فی روایة عمار طلب إعادة الأذان والإقامة کلّما یعید الصلاة (2).

ص: 412


1- فی النسخ : الغیر ، والصواب ما أثبتناه.
2- التهذیب 3 : 167 / 367 ، الوسائل 8 : 270 أبواب قضاء الصلوات ب 8 ح 2.

فهرس الموضوعات

الاستحاضة

صفات دم الاستحاضة...................................................... 5

ما قلّ عن ثلاثة وما تجاوز العشرة فهو استحاضة............................... 6

حکم المبتدأة

رجوع المبتدأة إلی عادة نسائها أو أقرانها عند فقد التمییز........................ 7

تحیّض المبتدأة بسبعة أیّام عند اختلاف نسائها.................................. 8

حکم ذات العادة

ذات العادة تجعل عادتها حیضاً وما سواه استحاضة............................ 10

حکم المضطربة إذا فقدت التمییز

حکم ذاکرة العدد ناسیة الوقت............................................ 11

حکم ذاکرة الوقت ناسیة العدد............................................ 11

ص: 413

بحث رجالی حول محمّد بن عیسی عن یونس................................. 11

حکم ناسیة الوقت والعدد................................................. 12

أقسام الاستحاضة وأحکامها : الاستحاضة القلیلة............................ 12

الاستحاضة المتوسطة...................................................... 17

إشارة إلی أنّ الشهرة جابرة لضعف الروایة.................................. 22

الخدشة فی أدلّة القائلین بالتسویة بین المتوسطة والکثیرة........................ 23

الاستحاضة الکثیرة........................................................ 24

عدم وجوب الوضوء مع کلّ غسل فی الاستحاضة الکثیرة..................... 24

هل تجب مقارنة الغسل والوضوء للصلاة؟................................... 25

جواز دخول المستحاضة المساجد............................................ 25

حکم وطء المستحاضة..................................................... 25

غسل النفاس

معنی النفاس.............................................................. 27

حکم من تری الدم قبل الولادة............................................. 27

أکثر النفاس.............................................................. 28

النفساء کالحائض فی الأحکام.............................................. 31

أحکام الأموات

الاحتضار................................................................ 31

سلیمان بن خالد ثقة عند العلماء........................................... 31

وجوب توجیه المحتضر إلی القبلة............................................ 31

التوجیه واجب کفائی..................................................... 32

ص: 414

استحباب نقل المحتضر إلی مصلاّه........................................... 33

استحباب الإسراج عنده إن مات لیلاً....................................... 33

وجوب الصبر لمن اشتبه موته............................................... 33

التغسیل

الکلام فی الغاسل

أولی الناس بالتغسیل أولاهم بالمیت.......................................... 33

فی أنّ الزوج أولی بالمرأة................................................... 33

الخبر الضعیف المعمول به مقدم علی الصحیح غیر المعمول به................... 33

هل یجوز أن یغسل الکافر المسلم؟.......................................... 34

الکلام فی المغسول

حکم تغسیل المخالف للحق................................................ 35

سقوط الغسل عن الشهید.................................................. 36

بیان المراد من الشهید...................................................... 37

إشارة إلی حجّیة الإجماع المنقول............................................ 37

حکم تغسیل السقط...................................................... 38

الکلام فی الغسل

واجبات الغسل

- إزالة النجاسة عن بدن المیت............................................ 38

- تغسیله بماء السدر...................................................... 39

- النیّة.................................................................. 40

هل یجب تعدد النیّة بتعدد الغسلات......................................... 41

ص: 415

حکم توضئة المیت........................................................ 41

لو تعذّر السدر والکافور................................................... 42

تیمّم المیت لو خیف تناثر جلده............................................. 43

سنن غسل المیت

- وضع المیت علی شیء مرتفع............................................ 43

- فتق قمیصه ونزعه..................................................... 44

- تلیین الأصابع والمفاصل................................................. 44

- غسل رأسه برغوة السدر............................................... 44

کراهة إقعاد المیت........................................................ 44

کراهة تغسیل المخالف.................................................... 44

التکفین

- الواجب من الکفن ثلاث قطع : الإزار والقمیص والمئزر.................... 45

إشارة إلی أن الکلینی أضبط من الشیخ....................................... 46

دلیل من اقتصر فی التکفین علی ثوب واحد.................................. 47

بحث حول الروایات الدالة علی التخییر بین الأثواب الثلاثة وبین القمیص والثوبین 48

بحث فی تعیین المراد من الثوبین............................................. 50

فی معنی الإزار وأنّه غیر اللفافة.............................................. 52

بحث حول المئزر.......................................................... 55

بحث حول الأثواب الثلاثة................................................. 58

قال الصدوق : الکفن المفروض ثلاثة : قمیص وإزار ولفافة والمناقشة فیه........ 60

- إجزاء قطعة عند الضرورة............................................... 63

ص: 416

- عدم جواز التکفین بالحریر والجلد........................................ 64

- وجوب مسح مساجد المیت بالکافور..................................... 64

القدر الواجب من الحنوط.................................................. 64

سنن التکفین

- ازدیاد الحبرة للرجل.................................................... 65

- ازدیاد لفافة لثدیی امرأة ونمطاً........................................... 65

بحث فی معنی المنطق الوارد فی الروایات...................................... 66

- أن یکون الکفن قطناً أبیضاً............................................. 67

- أن یطیّب الکفن بالذریرة............................................... 67

بحث حول التشریع المحرم.................................................. 68

- کتابة الشهادتین والإقرار بالأئمّة علی الحبرة والقمیص والإزار بالتربة الحسینیّة 68

- أن یجعل مع المیت جریدتان من سعف النخل.............................. 69

مع فقد الجریدة یجعل بدلها عود الرمان...................................... 70

کیفیّة وضع الجریدتین..................................................... 70

- أن یطوی جانب اللفافة الأیسر علی الأیمن وبالعکس....................... 70

إشارة إلی عمل الأصحاب بروایات کتاب فقه الرضا علیه السلام .................... 70

کراهة جعل الکافور فی سمع المیت وبصره................................... 71

بعض مسائل التکفین

حکم النجاسة الخارجة من المیت............................................ 71

إشارة إلی مقبولیّة مراسیل ابن أبی عمیر...................................... 71

عبد الله بن یحیی الکاهلی من الممدوحین..................................... 72

ص: 417

الکفن الواجب للمرأة علی زوجها.......................................... 72

وجوب إخراج الکفن من أصل الترکة...................................... 73

الفضل بن یونس واقفی ثقة................................................ 74

الدفن

ما یتعلق بالدفن : استحباب تشییع الجنازة................................... 75

کراهة الرکوب فی تشییع الجنازة........................................... 75

استحباب المشی وراء الجنازة أو أحد جانبیها................................. 75

کراهة الجلوس للمشیّع.................................................... 76

استحباب تربیع الجنازة.................................................... 76

استحباب وضع الجنازة قرب القبر.......................................... 76

کیفیة إرسال المیت فی القبر................................................ 77

استحباب تحفّی النازل فی القبر وکشف رأسه................................ 78

فروض الدفن

مواراة المیت.............................................................. 78

کیفیّة دفن من مات فی البحر............................................... 78

اضجاع المیت علی جنبه الأیمن............................................. 79

سنن الدفن

موسی بن أشیم ضعّفه النجاشی............................................ 80

حفر القبر إلی الترقوة...................................................... 80

جعل اللحد للمیت........................................................ 80

ص: 418

حل عقد کفنه............................................................ 81

- جعل تربة الحسین علیه السلام مع المیت........................................ 81

- إهالة الحاضرین التراب بظهور الأکف................................... 81

- رفع القبر مقدار أربع أصابع............................................. 82

- صب الماء علی القبر.................................................... 82

- تلقین الولی المیت بعد انصراف الحاضرین................................. 82

- نقل المیت إلی المشاهد الشریفة........................................... 82

لواحق تتعلق

بالدفن حرمة نبش القبر.................................................... 82

حرمة شق الثوب علی غیر الأب والأخ...................................... 83

حکم ما إذا ماتت الحامل دون الولد........................................ 83

الأغسال المسنونة

- غسل الجمعة.......................................................... 83

معنی قوله علیه السلام : غسل الجمعة سنة واجبة................................... 83

وقت غسل الجمعة........................................................ 86

جواز تقدیمه یوم الخمیس لمن خاف عوز الماء................................. 86

جواز قضائه یوم السبت................................................... 87

- غسل لیلة النصف من شهر مضان....................................... 87

- غسل لیالی فرادی شهر رمضان......................................... 87

- غسل الإحرام......................................................... 87

بحث رجالی حول محمّد بن عیسی.......................................... 88

- غسل زیارة النبی صلی الله علیه و آله والأئمة علیهم السلام .................................. 88

ص: 419

- غسل التوبة........................................................... 88

مسائل

کلمة فی تداخل الأغسال.................................................. 89

حکم غسل السعی لرؤیة المصلوب.......................................... 89

حکم غسل المولود حین ولادته............................................. 89

التیمم

مسوغات التیمم

- عدم وجدان الماء....................................................... 89

وجوب طلب الماء ومقداره................................................. 90

بحث رجالی حول السکونی................................................ 90

حکم من أخل بالطلب.................................................... 92

- عدم الوصول إلی الماء................................................... 95

عدم وجوب شراء الماء إذا أضرّ فی الحال..................................... 95

- الخوف............................................................... 96

الخوف من اللص والسبع أو ضیاع المال..................................... 96

جواز التیمم مع خوف المرض.............................................. 96

حکم الجنب المختار لو خاف بالغسل التلف أو الزیادة فی المرض............... 97

جواز التیمم مع خوف الشین.............................................. 98

جواز التیمم مع خوف العطش علی رفیقه أو دوابّه........................... 98

ما یجوز التیمم به

بحث لغوی فی معنی الصعید................................................ 98

ص: 420

حکم التیمم بغیر التراب................................................. 101

حکم التیمم بالمعادن..................................................... 102

جواز التیمم بالحجر عند فقد التراب...................................... 103

بحث فی أنّ إطلاق لفظ الأرض علی التراب یکون من قبیل إطلاق الکلی علی الفرد 105

دلیل ما قاله السیّد المرتضی من أنّه لا یجزئ فی التیمم إلاّ التراب الخالص...... 106

جواز التیمم بأرض الجصّ والنورة......................................... 109

حکم التیمم بالخزف.................................................... 112

حکم التیمم فی المکان المغصوب........................................... 112

عدم صحة التیمم بالوحل مع وجود التراب................................ 112

کراهة التیمم بالأرض السبخة............................................ 113

استحباب التیمم من ربا الأرض........................................... 114

جواز التیمم بغبار الثوب أو لبد السرج عند فقد التراب..................... 114

إشارة إلی أنّ أبا بصیر مشترک بین الثقات.................................. 114

دلیل السیّد المرتضی بجواز التیمم بالثلج والمناقشة فیه........................ 116

کیفیة التیمم

وقت التیمم............................................................ 117

تحقیق فی الاجماع المنقول................................................. 118

أدلّة القائلین بوجوب تأخیر التیمم ... إلی آخر الوقت والجواب عنها......... 119

أدلّة القائلین بجواز التیمم مع سعة الوقت................................... 121

هل یجوز للمتیمم الصلاة فی أوّل الوقت؟.................................. 123

حکم التیمم للنافلة...................................................... 124

واجبات التیمم

- النیّة................................................................ 124

ص: 421

وقت النیّة.............................................................. 126

- وضع الیدین معاً علی الأرض.......................................... 126

المناقشة فی اشتراط علوق التراب بالید وعدمه.............................. 129

- مسح الجبهة......................................................... 132

وجوب الابتداء فی مسح الجبهة بالأعلی.................................... 133

- مسح ظاهر الکفین................................................... 135

وجوب مسح ظاهر الکفین............................................... 136

- الترتیب............................................................. 136

إشارة إلی معنی التأسی بفعل المعصوم علیه السلام ................................. 138

اختلاف الأقوال فی عدد الضربات........................................ 139

حکم مقطوع الکفین.................................................... 147

أحکام التیمم

حکم من صلّی متیمماً................................................... 147

جواز التیمم لمتعمد الجنابة إذا خشی علی نفسه............................. 148

جواز التیمم لمن منعه زحام الجمعة علی الخروج............................. 150

بحث رجالی حول السکونی............................................... 150

حکم المتیمم إذا صلّی وعلی جسده النجاسة................................ 150

عدم سقوط الصلاة مع عدم التمکن من التیمم............................. 151

حکم من تیمم ثم وجد الماء قبل الشروع فی الصلاة......................... 151

حکم من تیمم ثم وجد الماء فی أثناء الصلاة................................. 152

حکم اجتماع المیت والجنب والمحدث مع کفایة الماء لأحدهم................. 155

فی أن التیمم لا یرفع الحدث.............................................. 155

فیما إذا تیمم الجنب بدلاً من الغسل ثم أحدث حدثاً........................ 156

ص: 422

النجاسات

أنواع النجاسات

- البول والغائط........................................................ 156

حکم رجیع الطیر....................................................... 158

إشارة إلی أنّ عبد الله بن سنان ثقة........................................ 161

حکم بول ما لا یؤکل لحمه.............................................. 162

حکم بول الرضیع....................................................... 164

حکم رجیع ما لا نفس له................................................ 165

حکم ذرق الدجاج الجلاّل............................................... 165

- المیتة................................................................ 166

میتة غیر الآدمی......................................................... 166

بحث حول ما ذکره الصدوق فی مقدمة الفقیه.............................. 169

میتة الآدمی............................................................. 171

نجاسة ما قطع من المیتة................................................... 172

طهارة ما لا تحلّه الحیاة من المیتة........................................... 173

توضیح ما ذکره النجاشی من أنّ وهب بن وهب کذّاب.................... 174

أدلّة القائلین بنجاسة ما لا تحله الحیاة من المیتة والجواب عنها................. 175

حکم ما لا تحله الحیاة من نجس العین...................................... 178

وجوب الغسل بمس المیت................................................ 179

حکم مس عضوٍ کمل غسله............................................. 184

- الدم................................................................ 185

طهارة القیح والقیء..................................................... 185

حکم ما لو اشتبه الدم بالطاهر والنجس.................................... 186

ص: 423

- المسکر.............................................................. 186

حکم الخمر............................................................ 186

حکم النبیذ............................................................. 188

أدلّة نجاسة الخمر........................................................ 188

حکم العصیر العنبی...................................................... 193

- الفقاع.............................................................. 197

- الکافر.............................................................. 198

أدلّة القائلین بطهارته والمناقشة فیها........................................ 200

حکم عرق الجنب من الحرام............................................. 205

حکم عرق الإبل الجلالة................................................. 208

طهارة أبوال البغال والحمیر والدواب...................................... 208

أدلّة القائلین بعدم النجاسة............................................... 210

بحث رجالی حول الحکم بن مسکین....................................... 210

بحث رجالی فی أبی الأغر النخاس.......................................... 211

طهارة أرواث البغال والحمیر والدواب..................................... 211

أحکام النجاسات

وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة ونحوها..................... 211

وجوب إزالة النجاسة عن المساجد........................................ 211

حکم إدخال النجاسة الغیر المتعدیة إلی المسجد أو فرشه...................... 213

تحقیق فی أنّ الأمر بالشیء هل یقتضی النهی عن ضدّه أو لا؟................. 214

العفو عما دون الدرهم من الدم فی الصلاة................................. 216

عدم العفو عن الدماء الثلاثة فی الصلاة..................................... 218

حکم الدم المتفرق الذی یبلغ مجموعه الدرهم............................... 220

ص: 424

جواز الصلاة فیما لا تتم الصلاة فیه مع نجاسته............................. 221

حکم من جبر عظمه بعظم نجس.......................................... 222

وجوب عصر الثیاب من النجاسات....................................... 223

وجوب دلک الصلب فی تطهیره........................................... 229

حکم ما یعسر عصره.................................................... 229

حکم الصابون وأمثاله إذا تنجس.......................................... 231

عدم وجوب العصر فی بول الصبی......................................... 233

لزوم غسل أطراف الشبهة المحصورة....................................... 235

اعتبار التعدد فی غسل الثوب من البول..................................... 236

عدم وجوب إزالة اللون والرائحة......................................... 237

حکم من أخلّ بإزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه فصلّی....................... 238

عدم وجوب الإعادة والقضاء مع الجهل بالنجاسة حتّی فرغ من صلاته........ 245

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع العلم بسبقها........................ 247

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع عدم العلم بسبقها.................... 249

حکم رؤیة النجاسة فی أثناء الصلاة مع ضیق الوقت......................... 249

المربیّة للصبی إذا لم یکن لها ثوب تغسل ثوبها مرّة بالیوم...................... 250

حکم الصلاة فی الثوب المشتبه بالنجس.................................... 251

حکم من لیس له ثوب طاهر............................................. 253

المطهرات

- مطهریة الشمس وموردها............................................. 255

حکم الجفاف بغیر الشمس من ریح أو غیرها............................... 273

- مطهریة الاستحالة بالنار وغیرها....................................... 275

حکم اللبن المضروب من طین نجس....................................... 276

ص: 425

حکم العجین النجس.................................................... 277

- مطهریة الأرض...................................................... 278

تطهر الأرض باطن الخف والقدم.......................................... 278

حکم ماء الغیث الواقع علی النجاسة...................................... 279

الأوانی والجلود

حرمة الأکل والشرب فی آنیة الذهب والفضة.............................. 280

کراهة استعمال الإناء المفضّض........................................... 281

کراهة استعمال الأوانی الخشبیّة ونحوها.................................... 282

حکم الإناء الذی ولغ فیه الکلب......................................... 283

وجوب غسل الإناء من الخمر ثلاث مرّات................................. 285

حکم التعدد فی غسل الإناء من سائر النجاسات............................ 285

کتاب الصلاة

فی معنی الصلاة لغةً...................................................... 287

أعداد الصلاة

نوافل الصلوات......................................................... 288

نوافل الظهر والعصر..................................................... 288

کراهة الکلام بین المغرب ونافلتها......................................... 289

إنّ الجلوس فی الرکعتین اللتین بعد الشعاء أفضل من القیام.................... 290

المستفاد من الروایات أنّ الوتر اسم للرکعات الثلاثة......................... 290

آداب صلاة اللیل........................................................ 292

جواز الجلوس فی النافلة مع الاختیار........................................ 294

ص: 426

الکلام فی سقوط الوتیرة فی السفر......................................... 294

إشارة إلی أن عبد الواحد بن عبدوس وعلی بن محمّد القتیبی من مشایخ الإجازة. 295

مواقیت الصلاة

وقت المغرب............................................................ 296

اختصاص الظهر بأوّل الوقت............................................. 297

اختصاص العصر من آخر الوقت بمقدار أدائها.............................. 299

آخر وقت الظهر........................................................ 299

الضحّاک بن زید هو أبو مالک الحضرمی الثقة.............................. 299

بحث فی وثاقة قاسم بن عروة وموسی بن بکر.............................. 300

أوّل وقت العصر وآخره................................................. 301

أوّل وقت المغرب وما یتحقق به الغروب................................... 302

آخر وقت المغرب....................................................... 306

أوّل وقت العشاء وآخره وقت صلاة الفجر................................ 307

وقت نوافل الظهر والعصر............................................... 308

وقت نافلة المغرب....................................................... 310

وقت صلاة اللیل........................................................ 315

وقت النوافل الغیر الراتبة................................................. 316

أحکام المواقیت

حکم من حصل له مانع من الصلاة کالجنون قبل دخول الوقت.............. 317

حکم ما لو زال المانع والوقت باقٍ........................................ 318

ص: 427

وجوب تحصیل العلم بالوقت مع التمکن................................... 319

جواز التعویل علی الظن مع عدم التمکن من العلم........................... 320

أفضلیّة الصلاة فی أوّل الوقت إلاّ ما استثنی................................. 322

القبلة

حقیقة القبلة............................................................ 324

کفایة استقبال جهة الکعبة............................................... 326

إشارة إلی أنّ روایة الطاطری ، موثقة ، وأنّ ابن مسکان من أصحاب الإجماع. 327

حکم المصلّی فی جوف الکعبة أو علی سطحها............................. 328

استحباب التیاسر لأهل العرق............................................ 330

حکم فاقد الظن بالقبلة.................................................. 330

إشارة إلی أن محمّد بن أحمد العلوی من شیوخ أصحابنا...................... 334

عدم جواز الصلاة علی الراحلة إلاّ عند الضرورة............................ 334

حکم الصلاة فی السفینة................................................. 335

حکم الاستقبال فی النوافل................................................ 336

الأعمی یرجع إلی غیره فی معرفة القبلة..................................... 338

لباس المصلّی

حکم الصلاة فی جلد المیتة................................................ 339

عبد الله بن بکیر ثقة من فقهاء أصحابنا.................................... 345

حکم استصحاب شیء مما لا یؤکل لحمه حال الصلاة....................... 347

حکم الصلاة فی جلد ما لا یؤکل لحمه وحکم صوفه وشعره ووبره........... 348

بحث رجالی حول إبراهیم بن محمّد الهمدانی................................ 352

حکم الصلاة فی التکة والقلنسوة المعمولتین من وبر غیر المأکول.............. 353

ص: 428

حکم الصلاة فی فرو السنجاب........................................... 353

حکم الصلاة فی جلود الثعالب والأرانب................................... 356

حکم لبس الحریر للرجال................................................ 357

حکم الصلاة فی الذهب للرجال.......................................... 359

حکم لبس الحریر للنساء................................................. 362

حکم الصلاة فی ما لا تتم الصلاة فیه من الحریر کالتکة والقلنسوة............ 363

بحث حول المکاتبة....................................................... 365

بحث رجالی حول أحمد بن الهلال......................................... 366

جواز الصلاة فی الثوب المکفوف بالحریر................................... 368

حرمة الصلاة فی الثوب المغصوب......................................... 369

جواز الصلاة فی ثوب واحد للرجل دون المرأة.............................. 371

حکم من لا یجد ثوباً یستر به العورة....................................... 373

عبد الله بن جَبَلة واقفی ثقة............................................... 376

إسحاق بن عمّار بن حیّان الکوفی ثقة..................................... 376

الأمة والصبیّة تصلّیان بدون خمار......................................... 376

مکروهات لباس المصلّی

- الاتزار فوق القمیص................................................. 377

معنی التوشح............................................................ 378

- الصلاة فی عمامة لا حنک لها.......................................... 378

- الصلاة فی قباء مشدود................................................ 379

الإمامة بغیر رداء........................................................ 380

حکم استصحاب الحدید الظاهر فی الصلاة................................. 380

- صلاة المرأة فی خلخال له صوّت........................................ 381

ص: 429

- الصلاة فی ثوب علیه تماثیل............................................ 381

مکان المصلّی

اشتراط الإباحة فی مکان المصلّی.......................................... 382

حکم تساوی الرجل والمرأة أو تقدّمها علیه فی موقف الصلاة................. 389

اشتراط طهارة موضع السجود............................................ 389

مکروهات مکان المصلّی

- الصلاة فی الحمام..................................................... 390

- الصلاة فی معاطن الإبل............................................... 390

- فی بیوت الخمور إذا لم تتعد إلیه نجاستها................................ 390

کراهة الصلاة إذا کان بین یدی المصلّی نار مضرمة......................... 391

ما یسجد علیه

عدم جواز السجود علی المعدن إلاّ عند الضرورة........................... 392

حکم السجود علی القطن والکتان........................................ 393

عدم جواز السجود علی الوحل........................................... 394

جواز الصلاة علی القرطاس.............................................. 394

حکم اشتباه الموضع النجس بغیره.......................................... 394

الأذان والإقامة

اختلاف الأصحاب فی استحبابهما أو وجوبهما.............................. 395

سقوط الأذان والإقامة عمّن أدرک الجماعة................................. 397

أبو بصیر یحیی بن القاسم ثقة............................................. 402

ص: 430

إشارة إلی أن الشهرة جابرة لضعف الخبر.................................. 402

تُعطی أجرة المؤذن من بیت المال إذا لم یوجد من یتطوع به................... 403

اشتراط کون الأذان بعد دخول الوقت إلاّ فی الصبح........................ 404

فصول الأذان والإقامة................................................... 404

استحباب الفصل بین الأذان والإقامة...................................... 408

استحباب رفع الصوت فی الأذان والإقامة.................................. 409

حکم الترجیع فی الأذان والإقامة.......................................... 410

استحباب استئناف الأذان والإقامة علی من نام فی خلالهما................... 411

استحباب حکایة الأذان.................................................. 411

کراهة الکلام بعد الإقامة................................................ 411

ص: 431

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.